طب الامام الصادق علیه السلام

اشارة

سرشناسه : عقیل، محسن

عنوان و نام پديدآور : طب الامام الصادق(علیه السلام) [کتاب]/ تهیه و تنظیم محسن عقیل

مشخصات نشر : بیروت لبنان - 1418 - موسسه الاعلمی للمطبوعات

مشخصات ظاهری : 616 ص.

موضوع : جعفربن محمد(ع)، امام ششم، 83 - 148ق. -- معلومات -- پزشکی

موضوع : پزشکی اسلامی -- متون قدیمی تا قرن 14

موضوع : بهداشت همگانی-- متون قدیمی تا قرن 14

ص :1

اشارة

ص :2

طب الامام الصادق(علیه السلام)

تهیه و تنظیم محسن عقیل

ص :3

ص :4

المقدمة

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

الحمد للّه تعالى مبدع الأشياء، و خالق الداء و الدواء، و صلى اللّه على محمد صفوة الرسل و الأنبياء، و على أهل بيته الأطهار النجباء.

و بعد:

ليس أحد من عباقرة العالم و عظمائه أعظم فائدة على الإنسانية، و لا أكثر عطاء لها من الإمام جعفر الصادق و آبائه عليهم السّلام، فقد فتح هذا الإمام الملهم العظيم آفاقا مشرقة من المعارف و العلوم ساهمت مساهمة إيجابية في صنع الحضارة الإنسانية، و تطوير وسائلها في جميع المجالات.

لقد اتسعت علوم الإمام و معارفه فشملت أسرار الكون، و مظاهر الوجود و تعددت إلى الفضاء الخارجي، و سكان الكواكب، و غير ذلك مما يثير الدهشة، و نعرض لبعض علومه التي ملأت الدنيا - على حد تعبير الجاحظ - من بعض هذه العلوم علومه الطبية.

عني الإمام الصادق عليه السّلام، عناية بالغة في علم الطب، و أقام له مدرسة خاصة، و هي أول مدرسة تؤسس في الإسلام في شبه الجزيرة العربية، و كان عليه السّلام، يلقي دروسا في هذا العلم استفاد منها كثير من الأطباء و الباحثين و المرضى في القرنين الثالث و الرابع،

ص:5

و كان من بين محاضراته التي انتفع بها الأطباء بعد وفاته، نظريته في إمكان تنشيط الدورة الدموية عند حدوث سكتة مفاجئة، أو توقف مؤقت حتى لو ظهرت على المريض إمارات الموت، و ذلك بقطع وريد بين أصابع يده اليسرى لإسالة الدم منه، فإن ذلك يوجب إعادة الحياة إلى المريض.

قد يتساءل شخص ما هي الغاية من كتابة و شرح هذه البحوث الطبية، و قد مضى ما يزيد عليها أعواما عديدة، فما هي الغاية من ذلك؟ و نحن الآن في عصر العلم و التقدم و التقنية الحديثة، و نحن الآن في عصر المجاهر و المختبرات العملاقة و مراكز البحوث الجبارة.

بالطبع لا يمكننا أن ندعي: أن صياغة هذا الكتاب و أمثاله يقصد منها كشف دواء مجهول، أو تشخيص مرض مجهول، فلا يراد منها ذلك، و ما يقصد من سرد الأحاديث النبوية الكريمة التداوي و العلاج - و إن كان ذلك ممكنا، بل إن القصد من إجراء أمثال هذه الدراسة هو إظهار إعجازات علمية جديدة لأحاديث نبوية تنطق بصحة الدعوة الإسلامية، و التي تثبت صدق قول النبي صلّى اللّه عليه و اله و سلم، و الأئمة عليهم السّلام، فيزداد الذين آمنوا هدى و تقوى و مضيّا في طريق الحق، إلى جانب غيرها من البراهين العلمية، القاطعة و الأدلة الساطعة، فالدراسة و الحالة هذه تدخل تحت قول اللّه عز و جل:

سَنُرِيهِمْ آيٰاتِنٰا فِي الْآفٰاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتّٰى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ [فصلت/ 53].

فقد تناولت في هذا البحث بعض الأطعمة، و المسائل الطبية و العلمية، التي وردت في أحاديث الإمام الصادق عليه السّلام، موضحا فيها التركيب التحليلي، و القيمة الغذائية، و مبينا الاستخدامات الطبية لها كدواء، في ضوء ما أظهره الطب و العلم الحديث، فكان هذا الكتاب محاولة منا أن نستبين ما ورد في أحاديث الإمام الصادق عليه السّلام، من معجزات علمية باهرة، و أننا لعلى يقين من أنه لو أوليت هذه النصوص، ما تستحقه من عناية و اهتمام، لأمكن الخروج بنتائج، يمكن أن تكون على درجة كبيرة من الأهمية، حتّى بالنسبة للحياة الطبية الحاضرة.

محسن عقيل

ص:6

الرمان

اشارة

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أطعموا صبيانكم الرمان، فإنه أسرع لشبابهم(1)(2).

و عنه عليه السّلام: ذكر عنده الرمان الحلو فقال: المز أصلح في البطن(3).

عن صالح بن عقبة، قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: كلوا الرمان بشحمه، فإنه يدبغ المعدة، و يزيد في الذهن(4).

و عنه عليه السّلام، قال: كلوا الرمان المز بشحمه، فإنه دباغ المعدة(5).

و عنه عليه السّلام قال: من أكل رمانا عند منامه فهو آمن من نفسه إلى أن يصبح(6).

عن الحارث بن المغيرة، قال: شكوت إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام ثقلا أجده في فؤادي، و كثرة التخمة من طعامي، فقال: تناول من هذا الرمان الحلو، و كله بشحمه، فإنه يدبغ المعدة دبغا، و يشفي التخمة، و يهضم الطعام، و يسبح في الجوف(7).

ص:7


1- (1) لشبابهم أي لنموهم و وصولهم إلى حد الشباب.
2- (2) بحار ج 63 ص 164 ح 47.
3- (3) وسائل ج 25 ص 156 ح 3.
4- (4) بحار ج 63 ص 160 ح 27. و وسائل ج 25 ص 156 ح 1.
5- (5) وسائل ج 25 ص 156-157 ح 2.
6- (6) وسائل ج 25 ص 158 ح 9.
7- (7) وسائل ج 25 ص 158 ح 10.

خواص الرمان العلاجية

منع الفضول: حب الرمان الحامض إذا جفف في الشمس و دق و ذر على الطعام أو طبخ معه منع الفضول من أن تسيل إلى المعدة و الأمعاء.

نفث الدم: إذا أنقع في ماء المطر و شرب نفع من كان ينفث الدم.

قرحة الأمعاء: يوافق إذا استعمل في المياه التي يجلس فيها لقرحة الأمعاء و سيلان الرطوبات السائلة من الرحم المزمنة.

القروح الخبيثة: عصارة حب الرمان و خاصة منه إذا طبخ و خلط بالعسل كان نافعا من القروح التي في الفم و القروح التي في المعدة و الداحس و القروح الخبيثة و اللحم الزائد و وجع الآذان و القروح التي في باطن الأنف.

شدّ اللثّة: الجلنار يشد اللثة و يلزق الجراحات بحرارتها.

اللثة التي تدمى كثيرا: يتمضمض بطبيخه اللثة التي تدمى كثيرا و الأسنان المتحركة.

للفتق: قد يهيأ منه لزوق للفتق الذي يصير فيه الأمعاء إلى الاثنين.

رمد: قد يزعم قوم أن من ابتلع ثلاث حبات صباحا من أصغر ما يكون من الجلنار لم يعرض له في تلك السنة رمد.

حب القرع: طبيخ أصل شجرة الرمان إذا شرب قتل حب القرع و أخرجه.

إسهال البلغم و المرّة الصفراء: ابن سرانيون: الحلو و الحامض إن اعتصرا مع شحمهما و شرب من عصيرهما مقدار نصف رطل مع خمسة و عشرين درهما من السكر أسهل البلغم و المرّة الصفراء و قوى المعدة.

و أكثر ما يؤخذ منه من خمسة عشر أواقي مع خمسة عشر درهما سكرا.

مزاج الروح: ابن سينا في الأدوية القلبية: الحلو منه معتدل موافق لمزاج الروح بسفه و حلاوته و خصوصا لروح الكبد.

إحداد البصر: قال هارون: عصارة الحلو منه إذا وضعت في قارورة في شمس حارة حتى تغلظ تلك العصارة و اكتحل بها أحدّت البصر، و كلما عتقت كانت أجود.

ورم الأذن و الظفرة: إن طبخت الرمانة الحلوة كما هي بالشراب ثم دقت كما هي و ضمد بها

ص:8

الأذن نفع من ورمها منفعة جيدة. و عصارة الحامض منه تنفع الظفرة إذا اكتحل بها.

شهوة الحبالى: سويقه مصلح لشهوة الحبالى، و كذا ربه و خصوصا الحامض.

الحكة و الجراب و السلاق: الشريف: عصير الرمانين إذا طبخا في إناء نحاسي إلى أن يثخنا، و اكتحل بهما أذهبا الحكة و الجراب و السلاق و زاد في قوة البصر.

الأذن الوجعة: إذا أفرغت رمانة من حبها و ملئت بدهن ورد و فترت على نار هادئة و قطر منه في الأذن الوجعة سكن وجعها.

السعال اليابس: مع دهن البنفسج للسعال اليابس.

نزف النساء: إذا طبخ قشر الرمان و جلس فيه النساء نفعهن من النزف.

خروج المقعدة: إذا أجلس فيه الأطفال نفعهم من خروج المقعدة.

الإسهال الذريع: إذا طبخ قشر الرمان في ماء إلى أن يتهرى و أخذ منه قدر أربعة دراهم مع الماء الذى طبخ فيه و أضيف إليهما أوقيتان من دقيق حواري و صنع منه عصيدة حتى يكمل نضجها ثم أنزلت و وضع عليها زيت قمح و أطعم ذلك من به إسهال ذريع قطعه و حبا.

استرسال البول: إن شرب طبيخه من به استرسال البول أمسكه.

السحج و إسهال البطن: إذا أخذ قشر الرمان الحامض و خلط بمثله عفصا و سحقا ثم طبخا بخل ثقيف حتى ينعقد ثم حبب منهما على قدر الفلفل و شرب منهما من سبع عشرة حبة إلى خمس و عشرين حبة نفع ذلك من السحج و إسهال البطن و حيا و نفعا من قروح الأمعاء و المقعدة.

نفث الدم: إذا أحرق قشر الرمان و عجن بعسل و ضمد به أسفل البطن و الصدر نفع من نفث الدم.

الجدري: إذا سحق قشر الرمان أو سقيط عقده ثم خلط بعسل و طلي به آثار الجدري و غيرها أياما متوالية أذهب أثرها.

الإسهال و سحوج الأمعاء: الإسرائيلي: أما قشر الرمان فبارد يابس أرضي إذا احتقن بمائه المطبوخ مع الأرز و الشعير المقشور المحمص نفع من الإسهال و سحوج الأمعاء.

تقوية المقعدة: إذا استنجي به قوى المقعدة و قطع الدم المنبعث من أفواه البواسير.

الدود: قشر الرمان إذا سحق و اقتمح منه صاحب الدود وزن خمسة عشر و شرب عليه ماء حارا فإنه يخرجها بقوّة.

ص:9

تليين الصدر: إسحاق بن سليمان: يؤخذ رمانة فيقوّر رأسها قدر درهم و يصب عليه من دهن البنفسج مقدار ما يملأ تخلخل الرمانة، و يحمل على دقاق جمر نقي حتى يغلي و يشرب الدهن و يزاد عليه دهن آخر حتى إذا شربه زيد عليه غيره حتى يروى دهنا و يمنع من أن يشرب شيئا ثم ينزل عن النار و يفرك و يمتص حبه و يرمى ثفله فإن ذلك يفيده معونة على تليين الصدر و يكسبه من القوة على إدرار البول ما لم يكن فيه قبل ذلك.

القروح و العفن: الغافقي: عصارة الحلو منه إذا طبخت في إناء من نحاس كانت صالحة للقروح و العفن و الرائحة المنتنة في الأنف.

قروح الفم الخبيثة: عصارة الحامض منه بالغة لقروح الفم الخبيثة منها.

قطع العطش و القيء و الغثيان: الرب المتخذ من الرمانين يقوي المعدة الحارة و يقطع العطش و القيء و الغثيان. و زهر الرمان إذا ضمدت به المعدة مع عيون الكرم الرخصة الغضة قطع القيء الذريع المفرط عنها.

القلاع: إذا اعتصر الرمانان بشحمهما و تمضمض بمائهما نفع من القلاع المتولد في أفواه الأطفال.

المسلول: رب الرمان الحلو إذا أخذه المسلول بالماء عند العطش رطب بدنه، و كذا يفعل امتصاص الطري منه للغذاء.

العين الرمدة: إذا شويت الرمانة الحلوة و ضمد بها العين الرمدة سكن وجعها و حط رمدها.

العين الرمدة: إذا استخرجت عصارة الرمان الحامض الساقط عند العقد بالطبخ في الماء مع زهره و عقدت حتى تغلظ قوّت الأعضاء و منعت من انصباب المواد إليها، لا سيما العينان الرمدتان، و يجب أن يحل العينان بماء الورد.

قروح الإحليل: إذا حلت بماء عنب الثعلب أو ماء لسان الحمل نفعت من قروح الإحليل و نفعت من سحوج الخف محلولة بالماء، و من ابتداء الداحس.

الرطوبة السائلة من الرحم: إذا احتقن بها بماء قد أغلي فيه عيدان الشبث جففت الرطوبة السائلة من الرحم.

الحمرة: إذا حلت بالخل نفعت من الحمرة.

الجساء العارض في العين: إذا مزجت بعكر الخمر و طلي بها الجساء العارض في العين من

ص:10

بلغم أو ريح أو تزيد لحم و تمودي عليه أضمره.

الرمان في الطب الحديث

الرمان من فاكهة الجنة.

قال اللّه تعالى:

فِيهِمٰا فٰاكِهَةٌ وَ نَخْلٌ وَ رُمّٰانٌ [الرحمن/ 68].

وَ جَنّٰاتٍ مِنْ أَعْنٰابٍ وَ الزَّيْتُونَ وَ الرُّمّٰانَ [الأنعام/ 99].

و قال تعالى: * وَ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنّٰاتٍ مَعْرُوشٰاتٍ وَ غَيْرَ مَعْرُوشٰاتٍ وَ النَّخْلَ وَ الزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَ الزَّيْتُونَ وَ الرُّمّٰانَ مُتَشٰابِهاً وَ غَيْرَ مُتَشٰابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذٰا أَثْمَرَ وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصٰادِهِ وَ لاٰ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاٰ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ [الأنعام/ 141].

التركيب التحليلي لثمرة الرمان:

يحتوي عصير الرمان على سكر المانتول، و غيره من السكريات كما يحتوي على نسبة عالية من عنصر الحديد. و تحتوي القشرة الخارجية للثمرة على حمض التنيك (Tannic acid) و هي مادة قابضة، كما أنها توجد أيضا في أجزاء الثمرة. كما يحتوي العصير على نفس هذه المادة القابضة.

يدخل في تركيب قشور جذور الرمان قلويدات هي البللترين Pelletierin الأيزوبللترين Isopellietrin و المثيل أيزوبللترين Methylisopellet و تشكل هذه القلويدات نسبة 4,3% إضافة إلى أن هناك قلويد يشكل حوالي 1,5% يسمى البسيدوبللترين Mpseudope lletierin و هذا الأخير بلوري القوام، بينما الثلاثة السابقة له سائلة القوام، و هذه القلويدات الثلاثة طاردة للديدان و خاصة الدودة الوحيدة و ذلك باستخدام مغلي قشور الجذور، كما أن مسحوق ثمار الرمان يضغط في كبسولات تستخدم في حالات الديزنطاريا و الإسهال و في حالات النزف الدموي. و لتجنب الأثر السام لمغلي قشور الجذور تضاف له مواد تانينية أو (يضاف قليل من قشور الثمار الجافة).

و يبدو أنّ المصريّين القدماء هم أول من استعمل شجرة الرّمّان باعتبارها طاردة للدّيدان.

و قد كان لحاء الجذر مستخدما لطرد الدّيدان، في العصور القديمة، في الهندستان، و لدى اليونان.

ص:11

و كان الدّكتور «ميرا» (Merat) أوّل من نبّه الأطباء الفرنسيين إلى فائدة الرّمّان في طرد الشرّيطيّة (الدّودة الوحيدة).

و أزهار الرمّان قابضة، تعطي أفضل النّتائج في علاج الإسهال المزمن، و السّيلان الأبيض من المهبل، و النّزف.

و لحاء الجذر طارد شديد الفاعليّة للشّريطيّة المسلّحة، و النّقيريّة. و يصنع من العصير النّاتج من اللّبّ شراب شعبي منعش مرطب.

و يحظّر على الأطفال، و الحبليات، و المرضعات.

و قشرة الثّمرة طاردة للأسكاريس.

الاستخدامات الطبية لثمرة الرمان:

1 - نظرا لاحتواء الرمان على نسبة كبيرة من عنصر الحديد و هو ضروري و هام لتكوين كرات الدم الحمراء و لذلك فهو مفيد في حالات فقر الدم «الانيميا» حيث يدخل الحديد في تكوين المادة الحمراء «الهيموجلوبين» Haemoglobine التي تحمل الأكسجين إلى أنسجة الجسم المختلفة.

2 - نظرا لاحتواء الرمان بكثرة على حامض التنيك، و هي مادة ذات خاصية قابضة فإنه يستخدم في الحالات الآتية:

أ - تستخدم القشور في علاج الإسهال و البواسير.

ب - يستخدم عصير الرمان كنقط للأنف حيث يساعد على انقباض الأوعية الدموية و الغشاء المخاطي المبطن للأنف و بذلك يساعد على فتح الأنف في حالة انسدادها مثل حالات الزكام و الرشح.

ج - أما «الجلنار» الذي يطلق على زهر الرمان فإن مغليه يفيد في علاج اللثة.

3 - أمكن استخراج مادة فعالة طاردة للديدان من الرمان، و على هذا فإن غلي قشور جذور الرمان (بنسبة 60 جراما في لتر ماء لمدة ربع ساعة) و إذا شرب منه كوب في كل صباح أسقط الدودة الوحيدة الشريطية (Tinea Saginata) ، و ننصح باستخدام شربة مسهلة معه.

ص:12

التفاح

اشارة

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لو يعلم الناس ما في التفاح، ما داووا مرضاهم إلا به، أ لا و إنه أسرع شيء منفعة للفؤاد، خاصة أوان نضوجه(1).

و عنه عليه السّلام قال: إن رجلا كتب إليه من أرض و بئة يخبره بوبائها، فكتب إليه:

عليك بالتفاح فكله، ففعل فعوفي(2).

و قال عليه السّلام: التفاح يطفيء الحرارة، و يبرد الجوف، و يذهب بالحمى(3).

عن سماعة قال: سألت أبا عبد اللّه الصادق عليه السّلام، عن مريض اشتهى التفاح، و قد نهي عنه أن يأكله، فقال عليه السّلام: أطعموا محموميكم التفاح، فما من شيء أنفع من التفاح(4).

عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ذكر له الحمى فقال: إنا أهل بيت لا نتداوى إلا بإفاضة الماء البارد يصبّ علينا، و أكل التفاح(5).

عن درست بن أبي منصور، قال: بعثني المفضل إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام فدخلت عليه في يوم صائف، و قدّامه طبق فيه تفاح أخضر، فو اللّه إن صبرت أن قلت له: جعلت فداك أ تأكل هذا و الناس يكرهونه؟ فقال - كأنه لم يزل يعرفني: إني وعكت في ليلتي هذه، فبعثت فأتيت به، و هذا يقلع الحمى و يسكن الحرارة، فقدمت فأصبت أهلي

ص:13


1- (1) مستدرك ج 16 ص 397 ح 1 باب 67.
2- (2) مستدرك ج 16 ص 398 ح 3.
3- (3) مستدرك الوسائل ج 16 ص 398.
4- (4) مستدرك الوسائل ج 16 ص 398 ح 5.
5- (5) بحار الأنوار ج 63 ص 171 ح 21.

محمومين فأطعمتهم فأقلعت عنهم(1).

عن سليمان بن درستويه الواسطي قال: وجهني المفضل بحوائج إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام فإذا قدامه تفاح أخضر، فقلت له: جعلت فداك ما هذا؟ فقال: يا سليمان إني وعكت البارحة فبعثت إلى هذا لآكله، أستطفىء به الحرارة، و يبرد الجوف، و يذهب بالحمى(2).

عن أبي يوسف، عن القندي قال: دخلت المدينة و معي أخي سيف فأصاب الناس الرعاف و كان معي الرجل إذا رعف يومين مات، فرجعت إلى المنزل فإذا سيف أخي يرعف رعافا شديدا، فدخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام فقال: يا زياد أطعم سيفا التفاح، فرجعت فأطعمته إياه فبرأ(3).

عن إسماعيل بن جابر قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: التفاح نضوج المعدة(4).

سويق التفاح، و التداوي به عن ابن بكير، قال: رعفت سنة بالمدينة، فسأل أصحابنا أبا عبد اللّه عليه السّلام عن شيء يمسك الرعاف، فقال: اسقوه سويق التفاح، فسقوني فانقطع عني الرعاف(5).

عن محمد بن موسى، عن بعض أصحابنا رفعه إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام، أنه قال: ما أعرف للسموم دواء أنفع من سويق التفاح(6).

ص:14


1- (1) بحار الأنوار ج 63 ص 172 ح 24.
2- (2) بحار الأنوار ج 63 ص 173 ح 25.
3- (3) بحار الأنوار ج 63 ص 173 ح 27.
4- (4) بحار الأنوار ج 63 ص 174 ح 30.
5- (5) وسائل الشيعة ج 25 ص 164 ح 1 باب 92.
6- (6) وسائل الشيعة ج 25 ص 124 ح 2 باب 92.

الاستخدامات الطبية للتفاح:

1 - نظرا لاحتواء التفاح على مادة البكتين و هي مادة معروفة بفائدتها في مقاومة الإسهال فإنه يمكن استعمال التفاح كعلاج للإسهال المزمن و الحاد.

2 - يوصي الأطباء بتناول التفاح لعلاج أمراض الكبد و زيادة ضغط الدم و ذلك لاحتواء التفاح على البوتاسيوم.

3 - تساعد مادة البكتين الموجودة في التفاح على امتصاص المخلفات الضارة مثل حمض البوليك من الجسم و طردها خارجه لذلك يوصف التفاح كعلاج لمرض النقرس، و كذلك أيضا لعلاج أمراض الجهاز البولي.

4 - لعلاج النزلات الشعبية و التهاب الرئة.

تقطع تفاحتان أو ثلاث تفاحات بقشورها، و تغلى في لتر من الماء لمدة 4/1 ساعة و يشرب من هذا المغلي مقدار أربعة أو ستة أكواب يوميا.

5 - شراب التفاح: يستخدم شراب التفاح في علاج الحالات الآتية:

- فقر الدم و الضعف العام.

- داء النقرس و آلام المفاصل.

- أمراض الكبد و حصوات الجهاز البولي.

التفاح و خل التفاح

يقول المثل الانجليزي:

.«One apple a day keeps the doctor away» .

... أي تناول تفاحة يوميا يبعد الطبيب عن بيتك، و هذا القول ينطبق بالفعل إلى درجة كبيرة لما للتفاح من فوائد عديدة... فهو ينشط الأمعاء، و يمنع الإمساك، و يفتت الحصى في الكلى و المثانة، و يزيل حمض البول... و يخفف نقيع التفاح من آلام الحمى، و ينشط الكبد، و يهدئ السعال، و يخلص الجسم من الفضلات و السموم، و يسهل إفرازات غدد اللعاب و الأمعاء و الكبد، و ينشط القلب، و يخفف الآلام الروماتيزمية و النقرس و التهاب الأعصاب.

ص:15

التركيب التحليلي لثمرة التفاح:

يحتوي التفاح على مواد أرومية... أي مكسبة للرائحة و هي التي تعطيه رائحته المميزة...

و يحتوي على حوالي 10% مواد سكرية و هي من السكريات البسيطة (سكر العنب و الفواكه) لذلك تتميز بأنها سهلة الهضم و سريعة الامتصاص.

كما يحتوي على بعض الفيتامينات و أهمها فيتامين «ج» الذى يوجد بنسبة مرتفعة... بذلك يوفر التفاح للجسم الحيوية و القدرة على مقاومة الأمراض. كما يحتوي على معادن ضرورية مثل الحديد و النحاس... بالإضافة إلى الصوديوم و البوتاسيوم.

كما يتميز التفاح باحتوائه على مادة البكتين التي تتركز في قشر التفاح و توجد كذلك في الأجزاء الداخلية... و هذه المادة معروفة بفائدتها في مقاومة الإسهال، كما أنها تساعد على امتصاص المخلفات الضارة (مثل حمض البوليك) من الجسم و طردها خارجه.

استخدامات التفاح الطبية

لعلاج الآلام الروماتيزمية و النقرس:

يغلى 30 جراما من قشر التفاح في حوالي ربع لتر من الماء لمدة ربع ساعة، و يشرب من هذا المغلي مقدار أربعة أو ستة أقداح يوميا.

لعلاج الإسهال الحاد و المزمن:

يستعمل التفاح كعلاج جيد لحالات الإسهال خصوصا حالات الأطفال في فصل الصيف...

و يفضل أن يكثر المريض من تناول السوائل و يمتنع عن أغلب الأطعمة خاصة الدسمة و يعتمد على تناول التفاح إما طازجا دون تجهيز... أو إعداده بالطريقة التالية و هي أكثر فعالية:

تقشر 7-9 تفاحات، و تنظف من البذور، ثم تبشر، و يغذى منها الطفل إلى درجة الإشباع ثلاث مرات يوميا... و بعد يومين أو ثلاثة، و بعد ظهور التحسن، تقلل كمية التفاح و يضاف إليها مغلي الشوفان، و باستمرار التحسن ينتقل الطفل تدريجيا إلى غذائه المعتاد.

ص:16

التفاح طعام و علاج للجروح

اشارة

لم يعد أحد يذكر اسم قائل الحكمة التي مؤداها «أكل تفاحة يوميا يغنيك عن زيارة الطبيب».

و مع أن هذا القول لا تنطبق حرفيته مع الواقع، إلا أنه في مجمله حكمة و هناك حكمة انجليزية تقول:

«لو أكل كل إنسان تفاحة قبل النوم. لاستجدى الطبيب خبز كل يوم».

و ما أكثر ما نسج الناس من خيالات حول التفاح و قيمته الغذائية. أما الحقيقة المجردة فهي أن التفاح لا يفترق في شيء عن أي طعام آخر غني بالفيتامينات و المعادن، يؤكل فيحدث في الأمعاء شحنات تبدد الإمساك.

التفاح كيف يؤكل؟

و التفاح يؤكل نيئا أو مطبوخا أو مسكرا أو في سلاطة الفواكه. إن التفاح قابل للاتحاد مع أغلب الأغذية ما عدا البطاطس، و الخبز، و الفطائر الرقيقة، فطائر التفاح لذيذة جدا، لكن على هؤلاء الذين يعانون من متاعب الإسهال أن يتجنبوا هذه المتعة. و يؤكل التفاح مع الجبن، و التفاح مع الزبادى، و التفاح مع الحليب، و التفاح مع الصلصة و لحم الضأن. تلك أمثلة لما يأتلف مع التفاح من أطعمة.

و عصير التفاح شراب منعش مدهش، يعادل في فوائده، عصير البرتقال أو أي عصير جيد آخر.

أغنى التفاح عن بتر قدم:

و نشا التفاح قاتل للجراثيم. لقد أثبتت هذا الدكتورة «اديث هاينز»، الأستاذة بكلية طب جامعة انديانا، فقد وجدت أن معالجة القروح بكمادات محلول بكتين التفاح المستمرة يؤدي إلى شفائها بسرعة فائقة. و بكتين التفاح هو نشا التفاح. واحد من مرضى «اديث» كان صبيا صدمته سيارة، فصلت لحم ساقه عن العظام بشكل ميئوس منه، بدرجة أن الجراحين أعدوه لعملية بتر، لكن دكتور «شارلز تومبكين»، و هو أخصائي أطفال كان قد استخدم «بكتين التفاح» في علاج إسهال الأطفال، استوقف الجراحين، و طلب للصبي محلول البكتين من الدكتورة هاينز، و عالج به الجرح، فشفي خلال أسابيع.

و تقول الدكتورة «هاينز» إن بكتين التفاح ليس مجرد قاتل للجراثيم فحسب، بل إنه ينشط نمو الأنسجة أيضا. و التفاح على ما له من فوائد، تختلف كثافة تواجده بين مكان و مكان على ظهر

ص:17

الأنسجة أيضا. و التفاح على ما له من فوائد، تختلف كثافة تواجده بين مكان و مكان على ظهر الأرض و بالتالي تختلف أسعاره، ثم قدرة الناس على شرائه فهو في استراليا و لبنان و قبرص و كندا و انجلترا طعام للغني و للفقير. بينما تنعكس الآية كلما اقتربنا من خط الاستواء، و ابتعدنا كثيرا عن مناطق زراعته، و في بعض الدول النامية التي تفتقر إلى العملة الصعبة، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعاره.

التفاح صديق لمرضى السكر:

يميل التفاح إلى التعاطف مع مرضى السكر و غيرهم ممن يهمهم تجنب سرعة ارتفاع السكر في الدم. و يأتي ترتيب التفاح قرب قاع قائمة الأغذية السكرية، و في نفس مرتبة الفول الجاف. معنى ذلك أنه على الرغم من احتواء التفاح على سكر طبيعي، لكنه لا يحدث ارتفاعا سريعا في سكر الدم.

إنه يضبط الأنسولين، و من ثم يخفض الكولسترول و ضغط الدم، فضلا عن أنه يقي من أمراض البرد و أمراض الجهاز التنفسي.

و مما يثير الدهشة حقا أن دراسات أجريت في جامعة «بيل»، وجدت أنه قد يكفي أن تتنسم رائحة التفاح لينخفض ضغط دمك. و قد ذكر دكتور «جاري شوارتز» مدير مركز أبحاث الجامعة المذكورة، أن لأريج التفاح تأثيرا مهدئا لأعصاب كثير من الناس، مما يخفض ضغط الدم. و لوحظ أن أكل التفاح طازجا أفضل من تناول عصيره كغذاء لخفض الوزن.

ملاحظات هامة:

ينخفض الكولسترول في الدم أكثر. كلما أكلت تفاحا أكثر. غير أن الأفراد يختلفون من حيث ردود الفعل، تبعا لاختلاف التركيب الكيميائي لأجسامهم.

لسبب مجهول، يستجيب النساء أكثر لأكل التفاح، و يزداد انخفاض الكولسترول في الدم عندهن بنسبة أكبر من انخفاضه عند الرجال.

خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من تناول مزيد من التفاح، قد يرتفع معدل الكولسترول، و يستقر، ثم ينخفض عن معدله العادي. علما بأن أكل التفاح لا يفيد بالضرورة كل شخص.

احرص على أكل قشر التفاح، فهو غني بالبكتين.

عصير التفاح يحتوي على قليل من البكتين، فلا نتوقع منه تخفيض الكولسترول، أو ضغط الدم، أو أن ينظم سكر الدم، كما أن العناصر الواقية من السرطان فيه قليلة جدا.

ص:18

إذابة الجلطة الدموية في الجسم، كما إنه يجعل الإسهال عند الأطفال أسوأ مما هو عليه.

استخدامات التفاح العلاجية في الطب الحديث:

يرى الباحثون أن التفاح يتميز بفوائد صحية عديدة، و التي تكمن في مادة البكتين (نوع من الألياف الغذائية القابلة للذوبان) و التي تتركز في لب ثمرة التفاح و كذلك في قشرته.

الإسهال: تذكر الدراسات الحديثة أن البكتين (Pectin) يساعد في تخفيف الإصابة بالإسهال لأن بكتيريا الأمعاء، و التي توجد بصفة طبيعية، تحوّله إلى مادة ناعمة واقية لجدار الأمعاء الملتهب أو المتهيّج. و بالإضافة إلى ذلك، فإن البكتين يزيد من كتلة الفضلات و بذلك فهو يجعل البراز أكثر تماسكا فيقل الإسهال، و لنفس هذه الفائدة فإنه يقاوم كذلك الإمساك حيث إنه يسهّل خروج الفضلات الصلبة المحتجزة بالأمعاء.

و الأكثر من ذلك، وجد أن البكتين له مفعول مقاوم لأنواع كثيرة من البكتيريا المسببة للإسهال. و لذلك فإننا نجد أن هذه المادة - البكتين - تدخل في بعض أنواع الأدوية المضادة للإسهال في صورة بيكتيت (Pectate) مثل دواء: كوبيكتيت (Kaopectate) .

الإمساك: أفضل علاج للإمساك هو الاعتماد على تناول غذاء غني بالألياف... فهذه الألياف الغذائية تزيد من كتلة الفضلات، و تطرّيها، فيكون من السهل إخراجها... و من أغنى هذه الأغذية بالألياف هو التفاح و كذلك الخوخ و البرقوق و المشمش و الخرشوف و الكرنب... و غيرها من الخضراوات بالإضافة إلى الحبوب كالقمح (الخبز).

الأزمات القلبية: يساعد البكتين على خفض مستوى الكوليسترول، و من المعروف أن ارتفاع الكوليسترول يعدّ من أهم العوامل المسببة للإصابة بالأزمات القلبية (الذبحة الصدرية)...

فقد أثبت الباحثون أنه في وجود البكتين «يتعطّل» امتصاص الكوليسترول إلى تيار الدم أي أنه يبقى بالأمعاء لحين التخلص منه... و لذلك ينصح بتناول ثمرة تفاحة «كتحلية» خاصة بعد أكل اللحوم أو الوجبات الدسمة للوقاية من خطر الكوليسترول الذي يتوافر بهذه الأطعمة.

التفاح و السرطان: إن منظمة السرطان الأمريكية (The American cancer society) أوصت في إحدى نشراتها بأن يزيد اعتماد الناس على التغذية الغنية بالألياف (high-fibre diet) للمساعدة على الوقاية من أنواع كثيرة من السرطانات خاصة سرطان الأمعاء الغليظة (القولون). و قد وجد أن بكتين التفاح من أفضل أنواع الألياف الغذائية لهذا الغرض حيث إنه يتحد (أي يكوّن رابطة كيميائية) مع

ص:19

المركبات السرطانية (المسرطنات) في الأمعاء الغليظة، مما يزيد من سرعة التخلص منها، و يقي الجسم من شرورها.

[وفقا لما نشرته جريدة المنظمة الدولية للسرطان... Journal of the National Cancer

[Institute .

التفاح و مرض السكر: و كما ينصح الباحثون بالغذاء الغني بالألياف للوقاية من السرطان، فإن نفس هذا الغذاء مطلوب كذلك لإحكام السيطرة على مرض السكر. و قد أثبتت دراسات عديدة أن البكتين يساعد على تحقيق هذا الغرض... أي يساعد على انتظام مستوى السكر (الجلوكوز) بالدم خلال الحد الطبيعي له.

التسمم بالرصاص: و أثبتت الدراسات الحديثة كذلك أن بكتين التفاح يكوّن رابطة مع بعض المعادن الثقيلة مما يساعد الجسم على التخلص منها... و هذه مثل الرصاص و الزئبق.

تطهير الجروح: لقد ثبت أن أوراق التفاح كذلك، و ليس البكتين فحسب، لها فوائد صحية من أهمها أنها تحتوي على مضاد حيوي يسمى: فلوريتين (Phloretin) .

و بناء على ذلك فإن هذه الأوراق تصلح في عمل لبخة مطهّرة للجروح.

خل التفاح

يصنع الخل من أنواع كثيرة من العصير، كعصير: العنب و التفاح و البرتقال و قصب السكر و عسل النحل... كما يصنع من القمح و الشعير و الذرة بعد تحويل النشا إلى سكر بواسطة خميرة «الدياستيز».

و يعتبر خل التفاح هو أفضل أنواع الخل عموما لغناه بالعناصر الغذائية و فوائده الطيبة المتعددة... حيث يجمع خل التفاح جميع عناصر ثمرة التفاح، باستثناء المواد السكرية حيث تتحول إلى مادة أخرى، بالإضافة إلى اكتسابه خصائص أخرى مفيدة.

فوائد خل التفاح الطبية

لعلاج القيء و الإسهال و مغص الأمعاء:

لخل التفاح تأثير قوي ضد الجراثيم داخل أمعاء الإنسان... بذلك فهو يفيد في حالات الإسهال خاصة الناتج عن تناول مأكولات ملوثة بالميكروبات كمعظم حالات إسهال الصيف...

ص:20

كما أنه يقلل الرغبة في القيء المصاحب لهذه الحالة، و ينظم حركة الأمعاء مما يقلل من عدد مرات الإسهال و يساعد المريض على الاحتفاظ بالطعام الذي يتناوله.

الجرعة: يؤخذ ملعقة صغيرة من خل التفاح في كوب من الماء مع وجبات الطعام الثلاث و يستمر هذا العلاج لحوالي 3-4 أيام.

لعلاج الحصوات و تطهير المسالك البولية:

الجرعة: تؤخذ ملعقة صغيرة من خل التفاح في كوب من الماء مع كل وجبة طعام.

و يمكنك أن تلاحظ بنفسك تأثير خل التفاح الواضح و السريع في تطهير مجرى البول و التخلّص من الرواسب و الأملاح و ذلك بملاحظة البول في صباح اليوم التالي فستجده أصبح رائقا عما كان عليه.

رجيم خل التفاح لسرعة انقاص الوزن:

يستعمل خل التفاح لإزالة الشحم الزائد بالجسم لأنه يساعد الجسم على حرقه، و ذلك باتباع هذا النظام:

تؤخذ ملعقتان صغيرتان في كوب من الماء مع كل وجبة طعام... و يستمر هذا النظام حتى يعود وزن الفرد إلى الوزن المثالي له - بناء على طول الجسم - و يأخذ ذلك عادة مدة شهرين (و يجب على الشخص خلال فترة العلاج أن يقلل من تناول النشويات و الدهون و يزيد من الحركة و النشاط الجسماني للحصول على نتائج أسرع).

لعلاج الصداع المزمن و المتكرر:

يوضع مزيج متساو من الخل و الماء في إناء فوق النار إلى أن يغلي و يستنشق من البخار المتصاعد منه، فتخف شدة الألم تدريجيا حتى تزول كليا عند الانتهاء من الاستنشاق، و إذا عادت النوبة بعد ذلك إلى الظهور من جديد، فإن آلامها تكون أقل بنسبة النصف مما كانت عليه في السابق.

و أيضا: يمكن وضعه كمادة سميكة على الجبهة مبللة بمزيج ثلثه من الخل و الثلثان من الماء.

ص:21

لعلاج الدّوخة:

تؤخذ ملعقة من خل التفاح في كوب من الماء مع كل وجبة طعام.

و لاحظ أن نتائج العلاج لا تظهر إلا بعد حوالي أسبوع أو أكثر... و تدوم فاعليته لفترة طويلة.

لعلاج السعال:

يجهز مزيج مكون من خل التفاح و العسل و الجليسرين... فإذا كان السعال شديدا يؤخذ من المزيج ملعقة صغيرة كل ساعتين... و بالنسبة للأطفال يكفي تناول ربع ملعقة صغيرة كل ثلاث ساعات.

لعلاج الحروق:

يدهن مكان الحرق بسرعة بخل التفاح، و هذا يمنع ظهور الفقاعات.

الاستخدامات الطبية لخل التفاح:

اشارة

يمكن عمل خل التفاح بالطريقة الآتية:

- تغسل ثمار التفاح جيدا ثم تجفف، ثم تقطع هذه الثمار دون تقشيرها أو نزع بذورها إلى قطع متوسطة متماثلة الحجم و توضع في إناء ثم يغطى الإناء جيدا بقطعة نظيفة من القماش القطني أو الكتاني ذات المسام، ثم يحفظ هذا الإناء في مكان دافىء فترة من الزمن (بضعة أسابيع) حتى تتم عملية التفاعل بفعل البكتريا الموجودة في الهواء.

و بعد إتمام عملية التفاعل يكون عصير التفاح الناتج قد تحول إلى خل التفاح و له رائحة نفاذة و طعم لاذع. ثم يصفى هذا العصير و يوضع في زجاجات مناسبة.

و يستخدم خل التفاح في العلاجات الآتية:

- لعلاج القيء و الإسهال و المغص.

- لعلاج الحصوات و تطهير المسالك البولية.

- لمحاربة السمنة.

حيث يساعد خل التفاح على إزالة الشحم الزائد بالجسم تؤخذ ملعقتان صغيرتان في كوب من

ص:22

الماء مع كل وجبة طعام لمدة شهرين.

لعلاج الصداع المزمن و المتكرر:

حيث يوضع مزيج متساو من الخل و الماء في إناء فوق النار حتى يغلى ثم يستنشق البخار الناتج، حتى تخف الآلام تدريجيا.

طريقة عمل خل التفاح:

يقول دكتور س. جارفيس و هو أخصائي في العلاج بالأعشاب و الغذاء: «كل إنسان يجب أن يحتفظ في مطبخه بزجاجة من خل التفاح، و يصطحب معه زجاجة منه في جميع أسفاره كما يصطحب معجون الأسنان».

و نظرا لأهمية خل التفاح و تعذّر وجوده في بعض البلدان... أقدم لك طريقة عمل خل التفاح و هي طريقة سهلة و بسيطة... و بداية نحذر من استخدام أية أوان معدنية في إعداد خل التفاح، إذ إن الخل يتفاعل معها... و إنما ننصح باستخدام أوان فخارية، أو زجاجية، أو بلاستيكية... و الطريقة كالآتي:

- تغسل ثمار التفاح جيدا ثم تجفف.

- تقطع هذه الثمار - دون تقشيرها أو نزع بذرها - إلى قطع متوسطة متماثلة الحجم...

و توضع في إناء كما أشرنا... (أفضل أنواع خل التفاح هو الذي يحضر من الثمرة بأكملها لذا يفضل عدم التخلص من القشور و البذور أثناء إعداد الخل).

- يغطى هذا الإناء جيدا بقطعة نظيفة من القماش المسامي - قماش قطني أو كتاني.

- يحفظ هذا الإناء في مكان دافىء فترة من الزمن - بضعة أسابيع - لتتم عملية التفاعل بفعل البكتيريا الموجودة في الهواء.

- تطول هذه الفترة و تقصر حسب حرارة الجو... إذ تقصر في الجو الحار، بينما تطول في الجو البارد.

- بعد إتمام عملية التفاعل، يكون عصير التفاح الناتج قد تحوّل إلى خل التفاح... و يعرف ذلك بالرائحة النفّاذة الدالة على ذلك، و كذا الطعم اللاذع.

- يؤخذ هذا العصير و يصفى جيدا من التفل بقطعة من القماش المسامي، و يوضع العصير بعد تصفيته في زجاجات مناسبة و محكمة لاستعماله وقت اللزوم.

ص:23

العنب و الزبيب

اشارة

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: شكا نبي من الأنبياء إلى اللّه الغمّ فأمره بأكل العنب(1).

و عنه عليه السّلام قال: إن نوحا شكا إلى اللّه الغمّ، فأوحى اللّه إليه أن يأكل العنب فإنه يذهب بالغم(2).

الزبيب

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إحدى و عشرون زبيبة حمراء في كل يوم على الريق، تدفع جميع الأمراض إلا مرض الموت(3).

و عنه عليه السّلام قال: الزبيب يشدّ العصب، و يذهب بالنصب، و يطيّب النفس(4).

و في حديث آخر قال عليه السّلام: الزبيب الطائفي يشد العصب، و يذهب النصب، و يطيّب النفس(5).

ص:24


1- (1) بحار الأنوار ج 63 ص 149 ح 9.
2- (2) بحار الأنوار ج 63 ص 149 ح 10.
3- (3) بحار الأنوار ج 63 ص 152 ح 6.
4- (4) بحار الأنوار ج 63 ص 153 ح 5. و وسائل ج 25 ص 151 ح 1.
5- (5) وسائل الشيعة ج 25 ص 151 ح 1 باب 84.

كل العناصر الغذائية... في العنب

نتائج تحليل ثمار العنب:

يحتوي العنب على معظم العناصر الغذائية التي يحتاجها الجسم، فيحتوي على مواد سكرية بحوالي 15%... هي سكر العنب.

و منها حوالي 7% جلوكوز... و تزداد نسبتها كلما نضجت الثمار... و يعتبر سكر العنب من أبسط السكريات و أسهلها امتصاصا و تمثيلا في الجسم.

و قد وجد أن تناول 100 جرام من العنب يعطي للجسم كمية من الطاقة تعادل حوالي 68 سعرا حراريا، و تعزى هذه الطاقة أساسا إلى احتراق و تمثيل المواد السكرية الموجودة بالعنب داخل الجسم.

كما يحتوي العنب على بروتين بحوالي (8,%) و على دهون بحوالي (5,%). بالإضافة إلى مجموعة من أملاح العناصر هي أملاح البوتاسيوم و الكالسيوم و الفوسفور و الحديد... و بعض الفيتامينات و أهمها فيتامين «ب» و كذلك «أ» و «ج».

كما أن العنب مصدر غني بالألياف فيحتوي على حوالي (4,3%) و الألياف لا تعتبر عنصرا غذائيا، لكنه ثبت أن لها فوائد صحية عديدة، فهي تمنع حدوث الإمساك و تنظّم مستوى الجلوكوز و الكوليستيرول بالجسم، بل تحمي كذلك من الإصابة بسرطان الأمعاء.

القيمة الغذائية للعنب:

بذلك نرى أن احتواء العنب على قدر جيد من السكريات يجعله مصدرا غنيا للطاقة التي يحتاجها الجسم لأداء وظائفه الحيوية المختلفة من هضم و مشي و تفكير و خلافه.

كما يحتوي العنب، خاصة القشر، على مجموعة من عناصر فيتامين «ب» المركب و الذي يحتاجه الجسم في نواح كثيرة خاصة لسلامة الجهاز العصبي.

كما يحتوي العنب على كمية و فيرة من فيتامين «ج» الذى يرفع من مناعة الجسم و يقلل من احتمالات الإصابة بالميكروبات و الجراثيم... و كذلك فيتامين «أ» الضروري لسلامة الجلد.

كما يحتوي العنب على البروتينات و التي يستخدمها الجسم في إعادة بناء ما تلف من أنسجة الجسم.

ص:25

بالإضافة إلى أن العنب مصدر غني بالألياف التي سبق ذكر فوائدها.

العنب في الطب الشعبي الحديث

اشارة

* ثبت أن العنب من الفواكه النافعة لأمراض الصدر، فيعمل من عصيره مشروب ذو تأثير كبير ضد السعال و آفات الرئة.

* و شاي أوراق العنب فيه خاصية إدرار البول و القبض... و لذلك يوصف في حالات:

الدوسنتاريا، و الإسهال، و انحباس البول، و اليرقان.

* و يوصف العنب علاجا شافيا للرمل و أمراض الكلى و الإمساك.

* و قد عرفت للعنب خاصية التقوية منذ القدم، و قد أثبتت التجارب أن تناول العنب يزيد من إدرار البول، و يقلل حموضته... كما يخفف نسبة حمض البوليك... و هذا الحامض - كما هو معروف - من أعدى المخلفات الغذائية على الصحة.

* و العنب يفعل في الأمعاء فعلا ملينا، و يقلل الاختمارات فيها... و يزيد في خاصية الجسم لاختزان المواد الدهنية، و تنبيه وظائف الكبد، فيزيد من إدرار الصفراء.

* و العنب يساعد الجسم على اختزان المواد الآزوتية و الدهنية، فتزيد بذلك مقاومة الجسم للضعف... و تزيد كذلك مقاومته للأمراض.

استخدامات العنب الطبية:

شاع عن العنب استخدامه في الشفاء من بعض الأمراض، فهو:

* يستخدم في حالات الإمساك نظرا لتأثيره المليّن على الأمعاء.

* يستخدم في علاج مرض النقرس أو «داء الملوك»... و هو حالة مرضية تنشأ بسبب زيادة حمض البوليك في الدم، و هو أحد المخلفات الغذائية ذات التأثير الضار بالصحة، و ترسبه في بعض مفاصل الجسم بسبب آلاما كثيرة... فقد وجد أن تناول العنب يساعد على تخفيض مستوى هذه المادة بالجسم.

* يستعمل في حالات احتباس البول حيث يساعد على إدراره.

ص:26

* يحافظ تناول العنب بصفة عامة على سلامة الكبد و ينشط وظائفه و يزيد من إدراره للعصارة الصفراوية... بفضل احتوائه على كمية وفيرة من المواد السكرية.

* وجد أن عصير العنب له تأثير طارد للبلغم و ملطف للسعال.

العنب يقلّل من الإصابة بالسرطان!!

يقول أحد المهتمين بالعلاج الطبيعي: إن مما لفت نظري في الإحصائيات الخاصة بمرض السرطان، أن المرض يكاد يكون معدوما في البلدان التي يكثر فيها العنب، و يعدّ عنصرا أساسيا من عناصر غذاء السكان، و قد بدأت تجاربي مع لفيف من المعنيين بهذه البحوث في استعمال العنب كعلاج للسرطان، فوجدت المريض يتخلص من آلامه خلال بضعة أيام، و لا يعود يحتاج إلى عقاقير مهدئة أو منوّمة... و في الحالات القابلة للشفاء كان المريض يتقدم ببط ء نحو الشفاء بفضل ما للعنب من أثر فعال في تنقية الدم و إزالة الاضطراب المفاجئ في نمو أنسجة الجسم.

ما ذا قال الطبيب العالمي دكتور فالينيه عن العنب؟

جان فالينيه (Jean Valnet) هو طبيب فرنسي عالمي و له أبحاث كثيرة في مجال التداوي بالأعشاب و النباتات، و يعد من رواد الطب الطبيعي... يقول عن العنب:

العنب هاضم جدا، منشط للعضلات و الأعصاب، مجدد للخلايا، طارد للسموم، مرطب، مدر، مطهر، مفرغ للصفراء، و هو ينفع في: فقر الدم، و زيادة الوزن، و الإرهاق، و دور النقاهة، و نقص الغذاء، و الهزال، و ضعف الأعصاب و العظام، و اضطرابات الكبد و الطحال، و الحصى، و التسمم، و العاهات الجلدية، و التهاب الأمعاء، و هو نافع أيضا للعناية بالوجه.

بالإضافة إلى ذلك، فقد أوصى باستعمال العنب في الحالات الآتية:

* يشرب (700-1400) جرام من عصير العنب يوميا لإدرار و تطهير المعدة، و تخفيف حمض البوليك، و التخلص من الإمساك، و بعض حالات التسمم، و كذا في حالات البواسير و إذابة الحصى.

* للتخلص من السموم يشرب ثلاثة أكواب من العصير يوميا بعد تناول الطعام بوقت طويل.

* الزبيب المجرد من البذور فيه خواص العنب الطازج، و هو منشط جدا، و مقو، و فيه الخصائص اللازمة لتسكين الآلام، و شفاء أمراض الصدر، و أمراض المسالك البولية، و الكبد، و القصبة الهوائية.

ص:27

* يستعمل عصير العنب لغسل الوجه و ترطيبه، و ذلك بمسح الوجه باستخدام قطعة من القطن بعد غمسها في العصير، يترك الوجه مبللا بالعصير لمدة عشر دقائق حتى يجف... ثم يغسل بماء فاتر مع قليل من بيكربونات الصوديوم.

سر العلاج بالعنب

المادة الفعّالة:

لم يتوصل العلماء لمادة معينة موجودة بالعنب يمكن أن نقول إنها تعالج السرطان. لكنه من المرجح أن نجاح العنب كعلاج للسرطان، بناء على التجارب السابقة التي قامت بها السيدة جوهانا براندت، يرجع إلى وجود ثلاث مواد ضرورية بثمار العنب و هي: أملاح البوتاس - البروتين - الحديد.

فقد وجد أن مرضى السرطان بصفة عامة تفتقر أجسامهم إلى أملاح البوتاس... بذلك يصبح تناول العنب تعويضا عنها.

أما البروتين فهو عنصر بنّاء، حيث يشارك في تكوين بروتوبلازم الخلايا... بذلك يعمل على إعادة الأنسجة التي أنهكها المرض كما يعتبر العنب من أهم مصادر الحديد الذي يحتاجه الجسم لتجديد خلايا الدم، فهو غذاء مقو صح بصفة عامة.

كيف يتم شفاء السرطان بالعنب؟

من المرجح كذلك أن مفعول العنب له القدرة على إذابة النمو السرطاني أو الأنسجة الليفية السرطانية على وجه الخصوص، و تخليص الجسم من التقرحات و الخراريج... و ذلك بتحويل هذه الأنسجة إلى جزئيات دقيقة تخرج إلى تيار الدم و منه إلى أعضاء الإخراج للتخلص منها... و تشمل الكليتين (عن طريق البول)، و الجلد (عن طريق العرق)، و الرئتين (عن طريق هواء الزفير)، و الأمعاء (عن طريق البراز).

عصير العنب

استخدام عصير العنب في العلاج:

في الحالات التي يصعب فيها تناول العنب سواء لعدم القدرة على المضغ أو البلع أو لأي سبب

ص:28

آخر... يمكن استبداله بتناول عصير العنب... و له نفس مفعول ثمار العنب. و يجب أن يسبق تناوله فترة من الصيام لبضعة أيام مع عمل حقنة شرجية يوميا بالماء الفاتر... تماما مثل نظام العلاج بثمار العنب.

و تكون جرعة العصير: حوالي كوب صغير من العصير المخفف بالماء بنسبة 50% يؤخذ في ميعاد الوجبات المحددة لتناول العنب. و لا يجب إدخال أي طعام آخر مع العلاج بالعصير.

مع هذا النظام الغذائي، قد يشعر بعض المرضى بالجوع... ليس بسبب عدم كفاية العصير غذائيا، و إنما لعدم وجود كتلة من الطعام تملأ البطن فتعطي الإحساس بالشبع. في هذه الحالة يمكن الاستعانة بتناول الزبيب مع العصير... فمثلا يأخذ المريض كوبا صغيرا من العصير في الصباح، و بعد ساعتين يأخذ ملء فنجان صغير من الزبيب، ثم يأخذ كل ساعتين إما العصير أو نفس القدر من الزبيب، و لا يجب أخذ الوجبتين معا في نفس الوقت.

و يمكن تناول الزبيب إما جافا أو بعد نقعه في الماء لعدة ساعات على أن يتناول معه في الحالة الثانية الماء المنقوع فيه الزبيب.

و يمكن تناول أي نوع من الزبيب ما عدا الأنواع المعالجة بمركبات الكبريت... و ذلك يتضح من الإرشادات المكتوبة على العبوّة.

نواح أخرى للعلاج بالعنب

مرض التيفود

تناول العنب مفيد للناقهين من المرض عموما. و قد وجد أن تناوله في فترة النقاهة من مرض التيفود خاصة يمنع حدوث الانتكاس (صحوة المرض)، و يجنب المريض حدوث أي مضاعفات، و يساعده على استعادة القوى و الحيوية.

العنب لاستعادة الحيوية من جديد

يعتبر العنب غذاء بنّاء... أي يساعد على إصلاح الأنسجة التي أفسدها المرض علاوة على أنه من أفضل الأغذية المقوية... بفضل احتوائه على كميات وفيرة من الحديد و الفيتامينات («أ» و «ب» و «ج») و كذلك البروتينات.

ص:29

مرض السّل

و في إحدى التجارب، وجد أن إعطاء العنب لمريض السل (الدرن الرئوي) من خلال نظام غذائي يعتمد على الصيام لحوالي أسبوع، يساعد على استعادة وزن الجسم بدرجة ملحوظة، تصل إلى اكتساب حوالي 3 كيلو جرام خلال يومين كاملين!!

العنب دواء لعسر الهضم:

يفيد العنب في حالات عسر الهضم بصفة عامة سواء الناشىء عن أمراض الكبد أو المعدة و كذلك حالات اضطراب القولون... و ذلك بفضل احتوائه على أملاح طبيعية و أحماض عضوية تساعد عملية الهضم و امتصاص الطعام.

... و هذه الأحماض تمتاز عن غيرها بترطيب المعدة فتكون لها كالبلسم. ذلك بالإضافة إلى فائدته المعروفة في علاج حالات الإمساك المزمن.

العنب... و التهابات اللّثة و الأسنان:

بيوريا (Pyorrhea) هو مرض يصيب الأسنان و يتعرض له خاصة مرضى السكر... و فيه تتكون «جيوب» بين الأسنان و اللثة يتجمع فيها الصديد، و إن لم يعالج جيدا «تتخلخل» الأسنان عن أماكنها.

و قد وجد أن الأحماض العضوية الموجودة بالعنب لها خاصية مطهّرة و مقاومة للبكتيريا خاصة في حالات عدوى اللثة بالميكروبات... لذا يعتبر العنب وسيلة طبيعية تساعد على الشفاء من مرض البيوريا بصفة خاصة و التهابات اللثة عموما.

و الأكثر من ذلك أن تناول العنب يمكن أن يجنب الشخص «خلع ضرس»!! و ذلك في الحالات التي تستدعي هذه الضرورة... مثل وجود تجمّع صديدي حول جذر الضرس و تخلخله عن مكانه.

فقد وجد أن اتباع نظام غذائي يعتمد على تناول العنب كوجبة رئيسية لأسبوع أو أكثر يساعد على تصريف الصديد و تثبيت الضرس في مكانه...

ص:30

مرض النقرس

يساعد العنب على تصريف كل المخلفات الضارة التي تسبب آلاما روماتيزمية:

يحدث مرض النقرس بسبب زيادة مستوى حمض البوليك في الدم، و يساعد على ذلك الإفراط في تناول أطعمة معينة تساعد على زيادة تكوين هذا الحامض... و أهمها اللحوم و الكبد و الكلى... لذا وصف هذا المرض باسم «داء الملوك».

و مع زيادة هذه المادة في الدم تترسب في المفاصل و أماكن أخرى... فيلتهب المفصل و تنبعث منه آلام حادة... و عادة يكون أكثر المفاصل عرضة لذلك هو مفصل الإصبع الأكبر من القدم.

و قد وجد أن تناول العنب «ينقّي» الدم من هذه المادة الضارة، و غيرها من الرواسب و المخلفات التي قد تنتج عن الأمراض الروماتيزمية عامة... و إذا استخدم عصير العنب في عمل «لبخة» على المفصل الملتهب في مرض النقرس، ساعد على إذابة المادة المترسبة في المفصل و تصريفها عنه... و تخرج المواد الضارة، التي ينقيها العنب من الدم و المترسبة في المفاصل، خارج الجسم من خلال حدوث إسهال خفيف، أو من خلال خروجها مع العرق حيث يزداد إفرازه و يصبح لزجا أشبه بالزيت...

العنب ملطّف لألم الزائدة الدودية:

يساعد العنب على تخفيف ألم التهاب الزائدة الدودية و زوال الالتهاب عنها، إذا استخدم عصير العنب في عمل كمادات أو لبخة على الجزء المصاب مكان انبعاث الألم... إلا أن هذا لا يعني التهاون في علاجها، إذ ينبغي اللجوء لأقرب طبيب و في أسرع وقت لخطورة الموقف.

حالات الأنيميا:

يفيد العنب عموما في حالات الأنيميا باعتباره غذاء مقويا و مجددا لخلايا الدم... لذلك يجب أن يقبل على تناوله المرضى المصابون بأنيميا فقر الدم... كما اتضح أنه يفيد المرصى المصابين بنوع من الأنيميا يسمى: الأنيميا الوبيلية (Pernicious anaemia) ... ذلك إذا ما اعتمد عليه كغذاء أساسي للمريض. و قد وجد كذلك أن العنب يفيد في الشفاء من أمراض الدم عامة حيث ينقيه، و يخلصه من الرواسب الضارة، و يعمل على تجديد خلاياه.

ص:31

العنب و العمليات الجراحية:

قد يكون العنب هو الغذاء الوحيد الذي يمكن أن يتناوله المريض قبل أو بعد إجراء عملية جراحية مباشرة!!

العنب مقاوم للإدمان:

وجد أن العنب يفيد في حالات الإدمان بصفة عامة، و بخاصة إدمان الخمور و عادة التدخين و الاعتياد على تناول كميات كبيرة من الشاي و القهوة. فهو ينقّي الجسم من الرواسب الضارة، و يعوّضه عن نقص التغذية بسبب فقدان الشهية للطعام في مثل هذه الحالات.

العنب... منشّط جنسي!!

لا شك أن الأداء الجنسي الأفضل يعتمد إلى حد كبير على ثبات النفس و كفاءة الأعصاب.

فالمعروف أن العملية الجنسية تبدأ أول ما تبدأ في المخ و تسري الرغبة إلى الجسد فتستجيب الأعضاء التناسلية لنداء الشهوة.

بناء على ذلك فالعنب يعتبر منشطا جنسيا طبيعيا حيث ينقّي الدم من الرواسب الضارة فيزيد من كفاءة الأعصاب في نقل الرسائل و الاستجابة للمؤثرات... علاوة على أنه يعين الشخص على الثبات النفسي و التخلص من القلق و المخاوف التي تفسد العملية الجنسية.

العنب مذيب للحصوات:

عرف عن العنب أنه مذيب جيد لحصوات المرارة و الكلى... و هذا بالفعل ما أثبتته بعض التجارب بطرق غير مباشرة، حيث استخدم فيها العنب كعلاج لأمراض أخرى، فوجد أن بعض المرضى ممن يعانون أصلا من وجود الحصوات تمّ إذابتها بالعنب و الخلاص منها إلى خارج الجسم.

العنب لضعف الرؤية، الكاتاراكت أو الماء الأزرق:

و هي حالة مرضية تصاب فيها عدسة العين بالعتامة. و قد وجد أن الاعتماد على غذاء العنب يساعد في إصلاح هذه الحالة و تحسّن الرؤية.

ص:32

العنب دواء لقرحة المعدة:

يساعد تناول العنب على التئام قرحة المعدة، بشرط أن يتناوله المريض بعد إزالة القشور و البذور منه.

العنب ملطّف للرشح و متاعب الجيوب الأنفية:

يساعد العنب على تلطيف الرشح و متاعب الجيوب الأنفية... ذلك إذا استخدم عصير العنب كغسول للأنف بعد تخفيفه بالماء بنسبة 50%.

لبخة العنب تساعد على تصريف الخراريج:

يساعد العنب على تصريف التورّم و الالتهابات الموضعية و كذلك الكدمات الناشئة عن الإصابات... و ذلك بعمل لبخة من العنب أو كمادات من عصير العنب. على أن تستبدل بأخرى بين وقت و آخر.

العنب و مرض السكر:

من رأي بعض الأطباء أن سكر العنب يعتبر مأمونا بالنسبة لمرضى السكر عن غيره من السكريات الأخرى... بل إنه يساعد المريض على تخليص جسمه من الرواسب الضارة، و يقلّل من نسبة تركيز الجلوكوز بالدم و الأنسجة.

ص:33

الزبيب

اشارة

له خواص العنب الطازج بل و أكثر! طريقة تحضير الزبيب:

الزبيب هو العنب المجفف. و يتم تجفيف العنب على النحو التالي:

1 - يتم اختيار العنب النباتي الناضج و ترص العناقيد في صوان خاصة بالتجفيف تصنع في العادة من الخشب المبطن بالفورمايكا و مقاسها 60 * 90 سم و ارتفاع الحافة 5 سم.

2 - توضع الصواني في منطقة مشمسة لمدة أسبوعين تقلّب خلالها العناقيد من 2-3 مرات.

3 - ينقل العنب بعد لمنطقة ظل و يترك لمدة 10 أيام أخرى حتى يتم الجفاف و يظهر ذلك عند الضغط على الحب فلا ينتج أي عصير منه.

4 - تعبأ العناقيد في صناديق خشب و تترك لمدة 20 يوما.

5 - يفصل الزبيب من العناقيد و يجمع في أكياس أو أوعية.

6 - و يمكن اختصار مدة التجفيف - بغمس العنب قبل التجفيف في محلول صودا كاوية ساخن 1/2% ثم يزال تأثيره بغمره مرة أخرى في الماء.

كما يمكن الإسراع في التجفيف بأن تتم عملية التجفيف كلها في الشمس و الاستغناء عن نقله إلى الظل، و لكن الزبيب الناتج في هذه الحالة يكون لونه غامقا.

القيمة الغذائية للزبيب:

يحتفظ العنب المجفف (الزبيب) بأكثر خواص العنب الطازج بل و يمد الجسم بسعرات حرارية أكثر، فتناول 100 جرام من الزبيب يعطي للجسم 268 (كيلو سعر حراري)... بينما تعطي نفس الكمية من العنب 68 كيلو (سعر حراري) فقط.

و الجدول الآتي يبين القيمة الغذائية لكل 100 جرام من الزبيب بناء على نسبة العناصر الغذائية الموجودة به:

ص:34

المادةنسبة وجودها ماء 24 جراما

بروتين 2,2 جرام

دهون 0,5 جرام

كربوهيدرات 71,2 جرام

فيتامين «أ» 50 وحدة دولية

فيتامين «ب 1» 15, ميلليجرام

فيتامين «ب 2» 08, ميلليجرام

كالسيوم 78 ميلليجرام

فوسفور 139 ميلليجرام

حديد 3,3 ميلليجرام

استخدام الزبيب في العلاج:

و في الحالات التي لا تسمح بتناول العنب و لا عصيره... يمكن الاعتماد على الزبيب فقط كبديل عن كليهما. و يؤخذ الزبيب في هذه الحالة كل ساعتين كما في حالة الغذاء بالعنب.

و للتغلب على الحلاوة الزائدة للزبيب المنقوع في الماء، يمكن إضافة قليل من عصير الليمون إلى المنقوع.

الزبيب في الطب القديم

السعال: لحم الزبيب إذا أكل وافق قصبة الرئة و نفع من السعال و نفع الكلى و المثانة.

قرحة الأمعاء: إذا أكل الزبيب وحده نفع من قرحة الأمعاء.

جلب البلغم من الفم: إذا أخذ لحم الزبيب و خلط بدقيق الجاورس و بيض و قلي بعسل و أكل هكذا أو خلط به أيضا فلفل جلب من الفم بلغما.

الأورام الحارة: إذا خلط بدقيق الباقلا و الكمون و تضمد به سكن الأورام الحارة العارضة

ص:35

للأنثيين. و كذلك إذا خلط و هو مسحوق بالشراب و تضمد به سكن الأورام الحارة العارضة للأنثيين.

الجدري و القروح الشهدية: إذا خلط و هو مسحوق بالشراب و تضمد به سكن ما يظهر في الجلد و يسمى أسقطيداس و الجدري و القروح المسماة الشهدية و العفونات التي في المفاصل و القرحة الخبيثة المسماة غنغرانا، و السرطان.

النقرس: إذا تضمد به مع الجاوشير و افق النقرس.

الأظافير المتحركة: إذا ألصق على الأظافير المتحركة أسرع قلعها.

ابن ماسه: خاصة الزبيب إذا أكل بعجمه نفع من أوجاع الأمعاء و الحلو منه و ما لا عجم له نافع لأصحاب الرطوبات جيد الكيموس.

ص:36

البطيخ

اشارة

قال الصادق عليه السّلام: أكل البطيخ على الريق يورث الفالج(1).

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال: كلوا البطيخ، فإن فيه عشر خصال مجتمعة: هو شحمة الأرض(2) ، لا داء فيه و لا غائلة، و هو طعام و شراب، و هو فاكهة، و هو ريحان، و هو اشنان(3) ، و هو أدم، و يزيد في المياه، و يغسل المثانة، و يدر البول(4).

ص:37


1- (1) بحار الأنوار ج 63 ص 196 ح 14.
2- (2) شحمة الأرض: سمي شحمة الأرض لأنه شبيه بالشحم يخرج من الأرض.
3- (3) أشنان: لأنه يفعل فعله في تنظيف الفم.
4- (4) وسائل الشيعة ج 25 ص 177 ح 10، و بحار الأنوار ج 63 ص 196 ح 12.

استخدامات و فوائد البطيخ الطبية:

1 - نظرا لأن لب البطيخ قلوي فإنه ينصح بتناوله للذين يشعرون بحموضة في المعدة أو عسر في الهضم حيث أن قلويته تستطيع معادلة الحموضة الزائدة في المعدة، و يعد البطيخ من أفضل الأغذية لمرضى قرحة المعدة.

2 - ملين خفيف: لذلك يمكن تناوله في حالات الإمساك.

3 - مدر للبول و يغسل المثانة، و قد ذكر أنه إذا أكل على الريق يساعد على إنزال الحصى الصغير من الكلى و الحالب.

لعلاج ضغط الدم المرتفع:

منقوع بذور البطيخ:

يؤخذ ملعقتان من بذور البطيخ المجففة و تطحن جيدا ثم توضع في فنجان مملوء بالماء المغلي ثم تترك لمدة ساعة ثم يشرب المنقوع الناتج (دون تناول البذور المطحونة) و يكرر ذلك ثلاث مرات يوميا بعد الأكل.

جاء في تحليله أنه غني بفيتامين (ج - C ) فقير بفيتامين (أ - A )، فيه 90-93% ماء، و سكر 6-8% و قليل من حمض النيكوتينك (فيتامين P.P. ) كما فيه فوسفور، و كبريت، و بوتاس، و صودا، و كلور. و بذوره مغذية، و فيها من المواد الدهنية 43%، و من السكر 15,7%، و من البروتين 27,1%. و عموما، فإن البطيخ يعمل على تجديد الطاقة اللازمة للجسم، لاحتوائه على السكريات و الأملاح المعدنية الهامة... كما يستخدم كمليّن، و منشط، و ملطف، و مبرد، و مدر للبول.

و لا بد من التنويه بأن الإفراط في تناول البطيخ عقب الطعام يسبب تمدد عصارة المعدة، و لذا يجب عقب الطعام بزمن كاف للاستفادة من خواصه الأخرى.

و يزعم عالم التغذية الأميركي الدكتور «إينسلي» أن عصير البطيخ يقي من التيفوئيد، كما يفيد المصابين بالروماتيزما.

ص:38

علاجات البطيخ في الطب القديم

ابن سينا في القانون:

الجلد: ينقي الجلد و خاصة بزره و جوفه، و ينفع من الكلف و البهق و الحرارة، و خصوصا إذا عجن جوفه أيضا كما هو بدقيق الحنطة و جفف في الشمس.

النوازل: قشره يلصق بالجبهة فيمنع النوازل إلى العين، و هو غاية.

البول و الحصاة: يدر البول نضيجه و نيئه، و ينفع من الحصاة في الكلية و المثانة إذا كانت صغارا، لا سيما من حصاة الكلية.

يفسد المعدة: البطيخ إذا فسد في المعدة استحال إلى طبيعة سمية، فيجب إذا ثقل أن يخرج بسرعة، و الأولى أن يتقيأ بما يمكن.

الأنطاكي في التذكرة:

البلغم: مع العسل و الزنجبيل يقطع البلغم.

السوداء: مع اللبن يخرج السوداء، فينفع حينئذ من أمراضها كالفالج، و الخدر، و النقرس، و الجنون، و الوسواس، و المالينخوليا.

الصفراء و الحكة: بالتمر الهندي، يستشف الصفراء و الحكة و الجرب.

البرسام و ضعف المعدة: قشره إذا قطع صغارا و ربي بالسكر أو العسل، أذهب البرسام، و الوسواس، و السهر عن يبس، و وجع الصدر الحار، و ضعف المعدة عن خلط كراثي، وجود الهضم الضعيف.

ص:39

الزيتون

اشارة

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال: ذكر عنده الزيتون فقال رجل: يجلب الرياح، فقال: لا و لكن يطرد الرياح(1).

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال: الزيتون يزيد في الماء(2).

ص:40


1- (1) بحار الأنوار ج 63 ص 181 ح 15.
2- (2) بحار الأنوار ج 63 ص 182 ح 15. أي ماء الظهر و هو المني.

التركيب التحليلي لثمرة الزيتون

تحتوي ثمرة الزيتون على المعادن الآتية:

الفوسفور - الكبريت - البوتاسيوم (1 جم%) - الماغنسيوم - الكالسيوم - الكلور - الحديد - المنجنيز - النحاس.

و قد عرف الزيتون منذ سنين عديدة بخواصه العلاجية، و هو موجود بكثرة في حوض البحر الأبيض المتوسط، و تعد أسبانيا و تونس من الدول المشهورة بزراعة الزيتون و إنتاج الأنواع الجيدة منه. كما يوجد الزيتون أيضا في أمريكا الوسطى، و جنوب كاليفورنيا بالولايات المتحدة و جنوب أفريقيا و أستراليا. و الزيتون الأسود أكثر نضوجا من الأخضر. و الأشجار المزروعة تعطي ثمارا أكثر من الأشجار البرية.

و الجدول الآتي يوضح بعض التركيبات الأساسية لثمرة الزيتون:

العنصرالزيتون الطازجالزيتون الأخضر الماء 74,50 صفر

مواد أزوتية 0,763,10

مواد دهنية 14,4858,85

مواد مستخلصة 8,0432,67

سليلوز 0,903,68

مواد مختلفة 0,421,70

متوسط ما تحتويه ثمرة الزيتون من الماء 67% (بالوزن).

متوسط ما تحتويه ثمرة الزيتون من الدهون (زيت الزيتون) 23%.

متوسط ما تحتويه ثمرة الزيتون من أملاح معدنية 1%.

متوسط ما تحتويه ثمرة الزيتون من البروتين 5%.

كما تحتوي ثمرة الزيتون على الفيتامينات الآتية:

فيتامينات تذوب في الدهون: فيتامين (أ)، فيتامين (د).

فيتامينات تذوب في الماء: فيتامين (ه)، فيتامين ج، فيتامين ب المركب.

ص:41

و ذكر د/ج فالينيه في كتابه «علاج الأمراض بالفواكه و الحبوب» أن بذر ثمرة الزيتون يحتوي على نسبة تتراوح من 10-35% من الزيت.

بينما يحتوي الجزء اللحمي من الثمرة على مقدار يتراوح أيضا من 25-50% من الزيت.

و تختلف هذه النسب على مدار السنة حسب نضج الثمرة و حسب المنطقة المزروعة فيها و كذلك تعتمد هذه النسب على نوع العينة التي تم تحليلها.

و بناء على ل. روتير (L.Reutter) فإنه يمكن القول بأن زيت ثمرة الزيتون تتركب من الآتي:

- أحماض دهنية غير مشبعة (85%):

1 - أحادية: حمض الأوليك (oleique) .

2 - عديدة: حمض لينوليك (linoleique) .

- أحماض دهنية مشبعة (10%): حمض البالميتك (palmitique) و حمض الاستياريك (Stearique) .

- جليسريدات ثلاثية Triglycende :

- فيتامينات: ه (3-30 ملجم/ 100 جرام من الزيت) و فيتامينات ج، ب، ا. و الزيوت المستخلصة من الثمار الناضجة تعتبر أغناها بالفيتامينات.

و نقلا عن «ل. راندون» (L.Randoin) فإن الجدول الآتي يوضح التركيبات الأساسية لكل من الزيتون الأخضر و الأسود:

مليجرام 100 جرام

النوعكالوريكبريتفوسفورصوديومبوتاسيومماغنسيوم الزيتون الأخضر 20027151282621

الزيتون الأسود 150-18 - - -

النوعكالسيومحديدنحاسفيتامين 1 فيتامين ب 1 فيتامين ب 2 الزيتون الأخضر 1002,304,03,08

الزيتون الأسود 80-,60-,02,06

ص:42

و تحتوي ورقة نبات الزيتون على 5% من المعادن الآتية (الكالسيوم - الفوسفور - الماغنسيوم - السليكون - الكبريت - البوتاسيوم - الصوديوم - الحديد - الكلور). كما تحتوي أيضا على التانيك (Tannic) ، مانيتول، سكروز، أحماض عضوية: (ماليك، طرطريك، لاكتيك) (و أحماض دهنية) (أوليك، صايونيك).

الفوائد و الاستخدامات الطبية لزيت الزيتون

1 - للوقاية من تصلب الشرايين و الذبحة الصدرية:

اشارة

يؤدي ترسب المواد الدهنية بين طبقات و أنسجة جدران الشرايين و الأوعية الدموية إلى جعل هذه الأوعية و الشرايين غير قادرة على التمدد و الانبساط، و بالتالي تكون غير قادرة على مواجهة أي زيادة في ضغط الدم، و هذا ما يسمى بمرض تصلب الشرايين، أي تصبح جدران هذه الشرايين و الأوعية الدموية صلبة و غير مرنة، كما ينتج عن ترسب هذه المواد الدهنية أيضا ضيق في تجويف الوعاء الدموي، و بذلك تقل كمية الدم التي تصل إلى أجهزة الجسم المختلفة و أعضائه.

مضاعفات مرض تصلب الشرايين:

و لمرض تصلب الشرايين مضاعفات كثيرة تختلف باختلاف تواجد هذه الشرايين، و منها:

- شرايين المخ: إن حدوث تصلب في شرايين المخ يؤدي إلى عدم وصول كمية الدم اللازمة لمراكز المخ المختلفة و كلها مراكز حيوية تتحكم في جميع أعضاء و أجهزة الجسم، كما يؤدي ذلك أيضا إلى ضعف في الذاكرة و تصبح شرايين المخ عرضة لإصابتها بالجلطة أو الانفجار.

- شرايين القلب: ضيق شرايين القلب يسبب نقصا في كمية الدم إلى عضلة القلب، حيث يقل نصيبها من الغذاء و الأكسجين، و يجعلها عرضة للإصابة بالذبحة الصدرية، و هبوط في عضلة القلب.

- شرايين الأطراف: و خاصة في الأطراف السفلية، و الرجال أكثر عرضة من النساء بما يقدر بحوالي خمس مرات في تعرضهم للإصابة بتصلب شرايين الأطراف، و من أهم أعراض ذلك المرض هو حدوث آلام متقطعة في سمانة القدم أثناء السير.

- شرايين الكلى: تصلب شرايين الكلية يؤدي إلى ارتفاع في ضغط الدم و بالتالي عدم وصول كمية كافية من الدم إلى الكليتين حيث يؤدي ذلك في النهاية إلى الفشل الكلوي.

أما الذبحة الصدرية: فهي تحدث نتيجة لعدم وصول كمية كافية من الدم المحمل بالأكسجين

ص:43

لإمداد عضلة القلب بالطاقة اللازمة لانقباضها. و من أسبابها: إصابة الشرايين المغذية للقلب بتصلب أو زيادة نسبة الدهنيات و الكوليسترول بالدم. و من أعراضها: آلام في الصدر عادة في الثلث الأوسط منه، و يتفرع هذا الألم إلى الرقبة و منطقة فم المعدة. كما قد يصل إلى الذراعين معا. و يزداد هذا الألم بشدة مع زيادة المجهود العضلي.

و قد وجد أن المداومة على تناول زيت الزيتون يساعد على منع تصلب الشرايين و بالتالي يقي الجسم من خطورة هذا المرض و مضاعفاته، و كذلك يحمي الجسم من أخطار حدوث الذبحة الصدرية.

2 - استخدام زيت الزيتون المخفض لضغط الدم المرتفع و المساعد على توسيع الأوعية الدموية الطرفية:

هناك نوعان من ارتفاع ضغط الدم:

النوع الأول: و يسمى ضغط الدم الأساسي (Essential) حيث لا يوجد سبب واضح للارتفاع في ضغط الدم، و هو يمثل نسبة كبيرة من الحالات التي يرتفع فيها ضغط الدم فوق سن الأربعين، و عادة لا يصل مستوى ضغط الدم في هذا النوع إلى درجة عالية جدا، كما يمكن السيطرة عليه بسهولة في العلاج.

النوع الثاني: و يسمى ضغط الدم الثانوي (Secondary) ، و يمكن أن ينشأ بسبب أمراض مزمنة بالكلى أو بسبب وجود خلل في هرمونات الجسم. و في هذا النوع قد يرتفع ضغط الدم لدرجات عالية جدا كما قد يصعب السيطرة عليه بالعلاج.

و مع استمرار ارتفاع ضغط الدم لفترات طويلة و إهمال العلاج تتعرض أعضاء مختلفة من الجسم للأضرار. فقد تتعرض الشرايين التاجية للتصلب و بالتالي يتعرض المريض للأزمات القلبية.

كما قد يؤثر ذلك على الأوعية الدموية للكلى مما يؤدي إلى حدوث الفشل الكلوي «البولينا» (ureania) .

و قد تصاب الأوعية الدموية الدقيقة الموجودة في العينين بتغيرات مختلفة قد تؤدي لحدوث نزيف دموى في الشبكية مما يسبب اضطرابات في الرؤية أو فقد البصر.

و قد يؤدي ارتفاع ضغط الدم إلى حدوث نزيف داخل أنسجة المخ حيث يتعرض المريض للشلل النصفي، و ربما ينفجر أحد الشرايين، و يحدث نزيف بالمخ خاصة في كبار السن، و هي حالة خطرة قد تنتهى بالوفاة.

ص:44

و فائدة هذه العصارة أنها تقوم بهضم المواد الدهنية و تحويلها إلى مستحلب دهني، و بالتالي فإن عدم إفراز العصارة الكبدية يؤدي بالطبع إلى عدم القدرة على هضم المواد الدهنية، كما أن تراكم هذه العصارة في الحويصلة المرارية يؤدي إلى زيادة تركيزها و تحويلها إلى حصوات تسمى بالحصوات المرارية (Bile Stons) حيث قد تسبب هذه الحصوات آلاما مبرحة تأتي على شكل مغص (Biliaryu colic) ، كما قد تسبب انسدادا في القنوات الصفراوية مسببة بذلك مرض الصفراء الانسدادي (Obstructive Jundice) الذي يتطلب تدخلا جراحيا في الحال.

و لتجنب هذه المشاكل في إفراز العصارة الصفراوية، فإنه يجب المحافظة باستمرار على جعل العصارة الصفراوية في صورة سائلة بتناول السوائل و المواد المدرة لها.

و لزيت الزيتون القدرة على تنبيه الكبد و تنشيطه في إفراز هذه العصارة، و جعلها في حركة دائمة باستمرار.

4 - استخدام زيت الزيتون كملطف و ملين للأمعاء (Laxatire) :

اشارة

لزيت الزيتون خاصية تليين الأمعاء، لذلك فهو يستعمل في حالات الإمساك و التشنج المعوي.

و للإمساك أسباب كثيرة من أهمها: عدم تناول مواد تساعد على تنشيط حركة الأمعاء مثل الألياف الخضراء «المواد السليولوزية» التي تعمل على تنشيط حركة الأمعاء. و من أسباب الإمساك أيضا عدم تناول سوائل بكمية كافية أو عدم التخلص من الفضلات بصورة منتظمة، كما تؤدي الحياة الخالية من ممارسة الرياضة إلى كسل الأمعاء و نقص في حركتها الدودية (Peristalsis) التي تدفع فضلات الطعام للخارج.

طريقة استخدام زيت الزيتون:

يمكن تناول ملعقتين كبيرتين من الزيت قبل الطعام بنصف ساعة، أو مرة في الصباح و مرة في المساء قبل النوم، و يمكن إضافة عصير الليمون له.

كما يمكن استخدامه أيضا في الحقنة الشرجية كمسهل للأمعاء.

5 - استخدام زيت الزيتون كمادة مدرة للبول (Diuretic) :

المادة المدرة للبول هي التي تساعد الكلى على استخلاص البول من الدورة الدموية و إخراجه و ترشيحه خلال المسالك البولية.

ص:45

و مما هو جدير بالذكر أن البول يحتوي على المواد السامة التي تنتج من مخلفات عملية التمثيل الغذائي (metabolism) و من أهمها: مادة البولينا (urea) و التي يتخلص منها الجسم عن طريق البول.

و عدم إدرار البول يؤدي إلى تركيز تلك المواد الإخراجية السامة في الدم و بالتالي يؤثر على بقية أجهزة الجسم المختلفة مما يسبب خللا و اضطرابا في تأدية وظائفها، و عدم خروج البول يؤدي أيضا إلى تركيز البول في المسالك البولية مما يساعد على تكوين حصوات في هذه الأماكن و ما ينتج عنها من مضاعفات خطيرة كالتهابات المجاري البولية أو انسدادها و احتباس البول.

و هناك كثير من الأمراض التي تحتاج فيها إلى زيادة إدرار البول مثل ارتفاع ضغط الدم أو هبوط القلب أو الارتشاح المائي (oedema) ، و قد وجد أن المداومة على زيت الزيتون يساعد على إدرار البول و يمنع تراكمه أو تركيز مواده و بالتالي يحمي الجسم من خطورة كثير من الأمراض.

و يكتفى بذلك باستخدام الزيت بوضعه على الطعام أو يمكن تناول ملعقة منه صباحا أو مساء.

5 - استخدام زيت الزيتون لعلاج الكساح و فقر الدم في الأطفال الرضع:

ينصح علماء التغذية الأمهات بضرورة إعطاء الأطفال زيت الزيتون في فترة الفطام حتى يمكن تجنب حدوث أي أعراض نتيجة لنقص فيتامين (د) أو فيتامين (أ).

و نظرا لاحتواء زيت الزيتون على كمية كبيرة من فيتامين (د) الذي يساعد على تكوين أنسجة العظام و خاصة في الأطفال الرضع؛ فإنه يجب تناول كميات كبيرة من زيت الزيتون و خاصة بالنسبة للأطفال الذين لا يتعرضون لأشعة الشمس لفترات طويلة أو الذين يعيشون في غرف مظلمة أو أبنية مغلقة.

إن طول المدة التي تقضيها شجرة الزيتون في إعداد ثمارها، يجعل هذه الثمرة تأتي قوية، سوية التكوين، متجانسة المحتوى، غنية بمحتوياتها، و لقد ظلت شجرة الزيتون عامين كاملين تمتص أشعة الشمس و تعمل على تهيئة ثمرها، لذلك جاءت غنية بفيتامين (د) تماما كما هو الحال في سلعة أعطى صانعها الوقت الكافي لإعدادها و إتقانها.

و هناك نوعان لمرض البول السكري:

1 - سكر الأطفال و صغار السن:

و يكون البنكرياس غير قادر على إنتاج أنسولين بالمرة، و يرجع السبب غالبا إلى وجود خلل بجهاز المناعة بالجسم أدى إلى تحطيم خلايا البنكرياس المنتجة للأنسولين. لذلك يمكن علاج هذا

ص:46

النوع عن طريق الحقن بالأنسولين و يسمى ذلك بمرض السكر المعتمد على الأنسولين (insuline

dependant) .

2 - سكر الكبار و البالغين:

حيث ينتج البنكرياس كمية ضئيلة من الأنسولين أو أحيانا كمية طبيعية لكنها ضعيفة المفعول بسبب نقص عدد أو عدم كفاءة مستقبلات الأنسولين (Receptors) الموجودة على غشاء الخلايا، و قد يرجع السبب إلى حدوث زيادة طارئة في وزن الجسم، أو لوجود عامل وراثي أو لسبب غير واضح، لذلك يعالج هذا النوع عادة بالحبوب المخفضة للسكر، و لا يشترط إعطاء حقن الأنسولين. و من أعراض مرض السكر: كثر التبول و كثرة شرب الماء و كثرة الشعور بالجوع و تناول الأكل و فقدان الوزن.

و قد ذكرت المراجع الطبية أن الاستمرار في تناول زيت الزيتون يساعد على حماية الجسم من حدوث مرض البول السكري، كما أنه الغذاء المفضل و المسموح بتناوله في حالة حدوث المرض.

الاستخدامات الخارجية لزيت الزيتون

1 - لعلاج الآلام الروماتزمية و التهاب الأعصاب و التواء المفاصل:

تؤدي إصابة المفاصل بالالتهاب الروماتزمي إلى تصلب حركة المفاصل و آلام شديدة عند بدء الحركة كما تقل حركة هذا المفصل تدريجيا و ربما يحدث ضمور في العضلات المتصلة بهذا المفصل.

و قد يحدث ارتشاح (زيادة كمية السوائل) داخل المفصل محدثا تورما و انتفاخا للمفصل. و من أكثر المفاصل تعرضا لهذا المرض، الركبة و الكتف و مفاصل فقرات العمود الفقري في منطقة الظهر.

و يمكن علاج هذه الحالات بتخفيف الوزن حيث إنها تخفف العبء عن المفاصل المصابة و استخدام وسائل العلاج الطبيعي كالحرارة و الحمامات الدافئة و تدريبات عضلية للمفاصل و العضلات المحيطة بها و كذلك باستخدام الأدوية المسكنة للآلام.

و قد وجد أن استخدام زيت الزيتون موضعيا يعطي نتائج ممتازة في تخفيف الآلام.

و من المستحضرات المفيدة في ذلك مرهم زيت الزيتون بالثوم: تقطع فصوص رأس الثوم،

ص:47

و توضع في 200 جرام من زيت الزيتون، و يترك المخلوط لمدة يومين أو ثلاثة ثم يدلك به مكان الألم عدة مرات.

2 - زيت الزيتون في علاج مرض النقرس (Gout) :

يحدث هذا المرض نتيجة ترسب أملاح البولينا في المفاصل.

و يرجع السبب الرئيسي لزيادة حمض البوليك في الدم إلى عاملين رئيسين:

1 - حدوث خلل في التمثيل الغذائي للعناصر البروتينية بالدم.

2 - عدم قدرة الكلى على إخراج الكميات الزائدة المنتجة من هذا الحامض.

و أكثر المفاصل تعرضا للإصابة هو مفصل الأصبع الكبير بالقدم، و تبدأ الإصابة عادة ليلا حيث يشعر المريض بألم مفاجىء في المفصل المصاب ثم يتورم المفصل بعد ذلك، و عند ما تصبح الحالة مزمنة فإنه تحدث نوبات متعددة من الآلام في هذا المفصل و يصبح غير قادر على الحركة.

و قد تترسب بلورات البولينا في أماكن أخرى: تحت سطح الجلد و أوتار عضلات الذراعين و في الأنسجة الرخوة حول المفاصل، كما قد تترسب في غضاريف الأذن و الأنف. و في جميع هذه الأماكن تظهر الإصابة على شكل عقد لها لون الطباشير الأبيض.

و يتم استخدام زيت الزيتون في علاج مرض النقرس كالآتي:

يتم إضافة خمس زهور طازجة من نبات الكاموميل (camomille) إلى كمية مناسبة من زيت الزيتون و ينقع هذا المخلوط في الشمس لمدة أربعة أيام ثم تدلك به الأماكن المصابة من المفاصل، و يساعد ذلك على تخفيف الآلام الموجودة.

3 - لعلاج التهابات اللثة:

و تحدث هذه الالتهابات نتيجة لعدم اتباع القواعد الصحية في المحافظة على نظافة الفم، و تظهر اللثة بمنظر متورم مع وجود قرح أو أماكن بها صديد.

و تدليك اللثة الملتهبة بزيت الزيتون يساعد على تخفيف حدة الالتهابات بها.

ص:48

4 - زيت الزيتون يعالج الأمراض الجلدية:

أ - علاج دمامل الجلد و الالتهابات: حيث تدلك الدمامل الموجودة بالجلد بثمرة الزيتون، و ذلك بعد نزع قشرتها، و يساعد ذلك على نضوج هذه الدمامل و خروج الصديد و المواد المتقيحة منها.

ب - ملطف الجلد: يستخدم زيت الزيتون لدهان الجسم حفاظا عليه من أشعة الشمس، كما يستخدم أيضا لتلطيف الجلد في حالات الاحتكاك و خاصة عند الأطفال.

ج - لعلاج القوباء: القوباء هي وجود بقع بيضاء في الجلد خاصة الوجه نتيجة لنقص فيتامين (أ).

طريقة الاستخدام: يوضع 100 جرام من ورق الزيتون الأخضر في 200 جرام من زيت الزيتون لمدة أسبوع، ثم يدهن به الأماكن المصابة.

د - لمنع تساقط الشعر: حيث تدلك فروة الرأس مساء و لمدة عشرة أيام مع تغطيتها ليلا ثم تغسل صباحا بالشامبو.

ه - في المحافظة على جمال البشرة: يغطى الوجه و الرقبة بمزيج قوامه نصف ملعقة صغيرة من الزيت و صفار بيضة، و يوضع نقاط من عصير الليمون ثم يزال هذا القناع بعد 1/3 ساعة بماء فاتر.

و - في علاج تشققات الجلد: تنتج هذه التشققات نتيجة عوامل عديدة منها نقص فيتامين (أ) في الغذاء أو نتيجة لوجود الاحتكاك المستمر و المباشر في هذه المناطق.

و تدلك الأماكن المصابة بنسب متساوية من الجليسرين و زيت الزيتون.

ز - حمامات الزيت الساخن لعلاج الشعر الجاف: :(Hot oil treatment for dry hair)

باستخدام قطعة من القطن المغموسة في زيت الزيتون، و وضعها على شعر الرأس ثم تدلك فروة الرأس بالأصابع مع الأخذ في الاعتبار بأن تغطى جميع أطراف فروة الرأس، ثم توضع فوطة مبللة بماء دافىء (بعد عصرها) على الرأس مع مراعاة استبدالها بأخرى كلما بدأت تبرد، و يستمر وضع كمادات الفوط الساخنة على فروة الرأس لمدة تتراوح من 20 دقيقة إلى ساعة.

ح - حمامات البخار الزيتية لعلاج الجلد الجاف: ينطف الجلد أولا ثم يعرض لبخار الماء لمدة

ص:49

تتراوح من 5-10 دقائق لفتح ثغرات مسام الجلد، ثم يوضع زيت الزيتون الدافىء على الوجه و الرقبة و تغطى المنطقة بقطعة من القماش المبللة و الدافئة لمدة عشر دقائق، ثم يزال الزيت بعد ذلك بقطعة أخرى من القماش المبللة بماء دافىء.

يقوم الزيت بمد الجلد بالزيوت الطبيعية النباتية، كما أنه يساعد في نفس الوقت على تنشيط الجلد لكي يقوم هو نفسه بزيادة إنتاجه من الزيوت. و هذه الزيوت المعدنية النباتية لا تقوم باختراق الجلد و لكنها فقط تقوم بتزييت سطح الجلد، و هذه هي القاعدة الطبية التي على أساسها يتم إدخال هذه الزيوت في صناعة المراهم و الكريمات الطبية.

الزيتون في الطب القديم

النملة و القروح و البثر: ديسقوريدوس: الزيتون البري و ورقه قابض إذا دقّ و سحق و تضمد به منع الحمرة من أن تسعى في البدن و منع النملة و القروح و البثر التي تسمى «أبرنقش» و هي النار الفارسية، و القروح الخبيثة، و تنفع من الداحس.

الخشكريشة: إذا تضمد به مع العسل قلع الخشكريشة و قد ينقي القروح الخبيثة الوسخة.

الأورام الحارة: إذا خلط بالعسل و تضمد به حلل الورم الذي يقال له «فوخثلن» و الأورام الحارة. يلزق جلد الرأس إذا انقلع.

القروح في الفم و القلاع: إذا مضغ أبرأ القروح التي في الفم و القلاع.

الإسهال المزمن: إذا تضمد بالورق مع دقيق الشعير كان صالحا للإسهال المزمن و عصارته و طبيخه يفعلان ضد ذلك.

سيلان الرطوبات السائلة: و عصارته إذا احتملت قطعت سيلان الرطوبات السائلة من الرحم المزمنة و نزف الرطوبات المزمنة إليها.

كيفية استخراج عصارة الورق: إذا أردت أن تخرج عصارة الورق فدقه ورش عليه في دقك إياه شرابا أو ماء ثم اعصره ثم جفف العصارة في شمس، ثم اعملها أقراصا.

قيح الآذان: يصلح للآذان التي يسيل منها القيح و الآذان المتقرحة.

تآكل الأسنان: ابن سينا: ورق الزيتون يقبض و ينفع من تآكل الأسنان إذا طبخ و أمسك العليل ماء في فمه. و إذا طبخ بماء الحصرم حتى يصير كالعسل و يطلى به على الأسنان المتآكلة فيقلعها.

ص:50

قروح المقعدة: الطبري: إذا احتقن به نفع من قروح المقعدة الباطنة و الرحم.

عرق النسا: ورق الزيتون البري إذا أحرق و ضمد به معجونا بالماء الحار عرق النسا فوق عرق العرقوب بأربعة أصابع من الجانب الوحشي و يترك عليه حتى يتقرح الموضع كان ذلك من مرة واحدة أو من أكثر فإنه يسيل من الموضع مادة كثيرة و يتآكل اللحم الذي خلل الليف و تبرأ بذلك الشكاية جملة ثم يعاني الموضع بالأدوية الملحمة.

النخالة في الرأس: خشب الزيتون البستاني إذا ألهب فيه النار إذا تلطخ به أبرأت النخالة التي في الرأس و الجراب و القوباء.

لدغة العقرب: الفلاحة: إن علق بعض عروق الزيتون على من لدغته العقرب برىء.

برد الرأس: إن أخذ عروق شجر الزيتون و ورقها و طبخا بالماء و تمضمض به و هو حار من شكى رأسه من برد سكن الوجع.

الزكام: إذا صبّه المزكوم على رأسه حلل رطوبة كثيرة من رأسه و أحدرها و خفف الزكام.

إن أكب على بخار هذا الماء و صبر على ذلك حتى يبرد و ينفذ بخاره أحدر رطوبة من المنخرين و الرأس و أجراها سفلا و هو دواء جليل المقدار لهذه العلة.

نخالة الرأس: ديسقوريدوس: ثمر الزيتون إذا تضمد به شفى من نخالة الرأس و من القروح الخبيثة.

الآثار البيض: و ما داخل نوى الثمر إذا خلط بشحم و دقيق قلع الآثار البيض العارضة للأطفال.

اللثة و الأسنان المتحركة: ديسقوريدوس: و ماء الملح الذي كبس فيه الزيتون إذا تمضمض به شد اللثة و الأسنان المتحركة.

يحبس البطن: الزيتون الحديث الذي لونه لون الياقوت ما هو يحبس البطن و هو جيد للمعدة.

القروح الخبيثة: إذا أحرق و تضمد به منع القروح الخبيثة من أن تسعى في البدن و قلع القروح المسماة «أبتراقش».

الربو و أمراض الرئة: إسحاق بن عمران: الزيتون الأسود مع نواه من جملة البخورات للربو و أمراض الرئة.

ص:51

زيت الزيتون في الطب القديم

تقوية الأسنان: زيت النفاق: يشد اللثة و يقوي الأسنان إذا أمسك في الفم و يمنع من العرق.

يسهل البطن: إذا شرب منه 9 أواق بماء الشعير مثله أو بماء حار أسهل البطن.

المغص: إذا طبخ بالشراب و سقي منه و هو سخن 9 أواق نفع من به مغص، و أخرج الدود الذي في البطن.

القولنج: ينفع إذا احتقن به من به القولنج العارض من ورم المعي و من شدة عارضة من رجيع يابس.

يحد البصر: العتيق منه أشد إسخانا و تحليلا و يكتحل به ليحد البصر.

نخالة الرأس: زيت الزيتون البري يمنع الشعر القريب من السقوط من أن يسقط و يجلو النخالة من الرأس و القروح الرطبة و الجرب المتقرح و يمنع الشيب أن يسرع إذا دهن به كل يوم.

الأسنان المتحركة: إذا تضمد به اللثة التي تدمى كثيرا نفعها و يشد الأسنان المتحركة.

اللثة التي يسيل إليها الفضول: قد يهيأ منه إذا سحق كماد يصلح للثة التي يسيل إليها الفضول، و ينبغي عند ذلك أن يؤخذ صوف و يلف على ميل و يغمس في زيت و يوضع على اللثة إلى أن تبيض.

ريح السبل: الفلاحة: إن اكتحل منه من بعينه ريح السبل أو في أجفانه رطوبة غليظة باردة يابسة بيسير من زيت عتيق أزال ذلك عنه و قوّي بصره و زاده نورا إلى نوره.

بياض العينين: إذا اكتحل بالزيت المبيض بالماء و النار اللينة من في عينيه بياض و أدمنه أذاب ذلك البياض و أزاله على طول الأيام و شفاه من جميع العلل العارضة من زيادة الرطوبة و هو يقوم للعين النازل فيها الماء مقام القدح بالحديد إذا قطر فيها إذا حكيت رأس الميل حكا كثيرا.

يجب أن يكون هذا الزيت قد عتق سنة و ما زاد على ذلك كان أفضل.

لسعة العقرب: من لسعته العقرب أخذ الزيت العتيق فسخنه و دهن به مخرجه سكن الوجع على المكان.

ص:52

السفرجل

اشارة

عن طلحة بن زيد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام، عن الحجامة يوم السبت، قال: «تضعف» قلت: إنما علتي من ضعفي و قلة قوتي، قال: «فعليك بأكل السفرجل الحلو مع حبه فإنه يقوي الضعيف، و يصيب المعدة، و يزكي المعدة»(1).

عن الصادق عليه السّلام، قال: من أكل السفرجل على الريق، طاب ماؤه، و حسن وجهه(2).

عن محمد بن مسلم، قال: نظر أبو عبد اللّه عليه السّلام إلى غلام جميل، فقال:

ينبغي أن يكون هذا الغلام أكل السفرجل، و قال: السفرجل يحسن الوجه، و يجم الفؤاد(3).

و عنه عليه السّلام قال: أكل السفرجل قوة للقلب، و ذكاء للفؤاد، و يشجع الجبان(4).

عن سفيان بن عيينة قال: سمعت جعفر بن محمد عليه السّلام يقول: السفرجل يذهب بهم الحزين، كما تذهب اليد بعرق الجبين(5).

و عنه عليه السّلام قال: السفرجل يفرج المعدة، و يشد الفؤاد(6).

ص:53


1- (1) مستدرك الوسائل ج 16 ص 400-401 ح 7.
2- (2) مستدرك الوسائل ج 16 ص 402 ح 1 باب 70.
3- (3) وسائل ج 25 ص 167 ح 12.
4- (4) وسائل الشيعة ج 25 ص 167-168 ح 13.
5- (5) بحار الأنوار ج 63 ص 171 ح 18.
6- (6) بحار الأنوار ج 63 ص 171 ح 20.

في الطب الشعبي الحديث:

السفرجل غني بفيتامينات (أ)، (ب)، كما أنه غني بعناصر: الكبريت، و الفوسفور، و الكالسيوم، و الصوديوم، و البوتاسيوم... و هو يفيد كثيرا في: التسكين، و التغذية، و فتح الشهية، و علاج المعدة و الكبد، و يستعمل في حالات الإسهال المزمن، و يقوي القلب، و يفيد المصابين بسل الأمعاء و الصدر، و النزيف المعوي و المعدي... و يقوي الهضم و الأمعاء، و يمنع القيء، و يشفي من سيلان اللعاب، و من حالات الزكام الشديد، و من سيلان المهبل.

بذر السفرجل: يستخدم ملطفا، و يستعمل مغليه غسولا في حالات تشقق الجلد و البواسير، و يستعمل أيضا مضافا إلى غسولات العين في حال هيجانها و التهابها.

لعلاج الإسهال الحاد: يغلى مقدار 250 جراما من الماء مضافا إليه كمية من الأرز، ثم تضاف ملعقة من مسحوق السفرجل إلى هذا المغلي حتى ينضج، و يعطى للمصاب بالإسهال... كما يوصف أيضا لذوي الأجسام الضعيفة و المصابين باضطراب المعدة.

للربو و السعال الديكي: يحضّر مقدار ملعقة كبيرة من بذور السفرجل، و ملعقة كبيرة من سكر النبات، مع قليل من كنافة البحر، تسحق جميعها و تغلى في كوب و نصف من الماء، ثم تترك حتى تبرد... و يؤخذ منها ثلاث مرات في اليوم لمدة عشرة أيام... و للأطفال مقدار فنجان قهوة في الصباح و آخر في المساء. أو يغلى مقدار 50 جراما من الأزهار و الأوراق في لتر ماء، و يشرب بعد أن يبرد... و يضاف إلى هذا المغلي زهور البرتقال لعلاج الأرق.

لعلاج عسر الهضم و التهاب الأمعاء: تقطّع سفرجلة غير مقشرة إلى شرائح رقيقة، و تغلى في لتر ماء حتى يبقى نصفه، ثم يضاف إلى المغلي مقدار 50 جراما من السكر، و يشرب.

لإزالة قشر الرأس: تنقع بذور السفرجل في الماء، و يمشّط بها الشعر لمدة اثني عشر يوما.

السفرجل في الطب القديم

و تحدث الأطباء العرب عن السفرجل كثيرا، و خلاصة ما قالوه: إنه مقوّ، قابض، و الحلو أقل قبضا، و حبّه مليّن، و هو يمنع سيلان الفضول إلى الأحشاء، و يحبس العرق، و يليّن قصبة الرئة.

و دهنه ينفع من تشقق الأيدي و غيرها من البرد، و من الأورام الجلدية و القروح. و عصارته نافعة من

ص:54

ضيق النفس و الربو، و تمنع نفث الدم. و لبّه يرطب. و هو ينفع من القيء، و يسكّن العطش، و يقوي المعدة.

و شرابه مقو جدا، و نيئه يقوي المعدة، و يمنع القيء البلغمي، و يدر البول. و المطبوخ بالعسل أشد إدرارا، و ينفع من الدوسنطاريا، و من حرقة البول. و يحبس نزف الطمث.

و دهنه ينفع الكلى و المثانة، و يحقن بطبيخه لنتوء المقعدة و الرحم. و المشوي منه أخف و أنفع. و يشوى بتقويره و إخراج حبه و جعل العسل فيه و يسد ثقبه و يشوى بالرماد. و إذا أكل السفرجل على الطعام أطلق المعدة، و قلبه يقبض، و الإكثار منه مضر بالعصب، و يولد القولنج. و السفرجل مفرح للقلب، يذهب الوسواس و الكسل و الخفقان و ضعف الكبد و لو شمّا.

ص:55

التمر، الكمثرى

اشارة

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال: خير تموركم البرني(1) ، يذهب بالداء و لا داء فيه، و يذهب بالإعياء، و يشبع، و يذهب بالبلغم، مع كل ثمرة حسنة(2).

و عنه عليه السّلام، قال: خير تموركم البرني، و هو دواء ليس فيه داء(3).

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من أكل سبع تمرات عجوة عند منامه قتلن الديدان في بطنه(4).

عن صالح ابن عقبة، قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: أطعموا البرني نساءكم في نفاسهن(5) تحلم أولادكم(6).

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما استشفت نفساء بمثل الرطب لأن اللّه أطعم مريم جنيا في نفاسها(7).

ص:56


1- (1) التمر البرني: بفتح الباء: لون من التمر أحمر مشرب بصفرة كثير اللحاء عذب الحلاوة.
2- (2) بحار ج 63 ص 133-134 ح 33.
3- (3) بحار ج 63 ص 134 ح 36.
4- (4) بحار ج 63 ص 133 ح 30.
5- (5) كأن المراد بنفاسهن قرب نفاسهن قبل الولادة، أو محمول على ما إذا أرضعن أولادهن، و الأخير أنسب بقصة مريم (ع).
6- (6) بحار ج 63 ص 134 ح 38.
7- (7) بحار ج 63 ص 135 ح 40.

و عنه عليه السّلام قال: أطعموا نساءكم التمر البرني في نفاسهن تجملوا أولادكم(1).

و عنه عليه السّلام قال: العجوة من الجنة، و فيها شفاء من السم(2)(3).

الكمثرى(4)

عن الصادق عليه السّلام قال: الكمثرى يجلو القلب، و يسكن أوجاع الجوف(5).

قال عليه السّلام لرجل شكى إليه وجعا يجده في قلبه و غطاء عليه، فقال: كل الكمثرى(6).

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال: الكمثرى يدبغ المعدة و يقويها، و هو و السفرجل سواء، و هو على الشبع أنفع منه على الريق، و من أصابه طخاء فليأكله، يعني: على الطعام(7).

ص:57


1- (1) بحار ج 63 ص 141.
2- (2) بحار ج 63 ص 133 ح 29.
3- (3) قال زيد بن علي بن الحسين (ع): وصف ذلك: ان يؤخذ تمر العجوة فينتزع نواه، ثم يدق دقا بليغا، و يعجن بسمن بقر عتيق، ثم يرفع، فإذا احتيج إليه أكل للسم.
4- (4) الكمثرى: هي الإجاص عند عامة الشوام إنجاص (سوريا اليمن).
5- (5) بحار ج 63 ص 168 ح 6.
6- (6) بحار الأنوار ج 63 ص 175 ضمن حديث 34.
7- (7) وسائل الشيعة ج 25 ص 170-171 ح 2 باب 96.

العلاج بالتمر و الرطب

قال اللّه تعالى في كتابه الكريم:

وَ هُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسٰاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا فَكُلِي وَ اشْرَبِي وَ قَرِّي عَيْناً

[مريم/ 25-26].

كما ورد ذكر النخل و النخيل في القرآن الكريم كثيرا، و نذكر منها على سبيل المثال الآيات الآتية:

وَ زُرُوعٍ وَ نَخْلٍ طَلْعُهٰا هَضِيمٌ [الشعراء/ 148].

وَ النَّخْلَ بٰاسِقٰاتٍ لَهٰا طَلْعٌ نَضِيدٌ [ق/ 10].

فِيهِمٰا فٰاكِهَةٌ وَ نَخْلٌ وَ رُمّٰانٌ [الرحمن/ 68].

وَ جَعَلْنٰا فِيهٰا جَنّٰاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَ أَعْنٰابٍ [يس/ 34].

التركيب التحليلي للتمر و الرطب:

يحتوي البلح على المركبات الآتية:

1 - السكريات: يحتوي البلح على سكر الجلوكوز و الفركتوز و السكروز و تصل نسبة السكريات في البلح إلى 75%.

2 - الألياف الخام: تتراوح نسبة الألياف في البلح ما بين 2-4% على أساس الوزن الجاف و تتكون هذه الألياف من البكتين و اللجنين و السليلوز و لهذه الألياف دور هام في تقليل كثير من الأمراض مثل سوء الهضم و الإمساك.

3 - البروتينات و الأحماض الأمينية: تتراوح نسبة البروتينات في البلح ما بين 1,5-2%. كما يحتوي البلح على الأحماض الأمينية الأساسية (essential amino acids) و هي التي لا يستطيع الجسم تصنيعها مثل الليسين (lysine) و الليوسين (leucin) و الفالين (valine) و الأرجنين (arginine)

و الهستدين (histidine) . كما يحتوي أيضا على الأحماض الأمينية غير الأساسية مثل الأسبارتيك (aspartic) و السيستين (cystine) و الجلوماتيك (glumatic) و جليسين (glycine) و البرولين (proline)

و السيرين (serine) .

ص:58

4 - الدهنيات: تتراوح نسبة الدهون في البلح من 2,22% إلى 7,42% و يحتوي البلح أساسا على الأحماض الدهنية ذات السلسلة الطويلة مثل أوليك (oleic) و البالمتيك (palmitic) .

5 - الأحماض العضوية: مثل حمض الفوسفوريك و الستريك.

6 - الفيتامينات: تنقسم الفيتامينات الموجودة في البلح إلى فيتامينات ذائبة في الماء مثل مجموعة فيتامين (ب) المركب و فيتامين (ج) و فيتامينات ذائبة في الدهن مثل فيتامين (أ)، و فيتامين (د) و تصل نسبة فيتامين (أ) بالبلح إلى 600 وحدة دولية/كيلو جرام من البلح.

7 - العناصر المعدنية: الكالسيوم و البوتاسيوم و الفوسفور و الكبريت و الماغنسيوم و الصوديوم و الكلور و الحديد. و يعتبر البوتاسيوم هو أكثرها و أوفرها. و قد وجد أن ارتفاع نسبة البوتاسيوم و انخفاض نسبة الصوديوم مناسب جدا للمرضى الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم.

8 - إنزيمات: يحتوي البلح على بعض الإنزيمات التي يحتاج إليها الجسم في إتمام كثير من العمليات الكيميائية. و من هذه الأنزيمات: إنزيم الانفرتاز و الإنزيمات البكتينية و الإنزيمات المحللة للسيلولوز.

الاستخدامات العلاجية للبلح و الرطب

1 - التمر يقوي الرحم:

يقوي التمر الرحم خاصة عند الولادة، حيث ثبت عن البحوث الحديثة أن له تأثيرا منبها (stimulant) لحركة الرحم و زيادة فترة انقباضه، و قد أشار اللّه سبحانه و تعالى إلى مريم بأن تأكل البلح فيغذيها من جهة، و يزيد من انقباض الرحم بانتظام من جهة أخرى فتضع وليدها بسهولة، فقال تعالى في سورة مريم: وَ هُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسٰاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا * فَكُلِي وَ اشْرَبِي وَ قَرِّي عَيْناً .

و قد جاءت الأبحاث الطبية الأخيرة لتكشف عن آثار الرطب التي تعادل آثار العقاقير الميسرة لعملية الولادة، و التي تكفل بسلامة الأم و الجنين معا. و لانقباض الرحم بعد الولادة مباشرة أهمية كبيرة حيث يمنع ذلك النزيف الحادث بعد الولادة، و يعود بالرحم إلى حجمه و مكانه الطبيعي قبل الحمل. و في ذلك يقول عمرو بن ميمون: ما من شيء خير للنفساء من التمر و الرطب.

ص:59

2 - التمر مهدىء للأعصاب:

للتمر تأثير مهدىء للأعصاب، و ذلك بتأثيره على الغدة الدرقية، و لذلك ينصح الأطباء بإعطاء الأطفال و الكبار العصبيين ثمرات من التمر في الصباح من أجل حالة نفسية أفضل.

و قد أثبتت الدراسات الطبية مدى تأثير الغذاء على سلوك الأطفال حيث أعطى عدد من الأطفال ذوي السلوك الشاذ أو العدواني، أطعمة صحية تحتوي على التمر، فأحدث ذلك تحسنا كبيرا في سلوكهم حيث تحولوا تماما من سلوك المشاغبة و العدوان إلى أطفال هادئين يستجيبون للقواعد المنشودة و السلوك المهذب الذي يتفق مع مراحل حياتهم.

و قد يرجع التوتر العصبي للأطفال إلى نقص عنصر الحديد في الغذاء مما يسبب نقص بعض الإنزيمات بالمخ، و توفر عنصر الحديد في البلح أو التمر يساعد على عدم نقص هذه الأنزيمات التي لها علاقة وثيقة بوسائل الإرسال العصبي.

3 - البلح منبه للأمعاء:

البلح مفيد في تقوية العضلات المعوية، حيث يساعد في علاج حالات الإمساك، و يرجع السبب في ذلك إلى احتواء البلح على الألياف النباتية التي تعمل على تنبيه حركة الأمعاء.

4 - القيمة الغذائية للتمر:

يستطيع الإنسان أن يعيش على التمر مدة طويلة من الزمن، حيث إنه غني بالمادة السكرية، و هي موجودة في البلح في صورة سهلة الهضم و الامتصاص و التمثيل بالجسم. و الاقتصار في الغذاء على البلح يؤدي إلى النحافة، أما إذا تناوله المرء مع قدح من اللبن فإنهما يكونان معا غذاء كاملا من جميع الوجوه، حيث يقوم اللبن بتعويض النقص الموجود في البلح من البروتين و الدهون. و كثير من البدو يعيشون على التمر المجفف و لبن المعز، و صحتهم أجود ما يكون، و نادرا ما يصابون بالأمراض الخبيثة أو المزمنة، و قليلا ما تشاهد البدانة بينهم.

5 - التمر غذاء للنفساء:

و الرطب غني جدا بعنصري الحديد و الكالسيوم، لذلك فضله اللّه تعالى للنفساء و أمر السيدة

ص:60

مريم العذراء أن تتناوله في فترة النفاس، و كمية عنصري الحديد و الكالسيوم الموجودين بالرطب كافية جدا و هامة لتكوين لبن الرضاعة، و تعويض الأم عما ينقص منها بسبب الولادة أو الرضاعة، و الحديد و الكالسيوم أيضا عنصران حيويان هامان في نمو الطفل الرضيع، حيث يعتبران من أهم العناصر الداخلة في تكوين الدم و نخاع العظام.

