المهدي المنتظر من ولد الامام الحسن ام الامام الحسين؟ صلوات الله عليهم اجمعین

اشارة

المهدي المنتظر من ولد الامام الحسن ام الامام الحسين؟ صلوات الله عليهم اجمعین

المؤلف : مهدي حمد الفتلاوي

الناشر : دار المحجة البيضاء - بیروت لبنان 1421 ه ق

عدد الصفحات : 90

ص :1

اشارة

ص :2

ص :3

ص :4

الإهداء

إلى الباحثين عن الحقيقة الضائعة، في خضمّ الخلافات التاريخية المذهبية، و بين سطور الأقلام المتعصبة و المأجورة... الَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطّٰاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهٰا وَ أَنٰابُوا إِلَى اللّٰهِ لَهُمُ الْبُشْرىٰ، فَبَشِّرْ عِبٰادِ، اَلَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ، أُولٰئِكَ الَّذِينَ هَدٰاهُمُ اللّٰهُ وَ أُولٰئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبٰابِ.

الزمر 17-18

أَ فَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلىٰ وَجْهِهِ أَهْدىٰ أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلىٰ صِرٰاطٍ مُسْتَقِيمٍ.

الملك 22

نعم إلى هؤلاء جميعا، طلاب الحق و عشاق الحقيقة، أهدي هذه الرسالة المتواضعة...

المؤلف

ص:5

ص:6

المقدمة

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف الخلق و أحب المرسلين، محمد و آله الطاهرين، و صحبه المخلصين.

من عظيم سرورنا، أن نشاهد في مجتمعاتنا المعاصرة أبناء الأمة الإسلامية، و خاصة الجامعيين و المثقفين منهم، و هم يسألون و يناقشون و يكتبون و يحاورون في أمور دينهم، بحثا عن قيمهم و مبادئهم الإسلامية الأصيلة، بهدف الوصول إلى الحقيقة لمعرفة طريق الهدى من طريق الضلال.

و إنه من دواعي الفخر و الاعتزاز، أن أتصدى للإجابة على سؤال تلقيته من أخينا الأستاذ أحمد أبي المجد من جمهورية مصر العربية، يسأل فيه عن نسب الإمام المهدي المنتظر عليه السّلام، هل هو من ذرية الإمام الحسن، أم من ذرية الإمام الحسين؟ متوخيا أن تكون الإجابة على ضوء الأدلة العلمية الرصينة الدامغة، التي تخرس ألسنة أهل آلارتياب، و تغلق جميع منافذ الشك، لتكون منار هدى لكل من يهمه معرفة الحق و الصواب من مصادره الأصيلة، المعترف بها شرعا و عقلا و عرفا.

و ها أنا أتوكل على الله تعالى لموافاته بالجواب، و لكنني سلفا أستميحه عذرا، لعدم إمكانية التوسع في البحث، نظرا لتراكم المسؤوليات

ص:7

و كثرة المشاغل و لذا سوف أقتصر في الإجابة على موضوع السؤال فقط، و هو: هل الإمام المهدي المنتظر من أبناء الإمام الحسن، أم من أبناء الإمام الحسين؟

صلوات الله و سلامه الكامل التام، على جدهم المصطفى خاتم المرسلين، و على أهل بيته المطهرين و صحبه المخلصين أجمعين.

مهدي حمد الفتلاوي 10 /محرم/ 1421 هجرية 15 /نيسان/ 2000 ميلادية لبنان - بيروت

ص:8

من هو المهدي المنتظر؟

اشارة

لا شك أن الطامعين في الزعامة و المتآمرين على مركز الخلافة النبوية كان لهم دور خطير و كبير في تجهيل الأمة بهوية الإمام المهدي المنتظر عليه السّلام.

و قد بدأت المؤامرة على العقيدة بالإمام المنتظر تاريخيا في عصر الخلافة الأموية في محاولة من معاوية نفسه، لتطبيق فكرة المهدي على عيسى بن مريم عليه السّلام لقتلها في الفكر الإسلامي، و القضاء على جذوتها الإيمانية و فاعليتها الرسالية و الجهادية في المجتمع الإسلامي. فقال لجماعة من بني هاشم: «زعمتم أن لكم ملكا هاشميا و مهديا قائما، و المهدي عيسى بن مريم، و هذا الأمر في أيدينا حتى نسلمه له»!!

و واضح من هذا الحوار، أن معاوية يريد أن يقضي على فكرة القائد المنتظر في الإسلام، و يجعلها من خصائص الديانة المسيحية، و مع ذلك يحاول تسخيرها لصالح الخلافة الأموية، ليبعد أهل البيت عليهم السّلام عن الخلافة آملا أن تبقى في بني أمية، حتى يسلموها لعيسى بن مريم عليه السّلام.

و كان ابن عباس، من جملة الحاضرين من بني هاشم في هذا الحوار، فلم يسكت أمام معاوية الذي يسعى لتحريف الأحاديث النبوية، و يتلاعب بعقائد الإسلام و مفاهيمه، لصالح السياسة الأموية الظالمة، فقال له:

«اسمع يا معاوية، أما قولك إنا زعمنا أن لنا ملكا مهديا، فالزعم في كتاب الله شك، قال الله سبحانه و تعالى زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا

ص:9

قُلْ بَلىٰ وَ رَبِّي لَتُبْعَثُنَّ (1)، أما قولك: إن لنا ملكا هاشميا، و مهديا قائما، فكل يشهد أن لنا ملكا و مهديا قائما، لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لملّكه الله فيه، يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا، أما قولك أن المهدي عيسى بن مريم، فإنما ينزل عيسى لقتال الدجال، و المهدي رجل منا أهل البيت يصلي عيسى خلفه»(2).

و من هذه المواجهة بين معاوية و ابن عباس، نعلم أن الأحاديث التي طبقت فكرة المهدي على عيسى بن مريم عليه السّلام هي جزء من حلقات المؤامرة السياسية على العقيدة بالمهدي المنتظر عليه السّلام من قبل بني أمية.

فالأمويون ساهموا في محاولة طمس الهوية الحقيقية للمهدي كما تؤكد الوثائق التاريخية، و تعتبر الأحاديث الموضوعة من قبلهم شاهد صدق على كبر جريمتهم هذه، فهم أول من شارك في التشكيك بأصالة هذه العقيدة في الإسلام و التآمر عليها، و من موضوعاتهم بهذا الصدد، ما روي عن عبد الله ابن الحارث قال: قلت لمحمد بن الحنفية: من المهدي؟ قال: «إنه إذا كان فإنه من ولد عبد شمس»(3).

و كذلك ما رووه عن ابن عباس أنه قال: «مهديّان من بني عبد شمس أحدهما عمر الأشج»(4).

و قد أثبت علماء الجرح و التعديل عدم صحة هذه الروايات، كما

ص:10


1- (1) سورة التغابن: الآية 7.
2- (2) الملاحم و الفتن لابن طاووس 117.166 نقلا عن تاريخ الطبري، و روى هذا الحوار ابن أبي شيبة في مصنفه بسند صحيح، لكنه لم يصرح باسم معاوية، كما رواه نعيم بن حماد في الفتن 102 بسند صحيح أيضا و فيه بعض الاختلاف، و نقله المتقي الهندي عن المنصف لا بن أبي شيبة و عن الفتن لنعيم بن حماد في كتابه البرهان في علامات مهدي آخر الزمان 2 / 593.592 و قال محقق الكتاب في الهامش التخريج صحيح.
3- (3) الفتن لابن حماد 263 حديث. 1036
4- (4) الفتن لابن حماد 266 حديث. 1054

أثبتوا بأنها من موضوعات الأمويين على محمد بن الحنفية و ابن عباس رحمهما الله تعالى، بدليل وجود عدد من المتهمين و المجهولين في رواتها، و من أراد التأكد من ذلك فليراجع مصادرها و أسانيدها.

هل المهدي هو محمد بن عبد الله الحسني؟

و لنترك الإجابة على هذا السؤال للتاريخ، فما هو ثابت في الوثائق التاريخية أن الحسنيين تحركوا للإطاحة بالدولة الأموية، و تحالفوا مع بني العباس على هذا الأمر، و نصبوا ولدهم محمد بن عبد الله قائدا لثورتهم و زعيما عليهم، و أشاعوا بين الناس بأنه هو المهدي المبشّر به في الأحاديث النبوية، و دعوا الناس إلى بيعته.

و قد ذكر أبو الفرج الأصفهاني في كتابه «مقاتل الطالبيين» إدعاء الحسنيين المهدية لولدهم محمد بن عبد الله الحسني، مؤكد بطلانها من طرق معتبرة، و بأسانيد متعددة، نذكر منها ما رواه بسند متصل عن عبد الأعلى بن أعين، و بسند أخر عن محمد بن أبي الكرّام، و بسند ثالث عن عيسى بن عبد الله، حفيد عمر بن علي بن أبي طالب عليه السّلام، فقد روي عن هؤلاء جميعا أنهم قالوا:

«إن جماعة من بني هاشم اجتمعوا بالأبواء و فيهم إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس، و أبو جعفر المنصور، و صالح بن علي، عبد الله بن الحسن و ابناه محمد و أبراهيم، و محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان، فقال صالح بن علي:

قد علمتم أنكم الذين تمد الناس أعينهم إليهم، و قد جمعكم الله في هذا الموضع فاعقدوا بيعة لرجل منكم تعطونه إياها من أنفسكم، و تواثقوا على ذلك، حتى يفتح الله و هو خير الفاتحين.

فحمد الله عبد الله بن الحسن و أثنى عليه ثم قال:

ص:11

قد علمتم أن ابني هذا هو المهدي فهلموا فلنبايعه.

و قال أبو جعفر [المنصور]: لأي شيء تخدعون أنفسكم، و و الله لقد علمتم ما الناس إلى أحد أطول أعناقا و لا أسرع إجابة منهم إلى هذا الفتى - يريد به محمد بن عبد الله بن الحسن -.

قالوا: و الله لقد صدقت إن هذا لهو الذي نعلم.

فبايعوا جميعا محمدا و مسحوا على يده.

قال عيسى: و جاء رسول عبد الله بن الحسن إلى أبي: أن ائتنا فإننا مجتمعون لأمر، و أرسل بذلك إلى جعفر بن محمد [الصادق].

هكذا قال عيسى و قال غيره: قال لهم عبد الله بن الحسن: لا نريد جعفرا لئلا يفسد عليكم أمركم.

قال عيسى: فأرسلني أبي أنظر ما اجتمعوا عليه، و أرسل جعفر بن محمد [الصادق] محمد بن عبد الله الأرقط بن علي بن الحسين، فجئناهم فإذا بمحمد بن عبد الله يصلي على طنفسة رجل مثنية.

فقلت: أرسلني أبي إليكم لأسألكم لأي شيء اجتمعتم؟ فقال عبد الله: اجتمعنا لنبايع المهدي ابن عبد الله.

قالوا: و جاء جعفر بن محمد [الصادق] فأوسع له عبد الله بن الحسن إلى جنبه، فتكلم بمثل كلامه فقال جعفر [الصادق]: «لا تفعلوا فإن هذا الأمر لم يأت بعد، إن كنت ترى - يعني عبد الله - أن ابنك هذا هو المهدي، فليس به و لا هذا أوانه، و إن كنت إنما تريد أن تخرجه غضبا لله، و ليأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر، فإنا و الله لا ندعك و أنت شيخنا و نبايع ابنك».

ص:12

فغضب عبد الله و قال: علمت خلاف ما تقول و و الله ما أطلعك الله على غيبه، و لكن يحملك على هذا الحسد لابني.

فقال [جعفر الصادق]: «و الله ما ذاك يحملني و لكن هذا و اخوته و أبناؤهم دونكم، و ضرب بيده على ظهر أبي العباس، ثم ضرب بيده على كتف عبد الله بن الحسن، و قال: إنها و الله ما هي إليك، و لا إلى ابنيك، و لكنها لهم و إن ابنيك لمقتولان».

ثم نهض و توكأ على يد عبد العزيز بن عمران فقال عليه السّلام: «أرأيت صاحب الرداء الأصفر؟ - يعني أبا جعفر [المنصور] - قال: قلت نعم، قال: فإنا و الله نجده يقتله. قال له عبد العزيز: أ يقتل محمدا؟ قال [الصادق]: نعم».

قال: فقلت في نفسي حسده و رب الكعبة. قال:

ثم و الله ما خرجت من الدنيا حتى رأيته قتلهما.

قال: فلما قال جعفر [الصادق] ذلك، انفضّ القوم فافترقوا و لم يجتمعوا بعدها، و تبعه عبد الصمد و أبو جعفر [المنصور] فقالا: يا أبا عبد الله أتقول هذا؟ قال: «نعم أقوله و الله و أعلمه»(1).

و في رواية العابدي يقول: كان جعفر بن محمد [الصادق] إذا رأى محمد بن عبد الله بن الحسن اغر و رقت عيناه بالدموع، ثم يقول: «بنفسي هو، إنّ النّاس ليقولون فيه إنّه المهديّ، و إنّه لمقتول، ليس هذا - في كتاب أبيه: عليّ - من خلفاء هذه الأمّة»(2).

ص:13


1- (1) مقاتل الطالبيين 171/140، مناقب ابن شهرآشوب 227/4، البحار 47 ح 18
2- (2) مقاتل الطالبيين 142.

و في رواية كان الإمام الصادق عليه السّلام يقول لعبد الله بن الحسن والد محمد الذي لقّبوه بالمهدي: «ما هي إليك و لا إلى ابنك، و إنما هي لهذا - يعني السفّاح - ثم لهذا - يعني المنصور - يقتله على أحجار الزيت»(1).

و قد صادق الواقع التاريخي على كلمة الإمام الصادق عليه السّلام، التي أخرجها للأمة من كتاب جده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام، و كان هذا الكتاب بإملاء رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم عليه، و هذا ما حصل فعلا، حيث لم يصل الحسنيون إلى الخلافة، و راح ولدهم محمد بن عبد الله ضحية المهدية المزعومة، تماما كما أخبر الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السّلام.

هل المهدي هو محمد بن عبد الله العباسي؟

ذكر المؤرخون أن العباسيين بادروا لتجميع أنصارهم سرا، و سرقوا مخطط الثورة من الحسنيين، و تمكنوا فيما بعد من إعلان ثورتهم على الأمويين من بلاد خراسان، و استطاعوا إسقاط الدولة الأموية، و استلام الخلافة من بعدهم، و من ثم القضاء على جميع معارضيهم بما فيهم الحسنيين حلفاؤهم بالأمس.

و قد شهدت العقيدة بالمهدي المنتظر في الأمة، قمة عمليات الوضع و التلاعب بأحاديثها النبوية، و التآمر على مبادئها و أصولها العقيدية، على يد خلفاء بني العباس، و بالأخص خليفتهم الثاني عبد الله العباسي، الملقب بأبي جعفر المنصور الدوانيقي، و هو الذي نصّب ولده محمد بن عبد الله خليفة للمسلمين من بعده، و حمل الأمة قسرا على مبايعته بالخلافة قبل وفاته، و أطلق عليه لقب المهدي، مدعيا أنه هو الخليفة المنتظر، المبشر به في الأحاديث النبوية، و الذي يملأ الأرض قسطا و عدلا. و مما ذكره المؤرخ الشهير أبو الفرج الأصفهاني في كتابه «الأغاني» بهذا الصدد قوله:

ص:14


1- (1) المناقب لابن شهرآشوب 248./4

لما أراد المنصور البيعة للمهدي، و كان ابنه جعفر يعترض عليه في ذلك، فأمر بإحضار الناس فحضروا، و قامت الخطباء فتكلموا، و قالت الشعراء فأكثرت في وصف المهدي و فضائله، و فيهم مطيع بن إياس، فلما فرغ الخطباء من كلامهم و الشعراء من شعرهم قال للمنصور: يا أمير المؤمنين، حدثنا فلان عن فلان أن النبي صلّى اللّه عليه و اله و سلم قال: «المهدي منا، محمد بن عبد الله، و أمه من غيرنا، يملأها عدلا كما ملئت جورا». و هذا العباس بن محمد أخوك يشهد على ذلك.

