الامام المهدی و التفکیر العالمی

اشارة

سرشناسه : شیرازی ، محمدرضا

عنوان و نام پديدآور : الامام المهدی و التفکیر العالمی : محاظرات آیت الله محمدرضا الحسینی الشیرازی / مقدمه و اعداد احمدبحرالعلوم المیردامادی ؛ تقریر عبدالرضا الفتخاری .

مشخصات نشر : قم : موسسه ربیع القلوب الثقافیه للطباعه و النشر ‫، 1424ق . ‫= 1382.

مشخصات ظاهری : 68 ص .: مصور.

يادداشت : عربی .

یادداشت : کتابنامه به صورت زیرنویس .

موضوع : محمدبن حسن (عج )، امام دوازدهم ، ق 255.

موضوع : مهدویت .

شناسه افزوده : افتخاری ، عبدالرضا

شناسه افزوده : بحرالعلوم میردامادی ، احمد ، گردآورنده .

رده بندی کنگره : ‫ BP224 ‫ /ش9‮الف 8 1382

رده بندی دیویی : ‫ 297/462

شماره کتابشناسی ملی : م 83-23140

اطلاعات رکورد کتابشناسی : ركورد كامل

ص: 1

اشاره

ص: 2

الإمام المهدي التفکیر العالمی

محاضرات آیت الله السيدمحمدرضاالحسینی الشیرازی (دام ظله)

إنه وقادة السيداحمد بحرالعلوم الميردامادي

تقرير: عبدالرضا افتخاري

ص: 3

• الإمام المهدي (عج)

التفكير العالمي « محاضرات سماحة آية الله السيد محمدرضا الحسيني الشيرازي »

مقدمة واعداد : السيد احمد بحرالعلوم الميردامادي

الناشر: مؤسسة ربيع القلوب الثقافية للطباعة والنشر

الطبعة الاولى : شعبان المعظم 1424 ه ق بمناسبة ميلاد منقذالبشرية الإمام المهدي (عج)

« حقوق الطبع محفوظة للناشر »

مؤسسة ربيع القلوب الثقافية

للطباعة والنشر

التابعة لمركز ولي العصر (عج) العالمي

للأبحاث والدراسات الخاصة بالإمام المهدي (عج)

مراكز التوزيع:

لبنان / بيروت / حارة حريک / شارع دكاش / قرب مدرسة ليسه اميكال بناية فواز /

فرع المؤسسة

الهاتف 270978 - 009611

ايران / قم المقدسة شارع آية الله المرعشی النجفی/ باساز قدس / رقم 97 الهاتف 7730717/ فکس 7769108 (251) 0098 جوال 09112539390

ص: 4

ص: 5

ص: 6

المقدمة

بقلم: السيد أحمد بحر العلوم الميردامادي

بسم الله الرحمن الرحيم

صَل اللَّهُم على التّجلي الأعظم وكمال بهائك الأقدم، شجرة الطُور والكتاب المسطور والنور على النور في طخياء الديجور، علم الهدی ومجلّي العمي ونور أبصار الوری و بابك الذي منه يؤتي، الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، سیدنا وإمامنا وهادينا بالحق، الحجة بن الحسن القائم المهدي أرواح من سواه فداهَ، ولعنة الله على أعدائه أبد الآبدين ودهر الداهرين

وبعد:

نعيش اليوم في عصر التكنولوجيا والصناعة، عصر ثورة المعلومات والاتّصالات. ويسعی زعماء العالم الغربي في العصر الراهن إلى عرض كلّ ثقافة وحضارة وظاهرة جديدة وتقديمها للبشرية بأفضل الأساليب ومن خلال أحدث

ص: 7

الوسائل. فمئات القنوات الفضائية، وآلاف المواقع الإنترنيتية، والأعداد غير المحدودة من المجلات المتنوعة والبروشورات والملصقات والأوراق الدعائية الجذابة وغيرها، أفضل شاهد ودليل على هذه الدعوى. إنهم يعرضون للعالم أفظع المشاهد والصور عن محافل المعصية والذنب، وأكثرها تلوّثاً، في أفضل كيفية وبأعلى التكاليف، ويدّعون أن ما يقدّمونه هو الأفضل وأنّ الأرض لم تشهد بعد ما هو أرقى منها!

ولكن وا أسفاه! ما الذي عملناه نحن؟

إنّنا أصحاب أفضل ثقافة وفكر، وإلينا تعود خيرة

الحضارات والمدنيات، فأشمل وأكمل مبدأ صانع للإنسان هو الإسلام، ونحن أصحاب المذهب الجعفري وهو المذهب الحق الذي يعتقد به الشيعة الإمامية! ولكننا نقيم أكبر مجامعنا التحقيقية ومحافلنا الثقافية وموائدنا المستديرة وجلساتنا الدينية التخصصية (غير السياسية) - ولأسباب مختلفة سواء عدم الإمكانات أو بسبب الظروف الاجتماعية الخاصة - في أماكن مغلقة ومن دون أيّة دعاية، ونقوم بعد ذلك، بسبب مشكلات أخرى، بقطع الأسلاك التي تربط بين القنوات الإعلامية وعالَم التشيّع، وبالتالي نبقى مشغولين بأنفسنا وأصدقائنا فقط!

ص: 8

ماذا عملنا في عصر ثورة المعلومات؟

في الوقت الذي نرى الإعلام المعادي ودوائر الإفساد الثقافي والعقيدي، ومستنقعات الرذيلة والابتذال الخلقي تستحوذ على قطاعات واسعة من المجتمع وتتمتع بحصة الأسد في التوسع والانتشار، ماذا عملنا نحن إزاء الثقافة الغنية والنيرة والجذابة لأهل البيت عليهم السَّلام، وكيف عرضناها للمتعطشين لها في أنحاء العالَم؟!

يا للأسف! لقد بلغ السيل الزبي!

ألم يحن الوقت لتطوير أساليبنا التبليغية والاستفادة إلى

جانبها من الأساليب العصرية العالمية؟!

إلى متى يمكننا معارضة أسلوب المقابلة بالمثل؟

أجل، لقد كانت مجالس تدريس الإمام الصادق عليه السَّلام هي السبب في أن يصير جابر بن حيان الكوفي - مثلا - أبا الكيمياء، ومن خلاله انتشرت العلوم المختلفة إلى علماء العالم. لكن التقدم العلمي والتكنولوجي اليوم لم يعد بأيدينا، بل هو الآن بيد الغربيين واليهود، وقد اختطفوا منا الريادة!

لماذا؟ لماذا؟ لماذا؟

هاهم شيعة آل البيت عليهم السَّلام يستنجدون بنا في أقصی نقاط العالم! فهل هناك مَن يلبّي نداءهم ويجيب دعواتهم أم لا؟ لماذا لا نلبّي دعوتهم من خلال مدّهم بالثقافة الغنية لمدرسة

ص: 9

غربة الشيعة على لسان داعية مخلص

أهل البيت عليهم السَّلام ؟

تعالوا نجلس لحظات نستمع خلالها إلى دعوات التحذير التي يطلقونها، ونشاهد غربة الشيعة، فنحترق ونتألّم وندرك من الأعماق مظلوميتهم السافرة! عسى أن ننتبه بعد ذلك من نوم الغفلة الذي نغطّ فيه!

هكذا حدّثني الأخ الفاضل والداعية المحقق سماحة الشيخ عبد المجيد حكيم إلهي حفظه الله الذي تشرّف بالخدمة في

بلاط السادة المعصومين عليهم السَّلام في القارة الأفريقية؛ قال:

كنت منشغلا ًبخدمة أهل البيت عليهم السَّلام في أقصى مناطق أفريقيا (وما زال إلى الآن) في بلد يأتي في آخر سلّم الحضارة والثقافة، ويسوده الفقر والمسكنة والبؤس المطلق، فوقع أكثر الناس هناك من حيث لا يشعرون أسرى دعايات التبشير المسيحي وحملات التنصير، فاعتنقوا المسيحية والمذهب الكاثوليكي والبروتستانتي

اللذين لا روح فيهما.

يقول فضيلة الشيخ:

لقد بدأتُ هناك حياة جديدة. في الأيام الأولى من

ص: 10

التبليغ، تعرّفت على أمزجتهم وبدأت هداية الناس، متأسّياً بأخلاق أهل البيت عليهم السَّلام. حدّثتهم عن ضرورة معرفة أهل البيت، فبدا على وجوههم شوق لا يوصف ونفختُ بفضل الله في كيانهم الميت روحاً جديدة من ولاية أهل البيت عليهم السَّلام . بدأتُ بإقامة الصلاة وإرشاد أبناء الشعب الأفريقي في مسجد حضره بادئ الأمر عدد قليل جداً من المسلمين الشيعة. وما، إن مرّت فترة قصيرة جداّ حتى شاهدتُ كثافة الحضور في المسجد، فكثّفت بدوري الأحاديث المعرّفة بأهل البيت عليهم السَّلام و سيرتهم وفضائلهم ومناقبهم وأخيراً مظلوميتهم واستشهادهم. وأحياناً كنت أتحدث عن الإمام الذي ما زال حياً بيننا ولكنه مختف عن الأنظار ويعيش في الغيبة بانتظار أمر الله بالظهور، وأنّه عليه السَّلام سيظهر يوماً ويتحرر المستضعفون في الأرض على يديه، وبه «يملأ الله الأرضَ قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلماً و جوراً»،

ص: 11

وكنت أقول لهم: إنّه قائم آل محمد صَّلی الله علیه واله، وهو الكهف الحصين ومغيث المؤمنين، والذي إذا ظهر زال الظلم وحلّ القسط في العالَم بأسره، فما أحلى العيش في ظل دولته الكريمة حيث سينعم البشر في عهده باستقرار وطمأنينة لم ينعموا بمثلهما من قبل. ثم تحدثتُ عن جوانب من حياة جدّ الحجّة (الإمام أمير المؤمنين علي عليه السَّلام)؛ عن شجاعته ومروءته وعن هديه وإرشاده، وعن تفقّده الليتامى والضعفاء، وأخيراً عن مظلوميته بعد وفاة النبي الأكرم صلَّی الله علیه واله، وكذلك عن مظلومية زوجته بضعة الرسول الأكرم صلَّی الله علیه واله السيدة فاطمة الزهراء علیها السَلام ، والصعوبات والمشاق والمصائب التي صُبّت عليها بعد وفاة أبيها، من حرق دارها وكسر ضلعها وأخيراً عن إسقاط جنينها

محسن بن علي عليهما السَّلام) أوّل شهيد في طريق الولاية، وكذلك حدّثتهم عن أمور أخرى في التاريخ مثل قضية كربلاء وعاشوراء وإحياء

ص: 12

الإسلام من خلال دم سید الشهداء عليه السَّلام و أولاده وأصحابه الأوفياء. أجل أتذكّر جيداً الضجة التي حدثت - في السنة الأولى التي تحدّثت فيها عن قضية الإمام الحسين عليه السَّلام - في ذلك الشارع الذي يقع فيه مسجدنا. حقاً، كأنّ القيامة قد قامت لبضعة أيّام هناك. طلبتُ حينذاك من الأصدقاء تهيئة أقمشة سوداء لكي يتّشح بها الشارع كلّه، وقلت لأصدقاء آخرین: إذا سئلتم عن السبب فقولوا: لقد حدثت واقعة الطف واستشهد سبط النبي الأكرم صلی الله علیه واله في مثل هذه الأيام!