6 - التمر يعالج فقر الدم (الانيميا):

نظرا لاحتواء التمر على نسبة عالية من الحديد فإنه يمكن استخدامه في علاج حالات فقر الدم و خاصة عند الأطفال و التي يكون سببها نقص عنصر الحديد. و قد وجد أن منقوع التليو مع عسل البلح مفيد في علاج حالات الانيميا.

7 - التمر يعالج السعال و نزلات البرد:

المستحضر السابق من منقوع التليو و عسل البلح يفيد أيضا في علاج السعال المصحوب بتقلصات، كما أن المشروب المحضر من غلي أزهار الزعتر و أوراقه مع البلح يفيد في السعال الديكي و نزلات البرد.

و قد وصف التمر كعلاج للسعال و البلغم و التهاب القصبة الهوائية و ذلك بعمل شراب مكون من 50 جراما من التمر، 50 جراما من الزبيب، 50 جراما من التين المجفف، 50 جراما من العناب ثم يغلى على النار و يشرب.

كما أن عصير الليمون بعسل البلح (الدبس)، مشروب ناجح له أثر فعال في حالات نزلة البرد.

8 - منقوع البلح مدر للبول و ملين للأمعاء:

و ترجع هذه الخاصية إلى قدرة البلح على تنبيه عضلات المسالك البولية و الأمعاء. و قد أشاد قدماء المصريين باستخدام البلح في أمراض المثانة و المعدة و الأمعاء.

9 - استخدام البلح كمضاد للحموضة:

نظرا لأن التمر غني بالأملاح المعدنية القلوية كالكالسيوم و البوتاسيوم، فهو خير ما يؤكل لمعادلة الحموضة الموجودة بالمعدة، و كذلك لأنه يخلف رمادا قلويا بعد هضمه و تمثيله، و على

ص:61

ذلك فإن التمر خير ما يؤكل لمعادلة الحموضة التي تتولد من أكل البروتينات المركزة كما هو الحال في السمك و البيض.

10 - التمر يزيد من القدرة الجنسية:

كثيرا ما يوصف التمر لزيادة القدرة الجنسية، و يمكن تفسير ذلك بناء على العوامل الآتية:

- يحتوي التمر على الحامض الأميني الأرجنين (Argenine) و هو من الأحماض الأمينية التي يؤدي نقصها في طعام الذكور إلى حدوث نقص في تكوين الحيوانات المنوية.

- يحتوي التمر على فيتامينات (أ)، (ب) المركب و هي من الفيتامينات الضرورية لتقوية الأعصاب.

- يحتوى التمر على العديد من المعادن مثل الماغنسيوم الذي يعمل على تهدئة الأعصاب، و البوتاسيوم الذي يعمل على تنظيم الإرسال العصبي و انقباض العضلات.

11 - التمر إفطار لطيف للصائم:

كان رسول اللّه (ص) يفطر على رطبات قبل أن يصلي، و في إفطار الرسول (ص) على الرطب أو التمر تدبير لطيف جدا، ذلك لأن الصوم يخلي المعدة تماما من الغذاء، فلا يجد الكبد فيها ما يجذبه و يرسله للأعضاء. و لما كانت المواد السكرية أسرع شيء وصولا إلى الكبد و أحبه إليها، و لا سيما إذا كان رطبا فيشتد قبولها لها؛ فتنتفع به و تسارع بحرقه و إرسال الطاقة الناتجة عنه إلى الأعضاء و المخ، فالثابت طبيا أن السكر و الماء أول ما يحتاج إليهما الصائم بعد فترة الصوم، لأن نقص السكر في الجسم يسبب ضيق الخلق و اضطراب الأعصاب، و نقص الماء في الجسم يسبب قلة مقاومته و ضعفه، و ذلك بعكس الصائم الذي يملأ معدته مباشرة بالطعام و الشراب عند الإفطار فإنه يحتاج إلى ثلاث ساعات أو أكثر حتى تمتص أمعاؤه السكر، و على هذا تبقى عنده أعراض ذلك النقص و يكون كمن واصل صومه.

1 - تبين في الأبحاث المجراة على الرطب أي ثمرة النخيل الناضجة، أنها تحوي مادة مقبضة للرحم، تقوي عمل عضلات الرحم في الأشهر الأخيرة للحمل فتساعد على الولادة من جهة كما تقلل كمية النزف الحاصل بعد الولادة من جهة أخرى.

ص:62

2 - الرطب يحوي نسبة عالية من السكاكر البسيطة السهلة الهضم و الامتصاص، مثل سكر الغلوكوز، و من المعروف أن هذه السكاكر هي مصدر الطاقة الأساسي، و هي الغذاء المفضل للعضلات، و عضلة الرحم من أضخم عضلات الجسم، و تقوم بعمل جبار أثناء الولادة التي تتطلب سكاكر بسيطة بكميات جيدة و نوعية خاصة سهلة الهضم سريعة الامتصاص، كتلك التي في الرطب.

و نذكر هنا بأن علماء التوليد يقدمون للحامل و هي بحالة المخاض الماء و السكر بشكل سوائل سكرية، و لقد نصت الآية الكريمة على إعطاء السوائل أيضا مع السكاكر بقوله تعالى: فَكُلِي وَ اشْرَبِي و هذا إعجاز آخر.

3 - إن من آثار الرطب أيضا أنه يخفض ضغط الدم عند الحوامل فترة ليست طويلة ثم يعود لطبيعته، و هذه الخاصة مفيدة لأنه بانخفاض ضغط الدم تقل كمية الدم النازفة.

4 - الرطب من المواد المليّنة التي تنظف القولون، و من المعلوم طبيا أن الملينات النباتية تفيد في تسهيل و تأمين عملية الولادة بتنظيفها للأمعاء الغليظة خاصة، و لنتذكر بأن الولادة المثالية يجب أن يسبقها (حقنة) شرجية لتنظيف القولون.

ص:63

خواص الكمثرى

تحتوي الكمثرى على مواد سكرية سهلة الهضم و التمثيل، كما تحتوي على نسبة عالية من الأملاح المعدنية و الفيتامينات و خاصة فيتامين (ج).

الاستخدامات الطبية للكمثرى:

1 - تستعمل الكمثرى في علاج ضغط الدم المرتفع و تصلب الشرايين.

2 - تستعمل الكمثرى في علاج أمراض القلب و الكلى و الكبد.

3 - تستعمل الكمثرى كمدرة للبول و العصارة الصفراوية.

4 - للكمثرى خواص ملينة و مسهلة لذلك فهي تكافح الإمساك.

5 - أزهار الكمثرى معروفة بقدرتها على إدرار البول و علاج التهابات المثانة البولية و اضطرابات المسالك البولية.

فالكمثرى مثلا، من أطيب الفواكه و ألذها بشرط أن تؤكل في حينها. و حينها هو المشكلة، إذ إن الكمثرى فاكهة تنطوي على شيء من الخداع و الغموض، و من المستحيل أن تستطيع الحكم عليها من مظهرها الخارجي ما إذا كانت ناضجة أم لا. حتى إذا كانت ناضجة اليوم، تكون في اليوم التالي أكثر نضوجا، و إذا تركتها إلى اليوم الثالث تركتك هي، و فقدت لذتها، و أصبحت تالفة عديمة القيمة رديئة الطعم.

و إذا عدنا إلى الكمثرى وجدنا لها أعداء ينددون بها من أمثال «سكولا ساليرني»، الذي ندد بأكلها و بأكل الخوخ و التفاح أيضا و ادعى أنها تسبب جنونا يسمى «جنون الصمت». لكن «كوجان» خالفه الرأي، و قال إن الكمثرى مطبوخة، أو مخبوزة، أو نيئة، غير مضرة بالصحة. لكن «كوجان» له رأي في الفراولة. فهو يقول عنها: إنها سائغة للذوق، مفيدة للهضم إلا أنها مضرة إذا أخذت بكميات كبيرة مع القشطة. و لم يحل كلامه هذا دون قيام طلاب اكسفورد بزيارة «بوتلى»، و لا اللندنيين بارتياد «سلنجتون»، حيث يتناولون الفراولة مع القشطة في هذين المكانين...

الفوائد الغذائية:

تحتوي الكمثرى على حوالي 85% من وزنها ماء، 3,2% بروتين، 4% دهن، 5,5% ألياف،

ص:64

من 13,5% سكريات، 1% نشا، و كميات مناسبة من فيتامينات أ، ب 1، ب 2 و مقادير كبيرة من فيتامين ج تبلغ حوالي 16 ملجم في كل مائة جرام من الأنسجة الداخلية للثمار، و 77 ملجم من القشرة الخارجية مع كميات متنوعة من الأملاح المعدنية مثل الفوسفور (16 ملجم)، نحاس (13 ملجم)، و الحديد (0,3 ملجم)، و الصوديوم، و الكالسيوم، و المغنسيوم، و الكبريت، البوتاسيوم، و المنجنيز، و الزنك و اليود، و الزرنيخ.

الكمثرى في الطب القديم

تقوية المعدة و تسكين العطش: متى أكل الكمثرى قوى المعدة و سكن العطش.

دمل الجراحات: قال جالينوس: قد أدملت به الجراحات عند ما لم أكن أقدر على دواء آخر.

دمل الجراحات العظيمة: يدمل الجراحات العظيمة و يمنع المواد من التحلب.

عقل البطن: إذا أكل و شرب طبيخه بعد أن يجفف عقل البطن.

لذع العقارب و الأفاعي: ورق الكمثرى إذا شرب نفع من لذع العقارب و الأفاعي.

إذا تضمد به نفع من ذلك أيضا.

الخنق من أكل الفطر: رماد خشبه قوي المنفعة للذين يعرض لهم خنق من أكل الفطر.

إذا طبخ الكمثرى البري مع الفطر لم يضر آكله.

تقوية القلب: قال ابن سينا في الأدوية القلبية: الكمثرى فيه عطرية و قبض و متانة جوهر و هو أميل إلى البرودة و فيه خاصية تقوية القلب.

إدرار البول: إسحاق بن عمران: الحامض منه دابغ للمعدة مدر للبول منبه للأكل.

عقل الطبيعة: ابن ماسويه: رب الكمثرى عاقل للطبيعة دابغ للمعدة قاطع للإسهال العارض من المرة الصفراء.

انحلال الطبيعة: ابن سرانيون: شراب الكمثرى نافع من انحلال الطبيعة و يشد المعدة و خاصة إذا عمل من الكمثرى الذي فيه بعض الفجاجة.

ص:65

الغبيراء

اشارة

عن ابن بكير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول في الغبيراء: إنّ لحمه ينبت اللحم، و عظمه ينبت العظم، و جلده ينبت الجلد، و مع ذلك فإنه يسخن الكليتين، و يدبغ المعدة، و هو أمان من البواسير و التقطير، و يقوي الساقين و يقمع عرق الجذام بإذن اللّه(1).

ص:66


1- (1) بحار ج 63 ص 188 ح 2، و وسائل الشيعة ج 25 ص 174 ح 1.

خواص الغبيراء

الفصيلة الوردية الوصف النباتي:

شجيرة صغيرة دائمة الخضرة، ارتفاعها 2-3,5 م. ساقها قائمة ذات لون بني محمر، الأوراق بيضوية عريضة حوافها مسننة بشكل غير منتظم و سطحها العلوي أخضر زاهي، أما سطحها السفلي فلونه أبيض متلبد، و النورة كبيرة قطرها 5-9 سم. و الأزهار صغيرة لونها قريب من الأبيض، و الثمرة بيضوية حمراء قطرها 1,5 سم، و لها طعم حامض. و يستعمل للأغراض الطبية الثمار الطازجة أو المجففة و التي تجمع في شهري تشرين ثان و كانون أول و تجفف في المحمات بدرجة حرارة لا تزيد عن 60 م.

التركيب الكيميائي:

تحتوي الثمار على عفصية و سكر سكاروز و زيت طيار و حموض عضوية منها حمض الليمون و حمض السوربيك. بالإضافة إلى احتوائها على المركبات التالية: سوربين Sorbine و سوربيتول Sorbitol و فيتامين (P,C) و كاروتين.

الاستعمال الطبي:

تستعمل الثمار الطازجة أو المجففة كمادة مدرة للبول ملطفة في حالات الطفح الجلدي، أما.

في الطب الشعبي فتستعمل الثمار في حالات أمراض الكلى و الحصاة الكلوية و حصاة المجاري البولية. محسنة لعملية الهضم و رافعة للشهية. و للثمار تأثير قابض ضد الإسهالات كما أنها تقلل من كمية الدسم في الكبد و تزيد مرونة الأوعية الدموية.

و تستعمل الثمار أيضا في حالات نقص الفيتامينات و فقر الدم و مضادة لداء الحفر و الانفلونزا و الالتهابات الرئوية المزمنة حيث يؤخذ المغلي بمعدل نصف كأس صغيرة مرة أو مرتين في اليوم، و يحضر المغلي من ملعقتين من الثمار الجافة لكل كأس من الماء الغالب و يترك مدة ساعة يصفى و يشرب.

ص:67

الغبيراء في الطب القديم

تسكين القيء: ابن ماسويه: الغبيراء: مسكنة للقيء.

قمع حدة الصفراء: المنصوري: خاصتها النفع و قمع حدة الصفراء المنصبة إلى البطن و الأمعاء.

الصداع: الرازي في الحاوي: نافعة جدّا من الصداع و سمعت ناسا يقولون إنهم إذا تنقلوا بها أبطأ بالسكر جدا.

تهييج النساء إلى الباه: التميمي في المرشد قال:

إن أنوار شجرة الغبيراء لها قوّة عظيمة في تهيج النساء إلى الباه، و حكي أن الخبير بذلك أخبره أن ببلد من بلاد المشرق من شجر الغبيراء شيء كثير، فإذا كان أبان نوار تلك الشجر عرض للنساء في ذلك الصقع عند شمهن روائح زهرها ما يعرض للسنانير حتى يكدن يفتضحن و رجالهن في تلك الأيام يشدونهن و يحفظونهن و يصونونهن و يمنعونهن عن الدخول و الخروج و يحجزونهن إلى أن تنقضي مدّة نوّارها و يرجعن إلى حال الهدء.

ص:68

الجوز

اشارة

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال: ثلاث لا يؤكلن و يسمن، و ثلاث يؤكلن و يهزلن، فأما اللواتي يؤكلن و يهزلن: فالطلع، و الكسب، و الجوز، و أما اللواتي لا يؤكلن و يسمن فالنورة، و الطيب، و لبس الكتان(1).

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الجبن و الجوز في كل واحد منهما الشفاء، فإن افترقا كان في كل واحد منهما الداء(2).

عن الصادق عليه السّلام قال: أربعة أشياء تجلو البصر و ينفعن و لا يضررن فسئل عنهنّ فقال: السعتر و الملح إذا اجتمعا، و النانخواه(3) و الجوز إذا اجتمعا، قيل له: و لما يصلح هذه الأربعة إذا اجتمعن؟ قال: النانخواه و الجوز يحرقان البواسير، و يطردان الريح، و يحسنان اللون و يخشنان المعدة، و يسخنان الكلى، و السعتر و الملح يطردان الرياح من الفؤاد، و يفتحان السدد، و يحرقان البلغم، و يدران الماء، و يطيبان النكهة، و يلينان المعدة، و يذهبان الريح الخبيثة من الفم، و يصلبان الذكر(4).

ص:69


1- (1) بحار الأنوار ج 63 ص 198 ح 1.
2- (2) بحار الأنوار ج 63 ص 198 ح 3. قد يخص هذا بالجبن الطري غير المملوح، فإنه الشايع في تلك البلاد، و هو بارد يعدله الجوز بحرارته.
3- (3) النانخواه: مرشرحها.
4- (4) بحار الأنوار ج 63 ص 198 ح 4.

في الطب الشعبي الحديث:

و لثمرة الجوز - الجوزة - أهمية كبرى في الغذاء و الدواء.

أما أهميتها الغذائية فلك أن تتخيل أن 500 جرام من الجوز الجاف المقشور تحتوي على 3500 وحدة حرارية، أي أن هذه الكمية تكفي لأن تمد الإنسان بقوة غذائية لمدة 48 ساعة و نظرا لأن الجوز صعب الهضم، فإن الجهاز الهضمي لا يتحمل هذه الكمية من الجوز دفعة واحدة.

و يحتوي الجوز على كميات دسمة (زيت الجوز) بكميات هائلة، و مواد بروتينية، تشبه إلى حد كبير البروتين الحيواني... يضاف إلى ذلك أن الجوز غني بفيتامينات (ب)، (ج)، و به نسبة عالية من أملاح الفوسفور.

يعطى الجوز للأطفال لأنه يفيد في مقاومة الكساح، و فقر الدم، على أن لا يفرط في تناوله، فهو كما سبق أن ذكرنا سيّىء الهضم... و يسمح لمرضى السكر بتناوله دون تفريط في ذلك.

و يمنع من تناوله الأشخاص ذوي الأمعاء الضعيفة و الذين يشكون من سوء الهضم، و كذا المصابون بالكبد و الكلى و قرحة المعدة، و المصابون بالتهاب الحلق و اللثة، و أصحاب الأجسام البدنية. و طبيا يستعمل الجوز في علاج حالات منها كثيرة كما يلي:

* تعالج القروح و الأمراض الجلدية - كالجرب و الحكة - بتضميدها بمغلي الأوراق... كما يفيد هذا المغلي في التهاب الأجفان و البثور.

* لإيقاف إفراز الحليب لدى المرضعات عند الفطام توضع عدة أوراق من الجوز فوق ثدي المرضع.

* تعالج السيلانات المهبلية لدى النساء بعمل دش مهبلي من مغلي الأوراق.

* لفتح الشهية للطعام، و تقوية الجنس يغلى 25 جراما من قشور الجوز الخضراء في لتر من الماء على نار هادئة لمدة نصف ساعة، ثم يضاف إلى المغلي قليل من السكر... يؤخذ منه قبل الأكل مقدار فنجان قهوة.

* لطرد الديدان المعوية: يهرس بعض من ثمار الجوز نصف الناضجة، ثم تعصر بقطعة من الشاش، يمزج العصير بمسحوق سكر نبات، و يعطى منه نصف ملعقة صغيرة للأطفال مرة واحدة في الصباح قبل الطعام، و تزداد الجرعة بالنسبة للسن... و يستمر الاستعمال إلى أن يتم طرد الدود كله.

* للحد من النزيف في العمليات الجراحية، يعطى المريض قبل إجراء العملية بثلاثة أيام 500 جرام يوميا من عصير قشور الجوز الخضراء.

ص:70

الجوز في الطب القديم

الفم و الحنجرة: تطبخ عصارته مع العسل، فيتخذ منه دواء نافع جدا من الأمراض الحادثة في الفم و في الحنجرة.

الأدوية القتالة: إذا أخذ مع التين اليابس و السذاب، قبل أن تأخذ الأدوية القتالة، كان بادزهر لها، و إن أخذ أيضا بعد أن تؤخذ فعل ذلك.

حب القرع: إن أكثر من أكله أخرج حب القرع.

ورم الثدي: يخلط به عسل و سذاب، و يضمد به الثدي الوارمة، و يحلل التواء العصب.

للعضة: إذا خلط به عسل و ملح و بصل، كان صالحا لعضة الكلب، و عضة الإنسان.

المغص: إذا سحق كما هو بقشره، و وضع على السرة سكن المغص.

داء الثعلب: قشره إذا أحرق و سحق بشراب و زيت و لطخ به رؤوس الصبيان حسن شعور رؤوسهم و أنبت الشعر في داء الثعلب.

الطمث: داخله إذا أحرق، و خلط به شراب، و احتملته المرأة منع الطمث.

الغنغران و الحمرة: داخل الجوز العتيق إذا مضغ، و وضع على الورم الخبيث الذي يقال له غنغرانا، و على القروح المسماة الحمرة، و نواصير العين التي يقال لها أخيلوس و هو الغرب، و داء الثعلب أبرأه.

آثار الضرب: الجوز الرطب إذا تضمد به قلع آثار الضرب.

غشاوة البصر: إسحاق بن سليمان: ثمر الجوز الأخضر، إذا أخذ في وقت نبات الورق، فدق و خلط بالعسل، و اكتحل به نفع من غشاوة البصر.

تقطير البول: قشر شجر الجوز و ورقها، فإن فيهما قبضا، و لذلك: إذا شرب منه وزن مثقالين، نفع من تقطير البول.

تسويد الشعر: الشريف: إذا دق قشره الأخضر، و ألقي معه خبث الحديد مكسورا و ترك أسبوعا معه يحرك في كل يوم، و خضب به بعد ذلك الشيب سوده، و كان منه صبغ عجيب.

الحزازة: إذا دلكت به الخراز و القوابي نفعها نفعا بينا.

اللثة المسترخية: إذا طبخ و تمضمض بمائه، شد اللثة المسترخية.

خضاب الشعر: إذا ملىء من إناء مزجج بزيت عفص، و قصد به أصل شجرة الجوز، و دفن بقرب من أصلها، و أخذ عرق من عروق الشجرة، و قطع طرفه و دس في الإناء حتى يصل إلى القعر

ص:71

و يستوثق منه، و يغطى الإناء بالتراب، يفعل ذلك في أول سقوط الورق، و ترك إلى أن يكمل ورقه، و يعقد ثمره، ثم يكشف عن الإناء، و يستخرج العزق منه، فإن ذلك الزيت يوجد إذ ذاك أسود، أجود حبر يخضب به الشعر الأبيض، فإنه يصبغه صبغا عجيبا، و هو من أخضبة الملوك يخضب به.

الكلف و تشنج الوجه: الجوز ينفع الكلف و يزيل تشنج الوجه.

المدة في الأذن: ابن سينا: عصير ورقه، إذا قطر في الأذن فاترا، نفع من المدة فيها.

البطن و الكلى: المربى منه بالعسل، يسخن الكلى جدا، و يطلق البطن، جيد للمعدة الباردة، منافر للحارة، و الإكثار منه يسهل الديدان و حب القرع، و هو مما ينفع الأعور.

نزف الطمث: رماد قشره، ينفع نزف الطمث شربا بشراب، و حمولا بالشراب.

القروح الحارة: صمغه، نافع للقروح الحارة، منثورا عليها.

برد الكبد: البصري: مرباه جيد لبرد الكبد، نشاف لرطوبة المعدة.

أوتار الساق: إذا أخذ القديم منه، و مضغه الصائم، و عرك به أوتار الساق المنقبضة، من يبس مددها.

أورام النغانغ: قشره الأخضر الخارج، إذا عقد ماؤه برب العنب، و تغرغر به نفع من أورام النغانغ، و الحلق، في جميع أوقاتها، و يشد اللثة، و يحلل أورامها.

قروح الرأس: إذا أحرق لب العتيق منه، نفعت حراقته من قروح الرأس، و لا سيما إذا خلطت بالزفت.

قوباء الأطفال: إذا مضغ باللب على الريق، و حمل على قوباء الأطفال نفع منها.

الجراحات: قشره الصلب إذا أحرق جفف الجراحات.

تقطير البول: إذا سحق كما هو بقشره، و استف منه على تماد كل يوم، من ثلاثة دراهم إلى نحوها، نفع من تقطير البول الكائن من استرخاء.

أوجاع الأسافل: قشر أصله، إذا طبخ منه نصف أوقية إلى عشرة دراهم، و شرب ماؤها بعد التملي، مما يقطع الأخلاط اللزجة قيأه بلغما لزجا، و نفع من أوجاع الأسافل كلها، و وجع البطن.

تتقية الرأس: عبد الملك بن زهر: زعموا: أن قشر أصل الجوز إذا استيك به كل خامس من الأيام، نقى الرأس وصفى الحواس و أحد الذهن.

ص:72

الإجاص

اشارة

(1)

عن الأزرق بن سليمان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام، عن الإجاص قال: نافع للمرار، و يلين المفاصل، فلا تكثر منه فيعقبك رياحا في مفاصلك(2).

و عنه عليه السّلام، أنه قال: الإجاص على الريق يسكن المرار، إلا أنه يهيج الرياح(3).

ص:73


1- (1) الإجاص: برقوق (مصر) و عين البقر (و خاصة الأسود) - إجاص - إنجاص - أنجاس (سوريا).
2- (2) مستدرك الوسائل ج 16 ص 405 ح 2.
3- (3) مستدرك الوسائل ج 16 ص 405-406 ح 3.

الفوائد الغذائية:

الثمار منها الأحمر و الأبيض و الأصفر اللون و هي لحمية لذيذة الطعم حامضه قليلا تحتوي على نواة كبيرة نسبيا. يصل وزنها إلى حوالي 18% من وزنها، بداخلها لوزة غنية بالزيت و حامض السياندريك، و تحتوي الثمرة المتوسطة الحجم على حوالي 82% من وزنها ماء، 0,5% بروتين، 0,1 دهون، 18% سكريات، 0,8% نشويات، 6% ألياف، و فيتامينات أ (880 وحدة دولية) فيتامين ب (ثيامين) 0,02 ملجم، فيتامين ب (ريبوفلافبن) 0,05 ملجم، فيتامين ب (نياسين) 0,9 ملجم، و نسبة عالية من فيتامين ج تتراوح ما بين 10-50 ملجم حسب نوع الثمار، بالإضافة إلى كميات هائلة من الأملاح المعدنية و العضوية في مقدمتها 25 ملجم بوتاسيوم، 22 ملجم فوسفور، 14 ملجم كالسيوم، 9 ملجم نحاس، 6 ملجم كبريت، 2 ملجم صوديوم، 0,4 ملجم حديد مع كميات مناسبة من الماغنسيوم و المنجنيز، و بذلك يعتبر الخوخ غذاء جيدا للجسم و منقيا للدم و مضادا لحالات الإرهاق البدني.

الخصائص العلاجية:

نظرا لاحتواء الخوخ على كميات عالية متنوعة من الأملاح المعدنية و الأحماض فإنه يعتبر مدرا للبول، و مضادا لحالات التسمم الغذائي و تصلب الشرايين، و احتقانات الكبد، بالإضافة إلى أنه ملين معتدل للمعدة و الأمعاء، كما أثبتت التجارب أن عصير أزهار الخوخ ملين خفيف للمعدة عند الأطفال، بينما مغلي الأوراق يعتبر مقاوما جيدا لحالات الإسهال و القيء و مضادا لديدان الأمعاء.

يوصف لعلاج حالات:

الأنيميا، الإرهاق، الروماتيزم، عسر البول، تصلب الشرايين، الالتهاب الكبدي، النقرس، الإمساك.

الاستعمالات الداخلية:

بالنسبة لجميع الحالات السابقة يمكن تناول ثمار الخوخ طازجة أو على شكل «كومبوت»، بينما يستعمل مغلي الأوراق كمشروب على الريق بمعدل كوب يوميا لمدة ثلاثة أيام بغرض مقاومة حالات الإسهال و طرد ديدان الأمعاء.

ص:74

الاستعمالات الخارجية:

لإزالة شوائب البشرة... يستعمل مهروس شرائح الثمار الطازجة على شكل قناع فوق جميع أجزاء الوجه و الرقبة ليزال القناع بالماء الفاتر بعد مرور حوالي 25 دقيقة.

* للمحافظة على نضارة و حيوية البشرة... تستعمل كميات متساوية من مسحوق بذور الخوخ و المشمش مع عسل النحل لعمل عجينة متجانسة تفرد فوق البشرة على شكل قناع ليزال بعد مرور نصف ساعة بالماء الفاتر.

الإجاص في الطب القديم

الإمساك: إذا جف كان جيدا للمعدة ممسكا للبطن.

ورم اللهاة: قضبانها ظاهرا فهي إذا طبخت صارت نافعة لمن يتغرغر بها من ورم اللهاة و النغانغ.

اللوزتين و اللثة: ديسقوريدس: ورق الإجاص إذا طبخ بشراب ورد، و تغرغر بطبيخه، قطع سيلان المواد إلى اللهاة، و عضلتي اللوزتين و اللثة. و ثمرة الإجاص البري إذا نضج و جفف فعل مثل ذلك.

إطلاق البطن و تسكين العطش: الإجاص يبرد، و يطلق البطن و يسكن العطش و أقواه بردا، و أقله إسهالا، أحمضه و أغلظه جرما و أشده قبضا و حموضة.

مذهب للشهوة: الإجاص اليابس مذهب لشهوة الطعام، يصلح للمحرورين دون المشايخ، فإن أكلوا منه في حال، فليأخذوا بعده شيئا من المصطكا أو اللبان ليذهب عن المعدة لطخه.

الإسهال: إذا طبخ الإجاص وصفي ماؤه و شرب بالسكر أو بالعسل، كانت أقوى لإسهال البطن، و لا سيما إذا لبث الإنسان بعد شربه وقتا طويلا لم يتناول غذاء.

الصفراوية: إذا شرب طبيخ مجففه مفردا بيسير سكر، نفع الصفراوية.

ص:75

الأترج

اشارة

عن أبي بصير - في حديث -، أنه قال لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إني أكلت أترجا بعسل، و إني أجد ثقله، لأني أكثرت منه، فقال: يا غلام! إنطلق إلى فلانة فقل لها:

إبعثي لنا بحرف رغيف يابس من الذي تجففه في التنور، فأتى به، فقال: كل من هذا، فإن الخبز اليابس يهضم الأترج، فأكلته، ثم قمت، فكأني لم آكل شيئا(1).

عن إبراهيم بن عمر اليماني، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنهم يزعمون أن الأترج على الريق أجود ما يكون، فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إن كان قبل الطعام خير، فهو بعد الطعام خير و خير و أجود(2).

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: بأي شيء يأمركم به أطباؤكم في الأترج؟ قلت:

يأمروننا به قبل الطعام، قال: لكني آمركم به بعد الطعام(3).

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، أنه قال لأصحابه: «أخبروني بأي شيء يأمركم به أطباؤكم في الأترج؟» قالوا: يا بن رسول اللّه، يأمروننا به قبل الطعام، قال: «ما من شيء أردأ منه قبل الطعام، و ما من شيء أنفع منه بعد الطعام، فعليكم بالمربى منه، فإن له رائحة في الجوف كرائحة المسك»(4).

ص:76


1- (1) وسائل الشيعة ج 25 ص 171 ح 1، باب 98.
2- (2) وسائل الشيعة ج 25 ص 172 ح 1، باب 99.
3- (3) وسائل الشيعة ج 25 ص 172 ح 2، باب 99.
4- (4) مستدرك الوسائل ج 16 ص 407 ح 1، باب 75.

شرح الماهية:

هو نبات تبقى ثمرته عليه جميع السنة... و الثمر بنفسه طويل لونه شبيه بلون الذهب، طيب الرائحة مع شيء من كراهة، و له بزر شبيه ببزر الكمثرى.

أبو حنيفة: هو كثير بأرض العرب، و هو مما يغرس غرسا و لا يكون بريا، ورقه مثل ورق الجوز، و هو طيب الرائحة، و فقاحه شبيه بنور النرجس إلا أنه ألطف منه، ذكي، و لشجره شوك حديد. و قال لي بعض الأعراب: إن شجرته تحمل عشرين سنة، و حملها مرة واحدة في السنة.

الأترج في الطب القديم

الكبد و الإسهال و القيء: له قوة تلطف و تقطع، و تبرد و تطفىء حرارة الكبد، و تقوي المعدة و تزيد في شهوة الطعام، و تقمع حدة المرة الصفراء، و تزيل الغم العارض منها، و تسكن العطش، و تقطع الإسهال و القيء المريين.

القوباء و الكلف: تنفع من القوباء و الكلف إذا طلي عليهما، و إن كان بالنفع من القوباء أخص. و يستدل على ذلك من فعله في الحبر إذا وقع على الثياب، فإنه إذا طلي عليه قلعه و ذهب به.

ابن سينا في الأدوية القلبية: حماض الأترج من المقويات القلبية الحارة المزاج النافعة من الخفقان الحار، و فيه ترياقية تنفع لذلك من لسعة الجرارة، و قملة النسر و الحية أيضا.

يرقان العين: و قال في الثاني من القانون: هو نافع من اليرقان يكتحل به فيزيل يرقان العين، و هو رديء للعصب و الصدر.

قتل العلق و تسكين غلمة النساء: إذا طبخ بالخل و سقي منه نصف سكرجة قتل العلق المبلوعة و أخرجها، و عصارته تسكن غلمة النساء.

المعدة و ما يتولد فيها: ابن رضوان: قال وجدت في كتاب الأطعمة أن من خواص حماضه مقاومة لحرارة المعدة و ما يتولد فيها من المرة.

ص:77

الإسهال: الأطبخة التي تتخذ منه تشهي الطعام، و تنفع الخفقان الحار، و الخمار، و الإسهال العارض من قبل الكبد، و في المرة الصفراء، و تحبس ما يتحلب من الكبد إلى المعدة و الأمعاء.

الحمى: إسحاق بن عمران: طبيخه نافع من الحمى مطفىء لحرارة الكبد.

الماليخوليا: حماضه يشهي الطعام للمحرورين، و ينفع من الماليخوليا المتولدة من احتراق الصفراء.

الإستمراء و تقوية المعدة: قشر الأترج عسر الإنهضام، عطر الرائحة، ينفع في الاستمراء ما تنفع أشياء أخر مما لها كيفية حارة حريفة، و لذلك صار اليسير منه يقوي المعدة، و صار ماؤه يخلط مع ما يشرب من الأدوية المسهلة. و قشر الأترج مشه للأكل معطش.

البرص: حراقة قشره طلاء جيد للبرص.

تطييب النكهة: قشره يطيب النكهة إمساكا في الفم، و إذا جعل في الأطعمة مثل الأبازير، أعان على الهضم.

القيء: طبيخه يسكن القيء، و عصارة قشرة تنفع من نهش الأفاعي و قشره ضمادا.

إصلاح الهواء و الوباء: رائحة الأترج تصلح فساد الهواء و الوباء.

الأدوية المسمومة: الإسرائيلي: ينفع من الأدوية المسمومة شربا.

العطش: سفيان الأندلسي: يقطع العطش البلغمي.

تطيب النكهة: يتمضمض بطبيخه، و عصارته لتطيب النكهة.

شهوة الحبل: قد يشتهيه النساء الحوامل الشهوة الخارجة عن الطبيعة لهن في الحبل.

الحفظ من التآكل: قد قيل إنه إذا جعل مع الثياب حفظها من التآكل فيها.

لدغ العقارب: الطبري: خاصة حب الأترج: النفع من لدغ العقارب إذا شرب منه وزن مثقالين مقشرا بماء فاتر، و طلي به مطبوخا، و إن دق و وضع على موضع اللدغة كان نافعا لها.

الأورام و تقوية اللثة: إسحاق بن سليمان: بزر الأترج يحلل الأورام، و يقوي اللثة بفضل مرارته.

ص:78

مفتح للسدد: إسحاق بن عمران: ورق الأترج هاضم للطعام، مسخن للمعدة، موسع للنفس إذا ضاق من البلغم، لأن من شأنه فتح السدد البلغمية.

النفخة: ابن سينا: ورقه مسكن للنفخ، مقو للمعدة و الأحشاء، و بعده فقاحه.

الأترج في الطب الحديث

و وصف في الطب الحديث بأنه طارد الأرياح، هاضم، لأن قشره يحتوي على زيت طيار.

لا تصنع من الأترج مأكولات، و إنما يستفاد من قشره في صنع مربى لذيذ، و طريقة صنعه كصنع مربى النارنج «أبو صفير».

ص:79

باب: البقول الثوم و البصل

اشارة

عن أبي بصير قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن أكل الثوم و البصل قال: لا بأس بأكله نيا و في القدر(1).

البصل

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: البصل يذهب بالنصب، و يشد العصب، و يزيد في الخطا، و يزيد في الماء، و يذهب بالحمى(2).

عن ميسر بياع الزطى، و كان خاله قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: كلوا البصل، فإن فيه ثلاث خصال: يطيب النكهة، و يشد اللثة، و يزيد في الماء و الجماع(3).

و عنه عليه السّلام قال: البصل يطيب الفم (النكهة)، و يشد الظهر، و يرق البشرة(4)(5).

ص:80


1- (1) بحار ج 63 ص 249 ح 10.
2- (2) وسائل الشيعة ج 25 ص 211 ح 1، باب 126.
3- (3) وسائل الشيعة ج 25 ص 212 ح 2.
4- (4) كأن المراد برقة البشرة صفاء اللون، و عدم كمدته. قال في القانون: البصل يحمر الوجه.
5- (5) بحار الأنوار ج 63 ص 248 ح 6.

خصائص الثوم في الطب الحديث

إذا أردت غذاء «ينظف» جسمك، و يقيك من العدوى، و يحافظ على سلامة قلبك، فعليك بتناول الثوم. فهو كنز غني بالفوائد الصحية!

الأنفلونزا: قد ثبت أن الثوم دواء ساحر لكثير من الأمراض... كان عام 1918 هو عام الرعب في إنجلترا، حيث مات آلاف من البشر بعد أن انتشر بها مرض الانفلونزا... و كانت تعيش هناك امرأة عجوز جاوزت المائة عام من عمرها، اهتدت إلى فكرة عظيمة، و هي إدخال الثوم في طعامها هي و أسرتها، بل جعلت تمضغ الثوم هي و جميع أفراد أسرتها، و انتهى الوباء، و لم يصب أحد من تلك الأسرة بالأنفلونزا. و في عام 1965 داهمت الأنفلونزا الاتحاد السوفيتي، و لجأت الحكومة هناك إلى استيراد 500 طن من الثوم، و نصح الأطباء هناك جميع المواطنين بأكل الثوم للحماية من المرض... و في عام 1973 عم وباء الأنفلونزا إنجلترا، و انتقل منها إلى معظم بلاد أوروبا، و كانت إيطاليا هي أقل تلك البلاد إصابة بالمرض، نظرا لما هو معروف عن الإيطاليين من كثرة استخدام الثوم.

و قد أثبت العلم الحديث أن العامل الفعال في الثوم هو مادة تسمى (اليسن) التي تنظف الجسم من الجراثيم الضارة، و ذلك بخنق الجراثيم بعد تلف الأكسجين.

الثوم... كمضاد حيوي:

وجد أن الثوم له مفعول يقضي على أنواع كثيرة من البكتريا و الفطريات و كذلك الديدان الطفيلية. و يعزى هذا المفعول إلى مادة الألين (alliin) و هذه هي المادة التي تكسب الثوم رائحته النفاذة المميزة.

و للانتفاع بمفعول هذه المادة لا بد من تناول الثوم نيئا، لأن مفعولها المضاد للجراثيم يفقد من خلال عملية الطبخ... كما يشترط مضغ الثوم، أو مجرد خدشه بالأسنان، حتى تتحول مادة الألين إلى مادة الأليسين (allicin) و هي المادة التي تقوم بوظيفة المضاد الحيوي. أما باقي خصائص الثوم، فلا يشترط للانتفاع بها أكله نيئا أو مضغه... أي يمكن طبخه، و الأفضل لا شك هو الجمع بين تناول الثوم النيء و المطبوخ.

ص:81

هل تعاني من ارتفاع ضغط الدم؟

و وجد كذلك أن للثوم مفعولا مخفّضا لضغط الدم المرتفع، و يعتقد أن هذا يرجع إلى أن له تأثيرا مزيلا لتقلص الشرايين (من المعروف أن انقباض الشرايين أي تقلصها هو السبب وراء ارتفاع ضغط الدم في أغلب الحالات)... و بناء على ذلك، يفيد تناول الثوم في علاج حالات ارتفاع ضغط الدم الخفيف و المتوسط... و ذلك بجرعة تعادل حوالي 2-3 فصوص من الثوم يوميا.

للوقاية من ارتفاع الكوليسترول و الجلطات الدموية:

صار من المؤكد أن الثوم له مفعول خافض للكوليسترول، و مقاوم لحدوث تجلط الدم الداخلي (embolism) ... أي يقاوم التصاق خلايا الدم ببعضها.

و يقول دكتور «أرون بروديا» الباحث بمستشفى «بومباي» بالهند، و بناء على مجموعة من الدراسات: إن تناول جرام واحد من الثوم النيء لكل كيلو جرام من وزن الجسم يوميا يوفر الحماية اللازمة من خطر حدوث جلطات دموية عند مريض الذبحة الصدرية. و يؤكد باحثون آخرون أن قدرة الجسم على إذابة الجلطات الدموية (fibrinolytic activity) تزيد عند الأشخاص الأصحاء بحوالي 130%، و عند مرضى القلب بحوالي 83% خلال شهر أو ثلاثة شهور من تناول الثوم النيء.

و صفات فعالة من الثوم:

الثلاثي الرهيب لمقاومة نزلات البرد:

إن خير ما يوصى به من غذاء لزيادة مقاومة الجسم للعدوى: البصل و الليمون و الثوم...

فمتى شعرت بقدوم نزلة البرد تسلّح بهذه الأنواع الثلاثة لإجهاض العدوى... و ليكن ذلك من خلال تناولها بشكل مركز مع طبق السلاطة الخضراء.

شوربة الثوم للوقاية من العدوى:

يضاف لحوالي لتر و ربع من شوربة الدجاج 30 فصا من الثوم المقشّر المهروس... و يغلى مع الشوربة لمدة 10 دقائق... ثم تصفى الشوربة من الثوم، و يضاف لها صفار بيضتين، ثم يعاد التسخين و التسبيك لحوالي 10 دقائق أخرى. و يعتبر هذا الحساء غذاء صحيا مقويا و واقيا من العدوى.

ص:82

لبخة الثوم لعلاج الخراريج:

الخراريج... هي عبارة عن عدوى موضعية... تصيب منطقة محددة من الجلد... و قد وجد أن استعمال عجينة أو لبخة الثوم كعلاج موضعى لهذه العدوى يساعد إلى حد كبير على زوال الالتهاب أو تصريف الخرّاج و لهذا الغرض، تهرس مجموعة من فصوص الثوم و توضع فوق المكان الملتهب و تضمد في مكانها برباط شاش... و تستبدل بأخرى بعد انقضاء يومين.

خليط الثوم و العسل لعلاج التهاب اللوزتين:

لعلاج التهاب الحلق أو اللوزتين، تقشر بضعة فصوص من الثوم، ثم تهرس جيدا، و تخلط بكمية مناسبة من عسل النحل، و يترك هذا الخليط لمدة ساعتين. و يؤخذ منه ملعقة صغيرة عدة مرات طوال اليوم مع مراعاة بلعه مباشرة دون مضغ الثوم.

حقنة شرجية من الثوم لتطهير الأمعاء:

هذه الوصفة عبارة عن إضافة بضعة فصوص نيئة و مهروسة من الثوم إلى حوالي لتر و نصف ماء و استخدام هذا الخليط في عمل حقنة شرجية... أي غسل للأمعاء. و هي من الوصفات الفعّالة للغاية لتطهير الأمعاء و القضاء على ما بها من عفونة و جراثيم. و هي تعتبر من الوصفات الشعبية الشائعة في المكسيك، و التي كثيرا ما يعتمد عليها لعلاج الدوسنتاريا الأميبية، و التي تنتشر هناك في بعض المجتمعات.

لعلاج المغص... عند الكبار:

- 3 فصوص ثوم. - 5 ملاعق كبيرة من بذور الكراوية. - كمية مناسبة من اللبن.

يطبخ الثوم و الكراوية في اللبن على نار هادئة لمدة 15 دقيقة، ثم يصفّى سائل الطبخ، و يضاف إليه كمية من الماء المغلي... ثم يشرب.

و من علماء الغرب، ذكر دكتور ج. فالينيه هذه الخصائص الطبية عن الثوم في كتابه (العلاج بالزيوت الطيارة):

1 - مطهر للأمعاء و الرئتين. 2 - مضاد للبكتريا. 3 - مقو عام. 4 - منبه عام للدورة الدموية

ص:83

و القلب. 5 - مخفض لضغط الدم العالي و موسع للشرايين و الشعيرات الدموية. 6 - ضد المغص.

7 - ضد تصلب الشرايين و مذيب لحامض البوليك. 8 - مدر للبول. 9 - مزيل لالتهابات المفاصل.

10 - فاتح للشهية و منبه للجهاز الهضمي و مزيل لغازات القولون. 11 - للوقاية من حدوث السرطانات.

و بذلك فإنه يمكن استخدامه في علاج الأمراض الآتية:

للوقاية و كذلك للعلاج في كثير من الأمراض المعدية مثل: التيفود و الدفتيريا و الأنفلونزا.

في علاج الإسهال و الدوسنتاريا.

في علاج التهابات الرئة المعدية مثل: السل و التهاب الشعب الهوائية.

في علاج الأزمات الربوية حيث إنه طارد للبلغم.

في حالات الضعف العام.

في علاج الضعف العضلي للجهاز الهضمي.

في علاج ضغط الدم الشرياني المرتفع.

مقو لعضلة القلب، و في بعض حالات زيادة سرعة دقات القلب.

في علاج البواسير و الدوالي.

في علاج الاستسقاء المائي.

في علاج الانتفاخ.

في علاج ديدان الأمعاء مثل: الاسكارس و الديدان الدبوسية و التينيا.

في علاج حالات فقدان الشهية.

في علاج حصوات القناة البولية.

في علاج الآلام الروماتيزمية و مرض النقرس و التهابات المفاصل.

يستخدم في علاج و تسكين آلام الأذن.

يستخدم في علاج لدغات الحشرات.

ص:84

مرض السكر:

هل ينجح الثوم في علاج مرض السكر؟

يتعرض مريض السكر (المهمل لمرضه) حوالي ضعف ما يتعرض له غيره لتصلب الشرايين و الأزمات القلبية. و من أسباب ذلك ارتفاع مستوى الدهون الذي قد يصاحب مرض السكر. كما وجد أن ضعف تمثيل الجسم للجلوكوز بصفة عامة - دون الإصابة الفعلية بمرض السكر - تساعد على تصلب الشرايين و حدوث الأزمات القلبية.

في سنة 1958 أشار باحث هندي إلى أن الثوم يعالج مرض السكر (يخفّض مستوى الجلوكوز بالدم). بعد ذلك أجريت تجارب متعددة على المرضى بالسكر و الحيوانات أشارت لنفس المعنى.

التحقق بالتجربة:

ففي إحدى التجارب على الأرانب، قام الباحثون بحقن الأرانب بمادة تحدث ارتفاع بمستوى الجلوكوز (مادة alloxan ). و عند ما قاموا بتغذية الأرانب بالثوم، حدث انخفاض بمستوى الجلوكوز يعادل تقريبا الانخفاض الذي حدث عند حقن الأرانب بدواء تولبيوتاميد (tolbutamide) الذي يستخدم في علاج مرض السكر.

كيف يخفض الثوم مستوى السكر بالدم؟

و يعتقد الباحثون أن الثوم يخفّض مستوى الجلوكوز بالدم عن طريق تحفيز البنكرياس على إنتاج كمية أكبر من الأنسولين، أو عن طريق تذليل المقاومة التي تعترض مفعول الأنسولين.

الثوم يحمي الجسم من الكيماويات و المعادن الضارة:

لا شك أننا نعيش في عصر ممتلىء بالسموم و النفايات الخطرة على صحة الإنسان. و المدهش حقا أن هذا التلوث الخطير الذي نتعرض له يوميا يتصدى له هذا النبات البسيط... (الثوم)!!

فقد وجد أن الثوم مضاد قوي للسموم التي نتعرض لها كالكيماويات و ما يسمى المعادن الثقلية مثل: الرصاص - الزئبق - النحاس - الألمونيوم.

مثل هذه المواد تزخر بها البيئة من حولنا، فالرصاص هو أحد مكونات عادم السيارات و مواد

ص:85

الطلاء و البطاريات. و كذلك الزئبق يوجد في مواد الطلاء و البطاريات بالإضافة إلى تعرّض الأسماك البحرية للتلوث به، كما يستخدمه طبيب الأسنان في حشو الضروس.

التحقق بالتجربة:

أثبتت بعض التجارب أن مفعول الثوم يعادل التأثيرات السامة للمعادن الثقيلة و يبطلها.

ففي التجربة التالية: استخدمت 10 أنابيب مملوءة بمعلق من كرات الدم الحمراء للإنسان، و أضيف للأنابيب أنواع مختلفة من المعادن: الرصاص (Pb) و الزئبق (Hg) و النحاس (Cu)

و الألومنيوم (AL) . و أضيف لبعض الأنابيب خلاصة الثوم بينما خلا البعض الآخر من مادة الثوم.

و كانت نتيجة التجربة أن الأنابيب المحتوية على الثوم لم يظهر بها آثار ضارة للمعادن على كرات الدم الحمراء، بينما حدث تحلّل لكرات الدم الحمراء بفعل التأثيرات السامة للمعادن في الأنابيب التي خلت من خلاصة الثوم.

كيف يحمي الجسم نفسه من هذه السموم؟

ليس معنى ذلك أننا معرضون مباشرة لهذه السموم دون أي حماية من أجسامنا. فالجسم له أسلحته التي يتصدى بها لهذه السموم عن طريق ما يسمى الجهاز المناعي الذي يمكننا من التعايش وسط أخطار هذا التلوث لذلك إذا حدث عطل بهذا الجهاز يظهر المرض.

كما أنه من ضمن وظائف الكبد الرئيسية محاربة مفعول السموم قبل أن يمتصها تيار الدم؛ فالعقاقير الطبية المختلفة و المشروبات الكحولية و دخان السجائر و ما إلى ذلك من المواد التي تحتوي على كيماويات ضارة تمر أولا بالكبد فيبطل ما بها من سموم، و لو لا هذه الوظيفة الهامة التي يقوم بها الكبد لوقعنا فريسة لمثل هذه المواد الضارة بالجسم.

الثوم يحافظ على خلايا الكبد!!

و قد وجد كذلك أن تناول الثوم يحمي خلايا هذا العضو الغالي - الكبد - من الضمور و يحافظ على سلامتها.

و تقول إحدى الصحف الطبية اليابانية في هذا المجال (Hiroshima journal of medical

ص:86

sciences) : «تقوم أربعة مركبات من مركبات السلفا الستة الموجودة بالثوم بحماية خلايا الكبد من التلف إذا ما تعرض لمادة الكربون تتراكلورايد».

و من المعروف أن هذه المادة الكيماوية تتسبب في تجمع الدهون داخل الكبد فتؤدي لحالة مرضية يطلق عليها (Fatty Liver) و التي قد يتعرض لها مرضى السكر و كذلك مدمنو الخمور.

الثوم يحمي الجسم من أخطار الإشعاع:

كما أثبتت التجارب أن تناول الثوم يحمي الجسم من الأضرار التي تصيب الجسم إذا ما تعرض للإشعاع. ففي إحدى التجارب تم تعريض نوع من خلايا الدم يسمى الخلايا الليمفاوية إلى الإشعاع و تم تعريض نفس الخلايا للإشعاع بعد إضافة خلاصة الثوم لها. في الحالة الأولى وجد أن الخلايا فقدت حيويتها بسرعة بسبب تأثيرات الإشعاع الضارة بينما احتفظت بحيويتها في الحالة الثانية.

الثوم يحمي من الإصابة بسرطان المعدة:

في إحدى الإحصائيات التي رصدت حالات الإصابة بالسرطان في الصين، لاحظ الباحثون شيئا غريبا، و هو ارتفاع نسبة الإصابة بسرطان المعدة في مدينة أوكسيا بينما انخفضت النسبة إلى أقل حد في مدينة كانجشان، فما سر ذلك؟

اتضح أن سبب ذلك يكمن في نوعية الطعام حيث اعتاد سكان المدينة التي انخفضت بها نسبة الإصابة بالسرطان على تناول حوالي 20 جراما من الثوم ضمن الطعام يوميا و بصفة منتظمة. بينما خلا طعام سكان المدينة الأخرى من الثوم مما يدل على أن للثوم مفعولا واقيا ضد الإصابة بسرطان المعدة.

و عند ما قام الباحثون بأخذ عينة من العصارة المعدية و دراستها لمجموعة من سكان المدينتين، اتضح لهم أن تركيز مادة النيتريت (nitrites) بالعصارة المعدية لسكان المدينة التي زادت بها نسبة الإصابة بالسرطان كان أعلى بكثير عن سكان المدينة الأخرى. مما يشير إلى أن الثوم يحمي من الإصابة بسرطان المعدة عن طريق تخفيف تركيز هذه المادة.

الثوم علاج للحمى الشوكية!!

ففي إحدى الجامعات الطبية بالصين، قام الباحثون بتجربة جريئة لأول مرة، حيث استخدموا

ص:87

الثوم في علاج نوع من حالات التهاب الأغشية السحائية للمخ أو الحمى الشوكية (meningitis) التي يتسبب في الإصابة بها ميكروب يسمى: Criptococcus neoformans . و ذلك عن طريق تناول الثوم بالفم أو حقن خلاصة الثوم بالعضل أو الوريد... و استمر العلاج بضعة أسابيع زال بعدها الالتهاب!!

و قد تسبب العلاج بالحقن في ظهور بعض الأعراض الجانبية البسيطة مثل: ارتفاع طفيف بدرجة حرارة الجسم - رعشة خفيفة مؤقتة - صداع - قيء و غثيان - ألم في مكان الحقن.

و في سنغافورة لجأ بعض الأطباء مرة أخرى لنفس العلاج السابق لعلاج نفس النوع من الالتهاب لكنهم استعانوا في هذه المرة بأدوية مضادة للفطريات إلى جانب الثوم.

الثوم منشط و مزيل للتوتر:

لعل القدماء المصريين هم أول من عرف فائدة الثوم كمادة منشطة، فيذكر أن العمال الذين قاموا ببناء الأهرامات كانوا يتناولون يوميا وجبة من الثوم لتبعث فيهم النشاط و الحيوية حتى يتمكنوا من مواصلة العمل في هذا الإنجاز الضخم الرائع. كما اتضح أن تناول الثوم يزيل التوتر النفسي و الأعراض الجسمانية المرتبطة بالحالة النفسية (psychosomotic complains) مثل: الإجهاد و الصداع النفسي.

ففي إحدى التجارب اختار بعض الباحثين اليابانيين مجموعة من المرضى ممن يعانون من مثل هذه الأعراض. و بدأ علاجهم بالثوم، حيث كان كل مريض يتناول 2 سم 3 من خلاصة الثوم يوميا و لمدة 4 أسابيع، و في نهاية المدة وجد أن حوالي 50 إلى 80% من المرضى اختفت شكواهم إلى حد كبير من الصداع و الإجهاد و التوتر و الاكتئاب.

الثوم و الدوسنتاريا الأميبية:

الدوسنتاريا الأميبية نوع شائع من أنواع الدوسنتاريا يسببه ميكروب يسمى Entamoeba

histolytica و تظهر أعراض المرض في صورة إسهال مع خروج براز عفن الرائحة محاط بمخاط و أحيانا دم مع تعنيه و مغص بالبطن يسبق عادة التبرز. و يعتمد العلاج على دواء يسمى فلاجيل.

أما ما توصل إليه الباحثون بأحد المراكز الطبية في إحدى الدول المتقدمة فهو أن الثوم له قدرة على وقف نمو الميكروب المسبب للدوسنتاريا الأميبية بذلك يمكن أن يكون إضافة جديدة لعلاج هذا المرض. فيمكن تناوله عن طريق الفم أو بعمل حقنة شرجية يضاف لها عصير الثوم.

ص:88

الثوم و مرض الجذام:

و من الهند جاء تقرير من أحد المراكز الطبية يشير إلى نجاح الثوم في علاج مرض الجزام (leprosy) و هو مرض جلدي يوجد منه أكثر من نوع و يميّزه سقوط شعر الحاجبين من الثلث الخارجي، و ظهور قرح بأصابع اليدين و القدمين، و حدوث نزيف متكرر من الأنف و ظهور حبوب بالوجه تتميز بفقدان الإحساس بها، مع زيادة سمك أعصاب معينة بالجسم.

الثوم علاج لعدوى المهبل بالفطريات «المونيليا»:

و في الولايات المتحدة توصل بعض الأطباء إلى نجاح الثوم في القضاء على ميكروب Candida

albicans و هو نوع من الفطريات يحظى بشهرة كبيرة في مجال أمراض النساء، حيث تتعرض كثير من السيدات لإصابة المهبل به، و يؤدي لخروج إفراز مهبلي أبيض يشبه اللبن الزبادي مع حرقان و رغبة في حك المنطقة المصابة.

و يقول الأطباء أن الثوم يعمل أساسا على جدار هذا الميكروب - الذي يحيطه من الخارج - فيمنع عملية تكوين الدهون و يفقد الميكروب قدرته في الحصول على الأكسجين. أي أنه ببساطة يجعل الميكروب يفقد جداره الخارجي و لا يستطيع التنفس.

و لعلاج الالتهابات الفطرية يمكن استخدام الثوم كغسول - و ستتضح طريقة تحضيره فيما بعد.

الثوم و مرض السل:

و من جامعة واشنطن بالولايات المتحدة جاء تقرير يشير إلى أن الثوم يوقف نمو سلالات معينة من البكتيريا (acid-fast bacteria) و التي منها النوع المسبب للدرن الرئوي.

و إن كان الطب الشعبي عندنا قد أدرك هذه الفائدة قبل الباحثين بجامعة واشنطن حيث استخدم عصير الثوم المخفف كمادة مطهّرة من السل عن طريق الاستنشاق!!

الثوم علاج لمرض التيفود:

و قد ثبت كذلك أن مفعول الثوم يقاوم البكتيريا المسببة لمرض التيفود، مما دعا حديثا إلى استحضار دواء من الثوم داخل كبسولات لعلاج التيفود، يسمى: انيودول Anyodole .

ص:89

الثوم يطهر الأمعاء من الديدان:

و من المعروف عن الثوم قدرته على قتل الديدان التي تصيب الأمعاء، خاصة نوع يسمى الديدان الدبوسية التي تصيب الأطفال و تتميز الإصابة بها بوجود رغبة في حك فتحة الشرج خاصة أثناء الليل، و قد تظهر الديدان الصغيرة من فتحة الشرج.

و هناك «و صفة» للعلاج بالثوم تقول: يشرب الطفل في الصباح فنجانا من الحليب غلى فيه بضعة فصوص من الثوم، ثم يلي ذلك حقنة شرجية دافئة بمغلي الثوم. فهذا يميت الديدان و يخرجها مع البراز.

الثوم كمادة مطهرة للجروح:

يمكن استخدام الثوم كمادة مطهرة للجروح نظرا لمفعوله المضاد لأنواع مختلفة من الميكروبات التي قد يتلوث بها الجرح. و يمكن استعمال الثوم لهذا الغرض بعمل ضمادة حول الجرح بمزيج مكون من 10 جرامات من عصير الثوم و 90 جراما من الماء و 2 (جرام) كحول (تقريبا).

و من الطريف أن العالم الفرنسي «لويس باستير» كان أول من أدرك فائدة الثوم كمادة مطهرة للجروح و قاتلة للميكروبات.

استخدام الثوم كعلاج للدغة الحشرات:

ذكر عن الثوم أنه يفيد في تطهير المكان المصاب بلدغة الحشرات و مقاومة سمومها.

لهذا الغرض ينظف المكان بعد لدغة الحشرة، ثم يدلك جيدا بأجزاء من فصوص الثوم المفروم.

الثوم يحمي من مرض الإيدز:

تذكر دراسة أمريكية حديثة أن الفيروس المسبب لمرض الإيدز يفقد قدرته على النمو و الانتشار في وجود الثوم، ذلك من خلال دراسة للفيروس في مزرعة من الأنسجة.

من ناحية أخرى أصبح من المعروف أن الثوم يزيد من نشاط الجهاز المناعي (immune

ص:90

(stimulant) علما بأن نقص المناعة هو مشكلة مريض الإيدز... فعل ينجح هذا النبات البسيط - الثوم - في وقف انتشار هذا المرض الخطير و علاج الضحايا من المصابين به.

سؤال صعب جدا!!

يرى دكتور بنجامين لو أستاذ المناعة بجامعة لوما ليندا بكاليفورنيا - أن الثوم يمكن أن يستخدم في الوقاية من مرض الإيدز، لكن من الصعب استعادة الجسم لمناعته الطبيعية مرة أخرى بعد أن انتشر به فيروس المرض سواء بالثوم أو بأي دواء بمفرده.

و صفة من الثوم لاستعادة الشبوبية!!

يبدو أن القدماء قد عرفوا عن أسرار الثوم ما لم نتوصّل إليه حتى الآن.

ففي منطقة جبال «التبت» بالصين، اكتشف بعض العاملين بمنظمة اليونسكو أثناء تجوالهم بالمنطقة ألواحا من الفخار في أحد الأديرة القديمة، كتب عليها و صفة لاستعادة الشبوبية، يدخل فيها نبات الثوم، و هي و صفة بسيطة و تعطي نتائج فعالة.

و قد ذكرت مجلة «العلوم» في عددها 178 - يوليو 1991، هذه الوصفة على النحو التالي:

اغسل 350 جراما من الثوم، قطعه قطعا صغيرة و اسحقه جيدا بقطعة من الخشب أو القيشاني.

ثم ضع 200 جم منه (خذ هذا القسم من أسفل الثوم المسحوق حيث تتوافر كمية أكبر من العصير) في كوب و إناء فخاري، صب عليه 200 جم من الكحول النقي و اقفل الإناء بإحكام وضعه في مكان مظلم و رطب لمدة 10 أيام. ثم رشح المستحضر من خلال قطعة من القماش السميك، بعد ذلك رجه و اتركه 2 أو 3 أيام أخرى.

و يجري تعاطي المستحضر على شكل نقط مع اللبن البارد (50 جم من اللبن للجرعة الواحدة) 3 مرات في اليوم، قبل الأكل بعشرين دقيقة.

ص:91

قيمة البصل الغذائية:

يحتوي البصل على عناصر غذائية هامة مثل: البروتينات، و الكربوهيدرات، بالإضافة إلى كميات من الأملاح المعدنية أهمها أملاح: الحديد، و الفسفور، و الكالسيوم... و يحتوي البصل على فيتامينات أ، ب، ج. و يحتوي أيضا على زيوت طيارة حريقة، و ألياف سليلوزية منشطة للأمعاء... كما أنه يحتوي على مادة (الجلوكونين) التي تعادل الأنسولين بمفعولها في تحديد نسبة السكر في الدم.

السرطان: قد حقن الطبيب الفرنسي (جورج لاكوفسكي) بمصل البصل كثيرا من المرضى، و لا سيما مرضى السرطان، فحصل على نتائج طيبة، و قال: إن مصل البصل المستخدم في الحقن الجلدي صعب الاستحضار، و لذا أنصح باستبدال الحقن تحت الجلد بحقن شرجية تعمل من عصير البصل المستخرج بالضغط أو بالسحق أو بوسيلة أخرى.

و الذين يستطيعون هضم البصل النيىء دون عسر فليأكلوه مع الخبز و الزبد، أو مع السلطة، أو مع الفجل و الزيتون و غيرهما.

يقال: إن كثرة المعمرين في بلغاريا ترجع إلى أكل الخضراوات و الفواكه النيئة و لا سيما البصل و اللبن الرائب و الخبز الكامل... و يذكر أن الفلاحين في بلغاريا سلموا من السرطان بسبب أكلهم البصل.

في الحرب العالمية الأولى قام عدد من الأطباء بأبحاث مطولة عن البصل و أصدروا تقارير عن أنه ذو أثر فعال في تسكين بعض الآلام. كذلك قام بعض الكيمائيين الإيطاليين بحقن فئران مصابة بالسل، حقنوها بعصير البصل. فوجدوا أنه قضى على المرض. و قام غيرهم بتجارب أخرى فاكتشفوا أن عصير البصل ذو فائدة عظيمة لمن يعانون من مرض الاستسقاء.

علاج مرض القلب: تأثر بروفسور «فيكتور جورفيتش» أستاذ طب القلب و الأوعية الدموية بجامعة تافنس الأميركية، بمضمون ورقة برديّ فرعونية، فأجرى تجارب تحليلية لدماء مرضاه الذين عانوا من أزمات قلبية. اتضح له أن مستوى الكولسترول في دم معظمهم انخفض بعد أن تناولوا البصل. و ثبت له أن البصل يزيح الكولسترول إلى الكبد حيث يتم تدميره، و من ثم يبتعد المريض تدريجيا عن دائرة خطر أزمات القلب. لذا ينصح دكتور «جورفيتش» مرصى القلب بتناول بصلة متوسطة الحجم يوميا. و مما يذكر أن العلماء توصلوا إلى أن البصل و الثوم يمنعان تجلط الدم مما

ص:92

يساعد على تجنب الأزمات القلبية.

علاج أمراض التنفس: عرفت أكثر شعوب الأرض كيف تستعمل البصل مع ثريد الحليب لعلاج المصابين بالقشعريرة و الزكام. و الواقع أن أثره العلاجي في هاتين الحالتين شديد و فعال.

قال «جورج واشنطن» الزعيم الأمريكي الراحل: إن دوائي المفضل لمقاومة نزلات البرد هو أكل بصلة مشوية ساخنة قبل الذهاب إلى الفراش مباشرة.

فوائد البصل الصحية المتعددة في سطور:

- غذاء لحماية القلب بشكل مؤكد و من أكثر من ناحية.

- يرفع من مستوى الكوليسترول النافع (HDL) .

- يحفظ سيولة الدم.

- يقاوم حدوث التجلطات الدموية.

- يقلل من مستوى الكوليسترول بوجه عام.

- ينظم مستوى السكر (الجلوكوز) بالدم.

- يقتل البكتيريا.

- يخفف احتقان الشعب الهوائية.

- يقاوم الإصابة بالسرطان (في حيوانات التجارب).

البصل و مرض السكر:

استخدم البصل منذ زمن بعيد كعلاج لمرض السكر لكن التأكد من فاعلية هذا العلاج لم يتحقق إلا في سنة 1923، حيث استطاع الباحثون أن يتأكدوا من وجود مواد كيميائية بالبصل تعمل على خفض مستوى السكر (الجلوكوز) بالدم. و في خلال فترة الستينات، استطاع الباحثون أن يحددوا هذه المواد و أهمها مادة: أوراينيز، و التي تتميز بمفعول مشابه للدواء المخفض لمستوى السكر بالدم و المعروف باسم: تولبيوتاميد (tolbutamide) .

البصل كمضاد حيوي: لعل أول من وصف البصل كمضاد للبكتيريا هو العالم الشهير «لويس باستير» و كان ذلك في منتصف القرن الثامن عشر. و منذ ذلك الوقت، شاع استخدام البصل لمحاربة العدوى. و أثبت الباحثون فيما بعد أن له مفعولا قاتلا لأنواع كثيرة من البكتيريا المسببة للأمراض.

ص:93

البروستات: قد أوصى «ف. رامون» (F.Ramond) باستعمال البصل لعلاج الاضطرابات الناجمة عن تضخم غدة البروستات، فهو يحسن حالة المرضى تحسينا ملحوظا، أو يتيح تحضيرهم، بشكل ملائم، لعملية جراحية، على الأقل. و للبصل أثر مضاد للحفر (الاسقربوط). و هو مثير لشهية الطعام، منشط للهضم. و هو دافع للريح من المعدة و الأمعاء، فهو يكافح الإمساك و تولد الغازات في البطن، مطهرا الأمعاء، في الوقت نفسه. و إذا كان نيئا وجب تجنبه على من يعانون إفراط الحمض، لأنه يزيد في حمضية العصارة المعدية.

و قد أثبتت دراسة طريفة قام بها مجموعة من أطباء القلب البريطانيين أن النظام الغني بالبصل المقلي، أو المسلوق، يزيد في سيولة الدم، و يخفف أخطار الخثر (تجمد الدم) و السداد، و لو كان الغذاء شديد الغنى.

تساقط الشعر: قد امتدحت مدرسة «سالرن» (salerne) غسل الرأس بعصير البصل لعلاج تساقط الشعر.

الدمل و الداحس: إذا شوي البصل جعل لزقات تنضج الدمل و الداحس.

البصل المطبوخ: هو علاج للسعال المستعصي و الامساك.

الحروق: عصير البصل المشوي تحت الرماد إذا مزج هذا العصير بقليل من زيت الزيتون، كان ممتازا لعلاج الحروق و تشقق الجلد.

وجع الأذن: البصلة الصغيرة المشوية الحارة إذا أدخلت في قناة السمع كانت علاجا ناجحا جدا لآلام الأذن.

قلاع الفم: أما الشفاء من القلاع (بثور في جلدة الفم أو اللسان)، و تقرحات الفم، فيتم بلمسها عدة مرات بعود مغموس في عصير البصل النيّ.

النمش و الكلف: أما إزالة النمش و الكلف فتتم بطحن بصل نيء في الخل، ودعك البقع، بهذا المستحضر، مرتين، يوميا (و هي و صفة ما زالت مستعملة لدى العرب).

الماء الأبيض في العين: يدخل عصير البصل مع العسل بنسب متساوية في عمل قطرة لعلاج الماء الأبيض الذي يصيب العين.

تشقق الثدي و البواسير: يستعمل البصل إذا دق و غلي في زيت الزيتون في علاج تشقق الثدي و الخراجات و البواسير.

ص:94

طرد الديدان عند الأطفال: يستعمل منقوع شرائح البصل لطرد الديدان عند الأطفال... حيث تنقع الشرائح في قليل من الماء طوال الليل، ثم يصفى في الصباح و يشربه الطفل بعد تحليته بالعسل، و يكرر ذلك كل صباح حتى التأكد من طرد الديدان كلها.

نوبات الربو: تعالج نوبات الربو بتناول ملعقة صغيرة كل ثلاث ساعات من عصير البصل الممزوج بالعسل بأجزاء متساوية. كما يوصف البصل بأنه مقو للجهاز الهضمي، و منظف للأمعاء، و مهدىء للمزاج العصبي، و يفيد لتشنج الشرايين، و للضغط، و ضد السرطان.

لا يجوز الاحتفاظ بالبصلة المقشرة أو المفرومة لأنها تتأكسد بالهواء و تصبح سامة.

الدوخة: فرغ بصلة واحدة و املأها بالكزبرة وضعها داخل الفرن حتى تشوى ثم كلها مع الجبنة أو الزيتون فتزول الدوخة، استعمل هذه الوصفة كلما شعرت بدوخة.

الزكام: قطع عدة بصلات و الأفضل أن تكون من البصل الأحمر وضعها في وعاء ممتلىء إلى نصف الماء. ضع الوعاء فوق النار حتى يغلي و استنشق بخار ماء البصل المغلي. ضع لبخة من البصل الساخن فوق العنق قبل النوم، و احرص على أن يكون فراشك دافئا، فإنه نافع لذلك.

المكونات الفعالة في البصل:

جاء في كتاب «النباتات الطبية» للدكتور محمد العودات و الدكتور جورج لحّام:

تحتوي بصلة البصل على 8-14 ملغ% كربوهيدرات - منها السكروز و الفركتوز و المالتوز و الأنيولين - و 1,5-2% بروتينات، و 2-14 ملغ% فيتامين سي، إضافة إلى الفيتامين ب 1 و ب 2 و فلافونوئيد كويرسيتين و الكالسيوم و أملاح معدنية أخرى.

و تحتوي الأوراق على 1,5-4% سكاكر و نحو 1% بروتينات، و 25-48 ملغ% فيتامين سي، بالإضافة إلى حمض الليمون و التفاح.

الأبحاث العلمية الحديثة

كان الدكتور (غوبتا) - كما تقول مجلة «Critical reviews in food science» أول من أثبت أن للبصل فعلا واقيا من التأثيرات الضارة للدهون فالبصل يمنع ارتفاع الكولسترول بعد تناول وجبة دسمة.

ص:95

ثم أظهرت التجارب التالية أن كلا من البصل المسلوق أو الطازج أو المشوي أو المجفف، يملك نفس النشاط ضد الكولسترول و الدهون الأخرى.

و قد وصف كل من (Jain) و (Andleigh) التأثيرات المفيدة للبصل، و التي تعمل دورا في الوقاية من حدوث ارتفاع في كولسترول الدم بعد تناول الأطعمة الغنية بالدهون. و قد وجد هؤلاء أن البصل يحافظ على تأثيره الخافض للكولسترول بعد شيّه، مثلما الثوم يحافظ على ذلك التأثير بعد طهيه، و درس الدكتور (Jain) تأثير الثوم و البصل على تصلب الشرايين في الأرانب فوجد أن كلا من خلاصة البصل أو الثوم استطاع خفض مستوى الكولسترول الكلي، رغم أن تأثير الثوم كان أقوى من تأثير البصل.

و قارن البروفسور (Bordia) بين تأثير زيت البصل أو زيت الثوم من جهة، و بين تأثير الدواء المعروف و الخافض للكولسترول (Atromid-s) عند الأرانب. فوجد هذا البروفسور و زملاؤه أن البصل و الثوم كانا فعّالين في خفض مستوى الكولسترول في الدم، و مما أثار دهشتهم أن تأثير البصل و الثوم لم يقل كثيرا عن تأثير هذا الدواء.

و إذا سلمنا بأن البصل قادر على إيقاف ارتفاع الكولسترول بعد تناول وجبة غنية بالدهون، فليس معنى هذا أن يتشجع المرء و يكثر من تناول الدهون... ثم يضيف إليها البصل، و يقول:

يذهب هذا شرّ ذاك!!

و نشرت مجلة «Preventive Medicine» في عدد لها صدر عام 1987 م، مقالا مطولا حول فوائد البصل و الثوم في أمراض القلب جاء فيه:

«إن كثيرا من الأطباء ينصح المرضى المصابين بأمراض شرايين القلب (ذبحة صدرية أو جلطة القلب) بتناول البصل يوميا. و من هؤلاء الأطباء البروفسور (غرويتش) من جامعة (Tufts) في الولايات المتحدة الأميركية، فهو يقول لمرضاه المصابين بتضيق في شرايين القلب: «عليكم بالبصل فإن فيه فوائد كثيرة للقلب». و يصف هذا البروفسور لمرضاه نصف بصلة صغيرة أو ما يعادلها من عصير البصل يوميّا».

و لا يخفض البصل الكولسترول فحسب، بل إنه يرفع من مستوى الكولسترول المفيد (H.D.L) ، و كلما ارتفع مستوى هذا النوع في دمنا، قلّ احتمال الإصابة بجلطة القلب.

و يعتقد البروفسور غرويتش أنه للحصول على فائدة كبيرة من البصل، ينبغي تناوله طازجا، فإن

ص:96

طهي البصل قد يقلل من فعاليته في رفع مستوى الكولسترول المفيد في الدم، رغم أنه يحافظ على الكثير من المزايا الأخرى.

و قد أجريت تجربة على 45 شخصا، أعطوا غذاء غنيا جدا بالدهون لمدة خمسة عشر يوما، فكان أن ارتفع الكولسترول عندهم من 219 ملغ% إلى 263% و لكنه انخفض مجددا بعد إضافة 10 غ من البصل يوميا (أي ما يعادل ملعقة كبيرة من البصل) إلى ما يقرب من 237 ملغ% (9)، (19).

و استعرض الدكتور (Kleijner) في مقال حديث نشر في مجلة «British journal of clinical

pharmacology» عام 1989 م، تأثيرات البصل المفيدة في وقاية القلب من تأثير الكولسترول و العوامل الأخرى المسببة لحدوث جلطة في القلب.

علاج البصل في الطب القديم

القانون في الطب:

البهق: بزره يذهب البهق و يدلك به حصول موضع داء الثعلب، فينتفع جدا.

الثآليل: بزره مع الملح يقلع الثآليل. و ماؤه ينفع القروح الوسخة.

سحج الخف: ينفع مع شحم الدجاج لسحج الخف.

الرأس: إذا سعط بمائه نقى الرأس و الدماغ.

الأذن: يقطر في الأذن لثقل الرأس و الطنين و القيح في الأذنين و الماء. و عصارته تنقي الأذن و السمع.

الماء النازل في العين: عصارة المأكول تنفع من الماء النازل في العين، و يجلو البصر، و يكتحل بعصارته بالعسل لبياض العين.

الخناق: ماء البصل في العسل ينفع من الخناق.

عضة الكلب الكلب: ينفع من عضة الكلب الكلب إذا نطل عليها ماؤه بملح و سذاب، و البصل المأكول يدفع ضرر ريح السموم.

السدد و الشهوة: يفتح السدد، و يقوي الشهوتين خصوصا المطبوخ مع اللحم.

ص:97

الدمعة و الحكة و الجرب في العين: يقطع الدمعة و الحكة و الجرب كحلا خصوصا مع التوتياء إلا مع العسل.

السموم: ينفع من السموم مع التين.

الوباء و الطاعون: أكله لتغليظ الخلط و الوباء، و الطاعون، و فساد الهواء و الماء.

إعادة الشهوة: يعيد الشهوة إذا انقطعت مع الخل.

تحسين اللون: إذا دلك به البدن حسن اللون جدا و حمره، و أذهب أوساخه.

تصليح الأظفار و السحج: يصلح الأظفار لطوخا و السحج.

الرحم: أكله مشويا يرطب الأرحام، و يزلق المعي مجرب.

تقوية الجماع: تواتر أن الأبيض منه إذا علق على الفخذ قوى الجماع، و حد ما يؤخذ منه خمسة عشر درهما.

داء الثعلب: كلما عتق كان أجود خصوصا لداء الثعلب، فإن دلكه به مع النطرون يذهبه، و ينبت الشعر محله.

ص:98

القرع (الدباء)

اشارة

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الدباء يزيد في الدماغ(1).

و عن ذريح قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام الحديث المروي عن أمير المؤمنين في الدباء أنه قال: كلوا الدباء فإنه يزيد في الدماغ، فقال الصادق عليه السّلام: نعم و أنا أقول: إنه جيد لوجع القولنج(2).

ص:99


1- (1) بحار الأنوار ج 63 ص 227 ح 9. كأن زيادة العقل لأنه مولد للخلط الصحيح و به تقوى القوى الدماغية التي هي آلات النفس في الإدراكات، و المراد بزيادة الدماغ إما زيادة قوته لأنه يرطب الأدمغة اليابسة و يبرد الأدمغة الحارة أو زيادة جرمه لأنه غذاء موافق لجوهره و الأول أظهر.
2- (2) بحار الأنوار ج 63 ص 228 ضمن حديث 5.

القرع في الطب الحديث

القرع الكوسى - القرع العسلي - القرع الأبيض.

ذكر اللّه تعالى في قصة يونس عليه السلام: وَ أَنْبَتْنٰا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ .

التركيب التحليلي لثمار القرعيات:

ثمار القرعيات لها قيمة غذائية عالية حيث تحتوي على إنزيمات الببتيد (Peptides) التي تحلل البروتين و تهضمه. و تحتوي ثمار القرعيات على الكاروتين و هي المادة الخام لمصدر فيتامين (أ)، و ذلك بمعدل 16-17%.

الاستخدامات الطبية لثمار القرعيات:

1 - نظرا لاحتواء ثمار القرعيات على أنزيمات الببتيد و هي التي تقوم بتحليل البروتين الغير ذائب في محلول البيثون فإن لهذه الثمار أهمية كبرى في تغذية مرضى الكلية، كما أن ذلك يجعل هذه الثمار سهلة الهضم مما يجعلها مناسبة للمرضى الذين يعانون من الانتفاخ و عسر الهضم.

2 - تحتوي الكوسة على البوتاسيوم بنسبة عالية و بذلك فهي تفيد في حالات الحموضة الزائدة بالمعدة.

3 - احتواء الكوسة على سعرات حرارية منخفضة يجعلها مناسبة للأشخاص الذين يرغبون في إنقاص أوزانهم و يبحثون عن الرشاقة.

4 - حالات نقص فيتامين (أ): و يمكن الاطلاع عليها تحت بند الاستخدام ات الطبية للجزر حيث إنه من أشهر الخضراوات الغنية بفيتامين «أ».

5 - القرعيات ملينة للأمعاء. مدرة للبول.

6 - القرع العسلي منشط للأداء الجنسي: تشير الدراسات الحديثة إلى أن تناول هذه البذور يزيد من نشاط الرجل الجنسي، و يعزى السبب في ذلك إلى أن تناول بذور القرع العسلي يزيد من مستوى الهرمونات الجنسية «التستوستيرون» (Testosteron) ، و تؤخذ هذه البذور على صورتها

ص:100

الطبيعية دون تجهيز بعد إزالة القشور عنها، و ذلك بكمية في حدود 3 ملاعق كبيرة يوميا.

7 - القرع العسلي يفيد في الوقاية من متاعب البروستاتا: تحتوي بذور القرع العسلي على عناصر الزنك و الفوسفور و الحديد و الكالسيوم و البروتين و بعض الأحماض الأمينية، و ذلك بالإضافة إلى فيتامين أ، فيتامين ب 1، و كل هذه العناصر مطلوبة للحفاظ على سلامة و صحة غدة البروستاتا.

و لهذا الغرض يؤخذ من بذور القرع العسلي يوميا كمية في حدود ثلاث ملاعق.

8 - الحكّة حول فتحة الشرج: مشكلة الشعور و الرغبة في الحكة حول منطقة الشرج لها أسباب كثيرة من أهمها الإصابة بالديدان الدبوسية و خاصة عند الأطفال، لذلك ينصح دائما بتحليل البراز لاكتشاف وجود هذه الديدان الدبوسية (Oxyurus) و معالجتها. كما ينصح أيضا بقص الأظافر حتى لا تؤدي إلى حدوث ما يعرف باسم العدوى الذاتية (Auto-Infection) حيث تنتقل بويضات هذه الديدان من فتحة الشرج إلى الفم عن طريق الأظافر. و يمكن تخفيف حدة الهرش أو الاحتكاك حول منطقة الشرج بالدهان ببعض المواد الملطفة و المراهم. كما يمكن أيضا استخدام كمية من بذور القرع العسلي يوميا و ذلك بتدفئة البذور على نار هادئة لمدة دقيقتين حيث يسهل إزالة القشور عنها قبل تناولها.

القرع في الطب القديم

وجع الأذن: عصير جرادته نافع من وجع الآذان الحادث عن ورم حار متى استعمله الإنسان مع دهن ورد.

تبريد الأورام الحارة: جرم القرع إذا عمل منه ضماد برد الأورام الحارة بطفيه و يبرد الاعتدال و ينفع في النقرس.

قطع العطش: إذا أكل القرع ولّد بلة المعدة و قطع العطش.

تسكين وجع الأورام البلغمية: إذا تضمد به نيئا سكن وجع الأورام البلغمية و وجع الأورام الحارة.

الأورام الحارة: إذا ضمدت به يافوخات الأطفال نفعهم من الأورام الحارة و العارضة في أدمغتهم.

وجع الأسنان: ماء قشر الأصل إذا استعط به وحده أو مع دهن ورد نفع من وجع الأسنان.

إسهال البطن: إذا طبخ كما هو و عصر و شرب ماؤه بعسل و شيء يسير من نطرون أسهل البطن

ص:101

إسهالا خفيفا. و كذلك إن جوفت قرعة نيئة وصب في تجويفها شراب و نجمت و شرب ذلك الشراب.

وجع الحلق: قالت الخوز: إنه نافع من وجع الحلق.

تسكين حرارة الحمى الملهبة: إذا لطخ بعجين و شوي في الفرن أو التنور و استخرج ماؤه و شرب ببعض الأشربة اللطيفة سكن حرارة الحمى الملهبة و قطع العطش و غذى غذاء حسنا.

إحدار صفراء محضة: إذا شرب بعد أن تمرس فيه فلوس خيار شنبر و ترنجبين و بنفسج مربى أحدر صفراء محضة.

جيش بن الحسن: يشرب من مائه المستخرج بالشيّ مع وزن عشرين درهما من الجلاب أو عشرة دراهم من السكر الأبيض و مقدار ما يشرب من ماء القرع أربع أواقي إلى نصف رطل.

إسقاط الشهوة: الرازي: يسقط الشهوة و يطفىء لهيب المعدة و الكبد الحارتين.

الصداع: إسحاق بن عمران: ماؤه يذهب الصداع إذا شرب أو غسل به الرأس.

يبس الدماغ: قد ينوم به من يبس دماغه في مرض الموم و المبرسمون إذا قطر منه في الأنف.

تليين البطن: هو يلين البطن كيف استعمل و لم يداو المبرسمون و المحرورون بمثله و لا أعجل نفعا منه مجرب.

صفرة العين: الشريف: صغيره أول عقده إذا لف بعجين و شوي و إذا اكتحل بمائها مجرب أذهب صفرة العين الكائنة من اليرقان.

قطع الدم المنبعث: قشر القرع اليابس إذا أحرق و ذر على الدم المنبعث قطعه.

البرص: إذا أحرق و سحق و عجن بخل و طلي به على البرص نفعه.

وجع الأذن و الأمعاء الحارة: إذا قشر حبه و دق و استخرج دهنه انتفع به من وجع الأذن و وجع الأمعاء الحارة.

تسويد الشيب: إذا فصد القرع عند انتهائه و فتح في جوفه فتحا وحشي خبث الحديد حتى يمتلىء ورد طابقه عليه ثم يترك بعد ذلك أربعين يوما ثم يقطف و يستخرج ما في جوفها من الحشو و يعصر فإنه يخرج منه ماء أسود يؤخذ فيملأ منه زجاجة و ترفع، فإذا عجن بهذا الماء الحناء و خضب به الرأس سود شيبه و حسنه و هو خضاب عجيب مجرب.

ص:102

الرمد الحار: جرادة القرع إذا ضمدت بها العين من الرمد الحار في ابتدائه نفعت منه و سكنت اوجاعه و لا سيما إذا عجنت بدقيق الشعير. كذلك إذا اكتحل بماء زهره أذهبه و شفاه.

تسكين الصداع الحار: يسكن الصداع الحار إذا لطخ على مقدم الدماغ و مكان الوجع منه سواء كان من الحميات أو غيرها من سائر أسبابه.

الحمرة: إذا ضمدت به الحمرة ردع مادتها و سكن وجعها.

قروح الدبر: حرافة قشر القرع اليابس صالحة من قروح الدبر و تجففها و كذلك تنفع من قروح الأعضاء اليابسة المزاج و هي جيدة لتطهير الأطفال و لحرق النار معجونة بسمن.

السعال الحار السبب: لب بزره ينفع من السعال الحار السبب و يرطب الصدر و يقطع العطش ممروسا في الماء من حرقة المثانة المتولدة عن خلط حاد.

تنويم المحمومين و المسلولين: دهنه من أجود الأدوية لتنويم المحمومين و المسلولين كيف استعملوه.

إنعاش المغشى عليه: مرقة الفروخ المطبوخة بالقرع منعشة للمغشى عليه من حدة الأخلاط الصفراوية و من الحميات.

ص:103

الجزر و الخس

اشارة

عن داود بن فرقد قال: دخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام و بين يديه جزرة، فناولني جزرة فقال: «كل» فقلت: إنه ليس لي طواحن، فقال: «اما لك جارية»؟ قلت: بلى، قال: «مرها فلتسلقه لك و كله، فإنه يسخن الكليتين، و يقيم الذكر، و قال: الجزر أمان من القولنج و البواسير، و يعين على الجماع»(1).

الخس

عن الصادق عليه السّلام، أنه قال: عليك بالخس فإنه يقطع الدم(2).

في حديث آخر: يصفي الدم(3).

ص:104


1- (1) مستدرك الوسائل ج 16 ص 428 ح 1، باب 94.
2- (2) وسائل الشيعة ج 25 ص 195 ح 1، باب 115.
3- (3) بحار الأنوار ج 63 ص 239 ح 1. لا يبعد أن يكون «يقطع الدم» تصحيف يطفىء أو يصفي، أو المراد به ما يرجع إليهما أي يقطع سورة الدم أو الأمراض الدموية.

الجزر في الطب الحديث

و اسمه بالانجليزية (Carrot) .

التركيب التحليلي لنبات الجزر:

يتركب الجزر أساسا من الكاروتين (Carotin) و هي المادة الأصلية (precursor) لفيتامين (أ) بمعنى أنها تتحول في الجسم إلى هذا الفيتامين. كما يتركب الجزر من مواد سكرية و ألياف نباتية.

الفوائد الطبية للجزر:

نظرا لأن الجزر يعتبر من أغنى الخضراوات بفيتامين (أ) فإن الحديث عن الاستخدامات الطبية للجزر هو في الواقع حديث عن فوائد فيتامين (أ) الطبية و العلاجية، و الأضرار الناجمة من نقص هذا الفيتامين، و عموما فإن الأغذية النباتية ذات اللون الأصفر و الأخضر تعتبر مصدرا أساسيا لمكونات و أصول هذا الفيتامين.

1 - في مجال الإبصار و الرؤية: يدخل فيتامين (أ) في تركيب المادة الصفراء الذهبية و التي تسمى بالرتينين (Retinin) و هي أحد مكونات الشبكية (الطبقة الحساسة بالعين) المسؤولة عن الإبصار، و تتوقف القدرة على الرؤية في الظلام أو الضوء الخافت على مدى توفر فيتامين (أ)، و لذلك فإن نقص هذا الفيتامين يسمى بالعشى الليلي (night blindness) و معناه عدم القدرة على الإبصار في مثل هذه الظروف، و من هذا جاء المثل الشعبي المعروف «أكل الجزر يحسن النظر».

2 - فيتامين (أ) من العوامل الهامة و المساعدة على النمو خاصة للأطفال، لذلك ينصح بتناول الأطفال ثمار الجزر، حيث يحتوي 100 جرام من الجزر الأصفر على 3341 وحدة دولية من فيتامين (أ).

3 - فيتامين (أ) من العوامل الهامة لسلامة الجلد و الأغشية المخاطية. و بالتالي فإن نقص هذا الفيتامين يسبب جفاف خلايا البشرة و تشقق الجلد، و معلوم أن الجلد هو خط دفاع الجسم الأول ضد غزو الميكروبات و الجراثيم، لذلك فإن إصابة خلايا البشرة يسهل غزو هذه الميكروبات للجلد، و عند ذلك تحدث القروح و الثآليل.

أما الأغشية المخاطية المبطنة لجميع أجهزة الجسم فإنها أيضا تصاب بالتلف، و خاصة الغشاء

ص:105

المخاطي المبطن للقناة التنفسية حيث تجف خلاياه، و يصبح سطحها خشنا و تتوقف إفرازاتها الطبيعية من المادة المخاطية التي تحميها، كما تفقد خلايا هذا الغشاء المخاطي أهدابها التي تساعد بحركتها على حفظ سطح الأنسجة نظيفا و تطرد الأجسام الغريبة كالغبار و التراب و تمنعها من الدخول إلى الحويصلات الهوائية بالرئة.

كما يصاب الغشاء المخاطي المبطن لملتحمة العين (Con Junctiva) بنقص فيتامين (أ) حيث يؤدي ذلك إلى جفاف ملتحمة العين و إصابتها بالتقرحات و تبدأ البكتريا في مهاجمة كيس الملتحمة و إصابتها بأضرار. و قد تمتد الإصابة إلى قرنية العين.

و من ذلك يتضح أهمية تناول الجزر في الغذاء لإمداد الجسم باحتياجاته من فيتامين (أ)، و قد وجد أن أقل ما يحتاج إليه الجسم من فيتامين (أ) هو 20 وحدة دولية لكل كيلو جرام من وزن الجسم، و مما هو جدير بالذكر أن فيتامين (أ) لا يتلف في غياب الهواء. أما عملية الطبخ التي تستغرق وقتا طويلا فتؤدي إلى إتلاف هذا الفيتامين.

4 - فيتامين (أ) يساعد على نمو الأسنان و يحافظ عليها في صورة سليمة و صحيحة.

5 - فيتامين (أ) مضاد للسرطان.

أثبتت التجارب التي أجريت على حيوانات التجارب أن إعطاء فيتامين (أ) في جرعات تصل إلى 5 آلاف وحدة دولية و ذلك مرتين أسبوعيا عن طريق الفم يقي الجسم من التأثير السرطاني لمادة البنزوبيرين (Benzopyrine) الناتجة من الاحتراق و تتصاعد مع الأدخنة و العوادم و تصل إلى الجهاز التنفسي فتحدث سرطان الرئة.

6 - الجزر يقلل من ظهور حب الشباب، لما يحتاج من نسبة عالية من الكاروتين.

7 - الجزر يفيد في علاج حالات الأنيميا.

8 - الجزر يمنع تكوين الحصى في الكلى.

9 - الجزر يفيد في علاج أمراض الغدة الدرقية.

الجزر... و الكاروتين

هناك قول شائع بأن «الجزر يقوي النظر» الواقع أنه لم يقم دليل علمي على ذلك، و إن كانت التجارب قد توصلت إلى ما هو أهم من ذلك، و هو أنه يعوق الإصابة بالسرطان، خاصة من له علاقة بالتدخين. فقد اتضح أن أكل جزرة واحدة، أو شرب نصف فنجان من عصير الجزر يوميا يخفض

ص:106

نسبة احتمال إصابة المدخن بسرطان الرئة إلى النصف. كما أن أكل جزرتين و نصف متوسطتي الحجم يوميا، يقلل الكولسترول في الدم بنسبة 11%.

في الطب الشعبي استخدم «هنود أمريكا» الجزر و الكاروتين علاجا للربو، و الهياج العصبي، و الاستسقاء، و متاعب الجلد. لكن أكثر ما يدهشنا من الجزر أنه أعطى أملا كبيرا في إمكانية اختصار علاج بعض السرطانات المستعصية، و أخصها بالذكر سرطان الرئة و البنكرياس. فقد أشارت التجارب التي أجريت إلى أن جرعات الجزر، و ما فيها من «كاروتين بيتا»، يمكن أن تعطل السرطان.

أثبتت عشر دراسات - من بين إحدى عشرة دراسة علمية دولية - أن الذين يأكلون أقل من غيرهم أغذية تحتوي على «كاروتين بيتا» بما في ذلك الجزر بالطبع، يتعرضون أكثر للإصابة بسرطان الرئة. و ثبت في إحدى الدراسات أن الذين يأكلون الأغذية التي تحتوي على الكاروتين بما فيها الجزر يتعرضون أقل من غيرهم بنسبة 50% إلى سرطان الرئة. كما أثبتت دراسة إحصائية أيضا أنه لو تناول كل مواطن أمريكي جزرة واحدة يوميا زيادة على ما اعتاد أكله من الجزر، لقل عدد ضحايا سرطان الرئة من الأميركيين ما بين 15000 إلى 20000 مدخن. و ذلك لأن الجزر يعطل الإصابة بالسرطان.

و يقول خبراء التغذية و الطب النباتي: لكي تحصل على أقصى قدر من الوقاية ضد السرطان عليك أن تتناول بعض الجزر المطبوخ، و اجعله صنفا مستديما بين أطعمتك. الطبخ يطلق الكاروتين من الجزر... و الكاروتين هو العنصر الفعال الذي يعمل على حماية الأنسجة من الإصابة بالسرطان بعكس الأنواع الأخرى من الخضراوات التي تفقد قدرا كبيرا من عناصرها الفعالة كالفيتامينات.

بإمكانك أن تحصل بطبخ الجزر على ما يتراوح بين مقدارين إلى خمسة مقادير من الكاروتين أكثر مما لو كان نيئا، لكن لا تبالغ في غليه، و إلا فقد كثيرا من مادة «بيتاكاروتين» الثمينة.

تحوي جذور الجزر على 7-14 /ملغ/كاروتينوئيدات منها الكاروتين و الفيتوتين و الفيتوفلوتين و الليكوبين كما أنها تحوي على 0,1 ملغ/من ف B2 و 0,04 ملغ من ف C

و 0,14 ملغ/حمض البانتوتيني و يحوي حوالي 10-15 /سكاكر و حتى 0,7 /زيت دسم و يحوي أيضا على مادة الأنبيليفيرين Nbelliferone و يحوي أيضا 3 - ميتل - 6 ميتوكسي - 8 أوكسي 4,3 دي هيدرو إيزوكومارين بالإضافة إلى وجود الفلافونوئيدات و الأنتوسيانيدات، لذلك تستعمل جذور الجزر في حالات نقص ف A الضروري للأمراض الجلدية التي تحدث نتيجة نقص هذا الفيتامين و هذه الجذور تعتبر ملينة و مدرة و مذيبة للحصاة البولية و تستعمل الجذور للحصول على مستحضرات الكاروتين، تحوي البذور على 1,5% من العطور الحاوية على الفاوبيتابينين و الليمونين الميسر

ص:107

و السينيول و خلات الجيرانيل و البرغاموتين و تحوي البذور على مركبات فلافونية، و قد تم الحصول من البذور على مستحضرات داوكاورين Daucarine (و هو عبارة عن فلافونئيدات البذور) و لذلك فإن مستحضرات الداوكودين الناتجة من البذور كمادة مضادة للتشنج و موسعة للأوعية الإكليلية و يستعمل في حالات الخناق القلبي و تصلب الشرايين، كما تحوي الأزهار على مركبات فلافونوئيدية (كويرسيتين و كيمفيرول) و على مركبات أنتوسيانيدية.

كما تحوي عشبة الجزر على البيروليدين و على الداوسين Daucine و يحوي العشب الأخضر على كاروتينات و فيتامين B2 و فيتامين B12 و يحوي رماد الجزر على حديد و فوسفور و كالسيوم.

و قد سمحت التجارب التي أجراها الدكتور «م. فرانك» (M.Franke) و فريقه، باستخراج مستحضر من الجزر يؤثّر، كما يؤثّر الأنسولين، و يتيح إنقاص نسبة السّكّر في الدّم لدى حيوان التّجربة، و لدى الإنسان.

إنّ قدرة الجزر على تحسين حال الأنسجة الكاسية للسّطوح أو المبطّنة للتّجاويف قد استغلّها الطّبّ الشّعبيّ، لعلاج الإصابات الجلدية، و حصف الأطفال، و الحروق، الخ. و قد أثبت بعض الأطباء أنّ لبّ الجزر الطّازج إذا طبّق على الجلد كان موقفا للنّزف، و مسكّنا للألم، و لائما للقروح.

توضع لبخات لبّ الجزر المبشور، لتوّه، بشرا دقيقا، على الحروق، فيسكّن الألم. أمّا الغسل بعصير الجزر فهو علاج ناجع جدّا للقوباء (Dartre) .

الجزر في الطب القديم

القروح: البري يعمد بعض الناس إلى ورقه و هو طري، و يتخذ منه ضمادا، و يضعه على القروح التي صارت فيها الأكلة لينقيها. و كذلك إذا دق و خلط بالعسل، و وضع على القروح المتآكلة نقاها.

الطمث: ديسقوريدوس: بزر البري إذا شربته المرأة أو حملته، أدر الطمث.

عسر البول و الشوصة: إذا شرب وافق عسر البول، و الحبن و الشوصة، و يحرك شهوة الجماع.

الحبل: زعم قوم: أن من تقدم بشر به لم يعمل فيه ضرر الهوام، و قد يعين على الحبل.

ص:108

الجنين: إذا احتملته المرأة أخرج الجنين.

وجع الساقين: بولس: خاصة بزر الجزر: النفع من وجع الساقين: إذا شرب منه وزن درهم مع مثله سكر.

طرد الهوام: الجزر البري: إذا علق في المنازل طرد الهوام.

جمود الدم: إذا طبخ جرم الجزر و ورقه، و غسل بمائها أطراف الصبيان، نفعهم من جمود الدم المتولد عليهم من شدة البرد.

تقوية المعدة: البصري: الجزر يقوي المعدة التي فيها لزوجة و بلغم غليظ، و يفتح سدد الكبد بحرافة و يهضم الطعام. و المربى من الجزر البري نافع للمعدة، مجفف لما فيها من البلة، و لا سيما إذا كانت فيه أفاويه، و ينفع من برد الكبد.

الكبد و الطحال: الجزر المخلل إذا صير بالملح و الخل، نفع المعدة و الكبد و الطحال.

شهوة الجماع: إسحاق بن عمران: مربى الجزر يحرك شهوة الجماع، و يغزر الماء و يزيد في الباه، و يدفىء المعدة و يخرج الرياح و يشهي الطعام، و يؤخذ قبله و بعده فينهضم، و يصلح للمرطوبين و المحرومين من أهل الحداثة و الاكتهال، و يستعمل في الربيع و الخريف.

ص:109

الخس في الطب الحديث

و اسمه بالانجليزية (lettus) .

و من فوائد الخس الطبية:

1 - مرطب للمعدة.

2 - مدر للبول.

3 - ملين للأمعاء.

4 - مهدىء للأعصاب، و خاصة بذوره التي تستخدم مسكنة و منومة و مهدئة للسعال.

5 - يحوي زيت الخس على فيتامين (ه) الذي يمنع حدوث العقم (Sterility) .

و هناك نوع آخر من الخس يسمى الخس البري - اللبين (Lactuca Virosa) و اسمه بالانجليزية wild lettuce و هو مسكن خفيف، و مهدىء للأعصاب منوم، و يسكن السعال العصبي و خلاصته طازجة أو مجففة لها نفس التأثير.

أسماه الطبيب «غاليان» عشبة الحكماء، و عشبة الفلاسفة. و الخسّ منعش و مهدىء. و هو لا يكتفي بإمداد الجسم بفيتامينات ثمينة، بل هو يتمتّع بمزايا طبّيّة. و قد أشير، منذ القديم، إلى قدرته على التّخدير. و يستخرج من أوراقه و ساقه نسغ حليبي، إذا جفف في أشعة الشمس، أنتج كتلة صلبة تسمى «لاكتيكاريوم» (Lactucarium) . و قد استعمل هذا النّسغ، قديما، باعتباره مسكّنا و مضادّا للتشنج.

و يوصى باستعمال الخس لعلاج الخفقان، و نوبات السّعال، و تنظيم مجموع الوظائف الهضميّة. إنّه منوّم خفيف، و مسكّن للجهاز التناسلي. و قد أطلق عليه «بيتاغور» (Pythagore) إسم «نبتة الخصيان».

و قد أكثر الدكتور «ليكليرك» (Leclerc) ، من التّوصية باستعمال الخسّ لعلاج الأطفال، باعتباره مسكّنا للتهيج العصبي و السعال، و مجنبا للكوابيس، و خلال الإصابة بالسّعال الديكي.

و الخس فاتح لشهية الطعام، و هو يسهل عملية الهضم. و يولد تأثيرات ملائمة في حال احتباس البول، و الاحتقانات الحشويّة، و يهدىء الالتهابات المؤلمة في الكبد، و الحويصلة و الأمعاء.

ص:110

الخس في الطب القديم

ملين للبطن: جيد للمعدة مبرد ملين للبطن منوم مدر للبول.

المعدة: إذا أكل كما يقلع غير مغسول وافق الذين يشكون معدتهم.

الاحتلام الدائم: إذا شرب بزره نفع من الاحتلام الدائم و تقطير البول و المنيّ، و قطع شهوة الجماع.

إسهال كيموس: إذا شرب من لبن الخس البري وزن نصف درهم بماء ممزوج بخل أسهل كيموسا مائيا.

وجع الرأس: ينفع مع دهن ورد من وجع الرأس.

القرحة في العين: ينقي القرحة العارضة في طبقة العين القرنية أيضا التي تسمى أحليوس و القرحة العارضة للقرنية التي يقال لها أرعامن. و إذا اكتحل به بلبن جارية كان صالحا للقرحة العارضة للقرنية التي يقال لها أسقوما.

الهذيان: إن دق و ضمد به اليافوخ أنام و سكن الحرارة في الرأس و الهذيان و هو سريع الهضم.

شهوة الأكل: قسطس في الفلاحة: إن الخس يهيج شهوة الأكل و إن أكل بالخل سكن المرة.

اليرقان: و إن طبخ بدهن و خل أذهب اليرقان و هو دواء لاختلاف المياه و تغيرها و تغير الأرضين و يسكن وجع الثدي.

وجع لدغة العقرب: و بزره يسكن وجع لدغة العقرب و وجع الصدر.

ورم العين الحار: إذا عجن بمائه دقيق الشعير سكن ورم العين الحار و حط انتفاخها.

الصداع: إذا أخذ نيئا بالخل سكن الصداع المتولد عن أبخرة صفراوية.

ص:111

الفجل

اشارة

عن حنان، قال: كنت مع أبي عبد اللّه عليه السّلام على المائدة، فناولني فجلة، فقال: يا حنان! كل الفجل، فإن فيه ثلاث خصال: ورقه يطرد الريح، و لبه يسهل البول و أصوله تقطع البلغم(1).

و عنه عليه السّلام قال: الفجل أصوله تقطع البلغم، و لبه يهضم(2) ، و ورقه يحدر البول حدرا(3).

ص:112


1- (1) وسائل الشيعة ج 25 ص 205 ح 1، باب 121.
2- (2) كأن المراد بلبه بذره.
3- (3) وسائل ج 25 ص 205-206 ح 3.

الفجل في الطب الحديث

الفجل الحار

(كلوا من الفجل الجذور... و كلوا من الحلبة البذور...).

جذور الفجل الحار... (البري أو البلدي) هي إحدى الصيحات الغذائية... فترى جذور هذا النبات الشعبي الرخيص تباع في أفخم المحلات التجارية (Supermarkets) بأمريكا و أوروبا. و ذلك لما يتميز به من فوائد كثيرة و متعددة.

تتميز هذه الجذور بمفعول منشّط قوى للجسم، و تعمل على تنظيفه و تطهيره من الجراثيم و السموم، كما أنها تخلص الجسم كذلك من السوائل الزائدة المحتجزة به... و تفيد للغاية في إذابة المخاط الزائد (البلغم) و طرده من الممرات التنفسية... و لذا ينصح بتناولها في حالات السعال، أو التهاب الشعب الهوائية، و زيادة مخاط الأنف، و التهاب الجيوب الأنفية، و نزلات البرد و الأنفلونزا.

للذين يشكون من التهاب الجيوب الأنفية:

نظرا لفائدة هذه الجذور في طرد المخاط، فإنها تفيد كعلاج لالتهاب الجيوب الأنفية على وجه الخصوص... و هذه و صفة فعّالة يمكن الاعتماد عليها للذين يعانون من متاعب الجيوب الأنفية...

المكونات:

- كمية من عصير الجذور (يقشّر جذر واحد طازج و يعصر).

- عصير ليمون (عدد 2-3 ليمونات).

الاستعمال:

يخلط العصيران معا، و يعبأ الخليط في زجاجة، تحفظ بالثلاجة يؤخذ من هذا الخليط 1/2 ملعقة صغيرة بين الوجبات... و يستمر العلاج لبضعة أسابيع حتى يتم طرد كل المخاط المتراكم

ص:113

بالجيوب الأنفية [يراعى عدم تحضير كمية أكبر من ذلك حيث إن عصير الليمون قابل للعفن إذا خزن لفترة طويلة]. و يتميز هذا الخليط بمذاق لاسع حار... و قد يدمع العينين... و الحقيقة أن هذا التأثير دليل على فاعليته في طرد المخاط و مدى تأثيره.

للذين يعانون من تورم القدمين (Oedema) :

و تفيد كذلك جذور الفجل في زيادة إدرار البول و بالتالي طرد كميات الماء و الملح الزائدة بالجسم و التي ينتج عنها تورم القدمين و ارتفاع ضغط الدم. و إليك هذه الوصفة:

المكونات:

- 4 ملاعق كبيرة من جذور الفجل الطازجة المخرطة.

- 2 فنجان خل (يفضل خل التفاح).

- 4 ملاعق كبيرة جلسرين (كمادة حافظة).

- زجاجة محكمة الغلق.

التحضير و الاستعمال:

تعبأ الجذور مع الخل في الزجاجة، و تحفظ في مكان دافىء لمدة نصف يوم... و أثناء الحفظ، يراعى إزالة غطاء الزجاجة قليلا و رجّ الزجاجة من وقت لآخر... و مع بداية النصف الثاني من اليوم تحفظ الزجاجة في مكان بارد... مع مراعاة رجّ الزجاجة من وقت لآخر... و بعد انتهاء النصف الثاني من اليوم، يصفى الخليط، و يضاف إليه الجلسرين، و يحفظ في زجاجة بمكان بارد... و ذلك حتى لا يفقد الخليط مميزاته المؤثرة.

يستخدم هذا الخليط عن طريق الفم بتناول ملعقة كبيرة عدة مرات في اليوم... و عن طريقة عمل كمادات للأنسجة المتورمة بقطعة شاش مبللة بالخليط.

للذين يعانون من آلام الروماتيزم، أو ضعف المقاومة للعدوى، و لمساعدة حركة الأطراف المصابة بالشلل:

هذا المستحضر التالي يفيد كدهان ملطف للآلام الروماتيزمية، و كشراب مقو لمقاومة العدوى.

ص:114

المكونات:

- 1 لتر من الخل (يفضل خل التفاح).

- 100 جرام من عصير الثوم.

- 15 جراما من جذور الفجل الطازج المخرط.

التحضير و الاستعمال:

يضاف عصير الثوم و جذور الفجل للخل... و يحفظ في زجاجة بمكان دافىء لمدة 12 ساعة.. مع مراعاة رج الزجاجة من حين لآخر... ثم تحفظ الزجاجة بعد ذلك بمكان بارد لمدة 12 ساعة أخرى، ثم يصفى الخليط و يعبأ في زجاجة و يحفظ في مكان بارد (أو بالثلاجة).

و لمحاربة العدوى، يؤخذ ملعقة صغيرة ثلاث مرات يوميا ما بين الوجبات فإنه يقضي على العدوى. و لتلطيف آلام المفاصل (أو الجروح كذلك)، يستعمل الخليط في عمل كمادات للجزء المصاب. كما تساعد عملية الغسيل بهذا الخليط على تخفيف آلام عرق النسا... و مساعدة الجزء المصاب بالشلل على الحركة. و بالنسبة لذوي الجلد الحساس، يفضل دهان الجلد أولا بطبقة من زيت نباتي مثل زيت الخروع.

معجون للأسنان و غسول مطهر للفم من جذور الفجل:

لعلك قد تتساءل: كيف كان الأولون يعتنون بأسنانهم قبل ابتكار معاجين الأسنان الحديثة؟ (ذلك بصرف النظر عن الاستخدام القديم للسواك كوسيلة فعّالة للعناية بصحة الفم و الأسنان).

لقد كانوا يعتمدون في ذلك على استخدام جذور بعض النباتات مثل الفجل و عرق السوس و البرسيم و كذلك أعواد بعض النباتات مثل نبات القرانيا Dogwood .

و الحقيقة أن الدراسات الحديثة قد أثبتت مدى فاعلية بعض هذه الوصفات القديمة خاصة فيما يتعلق باستخدام جذور الفجل كمادة منظفة للأسنان، و مطهرة للفم.

و صفة أخرى للروماتيزم من جذور الفجل:

هذه و صفة طبية قديمة لعلاج الروماتيزم... يذكر أن لها مفعولا شافيا للروماتيزم المفصلي

ص:115

المزمن... و نظرا لأنه لا ضرر منها... فلا مانع من تجربتها... فلعل و عسى يكون فيها الشفاء أو بعضه. تقول الوصفة: تبلع - دون مضغ - قطع صغيرة جدا من جذور الفجل و سليمة من الخدش... و يستمر هذا النظام الغذائي يوميا لمدة شهر كامل.

للذين يتألمون من حب الشباب: تحضر خلاصة من جذور الفجل... و ذلك بنقع كمية من شرائح الجذور بالخل (أو الكحول)... ثم يضاف كمية قليلة من جوزة الطيب و قشرة ثمرة برتقال صغيرة. و يستخدم هذا الخليط في عمل مس للحبوب أو البثور باستخدام قطعة قطن.

[إذا كنا ننصح بأكل جذور الفجل فإن هذا لا ينفي فوائد الأوراق فهي غذاء مفيد غني بالألياف الغذائية].

الفجل في الطب القديم

تليين البطن: إذا أكل بعد الطعام لين البطن و يعين في نفوذ الغذاء.

إسهال القيء: إذا أكل قبل الطعام سهل القيء، و قد يلطف الحواس. و قشر الفجل وحده إذا استعمل بالسكنجبين كان أشد تسهيلا للقيء من الفجل وحده، و يوافق المحبونين.

السعال المزمن: إذا أكل مطبوخا كان صالحا للسعال المزمن و الكيموس الغليظ المتولد في الصدر.

المطحولين: إذا تضمد به وافق المطحولين.

قلع القروح الخبيثة: إذا استعمل بعسل و تضمد به قلع القروح الخبيثة و العارض تحت العين مع كمودة لون الموضع و نفع من لسعة الأفعى.

داء الثعلب: إذا خلط بدقيق الشيلم أنبت الشعر في داء الثعلب و نفع في جلاء البثور اللبنية.

الاختناق: إذا أكل نفع من الاختناق العارض من أكل الفطر القتال.

إدرار البول: بزر الفجل إذا شرب بالخل قيأ و أدر البول و حلل ورم الطحال و أدر الطمث.

الخناق: إذا طبخ بالسكنجبين و تغرغر بطبيخه و هو حار نفع من الخناق.

نهشة الحية: إذا شرب بالشراب نفع من نهشة الحية التي يقال لها فرسطس.

قلع قرحة الغنغرانا: إذا تضمد به بالخل قلع قرحة الغنغرانا قلعا قويا.

ص:116

أرساسين: إن في الفجل قوة محللة، و من أجل ذلك يستعمل في الآثار في البدن و سائر المواضع الكمدة اللون فيعظم نفعه.

تحليل المدة: بولس: بزر الفجل يحلل المدة الكائنة تحت الصفاق القرني.

ضربان المفاصل: الفارس: بزر الفجل يدفع شربان المفاصل و النفخة التي في البطن و يسهل خروج الطعام و يشهيه جيد لوجع المفاصل جدا.

وجع الكلى و المثانة: قسطس في كتاب الفلاحة: قال: الفجل نافع من وجع الكلى و المثانة و السعال و يهيج الباه و يزيد في اللبن و يمنع لذع الهوام.

السموم و الهوام: بزره ينفع السموم و الهوام بمنزلة الترياق و إذا طلي به البدن نفع من نهشها.

إماتة العقرب: إن شدخت قطعة فجل و طرحتها على عقرب ماتت.

إماتة العقرب: الرازي: أخبرني صديق لي مجرب أنه جرب هذا صح أنه قطر ماء ورق الفجل عليها فرآها همدت و انتفخت و انشقت في نصف ساعة.

حمى الربع و النافض: ينفع من حمى الربع و النافض و وجع الجوف بزره مع العسل.

وجع لسعة العقرب: إن لسعت العقرب من أكل فجلا لم توجعه كثير وجع.

آثار الضرب و الوثي و الرض: يقلع آثار الضرب و الوثي و الرض.

تمرط الشعر: قال: إن أدام أكله من تمرط شعره أنبت شعره.

وجع الكبد: و بزره إذا استفّ يبرئ وجع الكبد.

إن شرب من عصير الفجل نقص الماء من المستسقي.

تفتيت الحصى الكبار و الصغار: من اختيار الكندي: يعصر الفجل بعد دقه بلا ورق و يسقى منه على الريق أوقية فإنه يفتت الحصى الكبار و الصغار التي في المثانة و يفعل ذلك بخاصية عجيبة.

إجلاء الكلى و المثانة: حامد: يجلو الكلى و المثانة و يقلب الطعام و يعين الكبد على الطبخ.

السعال: و ينفع مطبوخا من السعال المتولد من الرطوبة.

فتح الخوانيق: الفجل إذا طبخ بالخل حتى ينضج و تغرغر به فتح الخوانيق.

القوباء: ينفع بزره من القوباء. و ماء ورقه ينفض اليرقان و يفتت الحصاة.

الخوز: إنه يزيد في الإنعاظ و المني و بزره يقيء.

ص:117

السدد في الكبد: ماء ورقه نافع من السدد العارضة في الكبد، و خاصة إذا شرب معه السكنجبين السكري إن كانت هناك رطوبة، و بزره يفعل ذلك أيضا.

البهق الأسود: إن دق بزره مع الكندس و عجنا بخل و طلي به البهق الأسود في الحمام ذهب به.

الأذن الوجعة: الشريف: إذا قوّر رأس فجلة و فتر فيها دهن ورد و قطر في الأذن الوجعة أبرأها وحيا مجرب.