ثم أقبل على العباس فقال له: أنشدك الله، هل سمعت هذا؟ فقال:

نعم، مخافة من المنصور! فأمر المنصور الناس بالبيعة للمهدي.

و لما انفضّ المجلس و كان العباس بن محمد لم يأنس به قال: أرأيتم هذا الزنديق - يعني: مطيع بن إياس - إذ كذب على الله عز و جل و على رسوله صلّى اللّه عليه و اله و سلم، حتى استشهدني على كذبه، فشهدت له خوفا، و شهد كل من حضر عليّ بأني كاذب.

و كان جعفر بن أبي جعفر المنصور ماجنا، و مع ذلك فلما بلغه هذا القول عن مطيع بن إياس و كذبه على النبي صلّى اللّه عليه و اله و سلم في حديث المهدي، غاضه ذلك و قد شقت عليه البيعة لأخيه محمد لأنه كان يتطلع إلى الخلافة بعد أبيه، و كان مطيع بن إياس منقطعا في خدمة جعفر بن المنصور، و لكن بعد قوله هذا طرده من خدمته و تناوله بكلام فاحش ذكره أبو الفرج الأصفهاني، و نحن نترفع عن ذكره هنا(1).

و لم تقتصر يد التحريف العباسية على التلاعب بأحاديث المهدي و تزييفها، بل تطاولت إلى نصوص الخلافة، بهدف تثبيت سلطانهم الظالم الغاشم، من خلال اضفاء الطابع الديني و الغيبي عليه.

و من الروايات الموضوعة لصالح السلطة العباسية، ما أسندوه إلى

ص:15


1- (1) الأغاني 81/12 طبع الساسي.

الخليفة الثالث عثمان بن عفان أنه قال: سمعت النبي صلّى اللّه عليه و اله و سلم يقول: «المهديّ من ولد العبّاس عمّي»(1). و رووا أيضا عن عبد الله بن العباس، عن أبيه:

أن النبي صلّى اللّه عليه و اله و سلم نظر إليه مقبلا فقال «هذا عمّي أبو الخلفاء الأربعين، من أجود قريش كفا و أحماها، من ولده السّفّاح و المنصور و المهدي، يا عمّ بي فتح الله ابتداء هذا الأمر، و يختمه برجل من ولدك»(2).

و إذا أردت التوسع في معرفة أبعاد المؤامرة العباسية الخبيثة، على الخلافة و على القضية المهدية، فعليك بمطالعة موضوع الفوارق التاريخية بين ثورة الموطئين للمهدي و الثورة العباسية من كتابنا «ثورة الموطئين للمهدي»(3).

إن القضية المهدية بما لها من الأصالة في الفكر الإسلامي، و بما لها من موقع القداسة و العظمة و الأهمية في ضمير الأمة و وجدانها، كانت و لا زالت مطمعا لكل الطامعين بالخلافة، و شرفا يدعي امتلاكه الكثيرون من مرضى القلوب و طلاّب الدنيا، الساعين دوما للوصول إلى مواقع السلطة، ممن هم على شاكلة الأمويين و العباسيين و غيرهم.

و هذه الحركات المهدية المزيفة، التي شهدتها الأمة عبر تاريخ الصراع على الخلافة و الحكم، في الوقت الذي يكشف لجووها إلى العقيدة المهدية، و رفعها لشعاراتها و تسّترها بها، أصالة هذه العقيدة في الفكر الإسلامي، فإنها أيضا كانت من جهة أخرى عاملا سلبيا خطيرا في طمس معالم الهوية المهدية الأصيلة.

و لا يشك أي باحث منصف، ما لعملية منع تدوين الحديث، بعد

ص:16


1- (1) كنز العمال ج 14 ص 264 حديث 38663، رواه الدار قطني في الأفراد و ابن عساكر في تاريخه و قال الدار قطني: هذا حديث غريب تفرد به محمد بن الوليد مولى بني هاشم، الصواعق المحرقة الباب الحادي عشر، الفصل الأول ص 166 ثم علق عليه بقوله: قال الذهبي تفرد به محمد بن الوليد مولى بني هاشم و كان يضع الحديث.
2- (2) أخرجه ابن انجوزي في الموضوعات 136/2، اللألىء 435./1
3- (3) ثورة الموطئين للمهدي ص 229 للمؤلف طبع دار الوسيلة.

وفاة رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم من انعكاسات سلبية أصابت العقيدة المهدية بالصميم، بل أصابت المفاصل الكبرى لأصول الفكر الإسلامي عموما، بكل أبعاده العقيدية و السياسية و التشريعية.

قال الحافظ الذهبي: إن الصدّيق [الخليفة الأول] جمع الناس بعد وفاة نبيهم فقال: إنكم تحدثون عن رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم أحاديث تختلفون فيها، و الناس بعدكم أشد اختلافا، فلا تحدثوا عن رسول الله شيئا، فمن سألكم فقولوا: بيننا و بينكم كتاب الله، فاستحلّوا حلاله و حرّموا حرامه(1).

و روي عن عائشة أنها قالت: جمع أبي الحديث عن رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم، و كانت خمسمائة حديث، فبات ليلته يتقلّب كثيرا، فلما أصبح قال: أي بنيّة هلمي الأحاديث التي عندك، فجئته بها، فدعا بنار فحرقها فقلت: لم أحرقتها؟! قال: خشيت أن أموت و هي عندي، فيكون فيها أحاديث عن رجل قد إئتمنته و وثقت به، و لم يكن كما حدثني!! فأكون قد نقلت ذاك(2).

و قد استمر منع تدوين الحديث و التحدث به في عصر الخليفة الثاني، فأمر رجالا من كبار الصحابة بأن لا يحدّثوا الناس بأحاديث رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم، و حبسهم في المدينة، لئلا يخرجوا إلى الأمصار و يحدثوا الناس بأحاديث رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم(3).

و كان عمر إذا أرسل ولاته من الصحابة إلى الأمصار الأخرى، شيّعهم و ودّعهم ثم يقول لهم: إنما خرجت معكم لأجل أن أوصيكم: إنكم تأتون أهل قرية، لهم دوي بالقرآن كدوي النحل، فلا تصدوهم بالأحاديث فتشغلوهم، جردوا القرآن و أقلوا الرواية عن رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم و أنا شريككم.

فلما قدم بعضهم العراق قال له الناس: حدّثنا، قال: نهانا عمر(4)

ص:17


1- (1) تذكرة الحفاظ للذهبي 2/1، حجية السنة. 394
2- (2) تذكرة الحفاظ للذهبي 5/1، حجية السنة. 394
3- (3) تذكرة الحفاظ للذهبي 7./1
4- (4) تذكرة الحفاظ 7/1، مستدرك الصحيحين 1 حديث 374 صحيح باتفاق الذهبي.

و هكذا كان الصحابة على هذه السيرة، حتى توفي عمر سنة 24 هجرية.

و روي أن عمر بن الخطاب أراد أن يكتب السنن، فاستشار في ذلك أصحاب رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم، فأشاروا عليه أن يكتبها، فلم يكتبها و قال: إني أردت أن أكتب السنن، و إني ذكرت قوما كانوا قبلكم كتبوا كتبا فأكبّوا عليها، فتركوا كتاب الله تعالى، و إني و الله لا ألبس كتاب الله بشيء أبدا(1).

و روي عن يحيى بن جعدة، أن عمر بن الخطاب أراد أن يكتب السنة، ثم بدا له أن لا يكتبها، ثم كتب إلى الأمصار: من كان عنده منها شيء فليمحه(2).

و روي عن القاسم بن محمد بن أبي بكر: أن عمر بن الخطاب بلغه أنه قد ظهرت في أيدي الناس كتب، فاستنكرها و كرهها، و قال: أيها الناس! إنه قد بلغني أنه قد ظهرت في أيديكم كتب، فأحبها إلى الله أعدلها و أقومها، فلا يبقين أحد عنده كتابا إلا أتاني به، فأرى فيه رأيي.(3)

قال: فظنوا أنه يريد أن ينظر فيها و يقومها على أمر لا يكون فيه اختلاف، فأتوه بكتبهم فأحرقها بالنار!!(4).

و لما تولى عثمان الخلافة أعلن مضيه على سيرة الشيخين، في سياسة منع رواية الحديث، و خطب بالناس قائلا: لا يحل لأحد يروي حديثا لم يسمع به في عهد أبي بكر و لا في عهد عمر، فإنه لم يمنعني أن أحدّث عن رسول الله أن لا أكون أوعى أصحابه(5).

و الواقع أن هذه السيرة مخالفة لتوصيات رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم، كما جاء عنه

ص:18


1- (1) تقييد العلم 49، حجية السنة 395 عن البيهقي و ابن عبد البّر.
2- (2) تقييد العلم 53، حجية السنة. 395
3- (3) حجية السنة. 395
4- (4) منتخب كنز العمال 172./4
5- (5) مستدرك الصحيحين 196/1 حديث. 385

صريحا في رواية أبي موسى الغافقي أنه قال: «عليكم بكتاب الله، و سترجعون إلى قوم يحبون الحديث عني، فليحدّث به، و من قال عني ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار» و قال أبو موسى: هذا ما عهد إلينا رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم(1).

لقد تنبأ رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم بهذا الإجراء التعسفي، القاضي بإقصاء سنّته المطهّرة عن التطبيق في الإدارة و الحكم و في معرفة أحكام الشريعة، و مما جاء عنه بهذا الصدد أنه قال: «يوشك الرجل متكئا على أريكته، يحدّث بحديث من حديثي فيقول: بيننا و بينكم كتاب الله عز و جل، فما وجدنا فيه من حلال استحللناه، و ما وجدنا فيه من حرام حرّمناه، ألا و إن ما حرّم رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم مثل ما حرّم الله»(2).

و على أي حال إن سياسة منع التحدث بالحديث و تدوينه، مهما كانت مبرراتها و أهدافها الموضوعية، فإنها اجتهاد مخالف للنص القرآني الصريح في قوله تعالى: وَ أَنْزَلْنٰا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنّٰاسِ مٰا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (3).

فالسّنة النبوية هي تبيان للقرآن و تفصيل لمجمله و إيضاح لغوامضه و حل لألغازه و رموزه و تفسير لآياته، و هذا معنى قول رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم: «إني أوتيت القرآن و مثله معه»(4). مما يؤكد أن سياسة منع تدوين الحديث و النهي عن التحدث به مخالفة للقرآن و السنة معا.

و نجد في قول أبي بكر: فلا تحدّثوا عن رسول الله شيئا، فمن سألكم قولوا بيننا و بينكم كتاب الله، فاستحلوا حلاله و حرّموا حرامه.

مصداقا لتلك النبوءة، بل إن قول رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم: «يوشك الرجل متكئا

ص:19


1- (1) مستدرك الصحيحين 196/1 حديث. 385
2- (2) سنن ابن ماجة 12/1 و 13 و 21، سنن أبي داود 3050/3، و ج 4 حديث 4604، و حديث 4605، سنن الترمذي ج 5 حديث 2663 و حديث 2664، مستدرك الصحيحين 1 حديث 108 و حديث 109، مسند أحمد ج 4 حديث 130 و. 132
3- (3) النحل. 44
4- (4) مسند أحمد 131/4، سنن أبي داود 4604./200/4

على أريكته» يشعر بقرب تحقيق هذا الأمر بعد وفاته مباشرة، لأنه لم يقل كما قال في سائر أخباره عن الغيب البعيد «يكون في آخر الزمان».

و مما يؤسف له أن تمتد عملية منع تدوين الحديث رسميا، من بداية خلافة أبي بكر حتى قيام الدولة العباسية سنة (132 ه)، حيث كانت بداية الانفراج و الإجازة لتدوين الحديث، و لكن بعد أن لعبت النفوس المريضة و الاجتهادات الخاطئة، لعبتها في فهم الدين و تحريفه، بعيدا عن هدي السنة المحمدية المطهّرة طيلة قرن كامل من الزمن.

فهل من الإنصاف القول بسلامة أحاديث المهدي من الوضع و التحريف في كتب الحديث، و الأخذ بها تعبدا من دون الالتفات إلى المؤامرات التاريخية و السياسية الكثيرة، التي حيكت باسم القضية المهدية على الأمة، من قبل الطامعين بالخلافة و المتزلّفين لهم من الرواة، و كان ذلك قبل تدوين الحديث بعشرات السنين.

و من هنا يبقى السؤال: من هو المهدي المنتظر؟ من دون جواب حاسم، إذا لم نشمّر عن سواعد الجد و الاجتهاد، و نشد أحزمة الاستعداد لسبر أغوار البحث العلمي النزيه، سعيا وراء الحقيقة بعيدا عن التعصب الأعمى لهذا المذهب أو ذاك، لأن الحق أحق أن يتّبع أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لاٰ يَهِدِّي إِلاّٰ أَنْ يُهْدىٰ فَمٰا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (1).

ص:20


1- (1) سورة يونس: الآية 35.

مع الرأي القائل: إن المهدي المنتظر من ولد الإمام الحسن

قبل الدخول في تفاصيل هذا الرأي، لا بد أن نستحضر في تصوراتنا حركة الحسنيين، بقيادة محمد بن عبد الله الحسني، الذي بويع بالخلافة في منطقة الأبواء لإسقاط الدولة الأموية، و على أعقاب ذلك أشيع بين الناس أنه المهدي المنتظر المبشّر به في الروايات، و هذا يعني أن كل حديث يصرح بأن المهدي المنتظر من ولد الحسن، ينبغي أن يكون موضع شك من قبل الباحثين و المحققين، لاحتمال وقوف دعاة هذه الحركة وراء هذا النوع من الأحاديث، بالإضافة إلى ذلك إن هذه الحركة سبقت مرحلة تدوين الحديث بفترة طويلة من الزمن، فلا نستبعد أن تكون هذه الأحاديث من مخلفات تلك الفترة، و من هنا لا بد أن يخضع كل حديث من هذا النوع للبحث و التحقيق، و لا يمكن القبول به ما لم تثبت صحته و تتعدد رواته و طرقه.

و قد استدل القائلون بأن المهدي المنتظر من ولد الحسن بدليلين ذكرهما ابن القيم الجوزية في كتابه «المنار المنيف» و هما:

الدليل الأول: ما روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أنه نظر إلى ابنه الحسن فقال: «إن ابني هذا سيد كما سماه النبي، و سيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم، يشبهه في الخلق، و لا يشبهه في الخلق،

ص:21

يملأ الأرض عدلا»(1).

و هذا الحديث أخرجه أبو داود قال: و حدثت عن هارون بن المغيرة قال: أخبرني عمرو بن أبي قيس، عن شعيب بن خالد، عن أبي إسحاق قال: قال علي رضي الله عنه و نظر إلى ابنه الحسن فقال: فذكره.

و أخرجه أيضا نعيم بن حماد في الفتن قال: حدثنا غير واحد عن ابن عياش، عمّن حدثه، عن محمد بن جعفر، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: فذكره.

و يلاحظ على السند الأول أن هارون بن المغيرة، و إن وثّقه علماء الجرح و التعديل، لكنّ أبا داود قال: حدثت عن هارون، فالظاهر أن بينهما واسطة. فالحديث على هذا الأساس منقطع لا يحتج به.

أما السند الثاني فقد أخرجه نعيم بن حماد، و لكنه لم يذكر شيوخه و إنما قال: حدثنا غير واحد عن ابن عياش، كما أن شيخ ابن عياش غير معروف، فهذا السند فيه أكثر من واحد مبهم و مجهول فلا يعتمد عليه.

و هناك اتفاق بين علماء الجرح و التعديل على ضعف رجال هذا الحديث، و قال بعضهم إن في سنده انقطاع، و منهم ابن القيم الجوزية في كتابه «المنار المنيف»، و لا ندري كيف استدلّ به هنا على كون المهدي المنتظر من أبناء الإمام الحسن؟(2).

و حسب الاستقصاء أنه ليس لأصحاب هذا الرأي من حديث أخر يحتجّون به، فهو خبر واحد لا يعوّل عليه.