وهكذا تغيّرت صورة المدينة، وقمنا بدعاية واسعة ليوم عاشوراء وأفهمنا الناس اقتراب موعد التعزية بوفاة سبط النبي صلی الله علیه واله. ولهذا كان في يوم عاشوراء تجمّع منقطع النظير في الشارع المذكور حتى إنّ كثيراً من أهل السنّة، بل حتى من غير المسلمين حضروا التجمع

ص: 13

أيضاً.

ارتقيت المنبر، فحمدتُ الله تعالی وصلّيت على النبي صلی الله علیه واله، ثم ذكرتُ جانباً من قضية أبي عبد الله الحسين عليه السَّلام بنحو حماسي حتى إذا اقترب موعد قراءة التعزية والرثاء استعنت بالله تعالی وتشفّعت بسيد الشهداء عليه السَّلام وقرأت تعزية الطفل الرضيع عليّ الأصغر.

كان الجميع باكياً، وهنا رأيت بأمّ عيني جانباً من هيجان المحشر!

الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر!

لست قادراً على الوصف! كيف أصف المشهد؟ أجل لقد انعقد لساني! بعد انتهاء الجلسة، قلت للأصدقاء: اذهبوا غداً إلى محلّ إقامة صلاة الجمعة في المدينة وانظروا كيف كان صدي يوم أمس وانعكاسه بين الناس؟ وهل سيذكر خطيب الجمعة - وكان من علماء السنّة المتعصّبين - موضوعاً في الرد علينا أم لا؟

ص: 14

لم أبك طيلة حياتي ولكن ذلك الشيخ أبكاني

ذهب الإخوة إلى محلّ إقامة الجمعة، ولكن الخطيب تحدث فيما تحدث عن برنامجنا بصورة مفصلة، وفي نقطة حساسة من حديثه هتف بطريقة حماسية وبطريقة مشابهة لطريقتي يوم أمس قائلاً إنّني مندهش من تشكيل المجلس الذي أُقيم في الجزء الفلاني من المدينة، ولم أسمع به من قبل!

وأضاف: ألا فاعلموا أيها الناس أنّني لم أبكِ طيلة حياتي! ولكن ذلك الشيخ الذي صاح بأعلى صوته: «إنّني أريد أن أقرأ لكم مصيبة الطفل الرضيع ذي الستة أشهر» أبكاني لدرجة كدت أن يغمى عليّ!!!

حقاً! إنّ الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة. إنّ ما يحوّل الإنسان ويغيّره إيجابياً هو تعظیم الشعائر«ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ».(1)

أجل، ليس جزافاً ما قيل أن الإمام الحجة (عجل

ص: 15


1- سورة الحج / الآية 32.

الله تعالی فرجه الشريف) يتلو مصيبة جده الإمام الحسين عليه السَّلام إذا ظهر؛ (ألا يا أهل العالم، أنا الإمام المنتظر. ألا يا أهل العالم، أنا الصمصام المنتقم. ألا يا أهل العالم، إن جدي الحسين قتلوه عطشانا. ألا يا أهل العالم، إن جدي الحسين طرحوه عريانا. ألا يا أهل العالم، إن جدي الحسين سحقوه عدوانا). ومرت ستة أشهر على هذه الحادثة، شهدتُ خلالها تحوّلاً مدهشاً بين الناس، تحوّلاً خلق فيهم فورة وتفاعلاً لم أر مثله لحد الآن حتى في أهالي مدينتي.. تحوّلاً جديداً وجميلاً حقاً.. تحوّلاً لم تستوعبه مخيّلتي في الوهلة الأولى! فقد رأيتُ الأفارقة يتدفقون إلى المسجد أفواجا يريدون مراجعتي، ويطلبون مني نسخا من القرآن الكريم. كنتُ أسألهم: ماذا تفعلون بالقرآن؟ فكانوا يجيبون: نريد أن نصبح مسلمين وشيعة الحسين عليه السَّلام ؟! أية جاذبية هي جاذبية أهل البيت عليهم السَّلام والتشيع

ص: 16

جاذبية مذهب أهل البيت علیهم السَّلام في القارة الإفريقية

بحيث ما إن يُذكرون حتى يُقبل عليهم الجميع؟! كنت أخلو في الليالي في البيت وأتساءل مع نفسي: ما الذي دفع هؤلاء الناس لأن يقلعوا عن المسيحية التي يقف وراءها عالَم الإمكانيات والدعاية والمغريات المادية الكبيرة ويتحولوا مسلمين وشيعة من خلال عملي التبليغي المتواضع، مع أني لست سوى رجل دين عادي؟!

وكنت أجيب نفسي: إنه أمر واحد وهو عظمة النبي محمد وآله صلى الله عليهم أجمعين. أجل ! إنّ ما يمتاز بكل هذه الجذابية هو الروح الواقعية للإسلام وحقيقة التشيع.

كان هؤلاء القوم مستعدّين لأن يبذلوا الغالي والرخيص من أجل اقتناء كتب من قبيل

المراجعات»(1) و«ليالي بيشاور»(2) و«ثم اهتديت»(3)" لكي ينهلوا ولو قطرة من معارف

ص: 17


1- للعلامة السيد عبد الحسین شرف الدين رحمه الله.
2- للعلامة سلطان الواعظين الشيرازي رحمه الله.
3- للدكتور التيجاني السماوي التونسي حفظه الله.

أعطني نسخة من كتاب المراجعات أعطك شيعياً

أهل البيت عليهم السَّلام.

في الرسائل العديدة التي كتبتها إلى علماء قم ومشهد وإصفهان والمدن الأخرى ذكرتهم أنّ هاهنا يوجد استعداد كبير وكثير، ولكن الإعلام الشيعي ضعيف جداً. إعطوني نسخة من كتاب المراجعات أعطكم في المقابل شيعياً محقّقاً وفاهماً، قادراً على هداية عشرات آخرين إلى الإسلام والتشيع.

كان أغلب مراجعينا يطلبون منا القرآن ونهج البلاغة. وكان اسم نهج البلاغة يلفّ تلك الديار. أجل نهج البلاغة الذي يجمع كلمات الإمام

علي عليه السَّلام

النتوقّف لحظات ونتحاور خلالها معاً، قبل أن نكمل

الاستماع إلى جوانب أخرى من نشاطات صديقنا المعظم.

إنّهم كانوا يطلبون كتاب نهج البلاغة الذي مازال غريباّ بيننا نحن الشيعة.. نهج البلاغة الذي سمعنا باسمه فقط أو رأينا غلافه المذهّب على أحسن التقادير، ولكن معظمنا لم يول همّاً حتى لمطالعة صفحة واحدة منه. نهج البلاغة الذي

ص: 18

مع المستبصر الأميركي البروفسور لكنهاوزن

نعرف أنّه للإمام أمير المؤمنين عليه السَّلام ولكننا نجهل معارفه.

وا أسفاه! لماذا؟ لماذا؟!

أتذكّر جيداً أنّه حضر المستبصر الأميركي البروفسور محمد کري لكنهاوزن للمشاركة في الحفل المهيب الذي دّعي إليه في العشرة المهدوية المباركة في إصفهان بمناسبة مولد منقذ البشرية المهدي الموعود (عجل الله تعالی فرجه الشريف) في النصف من شعبان، فسأله سماحة السيد الوالد - دام عزه - عن سبب اعتناقه الإسلام والتشيع، فأجاب:

لقد أهداني في بلدي أحد أصدقائي كتابة بالعربية وكانت عندي ترجمة للكتاب وإن كانت ناقصة وذات إشكالات كثيرة من الناحية الأدبية والبلاغية، يتحدث هذا الكتاب عن شخصية ذات فضائل ومناقب كالشجاعة والقوة والكمال والعلم والصدق والجهاد ورعاية اليتامى والمساكين. ولعل القضية التي استوقفتني كثيراً هي أنّ هذا الشخص الفذ كان مظلومً أيضاً! (صبرت وفي العين قذي). هذا الكتاب هو الذي جذبني إليه للاستزادة من المعرفة الإلهية ومن ثم أصبح سبباً التحولي للإسلام والتشيع، وهو كتاب نهج البلاغة.

ص: 19

إذن التقصير فينا نحن، فمع أن ّمبدأنا أكمل المبادئ ومذهبنا أشمل المذاهب وأكثرها تأثيراً في النفوس وجذباً القلوب، ولكننا مازلنا مقصرّين إزاءه.