الحصى: إذا أخذت قطعة من فجل وقور فيها حفرة و وضع فيها وزن أربعة دراهم بزر لفت ورد عليها غطاؤها و ستر الكل بالعجين ثم دس في غصني نار إلى أن ينضج العجين ثم تستخرج الفجلة و قد نضجت و تبرد قليلا ثم تطعم صاحب الحصى فإنها تفعل فعلا عجيبا تفعل ذلك ثلاثة أيام متوالية.

ص:118

السلق

اشارة

عن الحسن بن علي، عن أبي عثمان، رفعه إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال: إن اللّه عز و جل، رفع عن اليهود الجذام بأكلهم السلق، و قلعهم العروق(1).

و عن بعضهم رفعه إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال: إن قوما من بني إسرائيل أصابهم البياض، فأوحى اللّه إلى موسى: أن مرهم فليأكلوا لحم البقر بالسلق(2).

و عنه عليه السّلام قال: مرق السلق بلحم البقر يذهب بالبياض(3).

و عنه عليه السّلام، أنه قال: أكل السلق يؤمن من الجذام(4).

ص:119


1- (1) وسائل الشيعة ج 25 ص 199 ح 4.
2- (2) وسائل الشيعة ج 25 ص 200 ح 6.
3- (3) وسائل الشيعة ج 25 ص 200 ح 7.
4- (4) مستدرك الوسائل ج 16 ص 423 ح 1، باب 90.

السلق في الطب الحديث

السلق من النباتات الشعبية المعروفة و التي تستخدم للطبخ مع القلقاس و هو مثل السبانخ.

و يوصف السلق بأنه مرطب و ملين و مدر للبول و هو غني بالحديد و الكالسيوم.

و يحتوي السلق على نسبة عالية من فيتامينات أ، ج، و هو غني بالحديد و الكالسيوم لذلك يوصف لمرضى فقر الدم.

و يستعمل مغلي 50 جراما من السلق في لتر ماء كشراب لعلاج التهاب المسالك البولية و الإمساك و البواسير و الأمراض الجلدية كما يستخدم هذا المغلي لعمل كمادات لتخفيف آلام البواسير و علاج القروح و الجروح.

يستعمل مغلي 30 جراما منه في لتر من الماء كشراب لعلاج كسل الكبد.

إذا أردنا الإشارة إلى بداية استعمال السّلق في ميدان الطب، عدنا إلى العرب الذين كانوا يحقنون عصارة السلق في المنخرين لعلاج الصرع.

و في القرن السابع عشر، أوصى «ليميري» (Lemery) في «مبحث العقاقير» باستعمال هذه الطريقة نفسها «لحمل الأنف على العطس، و تفريغ الدماغ».

و أوصى «روك» (Roques) و «كازين» (Cazin) (و هما من كبار علماء الطب النباتي في القرن التاسع عشر)، باستعمال السلق لعلاج الحصاة و الإمساك المستعصي.

و الواقع أن للسلق خصائص مبردة، مسكنة، مسهلة، و هو فعال، كذلك، في حالات التهابات المجاري البولية. و هو يؤلف، في مجال الاستعمال الخارجي، لزقات مهدئة للقوباء و المواضع التي أصيبت بالالتهاب، نتيجة استعمال بعض الأدوية.

السلق في الطب القديم

تعقيل البطن: إذا أكل مطبوخا بالعدس و خاصة أصله كان أشد عقلا للبطن.

تنقية الرأس: عصارته إذا سعط بها بماء العسل تنقي الرأس و تنفع من وجع الأذن.

الصيبان: طبيخ ورق السلق، و أصله إذا غسل به الرأس قلع الصيبان و نقى النخالة.

الشقاق: إذا صب على الشقاق العارض من البرد نفع منه.

داء الثعلب: قد يضمد البهق بورقه نيئا بعد أن يتقدم في غسل البهق بنطرون و يضمد به داء الثعلب بعد أن يتقدم في غسل جلده و كذلك إن طلي داء الثعلب به أنبت فيه الشعر.

ص:120

البثور: إذا طبخ ورقه أبرأ البثور و حرق النار و الحمرة.

القمل: قسطس في الفلاحة الرومية: إن عصيره إذا دلك به الرأس يقتل القمل و يذهب بالحزاز.

تسكين الورم: و إن جعل عصيره قيروطيا و سقي و وضع على الورم سكنه.

الكلف: إن طلي على الكلف أذهبه و يذهب بالقروح في الأنف.

القولنج: الطب القديم: إنه جيد للقولنج.

الثآليل: ورقه يقطع الثآليل ضمادا و يشفي القروح الخبيثة.

القوابي: ينفع من القوابي طلاء بالعسل.

اللقوة: يسعط بمائه مع مرارة الكركي فيذهب باللقوة.

وجع الأذن: ماؤه فاترا يقطر في الأذن فيسكن الوجع و يذهبه.

الثقل: يحقن بمائه لإخراج الثقل.

البلغم: المنصوري: هو مقطع للبلغم.

الرعشة: الغافقي: غذاؤه قليل رديء و ينفع من الرعشة و يسهل النفس و ربما حرّك شهوة الجماع.

القروح الشهدية: إذا جعل ورقه كما هو غير مدقوق على القروح الشهدية التي في رؤوس الأطفال مرارا نقاها من الصديد.

وجع الأسنان: إن أخذ أصل السلق طريا و مسح بخرقة من التراب و دق و اعتصر ماؤه و استعط منه بنصف مسعط نفع من وجع الأسنان و منع من معاودة الوجع و نفع من وجع الأذن و الشقيقة.

سدد الخياشيم: التجربتين: ماء أصله أقوى فعلا في النفع من سدد الخياشيم، و إذا تمودي على تقطيره في أنف المصروعين المتولد صرعهم من اجتماع أخلاط لزجة في الدماغ، نفعهم جدا و قد أبرأ بعضهم.

النزلات: ينفع من النزلات المنصبة إلى سبل الخياشيم.

قطع الأخلاط: المسلوق منه بالخردل المصنوع إذا أكل قبل استعمال الأدوية المقيئة قطع الأخلاط و أعدّها للقيء.

أخراج الأخلاط اللزجة: إذا حل في مقدار نصف أوقية من مائة درهم و نصف غاريقون و شرب أخرج أخلاطا لزجة أغلظ.

ص:121

الباذنجان

اشارة

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كلوا الباذنجان، فإنه شفاء من كل داء(1).

و عنه عليه السّلام قال: الباذنجان جيد للمرة السوداء، و لا يضر بالصفراء(2).

و عنه عليه السّلام قال: عليكم بالباذنجان البوراني(3) المقلي بالزيت فإنه شفاء يؤمن من البرص(4).

و عنه عليه السّلام قال: أكثروا من الباذنجان عند جداد النخل، فإنه شفاء من كل داء، يزيد في بهاء الوجه، و يلين العروق، و يزيد في ماء الصلب(5).

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا أدرك الرطب و نضج العنب، ذهب ضرر الباذنجان(6)(7).

ص:122


1- (1) مستدرك الوسائل ج 16 ص 429 ح 1، باب 97.
2- (2) مستدرك الوسائل ج 16 ص 429 ح 2، باب 97.
3- (3) قال في القاموس: البورانية طعام ينسب إلى بوران بنت الحسن بن سهل زوج المأمون.
4- (4) مستدرك الوسائل ج 16 ص 430، ح 5.
5- (5) مستدرك الوسائل ج 16 ص 430، ح 8.
6- (6) دفع ضرر الباذنجان في هذا الوقت إما بسبب أن الثمار المصلحة له كثيرة، و أكلها يذهب ضرره، أو باعتبار أن الهواء في هذا الوقت يميل إلى الاعتدال و البرد، فلا يضر أو بسبب اعتدال الهواء ما يتولد فيه يكون أقل ضررا.
7- (7) بحار الأنوار ج 63 ص 221 ح 1.

رأي الطب الحديث:

أما رأي الطب الحديث في الباذنجان فهو: أنه ضعيف القيمة الغذائية، و المئة غرام منه لا تحوي أكثر من 29 حروريا، لذا كان غير مرغوب فيه في أنظمة السمنة، و بما أنه مدر للبول فينصح بأكله مسلوقا رغم أن السلق يعطيه طعما مرا و رائحة غير مقبولة. و قد اعتاد الناس على تناوله مشويا، و في حالة قليه يمتص كثيرا من الزيت لكثرة المسام فيه فيصبح ثقيلا على المعدة، و مسمنا.

الباذنجان صالح لذوي المعدة القوية، و الهضم الجيد، و ينصح بالامتناع عنه للمصابين بالسمنة، و التهاب الكلى، و المغص المعوي، و عسر الهضم، و داء الصرع، و الروماتيزما، و الأطفال، و النساء الحاملات.

يختار من الباذنجان الثقيل الوزن، و ذو الجلد السويّ اللمّاع و الجسم الصلب في اللمس، أما ذو الجلد الكامد و الجسم الرخو فإنه سيء، يحدث اضطرابا و نفخة في الأمعاء.

في قشرة الباذنجان كمية قليلة من فيتامين (أ) و فيتامين (ج)، و مقادير ضئيلة من الكبريت و الفوسفور و الحديد و الكلس و البوتاس و البروتين و الدسم و النشويات. و الأسود منه يحوي كمية أكبر من هذه المواد، بينما الأبيض يحوي كمية أكبر من المواد النشوية، و الأفضل أن يؤكل بقشره، لأن الفيتامينات موجودة في القشرة أكثر من اللبّ. و يجب أن يؤكل ناضجا جدا، لأن الفج منه يحوي سما. و أوراقه يمكن الاستفادة منها كمادات ملطفة لآلام الحروق، و الخراجات، و البواسير و القوباء.

علاجات الباذنجان في الطب القديم

ابن سينا في القانون:

البواسير: سحيق أقماعه المجففة في الظل طلاء نافع للبواسير. و مثله في الجامع لابن البيطار.

ابن البيطار في الجامع قال: إذا أكل بعد إصلاحه و نقعه في الماء و الملح حتى تذهب حرارته لم يتبين له ضرر البتة.

الصفراء: إذا أكل على هذه الصفة بالخل، أطفأ الصفراء، و نفع من الغثيان، و لم يضر بالعين و لا بالرأس البتة.

ص:123

إدرار البول: إذا أخذ من جوف الباذنجان المسلوق أوقية و مرس بالشراب مرسا بليغا و سقي، أدر البول.

الثآليل: إذا أحرق و عجن رماده بخل، قلع الثآليل. و إذا طبخ صغيره في ماء و قليل ملح على نار متوسطة حتى ينضج ثم يصفّى عنه الماء و يجعل على الماء مثله زيتا و يطبخ حتى ينضب الماء و يبقى الدهن وحده و يدهن به من النهار، و يدق الباذنجان المطبوخ و يصنع منه طلاء للثآليل البارزة بالليل، و يزال من الدهن، و يعاد الدهن، و يواظب على ذلك، فإنها تبرأ بحول اللّه تعالى.

شقاق الكعبين: إذا طلي منه على الشقاق العارض في الكعبين و بين الأصابع، نفع منه نفعا عجيبا.

البواسير: أقماع الباذنجان إذا خلطت مع مثلها من لب اللوز المرودقا و عجنا بدهن بنفسج، و طليت بها البواسير، أبرأت منها مجرب. و كذلك أقماعه المجففة في الظل إذا سحقت و طلي بها على البواسير بعد أن يدهن بدهن مسخن، نفع منها نفعا بينا.

الإنطاكي في التذكرة:

شد المعدة و الصداع: يشد المعدة و يدر البول، و يقطع الصداع الحار بالخاصية، و يجفف الرطوبات الغريبة.

وجع الأذن: إذا ملئت الباذنجانة الصفراء البالغة دهن قرع، و شويت زمنا و قطر في الأذن، سكنت أوجاعها كل ذلك مجرب.

الشعر: البري منه، يصلح الشعر و يطوله و يسوده.

البياض و الدمعة في العين: ثمرته تقلع البياض، و تزيل الدمعة كحلا.

ص:124

الهندباء

اشارة

قال الصادق عليه السّلام: عليك بالهندباء، فإنه يزيد في الماء، و يحسن الولد، و هو حار يزيد في الولد الذكور(1).

عن محمد بن أبي نصر (بصير)، عن أبيه، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال:

شكوت إليه هيجانا في رأسي و أضراسي، و ضربانا في عيني حتى تورم وجهي منه، فقال: «عليك بهذا الهندباء، فاعصره و خذ ماءه، و صب عليه من هذا السكر الطبرزد و أكثر منه، فإنه يسكنه و يدفع ضرره» قال: فانصرفت إلى منزلي، فعالجته من ليلتي قبل أن أنام و شربته و نمت عليه، فأصبحت و قد عوفيت بحمد اللّه و منه(2).

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من سره أن يكثر ماله و ولده الذكور، فليكثر من أكل الهندباء(3).

و عنه عليه السّلام قال: عليك بالهندباء فإنه يزيد في الماء و يحسن الوجه(4).

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من بات و في جوفه سبع طاقات من الهندباء أمن من القولنج ليلته تلك إن شاء اللّه(5).

ص:125


1- (1) مستدرك الوسائل ج 16 ص 416، ح 4.
2- (2) مستدرك ج 16 ص 416-417، ح 2، باب 81.
3- (3) بحار الأنوار ج 63 ص 208، ح 13.
4- (4) بحار الأنوار ج 63 ص 208، ح 14.
5- (5) بحار الأنوار ج 59 ص 215، ح 1.

الهندباء في الطب الحديث

اشارة

يوجد في جذور الهندباء المرة 48 /انيولين Inuline و السكاروز و البنتوزان كما و يوجد غليكوزيد الأنتبين Intybine و هي المادة التي تعطي الجذور الطعم المر المفيد كمادة فاتحة للشهية، كما و يحوي فيتامين B ، و يوجد في النورة غليكوزيد السيكورين Cichorine و تحوي أجزاء النبات على عصارة لبنية يدخل في تركيبها 3 /كاوتشوك و وجد أيضا في النبات و الأوراق مادة مرة و فيتامين C . يفيد العشب الكامل في حالات فقر الدم و تشمع و تضحم الكبد خارجيا تستخدم لعلاج الأكزما كما أن مغلي العشبة يمكن استخدامه لعلاج المسامير كما تفيد جذور الهندباء في علاج مرض السكر.

الاستعمال الطبي:

أ - خارجيا: تعالج الأطراف الضامرة بتدليكها - صباحا و مساء - بصبغة الأوراق و الأزهار.

و تساعد على شفاء الالتهابات الجلدية و الأكزما بشكل كمادات حيث تبلل قطعة من القماش بمغلي النبات و توضع فوق مكان الألم و يحضر المغلي بغلي ملعقة صغيرة من مسحوق الجذور في كأس من الماء و تؤخذ على ثلاث دفعات في اليوم.

ب - داخليا: تستعمل الهندباء كمادة منشطة للجهاز الهضمي و مفرزة للصفراء، ملينة و مدرة للبول. تفيد في حالات فقر الدم لغناها بالفيتامينات و تساعد على الهضم، كما أن خلاصة النبات المرة تبدي خواصا مضادة للجراثيم.

و تستعمل الهندباء في الولايات المتحدة و أوروبا كنبات تابل و مطيب، يحضر مع السلطات بسبب احتوائه على مواد مرة. و من الاستعمالات الشائعة للنبات هو مزجه مع القهوة نظرا لطعمه المر و لعدم احتوائه على مشتقات الأكزانتين.

و قد أكد علماء الطب النباتي، في عصرنا، خصائص الهندباء البرية العلاجية. و نصح «ليكليرك» (Leclerc) باستعمالها مدرّة للبول لدى الأشخاص الذين يعانون اضطرابات إفراز بولي مرتبطة بأعراض كبدية - كلوية مزمنة. و أشار أطباء آخرون إلى أنها منشط عام و مجددة للأعصاب (و تحتوي ما يعادل 1% من وزنها من الفوسفور)، و علاج للروماتيزم و الأمراض الجلدية. أما أثرها المسهل فهو ذو فاعلية مزدوجة، بفضل الخمائر المتنوعة التي تحتويها. أما قدرتها على طرد الحمى، و هي القدرة التي ذكرها «كازن» (Cazin) ، في القرن التاسع عشر، فقد أكدها «ديكو» (Decaux) .

ص:126

و قد أكد «بالدن» (Baelden) أنها مضادة لمرض السكر لا يمكن تناسيها: فمركباتها تسهل وظائف الكبد الخاصة بالغليكوجين و تخفض معدل البيلة السكرية. و من جهة أخرى فإن مستخرج نقع الهندباء في ماء مغلي لتوه، يهدىء العطش الثقيل على مرضى السكر، و ينظم لديهم، إفراز البول غير المنتظم.

في الطب الشعبي الحديث:

وصفت الهندباء البرية بأنها صديقة المعدة و الكبد، مقوية، مدرة للبول، منظفة للقناة الهضمية، مفيدة للمسالك البولية... تفيد في حالات الإمساك و انحباس البول، و كثير من الأمراض الجلدية... خافضة للحرارة، قاتلة للطفيليات، مفيدة في حالات كسل المرارة.

و توصف في حالات كثيرة كالآتي:

* مغلي الجذور يفيد في عمل لبخة لعلاج رمد العين، و ذلك بأن يغلى (25-30) جراما من الجذور المقطعة في مقدار فنجانين من الماء، و يستمر في الغلي حتى يبقى مقدار فنجان واحد.

* تدلك الأطراف الضامرة صباحا و مساء بصبغة الأوراق و الأزهار.

* يشرب عصير الجذور في الربيع، و ذلك لعلاج احتقان الكبد و البواسير، حيث يعطى منه ثلاث ملاعق صغيرة مع مقدار من الحليب يوميا.

* و في غير أوقات الربيع يستعمل مستحلب العشبة كلها... و يجهز المستحلب بنسبة 20 جراما من العشبة الجافة (الأوراق و الأزهار) لكل فنجانين من الماء الساخن لدرجة الغليان...

و يشرب بجرعات متعددة في اليوم.

* للتخلص من الإمساك: يغلى أربع عشبات من الهندبا في لتر من الماء لمدة عشر دقائق، يشرب أربعة أكواب من المغلي يوميا خلال الطعام للتخلص من الإمساك.

* جذور الهندباء المجففة تحمص و تستعمل كالقهوة... فهي تقوي الأمعاء، و تلين، و تفتح الشهية.

كما توصف الهندباء غذاء لتنشيط إفرازات الصفراء: و إذا أضيف الثوم إلى الهندباء كان ذلك مفيدا للمصابين بعسر الهضم.

ص:127

ا لهندباء في الطب القديم

شرح الماهية

ديسقوريدس: هو صنفان: بري و بستاني، فالبري يقال له بقريس و قيخوريون، و هو أعرض ورقا من البستاني و أجود للمعدة منه، و البستاني منه صنفان: أحدهما قريب الشبه من الخس عريض الورق، و الآخر أدق ورقا منه، و في طعمه مرارة.

حامد بن سمجون: البستاني منه صنفان: أحدهما طويل الورق، أسمنجوني الزهر، كريه الطعم، مر، و خاصة في آخر الصيف إذا خشن، و من هذا الصنف بري شبيه به في صورته و زهرته، إلا أنه أقوى مرارة و أشد كراهة، و يسمى عندنا الأميرون؛ و الصنف الثاني من البستاني عريض الورق، أبيض الزهر، ثفه الطعم، عديم المرارة، و خاصة في أول الربيع، و يسمى بالرومية أنطوبيا، و يعرف بالهندباء الشامي و الهاشمي، و بريه قريب منه في شكل ورقه و قلة مرارته، بعيد منه في شكل زهره و كثرة زغبه، و هو السراليه بالعجمية. و زعم أنه الطرخشقون.

الغافقي: الطرخشقون هو الصنف الأول من البري لاذي زهره سماوي صغير. و السراليه زهره أصفر، كثير الزهر. و من البري صنفان آخران. و هو اليعضيد و يسمى باليونانية خندريلي.

خواص العلاجات:

جيدة للمعدة: ديسقوريدوس: كل هذه الأصناف قابضة مبردة جيدة لضعف المعدة و القلب.

عقل البطن: إذا طبخت و أكلت عقلت البطن شديدا و خاصة البري منها فإنه أشد عقلا و أجودها للمعدة.

تسكين التهاب المعدة: إذا تضمد بها وحدها أو مع السويق سكنت التهاب المعدة.

الخفقان: قد يستعمل منها ضماد للخفقان. قد تنفع من النقرس و من أورام العين الحارة إذا خلطت مع السويق و الخل.

لسعة العقرب: إذا تضمد بها مع أصولها نفعت من لسعة العقرب.

الجمرة: إذا خلطت مع السويق نفعت من الجمرة جدا. ماؤها إذا خلط بإسفيذاج الرصاص و خل كان منه لطوخ لمن احتاج إلى التبرد شديد.

تقوية المعدة: مسيح: قوة الهندبا في البرودة و اليبوسة تقوي المعدة و تفتح جميع سدد الكبد

ص:128

و الطحال و تطفىء حرارة الدم و الصفراء و تجلو ما في المعدة.

الكبد و المعدة الملتهبتين: الرازي في دفع مضار الأغذية: الهندباء هو صالح للكبد و المعدة الملتهبتين.

فتح سدد الكبد: الهندباء صالح للمعدة و نافع إذا استعمل بالخل بعد الفصد و الحجامة يفتح سدد الكبد و ينقي مجاري البول. نافع لأوجاع الكبد و حارها و باردها.

فتح السدد و تنقية الرطوبات العفنة: الإسرائيلي: إعلم أنه إذا عصر ماؤه و أغلي و نزعت رغوته و شرب بسكنجبين فتح السدد و نقى الرطوبات العفنة و نفع من الحميات المتطاولة.

الأورام: إذا عصر ماؤه و غلي و صفي نفع من الأورام و قوى المعدة و فتح السدد. و إن طلي على الأورام من خارج البدن نفعها و بردها. و إذا دق ورقه و وضع على الأورام الحارة حللها أو بردها.

اليرقان: عصيره مع الرازيانج الرطب ينفع من اليرقان.

أورام الحلق: ابن سينا: الهندبا إذا حل فيه الخيار شنبر و تغرغر به نفع من أورام الحلق.

تسكين الغثي و هيجان الصفراء: الهندباء تسكن الغثي و هيجان الصفراء و هو أفضل دواء للمعدة التي بها مزاج حار.

لسع العقارب و الحيات و الزنابير: حنين في اختياراته: البري يشرب فينفع لسع العقارب و الحيات و الزنابير و حمى الربع.

الطبري: الهندبا البري يكتحل بماء ورقه فينفع من العشاء.

نفث الدم و العطش: إسحاق بن عمران: ينفع من نفث الدم و يقطع العطش و هو منبه.

حمى الربع و الاستسقاء: في الأكل مفتح لطيف ينفع من حمى الربع و من الاستسقاء و يقوّي القلب إذا شرب أو تضمّد به، و ينفع من لذعة العقرب و الحزازات.

الأدوية القتالة: يقاوم أكثر السموم و خاصة ماؤه المعتصر إذا صب عليه الزيت و تحسي فإنه يخلص من الأدوية القتالة كلها، و يعقب صلاحا تاما.

بياض العين: لبنه يجلو بياض العين كحلا.

الاستسقاء: ينفع الاستسقاء متى كان عن ورم حار في الكبد و يكسر رهج الدم و ينفع من الحمى المطبقة.

ص:129

الحرمل

اشارة

عن أبي عبد اللّه الصادق عليه السّلام أنه سئل عن الحرمل و اللبان(1) ، فقال: أما الحرمل فما تقلقل(2) له عرق في الأرض و لا ارتفع له فرع في السماء إلا و كل به ملك حتى يصير حطاما أو يصير إلى ما صارت، و إن الشيطان ليتنكب سبعين دارا دون الدار التي هو فيها، و هو شفاء من سبعين داء أهونه الجذام فلا تغفلوا عنه(3).

و منه: سئل الصادق عليه السّلام عن الحرمل و اللبان، فقال: أما الحرمل فما تقلقل له عرق في الأرض و لا ارتفع له فرع في السماء إلا و كل اللّه عز و جل به ملكا حتى يصير حطاما أو يصير إلى ما صار إليه، فإن الشيطان قد يتنكب سبعين دارا دون الدار التي فيها الحرمل، و هو شفاء من سبعين داء أهونه الجذام، فلا يفوتنكم قال: و أما اللبان فهو مختار الأنبياء عليه السّلام من قبلي، و به كانت تستعين مريم عليه السّلام و ليس دخان يصعد إلى السماء أسرع منه، و هو مطردة الشياطين، و مدفعة للعاهة فلا يفوتنكم(4).

ص:130


1- (1) سيأتي شرحها مفصلا.
2- (2) في المصدر «تغلغل» و هو الصواب ظاهرا.
3- (3) بحار الأنوار ج 59 ص 234 ح 2.
4- (4) بحار الأنوار ج 59 ص 234 ح 4.

الحرمل في الطب الحديث

اشارة

يحوي المجموع الخضري لهذا النبات و خاصة النموات الحديثة على أربعة قلويدات هي الهارمين Harmine الهارمالين Harmaline الهارمان Harman و البيغانين Peganin كما تعتبر البذور غنية بالقلويدات و نسبتها وسطيا 3 /و يشكل الهارمين منها 30 /.

حيث أن مغلي هذه العشبة أو منقوعها بالماء بعد هرسها يستخدم في حالات التهاب الحلق و الحنجرة على شكل غرغرة، كما يضاف العشب للحمامات لمعالجة الروماتيزم و أمراض الجلد يستخدم الهارمين بشكل كلورهيدرات داخلا أو تحت الجلد في حالة الشلل الاهتزازي و التهاب الدماغ حيث يعمل الهارمين على تحريض الجملة العصبية المركزية و خاصة المراكز المحركة في قشرة الدماغ مما يؤدي إلى توسع الأوعية الدموية المحيطية و ارتخاء العضلات. أما تأثير البيغانين Peganine فمسكنا للسعال، كما تستعمل الأوراق لعلاج الربو، و النبات سام لذلك يجب الانتباه للكميات المستعملة و هي ملعقة شاي من العشب في كأس ماء ثم تغلى و يؤخذ ملعقة ثلاث مرات يوميا.

الاستعمال الطبي:

أ - خارجيا: يستعمل مغلي و منقوع العشب بشكل غرغرة في حالات التهاب الحلق و الحنجرة و يضاف العشب للحمامات في معالجة الروماتيزم و مختلف أمراض الجلد.

ب - داخليا: يستعمل مستحضر الهارمين في داء باركنسون و في حالة الشلل الاهتزازي و التهاب الدماغ حيث يحرض الجملة العصبية المركزية خاصة المراكز المحركة في قشرة الدماغ مما يؤدي إلى توسع الأوعية الدموية المحيطة و ارتخاء العضلات فيسرع التنفس و يخفض ضغط الدم.

و يستعمل مسحوق البذور في العلاج من الديدان الشريطية حيث تؤثر قلويدات الحرمل على هذه الديدان إذ تشلها و تفقدها القدرة على الحركة مما يسهل التخلص منها، كما يؤثر على الكائنات الدقيقة إضافة إلى بذور الحرمل تستعمل في علاج الملاريا المزمنة و ليس الملاريا الحادة، كما تستعمل في الطب الشعبي لإدرار الحليب و في تقوية الناحية الجنسية.

و تحتوي بذور الحرملة على ثلاث قلويدات هي:

«حرملين Harmaline و حرمين Harmine و حرملول Harmalol و تشكل هذه القلويدات في

ص:131

مجموعها حوالي 4% من وزن البذور. و يكوّن قلويد الحرملين ثلثي كمية القلويدات الكلية بالبذور.

هذا و قد فصل أيضا قلويد بيجارين (Pegarine) من أزهار و سيقان النبات.

«و قد أثبتت التجارب و البحوث العلمية على هذه القلويدات أنها قاتلة للكائنات الحية الدقيقة Protozoacidal (وحيدات الخلية) و لذلك فإنها تؤثر بالشلل على الديدان الشريطية و تفقدها القدرة على الحركة فيسهل التخلص منها.

«و قد وجد أيضا أن قلويد الحرملين ينشط الجهاز العصبي المركزي في الإنسان C.N.S.

Stimulant .

«و تستعمل بذور الحرملة في علاج الديدان الشريطية كما تستعمل في علاج الملاريا المزمنة و ليست الملاريا الحادة و ذلك في بعض البلاد الحارة التي ينتشر بها هذا النوع من الملاريا».

الحرمل في الطب القديم

شرح الماهية:

ابن سمجون: هو أبيض و أحمر، فالأبيض هو الحرمل العربي - و يسمى باليونانية مولى، و الأحمر هو الحرمل العامي المعروف، و يسمى بالفارسية اسفنذ.

أبو حنيفة: الحرمل نوعان: نوع منه ورقة مثل ورق الخلاف و له نور مثل نور الياسمين سواء أبيض، طيب، يريب به السمسم و الشوع - و هو حب البان - و ليست رائحته مثل رائحة الزّنبق. و حبه في شنفة مثل شنفة العشرق، و النوع الآخر هو الذي يقال له بالفارسية بالإسفنذ و شنفة هذا مدوّرة و شنفة ذاك إلى الطول، و الشنفة هي الأوعية التي يكون فيها حبّها.

ديسقوريدس: و النبات الذي ينبت بقيادونيا و بالبلاد التي يقال لها عالاطيا التي بآسيا اسمه مولى، و يسميه بعض الناس سذابا غير بستاني، و هو تمنس يخرج من أصل واحد، و له أغصان كثيرة و ورق أطول من ورق السذاب الآخر و أغض، ثقيل الرائحة، و له زهر أبيض، و رؤوس أكبر قليلا من رؤوس السذاب البستاني، مثله، فيها بزر لونه إلى الحمرة ما هو، ذو ثلاث زوايا، و هو مر شديد المرارة، و البزر هو المستعمل، و نضجه في الخريف.

خواص العلاجات:

ضعف البصر: مسيح الدمشقي: إذا سحق بالعسل و الشراب، و مرارة الدجاج و الزعفران، و ماء

ص:132

الرازيانج الأخضر، وافق ضعف البصر.

كثرة الأمراض: مسيح: يخرج حب القرع، و ينفع من القولنج، و عرق النسا، و وجع الورك إذا نطل بمائه، و يجلو ما في الصدر و الرئة من البلغم اللزج، و يحلل الرياح العارضة في الأمعاء.

البلغم و السوداء: عيسى بن ماسة: و أما نحن في بيمارستان مرو: فإنا نستعمله عند إخراج السوداء، و أنواع البلغم بالإسهال، و هو غاية من الغايات للداء الذي يعتري المصروعين.

برد الدماغ: علي بن رزين: نافع من برد الدماغ و البدن.

السوداء: قال بعض الأطباء: نقيعه جيد للسوداء، يحللها، و يصفي الدم منها، و يلين الطبيعة.

القيء: إصلاحه ليتقيأ به يكون على هذه الصفة: يؤخذ من حبه خمسة عشر درهما، فيغسل بالماء العذب مرارا، ثم يجفف، و يدق في الهاون، و ينخل بمنخل صفيق، و يصب عليه من الماء المغلي أربع أواق، و يساط في الهاون بعود، و يصفى بخرقة صفيقة، و يرمى بثفله، ثم يصب على ذلك الماء، من العسل ثلاث أواق، و من دهن الخل أوقيتان، و يستعمل، فإنه يقيء قيئا شديدا.

الصرع: إسحاق بن عمران: إن أخذ منه، و جعل في قدر، مع ثلاثين رطلا من الشراب، و طبخ حتى يذهب ربعه، ثم يسقى المصروع منه، كل يوم عشرة دراهم، نفع من الصرع.

انقطاع الحمل: يسقى منه المرأة التي قد حملت مرة، ثم انقطع الحمل ثلاثة أيام متوالية، فينفعها و علامة انتفاعها به: أن تتقيأ.

الجماع و ادرار البول: يصفي اللون، و يحرك إلى الجماع، و يسمن، و يدر الطمث و البول بقوة.

العشق: ابن واقد: ينفع أصحاب العشق بإسكاره، و تنويمه لهم.

عرق النسا: إذا استف منه وزن مثقال و نصف، غير مسحوق، اثنتي عشرة ليلة، شفى وجع عرق النسا، مجرب.

ص:133

الخطمي

اشارة

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: غسل الرأس بالخطمي أمان من الصداع، و براءة من الفقر، و طهور للرأس من الحزازة(1).

قال الصادق عليه السّلام: غسل الرأس بالخطمي في كل جمعة أمان من البرص و الجنون(2).

ص:134


1- (1) بحار الأنوار ج 73 ص 86 ح 1.
2- (2) بحار الأنوار ج 73 ص 86 ح 2.

الخطمي في الطب الحديث

الوصف النباتي:

نبات عشبي محول إلى معمر، سريع النمو، يصل ارتفاعه حتى 3 م، ساقه قائمة متفرعة، مكسوة بشعيرات خشنة، أوراقه متناوبة مستديرة كفية حوافها مسننة، النورة عنقودية ثلاثية الأزهار تخرج من آباط الأوراق، يزهر بين شهري حزيران و أيلول أزهارا بنفسجية أو وردية و غالبا ما تكون بيضاء في أصناف A.Officinalis ، و الثمار منسقة. و يستعمل منها للأغراض الطبية تويجات الأزهار المجففة.

التركيب الكيميائي:

تحتوي أزهار الختمية على مواد لعابية بنسبة عالية تصل إلى 35% و نشا و سكريات خماسية و سداسية و مواد بكتينية و تانينات و آثار من زيت عطري طيار بالإضافة لاحتوائها على مالفاسين Malvacine و اسباراجين Asparagine و هيبيسين Hibisine و مالفادين Malvadine و مالفليدول Malvidol و مالفين Malvine .

الاستعمال الطبي:

أ - خارجيا: يستعمل مغلي الختيمية بشكل كمادات لعلاج الالتهابات الجلدية و في حالة توزيم الأصابع و تثليج أصابع القدمين أو اليدين باللبخات الفاترة أو الساخنة. و تستعمل في حمامات الأطفال لعلاج الحروق لتطرية الجلد نظرا لاحتوائها على المواد اللعابية كمواد عطرية و ملطفة.

ب - داخليا: يستعمل مغلي الأزهار في المداواة المثلية و التهابات المثانة و في حالات القرحة المعدية و الاثني عشر كما يفيد المغلي أيضا في حالات التهاب الكلى و الجهاز الهضمي و ذلك بغلي 2-3 ملاعق صغيرة من الأزهار الجافة في كأس من الماء ثم تصفى و تحلى بالسكر أو العسل و تشرب ساخنة على دفعتين في الصباح و في المساء. و تستعمل مركبة مع باقي الأعشاب الصدرية تحت إسم الزهورات لعلاج أمراض السعال و السعال الديكي و في حالة الإصابة بالنزلات الشعبية الرئوية و الربو و تفيد أيضا كملين خفيف و لتسكين آلام المغص و حرقة البول.

ص:135

* يستعمل مغلي أوراق الأزهار كشراب لعلاج السعال لدى الأطفال، و النزلات الشعبية، و آلام المعدة و الأمعاء، و حرقان البول، و يجهز المغلي بغلي (2-3) ملاعق صغيرة من الأوراق المجففة في فنجان واحد من الماء، و لبضع دقائق فقط، ثم يصفى و يشرب المغلي ساخنا (1-2) فنجان في اليوم.

* يستعمل المغلي لعلاج التهابات اللوزتين و الفم.

* يستعمل مغلي ملعقة صغيرة من الأزهار في فنجان من الماء كغسول و لبخة لعلاج الرمد و الجروح.

* لعمل حمام مهبلي، يغلى مقدار قبضة من جذور الخطمي المقطعة في لتر من الماء لمدة نصف دقيقة.

الخطمي في الطب القديم

تسكين الوجع: هذا النبات يحلل و يرخي و يمنع من حدوث الأورام و يسكن الوجع و ينضج الجراحات العسرة الاندمال و النضج و أصله أيضا و بزره يفعلان ما يفعل ورقه و قضبانه ما دام طريا.

تفتيت الحصاة: بزره يفتت الحصاة المتولدة في الكليتين.

قروح الأمعاء: الماء الذي يطبخ فيه الخطمي ينفع من قروح الأمعاء و من نفث الدم و من استطلاق البطن.

الأورام الظاهرة: إذا طبخ هذا النبات بالشراب الذي يقال له مالقراطن أو بالشراب أو دق وحده و لم يطبخ كان صالحا للجراحات و الأورام الظاهرة في أصل الآذان و الخنازير و الدبيلات و الثدي الوارمة ورما حارا و المقعدة الوارمة ورما حارا أيضا و هشم الرأس و الورم و النفخ، و يمدد الأعصاب لأنه يحلل و ينضج و يفجر الأورام و يدمل. و ورقه إذا طبخ و عرك بالسمن أنضج الأورام الحارة.

ورم الرحم: إذا طبخ بالشراب الذي يقال له مالقراطن أو بالشراب و دق مع شحم الأوز و صمغ البطم و احتمل كان صالحا للورم العارض في الرحم و انضمامها و طبيخه يفعل ذلك أيضا وحده و ينقي الفضول من النفساء.

كثرة الأمراض: أصله إذا طبخ بالشراب و شرب نفع من عسر البول و الحصا و الفضول الفجة

ص:136

الغليظة و عرق النسا و قرحة الأمعاء و الارتعاش و شدخ أوساط العضل.

وجع الأسنان: إذا طبخ بالخل و تمضمض به سكن وجع الأسنان.

البهق: بزره طريا كان أو يابسا إذا سحق و خلط بالخل و تلطخ به في الشمس قلع البهق.

مضرة ذوات السموم: إن خلط بالزيت و الخل و تلطخ به منع من مضرة ذوات السموم.

نهش الهوام: قد يتضمد بورقه و قد خلط به شيء يسير من الزيت لنهش الهوام و لحرق النار.

نفخة الأجفان: ابن سينا: يحلل التهيج و النفخة التي تكون في الأجفان.

السعال الحار: نافع من السعال الحار و يسهل النفث. و إذا استخرج لعابه بالماء الحار و سقي بالفانيد و السكر نفع من السعال الحار السبب.

ضمادات الجنب و الرئة: ورقه ينفع في ضمادات الجنب و الرئة.

تليين الأعضاء الصلبة: لحاء أصله إذا طبخ بالماء لين الأعضاء الصلبة و المفاصل المتحجرة.

المقعدين: الشريف: لعابه إذا استخرج بالماء الحار ينفع المقعدين و العقم من النساء.

قرحة الأمعاء: من الملوخية البري صنف له ورق مشقق شبيه بورق النبات الذي يقال له أنار ايوطاتي و له ثلاثة قضبان أو أربعة عليها قشر شبيه بقشر شجر العنب و زهر صغار شبيه بشكل الورد و أصول بيض عريضة خمسة أو ستة طولها نحو من ذراع إذا شربت بشراب أو بماء أبرأت قرحة الأمعاء و شدخ أوساط العضل.

تنقية الرأس و اللحى: إسحاق بن عمران: إذا يبس ورق الخطيمي و دق و غسل به الرأس و اللحى نقاها و غسلها.

أورام المذاكير: ابن الجزار: إن أخذ من دقيق نوى التمر جزءان و من بزر الخطمي جزء مسحوق يعجن الجميع بخل و يضمد به الأورام المتولدة في المذاكير الذي يقال إنها قد أعيت الأطباء و المعالجين حللها، مجرب.

ص:137

الشلجم (اللفت)

اشارة

عن الصادق عليه السّلام قال: ما من أحد إلا و فيه عرق من الجذام فكلوا الشلجم في زمانه يذهب به عنكم(1).

و عنه عليه السّلام قال: عليكم بالشلجم فكلوه و أديموا أكله و اكتموه إلا عن أهله فإنه ما من أحد إلا و به عرق الجذام فأذيبوه بأكله(2).

ص:138


1- (1) بحار الأنوار ج 63 ص 237 ح 7.
2- (2) وسائل الشيعة ج 25 ص 196 ح 2، باب 116.

الشلجم (اللفت) في الطب الحديث

و قد أقر الطب الشعبي، منذ وقت طويل، بأن للفت مزايا مسكنة، و ملطفة، و مفيدة للصدر.

أما الحساء النافع للصدر الذي يقوم أساسا على اللفت، و حشيشة الرئة، و الملفوف الأحمر و الحرف، و رئة العجل، فقد كان مشهورا بأنه يشفي من السل الرئوي. و يستعمل اللفت، كذلك، لعلاج كل أمراض الصدر، و التهاب القناة التنفسية المزمن، و الربو، و السعال الديكي.

إلا أن مزايا اللفت لا تقف عند هذا الحد. فهو غني بالفيتامينات و المواد الضرورية لعمل الأجسام الحية؛ و هو يغني الدم فيجدر إدخاله في النظام الغذائي للناقهين، و الواهنين، و الرياضيين.

و في مجال الاستعمال الخارجي، فإن لب اللفت المشوي فعال في علاج التشققات الجلدية الناتجة من البرد، و آلام النقرس، و آلام أعصاب الأسنان، و احتقان النهدين باللبن.

كان القدماء يأكلون اللفت مشويا كالبطاطا... و ذكر أن (ديوسقوريدس) أمر مرضاه أن يستحموا بماء اللفت... و أن القابلات في العصور القديمة كنّ يضعن كمادات من اللفت على أثداء المرضعات المتورمة لإدرار الحليب.

في الطب الشعبي الحديث:

* وصف الطب الحديث اللفت بأنه: مجدد لنشاط الجسم، مطهر، مدر، للبول، مرطب، نافع للصدر، ملين، مزيل للتعب، مفتت للحصى، مهدىء للسعال، نافع للنزلات الصدرية، و مضاد للسمنة.

و يستعمل لذلك منقوع اللفت في الماء أو الحليب... (100 جرام لكل لتر من الماء أو الحليب) و يشرب.

* لتفتيت الحصى: يشرب مغلي 6 جرامات من بذور اللفت مع زهر الزيزفون... و يفيد هذا المشروب أيضا في علاج أمراض البرد و السعال.

* أكل اللفت نيئا يفيد في حالات حب الشباب و الإكزيما.

* تستعمل غرغرة اللفت في علاج الخناق... و تجهز الغرغرة بسلق لفتة كبيرة بعد تقطيعها في نصف لتر من الماء.

ص:139

* لمعالجة تشقق الأيدي و الأرجل نتيجة البرد: تطبخ لفتة بقشرها، و تقطع نصفين، و يفرك بها المكان المشقق و تعصر عليه... و يفعل هذا بالخراجات.

و لأن اللفت متوسط الهضم، فهو لا يناسب ذوي الأمعاء و المعد الضعيفة... و على ذوي الأمعاء السليمة أن يتناولوا منه بكثرة بشرط أن يكون طازجا غير مسن، لأن المسن منه صعب الهضم.

و الأفضل طبخه حتى لا يولد أرياحا كثيرة... و ينصح الأشخاص البدينون بتناوله بسبب قلة غذائه، و كذا الأشخاص المعرضون للإصابة بأمراض جلدية بسبب غناه بالكبريت.

و يمنع عن مرضى السكر، و ضعف الكبد و المعدة و الأمعاء.

اللفت (الشلجم) في الطب القديم

تهييج شهوة الجماع: بزر هذا النبات يهيج شهوة الجماع و كذلك إذا شرب. و أصله يزيد في المني. و أصله إذا طبخ و أكل كان مغذيا مولد للرياح مولدا للحم الرخو محرّكا لشهوة الجماع.

الشقاق: طبيخه يصب على النقرس و الشقاق العارض من البرد فينفع منها. و إذا تضمد به أيضا فعل ذلك. و إذا أخذت شلجمة و جوفت و أذبت في تجويفها موما بدهن ورد على رماد حار كان نافعا من الشقاق المتقرح العارض من البرد.

إدرار البول: قلوب ورقه تؤكل مطبوخة فتدر البول.

الطحال و عسر البول: إذا أخذ عرق من عروق الشلجم التي تمتدّ في الأرض فسحق سحقا جيدا رطبا كان أو يابسا و خلط بعسل و لعقه من يشتكي طحاله أو من به عسر البول نفعه و شفاه.

ص:140

الباقلا (الفول)

اشارة

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال: أكل الباقلا، يمخخ الساقين(1) ، و يزيد في الدماغ، و يولد الدم الطري(2).

عن صالح بن عقبة، قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: كلوا الباقلا بقشره، فإنه يدبغ المعدة(3).

ص:141


1- (1) الظاهر أنّ المراد أنه يكثر مخ الساق، فيصير سببا لقوتها.
2- (2) وسائل الشيعة ج 25 ص 129، ح 1، باب 69.
3- (3) وسائل الشيعة ج 25 ص 130 ح 3.

الفول (الباقلا) في الطب الحديث

قد اشتهر الفول، دائما، بأنه مدر للبول. و قد كان الطب الشعبي، منذ قرون، يستعمل الرماد المتخلف عن احتراق سيقان الفول و قرونه، باعتباره مدرا للبول، و مسكنا لآلام المجاري البولية. و قد أوصى الأطباء بنقع أزهار الفول في ماء مغلي، لتوه، لعلاج الروماتيزم، و التهابات الحوصلة و الكلية.

و تستعمل أزهار الفول مهدئة للآلام، و لعلاج المغص الكلوي، و إصابات الكليتين الحادة، و الحصاة، و التهابات الحويصلات و البروستات. إلا أن القرون نافعة، كذلك، و قد نصح بعض الأطباء باستعمالها لعلاج البول الزلالي. كما أن لب الفول الأخضر إذا غلي و شرب يفيد المصابين بالرمل و الحصى، و التهاب الصفراء، و الكليتين، و المثانة.

و نصح الأطباء ذوي المعد الضعيفة و المصابين بعسر الهضم بالامتناع عن تناول الفول.

الفول في الطب القديم

قرحة الأمعاء: قوم من الأطباء يطبخون الباقلا و يطعمون من به قرحة الأمعاء و من به استطلاق البطن أو قيء.

قروح العصب: قال جالينوس: قد استعملته مرارا كثيرة في أصحاب النقرس بعد أن طبخته بالماء و خلطت معه شحم الخنزير. و استعملته في مداواة الفسوخ و القروح الحادثة في العصب بعد أن طبخت دقيقة بالخل و العسل و وضعته عليهما، و وضعت أيضا دقيقه على الأعصاب التي و رمت بسبب ضربة أصابتها مع دقيق الشعير.

للتضميد: ضماد نافع بليغ لمن به ورم حار في الأنثيين أو في الثديين، و ذلك أن هذه الأعضاء تستريح إلى الأشياء المبردة باعتدال إذا هي تورمت بسبب ضربة أصابتها مع دقيق الشعير، و لا سيما إن كان ورم الثديين حدث من قبل لبن تجبن فيه فإن هذا الضماد يقلع اللبن. و كذلك إذا طبخ مع ورق النعنع.

إذا ضمدت العانة من الصبيان بدقيق الباقلا أقاموا مدة طويلة لا ينبت لهم فيها شعر.

الإسهال المزمن: إذا طبخ بالخل و الماء و أكل بقشره قطع الإسهال العارض من قرحة الأمعاء و الإسهال المزمن الذي ليس معه قروح و القيء.

مسكن الورم: إذا طبخ و تضمد به وحده أو مع السويق سكن الورم الحار العارض من ضربة، و نفع من أورام الثدي الذي ينعقد فيها اللبن، و قطع إدرار البول.

ص:142

أورام الأذن و العين: إذا خلط بدقيق الحلبة و عسل حلّل الدماميل و الأورام العارضة في أصول الآذان و ما يعرض تحت العين من كمودة لون الموضع و يسمى باليونانية أربوقيا. و إذا عجن بشراب وافق من اتساع ثقب الحدقة أعني الذي يقال له سيحس و أورام العين الحارة.

نتوء الحدقة: إذا خلط بالورد و الكندر و بياض البيض نفع من نتوء الحدقة خاصة و من نتوء العين جملة.

فضول العين: قد يقشر و يمضغ و يوضع على الجبين لقطع سيلان الفضول الحارة إلى العين.

و كذلك إذا سحق لبه سحقا ناعما بليغا و اكتحل به.

ورم الخصاء: إذا طبخ بالشراب أبرأ من ورم الخصاء.

إبطاء الإحتلام: إذا ضمدت به عانات الصبيات أبطأ بهم عن الاحتلام و يجلو من على الوجه البهق.

منبت الشعر: إذا ضمد بقشره المواضع التي ينتف منها الشعر كان الشعر النابت فيها دقيقا ضعيفا.

محلل الخنازير: إذا خلط بدقيق الباقلا السويق و شبّ يمان و زيت عتيق و تضمد به حلل الخنازير.

تليين الحلق: يلين الحلق إذا شرب ماؤه و أكل بغير ملح.

منع تولد الحصا: ماء الباقلا ينقي الصدر و يلينه و يمنع تولد الحصا في الكلى و المثانة.

مفتح السدد: جرم الباقلا يفتح السدد و يخرج الفضل من الصدر و يمنع النوازل الرقيقة التي تنزل من الرأس، الذي يكون منها السعال المقلق بالليل من النزلات.

نزلات الصدر و الرئة: ابن سينا: لحم الباقلا ينفع من النزلات التي تكون في الصدر و الرئة.

بزاق الصدر: بولس: لحم الباقلا ينفع من البزاق الذي يكون من الصدر و من الرئة.

جساء الأجفان: إذا خلط به شيء من ردس البقر و هو الحجر الموجود في مرارة البقر نفع من جساء الأجفان و حمرتها، جزء منه و ربع جزء من الردس المذكور.

الأورام الحارة: ينضج الأورام الحارة حيث كانت تضميدا به مع رب العنب.

مقوّى الإنعاظ: الأخضر منه إذا أكل بالزنجبيل قوّي الإنعاظ.

حرق النار: ورقه و قشره الأخضر ينفعان من حرق النار حين وقوعه.

ص:143

الكراث

اشارة

سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن الكراث، فقال: كله، فإن فيه أربع خصال: يطيب النكهة، و يطرد الرياح، و يقطع البواسير، و هو أمان من الجذام لمن أدمن عليه(1).

ص:144


1- (1) وسائل الشيعة ج 25 ص 189، ح 2.

في الطب الشعبي الحديث:

* وصف الكراث بأنه منشط للجسم، يساعد على بناء الأنسجة الحية، يفيد المصابين بالربو و السعال، و الإمساك، و لا سيما إذا فرم و أكل نيئا.

* و هو يرطب الالتهابات البدنية، و يلين الشرايين المتصلبة، و يقوي الأعصاب، و يفيد في حالات الصرع، و التهاب المفاصل، و أمراض المسالك البولية... و هو مدر للبول، مفيد للبدناء.

* كما أن عصيره يستعمل ظاهريا مع الحليب أو مصل الحليب كغسول للوجه لإزالة البقع و الطفح الجلدي... و عصيره مع لب القمح و سكر قليل، يستعمل لبخات على الخراجات و الدمامل لإنضاجها و فتحها.

* و لمعالجة حصر البول و التهاب المثانة: توضع كمادة حارة من كراث مسلوق مهروس و مغطى بزيت الزيتون على أسفل البطن.

* لإزالة الأثفان من الأرجل و الأيدي: تنقع أوراق الكراث في الخل لمدة 24 ساعة، و تدهن الأجزاء المصابة بالمنقوع قبل النوم، و في الصباح يجرب قلع الأثفان، و يعاد العلاج إذا لم ينجح.

* مغلي أوراق الكراث ينفع مطهرا و معقما للجروح، و يسرع في شفائها.

* لإزالة آلام لدغ الحشرات: يفرك المكان برأس الكراث.

* هذا، و الكراث مفيد جدا للصحة بسبب غناه بفيتامينات (أ)، (ب)، (ج)... و هو مفيد للسمنة، و التهابات المفاصل، و أمراض البول و الأمعاء.

و قد أثبتت التحاليل الحديثة أن الكراث يحتوي على حوالي 92% ماء، و به أيضا: بروتين، و كالسيوم، و فوسفور، و بوتاسيوم، و منجنيز، و حديد، و كبريت، و نسبة قليلة من الزيت.

الكراث في الطب القديم

تهييج الباه و الإنعاظ: الرازي في دفع مضار الأغذية: الكراث الشامي هو القفلوط يسخن و ينفخ و يهيج الباه و الإنعاظ.

ص:145

تليين البطن: المخلل منه قريب من الكراث يلين البطن و يفتح سدد الكبد و الطحال.

القولنج: ابن ماسه: خاصة أصله النفع من القولنج.

البواسير الباردة: إذا أكل الكراث أو شرب طبيخه نفع من البواسير الباردة.

رطوبة الرحم: ورق الكراث الشامي خاصته النفع للرحم التي فيها رطوبة يزلق الولد.

تسكين الجشأ الحامض: أبقراط: يسكن الجشأ الحامض و ينبغي أن يؤكل آخر الطعام.

قطع الدم: الكراث النبطي ماؤه إذا خلط بالخل و دقاق الكندر قطع الدم و خاصة الرعاف.

تحريك شهوة الجماع: يحرّك شهوة الجماع.

وجع الصدر و قرحة الرئة: إذا خلط بالعسل و لعق كان صالحا لكل وجع يعرض في الصدر و قرحة الرئة. و إذا أكل نقّى قصبة الرئة.

نهش الهوام: ماؤه إذا خلط بماء القراطن نفع من نهش الهوام. و إذا تضمد بالكراث أيضا فعل ذلك.

وجع الأذن: ماؤه إذا خلط بالخل و الكندر و اللبن أو دهن الورد و قطر في الأذن نفع من وجعها و من الدويّ العارض لها.

قطع الثآليل: إذا تضمد به مع السماق قطع الثآليل التي يقال لها أنصفون و يبرئ الشري.

قلع خبث القروح: إذا تضمد به مع الملح قلع خبث القروح.

قطع نفث دم الصدر: إذا شرب من بزره وزن در خميين مع مثله من حب الآس قطع نفث الدم من الصدر و نفعه.

البواسير العارضة من الرطوبة: ابن ماسويه: الكراث النبطي إن سلق و طحن و أكل و ضمد به البواسير العارضة من الرطوبة نفع منها.

السدد العارضة في الكبد: ينفع من السدد العارضة في الكبد المتولدة من البلغم.

فتق شهوة الطعام: الرازي: مفتق لشهوة الطعام معين على استكثار الباه.

سدد الكبد و الطحال: اسحق بن عمران: نافع من سدد الكبد و الطحال إذا وجد في المعدة أو المعي بلغما أساله و ألان الطبيعة و إذا وجد فيها مرة عقلها.

ص:146

لسعة الأفعى: إذا دق و عمل منه ضماد و ضمد به على لسعة الأفعى نفع منها.

البواسير: ماسرحويه: إذا دخنت المعدة ببزر الكراث أذهب البواسير.

ديدان الأضراس: ابن ماسويه: إن سحق و عجن بقطران و بخرت به الأضراس التي فيها ديدان نثرها و أخرجها و سكن الوجع العارض فيها.

البواسير: إن قلي مع الحرف نفع من البواسير و عقل الطبيعة و حلل الرياح التي في الأمعاء.

بليناس في كتاب الطبيعيات: من أحب أن يجامع و لا يؤذيه فليشرب من بزر الكراث مع شراب.

نهش الهوام: كراث الكرمة إذا أكل وافق نهش الهوام.

البواسير: نوع من الكراث يسمى السلابس خاصة خاصيته أنه ينفع من البواسير إذا أكل أو اعتصر ماؤه فيجر منه مع عسل أو سكر أو استفّ من بزره مدقوقا مع السكر كل يوم وزن درهم.

سيلان الدم من السفل: إن أخذ دقاق الكندر فسحق و خلط بماء الكراث و سقي منه عشرة دراهم نفع من سيلان الدم من السفل. و يقطع الرعاف إذا شربت منه فتيلة و ألصقت بالأنف.

الدوي في الأذنين: إذا قطر ماؤه مع الكندر نفع من الدوي في الأذنين و يحرك شهوة الجماع و يري أحلاما رديئة و يلين البطن.

القولنج: ابن سينا: طبيخ أصول الكراث النبطي أسفندياجه بدهن اللوز و شيرج نافع من القولنج و عصارته يابسة تسهل الدم.

ص:147

الباذروج (الحوك)

اشارة

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الحوك بقلة الأنبياء عليهم السّلام أما إنّ فيه ثمان خصال: يمرىء الطعام، و يفتح السدد، و يطيب النكهة، و يشهي الطعام، و يسهل الدم، و هو أمان من الجذام، و إذا استقر في جوف الإنسان قمع الداء كله(1).

بزر قطونا

عن الصادق عليه السّلام قال: من حم فشرب تلك الليلة وزن درهمين بزر القطونا أو ثلاثة أمن من البرسام في تلك العلة(2).

ص:148


1- (1) بحار الأنوار ج 63 ص 215.
2- (2) بحار الأنوار ج 59 ص 220 ح 1.

الحوك (الباذروج) في الطب القديم

شرح الماهية:

هو الحوك، ريحان معروف.

خواص العلاجات:

محلل و منضج: ينفع للتحليل و الإنضاج.

الأورام الحارة: إذا تضمد به مع السويق و دهن الورد و الخل نفع من الأورام الحارة.

لسعة العقرب: إذا تضمد به وحده نفع من لسعة العقرب و التنين البحري. و أهل البلاد التي يقال لها لينوي يزعمون إن أكله أحد ثم لسعته عقرب لم تؤلمه لسعتها.

رطوبة العين: ماؤه يجلو البصر و يجفف الرطوبات السائلة إلى العين.

المرة السوداء: بزره إذا شرب وافق من يتولد في بدنه المرة السوداء و الصرع و من به عسر البول و النفخ.

العطاس: إذا استنشق أحدث عطاسا كثيرا. و الباذروج أيضا يفعل ذلك و ينبغي أن تغمض العين تغميضا شديدا في الوقت الذي يعرض فيه العطاس.

الإغماء: جيد لفم المعدة و القلب و الخفقان و هو نافع من الغشي.

للرعاف: عصارته قطورا نافعة للرعاف و لا سيما بخلّ خمر و كافور فتيلة. و ماؤه جيد لنفث الدم.

سوء النفس: أسكرجة من مائه تنفع من سوء النفس.

لسع الزنابير: يوضع على لسع الزنابير فينفعها.

سلامة الأسنان: الشريف: إذا مضغه الإنسان مضغا متتابعا في وقت نزول الشمس برج الحمل سلمت أسنانه و لم توجعه أبدا في تلك السنة البتّة.

وجع الأذن: إن مضغ غصنه و دس في الأذن الوجعة سكن وجعها.

ص:149

البزر قطونا في الطب القديم

شرح الماهية:

هو الأسفيوس بالفارسية و فسليون باليونانية، و تأويله: البرغوثي.

ديسقوريدس: نبات له ورق شبيه بورق قوربون، عليه زغب و قضبان طولها نحو شبر، و ابتداء جمّته من وسط الساق و في أعلاه رأسان أو ثلاثة، مستديرة فيها بزر شبيه بالبراغيث، أسود، صلب - و هو المستعمل - و ينبت في الأرضين المحروثة.

خواص العلاجات:

وجع المفاصل: إذا تضمد به مع الخل و دهن الورد و الماء نفع من وجع المفاصل و الأورام الظاهرة في أصول الآذان و الخراجات و الأورام البلغمية و التواء العصب.

قيل الصبيان: إذا ضمدت به قيل الأمعاء العارضة للصبيان و السرر الناتئة أبرأها و إذا احتيج أن يتخذ منه هذا الضماد أعني «الذي لقيل الصبيان و سررهم»، فينبغي أن يؤخذ مقدار أكسويافن و يسحق و ينخل و ينقع في قوطولين من ماء و إذا جمد الماء ضمدت به و هو يبرد تبريدا قويا.

ابن ماسويه: أجوده الكثير الخصب الذي يرسب في الماء.

الحرارة و العطش: إسحاق بن عمران: يبرد الحرارة و يلين الخشونة و يطفىء العطش.

ترطيب الأمعاء: إذا ضرب في الماء حتى يرخي لعابه و شرب أطلق الطبيعة و رطب الأمعاء و ذهب باليبس الحادث فيها من أسباب الصفراء.

حرارة الدماغ: لخاصته إذا مزج مع دهن البنفسج برّد حرارة الدماغ و لين الشعر و رطبه و منع من تشققه و ذهب بتقصيفه و طوّله و يفعل ذلك أياما تباعا.

فوران الدم: حبيش: إن سقي منه قليلا نفع من لهيب المرة الصفراء و فوران الدم الحادّ و الحميات الحادة الحريفة.

المبرسمين: إن سقي لعابه المبرسمين نفعهم و سكن عطشهم.

تسهيل الطبيعة: يسهل الطبيعة إذا سقي نيئا غير مقلو فيشرب منه وزن در همين منقعا بالماء الحار حتى تخرج لزوجته، و يشرب كذلك مع السكر الأبيض و الجلاب أو السكنجبين.

ص:150

الصداع و العطش: الشيخ الرئيس: يسكن الصداع ضمادا و يقطع العطش الشديد لعابه مع دهن اللوز.

العطش الصفراوي: يقطع العطش الصفراوي.

السحج: و المقلو منه ملتوتا بدهن الورد قابض و يشرب منه وزن در همين فيعقل البطن و ينفع من السحج و خصوصا للصبيان.

كثرة الأمراض: أهرز القس: يسكن البلغم و المغص و الزحير و الصداع و يلين الخشونة التي تكون في الفرج و الأمعاء.

مداواة السموم: ديسقوريدس: في مداواة السموم و إذا شرب البزر قطونا عرض منه البرد في جميع البدن مع خدر و استرخاء و غثيان النفس و ينتفع شاربه بما ينتفع به من شرب الكزبرة الرطبة.

حبيش بن الحسن: من أضرّ به البزر قطونا المدقوقة فاسقه العسل بالماء الحار و ماء الشبث و قيئه.

ص:151

الجاورس و اللبان

اشارة

(1)

عن عبد الرحمن بن كثير، قال: مرضت بالمدينة، فانطلق بطني، فقال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام و أمرني أن آخذ سويق الجاورس، و أشربه بماء الكمون، ففعلت، فأمسك بطني، و عوفيت(2).

اللبان

قال عليه السّلام: ثلاثة يزدن في الحفظ و يذهبن بالبلغم: قراءة القرآن، و العسل، و اللبان(3).

ص:152


1- (1) الجاورس: من الحبوب كالحنطة و الشعير (القاموس المحيط 204:2).
2- (2) وسائل الشيعة ج 25 ص 131 ح 2، باب 71.
3- (3) بحار الأنوار ج 63 ص 444 ح 6.

الجاورس في الطب القديم

اشارة

ابن واقد: هو عند جميع الأطباء صنف من الدخن صغير الحب شديد القبض أغبر اللون، و هو عند جميع الرواة الدخن نفسه، غير أن أبا حنيفة الدينوري خاصة من بينهم قد قال: إن الدخن جنسان أحدهما زلال و قاص و الآخر أجرش، قال: و الجاورس فارسي و الدخن عربي.

خواص العلاجات:

للتكميد: متى تعالج به الإنسان من خارج، بأن يجعل في كيس أو صرة، و يكمد به نفع غاية في المنفعة، لمن يحتاج إلى تكميد يجفف من غير أن يلذع.

تعقيل البطن: إذا عمل منه خبز و هيئ منه ما يشبه الحشيشة، عقل البطن و أدر البول.

المغص: إذا قلي و تكمد به حارا، نفع من المغص، و غيره من الأوجاع.

ص:153

اللبان في الطب الحديث

اشارة

«اللبان عبارة عن مواد صمغية و راتنجية، يستخرج من الأشجار بعمل شقوق في الجذع، فتخرج هذه المادة التي تكون في بادىء الأمر بيضاء اللون تميل إلى الأصفر الخفيف، مطّاطة القوام، و عند تركها تجف و تصبح شديدة الصلابة، و يتغيّر لونها إلى الأصفر الغامق. يحتوي اللبان على مواد راتنجية بنسبة 60-70%، و مواد صمغية بنسبة 27-35%، بالإضافة إلى الزيوت الطيارة بنسبة 7,5%، و هي صفراء اللون و ذات رائحة بلسمية عطرية. أما الرماد الناتج من حرق اللبان فيحتوي على كربونات و كبريتات البوتاسيوم، و كربونات الكالسيوم، و أملاح الفوسفور.

و قد جاء في دائرة المعارف البريطانية (المجلد 282/4 الطبعة 15 لعام 1982) عن اللبان ما يلي:

اللبان Frankincense(olibanum) : مادة صمغية ذكية الرائحة بها زيوت طيارة كان يقدّرها القدماء، و يستخدمونها في طقوسهم الدينية و في أدويتهم. و قد استخدمها على نطاق واسع الفراعنة، و انتقل منهم إلى المعابد اليهودية و هو مذكور عدة مرات في أسفار التوراة الخمسة عدة مرات. و قد ذكره المؤرخ الطبيعي الروماني بليني الأكبر في القرن الأول بعد الميلاد و وصف خصائصه و منها أنه يستخدم كدواء مضاد للتسمم بالشوكران (الشيكران (hemlok (التي تحتوي على الهايوسيمين و الأتروبين).

و يستخرج اللبان من شجرة من فصيلة Bos Wellia عائلة Burseraceae ، و فيه ثلاثة أنواع تستخدم لاستخراج اللبان و هي: B.carteri,B.bhaw-dajiana,B.Frereanea .

و توجد هذه في حضرموت و الصومال. و يستخرج اللبان منها بإيجاد شقوق في جذعها (بفؤوس صغيرة) فيسيل منها سائل لبني سرعان ما يجف و يتجمد و يصبح على شكل أقراص غير منتظمة أو حبات مستديرة أو على شكل كمثري، لونه أصفر صفرة خفيفة أو إلى خضرة خفيفة و مغطاة بمسحوق خفيف من اللبان نفسه. و كلما كان النوع أصفى و أرقّ كان اللون أرق و أكثر شفافية.

و من خواص هذا الراتنج أنه منبه و مدر للطمث و نافع في التهابات الحنجرة و الشعب. و هو يدخل في تركيب كثير من الضمادات (اللزقات (Plasters و مساحيق التبخير ضد العدوى (Powders

Fumigating) ، و يستخدم في البلاد الشرقية في البخور و في عمل بعض المحاليل العطرية، و يزيل الرائحة الكريهة في الفم و يسكن آلام الأسنان.

ص:154

اللبان (الكندر) في الطب القديم

شرح الماهية:

ابن سمجون: الكندر بالفارسية هو اللبان بالعربية.

الأصمعي: ثلاثة أشياء لا تكون إلا باليمن و قد ملأت الأرض الورس و اللبان و العصب (يعني برود اليمن).

أبو حنيفة: أخبرني أعرابي من أهل عمان، و قال: اللبان لا يكون إلا بالشجر، شجر عمان، و هي شجرة مشوكة لا تسمو أكثر من ذراعين و لا تنبت إلا بالجبال، ليس في السهل منها شيء، و له ورق مثل ورق الآس و ثمر مثل ثمره، له مرارة في الفم، و علكه الذي يمضغ - و يسمى الكندر - يظهر في أماكن منه، تعقر بالفؤوس و تترك فيظهر في آثار الفؤوس هذا اللبان فيجتنى.

خواص العلاجات:

ظلمة البصر: ديسقوريدوس: الكندر يقبض و يسخن و يجلو ظلمة البصر.

ملء القروح العتيقة: يملأ القروح العتيقة و يدملها و يلزق الجراحات الطرية بدملها و يقطع نزف الدم من أي موضع كان و نزف الدم من حجب الدماغ الذي يقال له سسعس و هو نوع من الرعاف و يسكنه.

منع القروح الخبيثة: يمنع القروح الخبيثة التي في المعدة و في سائر الأعضاء من الانتشار إذا خلط بلبن و عمل منه فتيلة و جعلت فيها.

القوابي: إذا خلط بالخل و الزيت و لطخ به في ابتداء الوجع الذي يقال له مرميقيا قلعه و قلع القوابي.

قروح إحراق النار و الشقاق: إذا خلط بشحم البط أو شحم الخنزير أبرأ القروح العارضة من إحراق النار و الشقاق العارض من البرد.

القروح الرطبة: إذا خلط بالنطرون و غسل به الرأس أبرأ القروح الرطبة.

حرق النار و الداحس: إذا خلط بالعسل أبرأ حرق النار و الداحس.

شدخ صدف الآذان: إذا خلط بالزفت أبرأ شدخ صدف الآذان.

ص:155

أوجاع الأذن: إذا خلط بالخمر الحلو و قطر في الأذن نفع من سائر أوجاعها.

الأورام الحارة في الثدي: إذا خلط بالطين المسمى قيموليا و دهن الورد نفع الأورام الحارة العارضة في الثدي في النفاس.

نفث الدم: إذا شرب نفع من نفث الدم. و إذا شربه الأصحاء نفعهم و شجعهم.

حرق الدم و البلغم: أبو جريج: يحرق الدم و البلغم و ينشف رطوبات الصدر و يقوي المعدة الضعيفة و يسخنها و الكبد و المعي إذا بردتا.

كثرة النسيان: إن أنقع منه مثقال في ماء و شرب كل يوم نفع المبلغمين و زاد في الحفظ و جلا الذهن و ذهب بكثرة النسيان غير أنه يحدث لشاربه إذا أكثر منه صداعا.

هضم الطعام و طرد الريح: الفارسي: الكندر يهضم الطعام و يطرد الريح.

دم العين المحتقن: حكيم بن حنين: قال جالينوس: إذا كحلت به العين التي فيها دم محتقن نفع من ذلك و حلله.

قذف الدم و نزفه: الدمشقي: ينفع من قذف الدم و نزفه و وجع المعدة و استطلاق البطن و اختلاف الأعراض و يجلو القروح الكائنة في العينين.

حديث النفس: البصري: الكندر يأكل البلغم و يذهب بحديث النفس و يزيد في الذهن و يذكيه.

الحزازة: ماء نقيعه يغسل به الرأس و ربما خلط بالنطرون فينقي الحزازة و يجفف قروحه و قشوره.

تنقية المعدة: ينقي المعدة و يقويها و يشدها.

جذب الرطوبات و البلغم: المجوسي: الكندر إذا مضغ جذب الرطوبات و البلغم من الرأس.

أصحاب الزحير: إذا سقي أصحاب الزحير مع شيء من النانخواه نفعهم.

اعتقال اللسان: إسحاق بن عمران: إذا مضغ الكندر مع صعتر فارسي أو زيت الخل جلب البلغم و ينفع من اعتقال اللسان.

البلادة و النسيان: ابن سينا في الأدوية القلبية: الكندر مقو للروح الذي في القلب و الذي في الدماغ فهو لذلك نافع من البلادة و النسيان.

شدّ الأسنان و اللثة: الكندر ينفع من السعال و مضغه يشدّ الأسنان و اللثة و يصلحها.

ص:156

داء الثعلب: دخانه إن أحرق مع الفطر أنبت الشعر في داء الثعلب.

نفث الدم: جالينوس: قشر الكندر يقبض قبضا بينا فهو لذلك يجفف تجفيفا بليغا حتى صار الأطباء يكثرون استعماله في مداواة من ينفث الدم و من معدته رخوة و من به قرحة الأمعاء و ليس يقتصرون على خلطه في الأضمدة التي يداوى بها من خارج دون أن يلتوه أيضا في الأدوية التي ترد إلى داخل البدن.

نفث الدم: قشر الكندر إذا شرب كان أوفق من الكندر لمن ينفث الدم و للنساء اللواتي يسيل من أرحامهن رطوبات مزمنة إذا احتملته.

جلاء الآثار و قروح العين و أورامها: يصلح لجلاء الآثار و قروح العين و لعلاج قروحها التي يقال لها قيلومالطا و أوساخ العين. إذا غلي كان صالحا لحكتها. و قوّة دخان الكندر مسكنة لأورام العين الحارة قاطعة لسيلان الرطوبة منها نافعة لقروحها منبتة للحم في قروحها التي يقال لها قيلومالطا مسكنة للورم العارض فيها المسمى سرطانا.

نزف الدم و قروح الأمعاء: الدمشقي: قشور الكندر تنفع من نزف الدم و قروح الأمعاء.

حبس البطن و تجفيف القروح: إذا وضع كالمرهم يحبس البطن و يجفف القروح.

ص:157

السويق

اشارة

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال: السويق ينبت اللحم، و يشد العظم(1).

و عنه عليه السّلام قال: السويق يجرد المرة و البلغم من المعدة جردا، و يدفع سبعين نوعا من أنواع البلاء(2).

و قال عليه السّلام: من شرب السويق أربعين صباحا امتلأ كتفاه قوة(3).

و عنه عليه السّلام قال: السويق يهضم الرؤوس(4).

و قال عليه السّلام: اسقوا صبيانكم السويق في صغرهم، فإن ذلك ينبت اللحم، و يشد العظم، و قال: من شرب السويق أربعين صباحا امتلأ كتفاه قوة(5).

و عنه عليه السّلام قال: ثلاث راحات(6) سويق جاف على الريق تنشف المرة و البلغم، حتى لا يكاد يدع شيئا(7).

و عنه عليه السّلام قال: السويق الجاف يذهب بالبياض(8).

ص:158


1- (1) وسائل الشيعة ج 25 ص 14 ح 2، باب 4.
2- (2) وسائل الشيعة ج 25 ص 15، ح 6.
3- (3) وسائل الشيعة ج 25 ص 15، ح 7.
4- (4) وسائل الشيعة ج 25 ص 15، ح 8.
5- (5) وسائل الشيعة ج 25 ص 16-17، ح 11.
6- (6) الراحة: قدر ما يملأ بطن الكف.
7- (7) وسائل الشيعة ج 25 ص 17، ح 1، باب 5.
8- (8) وسائل الشيعة ج 25 ص 18، ح 3.

عن عبد اللّه بن مسكان، قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: شرب السويق بالزيت ينبت اللحم، و يشد العظم، و يرق البشرة، و يزيد في الباه(1).

عن حماد بن عثمان، قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إملأوا جوف المحموم من السويق، يغسل ثلاث مرات، ثم يسقى(2).

سويق الشعير

عن سيف التمار، قال: مرض بعض رفقائنا بمكة فبرسم(3) ، فدخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام فأعلمته فقال: اسقه سويق الشعير، فإنه يعافى إن شاء اللّه، و هو غذاء في جوف المريض، قال: فما سقيناه إلا يومين، أو قال: مرتين، حتى عوفي صاحبنا(4).

سويق العدس

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، أنه قال: سويق العدس يقطع العطش، و يقوي المعدة، و فيه شفاء من سبعين داء، و يطفىء الصفراء، و يبرد الجوف، و كان إذا سافر لا يفارقه، و كان إذا هاج الدم بأحد من حشمه يقول له: اشرب من سويق العدس، فإنه يسكن

ص:159


1- (1) وسائل الشيعة ج 25 ص 18، ح 5.
2- (2) وسائل الشيعة ج 25 ص 19، ح 6.
3- (3) برسم: هذى في مرضه. (القاموس المحيط 79:4).
4- (4) وسائل الشيعة ج 25 ص 20 ح 1، باب 7.

هيجان الدم، و يطفىء الحرارة(1).

سويق الأرز

عن جعفر بن محمد عليهما السّلام، أن رجلا من أصحابه شكا إليه اختلاف البطن، فأمره أن يتخذ من الأرز سويقا و يشربه، ففعل و عوفي، الخبر(2).

و عنه عليه السّلام قال: السويق ينبت اللحم، و يشد العظم، و قال: المحموم يغسل له السويق ثلاث مرات و يعطاه، فإنه يذهب بالحمى، و ينشف المرة و البلغم، و يقوي الساقين.(3).

و عنه عليه السّلام قال: إن السويق الجاف إذا أخذ على الريق، أطفأ الحرارة، و سكن المرة، و إذا لت ثم شرب، لم يفعل ذلك(4).

و عنه عليه السّلام قال: أفضل سحوركم السويق و التمر(5).

سويق التفاح

عن أبي بكير قال: رعفت فسئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن ذلك فقال: اسقوه سويق التفاح فسقيته فانقطع الرعاف(6).

ص:160


1- (1) وسائل ج 25 ص 21، ح 1، باب 8.
2- (2) مستدرك الوسائل ج 16 ص 337 ح 3.
3- (3) مستدرك الوسائل ج 16 ص 337 ح 4.
4- (4) مستدرك الوسائل ج 16 ص 339 ح 2، باب 5.
5- (5) بحار الأنوار ج 63 ص 280، ح 21.
6- (6) بحار الأنوار ج 63 ص 281، ضمن حديث 25.

السويق في الطب القديم

المحرورين و الملتهبين: منه سويق الحنطة و الشعير ينفعان المحرورين و الملتهبين إذا باكروا شربهما في الصيف و يمنعان كون الحميات و الأمراض الحارة و هذا من أجلّ منافعه و لا ينبغي لمن يشربه أن يأكل ذلك اليوم فاكهة رطبة و لا خيارا و لا بقولا و لا يكثر منها.

بلة المعدة: سويق الشعير فإنه إذا عجن بماء الرمانين أو سف به جفف بلة المعدة و نفع من السعي الصفراوي و من صداع الرأس المتولد عن أبخرة حارة و سكن الغثيان و قوى المعدة.

إخصاب أبدان الأطفال: إذا جعل سويق الشعير غذاء الأطفال بأن يطبخ منه حسوا عصيدة بإحدى الحلاوات وافقهم و أخصب أبدانهم و قطع عنهم ما يعتري الأطفال من الغثيان و الإطلاق.

السحج: متى عجن بشراب ورد و زبد طريّ نفع من السحج المقلق المكثر الاختلاف من غير إطلاق.

ص:161

الخل

عن جعفر بن محمد عليهما السّلام قال: الخل يسكن المرار و يحيي القلوب(1).

و قال عليه السّلام: نعم الأدام الخل، يكسر المرة، و يحيي القلب، و يشد اللثة، و يقتل دواب البطن(2).

عن محمد بن علي الحلبي، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الطعام، فقال:

عليك بالخل و الزيت، فإنه مريء(3).

و قال عليه السّلام: الخل يشد العقل(4).

عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال: إنا لنبدأ بالخل عندنا كما تبدأون بالملح عندكم، و إن الخل ليشد العقل(5).

و عنه عليه السّلام قال: الاصطباغ بالخل يقطع شهوة الزنا(6).

عن رفاعة، قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام، يقول: الخل ينير (يسر) القلب(7).

ص:162


1- (1) مستدرك الوسائل ج 16 ص 363، ح 5.
2- (2) مستدرك الوسائل ج 16 ص 364، ح 7.
3- (3) وسائل الشيعة ج 25 ص 87، ح 9.
4- (4) وسائل الشيعة ج 25 ص 88، ح 1، باب 44.
5- (5) وسائل الشيعة ج 25 ص 89، ح 5.
6- (6) وسائل الشيعة ج 25 ص 90، ح 7.
7- (7) وسائل الشيعة ج 25 ص 92، ح 21.

خل الخمر

اشارة

عن سدير، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ذكر عنده خل الخمر فقال: يقتل دواب البطن و يشد الفم(1).

و قال عليه السّلام أيضا: خل الخمر يشد اللثة، و يقتل دواب البطن، و يشد العقل(2).

و قال عليه السّلام: عليك بخل خمر فاغتمس(3) فيه، فإنه لا يبقى في جوفك دابة إلا قتلها(4).

ص:163


1- (1) بحار الأنوار ج 63 ص 302، ح 10.
2- (2) بحار الأنوار ج 63 ص 302، ح 11.
3- (3) الاغتماس الارتماس، و كأنه هنا كناية عن كثرة الشرب أو المعنى غمس اللقمة فيه عند الائتدام به.
4- (4) بحار الأنوار ج 63 ص 302-303 ح 12.

الخل في الطب القديم

قطع نزف الدم: صالح للمعدة يفتق الشهوة و يقطع نزف الدم من أي عضو كان إذا شرب، و إذا احتيج إلى الجلوس فيه.

فضول البطن: إذا طبخ مع الطعام، وافق البطن التي يسيل إليها الفضول.

القروح الخبيثة: إذا بل الصوف غير المغسول به أو الاسفنج أبرأ الجراحات أول ما يعرض و منع منها الأورام، و قد يرد الرحم و السرة إلى داخل إذا نتأ إلى خارج و يشد اللثة المسترخية و ينفع من القروح الخبيثة التي تنتشر في البدن و من الحمرة و النملة و الجرب المتقرح و القوابي و البواسير و الداحس إذا خلط ببعض الأدوية الموافقة لهذه الأمراض.

الآكلة: إذا غسلت به القروح الخبيثة و الآكلة غسلا دائما منعها من الانتشار في اللبدن.

النقرس: إذا خلط به شيء من كبريت وصب و هو سخن على النقرس نفع منه.

الأثر دون العين: إذا خلط بالعسل و لطخ به الأثر العارض دون العين من اجتماع الدم تحت الجلد أذهبه.

صداع حر الشمس: إذا شرب به و هو مخلوط بدهن الورد الصوف غير المغسول و الاسفنج و وضع على من به صداع من حر الشمس نفع منه.

دوي الأذن و الطنين و الدود: بخاره إذا كان سخنا نفع من كان به استسقاء أو عسر السمع أو الدوي العارض في الأذن و الطنين العارض فيها. و إذا قطر في الآذان قتل الدود الذي فيها.

الحكة العارضة للبدن: إذا صب و هو سخن فاتر على الورم الذي يقال له موخثلن أو شربت به الأسفنجة و وضع عليه ذهب به و سكن الحكة العارضة للبدن.

نهش الهوام: قد يصب و هو سخن على نهش الهوام التي تبرد البدن بسمها فينتفع به. و قد يصب و هو بارد على نهش الهوام التي تسخن البدن بسمها فينتفع به.

مضرة الأدوية القتالة: قد ينفع من مضرة الأدوية القتالة إذا شرب و هو سخن و يقيّىء و خاصة من مضرة الأفيون و السوكران و الدواء الذي يقال له أفوسطن و هو خانق النمر و من جمود اللبن و الدم الذي في البطن. و إذا شرب بالملح نفع من أكل الفطر القتال، و من شرب السم

ص:164

الذي يقال له سملنفس.

السعال المزمن: إذا تحسي قلع العلق المتعلق بالحلق و سكن السعال المزمن و هيج غير المزمن.

عسر النفس: إذا تحسّي و هو سخن وافق عسر النفس الذي يحتاج معه إلى الانتصاب.

الخناق و اللهاة الساقطة و وجع الأسنان: و إذا تغرغر به قطع سيلان الفضول إلى الحلق و وافق الخناق و اللهاة الساقطة و قلعها و إذا تمضمض به سخنا نفع من وجع الأسنان.

حرق النار: يطفىء حرق النار أسرع من كل شيء.

المعدة الملتهبة: عيسى بن ماسه: جيد للمعدة الملتهبة و ينفع الطحال.

الحمرة المنتشرة: إن خلط بالطعام و أكل نفع من الحمرة المنتشرة المتولدة من الصفراء.

انفجار الدم من الرئة: خل الخمر إذا سقي صرفا فاترا في أثر انفجار الدم من الرئة قطعه جملة.

قطع الدم المنبعث: إذا خلط بملح و أمسك في الفم قطع الدم المنبعث من قلع الضرس الصعب العسر الانقطاع منه.

حرقة و خشونة الملمس: الشريف: و إذا طبخ في الخل التين اليابس حتى ينضج و ضمد به من البدن المواضع التي يجد الإنسان فيها حرقة و خشونة الملمس نفع من ذلك و حيا.

بثر الفم: إذا ركب على رطل منه أوقية من طبقات العنصل المتنشف في الظل و أغلي حتى تهرى أو يشمس و يترك في الشمس، ثم يصفى و يشرب من هذا الخل في كل يوم على الريق وزن در همين نفع من بثر الفم الكائن عن الأحشاء.

ص:165

الأشنان و السعد

اشارة

عن الحكم بن مسكين، قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: أكل الأشنان يوهن الركبتين و يفسد ماء الظهر(1).

السعد

عن أبي عزيز المرادي، قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: اتخذوا في أسنانكم السعد، فإنه يطيب الفم و يزيد في الجماع(2).

ص:166


1- (1) بحار الأنوار ج 59 ص 236، ح 3.
2- (2) بحار الأنوار ج 59 ص 237، ح 6.

الاشنان في الطب القديم

شرح الماهية:

أبو حنيفة: هو أجناس كثيرة و كلها من الحمض، و الأشنان هو الحرض، الذي يغسل به الثياب.

البكري: الأشنان هو نبات لا ورق له، و له أغصان دقاق فيها شبيه بالعقد، و هي رخصة كثيرة المياه، و يعظم حتى يكون له خشب غليظ يستوقد به، و ناره حارة جدا و رائحة دخانه كريهة و طعمه إلى الملوحة و هو من الحمض.

خواص العلاجات:

منقي و مفتح السدد: الرازي: حديد ينقي و يفتح السدد، و يأكل اللحم الزائد.

عسر البول: جلاء وزن نصف درهم منه يحل عسر البول و وزن خمسة دراهم تسقط الولد حيا كان أو ميتا و نصف درهم من الأشنان الفارسي إلى درهم يدر الطمث، و وزن ثلاثة دراهم منه يسهل مائية الاستسقاء، و عشرة دراهم منه سم قاتل و دخان الأخضر منه ينفر الهوام.

ص:167

السعد في الطب القديم

اشارة

ديسقوريدوس: «فيبارس» - و هو السعد - و يسميه بعضهم أرسيطقون.

و يسمّي بعضهم بهذا الاسم الدار شيشعان، له ورق شبيه بالكرّاث غير أنه أطول منه و أدق و أصلب، و له ساق طولها ذراع أو أكثر، و ساقه ليست مستقيمة بل فيها اعوجاج على زوايا شبيهة بساق الإذخر على طرفه أوراق صغار ثابتة، و أوله كأنها زيتون، و منه طويل و منه مدور مشتبك، يعني أن أصوله شبيهة بثمر الزيتون بعضها مع بعض، طيبة الرائحة، سود، فيها مرارة، ينبت في أماكن غامرة و أرض رطبة، و أجود السّعد ما كان منه ثقيلا كثيفا عسير الرض فيه خشونة، طيب الرائحة مع شيء من حدة.

خواص العلاجات:

جالينوس في 8: الذي ينتفع به من السعد إنما هو أصله.

القروح العسيرة: ينفع منفعة عجيبة من القروح التي قد عسر اندمالها.

أفواه العروق: قوته مسخنة مفتحة لأفواه العروق.

إدرار البول: إذا شرب يدر البول لمن به حصاة و حبن و ينفع من سم العقرب.

برد الرحم: هو صالح إذا تكمد به لبرد الرحم و انضمام فمها و يدر الطمث.

قروح الفم: هو نافع من القروح اللواتي في الفم و القروح المتآكلة إذا استعمل يابسا مسحوقا.

يحلق الشعر: يقال إن بالهند نوعا آخر من السعد شبيها بالزنجبيل إذا مضغ صار لونه مثل لون الزعفران و إذا لطخ على الشعر و الجلد حلق الشعر على المكان.

يكثر الرياح: الرازي في الحاوي: يزيد في العقل و يكثر الرياح و يدبغ المعدة و يحسن اللون و هو جيد للبواسير نافع للمعدة و الخاصرة و يطيب النكهة.

وجع المثانة و ضعفها: إن شرب مع دهن الحبة الخضراء شد الصلب و أسخن الكلى و نفع المثانة الباردة و نفع من وجع المثانة و ضعفها و جربها جدا و يقطر البول و يحرق الدم و يتخوف من إكثاره الجذام.

ص:168

تسخين المعدة و الكبد: قال في المنصوري: يسخن المعدة و الكبد الباردتين. هو جيد للبخر و العفن في الفم و الأنف نافع للمعدة و اللثة الرطبة.

لرطوبة السفل: مسيح بن الحكم: صالح لرطوبة السفل و استرخائه، نافع للأسنان.

استرخاء اللثة: ابن سينا: ينفع من استرخاء اللثة و يزيد في الحفظ و ينفع من الحميات العتيقة جدا شربا و يقوّي العصب. يقطع القيء ضمادا و مشروبا.

البثور في رؤوس الأطفال: إذا خلط بالزفت نفع من البثور في رؤوس الأطفال.

ص:169

السنا

اشارة

عن الصادق عليه السّلام قال: لو علم الناس ما في السنا لقابلوا كل مثقال منه، بمثقالين من ذهب.

أما إنه أمان من البهق و البرص و الجذام و الجنون و الفالج و اللقوة.

و يؤخذ مع الزبيب الأحمر الذي لا نوى له، و يجعل معه هليلج كابلي(1) و أصفر و أسود أجزاء سواء.

يؤخذ على الريق مقدار ثلاثة دراهم، و إذا أويت إلى فراشك مثله، و هو سيد الأدوية(2).

ص:170


1- (1) سيأتي شرحها فيما بعد.
2- (2) بحار الأنوار ج 59 ص 218، ح 3.

ما يقوله العلم الحديث في السّنا:

يتميز السنا بعدة خصائص و ميزات نرقمها كالتالي:

1 - لقد استخلص كثيرا من المواد الكيماوية المضادة للجراثيم من السنا.

كما تم استخلاص العديد من المواد التي تستعمل للتخلص من الفطور و أهم هذه المواد:

أ - مواد غليكوسية فلافونية.

ب - حمض الكريزوفونيك - 9 أنثراسين.

ج - شاكسين (و هي مادة قلوية مضادة للجراثيم).

3 - أما الاكتشاف الأهم: فهو تأثير السنا المضاد للحمات الراشحة، ففي تجربة تم فيها استخلاص الراسب البروتيني من أكثر أنواع السنا فعالية (و هو الكاشيا سيام) و استعمل هذا الراسب في اختبار لإيقاف نمو الحمة الراشحة، فكانت النتيجة إيجابية بنسبة عالية حتى إنها وصلت إلى 100% في بعض الحالات. و من المعلوم أنه في ظل غياب دواء قاتل للحمات (الفيروسات) فإن هذا الاكتشاف يكون ذا قيمة علمية كبيرة.

4 - بالإضافة إلى ميزة السنا عن سواه من المسهلات، في أن الانقطاع عن تناولها لا يسبب أي إمساك على خلاف المسهلات الأخرى التي يعتاد عليها الإنسان و لا يستطيع التبرز و قضاء حاجته دون أخذ جرعة جديدة ثم يحتاج لجرعات أكبر و هكذا تزداد مشاكله.

المقدار الدوائي للسنا و طريقة الاستخدام:

- كمسهل: 10-5 غ من أوراق السنا المسحوقة - 2 غ من بذور الشمرة أو اليانسون المسحوقة.

الاستخدام: تسفّ سفّا و يشرب الماء بعد ذلك أو يخلط المزيج مع العسل أو ينقع في الماء المغلي.

- كمليّن: ثلث المقدار المسهل.

و يمكن استخدام السّنا كرحضة «حقن شرجية»:

- رحضة ملينة للكبار: 10 غ من السنا:

ص:171

- 10 غ من كبريت الصوديوم. - 50 غ مطبوخ بذور الكتان.

- رحضة مسهلة للكبار: 30 غ من السنا. - 30 غ من كبريت الصوديوم. - 300 غ من مطبوخ الختمية.

و يذكر الأستاذ الدكتور سير أفري جونس و الدكتور أدمون جودنج في كتابهما معالجة الإمساك(1):

إن من أهم أسباب الإمساك: قلة الألياف في الطعام، و عدم الجلوس جلسة صحيحة أثناء التبرز، و بالتالي عدم إيجاد الضغط الكافي لإخراج الفضلات. و الجلسة التي نصح بها الرسول، و هي الاتكاء على اليسرى و نصب اليمنى تساعد على إيجاد الضغط الكافي لإخراج الفضلات، و على جعل شكل المستقيم يتحول إلى أن يكون مستقيما فعلا بدلا من شكله العوج. و القولون السيني Sigmoid

Colon الموجود على شكل حرف S .

3 - إن من أفضل الأدوية و العقاقير لمداواة الإمساك هي السّنا. و قد ذكر كتاب أفري جونس السابق ذكره أن السنا تليها الكاسكارا تعتبر أفضل المليّنات، لأنها لا تخرش الأمعاء، و لأن عملها لا يبدأ إلا في القولون و هي بالتالي لا تؤثر على امتصاص الغذاء، كما أنها لا تسبب إمساكا يعقب الإسهال.

الاستعمالات المستقبلية:

هناك عدة مجالات للبحث في إمكان استخدام السنا، و يوجد في الهند مستحضر مكوّن من محلول مائي مركز من الكاشيا أنجستوفوليا و الكاشيا أكسيدنتاليز و تستعمل لتنقية الدم (أرون ميصرا و راكليومارسينها (أبحاث المؤتمر العالمي الأول للطب الإسلامي، الكويت، ص 436).

و لا بد من بحث إمكانية استخدامات السنا في الأغراض المختلفة السابقة و المذكورة في الطب القديم، حيث كان السنا يستخدم لنزلات البرد و التهاب الحلق و الربو و الأمراض الجلدية المزمنة و الحكة و الجرب و تقوية الشعر و زيادة إفراز الصفراء و لعلاج البواسير و الصداع و الصرع و الشقيقة... إلخ.

و هناك استخدام جديد و هو تأثير السنا على نمو الفيروسات و تكاثرها. و من المعلوم أن الأدوية و العقاقير التي تضاد نمو الفيروسات قليلة جدا حتى الآن و لا تتعدّى عقارين أو ثلاث ثبت نجاحهما النسبي مثل أمانتدين Amantidine و أسكلوفير Acyclovir .

و لهذا فإن اكتشاف أي عقار لعلاج الفيروسات يعتبر قفزة رائعة في ميدان الطب العلاجي...

ص:172


1- (1) Sir Francis Avery Jones and Edmund Godding Management of Constipation,Blackwell Scientific Publication,London,1972.

حيث إن مئات المضادات الحيوية Antibiotics الموجودة في الأسواق لا تجدي إلا في أنواع البكتيريا و لا تستطيع أن تقاوم و تضاد الفيروسات.

و قد قام الباحثان آرون ميصرا و راكليومار سينها من الهند ببحث خاصية السنا في إيقاف نمو الفيروسات (البحث المقدم إلى المؤتمر العالمي الأول للطب الإسلامي ص 436-438)، و قد توصلا في بحثهما إلى أن بعض فصائل نبات السنا (الكاشيا) لها خاصية إيقاف نمو الفيروسات و بالذات الكاشيا سيام التي أعطت أعلى نتيجة لوقف نمو الفيروسات بينما أعطت الكاشيا فيستولا و جلوكا و الأكسيدينتال و التورا نتائج ضعيفة نسبيا في إيقاف نمو الفيروسات.

و قد تم استخلاص راسب بروتيني من الكاشيا سيام و قد أعطى نتائج عالية جدا في إيقاف نمو الفيروس... و وصلت النتائج في بعض الحالات إلى نسبة 100 بالمئة.

بالإضافة إلى ذلك توجد أبحاث طبية متعددة تؤكد فاعلية بعض المواد الكيماوية المستخلصة من نبات السنا (الكاشيا) ضد الميكروبات (البكتريا) و من ذلك مادة شاكسين المستخلصة من نبات الكاشيا إبسس.

كما تمّ استخلاص مواد كيماوية تستعمل ضد الفطريات من نبات الكاشيا فيستولا و الكاشيا دكورا. و هي مواد جليكوسية فلافونية و حامض الكريزوفونيك - 9 أنثراسين.

و هذه الأبحاث الجديدة في هذا الميدان ستفتح آفاقا جديدة في معالجة الفطريات و البكتيريا و الفيروسات.

و بما أن العقاقير المضادة للفيروسات محدودة جدا، فإن ذلك سينتج مجالا لمعالجة الأمراض الفيروسية التي لا يوجد لها علاج ناجح حتى الآن... و التي تسبب كثيرا من الأمراض البسيطة و الخطيرة... كما يعتقد أن لها علاقة وثيقة بمجموعة من الأورام الخبيثة مثل بركت لمفوما و ورم (غرن) كابوسي و لو كيميا الدم (اللمفاوي)... و أخيرا و ليس آخرا مرض الإيدز (مرض فقدان المناعة الذي يصيب الشاذين جنسيا و مدمني المخدرات و الزناة و ضحايا نقل الدم).

السنا في الطب القديم

أبو حنيفة الدينوري: قال الفرّاء: هو الذي يتداوى به و يسمى السنامكي، و أخبرني بعض الحجازيين قال: يخلط السنامكي بالحنّاء فيكون شبّا يسود به [الشعر]، و قال أبو زياد الأعرابي:

السنا من الأغلاث، و فيه كل شيء ينعت في العشرق إلى أن ورقته دقيقة، إذا جف صار له زجل لأن

ص:173

له سنفة، و هي خرائط طوال فيها حب منتظم، و لتلك السنفة معاليق دقاق، فإذا هبت عليه الريح تخشخشت حتى تضمه الرعاة، يخلط ورقه بالحنّاء فيسود الشعر.

المستعمل من السنا ورقه و هو شبيه بورق المازريون و أجوده المكّي.

خواص العلاجات:

إسهال المرة الصفراء و السوداء: أمية بن أبي الصلت: يسهل المرة الصفراء و المرة السوداء و البلغم و يغوص في العضل إلى أعماق الأعضاء و لذلك ينفع من النقرس و عرق النسا و وجع المفاصل الحادث عن أخلاط المرة الصفراء و المرة السوداء و البلغم و الشربة منه في المطبوخ من أربعة دراهم إلى سبعة دراهم.

الوسواس السوداوي: إسحاق بن حنين: قال بولس: إنه ينفع من الوسواس السوداوي و من الشقاق العارض في اليدين و ينفع من تشنج العضل و من انتثار الشعر و من داء الثعلب و الحية و القمل العارض في البدن و ينفع من الصداع العتيق و من الجرب و البثور و الحكة و من الصرع.

يقوي حزم القلب: يقوي حزم القلب. شرب ماؤه مطبوخا أصلح من شربه مدقوقا و إذا شرب وحده فالشربة منه مدقوقا من درهمين إلى ثلاثة و مطبوخا من أربعة دراهم إلى سبعة دراهم.

أوجاع الظهر و الوركين: الشريف: إذا طبخ في زيت أنفاق و شرب منه أخرج الخام بليغا و ينفع من أوجاع الظهر و الوركين.

ص:174

البنفسج

اشارة

عن عبد العزيز بن المهتدي، يرفعه إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أربعة يعدّلن الطبائع: الرمان السوراني، و البسر المطبوخ(1) ، و البنفسج، و الهندباء(2).

و قال عليه السّلام: استعطوا بالبنفسج(3).

عن صالح بن عقبة، عن أبيه، قال: أهديت إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام بغلة فصرعت بالذي أرسلت بها معه فأمّته(4) ، فدخلنا المدينة فأخبرنا أبا عبد اللّه عليه السّلام فقال: أ فلا أسعطتموه بنفسجا؟ فأسعط بالبنفسج فبرىء ثم قال: يا عقبة، إن البنفسج بارد في الصيف حار في الشتاء، ليّن على شيعتنا يابس على عدوّنا لو يعلم الناس ما في البنفسج قامت أوقية بدينار(5).

عن يونس بن يعقوب، قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما يأتينا من ناحيتكم شيء أحب إلينا من البنفسج(6).

عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: فضل البنفسج على الأدهان كفضل الإسلام على الأديان. نعم الدهن البنفسج، ليذهب بالداء من الرأس

ص:175


1- (1) البسر: الثمر إذا لوّن و لم ينضج. (المنجد).
2- (2) بحار الأنوار ج 59 ص 221 ح 1.
3- (3) بحار الأنوار ج 59 ص 221 ح 3.
4- (4) أي شجته شجة بلغت أم الدماغ. و في بعض النسخ «فأوهنته» أي «أضعفته»، و كأنه أظهر.
5- (5) بحار الأنوار ج 59 ص 221-222 ح 4.
6- (6) بحار الأنوار ج 59 ص 222 ح 5.

و العين، فادّهنوا به(1).

بهذا الإسناد عن عبد الرحمن، قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام فدخل عليه مهزم، فقال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: ادع لنا الجارية تجيئنا بدهن و كحل. فدعوت بها، فجاءت بقارورة بنفسج، و كان يوما شديد البرد، فصبّ مهزم في راحته منها، ثم قال:

جعلت فداك، هذا البنفسج و هذا البرد الشديد؟! فقال: إنّ متطبّبينا بالكوفة يزعمون أنّ البنفسج بارد. فقال: هو بارد في الصيف، ليّن حار في الشتاء(2).

عن محمد بن سوقة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: دهن البنفسج(3) يرزن(4)

الدماغ(5).

عن ثعلبة بن ميمون، عمن ذكره عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ذكر البنفسج فزكّاه، ثم قال: و الخيري(6) لطيف(7).

ص:176


1- (1) بحار الأنوار ج 59 ص 222 ح 6.
2- (2) بحار الأنوار ج 59 ص 222 ح 7.
3- (3) دهن البنفسج: سيأتي شرحها فيما بعد.
4- (4) الرزانة: الوقار، و كأنها هنا كناية عن القوة.
5- (5) بحار الأنوار ج 59 ص 223 ح 8.
6- (6) دهن خيري: ابن البيطار في (جامعه): التميمي: لطيف محلل موافق للجراحات و خاصة ما عمل من الأصفر منه و هو شديد التحليل لأورام الرحم و الأورام الكائنة في المفاصل، و لما يعرض من التعقد و التحجر في الأعصاب و التقبض، يقوي شعر الرأس و يكثفه و صنعته كصنعة دهن البنفسج. الأنطاكي في (التذكرة): هو دهن المنثور جيد الفعل في غالب أمراض الرأس و الصداع المزمن و يشد الشعر و يحل الرياح الغليظة و يختلف باختلاف ألوانه.
7- (7) بحار الأنوار ج 59 ص 223 ح 10.

البنفسج في الطب القديم

شرح الماهية:

ديسقوريدوس: هو نبات له ورق أصغر من ورق قسوس و أدق منه و أشد سوادا، و ليس هو ببعيد الشبه منه، له ساق تخرج من أصله عليها زغب صغير، و على طرف ساقه زهر طيب الرائحة جدا، و لونه لون الفرفير، ينبت في المواضع الظليلة الحسنة.

خواص العلاجات:

الأورام الحارة: متى صنع ورقه كالضماد إما مفردا و إما مع دقيق الشعير سكن الأورام الحارة.

لهيب المعدة: قد يوضع أيضا على فم المعدة إذا كان فيه لهيب و على العين أيضا.

الأورام الحارة: ديسقوريدس: ورق هذا النبات إذا تضمد به وحده أو مع السويق يبرد، و ينفع من التهاب المعدة و الأورام الحارة العارضة في العين و سائر الأورام الحارة و نتوء المقعدة.

الخناق و الصرع: قد يقال إن زهره إذا شرب بالماء نفع من الخناق و الصرع العارض للصبيان و هو المسمى أم الصبيان.

تحليل الأورام: يحلل الأورام، و ينفع من السعال العارض من الحرارة و ينوم نوما معتدلا و يسكن الصداع العارض من المرة الصفراء و الدم الحريف إذا شرب و إذا شم.

المرة الصفراء: اليابس يسهل المرة الصفراء المحتبسة في المعدة و المعيّ.

الصداع: حبيش: الرطب إن ضمد به الرأس و الجبين سكن الصداع الذي يكون من الحرارة، و إذا يبس نقصت رطوبته.

تسهيل الطبيعة: إن شرب مع السكر أسهل الطبيعة إسهالا واسعا.

مقادير الشربة: ابن سرانيون: الشربة منه من ثلاثة دراهم إلى سبعة دراهم مدقوقا منخولا مع مثله من السكر، و يشرب بالماء الحار.

الصداع: إسحاق بن عمران: زهر البنفسج إذا طبخ مع البابونج و صب ماؤه على الرأس نفع من الصداع المتولد من الحرارة، و ينفع من كل حر و يبس يعرض للرأس، و في أعضاء البدن.

ص:177

الأخلاط الصفراوية: زهره ينقي المعدة و نواحيها من الأخلاط الصفراوية.

الإطلاق الصفراوي: و إذا تمادى الإطلاق الصفراوي و كان معه لذع و استف من زهره أربعة دراهم مسحوقا يومين أو ثلاثة أحدر بقية ذلك الخلط اللذاع و قطع الإسهال.

وجع الأسفل: ينفع من وجع الأسفل و شقاقه و أورامه منفعة بالغة جدا ضمادا وحده أو مع ما يشبهه و ينفع من حرقة المثانة.

السعال و وجع الرئة: ابن ماسويه: الشراب المتخذ من البنفسج و السكر على صنعة الجلاب نافع من السعال و وجع الرئة مسهل للبطن موافق لذات الجنب و الشوصة، و هو أوفق لذات الجنب من الجلاب للعفوصة التي في ماء الورد المتخذ به.

وجع الكلى: ابن سينا: شرابه ينفع من وجع الكلى و يدر البول.

السعال العارض: إذا ربب البنفسج بالسكر نفع من السعال العارض من الحرارة.

تليين الحلق و البطن: الرازي: المربى منه يلين الحلق و البطن غير أنه يرخي المعدة و يسقط الشهوة.

الجرب الصفراوي: الشريف: ورق البنفسج جيد للجرب الصفراوي و الدموي.

الزكام: زهره ينفع الزكام و النزلات النازلة إلى الصدر.

الورم الصفراوي: دهنه مع المصطكى ينفع من الورم الصفراوي الكائن بين الأصابع.

بروز المقعدة: عبد اللّه بن العشاب: جربت منه أن ورقه الغض إذا دق و عصر ماؤه و خلط بالسكر و شربه الصبي الذي تبرز مقعدته نفعه نفعا بينا.

البنفسج في الطب الحديث

التركيب الكيميائي:

المواد الفعالة في النبات الصابونين Saponion و قليل من مركبات ساليسيلات الميتايل Methyl-salicyalate و تحتوي الأزهار على زيوت عطرية طيارة من الأتير الميتلي لحمض الصفصاف و على كاروتينوئيدات منها كاروتين B و فيروكسانتين و أوركسانتين بالإضافة إلى فيتامين C و فيولانين Violanine و مواد لعابية و عفص.

ص:178

الاستعمال الطبي:

أ - خارجيا: يستعمل مغلي العشبة بشكل كمادات لعلاج التسلخات الجلدية عند الأطفال، و تستعمل الأوراق في الحمامات في حالات الأكزما و داء الخنازير و الحكة و تذكر بعض المصادر فائدتها في علاج داء السفلس.

ب - داخليا: يستعمل منقوع الأزهار الجافة مقشعا صدريا و مهدئا للسعال و ملطفا في حالات التهاب المجاري التنفسية طعمه مغث لذا يفضل استعماله مع مجموعة الأزهار الصدرية الأخرى.

كما يفيد منقوعه في علاج أمراض المفاصل المزمن و الروماتيزم و العصابات و يستعمل عصير العشبة لتنقية الدم و كمادة معرقة و مدرة للبول حيث يعطي منه 5 غ في فنجان صغير من الماء قبل الأكل و يشرب من المغلي نحو 1-2 فنجان يوميا مع ملاحظة أن زيادة الجرعة تسبب القيء.

ص:179

الهليلج و البليلج و الأملج و الحمص

اشارة

عن سعيد بن جناح عن رجل، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّ موسى بن عمران عليهما السّلام شكى إلى ربّه تعالى البلّة و الرطوبة، فأمره اللّه أن يأخذ الهليلج و البليلج و الأملج فيعجنه بالعسل و يأخذه ثم قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: هو الذي يسمونه عندكم الطريفل(1).

الحمص

عن الصادق عليه السّلام - ذكر عنده الحمص - فقال عليه السّلام: هو جيد لوجع الصدر(2).

ص:180


1- (1) بحار الأنوار ج 59 ص 224 ح 12.
2- (2) مستدرك الوسائل ج 16 ص 378، ح 1، باب 48.

الهليلج في الطب القديم

شرح الماهية:

البصري: هو أربعة أصناف: أصفر، و أسود هندي صغير، و أسود كابلي كبير، و حشف دقيق يعرف بالصيني.

ابن ماسويه: المختار من الأصفر ما اصفرّ لونه و قرب من الحمرة و كان رزينا ممتلئا ليس بنخر و لا ممتصّ.

خواص العلاجات:

إسهال المرة الصفراء و السوداء: الرازي: الأصفر منه يسهل المرة الصفراء. و الأسود الهندي يسهل السوداء.

دبغ المعدة: مسيح: يدبغ المعدة و يقويها و ينفع من استرخائها.

إسهال المرة الحمراء: ماسرحويه: الأصفر يسهل المرة الحمراء برفق مع ما فيه من القوة القابضة. و الأسود يقبض و يدبغ المعدة و يقويها.

إسهال الصفراء و البلغم: حبيش: الأصفر يسهل الصفراء و البلغم.

ابن ماسويه: الشربة من جرمه ما بين ثلاثين إلى عشرين درهما.

دابغ للمعدة و المقعدة: مسيح: الأسود دابغ للمعدة و المقعدة مقو لها حابس للطبيعة يقبض و ينفع البواسير.

إسهال المرة الصفراء و السوداء: ابن عمران: خاصيته إسهال المرة الصفراء و السوداء المتولدة عن احتراق الصفراء و يسهل المرتين و الشربة منه ما بين درهمين إلى خمسة دراهم و من نقيعه أو طبيخه ما بين خمسة دراهم إلى أحد عشر درهما.

ريح البرودة و البواسير: البصري: يسهل إسهالا و قد يخرج السوداء و هو نافع من ريح البرودة و البواسير.

البواسير: ابن سرانيون: الهليلج الكابلي يسهل السوداء بقوة المعدة و البطن جدا و ينفع من البواسير لأنها من السوداء و ينفع من الأعضاء العصبية و الشربة منه إن أخذ منقعا أو مطبوخا من خمسة

ص:181

دراهم إلى سبعة و إن أخذ مسحوقا من درهم إلى خمسة و لا يلت بالدهن فإنه لا يقبض كالأصفر.

تقوية المعدة: ابن ماسويه: الهليلج الأسود المربى يقوي المعدة و ينقيها و يدبغها و يعصر عنها فضول الرطوبات الباقية من الغذاء المتولدة فيها.

تحسين اللون: إذا أدمن حسن اللون و منع الشيب أن يسرع.

إخراج الثفل من البطن: قال الرازي: الهليلج يخرج الثفل من البطن و ينشف و يزيد في الحفظ و الذهن و يقوي الحواس و ينفع من الجذام و القولنج و عزوب الذهن و المليلة العتيقة و الصداع و الاستسقاء و الطحال و يجلب الغثي و القيء.

خفقان القلب و تصفية اللون: اليهودي: خاصيته النفع من خفقان القلب و تصفية اللون.

إطفاء المرة: ابن سينا: كلها تطفىء المرة و تنفع منها و تنفع آلات الغذاء كلها.

العين المسترخية: الأصفر منه نافع للعين المسترخية و يدفع المواد السائلة إليها كحلا.

عقل الطبع: الكابلي و الهندي مقلوين بالزيت يعقلان الطبع.

الغافقي: إذا شرب الهليلج مسحوقا فإنه يعقب بعد الإسهال يبسا في الطبع. من أخذ كل يوم من الإهليلج الكابلي واحدة منزوعة النوى فلاكها في فيه حتى تذوب و ابتلعها و أدمن ذلك لم يشب.

شد اللثة و تقوية الأسنان: يشد اللثة و يقوي الأسنان جدّا و يقوي الدماغ و يزيل ضرر كثرة الماء البارد و هو من أكبر أدويته جدا.

البليلج في الطب القديم

اشارة

إسحاق بن عمران: هو ثمرة خضراء ترض و تتجفف فتصفر؛ طعمها مر عفص و المستعمل منها قشرها الذي على نواها يؤتى بها من بلاد الهند.

مجهول: هو شبيه بالهليلج أصفر أملس القشر فيه رخاوة و في طعمه عفوصة لذيذة و مرارة و ربما عقل البطن.

خواص العلاجات:

المعي المستقيم و المقعدة: و هو نافع للمعي المستقيم و المقعدة.

ص:182

اللعاب السائل: الشريف: إذا استعمل على الريق أو بماء حار مع السكر نفع من اللعاب السائل و أحد البصر.

الأملج في الطب القديم

اشارة

إسحاق بن عمران: هي ثمرة سوداء تشبه عيون البقر لها نوى مدور حاد الطرفين، و إذا نزعت عنه قشرته تشقق النوى على ثلاث قطع، و المستعمل منه ثمرته التي على نواه، و طعمه مر عفص يؤتى به من الهند.

حبيش بن الحسن: قد ينقع الأملج بالبلدة التي يجلب منها باللبن فيسمّى شير أملج، و إنما ينقع في اللبن ليخرج منه بعض قبضه.

ابن ماسه: أجوده المعروف بشير أملج.

خواص العلاجات:

شد أصول الشعر: ماسرحويه: قابض يشد أصول الشعر، و يقوي المعدة، و المقعدة، و يدبغها و يقبضها.

النفع من السوداء: بديغورس: خاصته النفع من السوداء، و المنع من الفساد.

مقطع العطش: ابن ماسه: يقطع العطش، و يزيد الفؤاد حدة و ذكاء.

مهيج الباه: اليهودي: يهيج الباه، و يقطع الصاق، و القيء.

مطفىء حرارة الدم: ابن ماسويه: يطفىء حرارة الدم، و يعقل البطن، و يسود الشعر، و المربى منه يلين الطبع، و ينفع البواسير، و يشهي الطعام.

ممسك الشيب: ابن سينا: يمسك الشيب، و يقطع النزف، و شرابه ينفع البواسير المزمنة، و يقوي الأعضاء الباطنة، و خاصة المعدة و الأمعاء، و هو مقو للعين.

قال ابن سينا في الأدوية القلبية: و هو من الأدوية القباضة، و له خاصة عجيبة في تقوية القلب و تشجيعه، و يعينها بتقويته و قبضه و يعدل برده في الأمزجة الباردة بأدنى شيء، فيكون دواء ممتنا للروح، و منفعة الأملج في تقوية القلب أكثر من منفعته في التوحش إذا كان بسبب رقة الدم و قلته و سرعة تحليله، و لما كان من الأدوية النافعة للقلب بخاصيته و تنقيته مع ذلك فهو من الأدوية الشديدة

ص:183

المنفعة للذهن و الحفظ، و بالجملة هو من الأدوية المقوية للأعضاء كلها، و إصلاحه بالعسل.

مقطع العطش: يقطع العطش إذا وضع القليل منه في الماء المشروب، و تمودي عليه.

مجفف رطوبات المعدة: يجفف رطوبات المعدة و يلتها، و إذا كانت المعدة باردة، خلط معه سنبل.

نفع من زلق الأمعاء: ينفع من زلق الأمعاء، و بواسير الأسفل مشروبا بمنعه انصباب المواد إليها، و يكسر الأبخرة الصاعدة إلى الدماغ و بذلك يحسن الذهن [اللون].

مقو العصب و القلب: الشريف: مقو للعصب و القلب جدا، و قدر ما يؤخذ منه ثلاثة دراهم مفردة.

مسود الشعر: يسود الشعر إذا اختضب بماء طبيخه مع الحناء، و يقوي أصول الشعر.

نفع ضعف البصر: إذا سحق و خلط بمثله سكرا ولت بقليل دهن لوز و استف على الريق منه خمسة دراهم بماء فاتر، نفع من ضعف البصر و جلاه، و نفع من السحج في الأمعاء و البواسير.

الإسهال: إذا شرب منه وزن درهمين بثلاثة دراهم دقيق النبق و شرب بماء السفرجل، نفع من الإسهال، و خاصيته أيضا إسهال السوداء و البلغم.

بياض العين: إذا أخذ منه درهمان و رض و أنقع في ماء ساعتين، ثم عصر و صفي ثلاث مرات، و قطرت منه في العين، نفع من بياضها، مجرب.