و ليس ببعيد أن يكون هذا الحديث صحيحا، و إنما حصلت الجهالة في بعض رجاله، بسبب تلاعب الثوار الحسنيين به، الذين ادعوا المهدية للثّائر الحسني فحرّفوه لصالحهم و أخفوا أنفسهم، بدليل أن العلاّمة الجزري

ص:22


1- (1) السنن لأبي داود 3290/108/4، الفتن لابن حماد 1061/266، كنز العمال 13 / 37636./647
2- (2) المنار المنيف 144 حديث 329 عن أبي داود.

الدمشقي الشافعي رواه بنحو آخر و قال:

و الأصحّ أنّه من ذريّة الحسين بن علي، لنص أمير المؤمنين عليّ على ذلك، فيما أخبرنا به شيخنا المسند، رحلة زمانه عمر بن الحسن الرّقي قراءة عليه قال: أنبأنا أبو الحسن بن البخاري، أنبأنا عمر بن محمد الدارقزي، أنبأنا أبو البدر الكرخي، أنبأنا أبو بكر الخطيب، أنبأنا أبو عمر الهاشمي، أنبأنا أبو علي اللؤلؤي، أنبأنا أبو داود الحافظ قال: ثم ذكر سند أبي داود لفظا بلفظ عن أبي إسحاق قال: قال علي - و نظر إلى ابنه الحسين - فقال:

«إن ابني هذا سيد كما سماه رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم، و سيخرج من صلبه رجل باسم نبيكم، يشبهه في الخلق و لا يشبهه في الخلق، ثم ذكر قصة يملأ الأرض عدلا». ثم قال: هكذا رواه أبو داود في سننه و سكت عنه(1).

الدليل الثاني: قال ابن القيم الجوزية، و في كون المهدي من ولد الحسن رضي الله عنه سر لطيف، و هو أن الحسن رضي الله عنه ترك الخلافة لله، فجعل الله في ولده من يقوم بالخلافة الحقة المتضمنة للعدل الذي يملأ الأرض، و هذه سنة الله في عباده أنه من ترك شيئا لأجله، أعطاه الله أو أعطى ذريته أفضل منه، و هذا بخلاف الحسين رضي الله عنه، فإنه حرص عليها و قاتل عليها فلم يظفر بها(2).

و بغض النظر عما في هذا الحديث، من محاولة إعطاء الشرعية لحكم معاوية، في الأدعاء بأن الإمام الحسن عليه السّلام ترك الخلافة لله و تنازل عنها لمعاوية، و افتراء على الإمام الحسين عليه السّلام بأنه حرص و قاتل عليها، فلم يظفر بها!! فإن كلام ابن القيم يحتاج إلى نقاش و تفنيد نتعرض له بعد

ص:23


1- (1) عقد الدرر 24، اسمى المناقب في تهذيب أسنى المطالب للجزري الدمشقي الشافعي 165 61/168، العمدة 434 حديث 912 /
2- (2) المنار المنيف 144.

قليل، و لكننا نقول ان العلامة البرزنجي ناقش هذا الإدعاء و اثبت بطلانه، و هو في معرض الاستدلال على أن المهدي من ذرية الإمام الحسين و ليس من ذرية الإمام الحسن، تعليقا على رواية وردت بخصوص الثائر الحسني، الذي يخرج من المشرق في عصر ظهور الإمام المهدي، فإذا خرج المهدي عليه السّلام جاء إليه و طالبه بالخلافة، مدعيا أنه ابن الإمام الحسن و أنه أحق بالخلافة من ولد الإمام الحسين(1).

قال العلامة البرزنجي تعليقا على هذه الرواية: و في هذا الحديث فائدة و إشكال:

أما الفائدة فإنها تدل على أن المهدي من أولاد الحسين، و أن ابن عمه هذا حسني، و أنه يظن أن الخلافة في بني الحسن حيث يقول: أنا ابن الحسن، و مستنده في هذه الدعوى - و الله أعلم - أمران: (أحدهما): أن الحسن استخلف فيكون أولاده أحق بها، و (الثاني): أنه نزل عنها حقنا لدماء المسلمين فعوضه الله الخلافة في أولاده، و كلا الأمرين معارض، فأما الأول: فلأن بيعة الحسن كانت من بعض الناس و هم من أهل العراق و المشرق و اليمن، دون أهل الشام و المغرب و مصر، و قد بايع بعضهم الحسين أيضا، أما الثاني: فلأن الحسن قد فوت حقه بعد ما ناله، و أما الحسين فلم ينل ما أراد فحقه باقي فأعطاه الله في أولاده... ثم ذكر الإشكال و هو لا يتعلق بموضوع البحث(2).

و جوابنا تعليقا على كلام ابن الجوزي نقول:

و الواقع أن ادعاء ترك الإمام الحسن للخلافة، و حرص الإمام الحسين عليها، هو محض افتراء و كذب صريح على أولاد الأنبياء، و على هذين السبطين و الإمامين العظيمين، بل هو تزوير للتاريخ و تزييف للحقائق و الوقائع المشهورة.

ص:24


1- (1) سيأتي هذا الحديث ضمن الأحاديث التي نثبت بها أن المهدي من ولد الحسين عليه السّلام.
2- (2) الإشاعة 147.

و يذكر التاريخ، أن معاوية دخل الكوفة في عام الصلح، و خطب فيها فذكر عليا و نال منه و من الحسن، فقام الحسن و قال:

«أيها الذاكر عليا أنا الحسن و أبي علي، و أنت معاوية و أبوك صخر، و أمي فاطمة و أمك هند، و جدي رسول الله وجدك عتبة بن ربيعة، و جدتي خديجة و جدتك قتيلة، فلعن الله أخملنا ذكرا و ألأمنا حسبا، و شرّنا قديما و حديثا و أقدمنا كفرا و نفاقا».

فقالت طائفة من أهل المسجد: آمين(1).

بربك هل يتنازل سبط الطاهرين و ابن سيد المرسلين، عن الخلافة بملء إرادته، لرجل شهد له بنفسه بقديم نفاقه، و بخباثة نسبه و منشأه، و فساد دينه و أخلاقه؟! اللهم لا يقول بذلك إلا النواصب، الذين لا فرق عندهم بين أبناء الطلقاء، و أبناء الأصفياء، و لا يميزون الخبيث من الطيّب، ممن هم على شاكلة ابن القيم الجوزية.

فالتاريخ يشهد أن الحسن عليه السّلام لم يترك الخلافة لمعاوية بمحض إرادته، بل تركها مضطّرا مكرها، بعد أن غدر به أصحابه الذين أغرى معاوية الأكثرية منهم بالأموال و المناصب و أرهبهم بالنار و الحديد(2).

فلم يعتزل حفيد رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم الحرب ضد معاوية، و لم يتخلّ عن الخلافة له، إلا بعد أن تفرق عنه عسكره و تخاذل الكثيرون من الذين ساروا معه، و بعد أن تأكد من عدم إمكانية توحيد صفوفهم، و تنظيم كتائبهم من جديد، بما عهده من نفاقهم و تلونهم و اختلافهم في عهد أبيه، كما نص على ذلك الجاحظ في رسالته في بني أمية(3).

ص:25


1- (1) شرح ابن أبي الحديد ج 407/4، سيرة الأئمة الاثني عشر 532/1.
2- (2) تاريخ الطبري ج 6 ص 92 /ابن أبي الحديد 697/4، مجمع الزوائد 172/9.
3- (3) النزاع و التخاصم للمقريزي 93.

و الثابت في التاريخ أن الإمام الحسين عليه السّلام خرج إلى العراق و هو على علم بأن بني أمية سيقتلونه، و لو كان متعلقا بأستار الكعبة و هو القائل:

«و ايم الله، لو كنت في جحر هامة من هذه الهوام لاستخرجوني، حتى يقضوا فيّ حاجتهم، و و الله ليعتدنّ عليّ كما اعتدت اليهود في السبت»(1)، و إني ماض في أمر رسول الله حيث أمرني، و إِنّٰا لِلّٰهِ وَ إِنّٰا إِلَيْهِ رٰاجِعُونَ (2).

كيف يقال إذن لثائر ينعى نفسه - قبل أن يضرب بالصفاح في ساحة الجهاد و الشهادة - أنه يطلب الدنيا، و يحرص على الخلافة، و كيف يتّهم الإمام الحسين عليه السّلام الذي آمتثل حكم الله و سنة رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم بأنه طالب دنيا؟! و هذه بيانات ثورته في تصريحاته، تشهد له على عكس ما يقول ابن القيم الجوزية، أليس هو القائل يوم كربلاء:

«أيها الناس إن رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم قال: من رأى سلطانا جائرا، مستحلا لحرام الله، ناكثا لعهد الله، مخالفا لسنة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم و العدوان، فلم يغيّر عليه بفعل و لا قول، كان حقا على الله أن يدخله مدخله، ألا و إن هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان، و تركوا طاعة الرحمان، و أظهروا الفساد، و عطّلوا الحدود، و استأثروا بالفيء، و احلوا حرام الله، و حرّموا حلاله، و أنا أحق من غيّر»(3).

و قول الإمام الحسين عليه السّلام: «أنا أحق من غيّر» يوضح معنى قوله السابق: «و إني ماض في أمر رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم حيث أمرني، و إِنّٰا لِلّٰهِ وَ إِنّٰا إِلَيْهِ

ص:26


1- (1) الطبري 217/6، البداية و النهاية 169/8.
2- (2) مقتل الحسين للخوارزمي 158/1.
3- (3) الكامل في التاريخ 280/3، تاريخ الطبري 304/4.

رٰاجِعُونَ»، فهو ماض في طريق الثورة لتغيير الواقع المنحرف الفاسد في السلطة و المجتمع، تنفيذا لأمر رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم، و إن كان الموت ينتظره، و الشهادة مصيره، لأنه أولى من جميع أفراد المجتمع الإسلامي في عصره، بتنفيذ أحكام الله تعالى، و امتثال توجيهات رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم، و القيام بمسؤولية قيادة الأمة.

فصلح الإمام الحسن و كربلاء الإمام الحسين (عليهما السلام)، لا يلتقيان مع دليل ابن الجوزية لإثبات المهدية لأبناء الإمام الحسن عليه السّلام، و إذا نظرنا في الأدلة العلمية التي تثبت المهدية الحقّة لنسل الإمام الحسين عليه السّلام، و التي سنقف عليها بعد قليل، علمنا أن ابن الجوزية و أمثاله، إنما ينسجون للناس التصورات الموهومة عن المهدي المنتظر عليه السّلام من خيوط بيوت العنكبوت، فعلماء الإمامية يمتلكون شهادة التاريخ التي تثبت ولادة المهدي المنتظر من أبيه العسكري حفيد الإمام الحسين عليهم السّلام جميعا، و يوافقهم على ذلك عشرات العلماء من أهل السنة، و شهادة أهل البيت عندهم تغني عن كل الشهادات، لأنهم أدرى بأبنائهم و أنسابهم من غيرهم.

ص:27

ص:28

مع الرأي القائل: إن المهدي من ولد الإمام الحسين عليه السّلام

اشارة

و هو الرأي المعتمد من قبل أهل البيت، و يعتقد به أتباعهم من الشيعة الأمامية، و يذهب إليه معهم جمع غفير من علماء أهل السنة، من أهل البحث و التحقيق و أهل الكشف و التدقيق، و ذلك لتظافر الأدلة العلمية الواضحة الصريحة على صحته، و هي ستة:

الدليل الأول: التصريحات النبوية.

الدليل الثاني: شهادة أئمة أهل البيت.

الدليل الثالث: شهادة المؤرخين.

الدليل الرابع: شهادة الواقع التاريخي.

الدليل الخامس: شهادة علماء أهل السنة.

الدليل السادس: شهادة علماء الإمامية.

و سنحاول أن نتناول باختصار هذه الأدلة الستة، التي تثبت انتساب الإمام المهدي المنتظر عليه السّلام إلى جده الإمام الحسين عليه السّلام، من خلال ارتباطه بالسلسلة الذهبية، المؤلفة من أئمة أهل البيت المطهّرين، صلوات الله و سلامه عليهم أجمعين.

ص:29

ص:30

الدليل الأول: التصريحات النبوية

روى هذه التصريحات عن رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم عشرات الصحابة في أحاديث كثيرة، نصت بوضوح أن المهدي المنتظر عليه السّلام من ولد الإمام الحسين عليه السّلام، نذكر لكم طائفة منها، مقتصرين في هذا الدليل على ما جاء من طرق أهل السنة فقط:

الحديث الأول: عن أبي إسحاق قال: قال علي و نظر إلى ابنه الحسين:

«إن ابني هذا سيد كما سماه رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم، و سيخرج من صلبه رجل باسم نبيكم، يشبهه في الخلق و لا يشبهه في الخلق، يملأ الأرض عدلا»(1).

و قد روي هذا الحديث أيضا بلفظ أخر و بسند أخر: عن أبي وائل قال: نظر أمير المؤمنين علي إلى الحسين فقال:

«إن ابني هذا سيد كما سماه رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم، و سيخرج من صلبه رجل باسم نبيكم، يشبهه في

ص:31


1- (1) عقد الدرر 24، أسنى المطالب للجزري 130، العمدة 434 حديث. 912

الخلق و الخلق، يخرج على حين غفلة من الناس، و إماتة للحق و إظهار للجور، و الله لو لم يخرج لضربت عنقه، يفرح بخروجه أهل السماوات و سكانها، و هو رجل أجلى الجبين، أقنى الأنف، ضخم البطن(1)، أذيل الفخذين، بفخذه(2) اليمنى شامة، أفلج الثنايا، يملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما و جورا»(3).

الحديث الثاني: و روي عن أبي الحسن الربعي المالكي، عن حذيفة، عن رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم أنه قال:

«لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد، لبعث الله فيه رجلا اسمه اسمي، و خلقه خلقي، يكنّى أبا عبد الله، يبايع له الناس بين الركن و المقام، يؤيّد الله به الدين، و يفتح له الفتوح، فلا يبقى على وجه الأرض إلا من يقول: لا إله إلا الله».

فقام سلمان فقال: يا رسول الله، من أي ولدك؟ قال:

«من ولد ابني هذا» و ضرب بيده على الحسين»(4).

الحديث الثالث: عن علي عليه السّلام انه ذكر المهدي فقال:

«انه من ولد الحسين عليه السلام - و ذكر حليته - فقال: رجل أجلى الجبين، أقنى الأنف، ضخم

ص:32


1- (1) في بعض الروايات: ضخم البدن، و هو الأصح.
2- (2) اكثر الروايات من طرق أهل البيت عليهم السّلام قالت: بخده الأيمن خال.
3- (3) عقد الدرر 38.
4- (4) عقد الدرر 24 و كذلك 31، ذخائر العقبى 136 و كذلك 37 و زاد فيه قوله «اسمه كاسمي»، فرائد السمطين 325/2 حديث 575 لكنه قال «فضرب بيده على ظهر الحسين»، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي 224، المنار المنيف 148 حديث 339 لكنه لم يذكر سؤال سلمان و جواب رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم عليه، و هكذا يفعلون.

البطن(1)، أذيل الفخذين، أفلج الثنايا، بفخذه(2)اليمنى شامة»(3).