يقول صديقنا المبلّغ:

إنّ كثرة المراجعات اليومية لي، والطلبات المتزايدة للحصول على الكتاب واستزادة التعرّف على مذهب أهل البيت عليهم السَّلام كانت تسرّني من جانب، وتخجلني من جانب آخر وتخلق فيّ شعوراً بالحياء والغربة لأنّنا نفتقد حتى الإمكانات الأوّلية كالكتاب - نعم الكتاب - فهو لم يكن موجوداً بين أيدينا، فأيّة غربة يعيشها الشيعة؟! قلت في نفسي: ما أكثر الاستعداد لدى الناس ولكن اليد خالية! فلنتبه ولنستعدّ لنداء {وَقِفُوهم إِنَّهم مسؤولون} في يوم القيامة! فغداً سنوقف جميعاً ويقال لنا: إنّكم مسؤولون، فنقول في الجواب: لقد صلّينا وصمنا وزكّينا وأدّينا وظائفنا، ولم نألُ جهداً في عباداتنا، فعمّ

ص: 20

حديث مع ناشر شيعي في معرض الكتاب الدولي

نحن مسؤولون؟

فيأتي النداء: مسؤولون عن الولاية(1).

لماذا لم توُ صلوا نداء الولاية إلى أسماع العالَم

وقصّرتم في تعريفهم بشخصية آل الله؟

لقد جرى حديث بيني وبين أحد الأصدقاء الناشرين في المعرض الدولي للكتاب بطهران 1424 ه - 2003 م، وهو ناشر موفق في نشر الكتب العربية في معارف أهل البيت عليهم السَّلام، فدار بيننا الحديث عن جاذبية أهل البيت عليهم السَّلام، فقال:

قررت عدة مرات ترك مهنة النشر للتفرغ للحوزة والنشاطات الأخرى، ولكنّني رأيت وسمعت قضايا بحيث اعتبرت بقائي على هذا العمل واجباً عليَّ.

ومن ذلك أنّه وصلتني في أحد الأيام رسالة من بلد

عربي ورد فيها بعد التحية والدعاء:

لي عندكم طلب. في بلدنا سمعنا عن أهل البيت عليهم السَّلام فقط ولقد تشيّعنا ببركة اسمهم والنهل

ص: 21


1- يراجع بهذا الشأن: تفسير القمي: ج 2، ص440، وبحار الأنوار: ج8، ص68 وج24، ص 270 و 271، وج36، ص 76،باب 38وغيره.

من قطرة من بحور فضائلهم ومناقبهم، ونتشرف بأنّنا تابعناهم، ولكننا - مع الأسف - محرومون من عمق المعرفة والاستفادة من أحاديثهم ورواياتهم. ولقد بلغنا أنّكم موفّقون في طبع ونشر أحاديث أهل البيت عليهم السَّلام ، لذا نتقدم إليكم بطلب، ونحن قانعون بالقليل مما تفيضون به علينا. لاحظنا أنّ الأوراق التي لم يتم الطبع عليها بصورة جيدة، تستفيدون منها في رزم الكتب، مع أن في بعضها أحاديث أهل البيت عليهم السَّلام. لو تتفضّلون علينا فترسلوا لنا هذه الأوراق لنقوم بتكثيرها بإمكاناتنا المتواضعة ونشرها بين الشيعة المظلومين في هذه البلاد، يزدادوا بذلك معرفة بأحاديث أهل البيت ويظلّوا راسخي الأقدام في هذا الطريق.

مع الشكر الجزيل.

أر أيتم غربة الشيعة في العالَم! ألم يأنِ لنا أن يكون

تفكيرنا عالَمياً؟!

يحدثنا صديقنا العزيز عن جانب من غربة الشيعة في

ص: 22

الدولة الأفريقية كانون فيقول:

اجتمع زعماء الشيعة في البلد وقرروا بناء مسجد، فهيأوا مقداراً من المال بمساعدة الأهالي واشتروا قطعة أرض واستطاعوا أن يبنوا هيكلية طابق واحد فقط، ثم نصبوا عليه لافتة بعنوان بارز وجميل تحمل اسم «مسجد الإمام علي بن أبي طالب عليهما السلام». وانقضت فترة ولم تتهيأ الأموال اللازمة لإتمام بناء المسجد وبقي على حالته مدة انتبه خلالها الوهابيون الموجودون هناك فاجتمعوا وبيّتوا أمراً معادياً عملوا على تنفيذه بالمكر والخديعة؛ ولهذا تقدموا إلى الشيعة وأبدوا استعدادهم للمساعدة في بناء هذا المسجد وعقدوا جلسة لهذا الغرض مع زعماء الشيعة أعلنوا لهم خلالها أنهم مستعدون لإكمال بناء المسجد حتى النهاية بعنوان الأخوة والباقيات الصالحات. وبالفعل استطاعوا أن يكملوا بناء المسجد على أحسن وجه ثم انزلوا اللافتة المعلقة على باب المسجد

ص: 23

وأبدلوها بأخرى تؤجج النار في قلب كل موال

غیور! لقد أبدلوها بلافتة تحمل العبارة التالية:

"هذا مسجد عمر بن الخطاب"! أجل، هذا جانب صغير وقطرة من بحر مظلومية الشيعة وغربة أتباع مذهب أهل البيت عليهم السَّلام.

إلى متى نبقى مهتمين بمساجد مدينتنا ومحلتنا ونغفل عن واجبنا العالمي؟ نسأل الله أن لا نكون من المشمولين بما ورد في بعض الروايات أن من علامات آخر الزمان أن مساجد أهلها فخمة ومزيّنة ولكنها خالية من العباد الصالحين والعبّاد الحقيقيين!

لقد آن أوان النهوض من نوم الغفلة!

لقد أغمض جندي مخلص عينيه عن كل اللذات من أجل خدمة سيده الحجة المنتظر عجل الله تعالی فرجه الشريف،

وترك كل الحلاوات الفارغة والفانية من أجل تنفيذ أوامر مولاه، في بيئة لا معنى للثقافة فيها! في بيئة مليئة بالاف الأمراض والآلام والمحن ومنها مرض الملاريا الذي يسلب الراحة والاستقرار من الإنسان ويهدده بالموت في كل لحظة، في مثل هذه البيئة لبي هذا الجندي المخلص نداء قائده الحجة عجل الله تعالی فرجه الشريف.

ص: 24

الإقبال على التشيع في نيجريا

ان بناء جامعة عظيمة للشيعة في مركز دولة أفريقية، مع المشكلات والصعوبات المذكورة آنفاً، ليس بالأمر الهيّن. فالبناء 10000م على أرض مساحتها 35000 م وعدد الطلبة 400، يتم فيها تدريس الدروس الحوزوية والعقائد الإسلامية والإجابة على الشبهات وتأسيس المواقع الأنترنتية وفيها قاعة للمؤتمرات وأخرى للمطالعة ومكتبة ونواد رياضية وترفيهية و...(1) . فهل هذه مسؤولية فرد واحد أم مسؤوليتنا جميعا؟!

في نيجريا مبلّغ شيعي يسمى زاك زاكي، استطاع أن يجذب أكثر من ثلاثة ملايين إنسان نحو التشيع. ولكن لا يملك كل هؤلاء الشيعة مدرسة ولا مسجداً ولا مكتبة عامة مجهزة وموقرة، في حين نرى الوهابيين من جهة أخرى يبنون المساجد والمدارس الفخمة بمبالغ ضخمة وكيفية لا تصدق!

إن عطاشى المعرفة كثر ولكن قلّ أن يوجد من يسقيهم

من ماء الولاية العذب.

في بعض الحالات استطاع شخص واحد أن يكسب

ص: 25


1- ستنشر المعلومات الدقيقة والكاملة والخدمات المقدمة للشيعة هناك في كتاب جامع تحت عنوان: الشيعة في أفريقيا.

العشرات والمئات بل الآلاف والملايين إلى أحضان التشيع!

في دولة (مالي) شخص باسم (شريف عثمان مدن حيدرة) يبلغ عدد أتباعه زهاء خمسة ملايين نسمة، أشرق في قلبه حب الولاية وأصبح من شيعة الإمام علي عليه السَّلام أثر عدة جلسات له مع الشيخ عبد المجيد حفظه الله وسماع كاسيت المقتل الحسيني للخطيب الشيعي المشهور الشيخ عبد الزهراء الكعبي رحمة الله .

وخطب (شريف عثمان) في يوم عاشوراء أمام جمع عظيم من أتباعه زهاء ست ساعات وكان حديثه يدور حول حياة النبي الأكرم صلی الله علیه واله وسلم، عرّج بعد ذلك على الحكام الثلاثة، ثم صاح بصوت حماسي: (وأما سيدنا علي عليهم السَّلام) وتحدث عن واقعة الغدير وقال: «والله سنغرس شجرة الغدير في قلوبنا وسنحتفل بهذه المناسبة في السنوات الآتية في هذا المكان».

ثم تحدث عن يوم عاشوراء وعن سيد الشهداء الإمام الحسين عليه السَّلام. وبعد أن أوغل في الموضوع رفع صوته فجأة وقال:

أنا صرت شيعياً وسأموت شيعياً، والكرة في میداننا، وسيظهر الحق ولكن يحتاج إلى زمان!

ص: 26

أرأيت كيف أن مجالسة شخص وسماع مقتل سید الشهداء عليه السَّلام يحول هذا التحويل، وبتحويل شخص قد تتحول أمة، وصدق الله العلي العظيم حيث يقول:

«من أحي نفساً فكأنما أحي الناس جميعا»

لقد قرأت في كتاب «بنور فاطمة اهتديت» أن العالم

والمفكر المحقق السيد عبدالمنعم حسن السوداني تأثر واستبصر ببركة سماع كاسيت من أحد خطباء الشيعة كان يقرأ مقاطع من خطبة الزهراء عليها السَّلام.

إذن الأرضية مهيأة للعمل، ولكن مع الأسف نشهد التراخي وعدم الشعور بالمسؤولية والإغراق في نوم الغفلة.

إنّ المحدودين بالتفكير العائلي لم يسلكوا طريق المعرفة ولم يعرفوا مسؤولياتهم وهم من حيث العطاء يقعون في أسفل السلم وينظر إليهم المجتمع الإسلامي كأشخاص مبتدئين عاطلين عن أيّ فن.

