المهدی الموعود امل المستضعفين

اشارة

سرشناسه:حائری، ایوب، 1344 -

عنوان و نام پديدآور:المهدی الموعود امل المستضعفین/ ایوب الحائری.

مشخصات نشر:قم: مسجد مقدس جمکران، 1432 ق.= 1390.

مشخصات ظاهری:92 ص.

شابک:10000 ریال 978-964-973-313-5 :

وضعیت فهرست نویسی:فاپا

يادداشت:عربی.

یادداشت:کتابنامه: ص. [89]- 90؛ همچنین به صورت زیرنویس.

موضوع:محمدبن حسن (عج)، امام دوازدهم، 255ق -

موضوع:مهدویت

موضوع:مهدویت-- انتظار

شناسه افزوده:مسجد جمکران (قم)

رده بندی کنگره:BP224/4/ح24م9 1390

رده بندی دیویی:297/462

شماره کتابشناسی ملی:2281791

ص: 1

اشارة

بسم الله الرحمن الرحیم

ص: 2

المهدی الموعود أمل المستضعفين

الشيخ ايوب الحائری

ص: 3

ص: 4

فهرست

صورة

ص: 5

صورة

ص: 6

كلمة الناشر

بسم الله الرحمن الرحيم

«وتريد أن تتم على الذين استضعوا في الأرض ونجعلهم أيم وتجعلهم الوارثين»(1)

الحمدلله رب العالمين، وصلى الله على خير خلقه محمد و آله الطيبين الطاهرين، سيما بقية الله في الأرضين الإمام المهدي المنتظر (علیهم السلام) ، أمل المستضعفين و المحرومين

إن فكرة ظهور المصلح العالمي و إقامة دولته العادلة العالمية لم تص الأديان السماوية، بل هي فكرة أساسية عند كبار العلماء ومدارسهم الفكرية والفلسفية، وحينما تصرح الأديان بهذه الفكرة فإنما تكشف عن ضمير إنساني يتطلع إلى الحياة الأفضل و المستقبل الأزهر، و حينما يصرح الإسلام بهذه الفكرة، إنما يذكر حقيقة دينية آتية لا محالة، و يطرحها بنحو٫ أفضل مما طرحتها الأديان السابقة، فالقرآن الكريم يصرح بالوعد اللإلهي المقدس بإستخلاف المستضعفين على الأرض و بإشادة دولة الحق العالمية العادلة في ربوع الكرة الأرضية، و ذلك في نهاية مطاف البشرية و آخر خطوة في مسيرة الإنسان في هذا الحياة.

وحينما يتحدث أهل البيت (علیهم السلام) عن هذه الفكرة فإنما يقدمون البيان

ص: 7


1- القصص: 5.

الأكمل في هذا الموضوع، و يشخصون مصداقه، و یذکرون رائد هذا الإصلاح والنهضة العالمية، وقائد عملية الإنقاذ والتغيير الشامل، وهو الإمام محمد المهدي بن الإمام الحسن العسكري، رجل من ذرية رسول الله (صلی الله علیه وآله) ، الذي ولد في سنة 250 ه. في سامراء، وهو الآن حي يرزق غائب الأنظار ولكن يقوم بمهامه، و ينتظر الإذن من الله للظهور والقيام، الإقامة العدل والقسط في العالم.

وهذه الفكرة بهذا المنظار - جديرة بالاهتمام وللبحث والتحقيق و الكتابة حولها من جوانب متعددة، لتشخيص مصداقها الحقيقي، وهذا الكتاب الذي بين يديك أيها القارئ العزيز هو - على إيجازه - يدرس هذه الفكرة على ضوء مدرسة أهل البيت (علیهم السلام) ، و هو مبادرة طيبة و نتاجأ قيمة من الأخ العزيز الشيخ أيوب الحائري للمساهمة في إثراء الرصيد المعرفي للإمام المهدی (علیهم السلام) و دولته الكريمة، وقد راجعناه فوجدناه غنيا في عطائه، طلقة في أدائه، شيقة في أسلوبه، دون إطناب ممل؛ حيث أحسن اختیار المباحث، فكان كتابة موجز يناسب ثقافة العصر لهذا الموضوع المهم، فهو جدير بالنشر و المطالعة.

ونحن إذ تسهم في نشره، نرجو أن نكون قد خدمنا القارئ المحترم في جانب مهم من جوانب العقيدة الإسلامية، وفي توضيح موجز لأهم ركائزها، وقد ساهمنا في إثراء الرصيد المعرفي لمحبى الإمام المهدي (علیهم السلام)

ص: 8

الوافدين من مختلف أقطار العالم العربي لزيارة المسجد المنتسب إليه في قم المقدسة، و ذلك من أجل تفعيل الثقافة المهدوية في أوساط الأمة الإسلامية تمهيدا لظهوره البهي المشرق في العالم.

وختاما نقدم جزيل الشكر لكل من ساهم في إنجاز هذا السفر القيم، و طباعته بهذه الحلة القشيبة، راجين لهم من الله حسن القبول و مزيدا من التوفيق، ونخص بالذكر فضيلة آية الله الشيخ الوافي -زیده عزه المتولي السدانة مسجدجمکران المقدس لدعمه المستمر للعمل الثقافي البناء و منها طباعة الكتب.

وفي نهاية المطاف نسأل المولى القدير أن يجعل عملنا هذا خالصا لوجهه الكريم و أن تقبل منا هذا الجهد المتواضع، نقدمه لمولانا صاحب العصر و الزمان الإمام المهدي المنتظر(علیهم السلام) آملين أن يشملنا لطفه و عنايته و دعاءه (علیهم السلام) لمزيد التوفيق لخدمة شريعة جده المصطفی(صلی الله علیه وآله)، و مذهب أبيه المرتضی (علیهم السلام) وما توفيقنا إلا بالله العلى العظيم، و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

«وقل اعملوا فسيرى الله عملكم وشوله والمؤون...»(1)

17/ ربيع الأول/1432 هذکری میلاد النبي الأكرم (صلی الله علیه وآله) وحفيده الإمام الصادق (علیهم السلام) .

منشورات مسجد جمکران المقدس

ص: 9


1- التوبة: 105.

ص: 10

تقديم

مسألة الإمام المهدي المنتظر (علیهم السلام) جديرة بالاهتمام لعدة أسباب:

أولا: لأنها عقيدة مهمة من العقائد الإسلامية و الشيعية بصورة خاصة، فلا يجوز إهمالها بها كما لا يجوز إهمال بسائر العقائد الإسلامية وعدم الاهتمام بها.

ثانيا: لأن هذه المسألة كانت ولا تزال نافذة أمل للمستضعفين، وهي خير حافز للعمل و الجد في سبيل نشر الإسلام، و إشاعة المذهب؛ تمهیدا القيام الحكومة المهدوية العالمية.

ثالثا: لأن هذه المسألة أصبحت اليوم غرضا لسهام المغرضين والمبطلين من الكفار والمنافقين؛ نظرا لأهميتها في حياة المسلمين، وخاصة في هذه العصر.

من هنا لا بد من العمل بشتى أنواعه لبت و تعمیق و عولمة هذه العقيدة الحيوية و البناءة، و تکوین حالة عامة من الاعتقاد بالامام المهدي

ص: 11

الموعود (علیهم السلام) لتهييء العالم لمجيء ذلك المنقذ الكبير، و ذلك المخلص العظيمللبشرية من شرور الاستكبار والاستعمار و من براثن الظلم و الجور والفساد والانحراف، و ليتحقق به وعد الله الذي لا يخلف.

و هذا الكتاب على اختصاره خطوة مباركة في هذا السبيل قام بها الأخ العزيز المحترم أيوب الحائري، الذي عرف بنشاطه الفكري و فعالياته

الثقافية.

وفقه الله للمزيد، و أخذ بيده لما فيه رضاه إنه نعم المولى ونعم النصیر.

الشيخ جعفر الهادی

قم المقدسة

ص: 12

القبس الأول:المهدي الموعود في الشرائع السماوية

اشارة

من البحوث الإسلامية التي قد نالت الاهتمام الكثير من قبل علماء الإسلام، هو موضوع الإمام المنتظر المهدي الموعود (علیهم السلام) ، فقد بحث من جميع جوانبه على ضوء الكتاب والسنة و العقل، كما تطرق لبحثه غیر واحد من رجالات العلم و المعرفة في الأديان والمذاهب السماوية الأخرى؛ لأن الإيمان والاعتقاد بظهور المصلح العالمي المنتظر الذي يشكل ويمثل جوهر الفكرة المهدوية في الإسلام، كما هو موجود في الإسلام موجود في تلك الأديان والمذاهب أيضا.

والإيمان بفكرة حتمية ظهور المنقذ العالمي و انتظار ذلك الوعد الإلهي، يعبر عن حاجة فطرية عامة للانسان، و تقوم هذه الحاجة على تطلع الانسان إلى الكمال، فهي فكرة قديمة و ليست مقصورة على الإسلام، وقد تعرض القرآن لهذه الفكرة والوعد الإلهي الذي جاء في الزبور وهو كتاب

ص: 13

داوود، والذكر وهو التوراة کتاب موسی (علیهم السلام) ، بقوله تعالى: (وقد كتبنا في البور من بير الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون).(1)

والآية الأخرى التي تشير إلى هذه الوعد الإلهي، قوله تعالى: (وعد الله الذين آمنوا منكم وبينوا الصالحات لیستخلينهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم ولمن لهم دينهم الذي ارتضى لهم ولدهم من بغير خوفهم من يعبدونيلا يشركون بی شنا ومن بعد لك فأوليك هم الفاسونه).(2)

والآيتان المذكورتان تنصان و تؤكدان على ذلك الوعد الإلهي المقدس باستخلاف المستضعفين على الأرض من الذين آمنوا و عملوا الصالحات، وعن التمكين لهؤلاء دينهم الذي ارتضاه تبارك و تعالى لهم، و هو في الواقع تکریم لخط الإيمان و الصلاح والتقوى بجزاء دنيوي، فضلا عن الجزاء الأخروي، فالآيتان تتحدثان عن عصر ظهور المهدی (علیهم السلام) ، كما هو واضح لمن تدبر فيهما.(3)

ولابد أن يتحقق هذا الوعد الإلهي يوما ما، ولو كان هذا اليوم هو آخر يوم من عمر الدنيا كما ورد عن رسول الله (صلی الله علیه وآله) : «لو لم يبق من الدهر الا يوم واحد لبعث الله رجلا من أهل بيتي يملؤها عدلا كما ملئت جورا».(4)

ص: 14


1- الأنبياء: 105 2.
2- النور: 55 3.
3- ناقش العلامة الطباطبائي ي في تفسيره الميزان الأقوال الأخرى التي أوردها المفسرون، و أثبت عدم انسجامها مع دلالات الآيات التي لا يمكن تفسيرها بغير عصر ظهور المهدي، راجع تفسير الميزان،329/14 و151/15.
4- مسند ابن حنبل، 378/1.

إن أمثال هذه الآيات والروايات التي لم نذكر الا نماذج منها، و غيرها من الآيات، شواهد على أن قيادة العالم ستنتهي لعباد الله الصالحين، وهذا الأمر لا خلاف فيه بين الأديان والمذاهب، وهذه الحقيقة من شأنها أن تساعد على إسقاط و بطلان الشبهة القائلة بتفرد الشيعة بالقول بالمهدوية و بطلان الشبهة القائلة بأن منشأ هذه الفكرة اليهود، و بطلان القول بأن المهدوية أسطورة؛ إذ ليست هناك أسطورة تحظى بإجماع الأديان السماوية ويتبناها العلماء والمفكرون و الفلاسفة بوجود المصلح في آخر الزمان التي يعبر عنه في الفكر الاسلامي بالمهدي.

و أيضا تساعد على بطلان قول القائل بأن فكرة المهدوية وليدة الظروف السياسية الحرجة التي عاشها أتباع أهل البيت (علیهم السلام) ، فما أكثر المظلومين والمضطهدين على مر التاريخ و عبر الزمن، وفي شتى بقاع الأرض، ومع ذلك لم يعرف عنهم هذا الاعتقاد، وما أكثر الأفراد و الجماعات التي آمنت بهذه الفكرة بدون معاناة لظلم واضطهاد.

إذن الإيمان بحتمية ظهور المصلح الديني العالمي، وإقامة الدولة الإلهية العادلة في كل الأرض، من نقاط الاشتراك البارزة بين جميع الأديان والمذاهب، والاختلاف بينهم إنما هو في تحديد هوية ومصداق هذا المصلح العالمي الذي يحقق جميع أهداف الأنبياء والأوصياء، وسنبحث حول هوية هذا المنقذ و المصلح العالمي، و سوف نبرهن على أنه قد ولد ولا زال موجودة؛ ولكن غاب عن الأنظار لمصلحة علمها عند الله سبحانه

ص: 15

و تعالی، و يتطلب منا بحث كهذا الرجوع لمرويات الفريقين عن النبي (صلی الله علیه وآله) ، و المصادر التاريخية ليتضح للجميع أن ذلك المصلح العالمي العظيم قد ولد في منتصف شعبان سنة 255 من الهجرة في سامراء، و هو المهدي محمد بن الحسن العسكري علیهما السلام ، من ولد فاطمة عليها السلام، و من ذرية الحسين (علیهم السلام) ، وهو الإمام و الخليفة الثاني عشر بعد الرسول (صلی الله علیه وآله) ، الذي يملأ الله به الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلم و جورة، و بهذا المعنى وردت روايات كثيرة عن النبي (صلی الله علیه وآله) وأهل بيته علیهم السلام.(1)

والمتتبع للأحاديث الصحيحة الواردة في المهدي المنتظر (علیهم السلام) في كتب علماء أهل السنة سيجدها تنسجم مع روایات علماء الشيعة، و تؤكد حقيقة واحدة، وهي: أن نسب المهدی (علیهم السلام) يرجع إلى رسول الله (صلی الله علیه وآله) ، و أنه من أهل البيت (علیهم السلام) و من الأئمة الاثني عشر المعصومین، و هو آخرهم، و هو محمد بن الحسن العسكري علیهما السلام ، و لتوثيق ذلك نستعرض بعضا من تلك الروايات التي تحدثت عن اسمه، و نسبه، و لقبه، و خروجه آخر الزمان.

المهدي الموعود في روايات أهل السنة

قال ابن خلكان (المتوفى عام 181 ه) في وفيات الأعيان: «أبوالقاسم محمد بن الحسن العسكري بن علي الهادي بن محمد الجواد المذكور قبله ثاني عشر الأئمة الاثني عشر على اعتقاد الإمامية المعروف بالحجة.... كانت

ص: 16


1- إن الأخبار الواردة حول المهدی (علیهم السلام) تتمثل في مئات الروايات عن النبي (صلی الله علیه وآله) ؛ و اهل بيته عليهم السلام ، فراجع معجم أحاديث الإمام المهدي، و کتاب منتخب الأثر للصافي الگلبايگاني، و الكتب الأخرى التي ألفت في هذا الموضوع.

ولادته يوم الجمعة منتصف شعبان سنة خمس و خمسین و مئتين».(1)

وقال أحمد بن حجر الهيثمي الشافعي (المتولد عام 974 ه) في كتابه (الصواعق المحرقة) في آخر الفصل الثالث من الباب الحادي عشر ما هذا نه: «أبو محمد الحسن الخالص (و جعل ابن خلكان هذا هو العسكري) ولد سنة اثنتين وثلاثين و مئتين... مات بسر من رأي، و دفن عند أبيه و عمه، و عمره ثمان و عشرون سنة، و يقال: إنه سم أيضا، و لم يخلف غير ولده أبي القاسم محمد الحجة، و عمره عند وفاة أبيه خمس سنين، لكن أتاه الله فيها الحكمة، و يسمى القائم المنتظر، قيل: لأنه شتر بالمدينة و غاب فلم يعرف أين ذهب».(2)

وروي عن أم سلمة أنها قالت: سمعت رسول الله (صلی الله علیه وآله) يقول: «المهدی من عترتي، من ولد فاطمة»(3) وعن على (علیهم السلام) ، عن النبي (صلی الله علیه وآله) : «المهدي ما أهل البيت، يصلحه الله في ليلة»(4)

وعن ابن عمر قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله) : «يخرج في آخر الزمان رجل من ولدي، اسمه كاسمي، وکنیته ککنیتي، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورة، فذلك هو المهدي».(5)

ص: 17


1- وفيات الأعيان، 176/4و562.
2- الصواعق المحرقة، الطبعة الثانية، 124 و ط الثالثة، 313.
3- الصواعق المحرقة، 141، الباب 11، الفصل 1.
4- الصواعق المحرقة، 163، الباب 11، الفصل 1: مسند ابن حنبل، 84/1.
5- تذكرة الخواص لابن الجوزي، 363؛ منهاج السنة لابن تيمية، 86/4.

وعن حذيفة بن اليمان رضی الله عنه قال: خطبنا رسول الله (صلی الله علیه وآله) فذكرنا بما هو کائن، ثم قال: «لو لم يبق من الدنيا الا يوم واحد، لطول الله عزوجل ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلا من ولدي اسمه اسمي» فقال سلمان الفارسی ضی الله عنه : یا رسول الله ! من أي ولدك ؟ قال (صلی الله علیه وآله) : «من ولدي هذا» وضرب بيده على الحسين (علیهم السلام) .(1)

ونرى بأنه قد خرج أحاديث المهدي جماعة كثيرة من إئمة الحديث من علماء أهل السنة، حيث يقول صاحب عون المعبود في شرح سنن أبي داوود: اعلم أن المشهور بين الكاقة من أهل الإسلام على مر الأعصار، أنه لابد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت (علیهم السلام) يؤيد الدين، و يظهر العدل، و يتبعه المسلمون، و يستولي على الممالك الإسلامية، و يستی بالمهدي، و يكون خروج الدجال بعده، وإن عیسی (علیهم السلام) ينزل بعد المهدي، أو ينزل معه فيساعده على قتل الدجال، و يأتم بالمهدي في صلاته.

