نبراس الفائزين بزيارة أميرالمؤمنين عليه السلام

اشارة

نبراس الفائزین بزیارة امیرالمؤمنین سلام الله علیه

نویسنده: مهدی پور, علی اکبر

ناشر: مولود کعبه

***

يهدى ثواب هذا الجهد المتواضع

لروح المرحوم الحجة السيّد حسين الطباطبائي رحمه الله

المتوفي 13 رجب 1409 ه- . ق

مركز الفردوس للثقافة و الإعلام

WWW.alferdaos.com

E_mail: alferdaus2000@yahoo.com

ص: 1

اشارة

من دعاء للامام المهدي عليه السّلام

كان يدعو به في حرم الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام :

اللّهمّ هذا دينك أصبح باكياً لفقد وليّك ، فصلّ على محمّد وآل محمّد وعجّل فرج وليّك رحمة لدينك .

اللّهمّ هذا كتابك أصبح باكياً لفقد وليّك ، فصلّ على محمّد وآل محمّد وعجّل فرج وليّك رحمة لكتابك .

اللّهمّ و هذه أعين المؤمنين أصبحت باكية لفقد وليّك، فصلّ على محمّد وآل محمّد وعجّل فرج وليّك رحمة للمؤمنين .

اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد(1).

ص: 2


1- أرويه عن العلامة آيةاللَّه السيد محمّد مهدي الخرسان، يرويه عن المرحوم الشيخ عبد علي البحراني الكوفي رحمه الله، وهو قد سمعه عن الحجة عليه السلام يدعو به عند رأس الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام .

قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله :

1 ) شيعة عليّ هم الفائزون يوم القيامة(1)

2 ) عليّ و شيعته هم الفائزون يوم القيامة(2)

3 ) إنَّ علياً و شيعته هم الفائزون يوم القيامة(3)

4 ) هذا و شيعته هم الفائزون يوم القيامة(4)

5 ) إنَّ هذا و شيعته هم الفائزون يوم القيامة(5)

6 ) أنت و شيعتك هم الفائزون يوم القيامة(6)

7 ) والذي نفسي بيده إنَّ هذا و شيعته هم الفائزون يوم القيامة(7)

كلمة الناشر

بسم اللَّه الرحمن الرحيم

الحمد للَّه رب العالمين والصلاة والسلام على الهادي البشير والسراج المنير محمّد وآله الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين من الآن إلى قيام يوم الدين .

إن من يتأمل في أخبار أهل البيت عليهم السّلام يلاحظ بوضوح مدى تأكيدهم الشديد على مسألة الولاية لمولى الموحدين وإمام المتقين وأمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليهما السلام الذي ما قام الإسلام ولا استقام إلا بجهوده وتضحياته الجسمية

ص: 3


1- الحافظ شيرويه، فردوس الاخبار، تحقيق فؤاد احمد، ط 1، بيروت، 1407 ه- .، ج 2، ص 504 .
2- عبدالرؤوف المناوي، كنوز الحقايق، ط مصر، ج 1، ص 150 ؛ ج 2، ص 17 .
3- ابن عساكر، تاريخ دمشق، تحقيق علي عاشور الجنوبي، ط 1، بيروت، 1407 ه- .، ج 45، ص 254 .
4- إبن جوزي، تذكرة الخواص، تحقيق حسين تقي زاده، ط 1، طهران، 1426 ه- .، ج 1، ص 344 .
5- الگنجى، كفاية الطالب، تحقيق محمد هادي الأميني، ط 3، طهران، 1404 ه- .، ص 245 .
6- إبن عساكر، تاريخ دمشق، ج 45، ص 252 .
7- الحمويني، فرائد السمطين، تحقيق محمّد باقر المحمودي، ط 1، بيروت، 1398 ه- .، ج 1، ص 156 .

التي شهد بها المؤالف والمخالف .

وقد بلغ الأمر بالنبي وآله عليهم السّلام أن جعلوا محبة أميرالمؤمنين عليه السلام أساس الإيمان ومحور الفوز بالجنان، فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله : لو اجتمع الناس على حب علي بن أبي طالب لما خلق اللَّه عزّ وجلّ النار .(1)

بل إنهم عليهم السّلام صرحوا في مواطن كثيرة أن الاعتقاد بولاية أميرالمؤمنين عليه السلام هو المحك والفيصل الذي يفرق به بين الحق والباطل، والميزان الواقعي لقبول الأعمال حتى قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله عنه : وهو فاروق هذه الأمة، يفرق بين الحق والباطل .(2)

وبغض النظر عن ذلك كله فإن دور أميرالمؤمنين عليه السلام في الإسلام كالشمس في وضح النهار، ومواقفه الخالدة في نشر الإسلام تشرق بها صفحات التأريخ، ومع ذلك فإن مظلوميته مازالت باقية إلى عصرنا هذا إذ أن كثيرا من المجتمعات الإسلامية تجهل هذا العملاق العظيم ولا تكاد تعرف عنه شيئا .

ومما لا شك فيه فإن العمل والسعي الحثيث من أجل توعية الشعوب وتعريفها بنهج هذا الإمام المظلوم يعد من أهم الأعمال الصالحة ورأس البركات والخيرات .

ومن هنا ارتئ مركز الفردوس للثقافة والإعلام في إحياء ذكرى ولادة أميرالمؤمنين عليه السلام وذلك لسبعة سنوات من خلال إقامة مهرجانات عالمية كما نسأل اللَّه العلي القدير أن يمن علينا بإحياء ذكرى ولايته عليه السلام وهو عيد الغدير الأكبر .

ومن جملة ما قام به هذا المركز هو إعداد كتاب نبراس الزائر في زيارة الحائر وقد أودع في كل من حرم سيدنا ومولانا أبي عبداللَّه الحسين وأخيه قمر بني هاشم أبي الفضل العباس عليهما السلام .

والكتاب الذي بين يديك عزيزي القارئ هو مساهمة جديدة حيث جمعت فيه العديد من الأدعية والزيارات التي

ص: 4


1- الحافظ شيرويه، فردوس الأخبار، ج 3، ص 419، ح 5175 .
2- العلّامة محمّد باقر المجلسي، بحارالأنوار، ط 1، طهران، 1392 - 1376 ه- .، ج 38، ص 127 .

يمكن قرائتها في حرم الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام وقد ألفها المحقق البارع فضيلة الشيخ علي أكبر مهدى پور وفقه اللَّه والذي سميناه ب نبراس الفائزين بزيارة أميرالمؤمنين عليه السلام

راجين من المولى أن يكون بحق تحفة لزوار قبر أميرالمؤمنين عليه السلام وأن يوفقنا لمزيد من المشاريع الخيرية التي تساهم في نشر ثقافة أهل البيت عليهم السّلام في العالم لنلقى اللَّه تعالى بقلب سليم يوم لا ينفع مال ولا بنون.

إنه ولي التوفيق

مركز الفردوس للثقافة والإعلام

سورة الرحمن

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ * الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ * وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ * وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ * أَلاَّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ * وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ * وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ * فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ * وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ * فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ * وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ * فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ * فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَ يَبْغِيَانِ * فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ * فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلاَمِ * فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلاَلِ وَالْإِكْرَامِ * فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ * فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلاَنِ * فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنْ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا

ص: 5

لاَ تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ * فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلاَ تَنتَصِرَانِ * فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ * فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فَيَوْمَئِذٍ لاَ يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَانٌّ * فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ * فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ * يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ * فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ * فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * ذَوَاتَى أَفْنَانٍ * فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ * فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ * فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ * فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَانٌّ * فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ * فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلاَّ الْإِحْسَانُ * فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ * فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * مُدْهَامَّتَانِ * فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ * فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ * فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ * فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ * فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَانٌّ * فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ * فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلاَلِ وَالْإِكْرَامِ *

سورة يس

ص: 6

ِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ * إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * تَنزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ * لِتُنذِرَ قَوْمًا مَا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ * لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ * إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلاَلاً فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ * وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ * وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ * إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَانَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ * إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيٍْ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ * وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ * إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ * قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمَانُ مِنْ شَيْ ءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ * قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ * وَمَا عَلَيْنَا إِلاَّ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ * قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ * قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ * وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ * اتَّبِعُوا مَنْ لاَ يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ * وَمَا لِي لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَانُ بِضُرٍّ لاَ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلاَ يُنقِذُونِي * إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ * إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ * قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ * وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُندٍ مِنْ السَّمَاءِ

ص: 7

وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ * إِنْ كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ * يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ * أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ * وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ * وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ * وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ * لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلاَ يَشْكُرُونَ * سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لاَ يَعْلَمُونَ * وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ * وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ *لاَ الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلاَ اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ * وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ * وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلاَ صَرِيخَ لَهُمْ وَلاَ هُمْ يُنقَذُونَ * إِلاَّ رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ * وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ * وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ * مَا يَنظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ * فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلاَ إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ * وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ * قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا

ص: 8

مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَانُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ * إِنْ كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ * فَالْيَوْمَ لاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلاَ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ * هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلاَلٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ * لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ * سَلاَمٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ * وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ * أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لاَ تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ * وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ * هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ * اِصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ * اَلْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ * وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلاَ يَرْجِعُونَ * وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلاَ يَعْقِلُونَ * وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ * لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ * أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ * وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ * وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلاَ يَشْكُرُونَ * وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ * لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُندٌ مُحْضَرُونَ * فَلاَ يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ * أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ * وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ

ص: 9

بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ * أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ * إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْ ءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ *

كلمات مضيئة

قال اللَّه تعالى : « قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَ لَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً » .(1)

وقال رسوله صلّى اللَّه عليه وآله : لو أن الغياض أقلام، والبحر مداد، والجنّ حُسّاب، والإنس كُتّاب، ما أحصوا فضائل علي بن أبي طالب .(2)

وقال صلّى اللَّه عليه وآله : إنّ اللَّه جعل لأخي عليّ فضائل لا تحصى كثرة .(3)

قال رجل لإبن عباس : سبحان اللَّه ما أكثر مناقب علي وفضائله، إنّي لأحسبها ثلاثة آلاف، فقال إبن عباس : أولا تقول : إنّها إلى ثلاثين ألف أقرب .(4)

روى السيد مرتضى علم الهدى عن « أبي حفص عمر بن شاهين » ( 385 - 297 ه- . ( انّه قال : إنّي جمعت من فضائل عليٍّ عليه السلام - خاصة - ألف جزء .(5)

وقال الصادق عليه السلام في حديث مستفيض : من حفظ من أحاديثنا أربعين حديثاً بعثه اللَّه يوم القيامة عالماً فقيهاً .(6)

قد صرح فطاحل العلماء أنّ هذا الحديث مستفيض بل متواتر .(7)

وقال الشافعي وأحمد بن حنبل من أئمة أهل السّنة، أنّه يجب أن يكون أربعون حديثاً من أحاديث الرسول في مناقب الائمة الطاهرين صلوات اللَّه عليهم أجمعين .(8)

ولمّا كان كتابنا هذا : « نبراساً للفائزين بزيارة أميرالمؤمنين عليه السلام »، إقتطفنا أربعين كلمة من أربعين كتاباً، حتى يكون أربعين قطرة من بحار فضائل أميرالمؤمنين عليه

ص: 10


1- الكهف : 109 .
2- الحمويني، فرائد السمطين، ج 1، ص 16 .
3- الخوارزمي، المناقب، تحقيق مالك المحمودي، ط 4، قم، 1400 ه- .، ص 32 .
4- الكنجي، كفاية الطالب، ص 252 .
5- الطبرسي، إعلام الورى، تحقيق آل البيت، ط 1، قم، 1417 ه- .، ج 1، ص 358 .
6- الكليني، الكافي، تحقيق علي اكبر الغفاري، ط 1، بيروت، 1405 ه- .، ج 1، ص 49 .
7- الشيخ البهائي، الأربعون، ط 6، قم، 1427 ه- .، ص 10 .
8- الخاتون آبادي، كشف الحق، مؤسسة الإمام المهدي عليه السلام، طهران، 1402 ه- .، ص 14 .

السلام ولمّا كان من المتعذّر جدّاً الإشارة إلى كلّ فضائله، إقتصرنا بفضائله الّتي لم يسبقه اليها أحدٌ من الامّة، بل هو الذي سبق الامة جميعاً :

1 - أوّل مولود ولد في الكعبة عليّ بن أبي طالب عليه السلام .(1)

2 - أوّل من أخذ عليّ بن أبي طالب عليه السلام أخاً من أهل السماء إسرافيل، ثم ميكائيل، ثم جبرائيل .(2)

3 - يا علي، فانّه كان الروح الأمين جبرائيل، وهو اوّل من سلّم عليك بإمرة المؤمنين .(3)

4 - أوّل من سمّي بأميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام .(4)

5 - أوّل من أسلم عليّ عليه السلام قبل الناس بسبع سنين، وكان أوّل من جمع القرآن .(5)

6 - عليّ عليه السلام أوّل من آمن بي وصدقني .(6)

7 - يا علي أنت أوّل المؤمنين ايماناً، وأوّل المسلمين إسلاماً، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى .(7)

8 - يا علي، أنت أول هذه الامة ايماناً باللَّه ورسوله، وأولهم هجرة إلى اللَّه ورسوله .(8)

9 - أنت أوّل من آمن بي وأنت أوّل من صدقني .(9)

10 - هذا أوّل من آمن بي، وأوّل من يصافحني يوم القيامة .(10)

11 - يا أيها الناس من آذى علياً فقد آذاني، إنّ علياً أوَّلكم ايماناً وأوفاكم بعهداللَّه، يا أيها الناس من آذى علياً بعث يوم القيامة يهودياً أو نصرانياً .(11)

12 - فكان أبي عليه السلام أوّل من استجاب للَّه تعالى ولرسوله صلّى اللَّه عليه وآله، وأوّل من آمن وصدّق اللَّه ورسوله .(12)

13 - أوّل من صلّى مع النبيّ صلّى اللَّه عليه وآله عليّ بن أبي طالب عليه السلام .(13)

14 - أوّل من صلّى معي عليٌّ .(14)

15 - أنا أوّل رجل صلّى مع النبيّ صلّى اللَّه عليه وآله .(15)

16 - أنا الاوّل، فأنا أوّل من آمن باللَّه وأسلم، و - أما قولي

ص: 11


1- شاكر هادي شُكر، اوليّات أميرالمؤمنين، ط 1، بيروت، 1422 ه- .، ص 14 .
2- الخوارزمي، مقتل الحسين، تحقيق السماوي، ط 1، قم، 1418 ه- .، ج 1 ص 71 .
3- التستري، إحقاق الحق، ط 1، قم، ج 4، ص 276 .
4- المقدس الاصفهاني، كتاب الأوائل، ط 1، اصفهان، 1381 ه- .، ص 50 .
5- الكوفي، مناقب الإمام أميرالمؤمنين، ط 1، قم، 1423 ه- .، ج 1، ص 350 .
6- إبن عساكر، تاريخ دمشق ،ج 45 ،ص 28 .
7- ابن منظور، مختصر تاريخ دمشق، ط 1، دمشق، 1404 ه- .، ج 17، ص 346 .
8- الشيخ الطوسي، الأمالي، ط 1، قم، 1414 ه- .، ص 472 .
9- ابن ابي الحديد، شرح نهج البلاغة، ط 1، القاهرة، 1378 ه- .، ج 13، ص 233 .
10- الشيخ الصدوق، معاني الاخبار، ط 1، قم، 1379 ه- .، ص 402 .
11- ابن المغازلي، مناقب علي بن أبي طالب ، ط 2، طهران، 1403 ه- .، ص 52 .
12- الشيخ الطوسي، مصباح المتهجد، ط 1، بيروت، 1411 ه- .، ص 562 .
13- أحمد بن حنبل، فضائل أميرالمؤمنين، ط 1، قم، 1425 ه- .، ص 224 .
14- اسماعيل المعزّي، جامع الأحاديث، ط 1، قم، 1399 ه- .، ج 3، ص 319 .
15- إبن أبي شيبة، المصنَّف، ط 1 ، بيروت، 1409 ه- .، ج 8، ص 332 .

- أنا الآخر، فأنا آخر من سجّى على النّبي ثوبه ودفنه .(1)

17 - أنا يعسوب المؤمنين وأوّل السابقين وإمام المتقين .(2)

18 - أنشدكم باللَّه أتعلمون أنّ علياً أوّل من حرّم الشهوات كلّها على نفسه من أصحاب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله .(3)

19 - كنت أوّل من ناجى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله، فكنت أوّل من عمل بها، فلم يعمل بها أحد قبلي ولا بعدي .(4)

20 - أوّل من عمل بآية النجوى علي عليه السلام .(5)

21 - الائمة بعدي إثنا عشر، أوَّلهم عليّ بن أبي طالب ، وآخرهم القائم .(6)

22 - يا علي، أنا أوّل من ينفض التّراب عن رأسه وأنت معي .(7)

23 - فأوّل من يقوم من قبره أميرالمؤمنين، ويكسوه جبرئيل حُلَلاً من الجنّة، ويضع على رأسه تاج الوقار ورداء الكرامة .(8)

24 - يا علي أوّل من تنشق عنه الارض محمّد ثمّ أنت، وأوّل من يُحبى محمّد ثم أنت، وأوّل من يكسى محمّد ثم أنت .(9)

25 - ثم أنت أوّل من يدعى بك، لقرابتك منّي ومنزلتك عندي، ويدفع اليك لوائي وهو لواء الحمد، فتسير به بين السماطين، آدم ومن دونه .(10)

26 - إنك أوّل من يرد عليّ الحوض، وإنك أوّل من يدخل الجنة من أمتي .(11)

27 - أوّل هذه الأمّة وروداً على نبيها، أوَّلها إسلاماً، عليّ بن أبي طالب .(12)

28 - أولكم وروداً عليّ الحوض، أولكم إسلاماً عليّ بن أبي طالب .(13)

29 - يا علي ... أنت أوّل من يقف معي عن يمين العرش وأوّل من يقرع معي باب الجنة، وأوّل من يسكن معي عليين .(14)

30 - يا علي أنت أوّل من يجوز الصراط معي، وإنّ ربّي جل جلاله أقسم بعزّته لا يجوز عقبة الصراط إلّا من كان معه براءة بولايتك وولاية الائمة من بعدك .(15)

31 - يا علي

ص: 12


1- الشيخ المفيد، الاختصاص، ط 1، قم المقدّسة، ص 163 .
2- الهلالي، كتاب سليم بن قيس، ط 1، قم . 1407 ه- .، ص 119 .
3- محمّد حسن الميرجهاني، كنوز الحكم وفنون الكلم، ط 1، اصفهان، 1413 ه- .، ص 61 .
4- السيّد شرف الدين، تأويل الآيات الظاهرة، ط 1، قم، 1409 ه- .، ص 648 .
5- ابوهلال العسكري، الاوائل، ط 1 ،المدينة، 1385 ه- .، ص 166 .
6- الخزاز، كفاية الأثر، ط 1، قم، 1401 ه- .، ص 146 .
7- بحارالانوار، ج 7، ص 179 .
8- ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب ، ط 2، بيروت، 1412 ه- .، ج 3، ص 260 .
9- الحمويني، فرائد السمطين، ج 1، ص 184 .
10- تذكرة الخواص، ج 1، ص 218 .
11- الخوارزمي، المناقب، ص 76 .
12- الطبراني، كتاب الاوائل، ط 1، بيروت، 1413 ه- .، ص 136 .
13- الحاكم النيشابوري، المستدرك على الصحيحين، ط 1، بيروت، 1398 ه- .، ج 3، ص 136 .
14- الشيخ الصدوق، الخصال، ط 1، قم، 1403 ه- .، ج 2، ص 342 .
15- الشيخ الصدوق، عيون الاخبار، ط 1، النجف الأشرف، 1390 ه- .، ج 1، ص 237 .

انك أوّل من يقرع باب الجنة، فتدخلها بغير حساب .(1)

32 - أوّل من يدخل الجنة من النبيين والصديقين عليّ بن أبي طالب عليه السلام .(2)

33 - يا علي، إنك أوّل من يدخل الجنة معي، فتدخلها بغير حساب .(3)

34 - أوّل شخص يدخل الجنة عليّ وفاطمة بنت محمّد .(4)

35 - إن أوّل من يدخل الجنة أنا وأنت وفاطمة والحسن والحسين .(5)

36 - حبك ايمان وبغضك نفاق، وأوّل من يدخل الجنة محبّك وأوّل من يدخل النار مبغضك .(6)

37 - أنا أوّل من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة .(7)

38 - أشهد أنك أوّل مظلوم وأوّل من غصب حقّه .(8)

39 - السلام عليك يا ولي اللَّه، أنت أوّل مظلوم، وأوّل من غصب حقه .(9)

40 - أوّل ثلمة في الاسلام مخالفة عليّ .(10)

فهذه أربعون كلمة من الكلمات المضيئة الصّادرة من اهل بيت العصمة حول أوليات أبي الائمة، سيد العترة، قائد الامة، أمير البررة، قاتل الفجرة، المنصور من نصره، والمخذول من خذله، على حدّ تعبير نبيّ الرّحمة صلّى اللَّه عليه وآله، نهديها إلى أشرف الانبياء والمرسلين، خاتم السّفراء والنبيين صلّى اللَّه عليه وآله، وأخيه يعسوب الدين، قائد الغرّ المحجّلين، أميرالمؤمنين عليه السلام، وآله الهداة المهديين، المنتخبين المنتجبين عليهم السّلام لا سيّما الإمام المبين والكهف الحصين وغياث المضطر المستكين وملجأ الهاربين ومنجى الخائفين وعصمة المعتصمين، حبيبنا وحبيب رب العالمين عجل اللَّه تعالى فرجه الشريف وجعلنا اللَّه من أعوانه وأنصاره ومقوّية سلطانه.

« يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَ أَهْلَنَا الضُّرُّ وَ جِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَ تَصَدَّقْ عَلَيْنا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ » .

أقل خدمة أهل العلم - قم المقدسة

علي اكبر مهدي پور - 13 / رجب / 1428 ه-.

الباب الأوّل : فضل تربة أميرالمؤمنين عليه السلام

فضل النّجف الأشرف:

1 - قال أميرالمؤمنين عليه السلام : يحشر من

ص: 13


1- الطبري، ذخائر العقبى، ط 1، قم، 1403 ه- .، ص 61 .
2- التستري، الاوائل، ط 1، طهران، 1405 ه- .، ص 29 .
3- القندوزي، ينابيع المودة، ط 1، قم، 1416 ه- .، ج 1، ص 150 .
4- الشبلنجي، نورالابصار، ط 1، بيروت، 1418 ه- .، ص 42 .
5- المتقي الهندي، كنز العمال ط 1، بيروت، 1409 ه- .، ج 12، ص 98 .
6- ابن الصباغ، الفصول المهمة، ط 1، النجف الأشرف، 1381 ه- .، ص 127 .
7- البخاري، الصحيح، الطبعة السلطانية، بولاق، 1313 ه- .، ج 5، ص 95 .
8- إبن قولويه، كامل الزيارات، ط 1، بيروت، 1418 ه- .، ص 41 .
9- إبن المشهدي، المزار الكبير، ط 1، قم، 1419 ه- .، ص 230 .
10- الهمداني، مودة القربى، مجلة الموسم، 1990 م .، ص 91 .

ظهر الكوفة سبعون ألفاً على غُرّة الشّمس ،(1) يدخلون الجنّة بغير حساب .(2)

2 - أتى إبراهيم الخليل عليه السلام أرض النّجف واشتراها بغُنَيماتٍ كنّ معه وقال : يحشر من ولده من ذلك الموضع سبعون ألف شهيد .(3)

3 - إشترى أميرالمؤمنين عليه السلام ما بين النجف والحيرة بأربعين ألف درهم وقال : يحشر من ظهرها سبعون ألفاً يدخلون الجنّة بغير حساب، فاشتهيت أن يحشروا في ملكي .(4)

4 - قال أميرالمؤمنين عليه السلام : أوّل بقعة عبداللَّه عليها ظهر الكوفة، لمّا أمر اللَّه الملائكة أن يسجدوا لآدم، سجدوا على ظهر الكوفة .(5)

5 - قال الصادق عليه السلام : في قوله تعالى : « وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين » : الربوة نجف الكوفة، والمعين الفرات .(6)

فضل موضع قبر أميرالمؤمنين عليه السّلام:

6 - قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله لعليّ عليه السلام : يا أباالحسن، إن اللَّه جعل قبرك وقبر ولدك بقاعاً من بقاع الجنّة، وعرصة من عرصاتها .(7)

7 - قال أبوقرة - من أصحاب زيد بن عليّ - إنطلقت أنا وزيد بن عليّ عليه السلام على نحو الجبّانة(8) فصلّى ليلاً طويلاً، ثمّ قال لي : أبا قرّة أتدري أيّ موضع هذا ؟ قلت : لا، قال : نحن بقرب أميرالمؤمنين عليه السلام، يا أبا قرّة نحن في روضة من رياض الجنّة .(9)

8 - قال الصادق عليه السلام : وأما البقعة الّتي فيها قبر أميرالمؤمنين صلوات اللَّه عليه، فإنّ نوحاً لمّا طافت السّفينة، هبط جبرئيل على نوح فقال :

إنّ اللَّه يأمرك أن تنزل مابين السّفينة والرّكن اليماني، فإذا إستقرّت قدماك على الأرض فأبحث تابوت آدم، فأحمله معك في السّفينة، فإذا غاص فابحث بيدك الماء، فادفنه بظهر النّجف، بين الذّكوات البيض والكوفة، فإنّها بقعة إخترتها له ولك يا

ص: 14


1- أى مطلعها .
2- نصر بن مزاحم، وقعة صفّين، ط 2، القاهرة 1382 ه- .، ص 127 .
3- الحموى، معجم البلدان، ط 1، بيروت، 1399 ه- .، ج 1، ص 331 .
4- السيد إبن طاووس، فرحة الغريّ، ط 1، قم، 1419 ه- .، ص 58 .
5- العياشي، التفسير، ط 1، قم، 1421 ه- .، ج 1، ص 120 .
6- ابن قولويه، كامل الزيارات، ص 47، ب 13، ح 5 .
7- الشبخ الطوسي، تهذيب الأحكام، ط 3، بيروت، 1406 ه- .، ج 6، ص 22، ح 50 .
8- الجبّانة : الصّحراء، المقابر وما إستوى من الأرض في إرتفاع ؛ وكان تعرف في الكوفة إحدى عشرة جبّانة ] هشام جعيط، الكوفة [ .
9- الشيخ المفيد، المزار، ط 1، قم، 1409 ه- .، ص 193 .

نوح ولعليّ بن أبي طالب صلوات اللَّه عليه، وصيّ محمّد صلّى اللَّه عليه وآله.

ففعل نوح ذلك، ووصّى إبنه ساماً أن يدفنه في البقعة مع التّابوت الّذي لآدم .

فإذا زرتم مشهد أميرالمؤمنين، فزوروا آدم ونوح وعليّ بن أبي طالب عليهم السّلام .(1)

9 - قال المسعودي : إن آدم ونوح وأميرالمؤمنين عليهم السّلام في قبر واحد .(2)

10 - وروي عن الصادق عليه السلام أنّه قال : قبر علي عليه السلام هو في الغريّ، مابين صدر نوح ومفرق رأسه ممّا يلي القبلة .(3)

11 - قال الصادق عليه السلام : إني لمّا كنت بالحيرة عند أبي العباس، كنت آتي قبر أميرالمؤمنين عليه السلام ليلاً وهو بناحية النّجف إلى جانب الغريّ النّعمان، فاصلّي عنده صلاة اللّيل وأنصرف .(4)

12 - قال أميرالمؤمنين عليه السلام : إذا وقعت النّار في حجازكم وجرى الماء بنجفكم، فتوقّعوا ظهور قائمكم .(5)

13 - قال علي بن الحسين عليه السلام : إذا ملأ هذا نجفكم السّيل والمطر، وظهرت النّار في الحجارة والمدر، وملكت بغداد التّتر، فتوقّعوا ظهور القائم المنتظر .(6)

14 - قال الباقر عليه السلام : إذا خرج القائم عليه السلام من مكّة، ينادي مناديه : ألا لايحملنّ أحدكم طعاماً ولاشراباً، وحمل معه حجر موسى بن عمران عليه السلام، وهو وِقر بعير، فلا ينزل منزلاً إلاّ إنفجرت منه عيون، فمن كان جائعاً شبع، ومن كان ظمآناً رَوِىَ، وَرَوِيَت دوابّهم، حتّى ينزلوا النّجف من ظهر الكوفة .(7)

15 - قال الباقر عليه السلام : كأنّى بالقائم عليه السلام على نجف الكوفة، قدسار إليها من مكّة في خمسة آلاف من الملائكة، جبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن شماله، والمؤمنون بين يديه، وهو يفرّق الجنود في البلاد .(8)

16 - قال الباقر عليه السلام : ينزل في سبع قِباب من نور،

ص: 15


1- الخصيبي، الهداية الكبرى، ط 2، بيروت، 1426 ه- .، ص 94 .
2- المسعودي، اثبات الوصية، ط 1404 2 ه- .، ص 132 .
3- السيد إبن طاووس، فرحة الغريّ، ص 99 .
4- إبن قولويه، كامل الزيارات، ص 37 .
5- البياظي، الصراط المستقيم، ط 1، طهران، 1384 ه- .، ج 2، ص 258 .
6- المصدر، ص 259 .
7- الشيخ الصدوق، كمال الدين، ط 1، قم، 1405 ه- .، ج 2، ص 670 .
8- الشيخ المفيد، الارشاد، ط 1، قم، 1413 ه- .، ج 2، ص 379 .

لا يعلم في أيّها هو، حين ينزل في ظهر الكوفة .(1)

17 - قال الباقر عليه السلام : إنّه نازل في قباب من نور، حين ينزل بظهر الكوفة على الفاروق .(2)

18 - قال الباقر عليه السلام : كأنّى أنظر إلى القائم عليه السلام قدظهر على نجف الكوفة، فإذا ظهر على النّجف نشر راية رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله .(3)

19 - قال الحسن العسكري عليه السلام : أما إنّ له غيبة يحار فيها الجاهلون، ويهلك فيها المبطلون، ويكذب فيها الوقّاتون، ثمّ يخرج، فكأنّي أنظر إلى الأعلام البيض تخفق فوق رأسه بنجف الكوفة .(4)

20 - قال علي بن الحسين عليه السلام : كأنّي بصاحبكم قد علا فوق نجفكم بظهر كوفان، في ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً، جبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن شماله، وإسرافيل أمامه، معه راية رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله قد نشرها، لايهوي بها إلى قوم إلاّ أهلكهم اللَّه عزّوجلّ .(5)

21 - قال الباقر عليه السلام في شأن أنصار المهدى عليه السلام : لكأنّي أنظر اليهم مصعدين من نجف الكوفة، ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً، كأنّ قلوبهم زبر الحديد ...

حتّى إذا صعد النّجف قال لأصحابه : تعبّدوا ليلتكم هذه . فيبيتون بين راكع وساجد، يتضرّعون إلى اللَّه، حتى إذا أصبح قال : خذوا بنا طريق النّخيلة، وعلى الكوفة جند مجنّد .(6)

22 - قال الصادق عليه السلام : دار ملكه الكوفة، ومجلس حكمه جامعها، وبيت ماله ومقسم غنائم المسلمين مسجد السّهلة، وموضع خلواته الذّكوات البيض من الغريّين .(7)

23 - قال الصادق عليه السلام : كأنّى أنظر إلى القائم عليه السلام على ظهر النّجف، فإذا إستوى على ظهر النّجف، ركب فرساً أدهم أبلق بين عينيه شمراخ، ثم ينتفض به فرسه، فلا يبقى أهل بلدة إلاّ

ص: 16


1- العياشي التفسير، ج 1، ص 214، ح 405 .
2- نفس المصدر، ص 215، ح 407 .
3- كمال الدين، ج 2، ص 672 .
4- كمال الدين، ج 2، ص 409 .
5- الشيخ المفيد، الاختصاص، ص 45 .
6- العيّاشي، التّفسير، ج 2، ص 197 .
7- بحارالأنوار، ج 53، ص 11 .

وهم يظنّون أنّه معهم في بلادهم .(1)

24 - قال الباقر عليه السلام : يدخل المهدي الكوفة ... فيخرج إلى الغريّ، فيخطّ مسجداً له ألف باب، يسع النّاس، عليه أصيص، ويبعث فيحفر من خلف قبر الحسين عليه السلام لهم نهراً يجري إلى الغريّين، حتى ينبذ في النّجف، ويعمل على فوّهته قناطر وأرحاء في السّبيل .(2)

25 - قال الصادق عليه السلام : إنّ قائمنا إذا قام ... يبنى له في ظهر الكوفة مسجد له ألف باب، وتتّصل بيوت الكوفة بنهر كربلاء وبالحيرة، حتّى يخرج الرّجل يوم الجمعة على بغلة سفواء يريد الجمعة فلا يدركها .(3)

الشّرف كلّ الشّرف:

26 - قال الصادق عليه السلام في تفسير قوله تعالى : « فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ »(4) : هي كرّة رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله، فيكون ملكه في كرّته خمسين ألف سنة، ويملك أميرالمؤمنين عليه السلام في كرّته أربعا وأربعين ألف سنة .(5)

27 - قال الصادق عليه السلام : لاتنقضى الدّنيا ولاتذهب حتّى يجتمع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وعليّ عليه السلام بالثّويّة(6) ويبنيان بالثّويّة مسجداً له إثنا عشر ألف باب .(7)

28 - قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله لعليّ عليه السلام : أنت أخي، وميعاد مابيني وبينك وادي السّلام .(8)

29 - قال الصادق عليه السلام : يخرج القائم عليه السلام من ظهر الكوفة سبعة وعشرين رجلاً ... فيكونون بين يديه أنصاراً وحكّاماً .(9)

فضل المدفونين في النّجف الأشرف

30 - قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله لعليّ عليه السلام : إنّ اللَّه عرض مودّتنا أهل البيت على السّماوات والأرض، فأوّل من أجاب منها السّماء السّابعة ... ثمّ أرض كوفان، فشرّفها بقبرك يا علي .(10)

31 - نظر علي عليه السلام إلى ظهر الكوفة، فقال : ما أحسن ظهرك وأطيب

ص: 17


1- الشيخ الصدوق، كمال الدين، ج 2، ص 671 .
2- الشيخ الطوسي، الغيبة، ط 1، قم، 1411 ه- .، ص 469 .
3- النّيلي، منتخب الأنوار المضيئة، ط 1، قم، 1420 ه- .، ص 334 .
4- المعارج : 70 .
5- الشيخ الحرّ العاملي، الايقاظ من الهجعة، ط 1، قم، 1422 ه- .، ص 338 .
6- موضع بالكوفة وهي اليوم تلّ قرب مسجد الحنّانة ] آل محبوبة، ماضى النّجف وحاضرها، ج 1، ص 246 ] .
7- السيّد هاشم البحراني، تفسير البرهان، ط 1، بيروت، 1419 ه- .، ج 7، ص 377 .
8- الكليني، الكافي، ج 3، ص 132 .
9- الشيخ المفيد، الارشاد، ج 2، ص 386 .
10- السيد إبن طاوس، فرحة الغريّ، ص 56 .

قعرك، اللّهم اجعل قبرى بها .(1)

32 - ومن خواص تربته إسقاط عذاب القبر، وترك محاسبة منكر ونكير للمدفون هناك.(2)

33 - ومن خواصّ ذلك الحرم الشّريف، أنّ جميع المؤمنين يحشرون فيه .(3)

34 - قال أميرالمؤمنين عليه السلام : ما من مؤمن يموت في بقعة من بقاع الأرض، الاّ قيل لروحه : إلحقى بوادي السّلام، وإنّها لبقعة من جنّة عدن .(4)

35 - قال الصادق عليه السلام : لايبقى مؤمن في شرق الأرض وغربها، إلاّ حشراللَّه روحه إلى وادي السّلام .

قال الرّاوي : وأين وادي السّلام ؟ قال : ظهر الكوفة، أما إنّي كأني بهم حلق حلق قعود يتحدّثون .(5)

36 - قال أميرالمؤمنين عليه السلام لأصبغ بن نباتة : يابن نباتة، لو كشف لكم لرأيتم أرواح المؤمنين في هذا الظّهر حلقاً يتزاورون ويتحدّثون، إنّ في هذا الظّهر روح كلّ مؤمن .(6)

37 - روي عن أميرالمؤمنين عليه السلام أنه إذا كان أراد الخلوة بنفسه، أتى إلى طرف الغريّ، فبينما هو ذات يوم هناك مشرف على النّجف، وإذا برجل قد أقبل من البريّة راكباً على ناقة وقدّامه جنازة، فحين رأى عليّاً عليه السلام قصده، حتّى وصل إليه وسلّم عليه.

فردّ عليّ عليه السلام وقال : من أين ؟ قال : من اليمن .

قال : وما هذه الجنازة الّتي معك ؟ قال : جنازة أبي، أتيت لأدفنها في هذه الأرض . فقال له عليّ عليه السلام : لِمَ لادفنته في أرضكم ؟ قال : أوصى إليّ بذلك وقال :

إنّه يدفن هناك رجل يدخل في شفاعته مثل ربيعة ومضر . فقال له عليّ عليه السلام : أتعرف ذلك الرّجل ؟ قال : لا . فقال عليه السلام : أنا واللَّه ذلك الرّجل، أنا واللَّه ذلك الرّجل،

ص: 18


1- نفس المصدر، ص 61 .
2- الديلمي، ارشاد القلوب، ط 2، قم، 1409 ه- .، ج 2، ص 439 .
3- نفس المصدر، ص 440 .
4- الكليني، الكافي، ج 3، ص 243 .
5- نفس المصدر .
6- بحارالأنوار، ج 27، ص 307 .

قم فأدفن أباك . فقام فدفن أباه.(1)

38 - كان أوّل من دفن بظهر الكوفة ودفن النّاس جنبه « خباب بن الارتّ » وقد شهد بدراً وما بعدها، وشهد صفّين مع أميرالمؤمنين عليه السلام(2) ومات سنة 37 أو 39 من الهجرة .(3)

39 - تواترت الأخبار في فضل هذه البقعة المقدّسة عن أهل البيت عليهم السّلام، وثبت لها مزيّة على سائر بقاع الأئمّة عليهم السّلام، مِن رفع عذاب القبر عمّن دفن بها وعدم سؤال منكر ونكير في البرزخ، وأنّها محشر أرواح المؤمنين .(4)

فضل تعمير قبر أميرالمؤمنين عليه السّلام

40 - قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله لعليّ عليه السلام : إنّ اللَّه جعل قلوب نجباءَ من خلقه وصفوته من عباده، تحنّ إليكم وتحتمل المذلّة والأذى فيكم، فيعمرون قبوركم ويكثرون زيارتها، تقرّباً منهم إلى اللَّه، مودّةً منهم لرسوله، أولئك ياعلي، المخصوصون بشفاعتي والواردون حوضي، وهم زوّاري غداً في الجنّة .

يا علي من عمّر قبوركم وتعاهدها، فكأنّما أعان سليمان بن داود على بناء بيت المقدس .(5)

تتمة :

وصف صفوان الجمّال زيارة الإمام جعفر الصّادق عليه السلام قبر أميرالمؤمنين صلوات اللَّه عليه، ثمّ قال : وأعطانى دراهم وأصلحتُ القبر .(6)

الباب الثّاني: فضل زيارة أميرالمؤمنين عليه السلام

آثار زيارة أميرالمؤمنين عليه السلام في الدّنيا

1 - قال الصادق عليه السلام : نحن نقول : بظهر الكوفة قبر لايلوذ به ذو عاهة إلاّ شفاه اللَّه(7).

2 - قال الصادق عليه السلام : إنّ اللَّه عزّ إسمه عرض ولايتنا على السّماوات والأرض والجبال والأمصار، فلم يقبلها قبول أهل الكوفة، وإنّ إلى جانبهم لقبراً، ما لقاه مكروب إلاّ نفّس اللَّه كربته، وأجاب دعوته، وقلّبه إلى أهله مسروراً .(8)

3 - قال الصادق عليه السلام : إنّ إلى جانب كوفان قبراً ما أتاه مكروب قطّ، فصلّى عنده ركعتين أو أربع ركعات، إلاّ نفّس اللَّه عنه كربته وقضى حاجته.

قال الرّاوى : قلت

ص: 19


1- الدّيلمي، ارشاد القلوب، ج 2، ص 440 .
2- الكامل، إبن الأثير، ط 1، بيروت، 1385 ه- .، ج 3، ص 324 و 351 .
3- المامقاني، تنقيح المقال، ط 1، قم، 1423 ه- .، ج 25، ص 241 .
4- آل محبوبة، ماضي النّجف وحاضرها، ط 2، بيروت، 1406 ه- .، ج 1، ص 234 .
5- تهذيب الاحكام، ج 6، ص 22 .
6- ابن المشهدي، المزار الكبير، ص 242 .
7- تهذيب الأحكام، ج 6، ص 34، ح 70 .
8- الشيخ المفيد، الأمالى، ط 1، قم، 1403 ه- .، ص 142، م . 17، ح 9 .

: قبر الحسين بن علي عليهما السلام ؟ فقال لى برأسه : لا . فقلت : فقبر أميرالمؤمنين عليه السلام ؟ فقال برأسه : نعم .(1)

4 - قيل لأبي الحسن الرّضا عليه السلام : أيّما أفضل، زيارة قبر أميرالمؤمنين، أو زيارة الحسين عليهما السلام ؟ قال : إنّ الحسين قتل مكروباً، فحقّاً على اللَّه - جلّ ذكره - أن لا يأتيه مكروب إلاّ فرّج اللَّه كربه. وفضل زيارة أميرالمؤمنين على زيارة قبر الحسين كفضل أميرالمؤمنين على الحسين عليهما السلام .(2)

5 - قال الصّادق عليه السلام : إن أبواب السّماء لتفتح عند دعاء الزّائر لأميرالمؤمنين عليه السلام، فلا تكن عن الخير نوّاماً .(3)

6 - قال الصادق عليه السلام : إذا زرت أميرالمؤمنين عليه السلام، فأعلم أنّك زائر عظام آدم وبدن نوح وجسم عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام . فإذا زرت جانب النّجف، فزر عظام آدم و بدن نوح و جسم عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام، فإنّك زائر الآباء الأوّلين ومحمّداً خاتم النّبيّين وعليّاً سيّد الوصيّين، وإنّ زائره تفتح له أبواب السّماء عند دعوته، فلا تكن عن الخير نوّاماً .(4)

آثار زيارة أميرالمؤمنين عليه السلام في الآخرة

7 - قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله : من زار عليّاً بعد وفاته فله الجنّة .(5)

8 - قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله لعليّ عليه السلام : ومن زار قبوركم عدل ذلك له ثواب سبعين حجّة بعد حجّة الإسلام، وخرج من ذنوبه حتّى يرجع من زيارتكم كيوم ولدته امّه .

فأبشر وبشّر أولياءك ومحبّيك من النّعيم وقرّة العين بما لاعين رأت ولا اذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر .(6)

9 - قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله : يا علي، من زارني في

ص: 20


1- تهذيب الأحكام، ج 6، ص 35، ح 73 .
2- فرحة الغريّ، ص 130 .
3- الشيخ المفيد، المقنعة، ط 1، قم، 1413 ه- .، ص 462 .
4- تهذيب الأحكام، ج 6، ص 23، ح 51 .
5- الشيخ المفيد، المقنعة، ص 462 .
6- الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام، ج 6، ص 22 .

حياتي أو بعد موتي، أو زارك في حياتك أو بعد موتك، أو زار إبنيك في حياتهما أو بعد موتهما، ضمنت له يوم القيامة أن اُخلّصه من أهوالها وشدائدها، حتّى اصيرّه معي في درجتي ...(1)

10 - قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله : من زار عليّاً فقد زارني، ومن أحبّه فقد أحبّني، ومن أبغضه فقد أبغضني، أبلغ قومك هذا عنّى، ومن أتاه زائراً فقد أتاني، وأنا المجازي له يوم القيامة، وجبريل وصالح المؤمنين .(2)

11 - قال الحسن المجتبى عليه السلام لرسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله : يا أبه مالمن زارك بعد موتك ؟ فقال :

يا بنيّ من أتاني زائراً بعد موتي فله الجنّة، ومن أتى أباك زائراً بعد موته فله الجنّة، ومن أتى أخاك زائراً بعد موته فله الجنّة، ومن أتاك زائراً بعد موتك فله الجنّة .(3)

12 - قال رسول اللَّه للحسن المجتبى عليهما السلام : من زارني، أو زار أباك، أو زارك، أو زار أخاك، كان حقّاً عليّ أن أزوره يوم القيامة حتّى اخلّصه من ذنوبه.(4)

13 - قال الحسين لرسول اللَّه عليهما السلام : ما لمن أتاك بعد وفاتك زائراً لا يريد إلاّ زيارتك ؟ قال : يا بنيّ من أتاني بعد وفاتي زائراً لايريد الاّ زيارتي، فله الجنّة، ومن أتى أباك بعد وفاته زائراً لايريد الاّ زيارته، فله الجنّة، ومن أتى أخاك بعد وفاته لايريد الاّ زيارته، فله الجنّة، ومن أتاك بعد وفاتك زائراً لايريد الاّ زيارتك، فله الجنّة .(5)

14 - قال الصادق عليه السلام : من زار ] قبر [ أميرالمؤمنين عليه السلام عارفاً بحقّه، غير متجبّر ولا متكبّر، كتب اللَّه له أجر ألف شهيد، وغفر اللَّه ] له [ ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر،

ص: 21


1- الكليني، الكافي، ج 4، ص 579 .
2- إبن المشهدي، المزار الكبير، ص 38 .
3- تهذيب الأحكام، ج 6، ص 20، ح 44 .
4- الشيخ الصّدوق ثواب الأعمال، ص 82 .
5- تهذيب الأحكام، ج 6، ص 21، ح 48 .

وبعث من الآمنين، وهوّن عليه الحساب، واستقبلته الملائكة، فإذا إنصرف شيّعته إلى منزله، فإن مرض عادوه، وإن مات تبعوه بالإستغفار إلى قبره .(1)

15 - قال الصادق عليه السلام لصفوان الجمّال : يا صفوان، من زار أميرالمؤمنين بهذه الزّيارة وصلّى بهذه الصّلاة، رجع إلى أهله مغفوراً ذنبه، مشكوراً سعيه، ويكتب له ثواب كلّ من زاره من الملائكة .

قلت : ثواب كلّ من يزوره من الملائكة ؟ قال : يزوره في كلّ ليلة سبعون قبيلة .

قلت : كم القبيلة ؟ قال : مائة ألف .(2)

16 - زار الإمام الصادق عليه السلام قبر الإمام أميرالمؤمنين صلوات اللَّه عليه ثم زار الحسين بن علي عليهما السلام من عند رأس أميرالمؤمنين عليه السلام، ثم قال لصفوان :

يا صفوان تعاهد هذه الزّيارة وادع بهذا الدّعاء، وزرهما بهذه الزّيارة، فإنّي ضامن على اللَّه لكلّ من زارهما بهذه الزّيارة ودعا بهذا الدّعاء من قرب أو بعد، أنّ زيارته مقبولة، وأنّ سعيه مشكور، وسلامه واصل غير محجوب، وحاجته مقضيّة من اللَّه بالغاً ما بلغت وأنّ اللَّه يجيبه .(3)

17 - قال الصّادق عليه السلام في ثواب زيارة قبر الحسين عليه السلام : إنّ زيارته تعدل حجّة وعمرة . وزيارة أبي ؛ عليّ عليه السلام تعدل حجّتين وعمرتين .(4)

18 - قال الصادق عليه السلام : إنّ أميرالمؤمنين عليه السلام أفضل عند اللَّه من الأئمة كلّهم، وله ثواب أعمالهم، وعلى قدر أعمالهم فضّلوا .(5)

فضل زيارة أميرالمؤمنين عليه السلام ماشياً

19 - قال الصّادق عليه السلام : من زار أميرالمؤمنين عليه السلام ماشياً، كتب اللَّه له بكلّ خطوة حجّة وعمرة، فإن رجع ماشياً، كتب اللَّه له بكلّ خطوة حجّتين وعمرتين .(6)

20 - قال الصادق عليه السلام لصفوان الجمّال : قصّر خُطاك وألق ذقنك إلى الأرض،

ص: 22


1- الشيخ الطوسي، الأمالى، ج 1، ص 214، ح 372 .
2- إبن المشهدى، المزار الكبير، ص 242 .
3- المزار الكبير، ص 214 .
4- تهذيب الاحكام، ج 4، ص 21، ح 47 .
5- الكافي ج 4، ص 580 .
6- تهذيب الاحكام، ج 6، ص 20، ح 46 .

فإنّه يكتب لك بكلّ خطوة مائة ألف حسنة، ويمحي عنك مائة ألف سيّئة، ويرفع لك مائة ألف درجة، ويقضي لك مائة ألف حاجة، ويكتب لك ثواب كلّ صدّيق وشهيد مات أو قتل .(1)

21 - قال إبن مارد لأبى عبداللَّه عليه السلام : ما لمن زار جدّك أميرالمؤمنين عليه السلام؟ فقال: يا إبن مارد، من زار جدّي عارفاً بحقّه، كتب له بكلّ خطوة حجة مقبولة وعمرة مبرورة .

واللَّه يابن مارد، مايطعم اللَّه النّار قدماً إغبرّت في زيارة أميرالمؤمنين عليه السلام، ماشياً كان أو راكباً .

يأبن مارد، اكتب هذا الحديث بماء الذّهب .(2)

آثار ترك زيارة أميرالمؤمنين عليه السلام

22 - من ترك زيارة أميرالمؤمنين عليه السلام لم ينظر اللَّه إليه .(3)

23 - قال يونس بن أبي وهب القصري : دخلت المدينة، فأتيت أبا عبداللَّه عليه السلام، فقلت : جعلت فداك، أتيتك ولم أزر أميرالمؤمنين عليه السلام، قال : بئس ما صنعت، لولا أنّك من شيعتنا ما نظرت إليك .(4)

24 - قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله لعلي عليه السلام : ولكنّ حثالة من النّاس يعيّرون زوّار قبوركم بزيارتكم، كما تعيّر الزّانية بزناها، أولئك شرار أمّتي، لا نالتهم شفاعتي ولايردون حوضي .(5)

فضل زيارة الأمير عليه السلام في يوم الغدير

25 - قال الرّضا عليه السلام لأحمد بن محمّد بن أبي نصر : يا إبن أبي نصر، أين ما كنت فأحضر يوم الغدير عند أميرالمؤمنين عليه السلام، فإنّ اللَّه يغفر لكلّ مؤمن ومؤمنة ومسلم ومسلمة ذنوب ستّين سنة، ويعتق من النّار ضعف ما أعتق في شهر رمضان وليلة القدر وليلة الفطر .

والدّرهم فيه بألف درهم لإخوانك العارفين، فأفضل على إخوانك في هذا اليوم، وسرّ فيه كلّ مؤمن ومؤمنة .(6)

النوادر:

26 - قال الصادق عليه السلام : ما خلق اللَّه خلقاً أكثر

ص: 23


1- فرحة الغريّ، ص 121، ح 65 .
2- تهذيب الأحكام، ج 6، ص 21، ح 49 .
3- الشيخ المفيد، المقنعة، ص 462 .
4- الكلينى، الكافي، ج 4، ص 580 .
5- الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام، ج 6، ص 22 .
6- تهذيب الأحكام، ج 6، ص 24، ح 52 .

من الملائكة، وإنّه لينزل كلّ يوم سبعون ألف ملك، فيأتون بيت المعمور فيطوفون به، فإذا هم طافوا به نزلوا فطافوا بالكعبة، فإذا طافوا بها أتوا قبر النّبي صلّى اللَّه عليه وآله فسلّموا عليه، ثمّ أتوا قبر أميرالمؤمنين عليه السلام فسلّموا عليه، ثمّ أتوا قبر الحسين فسلّموا عليه، ثمّ عرجوا، وينزل مثلهم أبداً إلى يوم القيامة .(1)

27 - قال الباقر عليه السلام لجابر بن يزيد الجعفي، بعد زيارة أمين اللَّه : ما قاله أحد من شيعتنا عند قبر أميرالمؤمنين صلوات اللَّه عليه، أو عند قبر أحد من الأئمّة عليهم السّلام، إلاّ وُقِّع في درج من نور وطبع عليه بطابع محمّد صلّى اللَّه عليه وآله، حتّى يسلّم إلى القائم عليه السلام، فيلقي صاحبه بالبشرى والتّحيّة والكرامة، إن شاء اللَّه تعالى .(2)

28 - قال مبارك الخبّاز : قال لي أبو عبداللَّه عليه السلام : أسرجوا البغل والحمار، في وقت ما قدم وهو في الحيرة .

قال : فركب وركبت حتّى دخل الجرف، ثمّ نزل فصلّى ركعتين، ثمّ تقدّم قليلاً آخر فصلّى ركعتين، ثمّ تقدّم قليلاً آخر فصلّى ركعتين، ثم ركب ورجع .

فقلت له : جعلت فداك، ما الأوَّلتين والثّانيتين والثّالثتين ؟ قال : الرّكعتين الأوَّلتين موضع قبر أميرالمؤمنين عليه السلام، والرّكعتين الثّانيتين موضع رأس الحسين عليه السلام، والرّكعتين الثّالثتين موضع منبر القائم عليه السلام .(3)

29 - ورد الإمام زين العابدين عليه السلام إلى الكوفة ودخل مسجدها، فسأله ابوحمزة الثّمالى : ما أقدمك إلينا ؟ قال : ما رأيت، ولو علم النّاس ما فيه من الفضل، لأتوه ولو حبواً . هل لك أن تزور معي جدّي عليّ بن أبي طالب ؟

قال أبوحمزة : قلت أجل، فسرت في ظلّ ناقته يحدّثنى حتّى

ص: 24


1- الشيخ الطوسي، الأمالى، ج 1، ص 214، ح 372 .
2- الشيخ الطوسي، مصباح المتهجّد، ص 739 .
3- تهذيب الأحكام، ج 6، ص 35، ح 71 .

أتينا الغريّين، وهي بقعة بيضاء تلمع نوراً . فنزل عن ناقته، ومرّغ خدّيه عليها : وقال : يا أبا حمزة : هذا قبر جدّي عليّ بن أبي طالب عليه السلام .(1)

30 - قال الصادق عليه السلام لحسّان بن مهران الجمّال : يا حسّان أتزور قبور الشّهداء قِبَلَكم ؟ قلت : أيّ الشّهداء ؟ قال : عليّ وحسين . قلت : إنّا نزورهما فنكثر . قال : اولئك الشّهداء المرزوقين، فزوروهم وافزعوا عندهم بحوائجكم، فلو يكونون منّا كموضعهم منكم، لاتّخذناهم هجرة .(2)

وقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله للحسين عليه السلام : لا يزورني ويزور أباك وأخاك وأنت إلاّ الصّديقون من امّتي .(3)

تذنيب :

قال العلامة السيد مهدي القزويني ( 1300 - 1222 ق ( :

ويستحبّ زيارة النّبي صلّى اللَّه عليه وآله ممّا يلي الخلف من عند الرأس، وزيارة آدم ونوح معه .(4)

وفي بعض الروايات : إنّ الهجمة(5) على علىٍّ تمحو سبعين كبيرة .

وفي اخرى : إنّ المبيت عند عليٍّ يعدل عبادة سبعين سنة .

وسمعت من بعض مشايخنا الثّقات : أنّ النَّفَس عند عليّ عليه السلام يعدل عبادة أربعمائة سنة .(6)

اقول : ولا غرو في ذلك، فإنّ ثواب نَفَسٍ واحد من أنفاس أمير المؤمنين عليه السلام ليلة المبيت، الّذي يهبه عوضاً من ظلامات بعض الشيعة يوم القيامة، يُرضي خصمائه ويظهر لهم من عجائب قصور الجنان وخيراتها، ثمّ يريهم بعد ذلك من الدّرجات والمنازل ما لا عين رأت، ولا اذن سمعت، ولا خطر على بال بشر، كما هو المروي عن النبي صلّى اللَّه عليه وآله في حديث طويل .(7)

الباب الثّالث: أدب الزائر

لزيارة أميرالمؤمنين عليه السلام آداب، منها :

1 - الدّعاء عند الخروج من بلد الإقامة بالمأثور .(8)

2 - الغسل قبل دخول الكوفة .(9)

3

ص: 25


1- فرحة الغرىّ، ص 76 .
2- فرحة الغرىّ، ص 106، ح 58 .
3- إبن قولويه، كامل الزّيارات، ص 70 .
4- القزويني، المزار، ص 58 .
5- هَجَم على القوم : دخل عليهم وهجمتِ العينُ : دمعتْ . لسان العرب، ج 15، ص 40.
6- القزويني، المزار، ص 59 .
7- العلامة المجلسي، بحارالأنوار، ج 8، ص 60 .
8- بحارالأنوار، ج 100، ص 323 .
9- الشيخ الطوسي، مصباح المتهجّد، ص 739 .

- الغسل من الشّريعة .(1)

4 - الدّعاء عند الغسل بالمأثور .(2)

5 - الحفاظ على الوضوء والغسل .(3)

6 - لبس أطهر الثّياب .(4)

7 - لبس الثّياب البيض .(5)

8 - نزع لباس المعصية بالتوبة والإنابة .(6)

9 - لبس ثياب الطّاعة .(7)

10 - التوجّه إلى الحرم الشّريف بالتّسبيح والتّحميد والتّهليل .(8)

11 - المشي ماشياً من حيث أمكن السّعي .(9)

12 - المشي حافياً .(10)

13 - قصد القربة في الزّيارة .(11)

14 - الإخلاص في تعظيم صاحب القبر .(12)

15 - تقصير الخطوات .(13)

16 - إلقاء الذَّقن إلى الأرض .(14)

17 - إشعار القلب بأنّه متوجّه إلى مولىً كريم قرن اللَّه حبّه بحبّه .(15)

18 - إحضار القلب في جميع أحواله .(16)

19 - الإكثار من الإستغفار .(17)

20 - الإكثار من الصّلوات .(18)

21 - البكاء وإرسال الدّموع على الخدّ عند مشاهدة الحرم .(19)

22 - الدّعاء بالمأثور، عند ترائي القبّة الشّريفة .(20)

23 - الدّعاء بالمأثور، عند العَلَم وهي الحنانة .(21)

24 - الصّلاة والدّعاء بالمأثور عند الوصول إلى الثّوية بقرب الحنانة .(22)

25 - الدّعاء بالمأثور عند البلوغ إلى باب الصّحن الشّريف .(23)

26 - الدّعاء بالمأثور عند الباب الاوّل .(24)

27 - الدّعاء بالمأثور عند دخول الصّحن .(25)

28 - الوقوف عند باب السلام و إستقبال القبلة والتكبير ثلاثين مرّة والتّسليم .(26)

29 - تقديم الرّجل اليمنى عند الدّخول .(27)

30 - تقبيل العتبة إقتداءاً بالسّلف الصّالح .(28)

31 - الدّعاء بالمأثور في مدخل الحرم الشريف .(29)

32 - التّوجّه إلى القبر الشّريف والوقوف في محاذاته وإستقباله بالوجه والدّعاء .(171)

33 - إستقبال القبر وإستدبار القبلة .(30)

34 - تقبيل الضّريح والإنكباب عليه .(31)

35 - الوقوف ممايلي الرأس الشّريف .(174)

36 - التوجّه إلى كربلا وزيارة الحسين عليه السلام بالمأثور من عند قبر أميرالمؤمنين عليه السلام، مستدبر القبلة .(32)

37 - التحوّل إلى عند الرِّجلين والدّعاء بالمأثور .(33)

38 - الصّلاة على أميرالمؤمنين عليه السلام .(34)

39 - التّحول إلى عند الرأس وزيارة آدم ونوح عليهما السلام .(35)

40 - وضع الخدّ الأيمن على

ص: 26


1- السيد إبن طاووس، مصباح الزائر، ص 74 .
2- الشيخ المفيد، المزار، ص 74 .
3- إبن المشهدي، المزار الكبير، ص 181 .
4- نفس المصدر، ص 205 .
5- المحدث النوري، مستدرك الوسائل، ط 1، قم، 1407 ه- .، ج10، ص 221 .
6- السيد إبن طاووس، مصباح الزائر، ص 117 .
7- نفس المصدر .
8- الشهيد، المزار، ط 1، قم، 1416 ه- .، ص 67 .
9- إبن المشهدي، المزار الكبير، ص 252 .
10- نفس المصدر، ص 240 .
11- السيد إبن طاوس، مصباح الزائر، ط 1، قم، 1417 ه- .، ص 117 .
12- السيد إبن طاوس، مصباح الزائر، ط 1، قم، 1417 ه- .، ص 117 .
13- إبن المشهدي، المزار الكبير، ص 240 .
14- إبن المشهدي، المزار الكبير، ص 240 .
15- مصباح الزائر، ص 117 .
16- القزوينى، المزار، ط 1، بيروت، 1426 ه- .، ص 283 .
17- الشيخ الطوسي، مصباح المتهجّد، ص 746 .
18- إبن المشهدي، المزار الكبير، ص 252 .
19- نفس المصدر، ص 241 .
20- مصباح الزائر، ص 119 .
21- نفس المصدر .
22- مصباح الزائر، ص 119 .
23- الشهيد، المزار، ص 70 .
24- نفس المصدر .
25- نفس المصدر .
26- إبن المشهدي، المزار الكبير، ص 205 .
27- الشهيد، المزار، ص 72 .
28- المامقاني، إزاحة الوسوسة عن تقبيل الأعتاب المقدسة، ط 1، النجف الأشرف، 1345 ه- .
29- و (171) . مصباح الزائر، ص 121 .
30- الشيخ المفيد، المقنعة، ص 462 .
31- (174) . الشهيد، المزار، ص 77 .
32- مصباح الزّائر، ص 125 .
33- نفس المصدر .
34- نفس المصدر.
35- نفس المصدر.

القبر بعد الفراغ من الزّيارة، ثم الأيسر، والدّعاء والتماس قضاء الحاجة والشّفاعة من صاحب القبر .(1)

41 - صلاة ركعتي الزّيارة ممّا يلي الرأس ولايجوز التقدّم عليه ولا مساواته .(2)

42 - قرائة فاتحة الكتاب والرّحمن في الركعة الأولى، وفاتحة الكتاب ويس في الثانية، ثمّ تسبيح فاطمة الزّهراء، والإستغفار والدّعاء بعد التّسليم .(3)

43 - الدّعاء بالمأثور بعد ركعتى الزيارة .(4)

44 - ثمّ أربع ركعات هدية إلى آدم ونوح عليهماالسّلام، وتسبيح فاطمة الزّهراء عليهاالسّلام والإستغفار والدّعاء بما تيسّر .(5)

45 - يجزى في ركعتي آدم و نوح سورتي القدر والإخلاص .(6)

46 - سجدة الشكر والدّعاء بالمأثور .(7)

47 - الدّعاء بعد كلّ صلاة يصلّيها في مشهد أميرالمؤمنين عليه السلام بالمأثور .(8)

48 - لثم الضّريح والإنكباب عليه .(9)

49 - التّوديع بالمأثور عند الإنصراف .(10)

50 - المشي عند الخروج بالقهقرى حتّى يتواري .(11)

51 - مع كثرة الزّوار، يخفّف السّابقون إلى الضّريح الزّيارة، وينصرفون، فيحضر من بعدهم ويفوز من إستلام الضّريح .(12)

52 - يستحب الزّيارة بالنّيابة عن الوالدين والأحبّاء والإخوان والجيران من المؤمنين .(13)

53 - يستحب العود إلى الزّيارة بعد الإنصراف إلى المنزل .(14)

54 - الدّعاء عند الخروج من المنزل بالمأثور .(15)

55 - ينبغي أن يكون الزّائر بعد الزّيارة خيراً منه قبلها، فانّه محط الأوزار .(16)

56 - يستحب الزيارة في المواسم المشهورة والايّام المخصوصة وايّام الجمعات والأعياد .(17)

57 - الصّدقة على المحاويج بتلك البقعة من الزوّار والسكّان وصلة الاخوان(18) والتصدّق على السّدنة والحفظة والخدّام، إكراماً لصاحب القبر .(19)

58 - البداية بالصلاة إذا دخل المشهد والإمام يصلّي، وإلاّ فالبداية بالزّيارة أولى، ولو اقيمت الصلاة، إستحب للزّائر قطع الزيارة والاقبال على الصلاة .(20)

59 - الاتيان بصلاة جعفر في الحرم الشريف .(21)

60 - إتيان الفرائض والنّوافل في الحرم الشريف، لما روى أنّ من زار اماماً مفترض الطاعة وصلّى عنده أربع ركعات، كتب اللَّه له حجة وعمرة .(22)

× ×

ص: 27


1- مصباح المتهجّد، ص 744 .
2- القزويني، المزار، ص 283 .
3- و10 . الشهيد، المزار، ص 81 .
4- نفس المصدر.
5- نفس المصدر.
6- الشيخ الطوسي، مصباح المتهجّد، ص 745 .
7- مصباح الزائر، ص 129 .
8- مصباح الزائر، ص 129 .
9- إبن المشهدي، المزار الكبير، ص 260 .
10- فرحة الغرىّ، ص 123 .
11- فرحة الغرىّ، ص 123 .
12- القزويني، المزار، ص 285 - 283 .
13- القزويني، المزار، ص 285 - 283 .
14- القزويني، المزار، ص 285 - 283 .
15- الشهيد، المزار، ص 67 .
16- الشهيد، المزار، ص 67 .
17- القزويني، المزار، ص 284 .
18- الشهيد، الدّروس الشّرعية، ج 2، ص 24 .
19- بحارالانوار، ج 100، ص 135 .
20- الشهيد، الدّروس الشّرعية، ج 2، ص 25 .
21- بحارالانوار، ج 100، ص 137 .
22- الشيخ المفيد، المقنعة، ص 75 .

×

كما ينبغي للفائزين بزيارة أميرالمؤمنين عليه السلام التشرف بالأماكن المقدسة والمشاهد المشرفة الآتية (1):

1 . مسجد الجامع بالكوفة، والصلاة والدّعاء في مقاماته وزواياه.

2 . مسجد السّهلة، والصلاة والدّعاء في زواياه ومقاماته.

3 . المساجد المباركة في الكوفة : مسجد غني، مسجد جعفي، مسجد زيد بن صوحان، مسجد صعصعة بن صوحان و مسجد بني كاهل.

4 . مشهد رأس الحسين عليه السلام بالثوية.

5 . مسجد الحنانه.

6 . مقام يونس بن متى عليه السلام.

7 . مقام هود وصالح عليهماالسّلام.

8 . مقام الإمام المهدي عليه السلام.

9 . مشهد مسلم بن عقيل عليه السلام.

10 . مشهد هاني بن عروة رحمه الله .

الباب الرّابع: الاستئذان

قرأ رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله، « فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ »(2).

فقام رجل فقال:

أيّ بيوت هذه يا رسول اللَّه ؟

قال : «بيوت الأنبياء».

فقام اليه أبوبكر، فأشار إلى بيت عليّ وفاطمة وقال : هذا البيت منها ؟

قال : «نعم من أفاضلها»(3).

« يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ »(4).

× × ×

الاستئذان

[ 1 ]

فإذا أردت زيارته عليه السلام فاغتسل، وألبس أطهر ثيابِكَ، فإذا وصلت إلى المشهد المقدّس، وقفت على باب القبّة، وعاينت الجدث، إستأذن للدخول فقل :

اَللّهُمَّ إِنّي وَقَفْتُ عَلَى بَابِ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ نَبِيِّكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَالِهِ وَقَدْ مَنَعْتَ النَّاسَ الدُّخُولَ إلَى بُيُوتِهِ اِلاَّ بِاِذْنِ نَبِيِّك، فَقُلْتَ : « يا اَيُّهَا الَّذينَ امَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِّي اِلاَّ اَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ »، وَإِنّي اَعْتَقِدُ حُرْمَةَ نِبِيِّكَ في غَيْبَتِهِ كَما اَعْتَقِدُ في حَضْرَتِهِ، وَاَعْلَمُ اَنَّ رَسُولَكَ وَخُلَفآءَكَ اَحْيآءٌ عِنْدَكَ يُرْزَقُونَ يَرَوْنَ مَقَامي، وَيَسْمَعُونَ كَلامي،

ص: 28


1- كما يأتي في الباب العاشر تفصيلاً انشاء اللَّه تعالى .
2- النور : 36 .
3- تفسير الثّعلبي، الكشف والبيان، ط 1، بيروت، 1422 ه- .، ج 7، ص 107 .
4- الاحزاب : 53 .

وَأَ نَّكَ حَجَبْتَ عَنْ سَمْعي كَلامَهُمْ وَفَتَحْتَ بابَ فَهْمي بِلَذيذِ مُناجاتِهِمْ، فَاِنّي أَسْتَاذِنُكَ يا رَبِّ اوَّلاً، وَأَسْتَاْذِنُ رَسُولَكَ ثانِياً، وَأَسْتَاْذِنُ خَليفَتَكَ الْأِمامَ الْمَفْروُضَ عَلَيَّ طاعَتُهُ في الدُّخُولِ فِي سَاعَتي هذِهِ، وَأَسْتَأْذِنُ مَلاَئِكَتَكَ المُوكَّلِينَ بِهذِهِ الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ المُطِيَعةِ لَكَ السَّامِعَةِ، السَّلاَمُ عَلَيْكُم ايُّهَا الْمَلاَئِكَةُ الْمُوَكَّلُونَ بِهذَا الْمَشْهِدِ الْمُبَارِكِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكاتُه .

بِإِذْنِ اللَّهِ ،وَإِذْنِ رَسُولِهِ، وَإِذْنِ خُلَفَائِهِ، وَإِذْنِ هذَا الإِمَامِ وَإذْنِكُمُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ أَجْمَعِينَ، أَدْخُلُ هذَا الْبَيْتَ مُتَقَرِّباً إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ، وَكُونُوا مَلاَئِكَةَ اللَّهِ أَعْوانِي، وكُونُوا أَنْصَاري حَتَّى أَدْخُلُ هذَا البَيْتَ، وأَدْعُوَ اللَّهَ بِفُنُوِنِ الدَّعَوَاتِ، وَأَعْتَرِفَ للَّهِِ بِالْعُبُودِيَّةِ، وَلِهَذَا الإِمَامِ وَأَبْنائِهِ صَلَواتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ بِالطَّاعَةِ .(1)

[ 2 ]

ثمّ امش حتّى تقف على الباب في الصّحن وقل:

اَلسَّلامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، أَمِينِ اللَّهِ عَلَى وَحْيِهِ، وَعَزَائِمِ أَمْرِهِ، اَلْخَاتِمِ لِمَا سَبَقَ، وَالْفَاتِحِ لِمَا اسْتُقْبِلَ، وَالْمُهَيْمِنِ عَلَى ذلِكَ كُلِّهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، اَلسَّلامُ عَلَى صَاحِبِ السَّكِينَةِ، اَلسَّلامُ عَلَى الْمَدْفُونِ بِالْمَدِينَةِ، اَلسَّلامُ عَلَى الْمَنْصُورِ الْمُؤَيَّدِ، اَلسَّلامُ عَلَى أَبِي الْقَاسِمِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه .

ثمّ ادخل وقدّم رجلك اليمنى قبل اليسرى وقف على باب القبّة وقل:

أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلاّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، جَاءَ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِهِ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا حَبِيبَ اللَّهِ وَخِيَرَتَهُ مِنْ خَلْقِهِ، اَلسَّلامُ عَلَى أَمِيرِالْمُؤْمِنِينَ، عَبْدِ اللَّهِ وأَخِي رَسُولِ اللَّهِ، يَا مَوْلايَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ، جَاءَكَ مُسْتَجِيراً بِذِمَّتِكَ، قَاصِداً إِلَى حَرَمِكَ، مُتَوَجِّهاً إِلَى مَقَامِكَ، مُتَوَسِّلاً إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِكَ ،

أَ أَدْخُلُ يَا مَوْلايَ، أَأَدْخُلُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَأَدْخُلُ يَا حُجَّةَ اللَّهِ، أَأَدْخُلُ يَا أَمِينَ اللَّهِ، أَأَدْخُلُ يَا مَلائِكَةَ اللَّهِ

ص: 29


1- الشّهيد، المزار، ص 108 .

الْمُقِيمِينَ فِي هذَا الْمَشْهَدِ، يَا مَوْلايَ أَتَأْذَنُ لِي بِالدُّخُولِ أَفْضَلَ مَا أَذِنْتَ لِأَحَدٍ مِنْ أَوْلِيَائِكَ، فَإِنْ لَمْ أَكُنْ لَهُ أَهْلاً فَأَنْتَ أَهْلٌ لِذلِكَ .

ثمّ قبّل العتبة وقدّم رجلك اليمنى قبل اليسرى وادخل وأنت تقول:

بِسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِه . اَللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ .(1)

[ 3 ]

ثمّ امش وعليك السّكينة والوقار حتى تأتي باب الحرم فقم على الباب وقل:

اَللَّهُمَّ إنِّي أُرِيدُكَ فَأَرِدْنِي، وَأَقْبَلْتُ بِوَجْهِي إِلَيْكَ فَلا تُعْرِضْ بِوَجْهِكَ عَنِّي، وَإِنِّي قَصَدْتُ إِلَيْكَ فَتَقَبَّلْ مِنِّي، وَإِنْ كُنْتَ مَاقِتاً فَارْضَ عَنِّي، وَإِنْ كُنْتَ سَاخِطاً عَلَيَّ فَاعْفُ عَنِّي، وَارْحَمْ مَسِيرِي إِلَيْكَ بِرَحْمَتِكَ، أَبْتَغِي بِذلِكَ رِضَاكَ، فَلا تَقْطَعْ رَجَائِي، وَلا تُخَيِّبْنِي يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .

اَللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلامُ وَمِنْكَ السَّلامُ وَإِلَيْكَ يَعُودُ السَّلَامُ، وَأَنْتَ مَعْدِنُ السَّلَامِ، حَيِّنَا رَبَّنَا مِنْكَ بِالسَّلَامِ، وَالْحَمْدُ للَّهِِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ صَاحِبَةً وَلَا وَلَداً، وَالْحَمْدُ للَّهِِ الَّذِي خَلَقَ كُلَّ شَيْ ءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً .

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا الْحَسَنِ، أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ مَا أَمَرَكَ بِهِ، وَوَفَيْتَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَتَمَّتْ بِكَ كَلِمَاتُ اللَّهِ، وَجَاهَدْتَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى أَتَاكَ الْيَقِينُ، لَعَنَ اللَّهُ مَنْ قَتَلَكَ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ بَلَغَهُ ذلِكَ فَرَضِيَ عَنْهُ، أَنَا بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي وَلِيٌّ لِمَنْ وَالَاكَ، وَعَدُوٌّ لِمَنْ عَادَاكَ، أَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ مِمَّنْ بَرِئْتَ مِنْهُ وَبَرِئَ مِنْكُمْ . ثمّ تقول:

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا الْحَسَنِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه، أَشْهَدُ أَنَّكَ تَسْمَعُ صَوْتِي، أَتَيْتُكَ مُتَعَاهِداً لِدِينِي وَبَيْعَتِي، ائْذَنْ لِي فِي بَيْتِكَ، أَشْهَدُ أَنَّ رُوحَكَ مُقَدَّسَةٌ أُعِينَتْ بِالْقُدْسِ وَالسَّكِينَةِ، جُعِلْتَ لَهَا بَيْتاً، تَنْطِقُ عَلَى لِسَانِكَ .(2)

[ 4 ]

تقف على الباب وتقول :

ائْذَنْ لِي عَلَيْكَ يَا

ص: 30


1- الشهيد، المزار، ص 72 .
2- إبن المشهدى، المزار الكبير، ص 226 .

أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَفْضَلَ مَا أَذِنْتَ لِمَنْ أَتَاكَ عَارِفاً بِحَقِّكَ، فَإِنْ لَمْ أَكُنْ لِذلِكَ أَهْلاً فَأَنْتَ لَهُ أَهْلٌ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ وَعَلَى الْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِكَ .(1)

[ 5 ]

فإذا أتيته فقف على بابه وقل :

اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ الْحَمْدُ للَّهِِ عَلَى هِدَايَتِهِ لِدِينِهِ وَتَوْفِيقِهِ لِمَا دَعَا إِلَيْهِ مِنْ سَبِيلِهِ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاجْعَلْ مَقَامِي هَذَا مَقَامَ مَنْ لَطُفْتَ لَهُ بِمَنِّكَ فِي إِيقَاعِ مُرَادِكَ فَارْتَضَيْتَ لَهُ قُرُبَاتِهِ فِي طَاعَتِكَ وَأَعْطَيْتَهُ بِهِ غَايَةَ مَأْمُولِهِ وَنِهَايَةَ سُؤْلِهِ إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ قَرِيبٌ مُجِيبٌ .

اللَّهُمَّ ! إِنَّكَ أَفْضَلُ مَقْصُودٍ وَأَكْرَمُ مَأْتِيٍّ وَقَدْ أَتَيْتُكَ مُتَقَرِّباً إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ وَبِأَخِيهِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليهماالسّلام، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَلاَ تُخَيِّبْ سَعْيِي وَانْظُرْ إِلَيَّ نَظْرَةً تَنْعَشُنِي بِهَا وَاجْعَلْنِي عِنْدَكَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ .(2)

الباب الخامس: صفة زيارة أميرالمؤمنين عليه السلام

زيارة الامام علىّ بن أبى طالب عليه االسّلام

قال أبو شعيب للرّضعليه السلام: أيّهما أفضل؛ زيارة قبر أميرالمؤمنين عليه السلام أو زيارة الحسين عليه السلام؟ قال: إنّ الحسين عليه السلام قُتل مكروباً فحقيق على اللَّه عزّ وجلّ أن لا يأتيه مكروب إلّا فرّج اللَّه كربه، وفضل زيارة قبر أميرالمؤمنين عليه السلام على زيارة الحسين عليه السلام كفضل أميرالمؤمنين عليه السلام على الحسين عليه السلام.(3)

وروى محمّد بن مسلم عن الإمام الصّادق عليه السلام قال: من زار قبر أميرالمؤمنين عليه السلام عارفاً بحقّه غير متجبّر ولا متكبّر كتب اللَّه له أجر مئة ألف شهيد، وغفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، وبُعث من الآمنين، وهُوّن عليه الحساب، واستقبلته الملائكة، فإذا إنصرف شيّعته إلى منزله، فإن مرض عادوه، وإن مات شيّعوه بالإستغفار إلى قبره.(4)

وقال إبن مارد لأبي عبد اللَّه عليه السلام : ما لمن زار جدّك أميرالمؤمنين

ص: 31


1- إبن المشهدى، المزار الكبير، ص 244 .
2- الشيخ الطوسي، مصباح المتهجد، ص 740 .
3- بحارالأنوار، ج 97، ص 262 .
4- الشهيد، المزار، ص 30 .

عليه السلام ؟ فقال: يابن مارد من زار جدّي عارفاً بحقّه كتب اللَّه له بكلّ خطوة حجّة مقبولة وعمرة مبرورة، واللَّه يابن مارد ما تطعم النّار قدماً تغيّرت في زيارة أميرالمؤمنين ماشياً كان أو راكباً، يأبن مارد اُكتب هذا الحديث بماء الذّهب.(1)

أقول: لعلّ زيارته عليه السلام ماشياً أفضل لما رواه الصّيمريّ عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: من زار أميرالمؤمنين عليه السلام ماشياً كتب اللَّه له بكل خطوة حجّة وعمرة، فإن رجع ماشياً كتب اللَّه له بكل خطوة حجّتين وعمرتين.

زياراته عليه السلام المطلقة الّتي لا تختصّ بوقت

الزّيارة الأُولى [زيارة أمين اللَّه]

زار الإمام زين العابدين عليه السلام قبر أميرالمؤمنين صلوات اللَّه عليه فوقف على القبر ثمّ بكى وقال:

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِينَ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ، وَحُجَّتَهُ عَلَى عِبَادِهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَشْهَدُ أَنَّكَ جَاهَدْتَ فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ، وَعَمِلْتَ بِكِتَابِهِ، وَاتَّبَعْتَ سُنَنَ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، حَتَّى دَعَاكَ اللَّهُ إِلَى جِوَارِهِ، فَقَبَضَكَ إِلَيْهِ بِاخْتِيَارِهِ، وَأَلْزَمَ أَعْدَاءَكَ الْحُجَّةَ مَعَ مَالَكَ مِنَ الْحُجَجِ الْبَالِغَةِ عَلَى جَمِيعِ خَلْقِه .

اَللَّهُمَّ فَاجْعَلْ نَفْسِي مُطْمَئِنَّةً بِقَدَرِكَ، رَاضِيةً بِقَضَائِكَ، مُولِعَةً بِذِكْرِكَ وَدُعَائِكَ، مُحِبَّةً لِصَفْوَةِ أَوْلِيَائِكَ، مَحْبُوبَةً فِي أَرْضِكَ وَسَمَائِك، صَابِرَةً عَلَى نُزُولِ بَلَائِكَ، ] شَاكِرَةً لِفَوَاضِلِ نَعْمَائِكَ، ذَاكِرَةً لِسَوَابِغِ آلَائِكَ [، مُشْتَاقَةً إِلَى فَرْحَةِ لِقَائِكَ، مُتَزَوِّدةً نِ التَّقْوَى لِيَوْمِ جَزَائِكَ، مُسْتَنَّةً بِسُنَنِ أَوْلِيَائِكَ، مُفَارِقَةً لِأَخْلَاقِ أَعْدَائِكَ، مَشْغُولَةً عَنِ الدُّنْيَا بِحَمْدِكَ وَثَنَائِكَ .

ثمّ وضع خدّه على القبر وقال:

اَللَّهُمَّ إِنَّ قُلُوبَ الْمُخْبِتِينَ إِلَيْكَ وَالِهَةٌ، وَسُبُلَ الرَّاغِبِينَ إِلَيْكَ شَارِعَةٌ، وَأَعْلَامَ الْقَاصِدِينَ إِلَيْكَ وَاضِحَةٌ، وَأَفْئِدَةَ الْعَارِفِينَ مِنْكَ فَازِعَةٌ، وَأَصْوَاتَ الدَّاعِينَ إِلَيْكَ صَاعِدَةٌ، وَأَبْوَابَ الْإِجَابَةِ لَهُمْ مُفَتَّحَةٌ، وَدَعْوَةَ مَنْ نَاجَاكَ مُسْتَجَابَةٌ، وَتَوْبَةَ مَنْ أَنَابَ إِلَيْكَ مَقْبُولَةٌ، وَعَبْرَةَ مَنْ بَكَى مِنْ خَوْفِكَ مَرْحُومَةٌ، وَالْإِغَاثَةَ لِمَنِ اسْتَغَاثَ بِكَ مَوْجُودَةٌ، وَالْإِعَانَةَ لِمَنِ اسْتَعَانَ بِكَ مَبْذُولَةٌ، وَعِدَاتِكَ

ص: 32


1- وسائل الشيعة، ج 14، ص 377 .

لِعِبَادِكَ مُنْجَزَةٌ، وَزَلَلَ مَنِ اسْتَقَالَكَ مُقَالَةٌ، وَأَعْمَالَ الْعَامِلِينَ لَدَيْكَ مَحْفُوظَةٌ، وَأَرْزَاقَ الْخَلَائِقِ مِنْ لَدُنْكَ نَازِلَةٌ، وَعَوَائِدَ الْمَزِيدِ إِلَيْهِمْ وَاصِلَةٌ، وَذُنُوبَ الْمُسْتَغْفِرِينَ مَغْفُورَةٌ، وَحَوَائِجَ خَلْقِكَ عِنْدَكَ مَقْضِيَّةٌ، وَجَوَائِزَ السَّائِلِينَ عِنْدَكَ مُوَفَّرَةٌ، وَعَوَائِدَ الْمَزِيدِ مُتَوَاتِرَةٌ، وَمَوَائِدَ الْمُسْتَطْعِمِينَ مُعَدَّةٌ، وَمَنَاهِلَ الظِّمَاءِ لَدَيْكَ مُتْرَعَةٌ .

اَللَّهُمَّ فَاسْتَجِبْ دُعَائِي، وَاقْبَلْ ثَنَائِي، وَاجْمَعْ بَيْنِي وَبَيْنَ أَوْلِيَائِي، بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ ] عليهم السّلام [، إِنَّكَ وَلِيُّ نَعْمَائِي، وَمُنْتَهَى مُنَايَ، وَغَايَةُ رَجَائِي فِي مُنْقَلَبِي وَمَثْوَايَ .

] أَنْتَ إِلهِي وَسَيِّدِي وَمَوْلَايَ، اِغْفِرْ لِأَوْلِيَائِنَا، وَكُفَّ عَنَّا أَعْدَاءَنَا، وَاشْغَلْهُمْ عَنْ أَذَانَا، وَأَظْهِرْ كَلِمَةَ الْحَقِّ وَاجْعَلْهَا الْعُلْيَا، وَاَدْحِضْ كَلِمَةَ الْبَاطِلِ وَاجْعَلْهَا السُّفْلَى، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ [.

قال الباقرعليه السلام : ما قاله أحد من شيعتنا عند قبر أميرالمؤمنين عليه السلام أو عند قبر أحد من الأئمّة عليهم السّلام إلاّ وقّع في درج من نور وطُبع عليه بخاتم محمّد صلّى اللَّه عليه وآله حتّى يسلّم إلى القائم عليه السلام فيلقّى صاحبه بالبشرى والتّحيّة والكرامة إن شاء اللَّه تعالى.(1)

الزّيارة الثّانية

قال الإمام الهادي عليه السلام : تقول عند قبر أميرالمؤمنين صلوات اللَّه عليه:

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ اللَّهِ، أَنْتَ أَوَّلُ مَظْلُومٍ، وَأَوَّلُ مَنْ غُصِبَ حَقُّهُ، صَبَرْتَ وَاحْتَسَبْتَ حَتَّى أَتَاكَ الْيَقِينُ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ لَقِيتَ اللَّهَ وَأَنْتَ شَهِيدٌ، عَذَّبَ اللَّهُ قَاتِلَكَ بِأَنْوَاعِ الْعَذَابِ، وَجَدَّدَ عَلَيْهِ الْعَذَابَ، جِئْتُكَ عَارِفاً بِحَقِّكَ، مُسْتَبْصِراً بِشَأْنِكَ، مُعَادِياً لِأَعْدَائِكَ وَمَنْ ظَلَمَكَ، أَلْقَى عَلَى ذلِكَ رَبِّي، إِنْ شَاءَ اللَّه .

يَا وَلِيَّ اللَّهِ، إِنَّ لِي ذُنُوباً كَثِيرةً فَاشْفَعْ لِي إِلَى رَبِّكَ، فَإِنَّ لَكَ عِنْدَ اللَّهِ مَقَاماً ] مَحْمُوداً [ مَعْلُوماً، وَإِنَّ لَكَ عِنْدَ اللَّهِ جَاهاً وَشَفَاعَةً، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : « وَلَا يَشْفَعُونَ إِلاّ لِمَنِ ارْتَضَى » .(2)

الزّيارة الثّالثة

روى الشيخ المفيد رحمه الله و

ص: 33


1- الشيخ الطوسي، مصباح المتهجّد، ص 738 وما جعلناه بين المعقوفين فهو من كامل الزيارات، ص 40 .
2- الكليني، الكافي، ج 4، ص 569 .

قال : تأتي مشهده - وأنت على غسل - فتقف على القبر وتستقبله بوجهك وتجعل القبلة بين كتفيك وتقول :

السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا صَفْوَةَ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا حَبِيبَ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا سَيِّدَ الْوَصِيِّينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ مَا حَمَّلَكَ، وَحَفِظْتَ مَا اسْتَوْدَعَكَ، وَحَلَّلْتَ حَلاَلَ اللَّهِ، وَحَرَّمْتَ حَرَامَ اللَّهِ، وَتَلَوْتَ كِتَابَ اللَّهِ، وَصَبَرْتَ عَلَى الْأَذى فِي جَنْبِ اللَّهِ مُحْتَسِباً حَتَّى أَتَاكَ الْيَقِينُ .

لَعَنَ اللَّهُ مَنْ خَالَفَكَ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ قَتَلَكَ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ بَلَغَهُ ذَلِكَ فَرَضِيَ بِهِ، أَنَا إِلَى اللَّهِ مِنْهُمْ بُرَاءٌ .

ثمّ انكبّ على القبر وقبّله، وضَع خدّك الأيمن عليه ثمّ الأيسر، وتحوّل إلى عند الرأس فقف عليه وقل :

السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَصِيَّ الْأَوْصِيَاءِ، وَوَارِثَ عِلْمِ الْأَنْبِيَاءِ، أَشْهَدُ لَكَ يَا وَلِيَّ اللَّهِ بِالْبَلاَغِ وَالْأَدَاءِ، أَتَيْتُكَ بِأبي أنتَ وَأُمِّي زَائِراً عَارِفاً بِحَقِّكَ، مُسْتَبْصِراً بِشَأْنِكَ، مُوَالِياً لِأَوْلِيَائِكَ، مُعَادِياً لِأَعْدَائِكَ، مُتَقَرِّباً إِلَى اللَّهِ بِزِيَارَتِكَ فِي خَلاَصِ نَفْسِي، وَفَكَاكِ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ، وَقَضَاءِ حَوَائِجِي لِلْآخِرَةِ وَالدُّنْيَا، فَاشْفَعْ لِي عِنْدَ رَبِّكَ، صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحمَةُ اللَّهِ وبَرَكاتُه .

ثمّ قبّل القبر وضع خدّيك عليه، وأرفع رأسك وصلّ ستّ ركعات، وسلّم في كلّ إثنتين منها، وأدعُ بما أحببت إن شاء اللَّه، ثمّ تحوّل إلى عند الرجلين وقُل :

السَّلامُ عَلَيكَ يا مَولاي وَرَحمَةُ اللَّهِ وَبَركاتُه .

وادعُ هناك بما أحببت فإنّه يقضى إن شاء اللَّه .(1)

الزّيارة الرّابعة

روى صفوان الجمّال قال: لمّا وافيتُ مع جعفر الصّادق عليه السلام الكوفة نريد أبا جعفر المنصور قال

ص: 34


1- الشيخ المفيد، المقنعة، ص 462 .

لي: يا صفوان أنخ الرّاحلة فهذا قبر جدّي أميرالمؤمنين فأنختها، ثمّ نزل فاغتسل وغيّر ثوبه وتحفّى وقال لي: إفعل مثل ما أفعلُه، ثمّ أخذ نحو الذّكوات، وقال لي: قصّر خطاك وألق ذقنك الأرض فإنّه يُكتب لك بكلّ خطوة مئة ألف حسنة، ويُمحى عنك مِئة ألف سيّئة، وتُرفع لك مئة ألف درجة، وتُقضى لك مئة ألف حاجة، ويُكتب لك ثواب كلّ صدّيق وشهيد مات أو قُتل.

ثمّ مشى ومشيت معه وعلينا السّكينة والوقار نسبّح ونقدّس ونهلّل إلى أن بلغنا الذّكوات فوقف عليه السلام ونظر يمنة ويسرة وخطّ بعكّازته فقال لي: اُطلب فطلبت فإذا أثر القبر، ثمّ أرسل دموعه على خدّه وقال: إِنَّا للَّهِِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ وقال:

اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْوَصِيُّ الْبَرُّ التَّقِيُّ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبَأُ الْعَظِيمُ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ الشَّهِيدُ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْبَرُّ الزَّكِيُّ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَصِيَّ رَسُولِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا خِيَرَةَ اللَّهِ عَلَى الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ، أَشْهَدُ أَنَّكَ حَبِيبُ اللَّهِ وَخَاصَّتُةُ وَخَالِصَتُهُ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ اللَّهِ، وَمَوْضِعَ سِرِّهِ، وَعَيْبَةَ عِلْمِهِ، وَخَازِنَ وَحْيِه .

ثمّ انكبّ على قبره وقال:

بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا حُجَّةَ الْخِصَامِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا بَابَ الْمَقَامِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا نُورَ اللَّهِ التَّمَامَّ، أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ عَنِ اللَّهِ، وَعَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ مَا حُمِّلْتَ، وَرَعَيْتَ مَا اسْتُحْفِظْتَ، وَحَفِظْتَ مَا اسْتُودِعْتَ، وَحَلَّلْتَ حَلَالَ اللَّهِ، وَحَرَّمْتَ حَرَامَ اللَّهِ، وَأَقَمْتَ أَحْكَامَ اللَّهِ، وَلَمْ تَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ، وَعَبَدْتَ اللَّهَ مُخْلِصاً حَتَّى أَتَاكَ الْيَقِينُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ وَعَلَى الْأَئِمَّةِ مِنْ بَعْدِكَ .

ثمّ قام فصلّى عند الرّأس ركعات وقال: يا صفوان من زار أميرالمؤمنين عليه السلام بهذه الزّيارة وصلّى بهذه الصّلاة، رجع إلى أهله مغفوراً ذنبه،

ص: 35

مشكوراً سعيه ويكتب له ثواب كلّ من زاره من الملائكة، قلت: ثواب كلّ من يزوره من الملائكة؟ قال: يزوره في كلّ ليلة سبعون قبيلة، قلت: كم القبيلة؟ قال: مئة ألف؛ ثمّ خرج من عنده القهقرى وهو يقول:

يَا جَدَّاهُ، يَا سَيِّدَاهُ، يَا طَيِّبَاهُ، يَا طَاهِرَاهُ، لا جَعَلَهُ اللَّهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْكَ، وَرَزَقَنِي الْعَوْدَ إِلَيْكَ، وَالْمَقَامَ فِي حَرَمِكَ، وَالْكَوْنَ مَعَكَ وَمَعَ الْأَبْرَارِ مِنْ وُلْدِكَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ وَعَلَى الْمَلَائِكَةِ الْمُحْدِقِينَ بِكَ .

قلت: يا سيّدي تأذن لي أن أُخبر أصحابنا من أهل الكوفة به؟ فقال: نعم وأعطاني دراهم وأصلحت القبر.(1)

الزّيارة الخامسة

روَى الشيخ المفيد رحمه الله عن صفوان أنّه سأل الصّادق عليه السلام : كيف نزور أميرالمؤمنين عليه السلام ؟ فقال: يا صفوان إذا أردت ذلك فاغتسل والبس ثوبين طاهرين ونَلْ شيئاً من الطّيب وإن لم تنل أجزاك، فإذا خرجت من منزلك فقل:

اَللَّهُمَّ إِنِّي خَرَجْتُ مِنْ مَنْزِلِي أَبْغِي فَضْلَكَ وَأَزُورُ وَصِيَّ نَبِيِّكَ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِمَا، اَللَّهُمَّ فَيَسِّرْ ذلِكَ لِي وَسَبِّبِ الْمَزَارَ لَهُ، وَاخْلُفْنِي فِي عَاقِبَتِي وَحُزَانَتِي بِأَحْسَنِ الْخِلاَفَةِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .

فسر وأنت تحمد اللَّه وتسبّحه وتهلّله فإذا بلغت الخندق فقف عنده وقل:

اَللَّهُ أَكْبَرُ، اَللَّهُ أَكْبَرُ أَهْلَ الْكِبْرِيَاءِ وَالْمَجْدِ وَالْعَظَمَةِ، اَللَّهُ أَكْبَرُ أَهْلَ التَّكْبِيرِ وَالتَّقْدِيسِ وَالتَّسْبِيحِ وَالْآلَاءِ، اَللَّهُ أَكْبَرُ مِمَّا أَخَافُ وَأَحْذَرُ، اَللَّهُ أَكْبَرُ عِمَادِي وَعَلَيْهِ أَتَوَكَّلُ، اَللَّهُ أَكْبَرُ رَجَائِي وَإِلَيْهِ أُنِيبُ . اَللَّهُمَّ أَنْتَ وَلِيُّ نِعْمَتِي، وَالْقَادِرُ عَلَى طَلِبَتِي، تَعْلَمُ حَاجَتِي وَمَا تُضْمِرُهُ هَوَاجِسُ الصُّدُورِ وَخَوَاطِرُ النُّفُوسِ، فَأَسْأَلُكَ بِمُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَى الَّذِي قَطَعْتَ بِهِ حُجَجَ الْمُحْتَجِّينَ، وَعُذْرَ الْمُعْتَذِرِينَ، وَجَعَلْتَهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، أَنْ لا تَحْرِمَنِي زِيَارَةَ وَلِيِّكَ وَأَخِي نَبِيِّكَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَقَصْدَهُ، وَتَجْعَلَنِي مِنْ وَفْدِهِ الصَّالِحِينَ، وَشِيعَتِهِ الْمُتَّقِينَ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

فإذا تراءت لك القبّة

ص: 36


1- إبن المشهدي، المزار الكبير، ص 240 .

الشّريفة فقل:

اَلْحَمْدُ للَّهِِ عَلَى مَا اخْتَصَّنِي بِهِ مِنْ طِيبِ الْمَوْلِدِ، وَاسْتَخْلَصَنِي إِكْرَاماً بِهِ مِنْ مُوَالاةِ الْأَبْرَارِ، اَلسَّفَرَةِ الْأَطْهَارِ، وَالْخِيَرَةِ الْأَعْلَامِ . اَللَّهُمَّ فَتَقَبَّلْ سَعْيِي إِلَيْكَ، وَتَضَرُّعِي بَيْنَ يَدَيْكَ، وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي لا تَخْفَى عَلَيْكَ، إِنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ الْمَلِكُ الْغَفَّارُ .

فإذا نزلت الثّوية - وهي الآن تلّ بقرب الحنّانة عن يسار الطّريق لمن يقصد من الكوفة إلى المشهد - فصلّ عندها ركعتين لما رُوي أنّ جماعة من خوّاص مولانا أميرالمؤمنين صلوات اللَّه عليه دُفنوا هناك، وقل ما تقول عند رؤية القبّة الشّريفة، فإذا بلغت العَلَم - وهي الحنّانة - فصلّ هناك ركعتين فقد روى محمّد بن أبي عمير عن المفضّل بن عمر قال: جاز الصّادق عليه السلام بالقائم المائل في طريق الغريّ فصلّى ركعتين فقيل له: ما هذه الصلاة؟ فقال: هذا موضع رأس جدّي الحسين بن عليّ عليه السلام وضعوه هنا لمّا توجّهوا من كربلاء ثمّ حملوه إلى عبيد اللَّه بن زياد )لعنه اللَّه( فقل هناك:

اَللَّهُمَّ إِنَّكَ تَرَى مَكَانِي، وَتَسْمَعُ كَلَامِي، وَلَا يَخْفَى عَلَيْكَ شَيْ ءٌ مِنْ أَمْرِي، وَكَيْفَ يَخْفَى عَلَيْكَ مَا أَنْتَ مُكَوِّنُهُ وَبَارِئُهُ، وَقَدْ جِئْتُكَ مُسْتَشْفِعاً بِنَبِيِّكَ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، وَمُتَوَسِّلاً بِوَصِيِّ رَسُولِكَ، فَأَسْأَلُكَ بِهِمَا ثَبَاتَ الْقَدَمِ، وَالْهُدَى وَالْمَغْفِرَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ .

فإذا بلغت باب الحِصن فقل:

اَلْحَمْدُ للَّهِِ الَّذِي هَدَانَا لِهذَا، وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ، اَلْحَمْدُ للَّهِِ الَّذِي صَيَّرَنِي فِي بِلَادِهِ، وَحَمَلَنِي عَلَى دَوَابِّهِ، وَطَوَى لِيَ الْبَعِيدَ، وَصَرَفَ عَنِّي الْمَحْذُورَ، وَدَفَعَ عَنِّي الْمَكْرُوهَ، حَتَّى أَقْدَمَنِي أَخَا رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِه .

ثمّ ادخل وقل:

اَلْحَمْدُ للَّهِِ الَّذِي أَدْخَلَنِي هذِهِ الْبُقْعَةَ الْمُبَارَكَةَ الَّتِي بَارَكَ اللَّهُ فِيهَا، وَاخْتَارَهَا لِوَصِيِّ نَبِيِّه . اَللَّهُمَّ فَاجْعَلْهَا شَاهِدَةً لِي .

فإذا بلغت

ص: 37

إلى الباب الأوّل فقل:

اَللَّهُمَّ لِبَابِكَ وَقَفْتُ، وَبِفِنَائِكَ نَزَلْتُ، وَبِحَبْلِكَ اعْتَصَمْتُ، وَبِرَحْمَتِكَ تَعَرَّضْتُ، وَبِوَلِيِّكَ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ تَوَسَّلْتُ، فَاجْعَلهَا زِيَارَةً مَقْبُولَةً، وَدُعَاءً مُسْتجَاباً .

فإذا بلغت باب الصّحن فقل:

اَللَّهُمَّ إِنَّ هذَا الْحَرَمَ حَرَمُكَ، وَالْمَقَامَ مَقَامُكَ، وَأَنَا أَدْخُلُ إِلَيْهِ أُنَاجِيكَ بِمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي وَمِنْ سِرِّي وَنَجْوَايَ، اَلْحَمْدُ للَّهِِ الْحَنَّانِ الْمَنَّانِ الْمُتَطوِّلِ، الَّذِي مِنْ تَطَوُّلِهِ سَهَّلَ لِي زِيَارَةَ مَوْلَايَ بِإِحْسَانِهِ، وَلَمْ يَجْعَلْنِي عَنْ زِيَارَتِهِ مَمْنُوعاً، وَلَا عَنْ وِلَايَتِهِ مَدْفُوعاً، بَلْ تَطَوَّلَ وَمَنَحَ . اَللَّهُمَّ كَمَا مَنَنْتَ عَلَيَّ بِمَعْرِفَتِهِ، فَاجْعَلْنِي مِنْ شِيعَتِهِ، وَأَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ بِشَفَاعَتِهِ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

ثمّ ادخل الصّحن وقل:

اَلْحَمْدُ للَّهِِ الَّذِي أَكْرَمَنِي بِمَعْرِفَتِهِ، وَمَعْرِفَةِ رَسُولِهِ، وَمَنْ فَرَضَ عَلَيَّ طَاعَتَهُ رَحْمَةً مِنْهُ لِي، وَتَطَوُّلاً مِنْهُ عَلَيَّ، وَمَنَّ عَلَيَّ بِالْإِيمَانِ، اَلْحَمْدُ للَّهِِ الَّذِي أَدْخَلَنِي حَرَمَ أَخِي رَسُولِهِ، وَأَرَانِيهِ فِي عَافِيَةٍ، اَلْحَمْدُ للَّهِِ الَّذِي جَعَلَنِي مِنْ زُوَّارِ قَبْرِ وَصِيِّ رَسُولِهِ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلاّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، جَاءَ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيّاً عَبْدُ اللَّهِ وَأَخْو رَسُولِ اللَّهِ، اَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لا إِلهَ إِلاّ اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَالْحَمْدُ للَّهِِ عَلَى هِدَايَتِهِ وَتَوْفِيقِهِ لِمَا دَعَا إِلَيْهِ مِنْ سَبِيلِه .

اَللَّهُمَّ إِنَّكَ أَفْضَلُ مَقْصُودٍ، وَأَكْرَمُ مَأْتِيٍّ، وَقَدْ أَتَيْتُكَ مُتَقَرِّباً إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، وَبِأَخِيهِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَلَا تُخَيِّبْ سَعْيِي، وَانْظُرْ إِلَيَّ نَظْرَةً رَحِيمَةً، تَنْعَشُنِي بِهَا، وَاجْعَلْنِي عِنْدَكَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ .

ثمّ امش حتّى تقف على الباب في الصّحن وقل:

اَلسَّلامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، أَمِينِ اللَّهِ عَلَى وَحْيِهِ، وَعَزَائِمِ أَمْرِهِ، اَلْخَاتِمِ لِمَا سَبَقَ، وَالْفَاتِحِ لِمَا اسْتُقْبِلَ، وَالْمُهَيْمِنِ عَلَى ذلِكَ كُلِّهِ

ص: 38

وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، اَلسَّلامُ عَلَى صَاحِبِ السَّكِينَةِ، اَلسَّلامُ عَلَى الْمَدْفُونِ بِالْمَدِينَةِ، اَلسَّلامُ عَلَى الْمَنْصُورِ الْمُؤَيَّدِ، اَلسَّلامُ عَلَى أَبِي الْقَاسِمِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه .

ثمّ ادخل وقدّم رجلك اليمنى قبل اليسرى وقف على باب القبّة وقل:

أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلاّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، جَاءَ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِهِ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا حَبِيبَ اللَّهِ وَخِيَرَتَهُ مِنْ خَلْقِهِ، اَلسَّلامُ عَلَى أَمِيرِالْمُؤْمِنِينَ، عَبْدِ اللَّهِ وأَخِي رَسُولِ اللَّهِ، يَا مَوْلَايَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمِتِكَ، جَاءَكَ مُسْتَجِيراً بِذِمَّتِكَ، قَاصِداً إِلَى حَرَمِكَ، مُتَوَجِّهاً إِلَى مَقَامِكَ، مُتَوَسِّلاً إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِكَ .

أَ أَدْخُلُ يَا مَوْلَايَ، أَأَدْخُلُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَأَدْخُلُ يَا حُجَّةَ اللَّهِ، أَأَدْخُلُ يَا أَمِينَ اللَّهِ، أَأَدْخُلُ يَا مَلَائِكَةَ اللَّهِ الْمُقِيمِينَ فِي هذَا الْمَشْهَدِ، يَا مَوْلَايَ أَتَأْذَنُ لِي بِالدُّخُولِ أَفْضَلَ مَا أَذِنْتَ لِأَحَدٍ مِنْ أَوْلِيَائِكَ، فَإِنْ لَمْ أَكُنْ لَهُ أَهْلاً فَأَنْتَ أَهْلٌ لِذلِكَ .

ثمّ قبّل العتبة وقدّم رجلك اليمنى قبل اليسرى وادخل وأنت تقول:

بِسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِه . اَللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ .

ثمّ امش حتّى تحاذي القبر واستقبله بوجهك وقف قبل وصولك إليه وقل:

اَلسَّلامُ مِنَ اللَّهِ عَلَى مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، أَمِينِ اللَّهِ عَلَى وَحْيِهِ وَرِسَالَاتِهِ، وَعَزَائِمِ أَمْرِهِ وَمَعْدِنِ الْوَحْىِ وَالتَّنْزِيلِ، الْخَاتِمِ لِمَا سَبَقَ، وَالْفَاتِحِ لِمَا اسْتُقْبِلَ، وَالْمُهَيْمِنِ عَلَى ذلِكَ كُلِّهِ، الشَّاهِدِ عَلَى الْخَلْقِ، السِّرَاجِ الْمُنِيرِ، وَالسَّلامُ عَلَيْهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ الْمَظْلُومِينَ، أَفْضَلَ وَأَكْمَلَ وَأَرْفَعَ وَأَشْرَفَ مَا صَلَّيْتَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَنْبِيَائِكَ وَرُسُلِكَ وَأَصْفِيَائِكَ .

ص: 39

َللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَبْدِكَ وَخَيْرِ خَلْقِكَ بَعْدَ نَبِيِّكَ، وَأَخِي رَسُولِكَ، وَوَصِيِّ حَبِيبِكَ، الَّذِي انْتَجَبْتَهُ مِنْ خَلْقِكَ، وَالدَّلِيلِ عَلَى مَنْ بَعَثْتَهُ بِرِسَالَاتِكَ، وَدَيَّانِ الدِّينِ بِعَدْلِكَ، وَفَصْلِ قَضَائِكَ بَيْنَ خَلْقِكَ، وَالسَّلامُ عَلَيْهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى الْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِهِ، الْقَوَّامِينَ بِأَمْرِكَ مِنْ بَعْدِهِ، الْمُطَهَّرِينَ الَّذِينَ ارْتَضَيْتَهُمْ أَنْصَاراً لِدِينِكَ، وَحَفَظَةً لِسِرِّكَ، وَشُهَدَاءَ عَلَى خَلْقِكَ، وَأَعْلَاماً لِعِبَادِكَ، صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ .

اَلسَّلامُ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَصِيِّ رَسُولِ اللَّهِ وَخَلِيفَتِهِ، وَالْقَائِمِ بِأَمْرِهِ مِنْ بَعْدِهِ، سَيِّدِ الْوَصِيِّينَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، اَلسَّلامُ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، سَيِّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ، اَلسَّلامُ عَلَى الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ سَيِّدَيْ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنَ الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ، اَلسَّلامُ عَلَى الْأَئِمَّةِ الرَّاشِدِينَ، اَلسَّلامُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ، اَلسَّلامُ عَلَى الْأَئِمَّةِ الْمُسْتَوْدَعِينَ، اَلسَّلامُ عَلَى خَاصَّةِ اللَّهِ مِنْ خَلْقِهِ، اَلسَّلامُ عَلَى الْمُتَوَسِّمِينَ، اَلسَّلامُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ قَامُوا بِأَمْرِهِ، وَوَازَرُوا أَوْلِيَاءَ اللَّهِ، وَخَافُوا بِخَوْفِهِمْ، اَلسَّلامُ عَلَى الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ .

ثمّ امش حتّى تقف على القبر واستقبله بوجهك واجعل القبلة بين كتفيك وقل:

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا حَبِيبَ اللَّهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا صَفْوَةَ اللَّهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ اللَّهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللَّهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا إِمَامَ الْهُدَى، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا عَلَمَ التُّقَى، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْوَصِيُّ الْبَرُّ التَّقِيُّ النَّقِيُّ الْوَفِيُّ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا عَمُودَ الدِّينِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا سَيِّدَ الْوَصِيِّينَ، وأَمِينَ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَدَيَّانَ يَوْمِ الدِّينِ، وَخَيْرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَسَيِّدَ الصِّدِّيقِينَ، وَالصَّفْوَةَ مِنْ سُلَالَةِ النَّبِيِّينَ، وَبَابَ حِكْمَةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَخَازِنَ وَحْيِهِ، وَعَيْبَةَ عِلْمِهِ، وَالنَّاصِحَ لِأُمَّةِ نَبِيِّهِ، وَالتَّالِيَ لِرَسُولِهِ، وَالْمُوَاسِيَ لَهُ بِنَفْسِهِ، وَالنَّاطِقَ بِحُجَّتِهِ، وَالدَّاعِيَ إِلَى

ص: 40

شَرِيعَتِهِ، وَالْمَاضِيَ عَلَى سُنَّتِه .

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَشْهَدُ أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ عَنْ رَسُولِكَ مَا حُمِّلَ، وَرَعَى مَا اسْتُحْفِظَ، وَحَفِظَ مَا اسْتُودِعَ، وَحَلَّلَ حَلَالَكَ، وَحَرَّمَ حَرَامَكَ، وَأَقَامَ أَحْكَامَكَ، وَجَاهَدَ النَّاكِثِينَ فِي سَبِيلِكَ، وَالْقَاسِطِينَ فِي حُكْمِكَ، وَالْمَارِقِينَ عَنْ أَمْرِكَ، صَابِراً مُحْتَسِباً، لا تَأْخُذُهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ . اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ أَفْضَلَ مَا صَلَّيْتَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَوْلِيَائِكَ وَأَصْفِيَائِكَ وَأَوْصِيَاءِ أَنْبِيَائِكَ .

اَللَّهُمَّ هذَا قَبْرُ وَلِيِّكَ الَّذِي فَرَضْتَ طَاعَتَهُ، وَجَعَلْتَ فِي أَعْنَاقِ عِبَادِكَ مُتَابَعَتَهُ، وَخَلِيفَتِكَ الَّذِي بِهِ تَأْخُذُ وَتُعْطِي، وَبِهِ تُثِيبُ وَتُعَاقِبُ، وَقَدْ قَصَدْتُهُ طَمَعاً لِمَا أَعْدَدْتَهُ لِأَوْلِيَائِكَ، فَبِعَظِيمِ قَدْرِهِ عِنْدَكَ، وَجَلِيلِ خَطَرِهِ لَدَيْكَ، وَقُرْبِ مَنْزِلَتِهِ مِنْكَ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَافْعَلْ بِي مَا أَنْتَ أَهْلُهُ، فَإِنَّكَ أَهْلُ الْكَرَمِ وَالْجُودِ، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ وَعَلَى ضَجِيعَيْكَ آدَمَ وَنُوحٍ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه .

ثمّ قبّل الضّريح وقف ممّا يلي الرّأس وقل:

يَا مَوْلَايَ إِلَيْكَ وُفُودِي، وَبِكَ أَتَوَسَّلُ إِلَى رَبِّي فِي بُلُوغِ مَقْصُودِي، وَأَشْهَدُ أَنَّ الْمُتَوَسِّلَ بِكَ غَيْرُ خَائِبٍ، وَالطَّالِبَ بِكَ عَنْ مَعْرِفَةٍ غَيْرُ مَرْدُودٍ إِلاّ بِقَضَاءِ حَوَائِجِهِ، فَكُنْ لِي شَفِيعاً إِلَى اللَّهِ رَبِّكَ وَرَبِّي فِي قَضَاءِ حَوَائِجِي، وَتَيْسِير أُمُورِي، وَكَشْفِ شِدَّتِي، وَغُفْرَانِ ذَنْبِي، وَسَعَةِ رِزْقِي، وَتَطْوِيلِ عُمْرِي، وَإِعْطَاءِ سُؤْلِي فِي آخِرَتِي وَدُنْيَايَ .

اَللَّهُمَّ الْعَنْ قَتَلَةَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ . اَللَّهُمَّ الْعَنْ قَتَلَةَ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ . اَللَّهُمَّ الْعَنْ قَتَلَةَ الْأَئِمَّةِ، وَعَذِّبْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً لا تُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعَالَمِينَ، عَذَاباً كَثِيراً لا انْقِطَاعَ لَهُ وَلَا أَجَلَ وَلَا أَمَدَ بِمَا شَاقُّوا وُلَاةَ أَمْرِكَ، وَأَعِدَّ لَهُمْ عَذَاباً لَمْ تُحِلَّهُ بِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ . اَللَّهُمَّ وَأَدْخِلْ عَلَى قَتَلَةِ أَنْصَارِ رَسُولِكَ، وَعَلَى قَتَلَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَعَلَى قَتَلَةِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، وَعَلَى قَتَلَةِ أَنْصَارِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، وَقَتَلَةِ مَنْ قُتِلَ فِي ولَايَةِ آلِ مُحَمَّدٍ أَجْمَعِينَ، عَذَاباً أَلِيماً مُضَاعَفاً

ص: 41

فِي أَسْفَلِ دَرَكٍ مِنَ الْجَحِيمِ، وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ، وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ مَلْعُونُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ، قَدْ عَايَنُوا النَّدَامَةَ وَالْخِزْيَ الطَّويلَ، لِقَتْلِهِمْ عِتْرَةَ أَنْبِيَائِكَ وَرُسُلِكَ وَأَتْبَاعَهُمْ مِنْ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ . اَللَّهُمَّ الْعَنْهُمْ فِي مُسْتَسِرِّ السِّرِّ وَظَاهِرِ الْعَلَانِيَةِ، فِي أَرْضِكَ وَسَمَائِكَ .

اَللَّهُمَّ اجْعَلْ لِي قَدَمَ صِدْقٍ فِي أَوْلِيَائِكَ، وَحَبِّبْ إِلَيَّ مَشَاهِدَهُمْ وَمُسْتَقَرَّهُمْ، حَتَّى تُلْحِقَنِي بِهِمْ، وَتَجْعَلَنِي لَهُمْ تَبَعاً فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .

ثمّ قبّل الضّريح واستقبل قبر الحسين بن علي عليهما السلام بوجهك واجعل القبلة بين كتفيك وقل:

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَابْنَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَابْنَ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ سَيِّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا الْأَئِمَّةِ الْهَادِينَ الْمَهْدِيِّينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا صَرِيعَ الدَّمْعَةِ السَّاكِبَةِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا صَاحِبَ الْمُصِيبَةِ الرَّاتِبَةِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ وَعَلَى جَدِّكَ وَأَبِيكَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمِّكَ وَأَخِيكَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ وَعَلَى الْأَئِمَّةِ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ وَبَنِيكَ .

أَشْهَدُ لَقَدْ طَيَّبَ اللَّهُ بِكَ التُّرَابَ، وَأَوْضَحَ بِكَ الْكِتَابَ، وَجَعَلَكَ وَأَبَاكَ وَجَدَّكَ وَأَخَاكَ وَبَنِيكَ عِبْرَةً لِأُولِي الْأَلْبَابِ، يَابْنَ الْمَيَامِينِ الْأَطْيَابِ، التَّالِينَ الْكِتَابَ، وَجَّهْتُ سَلَامِي إِلَيْكَ، صَلَواتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْكَ، وَجَعَلَ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوي إِلَيْكَ، مَا خَابَ مَنْ تَمَسَّكَ بِكَ، وَلَجَأَ إِلَيْكَ .

ثمّ تحوّل إلى عند الرّجلين وقل:

اَلسَّلامُ عَلَى أَبِي الْأَئِمَّةِ، وَخَلِيلِ النُّبُوَّةِ، وَالْمَخْصُوصِ بِالْأُخُوَّةِ، اَلسَّلامُ عَلَى يَعْسُوبِ الدِّينِ وَالْإِيمَانِ، وَكَلِمَةِ الرَّحْمنِ، اَلسَّلامُ عَلَى مِيزَانِ الْأَعْمَالِ، وَمُقَلِّبِ الْأَحْوَالِ، وَسَيْفِ ذِي الْجَلَالِ، وَسَاقِي السَّلْسَبِيلِ الزُّلَالِ، اَلسَّلامُ عَلَى صَالِحِ الْمُؤْمِنِينَ، وَوَارِثِ عِلْمِ النَّبِيِّينَ، وَالْحَاكِمِ يَوْمَ الدِّينِ، اَلسَّلامُ عَلَى شَجَرَةِ التَّقْوَى، وَسَامِعِ السِّرِّ وَالنَّجْوَى، اَلسَّلامُ عَلَى حُجَّةِ اللَّهِ الْبَالِغَةِ، وَنِعْمَتِهِ السَّابِغَةِ، وَنِقْمَتِهِ الدَّامِغَةِ، اَلسَّلامُ عَلَى الصِّرَاطِ الْوَاضِحِ، وَالنَّجْمِ اللَّائِحِ، وَالْإِمَامِ النَّاصِحِ، وَالزِّنَادِ الْقَادِحِ،

ص: 42

وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. ثمّ قل:

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَخِي نَبِيِّكَ وَوَلِيِّهِ، وَنَاصِرِهِ وَوَصِيِّهِ وَوَزِيرِهِ، وَمُسْتَوْدَعِ عِلْمِهِ، وَمَوْضِعِ سِرِّهِ، وَبَابِ حِكْمَتِهِ، وَالنَّاطِقِ بِحُجَّتِهِ، وَالدَّاعِي إِلَى شَرِيعَتِهِ، وَخَلِيفَتِهِ فِي أُمَّتِهِ، وَمُفَرِّجِ الْكَرْبِ عَنِ وَجْهِهِ، قَاصِمِ الْكَفَرَةِ، وَمُرْغِمِ الْفَجَرَةِ، الَّذِي جَعَلْتَهُ مِنْ نَبِيِّكَ بِمَنْزِلَةِ هرُونَ مِنْ مُوسَى .

اَللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ، وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ، وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ، وَالْعَنْ مَنْ نَصَبَ لَهُ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، وَصَلِّ عَلَيْهِ أَفْضَلَ مَا صَلَّيْتَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَوْصِيَاءِ أَنْبِيَائِكَ، يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ .

ثمّ عد إلى عند الرّأس لزيارة آدم ونوح عليهما السلام وقل في زيارة آدم عليه السلام :

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا صَفِيَّ اللَّهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا حَبِيبَ اللَّهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِينَ اللَّهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا خَلِيفَةَ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا الْبَشَرِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ وَعَلَى رُوحِكَ وَبَدَنِكَ، وَعَلَى الطَّاهِرِينَ مِنْ وُلْدِكَ وَذُرِّيَّتِكَ، ] وَصَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ [ صَلَاةً لا يُحْصِيهَا إِلاّ هُوَ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه .

وقل في زيارة نوح عليه السلام :

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا صَفِيَّ اللَّهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ اللَّهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا حَبِيبَ اللَّهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا شَيْخَ الْمُرْسَلِينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِينَ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْكَ وَعَلَى رُوحِكَ وَبَدَنِكَ وَعَلَى الطَّاهِرِينَ مِنْ وُلْدِكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه .

ثمّ صلّ ست ركعات؛ ركعتان منها لزيارة أميرالمؤمنين عليه السلام تقرأ في الرّكعة الأولى فاتحة الكتاب وسورة الرّحمن، وفي الثّانية الحمد وسورة يس وتشهّد وسلّم وسبّح تسبيح الزّهراءعليهاالسّلام واستغفر اللَّه عزّ وجلّ وادع لنفسك ثمّ قل:

اَللَّهُمَّ إنِّي صَلَّيْتُ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ، هَدِيَّةً مِنِّي

ص: 43

إِلَى سَيِّدِي وَمَوْلَايَ، وَلِيِّكَ وَأَخِي رَسُولِكَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَسَيِّدِ الْوَصِيِّينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِه . اَللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَتَقَبَّلْهَا مِنِّي، وَاجْزِنِي عَلَى ذلِكَ جَزَاءَ الْمُحْسِنِينَ . اَللَّهُمَّ لَكَ صَلَّيْتُ، وَلَكَ رَكَعْتُ، وَلَكَ سَجَدْتُ، وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ، لِأَنَّهُ لا تَكُونُ الصَّلَاةُ وَالرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ إِلاّ لَكَ، لِأَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ . اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَتَقَبَّلْ مِنِّي زِيَارَتِي، وَأَعْطِنِي سُؤْلِي، بِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ .

وتهدي الركعات الأربع الأُخر إلى آدم ونوح عليهما السلام ثمّ تسجد سجدة الشّكر وقل فيها:

اَللَّهُمَّ إِلَيْكَ تَوَجَّهْتُ، وَبِكَ اعْتَصَمْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ . اَللَّهُمَّ أَنْتَ ثِقَتِي وَرَجَائِي، فَاكْفِنِي مَا أَهَمَّنِي وَمَا لا يُهِمُّنِي، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، عَزَّ جَارُكَ، وَجَلَّ ثَنَاؤُكَ، وَلَا إِلهَ غَيْرُكَ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَقَرِّبْ فَرَجَهُمْ .

ثمّ ضع خدّك الأيمن على الأرض وقل:

اِرْحَمْ ذُلِّي بَيْنَ يَدَيْكَ، وَتَضَرُّعِي إِلَيْكَ، وَوَحْشَتِي مِنَ النَّاسِ، وَأُنْسِي بِكَ، يَا كَرِيمُ يَا كَرِيمُ يَا كَرِيمُ .

ثمّ ضع خدّك الأيسر على الأرض وقل:

لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ رَبِّي حَقّاً حَقّاً، سَجَدْتُ لَكَ يَارَبِّ تَعَبُّداً وَرِقّاً . اَللَّهُمَّ إِنَّ عَمَلِي ضَعِيفٌ فَضَاعِفْهُ لِي، يَا كَرِيمُ يَا كَرِيمُ يَاكَرِيمُ .

ثمّ عد إلى السّجود وقل : شكراً مئة مرّة واجتهد في الدّعاء فإنّه موضع مسألة، وأكثر من الإستغفار فإنّه موضع مغفرة، واسأل الحوائج فإنّه مقام إجابة.(1)

وقل في زيارة الحسين عليه السلام من عند رأس أميرالمؤمنين عليه السلام :

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَابْنَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَابْنَ الصِّدِّيقَةِ الطَّاهِرَةِ سَيِّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا مَوْلَايَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ أَقَمْتَ

ص: 44


1- المجلسي، البحار، ج 100، ص 280، عن المفيد .

الصَّلَاةَ، وَآتَيْتَ الزَّكَاةَ، وَأَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهَيْتَ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَتَلَوْتَ الْكِتَابَ حَقَّ تِلَاوَتِهِ، وَجَاهَدْتَ فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ، وَصَبَرْتَ عَلَى الْأَذَى فِي جَنْبِهِ مُحْتَسِباً حَتَّى أَتَاكَ الْيَقِينُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ الَّذِينَ خَالَفُوكَ وَحَارَبُوكَ، وَأَنَّ الَّذِينَ خَذَلُوكَ وَالَّذِينَ قَتَلُوكَ مَلْعُونُونَ عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ، وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى، لَعَنَ اللَّهُ الظَّالِمِينَ لَكُمْ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، وَضَاعَفَ عَلَيْهِمُ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ، أَتَيْتُكَ يَا مَوْلَايَ يَابْنَ رَسُولِ اللَّهِ زَائِراً عَارِفاً بِحَقِّكَ، مُوَالِياً لِأَوْلِيَائِكَ، مُعَادِياً لِأَعْدَائِكَ، مُسْتَبْصِراً بِالْهُدَى الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ، عَارِفاً بِضَلَالَةِ مَنْ خَالَفَكَ، فَاشْفَعْ لِي عِنْدَ رَبِّكَ .(1)

الزّيارة السّادسة

روَى صفوان عن الصّادق عليه السلام هذه الزّيارة للإمام أميرالمؤمنين عليه السلام قال: إذا أردت ذلك فقف متوجّهاً إلى قبر أميرالمؤمنين عليه السلام وقل:

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا صَفْوَةَ اللَّهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِينَ اللَّهِ، اَلسَّلامُ عَلَى مَنِ اصْطَفَاهُ اللَّهُ، وَاخْتَصَّهُ وَاخْتَارَهُ مِنْ بَرِيَّتِهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا خَلِيلَ اللَّهِ، مَا دَجَا اللَّيْلُ وَغَسَقَ، وَأَضَاءَ النَّهَارُ وَأَشْرَقَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ مَا صَمَتَ صَامِتٌ، وَنَطَقَ نَاطِقٌ، وَذَرَّ شَارِقٌ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه .

اَلسَّلامُ عَلَى مَوْلَانَا أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، صَاحِبِ السَّوَابِقِ وَالْمَنَاقِبِ وَالنَّجْدَةِ، وَمُبِيدِ الْكَتَائِبِ، الشَّدِيدِ الْبَأْسِ، الْعَظِيمِ الْمِرَاسِ، اَلْمَكِينِ الْأَسَاسِ، سَاقِي الْمُؤْمِنِينَ بِالْكَأْسِ، مِنْ حَوْضِ الرَّسُولِ الْمَكِينِ الْأَمِينِ . اَلسَّلامُ عَلَى صَاحِبِ النُّهَى وَالْفَضْلِ وَالطَّوَائِلِ، وَالْمَكْرُمَاتِ وَالنَّوَائِلِ . اَلسَّلامُ عَلَى فَارِسِ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَيْثِ الْمُوَحِّدِينَ، وَقَاتِلِ الْمُشْرِكِينَ، وَوَصِيِّ رَسُولِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه .

اَلسَّلامُ عَلَى مَنْ أَيَّدَهُ اللَّهُ بِجَبْرَئِيلَ، وَأَعَانَهُ بِمِيكَائِيلَ، وَأَزْلَفَهُ فِي الدَّارَيْنِ، وَحَبَاهُ بِكُلِّ مَا تَقِرُّ بِهِ الْعَيْنُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ الطَّاهِرِينَ، وَعَلَى أَوْلَادِهِ الْمُنْتَجَبِينَ، وَعَلَى الْأَئِمَّةِ الرَّاشِدِينَ، الَّذِينَ أَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ، وَفَرَضُوا عَلَيْنَا الصَّلَوَاتِ، وَأَمَرُوا بِإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَعَرَّفُونَا صِيَامَ شَهْرِ رَمَضَانَ،

ص: 45


1- إبن المشهدى، المزار الكبير، ص 517 .

وَقِرَاءَةَ الْقُرْآنِ .

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، وَيَعْسُوبَ الدِّينِ، وَقَائِدَ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ . اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا بَابَ اللَّهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا عَيْنَ اللَّهِ النَّاظِرَةَ، وَيَدَهُ الْبَاسِطَةَ، وَأُذُنَهُ الْوَاعِيَةَ، وَحِكْمَتَهُ الْبَالِغَةَ، وَنِعْمَتَهُ السَّابِغَةَ . اَلسَّلامُ عَلَى قَسِيمِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ . اَلسَّلامُ عَلَى نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَى الْأَبْرَارِ، وَنِقْمَتِهِ عَلَى الْفُجَّارِ . اَلسَّلامُ عَلَى سَيِّدِ الْمُتَّقِينَ الْأَخْيَارِ . اَلسَّلامُ عَلَى أَخِي رَسُولِ اللَّهِ، وَابْنِ عَمِّهِ، وَزَوْجِ ابْنَتِهِ، وَالْمَخْلُوقِ مِنْ طِينَتِه . اَلسَّلامُ عَلَى الْأَصْلِ الْقَدِيمِ، وَالْفَرْعِ الْكَرِيمِ، اَلسَّلامُ عَلَى الثَّمَرِ الْجَنِيِّ . اَلسَّلامُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ عَلِيٍّ . اَلسَّلامُ عَلَى شَجَرَةِ طُوبى، وَسِدْرَةِ الْمُنْتَهَى .

اَلسَّلامُ عَلَى آدَمَ صَفْوَةِ اللَّهِ، وَنُوحٍ نَبِيِّ اللَّهِ، وَإِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللَّهِ، وَمُوسَى كَلِيمِ اللَّهِ، وَعِيسَى رُوحِ اللَّهِ، وَمُحَمَّدٍ حَبِيبِ اللَّهِ، وَمَنْ بَيْنَهُمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً . اَلسَّلامُ عَلَى نُورِ الْأَنْوَارِ، وَسَلِيلِ الْأَطْهَارِ، وَعَنَاصِرِ الْأَخْيَارِ. اَلسَّلامُ عَلَى وَالِدِ الْأَئِمَّةِ الْأَطْهَارِ. اَلسَّلامُ عَلَى حَبْلِ اللَّهِ الْمَتِينِ، وَجَنْبِهِ الْمَكِينِ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه .

اَلسَّلامُ عَلَى أَمِينِ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ، وَخَلِيفَتِهِ، وَالْحَاكِمِ بِأَمْرِهِ، وَالْقَيِّمِ بِدِينِهِ، وَالنَّاطِقِ بِحِكْمَتِهِ، وَالْعَامِلِ بِكِتَابِهِ، أَخِي الرَّسُولِ، وَزَوْجِ الْبَتُولِ، وَسَيْفِ اللَّهِ الْمَسْلُولِ . اَلسَّلامُ عَلَى صَاحِبِ الدَّلَالَاتِ، وَالْآيَاتِ الْبَاهِرَاتِ، وَالْمُعْجِزَاتِ الْقَاهِرَاتِ وَالْمُنْجِي مِنَ الْهَلَكَاتِ، الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي مُحْكَمِ الْآيَاتِ، فَقَالَ تَعَالَى: « وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ » .

اَلسَّلامُ عَلَى اسْمِ اللَّهِ الرَّضِيِّ، وَوَجْهِهِ الْمُضِي ءِ، وَجَنْبِهِ الْعَلِيِّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه . اَلسَّلامُ عَلَى حُجَجِ اللَّهِ وَأَوْصِيَائِهِ، وَخَاصَّةِ اللَّهِ وأَصْفِيَائِهِ، وَخَالِصَتِهِ وَأُمَنَائِهِ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه . قَصَدْتُكَ يَا مَوْلَايَ، يَا أَمِينَ اللَّهِ وَحُجَّتَهُ، زَائِراً عَارِفاً بِحَقِّكَ، مُوَالِياً لِأَوْلِيَائِكَ، مُعَادِياً لِأَعْدَائِكَ، مُتَقَرِّباً إِلَى اللَّهِ بِزِيَارَتِكَ، فَاشْفَعْ لِي عِنْدَ اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكَ فِي خَلَاصِ رَقَبَتِي مِنَ

ص: 46

النَّارِ، وَقَضَاءِ حَوَائِجِي، حَوَائِجِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ .

ثمّ انكبّ على القبر فقبّله وقل:

سَلَامُ اللَّهِ وَسَلَامُ مَلَائِكَتِهِ الْمُقَرَّبِينَ، وَالْمُسَلِّمِينَ لَكَ بِقُلُوبِهِمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَالنَّاطِقِينَ بِفَضْلِكَ، وَالشَّاهِدِينَ عَلَى أَنَّكَ صَادِقٌ أَمِينٌ صِدِّيقٌ، عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، أَشْهَدُ أَنَّكَ طُهْرٌ طَاهِرٌ مُطَهَّرٌ، مِنْ طُهْرٍ طَاهِرٍ مُطَهَّرٍ، أَشْهَدُ لَكَ يَا وَلِيَّ اللَّهِ وَوَلِيَّ رَسُولِهِ، بِالْبَلَاغِ وَالْأَدَاءِ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ جَنْبُ اللَّهِ وَبَابُهُ، وَأَنَّكَ حَبِيبُ اللَّهِ، وَوَجْهُهُ الَّذِي يُؤْتَى مِنْهُ، وَأَنَّكَ سَبِيلُ اللَّهِ، وَأَنَّكَ عَبْدُ اللَّهِ، وَأَخُو رَسُولِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِه .

أَتَيْتُكَ مُتَقَرِّباً إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِزِيَارَتِكَ، رَاغِباً إِلَيْكَ فِي الشَّفَاعَةِ، أَبْتَغِي بِشَفَاعَتِكَ خَلَاصَ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ، مُتَعَوّذاً بِكَ مِنَ النَّارِ، هَارِباً مِنْ ذُنُوبِيَ الَّتِي احْتَطَبْتُهَا عَلَى ظَهْرِي، فَزِعاً إِلَيْكَ رَجَاءَ رَحْمَةِ رَبِّي، أَتَيْتُكَ أَسْتَشْفِعُ بِكَ يَا مَوْلَايَ، وَأَتَقَرَّبُ بِكَ إِلَى اللَّهِ لِيَقْضِيَ بِكَ حَوَائِجِي، فَاشْفَعْ لِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى اللَّهِ، فَإِنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَمَوْلَاكَ وَزَائِرُكَ، وَلَكَ عِنْدَ اللَّهِ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ، وَالْجَاهُ الْعَظِيمُ، وَالشَّأْنُ الْكَبِيرُ، وَالشَّفَاعَةُ الْمَقْبُولَةُ .

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مَحَمَّدٍ، وَصَلِّ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَبْدِكَ الْمُرْتَضَى، وَأَمِينِكَ الْأَوْفَى، وَعُرْوَتِكَ الْوُثْقَى، وَيَدِكَ الْعُلْيَا، وَجَنْبِكَ الْأَعْلَى، وَكَلِمَتِكَ الْحُسْنَى، وَحُجَّتِكَ عَلَى الْوَرَى، وَصِدِّيقِكَ الْأَكْبَرِ، وَسَيِّدِ الْأَوْصِيَاءِ، وَرُكْنِ الْأَوْلِيَاءِ، وَعِمَادِ الْأَصْفِيَاءِ، أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَيَعْسُوبِ الدِّينِ، وَقُدْوَةِ الصَّالِحِينَ، وَإِمَامِ الْمُخْلِصِينَ، وَالْمَعْصُومِ مِنَ الْخَلَلِ، الْمُهَذَّبِ مِنَ الزَّلَلِ، الْمُطَهَّرِ مِنَ الْعَيْبِ، الْمُنَزَّهِ مِنَ الرَّيْبِ، أَخِي نَبِيِّكَ، وَوَصِيِّ رَسُولِكَ، الْبَائِتِ عَلَى فِرَاشِهِ، وَالْمُوَاسِي لَهُ بِنَفْسِهِ، وَكَاشِفِ الْكَرْبِ عَنْ وَجْهِهِ، الَّذِي جَعَلْتَهُ سَيْفاً لِنُبُوَّتِهِ، وَآيةً لِرِسَالَتِهِ، وَشَاهِداً عَلَى أُمَّتِهِ، وَدِلَالةً لِحُجَّتِهِ، وَحَامِلاً لِرَايَتِهِ، وَوِقَايةً لِمُهْجَتِهِ، وَهَادِياً لِأُمَّتِهِ، وَيَداً لِبَأْسِهِ، وَتَاجاً لِرَأْسِهِ، وَبَاباً لِسِرِّهِ، وَمِفْتَاحاً لِظَفَرِهِ، حَتَّى هَزَمَ جُيُوشَ الشِّرْكِ بِإِذْنِكَ، وَأَبَادَ عَسَاكِرَ الْكُفْرِ بِأَمْرِكَ، وَبَذَلَ نَفْسَهُ فِي مَرْضَاةِ رَسُولِكَ، وَجَعَلَهَا

ص: 47

وَقْفاً عَلَى طَاعَتِهِ، فَصَلِّ اللَّهُمَّ عَلَيْهِ صَلَاةً دَائِمَةً بَاقِيَةً . ثمّ قل:

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ اللَّهِ، وَالشِّهَابَ الثَّاقِبَ، وَالنُّورَ الْعَاقِبَ، يَا سَلِيلَ الْأَطَائِبِ، يَا سِرَّ اللَّهِ، إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى ذُنُوباً قَدْ أَثْقَلَتْ ظَهْرِي، وَلَا يَأْتِي عَلَيْهَا إِلاّ رِضَاهُ، فَبِحَقِّ مَنِ ائْتَمَنَكَ عَلَى سِرِّهِ، وَاسْتَرْعَاكَ أَمْرَ خَلْقِهِ، كُنْ لِي إِلَى اللَّهِ شَفِيعاً، وَمِنَ النَّارِ مُجِيراً، وَعَلَى الدَّهْرِ ظَهِيراً، فَإِنِّي عَبْدُاللَّهِ وَوَلِيُّكَ وَزَائِرُكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً .(1)

ثمّ صلّ ستّ ركعات صلاة الزّيارة وادعُ بما أحببت وقل:

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، عَلَيْكَ مِنِّي سَلَامُ اللَّهِ أَبَداً مَا بَقِيتُ وَبَقِيَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ .

ثمّ أومئ إلى الحسين عليه السلام وقل:

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِاللَّهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، أَتَيْتُكُمَا زَائِراً وَمُتَوَسِّلاً إِلَى اللَّهِ تَعَالَى رَبِّي وَرَبِّكُمَا، وَمُتَوَجِّهاً إِلَى اللَّهِ بِكُمَا، مُسْتَشْفِعاً بِكُمَا إِلَى اللَّهِ فِي حَاجَتِي هذِهِ، فَاشفَعا لِي فَإِنَّ لَكُمَا عِندَاللَّهِ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ، وَالْجَاهَ الْوَجِيهَ، وَالْمَنْزِلَ الرَّفِيعَ وَالْوَسِيلَةَ، إِنِّي أَنْقَلِبُ عَنْكُمَا مُنْتَظِراً لِتَنَجُّزِ الْحَاجَةِ وَقَضَائِهَا وَنَجَاحِهَا مِنَ اللَّهِ بِشَفاعَتِكُمَا لِي إِلَى اللَّهِ فِي ذلِكَ، فَلَا أَخِيبُ، وَلَا يَكُونُ مُنْقَلَبِي عَنْكُمَا مُنْقَلَباً خَاسِراً بَلْ يَكُونُ مُنْقَلَبِي مُنْقَلَباً رَاجِحاً مُفْلِحاً مُنْجِحاً مُسْتَجَاباً لِي بِقَضَاءِ جَمِيعِ الْحَوائِجِ فَاشْفَعَا لِي .

أَنْقَلِبُ عَلَى مَا شَاءَ اللَّهُ، لا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلّا بِاللَّهِ، مُفَوِّضاً أَمْرِي إِلَى اللَّهِ، مُلْجِئاً ظَهْرِي إِلَى اللَّهِ، مُتَوَكِّلاً عَلَى اللَّهِ، وَأَقُولُ حَسْبِيَ اللَّهُ وَكَفَى، سَمِعَ اللَّهُ لِمَن دَعَا، لَيْسَ وَرَاءَ اللَّهِ وَوَرَاءَكُم يَا سَادَتِي مُنْتَهَى، مَا شَاءَ اللَّهُ رَبِّي كَانَ، وَمَا لَم يَشَأْ لَم يَكُن، يَا سَيِّدِي يَا أَمِيرَ الْمُؤمِنِينَ، وَمَوْلَايَ، وَأَنْتَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، سَلَامِي عَلَيْكُمَا مُتَّصِلٌ مَا اتَّصَلَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَاصِلٌ إِلَيْكُمَا، غَيْرُ مَحْجُوبٍ عَنْكُمَا سَلَامِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَأَسْأَلُهُ بِحَقِّكُمَا أَنْ

ص: 48


1- السيّد إبن طاووس، مصباح الزائر، ص 149 .

يَشَاءَ ذلِكَ وَيَفْعَلَ، فَإِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ .

أَنْقَلِبُ يَا سَيِّدَيَّ عَنْكُمَا تَائِباً، حَامِداً للَّهِِ شَاكِراً، رَاضِياً مُسْتَيْقِناً لِلْإِجَابَةِ، غَيْرَ آيِسٍ وَلَا قَانِطٍ، عَائِداً رَاجِعاً إِلَى زِيَارَتِكُمَا، غَيْرَ رَاغِبٍ عَنْكُمَا، بَلْ رَاجِعٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالى إِلَيْكُمَا، يَا سَادَاتِي رَغِبْتُ إِلَيْكُمَا بَعْدَ أَنْ زَهِدَ فِيكُمَا وَفِي زِيَارَتِكُمَا أَهلُ الدُّنْيَا، فَلا خَيَّبَنِيَ اللَّهُ فِيمَا رَجَوْتُ وَمَا أَمَّلْتُ فِي زِيَارَتِكُمَا، إِنَّهُ قَرِيبٌ مُجِيبٌ .

ثمّ استقبل القبلة وقل:

يَا اَللَّهُ يَا اَللَّهُ يَا اَللَّهُ يَا مُجِيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرِّينَ، وَيَا كَاشِفَ كُرَبِ الْمَكْرُوبِينَ، وَيَا غِيَاثَ الْمُسْتَغيثينَ، وَيَا صَرِيخَ الْمُسْتَصْرِخِينَ، وَيَا مَنْ هُوَ أَقْرَبُ إِلَىَّ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ، يَا مَنْ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ، وَيَا مَنْ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحيمُ، يَا مَنْ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى، يَا مَنْ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ، وَيَا مَنْ لا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ، يَا مَنْ لا تَشْتَبِهُ عَلَيْهِ الْأَصْوَاتُ، يَا مَنْ لا تُغَلِّطُهُ الْحَاجَاتُ، يَا مَنْ لا يُبْرِمُهُ إِلْحَاحُ الْمُلِحّينَ، يَا مُدْرِكَ كُلِّ فَوْتٍ، يَا جَامِعَ كُلِّ شَمْلٍ، يَا بَارِئَ النُّفُوسِ بَعْدَ الْمَوْتِ، يَا مَنْ هُوَ كُلَّ يَوْمٍ فِي شَأْنٍ، يَا قَاضِيَ الْحَاجَاتِ، يَا مُنَفِسَّ الْكُرُبَاتِ، يَا مُعْطِيَ السُّؤُلَاتِ، يَا وَلِيَّ الرَّغَبَاتِ، يَا كَافِيَ الْمُهِمَّاتِ، يَا مَنْ يَكْفِي كُلَّ شَيْ ءٍ وَلَا يَكْفِي مِنْهُ شَيْ ءٌ فِي السَّموَاتِ وَالْأَرْضِ .

أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنينَ، وَبِحَقِّ فَاطِمَةَ بِنْتِ نَبِيِّكَ، وَبِحَقِّ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، فَإِنِّي بِهِمْ أَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ فِي مَقَامِي هذَا، وَبِهِمْ أَتَوَسَّلُ، وَبِهِمْ أَسْتَشْفِعُ إِلَيْكَ، وَبِحَقِّهِمْ أَسْأَلُكَ وَأُقْسِمُ وَأَعْزِمُ عَلَيْكَ، وَبِالشَّأْنِ الَّذِي لَهُمْ عِنْدَكَ، وَبِالَّذِي فَضَّلْتَهُمْ عَلَى الْعَالَمينَ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي جَعَلْتَهُ عِنْدَهُمْ، وَبِهِ خَصَصْتَهُمْ دُونَ الْعَالَمِينَ، وَبِهِ أَبَنْتَهُمْ وَأَبَنْتَ فَضْلَهُمْ مِنْ كُلِّ فَضْلٍ، حَتَّى فَاقَ فَضْلُهُمْ فَضْلَ الْعَالَمِينَ جَمِيعاً .

وَأَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ،

ص: 49

وَأَنْ تَكْشِفَ عَنِّي غَمِّي وَهَمِّي وكَرْبِي، وَأَنْ تَكْفِيَنِي الْمُهِمَّ مِنْ أَمْرِي، وَتَقْضِي عَنِّي دَيْنِي، وَتُجِيرَنِي مِنَ الْفَقْرِ وَالْفَاقَةِ، وَتُغْنِيَنِي عَنِ الْمَسْأَلَةِ إِلَى الْمَخْلُوقِينَ، وَتَكْفِيَنِي هَمَّ مَنْ أَخَافُ هَمَّهُ، وَعُسْرَ مَنْ أَخَافُ عُسْرَهُ، وَحُزُونَةَ مَنْ أَخَافُ حُزُونَتَهُ، وَشَرَّ مَنْ أَخَافُ شَرَّهُ، وَمَكْرَ مَنْ أَخَافُ مَكْرَهُ، وَبَغْيَ مَنْ أَخَافُ بَغْيَهُ، وَجَوْرَ مَنْ أَخَافُ جَوْرَهُ، وَسُلْطَانَ مَنْ أَخَافُ سُلْطَانَهُ، وَكَيْدَ مَنْ أَخَافُ كَيْدَهُ، وَاصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُ وَمَكْرَهُ، وَمَقْدُرَةَ مَنْ أَخَافُ مَقْدُرَتَهُ عَلَيَّ، وَتَرُدَّ عَنِّي كَيْدَ الْكَيَدَةِ، وَمَكْرَ الْمَكَرَةِ .

اَللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَنِي بِسُوءٍ فَأَرِدْهُ، وَمَنْ كَادَنِي فَكِدْهُ، وَاصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُ وَبَأْسَهُ وَأَمَانِيَّهُ، وَامْنَعْهُ عَنِّي كَيْفَ شِئْتَ، وَأَنّى شِئْتَ . اَللَّهُمَّ اشْغَلْهُ عَنِّي بِفَقْرٍ لا تَجْبُرُهُ، وَبَلَاءٍ لا تَسْتُرُهُ، وَبِفَاقَةٍ لا تَسُدُّهَا، وَبِسُقْمٍ لا تُعَافِيهِ، وَبِذُلٍّ لا تُعِزُّهُ، وَمَسْكَنَةٍ لا تَجْبُرُهَا. اَللَّهُمَّ اجْعَلِ الذُّلَّ نَصْبَ عَيْنَيْهِ، وَأَدْخِلِ الْفَقْرَ فِي مَنْزِلِهِ، وَالسُّقْمَ فِي بَدَنِهِ، حَتّى تَشْغَلَهُ عَنِّي بِشُغْلٍ شَاغِلٍ لا فَرَاغَ لَهُ، وَأَنْسِهِ ذِكْرِي كَمَا أَنْسَيْتَهُ ذِكْرَكَ، وَخُذْ عَنِّي بِسَمْعِهِ وَبَصَرِهِ وَلِسَانِهِ وَيَدِهِ وَرِجْلِهِ وَقَلْبِهِ وَجَمِيعِ جَوَارِحِهِ، وَأَدْخِلْ عَلَيْهِ فِي جَمْيعِ ذلِكَ السُّقْمَ وَلَاَ تُشْفِهِ حَتّى تَجْعَلَ لَهُ ذلِك شُغْلاً شَاغِلاً عَنِّي وَعَنْ ذِكْرِي، وَاكْفِنِي يَا كَافِيَ مَا لا يَكْفِي سِوَاكَ .

يَا مُفَرِّجَ مَنْ لا مُفَرِّجَ لَهُ سِوَاكَ، وَمُغِيثَ مَنْ لا مُغِيثَ لَهُ سِوَاكَ، وَجَارَ مَنْ لا جَارَ لَهُ سِوَاكَ، وَمَلْجَأَ مَنْ لا مَلْجَأَ لَهُ غَيْرُكَ، أَنْتَ ثِقَتِي وَرَجَائِي وَمَفْزَعِي وَمَهْرَبِي وَمَلْجَإِي وَمَنْجَايَ، فَبِكَ أَسْتَفْتِحُ، وَبِكَ أَسْتَنْجِحُ، وَبِمُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ أَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ، وَأَتَوَسَّلُ وَأَتَشَفَّعُ يَا اَللَّه يَا اَللَّهُ يَا اَللَّهُ، وَلَكَ الْحَمْدُ، وَلَكَ الْمِنَّةُ، وَإِلَيْكَ الْمُشْتَكى وَأَنْتَ الْمُسْتَعَانُ .

فَأَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تَكْشِفَ عَنِّي غَمِّي وَهَمِّي وَكَرْبِي فِي مَقَامِي هذَا، كَمَا

ص: 50

كَشَفْتَ عَنْ نَبِيِّكَ غَمَّهُ وَكَرْبَهُ وَهَمَّهُ، وَكَفَيْتَهُ هَوْلَ عَدُوّهِ، فَاكْشِفْ عَنِّي كَمَا كَشَفْتَ عَنْهُ، وَفَرِّجْ عَنِّي كَمَا فَرَّجْتَ عَنْهُ، وَاكْفِنِي كَمَا كَفَيْتَهُ، وَاصْرِفْ عَنِّي هَوْلَ مَا أَخَافُ هَوْلَهُ، وَمَؤُنَةَ مَنْ أَخَافُ مَؤُنَتَهُ، وَهَمَّ مَنْ أَخَافُ هَمَّهُ، بِلَا مَؤُنَةٍ عَلَى نَفْسِي مِنْ ذلِكَ، وَاصْرِفْنِي بِقَضَاءِ حَاجَتِي، وَكِفَايَةِ مَا أَهَمَّنِي هَمُّهُ، مِنْ أَمْرِ دُنْيَايَ وَآخِرَتي يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .

ثمّ تلتفت إلى أميرالمؤمنين عليه السلام وتقول:

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَالسَّلامُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنِ، مَا بَقِيتُ وَبَقِيَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَلَا جَعَلَهُ اللَّهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنِّي لِزِيَارَتِكُمَا، وَلَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمَا .

ثمّ تنصرف.

الزّيارة السّابعة

قال الإمام الصادق عليه السلام : إذا أردت الزّيارة لأمير المؤمنين عليه السلام فأغتسل حيث تيسّر لك وقل حين تعزم:

اَللَّهُمَّ اجْعَلْ سَعْيِي مَشْكُوراً، وَذَنْبِي مَغْفُوراً، وَعَمَلِي مَقْبُولاً، وَاغْسِلْنِي مِنَ الْخَطَايَا وَالذُّنُوبِ، وَطَهِّرْ قَلْبِي مِنْ كُلِّ آفَةٍ، وَزَكِّ عَمَلِي، وَتَقَبَّلْ سَعْيِي، وَاجْعَلْ مَا عِنْدَكَ خَيْراً لِي، اَللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَّوَّابِينَ، وَاجْعَلْنِي مِنَ الْمُتَطَهِّرِينَ، وَالْحَمْدُ للَّهِِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .

ثمّ امش وعليك السّكينة والوقار حتى تأتي باب الحرم فقم على الباب وقل:

اَللَّهُمَّ إنِّي أُرِيدُكَ فَأَرِدْنِي، وَأَقْبَلْتُ بِوَجْهِي إِلَيْكَ فَلَا تُعْرِضْ بِوَجْهِكَ عَنِّي، وَإِنِّي قَصَدْتُ إِلَيْكَ فَتَقَبَّلْ مِنِّي، وَإِنْ كُنْتَ مَاقِتاً فَارْضَ عَنِّي، وَإِنْ كُنْتَ سَاخِطاً عَلَيَّ فَاعْفُ عَنِّي، وَارْحَمْ مَسِيرِي إِلَيْكَ بِرَحْمَتِكَ، أَبْتَغِي بِذلِكَ رِضَاكَ، فَلَا تَقْطَعْ رَجَائِي، وَلَا تُخَيِّبْنِي يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .

اَللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلامُ وَمِنْكَ السَّلامُ وَإِلَيْكَ يَعُودُ السَّلَامُ، وَأَنْتَ مَعْدِنُ السَّلَامِ، حَيِّنَا رَبَّنَا مِنْكَ بِالسَّلَامِ، وَالْحَمْدُ للَّهِِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ صَاحِبَةً وَلَا وَلَداً، وَالْحَمْدُ للَّهِِ الَّذِي خَلَقَ كُلَّ شَيْ ءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً .

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا الْحَسَنِ، أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ مَا أَمَرَكَ

ص: 51

بِهِ، وَوَفَّيْتَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَتَمَّتْ بِكَ كَلِمَاتُ اللَّهِ، وَجَاهَدْتَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى أَتَاكَ الْيَقِينُ، لَعَنَ اللَّهُ مَنْ قَتَلَكَ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ بَلَغَهُ ذلِكَ فَرَضِيَ عَنْهُ، أَنَا بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي وَلِيٌّ لِمَنْ وَالَاكَ، وَعَدُوٌّ لِمَنْ عَادَاكَ، أَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ مِمَّنْ بَرِئْتَ مِنْهُ وَبَرِئَ مِنْكُمْ . ثمّ تقول:

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا الْحَسَنِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه، أَشْهَدُ أَنَّكَ تَسْمَعُ صَوْتِي، أَتَيْتُكَ مُتَعَاهِداً لِدِينِي وَبَيْعَتِي، ائْذَنْ لِي فِي بَيْتِكَ، أَشْهَدُ أَنَّ رُوحَكَ مُقَدَّسَةٌ أُعِينَتْ بِالْقُدْسِ وَالسَّكِينَةِ، جُعِلْتَ لَهَا بَيْتاً، تَنْطِقُ عَلَى لِسَانِكَ .

ثمّ ادخل وقل:

اَلسَّلامُ عَلَى مَلَائِكَةِ اللَّهِ الْمُقَرَّبِينَ . السَّلامُ عَلَى مَلَائِكَةِ اللَّهِ الْمُرْدِفِينَ السَّلامُ عَلَى حَمَلَةِ الْعَرْشِ الْكَرُوبِيِّينَ، السَّلامُ عَلَى مَلَائِكَةِ اللَّهِ الْمُنْتَجَبِينَ، السَّلامُ عَلَى مَلَائِكَةِ اللَّهِ الْمُسَوّميِنَ، السَّلامُ عَلَى مَلَائِكَةِ اللَّهِ الَّذِينَ هُمْ فِي هذَا الْحَرَمِ بِإِذْنِ اللَّهِ مُقِيمُونَ .

اَلْحَمْدُ للَّهِِ الَّذِي أَكْرَمَنِي بِمَعْرِفَتِهِ وَمَعْرِفَةِ رَسُولِهِ وَمَنْ فَرَضَ طَاعَتَهُ، رَحْمَةً مِنْهُ وَتَطَوُّلاً مِنْهُ عَلَيَّ بِذلِكَ . اَلْحَمْدُ للَّهِِ الَّذِي سَيَّرَنِي فِي بِلَادِهِ، وَحَمَلَنِي عَلَى دَوَابِّهِ، وَطَوَى لِيَ الْبَعِيدَ، وَدَفَعَ عَنِّيَ الْمَكَارِهِ حَتَّى أَدْخَلَنِي حَرَمَ وَلِيِّ اللَّهِ، وَأَرَانِيهِ فِي عَافِيَةٍ . اَلْحَمْدُ للَّهِِ الَّذِي هَدَانَا لِهذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّه .

أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلاّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، جَاءَ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيّاً عَبْدُ اللَّهِ وَأَخُو رَسُولِه . اَللَّهُمَّ عَبْدُكَ وَزَائِرُكَ مُتَقَرِّبٌ إِلَيْكَ بِزِيَارَةِ أَخِي رَسُولِكَ، وَعَلَى كُلِّ مَزُورٍ حَقٌّ عَلى أَتَاهُ وَزَارَهُ، وَأَنْتَ أَكْرَمُ مَزُورٍ وَخَيْرُ مَأْتِيٍّ .

فَأَسْأَلُكَ يَا رَحْمنُ يَا رَحِيمُ يَا وَاحِدُ يَا أَحَدُ يَا فَرْدُ يَا صَمَدُ، يَا مَنْ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ،

ص: 52

وَأَنْ تَجْعَلَ تُحْفَتَكَ إِيَّايَ مِنْ زِيَارَتِي فِي مَوْقِفِي هذَا فَكَاكَ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ، وَاجْعَلْنِي مِمَّنْ يُسَارِعُ فِي الْخَيْرَاتِ رَغَباً وَرَهَباً، وَاجْعَلْنِي مِنَ الْخَاشِعِينَ .

اَللَّهُمَّ إِنَّكَ بَشَّرْتَنِي عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكَ فَقُلْتَ: « وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ » . اَللَّهُمَّ فَإِنِّي بِكَ مُؤْمِنٌ وَبِجَمِيعِ آيَاتِكَ مُوقِنٌ، فَلَا تُوقِفْنِي بَعْدَ مَعْرِفَتِهِمْ مَوْقِفاً تَفْضَحُنِي عَلَى رُؤُوسِ الْخَلَائِقِ، بَلْ أَوقِفْنِي مَعَهُمْ وَتَوَفَّنِي عَلَى تَصْدِيقِي، فَإِنَّهُمْ عَبِيدُكَ خَصَصْتَهُمْ بِكَرَامَتِكَ وَأَمَرْتَنِي بِاتِّبَاعِهِمْ .

ثمّ تدنو من القبر وتقول:

اَلسَّلامُ مِنَ اللَّهِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَإِمَامِ الْمُتَّقِينَ . اَلسَّلامُ عَلَى أَمِينِ اللَّهِ عَلَى رِسَالَاتِهِ، وَعَزَائِمِ رُسُلِهِ، وَمَعْدِنِ الْوَحْيِ وَالتَّنْزِيلِ، الْخَاتِمِ لِمَا سَبَقَ، وَالْفَاتِحِ لمَا اسْتُقْبِلَ، وَالْمُهَيْمِنِ عَلَى ذلِكَ كُلِّهِ، وَالشَّاهِدِ عَلَى الْخَلْقِ وَالسِّراجِ الْمُنِيرِ، وَاَلسَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه .

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ الْمَظْلُومِينَ أَفْضَل َوَأَكْمَلَ وَأَرْفَعَ وَأَنْفَعَ وَأَشْرَفَ مَا صَلَّيْتَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَنْبِيَائِكَ وَأَصْفِيَائِكَ .

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤمِنِينَ عَبْدِكَ وَخَيْرِ خَلْقِكَ بَعْدَ نَبِيِّكَ، وَأَخِي نَبِيِّكَ وَوَصِيِّ رَسُولِكَ، الَّذِي انْتَجَبْتَهُ بِعِلْمِكَ، وَجَعَلْتَهُ هَاِدياً لِمَنْ شِئْتَ مِنْ خَلْقِكَ، وَالدَّلِيلَ عَلَى مَنْ بَعَثْتَهُ بِرِسَالَاتِكَ، وَدَيَّانَ الدِّينِ بِعَدْلِكَ، وَفَصْلَ خِطَابِكَ مِنْ خَلْقِكَ، وَالْمُهَيْمِنَ عَلَى ذلِكَ كُلِّهِ، وَالسَّلامُ عَلَيْهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه .

اَللَّهُمَّ وَصَلِّ عَلَى الْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِهِ، الْقَوَّامِينَ بِأَمْرِكَ مِنْ بَعْدِ نَبِيِّكَ، الْمُطَهَّرِينَ الَّذِينَ ارْتَضَيْتَهُمْ أَنْصَاراً لِدِينِكَ وَأَعْلَاماً لِعِبَادِكَ. ثمّ تقول:

اَلسَّلامُ عَلَى الْأَئِمَّةِ الْمُسْتَوْدَعِينَ، السَّلامُ عَلَى خَالِصَةِ اللَّهِ مِنْ خَلْقِهِ أَجْمَعِينَ، السَّلامُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ قَامُوا بِأَمْرِ اللَّهِ، وَخَالَفُوا لِخَوْفِهِ الْعَالَمِينَ . السَّلامُ عَلَى مَلَائِكَةِ اللَّهِ الْمُقَرَّبِينَ . ثمّ تقول:

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِينَ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا حَبِيبَ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا ولِيَّ اللَّهِ، السَّلامُ

ص: 53

عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا إِمَامَ الْهُدَى، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا عَلَمَ التُّقَى، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْبَرُّ التَّقِيُّ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا السِّرَاجُ الْمُنِيرُ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤمِنِينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَصِيَّ الرَّسُولِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا عَمُودَ الدِّينِ، وَوَارِثَ عِلْمِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، وَصَاحِبَ الْمَيْسَمِ وَالصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ اللَّه .

أَنْتَ أَوَّلُ مَظْلُومٍ وَأَوَّلُ مَنْ غُصِبَ حَقُّهُ، صَبَرْتَ وَاحْتَسَبْتَ حَتَّى أَتَاكَ الْيَقِينُ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ لَقِيتَ اللَّهَ وَأَنْتَ شَهِيدٌ، عَذَّبَ اللَّهُ قَاتِلَكَ بِأَنْوَاعِ الْعَذَابِ . جِئْتُكَ يَا وَلِيَّ اللَّهِ عَارِفاً بِحَقِّكَ، مُسْتَبْصِراً بِشَأْنِكَ، مُعَادِياً لِأَعْدَائِكَ وَمَنْ ظَلَمَكَ، أَلْقَى عَلَى ذلِكَ رَبِّي إِنْ شَاءَ اللَّه . إِنَّ لِي ذُنُوباً كَثِيرَةً فَاشْفَعْ لِي فِيهَا عِنْدَ رَبِّكَ ّ فَإِنَّ لَكَ عِنْدَ اللَّهِ مَقَاماً مَحْمُوداً، وَإِنَّ لَكَ عِنْدَهُ جَاهاً وَشَفَاعَةً، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: « وَلَا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى » .

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا نُورَ اللَّهِ فِي سَمَائِهِ وَأَرْضِهِ، وَأُذُنَهُ السَّامِعَةُ وَذِكْرَهُ الْخَالِصَ وَنُورَهُ السَّاطِعَ، أَشْهَدُ أَنَّ لَكَ مِنَ اللَّهِ الْمَزِيدَ، وَأَنَّ وَجْهَكَ إِلَى قِبَلِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَنَّ لَكَ مِنَ اللَّهِ رِزْقاً جَدِيداً، تَغْدُو عَلَيْكَ الْمَلَائِكَةُ فِي كُلِّ صَبَاحٍ، رَبِّ اغْفِرْ لِي، وَتَجَاوَزْ عَنْ سَيِّئَاتِي، وَارْحَمْ طُولَ مَكْثِي فِي الْقِيَامَةِ بِهِ، فَإِنَّكَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ . ثمّ تقول:

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ آدَمَ صَفْوَةِ اللَّه . اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ نِوحٍ نَبِيِّ اللَّه . اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللَّه . اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ هُودٍ نَبِيِّ اللَّه . اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ دَاوُدَ خَلِيفَةِ اللَّه . اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عِيسَى رُوحِ اللَّهِ. اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُحَمَّدٍ حَبِيبِ اللَّهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ اللَّه .

ص: 54

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ الشَّهِيدُ . اَلسَّلامُ عَلَيْكَ وَعَلَى الْأَرْوَاحِ الَّتِي حَلَّتْ بِفِنَائِكَ وَأَنَاخَتْ بِرَحْلِكَ. اَلسَّلامُ عَلَى مَلَائِكَةِ اللَّهِ الْمُحْدِقِينَ بِكَ.

أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ أَقَمْتَ الصَّلَاةَ، وَآتَيْتَ الزَّكَاةَ، وَأَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهَيْتَ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَاتَّبَعْتَ الرَّسُولَ، وَتَلَوْتَ الْكِتَابَ حَقَّ تِلَاوَتِهِ، وَبَلَّغْتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ، وَوَفَيْتَ بِعَهْدِ اللَّهِ، وَتَمَّتْ بِكَ كَلِمَاتُ اللَّهِ، وَجَاهَدْتَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ، وَنَصَحْتَ للَّهِِ وَلِرَسُولِهِ، وَجُدْتَ بِنَفْسِكَ صَابِراً مُحْتَسِباً وَمُجَاهِداً عَنْ دِينِ اللَّهِ، مُوقِياً لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، طَالِباً مَا عِنْدَ اللَّهِ، رَاغِباً فِيمَا وَعَدَ اللَّهُ، وَمَضَيْتَ لِلَّذِي كُنْتَ عَلَيْهِ شَاهِداً وَمَشْهُوداً . فَجَزَاكَ اللَّهُ عَنْ رَسُولهِ وَعَنِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ أَفْضَلَ الْجَزَاءِ .

وَكُنْتَ أَوَّلَ الْقَوْمِ إِسْلَاماً وَأَخْلَصَهُمْ إِيمَاناً وَأَشَدَّهُمْ يَقِيناً، وَأَخْوَفَهُمْ للَّهِِ، وَأَعْظَمَهُمْ عَنَاءً، وَأَحْوَطَهُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَأَفْضَلَهُمْ مَنَاقِبَ، وَأَكْثَرَهُمْ سَوَابِقَ، وَأَرْفَعَهُمْ دَرَجَةً، وَأَشْرَفَهُمْ مَنْزِلَةً، وَأَكْرَمَهُمْ عَلَيْهِ. قَوَيْتَ حِينَ ضَعُفَ أَصْحَابُهُ، وَبَرَرْتَ حِينَ اسْتَكَانُوا، وَنَهَضْتَ حِينَ وَهَنُوا، وَلَزِمْتَ مِنْهَاجَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِه .

وَكُنْتَ خَلِيفَتَهُ حَقّاً بِرَغْمِ الْمُنَافِقِينَ وَغَيْظِ الْكَافِرِينَ وَكَيْدِ الْحَاسِدِينَ وَضِغْنِ الْفَاسِقِينَ، فَقُمْتَ بِالْأَمْرِ حِينَ فَشِلُوا، وَنَطَقْتَ حِينَ تَتَعْتَعُوا، وَمَضَيْتَ بِنُورِ اللَّهِ إِذْ وَقَفُوا، فَمَنِ اتَّبَعَكَ فَقَدْ هُدِيَ، كُنْتَ أَقَلَّهُمْ كَلَاماً، وَأَصْوَبَهُمْ مَنْطِقاً، وَأَكْثَرَهُمْ رَأْياً، وَأَشْجَعَهُمْ قَلْباً، وَأَشَدَّهُمْ يَقِيناً، وَأَحْسَنَهُمْ عَمَلاً، وَأَعْرَفَهُمْ بِاللَّه . كُنْتَ لِلدِّينِ يَعْسُوباً، أَوَّلاً حِينَ تَفَرَّقَ الَنَاسُ، وَآخِراً حِينَ فَشِلُوا، كُنْتَ لِلْمُؤْمِنِينَ أَباً رَحِيماً ؛ إِذْ صَارُوا عَلَيْكَ عِيَالاً، فَحَمَلْتَ أَثْقَالَ مَا عَنْهُ ضَعُفُوا، وَحَفِظْتَ مَا أَضَاعُوا، وَرَعَيْتَ مَا أَهْمَلُوا، وَشَهَّرْتَ إِذْ خَنَعُوا، وَعَلَوْتَ إِذْ هَلَعُوا، وَصَبَرْتَ إِذْ جَزَعُوا .

كُنْتَ عَلَى الْكَافِرِينَ عَذَاباً صَبّاً، وَغِلْظَةً وَغَيْظاً، وَلِلْمُؤْمِنِينَ عَيْناً وَحِصْناً وَعِلْماً، لَمْ تَفْلُلْ حُجَّتُكَ، وَلَمْ يَرْتَبْ قَلْبُكَ، وَلَمْ تَضْعُفْ بَصِيرَتُكَ، وَلَمْ تَجْبُنْ نَفْسُكَ، وَكُنْتَ

ص: 55

كَالْجَبَلِ لا تُحَرِّكُهُ الْعوَاَصِفُ، وَلَا تُزِيلُهُ الْقَوَاصِفُ، وَكُنْتَ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، قَويّاً فِي أَمْرِ اللَّهِ، وَضِيعاً فِي نَفْسِكَ، عَظِيماً عِنْدَ اللَّهِ، كَبِيراً فِي الْأَرْضِ، جَلِيلاً عِنْدَ الْمُؤْمِنيِنَ، لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ فِيكَ مَهْمَزٌ، وَلَا لِقَائِلٍ فِيكَ مَغْمَزٌ، وَلَا لِأَحَدٍ عِنْدَكَ هَوَادَةٌ .

الضَّعِيفُ الذَّلِيلُ عِنْدَكَ قَويٌّ عَزِيزٌ حَتَّى تَأْخُذَ لَهُ بِحَقِّهِ، وَالْقَويُّ الْعَزِيزُ عِنْدَكَ ضَعِيفٌ ذَلِيلٌ حَتَّى تَأْخُذَ مِنْهُ الْحَقَّ، وَالْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ عِنْدَكَ فِي ذلِكَ سَوَاءٌ، شَأْنُكَ الْحَقُّ وَالصِّدْقُ وَالرِّفْقُ، وَقَوْلُكَ حُكْمٌ وَحَتْمٌ، وَأَمْرُكَ حِلْمٌ وَحَزْمٌ، وَرأَيُكَ عِلْمٌ وَعَزْمٌ، إعْتَدَلَ بِكَ الدِّينُ، وَسَهُلَ بِكَ الْعَسِيرُ، وَأُطْفِئَتْ بِكَ النِّيرَانُ، وَقَوِىَ بِكَ الْإِسْلَامُ وَالْمُؤْمِنُونَ، وَسَبَقْتَ سَبْقاً بَعِيداً وَأَتْعَبْتَ مَنْ بَعْدَكَ تَعَباً شَدِيداً، فَعَظُمَتْ رَزِيَّتُكَ فِي السَّمَاءِ، وَهَدَّتْ مُصِيبَتُكَ الْأَنَامَ، فَإِنَّا للَّهِِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ .

وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ قَتَلَكَ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ شَايَعَ عَلَى قَتْلِكَ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ خَالَفَكَ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ ظَلَمَكَ حَقَّكَ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ عَصَاكَ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ غَصَبَكَ حَقَّكَ، لَعَنَ اللَّهُ مَنْ بَلَغَهُ ذلِكَ فَرَضِيَ بِهِ، أَنَا إِلَى اللَّهِ مِنْهُمْ بَرِي ءٌ، لَعَنَ اللَّهُ أُمَّةً خَالَفَتْكَ وَأُمَّةً جَحَدَتْ ولَايَتَكَ، وَأُمَّةً حَادَتْ عَنْكَ، وَأُمَّةً قَتَلَتْكَ . الْحَمْدُ للَّهِِ الَّذِي جَعَلَ النَّارَ مَثْوَاهُمْ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ . اَللَّهُمَّ الْعَنْ قَتَلَةَ أَنْبِيَائِكَ وَأَوْصِياءِ أَنْبِيَائِكَ بِجَمِيعِ لَعَنَاتِكَ، وَأَصْلِهِمْ حَرَّ نَارِكَ . اَللَّهُمَّ الْعَنِ الْجَوَابِيتَ وَالطَّوَاغِيتَ وَكُلَّ نِدٍّ يُدْعَى مِنْ دُونِ اللَّهِ، وَكُلَّ مُلْحِدٍ مُفْتَرٍ، اَللَّهُمَّ الْعَنْهُمْ وَأَشْيَاعَهُمْ وَأَتْبَاعَهُمْ وَأَوْلِيَاءَهُمْ وَأَعْوَانَهُمْ وَمُحِبِّيهِمْ لَعْناً كَثِيراً .

اَللَّهُمَّ الْعَنْ قَتَلَةَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، اَللَّهُمَّ الْعَنْ قَتَلَةَ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، اَللَّهُمَّ عَذِّبْهُمْ عَذَاباً لا تُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعَالَمِينَ، وَضَاعِفْ عَلَيْهِمْ عَذَابَكَ بِمَا شَاقُّوا وُلَاةَ أَمْرِكَ، وَعَذِّبْهُمْ عَذَاباً لَمْ تُحِلَّهُ بِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ، اَللَّهُمَّ أَدْخِلْ عَلَى قَتَلَةِ رَسُولِكَ وَأَوْلَادِ رَسُولِكَ وَعَلَى

ص: 56

قَتَلَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَقَتَلَةِ أَنْصَارِهِ وَقَتَلَةِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَأَنْصَارِهُمَا، وَمَنْ نَصَبَ لِآلِ مُحَمَّدٍ وَشِيعَتِهِمْ حَرْباً مِنَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ عَذَاباً مُضَاعَفاً فِي أَسْفَلِ الدَّرَكِ مِنَ الْجَحِيمِ، لا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ، مَلْعُونُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَدْ عَايَنُوا النَّدَامَةَ وَالْخِزْيَ الطَّوِيلَ ؛ بِقَتْلِهِمْ عِتْرَةَ أَنْبِيَائِكَ وَرُسُلِكَ وَأَتْبَاعَهِمْ مِنْ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ، اَللَّهُمَّ الْعَنْهُمْ فِي مُسْتَسِرِّ السِّرِّ وَظَاهِرِ الْعَلَانِيَةِ فِي سَمَائِكَ وَأَرْضِكَ، اَللَّهُمَّ اجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي أَوْلِيَائِكَ، وَحَبِّبْ إِلَيَّ مَشَاهِدَهُمْ حَتَّى تُلْحِقَنِي بِهِمْ، وَتَجْعَلَنِي لَهُمْ تَبِعاً فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .

ثمّ انكبّ على القبر وأنت تقول:

يَا سَيِّدِي تَعَرَّضْتُ لِرَحْمَتِكَ بِلُزُومِي لِقَبْرِ أَخِي رَسِولِكَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ، عَائِذاً لِتُجِيرَنِي مِنْ نِقْمَتِكَ وَسَخَطِكَ، وَمِنْ زَلَازِلِ يَوْمٍ تَكْثُرُ فِيهِ الْعَثَرَاتُ، يَوْمَ تُقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ، يَوْمَ تَبْيَضُّ فِيهِ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ فِيهِ وُجُوهٌ، يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ، يَوْمَ الْحَسْرَةِ وَالنَّدَامَةِ .(220)

يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ، يَوْمَ مِقْدَارُهُ خَمْسُونَ أَلْفَ سَنَةٍ، يَوْم يَشِيبُ فِيهِ الْوَلِيدُ، وَتَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ، يَوْمَ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ، وَتَشْغَلُ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا قَدَّمَتْ، وَتُجَادِلُ كُلُّ نَفْسٍ عَنْ نَفْسِها، وَيَطْلُبُ كُلُّ ذِي جُرْمٍ الْخَلَاصَ .

ثمّ ارفع رأسك وقل:

اَللَّهُمَّ إِنْ تَرْحَمْنِي الْيَوْمَ وَفِي يَوْمٍ مِقْدَارُهُ خَمْسُونَ أَلْفَ سَنَةٍ فَلَا خَوْفَ وَلَا حُزْنَ، وَإِن تُعَاقِبْ فَمَوْلِيٌّ لَهُ الْقُدْرَةُ عَلَى عَبْدِهِ، وَجَزَاهُ بِسُوءِ فِعْلِهِ، إِنْ لَمْ أَرْحَمْ نَفْسِي فَكُنْ أَنْتَ رَحِيمَهَا، الْحُجَجُ كُلُّهَا لَكَ وَلَا حُجَّةَ لِي وَلَا عُذْرَ . هَا أَنَا ذَا عَبْدُكَ الْمُقِرُّ بِذَنْبِي، فَيَا خَيْرَ مَنْ رَجَوْتُ عِنْدَه الْمَغْفِرَةَ بِالْإِقْرَارِ وَالاِعْتِرافِ، هذِهِ نَفْسِي بِمَا جَنَتْ مُعْتَرِفَةٌ، وَبِذَنْبِي مُقِرَّةٌ، وَبِظُلْمِ نَفْسِي مُعْتَرِفَةٌ، وَذُنُوبِي أَكْثَرُ مِمَّا أُحْصِيهَا، وَإِنَّمَا يَخْضَعُ الْعَبْدُ الْعَاصِي لِسَيِّدِهِ، وَيَخْشَعُ

ص: 57

لِمَوْلَاهُ بِالذُّلِّ، فَيَا مَنْ أُقِرُّ لَهُ بِالذُّنُوبِ، مَا أَنْتَ صَانِعٌ بِمُقِرٍّ لَكَ بِذَنْبِهِ ؟ مُتَقَرِّبٍ إِلَيْكَ بِرَسُولِكَ وَعِتْرَةِ نَبِيِّكَ، لَائِذٍ بِقَبْرِ أَخِي رَسُولِكَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا .

يَا مَنْ يَمْلِكُ حَوَائِجَ السَّائِلِينَ، وَيَعْرِفُ ضَمِيرَ الصَّامِتِينَ، كَمَا وَفَّقْتَنِي لِزِيَارَتِي وَوَفَادَتِي وَمَسْأَلَتِي وَرَحِمْتَنِي بِذلِكَ، فَأَعْطِنِي مُنَايَ فِي آخِرَتِي وَدُنْيَايَ، وَوَفِّقْنِي لِكُلِّ مَقَامٍ مَحْمُودٍ تُحِبُّ أَنْ تُدْعَى فِيهِ بِأَسْمَائِكَ وَتُسْأَلُ فِيهِ مِنْ عَطَائِكَ . اَللَّهُمَّ إنِّي لُذْتُ بِقَبْرِ أَخِي رَسُولِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِكَ، فَانْظُرِ الْيَوْمَ إلَى تَقَلُّبِي فِي هذَا الْقَبْرِ وَبِهِ فُكَّنِي مِنَ النَّارِ، وَلَا تَحْجُبْ عَنْكَ صَوْتِي، وَلَا تَقْلِبْنِي بِغَيْرِ قَضَاءِ حَوَائِجِي، وَارْحَمْ تَضَرُّعِي وَتَمَلُّقِي وَعَبْرَتِي، وَاقْلِبْنِي الْيَوْمَ مُفْلِحاً مُنْجِحاً، وَأَعْطِنِي أَفْضَلَ مَا أَعْطَيْتَ مَنْ زَارَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِكَ .

ثمّ إجلس عند رأسه وقل:

سَلَامُ اللَّهِ وَسَلَامُ مَلَائِكَتِهِ الْمُقَرَّبِينَ، وَالْمُسَلِّمِينَ لَكَ بِقُلُوبِهِمْ، وَالنَّاطِقِينَ بِفَضْلِكَ، وَالشَّاهِدِينَ عَلَى أَنَّكَ صَادِقٌ صِدِّيقٌ عَلَيْكَ يَا مَوْلَايَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ وَعَلَى رُوحِكَ وَبَدَنِكَ، أَشْهَدُ أَنَّكَ طُهْرٌ طَاهِرٌ مُطَهَّرٌ، مِنْ طُهْرٍ طَاهِرٍ مُطَهَّرٍ، أَشْهَدُ لَكَ يَا وَلِيَّ اللَّهِ وَوَلِيَّ رَسُولِهِ بِالْبَلَاغِ وَالْأَدَاءِ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ حَبِيبُ اللَّهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ بَابُ اللَّهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ وَجْهُ اللَّهِ الَّذِي مِنْهُ يُؤْتَى، وَأَنَّكَ سَبِيلُ اللَّهِ وَأَنَّكَ عَبْدُ اللَّه .

أَتَيْتُكَ وَافِداً لِعَظِيمِ حَالِكَ وَمَنْزِلَتِكَ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، أَتَيْتُكَ مُتَقَرِّباً إِلَى اللَّهِ بِزِيَارَتِكَ، رَاغِباً إِلَيْكَ فِي الشَّفَاعَةِ، أَبْتَغِي بِزِيَارَتِكَ خَلَاصَ نَفْسِي، مُتَعَوِّذاً بِكَ مِنْ نَارٍ اسْتَحَقَّهَا مِثْلِي بِمَا جَنَيْتُ عَلَى نَفْسِي، هَارِباً مِنْ ذُنُوبِيَ الَّتِي احْتَطَبْتُها عَلَى ظَهْرِي، فَزِعاً إِلَيْكَ رَجَاءَ رَحْمَةِ رَبِّي، أَتَيْتُكَ أَسْتَشْفِعُ بِكَ يَا مَوْلَايَ إِلَى اللَّهِ لِيَقْضِيَ بِكَ حَاجَتِي، فَاشْفَعْ لِي يَا مَوْلَايَ، أَتَيْتُكَ مَكْرُوباً مَغْمُوماً قَدْ أَوْقَرْتُ ظَهْرِي ذُنُوباً فَاشْفَعْ لِي عِنْدَ رَبِّكَ .

أَتَيْتُكَ زَائِراً عَارِفاً بِحَقِّكَ، مُقِرّاً بِفَضْلِكَ،

ص: 58

مُسْتَبْصِراً بِضَلَالَةِ مَنْ خَالَفَكَ، أَتَيْتُكَ انْقِطَاعاً إِلَيْكَ وَإِلَى وُلْدِكَ الْخَلَفِ مِنْ بَعْدِكَ عَلَى الْحَقِّ، فَقَلْبِي لَكُمْ مُسَلِّمٌ، وَأَمْرِي لَكُمْ مُتَّبِعٌ، وَنُصْرَتِي لَكُمْ مُعَدَّةٌ حَتَّى يُحْيِيَ اللَّهُ بِكُمْ دِينَهُ وَيَرُدَّكُمْ، فَمَعَكُمْ مَعَكُمْ لا مَع غَيْرِكُمْ، إِنِّي مِنَ الْمُؤمِنِينَ بِرَجْعَتِكُمْ، لا مُنْكِرٌ للَّهِِ قُدْرَةً وَلَا مُكَذِّبٌ مِنْهُ مَشِيَّةً . أَتَيْتُكَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي وَمَالِي وَنَفْسِي زَائِراً وَمُتَقَرِّباً إِلَى اللَّهِ بِزِيَارَتِكَ، مُتَوَسِّلاً إِلَيْكَ بِكَ ؛ إِذْ رَغِبَ عَنْكُمْ مُخَالِفُوكُمْ، وَاتَّخَذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُواً، وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا .

وَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَمَوْلَاكَ فِي طَاعَتِكَ، الْوَافِدُ إِلَيْكَ، أَلْتَمِسُ بِذلِكَ كَمَالَ الْمَنْزِلَةِ عِنْدَ اللَّهِ، وَأَنْتَ مَوْلَايَ مِمَّنْ حَثَّنِي اللَّهُ عَلَى بِرِّهِ، وَدَلَّنِي عَلَى فَضْلِهِ، وَهَدَانِي لِحُبِّهِ، وَرَغَّبَنِي فِي الْوِفَادَةِ إِلَيْهِ، وَأَلْهَمَنِي طَلَبَ الْحَوَائِجِ عِنْدَه . أَنْتُمْ أَهْلُ بَيْتٍ لا يَشْقَى مَنْ تَوَّلَاكُمْ، وَلَا يَخِيبُ مَنْ نَادَاكُمْ، وَلَا يَخْسَرُ مَنْ يَهْوَاكُمْ، وَلَا يَسْعَدُ مَنْ عَاَداكُمْ، لا أَجِدُ أَحَداً أَفْزَعُ إِلَيْهِ خَيْراً لِي مِنْكُمْ، أَنْتُمْ أَهْلُ بَيْتِ الرَّحْمَةِ، وَدَعَائِمُ الدِّينِ وَأَرْكَانُ الْأَرْضِ، وَالشَّجَرَةُ الطَّيِّبَةُ، أَتَيْتُكُمْ زَائِراً، وَبِكُمْ مُتَعَوِّذاً، لِمَا سَبَقَ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنَ الْكَرَامَةِ .

اَللَّهُمَّ لا تُخَيِّبْ تَوَجُّهِي إِلَيْكَ بِرَسُولِكَ وَآلِ رَسُولِكَ، وَاسْتَنْقِذْنَا بِحُبِّهِمْ، يَا مَنْ لا يَخِيبُ سَائِلُه . اَللَّهُمَّ إِنَّكَ مَنَنْتَ عَلَيَّ بِزِيَارَةِ مَوْلَايَ وَوِلَايَتِهِ وَمَعْرِفَتِهِ فَاجْعَلْنِي مِمَّنْ يَنْصُرُهُ وَيَنْتَصِرُ بِهِ، وَمُنَّ عَلَيَّ بِنَصْرِي لِدِينِكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ . اَللَّهُمَّ تَوَفَّنِي عَلَى دِينِه .

اَللَّهُمَّ أَوْجِبْ لِي مِنَ الرَّحْمَةِ وَالرِّضْوَانِ وَالْمَغْفِرَةِ وَالرِّزْقِ الْوَاسِعِ الْحَلَالِ مَا أَنْتَ أَهْلُه . اَللَّهُمَّ افْعَلْ بِي مَا أَنْتَ أَهْلُه . اَللَّهُمَّ إنِّي أَحْيَا عَلَى مَا حَيَّ عَلَيْهِ مَوْلَايَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَأَمُوتُ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْه . اَللَّهُمَّ اخْتِمْ لِي بِالسَّعَادَةِ وَالْمَغْفِرَةِ وَالْخَيْرِ .(1)

الزّيارة الثامنة

تقف على الباب و تقول :

إِئْذَنْ لِي

ص: 59


1- إبن المشهدى، المزار الكبير، ص 225 .

عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَفْضَلَ مَا أَذِنْتَ لِمَنْ أَتَاكَ عَارِفاً بِحَقِّكَ، فَإِنْ لَمْ أَكُنْ لِذلِكَ أَهْلاً فَأَنْتَ لَهُ أَهْلٌ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ وَعَلَى الْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِكَ .

ثمّ تقف على المشهد وتقول:

اَلسَّلامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ الْبَشِيرِ النَّذِيرِ، السِّراجِ الْمُنِيرِ، الرَؤُوفِ الرَّحِيمِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا سَيِّدَ الْوَصِيِّينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا إِمَامَ الْمُتَّقِينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا يَعْسُوبَ الْمُؤْمِنِينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا قَائِدَ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَّ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْإِمَامُ الْبَرُّ التَّقِيُّ النَّقِيُّ الرَّضِيُّ الْمَرْضِيُّ الْوَفِيُّ الصِدِّيقُ الْأَكْبَرُ الطُّهْرُ الطَّاهِرُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه .

أَشْهَدُ أَنَّكَ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ بَعْدَ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَعَيْبَةُ عِلْمِهِ وَمِيزَانُ قِسْطِهِ وَمِصْبَاحُ نُورِهِ الَّذِي يَقْطَعُ بِهِ الرَّاكِبُ مِنْ عَرْضِ الظُّلْمَةِ إِلَى ضِيَاءِ النُّورِ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ الْفَارِقُ بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، وَالْأَمِينُ عَلَى بَاطِنِ السِّرِّ، وَمُسْتَوْدَعُ الْعِلْمِ وَخَازِنُ الْوَحْيِ، وَالْعَالِمُ بِكُلِّ سِفْرٍ، وَالْمُبْتَدِي بِشَرَائِعِ الْحَقِّ وَمِنْهَاجِ الصِّدْقِ، وَالْمُوَضِّحُ سُبُلَ النَّجَاةِ، وَالذَّائِدُ عَنْ سُبُلِ الْهَلَكَاتِ . وَأَشْهَدُ أَنَّكَ خَيْرُ الدَّهْرِ وَنَامُوسُهُ، وَحُجَّةُ الْمَعْبُودِ وَتَرْجُمَانُهُ، وَالشَّاهِدُ لَهُ وَالدَّالُّ عَلَيْهِ، وَالْحَبْلُ الْمَتِينُ وَالنَّبَأُ الْعَظِيمُ، وَصِراطُ اللَّهِ الْمُسْتَقيمُ .

وَأَشْهَدُ أَنَّكَ وَالْأَئِمَّةَ مِنْ وُلْدِكَ سَفِينَةُ النَّجَاةِ، وَدَعَائِمُ الْأَوْتَادِ، وَأَرْكَانُ الْبِلَادِ وَسَاسَةُ الْعِبَادِ، وَحُجَّةُ اللَّهِ عَلَى جَمِيعِ الْبِلَادِ، وَالسَّبِيلُ إِلَيْهِ وَالْمَسْلَكُ إِلَى جَنَّتِهِ، وَالْمَفْزَعُ إِلَى طَاعَتِهِ، وَالْوَجْهُ وَالْبَابُ الَّذِي مِنْهُ يُؤْتَى، وَالْمَفْزَعُ وَالرُّكْنُ وَالْكَهْفُ وَالْحِصْنُ وَالْمَلْجَأُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ الْمُتَمَسِّكُ بِوِلَايَتِكُمْ مِنَ الْفَائِزِينَ بِالْكَرَامَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ عَدَلَ عَنْكُمْ لَنْ يَقْبَلَ اللَّهُ لَهُ عَمَلاً، وَلَمْ يُقِمْ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً، وَهُوَ مِنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه .

ثمّ تنكبّ على القبر وتقول:

إِلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وُفُودِي، وَبِكَ أَتَوَسَّلُ إِلَى رَبِّكَ

ص: 60

وَربِّي، وَأَشْهَدُ أَنَّ الْمُتَوَسِّلَ بِكَ غَيْرُ خَائِبٍ، وَأَنَّ الطَّالِبَ بِكَ غَيرُ مَرْدُودٍ إِلاّ بِنَجَاحِ طَلِبَتِهِ، فَكُنْ شَفِيعاً إِلَى رَبِّكَ وَرَبِّي فِي فَكَاكِ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ وَغُفْرَانِ ذُنُوبِي وَكَشْفِ شِدَّتِي وَإِعْطَاءِ سُؤْلِي فِي دُنْيَايَ وَآخِرَتِي إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ .

ثمّ تصلّي عند الرّأس أربع ركعات ندباً وتقول بعد صلاتك:

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّه . اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ آدَمَ صَفْوَةِ اللَّه . اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ نُوحٍ نَبِيِّ اللَّه . اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللَّه . اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُوسَى كَلِيمِ اللَّه . اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عِيسَى رُوحِ اللَّه . اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا حَبِيبَ اللَّهِ وَخِيَرَتَهُ. اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا سَفِيرَ اللَّهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا خَلِيفَة اللَّهِ فِى أَرْضِهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللَّهِ وَسَيْفَه . اَلسَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ.

اَلسَّلامُ عَلَيْكِ يَا فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءُ وَالطُّهْرُ الْبَتُولُ سَيِّدَةُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ الزَّكِيُّ رُكْنَ الدِّينِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ النُّورُ الْمُبِينُ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ زَيْنَ الْعَابِدِينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ بَاقِرَ كِتَابِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِاللَّهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ سَيِّدَالصَّادِقِينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا إِبْرَاهِيمَ حَبِيسَ الظَّالِمِينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا فِي الْمَرْضِيِّينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الرِّضَا فِي الْمُؤْمِنِينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بِنِ عَلِيٍّ هَادِي الْمُسْتَرْشِدِينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ الْمَيْمُونُ خُزَانَةَ الْوَصِيِّينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةُ بْنُ الْحَسَنِ الْهَادِي الْمَهَدِيُّ حُجَّةَ اللَّهِ عَلَى الْعَالَمِينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ

ص: 61

يَا سَادَاتِي، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه .

اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ يَا خُزَّانَ عِلْمِ اللَّهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ يَا تَرَاجِمَةَ وَحْيِ اللَّهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ يَا صَادِقِينَ عَنِ اللَّهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ يَا عِتْرَةَ رَسُولِ اللَّهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ يَا نَاصِرِي دِينِ اللَّهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا الْحَاكِمُونَ بِحُكْمِ اللَّهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ يَا سَادَةَ الْوَرَى وَالْآيَةَ الْكُبْرَى وَالْحُجَّةَ الْعُظْمَى وَالدَّعْوَةَ الْحُسْنَى وَالْمَثَلَ الْأَعَلَى وَشَجَرَةَ الْمُنْتَهَى وَبَابَ الْهُدَى وَكَلِمَةَ التَّقْوَى وَالْعُرْوَةَ الْوُثْقَى . اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ يَا مَنِ اتَّخَذَهُمُ اللَّهُ رَحْمَةً لِخَلْقِهِ وَأَنْصَاراً لِدِينِهِ وَقُوَّاماً بِأَمْرِهِ وَخُزَّاناً لِعِلْمِهِ وَحُفَّاظاً لِسِرِّهِ، وَتَرَاجِمَةً لِوَحْيِهِ، وَمَعَادِنَ كَلِمَاتِهِ، وَأَوْرَثَكُمْ كِتَابَهُ، وَخَصَّكُمْ بِكَرَائِمِ التَّنْزِيلِ، وَضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ نُورِهِ، وَأَجْرَى فِيكُمْ مِنْ رُوحِه .

اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا الْأَئِمَّةُ الْهُدَاةُ، وَالسَّادَةُ الْوُلَاةُ، وَالْقَادَةُ الْحُمَاةُ، وَالذَّادَةُ السُّعَاةُ . اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ يَا أُولِي الذِّكْرِ وَخُزَّانَ الْعِلْمِ وَمُنْتَهَى الْحِلْمِ وَقَادَةَ الْأُمَمِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ يَا بَقِيَّةَ اللَّهِ وَخِيَرَتَهُ، اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ يَا سُفَرَاءَ اللَّهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ يَا خُلَفَاءَ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ، أَشْهَدُ أَنَّكُمْ الْأَئِمَّةُ الرَّاشِدُونَ الْمَهْدِيُّونَ النَّاطِقُونَ الصَّادِقُونَ الْمُقَرَّبُونَ الْمُطَهَّرُونَ الْمَعْصُومُونَ، عَصَمَكُمُ اللَّهُ مِنَ الذُّنُوبِ، وَبَرَّأَكُمْ مِنَ الْعُيُوبِ، وَائْتَمَنَكُمْ عَلَى الغُيُوبِ، وَآمَنَكُمْ مِنَ الْفِتَنِ، وَاسْتَرْعَاكُمُ الْأَنَامَ، وَفَوَّضَ إِلَيْكُمُ الْأُمُورَ، وَجَعَلَ إِلَيْكُمُ التَّدْبِيرَ، وَعَرَّفَكُمُ الْأَسْبَابَ وَالْأَنْسَابَ، وَأَوْرَثَكُمُ الْكِتَابَ، وَأَعْطَاكُمُ الْمَقَالِيدَ، وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا خَلَقَ .

فَعَظَّمْتُمْ جَلَالَهُ، وَأَكْبَرْتُمْ شَأْنَهُ، وَمَجَّدْتُمْ كَرَمَهُ، وَأَدَمْتُمْ ذِكْرَهُ، وَتَلَوْتُمْ كِتَابَهُ، وَحَلَّلْتُمْ حَلَالَهُ، وَحَرَّمْتُمْ حَرَامَهُ، وَأَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ، وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ، وَأَمَرْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَيْتُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَمِيرَاثُ النُّبُوَّةِ عِنْدَكُمْ، وَإِيَابُ الْخَلْقِ إِلَيْكُمْ، وَحِسَابُهُمْ عَلَيْكُمْ، وَفَصْلُ الْخِطَابِ عِنْدَكُمْ، وَبُرْهَانُهُ مَعَكُمْ، وَنُورُهُ مِنْكُمْ، وَأَمْرُهُ إِلَيْكُمْ، مَنْ وَالَاكُمْ يَا سَادَاتِي فَقَدْ وَالَى اللَّهَ، وَمَنْ عَادَاكُمْ فَقَدْ عَادَى اللَّه .

أَنْتُمْ أُمَنَاءُ اللَّهِ وَأَنْتُمْ آلَاءُ اللَّهِ وَأَنْتُمْ دَلَائِلُ اللَّهِ وَأَنْتُمْ خُلَفَاءُ اللَّهِ، وَأَنْتُمْ حُجَجُ اللَّهِ عَلَى

ص: 62

خَلْقِهِ، فَبِكُمْ يَعْرِفُ اللَّهَ الْخَلاَئِقُ وَبِكُمْ يُتْحِفُهُمْ، أَنْتُمْ يَا سَادَاتِي السَّبِيلُ الْأَعْظَمُ وَالصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ وَالنَّبَأُ الْعَظِيمُ وَالْحَبْلُ الْمَتِينُ وَالسَّبَبُ الْمَمْدُودُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ دَارِ الْفَنَاءِ وَشُفَعَاءُ دَارِ الْبَقَاءِ، أَنْتُمْ الرَّحْمَةُ الْمَوُصُولَةُ وَالْآيَةُ المَخْزُونَةُ وَالْبَابُ الْمُمْتَحَنُ بِهِ النَّاسُ، مَنْ أَتَاكُمْ نَجَا وَمَنْ تَخَلَّفَ عَنْكُمْ هَوَى .

أَشْهَدُ أَنَّكُمْ يَا سَادَاتِي إِلَى اللَّهِ تَدْعُونَ، وَإِلَيْهِ تُرْشِدُونَ، وَبِقَوْلِهِ تَحْكُمُونَ، لَمْ تَزَالُوا بِعَيْنِهِ وَعِنْدَه فِي مَلَكُوتِهِ تَأْمُرُونَ، وَلَهُ تُخْلِصُونَ، وَبِعَرْشِهِ مُحْدِقُونَ، وَلَهُ تُسَبِّحُونَ وَتُقَدِّسُونَ وَتُمَجِّدُونَ وَتُهَلِّلُونَ وَتُعَظِّمُونَ، وَبِهِ حَافُّونَ، حَتَّى مَنَّ عَلَيْنَا فَجَعَلَكُمْ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ، فَتَوَلَّى جَلَّ ذِكْرُهُ تَطْهِيرَ بُيُوتٍ خَلْقَهَا بِتَعْظِيمِها، فَرَفَعَهَا عَلَى كُلِّ بَيْتٍ طَهَّرَهُ فِي الْأَرْضِ، وَعَلَّاهَا عَلَى كُلِّ بَيْتٍ قَدَّسَهُ فِي السَّمَاءِ، لا يُوَازِيهَا خَطَرٌ، وَلَا يَسْمُو إِلَيْهَا الْفِكْرُ، يَتَمَنَّى كُلُّ أَحَدٍ أَنَّهُ مِنْكُمْ، وَلَا تَتَمَنُّونَ أَنْتُمْ أَنَّكُمْ مِنْ غَيْرِكُمْ .

إِلَيْكُمُ انْتَهَتِ الْمَكَارِمُ وَالشَّرَفُ، وَفِيكُمُ اسْتَقَرَّتِ الْأَنْوَارُ وَالْمَجْدُ وَالْسُؤْدَدُ، فَلَيْسَ فَوْقَكُمْ أَحَدٌ إِلاّ اللَّهُ، وَلَا أَقْرَبَ إِلَيْهِ مِنْكُمْ، وَلَا أَكْرَمَ عَلَيْهِ مِنْكُمْ، وَلَا أَحْظَى لَدَيْه . أَنْتُمْ سُكَّانُ الْبِلَادِ وَنُورُ الْعِبَادِ، وَعَلَيْكُمُ الْاِعْتِمَادُ فِي يَوْمِ الْمَعَادِ، كُلَّمَا غَابَ مِنْكُمْ حُجَّةٌ أَوْ أَفَلَ مِنْكُمْ نَجْمٌ أَطْلَعَ اللَّهُ خَلَفَهُ مِنْكُمْ، خَلَفاً نَيِّراً وَنُوراً بَيِّناً خَلَفاً عَنْ سَلَفٍ، لا تَنْقَطِعُ عَنْكُمْ مَوَادُّهُ، وَلَا يُسْلَبُ مِنْكُمْ أَمْرُهُ، سَبَبٌ مَوُصُولٌ مِنَ اللَّهِ، وَجَعَلَ مَا خَصَّنَا بِهِ مِنْ مَعْرِفَتِكُمْ تَطْهِيرًا لِذُنُوبِنَا، وَتَزْكِيَةً لِأَنْفُسِنَا ؛ إِذْ كُنَّا عِنْدَهُ مُعْتَرِفِينَ بِحَقِّكُمْ، فَبَلَغَ اللَّهُ بِكُمْ يَا سَادَاتِي نِهَايَةَ الشَّرَفِ، وَزَادَكُمْ مَا أَنْتُمْ أَهُلُهُ وَمُسْتَحِقُّوهُ مِنْه .

وَأَشْهَدُ يَا مَوَالِيَّ - وَطُوبَى لِي إِنْ كُنْتُمْ مَوَالِيَّ - أَنِّي عَبْدُكُمْ، وَطُوبَى لِي إِنْ قَبِلْتُمُونِي عَبْداً، وَأَنِّي مُقِرٌّ بِكُمْ، مُعْتَصِمٌ بِحَبْلِكُمْ، مُتَوَقِّعٌ لِدَوْلَتِكُمْ، مُنْتَظِرٌ لِرَجْعَتِكُمْ، عَامِلٌ

ص: 63

بِأَمْرِكُمْ، آخِذٌ بِقَوْلِكُمْ، لَائِذٌ بِحَرَمِكُمْ، مُتَقَرِّبٌ إِلَى اللَّهِ بِكُمْ . يَا سَادَاتِي بِكُمْ يُمْسِكُ اللَّهُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلاّ بإِذْنِهِ، وَبِكُمْ يُنَزِّلُ الْغَيْثَ، وَيَكْشِفُ الْكَرْبَ، وَيُغْنِي الْمُعْدِمَ، وَيَشْفِي السَّقِيمَ . لَبَّيْكُمْ وَسَعْدَيْكُمْ يَا مَنِ اصْطَفَاهُمُ اللَّهُ فَقَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ : « إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى مِنَ الْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ » .

فَأَنْتُمُ السَّفَرَةُ الْكِرَامُ الْبَرَرَةُ، أَنْتُمُ الْعِبَادُ الْمُكْرَمُونَ، الَّذِينَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ، وَأَنْتُمْ الصَّفْوَةُ الَّتِي اصْطَفَاهَا اللَّهُ، وَصَفَّاهَا وَوَصَفَهَا فِي كِتَابِهِ فَقَالَ: « إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ × ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ »، فَأَنْتُمُ الذُّرِّيَّةُ الْمُخْتَارَةُ، وَالْأَنْفُسُ الْمُجَرَّدَةُ، وَالْأَرْوَاحُ الْمُطَهَّرَةُ . يَا مُحَمَّدُ يَا عَلِيُّ يَا فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءُ يَا حَسَنُ يَا حُسَيْنُ سَيِّدَيْ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، يَا مَوَالِيَّ الطَّاهِرِينَ، يَا ذَوِي النُّهَى وَالتُّقَى، يَا أَنْوَارَ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ الَّتِي لا تُطْفَأُ، يَا عُيُونَ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ، أَنَا مُنْتَظِرٌ لِأَمْرِكُمْ، مُتَرَقِّبٌ لِدَوْلَتِكُمْ، مَعَكُمْ لا مَعَ غَيْرِكُمْ، إِلَيْكُمْ لا إِلَى عَدِوِّكُمْ، آمَنْتُ بِكُمْ وَبِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ، وَأَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ مِنْ عَدِوِّكُمْ.

وَأَشْهَدُ يَا مَوَالِيَّ أَنَّكُمْ تَسْمَعُونَ كَلَامِي، وَتَرَوْنَ مَقَامِي، وَتَعْرِفُونَ مَكَانِي، وَتَرُدُّونَ سَلَامِي، وَأَنَّكُمْ حُجَجُ اللَّهِ الْبَالِغَةُ، وَنِعَمُهُ السَّابِغَةُ، فَاذْكُرُونِي عِنْدَ رَبِّكُمْ، وَأَوْرِدُونِي حَوْضَكُمْ، وَاسْقُونِي بِكَأْسِكُمْ، وَاحْشُرُونِي فِي جُمْلَتِكُمْ، وَاحْرُسُونِي مِنْ مَكَارِهِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَإِنَّ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ مَقَاماً مَحْمُوداً، وَجَاهاً عَرِيضاً، وَشَفَاعَةً مَقْبُولَةً .

فَإِنِّي قَصَدْتُ إِلَيْكُمْ، وَرَجَوْتُ بِسَلاَمِي عَلَيْكُمْ، وَوُقُوفِي بِعَرْصَتِكُمْ، وَاسْتِشْفَاعِي بِكُمْ إِلَى اللَّهِ أَنْ يَعْفُوَ عَنِّي وَيَغْفِرَ ذَنْبِي، وَيُعِزَّ ذُلِّي، وَيَرْفَعَ ضَرْعَتِي، وَيُقَوِّيَ ضُعْفِي، وَيَسُدَّ فَقْرِي، وَيُبَلِّغَنِي أَمَلِي، وَيُعْطِيَنِي مُنْيَتِي، وَيَقْضِيَ حَاجَتِي فِيمَا ذَكَرْتُهُ مِنْ حَوَائِجي وَمَا لَمْ أَذْكُرْهُ، مَا عُلِمَ أَنَّ فِيهِ الْخِيَرَةَ لِي حَتَّى يُوصِلَنِي بِذلكَ

ص: 64

إِلَى رِضَاهُ وَالْجَنَّةَ .

اَللَّهُمَّ شَفِّعْهُمْ فِيَّ وَشَفِّعْنِي بِهِمْ، وَبَلِّغْنِي مَا سَأَلْتُ وَتَوَسَّلْتُ بِهِمْ، وَلَا تُخَيِّبْنِي مِمَّا رَجَوْتُهُ فِيهِمْ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .

فإذا أردت الوداع فقل:

لا جَعَلَهُ اللَّهُ يَا مَوْلَايَ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيَارَتِكَ، وَرَزَقَنِي الْعَوْدَ إِلَيْكَ وَالْمَقَامَ فِي حَرَمِكَ، وَالْكَوْنَ مَعَكَ وَمَعَ الْأَبْرَارِ مِنْ وُلْدِكَ .

ثمّ اخرج القهقرى وقل:

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا سَيِّدَ الْوَصِيِّينَ، وَالسَّلامُ عَلَى الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ .

وقل في مسيرك إلى أن تبعد عن القبر:

إِنَّا للَّهِِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلاّ بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، وَحَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ .(1)

الزّيارة التّاسعة

رُوي عن مولانا محمّد الباقرعليه السلام أنّه قال: مضيتُ مع والدي عليّ بن الحسين عليهما السلام إلى قبر جدّي أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام بالنّجف بناحية الكوفة فوقف عليه ثمّ بكى وقال:

اَلسَّلامُ عَلَى أَبِي الْأَئِمَّةِ، وَخَلِيلِ النُّبُوَّةِ، وَالْمَخْصُوصِ بِالْأُخُوَّةِ، اَلسَّلامُ عَلَى يَعْسُوبِ الْإِيمَانِ، وَمِيزَانِ الْأَعْمَالِ، وَسَيْفِ ذِي الْجَلَالِ، اَلسَّلامُ عَلَى صَالِحِ الْمُؤْمِنِينَ، وَوَارِثِ عِلْمِ النَّبِيِّينَ، الْحَاكِمِ فِي يَوْمِ الدِّينِ، اَلسَّلامُ عَلَى شَجَرَةِ التَّقْوَى، اَلسَّلامُ عَلَى حُجَّةِ اللَّهِ الْبَالِغَةِ، وَنِعْمَتِهِ السَّابِغَةِ، وَنِقْمَتِهِ الدَّامِغَةِ، اَلسَّلامُ عَلَى الصِّرَاطِ الْوَاضِحِ، وَالنَّجْمِ اللَّائِحِ، وَالْإِمَامِ النَّاصِحِ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه . ثمّ قال:

أَنْتَ وَسِيلَتِي إِلَى اللَّهِ وَذَرِيعَتِي، وَلِي حَقُّ مُوَالَاتِي وَتَأْمِيلِي، فَكُنْ لِي شَفِيعِي إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْوُقُوفِ عَلَى قَضَاءِ حَاجَتِي، وَهِيَ فَكَاكُ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ، وَاصْرِفْنِي فِي مَوْقِفِي هذَا بِالنُّجْحِ، وَبِمَا سَأَلْتُهُ كُلِّهِ، بِرَحْمَتِهِ وَقُدْرَتِه . اَللَّهُمَّ ارْزُقْنِي عَقْلاً كَامِلاً، وَلُبّاً رَاجِحاً، وَقَلْباً زَاكِياً، وَعَمَلاً كَثِيراً، وَأَدَباً بَارِعاً، وَاجْعَلْ ذلِكَ كُلَّهُ لِي، وَلَا تَجْعَلْهُ عَلَيَّ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ(2).