أما التفكير المرُضي - إن شاء الله تعالى - للإمام الحجة (عجل الله تعالی فرجه الشريف) في هذا العصر فهو التفكير العالَمي؛ لأنّ فكرة المنقذ وقضايا آخر الزمان ونزول السيد المسيح عليه السَّلام وخروج السيد الحسني وقضايا الدجال ومصير السلام العالمي والحكومة العالمية الواحدة وأمنية العيش في

ص: 27

تنبّؤات میشل نوستر آداموس

الدولة الكريمة هي بنفسها فكرة عالَمية وقد بشّر بها جميع الأديان والمبادئ والعلماء والمفكّرون، إذ يعتقد اليهود والنصارى والزرادشت - كما في العهد القديم وإنجيل متى - بالمصلح العالمي، كما يعتقد بذلك البراهمة في الهند وسكان جزر انجلترا وصربيا واليونانيون. فالعيش في ظل حكومة عالمية واحدة على رأسها إنسان صالح وكامل فكرة قديمة عند الإنسان.

فالفيلسوف اليوناني أفلاطون يخطط لمجتمع نموذجي خال من الظلم والفقر والتعاسة. والغاية السياسية لنظام أفلاطون ظهور «المدينة الفاضلة» (اتيوبيا).

وتوماس كامبانيلا يعرض «مدينة الشمس»، وفيكتور هيجو يقترح فكرة «الجمهورية العالمية»، ويوغوست کونت يطرح نظرية المجتمع الذي تحكمه هيئة من العقلاء، وتامس مور يبشر ب«الجنة» على الأرض. ومن ذلك ما يطرحه إسكار وايل في موضوع المدينة الفاضلة، وجواهر لال نهرو في موضوع الأمل بالمستقبل وعقيدة الانتظار، وجان بول سارتر مؤسس المذهب الوجودي في «المجتمع المنشود» و برتراند راسل في «الحكومة العالمية الواحدة»..

ويشهد بذلك كتاب تنبؤات میشل نوستر آداموس العالم اليهودي الأوربّي المشهور، ولقد جاء في مجلة معروفة أنَّه

ص: 28

كان الكتاب الأكثر مبيعاً في العام 2000م.

لقد أن لنا أن ننتبه إلى أنفسنا وواقعنا، ونقوم مستعينين بالله تعالى بتجديد أساليب الدعوة لأهل البيت عليهم السَّلام . فنحن نعتقد تبعاَ لأئمتنا عليهم السَّلام أنّ الأرض لا تخلو الله من حجّة (1)وأنّه لولا الحجّة لساخت الأرض بأهلها (2).

وقد أشار إلى هذه النقطة الإمام الموعود الحجة المنتظر علیه السَّلام في بياناته ورسائله المكرّرة إلى نوّابه الخاصين ومنتظريه الحقيقيين، حيث يقول علیه السَّلام :

«... فإنّا نحيط علماً بأنبائكم ولا يعزب عنّا شيءٌ من أخباركم ومعرفتنا بالذلّ الذي أصابكم مذ جنح كثير منكم إلى ما كان السلف الصالح عنه شاسعاً ونبذوا العهد المأخوذ وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون أنّا غير مهملين لمراعاتكم ولا ناسين الذكركم ولولا ذلك لنزل بكم اللأواء واصطلمكم

ص: 29


1- انظر: وسائل الشيعة: ج16، ص 346، واعلم أنّ جميع كتب أحاديث الشيعة قد تطرقّت لهذا الموضوع وكذلك أكثر كتب الحديث الأخرى، فمن أراد المزيد فليراجعها من مصادرها.
2- راجع مثلاً: بحار الأنوار: ج 51، ص 112، وبصائر الدرجات: ) ص 489، والغيبة للنعماني: ص 141، وغيرها.

تسعة وأربعون موقعاً مضلاً على الإنترنيت

الأعداء»(1).

إنّه عليه السَّلام يذكرنا دائماً ولكن وا أسفاه نحن الغافلون عنه والقاصرون - بل المقصّرون-. عن ذكره وتعريف العالَم بأبعاده الوجودية وبثقافة الانتظار.

إنّنا - مع الأسف - غافلون في حين يعمل الأعداء بجدّ، فثمة تسعة وأربعون موقعاً على الإنترنيت توجهها بعض الفرق الضالَة وهي تبث برامجها في اثنتي عشرة لغة من لغات العالَم الحية، مكرّسة للهجوم على فكرة المهدوية فلماذا لا نرى مزيداً من العمل والجهد من أجل هذا الإمام المظلوم، ولا نشهد حتى مجلة متخصصة واحدة في العالَم تتحدّث عنه (عجل الله تعالی فرجه الشريف) بعدة لغات؟!

لقد اخترنا السكوت وقصرنا تفكيرنا على مصالحنا وبقينا

أسرى التفكير العائلي فيما يعمل أعداؤنا على نطاق العالم.

ألخّص موضوعي في جملة واحدة وأقول لأبينا العظيم

وإمامنا الغريب: يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنّا كنّا خاطئين.

ليس في زمن ظهورك سيّدي فحسب، بل الآن أيضاً،

أعلن عن خجلي من يدك العطوفة التي تضعها على رؤوس

ص: 30


1- الاحتجاج: ج 2، ص 495، ذكر طرف مما خرج أيضاً عنه عليه السَّلام .

سعة الفكر؛ الفضائية الشيعية

الشيعة، «إذا ظهر القائم وضع الله يده على رؤوس الناس»(1).

نحن المقصّرون في حقّك يا جبل العطف والرأفة.

سعة الفكر

في كل عصر وزمان كان العلماء العاملون ومراجع التقليد العظام أسوة وقدوة لنا، فهم النوّاب العامّون للإمام الحجة عجل الله تعالی فرجه الشريف. يقول آية الله السيد رضا الشيرازي دام ظله:

بعد عدة أيام من وفاة السيد الوالد آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي رحمه لله نقل لي أحد المثقفين المتدينين والملتزمين من أساتذة الجامعة أنّه قد استدعي من قبل المرجع الفقيد قبل حوالي أربعة أيام من رحيله إلى الآخرة وقال : ينبغي أن نؤسس موقعاً خاصاً على الانترنيت باللغة العبرية وذلك لهداية اليهود في العالَم، وطلب منّي إعداد المقدّمات. يقول الأستاذ:

ص: 31


1- الكافي: 1/ 30.

تأسيس حسينية في روسيا وفرنسا

وكنّا في حالة إعداد مقدّمات تشغيل هذا الموقع إذ رحل سماحته من بيننا؟

ويضيف سماحته:

قبل فترة من وفاة المرحوم الوالد (قدس سره) تشرّفت بلقائه فكان يفكّر في إنشاء حسينيات في موسكو وفرنسا وكذلك كان يفكّر في هداية العلويين في تركية وعددهم زهاء خمسة وعشرين مليون نسمة، وكان قد بدأ التشاور مع مجموعة من المؤمنين في سبل تحقيق هذه

الأهداف ومقدماتها.

وسمعت في مكان آخر أنّ من جملة أمنيات هذا المفكّر الإسلامي الكبير هو أن يكون للشيعة قناة فضائية خاصة تستطيع من خلالها عرض الأبعاد الوجودية المقدسة لسيد الكائنات والسادة المعصومين من أهل بيته عليهم السَّلام.

ولهذا صدرت من ناحيته الأوامر بتشكيل لجنة للإعداد القناة فضائية شيعية تقوم بعرضٍ شفاف لمعارف أهل البيت عليهم السَّلام تخاطب الجميع سنّة وشيعة وديانات أخرى، ليتحوّل المثقّفون بوعي إلى الإسلام والتشيع. ولقد أُنبئت -

ص: 32

ولله الحمد - أنّ قناة شيعية خاصة سيتم افتتاحها قريباً إن

شاء الله.

أجل فإنّ المتلهّفين والظامئين لمعارف آل الله في هذا العصر كثيرون، وبعضهم يرتوي حتى بقطرة من ماء ذلك النبع الصافي، ولكن السقاة المستعدّين لإيصال هذا الماء إلى غابة الوجود قليلون، وبعبارة أدق إنّ مَن يشعر بالمسؤولية قليل.

قبل مدة تشرّفتُ بلقاء العلاّمة المفكّر الإسلامي سماحة آية الله نوري دام ظله لإجراء مقابلة انترنيتية، وبعد المشاركة والحضور في مجلس حديثه الحافل والمهيب طرحتُ على سماحته عدة أسئلة، أجاب عليها - حفظه الله -

بمنتهى الشمول والروعة.

قلت له في أحد الأسئلة: الملاحَظ في آثاركم أنّ كثيرين من غير المسلمين يتشرّفون بالحضور عندكم لاعتناق الإسلام والإعلان عن تشيّعهم لآل البيت عليهم السَّلام، وهذا الأمر موثّق في كتبكم حيث نلاحظ بيوغرافيا وصوراً لهؤلاء الأشخاص المهتدين والمستبصرين في كتبكم؛ السؤال: هل هناك إحصاء دقيق عندكم لعدد الذين أسلموا وتشيّعوا على يديكم لحد الآن؟

ص: 33

سلسلة التفكير العالمي.. لماذا؟

فقال سماحته في تواضع بالغ وأدب جمّ:

لقد بلغ عدد الأشخاص الذين أسلموا وتشيّعوا في مؤسستنا، بعد المناظرات والمناقشات، من الدول المختلفة ومنها الأوربية، أكثر من ثلاثة عشر ألف نسمة!

هل برأيكم هذا عدد يُستهان به؟!

وإذا كان هذا نتيجة جهود عالم شيعي واحد، فكيف

سيكون الأمر إذا تهيأ وتعبّأ له كل العلماء؟!

إذن فلنستيقظ! الصحوة! الانتباه!

سلسلة التفكير العالمي».. لماذا؟

أما ما شكّل دافعاً لي للقيام بتنظيم ونشر باقة من محاضرات آية الله السيد رضا الشيرازي دام ظله، فهو كما يلي:

في السنوات التي أقمتُ في إصفهان مدينة العلامة المجلسي رحمه للهُ كنت أحضر عند السيد الأستاذ الوالد (دام ظله) جلسات أبحاث معرفية مبوّبة ومصنّفة تتناول قضايا أخلاقية وعقيدية وبخاصة ما يتعلّق بالإمام المهدي المنتظر (عجل الله

ص: 34

تعالی فرجه الشريف) وردّ الشبهات حوله. وكانت هذه الجلسات تقام أسبوعياً ويحضرها الحوزيون والجامعيون، ولقد استفدت فيها من سماحته كثيراً.