وخرج أحاديث المهدي جماعة من الأئمة منهم أبوداوود، والترمذي، و ابن ماجه، و البزاز، و الحاكم، والطبراني، و أبويعلى، وإسناد أحاديث هؤلاء بين الصحيح والحسن و الضعيف.(2)

ص: 18


1- مسنا۔ ابن حنبل، 378/1؛ ينابيع المودة، 6373، باب 93.
2- عون المعبود في شرح سنن أبي داوود، 1832، کتاب المهدي.

القبس الثانی:میلاد أمل المستضعفين

اشارة

القبس الثانی:میلاد أمل المستضعفين(1)ولد أمل المستضعفين الإمام الثاني عشر، الحجة بن الحسن المهدي الموعود (علیهم السلام) في فجر يوم الجمعة النصف من شعبان سنة مئتين وخمس وخمسين (255 هق)، الموافق لعام 808 میلادي، في مدينة سامراء. وفي بعض الروايات: ولد (علیهم السلام) سنة 256 ق.(2) أبوه هو الإمام الحادي عشر الحسن العسكري (علیهم السلام) ، و أمه السيدة الكريمة «نرجس» و سمی با «سوسن» أيضا، وهي ابنة «يوشعا» قيصر الروم، و هو من نسل «شمعون»

ص: 19


1- لقد سمى الإمام الخميني قدس سره كل يوم ولادة المهدي المنتظر علیه السلام لا في النصف من شعبان، يوم المستضعفين، و قال في آخر بيان أصدره بمناسبة النصف من شعبان قبل وفاته: «سلام عليه (المهدي الموعود و سلام علی منتظریه الحقيقيين، سلام على غيبته و ظهور وسلام علی الذین یدرکون ظهوره علی نحو الحقیقه، وبرترون من کاس هدایته ومعرفته، سلام علی الشعب الایرانی العظیم الذی یمهد نظهورة بالتضحیات والفداء والشهادة...)) صحیفه نور 21.
2- راجع أصول الكافي، 514/1 ؛ الارشاد، 326؛ كمال الدين، 97/2.

أحد حواريي المسيح (علیهم السلام) .(1) وكانت نرجس ذات منزلة رفيعة بحيث أن حكيمة -وهي أخت الإمام الهادي (علیهم السلام) ، و التي تعتبر من أهم سيدات أهل البيت (علیهم السلام) - تخاطبها بقولها: «يا سيدتي».

و عندما كانت نرجس» في الروم شاهدت أحلامة عجيبة، ففي إحدى المرات رأت في المنام نبي الإسلام الأكرم (صلی الله علیه وآله) و السيد المسيح عيسى (علیهم السلام) وقد زوجاها من الإمام الحسن العسكري (علیهم السلام) ، و في منام آخر شاهدت أنها قد أسلمت بدعوة كريمة من فاطمة الزهراء علیها السلام غل، لكنها كتمت أحلامها عن أسرتها ومن يحيط بها، حتى شبت المعارك بين المسلمين وجند الروم، وقاد قيصر الروم بنفسه الجيش إلى جبهات القتال وكانت السيدة نرجس معهم، و لما وصلوا إلى الحدود أسروا بعض جنود الروم على يد بعض الطلائع من جيش المسلمين، ومن دون أن يعرف المسلمون أن فيهم اعضاء من أسرة قيصر الروم، فقد حمل المسلمون الأسرى إلى بغداد، و جاء مبعوث من الإمام الهادي (علیهم السلام) يحمل رسالة مكتوبة باللغة الرومية و ستمها إلى «نرجس» في بغداد و اشتراها من بائع

الإماء وجاء بها إلى الإمام (علیهم السلام) في سامراء، و عندئذ قام الإمام (علیهم السلام) بتذكيرها بتلك الأحلام التي كانت قد رأتها من قبل، و بشرها بأنها ستصبح زوجة لابنه الإمام العسكري (علیهم السلام)، وأما لولد سوف يملأ الأرض قسطا وعدلا، ثم إن الإمام الهادي (علیهم السلام) أسند

ص: 20


1- يقع مقام الوصي شمعون الصفا، في جنوب لبنان قرب مدينة صور التاريخية.

شؤون «نرجس» إلى أخته الجليلة «حكيمة، وهي من كبار سيدات أهل البيت (علیهم السلام) ، لتعلمها الآداب الإسلامية و الأحكام الشرعية، وبعد مدة من الزمن أصبحت «نرجس» زوجة للإمام الحسن العسكري (علیهم السلام) .

وكان من عادة «حكيمة» أتها كلما زارت الإمام العسكري (علیهم السلام) دعت الله أن يرزقه ولد، وهي تقول: دخلت عليه فقلت له كما أقول و دعوت كما أدعو، فقال (علیهم السلام) : «یا عمة! أما إن الذي تدعين الله أن يرزقنيه يولد في هذه الليلة. يا عمتاه! بيتي الليلة عندنا فإنه سيولد الليلة المولود الكريم على الله عزوجل الذي يحيى الله عزوجل به الأرض بعد موتها»، قالت حكيمة: ممن یا سیدی؟! ولست أری بنرجس شيئا من أثر الحمل؟ فقال (علیهم السلام) : «من نرجس لا من غيرها، قالت: فوثبت إلى نرجس فقلبتها ظهرة لبطن فلم أر بها أثرأ من حبل، فعدت إليه فأخبرته بما فعلت، فتبسم ثم قال (علیهم السلام) : «إذا كان وقت الفجر يظهر لك بها الحبل؛ لأن مثلها مثل أم موسى لم يظهر بها الحبل، ولم يعلم بها أحد إلى وقت ولادتها؛ لأن فرعون كان يشق بطون الحبالى في طلب موسی، و هذا نظیر موسى (علیهم السلام) ».

قالت حكيمة: فلم أزل أراقبها إلى وقت طلوع الفجر، وهي نائمة بين يدي لا تقلب جنبا إلى جنب، حتى إذا كان في آخر الليل وقت طلوع الفجر وثبت فزعة فضممتها إلى صدري وسميت عليها، فصاح الإمام

ص: 21

العسكري (علیهم السلام) وقال: إقرأي عليها وإنا أنزلناه في ليلة القذره فأقبلت أقرأ عليها، و قلت لها: ما حالك؟ قالت: ظهر الأمر الذي أخبرك به مولاي، فأقبلت أقرأ عليها كما أمرني، فأجابني الجنين من بطنها يقرأكما أقرأ وسلم علي. قالت حكيمة: ففزعت لما سمعت، فصاح بي الإمام العسكرى (علیهم السلام) : «لا تعجبي من أمر الله عزوجل! إن الله تبارك و تعالی ينطقنا بالحكمة صغارا، و يجعلنا حجة في أرضه كبارة». فلم يستتم الكلام حتى غبت عني نرجس فلم أرها كأنه ضرب بيني و بينها حجاب، فعدوت نحو الإمام العسكري (علیهم السلام) وأنا صارخة، فقال لي (علیهم السلام) : «ارجعي يا عمة؛ فإنك ستجديها في مكانها»، قالت: فرجعت فلم ألبث أن كشف الحجاب بيني وبينها وإذا أنا بها و عليها من أثر النور ما غشي بصري، وإذا أنا بالصبي (علیهم السلام) ، ساجدة على وجهه جاثية على ركبتيه، رافعة سبابتیه نحو السماء وهو يقول: «أشهد أن لا إله الا الله، وحده لا شريك له، و أن جدي رسول الله (صلی الله علیه وآله) ، و أن أبي أميرالمؤمنين، ثم عد إمامة إمامة إلى أن بلغ إلى نفسه، فقال (علیهم السلام) : اللهم أنجز لي وعدي، و أتمم لي أمري، و ثبت وطأتي، و املأ الأرض بي عدلا و قسط»(1)

ص: 22


1- راجع خبر زواج السيدة نرجس بالإمام العسكري، و کيفية ولادة المهدي علي في الكتب التالية: كمال الدين، 2/ 100 - 90؛ و الغيبة للشيخ الطوسي، 124؛ و بحارالانوار، 25/51 - 12؛ و منتهی الآمال، 555/2 - 562؛ و اضافة على المصادر الشيعية، لقد نقل هذا الخبر و تاريخ الولادة ابن صباغ المالكي (المتوفى سنة 855 ق) في كتابه الفصول المهمة.

ولادة الإمامة بين الإعلان والكتمان

إن تاریخ بني أمية وبني العباس، ولاسيما منذ عصر الإمام الصادق (علیهم السلام) فما بعد، شاهد صدق على حساسية الخلفاء من الأئمة المعصومین؛ وذلك لأن هذه الشخصيات الكريمة كانت مورد اهتمام المجتمع و احترامه، وكلما مر الزمن ازداد نفوذهم و تعاظم حب الناس لهم، وبلغ الأمر بالخلفاء العباسيين أن رأوا سلطتهم في معرض الخطر، و بالخصوص عندما سمعوا ما اشتهر بين الناس من أن المهدي الموعود (علیهم السلام) من نسل النبي و من أحفاد الأئمة المعصومين، وهو ابن الإمام العسكري (علیهم السلام) ، و سوف يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلم و جور ، ومن هنا فقد أخضع الإمام العسكري (علیهم السلام) لمراقبة شديدة، وجعل تحت النظر في مركز الحكم العباسي «سامراء» كأبيه وجده، و حاول العباسيون بكل ما أوتوا من قوة الحيلولة دون ولادة هذا الطفل و تربيته، الا أن المشيئة الإلهية تعلقت بحتمية هذه الولادة؛ ولذا باءت جميع محاولاتهم بالفشل، وقد جعل الله تعالى ولادته - مثل موسی لیلا - أمرا مخفيا، ومع ذلك فإن الصفوة المختارة من أصحاب الإمام العسكري (علیهم السلام) قد شاهدوا الإمام الموعود مرات عديدة في زمان حياة والده الكريم، وعندما استشهد الإمام العسكري (علیهم السلام) فقد ظهر أيضا الإمام المهدي (علیهم السلام) وصلي على جثمان والده، و رآه الناس ثم غاب عنهم.

ص: 23

ومنذ ولادة الإمام القائم (علیهم السلام) وحتى شهادة والده الإمام العسكري (علیهم السلام) فقد وفق كثير من الأصحاب المقربين للإمام الحادي عشر لرؤية الإمام المهدي (علیهم السلام) ، أو للعلم بوجوده في دار الإمام (علیهم السلام) ، وكانت طريقة الإمام العسكري (علیهم السلام) قد جرت على الاحتفاظ بولده الكريم طي الكتمان، ولكنه في نفس الوقت كان يستغل الفرص المناسبة ليطلع أصحابه المؤتمنین علی وجوده الشريف حتى ينقلوا ذلك للشيعة؛ لئلا يبقوا في حيرة من بعده، و نشير هنا إلى بعض النماذج في هذا الشأن.

يقول أحمد بن إسحاق القمي - وهو من كبار شخصيات الشيعة والأصحاب الخاصين للإمام العسكري (علیهم السلام) -: دخلت على أبي محمد الحسن بن علی (علیهم السلام) و أنا أريد أن أسأله عن الخلف من بعده، فقال لي مبتدئا: «يا أحمد بن إسحاق! إن الله تبارك و تعالى لم يخل الأرض منذ خلق آدم (علیهم السلام) ، و لا يخليها إلى أن تقوم الساعة من حجة الله على خلقه، به يدفع البلاء عن أهل الأرض، و به ينزل الغيث، و به يخرج بركات الأرض».

قال (أحمد بن إسحاق) فقلت له: يا ابن رسول الله ! فمن الأمام و الخليفة بعدك؟ فنهض (علیهم السلام) مسرعا فدخل البيت، ثم خرج وعلى عاتقه غلام كأن وجهه القمر ليلة البدر من أبناء الثلاث سنين، فقال: «يا أحمد بن إسحاق! لولا كرامتك علىالله عزوجل و على حججه، ما عرضت عليك ابني هذا، إنه سمي رسول الله (صلی الله علیه وآله) وكنيه، الذي يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت

ص: 24

جورا و ظلم ... يا أحمد بن إسحاق! مثله في هذه الأمة مثل الخضر (علیهم السلام) و مثله مثل ذي القرنين، و الله ليغيبن غيبة لا ينجو فيها من الهلكة الا من ثبته الله عزوجل على القول بإمامته و وفقه فيها للدعاء بتعجیل فرجه».

فقال أحمد بن إسحاق: فقلت له: يا مولاى! فهل من علامة يطمئن إليها قلبي ؟ فتطق الغلام لا بلسان عربي فصيح: «أنا بقية الله في أرضه، و المنتقم من أعدائه، فلا تطلب أثرة بعد عين يا أحمد بن إسحاق».(1)

ومن جملة الأشخاص الذين علموا بولادة الإمام الموعود (علیهم السلام) ، و اطلعوا عليها: السيدة الجليلة التقية حكيمة عمة الإمام، و نسیم خادم الإمام العسكري (علیهم السلام) ،و أبو جعفر محمد بن عثمان العمري النائب الثاني من نواب الإمام المهدي (علیهم السلام) ، و غيرهم من العلماء والمحدثين في زمن الإمام العسكري (علیهم السلام) ، و العجب أن الإمام العسكري (علیهم السلام) في الوقت الذي كان يخبر الخواص من أصحابه بولادة المهدي (علیهم السلام) ، لم يخبر أخاه جعفر بذلك، ولم يعرف جعفر أن لأخيه ولدا، و لعله كان يعلم ذلك ولكنه كان يتجاهله الأسباب و أهداف، سنشير إلى بعضها في البحث عن الإمامة المبكرة للإمام

المهدي (علیهم السلام) .

ص: 25


1- كمال الدين، 431/2،ح 8.

القبس الثالث:الإمامة المبكرة للإمام المهدي (علیهم السلام)

كتب الإمام العسكري (علیهم السلام) قبل وفاته بخمسة عشر يوما، رسائل عديدة الشيعته من أهالي المدائن، و سلم الرسائل إلى خادمه أبي الأديان، وقال له: «امضي بها (أي بالرسائل إلى المدائن، فإنك ستغيب خمسة عشر يوما و تدخل إلى سر من رأى يوم الخامس عشر و تسمع الواعية(1) في داري و تجدني على المغتسل».

قال أبو الأديان: فقلت: يا سيدی! فإذا كان ذلك، فمن الإمام بعدك؟

قال (علیهم السلام) : «من طالبك بجوابات کتبي فهو القائم بعدي، و من يصلي على فهو القائم بعدي». فقلت: زدني؟ فقال (علیهم السلام) : «من أخبر بما في الهميان فهو القائم بعدي».

ص: 26


1- الواعية: الصراخ على الميت.

ثم منعتني هيبة الإمام أن أسأله عما في الهميان، وخرجت بالكتب الرسائل إلى المدائن، و أخذت جواباتها، و دخلت «سر من رأى» يوم الخامس عشر -كما ذكر لي (علیهم السلام) - فإذا أنا بالواعية في داره، و إذا به علی المغتسل، وإذا بجعفر بن علي أخ الإمام العسكري بباب الدار، و الشيعة من حوله يعونه بوفاة الإمام (علیهم السلام) و يهنئونه بالخلافة والإمامة، فقلت في نفسي -: إن يكن هذا الإمام فقد بطلت الإمامة. فتقدمت فعزیت وهنأت، فلم يسألني عن شيء، ثم خرج عقید (خادم الإمام العسكري) فقال: يا سيدي! قد كفن أخوك، فقم و صل عليه، فتقدم جعفر بن علي ليصلي على أخيه، فلما هم بالتكبير خرج صبي بوجهه سمرة، بشعره قطط (مجعد)، بأسنانه تفليج(1)، فجذب رداء جعفر بن علي وقال: «تأخر يا عم فأنا أحق بالصلاة على أبي» فتأخر جعفر، وقد اربد وجهه و اصفر، فتقدم الصبي وصلى عليه، و دفن إلى جانب قبر أبيه الهادي علیهم السلام ، ثم قال الصبي: «یا بصري! هات جوابات الكتب التي معك!» فدفعتها إليه، وقلت: هذه بينتان، بقي الهميان.

وبينما نحن جلوس، إذ قدم نفر من قم، فسألوا عن الحسن بن علي (علیهم السلام) فعرفوا موته، قالوا: فمن الإمام بعده؟ فأشار الناس إلى جعفر، فسلموا عليه، وعزوه، و هنوه، و قالوا: إن معنا كتبا و ماگ، فتقول من الكتب؟ وكم

ص: 27


1- أسنانه متوالية غير متراكبة بينها فواصل دقيقة.

المال؟ فقام جعفر ينفض أثوابه و يقول: تریدن منا أن نعلم الغيب ؟!

فخرج الخادم (أي: خادم الإمام المهدي (علیهم السلام) ) فقال: معكم كتب فلان وفلان، و هميان فيه ألف دينار، عشرة دنانير منها مطلية. فدفعوا إليه الكتب و المال، و قالوا: الذي وجه بك لأخذ ذلك هو الإمام.. إلى آخر الحديث.

و تری جعفر يصر على باطله ولا يتنازل عنه، وقد حمل لما توفي الحسن العسكري إلى الخليفة المعتمد العباسي عشرين ألف دينار، وقال له: يا أمير المؤمنین... تجعل لي مرتبة أخي الحسن و منزلته!!