الحديث الرابع: عن أبي هارون العبدي قال: أتيت أبا سعيد الخدري فقلت له: هل شهدت بدرا؟ فقال: نعم، قلت: ألا تحدثني بشيء مما سمعته من رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم في علي و فضله؟ فقال: بلى أخبرك أن رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم مرض مرضة نقه منها، فدخلت عليه فاطمة عليها السلام تعوده، و أنا جالس عن يمين رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم، فلما رأت ما برسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم من الضعف، خنقتها العبرة حتى بدت دموعها على خدها فقال لها رسول صلّى اللّه عليه و اله و سلم:

«ما يبكيك يا فاطمة أما علمت أن الله تعالى اطّلع إلى الأرض اطّلاعة فاختار منها أباك فبعثه نبيا، ثم اطّلع ثانية فاختار بعلك فأوحى إلي فأنكحته و اتخذته وصيا. أما علمت أنك بكرامة الله تعالى زوجتك أعلمهم علما و أكثرهم حلما و أقدمهم سلما. فضحكت و استبشرت فأراد رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم أن يزيدها مزيد الخير كله الذي قسمه الله لمحمد و آل محمد صلّى اللّه عليه و اله و سلم فقال لها: يا فاطمة و لعلي ثمانية أضراس - يعني: مناقب - إيمان بالله و رسوله و حكمته و زوجته، و سبطاه الحسن و الحسين، و أمره بالمعروف، و نهيه عن المنكر. يا فاطمة إنّا أهل بيت أعطينا ستّ خصال لم يعطها أحد من الأوّلين و لا يدركها أحد من الآخرين غيرنا أهل البيت، نبينا خير الأنبياء و هو أبوك، و وصينا خير

ص:33


1- (1) و في رواية ضخم البدن و هو الأصح لملائمتها لقوله صلّى اللّه عليه و اله و سلم: الجسم جسم إسرائيلي.
2- (2) و الأصح بخده الأيمن خال.
3- (3) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 281/1 و قال ابن أبي الحديد: ذكر هذا الحديث بعينه عبد الله بن قتيبة في كتاب «غريب الحديث»، شرح النهج أيضا 130/19، غريب الحديث لابن الجوزي 449/1، النهاية 325/2 من الغريين للهروي، ينابيع المودة للحنفي القندوزي 498.497.

الأوصياء و هو بعلك، و شهيدنا خير الشهداء و هو حمزة عمّ أبيك، و منّا سبطا هذه الأمة و هما ابناك، و منّا مهديّ الأمة الذي يصلي عيسى خلفه ثم ضرب على منكب الحسين عليه السّلام فقال: من هذا مهديّ الأمة»(1).

الحديث الخامس: عن عبد الله بن عمرو قال:

«يخرج المهدي من ولد الحسين، من قبل المشرق، لو استقبلته الجبال لهدمها و اتّخذ فيها طرقا»(2).

الحديث السادس: عن محمد بن جعفر قال: قال علىّ بن أبي طالب:

«يخرج رجل من ولد الحسين، اسمه اسم نبيكم، يفرح بخروجه أهل السماء و الأرض..»(3).

الحديث السابع: و في رواية عن علي عليه السّلام قال: قال رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم:

«لا تذهب الدنيا حتى يقوم بأمّتي رجل من ولد الحسين، يملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما»(4).

الحديث الثامن: و في رواية عن سلمان الفارسي قال: دخلت على النبي صلّى اللّه عليه و اله و سلم و إذا الحسين على فخذه، و هو يقبّل عينيه و يلثم فاه و يقول:

«إنك سيّد ابن سيّد أبو سادة، إنك إمام ابن إمام

ص:34


1- (1) البيان للحافظ الكنجي الشافعي الباب التاسع عن الدارقطني، الفصول المهمة 295 عن الدارقطني، ينابيع المودة للقندوزي 490 عن فضائل الصحابة.
2- (2) عقد الدرر 223 و قال: أخرجه الحافظ أبو نعيم الأصفهاني في «صفة المهدي»، و الحافظ نعيم بن حماد، و الحافظ الطبراني في «معجمه».
3- (3) الفتن لنعيم بن حماد 473 و هو مقطع من حديث طويل.
4- (4) ينابيع المودة للحنفي القندوزي 445.

أبو أئمة، إنك حجّة ابن حجّة أبو حجج تسعة من صلبك تاسعهم قائمهم»(1).

الحديث التاسع: تذكر الروايات من طرق الفريقين، خروج ثائر من ولد الحسن عليه السّلام، قبل المهدي عليه السّلام بفترة قصيرة، و هو ممدوح السيرة، و على أعقاب ثورته يخرج المهدي المنتظر عليه السّلام، فإذا التقى به السيد الحسني سلم عليه و قال له محتجا: أنا المهدي.

و قد أورد هذا الحديث القرطبي في «التذكرة»، و المقدسي الشافعي في «عقد الدرر»، و هو قطعة من حديث طويل، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام قال:

«تختلف ثلاث رايات، راية بالمغرب، و راية بالجزيرة و راية بالشام، تدوم الفتنة بينهم سنة، ثم ذكر خروج السّفياني و ما يفعله من الظلم و الفجور، ثم ذكر خروج المهدي و مبايعة الناس له بين الركن و المقام، و وصفه قائلا: «يسير بالجيوش حتى يصير بوادي القرى، في هدوء و رفق، و يلحقه هناك ابن عمه الحسني، في اثني عشر ألف فارس فيقول له:

يا ابن عم أنا أحق بهذا الجيش منك أنا ابن الحسن و أنا المهدي، فيقول له المهدي: بل أنا المهدي و يقول له الحسني هل لك من آية فأبايعك؟ فيومئ المهدي عليه السّلام إلى الطير فيسقط على يديه، و يغرس قضيبا [يابسا] في بقعة من الأرض، فيخضرّ و يورق، فيقول له الحسني يا ابن عم هي لك(2)».

و عبّرت بعض الروايات عن المهدي «بالحسيني»، و قال الشريف البرزنجي في هذا الحديث فائدة و إشكال:

ص:35


1- (1) مقتل الحسين للخوارزمي 146، ينابيع المودة للحنفي القندوزي. 166
2- (2) البرهان 526/2 حديث 16، عقد الدرر 138.137.

أما الفائدة فإنها تدل على أن المهدي من أولاد الحسين و أن ابن عمه هذا حسني... ثم ذكر الإشكال(1).

الحديث العاشر: عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قال - في حديث طويل حول المهدي -:

«قد جاءكم الفرج و هو المهدي.. من ولد فاطمة ابنة محمد صلّى اللّه عليه و اله و سلم من ولد الحسين.. فيجمع الله عز و جل أصحابه على عدد أهل بدر و على عدد أصحاب طالوت، ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا، كأنهم ليوث خرجوا من غابة، قلوبهم مثل زبر الحديد، لو همّوا بإزالة الجبال لأزالوها عن موضعها..(2).

و لا تناقشني في أسانيد هذه الأحاديث و مدى صدقيّتها، بعد ما ذكرت لك أقوال علماء أهل السنة في تضعيف حديث أبي داود، و منهم ابن القيم الجوزية، فإن الحديث إذا تعددت مخارجه و كثرت طرقه، ارتقى إلى درجة الاعتبار، و صار مشهورا معمولا به، و أصبح من القوة بحيث لا يمكن أن يقاومه أو يعارضه خبر الواحد الصحيح، فكيف إذا كان الحديث المعارض له في غاية الضعف.

ص:36


1- (1) الإشاعة 147.
2- (2) عقد الدرر 99.90.

الدليل الثاني: شهادة أئمة أهل البيت عليهم السّلام

تظافرت الروايات من طرق أهل السنة مؤكدة أن المهدي المنتظر عليه السّلام من أهل البيت عليهم السّلام، و من ولد فاطمة عليها السّلام، و إليك طائفة منها:

* عن أبان بن الوليد قال: سمعت ابن عباس و هو عند معاوية يقول: «يبعث الله المهدي منا أهل البيت»(1).

* عن ابن مسعود، عن النبي صلّى اللّه عليه و اله و سلم قال: «يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي»(2).

* عن عبد الله [ابن مسعود] عن النبي صلّى اللّه عليه و اله و سلم: «يلي أمر هذه الأمة في آخر زمانها، رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي»(3).

عن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه)، عن النبي صلّى اللّه عليه و اله و سلم قال: «هو رجل من أهل بيتي»(4).

ص:37


1- (1) الفتن لابن حماد 1027/262، البرهان 76/594/2 عن ابن منده و ليس فيه «يبعث الله».
2- (2) صحيح الترمذي 505/4، البرهان 53/568/2.
3- (3) أخبار اصبهان لأبي نعيم 329/1، المعجم الكبير للطبراني 10227/167/10.
4- (4) الفتن لابن حماد 1031/262، و كذلك 1049/265.

* عن عبد الله [ابن مسعود] قال: قال رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم: «المهدي من ولد فاطمة»(1).

* عن زر بن حبيش سمع عليا عليه السّلام يقول:

«المهدي رجل منّا، من ولد فاطمة رضي الله عنها»(2).

* عن سعيد بن المسيب، عن أم سلمة قالت:

سمعت رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم يقول: «المهدي من عترتي من ولد فاطمة»(3).

بحكم هذه الروايات، نعلم بأن أهل البيت عليهم السّلام أحق و أولى من غيرهم، و أقدر على تحديد هوية و نسب ولدهم المهدي، هل هو من ولد الإمام الحسن أم من ولد الإمام الحسين؟، لأن أهل البيت عليهم السّلام أدرى بالذي فيه، و ليس من الإنصاف أن نعرض عن شهاداتهم في هذا النسب الخاص بهم، و نبحث عنه في آراء غيرهم.

و من الثابت تاريخيا و عقائديا أنهم متفقون على أن المهدي المنتظر من ذريّة الإمام الحسين، كما هو صريح الروايات السابقة المرويّة عن كبير أهل البيت و سيدهم رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم.

أما الروايات المصرّحة بأنه من ولد الإمام الحسين، من طرق الإمامية أتباع أهل البيت، فهي تبلغ أكثر من مئة رواية نذكر هنا جملة منها:

1 - روي عن رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم أنه قال:

«إن الله عز و جل اختار من الأيام يوم الجمعة، و من الليالي ليلة القدر، و من الشهور شهر رمضان

ص:38


1- (1) ميزان الاعتدال للذهبي 249/2 عن الكامل لابن عدي.
2- (2) الفتن لابن حماد 1055/266، كنز العمال 39675/591/14، الحاوي للفتاوي 2 / 78، البرهان 71/589/2.
3- (3) السنن لأبي داود 4284/107/4، السنن الواردة 581/575/197.

و اختارني من الرسل، و اختار مني [من أهل بيتي](1) عليا، و اختار من علي الحسن و الحسين، و اختار من الحسين الأوصياء تاسعهم قائمهم، و هو ظاهرهم و باطنهم «و في رواية أضاف قائلا: «ينفون عن التنزيل تحريف الغالين و انتحال المبطلين و تأويل الجاهلين»(2).

2 - عن ابن أبي جحيفة السوائي، و الحرث بن عبد الله الحارثي الهمداني، و الحرث بن شرب، كل حدثنا أنهم كانوا عند علي بن أبي طالب، فكان إذا أقبل ابنه الحسن يقول:

«مرحبا يا ابن رسول الله، و إذا أقبل الحسين عليه السّلام يقول: بأبي أنت و أمي يا أبا ابن خيرة الإماء(3)، فقيل له: يا أمير المؤمنين ما بالك تقول هذا للحسن و تقول هذا للحسين؟ و من ابن خيرة الإماء؟ فقال: ذاك الفقيد الطريد الشريد، محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين هذا، و وضع يده على رأس الحسين عليه السّلام»(4).

3 - و سئل يوما الإمام علي عن معنى العترة في قول رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم:

«إني مخلّف فيكم الثقلين، كتاب الله و عترتي، فقال: أنا و الحسن و الحسين، و الأئمة التسعة من ولد الحسين تاسعهم مهديّهم، لا يفارقون كتاب

ص:39


1- (1) في الأصل قال «و اختار مني».
2- (2) إثبات الوصية 225 و 227، دلائل الإمامية 240، كمال الدين 32/81/1، كتاب الغيبة للنعماني 67 حديث 7، و قوله «ينفون عن التنزيل تحريف الغالبين..» رواه ابن حجر في الصواعق المحرقة ص 90، و الطبراني في ذخائر العقبى 17 و غيرهما.
3- (3) يعني المهدي المنتظر عليه السّلام لأنه ابن جارية.
4- (4) متقتضب الأثر 31، إثبات الهداة 463/3 حديث 114، البحار 4/110/51.

الله، و لا يفارقهم حتى يردوا على رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم حوضه»(1).

4 - و روي عن الإمام الحسن عليه السّلام أنه قال:

«الأئمة بعد رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم اثنا عشر، تسعة من صلب أخي الحسين، و منهم مهدي هذه الأمة»(2).

5 - و روي عن الإمام الحسين عليه السّلام أنه قال:

«قائم هذه الأمة هو التاسع من ولدي، و هو صاحب الغيبة، و هو الذي يقسّم ميراثه و هو حي»(3).

6 - و روي عن الإمام الحسين عليه السّلام أيضا، في وصف ولده الإمام المهدي المنتظر عليه السّلام فقال:

«في التاسع من ولدي سنّة من يوسف عليه السّلام، و سنّة من موسى بن عمران عليهم السّلام، و هو قائمنا أهل البيت، يصلح الله تبارك و تعالى أمره في ليلة واحدة»(4).

و هكذا يتبين أن أهل البيت عليهم السّلام كلهم يشهدون بأن المهدي المنتظر عليه السّلام من أبناء الإمام الحسين عليه السّلام، و حسب الاستقراء لم ترد رواية واحدة من طرقهم، تنصّ على أنه من ولد الإمام الحسن عليه السّلام.

ص:40


1- (1) كمال الدين 241/1 حديث 64، بحار الأنوار 110/147/23.
2- (2) كفاية الأثر 223، بحار الأنوار 383/36 حديث 1.
3- (3) كمال الدين 317/1 حديث 2، بحار الأنوار 133/51 حديث 3.
4- (4) كمال الدين 317/1، بحار الأنوار 132/51 حديث 2.

الدليل الثالث: شهادة المؤرّخين

يعترف المؤرخون جميعا بولادة الأئمة الاثني عشر من أهل بيت رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم، ابتداء من الإمام علي بن أبي طالب عليه السّلام، و انتهاء بحفيده الإمام الثاني عشر المهدي المنتظر عليه السّلام، و قلّما نجد كتابا تاريخيا يخلو من ذكرهم و الاعتراف بفضائلهم، و هكذا كتب علماء الأنساب و تراجم رجال الحديث لأهل السنة، و إن أهمل بعضهم ترجمة بعض الأئمة، لعدم وقوعهم في أسانيد رواياتهم.

و قد جاء الاعتراف بولادة المهدي المنتظر عليه السّلام، و انه من ذرية الإمام الحسين عليه السّلام، من قبل المؤرخين على نحوين: (النحو الأول): المؤرّخون الذين ذكروا تاريخ ولادته من الإمام الحسن العسكري حفيد الإمام الحسين عليه السّلام، بما يتطابق مع ما جاء في روايات أهل البيت عليهم السّلام حرفا بحرف.

(النحو الثاني): المؤرّخون الذين اعترفوا انه ابن الإمام الحسن العسكري حفيد الإمام الحسين، من دون أن يذكروا تاريخ ولادته، و هم كما يلي:

ابن الأثير في «تاريخه»، و المسعودي في «مروج الذهب»، و ابن شحنه في «تاريخه»، و القرماني في «أخبار الدول»، و ابن الوردي في «تاريخه»، و ابن خلدون في «تاريخه»، و اليافعي في «مرآة الجنان»، و أبو الفداء في «تاريخه»، و السويدي في «سبائك الذهب»، و ابن خلكان في «وفيّات الأعيان»، و ابن

ص:41

الأزرق في «تاريخه»(1). و إليك تصريحات بعضهم:

قال ابن خلكان: أبو القاسم محمد بن الحسن العسكري، ثاني عشر الأئمة الإثني عشر... و كانت ولادته يوم الجمعة، منتصف شعبان سنة خمس و خمسين و مائتين، و لما توفي أبوه كان عمره خمس سنين(2).

و قال القرماني: الفصل الحادي عشر: في ذكر أبي القاسم محمد الحجة الخلف الصالح، و كان عمره عند وفاة أبيه خمس سنين، آتاه الله فيها الحكمة كما أوتيها يحيى عليه السّلام صبيا، و كان مربوع القامة، حسن الوجه و الشعر، أقنى الأنف أجلى الجبهة(3).

و قال ابن خلدون: في ترجمة الإمام الحسن العسكري والد المهدي المنتظر: و ترك حملا ولد(4) منه ابنه محمد فاعتقل، و يقال دخل مع أمه في السرداب بدار أبيه و فقد، فزعمت شيعتهم أنه الإمام بعد أبيه، و لقّبوه المهدي و الحجّة، و زعموا أنه حيّ لم يمت، و هم الآن ينتظرونه، و وقفوا على هذا الانتظار، و هو الثاني عشر من ولد عليّ و لذلك سميت شيعته الاثني عشرية(5)...