الزيارة العاشرة

قال الصادق عليه السلام: إذا أردت زيارة قبر أميرالمؤمنين عليه السلام فتوضّأ واغتسل وامش على هُنيئتك وقل:

ص: 65


1- إبن المشهدي، المزار الكبير، ص 244 .
2- المحدّث النوري، مستدرك الوسائل، ط 1، قم، 1407 ه- .، ج 10، ص 222 .

َلْحَمْدُ للَّهِِ الَّذِي أَكْرَمَنِي بِمَعْرِفَتِهِ وَمَعْرِفَةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَمَنْ فَرَضَ طَاعَتَهُ رَحْمَةً مِنْهُ لِي، وَتَطَوُّلاً مِنْهُ عَلَيَّ بِالْإِيمَانِ . اَلْحَمْدُ للَّهِِ الَّذِي سَيَّرَنِي فِي بِلَادِهِ، وَحَمَلَنِي عَلَى دَوَابِّهِ، وَطَوَى لِيَ الْبَعِيدَ، وَدَفَعَ عَنِّيَ الْمَكْرُوهَ حَتَّى أَدْخَلَنِي حَرَمَ أَخِي رَسُولِهِ، فَأَرَانِيهِ فِي عَافِيَةٍ . اَلْحَمْدُ للَّهِِ الَّذِي جَعَلَنِي مِنْ زُوَّارِ قَبْرِ وَصِيِّ رَسُولِهِ، اَلْحَمْدُ للَّهِِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّه .

أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلاّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، جَاءَ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيّاً عَبْدُ اللَّهِ وَأَخُو رَسُولِهِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، ] اَللَّهُمَّ عَبْدُكَ وَزَائِرُكَ يَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِزِيَارَةِ قَبْرِ أَخِي رَسُولِكَ، وَعَلَى كُلِّ مَأْتِيٍّ حَقٌّ لِمَنْ أَتَاهُ وَزَارَهُ، وَأَنْتَ خَيْرُ مَأْتِيٍّ وَأَكْرَمُ مَزُورٍ، فَأَسْأَلُكَ يَا اَللَّهُ يَا رَحْمنُ يَا رَحِيمُ يَا جَوَادُ يَا وَاحِدُ يَا أَحَدُ يَا فَرْدُ يَا صَمَدُ يَا مَنْ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ وَأَنْ تَجْعَلَ تُحْفَتَكَ إِيَّايَ مِنْ زِيَارَتِي فِي مَوْقِفِي هذَا فَكَاكَ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ، وَاجْعَلْنِي مِمَّنْ يُسَارِعُ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُوكَ رَغَباً وَ رَهَباً، وَاجْعَلْنِي لَكَ مِنَ الْخَاشِعِينَ .

اَللَّهُمَّ إِنَّكَ بَشَّرْتَنِي عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فَقُلْتَ: « فَبَشِّرِ عِبادِى الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ » وَ قُلْتَ : « وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ » . اَللَّهُمَّ فَإِنِّي بِكَ مُؤْمِنٌ وَبِجَمِيعِ أَنْبِيَائِكَ، فَلَا تُوقِفْنِي بَعْدَ مَعْرِفَتِهِمْ مَوْقِفاً تَفْضَحُنِي بِهِ عَلَى رُؤُوسِ الْخَلَائِقِ، بَلْ أَوقِفْنِي مَعَهُمْ، وَتَوَفَّنِي عَلَى التَّصْدِيقِ بِهِمْ، فَإِنَّهُمْ عَبِيدُكَ وَأَنْتَ خَصَصْتَهُمْ بِكَرَامَتِكَ، وَأَمَرْتَنِي بِاتِّبَاعِهِمْ [.(1)

ثمّ تَدنو من القبر وتقول:

اَلسَّلامُ مِنَ اللَّهِ، وَالسَّلامُ عَلَى مُحَمَّدٍ

ص: 66


1- ما بين المعقوفتين عن إبن قولويه، في كامل الزيارات، ص 41 .

أَمِينِ اللَّهِ عَلَى رَسَالَاتِهِ، وَعَزَائِمِ أَمْرِهِ، وَمَعْدِنِ الْوَحْيِ وَالتَّنْزِيلِ، الْخَاتِمِ لِمَا سَبَقَ، وَالْفَاتِحِ لِمَا اسْتُقْبِلَ، وَالْمُهَيْمِنِ عَلَى ذلِكَ كُلِّهِ، وَالشَّاهِدِ عَلَى الخَلْقِ، السِّرَاجِ الْمُنِيرِ، وَالسَّلامُ عَلَيْهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه . اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ الْمَظْلُومِينَ أَفْضَلَ وَأَكْمَلَ وَأَرْفَعَ وَأَنْفَعَ وَأَشْرَفَ مَا صَلَّيْتَ عَلَى أَنْبِيَائِكَ وَأَصْفِيَائِكَ .

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَبْدِكَ وَخَيْرِ خَلْقِكَ بَعْدَ نَبِيِّكَ، وَأَخِي رَسُولِكَ، وَوَصِيِّ رَسُولِكَ، الَّذِي بَعَثْتَهُ بِعِلْمِكَ، وَجَعَلْتَهُ هَادِياً لِمَنْ شِئْتَ مِنْ خَلْقِكَ، وَالدَّلِيلِ عَلَى مَنْ بَعَثْتَهُ بِرِسَالَاتِكَ، وَدَيَّانِ الدِّينِ بِعَدْلِكَ، وَفَصْلِ قَضَائِكَ مِنْ خَلْقِكَ، وَالسَّلامُ عَلَيْهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه .

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى الْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِهِ، الْقَوَّامِينَ بِأَمْرِكَ مِنْ بَعْدِهِ، الْمُطَهَّرِينَ الَّذِينَ ارْتَضَيْتَهُمْ أَنْصَاراً لِدِينِكَ، وَأَعْلَاماً لِعِبَادِكَ، وَشُهَدَاءَ عَلَى خَلْقِكَ، وَحَفَظَةً لِسِرِّكَ .

وتصلّي عليهم جميعاً ما استطعت وتقول :

اَلسَّلامُ عَلَى الْأَئِمَّةِ الْمُسْتَوْدَعِينَ، اَلسَّلامُ عَلَى خَالِصَةِ اللَّهِ مِنْ خَلْقِهِ، اَلسَّلامُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ أَقَامُوا أَمْرَكَ وَآزَرُوا أَوْلِيَاءَ اللَّهِ، وَخَافُوا لِخَوْفِهِمْ. اَلسَّلامُ عَلَى مَلَائِكَةِ اللَّهِ الْمُقَرَّبِينَ . ثُمَّ تَقُولُ:

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا حَبِيبَ حَبِيبِ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا صَفْوَةَ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا عَمُودَ الدِّينِ وَوَارِثَ عِلْمِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، وَصَاحِبَ الْمَيسَمِ وَالصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ، أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ أَقَمْتَ الصَّلَاةَ، وَآتَيْتَ الزَّكَاةَ، وَأَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهَيْتَ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَاتَّبَعْتَ الرَّسُولَ، وَتَلَوْتَ الْكِتَابَ حَقَّ تِلَاوَتِهِ، وَوَفَيْتَ بِعَهْدِ اللَّهِ، وَجَاهَدْتَ فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ، وَنَصَحْتَ للَّهِِ وَلِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَجُدْتَ بِنَفْسِكَ صَابِراً مُجَاهِداً عَنْ دِينِ اللَّهِ، مُوقِياً لِرَسُولِ اللَّهِ، طَالِباً مَا عِنْدَ اللَّهِ، رَاغِباً فِيمَا وَعَدَ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ مِنْ رِضْوَانِهِ، وَمَضَيْتَ لِلَّذِي كُنْتَ عَلَيْهِ شَاهِداً وَشَهِيداً وَمَشْهُوداً، ] فَجَزَاكَ اللَّهُ عَنْ رَسُولِهِ وَعَنِ

ص: 67

الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ أَفْضَلَ الْجَزَاءِ [.

وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ قَتَلَكَ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ تَابَعَ عَلى قَتْلِكَ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ خَالَفَكَ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنِ افْتَرَى عَلَيْكَ وَظَلَمَكَ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ غَصَبَكَ، وَمَنْ بَلَغَهُ ذلِكَ فَرَضِيَ بِهِ، أَنَا إِلَى اللَّهِ مِنْهُمْ بَرِي ءٌ، وَلَعَنَ اللَّهُ أُمَّةً خَالَفَتْكَ وَأُمَّةً جَحَدَتْ وِلَايَتَكَ، وَأُمَّةً تَظَاهَرَتْ عَلَيْكَ، وَأُمَّةً قَتَلَتْكَ، وَأُمَّةً خَذَلَتْكَ وَحَادَتْ عَنْكَ. اَلْحَمْدُ للَّهِِ الَّذِي جَعَلَ النَّارَ مَثْوَاهُمْ وَبِئْسَ وِرْدُ الْوَارِدِينَ .

اَللَّهُمَّ الْعَنْ قَتَلَةَ أَنْبِيَائِكَ وَأَوْصِيَاءِ أَنْبِيَائِكَ بِجَمِيعِ لَعَنَاتِكَ، وَأَصْلِهِمْ حَرَّ نَارِكَ. اَللَّهُمَّ الْعَنِ الْجَوَابِيتَ وَالطَّوَاغِيتَ وَالفْرَاَعِنَةَ وَاللَّاتَ وَالْعُزَّى وَالْجِبْتَ وَالطَّاغُوتَ، وَكُلَّ نِدٍّ يُدْعى مِنْ دُونِ اللَّهِ، وَكُلَّ مُحْدِثٍ مُفْتَرٍ، اَللَّهُمَّ الْعَنْهُمْ وَأَشْيَاعَهُمْ وَأَتْبَاعَهُمْ وَمُحِبِّيهِمْ وَأَوْلِيَاءَهُمْ وَأَعْوَانَهُمْ لَعْناً كَثِيراً .

اَللَّهُمَّ الْعَنْ قَتَلَةَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ )ثلاثاً / سه بار.

اَللَّهُمَّ الْعَنْ قَتَلَةَ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ )ثلاثاً / سه بار.

اَللَّهُمَّ الْعَنْ قَتَلَة الْأَئِمَةِ )ثلاثاً / سه بار.

اَللَّهُمَّ عَذِّبْهُمْ عَذَاباً لا تُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعَالَمِينَ، وَضَاعِفْ عَلَيْهِمْ عَذَابَكَ بِمَا شَاقُّوا وُلَاةَ أَمْرِكَ، وَأَعِدَّ لَهُمْ عَذَاباً لَمْ تُحِلَّهُ بِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ. اَللَّهُمَّ وَأَدْخِلْ عَلى قَتَلَةِ أَنْصَارِ رَسُولِكَ وَقَتَلَةِ أَنْصَارِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَعَلَى قَتَلَةِ أَنْصَارِ الْحَسَنِ وَأَنْصَارِ الْحُسَيْنِ، وَقَتَلَةِ مَنْ قُتِلَ فِي وِلَايَةِ آلِ مُحَمَّدٍ أَجْمَعِينَ، عَذَاباً مُضَاعَفاً فِي أَسْفَلِ دَرَكٍ مِنَ الْجَحِيمِ، لا تُخَفِّفْ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ مَلْعُونُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ، عِنْدَ رَبِّهِمْ قَدْ عَايَنُوا النَّدَامَةَ وَالْخِزْيَ الطَّوِيلَ، بِقَتْلِهِمْ عِتْرَةَ أَنْبِيَائِكَ وَرُسُلِكَ وَأَتْبَاعَهُمْ مِنْ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ. اَللَّهُمَّ الْعَنْهُمْ فِي مُسْتَسِرِّ السِّرِّ، وَظَاهِرِ الْعَلَانِيَةِ فِي سَمَائِكَ وَأَرْضِكَ.

اَللَّهُمَّ اجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي أَوْلِيَائِكَ، وَحَبِّبْ إِلَيَّ مَشْهَدَهُمْ وَمَشَاهِدَهُمْ حَتَّى تُلْحِقَنِي بِهِمْ وَتَجْعَلَنِي لَهُمْ تَبَعاً فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

واجلس عند رأسه وقل:

سَلَامُ اللَّهِ وَسَلَامُ مَلَائِكَتِهِ الْمُقَرَّبِينَ، وَالْمُسَلِّمِينَ لَكَ بِقُلُوبِهِمْ،

ص: 68

وَالنَّاطِقِينَ بِفَضْلِكَ، وَالشَّاهِدِينَ عَلَى أَنَّكَ صَادِقٌ أَمِينٌ صِدِّيقٌ، عَلَيْكَ يَا مَوْلَايَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ وَعَلَى رُوحِكَ وَبَدَنِكَ، أَشْهَدُ أَنَّكَ طُهْرٌ طَاهِرٌ مُطَهَّرٌ مِنْ طُهْرٍ طَاهِرٍ مُطَهَّرٍ. أَشْهَدُ لَكَ يَا وَلِيَّ اللَّهِ وَوَلِيَّ رَسُولِهِ بِالْبَلَاغِ وَالْأَدَاءِ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ جَنْبُ اللَّهِ، وَأَنَّكَ بَابُ اللَّهِ، وَأَنَّكَ وَجْهُ اللَّهِ الَّذِي مِنْهُ يُؤْتى، وَأَنَّكَ سَبِيلُ اللَّهِ، وَأَنَّكَ عَبْدُ اللَّهِ وَأَخُو رَسُولِهِ، أَتَيْتُكَ وَافِداً لِعَظِيمِ حَالِكَ وَمَنْزِلَتِكَ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ، مُتَقَرِّباً إِلَى اللَّهِ بِزِيَارَتِكَ، طَالِباً خَلَاصَ نَفْسِي مِنَ النَّارِ، مُتَعَوِّذاً بِكَ مِنْ نَارٍ اسْتَحْقَقْتُهَا بِمَا جَنَيْتُ عَلى نَفْسِي .

أَتَيْتُكَ انْقِطَاعاً إِلَيْكَ وَإِلى وَلَدِكَ الْخَلَفِ مِنْ بَعْدِكَ عَلى بَرَكَةِ الْحَقِّ، فَقَلْبِي لَكُمْ مُسَلِّمٌ، وَأَمْرِي لَكُمْ مُتَّبِعٌ، وَنُصْرَتِي لَكُمْ مُعَدَّةٌ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَمَوْلَاكَ وَفِي طَاعَتِكَ، الْوَافِدُ إِلَيْكَ، أَلْتَمِسُ بِذلِكَ كَمَالَ الْمَنْزِلَةِ عِنْدَ اللَّهِ، وَأَنْتَ مَنْ أَمَرَنِيَ اللَّهُ بِصِلَتِهِ، وَحَثَّنِي عَلى بِرِّهِ، وَدَلَّنِي عَلى فَضْلِهِ، وَهَدَانِي لِحُبِّهِ، وَرَغَّبَنِي فِي الْوِفَادَةِ إِلَيْهِ، وَأَلْهَمَنِي طَلَبَ الْحَوَائِجِ عِنْدَه .

أَنْتُمْ أَهْلُ بَيْتٍ سَعِدَ مَنْ تَوَلَّاكُمْ، وَلَا يَخِيبُ مَنْ أَتَاكُمْ، وَلاَ يَسْعَدُ مَنْ عَادَاكُمْ، وَلَا أَجِدُ أَحَداً أَفْزَعُ إِلَيْهِ خَيْراً لِي مِنْكُمْ، أَنْتُمْ أَهْلُ بَيْتِ الرَّحْمَةِ، وَدَعَائِمُ الدِّينِ، وَأَرْكَانُ الْأَرْضِ، وَالشَّجَرَةُ الطَّيِّبَةُ. اَللَّهُمَّ لا تُخَيِّبْ تَوَجُّهِي إِلَيْكَ بِرَسُولِكَ وَآلِ رَسُولِكَ، وَلَا تَرُدَّ اسْتِشْفَاعِي بِهِمْ. اَللَّهُمَّ إِنَّكَ مَنَنْتَ عَلَيَّ بِزِيَارَةِ مَوْلَايَ وَوِلَايَتِهِ وَمَعْرِفَتِهِ، فَاجْعَلْنِي مِمَّنْ تَنْصُرُهُ وَمِمَّنْ تَنْتَصِرُ بِهِ، وَمُنَّ عَلَيَّ بِنَصْرِهِ لِدِينِكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. اَللَّهُمَّ إِنِّي أَحْيى عَلى مَا حَيَّ عَلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَأَمُوتُ عَلى مَا مَاتَ عَلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلامُ .(1)

الزيارة الحادية عشرة

إذا أتيت الكوفة فاغتسل، ثمّ امش إلى مشهد أميرالمؤمنين عليه السلام وأنت على غسلك، حتّى تقف بالباب الّذي هو محاذي الرأس، واسجد إذا ما لاحظته إعظاماً للَّهِ

ص: 69


1- السيد إبن طاووس، فرحة الغريّ، ص 107 .

تعالى وحده ولوليّه، ثمّ ارفع رأسك والتفت يَسرَة القبلة إلى النّبيّ صلّى اللَّه عليه وآله وقل :

السَّلامُ عَلَيْكَ يا رَسولَ اللَّهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكاتُه .

وأقبل إلى الإمام بوجهك وقُل :

السَّلامُ عَلَيْكَ يَا مَوْلاَيَ وَمَوْلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ اللَّهِ وَحُجَّتَهُ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا خَلِيفَةَ الرَّسُولِ عَلَى أُمَّتِهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا صِهْرَ النَّبِيِّ وَزَوْجَ ابْنَتِهِ، ] السَّلامُ عَلَيْكَ يَا قَائِلَ الْحَقِّ فِي قَضِيَّتِهِ [، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا صَاحِبَ الزُّهْدِ فِي إِمَامَتِهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَاضِحَ السَّبِيلِ فِي دَلاَلَتِهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا خَلِيفَةَ الطُّهْرِ فِي نُبُوَّتِهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا نَاصِرَ الْحَقِّ فِي شَرِيعَتِهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَوْحَدَ الْخَلْقِ فِي شَجَاعَتِهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا شِبْهَ الْأَمِينِ فِي سَمَاحَتِهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْمَقْبُولُ فِي شَفَاعَتِهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْعَادِلُ فِي خِلاَفَتِهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْأَمِينُ فِي إِمَارَتِهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الطَّيِّبُ فِي وِلاَدَتِهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا صَاحِبَ الْحَوْضِ وَسِقَايَتِهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا حَامِلَ اللِّوَاءِ لِعِظَمِ مَنزِلَتِهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا خَائِفَ اللَّهِ فِي سَرِيرَتِه .

] السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ آدَمَ صَفْوَةِ اللَّهِ مِنْ بَرِيَّتِهِ [، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ نُوحٍ نَبِيِّ اللَّهِ وَخِيَرَتِهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ فِي نُبُوَّتِهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُوسَى كَلِيمِ اللَّهِ فِي رِسَالَتِهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عِيسَى الرُّوحِ فِي بَلاَغَتِهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ ] مُحَمَّدٍ [ النَّبِيِّ فِي أَمَانَتِهِ.

السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا السِّبْطَيْنِ، وَقَاضِيَ الدِّينِ، وَمَنْبَعَ الْعَيْنِ . السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَخَا الرَّسُولِ، وَزَوْجَ الْبَتُولِ، وَ رَادَّ الْغُلُولِ . السَّلامُ عَلَيْكَ يَا قَاتِلَ النَّاكِثِينَ، وَالْقَاسِطِينَ، وَالْمَارِقِينَ . السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ الْعِلْمِ، وَصَاحِبَ الْحِلْمِ، ] وَمَوْضِعَ الْحُكْمِ [. السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا الْأَيتَامِ

ص: 70

وَكَاسِرَ الْأَصْنَامِ، وَكَلِيمَ الْأَقْوَامِ . السَّلامُ عَلَيْكَ يَا كَاشِفَ الْمَحْلِ، وَخَاصِفَ النَّعْلِ، وَسَيِّدَ الْأَهْلِ .

السَّلامُ عَلَيْكَ يَا حَامِلَ الرَّايَةِ، وَبَالِغَ الْغَايَةِ، وَصَاحِبَ الْآيَةِ . السَّلامُ عَلَيْكَ يَا عَلَمَ الْهُدَى، وَمَنَارَ التُّقَى، وَالْعُرْوَةَ الْوُثْقَى . السَّلامُ عَلَيْكَ يَا قَاسِمَ النَّارِ، وَحَافِظَ الْجَارِ، وَمُدْرِكَ الثَّارِ . السَّلامُ عَلَيْكَ يَا دَاحِضَ الْإِفْكِ، وَمُبْطِلَ الشِّرْكِ، وَمُزِيلَ الشَّكِّ . السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ الْأَنْبِيَاءِ، وَخَاتَمَ الْأَوْصِيَاءِ، وَقَاتِلَ الْأَشْقِيَاءِ . السَّلامُ عَلَيْكَ يَا هَاجِرَ اللَّذَّاتِ، وَتَارِكَ الشَّهَوَاتِ، وَكَاشِفَ الْغَمَرَاتِ .

السَّلامُ عَلَيْكَ يَا فَاضِحَ الْأَقْرَانِ، وَقَاتِلَ الشُّجْعَانِ، وَمُبْطِلَ كَيْدِ الشَّيْطَانِ . السَّلامُ عَلَيْكَ يَا فَاكَّ الْأَسِيرِ، وَمُغْنِيَ الْفَقِيرِ، وَنِعْمَ النَّصِيرُ .

السَّلامُ عَلَيْكَ يَا هَازِمَ الْأَحْزَابِ، وَمُذِلَّ الرِّقَابِ، وَمُجَلِّيَ الْخِطَابِ . السَّلامُ عَلَيْكَ يَا طَودَ مَنَافٍ، وَسَيِّدَ الْأَشْرَافِ، وَصَاحِبَ الْحَوْضِ الصَّافِ، السَّلامُ عَلَى الْعَادِلِ فِي الرَّعِيَّةِ، الْحَاكِمِ بِالْقَضِيَّةِ، الْقَاسِمِ بِالسَّوِيَّةِ .

أَشْهَدُ عِنْدَ اللَّهِ - وَكَفَى بِهِ شَهِيداً وَسَائِلاً عَنِ الشَّهَادَةِ - أَنَّكَ أَقَمْتَ الصَّلاَةَ، وَآتَيْتَ الزَّكَاةَ، وَأَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهَيْتَ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَجَاهَدْتَ الْمُلْحِدِينَ، وَعَبَدْتَ اللَّهِ حَقَّ عِبَادَتِهِ، وَصَبَرْتَ عَلَى مَا أَصَابَكَ طَالِباً لِمَرْضَاتِهِ حَتَّى أَتَاكَ الْيَقِينُ .

لَعَنَ اللَّهُ مَنْ قَتَلَكَ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ ظَلَمَكَ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنِ اعْتَدَى عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدِ وَذُرِّيَّتِكَ، صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَعَلَى الْمَلاَئِكَةِ الْحَافِّينَ بِكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه .

أَنَا عَبْدُكَ يَا مَوْلاَيَ وَابْنُ عَبْدِكَ، أَتَيْتُكَ زَائِراً مُعْتَرِفاً بِحَقِّكَ، وَلِيّاً لِمَنْ وَالَيْتَ، عَدُوّاً لِمَنْ عَادَيْتَ، سِلْماً لِمَنْ سَالَمْتَ، حَرْباً لِمَنْ حَارَبْتَ، مُتَقَرِّباً بِمَحَبَّتِكَ وَوَلاَيَتِكَ إِلَى اللَّهِ تَعالى، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ، وَعَلَى ضَجِيعَيْكَ آدَمَ وَنُوحٍ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه .

ثمّ تنكبّ على القبر وتُقبّله وتلوذ به وتسأل اللَّه تعالى ما أحببت يُجبك بفضله وكرمه، وتُصلّي عند الرأس ستّ ركعات : ركعتين لآدم عليه السلام، وركعتين لنوح

ص: 71

عليه السلام، وركعتين لأميرالمؤمنين عليه السلام، وتدعو لنفسك ولوالديك وللمؤمنين، تُجب إن شاء اللَّه .(1)

الزيارة الثانية عشرة

السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا خَلِيفَةَ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا عَمُودَ الدِّينِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ النَّبِيِّينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا قَسِيمَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَصَاحِبَ الْعَصَا وَالْمِيسَمِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ .

أَشْهَدُ أَنَّكَ كَلِمَةُ التَّقْوَى، وَبَابُ الْهُدَى، وَالْعُرْوَةُ الْوُثْقَى، وَالْحَبْلُ الْمَتِينُ، وَالصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ. وَأَشْهَدُ أَنَّكَ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ، وَشَاهِدُهُ عَلَى عِبَادِهِ، وَأَمِينُهُ عَلَى عِلْمِهِ، وَخَازِنُ سِرِّهِ، وَمَوْضِعُ حِكْمَتِهِ، وَأَخُو رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِه . وَأَشْهَدُ أَنَّ دَعْوَتَكَ حَقٌّ، وَكُلَّ دَاعٍ مَنْصُوبٍ دُونَكَ بَاطِلٌ مَدْحُوضٌ . أَنْتَ أَوَّلُ مَظْلُومٍ، وَأَوَّلُ مَغْصُوبٍ حَقُّهُ ؛ فَصَبَرْتَ وَاحْتَسَبْتَ .

لَعَنَ اللَّهُ مَنْ ظَلَمَكَ وَاعْتَدَى عَلَيْكَ وَصَدَّ عَنْكَ لَعْناً كَثِيراً، يَلْعَنُهُمْ بِهِ كُلُّ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ، وَكُلُّ نَبِيٍّ مُرْسَلٍ، وَكُلُّ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ مُمْتَحَنٍ . صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى رُوحِكَ وَبَدَنِكَ .

أَشْهَدُ أَنَّكَ عَبْدُ اللَّهِ وَأَمِينُهُ، بَلَّغْتَ نَاصِحاً، وَأَدَّيْتَ أَمِيناً، وَقُتِلْتَ صِدِّيقاً، وَمَضَيْتَ عَلَى يَقِينٍ ؛ لَمْ تُؤْثِرْ عَمًى عَلَى هُدًى، وَلَمْ تَمِلْ مِنْ حَقٍّ إِلَى بَاطِلٍ . أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ أَقَمْتَ الصَّلاَةَ، وَآتَيْتَ الزَّكَاةَ، وَأَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهَيْتَ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَاتَّبَعْتَ الرَّسُولَ، وَنَصَحْتَ لِلْأُمَّةِ، وَتَلَوْتَ الْكِتَابَ حَقَّ تِلاَوَتِهِ، وَجَاهَدْتَ فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ، وَدَعَوْتَ إِلَى سَبِيلِهِ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ، حَتَّى أَتَاكَ الْيَقِينُ .

أَشْهَدُ أَنَّكَ كُنْتَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكَ، وَدَعَوْتَ إِلَيْهِ عَلَى بَصِيرَةٍ، وَبَلَّغْتَ مَا أُمِرْتَ بِهِ، وَقُمْتَ بِحَقِّ اللَّهِ غَيْرَ وَاهِنٍ وَلاَ مُوهِنٍ ؛ فَصَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ صَلاَةً مُتَّبَعَةً مُتَوَاصِلَةً مُتَرَادِفَةً يَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضاً، لاَ انْقِطَاعَ لَهَا وَلاَ أَمَدَ وَلاَ أَجَلَ ؛ وَالسَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه .

ص: 72


1- إبن المشهدي، المزار الكبير، ص 253 وما جعلناه بين المعقوفتين فهو من العلامة المجلسي في البحار، ج 100، ص 331 واعتمدنا في تقويم النّصّ عليه.

وَجَزَاكَ اللَّهُ مِنْ صِدِّيقٍ خَيْراً عَنْ رَعِيَّتِه . أَشْهَدُ أَنَّ الْجِهَادَ مَعَكَ جِهَادٌ، وَأَنَّ الْحَقَّ مَعَكَ وَإِلَيْكَ، وَأَنْتَ أَهْلُهُ وَمَعْدِنُهُ، وَمِيرَاثَ النُّبُوَّةِ عِنْدَكَ، فَصَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً، وَعَذَّبَ اللَّهُ قَاتِلَكَ بِأَنْوَاعِ الْعَذَابِ . أَتَيْتُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَارِفاً بِحَقِّكَ، مُسْتَبْصِراً بِشَأْنِكَ، مُعَادِياً لِأَعْدَائِكَ، مُوَالِياً لِأَوْلِيَائِكَ .

بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي، أَتَيْتُكَ عَائِذاً بِكَ مِنْ نَارٍ اسْتَحَقَّهَا مِثِلِي بِمَا جَنَيْتُ عَلَى نَفْسِي، أَتَيْتُكَ زَائِراً أَبْتَغِي بِزِيَارَتِكَ فَكَاكَ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ، أَتَيْتُكَ هَارِباً مِنْ ذُنُوبِيَ الَّتِي احْتَطَبْتُهَا عَلَى ظَهْرِي، أَتَيْتُكَ وَافِداً لِعَظِيمِ حَالِكَ وَمَنْزِلَتِكَ عِنْدَ رَبِّي ؛ فَاشْفَعْ لِي عِنْدَ رَبِّكَ، فَإِنَّ لِي ذُنُوباً كَثِيرَةً، وَإِنَّ لَكَ عِنْدَ اللَّهِ مَقَاماً مَعْلُوماً، وَجَاهاً عَظِيماً، وَشَأْناً كَبِيراً، وَشَفَاعَةً مَقْبُولَةً، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ : « وَ لا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضى » .

اللَّهُمَّ رَبَّ الْأَرْبَابِ، صَرِيخَ الْأَحْبَابِ، إِنِّي عُذْتُ بِأَخِي رَسُولِكَ مَعَاذاً، فَفُكَّ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ . آمَنْتُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ، وَأَتَوَلَّى آخِرَكُمْ بِمَا تَوَلَّيْتُ بِهِ أَوَّلَكُمْ، وَكَفَرْتُ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَاللاَّتِ وَالْعُزَّى .(1)

الزيارة الثالثة عشرة

السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ آدَمَ صَفْوَةِ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ نُوحٍ نَبِيِّ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُوسَى كَلِيمِ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عِيسَى رُوحِ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ جَمِيعِ أَوْصِيَاءِ أَنْبِيَاءِ اللَّه .

السَّلامُ عَلَيْكَ يَا زَوْجَ الْبَتُولِ، وَوَارِثَ عِلْمِ الرَّسُولِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا سِبْطَيْ رَسُولِ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَخَا رَسُولِ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِينَ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ، وَحُجَّتَهُ عَلَى عِبَادِهِ، وَنُورَهُ فِي بِلاَدِهِ، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، جَاهَدْتَ فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ، وَعَمِلْتَ بِكِتَابِهِ، وَاتَّبَعْتَ سُنَنَ نَبِيِّهِ حَتَّى دَعَاكَ اللَّهُ

ص: 73


1- الكليني، الكافي، ج 4، ص 570 .

إِلَى جِوَارِهِ، فَقَبَضَكَ إِلَيْهِ بِاخْتِيَارِهِ، وَأَلْزَمَ أَعْدَاءَكَ الْحُجَّةَ فِي قَتْلِهِمْ إِيَّاكَ مَعَ مَالَكَ مِنَ الْحُجَجِ الْبَالِغَةِ عَلَى جَمِيعِ خَلْقِه .

اللَّهُمَّ فَاجْعَلْ نَفْسِي مُطْمَئِنَّةً بِقُرْبِكَ، رَاضِيَةً بِقَضَائِكَ، مُولَعَةً بِذِكْرِكَ وَدُعَائِكَ، مُحِبَّةً لِصَفْوَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ وَأَوْلِيَائِكَ، مَحْبُوبَةً فِي أَرْضِكَ وَسَمَائِكَ، صَابِرَةً عِنْدَ نُزُولِ بَلاَئِكَ، شَاكِرَةً لِفَوَاضِلِ نَعْمَائِكَ، ذَاكِرَةً لِسَوَابِغِ آلاَئِكَ، مُشْتَاقَةً إِلَى فَرْحَةِ لِقَائِكَ، مُتَزَوِّدَةً التَّقْوَى لِيَوْمِ جَزَائِكَ، مُسْتَنَّةً بِسُنَنِ أَوْلِيَائِكَ، مُفَارِقَةً لِأَخْلاَقِ أَعْدَائِكَ، مَشْغُولَةً عَنِ الدُّنْيَا بِحَمْدِكَ وَ ثَنَائِكَ .

ثمّ تضع خدّك على القبر وتقول :

اللَّهُمَّ إِنَّ قُلُوبَ الْمُخْبِتِينَ إِلَيْكَ وَالِهَةٌ، وَسَبِيلَ الرَّاغِبِينَ إِلَيْكَ شَارِعَةٌ، وَأَعْلاَمَ الْقَاصِدِينَ إِلَيْكَ وَاضِحَةٌ، وَأَفْئِدَةَ الْعَارِفِينَ مِنْكَ فَازِعَةٌ، وَأَصْوَاتَ الدَّاعِينَ إِلَيْكَ صَاعِدَةٌ، وَأَبْوَابَ الْإِجَابَةِ لَهُمْ مُفَتَّحَةٌ، وَدَعْوَةَ مَنْ نَاجَاكَ مُسْتَجَابَةٌ، وَتَوْبَةَ مَنْ أَنَابَ إِلَيْكَ مَقْبُولَةٌ، وَعَبْرَةَ مَنْ بَكَى مِنْ خَوْفِكَ مَرْحُومَةٌ، وَالْإِغَاثَةَ لِمَنِ اسْتَغَاثَ بِكَ مَبْذُولَةٌ، وَعِدَاتِكَ لِعِبَادِكَ مُنْجَزَةٌ، وَزَلَلَ مَنِ اسْتَقَالَكَ مُقَالَةٌ، وَأَعْمَالَ الْعَامِلِينَ لَكَ مَحْفُوظَةٌ، وَأَرْزَاقَ الْخَلاَئِقِ مِنْ لَدُنْكَ نَازِلَةٌ، وَعَوَائِدَ الْمَزِيدِ إِلَيْهِمْ وَاصِلَةٌ، وَذُنُوبَ الْمُسْتَغْفِرِينَ مَغْفُورَةٌ، وَحَوَائِجَ الْخَلْقِ عِنْدَكَ مَقْضِيَّةٌ، وَجَوَائِزَ السَّائِلِينَ عِنْدَكَ مَوْفُورَةٌ، وَعَوَائِدَ الْمَزِيدِ مُتَوَاتِرَةٌ، وَمَوَائِدَ الْمُسْتَطْعِمِينَ مُعَدَّةٌ، وَمَنَاهِلَ الظِّمَاءِ لَدَيْكَ مُتْرَعَةٌ.

اللَّهُمَّ فَاسْتَجِبْ دُعَائِي، وَاقْبَلْ ثَنَائِي، وَأَعْطِنِي جَزَائِي، وَاجْمَعْ بَيْنِي وَبَيْنَ أَوْلِيَائِي، بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، إِنَّكَ وَلِيُّ نَعْمَائِي، وَمُنْتَهَى مُنَايَ، وَغَايَةُ رَجَائِي فِي مُنْقَلَبِي وَمَثْوَايَ .

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِي وَمَوْلاَيَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، الْوَصِيِّ الْمُرْتَضَى الْخَلِيفَةِ، وَالدَّاعِي إِلَيْكَ وَإِلَى دَارِ السَّلاَمِ، صِدِّيقِكَ الْأَكْبَرِ، وَفَارُوقِكَ بَيْنَ الْحَلاَلِ وَالْحَرَامِ، وَنُورِكَ الزَّاهِرِ الْجَمِيلِ، وَلِسَانِكَ النَّاطِقِ بِأَمْرِكَ، الْحَقِّ الْمُبِينِ، وَعَيْنِكَ عَلَى الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ، وَيَدِكَ الْعُلْيَا الْيَمِينِ، وَحَبْلِكَ الْمَتِينِ، وَعُرْوَتِكَ الْوُثْقَى، وَكَلِمَتِكَ الْعُلْيَا، وَوَصِيِّ رَسُولِكَ الْمُرْتَضَى، وَعَلَمِ الدِّينِ، وَمَنَارِ الْيَقِينِ، وَخَاتَمِ الْوَصِيِّينَ، وَسَيِّدِ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِمَامِ الْمُتَّقِينَ بَعْدَ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ الْأَمِينِ،

ص: 74

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا، وَقَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ، صَلاَةً تَرْفَعُ بِهَا ذِكْرَهُ، وَتُحَسِّنُ بِهَا أَمْرَهُ، وَتُشَرِّفُ بِهَا نَفْسَهُ، وَتُظْهِرُ بِهَا دَعْوَتَهُ، وَتَنْصُرُ بِهَا ذُرِّيَّتَهُ، وَتُفْلِجُ بِهَا حُجَّتَهُ، وَتُعِزُّ بِهَا نَصْرَهُ، وَتُكْرِمُ بِهَا صُحْبَتَهُ، سَيِّدِ الْمُؤْمِنِينَ، وَمُعْلِنِ الْحَقِّ بِالْحَقِّ، وَدَامِغِ جُيُوشِ الْأَبَاطِيلِ، وَنَاصِرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِه كَثِيراً .

اللَّهُمَّ كَمَا اسْتَعْمَلْتَهُ عَلَى خَلْقِكَ فَعَمِلَ فِيهِمْ بِأَمْرِكَ، وَعَدَلَ فِي الرَّعِيَّةِ، وَقَسَّمَ بِالسَّوِيَّةِ، وَجَاهَدَ عَدُوَّكَ بِنيَّةٍ، وَذَبَّ عَنْ حَرِيمِ الْإِسْلاَمِ، وَحَجَزَ بَيْنَ الْحَلاَلِ وَالْحَرَامِ، مُسْتَبْصِراً فِي رِضْوَانِكَ، دَاعِياً إِلَى إِيمَانِكَ، غَيْرَ نَاكِلٍ عَنْ جِهادٍ، وَلاَ مُنْثَنٍ عَنْ عَزْمٍ، حَافِظاً لِعَهْدِكَ، قَاضِياً بِنَفَاذِ وَعْدِكَ، هَادِياً لِدِينِكَ، مُقِرّاً بِرُبُوبِيَّتِكَ، وَمُصَدِّقاً لِرَسُولِكَ، وَمُجَاهِداً فِي سَبِيلِكَ، وَرَاضِياً لِقَوْلِكَ ؛ فَهُوَ أَمِينُكَ الْمَأْمُونُ، وَخَازِنُ عِلْمِكَ الْمَكْنُونِ، وَشَاهِدُ يَوْمِ الدِّينِ، وَوَلِيُّكَ فِي الْعَالَمِينَ .

اللَّهُمَّ وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَافْسَحْ لَهُ فَسْحاً عِنْدَكَ، وَأَعْطِهِ الرِّضَا مِنْ ثَوَابِكَ الْجَزِيلِ، وَعَظِيمِ جَزَائِكَ الْجَلِيلِ .

اللَّهُمَّ وَاجْعَلْنَا لَهُ سَامِعِينَ مُطِيعِينَ، وَجُنْداً غَالِبِينَ، وَحِزْباً مُسْلِمِينَ، وَأَتْبَاعاً مُصَدِّقِينَ، وَشِيعَةً مُتَأَلِّفِينَ، وَصَحْباً مُؤَازِرِينَ، وَأَوْلِيَاءَ مُخْلِصِينَ، وَوُزَرَاءَ مُنَاصِحِينَ، وَرُفَقَاءَ مُصَاحِبِينَ، آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ .

اللَّهُمَّ اجْزِهِ أَفْضَلَ جَزَاءِ الْمُكْرَمِينَ، وَأَعْطِهِ سُؤْلَهُ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ . وَأَشْهَدُ أَنَّهُ قَدْ نَاصَحَ لِرَسُولِكَ، وَهَدَى إِلَى سَبِيلِكَ، وَجَاهَدَ حَقَّ الْجِهَادِ، وَدَعَا إِلَى سَبِيلِ الرَّشَادِ، وَقَامَ بِحَقِّكَ فِي خَلْقِكَ، وَصَدَعَ بِأَمْرِكَ، وَأَنَّهُ لَمْ يَجُرْ فِي حُكْمٍ، وَلاَ دَخَلَ فِي ظُلْمٍ، وَلَمْ يَسْعَ فِي إِثْمٍ ؛ وَأَنَّهُ أَخُو رَسُولِكَ، وَأَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِهِ وَصَدَّقَهُ وَاتَّبَعَهُ وَنَصَرَهُ، وَأَنَّهُ وَصِيُّهُ، وَوَارِثُ عِلْمِهِ، وَمَوْضِعُ سِرِّهِ، وَأَحَبُّ الْخَلْقِ إِلَيْهِ ؛ وَأَنَّهُ قَرِينُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَأَبُو سَيِّدَيْ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، الْحَسَنِ وَالْحُسَيْن . اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ الْأَئِمَّةِ الرَّاشِدِينَ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِين، وَسَلِّمْ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ سَلاماً دائِماً إِلى

ص: 75

يَوْمِ الدِّينِ .(1)

الزيارة الرابعة عشرة

روى يونس بن ضبيان عن الصادق عليه السلام ، انه قال :

تقف على قبره الشريف وتقول:

السَّلامُ مِنَ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَى مُحَمَّدٍ أَمِينِ اللَّهِ عَلَى رَسالاتِهِ وَعَزَائِمِ أَمْرِهِ، وَمَعْدِنِ الْوَحْيِ وَالتَّنْزِيلِ، الْخَاتِمِ لِمَا سَبَقَ، وَالْفَاتِحِ لِمَا اسْتُقْبِلَ، وَالْمُهَيْمِنِ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ، وَالشَّاهِدِ عَلَى الخَلقِ، وَالسِّرَاجِ الْمُنِيرِ، وَالسَّلامُ عَلَيْهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه .

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ عَلى أَهْلِ بَيْتِهِ الطاهِرِينَ، أَفْضَلَ وَأَكْمَلَ وَأَرْفَعَ وَأَنْفَعَ وَأَشْرَفَ مَا صَلَّيْتَ عَلَى أَنْبِيَائِكَ وَأَصْفِيَائِكَ .

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَبْدِكَ، وَخَيْرِ خَلْقِكَ بَعْدَ نَبِيِّكَ، وَأَخِي رَسُولِكَ، وَوَصِيِّهِ الَّذي بَعَثْتَهُ بِعِلْمِكَ، وَجَعَلتَهُ هادِياً لِمَنْ شِئْتَ مِنْ خَلقِكَ، وَالدَّليلَ عَلى مَنْ بَعَثْتَهُ بِرِسَالاَتِكَ، وَدَيَّانِ الدِّينِ بِعَدْلِكَ، وَفَصْلِ قَضَائِكَ بَيْنَ خَلْقِكَ، وَالسَّلامُ عَلَيْهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه .

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى الْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِهِ، الْقَوَّامِينَ بِأَمْرِكَ مِنْ بَعْدِهِ، الْمُطَهَّرِينَ الَّذِينَ ارْتَضَيْتَهُمْ أَنْصَاراً لِدِينِكَ، وَحَفَظَةً عَلى سِرِّكَ، وَشُهَدَاءَ عَلَى خَلْقِكَ، وَأَعْلاَماً لِعِبَادِكَ .

السَّلامُ عَلَى خَالِصَةِ اللَّهِ مِنْ خَلْقِهِ، السَّلامُ عَلَى مَلاَئِكَةِ اللَّهِ. السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَالْمُؤْمِنِينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا حَبِيبَ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا صَفْوَةَ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَلِيّ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَاللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا خَلِيفَةَ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا عَمُودَ الدِّينِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا قَسِيمَ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ .

أَشْهَدُ أَنَّكُمْ كَلِمَةُ التَّقْوَى، وَبَابُ الْهُدَى، وَالْعُرْوَةُ الْوُثْقَى، وَالْحَبْلُ الْمَتِينُ، وَالصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ . وَأَشْهَدُ أَنَّكَ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ، وَشَاهِدُهُ عَلَى عِبَادِهِ، وَأَمِينُهُ عَلَى عِلْمِهِ، وَخَازِنُ سِرِّهِ، وَمَوْضِعُ حِكْمَتِهِ، وَ أَخُو رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِه .

وَأَشْهَدُ أَنَّ دَعْوَتَكَ حَقٌّ، وَكُلَّ دَاعٍ مَنْصُوبٍ دُونَكَ بَاطِلٌ مَدْحُوضٌ، أَنْتَ أَوَّلُ مَظْلُومٍ، وَأَوَّلُ مَغْصُوبٍ حَقُّهُ، صَبَرْتَ وَاحْتَسَبْتَ، لَعَنَ اللَّهُ مَنْ ظَلَمَكَ وَتَقَدَّمَ عَلَيْكَ وَصَدَّ عَنْكَ، لَعْناً كَثِيراً

ص: 76


1- العلامة المجلسي، بحارالانوار، ج 100، ص 328 .

يَلْعَنُهُمْ بِهِ كُلُّ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ وَ] كُلُّ [نَبِيٍّ ] مُرْسَلٍ [، وَكُلُّ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ مُمْتَحَنٍ .

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَعَلَى رُوحِكَ وَبَدَنِكَ . أَشْهَدُ أَنَّكَ عَبْدُ اللَّهِ وَأَمِينُهُ، بَلَّغْتَ نَاصِحاً، وَأَدَّيْتَ أَمِيناً، وَقُتِلْتَ صِدِّيقاً مَظْلُوماً، وَمَضَيْتَ عَلَى يَقِينٍ ؛ لَمْ تُؤْثِرْ عَمىً عَلَى هُدًى، وَلَمْ تَمِلْ مِنْ حَقٍّ إِلَى بَاطِلٍ .

وَأَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ أَقَمْتَ الصَّلاَةَ، وَآتَيْتَ الزَّكَاةَ، وَأَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهَيْتَ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَاتَّبَعْتَ الرَّسُولَ، وَنَصَحْتَ لِلْأُمَّةِ، وَتَلَوْتَ الْكِتَابَ حَقَّ تِلاَوَتِهِ، وَجَاهَدْتَ فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ، وَدَعَوْتَ إِلَى سَبِيلِهِ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ حَتَّى أَتَاكَ الْيَقِينُ .

أَشْهَدُ أَنَّكَ كُنْتَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكَ، دَعَوْتَ إِلَيْهِ عَلَى بَصِيرَةٍ، وَبَلَّغْتَ مَا أُمِرْتَ بِهِ، وَقُمْتَ بِحَقِّ اللَّهِ غَيْرَ وَاهِنٍ وَلاَ مُوهِنٍ ؛ فَصَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ صَلاَةً مُتَتَابِعَةً مُتَوَاصِلَةً مُتَرَادِفَةً يَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضاً، لاَ انْقِطَاعَ لَهَا وَلاَ أَمَدَ وَلاَ أَجَلَ، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، وَجَزَاكَ اللَّهُ مِنْ صِدِّيقٍ خَيْراً عَنْ رَعِيَّتِه .

أَشْهَدُ أَنَّ الْجِهَادَ مَعَكَ حَقٌّ، وَأَنَّ الْحَقَّ مَعَكَ وَإِلَيْكَ، وَأَنْتَ أَهْلُهُ وَمَعْدِنُهُ، وَمِيرَاثُ النُّبُوَّةِ عِنْدَكَ، فَصَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً، وَعَذَّبَ اللَّهُ قَاتِلَكَ بِأَنْوَاعِ الْعَذَابِ .

أَتَيْتُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَارِفاً بِحَقِّكَ، مُسْتَبْصِراً بِشَأْنِكَ، مُعَادِياً لِأَعْدَائِكَ، مُوَالِياً لِأَوْلِيَائِكَ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، أَتَيْتُكَ عَائِذاً ] بِكَ [ مِنْ نَارٍ اسْتَحَقَّهَا مِثْلِي بِمَا جَنَيْتُ عَلَى نَفْسِي، أَتَيْتُكَ وَافِداً لِعَظِيمِ حَالِكَ وَمَنْزِلَتِكَ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ وَعِنْدِي، فَاشْفَعْ لِي عِنْدَ رَبِّكَ ؛ فَإِنَّ لِيَ ذُنُوباً كَثِيرَةً وَإِنَّ لَكَ عِنْدَ اللَّهِ مَقَاماً مَعْلُوماً، وَجَاهاً عَظِيماً، وَشَأْناً كَبِيراً، وَشَفَاعَةً مَقْبُولَةً، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ : « وَلا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضى » .

اللَّهُمَّ رَبَّ الْأَرْبَابِ، صَرِيخَ الْمُسْتَصْرِخِينَ، جَبَّارَ الْجَبَابِرَةِ، وَعِمَادَ الْمُؤْمِنِينَ ؛ إِنِّي عُذْتُ بِأَخِي

ص: 77

رَسُولِكَ مَعَاذاً، فَبِحَقِّهِ عَلَيْكَ فُكَّ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ، آمَنْتُ بِاللَّهِ وَبِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكُمْ، وَأَتَوَلَّى آخِرَكُمْ بِمَا تَوَلَّيْتُ بِهِ أَوَّلَكُمْ، وَكَفَرْتُ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى، وَكُلِّ نِدٍّ يُدْعَى مِنْ دُونِ اللَّهِ، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ يَا مَوْلاَيَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه .

ثمّ قبّل الضريح وعُد إلى عند الرأس وقل :

السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَنَا عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ، جِئْتُكَ زَائِراً لاَئِذاً بِحَرَمِكَ، مُتَوَسِّلاً إِلَى اللَّهِ بِكَ فِي مَغْفِرَةِ ذُنُوبِي كُلِّهَا، مُتَضَرِّعاً إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَإِلَيْكَ لِمَنْزِلَتِكَ عِنْدَ اللَّهِ، عَارِفاً عَالِماً أَنَّكَ تَسْمَعُ كَلاَمِي وَتَرُدُّ سَلاَمِي، لِقَوْلِهِ تَعَالَى : « وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ » .

فَيَا مَوْلاَيَ، إِنِّي لَوْ وَجَدْتُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى شَفِيعاً أَقْرَبَ مِنْكَ لَقَصَدْتُ إِلَيْهِ، فَمَا خَابَ رَاجِيكُمْ، وَلاَ ضَلَّ دَاعِيكُمْ ؛ أَنْتُمُ الْحُجَّةُ وَالْمَحَجَّةُ إِلَى اللَّهِ، فَكُنْ لِي إِلَى اللَّهِ شَفِيعاً ؛ فَمَا لِي وَسِيلَةٌ أَوْفَى مِنْ قَصْدِي إِلَيْكَ، وَتَوَسُّلِي بِكَ إِلَى اللَّهِ، فَأَنْتَ كَلِمَةُ اللَّهِ وَكَلِمَةُ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِه، وَأَنْتَ خَازِنُ وَحْيِهِ، وَعَيْبَةُ عِلْمِهِ، وَمَوْضِعُ سِرِّهِ، وَالنَّاصِحُ لِعَبِيدِه، وَالتَّالِي لِرَسُولِهِ، وَالْمُوَاسِي لَهُ بِنَفْسِهِ، وَالنَّاطِقُ بِحُجَّتِهِ، وَالدَّاعِي إِلَى شَرِيعَتِهِ، وَالْمَاضِي عَلَى سُنَّتِه .

فَلَقَدْ بَلَّغْتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِه مَا حُمِّلْتَ، وَرَعَيْتَ مَا اسْتُحْفِظْتَ، وَحَفِظْتَ مَا اسْتُودِعْتَ، وَحَلَّلْتَ حَلاَلَهُ، وَحَرَّمْتَ حَرَامَهُ، وَأَقَمْتَ أَحْكَامَهُ، لَمْ تَأْخُذْكَ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لاَئِمٍ، فَجَاهَدْتَ الْقَاسِطِينَ فِي حُكْمِهِ، وَالْمَارِقِينَ عَنْ أَمْرِهِ، وَالنَّاكِثِينَ لِعَهْدِهِ، صَابِراً مُحْتَسِباً .

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ وَسَلَّمَ، أَفْضَلَ مَا صَلَّى عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَصْفِيَائِهِ وَأَنْبِيَائِهِ، وَأَوْلِيَائِهِ، إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ .

ثمّ قبّل الضريح من كلّ جوانبه، وصلّ صلاة الزيارة وما بدا لك، وادعُ وقل :

يَا مَنْ عَفَا عَنِّي وَعَمّا خَلَوْتُ بِهِ مِنَ

ص: 78

السَّيِّئَاتِ، يَا مَنْ رَحِمَنِي بِأَنْ سَتَرَ ذَلِكَ عَلَيَّ وَلَمْ يَفْضَحْنِي بِهِ، يَا مَنْ سَوَّى خَلْقِي وَلَهُ عَلَى مَا أَعْمَلُ شَاهِدٌ مِنِّي، يَا مَنْ يُنْطِقُ لِسَانِي وَتَنْطِقُ لَهُ أَرْكَانِي، يَا مَنْ قَلَّ حَيَائِي مِنْهُ حَتَّى قَدْ خَشِيتُ أَنْ يَمْقُتَنِي، يَا مَنْ لَوْ عَلِمَ النَّاسُ مِنِّي بَعْضَ عِلْمِهِ لَعَاجَلُونِي، يَا مَنْ سَتَرَ عَوْرَتِي، وَلَمْ يُبْدِ لِخَلْقِهِ سَوْءَتِي، يَا مَنْ أَمْهَلَنِي عِنْدَ خَلْوَتِي فِي مَعَاصِيهِ بِلَذَّتِي .

أَعُوذُ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ أَنْ أَكُونَ مِمَّنْ يُنَادِي : « يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ » . وَأَعُوذُ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ أَنْ أَكُونَ مِمَّنْ يُنَادِي : « رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وَكُنَّا قَوْماً ضالِّينَ × رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ » . وَأَعُوذُ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ أَنْ أَكُونَ مِمَّنْ يُنَادِي : « فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ × وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ × فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ » . وَأَعُوذُ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ يَا سَيِّدِي أَنْ أَكُونَ مِمَّنْ يُنَادِي : « يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ » . وَأَعُوذُ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ يَا سَيِّدِي أَنْ أَكُونَ مِمَّنْ « يَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَما هُوَ بِمَيِّتٍ » . وَأَعُوذُ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ يَا سَيِّدِي أَنْ أَكُونَ مِمَّنْ يُغَلُّ « فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً » . وَأَعُوذُ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ يَا سَيِّدِي أَنْ يَكُونَ طَعَامِي مِنَ الضَّرِيعِ . وَأَعُوذُ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ يَا سَيِّدِي أَنْ يَكُونَ غُدُوِّي وَرَوَاحِي إِلَى النَّارِ .

اللَّهُمَّ تَجَاوَزْ عَنْ سَيِّئَاتِي، وَأَبْدِلْ ذَلِكَ بِالْحَسَنَاتِ، وَلاَ تُخَفِّفْ بِذَلِكَ مِيزَانِي، وَلاَ تُسَوِّدْ بِهِ وَجْهِي، وَلاَ تَفْضَحْ بِهِ مَقَامِي، وَلاَ تُنَكِّسْ بِهِ رَأْسِي يَا رَبِّ، وَلاَ تَمْقُتْنِي عَلَى طُولِ مَا أَبْقَيْتَنِي، وَتَجَاوَزْ عَنِّي فِيمَنْ تَجَاوَزْتَ عَنْهُ « فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ

ص: 79

الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ » . اللَّهُمَّ عَرِّفْنِي اسْتِجَابَةَ مَا سَأَلْتُكَ، وَأَمَّلْتُهُ فِيكَ، وَطَلَبْتُهُ مِنْكَ، بِحَقِّ مَوْلاَيَ وَبِقَبْرِهِ، وَبِمَا سَعَيْتُ فِيهِ مِنْ زِيَارَتِهِ عَلَى مَعْرِفَةٍ مِنِّي بِحَقِّهِ، وَمَنْزِلَتِهِ مِنْكَ، وَمَحَبَّتِهِ وَمَوَدَّتِهِ، عَلَى مَا أَوْجَبْتَهُ عَلَيَّ فِي كِتَابِكَ ؛ وَلاَ تَرُدَّنِي خَائِباً وَلاَ خَائِفاً، وَاقْلِبْنِي مُفْلِحاً مُنْجِحاً، بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ وَفاطِمَةَ وَالْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِهَا، وَبِالشَّأْنِ وَالْجَاهِ وَالْقَدْرِ الَّذِي لَهُمْ عِنْدَكَ ؛ فَإِنَّ لَهُمْ عِنْدَكَ شَأْناً مِنَ الشَّأْنِ، وَقَدْراً مِنَ الْقَدْرِ، ] بِرَحْمَتِكَ [ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .

ثمّ ادع بما أحببت لنفسك وإخوانك .(1)

الزيارة الخامسة عشرة

تقصد باب السلام وتكبّر اللَّه أربعاً وثلاثين تكبيرة، وتُحمّده ثلاثاً وثلاثين تحميده، وتُسبّحه ثلاثاً وثلاثين تسبيحةً، وتُهلّله أربعاً وثلاثين تهليلةً، ثمّ تدخل إلى الضريح وتقول :

سَلاَمُ اللَّهِ وَسَلاَمُ مَلاَئِكَتِهِ الْمُقَرَّبِينَ وَأَنْبِيَائِهِ الْمُرْسَلِينَ وَعِبَادِهِ الصَّالِحِينَ، عَلَيْكَ يَا مَوْلاَيَ يا أَميرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه .

السَّلامُ عَلَيكَ يَا وارِثَ آدَمَ صَفْوَةِ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيكَ يَا وارِثَ نُوحٍ نَبِىِّ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيكَ يَا وارِثَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيكَ يَا وارِثَ مُوسَى كَلِيمِ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيكَ يَا وارِثَ عِيسَى رُوحِ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيكَ يَا وارِثَ مُحَمَّدٍ حَبِيبِ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيكَ يَا مَوْلاَىَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه .

السَّلامُ عَلَى اسْمِ اللَّهِ الرَّضِيِّ، السَّلامُ عَلى وَجْهِ اللَّهِ المُضي ءِ، السَّلامُ عَلى حَبيبِ اللَّهِ العَلِيِّ، السَّلامُ عَلى صِراطِ اللَّهِ السَّوِيِّ، السَّلامُ عَلَى الْإِمامِ الزَّكِيِّ المُهَذَّبِ الصَّفِيِّ، السَّلامُ عَلَى الْإِمامِ أَبي الحَسَنِ عَلِيٍّ .

السَّلامُ عَلى سَيِّدِ الْأَصْفِياءِ، السَّلامُ عَلَى خَالِصِ الْأَخِلاَّءِ، السَّلامُ عَلَى المَولُودِ في الكَعبَةِ وَالمُزَوَّجِ في السَّماءِ، السَّلامُ عَلَى الْمَخْصُوصِ بالطّاهِرَةِ سَيِّدَةِ النِّسَاءِ، السَّلامُ عَلَى أَسَدِ اللَّهِ فِي الْوَغَى، السَّلامُ عَلَى مَنْ شُرِّفَتْ بِهِ مَكَّةُ وَمِنى، السَّلامُ عَلَى صَاحِبِ الْحَوْضِ وَحَامِلِ اللِّوَاءِ، السَّلامُ عَلَى قالِعِ بابِ

ص: 80


1- السيد إبن طاووس، مصباح الزائر، ص 134 ؛ وما جعلناه بين المقوفتين من الكليني في الكافي، ج 4، ص 570 والشيخ الطوسي في تهذيب الأحكام، ج 6، ص 25 .

خَيبَرَ وَالدّاحِي بِها في الهَواءِ، السَّلامُ عَلى مُكَلِّمِ الفِتيَةِ في كَهفِهِم بِلِسانِ الْأَنبِياءِ، السَّلامُ عَلى خاتِمِ الحَصى، السَّلامُ عَلَى مُنْبِغِ الْقَلِيبِ فِي الْفَلاَ، السَّلامُ عَلَى قَالِعِ الصَّخْرَةِ - وَقَدْ امتَنَعَتْ عَنِ الرِّجالِ الْأَشِدَّاءُ - السَّلامُ عَلَى مُخَاطِبِ الثُّعْبَانِ عَلَى مِنْبَرِ الْكُوفَةِ بِلِسَانِ الْفُصَحَاءِ، السَّلامُ عَلى مُكَلِّمِ الذِّئبِ في الفَلا، السَّلامُ عَلى مُكَلِّمِ الجُمجُمَةِ بِالنَّهرَوانِ، وَقَدْ نَخِرَتِ العِظامُ بِالبِلى .

السَّلامُ عَلَى الْإِمَامِ الزَّكِيِّ حَلِيفِ الْمِحْرَابِ، السَّلامُ عَلَى صاحِبِ الْمُعْجِزِ الْبَاهِرِ وَالنَّاطِقِ بِالصَّوَابِ، السَّلامُ عَلَى مَنْ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ، السَّلامُ عَلَى مَنْ رُدَّتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ بَعْدَ أَنْ تَوارَتْ بِالحِجابِ، السَّلامُ عَلَى صاحِبِ المُعْجِزَةِ في جَميعِ الأسبابِ، السَّلامُ عَلى قاطِعِ اللَّيلِ بِالتَّهَجُّدِ وَالْاِكْتِسَابِ، السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه .

السَّلامُ عَلَى سَيِّدِ السَّادَاتِ، السَّلامُ عَلَى مَنْ عَجِبَتْ مِنْ حَمَلاَتِهِ مَلآئِكَةُ السَّماواتِ، السَّلامُ عَلَى مَنْ نَاجَى الرَّسُولَ، فَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاهُ صَدَقَاتٍ . السَّلامُ عَلَى صَاحِبِ الْغَزَوَاتِ، السَّلامُ عَلَى مُخَاطِبِ ذِئْبِ الْفَلَوَاتِ، السَّلامُ عَلَى نُورِ اللَّهِ فِي الظُّلُمَاتِ. السَّلامُ عَلَى صاحِبِ الآياتِ . السَّلامُ على مَنْ ضَجِيعاهُ آدَمُ وَنُوحٌ خَيرُ البَريّاتِ، السَّلامُ عَلى مَنِ ابتَهَلَ إلَى اللَّهِ بِهِ آدَمُ فَاستَجابَ لَهُ فَتَلَقّى مِنْ رَبِّهِ كلِماتٍ، السَّلامُ عَلَى مَنْ رُدَّتْ لَهُ الشَّمسُ فَقَضى ما فاتَهُ مِنَ الصَّلاةِ، السَّلامُ عَلَيهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكاتُه .

السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا سَيِّدَ الْوَصِيِّينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا إِمَامَ الْمُتَّقِينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عِلْمِ النَّبِيِّينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا يَعْسُوبَ الدِّينِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا عِصْمَةَ الْمُؤْمِنِينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا قُدْوَةَ الصِّدِّيقِينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا قَسيمَ الجَنَّةِ وَالنّارِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا والِدَ الْأَئِمَّةِ الْأَبْرارِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا نِعمَةَ اللَّهِ عَلَى المُخلِصينَ الْأَخيارِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا نِقْمَةَ اللَّهِ عَلَى الفُجّارِ، السَّلامُ عَلَيكَ يَا

ص: 81

مُنبِعَ العَينِ في السَّباسِبِ وَالقِفارِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا مَخصوصاً بِسَيفِ اللَّهِ ذي الفَقارِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا ساقِيَ أولِيائِهِ مِنْ حَوضِ النَّبِيِّ الْمُخْتارِ، السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكاتُه .

السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها النَّبَأُ الْعَظِيمُ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا مَنْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ « وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ »، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا صِرَاطَ اللَّهِ الْمُسْتَقِيمِ، السَّلامُ عَلَى الْمَنْعُوتِ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ، السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه .

ثمّ تنكبّ على القبر وتقبّله وتقول :

يَا أَمِينَ اللَّهِ، يَا حُجَّةَ اللَّهِ، يَا صِرَاطَ اللَّهِ الْمُسْتَقِيمَ، زَارَكَ عَبْدُكَ وَوَلِيُّكَ وَمَولاكَ اللاَّئِذُ بِقَبْرِكَ، الْمُنِيخُ رَحْلَهُ بِفِنَائِكَ، الْمُتَقَرِّبُ إِلَى اللَّهِ سُبحانَهُ بِوِلايَتِكَ، يَسْتَشفِعُ إِلَيهِ بِكَ، زِيَارَةَ مَنْ هَجَرَ فِيكَ صُحْبَتَهُ، وَأتعَبَ فِيكَ قَلبَهُ، وَجَعَلَكَ بَعْدَ اللَّهِ حَسَبَهُ، أَشْهَدُ أَنَّكَ الطُّورُ، وَالْكِتَابُ الْمَسْطُورُ، فِي الرَّقِّ الْمَنْشُورِ، وَبَحْرُ الْعِلْمِ الْمَسْجُورُ .

يَا مَولايَ، إِنَّ كُلَّ مَزُورٍ يَجِبُ عَلَيهِ حَقٌّ لِمَنْ زَارَهُ وَقَصَدَهُ، وَأَنَا وَلِيُّكَ وَقَدْ حَطَطْتُ رَحْلِي بِفِنَائِكَ، وَلَجَأْتُ إِلَى حَرَمِكَ، وَلُذْتُ بِضَرِيحِكَ ؛ لِعِلْمِي بِعَظِيمِ مَنْزِلَتِكَ وَشَرَفِ حَضْرَتِكَ، وَقَدْ أَثْقَلَتِ الذُّنُوبُ ظَهْرِي وَمَنَعَتْنِي مِنَ الرُّقَادَ، وَذِكْرُها يُقَلقِلُ أَحْشائي وَيَمْنَعُني لَذِيذَ الرُّقادِ، وَلاَ أَجِدُ حِرْزاً وَلاَ مَعْقِلاً وَلاَ كَهْفاً وَلاَ لَجَأً أَلْجَأُ إِلَيْهِ سِوى تَوَسُّلِي بِكَ إِلى خَالِقِي، وَاسْتِشْفَاعِي لَدَيْكَ، فَها أَنَا ذَا نَازِلٌ بِفِنَائِكَ، وَلَكَ عِنْدَ اللَّهِ الْمَنْزِلَةُ الرَّفيعَةُ وَالْوَسيلَةُ الشَّريفَةُ .

ثمّ تلثم الضريح وتتوجّه إلى القبلة وتقول :

اللَّهُمَّ إِنِّي أَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ يَا أَسْمَعَ السَّامِعِينَ، وَيَا أَبْصَرَ النَّاظِرِينَ، وَيَا أَسْرَعَ الْحَاسِبِينَ، وَيَا أَجْوَدَ الْأَجْوَدِينَ، بِمُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ، رَسُولِكَ إِلَى الْعَالَمِينَ، وَبِأَخِيهِ وَابْنِ عَمِّهِ الْأَنْزَعِ الْبَطِينِ، الْعَلَمِ الْمَكِينِ، عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَبِالْحَسَنِ الزَّكِيِّ عِصْمَةِ الْمُتَّقِينَ، وَبِأَبِي عَبدِاللَّهِ أَكرَمِ الْمُسْتَشْهَدِينَ، وَبِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ زَيْنِ الْعَابِدِينَ، وَبِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ البَاقِرِ

ص: 82

لِعِلْمِ النَّبِيِّينَ، وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ زَكِيِّ الصِّدِّيقِينَ، وَبِمُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ حَبِيسِ الظَّالِمِينَ، وَبِعَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا الْأَمِينِ، وَبِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَزْهَدِ الزَّاهِدِينَ، وَبِعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ قُدْوَةِ الْمُهْتَدِينَ، وَبِالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَارِثِ الْمُسْتَخْلِفِينَ، وَبِالْحُجَّةِ عَلَى الْعَالَمِينَ مَوْلاَنَا صَاحِبِ الزَّمَانِ مُظْهِرِ الْبَرَاهِينِ، أَنْ تَكْشِفَ مَا بِي مِنَ الْغُمُومِ، وَتَكْفِيَنِي شَرَّ الْقَدَرِ الْمَحْتُومِ، وَتُجِيرَنِي مِنَ النَّارِ ذَاتِ السُّمُومِ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .

ثمّ تُصلّي صلاة الزيارة ستّ ركعات، كلّ ركعتين بتسليمة، وتسجد بعدها فتقول في سجودك ما كان يقول أميرالمؤمنين عليه السلام وهو :

أُنَاجِيكَ يَا سَيِّدِي كَمَا يُنَاجِي الْعَبْدُ الذَّلِيلُ مَوْلاَهُ، وَأَطْلُبُ إِلَيْكَ طَلَبَ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّكَ تُعْطِي وَلاَ يَنْقُصُ مَا عِنْدَكَ، وَأَسْتَغْفِرُكَ اسْتِغْفَارَ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ، وَأَتَوَكَّلُ عَلَيْكَ تَوَكُّلَ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِير .

ثمّ تقول : العَفْوَ، العَفْوَ - مائة مرّة - .(1)

الزيارة السادسة عشرة

السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا حَبِيبَ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا صَفْوَةَ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا إِمَامَ الْهُدَى، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا عَلَمَ التُّقَى، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْوَصِيُّ الْبَارُّ التَّقِيُّ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا الْحَسَنِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا عَمُودَ الدِّينِ، وَوَارِثَ عِلْمِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، وَصَاحِبَ الْمِيسَمِ، وَالصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ.

أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ أَقَمْتَ الصَّلاَةَ، وَآتَيْتَ الزَّكَاةَ، وَأَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهَيْتَ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَاتَّبَعْتَ الرَّسُولَ، وَتَلَوْتَ الْكِتَابَ حَقَّ تِلاَوَتِهِ، وَبَلَّغْتَ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَوَفَيْتَ بِعَهْدِ اللَّهِ، وَتَمَّتْ بِكَ كَلِمَاتُ اللَّهِ، وَجَاهَدْتَ فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ، وَنَصَحْتَ للَّهِِ وَلِرَسُولِهِ، وَجُدْتَ بِنَفْسِكَ صَابِراً وَمُجَاهِداً عَنْ دِينِ اللَّهِ، مُؤْمِناً بِرَسُولِ اللَّهِ، طَالِباً مَا عِنْدَ اللَّهِ، رَاغِباً فِيمَا وَعَدَ اللَّهُ، وَمَضَيْتَ لِلَّذِي كُنْتَ عَلَيْهِ شَاهِداً وَشَهِيداً وَمَشْهُوداً، فَجَزَاكَ

ص: 83


1- إبن المشهدي، المزار الكبير، ص 256 .

اللَّهُ عَنْ رَسُولِهِ وَعَنِ الْإِسْلاَمِ وَأَهْلِهِ مِنْ صِدِّيقٍ أَفْضَلَ الْجَزَاءِ .

كُنْتَ أَوَّلَ الْقَوْمِ إِسْلاَماً، وَأَخْلَصَهُمْ إِيمَاناً، وَأَشَدَّهُمْ يَقِيناً، وَأَخْوَفَهُمْ للَّهِِ، وَأَعْظَمَهُمْ عَنَاءً، وَأَحْوَطَهُمْ عَلَى رَسُولِهِ، وَأَفْضَلَهُمْ مَنَاقِبَ، وَأَكْثَرَهُمْ سَوَابِقَ، وَأَرْفَعَهُمْ دَرَجَةً، وَأَشْرَفَهُمْ مَنْزِلَةً، وَأَكْرَمَهُمْ عَلَيْه .

قَوِيتَ حِينَ ضَعُفَ أَصْحَابُهُ، وَبَرَزْتَ حِينَ اسْتَكَانُوا، وَنَهَضْتَ حِينَ وَهَنُوا، وَلَزِمْتَ مِنْهَاجَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِه . كُنْتَ خَلِيفَتَهُ حَقّاً، لَمْ تُنَازَعْ بِرَغْمِ الْمُنَافِقِينَ، وَغَيْظِ الْكَافِرِينَ، وَكُرْهِ الْحَاسِدِينَ، وَضِغْنِ الْفَاسِقِينَ ؛ فَقُمْتَ بِالْأَمْرِ حِينَ فَشِلُوا، وَنَطَقْتَ حِينَ تَتَعْتَعُوا، وَمَضَيْتَ بِنُورِ اللَّهِ إِذْ وَقَفُوا ؛ فَمَنِ اتَّبَعَكَ فَقَدْ هُدِيَ .

كُنْتَ أَقَلَّهُمْ كَلاَماً، وَأَصْوَبَهُمْ مَنْطِقاً، وَأَكْثَرَهُمْ رَأْياً، وَأَشْجَعَهُمْ قَلْباً، وَأَشَدَّهُمْ يَقِيناً، وَأَحْسَنَهُمْ عَمَلاً، وَأَعْنَاهُمْ بِالْأُمُورِ . كُنْتَ لِلدِّينِ يَعْسُوباً، أَوَّلاً حِينَ تَفَرَّقَ النَّاسُ، وَأَخِيراً حِينَ فَشِلُوا . كُنْتَ لِلْمُؤْمِنِينَ أَباً رَحِيماً إِذْ صَارُوا عَلَيْكَ عِيَالاً، فَحَمَلْتَ أَثْقَالَ مَا عَنْهُ ضَعُفُوا، وَحَفِظْتَ مَا أَضَاعُوا، وَرَعَيْتَ مَا أَهْمَلُوا، وَشَمَّرْتَ إِذَا اجْتَمَعُوا، وَشَهِدْتَ إِذْ جَمَعُوا، وَعَلَوْتَ إِذْ هَلِعُوا، وَصَبَرْتَ إِذْ جَزِعُوا .

كُنْتَ عَلَى الْكَافِرِينَ عَذَاباً صَبّاً، وَلِلْمُؤْمِنِينَ غَيْثاً وَخِصْباً، لَمْ تُفْلَلْ حُجَّتُكَ، وَلَمْ يَزِغْ قَلْبُكَ، وَلَمْ تَضْعُفْ بَصِيرَتُكَ، وَلَمْ تَجْبُنْ نَفْسُكَ، وَلَمْ تَهِنْ . كُنْتَ كَالْجَبَلِ لاَ تُحَرِّكُهُ الْعَوَاصِفُ، وَلاَ تُزِيلُهُ الْقَوَاصِفُ .

وَكُنْتَ - كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِه - ضَعِيفاً فِي بَدَنِكَ، قَوِيّاً فِي أَمْرِ اللَّهِ، مُتَوَاضِعاً فِي نَفْسِكَ، عَظِيماً عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، كَبِيراً فِي الْأَرْضِ، جَلِيلاً عِنْدَ الْمُؤْمِنِينَ، لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ فِيكَ مَهْمَزٌ، وَلاَ لِقَائِلٍ فِيكَ مَغْمَزٌ، وَلاَ لِأَحَدٍ فِيكَ مَطْمَعٌ، وَلاَ لِأَحَدٍ عِنْدَكَ هَوَادَةٌ، الضَّعِيفُ الذَّلِيلُ عِنْدَكَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ حَتَّى تَأْخُذَ بِحَقِّهِ، وَالْقَوِيّ الْعَزِيزُ عِنْدَكَ ضَعِيفٌ ذَلِيلٌ حَتَّى تَأْخُذَ مِنْهُ الْحَقَّ، وَالْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ عِنْدَكَ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، شَأْنُكَ الْحَقُّ وَالصِّدْقُ وَالرِّفْقُ، وَقَوْلُكَ

ص: 84

حُكْمٌ وَحَتْمٌ، وَأَمْرُكَ حِلْمٌ وَحَزْمٌ، وَرَأْيُكَ عِلْمٌ وَعَزْمٌ .

اِعْتَدَلَ بِكَ الدِّينُ، وَسَهُلَ بِكَ الْعَسِيرُ، وَأُطْفِئَتْ بِكَ النِّيرَانُ، وَقَوِيَ بِكَ الْإِيمَانُ، وَثَبَتَ بِكَ الْإِسْلاَمُ وَالْمُؤْمِنُونَ، سَبَقْتَ سَبْقاً بَعِيداً، وَأَتْعَبْتَ مَنْ بَعْدَكَ تَعَباً شَدِيداً، فَجَلَلْتَ عَنِ البُكاء، وَعَظُمَتْ رَزِيَّتُكَ فِي السَّمَاءِ، وَهَدَّتْ مُصِيبَتُكَ الْأَنَامَ ؛ فَإِنَّا للَّهِِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ .

رَضِينَا عَنِ اللَّهِ قَضَاءَهُ، وَسَلَّمْنَا للَّهِِ أَمْرَهُ ؛ فَوَ اللَّهِ لَنْ يُصَابَ الْمُسْلِمُونَ بِمِثْلِكَ أَبَداً . كُنْتَ لِلْمُؤْمِنِينَ كَهْفاً وَحِصْناً، وَعَلَى الْكَافِرِينَ غِلْظَةً وَغَيْظاً، فَأَلْحَقَكَ اللَّهُ بِنَبِيِّهِ، وَلاَ حَرَمَنَا أَجْرَكَ، وَلاَ أَضَلَّنَا بَعْدَكَ، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه.

ثمّ تُصلّي عنده عليه السلام ستّ ركعات، تسلّم في كلّ ركعتين ؛ لأنّ في قبره عظام آدم، وجسد نوح، وأميرالمؤمنين عليه السلام، فمن زار قبره فقد زار آدم ونوحاً وأميرالمؤمنين عليهم السّلام فتُصلِّي لكلّ زيارة ركعتين .(1)

الزيارة السابعة عشرة

زيارة صفوان الجمّال لأميرالمؤمنين عليه السلام:

السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا الْأَئِمَّةِ، وَمَعْدِنَ الْوَحْيِ وَالنُّبُوَّةِ، وَالْمَخْصُوصَ بِالْأُخُوَّةِ . السَّلامُ عَلَى يَعْسُوبِ الدِّينِ وَالْإِيمَانِ، وَكَلِمَةِ الرَّحْمَنِ، وَكَهْفِ الْأَنَامِ . السَّلامُ عَلَى مِيزَانِ الْأَعْمَالِ، وَمُقَلِّبِ الْأَحْوَالِ، وَسَيْفِ ذِي الْجَلاَلِ . السَّلامُ عَلَى صَالِحِ الْمُؤْمِنِينَ، وَوَارِثِ عِلْمِ النَّبِيِّينَ، وَالْحَاكِمِ يَوْمَ الدِّينِ . السَّلامُ عَلَى شَجَرَةِ التَّقْوَى، وَسَامِعِ السِّرِّ وَالنَّجْوَى، وَمُنْزِلِ الْمَنِّ وَالسَّلْوَى . السَّلامُ عَلَى حُجَّةِ اللَّهِ الْبَالِغَةِ، وَنِعْمَتِهِ السَّابِغَةِ، وَنَقِمَتِهِ الدَّامِغَةِ . السَّلامُ عَلَى إِسْرَائِيلِ الْأُمَّةِ، وَبَابِ الرَّحْمَةِ، وَأَبِي الْأَئِمَّةِ . السَّلامُ عَلَى صِرَاطِ اللَّهِ الْوَاضِحِ، وَالنَّجْمِ اللاَّئِحِ، وَالْإِمَامِ النَّاصِحِ، وَالزِّنَادِ الْقَادِحِ . السَّلامُ عَلَى وَجْهِ اللَّهِ الَّذِي مَنْ آمَنَ بِهِ أَمِنَ . السَّلامُ عَلَى نَفْسِ اللَّهِ تَعَالَى الْقَائِمَةِ فِيهِ بِالسُّنَنِ، وَعَيْنِهِ الَّتِي مَنْ عَرَفَهَا يَطْمَئِنُّ . السَّلامُ عَلَى أُذُنِ اللَّهِ الْوَاعِيَةِ فِي الْأُمَمِ، وَيَدِهِ الْبَاسِطَةِ بِالنِّعَمِ، وَجَنْبِهِ الَّذِي مَنْ فَرَّطَ فِيهِ نَدِمَ .

ص: 85


1- الشيخ الصدوق، الفقيه، ج 2، ص 356 .

َشْهَدُ أَنَّكَ مُجَازِي الْخَلْقِ، وَشَافِعُ الرِّزْقِ، وَالْحَاكِمُ بِالْحَقِّ ؛ بَعَثَكَ اللَّهُ عَلَماً لِعِبَادِهِ، فَوَفَيْتَ بِمُرَادِهِ، وَجَاهَدْتَ فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ، فَصَلَّى اللَّهُ عَلَيْكُمْ، وَجَعَلَ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْكُمْ، فَالْخَيْرُ مِنْكَ وَإِلَيْكَ، عَبْدُكَ الزَّائِرُ لِحَرَمِكَ، اللاَّئِذُ بِكَرَمِكَ، الشَّاكِرُ لِنِعَمِكَ، قَدْ هَرَبَ إِلَيْكَ مِنْ ذُنُوبِهِ، وَرَجَاكَ لِكَشْفِ كُرُوبِهِ ؛ فَأَنْتَ سَاتِرُ عُيُوبِهِ، فَكُنْ لِي إِلَى اللَّهِ سَبِيلاً، وَمِنَ النَّارِ مَقِيلاً، وَلِمَا أَرْجُو فِيكَ كَفِيلاً، أَنْجُو نَجَاةَ مَنْ وَصَلَ حَبْلَهُ بِحَبْلِكَ، وَسَلَكَ بِكَ إِلَى اللَّهِ سَبِيلاً، فَأَنْتَ سَامِعُ الدُّعَاءِ، وَوَلِيُّ الْجَزَاءِ، عَلَيْكَ مِنَّا السَّلامُ، وَأَنْتَ السَّيِّدُ الْكَرِيمُ وَالْإِمَامُ الْعَظِيمُ، فَكُنْ بِنَا رَحِيماً يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه .(1)

الزيارة الثامنة عشرة

تقف على باب السّلام وتقول :

اللَّهُمَّ إِلَيْكَ وَجَّهْتُ وَجْهِي، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ رَبِّي، اللَّهُ أَكْبَرُ كَمَا بِمَنِّهِ هَدَانَا، اللَّهُ أَكْبَرُ إِلَهُنَا وَمَوْلاَنَا، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِيُّنَا الَّذِي أَحْيَانَا، الْحَمْدُ للَّهِِ الَّذِي بِمَنِّهِ هَدَانَا . اللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ - وَالشَّهَادَةُ حَظِّي، وَالْحَقُّ عَلَيَّ، وَأَدَاءٌ لِمَا كَلَّفْتَنِي - أَنَّ مُحَمَّداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِه عَبْدُكَ، وَرَسُولُكَ، وَنَبِيُّكَ، وَصَفِيُّكَ، وَخَلِيلُكَ، وَخَاصَّتُكَ، وَخِيَرَتُكَ مِنْ بَرِيَّتِكَ .

اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَيْهِ بِصَلَوَاتِكَ، وَاحْبُ بِكَرَامَاتِكَ، وَوَفِّرْ بِبَرَكَاتِكَ، وَحَيِّ بِتَحِيَّاتِكَ الْعَالِمَ، مُقِيمَ الدَّعَائِمِ، وَمُجَلِّيَ الظَّلْمَاءِ، وَمَاحِيَ الطَّخْيَاءِ، رَسُولَكَ الشَّاهِدَ، وَدَلِيلَكَ الرَّاشِدَ، الَّذِي اخْتَصَصْتَهُ، وَلَكَ أَخْلَصْتَهُ، وَبِهِدَايَتِكَ بَعَثْتَهُ، وَآيَاتِكَ أَوْرَثْتَهُ ؛ فَتَلاَ وَبَيَّنَ، وَدَعَا وَأَعْلَنَ، وَطَمَسْتَ بِهِ أَعْيُنَ الطُّغْيَانِ، وَأَخْرَسْتَ بِهِ أَلْسُنَ الْبُهْتَانِ، وَكَتَبْتَ الْعِزَّةَ لِأَوْلِيَائِهِ، وَضَرَبْتَ الذِّلَّةَ عَلَى أَعْدَائِه .

وَأَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُكَ وَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ، جاءَ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِ الْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ، وَأَنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوهُ ذَائِقُو الْعَذَابِ الْأَلِيمِ، وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ الْمُفْلِحُونَ . ثمّ تقول :

السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَالْمُؤْمِنِينَ عَلِيَّ بْنَ أبي طالب وَسَيِّدَ الْوَصِيِّينَ، وَحُجَّةَ رَبِّ

ص: 86


1- العلامة المجلسي، بحارالانوار، ج 100، ص 330 .

الْعَالَمِينَ عَلَى الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ . السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَوَارِثَ عِلْمِ النَّبِيِّينَ، وَإِمَامَ الْمُتَّقِينَ، وَقَائِدَ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ .

السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، يَا إِمَامَ الْهُدَى، وَمَصَابِيحَ الدُّجَى، وَكَهْفَ أُولِي الْحِجَا، وَمَلْجَأَ ذَوِي النُّهَى . السَّلامُ عَلَيْكَ يَا حِجَابَ الْوَرَى، وَالدَّعْوَةَ الْحُسْنَى، وَالْآيَةَ الْكُبْرَى، وَالْمَثَلَ الْأَعْلَى . السَّلامُ عَلَيْكَ يَا شَجَرَةَ النَّدَى، وَصَاحِبَ الدُّنْيَا، وَالْحُجَّةَ عَلَى جَمِيعِ الْوَرَى، فِي الْآخِرَةِ وَالْأُولَى . السَّلامُ عَلَيْكَ يَا صَفِيَّ اللَّهِ وَخِيَرَتَهُ، وَوَلِيَّ اللَّهِ وَحُجَّتَهُ، وَبَابَ اللَّهِ وَحِطَّتَهُ، وَعَيْنَ اللَّهِ وَآيَتَه . السَّلامُ عَلَيْكَ يَا عَيْبَةَ غَيْبِ اللَّهِ، وَمِيزَانَ قِسْطِ اللَّهِ، وَمِصْبَاحَ نُورِ اللَّهِ، وَمِشْكَاةَ ضِيَاءِ اللَّه .

السَّلامُ عَلَيْكَ يَا حَافِظَ سِرِّ اللَّهِ، وَمُمْضِيَ حُكْمِ اللَّهِ، وَمُجَلِّيَ إِرَادَةِ اللَّهِ، وَمَوْضِعَ مَشِيَّةِ اللَّه . السَّلامُ عَلَيْكَ يَا غَايَةَ مَنْ بَرَأَهُ اللَّهُ، وَنِهَايَةَ مَنْ ذَرَأَ اللَّهُ، وَأَوَّلَ مَنِ ابْتَدَعَ اللَّهُ، وَالْحُجَّةَ عَلَى جَمِيعِ مَنْ خَلَقَ اللَّه . السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبَأُ الْعَظِيمُ، وَالْخَطْبُ الْجَسِيمُ، وَالذِّكْرُ الْحَكِيمُ، وَالصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ .

السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْحَبْلُ الْمَتِينُ، وَالْإِمَامُ الْأَمِينُ، وَالْبَابُ الْيَقِينُ، وَالشَّافِعُ يَوْمَ الدِّينِ . السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَهادِيَ الْمُضِلِّينَ، وَمُرْشِدَ الوَلِيِّينَ، وَصالِحَ الْمُؤْمِنينَ . السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ الْأَكْبَرُ، وَالنَّامُوسُ الْأَنْوَرُ، وَالسِّرَاجُ الْأَزْهَرُ، وَالزُّلْفَةُ وَالْكَوْثَرُ . السَّلامُ عَلَيْكَ يَا بَابَ الْإِيمَانِ، وَعَيْنَ الْمُهَيْمِنِ الْمَنَّانِ، وَوَلِيَّ الْمَلِكِ الدَّيَّانِ، وَقَسِيمَ الْجِنَانِ وَالنِّيرَانِ .

السَّلامُ عَلَيْكَ يَا مَعْدِنَ الْكَرَمِ، وَمَوْضِعَ الْحِكَمِ، وَقَائِدَ الْأُمَمِ إِلَى الْخَيْرَاتِ وَالنِّعَمِ . السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْإِمَامُ التَّقِيُّ، وَالْعَدْلُ الْوَفِيُّ، وَالْوَصِيُّ الرَّضِيُّ، وَالْوَلِيُّ الزَّكِيُّ . السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النُّورُ الْمُصْطَفَى، وَالْوَلِيُّ الْمُرْتَجَى، وَالْكَرِيمُ الْمُرْتَضَى . السَّلامُ عَلَيْكَ يَا نُورَ الْأَنْوَارِ، وَمَحَلَّ سِرِّ الْأَسْرَارِ، وَعُنْصُرَ الْأَبْرَارِ، وَمُعْلِنَ الْأَخْيَارِ .

السَّلامُ عَلَيْكَ يَا لِسَانَ الْحَقِّ، وَبابَ الاُفُقِ، وَبَيْتَ الصِّدْقِ، وَمَحَلَّ

ص: 87

الرِّفْقِ . السَّلامُ عَلَيْكَ يَا نُورَ الْهِدَايَاتِ، وَمُرْشِدَ الْبَرِيَّاتِ، وَعَالِمَ الْخَفِيَّاتِ . السَّلامُ عَلَيْكَ يَا صَاحِبَ الْعِلْمِ الْمَخْزُونِ، وَعَارِفَ الْغَيْبِ الْمَكْنُونِ، وَحَافِظَ السِّرِّ الْمَصُونِ، وَالْعَالِمَ بِمَا كَانَ وَيَكُونُ .

السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْعَارِفُ بِفَصْلِ الْخِطَابِ، وَمُثِيبُ أَوْلِيَائِهِ يَوْمَ الْحِسَابِ، وَالْمُحِيطُ بِجَوَامِعِ عِلْمِ الْكِتَابِ، وَمُهْلِكُ أَعْدَائِهِ بِأَلِيمِ الْعَذَابِ . السَّلامُ عَلَيْكَ يَا صَاحِبَ عِلْمِ الْمَعَانِي، وَعِلْمِ الْمَثَانِي، وَالنُّورِ الشَّعْشَعَانِيِّ، وَالْبَشَرِ الثَّانِي . السَّلامُ عَلَيْكَ يَا عِمَادَ دِينِ الْجَبَّارِ، وَهَادِيَ الْأَخْيَارِ، وَأَبَا الْأَئِمَّةِ الْأَطْهَارِ، وَقَاصِمَ الْمُعَانِدِينَ الْأَشْرَارِ . السَّلامُ عَلَيْكَ يَا مَشْهُوراً فِي السَّمَاوَاتِ الْعُلْيَا، وَمَعْرُوفاً فِي الْأَرَضِينَ السَّابِعَةِ السُّفْلَى، وَمُظْهِرَ الْآيَةِ الْكُبْرَى، وَعَارِفَ السِّرِّ وَأَخْفَى .

السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّازِلُ مِنْ عِلِّيِّينَ، وَالْعَالِمُ بِمَا فِي أَسْفَلِ السَّافِلِينَ، وَمُهْلِكُ مَنْ طَغَى مِنَ الْأَوَّلِينَ، وَمُبِيدُ مَنْ جَحَدَ مِنَ الْآخِرِينَ . السَّلامُ عَلَيْكَ يَا صَاحِبَ الْكَرَّةِ وَالرَّجْعَةِ، وَإِمَامَ الْخَلْقِ، وَوَلِيَّ الدَّعْوَةِ، وَمَنْطِقَ الْبَرَايَا، وَمِحْنَةَ الْأُمَّةِ . السَّلامُ عَلَيْكَ يَا مُثْبِتَ التَّوْحِيدِ بِالشَّرْحِ وَالتَّجْرِيدِ، وَمُقَرِّرَ التَّمْجِيدِ بِالْبَيَانِ وَالتَّأْكِيدِ . السَّلامُ عَلَيْكَ يَا سَامِعَ الْأَصْوَاتِ، وَمُبِينَ الدَّعَوَاتِ، وَمُجْزِلَ الْكَرَامَاتِ بِجَزِيلِ الْعَطِيَّاتِ .

السَّلامُ عَلَيْكَ يَا مَنْ حَظِيَ بِكَرَامَةِ رَبِّهِ فَجَلَّ عَنِ الصِّفَاتِ، وَاشْتُقَّ مِنْ نُورِهِ فَلَمْ تَقَعْ عَلَيْهِ الْأَدَوَاتُ، وَأَزْلَفَ بِالْقُرْبِ مِنْ خَالِقِهِ فَقَصُرَ دُونَهُ الْمَقَالاَتُ، وَعَلاَ مَحَلُّهُ فَعَلاَ كُلَّ الْبَرِيَّاتِ . السَّلامُ عَلَيْكَ يَا مَنْ أَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ فَحَبَاهُ بِأَنْوَاعِ الْكَرَامَاتِ، وَاجْتَهَدَ فِي النُّصْحِ وَالطَّاعَةِ فَخَوَّلَهُ جَمِيعَ الْعَطِيَّاتِ، وَاسْتَفْرَغَ الْوُسْعَ فِي فِعالِهِ فَأَسْدَاهُ جَزِيلَ الطَّيِّبَاتِ، وَبَالَغَ فِي النُّصْحِ وَالطَّاعَةِ فَمَنَحَهُ الْحَوْضَ وَالشَّفَاعَةَ .

أَشْهَدُ بِذَلِكَ يَا مَوْلاَيَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ - وَأَنَا عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ، وَوَلِيُّكَ وَابْنُ وَلِيِّكَ - أَنَّكَ سَيِّدُ الْخَلْقِ، وَإِمَامُ الْحَقِّ، وَبَابُ الْأُفُقِ، اجْتَبَاكَ اللَّهُ لِقُدْرَتِهِ، فَجَعَلَكَ عَصَا عِزِّهِ وَتَابُوتَ حِكْمَتِهِ، وَأَيَّدَكَ بِتَرْجِمَةِ وَحْيِهِ، وَأَعَزَّكَ بِنُورِ هِدَايَتِهِ،

ص: 88

وَخَصَّكَ بِبُرْهَانِهِ ؛ فَأَنْتَ عَيْنُ غَيْبِهِ وَمِيزَانُ قِسْطِهِ، وَبَيَّنَ فَضْلَكَ فِي فُرْقَانِهِ، وَأَظْهَرَكَ عَلَماً لِعِبَادِهِ وَأَمِيناً فِي بَرِيَّتِهِ، وَانْتَجَبَكَ لِنُورِهِ فَجَعَلَكَ مَنَاراً فِي بِلاَدِهِ، وَحُجَّتَهُ عَلَى خَلِيقَتِهِ، وَأَيَّدَكَ بِرُوحِهِ فَصَيَّرَكَ نَاصِرَ دِينِهِ وَرُكْنَ تَوْحِيدِهِ، وَاخْتَصَّكَ بِفَضْلِه .

فَأَنْتَ تِبْيَانٌ لِعِلْمِهِ وَحُجَّةٌ عَلَى خَلِيقَتِهِ، وَاشْتَقَّكَ مِنْ نُورِهِ، فَصَيَّرَكَ دَلِيلاً عَلَى صِرَاطِهِ وَسَبِيلاً لِقَصْدِهِ، وَأَوْرَثَكَ كِتَابَهُ فَحَفِظْتَ سِرَّهُ وَرَعَيْتَ خَلْقَهُ، وَخَصَّكَ بِكَرَائِمِ التَّنْزِيلِ، فَخَزَنْتَ غَيْبَهُ وَعَرَفْتَ عِلْمَهُ، وَجَعَلَكَ نِهَايَةَ مَنْ خَلَقَ، فَسَبَقْتَ الْعَالَمِينَ وَعَلَوْتَ السَّابِقِينَ، وَصَيَّرَكَ غَايَةَ مَنِ ابْتَدَعَ، فَفُقْتَ بِالتَّقْدِيمِ كُلَّ مُبْتَدِعٍ، وَلَمْ تَأْخُذْكَ فِي هَوَاهُ لَوْمَةٌ وَلَمْ تُخْدَعْ .

فَكُنْتَ أَوَّلَ مَنْ فِي الذَّرِّ بَرَأَ، فَعَلِمْتَ مَا عَلاَ وَدَنَا وَقَرُبَ وَنَأَى، فَأَنْتَ عَيْنُهُ الْحَفِيظَةُ الَّتِي لاَ يَخْفَى عَلَيْهَا خَافِيَةٌ، وَأُذُنُهُ السَّمِيعَةُ الَّتِي حَازَتِ الْمَعَارِفُ الْعَلَوِيَّةُ، وَقَلْبُهُ الْوَاعِي الْبَصِيرُ الْمُحِيطُ بِكُلِّ شَيْ ءٍ، وَنُورُهُ الَّذِي أَضَاءَ بِهِ الْبَرِيَّةَ وَحَوَتْهُ الْعُلُومُ الْحَقِيقِيَّةُ، وَلِسَانُهُ النَّاطِقُ بِكُلِّ مَا كَانَ مِنَ الْأُمُورِ، وَالْمُبَيِّنُ عَمَّا كَانَ أَوْ يَكُونُ فِي سَالِفِ الْأَزْمَانِ وَغَابِرِ الدُّهُورِ .

كَلَّ يَا مَوْلاَيَ عَنْ نَعْتِكَ أَفْهَامُ النَّاعِتِينَ، وَعَجَزَ عَنْ وَصْفِكَ لِسَانُ الْوَاصِفِينَ، لِسَبْقِكَ بِالْفَضْلِ الْبَرَايَا، وَعِلْمِكَ بِالنُّورِ وَالْخَفَايَا؛ فَأَنْتَ الْأَوَّلُ الْفَاتِحُ بِالتَّسْبِيحِ حَتَّى سَبَّحَ لَكَ الْمُسَبِّحُونَ، وَالْآخِرُ الْخَاتِمُ بِالتَّمْجِيدِ حَتَّى مَجَّدَ بِوَصْفِكَ الْمُمَجِّدُونَ .

كَيْفَ أَصِفُ يَا مَوْلاَيَ حُسْنَ ثَنَائِكَ، أَمْ أُحْصِي جَمِيلَ بَلاَئِكَ، وَعرَفَتِ الْأَفْهامُ الْآياتِ الْمَعْرُوفَةَ في آفاقِ الْبِلادِ - وَهي فِعلُكَ -، وَعَجَزَتِ الْأَعيُنُ عَنِ الْإِحاطَةِ بِالْأَنْوارِ المَرئِيَّةِ بَينَ العِبادِ - وَهي فَرعُكَ -، الْأَوْهَامُ عَنْ مَعْرِفَةِ كَيْفِيَّتِكَ عَاجِزَةٌ، وَالْأَذْهَانُ عَنْ بُلُوغِ حَقِيقَتِكَ قَاصِرَةٌ، وَالنُّفُوسُ تَقْصُرُ عَمَّا تَسْتَحِقُّ فَلاَ تَبْلُغُهُ، وَتَعْجِزُ عَمَّا تَسْتَوْجِبُ فَلاَ تُدْرِكُه .

بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي - يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ - وَأَعِزَّائِي وَأَهْلِي وَأَحِبَّائِي، أُشْهِدُ اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّ كُلِّ شَيْ ءٍ وَأَنْبِيَاءَهُ الْمُرْسَلِينَ،

ص: 89

وَحَمَلَةَ الْعَرْشِ وَالْكَرُوبِيِّينَ، وَرُسُلَهُ الْمَبْعُوثِينَ، وَمَلاَئِكَتَهُ الْمُقَرَّبِينَ، وَعِبَادَهُ الصَّالِحِينَ، وَرَسُولَهُ الْمَبْعُوثَ بِالْكَرَامَةِ، الْمَحْبُوَّ بِالرِّسَالَةِ، السَّيِّدَ الْمُنْذِرَ، وَالسِّرَاجَ الْأَنْوَرَ، وَالْبَشِيرَ الْأَكْبَرَ، وَالنَّبِيَّ الْأَزْهَرَ، وَالْمُصْطَفَى الْمَخْصُوصَ بِالنُّورِ الْأَعْلَى، الْمُكَلَّمَ مِنْ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى .

أَنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ، وَمَوْلاَكَ وَابْنُ مَوْلاَكَ، مُؤْمِنٌ بِسِرِّكَ وَعَلاَنِيَتِكَ، كَافِرٌ بِمَنْ أَنْكَرَ فَضْلَكَ وَجَحَدَ حَقَّكَ، مُوَالٍ لِأَوْلِيَائِكَ، مُعَادٍ لِأَعْدَائِكَ، عَارِفٌ بِحَقِّكَ، مُقِرٌّ بِفَضْلِكَ، مُحْتَمِلٌ لِعِلْمِكَ، مُحْتَجِبٌ بِذِمَّتِكَ، مُوقِنٌ بِآيَاتِكَ، مُؤْمِنٌ بِرَجْعَتِكَ، مُنْتَظِرٌ لِأَمْرِكَ مُتَرَقِّبٌ لِدَوْلَتِكَ، آخِذٌ بِقَوْلِكَ، عَامِلٌ بِأَمْرِكَ .

مُسْتَجِيرٌ بِكَ، مُفَوِّضٌ أَمْرِي إِلَيْكَ، مُتَوَكِّلٌ فِيهِ عَلَيْكَ، زَائِرٌ لَكَ، لاَئِذٌ بِبَابِكَ الَّذِي فِيهِ غِبْتَ وَمِنْهُ تَظْهَرُ، حَتَّى تَمَكَّنَ دِينُهُ الَّذِي ارْتَضَى، وَتَبَدَّلَ بَعْدَ الْخَوْفِ أَمْناً، وَتَعْبُدُ الْمَوْلَى حَقّاً وَلاَ تُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً، وَيَصِيرُ الدِّينُ كُلُّهُ للَّهِِ، « وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها وَوُضِعَ الْكِتابُ وَجِي ءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ » وَالْحَمْدُ للَّهِِ رَبِّ الْعالَمِينَ .

فَعِنْدَهَا يَفُوزُ الْفَائِزُونَ بِمَحَبَّتِكَ، وَيَأْمَنُ الْمُتَّكِلُونَ عَلَيْكَ، وَيَهْتَدِي الْمُلْتَجِئُونَ إِلَيْكَ، وَيُرْشَدُ الْمُعْتَصِمُونَ بِكَ، وَيَسْعَدُ الْمُقِرُّونَ بِفَضْلِكَ، وَيُشْرَّفُ الْمُؤْمِنُونَ بِأَيَّامِكَ، وَيُحْظَى الْمُوقِنُونَ بِنُورِكَ، وَيُكْرَمُ الْمُزْلِفُونَ لَدَيْكَ، وَيَتَمَكَّنُ الْمُتَّقُونَ مِنْ أَرْضِكَ، وَتَقَرُّ الْعُيُونُ بِرُؤْيَتِكَ، وَيُجَلَّلُ بِالْكَرَامَةِ شِيعَتُكَ، وَيَشْمَلُهُمْ بَهَاءُ زُلْفَتِكَ .

وَتُقْعِدُهُمْ فِي حِجَابِ عِزِّكَ وَسُرَادِقِ مَجْدِكَ، فِي نِعِيمٍ مُقِيمٍ، وَعَيْشٍ سَلِيمٍ وَ « سِدْرٍ مَخْضُودٍ، وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ، وَظِلٍّ مَمْدُودٍ، وَماءٍ مَسْكُوبٍ »، وَنَجِدُ ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا وَصِدْقاً، وَنُنَادِي : هَلْ وَجَدْتُمْ مَا سَوَّلَ لَكُمُ الشَّيْطَانُ حَقّاً، فَتَكْثُرُ الْحَيرَةُ وَالْفَظَاظَةُ وَالْعَثْرَةُ وَالْحَمِيقَةُ وَيُقَالُ : « يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ » .

شَقِيَ مَنْ عَدَلَ عَنْ قَصْدِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَهَوَى مَنِ اعْتَصَمَ بِغَيْرِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَزَاغَ مَنْ آمَنَ بِسِوَاكَ، وَجَحَدَ مَنْ خَالَفَكَ، وَهَلَكَ مَنْ عَادَاكَ، وَكَفَرَ

ص: 90

مَنْ أَنْكَرَكَ، وَأَشْرَكَ مَنْ أَبْغَضَكَ، وَضَلَّ مَنْ فَارَقَكَ، وَمَرَقَ مَنْ نَاكَثَكَ، وَظَلَمَ مَنْ صَدَّ عَنْكَ، وَأَجْرَمَ مَنْ نَصَبَ لَكَ، وَفَسَقَ مَنْ دَفَعَ حَقَّكَ، وَنَافَقَ مَنْ قَعَدَ عَنْ نُصْرَتِكَ، وَخَابَ مَنْ أَنْكَرَ بَيْعَتَكَ، وَخَزِيَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْ فُلْكِكَ، وَخَسِرَ خُسْرَاناً مُبِيناً .