ولكن عندما حصل لي الشرف بالانتقال إلى عش آل محمد صَل الله علیه واله أعني مدينة قم الطيبة والمقدّسة وقررتُ الإقامة فيها، كنتُ دائم الفكر في الأيام الأولى في أمر عرضته على كريمة أهل البيت عليهم السّلام السيدة المعصومة عليها السّلام لك أيضاً، قلتُ لها فيه: سيدتي ومولاتي إنني أطلب منكم أن تهيّئوا لي المكان المرضي في نظركم لتعزيز قدراتي العقيدية والأخلاقية، الأستطيع من خلال ذلك أن أخدمكم أكثر وبصورة أفضل.

وفي إحدى ليالي الجمع شملني فضل الله تعالى ولطفه وعنايته وتوفيقه حيث بشّرني الأصحاب بخبر انعقاد جلسات وسلسلة محاضرات وقعت مني موقع الرضا والحمد لله رب العالَمين.

عندما حضرت أوّل جلسة درس شعرت بسدّ فراغي الروحي الذي كنتُ أحسّ به وأبحث عن ملئه، وشعرت بنشاط خاص، وذلك لأنّ المواضيع المطروحة كانت تصدر عن قلب نقي وبلغة مؤثّرة.

وقديماً قيل: إذا صدر الكلام من القلب استقرّ في القلب. /

ص: 35

لقد كانت المحاضرة الأولى رائعة وشاملة، ولذلك قررتُ منذ الجلسة الأولى أن أقوم بتدوين هذه المحاضرات كلّما وفّقتُ لذلك، من أجل تقديمها لجيل الشباب ومثقّفي الحواضر الإسلامية؛ لما لمستُ فيها من فائدة ونفع.

آمل أن تنال هذه الحركة المتواضعة وهذه المقدّمة البسيطة رضا مولانا غوث الوری و أمل السيدة الزهرا عليها السّلام حضرة أبي صالح المهدي أرواح العالَمين فداه وأن تشملني أدعيته الزاكية.

حري بي أن أتقدم بالشكر لمركز ولي العصر العالمي للبحوث والدراسات الخاصة بالإمام المهدي، وكلّ الإخوة الذين ساعدوني في إتمام هذا المشروع وإنجاحه، وبخاصة الأخ الولائي الأستاذ عبدالرضا افتخاري الذي قام بتقرير هذه المحاضرات.

قم المقدسة أحمد بحرالعلوم الميردامادي

20/ ج2 /1424ه

ص: 36

التفكير العالمي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين (1).

وبعد:

يدور موضوعنا حول التفكير العالمي، ونتناول هذا

الموضوع في فصلين:

• الفصل الأوّل: اختلاف الأمم والأفراد في مدى التفكير.

• الفصل الثاني: في مظاهر التفكير العالمي.

نمهّد لهما بمقدمة وهي:

ص: 37


1- تقريراً للمحاضرة التي ألقيت في الخامس والعشرين من ذي القعدة عام 1423ه.

التفكير العالمي

مقدمة: تأثير الفكر في حياة الإنسان

تأثير الفكر في حياة الإنسان

إنّ لمنحى التفكير تأثيراً كبيراً في حياة البشر؛ وذلك لأنّ دور الفكر هو القيادة، وهذه القيادة لا ينحصر تأثيرها في الاتّجاه العام لحياة الإنسان فحسب، بل تتدخّل في كل مفردة من مفردات حياته، فإنّ كل جزئية من جزئیات حياة الفرد خاضعة لنمط تفكيره،(1) منذ أن يفتح عينيه في الصباح إلى أن يغمضهما في الليل.

كان الوالد رحمه للهُ يقول:

كان في كربلاء رجلان كلاهما عربیان وينحدران معاً من قبيلة واحدة (وهما على ما أتذكر حرملة بن كاهل الأسدي وحبيب بن مظاهر الأسدي) اختار الأوّل طريق النار وظلت تلاحقه اللعنات على مدى التاريخ، فيما

اختار الآخر طريق الجنّة وظلّ ملهماً للأجيال. لو سألنا: لماذا أصبح حرملة هكذا؟ ولماذا صار حبيب

ص: 38


1- أو هو من العوامل الرئيسية في ذلك. وهذه الملاحظة سارية فيما يأتي من الكلمات أيضاً.

حبيباً مع أنّ كليهما عربيان ومن قبيلة واحدة؟ لكان الجواب:

إنّ نمط التفكير عند كل منهما يختلف عن الآخر.

والأمثلة على ذلك كثيرة، فأبو ذر وأبو لهب كلاهما عاصر النبي صَلی الله علیه واله ورآه، ولكن أبا لهب نزلت سورة من القرآن الكريم في ذمّه وذم زوجته - ولا تحضرني سورة في القرآن الكريم نزلت بكاملها في ذم شخص آخر سواه - أما أبو ذر فهو الذي قال عنه رسول الله صَلی الله علیه واله: «ما أظلّت الخضراء ولا أقلّت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر»(1)، فذاك قاده تفكيره إلى تلك النهاية الشقية، وهذا ساقه تفكيره إلى هذه العاقبة السعيدة.

إذن للفكر أهمية كبرى في حياة البشر، وهناك روايات كثيرة في هذا المجال ذكر بعضها العلامة السيد عبد الله شبّر في كتابه «مصابيح الأنوار في حل مشكلات الأخبار» وهو كتاب جيّد حري بالمطالعة.

المهم في المقام هو أنّ الأفراد يختلفون في أفكارهم وفي مدى التفكير وحدوده، وهذا الاختلاف يؤثّر تأثيراً بيّناً في كل خطوة من خطوات حياة الفرد، وهو ما نتناوله في الفصل الأوّل من هذا البحث.

ص: 39


1- بحار الأنوار: ج 22، ص398، ح4.

الفصل الأول: الاختلاف في مديات التفكير

الفصل الأوّل: الاختلاف في مديات التفكير

يختلف الأفراد في مدى تفكيرهم إلى أنواع؛ نذكر بعضها:

النوع الأوّل: ذوو التفكير الشخصي أو الشخصاني - إذا جاز التعبير - وهؤلاء تكون الذات هي المحور وهي المنطلق والغاية وهي الإطار والهدف في تفكيرهم، ولعلنا لا نبالغ إذا قلنا إنّ هذا حال أغلب الناس مع الأسف.

هناك كلمة لأحد العلماء جديرة بالتأمّل، يقول فيها: نحن - البشر - في الغالب نتألم لوجع سن واحدة من أسناننا أكثر مما نتألم لموت مليون فرد من أفراد البشر جوعاً مثلاً، مع أنّ الله سبحانه وتعالى قد كرّم بني آدم! فإنّ كثيراً من الناس لا يهدأ له بال إذا أصابه أدنى أذى في بدنه، ولكنه لا يكترث ولا يحرّك ساكناً بل لا يشغل فكره الأمر فيما لو اُخبر أنّ في أثيوبيا مثلاً عشرة ملايين إنسان مهدّدون بالموت جوعاً!

هذا النمط من التفكير هو تفكير أناني، فصاحبه يحب للأنا ويبغض للأنا ويؤلّف للأنا، ولو بحثتم عن السبب والجوهر الحقيقي وراء كلّ ما يعمل لوجدتم أنّ الأمر لا يعدو تجارة مادّية فقط. وهذا النوع - كما قلنا - يمثّل مع

ص: 40

الأسف حال كثير من البشر إن لم يكن حال أكثر البشر.

النوع الثاني: أصحاب التفكير العائلي، فهؤلاء يترقّون درجة فيفكّرون في حدود عائلاتهم، فكل ما يشغل فكر الفرد هنا زوجته وأولاده وأحفاده، فتفكيره عائلي فقط.

النوع الثالث: التفكير العشائري وهو أرقى من النوع الأوّل بدرجة، لأنّ الفرد يفكّر في عشيرته وأقاربه، ولكنه لا يفكّر أبعد من ذلك.

النوع الرابع: التفكير القومي، وهذا النوع من التفكير ينطلق من المصالح القومية، أي أنّ المصالح القومية هي التي تقود تفكير الإنسان وتشغل باله ويعمل من أجلها ويضرب ما يتعارض معها. وهذا أرقى من قبله لا شكّ.

النوع الخامس: التفكير الإقليمي أو القطري، حيث

يكون ملاك التفكير عند صاحبه هو البلد الذي يعيش فيه.

وهناك أنواع أخرى كالتفكير اللوني أو اللغوي

وغيرهما.

النوع الأخير والأعلى: التفكير العالمي، وهو أن يفكّر

الفرد في مستوى العالَم.

ص: 41

تأثير الفكر في حركة الإنسان

لا شكّ أنّ كل نمط من هذه الأنماط - كما نوّهنا إلى ذلك في المقدمة - يؤثّر في كل جزئية من جزئيات حركة الإنسان وقرارته، حتى أنه يؤثر في اختيار المسكن والمدفن والزواج و التجارة.

أي أنّ قضية نوع التفكير الذي يتبناّه الإنسان ليست قضية تجريدية لا ربط لها بالواقع، بل هي مرتبطة به ارتباطاً وثيقاً وتفصيلياً، فإنّ الفرد الذي يفكّر في حدود الإقليم يرى أنّه لابد أن يسكن ذلك الإقليم يعيش فيه ويموت فيه حتى لو تعرّضت حياته وكرامته للخطر والزوال، وكأنّ الله سبحانه وتعالى لم يخلق إلاّ تلك الرقعة الجغرافية الضيقة، وكأنّه لم يسمع قول الله عزّ وجل:

«وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً» (1).

فمع أنّ الأرض كلها لله، لكنّنا نرى أصحاب التفكير الإقليمي يحصرون تفكيرهم ووجودهم في الأرض التي

(1)

ص: 42


1- سورة النساء: 100.