و قال ابن الأزرق: إن الحجة المذكور، ولد تاسع شهر ربيع الأول، سنة ثمان و خمسين و مائتين و قيل: في ثامن شعبان سنة ست و خمسين [و مائتين] و هو الأصح(6).

ص:42


1- (1) الكامل في التاريخ 373/5 ط. مصر سنة 1357، مروج الذهب 199/4 ط. سنة 1367، الكامل في التاريخ 179/11 الهامس ط. سنة 1303، أخبار الدول 353 ط. بيروت عالم الكتب 1412 الطبعة الأولى، تاريخ ابن الوردي 232/1، تاريخ ابن خلدون 115/2، مرآة الجنان 170/2 ط. سنة 1339، تاريخ أبي الفداء 45/2، سبائك الذهب 78، وفيات الأعيان 643/1 ط. مصر سنة 1275 و 176/4 ط. بيروت، وفيات الأعيان عن ابن الأزرق 176/4 ط. بيروت.
2- (2) وفيات الأعيان 176/4 ط. بيروت.
3- (3) أخبار الدول للقرماني 353 ط. بيروت.
4- (4) ربما في الأصل: و ترك حاملا ولدت منه.
5- (5) تاريخ ابن خلدون 39.38/4 ط. بيروت دار الفكر.
6- (6) وفيات الأعيان 176/4 ط. بيروت.

و قال أبو الفداء في تاريخه: و الحسن العسكري المذكور، هو والد محمد المنتظر، صاحب السرداب، و محمد المنتظر المذكور، هو ثاني عشر الأئمة الأثني عشر، على رأي الإمامية، و يقال له «القائم و المهدي»، و ولد المنتظر المذكور في سنة خمس و خمسين و مائتين(1).

و قال السويدي في «سبائك الذهب» في خط الحسن العسكري عليه السّلام:

محمد المهدي، و كان عمره عند وفاة أبيه خمس سنين، و كان مربوع القامة، حسن الوجه و الشعر، أقنى الأنف، صبيح الجبهة(2).

ص:43


1- (1) تاريخ أبي الفداء 78.
2- (2) سبائك الذهب 78.

ص:44

الدليل الرابع: شهادة الواقع التاريخي

اشارة

إن الواقع التاريخي للأمة الإسلامية، لم يسجّل و لم يشهد في أوساط مدرسة أهل البيت عليهم السّلام، أحدا من أبناء الإمام الحسن عليه السّلام، قد تصدى للإمامة و المرجعية في العلم و الفقه و الحديث و الحكمة و القيادة، بكفاءة و جدارة، كما شهد و سجل بخصوص أئمة أهل البيت التسعة من أبناء الإمام الحسين عليه السّلام، و هم:

1 - الإمام علي بن الحسين زين العابدين.

2 - الإمام محمد بن علي الباقر.

3 - الإمام جعفر بن محمد الصادق.

4 - الإمام موسى بن جعفر الكاظم.

5 - الإمام علي بن موسى الرضا.

6 - الإمام محمد بن علي الجواد.

7 - الإمام علي بن محمد الهادي.

8 - الإمام الحسن بن علي العسكري.

9 - الإمام محمد بن الحسن المهدي المنتظر.

و لو لا طول المقام لتناولت لك صورا مشرقة، و مواقف رائعة لهؤلاء

ص:45

الأعلام التسعة العظام من أئمة اهل البيت عليهم السّلام، قد سجّلها التاريخ بوضوح و اعتزاز، بأقلام الكبار من المؤرخين المشهورين، و من أعلام أهل السنّة، أكتفي هنا بنقل صورتين تاريخيتين منها:

الأولى: للأول من هؤلاء التسعة، و هو الإمام علي بن الحسين زين العابدين.

و الثانية: للإمام الثامن منهم، و هو الإمام الحسن العسكري والد الإمام المهدي المنتظر صلوات الله و سلامه عليهم جميعا.

الصورة التاريخية الأولى:

و تتعلق بقصة الإمام زين العابدين، مع هشام بن عبد الملك ولي العهد الأموي.

يذكر التاريخ أن هشام بن عبد الملك، حج بيت الله الحرام في موسم شديد الزحام، تحفّ به شرطة الدولة الأموية، و وجوه أهل الشام و أعيانهم، و جمع كبير من رجال الأسرة الأموية الحاكمة، في موكب رسمي حاشد، و قد جهدت السلطة ساعية لإيصال هشام إلى الحجر، فلم يتمكن من استلامه لتزاحم الحجّاج و تدافعهم عليه، من دون أن يعبؤوا بالخليفة الأموي، و لم يكترثوا لهيبة الحكم التي كانت تحيط به، مما دعاه أن يتنحى جانبا، بعد ما طلب من مرافقيه أن ينصبوا له منبرا يجلس عليه ليراقب سير الحجّاج و عملية الطواف.

و في هذا الحال دخل الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السّلام بين الطائفين و توجه نحو الحجر ليستلمه، فبصر به بعض من يعرفه فنادى بأعلى صوته:

هذا بقية النبوة، هذا ابن رسول الله، هذا إمام المتّقين و سيد الساجدين، هذا أيها المسلمون زين العابدين ابن الإمام الحسين. فارتفعت الأصوات بالتهليل و التكبير من جميع جنبات المسجد، و انفرج له المسلمون سماطين، و كان أسعدهم من يقترب إليه، و يتبارك منه، و يقبّل يديه، فذهل

ص:46

أهل الشام و أعيانهم، بهذا المنظر المهيب الرهيب، لأنهم لا يعرفون أحدا جديرا بالمهابة و الاحترام، و بهذه الحفاوة و التكريم، غير أسيادهم الأمويين، باعتبارهم أقرب الناس إلى رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم، حسبما صوّر لهم الإعلام الأموي المعادي لأهل البيت عليهم السّلام، فبادر أهل الشام يسألون هشاما: من هذا الذي تعظمه الناس و تهابه، و تجلّه أكثر منك؟! و أنت ابن الخليفة و ولي العهد، فبهت هشام، و تميز غيظا و ازداد حقدا، و احمر لونه غضبا، ورد عليهم منفعلا و قد انتفخت أوداجه: أنا لا أعرفه! و إنما قال ذلك مخافة أن يرغب به أهل الشام، و يزهدوا في بني أمية، و خوفا من أن تنكشف حقيقة الإعلام الأموي الكاذب.

و كان الشاعر الفرزدق أبو فراس حاضرا، باعتباره شاعر البلاط الأموي آنذاك، لكنه ما إن سمع تجاهل هشام لحفيد فاطمة بنت رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم، حتى استشاط غضبا و انتفض منزعجا، نصرة للحق و حبا لأهل بيت رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم، فتوجه لأهل الشام، و هو يضرب على صدره قائلا:

و لكن أنا أعرفه، و من أراد منكم أن يعرفه فليأت إليّ، و تحلّق أهل الشام و غيرهم بالفرزدق، فانطلق يهدر مرتجلا قصيدته العصماء المشهورة:

هذا الّذي تعرف البطحاء و طأته و البيت يعرفه و الحل و الحرم

هذا ابن خير عباد الله كلّهم هذا التّقيّ النّقيّ الطّاهر العلم

هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله بجدّه أنبياء الله قد ختموا

و ليس قولك: من هذا؟ بضائره العرب تعرف من أنكرت و العجم

كلتا يديه غياث عمّ نفعهما يستوكفان، و لا يعروهما عدم

سهل الخليقة، لا تخشى بوادره يزينه اثنان: حسن الخلق و الشّيم

حمّال أثقال أقوام، إذا افتدحوا حلو الشمّائل، تحلو عنده نعم

ما قال: لا قطّ، إلاّ في تشهّده لو لا التّشهد كانت لاءه نعم

عمّ البريّة بالإحسان، فانقشعت عنها الغياهب و الإملاق و العدم

إذا رأته قريش قال قائلها إلى مكارم هذا ينتهي الكرم

يغضي حياء، و يغضى من مهابته فما يكلّم إلاّ حين يبتسم

ص:47

بكفّه خيزران ريحه عبق من كفّ أروع، في عرنينه شمم

يكاد يمسكه عرفان راحته ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم

الله شرّفه قدما، و عظّمه جرى بذلك في الواحة القلم

أيّ الخلائق ليست في رقابهم لأوّليّة هذا، أوله نعم

من يشكر الله يشكر أوّليّة ذا فالدّين من بيت هذا ناله الأمم

ينمى إلى ذروة الدّين التي قصرت عنها الأكفّ، و عن إدراكها القدم

من جدّه دان فضل الأنبياء له و فضل أمّته دانت له الأمم

مشتقّة من رسول الله نبعته طابت مغارسه و الخيم و الشّيم

ينشقّ ثوب الدّجى عن نور غرّته كالشمس تنجاب عن إشراقها الظّلم

من معشر حبّهم دين، و بغضهم كفر، و قربهم منجى و معتصم

مقدّم بعد ذكر الله ذكرهم في كلّ بدء، و مختوم به الكلم

إن عدّ أهل التّقى كانوا أئمتّهم أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم

لا يستطيع جواد بعد جودهم و لا يدانيهم قوم، و إن كرموا

هم الغيوث، إذا ما أزمة أزمت و الأسد أسد الشّرى، و البأس محتدم

لا ينقص العسر بسطا من أكفّهم و الأسد أسد الشّرى، و البأس محتدم

يستدفع الشّر و البلوى بحبهم و يستربّ به الإحسان و النعم(1)

لقد انزعج هشام من موقف الفرزدق، و من قصيدته التي عرّفت أهل الشام بزين العابدين - الذي طالما جهلوه و جهلوا آباءه - فامتلأ قلبه غيظا عليه، لأنه جعل الولاء لأهل البيت عليهم السّلام جزءا لا يتجزأ من الإسلام، حينما وصفه بأفضل الأوصاف و عرّفه بأنه أقرب الناس إلى رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم تحت سماء الدنيا في ذلك

ص:48


1- (1) ديوان الفرزدق 454 و منه نقلنا القصيدة، و قد ذكرت القصيدة في طبقات الشافعية 1 / 153، و في كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفاني 40/20، و نهاية الإرب 327/21. 331، و أخبار الدول للقرماني 110، و تاريخ دمشق 161/36، و دائرة المعارف للبستاني 356/9، و قد ذكرت هذه القصيدة، كلا أو بعضا في كثير من مصادر الأدب و التاريخ و التراجم منها: حياة زين العابدين للعلامة باقر شريف القرشي 231/1، و الإمام السجاد للدكتور حسين الحاج حسن 75 و غيرهم.

العصر، و هو أمر كان أهل الشام يجهلونه.

و أمر هشام باعتقال الفرزدق، فاعتقل و أودع في سجون عسفان(1)، و بلغ ذلك زين العابدين، فبعث إليه باثني عشر ألف درهم، فردها الفرزدق و اعتذر عن قبولها قائلا: إنما قلت ما أنشدته في اهل البيت عليهم السّلام غضبا لله و رسوله صلّى اللّه عليه و اله و سلم، فردها الإمام قائلا: «قد علم الله صدق نيتك في ذلك، و اقسمت بالله عليك لتقبلها»، فقبلها منه(2)، و بقي في سجن عسفان مدة من الزمان، و جعل يهجو هشاما و مما قاله فيه:

أيحبسني بين المدينة و التي إليها قلوب الناس تهوي منيبها

يقلّب رأسا لم يكن رأس سيد و عينا له حولاء باد عيوبها(3)

الصورة التاريخية الثانية:

و هي تتعلق بإحدى الفضائل و الكرامات للإمام الحسن بن علي العسكري والد المهدي المنتظر عليه السّلام، و قد وقعت في عصر الخليفة المعتمد ابن المتوكل العباسي، ذكرها العلامة ابن حجر الهيثمي في «الصواعق المحرقة»، في ترجمته للإمام العسكري، و سمّاه أبا محمد الحسن الخالص، و ذكر له كرامات و من كراماته قال:

لما حبس المطر قحط الناس بسر من رأى [سامراء] قحطا شديدا، فأمر الخليفة المعتمد بن المتوكل بالخروج للاستسقاء ثلاثة أيام فلم يسقوا، فخرج النصارى و معهم راهب كلما مد يده إلى السماء هطلت، ثم خرج في اليوم الثاني فمد يده فهطلت كذلك، فشك بعض الجهلة وارتدّ بعضهم فشق ذلك على الخليفة، فأمر بإحضار الحسن

ص:49


1- (1) و هو منزل يقع بين مكة و المدينة
2- (2) البداية و النهاية 108/9.
3- (3) نهاية الإرب 331/21.

الخالص و قال له: أدرك أمة جدك رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم قبل ان يهلكوا، فقال الحسن: يخرجون غدا و أنا أزيل الشك إن شاء الله، و كلّم الخليفة في إطلاق أصحابه من السجن فاطلقهم، فلما خرج الناس للإستسقاء، و رفع الراهب يده، مع النصارى، غيّمت السماء فأمر الحسن بالقبض على يده، فإذا فيها عظم آدمي فأخذه من يده، و قال استسق فرفع يده فزال الغيم و طلعت الشمس، فعجب الناس من ذلك فقال الخليفة للحسن: ما هذا يا أبا محمد؟

فقال: «هذا عظم نبي ظفر به هذا الراهب من بعض القبور، و ما كشف من عظم نبي تحت السماء إلا هطلت بالمطر».

فامتحنوا ذلك العظم فكان كما قال، و زالت الشبهة عن الناس، و رجع الحسن إلى داره و أقام عزيزا مكرما و صلات الخليفة تصل إليه كل وقت إلى أن مات بسر من رأى [سامراء]، و دفن عند أبيه و عمه، و عمره ثمانية و عشرون سنة، و يقال: إنه سمّ أيضا، و لم يخلّف غير ولده أبي القاسم محمد الحجة، و عمره عند وفاة أبيه خمس سنين، لكن آتاه الله فيها الحكمة و يسمى أبا القاسم المنتظر، قيل لأنه ستر بالمدينة و غاب فلم يعرف أين ذهب و مر في الآية الثانية عشرة قول الرافضة فيه أنه المهدي»(1).

و هكذا تؤكد الوقائع و الأحداث التاريخية مرة أخرى، أن الإمامة في التقوى و العلم و الفقه و الدين و السياسة، كانت في طول التاريخ منحصرة بالأئمة الأطهار الأفذاذ من ذرية الإمام الحسين عليه السّلام، و كان الخلفاء

ص:50


1- (1) الصواعق المحرقة ص 208.207.

و الحكام دائما ينظرون للأئمة من أبناء الحسين عليه السّلام نظرة إجلال و إكبار و تقدير و احترام، و يفزعون إليهم في الأزمات، و يعتمدون عليهم في حل المعضلات، تأكيدا على عظيم منزلتهم و علو شأنهم في العلم و الحكمة و القيادة و السياسة. و قصة المأمون الخليفة العباسي مع الإمام الرضا عليه السّلام أشهر من أن تذكر، و هي وحدها كافية في الدلالة على أن الإمامة و الخلافة منحصرة بالأئمة من ذرية الإمام الحسين عليه السّلام، و لم يكن لأبناء الإمام الحسن عليه السّلام من نصيب فيها.

ص:51

ص:52

الدليل الخامس: شهادة علماء أهل السنة

و اعترف بولادة المهدي المنتظر سنة 255 هجرية من أبيه الحسن العسكري حفيد الإمام الحسين، جمع غفير من علماء أهل السنّة، أحصاهم بعض علماء الإمامية المعاصرين(1)، فبلغوا بالإضافة إلى المؤرخين منهم أكثر من (130) عالما، نذكر هنا بعضهم مع عرض كلماتهم في تاريخ ولادته:

1 - العلامة نور الدين الحنفي في «شواهد النبوة»(2) ذكر قصة حمل أمه به إلى أن وضعته، فوقع ساجدا على الأرض، فلما جاءت به حكيمة إلى أبيه الإمام الحسن عليه السّلام العسكري قال له:

«تكلم يا ولدي بإذن الله تعالى فقال: بسم الله الرحمن الرحيم وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوٰارِثِينَ (3). ثم قال الحسن العسكري لحكيمة:

ص:53


1- (1) منهم شيخنا العلامة لطف الله الصافي في كتابه «منتخب الأثر» و البحاثة الميلاني في مقدمة «كشف الأستار» للمحدث النوري، و الأستاذ ثامر هاشم العميدي في كتابه «دفاع عن الكافي».
2- (2) شواهد النبوة 21 ط. بغداد.
3- (3) القصص 5.