أُشْهِدُكَ أَيُّهَا النَّبَأُ الْعَظِيمُ وَالْعَلِيُّ الْحَكِيمُ، أَنِّي مُوفٍ بِعَهْدِكَ، مُقِرٌّ بِمِيثَاقِكَ، مُطِيعٌ لِأَمْرِكَ، مُصَدِّقٌ لِقَوْلِكَ، مُكَذِّبٌ لِمَنْ خَالَفَكَ، مُحِبٌّ لِأَوْلِيَائِكَ، مُبْغِضٌ لِأَعْدَائِكَ، حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبْتَ، سِلْمٌ لِمَنْ سَالَمْتَ، مُحَقِّقٌ لِمَا حَقَّقْتَ، مُبْطِلٌ لِمَا أَبْطَلْتَ، مُؤْمِنٌ بِمَا أَسْرَرْتَ، مُوقِنٌ بِمَا أَعْلَنْتَ، مُنْتَظِرٌ لِمَا وَعَدْتَ، مُتَوَقِّعٌ لِمَا قُلْتَ، حَامِدٌ لِرَبِّي عَزَّ وَجَلَّ عَلَى مَا أَوْزَعَنِي مِنْ مَعْرِفَتِكَ، شَاكِرٌ لَهُ عَلَى مَا طَوَّقَنِي مِنِ احْتِمَالِ فَضْلِكَ .

بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَشْهَدُ أَنَّكَ تَرَانِي وَتُبْصِرُنِي، وَتَعْرِفُ كَلاَمِي وَتُجِيبُنِي، وَتَعْرِفُ مَا يَجِنُّهُ قَلْبِي وَضَمِيرِي، فَاشْهَدْ يَا مَوْلاَيَ، وَاشْفَعْ لِي عِنْدَ رَبِّكَ فِي قَضَاءِ حَوَائِجِي .

اللَّهُمَّ بِحَقِّهِ الَّذِي أَوْجَبْتَ لَهُ عَلَيْكَ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَسَلِّمْ مَنَاسِكِي، وَتَقَبَّلْ مِنِّي، وَتَفَضَّلْ عَلَيَّ، وَارْحَمْنِي وَارْحَمْ فَاقَتِي، وَاكْشِفْ ضُرِّي وَذُلِّي، وَتَعَطَّفْ بِجُودِكَ عَلَى مَسْكَنَتِي، وَتُبْ عَلَيَّ وَأَقِلْنِي عَثْرَتِي، ] وَتَجَاوَزْ عَنِّي، وَامْحُ خَطِيئَتِي، وَانْظُرْ إِلَيَّ، وَاغْفِرْ ذَنْبِي، وَجُدْ عَلَيَّ، وَاقْبَلْ تَوْبَتِي [، وَحُطَّ وِزْرِي، وَارْفَعْ دَرَجَتِي، وَاقْضِ دَيْنِي، وَاجْبُرْ كَسْرِي، وَاصْفَحْ عَنْ جُرْمِي، وَأَقِمْ صَرْعَتِي، وَأَسْقِطْ ذَنْبِي، وَأَثْبِتْ حَسَنَاتِي، وَاشْفِ سُقْمِي، وَفَرِّجْ غَمِّي، وَأَذْهِبْ هَمِّي، وَنَفِّسْ كُرْبَتِي، وَاقْلِبْنِي بِالنُّجْحِ مُسْتَجَاباً لِي دَعْوَتِي، وَاشْكُرْ سَعْيِي، وَأَدِّ أَمَانَتِي، وَبَلِّغْنِي أَمَلِي، وَأَعْطِنِي مُنْيَتِي، وَاكْبِتْ عَدُوِّي، وَأَفْلِجْ حُجَّتِي، بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ - .

يَا مَوْلاَيَ اشْفَعْ لِي عِنْدَ رَبِّكَ، فَلَكَ عِنْدَ اللَّهِ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ، وَالْجَاهُ الْعَرِيضُ، وَالشَّفَاعَةُ الْمَقْبُولَةُ، وَالْمَحَلُّ الرَّفِيعُ . رَبَّنا آمَنَّا بِما أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ وَالنُّورَ

ص: 91

الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ . « رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ » .

اللَّهُمَّ رَبَّ الْأَخْيَارِ، إِلَهَ الْأَبْرَارِ، الْعَزِيزَ الْجَبَّارَ، الْعَظِيمَ الْغَفَّارَ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الْأَخْيَارِ، صَلاَةً تُزْلِفُهُمْ ] وَتُحظِيهِمْ [ وَتَمْنَحُهُمْ وَتُكْرِمُهُمْ وَتَحْبُوهُمْ وَتُقَرِّبُهُمْ وَتُدْنِيهِمْ، وَتُقَوِّيهِمْ وَتُسَدِّدُهُمْ، وَتَجْعَلُنِي وَجَمِيعَ مُحِبِّيهِمْ فِي مَوْقِفِي هَذَا مِمَّنْ تَنَالُهُ مِنْكَ رَحْمَةً وَرَأْفَةً وَكَرَامَةً وَمَغْفِرَةً وَنَظْرَةً وَمَوْهِبَةً، وَتُعْطِينِي جَمِيعَ مَا سَأَلْتُكَ وَمَا لَمْ أَسْأَلْكَ، مِمّا فِيهِ صَلاَحُ آخِرَتِي وَدُنْيَايَ، وَلِإِخْوَانِي وَأَهْلِي وَوُلْدِي وَأَهْلِ بَيْتِي، وَارْحَمْهُمْ، وَارْحَمْ وَالِدَيَّ، وَتَجَاوَزْ عَنْهُمَا وَنَوِّرْ قَبْرَيْهِمَا، وَجَمِيعَ مَنْ أَحَبَّنِي مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَمَنْ عَرَفْتُهُ وَمَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ، إِنَّكَ تَعْلَمُ مُنَقَلَبَهُمْ وَمَثْوَاهُمْ، وَارْزُقْنِي الْوَفَاءَ بِعَهْدِكَ، وَثَبِّتْنِي عَلَى مُوَالاَةِ أَوْلِيَائِكَ وَمُعَادَاةِ أَعْدَائِكَ، وَلاَ تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنِّي وَمِنْ مَوْقِفِي هَذَا، إِنَّكَ جَوَادٌ كَرِيمٌ .

اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ، وَإِلَيْكَ الْمُشْتَكَى، وَأَنْتَ الْمُسْتَعَانُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ، وَلا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ، وَثَبِّتْنَا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ . إِلَهِي إِنْ كَانَتْ ذُنُوبِي قَدْ حَالَتْ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَنْ تَرْفَعَ لِي صَوْتاً أَوْ تَسْتَجِيبَ لِي دَعْوَةً، فَهَا أَنَا ذَا بَيْنَ يَدَيْكَ، مُتَوَجِّهٌ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ .

وَأَسْأَلُكَ بِعِزَّتِكَ يَا مَوْلاَيَ لَمَّا قَبِلْتَ عُذْرِي وَغَفَرْتَ ذُنُوبِي، بِتَوَسُّلِي إِلَيْكَ بِمُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُكَ وَرَحْمَتُكَ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ ؛ فَإِنَّكَ قُلْتَ الْأَعْمَالُ بِخَوَاتِيمِهَا، وَجَعَلْتَ لِكُلِّ عَامِلٍ أَجْراً .

فَأَسْأَلُكَ يَا إِلَهِي أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِ مُحَمَّدٍ، وَتَجْعَلَ جَزَائِي مِنْكَ عِتْقِي مِنَ النَّارِ، وَأَنْ تَنْظُرَ إِلَيَّ نَظْرَةً رَحِيمَةً لاَ أَشْقَى بَعْدَهَا أَبَداً فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .(1)

ثمّ تصلّي للزّيارة وتدعو

ص: 92


1- إبن المشهدي، المزار الكبير، ص 302 وما جعلناه بين المعقوفتين، فهو من العلامة المجلسي في البحار، ج 100، ص 374 .

بعدها فتقول :

يَا اللَّهُ يَا اللَّهُ يَا اللَّهُ، يَا مُجِيبَ دَعْوَةِ ... إلى آخر الدعاء و قد مرّ في الزيارة السادسة ص 80 .

الزيارة التاسعة عشرة

فإذا صرت إلى الغريّ وقربت من القبر فقُل حين تراه :

اللَّهُمَّ إِنِّي أُرِيدُكَ فَأَرِدْنِي، وَإِنِّي أَقْبَلْتُ إِلَيْكَ بِوَجْهِي فَلاَ تُعْرِضْ بِوَجْهِكَ عَنِّي، وَ إِنِّي قَصَدْتُ إِلَيْكَ فَتَقَبَّلْ مِنِّي، وَإِنْ كُنْتَ عَلَيَّ سَاخِطاً فَارْضَ عَنِّي، وَإِنْ كُنْتَ لِي مَاقِتاً فَتُبْ عَلَيَّ، اِرْحَمْ مَسِيرِي إِلَى وَصِيِّ رَسُولِكَ أَبْتَغِي بِذَلِكَ رِضَاكَ عَنِّي فَلاَ تُخَيِّبْنِي . - وعليك السكينة والوقار - . وقل :

السَّلامُ مِنَ اللَّهِ، وَالسَّلامُ إِلَى اللَّهِ، وَالسَّلامُ عَلَى رَسُولِ اللَّه . اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلامُ، وَمِنْكَ السَّلامُ، وَإِلَيْكَ يَرْجِعُ السَّلامُ، وَعَلَى رَسُولِ اللَّهِ وَأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْأَئِمَّةِ أَجْمَعِينَ السَّلامُ .

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَأَمِينِكَ وَخَازِنِ عِلْمِكَ، الْفَاتِحِ لِمَا اُغْلِقَ، وَالْخَاتِمِ لِمَا قَدْ سَبَقَ، وَالْمُهَيْمِنِ عَلَى ذَلِكَ كُلِّه . السَّلامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللَّهِ وَأَمِينَهُ، وَخَازِنَ عِلْمِهِ، وَوَارِثَ أَنْبِيَائِهِ، وَمَعْدِنَ حِكْمَتِه . السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا سَيِّدَ الْوَصِيِّينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عِلْمِ الْأَوَّلِينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا بَابَ الْهُدَى، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا إِمَامَ التَّقْوَى.

ثمّ اخطُ عشر خُطوات، ثمّ قف وكبّر ثلاثين تكبيرة وقل :

السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ آدَمَ صَفْوَةِ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ نُوحٍ نَبِيِّ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُوسَى كَلِيمِ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عِيسَى رُوحِ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُحَمَّدٍ حَبِيبِ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الشَّهِيدُ الْوَصِيُّ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْبَارُّ التَّقِيُّ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْإِمَامُ الزَّكِيُّ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْهَادِي الْمُهْتَدِي، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِينَ اللَّهِ وَحَجَّتَهُ، السَّلامُ عَلَيْكَ

ص: 93

يَا خَازِنَ الْعِلْمِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَصِيَّ رَسُولِ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا بَابَ اللَّهِ الْهُدَى، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا عُرْوَةَ اللَّهِ الْوُثْقَى، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا صَاحِبَ النَّجْوَى، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا صَاحِبَ الْمِيسَمِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللَّهِ عَلَى الْعَالَمِينَ .

السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِينَ رَبِّ الْعَالَمِينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا حَبْلَ اللَّهِ الْمَتِينَ، وَصِرَاطَهُ الْمُسْتَقِيمَ، وَعُرْوَتَهُ الْوُثْقَى، وَيَدَهُ الْعُلْيَا، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا قَسِيمَ النَّارِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا ذَائِداً عَنِ الْحَوْضِ أَعْدَاءَ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَجْهَ اللَّهِ الَّذِي مِنْهُ يُؤْتَى، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الرُّكْنُ وَالْمَلْجَأُ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْكَهْفُ الْحَصِينُ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا صَاحِبَ اللِّوَاءِ، السَّلامُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِكَ وَذُرِّيَّتِكَ، الَّذِينَ حَبَاهُمُ اللَّهُ بِالْحُجَجِ الْبَالِغَةِ وَالنُّورِ وَالصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ .

أَشْهَدُ أَنَّكَ حُجَّةُ اللَّهِ وَأَمِينُهُ، وَوَصِيُّ رَسُولِهِ، وَخَازِنُ عِلْمِه . وَأَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَنَصَحْتَ وَصَبَرْتَ فِي جَنْبِ اللَّهِ عَلَى الْأَذَى . وَأَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ قُوتِلْتَ وَحُرِمْتَ وَغُصِبْتَ وَحُقِرْتَ وَظُلِمْتَ وَجُحِدْتَ فَصَبَرْتَ فِي ذَاتِ اللَّه . وَأَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ كُذِّبْتَ وَأُسِي ءَ إِلَيْكَ فَغَفَرْتَ . وَأَشْهَدُ أَنَّكَ الْإِمَامُ الرَّاشِدُ الْهَادِي الْمَهْدِيُّ، هُدِيْتَ وَقُمْتَ بِالْحَقِّ وَعَدَلْتَ بِه . وَأَشْهَدُ أَنَّ طَاعَتَكَ مُفْتَرَضَةٌ .

وَأَشْهَدُ أَنَّ قَوْلَكَ الصِّدْقُ، وَأَنَّ دَعْوَتَكَ الْحَقُّ . وَأَشْهَدُ أَنَّكَ دَعَوْتَ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ فَلَمْ تُجَبْ، وَأَمَرْتَ بِطَاعَةِ اللَّهِ فَلَمْ تُطَعْ . وَأَشْهَدُ أَنَّكَ مِنْ دَعَائِمِ الدِّينِ وَعِمَادِهِ، وَرُكْنِ الْأَرْضِ وَعِمَادِهَا . وَأَشْهَدُ أَنَّكَ الشَّجَرَةُ الطَّيِّبَةُ لَمْ تَزَلْ بِعَيْنِ اللَّهِ تَتَنَاسَخُ فِي أَصْلاَبِ الْمُطَهَّرِينَ، وَتَنْتَقِلُ فِي أَرْحَامِ الطَّاهِرَاتِ الْمُطَهَّرَاتِ .

لَمْ تُدَنِّسْكَ الْجَاهِلِيَّةُ الْجَهْلاَءُ، وَلَمْ تَشْرَكْ فِيكَ فِتَنُ الْأَهْوَاءِ، طِبْتَ وَطَابَ مَنْبِتُكَ، لَمْ تَزَلْ بِالْعَرْشِ مُحْدِقاً حَتَّى مَنَّ اللَّهُ بِكَ عَلَيْنَا، فَجَعَلَكَ اللَّهُ « فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ

ص: 94

تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ »، وَجَعَلَ صَلَوَاتَنَا عَلَيْكَ رَحْمَةً لَنَا، فَطَيَّبَ خَلْقَنَا بِمَا خَصَّنَا بِهِ مِنْ وَلاَيَتِكَ، وَكُنَّا مُسْلِمِينَ بِفَضْلِهِ، وَكُنَّا عِنْدَهُ مَعْرُوفِينَ بِتَصْدِيقِنَا إِيَّاكَ، فَصَلَّى اللَّهُ وَمَلاَئِكَتُهُ وَأَنْبِيَاؤُهُ وَرُسُلُهُ عَلَيْكَ، وَجَزَاكَ عَنْ رَعِيَّتِكَ خَيْراً .

ثمّ انكبَّ على القبر فقل :

السَّلامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللَّهِ وَسَيِّدَ الْوَصِيِّينَ، أَشْهَدُ أَنَّكَ حُجَّةُ اللَّهِ، قَدْ بَلَّغْتَ عَنِ اللَّهِ مَا أُمِرْتَ، وَنَصَحْتَ وَوَفَيْتَ، وَجَاهَدْتَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَمَضَيْتَ عَلَى الْيَقِينِ شَاهِداً وَشَهِيداً وَمَشْهُوداً، صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُه . أَنَا عَبْدُكَ وَمَوْلاَكَ وَفِي طَاعَتِكَ، الْوَافِدُ إِلَيْكَ، أَلْتَمِسُ ثَبَاتَ الْقَدَمِ فِي الْهِجْرَةِ إِلَيْكَ، وَكَمَالَ الْمَنْزِلَةِ فِي الْآخِرَةِ ؛ أَتَيْتُكَ - بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي وَنَفْسِي وَوُلْدِي وَأَهْلِي وَمَالِي - بِحَقِّكَ عَارِفاً، مُقِرّاً بِالْهُدَى الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ، عَالِماً بِهِ مُسْتَقِيماً، مُوجِباً لِطَاعَتِكَ، مُقِرّاً بِفَضْلِكَ، مُسْتَبْصِراً بِضَلاَلَةِ مَنْ خَالَفَكَ، لَعَنَ اللَّهُ أُمَّةً جَحَدَتْكَ وَجَحَدَتْ حَقَّكَ، وَأَنْكَرَتْ طَاعَتَكَ، وَظَلَمَتْكَ وَكَذَّبَتْكَ وَحَارَبَتْكَ .

السَّلامُ عَلَيْكَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه . الْحَمْدُ للَّهِِ الَّذِي جَعَلَنِي مِنْ زُوَّارِ حُجَّتِهِ وَوَصِيِّ رَسُولِهِ، وَرَزَقَنِي مَعْرِفَةَ فَضْلِهِ، وَالْإِقْرَارَ بِطَاعَتِهِ وَحَقِّهِ « رَبَّنا آمَنَّا فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ »، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا إِمَامَ الْهُدَى وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه .

ثمّ استوِ جالساً وقُل :

أَشْهَدُ أَنَّكَ عَبْدُ اللَّهِ، وَوَصِيُّ رَسُولِهِ، وَحُجَّتُهُ عَلَى خَلْقِهِ، وَأَمِينُهُ عَلَى خَزَائِنِ عِلْمِهِ ؛ وَأَنَّكَ أَدَّيْتَ عَنِ اللَّهِ وَعَنْ رَسُولِهِ صِدْقاً، وَكُنْتَ أَمِيناً، وَنَصَحْتَ للَّهِِ وَلِرَسُولِهِ مُجْتَهِداً، وَمَضَيْتَ عَلَى يَقِينٍ، لَمْ تُؤْثِرْ عَمًى عَلَى هُدًى، وَلَمْ تَمِلْ مِنْ حَقٍّ إِلَى بَاطِلٍ . وَأَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ أَقَمْتَ الصَّلاَةَ، وَآتَيْتَ الزَّكَاةَ، وَأَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهَيْتَ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَقُمْتَ بِالْحَقِّ غَيْرَ وَاهِنٍ وَلاَ مُوهِنٍ، صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ، وَجَزَاكَ اللَّهُ عَنْ رَعِيَّتِكَ خَيْراً .

اللَّهُمَّ

ص: 95

إِنِّي أُصَلِّي عَلَيْهِ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَيْهِ وَصَلَّتْ مَلاَئِكَتُكَ وَرُسُلُكَ، صَلاَةً كَثِيرَةً مُتَتَابِعَةً مُتَوَاصِلَةً مُتَرَادِفَةً يَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضاً فِي مَحْضَرِنَا هَذَا، وَإِذَا غِبْنَا، وَ عَلَى كُلِّ حَالٍ أَبَداً، صَلاَةً لاَ انْقِطَاعَ لَهَا وَلاَ نَفَادَ .

اللَّهُمَّ أَبْلِغْ رُوحَهُ وَجَسَدَهُ مِنِّي فِي سَاعَتِي هَذِهِ، تَحِيَّةً كَثِيرَةً وَسَلاَماً، وَفِي كُلِّ سَاعَةٍ . اللَّهُمَّ الْعَنْ قَتَلَةَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَالْآمِرِينَ بِذَلِكَ، وَالرَّاضِينَ بِهِ، وَالْمُجَوِّزِينَ لَهُ، وَالْفَرِحِينَ بِهِ، لَعْناً كَثِيراً ؛ وَعَذِّبْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً لَمْ تُعَذِّبْ بِهِ أَحَداً مِنَ الْعَالَمِينَ .

اللَّهُمَّ الْعَنْ جَوَابِيتَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَفَرَاعِنَتَهَا، الرُّؤَسَاءَ مِنْهُمْ وَالْأَتْبَاعَ، مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، وَاحْشُ قُبُورَهُمْ وَ أَجْوَافَهُمْ نَاراً، وَأَصْلِهِمْ مِنْ جَهَنَّمَ أَشَدَّهَا نَاراً، وَاحْشُرْهُمْ إِلَى جَهَنَّمَ زُرْقاً . أَتَيْتُكَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي وَافِداً إِلَيْكَ، مُتَوَجِّهاً بِكَ إِلَى اللَّهِ رَبِّكَ وَرَبِّي لِيُنْجِحَ بِكَ طَلِبَتِي، وَيَقْضِيَ بِكَ حَوَائِجِي، وَيُعْطِيَنِي بِكَ سُؤْلِي ؛ فَاشْفَعْ عِنْدَهُ وَكُنْ لِي شَفِيعاً . ثمّ قل :

يَا رَبِّي وَسَيِّدِي، وَيَا إِلَهِي وَمَوْلاَيَ، شَفِّعْ وَلِيَّكَ فِي حَوَائِجِي، فَقَدْ وَفَدْتُ إِلَيْكَ، وَجِئْتُ إِلَى قَبْرِهِ زَائِراً، مُتَقَرِّباً بِذَلِكَ إِلَيْكَ، فَلاَ تَجْبَهْنِي بِغَيْرِ مَنٍّ مِنِّي عَلَيْكَ، بَلْ لَكَ الْمَنُّ عَلَيَّ إِذْ وَفَّقْتَنِي لِذَلِكَ وَهَدَيْتَنِي لَه .

وَقَدْ جِئْتُكَ هَارِباً مِنْ ذُنُوبِي، مُتَنَصِّلاً إِلَيْكَ مِنْ سَيِّئِ عَمَلِي، رَاجِياً لَكَ فِي مَوْقِفِي، مُبْتَهِلاً إِلَيْكَ فِي الْعَفْوِ عَنْ مَعَاصِيَّ، مُسْتَغْفِراً مِنْ ذُنُوبِي، رَاجِياً بِزِيَارَةِ وَلِيِّكَ وَإِقَامَتِي عِنْدَ قَبْرِهِ وَوُقُوفِي عَلَيْهِ الْخَلاَصَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، طَمَعاً أَنْ تَسْتَنْقِذَنِي مِنَ الرَّدَى بِزِيَارَتِي إِيَّاهُ مَعْرِفَةً بِحَقِّهِ، فَوَرَدْتُ إِلَيْهِ إِذْ رَغِبَ عَنْ زِيَارَتِهِ أَهْلُ الدُّنْيَا، وَاتَّخَذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُواً، وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا، فَلَكَ الْمَنُّ يَا سَيِّدِي عَلَى مَا عَرَّفْتَنِي مِمَّا جَهِلَهُ أَهْلُ الدُّنْيَا وَمَالُوا إِلَى سِوَاهُ ؛ فَكَمَا عَرَّفْتَنِي وَبَصَّرْتَنِي وَهَدَيْتَنِي، فَأَلْهِمْنِي شُكْرَكَ، وَزِدْنِي مِنْ فَضْلِكَ، وَتَقَبَّلْ مِنِّي، فَإِنَّكَ تَتَقَبَّلُ

ص: 96

مِنَ الْمُتَّقِينَ .

ثمّ ادعُ لنفسك بما بدا لك وازدد، وصلّ واجتهد في الدعاء لأمر آخرتك ودُنياك .(1)

الزيارة العشرون

تقف على ضريحه صلّى اللَّه عليه وتقول :

السَّلامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَى خِيَرَةِ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّه . السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا يَعْسُوبَ الدِّينِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَا سَيِّدَ الْوَصِيِّينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْإِمَامُ التَّقِيُّ النَّقِيُّ الرَّضِيُّ الزَّكِيُّ الْوَلِيُّ، الصِّدِّيقُ الْأَكْبَرُ، الطُّهْرُ الطَّاهِرُ المُطَهَّرُ، الفارُوقُ الْأَعْظَمُ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه .

أَشْهَدُ أَنَّكَ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ بَعْدَ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِه، وَعَيْبَةُ عِلْمِهِ، وَمِيزَانُ حُكمِهِ، وَمِصْبَاحُ نُورِهِ، الَّذِي تُقْطَعُ بِهِ الظُّلمَةُ، وَيَقْطَعُ بِهِ الرّامِي غرَضَ الظُّلْمَةِ.

أَشْهَدُ يَا مَوْلايَ أَنَّكَ المُفَرِّقُ بَيْنَ الْحَلاَلِ وَالْحَرَامِ، وَالْأَمِينُ عَلى بَاطِنِ السِّرِّ وَمُسْتَوْدَعُ الْعِلْمِ، وَخَازِنُ الْوَحْيِ، وَالْعَالِمُ بِكُلِّ سِرٍّ، وَالْمُبْدِي بِشَرَائِعِ الْحَقِّ، وَمِنْهَاجِ الصِّدْقِ، وَالْمُتَّبِعُ سُبُلَ النَّجَاةِ، وَالذَّائِدُ عَنِ الْهَلَكَاتِ . وَأَشْهَدُ أَنَّكَ حُجَّةُ الْمَعْبُودِ، وَالشَّاهِدُ عَلَى العِبادِ، وَالدّالُّ عَلى صِراطِ اللَّهِ الْمُسْتَقِيمِ، وَقَسيمُ الجَنَّةِ وَالنّارِ .

وَأَشْهَدُ أَنَّكَ وَالْأَئِمَّةَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ سَفِينَةُ النَّجَاةِ، وَدَعَائِمُ الْأَوْتَادِ، وَأَرْكَانُ الْبِلاَدِ، وَسَاسَةُ الْعِبَادِ، وَحُجَجُ اللَّهِ عَلَى العالَمينَ، وَالسَّبَبُ إِلَيْهِ، وَالطَّريقُ إِلى حُسنِهِ، وَالمَلْجَأُ وَالْكَهفُ الْحَصِينُ .

وَأَشْهَدُ أَنَّ الْمُتَوَسِّلَ بِوَلاَيَتِكَ مِنَ الْفَائِزِينَ بِالْكَرَامَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ يَعْدِلْ عَنْكُمْ لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ لَهُ عَمَلاً، وَلا يُقِيمُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً، وهوَ في الْآخِرةِ مِنَ الخاسِرِينَ في دَرَكِ الجَحيمِ، إِنَّ هذا جارٍ لَكُمْ، وإِنَّ مُحِبَّكم مِنَ الْفائِزيِنَ .

ثمّ تنكبّ على القبر وقبّله وقُل:

يا سَيِّدي، إِلَيْكَ وُفودي يَا سَيِّدي، وَأَنَا اللاَّئِذُ بِقَبرِكَ، وَالحالُّ بِفِنائِكَ، وَبِكَ أَتَوَسَّلُ إِلَى اللَّهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ المُتَوَسِّلَ بِكَ غَيرُ خائِبٍ، وَالطّالِبَ بِكَ غَيرُ مَردُودٍ

ص: 97


1- العلامة المجلسي، بحارالانوار، ج 100، ص 323 .

إلاّ بِنَجاحِ طَلِبَتِهِ ؛ فَكُنْ لي يا مَولاي إلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكَ شَفيعاً في فَكاكِ رَقَبَتي مِنَ النّارِ، وَالمُتَفَضِّلَ عَلَيَّ بِالجَنَّةِ، وَتَيسيرِ أُموري، وغُفرانِ ذُنوبي، وَسِعَةِ رِزقي، وَإصلاحِ شأني في الدُّنيا وَالْآخِرَةِ، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ يا مَولايَ وَرَحمَةُ اللَّهُ وَبَركاتُه .

ثمّ صلّ عنده ما بدا لك، وادع ما شئت، وانصرف راشداً .(1)

الباب السّادس: زياراته المختصّة بوقت معيّن

زيارته عليه السلام في يوم الغدير

روَى البزنطيّ عن الرّضاعليه السلام قال: قال لي يابن أبي نصر أينما كنت فاحضر يوم الغدير عند أميرالمؤمنين عليه السلام فإنّ اللَّه تبارك وتعالى يغفر لكلّ مؤمن ومؤمنة ومسلم ومسلمة ذنوب ستّين سنة ويُعتق من النّار ضعف ما أعتق في شهر رمضان وليلة القدر وليلة الفطر، والدّرهم فيه بألف درهم لإخوانك العارفين، وأفضِل على إخوانك في هذا اليوم وسرّ فيه كلّ مؤمن ومؤمنة.

ثمّ قال: يا أهل الكوفة لقد أُعطيتم خيراً كثيراً وإنّكم لمن امتحن اللَّه قلبه للإيمان مستذلّون مقهورون ممتحنون، يُصبّ عليكم البلاء صبّاً ثمّ يكشفه كاشف الكرب العظيم، واللَّه لو عرف النّاس فضل هذا اليوم بحقيقته لصافحتهم الملائكة في كلّ يوم عشر مرّات.(2)

[ 1 ]

روي الإمام العسكريّ عن أبيه الإمام الهادي عليهما السلام أنّه زار بهذه الزّيارة في يوم الغدير في السّنة الّتي أشخصه المعتصم. فإذا أردت ذلك فقف على باب القبّة الشّريفة واستأذن وادخل مقدِّماً رجلك اليمنى على اليسرى، وامش حتّى تقف على الضّريح واستقبله واجعل القبلة بين كتفيك وقل:

اَلسَّلامُ عَلَى مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، خَاتَمِ النَّبِيِّينَ، وَسَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ، وَصَفْوَةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، أَمِينِ اللَّهِ عَلَى وَحْيِهِ، وَعَزَائِمِ أَمْرِهِ، وَالْخَاتِمِ لِمَا سَبَقَ، وَالْفَاتِحِ لِمَا اسْتُقْبِلَ، وَالْمُهَيْمِنِ عَلَى ذلِكَ كُلِّهِ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، وَصَلَوَاتُهُ وَتَحِيَّاتُه . اَلسَّلامُ عَلَى أَنْبِيَاءِ اللَّهِ وَرُسُلِهِ، وَمَلَائِكَتِهِ الْمُقَرَّبِينَ، وَعِبَادِهِ الصَّالِحِينَ .

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَسَيِّدَ

ص: 98


1- إبن المشهدي، المزار الكبير، ص 212 .
2- الشيخ الطوسي، مصباح المتهجد، ص 737 .

الْوَصِيِّينَ، وَوَارِثَ عِلْمِ النَّبِيِّينَ، وَوَلِيَّ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَمَوْلَايَ وَمَوْلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه . اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا مَوْلَايَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، يَا أَمِينَ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ، وَسَفِيرَهُ فِي خَلْقِهِ، وَحُجَّتَهُ الْبَالِغَةَ عَلَى عِبَادِه . اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا دِينَ اللَّهِ الْقَوِيمَ، وَصِرَاطَهُ الْمُسْتَقِيمَ . اَلسَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبَأُ الْعَظِيمُ، الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ، وَعَنْهُ يُسْأَلُونَ . اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، آمَنْتَ بِاللَّهِ وَهُمْ مُشْرِكُونَ، وَصَدَّقْتَ بِالْحَقِّ وَهُمْ مُكَذِّبُونَ، وَجَاهَدْتَ وَهُمْ مُحْجِمُونَ، وَعَبَدْتَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ، صَابِراً مُحْتَسِباً حَتَّى أَتَاكَ الْيَقِينُ، أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ . اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا سَيِّدَ الْمُسْلِمِينَ، وَيَعْسُوبَ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِمَامَ الْمُتَّقِينَ، وَقَائِدَ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه .

أَشْهَدُ أنَّكَ أَخُو رَسُولِ اللَّهِ وَوَصِيُّهُ، وَوَارِثُ عِلْمِهِ، وَأَمِينُهُ عَلَى شَرْعِهِ، وَخَلِيفَتُهُ فِي أُمَّتِهِ، وَأَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ، وَصَدَّقَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى نَبِيِّهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ عَنِ اللَّهِ مَا أَنْزَلَهُ فِيكَ، فَصَدَعَ بِأَمْرِهِ، وَأَوْجَبَ عَلَى أُمَّتِهِ فَرْضَ طَاعَتِكَ وَوِلَايَتِكَ، وَعَقَدَ عَلَيْهِمُ الْبَيْعَةَ لَكَ، وَجَعَلَكَ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، كَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ كَذلِكَ، ثُمَّ أَشْهَدَ اللَّهَ تَعَالَى عَلَيْهِمْ فَقَالَ: أَلَسْتُ قَدْ بَلَّغْتُ؟ فَقَالُوا: اَللَّهُمَّ بَلَى . فَقَالَ: اَللَّهُمَّ اشْهَدْ، وَكَفَى بِكَ شَهِيداً وَحَاكِماً بَيْنَ الْعِبَادِ .

فَلَعَنَ اللَّهُ جَاحِدَ وِلَايَتِكَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ، وَنَاكِثَ عَهْدِكَ بَعْدَ الْمِيثَاقِ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ وَفَيْتَ بِعَهْدِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُوفٍ لَكَ بِعَهْدِهِ، وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهِ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، الْحَقُّ الَّذِي نَطَقَ بِوِلَايَتِكَ التَّنْزِيلُ، وَأَخَذَ لَكَ الْعَهْدَ عَلَى الْأُمَّةِ بِذلِكَ الرَّسُولُ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ وَعَمَّكَ وَأَخَاكَ الَّذِينَ تَاجَرْتُمُ اللَّهَ بِنُفُوسِكُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيكُمْ: « إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ، يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ، وَعْداً

ص: 99

عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ . وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ × اَلتَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ » .

أَشْهَدُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ الشَّاكَّ فِيكَ مَا آمَنَ بِالرَّسُولِ الْأَمِينِ، وَأَنَّ الْعَادِلَ بِكَ غَيْرَكَ عَانِدٌ عَنِ الدِّينِ الْقَوِيمِ، الَّذِي ارْتَضَاهُ لَنَا رَبُّ الْعَالَمِينَ، وَأَكْمَلَهُ بِوِلَايَتِكَ يَوْمَ الْغَدِيرِ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ الْمَعْنِيُّ بِقَوْلِ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ : « وَأَنَّ هذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ، وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ »، ضَلَّ وَاللَّهِ وَأَضَلَّ مَنِ اتَّبَعَ سِوَاكَ، وَعَنَدَ عَنِ الْحَقِّ مَنْ عَادَاكَ . اَللَّهُمَّ سَمِعْنَا لِأَمْرِكَ وَأَطَعْنَا، وَاتَّبَعْنَا صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ، فَاهْدِنَا رَبَّنَا وَلَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا إِلَى طَاعَتِكَ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الشَّاكِرِينَ لِأَنْعُمِكَ .

وَأَشْهَدُ أَنَّكَ لَمْ تَزَلْ لِلْهَوَى مُخَالِفاً، وَلِلتُّقَى مُحَالِفاً، وَعَلَى كَظْمِ الْغَيْظِ قَادِراً، وَعَنِ النَّاسِ عَافِياً غَافِراً، وَإِذَا عُصِيَ اللَّهُ سَاخِطاً، وَإِذا أُطِيعَ اللَّهُ رَاضِياً، وَبِمَا عَهِدَ إِلَيْكَ عَامِلاً، رَاعِياً لِمَا اسْتُحْفِظْتَ، حَافِظاً لِمَا اسْتُودِعْتَ، مُبَلِّغاً مَا حُمِّلْتَ، مُنْتَظِراً مَا وُعِدْتَ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ مَا اتَّقَيْتَ ضَارِعاً، وَلَا أَمْسَكْتَ عَنْ حَقِّكَ جَازِعاً، وَلَا أَحْجَمْتَ عَنْ مُجَاهَدَةِ عَاصِيكَ نَاكِلاً، وَلَا أَظْهَرْتَ الرِّضَى بِخِلَافِ مَا يُرْضِي اللَّهَ مُدَاهِناً، وَلَا وَهَنْتَ لِمَا أَصَابَكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَلَا ضَعُفْتَ وَلَا اسْتَكَنْتَ عَنْ طَلَبِ حَقِّكَ مُرَاقِباً، مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ تَكُونَ كَذلِكَ، بَلْ إِذْ ظُلِمْتَ احْتَسَبْتَ رَبَّكَ، وَفَوَّضْتَ إِلَيْهِ أَمْرَكَ، وَذَكَّرْتَهُمْ فَمَا ادَّكَرُوا، وَوَعَظْتَهُمْ فَمَا اتَّعَظُوا، وَخَوَّفْتَهُمُ اللَّهَ فَمَا تَخَوَّفُوا .

وَأَشْهَدُ أَنَّكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ جَاهَدْتَ فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ، حَتَّى دَعَاكَ اللَّهُ إِلَى جِوَارِهِ، وَقَبَضَكَ إِلَيْهِ بِاخْتِيَارِهِ، وَأَلْزَمَ أَعْدَاءَكَ الْحُجَّةَ بِقَتْلِهِمْ إِيَّاكَ، لِتَكُونَ الْحُجَّةُ لَكَ عَلَيْهِمْ مَعَ مَا

ص: 100

لَكَ مِنَ الْحُجَجِ الْبَالِغَةِ عَلَى جَمِيعِ خَلْقِه . اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، عَبَدْتَ اللَّهَ مُخْلِصاً، وَجَاهَدْتَ فِي اللَّهِ صَابِراً، وَجُدْتَ بِنَفْسِكَ مُحْتَسِباً، وَعَمِلْتَ بِكِتَابِهِ، وَاتَّبَعْتَ سُنَّةَ نَبِيِّهِ، وَأَقَمْتَ الصَّلَاةَ، وَآتَيْتَ الزَّكَاةَ، وَأَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهَيْتَ عَنِ الْمُنْكَرِ مَا اسْتَطَعْتَ، مُبْتَغِياً مَا عِنْدَ اللَّهِ، رَاغِباً فِيمَا وَعَدَ اللَّهُ، لا تَحْفِلُ بِالنَّوَائِبِ، وَلَا تَهِنُ عِنْدَ الشَّدَائِدِ، وَلَا تُحْجِمُ عَنْ مُحَارِبٍ، أَفِكَ مَنْ نَسَبَ غَيْرَ ذلِكَ إِلَيْكَ، وَافْتَرَى بَاطِلاً عَلَيْكَ، وَأَوْلَى لِمَنْ عَنَدَ عَنْكَ . لَقَدْ جَاهَدْتَ فِي اللَّهِ حَقَّ الْجِهَادِ، وَصَبَرْتَ عَلَى الْأَذى صَبْرَ احْتِسَابٍ .

وَأَنْتَ أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ، وَصَلَّى لَهُ وَجَاهَدَ، وَأَبْدَى صَفْحَتَهُ فِي دَارِ الشِّرْكِ، وَالْأَرْضُ مَشْحُونَةٌ ضَلَالَةً، وَالشَّيْطَانُ يُعْبَدُ جَهْرَةً، وَأَنْتَ الْقَائِلُ: لا تَزِيدُنِي كَثْرَةُ النَّاسِ حَوْلِي عِزَّةً، وَلَا تَفَرُّقُهُمْ عَنِّي وَحْشَةً، وَلَوْ أَسْلَمَنِيَ النَّاسُ جَمِيعاً لَمْ أَكُنْ مُتَضَرِّعاً . اِعْتَصَمْتَ بِاللَّهِ فَعَزَزْتَ، وَآثَرْتَ الْآخِرَةَ عَلَى الْأُولَى فَزَهِدْتَ، وَأَيَّدَكَ اللَّهُ وَهَدَاكَ، وَأَخْلَصَكَ وَاجْتَبَاكَ، فَمَا تَنَاقَضَتْ أَفْعَالُكَ، وَلَا اخْتَلَفَتْ أَقْوَالُكَ، وَلَا تَقَلَّبَتْ أَحْوَالُكَ، وَلَا ادَّعَيْتَ، وَلَا افْتَرَيْتَ عَلَى اللَّهِ كَذِباً، وَلَا شَرِهْتَ إِلَى الْحُطَامِ، وَلَا دَنَّسَكَ الْآثَامُ، وَلَمْ تَزَلْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكَ، وَيَقِينٍ مِنْ أَمْرِكَ، تَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ .

أَشْهَدُ شَهَادَةَ حَقٍّ، وَأُقْسِمُ بِاللَّهِ قَسَمَ صِدْقٍ، أَنَّ مُحَمَّداً وَآلَهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، سَادَاتُ الْخَلْقِ، وَأَنَّكَ مَوْلَايَ وَمَوْلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَأَنَّكَ عَبْدُ اللَّهِ وَوَلِيُّهُ، وَأَخُو الرَّسُولِ وَوَصِيُّهُ وَوَارِثُهُ، وَأَنَّهُ الْقَائِلُ لَكَ : وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ مَا آمَنَ بِي مَنْ كَفَرَ بِكَ، وَلَا أَقَرَّ بِاللَّهِ مَنْ جَحَدَكَ، وَقَدْ ضَلَّ مَنْ صَدَّ عَنْكَ، وَلَمْ يَهْتَدِ إِلَى اللَّهِ وَلَا إِلَيَّ مَنْ لا يَهْتَدِي بِكَ، وَهُوَ قَوْلُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ : « وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى » إِلَى وِلَايَتِكَ .

ص: 101

َوْلَايَ فَضْلُكَ لا يَخْفَى، وَنُورُكَ لا يُطْفَأُ، وَأَنَّ مَنْ جَحَدَكَ الظَّلُومُ الْأَشْقَى، مَوْلَايَ أَنْتَ الْحُجَّةُ عَلَى الْعِبَادِ، وَالْهَادِي إِلَى الرَّشَادِ، وَالْعُدَّةُ لِلْمَعَادِ، مَوْلَايَ لَقَدْ رَفَعَ اللَّهُ فِي الْأُولَى مَنْزِلَتَكَ، وَأَعْلَى فِي الْآخِرَةِ دَرَجَتَكَ، وَبَصَّرَكَ مَا عَمِيَ عَلَى مَنْ خَالَفَكَ، وَحَالَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ مَوَاهِبِ اللَّهِ لَكَ، فَلَعَنَ اللَّهُ مُسْتَحِلِّي الْحُرْمَةِ مِنْكَ، وَذَائِدِي الْحَقِّ عَنْكَ، وَأَشْهَدُ أَنَّهُمُ الْأَخْسَرُونَ الَّذِينَ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ، وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ .

وَأَشْهَدُ أَنَّكَ مَا أَقْدَمْتَ وَلَا أَحْجَمْتَ وَلَا نَطَقْتَ وَلَا أَمْسَكْتَ إِلاّ بِأَمْرٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، قُلْتَ: « وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ نَظَرَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، أَضْرِبُ بِالسَّيْفِ قُدُماً، فَقَالَ: " يَا عَلِيُّ أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، إِلاّ أَنَّهُ لا نَبِيَّ بَعْدِي، وَأُعْلِمُكَ أَنَّ مَوْتَكَ وَحَيَاتَكَ مَعِي، وَعَلَى سُنَّتِي "، فَوَاللَّهِ مَا كَذِبْتُ وَلَا كُذِّبْتُ، وَلَا ضَلَلْتُ وَلَا ضُلَّ بِي، وَلَا نَسِيتُ مَا عَهِدَ إِلَيَّ رَبِّي، وَإِنِّي لَعَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي بَيَّنَهَا لِنَبِيِّهِ، وَبَيَّنَهَا النَّبِيُّ لِي، وَإِنِّي لَعَلَى الطَّرِيقِ الْوَاضِحِ، أَلْفِظُهُ لَفْظاً » . صَدَقْتَ وَاللَّهِ وَقُلْتَ الْحَقَّ .

فَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ سَاوَاكَ بِمَنْ نَاوَاكَ، وَاللَّهُ جَلَّ اسْمُهُ يَقُولُ: « هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ » . فَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ عَدَلَ بِكَ مَنْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ وِلَايَتَكَ، وَأَنْتَ وَلِيُّ اللَّهِ، وَأَخُو رَسُولِهِ، وَالذَّابُّ عَنْ دِينِهِ، وَالَّذِي نَطَقَ الْقُرْآنُ بِتَفْضِيلِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: « وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً × دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً » .

وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : « أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ × اَلَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا

ص: 102

وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ × يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ × خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ » .

أَشْهَدُ أَنَّكَ الْمَخْصُوصُ بِمِدْحَةِ اللَّهِ، اَلْمُخْلِصُ لِطَاعَةِ اللَّهِ، لَمْ تَبْغِ بِالْهُدَى بَدَلاً، وَلَمْ تُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّكَ أَحَداً، وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى اسْتجَابَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فِيكَ دَعْوَتَهُ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِإِظْهَارِ مَا أَوْلَاكَ لِاُمَّتِهِ، إِعْلَاءً لِشَأْنِكَ، وَإِعْلَاناً لِبُرْهَانِكَ، وَدَحْضاً لِلْأَبَاطِيلِ، وَقَطْعاً لِلْمَعَاذِيرِ . فَلَمَّا أَشْفَقَ مِنْ فِتْنَةِ الْفَاسِقِينَ، وَاتَّقَى فِيكَ الْمُنَافِقِينَ، أَوْحَى اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ : « يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ، وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ » .

فَوَضَعَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْزَارَ الْمَسِيرِ، وَنَهَضَ فِي رَمْضَاءِ الْهَجِيرِ، فَخَطَبَ فَأَسْمَعَ، وَنَادَى فَأَبْلَغَ، ثُمَّ سَأَلَهُمْ أَجْمَعَ، فَقَالَ: هَلْ بَلَّغْتُ؟ فَقَالُوا: اَللَّهُمَّ بَلَى . فَقَالَ: اَللَّهُمَّ اشْهَدْ . ثُمَّ قَالَ: أَلَسْتُ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ؟ فَقَالُوا: بَلَى . فَأَخَذَ بِيَدِكَ وَقَالَ: «مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَهذَا عَلِيٌّ مَوْلَاهُ، اَللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ، وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ، وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ» .

فَمَا آمَنَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكَ عَلَى نَبِيِّهِ إِلاّ قَلِيلٌ، وَلَا زَادَ أَكْثَرَهُمْ غَيْرَ تَخْسِيرٍ، وَلَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيكَ مِنْ قَبْلُ وَهُمْ كَارِهُونَ: « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ، أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ × يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ . ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ × إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ × وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ

ص: 103

آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ × رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ × رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ » .

اَللَّهُمَّ إِنَّا نَعْلَمُ أَنَّ هذَا هُوَ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِكَ، فَالْعَنْ مَنْ عَارَضَهُ وَاسْتَكْبَرَ، وَكَذَّبَ بِهِ وَكَفَرَ، وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ . اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَسَيِّدَ الْوَصِيِّينَ، وَأَوَّلَ الْعَابِدِينَ، وَأَزْهَدَ الزَّاهِدِينَ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، وَصَلَوَاتُهُ وَتَحِيَّاتُه . أَنْتَ مُطْعِمُ الطَّعَامِ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً لِوَجْهِ اللَّهِ، لا تُرِيدُ مِنْهُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُوراً، وَفِيكَ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: « وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ . وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ » .

وَأَنْتَ الْكَاظِمُ لِلْغَيْظِ، وَالْعَافِي عَنِ النَّاسِ، وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ، وَأَنْتَ الصَّابِرُ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ، وَأَنْتَ الْقَاسِمُ بِالسَّوِيَّةِ، وَالْعَادِلُ فِي الرَّعِيَّةِ، وَالْعَالِمُ بِحُدُودِ اللَّهِ مِنْ جَمِيعِ الْبَرِيَّةِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَخْبَرَ عَمَّا أَوْلَاكَ مِنْ فَضْلِهِ بِقَوْلِهِ: « أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لا يَسْتَوُونَ . أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلاً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ».

وَأَنْتَ الْمَخْصُوصُ بِعِلْمِ التَّنْزِيلِ، وَحُكْمِ التَّأْوِيلِ وَنَصِّ الرَّسُولِ، وَلَكَ الْمَوَاقِفُ الْمَشْهُودَةُ، وَالْمَقَامَاتُ الْمَشْهُورَةُ، وَالْأَيَّامُ الْمَذْكُورَةُ، يَوْمَ بَدْرٍ، وَيَوْمَ الْأَحْزَابِ « إِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ، وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ، وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا × هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً × وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ: مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاّ غُرُورَاً × وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ: يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا، وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ، يَقُولُونَ: إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ، وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ، إِنْ يُرِيدُونَ إِلاّ فِرَاراً ».

وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: « وَلَمَّا رَأَى

ص: 104

الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُه . وَمَا زَادَهُمْ إِلاّ إِيمَانَا وَتَسْلِيماً » . فَقَتَلْتَ عَمْرَهُمْ، وَهَزَمْتَ جَمْعَهُمْ، وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ، لَمْ يَنَالُوا خَيْراً، وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ، وَكَانَ اللَّهُ قَوِياً عَزِيزاً .

وَيَوْمَ أُحُدٍ إِذْ يُصْعِدُونَ وَلَا يَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ، وَالرَّسُولُ يَدْعُوهُمْ فِي أُخْرَاهُمْ، وَأَنْتَ تَذُودُ بُهَمَ الْمُشْرِكِينَ عَنِ النَّبِيِّ، ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ، حَتَّى رَدَّهُمُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْكُمَا خَائِفِينَ، وَنَصَرَ بِكَ الْخَاذِلِينَ .

وَيَوْمَ حُنَيْنٍ عَلَى مَا نَطَقَ بِهِ التَّنْزِيلُ: « إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ × ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ »، وَالْمُؤْمِنُونَ أَنْتَ وَمَنْ يَلِيكَ، وَعَمُّكَ الْعَبَّاسُ يُنَادِي الْمُنْهَزِمِينَ: يَا أَصْحَابَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، يَا أَهْلَ بَيْعَةِ الشَّجَرَةِ، حَتَّى اسْتَجَابَ لَهُ قَوْمٌ قَدْ كَفَيْتَهُمُ الْمَؤُونَةَ، وَتَكَفَّلْتَ دُونَهُمُ الْمَعُونَةَ، فَعَادُوا آيِسِينَ مِنَ الْمَثُوبَةِ، رَاجِينَ وَعْدَ اللَّهِ تَعَالَى بِالتَّوْبَةِ، وَذلِكَ قَوْلُ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: « ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ »، وَأَنْتَ حَائِزٌ دَرَجَةَ الصَّبْرِ، فَائِزٌ بِعَظِيمِ الْأَجْرِ .

وَيَوْمَ خَيْبَرَ، إِذْ أَظْهَرَ اللَّهُ خَوَرَ الْمُنَافِقِينَ، وَقَطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ، وَالْحَمْدُ للَّهِِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، « وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ، لا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ، وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْؤُولاً »، مَوْلَايَ أَنْتَ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ، وَالْمَحَجَّةُ الْوَاضِحَةُ، وَالنِّعْمَةُ السَّابِغَةُ، وَالْبُرْهَانُ الْمُنِيرُ، فَهَنِيئاً لَكَ بِمَا آتَاكَ اللَّهُ مِنْ فَضْلٍ، وَتَبّاً لِشَانِئِكَ ذِي الْجَهْلِ .

شَهِدْتَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ جَمِيعَ حُرُوبِهِ وَمَغَازِيهِ، تَحْمِلُ الرَّايَةَ أَمَامَهُ، وَتَضْرِبُ بِالسَّيْفِ قُدَّامَهُ، ثُمَّ لِحَزْمِكَ الْمَشْهُورِ، وَبَصِيرَتِكَ فِي الْأُمُورِ، أَمَّرَكَ فِي الْمَوَاطِنِ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ أَمِيرٌ، وَكَمْ مِنْ أَمْرٍ صَدَّكَ عَنْ إِمْضَاءِ عَزْمِكَ فِيهِ التُّقَى، وَاتَّبَعَ غَيْرُكَ

ص: 105

فِي مِثلِهِ الْهَوى، فَظَنَّ الْجَاهِلُونَ أَنَّكَ عَجَزْتَ عَمَّا إِلَيْهِ انْتَهَى، ضَلَّ وَاللَّهِ الظَّانُّ لِذلِكَ وَمَا اهْتَدى .

وَلَقَدْ أَوْضَحْتَ مَا أَشْكَلَ مِنْ ذلِكَ لِمَنْ تَوَهَّمَ وَامْتَرَى، بِقَوْلِكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ: «قَدْ يَرَى الْحُوَّلُ الْقُلَّبُ وَجْهَ الْحِيلَةِ وَدُونَهَا حَاجِزٌ مِنْ تَقْوَى اللَّهِ فَيَدَعُهَا رَأْيَ الْعَيْنِ، وَيَنْتَهِزُ فُرْصَتَهَا مَنْ لا حَرِيجَةَ لَهُ فِي الدِّينِ»، صَدَقْتَ وَخَسِرَ الْمُبْطِلُونَ .

وَإِذْ مَاكَرَكَ النَّاكِثَانِ فَقَالَا : نُرِيدُ الْعُمْرَةَ . فَقُلْتَ لَهُمَا: «لَعَمْرُكُمَا مَا تُرِيدَانِ الْعُمْرَةَ، لكِنْ تُرِيدَانِ الْغَدْرَةَ»، فَأَخَذْتَ الْبَيْعَةَ عَلَيْهِمَا، وَجَدَّدْتَ الْمِيثَاقَ، فَجَدَّا فِي النِّفَاقِ، فَلَمَّا نَبَّهْتَهُمَا عَلَى فِعْلِهِمَا، أَغْفَلَا وَعَادَا، وَمَا انْتَفَعَا، وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهِمَا خُسْراً .

ثُمَّ تَلَاهُمَا أَهْلُ الشَّامِ، فَسِرْتَ إِلَيْهِمْ بَعْدَ الْإِعْذَارِ، وَهُمْ لا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ، وَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ، هَمَجٌ رَعَاعٌ ضَالُّونَ، وَبِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ فِيكَ كَافِرُونَ، وَلِأَهْلِ الْخِلَافِ عَلَيْكَ نَاصِرُونَ، وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِاتِّبَاعِكَ، وَنَدَبَ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى نَصْرِكَ، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ » .

مَوْلَايَ بِكَ ظَهَرَ الْحَقُّ، وَقَدْ نَبَذَهُ الْخَلْقُ، وَأَوْضَحْتَ السُّنَنَ بَعْدَ الدُّرُوسِ وَالطَّمْسِ، فَلَكَ سَابِقَةُ الْجِهَادِ عَلَى تَصْدِيقِ التَّنْزِيلِ، وَلَكَ فَضِيلَةُ الْجِهَادِ عَلَى تَحْقِيقِ التَّأْوِيلِ، وَعَدُوُّكَ عَدُوُّ اللَّهِ، جَاحِدٌ لِرَسُولِ اللَّهِ، يَدْعُو بَاطِلاً، وَيَحْكُمُ جَائِراً، وَيَتَأَمَّرُ غَاصِباً، وَيَدْعُو حِزْبَهُ إِلَى النَّارِ، وَعَمَّارٌ يُجَاهِدُ وَيُنَادِي بَيْنَ الصَّفَّيْنِ: اَلرَّوَاحَ الرَّوَاحَ إِلَى الْجَنَّةِ، وَلَمَّا اسْتَسْقَى فَسُقِيَ اللَّبَنَ كَبَّرَ وَقَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: «آخِرُ شَرَابِكَ مِنَ الدُّنْيَا ضَيَاحٌ مِنْ لَبَنٍ، وَتَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ»، فَاعْتَرَضَهُ أَبُو الْعَادِيَةِ الْفَزَارِيُّ فَقَتَلَهُ.

فَعَلَى أَبِي الْعَادِيَةِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَلَعْنَةُ مَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ أَجْمَعِينَ، وَعَلَى مَنْ سَلَّ سَيْفَهُ عَلَيْكَ، وَسَلَلْتَ سَيْفَكَ عَلَيْهِ، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَعَلَى مَنْ رَضِيَ بِمَا

ص: 106

سَاءَكَ وَلَمْ يَكْرَهْهُ، وَأَغْمَضَ عَيْنَهُ وَلَمْ يُنْكِرْ، أَوْ أَعَانَ عَلَيْكَ بِيَدٍ أَوْ لِسَانٍ، أَوْ قَعَدَ عَنْ نَصْرِكَ، أَوْ خَذَلَ عَنِ الْجِهَادِ مَعَكَ، أَوْ غَمَطَ فَضْلَكَ، وَجَحَدَ حَقَّكَ، أَوْ عَدَلَ بِكَ مَنْ جَعَلَكَ اللَّهُ أَوْلَى بِهِ مِنْ نَفْسِهِ، وَصَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، وَسَلَامُهُ وَتَحِيَّاتُهُ، وَعَلَى الْأَئِمَّةِ مِنْ آلِكَ الطَّاهِرِينَ، إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ .

وَالْأَمْرُ الْأَعْجَبُ، وَالْخَطْبُ الْأَفْظَعُ بَعْدَ جَحْدِكَ حَقَّكَ، غَصْبُ الصِّدِّيقَةِ الطَّاهِرَةِ الزَّهْرَاءِ سَيِّدَةِ النِّسَاءِ فَدَكاً، وَرَدُّ شَهَادَتِكَ وَشَهَادَةِ السَّيِّدَيْنِ سُلَالَتِكَ، وَعِتْرَةِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكُمْ، وَقَدْ أَعْلَى اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْأُمَّةِ دَرَجَتَكُمْ، وَرَفَعَ مَنْزِلَتَكُمْ، وَأَبَانَ فَضْلَكُمْ، وَشَرَّفَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ، فَأَذْهَبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ وَطَهَّرَكُمْ تَطْهِيراً، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: « إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً × إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً × وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً × إِلّاَ الْمُصَلِّينَ »، فَاسْتَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ الْمُصْطَفَى، وَأَنْتَ يَا سَيِّدَ الْأَوْصِيَاءِ، مِنْ جَمِيعِ الْخَلْقِ، فَمَا أَعْمَهَ مَنْ ظَلَمَكَ عَنِ الْحَقِّ، ثُمَّ أَفْرَضُوكَ سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى مَكْراً، وَأَحَادُوهُ عَنْ أَهْلِهِ جَوْراً .

فَلَمَّا آلَ الْأَمْرُ إِلَيْكَ أَجْرَيْتَهُمْ عَلَى مَا أَجْرَيَا، رَغْبَةً عَنْهُمَا بِمَا عِنْدَ اللَّهِ لَكَ، فَأَشْبَهَتْ مِحْنَتُكَ بِهِمَا مِحَنَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، عِنْدَ الْوَحْدَةِ وَعَدَمِ الْأَنْصَارِ، وَأَشْبَهْتَ فِي الْبَيَاتِ عَلَى الْفِرَاشِ، اَلذَّبِيحَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، إِذْ أَجَبْتَ كَمَا أَجَابَ، وَأَطَعْتَ كَمَا أَطَاعَ إِسْمَاعِيلُ صَابِراً مُحْتَسِباً، إِذْ قَالَ لَهُ: « يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ، فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى؟ قَالَ: يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ، سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ » .

وَكَذلِكَ أَنْتَ لَمَّا أَبَاتَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَأَمَرَكَ أَنْ تَضْجَعَ فِي مَرْقَدِهِ، وَاقِياً لَهُ بِنَفْسِكَ، أَسْرَعْتَ إِلَى إِجَابَتِهِ مُطِيعاً، وَلِنَفْسِكَ عَلَى الْقَتْلِ مُوَطِّناً، فَشَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى طَاعَتَكَ، وَأَبَانَ عَن جَمِيلِ فِعْلِكَ بِقَوْلِهِ

ص: 107

جَلَّ ذِكْرُهُ : « وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ » .

ثُمَّ مِحْنَتُكَ يَوْمَ صِفِّينَ، وَقَدْ رُفِعَتِ الْمَصَاحِفُ حِيلَةً وَمَكْراً، فَأَعْرَضَ الشَّكُّ، وَعُرِفَ الْحَقُّ، وَاتُّبِعَ الظَّنُّ، أَشْبَهَتْ مِحْنَةَ هرُونَ، إِذْ أَمَّرَهُ مُوسَى عَلَى قَوْمِهِ فَتَفَرَّقُوا عَنْهُ، وَهرُونُ يُنَادِي بِهِمْ وَيَقُولُ: « يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي × قَالُوا: لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى » .

وَكَذلِكَ أَنْتَ لَمَّا رُفِعَتِ الْمَصَاحِفُ قلْتَ: يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهَا وَخُدِعْتُمْ . فَعَصَوْكَ وَخَالَفُوا عَلَيْكَ، وَاسْتَدْعَوْا نَصْبَ الْحَكَمَيْنِ، فَأَبَيْتَ عَلَيْهِمْ، وَتَبَرَّأْتَ إِلَى اللَّهِ مِنْ فِعْلِهِمْ، وَفَوَّضْتَهُ إِلَيْهِمْ، فَلَمَّا أَسْفَرَ الْحَقُّ وَسَفِهَ الْمُنْكَرُ، وَاعْتَرَفُوا بِالزَّلَلِ وَالْجَوْرِ عَنِ الْقَصْدِ، وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِهِ، وَأَلْزَمُوكَ عَلَى سَفَهٍ التَّحْكِيمَ الَّذِي أَبَيْتَهُ وَأَحَبُّوهُ، وَحَظَرْتَهُ وَأَبَاحُوا ذَنْبَهُمُ الَّذِي اقْتَرَفُوه .

وَأَنْتَ عَلَى نَهْجِ بَصِيرَةٍ وَهُدىً، وَهُمْ عَلَى سُنَنِ ضَلَالَةٍ وَعَمىً، فَمَا زَالُوا عَلَى النِّفَاقِ مُصِرِّينَ، وَفِي الْغَيِّ مُتَرَدِّدِينَ، حَتَّى أَذَاقَهُمُ اللَّهُ وَبَالَ أَمْرِهِمْ، فَأَمَاتَ بِسَيْفِكَ مَنْ عَانَدَكَ فَشَقِيَ وَهَوى، وَأَحْيَى بِحُجَّتِكَ مَنْ سَعَدَ فَهُدِيَ، صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْكَ غَادِيَةً وَرَائِحَةً، وَعَاكِفَةً وَذَاهِبَةً، فَمَا يُحِيطُ الْمَادِحُ وَصْفَكَ، وَلَا يُحِيطُ الطَّاعِنُ فَضْلَكَ .

أَنْتَ أَحْسَنُ الْخَلْقِ عِبَادَةً، وَأَخْلَصُهُمْ زَهَادَةً، وَأَذَبُّهُمْ عَنِ الدِّينِ، أَقَمْتَ حُدُودَ اللَّهِ بِجُهْدِكَ، وَفَلَلْتَ عَسَاكِرَ الْمَارِقِينَ بِسَيْفِكَ، تُخْمِدُ لَهَبَ الْحُرُوبِ بِبَنَانِكَ، وَتَهْتِكُ سُتُورَ الشُّبَهِ بِبَيَانِكَ، وَتَكْشِفُ لَبْسَ الْبَاطِلِ عَنْ صَرِيحِ الْحَقِّ، لا تَأْخُذُكَ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ .

وَفِي مَدْحِ اللَّهِ تَعَالَى لَكَ غِنىً عَنْ مَدْحِ الْمَادِحِينَ، وَتَقْرِيظِ الْوَاصِفِينَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : « مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً » .

وَلَمَّا رَأَيْتَ أَنْ قَتَلْتَ النَّاكِثِينَ، وَالْقَاسِطِينَ، وَالْمَارِقِينَ، وَصَدَقَكَ رَسُولُ اللَّهِ

ص: 108

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَعْدَهُ، فَأَوْفَيْتَ بِعَهْدِهِ، قُلْتَ: أَمَا آنَ أَنْ تُخْضَبَ هذِهِ مِنْ هذِهِ، أَمْ مَتَى يُبْعَثُ أَشْقَاهَا، وَاثِقاً بِأَنَّكَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِن رَبِّكَ، وَبَصِيرَةٍ مِنْ أَمْرِكَ، قَادِمٌ عَلَى اللَّهِ، مُسْتَبْشِرٌ بِبَيْعِكَ الَّذِي بَايَعْتَهُ بِهِ، وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ.

اَللَّهُمَّ الْعَنْ قَتَلَةَ أَنْبِيَائِكَ وَأَوْصِيَاءِ أَنْبِيَائِكَ، بِجَمِيعِ لَعَنَاتِكَ، وَأَصْلِهِمْ حَرَّ نَارِكَ، وَالْعَنْ مَنْ غَصَبَ وَلِيَّكَ حَقَّهُ، وَأَنْكَرَ عَهْدَهُ، وَجَحَدَهُ بَعْدَ الْيَقِينِ وَالْإِقْرَارِ بِالْوِلَايَةِ لَهُ، يَوْمَ أَكْمَلْتَ لَهُ الدِّينَ . اَللَّهُمَّ الْعَنْ قَتَلَةَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَمَنْ ظَلَمَهُ، وَأَشْيَاعَهُمْ وَأَنْصَارَهُمْ . اَللَّهُمَّ الْعَنْ ظَالِمِي الْحُسَيْنِ وَقَاتِلِيهِ، وَالْمُتَابِعِينَ عَدُوَّهُ وَنَاصِرِيهِ، وَالرَّاضِينَ بِقَتْلِهِ، وَخَاذِلِيهِ، لَعْناً وَبِيلاً .

اَللَّهُمَّ الْعَنْ أَوَّلَ ظَالِمٍ ظَلَمَ آلَ مُحَمَّدٍ، وَمَانِعِيهِمْ حُقُوقَهُمْ . اَللَّهُمَّ خُصَّ أَوَّلَ ظَالِمٍ وَغَاصِبٍ لِآلِ مُحَمَّدٍ بِاللَّعْنِ، وَكُلَّ مُسْتَنٍّ بِمَا سَنَّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ . اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ، وَعَلَى عَلِيٍّ سَيِّدِ الْوَصِيِّينَ، وَآلِهِ الطَّاهِرينَ، وَاجْعَلْنَا بِهِمْ مُتَمَسِّكِينَ، وَبِوِلَايَتِهِمْ مِنَ الْفَائِزِينَ الْآمِنِينَ، الَّذِينَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ .(1)

[ 2 ]

روَى الصّفوانيّ عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: إذا كنت في يوم الغدير في مشهد مولانا أميرالمؤمنين عليه السلام فادنُ من قبره بعد الصّلاة واقرأ هذا الدّعاء، وإن كنت في بعد منه فأومئ بعد الصّلاة واقرأ هذا الدّعاء:

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى وَلِيِّكَ، وَأَخِي نَبِيِّكَ، وَوَزِيرِهِ وَحَبِيبِهِ وَخَلِيلِهِ وَمَوْضِعِ سِرِّهِ، وَخِيَرَتِهِ مِنْ أُسْرَتِهِ، وَوَصِيِّهِ وَصَفْوَتِهِ وَخَالِصَتِهِ، وَأَمِينِهِ وَوَلِيِّهِ، وَأَشْرَفِ عِتْرَتِهِ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ، وَأَبِي ذُرِّيَّتِهِ، وَبَابِ حِكْمَتِهِ، وَالنَّاطِقِ بِحُجَّتِهِ، وَالدَّاعِي إِلَى شَرِيعَتِهِ، وَالْمَاضِي عَلَى سُنَّتِهِ، وَخَلِيفَتِهِ عَلَى أُمَّتِهِ، سَيِّدِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَقَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ، أَفْضَلَ مَا صَلَّيْتَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ وَأَصْفِيَائِكَ، وَأَوْصِيَاءِ أَنْبِيَائِكَ .

اَللَّهُمَّ إِنِّي أَشْهَدُ أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ عَنْ نَبِيِّكَ صَلَّى اللَّهُ

ص: 109


1- العلامة المجلسي، بحارالانوار، ج 100، ص 368 - 359 .

عَلَيْهِ وَآلِهِ مَا حُمِّلَ، وَرَعَى مَا اسْتُحْفِظَ، وَحَفِظَ مَا اسْتُودِعَ، وَحَلَّلَ حَلَالَكَ، وَحَرَّمَ حَرَامَكَ، وَأَقَامَ أَحْكَامَكَ، وَدَعَا إِلَى سَبِيلِكَ، وَوَالَى أَوْلِيَاءَكَ، وَعَادى أَعْدَاءَكَ، وَجَاهَدَ النَّاكِثِينَ عَنْ سَبِيلِكَ، وَالْقَاسِطِينَ وَالْمَارِقِينَ عَنْ أَمْرِكَ، صَابِراً مُحْتَسِباً، ] مُقْبِلاً [ غَيْرَ مُدْبِرٍ، لا تَأْخُذُهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ، حَتَّى بَلَغَ فِي ذلِكَ الرِّضَا، وَسَلَّمَ إِلَيْكَ الْقَضَاءَ، وَعَبَدَكَ مُخْلِصاً، وَنَصَحَ لَكَ مُجْتَهِداً حَتَّى أَتَاهُ الْيَقِينُ، فَقَبَضْتَهُ إِلَيْكَ شَهِيداً سَعِيداً، وَلِيّاً تَقِيّاً، رَضِيّاً زَكِيّاً، هَادِياً مَهْدِيّاً . اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ أَفْضَلَ مَا صَلَّيْتَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَنْبِيَائِكَ وَأَصْفِيَائِكَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ .(1)

[ 3 ]

فإذا أردت زيارته عليه السلام في هذا اليوم، فأغتسل والبس أطهر ثيابك، فإذا وصلت المشهد المقدس، فقف على باب القبة الشريفة وقل :

اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ الْحَمْدُ للَّهِِ عَلَى هِدَايَتِهِ لِدِينِهِ وَتَوْفِيقِهِ لِمَا دَعَا إِلَيْهِ مِنْ سَبِيلِهِ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاجْعَلْ مَقَامِي هَذَا مَقَامَ مَنْ لَطُفْتَ لَهُ بِمَنِّكَ فِي إِيقَاعِ مُرَادِكَ فَارْتَضَيْتَ لَهُ قُرُبَاتِهِ فِي طَاعَتِكَ وَأَعْطَيْتَهُ بِهِ غَايَةَ مَأْمُولِهِ وَنِهَايَةَ سُؤْلِهِ إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ قَرِيبٌ مُجِيبٌ .

اللَّهُمَّ ! إِنَّكَ أَفْضَلُ مَقْصُودٍ وَأَكْرَمُ مَأْتِيٍّ وَقَدْ أَتَيْتُكَ مُتَقَرِّباً إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ وَبِأَخِيهِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليهماالسّلام، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَلاَ تُخَيِّبْ سَعْيِي وَانْظُرْ إِلَيَّ نَظْرَةً تَنْعَشُنِي بِهَا وَاجْعَلْنِي عِنْدَكَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ .

ثمّ ادخل، وقدِّم رجلك اليمنى على اليسرى، وقل :

بِسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِه، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي .

ثمّ امش حتّى تحاذي القبر، واستقبله بوجهك، وقل :

السَّلاَمُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ أَمِينِ اللَّهِ عَلَى وَحْيِهِ وَعَزَائِمِ

ص: 110


1- السيد إبن طاووس، الاقبال، ج 2، ص 307 .

أَمْرِهِ وَالْخَاتِمِ لِمَا سَبَقَ وَالْفَاتِحِ لِمَا اسْتَقْبَلَ وَالْمُهَيْمِنِ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ بَرَكَاتُهُ، السَّلاَمُ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَصِيِّ رَسُولِ اللَّهِ وَخَلِيفَتِهِ وَالْقَائِمِ بِالْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ وَسَيِّدِ الْوَصِيِّينَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلاَمُ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِه سَيِّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ، السَّلاَمُ عَلَى الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ سَيِّدَيْ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنَ الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ، السَّلاَمُ عَلَى الْأَئِمَّةِ الرَّاشِدِينَ، السَّلاَمُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِالْمُرْسَلِينَ، السَّلاَمُ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ، السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ .

ثمّ امش حتّى تقف على القبر وتستقبله بوجهك، وتجعل القبلة بين كتفيك وتقول :

السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ اللَّهِ ! السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا صَفْوَةَ اللَّهِ ! السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حَبِيبَ اللَّهِ ! السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا عَمُودَ الدِّينِ ! السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَصِىَّ رَسُولِ اللَّهِ وَخَاتِمِ النَّبِيِّينَ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا سَيِّدَ الْوَصِيِّينَ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللَّهِ عَلَى الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبَأُ الْعَظِيمُ الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ وَعَنْهُ مَسْئُولُونَ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ الْأَكْبَرُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْفَارُوقُ الْأَعْظَمُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَمِينَ اللَّهِ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا خَلِيلَ اللَّهِ وَمَوْضِعَ سِرِّهِ وَعَيْبَةَ عِلْمِهِ وَخَازِنَ وَحْيِهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا مَوْلاَيَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَا حُجَّةَ الْخِصَامِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا بَابَ الْمَقَامِ .

أَشْهَدُ أَنَّكَ حَبِيبُ اللَّهِ وَخَاصَّةُ اللَّهِ وَخَالِصَتُهُ، أَشْهَدُ أَنَّكَ عَمُودُ الدِّينِ وَوَارِثُ عِلْمِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ وَصَاحِبُ الْمَيسَمِ وَالصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ، أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِه مَا اسْتُودِعْتَ وَحَلَّلْتَ حَلاَلَهُ وَحَرَّمْتَ حَرَامَهُ وَأَقَمْتَ أَحْكَامَ اللَّهِ وَلَمْ تَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ وَعَبَدْتَ اللَّهَ مُخْلِصاً حَتَّى أَتَاكَ الْيَقِينُ، أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ أَقَمْتَ الصَّلاَةَ وَآتَيْتَ الزَّكَاةَ وَأَمَرْتَ

ص: 111

بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَيْتَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاتَّبَعْتَ الرَّسُولَ وَتَلَوْتَ الْكِتَابَ حَقَّ تِلاَوَتِهِ وَجَاهَدْتَ فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ وَنَصَحْتَ للَّهِِ وَلِرَسُولِهِ وَجُدْتَ بِنَفْسِكَ صَابِراً مُحْتَسِباً وَعَنْ دِينِ اللَّهِ مُجَاهِداً وَلِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِه مُوَقِّياً وَلِمَا عِنْدَ اللَّهِ طَالِباً وَفِيمَا وَعَدَ رَاغِباً وَمَضَيْتَ لِلَّذِي كُنْتَ عَلَيْهِ شَهِيداً وَشَاهِداً وَمَشْهُوداً فَجَزَاكَ اللَّهُ عَنْ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِه وَعَنِ الْإِسْلاَمِ وَأَهْلِهِ أَفْضَلَ الْجَزَاءِ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ خَالَفَكَ وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ ظَلَمَكَ وَلَعَنَ اللَّهُ مَنِ افْتَرَى عَلَيْكَ وَغَضَبَكَ وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ قَتَلَكَ وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ بَايَعَ عَلَى قَتْلِكَ وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ بَلَغَهُ ذَلِكَ فَرَضِيَ بِهِ أَنَا إِلَى اللَّهِ مِنْهُمْ بُرَءَآءُ، لَعَنَ اللَّهُ أُمَّةً خَالَفَتْكَ وَأُمَّةً جَحَدَتْ وَلاَيَتَكَ وَأُمَّةً تَظَاهَرَتْ عَلَيْكَ وَأُمَّةً قَتَلَتْكَ وَأُمَّةً حَادَتْ عَنْكَ وَأُمَّةً خَذَلَتْكَ، الْحَمْدُ للَّهِِ الَّذِي جَعَلَ النَّارَ مَثْوَاهُمْ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ .

اللَّهُمَّ الْعَنْ قَتَلَةَ أَنْبِيَائِكَ وَأَوْصِيَاءِ أَنْبِيَائِكَ بِجَمِيعِ لَعَنَاتِكَ وَأَصْلِهِمْ حَرَّ نَارِكَ، اللَّهُمَّ الْعَنِ الْجَوَابِيتَ وَالطَّوَاغِيتَ وَالْفَرَاعِنَةَ وَاللاَّتَ وَالْعُزَّى وَكُلَّ نِدٍّ يُدْعَى مِنْ دُونِكَ وَكُلَّ مُلْحِدٍ مُفْتَرٍ، اللَّهُمَّ الْعَنْهُمْ وَأَشْيَاعَهُمْ وَأَتْبَاعَهُمْ وَأَوْلِيَاءَهُمْ وَأَعْوَانَهُمْ وَمُحِبِّيهِمْ لَعْناً كَثِيراً لاَ انْقِطَاعَ لَهُ وَلاَ أَجَلَ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِنْ جَمِيعِ أَعْدَائِكَ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَجْعَلَ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي أَوْلِيَائِكَ وَتُحَبِّبَ إِلَيَّ مَشَاهِدَهُمْ حَتَّى تُلْحِقَنِي بِهِمْ وَتَجْعَلَنِي لَهُمْ تَبَعاً فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ! .

ثمّ تحوّل إلى عند رأسه عليه السلام، فقل :

سَلاَمُ اللَّهِ وَسَلاَمُ مَلاَئِكَتِهِ الْمُقَرَّبِينَ وَالْمُسَلِّمِينَ لَكَ بِقُلُوبِهِمْ وَالنَّاطِقِينَ بِفَضْلِكَ وَالشَّاهِدِينَ عَلَى أَنَّكَ صَادِقٌ صِدِّيقٌ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ وَعَلَى رُوحِكَ وَبَدَنِكَ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ طُهْرٌ طَاهِرٌ مُطَهَّرٌ، وَأَشْهَدُ لَكَ يَا وَلِيَّ اللَّهِ وَوَلِيَّ رَسُولِهِ بِالْبَلاَغِ وَالْأَدَاءِ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ جَنْبُ اللَّهِ

ص: 112

وَأَنَّكَ وَجْهُ اللَّهِ الَّذِي يُؤْتَى مِنْهُ وَأَنَّكَ سَبِيلُ اللَّهِ وَأَنَّكَ عَبْدُ اللَّهِ وَأَخُو رَسُولِهِ أَتَيْتُكَ وَافِداً لِعَظِيمِ حَالِكَ وَمَنْزِلَتِكَ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِه أَتَيْتُكَ مُتَقَرِّباً إِلَى اللَّهِ بِزِيَارَتِكَ فِي خَلاَصِ نَفْسِي مُتَعَوِّذاً مِنْ نَارٍ اسْتَحَقَّهَا مِثْلِي بِمَا جَنَيْتُ عَلَى نَفْسِي .

أَتَيْتُكَ انْقِطَاعاً إِلَيْكَ وَإِلَى وَلِيِّكَ الْخَلَفِ مِنْ بَعْدِكَ عَلَى الْحَقِّ فَقَلْبِي لَكَ مُسَلِّمٌ وَأَمْرِي لَكَ مُتَّبِعٌ وَنُصْرَتِي لَكَ مُعَدَّةٌ، وَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَمَوْلاَكَ فِي طَاعَتِكَ الْوَافِدُ إِلَيْكَ أَلْتَمِسُ بِذَلِكَ كَمَالَ الْمَنْزِلَةِ عِنْدَ اللَّهِ، وَأَنْتَ يَا مَوْلاَيَ مَنْ أَمَرَنِي اللَّهُ بِصِلَتِهِ وَحَثَّنِي عَلَى بِرِّهِ وَدَلَّنِي عَلَى فَضْلِهِ وَهَدَانِي لِحُبِّهِ وَرَغَّبَنِي فِي الْوِفَادَةِ إِلَيْهِ وَأَلْهَمَنِي طَلَبَ الْحَوَائِجِ عِنْدَه .

أَنْتُمْ أَهْلُ بَيْتٍ يَسْعَدُ مَنْ تَوَلاَّكُمْ وَلاَ يَخِيبُ مَنْ يَهْوَاكُمْ وَلاَ يَسْعَدُ مَنْ عَادَاكُمْ، وَلاَ أَجِدُ أَحَداً أَفْزَعُ إِلَيْهِ خَيْراً لِي مِنْكُمْ، أَنْتُمْ أَهْلُ بَيْتِ الرَّحْمَةِ وَدَعَائِمُ الدِّينِ وَأَرْكَانُ الْأَرْضِ وَالشَّجَرَةُ الطَّيِّبَةُ، اللَّهُمَّ لاَ تُخَيِّبْ تَوَجُّهِي إِلَيْكَ بِرَسُولِكَ وَآلِ رَسُولِكَ وَاسْتِشْفَاعِي بِهِمْ إِلَيْكَ، أَنْتَ مَنَنْتَ عَلَيَّ بِزِيَارَةِ مَوْلاَيَ أَمِيرِالْمُؤْمِنينَ وَوِلاَيَتِهِ وَمَعْرِفَتِهِ فَاجْعَلْنِي مِمَّنْ يَنْصُرُهُ وَيَنْتَصِرُ بِهِ، وَمُنَّ عَلَيَّ بِنَصْرِكَ لِدِينِكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَحْيَا عَلَى مَا حَيِيَ عَلَيْهِ مَوْلاَىَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام وَأَمُوتُ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْه .

ثمّ انكبّ على القبر وقبِّله وضَعْ خدّك الأيمن عليه ثمّ الأيسر، ثمّ انفتل إلى القبلة وتوجّه إليها وأنت في مقامك عند الرّأس، فصلِّ ركعتين تقرأ في الأولى منهما فاتحة الكتاب، وسورة الرّحمن، وفي الثّانية فاتحة الكتاب، وسورة يس، ثمّ تَشَهَّد وتسلّم، فإذا سلّمت فسبّح تسبيح الزّهراء عليهاالسّلام واستغفرْ وادعُ ثمّ اسجد للَّه شكراً .

وقل في سجودك :

اللَّهُمَّ إِلَيْكَ تَوَجَّهْتُ وَبِكَ اعْتَصَمْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، اللَّهُمَّ أَنْتَ ثِقَتِي وَرَجَائِي فَاكْفِنِي

ص: 113

مَا أَهَمَّنِي وَمَا لاَ يُهِمُّنِي وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي عَزَّ جَارُكَ وَجَلَّ ثَنَاؤُكَ وَلاَ إِلَهَ غَيْرُكَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَقَرِّبْ فَرَجَهُمْ .

ثمّ ضع خدّك الأيمن على الأرض، وقل :

ارْحَمْ ذُلِّي بَيْنَ يَدَيْكَ وَتَضَرُّعِي إِلَيْكَ وَوَحْشَتِي مِنَ الْعَالَمِ وَأُنْسِي بِكَ يَا كَرِيمُ ! - ثَلاَثاً - .

ثمّ ضع خدّك الأيسر على الأرض وقل :

لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ رَبِّي حَقّاً حَقّاً سَجَدْتُ لَكَ يَا رَبِّ تَعَبُّداً وَرِقّاً، اللَّهُمَّ إِنَّ عَمَلِي ضَعِيفٌ فَضَاعِفْهُ لِي يَا كَرِيمُ ! - ثَلاَثاً - .

ثمّ عد إلى السّجود فقل : شُكْراً شُكْراً مائة مرّة، وتقوم فتصلّي أربع ركعات تقرأ فيها بمثل ما قرأت به في الرّكعتين، ويجزئك أن تقرأ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِى لَيْلَة الْقَدْرِ، وسورة الإخلاص، ويجزيك إذا عدلت عن ذلك ما تيسّر لك من القرآن، تكمل بالأربع ستّ ركعات، الرّكعتان الأوّلتان منها لزيارة اميرالمؤمنين عليه السلام والأربع لزيارة آدم ونوح عليهماالسّلام، ثمّ تسبّح تسبيح الزّهرآء فاطمة عليهاالسّلام وتستغفر لذنبك وتدعو بما بدالك .

وتحوّل إلى الرّجلين فتقف، وتقول :

السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، أَنْتَ أَوَّلُ مَظْلُومٍ وَأَوَّلُ مَغْصُوبٍ حَقُّهُ صَبَرْتَ وَاحْتَسَبْتَ حَتَّى أَتَاكَ الْيَقِينُ، أَشْهَدُ أَنَّكَ لَقِيتَ اللَّهَ وَأَنْتَ شَهِيدٌ عَذَّبَ اللَّهُ قَاتِلَكَ بِأَنْوَاعِ الْعَذَابِ، جِئْتُكَ زَائِراً عَارِفاً بِحَقِّكَ مُسْتَبْصِراً بِشَأْنِكَ مُعَادِياً لِأَعْدَائِكَ أَلْقَى اللَّهَ عَلَى ذَلِكَ رَبِّي إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَلِي ذُنُوبٌ كَثِيرَةٌ فَاشْفَعْ لِي عِنْدَ رَبِّكَ فَإِنَّ لَكَ عِنْدَ اللَّهِ مَقَاماً مَعْلُوماً وَ جَاهاً وَاسِعاً وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : « وَلا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ » صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ وَعَلَى رُوحِكَ وَبَدَنِكَ وَعَلَى الْأَئِمَّةِ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ صَلاَةً لاَ يُحْصِيهَا إِلاَّ هُوَ وَعَلَيْكُمْ

ص: 114

أَفْضَلُ السَّلاَمِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه .(1)

واجتهد في الدّعاء فإنّه موضع مسألة، وأكثِر من الإستغفار فإنّه موضع مغفرة واسأل الحوآئج فإنّه مقام إجابة . فإن أردت المقام في المشهد يومك أو ليلتك فأقِم فيه وأكثِرْ من الصّلاة والزّيارة والتّحميد والتّسبيح، والتّكبير والتّهليل وذكر اللَّه تعالى وتلاوة القرآن والدّعاء والإستغفار، فإذا أردت الانصراف فودِّعه عليه السّلام .

زيارة الوداع فى يوم الغدير

تقف على القبر كوقوفك في ابتدآء زيارتك تستقبله بوجهك وتجعل القبلة بين كتفيك . وتقول :

السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَالْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، أَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ وَأَسْتَرْعِيكَ وَأَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلاَمَ، آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَبِمَا جَاءَتْ بِهِ وَدَلَّتْ عَلَيْهِ « فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ »، اللَّهُمَّ إِنِّى أَشْهَدُ فِي مَمَاتِي عَلَى مَا شَهِدْتُ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِي، أَشْهَدُ أَنَّكُمُ الْأَئِمَّةُ .

وتذكر واحداً بعد واحد .

وَأَشْهَدُ أَنَّ مَنْ قَتَلَكُمْ وَحَارَبَكُمْ مُشْرِكُونَ، وَمَنْ رَدَّ عَلَيْكُمْ فِي أَسْفَلِ دَرْكٍ مِنَ الْجَحِيمِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مَنْ حَارَبَكُمْ لَنَا أَعْدَاءُ وَنَحْنُ مِنْهُمْ بُرَآءُ وَأَنَّهُمْ حِزْبُ الشَّيْطَانِ، وَعَلَى مَنْ قَتَلَكُمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ وَمَنْ شَرِكَ فِيهِ وَمَنْ سَرَّهُ قَتْلُكُمْ .

اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بَعْدَ الصَّلاَةِ وَالتَّسْلِيمِ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وتسمّيهم .

وَلاَ تَجْعَلْ هذَا آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيَارَتِهِ، فَإِنْ جَعَلْتَهُ فَاحْشُرْنِي مَعَ هَؤُلاَءِ الْأَئِمَّةِ المُسَمَّيْنَ .

اللَّهُمَّ وَذَلِّلْ قُلُوبَنَا لَهُمْ بِالطَّاعَةِ وَالْمُنَاصَحَةِ وَالْمَحَبَّةِ وَحُسْنِ الْمُؤَازَرَةِ وَالتَّسْلِيمِ .(2)

ومن زياراته عليه السلام في يوم الغدير، زيارة « أمين اللَّه » المتقدمة في الباب الخامس، الزيارة الأولى، من الزيارات المطلقة . فقد روى السيد إبن طاووس عن الشيخ الطوسي أن الإمام زين العابدين عليه السلام زار الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام بهذه الزيارة في يوم الغدير .(3)

من أعمال يوم الغدير

[ 1 ]

عوذة تعوّذ بها النبي صلّى اللَّه عليه وآله في يوم الغدير ؛ فتعوّذ

ص: 115


1- الشيخ الطوسي، مصباح المتهجّد، ص 740 .
2- الشيخ الطوسي، مصباح المتهجّد، ص 746 .
3- السيد إبن طاووس، الإقبال، ج 2، ص 275 .

بها أنت ايضاً قبل شروعك في عمل اليوم المذكور ليكون حرزاً لك من المحذور، وهي :

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، بِسْمِ اللَّهِ خَيْرِ الْأَسْمَاءِ، بِسْمِ اللَّهِ رَبِّ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى، وَرَبِّ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، الَّذِي لاَ يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ كَيْدُ الْأَعْدَاءِ، وَبِهَا تُدْفَعُ كُلُّ الْأَسْوَاءِ، وَبِالْقِسَمِ بِهَا يَكْفِي مَنِ اسْتَكْفَى .

اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبُّ كُلِّ شَيْ ءٍ وَخَالِقُهُ، وَبَارِي ءُ كُلِّ مَخْلُوقٍ وَرَازِقُهُ، وَمُحْصِي كُلِّ شَيْ ءٍ وَعَالِمُهُ، وَكَافِي كُلِّ جَبَّارٍ وَقَاصِمُهُ، وَمُعِينُ كُلِّ مُتَوَكِّلٍ عَلَيْهِ وَعَاصِمُهُ، وَبِرُّ كُلِّ مَخْلُوقٍ وَرَاحِمُهُ، لَيْسَ لَكَ ضِدٌّ فَيُعَانِدُكَ، وَلاَ نِدٌّ فَيُقَاوِمُكَ، وَلاَ شَبِيهٌ فَيُعَادِلُكَ، تَعَالَيْتَ عَنْ ذَلِكَ عُلُوّاً كَبِيراً .

اللَّهُمَّ بِكَ اِعْتَصَمْتُ وَاسْتَقَمْتُ وَاِلَيْكَ تَوَجَّهْتُ وَعَلَيْكَ اعْتَمَدْتُ، يَا خَيْرَ عَاصِمٍ وَاَكْرَمَ رَاحِمٍ وَاَحْكَمَ حَاكِمٍ وَاَعْلَمَ عَالِمٍ، مَنِ اعْتَصَمَ بِكَ عَصَمْتَهُ، وَمَنِ اسْتَرْحَمَكَ رَحِمْتَهُ، وَمَنِ اسْتَكْفَاكَ كَفَيْتَهُ، وَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْكَ اَمِنْتَهُ وَهَدَيْتَهُ، سَمْعاً لِقَوْلِكَ يَا رَبِّ وَطَاعَةً لِاَمْرِكَ .

اللَّهُمَّ اَقُولُ وَبِتَوْفِيقِكَ اَقُولُ، وَعَلَى كِفَايَتِكَ اُعَوِّلُ، وَبِقُدْرَتِكَ اَطُولُ، وَبِكَ أَسْتَكْفِي وَاَصُولُ، فَاكْفِنِي اللَّهُمَّ وَاَنْقِذنِي وَتَوَلَّنِي وَاعْصِمْنِي وَعَافِنِي، وَامْنَعْ مِنِّي وَخُذْ لِي وَكُنْ لِي بِعَيْنِكَ وَلاَ تَكُنْ عَلَيَّ، اللَّهُمَّ اَنْتَ رَبِّي عَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَاِلَيْكَ اَنَبْتُ وَاِلَيْكَ الْمَصِيرُ وَاَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ .(1)

[ 2 ] الصوم

قال عمار بن حريز العبدي : دخلت على أبي عبداللَّه عليه السلام في يوم الثامن عشر من ذي الحجة، فوجدته صائماً، فقال لى : هذا يوم عظيم، عظّم اللَّه حرمته على المؤمنين، وأكمل لهم فيه الدين، وتمم عليهم النعمة، وجدّد لهم ما أخذ عليهم من العهد والميثاق .

فقيل له : ما ثواب صوم هذا اليوم ؟ قال : إنّه يوم عيد وفرح وسرور، ويوم صومٍ شكراً للَّه تعالى، وإنّ صومه يعدل ستين شهراً من أشهر الحرم .(2)

[ 3 ] الصلاة

من صلّى فيه

ص: 116


1- السيد إبن طاووس، الإقبال، ج 2، ص 275 .
2- الشيخ الطوسي، مصباح المتهجد، ص 737 .

ركعتين أيّ وقت شاء، وأفضل ذلك قرب الزّوال، وهي السّاعة الّتي أُقيم فيها أميرالمؤمنين عليه السلام بغدير خم علماً للنّاس، فمن قال الصادق عليه السلام صلّى ركعتين، ثمّ سجد وشكراللَّه عزَّوجَلَّ مائة مرَّة، ودعا بهذا الدُّعاء بعد رفع رأسه من السّجود، الدُّعاء :

اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدَ وَحْدَكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ، وَأَنَّكَ وَاحِدٌ أَحَدٌ صَمَدٌ، لَمْ تَلِدْ وَلَمْ تُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَكَ كُفُواً أَحَدٌ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَآلِه .

يَا مَنْ هُوَ كُلَّ يَوْمٍ فِي شَأْنٍ، كَمَا كَانَ مِنْ شَأْنِكَ أَنْ تَفَضَّلْتَ عَلَيَّ بِأَنْ جَعَلْتَنِي مِنْ أَهْلِ إِجَابَتِكَ وَأَهْلِ دِينِكَ وَأَهْلِ دَعْوَتِكَ، وَوَفَّقْتَنِي لِذَلِكَ فِي مُبْتَدَءِ خَلْقِي تَفَضُّلاً مِنْكَ وَكَرَماً وَجُوداً، ثُمَّ أَرْدَفْتَ الْفَضْلَ فَضْلاً، وَالْجُودَ جُوداً، وَالْكَرَمَ كَرَماً، رَأْفَةً مِنْكَ وَرَحْمَةً إِلَى أَنْ جَدَّدْتَ ذَلِكَ الْعَهْدَ لِي تَجْدِيداً بَعْدَ تَجْدِيدِكَ خَلْقِي، وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيّاً نَاسِياً سَاهِياً غَافِلاً .

فَأَتْمَمْتَ نِعْمَتَكَ بِأَنْ ذَكَّرْتَنِي ذَلِكَ وَمَنَنْتَ بِهِ عَلَيَّ وَهَدَيْتَنِي لَهُ فَلْيَكُنْ مِنْ شَأْنِكَ يَا إِلَهِي وَسَيِّدِي وَمَوْلاَيَ، أَنْ تُتِمَّ لِي ذَلِكَ وَلاَ تَسْلُبَنِيهِ حَتَّى تَتَوَفَّانِي عَلَى ذَلِكَ، وَأَنْتَ عَنِّي رَاضٍ، فَإِنَّكَ أَحَقُّ الْمُنْعِمِينَ أَنْ تُتِمَّ نِعْمَتَكَ عَلَيَّ .

اللَّهُمَّ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأَجَبْنَا دَاعِيَكَ بِمَنِّكَ فَلَكَ الْحَمْدُ، غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ، آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَبِرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِه وَصَدَّقْنَا وَأَجَبْنَا دَاعِيَ اللَّهِ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فِي مُوَالاَةِ مَوْلاَنَا وَمَوْلَى الْمُؤْمِنِينَ، أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَبْدِ اللَّهِ وَأَخِي رَسُولِهِ، وَالصِّدِّيقِ الْأَكْبَرِ، وَالْحُجَّةِ عَلَى بَرِيَّتِهِ، الْمُؤَيَّدِ بِهِ نَبِيُّهُ وَدِينُهُ الْحَقُّ الْمُبِينُ، عَلَماً لِدِينِ اللَّهِ، وَخَازِناً لِعِلْمِهِ، وَعَيْبَةِ غَيْبِ اللَّهِ، وَمَوْضِعِ سِرِّ اللَّهِ، وَأَمِينِ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ، وَشَاهِدِهِ فِي بَرِيَّتِه .

اللَّهُمَّ إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ أَنْ آمِنُوا

ص: 117

بِرَبِّكُمْ، فَآمَنَّا رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ، رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ .

فَإِنَّا يَا رَبَّنَا بِمَنِّكَ وَلُطْفِكَ أَجَبْنَا دَاعِيَكَ، وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ وَصَدَّقْنَاهُ وَصَدَّقْنَا مَوْلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَكَفَرْنَا بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ، فَوَلِّنَا مَا تَوَلَّيْنَا، وَاحْشُرْنَا مَعَ أَئِمَّتِنَا فَإِنَّا بِهِمْ مُؤْمِنُونَ مُوقِنُونَ وَلَهُمْ مُسَلِّمُونَ .

آمَنَّا بِسِرِّهِمْ وَعَلاَنِيَتِهِمْ، وَشَاهِدِهِمْ وَغَائِبِهِمْ، وَحَيِّهِمْ وَمَيِّتِهِمْ، وَرَضِينَا بِهِمْ أَئِمَّةً وَقَادَةً وَسَادَةً، وَحَسْبُنَا بِهِمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ اللَّهِ دُونَ خَلْقِهِ لاَ نَبْتَغِي بِهِمْ بَدَلاً، وَلاَ نَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِمْ وَلِيجَةً، وَبَرِئْنَا إِلَى اللَّهِ مِنْ كُلِّ مَنْ نَصَبَ لَهُمْ حَرْباً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، وَكَفَرْنَا بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَالْأَوْثَانِ الْأَرْبَعَةِ وَأَشْيَاعِهِمْ وَأَتْبَاعِهِمْ وَكُلِّ مَنْ وَالاَهُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ مِنْ أَوَّلِ الدَّهْرِ إِلَى آخِرِه .

اللَّهُمَّ إِنَّا نُشْهِدُكَ أَنَّا نُدِينُ بِمَا دَانَ بِهِ مُحَمَّدٌ وَآلُ مُحَمَّدٍ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِم وَقَوْلُنَا مَا قَالُوا، وَدِينُنَا مَا دَانُوا بِهِ، مَا قَالُوا بِهِ قُلْنَا، وَمَا دَانُوا بِهِ دِنَّا، وَمَا أَنْكَرُوا أَنْكَرْنَا، وَمَنْ وَالَوْا وَالَيْنَا، وَمَنْ عَادَوْا عَادَيْنَا، وَمَنْ لَعَنُوا لَعَنَّا، وَمَنْ تَبَرَّءُوا مِنْهُ تَبَرَّأْنَا مِنْهُ، وَمَنْ تَرَحَّمُوا عَلَيْهِ تَرَحَّمْنَا عَلَيْهِ، آمَنَّا وَسَلَّمْنَا وَرَضِينَا وَاتَّبَعْنَا مَوَالِيَنَا صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ .

اللَّهُمَّ فَتَمِّمْ لَنَا ذَلِكَ وَلاَ تَسْلُبْنَاهُ، وَاجْعَلْهُ مُسْتَقَرّاً ثَابِتاً عِنْدَنَا، وَلاَ تَجْعَلْهُ مُسْتَعَاراً، وَأَحْيِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا عَلَيْهِ وَأَمِتْنَا إِذَا أَمَتَّنَا عَلَيْهِ، آلُ مُحَمَّدٍ أَئِمَّتُنَا، فَبِهِمْ نَأْتَمُّ وَإِيَّاهُمْ نُوَالِي، وَعَدُوَّهُمْ عَدُوَّ اللَّهِ نُعَادِي، فَاجْعَلْنَا مَعَهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ، فَإِنَّا بِذَلِكَ رَاضُونَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .

ثمَّ تسجد وتحمد اللَّه مائة مرَّة وتشكر اللَّه عزَّوجلَّ مائة مرَّة وأنت ساجد، فانّه من فعل ذلك كان كمن حضر ذلك اليوم وبايع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله على

ص: 118

ذلك، وكانت درجته مع درجة الصّادقين الّذين صدقوا اللَّه ورسوله في موالاة مولاهم ذلك اليوم، وكان كمن استشهد مع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وأميرالمؤمنين صلّى اللَّه عليه ومع الحسن والحسين صلّى اللَّه عليهما، وكمن يكون تحت راية القائم صلّى اللَّه عليه وفي فسطاطه من النّجباء والنّقباء .(1)

[ 4 ] الغسل في صدر النهار

[ 5 ] الدعاء في صدر النهار

قال الصادق عليه السلام : فاذا كان صبيحة ذلك اليوم، وجب الغسل في صدر نهاره، وأن يلبس المؤمن أنظف ثيابه وأفخرها، ويتطيّب إمكانه وإنبساط يده ثم يقول :

اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا الْيَوْمَ شَرَّفْتَنَا فِيهِ بِوَلاَيَةِ وَلِيِّكَ عَلِيٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَجَعَلْتَهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَأَمَرْتَنَا بِمُوَالاَتِهِ وَطَاعَتِهِ وَأَنْ نَتَمَسَّكَ بِمَا يُقَرِّبُنَا إِلَيْكَ، وَيُزْلِفُنَا لَدَيْكَ أَمْرُهُ وَنَهْيُه . اللَّهُمَّ قَدْ قَبِلْنَا أَمْرَكَ وَنَهْيَكَ، وَسَمِعْنَا وَأَطَعْنَا لِنَبِيِّكَ، وَسَلَّمْنَا وَرَضِينَا، فَنَحْنُ مَوَالِي عَلِيٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَأَوْلِيَاؤُهُ كَمَا أَمَرْتَ، نُوَالِيهِ وَنُعَادِي مَنْ يُعَادِيهِ، وَنَبْرَأُ مِمَّنْ تَبَرَّأَ مِنْهُ، وَنُبْغِضُ مَنْ أَبْغَضَهُ، وَنُحِبُّ مَنْ أَحَبَّهُ، وَعَلِيٌّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ مَوْلاَنَا كَمَا قُلْتَ، وَإِمَامُنَا بَعْدَ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِه كَمَا أَمَرْتَ .(2)

[ 6 ] الدعاء عند الزوال

فإذا كان وقت الزّوال أخذت مجلسك بهدوء وسكون ووقار وهيبة وإخبات وتقول :

الْحَمْدُ للَّهِِ رَبِّ الْعالَمِينَ كَمَا فَضَّلَنَا فِي دِينِهِ عَلَى مَنْ جَحَدَ وَعَنَدَ، وَفِي نَعِيمِ الدُّنْيَا عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ عَمَدَ، وَهَدَانَا بِمُحَمَّدٍ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِه وَشَرَّفَنَا بِوَصِيِّهِ وَخَلِيفَتِهِ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَمَاتِهِ، أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه .

اللَّهُمَّ إِنَّ مُحَمَّداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِه نَبِيُّنَا كَمَا أَمَرْتَ، وَعَلِيّاً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ مَوْلاَنَا كَمَا أَقَمْتَ، وَنَحْنُ مَوَالِيهِ وَأَوْلِيَاؤُه .

ثمّ تقوم وتصلّي شكراً للَّه تعالى ركعتين، تقرء في الاُولى الحمد، و«إنّا أنزَلناهُ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ»، و«قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ»، ثمّ تقنت وتركع وتتمُّ الصّلاة وتسلّم وتخرُّ

ص: 119


1- السيد إبن طاووس، الإقبال، ج 2، ص 277 .
2- السيد إبن طاووس، الإقبال، ج 2، ص 280 .

ساجداً، وتقول في سجودك :

اللَّهُمَّ إِنَّا إِلَيْكَ نُوَجِّهُ وُجُوهَنَا فِي يَوْمِ عِيدِنَا الَّذِي شَرَّفْتَنَا فِيهِ بِوَلاَيَةِ مَوْلاَنَا أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، عَلَيْكَ نَتَوَكَّلُ وَبِكَ نَسْتَعِينُ فِي أُمُورِنَا، اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدَتْ وُجُوهُنَا، وَأَشْعَارُنَا وَأَبْشَارُنَا، وَجُلُودُنَا وَعُرُوقُنَا، وَأَعْظُمُنَا وَأَعْصَابُنَا، وَلُحُومُنَا وَدِمَاؤُنَا .

اللَّهُمَّ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَلَكَ نَخْضَعُ وَلَكَ نَسْجُدُ، عَلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَدِينِ مُحَمَّدٍ وَوَلاَيَةِ عَلِيٍّ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ، حُنَفَاءَ مُسْلِمِينَ وَمَا نَحْنُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَلاَ مِنَ الْجَاحِدِينَ .