فقال الخليفة: اعلم أن منزلة أخيك لم تكن بنا، إنما كانت بالله عزوجل، ونحن كنا نجتهد في حط منزلته و الوضع منه، وكان الله عزوجل يأبى الا أن یزیده رفعة؛ لما كان فيه من الصيانة و العلم و العبادة. فإن كنت عند شيعة أخيك بمنزلته فلا حاجة بك إلينا، و إن لم تكن عندهم بمنزلته، و لم یکن فيك ما كان في أخيك، لم تغن عنك شيئا.(1)

نعم تولى الإمام المهدي (علیهم السلام) بعد وفاة أبيه (علیهم السلام) إمامة المسلمين في صغر سته، وكان عمره آنذاك خمس سنين، و هذه الإمامة المبكرة كانت ظاهرة واقعية في حياة ائمة أهل البيت (علیهم السلام)، فالإمام الجواد (علیهم السلام) والإمام الهادي (علیهم السلام) توليا الإمامة في الثامنة أو التاسعة من عمرهما، و حينئذ لم يعد هناك اعتراض فيما يخص الإمامة المبكرة للإمام المهدي (علیهم السلام) ، و يكفي

ص: 28


1- راجع کمال الدین،475/2.

دلیلا و مثالا لظاهرة الإمامة المبكرة قوله تعالى: (یاخیی حذ الكتاب بقوة وآتيناه الختم صياه)،(1) وقوله تعالى: (فاأشارت إليه قالواكيف كليم من كان في المهد صبيا * قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني تبيا).(2) فإن الله الذي أعطى يحيى الحكم وهو صبي، و أعطى النبوة لعيسى (علیهم السلام) وهو في المهد صبيا، قادر على إعطاء الإمامة لعدد من أولياءه، ومنهم الإمام المهدي (علیهم السلام) وهو في سن الصبا.

ص: 29


1- مریم: 12.
2- مریم: 29و30.

القبس الرابع:غيبة الإمام المهدي (علیهم السلام) عن الأنظار

اشارة

لعل أهم بحث يرغب المسلم معرفته، ويتعطش المؤمن الموالي الاستماعه وفهمه، هو البحث عن غيبة الإمام المنتظر (علیهم السلام) ، ومعرفة الأسباب التي دعت إلى هذه الغيبة، و العوامل الكامنة خلف احتجابه عن أنظار المسلمين، وعدم قيامه بمهامه كإمام وزعيم في الساحتين الاجتماعية والسياسية، كما يهم القراء معرفة معنى الغيبة، و معرفة توابع الغيبة من امتداد عمره الشريف إلى يومنا هذا، وعدم خضوع الإمام لظاهرة الشيخوخة و غيرها من المسائل المتعلقة بالغيبة و الظهور التي سوف نتحدث عنها باختصار.

ومعنى غيبة الإمام المنتظر (علیهم السلام) ، هو اختفاؤه عن عيون الناس حسب إرادة الله، فلا تراه العيون مع كونه موجودة، أو يراه البعض ولكن لا يعرفه،

ص: 30

كما دلت على ذلك بعض الروايات؛ ولذا عند ظهوره يقول الكثير من الناس. إني قد رأيته من قبل، وقد يراه بعض أصحاب الإيمان والتقوى من أولياء الله، وسنتطرق لذكر بعض القصص والحكايات المرتبطة بهذه اللقاءات، في البحث حول غيبته الكبرى، وقبل ذلك لابد من الحديث حول أسباب غيبة الإمام المنتظر (علیهم السلام) .

أسباب غيبة الإمام المنتظر (علیهم السلام)

لا شك أن الغيبة هي من أسرار الله، وهو أعرف بأسبابها وفوائدها الحقيقية، ولكن هناك أسباب صرحت بها الأخبار والأحاديث، و من تلك الأسباب. أن الإمام المهدي (علیهم السلام) كانت مهددة و يخشى على حياته من قبل الحكام العباسيين فكانوا يبحثون عنه في كل مكان، حتى أنهم فتشوا دار الإمام العسكري (علیهم السلام) ، ولذا كان الإمام العسكري (علیهم السلام) يحاول إخفاء ولادة الإمام (علیهم السلام) عن عامة الناس، تحفظة على حياة ولده من شر الحكام العباسيين، وهكذا استمر الخطر عليه من قبل سائر حكام الجور؛ لأنهم علموا بأن المهدي (علیهم السلام) علي هو الذي يدمر كيانهم، ولا زال الخطر محدق بالإمام (علیهم السلام) وهذا الأمر سبب طول غيبته، لذا فإن شیعته دائما يدعون له بالسلامة من الأعداء، و ثمة سبب آخر علل به غيبة الإمام (علیهم السلام) ، وهو امتحان العباد و اختبارهم و تمحیصهم، فقد ورد عن النبي (صلی الله علیه وآله) أنه قال: «أما والله ليغيب إمامكم شيئا من دهركم، و لتمحصن، حتى يقال: مات أو هلك

ص: 31

بأي وابي سلك، و لتدمعت عليه عيون المؤمنين»،(1) أو مجازاة و تأديب الأمة التي ما عرفت قدر أئمتهم، فعن الإمام الباقر (علیهم السلام) «إن الله إذاکره لنا جوار قوم نزعنا من بين أظهرهم».(2)

وبما أن للقائم غیبتان -كما هو المشهور و المذكور في الروايات - كما روي عن الإمام الصادق (علیهم السلام) : «للقائم غیبتان: إحداهما قصيرة و الأخرى طويلة، الغيبة الأولى لا يعلم بمكانه الا خاصة شيعته و الأخرى لا يعلم بمكانه فيها الا خاصة مواليه»(3) فلابد من الحديث حول غيبته الصغرى، و من ثم الحديثحول غيبته الكبرى و فوائدها.

الغيبة الصغرى للإمام المهدي (علیهم السلام)

قد اختلف العلماء و المحدثون حول بداية الغيبة الصغرى، و أتها هل بدأت من أوائل عمر الإمام المهدي (علیهم السلام) وفي عهد والده، أم بدأت بعد وفاة الإمام العسكري؟ والمشهور هو القول الثاني فتكون الغيبة الصغرى للإمام بدأت في سامراء من عام (290 ه.ق) بعد وفاة أبيه الإمام العسكري (علیهم السلام) ، و من سرداب(4) بيته، حيث كان في ذلك المكان، آخر محاولة للقبض على الإمام (علیهم السلام) أو اغتياله من قبل الخليفة العباسي المعتضد بالله .(5)

ص: 32


1- كمال الدين،347/2الباب 33، الغيبة للنعمانی، 153، الباب 10.
2- بحارالانوار،90/52، باب 20، علة الغيبة.
3- أصول الکافی، 340/1؛ الغيبة للنعمانی، 170.
4- السرداب هو بناء تحت الأرض في البيوت القديمة يلجأ إليه من حر الصيف.
5- راجع القصة بكاملها في بحارالانوار،52/52، ح 37.

لقد حوصر بيت الإمام (علیهم السلام) من قبل الخليفة العباسي، وخرج الإمام (علیهم السلام) من سرداب البيت ولم يروه بقدرة الله، فسمي و اشتهر بعد ذلك المكان بسرداب الغيبة، و أصبحت هذه القصة موضع اتهام الشيعة في آرائهم، والحقيقة بما أن هذا البيت و السرداب الذي فيه كان محلا لمولد الإمام ومسكن له ولأبيه وجده (علیهم السلام) ، فهو مکان مقدس عند الشيعة يزورونه، وحيث إن الإمام المنتظر لا موضع له يقصد فيه، جاءت روايات أهل البيت للحث على استحباب زيارته في ذلك المكان و ليس أكثر من ذلك.(1)

لقد وقعت الغيبة الصغرى لتكون مقدمة تمهيدية للغيبة الكبرى لئلا يصدم المؤمنون بوقوعها وطول أمدها، واستمرت إلى عام (329 ه.ق) الذي توفي فيه النائب الرابع للإمام علي أبو الحسن علي بن محمد الشمري، وحينئذ تكون الغيبة الصغرى 69 عاما.

و يمكن أن نعتبر الغيبة الصغرى بدأت من تاريخ ميلاد الإمام المهدي(علیهم السلام) و أوائل عمره الشريف؛ لأن حياته منذ الولادة كانت مقرونه بالاستتار والاختفاء عن الناس، فنعتبر السنوات الخمس التي قضاها الإمام المهدي (علیهم السلام) مع والده الإمام العسكري (علیهم السلام) من ضمن الغيبة الصغری، وحينئذ تكون غيبة الإمام (74 عاما) من مبدأ ولادته إلى وفاة النائب الرابع

ص: 33


1- راجع مفاتیح الجنان، الباب 3، في الزيارات.

للإمام، و بعدها تبدأ الغيبة الكبرى للإمام (علیهم السلام) من عام (329هق)(1) ولكن الثابت أن الإمام العسكري (علیهم السلام) كان يعرض نجله المبارك على خلص أصحابه و ثقاة الشيعة، خلال حياته بين الحين والآخر، و يعرفه بأنه الإمام الثاني عشر، وأنه المهدي الموعود المنتظر (علیهم السلام) ، كما ذكرنا سابقا، فلذا يرجح القول المشهور بعدم اعتبار هذه الفترة من عمر الإمام ضمن الغيبة الصغرى، فتكون مدة الغيبة الصغرى من وفاة الإمام العسكري إلى وفاة النائب الرابع للإمام المهدي 69 عاما.

وفي زمن الغيبة الصغرى لا يعلم بمكان الإمام (علیهم السلام)؟ الا خاصة شيعته، وقد عين الإمام ل(علیهم السلام) نوابة عنه، و أولي مهامهم ربط الأمة به بواسطتهم، و تعتبر النيابة الخاصة من المناصب المهمة التي لا تليق الا بمن تتوفر فيه الصفات اللازمة كالأمانة، و التقوى، والورع، وكتمان الأمور، وتنفيذ الأوامر والتعليمات الواصلة من الإمام (علیهم السلام) ، و غير ذلك من الشروط.

ولا يخفى أن النيابة الخاصة أهم و أعلى من النيابة العامة التي هي مرتبة الاجتهاد للعلماء والفقهاء و المراجع في زمن الغيبة الكبرى، ولانريد الخوض في هذا البحث أكثر من هذا، وإنما نكتفي بذكر أسماء النواب الأربعة، و دورهم الفعال في زمن الغيبة الصغرى للإمام (علیهم السلام) .

ص: 34


1- راجع أعيان الشيعة15/4.

التواب الأربعة للإمام الغائب (علیهم السلام)

لما كان الإمام المهدي (علیهم السلام) يرى ضرورة الارتباط بالأمة، وحل مشاكلها بقدر المستطاع، وعلى الأخص في الجانب الفقهي والعقائدي، رأی تعیین نوابة عنه و أولي مهامهم ربط الأمة به، و رفع كتبها التي من خلالها تسأل عما تريد إليه (علیهم السلام) ، و على أيدي هؤلاء كانت ترد الأجوبة و الحلول اللازمة في زمن الغيبة الصغرى، وهم أربعة أشخاص من كبار الشيعة، وكانوا يحظون بلقائه، وهكذا كانت الشيعة تأتي بالأموال الشرعية ويسلمونها إلى النواب، و يأخذون توقيعات الإمام منهم.

وهؤلاء النواب الأربعة بحسب الترتيب الزمني كما يلي:

النائب الأول: أبو عمرو عثمان بن سعيد بن عمرو العمري الأسدي وكيل الإمام الهادي و العسكري علیهما السلام )، و لما توقي قام بتجهيزه ولده محمد بن عثمان السفير الثاني و دفنه في بغداد.

النائب الثاني: ابنه أبو جعفر محمد بن عثمان بن سعيد العمري، وهو أطول السفراء بقاء في السفارة، وقد توفي سنة (304 ه. ق) و دفن عند والدته في بغداد في منطقة الخلاني.

النائب الثالث: ابوالقاسم الحسين بن روح النوبختي، المتوفى سنة (329 ه.ق)، و قبره في بغداد في النوبختية.

النائب الرابع: أبو الحسن علي بن محمد الشمري، المتوفى سنة (329 ه.ق) و المدفون في بغداد وكانت سفارته ثلاثة أعوام من أقصر السفارات.

ص: 35

ونظرا لأهمية منصب السفارة بين الناس، حاول الكثير اكتساب هذا الشرف ولو كذبا و زورة، و ذلك بعد أعوام قليلة بعد التواب الأربع، و أول من ادعى ذلك: الحسن الشريعي، وكان من أصحاب الهادي و العسكري، ومن بعده محمد بن نصير النميري، ثم الكرخي، وهما من أصحاب العسكري، و بعدهم الصوفي المشهور الحسين بن منصور الحلاج، و غيرهم.

ومن الواضح أن هناك وكلاء آخرون - غير هؤلاء الأربعة في كثير من البلاد الإسلامية يقومون بدور كبير بين الإمام والسفراء أو بين الإمام و الناس، أي: كان الوكلاء تارة يراجعون السفراء في القضايا والأسئلة الموجهة إليهم، وتارة يراسلون الإمام المهدي (علیهم السلام) مباشرة، ومن بين هؤلاء الوكلاء: علي بن مهزيار الأهوازي، وأحمد بن إسحاق بن سعيد بن مالك الأشعري القمي و كان واسطة بين القميين والأئمة: الجواد و الهادي و العسكري (علیهم السلام) ، وأدرك شطر من غيبة الإمام المهدي (علیهم السلام) ، وهو الذي عرف عليه الإمام العسكري ولده المهدي (علیهم السلام) حينما سأله عن خليفته و أراه إياه و حدثه ببعض ما يكون من أمره خلال غيبته الصغرى والكبرى.

وغير هؤلاء ممن أوكل إليهم الإمام المهدي (علیهم السلام) بعض ما يهمه من أمور المسلمين وقبض الأخماس و قضاء حوائج المؤمنين، وكانوا كما ذكرنا۔ يتصلون بالإمام (علیهم السلام) أحيانا عن طريق سفرائه الذين اعتمدهم لقضاء الحوائج و حل المشاكل، و أخرى عن طريق المراسلة.

ص: 36

وهكذا استمرت النيابة الخاصة للإمام المهدي (علیهم السلام) إلى عام (329 ه. ق) الذي توفي فيه النائب الرابع، و هو أبو الحسن علي بن محمد السمري، و قبل ستة أيام من وفاة السفير الرابع أخرج للمؤمنين توقيعة من الإمام المهدي (علیهم السلام) يعلن فيه انتهاء الغيبة الصغرى و عهد السفراء المعينين من قبل الإمام مباشرة، إيذانا ببدء الغيبة الكبرى، وكان هذا آخر توقيع صدر عن الإمام في الغيبة الصغرى، ونص التوقيع هو:

بسم الله الرحمن الرحيم

«يا علي بن محمد السمري! أعظم الله أجر إخوانك فيك: فإنك ميت ما بينك و بين ستة أيام، فاجمع أمرك و لا توص إلى أحد فيقوم مقامك بعد وفاتك. فقد وقعت الغيبة التامة، فلا ظهور الا بإذن الله تعالى ذكره، و ذلك بعد طول الأمد، و قسوة القلوب، و امتلاء الأرض جورة، وسيأتي لشيعتي من يدعي المشاهدة. ألا من ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني و الصيحة، فهو كذاب مفتر، و لا حول و لا قوة الا بالله العلي العظيم»(1)

الغيبة الكبرى للإمام المنتظر (علیهم السلام)

كما أشرنا سابقا، فقد انتهت الغيبة الصغرى بوفاة النائب الرابع للإمام المهدي (علیهم السلام) ، و ذلك في سنة (329 ه.ق) و ابتدأت الغيبة الكبرى، ولا تزال

ص: 37


1- كمال الدين، 516؛ الغيبة الطوسي، 242؛ و قال العلامة المجلسي: لعله محمول على من يدعي المشاهدة مع النيابة، و إيصال الأخبار من جانبه ب إلى شيعته على مثال السفراء، لئلا ينافي الأخبار التي مضت، و التي ستأتي فيمن رآه * (بحارالانوار،151/52 ).

مستمرة إلى الآن، و بذلك انقطعت طرق الاتصال بالإمام المهدي (علیهم السلام) ، و قد أرشد الإمام (علیهم السلام) الشيعة لحل مشاكلهم، و أخذ معالم دينهم بإرجاعهم إلى رواة الأحاديث و العلماء في التوقيع الذي كتبه إلى أحد وجهاء الشيعة، و هو إسحاق بن يعقوب، بواسطة النائب الثاني محمد بن عثمان، والذي جاء فيه: «... و أما الحوادث الواقعة، فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، فإنهم حجتي عليكم و أنا حجة الله عليكم».(1)

وينقل المرحوم الطبرسي في كتاب «الاحتجاج» عن الإمام الصادق (علیهم السلام) أنه قال ضمن حديث: «و أما من كان من الفقهاء صائنة لنفسه، حافظ لدينه، مخالفة لهواه، مطيعة لأمر مولاه، فللعوام أن يقيدوه».(2)

فقد فوض الإمام (علیهم السلام) شؤون المسلمين في زمان الغيبة الكبرى إلى الولي الفقيه،(3) الجامع للشرائط، و صحيح أن منصب الفتوى و القضاء كان قد جعل للفقهاء من قبل بواسطة الأئمة (علیهم السلام) وفي عهدهم الا أن شرعية المرجعية و الزعامة و الحكومة تبدأ من تاريخ الغيبة الكبرى، و هي مستمرة إلى ظهور الإمام صاحب الأمر والزمان، و عندما يظهر يكون هو المرجع و الزعيم والحاكم إن شاء الله.

ص: 38


1- هذا نص في كتاب (الغيبة) للشيخ الطوسي، أما في (كمال الدين) للشيخ الصدوق، 484/2فقد ورد الشطر الأخير من الحديث - هكذا: «و أنا حجة الله عليهم» و فی کتاب الاحتجاج) للطبرسی، 470/2 لا يوجد لفظ «علیهم» و لا «عليكم».
2- الاحتجاج، للطبرسی، 263/2 ؛ بحارالانوار، 88/2.
3- لقد بحثت مسألة ولاية الفقيه من جوانب متعددة من قبل العلماء بعد الثورة الإسلامية، وقد ألفت حولها الكتب الكثيرة.