يا عمة ردّيه إلى أمه كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهٰا وَ لاٰ تَحْزَنَ وَ لِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللّٰهِ حَقٌّ وَ لٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاٰ يَعْلَمُونَ (1) قالت حكيمة: فرددتّه إلى أمه، و لما ولد كان مقطوع السرة مختونا مكتوبا على ذراعه الأيمن جٰاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْبٰاطِلُ إِنَّ الْبٰاطِلَ كٰانَ زَهُوقاً (2).

2 - الحافظ الذهبي في كتاب «العبر»

قال: و فيها أي سنة (256 ه) ولد محمد بن الحسن العسكري، بن علي الهادي، بن محمد الجواد، بن علي الرضا، بن موسى الكاظم، بن جعفر الصادق الحسيني، أبو القاسم الذي تلقبه الرافضة: الخلف الحجّة و هو خاتمة الأئمة الاثني عشر(3).

3 - العلامة المولوي محمد مبين الهندي الحنفي في «وسيلة النجاة» قال: روي عن أبي محمد العسكري أنه سأله رجل عن الإمام و الخليفة من بعده، فدخل البيت فأخرج طفلا كان وجهه البدر، فقال:

«لو لم يكن لك عند الله كرامة لما أريتك، ثم قال: إن اسمه اسم رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم و كنيته كنيته، و هو الذي يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا»(4).

4 - العلامة سراج الدين بن عبد الله المخزومي الرافعي في «صحاح الأخبار» قال: و كان له - أي الإمام علي الهادي - خمسة أولاد: الإمام الحسن العسكري و الحسين، و محمد، و جعفر، و عائشة، فالحسن العسكري أعقب صاحب السرداب، الحجّة المنتظر، ولي الله محمد المهدي(5).

ص:54


1- (1) القصص 13.
2- (2) الإسراء 81.
3- (3) العبر للذهبي 31/2 ط. بيروت.
4- (4) وسيلة النجاة 55 ط. بمبي سنة 1306 ه.
5- (5) صحاح الأخبار 55 ط. بمبي سنة 1306 ه.

5 - العلامة عبد الوهاب الشعراني في «اليواقيت و الجواهر».

قال: يترقّب خروج المهدي، و هو من أولاد الإمام الحسن العسكري، مولده ليلة النصف من شعبان سنة خمس و خمسين و مائتين، و هو باق إلى أن يجتمع بعيسى عليه السّلام فيكون عمره إلى وقتنا هذا سنة (958 ه) 766 سنة(1).

و قد كتب على مسودة كتاب «اليواقيت و الجواهر» جماعة من مشايخ العلماء بمصر و أجازوه و مدحوه، منهم الشيخ شهاب الدين الشلبي الحنفي، و الشيخ شهاب الدين عميرة الشافعي، و الشيخ ناصر الدين اللقاني المالكي، و الشيخ محمد البرمتوشي الحنفي، و شيخ الإسلام الفتوحي الحنبلي، كتبوا عليه: لا يقدح في معاني هذا الكتاب إلا معاند مرتاب أو جاحد كذاب.

و هذا يعني: أن هؤلاء العلماء الأجلاء، كلهم يعترفون بولادة المهدي المنتظر و غيبته، على طريقة العارف الكبير العلامة الشعراني رحمه الله تعالى.

6 - العلامة ابن طولون الدمشقي في «الشذرات الذهبية في تراجم الاثني عشرية» قال: ثاني عشرهم و هو أبو القاسم محمد بن الحسن بن علي الهادي، آخر الأئمة الاثني عشر، و كانت ولادته رضي الله عنه يوم الجمعة، منتصف شعبان سنة خمس و خمسين و مائتين، و لما توفي أبوه المتقدم ذكره (رضي الله عنهما)، كان عمره خمس سنين(2).

7 - العلامة ابن حجر الهيثمي في «الصواعق المحرقة» قال: و لم يخلّف - أي الإمام الحسن العسكري - غير ولده أبي القاسم محمد الحجة، و عمره عند وفاة أبيه خمس سنين، لكن آتاه الله فيها الحكمة، و يسمى القائم المنتظر(3).

ص:55


1- (1) اليواقيت و الجواهر 143 ط. عبد الحميد أحمد حنفي بمصر.
2- (2) الشذرات الذهبية 117 ط. بيروت.
3- (3) الصواعق المحرقة 124 ط. مصر.

8 - العلامة الحمزاوي في «مشارق الأنوار» قال: قال سيدي عبد الوهاب الشعراني في «اليواقيت و الجواهر»: المهدي من ولد الإمام الحسن العسكري، و مولده ليلة النصف من شعبان، سنة خمس و خمسين و مائتين، و هو باق إلى أن يجتمع بعيسى بن مريم عليها السّلام(1).

9 - العلامة الشيخ حسن العراقي.

10 - العلامة علي الخواص.

ذكر هذين العلمين - أعني: حسن العراقي و علي الخواص - العلامة الحمزاوي، بعد أن نقل خبر العلامة الشعراني، و هذا نص كلامه: هكذا اخبرني الشيخ حسن العراقي المدفون فوق كوم الريش، المطل على بركة الرطل بمصر المحروسة، و وافقه على ذلك سيدي علي الخواص(2).

11 - العلامة عبد الرحمان بن عمر، مفتي الديار الحضرمية في كتابه «بغية المسترشدين» قال: نقل السيوطي عن شيخه العراقي: أن المهدي ولد سنة (255 ه) و قال: و وافقه الشيخ علي الخواص، فيكون عمره في وقتنا سنة (958 ه) (703 سنين)، و ذكر أحمد الرملي أن المهدي موجود، و كذلك الشعراني(3).

12 - العلامة عبد الله بن محمد الشبراوي الشافعي المصري في كتابه «الإتحاف بحب الأشراف»(4) قال: ولد الإمام محمد الحجة ابن الإمام الحسن الخالص رضي الله عنه بسر من رأى [سامراء]، ليلة النصف من شعبان سنة خمس و خمسين و مائتين قبل موت أبيه بخمس سنين، و كان أبوه قد أخفاه حين ولد و ستر أمره لصعوبة الوقت و خوفه من الخلفاء، فإنهم كانوا في ذلك الوقت يطلبون الهاشميين و يقصدونهم بالحبس و القتل و يريدون إعدامهم، و كان الإمام محمد الحجة يلقب أيضا ب «المهدي، و القائم، و المنتظر،

ص:56


1- (1) مشارق الأنوار 153 ط. مصر.
2- (2) المصدر السابق.
3- (3) بغية المسترشدين 296 ط. مصر.
4- (4) الإتحاف بحب الأشراف ص 68 ط. مصر سنة 1316 ه.

و الخلف الصالح، و صاحب الزمان و أشهرها المهدي»(1).

13 - العلامة عباس بن علي المكي في «نزهة الجليس» قال: الإمام المهدي المنتظر، أبي القاسم محمد بن الحسن العسكري، بن علي الهادي، بن محمد الجواد، بن علي الرضا، بن موسى الكاظم، بن جعفر الصادق، بن محمد الباقر، بن علي بن الحسين، بن علي بن أبي طالب، هو القائم و المنتظر.. كانت ولادته يوم الجمعة منتصف شعبان سنة خمس و خمسين و مائتين، و لما توفي أبوه كان عمره خمس سنين.. و الصحيح: أن ولادته في ثامن شعبان، سنة ست و خمسين و مائتين(2).

14 - العلامة ابن الصباغ المالكي في كتابه «الفصول المهمة» قال:

ولد أبو القاسم، محمد الحجة بن الحسن الخالص بسر من رأى [سامراء]، ليلة النصف من شعبان، سنة خمس و خمسين و مائتين للهجرة(3).

15 - العلامة ابن الخشاب في كتابه «مواليد أهل البيت» فإنه روى بسنده إلى علي بن موسى الرضا عليه السّلام أنه قال:

«الخلف الصالح من ولد أبي محمد [العسكري] الحسن ابن علي، و هو صاحب الزمان، القائم المهدي»(4).

16 - العلامة أبو الفلاح عبد الحي الحنبلي، صرح بولادة المهدي المنتظر من أبيه الحسن العسكري في الجزء الثاني من كتابه «شذرات الذهب» (5).

17 - العلامة عبد الرحمن البسطامي في كتابه «درة المعارف» قال بعد أن صرح بولادته: و المهدي أكثر الناس علما و حلما، و على خده

ص:57


1- (1) نزهة الجليس 128/2 ط. القاهرة.
2- (2) الفصول المهمة 274.
3- (3) المصدر السابق.
4- (4) شذرات الذهب 141 و 150.

الأيمن خال، و هو من ولد الحسين، و نقل القندوزي الحنفي في «ينابيع المودة» أن العلامة البسطامي له أشعار في شأن المهدي(1).

18 - العلامة الابياري في «جالية الكدر» في شرح منظومة البرزنجي قال في ترجمة المهدي المنتظر: كان عمره عند وفاة أبيه الحسن العسكري خمس سنين، آتاه الله فيها الحكمة كما آتاها يحيى صبيا(2).

19 - العلامة البدخشي في «مفتاح النجا» قال: ولد ابن الحسن العسكري ليلة النصف من شعبان سنة خمس و خمسين و مائتين، و يلقب ب «الخلف الصالح و الحجة، و المنتظر، و القائم، و المهدي، و صاحب الزمان» قد آتاه الله الحكمة و فّصل الخطاب في الطفولة، كما آتاها يحيى عليه السّلام، و جعله إماما في المهد كما جعل عيس عليه السّلام نبيا(3).

20 - العلامة القندوزي الحنفي في كتابه «ينابيع المودة» قال: فالخبر المحقّق عند الثقات، أن ولادة المهدي ابن الإمام الحسن العسكري، كانت ليلة الخامس من شعبان سنة خمس و خمسين و مائتين في بلدة سامراء، عند القران الأصغر الذي كان في القوس، و هو رابع القران الأكبر الذي كان في القوس، و كان الطالع في الدرجة الخامسة و العشرين من السرطان(4).

21 - العلامة محمد خواجة بارسا في «فصل الخطاب» «ذكر قصة ولادته و قال: فلما كان وقت الفجر اضطربت والدته نرجس، فقامت إليها حكيمة فوضعت المولود المبارك، فلما رأته حكيمة أتت به الحسن (رضي الله عنهم) و هو مختون، فأخذه و مسح بيده على ظهره و عينيه و أدخل لسانه في فمه، و أذن في أذنه اليمنى و أقام في الأخرى، ثم قال: «يا عمه، اذهبي به إلى أمه» فردته إلى أمه.

ص:58


1- (1) ينابيع المودة 401.
2- (2) جالية الكدر 207 ط. مصر.
3- (3) مفتاح النجا 189 مخطوط.
4- (4) ينابيع المودة 132/2 مطبعة العرفان. بيروت.

و روي عن حكيمة أنها سألت الحسن العسكري عن مولوده، فقالت:

يا سيدي هل عندك من علم في هذا المولود المبارك؟ فقال:

«يا عمة هذا المنتظر المبارك الذي بشّرنا به» فخررت لله ساجدة شكرا على ذلك، ثم كنت أتردد إلى الإمام الحسن فلا أرى المولود فقلت: يا مولاي ما فعلت بسيدنا المنتظر؟ قال: «استودعناه الله الذي استودعته أم موسى عليه السّلام ابنها» و قالوا:

آتاه الله تبارك و تعالى الحكمة و فصل الخطاب، و جعله آية للعالمين، كما قال تعالى (يٰا يَحْيىٰ خُذِ الْكِتٰابَ بِقُوَّةٍ وَ آتَيْنٰاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) (1). و قال تعالى (قٰالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كٰانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا) (2).

و طوّل الله تبارك و تعالى عمره كما طوّل عمر الخضر عليه السّلام(3).

22 - العلامة الشبلنجي في كتابه «نور الأبصار» اعترف بأن المهدي المنتظر هو المولود سنة 255 هجرية(4)، من أبيه الحسن العسكري حفيد الإمام الحسين عليه السّلام.

23 - العلامة الكنجي في كتابه «كفاية الطالب» صرّح بولادته بسامراء و ذكر نسبه في السلسلة الذهبية الطاهرة إلى أبيه الحسن العسكري عليهم السّلام(5).

24 - العلامة ابن طلحة الشافعي في كتابه «مطالب السؤول» فإنه نسب المهدي المنتظر عليه السّلام، إلى آبائه، ابتداء من أبيه الحسن العسكري، صعودا إلى جده الإمام الحسين عليه السّلام، و ذكر أنه ولد سنة (258 ه)(6).

ص:59


1- (1) مريم 12.
2- (2) مريم 29.
3- (3) فصل الخطاب: نقلا عن ينابيع المودة 387 ط. اسلامبول.
4- (4) نور الأبصار 168 ط. الشعبية، و صفحة 229 المطبعة العثمانية بمصر.
5- (5) كفاية الطالب 468 مطبعة الغري.
6- (6) مطالب السؤول 89.

25 - العلامة سبط ابن الجوزي في «تذكرة الخواص» اعترف بولادة المهدي المنتظر عليه السّلام، و ذكر نسبه إلى جده الإمام الحسين بن علي عليه السّلام، و قال: و هو الخلف الحجة، صاحب الزمان، و القائم، و المنتظر، و التالي، و هو آخر الأئمة(1).

26 - العلامة العارف إمام المتصوفة، الشيخ محي الدين ابن العربي الطائي في كتابه «الفتوحات» على ما نقل عنه العلامة ابن الصبان في كتابه «إسعاف الراغبين» قال: قال الشيخ محي الدين في «الفتوحات» اعلموا:

«أنه لا بد من خروج المهدي، و لكن لا يخرج حتى تمتلئ الأرض جورا و ظلما، فيملأها قسطا و عدلا، و هو من عترة رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم من ولد فاطمة (رضي الله تعالى عنها)، جده الحسين بن علي بن أبي طالب، و والده الإمام الحسن العسكري، ابن الإمام علي النقي [بالنون] ابن الإمام محمد التقي [بالتاء]، ابن الإمام الرضا، ابن الإمام موسى الكاظم، ابن الإمام جعفر الصادق، ابن الإمام محمد الباقر، ابن الإمام زين العابدين، ابن الإمام الحسين، ابن الإمام علي بن أبي طالب»(2).

و نقل هذا الكلام عن ابن العربي الشعراني أيضا في كتابه «اليواقيت و الجواهر»(3).

و الغريب العجيب أن النسخة المتداولة في عصرنا الحاضر لكتاب

ص:60


1- (1) تذكرة الخواص 363 مطبعة الغري.
2- (2) إسعاف الراغبين، المطبوع بهامش «نور الأبصار» للشبلنجي 140 ط. مطر مطبعة المكتبة السعدية بجوار الأزهر طبع بإشراف سعيد علي الخصوص طبعة مقابلة مع نسخة بخط المؤلف.
3- (3) اليواقيت و الجواهر 145/2 المطبعة الأزهرية بمصر سنة 1307، إسعاف الراغبين 142 ط. الميمنة بمصر سنة 1312.

«الفتوحات» تخالف عباراتها ما ذكره الشعراني و ابن الصبان، فإنه لا يوجد فيها النسب الشريف للمهدي المنتظر عليه السّلام، و هكذا يفعل الجهلاء الذين لا قوة لهم على مواجهة أدلة الحق إلا بالتحريفات.