اللَّهُمَّ الْعَنِ الْجَاحِدِينَ الْمُعَانِدِينَ الْمُخَالِفِينَ لِأَمْرِكَ وَأَمْرِ رَسُولِكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِه، اللَّهُمَّ الْعَنِ الْمُبْغِضِينَ لَهُمْ لَعْناً كَثِيراً، لاَ يَنْقَطِعُ أَوَّلُهُ وَلاَ يَنْفَدُ آخِرُه .

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَثَبِّتْنَا عَلَى مُوَالاَتِكَ وَمُوَالاَةِ رَسُولِكَ وَآلِ رَسُولِكَ وَمُوَالاَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، اللَّهُمَّ آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَأَحْسِنْ مُنْقَلَبَنَا يَا سَيِّدَنَا وَمَوْلاَنَا .

ثمّ كل واشرب وأظهر السّرور وأطعم إخوانك وأكثر برّهم واقض حوائج إخوانك، إعظاماً ليومك، وخلافاً على من أظهر فيه الاغتمام والحزن ضاعف اللَّه حزنه وغمّه .(1)

[ 7 ] القول عند لقاء الإخوان :

قال الصادق عليه السلام : وليكن من قولكم إذا التقيتم ان تقوموا :

الْحَمْدُ للَّهِِ الَّذِي أَكْرَمَنَا بِهَذَا الْيَوْمِ، وَجَعَلَنَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَجَعَلَنَا مِنَ الْمُوفِينَ بِعَهْدِهِ الَّذِي عَهِدَهُ إِلَيْنَا، وَمِيثَاقِهِ الَّذِي وَاثَقَنَا بِهِ مِنْ وِلاَيَةِ وُلاَةِ أَمْرِهِ، وَالْقُوَّامِ بِقِسْطِهِ، وَلَمْ يَجْعَلْنَا مِنَ الْجَاحِدِينَ وَالْمُكَذِّبِينَ بِيَوْمِ الدِّينِ .(2)

[ 8 ] الصلاة قبل الزوال

قال الصادق عليه السلام : صوم يوم غدير خمّ يعدل صيام عمر الدُّنيا، لو عاش إنسان عمر الدُّنيا، ثمّ لو صام ما عمرت الدُّنيا لكان له ثواب ذلك وصيامه يعدل عند اللَّه عزّوجلّ مائة حجّة ومائة عمرة، وهو عيد اللَّه الأكبر، وما بعث اللَّه عزّوجلّ نبيّاً إلاّ وتعيّد في هذا اليوم، وعرف

ص: 120


1- السيد إبن طاووس، الإقبال، ج 2، ص 281 .
2- الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام، ج 3، ص 144 .

حرمته، واسمه في السّماء يوم العهد المعهود، وفي الأرض يوم الميثاق المأخوذ والجمع المشهود .

من صلّى فيه ركعتين من قبل أن تزول الشّمس بنصف ساعة شكراً للَّه عزّوجلّ، ويقرء في كلّ ركعة سورة الحمد عشراً و«قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ» عشراً، و«إِنّا اَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ» عشراً، وآيةالكرسي عشراً، عدلت عند اللَّه عزّوجلّ مائة ألف حجّة ومائة ألف عمرة .

وماسأل اللَّه عزّوجلّ حاجة من حوائج الدُّنيا والآخرة كائنة ما كانت إلاّ أتى اللَّه عزّوجلّ على قضائها في يسر وعافية .

وليكن من دعائك في دبر الركعتين أن تقول :

رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا، رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ، رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ .

اللَّهُمَّ إِنِّي اُشْهِدُكَ وَكَفَى بِكَ شَهِيداً، وَأُشْهِدُ مَلاَئِكَتَكَ وَحَمَلَةَ عَرْشِكَ وَسُكَّانَ سَمَاوَاتِكَ وَأَرْضِكَ بِأَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، الْمَعْبُودُ الَّذِي لَيْسَ مِنْ لَدُنْ عَرْشِكَ إِلَى قَرَارِ أَرْضِكَ مَعْبُودٌ يُعْبَدُ سِوَاكَ إِلاَّ بَاطِلٌ مُضْمَحِلٌّ غَيْرُ وَجْهِكَ الْكَرِيمِ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ الْمَعْبُودُ لاَ مَعْبُودَ سِوَاكَ، تَعَالَيْتَ عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوّاً كَبِيراً .

وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيّاً أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَوَلِيُّهُمْ وَمَوْلاَهُمْ وَمَوْلاَيَ، رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا النِّدَاءِ، وَصَدَّقْنَا الْمُنَادِيَ، رَسُولَكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِه، إِذْ نَادَى نِدَاءً عَنْكَ بِالَّذِي أَمَرْتَهُ أَنْ يُبَلِّغَ عَنْكَ مَا أَنْزَلْتَ إِلَيْهِ مِنْ مُوَالاَةِ وَلِيِّ الْمُؤْمِنِينَ وَحَذَّرْتَهُ وَأَنْذَرْتَهُ إِنْ لَمْ يُبَلِّغْ أَنْ تَسْخَطَ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ إِذَا بَلَّغَ رِسَالاَتِكَ عَصَمْتَهُ مِنَ النَّاسِ .

فَنَادَى مُبَلِّغاً وَحْيَكَ وَرِسَالاَتِكَ : أَلاَ مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاَهُ، وَمَنْ كُنْتُ وَلِيَّهُ فَعَلِيٌّ وَلِيُّهُ، وَمَنْ كُنْتُ نَبِيَّهُ فَعَلِيٌّ أَمِيرُه

ص: 121

.

رَبَّنَا قَدْ أَجَبْنَا دَاعِيَكَ النَّذِيرَ الْمُنْذِرَ مُحَمَّداً عَبْدَكَ الَّذِي أَنْعَمْتَ عَلَيْهِ، وَجَعَلْتَهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرَائِيلَ، رَبَّنَا آمَنَّا وَاتَّبَعْنَا مَوْلاَنَا وَوَلِيَّنَا وَهَادِيَنَا وَدَاعِيَنَا وَدَاعِيَ الْأَنَامِ وَصِرَاطَكَ السَّوِيَّ الْمُسْتَقِيمَ، مَحَجَّتَكَ الْبَيْضَاءَ، وَسَبِيلَكَ الدَّاعِيَ إِلَيْكَ عَلَى بَصِيرَةٍ هُوَ وَمَنِ اتَّبَعَهُ، وَسُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ بِوَلاَيَتِهِ وَبِأَمْرِ رَبِّهِمْ بِاتِّخَاذِ الْوَلاَئِجِ مِنْ دُونِه .

فَاشْهَدْ يَا إِلَهِي أَنَّ الْإِمَامَ الْهَادِيَ الْمُرْشِدَ الرَّشِيدَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللَّهُ عَلَيْهِ اََمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، الَّذِي ذَكَرْتَهُ فِي كِتَابِكَ فَقُلْتَ : « وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ » .

اللَّهُمَّ فَإِنَّا نَشْهَدُ بِأَنَّهُ عَبْدُكَ الْهَادِي مِنْ بَعْدِ نَبِيِّكَ النَّذِيرِ الْمُنْذِرِ، وَالصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ وَإِمَامُ الْمُؤْمِنِينَ، وَقَائِدُ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ، وَحُجَّتُكَ الْبَالِغَةُ، وَلِسَانُكَ الْمُعَبِّرُ عَنْكَ فِي خَلْقِكَ، وَالْقَائِمُ بِالْقِسْطِ بَعْدَ نَبِيِّكَ، وَدَيَّانُ دِينِكَ، وَخَازِنُ عِلْمِكَ، وَعَيْبَةُ وَحْيِكَ، وَعَبْدُكَ وَأَمِينُكَ، الْمَأْمُونُ الْمَأْخُوذُ مِيثَاقُهُ مَعَ مِيثَاقِكَ وَمِيثَاقِ رُسُلِكَ مِنْ خَلْقِكَ وَبَرِيَّتِكَ بِالشَّهَادَةِ وَالْإِخْلاَصِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ . بِأَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، وَمُحَمَّدٌ عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ وَعَلِيٌّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَجَعَلْتَ الْإِقْرَارَ بِوَلاَيَتِهِ تَمَامَ تَوْحِيدِكَ وَالْإِخْلاَصَ لَكَ بِوَحْدَانِيَّتِكَ وَإِكْمَالَ دِينِكَ وَتَمَامَ نِعْمَتِكَ عَلَى جَمِيعِ خَلْقِكَ، فَقُلْتَ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ : « الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً » .

فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى مَا مَنَنْتَ بِهِ عَلَيْنَا مِنَ الْإِخْلاَصِ لَكَ بِوَحْدَانِيَّتِكَ، وَجُدْتَ عَلَيْنَا بِمُوَالاَةِ وَلِيِّكَ الْهَادِي مِنْ بَعْدِ نَبِيِّكَ النَّذِيرِ الْمُنْذِرِ، وَرَضِيتَ لَنَا الْإِسْلاَمَ دِيناً بِمَوْلاَنَا وَأَتْمَمْتَ عَلَيْنَا نِعْمَتَكَ بِالَّذِي جَدَّدْتَ لَنَا عَهْدَكَ وَمِيثَاقَكَ، وَذَكَّرْتَنَا ذَلِكَ .

وَجَعَلْتَنَا مِنْ أَهْلِ الْإِخْلاَصِ وَالتَّصْدِيقِ لِعَهْدِكَ وَمِيثَاقِكَ، وَمِنْ أَهْلِ الْوَفَاءِ بِذَلِكَ، وَلَمْ تَجْعَلْنَا مِنَ النَّاكِثِينَ وَالْمُكَذِّبِينَ بِيَوْمِ الدِّينِ، وَلَمْ تَجْعَلْنَا مِنَ الْمُغَيِّرِينَ وَالْمُبَدِّلِينَ وَالْمُحَرِّفِينَ وَالْمُبَتِّكِينَ آذَانَ الْأَنْعَامِ، وَالْمُغَيِّرِينَ خَلْقَ اللَّهِ، وَمِنَ الَّذِينَ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ،

ص: 122

وَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَالصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ .

واَكْثِر من قولك :

اللَّهُمَّ الْعَنِ الْجَاحِدِينَ وَالنَّاكِثِينَ وَالْمُغَيِّرِينَ وَالْمُبَدِّلِينَ والْمُكَذِّبِينَ، الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ . ثمَّ قل :

اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى نِعْمَتِكَ عَلَيْنَا بِالَّذِي هَدَيْتَنَا إِلَى مُوَالاَةِ وُلاَةِ أَمْرِكَ مِنْ بَعْدِ نَبِيِّكَ، وَالْأَئِمَّةِ الْهَادِينَ الَّذِينَ جَعَلْتَهُمْ أَرْكَاناً لِتَوْحِيدِكَ، وَأَعْلاَمَ الْهُدَى وَمَنَارَ التَّقْوَى، وَالْعُرْوَةَ الْوُثْقَى، وَكَمَالَ دِينِكَ، وَتَمَامَ نِعْمَتِكَ، وَمَنْ بِهِمْ وَبِمُوَالاَتِهِمْ رَضِيتَ لَنَا الْإِسْلاَمَ دِيناً، رَبَّنَا فَلَكَ الْحَمْدُ .

آمَنَّا بِكَ وَصَدَّقْنَا بِنَبِيِّكَ الرَّسُولِ النَّذِيرِ الْمُنْذِرِ، وَاتَّبَعْنَا الْهَادِيَ مِنْ بَعْدِ النَّذِيرِ الْمُنْذِرِ، وَوَالَيْنَا وَلِيَّهُمْ وَعَادَيْنَا عَدُوَّهُمْ، وَبَرِئْنَا مِنَ الْجَاحِدِينَ وَالنَّاكِثِينَ وَالْمُكَذِّبِينَ بِيَوْمِ الدِّينِ .

اللَّهُمَّ فَكَمَا كَانَ مِنْ شَأْنِكَ يَا صَادِقَ الْوَعْدِ، يَا مَنْ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ، يَا مَنْ هُوَ كُلَّ يَوْمٍ فِي شَأْنٍ، أَنْ أَتْمَمْتَ عَلَيْنَا نِعْمَتَكَ بِمُوَالاَةِ أَوْلِيَائِكَ، الْمَسْئُولِ عَنْهُمْ عِبَادُكَ، فَإِنَّكَ قُلْتَ : « ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ »، وَقُلْتَ : « وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ » .

وَمَنَنْتَ بِشَهَادَةِ الْإِخْلاَصِ لَكَ بِوَلاَيَةِ أَوْلِيَائِكَ الْهُدَاةِ مِنْ بَعْدِ النَّذِيرِ الْمُنْذِرِ، السِّرَاجِ الْمُنِيرِ، وَأَكْمَلْتَ لَنَا الدِّينَ بِمُوَالاَتِهِمْ وَالْبَرَاءَةِ مِنْ عَدُوِّهِمْ، وَأَتْمَمْتَ عَلَيْنَا النِّعَمَ بِالَّذِي جَدَّدْتَ لَنَا عَهْدَكَ، وَذَكَّرْتَنَا مِيثَاقَكَ الْمَأْخُوذَ مِنَّا فِي مُبْتَدَءِ خَلْقِكَ إِيَّانَا .

وَجَعَلْتَنَا مِنْ أَهْلِ الْإِجَابَةِ، وَذَكَّرْتَنَا الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ، وَلَمْ تُنْسِنَا ذِكْرَكَ، فَإِنَّكَ قُلْتَ : « وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى » .

شَهِدْنَا بِمَنِّكَ بِأَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ رَبُّنَا وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ نَبِيُّنَا، وَأَنَّ عَلِيّاً أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيُّنَا وَمَوْلاَنَا، وَشَهِدْنَا بِالْوَلاَيَةِ لِوَلِيِّنَا وَمَوْلاَنَا مِنْ ذُرِّيَّةِ نَبِيِّكَ مِنْ صُلْبِ وَلِيِّنَا وَمَوْلاَنَا عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَبْدِكَ الَّذِي أَنْعَمْتَ عَلَيْه .

وَجَعَلْتَهُ فِي

ص: 123

أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْكَ عَلِيّاً حَكِيماً، وَجَعَلْتَهُ آيَةً لِنَبِيِّكَ وَآيَةً مِنْ آيَاتِكَ الْكُبْرَى، وَالنَّبَأَ الْعَظِيمَ الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ، وَالنَّبَأَ الْعَظِيمَ الَّذِي هُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ، وَعَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَسْئُولُونَ، وَتَمَامَ نِعْمَتِكَ الَّتِي عَنْهَا يُسْأَلُ عِبَادُكَ إِذْ هُمْ مَوْقُوفُونَ، وَعَنِ النَّعِيمِ مَسْئُولُونَ .

اللَّهُمَّ وَكَمَا كَانَ مِنْ شَأْنِكَ مَا أَنْعَمْتَ عَلَيْنَا بِالْهِدَايَةِ إِلَى مَعْرِفَتِهِمْ، فَلْيَكُنْ مِنْ شَأْنِكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تُبَارِكَ لَنَا فِي يَوْمِنَا هَذَا الَّذِي ذَكَّرْتَنَا فِيهِ عَهْدَكَ وَمِيثَاقَكَ، وَأَكْمَلْتَ لَنَا دِينَنَا وَأَتْمَمْتَ عَلَيْنَا نِعْمَتَكَ، وَجَعَلْتَنَا بِنِعْمَتِكَ مِنْ أَهْلِ الْإِجَابَةِ وَالْإِخْلاَصِ بِوَحْدَانِيَّتِكَ، وَمِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ وَالتَّصْدِيقِ بِوَلاَيَةِ أَوْلِيَائِكَ وَالْبَرَاءَةِ مِنْ أَعْدَائِكَ وَأَعْدَاءِ أَوْلِيَائِكَ الْجَاحِدِينَ الْمُكَذِّبِينَ بِيَوْمِ الدِّينِ .

فَأَسْأَلُكَ يَا رَبِّ تَمَامَ مَا أَنْعَمْتَ عَلَيْنَا وَلاَ تَجْعَلْنَا مِنَ الْمُعَانِدِينَ، وَلاَ تُلْحِقْنَا بِالْمُكَذِّبِينَ بِيَوْمِ الدِّينِ، وَاجْعَلْ لَنَا قَدَمَ صِدْقٍ مَعَ الْمُتَّقِينَ .

وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَاجْعَلْ لَنَا مِنَ الْمُتَّقِينَ إِمَاماً إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، يَوْمَ يُدْعَى كُلُّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ، وَاجْعَلْنَا فِي ظِلِّ الْقَوْمِ الْمُتَّقِينَ الْهُدَاةِ بَعْدَ النَّذِيرِ الْمُنْذِرِ وَالْبَشِيرِ، الْأَئِمَّةِ الدُّعَاةِ إِلَى الْهُدَى، وَلاَ تَجْعَلْنَا مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الدُّعَاةِ إِلَى النَّارِ، وَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَأَوْلِيَاؤُهُمُ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ .

رَبَّنَا فَاحْشُرْنَا فِي زُمْرَةِ الْهَادِي الْمَهْدِيِّ وَأَحْيِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا عَلَى الْوَفَاءِ بِعَهْدِكَ وَمِيثَاقِكَ الْمَأْخُوذِ مِنَّا عَلَى مُوَالاَةِ أَوْلِيَائِكَ، وَالْبَرَاءَةِ مِنْ أَعْدَائِكِ الْمُكَذِّبِينَ بِيَوْمِ الدِّينِ، وَالنَّاكِثِينَ بِمِيثَاقِكَ، وَتَوَفَّنَا عَلَى ذَلِكَ، وَاجْعَلْ لَنَا مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً، أَثْبِتْ لَنَا قَدَمَ صِدْقٍ فِي الْهِجْرَةِ إِلَيْهِمْ .

وَاجْعَلْ مَحْيَانَا خَيْرَ الْمَحْيَا وَمَمَاتَنَا خَيْرَ الْمَمَاتِ وَمُنْقَلَبَنَا خَيْرَ الْمُنْقَلَبِ، عَلَى مُوَالاَةِ أَوْلِيَائِكَ وَالْبَرَاءَةِ مِنْ أَعْدَائِكَ، حَتَّى تَتَوَفَّانَا وَأَنْتَ عَنَّا رَاضٍ، قَدْ أَوْجَبْتَ لَنَا الْخُلُودَ فِي جَنَّتِكَ بِرَحْمَتِكَ وَالْمَثْوَى فِي جِوَارِكَ وَالْإِنَابَةَ إِلَى دَارِ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِكَ، لاَ يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلاَ يَمَسُّنَا

ص: 124

فِيهَا لُغُوبٌ .

رَبَّنَا إِنَّكَ أَمَرْتَنَا بِطَاعَةِ وُلاَةِ أَمْرِكَ، وَأَمَرْتَنَا أَنْ نَكُونَ مَعَ الصَّادِقِينَ، فَقُلْتَ : « أَطِيعُوا اللَّهِ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ »، وَقُلْتَ : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ » .

رَبَّنَا سَمِعْنا وَأَطَعْنا رَبَّنَا ثَبِّتْ أَقْدامَنا وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ، مُسْلِمِينَ مُسَلِّمِينَ مُصَدِّقِينَ لِأَوْلِيَائِكَ، وَلا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ، رَبَّنَا آمَنَّا بِكَ وَصَدَّقْنَا نَبِيَّكَ، وَوَالَيْنَا وَلِيَّكَ وَالْأَوْلِيَاءَ مِنْ بَعْدِ نَبِيِّكَ، وَوَلِيَّكَ مَوْلَى الْمُؤْمِنِينَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَالْإِمَامَ الْهَادِيَ مِنْ بَعْدِ الرَّسُولِ النَّذِيرِ الْمُنْذِرِ وَالسِّرَاجِ الْمُنِيرِ .

رَبَّنَا فَكَمَا كَانَ مِنْ شَأْنِكَ أَنْ جَعَلْتَنَا مِنْ أَهْلِ الْوَفَاءِ بِعَهْدِكَ بِمَنِّكَ عَلَيْنَا وَلُطْفِكَ لَنَا، فَلْيَكُنْ مِنْ شَأْنِكَ أَنْ تَغْفِرَ لَنَا ذُنُوبَنَا وَتُكَفِّرَ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ، رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ .

رَبَّنَا آمَنَّا بِكَ، وَوَفَيْنَا بِعَهْدِكَ، وَصَدَّقْنَا رُسُلَكَ، وَاتَّبَعْنَا وُلاَةَ الْأَمْرِ مِنْ بَعْدِ رُسُلِكَ، وَوَالَيْنَا أَوْلِيَاءَكَ، وَعَادَيْنَا أَعْدَاءَكَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ، وَاحْشُرْنَا مَعَ الْأَئِمَّةِ الْهُدَاةِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ الرَّسُولِ الْبَشِيرِ النَّذِيرِ .

آمَنَّا يَا رَبِّ بِسِرِّهِمْ وَعَلاَنِيَتِهِمْ، وَشَاهِدِهِمْ وَغَائِبِهِمْ، وَبِحَيِّهِمْ وَمَيِّتِهِمْ، وَرَضِينَا بِهِمْ أَئِمَّةً وَسَادَةً وَقَادَةً لاَ نَبْتَغِي بِهِمْ بَدَلاً وَلاَ نَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِمْ وَلاَئِجَ أَبَداً .

رَبَّنَا فَأَحْيِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا عَلَى مُوَالاَتِهِمْ، وَالْبَرَاءَةِ مِنْ أَعْدَائِهِمْ، وَالتَّسْلِيمِ لَهُمْ وَالرَّدِّ إِلَيْهِمْ، وَتَوَفَّنَا إِذَا تَوَفَّيْتَنَا عَلَى الْوَفَاءِ لَكَ وَلَهُمْ بِالْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ، وَالْمُوَالاَةِ لَهُمْ وَالتَّصْدِيقِ وَالتَّسْلِيمِ لَهُمْ، غَيْرَ جَاحِدِينَ وَلاَ نَاكِثِينَ وَلاَ مُكَذِّبِينَ .

اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِالْحَقِّ الَّذِي جَعَلْتَهُ عِنْدَهُمْ، وَبِالَّذِي فَضَّلْتَهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ جَمِيعاً، أَنْ تُبَارِكَ لَنَا فِي يَوْمِنَا هَذَا الَّذِي أَكْرَمْتَنَا فِيهِ بِالْوَفَاءِ لِعَهْدِكَ، الَّذِي عَهِدْتَ

ص: 125

إِلَيْنَا وَالْمِيثَاقِ الَّذِي وَاثَقْتَنَا بِهِ مِنْ مُوَالاَةِ أَوْلِيَائِكَ وَالْبَرَاءَةِ مِنْ أَعْدَائِكَ .

وَتَمُنَّ عَلَيْنَا بِنِعْمَتِكَ، وَتَجْعَلَهُ عِنْدَنَا مُسْتَقَرّاً ثَابِتاً وَلاَ تَسْلُبْنَاهُ أَبَداً، وَلاَ تَجْعَلْهُ عِنْدَنَا مُسْتَوْدَعاً فَإِنَّكَ قُلْتَ : « فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ »، فَاجْعَلْهُ مُسْتَقَرّاً ثَابِتاً .

وَارْزُقْنَا نَصْرَ دِينِكَ مَعَ وَلِيٍّ هَادٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّكَ قَائِماً رَشِيداً هَادِياً مَهْدِيّاً مِنَ الضَّلاَلَةِ إِلَى الْهُدَى، وَاجْعَلْنَا تَحْتَ رَايَتِهِ وَفِي زُمْرَتِهِ شُهَدَاءَ صَادِقِينَ، مَقْتُولِينَ فِي سَبِيلِكَ وَعَلَى نُصْرَةِ دِينِكَ .

ثمّ سل بعد ذلك حوائجك للآخرة والدُّنيا، فانّها واللَّه واللَّه واللَّه مقضيّة في هذا اليوم، ولا تقعد عن الخير، وسارع إلى ذلك إن شاء اللَّه تعالى .(1)

[ 9 ] من أدعية يوم الغدير :

اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَرَبَّ النُّورِ الْعَظِيمِ، وَرَبَّ الْبَحْرِ الْمَسْجُورِ، وَرَبَّ الشَّفْعِ الْكَبِيرِ، وَرَبَّ الْوَتْرِ الرَّفِيعِ، سُبْحَانَكَ مُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ وَالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، إِلَهَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ، وَإِلَهَ مَنْ فِي الْأَرْضِ لاَ إِلَهَ فِيهِمَا غَيْرُكَ، جَبَّارُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، لاَ جَبَّارَ فِيهِمَا غَيْرُكَ، مَلِكُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لاَ مَلِكَ فِيهِمَا غَيْرُكَ.

أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْعَظِيمِ وَبِنُورِ وَجْهِكَ الْكَرِيمِ، وَبِمُلْكِكَ الْقَدِيمِ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرَضُونَ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي أَصْلَحْتَ بِهِ أُمُورَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ .

يَا حَيُّ قَبْلَ كُلِّ حَيٍّ، يَا حَيُّ بَعْدَ كُلِّ حَيٍّ، يَا حَيُّ حِينَ لاَ حَيَّ إِلاَّ أَنْتَ، يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، يَا أَحَدُ يَا صَمَدُ يَا فَرْدُ يَا وَتْرُ يَا رَحْمَانُ يَا رَحِيمُ، اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا، وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ أُمُورِنَا فَرَجاً وَمَخْرَجاً، وَاسْتَقْبِلْنَا عَلَى هُدَى نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِه، وَاجْعَلْ عَمَلَنَا فِي الْمَرْفُوعِ الْمُتَقَبَّلِ .

وَهَبْ لَنَا مَا وَهَبْتَ لِأَوْلِيَائِكَ وَأَهْلِ طَاعَتِكَ وَعِبَادِكَ الصَّالِحِينَ مِنْ خَلْقِكَ، فَإِنَّا بِكَ مُؤْمِنُونَ، وَعَلَيْكَ مُتَوَكِّلُونَ، وَمَصِيرُنَا إِلَيْكَ، وَاجْمَعْ لَنَا الْخَيْرَ كُلَّهُ بِحَوْلِكَ وَقُوَّتِكَ، وَاصْرِفْ عَنَّا

ص: 126


1- السيد إبن طاووس، الإقبال، ج 2، ص 283 .

الشَّرَّ كُلَّهُ بِمَنِّكَ وَرَحْمَتِكَ .

يَا حَنَّانُ يَا مَنَّانُ، يَا بَدِيعَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، يَا ذَا الْجَلاَلِ وَ الْإِكْرَامِ، تُعْطِي الْخَيْرَ مَنْ تَشَاءُ، وَتَصْرِفُ الشَّرَّ عَمَّنْ تَشَاءُ، أَعْطِنَا جَمِيعَ مَا سَأَلْنَاكَ مِنَ الْخَيْرِ، وَامْنُنْ بِهِ عَلَيْنَا بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، إِنَّا إِلَيْكَ رَاغِبُونَ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ .

اللَّهُمَّ اشْرَحْ بِالْقُرْآنِ صَدْرِي، وَأَنْطِقْ بِالْقُرْآنِ لِسَانِي، وَنَوِّرْ بِالْقُرْآنِ بَصَرِي وَاسْتَعْمِلْ بِالْقُرْآنِ بَدَنِي، وَأَعِنِّي عَلَيْهِ أَبَداً مَا أَبْقَيْتَنِي، فَإِنَّهُ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِكَ .

اللَّهُمَّ يَا دَاحِيَ الْمَدْحُوَّاتِ، وَيَا بَانِيَ الْمَبْنِيَّاتِ وَيَا مُرْسِيَ الْمَرْسِيَّاتِ، وَيَا جَبَّارَ الْقُلُوبِ عَلَى فِطْرَتِهَا، شَقِيِّهَا وَسَعِيدِهَا، وَيَا بَاسِطَ الرَّحْمَةِ لِلْمُتَّقِينَ، اجْعَلْ شَرَائِفَ صَلَوَاتِكَ وَنَوَامِيَ بَرَكَاتِكَ وَرَأْفَتَكَ، وَتَحِيَّتَكَ وَرَحْمَتَكَ، عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، الْفَاتِحِ لِمَا انْغَلَقَ، وَالْخَاتِمِ لِمَا سَبَقَ، وَفَاتِحِ الْحَقِّ بِالْحَقِّ، وَدَافِعِ جَيْشَاتِ الْأَبَاطِيلِ .

كَمَا حَمَّلْتَهُ فَاضْطَلَعَ بِأَمْرِكَ مُسْتَبْصِراً فِي رِضْوَانِكَ، غَيْرَ نَاكِلٍ عَنْ قُدُمٍ، وَلاَ مُنْثَنٍ عَنْ كَرَمٍ، حَافِظاً لِعَهْدِكَ، قَاضِياً لِنَفَاذِ أَمْرِكَ، فَهُوَ أَمِينُكَ الْمَأْمُونُ، وَشَهِيدُكَ يَوْمَ الدِّينِ، وَبَعِيثُكَ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ .

اللَّهُمَّ فَافْسَحْ لَهُ مَفْسَحاً عِنْدَكَ، وَأَعْطِهِ مِنْ بَعْدِ رِضَاهُ الرِّضَا، مِنْ نُورِ ثَوَابِكَ الْمَحْلُولِ وَعَطَاءِ جَزَائِكَ الْمَعْلُولِ، اللَّهُمَّ أَتْمِمْ لَهُ وَعْدَهُ بِانْبِعَاثِكَ إِيَّاهُ مَقْبُولَ الشَّفَاعَةِ عِنْدَكَ مَرْضِيَّ الْمَقَالَةِ، ذَا مَنْطِقِ عَدْلٍ، وَخُطْبَةِ فَصْلٍ، وَحُجَّةٍ وَبُرْهَانٍ عَظِيمٍ . اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا سَامِعِينَ مُطِيعِينَ وَأَوْلِيَاءَ مُخْلِصِينَ، وَرُفَقَاءَ مُصَاحِبِينَ .

اللَّهُمَّ أَبْلِغْهُ مِنَّا السَّلاَمَ، وَارْدُدْ عَلَيْنَا مِنْهُ السَّلاَمَ، اللَّهُمَّ إِنِّي ضَعِيفٌ فَقَوِّ فِي رِضَاكَ ضَعْفِي وَخُذْ إِلَى الْخَيْرِ بِنَاصِيَتِي، وَاجْعَلِ الْإِسْلاَمَ مُنْتَهَى رِضَاكَ، اللَّهُمَّ إِنِّي ضَعِيفٌ فَقَوِّنِي، وَإِنِّي ذَلِيلٌ فَأَعِزَّنِي، وَإِنِّي فَقِيرٌ فَارْزُقْنِي .

ثمّ تقول مائة مرّة :

اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ . ثمّ تقول :

اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ

ص: 127

بِأَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ وَحْدَكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ، وَبِأَنَّكَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، وَأَسْأَلُكَ بِأَنَّكَ أَحَدٌ صَمَدٌ لَمْ تَلِدْ وَلَمْ تُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَكَ كُفُواً أَحَدٌ، أَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي كُلَّهَا، صَغِيرَهَا وَكَبِيرَهَا، مَغْفِرَةً تَامَّةً يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .

ثمّ تقول أربع مرَّات :

اللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ وَأُشْهِدُ حَمَلَةَ عَرْشِكَ وَمَلاَئِكَتَكَ وَجَمِيعَ خَلْقِكَ أَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ وَحْدَكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ، وَأُومِنُ بِكَ وَأَتَوَكَّلُ عَلَيْكَ، وَأَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ . ثمّ تقول :

اللَّهُمَّ إِنِّي أَصْبَحْتُ فِي دِينِي وَأَمَانَتِي وَنَفْسِي وَوَلَدِي وَمَالِي وَجَمِيعِ أَهْلِ عِنَايَتِي فِي حِمَاكَ الَّذِي لاَ يُسْتَبَاحُ، وَفِي عِزِّكَ الَّذِي لاَ يُرَامُ، وَفِي سُلْطَانِكَ الَّذِي لاَ يُسْتَضَامُ، وَفِي مُلْكِكَ الَّذِي لاَ يَبْلَى، وَفِي نِعَمِكَ الَّتِي لاَ تُحْصَى، وَفِي ذِمَّتِكَ الَّتِي لاَ تُخْفَرُ، وَفِي رَحْمَتِكَ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ ءٍ، وَجَارُ اللَّهِ آمِنٌ مَحْفُوظٌ .

وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ، رَبِّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي كُلَّهَا بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .

اللَّهُمَّ افْتَحْ لَنَا بِطَاعَتِكَ، وَاخْتِمْ لَنَا بِرِضْوَانِكَ، وَأَعِذْنَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، السَّلاَمُ عَلَى الْحَافِظِينَ الْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِه، إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي للَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ، لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ .

اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَ يَوْمِي هَذَا، وَخَيْرَ مَا فِيهِ، وَخَيْرَ مَا أَمَرْتَ بِهِ وَخَيْرَ مَا قَبْلَهُ، وَخَيْرَ مَا بَعْدَهُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ يَوْمِي هَذَا وَشَرِّ مَا فِيهِ وَشَرِّ مَا قَبْلَهُ وَشَرِّ مَا بَعْدَه .

اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فَتْحَهُ وَنَصْرَهُ وَنُورَهُ وَهُدَاهُ، اللَّهُمَّ افْتَحْ

ص: 128

لِي بِخَيْرٍ وَاخْتِمْ لِي بِخَيْرٍ، وَاخْتِمْهُ عَلَىَّ بِخَيْرٍ، اللَّهُمَّ افْتَحْهُ عَلَيَّ بِرَحْمَتِكَ، وَاخْتِمْهُ عَلَيَّ بِرِضْوَانِكَ، اللَّهُمَّ مَنْ كَادَنِي فِي يَوْمِي هَذَا بِسُوءٍ فَاكْفِنِيهِ، وَقِنِي شَرَّهُ، وَارْدُدْ كَيْدَهُ فِي نَحْرِه .

اللَّهُمَّ مَا أَنْزَلْتَ فِي يَوْمِي هَذَا مِنْ خَيْرٍ أَوْ رَحْمَةٍ أَوْ شِفَاءٍ، أَوْ فَرَجٍ أَوْ عَافِيَةٍ أَوْ رِزْقٍ، فَاجْعَلْ لِي فِيهِ نَصِيباً وَافِراً حَسَناً، وَمَا أَنْزَلْتَ فِيهِ مِنْ مَحْذُورٍ أَوْ مَكْرُوهٍ أَوْ بَلِيَّةٍ أَوْ شَقَاءٍ فَاصْرِفْهُ عَنِّي .

اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ بَدْوَ يَوْمِي هَذَا فَلاَحاً وَأَوْسَطَهُ صَلاَحاً وَآخِرَهُ نَجَاحاً، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ يَوْمٍ أَوَّلُهُ فَزَعٌ، وَأَوْسَطُهُ جَزَعٌ، وَآخِرُهُ وَجَعٌ، اللَّهُمَّ بِرَأْفَتِكَ أَرْجُو رَحْمَتَكَ، وَبِرَحْمَتِكَ أَرْجُو رِضْوَانَكَ، وَبِرِضْوَانِكَ أَرْجُو الْجَنَّةَ فَلاَ تُؤَاخِذْنِي بِذَنْبِي، وَلاَ تُعَاقِبْنِي بِسُوءِ عَمَلِي .

اللَّهُمَّ اجْعَلْ حَيَاتِي مَا أَحْيَيْتَنِي زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلْ وَفَاتِي إِذَا تَوَفَّيْتَنِي رَاحَةً مِنْ كُلِّ شَرٍّ، وَنَجَاةً لِي مِنْ كُلِّ سُوءٍ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي أَخْشَاكَ كَأَنِّي أَرَاكَ، وَأَرْجُوكَ وَلاَ أَرْجُو غَيْرَكَ وَأَذْكُرُكَ وَلاَ أَنْسَاكَ .

اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي كُلَّ ذَنْبٍ سَلَفَ مِنِّي فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مُنْذُ خَلَقْتَنِي وَكَفِّرْهُ عَنِّي وَأَبْدِلْنِي بِهِ حَسَنَاتٍ وَتَقَبَّلْ مِنِّي كُلَّ خَيْرٍ عَمِلْتُهُ لَكَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مُنْذُ خَلَقْتَنِي، وَارْفَعْهُ لِي عِنْدَكَ فِي الرَّفِيعِ الْأَعْلَى، وَأَعْطِنِي عَلَيْهِ الثَّوَابَ الْكَثِيرَ بِرَحْمَتِكَ إِنَّكَ جَوَادٌ لاَ يَبْخَلُ .

اللَّهُمَّ إِنِّي أَصْبَحْتُ مُتَوَكِّلاً عَلَيْكَ فَاكْفِنِي، وَأَصْبَحْتُ فَقِيراً إِلَيْكَ فَأَغْنِنِي، وَأَصْبَحْتُ لاَ أَعْرِفُ رَبّاً غَيْرَكَ فَاغْفِرْ لِي، وَأَصْبَحْتُ مُقِرّاً لَكَ بِالرُّبُوبِيَّةِ مُعْتَرِفاً لَكَ بِالْعُبُودِيَّةِ .

وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، إِلَهاً وَاحِداً أَحَداً صَمَداً لَم يَتَّخِذْ صَاحِبَةً وَلاَ وَلَداً، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَرْسَلَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ، فَبَلَّغَ رِسَالاَتِهِ وَنَصَحَ لِاُمَّتِهِ، وَجَاهَدَ فِي

ص: 129

اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ، وَعَبَدَهُ حَتَّى أَتَاهُ الْيَقِينُ .

وَأَشْهَدُ أَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَأَنَّ اللَّهِ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَالنَّارَ حَقٌّ وَالْبَعْثَ حَقٌّ وَأَنِّي أُومِنُ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِه وَبِمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِه .

اللَّهُمَّ فَاكْتُبْ لِي هَذِهِ الشَّهَادَةَ عِنْدَكَ، وَلَقِّنِيهَا عِنْدَ حَاجَتِي إِلَيْهَا وَأَحْيِنِي عَلَيْهَا وَابْعَثْنِي عَلَيْهَا وَاحْشُرْنِي عَلَيْهَا وَاجْزِنِي جَزَاءَ مَنْ لَقِيَكَ بِهَا مُخْلِصاً، غَيْرَ شَاكٍّ فِيهَا وَلاَ مُرْتَدٍّ عَنْهَا وَلاَ مُبَدِّلٍ لَهَا آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ الْأَخْيَارِ وَسَلَّمَ كَثِيراً، سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ للَّهِِ وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ، غَفَّارُ الذُّنُوبِ وَأَتُوبُ إِلَيْه . وَأَسْأَلُهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيَّ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، الْأَوَّلِ فَلَيْسَ قَبْلَهُ شَيْ ءٌ، وَالْآخِرِ فَلَيْسَ بَعْدَهُ شَيْ ءٌ، وَالظَّاهِرِ فَلَيْسَ فَوْقَهُ شَيْ ءٌ، وَالْبَاطِنِ فَلَيْسَ دُونَهُ شَيْ ءٌ، يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ حَيٌّ لاَ يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ .

الْحَمْدُ للَّهِِ الَّذِي لاَ تَبْدِيلَ لِقَوْلِهِ، وَلاَ مُعَادِلَ لِحُكْمِهِ، وَلاَ رَادَّ لِقَضَائِهِ، الْحَمْدُ للَّهِِ الْأَوَّلِ قَبْلَ كُلِّ شَيْ ءٍ، وَالْخَالِقِ لَهُ، وَالْآخِرِ بَعْدَ كُلِّ شَيْ ءٍ، وَالْوَارِثِ لَه .

وَالظَّاهِرِ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ وَالْوَكِيلِ عَلَيْهِ، وَالْبَاطِنِ دُونَ كُلِّ شَيْ ءٍ وَالْمُحِيطِ بِهِ، الَّذِي عَلاَ فَقَهَرَ، وَمَلَكَ فَقَدَرَ، وَبَطَنَ فَخَبَرَ، دَيَّانِ الدِّينِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الْحَمْدُ للَّهِِ عَلَى حِلْمِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ، وَالْحَمْدُ للَّهِِ عَلَى عَفْوِهِ بَعْدَ قُدْرَتِه .

اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ فِي اللَّيْلِ إِذا يَغْشى، وَفِي النَّهارِ إِذا تَجَلَّى، وَلَكَ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَالْإِولَى، وَلَكَ الْحَمْدُ كَمَا حَمِدْتَ نَفْسَكَ وَكَمَا أَنْتَ أَهْلُهُ وَكَمَا حَمِدَكَ الْحَامِدُونَ، وَلَكَ الْحَمْدُ عَدَدَ مَا أَحْصَى كِتَابُكَ وَأَحَاطَ بِهِ عِلْمُكَ، وَلَكَ

ص: 130

الْحَمْدُ زِنَةَ عَرْشِكَ وَمِدَادَ كَلِمَاتِكَ، وَلَكَ الْحَمْدُ كَمَا يَنْبَغِي لِكَرَمِ وَجْهِكَ وَعِزِّ جَلاَلِكَ، وَعِظَمِ سُلْطَانِكَ .

اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ حَمْداً خَالِداً بِخُلُودِكَ، وَلَكَ الْحَمْدُ حَمْداً دَائِماً بِدَوَامِكَ، وَلَكَ الْحَمْدُ حَمْداً لاَ أَمَدَ لَهُ دُونَ بُلُوغِ مَشِيَّتِكَ، وَلَكَ الْحَمْدُ حَمْداً لاَ يَتَنَاهَى دُونَ مُنْتَهَى عِلْمِكَ، وَلَكَ الْحَمْدُ حَمْداً يَبْلُغُ رِضَاكَ وَيُوجِبُ مَزِيدَكَ، وَيُؤْمِنُ مِنْ غَيْرِكَ، فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ، وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ .

يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ، وَيُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ، سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ للَّهِِ رَبِّ الْعالَمِينَ.

سُبْحَانَ الدَّائِمِ الْقَائِمِ، سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْحَقِّ، سُبْحَانَ الْعَلِيِّ الْأَعْلَى، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ الْحَيِّ الْقَيُّومِ، سُبْحَانَ اللَّهِ الَّذِي لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ، سُبْحَانَ مَنْ تَوَاضَعَ كُلُّ شَيْ ءٍ لِعَظَمَتِهِ، سُبْحَانَ مَنْ ذَلَّ كُلُّ شَيْ ءٍ لِعِزَّتِهِ، سُبْحَانَ مَنْ خَضَعَ كُلُّ شَيْ ءٍ لِمُلْكَتِهِ، سُبْحَانَ مَنِ اسْتَسْلَمَ كُلُّ شَيْ ءٍ لِقُدْرَتِهِ، سُبْحَانَ مَنِ انْقَادَتْ لَهُ الْاُمُورُ بِأَزِمَّتِهَا، سُبْحَانَهُ وَ بِحَمْدِه .

لا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لاَ يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ .

لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ إِلَهاً وَاحِداً أَحَداً فَرْداً صَمَداً، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَتَّخِذْ صَاحِبَةً وَلاَ وَلَداً، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ الْأَوَّلُ قَبْلَ كُلِّ شَيْ ءٍ، وَالْبَاقِي بَعْدَ كُلِّ شَيْ ءٍ، وَالْقَادِرُ عَلَيْهِ

ص: 131

وَالْمُحِيطُ بِكُلِّ شَيْ ءٍ .

لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ، يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ .

اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ وَأَدْعُوكَ وَأَنْتَ قُلْتَ : « قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى »، إِنَّكَ أَمَرْتَنِي بِدُعَائِكَ وَوَعَدْتَ إِجَابَتَكَ وَلاَ خُلْفَ لِوَعْدِكَ، فَإِنِّي أَدْعُوكَ كَمَا أَمَرْتَنِي فَاسْتَجِبْ لِي كَمَا وَعَدْتَنِي .

اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، كَمَا سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ ذَكَرْتَهُ فِي كِتَابِكَ أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، يَا اللَّهُ يَا اللَّهُ يَا اللَّهُ، يَا رَحْمَانُ يَا رَحِيمُ، يَا بَدِي ءُ لاَ بَدْءَ لَكَ، يَا دَائِمُ لاَ نَفَادَ لَكَ، يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، يَا مُحْيِي يَا مُمِيتُ، يَا قَائِماً عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ . يَا أَحَدُ يَا وَتْرُ يَا فَرْدُ يَا صَمَدُ، يَا مَنْ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ، يَا مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ .

يَا حَنَّانُ يَا مَنَّانُ، يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالْإِكْرَامِ، يَا رَبَّ الْأَرَضِينَ وَمَا أَقَلَّتْ، وَالسَّمَاوَاتِ وَمَا أَظَلَّتْ، وَالرِّيَاحِ وَمَا ذَرَأَتْ، يَا خَالِقَ كُلِّ شَيْ ءٍ، يَا زَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرَضِينَ يَا عِمَادَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرَضِينَ، يَا قَيُّومَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

وَيَا غِيَاثَ الْمُسْتَغِيثِينَ، وَيَا صَرِيخَ الْمُسْتَصْرِخِينَ، وَيَا مَعَاذَ الْعَائِذِينَ، وَيَا مُجِيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرِّينَ، وَيَا مُنَفِّساً عَنِ الْمَكْرُوبِينَ، وَيَا مُفَرِّجاً عَنِ الْمَغْمُومِينَ، وَيَا مُجِيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرِّينَ، وَيَا مُجِيبَ دَعْوَةِ الدَّاعِينَ، وَيَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَيَا أَوَّلَ الْأَوَّلِينَ وَيَا آخِرَ الْآخِرِينَ .

أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْأَجَلِّ الْأَعَزِّ

ص: 132

الْأَكْرَمِ، الظَّاهِرِ الْبَاطِنِ الطَّاهِرِ الْمُطَهَّرِ الْمُقَدَّسِ الْأَحَدِ الصَّمَدِ الْفَرْدِ، الَّذِي مَلَأَ الْأَرْكَانَ كُلَّهَا، الَّذِي إِذَا دُعِيتَ بِهِ أَجَبْتَ، وَإِذَا سُئِلْتَ بِهِ أَعْطَيْتَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ كَأَفْضَلِ وَأَكْرَمِ، وَأَعْلَى وَأَكْمَلِ، وَأَعَزِّ وَأَعْظَمِ، وَأَشْرَفِ وَأَزْكَى، وَأَنْمَى وَأَطْيَبِ، مَا صَلَّيْتَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَنْبِيَائِكَ الْمُصْطَفَيْنَ وَمَلاَئِكَتِكَ الْمُقَرَّبِينَ وَعِبَادِكَ الصَّالِحِينَ .

اللَّهُمَّ شَرِّفْ بُنْيَانَهُ، وَعَظِّمْ بُرْهَانَهُ، وَثَقِّلْ مِيزَانَهُ، وَابْعَثْهُ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ الَّذِي وَعَدْتَهُ، وَتَقَبَّلْ شَفَاعَتَهُ، وَاجْزِهِ عَنَّا أَفْضَلَ مَا جَزَيْتَ نَبِيّاً عَنْ أُمَّتِهِ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ .

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى أَنْبِيَائِكَ الْمُرْسَلِينَ، وَمَلاَئِكَتِكَ الْمُقَرَّبِينَ، وَعِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَصَلِّ عَلَيْنَا مَعَهُمْ إِنَّكَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ .

اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَمَا وَلَدَا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، حَيِّهِمْ وَمَيِّتِهِمْ، شَاهِدِهِمْ وَغَائِبِهِمْ، إِنَّكَ تَعْلَمُ مُنْقَلَبَهُمْ وَمَثْوَاهُمْ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ، وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا، رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ .

اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا أَئِمَّتَنَا وَقُضَاتَنَا وَوُلاَةَ أُمُورِنَا وَجَمَاعَتَنَا وَدِينَنَا الَّذِي ارْتَضَيْتَ لَنَا، اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلاَمَ وَأَهْلَهُ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَأَهْلَه .

اللَّهُمَّ إِنِّي مِنْ عِبَادِكَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَسْرَفُوا عَلَيْهَا وَاسْتَوْجَبُوا الْعَذَابَ بِالْحُجَجِ اللاَّزِمَةِ، وَالذُّنُوبِ الْمُوبِقَةِ، وَالْخَطَايَا الْمُحِيطَةِ بِهِمْ، وَقَدْ قُلْتَ : « يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ »، لاَ خُلْفَ لِوَعْدِكَ، وَلاَ مُبَدِّلَ لِقَوْلِكَ .

اللَّهُمَّ لاَ تُقَنِّطْنِي مِنْ رَحْمَتِكَ، وَلاَ تُؤْيِسْنِي مِنْ عَفْوِكَ وَمَغْفِرَتِكَ، وَاجْعَلْنِي مِنْ عِبَادِكَ الَّذِينَ تَغْفِرُ لَهُمْ ذُنُوبَهُمْ، وَتُكَفِّرُ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ، وَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ، وَخُذْ بِسَمْعِي وَبَصَرِي وَقَلْبِي وَجَوَارِحِي كُلِّهَا إِلَى طَاعَتِكَ وَطَاعَةِ

ص: 133

رَسُولِكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِه، وَإِلَى أَحَبِّ الْأَعْمَالِ إِلَيْكَ .

وَارْزُقْنِي تَوْبَةً نَصُوحاً أَسْتَوْجِبُ بِهَا مَحَبَّتَكَ، وَأَسْتَحِقُّ مَعَهَا جَنَّتَكَ، وَتُوَقِّينِي مِنْ عَذَابِكَ، فَإِنَّهُ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِكَ، وَاجْعَلْنِي مِنْ أَوْلِيَائِكَ وَأَنْصَارِكَ الَّذِينَ تُعِزُّ بِهِمْ دِينَكَ، وَتَنْتَقِمُ بِهِمْ مِنَ عَدُوِّكَ، وَتَخْتِمُ لَهُمْ بِالسَّعَادَةِ وَالشَّهَادَةِ، تُحْيِيهِمْ حَيَاةً طَيِّبَةً، وَتُقَلِّبُهُمْ مُنْقَلَباً كَرِيماً وَتُؤْتِيهِمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَتَقِيهِمْ عَذَابَ النَّارِ .

اللَّهُمَّ إِنَّ ذُنُوبِي عَظِيمَةٌ كَثِيرَةٌ، وَرَحْمَتُكَ وَعَفْوُكَ وَفَضْلُكَ أَعْظَمُ مِنْهَا وَأَكْثَرُ وَأَوْسَعُ، فَانْشُرْ عَلَيَّ مِنْ سَعَةِ رَحْمَتِكَ وَعِظَمِ عَفْوِكَ وَمَغْفِرَتِكَ مَا تُنْجِينِي بِهِ مِنَ النَّارِ وَتُدْخِلُنِي بِهِ الْجَنَّةَ .

اللَّهُمَّ بِرَحْمَتِكَ اسْتَغَثْتُ مِنْ ذُنُوبِي وَاسْتَجَرْتُ فَأَغِثْنِي، وَأَجِرْنِي مِنْ ذُنُوبِي، وَامْنُنْ عَلَيَّ بِمَغْفِرَتِكَ وَعَفْوِكَ عَمَّا ظَلَمْتُ بِهِ نَفْسِي خَاصَّةً، يَا إِلَهِي، وَخَلِّصْنِي مِمَّنْ لَهُ حَقٌّ قِبَلِي، وَاسْتَوْهِبْنِي مِنْهُ وَاغْفِرْ لِي وَعَوِّضْهُ مِنْ فَضْلِكَ وَطَوْلِكَ وَجَزِيلِ ثَوَابِكَ عَلَيَّ وَعَلَيْهِ بِذَلِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .

اللَّهُمَّ اجْعَلْ مَا مَضَى مِنْ حُسْنِ عَمَلِي مَقْبُولاً وَمَا فَرَطَ مِنِّي مِنْ سَيِّئَةٍ مَغْفُوراً، وَمَا أَسْتَأْنِفُ مِنْ عُمُرِي أَوَّلُهُ صَلاَحاً وَأَوْسَطُهُ فَلاَحاً وَآخِرُهُ نَجَاحاً، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ جَهْدِ الْبَلاَءِ وَسُوءِ الْقَضَاءِ وَشَرِّ الْعَمَلِ وَدَرْكِ الشَّقَاءِ وَشَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ وَسُوءِ الْمَنْظَرِ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ وَالْوَلَدِ .

اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ قَلْبٍ لاَ يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لاَ تَشْبَعُ، وَعَمَلٍ لاَ يَنْفَعُ وَدُعَاءٍ لاَ يُسْمَعُ، اللَّهُمَّ سَلِّمْنِي وَسَلِّمْ مِنِّي، وَعَافِنِي وَاعْفُ عَنِّي، وَلاَ تُؤَاخِذْنِي بِذُنُوبِي، وَلاَ تُقَايِسْنِي بِعَمَلِي، وَلاَ تَفْضَحْنِي بِسَرِيرَتِي، وَأَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِكَ وَعَافِنِي مِنَ النَّارِ بِقُدْرَتِكَ .

اللَّهُمَّ أَقِلْنِي عَثْرَتِي، وَاسْتُرْ عَوْرَتِي وَآمِنْ رَوْعَتِي، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعِفَافَ وَالْكِفَافَ وَالْغِنَى، وَالْعَمَلَ بِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ أَوْ لاَ أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا

ص: 134

أَعْلَمُ وَلِمَا لاَ أَعْلَمُ .

اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّي وَلاَ تَجْعَلْ مُصِيبَتِي فِي حَدٍّ، وَلاَ تُسَلِّطْ عَلَيَّ مَنْ لاَ يَرْحَمُنِي، وَلاَ تُسَلِّطْنِي عَلَى أَحَدٍ بِظُلْمٍ فَتُهْلِكَنِي، اللَّهُمَّ اجْعَلْ حَيَاتِي زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلْ وَفَاتِي رَاحَةً مِنْ كُلِّ سُوءٍ .

اللَّهُمَّ إِنَّ ذُلِّي أَصْبَحَ وَأَمْسَى مُسْتَجِيراً بِعِزَّتِكَ وَفَقْرِي مُسْتَجِيراً بِغِنَاكَ، وَذُنُوبِي مُسْتَجِيرَةً بِرَحْمَتِكَ، وَوَجْهِيَ الْبَالِيَ الْفَانِيَ مُسْتَجِيرَةً بِوَجْهِكَ الْبَاقِي الدَّائِمِ الْكَرِيمِ، فَكُنْ لِي جَاراً مِنْ كُلِّ سُوءٍ بِرَحْمَتِكَ .

اللَّهُمَّ مَا أَعْطَيْتَنِي مِنْ عَطَاءٍ أَوْ قَضَيْتَ عَلَيَّ مِنْ قَضَاءٍ، فَاجْعَلِ الْخِيَرَةَ لِي فِي بَدْئِهِ وَعَاقِبَتِهِ، وَارْزُقْنِي الْعَافِيَةَ وَالسَّلاَمَةَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .

اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ وَإِلَيْكَ الْمُشْتَكَى وَأَنْتَ الْمُسْتَعَانُ وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مَلاَئِكَتِهِ الْمُقَرَّبِينَ، وَأَنْبِيَائِهِ الْمُرْسَلِينَ وَعَلَى مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ، وَرَسُولِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَإِمَامِ الْمُتَّقِينَ، وَسَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ، وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً .

اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ يَا رَبِّ حُسْنَ الظَّنِّ بِكَ، وَالصِّدْقَ فِي التَّوَكُّلِ عَلَيْكَ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ تُدْخِلَنِي النَّارَ، وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ تَبْتَلِيَنِي بِبَلِيَّةٍ تَحْمِلُنِي ضَرُورَتُهَا عَلَى التَّعَرُّضِ لِشَيْ ءٍ مِنْ مَعَاصِيكَ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ تُدْخِلَنِي فِي حَالٍ كُنْتُ أَوْ أَكُونُ فِيهَا فِي يُسْرٍ أَوْ عُسْرٍ أَظُنُّ أَنَّ مَعَاصِيَكَ أَنْجَحُ لِي مِنْ طَاعَتِكَ .

وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَقُولَ قَوْلاً مِنْ طَاعَتِكَ أَلْتَمِسُ بِهِ رِضَا سِوَاكَ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ أَسْعَدَ بِمَا آتَيْتَنِي مِنِّي، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَتَكَلَّفَ طَلَبَ مَا لَيْسَ لِي وَمَا لَمْ تَقْسِمْهُ لِي، وَمَا قَسَمْتَ لِي مِنْ قِسْمٍ أَوْ رَزَقْتَنِي مِنْ رِزْقٍ فَأْتِنِي بِهِ فِي يُسْرٍ مِنْكَ وَعَافِيَةٍ حَلاَلاً طَيِّباً .

وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ زَحْزَحَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ، أَوْ بَاعَدَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَوْ تَصْرِفُ بِهِ حَظِّي أَوْ

ص: 135

صَرَفَ وَجْهَكَ الْكَرِيمَ عَنِّي، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ تَحُولَ خَطِيئَتِي أَوْ ظُلْمِي أَوْ جُرْمِي أَوْ إِسْرَافَي عَلَى نَفْسِي أَوْ اِتِّبَاعِي هَوَايَ أَوْ اِسْتِعْمَالِي شَهْوَتِي دُونَ مَغْفِرَتِكَ وَثَوَابِكَ وَرِضْوَانِكَ وَنَائِلِكَ، وَبَرَكَاتِكَ وَمَوْعِدِكَ الْحَسَنِ الْجَمِيلِ .

اللَّهُمَّ إِنَّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الضَّرَرِ فِي الْمَعِيشَةِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ تَبْتَلِيَنِي بِبَلاَءٍ لاَ طَاقَةَ لِي بِهِ، أَوْ تُسَلِّطَ عَلَيَّ طَاغِياً أَوْ تَهْتِكَ لِي سِتْراً، أَوْ تُبْدِيَ لِي عَوْرَةً، أَوْ تُحَاسِبَنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُنَاقَشَةً أَحْوَجَ مَا أَكُونُ إِلَى تَجَاوُزِكَ وَعَفْوِكَ عَنِّي .

وَأَسْأَلُكَ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ وَكَلِمَاتِكَ التَّامَّاتِ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَتُعْطِيَ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ أَفْضَلَ مَا سَأَلَكَ وَأَفْضَلَ مَا سُئِلْتَ لَهُ وَأَفْضَلَ مَا أَنْتَ مَسْئُولٌ لَهُ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَنِي مِنْ عُتَقَائِكَ وَطُلَقَائِكَ مِنَ النَّارِ .

يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَيَا أَجْوَدَ الْأَجْوَدِينَ، وَيَا إِلَهَ الْعَالَمِينَ، وَيَا سَيِّدَ السَّادَاتِ، وَيَا جَبَّارَ الْجَبَابِرَةِ، وَيَا أَفْضَلَ مَنْ سُئِلَ وَأَكْرَمَ مَنْ أَعْطَى وَأَحَقَّ مَنْ تَجَاوَزَ وَعَفَا وَرَحِمَ وَتَفَضَّلَ بِإِحْسَانِهِ الْقَدِيمِ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ .

لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ سُبْحَانَهُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، الْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ أَفْلَحَ سَائِلُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَامْتَنَعَ عَائِذُكَ، أَعِذْنِي بِرَحْمَتِكَ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقْتَ وَذَرَأْتَ وَبَرَأْتَ، حَسْبِيَ اللَّهُ وَكَفَى، سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ دَعَا، لَيْسَ وَرَاءَ اللَّهِ مُنْتَهًى .

اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي وَرَبُّ مَنْ كَادَنِي وَبَغَى عَلَيَّ، مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، نَاصِيَتِي وَنَاصِيَتُهُ بِيَدِكَ، فَادْفَعْ فِي نَحْرِهِ وَأَعِذْنِي مِنْ شَرِّهِ، بِعِزَّتِكَ الَّتِي لاَ تُرَامُ وَبِقُدْرَتِكَ الَّتِي لاَ يَمْتَنِعُ مِنْهَا بَرٌّ وَلاَ فَاجِرٌ، وَبِكَلِمَاتِكَ الْحُسْنَى .

الْحَمْدُ للَّهِِ الَّذِي خَلَقَنِي وَلَمْ أَكُ شَيْئاً، اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى هَوْلِ الدُّنْيَا وَبَوَائِقِ الْآخِرَةِ، وَمُصِيبَاتِ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ، اللَّهُمَّ اصْحَبْنِي فِي سَفَرِي وَاخْلُفْنِي فِي أَهْلِي

ص: 136

وَبَارِكْ لِي فِيمَا رَزَقْتَنِي، وَلَكَ فَذَلِّلْنِي وَعَلَى خُلُقٍ حَسَنٍ صَالِحٍ فَقَوِّمْنِي، وَإِلَيْكَ فَحَبِّبْنِي وَإِلَى النَّاسِ فَلاَ تَكِلْنِي، رَبَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ .

وَأَنْتَ رَبِّي أَعُوذُ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، وَكَشَفْتَ بِهِ الظُّلُمَاتِ وَصَلَحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، أَنْ يَنْزِلَ بِي سَخَطُكَ، أَوْ يَحِلَّ عَلَيَّ غَضَبُكَ وَمِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ وَمِنْ جَمِيعِ سَخَطِكَ، لَكَ الْعُتْبَى عِنْدِي فِيمَا اسْتَطَعْتُ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِكَ .

اللَّهُمَّ إِنَّكَ لَسْتَ بِرَبٍّ اسْتَحْدَثْنَاكَ، وَلاَ كَانَ مَعَكَ إِلَهٌ أَعَانَكَ، تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُ الْقَائِلُونَ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَبَارِكْ لِي فِي الْمَوْتِ إِذَا نَزَلَ بِي، وَاجْعَلْ لِي فِيهِ رَاحَةً وَفَرَجاً، اللَّهُمَّ فَكَمَا حَسَّنْتَ خَلْقِي فَحَسِّنْ خُلُقِي، اللَّهُمَّ إِنِّي ضَعِيفٌ فَقَوِّ فِي رِضَاكَ ضَعْفِي، وَخُذْ إِلَى الْخَيْرِ بِنَاصِيَتِي، وَاجْعَلِ الْإِسْلاَمَ مُنْتَهَى رِضَايَ .

اللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ وَأُشْهِدُ مَلاَئِكَتَكَ وَكَفَى بِكَ شَهِيداً، إِنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ وَحْدَكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ وَخِيَرَتُكَ مِنْ خَلْقِكَ، وَأَنَّ كُلَّ مَعْبُودٍ مِنْ دُونِ عَرْشِكَ إِلَى قَرَارِ أَرْضِكَ السَّابِعَةِ بَاطِلٌ مَا خَلاَ وَجْهَكَ الْكَرِيمَ، الدَّائِمَ الَّذِي لاَ يَزُولُ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ عَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، وَاكْشِفْ مَا بِي مِنْ ضُرٍّ، وَحَوِّلْهُ عَنِّي يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ، وَإِنَّكَ تَفْعَلُ مَا تَشَاءُ وَإِنَّ مَيْسُورَ الْعَسِيرِ عَلَيْكَ يَسِيرٌ .

اللَّهُمَّ يَسِّرْ مِنْ أَمْرِي مَا عَسُرَ، وَسَهِّلْ مَا صَعُبَ، وَلَيِّنْ مَا غَلُظَ، وَفَرِّجْ مَا لاَ يُفَرِّجُهُ أَحَدٌ غَيْرُكَ، بِنُورِ وَجْهِكَ الْكَرِيمِ الدَّائِمِ التَّامِّ، وَبِحَقِّ مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، وَبِحَقِّ الرُّوحَانِيِّينَ الَّذِينَ لا يَفْتُرُونَ إِلاَّ بِتَعْظِيمِ عِزِّ جَلاَلِكَ، وَ بِالثَّنَاءِ عَلَيْكَ، وَلاَ يَبْلُغُونَ مَا أَنْتَ مُسْتَحِقُّهُ مِنْ عَظِيمِ عِزِّكَ وَعُلُوِّ شَأْنَكِ .

اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي تَجَلَّيْتَ بِهِ لِلْجَبَلِ فَجَعَلْتَهُ دَكّاً وَخَرَّ

ص: 137

مُوسى صَعِقاً، وَبِالْإِسْمِ الْمَخْزُونِ الْمَكْنُونِ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي فَلَقْتَ بِهِ الْبَحْرَ لِمُوسَى بْنِ عِمْرَانَ فَصَارَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي ذَلَّ لَهُ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ .

وَبِاسْمِكَ الَّذِي وَضَعْتَهُ عَلَى النَّهَارِ فَأَضَاءَ وَعَلَى اللَّيْلِ فَأَظْلَمَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تَجْعَلَنِي مِنَ التَّوَّابِينَ الْمُتَطَهِّرِينَ وَتَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ، وَتَغْفِرَ لِوَالِدَيَّ كَما رَبَّيانِي صَغِيراً، وَعَلَّمَانِي كِتَابَكَ وَسُنَّةَ نَبِيِّكَ، وَتُدْخِلَ عَلَيْهِمَا رَأْفَةً مِنْكَ وَرَحْمَةً، وَبَدِّلْ سَيِّئَاتِهِمَا حَسَنَاتٍ وَتَقَبَّلْ مِنْهُمَا مَا أَحْسَنَا، وَتَجَاوَزْ عَنْهُمَا مَا أَسَاءَا، فَإِنَّكَ أَوْلَى بِالْجُودِ، وَاجْعَلْهُمَا مِنَ الَّذِينَ رَضِيتَ عَنْهُمْ، وَأَسْكَنْتَهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمَ بِرَحْمَتِكَ لاَ بِأَعْمَالِهِمْ، تَفَضُّلاً مِنْكَ عَلَيْهِمْ بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ وَعِزَّتِكَ وَسُلْطَانِكَ .

يَا مَنْ لَهُ الْحَمْدُ وَلاَ يَنْبَغِي الْحَمْدُ إِلاَّ لَهُ، يَا كَرِيمَ الْإِحْسَانِ، يَا مَنْ يَبْقَى وَ يَفْنَى كُلُّ شَيْ ءٍ، يَا مَنْ يَرَى وَلاَ يُرَى وَهُوَ بِالْمَنْظَرِ الْأَعْلَى، وَمَنْ هُوَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ رَقِيبٌ، وَبِكُلِّ شَيْ ءٍ رَءُوفٌ وَعَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَابِلٌ شَهِيدٌ، يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ، تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ .

وَأَسْأَلُكَ بِالْإِسْمِ الَّذِي وَضَعْتَ بِهِ الْجِبَالَ عَلَى الْأَرْضِ فَاسْتَقَرَّتْ، وَبِالْإِسْمِ الَّذِي وَضَعْتَهُ عَلَى السَّمَاوَاتِ فَاسْتَقَلَّتْ، أَنْ تُنْجِيَنِي مِنَ النَّارِ، وَتُجِيزَنِي الصِّرَاطَ بِقُدْرَتِكَ، وَوَالِدَيَّ وَحَامَّتِي وَقَرَابَتِي وَجِيرَانِي وَمَنْ أَحَبَّنِي، وَكُلَّ ذِي رَحِمٍ فِي الْإِسْلاَمِ دَخَلَ إِلَيَّ، بِنُورِكَ الَّذِي لاَ يُطْفَأُ، وَبِعِزَّتِكَ الَّتِي لاَ تُرَامُ، وَاكْفِنِي مَا لاَ يَكْفِيهِ أَحَدٌ سِوَاكَ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، وَاسْتُرْنِي بِسَتْرِكَ الْجَمِيلِ، وَعَافِنِي بِقُدْرَتِكَ مِنْ عَذَابِكَ وَعِقَابِكَ .

اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَالِمٌ غَيْرُ مُتَعَلِّمٍ، وَأَنْتَ عَالِمٌ بِحَالِي وَأَمْرِي، فَاجْعَلْ لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ نَصِيباً وَإِلَى كُلِّ خَيْرٍ سَبِيلاً، اللَّهُمَّ وَاجْعَلْ لِي سَهْماً فِي دُعَاءِ مَنْ دَعَاكَ رَجَاءَ الثَّوَابِ مِنْكَ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ

ص: 138

وَالْمُسْلِمَاتِ، وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَتَقَبَّلْ دُعَاءَهُمْ وَأَعِنْهُمْ عَلَى عَدُوِّكَ وَعَدُوِّهِمْ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلاَ يُقْدَرُ عَلَيْكَ، وَلاَ يَدْفَعُ الْبَلاَءَ غَيْرُكَ .

يَا مَعْرُوفاً بِالْإِحْسَانِ وَالرَّأْفَةِ وَالرَّحْمَةِ أَنْتَ مُقَلِّبُ الْقُلُوبِ، ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ، وَأَنْتَ مُدَبِّرُ الْإِمُورِ وَأَنْتَ تَخْتَارُ لِعِبَادِكَ، فَاجْعَلْنِي مِمَّنِ اخْتَرْتَهُ لِطَاعَتِكَ، وَأَمِنْتَهُ مِنَ عَذَابِكَ يَوْمَ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ، وَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ .

وَاخْتَرْنِي وَاخْتَرْ وُلْدِي فَقَدْ خَلَقْتَهُمْ فَأَحْسَنْتَ، وَرَزَقْتَ فَأَفْضَلْتَ، فَتَمِّمْ نِعْمَتَكَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَهْلِ عِنَايَتِي، وَأَوْسِعْ عَلَيْنَا فِي رِزْقِكَ، وَلاَ تُشْمِتْ بِنَا عَدُوّاً وَلاَ حَاسِداً، وَ لاَ بَاغِياً وَلاَ طَاغِياً، وَاحْرُسْنَا بِعَيْنِكَ الَّتِي لاَ تَنَامُ.

اللَّهُمَّ هَذَا الدُّعَاءُ وَعَلَيْكَ الْإِجَابَةُ، وَأَنْتَ الْمُسْتَعَانُ وَعَلَيْكَ التَّكِلاَنُ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِكَ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ، وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً، وَحَسْبُنَا اللَّهِ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ .(1)

[ 10 ]

ومن الدّعوات في يوم الغدير :

اللَّهُمَّ بِنُورِكَ اهْتَدَيْتُ، وَبِفَضْلِكَ اسْتَغْنَيْتُ، وَقُلْتَ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ : « وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً »، وَقُلْتَ : « ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ »، وَقُلْتَ : « وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ » .

اللَّهُمَّ فَإِنِّي أَسْأَلُكَ وَأُشْهِدُكَ وَأُشْهِدُ مَلاَئِكَتَكَ أَنَّكَ رَبِّي لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ عَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ نَبِيِّي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِه، وَأَنَّ عَلِيّاً أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَوْلاَيَ وَوَلِيِّي عَلَيْهِ وَآلِهِ السَّلاَمُ، أَسْأَلُكَ أَنْ تَغْفِرَ لِي فِي هَذَا الْيَوْمِ، وَفِي هَذَا الْوَقْتِ، مَا سَلَفَ مِنْ ذُنُوبِي وَتُصْلِحَنِي فِيمَا بَقِيَ مِنْ عُمُرِي .

اللَّهُمَّ إِيمَاناً بِكَ وَتَصْدِيقاً بِوَعْدِكَ، حَتَّى أَكُونَ عَلَى النَّهْجِ الَّذِي تَرْضَاهُ، وَالطَّرِيقِ الَّذِي تُحِبُّهُ، فَإِنَّكَ عُدَّتِي عِنْدَ شِدَّتِي وَوَلِيُّ نِعْمَتِي .

ص: 139


1- السيد إبن طاووس، الاقبال، ج 2، ص 289 .

للَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ نَفْحَةً مِنْ نَفَحَاتِكَ كَرِيمَةً تُلِمُّ بِهَا شَعَثِي، وَتُصْلِحُ بِهَا شَأْنِي، وَتُوَسِّعُ بِهَا رِزْقِي، وَتَقْضِي بِهَا دَيْنِي، وَتُعِينُنِي بِهَا عَلَى جَمِيعِ أُمُورِي، فَإِنَّكَ عِنْدَ شِدَّتِي، فَأَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تُصْلِحَ لِي أَحْوَالَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ .

اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ وَلَمْ يَسْأَلِ السَّائِلُونَ أَكْرَمَ مِنْكَ، وَأَطْلُبُ إِلَيْكَ وَلَمْ يَطْلُبِ الطَّالِبُونَ إِلَى أَحَدٍ أَجْوَدَ مِنْكَ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تُبَلِّغَنِي فِي هَذَا الْيَوْمِ أُمْنِيَّةَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، اللَّهُمَّ فَارِجَ الْغَمِّ وَمُجِيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرِّينَ، اللَّهُمَّ فَارِجَ الْغَمِّ إِنِّي مَغْمُومٌ فَفَرِّجْ عَنِّي، اللَّهُمَّ إِنِّي مَهْمُومٌ فَاكْشِفْ هَمِّي .

اللَّهُمَّ إِنِّي مُضْطَرٌّ فَسَهِّلْ لِي، اللَّهُمَّ إِنِّي مَدْيُونٌ فَاقْضِ دَيْنِي، اللَّهُمَّ إِنِّي ضَعِيفٌ فَقَوِّ ضَعْفِي، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ رِزْقِكَ رِزْقاً وَاسِعاً حَلاَلاً طَيِّباً، أَسْتَعِينُ بِهِ وَأَعِيشُ بِهِ بَيْنَ خَلْقِكَ، رِزْقاً مِنْ عِنْدِكَ لاَ أَبْذُلُ فِيهِ وَجْهِي لِأَحَدٍ مِنْ عِبَادِكَ، أَنْتَ حَسْبِي وَنِعْمَ الْوَكِيلُ .

اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَمَا وَلَدَا وَأَهْلِ قَرَابَتِي وَإِخْوَانِي مَنْ عَرَفْتُ وَمَنْ لَمْ أَعْرِفْ، اللَّهُمَّ اجْزِهِمْ بِأَحْسَنِ أَعْمَالِهِمْ وَأَوْصِلْ إِلَيْهِمُ الرَّحْمَةَ وَالسُّرُورَ، وَاحْشُرْهُمْ مَعَ رَسُولِكَ وَأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَأَوْلِيَائِهِمْ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ .

اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ، وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ وَسَلَّمَ .(1)

[ 11 ]

ومن الدعوات في يوم الغدير :

اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ نَبِيِّكَ وَعَلِيٍّ وَلِيِّكَ، وَالشَّأْنِ وَالْقَدْرِ الَّذِي خَصَصْتَهُمَا بِهِ دُونَ خَلْقِكَ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ وَأَنْ تَبْدَأَ بِهِمَا فِي كُلِّ خَيْرٍ عَاجِلٍ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ الْأَئِمَّةِ الْقَادَةِ، وَالدُّعَاةِ السَّادَةِ، وَالنُّجُومِ الزَّاهِرَةِ، وَالْأَعْلاَمِ الْبَاهِرَةِ، وَسَاسَةِ

ص: 140


1- السيد إبن طاووس، الإقبال، ج 2، ص 303 .

الْعِبَادِ، وَأَرْكَانِ الْبِلاَدِ، وَالنَّاقَةِ الْمُرْسَلَةِ، وَالسَّفِينَةِ النَّاجِيَةِ الْجَارِيَةِ فِي اللُّجَجِ الْغَامِرَةِ .

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، خُزَّانِ عِلْمِكَ وَأَرْكَانِ تَوْحِيدِكَ، وَدَعَائِمِ دِينِكَ وَمَعَادِنِ كَرَامَتِكَ وَصَفْوَتِكَ مِنْ بَرِيَّتِكَ، وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ، الْأَتْقِيَاءِ النُّجَبَاءِ الْأَبْرَارِ، وَالْبَابِ الْمُبْتَلَى بِهِ النَّاسُ، مَنْ أَتَاهُ نَجَا وَمَنْ أَبَاهُ هَوَى .

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، أَهْلِ الذِّكْرِ الَّذِينَ أَمَرْتَ بِمَسْأَلَتِهِمْ، وَذَوِي الْقُرْبَى الَّذِينَ أَمَرْتَ بِمَوَدَّتِهِمْ، وَفَرَضْتَ حَقَّهُمْ، وَجَعَلْتَ الْجَنَّةَ مَعَادَ مَنِ اقْتَفَى آثَارَهُمْ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ كَمَا أَمَرُوا بِطَاعَتِكَ، وَنَهَوْا عَنْ مَعْصِيَتِكَ، وَدَلُّوا عِبَادَكَ عَلَى وَحْدَانِيَّتِكَ .

اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ نَبِيِّكَ وَنَجِيبِكَ وَصِفْوَتِكَ وَأَمِينِكَ وَرَسُولِكَ إِلَى خَلْقِكَ، وَبِحَقِّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَيَعْسُوبِ الدِّينِ، وَقَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ، الْوَصِيِّ الْوَفِيِّ، وَالصِّدِّيقِ الْأَكْبَرِ، وَالْفَارُوقِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَالشَّاهِدِ لَكَ، وَالدَّالِّ عَلَيْكَ، وَالصَّادِعِ بِأَمْرِكَ، وَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِكَ، لَمْ تَأْخُذْهُ فِيكَ لَوْمَةُ لاَئِمٍ .

أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تَجْعَلَنِي فِي هَذَا الْيَوْمِ الَّذِي عَقَدْتَ فِيهِ لِوَلِيِّكَ الْعَهْدَ فِي أَعْنَاقِ خَلْقِكَ وَأَكْمَلْتَ لَهُمُ الدِّينَ مِنَ الْعَارِفِينَ بِحُرْمَتِهِ وَالْمُقِرِّينَ بِفَضْلِهِ، مِنْ عُتَقَائِكَ وَطُلَقَائِكَ مِنَ النَّارِ، وَلاَ تُشْمِتْ بِي حَاسِدِي النِّعَمِ .

اللَّهُمَّ فَكَمَا جَعَلْتَهُ عِيدَكَ الْأَكْبَرَ وَسَمَّيْتَهُ فِي السَّمَاءِ يَوْمَ الْعَهْدِ الْمَعْهُودِ، وَفِي الْأَرْضِ يَوْمَ الْمِيثَاقِ الْمَأْخُوذِ، وَالْجَمْعِ الْمَسْئُولِ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَقْرِرْ بِهِ عُيُونَنَا، وَاجْمَعْ بِهِ شَمْلَنَا، وَلاَ تُضِلَّنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا، وَاجْعَلْنَا لِأَنْعُمِكَ مِنَ الشَّاكِرِينَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .

الْحَمْدُ للَّهِِ الَّذِي عَرَّفَنَا فَضْلَ هَذَا الْيَوْمِ، وَبَصَّرَنَا حُرْمَتَهُ، وَكَرَّمَنَا بِهِ، وَشَرَّفَنَا بِمَعْرِفَتِهِ، وَهَدَانَا بِنُورِهِ، يَا رَسُولَ اللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْكُمَا وَعَلَى عِتْرَتِكُمَا وَعَلَى مُحِبِّيكُمَا مِنِّي أَفْضَلُ السَّلاَمِ، مَا بَقِيَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَبِكُمَا أَتَوَجَّهُ إِلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمَا فِي نَجَاحِ طَلِبَتِي وَقَضَاءِ حَوَائِجِي وَتَيْسِيرِ

ص: 141

أُمُورِي .

اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تَلْعَنَ مَنْ جَحَدَ حَقَّ هَذَا الْيَوْمِ وَأَنْكَرَ حُرْمَتَهُ، فَصَدَّ عَنْ سَبِيلِكَ لِإِطْفَاءِ نُورِكَ، فَأَبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَه .

اللَّهُمَّ فَرِّجْ عَنْ أَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ نَبِيِّكَ، وَاكْشِفْ عَنْهُمْ وَبِهِمْ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ الْكُرُبَاتِ، اللَّهُمَّ امْلَإِ الْأَرْضَ بِهِمْ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً، وَأَنْجِزْ لَهُمْ مَا وَعَدْتَهُمْ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ .(1)

× × ×

خطبة الأمير عليه السلام فى يوم الغدير

روى شيخ الطائفة المحقّة، أبوجعفر محمّد بن الحسن الطوسي، باسناده، عن الفياض بن محمّد بن عمر الطرسوسي، أنه شهد أباالحسن علىّ بن موسى الرّضا عليهما السلام في يوم الغدير وبحضرته جماعة من خاصّته قد أحتبسهم للإفطار وقد قدّم إلى منازلهم الطّعام والبرّ والصّلات والكسوة حتّى الخواتيم والنّعال وقد غيّر من أحوالهم وأحوال حاشيته وجُددّت له آلة غير الآلة الّتي جرى الرّسم بابتذالها قبل يومه وهو يذكر فضل اليوم وقدمه فكان من قوله عليه السلام : حدّثني الهادي أبي قال : حدّثني جدّي الصّادق قال : حدّثني الباقر قال : حدّثني سيّد العابدين قال : حدّثني أبي الحسين قال : أتّفق في بعض سني أميرالمؤمنين عليه السلام الجمعة والغدير، فصعد المنبر على خمس ساعات من نهار ذلك اليوم .

فحمداللَّه وأثنى عليه حمداً لم يسمع بمثله وأثنى عليه ثنآء لم يتوجّه إليه غيره فكان ما حفظ من ذلك :

نصّ خطبة الأمير عليه السلام فى يوم الغدير

الْحَمْدُ للَّهِِ الَّذِي جَعَلَ الْحَمْدَ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ مِنْهُ إِلَى حَامِدِيهِ طَرِيقاً مِنْ طُرُقِ الاِعْتِرَافِ بِلاَهُوتِيَّتِهِ وَصَمَدَانِيَّتِهِ وَرَبَّانِيَّتِهِ وَفَرْدَانِيَّتِهِ، وَسَبَباً إِلَى الْمَزِيدِ مِنْ رَحْمَتِهِ، وَمَحَجَّةً لِلطَّالِبِ مِنْ فَضْلِهِ، وَكَمَّنَ فِي إِبْطَانِ اللَّفْظِ حَقِيقَةَ الاِعْتِرَافِ لَهُ بِأَنَّهُ الْمُنْعِمُ عَلَى كُلِّ حَمْدٍ بِاللَّفْظِ وَإِنْ عَظُمَ .

وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ

ص: 142


1- السيد إبن طاووس، الإقبال، ج 2، ص 303 .

اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ شَهَادَةً نُزِعَتْ عَنْ إِخْلاَصِ الطَّوِيِّ وَنُطْقُ اللِّسَانِ بِهَا عِبَارَةٌ عَنْ صِدْقٍ خَفِيٍّ، أَنَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِي ءُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ ءٌ إِذْ كَانَ الشَّيْ ءُ مِنْ مَشِيَّتِهِ، فَكَانَ لاَ يُشْبِهُهُ مُكَوَّنُه .

وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، اسْتَخْلَصَهُ فِي الْقِدَمِ عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ، عَلَى عِلْمٍ مِنْهُ بِهِ انْفَرَدَ عَنِ التَّشَاكُلِ وَالتَّمَاثُلِ مِنْ أَبْنَاءِ الْجِنْسِ، وَاْنْتَجَبَهُ آمِراً وَنَاهِياً عَنْهُ، أَقَامَهُ فِي سَائِرِ عَالَمِهِ فِي الْأَدَاءِ مَقَامَهُ، إِذْ كَانَ لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَلاَ تَحْوِيهِ خَوَاطِرُ الْأَفْكَارِ، وَلاَ تُمَثِّلُهُ غَوَامِضُ الظِّنَنِ فِي الْأَسْرَارِ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْجَبَّارُ .

قَرَنَ الاِعْتِرَافَ بِنُبُوَّتِهِ بِالاِعْتِرَافِ بِلاَهُوتِيَّتِهِ، وَاخْتَصَّهُ مِنْ تَكْرِمَتِهِ بِمَا لَمْ يَلْحَقْهُ فِيهِ أَحَدٌ مِنْ بَرِيَّتِهِ، فَهُوَ أَهْلُ ذَلِكَ بِخَاصَّتِهِ وَخَلَّتِهِ، إِذْ لاَ يَخْتَصُّ مَنْ يَشُوبُهُ التَّغْيِيرُ وَلاَ يُخَالِلُ مَنْ يَلْحَقُهُ التَّظْنِينُ .

وَأَمَرَ بِالصَّلاَةِ عَلَيْهِ مَزِيداً فِي تَكْرِمَتِهِ، وَتَطْرِيقاً لِلدَّاعِي إِلَى إِجَابَتِهِ، فَصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَكَرَّمَ وَ شَرَّفَ وَعَظَّمَ مَزِيداً لاَ يَلْحَقُهُ التَّنْفِيدُ وَلاَ يَنْقَطِعُ عَلَى التَّأْبِيدِ .

وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى اخْتَصَّ لِنَفْسِهِ بَعْدَ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِه مِنْ بَرِيَّتِهِ، خَاصَّةً عَلاَّهُمْ بِتَعْلِيَتِهِ وَسَمَا بِهِمْ إِلَى رُتْبَتِهِ، وَجَعَلَهُمُ الدُّعَاةَ بِالْحَقِّ إِلَيْهِ، وَالْأَدِلاَّءَ بِالْإِرْشَادِ عَلَيْهِ، لِقَرْنٍ قَرْنٍ وَزَمَنٍ زَمَنٍ .

أَنْشَأَهُمْ فِي الْقِدَمِ قَبْلَ كُلِّ مَذْرُوٍّ وَمَبْرُوٍّ أَنْوَاراً أَنْطَقَهَا بِتَحْمِيدِهِ، وَأَلْهَمَهَا شُكْرَهُ وَتَمْجِيدَهُ، وَجَعَلَهَا الْحُجَجَ عَلَى كُلِّ مُعْتَرِفٍ لَهُ بِمَلَكَةِ الرُّبُوبِيَّةِ وَسُلْطَانِ الْعُبُودِيَّةِ وَاسْتَنْطَقَ بِهَا الْخَرَسَاتِ بِأَنْوَاعِ اللُّغَاتِ، بُخُوعاً لَهُ، فَإِنَّهُ فَاطِرُ الْأَرَضِينَ وَالسَّمَاوَاتِ .

وَأَشْهَدَهُمْ خَلْقَهُ وَوَلاَّهُمْ مَا شَاءَ مِنْ أَمْرِهِ، جَعَلَهُمْ تَرَاجِمَةَ مَشِيَّتِهِ وَأَلْسُنَ إِرَادَتِهِ، عَبِيداً « لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ × يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ » يَحْكُمُونَ

ص: 143

بِأَحْكَامِهِ وَيَسُنُّونَ سُنَّتَهُ وَيَعْتَمِدُونَ حُدُودَهُ وَيُؤَدُّونَ فَرْضَهُ، وَ لَمْ يَدَعِ الْخَلْقَ فِي بُهَمٍ صُمًّاءَ وَلاَ فِي عَميَاءَ بُكْمًا، بَلْ جَعَلَ لَهُمْ عَقُولاً مَازَجَتْ شَوَاهِدَهُمْ وَتَفَرَّقَتْ فِي هَيَاكِلِهِمْ، وَحَقَّقَهَا فِي نُفُوسِهِمْ وَاسْتَعْبَدَ لَهَا حَوَاسَّهُمْ، فَقَرَّرَ بِهَا عَلَى أَسْمَاعٍ وَنَوَاظِرَ وَأَفْكَارٍ وَخَوَاطِرَ، أَلْزَمَهُمْ بِهَا حُجَّتَهُ وَأَرَاهُمْ بِهَا مَحَجَّتَهُ وَأَنْطَقَهُمْ عَمَّا تَشْهَدُ بِأَلْسُنٍ ذَرِبَةٍ بِمَا قَامَ فِيهَا مِنْ قُدْرَتِهِ وَحِكْمَتِهِ وَبَيَّنَ عِنْدَهُمْ بِهَا « لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ » بَصِيرٌ شَاهِدٌ خَبِيرٌ .

ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَمَعَ لَكُمْ مَعْشَرَ الْمُؤْمِنِينَ، فِي هَذَا الْيَوْمِ عِيدَيْنِ عَظِيمَيْنِ كَبِيرَيْنِ، لاَ يَقُومُ أَحَدُهُمَا إِلاَّ بِصَاحِبِهِ، لِيُكْمِلَ عِنْدَكُمْ جَمِيلَ صَنِيعَتِهِ وَيَقِفَكُمْ عَلَى طَرِيقِ رُشْدِهِ وَيَقْفُوَ بِكُمْ آثَارَ الْمُسْتَضِيئِينَ بِنُورِ هِدَايَتِهِ وَيَشْمِلَكُمْ مِنْهَاجَ قَصْدِهِ وَيُوَفِّرَ عَلَيْكُمْ هَنِي ءَ رِفْدِه .

فَجَعَلَ الْجُمُعَةَ مَجْمَعاً نَدَبَ إِلَيْهِ لِتَطْهِيرِ مَا كَانَ قَبْلَهُ وَغَسْلِ مَا ] كَانَ [أَوْ قَعَتْهُ مَكَاسِبُ السَّوْءِ مِنْ مِثْلِهِ إِلَى مِثْلِهِ، وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ وَتِبْيَانَ خَشْيَةِ الْمُتَّقِينَ، وَوَهَبَ مِنْ ثَوَابِ الْأَعْمَالِ فِيهِ أَضْعَافَ مَا وَهَبَ لِأَهْلِ طَاعَتِهِ فِي الْأَيَّامِ قَبْلَهُ، وَجَعَلَهُ لاَ يَتِمُّ إِلاَّ بِالاِيْتِمَارِ لِمَا أَمَرَ بِهِ وَالاِنْتِهَاءِ عَمَّا نَهَى عَنْهُ وَالْبُخُوعِ بِطَاعَتِهِ فِيمَا حَثَّ عَلَيْهِ وَنَدَبَ إِلَيْهِ فَلاَ يَقْبَلُ تَوْحِيدَهُ إِلاَّ بِالاِعْتِرَافِ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِه بِنُبُوَّتِهِ، وَلاَ يَقْبَلُ دِيناً إِلاَّ بِوَلاَيَةِ مَنْ أَمَرَ بِوَلاَيَتِهِ، وَلاَ تَنْتَظِمُ أَسْبَابُ طَاعَتِهِ إِلاَّ بِالتَّمَسُّكِ بِعِصَمِهِ وَعِصَمِ أَهْلِ وَلاَيَتِه .

فَأَنْزَلَ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِه فِي يَوْمِ الدَّوْحِ مَا بَيَّنَ بِهِ عَنْ إِرَادَاتِهِ فِي خُلَصَائِهِ وَذَوِي اجْتِبَائِهِ، وَأَمَرَهُ بِالْبَلاَغِ وَتَرْكِ الْحَفْلِ بِأَهْلِ الزَّيْغِ وَالنِّفَاقِ، وَضَمِنَ لَهُ عِصْمَتَهُ مِنْهُمْ، وَكَشَفَ مِنْ خَبَايَا أَهْلِ الرَّيْبِ وَضَمَائِرِ أَهْلِ الاِرْتِدَادِ، مَا رَمَزَ فِيهِ، فَعَقَلَهُ الْمُؤْمِنُ وَالْمُنَافِقُ، فَأَعَزَّ مُعِزٌّ

ص: 144

وَثَبَتَ عَلَى الْحَقِّ ثَابِتٌ، وَازْدَادَتْ جَهَالَةُ الْمُنَافِقِ وَحَمِيَّةُ الْمَارِقِ وَوَقَعَ الْعَضُّ عَلَى النَّوَاجِدِ وَالْغَمْزُ عَلَى السَّوَاعِدِ، وَنَطَقَ نَاطِقٌ وَنَعَقَ نَاعِقٌ وَنَشِقَ نَاشِقٌ، وَاسْتَمَرَّ عَلَى مَا رِقِيَّتِهِ مَارِقٌ وَوَقَعَ الْإِذْعَانُ مِنْ طَائِفَةٍ بِاللِّسَانِ دُونَ حَقَائِقِ الْإِيمَانِ وَمِنْ طَائِفَةٍ بِاللِّسَانِ وَصِدْقِ الْإِيمَانِ، وَكَمَّلَ اللَّهُ دِينَهُ وَأَقَرَّ عَيْنَ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِه وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُتَابِعِينَ، وَكَانَ مَا قَدْ شَهِدَهُ بَعْضُكُمْ وَبَلَغَ بَعْضَكُمْ، وَتَمَّتْ كَلِمَةُ اللَّهِ الْحُسْنَى الصَّابِرِينَ وَدَمَّرَ اللَّهُ مَا صَنَعَ فِرْعَوْنُ وَهَامَانُ وَقَارُونُ وَجُنُودُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ .

وَبَقِيَتْ حُثَالَةٌ مِنَ الضُّلاَّلِ لاَ يَأْلُونَ النَّاسَ خَبَالاً، يَقْصِدُهُمُ اللَّهُ فِي دِيَارِهِمْ وَيَمْحُو اللَّهُ آثَارَهُمْ وَيَبِيدُ مَعَالِمَهُمْ وَيُعَقِّبُهُمْ عَنْ قُرْبِ الْحَسَرَاتِ، وَيُلْحِقُهُمْ بِمَنْ بَسَطَ أَكُفَّهُمْ وَمَدَّ أَعْنَاقَهُمْ وَمَكَّنَهُمْ مِنْ دِينِ اللَّهِ حَتَّى بَدَّلُوهُ وَمِنْ حُكْمِهِ حَتَّى غَيَّرُوهُ وَسَيَأْتِي نَصْرُ اللَّهِ عَلَى عَدُوِّهِ لِحِينِهِ وَاللَّهُ لَطِيفٌ خَبِيرٌ، وَفِي دُونِ مَا سَمِعْتُمْ كِفَايَةٌ وَبَلاَغٌ فَتَأَمَّلُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ مَا نَدَبَكُمُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَحَثَّكُمْ عَلَيْهِ وَاقْصِدُوا شَرْعَهُ وَاسْلُكُوا نَهْجَهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِه .

إِنَّ هَذَا يَوْمٌ عَظِيمُ الشَّأْنِ، فِيهِ وَقَعَ الْفَرَجُ وَرُفِعَتِ الدَّرَجُ وَوَضَحَتِ الْحُجَجُ، وَهُوَ يَوْمُ الْإِيضَاحِ وَالْإِفْصَاحِ عَنِ الْمَقَامِ الصُّرَاحِ، وَيَوْمُ كَمَالِ الدِّينِ، وَيَوْمُ الْعَهْدِ الْمَعْهُودِ، وَيَوْمُ الشَّاهِدِ وَالْمَشْهُودِ، وَيَوْمُ تِبْيَانِ الْعُقُودِ عَنِ النِّفَاقِ وَالْجُحُودِ، وَيَوْمُ الْبَيَانِ عَنْ حَقَائِقِ الْإِيمَانِ، وَيَوْمُ دَحْرِ الشَّيْطَانِ، وَيَوْمُ الْبُرْهَانِ، هذا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ، هَذَا يَوْمُ الْمَلَإِ الْأَعْلَى الَّذِي أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ، هَذَا يَوْمُ الْإِرْشَادِ، وَيَوْمُ مِحْنَةِ الْعِبَادِ، وَيَوْمُ الدَّلِيلِ عَلَى الْرُوَّادِ، هَذَا يَوْمُ إِبْدَاءِ خَفَايَا الصُّدُورِ وَمُضْمَرَاتِ الْأُمُورِ، هَذَا يَوْمُ النُّصُوصِ عَلَى أَهْلِ الْخُصُوصِ، هَذَا يَوْمُ شَيْثٍ، هَذَا يَوْمُ إِدْرِيسَ، هَذَا يَوْمُ يُوشَعَ، هَذَا يَوْمُ شَمْعُونَ، هَذَا يَوْمُ الْأَمْنِ وَالْمَأْمُونِ، هَذَا يَوْمُ إِظْهَارِ الْمَصُونِ مِنَ الْمَكْنُونِ، هَذَا يَوْمُ إِبْلآءِ

ص: 145

السَّرَائِرِ .

فلم يزل عليه السلام يقول هذا يومٌ هذا يومٌ :

فَرَاقِبُوا اللَّهَ عَزَّوَجَلَّ واتَّقُوهُ وَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوهُ وَاحْذَرُوا الْمَكْرَ وَلاَ تُخَادِعُوهُ، وَفَتِّشُوا ضَمَائِرَكُمْ وَلاَ تُوَارِبُوهُ، وَتَقَرَّبُوا إِلَى اللَّهِ بِتَوْحِيدِهِ وَطَاعَةِ مَنْ أَمَرَكُمْ أَنْ تُطِيعُوهُ، وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ، وَلاَ يَجْنَحْ بِكُمُ الْغَيُّ فَتَضِلُّوا عَنْ سَبِيلِ الرَّشَادِ بِاتِّبَاعِ أُولَئِكَ الَّذِينَ ضَلُّوا وَأَضَلُّوا .

قَالَ اللَّهُ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ فِي طَائِفَةٍ ذَكَرَهُمْ بِالذَّمِّ فِي كِتَابِهِ « إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا، فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَ، رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً » وَقَالَ تَعَالَى : « وَإِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً » ؛ « فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذابِ اللَّهِ مِنْ شَيْ ءٍ قالُوا لَوْ هَدانَا اللَّهُ لَهَدَيْناكُمْ » .

أَفَتَدْرُونَ الاِسْتِكْبَارَ مَا هُوَ، هُوَ تَرْكُ الطَّاعَةِ لِمَنْ أُمِرُوا بِطَاعَتِهِ وَالتَّرَفُّعُ عَلَى مَنْ نُدِبُوا إِلَى مُتَابَعَتِهِ، وَالْقُرْآنُ يَنْطِقُ مِنْ هَذَا عَنْ كَثِيرٍ إِنْ تَدَبَّرَهُ مُتَدَبِّرٌ زَجَرَهُ وَوَعَظَهُ، وَاعْلَمُوا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ : « إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ » .

أَتَدْرُونَ مَا سَبِيلُ اللَّهِ وَمَنْ سَبِيلُهُ ؟ وَمَنْ صِرَاطُ اللَّهِ وَمَنْ طَرِيقُهُ ؟ أَنَا صِرَاطُ اللَّهِ الَّذِي مَنْ لَمْ يَسْلُكْهُ بِطَاعَةِ اللَّهِ فِيهِ هُوِيَ بِهِ إِلَى النَّارِ، وَأَنَا سَبِيلُهُ الَّذِي نَصَبَنِي لِلاِتِّبَاعِ بَعْدَ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِه، أَنَا قَسِيمُ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَأَنَا حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى الْفُجَّارِ وَنُورُ الْأَنْوَارِ، فَانْتَبِهُوا مِنْ رَقْدَةِ الْغَفْلَةِ وَبَادِرُوا بِالْعَمَلِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ، وَسابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ بِالسُّورِ بِبَاطِنِ الرَّحْمَةِ، وَظَاهِرِ الْعَذَابِ، فَتُنَادُونَ فَلاَ يُسْمَعُ نِدَاؤُكُمْ، وَتَضِجُّونَ فَلاَ يُحْفَلُ بِضَجِيجِكُمْ، وَقَبْلَ أَنْ تَسْتَغِيثُوا فَلاَ تُغَاثُوا .

سَارِعُوا إِلَى الطَّاعَاتِ قَبْلَ

ص: 146

فَوْتِ الْأَوْقَاتِ، فَكَأَنْ قَدْ جَاءَكُمْ هَادِمُ اللَّذَّاتِ، فَلاَ مَنَاصَ نَجَاءٍ وَلاَ مَحِيصَ تَخْلِيصٍ، عُودُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ مَجْمَعِكُمْ، بِالتَّوْسِعَةِ عَلَى عِيَالِكُمْ وَالْبِرِّ بِإِخْوَانِكُمْ وَالشُّكْرِ للَّهِِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى مَا مَنَحَكُمْ، وَاجْمَعُوا يَجْمَعِ اللَّهُ شَمْلَكُمْ، وَتَبَارُّوا يَصِلِ اللَّهُ أُلْفَتَكُمْ، وَتَهَانُوا نِعَمَ اللَّهِ كَمَا مَنَّاكُمْ بِالثَّوَابِ فِيهِ عَلَى أَضْعَافِ الْأَعْيَادِ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ إِلاَّ فِي مِثْلِهِ، وَالْبِرُّ فِيهِ يُثْمِرُ الْمَالَ وَيَزِيدُ فِي الْعُمُرِ، وَالتَّعَاطُفُ فِيهِ يَقْتَضِي رَحْمَةَ اللَّهِ وَعَطْفَهُ وَهَيِّؤُا لِإِخْوَانِكُمْ وَعِيَالِكُمْ عَنْ فَضْلِهِ بِالْجَهْدِ مِنْ جُودِكُمْ وَبِمَا تَنَالُهُ الْقُدْرَةُ مِنِ اسْتِطَاعَتِكُمْ، وَأَظْهِرُوا الْبُشْرَ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَالسُّرُورَ فِي مُلاَقَاتِكُمْ، وَالْحَمْدَ للَّهِِ عَلَى مَا مَنَحَكُمْ وَعُودُوا بِالْمَزِيدِ مِنَ الْخَيْرِ عَلَى أَهْلِ التَّأْمِيلِ لَكُمْ، وَسَاوُوا بِكُمْ ضُعَفَاءَكُمْ فِي مَآكِلِكُمْ وَمَا تَنَالُهُ الْقُدْرَةُ مِنِ اسْتِطَاعَتِكُمْ وَعَلَى حَسَبِ إِمْكَانِكُمْ، فَالدِّرْهَمُ فِيهِ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَالْمَزِيدُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ .

وَصَوْمُ هَذَا الْيَوْمِ مِمَّا نَدَبَ اللَّهُ إِلَيْهِ وَجَعَلَ الْجَزَاءَ الْعَظِيمَ كَفَالَةً عَنْهُ، حَتَّى لَوْ تَعَبَّدَ لَهُ عَبْدٌ مِنَ الْعَبِيدِ فِي الشَّبِيبَةِ مِنِ ابْتِدَاءِ الدُّنْيَا إِلَى تَقَضِّيهَا صَائِماً نَهَارُهَا قَائِماً لَيْلُهَا، إِذَا أَخْلَصَ الْمُخْلِصُ فِي صَوْمِهِ لَقَصُرَتْ إِلَيْهِ أَيَّامُ الدُّنْيَا عَنْ كِفَايَتِه .

وَمَنْ أَسْعَفَ أَخَاهُ مُبْتَدِئاً وَبَرَّهُ رَاغِباً فَلَهُ كَأَجْرِ مَنْ صَامَ هَذَا الْيَوْمَ وَقَامَ لَيْلَتَهُ وَمَنْ فَطَّرَ مُؤْمِناً فِي لَيْلَتِهِ فَكَأَنَّمَا فَطَّرَ فِئَاماً وَفِئَاماً . يَعُدُّهَا بِيَدِهِ عَشَرَةً .

فَنَهَضَ نَاهِضٌ فَقَالَ : «يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَمَا الْفِئَامُ ؟» قَالَ : «مِائَةُ أَلْفِ نَبِيٍّ وَصِدِّيقٍ وَشَهِيدٍ» .

فَكَيْفَ بِمَنْ تَكَفَّلَ عَدَداً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَأَنَا ضَمِينُهُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى الْأَمَانَ مِنَ الْكُفْرِ وَالْفَقْرِ، وَإِنْ مَاتَ فِي لَيْلَتِهِ أَوْ يَوْمِهِ أَوْ بَعْدَهُ إِلَى مِثْلِهِ مِنْ غَيْرِ ارْتِكَابِ كَبِيرَةٍ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ تَعالى، وَمَنِ اسْتَدَانَ لِإِخْوَانِهِ وَأَعَانَهُمْ فَأَنَا الضَّامِنُ عَلَى اللَّهِ إِنْ

ص: 147

بَقَّاهُ قَضَاهُ وَإِنْ قَبَضَهُ حَمَلَهُ عَنْه .

وَإِذَا تَلاَقَيْتُمْ فَتَصَافَحُوا بِالتَّسْلِيمِ وَتَهَانُوا النِّعْمَةَ فِي هَذَا الْيَوْمِ وَلْيُبَلِّغِ الْحَاضِرُ الْغَائِبَ وَالشَّاهِدُ الْبَائِنَ وَلْيَعُدِ الْغَنِيُّ عَلَى الْفَقِيرِ وَالْقَوِيُّ عَلَى الضَّعِيفِ، أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِه بِذَلِك .(1)

ثمّ أخذ صلّى اللَّه عليه وآله في خطبة الجمعة وجعل صلاة جمعته صلاة عيده وأنصرف بولده وشيعته إلى منزل أبي محمّد الحسن بن عليّ عليه السلام بما أعدّ له من طعامه، وانصرف غنيّهم وفقيرهم برفده إلى عياله .