ص:184

الحمص في الطب الحديث

و في الطب الحديث أظهر تحليل الحمص الجاف أنه يحوي 14,4% من وزنه ماء، و 9,5% مواد دهنية، و 24% مواد بروتينية، و 4 و 2% مواد رمادية، و 48، 5% مواد سيلوزية. و في كل مئة غرام منه 219 ملغ من الفوسفور، و 50 من الكلور، و 930 من البوتاس، و 60 من الكلس، و 5,5 من الحديد، و قيمته الحرورية 335 حروريا، و لذا يعتبر ذا قيمة غذائية عالية، و هو يؤكل أخضر، و مسلوقا، و مطبوخا.

و هذا يعني أنه مغذ جدا، و مدر للبول، و مفتت للحصى، و مسمّن، و منشط للأعصاب و المخ، و لذا ينصح بعدم التمادي و الإفراط في أكله، و بخاصة لذوي المعد و الأمعاء الضعيفة.

و الحمص الأخضر سهل الهضم، و يحوي فيتامينات و سكرا، و لكن تكرار تناوله يضعف أنبوب الهضم، و يمكن إعطاء شوربة بالحمص للأطفال من سن 4-5 سنوات، و عند شراء الحمص الأخضر يجب الامتناع عن شراء الحبوب القاسية منه، و المائلة إلى الاصفرار.

و القضامة التي تصنع من الحمص قليلة التغذية، و يمكن تناولها بكميات ضئيلة، بشرط أن تكون جيدة التحميص، و هي تحوي 18% من وزنها مواد بروتينية، و 5% مواد دهنية و 61% مواد نشوية، و قيمتها الحرورية 361 حروريا.

الحمص في الطب القديم

يلين البطن و يدر البول: ينفخ و يليّن البطن و يدر البول و يزيد في اللبن و المني و يدر الطمث.

حصاة الكلى: ماؤه الذي يطبخ فيه يفتت حصاة الكلى.

سدد الكبد: فأما الجنس الآخر الذي يسمى حمصا كرسنيا فينقي و يفتح سدد الكبد و الكلى و الطحال و يجلو الجرب و القوباء و الأورام الحادثة عند الأذنين و في البيضتين إذا صلبتا و يشفي أيضا الخراجات إذا استعمل مع العسل.

القروح الخبيثة: الصنف من الحمص الذي يقال له أورنياس خاصة يطبخ بماء و يضمد به مع عسل لورم الخصى الحار و القوابي و قروح الرأس الرطبة و القروح السرطانية و الجرب و القروح الخبيثة.

الثآليل: الصنف الذي يقال له قريوس و هو الأسود الصغار يقلع الثآليل التي يقال لها

ص:185

أفروحودس، و الثآليل التي يقال لها مرمقيا بأن يؤخذ من الحمص حبة حبة و توضع واحدة على كل ثؤلول في أول الشهر ثم يؤخذ ذلك الحمص الذي يوضع على الثآليل فيصر في خرقة و يرمى به إلى خلف.

حكة الرأس و البدن: ابن ماسويه: نافع لما يعرض في الرأس و البدن كله من الحكة و إن أنقع و أكل نيئا و شرب ماؤه على الريق زاد في الإنعاظ و قوى الذكر.

الدود الذي في البطن: الطبري: إن أنقع الحمص في الخل ليلة ثم أكل على الريق و صبر عليه نصف يوم قتل الدود الذي في البطن، و ينفع من وجع الظهر و المواضع التي تكون خدرة.

وجع الظهر: ينفع من وجع الظهر و نقيعه ينفع من وجع الضرس و ينفع من أورام اللثة الحارة و دهنه ينفع من القوباء.

أورام الأنثيان: إذا طبخ الحمص و وضع في خريطة و وضعت الأنثيان على بخار، قد ينفع من أورامها و يجفف من أوجاعها.

ينمي البدن: إسحاق بن عمران: ينمي البدن و يقوّي البدن كله.

الفالج و وجع المفاصل: الرازي: و ماء الحمص الأسود يصلح الفالج و الأمراض الباردة و وجع المفاصل الرطبة.

الأمراض البلغمية: و قال في دفع مضار الأغذية: ماؤه يلين البطن و يخرج الريح إذا طبخ مع الكمون و الشبث و أكل بالزيت و بالخردل، و ينفع من الأمراض البلغمية.

جفاف الرئة: الحساء المتخذ منه و من اللبن نافع لمن جفت رئته و دق صوته.

ص:186

الأرز

اشارة

عن الصادق عليه السّلام قال: نعم الدواء الأرز، بارد صحيح سليم من كل داء(1).

عن جعفر بن محمد (عليهما السلام)، أن رجلا من أصحابه شكا إليه اختلاف البطن، فأمره أن يتخذ من الأرز سويقا و يشربه، ففعل فعوفي.

و قال عليه السّلام: مرضت سنتين أو أكثر، فألهمني اللّه الأرز، فأمرت به فغسل و جفف، ثم مس بالنار و طحن، و جعلت بعضه سويقا، و بعضه حسا، و استعملته فبرأت(2).

عن محمد بن إسحاق بن الفيض قال: كنت عند الصادق عليه السّلام، فجاءه رجل من الشيعة فقال له: يا بن رسول اللّه، إن ابنتي ذابت و نحل جسمها و طال سقمها، و بها بطن ذريع.

فقال الصادق عليه السّلام: و ما يمنعك من هذا الأرز بالشحم المبارك، إنما حرم اللّه الشحوم على بني إسرائيل لعظم بركتها أن تطعمها حتى يمسح اللّه ما بها، لعلك تتوهم أن تخالف لكثرة ما عالجت.

قال: يا ابن رسول اللّه، و كيف أصنع به؟ قال:

خذ أحجارا أربعة فاجعلها تحت النار، و اجعل الأرز في القدر و اطبخه حتى يدرك، ثم خذ شحم كليتين طريا و اجعله في قصعة، فإذا بلغ الأرز و نضج فخذ الأحجار الأربعة فالقها في القصعة التي فيها الشحم، و كب عليها قصعة أخرى ثم حركها تحريكا

ص:187


1- (1) مستدرك الوسائل ج 16 ص 377 ح 3.
2- (2) مستدرك الوسائل ج 16 ص 377 ح 4.

شديدا، و لا يخرجن بخاره، فإذا ذاب الشحم فاجعله في الأرز لتحسّاه لا حارا و لا باردا، فإنها تعافى بإذن اللّه عز و جل، فقال الرجل المعالج: و اللّه الذي لا إله إلا هو، ما أكلته إلا مرة واحدة حتى عوفيت(1).

عن يونس بن يعقوب قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام، و كنت أخدمه في وجعه الذي كان فيه، و هو الزحير: و يحك يا يونس، أعلمت أني ألهمت في مرض أكل الأرز، فأمرت به فغسل ثم جفف ثم قلي ثم رضى فطبخ فأكلته بالشحم، فأذهب اللّه بذلك الوجع عني(2).

عن هشام بن الحكم، عن زرارة قال: رأيت داية أبي الحسن عليه السّلام تلقمه الأرز و تضربه عليه فغمني ذلك فدخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام فقال: أني أحسبك غمك الذي رأيت من دابة أبي الحسن؟ قلت: نعم جعلت فداك، فقال لي: نعم، نعم الطعام الأرز، يوسع الأمعاء، و يقطع البواسير و إنا لنغبط أهل العراق بأكلهم الأرز و البسر(3) ، فإنهما يوسعان الأمعاء، و يقطعان البواسير(4).

عن خالد بن نجيح، قال: شكوت إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام وجع بطني، فقال:

خذ الأرز فاغسله، ثم جففه في الظل، ثم رضه، و خذ منه راحة في كل غداة(5).

عن حمران، قال: كان بأبي عبد اللّه عليه السّلام وجع بطن، فأمر أن يطبخ له الأرز، و يجعل عليه السماق، فأكل، فبرىء(6).

ص:188


1- (1) مستدرك الوسائل ج 16 ص 377-378، ح 5.
2- (2) مستدرك الوسائل ج 16 ص 378، ح 6.
3- (3) مرشرحها.
4- (4) بحار الأنوار ج 63 ص 261، ح 5.
5- (5) وسائل الشيعة ج 25 ص 124 ح 6.
6- (6) وسائل الشيعة ج 25 ص 125 ح 7.

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال: أصابني بطن، فذهب لحمي، و ضعفت عليه ضعفا شديدا، فألقي في روعي أن آخذ الأرز، فأغسله، ثم أقليه و أطحنه، ثم أجعله حسا، فنبت عليه لحمي، و قوي عليه عظمي، و لا يزال أهل المدينة يأتون فيقولون: يا أبا عبد اللّه متعنا بما كان يبعث العراقيون إليك، فنبعث إليهم منه(1).

عن محمد بن مروان، قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام و به بطن ذريع، فانصرفت من عنده عشية و أنا من أشفق الناس عليه، فأتيته من الغد فوجدته قد سكن ما به، فقلت له: جعلت فداك، فارقتك عشية أمس و بك من العلة ما بك، فقال: إني أمرت بشيء من الأرز، فغسل و جفف و دق، ثم استففته فاشتد بطني(2).

عن يونس بن يعقوب، قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما يأتينا من ناحيتكم شيء أحب إليّ من الأرز و البنفسج، إني اشتكيت وجعي ذلك الشديد، فألهمت أكل الأرز، فأمرت به، فغسل و جفف، ثم قلي و طحن، فجعل لي منه سفوف بزيت و طبيخ أتحساه، فأذهب اللّه عني بذلك الوجع(3).

و عنه عليه السّلام قال: ليس يبقى في الجوف من غدوة إلى الليل إلا خبز الأرز(4).

و عنه عليه السّلام قال: أطعموا المبطون خبز الأرز، فما دخل جوف المبطون شيء أنفع منه، أما إنه يدبغ المعدة و يسل الداء سلا(5).

ص:189


1- (1) وسائل الشيعة ج 25 ص 125 ح 9.
2- (2) وسائل الشيعة ج 25 ص 126، ح 11.
3- (3) وسائل الشيعة ج 25 ص 122-123 ح 1، باب 66.
4- (4) وسائل الشيعة ج 25 ص 13، ح 2، باب 3.
5- (5) وسائل الشيعة ج 25 ص 13، ح 3، باب 3.

قيمة الأرز الغذائية:

الأرز غذاء يحوي نسبة عالية من المواد الدسمة، و فيه 73% من النشا، و هو أسهل هضما من البطاطا، و لذا فهو يفيد المرضى و ذوي الأمعاء الضعيفة.

و في الأرز مواد بروتينية و دهنية، و نشوية، و أملاح عضوية، و مواد معدنية كثيرة مثل الكبريت، و اليود، و الفوسفور، و الصودا، و الحديد، و النحاس، و الكلس، و البوتاس، و الكلور، و المنغنيز بنسب مختلفة، كما فيه مقادير ضئيلة من فيتامينات (أ، ب، و).

و فيه مواد دسمة تتراوح بين 1,7 و 1,8 في المئة غرام. و قيمته الحرارية تتراوح بين 357-360 في كل مئة غرام، و ترتفع في الأرز غير المقشور.

و مما يذكر أن المواد الغذائية الدسمة في الأرز موجودة في قشرته، فإذا أزيلت القشرة كما يتناوله الناس الآن بعد عملية تقشيره و تبييضه و تلميعه - يخسر نصف مواده الدسمة، و ثلثي مواده المعدنية، و كمية كبيرة من فيتاميناته. و على هذا، فإن الأرز - الذي نتناوله - فاقد المواد المنشطة للجسم، و ناقص التغذية، و غير كاف لبناء الجسم، و هذا ما يدعو إلى تعزيزه باللحم، أو السمك، أو الخضراوات، و الزبدة و الجبن و غيرها؛ لزيادة قوته الغذائية، و لاجتناب الأخطار التي تنتج عن نقص العناصر الغذائية الحيوية فيه، و لو أن الناس اعتادوا تناوله - غير مقشور - لحصلوا منه على الغذاء الدسم الكافي، و لما احتاجوا إلى إضافة عناصر أخرى إليه.

الأرز في الطب الحديث

يمنع الأرز عن المصابين بمرض السكر، كما يمنع عن الراغبين في النحافة. و يسمح به لغير هؤلاء و بخاصة للأطفال و النساء الحاملات، و المسنين و الرياضيين و يوصف للمصابين بأمراض تحتاج إلى الإقلال من الملح، لأن الأرز فيه قليل من الملح - بنسبة 20 مليغراما في كل مئة كيلوغرام - و للمصابين بأمراض الأمعاء، و بخاصة أمراض المغص و الإسهال، و قد اشتهر الأرز بخواصه القابضة. و الأرز المطبوخ جيدا و ماؤه؛ هما علاج ناجح للزّحار.

جنين الأرز يعرف تجاريا باسم «الجيرمة le germe » و ينفصل عنه أثناء التبييض. و فيه 18% من الدهن الخام، و 40% من النشويات، و 2,5% من الألياف.

و زيت الأرز يستعمل غذاء، و يعالج به النقرس و روماتيزما المفاصل دهونا. و رجيع الكون (قشر الأرز الداخلي) يحتوي 9% من البروتين، و 12% من الدهن، و 42% من النشويات، و 11% من الألياف، و هذا علف جيد للحيوانات و الدواجن.

ص:190

يستعمل مسحوق الأرز في التجميل، و يدخل في مستحضرات التجميل مع التالك، أو البزموت، فيطري الجلد و يمتص العرق. و يستعمل المسحوق كمادات ضد الإلتهابات.

الأرز في الطب القديم

حبس البطن: يحبس البطن حبسا معتدلا. الأرز يستعمله جميع الناس في موضع الحاجة إلى حبس البطن بأن يطبخوه كما يطبخ الحندروس.

إلهاب المحرور: يغذو غذاء حسنا، و يلهب المحرور إذا أكله.

يقلّ عقله للطبيعة: إن طبخ في اللبن الحليب، و دهن اللوز الحلو و السكر، قلّ عقله للطبيعة و غذّى غذاء معتدلا حسنا.

إذا أكل بالسكر كان انحداره عن المعدة سريعا، فإن أراد مريد أن يقلّ يبسه أنقعه في ماء نخالة السميذ ليلة أو ليلتين، أو في اللبن الحليب، ثم طبخه بالماء و دهن اللوز الحلو، فإن كره اللبن، صيّر مكانه لباب القرطم و ماء نخالة السميذ، و خاصة ماء الأرز أعني طبيخه أن يدبغ المعدة و يعقل الطبيعة، و يجلو جلاء حسنا.

قروح الأمعاء و المغص: جيد لقروح الأمعاء و المغص، شربا أو احتقانا به.

زيادة المني: الأرز يزيد في المني، و يقلّ على آكله البول و النجو و الريح.

يطول بقاؤه في المعدة: إذا طبخ بحليب الضأن، أو بحليب البقر غلظ و طال في المعدة بقاؤه.

يطفىء الحرارة و العطش: الأرز يسخن قليلا و يجفف كثيرا، و إن طبخ مع السماق عقل البطن، و مع الرائب يطفىء الحرارة و يسكن العطش، و ذلك بعد جودة طبيخ الأرز نفسه.

إخصاب البدن: إذا طبخ باللبن و أخذ مع السكر، أخصب البدن و غذى غذاء كثيرا، و زاد في المني، و نضارة اللون.

جيد اللذع: متى طبخ حتى يتهرى و صار مثل ماء الشعير و شرب كان جيد اللذع في البطن عن أخلاط مرارية.

ينقي الجلد: إسحاق بن سليمان: الأرز موافق للجراحات الرطبة، و ينقي الجلد من الأوساخ إذا اغتسل به.

السحج: إذا صنع من دقيقه حسو رقيق، و بولغ في طبيخه مع شحم كلى ماعز، نفع جدا من إفراط الدواء المسهل، و من السحج العارض منه و هو من الأغذية المسمنة.

ص:191

الحزاء و اللوبياء

اشارة

(1)

روي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إن الحزاء جيد للمعدة بماء بارد(2).

اللوبياء

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: اللوبياء تطرد الرياح المستبطنة(3).

ص:192


1- (1) الحزاء: قال الغافقي: قال أبو حنيفة: هو النبتة التي تسمى بالفارسية الدوراو... ريحها كريهة، و ورقها نحو من ورق السذاب، و ليس في خضرته، و قيل أنه سذاب البر. الطبري: هو الزوفرا: و هو سذاب البر، شبيه بالسذاب في شكله. الرازي: الحزاء هو المسمى بالفارسية الدوراو. كتاب الفلاحة: هي بقلة حارة حريفة قليلا يشوبها مرارة، ورقها كورق الرازيانج، في ملمسها خشونة.
2- (2) وسائل الشيعة ج 25 ص 202 ح 4.
3- (3) وسائل الشيعة ج 25 ص 130، ح 1، باب 70.

اللوبياء في الطب القديم:

وصفت في الطب القديم بأنها تخصب البدن، و تدر الحيض و البول، و تلين الطبع. و تنفع من أوجاع الظهر و الكلى، و تهيج الرغبة الجنسية (خصوصا مع الزنجبيل)، و تفيد في أوجاع الصدر و الرئة. و هي تولد نفخا و رياحا و بلغما، و يدفع ضررها بأكلها مع الكمون و الصعتر و الفلفل و العسل و الزيت و الخردل و القرفة، و أجود ما أكلت رطبة بالجوز و الزيت.

اللوبياء في الطب الحديث:

و وصفت في الطب الحديث بأن خواصها قريبة الشبه بالفاصوليا و البزلياء و لكنها فقيرة في بعض المواد الموجودة فيهما و في غيرهما من الخضر المشابهة لها، كما أن قيمتها الحرارية لا تتجاوز 35 وحدة حرارية في المئة، و هي تحوي 86,1% من الماء، و 7,6 من المواد النشوية، 2,4 من البروتئين، 1,5 من الألياف، و 0,2 من المواد الدسمة، و 2,2 من الرماد. و على هذا فان قيمتها الغذائية أقل من قيمة الفاصولياء و البزلياء، و تشاركهما في بعض الخصائص الحسنة أو السيئة الموجودة فيهما (ر. الفاصولياء، البزلياء).

ص:193

الحبة السوداء

اشارة

(1)

عن ذريح، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إني لأجد في بطني قراقرا و وجعا.

قال: ما يمنعك من الحبة السوداء؟ فإنّ فيها شفاء من كلّ داء إلا السام(2).

و عن الصادق عليه السّلام قال: الحبّة السوداء شفاء من كلّ داء، و هي حبيبة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم. فقيل له: إنّ الناس يزعمون أنّها الحرمل، قال: لا، هي الشونيز فلو أتيت أصحابه فقلت أخرجوا إليّ حبيبة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم لأخرجوا إليّ الشونيز(3).

عن الفضل قال: شكوت إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّي ألقى من البول شدّة فقال:

خذ من الشونيز في آخر الليل(4).

عنه عليه السّلام قال: إنّ في الشونيز شفاء من كل داء، فأنا آخذه للحمّى و الصداع و الرمد، و لوجع البطن و لكلّ ما يعرض لي من الأوجاع، يشفيني اللّه عزّ و جلّ به(5).

ص:194


1- (1) الحبة السوداء: حبة البركة - شونير - كمون أسود - سينوج (المغرب).
2- (2) بحار الأنوار ج 59 ص 227، ح 4.
3- (3) بحار الأنوار ج 59 ص 228، ح 8.
4- (4) بحار الأنوار ج 59 ص 229، ح 9.
5- (5) بحار الأنوار ج 59 ص 229، ح 10.

الحبة السوداء في الطب القديم

الزكام: يشفي الزكام إذا صير في خرقة و هو مقلوّ و شمه الإنسان دائما.

الصداع: ديسقوريدس: إذا ضمدت به الجبهة وافق الصداع.

الماء النازل في العين: إذا استعط به مسحوقا بدهن الإيرسا وافق ابتداء الماء النازل في العين.

البثور اللبنية و الجرب المتقرح: إذا تضمد به مع الخل قلع البثور اللبنية و الجرب المتقرح و حلل الأورام البلغمية و الأورام الصلبة.

الثآليل المسمارية: إذا دق و خلط ببول صبي لم يحتلم و وضع على الثآليل المسمارية قلعها.

وجع الأسنان: إذا طبخ بالخل مع خشب الصنوبر و تمضمض به نفع من وجع الأسنان.

الدود الطوال: إذا ضمدت به السرة مخلوطا بماء أخرج الدود الطوال.

الزكام: إذا سحق و جعل في صرة و اشتم نفع الزكام. إذا أدمن شربه أياما كثيرة أدرّ البول و الطمث و اللبن.

تسكين عسر النفس: إذا شرب بالنطرون سكن عسر النفس.

نهشة الرتيلا: إذا شرب منه مقدار درخمي بماء نفع من نهشة الرتيلا.

يطرد الهوام: إذا دخن به طرد الهوام.

الحمى و السوداء: ابن ماسه: خاصته إذهاب الحمى الكائنة عن البلغم و السوداء و قتل حب القرع.

الأوجاع المزمنة في الرأس: ابن سينا: إذا نقع في الخل ليلة ثم سحق من الغد و استعط به و تقدم إلى المريض حتى يستنشقه نفع من الأوجاع المزمنة في الرأس و من اللقوة و هو من الأدوية المفتحة جدا للسدد و المصفاة.

البرص و البهق: ينفع من البرص و البهق طلاء بالخل أيضا.

الحصاة في المثانة و الكلية: يسقى بالعسل و الماء الحار للحصاة الكائنة في المثانة و الكلية.

حب القرع: أحمد بن إبراهيم: الشونيز إن عجن بعد سحقه بماء الحنظل الرطب أو المطبوخ و ضمدت به السرة كان فعله في إخراج حب القرع أقوى فإن عجن بماء الشيح أخرج الحيات.

ص:195

البرد العارض للأذنين: إن سحق و خلط بشيء من دهن الحبة الخضراء و قطر منه في الأذن ثلاث قطرات نفع من البرد العارض للأذنين و الريح و السدد.

الزكام: إذا قلي و دق و نقع في زيت و قطر من ذلك الزيت في الأنف ثلاث قطرات أو أربعة نفع من الزكام إذا عرض معه عطاس كثير.

تناثر الشعر: إذا أخذ شونيز و أحرق و خلط بشمع مداف بدهن سوسن أو بدهن حناء و طلي على الرأس نفع من تناثر الشعر.

قروح الساقين: إذا قلي الشونيز بنار لينة و دق و عجن بماء ورد طلي منه على القروح التي تخرج في الساقين بعد أن تغسل القروح بالخل نفعها و أبرأها و أزالها.

الوضح: إذا سحق مع دم الأفاعي أو دم الخطاطيف، و طلي به الوضح غيره.

الفالج و الكزاز: إذا استعط بدهن الشونير نفع من الفالج و الكزاز و قطع البلة و البرد الذي يجتمع فيصير منه الفالج.

الفالج و اللقوة: مسيح بن الحكم: دهنه إذا استعط به نفع من الفالج و اللقوة.

عضة الكلب: إذا سحق و نخل و استف منه كل يوم درهمان بماء فاتر نفع من عضة الكلب الكلب.

حميات الربع المتقادمة: إذا سحق و شرب بسكنجبين نفع من حميات الربع المتقادمة و الظاهرة النضج.

أوجاع النفساء: إذا عجن بسمن و عسل نفع من أوجاع النفساء عند إمساك دم النفاس و ينفع بهذه الصفة لأوجاع الأرحام و وجع الكلى.

قروح الرأس الشهدية: إذا سحق ببول و وضع على قروح الرأس الشهدية، و تمودي عليه قلعها و أنبت الشعر فيها.

توالي النزلات: إذا نثر على مقدم الرأس سخنه و نفع من توالي النزلات.

أنواع الجرب: إذا سحق و عجن بدهن الورد و خل نفع من أنواع الجرب.

أوجاع المفاصل: إذا تضمد به أوجاع المفاصل نفعها.

يخرج الأجنة: يدر الطمث إدرارا قويا و يخرج الأجنة أحياء و موتى و يسقط المشيمة.

ص:196

اليرقان: الشريف: إذا أخذ منه 7 حبوب عددا و غمرت بلبن امرأة ساعة و سعط بها في أنف من به يرقان و اصفرت منه العين ينفع ذلك جدّا نفعا بليغا و حيا بشدة تفتيحه للسدد مجرب.

الحبة السوداء في الطب الحديث

اشارة

تتكون الحبة السوداء من مركبات عديدة أهمها الزيوت و التي تبلغ نسبتها حوالي 28%.

كما تحتوي على الحديد بنسبة 631 جزء من المليون، و الفوسفات بنسبة 1123,5 جزء من المليون على شكل أكاسيد.

و بذلك تعتبر الحبة السوداء مصدرا هاما لعنصر الفوسفور الهام لحياة الرجل من الناحية التناسلية.

و يمكن أن تجزّأ الحبة السوداء إلى ثلاثة أجزاء و ذلك حينما ننظر إلى قطاع طولي أو عرضي منها كالآتي:

جزء أسود خارجي، و جزء أبيض هو لب الحبة السوداء، و جزء رمادي اللون يقع بين الجزء الخارجي الأسود و اللب الأبيض، و الحبة السوداء غير قابلة للذوبان بالماء، كما أن القليل منها يذوب بمحلول حمض الأسيتيك ذو تركيز 5% و جزءا آخر يذوب بمواد كيماوية لا نستطيع حصرها في هذا الكتاب.

أما زيت الحبة السوداء فيذوب بالإيثانول المركز.

و فوائد الحبة السوداء متعددة، و حسبنا في حصرها أن نقول بأن فيها شفاء لكل داء إلا الموت.

كما أنها عرفت منذ زمن الفراعنة لاضطرابات الهضم كما ثبت أن لها فاعلية في شفاء الربو و إدرار البول كما ثبت علميا وجود المادة الفعالة فيها و التي يطلق عليها اسم (النجلون) و يطلق على الحبة السوداء باللغة اللاتينية اسم (النغللون) التي أثبتت بالتجارب فعاليتها على المرضى الذين يعانون من الربو.

علاج الجرب و القمل

و الدواء المستعمل لعلاج الجرب و القمل لا يختلف عن نظيره المستخدم لعلاج الصداف إلا أن الخل يجب الإكثار منه إلى ما يزيد عن درجة التشبع بقليل.

ص:197

و إن كنت أخي القارىء جادا في تحضير هذا الدواء و تنقصك الأدوات اللازمة لاستخراج خلاصة الحبة السوداء فما عليك إلا أن تجهز الآتي:

1 - كوب من الحبة السوداء الناعمة. 2 - كوب و ربع من خل التفاح. 3 - قطعة من القماش المسامي.

و لاستخراج خلاصة الحبة السوداء عليك أن تتبع الخطوات الآتية:

يضاف الخل إلى الحبة السوداء و من ثم ترشح بواسطة القماش المسامي و يجمع الخل الملون بعد ذلك في وعاء ثم تصب محتوياته في طست متسع و يعرض إلى الشمس في أثناء النهار حتى يتبخر الخل و تجف المواد العالقة منه و التي منها يصنع الدواء بأن يضاف إليها الخل بالتدريج حتى تصبح مشبعة بالخل كالطين ثم يضاف قليلا من الخل لضمان الزيادة على درجة التشبع.

و تجدر الإشارة هنا أن الجرب يصيب أماكن عديدة كالمرافق و الأعضاء التناسلية لدى الرجل و أصابع اليد و حلمات الثدي، و أماكن أخرى متعددة فعلى المريض الذي يشكو من الحكة باستمرار مع ظهور مثل هذه الأنفاق على جسده أن يباشر باستخدام هذا الدواء.

طريقة استعمال علاج القمل:

* تدلك فروة الشعر بالدواء جيدا ثم يعرض الرأس لأشعة الشمس بالربع ساعة الأولى، ثم بعد ذلك يترك الدواء على الشعر لمدة أربع ساعات يوميا.

* فترة استعمال الدواء: أسبوع.

* مدة صلاحية الدواء: أسبوعان على أن يحفظ بالثلاجة.

طريقة استعمال علاج الجرب:

* يدلك الجزء المصاب بواسطة هذا الدواء و يترك على الجسم لمدة أربع ساعات بصفة يومية.

* فترة استعمال الدواء: أسبوع.

* مدة صلاحية الدواء: أسبوعان على أن يحفظ بالثلاجة.

ص:198

علاج صداع الرأس المزمن:

تلزمنا المواد التالية:

1 - الحبة السوداء الناعمة. 2 - الينسون الناعم. 3 - مسمار القرنفل الناعم.

طريقة تركيب علاج صداع الرأس:

تخلط ثلاث مقادير متساوية من الحبة السوداء الناعمة و الينسون الناعم و مسمار القرنفل الناعم، ثم تحفظ هذه الخلطة في إناء مغلق يؤخذ منه بعد ذلك المقادير المطلوبة من الدواء.

طريقة استعمال الدواء:

* ملعقة صغيرة مرتين في اليوم قبل و جبتي الإفطار و الغداء. و يتم بلعها بواسطة الماء.

* بعد يومين أو ثلاثة سيزول هذا المرض المزعج بإذن اللّه.

كما أن لهذا الدواء فعالية لمن يتعرضون للصداع المستمر لكثرة الإجهاد الذي تتعرض إليه العين و خاصة عند الأدباء و هواة القراءة و كتابة القصص. و لمثل هؤلاء أنصح بتناول ملعقة متوسطة من هذا الخليط و بلعها بواسطة الماء و سيشعر المريض بتحسن خلال بضع دقائق إن شاء اللّه.

كما أن لهذا أثرا في تسكين وجع الأسنان باتباع الآتي: يعض على مكان الألم بلفيفة صغيرة من القماش المسامي تحوي ملعقة صغيرة من الدواء لمدة 10 دقائق.

علاج حصى الكلى و المثانة:

يجب أن يستمر المريض بعد ذلك في تناول نفس العلاج حتى تختفي الآلام من المثانة، و يشعر المريض أن البول قد أصبح صافيا و خاليا من أي تعكير. كما أن للدواء نفسه فوائد كثيرة منها علاج ضغط الدم و ذلك بتحضير التركيبة المكونة من:

1 - ملعقة متوسطة من الحبة السوداء الناعمة. 2 - ملعقة كبيرة من العسل. 3 - قطعة صغيرة من الثوم المهروس.

طريقة استعمال علاج ضغط الدم:

* تمزج المقادير جميعها.

ص:199

* يتناول المريض هذا العلاج صباحا و قبل تناول وجبة الإفطار.

* مدة استعمال العلاج: 10 إلى 20 يوما حسب الشعور بالتحسن.

كما أن لهذا الدواء (علاج ضغط الدم) فائدة عظيمة، فهو يمد الإنسان بمواد غذائية هامة، إضافة إلى ما يحويه العسل من فوائد لا تحصى، و لا ننس أن نذكر فوائده الأخرى في إدرار البول و الحيض و اللبن.

طريقة تركيب الدواء:

يمزج كوبان من الحبة السوداء الناعمة بنصف كيلو من العسل الطبيعي حتى يصبح الخليط متجانسا، ثم يحفظ بالثلاجة.

طريقة استعمال علاج حصى الكلى و المثانة:

* تمزج ملعقة كبيرة و نصف من الدواء بنصف كأس من الماء الفاتر، ثم يشرب المحلول و يليه الدعاء.

* يؤخذ العلاج بصفة يومية قبل تناول وجبة الإفطار.

* مدة صلاحية الدواء 15 يوما شريطة أن يحفظ بالثلاجة.

علاج صعوبة النطق:

و لإعداد تركيبة الدواء يلزمنا:

1 - كوب من الحبة السوداء الناعمة. 2 - كوب من الرشاد الناعم. 3 - نصف كوب من المرة الناعمة. 4 - نصف كوب من قشر الرمان الناعم.

طريقة تركيب علاج صعوبة النطق:

تخلط المقادير جميعها، و تحفظ في مكان بارد بوعاء مغلق لحفظه من الرطوبة.

طريقة استعمال الدواء:

* ملعقة صغيرة من الدواء تخلط مع ملعقة كبيرة من العسل مرتين في اليوم، الأولى قبل وجبة الإفطار، و الثانية قبل وجبة الغداء و يتلى بعدها دعاء تناول الدواء.

* مدة استعمال الدواء: ثلاثة أسابيع.

* مدة صلاحية الدواء: 3 أسابيع على أن يحفط في مكان بارد بوعاء مغلق.

ص:200

علاج السعال:

و ينقسم هذا العلاج إلى قسمين:

1 - شراب يشرب: كما يشرب الشاي الساخن مرتين يوميا. الأولى بعد وجبة الإفطار. و الثانية قبيل المغرب.

2 - بخار يستنشق: و هو بخار الحبة السوداء حيث يستنشق به لمدة ربع ساعة مرتين يوميا.

الأولى عند الظهيرة. و الثانية قبل النوم.

و للبخار فائدة أخرى و هي الشفاء من الزكام البارد، و تسهيل التنفس.

و لتحضير تركيبة علاج السعال يلزمنا الآتي:

1 - ملعقة صغيرة من الحبة السوداء الناعمة. 2 - ملعقة صغيرة من عرق السوس. 3 - نصف ملعقة صغيرة من الينسون. 4 - ملعقة صغيرة من البابونج الناعم. 5 - كوب من الماء المغلي. 6 - عسل للتحلية (حسب الرغبة). 7 - أكياس الشاي بعد تفريغ محتوياتها و تعبئتها بالدواء يعاد إغلاقها.

طريقة تركيب علاج السعال:

أولا: الشراب:

1 - يعبّأ الكيس المفرغ بخليط من ملعقة صغيرة من الحبة السوداء الناعمة و ملعقة صغيرة من عرق السوس و نصف ملعقة صغيرة من الينسون و ملعقة صغيرة من البابونج الناعم ثم يغلق الكيس و يحكم إغلاقه.

2 - يوضع الكيس في كوب من الماء المغلي و يترك لمدة 10 دقائق مع تغطية الكوب.

3 - يعصر الكيس لتفريغ الماء منه.

4 - يستخدم العسل بدلا من السكر للتحلية.

5 - يشرب ساخنا.

فترة استعمال الدواء: عشرة أيام.

ثانيا: البخار:

و لتحضير التركيبة يلزمنا الآتي: 1 - كوب من الحبة السوداء الناعمة. 2 - ليتر من الماء المغلي.

ص:201

تركيب علاج السعال (بطريقة البخار):

يضاف كوب من الحبة السوداء الناعمة إلى ليتر من الماء المغلي، ثم يحرك الخليط جيدا لمدة دقيقة، ثم يرفع عن النار و يوضع في مكان آمن و يبدأ المريض باستنشاقه.

طريقة استعمال الدواء: يستنشقه المريض لمدة ربع ساعة.

فترة استعمال الدواء: أسبوع مع سؤال اللّه الشفاء.

علاج السكري:

و لتحضير تركيبة علاج مرض السكر يلزمنا ما يلي:

1 - كوب من الحبة السوداء الناعمة. 2 - كوب من الرشاد الناعم. 3 - نصف كوب من المرة الناعمة. 4 - نصف كوب من قشر الرمان الناعم.

طريقة تركيب علاج السكر:

تخلط المقادير السابقة جميعها جيدا و تحفظ في وعاء مغلق لحفظها من الرطوبة في مكان بارد.

طريقة الاستعمال: تؤخذ كل يوم ملعقة متوسطة من الدواء و تشرب صباحا قبل الأكل بربع ساعة و ذلك لأنها في بعض الأحيان و ليس دائما تحدث هبوطا مفاجئا بالسكر.

فترة استعمال الدواء: شهرا واحدا يقوم بعدها المريض بعمل تحليل للتأكد من نسبة السكر في الدم.

تاريخ صلاحية الدواء: سنة من تاريخ الصنع بشرط حفظه في وعاء مغلق و في مكان بارد.

تنبيه هام: ينصح المريض بعدم الإفراط في تناول السكريات أثناء العلاج لكيلا يعتقد المريض أنه سيصبح على ما يرام حال تناول الدواء، لأن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى نتائج عكسية و خيمة ليست في صالح المريض.

كما ينصح بعدم ترك العلاج الطبي الذي كان يستخدمه المريض، و عدم اعتبار هذا الدواء بأنه هو الدواء النهائي و الذي يغني عن غيره. لذا ينصح بأخذهما معا كلا حسب الطريقة الموضحة لاستعماله.

و يترك الدواء الطبي في حالة واحدة و هي إذا تبين بعد الشهر الأول بأن نسبة السكر قد هبطت

ص:202

إلى المعدل المطلوب، فإن لم يكن كذلك فعلى المريض الاستمرار بأخذ الدوائين حتى تصبح نسبة السكر حسب المعدل المطلوب.

علاج العقم: و لتركيب علاج العقم يلزمنا:

1 - كوب من الحبة السوداء الناعمة.

2 - كوب من حب الرشاد الناعم. 3 - ثلثا كوب من الحلبة الناعمة. 4 - ربع كوب من المرة الناعمة.

طريقة تركيب الدواء:

تخلط المقادير جميعها و يحفظ هذا الخليط في وعاء مغلق لحفظه من الرطوبة في مكان بارد.

طريقة استعمال علاج العقم:

* تؤخذ يوميا ملعقة متوسطة من الدواء مضافا إليها ملعقة كبيرة من العسل الطبيعي، و أخيرا أنبوبة بكامل محتوياتها من غذاء ملكة النحل، بعد ذلك يصبح الخليط على شكل عجينة توضع بالفم مباشرة و تبلع بقليل من الماء و ذلك صباحا قبل تناول وجبة الفطور بربع ساعة، يتناول بعدها المريض كوبا من الحليب الطازج المبستر و ذلك بأن يضاف إليه ملعقة كبيرة من شراب الشعير المحلى بالعسل إن أمكن.

* يستمر تعاطي هذا العلاج لفترة لا تقل عن 40 يوما، يجري بعدها التحليل الطبي العادي للكشف عن كمية النطف المنوية و نسبة نشاطها و غير ذلك من التحاليل الروتينية.

تأتي فائدة الحبة السوداء بهذا الدواء في فتح الانسداد أيا كان نوعه سواءا في القنوات التناسلية.

أو مجرى الدم في الإحليل، فالأولى لتسهيل اندفاع السائل المنوي، و الثانية لتسهيل جريان الدم في الإحليل لتتم عملية الانتصاب.

و تأتي فائدة حب الرشاد في تقوية شهوة الجماع بتنبيه الجهاز العصبي اللإرادي ليقوم بمهمته في تحريك كل عضو بالجسم ذي علاقة بالعملية الجنسية ليتم الانسجام المطلوب و التجاوب مع الأعضاء التناسلية بالطريقة التي تسهل عليها مهمتها.

أما فائدة الحلبة فتنحصر في تقوية شهوة الجماع و علاج آلام الظهر التي تعقب الجماع أحيانا، كما أنها تحتوي على بروتين بنسبة 33% و دهون بنسبة 52% و هذا يعتبر أعلى معدل من أي مادة غذائية أخرى.

ص:203

و فائدة المرة تأتي في علاج التهابات البروستات إذا أكلت مع العسل. و لا داعي لذكر فوائد العسل و غذاء الملكة لأنها عديدة و واسعة.

علاج الثعلبة:

و المواد المطلوبة لإعداد علاج الثعلبة:

النوع الأول: 1 - كوب من الحبة السوداء الناعمة. 2 - كوب من خل التفاح.

و طريقة تركيب الدواء تتمثل بالآتي: يخلط كوب من الحبة السوداء الناعمة مع كوب من خل التفاح.

طريقة استعمال الدواء:

* تدلك فروة الشعر أو المنطقة المصابة و يبقى الدواء في المنطقة المصابة لمدة أربع ساعات تقريبا في النهار.

* يستعمل العلاج لمدة 20 يوما بلا انقطاع.

* يحفظ ما تبقى من العلاج بالثلاجة لحين الاستعمال.

النوع الثاني: 1 - كوب من الحبة السوداء الناعمة. 2 - كوب من الرشاد الناعم. 3 - كوب من العسل الطبيعي. 4 - نصف كوب من معجون الثوم.

طريقة تركيب العلاج:

تخلط المقادير جيدا و بكل سهولة.

طريقة استعمال العلاج:

* تدلك به المنطقة المصابة مساء و تبقى لمدة أربع ساعات.

* فترة استعمال العلاج: 20 يوما.

* يحفظ الجزء المتبقي من الدواء في الثلاجة للمرات المقبلة و لكيلا يفقد صلاحيته.

علاج الثآليل الدهنية الشائعة و الزوائد الجلدية:

و لتركيب العلاج يلزمنا الآتي:

1 - قطعة من قماش الصوف الخشن و كلما كان القماش خشنا أكثر كلما كانت الفائدة أكبر.

ص:204

2 - خل التفاح الأحمر بعد أن يخلط مع الحبة السوداء الناعمة بمقدار كوب حبة سوداء إلى كوبين من الخل ثم يؤخذ الخل الملون بعد عملية الترشيح و الذي أخذ معه خلاصة الحبة السوداء.

طريقة استعمال العلاج:

* بلل الصوف بخل التفاح الأحمر الملون و حك بها رؤوس الثآليل أو الزوائد الجلدية و ما تقدم من الأمراض لهذا الفصل.

* يجب عدم الإفراط في الحك كما يجب التلطف بالبشرة حين القيام بذلك فحك الرأس الثألولي 10 مرات متتالية قد يؤدي إلى الغرض المطلوب.

* فترة العلاج: 5 أيام متتالية بتكرار العملية مرتين يوميا.

علاج الوردية و العد الشائع:

و لتركيب علاج الوردية و العد الشائع يلزمنا الآتي:

أ - طريقة الاستخلاص: 1 - كوب من الحبة السوداء الناعمة. 2 - كوبان من خل التفاح.

3 - قطعة من القماش المسامي. 4 - جهاز القوة الطاردة المركزية.

و تتحقق طريقة الاستخلاص باتباع الخطوات التالية:

* يضاف كوبان من خل التفاح إلى كوب من الحبة السوداء الناعمة و تخلط بالخل جيدا.

* يرشح الخليط بواسطة سكبه على قطعة من القماش المسامي فيتسرب الخل المتلون باللون الرمادي و تبقى بقية أجزاء الحبة السوداء الغير قابلة للذوبان بالخل.

* يسكب الخل المتكون في أنابيب جهاز القوة الطاردة المركزية و المبينة بالشكل و توضع في أماكنها بالجهاز ثم يشغل الجهاز بسرعة متوسطة و يترك لفترة خمس دقائق.

* يسكب الخل النقي الذي انفصل بالأنابيب في وعاء و تجمع المادة الرمادية المترسبة في قاع الأنابيب في وعاء آخر، أما الخل فيمكن إعادة خلطه مع بقايا الحبة السوداء التي ظلت في قطعة القماش حيث تكرر نفس العملية السابقة لإذابة و من ثم فصل أي جزء متبقّ من المادة الرمادية و التي لم تفصل بالمرة الأولى، و أما المادة الرمادية المتجمعة، فيخلط الغرام منها بغرام من زيت الحبة السوداء المهدرج. لمزيد من المعلومات حول زيت الحبة السوداء المهدرج انظر الفصل في علاج القوباء المعدية.

ص:205

و طريقة استعمال هذا الدواء في العلاج:

* تدهن المنطقة المصابة مرة في اليوم و ذلك في الأيام الثلاثة الأولى ثم بعد ذلك يستعمل الدواء بمعدل مرتين يوميا.

* فترة استعمال العلاج: حتى تزول آثار المرض.

* مدة صلاحية الدواء: 3 أسابيع على أن يحفظ الدواء بالثلاجة لكيلا يفقد صلاحيته.

ب - الطريقة العادية:

و تتميز هذه الطريقة ببساطتها و سرعة تحضيرها و لكنها أقل فعالية من الأولى ذلك بأن الأجزاء من الحبة السوداء الغير قابلة للذوبان تعمل كحاجز على الجلد لمنع تسرب الدواء إلى هذه المناطق التي تغطيها هذه الأجزاء و اللّه أعلم.

و لتحضيرها يلزمنا: 1 - كوب من الحبة السوداء الناعمة. 2 - كوبان من خل التفاح.

3 - كوب من زيت الحبة السوداء المهدرج أو من محلول النشا.

أما تركيب العلاج فيتم بإتباع الخطوات الآتية:

* يؤخذ كوب من الحبة السوداء الناعمة و يضاف إليها كوبان من خل التفاح و يسخن الخليط على نار هادئة لمدة دقيقتين ثم يضاف إليها زيت الحبة السوداء أو محلول النشا بمقدار كوب واحد و يستمر في التسخين لمدة دقيقتين أخريين.

* يبرد الخليط و يحفظ بالثلاجة.

و طريقة استعمال علاج الوردية و العد الشائع:

* تدهن المنطقة المصابة مرة في اليوم و ذلك في الأيام الثلاثة الأولى.

* فترة استعمال العلاج: مرتين يوميا حتى تزول آثار المرض.

* مدة صلاحية الدواء: 3 أسابيع على أن يحفظ الدواء بالثلاجة.

علاج الفطريات بأنواعها:

و لتركيب علاج الفطريات بأنواعها يلزمنا: 1 - كوبان من خل التفاح. 2 - كوب من الحبة السوداء الناعمة. 3 - كوب من محلول النشا المركز أو زيت الحبة السوداء المهدرج.

ص:206

طريقة تركيب الدواء:

* يغلى كوبان من الخل مضافا إليهما كوب من الحبة السوداء الناعمة في وعاء معدني، و عند الغليان يضاف محلول النشا المركز أو زيت الحبة السوداء المهدرج.

* يحرك الخليط حتى يتماسك في حالة استخدام محلول النشا و يرفع عن مصدر النار و يصب في وعاء آخر يمكن إغلاقه ثم يترك ليتساوى مع درجة حرارة الغرفة.

طريقة استعمال علاج الفطريات:

يؤخذ كل يوم قبيل النوم مقدار ما يكفي لدهان المنطقة المصابة.

* تكرر العملية يوميا و لمدة أسبوع.

طريقة حفظ الدواء:

يحفظ الدواء بالثلاجة و ذلك للحفاظ على صلاحيته.

علاج الصداف

و يتميز الدواء بحرورته حين الدهان و يستمر على هذا الحال لفترة لا تزيد عن الربع ساعة، كما أن المريض يحتاج لأن يستعمل العلاج لفترة لا تقل عن 60 يوما ليبرأ بعدها المصاب بالمرض بإذن اللّه تعالى. و لتحضير دواء الصداف يجب أن نقول بأنها و إن كانت صعبة و معقدة و تحتاج إلى أجهزة لتقوم بذلك، و لكنني سأتناول الطريقتين البسيطة و المعقدة ليكون للقارىء حرية الإختيار فيما بينهما:

أولا: طريقة الاستخلاص: 1 - كوب من الحبة السوداء الناعمة. 2 - كوبان من خل التفاح.

3 - قطعة من القماش المسامي. 4 - جهاز القوة الطاردة المركزية.

و تتحقق طريقة الاستخلاص باتباع الخطوات الآتية:

* يضاف كوبان من خل التفاح إلى كوب من الحبة السوداء الناعمة و تخلط بالخل جيدا.

* يرشح الخليط بواسطة سكبه على قطعة من القماش المسامي فيتسرب الخل المتلون باللون الرمادي و تبقى بقية أجزاء الحبة السوداء الغير قابلة للذوبان بالخل.

* يسكب الخل المتكون في أنابيب جهاز القوة الطاردة المركزية و توضع في أماكنها بالجهاز، ثم يشغل الجهاز بسرعة متوسطة و يترك لفترة 5 دقائق.

ص:207

* يسكب الخل النقي الذي انفصل بالأنابيب في وعاء آخر، أما الخل فيمكن إعادة خلطه مع بقايا الحبة السوداء التي ظلت في قطعة القماش حيث تكرر نفس العملية السابقة لإذابة و من ثم فصل أي جزء متبقّ من المادة الرمادية و التي لم تفصل بالمرة الأولى، و أما المادة الرمادية المتجمعة فيخلط الجرام منها بجرام من زيت الحبة السوداء المهدرج(1).

طريقة استعمال الدواء:

* يدهن الجزء المصاب من الجسم بالدواء مرتين يوميا.

* فترة استعمال العلاج: لا تقل عن 60 يوما بشرط استعماله يوميا.

* مدة صلاحية الدواء: ثلاثة أسابيع على أن يحفظ بالثلاجة.

* يستحسن مسح الجلد المصاب بمحلول المرة(2) قبل دهنه بالدواء و ذلك أطهر للتقرح الناتج عن الصداف إن وجد.

و تركيب العلاج يتم باتباع الخطوات التالية:

* يضاف لكوب من الحبة السوداء كوبان من خل التفاح و يسخن الخليط على نار هادئة لمدة دقيقتين، ثم يضاف إليها كوب من زيت الحبة السوداء و بالإمكان إضافة محلول النشا بدلا من زيت الزيتون حتى يتماسك الخليط و يصبح سهلا للدهان.

* يبرد الخليط و يحفظ بالثلاجة.

طريقة استعمال الدواء:

* من المحبذ مسح الجلد المصاب بمحلول المرة قبل دهنه بالدواء و ذلك أطهر للتقرح الناتج عن الصداف إن وجد.

* يدهن به الجزء المصاب مرة واحدة يوميا قبل النوم.

* يستحسن حين استخدام هذه الطريقة استعمال اللفاف لمنع تناثر الحبة السوداء خارج السطح المدهون.

* مدة استعمال الدواء: لا تقل عن 60 يوما بشرط استعماله يوميا.

ص:208


1- (1) المهدرج: أي يكون شكله كالسمن غير السائل (على سبيل التقريب للفهم).
2- (2) محلول المرة 10 جرام مرة تذاب في 100 مل لتر من الماء.

* مدة صلاحية الدواء: ثلاثة أسابيع على أن يحفظ بالثلاجة.

الحزاز البسيط.

كما توجد أنواع أخرى كثيرة.

أولا: الإكزيما:

و يمكن علاجها بالطرق الآتية:

أ - إما بواسطة الدهان بزيت الحبة السوداء المهدرج.

ب - بواسطة الدواء الذي ذكر في فصل الصدفية و الذي يحضر بطريقة الاستخلاص.

ج - و هناك طريقة يسيرة و تنفع بإذن اللّه و يتطلب تحضيرها هذه التركيبة:

1 - كوب من الحبة السوداء الناعمة. 2 - كوب من زيت الزيتون.

و طريقة تركيبه تتم كالآتي:

يخلط كوب من الحبة السوداء الناعمة بكوب من زيت الزيتون. يضرب الخليط حتى يصبح متجانسا.

- طريقة الاستعمال: يدهن الجزء المصاب مرة يوميا.

- مدة استعمال الدواء: إلى أن تختفي آثار الإكزيما.

- تاريخ صلاحية الدواء: ثلاثة أسابيع على أن يتم حفظه في مكان بارد.

ثانيا: الإكزيما العقبولية: و تظهر على شكل حبوب ذات رؤوس سوداء.

و لعلاجها ينصح بالآتي: استخدم قطعة من قماش الصوف الخشن و اغمره في الخل المتلون كما سبق ذكره في فصل الثآليل، ثم حك الجزء المصاب بواسطة قطعة القماش المبللة مرة واحدة يوميا. و يلاحظ أن هذه الحبوب تبدأ بالتلاشي بعد ثلاثة أيام بإذن اللّه تعالى.

ثالثا: توجد هناك أشكال أخرى لهذا المرض تظهر على الأخمصين (قاع الرجل) و راحتي اليدين، و هنا تستخدم تركيبة أخرى لعلاج مثل هذه الحالات.

و لتحضير هذه التركيبة يلزمنا الآتي:

1 - كوب من الحبة السوداء الناعمة. 2 - كوبان من خل التفاح. 3 - قطعة من القماش

ص:209

المسامي (كما هو وارد في فصل الصداف). 4 - كوب من محلول النشا المركز. 5 - كوب من زيت الزيتون.

طريقة تركيب علاج الإكزيما على الأخمصين و راحتي اليدين:

1 - يؤخذ كوب من الحبة السوداء الناعمة و يضاف إليه كوبان من خل التفاح. 2 - يرشح الخليط بواسطة قطعة من القماش المسامي، و يؤخذ المحلول المتكون و يوضع في إناء معدني.

3 - يسخن على نار متوسطة حتى الغليان. 4 - عند البدء بالغليان يضاف كوب من محلول النشا و يحرك الخليط حتى يتماسك.

5 - يزاح الوعاء عن النار و يضاف إلى الخليط المتماسك كوب من زيت الزيتون و يمزج مع الخليط حتى يتجانس.

* طريقة الاستعمال: تؤخذ من التركيبة ملعقة متوسطة الحجم و تفرك بها اليدان، ثم تغطى بقطعة من الشاش، و ذلك قبل النوم و حتى الصباح.

* فترة استعمال الدواء: إلى أن تختفي آثار الإكزيما.

* تاريخ صلاحية الدواء: ثلاثة أسابيع على أن تحفظ في مكان بارد.

ملاحظة: تتبع نفس الإرشادات بالنسبة لراحة القدم.

و لتحضير تركيبة علاج حب الشباب نحتاج إلى:

1 - كوب من خلاصة الحبة السوداء. 2 - نصف كوب من قشور الرمان الناعمة. 3 - كوبين من خل التفاح.

طريقة تركيب دواء حب الشباب:

الدواء الأول: يخلط كوب من خلاصة الحبة السوداء و نصف كوب من قشر الرمان الناعم مع كوبين من خل التفاح.

- طريقة الاستعمال: تدهن الحبوب يوميا قبل النوم مع مراعاة الاستلقاء على الظهر و ذلك بخلط المقدار من الدواء بمقدار مكافىء من زيت الحبة السوداء المهدرج، و إن لم تجد زيت الحبة السوداء المهدرج فلا بأس باستخدام الزيت غير المهدرج مع مراعاة الحرص على عدم تساقط الدواء من الوجه إلى أسفل.

- فترة استعمال الدواء: في حالة عمل تركيبة مضاعفة من دواء حب الشباب يجدر بنا الإشارة

ص:210

هنا إلى أن تاريخ صلاحية الدواء لا يتجاوز الثلاثة أسابيع.

- يحفظ هذا الخليط بعد ذلك في الثلاجة.

الدواء الثاني: و هي نفس طريقة تركيب الدواء الأول إلا أنه يختلف في عدم وجود قشور الرمان الناعمة.

ملاحظة: لا يختلف هذا الدواء عن سابقه في طريقة الاستعمال أو تاريخ الصلاحية و مدة استعمال الدواء و كيفية حفظه.

علاج الحزاز:

لتركيب الدواء نحتاج للآتي: سنتعرض إلى علاج الحزاز البسيط فقط.

1 - الحبة السوداء الناعمة. 2 - خل التفاح. 3 - زيت الحبة السوداء المهدرج.

طريقة تحضير الدواء:

أضف كوبا من الحبة السوداء الناعمة إلى ثلاثة أرباع كوب من خل التفاح و اضرب الخليط جيدا حتى يتجانس ثم بعد ذلك أضف نصف كوب من زيت الحبة السوداء و اخلط جيدا.

طريقة الاستعمال: يستخدم الدواء مرة واحدة باليوم على شكل دهان موضعي و يكرر العلاج لمدة لا تقل عن أسبوعين و لا تزيد عن شهر.

* يجب حفظ الدواء بالثلاجة.

علاج القوباء المعدية:

لعلاج هذا المرض نحتاج للآتي:

1 - خلاصة الحبة السوداء و تحضر من الحبة السوداء الناعمة و خل التفاح.

2 - زيت الحبة السوداء المهدرج.

طريقة استعمال الدواء:

دهان مرة واحدة يوميا قبل النوم و لمدة عشرة أيام.

تنبيه: يجب حفظ الدواء بالثلاجة.

ص:211

علاج البهاق:

لتحضير الدواء نحتاج إلى ما يلي: 1 - حبة سوداء ناعمة. 2 - خل التفاح.

طريقة تركيب الدواء:

يضاف الخل تدريجيا إلى الحبة السوداء الناعمة حتى درجة التشبع ثم يحفظ الدواء لمدة لا تتجاوز يومين بالثلاجة إذ إن فترة الصلاحية لا تتعدى هذين اليومين.

طريقة الاستعمال:

يضمد الجزء المصاب مرة واحدة يوميا و يجب ضمان عدم نزول الدواء عن الأماكن المضمدة و ذلك بلفها بالشاش الأبيض.

البهاق الأبيض: و هو ناتج عن فقدان بعض خلايا الجسم لصبغتها و هو سريع الانتشار و يكاد يغطي الجسم كله إذا ما تداركناه.

لتحضير الدواء نحتاج للآتي: - حب الرشاد الناعم. - خل التفاح.

تركيب الدواء:

1 - كوب من خل التفاح يضاف إليه بدقة و بالتدريج الرشاد الناعم بواسطة ملعقة تحمل باليد اليسرى و أما اليد اليمنى فتستمر بالتحريك السريع لتفادي تكتل الرشاد حين ملامسته للخل.

2 - استمر بالإضافة حتى يبدأ الخليط بالتماسك.

3 - ارفع الملعقة التي كنت تقلب بها الخليط مع التوقف عن إضافة الرشاد.

4 - احفظ الدواء في مكان بارد و لا يشترط بالثلاجة.

5 - مدة صلاحية الدواء أسبوع واحد.

طريقة الاستعمال: يدهن الجزء المصاب ليلا و يترك لمدة خمس دقائق حتى يجف على سطح الجسم ثم يغطى بالشاش حتى الصباح. تكرر العملية يوميا و لمدة عشرة أيام.

ص:212

العسل

اشارة

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما استشفى الناس بمثل لعق العسل(1).

و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لعق العسل فيه شفاء، قال اللّه عز و جل: يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهٰا شَرٰابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوٰانُهُ فِيهِ شِفٰاءٌ لِلنّٰاسِ (2).

عن الصادق عليه السّلام، أنه شكا إليه رجل الداء العضال، فقال: «استوهب درهما من امرأتك من صداقها، و اشتر به عسلا، و امزجه بماء المزن، و اكتب به القرآن و اشربه، ففعل فأذهب اللّه عنه ذلك، فأخبر أبا عبد اللّه عليه السّلام بذلك، فتلا: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ (3) الآية يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهٰا الآية وَ نَزَّلْنٰا مِنَ السَّمٰاءِ مٰاءً (4) الآية وَ نُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ (5) الآية(6).

ص:213


1- (1) بحار الأنوار ج 63 ص 291.
2- (2) النحل: 69:16.
3- (3) النساء: الآية 4.
4- (4) ق الآية: 5.
5- (5) الإسراء: 82:17.
6- (6) مستدرك الوسائل ج 16 ص 369 ح 17.

و في قوله تعالى: يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهٰا شَرٰابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوٰانُهُ فِيهِ شِفٰاءٌ لِلنّٰاسِ قال القرطبي: فيه تسع مسائل:

الأولى: قوله: يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهٰا شَرٰابٌ يعني العسل، فقد ورد عن علي (ع) أنه قال في تحقيره للدنيا: أشرف لباس ابن آدم فيها لعاب دودة (يعني الحرير) و أشرف شرابه رجيع نحلة (يعني العسل).

الثانية: قوله: مُخْتَلِفٌ أَلْوٰانُهُ يريد أنواعه من الأحمر و الأبيض و الأصفر، و الجامد و السائل، دليل على أنّ القدرة نوعته بحسب تنويع الغذاء، كما يختلف باختلاف المراعي.

الثالثة: قوله: فِيهِ شِفٰاءٌ لِلنّٰاسِ الضمير للعسل، قاله الجمهور، أي في العسل شفاء للناس، و قيل الضمير للقرآن. قال القاضي أبو بكر بن العربي: من قال إنه القرآن بعيد ما أراه يصح عنهم، و لو صح نقلا لم يصح عقلا فإنّ مساق الكلام كله للعسل.

الرابعة: اختلف العلماء في قوله تعالى: فِيهِ شِفٰاءٌ لِلنّٰاسِ هل هو على عمومه أم لا، فقالت طائفة هو على العموم في كل حال و لكل إنسان، فقد روي عن ابن عمر، أنه كان لا يشكو قرحة و لا شيئا إلا جعل عليه عسلا، حتى الدمل إذا خرج عليه طلى عليه عسلا. و روي أنّ عوف بن مالك الأشجعي مرض فقيل له أ لا نعالجك؟ فقال: إيتوني بماء فإنّ اللّه تعالى يقول: وَ نَزَّلْنٰا مِنَ السَّمٰاءِ مٰاءً مُبٰارَكاً . ثم قال: إيتوني بعسل فإنّ اللّه تعالى يقول: فِيهِ شِفٰاءٌ لِلنّٰاسِ ثم قال: إيتوني بزيت فإنّ اللّه تعالى يقول: مِنْ شَجَرَةٍ مُبٰارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ ، فجاؤوه بذلك كله فخلطه جميعا ثم شربه فبرىء.

و قالت طائفة إنّ ذلك على الخصوص و لا يقتضي في كل علة و في كل إنسان بل إنه خبر عن أنّه يشفي، ففائدة الآية إخبار عنه أنه دواء لما كثر الشفاء به، و ليس بأول لفظ خصص، فالقرآن مملوء منه، و لغة العرب يأتي فيها العام كثيرا بمعنى الخاص، و الخاص بمعنى العام.

الخامسة: الماء حياة كل شيء و قد رأينا من يقتله الماء إذا أخذه على ما يضاره. و قد رأينا شفاء العسل، على أنّ النبي (ص) قد حسم الإشكال و أزاح عنه وجه الاحتمال حين أمر الذي يشتكي بطنه بشرب العسل، فلما أخبره أخوه بأنه لم يزده إلا استطلاقا أمره بعود الشراب فبرىء، و قال: صدق اللّه و كذب بطن أخيك.

السادسة: لسنا نستظهر على قول نبينا (ص) بأن يصدقه الأطباء، بل لو كذبوه لكذبناهم و صدقناه (ص).

ص:214

السابعة: قوله: فِيهِ شِفٰاءٌ لِلنّٰاسِ دليل على جواز التعالج بشرب الدواء خلافا لمن كره ذلك من العلماء.

الثامنة: ذهب مالك و جماعة من أصحابه إلى أنّ لا زكاة على العسل.

التاسعة: قوله تعالى: إِنَّ فِي ذٰلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ أي يعتبرون، و من العبرة في النحل بإنصاف النظر و إلطاف الفكر في عجيب أمرها، فيشهد اليقين بأن ملهمها الصنعة اللطيفة و حزمها في تفاوت أحوالها هو اللّه سبحانه و تعالى، يقول العلامة الزجاج في قوله تعالى: يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهٰا :

«... إلاّ أنّها تلقيه من أفواهها، و إنّما قال من بطونها، لأن استحالة الأطعمة لا تكون إلا في البطن فيخرج كالريق الدائم الذي يخرج من فم ابن آدم».

و في تعليقه على آيتي النحل يقول الفخر الرازي: «إعلم أنه تعالى لما بين إخراج الألبان من النعم و إخراج السكر و الرزق من ثمرات النخيل و الأعناب دلائل قاهرة و بينات باهرة على أن لهذا العالم إلها قادرا مختارا حكيما فكذلك إخراج العسل من النحل دليل قاطع و برهان ساطع على إثبات هذا المقصود».

و لقد دافع عن عمومية شفاء العسل العلامة الشنقيطي في شرحه لحديث «صدق اللّه و كذب بطن أخيك» فقال: و وجه قوله عليه الصلاة و السلام «صدق اللّه» هو كون النكرة في قوله: فِيهِ شِفٰاءٌ لِلنّٰاسِ للعموم لأنها سيقت للامتنان، فهي إحدى النكرات الأربع التي تعم، كما نص عليه السيوطي و غيره كالعطار على جمع الجوامع و غير واحد من المحققين مثالها قوله تعالى: وَ أَنْزَلْنٰا مِنَ السَّمٰاءِ مٰاءً طَهُوراً و قوله: فِيهِ شِفٰاءٌ لِلنّٰاسِ .

و يرى الدكتور النسيمي أنّ الآية تفيد أنّ العسل شفاء لبعض الأمراض... إلاّ أنه يمكن لفئة خاصة من أهل اليقين و الصدق و الصفاء أن يستشفوا به لكل علة، و يمكن أن يحدث الشفاء بذلك كرامة أو معونة من اللّه تعالى لهم و ذلك خصوصية لبعض المتقين لا تعطي حكما عامّا. و يرى أن لفظ شفاء في الآية الكريمة نكرة و النكرة في سيقان الثبوت لا تعم (كما قال القرطبي) و مع ذلك فإنّ تنكير شفاء و عدم تعيين الفوائد العلاجية للعسل، يحرك همة المؤمنين المختصين أن يجروا التجارب ليكتشفوا المزيد من الفوائد الدّالة على عظيم منفعة العسل العلاجية، كما يرى النسيمي أن فعل النبي (ص) و تداويه بالحجامة و وصفه لأدوية أخرى كالحبة السوداء و غيرها يدل على أن العسل ليس شفاء من كل داء. كما يرى أن الواقع الطبي العملي لا يشير إلى امكانية كون العسل أو غيره يمكن أن يكون شفاء لكل داء. كما يؤكد أن التصور العقلي لا يبيح ذلك لوجود أمراض متناقضة كفرط الدرق و قصوره و انخفاض الضغط و ارتفاعه و غيرها، فلا يعقل (كما يرى النسيمي) أن يكون العسل سببا

ص:215

ماديا للشفاء من حالتين متضادتين و بالتالي لا يتصور أن يكون دواء لكل داء.

و يرى الدكتور ظافر العطار أن آية النحل فِيهِ شِفٰاءٌ لِلنّٰاسِ صريحة في عمومها، و لا يرى أي مبرر لتأويلات بعض المفسرين كالسديّ و غيره، و هو إن صح عنه، يجعل الطب في المقدمة لا الشرع، و يفهم منه أن ما أقرّته التجربة يصبح عنده شفاء. و يرد على الدكتور النسيمي بأنّ تعدد العلاجات النبوية، إنما هو رحمة بأمته (ص) فعدد لها الدواء، فقد لا يتيسر العسل لبعض الناس فأفسح لهم المجال بتعدد الدواء، لكن هذا لا يعني بحال أن العسل لا يفيد الشقيقة و غيرها، و حول رأي الدكتور النسيمي بعدم تصوره دواء يصلح لحالتين متضادتين، يجيب أنّ العسل منظم للجسم البشري يعيد إليه توازنه الطبيعي و انسجامه، كما لا يرضى الدكتور العطار بجعل العسل علاجا روحيا لأهل الخصوص، فقوله تعالى: فِيهِ شِفٰاءٌ لِلنّٰاسِ ، و كلمة ناس يستوي فيها المسلم و الكافر فكيف بالمؤمن!..

و يقف الدكتور حسان شمسي باشا هنا ليتساءل: لماذا قال اللّه تعالى: يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهٰا شَرٰابٌ و لم يذكر صراحة أن العسل هو الذي يخرج من بطون النحل، و نجيب على تساؤله بنقل قول الدكتور البنبي: فالنحل لا ينتج العسل وحده فحسب بل إنه ينتج الغذاء الملكي و السم و الشمع و العكبر... و حبوب اللقاح. و لم يذكر القرآن صراحة أن العسل هو الذي يخرج من بطون النحل، أو أنه هو الذي فيه شفاء للناس، لأن اللّه يخرج من بطون النحل مواد متعددة شافية، لكنها لم تكن معروفة حين نزول القرآن على سيد المرسلين... فكأن هذه الآية الموجزة تتضمن المعنى الذي كان معروفا في عهد الرسول (ص) عن القيمة العلاجية للعسل و المعنى الذي لم يعرف إلا في القرن العشرين عن القيمة العلاجية لسم النحل و الغذاء الملكي و غيرهما من منتجات النحل.

و نحن نرى أن الشراب الذي وصفه المولى سبحانه و تعالى في الآية: يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهٰا شَرٰابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوٰانُهُ فِيهِ شِفٰاءٌ لِلنّٰاسِ هو العسل حصرا. فليس لمفسر أن يدلي برأيه بعد أن ثبت في الحديث الصحيح «صدق اللّه و كذب بطن أخيك، اسقه عسلا» أن النبي (ص) فسر الشراب بالعسل، ثم إنّ الوصف اللغوي الذي جاءت به الآية، أتى بصيغة المفرد ليدل أن الشراب نوع واحد و إن اختلفت ألوانه و هذا ينطبق على العسل. ثم إن الشمع ليس بشراب، و الغذاء الملكي و العكبر يفرز في فم النحلة و لا يخرج من البطن (من الناحية التشريحية) و أخيرا فإن سم النحل لو تناوله امرؤ على شكل شراب لفسد في معدته، فهو لا يفيد مطلقا إذا ما أخذ على شكل شراب.

و هكذا فإن المادة العلاجية القرآنية الوحيدة هي العسل، و هذا لا يعني أن المواد الأخرى التي تصنعها النحلة ليس فيها شفاء، فقد أشبعنا في كتابنا هذا، الخواص العلاجية لهذه المواد دراسة و بحثا

ص:216

و لكننا لا يمكن أن نضعها ضمن الأدوية القرآنية التي نص القرآن على الاستشفاء بها.

العسل غذاء قيّم

يعتبر العسل بحق مادة غذائية قيّمة، تقف في المكان الأول كمصدر للسكريات بين كافة الأغذية. و هي، و إن كان بعضها (المصنوع من السكر العادي) يقدم من الطاقة أكثر مما يقدم العسل (1 كغ سكر تعطي 3900 حريرة، بينما يعطي 1 كغ من العسل 3150 حريرة) إلأ أن غناه بالعناصر الأخرى و بنوعية سكاكره تجعل له أفضلية مطلقة لا تقبل الجدل. هذا و يجب أن ينتبه إلى عدم تسخينه فوق درجة 60 حتى لا يفقد خواصه.

و تمتاز سكاكر العسل بسرعة امتصاصها من الأمعاء و سرعة وصولها إلى الأنسجة و تمثلها في الكبد. كما أنه أفضل من السكر العادي من حيث إنه يجدد و يحفظ القوة العضلية. و لهذا نجد أن المصارعين الأمريكيين يرفعون نسبة تناولهم للعسل أثناء تدريباتهم الرياضية. و يصفه البرفسور تاونسند Townsend بأنه الطعام الحيوي للرياضيين، فهو مصدر سريع للطاقة لا تؤدي كثرته إلى رد فعل مؤذ، كالآلام المعدية التي تحصل عند تناول كمية كبيرة من السكر العادي. و قد لاحظ أن الرياضيين الذين يتنافسون لدرجة الإرهاق، يستطيعون استعادة نشاطهم بسرعة كبيرة عند ما يتناولون شايا أو قهوة أو عصيرا محلاة بالعسل.

كما أن العسل عند ما يؤخذ بعد التمارين الرياضية فإنه يعوض النقص في الطاقة المبذولة أثناء الأنشطة العنيفة. لقد تبين في تجارب دوام القدرة أن الذين كانوا يعطون العسل قبل التجربة و أثناءها قد تحملوا مستوى أعلى من الجهد من الذين لم يتناولوه. أما الدكتور وودارد Woodard المستشار الفخري للفرق الأولمبية، أكد أنه في المباريات العنيفة يحتاج المتنافس إلى كمية كبيرة من السكر و يحدث لديه رجفان يمكن تلافيه بإعطاء العسل.

و يساعد العسل على نمو العضوية و خاصة الفتية منها، و يلعب وجود الزيوت العطرية فيه دورا منشطا للجهاز العصبي و القلب، لذا يؤكد البرفسور كوستوغلوبوف فائدة العسل للأشخاص المنهكين أو المجهدين فيزيائيا أو فكريا، و للناقهين من الأمراض الشديدة.

و تزداد أهمية العسل الغذائية باحتوائه على الفيتامينات الضرورية للعضوية، فالفيتامين ب 2 يلعب دورا هاما في استقلاب المواد الغذائية و يزيد في مناعة البدن تجاه الأمراض الإنتانية. أما الفيتامين ب 6 فيلعب دورا مماثلا في الاستقلاب البروتيني و يؤدي فقده من الغذاء إلى أن تصبح البروتينات و حاصلات هضمها سموما للعضوية، و يحدث اختلاجات عند الرضع عند نقصه من

ص:217

غذائهم. و حمض الغوليك يساعد في عملية توليد الدم و يشارك في عمل الغدد الصماء. فالهرمون الجنسي (ستلبسترول) يصبح أكثر فعالية بوجود حمض الغوليك.

و يؤكد البروفسور شوفان R.Chauvin أن العضوية الإنسانية يمكنها أن تمتص كميات كبيرة من العسل دون أي أذى، و قد جرب العالم Noecker على نفسه إذ تناول (300) غ من العسل يوميا مع الزيت و الطحين دون أن يشعر بأي اضطراب. كما تابع س. ملادينوف تغيرات مستوى السكر في الدم و البول عند 500 مريض كانوا خاضعين للمعالجة بالعسل (من 100-500 غ) طيلة عشرين يوما، فلم يلحظ أي ارتفاع في مستوى سكر الدم، كما لم يلاحظ أي أثر للسكر في البول عندهم.

و وفقا لرأي زايس Zaiss و فيليبس Phillips و كيلاس Caillas فإن العسل يساعد على هضم الأغذية الأخرى و تمثلها. أما إيوريش Ioyrish فيقول بأن التجارب أثبتت الخواص المقوية العامة للعسل: فقد زاد وزن المرضى و ارتفع الخضاب في دمائهم و نقصت نسبة التنبه في الجهاز العصبي مما جعلهم يشعرون بالراحة و النشاط. و قد ورد ذكر العسل في بعض دساتير الأدوية العالمية مثل Oxymel Simplexi و هو مزيج من العسل و الخل (بنسبة 1/3). و هذا المزيج اهتم له الأطباء المسلمون و كانوا يسمونه السكنجبين (لقوله (ص): خير الأدم الخل). و هناك أيضا Mel Calchici

و هو مزيج من العسل و اللحلاح يوصف للمصابين بالنقرس. Mel Rosatum و هو مزيج متساو من العسل و منقوع الورد (50 من الورد ل 300 غ ماء) و يستعمل كمقبض...

العسل و الداء السكري:

يحدث الداء السكري نتيجة قصور في غدة المعثكلة Pancreas حيث إنها لا تنتج كفاية البدن من الأنسولين - الهرمون الضروري لحرق السكريات و تخزينها - مما يؤدي إلى عدم استفادة البدن من السكاكر بشكل كامل و يطرح الفائض منها مع البول، لذا فبول السكريين - حلو غالبا. و يرى كل من بيك Beck و سمدلي Smedley أن الداء ينجم عن تصلب المعثكلة و التهابها نتيجة الإفراط في تناول السكر العادي و ملح الطعام.

و يعتبر نقص الغلوكوجين من أهم مظاهر الاضطراب في الداء السكري. و يختزن الغلوكوجين في الكبد عادة ثم يستعمله البدن كأهم مصدر للطاقة على شكل سكر عنب. لكن المصاب بالسكري يعجز عن حرق السكريات كما يضطرب عنده استقلاب الدهن و يؤدي إلى عدم احتراقها الكامل و إلى تشكل الحموض الأمينية غير المؤكسدة (الخلون Aceton ).

و استعمال «الأنسولين» و هو هرمون المعثكلة يصلح الوضع المرضي و يحول السكاكر إلى

ص:218

غلوكوجين كما يعمل على حرق سكر العنب في الانسجة فالأنسولين ملحق في معالجة الداء السكري و ليس وسيطا للشفاء. و استعماله عملية شاقة، إذ يتحتم حقنه في أوقات معينة و بمقادير يجب أن تتناسب و نوعية الطعام و مقدار سكر العنب في الدم. و لذا فإن أي مادة يمكن أن تستعمل عن طريق الفم بدلا عن حقن الأنسولين. لا تقدر بثمن. كما أن الحمية التي تمنع المصابين بالسكري عن تناول السكريات طيلة عمرهم أمر لا يحتمل أيضا.

فإذا كان المريض المصاب بالسكري يستطيع استعمال العسل لتحويله إلى غلوكوجين لتمويل الجسم بمورد للطاقة يحتاجه كثيرا فإن ذلك يكون ذا قيمة كبرى، و هناك أدلة ثابتة تشير إلى إمكانية ذلك. فالعسل و السكر العادي يختلفان كثيرا في تركيبهما الكيمياوي و في تأثيرهما الغريزي و خاصة بالنسبة للمصاب بالسكري. إن السكر العادي يستقلب في البدن إلى سكر عنب، أما العسل فيتكون من سكر عنب و سكر فواكه. و هناك اختلاف كبير بين سكر العنب و سكر الفواكه، و الذي يشكل كما رأينا السكر الرئيسي في العسل (يشكل أكثر من 40% من تركيب العسل).

و لقد تمكن منكوفسكي(1) بتجاربه على الكلاب بعد استئصال معثكلتها أن يبرهن أن كبد هذه الحيوانات تستطيع تكوين الغلوكوجين من سكر الفواكه بالرغم من عدم تمكنها من بنائه من سكر العنب. و برهن كريج أن حقن سكر الفواكه في وريد السكريين لا يرفع سكر الدم عندهم إلا قليلا إذ إنهم تمكنوا من تغييبه في الكبد. كما تمكن سايجي Seige أن يبرهن أن تمثل سكر الفواكه (حرقه + تكوين الغلوكوجين) سهل في العضوية و لو كانت مصابة بالسكري.

كما أن تجارب كثيرة أجراها أموس Amoss و روت Rute و بفزنر(2) و غيرهم أثبتت أن تحمل سكر الفواكه و استقلابه في عضوية السكريين أفضل من تحمل غيره من السكاكر و خاصة سكر العنب. و من أجل هذا ينصح ريزغا السكريين أن يتناولوا العسل عوضا عن كافة ما ورد في حميتهم من ماءات فحم.

و أكد كل من كوخ(3) و بوم غارتن أن حقن سكر الفواكه في الوريد لا يرفع سكر الدم إلا بمقدار ضئيل، أقل بكثير من ارتفاعه بعد إعطاء سكر العنب، و عند إعطاء محاليل العسل وريديا فإن مستوى سكر الدم يهبط أيضا.

ص:219


1- (1) عن (.Tobiash و Kilian) .
2- (2) عن كتاب (النحلات و الطب).
3- (3) عن مقالة (H.Lempp) .

و لقد قام العالمان كيليان و توبياش من جامعة فرانكفورت بتجارب هدفها إثبات إمكانية استعمال العسل كمادة للتحلية لدى السكريين فأعطيا كمية متعادلة من العسل و سكر العنب لأشخاص أصحاء و آخرين مصابين بالسكري. فتبين أن ارتفاع سكر الدم بعد إعطاء سكر العنب يكون أكثر و أطول أمدا من ارتفاعه بعد إعطاء العسل، و أن اختلاف تغير سكر الدم هو اختلاف واضح و جلي و بعيد عن خطأ التجربة بما لا يقبل الجدل. و عند المصابين بالسكري، الذي يطرحون في أبوالهم كميات متعادلة من السكر يوميا فإن هذه الكميات لا تزيد مطلقا بعد إعطاء العسل لهم. و هناك حالات هبطت كمية السكر المطروحة في البول بعد إعطاء العسل. كما أثبت المؤلفان أن إعطاء السكريين 20 غ من العسل صباحا و 20 غ بعد الظهر دون أي تغيير في كمية الأنسولين أو نوعية الحمية لا تؤثر على مستوى سكر الدم عندهم. و يؤكد هذان العالمان، أن العسل الصيفي، حيث لا تطعم النحلة غير رحيق الأزهار، هو عسل ممتاز للسكريين، أما العسل الشتوي، حيث تطعم النحلة السكر العادي فهو عسل لا يناسب السكريين.

و يؤكد ستراوس وروزنفلد أن سكر الفواكه، و كل السكاكر التي تعطي بعد تحللها سكر الفواكه، كالدكسترين و الملزيتوز (يعطي ذرتين سكر فواكه + ذرة سكر عنب) يتحملها السكريون أكثر من سكر العنب و لها نفس التأثير الحسن عندهم و لقد توصل منكوفسكي بتجاربه على الكلاب بأن للعسل فائدة كبرى كمداواة داعمة لإحمضاض الدم Acetonemia الذي يصادف كاختلاط خطير للداء السكري. و كان العالم فون نوردن قد أوحى في كتابه منذ عام 1898 بإعطاء سكر الفواكه لمعالجة تخلون الدم و ما يرافقه من سبات أحيانا.

و لعل أقدم مشاهدة عن معالجة الداء السكري بالعسل تعود إلى الطبيب الروسي أ. دافيدوف(1)

عام 1915 حيث يقول: «إن العسل يمكن أن يكون ضروريا للمصابين بالداء السكري في كثير من الأحوال، فهو كمادة حلوة لذيذة، يمكنه إذا ما أضيف إلى جدول الحمية الخاص بالسكريين أن يفي برغباتهم نحو المادة السكرية دون أن يحيجهم إلى تناولها بأشكالها الضارة لهم، كما ثبت أن العسل يمنع تخلون الدم و ينقص إفراغ سكر العنب في بول المصابين».

و قد درس البرفسور(2) فاتيف Vatev تأثير العسل على الأطفال المصابين بالداء السكري و يبين له بشكل لا يقبل الجدل حسن تأثير العسل على سير الداء عندهم. فقد عالج 36 طفلا مصابين

ص:220


1- (1) عن مجلة (الطبيب الروسي).
2- (2) عن كتاب (العسل و المعالجة بالعسل): ملادينوف.

بالسكري بإعطاء الطفل ملعقة شاي من العسل قبل كل طعام (3 ملاعق يوميا).

و من أمريكا(1) أشتهر كل من الدكتور مريك (من أوهايو) و غوس من (Middel Perry) بمعالجة الداء السكري بالعسل، بنجاح. أما البرفسور جيورجي (مكتشف الفيتامين ج) فقد نشر بحثا عن استعمال حمض العنبر Succinic acid لمعالجة السكريين. و هذه الملاحظة تبين دور الحموض العضوية الموجودة في العسل إلى جانب حمض العنبر كحمض اللبن و التفاح و غيرها في الداء السكري و يبدو أنها تعدل من تشكل مادة الخلون عند المصابين.

و اعتمادا على ما اكتشف حديثا من أن العسل يحتوي على مواد تعادل بتأثيرها الأنسولين، و أنّ سكره هو سكر الفواكه فإن إيوريش(2) ينصح السكريين بتناول العسل و خصوصا (العسل الفيتاميني) الذي حضر في معهد الفيتامينات للأبحاث في موسكو. و هو عسل طبيعي مضاف إليه الفيتامين ب 1 و ب ب و ج، التي ثبت أن لها تأثيرا حسنا على استقلاب السكريات في عضوية المصابين بالسكري.

و نحن نرى أن المصابين بالسكري يمكنهم أن يجربوا ما ورد على لسان مشاهير الأطباء من تناول العسل بشرط أن يتحروا العسل الصافي الخالي من الغش، و أن يتأكدوا من أن النحل نفسه لم يطعم السكر العادي و أن تجري المعالجة تحت إشراف طبيب اختصاصي.

العسل للوقاية من نخر الأسنان:

(3)

تؤيد أبحاث الفيزيولوجي الكندي ف. بانتنغ(4) التأثير السيىء للسكر العادي على الأسنان و أن تزايد النخور السنية في العالم بشكل مريع يتبع زيادة مقدار السكاكر في القوام الغذائي. و يشير ماكليدون إلى أن الشاي يحوي على الفلور بكمية كافية للوقاية من نخر الأسنان، غير أن اعتياد الناس شرب الشاي مع السكر، و هي مادة تسرع في النخر يفقد الشاي تلك الخاصية الهامة، و لذا يوصي ماكليدون بشرب الشاي دون سكر، أو أن يحلى بالعسل، لاحتوائه على الفلور أيضا.

و قد نشر كل من جيمس غاريس و لطفي السامري نتيجة دراستهم لوثيقة فرعونية وجدت في أحد الأهرامات أن الفراعنة عرفوا تقنية عالية في المداواة السنية و كانوا يستعملون من أجل تقوية

ص:221


1- (1) عن كتاب Honey and Your Health لبيك و سمدلي.
2- (2) عن كتابه (النحلات صيدلانيات مجنحة).
3- (3) راجع مقالة د. ظافر العطار (مجلة عالم الطب و الصيدلة) آذار 1988.
4- (4) عن كتاب (النحلات و الطب).

الأسنان خليطة تحتوي على العسل و الكلس و خلاصة نبات الشيح. فالعسل يقي من النخر و يطهر جوف الفم.

و قد قام ل. فوج L.Waugh (1) و مساعدوه بدراسة على قبائل الأسكيمو الأكثر بدائية و التي لم تتصل إلا نادرا بالرجل الأبيض و لم تعرف سكاكره المصنعة (السكر الأبيض) و قد أكدت هذه الدراسة على أن هؤلاء الأسكيمو الذين بقوا على طعامهم البدائي الذي لا يحوي على السكاكر القابلة للتخمر (السكر الأبيض)، لم يكن للنخر بينهم أي وجود و لكن لما توفر لهم طعام الرجل الأبيض، ظهر النخر بينهم بشكل يتناسب طردا مع مقدار ما يتناوله من سكاكر مصنعة.

أما دراسة العلماء أوسبورن و نوريسكن(2) في قبائل البانتو في جنوب أفريقيا فقد أكدت أن السكاكر المنقاة أظهرت في الأسنان مقدارا كبيرا من انحلال الكلس، كما أكدت أن العامل الواقي من النخر الموجود في السكاكر الطبيعية يزول عند التصنيع و التنقية (السكر الأبيض). و قد شملت الدراسة فئتين: فئة قدم لها سكاكر طبيعية (عسل، دبس، تمر، تين). و قدم للفئة الثانية أطعمة حاوية على سكاكر مصنعة (شوكولا، سكاكر، مربى...).

أما نتائج الدراسة بين فئتي السكاكر الطبيعية و المصنعة فكانت مختلفة بدرجة واسعة لذا نستطيع قبولها بكل حزم، و هي أن السكاكر الطبيعية و منها العسل لا تحدث نخرا و لا تسبب نمو العصيات اللبنية.

و يظهر البحث الذي كتبه الدكتور فرانسيسكو بوكسي F.Pucci (3) أهمية العسل كمادة محلية تبعد عن الإنسان خطر النخر السني المبكر، و تشير الدراسة إلى أثر العسل الجيد في تثبيت الكلس في الأسنان و العظام عند حيوانات التجربة، كما أن له تأثيرا ممتازا على العظام في طور نموها، كما يؤكد أن العسل أفاد كثيرا في نمو العظام و بزوغ الأسنان و حسن التكلس العظمي و السني.

العسل و طب الشيخوخة:

يحدث مع تقدم الإنسان في العمر تغيرات هامة في أنسجته، يرافقها شكاوى متعددة يراجع الشيوخ من أجلها أطباءهم، لعل أبرزها جفاف الجلد و تجعده و الشيب و ثقل الحركة و ضعف البصر و السمع و تصلب الشرايين و القبض المزمن، و الضعف الجنسي و غيرها، و إن رغبة الإنسان في إطالة

ص:222


1- (1) عن مجلة American J.Dis.of child ، 4، 1939.
2- (2) عن مجلة Ben-Reswarch حزيران 1937.
3- (3) عن مجلة مونتوفيديو السنية (الأورغواي) ترجمة د. غنوم غنوم، و نشرته مجلة طب الأسنان السورية.

عمره، جعلت شغله و تفكيره يهتم في محاولة معالجة هذه الشكاوى لإعادة الشباب و النشاط إليه.

و في القرون الوسطى، أضاع حشد كبير من العلماء أوقاتهم في البحث عما دعوه بإكسير الحياة.

و على مدى قرون، جرت محاولات متعددة، منها محاولة براون - سيكار(1) لإعادة شبابه بحقن خلاصة مائية لخصية من أرانب و كلاب، و ادعاء البرفسور «بوغوموليتش» أن نقل دماء شابة من 25-100 مل على فترات تعتبر منشطا غريزيا فعالا يقوي وظائف العضوية الكهلة، و منها ما نشره البرفسور بارخون و آنا أصلان (1951) عن آثار إيجابية لبرنامج علاجي يقوم على حقن مقادير متزايدة من النوفوكائين و الذي جرى تصنيفه مع العقاقير المجددة للشباب. و تشير أبحاث مورا Mora

و لينز Lenze و غيرهم إلى النتائج الجيدة لمعالجة ظواهر الشيخوخة المبكرة بالنونوكانين مشركا مع الفيتامينات أو الهرمونات(2)...

أما عسل النحل فقد أعطاه الحكماء منذ غابر العصور أهمية خاصة (بيثاغور و أبو قراط) معتقدين أن تناوله بشكل مستمر يساعد على إطالة العمر، و قد ذكر العالم البولوني «فتفتسكي» منذ القرن الماضي عن علماء مشهورين أمثال تريمتبسكي و مولباخر عمروا طويلا و كانوا يبدون حيوية و نشاطا و نضارة في الوجه، كانوا يتناولون العسل بشكل يومي مع طعامهم. و يؤكد إيوريش أن معظم المعمرين في الاتحاد السوفياتي، يعيشون في الجبال و يتعاطون تربية النحل و يتناولون العسل بكميات كبيرة.

و في عام 1959 كتب ب لوت P.Luth عن زيادة فعالية البروكائين في معالجة مظاهر الشيخوخة عند مزجه بالمحاليل العسلية. لقد درست آلية تأثير البروكائين على بعض عوارض الشيخوخة، و أن ذلك يرجع إلى فعل محصوله الاستقلابي في البدن، و هو حمض أميني، يعتبر في الحقيقة طليعة تشكل الكولين، و الأستيل كولين في البدن، أي أنّ فعله هنا كمقو للخواص الكولينية، و كانت تحريات Luth تنحصر في البحث عن مادة غير سامة، تمتلك زيادة فعالية البروكائين فلم يجد أمامه سوى العسل الذي هو غذاء و دواء في نفس الوقت.

و بناء على هذه النتائج، تنتج شركة Woelm الألمانية مستحضرا هو Procopin G2 يتكون من:

بروكائين 2% + روتين 0,5% + غلوتامينات الصوديوم 1% + محلول عسلي مصفى من غروباته 10% أعطي هذا المستحضر ل 24 مريضا من الشيوخ و كانت النتائج بشكل عام مدعاة للغبطة، فقد أبدى تأثيرا حسنا على سير الثعلبة و على الشيب، و كانت تأثيراته ممتازة على مظاهر الجلد الشائخ المختلفة

ص:223


1- (1) عن كتاب (النحلات صيدلانيات مجنحة).
2- (2) عن مجلة Arztliche Praxis الألمانية و عربه د. عبد الرحمن القادري.

(Gerodermia) و على سير كثير من شكاوي الشيوخ من انحطاط و وهن عام و آلام في الرأس و وهن عصبي و نفسي و التي تشكل بمجموعها ما يدعي بتناذر انخفاض القدرة على العمل، و في إزالة هذه العوارض عند معظم المعالجين. كما تبين بالدليل القاطع أن للبروكائين مع العسل تأثيرات ضابطة و منظمة لخوارج الانقباض و تسرع القلب الإشتدادي، و على الإعتلالات المفصلية المزمنة غير المشوهة، كما أبدت حالات من تصلب الدماغ تحسنا ملحوظا.

أهمية العسل في تغذية الأطفال:

أكدت المشاهدات السريرية لعدد كبير من الباحثين القيمة الكبرى لعسل النحل كمادة غذائية و وقائية ممتازة لعضوية الطفل. و لقد تبين لجميع الباحثين أن العسل يزيد الخضاب و عدد الكريات الحمر في دماء الأطفال. و هناك تقادير كثيرة من بلدان العالم، و حيث تكثر التجارب في حقل تغذية الأطفال و خصوصا بالنسبة لأمراضهم التي تترافق باضطرابات هضمية أو سوء تغذية أو فاقة دموية، تشير إلى أن العسل حين يدخل في جداول الحمية لهؤلاء الأطفال فهناك تحسن ملحوظ و سريع في حالة الطفل المريض و صحته العامة.

و أثبت غولومب (1)(من معهد دنيبروبتروفسك الطبي) أن إضافة العسل إلى جدول تغذية الأطفال المرضى، أدى إلى إسراع شفائهم بشكل ملحوظ علاوة على الزيادة البينة في وزنهم، و توضح مقالة لابورد(2) Laborde كذلك ما للعسل من تأثير ممتاز على تحسن الخط البياني لوزن الطفل. و العسل، بخاصيته المضادة للجراثيم، يساعد صغار الأطفال على تجتب الإصابة بالتعفنات المعوية الجرثومية. و يبين إيوريش(3) أن الأطفال المصابين بالزحار العصوي و المعالجين بالدي سولفون تغيب عصيات الزحار في برازهم بعد 5 أيام من المعالجة أما إذا أشركت المعالجة بالعسل فإن تلك العصيات تغيب نهائيا من البراز بعد 24 ساعة فقط على بدء المعالجة.

و نظرا لأن تغذية الطفل لم تعد خالصة من لبن الأم، رغم فائدته للأم و الرضيع معا، فإنّ الأطباء في كل أنحاء العالم ينصحون بالعسل كمادة محلية سواء للحليب أو لصنع أغذية الأطفال من خبيصة أو سميد و غيرها، و ذلك لأنه سكر بسيط يقدم طاقة وافرة و تغذية ممتازة في المرحلة الحرجة من نمو الطفل، و بسبب غناه بالمواد الحياتية المعدنية Oligorlemnts ، فإن تجارب ماغني Magni و غيرها

ص:224


1- (1) عن إيوريش (النحلات صيدلانيات مجنحة).
2- (2) عن كتاب The'se Bordeaux .
3- (3) عن كتابه (النحلات و الطب).

برهنت أن لمادة العسل قدرة على القيام بنشاط حاث Stimulant على نمو الطفل مبعدا عنه أيضا خطر الكساح لما فيه من الفيتامينات و بقية مقومات النمو. و أكد كومبي(1) أن إضافة العسل إلى الحليب المعقم بالغليان يعيد إليه خواصه، كما لاحظ خواص العسل الملينة عند الأطفال. فالأطفال الذين يعتمدون في تغذيتهم على العسل يمتازون بحالة جيدة لجهازهم الهضمي و بانعدام الغازات البطنية عندهم، يعود ذلك لفعل الأحماض العضوية و الزيوت الطيارة الموجودة في العسل و التي تنبه بشكل مستمر شهية الطفل و حركة الأمعاء.

و في مركز رعاية الأطفال التابع لكلية طب باريز أجرى الطبيبان(2) أليسون و ناربونون تجارب على الخدج(3) فأضافا كمية زهيدة من العسل إلى غذائهم، ثم تزداد تباعا كمية العسل لتصل إلى 10 غ يوميا لكل كغ من وزن الطفل، و قد تبين لهم أن الخدج يقبلون جيدا على الرضاعة من الحليب المحلى بالعسل و يصبح المص أكثر قوة مما لو حلي الحليب بالسكر العادي. كما ظهرت خواص العسل الملينة. و قد تبين أنه حين إصابة الخدج ببعض الإضطرابات الهضمية فإن إعطاء الشاي المحلى بالعسل (بنسبة 5%) هو الحل المثالي. هذا و يمكن أن يشار للأطفال بعمر فوق 3 شهور بقليل من العسل الصافي (ملعقة شاي كل يوم)، و هو إجراء رائع عند تهيئة الطفل للفطام.

و يرى ب. لوتينغر(4) P.Lutinger أن العسل مفيد جدا للأطفال بعكس السكر العادي الذي يجلب الكثير من الأذى - على حد قوله، كما ينصح بإعطاء ملعقة شاي واحدة من العسل مع 200 غ من مغلي الشعير لوقف أي إسهال صيفي عند الطفل. كما يرى أنّ للأعسال ذات الرائحة الشديدة خواص مسكنة و تؤدي إلى نوم الطفل ذي المزاج العصبي. أما جارفيس(5) فيؤكد فائدة العسل (20 غ يوميا مع العشاء) لمعالجة الأطفال المصابين بالتبول الليلي. و يصر فيليبس(6) على تحلية المصاصات Beberons بالعسل عوضا عن السكر، بإضافة ملعقة شاي من العسل للمصاصة في الشهرين الأولين من عمر الطفل، و ملعقتين في الشهرين 3-4 ثم ب 3 ملاعق. و يعلل ذلك بأنّ هضم السكر العادي قد يعسر عند بعض الأطفال بينما سكاكر العسل مهضومة و سهلة الامتصاص، كما يرى أن الاستمرار على هذا البرنامج يسهل ظهور أسنان الطفل و يجعله أقل عرضة لأعراض التسنن.

ص:225


1- (1) عن مجلة (Arch.Am.med.Inf.J.) ، 1926.
2- (2) عن مجلة Revue de die'te'tique' و عربها د. سروجي و د. مصري.
3- (3) الخدج جمع خديج: الطفل المولود قبل الأوان.
4- (4) عن كتاب Honey and Your Health لبيك و سمدلي.
5- (5) عن كتابه (الطب الشعبي) ت. رويحة.
6- (6) عن كتاب Trahte de Biol.del L'Abeille .

و يستعمل ميخائيليس(1) العسل في إصابات الفم و الأمعاء حيث لا يخلو تناول السكر العادي من خطر بالنسبة للطفل الصغير. أما زايس فيجزم بحسن تأثير العسل على نمو الأطفال و يرى ريزغا(2) أن إدخال العسل في حمية الأطفال يقوي عضوية الضعفاء منهم و القليلي النمو. و قد أجرى الأستاذان(3) هافيجي Haffeige و موزا Mosa (1985) دراسة في قسم الأطفال في جامعة ناتال استخدموا فيها محاليل العسل للرضع و الأطفال المصابين بالتهابات معدية و معوية و أظهرت النتائج أن العسل يقصر مدة الإسهال عند الأطفال المصابين بالتهابات هضمية ناجمة عن جراثيم ممرضة كالسلمونيلا و الشيغيلا و غيرها، كما أنه لا يطيل أمد الإسهالات غير الجرثومية، و يمكن استعماله بأمان كبديل عن سكر العنب محلولا في سائل يحتوي على الشوارد بالتركيز الموصى به علميا لإزالة التجفاف. و قد أجرى العالمان فيجنيك Vignec و جوليا Julia دراسة على 387 طفلا قسموا إلى 3 مجموعات و أعطوا نفس الراتب المغذي، غير أن المادة المحلية للمجموعة الأولى كانت السكر العادي، و للثانية: دكسترين سكر الشعير و الثالثة: العسل فتبين تفوق الأطفال الذين أطعموا العسل من حيث الوزن و النمو و نسبة خضاب الدم. و يؤكد إيوريش(4) أن إضافة ملعقة شاي واحدة من العسل إلى قوام الطفل الغذائي يعطيه من الفائدة أكثر مما يعطيه 25 غ من السكر. فالسكر هو ماء فحمي كثير الحريرات فقط أما العسل فهو مركب حيوي فيه العديد من الخمائر و الفيتامينات و الهرمونات، و خاصة الدور الذي يلعبه حمض الغوليك في النمو و تكوين عناصر الدم، و دور البريدوكسين (vit.b6) في استقلاب البروتينات و منعه ظهور الاختلاجات عند الأطفال الناجمة عن نقصه غالبا.

و للعسل تأثير حسن على تمثل الكالسيوم و المغنزيوم في العضوية و يزداد احتباسهما فيها عند ما يدخل العسل في قوام الطفل الغذائي مما يمنع إصابته بالخرع و الكساح(5). و هكذا نرى أهمية العسل الكبرى في قوام الطفل الغذائي على اختلاف مراحل نموه، سواه من أجل النمو الطبيعي السوي أو من أجل وقايتهم من أمراض الطفولة المختلفة.

ص:226


1- (1) عن مقالة (الوقاية بالعسل) تعريب قدسي و عطفة في مجلة العلوم اللبنانية.
2- (2) عن كتاب (النحلات و الطب).
3- (3) عن مقالتهما في مجلة الأمراض الأطفال الأمريكية، عربها د. نبيه الغبرة.
4- (4) عن كتابه (مفكرة النحال)، عربها د. الدقر و نشرتها مجلة جيش الشعب.
5- (5) عن مقالة (Knott and Schultz) .

الاستشفاء بالعسل

معالجة الجروح و القروح و آفات الجلد بالعسل:

إن معالجة نقيحات الجلد و تقرحاته و الجروح العفنة بالعسل معروفة منذ القدم. فعلى أوراق البردي عند الفراعنة وجدت و صفة لمعالجة الجروح، أن تضمّد بصوف مغمّس بمزيج من العسل و البخور. و في تفسير ابن كثير رواية عن ابن عمر (رض) أنه ما خرج له دمل إلا لطخه بالعسل و قرأ عليه شيئا من القرآن لينال الأجر ضعفين. و في (القانون في الطب) لابن سينا و صفات لمراهم جلدية يدخل فيها العسل و خاصة لمعالجة قرحات الجلد العميقة و المتعفنة. و في كتاب البروفسور الروسي (جاروكوفسكي)(1) نصائح عن كيفية معالجة أمراض الجلد بالعسل. و في الطب الشعبي يعالجون الجروح و السحجات الرضية بمزيج متساو من العسل و الخل.

و قد نشر لوكه (2) H.Lucke (1933) نتائج معالجته للجروح المتقيحة بمرهم يدخل فيه العسل و زيت السمك. و يعتبر منطلقا له تأثير العسل في التئام الجروح و نظافتها و تأثير زيت السمك على التبرعم.

و الجراح الشهير كرينتسكي (1938) عالج بنجاح مصابين بالتهاب الغدد العرقية، التهاب عظم و نقي و حروق متنوعة بمرهم دهني - عسلي. و يرى أنه بتأثير العسل يزداد بكثرة محتوى مفرزات الجروح من مادة الغلوتاتيون التي تلعب دورا هاما في الأكسدة و الترميم Regeneration .

و في مشفى فرونزة العسكري عالج كل من بلنيك و كيريك 45 جريحا مصابين بجروح مزمنة معندة بعضها مختلط بذات عظم و نقي، بتطبيق العسل صرفا في الجروح، استمرت المعالجة من 20-45 يوما و كانت النتائج باهرة. فقد شفي منهم 40 مريضا بشكل تام، و أوقف العلاج عند 3 مرضى لحدوث تخريش شديد موضعي، و لم يظهر تأثير العسل في حالتين فقط.

و في عام 1944 أجرى سمرنوف(3) Smernov أستاذ الجراحة في معهد مولونوف الطبي في مدينة أومسك تجارب بمداواة الجروح بالعسل. و أكّد أن الجرح ينظف من القيح خلال بضعة أيام و يتحسن الدوران الدموي في المنطقة و يظهر نسيج حبيبي وردي. فالعسل يحرّض نمو النسيج الحبيبي إذ يصبح أشد كثافة و حيوية و تتحسن عملية التغطية الجلدية Epithelization . أما ملء

ص:227


1- (1) عن كتاب (النحلات صيدلانيات مجنحة).
2- (2) عن كتاب (Bees and people) .
3- (3) عن مجلة البيولوجيا الأوزبكية. عربها د. محمد وليد حمودة و نشرت في المجلة الطبية العربية.

الفجوات العظمية بالعسل بعد تشظّيها فلم يعط النتائج المرجوة.

الطبيب الصيني(1) ك. ل. يونغ أكّد (1944) أن العسل علاج ممتاز لتقرحات الساق المزمنة و في معالجة الجروح و القشب. و قد طبّق مرهما مكونا من العسل 5/4 و الفازلين 5/1 أو Petrolatum Gelly . أما بوادي من أوكرانيا فقد طبق ضمادا من العسل الصرف لمعالجة القروح الواهنة، التي طال الأمد دون شفائها، و حصل على التئام سريع لها.

و قد أكد كل من خاتشاتوريان و بابوفا (2)(من معهد الطب الثاني في موسكو) نجاح المعالجة بالعسل لمصابين بآفات جلدية متنوعة (دمامل، جمرة حميدة، تينة عنقودية).

أما أ. جلفمان(3) Gelfman فقد كتب (1946) عن معالجته لجروح واهنة، بعضها مختلط بذات عظم و نقي و كسور عظمية مفتوحة بتطبيق محاليل العسل بالتشريد الكهربائي Electrophoresis

أدّت المعالجة إلى نشاط فعّال للتحبحب الخلوي Granulation ، كما نظفت الجروح من القيح بسرعة ثم التأمت بشكل جيد.

أما الدكتور ميخائيل بولمان(4) ، المولد و الجراح النسائي فقد كتب مقالة (1955) شرح فيها معاناته من المطهرات الكيمياوية التي كان يستعملها أثناء عملياته الجراحية و كيف أنّ لكل منها آثارا سميّة عامة، و تفاعلات موضعية تخريشية، و كانت خبرته مقتصرة على عمليات قطع الفرج، التي يصعب فيها إجراء تطهير جيد، و التي تجري في منطقة تعرف سلفا بنتائجها غير المرضية، و التي كثيرا ما كان سطحها الخارجي يسير أشهرا ليتم التئامه. لقد تغير سير العمليات جذريا عند ما استبدل العسل بما كان يطبقه من مطهرات كضماد يغير كل 24 ساعة حتى الاقتراب من الشفاء حيث يطبق ضمادا جافا. و يورد بولمان حالة مصابة بسرطان الثدي، عولجت بالأشعة، و خلّفت الآفة تقرحا كهفيا عفنا صعب التئامه فعالجه بصب العسل داخله، مما أدّى إلى نظافة سريعة غير متوقعة و إلى التئام سريع بعد ذلك.

و يختم بولمان مقالته عن الضمادات العسلية بقوله «عندي كل المعطيات الإيجابية كي أفكر بهذه المادة البسيطة التي تجيب على كل الأسئلة حول مشاكل القروح المتقيحة: فهي مادة غير مخرشة غير سامة، عقيمة بذاتها، مضادة للجراثيم، مغذية للجلد، سهلة التحضير و الاستعمال،

ص:228


1- (1) عن كتاب (النحلات و الطب).
2- (2) مجلة أمراض الجلد موسكو (1945).
3- (3) عن كتاب (Bees and people) .
4- (4) عن مجلة النحل البريطانية و قد عربها د. نبيه الغبرة.

و فوق كل ذلك فهي مادة جد فعالة».

البروفسور(1) ديموفيتش (من معهد الطب الثاني - موسكو) نشر (1957) بحثا ضمّنه النتائج الباهرة لمعالجته ل 330 مريضا بمرهم كونكوف العسلي(2).

شملت الحالات المعالجة حروقا و جروحا بطيئة الإلتئام و تقرحات جلدية و خراجات و التهاب عظم و نقيّ و التهاب حول الأظافر و فلغمونات و دمامل و جمرة حميدة و التهاب ما حول الشرج و غيرها. و يؤكّد أن العسل يملك خواص مضادة للجراثيم و مسكنة للآلام علاوة على خاصته المرممة و تنشيطه لنمو البراعم الحبيبية.

أما أدراف(3) Raff فكان يعالج الخراجات و الدمامل بتطبيق لصوق مكوّن من عجينة من العسل و الطحين. و ينصح ب. ريزغا المحروقين بالماء الساخن بتطبيق العسل الصرف موضعيا. أما غ. إيفاخننكو فيطبق مزيج العسل و الزيت لمعالجة حروق الجلد الحرارية.

أما ألبرت شويتز (1965) فيوضح تأثير العسل في شفاء الجروح(4) بما فيه من مواد مضادة للجراثيم، علاوة على أنّ تركيزه السكري العالي يزيد من ورود الدم و اللنف إلى ناحية التقرح، و اللنف بآلية ميكانيكية يجرف معه الجراثيم حيث تنشط البالعات لاجترارها، فلو أخذت لطاخة من قعر الآفة أثناء المعالجة و فحصت لوجد فيها أعداد كبيرة من ملتهمات الجراثيم (Macrophage) .

و يفسر برغمان (5) A.Bergman (1983) تأثير العسل في التئام الجروح بآليات ثلاث: أولاهما احتواؤه على خميرة الكاتالاز، و الثانية وجود المادة المانعة لنمو الجراثيم (الإنهبين)، و الثالثة أن العسل يوفر مصدرا ممتازا للطاقة فهو يغذي الأنسجة و التي تكون غالبا في حالة الهدم Catabolic

State .

و قد أشار الدكتور ويبر (6)(من كلية اسبورغ) إلى تأثير العسل المسكن للحكة و المندب في حالات الحكة الشرجية أو الفرجية بحيث يطبق على المنطقة مع مسّاج خفيف جدا بحيث نحصل على

ص:229


1- (1) عن كتاب (النحلات و الطب).
2- (2) مرهم كونكوف يتكون من العسل 62 غ زيت سمك 33,5 غ قطران خشبي 3 غ ريفانول أو أكرينولين 0,3 غ ماء معقم 1,2 غ.
3- (3) عن كتاب (النحلات و الطب).
4- (4) عن مجلة La Gazette Appicole .
5- (5) عن مجلة Amer.J.Surg ، 145، لعام 1983.
6- (6) عن مقالة (عسل النحل): أعدها بديه الحسيني.

تحسّن مجد بصورة آنية و تتوقف الحكة غير المحتملة خلال عدة أيام.

و في عام 1974 نشر دانيلوف(1) نتائج معالجته لمرضى مصابين بأكزيمة منتشرة، و التهاب الجلد العصبي و التأتب الجلدي بتطبيق العسل بالتشريد الكهربائي، و أتبعه بنفس الوقت بمرهم عسلي يدخل فيه القطران الخشبي بنسبة 2%. مما أدى إلى تراجع عناصر الإندفاع و توقف الحكة و تناقص الارتشاح في منطقة الإصابة عند معظم المعالجين. كما عالج الدكتور ع. الخطيب(2) حالات حروق شديدة و حالات من العد الشائع (حب الشباب) و التأتب الجلدي بمرهم عسلي.

و في عام 1978 أجرى الدكتور بيرلاندو (3)(من جامعة بإيطاليا) دراسة ممتعة مقارنا تأثير العسل على حروق صنعية أحدثت على جلد الجرذان بالنسبة إلى مجموعات أخرى لم تعالج بالعسل. فالحروق التي عولجت بالعسل كانت النتائج أكثر من ناجحة و تم الشفاء بسرعة مدهشة حيث أبدى الجلد المحروق حيوية مدهشة عند تطبيق العسل و ظهرت فيه علائم توليد بعض الأربطة و قلّ الإفراز النتحي و حدث تشكل شبكي و غرائي جديد و ظهر النسيج الحبيبي بوفرة في الأدمة و اتجهت البشرة الظاهرة نحو التغطية الجلدية المبكرة و هي غنية بمولدات الليف. مما يؤكّد أنّ العسل يحتوي على مواد مضادة للجراثيم و الالتهاب إلى جانب منشطات النمو و التكاثر الخلوي.

و من بريستول كتبت هلتون(4) Hulton عن النتائج الحسنة لتضميد القرحات التوسّدية يوميا بالعسل الصافي مع تغطية الآفة فوق الشاش بساتر كتيم يمنع نفوذ الماء.

و في الحقيقة فبالرغم من تقدم الطب و ظهور المزيد من العقاقير فإنّنا لا نزال نشاهد في ممارستنا اليومية حوادث من تقيحات جلدية و تقرحات وهنية لا تعنو للعلاجات التي بين أيدينا و لو استعملنا أوسع المضادات الحيوية طيفا و أشدها فتكا و لذا فقد قررنا (1971) تجربة العسل في تلك الحادثات المختارة التي عندت على المعالجة و طال الأمد دون شفائها(5).

الحالة الأولى (المريض د. ك 43 سنة) راجعنا بتقرح واسع في صيوان الأذن اليمنى مع خزب و نز قيحي و ألم شديد في الناحية. بدأت الآفة قبل 2,5 شهر على شكل دمل، تقرح بعد أسبوعين و امتد التقرح و اتسع، عولج بالمضادات الحيوية و المطهرات الموضعية بدون فائدة، تفاعل السلين

ص:230


1- (1) عن مجلة (النحالة) موسكو 1974.
2- (2) عن كتابه (عسل النحل: شفاء نزل به الوحي).
3- (3) عن مقالة لأسامة قوتلي و ظافر عطار (مجلة عالم الطب و الصيدلة) أكتوبر 1987.
4- (4) عن مقالة لأسامة قوتلي و ظافر عطار (مجلة عالم الطب و الصيدلة) شباط 1986.
5- (5) ألقيت في محاضرة في المؤتمر السنوي للخريجين في الجامعة الأمريكية في بيروت، مارس 1974.

سلبي و اللايشمانيا غير موجودة. طبقنا ضمادا (عسل + زيت سمك) يغير يوميا مع معالجة مناعية (استدماء ذاتي). شاهدنا نظافة التقرح بعد 3 أيام ثم ظهر نسيج حبيبي شامل و تراجعت الوذمة و الألم تدريجيا ثم بدأ الجلد في محيط الآفة يمتد نحو المركز. و قد تم الشفاء خلال 14 يوما.

الحالة الثانية (المريض ع. س 42 سنة) راجعنا بتقرح وهني في أخمص القدم (4 * 6 سم) حوافه غير منتظمة، قعره متّسخ يظهر النسيج العضلي في منتصفه. بدأت القصة منذ 4 شهور حيث استؤصل للمريض ثفن عرطل تقيح الجلد بعدها و أدّى الضياع المادي مع التقيح الثانوي إلى تشكل التقرح الذي عالجه المريض طيلة هذه الفترة بالمضادات الحيوية و المطهرات دون جدوى. طبقنا للمريض ضمادا يوميا بمزيج العسل مع زيت السمك فنظفت القرحة خلال 4 أيام و تم التئام التقرح كاملا خلال 20 يوما.

الحالة الثالثة (المريض أ. ع 46 سنة) راجعنا من أجل تقرح رضّي على ركبته اليمنى (5 * 7 سم) حوافه غير منتظمة و يشمل طبقات الجلد كلها. بدأت الآفة منذ 7 شهور عقب رض في حادث سيارة أدّى إلى ضياع مادي و تقيح ثانوي، عولج طيلة هذه المدة دون تحسن. طبقنا للمريض ضمادا عسليا مع زيت السمك لمدة 10 أيام، ثم انتقلنا إلى ضماد عسلي صرف. لاحظنا أن سير الالتئام كان بطيئا لاتساع سطح الآفة و شمولها طبقات الجلد، و لتعرض الآفة (منطقة الركبة) للحركة المستمرة. و قد تم الالتئام خلال 6 أسابيع.

الحالة الرابعة (المريض ا. ع 65 سنة) ألزمته آفته القلبية الفراش فحدثت تقرحات واضحة في الإليتين و القطن، عولجت دون جدوى، و كان عيار سكر الدم 1,45 غ/ل. طبقنا للمريض ضمادا عسليا صرفا يغير يوميا مع التوصية بتحريك المريض و تغيير وضعيته. سار الإلتئام بشكل سريع و جيد حيث اكتمل خلال 12 يوما.

و في بعض الحالات طبقنا مرهما عسليا يدخل فيه زيت الزيتون و الكالامينا. و كانت مجموع الحالات المدروسة من قبلنا 21، منهم 2 - قروح دوالية، 3 - حروق، 4 - خشك ريشات اضطجاعية (تقرحات توسدية)، 1 - جرح وهني عقب استئصال ورم خبيث جراحيا، 2 - جمرة حميدة، 4 - تقرحات أو تقيحات اكتيمائية عميقة، 7 - تقرحات وهنية عقب رضوض أو عمليات جراحية رافقها ضياع مادي كبير.

و نستطيع القول من خلال مشاهداتنا و من النتائج الممتازة التي توصلنا إليها بواسطة الضمادات أو المراهم العسلية، إنّ للعسل تأثيرا ممتازا على سير الإلتئام و الترميم في كافة القروح الجلدية و على دحر الإنتان المرافق أو المسبب للآفة. و نحن نرى ضرورة تجربته على نطاق واسع سواء كعلاج وحيد

ص:231

أو كسواغ في المراهم التي تستعمل في آفات الجلد الالتهابية و تقرحاته المزمنة و كضماد ممتاز عقب العمليات الجراحية و خاصة الملوّثة منها.

و ما زالت الأبحاث تتوالى من مختلف أنحاء العالم تؤكد النتائج التي توصلنا إليها. فهذا محاسن وادي و زملاؤه من السودان(1) نشروا بحثا عن نتائج معالجتهم بالعسل ل 12 مريضا مصابين بتقرحات مزمنة لم تعن لأي من المعالجات المعهودة. حيث لاحظوا التأثير المبيد للجراثيم للعسل و تحسن الدورة الدموية في المنطقة و نشاط نمو البراعم الحبيبية و سرعة عملية التغطية الجلدية حتى الشفاء الكامل.