وُلدوا فيها ويعتقدون أنّ عليهم البقاء فيها مهما كان الثمن، وقد يتّخذون قرارات خاطئة وفق هذا التفكير الخاطئ، وهذه بعض الأمثلة:

. لقد بعث السيد الوالدرحمه للهُ إلى عالِم من العلماء رسولاً - أعرفه - ذكر له أنّ بقاءه في البلد الكذائي خطر عليه وأنّ المصلحة هي في مغادرته لذلك البلد؛ لأنّ الحكّام سيمنعونه من ممارسة دوره ويقضون على حياته.

ولكن ذلك العالِم أصرّ على البقاء وقال في جواب

الرسول: إنّني ينبغي أن أبقى في هذا المكان مهما كلّف الأمر. وكانت العاقبة أن قُبض عليه بعد مدة قصيرة وقُتل.

• وأتذكّر أيضاً أنّ السيد الوالد (رضوان الله تعالى عليه) نصح عالِماً آخر جاء لزيارته بعدم العودة إلى البلد الذي

جاء منه، ولم يقتنع ذلك العالِم وكأن منطقه كان: (لقد وُلدتُ في ذلك البلد ويجب أن أبقى فيه مهما كان) - وهذه هي النزعة الاستصحابية - ولم تمض إلا فترة قصيرة على عودته حتى أُلقي القبض عليه واقتيد إلى غياهب السجون الخفية ولا يُعلم عنه أيّ خبر حتى اليوم حيث يمرّ على القضية سنوات طويلة.

تبيّن إذاً أنّ نمط التفكير ليس شأناَ مجرّداً، بل إنّه يؤثّر

ص: 43

تأثير الفكر في حركة الإنسان

على كل القرارات التي يتّخذها الفرد من المسكن وحتى

المدفن.

• نقل أحد الخطباء أنّه كان حاضراً عند السيد الوالد رحمه للهُ إذ جاءه أحد العلماء المتقين وقال: إنّه تعب من الأوضاع وإنّه يشعر بقرب أجله، فقال له الوالد: هاجر إلى بلاد الغرب، فتعجب الرجل وقال: أأذهب في نهاية عمري إلى الغرب فأموت هناك ! فقال له الوالد: موتك هنا لا يغيّر شيئاً ولكنك إذا متّ هناك فربما أصبح مثواك هناك وأنت العالِم المتّقي مركزاً للإشعاع الفكري حيث يؤمّه المتدينون وربما تقرّب بعضهم بك إلى الله لقضاء حوائجهم، أو جرت العادة على قراءة القرآن والأدعية عند مرقدك وأصبح محلاًّ عبادياً! -

أرأيت كيف أنّ نوع التفكير ومداه وحدوده وإطاره تؤثّر كلها في كل جزئية من جزئیات حياة الفرد حتى اختيار محل

موته؟!

ص: 44

الفصل الثاني: مظاهر التفكير العالمي

الفصل الثاني:

مظاهر التفكير العالمي

التفكير العالمي مظاهر في مختلف الحقول، فله مظاهر في الحقل الاقتصادي، وفي الحقل السياسي، وفي الحقل التبليغي.

وحيث إنّنا في الغالب حاملون لراية التبليغ، فإنّ حديثنا

يدور في مظاهر التفكير العالمي في الحقل التبليغي، ذلك أنّ التفكير العالمي تأثيراً في نمط التبليغ وكيفيته وأسلوبه ورفعته وأبعاده.

إنّ الله تعالى لم يجعل الدين حكراً على بلد معيّن، لقد كانت البيئة التي نشأ الرسول صلی الله علیه و اله وترعرع فيها بيئة ضيّقة ومحدودة، وهذا ما يمكن ملاحظته من خلال مراجعة المعلّقات والقصائد الأخرى للعرب يومذاك، ولكن القرآن الكريم لغته لغة عالمية.

يقول الله تعالى: «لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا»(1).

ص: 45


1- سورة الفرقان: 1

ويقول في آية ثانية:« لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ»(1). وفي آية ثالثة: ««وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ»(2).

وفي آية رابعة: ««وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ»(3) وليس

البقعة خاصة.

ويقول في آيات أخرى: ««يَا أَيُّهَا النَّاسُ»(4).

هناك كتاب جمع «مکاتیب الرسول صَّلی الله علیه و اله» التي بعثها إلى ملوك العالَم في وقته، فلقد بعث صَّلی الله علیه و اله كتباً وسفراء إلى ملك الروم وکسری فارس وملك الحبشة وعظيم القبط، والحارث بن أبي شمر ملك تخوم الشام، وهوذة الحنفي ملك اليمامة، وبعث كتباً إلى رؤساء العرب وشيوخ القبائل، و إلى الأساقفة وإلى مختلف الطوائف.

ولقد تأثّر بعض هؤلاء واستجاب، ومن أولئك أسقف الروم فإنّه بعدما قرأ كتاب النبي صَّلی الله علیه و اله خرج إلى الكنيسة في

ص: 46


1- سورة الفتح: 28
2- سورة الأنبياء: 107.
3- سورة سبأ: 28.
4- سورة البقرة: 21 و169، النساء: 1 و 170 و 174، الأعراف: 158، یونس: 23 و 57 و 104 و108، الحج: 1 و5 و 49 و 73، لقمان: 33، فاطر: 3 و5 و 15، الحجرات: 13.

التشيع في الهند وتايلند والفلبين

حشد وقال: يا معشر الروم إنّه قد جاءنا كتاب أحمد يدعونا إلى الله، وإنّي أشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمداً رسول الله .

ومنهم فروة عامل قيصر بعمان فإنّه عندما جاءه كتاب

النبي صَّلی الله علیه و اله آمن وأعلن إيمانه، فطُلب فأُخذ وقُتل.

وكذلك ملك البحرين المنذر بن ساوا، فقد قبل دعوة النبي صَّلی الله علیه و اله وأعلن إسلامه، ولقد أعلنت البحرين إسلامها منذ بدايات أمرها.

وقصة النجاشي في هذا المجال معروفة أيضاً.

وهذا يتطلب منّا أن لا نحصر اهتمامنا في بلد أو إقليم

أو قومية بل نكون عالَميين في تفكيرنا التبليغي.

التشيّع في الهند وتايلند والفلبين

. لقد انتقل التشيع إلى الهند وأُعلنت فيها الشهادة الثالثة بفضل جهود عالِمَين قدما حياتهما ثمناً لذلك، هما: الملا عنایت الله الشيرازي والملا فتح الله الشيرازي، قتلهما (إبراهيم شاه) الحاكم الناصبي المتعصب في الهند يومذاك بعد أن علم بخبرهما وأنّهما غرسا بذور التشيع في قلب ولده المسمى (علي).

ص: 47

ولقد نُقل عن العلاّمة الأمينی رحمه للهُ أنّه قال بعد عودته من الهند: ليت لي أموالاً عظيمة أنفقها لطلاب العلوم الدينية لكي ينشروا الإسلام في العالَم.

• أما في تايلند فيعود الفضل فيه إلى رجل اسمه أحمد من أهالي مدينة قم المقدسة، وتعود قصته إلى ما قبل حوالي خمسة قرون، حيث إنه سافر إلى تايلند وتزوج فتاة تايلندية ثم بدأ نشاطاً اجتماعياً هناك حتى أصبح في فترة من الفترات رئيساً للوزراء بفضل ما تحلّى به من حكمة وعقل ودراية، واستطاع أن ينشر الإسلام والتشيع في البلاد، فبنى مساجد وحسينيات وأسس مشاريع حتى أنّ ما نجد اليوم من انتشار الإسلام والتشيع هناك مدين لجهود الشيخ أحمد القمي هذا، وله اليوم مرقد عظيم وقبة يزوره الناس ويتشفعون به إلى الله تعالى لقضاء حوائجهم، كما رأيت المشهد مصوّرا.

وهكذا أصبح الرجل ملجأ للمسلمين وربما قصده غير المسلمين أيضاً، بينما لو بقي تفكيره محصوراً في مدينة «قم» لربما ضاع بين الآلاف أو الملايين الذين لم يقدّموا شيئاً ذا بال.

الا نقصد من هذا الكلام أن لا يبقى الإنسان في مدينته

أو قم المقدسة مثلاً، بل المقصود أن يكون تفكيره عالمياً.

ص: 48

خاتمة

ولقد نقل السيد الوالد رحمه للهُ أنّ مسلمي الفلبين هم الآخرون مدينون لجهود الشيخ عبد الله المكي الذي ذهب إليهم قبل مئات السنين ونشر بينهم الإسلام.

الخلاصة

يجب علينا أن نأخذ العبر والدروس من هؤلاء في فكرهم الشمولي وأن يكون تفكيرنا كما أراده الله سبحانه وتعالى تفكيرا عالَمياً، ألسنا نقول في كل يوم عدة مرات:

الحمد لله رب العالمين»، فربوبية الله عالَمية ورحمته للعالمين

ورسالته كونية.

وفي الحديث الشريف: «مَن أصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم»(1)، ولم يقل لم يهتم بأمور بلد معيّن أو قطر معيّن أو عشيرة معيّنة بل قال صَّلی الله علیه و اله بأمور المسلمين كلهم.

نسأل الله تعالى أن يوفّقنا للتأثير في مجرى التاريخ فيما بقي من أعمارنا، وهذا ممكن بإذن الله، إن كان تفكيرنا عالمياً، وعملنا عالمياً. وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.

ص: 49


1- الكافي: ج 2، ص 163، ح 1

ص: 50

الإمام المهدي (عج)

مقدمة المحاضرة

دور الإمام المهدي عجل الله فرجه في حياتنا

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين وصلّى الله على محمد وآله الطاهرين، واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين(1)

مقدمة

إحدى البحوث المهمة التي وقعت محلاً للتساؤل منذ العهود الماضية إلى يومنا هذا، هي مسألة دور الإمام المهدي المنتظر (عجل الله تعالی فرجه) في عصر الغيبة، وهذه المسألة بالإضافة إلى طابعها العقائدي تحمل طابعاً عملياً وترتبط بسلوكنا اليومي منذ أن نفتح أعيننا في الصباح وإلى أن نغمضها عند النوم. نتناول فيما يلي بعض أبعاد هذا الموضوع ضمن فصلين:

• الفصل الأول: دور الإمام المهدي (عجل الله فرجه) في

عهد الغيبة، وهذا بحث نظري.