زيارته عليه السلام فى يوم المولد النّبوى

ولادة النّبيّ صلّى اللَّه عليه وآله يوم السّابع عشر من شهر ربيع الأوّل، ويُستحبّ فيه زيارة الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام ، فقد رُوي أنّ جعفر بن محمّد الصّادق عليهما السلام زار أميرالمؤمنين عليه السلام في هذا اليوم بهذه الزّيارة عند طلوع الشمس(2) وعلّمها محمّد بن مسلم الثّقفيّ فقال: إذا أتيت مشهد أميرالمؤمنين )صلوات اللَّه عليه( فاغتسل للزّيارة والبس أنظف ثيابك وشمّ شيئاً من الطّيب وعليك السّكينة والوقار، فإذا وصلت إلى باب السّلام فاستقبل القبلة وكبّر اللَّه ثلاثين تكبيرة وقل:

اَلسَّلامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، اَلسَّلامُ عَلَى خِيَرَةِ اللَّهِ، اَلسَّلامُ عَلَى الْبَشِيرِ النَّذِيرِ، السِّرَاجِ الْمُنِيرِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه . اَلسَّلامُ عَلَى الطُّهْرِ الطَّاهِرِ، اَلسَّلامُ عَلَى الْعَلَمِ الزَّاهِرِ، اَلسَّلامُ عَلَى الْمَنْصُورِ الْمُؤَيَّدِ، اَلسَّلامُ عَلَى أَبِي الْقَاسِمِ مُحَمَّدٍ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه . اَلسَّلامُ عَلَى أَنْبِيَاءِ اللَّهِ الْمُرْسَلِينَ، وَعِبَادِهِ الصَّالِحِينَ، اَلسَّلامُ عَلَى مَلَائِكَةِ اللَّهِ الْحَافِّينَ بِهذَا الْحَرَمِ، وَبِهذَا الضَّرِيحِ، اَللَّائِذِينَ بِه .

ثمّ ادنُ من القبر وقل:

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَصِيَّ الْأَوْصِيَاءِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا عِمَادَ الْأَتْقِيَاءِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ الْأَوْلِيَاءِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا سَيِّدَ الشُّهَدَاءِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا آيَةَ اللَّهِ الْعُظْمَى، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا خَامِسَ أَهْلِ الْعَبَاءِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا قَائِدَ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ الْأَتْقِيَاءِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا

ص: 148


1- الشيخ الطوسي، مصباح المتهجدص 752 .
2- إبن المشهدي، المزار الكبير، ص 205 .

عِصْمَةَ الْأَوْلِيَاءِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا زَيْنَ الْمُوَحِّدِينَ النُّجَبَاءِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا خَالِصَ الْأَخِلَّاءِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَالِدَ الْأَئِمَّةِ الْأُمَنَاءِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا صَاحِبَ الْحَوْضِ وَحَامِلَ اللِّوَاءِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا قَسِيمَ الْجَنَّةِ وَلَظى، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا مَنْ شُرِّفَتْ بِهِ مَكَّةُ وَمِنَى، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا بَحْرَ الْعُلُومِ وَكَنَفَ الْفُقَرَاءِ .

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا مَنْ وُلِدَ فِي الْكَعْبَةِ وَزُوِّجَ فِي السَّمَاءِ بِسَيِّدَةِ النِّسَاءِ، وَكَانَ شُهُودَهُ الْمَلَائِكَةُ الْأَصْفِيَاءُ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا مِصْبَاحَ الضِّيَاءِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا مَنْ خَصَّهُ النَّبِيُّ بِجَزِيلِ الْحِبَاءِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا مَنْ بَاتَ عَلَى فِرَاشِ خَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ، وَوَقَاهُ بِنَفْسِهِ شَرَّ الْأَعْدَاءِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا مَنْ رُدَّتْ لَهُ الشَّمْسُ فَسَامَى شَمْعُونَ الصَّفَا، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا مَنْ أَنْجَى اللَّهُ سَفِينَةَ نُوحٍ بِاسْمِهِ وَاسْمِ أَخِيهِ، حَيْثُ الْتَطَمَ الْمَاءُ حَوْلَهَا وَطَمَى، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا مَنْ تَابَ اللَّهُ بِهِ وَبِأَخِيهِ عَلَى آدَمَ إِذْ غَوى .

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا فُلْكَ النَّجَاةِ الَّذِي مَنْ رَكِبَهُ نَجَا، وَمَنْ تَأَخَّرَ عَنْهُ هَوى، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا مَنْ خَاطَبَ الثُّعْبَانَ وَذِئْبَ الْفَلَا، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَركَاتُهُ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللَّهِ عَلَى مَنْ كَفَرَ وَأَنَابَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا إِمَامَ ذَوِي الْأَلْبَابِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا مَعْدِنَ الْحِكْمَةِ وَفَصْلَ الْخِطَابِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا مِيزَانَ يَوْمِ الْحِسَابِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا فَاصِلَ الْحُكْمِ النَّاطِقَ بِالصَّوَابِ .

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْمُتَصَدِّقُ بِالْخَاتَمِ فِي الْمِحْرَابِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا مَنْ كَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ بِهِ فِي يَوْمِ الْأَحْزَابِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا مَنْ أَخْلَصَ للَّهِِ الْوَحْدَانِيَّةَ وَأَنَابَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا قَالِعَ بَابِ خَيْبَرَ الصَّيْخُودَ مِنَ الصَّلاَبِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا مَنْ دَعَاهُ خَيْرُ الْأَنَامِ لِلْمَبِيتِ عَلَى فِرَاشِهِ، فَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لِلْمَنِيَّةِ وَأَجَابَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا مَنْ لَهُ

ص: 149

طُوبَى وَحُسْنُ مَآبٍ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه .

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ عِصْمَةِ الدِّينِ، وَيَا سَيِّدَ السَّادَاتِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا صَاحِبَ الْمُعْجِزَاتِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا مَنْ نَزَلَتْ فِي فَضْلِهِ سُورَةُ الْعَادِيَاتِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا مَنْ كُتِبَ اسْمُهُ فِي السَّمَاءِ عَلَى السُّرَادِقَاتِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا مُظْهِرَ الْعَجَائِبِ وَالْآيَاتِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْغَزَوَاتِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا مُخْبِراً بِمَا غَبَرَ وَبِمَا هُوَ آتٍ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا مُخَاطِبَ ذِئْبِ الْفَلَوَاتِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا خَاتِمَ الْحَصَى، وَمُبَيِّنَ الْمُشْكِلَاتِ .

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا مَنْ عَجِبَتْ مِنْ حَمَلَاتِهِ فِي الْوَغَى مَلَائِكَةُ السَّموَاتِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا مَنْ نَاجَى الرَّسُولَ فَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاهُ الصَّدَقَاتِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَالِدَ الْأَئِمَّةِ الْبَرَرَةِ السَّادَاتِ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه . اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا تَالِيَ الْمَبْعُوثِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عِلْمِ خَيْرِ مَوْرُوثٍ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ.

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا سَيِّدِ الْمُؤْمِنِينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا إِمَامَ الْمُتَّقِينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا غِيَاثَ الْمَكْرُوبِينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا عِصْمَةَ الْمُؤْمِنِينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا مُظْهِرَ الْبَرَاهِينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا طه وَيس، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا حَبْلَ اللَّهِ الْمَتِينِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا مَنْ تَصَدَّقَ فِي صَلَاتِهِ بِخَاتَمِهِ عَلَى الْمِسْكِينِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا قَالِعَ الصَّخْرَةِ عَنْ فَمِ الْقَلِيبِ، وَمُظْهِرَ الْمَاءِ الْمَعِينِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا عَيْنَ اللَّهِ النَّاظِرَةَ فِي الْعَالَمِينَ، وَيَدَهُ الْبَاسِطَةَ، وَلِسَانَهُ الْمُعَبِّرَ عَنْهُ فِي بَرِيَّتِهِ أَجْمَعِينَ .

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عِلْمِ النَّبِيِّينَ، وَمُسْتَوْدَعَ عِلْمِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، وَصَاحِبَ لِوَاءِ الْحَمْدِ، وَسَاقِيَ أَوْلِيَائِهِ مِنْ حَوْضِ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا يَعْسُوبَ الدِّينِ، وَقَائِدَ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ، وَوَالِدَ الْأَئِمَّةِ الْمَرْضِيِّينَ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه .

اَلسَّلامُ عَلَى اسْمِ اللَّهِ الرَّضِيِّ، وَوَجْهِهِ الْمُضِي ءِ، وَجَنْبِهِ الْقَوِيِّ، وَصِرَاطِهِ السَّوِيِّ . اَلسَّلامُ عَلَى الْإِمَامِ التَّقِيِّ، الْمُخْلِصِ الصَّفِيِّ . اَلسَّلامُ عَلَى الْكَوْكَبِ الدُّرِيِّ، اَلسَّلامُ عَلَى

ص: 150

الْإِمَامِ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيٍّ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه .

اَلسَّلامُ عَلَى أَئِمَّةِ الْهُدَى، وَمَصَابِيحِ الدُّجَى، وَأَعْلَامِ التُّقَى، وَمَنَارِ الْهُدَى، وَذَوِي النُّهَى، وَكَهْفِ الْوَرَى، وَالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَالْحُجَّةِ عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه . اَلسَّلامُ عَلَى نُورِ الْأَنْوَارِ، وحُجَجِ الْجَبَّارِ، وَوَالِدِ الْأَئِمَّةِ الْأَطْهَارِ، وَقَسِيمِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، اَلْمُخْبِرِ عَنِ الْآثَارِ، اَلْمُدمِّرِ عَلَى الْكُفَّارِ، مُسْتَنْقِذِ الشِّيعَةِ الْمُخْلِصِينَ مِنْ عَظِيمِ الْأَوْزَارِ .

اَلسَّلامُ عَلَى الْمَخْصُوصِ بِالطَّاهِرَةِ التَّقِيَّةِ اِبْنَةِ الْمُخْتَارِ، اَلْمَوْلُودِ فِي الْبَيْتِ ذِي الْأَسْتَارِ، اَلْمُزَوَّجِ فِي السَّمَاءِ بِالْبَرَّةِ الطَّاهِرَةِ الرَّضِيَّةِ الْمَرْضِيَّةِ ابْنَةِ خَيْرِ الْأَطْهَارِ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه . اَلسَّلامُ عَلَى النَّبَأِ الْعَظِيمِ، الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ، وَعَلَيْهِ يُعْرَضُونَ، وَعَنْهُ يُسْأَلُونَ . اَلسَّلامُ عَلَى نُورِ اللَّهِ الْأَنْوَرِ، وَضِيَائِهِ الْأَزْهَرِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه .

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ اللَّهِ وَحُجَّتَهُ، وَخَالِصَةَ اللَّهِ وَخَاصَّتَهُ، أَشْهَدُ ] أَنَّكَ [يَا وَلِيَّ اللَّهِ وَوَلِىَّ رَسُولِهِ لَقَدْ جَاهَدْتَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ، وَاتَّبَعْتَ مِنْهَاجَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَحَلَّلْتَ حَلَالَ اللَّهِ، وَحَرَّمْتَ حَرَامَ اللَّهِ، وَشَرَعْتَ أَحْكَامَهُ، وَأَقَمْتَ الصَّلَاةَ، وَآتَيْتَ الزَّكَاةَ، وَأَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهَيْتَ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَجَاهَدْتَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ صَابِراً نَاصِحاً مُجْتَهِداً، مُحْتَسِباً عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمَ الْأَجْرِ حَتَّى أَتَاكَ الْيَقِينُ، فَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ دَفَعَكَ عَنْ ، مَقَامِكَ وَأَزَالَكَ عَنْ مَرَاتِبِكَ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ بَلَغَهُ ذلِكَ فَرَضِيَ بِهِ، ] أُشْهِدُ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ وَأَنْبِيَاءَهُ وَرُسُلَهُ أَنِّي وَلِيٌّ لِمَنْ وَالَاكَ، وَعَدُوٌّ لِمَنْ عَادَاكَ . اَلسَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ [. أَنَا إِلَى اللَّهِ مِنْ أَعْدَائِكَ بَرَاءٌ .

ثمّ انكبّ عليه السلام على القبر فقبّله وقال:

أَشْهَدُ أَنَّكَ تَسْمَعُ كَلَامِي، وَتَشْهَدُ مَقَامِي، وَأَشْهَدُ لَكَ يَا وَلِيَّ اللَّهِ بِالْبَلَاغِ وَالْأَدَاءِ، يَا مَوْلَايَ يَا حُجَّةَ اللَّهِ، يَا أَمِينَ اللَّهِ، يَا وَلِيَّ اللَّهِ، إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ذُنُوباً قَدْ

ص: 151

أَثْقَلَتْ ظَهْرِي، وَمَنَعتْنِي مِنَ الرُّقَادِ، وَذِكْرُهَا يُقَلْقِلُ أَحْشَائِي، وَقَدْ هَرَبْتُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِلَيْكَ، فَبِحَقِّ مَنِ ائْتَمَنَكَ عَلَى سِرِّهِ، وَاسْتَرْعَاكَ أَمْرَ خَلْقِهِ، وَقَرَنَ طَاعَتَكَ بِطَاعَتِهِ، وَمُوَالَاتَكَ بِمُوَالَاتِهِ، كُنْ لِي إِلَى اللَّهِ شَفِيعاً، وَمِنَ النَّارِ مُجِيراً، وَعَلَى الدَّهْرِ ظَهِيراً .

ثمّ انكبّ أيضاً على القبر فقبّله وقل:

يَا وَلِيَّ اللَّهِ، يَا حُجَّةَ اللَّهِ، يَا بَابَ حِطَّةِ اللَّهِ، وَلِيُّكَ وَزَائِرُكَ وَاللَّائِذُ بِقَبْرِكَ، وَالنَّازِلُ بِفِنَائِكَ، وَالْمُنِيخُ رَحْلَهُ فِي جِوَارِكَ يَسْأَلُكَ أَنْ تَشْفَعَ لَهُ إِلَى اللَّهِ فِي قَضَاءِ حَاجَتِهِ، وَنُجْحِ طَلِبَتِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَإِنَّ لَكَ عِنْدَ اللَّهِ الْجَاهَ الْعَظِيمَ، وَالشَّفَاعَةَ الْمَقْبُولَةَ، فَاجْعَلْنِي يَا مَوْلَايَ مِنْ هَمِّكَ، وَأَدْخِلْنِي فِي حِزْبِكَ، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ وَعَلَى ضَجِيعَيْكَ آدَمَ وَنُوحٍ، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ وَعَلَى وَلَدَيْكَ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، وَعَلَى الْأَئِمَّةِ الطَّاهِرِينَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه .(1)

ثمّ صلّ ستّ ركعات لأمير المؤمنين عليه السلام ركعتين للزّيارة، ولآدم عليه السلام ركعتين كذلك، وكذلك لنوح عليه السلام وادعُ اللَّه كثيراً يجاب إن شاء اللَّه تعالى.

× × ×

زيارته عليه السلام فى يوم ولادته

تاريخ ولادته ومحل ولادته :

1 ) ولد علي أميرالمؤمنين عليه السلام بمكة في البيت الحرام، يوم الجمعة لثلاث عشرة خلت من رجب، بعد عام الفيل بثلاثين سنة .(2)

2 ) ولد أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام بمكة في بيت اللَّه الحرام، ليلة الجمعة، لثلاث عشر ليلة خلت من رجب، سنة ثلاثين من عام الفيل، ولم يولد قبله ولا بعده مولود في بيت اللَّه الحرام سواه، إكراماً له بذلك وإجلالاً لمحلّه في التعظيم .(3)

3 ) تواترت الأخبار أنّ فاطمة بنت أسد ولدت أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام في جوف الكعبة .(4)

قال الصادق عليه السلام :

1 ) السلام عليك يا من ولد في الكعبة .(5)

2 ) السلام عليك يا من

ص: 152


1- السيد إبن طاووس، الاقبال، ج 3، ص 130 واعتمدنا في تقويم النّص على مزار، ص 131 .
2- تهذيب الأحكام، ج 6، ص 19 .
3- الگنجي الشافعي، كفاية الطالب، ط 1، طهران، 1404 ه- .، ص 407 .
4- مستدرك الصّحيحين، ط بيروت، 1398 ه- .، ج 3، ص 483 .
5- إبن المشهدي، المزار الكبير، ص 207 .

شرّفت به مكة ومنى .(1)

3 ) السلام على المولود في البيت ذي الأستار .(2)

قال ابوطالب عليه السلام : أيها الناس ! ولد اللّيلة في الكعبة حجة اللَّه تعالى وولي اللَّه .(3)

كان السائل يسأل : ايّكم المولود في الحرم ؟ والعالي في الشّيم ؟ والموصوف بالكرم ؟(4)

وكان المولى يقول : أنا ولدت في المحلّ البعيد المرتقى .(5)

فينبغي زيارته في أيام وليالي رجب، لا سيّما في يوم ميلاده وليلة ميلاده بالزيارات المطلقة ولا سيّما الزيارة الرجبيّة الواردة من الناحية المقدسة :

قال ابوالقاسم الحسين بن روح النوبختي : زُر أيّ المشاهد كنت بحضرتها في رجب :

يأتي نص الزيارة الرجبيّه في عداد زياراته المختصّة بليلة المبعث ان شاء اللَّه .

زيارة أميرالمؤمنين عليه السلام فى ليلة المبعث

اشارة

الليلة السابعة والعشرون من رجب، ليلة بعثة النبى صلّى اللَّه عليه وآله وهي من الليالي المتبرّكة .(264)

قال الإمام الجواد عليه السلام : إنّ في رجب ليلة خيرٌ ممّا طلعت عليه الشمس وهي ليلة سبع وعشرين من رجب، فيها نُبِّى ءَ رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله في صبيحتها، وإنّ للعامل فيها من شيعتنا أجر عمل ستين سنة .(6)

أفضل أعمال هذه الليلة زيارة أميرالمؤمنين عليه السلام وتسمّى «ليلة المحيا» .

قال الرّحالة الشّهير، أبوعبداللَّه محمّد بن بطوطة ( 779 - 703 ه . ( وهو من علماء أهل السنة، وقد عاش قبل سبعة قرون، قد أتى بذكر المرقد المطهر لمولانا أميرالمؤمنين عليه السلام، عند ما ذكر دخوله مدينة النجف الأشرف، في عودته من مكة المكرّمة، فقال :

وأهل هذه المدينة كلهم رافضي وهذه الروضة ظهرت لها كرامات، منها : إنّ في ليلة السابع والعشرين من رجب، وتسمّى عندهم : «ليلة المحيا» يؤتى إلى تلك الرّوضة بكلّ مُقعد من العراقين وخراسان وبلاد فارس والروم، فيجتمع

ص: 153


1- الاقبال، ج 3، ص 131 .
2- العلامة المجلسي، بحارالانوار، ج 100، ص 375 .
3- شاذان بن جبرئيل، الفضائل، ط قم، 1422 ه- .، ص 133 .
4- المصدر، ص 4 .
5- نفس المصدر، ص 204 .
6- الشيخ الطوسي، مصباح المتهجد، ص 813 .

منهم الثّلاثون والأربعون ونحو ذلك، فإذا كان بعد العشاء الآخرة جُعلوا فوق الضريح المقدس، والناس ينتظرون قيامهم، وهم بين مصلِّ وذاكر وتالٍ وزائر .

فإذا مضى من اللّيل نصفه أو ثلثاه أو نحو ذلك، قام الجميع أصحّاء من غير سوء، وهم يقولون : «لا اله الاّ اللَّه، محمّد رسول اللَّه، عليّ ولىّ اللَّه» .

وهذا أمر مستفيض عندهم، سمعته من الثقات ولم أحضر تلك الليلة، ولكنّي رأيت بمدرسة الضّياف ثلاثة من الرجال، أحدهم من أرض الروم، والثاني من إصفهان، والثالث من خراسان وهم مُقعدون، فاستخبرتهم عن شأنهم، فأخبروني أنّهم لم يدركوا «ليلة المحيا» وأنّهم منتظرون أوانها من عام آخر .

وهذه الليلة يجتمع لها الناس من البلاد خلق كثير ويقيمون سوقاً عضيمة مدة عشرة أيام .(1)

زيارة أميرالمؤمنين عليه السلام فى ليلة المبعث

قد وردت فيها ثلاث زيارات :

[ 1 ] الزيارة الرجبيّة

الْحَمْدُ للَّهِِ الَّذِي أَشْهَدَنا مَشْهَدَ أَوْلِيائِهِ فِي رَجَبٍ، وَأَوْجَبَ عَلَيْنا مِنْ حَقِّهِمْ مَا قَدْ وَجَبَ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ الْمُنْتَجَبِ، وَعَلَى أَوْصِيائِهِ الْحُجُبِ.

اللَّهُمَّ فَكَما أَشْهَدْتَنا مَشْهَدَهُمْ فَأَنْجِزْ لَنا مَوْعِدَهُمْ، وَأَوْرِدْنا مَوْرِدَهُمْ، غَيْرَ مُحَلَّئِينَ عَنْ وِرْدٍ فِي دارِ الْمُقامَةِ وَالْخُلْدِ، وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ.

إِنِّي قَدْ قَصَدْتُكُمْ وَاعْتَمَدْتُكُمْ بِمَسْأَلَتِي وَحَاجَتِي وَهِيَ فَكَاكُ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ، وَالْمَقَرُّ مَعَكُمْ فِي دَارِ الْقَرارِ، مَعَ شِيعَتِكُمُ الْأَبْرَارِ، وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ.

أَنَا سائِلُكُمْ وَآمِلُكُمْ فِيمَا إِلَيْكُمُ التَّفْوِيضُ، وَعَلَيْكُمُ التَّعْوِيضُ، فَبِكُمْ يُجْبَرُ الْمَهِيضُ، وَيُشْفَى الْمَرِيضُ، وَمَا تَزْدَادُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَغِيضُ .

إِنِّي بِسِرِّكُمْ مُؤْمِنٌ، وَ لِقَوْلِكُمْ مُسَلِّمٌ، وَعَلَى اللَّهِ بِكُمْ مُقْسِمٌ فِي رَجْعِي بِحَوَائِجِي وَقَضَائِها وَ إِمْضَائِها وَ إِنْجَاحِها وَ إِبْراحِها وَبِشُؤُونِي لَدَيْكُمْ وَصَلَاحِها، وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ سَلَامَ مُوَدِّعٍ، وَلَكُمْ حَوائِجَهُ مُودِعٌ، يَسْأَلُ اللَّهَ إِلَيْكُمُ الْمَرْجِعَ، وَسَعْيُهُ إِلَيْكُمْ غَيْرَ مُنْقَطِعٍ، وَأَنْ يَرْجِعَنِي مِنْ

ص: 154


1- إبن بطوطة، رحلة تحفة النظّار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار .

حَضْرَتِكُمْ خَيْرَ مَرْجِعٍ إِلَى جَنَابٍ مُمْرِعٍ، وَخَفْضٍ مُوَسَّعٍ، وَدَعَةٍ وَمَهَلٍ إِلَى حِينِ الْأَجَلِ، وَخَيْرِ مَصِيرٍ وَمَحَلٍّ فِي النَّعِيمِ الْأَزَلِ، وَالْعَيْشِ الْمُقْتَبَلِ، وَدَوامِ الْأُكُلِ، وَشُرْبِ الرَّحِيقِ وَالسَّلْسَلِ، وَعَلٍّ وَنَهَلٍ لا سَأَمَ مِنْهُ وَلَا مَلَلَ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ وَتَحِيَّاتُهُ حَتَّى الْعَوْدِ إِلَى حَضْرَتِكُمْ، وَالْفَوْزِ فِي كَرَّتِكُمْ، وَالْحَشْرِ فِي زُمْرَتِكُمْ، وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ وَصَلَواتُهُ وَتَحيّاتُه . وهُوَ حسبنا ونعم الوكيل .

روها ابوالقاسم الحسين بن روح النوبختي، النائب الخاص الثالث للامام الحجة عليه السلام وقال : زُر أيّ المشاهد كنت بحضرتها في رجب .(1)

وقد عدّها، صاحب المزار القديم وصاحب المزار الكبير من الزيارات المختصّة بليلة المبعث .(2)

[ 2 ]

زيارة «السلام على أبي الأئمّة» الّتي جعلها العلامة المجلسي، الزيارة السابعة من الزيارات المطلقة في كتاب «تحفة الزائر»، قال صاحب «المزار القديم» إنها تختص اللّيلة السابعة والعشرين من رجب وجرى عليه المحدّث القمي في كتاب «هدية الزائر» ودونك نصّ الزيارة :

فإذا وقفت على باب السّلام فقل :

السَّلاَمُ عَلَى أَبي الْأَئِمَّةِ، وَمَعْدِنِ النُّبُوَّةِ، وَالْمَخْصُوصِ بِالْأُخُوَّةِ، السَّلاَمُ عَلَى يَعْسُوبِ الْإِيمَانِ، وَكَلِمَةِ الرَّحْمَنِ، وَكَهْفِ الْأَنَامِ .

وَسَلاَمٌ عَلَى مِيزَانِ الْأَعْمَالِ، وَمُقَلِّبِ الْأَحْوَالِ، وَسَيْفِ ذِي الْجَلاَلِ .

وَسَلاَمٌ عَلَى صَالِحِ الْمُؤْمِنِينَ، وَوَارِثِ عِلْمِ النَّبِيِّينَ، وَالْحَاكِمِ في يَوْمِ الدِّينِ.

سَلاَمٌ عَلَى شَجَرَةِ التَّقْوَى، وَسَامِعِ السِّرِّ وَالنَّجْوَى، وَمُنْزِلِ الْمَنِّ وَالسَّلْوَى .

سَلاَمٌ عَلَى حُجَّةِ اللَّهِ الْبَالِغَةِ، وَنِعْمَتِهِ السَّابِغَةِ، وَنَقِمَتِهِ الدَّامِغَةِ .

سَلاَمٌ عَلَى إِسْرَائِيلِ الْأُمَّةِ، وَبَابِ الرَّحْمَةِ، وَأَبِي الْأَئِمَّةِ .

سَلاَمٌ عَلَى صِرَاطِ اللَّهِ الْوَاضِحِ، وَالنَّجْمِ اللاَّئِحِ، وَالْإِمَامِ النَّاصِحِ .

سَلاَمٌ عَلَى وَجْهِ اللَّهِ الَّذِي مَنْ آمَنَ بِهِ أَمِنَ، سَلاَمٌ عَلَى نَفْسِهِ الْقَائِمَةِ فِيهِ بِالسُّنَنِ، وَعَيْنِهِ الَّتِي مَنْ رَعَتْهُ اطْمَأَنَّ .

سَلاَمٌ عَلَى أُذُنِ اللَّهِ الْوَاعِيَةِ فِي الْأُمَمِ، وَيَدِهِ الْبَاسِطَةِ بِالنِّعَمِ، وَجَنْبِهِ الَّذِي مَنْ

ص: 155


1- الشيخ الطوسي، مصباح المتهجد، ص 821 .
2- إبن المشهدي، المزار الكبير، ص 203 .

فَرَّطَ فِيهِ نَدِمَ .

أَشْهَدُ أَنَّكَ مُجَازِي الْخَلْقِ، وَمالِكُ الرِّزقِ، وَالْحَاكِمُ بِالْحَقِّ . بَعَثَكَ اللَّهُ عَلَماً لِعِبَادِهِ، فَوَفَيْتَ بِمُرَادِهِ، وَجَاهَدْتَ فِيهِ حَقَّ جِهَادِهِ ؛ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ، وَجَعَلَ أَفْئِدَةً مِنَ الْمُؤْمِنينَ تَهْوِي إِلَيْكَ، وَالْخَيْرُ مِنْكَ وَفِي يَدَيْكَ .

عَبْدُكَ الزَّائِرُ بِحَرَمِكَ، اللاَّئِذُ بِكَرَمِكَ، الشَّاكِرُ لِنِعَمِكَ، قَدْ هَرَبَ إِلَيْكَ مِنْ ذُنُوبِهِ، وَرَجَاكَ لِكَشْفِ كُرُوبِهِ، فَأَنْتَ سَاتِرُ عُيُوبِهِ، فَكُنْ لِي إِلَى اللَّهِ سَبِيلاً، وَمِنَ اللَّهِ مَقِيلاً، وَلِمَا آمُلُ فِيكَ كَفِيلاً، نَجِّني نَجَاةَ مَنْ وَصَلَ حَبْلَهُ بِحَبْلِكَ، وَسَلَكَ إِلَى اللَّهِ بِسُبُلِكَ، وَأَنْتَ سَامِعُ الدُّعَاءِ، وَلِيُّ الْجَزَاءِ، عَلَيْكَ مِنَّا التَّسلِيمُ، وَأَنْتَ السَّيِّدُ الْكَرِيمُ، وَأَنْتَ بِنَا رَحِيمٌ، مِنْكَ النَّوالُ، وَعَليْكَ بَعْدَ اللَّهِ التِّكلانُ، وَالْحَمْدُ للَّهِِ وَحْدَه .

السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ اللَّهِ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا صَفْوَةَ اللَّهِ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حَبِيبَ اللَّهِ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَصِيَّ رَسُولِ رَبِّ االْعَالَمِينَ وَخاتَمِ النَّبِيِّينَ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا سَيِّدِ الْوَصِيِّينَ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللَّهِ عَلَى الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ .

السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبَأُ الْعَظِيمُ، الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ، وَ عَنْهُ مَسْئُولُونَ.

السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْفَارُوقُ الْأَعْظَمُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَالْمُؤْمِنينَ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَمِينَ اللَّهِ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حَبْلَ اللَّهِ، وَمَوْضِعَ سِرِّهِ، وَعَيْبَةَ عِلْمِهِ، وَخَازِنَ وَحْيِه .

بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا مَوْلاَيَ، يَا حُجَّةَ الْخِصَامِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا بَابَ الْمَقَامِ.

أَشْهَدُ أَنَّكَ حَبِيبُ اللَّهِ، وَخَاصَّةُ اللَّهِ وَخَالِصَتُه . أَشْهَدُ أَنَّكَ عَمُودُ الدِّينِ، وَوَارِثُ عِلْمِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، وَصَاحِبُ الْمِيسَمِ، وَالصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ .

أَشْهَدُ أَنَّكَ بَلَّغْتَ عَنِ اللَّهِ وَعَنْ رَسُولِهِ، وَرَعَيْتَ مَا اسْتُحفِظْتَ، وَحَفِظْتَ مَا اسْتَوْدَعَكَ، وَحَلَّلْتَ حَلاَلَ اللَّهِ، وَحَرَّمْتَ حَرَامَ اللَّهِ، وَأَقَمْتَ أَحْكَامَ اللَّهِ، وَلَمْ تَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ، وَعَبَدْتَ اللَّهَ مُخْلِصاً حَتَّى أَتَاكَ الْيَقِينُ .

أَشْهَدُ أَنَّكَ

ص: 156

قَدْ أَقَمْتَ الصَّلاَةَ، وَآتَيْتَ الزَّكَاةَ، وَأَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهَيْتَ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَاتَّبَعْتَ الرَّسُولَ، وَتَلَوْتَ الْكِتَابَ حَقَّ تِلاَوَتِهِ، وَجَاهَدْتَ فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ، وَنَصَحْتَ للَّهِِ وَلِرَسُولِهِ، وَجُدْتَ بِنَفْسِكَ صَابِراً مُحْتَسِباً، وَعَنْ دِينِ اللَّهِ مُجَاهِداً، وَلِرَسُولِ اللَّهِ مُوفِياً، وَلِمَا عِنْدَ اللَّهِ طَالِباً، وَفِيمَا وَعَدَ رَاغِباً، وَمَضَيْتَ لِلَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ شَاهِداً وَشَهِيداً وَمَشْهُوداً ؛ فَجَزَاكَ اللَّهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَعَنِ الْإِسْلاَمِ وَأَهْلِهِ أَفْضَلَ الْجَزَاءِ .

لَعَنَ اللَّهُ مَنِ افْتَرَى عَلَيْكَ وَغَضَبَكَ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ قَتَلَكَ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ بَايَعَ عَلَى قَتْلِكَ، وَلَعَنَ مَنْ بَلَغَهُ ذَلِكَ فَرَضِيَ بِهِ، أَنَا إِلَى اللَّهِ مِنْهُمْ بَري ءٌ، وَلَعَنَ اللَّهُ أُمَّةً خَالَفَتْكَ، وَأُمَّةً جَحَدَتْ وَلاَيَتَكَ، وَأُمَّةً تَظَاهَرَتْ عَلَيْكَ، وَأُمَّةً قَاتَلَتْكَ، وَأُمَّةً جارَتْ عَلَيْكَ، وَحَادَتْ عَنْكَ وَخَذَلَتْكَ . الْحَمْدُ للَّهِِ الَّذِي جَعَلَ النَّارَ مَثْوَاهُمْ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ .

اللَّهُمَّ الْعَنْ قَتَلَةَ أَنْبِيَائِكَ وَأَوْصِيَاءِ أَنْبِيَائِكَ بِجَمِيعِ لَعَنَاتِكَ، وَأَصْلِهِمْ حَرَّ نَارِكَ . اللَّهُمَّ الْعَنِ الْجَوَابِيتَ وَالطَّوَاغِيتَ وَالْفَرَاعِنَةَ، وَاللاَّتَ وَالْعُزَّى، وَكُلَّ نِدٍّ يُدْعَى مِنْ دُونِ اللَّهِ، وَكُلَّ مُلْحِدٍ مُفْتَرٍ . اللَّهُمَّ الْعَنْهُمْ، وَأَشْيَاعَهُمْ، وَأَتْبَاعَهُمْ، وَأَوْلِيَاءَهُمْ، وَأَعْوَانَهُمْ، وَمُحِبِّيهِمْ، لَعْناً كَثِيراً لاَ انْقِطَاعَ لَهُ وَلاَ أَجَلَ . اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِنْ جَمِيعِ أَعْدَائِكَ، وَأَسْأَلُكَ اللَّهُمَّ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَأَنْ تَجْعَلَ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي أَوْلِيَائِكَ، وَتُحَبِّبَ إِلَيَّ مَشَاهِدَهُمْ، حَتَّى تُلْحِقَنِي بِهِمْ، وَتَجْعَلَنِي لَهُمْ تَبَعاً فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .

ثمّ تتحوّل إلى عند رأسه صلوات اللَّه عليه وتقول :

سَلاَمُ اللَّهِ وَسَلاَمُ مَلاَئِكَتِهِ الْمُقَرَّبِينَ، وَالْمُسَلِّمِينَ لَكَ بِقُلُوبِهِمْ، وَالنَّاطِقِينَ بِفَضْلِكَ، وَالشَّاهِدِينَ عَلَى أَنَّكَ صَادِقٌ صِدِّيقٌ، عَلَيْكَ يَا مَولاَيَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ، وَعَلَى رُوحِكَ وَبَدَنِكَ .

أَشْهَدُ ] أَنَّكَ [ طُهْرٌ طَاهِرٌ مُطَهَّرٌ، مِنْ طُهْرٍ طاهِرٍ مُطَهَّرٍ .

أَشْهَدُ لَكَ يَا وَلِيَّ اللَّهِ وَوَلِيَّ رَسُولِهِ

ص: 157

بِالْبَلاَغِ وَالْأَدَاءِ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ حَبِيبُ اللَّهِ، وَأَنَّكَ بَابُ اللَّهِ الَّذِي يُؤْتَى مِنْهُ، وَأَنَّكَ سَبِيلُ اللَّهِ، وَأَنَّكَ عَبْدُ اللَّهِ، وَأَخُو رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِه .

أَتَيْتُكَ مُتَقَرِّباً إِلَى اللَّهِ بِزِيَارَتِكَ فِي خَلاَصِ نَفْسِي، مُتَعَوِّذاً بِكَ مِنْ نَارٍ اسْتَحَقَّهَا مِثْلِي بِمَا جَنَيْتُ عَلَى نَفْسِي، أَتَيْتُكَ انْقِطَاعاً إِلَيْكَ وَإِلَى وَلَدِكَ الْخَلَفِ مِنْ بَعْدِكَ عَلَى بَرَكَةِ الْحَقِّ، فَقَلْبِي لَكُمْ مُسَلِّمٌ، وَأَمْرِي لَكُمْ مُتَّبِعٌ، وَنُصْرَتِي لَكُمْ مُعَدَّةٌ .

أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَمَوْلاَكَ وَفِي طَاعَتِكَ، وَالْوَافِدُ إِلَيْكَ، أَلْتَمِسُ كَمَالَ الْمَنْزِلَةِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنْتَ يَا مَوْلاَيَ مِمَّنْ أَمَرَنِي اللَّهُ بِصِلَتِهِ، وَحَثَّنِي عَلَى بِرِّهِ، وَدَلَّنِي عَلَى فَضْلِهِ، وَهَدَانِي لِحُبِّهِ، وَرَغَّبَنِي فِي الْوِفَادَةِ إِلَيْهِ، وَأَلْهَمَنِي طَلَبَ الْحَوَائِجِ عِنْدَه .

أَنْتُمْ أَهْلُ بَيْتٍ يَسْعَدُ مَنْ تَوَلاَّكُمْ، وَلاَ يَخِيبُ مَنْ أَتَاكُمْ، وَلاَ يَخْسَرُ مَنْ يَهْوَاكُمْ، وَلاَ يَسْعَدُ مَنْ عَادَاكُمْ، لاَ أَجِدُ أَحَداً أَفْزَعُ إِلَيْهِ خَيْراً لِي مِنْكُمْ، أَنْتُمْ أَهْلُ بَيْتِ الرَّحْمَةِ، وَدَعَائِمُ الدِّينِ، وَأَرْكَانُ الْأَرْضِ، وَالشَّجَرَةُ الطَّيِّبَةُ .

اللَّهُمَّ لاَ تُخَيِّبْ تَوَجُّهِي إِلَيْكَ بِرَسُولِكَ وَآلِ رَسُولِكَ، وَاسْتِشْفَاعِي بِهِمْ .

اللَّهُمَّ أنْتَ مَنَنْتَ عَلَيَّ بِزِيَارَةِ مَوْلاَيَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَوِلاَيَتِهِ وَمَعْرِفَتِهِ، فَاجْعَلْنِي مِمَّنْ يَنْصُرُهُ وَيَنْتَصِرُ بِهِ، وَمُنَّ عَلَيَّ بِنَصْرِكَ لِدِينِكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ .

اللَّهُمَّ إِنِّي أَحْيَا عَلَى مَا حَيِيَ عَلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَذُرِّيَّتُهُ الطَّاهِرُونَ .

ثمّ انكبّ على القبر فقبّله وضع خدّيك عليه، ثمّ انفتل إلى القبلة وأنت مقامك عند الرأس، فصلّ ركعتين، تقرأ في الاُولى فاتحة الكتاب، وسورة الرّحمن ؛ وفي الثانية فاتحة الكتاب، وسورة يس، ثمّ تتشهّد وتسلّم .

فإذا سلّمت فسبّح تسبيح الزّهراء فاطمة عليهاالسّلام واستغفر وادعُ، ثمّ اسجد وقل في سجودك :

اللَّهُمَّ إِنِّى إِلَيْكَ تَوَجَّهْتُ، وَبِكَ اعْتَصَمْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ .

اللَّهُمَّ أَنْتَ ثِقَتِي وَرَجَائِي، فَاكْفِنِي مَا أَهَمَّنِي وَمَا

ص: 158

لاَ يُهِمُّنِي، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، عَزَّ جَارُكَ، وَجَلَّ ثَنَاؤُكَ، وَلاَ إِلَهَ غَيْرُكَ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَقَرِّبْ فَرَجَهُمْ .

ثمّ ضع خدّك الأيمن على الأرض وقل :

اللَّهُمَّ ارْحَمْ ذُلِّي بَيْنَ يَدَيْكَ، وَتَضَرُّعِي إِلَيْكَ، وَوَحْشَتِي مِنَ النَّاسِ، وَأُنْسِي بِكَ يَا كَرِيمُ .

ثمّ ضع خدّك الأيسر على الأرض وقل :

لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ حَقّاً حَقّاً، سَجَدْتُ لَكَ يَا رَبِّ تَعَبُّداً وَرِقّاً . اللَّهُمَّ إِنَّ عَمَلِي ضَعِيفٌ، فَضَاعِفْهُ لِي يَا كَرِيمُ . - تقول ذلك ثلاثاً - .

ثمّ عُد إلى السجود وقل : شُكْراً شُكْراً - مائة مرّة - .

وتقوم فصلّ أربع ركعات كما صلّيت، ويجزيك إن عدلت عن ذلك إلى ما تيسّر من القرآن، تكمل بالأربع ستّ ركعات، الاُوليان منها لزيارة أميرالمؤمنين عليه السلام، والأربع لزيارة آدم ونوح عليهماالسّلام، وتُسبّح تسبيح الزّهراء عليهاالسّلام، وتستغفر لذنبك وتدعو بما شئت .

ثمّ تحوّل إلى عند الرجلين وقل :

السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، أَنْتَ أَوَّلُ مَظْلُومٍ، وَأَوَّلُ مَغْصُوبٍ حَقُّهُ، صَبَرْتَ وَاحْتَسَبْتَ حَتَّى أَتَاكَ الْيَقِينُ .

أَشْهَدُ أَنَّكَ لَقِيتَ اللَّهَ وَأَنْتَ شَهِيدٌ، عَذَّبَ اللَّهُ قَاتِلَكُمْ بِأَنْوَاعِ الْعَذَابِ .

جِئْتُكَ زَائِراً، عَارِفاً بِحَقِّكَ، مُسْتَبْصِراً بِشَأْنِكَ، مُعَادِياً لِأَعْدَائِكَ، مُوَالِياً لِأَوْلِيَائِكَ، أَلْقَى عَلَى ذَلِكَ رَبِّي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَلِي ذُنُوبٌ كَثِيرَةٌ، فَاشْفَعْ لِي عِنْدَ رَبِّكَ، فَإِنَّ لَكَ عِنْدَ اللَّهِ مَقَاماً مَعْلُوماً، وَجَاهاً وَشَفَاعَةً، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :« وَلا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ » .

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ وَعَلَى رُوحِكَ وَبَدَنِكَ، وَعَلَى الْأَئِمَّةِ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ، صَلاَةً لاَ يُحْصِيهَا إِلاَّ هُوَ، وَعَلَيْكُمْ أَفْضَلُ السَّلاَمِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه .

وإجتهد في الدعاء فإنّه موضع مسألة، وأكثِر من الإستغفار فإنّه

ص: 159

موطن مغفرة، وأسأله الحوائج فإنّه مقام إجابة، وأكثِر من الصلاة والدعاء والزيارة والتحميد والتسبيح والتهليل، وذكر اللَّه تعالى، وتلاوة القرآن، والإستغفار، ما استطعت .

زيارة أبي البشر آدم عليه السلام في ليلة المبعث

اشارة

تقف على ضريح أميرالمؤمنين عليه السلام وتقول :

السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا صَفِيَّ اللَّهِ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حَبِيبَ اللَّهِ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَمِينَ اللَّهِ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا خَلِيفَةَ اللَّهِ فِي أَرْضِه .

السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَبَا الْبَشَرِ، سَلاَمُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَعَلَى رُوحِكَ وَبَدَنِكَ، وَعَلَى الطَّاهِرِينَ مِنْ وُلْدِكَ وَذُرِّيَّتِكَ، صَلاَةً لاَ يُحْصِيهَا إِلاَّ هُوَ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه .(1)

[ 3 ]

ذكر الشهيد قدس سره إستحباب زيارة الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام في ليلة المبعث بهذه الزيارة فقال : إذا أردت ذلك، فقف على باب القبة، مقابل ضريحه عليه السلام وقل :

أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَمِيرَ الْمُؤمِنِينَ عَبْدُ اللَّهِ وَأَخُو رَسُولِهِ، وَأَنَّ الْأَئِمَّةَ الطَّاهِرِينَ مِنْ وُلْدِهِ حُجَجُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِه .

ثمّ ادخل وقف على ضريحه عليه السلام مستقبلاً له بوجهك والقبلة وراء ظهرك ثمّ كبّر اللَّه مئة مرّة وقل:

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ آدَمَ خَلِيفَةِاللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ نُوحٍ صَفَوَةِ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللَّهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُوسَى كَلِيمِ اللَّهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عِيسَى رُوحِ اللَّهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُحَمَّدٍ سَيِّدِ رُسُلِ اللَّهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا إِمَامَ الْمُتَّقِينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا سَيِّدَ الْوَصِيِّينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَصِيَّ رَسُولِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عِلْمِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبَأُ الْعَظِيمُ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْمُهَذَّبُ

ص: 160


1- إبن المشهدي، المزار الكبير، ص 192 - 184 .

الْكَرِيمُ .

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْوَصِيُّ التَّقِيُّ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الرَّضِيُّ الزَّكِيُّ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْبَدْرُ الْمُضِي ءُ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ الْأَكْبَرُ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْفَارُوقُ الْأَعْظَمُ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا السِّرَاجُ الْمُنِيرُ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا إِمَامَ الْهُدَى، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا عَلَمَ التُّقَى، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللَّهِ الْكُبْرَى، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا خَاصَّةَ اللَّهِ وَخَالِصَتَهُ، وَأَمِينَ اللَّهِ وَصَفْوَتَهُ، وَبَابَ اللَّهِ وَحُجَّتَهُ، وَمَعْدِنَ حُكْمِ اللَّهِ وَسِرَّهُ، وَعَيْبَةَ عِلْمِ اللَّهِ وَخَازِنَهُ، وَسَفِيرَ اللَّهِ فِي خَلْقِه .

أَشْهَدُ أَنَّكَ أَقَمْتَ الصَّلَاةَ، وَآتَيْتَ الزَّكَاةَ، وَأَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهَيْتَ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَاتَّبَعْتَ الرَّسُولَ، وَتَلَوْتَ الْكِتَابَ حَقَّ تِلَاوَتِهِ، وَبَلَّغْتَ عَنِ اللَّهِ، وَوَفَيْتَ بِعَهْدِ اللَّهِ، وَتَمَّتْ بِكَ كَلِمَاتُ اللَّهِ، وَجَاهَدْتَ فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ، وَنَصَحْتَ للَّهِِ وَلِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَجُدْتَ بِنَفْسِكَ صَابِراً مُحْتَسِباً مُجَاهِداً عَنْ دِينِ اللَّهِ، مُوقِياً لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، طَالِباً مَا عِنْدَ اللَّهِ، رَاغِباً فِيمَا وَعَدَ اللَّهُ، وَمَضَيْتَ لِلَّذِي كُنْتَ عَلَيْهِ شَهِيداً، وَشَاهِداً وَمَشْهُوداً، فَجَزَاكَ اللَّهُ عَنْ رَسُولِهِ، وَعَنِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ، مِنْ صِدِّيقٍ أَفْضَلَ الْجَزَاءِ .

أَشْهَدُ أَنَّكَ كُنْتَ أَوَّلَ الْقَوْمِ إِسْلَاماً، وَأَخْلَصَهُمْ إِيمَاناً، وَأَشَدَّهُمْ يَقِيناً، وَأَخْوَفَهُمْ للَّهِِ، وَأَعْظَمَهُمْ عَنَاءً، وَأَحْوَطَهُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَأَفْضَلَهُمْ مَنَاقِبَ، وَأَكْثَرَهُمْ سَوَابِقَ، وَأَرْفَعَهُمْ دَرَجَةً، وَأَشْرَفَهُمْ مَنْزِلَةً، وَأَكْرَمَهُمْ عَلَيْه . فَقَوِيتَ حِينَ وَهَنُوا، وَلَزِمْتَ مِنْهَاجَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، أَشْهَدُ أَنَّكَ كُنْتَ خَلِيفَتَهُ حَقّاً، لَمْ تُنَازَعْ بِرَغْمِ الْمُنَافِقِينَ، وَغَيْظِ الْكَافِرِينَ، وَضِغْنِ الْفَاسِقِينَ، وَقُمْتَ بِالْأَمْرِ حِينَ فَشِلُوا، وَنَطَقْتَ حِينَ تَتَعْتَعُوا، وَمَضَيْتَ بِنُورِ اللَّهِ إِذْ وَقَفُوا، فَمَنِ اتَّبَعَكَ فَقَدِ اهْتَدى .

كُنْتَ أَوَّلَهُمْ كَلَاماً، وَأَشَدَّهُمْ خِصَاماً، وَأَصْوَبَهُمْ مَنْطِقاً، وَأَسَدَّهُمْ رَأْياً، وَأَشْجَعَهُمْ قَلْباً، وَأَكْثَرَهُمْ يَقِيناً، وَأَحْسَنَهُمْ عَمَلاً، وَأَعْرَفَهُمْ بِالْأُمُورِ، كُنْتَ لِلْمُؤْمِنِينَ أَباً رَحِيماً، إِذْ صَارُوا عَلَيْكَ عِيَالاً، فَحَمَلْتَ أَثْقَالَ

ص: 161

مَا عَنْهُ ضَعُفُوا، وَحَفِظْتَ مَا أَضَاعُوا، وَرَعَيْتَ مَا أَهْمَلُوا، وَشَمَّرْتَ إِذْ جَبُنُوا، وَعَلَوْتَ إِذْ هَلَعُوا، وَصَبَرْتَ إِذْ جَزِعُوا، كُنْتَ عَلَى الْكَافِرِينَ عَذَاباً صَبّاً، وَغِلْظَةً وَغَيْظاً، وَلِلْمُؤْمِنِينَ غَيْثاً وَخِصْباً وَعِلْماً، لَمْ تُفْلَلْ حُجَّتُكَ، وَلَمْ يَزِغْ قَلْبُكَ، وَلَمْ تَضْعُفْ بَصِيرَتُكَ، وَلَمْ تَجْبُنْ نَفْسُكَ .

كُنْتَ كَالْجَبَلِ لا تُحَرِّكُهُ الْعَوَاصِفُ، وَلَا تُزِيلُهُ الْقَوَاصِفُ، كُنْتَ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، قَوِيّاً فِي بَدَنِكَ، مُتَوَاضِعاً فِي نَفْسِكَ، عَظِيماً عِنْدَ اللَّهِ، كَبِيراً فِي الْأَرْضِ، جَلِيلاً فِي السَّمَاءِ، لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ فِيكَ مَهْمَزٌ، وَلَا لِقَائِلٍ فِيكَ مَغْمَزٌ، وَلَا لِخَلْقٍ فِيكَ مَطْمَعٌ، وَلَا لِأَحَدٍ عِنْدَكَ هَوَادَةٌ .

يُوجَدُ الضَّعِيفُ الذَّلِيلُ عِنْدَكَ قَوِيّاً عَزِيزاً، حَتَّى تَأْخُذَ لَهُ بِحَقِّهِ، وَالْقَوِيُّ الْعَزِيزُ عِنْدَكَ ضَعِيفاً ذَلِيلاً حَتَّى تَأْخُذَ مِنْهُ الْحَقَّ، اَلْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ عِنْدَكَ فِي ذلِكَ سَوَاءٌ، شَأْنُكَ الْحَقُّ وَالصِّدْقُ وَالرِّفْقُ، وَقَوْلُكَ حُكْمٌ وَحَتْمٌ، وَأَمْرُكَ حِلْمٌ وَعَزْمٌ، وَرَأْيُكَ عِلْمٌ وَجَزْمٌ، اِعْتَدَلَ بِكَ الدِّينُ، وَسَهُلَ بِكَ الْعَسِيرُ، وَأُطْفِئَتْ بِكَ النِّيرَانُ، وَقَوِيَ بِكَ الْإِيمَانُ، وَثَبَتَ بِكَ الْإِسْلَامُ، وَهَدَّتْ مُصِيبَتُكَ الْأَنَامَ، فَإِنَّا للَّهِِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ .

لَعَنَ اللَّهُ مَنْ قَتَلَكَ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ خَالَفَكَ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنِ افْتَرَى عَلَيْكَ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ ظَلَمَكَ، وَغَصَبَكَ حَقَّكَ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ بَلَغَهُ ذلِكَ فَرَضِيَ بِهِ، إِنَّا إِلَى اللَّهِ مِنْهُمْ بُرَآءُ، لَعَنَ اللَّهُ أُمَّةً خَالَفَتْكَ، وَجَحَدَتْ وِلَايَتَكَ، وَتَظَاهَرَتْ عَلَيْكَ وَقَتَلَتْكَ، وَحَادَتْ عَنْكَ وَخَذَلَتْكَ، اَلْحَمْدُ للَّهِِ الَّذِي جَعَلَ النَّارَ مَثْوَاهُمْ، وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ .

أَشْهَدُ لَكَ يَا وَلِيَّ اللَّهِ، وَوَلِيَّ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ بِالْبَلَاغِ وَالْأَدَاءِ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ جَنْبُ اللَّهِ وَبَابُهُ، وَأَنَّكَ حَبِيبُ اللَّهِ، وَوَجْهُهُ الَّذِي مِنْهُ يُؤْتَى، وَأَنَّكَ سَبِيلُ اللَّهِ، وَأَنَّكَ عَبْدُ اللَّهِ، وَأَخُو رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِه .

أَتَيْتُكَ زَائِراً لِعَظِيمِ حَالِكَ وَمَنْزِلَتِكَ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ، مُتَقَرِّباً

ص: 162

إِلَى اللَّهِ بِزِيَارَتِكَ، رَاغِباً إِلَيْكَ فِي الشَّفَاعَةِ، أَبْتَغِي بِشَفَاعَتِكَ خَلَاصَ نَفْسِي، مُتَعَوِّذاً بِكَ مِنَ النَّارِ، هَارِباً مِنْ ذُنُوبِي الَّتِي احْتَطَبْتُهَا عَلَى ظَهْرِى، فَزِعاً إِلَيْكَ رَجَاءَ رَحْمَةِ رَبِّي، أَتَيْتُكَ أَسْتَشْفِعُ بِكَ يَا مَوْلَايَ إِلَى اللَّهِ وَأَتَقَرَّبُ بِكَ إِلَيْهِ، لِيَقْضِيَ بِكَ حَوَائِجِي، فَاشْفَعْ لِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى اللَّهِ، فَإِنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَمَوْلَاكَ وَزَائِرُكَ، وَلَكَ عِنْدَ اللَّهِ الْمَقَامُ الْمَعْلُومَ، وَالْجَاهُ الْعَظِيمُ، وَالشَّأْنُ الْكَبِيرُ، وَالشَّفَاعَةُ الْمَقْبُولَةُ .

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَصَلِّ عَلَى عَبْدِكَ، وَأَمِينِكَ الْأَوْفَى، وَعُرْوَتِكَ الْوُثْقَى، وَيَدِكَ الْعُلْيَا، وَكَلِمَتِكَ الْحُسْنَى، وَحُجَّتِكَ عَلَى الْوَرى، وَصِدِّيقِكَ الْأَكْبَرِ، سَيِّدِ الْأَوْصِيَاءِ، وَرُكْنِ الْأَوْلِيَاءِ، وَعِمَادِ الْأَصْفِيَاءِ، أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَيَعْسُوبِ الْمُتَّقِينَ، وَقُدْوَةِ الصِّدِّيقِينَ، وَإِمَامِ الصَّالِحِينَ، اَلْمَعْصُومِ مِنَ الزَّلَلِ، الْمَفْطُومِ مِنَ الْخَلَلِ، وَالْمُهَذَّبِ مِنَ الْعَيْبِ، وَالْمُطَهَّرِ مِنَ الرَّيْبِ، أَخِي نَبِيِّكَ، وَوَصِيِّ رَسُولِكَ، وَالْبَائِتِ عَلَى فِرَاشِهِ، وَالْمُوَاسِي لَهُ بِنَفْسِهِ، وَكَاشِفِ الْكَرْبِ عَنْ وَجْهِه . اَلَّذِي جَعَلْتَهُ سَيْفاً لِنُبوَّتِهِ، وَمُعْجِزاً لِرِسَالَتِهِ، وَدَلَالَةً وَاضِحَةً لِحُجَّتِهِ، وَحَامِلاً لِرَايَتِهِ، وَوِقَايَةً لِمُهْجَتِهِ، وَهَادِياً لِأُمَّتِهِ، وَيَداً لِبَأْسِهِ، وَتَاجاً لِرَأْسِهِ، وَبَاباً لِنَصْرِهِ، وَمِفْتَاحاً لِظَفَرِهِ، حَتَّى هَزَمَ جُنُودَ الشِّرْكِ بِأَيْدِيكَ، وَأَبَادَ عَسَاكِرَ الْكُفْرِ بِأَمْرِكَ، وَبَذَلَ نَفْسَهُ فِي مَرْضَاةِ رَسُولِكَ، وَجَعَلَهَا وَقْفاً عَلَى طَاعَتِهِ، وَمِجَنّاً دُونَ نَكْبَتِهِ، حَتَّى فَاضَتْ نَفْسُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فِي كَفِّهِ، وَاسْتَلَبَ بَرْدَهَا، وَمَسَحَهُ عَلَى وَجْهِهِ، وَأَعَانَتْهُ مَلَائِكَتُكَ عَلى غُسْلِهِ وَتَجْهِيزِهِ، وَصَلَّى عَلَيْهِ وَوَارَى شَخْصَهُ، وَقَضَى دَيْنَهُ، وَأَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَلَزِمَ عَهْدَهُ، وَاحْتَذَى مِثَالَهُ، وَحَفِظَ وَصِيَّتَهُ، وَحِينَ وَجَدَ أَنْصَاراً نَهَضَ مُسْتَقِلّاً بِأَعْبَاءِ الْخِلَافَةِ، مُضْطَلِعاً بِأَثْقَالِ الْإِمَامَةِ .

فَنَصَبَ رَايَةَ الْهُدَى فِي عِبَادِكَ، وَنَشَرَ ثَوْبَ الْأَمْنِ فِي بِلَادِكَ، وَبَسَطَ الْعَدْلَ فِي بَرِيَّتِكَ، وَحَكَمَ بِكِتَابِكَ فِي خَلِيقَتِكَ، وَأَقَامَ الْحُدُودَ، وَقَمَعَ الْجُحُودَ، وَقَوَّمَ الزَّيْغَ، وَسَكَّنَ الْغَمْرَةَ، وَأَبَادَ الْفَتْرَةَ، وَسَدَّ الْفُرْجَةَ، وَقَتَلَ النَّاكِثَةَ وَالْقَاسِطَةَ وَالْمَارِقَةَ، وَلَمْ يَزَلْ عَلَى مِنْهَاجِ رَسُولِ اللَّهِ

ص: 163

وَوَتِيرَتِهِ ] وَسِيرَتِهِ [، وَلُطْفِ شَاكِلَتِهِ، وَجَمَالِ سِيرَتِهِ، مُقْتَدِياً بِسُنَّتِهِ، مُتَعَلِّقاً بِهِمَّتِهِ، مُبَاشِراً لِطَرِيقَتِهِ، وَأَمْثِلَتُهُ نَصْبَ عَيْنَيْهِ، يَحْمِلُ عِبَادَكَ عَلَيْهَا، وَيَدْعُوهُمْ إِلَيْهَا، إِلَى أَنْ خُضِبَتْ شَيْبَتُهُ مِنْ دَمِ رَأْسِه .

اَللَّهُمَّ فَكَمَا لَمْ يُؤْثِرْ فِي طَاعَتِكَ شَكّاً عَلَى يَقِينٍ، وَلَمْ يُشْرِكْ بِكَ طَرْفَةَ عَيْنٍ، صَلِّ عَلَيْهِ صَلَاةً زَاكِيَةً نَامِيَةً يَلْحَقُ بِهَا دَرَجَةَ النُّبُوَّةِ فِي جَنَّتِكَ، وَبَلِّغْهُ مِنَّا تَحِيَّةً وَسَلَاماً، وَآتِنَا مِنْ لَدُنْكَ فِي مُوَالَاتِهِ فَضْلاً وَإِحْسَاناً، وَمَغْفِرَةً وَرِضْوَاناً، إِنَّكَ ذُو الْفَضْلِ الْجَسِيمِ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .

ثمّ قبّل الضّريح وضع خدّك الأيمن عليه ثمّ الأيسر وملْ إلى القبلة وصلّ صلاة الزّيارة وادعُ بما يختصّ بهذه الزيارة في ليلة السابع والعشرين من رجب ويومه، أن تقول بعد صلاة الزيارة وبعد تسبيح الزّهراءعليهاالسّلام:

اَللَّهُمَّ إِنَّكَ بَشَّرْتَنِي عَلَى لِسَانِ نَبِّيّكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ، فَقُلْتَ: « وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ »، اَللَّهُمَّ وَإِنِّي مُؤْمِنٌ بِجَمِيعِ أَنْبِيَائِكَ وَرُسُلِكَ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِمْ، فَلَا تَقِفْنِي بَعْدَ مَعْرِفَتِهِمْ مَوْقِفاً تَفْضَحُنِي فِيهِ عَلَى رُؤُوسِ الْأَشْهَادِ، بَلْ قِفْنِي مَعَهُمْ، وَتَوَفَّنِي عَلَى التَّصْدِيقِ بِهِمْ . اَللَّهُمَّ وَأَنْتَ خَصَصْتَهُمْ بِكَرَامَتِكَ، وَأَمَرْتَنِي بِاتِّبَاعِهِمْ .

اَللَّهُمَّ وَإِنِّي عَبْدُكَ وَزَائِرُكَ، مُتَقَرِّباً إِلَيْكَ بِزِيَارَةِ أَخِي رَسُولِكَ، وَعَلَى كُلِّ مَأْتِيٍّ وَمَزُورٍ حَقٌّ لِمَنْ أَتَاهُ وَزَارَهُ، وَأَنْتَ خَيْرُ مَأْتِيٍّ وَأَكْرَمُ مَزُورٍ، فَأَسْأَلُكَ يَا اَللَّهُ، يَا رَحْمنُ، يَا رَحِيمُ، يَا جَوَادُ، يَا مَاجِدُ، يَا أَحَدُ، يَا صَمَدُ، يَا مَنْ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ، وَلَمْ يَتَّخِذْ صَاحِبَةً وَلَا وَلَداً، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تَجْعَلَ تُحْفَتَكَ إِيَّايَ مِنْ زِيَارَتِي أَخَا رَسُولِكَ فَكَاكَ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ، وَأَنْ تَجْعَلَنِي مِمَّنْ يُسَارِعُ فِي الْخَيْرَاتِ، وَيَدْعُوكَ رَهَباً وَرَغَباً، وَتَجْعَلَنِي لَكَ مِنَ الْخَاشِعِينَ .

اَللَّهُمَّ إِنَّكَ

ص: 164

مَنَنْتَ عَلَيَّ بِزِيَارَةِ مَوْلَايَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَوِلَايَتِهِ وَمَعْرِفَتِهِ، فَاجْعَلْنِي مِمَّنْ يَنْصُرُهُ، وَيَنْتَصِرُ بِهِ، وَمُنَّ عَلَيَّ بِنَصْرِكَ لِدِينِكَ . اَللَّهُمَّ وَاجْعَلْنِي مِنْ شِيعَتِهِ، وَتَوَفَّنِي عَلَى دِينِه . اَللَّهُمَّ أَوْجِبْ لِي مِنَ الرَّحْمَةِ وَالرِّضْوَانِ وَالْمَغْفِرَةِ وَالْإِحْسَانِ وَالرِّزْقِ الْوَاسِعِ الْحَلَالِ الطَّيِّبِ، مَا أَنْتَ أَهْلُهُ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَالْحَمْدُ للَّهِِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .

فإذا أردت وداعه عليه السلام فقف عليه وقل:

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنيِنَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا تَاجَ الْأَوْصِيَاءِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عِلْمِ الْأَنْبِيَاءِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا رَأْسَ الصِّدِّيقِينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا بَابَ الْأَحْكَامِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا رُكْنَ الْمَقَامِ، أَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ وَأَسْتَرْعِيكَ وَأَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامُ، آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَبِمَا جَاءَ بِهِ وَدَعَا إِلَيْهِ وَدَلَّ عَلَيْهِ، اَللَّهُمَّ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ .

اَللَّهُمَّ فَلَا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيَارَتِي إيَّاهُ، وَلَا تَحْرِمْنِي ثَوَابَ مَنْ زَارَهُ، وَاسْتَعْمِلْنِي بِالَّذِي افْتَرَضْتَ لَهُ عَلَيَّ، وَارْزُقْنِي الْعَوْدَ إِلَيْهِ، فَإِنْ تَوَفَّيْتَنِي قَبْلَ ذلِك فَإِنِّي أَشْهَدُ أَنَّهُمْ أَعْلَامُ الْهُدَى، وَالْعُرْوَةُ الْوُثْقَى، وَالْكَلِمَةُ الْعُلْيَا، وَالْحُجَّةُ الْعُظْمَى، وَالنُّجُومُ الْعُلَى، وَالْعُذْرُ الْبَالِغُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ خَلْقِكَ . وَأَشْهَدُ أَنَّ مَنْ رَدَّ ذلِك فِي أَسْفَلِ دَرَكِ الْجَحِيمِ .

اَللَّهُمَّ وَاجْعَلْنِي مِنْ وَفْدِهِ الْمُبَارَكِينَ، وَزُوَّارِهِ الْمُخْلَصِينَ، وَشِيعَتِهِ الصَّادِقِينَ، وَمَوَالِيهِ الْمَيَامِينِ، وَأَنْصَارِهِ الْمُكَرَّمِينَ، وَأَصْحَابِهِ الْمُؤَيَّدِينَ . اَللَّهُمَّ اجْعَلْنِي أَكْرَمَ وَافِدٍ، وَأَفْضَلَ وَارِدٍ، وَأَنْبَلَ قَاصِدٍ قَصَدَكَ إِلَى هذَا الْحَرَمِ الْكَرِيمِ، وَالْمَقَامِ الْعَظِيمِ، وَالْمَنْهَلِ الْجَلِيلِ الَّذِي أَوْجَبْتَ فِيهِ غُفْرَانَكَ وَرَحْمَتَكَ .

اَللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ وَأُشْهِدُ مَنْ حَضَرَ مِنْ مَلَائِكَتِكَ أَنَّ الَّذِي سَكَنَ هذَا الرَّمْسَ، وَحَلَّ هذَا الضَّرِيحَ طُهْرٌ مُقَدَّسٌ مُنْتَجَبٌ وَصِيٌّ مَرْضِيٌّ، طُوبَى لَكِ مِنْ تُرْبَةٍ ضَمِنَتْ كَنْزاً مِنَ الْخَيْرِ، وَشَهَاباً مِنَ النُّورِ، وَيَنْبُوعَ الْحِكْمَةِ، وَعَيْناً مِنَ الرَّحْمَةِ، وَمُبَلِّغَ الْحُجَّةِ، أَنَا أَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ مِنْ قَاتِلِكَ، وَالنَّاصِبِينَ وَالْمُعِينِينَ عَلَيْكَ، وَالْمُحَارِبِينَ لَكَ .

ص: 165

اَللَّهُمَّ ذَلِّلْ قُلُوبَنَا لَهُمْ بِالطَّاعَةِ وَالْمُنَاصَحَةِ وَالْمُوَالَاةِ، وَحُسْنَ الْمُوَازَرَةِ وَالتَّسْلِيمِ، حَتَّى نَسْتَكْمِلَ بِذلِكَ طَاعَتَكَ، وَنَبْلُغَ بِهِ مَرْضَاتَكَ، وَنَسْتَوْجِبَ ثَوَابَكَ وَرَحْمَتَكَ .

اَللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِكُلِّ مَقَامٍ مَحْمُودٍ، وَاقْلِبْنِي مِنْ هذَا الْحَرَمِ بِكُلِّ خَيْرٍ مَوْجُودٍ، يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ . أُوَدِّعُكَ يَا مَوْلَايَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَدَاعَ مَحْزُونٍ عَلَى فِرَاقِكَ، لا جَعَلَهُ اللَّهُ آخِرَ عَهْدِي مِنْكَ، وَلَا زِيَارَتِي لَكَ، إِنَّهُ قَرِيبٌ مُجِيبٌ، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه .

ثمّ استقبل القبلة وابسط يديك وقل:

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَبْلِغْ عَنَّا الْوَصِيَّ الْخَلِيفَةَ، وَالدَّاعِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى دَارِ السَّلَامِ، صِدِّيقَكَ الْأَكْبَرَ فِي الْإِسْلَامِ، وَفَارُوقَكَ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَنُورَكَ الظَّاهِرَ، وَلِسَانَكَ النَّاطِقَ بِأَمْرِكَ بِالْحَقِّ الْمُبِينِ، وَعُرْوَتَكَ الْوُثْقَى، وَكَلِمَتَكَ الْعُلْيَا، وَوَصِيَّ رَسُولِكَ الْمُرْتَضى، عَلَمَ الدِّينِ، وَمَنَارَ الْمُسْلِمِينَ، وَخَاتَمَ الْوَصِيِّينَ، وَسَيِّدَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِمَامَ الْمُتَّقِينَ، وَقَائِدَ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ، صَلَاةً تَرْفَعُ بِهَا ذِكْرَهُ، وَتُحْيِي بِهَا أَمْرَهُ، وَتُظْهِرُ بِهَا دَعْوَتَهُ، وَتَنْصُرُ بِهَا ذُرِّيَّتَهُ، وَتُفْلِجُ بِهَا حُجَّتَهُ، وَتُعْطِيهِ بَصِيرَتَه .

اَللَّهُمَّ وَاجْزِهِ عَنَّا خَيْرَ جَزَاءِ الْمُكْرَمِينَ، وَأَعْطِهِ سُؤْلَهُ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، فَإِنَّا نَشْهَدُ أَنَّهُ قَدْ نَصَحَ لِرَسُولِكَ، وَهَدَى إِلَى سَبِيلِكَ، وَقَامَ بِحَقِّكَ، وَصَدَعَ بِأَمْرِكَ، وَلَمْ يَجُرْ فِي حُكْمِكَ، وَلَمْ يَدْخُلْ فِي ظُلْمٍ، وَلَمْ يَسْعَ فِي إِثْمٍ، وَأَخُو رَسُولِكَ وَأَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِهِ، وَصَدَّقَهُ وَاتَّبَعَهُ وَنَصَرَهُ، وَأَنَّهُ وَصِيُّهُ وَوَارِثُ عِلْمِهِ، وَمَوْضِعُ سِرِّهِ، وَأَحَبُّ الْخَلْقِ إِلَيْهِ، فَأَبْلِغْهُ عَنَّا السَّلَامَ، وَرُدَّ عَلَيْنَا مِنْهُ السَّلَامَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .(1)

زيارته عليه السلام فى يوم استشهاده

رُوي في الكافي عن اُسَيد بن صفوان صاحب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله قال: لما كان اليوم الّذي قُبض فيه أميرالمؤمنين عليه السلام ارتجّ المواضع بالبكاء ودهش النّاس كيوم قُبض النّبيّ صلّى اللَّه عليه وآله، وجاء رجل باكياً وهو مسرع مسترجع وهو يقول: اليوم

ص: 166


1- السيد إبن طاووس، مصباح الزّانر، ص 176 .

إنقطع خلافة النّبوّة، حتّى وقف على البيت الّذي فيه أميرالمؤمنين عليه السلام فقال :

رَحِمَكَ اللَّهُ يَا أَبَا الْحَسَنِ، كُنْتَ أَوَّلَ الْقَوْمِ إِسْلَاماً، وَأَخْلَصَهُمْ إِيمَاناً، وَأَشَدَّهُمْ يَقِيناً، وَأَخْوَفَهُمْ للَّهِِ، وَأَعْظَمَهُمْ عَنَاءً، وَأَحْوَطَهُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَآمَنَهُمْ عَلَى أَصْحَابِهِ، وَأَفْضَلَهُمْ مَنَاقِبَ، وَأَكْرَمَهُمْ سَوَابِقَ، وَأَرْفَعَهُمْ دَرَجَةً، وَأَقْرَبَهُمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَأَشْبَهَهُمْ بِهِ هَدْياً وَخَلْقاً وَسَمْتاً وَفِعْلاً، وَأَشْرَفَهُمْ مَنْزِلَةً، وَأَكْرَمَهُمْ عَلَيْهِ، فَجَزَاكَ اللَّهُ عَنِ الْإِسْلَامِ وَعَنْ رَسُولِهِ وَعَنِ الْمُسْلِمِينَ خَيْراً . قَوِيْتَ حِينَ ضَعُفَ أَصْحَابُهُ، وَبَرَزْتَ حِينَ اسْتَكَانُوا، وَنَهَضْتَ حِينَ وَهَنُوا، وَلَزِمْتَ مِنْهَاجَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ إِذْ هَمَّ أَصْحَابُهُ، وَكُنْتَ خَلِيفَتَهُ حَقّاً، لَمْ تُنَازَعْ وَلَمْ تَضْرَعْ بِرَغْمِ الْمُخَالِفِينَ، وَغَيْظِ الْكَافِرِينَ وَكُرْهِ الْحَاسِدِينَ وَصِغَرِ الْفَاسِقِينَ، فَقُمْتَ بِالْأَمْرِ حِينَ فَشِلُوا، وَنَطَقْتَ حِينَ تَتَعْتَعُوا، وَمَضَيْتَ بِنُورِ اللَّهِ إِذْ وَقَفُوا، فَاتَّبَعُوكَ فَهُدُوا، وَكُنْتَ أَخْفَضَهُمْ صَوْتاً، وَ أَعْلَاهُمْ قُنُوتاً، وَأَقَلَّهُمْ كَلَاماً، وَأَصْوَبَهُمْ نُطْقاً، وَأَكْبَرَهُمْ رَأْياً، وَأَشْجَعَهُمْ قَلْباً، وَأَشَدَّهُمْ يَقِيناً، وَأَحْسَنَهُمْ عَمَلاً، وَأَعْرَفَهُمْ بِالْأُمُورِ . كُنْتَ وَاللَّهِ يَعْسُوباً لِلدِّينِ أَوَّلاً وَآخِراً، اَلْأَوَّلَ حِينَ تَفَرَّقَ النَّاسُ، وَالْآخِرَ حِينَ فَشِلُوا . كُنْتَ لِلْمُؤْمِنِينَ أَباً رَحِيماً ؛ إِذْ صَارُوا عَلَيْكَ عِيَالاً، فَحَمَلْتَ أَثْقَالَ مَا عَنْهُ ضَعُفُوا، وَحَفِظْتَ مَا أَضَاعُوا، وَرَعَيْتَ مَا أَهْمَلُوا، وَشَمَّرْتَ إِذِ اجْتَمَعُوا، وَعَلَوْتَ إِذْ هَلَعُوا، وَصَبَرْتَ إِذْ أَسْرَعُوا، وَأَدْرَكْتَ أَوْتَارَ مَا طَلَبُوا، وَنَالُوا بِكَ مَا لَمْ يَحْتَسِبُوا . كُنْتَ عَلَى الْكَافِرِينَ عَذَاباً صَبّاً وَنَهْباً، وَلِلْمُؤْمِنِينَ عَمَداً وَحِصْناً . فَطِرْتَ وَاللَّهِ بِنَعْمَائِهَا، وَفُزْتَ بِحِبَائِهَا، وَأَحْرَزْتَ سَوَابِقَهَا، وَذَهَبْتَ بِفَضَائِلِهَا . لَمْ تَقْلَلْ حُجَّتُكَ، وَلَمْ يَزِغْ قَلْبُكَ، وَلَمْ تَضْعُفْ بَصِيرَتُكَ، وَلَمْ تَجْبُنْ نَفْسُكَ، وَلَمْ تَخُنْ . كُنْتَ كَالْجَبَلِ لا تُحَرِّكُهُ الْعَوَاصِفُ، وَكُنْتَ كَمَا قَالَ عليه السلام: آمَنَ النَّاسِ فِي صُحْبَتِكَ وَذَاتِ يَدِكَ، وَكُنْتَ كَمَا قَالَ عَلَيْهِ

ص: 167

السَّلَامُ: ضَعِيفاً فِي بَدَنِكَ، قَوِيّاً فِي أَمْرِ اللَّهِ، مُتَوَاضِعاً فِي نَفْسِكَ، عَظِيماً عِنْدَاللَّهِ، كَبِيراً فِي الْأَرْضِ، جَلِيلاً عِنْدَ الْمُؤْمِنِينَ . لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ فِيكَ مَهْمَزٌ، وَلَا لِقَائِلٍ فِيكَ مَغْمَزٌ، وَلَا لِأَحَدٍ فِيكَ مَطْمَعٌ، وَلَا لِأَحَدٍ عِنْدَكَ هَوَادَةٌ. اَلضَّعِيفُ الذَّلِيلُ عِنْدَكَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ حَتَّى تَأْخُذَ لَهُ بِحَقِّهِ، وَالْقَوِيُّ الْعَزِيزُ عِنْدَكَ ضَعِيفٌ ذَلِيلٌ حَتَّى تَأْخُذَ مِنْهُ الْحَقَّ، وَالْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ عِنْدَكَ فِي ذلِكَ سَوَاءٌ . شَأْنُكَ الْحَقُّ وَالصِّدْقُ وَالرِّفْقُ، وَقَوْلُكَ حُكْمٌ وَحَتْمٌ، وَأَمْرُكَ حِلْمٌ وَحَزْمٌ، وَرَأْيُكَ عِلْمٌ وَعَزْمٌ فِيمَا فَعَلْتَ، قَدْ نَهَجَ السَّبِيلُ، وَسَهُلَ الْعَسِيرُ، وَأُطْفِئَتِ النِّيرَانُ، وَاعْتَدَلَ بِكَ الدِّينُ، وَقَوِيَ بِكَ الْإِسْلَامُ، وَالْمُؤْمِنُونَ، وَسَبَقْتَ سَبْقاً بَعِيداً، وَأَتْعَبْتَ مَنْ بَعْدَكَ تَعَباً شَدِيداً، فَجَلَلْتَ عَنِ الْبُكَاءِ، وَعَظُمَتْ رَزِيَّتُكَ فِي السَّمَاءِ، وَهَدَّتْ مُصِيبَتُكَ الْأَنَامَ، فَإِنَّا للَّهِِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، رَضِينَا عَنِ اللَّهِ قَضَاءَهُ، وَسَلَّمْنَا للَّهِِ أَمْرَهُ، فَوَاللَّهِ لَنْ يُصَابَ الْمُسْلِمُونَ بِمِثْلِكَ أَبَداً . كُنْتَ لِلْمُؤْمِنِينَ كَهْفاً وَحِصْناً وَقُلَّةً رَاسِياً، وَعَلَى الْكَافِرِينَ غِلْظَةً وَغَيْظاً، فَأَلْحَقَكَ اللَّهُ بِنَبِيِّهِ، وَلَا أَحْرَمَنَا أَجْرَكَ، وَلَا أَضَلَّنَا بَعْدَكَ .(1)

وسكت القوم حتّى إنقضى كلامه وبكى، وبكى أصحاب رسول ا للَّه صلّى اللَّه عليه وآله ثمّ طلبوه فلم يصادفوه .

زيارته عليه السلام يوم الأحد

اشارة

قال الإمام الهادي عليه السلام في تفسير قوله صلّى اللَّه عليه وآله :

«لا تعادوا الايّام فتعاديكم » أنّ السّبت إسم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله والأحد كناية عن أميرالمؤمنين عليه السلام .(2)

فينبغي زيارته عليه السلام في يوم الأحد بالزّيارات المطلقة والزيارات الواردة عن المعصومين عليهم السّلام في خصوص يوم الأحد :

[ 1 ]

قال السيد إبن طاووس قدس سره :

زيارة أميرالمؤمنين عليه السلام برواية من شاهد صاحب الزّمان عليه السلام وهو يزور بها في اليقظة لا في النّوم، يوم الأحد وهو يوم أميرالمؤمنين عليه الصلاة والسّلام :

السَّلاَمُ عَلَى الشَّجَرَةِ النَّبَوِيَّةِ، وَالدَّوْحَةِ الْهَاشِمِيَّةِ الْمُضِيئَةِ،

ص: 168


1- الكليني، الكافي، ج 1، ص 454 .
2- الشيخ الصدوق، الخصال، ط قم، 1403 ه- .، ج 2، ص 396 .

الْمُثْمِرَةِ بِالنُّبُوَّةِ، الْمُونِعَةِ بِالْإِمَامَةِ . ] السَّلاَمُ عَلَيْكَ [ وَعَلَى ضَجِيعَيْكَ آدَمَ وَنُوحٍ عليهماالسّلام، السَّلاَمُ عَلَيْكَ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ وَعَلَى الْمَلاَئِكَةِ الْمُحْدِقِينَ بِكَ، وَالْحَافِّينَ بِقَبْرِكَ .

يَا مَوْلاَيَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، هَذَا يَوْمُ الْأَحَدِ، وَهُوَ يَوْمُكَ وَبِاسْمِكَ، وَأَنَا ضَيْفُكَ فِيهِ وَجَارُكَ، فَأَضِفْنِي يَا مَوْلاَيَ وَأَجِرْنِي، فَإِنَّكَ كَرِيمٌ تُحِبُّ الضِّيَافَةَ، وَمَأْمُورٌ بِالْإِجَارَةِ، فَافْعَلْ مَا رَغِبْتُ إِلَيْكَ فِيهِ، وَرَجَوْتُهُ مِنْكَ، بِمَنْزِلَتِكَ وَآلِ بَيْتِكَ عِنْدَ اللَّهِ، وَمَنْزِلَتِهِ عِنْدَكُمْ، وَبِحَقِّ ابْنِ عَمِّكَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَعَلَيْكُمْ أَجْمَعِينَ .(1)

زيارته عليه السلام فى ساير الايّام الشريفة

قال العلامة المجلسي قدس سره : الاتيان بالأعمال الحسنة في الأزمان الشّريفة موجب لمزيد المثوبة، فزيارته صلوات اللَّه عليه في ساير الايام الشريفة أفضل، لا سيّما الايّام الّتي لها إختصاص به وظهر له فيها كرامة وفضيلة ومنقبة :

1 ) كيوم ولادته : الثالث عشر من رجب

2 ) يوم وفاته : الحادي عشر من رمضان

3 ) ليلة مبيته على فراش النبيّ : الليلة الأولى من ربيع الاول

4 ) يوم فتح بدر على يديه : السابع عشر من رمضان

5 ) يوم مواساته في اُحُد : السابع عشر من شوال

6 ) يوم فتح خيبر على يديه : الرابع عشر من رجب(2)

7 ) يوم صعوده على كتف النّبى صلّى اللَّه عليه وآله لحطّ الأصنام : العشرون من شهر رمضان

8 ) يوم فتح البصرة : الخامس عشر من جمادي الأولى

9 ) يوم ردّت عليه الشمس : السابع عشر من شوال

10 ) يوم نصبه لتبليغ آيات البرائة وعزل أبي بكر : أوّل ذى الحجة(3)

11 ) يوم سدّ الأبواب وفتح بابه : التاسع من ذى الحجة

12 ) يوم تصدقه بالخاتم : الرابع والعشرون من

ص: 169


1- السيد إبن طاووس، جمال الأسبوع، الطبعة الحجري، 1330 ه- .، ص 31 .
2- الشيخ الطوسي، مصباح المتهجد، ص 112 .
3- السيد إبن طاووس، الإقبال، ج 2، ص 36 .

ذى الحجة

13 ) يوم نزول هل أتى في شأنه : الخامس والعشرون من ذى الحجة

14 ) يوم تزوّجه فاطمة عليهاالسّلام : أوّل ذي الحجة الحرام(1)

15 ) ليلة زفافها اليه : التاسعة عشرة من ذى الحجة(2)

16 ) بدء خلافته : الثامن والعشرون من صفر

17 ) يوم بويع بالخلافة : الثامن عشر من ذى الحجة(3)

18 ) يوم وفاة والده أبي طالب عليه السلام : السادس والعشرون من رجب(4)

الباب السّابع: من الآداب بعد الزّيارة

صلاة الزيارة

قال الصادق عليه السلام : إنّ صلاة الزيارة في حرم أميرالمؤمنين عليه السلام ستّ ركعات، عند رأس الإمام عليه السلام مستقبل القبلة، غير متقدم على الإمام ولا مساوياً له .

ركعتان منها لاميرالمؤمنين عليه السلام، تقرأ في الأولى فاتحة الكتاب وسورة « الرحمن » وفي الثانية الحمد وسورة « يس » وركعتان لآدم وركعتان لنوح عليهماالسّلام، تقرأ فيهما كما قرأت في الاوليين .(5)

ويجزيك أن تقرأ سورتي القدر والاخلاص، أو أىّ سورة تيسّر من القرآن .(6)

ثمّ صلّ ست ركعات؛ ركعتان منها لزيارة أميرالمؤمنين عليه السلام تقرأ في الرّكعة الأولى فاتحة الكتاب وسورة الرّحمن، وفي الثّانية الحمد وسورة يس وتشهّد وسلّم وسبّح تسبيح الزّهراءعليهاالسّلام واستغفر اللَّه عزّ وجلّ وادع لنفسك ثمّ قل:

اَللَّهُمَّ إنِّي صَلَّيْتُ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ، هَدِيَّةً مِنِّي إِلَى سَيِّدِي وَمَوْلَايَ، وَلِيِّكَ وَأَخِي رَسُولِكَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَسَيِّدِ الْوَصِيِّينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِه . اَللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَتَقَبَّلْهَا مِنِّي، وَاجْزِنِي عَلَى ذلِكَ جَزَاءَ الْمُحْسِنِينَ .

اَللَّهُمَّ لَكَ صَلَّيْتُ، وَلَكَ رَكَعْتُ، وَلَكَ سَجَدْتُ، وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ، لِأَنَّهُ لا تَكُونُ الصَّلَاةُ وَالرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ إِلاّ لَكَ، لِأَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ . اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَتَقَبَّلْ مِنِّي زِيَارَتِي، وَأَعْطِنِي سُؤْلِي، بِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ

ص: 170


1- الشيخ الطوسي، مصباح المتهجد، ص 671 .
2- العلّامة المجلسي، بحارالأنوار، ج 100، ص 202 .
3- نفس المصدر، ص 383 .
4- الشيخ الطوسي، مصباح المتهجد، ص 812 .
5- أقول : المأثور في صلاة زيارة الأئمة المعصومين عليهم السّلام قراءة سورة يس في الركعة الأولى، وسورة الرحمن في الركعة الثانية، إلاّ أن المأثور في صلاة زيارة أميرالمؤمنين عليه السلام العكس، فتقرأ سورة الرحمن في الركعة الأولى، و سورة يس في الركعة الثانية .
6- الشيخ المفيد، المزار، ص 80 .

.

وتهدي الأربع ركعات الأُخر إلى آدم ونوح عليهما السلام ثمّ تسجد سجدة الشّكر وقل فيها:

اَللَّهُمَّ إِلَيْكَ تَوَجَّهْتُ، وَبِكَ اعْتَصَمْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ .

اَللَّهُمَّ أَنْتَ ثِقَتِي وَرَجَائِي، فَاكْفِنِي مَا أَهَمَّنِي وَمَا لا يُهِمُّنِي، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، عَزَّ جَارُكَ، وَجَلَّ ثَنَاؤُكَ، وَلَا إِلهَ غَيْرُكَ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَقَرِّبْ فَرَجَهُمْ .

ثمّ ضع خدّك الأيمن على الأرض وقل:

اِرْحَمْ ذُلِّي بَيْنَ يَدَيْكَ، وَتَضَرُّعِي إِلَيْكَ، وَوَحْشَتِي مِنَ النَّاسِ، وَأُنْسِي بِكَ، يَا كَرِيمُ يَا كَرِيمُ يَا كَرِيمُ .

ثمّ ضع خدّك الأيسر على الأرض وقل:

لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ رَبِّي حَقّاً حَقّاً، سَجَدْتُ لَكَ يَارَبِّ تَعَبُّداً وَرِقّاً .

اَللَّهُمَّ إِنَّ عَمَلِي ضَعِيفٌ فَضَاعِفْهُ لِي، يَا كَرِيمُ يَا كَرِيمُ يَاكَرِيمُ .

ثمّ عد إلى السّجود وقل شكراً مئة مرّة واجتهد في الدّعاء فإنّه موضع مسألة، وأكثر من الإستغفار فإنّه موضع مغفرة، واسأل الحوائج فإنّه مقام إجابة.(1)

في زيارة ائمة البقيع عليهم السّلام إن جعلت الزيارة للائمة الاربعة فصلّ ثمانى ركعات(2) تصلى لكل امام ركعتين .(3)

وفي زيارة أميرالمؤمنين عليه السلام ستّ ركعات، ركعتان لأميرالمؤمنين، ركعتان لآدم وركعتان لنوح عليهم السّلام .(4)

وفي زيارة النبيّ صلّى اللَّه عليه وآله والمعصومين عليهم السّلام الأفضل ست ركعات، ثم أربع ركعات، ثم ركعتان .(5)

وسيوافيك في زيارة أميرالمؤمنين عليه السلام من البُعد، أن الزّيارة لو كانت من البعد قدمت صلاة الزيارة على الزيارة .

الدعاء بعد صلاة الزيارة

[ 1 ]

قال الصادق عليه السلام : تصلي صلاة الزيارة، ثم تسبّح تسبيح الزهرا عليهاالسّلام، تستغفر وتدعو لنفسك ثمّ تقول :

اَللَّهُمَّ إنِّي صَلَّيْتُ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ ... إلى آخر الدّعاء، ولقد قدّمناه دعاءً تحت عنوان : « صلاة الزيارة » ذكره الشهيد بعد صلاة زيارة آدم ونوح عليهماالسّلام(6) وذكره المفيد عقيب صلاة زيارة أميرالمؤمنين عليه السلام .(7)

[ 2

ص: 171


1- الشهيد، المزار، ص 81 .
2- الشيخ المفيد، المقنعة، ص 475 .
3- إبن المشهدي، المزار الكبير، ص 90 .
4- الشيخ المفيد، المزار، ص 80 .
5- الداماد، السيد محمّد باقر، اربعة ايام، ط قم، 1426 ه- .، ص 54 .
6- المصدر، ص 82 .
7- المفيد، المزار، ص 79 .

]

ثم تستقبل القبلة وتقول :

يَا اَللَّهُ يَا اَللَّهُ يَا اَللَّهُ يَا مُجِيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرِّينَ ... إلى آخر الدعاء و قد مرّ في ضمن الزيارة السادسة ص 80 .

[ 3 ]

ثم تدعو بما كنت تدعو بعد كل صلاة تصليها عند قبر أميرالمؤمنين عليه السلام، كما سيوافيك . بُعَيد هذا بنفس العنوان، اوّله:

دعاء عالية المضامين

[ 4 ]

دعاء يعرف بدعاء « عالية المضامين » يدعى به عقيب زيارة سائر الائمة عليهم السّلام :

اللَّهُمَّ إِنِّي زُرْتُ هَذَا الْإِمَامَ مُقِرّاً بِإِمَامَتِهِ، مُعْتَقِداً لِفَرْضِ طَاعَتِهِ، فَقَصَدْتُ مَشْهَدَهُ بِذُنُوبِي وَعُيُوبِي، وَمُوبِقَاتِ آثَامِي، وَكَثْرَةِ سَيِّئَاتِي وَخَطَايَايَ، وَمَا تَعْرِفُهُ مِنِّي، مُسْتَجِيراً بِعَفْوِكَ، مُسْتَعِيذاً بِحِلْمِكَ، رَاجِياً رَحْمَتَكَ، لَاجِئاً إِلَى رُكْنِكَ، عَائِذاً بِرَأْفَتِكَ، مُسْتَشْفِعاً بِوَلِيِّكَ وَابْنِ أَوْلِيَائِكَ، وَصَفِيِّكَ وَابْنِ أَصْفِيَائِكَ، وَأَمِينِكَ وَابْنِ أُمَنَائِكَ، وَخَلِيفَتِكَ وَابْنِ خُلَفَائِكَ، الَّذِينَ جَعَلْتَهُمُ الْوَسِيلَةَ إِلَى رَحْمَتِكَ وَرِضْوَانِكَ، وَالذَّرِيعَةَ إِلَى رَأْفَتِكَ وَغُفْرَانِكَ .

اللَّهُمَّ وَأَوَّلُ حَاجَتِي إِلَيْكَ أَنْ تَغْفِرَ لِي مَا سَلَفَ مِنْ ذُنُوبِي عَلَى كَثْرَتِهَا، وَأَنْ تَعْصِمَنِي فِي مَا بَقِيَ مِنْ عُمُرِي، وَتُطَهِّرَ دِينِي مِمَّا يُدَنِّسُهُ وَيَشِينُهُ وَيُزْرِي بِهِ، وَتَحْمِيَهُ مِنَ الرَّيْبِ وَالشَّكِّ وَالْفَسَادِ وَالشِّرْكِ، وَتُثَبِّتَنِي عَلَى طَاعَتِكَ وَطَاعَةِ رَسُولِكَ وَذُرِّيَّتِهِ النُّجَبَاءِ السُّعَدَاءِ، صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِمْ وَرَحْمَتُكَ وَسَلَامُكَ وَبَرَكَاتُكَ، وَتُحْيِيَنِي مَا أَحْيَيْتَنِي عَلَى طَاعَتِهِمْ، وَتُمِيتَنِي إِذَا أَمَتَّنِي عَلَى طَاعَتِهِمْ، وَأَنْ لا تَمْحُوَ مِنْ قَلْبِي مَوَدَّتَهُمْ وَمَحَبَّتَهُمْ، وَبُغْضَ أَعْدَائِهِمْ، وَمُرَافَقَةَ أَوْلِيَائِهِمْ، وَبِرَّهُمْ .

وَأَسْأَلُكَ يَا رَبِّ أَنْ تَقْبَلَ ذَلِكَ مِنِّي، وَتُحَبِّبَ إِلَيَّ عِبَادَتَكَ وَالْمُوَاظَبَةَ عَلَيْهَا وَتُنَشِّطَنِي لَهَا، وَتُبَغِّضَ إِلَيَّ مَعَاصِيَكَ وَمَحَارِمَكَ وَتَدْفَعَنِي عَنْهَا، وَتُجَنِّبَنِي التَّقْصِيرَ فِي صَلَاتِي وَالاِسْتِهَانَةَ بِهَا وَالتَّرَاخِيَ عَنْهَا، وَتُوَفِّقَنِي لِتَأْدِيَتِهَا، كَمَا فَرَضْتَ وَأَمَرْتَ بِهِ عَلَى سُنَّةِ رَسُولِكَ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَرَحْمَتُكَ وَبَرَكَاتُكَ، خُضُوعاً وَخُشُوعاً، وَتَشْرَحَ صَدْرِي لإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَإِعْطَاءِ الصَّدَقَاتِ، وَبَذْلِ الْمَعْرُوفِ، وَالْإِحْسَانِ إِلَى شِيعَةِ آلِ

ص: 172

مُحَمَّدٍ عليهم السّلام، وَمُوَاسَاتِهِمْ، وَلَا تَتَوَفَّانِي إِلاَّ بَعْدَ أَنْ تَرْزُقَنِي حَجَّ بَيْتِكَ الْحَرَامِ، وَزِيَارَةَ قَبْرِ نَبِيِّكَ عليه السلام، وَقُبُورِ الْأَئِمَّةِ عليهم السّلام .

وَأَسْأَلُكَ يَا رَبِّ تَوْبَةً نَصُوحاً تَرْضَاهَا، وَنِيَّةً تَحْمَدُهَا، وَعَمَلاً صَالِحاً تَقْبَلُهُ، وَأَنْ تَغْفِرَ لِي وَتَرْحَمَنِي إِذَا تَوَفَّيْتَنِي، وَتُهَوِّنَ عَلَيَّ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ، وَتَحْشُرَنِي فِي زُمْرَةِ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ، وَتُدْخِلَنِي الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِكَ، وَتَجْعَلَ دَمْعِي غَزِيراً فِي طَاعَتِكَ، وَعَبْرَتِي جَارِيَةً فِيمَا يُقَرِّبُنِي مِنْكَ، وَقَلْبِي عَطُوفاً عَلَى أَوْلِيَائِكَ، وَتَصُونَنِي فِي هَذِهِ الدُّنْيَا مِنَ الْعَاهَاتِ وَالْآفَاتِ، وَالْأَمْرَاضِ الشَّدِيدَةِ وَالْأَسْقَامِ الْمُزْمِنَةِ، وَجَمِيعِ أَنْوَاعِ الْبَلَاءِ وَالْحَوَادِثِ، وَتَصْرِفَ قَلْبِي عَنِ الْحَرَامِ، وَتُبَغِّضَ إِلَيَّ مَعَاصِيَكَ، وَتُحَبِّبَ إِلَيَّ الْحَلَالَ، وَتَفْتَحَ لي أَبْوَابَهُ، وَتُثَبِّتَ نِيَّتِي وَفِعْلِي عَلَيْهِ، وَتَمُدَّ فِي عُمُرِي، وَتُغْلِقَ أَبْوَابَ الْمِحَنِ عَنِّي، وَلَا تَسْلُبَنِي مَا مَنَنْتَ بِهِ عَلَيَّ، وَلَا تَسْتَرِدَّ شَيْئاً مِمَّا أَحْسَنْتَ بِهِ إِلَيَّ، وَلَا تَنْزِعَ مِنِّي النِّعَمَ الَّتِي أَنْعَمْتَ بِهَا عَلَيَّ، وَتَزِيدَ فِي مَا خَوَّلْتَنِي وَتُضَاعِفَهُ أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً، وَتَرْزُقَنِي مَالاً كَثِيراً وَاسِعاً، سَائِغاً هَنِيئاً، نَامِياً وَافِياً، وَعِزّاً بَاقِياً كَافِياً، وَجَاهاً عَرِيضاً مَنِيعاً، وَنِعْمَةً سَابِغَةً عَامَّةً، وَتُغْنِيَنِي بِذَلِكَ عَنِ الْمَطَالِبِ الْمُنَكَّدَةِ، وَالْمَوَارِدِ الصَّعْبَةِ، وَتُخَلِّصَنِي مِنْهَا مُعَافى فِي دِينِي وَنَفْسِي وَوُلْدِي وَمَا أَعْطَيْتَنِي وَمَنَحْتَنِي، وَتَحْفَظَ عَلَيَّ مَالِي وَجَمِيعَ مَا خَوَّلْتَنِي، وَتَقْبِضَ عَنِّي أَيْدِيَ الْجَبَابِرَةِ، وَتَرُدَّنِي إِلَى وَطَنِي، وَتُبَلِّغَنِي نِهَايَةَ أَمَلِي فِي دُنْيَايَ وَآخِرَتِي، وَتَجْعَلَ عَاقِبَةَ أَمْرِي مَحْمُودَةً حَسَنَةً سَلِيمَةً، وَتَجْعَلَنِي رَحِيبَ الصَّدْرِ، وَاسِعَ الْحَالِ، حَسَنَ الْخُلُقِ، بَعِيداً مِنَ الْبُخْلِ وَالْمَنْعِ، وَالنِّفَاقِ وَالْكَذِبِ، وَالْبُهْتِ وَقَوْلِ الزُّورِ، وَتُرُسِّخَ فِي قَلْبِي مَحَبَّةَ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَشِيعَتِهِمْ، وَتَحْرُسَنِي يَا رَبِّ فِي نَفْسِي وَمَالِي وَأَهْلِي وَوُلْدِي وَأَهْلِ حُزَانَتِي وَإِخْوَانِي وَأَهْلِ مَوَدَّتِي وَذُرِّيَّتِي، بِرَحْمَتِكَ وَجُودِكَ .

اللَّهُمَّ هَذِهِ حَاجَتِي عِنْدَكَ وَقَدِ اسْتَكْثَرْتُهَا لِلُؤْمِي وَشُحِّي، وَهِيَ عِنْدَكَ صَغِيرَةٌ حَقِيرَةٌ، وَعَلَيْكَ سَهْلَةٌ يَسِيرَةٌ، فَأَسْأَلُكَ بِجَاهِ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ

ص: 173

عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمُ السَّلامُ عِنْدَكَ، وَبِحَقِّهِمْ عَلَيْكَ، وَ بِمَا أَوْجَبْتَ لَهُمْ، وَبِسَائِرِ أَنْبِيَائِكَ وَرُسُلِكَ، وَأَصْفِيَائِكَ وَأَوْلِيَائِكَ الْمُخْلَصِينَ مِنْ عِبَادِكَ، وَبِاسْمِكَ الْأَعْظَمِ الْأَعْظَمِ، لَمَّا قَضَيْتَهَا كُلَّهَا، وَأَسْعَفْتَنِي بِهَا، وَلَمْ تُخَيِّبْ أَمَلِي وَرَجَائِي.

اللَّهُمَّ وَشَفِّعْ صَاحِبَ هَذَا الْقَبْرِ فِيَّ يَا سَيِّدِي، يَا وَلِيَّ اللَّهِ، يَا أَمِينَ اللَّهِ، أَسْأَلُكَ أَنْ تَشْفَعَ لِي إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي هَذِهِ الْحَاجَاتِ كُلِّهَا، بِحَقِّ آبَائِكَ الطَّاهِرِينَ، وَبِحَقِّ أَوْلَادِكَ الْمُنْتَجَبِينَ، فَإِنَّ لَكَ عِنْدَ اللَّهِ - تَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ - الْمَنْزِلَةَ الشَّرِيفَةَ، وَالْمَرْتَبَةَ الْجَلِيلَةَ، وَالْجَاهَ الْعَرِيضَ .

اللَّهُمَّ لَوْ عَرَفْتُ مَنْ هُوَ أَوْجَهُ عِنْدَكَ مِنْ هَذَا الْإِمَامِ، وَمِنْ آبَائِهِ وَأَبْنَائِهِ الطَّاهِرِينَ عَلَيْهِمُ السَّلامُ وَالصَّلَاةُ، لَجَعَلْتُهُمْ شُفَعَائِي، وَقَدَّمْتُهُمْ أَمَامَ حَاجَتِي وَطَلِبَاتِي هَذِه . فَاسْمَعْ مِنِّي، وَاسْتَجِبْ لِي، وَافْعَلْ بِي مَا أَنْتَ أَهْلُهُ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .

اللَّهُمَّ وَمَا قَصُرَتْ عَنْهُ مَسْأَلَتِي، وَلَمْ تَبْلُغْهُ فِطْنَتِي، مِنْ صَالِحِ دِينِي وَدُنْيَايَ وَآخِرَتِي، فَامْنُنْ بِهِ عَلَيَّ وَاحْفَظْنِي، وَاحْرُسْنِي، وَهَبْ لِي، وَاغْفِرْ لِي .

اللَّهُمَّ وَمَنْ أَرَادَنِي بِسُوءٍ أَوْ مَكْرُوهٍ، مِنْ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ، أَوْ سُلْطَانٍ عَنِيدٍ، أَوْ مُخَالِفٍ فِي دَيْنٍ، أَوْ مُنَازِعٍ فِي دُنْيَا، أَوْ حَاسِدٍ عَلَيَّ نِعْمَةً، أَوْ ظَالِمٍ، أَوْ بَاغٍ، فَاقْبِضْ عَنِّي يَدَهُ، وَاصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُ، وَاشْغَلْهُ بِنَفْسِهِ، وَاكْفِنِي شَرَّهُ وَشَرَّ أَتْبَاعِهِ وَشَيَاطِينِهِ، وَأَجِرْنِي مِنْ كُلِّ مَا يَضُرُّنِي وَيُجْحِفُ بِي، وَأَعْطِنِي جَمِيعَ الْخَيْرِ كُلَّهُ، مِمَّا أَعْلَمُ وَمِمَّا لا أَعْلَمُ .