و بعد ثبوت ولادة المهدي المنتظر بشهادة رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم، و الأئمة من أهل بيته، و اعتراف المؤرخين من الطائفتين، و جمع كبير من علماء أهل السنّة بولادته من أبيه الحسن العسكري حفيد الإمام الحسين، لا يبقى هناك مجال للشك فيها، إلا بدافع المكابرة و العناد، لأن مثل هذه الشهادات لم تتم حتى لكبار رجال التاريخ، بل و لم تتحقق كذلك حتى لكثير من الأنبياء و المرسلين عليهم الصلاة و السلام أجمعين.

و لعل الأستاذ أحمد عثمان أبو المجد، بعد إطّلاعه على الوثائق التاريخية الدامغة، التي تثبت ولادة الإمام المهدي المنتظر حفيد الإمام الحسين، يقف حائرا و متسائلا: أين ذهب هذا المولود المبارك؟ و هل حقا غاب عن الأنظار بقدرة الحكيم الجبار، كما يقول علماء الإمامية، و يؤيدهم على اعتقادهم هذا جماعة من علماء أهل السنة الأعلام؟ و إذا كان الأمر كذلك فما الأدلة العلمية التي تثبت غيبته، و تدل على أنه ما زال باقيا حيا إلى يومنا هذا؟

و الجواب على هذه الأسئلة و تساؤلات أخرى كثيرة، يمكن أن تثار حول موضوع غيبة المهدي المنتظر حفيد الحسين، خارج عن نطاق البحث الذي حددناه سلفا لموضوع هذه الرسالة، و نأمل أن نجيب على هذه الأسئلة في رسالة مستقلة في وقت قريب إن شاء الله تعالى.

و لكن ما ينبغي الالتفات إليه هنا هو: أنه لم نجد أحدا من المؤرخين نص على وفاة المهدي المنتظر ابن الإمام العسكري بتاريخ محدد، مع أن المتعارف في تراجم الرجال الأعلام وقوع الاختلاف بين المؤرخين في ولاداتهم، و أما تواريخ وفياتهم فغالبا ما يتفقون عليها، لأنه ما أن يلمع نجم أحدهم و يسطع اسمه و ينتشر صيته في مجال اختصاصه، يلتفت المؤرخون إليه - بعد ما كان مغمورا في مجتمعه - و يضبطون جميع تفاصيل

ص:61

حياته بشكل دقيق إلى مماته، و لكن الأمر في حياة ابن العسكري الإمام المهدي المنتظر عليه السلام كان مختلفا تماما، فهم يعرفون تاريخ ولادته، و لكنهم لا يعرفون شيئا عن حياته، مع أن أكثرهم يصرحون، بأن أباه مات و كان لولده المهدي من العمر خمس سنين، آتاه الله تعالى فيها العلم و الحكمة و فصل الخطاب صبيا، كما آتاها يحيى بن زكريا صبيا، و هذا يعني أنه كان من مشاهير أعلام عصره في مطلع طفولته، بل إنه كان شخصية استثنائية في تاريخ الأمة الإسلامية.

و السؤال الذي يطرح نفسه على كل عاقل هو: كيف يجهل المؤرخون تاريخ وفاة هذه الشخصية الفريدة من نوعها و الاستثنائية في زمانها، و لا يعرفون شيئا عن نشاطها العلمي و دورها الاجتماعي و السياسي في الأمة، و لا يعرفون شيئا عن تاريخ وفاتها!؟.

ص:62

الدليل السادس: شهادة علماء الإمامية

اشارة

يتفق علماء الشيعة الإمامية، على أن المهدي المنتظر من ذرية الإمام الحسين، كما يتفقون على أنه ابن الحسن العسكري الإمام الحادي عشر من أئمة أهل البيت (عليهم السلام جميعا) و هذا ملخص كلامهم في ترجمة حياته حيث قالوا:

هو الإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت، و اسمه محمد و يعرف بالحجة، و المنتظر، و المهدي، و صاحب الزمان، و صاحب الأمر، و القائم و المنتقم، و الغائب، و بقية الله، و وارث الأنبياء.. ولد في مدينة سامراء من مدن العراق، و كانت آنذاك عاصمة الخلافة العباسية، و كان مولده عند بزوغ الفجر الصادق، حين ارتفاع صوت المؤذن ب «الله أكبر» لصلاة الصبح من يوم الجمعة، المصادف الخامس عشر من شهر شعبان المبارك، من سنة (255 ه).

و مما جاء في أخبار ولادته، أنه نزل على الأرض - حين الولادة - على وجهه ساجدا جاثيا على ركبتيه، و شوهد انبثاق عمود من نور، و سطوعه من فوق رأسه، و ارتفاعه إلى عنان السماء، و أضاءت المدينة كلها بنوره، و رافقت ولادته كرامات كثيرة نص على بعضها علماء الشيعة و السنة.

ص:63

و اسم أمه نرجس، و لها أسماء أخرى، و هي بنت يشوعا بن قيصر ملك الروم، و أمها من ذرية الحواريين، تنسب إلى شمعون وصي المسيح، فيكون نبي الله عيسى بن مريم عليه السّلام خال المهدي المنتظر بهذا النسب المتّصل بأمه من بعيد.

أما أبوه فهو الإمام الحسن العسكري، ابن الإمام على الهادي، ابن الإمام محمد الجواد، ابن الإمام علي الرضا، ابن الإمام موسى الكاظم، ابن الإمام جعفر الصادق، ابن الإمام محمد الباقر، ابن الإمام علي زين العابدين، ابن الإمام الحسين الشهيد، ابن الإمام علي بن أبي طالب عليهم الصلاة و السلام جميعا.

و قد توفي أبوه و كان للمهدي المنتظر عليه السّلام من العمر خمس سنين، آتاه الله فيها العلم و الحكمة و فصل الخطاب، و كان مربوع القامة حسن الوجه و الشعر، أقنى الأنف، أجلى الجبهة، في خده الأيمن خال(1).

و من الجدير بالذكر أن أحاديث الغيب النبوية لا تعتبر من دلائل النبوة و معجزاتها، ما لم يتطابق مضمونها مع الواقع المخبر عنه تمام المطابقة، و هنا نسجل ملاحظة دقيقة و هي:

إن الأحاديث النبوية التي ذكرت أوصاف المهدي المنتظر، نجدها مطابقة تمام المطابقة لما جاء بشأن وصف المؤرخين، و عدد كبير من علماء أهل السنة، لمحمد بن الحسن العسكري حفيد الإمام الحسين، و للتأكد من هذه المطابقة، نعود و نذكّر بجملة من كلمات بعضهم في وصفه:

قال القرماني في أخبار الدول: في ذكر أبي القاسم محمد الحجة الخلف الصالح، و كان عمره عند وفاة أبيه خمس سنين، آتاه الله فيها الحكمة كما أؤتيها يحيى عليه السّلام صبيا، و كان مربوع القامة، حسن الوجه

ص:64


1- (1) الأنوار البهية في تواريخ الحجج الإلهية 275، الإرشاد للشيخ المفيد 372، كمال الدين للصدوق 104/2، الغيبة للشيخ الطوسي 141، كشف الغمة 236/3، كشف الأستار 53، البحار ج 51 الباب الأول.

و الشعر، أقنى الأنف أجلى الجبهة(1).

و قال السويدي في (سبائك الذهب) في خط الإمام الحسن العسكري:

محمد المهدي و كان عمره عند وفاة أبيه خمس سنين، و كان مربوع القامة، حسن الوجه و الشعر، أقنى الأنف، صبيح الجبهة(2).

و هذه الأوصاف مطابقة لما جاء في الرواية الصحيحة عن أبي سعيد الخدري، عن رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم أنه قال: «المهدي منّي، أجلي الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطا و عدلا، كما ملئت ظلما و جورا»(3).

و من الدلائل المؤكدة بأن محمد بن الحسن العسكري حفيد الإمام الحسين هو المهدي المنتظر عليهم السّلام ما ذكره المؤرخون، و جمع كبير من علماء أهل السنّة في وصفه بأنه «كان عمره عند وفاة أبيه خمس سنين، آتاه الله فيها العلم و الحكمة و البيان صبيا، كما أوتيها نبي الله يحيى بن زكريا صبيا».

ذكره بهذا الوصف القرماني في «أخبار الدول»، و ابن حجر في «الصواعق المحرقة»، و الأبياري في «جالية الكدر»، و البدخشي في «مفتاح النجا»، و هذه هي صفات أولياء الله، الذين أعدهم لحمل رسالته للعالمين.

سؤال وجيه:

ورد في رواية لأبي سعيد الخدري عن النبي صلّى اللّه عليه و اله و سلم في حديث لفاطمة عليه السّلام قوله عليهم السّلام في الحسن و الحسين «و هما سيدا شباب أهل الجنة... يا فاطمة و الذي بعثني بالحق إن منهما مهدي هذه الأمة»(4) فكيف نفهم هذا الحديث مع ما فيه من الدلالة على أن المهدي عليه السّلام من ولد الإمام الحسن عليه السّلام أيضا؟!!

ص:65


1- (1) أخبار الدول للقرماني ص 353 ط. بيروت.
2- (2) سبائك الذهب ص 78.
3- (3) سنن أبي داود 106/4، البرهان 77/597/2، المعجم 77/1.
4- (4) المعجم الكبير للطبراني 2675/52/3، مجمع الزوائد 165/9.

الجواب:

كما تعلمون أنه لم يرد في الروايات أن المهدي المنتظر من ولد الحسن إلا في رواية واحدة، ذكرها أبو داود في سننه، و هي رواية مطعون بسندها كما عرفنا، و إن صحت فهي محرّفة لصالح الحسنيين، أما الروايات التي ذكرت ان المهدي من ولد الحسين فبالعشرات، و لم نذكر منها هنا إلا نزرا يسيرا، و مع ذلك بإمكاننا أن نقول بأن المهدي المنتظر من ولد الحسن أيضا على ضوء الرواية التي ذكر فيها النبي صلّى اللّه عليه و اله و سلم الحسن و الحسين عليهم السّلام و قال:

«إن منهما مهدي هذه الأمة»، فيكون المهدي المنتظر حقيقة من ولد الحسن أيضا، كما هو من ولد الحسين، لما هو ثابت تاريخيا:

أن زوجة الإمام علي بن الحسين زين العابدين، هي أم الإمام محمد الباقر، و اسمها فاطمة بنت الحسن المجتبى، فيكون الإمام محمد الباقر هاشمي علوي من جهتين، لأن ذريته المباركة من ذرية الإمامين الحسن و الحسين، و الإمام المهدي المنتظر، من هذه الشجرة الطيبة الطاهرة التي أصلها ثابت و فرعها في السماء.

و شاهد ذلك في القرآن الكريم في قوله تعالى وَ وَهَبْنٰا لَهُ إِسْحٰاقَ وَ يَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنٰا وَ نُوحاً هَدَيْنٰا مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ دٰاوُدَ وَ سُلَيْمٰانَ وَ أَيُّوبَ وَ يُوسُفَ وَ مُوسىٰ وَ هٰارُونَ وَ كَذٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ، وَ زَكَرِيّٰا وَ يَحْيىٰ وَ عِيسىٰ وَ إِلْيٰاسَ كُلٌّ مِنَ الصّٰالِحِينَ (1).

و هكذا ألحق الله تعالى عيسى عليه السّلام بذرية الأنبياء من جهة مريم عليها السّلام، و كذلك ألحقت ذرية الإمام محمد الباقر بالحسن من جهة أمه فاطمة بنت الحسن، و ألحقت ذرية الإمام علي برسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم من جهة ابنته فاطمة زوجة الإمام علي عليه السّلام.

هذا هو التفسير الصحيح، الذي لا ينبغي التمسك بغيره في فهم معنى حديث أبي داود السابق، إذا ثبتت صحته، كما هو المعنى الظاهر من

ص:66


1- (1) الأنعام 85.84.

الرواية عن رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم في الحسن و الحسين «و إن منهما مهدي هذه الأمة».

إشكال و جواب:

قد يقال إن الأكثرية من علماء أهل السنة، يعتقدون بأن اسم والد المهدي المنتظر هو عبد الله، استنادا إلى ما جاء في سنن أبي داود عن النبي صلّى اللّه عليه و اله و سلم أنه قال: «اسمه اسمي و اسم أبيه اسم أبي»، و هذا يخالف ما يذهب إليه علماء الشيعة الإمامية، الذين يعتقدون بأن المهدي ابن الإمام الحسن العسكري، فكيف تجيبون على هذا الإشكال؟.

الجواب: إن علماء الشيعة الإمامية يمتلكون الأدلة القاطعة على عدم صحة ما روي من طرق إخوانهم أهل السنة، فيما يخص والد المهدي المنتظر، و ذلك للأسباب التالية:

أولا: إن حديث أبي داود رواه بلفظه كل من الحافظ الترمذي في صحيحه، و الحافظ ابن ماجة في سننه، و أبو نعيم الأصفهاني في كتبه الثلاثة المختصة بأحوال المهدي، كما أخرجه بلفظه غير هؤلاء الحفاظ، و لكنهم جميعا رووه بغير هذه الزيادة «اسم أبيه اسم أبي».

ثانيا: إن الإمام أحمد بن حنبل على سعة إطلاعه في علم الحديث و قرب عهده من عصر التابعين، و على كثرة رواياته لأحاديث المهدي عليه السّلام، لم يذكر هذه الزيادة في مسنده، في جميع أحاديث المهدي عليه السّلام التي بلغت في مسنده أكثر من ثلاثين حديثا.

ثالثا: من الثابت أن أهل البيت رووا أحاديث المهدي المنتظر عليه السّلام بأسانيد السلسلة الذهبية، عن جدهم رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم، و أخرج علماء الإمامية عنهم أكثر من ستمائة رواية بشأن المهدي عليه السّلام لا توجد فيها هذه الزيادة إطلاقا.

و على ضوء تصريحات رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم التي مرت معنا، و دلت على أن المهدي المنتظر من ولد الحسين عليهم السّلام، و التي عززتها شهادات أئمة أهل

ص:67

البيت، و شهادات كبار المؤرخين، بالإضافة إلى شهادة الواقع التاريخي لسيرة الأئمة من ذرية الإمام الحسين.

و مع هذه الشواهد الكثيرة نقطع بعدم صحة الرواية التي تقول «و اسم أبيه اسم أبي» مما يوجب عدم الاعتناء بها إلا لمعاند متعصب، و خاصة بعد التأكد من تلاعب العباسيين بالأحاديث النبوية لدعم سلطانهم و تزكية خلفائهم، و منهم محمد بن عبد الله الملقب بالمهدي ثالث خلفاء الدولة العباسية، مما يكشف أنهم هم الذين دسوا هذه الزيادة لتنطبق على خليفتهم العباسي، ثم دخلت في بعض الأحاديث الصحيحة عن طريق بعض الرواة المدسوسين أو المغفلين، و هناك أدلة كثيرة تعزز هذا الرأي سنتناولها في كتاب مستقل إن شاء الله تعالى.

و الحمد لله رب العالمين، و هو ولي التوفيق عليه توكلنا و إليه ننيب.