: الفصل الثاني: كيف نستفيد من وجود الإمام المنتظر

المهدی (عجل الله فرجه) في زمان غيبته؟ وهذا بحث عملي.

ص: 51


1- تقريراً للمحاضرة التي أُلقيت في السابع من جمادی الثانية عام 1424 ه.

الفصل الأول: دور الإمام المهدي (عج)

إن دور الإمام المهدي (عجل الله فرجه) في عهد الغيبة هو أنه يمثل – ضمن ما يمثل - الحلقة الأخيرة المهيمنة والفاعلة والمؤثرة في عالم الإمكان.

لبيان هذا الدور نقدم ثلاث مقدمات:

المقدمة الأولى: إن القرآن الكريم يثبت أدواراً في إطار عالم الطبيعة للأشياء، كما يثبت أدواراً ضمن إطار هذا العالم للأشخاص.

هنالك أشياء في هذا العام لها دور، وهناك أشخاص في

هذا العالم لهم دور؛ نمثل لذلك بمثالين:

المثال الأول: من هو الشافي

ويأتينا الجواب من القرآن الكريم أن الله تعالى هو

الشافی؛ «وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (1)».(2)

ص: 52


1- الشعراء: 80
2- ذكر أحد العلماء أنه كان يوجد في مدينة إصفهان طبيب معروف

ولكننا نلاحظ أن القرآن الكريم يثبت من جهة أخرى دور الشفاء الأشياء في هذا العالم، يقول الله تعالی عن العسل: «فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ»(1) هذا مع أن العسل ما هو إلا جماد يخرج من بطن حيوان، ولكن الله تعالى شاء أن يجعل فيه شفاءً للناس.

المثال الثاني: من هو المتوفي؟

ويأتينا الجواب من القرآن الكريم أن الله تعالى هو

المتوفي؛ يقول تعالى:««والله يتوفي الأنفس حین موتها»(2)

ولكننا نلاحظ من جهة أخرى أن القرآن الكريم يثبت التوفي لغير الله تعالى حيث يقول: «قل يتوفاكم ملك الموت الذي وُكّل بكم»(3)، فهو تعالي ينسبه لملك الموت أيضا.

يسجل أسماء مراجعيه من المرضى في ورقة عنده بعد أن يكتب لهم الوصفة الطبية، وعندما سئل: لماذا تعمل هذا العمل؟ أجاب: إنني أعتقد أن الأدوية عوامل ظاهرية وأن الشفاء حقاً بيد الله تعالى، ولذلك أكتب أسماء المرضى الذين يراجعونني كي أدعو لهم في صلاة الليل وأطلب شفاءهم من الله تعالى، فهو الشافي، وما الأطباء والأدوية إلا أسباب ظاهرية.

ص: 53


1- النحل: 69.
2- الزمر: 43.
3- الأحزاب: 11.

المقدمة الثانية: إن وجود الدور للأشياء والأشخاص في هذا العالم لا ينافي ما هو المعروف من القول بالتوحيد الأفعالي (وأن الله وحده هو الفاعل الحقيقي في هذا الكون).

وذلك لأن فاعلية غير الله تعالى فاعلية مكتسبة وغيرية، بينما فاعلية الله تعالى فاعلية ذاتية، ولا منافاة بين فاعليتين إحداهما ذاتية والأخرى غيرية.

المقدمة الثالثة: لا تنافي في عالم الطبيعة بين الفواعل

الطولية.

فكما أنه لا تنافي بين فاعلية الله تعالى وفاعلية الفواعل الطبيعية (الغيرية) فكذلك لا منافاة بين فاعلية طبيعية وفاعلية أخرى إذا كانتا طوليتين أي تقعان في طول بعضهما، أجل إذا كانت الفاعليتان عرضيتين ومستقلتين فهنا توجد منافاة لأن ذلك يعني اجتماع علتين مستقلتين عرضيتين على معلول واحد، وهذا محال.

أما إذا فرضنا أن هاتين الفاعليتين - أو الفاعليات - كانت طولية أي أن بعضها يقع في طول بعضها الآخر فلا منافاة بينها.

ويمكن توضيح ذلك بمثال معروف عند أهل العلم: تقول: كتب قلمي وكتبت أناملي وكتبت يدي، قال تعالى:

ص: 54

(فويل لهم مما كتبت أيدیهم)(1)، وتقول: كتبت، فهل ترى منافاة بين هذه الجمل؟ كلا بالطبع؟ وذلك لأن الروح الحقيقية التي كتبت هي روحك أنت، أما الفواعل الدنيا فإنما هي مؤثرة في طول فاعلية الروح التي تمثل الفاعلية الحقيقية والأخيرة في سلسلة الفواعل الطولية التي تندرج تحتها، ومن ثم فالفاعلية الأخيرة هي المؤثرة الحقيقية والمهيمنة على ما سواها من الفواعل الطبيعية و الظاهرية.

دور الإمام المهدي (عجل الله فرجه)

وإذا اتضحت هذه المقدمات الثلاث، نقول: إن الإمام المهدي (عجل الله فرجه) هو آخر فاعل في سلسلة الفواعل الطولية المؤثرة في عالم الإمكان، أو بتعبير آخر:

إنه علیه السَّلام يمثل الحلقة الأخيرة في سلسلة الفاعليات الطولية في إطار عالم الإمكان. توضيحه: أن هناك فاعلية في عالم الإمكان جعلها الله في طول فاعليته تعالى وأمرنا أن نلجأ إليها.

من الممكن أن تأتي بعده علل وفاعليات أخرى في طوله تكون مؤثرة بإذن الله تعالى، ولكن والفاعلية العليا بعد الله تعالى في عالم الإمكان هي إرادة المهدي المنتظر (عجل الله تعالی فرجه الشريف).

ص: 55


1- البقرة: 80.

ماذا نقرأ في الزيارة التي رواها المحمدون الثلاثة وهم محمد بن يعقوب الكليني (في الكافي) ومحمد بن الحسن الطوسي (في التهذيب) والشيخ الصدوق (من لا يحضره الفقيه)؟

نقرأ في هذه الزيارة: «إرادة الرب في مقادير أموره تهبط إليكم وتصدر من بيوتكم»(1).

وهذا هو جزء من دور الإمام المهدي علیه السَّلام في زمن حضوره وغيبته.

الفصل الثاني: كيف نستفيد من وجود الإمام المهدي (عج)

الفصل الثاني:

كيف نستفيد من وجود الإمام المهدي (عج)

بعد أن عرفنا دور الإمام المهدي (عجل الله فرجه) في الفصل الأول يتبين الآن أهمية هذا الفصل؛ أي الاستفادة من وجود الإمام المهدي (عجل الله فرجه) لأنه هو الرجل الذي أعطاه الله تعالى مقاليد الكون.

ولكي يمكننا الاستفادة من وجود الإمام المهدي (عجل الله فرجه) أكثر فأكثر، لابد من توفر أربع مقدمات نذكرها تباعاً.

ص: 56


1- بحار الأنوار، 98/ 103.

المقدمة الأولى: الالتفات إلى النقص والفاقة والحاجة عندنا.

ونوضح هذه المقدمة - وهي مهمة جداً - بمثال: لو تصورنا أن شخصا ما يعاني من داء عضال في بدنه ولكنه غير ملتفت إلى ذلك، فهل سيبحث عن العلاج؟ وهل سيتجه إلى الطبيب؟ كلا وذلك لأن الداء وإن كان له (وجود واقعي) في بدنه، ولكنه ليس له (وجود شعوري) في ذهنه لكي يدفعه نحو التحرك للتخلص منه بأي سبيل!

يقول علماء الأخلاق: إن من أعدى أعداء الفرد الشعور بالاكتفاء، لأن الذي يشعر أنه مكتف من الناحية العلمية أو الأخلاقية لا يرى مبرّراً للتحرك نحو التكامل الخلقي أو العلمي.

وهكذا الشخص الذي يعتقد أنه لا يعاني شيئاً، ولا توجد عنده مشكلة ولا فاقة، لا يمكنه الاستفادة الكاملة من الوجود المبارك للإمام المهدي (عجل الله فرجه)، لأنه لا يتحرك حينئذ بل يبقى ساكناً في مكانه، لعدم شعوره بالحاجة إلى الإمام عليه السَّلام لحل مشكلاته، لأنه يعتقد أنه لا مشكلة عنده في الأساس!

أما نحن فيرادونا الشعور بالحاجة في بعض الأحيان كما لو تهنا في صحراء أو انكسرت بنا السفينة في البحر أو ابتلينا - أو أحد أعزائنا - بمشكلة أو بمرض مستعصي

ص: 57

العلاج - لا سمح الله - أما أولياء الله سبحانه وتعالى فإنهم يشعرون دائماً بأنهم في حالة اضطرار وأنهم في حالة حاجة وفاقة.

ولذلك ترانا ننام طوال الليل لأنه لا يوجد شيء يؤرقنا،

أما هم ف«كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ».(1)

أرأيت من عنده مشكلة أو يهدده خطر، كيف لا يستطيع أن يخلد إلى النوم، فكذلك حال أولياء الله تعالى، لأنهم يشعرون بالخطر.

إننا نفهم أن الاضطرار في قول الله تعالى «أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ»(2) عبارة عن أن يكون الشخص مريضاً أو عنده مريض - مثلاً - أما أولياء الله تعالى فيشعرون دائماً أنهم في حالة اضطرار، وهذا الشعور کامن في أعماقهم ولذلك يصفهم القرآن الكريم بقوله تعالی

«تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ»(3) لأن حالة الاضطرار

الباطنية لا تدعهم يستقرون.

روى أحد العلماء أن شخصين تصاحبا، وعندما حل الليل نام الأول ولم ينم الثاني، وبعد مدة استيقظ الأول فرأي

ص: 58


1- سورة الذاريات، الآية 17.
2- سورة النمل، الآية 62.
3- سورة السجدة ، الآية 16.