وفي ضوء الغيبة الكبرى للإمام المهدي (علیهم السلام) أثيرت بعض الشكوك والأوهام، و تبادرت إلى أذهان الناس بعض التساؤلات عن جدوى وجود الإمام المهدي (علیهم السلام) حال غيبته الكبرى، و ما فائدة الناس به؟ و ما ينتفعون منه؟ وكيف عمر إلى هذا اليوم؟ و غيرها من الشبهات و التساؤلات، نطرح بعضها و نجيب عنها باختصار.

ما الفائدة في وجود امام غائب؟

لقد وردت أحادیث متعددة تذكر فوائد وجود الإمام الغائب (علیهم السلام) و وجه الانتفاع به، و فيما يلي نذكر بعضها: عن جابر بن عبدالله الأنصاري رضی الله عنه أنه سأل النبي (صلی الله علیه وآله) : هل ينتفع الشيعة بالقائم (علیهم السلام) في غيبته؟

فقال (صلی الله علیه وآله) : «إي و الذي بعثني بالنبوة؛ إنهم لينتفعون به، و يستضيئونبنور ولايته في غيبته، كانتفاع الناس بالشمس و إن جللها السحاب».(1)

فالشمس أمان للمجموعة الشمسية من الفناء والزوال، وفيها فائدة عظيمة للإنسان والحيوان والنبات و الهواء والماء و الجماد. ومن الواضح: أن السحاب لا يغير شيئا من تأثير الشمس وفوائدها، وإنما يحجب الشمس عن الرؤية في المنطقة التي يخيم عليها السحاب - فقط.

فالإمام المهدي (علیهم السلام) الذي شبه بالشمس وراء السحاب، هو الذي بوجوده يتنعم البشر، وهو أمان لأهل الأرض؛ لأن الأرض لا تخلو من

ص: 39


1- كمال الدین،253/1.

الحجة، ولو خلت لساخت بأهلها، و ورد هذا المعنى في رسالة الإمام المهدي إلا إلى إسحاق بن يعقوب: «... و إني لأمان لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء........»(1)

وبالإضافة إلى هذا؛ فإن إمام العصر (أرواحنا فداه) يحضر في مواسم الحج كل عام، ويتردد على المجالس والمحافل، وما أكثر المشاكل التي يحلها بواسطة، أو من دون واسطة، لبعض المؤمنين، ولعل الناس لا يرونه ولا يعرفونه ولكن الإمام (علیهم السلام) يراهم و يعرفهم، وقد ظفر کثیر من الناس بلقائه خلال الغيبة الصغرى والكبرى، و رأوا كثيرة من معاجزه و کراماته، و ځلت على يديه مشاكل عدد من المؤمنين.

فكم من مسألة في الأصول والفروع قد أجاب عنها، و مشكلة في الدين أو الدنيا قد أنقذ منها، وكم من مريض قد شفاه، و مضطر قد نجاه و منقطع قد هداه، و عطشان قد سقاه، و عاجز قد أخذ بيده؛ و ذلك بلطف الله تعالی و استجابة لدعواته و توسلاته المباركة بحق هؤلاء وأمثالهم، فكيف جاز أن يقول القائل: كيف ينتفع بالإمام الغائب ؟! هذا و الإمام يرعی شیعته، ويمدهم بدعائه الذي لا يحجب، و قد أعلن ذلك في إحدى رسائله للشيخ المفيد، فقد قال (علیهم السلام) : «انا غير مهملين لمراعاتكم، ولا ناسين لذكركم، و لولا ذلك تنزل بكم اللأواء،(2) و اصطلمكم (3) الأعداء»(4).

ص: 40


1- كمال الدين،485/2؛ الغيبة للطوسی، 177.
2- اللأواء: الشدة - المصباح، 256/2.
3- اصطلمه: استأصله - القاموس، 140/4.
4- الاحتجاج للطبرسي، 598/2.

كيف عمر الإمام (علیهم السلام) إلى هذا اليوم؟

إن الاعتقاد بغيبة الإمام المهدي (علیهم السلام) عن الأنظار و استمراره إلى حين بأذن الله تعالى له بالظهور، يستلزم عمرا طويلا و مفتوح مع انفتاح الزمن، كيف تعالج و نجيب على هذا السؤال؟

قد عولجت هذه المسألة بإجابات عديدة، نذكر الملخص منها، وهي: أن طول عمر الإنسان و بقاءه قرونة متعددة أمر ممكن منطقية و ممکن علمية، والعلم سائر في طريق تحقيق هذا الإمكان، وعلى هذا الضوء نتناول عمر الإمامالمهدي (علیهم السلام) وما أحيط به من استفهام أو استغراب، فإن عمر الإمام المهدي (علیهم السلام) قد سبق العلم نفسه، وليس ذلك هو المجال الوحيد الذي سبق فيه الإسلام حركة العلم.

ولكن لنفترض أن العمر الطويل غیر ممکن علميا، فماذا يعني ذلك؟ يعني أن إطالة عمر الإنسان كنوح و الخضر ولقمان بقدرة الله وإرادته، و بخلاف القوانين الطبيعية و العلم، و بذلك تصبح هذه الحالة معجزة عطلت قانونا طبيعية في حالة معينة، وليست هذه المعجزة فريدة من نوعها، وقد عطل هذا القانون للحفاظ على إبراهيم، فقيل للنار حين ألقي فيها إبراهيم: «وقلنا یا ناژگونی تردا وسلاما على إبراهيم»(1) فخرج منها كما دخل سليما لم يصبه أذى، إلى كثير من القوانين الطبيعية التي عطلت لحماية أشخاص من الأنبياء

ص: 41


1- الأنبياء: 69.

والأولياء. وهكذا يتضح أن العمر الطويل أمر ممكن علمية أو بنحو المعجزة، وقد تحقق ذلك بالنسبة إلى بعض الأنبياء والأولياء كما تحدث عنه القرآن الكريم.

و إذا نظرنا إلى موضوع العمر على ضوء القرآن، و من الناحية العقائدية، وجدناه أمر عادية جدا، لأن كل مؤمن يعتقد أن الآجال بيد الله تعالى، فإذا قدر الله تعالى لأحد من عباده طول العمر، فمن البديهي أن يهيئ له الأسباب المادية والطبيعية الموجبة لطول العمر، و من الممكن أن يطول عمره بأمور مما وراء الطبيعة لانعرفها، فهو قادر على كل شيء، فكما طول الله عمر آدم ونوح و لقمان و غيرهم من المعتمرين، و طول عمر النبي الخضر الذي بقي حي من عهد النبي موسى (علیهم السلام) إلى يومنا هذا، و طول عمر النبي عيسى الذي عرج به إلى السماء، و بقي حيا إلى يومنا هذا، و سوف ينزل من السماء عند قيام الإمام المنتظر (علیهم السلام) و يصلى خلفه، فهو قادر على أن يطول عمر الإمام المهدي (علیهم السلام) إلى متى ما يشاء.

وتتجلى القدرة الإلهية في تحقيق مشيئته، و إخضاع الطبيعة في قصة النبي يونس (علیهم السلام) الذي: (فالتقمه الحوت وهو مليم * لولا أنه كان من المنتجين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون)(1) فالظاهر من هذه الآية: أن يونس (علیهم السلام) لو لم يكن من المسبحين في بطن الحوت للبث حيا في بطنها إلى يوم القيامة.

أليس الله بقادر على أن يحفظ وله من الموت ويعمره آلاف السنين

ص: 42


1- الصافات: 144 - 142.

ليظهره في الوقت المناسب، ليقوم بالإصلاح الشامل لجميع جوانب الحياة، فإنه آخر مصلح عالمي ادخره الله للبشر.

ص: 43

القبس الخامس:مكان الإمام (علیهم السلام) وإمكان رؤيته

اشارة

تصرح بعض الأحاديث الشريفة بأن من سيرته (علیهم السلام) في غيبته الكبرى حضور موسم الحج في كل عام، وهي فرصة مناسبة للالتقاء بالمؤمنين من أنحاء أقطار العالم، وإيصال التوجيهات إليهم، ولو من دون التعريف بنفسه صراحة، فالأخبار الدالة على مشاهدته في الغيبة الكبرى كثيرة بحيث نعلم لدى مراجعتها و استقرائها، عدم الكذب و الخطأ فيها في الجملة.

و يستفاد من تلك الأخبار بأن لقاءات الإمام المهدي (علیهم السلام) لا تنحصر في عدد معين و مكان معين، بل تشتمل كل من له صلاحية هذا الالتقاء في كل عصر وفي أي مكان، بالأخص الأماكن المقدسة و المشاهد المشرفة في: المدينة المنورة، و العراق، و إيران، فيزور تلك الأماكن المقدسة و المقامات العالية و يصلي فيها ويدعو لشيعته ومحبيه، كما أنه لا يستبعد أن

ص: 44

الإمام (علیهم السلام) يحضر مجالس و محافل المؤمنين، بالأخص العلماء الربانيين، ولعل الناس لا يرونه ولا يعرفونه، ولكن الإمام (علیهم السلام) يراهم ويعرفهم، و تعم البركة تلك المجالس و المحافل بحضوره و دعائه لهم.

ويستفاد من عدد من الأحاديث الشريفة أن للإمام المهدي (علیهم السلام) جماعة من الأولياء المخلصين يلتقون به باستمرار في غيبته الكبرى، و من أهل كل عصر، و تصرح بعض الأحاديث بأن عددهم ثلاثون شخصا، فعن الإمام الصادق (علیهم السلام) قال: «لابد لصاحب هذا الأمر من غيبة، و لابد له في غيبته من عزلة، و نعم المنزل طيبة، و ما بثلاثين من وحشة».(1) وروي عنه (علیهم السلام) : للقائم غیبتان، إحداهما قصيرة و الأخرى طويلة، الغيبة الأولى لا يعلم بمكانه الا خاصة شيعته، و الأخرى لا يعلم بمكانه فيها الا خاضة مواليه».(2) وجاء في بعض الأحاديث: بأن الخضر (علیهم السلام) من خاصة مواليه و مرافقيه في غيبته و لعله يستعين بهؤلاء الأولياء المخلصين للقيام بمهام، كحفظ و رعاية المؤمنين، و تسديد العلماء و دفع الأخطار عنهم، و التمهيد لظهوره.

وتشمل هذه المقابلات قضاء حوائج المؤمنين بمختلف أقسامها المادية و المعنوية، كما تشتمل على توجيه الوصايا التربوية، و توضیح غوامض المعارف الإلهية، أو التنبيه إلى الأحكام الشرعية الصحيحة، و غیر ذلك من مهام الإمام (علیهم السلام) في كل عصر.

ص: 45


1- أصول الكافي، 340/1 ؛ الغيبة للنعمانی، 188.
2- أصول الكافي، 1/ 340؛ الغيبة للنعمانی، 170.

و تحققت من هذه اللقاءات إضافة لذلك ثمار مهمة تتمحور حول ترسيخ الإيمان بوجوده (علیهم السلام) ، و إزالة التشكيكات الواردة حوله في كل عصر، بما يعزز سيرة المؤمنين في التمهيد لظهوره (علیهم السلام) .

وهذه الكتب المؤلفة في أزمنة مختلفة و بلاد متفاوتة ألفها ثقات لا يعرف بعضهم بعضا، و فيها من الحكايات الشاهدة لما ذكرنا من مشاهدة الإمام المهدي (علیهم السلام) عل والتشرف بخدمته، ولمزيد من الاطلاع عليك بمراجعتها(1)، وبما أن للقصص أهميته كبرى في التثقيف والتوجيه و التعليم، نكتفي بذكر حكاية المقدس الأردبيلي من الذين تشرفوا بلقاء الإمام (علیهم السلام) .

المقدس الأردبيلي يتشرف بلقاء الإمام (علیهم السلام)

ذكر العلامة المجلسي أنه سمع من جماعة أخبروه عن السيد الفاضل میرعلام قال: كنت في صحن الإمام أمير المؤمنين (علیهم السلام) في ساعة متأخرة من الليل، فرأيت رجلا مقبلا نحو الروضة المقدسة، فاقتربت منه فإذا هو العالم التقي مولانا الشيخ أحمد الأردبيلي - قدس الله روحه . فاختفيت عنه، فجاء إلى باب الروضة - وكان مغلقة - فانفتح له الباب ودخل الروضة، فسمعته يتكلم كأنه يناجي أحدة، ثم خرج و أغلق باب الروضة، فتوجه

ص: 46


1- راجع بحارالانوار، و کتاب النجم الثاقب للميرزا النوري، وقد ناقش أصحاب هذه الكتب قضية الالتقاء بالإمام في الغيبة الكبرى، و عدم تعارضها مع أمر الإمام المهدي بل في توقيعه للشيخ السمري بتكذيب من ادعى المشاهدة في الغيبة الكبرى وأثبتوا جواز الالتقاء بالإمام في الغيبة الكبرى، و ذكروا بعض الحكايات و قصص الذين تشرفوا بلقاء الإمام (علیهم السلام) .

نحو مسجد الكوفة و أنا خلفه أتبعه، و هو لا يراني، فدخل المسجد و قصد نحو المحراب الذي استشهد فيه الإمام أمير المؤمنين (علیهم السلام) و مكث هناك طويلا، ثم رجع نحو النجف وكنت خلفه أيضا، وفي أثناء الطريق غلبني السعال، فسعلت، فالتفت إلى وقال: أنت میر علام؟

قلت: نعم.

قال: ما تصنع هاهنا؟!

قلت: كنت معك منذ دخولك الروضة المقدسة وإلى الآن، و أقسم عليك بحق صاحب القبر أن تخبرني بما جرى عليك من البداية إلى النهاية؟

قال: أخبرك بشرط أن لا تخبر به أحدا ما دمت حيا، فوافقت على الشرط.

فقال: كنت أتفكر في بعض المسائل الفقهية الغامضة، فقررت أن أحضر عند مرقد الإمام أمير المؤمنين (علیهم السلام) لأسأله عنها، فلما وصلت إلى باب الروضة، انفتح لي الباب بغير مفتاح، فدخلت الروضة و سألت الله تعالى أن يجيبني مولاي أمير المؤمنین (علیهم السلام) عن تلك المسائل، فسمعت صوتا من القبر: أن ائت مسجد الكوفة، وسل من القائم، فإنه إمام زمانك، فأتيت المسجد عند المحراب، و سألت الإمام المهدي (علیهم السلام) عنها فأجابني عن ذلك، وها أنا إلى بيتي.(1)

و هناك غيرها من الحكايات والقصص المشهورة، و منها قصة تشرف الحاج

ص: 47


1- بحارالانوار،173/52،الباب 24.

علي البغدادي بلقاء الإمام الحجة (علیهم السلام) الحاوية على فوائد في هذا الموضوع جمة و الحادثة في عصرنا، وقد أوردها الشيخ النوري في كتابه النجم الثاقب، و أوردها أيضأ الشيخ عباس القتي في كتابه مفاتیح الجنان فراجعها.

ص: 48

القبس السادس:حضور الإمام (علیهم السلام) في الأماكن المقدسة

لا شك أن الإمام المهدي (علیهم السلام) يحضر باستمرار في كثير من الأماكن المقدسة و المشاهد المشرفة كالمسجد الحرام في موسم الحج وغيره، و مسجد النبي (صلی الله علیه وآله) ، و المسجد الأقصى، و مسجد الكوفة، و مسجد السهلة المنتسب إليه، وهكذا يحضر المراقد المشرفة كمرقد جده النبي المصطفى (صلی الله علیه وآله) ، و مراقد أجداده أئمة الهدى (علیهم السلام) في المدينة المنورة، والعراق، وإيران، فيزور تلك الأماكن المقدسة و المقامات العالية، و يصتي فيها ويدعو لشيعته ومحبيه، كما أنه لا يستبعد أن الإمام (علیهم السلام) يحضر مجالس و محافل المؤمنين بالأخص العلماء الربانيين و لعل الناس لا يرونه ولا يعرفونه، ولكن الإمام (علیهم السلام) يراهم و يعرفهم، وتتبارك تلك المجالس والمحافل بحضوره و دعائه لهم.

ص: 49

و من جملة الأماكن المقدسة التي لا يستبعد أن يحضر فيها الإمام صاحب الأمر و الزمان (علیهم السلام) هو: مسجد جمکران المقدس(1) المنتسب إليه في قم المقدسة عش آل محمد علي (علیهم السلام) و مدفن السيدة فاطمة المعصومة بنت موسی بن جعفر کریمة أهل البيت (علیهم السلام) طل، و هذا المسجد هو مكان يجتمع فيه المؤمنون المنتظرون في ليالي الجمعة والأربعاء من مختلفأنحاء إيران وخارجها لأداء الطقوس الدينية، و يذكرون فيه اسم الله، ويدعون فيه التعجيل ظهور الإمام (علیهم السلام) ، و أصبح اليوم هذا المكان مورد اعتناء المؤمنین الموالين لأهل البيت (علیهم السلام) ، و أخذوا يترددون عليه لتجديد العهد والولاء و المحبة مع حبيبهم و إمامهم و منقذهم من الظلم والاضطهاد، فكم من زائر لهذا المكان ليصلي فيه ركعات ويدعو الله، و يتوسل بصاحب الأمر ليصبح من المقربين، وكم من محب قريب يزور هذا المكان كرارة ليشم رائحة حبيبه، و يطلب من الله لقاءه ليصبح من الفائزين.