و هذا الجراح البريطاني(2) سبنسر إفم Spenser Efem (1988) يعلن نجاح معالجته بالعسل ل 59 مريضا مصابين بجروح و تقرحات مختلفة منها: 3 - موات فورنير، 10 - حروق، 6 - قرحات استوائية، 6 - تقرحات رضية، 4 - تقرحات عند سكريين، 4 - تقرحات توسدية و غيرها، شفيت كلها عدا حالة واحدة شخصت على أنها قرحة بورولية(3) لم تستجب للمعالجة. فالتقرحات أصبحت عقيمة خلال أسبوع، كما أنّ العسل يعجل من التئام القرحات مستبدلا بالنسيج المتموت نسيجا حبيبيا كما أنه يحضّ على التغطية الجلدية Epithelization و على امتصاص الوذمات من محيط الآفات.

و يذكر أنّ المرضى السكريين الأربعة الذين ثبت أنّ داءهم السكري يصعب ضبطه، أصبح مسيطرا عليه بعد التعقيم الناجح لآفتهم بالعسل. و قد تم تجنب البتر بعد معالجة تقرحاتهم و التئامها بالعسل.

حقن العسل في مداواة الأمراض الجلدية:

أورد البروفسور أميش(4) نتائج مذهلة لمعالجته بمحلول M2 WOELM العسلي ل 71 مريضا مصابين بآفات جلدية حاكة مزمنة و معندة على المعالجة لأكثر من 10 سنوات كان منها آفات أكزيمية و أكالات و التهاب جلد عصبي، تم شفاؤهم خلال أيام بعد عدة حقن وريدية من هذا المستحضر.

و يرى أميش أنّ المحلول العسلي يبدي تأثيرا مضادا للحكّة، و مهدئا سريعا أفضل بكثير مما

ص:232


1- (1) عن مقالة له في مجلة (عالم الطب و الصيدلة) حزيران 1987.
2- (2) عن مقالة (أيوب و عطار) مجلة المهندس الزراعي العربي بدمشق.
3- (3) القرحة البورولية: قرحة جلدية تتصف بانتشار التنخر الخلوي في النسيج الدهني تحت الجلد و تنجم عن الجراثيم الفطرية المقيحة، و تنتشر في أوغندة على ضفاف النيل.
4- (4) 1947، O.Ammich:«Zschr Fur Haut.U.Geschtskz»N .

يبديه محلول غلوكونات الكلس أو اللومينال. فهو علاج فريد في هذا المضمار و أنّ الداء السكري لا يشكل مضاد استطباب لاستعماله. و أيّد العالم شيرم(1) هذه النتائج في مقدرة المحلول العسلي على إيقاف الحكّة على اختلاف منشئها. و أثبت بنغولد Bingold حسن تأثير هذا المستحضر العسلي في مداواة الحكات المختلفة و خاصة عند مرضى الكبد الذين يشكون من حكّة غير محتملة مع اليرقان.

و أكّد ديللر Deller أنّ حقن مزيج معادل من السكاكر لا يحدث التأثير نفسه، و برهن على وجود مادة «مجهولة» في العسل مسؤولة عن هذا التأثير المضاد للحكة تختلف تماما عن تأثير السكاكر.

قناع من عسل و نتقي مظاهر الشيخوخة المبكرة:

يعاني الجلد بعد سن الأربعين من تغيرات ضمورية و استحالية تشمل كافة النسج المكونة له، يفقد معها الجلد خاصيته للاحتفاظ بالقدر اللازم من الرطوبة و يضعف إفرازه الدهني فيصبح جافا و تبدأ التجعدات بالظهور فيه.

و إنّ إطالة فترة شباب الجلد و رونقه و إبعاد شبح الشيخوخة عنه ممكن إلى حد ما باستعمال تمرينات متنوعة لعضلات الوجه و مساجات فاعلة، و أخيرا تطبيق معاجين لتغذية البشرة و إغنائها بالغلوكوجين و الفيتامينات مما يزيد في مقويته و حيويته، و في مقدمة هذه المواد يحتلّ العسل المكان الأول.

و قد عرفت حضارات العالم القديم من فرعونية و يونانية و غيرها خاصية العسل في المحافظة على نضارة الجلد و حيويته. و قد عرف أنّ أشهر ملكات العالم بجمالهن: كليوباترا و بلقيس و ملكة إنكلترا السابقة (آن) كنّ يدلكن أجسادهنّ و وجوههنّ بمراهم العسل.

و في الوقت الحاضر فإنّ كميات هائلة من العسل و شمع العسل تستهلك لتحضير العديد من مستحضرات التجميل الرائعة حقا، فالبشرة تتعرض دوما للتقلبات المناخية و فعل الرياح، مما يجعلها تجف و تخشن و قد تتوسف و يقوم العسل بفعل مطهر و وقائي لها. و ينصح البرفسور أ. كارتاميشف(2) بتطبيق قناع عسلي (50 - عسل، 30 - طحين، 20 ماء) للبشرة الجافة و لمعالجة تجعداتها المبكرة. ينظف الوجه بالماء و يهيّأ بوضع كمّادات ساخنة لمدة 3 دقائق، ثم يطبق المزيج السابق على الوجه بين طبقتين من الشاش مجهزة بفتحات مكان الأنف و الفم و العينين، و يبقى لمدة

ص:233


1- (1) عن مقالة (ريمي شوفان): تعريب قدسي و عطفة، مجلة العلوم البيروتية.
2- (2) عن كتابه (العناية التجميلية بالجلد) موسكو.

20 دقيقة، ثم تطبق بعد إزالته كمّادات ساخنة لدقيقتين و يغسل الوجه بعدها بالماء.

أما البروفسور أستفاتساتورف و الدكتورة كولغونينكا (1)(من معهد موسكو المركزي للعلاج التجميلي) فينصحان ذوي البشرة الجافّة و المتجعدة بوضع قناع العسل مع صفار البيض (ملعقة شاي من العسل + صفار بيضة واحدة، و قد يضاف إليه ملعقة زيت نباتي) تمزج و تطبّق على الوجه مباشرة بعد تنظيفه لمدة 15-20 دقيقة ثم يغسل الوجه بماء عادي.

و يرى إيوريش(2) أنّ أقنعة العسل من أفضل الوسائل في العلاج التجميلي. فالعسل يطرّي الجلد و يغذيه، إذ يغذي أليافه بالغلوكوجين الضروري لحركة و مرونة عضلاته الملس، كما يساعد على ارتشاف الفضلات السائلة من الجلد علاوة على تأثيره المطهر من الجراثيم، مما يعني أنّ العسل و نضارة الوجه صنوان.

و يؤكد س. تونزلي(3) فضل العسل للوقاية من اضطرابات البشرة و التهاباتها نتيجة الإكثار من استعمال مواد الزينة المتنوعة (الماكياج). و يورد العديد من الوصفات العسلية. فمن أجل الحفاظ على الشعر قويا لامعا، يدعك مقداران من العسل مع مقدار واحد من زيت الزيتون و تحفظ في مكان دافىء، ثم يدعك بها الشعر لعدة دقائق، ثم يعرض على حرارة مصفف الشعر (السيشوار) لمدة نصف ساعة ثم يغسل. و تضمن هذه المعالجة رونق الشعر و نظافة الفروة و تطبق 1-2 مرة كل شهر.

و ينصح ربات البيوت و كل من يشكو من خشونة و جفاف اليدين أو تشققهما بتطبيق مرهم يتكون من (ملعقة كبيرة من العسل + ملعقة شاي من الغليسيرين + بياض بيضة + كمية من الطحين تضاف للمزيج حتى يصبح بشكل عجينة مناسبة).

و تورد ماريا لوبنتو(4) عددا من الوصفات التجميلية منها قناع العسل (3 ملاعق عسل صغيرة + ملعقة واحدة من ماء الورد أو ماء زهر البرتقال + طحين مقدار كاف لصنع عجينة مناسبة). و تنقل عن الصينيين و صفة لمرهم مطرّ للوجه و اليدين (ملعقة شاي من زيت اللوز + ملعقتان من العسل الفاتح + صفار بيضة واحدة + بضع نقاط من عطرك المفضل)، و يفيد هذا الرهيم جيدا لمعالجة القشب.

و لمعالجة فرط التصبغ في الوجه من كلف أو نمش (زهرة) يحضر المزيج التالي: 6 ملاعق من العسل (و يفضل عسل الحمضيات) تمزج مع ملعقة شاي من الغليسيرين في إناء فوق بخار ماء

ص:234


1- (1) عن كتابهما (الجمال للجميع) بالروسية.
2- (2) عن كتابه (النحلات صيدلانيات مجنحة).
3- (3) عن كتابه (Honey for Health) .
4- (4) عن كتابها «Eat Honey and live longer» .

ساخن. تطفأ النار ثم يضاف ملعقة من الغول Alcohol مع بضع قطرات من عطر العنبر و ملعقة من عصير الليمون. يدهن الوجه بهذا المزيج بعد تنظيفه، ثم يزال بعد ساعة بماء فاتر.

و لتطرية الوجه تصف المرهم التالي: يذاب (مقدار) من شمع العسل على حمام بخاري ثم يضاف إليه مقدار من عصير الليمون، 2/1 مقدار من زيت الزيتون، (مقداران) من ماء الورد أو زهر النارنج + 3 مقادير من العسل. و تصف لتشقق الشفتين و القشب مزيجا من العسل و عصير الليمون و الكولونيا بنسبة الثلث من كل منها حيث تعطي نتائج ممتازة.

و ينصح أيوريش باستعمال مغاطس العسل لكامل البدن (200-250 غ عسل لكامل المغطس) و التي تملك خواص وقائية و علاجية للجلد و للعضوية كافة. أما درجة حرارة تلك المغاطس فيقررها الطبيب المعالج حسب الوضع الصحي العام للمريض.

و من هنا نرى ما لأقنعة العسل و مراهمه من تأثير ممتاز على الجلد فهي تنشطه و تعطيه النضارة و النعومة و تخفف من تجعداته فتعيد إليه رونقه و شبابه.

معالجة أمراض العين بالعسل:

لقد عرف العسل كعلاج ناجح في أمراض العيون منذ عهد الفراعنة الذين استعملوه في كثافات القرنية، كما عرف الهنود الاكتحال بعسل السدر لمعالجة الساد. و ذكر المقريزي(1) أنّ الصحابي الجليل عوف بن مالك الأشجعي كان يكتحل بالعسل و يداوي به كل سقم.

و في أيامنا الحاضرة فإنّ العسل لم يفقد مكانته لمعالجة آفات العين، و حتى في كثير من الآفات المعندة، فإنّ مشاهير الاختصاصيين في العالم ما زالوا يشيرون باستعماله و يشيدون بنتائجه الطيبة.

ففي سوخومي عالج ميخائيليوف(2) التهاب حواف الأجفان و التهابات و تقرحات القرنية بعسل الأوكاليبتوس و حصل على نتائج باهرة. و أكّدت بلوتنيفا (معهد الطب الثاني في موسكو) أنّ العسل علاج ممتاز في التهابات القرنية.

و في مشفى أوديسا قام الدكتور أوسالكو(3) G.Osaulko بالتحقق من فائدة العسل كسواغ لمرهم السولفيدين 3% عوضا عن السواغ الفازليني. ففي تقرحات القرنية البطيئة الإلتئام جدا أدّى

ص:235


1- (1) عن كتابه (نحل عبر النحل).
2- (2) عن مقالته (استعمال العسل في أمراض العين) - مجلة المنتجات النحلية العدد (2) لعام 1950.
3- (3) عن مجلة Vest.Ophthalmd (موسكو).

استعماله إلى إسراع عملية التندب، و كان فتحا غير منتظر بالنسبة للسير المعروف للمرض. كما أدّى تطبيقه عند مصابين بالتهاب قرنية مترق إلى كسر طوق عناد الآفة و أبدت تحسنا ملحوظا، و يذكر مشاهدة لمصابة بالتهاب قرنية ورديّ ناكس أدّى تطبيق المرهم العسلي إلى تراجع الآفة و عودة شفافية القرنية و الرؤية كاملة (بعد أن كانت 10/4) خلال 16 يوما.

و في التهابات القرنية السلية و الإفرنجية أدّى العسل إلى تراجع الارتشاح العكر و تحسن الرؤية، كما كان له نتائج جيدة في معالجة آفات القرنية من منشأ تراخومي. كما شملت مشاهدات أوساولكو حروق القرنية بالكلس (الجير) و قد شملت دراسته (135) مريضا. و يلخص ما وصل إليه من أنّ العسل يبدي بدون شك تأثيرا ممتازا على سير مختلف آفات القرنية الالتهابية، و في حروق العين سواء بتطبيقه صرفا أو باستعماله كسواغ للمراهم العينية. و ينبه أنّه لا يجوز غلي العسل أثناء تحضير المراهم حتى لا يفقد خمائره و فيتاميناته و التي فيها سر خفي من قوته العلاجية.

و ينبه أوسالكو أنه عند تطبيق العسل قد يبدي بعض المرضى تفاعلا موضعيا من احمرار في الملتحمة و دماع و حكة، لكنها عوارض تزول بسرعة و لا تمنع من إتمام العلاج. و هو يدعو كافة مؤسسات طب العيون أن تفتح الباب على مصراعيه لتطبيق العسل في معالجة أمراض العين للتحقق من فعله الدوائي.

و يؤكّد روزنشتين فائدة العسل لمعالجة جروح و التهابات القرنية. و أنّه يطبق في الحالات الحادة مرهم السولفيدين أو الستروبتوسيد العسلي في حواف الأجفان، أما بعد هدوء الحالة فيطبق العسل صرفا 2-3 مرات يوميا. و يؤكّد أنّ الندبات المتبقية بعد العلاج بالعسل أكثر نعومة و ألطف مما تخلفه الآفات بعد العلاجات الأخرى.

و من معهد لفوف الطبي عالجت أ. ماكوخينا(1) حروق العين بالعسل حيث تستخدمه كسواغ لمرهم البوسيد الصوديوم أو قطراتها (15%) حيث تطبق المرهم العسلي مساء مرة واحدة و تطبق القطرة مرة كل ثلاثين دقيقة في اليوم الأول، ثم مرة واحدة كل ساعة في اليوم الثاني ثم كل ساعتين حتى الشفاء. و قد عالجت 66 مريضا (88 عينا) مصابين بحروق مهنية. و منذ اليوم الأول ظهر تحسن كبير عند 59 منهم فقد تناقص الشعور بالألم و أصبحت القرنية أكثر شفوفا و بدأت الأماكن المتنخرة تتوعى بالدم و تتورد. و لقد تم شفوف القرنية التام عند 63 عينا، و تحسنت الحالة عند 15 و بقيت 6 أعين فقط في حالة كثافة شاملة للقرنية.

ص:236


1- (1) مقالة ماكوخينا في مجلة أمراض العين (أوديسا) نشرنا تعريبها في المجلة الطبية العربية.

أما ن. مالانوفا(1) فقد أكدت حسن تأثير العسل سواء بتطبيقه صرفا أو كسواغ لمرهم الزئبق الأصفر لمعالجة التهابات القرنية و الملتحمة و التهاب الصلبة و ما فوق الصلبة.

أما أ. بيلتوكوفا(2) فقد عالجت بالعسل أربعين مريضا مصابين بالتهاب القرنية منها حالات ترافقت باضطرابات اغتذائية في القرنية، و أخرى مع تقرحات في القرنية. و قد حصلت على نتائج باهرة بتطبيق قطرات العسل مع الديونين و العسل مع زيت السمك (4 مرات في اليوم)، أو قطرة و مرهم العسل مع البوسيد الصوديوم (6 مرات في اليوم). كما طبق التشريد الكهربائي لمحلول العسل 5% في حالات وجود تغيرات ندبية في القرنية و أدى إلى شفوف القرنية و زيادة الرؤية إلى درجة كبيرة. و ترى بيلتوكوفا أنّ تطبيق المعالجة بالعسل ليست معالجة إمراضية سببية، و إنّما تعتبر كعامل منشط لعمليات الاستقلاب و إعادة التعمير الخلوي Regeneration في نسج القرنية.

و في معهد أومسك الطبي(3) طبق ف. ماكسيمنكو و مساعده أتلر العسل صرفا في حروق العين مشركا مع الاستدماء الذاتي و العلاجات العرضية. و يرى ماكسيمنكو أنّ العسل يمنع حصول الإنتان الثانوي الذي كثيرا ما يضاعف من أذية الإصابة. كما ينطلق من العسل مجموعة من السكاكر و الخمائر و الفيتامينات و عناصر مجهرية تعتبر عاملا فعالا في عودة الأفعال الاستقلابية إلى حالتها الطبيعية.

و نشر ماكسيمنكو و بالوتينا(4) بحثا عن معالجة قصر البصر عند الأطفال Myopia بالعسل بإعطائه داخلا (40-80 غ) يوميا ليحسن من مقوية الجسم عموما مع تطبيقه موضعيا خلف الجفن السفلي 3 مرات يوميا، أو بتطبيق محاليل العسل (20%) بالتشريد الكهربي (20-40 جلسة) حيث يزيد التروية الدموية. و يجزم المؤلفان بأنّ معظم الأطفال المعالجين شعروا بتحسن ملحوظ، فبعد 10 أيام من بدء المعالجة خفت شكاوى الأطفال من تعب العينين عقب القراءة. و مع نهاية الدورة العلاجية (2-4 شهور) تحسنت قوة الرؤية بنسبة 1-10/2 بنفس التصحيح.

و في مستشفى المنصورة الجامعي عالج الدكتور ع. الخطيب(5) بالعسل الصرف حالات من التهاب الملتحمة و التهاب جفاف الجفون البثري و حالة من سحابة القرنية و كانت النتائج ممتازة.

ص:237


1- (1) مقالة مالانوفا نشرنا تعريبها في مجلة العلوم اللبنانية - 1972.
2- (2) مقالة بيلتوكوفا نشرنا تعريبها في المجلة الطبية العربية - أيلول 1971.
3- (3) مقالة (العسل في حروق العين) عن كتاب (الحروق و معالجتها) موسكو 1968.
4- (4) المقالة عربها د. قصاص و د. الدقر و نشرتها مجلة الثقافة العربية (ليبيا) و الثقافة الأسبوعية دمشق.
5- (5) عن كتابه (عسل النحل شفاء نزل به الوحي).

و أخيرا فقد عالج ف. ماكسيمنكو(1) و بالوتينا 76 مريضا مصابين باضطراب الدوران الدموي في شبكية العين متشاركة عند بعضهم بعتامة الجسم البلوري، بتطبيق العسل صرفا 3-4 مرات يوميا، كما طبّق محاليله بالتشريد الكهربي على العين المريضة بواسطة القطبين على التوالي (20-40 جلسة، بواقع 7 دقائق للجلسة)، كما أعطى بعضهم محاليل M2 Woelm العسلية حقنا في الوريد. و يعترف المؤلفان بعدم حصول شفاء كامل، لكن تحسنا ملحوظا طرأ عند معظم المعالجين إذ تحسنت الدورة الدموية في قعر العين و تمّ ارتشاف الدم النازف و ازدادت القدرة البصرية إلى حد كبير.

الاستشفاء بالعسل في أمراض الجهاز الهضمي:

عرفت معظم الشعوب القديمة العسل كعلاج في آفات الهضم. فقد ذكره ديوسكوريد لمعالجة أمراض المعدة. و وصفه النبي (ص) لأحد صحابته يسأل الدواء لاستطلاق بطنه. و الحكمة الشعبية الروسية تنادي (العسل... أفضل صديق للمعدة). و جاءت الأبحاث الحديثة لتؤكد حسن تأثير العسل على سير الهضم.

و يرى نوسباومر(2) أنّ العسل خير علاج لإراحة المريض بعد العمليات الجراحية على الأمعاء، كما أنّه علاج جيد لمكافحة الإمساك. و ينسب ذلك لتأثير سكر الفواكه الجيد على الحركات الحوية للأمعاء و لوجود الزيوت العطرية فيه و التي يفقدها العسل إذا ما سخن و يفقد بذلك تأثيره المضاد للقبض. و يرجع (ماير) تأثير العسل على الحركات الحوية المعوية لوجود المواد العطرية الطيارة. أما (بيريز) فيضيف بأنّ الحموض العضوية و خاصة حمض النمل تؤثر على جراثيم الأمعاء و تكافح التخمر.

و حسب رأي نوفي(3) فإن للخمائر الموجودة في العسل أثر لا ينكر على سير و انتظام عمليات الهضم. و خاصة الدياستاز و خميرة النشاء التي لا تتخرب في الوسط الحامضي. كما أنّ لغرويات العسل دورا وقائيا هاما. و يعالج (لوديانسكي)(4) المصابين بالإمساك التشنجي بإعطاء 30 غ عسل

ص:238


1- (1) عن كتاب (مجموعة أعمال أومسك) لعام 1976.
2- (2) عن شوفان (Produits Pharm) .
3- (3) عن شوفان (Produits Pharm) .
4- (4) عن مجلة «النحالة» 12-1976.

(مرتين يوميا) و لمدة 3 شهور. فلاحظ نقص المقوية العضلية و زوال التشنج عند معظم المعالجين، و يعزو تأثيره للجهاز الخمائري فيه و خاصة الكولين - استراز.

و يشير معظم المؤلفين بأنّ العسل ينقص الحموضة الزائدة للعصارة المعدية. و قد أورد غريغوريف مشاهدة لمريض مصاب بالتهاب في المعدة و فرط حموضة فيها مترافق بآلام نوبية، لم يتحسن بأي علاج و كان شفاؤه بعسل النحل وحده. و تشير الأبحاث السريرية(1) أنّه في نفس الوقت الذي يؤدي فيه العسل إلى نقص الحموضة عند ذوي الحموضة المرتفعة، فإنّ تناوله من قبل المصابين بانعدام هذه الحموضة أو نقصها، فإنّ العسل يستدعي عندهم زيادة معتدلة في الحموضة العامة للعصارة و من هنا نفهم الدور الحقيقي للعسل كعامل منظم للحموضة المعدية.

و يؤكّد رايشار(2) الدور الناظم للعسل للحموضة المعدية، و أنّ القروح المعدية يلائمها العسل يفعل الحموض الأمينية الفعالة الموجودة فيه. و يرجع (لاريزا) تأثيرات العسل هنا لوجود هرمون جرابي أو مادة استروجينة فيه.

و في معهد اركوتسك الطبي(3) عالجت البروفسورة م. خوتكينا بالعسل (600) مريض مصابين بقرحة هضمية (معدية أو عفجية) مع مجموعة مقارنة لم تعط العسل بل عولجت بالمعالجات العادية. كان الشفاء السريري عند مجموعة المقارنة 61% و بقي 18% من المرضى مع آلامهم. أما بالمعالجة العسلية فقد بلغ الشفاء السريري 84% و بقي 5,9% من المرضى دون أن يزول عندهم الألم نهائيا. و قد أثبتت الفحوص الشعاعية أنّ نسبة التئام القرحة شعاعيا لم تتجاوز بالمعالجات العادية 29% في حين رفعت المعالجة بالعسل نسبة الشفاء الشعاعي إلى 59,2% من المرضى المعالجين به، كما أنّ هذه المعالجة قصرت سير و أمد العلاج. كما لاحظت خوتكينا خواص العسل المقوية، و زيادة وزن المرضى المعالجين به و ارتفاع الخضاب الدموي عندهم، و اعتدلت الحموضة المعوية و تناقصت شدة التهيج في جهازهم العصبي و أصبحوا أكثر هدوئا و رغبة في العمل.

و في مستشفى أوسترو أومنوفا (4)(موسكو) تبين للباحثين موللر Muller و أرخيبوفا أنّ العسل يضبط إفراز عصارة المعدة و يعدّل حموضها و يكافح حسّ اللذع و الفواع و يقضي على الألم القرحي.

فالعسل في الداء القرحي له تأثير مضاعف. فهو يؤثر موضعيا بتماسه مع الغشاء المخاطي المتقرح

ص:239


1- (1) عن إيوريش (مفكرة النحال).
2- (2) عن شوفان (Produits Pharm) .
3- (3) عن كتاب (النحلات صيدلانيات مجنحة) لإيوريش.
4- (4) عن (النحلات و الطب) لإيوريش.

إلى التئامه، و له تأثير عام بفعله المقوي للبدن و تهدئته للجهاز العصبي. و ينصح المقروحون بتناول العسل قبل الطعام بساعة و نصف إلى ساعتين أو بعده ب 3 ساعات. و الأفضل تناوله قبل الفطور و الغداء بساعتين و بعد العشاء بثلاث ساعات. و يفضل محاليل العسل الدافئة مع الحليب أو الماء فهي تؤمن تخلخل المفرزات المخاطية و إلى سرعة الامتصاص دون تخريش للأمعاء و إلى نقص الحموضة المعدية. أما المقدار العلاجي من العسل (100-150 غ يوميا) تقسم على ثلاث وجبات. أما المصابون بنقص أو انعدام الحموضة المعدية فينصحون بتناول محاليل العسل الباردة قبل الطعام مباشرة فهي تزيد الحموضة.

و هكذا نرى أنّ العسل علاج رائع للمصابين بالقرحة الهضمية، المعدية و العفجية، و له تأثير ممتاز على كافة عسرات الهضم و خاصة ذات المنشأ العصبي، مليّن في الإمساكات، معدّل للحموضة، و علاج جيد في الإنتانات المعوية و الإسهالات عند الأطفال (راجع بحث العسل في طب الأطفال).

و في دراسة تجريبية على الفئران قام بها الدكاترة أبو الطيب محمد علي و زملاؤه أثبتوا فيها أنّ العسل إذا ما أعطي مع العلاجات المقرحة (كأدوية الروماتيزم: الأندوميتاسين مثلا) أو قبل تناولها، فإنّه يحمي من التقرح المحدث بالأندوميتاسين و يمنع حدوثه. و هذا يعني أنّ العسل قد يكون معادلا لتصنيع البروستاغلاندين المانع لتخريش الأندوميتاسين. و هذا يؤكّد وجود عامل مضاد للتقرح ضمن مكونات العسل. هذا العامل قد يكون بسبب تغير نسبة الحموضة و القلوية في المحتوى المعدي: إمّا بمنع الإفراز الحامضي، أو بتثبيط آلية إفراز الفحمات الثنائية في المعدة.

و لمعرفة تأثير العسل على وظائف الأمعاء قام إيوريش(1) و بيشيف بدراسة على الكلاب و الأرانب و تبين لهما أنه كلما ازدادت كمية العسل و ارتفع تركيزه كلما ازدادت العصارة المعوية، أما إذا ازداد تركيزه إلى حدود عالية جدا فإنّ العصارة تبدأ بالتناقص و العسل يؤهب لإفراز عصارة معوية أكثر قلوية، كما أنّه ينظم إفراز الأمعاء و حركتها، و أفضل تركيز له هو محاليله بنسبة 12,5%.

و في عام 1982 نشر الدكتور سالم نجم و زملاؤه(2) دراستهم عن 53 مريضا مصابين بإسهال مزمن لشهور أو سنين، ترافقت آفتهم بعسر هضم و آلام بطنية، و قد استبعدت الفحوص المجراة أية

ص:240


1- (1) عن كتابه (منتجات النحالة و استعمالاتها).
2- (2) عن مواد المؤتمر العالمي الثاني للطب الإسلامي - الكويت.

آفة طفيلية أو جرثومية أو ورمية. أعطي المريض منهم 3 ملاعق كبيرة من العسل يوميا. و كانت النتائج جيدة، فقد اختفى الإسهال أو خفت حدته تماما عند 83% من المرضى و تلاشت الأعراض البطنية الأخرى حيث كانت سعادتهم كبيرة بعد أن أصبحوا في غنى عن الأدوية المختلفة و ما تكلفهم من مبالغ باهظة، و قد نكس الإسهال عند 28% من هؤلاء بعد إيقاف العسل فأعيدت المعالجة لمدة أسبوع و كانت الاستجابة هذه المرة طيبة. هذه الدراسة تذكرنا طبعا بالإعجاز النبوي في قول النبي (ص): «صدق اللّه و كذب بطن أخيك».

العسل و الكبد:

كثيرا ما يوصف العسل في الطب الشعبي لمعالجة آفات الكبد المختلفة. فغناه بالسكاكر و خصوصا الأحادية منها تزيد احتياطي الكبد من الغلوكوجين. و الغلوكوجين يرفع طاقة الكبد و قدرتها على تعديل السموم و الديفانات الجرثومية. و يؤكد مياسنيكوف و لوغينوف(1) أنه بدىء في السنوات الأخيرة باستعمال العسل لغايات علاجية بحتة في أمراض الكبد و الطرق الصفراوية. أما فالترستامبوليو(2) فقد أكد ضرورة إدخال العسل في جداول الحمية الخاصة بالمصابين بالتهاب الكبد و أمراضه المختلفة. فالعسل بما فيه من أملاح معدنية و حموض عضوية و خمائر و غيرها، يلعب دورا رئيسيا في تنشيط وظائف الكبد، و يمكن اعتباره أكثر العلاجات فعالية في معالجة أمراض الكبد و خاصة بعد مزجه بقليل من غبار الطلع و الغذاء الملكي.

أمّا العالم شيرم(3) فقد استخدم محاليل العسل بنجاح لمعالجة المصابين بالتهاب الكبد الانتاني و التهاب المرارة فقد تحسنت الحالة العامة بسرعة و تراجع اليرقان و زال الاحتقان بالكبد عندهم.

و يؤكد العالم كوخ(4) حسن تأثير العسل، و خاصة حقن محاليله المصفاة في الوريد، على وظائف الكبد و تنشيط استقلاب السكاكر فيه. و يرجع كوخ ذلك لوجود عامل نوعي في العسل أسماه (العامل الغليكوتيلي) و الذي يحسن وظائف القلب و الكبد و الدورة الدموية.

و قد قام الدكتور عادل قنديل و أسماء منير(5) بدراسة على حيوانات التجربة لمعرفة تأثير العسل على التسمم الكبدي المحدث عند الفئران، بعد إعطائها الغول الإيتيلي و رابع كلوريد الكربون، و التي

ص:241


1- (1) عن مقالتهما (حافظ على كبدك) مجلة الصحة - موسكو.
2- (2) عن إيوريش (النحلات و الطب).
3- (3) عن (Chuvin) .
4- (4) عن مقالة ليمب في مجلة Der Chirurg .
5- (5) عن المؤتمر العالمي الرابع للطب الإسلامي - الكويت.

تؤدي إلى اختلال كبير في وظائف الكبد و حيث قسمت الفئران إلى 3 مجموعات: المجموعة الأولى تركت دون علاج، و أعطيت المجموعة الثانية العسل عن طريق الفم، و عولجت المجموعة الثالثة:

قسم منها بالهيبارين و الآخر بالماء المقطر. و قد أظهرت نتائج التجربة، أن جميع الحيوانات قد ماتت خلال أسبوعين فيما عدا المجموعة الثانية و التي عولجت بالعسل، إذ بقي على قيد الحياة 90% من أفرادها، مع عودة وظائف الكبد عندها إلى حالتها السوية. و كذلك فإنّ المجموعة المعالجة بالهيبارين بقي 60% من أفرادها حيا، مما يوضح الفائدة العظمى للعسل في معالجة التسمم الكبدي.

و يعلل تأثير العسل بتحسينه حالة هبوط الدم، و إلى زيادة المخزون الكبدي من الغلوكوجين، و إلى تنشيطه الخلايا الكبدية و التغلب على الترسب الدهني فيها.

العسل و أمراض الحساسية:

أكّدت الأبحاث الحديثة أنّ للعسل دورا هاما في تدريب العضوية على الإزالة التدريجية للتحسس. و يرى الدكتور لوري كروفت(1) أنّ استعمال العسل في معالجة ما يسمى بحمى القش Hay

Fever أو التهاب الأنف و الطرق التنفسية العليا التحسسية، له ماض طويل يتسم بالنجاح. و خلافا للأدوية الأخرى، فالعسل علاج غير ضار، و هو خال من أي من الأعراض الجانبية الأخرى. و من المعلوم أنّ سبب حمى القش، تفاعل تحسسي أرجي لغبار الطلع. و على الرغم من أنّ العسل يحضره النحل من رحيق الأزهار و غبار الطلع، إلا أن عمليات التصنيع التي تقوم بها النحلة - و سبحان من ألهمها ذلك - تجعله شفاء لمن كان لديه تحسس من هذا الغبار.

و قد أكّدت التجارب السريرية التي قام بها كروفت أن تناول العسل الصافي، و خاصة الغني بغبار الطلع يمنع حدوث نوبات «حمى القش» و الزكام التحسسي، و قد يكسبهم مناعة حينما يتعرضون لحبوب الطلع مرة أخرى. و يرى - أنّ مضادات الأجسام - التي تنتج عند المرضى الذين تناولوا العسل، تقي ضد غبار الطلع المسبب.

و أثبت ل. كروفت L.Croft بتجاربه، أنّ حبيبات الطلع حينما تدخل مع العسل إلى الأمعاء، تمتص هناك و تصل إلى الدم الجائل. و من ثم فإنّ مولدات الضد فيها (المواد المحسسة) تبدأ بالانتشار خارج المحفظة المحيطة بحبة الطلع، و تحرض - من ثم - على تشكل الأضداد الخاصة بها، و التي تقي الجسم من حدوث نوبة جديدة لحمى القش أو الزكام التحسسي حين يتعرض المريض لحبيبات الطلع نفسها في الربيع المقبل.

ص:242


1- (1) Groft L:«Honey and Your Health»,Thorsons Pub.G.1987 .

و يرى كروفت أنّ هذه الآلية التي يؤثر بها العسل في الأمراض التحسسية ليست الآلية الوحيدة الفاعلة فيه، فعسل اللفت مثلا يحتوي على مادة ستيروئيدية هي البراسينوليد - شبيهة بالكورتيزون - كما أنّ فلافينويدات الطلع و الموجودة ضمن مكونات العسل تحتوي على مواد شبيهة بتركيب الكروموغليكيت Cromoglycate العقار الذي يعالج المصابين بالربو و لوقايتهم من حدوث نوباته المزعجة.

و يقول كروفت: «إنّ العسل لا يفيد مطلقا في معالجة نوبة ربو حادة، لكن تناوله بكميات صغيرة يوميا و لفترة طويلة تمتد بضعة شهور، يمكن أن يقي المريض من حدوث تلك النوبات الشديدة.

و ينقل كروفت رأيا يفترضه عدد من الباحثين، و هو أنّ فعل العسل النافع في الربو إنّما يعود لاحتوائه على كميات ضئيلة جدا من سم النحل يتضمنها العسل. و حسب هذا الرأي، فإنّ العاملات من النحل، و عند ما تختم النخروب الشمعي بعد أن تملأه بالعسل، تحقن تحت غطائه الشمعي كمية قليلة جدا من سمها، تساهم في حفظ العسل. و السم يحتوي على مواد مضادة للإلتهاب، تتفاعل هذه المواد مع حبيبات الطلع بطريقة تمكنها من العبور عبر غشاء الأمعاء المخاطي و الوصول إلى الدم حيث تمارس فعلها.

و يرى كروفت، أنّ العسل كي يكون فعالا في معالجة الربو و حمى القش و الزكام التحسسي و غيرها من الأمراض التحسسية، يجب أن يكون صافيا، خاليا من الغش، و أن يكون غنيا بحبيبات الطلع، أي (غير مصفى Non Filtered )، و أن لا يكون قد تعرض للتسخين أثناء الفرز (أو أي تعرض كان لأقل ما يمكن من الحرارة). و أن يتناول بكميات ضئيلة و لفترة طويلة من الزمن.

شفاء النزلات الشعبية بالعسل:

يمكن للمصاب بنزلة شعبية من كريب و رشح و انفلونزا أن يعتمد كليا على العسل. و يصف كل من إيوريش و أولدفيلد و كوستوغلوبوف، ملعقة كبيرة من العسل لكأس حليب أو شاي ساخن أو مع عصير الليمون أو شراب الخردل. و نظرا لكون العسل مادة معرقة فيحسن للمريض البقاء في فراشه.

و يعتبر شوفان العسل كمخفض للحرارة بسبب ما يحتويه من حموض عضوية. و يفضل لهذه الغاية محاليل العسل الدافئة. أما ستولت(1) فيعالج التهاب اللوزتين بطليها بالعسل مرتين في اليوم، و إنّ

ص:243


1- (1) عن ريمي شوفان «Produits Pharmac» .

مدة أسبوعين كافية لزوال الجراثيم من مكان الإصابة. أما الطبيبان(1) ي. يوفا Yofa و يا. غولد Gold فيعالجان التهاب اللوزتين المزمن بالعسل (50 غ عسل + 2/1 مليون وحدة بنسلين، تحفظ في مكان جاف و مظلم) حيث تدهن اللوزتان 3 مرات يوميا، مع إجراء غرغرة بماء فاتر قبل الدهن، مع إعطاء المصاب العسل داخلا (20-30 غ يوميا).

معالجة آفات الأنف و الأذن و الحنجرة بالعسل:

يعود استعمال المستنشقات (التبخيرات (Inhalation العسلية إلى عصور غابرة(2) ، حيث تعطي نتائج ممتازة في معالجة آفات الطرق التنفسية العليا. و قد عالج كيزل شتاين Kizelstein بالتبخيرات العسلية مصابين بآفات ضمورية في الطرق التنفسية العليا حيث استعمل محاليل العسل المائية (10%) ضمن أجهزة الإنشاق العادية، حيث يصل تأثير الرذاذ العسلي إلى الحويصلات الرئوية متجاوزا أغشية الأنف و البلعوم و منها إلى الدم، حيث يبدي فعلا مقويا عاما علاوة على تأثيره الموضعي المضاد للإنتان.

أما م. بوركشيان وي. بايان(3) فيطبقان محاليل العسل (20-30%) إرذاذا لمعالجة التهاب الأنف و البلعوم الضموري و التهاب الأنف النتن Ozeena (5-7 جلسات) حيث يصبح الغشاء المخاطي رطبا و تزول القشور. كما عالجا بنجاح التهاب الجيوب المزمن و التهاب الأذن الوسطى القيحي بغسلها بمحاليل عسلية.

أما دوروشنكو(4) فقد عالج التهاب الأنف الحاد و المزمن بدكّه فتائل من القطن مغموسة بمحلول عسلي (40%) أو تطبيق قطرة لمحلوله الطازج 20% مع البتروكائين 2% و الديمدرول 1%.

كما عالج التهاب الجيوب الحاد و المزمن بإرذاذ محلول العسل 30% أو تطبيقه بالتشريد الكهربي.

كما طبّق مرهما مكونا من (العسل 7,5 غراء النحل 7,5 بنزوكائين 2 فازلين 10 لانولين 25)، و حصل على الشفاء بنسبة عالية. و عالج المصابين بالتهاب بلعوم حاد أو مزمن بالمستنشقات العسلية مع دهن الآفة بالعسل و إعطائه داخلا عن طريق الفم. و بنفس الطريقة عالج التهاب الحنجرة الحاد

ص:244


1- (1) عن مجلة أمراض الأنف و الأذن و الحنجرة - موسكو 1965.
2- (2) عن كتاب (Bees and People) .
3- (3) عن كتاب (مباحث في الطب النظري و العملي) روستوف 1969.
4- (4) مجلة النحالة - موسكو 1977.

و المزمن، إلاّ أنّه أضاف في الحالات الشديدة معلق الهدروكورتيزون و الشيموتربسين إلى محلول الارذاذ.

أما الدكتور جيرهارد ريدل(1) فقد عالج التهاب الأنف الضموري الجاف، و التهاب الأنف المزمن النتن و التهاب البلعوم الجاف بالحقن الموضعي لمستحضر بروكوبين العسلي(2) ، حيث يحقن (1 سم) من المستحضر المذكور في كل من الطرف الأنسي للجذع البلعومي الجانبي، و تحت الغشاء المخاطي مباشرة. حيث لاحظ تحسن التروية الدموية بعد الحقنة الأولى، و لاحظ غشاء مخاطيا طبيعيا بعد الحقنة الثانية. و لم يحتج الحقنة الثالثة سوى عدد قليل من المعالجين. أما في التهابات الأنف فقد أجرى الحقن في مكانين تحت الطبقة المخاطية المبطنة لوتيرة الأنف، و احتاج الأمر إلى 3-4 حقن فقط. أما في التهاب الأنف النتن فلم يحصل شفاء كامل لكن التحسن كان واضحا.

و ينصح أوخوتسكي(3) المصابين بالتهاب الأنف النتن بإجراء غسولات أو غرغرة بمحلول عسلي ساخن (ملعقة كبيرة لكأس ماء). و ينصح س. تونزلي (4) المصابين بالتهاب الجيوب الحاد بمضغ ما يملأ الفم من قرص عسلي بشمعه لمدة ربع ساعة، تكرر 4-6 مرات يوميا. حيث وجد تراجع الهجمة الحادة خلال يوم أو يومين حيث تزول الآلام و يبدأ المجرى الأنفي بالانفتاح تدريجيا، و تحتاج المعالجة لمدة أسبوع.

و يعالج أ. شانتورف (5) التهاب الجيوب الفكية المزمن بحقن محلول العسل داخل الجيب مرة كل 2-3 أيام، و ذلك بعد بزله و غسله بمصل فيزيولوجي، أو بإدخال محاليله (10-20%) بطريقة التشريد الكهربي عن طريق الغشاء المخاطي لباطن الأنف، يكرر التشريد يوميا و لمدة 20 دقيقة و يواقع 10 جلسات لمجموع المعالجة. و قد حصل الشفاء بنسبة 76% من المعالجين، و كانت النتائج البعيدة طيبة للغاية. و يرى بأنّ للعسل تأثيرا معقدا تشترك فيه كل مكونات العسل من صادّات للجراثيم و هرمونات و فيتامينات و عناصر مجهرية و غيرها. و ينصح بإدخال المعالجة العسلية لالتهاب الجيوب المزمن في الممارسة اليومية على اعتبارها طريقة ناجحة و غير معقدة.

ص:245


1- (1) عن مجلة Medizin Klinik . و ترجم مقالته د. عبد الرؤوف الريس.
2- (2) مستحضر Prokopin من إنتاج شركة I.C.N.Woelm الألمانية و يتكون من محلول عسلي مصفى من غروياته 20% مع البروكائين 2%.
3- (3) عن مجلة النحلة (7) 1977.

معالجة أمراض الفم بالعسل:

منذ القديم، أشار كلافدي غالن إلى فائدة العسل في معالجة تقرحات الأغشية المخاطية و منها الفم. و أورد أوسان(1) Osann في موسوعته (1838) استعمال العسل لمعالجة التهاب و تقرحات الفم. و في قاموس Stedman الطبي (1961) و صفة لمعالجة التهاب الفم و القلاع تتكون من (العسل - 8، بوراكس - 1، غليسيرين - 0,5). و ينصح قاموس Dorland بمعالجة القلاع بمسّه بالعسل. أما الطبيب الهندي سينغ(2) فيؤكد أن دعك الأسنان بمزيج العسل مع مسحوق الفحم الطبي يجعلها بيضاء كالثلج.

و أكّد ل. فيدجس(3) نجاح العسل في معالجة المصابين بالقرحات الفموية القلاعية بدهنه موضعيا لمكان الآفة 3-4 مرات يوميا و لمدة خمس دقائق. و توصي المؤسسة العالمية للنحالة(4)

Apimondia بمعالجة السرطان البدئي (قبل الجراحي) بمزيج من العسل و غبار الطلع (خبز النحل) مع شمع العسل. كما تؤكد أنّ العسل يزيل من الفم و البلعوم الآثار السمية للمعالجة الشعاعية. و يوصي د. ظافر العطار باستعمال العسل كمادة مطهرة فعّالة في مداواة الأقنية السنية التي تحتاج إلى قاتل فعال، و في نفس الوقت غير مؤذ لفوهة القناة السنية، و هي شروط لا تنطبق إلا على العسل.

أمراض الجهاز التنفسي و العسل:

يرى (أبو قراط) أنّ الشراب المحضر من العسل يمتص الرطوبة و يهدىء السعال. و كان ابن سينا يصف مزيج العسل و الجوز لمعالجة السعال المزمن و شراب الورد مع العسل للسل الرئوي.

و في دراسة قام بها إيوريش(5) مع أودينتسف لمجموعة من مرضى السل الرئوي أعطي كلّ منهم (100-150 غ) من العسل يوميا، فوجد، بالمقارنة مع مجموعة أخرى لم تتناول العسل، زيادة في الوزن و الخضاب و تناقص في السعال و سرعة التثفل. و يؤكّد ملادينوف النتائج المشجعة لمعالجة التهاب الحنجرة و القصبات بالعسل. و يؤكّد كل من فيهيه(6) Fiehe و زايس و فيليبس أثر

ص:246


1- (1) عن مقالة محمد البيروتي في مجلة حضارة الإسلام.
2- (2) عن رسالة د. عبد المجيد منصور الجامعية (العسل غذاء و دواء).
3- (3) عن كتاب (أبحاث في الوقاية و المعالجة المبكرة لأمراض الفم) عربها د. فاروق هواش.
4- (4) عن مقالة د. العطار (العسل كعلاج في طب الأسنان).
5- (5) عن (النحلات صيدلانيات مجنحة).
6- (6) عن شوفان (حياة النحل).

العسل الممتاز على السعال الديكي و الالتهابات الحنجرية البلعومية. و يرى فرانكه أنّ وجود الزيوت الطيارة أو التربينات في العسل يعتبر عاملا منبعا للقصبات علاوة على أثر العسل المضاد للجراثيم.

و لمعالجة آفات الرئتين يطبق محلول العسل على شكل إرذاذ أو مستنشقات (كيزل شتاين) حيث يؤدي تماس الرذاذ إلى تمييع المفرزات القصبية و تحسين الوظيفة الرئوية. و قد عالجت بتروسوفا(1) برذاذ العسل 5 سم 3 محلول عسلي 10-20% + محلول كلور الكلس 10% بمقدار 2 سم + محلول ديمدرول 1% - 0,2 سم) أطفالا مصابين بذات رئة مزمنة و كانت النتائج جيدة.

الاستشفاء بالعسل في أمراض الدم:

تجمع الأبحاث الطبية على اعتبار العسل من أهم العقاقير فعالية لمعالجة الأشكال المختلفة من فقر الدم. فالأطباء، الذين عالجوا مرضاهم بالعسل، لاحظوا أثره الممتاز على زيادة الكريات الحمر و ارتفاع الخضاب في دمائهم. ففي أحد المصحّات السويسرية(2) ألزم Fraun Feldy الأطفال على تناول العسل بمقدار 1-2 ملعقة شاي يوميا فلاحظ زيادة الخضاب في الدم بعد أسبوع من بدء المعالجة كما لاحظ زيادة في وزن الأطفال و قوتهم العضلية. و أعطت تجارب العلماء الأمريكيين Vignee و Julia نفس النتائج.

و حصل بيريز على نتائج ممتازة عند تحلية المصاصات بالعسل عوضا عن السكر في تغذية الطفل الخديج. و جرب بالمر(3) معالجة فقر الدم المحدث عند الفئران بالعسل و حصل على نتائج ممتازة و يرى أنّ العسل الغامق كان ذا تأثير أكبر. و يؤكد زايس بأنّ الأعسال الغامقة تحتوي على نسبة أكبر من الحديد و المنغنيز و النحاس نسبة للأعسال الفاتحة أو الشقراء. و يرجع إيوريش أهمية العسل لمعالجة فقر الدم لاحتوائه على نسبة عالية من حمض الفوليك الذي يلعب دورا كبيرا في التصنيع البروتيني و تكوين الدم.

و قد لاحظ العلماء أنّ درجة التخثر الدموي عند الفئران المعالجة بالعسل تكون عالية(4). كما أثبت كل من وارنر Warner و فلاين أنّ العسل يحتوي على مواد لها خاصية مضادة للنزف. و أكّد

ص:247


1- (1) عن مقالة لها في مجلة الصحة لروسيا البيضاء 1966.
2- (2) عن شوفان Chauvin .
3- (3) عن مجلة الأطفال الأمريكية (1954).
4- (4) عن مقالة د. عبد الإله طليمات في مجلة طب الفم السورية.

فيغينو و زملاؤه أنّ العسل عند مزجه بالأغذية الخالية من الفيتامين ك قد رفع زمن طليعة البروتروبين بشكل واضح، و هذا يؤكد التأثير الفعال للعسل كمادة معوضة عن الفيتامين ك.

العسل في أمراض القلب:

إنّ عضلة القلب التي تعمل باستمرار طيلة الحياة و تفقد أثناء عملها طاقة كبيرة، تتطلب لتعويضها كمية كبيرة من السكاكر. و يلعب سكر العنب دورا كبيرا في تغذية عضلة القلب. فقد تبين أنّ عزل قلب حيوان في محلول سكر العنب 1% يمكن أن يتابع عمله، و خارج جسم الحيوان فترة طويلة من الزمن.

و معلوم أنّ السكر العادي الذي نتناوله هو سكر القصب و هو سكر مركب يحتاج البدن إلى جهد و وقت و عمليات معقدة لتحويله إلى سكر العنب. و العسل في قسمه الأكبر هو سكاكر أحادية لا تحتاج إلى هضم، تمتص بسرعة لتصل إلى الدم و لتقدم للكبد و العضلات و القلب حاجتها من الطاقة، و من هنا تتضح أهمية العسل لعمل عضلة القلب و في سرعة شفائه من أمراضه المختلفة(1).

يؤكّد تيوبالد(2) Theobald أنّ العسل يقدم في آفات القلب خدمة ثمينة لعضلة القلب الواهنة.

فوظيفة القلب تتحسن بصورة أكيدة عند تناول العسل. و عند ما يتوقف الشفاء على زيادة مردود القلب فعلينا مشاركة العسل بالديجيتال، حتى لا نحث عضلة القلب على العمل فحسب بل و نقدم لها الغذاء اللازم لذلك.

و يؤكّد غولومب(3) أنّ العسل يوسّع الأوعية الإكليلية و يزيد من تروية العضلة القلبية. و إنّ إعطاءه لفترة طويلة للمصابين بآفات قلبية شديدة، و بمقدار 50-140 غ/يوميا، يحسن الحالة العامة للمريض و يؤدي إلى اعتدال النبض و انتظام عمل القلب.

و يقبل العالم كوخ(4) Koch بوجود عامل نوعي خاص في العسل دعاه بالعامل الغليكوتيلي، يقوم بتأمين استخدام أفضل السكاكر من قبل عضلة القلب، يؤدي بها إلى تحسن الدوران الإكليلي و تعدل الضغط الدموي، كما أنّ له فعلا منظما لخوارج الانقباض غير المنتظمة.

ص:248


1- (1) عن مقالة د. وليد القوتلي.
2- (2) عن (النحلات صيدلانيات مجنحة).
3- (3) عن كتاب (العسل و صحة الإنسان).
4- (4) عن المجلة الألمانية (Arztliche Praxis) .

و يرى لوت(1) Luth أنّ تأثيرات هذا العامل الضابطة لخوارج الانقباض فعّالة جدا في معالجة تسرع القلب الاشتدادي.

و يرى شيرم Schirm مشاركة العسل مع الستروفانتين و الفيتامين ج كمقوّ للقلب. أما عن طريق الفم فيشارك العسل مع الديجيتالين و العنصل.

و يؤكّد إريخ بوهم(2) E.Bohm أنّ مشاركة العسل مع الستروفانتين أمر ضروري عند معالجة المصابين بالآفات القلبية، إذ إنّ للستروفانتين إذا استخدم وحده تأثيرات سمية فهو يؤدي إلى اضطرابات النظم القلبي العميقة. و العسل إذا مزج مع الستروفانتين يدعم تأثيره الدوائي للقلب و تجنب الجسم شر تأثيراته الجانبية، كما تجعل بالإمكان استخدام جرعات أكبر منه.

و يشارك ميتز Metz الستروفانتين مع المحلول العسلي الوريدي لمعالجة التهاب العضلة القلبية التسممية، كما يعالج بنجاح هجمات الربو القلبي بحقن محلول العسل في الوريد.

و يلخص شيمرت الحالات القلبية التي ينجح العسل في معالجتها بما يلي:

1 - جميع حالات القصور التاجي الخفيفة، و يشاركه مع الديجيتال أو الستروفانتين في الحالات الشديدة.

2 - التهاب عضلة القلب مع تغير النظم أو التالي للدفتريا، كما يعطى كعلاج مساعد عند إعطاء الهتروزيدات المقوية للقلب.

3 - عقب العمليات الجراحية كمنعش قلبي.

أما لوراند فينصح المصابين بآفة قلبية مزمنة مترافقة بأرق شديد بشرب كأس ماء فاتر محلى بالعسل قبل النوم. و يعالج أوخوتسكي(3) فرط التوتر الشرياني بمزيج العسل مع التوت البري (ملعقة كبيرة بعد كل طعام). أما في الذبحة الصدرية فيعطى مقدار ملعقة كبيرة قبل الطعام ب 10 دقائق من المزيج التالي (عسل 300 غ، عصير الصبر 100 غ، مسحوق الجزر 500 غ + عصير ليمونتين).

أما ملادينوف فيصف للمصابين بفرط التوتر الشرياني مقدار ملعقة شاي من المزيج التالي:

(مقدار عسل + مقدار عصير فجل + عصير ليمونة واحدة).

ص:249


1- (1) عن مقالة Lempp في مجلة (Der Chirug) .
2- (2) عن مقالته في مجلة (Therapie Der Gegenwart) .
3- (3) عن مقالة له في مجلة النحالة، موسكو 1977.

العسل و أمراض الكليتين:

دلّت الأبحاث الحديثة أنّ للعسل قيمة دوائية كبيرة في أمراض الكليتين، و اقترحه الكثيرون في جدول الحمية للمكلويين، يعود ذلك لانخفاض ثروته من البروتينات و الأملاح المعدنية التي تضر بأمثالهم. و يعطي العسل نتائج حسنة عند مشاركته مع بعض الأدوية النباتية كالورد الجبلي (سويت برير) و عصير الفجل. كما يشاركه البعض بنسب متساوية مع زيت الزيتون و عصير الليمون (مقدار ملعقة كبيرة من المزيج 3 مرات/اليوم) لطرح الرمال الكلوية(1).

و تؤثر آفات الكليتين على وظائف الجسم كله إذ يضطرب فيها استقلاب الماء و الملح، و العسل يكون بالنسبة للعضوية وسيطا مفرط التوتر، فهو ينظم انتقال الشوارد عبر الأغشية الحيوية و يساعد على ضبط التوازن الحلولي بين الدم و الأنسجة و له بذلك فعل مدر للبول في حالات قصور القلب و الكلوة و انحباس السوائل في البدن. و يفيد حقنه (كما يرى زايس) للمصابين بوذمات في الطرفين السفليين المرافقة لأزمة قلبية أو كلوية.

العسل في أمراض الجهاز العصبي:

اعتبر الرومان و اليونان القدامى العسل كمادة مهدئة و وصفه ابن سينا بكميات قليلة في حالات الأرق بينما اعتبره بكمياته الكبيرة منشطا و منبها للجملة العصبية. و في الطب الحديث، تعطى المحاليل السكرية المفرطة التوتر نتائج ممتازة في العديد من الآفات العصبية، و ما العسل إلا محلول سكري مفرط التوتر!.. و قد بيّن بوغوليبوف و كسيليفا(2) التأثير الرائع للعسل على مريضين مصابين بداء الرقص Chorea ، حيث عادا لنومهما الطبيعي و زال الصداع و نقصت سرعة التهيج و أبديا نشاطا ممتازا.

و في عام 1976 اشترك لوديانسكي مع بليانينا(3) في تطبيق محاليل العسل (10%) بالتشريد الكهربي على كلا القطبين لمعالجة العديد من التناذرات العصبية. ففي الوهن العصبي طبقت أقطاب التشريد على منطقة الرقبة. و في التهاب العظم و الغضروف في المنطقة قرب الفقارية، و عند المصابين بعنانة من منشأ عصبي بوضع قطب على شكل بنطال غلفاني. و كانت المعالجة فعّالة جدا

ص:250


1- (1) عن مقالة د. وليد القوتلي.
2- (2) معالجة داء الرقص بالعسل: مجلة الطب السوفياتية 2-1949.
3- (3) عن (مجلة النحالة) - 12-1976.

(يطبق من 10-15 جلسة). و في بعض التناذرات الألمية (التهاب عظم و غضروف، التهاب مفاصل...) طبق كمادات مغمّسة بمحلول العسل، أو طبق العسل صرفا و غطي بقماش كتيم في المساء، حيث لوحظ امتصاصه الكامل في الصباح.

و ينصح إيوريش(1) المهتاجين و العصبيين بتناول كأس من الماء الساخن محلّى بملعقة كبيرة من العسل. أما تساندر فيقول «ليس هناك مادة مهدئة، و محضرة لنوم طبيعي أفضل من محلول عسلي مائي ساخن». و يؤيّد أولدفيل(2) هذا المعنى و يقول: «إننا هنا في مستشفى الليدي مرغريت نستعمل العسل بالأطنان كمادة مرممة و مهدئة للجهاز العصبي و مقوية له».

معالجة الأمراض العقلية بالعسل:

و قد أجرى برونو بتزي اختبارات بشأن محلول العسل و تأثيره على كافة الأعراض التي يشكو منها المصابون بالأمراض العقلية منها حالات من خناق الصدر Angina Pectoris ، حيث نجحت مشاركة المعالجة بالكوكابوسيلاسي مع الحقن العسلية الوريدية في تحسين مردود العمل العقلي و الرقاد، و في تراجع الآلام الصدرية. و في حالة من الصرع البطني Abdominal Epi.Lepsy معندة تماما، أدّت مشاركة حقن العسل مع خلاصات فوق الكلية إلى تحسنها.

و في تناذر الوهن العصبي Neurosthenia أدّى حقن العسل إلى نقص في الوهن و تحسن في النوم و تحسن في المزاج، كما تحسنت حالات من الهوس النفسي الهمودي (الكآبة) و حالات فصامية من ازدواج الشخصية Schizophrenia بتلك الحقن.

و يلخص برونوبتزي نتيجة أبحاثه في القول: «إنّ المصابين بالأمراض العقلية يعانون من أوضاع معقدة للغاية، و إنّ المعالجة بالصدمات و المنومات و غيرها من المعالجات لا تزيل نهائيا كل الأعراض، و تتطلب في كل مريض على حدة معالجات إضافية تناسبه. و من المؤكد أن إعطاء سكر العنب مشركا مع الفيتامينات، قد أدى في عدد كبير من الاضطرابات إلى نتائج جيدة منذ سنين، أما اليوم فإنّ محلول العسل المحقون وريديا يشكل تتويجا و إتقانا لهذه الصيغة الطبية. و نحن نؤكد ملاحظات كولومباتي حول المفعول السريع للحقن العسلية للحصول على اليقظة من السبات و بنتائج هذه المعالجة القيمة...»

ص:251


1- (1) عن (مفكرة النحال) 1970.
2- (2) عن كتابه (Honey for Health) .

شفاء الانسمام الغولي بالعسل:

في عام 1953 أشار الدكتور وردورث(1) Wordworth إل فعل الفيتامين ب 6 في تصحية المخمورين و خاصة في حالات التهيج، لكنّ مفعوله يزول خلال ساعة. أما بيرج و كلاين و غيرهما فقد لاحظوا أثر استخدام سكر الفواكه في تسريع استقلاب الغول Alcohol بنسبة كبيرة، و هذا مهم، ذلك لأنّ لتفاعل سكر الفواكه مع الغول مفعول مصحّ و مهدىء للمخمور، لكنّ فعله أبطأ من فعل الفيتامين ب 6 بحوالي نصف ساعة، كما أنّه يدوم لفترة أطول، و يتبعه رغبة بالنوم تجعل المخمور غير راغب بالمزيد من الشراب.

و هكذا فإنّ إعطاء سكر الفواكه مع الفيتامين ب 6 يدعم كل منهما الآخر بطريقة تبدو أكثر فائدة، و قد طوّر مارتنسن لارسن(2) إلى الطريقة السهلة بإعطاء العسل. و ما على المريض إلاّ أن يبتلع ما مقداره (125 غ من العسل) يكرر بعد نصف ساعة، علما بأنّ 40% من تركيب العسل هو سكر الفواكه. و أنّه ليس للعسل أي محذور، في حين أنّ إعطاء معادلة من سكر الفواكه قد يسبب غثيانا و أقياء و خفقانا و غيرها من العوارض المزعجة.

و أشار برونوبتزي(3) إلى النتائج الرائعة لحقن محاليل العسل 40% لمعالجة حالات الاعتياد الغولي و المورفيني المزمنين. و نوّهت مجلة الجمعية الطبية للنساء الأمريكيات(4) أنّ تأثير العسل على المصابين بالانسمام الغولي (الكحولي) واضح و أكيد، و هذا تابع لعدة عوامل، منها الهدم السريع للغول بتأثير سكر الفواكه و مجموعة الفيتامينات ب التي تؤكسد الفضلات الغولية و تمنع احتراقها.

الاستشفاء بالعسل في الأمراض النسائية:

العسل في أقياء الحمل المعندة: إنّ معظم الحوامل يشتكين في أشهر الحمل الأولى من بعض الأقياء و هي تشكل جزءا من مجموعة أعراض معتادة عند الحامل تدعى (الوحام). إلاّ أنّ هذه الأقياء قد تكون شديدة و معندة و تؤثر تأثيرا سيئا على الحالة العامة للحامل، و هي حالات تستوجب معالجة

ص:252


1- (1) مقالة د. غبرة و د. مصري (معالجة التسمم الغولي بالعسل).
2- (2) عن 1954-Bee med.Journal .
3- (3) عن مقالة (معالجة الأمراض العقلية بالعسل) د. مهايني.
4- (4) عن كتاب Les 3 elements Meracles (كيلاس).

طبية و عناية فائقة(1). و في هذه الحالات الشديدة هناك اضطراب في استقلاب السكاكر، و على الخصوص في محتوى السكاكر منها، و من الثابت علميا أن حقن الحوامل بمصل سكري يحتوي مزيجا من سكر العنب و سكر الفواكه يعطي نتائج ممتازة في معالجة أقياء الحامل المعندة.

و نظرا لأن العسل هو محلول سكري أساسه هذا السكرين، مما شجع الدكتور هيرمن غينسل(2)

أن يجرب محلول الملكائين(3) Melcain العسلي في معالجة هذا المرض. يجري الحقن في الوريد و المريضة مضطجعة، و قد حصل الشفاء بنسبة جيدة بعد 2-3 حقن فقط، و إذا لم يحصل تحسن بعد 3 حقن فلا فائدة من متابعة العلاج. أما الدكتور منك(4) Mink فقد استخدم لهذه الغاية مستحضر الأمبليتول(5) Implitol العسلي بحقنه موضعيا في جانبي الرباطين العريضين (على جانبي عنق الرحم) و حول الرباطين الرحميين العجزيين و في الغدة الدرقية أيضا، و لاقى نجاحا كبيرا.

العسل و الانسمام الحملي: عالج عبد الفتاح علي(6) عشرين مريضة مصابة بالانسمام الحملي Eclampsia (يشكين من ارتفاع ضغط و وذمة في الساقين مع زيادة الزلال في البول) بإعطاء المريضة 3 ملاعق صغيرة من العسل قبل الفطور بساعة و بعد الغداء و العشاء. و قد تمّ شفاء 75% من المعالجات خلال 7-19 يوما. أما المريضات الخمسة المتبقيات فلم يستجبن للعسل وحده، حيث أضيف إلى العلاج مقدار قليل من غبار الطلع فتمّ الشفاء خلال أسبوع واحد.

الولادة بلا ألم: أعلن برونوبتزي(7) على حصوله على ولادة بلا ألم بواسطة الحقن الوريدية العسلية 40%، و يعلل ذلك بأنّ العسل يساعد الألياف الرحمية على قيامها بالتقلصات اللازمة بسهولة.

العسل و التهاب المهبل بالتريكوموناز: أول من درس خاصيّة العسل المضادة للحيوانات

ص:253


1- (1) مقالة د. صادق فرعون (طبيبك).
2- (2) عن مجلة Der Landarzi الألمانية 1952.
3- (3) مستحضر لمعمل ICN.Woelm الألماني يتكون من محلول عسلي 40% مصفى من غروياته + نوفوكائين 1%.
4- (4) عن مجلة Neuria Midizine الألمانية.
5- (5) و هو مزيج من النوفوكائين مع محضر البروكوبين الحاوي بدوره على العسل 40% مع النوفوكائين 1%.
6- (6) Ali A.F«XXXth.International Apic.Congress».Japan 1985 .
7- (7) عن كيلاس (Les 3 elements Mir) .

الأوالي و من جملتها (التريكوموناز)(1) كل من تومينغ - رينتام(2) و جورافليوفا (1960) عند (50) امرأة وجد الطفيلي في غسالة مهبلهن. ترافقت الآفة عند 7 منهن بتقرحات في عنق الرحم. طبق العسل دهنا هلى جدران المهبل و عنق الرحم و الفرج لمدة 6 أيام. و في الحالات الجادّة يغسل جوف المهبل قبل الدهن بمحلول الماء الأوكسجيني 3%. في اليوم التالي لبدء المعالجة زالت الحكة و حس الحرقة، و بعد يومين تناقصت الضائعات إلى حد كبير و زال الاحتقان، و انعدم وجود الطفيلي و كل الجراثيم المرافقة بعد اليوم الثالث. و تحقق الشفاء الكامل عند 45 مريضة في اليوم 4-5 من المعالجة. أما المريضات الخمس المتبقيات اللواتي لم تتحسن حالتهن فقد كانت إصابتهن حادّة.

فطبق لهنّ غسولات بمغلي البابونج لبضعة أيام و أعيدت المعالجة العسلية فكانت النتائج جيدة. و من هنا يخلص المؤلفان إلى أنّ المادة المضادة للجراثيم و التي افترض دولد وجودها في العسل تفعل أيضا كمادة مضادة للتريكوموناز، كما لا يمكن أن ننفي هنا الأثر الخمائري للعسل.

معالجة الحكّة الفرجية بالعسل: و نقصد هنا الحكة الفرجية المضنية و المجهولة السبب و التي تدعى «الحكة الفرجية بالخاصة» و قد تترافق بطلاوة أو تقرن ضموري و تشاهد عند المسنّات. و هي حكة معندة نادرا ما تعنو إلى المعالجة المعروفة من مغاطس مطهرة ساخنة، و حقن النوفوكائين موضعيا و إعطاء هرمونات المبيض كما قد يلجأ البعض إلى الأشعة المجهولة رغم مخاطرها.

و كون الآفة «لغزا طبّيا» محيّرا فقد سمح شولتز رونهوف(3) لنفسه بتجربة العسل حيث طبقه بكمية وافرة على منطقة الفرج، و كان يأمر المريضات بلبس سروال داخلي قصير محكم الحواف لتلافي لزوجة العسل المزعجة. لقد توقف حس الحكة خلال أيام من تطبيق العلاج، إلاّ أنّه نصح مرضاه استمرار الدهن مساء فقط لبضعة أسابيع و انتهت بالشفاء و لم يشاهد حدوث نكس.

لقد كانت النتائج ممتازة رغم أن نجاحها لم يكن مطلقا في كل الحالات إلا أنها أثبتت بدون شك الأثر المهدىء للعسل على الحكات الفرجية. أما سبب تأثيره، هل هو تركيزه السكري العالي؟ أم لوجود الفيتامينات، أو الهرمونات؟

يقول رونهوف: إنّنا لا نعرف، لكني أنصح بتطبيقه على الأساس التجريبي فقط.

ص:254


1- (1) التريكوموناز حيوان طفيلي وحيد الخلية يشبه الكمثرى له سياط يتحرك بها يتطفل على مهبل المرأة مؤديا إلى بعض المفرزات و قد ينتقل إلى الأحليل عند المرأة نفسها أو إلى الزوج أثناء الجماع مؤديا إلى التهاب الأحليل.
2- (2) عن مجلة التوليد و أمراض النساء - موسكو 1961.
3- (3) مقالة S.Rhonhof عن مجلة Zent.Fur Gynekoilogie .

ضمادات العسل عقب العمليات النسائية:

رأينا كيف طبّق بولمان(1) العسل بنجاح كضماد يغير يوميا عقب عمليات استئصال الفرج و كيف أنّ العسل، كما يرى، قد غيّر من إنذار و سير تلك الجروح. كما أنّ البروفيسور سكوت روسل (1968) طبّق العسل كغيار يومي على جروح البطن المتقوبئة في مشافي شفيلد و سانت لويس و كانت النتائج باهرة(2)..

و في مشافي القديس لويس في لندن قام دينيس كافانا D.Cavangh و جون بيزلي(3) J.Beazley

بتطبيق العسل الصافي على 12 مريضة أصبن بتهتّك في جرح العملية عقب استئصال الفرج. و كان العسل يصب مرتين كل يوم على الجرح ثم يغطى بالشاش دون ضغط. لقد أصبحت الجروح عقيمة بعد اليومين 3-6 من بدء المعالجة، ثم ظهر تحبحب نظيف في كل الجروح، مما جعلها لا تحتاج إلى أي مطهر آخر، كما أنّها لم تعد بحاجة إلى تطعيم جلدي. استمرت المعالجة من 3-8 أسابيع.

و يرى المؤلفان نتيجة البحث أنّ العسل يفضل كل المراهم المعروفة، للسرعة التي يتم بها ترميم الجروح و سهولة تطبيقه.

معالجة التهاب الإحليل و المثانة بحقن العسل:

لأول مرة عام 1959 كتب كل من خوللاروف ولوره(4) عن معالجة التهاب الإحليل بالتريكوموناز بحقن محلول العسل المائي 50% ضمن الإحليل و لمدة 3 دقائق يوميا، (6-10 حقن). و في عام 1966 نشر شكليار N.Shkliar مقالا عن نجاح معالجته 50 مريضا مصابين بالتهاب الإحليل بالتريكوموناز بحقن محلول عسلي 50% ممدد في محلول النوفوكائين 0,5% ضمن الإحليل، يمنع المريض بعدها من التبول لمدة ثلاث ساعات. تكرر المعالجة يوميا (4-5 أيام). و يمكن تحضير المريض قبل حقن العسل بحقن محلول النوفوكائين 1% في الإحليل لمدة 10 دقائق ثم يحقن المحلول العسلي.

في الحالات الحادّة يعطى المريض المضادات الحيوية واسعة الطيف لبضعة أيام قبل المعالجة

ص:255


1- (1) راجع التفصيلات في مبحث (معالجة الجروح و القروح بالعسل) في مكان آخر من هذا الكتاب.
2- (2) عن مجلة Obst.and Gynacolgy البريطانية، عربتها د. زكية الأعوج.
3- (3) عن مجلة Obst.and Gynacolgy البريطانية، عربتها د. زكية الأعوج.
4- (4) عن مقالة Shkliar في مجلة العمل الطبي (موسكو) 1966.

بحقن العسل. أما في الحالات المزمنة فيمكن أن تشرك المعالجة بمعالجة عامة مناعية و مضادات حيوية تناسب الجراثيم المرافقة.

أما الدكتور كابلون(1) M.Kaplun فقد عالج بنجاح رائع 50 مريضا مصابين بالتهاب المثانة الحاد بحقن محلول العسل المائي 33% ممدّدة في محلول النوفوكائين 0,5% فقد خفّت الآلام و تراجع البول بعيد الحقنة الأولى و بعد 2-3 حقن لم يتبقّ عند غالبية المرضى أيّة شكوى، مدة المعالجة من 3-8 أيام و كانت نسبة الشفاء الكامل 94% و مما يجدر ذكره أنّه ليس هناك أي مدلول لاختبار تحسس الجراثيم في الزجاج نحو العسل من أجل المعالجة بحقن محاليله.

و تحت إشراف د. فاهم عبد الرحيم(2) تمّت معالجة 40 مصابا بتقرحات مزمنة في المثانة ناجمة عن الإصابة بالبلهارسيا، بإعطاء المريض ملعقة كبيرة من العسل يوميا حيث زالت الحرقة بعد أسبوعين في 44% من المرضى و تراجعت البيلة الدموية و اختفت التقرحات بنسبة 56%. و نحن نرى أنّ الفائدة أعظم لو تمّ حقن المحلول العسلي ضمن المثانة مع إعطاء العسل داخلا.

العسل و أمراض الأوردة:

أكّد الدكتور ب. أوخوتسكي (1977) نجاح معالجته لدوالي الساقين(3) و التهابات الوريد الخثرية بواسطة الضمادات العسلية، حيث طبّق كمادات، هي عبارة عن قطع من الشاش مغموسة في محلول عسلي (10-20%) توضع فوق الإصابة مباشرة و تغطى بقماش كتيم دون قطن لمدة ساعتين أول الأمر، ثم تزداد تدريجيا و حتى 12 ساعة (طيلة الليل). مدة المعالجة 15-20 يوما و نتائجها جيدة. و يمكن في المراكز الصحية المجهّزة تطبيق المعالجة السابقة مع التشريد الكهربي لمحلول العسل لمدة 15-20 دقيقة، ثم تبقى الكمادة العسلية إلى صباح اليوم التالي.

أما لمعالجة البواسير: فإنّ أوخوتسكي يوصي بدهنها بالعسل صرفا أو بعد مزجه مع عصير الشوندر أو بلسم شوستوكوفا (الفينيلين Vinilium ) بمقادير متساوية، كما يعطى العسل داخلا عن طريق الفم كمليّن.

ص:256


1- (1) عن محاضرة له في الطب الحديث (أوفا - جمهورية بشكيريا).
2- (2) عن كتاب (الطب النبوي في ضوء العلم الحديث).
3- (3) عن مجلة (النحالة) موسكو 1977.

حقن محاليل العسل عقب العمليات الجراحية:

كثيرا ما يحدث اضطرابات عضوية بعد العمليات الجراحية الكبيرة و خاصة في استقلاب الماء و الشوارد و من المتفق عليه أنّ اضطراب امتصاص السوائل يجب أن يعوض بحذر و دقة و أنّ نقص الماء الفجائي هو أهم من نقص الأملاح. و لقد جرت عادة معظم الجراحين على إعطاء المصول الملحية بشكل روتيني عقب العمليات الجراحية، إلاّ أن تجارب شفايغرز أثبتت حدوث و ذمة في جدران المعدة بعد حقن المصول الملحية، و هذا يشير، بشكل لا يقبل الجدل، إلى مساوئ إعطاء المصول الملحية بشكل روتيني بعد كل عمل جراحي.

و في الواقع فإنّ الاضطرابات التي تحدث بعد العمليات الجراحية الكبيرة يرافقها غالبا توذّم في الأنسجة الداخلية للكبد و الكلية و الرئة و غيرها، و إنّ الانحراف في استقلاب البروتينات يجعلها على استعداد للتوذّم بشكل أكبر عند نقل المصول الملحية و هذا ما دعى العلماء أن يلجأوا لتعويض السوائل بعد العمليات الجراحية إلى المصول السكرية عوضا عن المصول الملحية. و هذا لا يهدف إلى تعويض السوائل المفقودة فحسب بل يهدف إلى تأمين حاجة البدن من سكر العنب لتكوين الغلوكوجين، تلك المادة التي ثبت أنّ مقدارها يقل في الكبد عقب أي عمل جراحي كبير. و هذا دور يبدو واضحا أكثر حين حدوث ما يسمى «عوز الكبد للغلوكوجين».

و يؤكد البروفسور ليمب(1) أن تمثل الغلوكوجين في الكبد عند تقديم سكر الفواكه يزيد 18% عما هو عليه عند إعطاء سكر العنب و بالتالي فإنّ إعطاء سكاكر سهلة التمثل كسكر الفواكه يشكل أحسن حماية للكبد عقب العمليات الجراحية. و قد استطاع كوخ أن يبرهن أنّ العسل يتمثل في الكبد إلى غلوكوجين بصورة أحسن مما عليه باقي السكاكر، و هذه ميزة لا توجد في العسل الصناعي رغم أنّه يتركب من نفس الأنواع من السكاكر. و يرد كوخ هذا إلى وجود عامل خاص في العسل، يشبه فعالية الكولين أسماه العامل الغليكوتيلي، يعمل على زيادة استقلاب السكريات.

و بما أنّ الأمراض الجراحية المتعلقة بالجهاز الصفراوي كثيرا ما تؤدي إلى اضطراب في وظائف القلب و الدوران فللعسل فعالية جيدة على القلب و الدورة الدموية بفضل فعالية العامل الكوليني، و لذلك فمن المنتظر أن يظهر تأثير حقن العسل بعد تلك العمليات الجراحية بشكل ممتاز كالتي تجري للحويصل الصفراوي و الأقنية الصفراوية و خاصة إذا كانت مترافقة بيرقان.

ص:257


1- (1) مقالة Lempp عن مجلة «Der Chirurg» .

و يؤكّد ليمب أنّ حقن العسل بعد العمليات الجراحية تفوق ميزاتها أي علاج آخر بدرجة كبيرة و خاصة عقب عمليات المجاري الصفراوية. و أنّ حالة المرضى تتحسن دائما بعد حقن العسل بشكل سريع و مدهش إذ إنّها تساعد على عودة الاستقلاب و الدوران الدموي إلى حالته الطبيعية بسرعة.

أما البروفسور إيوريش(1) فيؤكّد النتائج الحسنة لحقن العسل عقب العمليات الجراحية، كما ينصح كافة المرضى المبضوعين، و القادرين على تناول الطعام، الإكثار من تناول العسل على شكل محاليل دافئة سواء مع الحليب أو الشاي، كما يعتبر المحاليل العسلية العلاج الأمثل عقب العمليات الجراحية المجراة على الفكين حيث لا يستطيع المرضى مضغ طعامهم لفترة طويلة فهو علاوة على كونه غذاء ممتاز فهو مطهّر جيد لجوف الفم يساعد أيضا على سرعة التئام جروحه.

أهمية العسل للوقاية من الأذيات الشعاعية:

يتعرّض المرضى المعالجون بالأشعة المجهولة و العاملون فيها إلى عوارض مزعجة من فقر دم و نقص في الكريات البيض و صداع و أقياء و التهاب جلد و غيرها تشكل بمجموعها ما يسمى الداء الشعاعي. و قد عالج فرانكة(2) Franke هذه الحالات بحقن محلول العسل الوريدي (20-40%) M2 Woelm و يؤكّد أنّ هذه الأعراض كانت تزول بسرعة مدهشة بهذه المعالجة. كما أكّد فرانكة أن حقن المريض ب 10 سم 3 من المحلول العسلي قبل الجلسة العلاجية بالأشعة يمنع ظهور هذه الأعراض الانسمامية بينما تسوء حالة المريض عند عدم حقنها مما يؤكّد فعالية محاليل العسل في معالجة الأعراض الانسمامية الناجمة عن كثرة التعرض للأشعة و للوقاية الفعّالة من ظهورها. أما إيوريش(3) فيؤكد أن تناول العسل على شكل محاليل دافئة و خصوصا مع الحليب له نتائج طيبة في الوقاية و المعالجة من الأذيات الشعاعية.

هل يقي العسل من السرطان ؟

(4)

تشير معظم الإحصائيات إلى ندرة إصابة النحالين بالسرطان، و ليس هناك أيّة إجابة علمية تبحث عن السبب. و قد حاول فورستر حل هذا اللغز بالتسجيل الإحصائي فأرسل استمارات إلى عدد

ص:258


1- (1) عن كتاب (النحلات و الطب).
2- (2) عن المجلة الألمانية Zentral.Fur Gynekologie .
3- (3) عن كتاب (النحلات و الطب).
4- (4) مقالة «السبب في ندرة إصابة النحالين بالسرطان» قربي و عطار.

من منظمات النحل في العالم. و قد شملت الأسئلة عدد النحالين الذين يعانون من السرطان و عمرهم و عدد السنين التي قضوها في النحالة. و قد ورد (254 جوابا) من نحالة معظمهم قطعوا سن الثلاثين.

و قد كانت نسبة إصابة النحالين بالسرطان حسب دراسة فورستر هي 0,36 لكل 100 ألف نحال(1).

و قد قارنها فورستر مع إحصائية العالم وايس Weiss عند مهن أخرى فكانت عند ممتهني النحالة أقل إصابة بالسرطان نسبة للمهن الأخرى و هذا يعود إلى تعرضهم للسع النحل، أو و هو الأرجح تمتعهم بتناول العسل أكثر من غيرهم.

و في مستشفى إيسلز للأورام السرطانية (ألمانيا الغربية) يعتمد العسل في جدول الحمية الخاص لجميع المرضى. كما استطاع ألم كيلاس(2) ، الكيمياوي الفرنسي المشهور، أن يبرهن على أنّ بعض أنواع العسل يحتوي على الراديوم المشع. و هذا الاكتشاف له أهميته الخاصة لأن احتياطي الراديوم في القشرة الأرضية ضعيف للغاية. و فائدة العسل المشع له أهمية كبرى و خصوصا بالنسبة لاستعمال الراديوم في علاج الأورام الخبيثة كالساركوما و غيرها.

العسل في الطب القديم

مفتح لأفواه العروق: ديسقوريدس: قوّة العسل جالية مفتحة لأفواه العروق يجذب الرطوبات.

القروح الوسخة العميقة: إذا صب في القروح الوسخة العميقة وافقها.

إلزاق اللحم المشقق: إذا طبخ و وضع على اللحم المشقق ألزقه.

القوابي: إذا طبخ مع الشبث الرطب و لطخت به القوابي أبرأها.

ورم و دوي الأذن: إذا خلط بملح مسحوق من الملح المحتفر من معادنه و قطر فاترا في الأذن سكن ورمها و دويها و أبرأها من أوجاعها.

القمل و الصيبان: إذا تلطخ به قتل القمل و الصيبان.

إذا كان إنسان قلفته صغيرة من غير ختان فمرسها بعد خروجه من الحمام و لطخ عليها العسل و فعل ذلك شهرا كاملا أطالها.

ظلمة البصر: هو يجلو ظلمة البصر.

ص:259


1- (1) رسالة خاصة من الدكتور فورستر 1974/8/29.
2- (2) عن كتاب (العلاج بعسل النحل) ت. الحلوجي.

أورام الحلق و أورام العضل: إذا تحنك به أو تغرغر به أبرأ أورام الحلق و أورام العضل التي عن جنبتي اللسان و الحنك و اللوزتين و الخناق و يدر البول.

نهش الهوام: يوافق السعال إذا شرب سخنا بدهن الورد و ينفع من نهش الهوام.

عضة الكلب: و شرب عصارة الخشخاش الأسود إذا لعق أو شرب نفع من أكل الفطر القتال و من عضة الكلب.

الكلف العارض: أما العسل الذي يكون في الجزيرة التي يقال لها سردونيا مر الطعم لرعي الأفسنتين فإنه إذا لطخ به الوجه نقى الكلف العارض فيه و سائر الأوساخ العارضة من فضول الكيموسات.

الكلف: إذا تلطخ به بعد أن يخلط بالقسط نقى الكلف.

آثار الضرب الباذنجانية: إذا خلط بالملح ذهب بآثار الضرب الباذنجانية.

الأمعاء الوارمة: أما العسل الغير المطبوخ فصالح للمعدة الباردة و الأمعاء الوارمة و وجع المعدة الكائن من البلغم منه للطعام و يغذو غذاء جيدا و ينفع للقوة.

تليين الطبيعة: أما العسل المطبوخ فصالح للقيء ملين للطبيعة يقيأ به من شرب أدوية قتالة مع ذهب سمسم رطلا و هو المثلث.

اللثة و الأسنان: قال الرازي في الحاوي: العسل أحد ما يتعالج به للثة و الأسنان و ذلك أنه قد يجمع مع التنقية و الجلاء لها صقلها إلى أن ينبت لحم اللثة.

حفظ الأسنان: العسل يحفظ على الأسنان صحتها إذا خلط بالخل و تمضمض به في الشهر أياما. و إذا استن به على الأصبع صقل الأسنان و اللثة و يبيض الأسنان و يمسك عليها صحتها.

الشهدية و الرئة: الشريف: إذا خلط مع دهن ورد و لطخ على الشهدية و الرئة و سائر القروخ البلغمية المالحة أبرأها، مجرب.

القروح و الجراحات الغائرة: إذا حقنت القروح و الجراحات الغائرة به مع لسان الحمل و فعل ذلك ثلاثة أيام نقاها من أوضارها و غسلها و ألحمها. و إذا شرب بالماء نقى القروح و الأمعاء.

انفجار الدم و أورام اللوزتين: إذا تحنك به أو تغرغر به عند انفجار الدم و أورام اللوزتين نقاها و كذا يفعل في كل جراحة تحتاج إلى جلاء و تنقية.

فتح الأورام الصلبة: إذا عجن بدقيق الحواري فتح الأورام الصلبة و أنضجها و النضيجة يفتحها

ص:260

إنبات اللحم في الجراحات العميقة: إذا عجن به الزراوند الطويل أو الكرسنة أنبت اللحم في الجراحات العميقة.

إدرار العرق: إذا أضيف إلى هذه اللوز المر و لب حب المحلب و دقيق الشعير و ما أشبهها و طلي به البدن أدر العرق.

تنقية الصدر: إذا شرب بالماء نقى الصدر المحتاج إلى تنقية.

تهييج شهوة الجماع: يهيج شهوة الجماع إذا شرب بالماء عند العطش و اقتصر عليه أياما. و إذا استعمل بالماء و هو غير منزوع الرغوة كان فيه تليين للبطن و كان تهييجه للجماع أشدّ..

المفلوجون و المخدورون: هو من أنفع ما يشربه المفلوجون و المخدورون.

ص:261

السواك

اشارة

عن المفضّل، عن الصادق عليه السّلام قال: عليكم بالسواك، فإنّها مطهرة، و سنة حسنة(1).

عن مسلم مولى لأبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنه ترك السواك قبل أن يقبض بسنتين و ذلك أن أسنانه ضعفت(2).

عن ابن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: في السواك اثنتا عشرة خصلة: هو من السنة، و هو مطهرة للفم و مجلاة للبصر، و يرضي الرحمن، و يبيض الأسنان، و يذهب بالحفر، و يشدّ اللثة، و يشهي الطعام، و يذهب بالبلغم، و يزيد في الحفظ، و يضاعف الحسنات و يفرح الملائكة(3).

عن مهزم الأسدي قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: في السواك عشر خصال: مطهرة للفم، و مرضاة للرب، و مفرحة للملائكة، و هو من السنة، و يشد اللثة، و يجلو البصر و يذهب بالبلغم، و يذهب بالحفر(4).

عن ابن سنان و أبي البختري، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: السواك و قراءة القرآن مقطعة للبلغم(5).

ص:262


1- (1) بحار الأنوار ج 63 ص 126 ح 1.
2- (2) بحار الأنوار ج 63 ص 127 ح 7.
3- (3) بحار الأنوار ج 63 ص 129 ح 14.
4- (4) بحار الأنوار ج 63 ص 133 ح 38.
5- (5) بحار الأنوار ج 63 ص 133 ح 40

عن حمّاد بن عيسى، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: السواك يذهب بالدّمعة، و يجلو البصر(1).

عن زكريا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: عليكم بالسواك فإنه يجلو البصر(2).

و قال الصادق عليه السّلام: في السواك اثنتا عشرة خصلة: هو من السنة، و مطهرة للفم، و مجلاة للبصر، و يرضي الرحمن، و يبيّض الأسنان، و يذهب بالحفر و يشدّ اللثة، و يشهي الطعام. و يذهب بالبلغم، و يزيد في الحفظ، و يضاعف الحسنات، و تفرح به الملائكة(3).

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أكل الأشنان يذيب البدن، و التدلّك بالخزف يبلي الجسد، و السواك بالخلا يورث البخر(4).

و عنه عليه السّلام قال: السواك على المقعدة يورث البخر(5).

و عنه عليه السّلام قال: عليكم بالسواك فإنه يذهب وسوسة الصدر(6).

ص:263


1- (1) بحار الأنوار ج 63 ص 133 ح 42.
2- (2) بحار الأنوار ج 63 ص 134 ح 43.
3- (3) بحار الأنوار ج 63 ص 137.
4- (4) بحار الأنوار ج 73 ص 138.
5- (5) بحار الأنوار ج 73 ص 138.
6- (6) بحار الأنوار ج 73 ص 139 ح 52.

من أين يؤخذ السواك؟

يؤخذ السواك غالبا من شجر الأراك Arac حيث يؤخذ من جذور الأراك البالغة من العمر السنتين أو الثلاثة، و يكون السواك جافا و أحيانا أخضر، كما أنه يؤخذ في بعض الأحيان من الأغصان، و له رائحة خاصة و طعم حرّاق لوجود مادة لها علاقة بالخردل تسمى (سينجرين Sinnigrin ).

تنمو أشجار الأراك في الأماكن الحارّة و الاستوائية و تكثر في أودية الصحاري، و تشبه الأراك شجرة الرمان».

مم يتركّب السواك؟

التركيب المجهري للسواك:

يؤخذ مقطع عرضي في عود السواك بعد غليه و نقعه في [مزيج الغول و الماء و الغليسرين بأقسام متساوية] يتبين لنا بالفحص المجهري الطبقات التالية:

1 - طبقة فلينية.

2 - نسيج قشري تتخلله بعض الخلايا المتصلبة و الألياف و داخله حبيبات نشاء.

3 - حزم لحائية خشبية، تتألف من لحاء نحو الخارج و طبقة مولدة و أوعية خشبية. و تشكل الألياف المنظفة للأسنان حولها نسيج متخشب، و هذه الأوعية الخشبية و النسيج المتخشب تتكون من عدة طبقات.

4 - أشعة مخيّة: تفصل بين الحزم الخشبية اللحائية و تكون خلاياها مليئة ببلورات السيليس و الحماضات و حبيبات النشاء و هذان العنصران فائدتهما كبيرة في تنظيف الأسنان».

التركيب الكيماوي للسواك و فوائده:

لقد أثبتت الأبحاث و الدراسات أن سواك الأراك يحوي كثيرا من المواد المطهرة، و المنظفة، و القابضة، و المانعة للنزف الدموي و القاتلة للجراثيم، حيث وجد ما يلي:

1 - بحتوي على مادة العفص (Tannic Acid) المضادة للعفونة و التي تستعمل كمادة مطهرة

ص:264

و مضادة للنزوف و الجروح الصغيرة في اللثة.

2 - يحوي السواك مادة ال (Sinngrin) و هي غليكوزيد (زيت الخردل مع سكر العنب) و لهذه المادة فعالية مضادة للجراثيم.

3 - يحتوي على بيكربونات الصوديوم على شكل ألياف، و هذه المادة هي المادة المفضلة من قبل مجمع معالجة الأسنان التابع لجمعية طب الأسنان الأمريكية لاستعمالها في المعجون السنّي الصناعي، و قد ورد ذلك في مجلة طبيبك (الصفحة 73 العدد 97 السنة 9).

4 - كما أن السواك يحتوي على مادة تحول دون نخر الأسنان «و ذلك كما نصّ عليه الدكتور كينيت كيوديل أمام المؤتمر الثاني و الخمسين للجمعية الدولية لأبحاث الأسنان في أتلانتا الأمريكية»، تحتوي على أملاح معدنية:

1 - كلور الصوديوم. 2 - كلور البوتاسيوم. 3 - حماضات السيليس. 4 - أملاح تحوي الحديد و الكالسيوم و الفوسفات و الكبريت. 5 - إن السواك يحتوي على مادة الفينول كما أثبت ذلك أبحاث كلية الصيدلة بجامعة الرياض. 6 - لقد توصل «شارما» Sharma و هو عالم هندي من علماء النبات إلى أن نبات الأراك غني بمادة الفلور و السيلكون و الكالسيوم، و الخشب و سيلكا اللحاء و البوتاسيوم، و فقير في مادة الكالسيوم اللحائي. 7 - يحتوي على الفيتامين ج ( (vit c) . 8 - يحتوي على مواد عطرية زيتية نسبتها 1%. 9 - يحتوي على مواد سكرية مختلفة:

1 - النشا. 2 - المواد الصمغية و اللعابية. 3 - مواد سكرية بسيطة و غالاكتوز و سكاكر خماسية.

10 - مواد أخرى في السواك: 1 - النشادر. 2 - مواد قلوية و شبه قلوية و هذه المواد معدّلة لحموضة القلح.

11 - ذكر الخبير الجرثومي الأستاذ عبد الحميد القضاة أنّه أجرى تجاربا على السواك و الجراثيم فاستنتج أنه توجد جراثيم حساسة للمواد الموجودة في السواك:

1 - الجراثيم العنقودية المذهبة Staphylococcus Aureuse .

2 - الجراثيم العقدية Streptococcus .

3 - الجراثيم المسببة للدفتريا Conybacterium Dephtheria .

4 - الجراثيم المسببة لذات الرئة Diplococcus Pneumonia .

5 - عصيات كولي E.coli .

ص:265

6 - السالمونيلا نظيرة التيفية أ Salmonell Para a .

7 - الشيغلا الزحارية Shigella Dgsenteria .

12 - فائدة أخرى للسواك حيث يقول الدكتور محمد عزت أبو الشعر في رسالته الجامعية عن السواك «توصي بعض الجامعات بإجراء مساج بالأصبع للثة لتحريك الدم في النسج اللثوية، و هذا واضح جدا في حالة استخدام السواك».

13 - فائدة مادة العفص الموجودة في السواك:

يصف أطباء الأسنان لمرضى التهابات اللثة و صفة تتضمن: حمض العفص 20% غليسرين 80% ثم يدلك بهذه المواد اللثة، و يكون طعمها لاذعا غير مستحسن، بينما يوجد العفص في السواك بنسبة تزيد عن 20% و يكون طعمه مقبولا.

كتب الدكتور ظافر العطار من جامعة دمشق في مقالة له: «بلغني من د. الأيوبي أن الأستاذ حلباوي وكيل شركة معاجين الأسنان أنه تفكر شركته في إنتاج معجون سوف يسمونه المسواكين».

ورد مقال بمجلة الاعتصام تحت عنوان [سواك الأراك يغزو أسواق الإنكليز] و أتبعه ثلاثة عناوين هي:

* أطباء الأسنان في لندن يعترفون للسّواك بأثره الفعّال في نظافة الأسنان و بأثره السحري في تفادي كثير من العلل و الأمراض.

* عود الأراك يباع بجنيه استرليني في محلات النباتات المجففة في إنكلترا.

* معهد علم الجراثيم و الأوبئة في ألمانيا الديموقراطية يقول: «مادة السّواك لها تأثير فعال مثل تأثير البنسلين سواء بسواء».

- يذكر الدكتور محمد توفيق صدقي: يسمى الأراك عند الإفرنج «شجرة محمّد» (ص).

- أوردت مجلة (المجلة) (4/1961) مقالا للعالم (رودات) مدير معهد علم الجراثيم و الأوبئة في جامعة (روستوك) بألمانيا. يقول فيه: قرأت عن السّواك الذي يستعمله العرب كفرشاة أسنان في كتاب لرحّالة زار بلاد العرب، و عرض الكاتب الأمر بأسلوب ساخر لاذع اتخذه دليلا على تأخّر هؤلاء الناس الذين ينظفون أسنانهم بقطعة من الخشب في القرن العشرين! و لكن أخذت المسألة من وجهة نظر أخرى... و فكرت لماذا لا يكون وراء هذه القطعة من الخشب، و التي أسميها فرشاة الأسنان العربية حقيقة علمية؟ و تمنيت لو استطعت إجراء التجارب عليها ضمن تجاربي الأخرى التي أجريها على غيرها ثم حانت الفرصة حينما سافر زميل لي من العاملين في حقل الجراثيم هو الدكتور

ص:266

(هورن) في بعثة علمية إلى السودان و عاد و معه مجموعة منها... و فورا بدأت في إجراء أبحاثي عليها سحقتها و بللتها و وضعت المسحوق المبلل على مزارع الجراثيم فظهرت على المزارع آثار كتلك التي يقوم بها البنسلين» أ. ه.

يبدو أن صاحبنا الرّحالة صاحب الكتاب الذي قرأه العالم رودات قد نسي كيف كان الغربيون ينظفون أسنانهم.

يقول الدكتور شوكت الشطّي في كتابه رسالة في تاريخ الطب: «كان الغربيون في القرون الوسطى أقل تذوقا للنظافة من الشعوب المتوحشة... و من ذلك المضمضة بالبول كما كان شائعا عند نبيلات الرومان و كانوا يفضلون البول الآتي من إسبانيا فإذا لم يتيسر ذلك استعاضوا عنه ببول الثيران».

- أجرت جمعية طب الأسنان الأمريكية A.D.A لجيش الولايات المتحدة الأمريكية تجاربا أثبتت من خلالها أن الشعيرات المكونة لمادة السواك تتمتع بفعالية و تفوق».

- أثبتت جامعة Minnesota في أمريكا و ذلك ضمن أبحاثها أن الأسنان و اللثة عند الزنوج المسلمين الذين يستعملون السّواك سليمة إذا ما قورنت بأسنان و لثة من يستعمل الفرشاة».

- استعمل المسلمون السّواك منذ ما يزيد عن 1400 سنة، بينما استعمال الناس الفرشاة منذ أقل من مئتي عام، فقد استعملوا الفرشاة لأوّل مرة عام 1800 ميلادية.

كيفية تحضير السواك:

1 - تنزع الطبقة السطحية من عود الأراك بشكل دائري من أحد طرفي العود و بعرض لا يتجاوز 0,5 سم.

2 - ينقع هذا الطرف في الماء لمدة 24 ساعة.

3 - يدق هذا الطرف حتى تتفرق أليافه و تصبح كالفرشاة.

4 - يقصّ ذلك الطرف بعد عدة أيام من استعماله... و هكذا دواليك.

- يفضل استخدام السّواك بعد تبليله بالماء.

ص:267

البيض

اشارة

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: شكا نبي من الأنبياء إلى ربه قلة الولد فأمره بأكل البيض(1).

و في حديث آخر: كل اللحم بالبيض(2).

و عنه عليه السّلام قال: من عدم الولد فليأكل البيض و ليكثر منه(3).

عن يونس بن مرازم قال: ذكر عند أبي عبد اللّه عليه السّلام البيض فقال: أما إنه خفيف يذهب بقرم(4) اللحم(5).

و عنه عليه السّلام قال: محّ البيض(6) خفيف، و البياض ثقيل(7).

ص:268


1- (1) بحار الأنوار ج 63 ص 46 ح 9.
2- (2) بحار الأنوار ج 63 ص 46 ح 10.
3- (3) بحار الأنوار ج 63 ص 46 ح 13.
4- (4) القرم: شدة شهوة اللحم.
5- (5) بحار الأنوار ج 63 ص 46 ح 14.
6- (6) المح بالضم خالص كل شيء و صفرة البيض كالمحة أو ما في البيض كله.
7- (7) بحار الأنوار ج 63 ص 47، ح 16.

قيمة البيض الغذائية:

تكفي البيضة الواحدة لتغذية الصوص تماما. و هذا يدلّ على ما تحتويه من الغذاء. و تعود كمية سعراتها الحرارية (من 85 إلى 80 وحدة) إلى احتوائها على الدهون لأنها في الحقيقة خالية من السكر. و تتركز الدهون في صفار البيضة، و هي عبارة عن كولسترول (270 ملغ في البيضة الواحدة) أي أنه يجب تفاديها بالنسبة للأشخاص المصابين بارتفاع معدل الكولسترول في الدم.

أما البروتينات فعبارة عن ال Albumine الموجودة في البياض و ال Ouoviteline الموجود في الصفار. و هي مكوّنة من حوامض أمينية في تركيبة كاملة و متوازنة بشكل يقرب من الكمال إذ توجد فيها جميع الحوامض الأمينية الأساسية التي لا ينتجها الجسم نفسه بل يحصل عليها عن طريق التغذية.

و المعروف أن البيض غنيّ بالفوسفور لكنه لا يحتوي إلا على نسبة بسيطة جدا من الكالسيوم، من هنا أهمية الخليط المكوّن من الحليب و البيض في أنواع الكريمات، و الكاتو «و الغراتان» و الصلصة البيضاء... لأنه يعيد التوازن بين المعادن.

و معروف عن البيض أنه يحتوي على الحديد، و أن بيضة واحدة في اليوم تغطي ربع حاجة الجسم من الحديد. و لذلك فإنه يوصف للمصابين بفقر الدم و للحوامل و الأطفال و المسنين... كما أنه غنيّ بالفيتامينات E,D,B,A لكنه يفتقر للفيتامين C .

و لا بدّ من الإشارة إلى أن لون الصفار لا يدل على الكمية الغذائية التي يحتويها، بل يتعلّق بطعام الدجاجة! فكلما كان طعام الدجاجة غنيا بمادة الكاروتين (الموجودة بصورة خاصة في الجزر) كلما كان لون الصفار غامقا. كما أن لون قشرة البيضة لا علاقة له بقيمتها الغذائية، بل يرتبط بنوع الدجاجة.

أفكار متوارثة:

كثيرا ما يقال إن البيض مضرّ بالكبد، أو أنه «صعب الهضم»، في حين أن البريطانيين الذين غالبا ما يبدءون نهارهم بتناول بيضتين عند الصباح لا يعانون بتاتا من أمراض الكبد!

في الحقيقة أن الهضم يتعلّق بطريقة تحضير البيض. و الملاحظ أن بياض البيض أسهل للهضم إذا كان جامدا تماما، في مقابل الصفار الذي يسهل هضمه عند ما يكون مسلوقا بدرجة متوسطة.

ص:269

و قد عرف عن البيض المسلوق أنه صعب الهضم لأنه يبقى في المعدة مدة طويلة نسبيا (من ساعتين و نصف إلى ثلاث ساعات). أما إذا طهي الصفار الجامد جيدا، و مضغ كما يجب فإن هضمه يصبح سهلا جدا حتى للأطفال. و في الحقيقة أن ما يجعل هضم البيض عسيرا هو ما يضاف إليه من المواد الدهنية الكثيرة كالمايونيز، أو الزيت في العجة... و في هذه الحالة ليس البيض هو المسؤول عن عسر الهضم، بل طريقة تحضيره.

و لا شك بأن بعض الأشخاص مصابون بنوع من الحساسية تجاه البيض، فهم لا يهضمونه أبدا.

و هذه الحساسية نادرة بشكل عام، في مقابل حساسيات أخرى تجاه أطعمة مختلفة كالشوكولانه و الفراولة.

و تجدر الإشارة إلى أن المواد الدهنية الموجودة في البيض تؤدي إلى تشنّج المرارة بسرعة و لمدة طويلة من الوقت. و هذا ما يمكن أن يفسر بعض الاضطرابات الهضمية عند الذين يعانون من وجود حصى في المرارة، في هذه الحال ينصح هؤلاء بتناول البيض فقط ضمن و صفة مطبخية كاملة بدل أن يتناولوه على حدة. أما الذين يتمتعون بصحة جيدة، فإنهم لا يشعرون بهذا العارض بتاتا.

و يمكن إعطاء البيض للأطفال ابتداء من عمر 6 أشهر بدءا من ملعقة صغيرة واحدة من الصفار المسلوق و الجامد المطحون و الممزوج بالخضار المسلوقة. و يمكن أن تزاد هذه الكمية تدريجيا بحسب تجاوب الطفل وصولا حتى بيضة كاملة عند ما يكون قد بلغ 10-12 شهرا من العمر، و بعد ذلك يمكن أن يعطى الطفل من 3 إلى 4 بيضات في الأسبوع.

أما البالغ فيمكن أن يتناول بسهولة من 5 إلى 6 بيضات في الأسبوع شرط أ لا يأكل أكثر من بيضتين في الوجبة الواحدة. فالبيض هو مصدر ممتاز للبروتينات فضلا عن أنه رخيص الثمن، و يمكن أن يحلّ محل اللحم و السمك من حيث كمية البروتينات التي يحتويها، فإن بيضتين يمكن أن تعادلا 100 غرام من اللحم أو السمك.

في المدن لا شك بأن بيض الدجاج هو الأكثر شيوعا و استعمالا. أما في القرى فليس من النادر استعمال بيض الحبش و بيض البط و بيض الأوز. و لا تختلف هذه الأنواع إلا من حيث قيمتها الغذائية، و احتوائها على كمية أكبر من الدهون التي تعطي بالطبع سعرات حرارية أكثر من بيض الدجاج العادي. و المعروف أن بيض الأوز هو الأغنى بالبروتينات و الدهون.

ص:270

نصائح بسيطة:

- حتى لا تنكسر قشرة البيضة خلال عملية السلق، يفضل إخراجها من الثلاجة قبل ساعة من الوقت، و وضع الملح الخشن في الماء.

- لتقشير البيض المسلوق بسهولة، ضع فوقه الماء البارد بعد سلقه مباشرة لكن لا تنقعه في الماء لأن ذلك يعطيه طعما مزعجا و يؤدي إلى تغيير لون الصفار.

- حتى يبقى الصفار في وسط البيضة تماما، و هو أمر كثير الأهمية في بعض الوصفات، ينصح بتقليب البيضة بلطف مرات عدة خلال الدقائق الأولى من السلق.

- إذا وضع البيض على النار لمدة طويلة فإن الصفار يصبح ذا لون أخضر ميّالا إلى الزرقة.

لذلك ينصح بعدم إطالة وقت السلق لأكثر من 10 دقائق.

و يمكن وضع حوالي ملعقة صغيرة من عصير الحامض في الماء فيحافظ الصفار على لونه الطبيعي.

- إذا كانت البيضة طازجة فيجب أ لا تحدث أي صوت عند خضّها. و تقول المعتقدات الشعبية إنه عند وضع البيضة في الماء، فإنها تسقط إلى القعر إذا كانت طازجة، و تبقى في الوسط إذا كان عمرها حوالي 15 يوما، و إنها تطوف تماما إذا كانت غير صالحة للأكل.

- عند تخزين البيض في البراد يجب وضع طرفه العريض نحو الأعلى، فإن الصفار - الذي يتميّز بكثافة أقل من البياض - يميل نحو الارتفاع، و الأفضل أن يرتفع نحو الطرف العريض لكيلا يلتصق بالقشرة.

تعليمات لاستعمال البيض:

- البيض غير الناضج تماما (نيمبرشت) هو أسهل هضما من المسلوق، و المسلوق أسهل هضما من المقلي.

- البيض المسلوق يغلى في الماء المملح مدة دقيقتين، ثم يرفع عن الماء و يغطى لمدة دقيقتين. أو يغطس البيض في الماء المغلي و يغطى الوعاء، ثم يرفع عن النار، و يترك في الماء لمدة خمس قائق.

ص:271

- إذا أردت البيض قاسيا فاتركه على النار يغلي مدة 5 أو 6 أو 8 أو 12 دقيقة، و يكون الماء مملحا، و يغطس بعد ذلك في ماء بارد مدة 10-15 دقيقة.

- إضافة بعض نقط من عصير الليمون إلى البيض تذهب برائحته الكريهة.

- صفار البيض شديد الامتصاص للروائح - كالدهن - فإذا حفظ البيض في مكان فيه رائحة امتصها و فسد طعمه.

- اختلاط الصفار بالبياض لا يدل على فساد البيضة، و لا يضر أكلها.

- وجود بقعة دم صغيرة في البياض لا يضر، أما إذا تعددت البقع فالأحسن الاستغناء عن البيضة.

- إذا كانت النفس تعاف البيض النيء فالأفضل العدول عنه إلى المسلوق قليلا.

- يستحسن أ لا يأكل البيض قبل أو بعد تناول اللحم و السمك.

- يحفظ البيض في الثلاجة في درجة منخفضة، و عند إخراجه يترك لترتفع حرارته قبل استعماله.

- إذا بقي شيء من البياض يحفظ في إناء مغطى يوضع في الثلاجة، أما الصفار فيغطى بماء بارد و يوضع في الثلاجة.

- يطبخ البيض في كل استعمالاته في حرارة منخفضة، و يؤكل حالا لأنه إذا برد يتصلب.

- قبل سلق البيض يترك ليدفأ - إذا كان في الثلاجة - و يحرك أثناء السلق عدة مرات، و حين ينضج يغمر بماء بارد حالا.

- يسلق البيض بقشره بوضعه في ماء بارد يرفع على النار، فالليّن يكفي غليه مدة دقيقتين، و المتوسط خمس دقائق، و الجامد 15 دقيقة. أو يغلى الماء لوحده ثم يضاف البيض و تخفف النار.

- لسلق البيض - بلا قشر - يغلى الماء و الملح، ثم تخفف النار و يصب البيض الواحدة تلو الأخرى، و تغطى المقلاة حتى ينضج، و يرفع من الماء و يصفى. (و يمكن سلق البيض - بلا قشر - بالحليب و يقدم البيض على قطعة من الخبز المحمّص و المدهون بالزبدة).

ص:272

البيض في الطب الشعبي:

و الطب الشعبي اعتمد أيضا على البيض في علاج بعض العلل و الأمراض... فالبيضة إذا غمرت في الخل - حتى يطرى قشرها الكلسي - و بلعت تشفي المخمور من نشاف الحلق و الدوخة و ثقل الرأس، و إذا وضعت على (الداحوس) أو الورم أنضجته.

و إلى وقت قريب - كانوا يعتقدون في أوروبا - أنه إذا ذهب المصاب بالحمى إلى أقرب مفترق طرق لمسكنه - في منتصف الليل - و دفن بيضة، و كرر ذلك خمس مرات في خمس ليال، فإنه يشفى من الحمى!

البيضة في رأي العلم:

و العلم يعرف البيضة بأنها: مادة عضوية تحتوي على جرثومة الطير، و هي تتركب من غلاف جيري، و غشاء داخله البياض، و في الوسط الصفار، و مادة دسمة، و مادة آزوتية.

لا تنتج البيضة مما تأكله الدجاجة في يومها أو أمسها، بل مما أكلت منذ شهر مضى، فبروتينات البيضة كانت في جسمها و استخدمت لإنتاج البيضة عند ما لفظتها فقط و استبدلتها ببروتئين جديد، أما القشرة فتشكّل من الكلسيوم الموجود في جزئيات أكلتها الدجاجة اليوم.

البيض غذاء كامل:

و على هذا يعتبر البيض غذاء كاملا لاحتوائه على البروتئين و الدهن، و الفيتامينات، و الهرمونات، و الأملاح المعدنية، و هيدرات الكربون. و لذا فإن تناول بيضتين في الصباح يكفيان لإعطاء الجسم حاجته من البروتئين و الفيتامينات - و هذا يعادل ما في 350 غراما من الحليب، أو 50 غراما من اللحم. و بما أنه فقير بهيدرات الكربون؛ فيؤخذ معه الخبز أو غذاء نشوي كالبطاطا أو الأرز، و كذلك كوب من عصير البرتقال لتأمين حاجة الجسم من فيتامين (ج).

و البيض أحسن الأغذية، و أسرعها انهضاما - إذا كان نيئا أو مشويا قليلا، و يعطى لذوي الصحة الطبيعية، و بخاصة للأطفال؛ فيحصنهم بمناعة ضد الكساح و فقر الدم، و يمكن إعطاؤه للصغار من سن 8 أو 10 أشهر.

و يعطى للكبار، و بخاصة الناقهين، و المصابين بفقر الدم، و النساء الحاملات، و ضعاف

ص:273

الذاكرة، و المصابين بانهيار الجهاز العصبي، و القدرة الجنسية، كما يعطى للمصابين بالسل، و السكري، و النحفاء، و البدينين - بشرط أ لا يمنع عن هؤلاء السمن أو الزبدة معه.

و يمنع البيض عن ذوي الضغط العالي، و الذين لديهم كمية الكولسترول كبيرة - و يكتفى لهؤلاء ببيضتين في الأسبوع - كما يمنع عن المصابين بأمراض الكبد و المرارة، و عن الذين يتحسسون بأكل البيض، و الذين يسبب لهم اضطرابات في الكبد و الأمعاء.

البياض ضد الجراثيم:

يحوي بياض البيض مادة مضادة للجراثيم تسمّى «ليزوتسيم» اكتشفها الطبيب العالم «ليانشينكوف» و وصفها «فليمنغ» مكتشف البنسلين، و هي توجد في اللعاب و الدمع و الطحال و الكبد و تحضر هذه المادة من بياض البيض، و لها أثر فعّال في أمراض العين و الحلق و الأنف و الأذن، و هي تحفظ الحليب و بيض السمك من الفساد.

غذاء من الخارج:

و كما يغذّي البيض الجسم من الداخل، فهو يغذيه من الخارج. و فيما يلي ثلاث و صفات لصنع قناع الجمال و تجديد شباب الجلد:

1 - لأجل الجلد الدهني:

يخفق بياض بيضة مع الثلج الصنعي، و يضاف إليه عصير نصف ليمونة أو كمية من عصير الفريز، و بعد مزجها جيدا يغطى بها الوجه و تترك حتى تجف في ربع ساعة ثم يغسل بماء بارد.

2 - لأجل الجلد الناشف:

يخفق صفار بيضة طازجة بملعقة كبيرة من زيت الكافور، و يمدد المزيج على الوجه بنسبة متعادلة في جميع الأجزاء، و بعد نشافه يغسل بالماء الحار.

3 - لأجل الجلد الطبيعي:

يخفق صفار بيضة بملعقة كبيرة من كريم جيد، أو معجون ممتاز، و يدهن به الوجه و العنق، و بعد ساعة يزال بالماء الفاتر.

ص:274

عناصر البيض:

يتراوح وزن بيضة الدجاجة بين 55-65 غراما، و ثقل بيضة النعامة نحو 1200-1300 غرام. و في البيضة - ذات الحجم المتوسط - من 80-100 سعرة حرارية، و ذات الحجم الكبير من 100-120 سعرة حرارية.

و يزن بياض البيضة (الآح) نحو 30 غراما، و الصفار (المح) نحو 15 غراما. و يتألف البياض من زلال (البومين) بنسبة 70-80 في المئة، و ملح بنسبة 15-18، و ماء 75-80 في المئة.

و يتألف الصفار من 15 بالمئة زلال، و 30 بالمئة مواد دهنية، و 5 بالمئة فسفور، و 1,5 بالمئة كالسيوم، و 0,8 بالمئة حديد، و 5 بالمئة ماء، و فيتامينات (أ - ب 1 - ب 2)، و فيه آثار ضئيلة من فيتامينات (د - ب - و). و بروتئين صفار البيض يحوي الفيتيلّين (Le Vitelline) و الليستين La Lecithene) ، و هما غنيّان بالأنزيم اللازم للهضم، و الليسيتين أقل غنى بالفسفور، بينما الفيتيلين أكثر غنى بالكبريت.

و إلى جانب هذه العناصر يحوي البيض: الكالسيوم، و المنغنيز، و البوتاسيوم، و الزنك، و النحاس، و الصوديوم، و السيليسيوم، و الكلور، و اليود، و الفلور بنسبة ضئيلة.

ص:275

السكر

اشارة

عن ابن أبي عمير رفعه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: شكا إليه رجل الوباء فقال له: و أين أنت عن الطيب المبارك؟ قال: قلت: و ما الطيب المبارك؟ قال: سليمانيكم هذا، قال: فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إن أول من اتخذ السكر سليمان بن داود عليهما السّلام(1)

عن يحيى بن بشير النبال قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام لأبي يشير: بأي شيء تداوون مرضاكم؟ قال: بهذه الأدوية المرار قال: لا، إذا مرض أحدكم فخذ السكر الأبيض فدقه ثم صب عليه الماء البارد و اسقه إياه فإنّ الذي جعل الشفاء في المرار، قادر أن يجعله في الحلاوة(2).

عن الصادق عليه السّلام قال: شكى واحد إليه فقال: إذا أويت إلى فراشك فكل سكرتين، قال: ففعلت فبرئت(3).

عن أبي أسامة الشحام، قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام، يقول: ما اختار جدنا عليه السّلام للحمى إلا وزن عشر دراهم سكر، بماء بارد، على الريق(4).