صاحبه لم ينم بعد، فعاد للنوم مرة أخرى وعندما استيقظ أيضا رأى صاحبه لم ينم بعد، وعندما سأله: لماذا لا تنام؟ قال في جوابه: كيف أنام ومن حولي كلهم يقظون يسبحون الله تعالى، ثم كشف له الغطاء فرأى جميع الأشياء تسبح بحمد الله!

وعلى أساس ما تقدم، ينبغي لنا أن نحاول أن نُشعر أنفسنا بنقصها وحاجتها وفاقتها واضطرارها، وهذه هي المقدمة الأولى للاستفادة الكاملة من وجود الإمام المهدي عجل الله تعالی فرجه الشريف.

المقدمة الثانية: التوجه إلى مصدر القوة والغني والقدرة وهو

الإمام المهدي عجل الله فرجه.

فليس الإمام عليه السَّلام بالفرد العادي بل هو الذي يمكن النظرة واحدة منه أن تغيّر حالنا، فكما قلنا إن الله تعالى جعله وآباءه الطاهرین (صلوات الله عليهم أجمعين) مظاهر مشيئته.

المقدمة الثالثة: محاولة إيجاد القابلية.

فإن القلب الملوث ليس له قابلية، وهكذا العين الملوّثة والأذن الملوّثة واليد الملوّثة و... وأولى المراحل في هذا الطريق - وهي صعبة جداً ولكنها ممكنة - أن نتجنب ارتكاب الذنوب؛ ذنوب القلب والعين والأذن واللسان واليد

ص: 59

و... فكما أن جهاز الراديو إذا حصل فيه أي عطب أو خلل أو قطع في أي سلك من أسلاكه يفقد القابلية على تلقي الأمواج الموجودة في الفضاء، فكذلك القلب إذا حصل فيه خلل فقدَ القابلية على تلقي الفيض الإلهي، فلابد أولاً من

إصلاحه لإيجاد القابلية فيه.

وعندما يراجع المرء تاريخ العلماء الماضين السائرين على نهج أهل البيت علیهم السَّلام يجد دقة عجيبة في أحوالهم وورعاً واحتياطاً كبيرين.

فمما ينقل عن المرجع الكبير الحاج آقا حسين القمي رحمه للهُ أنه كان يحتاط حتى في تهديد طفله إذا صدر منه ما يستحق التهديد، فلم يكن يقول للطفل سأضربك أو سأؤدبك - مثلاً - إذا صدر منك العمل الفلاني، بل كان يستخدم عبارات من قبيل «من المحتمل أن أضربك» أو «هب أنني سأضربك» ولعله كان يخاف أن تكون هنالك شبهة الكذب إن لم يصدر منه ما أوعده عليه، مع أنه یُقال إن الوفاء بالوعيد ليس واجباً، فكان يحتاط للأمر ويتجنب حتى الشبهة فيقول لطفله: "احتمل أنني سأضربك أو سأؤدبك" وما أشبه. وهكذا كانوا يحتاطون لئلا تصدر منهم غيبة ولا نميمة ولا نظرة محرمة.

ص: 60

نموذجان للاستفادة من وجود الإمام المهدي (عج)

المقدمة الرابعة: الإلحاح والتوسل.

ينبغي لنا أن نتوسل ونلحّ حتى تشملنا العناية الإلهية،

ونستفيد من وجود الإمام المهدي (عجل الله فرجه) بشكل أتمّ.

ينبغي لنا أن نلجأ إلى الإمام (عجل الله فرجه) في حل كل قضايانا الدنيوية والأخروية والفردية والاجتماعية فهو الملاذ لنا في كل الشؤون والقضايا، وكما أن الله تعالى جعل الشمس مصدر الدفء والنور للإنسان في حياته المادية، ومن ابتعد عنها حرم من الدفء والنور، فكذلك هو الإمام (عجل الله فرجه) جعله الله لنا مصدراً للدفء والنور في حياتنا المعنوية، وأوكل -سبحانه- إليه كل أمورنا وقضايانا، فمن لم يتوجه إليه فسوف يكون نصيبه الخسارة والحرمان.

فلنستحضر هذه المقدمات الأربع ولنحاول ونلحّ حتى

نستفيد من وجود الإمام المهدي علیه السَّلام أكثر فأكثر.

نموذجان للاستفادة من وجود الحجة علیه السَّلام

السيد محمد باقر الدامغاني رحمه للهُ

1.٭قضية السيد محمد باقر الدامغاني

ابتلي السيد محمد باقر الدامغاني - وهو من العلماء في مدينة مشهد المقدسة بداء السل، واستمر يعاني منه أعواماً، ولم تؤدّ مراجعته للأطباء إلى نتيجة، بل استمرت حالته تزداد سوءاً، وبدأ يضعف ويذوي حتى فقد الأمل بالشفاء.

ص: 61

وفي يوم من الأيام قذف دماً كثيراً من صدره، فجاء عند

أستاذه الميرزا الإصفهاني و شكا له حالته وضعفه.

يقول: فجثا الميرزا على ركبتيه وقال له معاتباً: ألست سیداً (هاشمياً)، فلماذا لا تلجأ إلى أجدادك الطاهرين؟ ألست من شيعة الإمام المنتظر، فلماذا لا تستنجد ببقية الله في الأرض حتى ينجيك مما أنت فيه؟ ألا تعلم أن أئمة أهل البيت هم أسماء الله الحسنى؟ ألم تقرأ في دعاء كميل: يا من اسمه دواء وذكره شفاء؟ قم واذهب إلى بقية الله (الإمام المهدي عجل الله فرجه) واطلب منه حل مشكلتك.

يقول: فأخذتني العبرة وقمت متجهاً إلى حرم الإمام علي بن موسی الرضا علیه السَّلام .

وبعد أن دخلت الصحن العتيق رأيت فجأة أني أعيش في وضع آخر، فليس الوضع هو الوضع المعتاد، وبدا لي أني أعيش في عالم المكاشفة، إذ لم يكن الناس الذين يعتاد تواجدهم في الصحن الشريف موجودين وكانت هناك جماعة قليلة العدد يمشون ويتقدمهم رجل ألقي في روعي أنه هو الإمام المهدي (عجل الله فرجه). وخفت أنهم قد يغادرون قبل أن التقي الإمام وأنال بغيتي، ففكرت أن أنادي الإمام علیه السَّلام .

وبينما أنا كذلك - في هذا الخاطر - وإذا بذلك الرجل يلتفت إليّ وينظر إليّ نظرة واحدة بطرف عينه فقط ومن

ص: 62

دون أن يكلمني، وبدأ العرق يتصبب من بدني، وإذا بالصحن يعود بعد ذلك إلى حالته الطبيعية فلم أر الرجل ولا الجماعة التي كانت خلفه، ورأيت جموع الناس المعتادة، فرجعت إلى نفسي فإذا بي صحح البدن معافی.

وعاش الدامغاني بعد ذلك أعواماً في صحة كاملة.

الحاج السيد آقا حسين القمي رحمه للهُ

2.• وهناك قضية أخرى حدثت للحاج آقا حسين القمي رحمه للهُ

الذي ذكرنا لكم جانباً من ورعه ودقته واحتياطه آنفاً.

وكان من شدة احتياطه أيضاً أنه إذا سئل عن الوقت يقول في الجواب: افرض أنها كذا (التاسعة مثلاً) خشية أن لا يكون قوله مطابقة للواقع!

نُقل في أحواله أنه كان يعتقد أن أقوى دعامة له في حياته هو وجود الإمام المهدي (عجل الله فرجه) وعنايته وكان راسخ الاعتقاد أن هذه الدعامة هي التي تسنده وتنقذه وتنجيه.

وهذا هو الاعتقاد الذي يجب أن يكون ثابتاً عندنا كما كان عند السيد القمي رحمه للهُ، لا أن يكون موجوداً حيناً ومفقوداً في أحيان أخرى كما هو حال أغلب الناس.

أما قضية هذا العالم ورعاية الحجة (عجل الله فرجه) له

فهي كالتالي:

كان (الحاج آقا حسين القمي) قد جاء إلى طهران في

ص: 63

الصورة

المستبصر الامريكي بروفسور لیکنهاوزن

ص: 64

الصورة

ص: 65

islamic university

ACCRA-GHANA

الصورة

WWW.ISLAMICUNIVERSITYGHANA.COM

ص: 66

الفهرس

المقدمة ... 7

ماذا عملنا في عصر ثورة المعلومات؟ ....... 9

غربة الشيعة على لسان داعية مخلص ....... 10

لم أبك طيلة حياتي ولكن ذلك الشيخ أبكاني ..... 15

جاذبية مذهب أهل البيت علیهم السَّلام في القارة الإفريقية ..... 17

أعطني نسخة من كتاب المراجعات أعطك شيعياً.......18

مع المستبصر الأميركي البروفسور لكنهاوزن ...... 19

حديث مع ناشر شيعي في معرض الكتاب الدولي .... 21

الإقبال على التشيع في نيجريا ....... 25

تنبّؤات میشل نوستر آداموس ......28

تسعة وأربعون موقعاً مضلاً على الإنترنيت .....30

سعة الفكر؛ الفضائية الشيعية ... 31

تأسيس حسينية في روسيا وفرنسا.......32

سلسلة التفكير العالمي.. لماذا؟ .....34

ص: 67

التفكير العالمي

مقدمة: تأثير الفكر في حياة الإنسان ..... 38

الفصل الأول: الاختلاف في مديات التفكير..... 40

تأثير الفكر في حركة الإنسان .... 44

الفصل الثاني: مظاهر التفكير العالمي.... 45

التشيع في الهند وتايلند والفلبين .... 47

خاتمة.... 49

الإمام المهدي (عج)

مقدمة المحاضرة..... 51

الفصل الأول: دور الإمام المهدي (عج) ...52

الفصل الثاني: كيف نستفيد من وجود الإمام المهدي (عج) ..... 56

نموذجان للاستفادة من وجود الإمام المهدي (عج) ...... 61

1. السيد محمد باقر الدامغاني رحمه للهُ .... 61

2. الحاج السيد آقا حسين القمي رحمه للهُ...... 63

أخيرا هل نقرأ يومياً: اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن ...... 65

ص: 68

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.