وكم من طالب حاجة دنيوية أو أخروية يزور المسجد فيصلي فيه

ص: 50


1- بني هذا المسجد بأمر من الحجة لا في السابع عشر من شهر رمضان المبارك سنة ثلاث وسبعين و ثلاث مائة للهجرة (373 ه) في قرية جمکران من ضواحي قم على ما أخبر به العبد الصالح الحسن بن مثلة الجمکراني، و لأهمية هذا المسجد و مكانته بين المؤمنين الموالين المنتظرين لظهور الحجة لا ينبغي التعرف عليه، و للاطلاع على تاريخه و كيفية انتسابه إلى صاحب الزمان و الأعمال المندوبة فيه، عليك بمراجعة كتاب تاریخ قم للشيخ حسن القمي المعاصر للشيخ الصدوق، و كتاب (النجم الثاقب) للشيخ النوري، أو كتاب مفاتیح الجنان، و غيرها من الكتب التي ألفت في هذا الموضوع.

ويدعو الله و يتوسل بصاحب هذا المكان المقدس لقضاء حوائجه، و حاشاالکریم رؤوف من أهل بيت الكرم و السخاء أن يرد من سأله.

و هذا الاجتماع العبادي المتواصل أسبوعية تحت راية الإمام الحجة (علیهم السلام) ، و تحت قبة بنيت باسمه الشريف في مدينة قم المقدسة اجتماع قل نظيره، و يرمز إلى النصر للولاية في بلد الإسلام المحمدي الأصيل، بلد الولاء والمحبة لأهل البيت (علیهم السلام) ، و يبشر بقرب ظهور الحجة المنتظر إن شاء الله.

ص: 51

القبس السابع:ما هو الانتظار الحقيقي للظهور؟

اشارة

الانتظار: عبارة عن حالة نفسانية و قلبية ينبعث منها التهيؤ لما ننتظره، وضده اليأس و المؤمن المنتظر مولاه حقيقة كلما اشتد انتظاره، ازداد جهده في التهيؤ لذلك بالورع والاجتهاد بتهذيب النفس عن الأخلاق الرذيلة والتحلي بالأخلاق الحميدة حتى يفوز بزيارة مولاه و مشاهدة جماله في زمان غيبته، كما اتفق ذلك لجمع كثير من الصالحين، و رواية أبي بصير دالة على توقف فوز المشاهدة و الصحبة على ذلك، حيث قال الإمام الصادق (علیهم السلام) : «من سره أن يكون من أصحاب القائم فلينظر و ليعمل بالورع و محاسن الأخلاق و هو منتظر، فإن مات و قام القائم بعده كان له من الأجر مثل من أدرکه...»(1)

ص: 52


1- بحارالانوار،140/52، الباب 22.

فالانتظار الحقيقي لفرجه (علیهم السلام) الذي يكون عبادة، بل أفضل الأعمال و العبادات كما صرحت به الروايات(1) هو الانتظار البناء الباعث للتحرك والالتزام الديني، و لا يتحقق هذا الانتظار الحقيقي الا ضمن الشروط التالية التي تعتبر من تكاليف المؤمنين الموالين للإمام المهدي المنتظر (علیهم السلام) في زمن غيبته الكبرى.

تكاليف المؤمنين زمن الغيبة

أولا، ترسيخ معرفة الإمام المهدي (علیهم السلام) والإيمان بإمامته في زمن غيبته والاعتقاد بظهوره و بدوره التاريخي في إصلاح المجتمع البشري، والقيام بإرساء دعائم دولة عادلة كريمة تملأ الأرض قسطا.

ثانيا: تربية النفس و إعدادها بصورة كاملة من خلال العمل بالكتاب و الستة، و التمسك بالثقلين: كتاب الله و عترة نبيه (صلی الله علیه وآله) ، ومن ثم التحرك بدعوة الناس إلى الحق و تربية أنصار الإمام (علیهم السلام) للتمهيد لظهوره.

وعلى ضوء ما تقدم، يتضح أن الانتظار الحقيقي يتضمن حركة بناءة مستمرة استعدادا لظهور المنقذ و المصلح العالمي المنتظر على الصعيدين الفردي والاجتماعي مهما كانت الصعاب والتضحيات، يقول الإمام الخمينی قدس سره في آخر بيان أصدره بمناسبة النصف من شعبان قبل وفاته: «سلام عليه - المهدي الموعود . و سلام علی منتظریه الحقيقيين، سلام على

ص: 53


1- راجع کمال الدین، 645؛ بحارالانوار،140/52.

المهدي الموعود أمل المستضعفين غيبته و ظهوره، و سلام على الذين يدركون ظهوره على نحو الحقيقة، و پرتوون من كأس هدایته و معرفته، سلام على الشعب الإيراني العظيم الذي يمهد لظهوره بالتضحيات و الفداء و الشهادة»(1).

هذا والإمام المهدي (علیهم السلام) قد صرح بحقيقة انتظار فرجه في كتابه إلى الشيخ المفيد، بقوله: «فليعمل كل امرء بما يقرب به من محبتنا، و يتجنب ما يدنيه من کراهتنا و سخطنا، فإن أمرنا بغتة فجاءة حين لا تنفعه توبة، ولا ينجيه من عقابنا ندم على حوبة،(2)و الله يلهمكم الرشد، و يلطف لكم في التوفيق برحمته».(3)

ثالثا : و من أهم تكاليف المؤمنين في عصر الغيبة التي أكدتها الأحاديث الشريفة، هو: الدعاء للإمام المهدي (علیهم السلام) بالحفظ والسلامة من الأعداء، و التصدق عنه و تعجیل فرجه و ظهوره و النصر على أعدائه، و المواظبة على زيارته، وغير ذلك مما ذكرته الروايات، وقد جمعت في كتاب مکیال المكارم في فوائد الدعاء للقائم» و کتاب «وظائف الأنام في غيبة الإمام» لآية الله السيد الأصفهاني.

و من أفضل الأدعية التي يندب بها الإمام الحجة لتعجيل ظهوره، هو دعاءالندبة المعروف الذي يستحب قرائته في كل جمعة، وقد اعتاد شيعة

ص: 54


1- صحيفة نور، 21.
2- الحوبة: الخطيئة و الحوب: الإثم - مجمع البحرین.
3- الإحتجاج للطبرسي، 599/2.

الإمام و محبوه و منتظروه أن يقرأوا هذا الدعاء كل جمعة في الأماكن المقدسة و المشاهد المشرفة وفي البيوت.

ومن تلك الأدعية المهمة المعروفة التي ينبغي لك مؤمن منتظر أن يدعو بها في زمن الغيبة، هو دعاء الإمام الصادق (علیهم السلام) الذي علمه لزرارة، وقال له: إذا أدركت زمن غيبة القائم ادع بهذا الدعاء: «اللهم عرفني نفسك فإنك إن لمتعرفني نفسك لم أعرف رسولك، اللهم عرفني رسولك».(1)

ومن أفضل الزيارات التي يزار بها الإمام الحجة (علیهم السلام) ، هي زيارة آل ياسين، التي وردت من ناحيته المقدسة، وهناك أدعية و زیارات تضمنت تجديد العهد بالامام المهدي (علیهم السلام) و البيعة له، و الدعاء لحفظه و التعجيل الظهوره، و التي يزار بها الإمام (علیهم السلام) أو يدعى له، وهي ما بين أدعية و زیارات قصيرة ومتوسطة و تفصيلية، وهي كثيرة، وسيكون حسن ختام الكتاب لإكمال فائدته، الإتيان بمجموعة منها إن شاء الله.

یا صاحب العصر أدركنا فليس * ورد هنيء ولا عيش لنا رغد

طالت علينا ليالي الانتظار فهل * يابن الزكي! لليل الانتظار غد؟(2)

ص: 55


1- أصول الكافي، 337/1؛ الغيبة للنعمانی، 166؛ كمال الدين، 342/2.
2- من قصيدة للسيد رضا الهندي.

القبس الثامن:علائم ظهور الإمام المنتظر (علیهم السلام)

اشارة

يمكننا أن نقسم علائم ظهور الإمام المنتظر (علیهم السلام) حسب ما نتلخصه من الأحاديث، إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول: العلائم العامة التي تحدث قبل الظهور بعشرات السنين، وهي التي تتحدث عن الانحرافات التي تنتشر في المجتمعات الإسلامية و غيرها من الظلم والجور و الفسق والفجور و ارتكاب الذنوب والمحرمات، فتتلوث بها المجتمعات البشرية، وقد تحققت الكثير من تلك العلامات.

القسم الثاني: العلائم التي تحدث قبل ظهور الإمام المهدي (علیهم السلام) بسنوات قليلة، و هذه العلائم كثيرة و قد ذكرتها أغلب الكتب التي ألفت حول الإمام المهدي، وسنذكر بعضها في هذا المختصر:

منها: كسوف الشمس في النصف من شهر رمضان، و خسوف القمر في

ص: 56

آخره على خلاف القاعدة، أي: خلاف القاعدة الطبيعية الفلكية التي يكون كسوف الشمس يحدث في أواخر الشهر و خسوفالقمر يحدث في أواسط الشهر القمري.(1)

ومنها: موت کثیر من الناس بسبب الجوع أو المرض، و من الممكن أن يحدث ذلك بوقوع الحرب العالمية الثالثة، أو ثورات و نزاعات داخلية في كثير من البلاد، أو كوارث طبيعية و غيرها من العوامل والأسباب.

ومنها: خروج الدجال الأعور من قرية بين الشام والعراق، وقيل: هو أصله من اصفهان(2)، ويفتك بالمؤمنين و يتبعه اليهود، و نهاية هذا المجرم تكون على يدي الإمام المنتظر (علیهم السلام) والنبي عیسی (علیهم السلام) .(3)

ومنها: هلاك يأجوج و مأجوج وهم قوم من الروس على يدي النبي عیسی (علیهم السلام) ،(4) و هكذا موت خليفة في الحجاز، حيث لم يجتمع الناس بعده على أحد كما روي عن الصادق (علیهم السلام) (5)

ومنها: رفع الرايات السود من خراسان، قال رسول الله (صلی الله علیه وآله) : «إذا رأيتم الرايات السود قد جاءت من قبل خراسان فأتوها فإن فيها خليفة الله المهدي».(6) ولعل الذي يرفع تلك الرايات هو ذلك الهاشمي الحسني بمعونة

ص: 57


1- الغيبة للنعمانی، 271.
2- معجم أحاديث الإمام المهدي، 59/2، ح 415.
3- راجع منتخب الأثر، الفصل 6، الباب570/7 ، و في الفصل 7، الباب602/9.
4- معجم أحاديث الإمام المهدي، 145/2، ح 487.
5- علبحارالانوار، 203/52.
6- کشف الغمة، 472/2.

شعیب بن صالح، فيخرج الهاشمي و اليماني بجيشهما لملاحقة جيش السفياني و أخيرا ينتصران على جيشه.

القسم الثالث: العلائم المحتومة لظهور الإمام المهدي (علیهم السلام) ، وهي التي تحدث قطعة و تكون مقارنة الظهور الإمام، و هذه العلائم خمسة، كما جاء في حديث الإمام الصادق (علیهم السلام) : «قبل قيام القائم خمس علامات محتومات: اليماني و السفياني، و الصيحة، و قتل النفس الزكية، و الخسف بالبيداء».(1)

العلائم المحتومة لظهور المهدي (علیهم السلام)

قد مر في الحديث عن الإمام الصادق (علیهم السلام) ، أن العلامات المحتومة التي ستقع حتما قرب الظهور، أو مقارنة له خمسة هي:

1- النداء أو الصيحة السماوية: عن الإمام الصادق (علیهم السلام) : «الصيحة في شهر رمضان تكون ليلة الجمعة لثلاث و عشرين مضين من شهر رمضان»،(2) وهذا النداء بواسطة جبرئيل ليعلن للبشرية أن الحق في آل محمد (صلی الله علیه وآله) ويبشر بظهور المهدي (علیهم السلام) ، ويدعو الناس إلى متابعته كما ورد عن النبي وه : «إذا نادى منابر من السماء أن الحق في آل محمد، فعند ذلك يظهر المهدي على أفواه الناس...».(3)

2 و 3- خروج السفياني، و انخساف الأرض بجيشه: من العلامات

ص: 58


1- الغيبة للنعمانی، 133؛ كمال الدين، 650/2.
2- کمال الدین، 2/ 65.
3- کمال الدین، 2/ 650.

المحتومة هي: خروج السفياني من الشام، وهذا الرجل أموي النسب من ولد عتبة بن أبي سفيان، و اسمه «عثمان بن عنبسة»، و هو من أخبث الناس و من ألد أعداء أهل البيت (علیهم السلام) ، فهو يظهر في الشام ويستولي عليها، ثم يجهز جيشا فيرسل قسمة منه إلى العراق فيحتل المدن الكثيرة ومنها: النجف والكوفة، و يرسل قسم آخر من الجيش نحو المدينة، و يعبث جيش السفياني بالمدينة قتلا و نهبة ثلاثة أيام، ثم يتجه الجيش نحو مكة الإلقاء القبض على الإمام المهدي (علیهم السلام) ، و في الصحراء الفاصلة بين المدينة و مكة تنخسف بهم الأرض فتبلعهم جميعا، وعندئذ ينهض الإمام القائم (علیهم السلام) من مكة المكرمة، ثم يسير نحو المدينة، ثم من المدينة نحو الكوفة ويفر السفياني من العراق إلى الشام، و يرسل الإمام جيشأ يتعقب السفياني، و بالتالي يتم القضاء عليه في بيت المقدس و يحزون رأسه.(1)

4- خروج اليماني: وهي من أفضل رايات الحجة و أهداها، كما روي عن الإمام الباقر (علیهم السلام) أنه قال: «و خروج السفياني و اليماني و الخراساني (الهاشمي) في سنة واحدة، في شهر واحد، في يوم واحد....، و ليس في الرايات أهدى من راية اليماني، هي راية هدى لأنه يدعوكم إلى صاحبكم».(2)

5- قتل النفس الزكية: يعتبر ذبح النفس الزكية بين الركن والمقام، من

ص: 59


1- الغيبة للطوسی، 265؛ منتهى الأمال،656/2.
2- الغيبة للنعماني، 255، باب 14، ح 13؛ و بحارالانوار،232/52.

العلائم المحتومة التي تحدث قبل قيام القائم (علیهم السلام) بأيام قليلة، كما جاء ذلك في حديث الإمام الصادق (علیهم السلام) ،(1) وقد ذكر اسمه في رواية الإمام الباقر (علیهم السلام) وأنه حسني: «... و قتل غلام من آل محمد بين الركن و المقام، اسمه محمد بن الحسن، النفس الزكية. فعند ذلك خروج قائمنا».(2)

وجاء في بعض الروايات: أن هذا الغلام يخرج من خراسان، أو من ناحية الديلم في شمال إيران فيجيبه رجال من طالقان،(3) ويحارب جيش السفياني و ينتصر عليهم، ثم يرسله الإمام المهدي (علیهم السلام) إلى مكة ليمهد له الظهور فيقتلونه أهل مكة بين الركن والمقام، ويبعثون برأسه إلى السفياني، وعند ذلك بعد أيام قليلة يظهر صاحب هذا الأمر.(4)

ص: 60


1- کمال الدین، 649/2 ، و بحارالانوار،203/52.
2- بحارالانوار،192/52و 307.
3- طالقان، منطقة واسعة تشمل مجموعة مدن و قری، تقع بين طهران و قزوین.
4- بحارالانوار،15/53، و اعیان الشيعة، 75/2.

القبس التاسع:ظهور وقيام الإمام المهدي (علیهم السلام)

اشارة

قد ورد في الأخبار، أن بداية ظهور الإمام المهدي (علیهم السلام) وخروجه عن الاستتار يكون في المدينة المنورة،(1) ويصل خبر ظهوره إلى السفياني، و قد استولى على بلاد الشام، فيرسل السفياني جيشا إلى المدينة للقضاء على الإمام (علیهم السلام) ، ولكن الإمام يخرج من المدينة قاصدة مكة المكرمة للقيام من هناك، و يتوجه الجيشالذي أرسله السفياني للقبض على الإمام نحو مكة وقبل الوصول يخسف الله بهم الأرض جمیعا و تبلعهم في البيداء بين مكة والمدينة، ويصل المهدي (علیهم السلام) إلى مكة وتمر الأيام القليلة ويعلن الإمام (علیهم السلام) قيامه منها في يوم السبت يوم عاشوراء من الأعوام الفردية كما

ص: 61


1- عن أبي عبدالله علئلا : «... و خرج صاحب هذا الأمر من المدينة إلى مكة بتراث رسول الله (صلی الله علیه وآله) .....» (راجع الکافی، 224/8، ح 285.

ورد عن الإمام الصادق (علیهم السلام) ، أو يوم الجمعة كما في بعض الروايات، ولعل الجمع بين التأريخين و أن ظهوره يكون يوم الجمعة، وفيها يخطب خطبته في المسجد الحرام فيما يكون خروجه منها باتجاه الكوفة يوم السبت.(1)

ويحضر الإمام المهدي (علیهم السلام) في ذلك اليوم في المسجد الحرام ويصلي رکعات عند مقام ابراهیم (علیهم السلام) ، ويقف بين الركن والمقام، و يخطب في الناس کرارة و يستنصرهم، و يشير إلى مظلومية أهل البيت (علیهم السلام) ، و أول من يبايعه في مكة جبرئیل، ثم يبايعه صفوة أصحابه وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا (313) بعدد أصحاب أهل بدر، حيث جاءوا من شرق الأرض وغربها و اجتمعوا فيمكة، وهم أصحاب الألوية و حكام الله في أرضه، وهؤلاء لم يسبقهم الأولون ولا يدركهم الآخرون كما عبر عنهم الإمام الصادق (علیهم السلام) ، ثم يبايعه سائر الناس من أهل الحجاز واليمن وأصحاب رايات السود من إيران، و «الأبدال من الشام، و النجباء من أهل مصر، و الأخيار من أهل العراق»(2) وغيرهم، حتى يتم أنصاره عشرة آلاف من مختلف أقطار العالم، ثم يسير الإمام (علیهم السلام) من مكة إلى المدينة، بعد أن ينصب فيها والية من قبله، و هناك في المدينة يقوم بأعمال وإنجازات، ثم ينضب والية من قبله و يتوجه من المدينة نحو العراق، و يستقر في الكوفة

ص: 62


1- راجع الإرشاد، 378؛ و کمال الدین، 653/2و إعلام الوری، 430.
2- معجم أحاديث الإمام المهدي، 102/3، ح 645.