عند محمد بن إبراهيم الجعفي قال، عن أبيه قال: دخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام، فقال: ما لي أراك شاحب الوجه؟ قلت: أنا في حمى الربع، فقال: أين أنت عن المبارك الطيب!؟ إسحق السكر ثم خذه بالماء، و اشربه على الريق عند الحاجة إلى الماء، قال: ففعلت فما عادت إليّ بعد(5).

ص:276


1- (1) بحار الأنوار ج 63 ص 298-299 ح 3.
2- (2) بحار الأنوار ج 63 ص 300 ح 9.
3- (3) بحار الأنوار ج 63 ص 300 ح 12.
4- (4) مستدرك الوسائل ج 16 ص 370-371 ح 3.
5- (5) مستدرك الوسائل ج 16 ص 371 ح 4.

السكر

تقتصر فائدة السكر على تحسين المذاق بإضافته للمشروبات أو المأكولات كما أنه مادة مكسبة للطاقة، لكنه في الحقيقة لا يحتوي على فيتامينات أو مغذيات... و الإفراط في تناول السكر (أو الحلويات) يمكن أن يؤدي لأضرار كبيرة خاصة بكبار السن، فذلك من ناحية يعرض للإصابة بتسوس الأسنان... و من ناحية أخرى يؤدي للبدانة حيث إن كل جرام سكر زائد يتحول إلى دهن داخل الجسم و تحت الجلد... و من المعروف أن البدانة تعرض بالتالي لمتاعب صحية عديدة مثل ارتفاع ضغط الدم و أوجاع المفاصل و ضعف القدرة على النشاط و الحركة.

كما تشير الدراسات الحديثة إلى أن الإفراط في تناول السكر الأبيض (سكر المائدة) يعتبر أحد العوامل المساعدة إلى حد ما على الإصابة بالأزمات القلبية (الذبحة الصدرية)... و يعتقد أن ذلك أيضا له علاقة بالإصابة بالسرطانات... كما سيتضح.

و إذا أردت أن تكون مثاليا تماما في غذائك فاستغن عن السكر في التحلية و استخدم عسل النحل بدلا منه... فهو غذاء جيد مفيد... و تأكد أنك مع الوقت ستتعود على مذاق العسل كمادة للتحلية بدلا من السكر... و إن لم تستطع ذلك فكن حريصا عند استخدام السكر بحيث تقلل من احتياجك له تدريجيا... و حاول كذلك الإقلال إلى أقصى درجة من تناول الحلويات و المأكولات الزائدة الحلاوة بوجه عام... فهي تضر أكثر مما تنفع... فبدلا من اللجوء إلى الحلويات للحصول على السكريات و اكتساب شيء من الطاقة قم بتناول الفواكه أو عسل النحل... و بدلا من تناول المياه الغازية اشرب ماء أو عصير فاكهة (تحتوي زجاجة المياه الغازية على حوالي 25 جم سكر) كما أنه من الضروري أن نعوّد أبناءنا منذ الصغر على عدم الإفراط في تناول الحلويات و السكريات، و لعل أهم وسيلة لذلك هو تجنب إهدائهم الحلويات في المناسبات و لا شك أن هناك بدائل أخرى كثيرة و مفيدة.

ص:277

السمك

اشارة

قال جعفر بن محمد عليهما السّلام: أكل التمر بعده يذهب أذاه(1).

و عنه عليه السّلام قال: السمك الطري يذيب الجسد(2).

و عنه عليه السّلام قال: السمك الطري يذيب بمنح العين(3).

و في حديث آخر: يذبل الجسد(4).

و عنه عليه السّلام قال: أكل الحيتان يورث السل(5).

عن سعيد بن جناح عن مولى لأبي عبد اللّه عليه السّلام قال: دعا بتمر في الليل فأكله ثم قال: ما بي شهوته و لكني أكلت سمكا.

ثم قال: و من بات و في جوفه سمك و لم يتبعه بتمر أو عسل لم يزل عرق الفالج يضرب عليه حتى يصبح(6).

و عنه عليه السّلام قال: إذا أكلت السمك فاشرب عليه الماء(7).

و عنه عليه السّلام قال: السمك يذيب شحمة العين(8).

و عنه عليه السّلام قال: أكل الحيتان يذيب الجسد(9).

ص:278


1- (1) بحار الأنوار ج 62 ص 190 ح 2.
2- (2) بحار الأنوار ج 62 ص 207 ح 38.
3- (3) بحار الأنوار ج 62 ص 208 ح 45.
4- (4) بحار الأنوار ج 62 ص 208 ح 46.
5- (5) بحار الأنوار ج 62 ص 208 ح 47.
6- (6) بحار الأنوار ج 62 ص 208 ح 48.
7- (7) بحار الأنوار ج 62 ص 212 ح 58.
8- (8) بحار الأنوار ج 62 ص 215 ح 65.
9- (9) وسائل الشيعة ج 25 ص 77 ح 2، باب 38.

الأسماك

لا تزال الأسماك هي مصدر البروتين الحيواني الأمثل عند أغلب خبراء التغذية... فبالإضافة لمميزات لحم الأسماك من حيث إنه قليل الاحتواء على الدهون و خفيف الهضم، فقد أظهرت الأبحاث الحديثة منافع أخرى عظيمة للحم السمك... من أبرزها أنه يحتوي على نوع خاص من الدهن متعدد اللاّتشبع يسمى: أوميجا - 3 (Omega-3 fatty acids) .

و وجد أن هذا الحامض الدهني يقاوم الإصابة بتصلب الشرايين، و بالتالي فإنه يحمي من الإصابة بالأزمات القلبية (الذبحة الصدرية) و هذا المفعول يرجع إلى مقاومة حدوث ترسبات بجدران الشرايين... و كذلك تقليل فرصة حدوث التصاق للصفائح الدموية ببعضها (أي مقاومة حدوث الجلطات الدموية)... بالإضافة لذلك فإن وجود هذه الأحماض يقاوم حدوث تقلّص بالشرايين (أي تقاوم ارتفاع ضغط الدم و تخفف العبء على عضلة القلب).

و تقول دراسة حديثة أجريت في هولندا، إن تناول الفرد لمقدار بسيط من السمك يوميا في حدود أوقية واحدة (28,35 جراما) يقلل من فرصة الإصابة بالأزمات القلبية إلى النصف بالنسبة للأشخاص الذين لا يأكلون السمك نهائيا.

و لذلك فإن أغلب خبراء التغذية ينصحون بأكل السمك بصفة منتظمة و بمعدل مرتين إلى ثلاث مرات أسبوعيا على الأقل.

و في أحدث الدراسات التي خرجت عن السمك تقول إن السمك غذاء للمخ يساعد على تقوية الذاكرة لما يحتويه من أحماض دهنية معروفة باسم حمض دكسوهانويك و هو حمض أساسي يدخل في أنسجة الجهاز العصبي و الأوعية الدموية للمخ و الشبكية (في العين) و الأعضاء التناسلية حيث من المعروف أن 65% من المادة الرمادية في مخ السمك مكونة من هذا الحمض كما يوجد أنواع من الأسماك من صنف المبروك و أحد أنواع الجمبري يسمى «الميكربورا» تتغذى على قواقع البلهارسيا و بذلك يمكن تربيتها لزيادة إنتاج الأسماك و في نفس الوقت القضاء على مرض البلهارسيا المنتشر في ريف مصر.

و عند ما سأل عبد اللّه بن سلام الرسول (ص) عن أول طعام أهل الجنة أجاب الرسول أن أول طعام يأكله أهل الجنة هو كبد الحوت، و كبد الحوت فيه كثير من المواد الغذائية من أهمها فيتامين (أ) و المشتقات التي تنتج منه مثل أروتينويد و المهم في النمو و المحافظة على كثير الأنسجة و له أثر فعال على العين و الجهاز التناسلي و العظام و يساعد على شفاء الجروح و يقلل حدوث

ص:279

الألتهابات الجلدية و يساعد على تكوين الأجسام المضادة، كما يمنع حدوث بعض السرطانات أو الأورام القابلة إلى التحول إلى سرطان و وجد أن لها أثرا على سرطانات المثانة و سرطان الخلايا المنتجة في الجلد و سرطان الدم كما يجعل الجلد أميل للشباب.

و لحم السمك غني بالمواد البروتينية و الفوسفور بنسبة عالية، حيث تحتوي المائة جرام من السمك على: 16% بروتين. 9% دهون. 20 جرام من الكالسيوم. 2 جرام من الحديد.

نصف جرام بوتاسيوم و فوسفور و يود، بالإضافة إلى بعض من فيتامين ب المركب، (الفوسفور لازم لبناء الخلايا الحية و نشاطها في الجسم).

و يغوص السمك في أعماق الماء و أحشاء البحار يأكل من النباتات المغمورة و التي تحتوي على مادة «البلادونا» و يختزنها السمك في عضلاته لا يتأثر بها لكن ينقلها للإنسان و الذي سرعان ما يتأثر بها، و يظهر هذا التأثير بمادة البلادونا لما نجده بعد وجبة السمك الدسمة من جفاف الحلق و اللسان و خفقان القلب الهادىء مع هدوء تام يسود سائر البدن مع ميل للنعاس.

و لاحتواء السمك على البروتين الحيواني مع مادة البلادونا فهو ينفع المصران الغليظ و يقلل من القلق و التقلص المعوي و يهدىء من ثوران المعدة و حموضتها، و تفيد البلادونا مرضى القرحة المعدية و قرحة الأثني عشر. و يفيد اليود في تنشيط الغدة الدرقية لأنه يدخل في تركيب هرمون الثيروكسين...

ص:280

صفة الحمام و فوائده

اشارة

قال الصادق عليه السّلام: ثلاثة يسمّنّ و ثلاثة يهزلن، فأمّا التي يسمن فإدمان الحمام، و شم الرائحة الطيبة، و لبس الثياب اللينة، و أما التي يهزلن فإدمان أكل البيض، و السمك، و الطلع(1) يعني إدمان الحمام يوم و يوم لا، فإنه إن دخل كل يوم نقص لحمه(2).

و عن الصادق عليه السّلام قال: اغسلوا أرجلكم بعد خروجكم من الحمام فإنه يذهب بالشقيقة و إذا خرجت فتعمم(3).

عن محمد بن موسى، عن الباقر و الصادق عليه السّلام قال: خرجا من الحمام متعممين شتاء كان أو صيفا و كانا يقولان: هو أمان من الصداع(4).

عن الصادق عليه السّلام قال: إياك و شرب الماء البارد، و الفقاع في الحمام، فإنه يفسد المعدة و لا تصبن عليك الماء البارد فإنه يضعف البدن، و صب الماء البارد على قدميك إذا خرجت فإنه يسل الداء من جسدك، فإذا فعلت ذلك أمنت من كل داء(5).

و قال عليه السّلام: إياك و الاضطجاع في الحمام فإنه يذيب شحم الكليتين، و إياك

ص:281


1- (1) يعني طلع النحل.
2- (2) بحار الأنوار ج 73 ص 78-79.
3- (3) بحار الأنوار ج 73 ص 79
4- (4) بحار الأنوار ج 73 ص 79
5- (5) بحار الأنوار ج 73 ص 70 ضمن ح 3.

و الاستلقاء على القفاء في الحمام فإنه يورث داء الدّبيلة(1) و إياك و التمشط في الحمام فإنه يورث وباء الشعر و إيّاك و السواك في الحمام فإنه يورث وباء الأسنان، و إياك أن تغسل رأسك بالطين فإنه يسمج الوجه و إياك أن تدلّك رأسك و وجهك بمئزر، فإنه يذهب بماء الوجه(2) و إياك أن تدلك تحت قدمك بالخزف فإنه يورث البرص(3).

و قال عليه السّلام: لا يستلقين أحدكم في الحمام، فإنه يذيب شحم الكليتين(4).

من كتاب المحاسن عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا تدخل الحمام إلا و في جوفك شيء يطفىء عنك وهج المعدة(5) و هو أقوى للبدن، و لا تدخله و أنت ممتلىء من الطعام(6).

و روي عن الصادق عليه السّلام أنه قال: من دخل الحمّام على الريق أنقى البلغم و إن دخلته بعد الأكل أنقى المرة(7) و إن أردت أن تزيد في لحمك فادخل الحمام على شبعتك، و إن أردت أن ينقص لحمك فادخله على الريق(8).

ص:282


1- (1) الدبيلة: يعني قرحة المعدة أو قرحة الأثنى عشر.
2- (2) و المراد بماء الوجه بريقه و لمعانه و طراوته لا معناه الكنائي، اعني الوجاهة عند الناس.
3- (3) بحار الأنوار ج 73 ص 71 ضمن ح 5.
4- (4) الوهج: اشتداد الحرارة.
5- (5) بحار الأنوار ج 73 ص 77.
6- (6) بحار الأنوار ج 73 ص 77.
7- (7) المرأة: يعني الصفراء غير الطبيعية.
8- (8) بحار الأنوار ج 73 ص 76 ضمن ح 20.

فوائد و مضار الحمام عند ابن سينا

مضار الحمام:

أن لا يكون الحمام معتدلا. قال أبو علي:

تعديل هواء الحمام هو إما بالجملة: فأن يكون ليس بشديد الحرارة، و لا ببارد يتعذر فيه العرق. و إما بالتفصيل: فأن يكون فيه أو له ثلاثة بيوت. فأن يكون البيت الأول منه معتدلا، أعني لا يحس فيه ببرد و لا حر، و أن يكون البيت الثاني غير مكرب، و أن يكون البيت الثالث غير شارع شاوي، و لا مانع للنفس المستقيم.

الحمّام الحارّ:

و الحمّام الحارّ جدا يسيل الأخلاط الجامدة إلى أعماق الأعضاء. فيحدث إما سددا، و إما أوراما، و يصعدها إلى الدماغ، فيحدث إما صداعا شديدا، و إما برساما، و إما سيلان الرطوبات إلى تجاويفه الفارغة، فيحدث عنه صرع أو سكتة: إما صرع، بأن كانت السدد ناقصة، و إما سكتة، بأن كانت تامة.

الحمّام البارد:

و أما الحمّام البارد، فإنه يحرّك المادة التي تعرق حركة ناقصة. فيحدث من ذلك آفات، و ربما حدث شبيه الورم و الحكة، و ربما أحدث الزكام، و ربما أحدث المغص.

تدارك ضرر الحمّام الحارّ:

أما من المشروبات، فالمطفئات: مثل رب التفاح، و رب السفرجل، و رب الحصرم، و شراب التمر هندي، و شراب النيلوفر، و شراب الورد، و السكنجبين، و غير ذلك، غير مبرد بالثلج. و من الأطلية: فالصندل، و ماء الكسفرة، و الخل، على الكبد و القلب.

و توضع لخلخة من دهن الورد و الخل على الرأس، معتدلة الحر و البرد، و يترك رجليه ساعة في ماء بارد، ثم بعد قليل يصب منه شيء يسير على الكتفين، ثم بعد ساعة يمسح الرأس به، ثم

ص:283

يصب قليلا قليلا على البدن. و ينبغي أن يكون الماء البارد معتدلا، ليس بشديد البرد. و ينبغي أن لا يكون بغتة هواء الحمّام الحارّ. ثم يؤمر بالنوم على مراقد ناعمة معتدلة.

تدارك ضرر الحمّام البارد:

قال أبو علي: أما تدارك ضرر الحمّام البارد، فأن يهيأ ماء سخن معتدل مقدار ما يحمله الطبع، و يصبّ على الرأس قبل الخروج بساعة، و يدام التدلك، و التمريخ، و الغمز، و الحيلة للتعرق، ثم كما يخرج يديم صب الماء الحار على الرأس وحده، ثم يتعمم بعمامة معتدلة في الحر، و كبيرة في شدة البرد، و يخرج و ينام.

فيمن أخطأ فدخل الحمّام دفعة و خرج دفعة:

هؤلاء يخاف عليهم. أما إن كان مزاجهم حارا: أما في الدخول، فأن يصيبهم انتشار الحرارة الغريزية، و يعقبه ضعف القلب، و الخفقان. و أما في الخروج، فأن يصيبهم نوازل حارة، و سحج الأمعاء و أوجاع المفاصل.

و أما من كان بارد المزاج فيصيبه: أما في الدخول، فالسكتة و الفالج و الخفقان. و أما في الخروج، فالجمود و الشخوص و سلس البول و الرعشة.

العلاج: قال أبو علي: علاج من دخل الحمّام دفعة ممن هو حار المزاج، أن يدرج في إخراجه إلى البيت الأول، و يرش تحت إبطه الأيسر ماء ورد باردا دفعة، و أن يؤخذ في ثوب مبرد، و لا يمسه إلا الماء البارد دفعة. ثم يعالج بما عولج به المستضر بشدّة حرّ الحمّام.

و أما من كان بارد المزاج، فإنه يعمل ذلك ثم يسقى شيئا من رب التفاح، مع قليل من دواء المسك، و ينوم.

قال أبو علي: و علاج من خرج عنه دفعة ممن هو حارّ المزاج، فأن يصب على رأسه ماء حار كثير، و يكمد رأسه بخرق مسخنة، و ينوم.

فعل الماء البارد في الحمّام:

قال أبو علي: أما إن كان الحمّام باردا، ففعل الماء البارد فيه فعل الخروج عنه مغافصة، و أشد. و علاجه علاجه.

ص:284

فعل الماء الحارّ في الحمّام:

قال أبو علي: هو فعل الهواء الحارّ الشديد فيه، و أقوى. إلا أنه لقصور مدته يكون أقل تأثيرا، و لأنه لا يرد على القلب يكون أقل نكاية.

العلاج: و علاجه شبيه بذلك العلاج، و شراب التمر هندي. و إن أحدث ذلك به الإسهال، فشراب السفرجل و التفاح و ماء الحصرم.

في خطأ من قصر فيه:

قال أبو علي: يتبعه في المعتاد وجع المفاصل، و التمدد في العضلات، و ربما تبعه حمى يوم.

العلاج: و علاجه الاغتسال بالماء الحارّ، و التدلك الرفيق بدهن البابونج أو الزيت الطري. فإن لم يسكن بذلك، وجب أن يفتصد في كل حال في اليوم الثاني من الحمّام.

فيمن استعمل قبل أو بعد الحمّام حركات شاقة:

قال أبو علي: أما الحمّام المعتدل، فلا يضر كثير مضرة لمن أفرط في الحركة، و أراد حركة بعد الطعام، بل إذا كان معتدلا و لم يمكث فيه مقدار ما يعرق كثيرا، بل إنما كان المكث فيه مقدار ما يستفاد من رطوبة، كان نافعا لمن عرض له حركة شاقة.

و إنما يستضرّ بها من يطلب المكث في الحمّام حتى يأخذ الحمّام من رطوبته فوق ما يعطيه.

و من وقع له هذا أدى إلى الدق، إذا اشتد سخونة القلب، أو الاستسقاء، بأن يحلل الحاد الغريزي، و يبرد مزاج الأحشاء.

العلاج: الاغتسال بالماء البارد. و صبّ الماء المفتر شتاء، و المبرد صيفا، و اللبن الحليب، على الرأس. و أخذ المفاصل في لعاب الخطمي، مضروبا مع دهن البنفسج. و شرب الشراب الأبيض مع مزاج وافر. و تحسي المرقة المتخذة من مدققة الطيور و الحملان.

و إذا ظهر برد في الأحشاء، فعلامته رداءة الهضم، و النفخ، و الجشاء الحامض. فتداركه شربة من دواء الكركم، و تقطير دهن البنفسج في الأذن، لمن غلب عليه المرار. و دهن الخيري لمن بردت أحشاؤه نافع في هذه العلة.

المقام الكثير في الحمّام:

قال أبو علي: يفعل فعل الحركة الشديدة. و العلاج مثل ذلك.

ص:285

الحمام على الطعام:

قال أبو علي: يوجب سددا في الكبد و العروق، لانجذاب المواد الغذائية الغير منهضمة إلى ظاهر البدن، لميلان الرطوبات إليه بالعرق. و السدد تتبعه الأمراض السدية مثل الأمراض، بامتناع الغذاء عن ظاهر البدن، فالإسهال الكائن بالأدوار و الحميات العفنية. إذ السدد أحد أسباب العفونة.

العلاج: استعمال السكنجبين البزوري، و الاستفراغ الضعيف بأيارج فيقري، و استعمال الأغذية الخفيفة عدة أيام.

فيمن شرب في الحمّام شيئا باردا مثل الفقاع و الماء البارد:

هذا خطر عظيم جدا، لأن الشيء البارد و السيال إذا حصل في المعدة، في الحمام، فقد تفتحت المسام، و تخلخلت المنافذ، فهجم دفعة على الكبد و القلب، فبردهما تبريدا شديدا، و أنهك حرارتهما الغريزية، و أضعف جميع الأحشاء، و هيأها للاستسقاء.

العلاج: تناول شيء يسير من الشراب الصرف بعد الحمّام، أو شربة من دواء المسك، أو دواء اللك، أو دواء الكركم، أو مثروديطوس. أو يكمد الكبد و القلب بخرق حارة. أو تناول غذاء مبزر.

و للكرنب خاصية في دفع هذا الضرر. و من البقول: الراسن. و من الأشربة: شراب الجزر، و شراب الأفسنتين، و شراب حنديقون.

دخول الحمّام و البدن ممتلىء:

قال أبو علي: هذا أيضا خطر عظيم، لأنه يحدث منه عفونة في الأخلاط المحتبسة في البدن و حركتها، و أورام في الأحشاء مثل ذات الجنب، و ذات الكبد، و ذات الرئة. و يخاف منه آفات الدماغ و أورامه. و أما الحميات، فأقرب الأشياء منه.

العلاج: قال أبو علي:

إذا أعقب ذلك ثقلا و إعياء تمديديا أو ورميا، فينبغي أن يبادر إلى الفصد، و يستخرج من الدم مقدارا صالحا. فإن زال بذلك و سكن، و إلا يستفرغ بشراب الفواكه. و تناول الأشربة المانعة من العفونة، مثل رب الإجاص، و رب السفرجل، و رب التفاح، و غير ذلك. و يطلى الكبد و القلب بالأطلية الموافقة، مثل الكسفرة، و الخل، و عنب الثعلب، مع قليل كافور و صندل.

ص:286

الحمية

اشارة

عن جعفر بن إسماعيل عن رجل، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته: كم يحمى المريض؟ فقال: ربقا(1) ، فلم أدر كم ربقا؟ فقال: عشرة أيّام و في حديث آخر:

أحد عشر ربقا، و ربق صباح بكلام الروم، عنى أحد عشر صباحا(2).

عن الحلبي قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: لا تنفع الحمية بعد سبعة أيام(3).

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الحمية أحد عشر دينا، فلا حمية. قال: معنى قوله «دينا» كلمة روميّة يعني أحد عشر صباحا(4).

ص:287


1- (1) ربقا: النسخ هنا مختلفة جدا، ففي بعضها بالدال المهملة و الباء الموحدة و القاف، و في بعضها بالياء المثناة التحتانية، و في بعضها بالراء المهملة ثم الياء الموحدة. و ليس شيء منها مستعملا بهذا المعنى في لغة العرب مما وصل الينا، و اللغة رومية.
2- (2) بحار الأنوار ج 59 ص 141 ح 3.
3- (3) بحار الأنوار ج 59 ص 141 ح 7.
4- (4) بحار الأنوار ج 59 ص 141 ح 8.

لا مبالغة في الحمية:

لقد شدد الأقدمون في الحمية تشديدا مفرطا نظرا لضعف وسائل التشخيص و التفريق بين كثير من الأنواع المرضية التي كانت تحشر في زمر من التناذرات المرضية (المتلازمات)، و نظرا لندرة الأدوية النوعية، و لذا قال طبيب العرب الحارث بن كلدة: (المعدة بيت الداء و الحمية رأس كل دواء).

و كقاعدة أغلبية: إن ابتداء العلاج بتجزئة الكمية المراد إعطاؤها من الغذاء أفضل من استعمال بعض وسائل الحمية، و لهذا يوصى بعدم الزيادة عن الحد و التشديد فيها كيفا و كمّا و زمنا. و لهذا ينبغي على الطبيب أن يحدد للمريض بشكل مفصل حميته فيقول: امتنع مطلقا أو لا تكثر من كذا، و أن يضرب له موعدا لرؤيته ثانية أو مرات حتى يتسنى له مراقبة تطور المرض نحو التحسن من ناحية و يخفف من شدة الحمية إن أمكن من ناحية ثانية، لأن الشدة في الحمية و الإقلال من الوارد الغذائي يطيل مدة النقه في بعض الأمراض و يؤخر عودة الجسم إلى نشاطه السابق، بل قد يؤدي إلى عوارض نقص التغذية أو إلى عوز الفيتامينات (و خاصة مجموعة الفيتامين ب) الناشىء عن الحمية المديدة مما يقود إلى وهن عضلات الأنبوب الهضمي.

و قد يتطوع أهل المريض و زواره بوصف حميات حسب معارفهم، دون أن تكون موصوفة من قبل الطبيب المعالج، و قد يبالغون في تطبيق الحمية بدافع الحرص على صحة و سلامة المريض فيمنعونه حتى عن القليل من الغذاء الذي يشتهيه و لم يحظره الطبيب حظرا مطلقا.

قواعد الطب: الدواء كله شيئان: حمية، و حفظ صحة. فإذا وقع التخليط احتيج إلى الاستفراغ الموافق و كذلك مدار الطب كله على هذه القواعد الثلاث. قال أبقراط: الأبدان التي هي غير نقية من الأخلاط الرديئة إذا غذوناها زدناها شرا.

أنواع الحمية: و الحمية حميتان: حمية عما يجلب المرض، و حمية عما يزيده، فيقف على حاله. فالأولى: حمية الأصحاء. و الثانية: حمية المرضى.

فالحمية من أكبر الأدوية قبل الدواء، فتمنع حصوله. و إذا حصل: فتمنع تزايده و انتشاره.

و مما ينبغي أن يعلم أن كثيرا مما يحمى عنه العليل و الناقه و الصحيح، إذا اشتدت الشهوة إليه، و مالت إليه الطبيعة، فتناول منه الشيء اليسير لا تعجز الطبيعة عن هضمه، لم يضره تناوله، بل ربما انتفع به.

فإن الطبيعة و المعدة تلقيانه بالقبول و المحبة، فيصلحان ما يخشى من ضرره. و قد يكون أنفع من تناول ما تكرهه الطبيعة و تدفعه من الدواء.

ص:288

الإفراط بالحمية: إعلم أن الإفراط في الحمية يؤذي خصوصا من ليس في بدنه أخلاط رديئة، لأنه إذا زالت الحمية أخذت النفس من الرطوبة التي في البدن و هي الرطوبة الأصلية فيعود المرض سلا و دقا لإفراط الحمية كتناول الأغذية.

مما يجب مراعاته في الصحة و المرض: قال أبقراط: و ينبغي أن يعطى بعض المرضى غذاءهم في مرة واحدة، و بعضهم في مرتين - و يجعل ما يعطونه منه أكثر و أقل - و بعضهم قليلا قليلا و ينبغي أن يعطى الوقت الحاضر من أوقات السنة حظه من هذا، و العادة و السن.

ابن النفيس في كتابه (شرح فصول أبقراط) شارحا القول قال: مما يجب مراعاته في الصحة و المرض، مرات الغذاء. و المرضى أولى بوجوب الكلام فيه. لأن شهوة الأصحاء في أكثر الأمر، تفي بمعرفة الواجب من ذلك.

و مواد البدن، إما أن تكون زائدة أو ناقصة، أو لا تكون - و الأعضاء الهاضمة إما أن تكون قوية أو ضعيفة أو متوسطة... فيحدث من ذلك تسعة تراكيب، و تقليل الغذاء و تكثيره، إما أن يكون في مقداره أو في مقدار تغذيته أو فيهما معا.

1 - بدن ممتلىء قوي الهضم: يدبر بالغذاء الكبير المقدار، القليل التغذية و العدد... أما كثرة مقداره، لتشغل المعدة و تسكين الشهوة. و أما تقليل تغذيته، فلئلا يفرط الامتلاء. و أما قلة عدده، فلقوة القوة على استيفاء الواجب بالدفعة الواحدة.

2 - بدن ممتلىء ضعيف الهضم: يقلل المقدار لضعف الهضم، و التغذية للامتلاء، و المرات للامتلاء و ضعف القوة.

3 - بدن ممتلىء متوسط قوة الهضم: تقلل التغذية للامتلاء، مع التوسط في المقدار و العدد.

4 - بدن خال قوي الهضم: يكثر المقدار و التغذية و العدد، لأجل الحاجة مع التمكن من الهضم.

5 - بدن خال ضعيف الهضم: يقلل المقدار لضعف القوة. و يكثر التغذية لأجل الخلاء، و العدد لتتمكن القوة من استعمال الواجب في دفعات.

6 - بدن خال متوسط قوة الهضم: تكثر التغذية، و يعدل المقدار و المرات.

7 - بدن متوسط في الامتلاء و الخلاء قوي الهضم: يكثر المقدار، و يعدل التغذية و المرات.

8 - بدن متوسط الامتلاء ضعيف الهضم: يقلل المقدار، و يعدل التغذية و المرات.

9 - بدن متوسط الامتلاء متوسط الهضم: يعدل المقدار و التغذية و المرات.

ص:289

الحمية في هدي النبوة

الحمية هي التدبير الغذائي الخاص بالمريض من إلزامه منهاجا معينا من التغذية لا يتعداه، أو منعه عن بعض أنواع من الأغذية و الأشربة التي أضحت بسبب مرضه مؤذية له، لأنها تزيد في شدة المرض أو تؤخر برأه أو تساعد في حدوث الاختلاطات لديه أو تتنافر مع الأدوية الموصوفة أو تزيد آثارها الجانبية الضارة. و لذا فإن الحمية تختلف باختلاف الأمراض التي تحتاج إلى حمية و باختلاف الحالة الصحية العامة لأجهزة الجسم عند المرضى و باختلاف أنواع الأدوية المستعملة و آثارها الجانبية المحتملة الوقوع.

و بناء على ذلك تعتبر الحمية جزءا من المعالجة في كثير من الحالات. و هي في كثير من الظروف أصعب تطبيقا على الإنسان من استعمال الدواء، لأن تعاطي العلاج إجراء خارجي، بينما تعديل الأطعمة كمّا و نوعا أمر يدخل في صميم حياة الشخص و سلوكه اليومي. و من هنا يواجه الأطباء صعوبات في إقناع المرضى و ذويهم بضرورة التمسك بالحمية.

و لقد كانت الشعوب القديمة على شيء من المعارف عن حميات المرضى نتيجة الملاحظات للحوادث المتشابهة، و خاصة من قبل من يتعاطون التطبيب. و لقد طبقها العرب قديما على مرضاهم في الجاهلية و في العهد النبوي فما بعده.

احترام قمه المريض:

لقد قضت حكمة اللّه تعالى أن يكون في الجسم الإنساني مدخرات كبيرة يستفيد منها في أوقات الحرمان أو نقص الوارد الغذائي. فلذلك لا ينبغي للمريض و لا لذويه أن يغتموا بسبب الحمية المشددة أو بسبب القمه العارض خلال فترة المرض. فإن المعدة في كثير من الأمراض لا تحتمل الطعام الزائد أو لا تحتمله مطلقا، فإذا أجبر على تناوله تقزز منه أو سبب له غثيانا أو قيئا. و الطبيب هو الذي يحدد طريقة التغذية بحسب نوع المرض، و هو الذي يدرك سبب القمه الحادث و يعرف ما إذا كان يجب احترامه و تركه ريثما تمر المرحلة المرضية بسلام، أم يجب وضع تدابير دوائية و غذائية لتحريك الشهية إلى الطعام. و لذا لا يجوز لذوي المريض أن يجبروا مريضهم على الطعام و قد عافته نفسه، و خاصة إذا لم يعرفوا نوع الحمية الخاصة بمريضهم أو بمرضه. و إلى هذه الناحية التي أشار إليها الطب الحديث أشار سابقا رسول اللّه (ص) بقوله: «لا تكرهوا مرضاكم على الطعام فإن اللّه يطعمهم و يسقيهم».

ص:290

علاج العين

اشارة

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: السواك يذهب بالدمعة، و يجلو البصر(1).

عن زكريا، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: عليكم بالسواك، فإنه يجلو البصر(2).

عن محمد بن أبي الحسن قال: قال أبو عبد اللّه الصادق عليه السّلام: من أخذ من أظفاره كل خميس لم ترمد عيناه، و من أخذها كل جمعة خرج من تحت كل ظفر داء.

قال: و الكحل يزيد في ضوء البصر، و ينبت الأشفار(3).

و عنه عليه السّلام أنه كان يقلّم أظفاره كل خميس يبدأ بالخنصر الأيمن ثم يبدأ بالأيسر، و قال: من فعل ذلك كان كمن أخذ أمانا من الرمد(4).

عن عثمان بن عيسى عن ميسّر الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: السمك يذيب شحمة العين(5).

عن عمر بن توبة، عن أبيه، عن الصادق عليه السّلام أن رجلا شكى إليه بياضا في

ص:291


1- (1) بحار الأنوار ج 59 ص 145 ح 5.
2- (2) بحار الأنوار ج 59 ص 145 ح 6.
3- (3) بحار الأنوار ج 59 ص 145-147 ح 11.
4- (4) بحار الأنوار ج 59 ص 147 ح 12.
5- (5) بحار الأنوار ج 59 ص 147 ح 13.

عينه و وجعا في ضرسه و رياحا في مفاصله، فأمره أن يأخذ فلفلا أبيض و دار فلفل، من كلّ واحد وزن درهمين و نشادرا جيدا صافيا وزن درهم، و اسحقها كلّها و انخلها، و اكتحل بها في كل عين ثلاثة مراود، و اصبر عليها ساعة، فإنّه يقطع البياض، و ينقّي لحم العين، و يسكن الوجع بإذن اللّه تعالى. فاغسل عينيك بالماء البارد، و أتبعه بالإثمد.

عن ابن محبوب، عن رجل قال: دخل رجل على أبي عبد اللّه عليه السّلام و هو يشتكي عينه، فقال له: أين أنت عن هذه الأجزاء الثلاثة: الصبر، و الكافور، و المر؟ ففعل الرجل ذلك، فذهب عنه.

عن جميل بن صالح، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّ لنا فتاة كانت ترى الكوكب مثل الجرّة. قال: نعم، و تراه مثل الحبّ! قلت: إنّ بصرها ضعيف، فقال:

اكحلها بالصبر و المرّ و الكافور، أجزاء سواء. فكحلناها به فنفعها.

دعوات الراوندي: قال الصادق عليه السّلام: الكحل عند النوم أمان من الماء.

ص:292

الفلفل و الدار فلفل في الطب القديم

شرح الماهية:

ديسقوريدس: قيل إنّه شجرة تنبت في بلاد الهند لها ثمر يكون في ابتداء ظهوره طويلا شبيها باللوبيا، و هو الدار فلفل، في جوفه حب صغار شبيه بالجاورس، و إذا استحكم صار فلفلا، و ذلك أنه يتفرق فيصير شبيها بعناقيد فيها حب الفلفل صغار، فمنه ما يجتنى نضيجا، و هو الفلفل الأسود، و منه ما يجتنى غضا و هو الفلفل الأبيض.

جالينوس: أما أصول الفلفل فشبيهة بالقسط، و أما ثمرته فهي أول ما تطلع دار فلفل، و لذلك صار الدار فلفل أرطب من الفلفل المستحكم، و الدليل على رطوبة الدار الفلفل أنه إذا طالت به المدة قليلا تأكّل و تفتّت، و أنه إذا ذاقه الذائق لم يجد له في أول مذاقه لذعا و إنما يتبين اللذع قليل... و أما ثمرة الفلفل التي هي كالفجّة فهو الفلفل الأبيض، و هو أشدّ حرافة من الفلفل الأسود.

الخواص العلاجية:

النافض و نهش الهوام: إذا شرب أو تمسح به في بعض الأدهان وافق النافض و ينفع من نهش الهوام، و يحدر الجنين.

منع الحبل: قد يظن أنه إذا احتملته المرأة بعد الجماع منع الحبل.

الخناق: إذا تحنك به مع العسل وافق الخناق.

المغص: إذا شرب مع ورق الغار الطري نفع من المغص.

قلع البلغم: إذا مضغ مع الزبيب الجبلي قلع البلغم. كذلك إذا تغرغر به مع الميويزج.

تحليل الخنازير: إذا خلط بالزفت حلل الخنازير.

تحليل ورم الطحال: إذا خلط بخل أو تضمد به أو شرب حلل ورم الطحال.

الأسنان المتآكلة الوجعة: قال ايبذيمبا: الأسنان المتآكلة الوجعة إن حشيت بفلفل بعد أن تكون المادّة قد انقطع مجيئها نفعها.

داء الثعلب: إذا سحق و خلط مع الملح و البصل و ضمد به داء الثعلب بعد دلكه ناعما أنبت فيه الشعر.

ص:293

البهق: إذا خلط مع دقيق الحمص أو الفول و طلي به البهق جلاه. كذلك إذا خلط بالنطرون.

الأورام البلغمية: إذا خلط بمرهم الدياخيلون و حمل على الأورام البلغمية أضمرها و على التهيج الريحي أزاله.

الفالج و الخدر: إذا سحق و غلي في الزيت و تمسح بمجموعهما نفعا من الفالج و الخدر و سخن الأعضاء التي قد غلب عليها البرد.

وجع الأسنان: ينفع بالخل لوجع الأسنان.

الرياح النافخة: الدار فلفل يحل غلظ الرياح النافخة و يدفع ما على المعدة إلى أسفل و يعين على الهضم و هو من أنفع الأشياء للمعدة الباردة، و هو يسخن العصب و العضل تسخينا لا يوازيه غيره فيه، و ينفع من الأوجاع الباردة و التشنج منفعة بالغة عظيمة.

مقوّ على الجماع: ابن ماسويه: الدار فلفل هاضم للطعام مقوّ على الجماع طارد للرياح من المعدة و الأمعاء.

إخراج المرة السوداء: الغافقي: أصل الفلفل يحسن اللون و يخرج المرة السوداء على رفق لا على سبيل إخراج الأدوية المسهلة و يزيد في الباه.

الصبر في الطب القديم

شرح الماهية:

ديسقوريدس: شجرة الصبر لها ورق شبيه في شكله بورق الأشقيل ما في هذه الشجرة ثقيل الرائحة مر المذاق، و عرقها واحد شبيه بالوتر، و تنبت في بلاد الهند كثير، و قد تنبت أيضا في بلاد العرب و البلاد التي يقال لها آسيا و في بعض السواحل و الجزائر.

أبو جريج: الصبر ثلاثة أنواع: السقطري و العربي و السمجاني، فالسقطري تعلوه صفرة شديدة كالزعفران. و إذا استقبلته بنفس حار من فيك خلت أن فيه ضربا من رائحة المر، و هو سريع التفرك، و له بريق و بصيص قريب من بصيص الصمغ العربي، و أما العربي فهو دونه في الصفرة و الرزانة و البصيص و البريق، و أما السمجاني فرديء جدا، منتن الرائحة، عديم البصيص، و ليست له صفرة، و الصبر إذا عتق انكسرت حدته، و المغشوش أسرع في ذلك.

ص:294

خواص العلاجات:

لزق النواصير الغائرة: يلزق النواصير الغائرة و يدمل القروح العسرة و خاصة ما يكون منها في الدبر و الذكر و ينفع أيضا من القروح الحادثة في هذه المواضع إذا ديف بالماء و طلي عليها و يدمل الجراحات على ذلك المثال و ينفع إذا استعمل من الأورام الحادثة في الفم و في المنخرين و العينين.

يسهل البطن و المعدة: و إذا شرب منه فلنجارين بحليب لين بماء بارد أو فاتر في فتورة اللبن حين يحلب أسهل البطن و المعدة.

قطع نفث الدم: إذا شرب منه مقدار ثلاث أوثولوسات أو درخمي بماء قطع نفث الدم و نقى اليرقان.

إسهال الطبيعة: إذا حبب مع الراتينج أو بالماء أو بالعسل المنتزع الرغوة أسهل الطبيعة.

إذا أخذ منه ثلاث درخميات نقى تنقية تامة.

إلصاق الجراحات: إذا ذر و ألصق على الجراحات ألصقها و أدمل القروح و منعها من الانبساط و شفى خاصة القروح و يلزق الجراحات الطرية.

البواسير الناتئة: إذا ديف بشراب حلو شفى البواسير الناتئة و الشقاق العارض في المقعدة و يقطع الدم السائل من البواسير و يدمل الداحس المتقرح.

آثار الضرب الباذنجانية: إذا خلط بالعسل أبرأ آثار الضرب الباذنجانية.

تسكين الصداع: إذا خلط بالخل و دهن الورد و لطخ على الجبهة و الصدغين سكن الصداع.

و إذا خلط بشراب أمسك الشعر المتناثر.

أورام العضل: إذا خلط بالعسل و الشراب وافق أورام العضل الذي عن جنبتي أصل اللسان و اللثة و سائر ما في الفم.

إخراج الصفراء: جالينوس في تدبير الأصحاء قال: من طبع الصبر جذب الصفراء و إخراجها.

مرار المعدة: الصبر أبلغ الأدوية لمن يعرض في معدته علل من جنس المرار حتى إنه يبرئ كثيرا منها في يوم واحد.

تسخين المعدة: قال الفارسي: الصبر يسخن المعدة، و يدبغها ايضا و يطرد الرياح و يزيد الفؤاد حدة و يجلوه.

ص:295

إسهال السوداء: الطب القديم: الصبر يسهل السوداء و هو جيد للماليخوليا و حديث النفس.

الرازي قال: و أصبت لابن ماسويه أنه نافع أيضا للعينين مجفف للجسد يطلى بمائه الشقاق الذي يكون في اليدين فينفعه.

جذب البلغم من الرأس و المفاصل: ماسرحويه: إنه يجذب البلغم من الرأس و المفاصل و يفتح سدد الكبد.

قروح العين: ابن سينا: ينفع من قروح العين و جروحها و أوجاعها و من حرقة المآقي و يجفف رطوباتها.

ابتداء الماء النازل في العين: إسحاق بن عمران: ينفع من ابتداء الماء النازل في العين و من الانتشار و ينقي الرأس و المعدة و سائر البدن من الفضول المجتمعة فيها و ينقي الأوساخ من العروق و الأعصاب و يصفي الذهن.

إسهال الصفراء و الرطوبات: المنصوري: يسهل الصفراء و الرطوبات و الشربة منه من مثقال إلى مثقالين.

و من كان في أسفله علة فليأخذه بالمقل إن لم يكن محرورا أو بالكثيراء إن كان محرورا و إن كان بمعدته أو بكبده علة فليأخذه مع المصطكى و الورد.

البواسير: الشريف: إذا سحق بماء كراث و طلي به على البواسير مرارا أسقطها و هو أبلغ دواء في علاجها مجرب. و يتبع ذلك عند سقوطها بدهن ورد محكوك بين رصاصتين.

الربو و النزلات: إذا طرح في النار و استنشق دخانه على قمع كان أبلغ دواء في النفع من الربو و لا سيما إن فعل ذلك متواليا. و إذا وضع على مقدم الدماغ مع الملح و النطرون نفع من النزلات منفعة قوية و سخن الدماغ و جفف رطوبته.

قروح رأس الصبيان: و إذا حل بماء لسان الحمل أو الخل و طلي به على قروح رأس الصبيان الرطبة منها قلعها. و إذا حل مع الأقاقيا و طليت به شؤون الصبيان المتفتحة سدها.

قطع الدم المنصب: و منافع الصبر أن يقطع الدم المنصب إليه و أن يرقق غلظ أجفانه و أن يحدّ نظره و أن يملأ قروحه الغائرة و يدملها و يسويها بما في سطحه منها.

قروح الأنف و الأذن: إذا حل بماء لسان الحمل و طليت به على قروح الأنف و الأذن أبرأها.

المخابي و النواصير: و يحتقن به أيضا المخابي و النواصير فينقيها و يجففها.

ص:296

الحمرة و الشري: إذا حل بخل و طليب به الحمرة و الشري نفع منها.

الفسخ و الرض و الكسر: إذا حل ببعض المياه القابضة و طلي به على الفسخ و الرض و الكسر نفع منه. و كذا إذا حل أيضا في ودح الصوف المستخرج بالخل حتى يغلظ الودح المذكور و طلي به الفسخ أو الرض سكن أوجاعهما و قوى الأعضاء التي حدثا فيها.

المواد الفعالة في الصبر (التركيب الكيميائي و الأقرباذيني).

تحتوي عصارة الصبر على الجليكوسيدات الأنتر اكينونية. و تختلف هذه المواد الفعالة في نسبة تكوينها و أنواعها حسب اختلاف نوع شجرة الصبر، و على سبيل المثال نجد أن الصّبر الآسيوي Aloe Ferox لا يحتوي إلا على المركب الجليكوسيدي ألوين Aloin . بينما تحتوي الأنواع الأخرى على ألوين Aloin و مادة باربالوين Barbaloin .

و تختلف النسبة من الجليكوسيدات حسب طريقة التحضير و التجفيف. و أقل نسبة فقد للمركب الجليكوسيدي هي في طريقة التحضير و التجفيف بالطرد المركزي يليها طريقة التجفيف بالتيار الهوائي الساخن، و أشدها فقدا طريقة التجفيف بالنار (بواسطة الفحم أو الخشب).

و كذلك يزداد الفقد للعصير عند ما تكون طبقته في سمك 1-2 سم بينما تقل إذا كان سمكه 1-2 مليمتر.

كما أن كمية الجليكوسيدات تختلف حسب الظروف المناخية المختلفة و حسب الشهر الذي تجنى فيه الأوراق و تحضّر.

استخدام الصبر في الطب الشعبي:

و الصبر يستخدم في الطب الشعبي و خاصة في حضرموت على نطاق واسع و هو مسهل قوي Purgative . و يستخدم خارجيا على الجروح و القروح و يستخدم أثناء التهاب الغدة النكفية (النكاف (Mumps كما يستخدم بلعا للوقاية من الجروح و القروح حتى لا تنتن. و يستخدم لأمراض الجفون و الملتحمة.

و قد جاء في كتاب الدكتور شمسي باشا «قبسات من الطب النبوي» أن الصبر من أقدم الأدوية.

و قد استخدمه اليونان منذ القرن الرابع قبل الميلاد بعد أن عرفوه من الأمم السابقة لهم، و يحكى أن أرسطو (أرسطوطاليس (Aristotle طلب من تلميذه الإسكندر المقدوني أن يقهر سكان جزيرة

ص:297

سوقطرى (سوقطرة)، تلك الجزيرة التي تنتج الصبر و الذي يحتاج إليه اليونان في أدويتهم.

و قد عرفه اليمنيون القدماء، كما عرفه الفراعنة، و جاء ذكره في و صفاتهم الطبية و لم تعرف أوروبا المسيحية الصبر إلا في العصور الوسطى. و قد استوردت إنجلترا الصبر لأول مرة عام 1780 م. و قد دخل الصبر الموسوعة الصيدلانية الأميركية عام 1820 م.

المواد الفعالة في الصبر و استخدام الصبر في الطب الحديث:

و يحتوي الصبر على مجموعات جليكوسيدية أنثراكينونيه. Anthraquinone Glyc و أهمها ألوين Aloin و بارب ألوين Barb aloin و ألودين و ألوأمودين Aloe-emodin (كما ذكره كتاب النباتات الطبية للدكتور فوزي طه قطب).

و قد نشر الدكتور ألين ناتو Allen Natow مقالا في مجلة أمراض الجلد الأميركية «Cutis» ذكر فيه أن كلمة «Aloe» التي تطلق على الصبر باللغة الإنجليزية مشتقة من كلمة الألوة باللغة العربية.

و ذكر أن هناك ما يقرب من ثلاثمائة نوع من نبات الصبر. و أنه استخدم لمعالجة الحروق، و لدغات الحشرات، و حب الشباب (Acne) ، و حروق الأشعة، و التهاب المفاصل بالأضافة إلى استعماله المشهور كمادة مسهلة (Purgative) .

(Natow A:Aloe Vera,Fiction or Fact.Cutis 1986,37:106-8).

و قد ذكر الدكتور حسان شمسي باشا في كتابه القيّم مجموعة من الأبحاث و المقالات و الكتب التي تتحدث عن الصبر Aloe Vera نذكر منها ما يلي:

(1)Davis R.K:Topical Effects of Aloe with Ribonucleic Acid and vitamin C.on adjuvant

artheritis.J.Am.Pod.Med.Ass.1985,75:229.

(2)Coats BC:The Silent Healer.Amodern Study of Aloe Vera,Bill C.Couts,Garland,

TX,1979.

(3)Aloe Vera,The Miracle Plant.Anderson World Books Inc.Mountain View.CA,1983.

(4)Ship A.G:Aloe Vera.J.Am.Med.Ass.1977,238:1770.

و قد ذكرت هذه الأبحاث الفوائد الطبية العديدة للصبر، و أنه مفيد في معالجة الالتهابات الجلدية الناتجة عن التعرض للأشعة، و مفيد لسحجات و جروح الجلد السطحية و هو مفيد لتقرحات القرنية Corneal ulcers .

ص:298

و ذكرت مقالة الدكتور ألين ناتو التي سبق الإشارة إليها (مجلة كيوتس لعام 1986) أن المواد الفعالة في الصبر هي:

1 - مادة برادي كينيناز BradyKininase : و وظيفتها أن تعطل أنزيم البروتياز Protease Inhibitor

و بالتالي تعطل مادة برادي كينين التي تسبب الألم في موضع الالتهاب في الجلد. و بالتالي يسكن الصّبر هذا الألم الناتج عن الالتهاب. و هي أيضا تقبض الأوعية الدموية الموجودة في الجلد. و لذا تم إدخال الصبر في المراهم المستعملة لحروق الشمس.

2 - لاكتات الماغنيزيوم Magnesium Lactate : و هي تمنع تكوّن مادة الهستامين Histamine

المسببة للحساسية و الحكة في الجلد و هذا يفسر مفعول الصبر في تخفيف الحكة و الحساسية و الالتهاب الناتج عن لدغات الحشرات.

3 - مضاد لمادة البروستاجلاندين Anti Prostaglandin : و مواد البروستاجلاندين من المواد الهامة لإحداث الالتهاب و الألم. و بما أن الصبر يضاد ذلك فإنه يخفف من الالتهاب و الألم.

4 - مادة الأنثراكينولون Anthraquinolone : و هذه المواد تسبب الإسهال كما أن فيها مادة تستخدم لعلاج مرض الصدفية Psoriasis و هو مرض جلدي مزمن. و هذه المادة هي Anthralin

و الصبر يلطف و ينعّم الجلد. و هي خاصية عجيبة، مما دفع بشركات المراهم و الصابون و الشامبو أن تضع الصبر ضمن مكونات منتوجاتها. و قد أشار إلى تلك الخاصية العجيبة الرسول (ص) حينما قال لأم سلمة رضي اللّه عنها عند ما وضعت الصبر على وجهها: (إنه يشب الوجه)، فيجعله شابا نضرا.

و ترى كثيرا من المستحضرات و الكريمات و المراهم مكتوب عليها بخط بارز «ألو» Aloe أي الصبر الذي يعتبر أهم مكوناتها.

الكافور في الطب القديم

الصداع الصفراوي: نافع للمحرورين و أصحاب الصداع الصفراوي إذا استنشقوا رائحته مفردا، أو مع ماء الورد الصندل معجونا بالماء ورد نفع أعضاءهم و حواسهم.

قطع شهوة الجماع: إذا أديم شمه قطع شهوة الجماع و إذا شرب كان فعله في ذلك أقوى.

قطع حرارة الدماغ: إذا استعط منه بوزن شعيرتين مع ماء الخس كل يوم قطع حرارة الدماغ و نوّم و ذهب بالصداع و قطع الرعاف و حبس الدم المفرط.

مسيح: يقطع الرعاف إذا استعط به مع عصير البسر الأخضر.

ص:299

الصداع و الأورام الحارة: ينفع من الصداع و الأورام الحارة في الرأس و لجميع البدن و الإكثار منه و من شمه يسهر.

الرعاف الدماغي: إذا قطر في الأنف محكوكا بماء الكزبرة الرطبة قطع الرعاف الدماغي.

سوء المزاج الحار: إذا حل في دهن الورد و قطر في الأنف نفع من سوء المزاج الحار دون المادّة المتولدة في الأصداغ و العين و علامته أنه يأخذ عند طلوع الشمس و يزيد مع ارتفاعها و ينحط بانحطاطها و يرتفع بالليل و سببه المشي الكثير في الزمن الحار ثم كشف الرأس في هواء بارد فتنسد المسام و يبقى سوء المزج محتقنا.

الصداع الحار: إذا خلط بدهن الورد و الخل و طلي به مقدّم الرأس نفع من الصداع الحار و لا سيما للنفساء.

الأورام الحارة: ابن سينا: ينفع الأورام الحارة طلاء و يمنع من القالع نفعا شديدا.

التآكل في الأسنان: يمنع أن تتسع مواضع التآكل في الأسنان إذا تحسي به و هو عجيب في ذلك.

الكافور في الطب الحديث

يحصل على هذه المادة المتبلورة ناصعة البياض التي تباع عند العطار من نوع من أشجار القرفة (Cinnamomum camohora) التي تنمو في الصين و فرموزا و اليابان. و تستخدم الأغصان عادة في الحصول على الكافور. و لكن الجذور و الأوراق تحتوي عليه أيضا. و الطريقة المتبعة في البلاد التي تنتجه أن تقطع الأغصان و توضع في أوان من الفخار بها عدد كبير من الثقوب و موضوعة فوق حمام مائي، فيحمل بخار الماء الكافور ثم يتكاثف في أوان أخرى من الفخار حيث يجمد و بضغط الجسم الصلب الناتج يمكن الحصول على زيت الكافور.

و يصدر معظم الكافور الغفل عادة إلى إنجلترا حيث ينقى بعملية التسامي، و هذه العملية معناها تحويل الجسم الصلب بالحرارة إلى بخار، و عند تبربد البخار يتكاثف إلى جسم صلب دفعة واحدة دون أن يمر بالحالة السائلة.

و ينصهر الكافور النقي في درجة 179 م و يغلي في درجة 206 م، و بلوراته منشورية براقة تذوب بكمية قليلة جدا في الماء (0,1) و بسهولة في الكحول (100) و الأتير (173) و في الكلوروفورم (300) و زيت الزيتون (30) و هو تابع لفصيلة الكيتونات (Ketones) و قانونه الكيمائي،

ص:300

و يتأكسد بحامض النيتريك إلى الحامض الكافوري (Camphoric acid) . و يحتوي زيت الكافور أيضا على السينيول (cineol) و الزعفرول (Safrol) .

و الكافور له رائحة نفاذة قوية و طعم حاد به شيء من المرارة، و هو صلب في درجة الحرارة العادية، و لكنه يتبخر ببط ء في هذه الدرجة و لذا يسهل إدراك رائحته في الملابس التي يوضع بينها لحفظها من الفراش و العتة و هو يقتل كثيرا من النباتات الحية، ما عدا الكائنات النباتية الفطرية، و يقتل البراغيث و العناكب و ما إليها من الحشرات.

و إذا استعمل من الظاهر فإنه يسبب احمرار الجلد، و قد يحدث قرحات فيه إذا كانت كميته كبيرة. و هو يضاف بكميات صغيرة جدا إلى بعض مساحيق البودرة لأنه يساعد على تسكين الحرقان الناشىء عن الإكزيما و الحصف impetigo و بعض الالتهابات الجلدية الأخرى، و يدخل أيضا في تركيب بعض معاجين الأسنان لأنه ينبه اللثة و يعمل على تقويتها، كما أن له بعض الخواص المطهرة.

و إذا أخذ من الباطن فإنه يؤدي وظيفتي منبه و مسكن في وقت واحد. فهو يوصف في حالات الهبوط و الصرع و ضعف الأعصاب لأنه ينبه المجموع العصبي و ينشطه، و يوصف أيضا في حالة الحيض عند النساء و في الهذيان و نوبات الربو و النزلات الشعبية لأنه يعمل على التسكين و التهدئة.

و إذا أخذ بكميات كبيرة فإنه يؤدي إلى التهيج و يسبب الصداع و الدوار و ارتباك الفكر و عدم التسلط على حركات الأعضاء، و قد تحدث عنه نوبات من التقلص و الاعتقال.

و هو مفيد في تخفيف وطأة نزلات الزكام و البرد، و في هذه الحالة يوضع قليل من المسحوق في الماء الساخن و يستنشق البخار من الأنف مع مراعاة تغطية العينين لأنهما يهيجان بتأثير بخار الكافور.

المر في الطب القديم

شرح الماهية:

ديسقوريدس: المر: صمغ شجرة تكون ببلاد الغرب، شبيهة بشجرة الشوكة المصرية، تشرط فتخرج منها هذه الصمغة و تسيل، و منها ما يجمد على ساقها.

مرّار (بضم الميم و فتح الراء المشددة): اسم لنوع من النبات الشوكي يكون في آخر الربيع و في أول الصيف، و هو معروف بالديار المصرية بالمرير، و سمعت أهل ديار بكر يسمونه بالدردرية.

أبو حنيفة: له ورق طوال، يلزم الأرض، لونه إلى السواد، ثم يعود في القيظ شجرة، و له

ص:301

شعب ذات عقد من أصل واحد، و زهر أصفر، و إذا دنا منه أحد التبس بشوكه من أعاليه و ذلك في موضع الزهرة حيث كانت، يخرج له ثمر شوكه حادّ فيه مثل حب العصفر، و هي مرة جدا شديدة المرارة؛ و منابتها القيعان و أجراف الزروع، و السائمة كلها ترعاها و لا شيء للإبل منها.

الغافقي: هو صنفان، منه ما زهره مهدب يخلفه ثمر في قدر الفول، فيه شوك حديد، و منه ما زهره أحمر مهدب أيضا، و شوكه أطول، و ليس للمرّار شوك الا في ثمره و موضع زهره فقط، و شوكه أبيض، و قد يؤكل بعد سلقه و يطبخ باللحم. و قد يظنه قوم أنه الشكاعى و آخرون يظنونه الباذورد، و يغلطون.

خواص العلاجات:

السحج العارضة في الرأس: إذا نثر على السحج العارضة في الرأس أذهبها و أمكن فيه أن يلزقها. و إذا ذرّ على القروح في الرأس أذهبها.

إدرار الطمث و إحدار الجنين: إذا استعمل مع الإفسنتين أو مع الترمس أو عصارة السذاب أدر الطمث و أحدر الجنين بسرعة.

للسعال المزمن و عسر النفس: قد يشرب منه مقدار باقلاة للسعال المزمن و عسر النفس الذي يحتاج فيه إلى الانتصاب و وجع الجنب و الصدر و كذا يشرب للسعال و الإسهال و قرحة الأمعاء. و إذا شرب مقدار باقلاة بفلفل قبل أخذ النافض بساعتين سكنها.

تليين خشونة قصبة الرئة: إذا جعل تحت اللسان و ابتلع ما ينحل لين خشونة قصبة الرئة و صفى الصوت و يقتل الدود و يطيب النكهة إذا ليك في الفم.

الإبط النتنة: قد يخلط بشب و يطلخ به الإبط النتنة.

شدّ اللثة و الأسنان: إذا تمضمض به بخل و زيت شدّ اللثة و الأسنان.

انصداع الأذن المشدوخة: إذا لطخ مع جوف الحيوان الذي في الصدف أبرأ انصداع الأذن المشدوخة و كسا العظام العارية من اللحم.

قيح الآذان: إذا خلط بأفيون و جندبادستر و ماميثا أبرأ الآذان التي يسيل منها قيح و أورامها الحارة.

الثآليل: قد يستعمل مع السليخة و العنصل لطوخا على الثآليل. و إذا خلط بالخل جلا القوابي.

ص:302

إمساك الشعر المتساقط: إذا خلط باللاذن و الخمر و دهن الآس أمسك الشعر المتساقط.

النزلات المزمنة: إذا أخذ برشه و لطخ به المنخران قطع النزلات المزمنة.

قروح العين و بياضها: يبرئ قروح العين و يجلو بياضها و ظلمتها و ينفع خشونة الجفون.

ابن الجزار: إذا سحق و عجن بماء الآس و احتملته المرأة التي تفوح منها رائحة منتنة أزالها.

إذا عجن بزيت فلسطين و وضعه الرجل على إبهام رجله اليمنى لم يزل يجامع ما دام على إبهامه.

وجع الصدغين و الرأس: إذا سحق بخل جيد حتى يصير كعصارة الكشك و مسح به الرأس نفع من وجع الصدغين و الرأس الذي يكون من أسباب لا تعرف.

أوجاع الكلى و المثانة: الرازي في جامعه: ينفع من أوجاع الكلى و المثانة و يفتح و يذهب نفخ المعدة و المغص و وجع الأرحام و المفاصل و ينفع من السموم و يفتح و يخرج الديدان و يذهب ورم الطحال و يحلل الأورام.

لذع العقارب: قال في المنصوري: يسدد و ينوم و ينفع من لذع العقارب شربا.

الحفظ من التعفن و التغير و النتن: ابن سينا: يمنع التعفن حتى انه يمسك الميت و يحفظ من التعفن و التغير و النتن و يجفف الفضول الخادمية.

تجفيف البلغم: الغافقي: يجفف البلغم و ينقي الأعضاء الباطنة و يفتح السدد.

نزف الدم: إذا شربت منه المرأة التي قد أشرف عليها نزف الدم وزن نصف درهم في بيضة نمبرشت أمسك عنها الدم.

اللثة الدامية: إذا خلط العنصل و تمضمض به أبرأ اللثة الدامية مجرب.

إسقاط الجنين: إذا عمل بالشراب منه فرزجة و احتمل أسقط الجنين.

الجراحات اليابسة: إذا نثر على الجراحات اليابسة المزج الطرية بدمها ألصقها.

قروح الرأس الرطبة و اليابسة: إذا خلط بالمكمون و عجن بالسمن و طليت به قروح الرأس الرطبة و اليابسة أبرأها.

الأتربة: إن حل في ماء السلق و الخل نفع من الأتربة.

قروح القرنية: إذا حل في رقيق البيض أو لين النساء أبرأ قروح القرنية.

ص:303

بياض العين: إذا حل في ماء شقائق النعمان، أو ماء ورق العوسج أذهب بياض العين.

إحداد البصر: إذا حل في ماء قد طبخ فيه الكراكم أو ماء الشمار أو الفوذنج النهري و اكتحل به أحدّ البصر و نفع من ابتداء نزول الماء في العين.

خشونة الأجفان: إذا سحق بالسنبل و اكتحل به نفع من خشونة الأجفان.

الدم المنعقد تحت العين: إذا حل في ماء الفجل و طلي به الدم المنعقد تحت العين حلله. و إن طلي به الكلف أذهبه إن تمودي عليه به، مجرب.

السعفة: إن حل في ماء حماض النارنج و طليت به السعفة و تمودي عليه أزالها و جففها.

الجرب المتقرّح: إذا حل بالخل و دهن الورد و طلي به الجرب المتقرّح أبرأه و كذا يبرئ الحكة. و إذا حل في ماء الورد و الزعفران و طلي به الشعيرة جففها و أزالها.

النزلات: إذا حل في ماء المرزنجوش و ماء الحبق القرنفلي و طلي به كل يوم داخل الأنف في زمن الشتاء منع من النزلات مع التمادي عليه.

شدّ الأسنان المتحرّكة: إذا تمضمض به كل يوم مع الشبث محلولا في خل العنصل أو الخل وحده أو في ماء قد طبخ فيه أصول الهليون أو زنجار شدّ الأسنان المتحرّكة المتولدة من رطوبة تنصب أو من خشونة الصدر و القيح.

تصفية الصوت: إذا أمسك في الفم صفى الصوت و أزال البحوحة منه و ذوب الخلط الكائن في الحلق. و إذا خلط بدارصيني و سكر كان في ذلك أبلغ.

السعال و البهر: ينفع من السعال و البهر و يسهل نفث الأخلاط اللزجة من الصدر و القيح إن أمسك في الفم أو أخذ منه مشروبا.

أوجاع الجفون و طرد الرياح: إذا شرب نفع من أوجاع الجفون و طرد الرياح و أدر البول و نفع من قروح المثانة و السحج في الأمعاء و العتيقة منه و أحدر الحيض المتوقف عن سدد حادثي في مجاريه أو خلط غليظ و دم فاسد.

الطلق و إحدار المشيمة و الجنين: إذا شرب أو أحتقن نفع من الطلق و أحدر المشيمة و الجنين.

تليين صلابة الرحم: إذا حل في ماء الحلبة و احتقن به لين صلابة الرحم.

شدخ العضل: إذا حل في ماء الكزبرة الرطبة و الكرفس الرطب أو ودح الصوف المستخرج

ص:304

بالخل و طلي به شدخ العضل و الورم المتولد منه سكن وجعه و حلله.

الخياشيم: إذا ديف بماء النعنع خاثرا و قطر في الخياشيم و أزال نتنها. و إن حقنت به الرحم و هو بهذه الصفة فعل ذلك و كذا إن طلي به الإبطان أيضا.

المر في الطب الحديث

المر مادة راتنجية صمغية تؤخذ من بعض أشجار البلسم (Cammiphora) التي تنمو في شمال أفريقيا و شبه جزيرة العرب. و للحصول على هذه المادة تشرط الساق فتسيل منها عصارة سميكة تتجمد عند تعرضها للهواء. و كتل المر التي تباع عند العطار غبراء اللون غير منتظمة الشكل، و هي لا تذوب في الماء، و لكنها تذوب في الكحول الذي درجة تركيزه 30%.

و يتركب المر من 25-40% مواد راتنجية و 57-61% صمغ و 2,5-8% زيت طيار و مركبات أخرى أهمها حامض الكوميفوريك (Commiphoriv acid) و استرات (esters) هذا الحامض مع بعض الكحولات ذات الأوزان الجزيئية الكبيرة و يحتوي الزيت الطيار على الألديهيد الكموني (Cumin aldhyde) و اليوجينول (Egenol) و حامض الخليك و النمليك و بعض الكريسولات (cresols) .

و للمر رائحة عطرية زكية، و لذا يدخل في تركيب كثير من أنواع البخور، و يستخدم أيضا في عمليات التصبير و التحنيط. و أهم مزاياه الطبية أنه يقوي المعدة و يعمل على طرد الغازات منها، كما أنه يفتح الشهية و يساعد على إفراز العصارة المعدية. و يضاف أحيانا إلى بعض المسهلات كي يمنع المغص الذي يصحب تناولها.

و يؤخذ المر أيضا لمعالجة فقر الدم، و لكن تأثيره في هذه الناحية غير موثوق به، و هو ينبه الأغشية المخاطية و له بعض الخواص المطهرة و لذا فهو يفيد في تخفيف النزلات الشعبية و مداواة التهاب المثانة. و يستعمل أيضا من الظاهر لمداواة القروح و بعض الالتهابات الجلدية، لأنه ينبه أغشية الجلد و يساعد على سرعة اندمالها. و يؤخذ المر أيضا لتقوية اللثة و لمداواة التهاب الحلق.

ص:305

معالجة الرياح الموجعة

[(العنبر)]

عن عمر بن يزيد، قال: كتب جابر بن حيّان الصوفيّ إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام فقال: يا ابن رسول اللّه، منعتني ريح شابكة(1) شبكت بين قرني إلى قدمي، فادع اللّه لي.

فدعا له و كتب إليه: عليك بسعوط (2) العنبر و الزنبق على الريق تعافى منها إن شاء اللّه.

ففعل ذلك فكأنّما نشط من عقال.

ص:306


1- (1) الريح الشابكة: كأن المراد بالشابكة الريح التي تحدث فيما الجلد و اللحم فتشبك بينهما، أو الريح التي تحدث في الظهر و امثاله شبيهة بالقولنج فلا يقدر الإنسان أن يتحرك.
2- (2) السعوط: سعط - و سعّط و أسعطه الدواء: ادخله في انفه و السعوط: الدواء يصب في الأنف. (المنجد).

العنبر في الطب القديم

شرح الماهية:

ابن حسان: العنبر هو روث دابة بحرية، و قيل هو شيء ينبت في قعر البحر فتأكله بعض دواب البحر فإذا امتلأت منه قذفته رجيعا، و هو في خلقته كالعظام من الخشب، دسم، خوّار، دهني، يطفو على الماء، و منه ما لونه إلى السواد، و هو مرذول، و منه جاف قليل النداوة، عطر الرائحة، مقو للقلب و الدماغ... و هو سيد الطيب، و اختباره بالنار.

ابن سينا: العنبر - فيما يظن - نبع عين في البحر، و الذي يقال إنه زبد البحر أو روث دابة بعيد.

و أجوده الأشعب القوي ثم الأزرق ثم الأصفر، و أردأه الأسود، و يغش بالجبص و الشمع و اللاذن و المنده، و هو صنفه الأسود الذي كثيرا ما يوجد في أجواف السمك تأكله و تموت.

خواص العلاجات:

الفالج و اللقوة: مقو للقلب و الدماغ نافع من الفالج و اللقوة و أمراض البلغم الغليظ.

أوجاع المعدة الباردة: ابن رضوان: العنبر ينفع من أوجاع المعدة الباردة و من الرياح الغليظة العارضة في المعي و من السدد إذا شرب و إذا طلي به من خارج.

الشقيقة و الصداع: ينفع من الشقيقة و الصداع الكائن عن الأخلاط الباردة إذا بخر به، و إذا طلي به.

تقوية الأعضاء: يقوي الأعضاء و يقاوم الهوام المحدث الموتان إذا أدمن شمه و البخور به و إذا شرب.

المفاصل: التميمي: قد تضمد به المفاصل المنصب إليها الرطوبات و رياح البلغم فينتفع به منفعة بينة، و يقوّي رباطاتها و يحلل ما ينصب إليها من الرطوبة. قد يسعط منه محلولا ببعض الأدهان المسخنة كدهن المرزنجوش أو دهن البابونج أو دهن الأقحوان أو دهن الجماجم، فيحلل علل الدماغ الكبار العارضة من البلغم الغليظ و الرياح و يفتح ما يعرض في لفائفه من السدد و يقوّيه على دفع الأبخرة و الرطوبة المتراقية اليه.

ص:307

الفالج و اللقوة و الكزاز: يتخذ منه شمامات على مثال التفاح يشمها من يعرض له الفالج و اللقوة و الكزاز فينتفعون بشمها.

تقوية الدماغ: دخنته نافعة من النزلات الباردة مقوّية للدماغ.

جميع أوجاع العصب: إذا حل في دهن البان نفع من جميع أوجاع العصب و الخدر إذا دهن به فقار الظهر.

تقوية فم المعدة: مقوّ لفم المعدة إذا غمس فيه قطنة و وضع عليها.

استطلاق البطن: ينفع مأكولا من استطلاق البطن المتولد عن برد و عن ضعف المعدة.

استعمال العنبر في الدواء:

ظل الأطباء مدة طويلة يعتبرونه مقويا للأعضاء، و مثيرا للقوة الجنسية، و مطيلا للحياة، و كانوا يرون أن له فعلا خاصا على القلب و المجموع العصبي، و قد ثبت أن جزءا صغيرا منه يواتر النبض، و قوة الوظائف المخية و العضلية، و يحدث تفريحا... و هذه الوصفات تستدعي دقة الطبيب الذي يأمر به، فإنها تشعر بتنبيه شديد لا يكون محمود العاقبة على متعاطيه... و قد استعمله بعض الأطباء بنجاح في علاج سوء الهضم العصبي و النزلات المزمنة.

و العنبر مضاد للعفونة... و لكن بطل استخدامه الآن من الوجهة العلاجية، لما تنشأ عنه من مضار على المخ و الجهاز العصبي، و قصر استعماله فقط على التعطير.

و لأنه ينعش القوى، و يعيد ما أذهبه الدواء و الإفراط في الشهوات، فقد صنعت منه معاجين و مربات تباع على أنها مقويات، و هي في الحقيقة لها خطر شديد، يندفع إلى تعاطيها الذين فقدوا قواهم الحيوية بالإفراط في دور الشبيبة، فتحدث لهم تهيجات وقتية ثم تزول و يبقى أثرها السيء في جهازهم العصبي، و ربما أدى بهم استعمال تلك المقوّيات إلى أمراض خطيرة تودي بحياتهم في دقائق معدودة.

العنبر السائل:

و هو عصارة بلسمية سائلة تسمى (الميعة السائلة)، و يستخرج هذا البلسم من نبات ينمو في البلاد المحيطة بالبحر الأبيض المتوسط، و في أمريكا الشمالية... و قد نجحت زراعته في بعض البلاد العربية و بلاد الحبشة.

ص:308

يستخرج البلسم من النبات بعمل شقوق في الجذع، فتخرج منها العصارة... و الميعة في قوام العسل إذا كانت جيدة نقية و تسمى بالعنبر السائل الأبيض. و قد تكون سنجابية سمراء معتمة ذات رائحة زكية كرائحة حمض الجاوى، و هذه الرائحة قابلة للانتشار، و طعمها مرّ حارّ عطري.

و من المواد الفعالة في العنبر السائل: الزيوت الطيارة، و الراتنج، و حمض سيناميك و اسطيرول.

يستعمل العنبر الصادق، كمنبه للأغشية المخاطية، و يفيد في علاج النزلات الصدرية المزمنة، و مقو للمعدة، و معرق.

و يستعمل من الظاهر على هيئة مراهم توضع على الجروح.

الزنبق في الطب القديم

الجرب و الحكة: إذا صعد استحال فصار حارا حريفا محللا مقطعا، و الدليل على ذلك إذهابه للجرب و الحكة إذا طلي به على الجسد و تقريحه للجلد.

الجرب و القمل: إذا قتل كان محرقا جيدا للجرب و القمل.

الجرب و الحكة: ماسرحويه: تراب الزنبق ينفع من الجرب و الحكة إذا طلي عليها مع الخل.

قتل الفأر: ارسطوطاليس: ترابه يقتل الفأر إذا عجن له في شيء من طعامه.

تهرب منه الهوام: الموضوع الذي يرتفع فيه دخانه تهرب منه الهوام من الحيات و العقارب و ما اقام منها قتلها.

ص:309

دواء البلبلة و كثرة العطش و يبس الفم

[(السقمونيا)]

عن إسماعيل بن جابر، قال: اشتكى رجل من إخواننا إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام كثرة العطش و يبس الفم و الريق، فأمره أن يأخذ سقمونيا و قاقلة و سنبلة و شقاقل و عود البلسان و حبّ البلسان و نارمشك و سليخة مقشّرة و علك رومي و عاقرقرحا و دارجيني من كلّ واحد مثقالين تدقّ هذه الأدوية كلها و تعجن بعد ما تنخل، غير السقمونيا فإنه يدقّ على حدة و لا ينخل، ثم تخلط جميعا و تأخذ خمسة و ثمانين مثقالا فانيد سجزي جيد، و يذاب في الطبخير بنار ليّنة، و يلتّ به الأدوية، ثم يعجن ذلك كلّه بعسل منزوع الرغوة، ثم ترفع في قارورة أو جرة خضراء، فإن احتجت إليه فخذ منه على الريق مثقالين بما شئت من الشراب، و عند منامك مثله.

ص:310

السقمونيا في الطب القديم

شرح الماهية:

هي المحمودة، لم يذكرها جالينوس في بسائطه.

ديسقوريدس: هو نبات له أغصان كبيرة مخرجها من أصل واحد، طولها نحو من ثلاثة أذرع أو أربعة، عليها رطوبة تدبق باليد و شيء من زغب، و له ورق عليه زغب، و هو شبيه بورق قسّوس إلا أنه ألين منه، ذو ثلاث زوايا، و له زهر أبيض، مستدير، أجوف، شبيه في شكله بالقرطالة، ثقيل الرائحة، و أصله طويل، غليظ في غلظ العضد، أبيض، ثقيل الرائحة، ملان من رطوبة، و قد تجمع هذه الرطوبة، و هي السقمونيا.

خواص العلاجات:

إسهال المرة: إذا أخذ من هذه الصمغة مقدار درخمي أو ثلاث أوثولوسات الذي يقال له مالقراطن أو مع الماء أسهل مرة، و قد يكتفى منه بمقدار أوثولوسين يخلطان بسمسم أو ببعض البزور لتليين الطبع و البطن، إذا احتيج إلى أن تقوي الشربة منها أخذ مقدار ثلاث أوثولوسات و خلط بأوثولوسين من الخربق الأسود، و مقدار درخمين من الملح و قد يعمل ملح مسهل بأن يخلط بستة فوانوسات مقدار 25 للقويّ منها و الشربة منه على قدر القوة، و أما التامة فمقدار ثلاث فلنجنارات، و أما الوسطى فمقدار فلجنارين، فأما الصغرى فمقدار فلجنار واحد.

الإسهال: قد يؤخذ من أصل شجرة السقمونيا مقدار درخميين و يخلط بما ذكرنا فيسهل.

عرق النسا: من الناس من يأخذ الأصل فيطبخه و يشربه و قد يؤخذ فيطبخ بالخل و يدق ناعما مع دقيق الشعير و يعمل ضمادا لعرق النسا.

يقتل الجنين: لرطوبة الأصل إذا صيرت على صوفة و احتملتها المرأة الحامل قتلت الجنين.

تحليل الجراحات: إذا خلطت بالعسل و الزيت و لطخت بها الجراحات حللتها.

الجرب المتقرح: إذا طبخت بالخل و لطخت على الجرب المتقرح حللته و قشرته.

الصداع: قد يخلط بدهن الورد و الخل و يصير على الرأس للصداع.

كيفية شوي السقمونيا: قد تشوى السقمونيا بالمصطكى و صفة شيّها أن تسحق المحمودة مع

ص:311

مثل من المصطكي و تشويها في جوف السفرجلة بعد أن تنقّيه من البزر و تنظفه على الصفة المذكورة أولا و تشويها ثم ترفعها و تستعملها فلا غائلة لها بوجه.

إخراج الخلط الصفراوي: قد تستعمل في الحميات للأطفال و غيرهم متى احتاجوا إلى إخراج الخلط الصفراوي.

السفرجلة المشوية على هذه الصفة إذا شوي في جوفها من المحمودة من درهم إلى درهمين و أكل لحمها كله بعد إزالة المحمودة منها أسهل بلا غائلة.

إحدار المحمومين: إذا درس لحم هذه السفرجلة مع مثله من زهر البنفسج مسحوقا و أضيف إليه من المحمودة المشوية مع المصطكى مقدار ما يكون في كل درهمين منها ثمن درهم مع المحمودة و صنع منها أقراص و جففت كانت أفضل أنواع القرص من البنفسج في إحدار المحمومين و هو يحدر الصفراء على تنوّعها و البلغم المالح للصفراء و يجذب من أعماق البدن و ينفع من جميع العلل الصفراوية المحتاجة إلى الاستفراغ كحميات الصفراء النضجة الأخلاط و الحميات المحتاجة في أوّلها و الرمد الصفراوي و صداع الرأس و الحمرة و الجرب حيثما كانت، و غير ذلك مما يكون سببه خلط صفراوي أو مالح أو هما معا.

البرص: مسيح: أصل شجرة السقمونيا منق للبرص.

لسعة العقرب: إن العتيق و هو ما جاوز الأربعين إذا تنوول منه مقدار قليل أدر و لم يسهل و ينفع من لسعة العقرب شربا و طلاء.

إخراج الدود: الشريف: إذا أخذ منه مقدار جزء و خلط بجزء تربد و شربا بلبن حليب على الريق أخرجا الدود كبارها و صغارها و هو عجيب فيه مجرب.

القاقلة في الطب القديم

شرح الماهية:

الغافقي: القاقلّة من الأفاويه العطرية، و هي صنفان: كبير و صغير، و الكبير يسمى الذكر، و هو حب أكبر من النبق بقليل، له أقماع و قشر، و في داخله حب صغير مربع، طيب الرائحة، ذو دسم، أغبر، يؤتى به من أرض اليمن و الهند، و هو حرّيف يحذي اللسان كالكبابة مع قبض و عطرية، و قشره و أقماعه أشد قبضا، و هو أذكى رائحة و ألذّ عند الطباع من الصغير. أما الهيل، و هو القاقلة الصغيرة،

ص:312

و هو الأنثى، فهو يشبه القاقلة الكبيرة إلا أنه ليس له أقماع و لا قشر، و طعمه أكثر حرافة و أقل قبضا، و هو ألطف من الكبير.

خواص العلاجات:

غثيان المعدة و القيء: يعين على الهضم و ينفع من غثيان المعدة و القيء، و خاصة إن شرب بأقماعه و قشره مع ماء الرمانين.

أوجاع الكبد الباردة: ينفع من أوجاع الكبد الباردة و سددها إذا شرب منه وزن درهم بسكنجبين ثلاثة أيام.

الصرع و الإغماء: ينفع من الصرع و الإغماء و إذا نفخ في الأنف حتى يعطس و ينفع من الصداع إذا كان عن ريح غليظة.

السنبل في الطب القديم

شرح الماهية:

الشريف [الإدريسي]: هو ثلاثة أصناف: هندي، و رومي، و جبلي، فلنبدأ منه بسنبل الطيب - و هو الهندي (و هو العصافير).

ديسقوريدس: [السنبل الهندي] هو الناردين و هو جنسان: أحدهما يقال له الهندي و الآخر يقال له السوري لأن الجبل الذي فيه يوجد منه ما يلي سوريا و منه ما يلي بلاد الهند، و أجود ما يكون من السوري ما كان حديثا خفيفا، وافر الجمّة، أشقر، طيب الرائحة جدا، فيه شيء من رائحة السعد، سنبله صغير مر، و أما الذي يقال له الهندي فهو أضعفه قوة لرطوبة الأماكن التي ينبت فيها، و هو أطوله و أكثره سنبلا، و مخرج سنبله من أصل واحد، و جمم سنبله وافرة، و هو مليف بعضه ببعض؛ زهم الرائحة، و يوجد صنف آخر خير من الذي وصفنا، طيب الرائحة، قصير السنبل، رائحته تشبه رائحة السعد، و فيه كل ما وصفنا في الناردين السوري؛ و قد يوجد نبات يقال له ناردين سقاريطقي، اشتق له هذا الاسم من اسم الأماكن التي ينبت فيها كثيرا، و له سنبل أشد بياضا من الذي وصفنا، و ربما كان له في وسطه ساق رائحته مثل رائحة البيش.

ص:313

خواص العلاجات:

الكبد و فم المعدة: السنبل الهندي: ينفع الكبد و فم المعدة إذا شرب و إذا وضع من خارج.

إدرار البول: يدر البول و يشفي اللذع الحادث في المعدة و يجفف المواد المتحدرة المنصبة إلى المعدة و الأمعاء و المواد المجتمعة في الرأس و الصدر و أقوى أصناف السنبل في ذلك السنبل المعروف بالهندي و هو أشد سوادا من السنبل الرومي.

إدرار البول: ديسقوريدس: قوّة الناردين مسخنة ميبسة مدرة للبول و لذلك إذا شرب يعقل البطن.

يقطع النزف: إذا عمل منه فرزجة و احتملته النساء قطع النزف و يجفف الرطوبة السائلة من القروح.

الغثيان و الخفقان و النفخ: إذا شرب بماء بارد سكن الغثيان و ينفع من الخفقان و النفخ و من اعتلت كبده و من به يرقان و من كانت بكلاه علّة.

الأورام الحارة في الأرحام: إذا طبخ بالماء و تكمد به النساء و هن جلوس في مائه أبرأهن من الأورام الحارة العارضة للأرحام.

سقوط الأشفار: صالح لسقوط الأشفار لقبضه و إثنائه إياها.

الأجساد الكثيرة العرق: قد يذر على الأجساد الكثيرة العرق.

الأورام الحارة في الكبد: السنبل الرومي: ينفع إذا شرب بطبيخ الأفسنتين من الأورام الحارة العارضة في الكبد و اليرقان و نفخ المعدة.

ورم الطحال: إذا شرب بخمر نفع من ورم الطحال و أوجاع المثانة و الكلى و من نهش الهوام.

أما الشراب الذي يتخذ بالسنبل الرومي و هو المنجوشة و بالساذج فهذه صفته: يؤخذ من كل واحد من هذه الأدوية نصف منّ و يلقى في كوز من العصير و يروق بعد شهرين و يشرب مقدار قوانوس ممزوج بثلاثة أضعافه ماء.

علل الكلى و اليرقان: ينفع من العلل التي تكون في الكلى و اليرقان و علل الكبد و عسر البول و فساد اللون و علل المعدة.

من الناس من يتخذه على هذه الصفة: يأخذ من الوج أوقيتين و من المنجوشة ثلاث أواق فتلقيه على جرة من عصير.

ص:314

أما الشراب الذي يتخذ بالسنبل البري فهذه صفته: يؤخذ أصل السنبل البري و هو حديث فيسحق و ينخل و يلقى منه ثمانية مثاقيل في مقدار كوز يقال له خوس من العصير و يترك شهرين و يصفى.

علل الكبد: هذا الشراب ينفع من علل الكبد و من عسر البول و من علل المعدة و النفخ.

سدد الرأس: إسحاق بن عمران: السنبل مفتح لسدد الرأس مذك للذهن مقوّ للمعدة و الكبد مسخن لهما و لسائر الأعضاء محسن للّون يذهب بعسر النفس.

الاستسقاء اللحمي: ينفع من الاستسقاء اللحمي منفعة بالغة و يمسك الطبيعة و يقوي فعل القوة الماسكة في داخل البدن كله و يقطع القيء البلغمي و يحلل الرياح المتولدة في المعدة.

الشقاقل في الطب القديم

شرح الماهية:

الشقاقل في كتاب كشف الرموز: هو نوع من الجزر البري يهيج الباه.

في كتاب المعتمد في الأدوية المفردة: هو نبات له عروق في غلظ السبابة و الإبهام، طوال منسحبة على ما يقرب من وجه الأرض معقده تنبت في كل عقدة ورقة تشبه ورق البسلة.

حار في الثالثة أو الثانية رطب فيها أو في الأولى أو يابس، و قد جرب منه قطع البرائد و أوجاع الظهر و يهيج الباه و يفتح السدد و يقطع البلغم و الطحال و يفتح شهوة الغذاء.

ابن البيطار في (جامعه): حار رطب في الأولى رطوبته أكثر من حرارته، و هو مهيج للجماع زائد في الباه و الإنعاظ و خاصة إذا كان مربى بالعسل.

ابن سينا في القانون: حار في الثانية إلى رطوبة ما فيه تليين، و قوة المربى منه قوة الجزر المربى. يهيج شهوة الباه و بدله البوزيدان.

عود البلسان و حب البلسان في الطب القديم

اشارة

شجر لا يعرف نباته اليوم بغير مصر، خاصة بالموضع المعروف منها بعين شمس.

ديسقوريدوس: البلسان شجرته في العظم كشجرة الحبة الخضراء او شجرة بوارقنتى،

ص:315

لها ورق شبيه بورق السذاب غير أنه أشد بياضا بكثير، و ورقه أكثر استدارة، و يكون في بلاد اليهود فقط في غورها، و قد يختلف بالخشونة و الطول و الدقة، و قد يسمى الدقيق الذي يشبه الشعر الموجود في شجرة البلسان: بارسطون، و لعله يسمى هكذا لهيئة خضرته اذا كان دقيقا، و يسمى أفويلاسيمون.

و اما دهن البلسان فإنه يخرج بعد طلوع الكلب بأن تشرط الشجرة بمشراط من حديد، و الذي يسيل منه شيء يسير: و الذي يجتمع منه في كل عام ما بين الخمسين إلى الستين رطلا و يباع بضعف وزنه فضة، و الجيد منه الحديث، القوي الرائحة السريع الانحلال بالماء، و أما العود الذي يقال له عود البلسان فإن أجوده ما كان حديثا دقيق العيدان أحمر طيب الرائحة خشنا يفوح منه رائحة دهن البلسان.

خواص العلاجات:

برد الرحم: ديسقوريدس: قوة دهن البلسان شديدة جدا و هو حار مفرط الحرارة و يجلو ظلمة البصر و يبرئ من برد الرحم إذا احتمل مع شحم و دهن ورد و يخرج المشيمة و الجنين.

القروح الوسخة: إذا دهن به أبطل النافض، و ينقي القروح الوسخة.

عسر البول: إذا شرب أدر البول و كان موافقا لمن به عسر البول لإنضاجه الفضول.

السموم: إذا شرب كان موافقا لمن شرب السم الذي يقال له أفوبيطن و لمن نهشه شيء من الهوام.

أقوى ما في البلسان دهنه و بعده حبه و بعده عوده.

كثرة الأمراض: حبه موافق إذا شرب لمن به شوصة أو ورم حار في رئته أو من به سعال أو عرق النسا أو صرع أو سدد، و من لا يمكنه التنفس دون أن ينتصب أو من به مغص أو عسر بول أو من به نهشة شيء من الهوام.

يفتح الرحم: إذا طبخ و جلس في مائه النساء فتح الرحم لفتحه و جذبه منه الرطوبة.

كثرة الأمراض: إذا طبخ بماء و شرب نفع من سوء الهضم، و من نهشه شيء من الهوام، و من به تشنج في العصب، و يدر البول و يوافق القروح العارضة في الرأس مع النوع من السوسن المسمى إيرسا إذا أخذ يابسا.

يفتت الحصاة: الرازي: دهن البلسان يفتت الحصاة و يعين إذا احتمل على الحبل. إذا دلك به الذكر نفع من استرخائه و كان في ذلك عجيبا.

ص:316

لدغ العقارب: الطبري: ينفع من لدغ العقارب و يسكن وجع الأذن إذا قطر فيها.

السعال: ابن عمران: دهن البلسان نافع من السعال المتولد من البرد إذا أخذ منه وزن مثقال يصب على سكرجة من ماء الزوفا المطبوخ و شرب على الريق و مرخ الصدر به من خارج.

برد الدماغ: ابن ابي الأشعث: دهن البلسان أحد أركان الترياق الفروق، و متى برد الدماغ حتى تحدث منه السكتة و عمل منه، و من دهن الزنبق فتيلة و تحمل بها نفع من ذلك منفعة عجيبة.

الماء في العين: ينفع من ابتداء الماء كحلا.

رعشة و برد البدن: اذا حدث في البدن اختلاج أو رعشة أو لقوة أو برد البدن بأسره و صغر النبض و وجد كلال في الحركة و ثقل فأخذ من هذا الدهن وزن دانق الى ثلاثة دوانيق، و خلط مع اوقية دهن لوز مر و نحوها، أو خلط بعسل و سقي منه العليل فإنه يبرأ بإذن اللّه.

لدغ العقارب: الرازي: عوده و حبه ينفعان من لدغ العقارب.

الصداع: الإسرائيلي: عصير ورق البلسان إذا تجرع قلع العلق المتعلق بالحلق و نفع من الصداع العارض من الرطوبات الغليظة.

الثآليل: إذا أحرق قشر عود البلسان و عجن بالخل و طلي به على الثآليل قلعها.

نافع للمعدة: التيمي في كتاب المرشد: قشر عوده الرطب إذا ربي بالعسل كان منه دواء نافع للمعدة مسخن لها مقو لها و يجلو رطوبتها.

نارمشك في الطب القديم

شرح الماهية:

نارمشك: في كتاب (كشف الرموز): هو عروق الرمان و قيل ما يتساقط من الرمان. و يقال:

ناخيست و يقال: هو مسك الرمان.

و في (التذكرة): فارسي معناه رمان بري قيل: هو الجلنار أو بريه أو أقماع الهندي منه أو هو رمان صغار لا يفتح عن بزر بل شيء أحمر يوجد بخراسان.

و في (المعتمد في الأدوية المفردة): تأويله بالفارسية: مشك الرمان، و هو رمانة صغيرة مفتحة، كأنها وردة في لونها، بين البياض و الحمرة و الصفرة، و في وسطها نور لونه كذلك، و طعمه عفص، و رائحته طيبة، يؤتى به من خراسان.

ص:317

ما جاء عنه عند ابن سينا في (القانون):

الماهية: هو فقاع و قشور و أقماع تشبه البسباسة، بل أقل حمرة إلى الصفرة، عطرة، و لها قليل عفوصة، يقارب الناردين في القوة، و يقال له ناغبشت.

الطبع: حار يابس في الثالثة.

الخواص: لطيف محلل.

أعضاء الغذاء: جيد للمعدة و الكبد الباردين، فينفع منفعة السنبل.

الإبدال: بدل ربع وزنه زنجبيل، و نصف وزنه فستق و سدس وزنه سنبل.

ما جاء عنه عند داود الأنطاكي في (التذكرة): حار يابس في الثانية أو هو بارد في الأولى أجل منافعه قطع البخار عن الرأس و إزالته الوسواس و الماليخوليا و يحبس النزف و الإسهال و يشد الأعضاء و يهضم بالعصر و يزيل اللزوجات شربا و العرق و سيلان القروح طلاء و ذرورا.

السليخة في الطب القديم

شرح الماهية:

ديسقوريدس: السليخة: أصناف كثيرة تكون في بلاد العرب المنبتة للأفاويه، لها ساق غليظ القشر، و ورق شبيه بورق النوع من السوسن الذي يسمى إيرسا، يختار منها ما كان ياقوتيا حسن اللون لونه شبيه بلون البسّذ، دقيق الشعب، أملس، غليظ الأنابيب، طويلها، ممتلىء، يلذع اللسان و يقبضه و يحذوه حذوا يسيرا، عطر الرائحة، عفص الطعم، دقيق القشر، مكتنز، فيه شيء من رائحة الخمر، و ما كان منه على هذه الصفة فإن أهل البلاد التي يكون بها تسميه باسم آخر و يسميه تجار الإسكندرية دافنطس.

خواص العلاجات:

إدرار الطمث: جالينوس في 7: نافع من احتباس الطمث إذا كان لا يدر و يستفرغ بالمقدار الكافي بسبب كثرة الأخلاط الزائدة و غلظها.

ص:318

الرطوبة اللبنية في الوجه: إذا خلطت بعسل و لطخ بها الرطوبة اللبنية التي تكون في الوجه قلعتها.

أوجاع الكلى: تدر الطمث و تنفع من سم الأفعى إذا شربت و من أوجاع الكلى.

الأورام الحارة: تنفع من الأورام كلها الحارة العارضة في الجوف إذا شربت.

إتساع الرحم: تنفع من اتساع الرحم إذا جلس النساء في مائها و يدخن بها.

تسخين الأعضاء الباطنية: التجربتين: يسخن الأعضاء الباطنية و يفتح سددها و يسقط الأجنة الأحياء و الموتى و المشيمة.

أوجاع الصدر و الجنبين: ينفع من أوجاع الصدر و الجنبين المتولدة عن أخلاط لزجة أو عن رياح غليظة و يسهل النفث.

تنقية الرحم: إذا دخن به الرحم ينقيه من الرطوبات الفاسدة العفنة و يحسن رائحته.

النزلات: إذا وضعت على مقدم الدماغ منثورة بعد السحق أو تضمد بها نفعت من النزلات.

علك رومي (المصطكي) في الطب القديم

خواص العلاجات:

نفث الدم: نافع جدا لمن به نفث الدم و للنساء إذا انفجر من أرحامهن الرطوبات، و إذا برز الرحم و خرجت المقعدة.

نفث الدم و استطلاق البطن و قرحة الأمعاء: إذا طبخت و أخرجت من الماء ثم طبخ الماء حتى يصير كالعسل ثخنا فيصلح هذا الطبيخ لقبضه إذا شرب لنفث الدم و استطلاق البطن و قرحة الأمعاء و نزف الدم من الرحم و ظهور الرحم و السرم.

بناء اللحم: إذا صب طبيخ الورق على القروح العميقة و العظام المكسورة بنى اللحم فيهما و شدّ الأعضاء المسترخية.

قطع سيلان الرطوبات المزمنة من الرحم: قد يقطع سيلان الرطوبات المزمنة من الرحم و يمنع القروح الخبيثة من أن تسعى في البدن و يدر البول.

شد الأسنان المتحركة: إذا تمضمض به شدّ الأسنان المتحركة. و يعمل من أغصانها مساويك.

ص:319

المعدة و المقعدة و الأمعاء: الأبيض من المصطكا و هو المسمى علك الروم نافع لأورام المعدة و المقعدة و الأمعاء و الكبد و يسخن و يجفف.

نفث الدم و السعال المزمن: ديسقوريدس: ينفع من نفث الدم و السعال المزمن شربا و هو جيد للمعدة محرّك للجشاء.

لزق الشعر النابت في الجفون: يلزق الشعر النابت في الجفون نباتا منقلبا.

تطييب النكهة و شد اللثة: إذا مضغ طيب النكهة و شد اللثة.

تسخين المعدة و الكبد: أبو جريج: يسخن المعدة و الكبد و له فعل في الرأس و جذب للبلغم إذا مضغ و لذلك جعل مع الصبر ليصلح و يجذب بلغما من الرأس.

تطييب النكهة و فتق الشهوة: مسيح: يطيب النكهة و يفتق الشهوة و يحسن البشرة إذا طلي به و يسكن وجع اللثة.

حديث النفس: ابن عمران: يزيل حديث النفس.

تقوية المعدة: الإسرائيلي: مقوّ للمعدة محلل لرطوباتها و رياحها و مخرج لها بالجشاء و مسكن للأمغاص العارض من الرطوبة.

إحدار البلة و رطوبة المعدة: الغافقي: إن شرب بماء بارد أحدر البلة و رطوبة المعدة.

تسكين وجع العظام: يسرع بانجبار الكسير و يسكن وجع العظام و ينفع من الوثي و الرض و الفسخ.

شقاق الشفتين: إذا ديف بزيت و لطخ به شقاق الشفتين أبرأه مجرب.

تسخين المعدة و فتح السدد: إذا سحق المصكطا و شرب أو أخذت لعقا أو مزجت بغيرها سخنت المعدة و فتحت السدد و نفعت من وجع المعدة الباردة إن كان عن خلط أو برد مفرط و لذلك تسخن الكبد و تنفع من عللها الباردة كلها.

رطوبة المعدة: إن كان في المعدة رطوبة كثيرة و أخذت بماء بارد أو ممروس فيه الورد المربى عصرتها و لينت الطبع.

تسهيل نفث الفضول من الصدر و الرئة: إن تمودي عليه عقلت و تسهل نفث الفضول من الصدر و الرئة.

ص:320

تقوية الأعضاء الباطنة: الشراب المتخذ منه يقوي الأعضاء الباطنة إذا أخذ ممزوجا بالماء البارد عند العطش. و إذا تمودي عليه أدرّ البول.

منع تحرّك الأسنان: إذا تمودي عليه بالمضمضة منع من تحرك الأسنان و نفع من وجع الأضراس و البلة المتولدة عن بلغم.

تسكين أوجاع الفسوخ: إذا دهنت الفسوخ بدهن ورد و ذر عليها مسحوقا و شدت بخرقة تمسكه سكن أوجاعها و حل جساوتها.

وجع المعدة و القيء: إذا دهنت المعدة بأحد الأدهان النافعة لها مما نذكر و ذر عليها مصطكا مسحوقة حتى تبتل بالدهن و ضمدت بخرقة و تركت حتى تنقلع من ذاتها نفع من وجع المعدة و من القيء.

العاقر قرحا في الطب القديم

شرح الماهية:

ديسقوريدس: «قوريون» هو نبات له ساق و ورق مثل ورق الدوقو البري و ساقه، و له إكليل شبيه بإكليل الشبث، و زهر شبيه بالشعر، و عروق في غلظ الإبهام.

تعليق ابن البيطار: هو دواء معروف عند الجميع و هو المسمى بالبربرية تاغندست، و هو غير هذا الدواء الذي ذكره ديسقوريدس و فسّره التراجمة بالعاقرقرحا، و ليس به، لأن العاقرقرحا هو نبات لا يعرف اليوم و ما قبله بغير بلاد المغرب خاصة، و منها يحمل إلى سائر البلاد، و أول ما وقفت عليه و شاهدت نباته بأعمال افريقية بظاهر مدينة يقال له قسنطينة الهوى بالجانب القبلي منها بموضع يعرف بضيعة لواته، و من هناك جمعته، عرفني به بعض العربان، و هو نبات يشبه في شكله و قضبانه و ورقه و زهره جملة النبات المعروف بالبابونج الأبيض الزهر المعروف في مصر بالكركاش، إلا أن قضبان العاقرقرحا عليها زغب أبيض، و هي ممتدة على وجه الأرض، و هي كثيرة مخرجها من أصل واحد، على رأس كل قضيب منه رأس مدور كشكل رأس البابونج الصغير المذكور، أصفر الوسط، و له أسنان دائرة بالأصفر منها، باطنها مما يلي الأرض أحمر و ظاهرها إلى فوق الأرض أبيض، و له أصل في طول فتر، في غلظ أصبع، حار حريف محرق، فهذه صفة العاقرقرحا على الحقيقة، و أما الدواء الذي ذكره ديسقوريدس... فهو دواء يعرف اليوم عند أهل صناعتنا بدمشق بعود القرح الجبلي، و يعرفون تاغندست بعود القرح المغربي، و عود القرح الجبلي كثير بأرض الشام يشبه نباته ما عظم من

ص:321

نبات الرازيانج، و له ثمر، و قد رأيته و جمعته بظاهر دمشق في رأس وادي بردى بموضع ببابل السوق على يسرى الطريق على الصورة التي وصفه بها ديسقوريدس.

خواص العلاجات:

تسكين وجع الأسنان: أكثر ما يستعمل من هذا أصله خاصة و قوته محرقة تحرق و بسبب هذه القوة صار يسكن وجع الأسنان الحادث من البرودة.

النافض و القشعريرة: ينفع النافض و القشعريرة الكائنة بأدوار إذا دلك به البدن كله قبل وقت الحمى مع زيت و ينفع من به خدر في أعضائه و من به استرخاء قد أزمنه.

يحذو اللسان: ديسقوريدس: يحذو اللسان إذا ذيق حذوا شديدا و يجلب بلغما.

وجع الأسنان: إذا طبخ بالخل و تمضمض به نفع من وجع الأسنان.

وجع الكزاز: إذا سحق و خلط بزيت و تمسح به أدر العرق و نفع من وجع الكزاز إذا كان يعرض للإنسان كثيرا و يوافق الأعضاء التي قد غلب عليها البرد و التي قد فسد حسها و حركتها و ينفع منها نفعا بينا.

تفتيح السدد: ابن سينا: هو شديد التفتيح لسدد المصفاة و الخشم.

شد الأسنان المتحركة: إذا طبخ بالخل و أمسك خله في الفم شد الأسنان المتحركة.

المفلوجين و المصروعين: إذا دق و ذر على مقدم الدماغ سخنه و نفع من توالي النزلات و ينفع المفلوجين و المصروعين الذين صرعهم من خلط غليظ في الدماغ.

جذب البلغم: إذا مضغ مع الزفت أو مع المصطكى جذب بلغما كثيرا لزجا.

تذويب بلغم المعدة: إذا أخذ منه معجونا بعسل لعقا ذوب بلغم المعدة و يزيد في الجماع في أمزجة المبرودين و المرطوبين جدا.

إذا سحق و خلط بدقيق الفول و ملئت منه خريطة و جعل فيها الذكر مع البيضتين و تركا كذلك يوما كاملا أعان على الجماع للمبرودين و لا سيما لمن يجد في أنثييه بردا ظاهرا.

سقوط اللهاة و استرخاء اللسان: إسحاق بن عمران: ينفع إذا طبخ بالخل و تمضمض به بسقوط اللهاة و استرخاء اللسان العارض من البلغم.

إسهال البلغم: أبو الصلت: إذا شرب منه وزن درهمين أسهل البلغم.

ص:322

اللقوة و الاسترخاء و الفالج: الشريف: و دهنه ينفع من اللقوة و الاسترخاء و الفالج.

البعث على الشهوة: إذا دهن به القضيب قبل الجماع بعث على الشهوة و أعان على إسراع الإنزال.

و صفة دهنه: يدق من أصله قدر أوقية و يطبخ في رطل ماء حتى يرجع إلى أوقيتين و يلقى عليها مثلها زيتا و يطبخ الجميع حتى ينضب الماء و يبقى الزيت ثم يصفى و يرفع لوقت الحاجة إليه.

الغافقي: إذا دق و عجن بعسل و شرب نفع من الصرع و نبته يفعل ذلك أيضا.

الدارصيني في الطب القديم

شرح الماهية:

الدارصيني: ابن البيطار في تفسير كتاب دياسقوريدوس قال: قتامومن: هو الدارصيني بأنواعه و ذكره جالينوس في المقالة السابعة.

و الهاروني في منهاج الدكان قال: دار صوص: هو الدارصيني.

و في كشف الرموز في بيان الأعشاب: هكذا تسمى عندنا أو القرفة الخشنة، و هو نوع من القرفة و الدارصيني: هو القرفة السيلانية أو قرفة القرنفل.

خواص العلاجات:

إدرار البول و الطمث: قوة كل دارصيني مسخنة مدرة للبول ملينة منضجة و يدر الطمث و يسقط الجنين إذا شرب.

البثور اللبنية و الكلف: يقلع البثور اللبنية و الكلف إذا لطخ به بعسل.

السعال المزمن: ينفع من السعال المزمن و النزلات و الجنب و وجع الكلى و عسر البول.

إدرار البول و الطمث: ابن ماسويه: الدارصيني مطيب للمعدة مذهب لبردها مسخن للكبد مدر للبول و لدم الحيض مفتح للسدد محد للبصر مجفف للرطوبة العارضة في الرأس و المعدة.

حدة البصر: خاصته أن يحد البصر الضعيف من الرطوبة إذا اكتحل به و إذا أكل.

تخشن الحلق: سفيان الأندلسي: يصفي الصوت الذي تخشن عن رطوبات منصبة و يحلل

ص:323

البلغم المنصب إلى الحلق و النغانغ و قصبة الرئة و يجفف الرطوبات المنصبة اليها، و من التخشن المتولد في الحلق عن بلغم منصب.

الاستسقاء اللحمي: ينفع من الاستسقاء اللحمي و الزقي بتسخينه الكبد و تجفيفه الرطوبات الفضلية و يحسن الذهن تحسينا جيدا و لا سيما إذا خلط مع الكابلي.

أوجاع الأرحام: مسيح بن الحكم: طارد للرياح نافع من أوجاع الأرحام.

أوجاع المعدة الباردة: ينفع لكثرة أوجاع المعدة الباردة، و لذلك ينبغي أن يكثر منه في طعام الممعودين و في طعام من به ربو و أخلاط غليظة.

الفواق: أحمد بن أبي خالد: إن طبخ مع المصطكى و شرب ماؤه أزال الفواق و أذهبه.

نوازل الرأس: الإسرائيلي: ينفع من النوازل المتحدرة من الرأس إلى الصدر و الرئة.

في بحر الجواهر: هو صنف من السكر أحمر اللون حار رطب في الأولى.

ما قاله الملك المظفر في (المعتمد): و الفانيد سجزي: بالسين و الزاي، منسوب إلى سجستان.

ابن جزلة في المنهاج: أجوده الأبيض المعمول من سكر نقي. و هو أغلظ من السكر. و هو حار رطب في الأولى. و قيل إن حرارته في الثالثة. ينفع من السعال، و يلين البطن، و يولد دما معتدلا، و هو جيد للصدر.

التفليسي: صنف من السكر أحمر اللون و أجوده السكري الذي يحذو اللسان ينفع من السعال البلغمي، و يلين الطبع، و يحلل الأرياح، و يعطس، و يهيج الصفراء. و هو ينقي الصدر من الأخلاط البلغمية الرديئة اللزجة. و كذلك ينفع من السعال البارد المزمن.

ص:324

أوجاع الخاصرة

[(الكاشم)]

قال الصادق عليه السّلام: اشربوا الكاشم لوجع الخاصرة(1).

عن عبد اللّه بن سنان، قال: سأل أبي أبا عبد اللّه عليه السّلام: هل كان عيسى يصيبه ما يصيب ولد آدم؟ قال: نعم، و لقد كان يصيبه وجع الكبار في صغره، و يصيبه وجع الصغار في كبره، و يصيبه المرض. و كان إذا مسه وجع الخاصرة في صغره و هو من علل الكبار قال لأمه: ابغي لي عسلا و شونيزا(2) و زيتا فتعجني، ثم ائتني به. فأتته به، فأكرهه، فتقول: لم تكرهه و قد طلبته؟ فقال: هاتيه، نعته بعلم النبوة، و أكرهته لجزع الصبي و يشمّ الدواء، ثم يشربه بعد ذلك(3).

عن عبيد اللّه بن صالح الخثعمي، قال: شكوت إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام وجع الخاصرة فقال: عليك بما يسقط من الخوان(4) فكله. ففعلت ذلك فذهب عني.

قال إبراهيم: قد كنت أجد في الجانب الأيمن و الأيسر، فأخذت ذلك فانتفعت به(5).

عن ابن الحرّ قال: شكار رجل إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام من وجع الخاصرة، فقال:

ما يمنعك من أكل ما يقع من الخوان(6) ؟

ص:325


1- (1) بحار الأنوار ج 59 ص 170 ح 3.
2- (2) الشونيز: الحبة السوداء مر شرحها.
3- (3) بحار الأنوار ج 59 ص 170 ح 4.
4- (4) الخوان: ما يوضع على الطعام ليؤكل و تسميه العامة السفرة (فارسية). (المنجد).
5- (5) بحار الأنوار ج 59 ص 170 ح 5.
6- (6) بحار الأنوار ج 59 ص 170 ح 6.

الكاشم في الطب القديم

شرح الماهية:

ديسقوريدس: ينبت في الجبال الشاهقة الخشنة المظللة بالأشجار، و خاصة في المواضع المجوفة الشبيهة بالحفر، له ساق صغيرة دقيقة تشبه ساق الشبث، ذو عقد و عليها ورق شبيه بورق إكليل الملك، إلا أنه أنعم منه، طيب الرائحة، و الورق الذي عند أعلى الساق أدق من سائر الورق و أكثر تشققا، و على طرف الساق إكليل فيه ثمر أسود، مصمت، إلى الطول ما هو، شبيه ببزر الرازيانج، حريف المذاق، فيه عطرية، و له أصل أبيض طيب الرائحة.

خواص العلاجات:

إحدار الطمث و إدرار البول: أصل هذا النبات و بزره يبلغ من إسخانهما أنهما يحدران الطمث و يدران البول و هما مع هذا يطردان الرياح و يحللان التشنج.

أوجاع الجوف و الأورام البلغمية: ديسقوريدوس: قوة بزر هذا النبات و أصله مسخنان هاضمان للغذاء يوافق أوجاع الجوف و الأورام البلغمية و النفخ و خاصة في المعدة و لسع الهوام.

إدرار البول و الطمث: إذا شربا أدرا البول و الطمث و إذا احتملت المرأة أصله فعل ذلك أيضا.

النفخ و السدد العارضة في الكبد: مذهب للقراقير نافع من النفخ و السدد العارضة في الكبد و الرطوبة.

الخوز: يسقى منه درهم بشراب ممزوج للحيات في البطن و المستسقين درهمين بماء حار.

ص:326

وجع البطن

اشارة

(1)

[(السماق)]

عن عبد الرحمن بن الجهم، قال: شكى ذريح المحاربي قراقر في بطنه إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام فقال: أ توجعك؟ قال: نعم، قال: ما يمنعك من الحبة السوداء و العسل لها(2).

عن ثعلبة بن ميمون، عن حمران، قال: كان بأبي عبد اللّه عليه السّلام وجع البطن، فأمر أن يطبخ له الأرز و يجعل عليه السماق، فأكله فبرىء.

عن عبد الرحمن بن كثير، قال: مرضت بالمدينة و أطلق بطني فقال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام و أمرني أن آخذ سويق الجاورس و أشربه بماء الكمون، ففعلت فأمسك بطني و عوفيت.

عن ثعلبة عن حمران قال: كان بأبي عبد اللّه عليه السّلام وجع البطن فأمر أن يطبخ له الأرز و يجعل عليه السماق فأكله فبرىء.

ص:327


1- (1) مرت أحاديث كثيرة عن علاج البطن في فصل الأرز فراجع.
2- (2) بحار الأنوار ج 59 ص 177 ح 13.

السماق في الطب الحديث

في الطب الشعبي الحديث:

يوصف السماق في الحالات الآتية:

* لمعالجة الإسهال الحاد: يؤخذ مقدار نصف فنجان من عصير السماق بعد الأكل بساعة ثلاث مرات في اليوم، على مدى ثلاثة أيام.

* لعلاج التهاب الحلق: يستعمل منقوع السماق كغرغرة.

* هذا، و يستخدم السماق كذلك في دبغ الجلود... و لذلك فإنه كثيرا ما يطلق عليه «حشيشة الدبّاغين».

السماق في الطب القديم

شرح الماهية:

هو ثمر نبات يقال له بالعربية سماق الدباغة، و إنما سمي هكذا لأن الدباغين يستعملونه في دبغ الجلود، و هو شجر ينبت في الصخور، طوله نحو من ذراعين، و فيه ورق طويل لونه إلى حمرة الدم ما هو، مشرف الأطراف على هيأة المنشار، و له ثمر شبيه بالعناقيد، في عظم الحبة الخضراء (1)، إلى العرض ما هو، و في قشر الحب المنفعة.

خواص العلاجات:

يسود الشعر: ديسقوريدس: طبيخ الورق يسوّد الشعر.

قيح الآذان: يقطر منه في الآذان التي يسيل منها القيح.

الداحس: إذا تضمد بالورق مع الخل و العسل أضمر الداحس و منع الورم الخبيث الذي يقال له غنغرانا من أن يسعى في البدن.

طبيخ الورق اليابس إذا طبخ بالماء إلى أن يصير طبيخه مثل العسل في الثخن كالذي يفعل بالحضض يوافق ما يوافقه الحضض و الثمر أيضا يفعل ما يفعله الورق.

إسهال مزمن: يوافق إذا وقع في الطعام لمن كان به إسهال مزمن و قرحة في الأمعاء.

ص:328

الورم عن قحف الرأس: إذا تضمد به بالماء منع الورم عن قحف الرأس و منع الورم من أن يعرض مواضع الضرب و آثاره و الخدوش التي تعرض في البدن.

خشونة الأجفان: إذا خلط بعسل جلا خشونة الأجفان.

سيلان الرطوبة البيضاء من الرحم: يقطع سيلان الرطوبة البيضاء من الرحم و يبرئ من البواسير إذا خلط بفحم خشب البلوط مسحوقا و وضع على البواسير.

الوثي: ماسرحويه: إذا طبخ و صب ماؤه على الوثي لم يرم.

الإسهال و نزف الدم: الرازي في الحاوي: إن شرب بشراب قابض قطع الإسهال و نزف الدم من الرحم و كثرة البول.

النزف: زعم قوم أنه إن شد في صوف مصبوغ بحمرة و شد على صاحب النزف من أيّ عضو كان قطع الدم.

يشهي الطعام: ابن ماسويه: يشهي الطعام بحموضته و يشد الطبع بعفوصته.

الإسهال المزمن: ينفع الإسهال المزمن الذي يكون من الصفراء إذا أكل و اصطبغ به.

شدّ البطن: إن طبخ به لحم أو دراج شد البطن. و إن تضمد به المعدة و البطن شدّهما و ينفع من تحلب الصفراء من الكبد إلى المعدة و الأمعاء.

الرمد الحار: إذا نقع في ماء ورد و اكتحل بذلك الماورد نفع ذلك من ابتداء الرمد الحار مع مادّة و قوى الحدقة.

هيجان الصفراء: سويق السماق عاقل للبطن نافع للمعدة نافع لهيجان الصفراء و إسهالها. و إذا قلي السماق كان عقله للبطن أكثر.

السلاق و الاحتراق: إسحاق بن عمران: إن اكتحل بمائه المنقع فيه نفع من السلاق و الاحتراق و قطع الحكة العارضة للعين.

قيء المعدة: فإن أخذ من به قيء دائم حتى لا يثبت في معدته شيء من الطعام و لا الشراب من السماق و الكمون فدقه دقا جريشا و شرب منهما بماء بارد انقطع عنه القيء.

جرب العينين: الشريف: إن طبخ منه أوقية في نصف رطل ماء حتى تخرج قوته فيه ثم تغمس في الماء خرقا نقية و تكمد بها العينان التي فيهما جرب و أكال و سلاق وجد ما نفعه.