ص:68

فهارس الرسالة

اشارة

الآيات القرآنية

أطراف الأحاديث

رواة الأحاديث

مصادر الرسالة

موضوعات الرسالة

ص:69

ص:70

الآيات القرآنية

- وَ الَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطّٰاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهٰا 5

- أَ فَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلىٰ وَجْهِهِ أَهْدىٰ 5

- زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا 9

- وَ أَنْزَلْنٰا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنّٰاسِ 19

- أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ 20

- وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا 53

- كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهٰا وَ لاٰ تَحْزَنَ وَ لِتَعْلَمَ 54

- جٰاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْبٰاطِلُ إِنَّ الْبٰاطِلَ 54

- يٰا يَحْيىٰ خُذِ الْكِتٰابَ بِقُوَّةٍ وَ آتَيْنٰاهُ 59

- قٰالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كٰانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا 59

- وَ وَهَبْنٰا لَهُ إِسْحٰاقَ وَ يَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنٰا وَ نُوحاً 66

ص:71

ص:72

أطراف الأحاديث

- اسمع يا معاوية أما قولك إنا زعمنا أن لنا ملكا 9

- إنه إذا كان فإنه من ولد عبد شمس 10

- اسمه اسمى و اسم أبيه اسم أبي 67

- أرأيت صاحب الرداء الأصفر؟ يعني المنصور 13

- و الله ما ذاك يحملني و لكن هذا و اخوته و أبناؤهم 13

- إنكم تحدثون عن رسول الله أحاديث 17

- إنكم تأتون أهل قرية لهم دوي بالقرآن 17

- إني أردت أن أكتب السنن و إني ذكرت 18

- إني أوتيت القرآن و مثله معه 19

- أيها الناس إنه قد بلغني أنه قد ظهرت 18

- أيها الذاكر عليا أنا الحسن و أبي علي 25

- و أيم الله لو كنت في جحر هامة من هذه الهوام 26

- أيها الناس إن رسول الله قال: من رأى سلطانا 26

- انه من ولد الحسين و ذكر حليته فقال: 32

- إنك سيد ابن سيد أبو سادة إنك إمام ابن إمام 34

- إن الله عز و جل اختار من الأيام يوم الجمعة 38

- إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله و عترتي 39

- الأئمة بعد رسول الله اثنا عشر 40

ص:73

- استودعناه الله الذي استودعته أم موسى ابنها 59

- بنفسي هو إن الناس ليقولون فيه أنه المهدي 13

- تكلم يا ولدي بأذن الله تعالى فقال: بسم الله 53

- تختلف ثلاث رايات: راية بالمغرب 35

- جمع أبي الحديث عن رسول الله و كانت 17

- خشيت أن أموت و هي عندي فيكون فيها 17

- الخلف الصالح من ولد أبي محمد العسكري 57

- عليكم بكتاب الله و سترجعون إلى قوم 19

- فلا تحدثوا عن رسول الله شيئا فمن سألكم 19

- في التاسع من ولدي سنة من يوسف 40

- قد جاءكم الفرج و هو المهدي. من ولد فاطمة 36

- قائم هذه الأمة هو التاسع من ولدي و هو صاحب 40

- لا تفعلوا فإن هذا الأمر لم يأت بعد 12

- لا يحل لأحد يروي حديثا لم يسمع به 18

- لو لم يكن لك عند اللّه كرامة 54

- قد علم الله صدق نيتك في ذلك 49

- لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لبعث الله 32

- مهديان من بني عبد شمس أحدهما عمر الأشج 10

- ما هي إليك و لا إلى ابنك و إنما هي لهذا 14

- المهدي منا محمد بن عبد الله و أمه من غيرنا 15

- المهدي من ولد العباس عمي 16

- من كان عنده منها شيء فليمحه 18

- ما يبكيك يا فاطمة؟ أما علمت أن الله 33

- المهدي من ولد فاطمة 37

- المهدي رجل منا من ولد فاطمة 37

ص:74

- المهدي من عترتي من ولد فاطمة 37

- مرحبا يابن رسول الله و إذا أقبل الحسين يقول: 39

- المهدي مني أجلى الجبهة أقنى الأنف يملأ الأرض 65

- نظر إلى ابنه الحسن فقال: إن ابني هذا سيد 21

- نظر إلى ابنه الحسين فقال: إن ابني هذا سيد 21

- و نظر إلى ابنه الحسين إن ابني هذا سيد 23

- و نظر إلى ابنه الحسين إن ابني هذا سيد 31

- هذا عمي أبو الخلفاء الأربعين، من أجود 16

- هو رجل من أهل بيتي 37

- هذا عظم نبي ظفر به هذا الراهب من بعض 50

- و هما سيدا شباب أهل الجنة.. يا فاطمة و الذي 65

- يوشك الرجل متكئا على أريكته يحدث 19

- يخرج المهدي من ولد الحسين من قبل المشرق 34

- يخرج رجل من ولد حسين اسمه اسم نبيكم 34

- يبعث الله المهدي منا أهل البيت 37

- يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي 37

- يلي أمر هذه الأمة في آخر زمانها 37

- يا عمة رديه إلى أمه كي تقر عينها و لا 54

- يا عمة هذا المنتظر الذي بشرنا به 59

ص:75

ص:76

رواة الأحاديث

الألف

- ابن عباس 9

- ابن عباس 10

- ابن عباس 17

- ابن عباس 37

- ابن مسعود 37

- ابن مسعود 37

- ابن مسعود 38

- أم سلمة 38

- أبو بكر 16

- أبو موس الغافقي 19

- أبو سعيد الخدري 33

- أبو سعيد الخدري 37

- أبو سعيد الخدري 65

- أبو سعيد الخدري 65

الجيم

- جعفر الصادق 12

ص:77

- جعفر الصادق 13

- جعفر الصادق 13

- جعفر الصادق 13

- جعفر الصادق 13

الحاء

- الحسين بن علي 23

- الحسن بن علي 25

- الحسين بن علي 26

- حذيفة بن اليمان 32

- الحسن بن علي 40

- الحسين بن علي 40

- الحسين بن علي 40

- الحسن العسكري 50

- الحسن العسكري 53

- الحسن العسكري 54

- الحسن العسكري 59

- الحسن العسكري 59

- الحسن العسكري 52

السين

- سلمان الفارسي 32

- سلمان الفارسي 34

العين

- عثمان بن عفان 16

- عائشة 17

ص:78

- عمر بن الخطاب 17

- عمر بن الخطاب 18

- عمر بن الخطاب 18

- عثمان بن عفان 18

- علي بن أبي طالب 21

- علي بن أبي طالب 23

- علي بن أبي طالب 31

- علي بن أبي طالب 31

- علي بن أبي طالب 32

- عبد الله بن عمرو 34

- علي بن أبي طالب 34

- علي بن أبي طالب 34

- علي بن أبي طالب 35

- علي بن أبي طالب 36

- علي بن أبي طالب 38

- علي بن أبي طالب 39

- علي بن الحسين 49

- علي بن موسى الرضا 57

الفاء

- فلان 15

الميم

- محمد بن الحنفية 10

ص:79

ص:80

مصادر الرسالة

كتب الحديث

1 - المصنف لابن أبي شيبة: الدار السلفية - طبع بومبي

2 - مسند أحمد بن حنبل لبنان - دار الفكر

3 - سنن أبي داود لبنان دار إحياء السنة النبوية

4 - سنن ابن ماجة لبنان - دار الفكر

5 - مستدرك الصحيحين للحاكم النيسابوري: لبنان - دار الكتب العلمية

6 - كنز العمال للمتقي الهندي: لبنان - مؤسسة الرسالة

7 - الموضوعات لابن الجوزي: القاهرة - مطبعة المجد

8 - فرائد السمطين للجويني: لبنان - مؤسسة المحمودي

9 - ينابيع المودة للحنفي القندوزي: تركيا، مطبعة إختر أسلامبول

10 - المعجم الكبير للطبراني: الطبعة الثانية - تحيق أحمد السفلي

11 - صحاح الأخبار للمخزومي الرافعي: طبع الهند - بومبي 1306 هجرية

12 - وسيلة النجاة للمولوي: مبين الهندي الحنفي - طبع الهند كلشن فيض بلكهنو

ص:81

13 - دلائل الإمامة لأبي جعفر الطبري - النجف الأشرف المطبوعات الحيدرية

14 - مقتضب الأثر لأحمد الجوهري: إيران - قم، طبع مكتبة الطبطابئي

15 - اثبات الهداة للحر العاملي: إيران - قم، المطبعة العلمية

16 - كفاية الأثر في النص على الأئمة الأثني عشر للخزار القمي: طبع إيران - قم، انتشارات بيدار 17 - حجية السنة لعبد الغني: مصر - دار السعادة

18 - المنار المنيف لأبي القيم الجوزية: حلب - مكتبة المطبوعات الجوزية

19 - منتخب كنز العمال للمتقي الهندي بهامش مسند أحمد: لبنان - دار الفكر

20 - اللألئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة لابن بطريق: إيران قم 21 - العمدة لنور الدين الهيثمي: لبنان - دار الكتاب العربي

22 - مجمع الزوائد للسيوطي: لبنان - دار المعرفة

23 - ذخائر العقبى لمحب الدين الطبري: القاهرة - مكتبة القدسي

24 - غريب الحديث لابن الجوزي: لبنان - دار الكتب العلمية

25 - النهاية في غريب الحديث للجزري: مصر المكتبة الإسلامية 26 - سنن الترمذي لبنان - دار إحياء التراث العربي

27 - حلية الأولياء لأبي نعيم: لبنان - دار الكتب العلمية 1988 ميلادية

ص:82

كتب التاريخ

28 - تاريخ الأمم و الملوك للطبري: لبنان - دار التراث

29 - سيرة الأئمة الأثني عشر لهاشم معروف الحسني: لبنان - دار التعارف 1986 ميلادية

30 - الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي: النجف الأشرف - مكتبة دار الكتب

31 - بحار الأنوار للمجلسي: لبنان - دار الوفاء

32 - أخبار أصبهان لأبي نعيم الأصفهاني: طبع ليدن

33 - أخبار الدول و أثار الأول للقرماني: لبنان - عالم الكتب 34 - مروج الذهب للمسعودي: طبع مصر 1367 هجرية

35 - تاريخ ابن الودري النجف الأشرف - المطبعة الحيدرية

36 - تاريخ ابن خلدون لبنان - دار الفكر

37 - مرآة الجنان لليافعي: طبع لبنان 1379 هجرية

38 - كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفاني: لبنان - دار الفكر 1986 ميلادية

39 - أسنى المطالب في مناقب علي بن أبي طالب لابن الجزري الشافعي: طبع إيران - تحقيق الدكتور هادي الأميني 40 - مقتل الحسين للخوارزمي: طبع النجف الأشرف

41 - الكامل في التاريخ لابن الأثير: لبنان - دار صادر

42 - البداية و النهاية لابن كثير: لبنان - دار الفكر

43 - الصواعق المحرقة لابن حجر الميثمي: مصر - مكتبة القاهرة.

44 - مقاتل الطالبيين لأبي الفرج الأصفهاني الأموي: تحقيق أحمد صقر، طبع القاهرة 1449 ميلادية

ص:83

45 - الشذرات الذهبية في الأئمد الأثني عشر الإمامية لابن طولون: لبنان - دار صادر 46 - مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: طبع إيران - قم، منشورات العلامة

47 - كشف الغمة في معرفة الأئمة لأبي فتح الأربلي: لبنان - دار الكتاب الإسلامي 48 - الأنوار الإلهية في تاريخ الحجج الإلهية لعباس القمي: إيران - مكتبة المفيد 49 - نور الأبصار للشلبنجي: القاهرة - دار الفكر

50 - فصل الخطاب للخواجا بارسا البخاري عن ينابيع المودة:

لبنان - طبع العرفان

51 - إسعاف الراغبين لابن الصبان المالكي موجود بهامس نور الأبصار للشبلنجي: القاهرة - دار الفكر

52 - مفتاح النجا للبدخشي مخطوط

53 - جالية الكدر للأبياري شرح منظومة البرزنجي: طبع مصر

54 - كفاية الطالب للكنجي الشافعي الدمشقي: النجف الأشرف - مطبعة الغري

55 - مطالب السؤول في مناقب آل الرسول لابن طالحة الشافعي: النجف الأشرف - دار الكتب

56 - تذكرة الخواص لابن الجوزي: النجف الأشرف - مطبعة الغري

57 - الإرشاد للشيخ المفيد: لبنان - مؤسسة الأعلمي

58 - شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي: مطبعة البابي الحلبي

59 - وفيات الأعيان لابن خلكان: طبع مصر 1275 هجرية

ص:84

60 - الشذرات الذهبية لابن طولون: طبع بيروت

61 - اثبات الوصية للمؤرخ المسعودي: النجف الأشرف - المطبعة الحيدرية

62 - الإمام السجاد للشيخ باقر الشريف القرشي: لبنان - دار الأضواء

63 - الإمام السجاد للدكتور حسين الحاج حسن: لبنان - دار المرتضى

64 - نهاية الإرب للنويري: تحقيق الدكتور العريبي 1992 ميلادية

الكتب الخاصة بالمهدي المنتظر

65 - عقد الدرر للسلمي المقدسي: القاهرة - عالم الفكر

66 - الإشاعة للبرزنجي: لبنان - دار الكتب العلمية

67 - البيان في أخبار صاحب الزمان للكنجي الشافعي: لبنان - بيروت، إصدارات مركز وراث الأنبياء

68 - ثورة الموطئين للمهدي للشيخ الفتلاوي: لبنان - طبع دار الوسيلة 69 - البرهان في أخبار صاحب الزمان للمتقي الهندي مجلدان: تحقيق جاسم الياسين: الكويت - طبع دار السلاسل

70 - الحاوي للفتاوي للسيوطي: لبنان - دار الكتب العلمية

71 - السنن الواردة لأبي عمر الداني: لبنان - دار الكتب العلمية

72 - الغيبة للنعماني: طهران - مكتبة الصدوق

73 - كمال الدين و إتمام النعمة للصدوق: طبع إيران، قم، جامعة المدرسيين

74 - كشف الأستار عن وجه الغائب عن الأنظار طهران - مكتبة نينوى

ص:85

75 - منتخب الأثر في الأئمة الأثني عشر للطف الله الصافي: لبنان - مؤسسة الوفاء 76 - الملاحم و الفتن لابن طاووس: إيران - قم، منشورات الرضي

77 - الغيبة للشيخ الطوسي طهران: مكتبة نينوى

78 - الفتن لنعيم بن حماد: لبنان - دار الكتب العلمية

كتب تراجم الرجال

79 - تذكرة الحفاظ للذهبي: لبنان - دار إحياء التراث العربي

80 - ميزان الاعتدال للذهبي: لبنان - دار المعرفة

81 - الكامل في ضعف الرجال لابن عدي الجرجاني: لبنان - دار الفكر 82 - طبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي: مطبعة الباب الحلبي 1383 هجرية

كتب متفرقة

83 - نزهة الجليس لعباس بن علي المكي: طبع القاهرة

84 - الأتحاف بحب الاشراف للشبراوي: طبع مصر 1316 هجرية 85 - بغية المسترشدين لعبد الرحمن بن عمر فتي الديار الحضرمية : طبع مصر

86 - مشارق الأنوار في فوز أهل الاعتبار للحمزاوي: مصر - الطبعة العثمانية 87 - اليواقيت و الجواهر للشعراني: مصر - عبد الحميد أحمد حنفي

88 - ديوان الفرزدق شرح و ضبط علي خريس: لبنان - مؤسسة الأعلمي

ص:86

موضوعات الرسالة

الإهداء 5

المقدمة 7

من هو المهدي المنتظر؟ 9

هل المهدي محمد بن عبد الله الحسني؟ 11

هل المهدي هو محمد بن عبد الله العباسي؟ 14

مع الرأي القائل:

إن المهدي المنتظر من ولد الحسن 21

الدليل الأول 21

الدليل الثاني 23

مع الرأي القائل:

إن المهدي من ولد الحسين 29

الدليل الأول:

التصريحات النبوية 31

الدليل الثاني:

شهادة أئمة أهل البيت 37

الدليل الثالث:

شهادة المؤرخين 41

الدليل الرابع:

ص:87

شهادة الواقع التاريخي 45

الصورة التاريخية الأولى 46

الصورة التاريخية الثانية 49

الدليل الخامس:

شهادة علماء أهل السنة 53

الدليل السادس:

شهادة علماء الإمامية 63

سؤال وجيه 65

الجواب 66

إشكال و جواب 67

فهارس الرسالة 69

الآيات القرآنية 71

أطراف الأحاديث 72

رواة الأحاديث 75

مصادر الرسالة 79

موضوعات الرسالة 85

ص:88

ص:89

هذه الرسالة

إن أهم ما تتميز به هذه الرسالة، هو اعتمادها المنهج العلمي الأكاديمي، و الأسلوب السهل الممتنع، في طريقة البحث و التوثيق و الاستدلال، فقدمت نصوصا نبوية مستفيضة، مع وثائق تاريخية دامغة، و أدلة فكرية رصينة، و عقلية حاسمة، تثبت نسب الإمام المهدي المنتظر (عليه السلام)، إلى جده الإمام الحسين، صلوات الله و سلامه عليهما و على أهل البيت أجمعين.

(الناشر)

ص:90

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.