ويتخذها عاصمة لخلافته و حکومته اقتداء بجده الإمام علي (علیهم السلام) ، كما أخبر بذلك النبي (صلی الله علیه وآله) و أهل بیته (علیهم السلام) .(1)

ويلاحظ أن المسير الذي اختاره الإمام، هو المسير الذي اختاره جده الإمام الحسين في نهضته الاستشهادية من مكة إلى الكوفة التي منع جده عن الوصول إليها، فيصل المهدي (علیهم السلام) إليها ويحقق جميع الأهداف الإصلاحية التي سعى لها جده سید الشهداء (علیهم السلام) ، و عندما يدخل الكوفة يوحد الرايات، وفي الكوفة يلتحق السيد الحسني وجيشه بالإمام (علیهم السلام) ويبايعونه، ثميتوجه الإمام المهدي (علیهم السلام) ، وبعدما تستقيم له في الكوفة الأمور، نحو الشام للقضاء على السفياني ، و يصل الإمام المهدي (علیهم السلام) بجيشه إلى فلسطين، عندها ينزل السيد المسيح عيسی (علیهم السلام) من السماء ويقتدي به في الصلاة، و ينصره في حربه مع جيش السفياني.(2)

النبي عیسی (علیهم السلام) ، يقتدي بالإمام المهدي (علیهم السلام)

إن نزول النبي عیسی بن مریم علیهما السلام من السماء، والاقتداء بالإمام المهدي (علیهم السلام) من الحقائق الثابتة عند جميع المسلمين، و يعتبر نزوله من أهم الحوادث و أعظم الآيات و الدلالات على حقانية الإمام المهدي (علیهم السلام) ، ولعل الحكمة في نزوله هي تقوية الإمام المهدي (علیهم السلام) ، إذ لا شك أن

ص: 63


1- راجع غيبة الطوسي، 274؛ و بحارالانوار، 180/13 .
2- راجع الإرشاد، 378؛ و كمال الدين، 653/2.

النصارى الحقيقيين إذا سمعوا بأن عیسی بن مریم عایهما السلام قد نزل من السماء و اقتدى بالإمام المهدي (علیهم السلام) ، فهل يبقى شعب مسيحي أو حكومة مسيحية تحارب الإمام المهدي (علیهم السلام) ؟!

کلا... بل تجد المسيحيين يدخلون تحت راية الإمام المهدي (علیهم السلام) ، و يعتنقون الدين الإسلامي، و هكذا تخضع للإمام المهدي (علیهم السلام) أكثر الدول و الحكومات المسيحية، وهكذا ترجع النصارى عن تأليه عیسی بمشاهدتهم المناصرة نبيهم لخاتم الأوصياء، و أما اليهود الحقيقيون فإنهم يجتمعون عند الإمام المهدي * فيخرج لهم ألواح التوراة الحقيقية فيجدون فيها أوصاف الإمام و علائمه، فيؤمنون به، و يعتنق الكثير منهم دين الإسلام، و أما سائر الأديان و الملل، فيدعوهم الإمام إلى الإسلام الصحيح الكامل فيتقبله، أكثر الملل و الشعوب و تنقاد له أكثر الدول والحكام.(1)

وأما المسلمون و بالأخص الشيعة، فمن الواضح أنهم سوف يكونون في طليعة الشعوب التي تلتف حول الإمام المهدي (علیهم السلام) و تندمج تحت لوائه، و ينهي الإمام (علیهم السلام) الحالة المذهبية فيوحد المذاهب الإسلامية على أساس السنة النبوية النقية، فهو كما قال جده (صلی الله علیه وآله) : «ستته ستتي يقيم الناس على ملتي و شريعتي».(2)

ص: 64


1- و لتوثيق المقولات بالروایات راجع بحارالانوار، 530/14 ؛ و کتاب منتخب الأثر.
2- کمال الدین، 411/2، الباب 39، ح 6.

ولاشك أن الذي لا ينقاد إلى الحق ويقف أمام قيام المهدي (علیهم السلام) فإن الإمام يستخدم القوة من السيف و الوسائل الأخرى لإخضاع هؤلاء؛ فإن الإمام المهدي (علیهم السلام) ليس مأمورة بالمداراة مع الأعداء و الصبر على أذاهم، و إنما عليه أن يأتي بالإسلام الصحيح و يطبقه على العالم كله ولو كره المشركون.

ص: 65

القبس العاشر:دور الإيرانيين في نهضة المهدي (علیهم السلام)

اشارة

لقد كان للإيرانيين الدور البارز و المشهود في مساندة الرسالة المحمدية من بداية عصر الرسالة إلى يومنا هذا، والروايات الواردة عن المعصومين و العلماء و تاريخ الإسلام يشهد لذلك.(1)

و حسب الروايات والأحاديث الواردة سيكون للإيرانيين الدور المهم في التمهيد لظهور المهدي (علیهم السلام) ، و مواكبة ومؤازرة المسيرة الإصلاحية النهضة حفيد الرسول (صلی الله علیه وآله) حتى النصر النهائي و تشکیل دولته العالمية، ويمكن تلخيص تلك الأعمال البارزة التي سيقومون بها في ظل حركة الظهور المقدس، وإقامة الدولة الكريمة، في ضمن الأمور التالية:

ص: 66


1- و من أراد الاطلاع على ذلك فليراجع كتاب (الإسلام و ایران) للأستاذ الشهید مرتضی مطهري.

أولا: وجود أنصار المهدي (علیهم السلام) الخواص من إيران: إن حضور عدد كبير من إيران بين أصحاب الإمام الخواص، هو خير دليل على الدور المهم الذي سيقوم به الإيرانيون في نهضة الإمام الحجة (علیهم السلام) ، و هؤلاء من مدن: الأهواز، و شیراز، والديلم، و قزوین، و الري، و طوس، و غيرها من المدن، و أكثرهم عدد من مدينتي قم و طالقان،(1) وقد ذكرتهم الروايات منها الرواية المنقولة عن أمير المؤمنين (علیهم السلام) في دلائل الإمامة.(2)

ولاشك أن لقم و أهلها، بحسب ما نستفيد من الأحاديث، دورا كبيرا في التمهيد لظهور الإمام المنتظر (علیهم السلام) ، و سوف يكون لهم الدور الفعال في قیامه و تشکیل دولته العادلة، لقد ورد عن الإمام الصادق (علیهم السلام) : «إنما سمیت قم؛ لأن أهلها يجتمعون مع قائم آل محمد (صلی الله علیه وآله) ، و يقومون معه، و يستقيمون عليه، و ينصرونه».(3)

و أيضا: إن وجود مسجد في قم ينسب إلى صاحب الأمر و الزمان (علیهم السلام) ، والذي يقصده المسلمون من كل مكان، ويدعون لسلامة الإمام و تعجیل ظهوره، يدل على مدى أهمية قم و أهلها كأحد القواعد الأساسية لقيام الإمام المنتظر (علیهم السلام) .

ص: 67


1- من قم (18 رجلا)، و من طالقان (24 رجلا)، راجع أعيان الشيعة، 84/1.
2- راجع دلائل الإمامة، 307.
3- ترجمة تاريخ قم: 100؛ و في بحارالانوار،216/60.

و بالنسبة إلى طالقان(1) لقد عبرت عن رجالها في الروايات بكنوز الطالقان»، فقد روى ابن اعثم الكوفي في كتاب «الفتوح» عن أمير المؤمنين (علیهم السلام) أنه قال: «ويحة للطالقان فإن فيها كنوزة ليست من ذهب ولا فضة ولكن بها رجال مؤمنون عرفوا الله حق معرفته، و هم أيضا أنصار المهدي في آخر الزمان».(2)

ثانيا: خروج الرايات السود و أهل المشرق بقيادة الخراساني و شعيب بن صالح، من العلامات الحتمية التي وردت في سياق علامات الظهور، تلك الروايات التي تشير إلى الرايات السود لقوم من المشرق، ومن خراسان، يخرجون لنصرة المهدي ومؤازرته في قتال أعداء الدين، ولا شك أن هؤلاء القوم من أهل إيران، فعن النبي (صلی الله علیه وآله) : «إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، و إن أهل بيتي سيلقون بعدي بلاء و تطريدة و تشريدة حتى يأتي قوم من نحو المشرق أصحاب رايات سود، يسألون

الحق فلا يعطونه، فيقاتلون فينصرون، فيعطون ما سألوا فلا يقبلوها حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي، فيملأها عدلا كما ملأوها ظلمة فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم، و لو حبوا على الثلج، فإنه المهدي»،(3) وفي رواية أخرى عنه (صلی الله علیه وآله) تصرح بأن هؤلاء الناس من المشرق، هم من أهل خراسان: «إذا

ص: 68


1- طالقان، منطقة واسعة تشمل مجموعة مدن و قرى، تقع بين طهران و قزوین.
2- بحارالانوار،87/51، باب 1؛ و راجع أعيان الشيعة، 84/1.
3- بحارالانوار،82/51، باب1.

رأيتم الرايات السود، قد جاءت من قبل خراسان فاستقبلوها مشيا على أقدامكم، لأن فيها خليفة الله المهدي (علیهم السلام) ».(1)

إيران الإسلام تمهد لظهور الحجة (علیهم السلام)

إن وقوع نهضة الشعب الإيراني و انتصار ثورته الإسلامية المباركة في عصرنا هذا التي بدأت من قم بقيادة الإمام الخميني قدس سره(2) ، وأثمرت بتشكيل الحكومة الإسلامية، و التي لا زالت تواصل الإثمار و العطاء بقوة بقيادة الإمام الخامنئي - دام ظله - هو دليل آخر على مكانة إيران والإيرانيين و دورهم في التمهيد لظهور الحجة المنتظر (علیهم السلام) ، كما تشير إلى ذلك الرواية التالية الواردة عن الإمام الكاظم (علیهم السلام) ، حيث يقول (علیهم السلام) : «رجل من أهل قم

ص: 69


1- بحارالانوار،82/51 باب 1.
2- الإمام الخمینی قدس سره ؛ هو أبرز شخصية علمية سياسية، اجتماعية في العالم الإسلامي المعاصر، ولد في مدينة خمين التابعة لمحافظة أراك، و ذلك في العشرين من شهر جمادی الثانية سنة 1320 ه ذكرى ولادة جدته السيدة فاطمة الزهراء علیها السلام و قد نشأ و ترعرع و درس في مدينة النجف الأشرف و قم المقدسة، و انطلق بثورته الإسلامية المعروفة من مدينة قم إلى أن انتصرت في (22 بهمن 1357 ه.ش = 11 شباط 1989 م)، و بعد 11 سنة من عمر الثورة الإسلامية توفي في اليوم (14/خرداد 1368ه ش = 4/حزيران/1989م)، و دفن في مقبرة بهشت زهراء علیها السلام(جتة الزهراء) بطهران، عملا بوصيته، و دفن بعد ذلك بجانبه ابنه السيد أحمد رحمه الله، و يعلو مرقده قدس سره قبة رئيسية مطلية باللون الذهبي تحيطها أربعة قباب، وهذه القباب الخمسة ترمز إلى أصحاب الكساء الخمس حيث كان الإمام الراحل قدس سره متمسكة بهم و بنهجهم القويم، و المرقد يقع في بداية الشارع الذي يربط بين طهران و قم، و لذا فإن أغلب المسافرين الذين يمرون عليه يذكرون الإمام قدس سره بالخير و يقرؤون على روحه سورة الفاتحة، فسلام عليه يوم ولد، و يوم أدى رسالته، و يوم مات، و يوم يبعث حيا.

الناس إلى الحق، يجتم معه قؤم كبير الحديد، لا ثنيهم الرياح العواصف، ولا يملون من الحزب، ولا يجبثون، و على الله يتولون و العاقبة للمتقين»،(1) وفي رواية أخرى عن أبيه الإمام الصادق (علیهم السلام) : «كانی بقوم خرجوا من المشرق يطلبون الحق..... و لا يدفعونها الا إلىصاحبكم قتلاهم شهداء، أما إني لو أدرك ذلك لأبقيت نفسي لصاحب هذا الأمر».(2)

إن ما تقوم به الجمهورية الإسلامية في عصرنا هذا من التصدي لأعداء الدين والدعوة إلى الإسلام المحمدي الأصيل في قبال الإسلام الأمريكي الذي يروجه الغرب، والدفاع عن الشعوب المستضعفة، ودعم حركات التحرير في العالم، ومساندة المقاومة الإسلامية في: لبنان وفلسطين، وأفغانستان، و العراق، وغيرها من البلدان، تجاه الاستكبار العالمي كله، في الواقع يشكل التمهيد العام لظهور الإمام الحجة المنتظر (علیهم السلام) ، و سيصبح هذا النظام الإسلامي بشعبه و حکومته من القواعد الأساسية لتشکیل دولة ذلك المصلح العالمي إن شاء الله.

ص: 70


1- تاریخ قم، 100.
2- بحارالانوار،243/52 ، علامات ظهوره.

القبس الحادي عشر:دولة المستضعفين والمحرومین

اشارة

(وتريد أن تتم على الذين اشوا في الأرض ونجعلهم أئمة وتجعلهم الوارثين)(1)

هذه الآية وإن وردت في شأن بني إسرائيل واستيلائهم على زمام الأمور بعد تخلصهم من قبضة الفراعنة، ولكن هذا التعبير (و نرید) يشير إلى إرادة إلهية مستمرة؛ ولذلك طبقت الآية في الكثير من الروايات على زمن ظهور المهدي (علیهم السلام) .(2)

و يتمثل هذا الاستخلاف والتمكين بإشادة دولة الحق العالمية العادلة في الكرة الأرضية؛ وذلك في آخر الدهر ونهاية مسيرة الإنسان في هذه الحياة، و هي دولة الإمام المهدي (علیهم السلام) و الذي عبر عنها في الروايات بدولة

ص: 71


1- القصص: 5.
2- الغيبة للطوسي، 184.

آل محمد (صلی الله علیه وآله) ، و في الأدعية بالدولة الكريمة، وستكون هذه الدولة آخر الدول كما أخبر بذلك الإمام الصادق (علیهم السلام) حيث قال: «لكل أناس دولة يرقبونها، و دولتنا في آخر الدهر تظهر». (1)

وكما أخبر بذلك الإمام الباقر (علیهم السلام) حيث قال: «إن دولتنا آخر الدول، و لن يبقىأهل بيت لهم دولة الا ملکوا قبلنا: لئلا يقولوا إذا رأوا سيرتنا: إذا ملكنا سرنا مثل سيرة هؤلاء، وهو قول الله عزوجل ووالعاقبة يمنيين».(2)

وطالما دعونا وسندعوا لتحقق هذه الدولة الكريمة التي فيها عزة الإسلام و أهله: «اللهم إنا نرغب إليك في دولة كريمة تعز بها الإسلام و أهله، و تذل بها النفاق و أهله، و تجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك و القادة إلى سبيلك و ترزقنا بها كرامة الدنيا و الآخرة».(3)

وتتكون هذه الدولة الكريمة التي طال ما انتظرها المستضعفون في الأرض، بعدما يظهر المهدي (علیهم السلام) ويقوم بالأمر من مكة المكرمة و يسير نحو المدينة، ثم يتوجه نحو العراق، و يستقر في الكوفة، و يتخذها مركزة وعاصمة لخلافته و دولته العادلة، ثم يفتح الإمام (علیهم السلام) شرق العالم و غربه، و يبعث الثلاث مائة والبضعة عشر رجلا إلى الآفاق كلها ولاة من قبله في الأمصار المهمة.(4)

ص: 72


1- بحارالانوار،143/51 ، ح 30.
2- بحارالانوار،189/13.
3- راجع بحارالانوار،336/52.
4- فقرات من دعاء الافتتاح (مفاتیح الجنان، أعمال ليالي رمضان).

وينشر الإمام (علیهم السلام) الإسلام في جميع أرجاء العالم، ويسير ويحكم ويطبق الإسلام حسب كتاب الله وسنة نبيه وجده أمير المؤمنين (علیهم السلام) ويحكم بين الناس بعلم الإمامة، ولا ينتظر شهادة الشهود ولا إقامة البينة من المدعي، يقول الإمام الصادق (علیهم السلام) : «إذا قام قائم آل محمد (صلی الله علیه وآله) حکم بين الناس بحكم داود، لا يحتاج إلى بينة، يلهمه الله تعالى فيحكم بعلمه، و يخبر كل قوم بما استبطنوه»(1)

وتنص الأحاديث الشريفة أنه (علیهم السلام) يسير بسيرة جده (صلی الله علیه وآله) ، ولكن ثمة فروق بين السير تين تفرضهما بعض الخصوصيات الزمانية لكل منها، كما في سياساته العسكرية و الإدارية والقضائية، فالإمام يحكم بين الناس بعلمه إذا لم تك بينة كما أشار جده الإمام الصادق (علیهم السلام) في الحديث السابق، وهي من خصوصيات الإمام (علیهم السلام) ، فلا يضر ذلك بحقيقة أن سيرتيهما واحدة.