ص:329

سيلان الدم: إذا سحق بمفرده و أخذ بمفرده بماء بارد قطع سيلان الدم من أيّ عضو انبعث.

عين المجدور: نقيع السماق يقطر منه في عين المجدور إذا احمرت فإنه يؤمن به ظهوره في عينيه.

القلاع: إذا غسل حبه بماء الورد و تمضمض بماء الورد وحده نفع من القلاع و ورقه أيضا.

يمسك الطبيعة: كيفما استعمل يمسك الطبيعة. و كذلك إذا ضمد به بطون الأطفال.

تقوية الأعضاء: إذا استخرجت عصارة ورقه بالطبخ و عقدت حتى تغلظ قوت الأعضاء و منعت انصباب المواد إليها.

ردع المواد عن العينين: هي في ردع المواد عن العينين بالغة المنفعة.

القروح الخبيثة: إذا حلت في ماء لسان الحمل و طليت بها القروح الخبيثة حيثما كانت جففتها.

سلس البول: إذا ضمدت به السرة و القفا و أصل القضيب نفعت من سلس البول الذي سببه استرخاء.

الكمون في الطب القديم

خواص العلاجات:

المغص و النفخ: إذا طبخ بالزيت أو احتقن أو تضمد به مع دقيق الشعير وافق المغص و النفخ.

عسر النفس: قد يسقى بخل ممزوج بالماء لعسر النفس الذي يحتاج معه إلى الانتصاب.

نهش الهوام: قد يسقى بالشراب لنهش الهوام.

ورم الانثيين: ينفع من ورم الأنثيين إذا خلط بالزيت و دقيق الباقلا أو قيروطي و وضع عليها.

سيلان الرطوبات المزمنة من الرحم: قد يقطع سيلان الرطوبات المزمنة من الرحم.

الرعاف: قد يقطع الرعاف إذا قرّب من الأنف و هو مسحوق و خلط بالخل.

عقل البطن: بولس: الكمون الكرماني يعقل البطن و النبطي يسهله.

عقل الطبيعة: ابن ماسويه: إن قلي الكمون و أنقع في الخل عقل الطبيعة المستطلقة من الرطوبة و هو نافع من الريح الغليظة و يجفف المعدة و هو صالح للكبد.

قطع كثرة الحيض: إذا احتملته المرأة مع زيت عتيق قطع كثرة الحيض.

قطع شهوة الطين: الكمون الكرماني إذا أنقع في الخل و جفف و سحق و تمودي عليه و على

ص:330

أخذه سفوفا قطع شهوة الطين.

قطع سيلان اللعاب: إذا مضغ بالملح و ابتلع قطع سيلان اللعاب.

طرد الرياح: الكمون طارد للرياح مجش هاضم للطعام.

تسكين الفواق: الكمون البري إذا شرب بالخل سكن الفواق.

ضرر ذوات السموم: إذا شرب بالشراب وافق ضرر ذوات السموم من الهوام و البلة العارضة في المعدة. و إذا مضغ بزيت و عسل و تضمد به قطع أثر لون الدم العارض تحت العين.

أورام الأنثيين: إذا تضمد به ما وصفنا أبرأ أورام الأنثيين الحارة.

نهش الهوام: بزره إذا شرب كان نافعا جدا من نهش الهوام و قد ينتفع به الذين بهم تقطير البول و الحصا و الذين يبولون دما منعقدا، و ينبغي أن يشرب بعده ماء بزر الكرفس.

الكمون في الطب الحديث

التركيب الكيميائي:

تحتوي البذور زيتا طيارا يسمى الكومينول يحوي 50% الدهيد الكمون و يحوي أيضا على الفيلاندرين و الكارفون و الباراسمين، كما تحتوي البذور إضافة إلى الزيت على مواد عفصية و راتنج.

الاستعمال الطبي:

الكمون مادة غذائية تستخدم في تحسين طعم العديد من الأغذية، و تعد من أنواع البهارات، عرفه قدماء المصريين و أطلقوا عليه اسم (تاين) و استخدموه كمادة صيدلانية ضد العديد من الأمراض.

و تستعمل ثمار الكمون بشكل مغلي أو صبغة طاردة للغازات، و تعد مادة مقبلة فاتحة للشهية إلى جانب كونها مادة منشطة و معرقة، حالة للتشنج و مسكنة للمغص و تفيد في حالات الاحتقان و في إدرار الحليب، و يؤدي استعمالها الزائد إلى تهيج الأغشية المخاطية.

و يدخل زيت الكمون في المستحضرات التجميلية، و في صناعة المأكولات و المشروبات، كما نستعمل الثمار المطحونة كتوابل و في صناعة الكاري.

ص:331

البلغم

اشارة

عن أبي عمرو، عن رجل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: خير تموركم البرنيّ (1) ، يذهب بالداء و لا داء فيه، و يشبع و يذهب بالبلغم، و مع كل تمرة حسنة(2).

عن ابن سنان، و أبي البختري، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: السواك و قراءة القرآن مقطعة للبلغم(3).

عن داود بن فرقد و المعلّى بن خنيس، قالا: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: تسريح العارضين يشدّ الأضراس، و تسريح اللحية يذهب بالوباء، و تسريح الذؤابتين يذهب ببلابل الصدر، و تسريح الحاجبين أمان من الجذام، و تسريح الرأس يقطع البلغم.

قال: ثم وصف دواء البلغم و قال: خذ جزء من علك الرومي(4) ، و جزء من كندر(5) ، و جزء من سعتر، و جزء من نانخواه، و جزء من شونيز، أجزاء سواء، يدقّ كل واحد على حدة دقّا ناعما، ثم ينخل و يعجن و يجمع و يسحق حتى يختلط، ثم تجمعه بالعسل، و تأخذ منه في كل يوم و ليلة بندقة عند المنام، نافع إن شاء اللّه تعالى.

و يروى عن الصادق عليه السّلام أنه قال من دخل الحمام على الريق أنقى البلغم و إن دخلته بعد الأكل أنقى المرة، و إن أردت أن يزيد في لحمك فادخل الحمام على شبعك، و إن أردت أن ينقص من لحمك فادخله على الريق.

ص:332


1- (1) التمر البرني: مر شحها.
2- (2) بحار الأنوار ج 59 ص 203 ح 2.
3- (3) بحار الأنوار ج 59 ص 203 ح 4.
4- (4) علك رومي: مر شرحها.
5- (5) الكندر: مر شرحها.

السعتر في الطب الحديث

يحتوي السعتر على زيت طيار بنسبة 1-2 /بني مصفر يتركب بشكل رئيسي من فينولات 40 / أهمها الثيمول Thymol و الكارفاكرول Carvacrol كذلك يحوي على فحوم هيدروجينية أهمها السيمول، كما يحتوي السعتر على بعض السابونينات، حيث إن الفينولات مضادة للجراثيم، و الكارفاكرول طارد للديدان، و الزيت يستعمل خارجا في علاج الروماتيزم، و في الحمامات مغلي السعتر لعلاج الأمراض الجلدية، كما يستعمل مغلي العشبة غرغرة في حالة التهاب الفم و اللثة، كذلك في التهاب قرحة المعدة و الإثني عشرية و حالات السعال و التهاب الرئة.

الزعتر: نبات حرّيف، يستخدم منه الأوراق و قمم الأزهار. و هو من الأعشاب المنزلية، حيث يستخدمه البعض في طبيخ المأكولات للانتفاع بمذاقه الحريف، علاوة على خاصيته المميزة كمادة حافظة للحوم من الفساد.

الزعتر في الحرب العالمية الأولى

في سنة 1719، استطاع عالم ألماني (كاسبار نيومان) و لأول مرة التوصل إلى المادة الفعّالة في زيت الزعتر و أسماها: كافور الزعتر (camphor of thyme) و في سنة 1855 أسماها عالم فرنسي (م.

لاليماند) باسم ثيمول (thymol) و هو الاسم المستخدم حاليا.

و لما كانت هذه المادة تتميز بمفعول قوي مطهر، فقد دعا ذلك إلى الاعتماد على زيت الزعتر أثناء الحرب العالمية الأولى في العديد من الأغراض لمقاومة العدوى و التلوّث. فكان هذا الزيت يستخدم كمطهر في العمليات الجراحية، و كان يذاب في مياه الشرب لتطهيرها. و استخدم كذلك كمادة مطهرة لغرف المرضى لمنع انتشار الأوبئة.

و نظرا لهذا المفعول المطهر لزيت الزعتر، فقد استخدمه كذلك الرومان و الإغريق منذ زمن بعيد كمادة حافظة للحوم.

أما الدراسات الحديثة لهذا العشب، فتوصلت إلى وجود مادتين فعالتين بزيت الزعتر و هما ثيموف (thymol) و كارفاكول (carvacol) و إليهما تعزى الفوائد الصحية لنبات الزعتر مثل فوائده كمادة حافظة، و مضادة للبكتريا و الفطريات، و أيضا فائدته كدواء طارد للبلغم، و مساعد في عملية الهضم.

ص:333

الزعتر كمطهر:

ثبت من خلال تجارب أنابيب الاختبار أن الزعتر يقاوم أنواعا كثيرة من البكتريا و الفطريات المسببة للأمراض. و لحسن الحظ أنه وجد كذلك أن استخدام شاي الزعتر القائم على نقع كمية من النبات المجفف له نفس فاعلية الزيت تقريبا في الوقاية من العدوى. و بذلك فإنه إذا تعذر الحصول على الزيت يمكن استخدام النبات نفسه (الأوراق أو قمم الزهور). و للجروح البسيطة، يمكن تطهيرها مباشرة بأوراق النبات الطازجة أو بكمية من النبات المجفف لحين غسلها و تضميدها.

للذين يشكون من عسر الهضم:

أثبتت الدراسات أن مادتي الثيمول و الكارفاكول الموجودتين بالزعتر تساعدان على استرخاء العضلات الملساء للجهاز الهضمي، و بذلك يعتبر الزعتر مضادا للتقلصات (للمغص) و بذلك يفيد من يشكون من عسر الهضم و ما يصحبه من تقلصات بإضافته إلى الطعام، أو بتناوله في صورة شاي.

الزعتر... لصحة المرأة:

نظرا لمفعول الزعتر المضاد لتقلص العضلات الملساء، فإنه يمكن الاستفادة به في تخفيف ألم الحيض، حيث يعمل على استرخاء العضلات الملساء للرحم... لكن يجب ملاحظة أن استخدام الزعتر أو زيته بكميات كبيرة قد يؤدي إلى تنشيط الرحم، و انقباض عضلاته... و لذلك فإن الجرعة المناسبة له كمسكن لألم الحيض لا يجب أن تزيد على تناول ثلاثة فناجين يوميا من شاي الزعتر.

الألمان يشربون الزعتر لعلاج السعال:

للزعتر مفعول ملطف للجهاز التنفسي و ملّين و طارد للبلغم. و نظرا لزيادة إقبال الشعب الألماني على الاستفادة من طب الأعشاب، فإنه تنتشر بالأسواق مستحضرات من الزعتر لعلاج السعال و السعال الديكي و مرض انتفاخ الرئة (Emphysema) . و يقول طبيب الأعشاب الألماني (رودولف فريتز): إن الزعتر مفيد للشعب الهوائية كمثل فائدة النعناع للمعدة و الأمعاء.

و للاستفادة من الزعتر في علاج أمراض الجهاز التنفسي يمكن تناوله في صورة شاي بنفس المعدل السابق توضيحه في علاج متاعب المرأة.

ص:334

و لعلاج السعال الديكي عند الأطفال، يرى بعض المتخصصين في طب الأعشاب أنه للحصول على نتائج أفضل يخلط شاي الزعتر بكمية من عسل النحل النقي. كما يفيد تناول الزعتر في علاج احتقان الحلق و مقاومة نزلات البرد... و يمكن في هذه الحالات خلط الزعتر بأي نوع مرغوب فيه من الأعشاب مثل إضافة كمية من الزعتر لشاي النعناع أو القرفة.

الزعتر البارد (للصداع) و الساخن (للكوابيس):

من الوصفات الشائعة لعلاج الصداع تناول فنجان من شاي الزعتر البارد... و نظرا لأن شاي الزعتر الساخن يعمل على تهدئة الجهاز العصبي المركزي فإن له مفعولا مقاوما لحدوث الأحلام المفزعة (الكوابيس).

كمادات الزعتر:

تستعمل كمادات الزعتر الدافئة لتسكين الألم المصاحب للإصابة بعرق النسا و الذي يظهر في صورة حرقان و وجع يسري بإحدى الساقين.

و تستخدم لبخة الزعتر - و التي تحضر من الأوراق المبللة بعد فرمها أو هرسها لصنع عجينة - في تخفيف الألم المصاحب للإصابة بالخراريج أو التورمات عموما.

كما يستخدم زيت الزعتر كمسكن قوي للآلام الروماتيزمية و مخدر موضعي خفيف للجلد...

و لتفادي حدوث أعراض حساسية ضد هذا الزيت المركز النقي يمكن خلطه بكمية من زيت الزيتون.

مبخرة طبيعية لطرد الناموس:

استخدم الإغريق منذ مئات السنين الزعتر كطارد للناموس و الذباب و مختلف الحشرات الطائرة و ذلك عن طريق التبخير. و قد ثبت بالتجربة فاعلية هذه الطريقة في طرد الحشرات. و ذلك بتجهيز مغلي مركز من الزعتر بحيث ينتشر بخاره بالمكان فيكون طاردا للناموس و الذباب. و للاستفادة من عملية التبخير في تعطير المكان كذلك، يمكن إضافة كمية من نبات اللافندر أو الريحان أو زيتهما لمغليّ الزعتر، مما ينشر في الهواء المحيط رائحة عطرية محببة.

ص:335

إعداد شاي الزعتر:

يحضر شاي الزعتر بإضافة عدد 2 ملعقة صغيرة من العشب المجفف لكل فنجان ماء مغلي، و ينقع به لمدة 10 دقائق.

يؤخذ الشاي بمعدل 1-3 فناجين يوميا للأغراض المختلفة كعلاج لمتاعب الحيض، أو في حالات السعال، أو لمساعدة الهضم.

النانخواه في طب القديم

شرح الماهية:

و يقال نانخة بلغة أهل الأندلس، و نانوخية و نانخاه.

أمين الدولة: اسم فارسي معناه طالب الخبز، كأنه يشهّي الطعام إذا ألقي على الأرغفة قبل اختبازها.

ديسقوريدس: آمّى، و منهم من يسمّيه قومنون باسيلقون (و هو الكمون الكرماني)، و بزره معروف عند الناس، و هو أكثر صفرة من الكمون بكثير.

خواص العلاجات:

المغص و عسر البول و نهش الهوام: ديسقوريدوس: قوّته مسخنة ملهبة للبدن مجففة تصلح إذا شربت بشراب للمغص و عسر البول و نهش الهوام.

قلع الدم تحت العين: إذا خلط بالعسل و تضمد به قلع كمنة الدم العارض تحت العين.

تحليل النفخ: أبو جريج: طبيخه يحلل النفخ البتة.

إذهاب البلة و الحميات: حبه مذهب للبلة و الحميات العتيقة.

لسع العقارب: طبيخه يصب على لسع العقارب فيسكن وجعها على المكان.

قطع قيح الصدر و المعدة: الفارسي: يقطع القيح الذي في الصدر و المعدة و يسكن الرياح و يهضم الطعام جيدا و يسكن وجع الفؤاد و الغثيان و تقلب النفس و من لا يجد للطعام طعما.

ص:336

البواسير

اشارة

معالجة البواسير:

عن هشام بن الحكم، عن زرارة، قال: رأيت داية أبي الحسن عليه السّلام تلقمه الأرز و تضربه عليه، فغمني ذلك، فدخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام فقال إني أحسبك غمّك الذي رأيته من داية أبي الحسن عليه السّلام: قلت: نعم جعلت فداك، فقال لي:

نعم، نعم الطعام الأرز، يوسّع الأمعاء، و يقطع البواسير، و إنّا لنغبط أهل العراق بأكلهم الأرز و البسر(1) ، فإنّهما يوسّعان الأمعاء و يقطعان البواسير(2).

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: الكراث(3) يقمع البواسير؛ و هو أمان من الجذام لمن أدمنه(4).

عن عمرو بن يزيد الصيقل، قال: حضرت أبا عبد اللّه الصادق عليه السّلام فسأله رجل به البواسير الشديد، و قد وصف له دواء سكرّجة(5) من نبيذ صلب، لا يريد به اللذّة و لكن يريد به الدواء.

ص:337


1- (1) البسر: مر شرحها.
2- (2) بحار الأنوار ج 59 ص 196 ح 1.
3- (3) مر شرحها.
4- (4) بحار الأنوار ج 59 ص 195 ح 2.
5- (5) سكرجة: إناء صغير يؤكل فيه الشيء القليل من الادم.

فقال: لا، و لا جرعة. قلت: لم؟ قال: لأنه حرام، و إن اللّه عزّ و جلّ لم يجعل في شيء مما حرّمه دواء و لا شفاء. خذ كراثا بيضاء، فتقطع رأسه الأبيض و لا تغسله، و تقطعه صغارا صغارا، و تأخذ سناما(1) فتذيبه و تلقيه على الكراث، و تأخذ عشر جوزات فتقشرها و تدقّها مع وزن عشرة دراهم جبنا فارسيّا(2) و تغلي الكراث فإذا نضج ألقيت عليه الجوز و الجبن، ثم أنزلته عن النار فأكلته على الريق بالخبز ثلاثة أيّام أو سبعة، و تحتمي عن غيره من الطعام.

و تأخذ بعدها(3) أبهل محمّصا قليلا بخبز و جوز مقشّر بعد السنام و الكراث، تأخذ على اسم اللّه نصف أوقية دهن الشيرج على الريق، و أوقية كندر ذكر تدقّه و تستفّه، و تأخذ بعده نصف أوقية شيرج آخر ثلاثة أيام، و تؤخّر أكلك إلى بعد الظهر، تبرأ إن شاء اللّه تعالى.

ص:338


1- (1) السنام: حدبة في ظهر البعير.
2- (2) جبنا فارسيا: المالح منه، أو الذي يقال له تركي.
3- (3) و تأخذ بعدها: أي بعد الأيام الثلاثة أو السبعة.

الأبهل في الطب القديم

شرح الماهية:

الأبهل ليس هو العرعر، كما زعم بعض الأطباء.

إسحق بن عمران: الأبهل صنف من العرعر، و هو شجر كبير له ورق شبيه بورق الطرفاء، و ثمرته حمراء دسمة تشبه النبق في قدرها و لونها، و ما بداخلها مصوف له نوى، و لونه أحمر إذا نضج، كان حلو المذاق، و فيه بعض طعم القطران، و يجمع في وقت قطاف العنب.

ديسقوريدس: براثي - و هو الأبهل - صنفان: أحدهما ورقه شبيه بورق السرو و هو أكبر شوكا، كريه الرائحة، و شجرته شديدة الاستدارة تذهب في العرض أكثر منها في الطول، و الآخر ورقه شبيه بورق الطرفاء.

خواص العلاجات:

القروح المسودة: ينقي القروح المسودة الوسخة إذا وضع عليها مع العسل، و يقلع الحمرة.

إدرار الطمث: بسبب لطافته، يدر الطمث أكثر من كل دواء يدره، و يبول الدم، و يفسد الأجنة الأحياء، و يخرج الأجنة الموتى.

منع سعي القروح: ديسقريدس: ورق كلا الصنفين يمنع سعي القروح الخبيثة، و يسكن الأورام الحارة.

تنقية الجلد: إذا تضمد به نقى سواد الجلد و أوساخه، التي تعرض من فضول البدن، إذا استعمل مع العسل، و يقشر خشكريشة الجمرة.

اللثة المتقرحة: الرازي: إذا سحق الأبهل و خلط بعسل، و طلي به على اللثة المتقرحة العفنة أبرأها.

صمم الأذن: إذا أغليت في دهن الجل في مغرفة حديد حتى يسود و يقطر في الأذن، نفعت من الصمم جدا.

آثار البواسير: إسحاق بن عمران: إذا أخذ من ثمرة الأبهل وزن عشرة دراهم، فجعل في قدر وصب عليه ما يغمره من سمن البقر، و وضع على النار حتى ينشف السمن، ثم سحق و جعل معه عشرة دراهم من الفانيد، و شرب منه كل يوم وزن درهمين على الريق بماء فاتر، فإنه نافع لوجع أسفل البطن العارض من البواسير.

ص:339

دهن الشيرج السيرج (الشيرج)

اشارة

هو الزيت المستخرج من بزور نبات السمسم «Le sesame» (ر. السمسم). يعرف بالزيت الحار، و كلمة «سيرج» فارسية، أصلها «شيرهج». إنه حلو المذاق. طيب الطعم، ليس له رائحة، و لا تفسد رائحته و لا طعمه و إن حفظ طويلا، و إذا أصيب بالزنخة فيمكن إصلاحه (ر. كلمة الزيوت)، و هو لا يتجمد بدرجة الصفر، و حموضته قليلة، و نسبته 47% من السمسم.

استعماله في الطب القديم:

استعمل في الطب القديم لغسل الجلد من الآفات الجلدية و المرد، و كان يعطى حقنا في القولنج، و يستعمل مشروبا في التهابات الصدر و البطن، و استعمل مع النعنع في الزنتارية، و جرّب ضماده في قروح الساق المستعصية.

و ذكر أطباء العرب أنه: يخصب البدن و يليّنه، و يفتح السّدد، و يزيل الخشونة و الاحتراق، و إن غسل به البدن نعمه و أزال درنه و طوّل الشعر و سوّده و هو ثقيل عسر الهضم، يرخي الأعضاء و يورث الصداع، و يصلحه العسل، و أن يقلى.

و في الغذاء يستعمل زيت السمسم على مدى واسع، و هو منتشر الآن بكثرة في أكثر بقاع العالم - و خاصة في الشرق - لغناه بالأحماض الدسمة المركزة التي تمدّ الجسم بالحرارة اللازمة له. و قد تبين أن الغرام الواحد منه يمد الجسم بحرارة تعادل ضعف ما يعطيه غرام السكر من الحرارة. و لذا يوصف السيرج لمكافحة الجوع و البرد.

استعماله في الطب الحديث:

و يوصف في الطب الحديث بأنه سهل الهضم، يحفظ الشرايين من التصلب، و يحول دون حدوث الجلطة القلبية، و خنّاق الصدر، و الشلل، و يؤخذ ملينا بمقدار ملعقة كبيرة أو ملعقتين، و مسهلا بأكثر من هذا المقدار، و يستعمل في سويسرة لصنع مراهم لمعالجة الالتهابات الجلدية و الجروح و الحروق، و في امريكة كمسهل خفيف، و تستخدمه الصيدليات لتركيب بعض الأدوية و المراهم.

ص:340

الزكام

اشارة

عن إبراهيم بن أبي يحيى، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: شكوت إليه الزكام، فقال: صنع من صنع اللّه، و جند من جند اللّه، بعثه اللّه إلى علّة في بدنك ليقلعها، فإذا قلعها فعليك بوزن دانق شونيز(1) ، و نصف دانق كندس، يدقّ و ينفخ في الأنف، فإنه يذهب بالزكام. و إن أمكنك أن لا تعالجه بشيء فافعل، فإنّ فيه منافع كثيرة(2).

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه قال لمؤدب أولاده: إذا زكم أحد من أولادي أعلمني. فكان المؤدب يعلمه فلا يردّ عليه شيئا، فيقول المؤدّب: أمرتني أن أعلمك بهذا، فقد أعلمتك فلم تردّ عليّ شيئا. قال: إنّه ليس من أحد إلا و به عرق من الجذام فإذا هاج دفعه اللّه بالزكام(3).

و روي في الزكام عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: تأخذ دهن بنفسج(4) في قطنة فاحتمله في سفلتك عند منامك، فإنه نافع للزكام إن شاء اللّه تعالى(5).

ص:341


1- (1) الشونيز: مر شرحها.
2- (2) بحار الأنوار ج 59 ص 183 ح 1.
3- (3) بحار الأنوار ج 59 ص 183-184 ح 2.
4- (4) دهن بنفسج: مر شرحها.
5- (5) بحار الأنوار ج 59 ص 184 ح 4.

الزكام

يقول صاحب التذكرة: الزكام في حقيقته من أمراض الدماغ إلا أن الكثيرين جعلوه من أمراض الأنف... فالزكام يحدث بسبب اندفاع فضلات من الدماغ إلى الأنف و قد يكون ذلك بسبب تخفيف ما على الرأس من ملابس فجأة و قد أجمع الكل على أن الزكام يكون عن برد (برودة) و من علاماته الصداع و نزول دموع العين و انتفاخ الوجه و حكة الأنف و دغدغته...

من الوصفات المجربة: يحضر ثلاثة أوقيات من التين و من كل من الشبث و الكرفس و الصعتر و البابونج نصف أوقية، تطبخ كل هذه بعشرة أمثالها من الماء و تغلى على النار حتى يتبقى الربع فتصفى و يشرب منه.

الحبة السوداء: إذا قليت الحبة السوداء في زيت الزيتون ثم قطر هذا الزيت في الأنف فإنه يشفي الزكام.

التوت: شراب التوت إذا شرب فإنه يشفي الزكام و التهاب الحلق، و يحضر الشراب بغلي التوت ثم أخذ رطلين من هذا الماء بعد تصفيته، و يعقد هذا الماء بالسكر ثم يشرب.

لبان الذكر (كندر): إذا شرب مخلوط من لبان الذكر مع زيت الزيتون و عسل النحل فإنه يشفي من البرد المزمن و يخرج ما في العظام من برودات.

الكافور: إذا استخدم الكافور طلاء للأنف و الوجه فإنه يشفي لالزكام.

الجوز: إذا شوي الجوز بقشره و أكل منه المصاب بالبرد و السعال فإنه يشفي سريعا.

صفة دواء: يؤخذ زنجبيل و قرنفل و قرفة و فلفل و خولنجان و يغلى بمقادير متساوية، و يشرب فإنه غاية النفع.

البابونج: يغلى البابونج جيدا و يصفى ثم يحلى بعسل، و يشرب منه قدر كوب صباحا و مساءا.

الضريع: يؤخذ نبات الضريع (و هو نبات أخضر تراه على شاطىء البحر متجمعا) فيجفف ثم يتبخر به المزكوم فإنه بإذن اللّه يشفيه.

أما ما يقوله الطب الحديث:

الزكام هو التهاب الغشاء المخاطي المبطن للأنف... و تحصل الإصابة به في فصل الشتاء

ص:342

و يعود السبب في الإصابة بالزكام إلى العدوى بفيروس خاص... أما أهم العوامل التي تساعد على الإصابة بالزكام فيمكن تلخيصها في النقاط الآتية...

1 - تغير الطقس و عدم استقراره و التعرض لتيارات الهواء الباردة بعد التواجد في جو دافىء...

2 - ضعف مقاومة الجسم نتيجة لإصابته بالأمراض أو نتيجة للإجهاد الجسماني و العصبي...

3 - وجود حالة مرضية بالأنف أو خلف الأنف - التهاب الجيوب الأنفية - تساعد على الإصابة المتكررة بالزكام...

4 - حساسية الغشاء المخاطي الأنفي...

و تحدث العدوى بالزكام عن طريق الرذاذ المتطاير من أنف المريض و فمه عند العطس أو السعال... و تأخذ أعراض الزكام شكل قشعريرة بسيطة يصحبها إحساس بالبرودة ثم العطس عدة مرات... و يحس المريض في بداية الزكام بجفاف في الأنف و الحلق ثم بعد مرور أربع و عشرين ساعة تظهر الأعراض المعروفة من رشح و التهاب الحلق و سعال مصحوب بإفراز مخاطي أو صديدي في الأنف و الحلق مع ارتفاع بسيط في درجة الحرارة و تستمر هذه الحالة يومين أو ثلاثة ثم تبدأ في الزوال و يشفى المريض عندئذ إذا لم تحدث مضاعفات... إذن ما هي المضاعفات التي يمكن أن تحدث عند إهمال معالجة الزكام؟... يمكن تحديد هذه المضاعفات كالآتي:

1 - التهاب الجيوب الأنفية...

2 - التهاب الأذن المتوسطة و يكثر حدوثه في الأطفال الصغار...

3 - التهاب الزوائد خلف الأنف (اللحمية)...

4 - التهاب الحلق و اللوزتين...

5 - التهاب الحنجرة و هذا كثير الحدوث في الأطفال و هو شديد الخطورة لما يحدثه من اختناق على الطفل، لا بد من المبادرة بمعالجة زكام الأطفال و عدم إهماله...

6 - التهاب القصبة الهوائية و الالتهاب الرئوي...

الكندس في الطب القديم

شرح الماهية:

لم يذكره ديسقوريدس و لا جالينوس البتّة، و قد ترجم حنين الدواء المسمى سطروثيون

ص:343

بالكندس، و هو ليس به.

إسحاق بن عمران: الكندس عروق نبات داخله أصفر و خارجه أسود، و شجرته فيما يقال شبيهة بالكنكر المسمى قنّارية و هو الحرشف البستاني، أرقط، لون الورق بياض و خشرة، و المستعمل منه عروقه، و تجمع في يونيو.

خواص العلاجات:

قطع البلغم و المرّة السوداء: بديغورس: خاصيته قطع البلغم و المرّة السوداء الغليظة و يحلل الرياح من الخياشيم.

مقدار الشربة منه ليتقيأ به من دانق إلى أربعة دوانيق مسحوقا منخولا بحريرة صفيقة مدوفا بصفرة ثلاث بيضات و قد شويت شيّا لم ينضج و فيها رقة مع ماء قد أغلي فيه عدس و شعير مرضوض مقشور مقدار نصف رطل فإنه يقيء قيئا جيدا.

تهييج العطش: إذا سحق و نفخ في الأنف هيج العطش.

تقييىء الإنسان: إذا شرب منه مقدار ما ينبغي قيأ الإنسان جيدا و ينزل البول و الحيضة.

الرازي في الحاوي: عن الكندس، كان أبو نصر لا يبصر القمر و لا الكواكب بالليل فاستعط بمثل عدسة كندس بدهن بنفسج فرأى الكواكب بعض الرؤية في أوّل ليلة و في الثانية برأ برءا تاما و جرّبه غيره و كان ذلك، و هو جيد للغشاء جدا.

إسحاق بن عمران: إذا كان الولد ميتا في البطن لثلاثة أشهر أو أربعة و سحق الكندس و عجن بالعسل و اتخذت منه فتيلة و احتملته المرأة فإنها تلقيه و لا يستعط به في القيظ و لا في الصيف فإنه ينشف الرطوبة و يستعط به فيما سوى ذلك.

البهق: إذا عجن بالخل و طلي به البهق و تمودي عليه أزاله.

الحكة: إذا أغلي بالخل و ضرب بدهن ورد نفع من الحكة.

تنقية الدماغ: إذا سحق و صير في خرقة و اشتم عطس و نقى الدماغ و نبه المصروعين و المفلوجين و أعان بالعطاس على دفع المشيمة.

التقيؤ: إذا شرب منه وزن ربع درهم أو نحوه بالسكنجبين و الماء الحار قيأ بلغما لزجا.

البهق و البرص: ابن سينا: يجلو البهق و البرص و خصوصا الأسود من البهق.

ص:344

خواص دهن البنفسج

صفة صنعه:

أن يقطف من عيدانه و يرمى في طنجير فيه شيرج طري و يغلى فيه أو يشمس في شمس حارة أياما كثيرة حتى تخرج قوته في الشيرج ثم يعصر و يرمى بثفله و يرفع الدهن و يكون مقداره أربع أواقي من زهر البنفسج لكل رطل من الشيرج.

و قد يتخذه أهل العراق على وجه آخر كما ذكره أمين الدولة ابن التلميذ و هو: أن يؤخذ سمسم مقشور مخلوع غير مقلو مجفف و يجعل في كيس كرباس جديد ساق سمسم و ساق زهر بنفسج منقى مقطوع الساق غير مبلول لا كثير التندية فيعفن و لا قليلها بل متوسط و يشد رأس الكيس و يغطى الكيس بخرقة كرباس و يترك ثلاثة أيام أو أربعة و يخرج و يبسط على إزار كرباس في غرفة لا يقربه دخان البتة حتى يجف و يرمى عنه البنفسج يفعل ذلك به ثلاث مرات أو أربعة أو أكثر على قدر ما يقيم البنفسج ثم يبسط و يجفف تجفيفا جيدا و يطحن و يستخرج دهنه و يجعل في إناء زجاج و كلما ركد في أسفل الإناء شيء روق إلى إناء آخر يفعل به ذلك مرارا عدة حتى يصفو.

خواص العلاجات:

الجرب و الحرارة و الحراقة: طلاء جيد للجرب و ينفع من الحرارة و الحرافة التي تكون في الجسد. و ينفع الصداع الحار الكائن في الرأس سعوطا.

حرقة المثانة: إذا قطر الحديث منه في الإحليل سكن حرقته و سكن حرقة المثانة.

سعال الصبيان: إذا حل فيه شمع مقصور أبيض و دهن به صدور الصبيان نفعهم من السعال منفعة قوية. و ينتفع به من يبس الخياشم و انتثار شعر اللحية و الرأس و تقصفه و انتثار شعر الحاجبين دهنا.

ضيق النفس: إذا تحسي منه على الريق في حوض الحمام وزن درهمين بعد التعرق على الريق نفع من ضيق النفس و تعاهد المستعمل منه في كل جمعة مرة واحدة.

صلابة المفاصل و العصب: ملين لصلابة المفاصل و العصب و يسهل حركة المفاصل و يحفظ صحة الأظفار طلاء و ينوم أصحاب السهر لا سيما ما عمل منه بحب القرع و اللوز و يعتاض عنه بدهن النيلوفر.

ص:345

دفع الجذام و البرص و البهق و الداء الخبيث

اشارة

عن الحسن بن عليّ بن أبي عثمان سجادة، رفعه إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ اللّه رفع عن اليهود الجذام بأكلهم السلق و قلعهم العروق(1).

عن بعضهم رفعه إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ قوما من بني إسرائيل أصابهم البياض، فأوحى إلى موسى عليه السّلام أن مرهم أن يأكلوا لحم البقر بالسلق(2).

عن أبي الصباح الكنانيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: مرق السلق(3) بلحم البقر يذهب البياض(4).

عن عبد اللّه بن سنان، قال: شكى رجل إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام الوضح و البهق فقال: ادخل الحمّام و اخلط الحنّاء بالنورة و اطل بهما، فإنّك لا تعاين بعد ذلك شيئا.

قال الرّجل: فو اللّه ما فعلته إلاّ مرة واحدة فعافاني اللّه منه، و ما عاد بعد ذلك(5).

عن شاذان بن الخليل عن ذريع، قال: جاء رجل إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام فشكى

ص:346


1- (1) بحار الأنوار ج 59 ص 211. و المراد بقلع العروق إخراجها من اللحوم كما تفعله اليهود الآن.
2- (2) بحار الأنوار ج 59 ص 211 ح 2.
3- (3) السلق: مر شرح خواصها.
4- (4) بحار الأنوار ج 59 ص 211 ح 3.
5- (5) بحار الأنوار ج 59 ص 211 ح 4.

إليه أنّ بعض مواليه أصابه الداء الخبيث(1) ، فأمره أن يأخذ طين الحير(2) بماء المطر فأشربه، قال: ففعل ذلك فبرىء(3).

و عنه عليه السّلام أنّه قال: ما من شيء أنفع للداء الخبيث من طين الحير. قلت: يا ابن رسول اللّه، و كيف نأخذه؟ قال: تشربه بماء المطر و تطلي به الموضع و الأثر فإنّه نافع مجرّب إن شاء اللّه تعالى(4).

عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سعة الجنب و الشعر الّذي يكون في الأنف أمان من الجذام(5).

و عنه عليه السّلام أنه قال: تربة المدينة - مدينة رسول اللّه (ص) - تنفي الجذام(6).

ص:347


1- (1) لعل المراد بالداء الخبيث الجذام أو البرص.
2- (2) طين الحير: طين حائر الحسين عليه السّلام. و أكله مشكل إلا أن يحمل أيضا على طين القير المقدس.
3- (3) بحار الأنوار ج 59 ص 212 ح 5.
4- (4) بحار الأنوار ج 59 ص 212 ح 7.
5- (5) بحار الأنوار ج 59 ص 212 ح 8.
6- (6) بحار الأنوار ج 59 ص 212-213 ح 3.

ما هو الجذام؟:

الجذام من الأمراض المعدية التي سببت رعبا للبشرية على مدى القرون المتطاولة. و ذلك لما يحدثه الجذام في كثير من الأحيان من تشوهات في الجسم و بتر للأطراف و شلل في الأعصاب الطرفية.

و كان الأطباء في الأزمنة الغابرة لا يفرّقون بين البرص (و هو مرض جلدي يفقد فيه الشخص لون الجلد، و هو ما يطلق عليه البهاق vitiligo . (و هو مرض غير خطير و غير معد)، و بين الجذام.

ففي سفر اللاويين من التوراة المحرفة وصف للبرص (الجذام)، و كيف يمكن أن يميّزه الكاهن من البقع البيضاء التي قد تكون حزازا، أو ناتجة بعد الكي، أو بعد إصابة الجلد بقروح أو جروح.

و كثيرا ما كان يخطئ الكاهن فيطلق على هذه الإصابات الجلدية اسم «البرص» المقصود به الجذام و ينادى عليه نجس نجس. فيطرد المسكين من المجتمع و يعيش منبوذا طريدا.

و في سفر اللاويين الإصحاح 13 و الإصحاح 14 تفصيل للطقوس التي يقوم بها الكاهن لإعلان الإصابة بالجذام و لإعلان الشفاء منه و ذلك مقابل كبشين و نعجة و كمية من الدقيق و الزيت تقدم للكاهن. و في هذه الأثناء يذبح الكاهن عصفورا و يلطخ آخر بدم المذبوح، و يجعله يطير فوق المصاب بالجذام، ثم يذبح كبشا و يلطخ المصاب بدمه ثم بعد ذلك يعلن خلاصه من الجذام!!

و كان الجذام منتشرا في أوروبا خلال القرون الوسطى، ففي بداية القرن الثالث عشر الميلادي كان في أوروبا أكثر من تسعة عشر ألفا مستعمرة للمجذومين منها ألفي مستعمرة في فرنسا وحدها، و في إنجلترا تم إنشاء 720 مستشفى خلال القرون الثلاثة (الثاني عشر إلى الخامس عشر) كان منها 217 مستشفى للمجذومين. و في فرنسا كان في باريس 40 نزلا للمجذومين مقابل 40 مستشفى لغيرهم و ذلك في القرن الرابع عشر الميلادي (دائرة المعارف البريطانية الطبعة 15، 1982-695/8).

أما في العصر الحديث فقد انخفض عدد المصابين بالجذام في أوروبا انخفاضا كبيرا. و لا يزيد عدد المجذومين في بريطانيا عن 400 شخص و في الولايات المتحدة عن ألفي شخص. و معظم حالات الجذام الموجودة في العالم، و تقدر ب 15 مليون، هي في آسيا و بالذات في الهند، و في إفريقيا و بالذات في إفريقيا الاستوائية.

و سبب الجذام ميكروب عضوي يشبه ميكروب الدرن (ميكو باكاتريم Mycobacterium

(lepre ، و يقبل صبغة زيل نيلسون و لا يمكن إزالة الصبغة بالكحول أو الأحماض و لذا يدعى: (Acid

ص:348

fast bacillus A F B) ، و لا يمكن زرع ميكروب الجذام.

و لا تعرف بالضبط طرق العدوى، و إن كان من المؤكد أنها تتم عن طريق الأنف، حيث تتركّز الميكروبات في الأنف. و تنقل عطسة واحدة من المريض بالجذام ذي الورم الجذامي ما يقارب 20 مليون ميكروب (كتاب مرك الطبي 1982 (الطبعة 14) ص 140-146، و مجلة ميديسن إنترناشيونال (Medecine Int 1981,1,(3):123-6) .

و هذه هي أهم طرق العدوى بالجذام. أما المصافحة و الملامسة فهي ضئيلة الأثر في نقل العدوى. و خاصة إذا كان الجذام من النوع الدرني... و ينتقل الجذام أيضا عبر إفرازات اللبن من المرضع فتعدي رضيعها إلاّ إذا كانت مستمرة في العلاج، فلا يؤثر ذلك لأن الميكروبات تختفي من اللبن بمواصلة التداوي.

أنواع الجذام:

هناك نوعان رئيسيان من الجذام:

الأول: يدعى الجذام الدرني Tuberculoid leprosy . و فيه تكون المناعة و تفاعلاتها قوية و هي التي تسبب فقدان الأطراف. و من الصعب جدا العثور على ميكروب الجذام في خزعة الجلد أو حتى خزعة الأنف أو عيّنة من إفرازات الأنف. و هذا النوع رغم خطورته على المصاب قليل الأثر في العدوى.

و الثاني: يدعى الجذام ذا الورم الجذامي Lepromotous Leprosy أو الجذام الأسدي، لأن المصاب به يشبه وجهه وجه الأسد. و هذا النوع معدي شديد العدوى... و إفرازات الأنف تموج بملايين الميكروبات المسببة للجذام.

و هذا ما يفسر ما جاء في الحديث من إشارة «وفر من المجذوم فرارك من الأسد» (أخرجه البخاري في صحيحه). فهذا النوع من الجذام هو المعدي الشديد العدوى و الذي ينبغي أن يجتنبه الإنسان. و لعل المصاب بالجذام من وفد ثقيف الذي لم يصافحه النبي و بعث إليه: إنّا قد بايعناك، كان من هذا القبيل.

و ما ورد في حديث الترمذي من أن النبي أكل مع المجذوم في قصعة واحدة و قال: «كل ثقة باللّه و توكلا عليه»، فيحمل على أن المصاب ربما كان من المصابين بالجذام الدرني، القليل العدوى... و يحمل كذلك على التوكل و الثقة باللّه كما ذكر ابن القيم في مفتاح دار السعادة. هذا مع العلم بأن في سند الحديث المذكور شيئا من الضعف، و قد انتقده بعض أهل الجرح و التعديل.

ص:349

صفة دواء محمد صلّى اللّه عليه و اله و سلم و الربو

اشارة

عن محمد بن يحيى البابيّ و كان بابا للمفضّل بن عمر و كان المفضّل بابا لأبي عبد اللّه الصادق عليه السّلام - قال محمّد بن يحيى الأرمني: حدّثني محمّد بن سنان السنانيّ الزاهري أبو عبد اللّه، قال: حدّثني المفضّل بن عمر، قال: حدّثني الصادق جعفر بن محمد عليهما السّلام قال: هذا الدواء دواء محمّد (ص) و هو شبيه بالدواء الذي أهداه جبرئيل الروح الأمين إلى موسى بن عمران عليهما السّلام إلا أنّ في هذا ما ليس في ذلك من العلاج و الزيادة و النقصان(1) و إنّما هذه الأدوية من وضع الأنبياء عليهم السّلام و الحكماء من أوصياء الأنبياء، فإن زيد فيه أو نقص منه أو جعل فيه فضل حبّة أو نقصان حبة مما وضعوه انتقص الأصل و فسد الدواء و لم ينجح، لأنهم متى خالفوهم خولف بهم.

فهو أن يأخذ من الثوم المقشّر أربعة أرطال و يصبّ عليه في الطنجير أربعة أرطال لبن بقر، و يوقد تحنه وقودا ليّنا رقيقا حتى يشربه، ثم يصبّ عليه أربعة أرطال سمن بقر، فإذا شربه و نضج صبّ عليه أربعة أرطال عسل، ثم يوقد تحته وقودا رقيقا، ثم اطرح عليه وزن درهمين قراصا(2) ، ثم اضربه ضربا شديدا حتى ينعقد.

ص:350


1- (1) الزيادة و النقصان: أي المنع من زيادة المقادير و نقصانها فإنه في هذا الدواء أشد، أو زيد فيه بعض الأدوية و نقص بعضها.
2- (2) القراص: ابن البيطار في (جامعه): قال ابو قتيبة: القراص هو البابونج. و قال غيره: هو الأقحوان. و قال في القاموس: القراص - كرمان -: البابونج، و عشب ربعي، و الورس. و في -

فإذا انعقد و نضج و اختلط به حوّلته و هو حار إلى بستوقة، و شددت رأسه و دفنته في شعير أو تراب طيّب مدّة أيّام الصيف، فإذا جاء الشتاء أخذت منه كل غداة مثل الجوزة الكبيرة على الريق، فهو دواء جامع لكل شيء دق أو جل، صغر أو كبر، و هو مجرّب معروف عند المؤمنين(1).

عن حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في دواء محمد (ص) قال: هو الدواء الذي لا يؤخذ لشيء من الأشياء إلا نفع صاحبه هو لما يشرب له من جميع العلل و الأرواح، فاستعمله و علمه إخوانك المؤمنين، فإنّ لك بكل مؤمن ينتفع به عتق رقبة من النار(2).

الربو

عن المفضّل قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام قلت: يا ابن رسول اللّه، إنه يصيبني ربو شديد إذا مشيت حتى لربما جلست في مسافة ما بين داري و دارك في موضعين. قال:

يا مفضّل، اشرب له أبوال اللقاح(3). قال: فشربت ذلك، فمسح اللّه دائي.

ص:351


1- (1) بحار الأنوار ج 59 ح 13.
2- (2) بحار الأنوار ج 59 ص 260 ح 14.
3- (3) قال الجوهري: اللقاح - بالكسر - الإبل بأعيانها، الواحدة لقوح، و هي الحلوب. عن أنس (رض)، عنه: أن ناسا اجتووا [من الجوى، و هو الألم في الجوف] في المدينة، فأمرهم النبي (ص)، فبعث في طلبهم، فجيء بهم، فقطع أيديهم و أرجلهم، و سمر أعينهم. [البخاري/ 5361].

خواص أبوال اللقاح و حليبها

لقد تبيّن أن حليب النوق يحتوي سكر اللبن Lactose ، و هو سكر له مفعول مدرّ للبول. كما يحوي خلاصات بعض الأعشاب العطرية كالإكليل و السعتر، التي ترعاها النوق. و هذه الخلاصات تنشط الكبد و تحرّض على خروج المواد الصفراوية من الحويصل الصفراوي. أما البول فيحوي إضافة لما سبق مادتين مدرّتين للبول هما Biliribine و Urobiline . و معلوم أن إعطاء المواد المدرّة للبول، أمر أساسي في معالجة استسقاء البطن، بغية التخفيف من شدّته.

و يذكر الدكتور محمد فاضل وردة (في كتابه الإبل العربية): أن حليب النوق يستخدم في كثير من الصحاري في معالجة أمراض الكبد، و فقر الدم، و مرض السل، و مرض الشيخوخة. كما وجد أن حليب الإبل يحوي الكثير من المعادن و الفيتامينات الضرورية، لاستعادة المرضى قواهم و حيويتهم و نشاطهم.

علاج مرض الربو

الكراث: الكراث إذا طبخ في الشعير نفع من الربو و أوجاع الصدر و السعال.

الفجل: الفجل إذا طبخ باللحم و أكل نفع من الربو.

التين اليابس: إذا شرب ماء طبيخه نفع الربو، و يابسه يفعل ذلك.

الحلبة: يؤخذ كيلو زبيب و نصف كيلو حلبة و يطبخان معا في قدر به ما يقارب ليتر ماء حتى يطبخ و يصير كالمربى، و يوميا على الريق تؤخذ ملعقة كبيرة يتبعها شرب مغلي الشمر كالشاي.

صفة دواء: الحبة السوداء مع المستكى التركي و عرق الحلاوة بمقادير متساوية قدر ملعقة تغلى كالشاي و يشرب يوميا.

السبانخ: يشرب كوب بعد الأكل من عصير السبانخ فإنه من أقوى الأدوية الغذائية للقضاء على الربو، و ذلك لمدة شهر.

ص:352

الزيتون: يؤخذ نوى الزيتون و يوضع على جمر و يستنشق به صباحا فإنه يقضي على الربو بإذن اللّه.

الغار: يؤخذ حب الغار و يطحن و يسف منه ملعقة صغيرة صباحا و مساءا، يتبعها شرب كوب ماء بارد عليه ملعقة عسل و ليمونة بنزهير.

الزيزفون: يؤخذ زهر الزيزفون و يغلى كالشاي، و يشرب منه قدر كوب قبل النوم يوميا.

اللبلاب: يؤخذ ورق اللبلاب (نبات متسلق معروف) و يجفف في الظل ثم يفرك كالشاي، و يشرب كالشاي يوميا.

السندروس: يؤخذ من السندروس ملعقة صغيرة تغلى في قدر كوب ماء غليا جيدا، ثم تحلى بقليل من عسل النحل، و يشرب ذلك يوميا بعد الفطار.

المستكى التركي: تطحن المستكى التركي ثم تعجن في زيت و على نار هادئة حتى تسخن، و بعد ذلك توضع على ورق كتابة و توضع على الصدر و الظهر و يلف حول الصدر مع الظهر ورق، و يكون قبل النوم كل ليلة، لمدة شهر.

ص:353

علاج دود البطن، النمش

اشارة

عن ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام من أكل سبع تمرات عجوة عند مضجعه قتلن الدود في بطنه(1).

النمش

قال أبو عبد اللّه (ع): من ذرّ على [أول] لقمة من طعامه الملح ذهب بنمش الوجه(2).

ص:354


1- (1) بحار الأنوار ج 59 ص 165 ح 3.
2- (2) فروع الكافي ج 6 ص 326-327 ح 8.

الدودة الشريطية

بذر اليقطين (القرع): يؤخذ بذر اليقطين (القرع) قدر 50 غراما و تطحن جيدا أو تمزج في كوب من الحليب و يشرب مساء، و بعدها شربة خروع، و تكرر مرات إلى أن تخرج برأسها.

الأترج: قشر الأترج بالحليب يقتل و يفتك بالديدان بكل أشكالها حتى يخرجها من المعدة.

للقضاء على الديدان

صفة دواء: يؤخذ ورق التوت و مثله وزنا من سعف النخيل و ورق الخوخ كذلك، و يطبخ كل ذلك جيدا في ماء مع سبع حبات من التين، ثم يصفى في قارورة، و يشرب منه فنجان يوميا قبل النوم و في الصباح يشرب عسل نحل.

الملفوف: يعصر الملفوف (الكرنب) و ذلك بتقطيع بعض الأوراق قدر ما تستطيع قبوله، و يضرب في الخلاط مع قليل من الماء، و ممكن وضع قليل من الملح و البهارات، و يشرب كعصير الطماطم، و ذلك يكون مساءا و في الصباح، تؤخذ على الريق شربة خروع.

البابونج: ينقع البابونج (قدر فنجان صغير) في كوب ماء ساخن لمدة نصف ساعة ثم يضاف عليه ملعقة زيت زيتون و ليمونة بنزهير، و يشرب دفعة واحدة على الريق، و لا يفطر حتى الغداء، فإن ذلك المشروب ينظف المعدة من كل الطفيليات بإذن اللّه.

المحلب: يؤخذ محلب قدر ثلاث ملاعق كبار و يطحن جيدا، ثم يعجن في كوب عسل و على نار هادئة حتى يعقد، و يؤخذ ملعقة على الريق يوميا.

الزعتر: يطحن فنجان من الزعتر و يعجن في برطمان عسل، و تؤخذ يوميا على الريق ملعقة كبيرة حتى ينتهي، و يا حبذا في نهاية الجرعة شربة خروع.

الترمس: يؤخذ ترمس و هو جاف و يطحن قدر فنجان (قدر قبضة اليد) و يعجن في كوب عسل نحل، و تؤخذ منه ملعقة على الريق يوميا ثلاثة أيام، بعدها تؤخذ شربة خروع لتطرد ما قتل.

الكزبرة: تناول التمر مع الكزبرة الناشفة على الريق يأمن شر الديدان مطلقا.

الحمص: تناول الحمص المسلوق مع الخل على الجوع (صباحا) يقتل ديدان البطن.

ص:355

ملح الطعام و أهميته للإنسان:

ملح الطعام مادة لا غنى لجسم الإنسان و (الحيوان) عنه بالإضافة إلى أنه مادة محسنة لطعم الغذاء... فالإنسان القياسي (شاب وزنه حوالي 70 كيلو جرام) يتكون جسمه من 42 لتر ماء و حوالي 125 جرام ملح إلى جانب المواد الأخرى.

و الملح هو أساس تركيب الدم فيحتوي كل لتر بلازما على 8 جرامات ملح (أي حوالي 3 جرامات صوديوم)، و كذلك فإن السوائل الموجودة بين الخلايا (السوائل خارج الخلايا) تحتوي على نسبة من الملح الموجود في الدم (8 جرامات أو 3 جرامات صوديوم لكل لتر) في حين تحتوي السوائل داخل الخلايا أساسا على البوتاسيوم و ليس الصوديوم، و لها أهمية كبيرة في حفظ توازن الخلايا و على التوازن «الاسموزي» داخل و خارج الخلايا، و تقدر كمية السوائل داخل الخلايا ب 30 لترا و خارج الخلايا ب 10-15 لترا في الإنسان القياسي و يحافظ الجسم باستمرار على تركيز الأملاح في سوائل الجسم المختلفة و في داخل الخلايا و ذلك عن طريق تحكمه في كميات الملح التي يتخلص منها الجسم يوميا خلال البول و البراز و العرق و في نفس الوقت يلعب الماء كمكون للغذاء و كمكون لإفرازات الجسم دورا هاما في محافظة سوائل الجسم على تركيبها دون تغيير و يتم هذا التحكم داخل الجسم عن طريق الهرمونات التي تحدد الكميات التي يجب على الجسم التخلص منها إلى جانب إحداث شعور بالعطش لو زاد تركيز الملح في الدم و إحداث شعور بالرغبة في أكل الأغذية الملحية في حالة قلة الملح في الدم و يتحكم في ذلك الجهاز العصبي.

و التخلص من الماء و الملح الزائد عن الجسم هو أساسا وظيفة الكليتين حيث يمر يوميا بهما 2000 لتر دم و منه يتم ترشيح 180 لتر سائل (يحتوي على نفس تركيز الملح الموجود في السوائل الخارجية للخلايا) و بالطبع لا يتخلص الجسم من كل هذه الكمية من السوائل في اليوم و إلا احتاج الإنسان إلى أخذ 1,5 كيلو جرام ملح و كميات هائلة من الماء يوميا... و الذي يحدث أن الكليتين تقومان بامتصاص الملح (إلى جانب عناصر أخرى مثل البوتاسيوم و الكالسيوم) مرة أخرى و بذلك يحصل الجسم مرة أخرى على 97-99% من الملح و الكميات المناسبة في الماء، و يخرج مع البول كميات قليلة من الماء تحتوي على كل المواد التي يريد الجسم التخلص منها، و تقوم بكل هذه التنظيمات هرمونات تفرز في غدد في وسط المخ و غدد جوار الكليتين، و للملح أهمية أخرى عظيمة و هي نقل الإحساس خلال الأعصاب و ذلك بتبادله مع عنصر البوتاسيوم، و لعل الأهمية الكبرى للملح بالنسبة للإنسان هي الطعم... فالإنسان لا يأكل لكي يمد جسمه بالبروتين أو الفيتامينات أو الأملاح المعدنية... و لكنه يأكل طعم الغذاء ليشبع عنده رغبات و يشعر بالسعادة.

ص:356

و الكمية التي يحتاجها الإنسان يوميا من الملح تتراوح بين 3-5 جرامات ملح للفرد البالغ في اليوم، و تتوقف الكمية على كمية العمل اليومي و درجة حرارة الجو... لذا فإنه عمليا يجب أن تقدر الكمية المطلوبة من الملح على أساس كمية الماء التي يفقدها الإنسان يوميا زيادة على المعدل الطبيعي، و تتراوح هذه النسبة بين 2-7 جرامات ملح لكل لتر ماء يفقد يوميا زيادة عن المعدل الطبيعي، و عموما يمكن القول إن أقل كمية يجب أن يتناولها الإنسان من الملح هي 2,8 جرام في اليوم، و أقل من ذلك يسبب ظهور أعراض نقص الملح حيث الكميات السابق ذكرها من الملح في الغذاء تعنى الملح الكلي للوجبات و ليس فقط الملح المضاف لها حيث الملح موجود طبيعيا في كل الأغذية فمثلا الخبز يعطي الانسان أكثر من 50% من كمية الملح التي يأخذها يوميا حيث الخبز هو الغذاء الأساسي في مصر و معظم بلاد العالم.

حالات نقص الملح:

هناك قاعدة وضعها أحد علماء الألمان هي أن 3 جرامات ملح في اليوم للإنسان هي الكمية المطلوبة و 30 جرام ملح في اليوم للإنسان ضار جدا بالجسم على المدى الطويل و 300 جرام ملح دفعة واحدة تعتبر جرعة قاتلة للإنسان و نقص الملح في الجسم له سببان هما:

1 - قلة كمية الملح في الغذاء... و هذا غير وارد في معظم بلاد العالم.

2 - زيادة الفقد من الملح من خلال الكليتين و الأمعاء و الجلد و أعراض نقص الملح باختصار هي:

أ - الشعور بالضعف و التعب و الدوخة و الصداع و تصلب العضلات.

ب - تبدأ زيادة تركيز الدم (لانخفاض نسبة الماء به).

(ج) تزداد نسبة اليوريا في البول.

و بإعطاء الإنسان في هذه الحالات ملحا في الغذاء تختفي هذه الأعراض بسرعة.

و أعراض نقص الملح نتيجة لزيادة فقده من الجسم يحدث في الحالات الآتية:

أ - زيادة المجهود العضلي في الصيف حيث يفقد الإنسان كمية كبيرة من الملح مع العرق.

ب - فقد الملح في حالات الإسهال الحادة (ما يعرف في مصر بأمراض الصيف التي تصل إلى حد الجفاف للأطفال).

و للتغلب على ذلك يتعاطى الإنسان كمية كبيرة من السوائل المحتوية على ملح الطعام، و المعروف في مصر أن العمال الذين يقومون بأعمال شاقة في الصيف (عمال البناء مثلا) يفضلون

ص:357

أكل الأغذية العالية في نسبة الملح و يواظبون على شرب الشاي طوال اليوم و تقدر كمية الملح اللازمة لمثل هذه الظروف بحوالي 10 جرامات ملح للفرد في اليوم.

و ما هو جدير بالذكر أن «محلول معالجة الجفاف» الذي لاقى في مصر نجاحا كبيرا لعلاج حالات إسهال الصيف عند الأطفال هو عبارة عن محلول يحتوي على الأملاح و العناصر التي تعوض ما يفقده الطفل من ماء و أملاح نتيجة الإسهال.

حالات زيادة الملح:

إرتفاع نسبة الملح في الغذاء مشكلة تواجه جميع الشعوب الآن... و هناك عديد من الدراسات عن علاقة نسبة الملح في الغذاء اليومي و أمراض ارتفاع ضغط الدم و تصلب الشرايين و الصداع المزمن و غير ذلك...

و تشمل حالات زيادة الملح على ما يلي:

1 - زيادة نسبة الملح في الغذاء اليومي عن 30 جرام ملح (سواء ملح طبيعي في الغذاء + ملح مضاف إليه في صورة ملح) للفرد يوميا يعتبر عبئا كبيرا على الجسم و على الكليتين و يسبب على المدى الطويل أضرار صحية.

2 - يمكن للإنسان البالغ تعاطي 20-30 جرام ملح مرة واحدة و لا يحدث ارتفاع في درجة الحرارة (بعكس الأطفال يحدث لهم ارتفاع في الحرارة بكمية أقل من ذلك) و لكن سوف يحدث غالبا قيء و إسهال لأن الملح يثير الغشاء المخاطي في المعدة و الأمعاء، و القيء و الإسهال هما تفاعل الجسم مع المادة الغير مرغوبة و محاولة طردها قبل امتصاصها.

الملح في الطب القديم

قلع اللحم الزائد في القروح: ديسقوريدوس: قوّته قابضة تجلو و تنقي و تحلل و تقلع اللحم الزائد في القروح. و تمنع القروح الخبيثة من الانتشار.

قلع اللحم النابت في العين: يقلع اللحم النابت في العين و يذهب الظفرة و يصلح للحقن.

الإعياء و الحكة و الجرب: إذا خلط بالزيت و الخل و تلطخ به أذهب الإعياء و الحكة و الجرب.

و إذا خلط بالزيت و الخل و تلطخ به بقرب النار إلى أن يعرق نفع الحكة و الجرب المتقرح و غيره و الجذام و القوابي.

ص:358

الأورام البلغمية: هو صالح للأورام البلغمية العارضة لمن به استسقاء.

تسكين الوجع: إذا تكمد به سكن الوجع.

تسكين الخناق: إذا خلط بالخل و العسل و الزيت و تحنك به سكن الخناق.

ورم اللهاة و النغانغ: إذا خلط بالعسل نفع من ورم اللهاة و النغانغ.

الآكلة و القلاع و اللثة المسترخية: قد يضمد به مع الشعير المحرق و العسل للآكلة و القلاع و اللثة المسترخية.

لذعة العقرب: يضمد به مع بزر الكتان للذعة العقرب.

نهشة الأفعى: مع فودنج الجبل و الزوفا لنهشة الأفعى الذكر. و مع الزفت و القطران أو العسل لنهش الأفعى و الحية التي يقال لها فرسطس و هي التي لها قرنان.

سم أمّ أربعة و أربعين: مع الخل و العسل لمضرة سم الحيوان الذي يقال له أم أربعة و أربعين و لذع الزنابير.

البثور في الرأس: مع شحم العجل للبثور التي يقال لها سورداقيا إذا خرجت في الرأس و اللحم الزائد في ظاهر البدن الذي يقال له يوميا.

إنضاج الأورام البلغمية: إذا خلط بفوذنج الجبل و خمر أنضج الأورام البلغمية العارضة في الأنثيين. و إذا تضمد به مع الزيت و العسل نفع لتحليل الدماميل.

نهشة التمساح: قد ينفع من نهشة التمساح الذي يكون بنيل مصر.

نهشة بعض الهوام: إذا سحق و صرّ في خرقة كتان و غمس في خل حاذق و ضرب به ضربا رفيقا و وضع على العضو المنهوش من بعض الهوام نفع من النهشة.

كمنة الدم تحت العين: إذا استعمل بالعسل نفع من كمنة الدم الذي تحت العين.

مضرة الأفيون و الفطر القنال: قد ينفع من مضرة الأفيون و الفطر القتال إذا شرب بسكنجبين.

و إذا خلط بالعسل و الدقيق نفع التواء العصب.

حرق النار: إذا خلط بالزيت و وضع على حرق النار لم يدعه يتنفط و قد يوضع على النقرس كذلك فينفعه. و يستعمل بالخل لوجع الأذن.

منع الحمرة و النملة من الانتشار: إذا تضمد به مع الخل و لطخ به مع الزوفا منع الحمرة و النملة

ص:359

من الانتشار في البدن.

الإسهال و القيء و تحليل الأورام: يعين على الإسهال و القيء و يحلل الأورام و يقلع البلغم اللزج من المعدة و الصدر و يغسل المعا و يهيج القيء و يعين على قلع السوداء و البلغم اللزج من أقاصي البدن.

تهييج الشهوة: الرازي في المنصوري: يذهب بوخامة الطبيخ و يهيج الشهوة و يحدها و الإكثار منه محرق للدم و يضعف البصر و يقلل المني و يورث الحكة و الجرب.

سريان العفونة إلى البدن: قال في دفع مضار الأغذية: يعين على هضم الطعام و ينفع من سريان العفونة إلى البدن و يذهب بوخامة الدسم و يوافق أصحاب الأبدان الكثيرة الرطوبة و يضر النحفاء.

إسهال البلغم و السوداء: الملح الأسود الذي ليس سواده شديدا و لا له رائحة النفط فحار في الثانية يسهل البلغم و السوداء و النفطي يسهل الماء و السوداء و البلغم العفن.

إسهال الماء الأصفر و طرد الرياح: الخوز: الملح الهندي يسهل الماء الأصفر و يطرد الرياح و يلين الصدر و البطن و يذهب البلغم و يحد الفؤاد و ينفع من وجعه و يشهي الطعام و يذهب بصفرة الوجه.

إحداد الذهن: الأندراني يحد الذهن و المر إذا سحق بشيء من صمغ الزيتون و حشي به الجرح الطري من ساعته ألحمه.

سيلان الدم: إذا حل الملح بالخل و تمضمض به قطع سيلان الدم المنبعث من اللثات و المنبعث أيضا بعد قلع الضرس. و إذا سخنا و أمسكا في الفم نفعا من وجع الضرس.

تنقية الدماغ: إذا تغرغر بهما جلبا بلغما و خما و نقيا الدماغ و ورم النغانغ.

الأواكل و النملة الساعية و بثور الأعضاء: إذا غسل بالملح و الخل كل يوم الأواكل و النملة الساعية و بثور الأعضاء و تمودي على ذلك أبرأها.

النزلات: إذا خلط الأندراني مع الصبر و وضع على الدماغ نفع من النزلات.

الفسخ و الوثي و الرض: إذا سحق و سخن و وضع على الفسخ و الوثي، و الرض في أول حدوثها بعد أن يدهن الموضع بزيت أو عسل و يعصب عليه زال وجعها.

الورم الرخو و تهيج الأطراف: إذا حل في خل و صابون نفع من الورم الرخو و من تهيج الأطراف إذا كمدت بهما حارين.

فتح السدد: إذا حل في شراب السكنجبين أو شرب بالماء وحده فتح السدد حيث كانت و قلع البلغم اللزج و يؤخذ من درهمين إلى نحوهما.

ص:360

وجع الحلق، السعال، وجع القلب

اشارة

عن محمد بن خالد، عن الحلبي، قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما وجدنا لوجع الحلق مثل حسو(1) اللبن(2).

السعال

عن ابن أذينة: قال: شكى رجل إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام السعال و أنا حاضر، فقال له: خذ في راحتك شيئا من كاشم(3) ، و مثله من سكر فاستقه يوما أو يومين. قال ابن اذينة، فلقيت الرجل بعد ذلك فقال: ما فعلته الا مرة حتى ذهب(4)

وجع القلب

عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كلوا الكمثرى(5) ، فإنه يجلو القلب، و يسكن أوجاع الجوف بإذن اللّه تعالى(6).

ص:361


1- (1) مر شرحها.
2- (2) بحار الأنوار ج 59 ص 182 ح 4.
3- (3) الكاشم: مر شرحها.
4- (4) بحار الأنوار ج 59 ص 182 ح 3.
5- (5) الكمثرى: مر شرحها.
6- (6) فروع الكافي ج 6 ص 358 ج 1، باب الكمثرى.

اللبن في الطب القديم

تسكين استطلاق البطن: إذا أخذ على الصفة التي سنذكرها سكن استطلاق البطن المفرط و قطع اختلاف الأشياء اللزجة الدمية.

وصفته: أن يؤخذ من الحجارة الملس التي تكون في مقدار ملء الكلف الصم التي لا تفلقها حرارة النار في أوّل لقائها له و تنظف مما يعلوها الأرضية و تطرح في النار حتى تحمى و يجعل اللبن في إناء و تؤخذ هذه الحجارة بالكبتين و تطرح في اللبن ثم تطبخ اللبن طبخا ينقص فيه مائيته و ينزل عن النار و يستعمل، و أما نحن فقد استعملنا مكان هذه الحجارة الحديد المستدير النقي من الصدأ فوجدناه أجود منها لقبضه اليسير.

الرمد في العين: جميع الألبان نافعة للرمد في العين الكائن عن النوازل الحارة و ربما جعلناه على الأجفان إذا كان المريض يريد النوم.

إن صيرنا معه دهن ورد و شيئا من بياض البيض و جعلناه على الأجفان الورمة نفعها.

و ينبغي أن يكون اللبن الذي يستعمل في هذه طريا كما حلب.

الأرحام ذوات القروح: كثيرا ما تحقن به الأرحام ذوات القروح إما وحده أو مخلوطا بأدويتها الموافقة لها.

القروح في المعدة: ينفع القروح في المعدة إذا حدثت عن خلط حار لذاع انصب إلى ذلك الموضع، و كذا ينفع من البواسير و قروح المعدة و الأنثيين من خلط حاد لذاع.

أورام اللوزتين و اللهاة: إذا تمضمض به من كان في فمه قروح نفعها و ينفع من أورام اللوزتين و اللهاة.

عقل البطن: كل لبن إذا طبخ عقل البطن و خاصة إذا نشف ماؤها بحصى محمى أو حديد.

القروح الباطنة: قد ينفع من القروح الباطنة و خاصة التي في الحلق و قصبة الرئة و الأمعاء و الكلى و المثانة و من حكة الجلد و من الشري و الحصف و البثر و فساد الجسد بالكيموسات الرديئة.

قد يستعمل اللبن الحليب مخلوطا بعسل فيه شيء يسير من الماء و الملح.

إذا غلي غلية واحدة ذهبت نفخته.

ص:362

إسهال البطن و قرحة الأمعاء: إذا طبخ بالحصى المحمى إلى أن يصير إلى النصف نفع من إسهال البطن و من قرحة الأمعاء.

تسكين الزحير و لذع الأمعاء: لبن البقر و المعز و الضأن إذا طبخت بالحصا المحمى قطعت الإسهال العارض من قروح الأمعاء و يسكن الزحير و قد يحتقن به وحده أو بماء الشعير أو بماء الصنف من الحنطة التي يقال لها حندروس فيسكن لذع الأمعاء.

لذع المعدة و قرحة الرئة: إذا سقي من لبن النساء شفى لذع المعدة و قرحة الرئة و نفع من سقي الأرنب البحري.

قرحة العين و النقرس: قد يقطر في العين التي قد عرض لها طرفة أو قرحة. و إذا خلط به عصارة الخشخاش الأسود و موم بزيت عذب و لطخ على النقرس نفع منه.

يزيد في النطفة: أطرا الهندي: اللبن يزيد في النطفة و يحفظ الحياة و يغذي كالجبن و يزيد في الحفظ و يذهب الإعياء و من مرض من كثرة الجماع و اليرقان و هو ترياق للسموم و يصفي اللون و يكثر لبن المرأة و يسكن العطش و يدر البول.

السعال و نفث الدم: اليهودي: لبن المعز يستحيل إلى لبن جيد نافع من السعال و نفث الدم و نحول الجسم.

الحمى العتيقة: الطبري: عن بعض كتب الهند أنه جيد للحمى العتيقة و استطلاق البطن لأن المعز كثير المشي قليل الشرب و ترعى ما كان مرا خفيفا. و يدر البول.

السعال و الربو: اليهودي: لبن الضأن جيد للسعال و الربو و يصفي اللون جدا و يكسب اللحم و يزيد في الدماغ و النخاع و الباه.

إدرار الحيض: لبن الرماك مدر للحيض المنقطع من قبل الحرارة و اليبس مفتح لأورام الرحم شربا.

تنقية الرحم من القروح: الطبري: إذا حقنت المرأة بلبن الرماك و هو حار نقى الرحم من القروح.

تليين الصدر و البطن: الرازي في كتاب الشراب: أما لبن الرماك فيشبه أن يكون أسخن من ألبان المواشي و شاهدت خلقا من الترك زعموا أنهم كانوا يشربون منه و يسكرون و ليس ينبغي أن يظن به أنه مثل الشراب في أفعاله لكنه يحط الطعام و يلين الصدر و البطن على حال.

ص:363

شد اللثة و الأسنان: ديسقوريدوس: لبن الأتن خاصة إذا تمضمض به شد اللثة و الأسنان.

عسر البول و اللهب و اشتعال القلب و الرئة: الطبري: هو نافع من عسر البول و اللهب و اشتعال القلب و الرئة جيد لقروح الرئة نافع لكل أمراض الصدر جيد لقروح المثانة و مجاري للثول و يسقى منه ثلاث أواق بالغداة أو أكثر أو أقل على قدر المصلحة.

الأدوية القتالة و الدوسنطاريا: الطبري: إن شرب لبن الأتن نفع من الأدوية القتالة و من الدوسنطاريا و من الزحير. و إذا حقنت به المرأة نفع من قروح الرحم.

الماء الأصفر و البهر و ضيق النفس: اليهودي: لبن اللقاح نافع من الماء الأصفر و البهر و ضيق النفس و يفتح السدد و يطرّي الكبد و يقوي الجسم و الأجود أن يسقى للمستسقي مع بولها و يسقى لتصفية ألوان النساء.

البواسير و الاستسقاء: الطبري: في لبن اللقاح حرارة و ملوحة و له خفة و ينفع من البواسير و الاستسقاء و الدبيلة و تهيج شهوة الغذاء و الجماع.

حرارة الكبد: الرازي في الحاوي: قال بعض الأطباء لبن اللقاح ينفع من حرارة الكبد و يبسها نفعا بليغا و يسقى منه من رطل إلى رطلين حليبا بخمسة دراهم من سكر العشر فينفع من الاستسقاء الحادّ.

فتح سدد الكبد: ابن ماسويه: يفتح السدد المتولدة في الكبد من الورم الصلب.

الاستسقاء الزقي و الطبلي: حنين: لبن اللقاح نافع من نوعي الاستسقاء الزقي و الطبلي و يحلل الغلظ الكائن في الكبد و ينفع الأورام الجاسية.

ينبغي أن يجعل دستور يعمد في سقي اللبن في الاستسقاء أن لا يسقى اللبن في الاستسقاء و لا في الأورام التي يؤول أمرها إلى الاستسقاء إلا بعد استحكام الماء فإنك إذا فعلت ذلك لم يسهل اللبن من الماء شيئا بل يسهله ما يحل قواه عند خروجه و هذا شيء عرفناه بالتجربة، فإذا استحكم الماء فاسقه اللبن ما لم تكن به حمى و آخر من جربنا عليه هذه القضية البوشنجالي فإني لم أسقه.

ص:364

السعال (الكحة)

اشارة

السعال من أكثر الأمراض شيوعا بين الناس، و هو عرض يخص ذات الرئة، و قد جاءت و صفات كثيرة لعلاج السعال و هي:

يؤخذ الدبس و الدبس هو عصير العنب بعد أن يغلى عدة مرات و في كل مرة يزال عنه ما يتكون من رغوة و فضلات و ذلك حتى يذهب ثلثاه و لا يبقى إلا الثلث، هذا الدبس إذا مزج مع التين و الحلبة فإنه جيد و شاف لأوجاع الصدر و السعال إذا داوم المريض على أكله.

و إذا عقد ماء الحلبة مع عسل النحل و شرب من المزيج فإنه يشفي السعال، و المقصود بماء الحلبة أي مغليّ الحلبة، كذلك إذا خلط الخردل مع عسل النحل فإنه يشفي السعال المزمن و الربو و أوجاع الصدر.

يؤخذ اللوز بعد سحقه مع مثل وزنه من السكر و نصف وزنه من الزبيب اليابس بعد سحقه و يوضع الخليط كله على النار مع قليل من الماء ثم يؤخذ شربا أو أكلا فإنه يقطع السعال المزمن.

إذا مزجت عصارة البطيخ مع الزنجبيل و عسل النحل و وضع الكل على النار لقليل من الوقت ثم استعمل فإنه يشفي من السعال، كذلك إذا هرس التمر (البلح) مع الحلبة على النار قليلا ثم داوم المريض على أكله فإنه يقطع البلغم.

و إذا هرست أوراق الجميز و أطرافه الغضة و ثمرته جيدا ثم وضعته على النار حتى تتهرى مع قليل من الماء و صفيت بعد ذلك و وضع عليها السكر حتى تصبح مقبولة الطعم و تستخدم بعد ذلك أكلا لمن يشكو السعال المزمن و الربو و عسر التنفس كما أن هذه الوصفة تنقي الصوت.

و مما يفيد في علاج السعال و يذهب البلغم و صفة «جوارش الكمون» و طريقة صنعها، أن يؤخذ الكمون بعد نقعه في الخل لفترة كافية ثم يجفف الكمون بعد ذلك و يضاف إليه زنجبيل و فلفل مسحوق و بورق و يخلط المزيج جيدا ثم يعجن بثلاثة أمثاله عسل نحل، علما بأن نسبة الزنجبيل المضاف تبلغ عشرة أجزاء بينما الفلفل ثلاثة أجزاء و البورق جزء واحد، بعد تحضير الوصفة يشرب منها المريض من أربعة إلى سبعة مرات في اليوم.

ص:365

يؤخذ تين و زبيب من كل أوقيتان ثم يسحقان معا و يضاف إليه أوقية من الشبث و ينسون و عرق سوس و يمزج الجميع جيدا و يستخدمه المصاب بالسعال... أما من يشكو الربو فيضيف إلى المزيج السابق الحلبة...

و إذا وضع الزبيب و الينسون على النار مع قليل من الماء و ترك حتى يتهرى ثم شرب ماؤه بعد ذلك مع اللوز سكن السعال... كذلك فإن مضغ شمع العسل يفيد في علاج أوجاع الصدر و السعال...

يشرب مغلي أوراق اللبلاب المتسلق لمعالجة السعال المزمن و يعد المغليّ بغلي 1-2 جرام من الأوراق لكل فنجان من الماء الساخن و لا يجب تجاوز هذا المقدار من الأوراق و بعد إعداد المغليّ يشرب منه 1-2 فنجان في اليوم...

يستخدم مغليّ العرقسوس لمعالجة السعال خاصة المصحوب بفقدان الصوت (بحة) و يعمل المغليّ أو المستحلب بغلي ملعقة صغيرة من العرقسوس لكل فنجان من الماء و يشرب منه و هو ساخن فنجان واحد مرتين في اليوم...

يستخدم عصير الجزر بعد تحليته بالسكر لمعالجة السعال عند الأطفال...

إذا دقت الحلبة مع حبة البركة و المستكى و لبان الذكر ثم وضع الجميع على نار هادئة لمدة زمنية قصيرة، ثم خلط المزيج بعسل النحل و استعمل على الريق في الصباح فإنه يقطع السعال...

إذا مزجت أوراق النعناع بالخل أو شربت عصارة النعناع مع الخل فإنه يفيد في قطع السعال خاصة السعال المصحوب بدماء...

تؤخذ ست تمرات أو عشرة و ينزع نواها و إن لم يوجد تمر فأربع تينات أو نصف أوقية من الزبيب و توضع في رطلين من الماء و تغلى على النار ثم تصفى و تحلى بالسكر أو عسل النحل...

و يستخدم هذا المغليّ لمعالجة الأمراض الصدرية المصحوبة بالسعال...

أما ما يقوله الطب الحديث:

السعال أو الكحة يكاد يعرفه كل إنسان، فهو من الأعراض الشائعة بين بني البشر و هو من الأعراض التي تلفت النظر و تزعج بل و تقلق البال، و ذلك راجع لتعدد الأسباب و الأمراض التي تؤدي إلى السعال، و لا شك أن السعال أيضا طريقة من طرق نقل العدوى لأمراض الجهاز التنفسي و أمراض

ص:366

الحلق و الزكام و الأنفلونزا لذلك وجب على كل من يصاب بالسعال أن يضع منديلا على الفم أثناء السعال و أن يدير رأسه بعيدا عن وجوه محدثيه حرصا منه على عدم نشر الرذاذ و العدوى بين الناس و كما نحب للناس أن يضعوا منديلا على الفم عند ما يسعلون نطلب أيضا أن يتجنبوا البصق على الأرض و على الأخص في السيارات و المصاعد حيث إن هذه الأماكن المغلقة فرصة سانحة لانتشار العدوى.

و يوحي السعال إلى الناس أنه ناشىء من مرض بالجهاز التنفسي كالحنجرة أو القصبة الهوائية أو الشعب الهوائية أو الرئة ذاتها و ينسون أن للسعال أسبابا أخرى خارج الجهاز التنفسي، فقد يكون السعال بسبب بسيط كزيادة طول اللهاة في الحلق، أو يكون راجع لأسباب أخرى أخطر قليلا مثل مرض القلب الذي يسبب احتقان الرئتين و بذلك يسبب سعالا قد يكون عنيفا و قد يطرد النوم عن جفني المريض، و قد يكون بسبب ضيق صمام القلب الميترالي نتيجة للإصابة بالروماتيزم إذ يسبب تضخم الأذين الأيسر الذي يضغط على الشعب الرئوية فيسبب سعالا متكررا، و قد يكون السعال بسبب مرض داخل البطن كوجود ورم ضاغط على الحجاب الحاجز يتسبب عنه السعال إلى غير ذلك من أورام الأوعية الدموية و تمددها و أورام الغدد اللمفاوية التي تضغط في الصدر أو البطن على أجزاء من الجهاز التنفسي فتسبب السعال.

و يوجد مركز في الجسم المستطيل بالمخ يهيمن على ميكانيكية السعال و ترسل له الإشارات من داخل الجهاز التنفسي و من خارجه أيضا، و تختلف المؤثرات المسببة للسعال اختلافا كبيرا فقد تكون المؤثرات التهابية كما يحدث في التهاب الحلق و اللوزتين و احتقان القصبة الهوائية و النزلات الشعبية كما قد تكون المؤثرات ميكانيكية كاستنشاق التراب و الدخان و الأجسام الغريبة التي قد تكون مختلطة بالهواء الذي نستنشقه كما يحدث في المصانع و محالج القطن، و من العوامل الشائعة استنشاق دخان السجائر و قد يؤدي التدخين إلى التهاب مزمن في الحنجرة و الحلق و القصبة الهوائية و الشعب الرئوية فيسبب ذلك سعالا مزمنا يحدث في غير وقت التدخين... و قد يسبب استنشاق إفرازات الحلق و الأنف أو ذرات الطعام أثناء الأكل سعالا حارا قد يصحبه شهيق مزعج و هذا ما يسميه العامة (بالشرقة).

و من المؤثرات الميكانيكية أيضا ضغط الأورام و الغدد و غيرها على أجزاء الجهاز التنفسي - كما سبق أن ذكرنا - و يدخل في ذلك الأورام الرئوية و تجمع السائل في البللورا - الغشاء الذي يغطي الرئتين - ضاغطا على الرئة و السل الرئوي (الدرن).

ص:367

و هناك مؤثرات كيمائية تسبب السعال كاستنشاق بعض الغازات السامة المستخدمة في الصناعة مثل الكلورين و البرومين و الفوسجين و أبخرة المواد الطبية كاليود و الأحماض... و من ذلك نرى أن دهن صدر المصاب بالسعال بمادة اليود - كما يفعل البعض - قد يزيد من حدة السعال و لا يشفيه.

و هناك المؤثرات الحرارية و لها أيضا أهميتها في إحداث السعال فاستنشاق الهواء الساخن أو البارد يؤدي إلى السعال، و الآن نتساءل عن ماهية الأمراض التي تسبب السعال، و الحقيقة ان القائمة طويلة جدا و هي تشمل التهاب الحلق، التهاب الحنجرة، التهاب القصبة الهوائية، النزلة الشعبية، تمدد الشعب، السل الرئوي (الدرن)، الالتهاب الرئوي، خراج الرئة، غنغرينا الرئة، الإصابة الطفيلية بالرئة، السعال الديكي، التهاب البللورا، الصديد الصدري، أمراض القلب، احتقان الرئة نتيجة ضعف القلب، تمدد الأورطي، الأجسام الغريبة بالرئة، الأورام الصدرية، الربو، استنشاق المواد الكيميائية و الأبخرة.

علاج الخفقان و الرجفة

العنبر و الحليب: قطرات من العنبر على الحليب المحلى بالعسل قبل النوم مقو للقلب و الأعصاب.

علاج اضطراب القلب و ضعفه

صفة دواء: يؤخذ ملعقة صغيرة مستكى تركي و ثلاثة ملاعق حبة سوداء و يطحن ذلك، ثم يعجن في عسل، و يؤخذ ملعقة على الريق يوميا.

الملفوف: تأخذ الكرنب و تطبخه حتى يصير كله ماء، و تطبخه في الخل الحاذق، و يفطر عليه سبعة أيام، نافع للقلب.

الشبث (الفيجن): تأخذ الفيجن و تطبخه و تصفي ماءه و تفطر عليه.

ص:368

الفزع في النوم

اشارة

عن النصر، عن ميسّر، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ رجلا قال له: يا ابن رسول اللّه إنّ لي جارية يكثر فزعها في المنام، و ربّما اشتدّ بها الحال، فلا تهدأ و يأخذها خدر في عضدها و قد رآها بعض من يعالج فقال: إنّ بها مس من أهل الأرض، و ليس يمكن علاجها فقال عليه السّلام: برّدها بالفصد(1) ، و خذ لها ماء الشبث المطبوخ بالعسل، و يسقى ثلاثة أيّام، قال: ففعلت ذلك فعوفيت بإذن اللّه عزّ و جلّ (2).

ص:369


1- (1) الفصد: شق العرق. (المنجد). يتم الفصد بواسطة إبراة واسعة القناة، و يؤخذ الدم من الوريد مباشرة و تتراوح كمية الدم المفصود بين 300-500 سم و يجب أن يتم هذا بأسرع ما يمكن، و في حالات ازدياد عدد كرات الدم الأولى يفصد نصف ليتر مرتين أسبوعيا حتى يعود معدل الدم إلى نسبته الطبيعية، ثم يكرر مرة كل شهر بعد ذلك. أما في حالات الاحتقان الرئوي فإن الفصد يستخدم لتقليل حجم الدم في الدورة الدموية، و لتعليل نسبة اللزوجة الخاصة به.
2- (2) بحار الأنوار ج 73 ص 190 ح 20.

الشبث في الطب القديم

شرح الماهية:

[لم يصف ابن البيطار هذا النبات و لم يذكر شيئا عن ماهيته، و اقتصر على ما نقله عن منافعه الدوائية، الشّبث نوع من البقل من ذوي الجمم - كما قال الغساني في «حديقة الأزهار»، و منه صنفان متقاربان و لا يفترقان إلا بالبزر، أحدهما عدسي الشكل و الآخر كبزر الفقاح، له ورق مهدّب طويل الهدب منبسط، خضرته إلى الغبرة، و له ساق ملساء مجوّفة و أغصان رقاق قصار في أطرافها إكليل كأنه جمم عليها زهر أصفر يخلفه بزر دقيق بين الصفرة و السواد، و له عرق أبيض غائر في الأرض، و هو من خضار الربيع يطبخ بالحليب، يعرف في المغرب باسم أسليلي].

خواص العلاجات:

تسكين الوجع: متى طبخ بالزيت صار الزيت دهنا يحلل و يسكن الوجع و يجلب النوم و ينضج الأورام اللينة التي لم تنضج لأن الزيت الذي يطبخ فيه الشبث يصير قريبا من مزاج المفتحة المنضجة.

تسكين المغص و النفخ: طبيخ هذا النبات و بزره إذا شرب أدرا البول و سكنا المغص و النفخ و قد يقطعان الغثي الذي يعرض من طفو الطعام في المعدة، و يسكنان الفواق.

أوجاع الأرحام: إذا جلس النساء في طبيخه انتفعن به من أوجاع الأرحام.

البواسير: حرق بزره و تضمد به على البواسير النابتة قلعها.

وجع الأذن السوداوي: ابن سينا: عصارته تنفع من وجع الأذن السوداوي و تيبس رطوبة الأذن.

تنقية البلغم و الصفراء: الغافقي: طبيخه مع العسل ينقي البلغم و الصفراء. إذا سحق الشبث مع العسل و طبخ حتى ينعقد و لطخ على المعدة أسهل إسهالا.

فش الرياح: يفش الرياح إذا أكل و إذا شرب بقوة و يدفعها إلى ظاهر البدن.

ص:370

إدرار اللبن: ابن ماسة البصري: بزر الشبث إذا جعل في الأحشاء أدر اللبن.

الكواميخ: الكامخ المعمول فيه الشبث أصلح الكواميخ و أنفعها و أصلحها للمعدة. و كامخ الشبث جيد لمن أراد أن يتقيأ رديء إذا أكل فوق الطعام.

وجع الظهر و الرياح: جيد لوجع الظهر و الرياح إذا وقع في الطبيخ إلا أنه يبخر الرأس و لا يصلح للمحرورين.

وجع الكلى و المثانة: قال التجريبيون: طبيخ الشبث بجملته ينفع من وجع الكلى و المثانة إذا كانت عن سدد أو رياح غليظة.

ص:371

الحمى

اشارة

عن إسحاق بن مطهّر، قال أبو عبد اللّه عليه السّلام كل التفاح، فإنّه يطفىء الحرارة، و يبرد الجوف، و يذهب بالحمى(1).

عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال: ذكر له الحمّى فقال: إنّا أهل بيت لا نتداوى إلا بإفاضة الماء البارد يصبّ علينا و أكل التفّاح(2).

عن درست قال: بعثني المفضل بن عمر إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام فدخلت عليه في يوم صائف،(3) و قدامه طبق فيه تفاح أخضر، فو اللّه إن صبرت أن قلت له: جعلت فداك، أ تأكل هذا و الناس يكرهونه؟ قال: - كأنه لم يزل يعرفني - إنّي وعكت(4) في ليلتي هذه فبعثت فأتيت به، و هذا يقطع الحمّى و يسكن الحرارة. فقدمت فأصبت أهلي محمومين، فأطعمتهم فأقلعت عنهم(5).

عن درست بن أبي منصور، قال: بعثني المفضّل بن عمر إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام بلطف، فدخلت عليه - إلى قوله - فأقلعت الحمّى عنهم(6).

ص:372


1- (1) بحار الأنوار ج 59 ص 93 ح 1.
2- (2) بحار الأنوار ج 59 ص 93 ح 2.
3- (3) أي شديد الحر.
4- (4) وعك الرجل: أصابه ألم من شدة التعب أو المرض، و وعكته الحمى: اشتدت عليه و آذته.
5- (5) بحار الأنوار ج 59 ص 93-94 ح 5.
6- (6) بحار الأنوار ج 59 ص 94 عن الكافي. قال المجلسي في البحار: إعلم أن أكثر الأطباء يزعمون أن التفاح بأنواعه مضر للحمى يهيج لها و قد ألفيت أهل المدينة - زادها اللّه شرفا - يستشفون في حمياتهم الحارة بأكل التفاح الحامض و صب الماء البارد عليهم في الصيف، و يذكرون أنهم ينتفعون بها. -

عن سليمان بن درستويه الواسطيّ، قال: وجّهني المفضّل بن عمر بحوائج إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام فإذا قدّامه تفّاح أخضر، فقلت له: جعلت فداك، ما هذا؟ فقال: يا سليمان، إنّي وعكت البارحة، فبعثت إلى هذا لآكله، أستطفىء به الحرارة، و يبرد الجوف، و يذهب بالحمّى. و رواه أبو الخزرج عن سليمان(1).

عن عبد اللّه بن بكير، قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام و هو محموم، فدخلت عليه مولاة له، فقالت: كيف تجدك - فديتك نفسي - و سألته عن حاله و عليه ثوب خلق قد طرحه على فخذيه. فقالت له: لو تدثرت حتى تعرق، فقد أبرزت جسدك للريح.

فقال: اللهم أولعتهم(2) بخلاف نبيك (ص)! قال رسول اللّه (ص): الحمّى من فيح جهنّم - و ربما قال من فور جهنّم (3)- فأطفئوها بالماء البارد(4).

عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الحمّى من فيح جهنّم فأطفئوها بالماء البارد(5).

و قال محمّد بن مسلم: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: ما وجدنا للحمّى مثل الماء البارد و الدعاء(6).

ص:373


1- (1) بحار الأنوار ج 59 ص 95 ح 6.
2- (2) أولعتهم: أي جعلتهم حرصاء على مخالفته، بأن تركتهم حتى اختاروا ذلك و في بعض النسخ «و العنهم» و على التقديرين ضمير الجمع راجع إلى المخالفين أو الأطباء لأنها كانت أخذت ذلك عنهم.
3- (3) قال في النهاية: فيه «شدة الحر من فيح جهنم» الفيح سطوح الحر و فورانه، و يقال بالواو. و فاحت القدر تفوح و تفيح إذا غلت.
4- (4) بحار الأنوار ج 59 ص 95 ح 7.
5- (5) بحار الأنوار ج 59 ص 95 ح 8.
6- (6) بحار الأنوار ج 59 ص 96 ح 9. -

عن أبي أسامة الشحام، قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: ما اختار جدنا صلّى اللّه عليه و اله و سلّم للحمّى إلا وزن عشرة دراهم سكّر بماء بارد على الرّيق(1).

و قال عليه السّلام: صبوا على المحموم الماء البارد في الصيف، فإنه يسكن حرها(2).

عن يحيى بن بشير النبّال، قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام لأبي: يا بشير، بأي شيء تداوون مرضاكم؟ قال: بهذه الأدوية المرار. قال: لا، إذا مرض أحدكم فخذ السكر الأبيض، فدقّه ثم صبّ عليه الماء البارد و اسقه إيّاه، فإن الذي جعل الشفاء في المرار قادر أن يجعله في الحلاوة(3).

عن يونس بن يعقوب، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: مرضت سنتين أو أكثر، فألهمني اللّه الأرز، فأمرت به فعسل و جفف ثم أشم(4) النار و طحن، فجعلت بعضه سفوفا و بعضه حسوا(5).

عن عمرو بن شمر، عن جابر، قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: البصل يذهب بالحمّى(6).

ص:374


1- (1) بحار الأنوار ج 59 ص 96 ح 10.
2- (2) بحار الأنوار ج 59 ص 97 حديث 13.
3- (3) بحار الأنوار ج 59 ص 98 ح 15. كأن المراد بالسكر الأبيض ما يسمى بالفارسية بالقند.
4- (4) الإشمام كناية عن تشويته بالنار قليلا.
5- (5) بحار الأنوار ج 59 ص 98-99 ح 17.
6- (6) بحار الأنوار ج 59 ص 99 ح 18

عن محمد بن إبراهيم الجعفي عن أبيه، قال: دخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام فقال: ما لي أراك شاحب(1) الوجه؟ قلت: أنا في حمّى الربع. فقال: من أين أنت عن المبارك الطيب! إسحق السكّر ثم خذه بالماء و اشربه على الريق عند الحاجة إلى الماء.

قال: ففعلت، فما عادت إليّ بعد(2).

عن عبد اللّه بن سنان، قال: قال جعفر بن محمد عليهما السّلام: لو يعلم الناس ما في التفاح ما داووا مرضاهم إلا به(3).

عن سماعة، قال: سألت أبا عبد اللّه الصادق عليه السّلام عن مريض اشتهى التفّاح و قد نهي عنه أن يأكله، فقال: أطعموا محموميكم التفاح، فما من شيء أنفع من التفاح(4).

عن طب الأئمة، قال الصادق عليه السّلام: إنّ للدم ثلاث علامات: البثر في الجسد، و الحكّة، و دبيب الدوابّ و في حديث آخر «النعاس» و كان إذا اعتلّ إنسان من أهل الدار قال: انظروا في وجهه، فإن قالوا أصفر قال: هو من المرّة الصفراء، فيأمر بماء فيسقى، و إن قالوا أحمر قال: دم، فيأمر بالحجامة(5).

عن أبي أيّوب، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما من داء إلا و هو شارع(6) إلى

ص:375


1- (1) أي متغير اللون.
2- (2) بحار الأنوار ج 59 ص 100 ح 22.
3- (3) بحار الأنوار ج 59 ص 101 ح 26.
4- (4) بحار الأنوار ج 59 ص 101 ح 27.
5- (5) بحار الأنوار ج 59 ص 101 ح 29.
6- (6) «أ لا و هو شارع» أي له طريق إليه، من قولهم «شرعت الباب إلى الطريق» أي أنفدته إليه، و لعل المعنى أن أكثر الأدواء لها مادة في الجسد تشتد ذلك حتى ترد عليه بإذن اللّه، بخلاف الحمى فإنها قد ترد بغير مادة، بل بالأسباب الخارجة كتصرف هواء حار أو بارد أو عفن أو سمي.

الجسد ينظر متى يؤمر به فيأخذه. و في رواية أخرى: إلا الحمى، فإنها ترد ورودا(1).

عن محمد بن خالد رفعه إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الحمى يخرج في ثلاث:

في العرق(2) ، و البطن(3) ، و القيء(4).

عن محمد بن إبراهيم الجعفي، قال: حدّثني أبي قال: دخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام فقال [لي]: ما لي أراك ساهم(5) الوجه؟! فقلت: إنّ بي حمّى الربع. قال:

فما يمنعك من المبارك الطيّب؟ اسحق السكر ثم امخضه(6) بالماء و اشربه على الريق و عند المساء. قال: ففعلت، فما عادت إليّ (7).

عن عاصم بن يونس، عن رجل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال لرجل: بأيّ شيء تعالجون محموميكم؟ قال: أصلحك اللّه بهذه الأدوية المرّة: بسفايج، و الغافث، و ما أشبهه فقال: سبحان اللّه! الذي يقدر أن يبرئ بالمرّ يقدر أن يبرئ بالحلو. ثمّ قال: إذا حمّ أحدكم فليأخذ إناء نظيفا فيجعل فيه سكرة و نصفا، ثم يقرأ عليه ما حضر من القرآن، ثم يضعها تحت النجوم، و يجعل عليها حديدة فإذا كان في الغداة صبّ عليه الماء و مرسه بيده ثم شربه. فإذا كانت الليلة الثانية زاده سكّرة أخرى فصارت سكّرتين و نصفا، فإذا كانت الليلة الثالثة زاده سكّرة أخرى فصارت ثلاثة سكّرات و نصفا(8).

ص:376


1- (1) بحار الأنوار ج 59 ص 101-102 ح 30.
2- (2) «في العرق» بالتحريك، أو بالكسر، أي إخراج الدم من العرق يريد به الفصد أو الأثم منه و من الحجامة، و الأول أظهر.
3- (3) «و البطن» أي إسهال البطن.
4- (4) بحار الأنوار ج 59 ص 103 ح 32.
5- (5) السهام: بالضم - الضمر و التغيير. و قد سهم وجهه و سهم أيضا بالضم.
6- (6) «ثم امخضه» أي حركه تحريكا شديدا.
7- (7) بحار الأنوار ج 59 ص 103 ح 33.
8- (8) بحار الأنوار ج 59 ص 104 ح 34.

البسفايح في الطب القديم

شرح الماهية:

ديسقوريدس: هو نبات ينبت في الصخور التي عليها خضرة و في سوق شجر البلوط العتيقة و على الأشنة، طوله نحو من شبر، و يشبه النبات المسمى بطارس، عليه شيء من زغب، و هو مشرّف و ليس تشريفه بدقيق مثل بطارس، و له أصل غليظ عليه شيء من زغب أيضا، و له شعب، و هو شبيه بالحيوان المسمى [أم] أربعة و أربعين، و غلظه مثل غلظ الخنصر، و إذا حل ظهر ماء لون داخله أخضر، و طعمه عفص مائل إلى الحلاوة.

خواص العلاجات:

إسهال البلغم: إذا جفف و سحق و ذرّ على الشراب المسمى مالقراطن أسهل بلغما و مرة.

التواء العصب: إذا تضمد به كان صالحا لالتواء العصب و الشقاق العارض فيما بين الأصابع.

إسهال المرة: حبيش بن الحسن: خاصته إسهال المرة السوداء في رفق إذا شرب مفردا مع السكر و خلط مع بعض المطبوخات أو مع بعض المعجونات.

إسهال المرة: كان بعض المتطببين يحتال به لمن يكون شديد الكره لشرب الدواء بأن يلقيه مدقوقا في بعض الأطعمة فيسهل به المرة السوداء في رفق و مقدار الشربة منه مفردا مع السكر درهمان و مطبوخا مع غيره أربعة دراهم.

إسهال المرة: ابن ماسويه: خاصيته إسهال المرّة السوداء و البلغم من غير مغص و لا أذى.

الشربة منه مطبوخا أو منقوعا ما بين درهمين إلى خمسة دراهم و إن كان غير مطبوخ و لا منقوع ما بين درهم إلى درهمين.

إسهال البلغم: ابن سرانيون: يسهل الخلط البلغمي اللزج المخاطي من المعدة و المفاصل و يحدث الغثيان و يجب أن يسحق من أصله مقدار مثقالين و يشرب مع ماء العسل و ماء الشعير.

حل القولنج: الرازي: يحل القولنج و يقع في المطبوخ مع الأفتيمون.

محلل للنفخ: ابن سينا: محلل للنفخ و الرطوبات مفرح لا بالذات بل بالعرض لأنه يستفرغ الجوهر السوداوي من القلب و الدماغ و البدن كله.

ص:377

الماليخوليا و الجذام: أحمد بن أبي خالد: إذا سقي منه كل يوم درهمان و نصف في مقدار سكرجة من ماء لب الخيار شنبر و والى عليه سبعة أيام نفع أصحاب داء الماليخوليا و الجذام.

الغافث في الطب القديم

شرح الماهية:

ديسقوريدس: هو من النبات المستأنف في كل سنة يستعمل في قود النار، و يخرج قضيبا واحدا قائما، دقيقا، أسود، صلبا، خشبيا، عليه زغب، طوله ذراع أو أكثر، عليه ورق متفرق بعضه من بعض، مشرف خمسة تشريفات أو أكثر مثل تشريف المنشار، شبيه بورق الشهدانج، و لون الورق إلى السواد، و على الساق في نصفه بزر عليه زغب يسير مائل إلى أسفل، إذا جفّ يتعلق بالنبات.

تعليق ابن البيطار: كثر الاختلاف في هذا النبات بين الأطباء مشرقا و مغربا حتى إنه لم يثبت له عند أحد منهم، فأطبّاء المغرب الأقصى و افريقية يستعملون مكانه النبات المسمى بالبربرية ترهلان - و هو الطّباق، و رجعوا في ذلك إلى قول إسحق بن عمران و أحمد بن أبي خالد، و هذا غلط منهم فاحش، لأن الترهلان قد ذكره ديسقوردس في [المقالة] الثالثة و سمّاه باليونانية قونيزا - و هو الطبّاق بالعربية، و أما بعض أطباء الأندلس فإنهم يستعملون الدواء الذي وصفه ديسقوريدس، و أطباء شرق الأندلس - أعاده اللّه إلى الإسلام - يسمونه الريمنده بعجمية الأندلس، و أما أطبّاء العراق و الشام و الديار المصرية فليس يعرفون شيئا مما ذكرناه و إنما يستعملون نباتا آخر شديد المرارة له زهر أزرق إلى الطول ما هو، و له قضبان مدوّرة دقاق تشبه الدقيق من الأسل، و لون ورقه و قضبانه إلى الصفرة، و جميعه شديد المرارة أمر من الصبر.

خواص العلاجات:

القروح العسرة الإندمال: ديسقوريدوس: ورق هذا النبات إذا دق ناعما و خلط بشحم الخنزير العتيق و وضع على القروح العسرة الإندمال أبرأها.

قرحة الأمعاء نهش الهوام: هذا النبات أو بزره إذا شربا بالشراب نفعا من قرحة الأمعاء و من نهش الهوام.

الحمى

و من المعروف أن في الجسم مركز تنظيم الحرارة في منطقة بالدماغ تعرف باسم «تحت المهاد»

ص:378

Hypothalamus و هي تستشعر حرارة الدم، فإذا ارتفعت درجة الحرارة قليلا، زادت في إفراز العرق من الجلد ليتم خروج الحرارة من الجسم إلى الجو المحيط.

و لكن إذا كانت حرارة الجو فوق الأربعين فإن الحرارة لا يمكن أن تنتقل من الجسم إلى الهواء المحيط به... و لا بد من استخدام الماء البارد المثلج في هذه الحالات قدر الإمكان.

و رغم أن للحمى أسبابا أخرى كثيرة إلاّ أنها في النهاية تكون بسبب مواد رافعة للحرارة Pyrogens و تؤثر هذه على المناطق الموجودة في الدماغ «تحت المهاد» و تحدث الرعشة (النافض) و تتقلص العضلات فتزيد من ارتفاع درجة الحرارة. و من أشهر أسباب الحمى الأنفلونزا و نزلات البرد و سببها فيروسات... و من البكتيريا هناك حمى التيفوئيد Typhoid و حمى نظير التيفوئيد Paratyphoid و الحمى المالطية Brucellosis و غيرها كثير.

و من أشهر أنواع الحمى حمى الملاريا التي تسببها طفيليات الملاريا من وحيدات الخلية (البلازموديوم)، و هي التي كانوا يدعونها حمى الغب (تظهر يوما و تختفي يوما) و منها نوع يسمى حمى الربع (تظهر كل ثالث يوم أو رابع يوم)... و هي في الحالات الشديدة تسبب البول الأسود Balckwater Fever بسبب ت حلل و تكسر كرات الدم الحمراء في الدم. و نزول خضاب الدم (الهيموجلوبين) في البول. و جميع أسباب الحميّات الأخرى ينبغي أن يتجه العلاج فيها إلى معالجة السبب...

و المعالجة بالكمادات الباردة و الماء المثلج و الثلج نوع هام من العلاج للأعراض ذاتها. و قد تنبّه إلى ذلك أيضا الكحال ابن طرخان في كتابه الفذ العجيب «الأحكام النبوية في الصناعة الطبية» (طبع عام 1953 في القاهرة، شركة البابي الحلبي، بتحقيق الأستاذ عبد السلام هاشم حافظ). قال الكحال ابن طرخان: «و يجوز استعمال الماء البارد في سائر الحميات الأخرى».

يتمتع جسم الإنسان بحرارة ثابتة، تقدّر ب (37/36,5 درجة مئوية).

و هذه الحرارة مناسبة للقيام بمختلف العمليات الحيوية الضرورية في جسم الإنسان. و هي لا ترتفع إلا في الحالات المرضية، عدا عن حالات فيزيولوجية طبيعية قليلة، كما هي الحال أثناء الإباضة Ovulation خلال فترة الدورة الطمثية عند الإناث.

و تعتبر الحرارة من أهم العلامات الحيوية Vital signs التي هي: النبض، و الحرارة، و التنفس، و الضغط الشرياني. و التي يعتمد على دراستها من أجل تشخيص الأمراض و الأدواء، التي تعتري الإنسان.

و يطلق على ارتفاع الحرارة عن حدّ السواء، اسم «الحمى». و قد صنفت الحميات أنواعا

ص:379

كثيرة. فهناك الحمى الخفيفة و المعتدلة و الشديدة و الشديدة جدا. كما وضع للحميّات مخططات تساعد على الوصول إلى التشخيص الصحيح، مثل مخطط الحمى المتواصلة، و مخطط الحمى المترددة، و مخطط الحمى المتقطعة.

مضار الحمى:

ينجم عن الحمى و ارتفاع الحرارة عدد من التأثيرات الضارّة. يمكن إجمالها فيما يلي:

1 - تجلط الهيولى الخلوية (أي ما تحويه الخلية من سائل و متعضيات).

2 - تعطل عمل الأنظيمات Enzymes ، الأمر الذي يؤدي إلى توقف.

موافقة الحديث النبوي لما يقوله العلم الحديث:

ينصح خبراء الصحّة، الذين يدرسون الحميّات، باستعمال الثلج المجروش أو الماء المثلّج، الذي يوضع في أكياس بلاستيكية أو مطاطية.

فإحدى أهم خواص الماء العلاجية، هي قدرته الفائقة على امتصاص الحرارة. فإذا وضعت الكمادات الباردة، امتصت الحرارة. ثم إن رفعت، تنشطت الدورة الدموية (نتيجة تقبض الأوعية الدموية، و توسعها، على التوالي). و هكذا يعمل على وضعها ثم رفعها، مرّات عديدة. حيث تقوم الكمادات الباردة بامتصاص الحرارة من الجسم، و نظرا لأن الدم يتحرك باستمرار، فإن انخفاض الحرارة لا يتم في أماكن وضع الكمادات فقط، و إنما في كل أنحاء الجسم.

كل هذا يشير إلى صحة ما قاله (ص)، حول علاج الحمى بالماء. و لقد ألقى طبيب فرنسي يدعى «كرومانوس» محاضرة في الجامعة المصرية، نشرت ترجمتها في مجلة «فتاة الشرق» عام 1911 م، تحت عنوان (الطب الحديث، و تطبيقه على الشريعة الإسلامية) قال فيها: «لا ننكر أننا تمكنا من اكتشاف علاجات باهرة. غير أنه لا يحق لنا مع ذلك أن ننسب هذه الاكتشافات إلينا، بل من العدل أن نعترف للنبي محمد (ص) بها لأنه كان السابق إليها، و هو أولى بها» ثم أخذ الدكتور كرمانوس بعد ذلك في ذكر فوائد الماء البارد، و استخداماته العلاجية لحالات الحمى بالتفصيل.

و من الفوائد الأخرى لاستخدام الماء البارد (على شكل حمامات للوجه) مكافحة التهاب الجيوب في الجبهة و الفك العلوي، كما أنه يساعد على فتح المجاري التنفسية الأنفية عند الزكام الحاد.

ص:380

الحفظ

اشارة

من أدوية الحفظ عن أبي بصير: قال: قلت للصادق عليه السّلام: كيف نقدر على هذا العلم الذي فرعتموه لنا؟ قال: خذ وزن عشرة دراهم قرنفل، و مثلها كندر ذكر، دقّها ناعما ثم استفّ على الريق كلّ يوم قليلا.

و منها لمن يكون بعيد الذهن قليل الحفظ: يؤخذ سنا مكّي، و سعد هنديّ و فلفل أبيض، و كندر ذكر و زعفران خالص، أجزاء سواء يدقّ و يخلط بعسل و يشرب منه زنة مثقال كلّ يوم، سبعة أيام متوالية، فإن فعل ذلك أربعة عشر يوما خيف عليه من شدّة الحفظ أن يكون ساحرا(1).

ص:381


1- (1) بحار الأنوار ج 59 ص 272 ح 71.

القرنفل

شرح الماهية:

إسحاق بن عمران: هو ثمر و عيدان يستعملان جميعا، يؤتى به من أرض الهند، و فيه العيدان و فيه الرؤوس ذوات الشعب، و أجوده أصهبه، و منه دقيق و جليل.

خواص العلاجات:

سلس البول و التقطر: يقطع سلس البول و التقطر إذا كانا عن برد و يسخن أرحام النساء.

حبل المرأة: إن أرادت أن تحبل المرأة شربت في كل طهر وزن درهم قرنفل. و إذا أرادت أيضا أن لا تحبل فتأخذ في كل يوم حبة قرنفل ذكر فتزدردها.

التقوية على الجماع: إن شربت من القرنفل نصف درهم مسحوقا يؤخذ مع شيء من لبن حليب على الريق فإنه مقو على الجماع.

تطييب النفس و تفريحها: ينفع أصحاب السوداء و يطيب النفس و يفرحها و ينفع من القيء و الغثيان.

تشجيع القلب: الإسرائيلي: مشجع للقلب بعطريته و ذكاء رائحته و مقوّ للمعدة و الكبد و سائر الأعضاء الباطنة و منق للعلل العارضة فيها و يعين على الهضم طاردا للرياح المتولدة عن فضول الغذاء في المعدة و في سائر البطن و مقو للثة و مطيب للنكهة.

تسخين المعدة و الكبد: يسخن المعدة و الكبد و يزيل فزع المتملخن و ينفع من زلق الأمعاء عن رطوبات باردة تنصب إليها و ينفع من الاستسقاء اللحمي منفعة بالغة، و ربما يسخن الكبد الباردة و يقويها و يقوي الدماغ و يسخنه إذا برد و ينفع من توالي النزلات.

الزعفران في الطب القديم

خواص العلاجات:

مدرة للبول: ديسقوريدس: قوّة الزعفران منضجة ملينة قابضة مدرة للبول و تحسن اللون و تذهب بالخمار إذا شرب بالميبختج.

رطوبات العين: يمنع الرطوبات التي تسيل إلى العين إن لطخت و اكتحل به بلبن امرأة.

ص:382

يقوي الأعضاء الباطنة: مسيح: الزعفران يهضم الطعام و يجلو غشاوة البصر و يقوي الأعضاء الباطنة الضعيفة لما فيه من القوة القابضة إذا شرب أو وضع من ظاهر عليها.

يفتح سدد الكبد: يفتح السدد التي تكون في الكبد و العروق. و يحرك شهوة الجماع.

يقوي آلة النفس: حنين في كتاب الترياق: الزعفران يسهل النفس و يقوي آلة النفس جدا و خاصيته أن يقل شهوة الطعام و يملأ الدماغ و يظلم البصر و الحواس و يبطل الحموضة التي تكون في المعدة التي بها خاصة تكون شهوة الطعام.

مسقط لشهوة الطعام: الرازي في الحاوي: يجرب فوجد الزعفران مسقطا لشهوة الطعام مقيئا.

و قال في موضع آخر منه: و كانت امرأة تطلق أياما فسقيت درهمين من الزعفران فولدت من ساعتها مجرب ذلك كرات كثيرة فصح.

يسكر سكرا شديدا: يسكر سكرا شديدا إذا جعل في الشراب و يفرح حتى إنه يأخذ منه مثل الجنون من شدة الفرح.

إخراج المشيمة بسرعة: البصري: إن سحق الزعفران و عجن و اتخذت منه خرزة كالجوزة و علقت على المرأة بعد الولادة أخرجت المشيمة بسرعة.

دمل الجراح: البصري: ورق الزعفران يدمل الجراح و يقبض و ينفع من الشوصة إذا شم و استعط به.

زرقة المرض: إذا اكتحل به مع الماء نفع الزرقة الحادثة من المرض.

تحسين لون البشرة: إسحاق بن سليمان: خاصيته تحسين لون البشرة إذا أخذ منه بقصد و اعتدال و الإكثار من شربه و الإدمان عليه مذموم جدا لأن فيه كيفية تملأ الدماغ و العصب و تضر بهما إضرارا بينا.

مقوّ للمعدة: إسحاق بن عمران: دابغ للمعدة مقوّ لها و للكبار و ينقي المثانة و الكليتين.

السهر من البلغم المالح: إذا طبخ و صب ماؤه على الرأس نفع السهر الكائن من البلغم المالح و أسدر، و هو نافع للطحال جدا.

إدرار البول: دسقوريدس: أصله إذا شرب بالطلاء أدر البول.

يمسك البطن: زعرور: إذا أكل كان جيدا للمعدة ممسكا للبطن.

يسكن الصفراء: الرازي: مسكن للصفراء و الدم.

يقطع القيء: روفس في كتاب التدبير: يقطع القيء و يعمل البطن و لا يحبس البول.

ص:383

الحناء و ماء الورد

اشارة

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الحناء يذهب بالسهك(1) و يزيد في ماء الوجه و يطيب النكهة، و يحسن الولد(2).

و قال عليه السّلام: الحناء على أثر النورة أمان من الجذام و البرص(3).

ماء الورد

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: و من وضع على رأسه من ماء ورد أمن في تلك السنة من البرسام(4).

ص:384


1- (1) السهك: محركة - الريح الكريهة تجدها ممن عرق، و خبث رائحة اللحم الخنز، و ريح السمك.
2- (2) بحار الأنوار ج 73 ص 89-90 ح 7.
3- (3) بحار ج 73 ص 92.
4- (4) بحار الأنوار ج 73 ص 144 ح 1.

النورة في الطب الحديث

يباع مسحوق النورة عند العطار و هو يستخدم لإزالة الشعر من بعض أجزاء الجسم (شعر العانة و تحت الإبط)، و يتركب المسحوق الذي كان يباع أولا في التجارة من الزرنيخ الأصفر (ثالث كبريتور الزرنيخ) و معه قليل من الجير الحي. و لأن المادة الأولى سامة و المادة الثانية كاوية، بطل استخدامهما في مساحيق النورة، و أصبحت النورة في الوقت الحاضر تحضر من كبريتورات بعض الفلزات الأرضية القلوية مثل الباريوم و الاسترانشيوم و الكالسيوم و يضاف إليها مسحوق النشا.

و لاستعمال هذا المسحوق يمزج بالماء لعمل عجينة رطبة يدلك بها الجزء الذي يراد نزع الشعر منه، و بعد مضي دقيقتين تزال العجينة باحتراس فينتزع معها الشعر، ثم يغسل الجلد بالماء الفاتر، و يفضل دهن الجلد بقليل من الزيت أو أحد الكريمات بعد العملية.