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ، وَلِإِخْوَانِي وَأَخَوَاتِي، وَأَعْمَامِي وَعَمَّاتِي، وَأَخْوَالِي وَخَالَاتِي، وَأَجْدَادِي وَجَدَّاتِي، وَأَوْلَادِهِمْ وَذَرَارِيِهِمْ . وَأَزْوَاجِي وَذُرِّيَّاتِي، وَأَقْرِبَائِي وَأَصْدِقَائِي، وَجِيرَانِي وَإِخْوَانِي فِيكَ مِنْ أَهْلِ الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ، وَ لِجَمِيعِ أَهْلِ مَوَدَّتِي مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتِ، وَلِجَمِيعِ مَنْ عَلَّمَنِي خَيْراً أَوْ تَعَلَّمَ مِنِّي عِلْماً . اللَّهُمَّ أَشْرِكْهُمْ فِي صَالِحِ دُعَائِي وَزِيَارَتِي لِمَشْهَدِ حُجَّتِكَ وَوَلِيِّكَ،

ص: 174

وَأَشْرِكْنِي فِي صَالِحِ أَدْعِيَتِهِمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَبَلِّغْ وَلِيَّكَ مِنْهُمُ السَّلَامَ، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه .

يَا سَيِّدِي يَا مَوْلَايَ، يَا عَلِيَّ بْنَ أبي طالب ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ وَعَلَى رُوحِكَ وَبَدَنِكَ، أَنْتَ وَسِيلَتِي إِلَى اللَّهِ وَذَرِيعَتِي إِلَيْهِ، وَلِي حَقُّ مُوَالَاتِي وَتَأْمِيلِي، فَكُنْ شَفِيعِي إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْوُقُوفِ عَلَى قَضَاءِ حَاجَتِي، وَاصْرِفْنِي عَنْ مَوْقِفِي هَذَا بِالنُّجْحِ، وَبِمَا سَأَلْتُهُ كُلَّهُ بِرَحْمَتِهِ وَقُدْرَتِه .

اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي عَقْلاً كَامِلاً، وَلُبّاً رَاجِحاً، وَعِزّاً بَاقِياً، وَقَلْباً زَكِيّاً وَعَمَلاً كَثِيراً، وَأَدَباً بَارِعاً، وَاجْعَلْ ذَلِكَ كُلَّهُ لِي، وَلَا تَجْعَلْهُ عَلَيَّ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .(1)

[ 5 ]

يستحب أن يدعى بهذا الدعاء أيضاً عقيب الزيارة لهم عليهم السّلام :

اللَّهُمَّ إِنْ كَانَتْ ذُنُوبِي قَدْ أَخْلَقَتْ وَجْهِي عِنْدَكَ، وَحَجَبَتْ دُعَائِي مِنْكَ، وَحَالَتْ بَيْنِي وَبَيْنَكَ، فَأَسْأَلُكَ أَنْ تُقْبِلَ عَلَيَّ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ، وَتَنْشُرَ عَلَيَّ رَحْمَتَكَ، وَتُنَزِّلَ عَلَيَّ بَرَكَاتِكَ، وَإِنْ كَانَتْ قَدْ مَنَعَتْ أَنْ تَرْفَعَ لِي إِلَيْكَ صَوْتاً، أَوْ تَغْفِرَ لِي ذَنْباً، أَوْ تَتَجَاوَزَ عَنْ خَطِيئَةٍ مُهْلِكَةٍ، فَهَا أَنَا ذَا مُسْتَجِيرٌ بِكَرَمِ وَجْهِكَ، وَعِزِّ جَلَالِكَ، مُتَوَسِّلٌ إِلَيْكَ بِأَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَيْكَ، وَأَكْرَمِهِمْ عَلَيْكَ، وَأَوْلَاهُمْ بِكَ، وَأَطْوَعِهِمْ لَكَ، وَأَعْظَمِهِمْ مَنْزِلَةً وَمَكَاناً عِنْدَكَ، مُحَمَّدٍ وَبِعِتْرَتِهِ الطَّاهِرِينَ، الْأَئِمَّةِ الْهُدَاةِ الْمَهْدِيِّينَ، الَّذِينَ فَرَضْتَ عَلَى خَلْقِكَ طَاعَتَهُمْ، وَأَمَرْتَ بِمَوَدَّتِهِمْ، وَجَعَلْتَهُمْ وُلَاةَ الْأَمْرِ مِنْ بَعْدِ رَسُولِكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِه .

يَا مُذِلَّ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، وَيَا مُعِزَّ الْمُؤْمِنِينَ، بَلَغَ مَجْهُودِي، فَهَبْ لِي نَفْسِيَ السَّاعَةَ، وَرَحْمَةً مِنْكَ تَمُنُّ بِهَا عَلَيَّ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .

ثمّ قبِّل الضريح ومرِّغ خديك عليه وقل :

اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا مَشْهَدٌ لا يَرْجُو مَنْ فَاتَتْهُ فِيهِ رَحْمَتُكَ أَنْ يَنَالَهَا فِي غَيْرِهِ، وَلَا أَحَدٌ أَشْقَى مِنِ امْرِئٍ قَصَدَهُ مُؤَمِّلاً فَآبَ عَنْهُ خَائِباً .

اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ

ص: 175


1- السيد إبن طاووس، مصباح الزائر، ص 468 .

مِنْ شَرِّ الْإِيَابِ، وَخَيْبَةِ الْمُنْقَلَبِ، وَالْمُنَاقَشَةِ عِنْدَ الْحِسَابِ، وَحَاشَاكَ يَا رَبِّ أَنْ تَقْرُنَ طَاعَةَ وَلِيِّكَ بِطَاعَتِكَ، وَمُوَالَاتَهُ بِمُوَالَاتِكَ، وَمَعْصِيَتَهُ بِمَعْصِيَتِكَ، ثُمَّ تُؤْيِسَ زَائِرَهُ، وَالْمُتَحَمِّلَ مِنْ بُعْدِ الْبِلَادِ إِلَى قَبْرِه . وَعِزَّتِكَ يَا رَبِّ لا يَنْعَقِدُ عَلَى ذَلِكَ ضَمِيرِي إِذْ كَانَتِ الْقُلُوبُ إِلَيْكَ بِالْجَمِيلِ تُشِيرُ .(1)

الزيارة الجامعة الكبيرة

زيارة جامعة لسائر مشاهد الأئمة عليهم السّلام رواها الصدوق عن الإمام الهادي عليه السلام في الفقيه والعيون(2) ورواها الشيخ الطوسي في التهذيب .(3)

قال المولى محمّدتقي المجلسي في شرح الفقيه : أنها اكمل الزيارات وأحسنها .(4)

قال العلامة الملجسي : إنّها أصحّ الزيارات سنداً وأعمّها مورداً وأفصحها لفظاً وأبلغها معنى وأعلاها شأناً .(5)

قال العلامة السيد عبداللَّه الشّبّر : وأعلم أنّ هذه الزيارة لاتحتاج إلى ملاحظة سند، فإن فصاحة مشحونها وبلاغة مضمونها تغني عن ذلك، فهي كالصحيفة السجادية ونهج البلاغة .(6)

ذكر المحدث النوري حكاية السيد أحمد الرشتي وتشرّفه إلى لقيا الإمام الحجة - عجّل اللَّه فرجه - وأمره عليه السلام بمداومة زيارة الجامعة .(7)

قال العلامة القزويني : إن الزيارة الجامعة تعتبر بمنزلة بطاقة الهوية، أو تعريف الشخصية لأئمة أهل البيت عليهم السّلام، وحيث إنّها مشتملة على ذكر المواهب والمزايا الراقية الّتي يتمتع بها الأئمة الطاهرون عليهم السّلام كثرت الأقوال والأقلام حول هذه الزيارة بصورة خاصة، لانّها على مستوى عال في المعاني والمضامين .(8)

وقد رواها شيخ الإسلام الحمويني من أعلام العامة ) المتوفي سنة 730 ه . ( بأسناده المتصلة إلى الإمام الهادي عليه السلام .(9)

إذا صرت إلى الباب فقف وأشهد الشهادتين وأنت على غُسل، فإذا دخلت ورأيت القبر فقف وقُل : اللَّه أكبر ثلاثين مرّة، ثمّ امش قليلاً وعليك السكينة والوقار، وقارب بين خُطاك، ثمّ قف وكبّر اللَّه عزّوجلّ ثلاثين مرّة، ثمّ ادنُ من القبر وكبّر اللَّه أربعين مرّة - تمام مائة تكبيرة - ثمّ

ص: 176


1- مصباح الزائر، ص 471 .
2- الفقيه، ج 2، ص 370 ؛ العيون، ج 2، ص 277 .
3- تهذيب الاحكام، ج 6، ص 95 .
4- المجلسي الاول، روضة المتقين، ج 5، ط2، قم، ص 452 .
5- بحارالأنوار، ج 102، ص 144 .
6- السيد الشبّر، الأنوار اللامعة، ط مشهد، 1407 ه- .، ص 30 .
7- الحسين النوري، النجم الثاقب، ط قم، 1415 ه- .، ج 2، ص 275 ) الحكاية السبعون ( .
8- القزويني، الإمام الهادي من المهد إلى اللحد، ط قم، 1413 ه- .، ص 413 .
9- الحمويني، فرائد السمطين، ط بيروت، 1398 ه- .، ج 2، ص 179 .

قُل :

السَّلامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ بَيْتِ النُّبُوَّةِ، وَمَوْضِعَ الرِّسَالَةِ، وَمُخْتَلَفَ الْمَلَائِكَةِ، وَمَهْبِطَ الْوَحْيِ، وَمَعْدِنَ الرَّحْمَةِ، وَخُزَّانَ الْعِلْمِ، وَمُنْتَهَى الْحِلْمِ، وَأُصُولَ الْكَرَمِ، وَقَادَةَ الْأُمَمِ، وَأَوْلِيَاءَ النِّعَمِ، وَعَنَاصِرَ الْأَبْرَارِ، وَدَعَائِمَ الْأَخْيَارِ، وَسَاسَةَ الْعِبَادِ، وَأَرْكَانَ الْبِلَادِ، وَأَبْوَابَ الْإِيمَانِ، وَأُمَنَاءَ الرَّحْمَنِ، وَسُلَالَةَ النَّبِيِّينَ، وَصَفْوَةَ الْمُرْسَلِينَ، وَعِتْرَةَ خِيَرَةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه .

السَّلامُ عَلَى أَئِمَّةِ الْهُدَى، وَمَصَابِيحِ الدُّجَى، وَأَعْلَامِ التُّقَى، وَذَوِي النُّهَى، وَأُولِي الْحِجَى، وَكَهْفِ الْوَرَى، وَوَرَثَةِ الْأَنْبِيَاءِ، وَالْمَثَلِ الْأَعْلَى، وَالدَّعْوَةِ الْحُسْنَى، وَحُجَجِ اللَّهِ عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَالْأُولَى، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه .

السَّلامُ عَلَى مَحَالِّ مَعْرِفَةِ اللَّهِ، وَمَسَاكِنِ بَرَكَةِ اللَّهِ، وَمَعَادِنِ حِكْمَةِ اللَّهِ، وَحَفَظَةِ سِرِّ اللَّهِ، وَحَمَلَةِ كِتَابِ اللَّهِ، وَأَوْصِيَاءِ نَبِيِّ اللَّهِ، وَذُرِّيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه .

السَّلامُ عَلَى الدُّعَاةِ إِلَى اللَّهِ، وَالْأَدِلاَّءِ عَلَى مَرْضَاةِ اللَّهِ، وَالْمُسْتَقِرِّينَ فِي أَمْرِ اللَّهِ وَالتَّامِّينَ فِي مَحَبَّةِ اللَّهِ، وَالْمُخْلِصِينَ فِي تَوْحِيدِ اللَّهِ، وَالْمُظْهِرِينَ لِأَمْرِ اللَّهِ وَنَهْيِهِ، وَعِبَادِهِ الْمُكْرَمِينَ الَّذِينَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه .

السَّلامُ عَلَى الْأَئِمَّةِ الدُّعَاةِ، وَالْقَادَةِ الْهُدَاةِ، وَالسَّادَةِ الْوُلَاةِ، وَالذَّادَةِ الْحُمَاةِ، وَأَهْلِ الذِّكْرِ، وَأُولِي الْأَمْرِ، وَبَقِيَّةِ اللَّهِ، وَخِيَرَتِهِ وَحِزْبِهِ، وَعَيْبَةِ عِلْمِهِ، وَحُجَّتِهِ وَصِرَاطِهِ وَنُورِهِ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه .

أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، كَمَا شَهِدَ اللَّهُ لِنَفْسِهِ وَشَهِدَتْ لَهُ مَلَائِكَتُهُ وَأُولُو الْعِلْمِ مِنْ خَلْقِهِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ .

وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ الْمُنْتَجَبُ، وَرَسُولُهُ الْمُرْتَضَى، أَرْسَلَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ .

وَأَشْهَدُ أَنَّكُمُ الْأَئِمَّةُ الرَّاشِدُونَ، الْمَهْدِيُّونَ، الْمَعْصُومُونَ، الْمُكَرَّمُونَ، الْمُقَرَّبُونَ، الْمُتَّقُونَ، الصَّادِقُونَ، الْمُصْطَفَوْنَ، الْمُطِيعُونَ للَّهِِ، الْقَوَّامُونَ بِأَمْرِهِ، الْعَامِلُونَ بِإِرَادَتِهِ، الْفَائِزُونَ بِكَرَامَتِه .

اصْطَفَاكُمْ بِعِلْمِهِ، وَارْتَضَاكُمْ لِغَيْبِهِ، وَاخْتَارَكُمْ لِسِرِّهِ، وَاجْتَبَاكُمْ بِقُدْرَتِهِ، وَأَعَزَّكُمْ بِهُدَاهُ، وَخَصَّكُمْ

ص: 177

بِبُرْهَانِهِ، وَانْتَجَبَكُمْ بِنُورِهِ، وَأَيَّدَكُمْ بِرُوحِهِ، وَرَضِيَكُمْ خُلَفَاءَ فِي أَرْضِهِ، وَحُجَجاً عَلَى بَرِيَّتِهِ، وَأَنْصَاراً لِدِينِهِ، وَحَفَظَةً لِسِرِّهِ، وَخَزَنَةً لِعِلْمِهِ، وَمُسْتَوْدَعاً لِحِكْمَتِهِ، وَتَرَاجِمَةً لِوَحْيِهِ، وَأَرْكَاناً لِتَوْحِيدِهِ، وَشُهَدَاءَ عَلَى خَلْقِهِ، وَأَعْلَاماً لِعِبَادِهِ، وَمَنَاراً فِي بِلَادِهِ، وَأَدِلاَّءَ عَلَى صِرَاطِه .

عَصَمَكُمُ اللَّهُ مِنَ الزَّلَلِ، وَآمَنَكُمْ مِنَ الْفِتَنِ، وَطَهَّرَكُمْ مِنَ الدَّنَسِ، وَأَذْهَبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ ) أَهْلَ الْبَيْتِ ( وَطَهَّرَكُمْ تَطْهِيراً ؛ فَعَظَّمْتُمْ جَلَالَهُ، وَأَكْبَرْتُمْ شَأْنَهُ، وَمَجَّدْتُمْ كَرَمَهُ، وَأَدْمَنْتُمْ ذِكْرَهُ، وَوَكَّدْتُمْ مِيثَاقَهُ، وَأَحْكَمْتُمْ عَقْدَ طَاعَتِهِ، وَنَصَحْتُمْ لَهُ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ، وَدَعَوْتُمْ إِلَى سَبِيلِهِ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ، وَبَذَلْتُمْ أَنْفُسَكُمْ فِي مَرْضَاتِهِ، وَصَبَرْتُمْ عَلَى مَا أَصَابَكُمْ فِي جَنْبِهِ، وَأَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ، وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ، وَأَمَرْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَيْتُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَجَاهَدْتُمْ فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ، حَتَّى أَعْلَنْتُمْ دَعْوَتَهُ، وَبَيَّنْتُمْ فَرَائِضَهُ، وَأَقَمْتُمْ حُدُودَهُ، وَنَشَرْتُمْ شَرَائِعَ أَحْكَامِهِ، وَسَنَنْتُمْ سُنَّتَهُ، وَصِرْتُمْ فِي ذَلِكَ مِنْهُ إِلَى الرِّضَا، وَسَلَّمْتُمْ لَهُ الْقَضَاءَ، وَصَدَّقْتُمْ مِنْ رُسُلِهِ مَنْ مَضَى .

فَالرَّاغِبُ عَنْكُمْ مَارِقٌ، وَاللاَّزِمُ لَكُمْ لَاحِقٌ، وَالْمُقَصِّرُ فِي حَقِّكُمْ زَاهِقٌ، وَالْحَقُّ مَعَكُمْ، وَفِيكُمْ، وَمِنْكُمْ، وَإِلَيْكُمْ، وَأَنْتُمْ أَهْلُهُ وَمَعْدِنُهُ، وَمِيرَاثُ النُّبُوَّةِ عِنْدَكُمْ، وَإِيَابُ الْخَلْقِ إِلَيْكُمْ، وَحِسَابُهُمْ عَلَيْكُمْ، وَفَصْلُ الْخِطَابِ عِنْدَكُمْ، وَآيَاتُ اللَّهِ لَدَيْكُمْ، وَعَزَائِمُهُ فِيكُمْ، وَنُورُهُ وَبُرْهَانُهُ عِنْدَكُمْ وَأَمْرُهُ إِلَيْكُمْ .

مَنْ وَالَاكُمْ فَقَدْ وَالَى اللَّهَ، وَمَنْ عَادَاكُمْ فَقَدْ عَادَى اللَّهَ، وَمَنْ أَحَبَّكُمْ فَقَدْ أَحَبَّ اللَّهَ، وَمَنْ أَبْغَضَكُمْ فَقَدْ أَبْغَضَ اللَّهَ، وَمَنِ اعْتَصَمَ بِكُمْ فَقَدِ اعْتَصَمَ بِاللَّهِ، أَنْتُمُ ] السَّبِيلُ الْأَعْظَمُ، وَ [ الصِّرَاطُ الْأَقْوَمُ، وَشُهَدَاءُ دَارِ الْفَنَاءِ، وَشُفَعَاءُ دَارِ الْبَقَاءِ، وَالرَّحْمَةُ الْمَوْصُولَةُ، وَالْآيَةُ الْمَخْزُونَةُ، وَالْأَمَانَةُ الْمَحْفُوظَةُ، وَالْبَابُ الْمُبْتَلَى بِهِ النَّاسُ .

مَنْ أَتَاكُمْ نَجَا، وَمَنْ لَمْ يَأْتِكُمْ هَلَكَ ؛ إِلَى اللَّهِ تَدْعُونَ وَعَلَيْهِ تَدُلُّونَ، وَبِهِ تُؤْمِنُونَ، وَلَهُ تُسَلِّمُونَ، وَبِأَمْرِهِ تَعْمَلُونَ، وَإِلَى سَبِيلِهِ تُرْشِدُونَ، وَبِقَوْلِهِ تَحْكُمُونَ، سَعِدَ مَنْ وَالَاكُمْ، وَهَلَكَ مَنْ عَادَاكُمْ، وَخَابَ مَنْ جَحَدَكُمْ،

ص: 178

وَضَلَّ مَنْ فَارَقَكُمْ، وَفَازَ مَنْ تَمَسَّكَ بِكُمْ . وَأَمِنَ مَنْ لَجَأَ إِلَيْكُمْ، وَسَلِمَ مَنْ صَدَّقَكُمْ، وَهُدِيَ مَنِ اعْتَصَمَ بِكُمْ .

مَنِ اتَّبَعَكُمْ فَالْجَنَّةُ مَأْوَاهُ، وَمَنْ خَالَفَكُمْ فَالنَّارُ مَثْوَاهُ، وَمَنْ جَحَدَكُمْ كَافِرٌ، وَمَنْ حَارَبَكُمْ مُشْرِكٌ، وَمَنْ رَدَّ عَلَيْكُمْ فِي أَسْفَلِ دَرْكٍ مِنَ الْجَحِيمِ .

أَشْهَدُ أَنَّ هَذَا سَابِقٌ لَكُمْ فِيمَا مَضَى، وَجَارٍ لَكُمْ فِيمَا بَقِيَ ؛ وَأَنَّ أَرْوَاحَكُمْ وَنُورَكُمْ وَطِينَتَكُمْ وَاحِدَةٌ، طَابَتْ وَطَهُرَتْ، بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ، خَلَقَكُمُ اللَّهُ أَنْوَاراً فَجَعَلَكُمْ بِعَرْشِهِ مُحْدِقِينَ، حَتَّى مَنَّ عَلَيْنَا بِكُمْ، فَجَعَلَكُمْ « فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ »، وَجَعَلَ صَلَوَاتِنَا عَلَيْكُمْ، وَمَا خَصَّنَا بِهِ مِنْ وَلَايَتِكُمْ طِيباً لِخَلْقِنَا، وَطَهَارَةً لِأَنْفُسِنَا، وَتَزْكِيَةً لَنَا، وَكَفَّارَةً لِذُنُوبِنَا، فَكُنَّا عِنْدَهُ مُسَلِّمِينَ بِفَضْلِكُمْ، وَمَعْرُوفِينَ بِتَصْدِيقِنَا إِيَّاكُمْ، فَبَلَغَ اللَّهُ بِكُمْ أَشْرَفَ مَحَلِّ الْمُكَرَّمِينَ، وَأَعْلَى مَنَازِلِ الْمُقَرَّبِينَ، وَ أَرْفَعَ دَرَجَاتِ الْمُرْسَلِينَ، حَيْثُ لا يَلْحَقُهُ لَاحِقٌ، وَلَا يَفُوقُهُ فَائِقٌ، وَلَا يَسْبِقُهُ سَابِقٌ، وَلَا يَطْمَعُ فِي إِدْرَاكِهِ طَامِعٌ ؛ حَتَّى لا يَبْقَى مَلَكٌ مُقَرَّبٌ، وَلَا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، وَلَا صِدِّيقٌ وَلَا شَهِيدٌ، وَلَا عَالِمٌ وَلَا جَاهِلٌ، وَلَا دَنِيٌّ وَلَا فَاضِلٌ، وَلَا مُؤْمِنٌ صَالِحٌ وَلَا فَاجِرٌ طَالِحٌ، وَلَا جَبَّارٌ عَنِيدٌ، وَلَا شَيْطَانٌ مَرِيدٌ، وَلَا خَلْقٌ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ شَهِيدٌ، إِلاَّ عَرَّفَهُمْ جَلَالَةَ أَمْرِكُمْ، وَعِظَمَ خَطَرِكُمْ وَكِبَرَ شَأْنِكُمْ، وَتَمَامَ نُورِكُمْ، وَصِدْقَ مَقَاعِدِكُمْ، وَثَبَاتَ مَقَامِكُمْ، وَشَرَفَ مَحَلِّكُمْ، وَمَنْزِلَتِكُمْ عِنْدَهُ، وَكَرَامَتَكُمْ عَلَيْهِ، وَخَاصَّتَكُمْ لَدَيْهِ، وَقُرْبَ مَنْزِلَتِكُمْ مِنْه .

بِأَبِي أَنْتُمْ وَأُمِّي وَأَهْلِي وَمَالِي وَأُسْرَتِي .

أُشْهِدُ اللَّهَ وَأُشْهِدُكُمْ أَنِّي مُؤْمِنٌ بِكُمْ وَبِمَا آمَنْتُمْ بِهِ، كَافِرٌ بِعَدُوِّكُمْ وَبِمَا كَفَرْتُمْ بِهِ، مُسْتَبْصِرٌ بِشَأْنِكُمْ وَبِضَلَالَةِ مَنْ خَالَفَكُمْ، مُوَالٍ لَكُمْ وَلِأَوْلِيَائِكُمْ، مُبْغِضٌ لِأَعْدَائِكُمْ وَمُعَادٍ لَهُمْ، سِلْمٌ لِمَنْ سَالَمَكُمْ، وَحَرْبٌ لِمَنْ حَارَبَكُمْ، مُحَقِّقٌ لِمَا حَقَّقْتُمْ، مُبْطِلٌ لِمَا أَبْطَلْتُمْ، مُطِيعٌ لَكُمْ، عَارِفٌ بِحَقِّكُمْ، مُقِرٌّ بِفَضْلِكُمْ، مُحْتَمِلٌ

ص: 179

لِعِلْمِكُمْ، مُحْتَجِبٌ بِذِمَّتِكُمْ، مُعْتَرِفٌ بِكُمْ، مُؤْمِنٌ بِإِيَابِكُمْ، مُصَدِّقٌ بِرَجْعَتِكُمْ، مُنْتَظِرٌ لِأَمْرِكُمْ، مُرْتَقِبٌ لِدَوْلَتِكُمْ، آخِذٌ بِقَوْلِكُمْ، عَامِلٌ بِأَمْرِكُمْ، مُسْتَجِيرٌ بِكُمْ، زَائِرٌ لَكُمْ، لَائِذٌ عَائِذٌ بِقُبُورِكُمْ، مُسْتَشْفِعٌ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِكُمْ، وَمُتَقَرِّبٌ بِكُمْ إِلَيْهِ، وَمُقَدِّمُكُمْ أَمَامَ طَلِبَتِي وَحَوَائِجِي وَإِرَادَتِي فِي كُلِّ أَحْوَالِي وَأُمُورِي، مُؤْمِنٌ بِسِرِّكُمْ وَعَلَانِيَتِكُمْ، وَشَاهِدِكُمْ وَغَائِبِكُمْ، وَأَوَّلِكُمْ وَآخِرِكُمْ، وَمُفَوِّضٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إِلَيْكُمْ، وَمُسَلِّمٌ فِيهِ مَعَكُمْ، وَقَلْبِي لَكُمْ سِلْمٌ، وَرَأْيِي لَكُمْ تَبَعٌ، وَنُصْرَتِي لَكُمْ مُعَدَّةٌ، حَتَّى يُحْيِيَ اللَّهُ دِينَهُ بِكُمْ، وَيَرُدَّكُمْ فِي أَيَّامِهِ، وَيُظْهِرَكُمْ لِعَدْلِهِ، وَيُمَكِّنَكُمْ فِي أَرْضِهِ، فَمَعَكُمْ مَعَكُمْ، لا مَعَ عَدُوِّكُمْ، آمَنْتُ بِكُمْ، وَتَوَلَّيْتُ آخِرَكُمْ بِمَا تَوَلَّيْتُ بِهِ أَوَّلَكُمْ، وَبَرِئْتُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ أَعْدَائِكُمْ، وَمِنَ الْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ، وَالشَّيَاطِينِ وَحِزْبِهِمُ، الظَّالِمِينَ لَكُمْ، الْجَاحِدِينَ لِحَقِّكُمْ، وَالْمَارِقِينَ مِنْ وَلَايَتِكُمْ، وَالْغَاصِبِينَ لِا ِرْثِكُمْ، الشَّاكِّينَ فِيكُمْ، الْمُنْحَرِفِينَ عَنْكُمْ ؛ وَمِنْ كُلِّ وَلِيجَةٍ دُونَكُمْ، وَكُلِّ مُطَاعٍ سِوَاكُمْ، وَمِنَ الْأَئِمَّةِ الَّذِينَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ .

فَثَبَّتَنِي اللَّهُ أَبَداً مَا حَيِيتُ عَلَى مُوَالَاتِكُمْ وَمَحَبَّتِكُمْ وَدِينِكُمْ، وَوَفَّقَنِي لِطَاعَتِكُمْ، وَرَزَقَنِي شَفَاعَتَكُمْ، وَجَعَلَنِي مِنْ خِيَارِ مَوَالِيكُمُ التَّابِعِينَ لِمَا دَعَوْتُمْ إِلَيْهِ، وَجَعَلَنِي مِمَّنْ يَقْتَصُّ آثَارَكُمْ، وَيَسْلُكُ سَبِيلَكُمْ، وَيَهْتَدِي بِهُدَاكُمْ، وَيُحْشَرُ فِي زُمْرَتِكُمْ، وَيُكَرُّ فِي رَجْعَتِكُمْ، وَيُمَلَّكُ فِي دَوْلَتِكُمْ، وَيُشَرَّفُ فِي عَافِيَتِكُمْ، وَيُمَكَّنُ فِي أَيَّامِكُمْ، وَتَقَرُّ عَيْنُهُ غَداً بِرُؤْيَتِكُمْ .

بِأَبِي أَنْتُمْ وَأُمِّي وَنَفْسِي وَأَهْلِي وَمَالِي . مَنْ أَرَادَ اللَّهَ بَدَأَ بِكُمْ، وَ مَنْ وَحَّدَهُ قَبِلَ عَنْكُمْ، وَمَنْ قَصَدَهُ تَوَجَّهَ بِكُمْ .

مَوَالِيَّ، لا أُحْصِي ثَنَاءَكُمْ، وَلَا أَبْلُغُ مِنَ الْمَدْحِ كُنْهَكُمْ، وَمِنَ الْوَصْفِ قَدْرَكُمْ، وَأَنْتُمْ نُورُ الْأَخْيَارِ، وَهُدَاةُ الْأَبْرَارِ، وَحُجَجُ الْجَبَّارِ .

بِكُمْ فَتَحَ اللَّهُ، وَبِكُمْ يَخْتِمُ، وَبِكُمْ يُنَزِّلُ الْغَيْثَ، وَبِكُمْ « يُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ »، وَبِكُمْ يُنَفِّسُ الْهَمَّ، وَيَكْشِفُ الضُّرَّ، وَعِنْدَكُمْ مَا نَزَلَتْ بِهِ رُسُلُهُ، وَهَبَطَتْ بِهِ

ص: 180

مَلَائِكَتُهُ، وَإِلَى أَخِيكَ بُعِثَ الرُّوحُ الْأَمِينُ . آتَاكُمُ اللَّهُ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعَالَمِينَ، طَأْطَأَ كُلُّ شَرِيفٍ لِشَرَفِكُمْ، وَبَخَعَ كُلُّ مُتَكَبِّرٍ لِطَاعَتِكُمْ، وَخَضَعَ كُلُّ جَبَّارٍ لِفَضْلِكُمْ، وَذَلَّ كُلُّ شَيْ ءٍ لَكُمْ، وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِكُمْ، وَفَازَ الْفَائِزُونَ بِوَلَايَتِكُمْ، بِكُمْ يُسْلَكُ إِلَى الرِّضْوَانِ، وَعَلَى مَنْ جَحَدَ وَلَايَتَكُمْ غَضَبُ الرَّحْمَنِ .

بِأَبِي أَنْتُمْ وَأُمِّي وَنَفْسِي وَأَهْلِي وَمَالِي، ذِكْرُكُمْ فِي الذَّاكِرِينَ، وَأَسْمَاؤُكُمْ فِي الْأَسْمَاءِ، وَأَجْسَادُكُمْ فِي الْأَجْسَادِ، وَأَرْوَاحُكُمْ فِي الْأَرْوَاحِ، وَأَنْفُسُكُمْ فِي النُّفُوسِ، وَآثَارُكُمْ فِي الْآثَارِ، وَقُبُورُكُمْ فِي الْقُبُورِ ؛ فَمَا أَحْلَى أَسْمَاءَكُمْ، وَأَكْرَمَ أَنْفُسَكُمْ، وَأَعْظَمَ شَأْنَكُمْ، وَأَجَلَّ خَطَرَكُمْ، وَأَوْفَى عَهْدَكُمْ .

كَلَامُكُمْ نُورٌ، وَأَمْرُكُمْ رُشْدٌ، وَوَصِيَّتُكُمُ التَّقْوَى، وَفِعْلُكُمُ الْخَيْرُ، وَعَادَتُكُمُ الْإِحْسَانُ، وَسَجِيَّتُكُمُ الْكَرَمُ، وَشَأْنُكُمُ الْحَقُّ وَالصِّدْقُ وَالرِّفْقُ، وَقَوْلُكُمْ حُكْمٌ وَحَتْمٌ، وَرَأْيُكُمْ عِلْمٌ وَحِلْمٌ وَحَزْمٌ ؛ إِنْ ذُكِرَ الْخَيْرُ كُنْتُمْ أَوَّلَهُ وَأَصْلَهُ وَفَرْعَهُ وَمَعْدِنَهُ وَمَأْوَاهُ وَمُنْتَهَاه .

بِأَبِي أَنْتُمْ وَأُمِّي وَنَفْسِي، كَيْفَ أَصِفُ حُسْنَ ثَنَائِكُمْ، وَأُحْصِي جَمِيلَ بَلَائِكُمْ، وَبِكُمْ أَخْرَجَنَا اللَّهُ مِنَ الذُّلِّ، وَفَرَّجَ عَنَّا غَمَرَاتِ الْكُرُوبِ، وَأَنْقَذَنَا مِنْ شَفَا جُرُفِ الْهَلَكَاتِ وَمِنَ النَّارِ .

بِأَبِي أَنْتُمْ وَأُمِّي وَنَفْسِي، بِمُوَالَاتِكُمْ عَلَّمَنَا اللَّهُ مَعَالِمَ دِينِنَا، وَأَصْلَحَ مَا كَانَ فَسَدَ مِنْ دُنْيَانَا، وَبِمُوَالَاتِكُمْ تَمَّتِ الْكَلِمَةُ، وَعَظُمَتِ النِّعْمَةُ، وَائْتَلَفَتِ الْفُرْقَةُ، وَبِمُوَالَاتِكُمْ تُقْبَلُ الطَّاعَةُ الْمُفْتَرَضَةُ، وَلَكُمُ الْمَوَدَّةُ الْوَاجِبَةُ، وَالدَّرَجَاتُ الرَّفِيعَةُ، وَالْمَقَامُ الْمَحْمُودُ، وَالْمَقَامُ الْمَعْلُومُ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالْجَاهُ الْعَظِيمُ، وَالشَّأْنُ الْكَبِيرُ، وَالشَّفَاعَةُ الْمَقْبُولَةُ .

« رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ »، « رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ »، « سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً » .

يَا وَلِيَّ اللَّهِ، إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ذُنُوباً لا يَأْتِي عَلَيْهَا إِلاَّ رِضَاكُمْ ؛ فَبِحَقِّ مَنِ ائْتَمَنَكُمْ عَلَى

ص: 181

سِرِّهِ، وَاسْتَرْعَاكُمْ أَمْرَ خَلْقِهِ، وَقَرَنَ طَاعَتَكُمْ بِطَاعَتِهِ، لَمَّا اسْتَوْهَبْتُمْ ذُنُوبِي، وَكُنْتُمْ شُفَعَائِي ؛ فَإِنِّي لَكُمْ مُطِيعٌ، مَنْ أَطَاعَكُمْ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، وَمَنْ عَصَاكُمْ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ، وَمَنْ أَحَبَّكُمْ فَقَدْ أَحَبَّ اللَّهَ، وَمَنْ أَبْغَضَكُمْ فَقَدْ أَبْغَضَ اللَّه .

اللَّهُمَّ إِنِّي لَوْ وَجَدْتُ شُفَعَاءَ أَقْرَبَ إِلَيْكَ مِنْ مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ الْأَخْيَارِ الْأَئِمَّةِ الْأَبْرَارِ، لَجَعَلْتُهُمْ شُفَعَائِي ؛ فَبِحَقِّهِمُ الَّذِي أَوْجَبْتَ لَهُمْ عَلَيْكَ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُدْخِلَنِي فِي جُمْلَةِ الْعَارِفِينَ بِهِمْ وَبِحَقِّهِمْ، وَفِي زُمْرَةِ الْمَرْحُومِينَ بِشَفَاعَتِهِمْ، إِنَّكَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً، وَحَسَبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ .(1)

زيارة جامعة ائمة المؤمنين عليه السلام

من الزّيارات المرويّة عن الأئمّة عليهم السّلام، الزيارة المعروفة بزيارة جامعة أئمّة المؤمنين عليهم السّلام .

فإذا دنوت من باب المشهد فقل :

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَنِي لِقَصْدِ وَلِيِّهِ وَزِيَارَةِ حُجَّتِهِ، وَأَوْرَدَنِي حَرَمَهُ، وَلَمْ يَبْخَسْ حَظِّي مِنْ زِيَارَةِ قَبْرِهِ، وَالنُّزُولِ بِعَقْوَةِ مُغَيَّبِهِ، وَسَاحَةِ تُرْبَتِهِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَسِمْنِي بِحِرْمَانِ مَا أَمَّلْتُهُ، وَلاَ صَرَفَ عَنِّي مَا رَجَوْتُهُ، وَلاَ قَطَعَ رَجَائِي فِيمَا تَوَقَّعْتُهُ، بَلْ أَلْبَسَنِي عَافِيَتَهُ، وَأَفَادَنِي نِعْمَتَهُ، وَآتَانِي كَرَامَتَه .

فإذا دخلت المشهد فقف على الضريح الطّاهر وقل :

السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ أَئِمَّةَ الْمُؤْمِنِينَ، وَسَادَةَ الْمُتَّقِينَ، وَكُبَرَاءَ الصِّدِّيقِينَ، وَأُمَرَاءَ الصَّالِحِينَ، وَقَادَةَ الْمُحْسِنِينَ، وَأَعْلاَمَ الْمُهْتَدِينَ، وَأَنْوَارَ الْعَارِفِينَ، وَوَرَثَةَ الْأَنْبِيَاءِ، وَصَفْوَةَ الْأَوْصِيَاءِ، وَشُمُوسَ الْأَتْقِيَاءِ، وَبُدُورَ الْخُلَفَاءِ، وَعِبَادَ الرَّحْمَنِ، وَشُرَكَاءَ الْقُرْآنِ، وَمَنْهَجَ الْإِيمَانِ، وَمَعَادِنَ الْحَقَائِقِ، وَشُفَعَاءَ الْخَلاَئِقِ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه .

أَشْهَدُ أَنَّكُمْ أَبْوَابُ اللَّهِ، وَمَفَاتِيحُ رَحْمَتِهِ، وَمَقَالِيدُ مَغْفِرَتِهِ، وَسَحَائِبُ رِضْوَانِهِ، وَمَصَابِيحُ جِنَانِهِ، وَحَمَلَةُ فُرْقَانِهِ، وَخَزَنَةُ عِلْمِهِ، وَحَفَظَةُ سِرِّهِ، وَمَهْبِطُ وَحْيِهِ، وَأَمَانَاتُ النُّبُوَّةِ، وَوَدَائِعُ الرِّسَالَةِ .

أَنْتُمْ أُمَنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ، وَعِبَادُهُ وَأَصْفِيَاؤُهُ، وَأَنْصَارُ تَوْحِيدِهِ، وَأَرْكَانُ تَمْجِيدِهِ، وَدُعَاتُهُ إِلَى كُتُبِهِ، وَحَرَسَةُ خَلاَئِقِهِ، وَحَفَظَةُ وَدَائِعِهِ، لاَ يَسْبِقُكُمْ ثَنَاءُ الْمَلاَئِكَةِ فِي الْإِخْلاَصِ وَالْخُشُوعِ، وَلاَ يُضَادُّكُمْ

ص: 182


1- الشيخ الصدوق، الفقيه، ج 2، ص 370 وما جعلناه بين المقوفتين فهو من عيون أخبار الرّضا، ج 2، ص 277 .

ذُو ابْتِهَالٍ وَخُضُوعٍ .

أَنَّى وَلَكُمُ الْقُلُوبُ الَّتِي تَوَلَّى اللَّهُ رِيَاضَتَهَا بِالْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ، وَجَعَلَهَا أَوْعِيَةً لِلشُّكْرِ وَالثَّنَاءِ، وَآمَنَهَا مِنْ عَوَارِضِ الْغَفْلَةِ، وَصَفَّاهَا مِنْ شَوَاغِلِ الْفَتْرَةِ، بَلْ يَتَقَرَّبُ أَهْلُ السَّمَاءِ بِحُبِّكُمْ، وَبِالْبَرَاءَةِ مِنْ أَعْدَائِكُمْ، وَتَوَاتُرِ الْبُكَاءِ عَلَى مُصَابِكُمْ، وَالاِسْتِغْفَارِ لِشِيعَتِكُمْ وَمُحِبِّيكُمْ .

فَأَنَا أُشْهِدُ اللَّهَ خَالِقِي، وَأُشْهِدُ مَلاَئِكَتَهُ وَأَنْبِيَاءَهُ، وَأُشْهِدُكُمْ يَا مَوَالِيَّ، أَنِّي مُؤْمِنٌ بِوِلاَيَتِكُمْ، مُعْتَقِدٌ لِإِمَامَتِكُمْ، مُقِرٌّ بِخِلاَفَتِكُمْ، عَارِفٌ بِمَنْزِلَتِكُمْ، مُوقِنٌ بِعِصْمَتِكُمْ، خَاضِعٌ لِوِلاَيَتِكُمْ، مُتَقَرِّبٌ إِلَى اللَّهِ بِحُبِّكُمْ، وَبِالْبَرَاءَةِ مِنْ أَعْدَائِكُمْ، عَالِمٌ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ طَهَّرَكُمْ مِنَ الْفَوَاحِشِ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَمِنْ كُلِّ رِيبَةٍ وَنَجَاسَةٍ، وَدَنِيَّةٍ وَرَجَاسَةٍ، وَمَنَحَكُمْ رَايَةَ الْحَقِّ الَّتِي مَنْ تَقَدَّمَهَا ضَلَّ، وَمَنْ تَأَخَّرَ عَنْهَا زَلَّ، وَفَرَضَ طَاعَتَكُمْ عَلَى كُلِّ أَسْوَدَ وَأَبْيَضَ .

وَأَشْهَدُ أَنَّكُمْ قَدْ وَفَيْتُمْ بِعَهْدِ اللَّهِ وَذِمَّتِهِ، وَبِكُلِّ مَا اشْتَرَطَ عَلَيْكُمْ فِي كِتَابِهِ، وَدَعَوْتُمْ إِلَى سَبِيلِهِ، وَأَنْفَذْتُمْ طَاقَتَكُمْ فِي مَرْضَاتِهِ، وَحَمَلْتُمُ الْخَلاَئِقَ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، وَمَسَالِكِ الرِّسَالَةِ، وَسِرْتُمْ فِيهِ بِسِيرَةِ الْأَنْبِيَاءِ، وَمَذَاهِبِ الْأَوْصِيَاءِ، فَلَمْ يُطَعْ لَكُمْ أَمْرٌ، وَلَمْ تُصْغَ إِلَيْكُمْ أُذُنٌ، فَصَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَى أَرْوَاحِكُمْ وَأَجْسَادِكُمْ .

ثمّ تنكبّ على القبر وتقول :

بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا حُجَّةَ اللَّهِ، لَقَدْ أُرْضِعْتَ بِثَدْيِ الْإِيمَانِ، وَفُطِمْتَ بِنُورِ الْإِسْلاَمِ، وَغُذِّيتَ بِبَرْدِ الْيَقِينِ، وَأُلْبِسْتَ حُلَلَ الْعِصْمَةِ، وَاصْطُفِيتَ وَوُرِّثْتَ عِلْمَ الْكِتَابِ، وَلُقِّنْتَ فَصْلَ الْخِطَابِ، وَأُوضِحَ بِمَكَانِكَ مَعَارِفُ التَّنْزِيلِ، وَغَوَامِضُ التَّأْوِيلِ، وَسُلِّمَتْ إِلَيْكَ رَايَةُ الْحَقِّ، وَكُلِّفْتَ هِدَايَةَ الْخَلْقِ، وَنُبِذَ إِلَيْكَ عَهْدُ الْإِمَامَةِ، وَأُلْزِمْتَ حِفْظَ الشَّرِيعَةِ .

وَأَشْهَدُ يَا مَوْلاَيَ أَنَّكَ وَفَيْتَ بِشَرَائِطِ الْوَصِيَّةِ، وَقَضَيْتَ مَا لَزِمَكَ مِنْ حَدِّ الطَّاعَةِ، وَنَهَضْتَ بِأَعْبَاءِ الْإِمَامَةِ، وَاحْتَذَيْتَ مِثَالَ النُّبُوَّةِ فِي الصَّبْرِ وَالاِجْتِهَادِ، وَالنَّصِيحَةِ لِلْعِبَادِ وَكَظْمِ الْغَيْظِ وَالْعَفْوِ عَنِ النَّاسِ، وَعَزَمْتَ عَلَى الْعَدْلِ فِي الْبَرِيَّةِ، وَالنَّصَفَةِ فِي الْقَضِيَّةِ، وَوَكَّدْتَ الْحُجَجَ عَلَى الْأُمَّةِ بِالدَّلاَئِلِ الصَّادِقَةِ، وَالشَّوَاهِدِ النَّاطِقَةِ، وَدَعَوْتَ إِلَى اللَّهِ

ص: 183

بِالْحِكْمَةِ الْبَالِغَةِ، وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ، فَمُنِعْتَ مِنْ تَقْوِيمِ الزَّيْغِ، وَسَدِّ الثُّلَمِ، وَإِصْلاَحِ الْفَاسِدِ، وَكَسْرِ الْمُعَانِدِ، وَإِحْيَاءِ السُّنَنِ، وَإِمَاتَةِ الْبِدَعِ، حَتَّى فَارَقْتَ الدُّنْيَا وَأَنْتَ شَهِيدٌ، وَلَقِيتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَأَنْتَ حَمِيدٌ، صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْكَ تَتَرَادَفُ وَتَزِيدُ .

ثمّ صر إلى عند الرّجلين وقل :

يَا سَادَتِي يَا آلَ رَسُولِ اللَّهِ إِنِّي بِكُمْ أَتَقَرَّبُ إِلَى اللَّهِ جَلَّ وَعَلاَ، وَبِالْخِلاَفِ عَلَى الَّذِينَ غَدَرُوا بِكُمْ، وَنَكَثُوا بَيْعَتَكُمْ، وَجَحَدُوا وِلاَيَتَكُمْ، وَأَنْكَرُوا مَنْزِلَتَكُمْ، وَخَلَعُوا رِبْقَةَ طَاعَتِكُمْ، وَهَجَرُوا أَسْبَابَ مَوَدَّتِكُمْ، وَتَقَرَّبُوا إِلَى فَرَاعِنَتِهِمْ بِالْبَرَاءَةِ مِنْكُمْ، وَالْإِعْرَاضِ عَنْكُمْ، وَمَنَعُوكُمْ مِنْ إِقَامَةِ الْحُدُودِ، وَاسْتِيصَالِ الْجُحُودِ، وَشَعْبِ الصَّدْعِ، وَلَمِّ الشَّعَثِ، وَسَدِّ الْخَلَلِ، وَتَثْقِيفِ الْأَوَدِ، وَإِمْضَاءِ الْأَحْكَامِ، وَتَهْذِيبِ الْإِسْلاَمِ، وَقَمْعِ الْآثَامِ، وَأَرْهَجُوا عَلَيْكُمْ نَقْعَ الْحُرُوبِ وَالْفِتَنِ، وَأَنْحَوْا عَلَيْكُمْ سُيُوفَ الْأَحْقَاِد، وَهَتَكُوا مِنْكُمُ السُّتُورَ، وَابْتَاعُوا بِخُمْسِكُمُ الْخُمُورَ، وَصَرَفُوا صَدَقَاتِ الْمَسَاكِينِ إِلَى الْمُضْحِكِينَ وَالسَّاخِرِينَ، وَذَلِكَ بِمَا طَرَّقَتْ لَهُمُ الْفَسَقَةُ الْغُوَاةُ، وَالْحَسَدَةُ الْبُغَاةُ، أَهْلُ النَّكْثِ وَالْغَدْرِ، وَالْخِلاَفِ وَالْمَكْرِ، وَالْقُلُوبِ الْمُنْتِنَةِ مِنْ قَذَرِ الشِّرْكِ، وَالْأَجْسَادِ الْمُشْحَنَةِ مِنْ دَرَنِ الْكُفْرِ، الَّذِينَ أَضَبُّوا عَلَى النِّفَاقِ، وَأَكَبُّوا عَلَى عَلاَئِقِ الشِّقَاقِ .

فَلَمَّا مَضَى الْمُصْطَفَى صَلَواتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَآلِهِ اخْتَطَفُوا الْغِرَّةَ، وَانْتَهَزُوا الْفُرْصَةَ، وَانْتَهَكُوا الْحُرْمَةَ، وَغَادَرُوهُ عَلَى فِرَاشِ الْوَفَاةِ، وَأَسْرَعُوا لِنَقْضِ الْبَيْعَةِ، وَمُخَالَفَةِ الْمَوَاثِيقِ الْمُؤَكَّدَةِ، وَخِيَانَةِ الْأَمَانَةِ الْمَعْرُوضَةِ عَلَى الْجِبَالِ الرَّاسِيَةِ وَأَبَتْ أَنْ تَحْمِلَهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ الظَّلُومُ الْجَهُولُ، ذُو الشِّقَاقِ وَالْعِزَّةِ بِالْآثَامِ الْمُولِمَةِ، وَالْأَنَفَةِ عَنِ الاِنْقِيَادِ لِحَمِيدِ الْعَاقِبَةِ .

فَحُشِرَ سِفْلَةُ الْأَعْرَابِ، وَبَقَايَا الْأَحْزَابِ، إِلَى دَارِ النُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ، وَمَهْبِطِ الْوَحْيِ وَالْمَلاَئِكَةِ، وَمُسْتَقَرِّ سُلْطَانِ الْوِلاَيَةِ، وَمَعْدِنِ الْوَصِيَّةِ وَالْخِلاَفَةِ وَالْإِمَامَةِ، حَتَّى نَقَضُوا عَهْدَ الْمُصْطَفَى فِي أَخِيهِ عَلَمِ الْهُدَى، وَالْمُبَيِّنِ طَرِيقَ النَّجَاةِ مِنْ طُرُقِ الرَّدَى، وَجَرَحُوا كَبِدَ خَيْرِ الْوَرَى فِي ظُلْمِ ابْنَتِهِ، وَاضْطِهَادِ حَبِيبَتِهِ، وَاهْتِضَامِ عَزِيزَتِهِ، بَضْعَةِ لَحْمِهِ، وَفِلْذَةِ كَبِدِهِ، وَخَذَلُوا بَعْلَهَا، وَصَغَّرُوا قَدْرَهُ، وَاسْتَحَلُّوا

ص: 184

مَحَارِمَهُ، وَقَطَعُوا رَحِمَهُ، وَأَنْكَرُوا أُخُوَّتَهُ، وَهَجَرُوا مَوَدَّتَهُ، وَنَقَضُوا طَاعَتَهُ، وَجَحَدُوا وِلاَيَتَهُ، وَأَطْمَعُوا الْعَبِيدَ فِي خِلاَفَتِه .

وَقَادُوهُ إِلَى بَيْعَتِهِمْ مُصْلِتَةً سُيُوفَهَا، مُقْذِعَةً أَسِنَّتَهَا، وَهُوَ سَاخِطُ الْقَلْبِ، هَائِجُ الْغَضَبِ، شَدِيدُ الصَّبْرِ، كَاظِمُ الْغَيْظِ، يَدْعُونَهُ إِلَى بَيْعَتِهِمُ الَّتِي عَمَّ شُومُهَا الْإِسْلاَمَ، وَزَرَعَتْ فِي قُلُوبِ أَهْلِهَا الْآثَامَ، وَعَقَّتْ سَلْمَانَهَا، وَطَرَدَتْ مِقْدَادَهَا، وَنَفَتْ جُنْدُبَهَا، وَفَتَقَتْ بَطْنَ عَمَّارِهَا، وَحَرَّفَتِ الْقُرْآنَ، وَبَدَّلَتِ الْأَحْكَامَ، وَغَيَّرَتِ الْمَقَامَ، وَأَبَاحَتِ الْخُمُسَ لِلطُّلَقَاءِ، وَسَلَّطَتْ أَوْلاَدَ اللُّعَنَاءِ عَلَى الْفُرُوجِ وَالدِّمَاءِ، وَخَلَّطَتِ الْحَلاَلَ بِالْحَرَامِ، وَاسْتَخَفَّتْ بِالْإِيمَانِ وَالْإِسْلاَمِ، وَهَدَمَتِ الْكَعْبَةَ، وَأَغَارَتْ عَلَى دَارِ الْهِجْرَةِ يَوْمَ الْحَرَّةِ، وَأَبْرَزَتْ بَنَاتِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ لِلنَّكَالِ وَالسَّوْءَةِ، وَأَلْبَسَتْهُنَّ ثَوْبَ الْعَارِ وَالْفَضِيحَةِ، وَرَخَّصَتْ لِأَهْلِ الشُّبْهَةِ فِي قَتْلِ أَهْلِ بَيْتِ الصَّفْوَةِ، وَإِبَادَةِ نَسْلِهِ، وَاسْتِيصَالِ شَأْفَتِهِ، وَسَبْيِ حَرَمِهِ، وَقَتْلِ أَنْصَارِهِ، وَكَسْرِ مِنْبَرِهِ، وَقَلْبِ مَفْخَرِهِ، وَإِخْفَاءِ دِينِهِ، وَقَطْعِ ذِكْرِه .

يَا مَوَالِيَّ فَلَوْ عَايَنَكُمُ الْمُصْطَفَى وَسِهَامُ الْأُمَّةِ مُغْرَقَةٌ فِي أَكْبَادِكُمْ، وَرِمَاحُهُمْ مُشْرَعَةٌ فِي نُحُورِكُمْ، وَسُيُوفُهَا مُولَعَةٌ فِي دِمَائِكُمْ، يَشْفِي أَبْنَاءُ الْعَوَاهِرِ غَلِيلَ الْفِسْقِ مِنْ وَرَعِكُمْ، وَغَيْظَ الْكُفْرِ مِنْ إِيمَانِكُمْ، وَأَنْتُمْ بَيْنَ صَرِيعٍ فِي الْمِحْرَابِ قَدْ فَلَقَ السَّيْفُ هَامَتَهُ، وَشَهِيدٍ فَوْقَ الْجَنَازَةِ قَدْ شُكَّتْ أَكْفَانُهُ بِالسِّهَامِ، وَقَتِيلٍ بِالْعَرَاءِ قَدْ رُفِعَ فَوْقَ الْقَنَاةِ رَأْسُهُ، وَمُكَبَّلٍ فِي السِّجْنِ قَدْ رُضَّتْ بِالْحَدِيدِ أَعْضَاؤُهُ، وَمَسْمُومٍ قَدْ قُطِّعَتْ بِجُرَعِ السَّمِّ أَمْعَاؤُهُ، وَشَمْلُكُمْ عَبَادِيدُ تُفْنِيهِمُ الْعَبِيدُ وَأَبْنَاءُ الْعَبِيدِ .

فَهَلِ الْمِحَنُ يَا سَادَتِي إِلاَّ الَّتِي لَزِمَتْكُمْ، وَالْمَصَائِبُ إِلاَّ الَّتِي عَمَّتْكُمْ، وَالْفَجَائِعُ إِلاَّ الَّتِي خَصَّتْكُمْ، وَالْقَوَارِعُ إِلاَّ الَّتِي طَرَقَتْكُمْ، صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَعَلَى أَرْوَاحِكُمْ وَأَجْسَادِكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه .

ثمّ قبِّله وقل :

بِأَبِي وَأُمِّي يَا آلَ الْمُصْطَفَى، إِنَّا لاَ نَمْلِكُ إِلاَّ أَنْ نَطُوفَ حَوْلَ مَشَاهِدِكُمْ، وَنُعَزِّيَ فِيهَا أَرْوَاحَكُمْ عَلَى هَذِهِ الْمَصَائِبِ الْعَظِيمَةِ الْحَالَّةِ بِفِنَائِكُمْ، وَالرَّزَايَا الْجَلِيلَةِ النَّازِلَةِ بِسَاحَتِكُمُ، الَّتِي أَثْبَتَتْ فِي قُلُوبِ شِيعَتِكُمُ الْقُرُوحَ، وَأَوْرَثَتْ

ص: 185

أَكْبَادَهُمُ الْجُرُوحَ، وَزَرَعَتْ فِي صُدُورِهِمُ الْغُصَصَ .

فَنَحْنُ نُشْهِدُ اللَّهَ أَنَّا قَدْ شَارَكْنَا أَوْلِيَاءَكُمْ وَأَنْصَارَكُمُ الْمُتَقَدِّمِينَ فِي إِرَاقَةِ دِمَاءِ النَّاكِثِينَ وَالْقَاسِطِينَ وَالْمَارِقِينَ، وَقَتَلَةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ سَيِّدِ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ عليه السلام يَوْمَ كَرْبَلاَءَ، بِالنِّيَّاتِ وَالْقُلُوبِ، وَالتَّأَسُّفِ عَلَى فَوْتِ تِلْكَ الْمَوَاقِفِ الَّتِي حَضَرُوا لِنُصْرَتِكُمْ، وَعَلَيْكُمْ مِنَّا السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ.

ثمّ اجعل القبر بينك وبين القبلة وقل :

اللَّهُمَّ يَا ذَا الْقُدْرَةِ الَّتِي صَدَرَ عَنْهَا الْعَالَمُ مُكَوَّناً مَبْرُوءاً عَلَيْهَا، مَفْطُوراً تَحْتَ ظِلِّ الْعَظَمَةِ، فَنَطَقَتْ شَوَاهِدُ صُنْعِكَ فِيهِ بِأَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ مُكَوِّنُهُ وَبَارِئُهُ وَفَاطِرُهُ، ابْتَدَعْتَهُ لاَ مِنْ شَيْ ءٍ، وَلاَ عَلَى شَيْ ءٍ، وَلاَ فِي شَيْ ءٍ، وَلاَ لِوَحْشَةٍ دَخَلَتْ عَلَيْكَ، إِذْ لاَ غَيْرُكَ، وَلاَ حَاجَةٍ بَدَتْ لَكَ فِي تَكْوِينِهِ، وَلاَ لاِسْتِعَانَةٍ مِنْكَ عَلَى الْخَلْقِ بَعْدَهُ، بَلْ أَنْشَأْتَهُ لِيَكُونَ دَلِيلاً عَلَيْكَ بِأَنَّكَ بَائِنٌ مِنَ الصُّنْعِ، فَلاَ يُطِيقُ الْمُنْصِفُ لِعَقْلِهِ إِنْكَارَكَ، وَالْمَوْسُومُ بِصِحَّةِ الْمَعْرِفَةِ جُحُودَكَ .

أَسْأَلُكَ بِشَرَفِ الْإِخْلاَصِ فِي تَوْحِيدِكَ، وَحُرْمَةِ التَّعَلُّقِ بِكِتَابِكَ، وَأَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّكَ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى آدَمَ بَدِيعِ فِطْرَتِكَ، وَبِكْرِ حُجَّتِكَ، وَلِسَانِ قُدْرَتِكَ، وَالْخَلِيفَةِ فِي بَسِيطَتِكَ، وَعَلَى مُحَمَّدٍ الْخَالِصِ مِنْ صَفْوَتِكَ، وَالْفَاحِصِ عَنْ مَعْرِفَتِكَ، وَالْغَائِصِ الْمَأْمُونِ عَلَى مَكْنُونِ سَرِيرَتِكَ، بِمَا أَوْلَيْتَهُ مِنْ نِعْمَتِكَ بِمَعُونَتِكَ، وَعَلَى مَنْ بَيْنَهُمَا مِنَ النَّبِيِّينَ وَالْمُكَرَّمِينَ وَالْأَوْصِيَاءِ وَالصِّدِّيقِينَ، وَأَنْ تَهَبَنِي لِإِمَامِي هَذَا .

ثمّ ضع خدّك على سطح القبر وقل :

اللَّهُمَّ بِمَحَلِّ هَذَا السَّيِّدِ مِنْ طَاعَتِكَ، وَبِمَنْزِلَتِهِ عِنْدَكَ، لاَ تُمِتْنِي فُجَاءَةً، وَلاَ تَحْرِمْنِي تَوْبَةً، وَارْزُقْنِي الْوَرَعَ عَنْ مَحَارِمِكَ دِيناً وَدُنْيَا، وَاشْغَلْنِي بِالْآخِرَةِ عَنْ طَلَبِ الْأُولَى، وَوَفِّقْنِي لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَجَنِّبْنِي اتِّبَاعَ الْهَوَى، وَالاِعْتِرَافَ بِالْأَبَاطِيلِ وَالْمُنَى .

اللَّهُمَّ اجْعَلِ السَّدَادَ فِي قَوْلِي، وَالصَّوَابَ فِي فِعْلِي، وَالصِّدْقَ وَالْوَفَاءَ ] فِي [ضَمَانِي وَوَعْدِي، وَالْحِفْظَ وَالْإِينَاسَ مَقْرُونَيْنِ بِعَهْدِي وَوَعْدِي، وَالْبِرَّ وَالْإِحْسَانَ

ص: 186

مِنْ شَأْنِي وَخُلُقِي، وَاجْعَلِ السَّلاَمَةَ لِي شَامِلَةً، وَالْعَافِيَةَ بِي مُحِيطَةً مُلْتَفَّةً، وَلَطِيفَ صُنْعِكَ وَعَوْنِكَ مَصْرُوفاً إِلَيَّ، وَحُسْنَ تَوْفِيقِكَ وَيُسْرِكَ مَوْفُوراً عَلَيَّ، وَأَحْيِنِي يَا رَبِّ سَعِيداً، وَتَوَفَّنِي شَهِيداً، وَطَهِّرْنِي لِلْمَوْتِ وَمَا بَعْدَه .

اللَّهُمَّ وَاجْعَلِ الصِّحَّةَ وَالنُّورَ فِي سَمْعِي وَبَصَرِي، وَالْجِدَةَ وَالْخَيْرَ فِي طَرَفِي، وَالْهُدَى وَالْبَصِيرَةَ فِي دِينِي وَمَذْهَبِي، وَالْمِيزَانَ أَبَداً نَصْبَ عَيْنِي، وَالذِّكْرَ وَالْمَوْعِظَةَ شِعَارِي وَدِثَارِي، وَالْفِكْرَةَ وَالْعِبْرَةَ أُنْسِي وَعِمَادِي، وَمَكِّنِ الْيَقِينَ فِي قَلْبِي، وَاجْعَلْهُ أَوْثَقَ الْأَشْيَاءِ فِي نَفْسِي، وَاغْلِبْهُ عَلَى رَأْيِي وَعَزْمِي، وَاجْعَلِ الْإِرْشَادَ فِي عَمَلِي، وَالتَّسْلِيمَ لِأَمْرِكَ مِهَادِي وَسَنَدِي، وَالرِّضَا بِقَضَائِكَ وَقَدَرِكَ أَقْصَى عَزْمِي وَنِهَايَتِي، وَأَبْعَدَ هَمِّي وَغَايَتِي، حَتَّى لاَ أَتَّقِيَ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ بِدِينِي، وَلاَ أَطْلُبَ بِهِ غَيْرَ آخِرَتِي، وَلاَ أَسْتَدْعِيَ مِنْهُ إِطْرَائِي وَمَدْحِي، وَاجْعَلْ خَيْرَ الْعَوَاقِبِ عَاقِبَتِي، وَخَيْرَ الْمَصَايِرِ مَصِيرِي، وَأَنْعَمَ الْعَيْشِ عَيْشِي، وَأَفْضَلَ الْهُدَى هُدَايَ، وَأَوْفَرَ الْحُظُوظِ حَظِّي، وَأَجْزَلَ الْأَقْسَامِ قَسَمِي وَنَصِيبِي .

وَكُنْ لِي يَا رَبِّ مِنْ كُلِّ سُوءٍ وَلِيّاً، وَإِلَى كُلِّ خَيْرٍ دَلِيلاً وَقَائِداً، وَمِنْ كُلِّ بَاغٍ وَحَسُودٍ ظَهِيراً وَمَانِعاً، اللَّهُمَّ بِكَ اعْتِدَادِي وَعِصْمَتِي، وَثِقَتِي وَتَوْفِيقِي، وَحَوْلِي وَقُوَّتِي، وَلَكَ مَحْيَايَ وَمَمَاتِي وَفِي قَبْضَتِكَ سُكُونِي وَحَرَكَتِي، وَبِعُرْوَتِكَ الْوُثْقَى اسْتِمْسَاكِي وَوُصْلَتِي، وَعَلَيْكَ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا اعْتِمَادِي وَتَوَكُّلِي، وَمِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ وَمَسِّ سَقَرَ نَجَاتِي وَخَلاَصِي، وَفِي دَارِ أَمْنِكَ وَكَرَامَتِكَ مَثْوَايَ وَمُنْقَلَبِي، وَعَلَى أَيْدِي سَادَتِي وَمَوَالِيَّ آلِ الْمُصْطَفَى فَوْزِي وَفَرَجِي .

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَاغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَمَا وَلَدَا، وَأَهْلِ بَيْتِي وَجِيرَانِي، وَلِكُلِّ مَنْ قَلَّدَنِي يَداً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، إِنَّكَ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ] وَالسَّلاَمُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ (1)]

زيارة آدم عليه السلام

المشهور بين المحدثين والمورّخين أن آدم عليه السلام دفن بمكة(2) وفي الحديث : وإنّ آدم لفي حرم اللَّه عزّوجلّ(3) وذكر السيد إبن طاووس عن صحف ادريس

ص: 187


1- مصباح الزائر، ص 460 .
2- الشيخ الصدوق، كتاب النبوة، ط 1، طهران، 1423 ه- .، ص 50 .
3- الكليني، الكافي، ج 4، ص 214 .

وفاته يوم الجمعة لأحد عشر يوماً خلت من المحرم وصفة غسله وتكفينه ودفنه في غار في جبل أبي قبيس .(1)

قال الصادق عليه السلام إن اللَّه تبارك وتعالى أوحى إلى نوح عليه السلام وهو في السفينة أن يطوف بالبيت اسبوعاً فطاف كما أوحى اللَّه إليه، ثمّ نزل في الماء إلى ركبتيه فاستخرج تابوتاً فيه عظام آدم ... فأخذ نوح التابوت فدفنه في الغريّ ... فإذا أردت جانب النجف فزر عظام آدم وبدن نوح وجسم عليّ بن أبي طالب عليه السلام .(2)

فمن زاره فقد زار آدم ونوحاً وأميرالمؤمنين عليهم السّلام .(3)

فإذا فرغت من زيارة أميرالمؤمنين عليه السلام عد إلى عند الرّأس لزيارة آدم ونوح عليهما السلام وقل في زيارة آدم عليه السلام :

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا صَفِيَّ اللَّهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا حَبِيبَ اللَّهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِينَ اللَّهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا خَلِيفَةَ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا الْبَشَرِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ وَعَلَى رُوحِكَ وَبَدَنِكَ، وَعَلَى الطَّاهِرِينَ مِنْ وُلْدِكَ وَذُرِّيَّتِكَ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ صَلَاةً لا يُحْصِيهَا إِلاّ هُوَ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه .(4)

زيارة نوح عليه السلام

النبيّ نوح من ذرية شيث بن آدم، بعث بالعراق سنة 3650 قبل الميلاد، ذكره القرآن في 43 موضعاً وقد تعددت الاقوال في وفاته ومدفنه، فقيل : انّه توفى باحدى القرى القريبة من الموصل وقيل بمكة، أو الهند، أو بابل .(5)

وله مشهد وقبر في منطقة « كَرَك » وهي قرية في جنوب لبنان، يقال لها : « كَرَك نوح » تمييزاً لها عن غيرها وهي قريبة من بعلبك، وقد منحها مشهد النبيّ نوح شهرة في العهود الاسلامية فنشأت فيها مدرسة للفقه، قصدها الأوزاعي ( 157- 88 ه- . ( في صباه، وارتحل اليها الشهيد الثانى (

ص: 188


1- السيد إبن طاووس، سعد السعود، ط نجف الأشرف، 1369 ه- .، ص 37 .
2- إبن قولويه، كامل الزيارات، ص 39 .
3- الشيخ الصدوق، الفقيه، ج 2، ص 358 .
4- ابن المشهدي، المزار الكببير، ص 192 .
5- القزوينى، المزار، ط بيروت، 1426 ه- .، ص 79 .

966 - 911 ه- . ( لطلب العلم .(1)

ولكن ذكر ابوالمجد الحلبي - من أعلام القرن السادس الهجري - أنّ آدم ونوح مدفونان عند الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام .(2)

قال أميرالمؤمنين عليه السلام في وصيته : ثم اكشف التراب عنه، فترى قبراً محفوراً ولحداً مثقوباً وساجة منقوبة، فأضجعني فيها .(3)

فكشف الحسن والحسين عليهما السلام التراب ووجدا قبراً محفوراً، فإذا ساجة مكتوب عليها : « ممّا ادّخر نوح لعليّ بن أبي طالب عليه السلام » فدفناه فيها .(4)

فقل في زيارة نوح عليه السلام :

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا صَفِيَّ اللَّهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ اللَّهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا حَبِيبَ اللَّهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا شَيْخَ الْمُرْسَلِينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِينَ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْكَ وَعَلَى رُوحِكَ وَبَدَنِكَ وَعَلَى الطَّاهِرِينَ مِنْ وُلْدِكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه .(5)

ثم تصلي أربع ركعات وتهديها إلى آدم ونوح وتسجد وتدعو كما قدمناه في الزيارة الخامسة من الزيارات المطلقة .

قال في السرائر : واذا كانت الزيارة لأميرالمؤمنين عليه السلام فليبدأ بالتسليم عليه ثم على آدم ونوح، لكون المجموع مدفوناً هناك على ما رواه اصحابنا .(6)

زيارة الحسين من عند رأس أميرالمؤمنين عليهما السلام

روى الشيخ الطوسي عن سيف بن عميرة قال : خرجت مع صفوان بن مهران الجمّال وعندنا جماعة من أصحابنا إلى الغريّ بعد ماخرج ابوعبداللَّه عليه السلام من الحيرة إلى المدينة، فلمّا فرغنا من الزيارة صرف صفوان وجهه إلى ناحية أبي عبداللَّه الحسين عليه السلام فقال لنا :

تزورون الحسين عليه السلام من هذا المكان من عند رأس أميرالمؤمنين عليه السلام، من هاهنا أومأ أبوعبداللَّه الصادق عليه السلام وأنا معه .

قال : فدعا صفوان بالزّيارة التي رواها علقمة بن محمّد الحضرمى عن أبي جعفر عليه السلام في يوم

ص: 189


1- السيد حسن الأمين، دائرة المعارف الاسلامية الشيعية، ط 6، بيروت، 1428 ه- .، ج9، ص 362 .
2- ابوالمجد، إشارة السبق إلى معرفة الحق، ص 107 .
3- المجلسي، بحارالأنوار، ج 42، ص 292 .
4- الشيخ المفيد، الارشاد، ط قم، 1413 ه- .، ج 1، ص 24 .
5- الشهيد، المزار، ص 81 .
6- إبن إدريس، السرائر - سلسلة الينابيع الفقهية - ط بيروت، 1410 ه- .، ج 8، ص 596 .

عاشوراء ...(1)

ذكر السيد إبن طاووس في المصباح خمسة زيارات مطلقة وبعد الزيارة الخامسة قال : ثمّ قم فزر الحسين عليه السلام من عند رأس أميرالمؤمنين عليه السلام بالزيارة الثانية من زيارة عاشوراء ) اى بزيارة عاشوراء المعروفة ( .(2)

قال العلامة المفضال الشيخ نصر اللَّه الشبستري قدس سره :

كلامه في الموضعين ظاهر في أنّ هاتين الزيارتين الشريفتين أعني زيارة أميرالمؤمنين عليه السلام المعروفة وزيارة عاشوراء المعروفة، المشتملة على دعاء صفوان، وردتا من طريق صفوان عن الصادق عليه السلام بسند واحد .(3)

ثم استظهر العلامة الشبستري أنّ الزيارة المعروفة بالزيارة السادسة جزء من الرواية المذكورة في المصباح .(4)

والسرّ في ورود زيارة الحسين عليه السلام من عند رأس أميرالمؤمنين عليه السلام، مع عدم ورود زيارة النبيّ صلّى اللَّه عليه وآله في المشاهد الشريفة، إلّا في مشهده ومايلي رأس أميرالمؤمنين عليه السلام، هو ما ورد في طائفة من الأحاديث المعتبرة من أنّ رأس الحسين عليه السلام مدفون عند قبر أميرالمؤمنين عليه السلام(5) وظاهر بعض الأخبار كون أثر القبر ظاهراً في زمن الائمة عليهم السّلام .(6)

ولكن سيوافيك نصّ كلمات الأعلام في أنّ رأس الحسين عليه السلام ردّ إلى بدنه بكربلا من الشّام ودفن معه .(7)

ومن ثمّ قال صاحب الجواهر : فالرأس مع الجسد والجسد مع الرأس، لكن عن إبن طاووس أنّ رأس الحسين عليه السلام اعيد فدفن مع بدنه بكربلا وذكر أنّ عمل العصابة على ذلك ولعلّه لامنافاة، لإمكان دفنه مدة ثم نقله إلى كربلا ولابأس بالصلاة وزيارته بمكان وضعه .(8)

فينبغي للفائزين بزيارة أميرالمؤمنين عليه السلام أن يزوروا الإمام الحسين عليه السلام من عند رأس أميرالمؤمنين عليه السلام بعد الزيارة المشهورة بالزيارة السادسة ،(9) وهي الزيارة السادسة من الزيارات المطلقة في كتابنا هذا، بزيارة عاشوراء كمايلي :

زيارة عاشوراء

زيارة عاشوراء(10)

السَّلامُ عَلَيْكَ يَا

ص: 190


1- الشيخ الطوسي، مصباح المتهجد، ص 777 .
2- السيد إبن طاووس، مصباح الزائر، ص 152 .
3- الشبستري، اللؤلؤ النضيد، ط 2، طهران، 1405 ه- .، ص 168 .
4- المصدر، ص 170 .
5- الكليني، الكافي، ج 4، ص 571 .
6- السيد إبن طاووس، فرحة الغريّ، ص 88 .
7- راجع الباب الثّامن، قسم الملاحق .
8- جواهر الكلام، ط 7، طهران، 1392 ه- .، ج 2، ص 93 .
9- ذكرها المشهدي في المزار الكبير، ص 215 و السيد إبن طاووس في مصباح الزائر، ص 149 والمجلسي في البحار، ج 100، ص 305 وجعلها سادس زياراته عليه السلام في « تحفة الزائر » فاشتهر بالزيارة السادسة وتبعه المحدث القمى في المفاتيح .
10- المعتبر في زيارة عاشوراء هو الايماء اوّلاً الى ناحية القبر الشريف، مع السلام المطلق واللّعن على قاتليه عليه السلام واتيان ركعتين بعد ذلك، والتكبير )مرّة أو مائة مرّة( ثمّ الشروع في الزيارة، ثم اتيان ركعتين )احتياطاً( بعد سجدة الزيارة، ثم دعاء العلقمة، ومقتضى رواية صفوان تقديم زيارةٍ لأمير المؤمنين عليه السلام على ذلك كلّه، والأفضل الزيارة التي جعلها العلامة المجلسي سادس زياراته عليه السلام في « تحفة الزائر، ص98 « و هي الزيارة السادسة من الزيارات المطلقة في هذا الكتاب .

أَبا عَبْدِ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَابْنَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَابْنَ سَيِّدِ الْوَصِيِّينَ ،السَّلامُ عَلَيْكَ يَابْنَ فاطِمَةَ سَيِّدَةِ نِساءِ الْعالَمِينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا ثارَاللَّهِ وَابْنَ ثارِهِ وَالْوِتْرَ الْمَوْتُورَ، السَّلامُ عَلَيْكَ وَعَلَى الْأَرْواحِ الَّتِي حَلَّتْ بِفِنائِكَ، عَلَيْكُمْ مِنِّي جَمِيعاً سَلامُ اللَّهِ أَبَداً مَا بَقِيتُ وَبَقِيَ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ، يَا أَبا عَبْدِ اللَّهِ، لَقَدْ عَظُمَتِ الرَّزِيَّةُ وَجَلَّتْ وَعَظُمَتِ الْمُصِيبَةُ بِكَ عَلَيْنا وَعَلَى جَمِيعِ أَهْلِ الْإِسْلامِ، وَجَلَّتْ وَعَظُمَتْ مُصِيبَتُكَ فِي السَّمَاوَاتِ عَلَى جَمِيعِ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ، فَلَعَنَ اللَّهُ أُمَّةً أَسَّسَتْ أَسَاسَ الظُّلْمِ وَالْجَوْرِ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ، وَلَعَنَ اللَّهُ أُمَّةً دَفَعَتْكُمْ عَنْ مَقامِكُمْ وَأَزالَتْكُمْ عَنْ مَراتِبِكُمُ الَّتِي رَتَّبَكُمُ اللَّهُ فِيها، وَلَعَنَ اللَّهُ أُمَّةً قَتَلَتْكُمْ، وَلَعَنَ اللَّهُ الْمُمَهِّدِينَ لَهُمْ بِالتَّمْكِينِ مِنْ قِتالِكُمْ، بَرِئْتُ إِلَى اللَّهِ وَ إِلَيْكُمْ مِنْهُمْ وَمِن أَشْياعِهِمْ وَأَ تْباعِهِمْ وَأَوْلِيائِهِمْ، يَا أَبا عَبْدِ اللَّهِ، إِنِّي سِلْمٌ لِمَنْ سالَمَكُمْ، وَحَرْبٌ لِمَنْ حارَبَكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ، وَلَعَنَ اللَّهُ آلَ زِيادٍ وَآلَ مَرْوانَ، وَلَعَنَ اللَّهُ بَنِي أُمَيَّةَ قاطِبَةً، وَلَعَنَ اللَّهُ ابْنَ مَرْجانَةَ، وَلَعَنَ اللَّهُ عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ، وَلَعَنَ اللَّهُ شِمْراً، وَلَعَنَ اللَّهُ أُمَّةً أَسْرَجَتْ وَأَلْجَمَتْ وَتَنَقَّبَتْ لِقِتالِكَ، بِأَبِي أَ نْتَ وَأُمِّي، لَقَدْ عَظُمَ مُصابِي بِكَ، فَأَسْأَلُ اللَّهَ الَّذِي أَكْرَمَ مَقامَكَ، وَأَكْرَمَنِي بِكَ، أَنْ يَرْزُقَنِي طَلَبَ ثارِكَ مَعَ إِمامٍ مَنْصُورٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِه .

اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي عِنْدَكَ وَجِيهاً بِالْحُسَيْنِ عَلَيه السَّلام فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ، يَا أَبا عَبْدِ اللَّهِ، إِنِّي أَ تَقَرَّبُ إِلَى اللَّهِ، وَ إِلى رَسُولِهِ، وَ إِلى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَ إِلى فاطِمَةَ، وَ إِلَى الْحَسَنِ، وَ إِلَيْكَ بِمُوَالاتِكَ، وَبِالْبَراءَةِ مِمَّنْ قَاتَلَكَ، وَنَصَبَ لَكَ الْحَرْبَ، وَبِالْبَراءَةِ مِمَّنْ أَسَّسَ أَسَاسَ الظُّلْمِ وَالْجَوْرِ عَلَيْكُمْ وَأَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ وَإِلى رَسُولِهِ مِمَّنْ أَسَّسَ أَساسَ ذلِكَ وَبَنى عَلَيْهِ بُنْيانَهُ، وَجَرى

ص: 191

فِي ظُلْمِهِ وَجَوْرِهِ عَلَيْكُمْ وَعَلَى أَشْياعِكُمْ، بَرِئْتُ إِلَى اللَّهِ وَ إِلَيْكُمْ مِنْهُمْ، وَأَ تَقَرَّبُ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ إِلَيْكُمْ بِمُوالاتِكُمْ وَمُوالاةِ وَ لِيِّكُمْ، وَبِالْبَراءَةِ مِنْ أَعْدائِكُمْ، وَالنَّاصِبِينَ لَكُمُ الْحَرْبَ، وَبِالْبَراءَةِ مِنْ أَشْيَاعِهِمْ وَأَ تْبَاعِهِمْ، إِنِّي سِلْمٌ لِمَنْ سالَمَكُمْ، وَحَرْبٌ لِمَنْ حارَبَكُمْ، وَوَ لِيٌّ لِمَنْ والاكُمْ، وَعَدُوٌّ لِمَنْ عاداكُمْ .

فَأَسْأَلُ اللَّهَ الَّذِي أَكْرَمَنِي بِمَعْرِفَتِكُمْ، وَمَعْرِفَةِ أَوْ لِيَائِكُمْ، وَرَزَقَنِي الْبَراءَةَ مِنْ أَعْدائِكُمْ، أَنْ يَجْعَلَنِي مَعَكُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ، وَأَنْ يُثَبِّتَ لِي عِنْدَكُمْ قَدَمَ صِدْقٍ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ، وَأَسْأَلُهُ أَنْ يُبَلِّغَنِي الْمَقامَ الْمَحْمُودَ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ، وَأَنْ يَرْزُقَنِي طَلَبَ ثارِكُم مَعَ إِمامٍ مَهِدِىٍّ ظَاهِرٍ نَاطِقٍ بِالْحَقِّ مِنْكُمْ، وَأَسْأَلُ اللَّهَ بِحَقِّكُمْ وَبِالشَّأْنِ الَّذِي لَكُمْ عِنْدَهُ أَنْ يُعْطِيَنِي بِمُصابِي بِكُمْ أَفْضَلَ مَا يُعْطِي مُصاباً بِمُصِيبَتِهِ، مُصِيبَةً مَا أَعْظَمَها وَأَعْظَمَ رَزِيَّتَها فِي الْإِسْلامِ وَفِي جَمِيعِ السَّموَاتِ وَالْأَرْضِ . اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي فِي مَقَامِي هذَا مِمَّنْ تَنالُهُ مِنْكَ صَلَواتٌ وَرَحْمَةٌ وَمَغْفِرَةٌ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ مَحْيايَ مَحْيا مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَمَماتِي مَماتَ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ .

اللَّهُمَّ إِنَّ هذَا يَوْمٌ تَبَرَّكَتْ بِهِ بَنُو أُمَيَّةَ وَابْنُ آكِلَةِ الْأَكْبادِ، اللَّعِينُ ابْنُ اللَّعِينِ عَلَى لِسانِكَ وَ لِسانِ نَبِيِّكَ صلّى اللَّه عليه وآلِه فِي كُلِّ مَوْطِنٍ وَمَوْقِفٍ وَقَفَ فِيهِ نَبِيُّكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِه . اللَّهُمَّ الْعَنْ أَبا سُفْيانَ وَمُعَاوِيَةَ وَيَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ عَلَيْهِمْ مِنْكَ اللَّعْنَةُ أَبَدَ الْآبِدِينَ، وَهذَا يَوْمٌ فَرِحَتْ بِهِ آلُ زِيادٍ وَآلُ مَرْوانَ بِقَتْلِهِمُ الْحُسَيْنَ صَلَواتُ اللَّهِ عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ فَضاعِفْ عَلَيْهِمُ اللَّعْنَ مِنْكَ وَالْعَذابَ الْأَلِيمَ . اللَّهُمَّ إِنِّي أَ تَقَرَّبُ إِلَيْكَ فِي هذَا الْيَوْمِ، وَفِي مَوْقِفِي هذَا، وَأَيَّامِ حَيَاتِي بِالْبَرَاءَةِ مِنْهُمْ، وَاللَّعْنَةِ عَلَيْهِمْ، وَبِالْمُوَالاةِ لِنَبِيِّكَ وَآلِ نَبِيِّكَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمُ السَّلامُ .

ثمّ تقول مائة مرّة :

اللَّهُمَّ الْعَنْ أَوَّلَ ظَالِمٍ ظَلَمَ حَقَّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَآخِرَ تَابِعٍ

ص: 192

لَهُ عَلَى ذلِكَ . اللَّهُمَّ الْعَنِ الْعِصَابَةَ الَّتِي جاهَدَتِ الْحُسَيْنَ وَشايَعَتْ وَبايَعَتْ وَتابَعَتْ عَلَى قَتْلِهِ، اللَّهُمَّ الْعَنْهُمْ جَمِيعاً .

ثمّ قل مائة مرّة :

السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَبا عَبْدِ اللَّهِ وَعَلَى الْأَرْواحِ الَّتِي حَلَّتْ بِفِنائِكَ، عَلَيْكَ مِنِّي سَلامُ اللَّهِ أَبَداً مَا بَقِيتُ وَبَقِيَ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ، وَلَا جَعَلَهُ اللَّهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنِّي لِزِيارَتِكُمْ، السَّلامُ عَلَى الْحُسَيْنِ، وَعَلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَعَلَى أَوْلادِ الْحُسَيْنِ، وَعَلَى أَصْحابِ الْحُسَيْنِ .

ثمّ تقول مرّة :

اللَّهُمَّ خُصَّ أَ نْتَ أَوَّلَ ظالِمٍ بِاللَّعْنِ مِنِّي، وَابْدَأْ بِهِ أَوَّلاً، ثُمَّ الْعَن الثَّانِيَ وَالثَّالِثَ وَالرَّابِعَ . اللَّهُمَّ الْعَنْ يَزِيدَ خامِساً، وَالْعَنْ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيادٍ وَابْنَ مَرْجانَةَ وَعُمَرَ بْنَ سَعْدٍ وَشِمْراً وَآلَ أَبِي سُفْيانَ وَآلَ زِيادٍ وَآلَ مَرْوَانَ إِلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ .

ثمّ تسجد سجدة تقول فيها :

اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ حَمْدَ الشَّاكِرِينَ لَكَ عَلَى مُصَابِهِمْ، الْحَمْدُ للَّهِِ عَلَى عَظِيمِ رَزِيَّتِي، اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي شَفاعَةَ الْحُسَيْنِ يَوْمَ الْوُرُودِ، وَثَبِّتْ لِي قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَكَ مَعَ الْحُسَيْنِ وَأَصْحابِ الْحُسَيْنِ الَّذِينَ بَذَلُوا مُهَجَهُمْ دُونَ الْحُسَيْنِ عليه السلام .

قال : يا علقمة إن استطعت أن تزوره في كلّ يوم بهذه الزيارة من دهرك فافعل فلك ثواب جميع ذلك إن شاء اللَّه تعالى .

روى صفوان أنّ الإمام الصادق عليه السلام زار بهذه الزيارة الإمام الحسين عليه السلام من عند رأس أمير المؤمنين عليه السلام ثمّ صلّى ركعتين ثمّ أومأ إلى الحسين عليه السلام بالسلام منصرفاً بوجهه نحوه ودعا بهذا الدعاء :

يَا اللَّهُ يَا اللَّهُ يَا اللَّهُ، يَا مُجِيبَ دَعْوَةِ ... إلى آخر الدعاء و قد مرّ في الزيارة السادسة ص 80 .

الصلاة عند قبر أميرالمؤمنين عليه السلام

قال الصادق عليه السلام : إنّ اللَّه عرض ولايتنا على أهل الأمصار فلم يقبلها إلاّ

ص: 193

أهل الكوفة، وإنّ إلى جانبها قبراً، لا يأتيه مكروب فيصلّي عنده أربع ركعات، الاّ رجعه اللَّه مسروراً بقضاء حاجته .(1)

صلاة أميرالمؤمنين عليه السلام و تسبيحه

قال الصادق عليه السلام : من صلّى اربع ركعات يقرأ في كل ركعة : « قل هو اللَّه أحد » خمسين مرة، لم ينفتل وبينه وبين اللَّه ذنب .(2)

وفي حديث آخر : من صلّى منكم أربع ركعات : صلاة أميرالمؤمنين عليه السلام خرج من ذنوبه كيوم ولدته امّه وقضيت حوائجه، يقرأ في كل ركعة الحمد مرة وخمسين مرّة قل هو اللَّه احد .(3)

فإذا فرغ منها دعا بهذا الدّعاء وهو تسبيحه عليه السلام :

سُبْحَانَ مَنْ لا تَبِيدُ مَعَالِمُهُ، سُبْحَانَ مَنْ لا تَنْقُصُ خَزَائِنُهُ، سُبْحَانَ مَنْ لا اضْمِحْلَالَ لِفَخْرِهِ، سُبْحَانَ مَنْ لا يَنْفَدُ مَا عِنْدَهُ، سُبْحَانَ مَنْ لا انْقِطَاعَ لِمُدَّتِهِ، سُبْحَانَ مَنْ لا يُشَارِكُ أَحَداً فِي أَمْرِهِ، سُبْحَانَ مَنْ لا إِلَهَ غَيْرُه .

ويدعو بعد ذلك، فيقول :

يَا مَنْ عَفَا عَنِ السَّيِّئَاتِ وَلَمْ يُجَازِ بِهَا ارْحَمْ عَبْدَكَ يَا اللَّهُ ! نَفْسِي نَفْسِي، أَنَا عَبْدُكَ يَا سَيِّدَاهْ ! أَنَا عَبْدُكَ بَيْنَ يَدَيْكَ يَا رَبَّاهْ ! إِلَهِي بِكَيْنُونَتِكَ يَا أَمَلَاهْ ! يَا رَحْمَانَاهْ ! يَا غِيَاثَاهْ ! عَبْدَكَ عَبْدَكَ لا حِيلَةَ لَهُ، يَا مُنْتَهَى رَغْبَتَاهْ ! يَا مُجْرِيَ الدَّمِ فِي عُرُوقِي ! عَبْدَكَ يَا سَيِّدَاهْ ! يَا مَالِكَاهْ ! أَيَا هُوَ أَيَا هُوَ يَا رَبَّاهْ ! عَبْدُكَ عَبْدُكَ لا حِيلَةَ لِي وَلَا غِنَآءَ عَنْ نَفْسِي، وَلَا أَسْتَطِيعُ لَهَا ضَرّاً وَلَا نَفْعاً، وَلَا أَجِدُ مَنْ أُصَانِعُهُ، تَقَطَّعَتْ أَسْبَابُ الْخَدَائِعِ عَنِّي، وَاضْمَحَلَّ كُلُّ مَظْنُونٍ عَنِّي، أَفْرَدَنِي الدَّهْرُ إِلَيْكَ، فَقُمْتُ بَيْنَ يَدَيْكَ هَذَا الْمَقَامَ يَا إِلَهِي ! بِعِلْمِكَ كَانَ هَذَا كُلُّهُ، فَكَيْفَ أَنْتَ صَانِعٌ بِي وَلَيْتَ شِعْرِي كَيْفَ تَقُولُ لِدُعَائِي أَتَقُولُ نَعَمْ

ص: 194


1- إبن قولويه، كامل الزيارات، ص 168 .
2- الكليني، الكافي، ج 3، ص 428 .
3- الشيخ الطوسي، مصباح المتهجد، ص 292 .

؟ أَمْ تَقُولُ لا ؟

فَإِنْ قُلْتَ لَا، فَيَا وَيْلِي يَا وَيْلِي يَا وَيْلِي، يَا عَوْلِي يَا عَوْلِي، يَا شِقْوَتِي يَا شِقْوَتِي، يَا ذُلِّي يَا ذُلِّي إِلَى مَنْ وَمِمَّنْ أَوْ عِنْدَ مَنْ أَوْ كَيْفَ أَوْ مَا ذَا أَوْ إِلَى أَيِّ شَيْ ءٍ أَلْجَأُ وَمَنْ أَرْجُو وَمَنْ يَجُودُ عَلَيَّ بِفَضْلِهِ حِينَ تَرْفُضُنِي يَا وَاسِعَ الْمَغْفِرَةِ ! وَإِنْ قُلْتَ نَعَمْ كَمَا الظَّنُّ بِكَ وَالرَّجَاءُ لَكَ فَطُوبَى لِي أَنَا السَّعِيدُ وَأَنَا الْمَسْعُودُ فَطُوبَى لِي وَأَنَا الْمَرْحُومُ، يَا مُتَرَحِّمُ ! يَا مُتَرَءِّفُ ! يَا مُتَعَطِّفُ ! يَا مُتَجَبِّرُ ! يَا مُتَمَلِّكُ ! يَا مُقْسِطُ ! لا عَمَلَ لِي مَعَ نَجَاحِ حَاجَتِي ،

أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي جَعَلْتَهُ فِي مَكْنُونِ غَيْبِكَ وَاسْتَقَرَّ عِنْدَكَ فَلَا يَخْرُجُ مِنْكَ إِلَى شَيْ ءٍ سِوَاكَ، أَسْأَلُكَ بِهِ وَبِكَ وَبِكَ وَبِهِ، فَإِنَّهُ أَجَلُّ وَأَشْرَفُ أَسْمَائِكَ لا شَيْ ءَ لِي غَيْرُ هَذَا، وَلَا أَجِدَ أَعْوَدُ مِنْكَ يَا كَيْنُونُ ! يَا مُكَوِّنُ ! يَا مَنْ عَرَّفَنِي نَفْسَهُ ! يَا مَنْ أَمَرَنِي بِطَاعَتِهِ ! يَا مَنْ نَهَانِي عَنْ مَعْصِيَتِهِ ! وَيَا مَدْعُوُّ ! يَا مَسْئُولُ ! يَا مَطْلُوباً إِلَيْهِ رَفَضْتُ وَصِيَّتَكَ الَّتِي أَوْصَيْتَنِي وَلَمْ أُطِعْكَ فِيهَا وَلَوْ أَطَعْتُكَ فِيمَا أَمَرْتَنِي لَكَفَيْتَنِي مَا قُمْتُ إِلَيْكَ فِيهِ، وَأَنَا مَعَ مَعْصِيَتِي لَكَ رَاجٍ، فَلَا تَحُلْ بَيْنِي وَبَيْنَ مَا رَجَوْتُ يَا مُتَرَحِّمُ ! لِي أَعِذْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي وَ مِنْ فَوْقِي وَمِنْ تَحْتِي وَمِنْ كُلِّ جِهَاتِ الْإِحَاطَةِ بِي، اللَّهُمَّ ! بِمُحَمَّدٍ سَيِّدِي وَبِعَلِيٍّ وَلِيِّي وَبِالْأَئِمَّةِ الرَّاشِدِينَ عليهم السّلامُ اجْعَلْ عَلَيْنَا صَلَوَاتِكَ وَرَأْفَتَكَ وَرَحْمَتَكَ وَأَوْسِعْ عَلَيْنَا مِنْ رِزْقِكَ وَاقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ وَجَمِيعَ حَوَائِجِنَا يَا اللَّهُ ! يَا اللَّهُ ! يَا اللَّهُ ! إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِير .

ثمّ قال عليه السلام من صلّى بهذه الصّلاة، ودعَا

ص: 195

بهذا الدّعاء انفتل ولم يبقَ بينه وبين اللَّه تعالى ذنبٌ إلاّ غفره له .(1)

قد ذكر الشيخ الطوسي دعاءً آخر عقيبها، تركناه روماً للاختصار .(2)

صلاة جعفر

قال العلامة المجلسي : وجدت بخط الشيخ حسين بن عبدالصمد، اى والد الشيخ البهائي، ما هذا لفظه :

ذكر الشيخ ابوالطيب الحسين بن احمد الفقيه : من زار الرضا عليه السلام أو واحداً من الائمة عليهم السّلام، فصلّى عنده صلاة جعفر فانّه يكتب له بكل ركعة ثواب من حج ألف حجة واعتمر ألف عمرة وأعتق الف رقبة ووقف الف وقفة في سبيل اللَّه مع نبىّ مرسل، وله بكل خطوة ثواب مائة حجة ومائة عمرة وعتق مائة رقبة في سبيل اللَّه، وكتب له مائة حسنة وحطّ عنه مائة سيئة .(3)

قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله لجعفر بن أبي طالب عليهما السلام : إنّى اعطيك شيئاً إن أنت صنعته في كل يوم كان خيراً لك من الدنيا وما فيها .(4)

قال : صلّ أربع ركعات، تفتتح الصلاة ثم تقرأ ثم تقول خمس عشرة مرة وأنت قائم : « سبحان اللَّه والحمد للَّه ولا اله الاّ اللَّه واللَّه اكبر »، فإذا ركعت قلت ذلك عشراً، واذا رفعت رأسك فعشراً، واذا سجدت فعشراً، فإذا رفعت رأسك فعشراً، واذا سجدت الثانية عشراً، واذا رفعت رأسك عشراً، فذلك خمس وسبعون، يكون ثلاثمائة في اربع ركعات .(5)

قيل لموسى الكاظم عليه السلام : أىّ شى ء لمن صلّى صلاة جعفر ؟ قال : لو كان عليه مثل رمل عالج وزبد البحر ذنوباً لغفرها اللَّه له .(6)

يقرأ في الأولى - بعد الحمد - اذا زلزلت، وفي الثانية والعاديات، وفي الثالثة اذا جاء نصر اللَّه وفي الرابعة قل هو اللَّه احد .(7)

قال الصادق عليه السلام : من كان مستعجلاً

ص: 196


1- الشيخ الطوسي، مصباح المتهجد، ص 292 .
2- المصدر، ص 298 - 293 .
3- المجلسي، بحارالأنوار، ج 100، ص 137 .
4- الكليني، الكافي، ج 3، ص 465 .
5- الشيخ الطوسي، تهذيب الاحكام، ج 3، ص 186 .
6- الشيخ الصدوق، الفقيه، ج 1، ص 348 .
7- الشيخ الطوسي، تهذيب الاحكام، ج 3، ص 187 .

يصلّي صلاة جعفر مجردة - عن التسبيح - ثم يقضي التسبيح وهو ذاهب في حوائجه .(1)

قال الإمام الحجة عجّل اللَّه تعالى فرجه : أفضل أوقاتها صدر النهار من يوم الجمعة، ثم في أى الايام شئت واىّ وقت صلّيتها من ليل أو نهار فهو جائز .(2)

ينبغي للفائزين بزيارة أميرالمؤمنين عليه السلام المداومة على صلاة جعفر، لاسيّما في حرم أميرالمؤمنين عليه السلام .

الدعاء عند قبر أميرالمؤمنين بعد كل صلاة يصليها

قال الشهيد قدس سره : كلّما صلّيت صلاة - فرضاً كانت أو نفلاً - مدّة مُقامك بمشهد أميرالمؤمنين عليه السلام، ادع بهذا الدّعاء :

اَللَّهُمَّ لَابُدَّ مِنْ أَمْرِكَ، وَلَابُدَّ مِنْ قَدَرِكَ، وَلَابُدَّ مِنْ قَضَائِكَ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلاّ بِكَ . اَللَّهُمَّ فَمَا قَضَيْتَ عَلَيْنَا مِنْ قَضَاءٍ، اَوْ قَدَّرْتَ عَلَيْنَا مِنْ قَدَرٍ، فَأَعْطِنَا مَعَهُ صَبْراً يَقْهَرُهُ وَيَدْمَغُهُ، وَاجْعَلْهُ لَنَا صَاعِداً فِي رِضْوَانِكَ يُنْمِي فِي حَسَنَاتِنَا وَتَفْضِيلِنَا وَسُؤْدَدِنَا وَشَرَفِنَا وَمَجْدِنَا وَنَعْمَائِنَا وَكَرَامَتِنَا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَلَا تَنْقُصْ مِنْ حَسَنَاتِنَا .

اَللَّهُمَّ وَمَا أَعْطَيْتَنَا مِنْ عَطَاءٍ، أَوْ فَضَّلْتَنَا بِهِ مِنْ فَضِيلَةٍ، أَوْ أَكْرَمْتَنَا بِهِ مِنْ كَرَامَةٍ، فَأَعْطِنَا مَعَهُ شُكْراً يَقْهَرُهُ وَيَدْمَغُهُ، وَاجْعَلْهُ لَنَا صَاعِداً إلى رِضْوَانِكَ وَفِي حَسَنَاتِنَا وَسُؤْدَدِنَا وَشَرَفِنَا وَنَعْمَائِكَ وَكَرَامَتِكَ فِي الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ، وَلَا تَجْعَلْهُ لَنَا أَشَراً وَلَا بَطَراً وَلَا فِتْنَةً وَلَا عَذَاباً وَلَا خِزْياً فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ . اَللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ عَثْرَةِ اللِّسَانِ، وَسُوءِ الْمَقَامِ، وَخِفَّةِ الْمِيزَانِ.

اَللَّهُمَّ لَقِّنَّا حَسَنَاتِنَا فِي الْمَمَاتِ، وَلَا تُرِنَا أَعْمَالَنَا حَسَرَاتٍ، وَلَا تُخْزِنَا عِنْدَ قَضَائِكَ، وَلَا تَفْضَحْنَا بِسَيِّئَاتِنَا يَوْمَ نَلْقَاكَ، وَاجْعَلْ قُلُوبَنَا تَذْكُرُكَ وَلَاتَنْسَاكَ، وَتَخْشَاكَ كَأَنَّهَا تَرَاكَ حَتَّى تَلْقَاكَ، وَبَدِّلْ سَيِّئَاتِنَا حَسَنَاتٍ، وَاجْعَلْ حَسَنَاتِنَا دَرَجَاتٍ، وَاجْعَلْ دَرَجَاتِنَا غُرُفَاتٍ، وَاجْعَلْ غُرُفَاتِنَا عَالِيَاتٍ . اَللَّهُمَّ أَوْسِعْ لِفَقِيرِنَا مِنْ سَعَةِ مَا قَضَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ .

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ

ص: 197


1- الكليني، الكافي، ج 3، ص 466 .
2- الطبرسي، الاحتجاج، ط بيروت، 1401 ه- .، ج 2، ص 491 .

وَمُنَّ عَلَيْنَا بِالْهُدَى مَا أَبْقَيْتَنَا، وَالْكَرَامَةِ إِذَا تَوَفَّيْتَنَا، وَالْحِفْظِ فِيمَا بَقِيَ مِنْ عُمُرِنَا، وَالْبَرَكَةِ فِيمَا رَزَقْتَنَا، وَالْعَوْنِ عَلَى مَا حَمَّلْتَنَا، وَالثَّبَاتِ عَلَى مَا طَوَّقْتَنَا، وَلَا تُؤَاخِذْنَا بِظُلْمِنَا، وَلَا تُعَاقِبْنَا بِجَهْلِنَا، وَلَا تَسْتَدْرِجْنَا بِخَطَايَانَا، وَاجْعَلْ أَحْسَنَ مَا نَقُولُ ثَابِتاً فِي قُلُوبِنَا، وَاجْعَلْنَا عُظَمَاءَ عِنْدَكَ، أَذِلَّةً فِي أَنْفُسِنَا، وَانْفَعْنَا بِمَا عَلَّمْتَنَا، وَزِدْنَا عِلْماً نَافِعاً . أَعُوذُ بِكَ مِنْ قَلْبٍ لا يَخْشَعُ، وَ مِنْ عَيْنٍ لا تَدْمَعُ، وَمِنْ صَلَاةٍ لا تُقْبَلُ، أَجِرْنَا مِنْ سُوءِ الْفِتَنِ يَا وَلِيَّ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.(1)

الصلاة على أميرالمؤمنين عليه السلام

[ 1 ]

زار ابومحمّد عبداللَّه بن محمّد العابد، الإمام العسكري عليه السلام في منزله بسُرَّ من رأى، سنة خمس وخمسين ومأتين، وسأله أن يملي عليه من الصّلاة على النبيّ وأوصيائه صلوات اللَّه عليهم فأملى عليه : الصلاة على أميرالمؤمنين عليه الصلاة والسلام :

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَخِي نَبِيِّكَ، وَوَصِيِّهِ، وَوَلِيِّهِ، وَصَفِيِّهِ، وَوَزِيرِهِ، وَمُسْتَوْدَعِ عِلْمِهِ، وَمَوْضِعِ سِرِّهِ، وَبَابِ حِكْمَتِهِ، وَالنَّاطِقِ بِحُجَّتِهِ، وَالدَّاعِي إِلَى شَرِيعَتِهِ، وَخَلِيفَتِهِ فِي أُمَّتِهِ، وَمُفَرِّجِ الْكُرَبِ عَنْ وَجْهِهِ، قَاصِمِ الْكَفَرَةِ وَمُرْغِمِ الْفَجَرَةِ، الَّذِي جَعَلْتَهُ مِنْ نَبِيِّكَ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى .

اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ، وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ، وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ، وَالْعَنْ مَنْ نَصَبَ لَهُ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ . وَصَلِّ عَلَيْهِ أَفْضَلَ مَا صَلَّيْتَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَوْصِيَاءِ أَنْبِيَائِكَ، يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ .(2)

[ 2 ]

ذكر العلامة المجلسي صلاة جامعة على سادات البشر الائمة الغرر، عن كتاب عتيق سماه : « العتيق الغروى » فذكر الصلاة على أميرالمؤمنين عليه السلام بما نصه :

السلام والصلاة على أبي الائمة عليه أفضل السلام والرحمة :

السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَصِيَّ رَسُولِ

ص: 198


1- الشهيد، المزار، ص 83 .
2- الشيخ الطوسي، مصباح المتهجد، ص 400 .

اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ النَّبِيِّينَ، وَأَفْضَلَ الْوَصِيِّينَ، وَوَصِيَّ خَيْرِ الْمُرْسَلِينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا مُعِزَّ الْمُؤْمِنِينَ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه .

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، الْوَصِيِّ الْمُرْتَضَى، الْخَلِيفَةِ الْمُجْتَبَى، وَالدَّاعِي إِلَيْكَ وَ إِلَى دَارِ السَّلَامِ، صِدِّيقِكَ الْأَكْبَرِ، وَفَارُوقِكَ بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، وَنُورِكَ الظَّاهِرِ الْجَمِيلِ، وَلِسَانِكَ النَّاطِقِ بِأَمْرِكَ الْحَقِّ الْمُبِينِ، وَعَيْنِكَ عَلَى الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ، وَيَدِكَ الْعُلْيَا الْيَمِينِ، وَحَبْلِكَ الْمَتِينِ، وَعُرْوَتِكَ الْوُثْقَى، وَكَلِمَتِكَ الْعُلْيَا، وَوَصِيِّ رَسُولِكَ الْمُرْتَضَى، وَعَلَمِ الدِّينِ، وَمَنَارِ الْمُتَّقِينَ، وَخَاتَمِ الْوَصِيِّينَ، وَسَيِّدِ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِمَامِ الْمُتَّقِينَ بَعْدَ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ الْأَمِينِ، وَقَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ، صَلَاةً تَرْفَعُ بِهَا ذِكْرَهُ، وَتُحَسِّنُ بِهَا أَمْرَهُ، وَتُشَرِّفُ بِهَا نَفْسَهُ، وَتُظْهِرُ بِهَا دَعْوَتَهُ، وَتَنْصُرُ بِهَا ذُرِّيَّتَهُ، وَتُفْلِجُ بِهَا حُجَّتَهُ، وَتُعِزُّ بِهَا نَصْرَهُ، وَتُكْرِمُ بِهَا صُحْبَتَهُ ؛ سَيِّدِ الْمُؤْمِنِينَ، وَمُعْلِنِ الْحَقِّ بِالْحَقِّ، وَدَافِعِ جُيُوشِ الْأَبَاطِيلِ، وَنَاصِرِ اللَّهِ وَ رَسُولِه .

اللَّهُمَّ كَمَا اسْتَعْمَلْتَهُ عَلَى خَلْقِكَ فَعَمِلَ فِيهِمْ بِأَمْرِكَ، وَعَدَلَ فِي الرَّعِيَّةِ، وَقَسَّمَ بِالسَّوِيَّةِ، وَجَاهَدَ عَدُوَّ نَبِيِّكَ، وَذَبَّ عَنْ حَرِيمِ الْإِسْلَامِ، وَحَجَزَ بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، مُسْتَبْصِراً فِي رِضْوَانِكَ، دَاعِياً إِلَى إِيمَانِكَ، غَيْرَ نَاكِلٍ عَنْ حَزْمٍ، وَ لا مُنْثَنٍ عَنْ عَزْمٍ، حَافِظاً لِعَهْدِكَ، قَاضِياً بِنَفَادِ وَعْدِكَ، هَادِياً لِدِينِكَ، مُقِرّاً بِرُبُوبِيَّتِكَ، وَمُصَدِّقاً لِرَسُولِكَ، وَمُجَاهِداً فِي سَبِيلِكَ، وَرَاضِياً بِقَوْلِكَ ؛ فَهُوَ أَمِينُكَ الْمَأْمُونُ، وَخَازِنُ عِلْمِكَ الْمَكْنُونِ، وَشَاهِدُ يَوْمِ الدِّينِ، وَوَلِيُّكَ فِي الْعَالَمِينَ .

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، وَافْسَحْ لَهُ فَسْحاً عِنْدَكَ، وَأَعْطِهِ الرِّضَا مِنْ ثَوَابِكَ الْجَزِيلِ، وَعَظِيمِ جَزَائِكَ الْجَلِيلِ .

اللَّهُمَّ وَاجْعَلْنَا لَهُ سَامِعِينَ مُطِيعِينَ، وَجُنْداً غَالِبِينَ، وَحِزْباً مُسْلِمِينَ، وَأَتْبَاعاً مُصَدِّقِينَ، وَشِيعَةً مُتَأَلِّفِينَ، وَصَحْباً مُؤَازِرِينَ، وَأَوْلِيَاءَ مُخْلِصِينَ، وَوُزَرَاءَ مُنَاصِحِينَ، وَرُفَقَاءَ مُصَاحِبِينَ، آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ .

اللَّهُمَّ اجْزِهِ أَفْضَلَ جَزَاءِ الْمُكْرَمِينَ، وَأَعْطِهِ سُؤْلَهُ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ .

وَأَشْهَدُ أَنَّهُ قَدْ نَاصَحَ لِرَسُولِكَ، وَهَدَى إِلَى

ص: 199

سَبِيلِكَ، وَجَاهَدَ حَقَّ الْجِهَادِ، وَدَعَا إِلَى سَبِيلِ الرَّشَادِ، وَقَامَ بِحَقِّكَ فِي خَلْقِكَ، وَصَدَعَ بِأَمْرِكَ، وَأَنَّهُ لَمْ يَجُرْ فِي حُكْمٍ، وَلَا دَخَلَ فِي ظُلْمٍ، وَلَمْ يَسْعَ فِي إِثْمٍ، وَأَنَّهُ أَخُو رَسُولِكَ، وَأَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِهِ وَصَدَّقَهُ بِرِسَالَاتِهِ وَنَصَرَهُ، وَأَنَّهُ وَصِيُّهُ وَوَارِثُ عِلْمِهِ، وَمَوْضِعُ سِرِّهِ، وَأَحَبُّ الْخَلْقِ إِلَيْهِ، وَأَنَّهُ قَرِينُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَأَبُو سَيِّدَيْ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ .

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَبْلِغْهُ عَنَّا التَّحِيَّةَ وَالسَّلَامَ، وَارْدُدْ عَلَيْنَا مِنْهُ التَّحِيَّةَ وَالسَّلَامَ، وَالسَّلامُ عَلَيْهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه .(1)

تكميل

اشارة

ينبعي للفائزين بزيارة أميرالمؤمنين عليه السلام أن يتبرّكوا بأدعيته ومناجاته عليه السلام نذكر منها ما يلى :

1 - دعاء كميل

دعاء علّمه أميرالمؤمنين عليه السلام لكميل بن زياد النخعى، فعرف باسمه ويدعى به في كل ليلة جمعة، فينبغى للفائزين بزيارة أميرالمؤمنين عليه السلام أن لا يتركوها عند قبر أميرالمؤمنين عليه السلام .

روى أنّ كميل بن زياد النخعى رأى أميرالمؤمنين عليه السلام ساجداً يدعو بهذا الدّعاء في ليلة النصف من شعبان .(2)

قال كميل : طرقته ليلاً، فقال عليه السلام ماجاء بك يا كميل ؟ قلت : يا أميرالمؤمنين الدعاء، فقال : إجلس يا كميل، اذا حفظت هذا الدعاء فادع به كلّ ليلة جمعة :(3)

اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ ءٍ، وَبِقُوَّتِكَ الَّتِي قَهَرْتَ بِهَا كُلَّ شَيْ ءٍ، وَخَضَعَ لَهَا كُلُّ شَيْ ءٍ، وَذَلَّ لَهَا كُلُّ شَيْ ءٍ، وَبِجَبَرُوتِكَ الَّتِي غَلَبْتَ بِهَا كُلَّ شَيْ ءٍ، وَبِعِزَّتِكَ الَّتِي لاَ يَقُومُ لَهَا شَيْ ءٌ، وَبِعَظَمَتِكَ الَّتِي مَلَأَتْ كُلَّ شَيْ ءٍ، وَبِسُلْطَانِكَ الَّذِي عَلاَ كُلَّ شَيْ ءٍ، وَبِوَجْهِكَ الْبَاقِي بَعْدَ فَنَاءِ كُلِّ شَيْ ءٍ، وَبِأَسْمَائِكَ الَّتِي غَلَبَتْ أَرْكَانَ كُلِّ شَيْ ءٍ، وَبِعِلْمِكَ الَّذِي أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ، وَبِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَضَاءَ لَهُ كُلُّ شَيْ ءٍ، يَا نُورُ يَا قُدُّوسُ، يَا أَوَّلَ الْأَوَّلِينَ، وَيَا آخِرَ

ص: 200


1- بحارالأنوار، ج 102، ص 218 .
2- الشيخ الطوسي، مصباح المتهجد، ص 844 .
3- السيد إبن طاووس، الاقبال، ج 3، ص 331 .

الْآخِرِينَ .

اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تَهْتِكُ الْعِصَمَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تُنْزِلُ النِّقَمَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تُغَيِّرُ، النِّعَمَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تَحْبِسُ الدُّعَاءَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تُنْزِلُ الْبَلاَءَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي كُلَّ ذَنْبٍ أَذْنَبْتُهُ، وَكُلَّ خَطِيئَةٍ أَخْطَأْتُهَا، اللَّهُمَّ إِنِّي أَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِذِكْرِكَ، وَأَسْتَشْفِعُ بِكَ إِلَى نَفْسِكَ، وَأَسْأَلُكَ بِجُودِكَ أَنْ تُدْنِيَنِي مِنْ قُرْبِكَ، وَأَنْ تُوزِعَنِي شُكْرَكَ، وَأَنْ تُلْهِمَنِي ذِكْرَكَ .

اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ سُؤَالَ خَاضِعٍ مُتَذَلِّلٍ خَاشِعٍ، أَنْ تُسَامِحَنِي وَتَرْحَمَنِى وَتَجْعَلَنِى بِقِسْمِكَ رَاضِياً قَانِعاً، وَفِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ مُتَوَاضِعاً، اللَّهُمَّ وَأَسْأَلُكَ سُؤَالَ مَنِ اشْتَدَّتْ فَاقَتُهُ، وَأَنْزَلَ بِكَ عِنْدَ الشَّدَائِدِ حَاجَتَهُ، وَعَظُمَ فِيمَا عِنْدَكَ رَغْبَتُهُ، اللَّهُمَّ عَظُمَ سُلْطَانُكَ، وَعَلاَ مَكَانُكَ، وَخَفِيَ مَكْرُكَ، وَظَهَرَ أَمْرُكَ، وَغَلَبَ قَهْرُكَ، وَجَرَتْ قُدْرَتُكَ، وَلاَ يُمْكِنُ الْفِرَارُ مِنْ حُكُومَتِكَ، اللَّهُمَّ لاَ أَجِدُ لِذُنُوبِي غَافِراً، وَلاَ لِقَبَائِحِي سَاتِراً، وَلاَ لِشَيْ ءٍ مِنْ عَمَلِيَ الْقَبِيحِ بِالْحَسَنِ مُبَدِّلاً غَيْرَكَ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ، وَبِحَمْدِكَ ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَتَجَرَّأْتُ بِجَهْلِي وَسَكَنْتُ إِلَى قَدِيمِ ذِكْرِكَ لِي وَمَنِّكَ عَلَيَّ .

اللَّهُمَّ مَوْلاَيَ كَمْ مِنْ قَبِيحٍ سَتَرْتَهُ، وَكَمْ مِنْ فَادِحٍ مِنَ الْبَلاَءِ أَقَلْتَهُ، وَكَمْ مِنْ عِثَارٍ وَقَيْتَهُ، وَكَمْ مِنْ مَكْرُوهٍ دَفَعْتَهُ، وَكَمْ مِنْ ثَنَاءٍ جَمِيلٍ لَسْتُ أَهْلاً لَهُ نَشَرْتَهُ.

اللَّهُمَّ عَظُمَ بَلاَئِي، وَأَفْرَطَ بِى سُوءُ حَالِي، وَقَصُرَتْ بِي أَعْمَالِي، وَقَعَدَتْ بِي أَغْلاَلِي، وَحَبَسَنِي عَنْ نَفْعِي بُعْدُ أَمَلِي، وَخَدَعَتْنِي الدُّنْيَا بِغُرُورِهَا، وَنَفْسِي بِجِنَايَتِهَا وَمِطَالِي يَا سَيِّدِي، فَأَسْأَلُكَ بِعِزَّتِكَ أَنْ لاَ يَحْجُبَ عَنْكَ دُعَائِي سُوءُ عَمَلِي وَفِعَالِي، وَلاَ تَفْضَحْنِي بِخَفِيِّ مَا اطَّلَعْتَ عَلَيْهِ مِنْ سِرِّي، وَلاَ تُعَاجِلْنِي بِالْعُقُوبَةِ عَلَى مَا عَمِلْتُهُ فِي خَلَوَاتِي، مِنْ سُوءِ فِعْلِي وَإِسَاءَتِي، وَدَوَامِ تَفْرِيطِي وَجَهَالَتِي، وَكَثْرَةِ شَهَوَاتِي وَغَفْلَتِي .

وَكُنِ اللَّهُمَّ بِعِزَّتِكَ لِي فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ رَؤُوفاً، وَعَلَيَّ فِي جَمِيعِ

ص: 201

الْأُمُورِ عَطُوفاً، إِلَهِي وَرَبِّي مَنْ لِي غَيْرُكَ أَسْأَلُهُ كَشْفَ ضُرِّي وَالنَّظَرَ فِي أَمْرِي، إِلَهِي وَمَوْلاَيَ أَجْرَيْتَ عَلَيَّ حُكْماً اتَّبَعْتُ فِيهِ هَوَى نَفْسِي، وَلَمْ أَحْتَرِسْ فِيهِ مِنْ تَزْيِينِ عَدُوِّي، فَغَرَّنِي بِمَا أَهْوَى، وَأَسْعَدَهُ عَلَى ذَلِكَ الْقَضَاءُ، فَتَجَاوَزْتُ بِمَا جَرَى عَلَيَّ مِنْ ذَلِكَ بَعْضَ حُدُودِكَ، وَخَالَفْتُ بَعْضَ أَوَامِرِكَ، فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَيَّ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، وَلاَ حُجَّةَ لِي فِيمَا جَرَى عَلَيَّ فِيهِ قَضَاؤُكَ، وَأَلْزَمَنِي حُكْمُكَ وَبَلاَؤُكَ، وَقَدْ أَتَيْتُكَ يَا إِلَهِي بَعْدَ تَقْصِيرِي وَإِسْرَافِي عَلَى نَفْسِي، مُعْتَذِراً نَادِماً مُنْكَسِراً مُسْتَقِيلاً مُسْتَغْفِراً مُنِيباً مُقِرّاً مُذْعِناً مُعْتَرِفاً، لاَ أَجِدُ مَفَرّاً مِمَّا كَانَ مِنِّي، وَلاَ مَفْزَعاً أَتَوَجَّهُ إِلَيْهِ فِي أَمْرِي، غَيْرَ قَبُولِكَ عُذْرِي، وَإِدْخَالِكَ إِيَّايَ فِي سَعَةٍ مِنْ رَحْمَتِكَ .

اللَّهُمَّ فَاقْبَلْ عُذْرِي، وَارْحَمْ شِدَّةَ ضُرِّي، وَفُكَّنِي مِنْ شَدِّ وَثَاقِي، يَا رَبِّ ارْحَمْ ضَعْفَ بَدَنِي، وَرِقَّةَ جِلْدِي، وَدِقَّةَ عَظْمِي، يَا مَنْ بَدَأَ خَلْقِي وَذِكْرِي وَتَرْبِيَتِي وَبِرِّي وَتَغْذِيَتِي، هَبْنِي لاِبْتِدَاءِ كَرَمِكَ وَسَالِفِ بِرِّكَ بِي، يَا إِلَهِي وَسَيِّدِي وَرَبِّي، أَتُرَاكَ مُعَذِّبِي بِنَارِكَ بَعْدَ تَوْحِيدِكَ، وَبَعْدَ مَا انْطَوَى عَلَيْهِ قَلْبِي مِنْ مَعْرِفَتِكَ، وَلَهِجَ بِهِ لِسَانِي مِنْ ذِكْرِكَ، وَاعْتَقَدَهُ ضَمِيرِي مِنْ حُبِّكَ، وَبَعْدَ صِدْقِ اعْتِرَافِي وَدُعَائِي خَاضِعاً لِرُبُوبِيَّتِكَ .

هَيْهَاتَ أَنْتَ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ تُضَيِّعَ مَنْ رَبَّيْتَهُ، أَوْ تُبَعِّدَ مَنْ أَدْنَيْتَهُ، أَوْ تُشَرِّدَ مَنْ آوَيْتَهُ، أَوْ تُسَلِّمَ إِلَى الْبَلاَءِ مَنْ كَفَيْتَهُ وَرَحِمْتَهُ، وَلَيْتَ شِعْرِي يَا سَيِّدِي وَإِلَهِي وَمَوْلاَيَ، أَتُسَلِّطُ النَّارَ عَلَى وُجُوهٍ خَرَّتْ لِعَظَمَتِكَ سَاجِدَةً، وَعَلَى أَلْسُنٍ نَطَقَتْ بِتَوْحِيدِكَ صَادِقَةً، وَبِشُكْرِكَ مَادِحَةً، وَعَلَى قُلُوبٍ اعْتَرَفَتْ بِإِلَهِيَّتِكَ مُحَقِّقَةً، وَعَلَى ضَمَائِرَ حَوَتْ مِنَ الْعِلْمِ بِكَ حَتَّى صَارَتْ خَاشِعَةً، وَعَلَى جَوَارِحَ سَعَتْ إِلَى أَوْطَانِ تَعَبُّدِكَ طَائِعَةً، وَأَشَارَتْ بِاسْتِغْفَارِكَ مُذْعِنَةً، مَا هَكَذَا الظَّنُّ بِكَ، وَلاَ أُخْبِرْنَا بِفَضْلِكَ عَنْكَ يَا كَرِيمُ .

يَا رَبِّ وَأَنْتَ تَعْلَمُ ضَعْفِي عَنْ قَلِيلٍ مِنْ بَلاَءِ

ص: 202

الدُّنْيَا وَعُقُوبَاتِهَا، وَمَا يَجْرِي فِيهَا مِنَ الْمَكَارِهِ عَلَى أَهْلِهَا، عَلَى أَنَّ ذَلِكَ بَلاَءٌ وَمَكْرُوهٌ، قَلِيلٌ مَكْثُهُ، يَسِيرٌ بَقَاؤُهُ، قَصِيرٌ مُدَّتُهُ، فَكَيْفَ احْتِمَالِي لِبَلاَءِ الْآخِرَةِ، وَجَلِيلِ وُقُوعِ الْمَكَارِهِ فِيهَا، وَهُوَ بَلاَءٌ تَطُولُ مُدَّتُهُ، وَيَدُومُ مَقَامُهُ، وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْ أَهْلِهِ، لِأَنَّهُ لاَ يَكُونُ إِلاَّ عَنْ غَضَبِكَ وَانْتِقَامِكَ وَسَخَطِكَ، وَهَذَا مَا لاَ تَقُومُ لَهُ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، يَا سَيِّدِي فَكَيْفَ لِي وَأَنَا عَبْدُكَ الضَّعِيفُ الذَّلِيلُ الْحَقِيرُ الْمِسْكِينُ الْمُسْتَكِينُ .

يَا إِلَهِي وَرَبِّي وَسَيِّدِي وَمَوْلاَيَ، لِأَيِّ الْأُمُورِ إِلَيْكَ أَشْكُو، وَلِمَا مِنْهَا أَضِجُّ وَأَبْكِي، لِأَلِيمِ الْعَذَابِ وَشِدَّتِهِ، أَمْ لِطُولِ الْبَلاَءِ وَمُدَّتِهِ، فَلَئِنْ صَيَّرْتَنِي لِلْعُقُوبَاتِ مَعَ أَعْدَائِكَ، وَجَمَعْتَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَهْلِ بَلاَئِكَ، وَفَرَّقْتَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَحِبَّائِكَ وَأَوْلِيَائِكَ، فَهَبْنِي يَا إِلَهِي وَسَيِّدِي وَمَوْلاَيَ وَرَبِّي، صَبَرْتُ عَلَى عَذَابِكَ، فَكَيْفَ أَصْبِرُ عَلَى فِرَاقِكَ، وَهَبْنِي صَبَرْتُ عَلَى حَرِّ نَارِكَ، فَكَيْفَ أَصْبِرُ عَنِ النَّظَرِ إِلَى كَرَامَتِكَ، أَمْ كَيْفَ أَسْكُنُ فِي النَّارِ وَرَجَائِي عَفْوُكَ .

فَبِعِزَّتِكَ يَا سَيِّدِي وَمَوْلاَيَ، أُقْسِمُ صَادِقاً، لَئِنْ تَرَكْتَنِي نَاطِقاً، لَأَضِجَّنَّ إِلَيْكَ بَيْنَ أَهْلِهَا ضَجِيجَ الْآمِلِينَ، وَلَأَصْرُخَنَّ إِلَيْكَ صُرَاخَ الْمُسْتَصْرِخِينَ، وَلَأَبْكِيَنَّ عَلَيْكَ بُكَاءَ الْفَاقِدِينَ، وَلَأُنَادِيَنَّكَ أَيْنَ كُنْتَ يَا وَلِيَّ الْمُؤْمِنِينَ، يَا غَايَةَ آمَالِ الْعَارِفِينَ، يَا غِيَاثَ الْمُسْتَغِيثِينَ، يَا حَبِيبَ قُلُوبِ الصَّادِقِينَ، وَيَا إِلَهَ الْعَالَمِينَ .

أَفَتُرَاكَ سُبْحَانَكَ يَا إِلَهِي وَبِحَمْدِكَ تَسْمَعُ فِيهَا صَوْتَ عَبْدٍ مُسْلِمٍ سُجِنَ فِيهَا بِمُخَالَفَتِهِ ،وَذَاقَ طَعْمَ عَذَابِهَا بِمَعْصِيَتِهِ، وَحُبِسَ بَيْنَ أَطْبَاقِهَا بِجُرْمِهِ وَجَرِيرَتِهِ، وَهُوَ يَضِجُّ إِلَيْكَ ضَجِيجَ مُؤَمِّلٍ لِرَحْمَتِكَ، وَيُنَادِيكَ بِلِسَانِ أَهْلِ تَوْحِيدِكَ، وَيَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِرُبُوبِيَّتِكَ ،يَا مَوْلاَيَ فَكَيْفَ يَبْقَى فِي الْعَذَابِ وَهُوَ يَرْجُو مَا سَلَفَ مِنْ حِلْمِكَ، أَمْ كَيْفَ تُؤْلِمُهُ النَّارُ وَهُوَ يَأْمُلُ فَضْلَكَ وَرَحْمَتَكَ، أَمْ كَيْفَ يُحْرِقُهُ لَهِيبُهَا وَأَنْتَ تَسْمَعُ صَوْتَهُ وَتَرَى مَكَانَهُ، أَمْ كَيْفَ يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ زَفِيرُهَا وَأَنْتَ تَعْلَمُ ضَعْفَهُ، أَمْ كَيْفَ يَتَقَلْقَلُ بَيْنَ أَطْبَاقِهَا وَأَنْتَ تَعْلَمُ

ص: 203

صِدْقَهُ، أَمْ كَيْفَ تَزْجُرُهُ زَبَانِيَتُهَا وَهُوَ يُنَادِيكَ يَا رَبَّهْ، أَمْ كَيْفَ يَرْجُو فَضْلَكَ فِي عِتْقِهِ مِنْهَا فَتَتْرُكُهُ فِيهَا، هَيْهَاتَ مَا ذَلِكَ الظَّنُّ بِكَ، وَلاَ الْمَعْرُوفُ مِنْ فَضْلِكَ، وَلاَ مُشْبِهٌ لِمَا عَامَلْتَ بِهِ الْمُوَحِّدِينَ مِنْ بِرِّكَ وَإِحْسَانِكَ.

فَبِالْيَقِينِ أَقْطَعُ لَوْ لاَ مَا حَكَمْتَ بِهِ مِنْ تَعْذِيبِ جَاحِدِيكَ، وَقَضَيْتَ بِهِ مِنْ إِخْلاَدِ مُعَانِدِيكَ، لَجَعَلْتَ النَّارَ كُلَّهَا بَرْداً وَسَلاَماً، وَمَا كَانَ لِأَحَدٍ فِيهَا مَقَرّاً وَلاَ مُقَاماً، لَكِنَّكَ تَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُكَ أَقْسَمْتَ أَنْ تَمْلَأَهَا مِنَ الْكَافِرِينَ، مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، وَأَنْ تُخَلِّدَ فِيهَا الْمُعَانِدِينَ، وَأَنْتَ جَلَّ ثَنَاؤُكَ قُلْتَ مُبْتَدِئاً، وَتَطَوَّلْتَ بِالْإِنْعَامِ مُتَكَرِّماً، أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لاَ يَسْتَوُونَ .

إِلَهِي وَسَيِّدِي فَأَسْأَلُكَ بِالْقُدْرَةِ الَّتِي قَدَّرْتَهَا، وَبِالْقَضِيَّةِ الَّتِي حَتَمْتَهَا وَحَكَمْتَهَا، وَغَلَبْتَ مَنْ عَلَيْهِ أَجْرَيْتَهَا، أَنْ تَهَبَ لِي فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ وَفِي هَذِهِ السَّاعَةِ، كُلَّ جُرْمٍ أَجْرَمْتُهُ، وَكُلَّ ذَنْبٍ أَذْنَبْتُهُ، وَكُلَّ قَبِيحٍ أَسْرَرْتُهُ، وَكُلَّ جَهْلٍ عَمِلْتُهُ، كَتَمْتُهُ أَوْ أَعْلَنْتُهُ، أَخْفَيْتُهُ أَوْ أَظْهَرْتُهُ، وَكُلَّ سَيِّئَةٍ أَمَرْتَ بِإِثْبَاتِهَا الْكِرَامَ الْكَاتِبِينَ، الَّذِينَ وَكَّلْتَهُمْ بِحِفْظِ مَا يَكُونُ مِنِّي، وَجَعَلْتَهُمْ شُهُوداً عَلَيَّ مَعَ جَوَارِحِي، وَكُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيَّ مِنْ وَرَائِهِمْ، وَالشَّاهِدَ لِمَا خَفِيَ عَنْهُمْ، وَبِرَحْمَتِكَ أَخْفَيْتَهُ وَبِفَضْلِكَ سَتَرْتَهُ، وَأَنْ تُوَفِّرَ حَظِّي مِنْ كُلِّ خَيْرٍ أَنْزَلْتَهُ، أَوْ إِحْسَانٍ فَضَّلْتَهُ، أَوْ بِرٍّ نَشَرْتَهُ، أَوْ رِزْقٍ بَسَطْتَهُ، أَوْ ذَنْبٍ تَغْفِرُهُ، أَوْ خَطَإٍ تَسْتُرُهُ، يَا رَبِّ يَا رَبِّ يَا رَبِّ، يَا إِلَهِي وَسَيِّدِي وَمَوْلاَيَ وَمَالِكَ رِقِّي، يَا مَنْ بِيَدِهِ نَاصِيَتِي، يَا عَلِيماً بِضُرِّي وَمَسْكَنَتِي، يَا خَبِيراً بِفَقْرِي وَفَاقَتِي، يَا رَبِّ يَا رَبِّ يَا رَبِّ .

أَسْأَلُكَ بِحَقِّكَ وَقُدْسِكَ وَأَعْظَمِ صِفَاتِكَ وَأَسْمَائِكَ، أَنْ تَجْعَلَ أَوْقَاتِي مِنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ بِذِكْرِكَ مَعْمُورَةً، وَبِخِدْمَتِكَ مَوْصُولَةً، وَأَعْمَالِي عِنْدَكَ مَقْبُولَةً، حَتَّى تَكُونَ أَعْمَالِي وَأَوْرَادِي كُلُّهَا وِرْداً وَاحِداً، وَحَالِي فِي خِدْمَتِكَ سَرْمَداً، يَا سَيِّدِي يَا مَنْ

ص: 204

عَلَيْهِ مُعَوَّلِي، يَا مَنْ إِلَيْهِ شَكَوْتُ أَحْوَالِي، يَا رَبِّ يَا رَبِّ يَا رَبِّ، قَوِّ عَلَى خِدْمَتِكَ جَوَارِحِي، وَاشْدُدْ عَلَى الْعَزِيمَةِ جَوَانِحِي، وَهَبْ لِيَ الْجِدَّ فِي خَشْيَتِكَ، وَالدَّوَامَ فِي الاِتِّصَالِ بِخِدْمَتِكَ، حَتَّى أَسْرَحَ إِلَيْكَ فِي مَيَادِينِ السَّابِقِينَ، وَأُسْرِعَ إِلَيْكَ فِي الْبَارِزِينَ، وَأَشْتَاقَ إِلَى قُرْبِكَ فِي الْمُشْتَاقِينَ، وَأَدْنُوَ مِنْكَ دُنُوَّ الْمُخْلِصِينَ، وَأَخَافَكَ مَخَافَةَ الْمُوقِنِينَ، وَأَجْتَمِعَ فِي جِوَارِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ .

اللَّهُمَّ وَمَنْ أَرَادَنِي بِسُوءٍ فَأَرِدْهُ، وَمَنْ كَادَنِي فَكِدْهُ، وَاجْعَلْنِي مِنْ أَحْسَنِ عَبِيدِكَ نَصِيباً عِنْدَكَ، وَأَقْرَبِهِمْ مَنْزِلَةً مِنْكَ، وَأَخَصِّهِمْ زُلْفَةً لَدَيْكَ، فَإِنَّهُ لاَ يُنَالُ ذَلِكَ إِلاَّ بِفَضْلِكَ، وَجُدْ لِي بِجُودِكَ، وَاعْطِفْ عَلَيَّ بِمَجْدِكَ، وَاحْفَظْنِي بِرَحْمَتِكَ، وَاجْعَلْ لِسَانِي بِذِكْرِكَ لَهِجاً، وَقَلْبِي بِحُبِّكَ مُتَيَّماً، وَمُنَّ عَلَيَّ بِحُسْنِ إِجَابَتِكَ، وَأَقِلْنِي عَثْرَتِي، وَاغْفِرْ زَلَّتِي، فَإِنَّكَ قَضَيْتَ عَلَى عِبَادِكَ بِعِبَادَتِكَ، وَأَمَرْتَهُمْ بِدُعَائِكَ، وَضَمِنْتَ لَهُمُ الْإِجَابَةَ .

فَإِلَيْكَ يَا رَبِّ نَصَبْتُ وَجْهِي، وَإِلَيْكَ يَا رَبِّ مَدَدْتُ يَدِي، فَبِعِزَّتِكَ اسْتَجِبْ لِي دُعَائِي، وَبَلِّغْنِي مُنَايَ، وَلاَ تَقْطَعْ مِنْ فَضْلِكَ رَجَائِي، وَاكْفِنِي شَرَّ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ مِنْ أَعْدَائِي، يَا سَرِيعَ الرِّضَا، اغْفِرْ لِمَنْ لاَ يَمْلِكُ إِلاَّ الدُّعَاءَ، فَإِنَّكَ فَعَّالٌ لِمَا تَشَاءُ، يَا مَنِ اسْمُهُ دَوَاءٌ، وَذِكْرُهُ شِفَاءٌ، وَطَاعَتُهُ غِنًى، ارْحَمْ مَنْ رَأْسُ مَالِهِ الرَّجَاءُ، وَسِلاَحُهُ الْبُكَاءُ، يَا سَابِغَ النِّعَمِ، يَا دَافِعَ النِّقَمِ، يَا نُورَ الْمُسْتَوْحِشِينَ فِي الظُّلَمِ، يَا عَالِماً لاَ يُعَلَّمُ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَافْعَلْ بِي مَا أَنْتَ أَهْلُهُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَالْأَئِمَّةِ الْمَيَامِينِ مِنْ آلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً .(1)

2 - مناجاة أميرالمؤمنين عليه السلام

اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْأَمَانَ « يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ × إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ » . وَأَسْأَلُكَ الْأَمَانَ « يَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً » . وَأَسْأَلُكَ الْأَمَانَ « يَوْمَ يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ

ص: 205


1- الشيخ الطوسي، مصباح المتهجّد، ص 844 .

بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ » . وَأَسْأَلُكَ الْأَمَانَ « يَوْمَ لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ » . وَأَسْأَلُكَ الْأَمَانَ « يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ » . وَأَسْأَلُكَ الْأَمَانَ « يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ للَّهِِ » . وَأَسْأَلُكَ الْأَمَانَ « يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ × وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ × وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ × لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ » . وَأَسْأَلُكَ الْأَمَانَ « يَوْمَ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ × وَصاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ × وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ × وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنْجِيهِ كَلاَّ إِنَّها لَظى × نَزَّاعَةً لِلشَّوى » . مَوْلَايَ يَا مَوْلَايَ، أَنْتَ الْمَوْلَى وَأَنَا الْعَبْدُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الْعَبْدَ إِلاَّ الْمَوْلَى ؟ مَوْلَايَ يَا مَوْلَايَ، أَنْتَ الْمَالِكُ وَأَنَا الْمَمْلُوكُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الْمَمْلُوكَ إِلاَّ الْمَالِكُ ؟ مَوْلَايَ يَا مَوْلَايَ، أَنْتَ الْعَزِيزُ وَأَنَا الذَّلِيلُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الذَّلِيلَ إِلاَّ الْعَزِيزُ ؟ مَوْلَايَ يَا مَوْلَايَ، أَنْتَ الْخَالِقُ وَأَنَا الْمَخْلُوقُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الْمَخْلُوقَ إِلاَّ الْخَالِقُ ؟ مَوْلَايَ يَا مَوْلَايَ، أَنْتَ الْعَظِيمُ وَأَنَا الْحَقِيرُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الْحَقِيرَ إِلاَّ الْعَظِيمُ ؟ مَوْلَايَ يَا مَوْلَايَ، أَنْتَ الْقَوِيُّ وَ أَنَا الضَّعِيفُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الضَّعِيفَ إِلاَّ الْقَوِيُّ ؟ مَوْلَايَ يَا مَوْلَايَ، أَنْتَ الْغَنِيُّ وَأَنَا الْفَقِيرُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الْفَقِيرَ إِلاَّ الْغَنِيُّ ؟ مَوْلَايَ يَا مَوْلَايَ، أَنْتَ الْمُعْطِي وَأَنَا السَّائِلُ، وَ هَلْ يَرْحَمُ السَّائِلَ إِلاَّ الْمُعْطِي ؟ مَوْلَايَ يَا مَوْلَايَ، أَنْتَ الْحَيُّ وَأَنَا الْمَيِّتُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الْمَيِّتَ إِلاَّ الْحَيُّ ؟ مَوْلَايَ يَا مَوْلَايَ، أَنْتَ الْبَاقِي وَأَنَا الْفَانِي، وَهَلْ يَرْحَمُ الْفَانِيَ إِلاَّ الْبَاقِي ؟ مَوْلَايَ يَا مَوْلَايَ، أَنْتَ الدَّائِمُ وَأَنَا الزَّائِلُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الزَّائِلَ إِلاَّ

ص: 206

الدَّائِمُ ؟ مَوْلَايَ يَا مَوْلَايَ، أَنْتَ الرَّازِقُ وَأَنَا الْمَرْزُوقُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الْمَرْزُوقَ إِلاَّ الرَّازِقُ ؟ مَوْلَايَ يَا مَوْلَايَ، أَنْتَ الْجَوَادُ وَأَنَا الْبَخِيلُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الْبَخِيلَ إِلاَّ الْجَوَادُ ؟ مَوْلَايَ يَا مَوْلَايَ، أَنْتَ الْمُعَافِي وَأَنَا الْمُبْتَلَى، وَهَلْ يَرْحَمُ الْمُبْتَلَى إِلاَّ الْمُعَافِي ؟ مَوْلَايَ يَا مَوْلَايَ، أَنْتَ الْكَبِيرُ وَأَنَا الصَّغِيرُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الصَّغِيرَ إِلاَّ الْكَبِيرُ ؟ مَوْلَايَ يَا مَوْلَايَ، أَنْتَ الْهَادِي وَأَنَا الضَّالُّ، وَهَلْ يَرْحَمُ الضَّالَّ إِلاَّ الْهَادِي ؟ مَوْلَايَ يَا مَوْلَايَ، أَنْتَ الرَّحْمَنُ وَأَنَا الْمَرْحُومُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الْمَرْحُومَ إِلاَّ الرَّحْمَنُ ؟ مَوْلَايَ يَا مَوْلَايَ، أَنْتَ السُّلْطَانُ وَأَنَا الْمُمْتَحَنُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الْمُمْتَحَنَ إِلاَّ السُّلْطَانُ ؟ مَوْلَايَ يَا مَوْلَايَ، أَنْتَ الدَّلِيلُ وَأَنَا الْمُتَحَيِّرُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الْمُتَحَيِّرَ إِلاَّ الدَّلِيلُ، مَوْلَايَ يَا مَوْلَايَ، أَنْتَ الْغَفُورُ وَأَنَا الْمُذْنِبُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الْمُذْنِبَ إِلاَّ الْغَفُورُ ؟ مَوْلَايَ يَا مَوْلَايَ، أَنْتَ الْغَالِبُ وَأَنَا الْمَغْلُوبُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الْمَغْلُوبَ إِلاَّ الْغَالِبُ ؟ مَوْلَايَ يَا مَوْلَايَ، أَنْتَ الرَّبُّ وَأَنَا الْمَرْبُوبُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الْمَرْبُوبَ إِلاَّ الرَّبُّ ؟ مَوْلَايَ يَا مَوْلَايَ، أَنْتَ الْمُتَكَبِّرُ وَأَنَا الْخَاشِعُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الْخَاشِعَ إِلاَّ الْمُتَكَبِّرُ ؟ مَوْلَايَ يَا مَوْلَايَ، ارْحَمْنِي بِرَحْمَتِكَ، وَارْضَ عَنِّي بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ وَفَضْلِكَ، يَا ذَا الْجُودِ وَالْإِحْسَانِ وَالطَّوْلِ وَالاِمْتِنَانِ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .(1)

ذكرها إبن المشهدي في أعمال مسجد الكوفة، فلا يترك فيه وفي الحرم العلوي عليه السلام .

3 - دعاء الساعة الخاصة لأميرالمؤمنين عليه السلام

قال الشيخ الطوسي قدس سره : أدعية الساعات : الساعة الأولى، وهي من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، لاميرالمؤمنين عليه السلام :

اللَّهُمَّ ! رَبَّ الْبَهَاءِ وَالْعَظَمَةِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالسُّلْطَانِ أَظْهَرْتَ الْقُدْرَةَ كَيْفَ شِئْتَ، وَمَنَنْتَ عَلَى عِبَادِكَ بِمَعْرِفَتِكَ وَتَسَلَّطْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَرُوتِكَ وَعَلَّمْتَهُمْ شُكْرَ نِعْمَتِكَ، اللَّهُمَّ ! فَبِحَقِّ وَلِيِّكَ عَلِيٍّ الْمُرْتَضَى لِلدِّينِ وَالْعَالِمِ بِالْحُكْمِ وَمَجَارِي التُّقَى إِمَامِ الْمُتَّقِينَ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ فِي الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ،

ص: 207


1- إبن المشهدي، المزار الكبير، ص 173 .

وَأُقَدِّمُهُ بَيْنَ يَدَيْ حَوَائِجِي أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَفْعَلَ بِي كَذَا وَكَذَا .(1)

الباب الثامن: كيفية وداع أميرالمؤمنين عليه السلام

اشارة

قال الشيخ المفيد :

تقف على القبر كوقوفك في ابتداء زيارتك، تستقبله بوجهك، وتجعل القبلة بين كتفيك وتقول ...(2)

قال السيد إبن طاووس :

إذا أردت ذلك، فاستأنف الزيارة وأصنع فيها من أوّل الدخول إلى آخره كما قدمناه، ثم ودّعه في آخرها وقل ...(3)

فإذا أردت الوداع فاغتسل وزر بزيارته عليه السلام ثم قل ...(4)

قال إبن المشهدي :

فإذا قضيت نسكك وأردت الانصراف، فقف على القبر كوقوفك عليه في إبتداء زيارتك واستقبله بوجهك وإجعل القبلة بين كتفيك وقل ...(5)

كيفية وداعه عليه السلام

[ 1 ]

أَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ وَأَسْتَرْعِيكَ وَأَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ يَا مَوْلَايَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَبِمَا جِئْتَ بِهِ وَدَلَلْتَ عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ .

اللَّهُمَّ لا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيَارَةِ قَبْرِ وَلِيِّكَ، الْهَادِي بَعْدَ نَبِيِّكَ النَّذِيرِ الْمُنْذِرِ، وَارْزُقْنِي الْعَوْدَ إِلَيْهِ أَبَداً مَا أَبْقَيْتَنِي، فَإِذَا تَوَفَّيْتَنِي فَاحْشُرْنِي مَعَهُ، وَفِي زُمْرَتِهِ، وَتَحْتَ لِوَائِهِ، وَلَا تُفَرِّقْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَلَا أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .(6)

[ 2 ]

السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، أَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ وَأَسْتَرْعِيكَ وَأَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلاَمَ، آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِالرَّسُولِ وَبِمَا جِئْتَ بِهِ وَدَلَلْتَ عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ اكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ .

اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ لِزِيَارَةِ وَلِيِّكَ وَارْزُقْنِي الْعَوْدَ إِلَيْهِ أَبَداً مَا أَبْقَيْتَنِي فَإِذَا تَوَفَّيْتَنِي فَاحْشُرْنِي مَعَهُ وَمَعَ ذُرِّيَّتِهِ الْأَئِمَّةِ الرَّاشِدِينَ، عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمُ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه .(7)

[ 3 ]

لا جَعَلَهُ اللَّهُ يَا مَوْلَايَ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيَارَتِكَ، وَرَزَقَنِي الْعَوْدَ إِلَيْكَ وَالْمُقَامَ فِي حَرَمِكَ، وَالْكَوْنَ مَعَكَ، وَمَعَ الْأَبْرَارِ مِنْ وُلْدِكَ .

ثمّ اخرج القهقرى وقل :

السَّلامُ عَلَيْكَ يَا سَيِّدَ الْوَصِيِّينَ، وَالسَّلامُ عَلَى

ص: 208


1- الشيخ الطوسي، مصباح المتهجد، ص 512 .
2- الشيخ المفيد، المزار، ص 81 .
3- السيد إبن طاووس، مصباح الزائر، ص 133 .
4- المصدر، ص 521 .
5- إبن المشهدي، المزار الكبير، ص 192 .
6- إبن المشهدي، المزار الكبير، ص 261 .
7- نفس المصدر، ص 252

الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ .

وقل في مسيرك إلى أن تبعد عن القبر :

إِنَّا للَّهِِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، وَحَسبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلِ .(1)

[ 4 ]

السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَالْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، أَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ وَأَسْتَرْعِيكَ وَأَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ، آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرُّسُلِ وَبِمَا جَاءَتْ بِهِ وَدَلَّتْ عَلَيْهِ، فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ .

اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْهَدُ فِي مَمَاتِي عَلَى مَا شَهِدْتُ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِي .

أَشْهَدُ أَنَّكُمُ الْأَئِمَّةُ ،

تسمّيهم واحداً بعد واحد :

وَأَشْهَدُ أَنَّ مَنْ قَتَلَكُمْ وَحَارَبَكُمْ مُشْرِكُونَ، وَمَنْ رَدَّ عَلَيْكُمْ فِي أَسْفَلِ دَرَكِ الْجَحِيمِ .

أَشْهَدُ أَنَّ مَنْ حَارَبَكُمْ لَنَا أَعْدَاءٌ، وَنَحْنُ مِنْهُمْ بُرَآءُ، وَأَنَّهُمْ حِزْبُ الشَّيَاطِينِ، وَعَلَى مَنْ قَتَلَهُمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، وَمَنْ شَرِكَ فِيهِ، وَمَنْ سَرَّهُ قَتْلُكُمْ .

اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَالتَّسْلِيمِ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ - وتُسَمّيهم - وَلَا تَجْعَلْ هَذَا آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيَارَتِهِ، فَإِنْ جَعَلْتَهُ فَاحْشُرْنِي مَعَ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ الْمُسَمَّيْنَ .

اللَّهُمَّ وَذَلِّلْ قُلُوبَنَا لَهُمْ بِالطَّاعَةِ وَالْمُنَاصَحَةِ وَالْمَحَبَّةِ وَحُسْنِ الْمُوَازَرَةِ وَالتَّسْلِيمِ .(2)

[ 5 ]

يَا سَيِّدِي وَمَوْلَايَ، وَمُعْتَمَدِي فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَآخِرَتِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، هَذَا أَوَانُ انْصِرَافِي عَنْ حَرَمِكَ مِنْ غَيْرِ جَفَاءٍ وَلَا قِلىً مِنْ بَعْدِ مَا قَضَيْتُ أَوْطَارِي، وَتَمَتَّعْتُ بِزِيَارَتِكَ، وَلُذْتُ بِحَرَمِكَ وَضَرِيحِكَ، وَسَأَلْتُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَغْفِرَ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِا ِخْوَانِيَ الْمُؤْمِنِينَ، وَقَدْ عَوَّلْتُ عَلَى الاِنْصِرَافِ وَأَنَا أَسْأَلُكَ أَنْ تَسْأَلَ اللَّهَ تَعَالَى لِأَجْلِ مَسْأَلَتِي بِكَ أَنْ يَرُدَّنِي إِلَى أَهْلِي سَالِماً غَانِماً، وَجَمِيعَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَقَدْ قَبِلَ اللَّهُ سَعْيَنَا وَزِيَارَتَنَا، وَقَدْ مَحَّصَ اللَّهُ جَمِيعَ ذُنُوبِنَا وَ جَرَائِمِنَا وَخَطَايَانَا، وَأَنْ نَعُودَ إِلَى أَهْلِنَا بِسَعْيٍ مَشْكُورٍ، وَذَنْبٍ مَغْفُورٍ، وَعَمَلٍ مَبْرُورٍ .

اللَّهُمَّ لا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيَارَةِ مَوْلَانَا

ص: 209


1- المصدر، ص 263 . ..
2- الشيخ المفيد، المزار، ص 81 .

وَإِمَامِنَا أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَا مِنْ زِيَارَةِ قَبْرِهِ فِي كُلِّ مِيقَاتٍ، وَتَقَبَّلْ ذَلِكَ مِنَّا بِأَحْسَنِ قَبُولٍ .

أَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ وَنَفْسِي وَأَهْلِي وَوُلْدِي وَمَا أَنْقَلِبُ إِلَيْهِ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِي .(1)

[ 6 ]

السَّلامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ بَيْتِ النُّبُوَّةِ، وَمَعْدِنَ الرِّسَالَةِ، سَلَامَ مُوَدِّعٍ لا سَئِمٍ وَلَا قَالٍ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ، إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ . سَلَامَ وَلِيٍّ غَيْرِ رَاغِبٍ عَنْكُمْ، وَلَا مُنْحَرِفٍ عَنْكُمْ، وَلَا مُسْتَبْدِلٍ بِكُمْ، وَلَا مُؤْثِرٍ عَلَيْكُمْ، وَلَا زَاهِدٍ فِي قُرْبِكُمْ، لا جَعَلَهُ اللَّهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيَارَةِ قُبُورِكُمْ، وَإِتْيَانِ مَشَاهِدِكُمْ، وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، وَحَشَرَنِي اللَّهُ فِي زُمْرَتِكُمْ، وَأَوْرَدَنِي حَوْضَكُمْ، وَأَرْضَاكُمْ عَنِّي، وَمَكَّنَنِي فِي دَوْلَتِكُمْ، وَأَحْيَانِي فِي رَجْعَتِكُمْ، وَمَلَّكَنِي فِي أَيَّامِكُمْ، وَشَكَرَ سَعْيِي لَكُمْ، وَغَفَرَ ذُنُوبِي بِشَفَاعَتِكُمْ، وَأَقَالَ عَثْرَتِي بِحُبِّكُمْ، وَأَعْلَى كَعْبِي بِمُوَالَاتِكُمْ، وَشَرَّفَنِي بِطَاعَتِكُمْ، وَأَعَزَّنِي بِهُدَاكُمْ، وَجَعَلَنِي مِمَّنِ يَنْقَلِبُ مُفْلِحاً مُنْجِحاً، سَالِماً غَانِماً، مُعَافاً غَنِيّاً، فَائِزاً بِرِضْوَانِ اللَّهِ وَفَضْلِهِ وَكِفَايَتِهِ، بِأَفْضَلِ مَا يَنْقَلِبُ بِهِ أَحَدٌ مِنْ زُوَّارِكُمْ وَمَوَالِيكُمْ، وَمُحِبِّيكُمْ وَشِيعَتِكُمْ، وَرَزَقَنِيَ اللَّهُ الْعَوْدَ ثُمَّ الْعَوْدَ ثُمَّ الْعَوْدَ، مَا أَبْقَانِي رَبِّي، بِنِيَّةٍ صَادِقَةٍ وَإِيمَانٍ وَتَقْوَى وَإِخْبَاتٍ وَرِزْقٍ وَاسِعٍ حَلَالٍ طَيِّبٍ .

اللَّهُمَّ لا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيَارَتِهِمْ وَذِكْرِهِمْ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ، وَأَوْجِبْ لِيَ الْمَغْفِرَةَ وَالرَّحْمَةَ، وَالْخَيْرَ وَالْبَرَكَةِ، وَالنُّورَ وَالْإِيمَانَ، وَحُسْنَ الْإِجَابَةِ كَمَا أَوْجَبْتَ لِأَوْلِيَائِكَ الْعَارِفِينَ بِحَقِّهِمْ، الْمُوجِبِينَ طَاعَتَهُمْ، وَالرَّاغِبِينَ فِي زِيَارَتِهِمُ، الْمُقَرِّبِينَ إِلَيْكَ وَإِلَيْهِمْ .

بِأَبِي أَنْتُمْ وَأُمِّي وَنَفْسِي وَمَالِي وَأَهْلِي، اجْعَلُونِي فِي هَمِّكُمْ، وَصَيِّرُونِي فِي حِزْبِكُمْ، وَأَدْخِلُونِي فِي شَفَاعَتِكُمْ، وَاذْكُرُونِي عِنْدَ رَبِّكُمْ .

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَبْلِغْ أَرْوَاحَهُمْ وَأَجْسَادَهُمْ عَنِّي تَحِيَّةً كَثِيرَةً وَسَلَاماً، وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه .(2)

[ 7 ]

آمَنْتُ بِاللَّهِ وَبِالرُّسُلِ، وَبِمَا جِئْتَ بِهِ وَدَلَلْتَنِي عَلَيْهِ وَدَعَوْتَنِي إِلَيْهِ ، رَبَّنا آمَنَّا بِما أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ وَآلَ الرَّسُولِ

ص: 210


1- السيد إبن طاووس، مصباح الزائر، ص 138 .
2- المصدر، ص 472 .

فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ .

اللَّهُمَّ لا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيَارَةِ مَوْلَايَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَأَخِي رَسُولِ اللَّهِ، وَارْزُقْنِي زِيَارَتَهُ أَبَداً مَا أَحْيَيْتَنِي .

اللَّهُمَّ لا تَحْرِمْنِي ثَوَابَ زِيَارَتِهِ، وَارْزُقْنِي الْعَوْدَ، ثُمَّ الْعَوْدَ .

السَّلامُ عَلَيْكَ يَا مَوْلَايَ سَلَامَ مُوَدِّعٍ لا سَئِمٍ وَلَا قَالٍ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه .

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَبَلِّغْ أَرْوَاحَهُمْ وَأَجْسَادَهُمْ مِنِّي أَفْضَلَ التَّحِيَّةِ وَالسَّلَامِ، وَالسَّلامُ عَلَى مَلَائِكَةِ اللَّهِ الْحَافِّينَ بِهَذَا الْمَشْهَدِ الشَّرِيفِ . السَّلامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَى فَاطِمَةَ سَيِّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ، السَّلامُ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، السَّلامُ عَلَى الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَمُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، وَعَلِيِّ بْنِ مُوسَى، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَالْحُجَّةِ الْقَائِمِ بِأَمْرِ اللَّهِ، الْمُنْتَقِمِ مِنْ أَعْدَائِه .

السَّلامُ عَلَى سَمِيِّ رَسُولِ اللَّهِ، مُظْهِرِ دِينِ اللَّهِ، سَلَاماً وَاصِلاً دَائِماً سَرْمَداً لا انْقِطَاعَ لَهُ، السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه .

الْحَمْدُ للَّهِِ الَّذِي أَنْقَذَنَا ] بِكُمْ [ مِنَ الشِّرْكِ وَالضَّلَالَةِ .

اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِمَّنْ تَنَالُهُ مِنْكَ صَلَوَاتٌ وَرَحْمَةٌ، وَاحْفَظْنِي بِحِفْظِ الْإِيمَانِ، وَلَا تُشْمِتْ بِي مَنْ عَادَيْتُهُ فِيكَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ .(1)

[ 8 ]

السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا تَاجَ الْأَوْصِيَاءِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عِلْمِ الْأَنْبِيَاءِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا رَأْسَ الصِّدِّيقِينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا بَابَ الْأَحْكَامِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا رُكْنَ الْمَقَامِ، أَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ وَأَسْتَرْعِيكَ، وَأَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ، آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَبِمَا جَاءَ بِهِ وَدَعَا إِلَيْهِ وَ دَلَّ عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ .

اللَّهُمَّ لا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيَارَتِي إِيَّاهُ، وَلَا تَحْرِمْنِي ثَوَابَ مَنْ زَارَهُ، وَاسْتَعْمِلْنِي بِالَّذِي افْتَرَضْتَ لَهُ عَلَيَّ، وَارْزُقْنِي الْعَوْدَ إِلَيْهِ، فَإِنْ تَوَفَّيْتَنِي قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنِّي أَشْهَدُ أَنَّهُمْ أَعْلَامُ الْهُدَى،

ص: 211


1- الشهيد، المزار، ص 91 .

وَالْعُرْوَةُ الْوُثْقَى، وَالْكَلِمَةُ الْعُلْيَا، وَالْحُجَّةُ الْعُظْمَى، وَالنُّجُومُ الْعُلَى، وَالْعُذْرُ الْبَالِغُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ خَلْقِكَ . وَأَشْهَدُ أَنَّ مَنْ رَدَّ ذَلِكَ فِي أَسْفَلِ دَرْكِ الْجَحِيمِ .

اللَّهُمَّ وَاجْعَلْنِي مِنْ وَفْدِهِ الْمُبَارَكِينَ، وَزُوَّارِهِ الْمُخْلَصِينَ، وَشِيعَتِهِ الصَّادِقِينَ، وَمَوَالِيهِ الْمَيَامِينِ، وَأَنْصَارِهِ الْمُكَرَّمِينَ، وَأَصْحَابِهِ الْمُؤَيَّدِينَ .

اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي أَكْرَمَ وَافِدٍ وَأَفْضَلَ وَارِدٍ وَأَنْبَلَ قَاصِدٍ قَصَدَكَ إِلَى هَذَا الْحَرَمِ الْكَرِيمِ، وَالْمَقَامِ الْعَظِيمِ، وَالْمَنْهَلِ الْجَلِيلِ، الَّذِي أَوْجَبْتَ فِيهِ غُفْرَانَكَ وَرَحْمَتَكَ.

اللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ وَأُشْهِدُ مَنْ حَضَرَ مِنْ مَلَائِكَتِكَ، أَنَّ الَّذِي سَكَنَ هَذَا الرَّمْسَ وَحَلَّ هَذَا الضَّرِيحَ طُهْرٌ مُقَدَّسٌ مُنْتَجَبٌ رَضِيٌّ مَرْضِيٌّ .

طُوبَى لَكِ مِنْ تُرْبَةٍ ضُمِّنْتِ كَنْزاً مِنَ الْخَيْرِ، وَشِهَاباً مِنَ النُّورِ، وَيَنْبُوعَ الْحِكْمَةِ، وَعَيْناً مِنَ الرَّحْمَةِ، وَمُبَلِّغَ الْحُجَّةِ .

أَنَا أَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ مِنْ قَاتِلِكَ، وَالنَّاصِبِينَ لَكَ، وَالْمُعِينِينَ عَلَيْكَ، وَالْمُحَارِبِينَ لَكَ .

اللَّهُمَّ ذَلِّلْ قُلُوبَنَا لَهُمْ بِالطَّاعَةِ وَالْمُنَاصَحَةِ وَالْمُوَالَاةِ وَحُسْنِ الْمُوَازَرَةِ وَالتَّسْلِيمِ، حَتَّى نَسْتَكْمِلَ بِذَلِكَ طَاعَتَكَ، وَنَبْلُغَ بِهِ مَرْضَاتَكَ، وَنَسْتَوْجِبَ بِهِ ثَوَابَكَ وَرَحْمَتَكَ .

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِكُلِّ مَقَامٍ مَحْمُودٍ، وَاقْلِبْنِي مِنْ هَذَا الْحَرَمِ بِكُلِّ خَيْرٍ مَوْجُودٍ، يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ .

أُوَدِّعُكَ - يَا مَوْلَايَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ - وَدَاعَ مَحْزُونٍ عَلَى فِرَاقِكَ، لا جَعَلَهُ اللَّهُ آخَرَ عَهْدِي مِنْكَ، وَلَا مِنْ زِيَارَتِي لَكَ، إِنَّهُ قَرِيبٌ مُجِيبٌ، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه .

ثمّ استقبل القبلة وابسط يديك وقل :

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَبْلِغْ عَنَّا الْوَصِيَّ الْخَلِيفَةَ، الدَّاعِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى دَارِكَ دَارِ السَّلَامِ، صَدِيقَكَ الْأَكْبَرَ فِي الْإِسْلَامِ، وَفَارُوقَكَ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَنُورَكَ الزَّاهِرَ، وَلِسَانَكَ النَّاطِقَ بِأَمْرِكَ بِالْحَقِّ الْمُبِينِ، وَعُرْوَتَكَ الْوُثْقَى، وَكَلِمَتَكَ الْعُلْيَا، وَوَصِيَّ رَسُولِكَ الْمُرْتَضَى، عَلَمَ الدِّينِ، وَمَنَارَ الْمُسْلِمِينَ، وَخَاتَمَ الْوَصِيِّينَ، وَسَيِّدَ الْمُؤْمِنِينَ، عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِمَامَ الْمُتَّقِينَ، وَقَائِدَ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ، صَلَاةً تَرْفَعُ بِهَا ذِكْرَهُ، وَتُحْيِي

ص: 212

بِهَا أَمْرَهُ، وَتُظْهِرُ بِهَا دَعْوَتَهُ، وَتَنْصُرُ بِهَا ذُرِّيَّتَهُ، وَتُفْلِجُ بِهَا حُجَّتَهُ، وَتُعْطِيهِ نُصْرَتَه .

اللَّهُمَّ وَاجْزِهِ عَنَّا خَيْرَ الجَزَاءِ جَزَاءِ الْمُكْرَمِينَ، وَأَعْطِهِ سُؤْلَهُ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ ؛ فَإِنَّا نَشْهَدُ أَنَّهُ قَدْ نَاصَحَ لِرَسُولِكَ، وَهَدَى إِلَى سَبِيلِكَ، وَقَامَ بِحَقِّكَ، وَصَدَعَ بِأَمْرِكَ، وَلَمْ يَجُرْ فِي حُكْمِكَ، وَلَمْ يَدْخُلْ فِي ظُلْمٍ، وَلَمْ يَسْعَ فِي إِثْمٍ ؛ وَأَنَّهُ أَخُو رَسُولِكَ، وَأَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِهِ وَصَدَّقَهُ وَاتَّبَعَهُ وَنَصَرَهُ ؛ وَأَنَّهُ وَصِيُّهُ، وَوَارِثُ عِلْمِهِ، وَمَوْضِعُ سِرِّهِ، وَأَحَبُّ الْخَلْقِ إِلَيْهِ فَأَبْلِغْهُ عَنَّا السَّلَامَ وَرُدَّ عَلَيْنَا مِنْهُ السَّلَامَ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .(1)

[ 9 ]

السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَيَعْسُوبَ الدِّينِ، وَقَائِدَ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ، وَحُجَّةَ اللَّهِ عَلَى أَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرَضِينَ، سَلَامَ مُوَدِّعٍ لا سَئِمٍ وَلَا قَالٍ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، سَلَامَ وَلِيٍّ غَيْرِ زَائِغٍ عَنْكَ، وَلَا مُنْحَرِفٍ مِنْكَ، وَلَا مُسْتَبْدِلٍ بِكَ، وَلَا مُؤْثِرٍ عَلَيْكَ، وَلَا زَاهِدٍ فِيكَ .

لا جَعَلَهُ اللَّهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيَارَتِكَ - يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ - وَإِتْيَانِ مَشْهَدِكَ، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ، وَحَشَرَنِي اللَّهُ فِي زُمْرَتِكَ، وَأَوْرَدَنِي حَوْضَكَ، وَجَعَلَنِي مِنْ حِزْبِكَ، وَأَرْضَاكَ عَنِّي، وَمَكَّنَنِي فِي دَوْلَتِكَ، وَأَحْيَانِي فِي رَجْعَتِكَ، وَمَلَّكَنِي فِي أَيَّامِكَ، وَشَكَرَ سَعْيِي ] بِكَ [، وَغَفَرَ ذَنْبِي بِشَفَاعَتِكَ، وَأَقَالَ عَثْرَتِي بِحُبِّكَ، وَأَعْلَى كَعْبِي بِمُوَالَاتِكَ، وَشَرَّفَنِي بِطَاعَتِكَ، وَأَعَزَّنِي بِهِدَايَتِكَ، وَجَعَلَنِي مِمَّنْ أَنْقَلِبُ مُفْلِحاً مُنْجِحاً غَانِماً سَالِماً مُعَافاً غَنِيّاً، فَائِزاً بِرِضْوَانِ اللَّهِ وَفَضْلِهِ وَكِفَايَتِهِ وَنُصْرَتِهِ وَأَمْنِهِ وَنُورِهِ وَهِدَايَتِهِ وَحِفْظِهِ وَكِلَاءَتِهِ ؛ بِأَفْضَلِ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ أَحَدٍ مِنْ زُوَّارِكَ وَوَافِدِيكَ وَمَوَالِيكَ وَشِيعَتِكَ، وَرَزَقَنِيَ اللَّهُ الْعَوْدَ مَا أَبْقَانِي رَبِّي بِإِيمَانٍ وَبَرٍّ وَتَقْوَى وَإِخْبَاتٍ، وَرِزْقٍ حَلَالٍ وَاسِعٍ، وَعَافِيَةٍ شَامِلَةٍ فِي النَّفْسِ وَالْإِخْوَانِ وَالْأَهْلِ وَالْوَلَدِ .

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَلَا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيَارَةِ مَوْلَايَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَذِكْرِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ،

ص: 213


1- السيد إبن طاووس، مصباح الزائر، ص 181 .

وَأَوْجِبْ لِي مِنَ الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ وَالنُّورِ وَالْإِيمَانِ وَحُسْنِ الْإِجَابَةِ، مِثْلَ مَا أَوْجَبْتَ لِأَوْلِيَائِكَ، الْعَارِفِينَ بِحَقِّكَ، الْمُوجِبِينَ لِطَاعَتِكَ، الْمُدِيمِينَ لِذِكْرِكَ، الرَّاغِبِينَ فِي زِيَارَتِكَ، الْمُتَقَرِّبِينَ إِلَيْكَ بِذَلِكَ .

بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي - يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ - وَنَفْسِي وَأَحِبَّتِي، اجْعَلْنِي يَا مَوْلَايَ مِنْ حِزْبِكَ، وَأَدْخِلْنِي فِي شَفَاعَتِكَ، وَاذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ .

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ، وَبَلِّغْ أَرْوَاحَهُمْ وَأَجْسَادَهُمْ مِنِّي السَّلَامَ، وَأَعْمُمْ بِمَا سَأَلْتُكَ جَمِيعَ أَهْلِي وَوُلْدِي وَإِخْوَانِي، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .

اللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ وَأُشْهِدُ مُحَمَّداً وَعَلِيّاً، وَالثَّمَانِيَةَ حَمَلَةَ عَرْشِكَ، وَالْأَرْبَعَةَ أَمْلَاكٍ خَزَنَةَ عِلْمِكَ، أَنَّ فَرْضَ صَلَوَاتِي لِوَجْهِكَ، وَنَوَافِلِي وَزَكَوَاتِي وَمَا طَابَ مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍ عِنْدَكَ، فَعَلى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِه .

فَأَسْأَلُكَ يَا إِلَهِي أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَتُوصِلَنِي بِهِ إِلَيْهِ، وَتُقَرِّبَنِي بِهِ لَدَيْهِ، كَمَا أَمَرْتَنَا بِالصَّلَاةِ عَلَيْه . وَأَشْهَدُ أَنِّي مُسَلِّمٌ ] لَهُ [وَلِأَهْلِ بَيْتِهِ غَيْرَ مُسْتَنْكِفٍ وَلَامُسْتَكْبِرٍ، فَسَلِّمْنَا بِصَلَاتِهِ وَصَلَاةِ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَاجْعَلْ مَا أَتَيْنَا مِنْ عَمَلٍ أَوْ مَعْرِفَةٍ مُسْتَقَرّاً لا مُسْتَوْدَعاً، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .

ثمّ تنكبّ على القبر وتقول :

وَلِيُّكَ - يَا مَوْلَايَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ - بِكَ عَائِذٌ، وَبِحَرَمِكَ لَائِذٌ، وَبِحَبْلِكَ آخِذٌ، وَبِأَمْرِكَ نَافِذٌ، فَكُنْ لِي - يَا مَوْلَايَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ - إِلَى اللَّهِ سَفِيراً، وَمِنَ النَّارِ مُجِيراً، وَعَلَى الدَّهْرِ ظَهِيراً، وَلِزِيَارَتِي شَكُوراً ؛ فَمَنْ تَعَلَّقَ بِكَ سَلِمَ، وَمَنْ تَأَخَّرَ عَنْكَ نَدِمَ، وَأَنْتَ مَوْلَى الْأُمَمِ وَكَاشِفُ النِّقَمِ، صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْكَ، عَبْدُكَ بَيْنَ يَدَيْكَ، يَدْعُوكَ وَيَشْكُو إِلَيْكَ، وَيَتَّكِلُ فِي أَمْرِهِ عَلَيْكَ، وَأَنْتَ مَالِكُ جَنَّتِهِ، وَمُنَفِّسُ كُرْبَتِهِ، وَرَاحِمُ عَبْرَتِهِ، وَمُحْيِي قَلْبِهِ، عَلَيْكَ مِنَّا السَّلَامُ، وَبِكَ بَعْدَ اللَّهِ الاِعْتِصَامُ إِذَا حَلَّ الْحِمَامُ وَسَكَنَ الزِّحَامُ، فَإِلَيْكَ الْمَآبُ وَأَنْتَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الْوَكِيلُ .(1)

[

ص: 214


1- إبن المشهدي، المزار الكبير، ص 317 .

10 ]

السَّلامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِينَ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَصِيَّ رَسُولِ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا إِمَامَ الْهُدَى، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا بَابَ الرَّحْمَةِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ الْعِلْمِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا قَسِيمَ النَّارِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا صَاحِبَ الْحَوْضِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا ذَابَّ عَنْ دِينِ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا نَاصِرَ رَسُولِ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ .

لَعَنَ اللَّهُ مَنْ قَتَلَكَ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ شَرِكَ فِي دَمِكَ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ بَلَغَهُ ذَلِكَ فَرَضِيَ بِهِ، أَنَا إِلَى اللَّهِ مِنْ أَعْدَائِكَ بَرِي ءٌ . ثمّ تقول :

اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَرَى مَكَانِي، وَتَسْمَعُ كَلَامِي، وَتَرَى تَضَرُّعِي وَلِوَاذِي بِقَبْرِ وَلِيِّكِ وَحُجَّتِكَ، وَأَنْتَ تَعْرِفُ حَوَائِجِي، وَلَا يَخْفَى عَلَيْكَ شَيْ ءٌ مِنْ أَمْرِي، وَقَدْ تَوَجَّهْتُ إِلَيْكَ بِوَصِيِّ رَسُولِكَ، وَأَمِينِكَ وَحُجَّتِكَ عَلَى خَلْقِكَ، وَجِئْتُ زَائِراً لِقَبْرِهِ، مُتَقَرِّباً بِذَلِكَ إِلَيْكَ وَإِلَى رَسُولِكَ ؛ فَاجْعَلْنِي بِهِ عِنْدَكَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ، وَأَعْطِنِي بِزِيَارَتِي لَهُ أَمَلِي وَرَجَائِي وَمُنَايَ وَسُؤْلِي، وَاقْضِ لِي جَمِيعَ حَوَائِجِي، وَلَا تَرُدَّنِي خَائِباً، وَلَا تَقْطَعْ رَجَائِي، وَلَا تُخَيِّبْ دُعَائِي وَعَرِّفْنِي الْإِجَابَةَ، وَلَا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيَارَتِي إِيَّاهُ، وَارْزُقْنِي ذَلِكَ أَبَداً مَا أَبْقَيْتَنِي، وَارْدُدْنِي إِلَيْهِ بِبِرٍّ وَتَقْوَى وَإِخْبَاتٍ، وَأَعْطِنِي عَلَى ذَلِكَ مِنَ الْأَجْرِ وَالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ وَالثَّوَابِ وَحُسْنِ الْإِجَابَةِ، أَفْضَلَ مَا أَعْطَيْتَهُ وَأَنْتَ مُعْطِيهِ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ مِمَّنْ أَتَاهُ زَائِراً، وَبِحَقِّهِ عَارِفاً، رَاغِباً فِي زِيَارَتِهِ، مُتَقَرِّباً فِي ذَلِكَ إِلَيْكَ وَإِلَى رَسُولِكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُه .

ثمّ قم عند رجليه وقل مثل ذلك، وقُل وأنت مُوَلٍّ للخروج :

اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَبِحُرْمَةِ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَبِالشَّأْنِ الَّذِي جَعَلْتَهُ لِمُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ،

ص: 215

وَأَنْ تُبَلِّغَ رُوحَهُ وَجَسَدَهُ مِنِّي فِي سَاعَتِي هَذِهِ، وَفِي كُلِّ سَاعَةٍ، تَحِيَّةً كَثِيرَةً وَسَلَاماً، وَأَسْأَلُكَ أَنْ لا تَجْعَلَهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيَارَتِي، وَارْزُقْنِي ذَلِكَ أَبَداً مَا أَبْقَيْتَنِي، وَاجْعَلْنِي مَعَهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَإِنِّي بِذَلِكَ رَاضٍ، وَارْضَ عَنِّي يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .

ثمّ قم على باب الخير واستقبل القبلة وقُل :

اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي الْعَوْدَ إِلَيْهِ أَبَداً مَا أَبْقَيْتَنِي بِبِرٍّ وَتَقْوَى، فِي عَامِي هَذَا وَفِي كُلِّ عَامٍ أَبَداً، وَاجْعَلْ ذَلِكَ فِي يُسْرٍ مِنْكَ وَعَافِيَةٍ، وَعَرِّفْنِي مِنْ بَرَكَةِ زِيَارَتِي إِيَّاهُ مَا تَقَرُّ بِهِ عَيْنِي، وَتُبَشِّرُ بِهِ نَفْسِي، وَلَا تَقْطَعْ رَجَائِي، وَلَا تُخَيِّبْ دُعَائِي، وَارْحَمْ ضَعْفِي وَقِلَّةَ حِيلَتِي، وَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي، وَلَا إِلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ طَرْفَةَ عَيْنٍ يَا سَيِّدِي .

ثمّ امض وأنت تقول :

حَسْبِيَ اللَّهُ وَكَفَى، سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ دَعَا، لَيْسَ وَرَاءَ اللَّهِ مُنْتَهَى .

حتّى ترد الكوفة إن شاء اللَّه، ولا قوّة إلاّ باللَّه العليّ العظيم، وصلّى اللَّه على محمّد وعلى آله وطاهرين .(1)

[ 11 ]

السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، أَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ وَأَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ، آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَبِمَا جَاءَ بِهِ وَدَعَا إِلَيْهِ وَدَلَّ عَلَيْه .

اللَّهُمَّ لا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيَارَتِي إِلَيْه .

اللَّهُمَّ لا تَحْرِمْنَا ثَوَابَ مَزَارِهِ، وَارْزُقْنَا الْعَوْدَ ؛ فَإِنْ تَوَفَّيْتَنِي قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنِّي أَشْهَدُ فِي مَمَاتِي بِمَا شَهِدْتُ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِي، وَأَشْهَدُ أَنَّهُمْ أَعْلَامُ الْهُدَى، وَنُجُومُ الْعُلَى، وَالْقَدْرُ الْبَالِغُ، ] وَكُهُوفُ الْوَرَى، وَوَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، وَالْمَثَلُ الْأَعْلَى، وَالدَّعْوَةُ الْحُسْنَى، وَحُجَجُكَ عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا، وَالسَّبَبُ الْأَطْوَلُ [ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ خَلْقِكَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مَنْ رَدَّ ذَلِكَ فَهُوَ فِي دَرْكِ الْجَحِيمِ.

اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ

وتُسمّي الائمّة واحداً واحداً

وَأَنْ لا تَجْعَلَهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ وِفَادَتِهِ، وَالاِنْقِضَاءِ

ص: 216


1- العلامة المجلسي، بحارالأنوار، ج 100، ص 327 .

مِنْ زِيَارَتِهِ، وَإِنْ جَعَلْتَهُ فَاجْعَلْنِي مَعَ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ أَئِمَّةِ الْهُدَى .

اللَّهُمَّ ذَلِّلْ قَلْبِي لَهُمْ بِالطَّاعَةِ وَالْمُنَاصَحَةِ وَالْمُوَالَاةِ وَحُسْنِ الْمُوَازَرَةِ وَالْمَوَدَّةِ وَالتَّسْلِيمِ، حَتَّى نَسْتَكْمِلَ بِذَلِكَ طَاعَتَكَ، وَنَبْلُغَ بِهَا مَرْضَاتَكَ، وَنَسْتَوْجِبَ بِهَا ثَوَابَكَ بِرَحْمَتِكَ .

اللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ بِالْوَلَايَةِ لِمَنْ وَالَيْتَ، وَوَالَتْ رُسُلُكَ وَأَنْبِيَاؤُكَ وَمَلَائِكَتُكَ، وَأُشْهِدُكَ بِالْبَرَاءَةِ مِمَّنْ بَرِئْتَ أَنْتَ مِنْهُ، وَبَرِئَتْ مِنْهُ رُسُلُكَ وَأَنْبِيَاؤُكَ وَمَلَائِكَتُكَ الْمُقَرَّبُونَ، وَالسَّفَرَةُ الْأَبْرَارُ الْمُطَهَّرُونَ، وَوَفِّقْنِي لِكُلِّ مَقَامٍ مَحْمُودٍ، وَاقْلِبْنِي مِنْ هَذَا الْحَرَمِ بِخَيْرٍ مَوْجُودٍ، يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ.

السَّلامُ عَلَيْكَ يَا تَاجَ الْأَوْصِيَاءِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا رَأْسَ الصِّدِّيقِينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ الْأَحْكَامِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا رُكْنَ الْمَقَامِ .

اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ وَفْدِهِ الْمُبَارَكِينَ، وَزُوَّارِهِ الْمُخْلَصِينَ، وَشِيعَتِهِ الصَّادِقِينَ، وَمُوَالِيهِ النَّاصِحِينَ، وَأَنْصَارِهِ الْمُكَرَّمِينَ، وَأَصْحَابِهِ الْمُؤَيَّدِينَ .

وَاجْعَلْنِي أَكْرَمَ وَافِدٍ وَأَفْضَلَ وَارِدٍ وَأَنْبَلَ قَاصِدٍ، فِي هَذَا الْحَرَمِ الْكَرِيمِ، وَالْمَقَامِ الْعَظِيمِ، وَالْمَوْرِدِ النَّبِيلِ، وَالْمَنْهَلِ الْجَلِيلِ، الَّذِي أَوْجَبْتَ فِيهِ غُفْرَانَكَ وَرَحْمَتَكَ .

وَأُشْهِدُ اللَّهَ وَمَنْ حَضَرَ مِنْ مَلَائِكَتِهِ فِي هَذَا الْحَرَمِ، الَّذِينَ هُمْ بِهِ مُحْدِقُونَ حَافُّونَ، أَنَّ مَنْ سَكَنَ بِرَمْسِهِ وَحَلَّ ضَرِيحَهُ مُقَدَّسٌ صِدِّيقٌ مُنْتَجَبٌ، وَوَصِيٌّ مُرْتَضًى ؛ وَاهاً لَكَ مِنْ تُرْبَةٍ ضَمِنَتْ نُوراً مِنَ الْخَيْرِ، وَشِهَاباً مِنَ النُّورِ، وَيَنْبُوعَ الْحِكْمَةِ، وَعَيْناً مِنَ الرَّحْمَةِ، وَإِبْلَاغَ الْحُجَّةِ .

أَنَا أَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ مِنْ قَاتِلِيكَ وَظَالِمِيكِ، وَالنَّاصِبِينَ لَكَ، وَالْمُعِينِينَ عَلَيْكَ، وَالْمُحَارِبِينَ لَكَ، وَأُوَدِّعُكَ - يَا مَوْلَايَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ - وَدَاعَ الْمَحْزُونِ لِفِرَاقِكَ، الْمُكْتَئِبِ بِالزَّوَالِ عَنْ حَرَمِكَ، الْمُتَفَجِّعِ عَلَيْكَ ؛ لا جَعَلَهُ اللَّهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيَارَتِكَ، وَلَا مِنْ رُجُوعِنَا إِلَيْكَ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ .(1)

×××

[ 12 ]

قال صفوان : ثمّ خرج الإمام الصادق عليه السلام من عنده القهقرى وهو يقول :

يَا جَدَّاهْ يَا سَيِّدَاهْ يَا طَيِّبَاهْ يَا طَاهِرَاهْ لاَ جَعَلَهُ اللَّهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْكَ وَرَزَقَنِي

ص: 217


1- السيد إبن طاووس، مصباح الزائر، ص 143 وما جعلناه بين المعقوفتين فهو من البحار، ج 100، ص 300 .

الْعَوْدَ إِلَيْكَ وَ الْمُقَامَ فِي حَرَمِكَ وَ الْكَوْنَ مَعَكَ وَمَعَ الْأَبْرَارِ مِنْ وُلْدِكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ وَعَلَى الْمَلاَئِكَةِ الْمُحْدِقِينَ بِكَ .(1)

الباب التاسع: ما يتبع الزيارة من كرامات أميرالمؤمنين عليه السلام

قصة مرّة بن قيس وموضع الإصبعين

الانبياء والأئمّة صلوات اللَّه عليهم أجمعين حيّهم وميّتهم سواء، ولهذا ورد في زيارة أميرالمؤمنين عليه السّلام :

أشهد يا موالىّ أنكم تسمعون كلامي وترون مقامي وتعرفون مكاني وتردّون سلامي .(2)

فكما ثبت لهم الكثير من الكرامات والمعجزات في حياتهم الشّريفة، كذلك هي ثابتة ومستمرة بعد وفاتهم أيضاً .

القصص والتواريخ والأحاديث الصحيحة في جزئيات هذه الامور ومصاديقها فوق حدّ التواتر .

شوهد لأميرالمؤمنين عليه السلام معجزات كثيرة في حياته، كما شوهد له كرامات كثيرة بعد وفاته عليه السلام .(3)

نذكر هنا كرامة باهرة له عليه السلام تعرف بقصة « مرّة بن قيس » شاهدة على أنهم صلوات اللَّه عليهم « أحياء عند ربّهم يرزقون » يسمعون الكلام ويردّون السلام ويقضون الحوائج باذن اللَّه تعالى .

نقل العلامة الشيخ جعفر النقدي قدس سره عن السيد محمّد صالح الحسيني الترمذي، المتخلّص ب : « كشفي » في كتابه : « المناقب المرتضوى » المتوفى سنة 1160 ه- . فقال :

ثبت بالأسانيد الصحيحة أنّ « مرة بن قيس » كان رجلاً كافراً، ذامالٍ وخدم وحشم . فتذاكر يوماً مع قومه في أحوال آبائه وأجداده، فقيل له : إنّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام قتل منهم الوفاً، فسأل عن مدفنه، فدلّوه على النجف، فأخذ معه ألفى فارس والوفاً من الرجل .

ولمّا وصل إلى نواحى النجف إطَّلع أهله، فتحصّنوا وقام الحرب بينهم إلى ستّة أيام . فهدموا موضعاً من حصار البلد، فانهزم المسلمون، ودخل الخبيث في الروضة وقال : « يا علي أنت قتلت آبائي وأجدادي » .

وأراد ان

ص: 218


1- إبن المشهدي، المزار الكبير، ص 242 .
2- إبن المشهدي، المزار الكبير، ص 251 .
3- الامور الخارقة للعادة اذا كانت مقرونة بالتحدّي ومطابقة للدّعوى تسمّى « معجزة » وإذا لم تكن مقرونة بالتحدي تسمّى « كرامة » . ] انظر : « الكرامات المعصومية » للمؤلف، ، ط 3، قم، 1427 ه- .، ص 15 - 9 ] .

ينبش القبر المطهر، فخرج من القبر إصبعان، كأنهما لسانا سيفه « ذي الفقار » وضربت وسط اللعين، فقطع نصفين وصار النصفان من حينهما حجراً أسوداً، وأتوا بهما إلى خلف باب البلد وكان كل من زار البلد المشرف مدفن أميرالمؤمنين عليه السلام رفس ذلك الحجر برجله ...(1)

ثم نقل العلامة النقدي عن كتاب « تبصرة المؤمنين » أن السلطان مراد من سلاطين آل عثمان إذا تشرف بزيارة أميرالمؤمنين عليه السلام وشاهد الموضع المعروف بموضع الاصبعين في الضريح المقدس، سأل عن حكايته، فذكروا له قصة مرّة بن قيس، فقال رجل : هذا من موضوعات الروافض، فسأل من الحضرة العلوية فلما تبيّن له صدق هذه الواقعة أمر بقطع لسان الرجل المذكور .(2)

قلت : أظن أن المراد من « السلطان مراد » المذكور، السلطان مراد الثاني، سادس سلاطين آل عثمان، المتوفي سنة 855 ه- . المدفون في « بورسا » من مدن تركيا، قد رأيت على قبره لوحة منحوتة عليها أسامي الخمسة النّجباء أصحاب الكساء عليهم السّلام، إذ كنت مقيماً في استانبول قبل ثلاثين سنة .

ويظهر من صاحب الجواهر في بحث اللّعان خصوصية لهذا المكان من الروضة المقدسة، حيث قال في شرح قول المحقق : « وقد يغلظ اللعان بالقول والمكان » ما نصه :

بأن يلاعن بينهما في البقاع المشرفة، مثل ما بين الركن والمقام - اى الحطيم - ان كان في مكة، وفي المسجد عند الصخرة إن كان في بيت المقدس، وعند قبر رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله إن كان في المدينة، وعند المكان المعروف بالإصبعين في مشهد أميرالمؤمنين عليه السلام، قريباً من مكان رأسه المعظم .(3)

وهذا المكان معلوم اليوم وعلامته الثقبة الواقعة في طرف الصندوق الخاتم، ممايلي القبلة من

ص: 219


1- النقدى، الأنوار العلوية، ط 2، النجف الأشرف، 1382 ه- .، ص 423 .
2- المصدر، ص 424 .
3- الشيخ محمّدحسن النجفي، جواهر الكرام، ج 34، ص 62 .

جهة الرأس الشريف .

والصندوق من آثار السلطان محمّدخان، المؤسس للدولة القاجارية، المتوفي سنة 1211 ه- .(1)

× × ×

والكرامات الصادرة عن قبره الشريف كثيرة جداً، قد نقل شطراً منها الحسن بن أبي الحسن الديلمي في الارشاد(2) وقد نقل شطراً منها العلامة المجلسي قدس سره، ثم قال : ولظهور امثال تلك القصص والامور الغريبة في كل عصر وزمان، لايحتاج إلى ذكر ما سنح في الازمنة السالفة . ولقد شاع وذاع في زماننا من شفاء المرضى ومعافات أصحاب البلوى وشفاء العميان والزمنى اكثر من ان تحصى . ثم ذكر بعض ما شاع واشتهر في زمانه من الامور الغريبة والقصص الخارقة للعادة من كرامات أبي الائمّة أميرالمؤمنين عليه السلام .(3) وذكر كرامة باهرة اخرى الشيخ الطوسي قدس سره .(4)

التختم بدرّة النجف

ربما يعدّ من كرامات أميرالمؤمنين عليه السلام أن يصير حصيات وادى النجف من الأحجار الكريمة وتتوفر فيها الصفات الّتي يجب توافرها في الجواهر من الجمال وقوة الاحتمال والخواص الضوئية التي تضفي عليها البريق واللّون والتوهج وتشمل الخصائص الاخرى للجواهر من الشكل البلورى ومعامل الانكسار ومع ذلك كله يكون مبذولاً يتختم بها الأغنياء والفقراء .

قال الصادق عليه السلام : أحبّ لكل مؤمن أن يتختم بخمسة خواتيم : بالياقوت وهو أفخرها ؛ وبالعتيق وهو أخلصها للَّه ولنا ؛ وبالفيروزج وهو نزهة الناظر من المؤمنين والمؤمنات، وهو يقوى البصر ويوسع الصدر ويزيد في قوة القلب ؛ وبالحديد الصينى وما احب التختم به ولا اكره لبسه عند لقاء اهل الشرّ ليطفى ء شرهم واحبّ إتخاذه فانه يشرد المردة من الجن والانس ؛ وما يظهره اللَّه بالذكوات البيض بالغريّين . قال : من تختم به وينظر إليه كتب اللَّه له بكل نظرة ثواب زورة، أجرها أجر

ص: 220


1- السيد جعفر آل بحرالعلوم، تحفة العالم، ط النجف الأشرف، 1354 ه- .، ج 1، ص 268 .
2- الديلمي، ارشاد القلوب، ط 2، قم، 1409 ه- .، ج 2، ص 445 - 432 .
3- بحارالأنوار، ج 100، ص 257 - 252 .
4- تهذيب الاحكام، ج 6، ص 111، ح 200 .

النّبيين والصالحين، ولولا رحمة اللَّه لشيعتنا لبلغ الفصّ منه ما لا يوجد بالثمن، ولكن اللَّه أرخصه عليهم ليتختم به غنيهم وفقيرهم .(1)

تسبيح أميرالمؤمنين عليه السلام

سُبْحَانَ مَنْ لا تَبِيدُ مَعَالِمُهُ، سُبْحَانَ مَنْ لا تَنْقُصُ خَزَائِنُهُ، سُبْحَانَ مَنْ لا اضْمِحْلَالَ لِفَخْرِهِ، سُبْحَانَ مَنْ لا يَنْفَدُ مَا عِنْدَهُ، سُبْحَانَ مَنْ لا انْقِطَاعَ لِمُدَّتِهِ، سُبْحَانَ مَنْ لا يُشَارِكُ أَحَداً فِي أَمْرِهِ، سُبْحَانَ مَنْ لا إِلَهَ غَيْرُه .(2)

تسبيح فاطمة الزهرا عليهاالسّلام

روى الصادق أنّ علياً وفاطمة عليهما السلام أتيا النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسألا خادماً يعينها في امور البيت، فقال صلّى اللَّه عليه وآله : أفلا اعلّمكما ما هو خير لكما من الخادم ؟

إذا أخذتما منامكما فكبِّرا أربعاً وثلاثين تكبيرة، وسبِّحا ثلاثاً وثلاثين تسبيحة وأحمدا ثلاثاً وثلاثين تحميدة .(3)

قال الباقر عليه السلام : ما عبداللَّه بشى ء من التحميد أفضل من تسبيح فاطمة، ولو كان شى ء افضل منه لنحله رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله فاطمة عليهاالسّلام .(4)

قال الباقر عليه السلام : إنّا نأمر صبياننا بتسبيح فاطمة عليهاالسّلام كما نأمرهم بالصلاة، فالزمه فانّه لم يلزمه عبد فشقي .(5)

قال الصادق عليه السلام : تسبيح فاطمه عليهاالسّلام في كلّ يوم في دبر كلّ صلاة، أحبّ إلىّ من صلاة ألف ركعة في كل يوم .(6)

من المؤكَّد جدّاً تسبيح فاطمة الزهراء عليهاالسّلام عند المنام ودبر الصلوات المكتوبة، والمروى في تسبيح فاطمة عند المنام : التكبير والتسبيح والتحميد(7) وفي تسبيح فاطمة بعد الصلوات المكتوبة : التكبير والتحميد ثم التسبيح .(8)

وللشيخ البهائي قدس سره تحقيق رشيق، أثبت أنّ صفة تسبيح فاطمة عليهاالسّلام : التكبير، ثم التحميد، ثم التسبيح في المقامين، أى بعد الصلاة وقبل النّوم .(9)

تسبيح آخر لفاطمة عليهاالسّلام

ولفاطمة عليهاالسّلام تسبيح آخر ذكره الشيخ الصدوق بعد وداع أميرالمؤمنين عليه السلام، حيث قال : وسبِّح تسبيح فاطمة الزهراء عليهاالسّلام وهو :

ص: 221


1- الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام، ج 6، ص 37 .
2- الشيخ الطوسي، مصباح المتهجد، ص 292 .
3- الشيخ الصدوق، الفقيه، ج 1، ص 211 .
4- الكليني، الكافي، ج 3، ص 343 .
5- نفس المصدر .
6- نفس المصدر .
7- الشيخ الصدوق، الفقيه، ج 1، ص 211 .
8- الشيخ الطوسي، تهذيب الاحكام، ج 2، ص 106 .
9- الشيخ البهائي، مفتاح الفلاح ط قم، 1415 ه- .، ص 595 - 587 .

ُبْحَانَ ذِي الْجَلاَلِ الْبَاذِخِ الْعَظِيمِ، سُبْحَانَ ذِى الْعِزِّ الشَّامِخِ الْمُنِيفِ، سُبْحَانَ ذِي الْمُلْكِ الْفَاخِرِ الْقَدِيمِ، سُبْحَانَ ذِي الْبَهْجَةِ وَالْجَمَالِ، سُبْحَانَ مَنْ تَرَدّى بِالنُّورِ وَالْوَقَارِ، سُبْحَانَ مَنْ يَرَى اَثَرَ النَّمْلِ فِي الصَّفَا وَوَقْعَ الطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ .(1)

قال المحقق الداماد : للفظ تسبيح فاطمة عليهاالسّلام اطلاقان :

أحدهما : التسبيح المعروف المؤكّد إتيانه عقيب الصلوات ،

الثانى : التسبيح العظيم المنزلة، الوارد عن سيدة النساء عليهاالسّلام بالأسناد الصحيحة، المؤكّد إتيانه عقيب الزيارات . ثم ذكر التسبيح السّالف ذكره .(2)

ثم قال : إن أبناء عصرنا لقلّة تتبّعهم وقصور تمهّرهم قد غفلوا عن هذا الاصطلاح وكلّما ورد لفظ تسبيح فاطمه حملوه على التسبيح المشهور .(3)

قلت : قد ذكر السيد إبن طاووس هذا التسبيح بشكل أبسط وقال : إن فاطمة عليهاالسّلام كانت تدعو به عقيب فريضة الظهر .(4)

× × ×

رقعة الاستغاثة بأميرالمؤمنين عليه السلام

قد ورد عن الأئمة عليهم السّلام نسخ الرقاع للحوائج إلى الأئمة صلوات اللَّه عليهم والتوسل والاستشفاع بهم في روضاتهم المقدسة، منها نسخة رقعة تكتب ويوجّه بها إلى مشهد مولانا أميرالمؤمنين عليه السلام :

عَبْدُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ - فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ - بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، وَالْحَمْدُ للَّهِِ رَبِّ الْعالَمِينَ كَثِيراً كَمَا هُوَ أَهْلُهُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى السَّادَةِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ مُحَمَّدٍ نَبِيِّهِ وَآلِهِ الصَّادِقِينَ الْفَاضِلِينَ، وَسَلَّمَ تَسْلِيماً، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، أَقْوَى مُعِينٍ، وَأَهْدَى دَلِيلٍ، يَا مَوْلاَيَ وَإِمَامِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ وَعَلَى أَخِيكَ رَسُولِهِ وَنَبِيِّهِ، وَابْنَيْكَ السِّبْطَيْنِ الْفَاضِلَيْنِ، سَيِّدَيْ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ مِمَّنْ خَلَقَ اللَّهُ، وَعِرْسِكَ الْبَتُولِ الطَّاهِرَةِ الزَّكِيَّةِ، سَيِّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، عَلَيْكُمُ السَّلامُ .

أَشْكُو إِلَيْكَ يَا مَوْلاَيَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا أَنَا فِيهِ - مِنْ كَذَا وَكَذَا - وَأَسْأَلُكَ

ص: 222


1- الشيخ الصدوق، الفقيه، ج 2، ص 356 .
2- الداماد، رسالة اربعة ايام، ص 61 .
3- المصدر، ص 62 .
4- السيد إبن طاووس، فلاح السائل، ط قم - بلا تاريخ - ص 173 .

بِحَقِّ مَوْلاَكَ عَلَيْكَ، وَبِحَقِّ أَخِيكَ مُحَمَّدٍ نَبِيِّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكُمَا، وَبِحَقِّكَ وَمَوْضِعِكَ مِنَ اللَّهِ، وَبِحَقِّ أَبْنَائِكَ أَئِمَّةِ الْهُدَى، صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ أَجْمَعِينَ، وَبِحَقِّ الزَّهْرَاءِ الطَّاهِرَةِ، أَنْ تَشْفَعَ لِي إِلَى اللَّهِ الْكَرِيمِ، فِي كَشْفِ ذَلِكَ، وَتَفْرِيجِهِ وَإِغْنَائِي عَنْ - كَذَا وَكَذَا - وَرَدِّي إِلَى كَذَا وَكَذَا، وَ أَنْ يُبَارِكَ لِي فِي نَفْسِي وَوُلْدِي وَأَخِي وَأُخْتِي وَزَوْجَتِي، وَمَا تَحْوِيهِ يَدِي، وَأَنْ يَرْحَمَنِي وَيَغْفِرَ لِي، وَيَرْضَى عَنِّي وَيُلْحِقَنِي بِكُمْ، وَلاَ يُفَرِّقَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ، وَيُمِيتَنِي عَلَى طَاعَتِكُمْ، وَمُوَالاَتِي إِيَّاكُمْ وَيُخْرِجَ أَوْلاَدِي مُؤْمِنِينَ قَائِلِينَ بِكُمْ، وَأَنْ يُبَلِّغَنِي مَحَابِّي فِي نَفْسِي، وَجَمِيعِ إِخْوَانِي وَأَنْ يَرْحَمَنِي وَوَالِدَيَّ وَأَهْلِي وَوُلْدِي، وَيَرْضَى عَنِّي وَعَنْهُمْ، وَيُدْخِلَ عَلَيَّ وَعَلَيْهِمْ فِي قُبُورِنَا الضِّيَاءَ وَالنُّورَ، وَالْفُسْحَةَ وَالسُّرُورَ، وَأَنْ يَبْتَدِئَ فِي كُلِّمَا دَعَوْتُ لِنَفْسِي وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ .

سَمِعَ اللَّهُ ذَلِكَ مِنْكَ فِي وَلِيِّكَ، وَشَفَّعَكَ فِيهِ، وَحَشَرَهُ مَعَكَ، وَلاَ فَرَّقَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ، وَالْحَمْدُ للَّهِِ رَبِّ الْعالَمِينَ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، تَوَكَّلْتُ عَلَى الْحَيِّ الدَّائِمِ .

أُشْهِدُكَ أَنِّي أُوَالِي مَنْ وَالاَكَ، وَأَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ مِنْ أَعْدَائِكَ، وَمِمَّنْ ظَلَمَكَ وَابْتَزَّكَ حَقَّكَ، وَقَدَّمَ غَيْرَكَ عَلَيْكَ وَمَنْ قَتَلَكَ، اللَّهُمَّ فَاكْتُبْ لِي هَذِهِ الشَّهَادَةَ، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، أَهْلَ الْبَيْتِ الْمُبَارَكِ وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ .(1)

الزيارة بالنيابة

تجوز النيابة في العبادات المندوبة عن الحيّ والميت وفي العبادات الواجبة عن الميت مطلقا وعن الحىّ في بعض الأحيان، بالاجرة وبغير الاجرة .

[ 1 ]

فإذا خرجت زائراً عن أخٍ لك فقل بعد الزيارة :

السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مَوْلَايَ من - فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ -، فَإِنِّي أَتَيْتُكَ زَائِراً عَنْهُ، فَاشْفَعْ لِي وَلَهُ عِنْدَ رَبِّكَ .

اللَّهُمَّ أَوْصِلْ إِلَيْهِ مِنْ رَحْمَتِكَ مَا يَسْتَغْنِي بِهِ عَنْ رَحْمَةِ مَنْ سِوَاكَ .

وإن كان ميّتاً قال النائب

ص: 223


1- العلامة المجلسي، بحارالأنوار، ج 102، ص 237 .

عنه بعد ذلك :

اللَّهُمَّ جَافِ الْأَرْضَ عَنْ جَنْبَيْهِ، وَاجْعَلْ رَحْمَتَكَ وَاصِلَةً إِلَيْهِ، وَاجْعَلْ مَا أفْعَلُهُ مِنَ المَنَاسِكِ شَاهِداً لَهُ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .(1)

[ 2 ]

وإذا زرت عن أخيك أو أبيك وأُمّك تطوّعاً، فسلّم على الإمام عليه السلام على نسق التسليم، ثمّ قل :

اللَّهُمَّ كُنْ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ عَوْناً وَمُعِيناً وَنَاصِراً وَكَالِئاً وَرَاعِياً حَيْثُ كَانَ، بِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ .

ثمّ صلّ ركعتين، فإذا سلّمت منها فاسجد، وقُل في سجودك :

اللَّهُمَّ لَكَ صَلَّيْتُ، وَلَكَ رَكَعْتُ، وَلَكَ سَجَدْتُ؛ لِأَنَّهُ لا يَنْبَغِي الصَّلَاةُ إِلاَّ لَكَ .

اللَّهُمَّ قَدْ جَعَلْتُ ثَوَابَ صَلَوَاتِي وَسَلَامِي وَزِيَارَتِي، هَدِيَّةً مِنِّي إِلَى - فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ - ؛ فَتَقَبَّلْ ذَلِكَ لَهُ مِنِّي، وَأْجُرْنِي عَلَيْهِ خَيْرَ الْجَزَاءِ بِرَحْمَتِكَ.(2)

[ 3 ]

إذا تطوّع بالزيارة عن جميع إخوانه أو عن قوم، يعنيهم بقلبه أو لسانه ويزور الإمام عليه السلام ببعض زياراته ويقصد بها النيابة عنهم ويصلّى ركعتى الزيارة ويقول :

اللَّهُمَّ إِنِّي زُرْتُ هَذِهِ الزِّيَارَةَ، وَصَلَّيْتُ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ، وَجَعَلْتُ ثَوَابَهُمَا ] هَدِيَّةً مِنِّي إِلَى مَوْلاَيَ - فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ - [، عَنْ جَمِيعِ إِخْوَانِيَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَعَنْ جَمِيعِ مَنْ أَوْصَانِي بِالزِّيَارَةِ وَالدُّعَاءِ لَهُ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ ذَلِكَ مِنِّي وَمِنْهُمْ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .

فإذا فعلت أيّها الزائر ذلك وقلت لأحدهم : إنّي قد زُرت وصلّيت وسلّمت على الإمام عنك، كُنت صادقاً في مقالك .(3)

مشروع إكساء مرقد مولانا أميرالمؤمنين الامام على بن أبى طالب عليهما السّلام

برعاية مركز الفردوس للثقافة والإعلام

بعون اللَّه تعالى وببركة أهل البيت سلام اللَّه عليهم تشرّف مركز الفردوس للثقافة والإعلام بإكساء المرقد الطاهر للإمام علي بن أبي طالب عليهما السّلام في مراسم إيمانية ومعنوية رائعة، مصحوبة بذكر آيات من القران الكريم وزيارة أميرالمؤمنين والصلوات على محمّد وآل محمّد والأدعية الخاصة بتعجيل

ص: 224


1- إبن المشهدي، المزار الكبير، ص 596 .
2- نفس المصدر .
3- السيد إبن طاووس، مصباح الزائر، ص 516 .

فرج مولانا المفدى الإمام المهدي الموعود عجل اللَّه تعالى فرجه الشريف .

خصوصيات الحلة الجديدة :

يُعد قماش الحلة من أفخر أنواع الحرير الذي تم حياكته في مدينة يزد، ومساحتها ثلاثون متراً مربعاً . وتعدّ هذه الحلة من مفاخر الصناعات اليدوية، حيث تم تذهيبها لمدة ستة أشهر في مدينة إصفهان، على يد بعض المؤمنين والمؤمنات، وتحتوي زهاء 110 مثقال من الذهب، و 8 كغم فضة، وما يقارب 1 كغم من اللؤلؤ . وهي الثانية من نوعها حيث أهديت حلة فاخرة في عام 1426 ه- . إلى ضريح مولانا سيد الشهداء الإمام الحسين صلوات اللَّه وسلامه عليه وبرعاية هذا المركز .

كما تم اختيار الآيات الشريفة التي كتبت عليها من قبل اللجنة المشرفة على المشروع، فكتبت سورة الإخلاص على القطعة التي تكون عند رأس الإمام سلام اللَّه عليه، تعبيراً عن الحديث الشريف لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله : يا أبا الحسن مثلك في أمتي مثل قل هو اللَّه أحد، فمن قرأها مرة فقد قرأ ثلث القرآن، ومن قرأها مرتين فقد قرأ ثلثي القرآن، ومن قرأها ثلاثاً فقد ختم القرآن، فمن أحبّك بلسانه فقد كمل له ثلث الإيمان، ومن أحبّك بلسانه وقلبه فقد كمل له ثلثا الإيمان، ومن أحبّك بلسانه وقلبه ونصرك بيده فقد استكمل الإيمان، والذي بعثني بالحق يا علي لو أحبّك أهل الأرض كمحبّة أهل السماء لك لما عُذِّب أحد بالنار .(1)

وفي جهة وجه الإمام عليه السلام، كتبت آية الولاية « إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ »(2) . لكونها من أبرز الآيات الدالة على ولاية أمير المؤمنين عليه السلام .

وكتب قوله تعالى « قُلْ

ص: 225


1- بحارالأنوار، ج 39، باب 87 حبّه وبغضه صلوات اللَّه عليه، ص 270، ح 48 .
2- المائدة / 55 .

كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ »(1) الدّالة على علم الإمام عليه السّلام .

وقوله عزّ وجلّ : « وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَ اللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ »(2) في جهة خلف الإمام عليه السّلام، دلالة على جهاده سلام اللَّه عليه في سبيل اللَّه سبحانه . وكتبت آية الإكمال وهو قوله تعالى : « أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الإِْسْلامَ دِيناً »(3) دلالة على يوم غدير خم الذي نصب فيه الرسول الأعظم صلى اللَّه عليه وآله بأمر من العليّ القدير الإمام علي سلام اللَّه عليه خليفة ووصياً ووليّاً من بعده على الخلق أجمعين . وفي الجهة العليا للمرقد الطاهر نقشت عليها العبارات التالية : يا وليد الكعبة وشهيد الكوفة الملقّب بالحيدرة و (يا أمير المؤمنين) و (يا أبا الائمّة من العترة الطاهرة) و (يا أمير المؤمنين يا علي بن أبي طالب ) وقد خطّ الآيات الشريفة الخطاط القدير الأستاذ السيد محمّد الموحّد في مدينة قم المقدسة، وطُبعت على القماش في شركة النبي للطبع بمدينة مشهد المقدسة بعد أن تم تهيئة فلم طباعتها في شركة الزهراء الفيتوغرافية في قم المقدسة على يد الأستاذ السيد مجتبى ميرباقيان .

أما حاشية الحلة فقد تمّ رسمها في شركة نور الكوثر للتصميم الفني والإعلان على يد الأستاذ القدير مالك الفاطمي .

كما تبرّع بتكاليف هذه الحلة الحاج الوجيه مرتضى محزونية أحد تجار مدينة إصفهان، وتشرّفت الحاجة پوران محزونية بإنجازها وتطريزها بالتعاون مع عدد من المؤمنات .

آملين من العلي القدير أن يتقبل بحسن قبوله آمين رب العالمين .

السّيد فاضل الطباطبائي

مدير مركز الفردوس للثقافة والإعلام

ص: 226


1- الرعد / 43 .
2- البقرة / 207 .
3- المائدة / 3 .

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.