إنجازات الدولة الكريمة وبركاتها

لا شك أن عصر الإمام المهدي (علیهم السلام) يصبح من أفضل العصور منذ خلق الله آدم (علیهم السلام) ، و من الصحيح أن نسمي عصر الإمام بعصر النور وعصر العلم و الثقافة؛ لأن في عصره تتكامل العقول و العلوم للبشرية الإسلامية و غيرها من العلوم الطبيعية و التجريبية و ... و تنعم البشرية في دولة المهدي (علیهم السلام) بالأمن و الرخاء و العدالة والحرية، و جميع مستلزمات الحياة الكريمة.

ص: 73


1- بحارالانوار،339/52.

وخلال حكمه تظهر الأرض بركاتها، وتزداد الثروة وينعدم الفقر، ويعيش البشر حياة سعيدة في أمن وأمان، لافقر ولاحرمان؛ ولذلك يرضى عنه ساكن الأرض و ساکن السماء كما أخبر عن ذلك جده المصطفی (صلی الله علیه وآله) ، فعن أبي سعيد الخدري عن النبي (صلی الله علیه وآله) قال: «تنعم أمتي زمن المهدي نعمة لم ينعموا مثلها قط، ثرسل السماء عليهم مدرارة، و لا تدع الأرض شيئا من النبات الا أخرجته و المال کدس، يقوم الرجل فيقول: يا مهدي! أعطني فيقول: خذ»(1)

والشيعة الذين كانوا في عصر الغيبة يتعرضون للظلم و الاضطهاد من قبل الأمويين و العباسيين و العثمانيين و أمثالهم من حكام الجور، فإن في دولة المهدي (علیهم السلام) سوف تنتعش و سیبلغون قمة العزة و القدرة، كما جاء هذا المعنى في حديث الإمام الصادق (علیهم السلام) حيث قال: «يكون في شيعتنا في دولة القائم (علیهم السلام) سنام الأرض و حكامها يعطى كل رجل منهم قوة أربعين رج».(2)

و هكذا يسود الإسلام و السلام في كافة بقاع الأرض، وترى الشعوب والحكومات تدخل في دين الإسلام أفواجا، و ينعم جميع البشر في ظل هذه الدولة الكريمة.

وتستمر حكومة الإمام المهدي (علیهم السلام) حوالي عشرين سنة، حسب ما

ص: 74


1- الفصول المهمة، 288، فصل 12، و دلائل الإمامة، 255.
2- بحارالانوار،372/52.

جاء في روايات أهل البيت (علیهم السلام) منها قول الإمام الصادق (علیهم السلام) : «يملك القائم (علیهم السلام) تسع عشرة سنة و أشهر».(1)

وهناك أقوال أخرى(2)حول مدة حكومته، ثم يدرك الإمام المهدي (علیهم السلام) الموت الذي لابد منه، ويستشهد إما بالسم أو بالقتل كأجداده الأئمة الأطهار صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

ص: 75


1- الغيبة للنعماني، باب 26، ح 2.
2- راجع کتاب منتخب الأثر، 492.

القبس الثاني عشر: شهادة الإمام الثاني عشر (علیهم السلام)

و بعد أن تحقق دولة الإمام المهدي (علیهم السلام) أهدافها، وبعد أن ينجز الإمام (علیهم السلام) كل المهام المأمور إلهية بإنجازها؛ يتوقاه الله تعالى بالأجل المحدد، و يدركه الموت الذي لابد منه، إما بالسم أو بالقتل؛ فإن الإمام المهدي للا يشمله هذا الحديث: «ما منا الا مسموم أو مقتول».(1)

و بعد أن يغيب القمر الثاني عشر والأخير من أقمار أهل بيت النبوة تزول دولة آل محمد عملية، وستنتهي الحياة الدنيا، وستبدأ دورة الحياة العليا، وهي الحياة الأبدية، ولا يعلم تفصيل ذلك كما وكيفا الا الله تعالی.

ولما كان من جملة معتقدات الشيعة أن الإمام المعصوم لا يغسله و لا يصلي عليه الا الإمام المعصوم، فمن يغسل الإمام المهدي (علیهم السلام) ويصلي عليه؟

ص: 76


1- بحارالانوار،217/27، ح 19.

إن الأحاديث والزيارات تصرح برجعة(1) بعض الأئمة من أهل البيت (علیهم السلام) ، و أول من يرجع هو الإمام الحسين (علیهم السلام) ، حيث يقوم بتجهيز الإمام والصلاة عليه و دفنه، يقول الإمام الصادق (علیهم السلام) : «... فيكون الحسين (علیهم السلام) هو الذي يلي غسله (علیهم السلام) وكفنه و حنوطه و يواريه في حفرته»،(2) كما تصرح الروايات برجعة بعض الأنبياء والأولياء و المؤمنینولو بصورة محدودة و بمهمة خاصة.

و من الزيارات المأثورة المروية عن الأئمة (علیهم السلام) التي فيها التصريح بالرجعة، هي الزيارة الجامعة الكبيرة المروية عن الإمام الهادي (علیهم السلام) ، و هي من أفضل الزيارات التي يزار بها كل إمام من أئمة أهل البيت (علیهم السلام) ، وفيها تقول: «... مؤمن بإيابكم، مصدق برجعتكم، منتظر لأمركم، مرتقب لدولتكم».(3)

وفي زيارة الإمام المهدي (علیهم السلام) المعروفة بزيارة ال ياسين، والتي

ص: 77


1- تعني الرجعة، أن الله سبحانه و تعالی سيعيد أشخاصة من الأموات إلى الدنيا، وأن هؤلاء على قسمين: من محض الإيمان محضأ في حياته الأولى، و من كان قد محض الكفر محضأ فيها، ثم يديل الله سبحانه و تعالی و المحقين من المبطلين، و المظلومين من الظالمين، و أن ذلك سيحدث لدى قيام المهدي له، ثم يصيرون بعد ذلك إلى الموت. و هناك من فسر الرجعة بأنها تعني رجعة الحق إلى نصابه؛ و ذلك على يد المهدي . و الرأي الأول هو الشائع بين الإمامية أخذا بما جاء عن آل البيت علي. و الرجعة ليست من تلك الأصول التي لا يسوغ الخلاف فيها، وقد أجاد الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء حيث يقول: «ليس التدين بالرجعة في مذهب التشيع بلازم، و لا إنكاره بضار ،.. (أصل الشيعة و أصولها، 35) و لمزيد الاطلاع حول الرجعة راجع إثبات الرجعة الابن شاذان، و کتاب الرجعة للشيخ الصدوق، و إثبات الرجعة للعلامة الحلي.
2- بحارالانوار،103/53 ، باب 29، ح 130.
3- عيون أخبار الرضا، 307/1؛ بحارالانوار،131/99.

صدرت من ناحيته المقدسة أيضا تقول: «... و إن رجعتكم حق لا ريب فيها».

ولقد أراد الإمام المهدي (علیهم السلام) من شيعته بأن يزوره بهذه الزيارة، (أي: زيارة آل ياسين) ثم يدعو له عقيبها بما يأتي من الدعاء المبارك، الذي فيه الدعاء له بالتعجيل في الظهور و النصر له على الأعداء.

ولحسن ختام هذا البحث، نورد هذه الزيارة بكاملها، ثم تعقبها بالدعاء الوارد في تعجيل ظهوره، ثم الإتيان بمجموعة من الأدعية والزيارات القصيرة والتي لها الأثر البالغ في كيفية ارتباط المؤمن مع مولاه الحجة، سائلين المولى العزيز أن يتقبل منا هذا الجهد المتواضع، ويوصل ثوابه إلى أجداد الإمام المنتظر لاسيما والديه الإمام الحسن العسكري (علیهم السلام) و السيدة نرجس، آملين أن يوفقنا الله لمعرفته و زیارته و لقائه، و أن يجعلنا من جنوده و أنصاره و المستشهدين بين يديه.

والحمدلله رب العالمين، وصلى الله على محمد و آله الطاهرين، و عجل الله تعالی فرج قائم آل محمد المهدي المنتظر (علیهم السلام) أمل المستضعفين والمحرومين في العالم.

الخامس عشر من شعبان سنة 1430 ه.ق

ذكرى ولادة الإمام المهدي المنتظر (یوم المستضعفين)

قم المقدسة - أيوب الحائری

ص: 78

قبس الختام:في الأدعية والزيارات للحجة (علیهم السلام)

اشارة

لا شك أن للدعاء دورا مهما ومصيرية بالنسبة لمستقبل حياة الإنسان وسعادته، ولا سيما إذا كان الدعاء لحفظ الإمام المهدي المنتظر (علیهم السلام) حتى يقوم بأداء مهمته الكبرى.

إن تعميق الارتباط بالإمام الغائب عن الأبصار يتم من خلال توثيق العلاقة الروحية و تعميق الإيمان به، و استشعار حضوره و ترقب ظهوره في كل يوم؛ بل في كل لحظة، وقد قامت الأدعية والزيارات الواردة عن أهل بیت الرسالة بأداء هذا الدور خير قيام، ففي دعاء الندبة يبلغ الموالي في ندبته لإمامه قمة الارتباط و الولاء والشوق حين يندبه کل جمعة بدعاء بیلغ، يبين فيه شدة الانشداد و التعلق العاطفي بإمامة المنتظر، بعد استعراض الطريق الدامي لمسيرة الهداية الربانية عبر العصور والرسالات،

ص: 79

وما قدمه أهل البيت (علیهم السلام) من تضحيات، ويذكر النادب في ندبته لإمامه أوصاف كماله وأهدافه الكبرى، و يتمنى ما يتمناه المتفجع بمصاب الغيبة التي حرم فيها هذا المؤمن من بركة الحضور والظهور، ونظرا لأهمية هذا الدعاء في عصر الغيبة نحث المؤمنين جميعا لقراءته و التعرف على معانيه و مفاهيمه من خلال مراجعة كتب الأدعية و شروحها.

والزيارة هي سبيل من سبل الارتباط بالمزور، ولا سيما إذا كان غائبة عنا كالإمام المهدي (علیهم السلام) ، ففي الزيارة المعروفة بزيارة آل یس استعراض الحالاتالإمام المهدي و سيرته حال غيبته، و ما ينبغي للمنتظرين الالتزام به والاهتمام به، هي خطوة من خطوات التمهيد للظهور.

وهناك عدد من الأدعية والزيارات الأسبوعية أو اليومية التي يزار بها الإمام المهدي (علیهم السلام) أو يدعى له، و هي ما بين أدعية و زیارات قصيرة ومتوسطة و تفصيلية تجدها في كتب الأدعية والزيارات المعروفة مثل: مهج الدعوات و مصباح المتهجد و مفاتیح الجنان، وقد أوردنا بعضها هنا لإتمام فائدة الكتاب، ونبدأ بزيارة آل يس حيث إنها من أفضل الزيارات التي يزار بها الحجة:

زيارة آل يس

لقد وردت هذه الزيارة مع الدعاء من الناحية المقدسة للإمام المهدي (علیهم السلام) ، قال محمد بن عبدالله بن جعفر الحميري: خرج التوقيع من

ص: 80

الناحية المقدسة بعد المسائل: بسم الله الرحمن الرحيم، لا لأمره تعقلون، حكمة بالغة فما تغني النذر عن قوم لا يؤمنون. السلام عليك وعلى عباد الله الصالحين، إذا أردتم التوجه بنا إلى الله تعالى و إلينا، فقولوا كما قال الله تعالى: «سلام على آل ».

سَلامٌ عَلَى آلِ یس السَّلامُ عَلَیْکَ یَا دَاعِیَ اللَّهِ وَ رَبَّانِیَّ آیَاتِهِ السَّلامُ عَلَیْکَ یَا بَابَ اللَّهِ وَ دَیَّانَ دِینِهِ السَّلامُ عَلَیْکَ یَا خَلِیفَةَ اللَّهِ وَ نَاصِرَ حَقِّهِ السَّلامُ عَلَیْکَ یَا حُجَّةَ اللَّهِ وَ دَلِیلَ إِرَادَتِهِ السَّلامُ عَلَیْکَ یَا تَالِیَ کِتَابِ اللَّهِ وَ تَرْجُمَانَهُ السَّلامُ عَلَیْکَ فِی آنَاءِ لَیْلِکَ وَ أَطْرَافِ نَهَارِکَ السَّلامُ عَلَیْکَ یَا بَقِیَّةَ اللَّهِ فِی أَرْضِهِ السَّلامُ عَلَیْکَ یَا مِیثَاقَ اللَّهِ الَّذِی أَخَذَهُ وَ وَکَّدَهُ السَّلامُ عَلَیْکَ یَا وَعْدَ اللَّهِ الَّذِی ضَمِنَهُ السَّلامُ عَلَیْکَ أَیُّهَا الْعَلَمُ الْمَنْصُوبُ وَ الْعِلْمُ الْمَصْبُوبُ وَ الْغَوْثُ وَ الرَّحْمَةُ الْوَاسِعَةُ وَعْدا غَیْرَ مَکْذُوبٍ السَّلامُ عَلَیْکَ حِینَ تَقُومُ السَّلامُ عَلَیْکَ حِینَ تَقْعُدُ السَّلامُ عَلَیْکَ حِینَ تَقْرَأُ وَ تُبَیِّنُ السَّلامُ عَلَیْکَ حِینَ تُصَلِّی وَ تَقْنُتُ السَّلامُ عَلَیْکَ حِینَ تَرْکَعُ وَ تَسْجُدُ السَّلامُ عَلَیْکَ حِینَ تُهَلِّلُ وَ تُکَبِّرُ السَّلامُ عَلَیْکَ حِینَ تَحْمَدُ وَ تَسْتَغْفِرُ، السَّلامُ عَلَیْکَ حِینَ تُصْبِحُ وَ تُمْسِی السَّلامُ عَلَیْکَ فِی اللَّیْلِ إِذَا یَغْشَى وَ النَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى السَّلامُ عَلَیْکَ أَیُّهَا الْإِمَامُ الْمَأْمُونُ السَّلامُ عَلَیْکَ أَیُّهَا الْمُقَدَّمُ الْمَأْمُولُ السَّلامُ عَلَیْکَ بِجَوَامِعِ السَّلامِ أُشْهِدُکَ یَا مَوْلایَ أَنِّی أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِیکَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّدا عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ لا حَبِیبَ إِلا هُوَ وَ أَهْلُهُ وَ أُشْهِدُکَ یَا مَوْلایَ!

ص: 81

أَنَّ عَلِیّاً أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ حُجَّتُهُ وَ الْحَسَنَ حُجَّتُهُ وَ الْحُسَیْنَ حُجَّتُهُ وَ عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ حُجَّتُهُ وَ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِیٍّ حُجَّتُهُ وَ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ حُجَّتُهُ وَ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ حُجَّتُهُ وَ عَلِیَّ بْنَ مُوسَى حُجَّتُهُ وَ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِیٍّ حُجَّتُهُ وَ عَلِیَّ بْنَ مُحَمَّدٍ حُجَّتُهُ وَ الْحَسَنَ بْنَ عَلِیٍّ حُجَّتُهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّکَ حُجَّةُ اللَّهِ أَنْتُمْ الْأَوَّلُ وَ الْآخِرُ وَ أَنَّ رَجْعَتَکُمْ حَقٌّ لا رَیْبَ فِیهَا یَوْمَ لا یَنْفَعُ نَفْساً إِیمَانُهَا لَمْ تَکُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ کَسَبَتْ فِی إِیمَانِهَا خَیْراً وَ أَنَّ الْمَوْتَ حَقٌّ وَ أَنَّ نَاکِراً وَ نَکِیراً حَقٌّ وَ أَشْهَدُ أَنَّ النَّشْرَ حَقٌّ وَ الْبَعْثَ حَقٌّ وَ أَنَّ الصِّرَاطَ حَقٌّ وَ الْمِرْصَادَ حَقٌّ وَ الْمِیزَانَ حَقٌّ وَ الْحَشْرَ حَقٌّ وَ الْحِسَابَ حَقٌّ وَ الْجَنَّةَ وَ النَّارَ حَقٌّ وَ الْوَعْدَ وَ الْوَعِیدَ بِهِمَا حَقٌّ یَا مَوْلایَ شَقِیَ مَنْ خَالَفَکُمْ وَ سَعِدَ مَنْ أَطَاعَکُمْ فَاشْهَدْ عَلَى مَا أَشْهَدْتُکَ عَلَیْهِ وَ أَنَا وَلِیٌّ لَکَ بَرِی ءٌ مِنْ عَدُوِّکَ فَالْحَقُّ مَا رَضِیتُمُوهُ وَ الْبَاطِلُ مَا أَسْخَطْتُمُوهُ وَ الْمَعْرُوفُ مَا أَمَرْتُمْ بِهِ وَ الْمُنْکَرُ مَا نَهَیْتُمْ عَنْهُ فَنَفْسِی مُؤْمِنَةٌ بِاللَّهِ وَحْدَهُ لا شَرِیکَ لَهُ وَ بِرَسُولِهِ وَ بِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ بِکُمْ یَا مَوْلایَ أَوَّلِکُمْ وَ آخِرِکُمْ وَ نُصْرَتِی مُعَدَّةٌ لَکُمْ وَ مَوَدَّتِی خَالِصَةٌ لَکُمْ آمِینَ آمِینَ.

وأما الدعاء الوارد عقيب هذه الزيارة، فهو يحمل بين طياته توثیق علاقة المؤمن مع ربه و مع إمامه من خلال التوجه إلى الله تعالی و طلب النصرة منه لوليه زيارة آل يس(1)

المنتظر وشیعته و أنصاره، و إليك نص هذا الدعاء:

ص: 82


1- الاحتجاج، للطبرسی، 591/2.

الدعاء عقيب زيارة آل ياسين:

اللَّهُمَّ إِنِّی أَسْأَلُکَ أَنْ تُصَلِّیَ عَلَى مُحَمَّدٍ نَبِیِّ رَحْمَتِکَ وَ کَلِمَةِ نُورِکَ وَ أَنْ تَمْلَأَ قَلْبِی نُورَ الْیَقِینِ وَ صَدْرِی نُورَ الْإِیمَانِ وَ فِکْرِی نُورَ النِّیَّاتِ وَ عَزْمِی نُورَ الْعِلْمِ وَ قُوَّتِی نُورَ الْعَمَلِ وَ لِسَانِی نُورَ الصِّدْقِ وَ دِینِی نُورَ الْبَصَائِرِ مِنْ عِنْدِکَ وَ بَصَرِی نُورَ الضِّیَاءِ وَ سَمْعِی نُورَ الْحِکْمَةِ وَ مَوَدَّتِی نُورَ الْمُوَالاةِ لِمُحَمَّدٍ وَ آلِهِ عَلَیْهِمُ السَّلامُ حَتَّى أَلْقَاکَ وَ قَدْ وَفَیْتُ بِعَهْدِکَ وَ مِیثَاقِکَ فَتُغَشِّیَنِی رَحْمَتَکَ [رَحْمَتُکَ]یَا وَلِیُّ یَا حَمِیدُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى [مُحَمَّدٍ]حُجَّتِکَ فِی أَرْضِکَ وَ خَلِیفَتِکَ فِی بِلادِکَ وَ الدَّاعِی إِلَى سَبِیلِکَ وَ الْقَائِمِ بِقِسْطِکَ وَ الثَّائِرِ بِأَمْرِکَ وَلِیِّ الْمُؤْمِنِینَ وَ بَوَارِ الْکَافِرِینَ وَ مُجَلِّی الظُّلْمَةِ وَ مُنِیرِ الْحَقِّ وَ النَّاطِقِ بِالْحِکْمَةِ وَ الصِّدْقِ وَ کَلِمَتِکَ التَّامَّةِ فِی أَرْضِکَ الْمُرْتَقِبِ الْخَائِفِ وَ الْوَلِیِّ النَّاصِحِ. سَفِینَةِ النَّجَاةِ وَ عَلَمِ الْهُدَى وَ نُورِ أَبْصَارِ الْوَرَى وَ خَیْرِ مَنْ تَقَمَّصَ وَ ارْتَدَى وَ مُجَلِّی الْعَمَى [الْغَمَّاءِ]الَّذِی یَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلا وَ قِسْطا کَمَا مُلِئَتْ ظُلْما وَ جَوْرا إِنَّکَ عَلَى کُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى وَلِیِّکَ وَ ابْنِ أَوْلِیَائِکَ الَّذِینَ فَرَضْتَ طَاعَتَهُمْ وَ أَوْجَبْتَ حَقَّهُمْ وَ أَذْهَبْتَ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَ طَهَّرْتَهُمْ تَطْهِیرا اللَّهُمَّ انْصُرْهُ وَ انْتَصِرْ بِهِ لِدِینِکَ وَ انْصُرْ بِهِ أَوْلِیَاءَکَ وَ أَوْلِیَاءَهُ وَ شِیعَتَهُ وَ أَنْصَارَهُ وَ اجْعَلْنَا مِنْهُمُ اللَّهُمَّ أَعِذْهُ مِنْ شَرِّ کُلِّ بَاغٍ وَ طَاغٍ وَ مِنْ شَرِّ جَمِیعِ خَلْقِکَ وَ احْفَظْهُ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ وَ عَنْ یَمِینِهِ وَ عَنْ شِمَالِهِ وَ احْرُسْهُ وَ امْنَعْهُ مِنْ أَنْ یُوصَلَ إِلَیْهِ بِسُوءٍ وَ احْفَظْ فِیهِ رَسُولَکَ وَ آلَ رَسُولِکَ.وَ أَظْهِرْ بِهِ الْعَدْلَ وَ أَیِّدْهُ بِالنَّصْرِ وَ انْصُرْ نَاصِرِیهِ وَ اخْذُلْ خَاذِلِیهِ وَ اقْصِمْ قَاصِمِیهِ

ص: 83

وَ اقْصِمْ بِهِ جَبَابِرَةَ الْکُفْرِ وَ اقْتُلْ بِهِ الْکُفَّارَ وَ الْمُنَافِقِینَ وَ جَمِیعَ الْمُلْحِدِینَ حَیْثُ کَانُوا مِنْ مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَ مَغَارِبِهَا بَرِّهَا وَ بَحْرِهَا وَ امْلَأْ بِهِ الْأَرْضَ عَدْلا وَ أَظْهِرْ بِهِ دِینَ نَبِیِّکَ صَلَّى اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ اجْعَلْنِی اللَّهُمَّ مِنْ أَنْصَارِهِ وَ أَعْوَانِهِ وَ أَتْبَاعِهِ وَ شِیعَتِهِ وَ أَرِنِی فِی آلِ مُحَمَّدٍ عَلَیْهِمُ السَّلامُ مَا یَأْمُلُونَ وَ فِی عَدُوِّهِمْ مَا یَحْذَرُونَ إِلَهَ الْحَقِّ آمِینَ یَا ذَا الْجَلالِ وَ الْإِکْرَامِ یَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِینَ.(1)

الدعاء للحجة المنتظر

من الأدعية المهمة المعروفة التي ينبغي لكل مؤمن منتظر أن يدعو بها في زمن الغيبة، هو دعاء الإمام الصادق (علیهم السلام) الذي علمه لزرارة وقال له: إذا أدركت زمن غيبة القائم ادع بهذا الدعاء:

«اللَّهُمَّ عَرِّفْنِي نَفْسَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي نَفْسَكَ لَمْ أَعْرِفْ رَسُولَكَ اللَّهُمَّ عَرِّفْنِي رَسُولَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي رَسُولَكَ لَمْ أَعْرِفْ حُجَّتَكَ اللَّهُمَّ عَرِّفْنِي حُجَّتَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي حُجَّتَكَ ضَلَلْتُ عَنْ دِينِي اللَّهُمَّ لاَ تُمِتْنِي مِيتَةً جَاهِلِيَّةً.....»(2)

من الأدعية اليومية التي يستحسن قراءتها في القنوت من كل صلاة فريضة أو نافلة، ويستحب تكراره كثيرة ليلة القدر هو الدعاء التالي:

«اللَّهُمَّ کُنْ لِوَلِیِّکَ الحُجَةِ بنِ الحَسَن صَلَواتُکَ علَیهِ و عَلی آبائِهِ فِی هَذِهِ

ص: 84


1- الاحتجاج، 591/2 ؛ و مفاتیح الجنان، الباب الثالث في الزيارات.
2- صول الکافی، 337/1 ؛ الغيبة للنعماني، 1668؛ کمال الدین، 342/2.

السَّاعَةِ وَ فِی کُلِّ سَاعَةٍ وَلِیّاً وَ حَافِظاً وَ قَائِداً وَ نَاصِراً وَ دَلِیلًا وَ عَیْناً حَتَّى تُسْکِنَهُ أَرْضَکَ طَوْعاً وَ تُمَتعَهُ فِیهَا طَوِیلا».

و من الأدعية المتضمنة لتجديد العهد بالإمام المهدي (علیهم السلام) يوميا بعد صلاة الفجر السلام عليه بما يلي:

«اللَّهُمَّ بَلِّغْ مَوْلَايَ صَاحِبَ الزَّمَانِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ، عَنْ جَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ، فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَ مَغَارِبِهَا وَ بَرِّهَا وَ بَحْرِهَا وَ سَهْلِهَا وَ جَبَلِهَا، حَيِّهِمْ وَ مَيِّتِهِمْ، وَ عَنْ وَالِدَيَّ وَ وُلْدِي وَ عَنِّي، مِنَ الصَّلَوَاتِ وَ التَّحِيَّاتِ، زِنَةَ عَرْشِ اللَّهِ وَ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ وَ مُنْتَهَى رِضَاهُ، وَ عَدَدَ مَا أَحْصَاهُ كِتَابُهُ، وَ أَحَاطَ بِهِ عِلْمُهُ، اللَّهُمَّ إِنِّي أُجَدِّدُ لَهُ فِي هَذَا الْيَوْمِ وَ فِي كُلِّ يَوْمٍ عَهْدًا وَ عَقْدًا وَ بَيْعَةً لَهُ فِي رَقَبَتِي، اللَّهُمَّ كَمَا شَرَّفْتَنِي بِهَذَا التَّشْرِيفِ وَ فَضَّلْتَنِي بِهَذِهِ الْفَضِيلَةِ وَ خَصَصْتَنِي بِهَذِهِ النِّعْمَةِ، فَصَلِّ عَلَى مَوْلَايَ وَ سَيِّدِي صَاحِبِ الزَّمَانِ، وَ اجْعَلْنِي مِنْ أَنْصَارِهِ وَ أَشْيَاعِهِ وَ الذَّابِّينَ عَنْهُ، وَ اجْعَلْنِي مِنَ الْمُسْتَشْهَدِينَ بَيْنَ يَدَيْهِ، طَائِعًا غَيْرَ مُكْرَهٍ، فِي الصَّفِّ الَّذِي نَعَتَّ أَهْلَهُ فِي كِتَابِكَ، فَقُلْتَ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ، عَلَى طَاعَتِكَ وَ طَاعَةِ رَسُولِكَ وَ آلِهِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، اللَّهُمَّ هَذِهِ بَيْعَةٌ لَهُ فِي عُنُقِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ».(1)

ومن هذا النمط، دعاء العهد المروي عن الإمام الصادق (علیهم السلام) ، والذي جاء في أهميته أنه من دعا إلى الله تعالى أربعين صباحا بهذا العهد كان من

ص: 85


1- انظر مفاتیح الجنان، الباب 3، في الزيارات، دعاء العهد.

أنصار القائم المهدي، فإن مات قبله أخرجه الله تعالى من قبره و أعطاه بكل كلمة ألف حسنة ومحا عنه ألف سيئة، وللإطلاع عليه راجع مفاتیح الجنان، الباب الثالث في الزيارات.

من أدعية الإمام المهدي (علیهم السلام) للمسلمين

«اللهُمَّ ارْزُقْنا تَوْفِيقَ الطّاعَةِ، وَبُعْدَ الْمَعْصِيَةِ، وَصِدْقَ النِّيَّةِ، وَعِرْفانَ الْحُرْمَةِ، وَأَكْرِمْنا بِالْهُدىٰ وَالاسْتِقامَةِ، وَسَدِّدْ أَلْسِنَتَنا بِالصَّوابِ وَالْحِكْمَةِ، وَامْلَأْ قُلُوبَنا بِالْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ، وَطَهِّرْ بُطُونَنا مِنَ الْحَرامِ وَالشُّبْهَةِ، وَاكْفُفْ أَيْدِيَنا عَنِ الظُّلْمِ وَالسَّرِقَةِ، وَاغْضُضْ أَبْصارَنا عَنِ الْفُجُورِ وَالْخِيانَةِ، وَاسْدُدْ أَسْماعَنا عَنِ اللَّغْوِ وَالْغِيبَةِ، وَتَفَضَّلْ عَلی عُلَمائِنا بِالزُّهْدِ وَالنَّصِيحَةِ، وَعَلَى الْمُتَعَلِّمِينَ بِالْجُهْدِ وَالرَّغْبَةِ، وَعَلَى الْمُسْتَمِعِينَ بِالاتِّباعِ وَالْمَوْعِظَةِ، وَعَلی مَرْضَى الْمُسْلِمِينَ بِالشِّفاءِ وَالرَّاحَةِ، وَعَلىٰ مَوْتاهُمْ بِالرَّأْفَةِ وَالرَّحْمَةِ؛ وعَلی مَشايِخِنا بِالْوَقارِ وَالسَّكِينَةِ، وَعَلَى الشَّبابِ بِالْإِنابَةِ وَالتَّوْبَةِ، وَعَلَى النِّساءِ بِالْحَياءِ وَالْعِفَّةِ، وَعَلَى الْأَغْنِياءِ بِالتَّواضُعِ وَالسَّعَةِ، وَعَلَى الْفُقَراءِ بِالصَّبْرِ وَالْقَناعَةِ، وَعَلَى الْغُزاةِ بِالنَّصْرِ وَالْغَلَبَةِ، وَعَلَى الْأُسَرَاءِ بِالْخَلاصِ وَالرَّاحَةِ، وَعَلَى الْأُمَراءِ بِالْعَدْلِ وَالشَّفَقَةِ، وَعَلَى الرَّعِيَّةِ بِالْإِنْصافِ وَحُسْنِ السِّيرَةِ، وَبارِكْ لِلْحُجَّاجِ وَالزُّوَّارِ فِى الزَّادِ وَالنَّفَقَةِ، وَاقْضِ ما أَوْجَبْتَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، بِفَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.»(1)

ص: 86


1- انظر مفاتیح الجنان، الباب الثالث في الزيارات.

من أدعية الإمام المهدي للا للمؤمنين

«إِلٰهِى بِحَقِّ مَنْ نَاجَاكَ، وَبِحَقِّ مَنْ دَعَاكَ فِى الْبَرِّ وَالْبَحْرِ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَ تَفَضَّلْ عَلىٰ فُقَراءِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِالْغَناءِ وَالثَّرْوَةِ، وَعَلىٰ مَرْضَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُومِناتِ بِالشِّفاءِ وَالصِّحَّةِ، وَعَلىٰ أَحْياءِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِاللُّطْفِ وَالْكَرَمِ، وَعَلىٰ أَمْواتِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ، وَعَلىٰ غُرَباءِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِالرَّدِّ إِلىٰ أَوْطانِهِمْ سالِمِينَ غانِمِينَ بِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ أَجْمَعِينَ.»(1)

ص: 87


1- مهج الدعوات للسيد ابن طاووس، 352.

ص: 88

المصادر

1- القران الكريم.

2- الغيبة / النعماني، مكتبة الصدوق، طهران، 1397ق.

3- کشف الغمة / الإربلي، مكتبة بني هاشم، ایران، 1381 ق.

4-الاحتجاج / الطبرسي (أمين الإسلام)، انتشارات اسوة، ایران.

5- وفيات الأعيان / ابن خلکان، دار الفکر، بیروت، 1621 ق.

6- منتخب الأثر / الصافي الكلبايكاني، مؤسسة الوفاء، بیروت

7- عيون أخبار الرضا / الشيخ الصدوق، دار العلم للنشر، 1378ق. ،

8-الصواعق المحرقة / ابن حجر، مؤسسة الرسالة، بیروت، 1617 ق.

9- بحارالانوار / العلامة المجلسي، مؤسسة الوفاء، بیروت، ط. الرابعة.

10- مسند ابن حنبل / أحمد بن حنبل، مؤسسة الرسالة، بیروت، 1990 م.

11- دلائل الإمامة / الطبري (أحمد بن علي)، دار الذخائر للمطبوعات، قم.

12- الغيبة / الشيخ الطوسي، مؤسسة المعارف الإسلامية، قم، ط. الأولى.

ص: 89

13- اعلام الهداية / الطبرسي (أمين الإسلام) دار الكتب الإسلامية، قم، ط. الثالثة.

14- أصول الكافي / الشيخ الكليني، دار الكتب الإسلامية، طهران، ط. الرابعة.

15- الإرشاد / الشيخ المفيد، المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد، قم، ط الأولی.

16- صحيح البخاري / محمد بن إسماعيل البخاري ، دار الفکر، بیروت، 1996 م.

17-كمال الدین و تمام النعمة الشيخ الصدوق، دارالکتب الإسلامية، ط. الثالثة، قم.

18- أعلام الهداية (الإمام المهدي) / مجمع العالمي لأهل البيت، ط. الأولى، قم، 1622 ق.

19- منهاج السنة النبوية / ابن تيمية، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ریاض، 1406 ق.

20- عون المعبود على سنن أبي داوود / محمد أشرف، ط. بیت الأفكار الدولية، الأردن، 2007م.

21- منتهى الآمال في تواريخ التبي والآل / الشيخ عباس القمي، الدار الإسلامية، بیروت، 1996 م.

22- مهج الدعوات و منهج العبادات / السيد بن طاووس، أنوار الهدی، ط. الخامسة، قم، 1629 ق.

ص: 90

صدر للمؤلف

: الغدير.

: الأمة الواحدة.

: المناسبات التبوية.

: المناسبات العلوية.

: المسلم و معتقداته.

: ذكريات شهری الحج.

: اقبسات من نهج البلاغة.

: الإسلام و المشكلة الجنسية.

: بلاد الشام، أرض المقدسات.

: الإمام على أدوار و مواقف.

: ثلاثون سؤالا و شبهة حول المرأة .

:عشرون سؤالا و شبهة حول المرأة.

: دليل الأماكن المقدس في سورية.

: التبليغ الديني على ضوء الكتاب و السنة

: موسوعة المناسبات الإسلامية و العالمية

ص: 91

: المهدي الموعود (صلی الله علیه وآله) أمل المستضعفين

: الإمام المهدي ، المصلح العالمي المنتظر .

: أفضل الليالي (ثلاثون ليلة في ضيافة الرحمن).

: ماذا حدث في الثامن عشر من ذي الحجة السنة العاشرة للهجرة.

: المحات من حياة الإمام الرضا (علیهم السلام) وأخته فاطمة المعصومة (علیهم السلام)

: احديث عاشوراء (مقتل الإمام الحسين وأهل بيته و أصحابه (علیهم السلام) ).

اموسوعة الليالي والأيام (ثلاثة أجزاء).

ص: 92

الصورة

ص: 93

الصورة

ص: 94

الصورة

ص: 95

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.