و جاء في كتاب «الأدوية المفردة» تحت عنوان الكلس ما يأتي:

«الكلس هو النورة أو الجير يعمل من صدف حيوان بحري و من حجارة مستديرة و من رديء الرخام بأن يحرق حتى يبيض. و كلس الرخام يقدم على الصنفين الأوليين و قوة الكلس محرقة ملذعة تكوي و إذا خلط بمثله من الشحم و الزيت كان منضجا ملينا محللا مدملا و الذي لم يصبه الماء أشد إحراقا. و النورة تقطع نزف الدم من الجراحات و إذا غسلت بالماء مرارا كثيرا نفعت من حرق النار».

خواص الحناء

جالينوس: الذي يستعمل من هذه الشجرة إنما هو ورقها و قضبانها.

الأورام الملتهبة: قد تطبخ بالماء و يصب ذلك الماء الذي تطبخ فيه على المواضع التي تحترق بالنار و تستعمل أيضا في مداواة الأورام الملتهبة و مداواة الجمرة.

قروح الفم: نافعة من القروح التي تكون في الفم من غير سبب من خارج و خاصة القروح التي تكون من جنس القلاع. و تنفع أيضا من القلاع نفسه الحادث في أفواه الصبيان.

القلاع و القروح: إذا مضغ ورقها أبرأ من القلاع و القروح التي تكون في الفم التي تسمى الجمر.

الأورام الحارة: إذا تضمد به نفع من الأورام الحارة. و قد يصب طبيخه على حرق النار.

تحمير الشعر: إذا دق و انقع في ماء اسطربنون و لطخ على الشعر حمّره.

ص:385

الصداع: زهره إذا سحق و ضمد به الجبهة مع خل سكن الصداع و المسوح التي منه مسخنة ملينة للأعصاب.

أوجاع الجنب: البصري: تفاح الحناء طيب في الشم، و إذا خلط مع الشمع المصفى و دهن الورد نفع من أوجاع الجنب و الوهن الكائن فيه و هو نافع للسيلان العارض في أفواه الصبيان.

الورم الحار الرخو: الطبري: إذا دق و وضع على الورم الحار الرخو نفع منه.

أظافير الأصابع: ابن رضوان: أخبرني من أثق به أنه شاهد رجلا تعقفت أظافير أصابع يديه و أنه بذل لمن يبرئه شيئا كثيرا فلم يجد فوصفت له امرأة أن يشرب عشرة دراهم حناء فلم يجسر أن يشربها فنقعها بماء و شربه فرجعت أظافيره إلى حسنها. و قال: إنه رأى على المكان أظافيره قد أخذت تنبت من أصولها إلى أن تكامل حسنها.

أظافير الأصابع: ابن زهر: إذا ألزقت الأظفار بها معجونة تزيد حسنها و تنفعها.

الجذام: الشريف: إذا أنقع ورق الحناء في غمرها ماء عذبا و عصرت و شرب من صفوها عشرين يوما في كل يوم وزن أربع أواقي و أوقية سكر نفع من ابتداء الجذام و يتغذى عليه بلحوم الخرفان فإن كمل لأخذ هذا الدواء 37 يوما و لم يبرأ فاعلم أنه لا يبرأ يفعل ذلك لخاصية فيه.

الأورام الحارة: إذا حملت معجونة بالسمن على بقايا الأورام الحارة التي تؤدي ماء أصفر و تبقي بعض أوجاعها مع حرارة سكنت الأوجاع و جففت المادة و أدملت.

الجدري: ابن ماسويه: إذا بدأ الجدري يخرج بصبي و أخضبت أسافل رجليه بحناء معجونة بماء فإنه يؤمن على عينيه أن يخرج فيهما شيء من الجدري و هذا صحيح.

قشف و يبس البدن: إذا طلي بالحناء على موضع من البدن فيه قشف و يبس أزالهما.

الدماغ: إذا شرب من برزه مثقال مع العسل أو لعق مسحوقا بعسل نفع الدماغ منفعة عظيمة و أزال عنه الأعراض الردية العارضة من الحرارة و الرطوبة.

جباه الصبيان: إذا سحق ورقها و ضمد به جباه الصبيان و أصداغهم نفعتهم و منعت انصباب المواد إلى أعينهم و تعجن بماء كزبرة خضراء. و تنفع أيضا معجونة بماء الكزبرة لحرق النار في ابتدائه.

إنبات الشعر: إذا عجنت بزيت و قطران و حملت على الرأس أنبتت الشعر و حسنته.

ص:386

قروح رؤوس الصبيان: إذا سحقت مع الزفت الأسود بشطرين و عجنت بزيت أو بدهن ورد و حملت على قروح رؤوس الصبيان جففتها و أدملتها.

منع التسوس: التميمي: نور الحناء إذا استودع بين طي ثياب الصوف طيبها و منع من السوس فيها و أن يفسدها.

خواص الحناء في الطب الحديث

المكونات الفعالة: تحتوي أوراق الحناء و سيقانها الحديثة على مادة ملونة تسمى لوزون Lawsone و تعتبر هذه المادة الصبغات النباتية الثابتة، كما تحتوي أيضا على مواد دهنية و مواد راتنجية Resins و تانينات تعرف باسم Hennatanin و تحتوي أزهار الحناء التي تسمى تمر حنة على زيت طيار Volatile oil له رائحة زكية و قوية و أهم مكوناتها مادة ألفا و بيتا أيونون Q and B ionone .

الاستعمال: يستعمل مسحوق أوراق الحناء على شكل عجينة لتخضيب الأيدي و الأظافر و الشعر، كما تستخدم المواد الملونة المستخلصة من الأوراق في صباغة الجلود و المنسوجات و تعتبر من الصبغات الثابتة.

و عند صناعة صبغة حناء ثابتة يجب أن يكون الوسط حامضي (أس إيدروجيني 5، 5 PH 5,5

و لذلك يضاف إلى الخلاصة أو الدهانات حامض ضعيف مثل حامض الستريك Citric acid أو حامض البوريك Boric acid .

أما من الناحية الطبية فإن عجينة أوراق الحناء تستعمل في علاج الأمراض الجلدية و الفطرية و خصوصا الالتهابات التي توجد بين أصابع الأقدام و الناتجة من نمو بعض الفطريات.

و يستعمل مسحوق الحناء في التئام الجروح لاحتوائه على مادة الحناتانين القابضة Astringent

هذا بالإضافة إلى التأثير المطهر لمسحوق الحناء.

الصفات الكيميائية: أوراق الحناء تحتوي على مواد جليكوسيدية مختلفة أهمها المادة الرئيسية المعروفة باسم اللاوزون Lawsone و جزئيها الكيماوي من نوع 2 - هيدروكس - 1، 4 - نفثوكينون 2-Hydroxy-1,4-naphthoquinone أو 1، 4 - نفثوكينون 1,4-Naphthoquinon . و هذه المادة هي المسؤولة عن التأثير البيولوجي طبيا و كذلك مسؤولة عن الصبغة و اللون البني المسود و نسبتها في الأوراق حوالي 88,% لنوع الحناء L.inermis بالمقارنة بالصنفين ذوي الأزهار البيضاء و الحمراء البنفسجية و نسبة الجليكوسيد في أوراق كل منهما و هي 0,5%، 0,6% على الترتيب.

ص:387

و قد أثبتت الدراسات المصرية، أن قدماء المصريين استخدموا مسحوق أوراق الحناء في تحنيط جثث الموتى لعدم تعفنها و يرجع ذلك إلى أنها مقاومة للفطريات و الجراثيم البكتيرية. كما أن أوراق الحناء تفيد أيضا في حالات الإصابة بالقراع الانجليزي و القراع العادي و الإصابة الفطرية الناتجة عن أمراض الجرب الجلدي للإنسان و الحيوان.

و حديثا، ثبتت فعالية أوراق الحناء ضد بعض أنواع السرطان منها مرض الساركوما Sarcoma ، و تستخدم ضد التقلصات المعدية و العمل على إزالتها، و لها تأثير مشابه لتأثير فيتامين ك (Vit.K)

اللازم لوقف الإدماء و النزيف الدموي الداخلي، و في علاج صداع الرأس و تضخم الطحال و تعمل على تخفيض ضغط الدم المرتفع. و تؤدي إلى تقوية القلب و تنشيطه، كما أن لها فعالية مرتفعة في علاج ضيق الشرايين و العمل على توسيعها، و تفيد في علاج التهاب القولون.

و قد نشرت مجلة «كيوتس» Cutis المتخصصة في أمراض الجلد في الولايات المتحدة (العدد الأول 1986 للدكتور ناتو) مقالا عن الحناء جاء فيه أنها صبغة ممتازة طبيعية مؤقتة للشعر و أنها تقوّي الشعر و تكسبه لمعانا و بريقا و تمنع تقصّف نهايات الشعر. و هي لا تسبب الحساسية كما تفعل الصبغات الأخرى و خاصة منها الصناعية.

الخلاصة:

استخدمت الحناء منذ عهد الفراعنة إلى يومنا هذا في الأغراض التالية:

1 - تقوية الشعر و تلوينه و إزالة تقصّفه و أمراضه. و يبقى أثرها لمدة شهرين تقريبا.

2 - مداواة الأمراض الجلدية و تشقق الجلد و فطريات الجلد مثل التينيا Tinea و خاصة Tinea

Pedis التي توجد بين أصابع القدمين و تسبب تسلخا فيها مع رائحة كريهة. و تعرف باسم قدم الرياضي Athelete's Foot لأنها كانت تكثر في الرياضيين مع العرق و لبس الشرابات، و التي قد يتبادلونها فيعدي بعضهم بعضا... و استخدمت لمداواة الجرب Scabies .

3 - مداواة الأظافر المتشققة و المصابة بالتهابات فطرية.

4 - مداواة الجروح و القروح المزمنة.

ص:388

خواص ماء الورد

تقوية الدماغ و تسكين الخفقان: يقوي الدماغ و يسكن الخفقان و الصداع الحار شما و طلاء.

تقوية المعدة و القلب: يقوي المعدة و القلب شما و طلاء و شربا.

تنبيه الحواس الخمس و تبسيط النفس: شمه يزيل الغشي و ينبه الحواس الخمس و يبسط النفس و ينفع من الخفقان الحار و يقوّي الجسم بعطريته و قبضه و يسكن وجع العين من حرارة و ينفع من كثير من أدوائها و تحجيرا به و كحلا و تقطيرا و يشدّ اللثة مضمضة.

الغشي: إذا تجرع نفع من الغشي و يقوي المعدة و ينفع من نفث الدم.

تحليل الخمار: إذا صب على الرأس حلل الخمار و سكن الصداع.

إذا شرب من ماء الورد الطري وزن عشرة دراهم أسهل فوق عشرة مجالس.

انصباب المواد إلى العين: حكيم بن حنين: يمنع انصباب الموّاد إلى العين و يمنع تزيد ما قد حصل فيها من العلل.

ص:389

الكحل

اشارة

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الكحل ينبت الشعر، و يجفف الدمعة، و يعذب الريق، و يجلو البصر(1).

و عنه عليه السّلام قال: الأثمد يجلو البصر، و يقطع الدمعة، و ينبت الشعر(2).

و عنه عليه السّلام قال: الكحل عند النوم أمان من الماء(3).

و قال عليه السّلام: الكحل بالليل يطيب الفم(4).

و عنه عليه السّلام: الكحل يزيد في ضوء البصر، و ينبت الأشفار(5).

و عنه عليه السّلام قال: الكحل يزيد في المباضعة(6).

و قال عليه السّلام: الكحل يعذب الفم(7).

و عنه عليه السّلام قال: الكحل بالليل يطيب الفم، و منفعته إلى أربعين صباحا(8).

و عنه عليه السّلام قال: الكحل عند النوم أمان من الماء الذي ينزل في العين(9).

ص:390


1- (1) بحار الأنوار ج 73 ص 94 ح 1.
2- (2) بحار الأنوار ج 73 ص 94 ح 3.
3- (3) بحار الأنوار ج 73 ص 94 ح 5.
4- (4) بحار الأنوار ج 73 ص 95 ضمن ح 11 و ح 8.
5- (5) بحار الأنوار ج 73 ص 95 ح 10.
6- (6) بحار الأنوار ج 73 ص 95 ضمن ح 11.
7- (7) بحار الأنوار ج 73 ص 95 ضمن ح 11.
8- (8) بحار الأنوار ج 73 ص 95-96 ضمن ح 11.
9- (9) بحار الأنوار ج 73 ص 96 ضمن ح 11.

صنع كحل الإثمد

لا يستعمل الإثمد صرفا كحلا للعين، إنما يمزج بكحل الزينة الذي يستحضر بكيفيات عديدة من مخلفات حرق بعض مواد معينة متوفرة في البيئة و كان تعيينها نتيجة تجارب شعبية. و هذه طريقة تستعملها القبائل العربية المقيمة في الجزيرة (شمال شرقي سورية): تؤخذ خرقة قطنية زرقاء بطول شبرين و عرض شبر، و تبل جيدا بزيت الزيتون، فتحرق تحت صاج مقلوب، فيتراكم السخام على الصاج، و بعد انتهاء الاحتراق يجمع ذلك السخام المتراكم، ثم تؤخذ ليمونة فتقسم و يوضع بين شطريها نواة زيتونة مع حنطة و شعير و عدس و حمص و حب الهال و جوز الطيب، ثم تغمّد بعجينة و توضع في وعاء معدني، ثم يدخل هذا الوعاء بما فيه بين جمر متقد حتى يتم احتراق ما في الوعاء و لا يعود يتصاعد منه دخان، فيخرج الوعاء، و بعد أن يبرد تزال العجينة المحترقة و يطحن فحم الليمونة بما فيها. و أخيرا يضاف المسحوق الناتج إلى السخام المذكور و يمزجان جيدا. و هذا هو كحل عرب الجزيرة اليوم كما روته و هيأته لنا إحدى نسائه في حلب.

و لقد ذكر الحاج بكري ملاحفجي عن تركيب كحل الإثمد، فقال يؤخذ مئة غرام من الإثمد و يدق في هاون نحاسي دقا جيدا حتى يصبح مسحوقا ناعما قدر الإمكان، ثم ينخل بمنخل حريري ناعم جدا بحيث لا تكاد العين تدرك ثقوبه. ثم يضاف إلى الناتج (25) غ من مسحوق حمض البوريك و (10) غ من الفحم الحيواني. و أفاد بأن أهل الحجاز لا يضيفون الفحم الحيواني.

و للتأكد من فوائد حمض البوريك و الفحم عدت إلى كتاب علم الأدوية للأستاذ الدكتور عزة مريدن فنقلت عنه المعلومات التالية:

يستعمل حمض البوريك قطورا جافا في معالجة قرحة القرنية و كثافتها.

الفحم الحيواني: هو فحم غير نقي يستحصل من حرق العظام، المزال شحمها أولا في وعاء مسدود خال من الهواء في حرارة تبلغ 800 درجة مئوية و هو ينجم عن تفكك العظمين. و يملك هذا الفحم قدرة ماصة كبيرة. و ذكر الدكتور مريدن امتصاصه لذيفانات الجراثيم و لبعض السموم و أشباه المعادن.

أما الفحم النباتي فيستحصل من تفحيم الأخشاب غير الراتنجية في وعاء مسدود و أحسن الأخشاب في استحصاله هي الخفيفة كخشب الصفصاف (فحم بلّوك) ثم الحور...

ص:391

إن إضافة الفحم الحيواني أو النباتي إلى الكحل يقصد منها، ما عدا كون الفحم جزءا من الكحل في سواده و في تجميله العينين و الوجه و حجبه من أشعة الشمس عن العين، أنه يمتص أشباه القلويات و السموم الناتجة عن مركبات الإثمد. و فعل الفحم الحيواني أقوى من فعل الفحم النباتي.

خواص الإثمد في الطب القديم

شرح الماهية:

أرسطوطاليس: هو حجر يخالطه الرصاص في جسمه، و لذلك إن جعل مع الفضة عند السبك كسرها لما فيه منه، و له معادن بأكناف المشرق.

إسحاق بن عمران: هو حجر الكحل الأسود يؤتى به من أصفهان و من جهة المغرب، و هو حجر أسود، صلب، ملمّع، برّاق، كحلي اللون.

خواص العلاجات

تنقية القروح: قوة الإثمد مغرية قابضة مبردة و تذهب باللحم الزائد في القروح و تدملها و تنقي أوساخها و أوساخ القروح العارضة في العين و تقطع الرعاف العارض من الحجب التي فوق الدماغ.

خشكريشة: الإثمد إذا خلط ببعض الشحوم الطرية و لطخ على حرق النار لم تعرض فيه الخشكريشة، و إذا خلط بالموم و شيء يسير من الأسفيداج الرصاصي أدمل ما عرضت فيه خشكريشة من القروح العارضة من حرق النار.

آفات العيون: أرسطوطاليس: نافع للعيون و نافع في كثير من الأكحال و يقوي أعصاب العيون و ينفعها و يدفع الآفات عن العيون و الأوجاع منها و إذا لم تعتد العيون الإكتحال به ثم كحلت به رمدت و قذيت على المكان، و ينفع العجائز و المشايخ و الذين ضعفت أبصارهم من الكبر إذا جعل فيه شيء من المسك.

حرارة العين: ماسرحويه: ينفع من الحرارة و الرطوبة العارضة للعين كحلا.

تقوية العين: الرازي: يقوي العين و يحفظ صحتها و يقطع سيلان دم الطمث إذا احتمل.

ص:392

يقتل القمل: إن استعمل من الخارج قتل القمل.

ينفع الدمعة: ينفع الدمعة كحلا و إذا نثر مسحوقا على الجراحات الطرية أدملها إلا أنه يبقي فيها أثرا أسود.

الإثمد في الطب الحديث

.. و أما الطب الحديث فلم أجد فيه ذكرا لاستخدام الإثمد Antimony في طب العيون. و إن كانت أملاح الإثمد Antimony salts تستخدم في علاج البلهارسيا. و من أشهر تلك العلاجات الطرطير المقيّىء Tartar enetic و هو من مشتقات الإثمد.. و في الآونة الأخيرة بطل استخدام مشتقات الإثمد في علاج البلهارسيا بسبب مضاعفاتها و تصنيع عقاقير أكثر أمانا منها و إن كانت أغلى ثمنا.

و قد قام مستشفى الملك خالد لطب العيون بالرياض بإجراء بحث عن الكحل الموجود في أسواق الرياض (عام 1986)، و قد وجدوا نوعين من الكحل أحدهما من الهند. و وجد الباحثون أن كلا النوعين ملوّث بالبكتيريا (و خاصة سلبية الجرام negative Gram العضوية و الفطريات، كما وجدوا أن الكحل مغشوش بمواد أخرى غير الإثمد مثل الرصاص. و لهذا نصحوا بعدم استعمال الكحل الموجود حاليا في الأسواق (نقلا عن محادثة مع أخصائي العيون الدكتور ضياء الموصلي).

ص:393

الحجامة

اشارة

(الحجامة و الحقنة و السعوط و القيء)

عن حفص بن البختريّ، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الدواء أربعة: الحجامة، و السعوط، و الحقنة، و القيء(1).

عن خلف بن حمّاد عن رجل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه مرّ بقوم يحتجمون، فقال: ما كان عليكم لو أخرّتموه لعشيّة الأحد، فكان يكون أنزل للداء(2).

عن يونس بن يعقوب، قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: احتجم رسول اللّه (ص) يوم الإثنين و أعطى الحجّام برّا(3).

عن إبراهيم بن مهزم، عمّن ذكره عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان رسول اللّه (ص) يحتجم يوم الإثنين بعد العصر(4).

عن حمّاد بن عيسى عمّن ذكره عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الحجامة يوم الإثنين من آخر النهار تسلّ الداء سلاّ من البدن(5).

ص:394


1- (1) بحار الأنوار ج 59 ص 108 ح 1.
2- (2) بحار الأنوار ج 59 ص 108 ح 2،
3- (3) بحار الأنوار ج 59 ص 109 ح 3.
4- (4) بحار الأنوار ج 59 ص 109 ح 4.
5- (5) بحار الأنوار ج 59 ص 109 ح 5. لا يبعد كون أخبار الاثنين محمولة على التقية، لكثرة الأخبار الواردة في شؤمه، و يمكن تخصيصها بهذه الأخبار، و فيه نكتة و هو أن شؤمه لوقوع مصائب النبي (ص) و الأئمة (ع) فيه و الاحتجام كأنه مشاركة معهم في الألم و المصيبة. -

عن معتّب بن المبارك قال: دخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام في يوم خميس و هو يحتجم، فقلت له: يا ابن رسول اللّه، تحتجم في يوم الخميس؟ قال: نعم من كان منكم محتجما فليحتجم في يوم الخميس، فإنّ كلّ عشيّة جمعة يبتدر الدم فرقا من القيامة و لا يرجع إلى و كره إلى غداة الخميس. ثمّ التفت عليه السّلام إلى غلامه زينج فقال: يا زينج، اشدد قصب الملازم، و اجعل مصبّك رخيّا، و اجعل شرطك زحفا(1).

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من احتجم في آخر خميس من الشهر في أوّل النهار سلّ منه الداء سلا(2).

عن أبي سلمة - و هو أبو خديجة، و اسمه سالم بن مكرّم - عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الحجامة على الرأس على شبر من طرف الأنف و فتر من [بين] الحاجبين. و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و سلّم يسميها بالمنقذة(3).

عن سماعة، قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: الحقنة هي من الدواء، و زعموا أنّها تعظم البطن، و قد فعلها رجال صالحون(4).

عن حفص بن عمر قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: خير ما تداويتم به الحجامة و السعوط و الحمّام و الحقنة(5).

ص:395


1- (1) بحار الأنوار ج 59 ص 110-111 ح 9.
2- (2) بحار الأنوار ج 59 ص 111 ح 10.
3- (3) بحار الأنوار ج 59 ص 112-113 ح 13.
4- (4) بحار الأنوار ج 59 ص 117 ح 30.
5- (5) بحار الأنوار ج 59 ص 117 ح 31.

عن جعفر بن محمّد عليهما السّلام قال: الدواء أربعة: الحجامة، و الطلي، و القيء، و الحقنة(1).

عن أحمد بن عبد اللّه بن زريق، قال: مرّ جعفر بن محمّد عليهما السّلام بقوم كانوا يحتجمون، قال: ما كان عليكم لو أخرتموه إلى عشيّة الأحد فكان أبرأ للداء(2).

عن أبي محمّد بن البردعيّ عن صفوان، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان رسول اللّه (ص) يحتجم ثلاثة: واحدة منها في الرأس يسميها «المتقدّمة»، و واحدة بين الكتفين يسميها «النافعة» و واحدة بين الوركين يسميها «المغيثة»(3).

عن أبي إسحاق السبيعيّ عمّن ذكره أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام كان يغتسل من الحجامة و الحمّام قال شعيب: فذكرته لأبي عبد اللّه الصادق عليه السّلام فقال: إنّ النبيّ (ص) كان إذا احتجم هاج به الدم و تبيّغ(4) فاغتسل بالماء البارد ليسكن عنه حرارة

ص:396


1- (1) بحار الأنوار ج 59 ص 118 ح 32.
2- (2) بحار الأنوار ج 59 ص 120 ح 41.
3- (3) بحار الأنوار ج 59 ص 120 ح 45.
4- (4) تبيّغ الدم: هاج و ثار. و التبيّغ غلبة الدم على الإنسان. و هو ما نعرفه اليوم بضغط الدم (فرط التوتر الشرياني)، فإذا هاج الدم و ارتفع الضغط فإنه قد يسبب انفجار أحد الشرايين في الدماغ فيقتل المصاب أو يصاب بالشلل (الفالج) و ضغط الدم يؤدي إلى هبوط القلب (احتشاء عضلة القلب) و إلى الفشل الكلوي. و كلاهما قاتل. و يعتبر ضغط الدم (فرط التوتر الشرياني) من الأمراض الشائعة، و القاتلة إذا لم تعالج. و يسبب ارتفاع ضغط الدم إصابة الكلى ثم فشلها، و كلّما أصيبت الكلى و زاد مرضها، كلما ارتفع ضغط الدم. و هكذا يدخل الإنسان في حلقة مقفولة.. كما أن ضغط الدم المرتفع يسبب أحيانا انفجار أحد شرايين الدماغ فيسبب السكتة الدماغية Stroke التي قد تقتل المريض. أو تكون الإصابة جلطة في الأوعية الدموية في الدماغ فتكون الإصابة شللا (فالجا). و يسبب ارتفاع ضغط الدم تضخم عضلة القلب، ثم هبوط القلب و خاصة الجانب الأيسر -

الدم. و إنّ أمير المؤمنين عليه السّلام كان إذا دخل الحمّام هاجت به الحرارة صبّ عليها الماء البارد فتسكن عنه الحرارة(1).

عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كان النبيّ (ص) يحتجم في الأخدعين، فأتاه جبرئيل عن اللّه تبارك و تعالى بحجامة الكاهل(2).

ص:397


1- (1) بحار الأنوار ج 59 ص 122 ح 48.
2- (2) بحار الأنوار ج 59 ص 122 ح 49.

قال أبو بصير: سألت الصادق عليه السّلام عن الحجامة يوم الأربعاء فقال: من احتجم يوم الأربعاء لا يدور خلافا على أهل الطيرة عوفي من كلّ عاهة، و وقي من كلّ آفة(1).

عن زرارة عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد الصادق عليه السّلام أنّه احتجم فقال: يا جارية هلمّي ثلاث سكّرات. ثمّ قال: إنّ السكّر بعد الحجامة يورد الدم الصافي، و يقطع الحرارة(2).

عن طلحة بن زيد، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الحجامة يوم السبت، قال: يضعف(3).

عن جعفر بن محمّد عليهما السّلام قال: يحتجم الصائم في غير شهر رمضان متى شاء فأمّا في شهر رمضان فلا يغرّر(4) بنفسه، و لا يخرج الدم إلاّ أن يتبيّغ به. فأمّا نحن فحجامتنا في شهر رمضان بالليل، و حجامتنا يوم الأحد، و حجامة موالينا يوم الإثنين(5).

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إيّاك و الحجامة على الريق(6).

عنه عليه السّلام قال في الحمّام: لا تدخله و أنت ممتلىء من الطعام، و لا تحتجم

ص:398


1- (1) بحار الأنوار ج 59 ص 122 ح 50.
2- (2) بحار الأنوار ج 59 ص 122 ح 51.
3- (3) بحار الأنوار ج 59 ص 123 ح 55.
4- (4) أي لا يعرض نفسه للهلاك.
5- (5) بحار الأنوار ج 59 ص 123-124 ح 57.
6- (6) بحار الأنوار ج 59 ص 124 ح 58.

حتّى تأكل شيئا، فإنّه أدرّ للعروق، و أسهل لخروجه، و أقوى للبدن(1).

عن زيد الشحّام، قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام فدعا بالحجّام، [ف] قال له: اغسل محاجمك و علّقها، و دعا برمّانة فأكلها، فلمّا فرغ من الحجامة دعا برمّانة أخرى فأكلها فقال: هذا يطفىء المرار(2).

و روي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه احتجم فقال: يا جارية هلمّي ثلاث سكّرات، ثمّ قال: إنّ السكّر بعد الحجامة يردّ الدم الطريّ، و يزيد في القوّة(3).

و عنه عليه السّلام قال: الحجامة يوم الأحد فيه شفاء من كل داء(4).

و عنه عليه السّلام قال: من احتجم في آخر خميس في الشهر آخر النهار سل الداء سلا(5).

و عنه عليه السّلام قال: إن الدم يجتمع في موضع الحجامة يوم الخميس فإذا زالت الشمس تفرق، فخذ حظك من الحجامة قبل الزوال(6).

عن المفضّل بن عمر، قال: دخلت على الصادق عليه السّلام و هو يحتجم يوم الجمعة، فقال: أو ليس تقرأ آية الكرسيّ؟ و نهى الحجامة مع الزوال في يوم الجمعة(7).

ص:399


1- (1) بحار الأنوار ج 59 ص 124 ح 59.
2- (2) بحار الأنوار ج 59 ص 124 ح 61.
3- (3) بحار الأنوار ج 59 ص 124 ح 63.
4- (4) بحار الأنوار ج 59 ص 124 ح 65.
5- (5) بحار الأنوار ج 59 ص 125 ح 72.
6- (6) بحار الأنوار ج 59 ص 125-126 ح 73.
7- (7) بحار الأنوار ج 59 ص 126 ح 74.

عن الصادق عليه السّلام قال: إذا ثار بأحدكم الدم فليحتجم، لا يتبيّغ به فيقتله. و إذا أراد أحدكم ذلك فليكن من آخر النهار(1).

عنه عليه السّلام قال: إذا بلغ الصبيّ أربعة أشهر فاحتجموه في كلّ شهر مرّة في النقرة فإنّه يجفّف لعابه و يهبط بالحرّ من رأسه و جسده(2).

عن محسن الوشّاء قال: شكوت إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام وجع الكبد فدعى بالفاصد ففصدني من قدمي و قال: اشربوا الكاشم لوجع الخاصرة(3).

روى عن الصادق عليه السّلام أنّه شكى إليه رجل الحكّة، فقال: احتجم ثلاث مرّات في الرجلين جميعا فيما بين العرقوب و الكعب. ففعل الرجل ذلك، فذهب عنه. و شكى إليه آخر فقال: احتجم في واحد عقبيك أو من الرجلين جميعا ثلاث مرّات تبرأ إن شاء اللّه. قال: و شكى بعضهم إلى أبي الحسن عليه السّلام كثرة ما يصيبه من الجرب، فقال: إنّ الجرب من بخار الكبد، فاذهب و افتصد من قدمك اليمنى و الزم أخذ درهمين من دهن اللوز الحلو(4) على ماء الكشك، و اتّق الحيتان و الخلّ ففعل

ص:400


1- (1) بحار الأنوار ج 59 ص 126 ح 78.
2- (2) بحار الأنوار ج 59 ص 127 ح 86.
3- (3) بحار الأنوار ج 59 ص 127 ح 89.
4- (4) دهن اللوز الحلو: يستخرج كما يستخرج دهن الخروع (المعتمد في الأدوية المفردة). صفته صنعته: الجامع لمفردات ابن البيطار: ديسقوريدوس: دهن الخروع يصنع هكذا: يؤخذ من حب الخروع المستحكم في شجره مما أحببت و شمسه فإذا تشقق قشره و تساقط عنه فاجمع ما في داخله و صيره في هاون و دقه ناعما، ثم اطرحه في قدر مرصصة برصاص قلعي فيها ماء و اغله، فإذا خرج دهنه كله فأنزل القدر عن النار و خذ الدهن بصدفة و اخزنه. فأما المصريون فلأنهم يحتاجون منه إلى شيء كثير يعملونه عملا آخر: و هو أنهم بعد أن ينقوا حب الخروع يطبخونه ناعما و يجعلونه في خلال خوص و يعصرونه بلولب. و علامة استحكام الخروع تساقطه من قشره. -

فبرىء بإذن اللّه(1).

عن المفضّل بن عمر، قال: شكوت إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام الجرب على جسدي و الحرارة، فقال: عليكم بالافتصاد من الأكحل، ففعلت فذهب عنّي، و الحمد للّه شكرا(2).

و روي أنّ رجلا شكى إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام الحكّة، فقال له: شربت الدواء؟ فقال: نعم، فقال: فصدت العرق؟ فقال: نعم فلم أنتفع به، فقال: احتجم ثلاث مرّات في الرجلين جميعا فيما بين العرقوب و الكعب. ففعل فذهب عنه(3).

عن الحسن بن عليّ بن فضّال، عمّن ذكره عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الحجامة في الرأس هي المغيثة تنفع من كلّ داء إلاّ السام، و شبر من الحاجبين إلى حيث بلغ إبهامه. ثمّ قال: هاهنا(4).

عن حمران قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: فيم يختلف الناس؟ قلت: يزعمون أنّ الحجامة في يوم الثلثاء أصلح، قال: فقال: و إلى ما يذهبون في ذلك؟ قلت: يزعمون أنّه يوم الدم. قال: فقال: صدقوا فأحرى أن لا يهيّجوه في يومه، أما علموا أنّ في يوم الثلثاء ساعة من وافقها لم يرق دمه حتّى يموت أو ما شاء اللّه!(5).

عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا تحتجموا في يوم الجمعة

ص:401


1- (1) بحار الأنوار ج 59 ص 127-128 ح 90.
2- (2) بحار الأنوار ج 59 ص 128 ح 91.
3- (3) بحار الأنوار ج 59 ص 128 ح 92.
4- (4) بحار الأنوار ج 59 ص 129 ح 93.
5- (5) بحار الأنوار ج 59 ص 129 ح 94.

مع الزوال، فإنّ من احتجم مع الزوال في يوم الجمعة فأصابه شيء فلا يلومنّ إلاّ نفسه(1).

عن أبي سلمة، عن معتب، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الدواء أربعة:

السعوط، و الحجامة، و النورة و الحقنة(2).

عن عمّار الساباطيّ، قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما يقول من قبلكم في الحجامة قلت: يزعمون أنّها على الريق أفضل منها على الطعام قال: لا، هي على الطعام أدرّ للعرق و أقوى للبدن(3).

عن سفيان بن السمط، قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا بلغ الصبيّ أربعة أشهر فاحجمه في كلّ شهر في النقرة، فإنّها تجفّف لعابه، و تهبط الحرارة من رأسه و جسده(4).

ص:402


1- (1) بحار الأنوار ج 59 ص 130 ح 96.
2- (2) بحار الأنوار ج 59 ص 130 ح 97.
3- (3) بحار الأنوار ج 59 ص 130 ح 98.
4- (4) بحار الأنوار ج 59 ص 131 ح 100.

حجامة Ventouser,Cupping

الحجامة عملية جراحية يقصد بها تخفيف أو شفاء الإلتهاب الذي يحصل في أعضاء غائرة لا تصل إليها العمليات الجراحية بدون هذه الواسطة أو نحوها، و ذلك بجذب كمية من الدم من مقابل ذلك المكان الملتهب إلى الجلد ثم استخراج هذا الدم إلى الخارج كما في العلق و الفصد أو حبسه مدة تحت الجلد بحيث ينقطع عن الدورة فيخفف بذلك الالتهاب المذكور أو الألم الحاصل.

ففي الحال الأول أي إخراج الدم يقال للحجامة دموية.

و في الحال الثاني جافة و هذا ما يعبر عنه عند العموم بكاسات دم و كاسات هواء.

و طريقة الحجامة في الحالين أن تؤخذ كأس زجاجية ضيقة الفم واسعة البطن حجمها نحو الرمانة الصغيرة تعرف بالمحجمة (Ventouso) ثم تحرق قطعة من الورق أو قليل من القطن داخلها حتى يزول منها الهواء بواسطة الحرارة و توضع في الحال على الجلد حيث يراد استخراج الدم أو أن يوضع على الجلد قطعة من كرتون، تركز عليها قطعة صغيرة من شمعة مشعلة أو كتلة من قطن كذلك، و توضع المحجمة فوقها فتتفرغ من الهواء بالحرارة و تلتصق بالجلد التصاقا محكما فينجذب الدم و غيره من المواد المصلية بقوة الجذب و ينتفخ الجلد و يتقبب و يحمر و تبقى المحجمة لاصقة به مدة كافية لمنع اشتراك هذه الكمية من الدم في الدورة.

هذا في الحجامة الجافة و أما إذا أريد إخراج الدم فيجب أن يجرح الجلد جرحين أو ثلاثة أو أربعة خفيفة كما يفعل في التشريط ثم توضع المحجمة على الكيفية المذكورة فعند تراكم الدم على ما سبق يخرج من تلك الجروح إلى المحجمة فإذا امتلأت نزعت ثم أعيدت تكرارا بقدر الكمية المراد إخراجها من الدم و طريقة نزعها أن يكبس بالأصبع على الجلد قرب حافة المحجمة فيدخل الهواء من تلك الفرجة التي تفتح بين الجلد و حافة المحجمة فتنفك.

و قد تكون المحجمة مثقوبة من الوراء ثقبا صغيرا يمتص منه الهواء بالفم أو ذات أنبوبة يمتص منها بواسطة طلمبة ماصة و ذلك يغني عن إخراج الهواء منها بالحرارة كما ذكر أنفا.

و الحجامة نافعة جدا في كثير من الأحوال المرضية و أنفع من العلق و التشريط في أكثر الظروف و مع أنها كانت كثيرة الإستعمال قديما فقد قل استعمالها الآن بدون داع أساسي و تفيد كثيرا في التهابات الرئة و البليورة و بعض الأمراض العصبية و أوجاع المفاصل و يستعملونها كثيرا في تفريغ الدمامل منعا لدخول الهواء فيها، و قد يستعملونها عند نهش الحيوانات السامة لمنع سير السّم في

ص:403

العروق و امتزاجه بالدم فيخرج بها مع كمية من الدم سطحية و يدفع ضرره. ثم إن الحجامة الجافة يصلح استعمالها في كل أقسام الجسد و أما الدموية فلا تستعمل إلا في الأجزاء التي ليس نسيجها لطيفا و أوعيتها مهمة و نحو ذلك.

قال في الموجز(1): و للحجامة فوائد:

أحدها: تنقية العضو نفسه.

و ثانيها: قلة استفراغها لجوهر الروح.

و ثالثها: قلة تعرضها للأعضاء الرئيسة.

قال: و الحجامة على الساقين تقارب الفصد، و تدر الطمث و تنقي الدم، و على القفاء للرمد، و البخر، و القلاع(2) ، و الصداع خاصة ما كان في مقدم الرأس، لكنها تورث النسيان.

قال: و فصد الباسليق(3) ينقي تنور البدن و القيفال(4) و حبل الذراع للرقبة فما فوقها، و الأكحل مشترك، و الأسليم(5) الأيمن لأوجاع الكبد، و الأيسر لأوجاع الطحال، و فصد عرق النسا(6) لأوجاع عرق النسا عظيم و للدوالي(7) ، و للنقرس(8) ، و الصافن(9) لإدرار الحيض، و لمنافع عرق النسا.

و قال ابن القيم(10): الحجامة تنقي سطح البدن أكثر من الفصد و الفصد لأعماق البدن أفضل، و التحقيق في أمرهما أنهما يختلفان باختلاف الزمان و المكان، و الأسنان، و الأمزجة، فالأمزجة الحارة التي دم أصحابها في غاية النضج، الحجامة فيها أنفع بكثير.

ص:404


1- (1) الموجز ص 78، و انظر: القانون (110/1، 111، 112).
2- (2) القلاع: بضم القاف و تشديد اللام: داء في الفم و الحلق يصيب الصبيان في أفواههم. انظر: تاج العروس مادة قلع (81/5). و نهاية الأرب (77/11).
3- (3) الباسليق: عرق يقع في الجانب الأنسي من الإنسان، و انظر: فقه اللغة للثعالبي (ص 111).
4- (4) القيفال: عرق يقع في الجانب الوحشي من الإنسان. انظر: فقه اللغة للثعالبي (ص 111).
5- (5) و في المخطوطة: الأشليم، و هو خطأ، و ما أثبته من القانون و فقه اللغة (ص 111) و قال: هو عرق فيما يلي الخنصر و البنصر، و هو معرب.
6- (6) عرق النسا: وجع من أوجاع الأعصاب يبتدئ من مفصل الورك و يمتد إلى الركبة فالكعب.
7- (7) الدوالي: عروق تظهر في الساق و هي ملتوية غليظة شديدة الخضرة. أنظر: فقه اللغة (ص 125).
8- (8) النقرس: مرض مؤلم يحدث في مفاصل القدم، و كان يسمى داء الملوك.
9- (9) الصافن: عرق عند الكعب يفصد. و الصافن: القائم على قدميه، و الصافن من الخيل القائم على ثلاث. أنظر: المصباح المنير مادة صفن (ص 406) و فتح الباري (152/10) و قد ذكر فوائد الفصد و الحجامة.
10- (10) الطب النبوي لابن القيم (ص 125) و انظر فتح الباري (151/10).

فإن الدم ينضج و يرق، و يخرج إلى سطح الجسد، فتخرج الحجامة ما لا يخرجه الفصد، و لذلك كانت أنفع للصبيان، و لمن لا يقوى على الفصد، و قد نص الأطباء على أن البلاد الحارة الحجامة فيها أفضل و أنفع من الفصد.

و تستحب في وسط الشهر، و بعد وسطه، و في الربع الثالث من أرباع الشهر، لأن الدم لم يكن في أول الشهر قد هاج و تبيغ و في آخره يكون قد سكن، و أما في وسطه و بعيده فيكون في نهاية التزيد.

قال صاحب القانون(1) و يؤمر باستعمال الحجامة لا في أول الشهر، لأن الأخلاط لا تكون قد تحركت أو هاجت، و لا في آخره لأنها تكون قد نقصت، بل في وسط الشهر حين تكون الأخلاط هائجة تابعة في تزيدها لتزيد النور في جرم القمر. انتهى.

و قال ابن القيم: و قوله (ص):

«خير ما تداويتم به الحجامة» إشارة إلى أهل الحجاز و البلاد الحارة لأن دماءهم رقيقة، و هي أميل إلى ظاهر أبدانهم لجذب الحرارة الخارجة إلى سطح الجسد، و اجتماعها في نواحي الجلد، لأن مسام أبدانهم واسعة، و قواهم متخلخلة، ففي الفصد لهم خطر.

قال: و الحجامة على الكاهل تنفع من وجع المنكب و الحلق و الحجامة على الأخدعين تنفع في أمراض الرأس و أجزائه: كالوجه و الأسنان، و الأذنين، و العينين، و الأنف، و الحلق، إذا كان حدوث ذلك عن كثرة الدم، أو فساده، أو عنهما جميعا. انتهى.

قال ابن سينا في القانون:

و يؤمر باستعمال الحجامة لا في أو الشهر، لأن الأخلاط لا تكون قد تحركت و هاجت، و لا في آخره لأنها تكون قد نقصت، بل في وسط الشهر حين تكون الأخلاط هائجة بالغة في تزايدها لتزيد النور في جرم القمر. و قد روي عن النبي (ص)، أنه قال: «خير ما تداويتم به الحجامة و الفصد».

قال في القانون: الحجامة على النقرة خليفة الأكحل، و ينفع من ثقل الحاجبين و (العينين) و يجفّف الجفن، و ينفع من جرب العين و البخر في الفم. و على الكاهل خليفة الباسليق، و ينفع من وجع المنكب و الحلق. و على أحد الأخدعين خليفة القيفال و ينفع من ارتعاش الرأس، و ينفع الأعضاء التي في الرأس مثل الوجه و الأسنان و الضرس و الأذنين و (العينين) و الحلق و الأنف.

لكن الحجامة على النقرة تورث النسيان حقا كما قال سيّدنا و مولانا صاحب شريعتنا

ص:405


1- (1) القانون (212/1) و الطب لابن القيم أيضا (ص 125).

محمد (ص)، فإنّ مؤخّر الدماغ موضع الحفظ، و تضعفه الحجامة. و على الكاهل يضعّف فم المعدة و الأخدعيّة ربما أحدثت رعشة الرأس، فلتسفل النقريّة و لتصعد الكاهليّة قليلا إلاّ أن يتوخّى بها معالجة نزف الدم و السعال، فيجب أن تنزل و لا تصعد.

و هذه الحجامة التي تكون على الكاهل و بين الكتفين نافعة من أمراض الصدر الدمويّة، و الربو الدموي، لكن تضعّف المعدة، و تحدث الخفقان، و الحجامة على الساق يقارب الفصد، و ينقّي الدم، و يدرّ الطمث، و من كانت من النساء بيضاء متخلخلة رقيقة الدم فحجامة الساقين أوفق لها من فصد الصافن.

و الحجامة على القمحدوة و على الهامة ينفع - فيما ادّعاه بعضهم - من اختلاط العقل و الدوار، و يبطئ - فيما قالوا - بالشيب. و فيه نظر، فإنها قد تفعل ذلك في أبدان دون أبدان و في أكثر الأبدان تسرع بالشيب، و تضرّ بالذهن، و تنفع من أمراض العين، و ذلك أكثر منفعتها، فإنّها تنفع من جربها و بثورها من المورسرج، و لكنّها تضرّ بالذهن، و تورث بلها و نسيانا و رداءة فكر، و أمراضا مزمنة، و تضرّ بأصحاب الماء في العين، إلاّ أن تصادف الوقت و الحال التي يجب فيها استعمالها، فربما لم تضرّ.

و الحجامة تحت الذقن ينفع الأسنان و الوجه و الحلقوم، و ينقّي الرأس و الفكّين.

و الحجامة على القطن نافعة من دماميل الفخذ و جربه و بثوره، و من النقرس و البواسير و داء الفيل و رياح المثانة و الرحم و من حكّة الظهر. فإذا كانت هذه الحجامة بالنار شرط أو غير شرط نفعت من ذلك أيضا. و التي بشرط أقوى في غير الريح، و التي بغير شرط أقوى في تحليل الريح البارد و استئصالها هاهنا، و في كل موضع. و الحجامة على الفخذين من قدّام ينفع من ورم الخصيتين و خراجات الفخذين و الساقين، و على أسفل الركبتين، فالتي على الفخذين ينفع من الأورام و الخراجات الحادثة في الأليتين، و على أسفل الركبة تنفع من ضربان الركبة الكائن من أخلاط حارة، و من الخراجات الرديئة و القروح العتيقة في الساق و الرجل، و التي على الكعبين تنفع من احتباس الطمث، و من عرق النساء و النقرس.

ص:406

التداوي بالخمر، الكى

اشارة

عن سيف بن عميرة، عن شيخ من أصحابنا، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كنّا عنده فسأله شيخ فقال: إنّ بي وجعا، و إنّما أشرب له النبيذ، و وصفه له الشيخ. فقال:

ما يمنعك من الماء الّذي جعل اللّه منه كلّ شيء حيّ؟ قال: لا يوافقني. قال: فما يمنعك من العسل، قال اللّه «فيه شفاء للناس»؟ قال: لا أجده قال: فما يمنعك من اللبن الّذي نبت منه لحمك و اشتدّ عظمك؟ قال: لا يوافقني. قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أ تريد أن آمرك بشرب الخمر؟! لا و اللّه لا آمرك(1).

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: المضطرّ لا يشرب الخمر، فإنّها لا تزيده إلاّ شرّا، و لأنه إن شربها قتلته فلا تشرب منها قطرة(2).

عن ابن مسكان، عن ابن أبي يعفور، قال: كان إذا أصابته هذه الأوجاع فإذا اشتدّت به شرب الحسو من النبيذ فسكن عنه، فدخل على أبي عبد اللّه عليه السّلام فأخبره بوجعه و أنّه إذا شرب الحسو من النبيذ سكن عنه. فقال له: لا تشربه، فلمّا أن رجع إلى الكوفة هاج به وجعه، فأقبل عليه أهله فلم يزالوا به حتّى شرب فساعة شرب منه سكن عنه.

فعاد إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام فأخبره بوجعه و شربه. فقال له: يا ابن أبي يعفور لا تشرب، فإنّه حرام. إنّما هو الشيطان موكّل بك، و لو قد يئس منك ذهب. فلما أن رجع

ص:407


1- (1) بحار الأنوار ج 59 ص 83 ح 4.
2- (2) بحار الأنوار ج 59 ص 83 ح 5.

إلى الكوفة هاج به وجعه أشدّ ما كان، فأقبل أهله عليه، فقال لهم: و اللّه ما أذوق منه قطرة أبدا، فأيسوا منه [أهله] و كان يتّهم على شيء و لا يحلف، فلمّا سمعوا أيسوا منه.

و اشتدّ به الوجع أيّاما، ثمّ أذهب اللّه به عنه، فما عاد إليه حتّى مات رحمة اللّه عليه(1).

عن عمر بن يزيد الصيقل، قال: حضرت أبا عبد اللّه عليه السّلام فسأله رجل به البواسير الشديد، و قد وصف له دواء سكرجة من نبيذ صلب لا يريد به اللذّة و لكن يريد به الدواء. فقال: لا، و لا جرعة قلت: لم؟ قال: لأنّه حرام، و إنّ اللّه عزّ و جلّ لم يجعل في شيء ممّا حرّمه دواء و لا شفاء(2).

عن عمر بن أذينة، قال: كتبت إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام أسأله عن الرجل ينعت له الدواء من ريح البواسير، فيشربه بقدر سكرجة(3) من نبيذ صلب، ليس يريد به اللّذة إنّما يريد به الدواء. فقال: لا، و لا جرعة. و قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ لم يجعل في شيء ممّا حرّم شفاء و لا دواء(4).

عن الحلبيّ قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن دواء يعجن بالخمر لا يجوز أن يعجن بغيره، إنّما هو اضطرار؟ فقال: لا و اللّه، لا يحلّ لمسلم أن ينظر إليه، فكيف يتداوى به؟! و إنّما هو بمنزلة شحم الخنزير الّذي يقع في كذا و كذا لا يكمل إلاّ به، فلا شفى اللّه أحدا شفاه خمر و شحم خنزير!(5)

ص:408


1- (1) بحار الأنوار ج 59 ص 85 ح 7.
2- (2) بحار الأنوار ج 59 ص 86 ح 9.
3- (3) سكرجة: ابن سرافيون: السكرجة ستة أساتير و ربع الخوارزمي: اسكرجة صغيرة ثلاث أواق اسكرجة كبيرة: تسع أواق.
4- (4) بحار الأنوار ج 59 ص 87 ح 10.
5- (5) بحار الأنوار ج 59 ص 88 ح 15.

عن أبي بصير، قال: دخلت أم خالد العبديّة على أبي عبد اللّه عليه السّلام و أنا عنده، فقالت: جعلت فداك، إنّه يعتريني قراقر في بطني، و قد وصف لي أطبّاء العراق النبيذ بالسويق، و قد وقفت و عرفت كراهتك له، فأحببت أن أسألك عن ذلك.

فقال لها: و ما يمنعك عن شربه؟ قالت: قد قلّدتك ديني فألقى اللّه عزّ و جلّ حين ألقاه فأخبره أنّ جعفر بن محمّد عليه السّلام أمرني و نهاني. فقال: يا أبا محمّد أ لا تسمع إلى هذه المرأة و هذه المسائل! لا و اللّه، لا آذن لك في قطرة منه و لا تذوقي منه قطرة، فإنّما تندمين إذا بلغت نفسك هاهنا - و أومأ بيده إلى حنجرته - يقولها ثلاثا: أ فهمت؟ قالت: نعم ثمّ قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما يبلّ الميل ينجّس حبّا من ماء - يقولها ثلاثا(1).

عن مالك بن مسمع المسمعيّ، عن قائد بن طلحة، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن النبيذ يجعل في دواء، قال: لا ينبغي لأحد أن يستشفى بالحرام(2).

عن عبد الحميد بن عمر بن الحرّ، قال: دخلت على أبي عبد اللّه الصادق عليه السّلام أيّام قدم [من] العراق، فقال: ادخل على إسماعيل بن جعفر، فإنّه شاك و انظر ممّا وجعه. قال: فقمت من عند الصادق عليه السّلام و دخلت عليه، فسألته عن وجعه الّذي يجده، فأخبرني به. فوصفت له دواء فيه نبيذ، فقال لي إسماعيل: يا ابن الحر، النبيذ حرام، و إنّا أهل البيت لا نستشفي بالحرام(3).

عن عليّ بن أسباط، قال: أخبرني أبي، قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام فقال

ص:409


1- (1) بحار الأنوار ج 59 ص 88 ح 16.
2- (2) بحار الأنوار ج 59 ص 87 ح 12.
3- (3) بحار الأنوار ج 59 ص 87-88 ح 14.

له رجل: إنّ بي - جعلت فداك أرواح البواسير، و ليس يوافقني إلاّ شرب النبيذ. قال:

فقال له: ما لك و لما حرّم اللّه عزّ و جلّ و رسوله (ص).! - يقول له ذلك ثلاثا - عليك بهذا المريس الّذي تمرسه بالليل و تشربه بالغداة و تشربه العشيّ. فقال له: هذا ينفخ البطن. قال له: فأدلّك على ما هو أنفع لك من هذا، عليك بالدعاء فإنّه شفاء من كلّ داء قال: فقلنا له: فقليله و كثيره حرام؟ فقال: نعم، قليله و كثيره حرام(1).

عن ابن مسكان، عن الحلبيّ، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن دواء عجن بالخمر. قال: لا و اللّه، ما أحبّ أن أنظر إليه، فكيف أتداوى به! إنّه بمنزلة شحم الخنزير أو لحم الخنزير و إن أناسا ليتداوون به(2).

الكي

عن الصادق عليه السّلام أنه رخص في الكي فيما لا يتخوف فيه الهلاك و لا يكون فيه تشويه(3).

ص:410


1- (1) بحار الأنوار ج 59 ص 89 ح 17.
2- (2) بحار الأنوار ج 59 ص 89-90 ح 18.
3- (3) بحار الأنوار ج 59 ص 74 ح 35.

ما هو مصير الخمر داخل جسم الإنسان؟

عند ما يحتسي الإنسان الخمر فإنها تمتص بسرعة جدا من الجهاز الهضمي في المعدة و الأمعاء الدقيقة حيث تسير مع الدم و تذهب حوالي 95% منها إلى الكبد، و تذهب الكمية المتبقية إلى القلب ثم إلى الرئة و الكلية و الجلد حيث تخرج من الجسم مع التنفس و البول و العرق... و يذهب جزء منها إلى المخ مباشرة، و في الكبد حيث تذهب أكبر كمية فإن الكحول تحدث له عملية أكسدة و ذلك بتفاعله مع الأكسجين فينتج عن ذلك مادة وسيطة تسمى الأسيتالدهيد، ثم تحدث في الكبد عملية أكسدة للأسيتالدهيد فيتحول إلى حمض الخليك... ثم تحدث عملية أكسدة لحمض الخليك باتحاده مع الأكسجين فيتحول إلى ثاني أكسيد الكربون و الماء... و تنطلق أثناء هذه العمليات الطاقة الحرارية.

آثار شرب الخمر على الإنسان

الخمور لها تأثير مهبط على الجهاز العصبي المركزي شبيه بتأثير الأدوية المخدرة، و الخمر بكميات صغيرة لها تأثير منوم و كذلك لها تأثير بسيط في تخفيف الألم، و كذلك تخفيض درجة الحرارة للجسم... لذلك فإن الشخص الذي يشرب الخمر يشعر بالدفء نتيجة لزيادة تدفق الدم في الأوعية الدموية بالجلد (التي تتسع من انخفاض الحرارة من الخمر) و بذلك يشعر الشخص بالدفء... و كذلك فإن الخمر لها تأثير على إفراز العصارة المعدية و لذلك فهي تزيد الشهية لتناول الطعام و تقسم الأعراض الناشئة عن شرب الخمر إلى أعراض حادة أو أعراض وقتية و أعراض مزمنة و فيما يلي نشرح ذلك:

أولا الأعراض الحادة الوقتية لشرب الخمر:

و تشتمل على:

1 - حالة نشوة و انبساط لا تتناسب مع الجو الخارجي الذي تواجد فيه الشخص فيظهر في صورة غير لائقة... فإذا حدثته حديثا جادا أخذه بصورة الهزل، و قد تحدث من الشخص تصرفات لا تتناسب مع مركزه أو سنه مما يسبب ضياع هيبته و وقاره و يظهر الشخص في صورة غير محترمة تدعو للسخرية و الاستهزاء.

ص:411

2 - تتغير لغة و طريقة الكلام و النطق بالحروف و الكلمات و ذلك بسبب الخلل الذي يحدث في عملية التعاون بين العضلات الدقيقة الخاصة بالكلام و التنغيم و إخراج الأصوات فيؤدي ذلك إلى إطالة النطق ببعض الحروف و سرعة البعض الآخر فيبدو الكلام هزليا.

3 - يتقلب إحساس الشخص تجاه الآخرين من الشعور الودي الزائد إلى شعور عدائي زائد فجأة و بدون أسباب معقولة و قد ينفجر في البكاء بلا سبب.

4 - عدم توافق حركة المشي... فيسير السكران مترنحا بسبب التأثير على المخيخ و هو المسؤول عن التوازن و نتيجة عدم التوافق بين حركة العضلات بسبب تأثير الخمر على الأعصاب الطرفية و قدرتها على نقل الإشارات الصادرة من المخ إلى العضلات و العكس.

5 - هلوسة بصرية و خلل في جهاز الرؤية فتصبح الأشياء غير واضحة أمام الشخص السكران فلا يرى الأشياء على حقيقتها بل قد يرى الشيء الواحد كأنه عدة أشياء متكررة أمامه و قد يرى مناظر لا وجود لها في الحقيقة (كما ذكرنا سابقا) و يصبح هذا الخلل خطيرا إذا كان الشخص يقود سيارة أو خلافه فإن وقوع حادث مروع هو أمر محتمل الحدوث، كما قد يحدث للعين رعشة و اجهاد نتيجة لذلك.

6 - يتسبب شرب الخمر في إثارة الحجاب الحاجز (و هو العضلة التي تفصل بين التجويف الصدري و التجويف البطني) و يؤدي ذلك إلى حدوث انقباض الحجاب الحاجز بطريقة لا إرادية مما يؤدي إلى «الزغطة» بصورة مزعجة.

7 - يحدث قيء شديد يفقد الجسم فيه الكثير من محتويات المعدة و عصاراتها و انزيماتها الهاضمة مع المأكولات التي تناولها، هذا فضلا عن الإرهاق الذي تسببه عملية القيء بعضلات البطن و المعدة.

8 - إذا شرب الشخص كمية كبيرة من الخمر فإن تركيز الكحول في الدم يرتفع إلى الدرجة التي يتسبب عنها حالة غيبوبة كاملة، و هي حالة خطيرة... و فيها تظهر على الشخص الأعراض التالية:

أ - يفقد الشخص الوعي الكامل.

ب - يحدث انخفاض شديد في درجة حرارة الجسم فلا يشعر السكران ببرودة الجو... بل إنه يشعر بالدفء الكاذب مما يجعل الجسم يفقد كمية كبيرة من درجة حرارته و من

ص:412

طاقته الحرارية و قد تؤدي هذه الحالة إلى الوفاة خصوصا إذا وجد هذا الشخص في مكان شديد البرودة.

ج - يحدث بط ء شديد في التنفس فلا يحصل الجسم على الأكسجين اللازم له لاستمرار حياته بالإضافة إلى تكوين كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون نتيجة تأكسد الكحول في الكبد فيؤدي ذلك إلى الوفاة.

د - ينخفض معدل ضربات القلب و يقل أداؤه لضخ الدم إلى الجسم.

ه - قد يحدث ارتفاع في ضغط الدم داخل المخ الأمر الذي قد يؤدي إلى انفجار شرياني داخل المخ... و في أحسن الأحوال فإن ذلك يسبب صداعا شديدا للسكران بعد أن تزول عنه حالة السكر التي كان يعانيها... و عموما إذا طالت فترة الغيبوبة فإن الشخص يموت حتما بسبب حدوث تلف شديد في مراكز المخ و توقف التنفس... (1)

ثانيا: الأعراض المزمنة التي تنتج عن إدمان الخمر:

و تشتمل على ما يلي:

1 - يتسبب تكرار تعاطي الخمور إلى حالة الإدمان لها و بحيث لا يستطيع أن يمنع نفسه عن شرب الخمر مع زيادة الجرعة التي يتعاطاها بكميات متزايدة لكي يصل إلى التأثير النفسي المطلوب.

2 - يتسبب شرب الخمر و إدمانها في قتل خلايا الكبد و إتلافها مما يؤدي إلى حالة مرضية تسمى تليف الكبد الكحولي الذي يؤدي بدوره إلى ارتفاع ضغط الدورة البابية للدم و يؤدي ذلك بدوره إلى تضخم الطحال (لأن الطحال و الكبد مشتركان معا في دورة دموية واحدة من الناحية التشريحية)... و هذه الحالة تؤدي إلى الاستسقاء في البطن «أي أن ترشح سوائل الجسم و الدم من خلال الكبد المتليف و تتجمع في تجويف البطن فتتضخم البطن و يصبح الإنسان كأنه أنثى حبلى هزيلة» و يترتب على ذلك إصابة الإنسان بحالة أنيميا و ضعف عام و ضمور في عضلات الجسم المختلفة ثم تكون النهاية المحتومة هي حالة الفشل الكبدي و الوفاة.

3 - يتسبب إدمان شرب الخمر في ضمور الغدد الموجودة في جدار المعدة، و هذه الغدد هي التي تفرز العصارة الهضمية و الأنزيمات الهاضمة مما يؤدي إلى حالة عسر هضم.

4 - يتسبب السكر المزمن في إصابة السكير بحالة التهاب مزمن بالمعدة و جدارها الداخلي مما

ص:413

يؤدي إلى حدوث حالة حموضة بالمعدة باستمرار الأمر الذي يساعد في حدوث تقرحات بالمعدة هذا زيادة على حالة عسر الهضم المزمن عند السكير.

5 - يتسبب إدمان الخمر في تهيئة الظروف المساعدة على زيادة قرحة المعدة و الإثني عشر و ذلك يؤدي إلى آلام شديدة بالبطن و فقدان الشهية للطعام و ذلك بسبب خوف المدمن مما يعانيه من آلام مبرحة بعد تناول الطعام... و غالبا تحدث حالة قيء بعد الأكل في محاولة لتخفيف حدة الألم.

6 - الإصابة بالتهاب مزمن بالبنكرياس مما ينتج عنه عدم قدرة البنكرياس على إفراز العصارة البنكرياسية و هي تقوم بدور هام في هضم المواد الدهنية، و على ذلك يحرم الجسم من الاستفادة منها حيث تخرج المواد الدهنية مع البراز دون هضم لها، كما يترتب أيضا على إصابة البنكرياس بالتهاب مزمن ظهور مرض السكر عند المدمن (و هذا المرض وحده له مضاعفات و أضرار على الإنسان.

7 - يؤدي إدمان الخمور إلى ضمور الخلايا العصبية و المراكز الهامة بالمخ خصوصا بالقشرة المخية التي يوجد بها أهم مراكز الإحساس و الحركة، و هي الجزء المسؤول من المخ عن الأفعال و التصرفات الإرادية... أي إنها مناط التكليف و التمييز و الإدراك... و هذه القشرة المخية هي التي يتميز بها الإنسان عن باقي المخلوقات من حيوانات و طيور... إلخ... فإذا ضمرت و تلفت هبط الإنسان إلى درجة الحيوانات و فقد أهم شيء كرم اللّه به بني آدم و هو أداة التمييز بين الصواب و الخطأ و بين الخير و الشر... و بذلك ينطلق الإنسان في حياته كوحش مفترس لا هم له إلا إرضاء شهواته و قضاء حاجاته و نزواته.

8 - يؤدي إدمان الخمر إلى مرض التهاب الأعصاب الطرفية و هي مستقبلات الإحساس بالجسم، و هي تشبه مراكز الاستطلاع التي توجد على حدود الدول و أجهزة الرادار التي تنقل للقيادة فورا كل تحركات العدو... فإذا تخيلنا إنسانا يمسك جسما ساخنا ملتهبا و أن هذه المراكز لا تعمل و لا ترسل إشارات للمخ تخبره بأن الجلد في هذه المنطقة ملامس لجسم ساخن ملتهب... فإنه سوف تحترق خلايا الجلد و تموت أنسجة الجسم و تتلف دون أن يشعر بذلك المخ (مثلما يحدث في حالة الكي للجلد في المنطقة للتخلص من الألم بها)... و ذلك من نعم اللّه على الإنسان و هو أن يخلق له حرسا و خفرا لحدود جسمه تسهر و تعمل في كل الأوقات سواء كان الإنسان نائما أم مستيقظا.

و مرض التهاب الأعصاب الطرفية المزمن الذي تسببه الخمر من أعراضه فقد الإحساس من

ص:414

القدم، ثم بعد ذلك فقد الإحساس من اليد و يكون فقدان الإحساس في مناطق لبس الجوانتي باليد، و كذلك الشراب بالقدم بالإضافة إلى إصابة اليدين برعشة مستمرة مزمنة (نتيجة لتلف الخمر للأعصاب المختصة بنقل الإشارات الخاصة بالسخونة و البرودة و الألم و عدم التعرف الدقيق على الأشياء بمجرد اللمس).

9 - يؤدي إدمان الخمر إلى فقدان الذاكرة بالنسبة للأحداث القريبة... فالشخص السكير ينسى ما الذي حدث في صباح نفس اليوم بينما يستطيع أن يتذكر بالتفصيل الأحداث الماضية منذ عشرين عاما فيتذكر مثلا طعامه ليلة الزفاف و لا يتذكر طعامه بالأمس.

10 - يؤدي إدمان الخمر إلى عدم التحكم في التبول و من ثم فإنه يتبول لا إراديا.

11 - إدمان الخمر يقلل مقاومة الجسم للأمراض و ذلك لأن الكحول يؤدي إلى شلل كرات الدم البيضاء فيؤثر ذلك على قدرتها في مقاتلة الميكروبات و مقاومة الجراثيم التي تهاجم الجسم.

12 - يؤدي إدمان الخمر إلى احتقان مزمن في الأغشية المخاطية المبطنة للفم و الحلق و الأحبال الصوتية... و مع مرور الوقت فإن هذا الاحتقان المزمن يؤدي إلى ثخانة سمك الأحبال الصوتية مما يؤدي إلى حدوث خشونة و بحة مزمنة في صوت السكير.

13 - يؤدي الإدمان إلى إحداث تغيرات سيئة و هدامة في نفسية المدمن و شخصيته و فكره و عقليته فيصبح السكير إنسانا لا ضمير له و لا يراعي العرف و لا يلتزم بالقانون... فلا أمن معه و لا أمان له.

14 - الخمر تؤثر على المرأة الحامل و تؤدي إلى إنجاب أطفال مشوهين ممسوخين و متخلفين عقليا فيصبح ابن المدمنة عند ما يكبر عالة على أهله و على المجتمع يشيع اللعنات للأم التي أنجبته في كل صباح و كل مساء و سنشرح ذلك بالتفصيل فيما بعد.

15 - الخمر تؤدي إلى العقم للرجال بالإضافة إلى تأخيرها لالتئام جروح الفم و إلى سرطان الفم و اللسان و القصبة الهوائية و قد تحدث الإصابة بسرطان الجهاز الهضمي.

16 - و في بحث بطب الأزهر أثبت أن استخدام «خلاصة جوزة الطيب» بجرعات مركزة و لمدة طويلة (كما يفعل بعض المدمنين) يسبب تحللا في خلايا الكبد و ألياف عضلة القلب و خلايا المخيخ... و أنه على العكس من ذلك فإن استخدام جوزة الطيب لإعطاء نكهة طيبه للطعام ليس له أي تأثير ضار.

ص:415

17 - غالبا يحدث عند المدمنين للخمور و الذين يتعاطونها بشراهة حالة تسمى «هذيان السكارى» و هي مجموعة من الهلاوس السمعية و البصرية (التي سبق شرحها) و كذلك الهلوسة الحسية و تشير كثير من الاحصائيات إلى أن نصف عدد حوادث السيارات في العالم إنما تقع بسبب قيادة السيارات تحت تأثير المخدر أو الخمر.

الأعراض التي تظهر بعد انتهاء تأثير الخمر:

اشارة

عند ما يستيقظ السكران من النوم في الصباح فإنه يشعر بأنه غير مرتاح و غير مبسوط... و أنه ليس في حالته الطبيعية... و يحدث ذلك بسبب التأثير المدمر و الذي يحدثه الكحول على الجهاز العصبي المركزي... و لذلك فإن السكير دائما يعاني من:

1 - حالة غثيان و قرف و جريان اللعاب.

2 - صداع شديد بالرأس و يشعر كأن المخ قد تفكك من بعضه.

3 - حالة دوخة و حرقان و آلام شديدة بالمعدة و البطن بالإضافة إلى آلام بالمفاصل و تكسير بأنحاء الجسم المختلفة.

4 - الشعور بالنقص و عدم الثقة بالنفس و كذلك الشعور بالخوف من الناس و من المجهول و توقع حدوث الشر و المصائب بالإضافة إلى الشعور بالقلق و التوتر المصحوب بانفعالات نفسية عاطفية إما بالكراهية الشديدة أو الحب الشديد و قد تحدث حالة هياج نفسي.

5 - يمكن أن تحدث لبعض الأشخاص الذين يشربون الخمر لأول مرة نوع من أنواع الحساسية التي تصيب الجلد.

و الأعراض السابقة تحدث عادة بعد عدة ساعات من شرب الخمر و بعد أن يكون الجسم قد تخلص من معظم كمية الكحول التي شربها السكران... و سبب ظهور هذه الأعراض هو أن الخمور تحتوي على بعض المنتجات الطبيعية التي تنتج من عملية التخمر و تشوب الخمر، و بعض هذه المواد لها خاصية سامة و هي التي تسبب ظهور الأعراض السابقة بعد زوال تأثير الخمر على الجسم.

1 - تأثير الخمر على الصحة النفسية للإنسان:

فللمخدرات و الخمور تأثير ضار على الناحية النفسية للإنسان سواء في المراحل الأولى من

ص:416

تعاطيها أو في مرحلة الإدمان، حيث إن كلا من الإدمان و المرض النفسي على علاقة وثيقة ببعضهما البعض و تتضح هذه العلاقة فيما يلي:

1 - قد ينشأ كل منهما (المرض النفسي و الإدمان) من نفس الأسباب فنرى أن الأسباب التي تدفع شخصا بذاته إلى نوعية من المرض النفسي قد تدفع شخصا آخر إلى الإدمان (1).

2 - الإدمان قد يكون محاولة من الفرد للتغلب على الصعوبات التي تواجهه و ذلك بالهروب منها.

3 - الإدمان قد يكون محاولة دفاعية من المدمن ضد المرض النفسي المهدد و كأنه بديل من المرض النفسي.

4 - الإدمان قد تصاحبه اضطرابات نفسية مختلفة نتيجة التسمم بالعقار.

5 - الإدمان قد ينتهي باضطرابات نفسية مختلفة (فقد أثبتت إحدى الدراسات أن مدمني المخدرات يعانون من نقص عنصر الليثيوم المسؤول عن ثبات الحالة النفسية للإنسان مما يؤدي إلى إصابة متعاطي المخدرات بالاكتئاب النفسي) لكل هذا فمن المتصور أن الإدمان نوع من المرض النفسي و أننا في مقاومته و علاجه لا بد أن نسير على هذا المفهوم.

2 - تأثير الخمر و المخدرات على الدم:

فلقد أثبتت الأبحاث العلمية أن المشروبات الكحولية (بعكس باقي المشروبات الأخرى) يتم امتصاصها في الجسم بسرعة فائقة بمجرد تناولها حيث تعد الكحوليات من أسرع المشروبات التي تسري في الدورة الدموية و تتخلل في الجسم دون فاقد تقريبا، كما أن الدم لا يتخلص من الكحول الذي يحمله حتى بعد النوم لمدة 7 ساعات متواصلة و لكن يظل الدم يحتفظ بنسبة كبيرة من الكحول تسبب حالة إعياء مستمرة طوال اليوم التالي فتؤثر على انتباهه و جهازه العصبي (لذا فإن تناولها قبل القيادة مباشرة يضاعف من احتمالات وقوع الحوادث) و تظهر الأعراض المرضية في الدم على شكل:

1 - ضعف الأعضاء التناسلية أو وقوف حركتها تماما.

2 - زيادة إفرازات الفم و العين و الأنف.

3 - إمساك مستمر.

ص:417

4 - ارتفاع ملحوظ في ضغط الدم نتيجة زيادة نسبة الأدرينالين مما يؤثر على كفاءة القلب و الأوعية الدموية.

5 - نزلة معوية مزمنة.

6 - آلام شديدة منتشرة في مفاصل الجسم حيث تنتشر المواد المخدرة السامة في الدم و تعيق دورته و قد توقف دورة الدم أحيانا فيموت السكير فجأة كما تضعف مرونة الشرايين فتتمدد و تغلظ حتى تنسد أحيانا أو تضيق و تصاب بالتصلب مما يؤدي إلى حدوث جلطة بالقلب، كما يحدث جلطة للأعوية الدموية بالمخ.

3 - تأثير الخمر و المخدرات على خلايا المخ و الجهاز العصبي:

ففي حالة استخدم «الهيروين» فإن الشمة الأولى لا تتعدى مليجرامات، و هذه الجرعة الأولى هي الوحيدة التي تعطي صاحبها الانتعاش و النشاط و القدرة الكبيرة على الحركة و السعادة غير الطبيعية لمدة من 6-12 ساعة و هي الحالة المحببة التي يبحث عنها الشباب و من أجلها يستمر في تعاطي المخدرات، و يحاول الجهاز العصبي و خلاياه الدفاع عن نفسه ضد مادة المخدر الدخيلة الجديدة فيستحدث نوعا من المناعة ضدها و بالتالي يحتاج المتعاطي لهذه المواد بجرعات كبيرة لإعطاء الأثر المطلوب... و هنا تبدأ خواص الإدمان، و يصبح الإنسان بعد أسابيع قليلة عبدا لهذه المواد المدمرة لا يستطيع العمل أو المذاكرة أو التصرف بدونها، و بتكرار الشم تزداد الجرعة التي قد تصل عند بعض الناس إلى 30 مليجرام ليصل إلى ذروة النشوة، و عند بعض المدمنين قد تتضخم الجرعة القاتلة إلى 3 جرامات كاملة يسقط بعدها المدمن في بحر المضاعفات فيعاني من الإسهال الشديد، و تتساقط الدموع من عينيه بصفة لا إرادية و ينكمش جلده و يصاب بالآم مبرحة في البطن و تضيق حدقة عينيه و يظل يتخبط في ظلمات الألم حتى يفقد حياته أو يصاب بالجنون، و الوفاة تنتج عن هبوط في التنفس و زرقة في الوجه و اللسان و الجسم لعدم وجود الأكسيجين... و هذا ينتج عنه شلل في مركز التنفس في المخ و يؤدي هذا طبعا إلى هبوط في العضلات و وظيفة التنفس مما يؤدي إلى نقص حاد للأكسيجين في الدم.

و جميع المواد المخدرة سواء مورفين أو هيروين أو كوكايين أو برشام إذا تناول الإنسان منها جرعة... فجرعة... فإنها تدخل تدريجيا في عمل وظائف المخ بمعنى أنها تنحشر داخل الدائرة الكهروكيميائية المتصلة بالمخ و ببقية الأعضاء في الجسم فيصبح المخ معتمدا اعتمادا كليا على هذه المادة المخدرة حتى يقوم بوظيفته و هنا يدخل الإنسان مرحلة الإدمان فتختل وظيفة المخ ككل

ص:418

و بذلك تختل جميع الأجهزة التي يتحكم فيها المخ (مثل الجهاز التنفسي و الجهاز العضلي و الدورة الدموية... إلخ)... و هنا يأتي خطر المدمن على المجتمع عند ما تأتي اللحظة الحرجة التي تطلب الخلايا العصبية في الجسم هذه المادة المخدرة... فإذا لم يتناولها المدمن ينقلب من إنسان إلى وحش في حالة تشبه الجنون... فيمكن أن يقتل أو يسرق في سبيل الحصول على المال اللازم لشراء هذه المادة المخدرة و بمرور الوقت على المدمن قد يصاب بالجنون أو اضمحلال الذاكرة و الإصابة بالعته و يصبح كالحيوان لا نفع فيه... و يمكن أن نتصور ما يحدث للمخدر في المخ عند ما نتخيل أن هناك سنترالا إليكترونيا يعمل بمنتهى الدقة ما ذا ستكون النتيجة لو أدخلنا مجموعة من الأسلاك الخارجية و أوصلنا هذه بذاك... ما ذا تكون النتيجة؟... لك أن تتصور مدى اللخبطة التي تحدث في هذا السنترال.

و عموما تنقسم آثار الخمر على الجهاز العصبي إلى ثلاث مجموعات هي: - أ - الآثار السمية المباشرة للكحول على الجهاز العصبي تسبب ضمورا و تلفا بخلايا المخ و المخيخ و جذع الدماغ و العضلات: و تشمل الآثار السمية للكحول على المخ ما يلي:

1 - ضمور خلايا المخ يؤدي إلى اضطرابات في الشخصية تتسم بالإهمال و الأنانية و سرعة الغضب و تقلب المزاج و الانفعال... فتارة يقهقه و يمزح و تارة يثور و يغضب أو يبكي دون سبب منطقي لذلك، كما تشيع الهلاوس الحادة عند المدمنين فيرون أشباحا و يسمعون أصواتا و يشمون روائح لا وجود لها، كما يفقدون القدرة على القيام بعمليات حسابية بسيطة.

2 - ضمور خلايا المخيخ و تأكلها و فسادها فيصاب المدمن بالترنح و يفقد قدرته على الوقوف و المشي بثبات دون أن يتأرجح (و تسمى عدم الاتزان المخيخي) و تصاحبها اهتزاز سريع لمقلة العين عند النظر يمينا أو يسارا أو أعلى أو أسفل، و تداخل الكلام و عسر التلفظ و ارتعاش اليدين لدى استعمالهما في حركة دقيقة كحمل فنجان قهوة.

3 - تليف الكبد من الكحول الذي يؤدي إلى هذيان و ارتعاش و فقدان الوعي نتيجة لازدياد المواد السامة بالدم و مرورها إلى المخ بعد أن فشلت الكبد في إزالة هذه السموم من الجسم بسبب تليفه.

4 - اعتلال الأعصاب و العضلات للكحولي الذي يتميز بفقدان الحس في اليدين و القدمين و ضمور عضلاتها و ضعفها و وهنها و مع تنمل و حرقة و نخز في الأطراف الأربعة نتيجة لالتهاب أعصابها، كما تصاب عضلة القلب أحيانا فتؤدي إلى هبوط القلب الذي ينتهي بالوفاة.

ص:419

5 - التهاب العصب البصري و ضموره الذي ينتهي بالعمى.

ب - الإدمان على الكحوليات يسبب الهذيان و الارتعاش و الصرع و التشنجات العصبية:

1 - الهذيان و الارتعاش و الهلوسة: فعند الإفراط في تعاطي الخمر أو عند الوقف المفاجىء عنها تشيع هذه الحالة حيث يعتري المصابين قلق شديد و فقدان الشهية و أرق و ارتعاش اليدين و الوجه و اللسان و هلاوس بصرية في شكل أشباح مرعبة و أصوات سمعية لا وجود لها، و يضطرب إدراكه للزمان و المكان و يعتريه اكتئاب سوداوي يحيل حياته إلى الجحيم.

2 - الصرع و التشنجات نتيجة لتأثير الخمر على مادة كيماوية موجودة بالمخ تسمى «الجابا» و هي من خصائصها منع التشنج حيث يمنع الكحول تصنيعها و بالتالي يزداد هياج خلايا المخ و يضطرب نشاطها الكهربائي و لا تجد من يكبحها فتحدث نوبات الصرع، كما قد ينجم الصرع من تأثير مواد سامة موجودة في الخمر ذاتها فتهيج المخ و تزيد من نشاطها الكهربائي، كما قد يصاب مدمن الخمر بارتفاع شديد في درجة الحرارة و قلة مقاومة الجسم للميكروبات، و فشل الكلى و هبوط القلب و اضطراب السوائل و الأملاح في الجسم مما يودي بحياته.

ج - الإدمان يؤدي إلى نقص فتامين ب المركب مما يؤدي إلى كثير من الأمراض:

حيث ينتج عن نقص فيتامين ب المركب (خاصة فيتامين ب 1، ب 6) و كذلك النياسين يسبب سوء التغذية المصاحب للإدمان (نتيجة لالتهاب قناة الهضم و القيء المتكرر و سوء الامتصاص من الأمعاء الملتهبة و عسر الهضم الناجم عن التهاب الكبد و تليفه و فشل وظائفه) كما أن الكحول ذاته يحتاج لكميات كبيرة من فيتامين ب 1 في عمليات التمثيل الغذائي له و بالتالي يؤدي إلى نقص هذا الفيتامين.

و أهم أمراض الجهاز العصبي الناتجة عن نقص هذه الفيتامينات هي:

1 - شلل الأطراف الذي يبدأ في القدمين و اليدين و يزحف على الساقين و الساعدين مع فقدان الحس بها نتيجة لالتهاب أعصابها.

2 - شلل الأعصاب المحركة لمقلة العين مما يؤدي إلى الحول و ازدواج الرؤيا و استرخاء الجفون و شلل العصب الوجهي (الذي يؤدي إلى عدم القدرة على إغماض العين) و شلل عضلات الوجه.

3 - شلل العصب البصري الذي يؤدي إلى العمى.

ص:420

4 - شلل العصب الحائر و غيره من الأعصاب اللاإرادية مما يؤدي إلى اضطراب الجهاز الهضمي و هبوط ضغط الدم عند الانتصاب واقفا و اضطراب النبض و الخفقان.

5 - مرض البلاجرا الذي يتميز بالتهاب الأجزاء العارية من الجلد و التهاب أعصاب الأطراف و التهاب النخاع الشوكي و التهاب القناة الهضمية المصحوب بإسهال و تدهور عقلي و اضطرابات نفسية قد تنتهي بالانتحار، و لا عجب بعد كل هذا أن يحرم الإسلام الخمر و ينهى عن تعاطيها، و يدعو إلى تجنبها حماية للعقل و البدن.

4 - تأثير الخمر و المخدرات على الكبد:

الكبد من أهم الأعضاء الرئيسية في الجسم و التي عليها مدار الحياة، فهو يوزع ما تحتاج إليه جميع أجزاء الجسم من الجلوكوز (سكر العنب) حسب الحاجة، كما يقوم بتوزيع الحرارة في الجسم باستهلاك السكر و توليد الطاقة الحرارية، و لقد ثبت أن تليف الكبد يعتمد مباشرة على كمية الكحول المتعاطاة و على المدة... فالاستمرار في تعاطي الكحول لمدة عشر سنوات يؤدي إلى إصابة شديدة بالكبد.

5 - تأثير الخمر و المخدرات على الأنف و الأذن و الحنجرة:

الغشاء المخاطي للأنف يحتوي على شبكة متشعبة جدا من الشعيرات الدموية مما يسهل الامتصاص للمواد المخدرة (خاصة الهيروين و الكوكاين) عن طريق الأنف و لذلك يلجأ المدمن إلى أخذ شمة واحدة في اليوم تجنبا لمشقة أخذ الحقن مرات و لما يتوهم من توفر السرية، و تعاطي الهيروين و الكوكاين يؤدي إلى ضمور و تأكل الغشاء المخاطي للأنف و مع استمرار المدمن في تعاطي المخدرات يصاب «بثقب» في الحاجز الأنفي و تشوهات بالأنف مما يؤدي إلى تكوين قشور سميكة بالأنف عند محاولة التخلص منها، و ينتج نزيف متكرر مما يؤدي إلى ضعف و ذبول و هزال المدمن، كما أن جفاف و ضمور الأغشية المخاطية يؤدي إلى فقد كامل لحاسة الشم و ما يتبعها من عدم القدرة على تذوق الطعام، كما يسبب تعاطي الهيروين احتقان أغشية (دهليز) الأنف و انتفاخ الحاجز الأنفي مما يسبب صعوبة و استحالة التنفس عن طريق الأنف، و في كلتا الحالتين يفقد المدمن وظيفة الأنف كصمام أمان لوقاية الجهاز التنفسي و لتكييف هواء التنفس من حيث الحرارة و الرطوبة مما يعرض المدمن لالتهابات متكررة في الجهاز التنفسي فيشعر بجفاف بالحلق و التهابات بالحنجرة و بحة بالصوت و سعال مستمر، و قد يؤدي إلى نزلات شعبية ربوية مع ضيق التنفس و طنين بالأذنين و تأثر

ص:421

الدورة الدموية لجهاز التوازن بالأذن الداخلية، و كذلك إحساس بالغثيان و الدوار و عدم القدرة على الإتزان خاصة أثناء المشي أو الحركة.

6 - تأثير المخدرات و الخمر على النسل:

يجني شارب الخمر على ذريته جناية كبيرة يتضح ذلك فيما يلي: -

أ - يؤدي تناول المخدرات للأم الحامل إلى الإجهاض للجنين قبل بلوغه كمال النمو الطبيعي، و قد تؤدي المخدرات إلى العقم.

ب - إن إفراط السيدات في تناول الخمور أثناء الحمل يؤدي في 50% من هذه الحالات إلى ولادة طفل متخلف عقليا بينما يؤدي في 30% من الحالات إلى ولادة طفل مشوه بتشوهات خلقية.

ج - إن أولاد المدمنين عرضة للتشنجات العصبية و سرعة التهيج و يكونون عادة ضعيفي الجسم خائري القوى مما يجعلهم هدفا لشتى الأمراض (مثل النزلات المعوية و الالتهابات الرئوية و غيرها) إلى جانب فساد الأخلاق و الميل إلى الإجرام، و في بحث تم في مستشفى لوس انجلوس بأمريكا أكد أن الأطفال تولد مدمنة لأن الأم مدمنة و قد اثبتت التحاليل وجود رواسب كوكايين في البول عند الأطفال المولودين لأمهات مدمنات، و يصور التشخيص الطبي الطفل المولود مدمنا بأنه طفل لا يكف عن الصراخ منذ الساعات الأولى لولادته و ينتفض جسده الصغير بشدة لأي لمسة خارجية العينان غائرتان و لا يستطيع التركيز، و اللسان غير قادر على الحركة فلا يقوى على الرضاعة و هذا المولود المدمن يخرج إلى الدنيا عادة ناقص النمو حيث تنقص مدة الحمل دائما عن تسعة شهور و ذلك لأن تعاطي الكوكاين يؤدي إلى ارتفاع في الضغط مما يؤدي هذا إلى انفصال «الخلاص» عن جدار الرحم الذي يؤدي إلى الموت الفجائي للجنين (سقوط الحمل أو خروجه ناقص النمو)، و المعروف علميا أن الرئتين هي آخر أجهزة الجسم في النمو الكامل و في نفس الوقت هناك أيضا خطورة في عدم اكتمال المخ و نموه و من هنا تكون العناية الطبية لمثل هذا الطفل أمرا في غاية الصعوبة و لذلك يجب أن يعيش داخل حضانة حيث الأنابيب تغذي جسده النحيل و جهاز تنفس صناعي يساعد رئتيه الصغيرتين على استمرار الحياة و حقنة يومية تسحب التجمع المائي الذي يتكون داخل الدماغ.

و لقد اثبتت الأبحاث أيضا أن الخمور و المخدرات بها مواد تراتوجينية (أي مواد تحدث تغيرات بالعوامل الوراثية و بالتالي تشوهات خلقية) و تؤثر تلك المواد على الأنسجة بأضرار عديدة تتفاوت بين الخلل في نمو الخلايا (بالإكثار أو الإقلال) و قد تصل إلى موت الخلايا أو حدوث

ص:422

طفرات وراثية تؤدي إلى ظهور صفات مرضية أو تحويلات سرطانية في الخلايا، كما اثبتت الأبحاث أيضا أن الايثانول الموجود في الخمور يسبب تشتت الكروموسومات (حاملات الصفات الوراثية) أثناء عملية انقسام الخلايا، فشرب الخمر يؤثر على تكوين الخلايا الجنسية أثناء تكوينها في عملية الانقسام الاختزالي في الغدد التناسلية مما يسبب خلايا تناسلية ليس لها القدرة على الإخصاب حيث هناك سبب مباشر بين تناول المشروبات الكحولية و العقم، و يختلف التأثير حسب الجرعة نفسها، فإذا تناولت المرأة الحامل المشروبات الكحولية مرتين يوميا في الشهور الأولى من الحمل فإن ذلك يؤدي إلى تشوه الجنين و ذكرت دراسات أخرى أن التأثير قد يصل إلى حدوث خلل في النمو الجسماني و العقلي و يولد الطفل في تشوه جسماني أو تخلف عقلي أو بهما معا، و إذا شربت الحامل كحولا خفيفا بنسبة 6% كالبيرة مثلا فإن ذلك يسبب شذوذا في الانقسام الخلوي و تخديرا في الجهاز المغزلي ينتج عنه تشتت في الكروموسومات حاملة الصفات الوراثية، أما تأثير الكحول على الجنين فيتفاوت من طفل إلى آخر فقد يولد الطفل ناقص الوزن و لكنه طبيعي، و قد يولد مشوها بمرض طفل الكحول الذي يتصف بوجهه المستدير المسطح و مجرى عينيه صغير مع صغر الأنف و يولد ناقص الوزن و به خلل في النمو العقلي و به بعض التشوهات الخلقية مثل تشوه القلب و صغر حجم الرأس و ذكرت بعض الدراسات الحديثة أن أهم العوامل التي تؤدي إلى التخلف العقلي عند الأطفال في أمريكا يرجع إلى تعاطي الأم للمشروبات الكحولية أثناء الحمل كما قد يؤدي شرب الكحول أثناء الحمل إلى الإجهاض، كما ثبت أن عقاقير الهلوسة تحدث تدميرا بالجهاز الوراثي و تكسيرا للصبغيات و خاصة للجهاز التناسلي مما يؤدي إلى العقم أو إلى إضرار وراثية للأجيال القادمة حيث يحدث تناولها ضرر وراثي للأجنة و تشوهات خلقية بها.

و من أجل كل ذلك حرم اللّه سبحانه و تعالى الخمر و أمرنا باجتنابها كما أمرنا الرسول (ص) بذلك حيث قال: «كل مسكر خمر و كل خمر حرام»، و كذلك قال عليه السّلام أربع حق على اللّه أن لا يدخلهم الجنة و لا يذيقهم نعيمها مدمن الخمر و آكل الربا و آكل مال اليتيم بغير حق و العاق لوالديه (رواه الحاكم عن أبي هريرة). و إن كلمة خمر في أصل اللغة الستر و التغطية (كما ذكرنا)، و الخمار هو غطاء المرأة الذي تستر به، و الخمر هي المادة التي إذا دخلت جسم الإنسان خامرت العقل أي اختلطت به و غيرت من أحواله و سترته (أي غطته و حجبته و جعلته كأنه غير موجود).

أما كلمة مخدر فهي مشتقة من خدر، و الخدر في أصل اللغة معناه الستر و الذي تستر به المرأة فيقال كالعذراء في خدرها أي كالبنت البكر استترت و توارت في بيتها، و يقال إن أهل الفتاة قد خدروها (أي إنهم ستروها و حجبوها في بيتها فلا يراها أحد، و على ذلك فإن كلمة خمر و كلمة مخدر

ص:423

إنما تعطيان معنى و مدلولا واحدا و هو في النهاية بمعنى ستر العقل و تغطيته و حجبه.

و قد رأينا فيما سبق من استعراض تأثير الخمر و المخدرات حيث تشترك فيما يلي:

1 - أنها تؤثر على العقل فتغير أحواله بصورة أو بأخرى.

2 - أن الإنسان تحت تأثيرها (سواء المخدرات أو الخمور) يأتي بأفعال و يقول أقوالا تغاير المألوف من أقوال و أفعال نفس الشخص فيما لو لم يكن تحت تأثيرها، فقد تدفع الشخص إلى التشاجر مع صديق له أو مع زوجته أو أفراد أسرته فتخلق العداوة و البغضاء بين الناس.

3 - أنها تدفع الإنسان إلى ارتكاب المعاصي و الآثام و مخالفة العرف و التقاليد و القانون و تعرض الإنسان للعقاب في الدنيا و سوء العاقبة في الآخرة.

4 - كما أن تعاطي المخدرات أو الخمور يضر بالصحة ضررا بليغا فهي تتلف و تخرب أعضاء الجسم الهامة مثل المخ و الأعصاب و الكبد و الرئة و الجهاز الهضمي و الجهاز التناسلي و هرمونات الجسم و خلافه من الأجهزة الهامة بالجسم.

5 - أنها جميعا تشترك في وضع الإنسان في موضع غير كريم في المجتمع فيصبح لا ثقة فيه من أهله أو من الناس... بل إنه يصبح شخصا موبوءا يتجنبه الأهل و العشيرة. و يفر منه الناس اتقاءا لشروره و تجنبا لآثامه فهو غير أمين و غير مأمون.

6 - أنها جميعا تشترك في إظهار الإنسان بمظهر غير لائق و غير كريم فتخرجه عن احتشامه و احترامه و تفقده هيبته و وقاره.

7 - أنها جميعا تشترك في أنها تحدث تغييرات ضارة في نفسية الإنسان فتجعله يشعر بالنقص و الاحتقار الذاتي و عدم الرضا و القلق و الاضطراب و الهم.

8 - أنها جميعا تشترك في أنها اسراف للمال فيما لا يجدي و لا ينفع... بل هو إسراف فيما يضر و يؤذي.

9 - أنها جميعا تشترك في أنها تلهي الإنسان عن عمله و تشغله عما ينفعه و يعود عليه و على مجتمعه بالنفع و قد تعرضه للفصل من وظيفته أو إفلاس شركته أو متجره في الغالب.

10 - أنها جميعا تشترك في أنها تحول الإنسان إلى مخلوق أناني محبّ لنفسه فقط فهو ينفق ماله على ملذاته و شهواته و يترك زوجته و أولاه دون رعاية أو عناية و هو إنسان غير متكامل مع

ص:424

المجتمع... فهو لا يزكي و لا يتصدق، و هو عضو معطوب و ضار في المجتمع.

11 - أنها جميعا تشترك في تأثيرها الضار و المضعف للجهاز التناسلي و الناحية الجنسية و على ذلك فإنها تؤدي إلى نشوب الخلافات الزوجية و هدم كيان الأسرة.

12 - مما سبق تدرك أن الإنسان بتعاطي المخدرات أو الخمور يكون قد خسر دنياه و هو لآخرته أكثر خسرانا... فالمسطول أو السكران لا يؤدي فرائض ربه... فهو لا يصلي و لا يصوم، و هو لا يفيق لكي يحضر مجالس العلم و التفقه في الدين... فهو إنسان خسر الدنيا و خسر الآخرة.

و النقاط التي ذكرت آنفا إنما هي بعض علة تحريم الخمر في الإسلام، و هي نفس ما يتأتى من مضار بسبب تعاطي المخدرات و على ذلك فإن المخدرات و الخمور إنما يشترك جميعها في أفعالها و تأثيرها، و لهذا فإنه من البديهي أن ينطبق على أي منها ما ينطبق على الأخرى من تحريم و تأثير.

و الخمر في الإسلام ليست محرمة لذاتها... و لكنها محرمة لتأثيرها على العقل و الصحة و الأسباب التي سبق شرحها و الدليل على ذلك أن عصير الفواكه ليس محرما... و لكنه يصبح محرما إذا ترك للتخمر و أصبح مسكرا و مؤثرا على العقل و على ذلك فإن المادة التي تؤثر على العقل و تسكره و تغيبه هي المقصودة بالتحريم و الاجتناب أيا ما كانت هذه المادة سواء في ذلك الويسكي أو النبيذ أو الطلاء أو خلافه من الأنواع المختلفة من الخمور... فكلمة خمر لا تعني نوعا معينا من هذه الأنواع... و إنما هي كلمة تطلق على كل ما يسكر و يؤثر على العقل فجاءت البلاغة القرآنية و الإعجاز الطبي القرآني ليضع قاعدة شاملة و واضحة فذكر اللّه كلمة خمر و لم يذكر إسما لصنف أو نوعا منها... و قد كان معروفا وقت نزول القرآن عشرات الأنواع و الأصناف من الخمور... و لكن إطلاق كلمة خمر عبرت في بلاغة رائعة أن المقصود بالتحريم هو فعل المادة و ليس اسمها فالمقصود بالتحريم هو كل ما يخامر العقل و يؤثر عليه و يسكره و ليس المقصود هو اسم نوع معين و لا شكل نوع معين... فكل ما يؤثر على العقل و يسكره فهو خمر...

و الآن فإننا نسأل هؤلاء الذين يشكون في حرمة الحشيش و الأفيون... و خلافه من تلك المواد التي تؤثر على العقل و تغير طبيعته و يقولون بأنها لم تذكر في القرآن...؟؟ و نقول لهؤلاء... و هل ذكر في القرآن تحريم نوع النبيذ؟؟؟ أو النقيع أو الطلاء أو الويسكي...؟؟ إلى آخر مسميات تلك المواد التي تؤثر على العقل... و بعض هذه الأسماء هي أسماء خمور كانت معروفة عند العرب وقت نزول القرآن (مثل النبيذ و النقيع و الطلاء و غيرها). و مع ذلك فإن أيا من هذه الأسماء لم يذكر...

فهل يستطيع أي مكابر أن يجادل في مدى تحريمها أو عدم تحريمها...؟؟؟... و الأهم من ذلك كله... هل كان يوجد في وقت نزول القرآن نوع من المواد المسكرة اسمه (خمر) بمعنى أن يذهب

ص:425

إنسان إلى بائع الخمور و يقول له أعطني زجاجة خمر...؟ كلا... لم يكن هناك نوع اسمه خمر... تماما كما هو الحال الآن... فكلمة خمر ليس اسم صنف... و لكنها اسم جنس... فإذا أطلقت كان المفهوم أنها تشمل العديد من أسماء مواد تتشابه في فعلها و تأثيرها... و لكنها لا تتشابه في مصادر تحضيرها أو طريقة صنعها... و لو ذكر اللّه نوعا من المواد المسكرة التي كانت معروفة بدلا من كلمة خمر لتغير المعنى و المدلول و انصب التحريم على صنف بذاته و لذاته... و لكن المقصود هو تحريم كل ما يسكر العقل و يغيبه و يؤثر عليه و يجعل الإنسان غير عالم بما يقول و قد وضح هذا المعنى من قول الحق سبحانه و تعالى في سورة النساء عند ما نهى عن الاقتراب من الصلاة أثناء السكر و عللها بقوله حَتّٰى تَعْلَمُوا مٰا تَقُولُونَ .

و كذلك قول الحق سبحانه و تعالى في سورة البقرة ردا على سؤال المسلمين عن الخمر و الميسر بقوله جل شأنه: قُلْ فِيهِمٰا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَ مَنٰافِعُ لِلنّٰاسِ وَ إِثْمُهُمٰا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمٰا و الإثم هو الذنب و هو ارتكاب المعصية و الوقوع في الخطيئة، و إطلاق كلمة إثم دون أداة التعريف يعني أن الخمر و الميسر فيهما كل أنواع و صنوف الإثم... و بمعنى آخر فإن شارب الخمر يمكن أن يقترف أي نوع من أنواع الإثم... فالباب أمام من يشرب الخمر يصبح مفتوحا للكثير من الذنوب و الخطايا و مخالفة العرف المألوف... فالخمر و الإثم يقترنان دائما فإذا ذكر أحدهما كان ذلك بديلا عن الآخر، و قد عبر الشاعر العربي عن ذلك بقوله:

شربت الإثم حتى ضل عقلي كذاك الإثم تذهب بالعقول

فكأنما من يشرب الخمر إنما يشرب الإثم ذاته لأنه حتما سوف يقترف الآثام، و سوف يمتلئ جسده بالأثام و سوف تجري الآثام في عروقه مع دمائه تماما كما تجري الخمر في العروق.

ص:426

2 - استخدام الكي في الطب:

(1)

استخدم الكي بالنار في التداوي منذ أكثر من 2500 عام كما يقول الدكتور منصور سليمان في بحثه القيّم و اللطيف عن الكي.

و الكي يستخدم لعلاج العديد من الأمراض في البلاد العربية و مناطق واسعة من آسيا و أفريقيا.

استخدام الكي في الطب الحديث:

اشارة

و يستخدم الكي في الطب الحديث بطرق مختلفة عن الكي التقليدي، و لكنها لا تخرج عن شكل جديد من استخدام النار في الطب.

و يستخدم المبضع الكاوي في عمليات الجراحة و خاصة جراحة الصدر و القلب فالمبضع الذي يقطع يكوي في نفس اللحظة حتى يقفل الأوعية الدموية الصغيرة النازفة، و حتى يتمكن الجراح من الإسراع في الوصول إلى غرضه.. و لذا، فإن الكي بهذه الطريقة يستخدم لإيقاف النزيف.

و يستخدم الكي أيضا بعد إزالة الأعضاء و الأحشاء الداخلية أو بعد إزالة الأعضاء الخارجية المتآكلة و المصابة بالغرغرينا (Gangrene) .

و يستخدم الكي بالكهرباء لعلاج حالات الوحمة (Multiple Naevi) و الثآليل (السنط) (Warts)

و لمعالجة قرحة الرحم. و يستخدم أحيانا لإزالة الباسور الداخلي. و لمداواة لحمية الأنف و النزيف من الأنف (الرعاف).

و تستخدم الموجات الحرارية (تحت الحمراء) لمعالجة الآلام الروماتيزمية العضلية و المفصلية و يستخدم بالإضافة إلى ذلك الكي بالمواد الكيميائية لإزالة الثآليل و الوحمات. كما يستخدم ثاني أوكسيد الكربون المجمد أيضا في هذه الأغراض.

و أما استخدامات أشعة الليزر في الطب فقد اتسعت اتساعا كبيرا. و الليزر عبارة عن حزمة مركزة من الموجات الضوئية و التي لها مفعول القطع و الكي في آن واحد.

و لا يزال الكي التقليدي يستخدم في الطب الشعبي على نطاق واسع في الجزيرة العربية و غيرها من مناطق الشرق الأوسط و أفريقيا.

ص:427


1- (1) حديث الكي موجود في ص 418 فراجع.

بحث الدكتور منصور سليمان في الكي التقليدي:

و قد بحث الدكتور منصور سليمان هذا النوع الموجود في السعودية و اختار 500 شخص عشوائيا ممن تداووا بالكي في الماضي و لكنهم الآن بصحة جيدة، و جعلهم المجموعة الأولى. أما المجموعة الثانية فتتكون من 150 فردا يتداوون من أمراض فعلية في مستشفى جامعة الملك عبد العزيز في العيادة الخارجية أو كمرضى داخليين بالمستشفى. و في نفس الوقت قرروا التداوي بالكي.

و قد أوضحت المجموعة الأولى (500 فرد تداووا في الماضي بالكي) الآتي:

العدد الكليالمرض الذي من أجله اكتوواالنتائج إيجابية

270 الإسهال (يدعى أحيانا الحالب) 198

50 عرق النّسا 30

30 الربو أو ما يشبهه 5

10 اللقوة (شلل عصب الوجه) 5

45 الالتهاب الرئوي أو ما يشبهه (ذات فالجنب) 10

15 البواسير 2

80 أمراض أخرى مختلفة 9

و المقصود بكلمة نتيجة إيجابية هو زوال الأعراض التي يشكو منها المريض خلال 24 ساعة بعد الكي، و عدم عودة الأعراض مرة أخرى لمدة شهر على الأقل. و تبدو النتيجة مشجعة جدا بالنسبة لحالات الإسهال حيث اختفت الأعراض لدى 73 بالمئة في خلال 24 ساعة بعد الكي. و كذلك تبدو النتيجة مشجعة جدا حيث اختفت الأعراض خلال 24 ساعة لدى 60 بالمئة ممن يعانون من آلام عرق النسا. و هي نسبة مرتفعة جدا بالمقارنة مع التداوي بالوسائل الأخرى و التي تحتاج لبضعة أسابيع حتى تختفي الأعراض.

و كذلك بالنسبة لموضوع شلل عصب الوجه (Facial Paralysis) المعروف باسم اللقوة، إذا اختفت الأعراض لدى 50 بالمئة خلال 24 ساعة بعد الكي. و من المعلوم أن اللقوة تختفي لدى 90 بالمئة من المرض أو أكثر بعلاج أو بدون علاج و لكن خلال فترة زمنية لا تقل عن أسبوعين أو ثلاثة.

فإذا كان الكي يستطيع أن يعجّل بالشفاء لدى 50 بالمئة من الحالات فإن هذه النسبة تعتبر عالية حقا.

و تستحق المزيد من الدراسة.

ص:428

و لم تكن النتائج مشجعة كثيرا بالنسبة للتداوي من ذات الجنب (الالتهاب الرئوي و ما يشبهه):

و مع ذلك فقد قرر 22 بالمئة منهم أن الأعراض اختفت بعد الكي خلال 24 ساعة!! و اختفت أعراض الربو و البهر لدى 16 بالمئة ممن استخدموا الكي و لم يتحسن إلاّ 13 بالمئة ممن يعانون من البواسير بطريقة التداوي بالكي.

و أما المجموعة الثانية (150 فردا يعانون من أمراض و يتداوون منها في مستشفى جامعة الملك عبد العزيز. و أضافوا إلى ذلك التداوي بالكي) فهم كالآتي:

المرضعدد المرضىعدد النتائج الإيجابية

اليرقان (أسباب متعددة) 59 صفر

أمراض الجهاز التنفسي 24 صفر

الإسهال و آلام البطن 4018

أمراض أخرى 273

و واضح جدا من هذا الجدول أن مرضى اليرقان (الصفراء بأسبابه المتعددة) لم يستفيدوا من الكي. و كذلك الذين يعانون من أمراض الجهاز التنفسي. و لكن 45 بالمئة ممن استخدموا الكي لمداواة الإسهال و آلام البطن شعروا بالتحسن و اختفاء الأعراض خلال 24 ساعة بعد الكي.

و تبين من المجموعة الثانية التي درست في مستشفى جامعة الملك عبد العزيز أن الكي قد استخدم للأغراض التالية حسب ما هو مبيّن بالجدول التالي:

عدد الأشخاص

أمراض الدم الانحلالية الوراثية (Hereditary Haemolytic diseases) 27

الأمراض المعدية Infectious Diseases 37

الأمراض الخبيثة (السرطان) Malignancy 20

أمراض الجهاز الهضمي (الإسهال و آلام البطن) G.E. 40

أمراض أخرى Others 28

و قد انتهى الباحث الفاضل إلى نتيجة هامة هي أن الكي قد يكون له دور في معالجة الإسهال و آلام البطن في المناطق الريفية النائية.. و ذلك لأن نسبة جيدة تتحسن بالكي و في خلال فترة وجيزة من الزمن.

و قد نادى الباحث بإجراء المزيد من الأبحاث حول هذا الموضوع.

ص:429

و لا شك في أن ما ذكره الباحث الفاضل مهم جدا. و ليس الإسهال فحسب هو الذي أبدى نتائج مشجعة، و لكن آلام عرق النسا و اللقوة (شلل الوجه) أوضحت نتائج مشجعة بالتداوي بالكي.

و من دراستنا السابقة للأحاديث الواردة في الكي رأينا أن النبي (ص) كره التداوي بالكي و نصح أمته بالابتعاد عنه إلاّ للضرورة. ثم إنه (ص) كوى سعد بن معاذ بمرشقص ليرقأ الدم. و هو أمر يستخدم في الجراحة إلى اليوم حيث يستخدم الكي لإيقاف النزيف، كما تقدم.

و قد ورد في الأحاديث أن مالك بن أنس (رض) اكتوى من ذات الجنب (الالتهاب الرئوي و ما شابهه) في عهد رسول اللّه (ص).

و من دراسة الدكتور منصور سليمان تبين أن 22 بالمئة ممن يعانون من ذات الجنب شفوا منها خلال 24 ساعة بعد الكي. و هي نسبة لا بأس بها. و إذا عرفنا أن الكي كان يستخدم في زمن ليست فيه المضادات الحيوية فإن هذه النتيجة تعتبر مشجعة، لأنها العلاج المتوفر في ذلك الزمن.

ص:430

نوادر طبية

اشارة

عن جعفر بن محمّد عليهما السلام أنّه قال: لو اقتصد الناس في المطعم لاستقامت أبدانهم(1).

عنه عليه السّلام قال: ترك العشاء خراب الجسد، و ينبغي للرجل إذا أسنّ أن لا يبيت إلاّ و جوفه مملوّ طعاما(2).

عنه عليه السّلام قال: ثلاثة يذهبن النسيان و يحدثن الذكر: قراءة القرآن و السواك، و الصيام(3).

و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: صلاة الليل تحسن الوجه، و تحسن الخلق، و تطيّب الرزق، و تقضي الدين، و تذهب الهمّ، و تجلو البصر، عليكم بصلاة الليل، فإنّها سنّة نبيّكم، و مطردة الداء عن أجسادكم(4).

و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: تقليم الأظفار يوم الجمعة يؤمن الجذام و البرص و العمى، فإن لم تحتج فحكّها حكّا(5).

ص:431


1- (1) بحار الأنوار ج 59 ص 266 ح 36.
2- (2) بحار الأنوار ج 59 ص 266 ح 38.
3- (3) بحار الأنوار ج 59 ص 266 ح 39.
4- (4) بحار الأنوار ج 59 ص 268 ح 50.
5- (5) بحار الأنوار ج 59 ص 268 ح 56.

طعام العشاء:

إن طعام العشاء ضروري قبل الإخلاد إلى النوم، ففي تجارب أجريت تبين أن التقلصات المعدية تحدث أثناء النوم عند ما تكون المعدة خاوية، و كذلك تزداد الأحلام المزعجة و الكوابيس، كما تزداد حركات النائم الجائع و تقلباته في فراشه، مما يدلّ على قلقه و عدم اطمئنانه أثناء نومه و بالتالي لا يحصل على الراحة المرجوّة من نومه. هذا فضلا عن أن النائم لا يستطيع الاستغراق في نومه إن كان جائعا إلاّ عند ما يكون بحاجة ماسة للنوم.

أما القرآن الكريم فمائدة اللّه و كلامه الأبدي الأزلي و فوائده لا تعد و لا تحصى. و قد كتب فيه العديد من الكتب و المتعلقة بالاستشفاء، بالقرآن الكريم و فوائده النفسية الجسمانية و لا مجال هاهنا لمناقشتها و الخوض فيها لأنها ستستغرق كتابا أو كتبا عدة.

التغيرات التي تطرأ على وظائف الجسم المختلفة أثناء الصيام:

1 - الراحة الفيزيولوجية: من حالات فرط التغذية و ما ينتج عنها من محرضات متزايدة لمختلف الوظائف الفيزيولوجية، فالمعدة تعمل أكثر و الكبد يعمل أكثر و كذلك الأمعاء و القلب و الرئتان و الغدد إلخ... و من هنا كان الصوم دور راحة فيزيولوجية لمختلف أعضاء الجسم، عدا أجهزة الإطراح التي تشكّل الاستثناء الوحيد في هذا الخصوص، فهي تعمل أكثر أثناء الصيام لتخلص الجسم من السموم و المواد الضارة المتراكمة.

2 - الاستقلاب: ينقص معدل الاستقلاب أثناء الصيام. و يشمل هذا النقص السكريات و البروتينات و الدسم.

3 - التنفس: حيث يعتبر التنفس من الوظائف الحيوية الهامة التي تتحسن بالصوم و يقل طرح غاز ثاني أوكسيد الفحم (CO2) .

4 - الإطراح: يتخلص الجسم أثناء الصوم من الفضلات و السموم، حيث تحدث في الأيام الأولى من الصوم زيادة في إطراح الفضلات، ثم بعد أن يستمر الشخص بصومه يحدث توازن جديد للمواد المطروحة، ثم باستمرار الصوم يزداد نقاء الدم و البلغم.

5 - التنظيف العضوي: يستهلك الجسم أثناء الصيام كثيرا من الكميات الزائدة عن الحاجة المختزنة في الجسم. و لمّا كان صيامنا معتدلا، فإن استهلاك هذه المواد لا يمتد إلى خلايا الجسم

ص:432

التي لا تتأذّى، على خلاف الصوم المديد، الذي يتناولها بالاستهلاك و التخريب.

التبدلات الكيماوية و العضوية أثناء الصوم:

لاحظ بعض الباحثين حين دراستهم لأشخاص توفوا بسبب الجوع، أن نسب الضياع كانت مختلفة بين الأنسجة و الأعضاء. فكانت كالتالي:

الدسم 91%، العضلات 30%، الكبد 56%، الطحال 63%، الدم 17%، المراكز العصبية 000%.

و هذه الأرقام تظهر لنا بوضوح كيف حافظت الجملة العصبية على وزنها حتى النهاية.

1 - التبدلات الحاصلة على الدم: يحافظ الدم على حجمه نسبيا أثناء الصوم، و لكن يحدث نقص نسبي يتماشى مع نقص وزن الجسم. و من الناحية الكيفية يحافظ تقريبا على ثباته (ترتفع الكريات الحمر في البدء ثم تنخفض بعد ذلك حتى تعود إلى حدّ السواء، أما الكريات البيض فتنقص قليلا أثناء الصوم، على حساب وحيدات النوى التي تنقص، أما الخلايا الحمضة و كثيرات النوى فتزداد).

و تقل درجة قلونة الدم (PH) و لكن لا يحدث احمضاض مطلقا، و تعود درجة ال (PH) إلى طبيعتها بعد تناول الطعام مباشرة.

2 - التبدلات الحاصلة على الجلد: يزداد النشاط في الجلد، نتيجة تحسن دوران الدم في الجلد.

3 - العظام: تستمر العظام بنموها و تكاثرها الطبيعي أثناء الصوم، في حين أن نقي العظام ينقص حجمه قليلا إذا ما استمر الصوم طويلا (الوصال في الصوم).

4 - الأسنان: لا تصاب الأسنان بأي خلل أثناء الصوم، بل على خلاف ذلك فقد ذكرت تحسنات على حالة الأسنان خلال الصوم.

5 - الدماغ و النخاع الشوكي: يحافظ الدماغ و النخاع الشوكي على وزنيهما و وظيفتيهما، مهما طال الصوم.

6 - الكليتان: تحافظ الكليتان على وزنيهما أثناء الصيام.

7 - الكبد: يحدث نقص في وزن الكبد أثناء الصوم، إلاّ أن هذا النقص يحدث على حساب

ص:433

الماء و الغليكوجين المدخر في الكبد.

8 - الرئة: لا يحدث نقص في وزن الرئة إلاّ بشكل قليل، و من الجدير بالذكر أن فترات قصيرة من الصيام تكفي لشفاء العديد من الأمراض الرئوية مثل التدرن على سبيل المثال.

9 - العضلات: يحدث نقص في وزن العضلات، و يكون هذا النقص زهيدا في عضلة القلب، و هو يحدث على حساب ضمور الخلايا و ليس نقص عددها.

10 - القلب: يملك الصوم ثلاث فوائد هامة للقلب هي:

1 - يحذف المنبهات الدائمة للقلب. 2 - يسمح للقلب بفترة راحة. 3 - ينقي الدم، فيسمح للقلب بأن يتغذّى بدم نقي.

11 - البنكرياس: لا تحدث تبدلات تذكر في البنكرياس.

12 - الطحال: ينقص وزنه حيث يخسر كمية كبيرة من الماء داخله.

13 - المعدة: تتجدد المعدة و تستعيد نشاطها أثناء الصيام، و تعود لتمارس عملها بشكل أكثر كفاءة.

14 - التبدلات الكيماوية: يفقد الجسم المركبات العضوية الموجودة فيه مثل السكريات و الدسم و قليل من البروتينات، أما المعادن و العناصر المعدنية فيحتفظ بها تقريبا و لا يفقدها إلاّ في المراحل المتقدمة من الصيام المتواصل.

و أحب أن ألفت النظر هنا، إلى أن هذه التبدلات تحدث بشكل ضئيل غير محسوس، نظرا لأن الصيام الذي نصومه يعتمد على تناول الطعام بعد فترة صيام تقدّر وسطيا ب (15) ساعة، و هذا غير الصيام الذي أجرى عليه العلماء هذه الدراسة التي ذكرتها.

مصحات الصوم:

هناك مصحات أجنبية يستخدم الصوم فيها كعلاج أساسي لأمراض البدانة و السكري، و ارتفاع التوتر الشرياني، و الاضطرابات الهضمية، و بعض أمراض الكبد و الكلية و أهم هذه المصحات:

1 - مصحة الدكتور «هيزيج لاهمان» في «درسون» بسكسونيا. 2 - مصحة الدكتور «برشربذ».

3 - مصحة الدكتور «موللر».

ص:434

الفوائد الصحية للصوم:

1 - إنّه يعطي راحة تامة للأعضاء الحيوية.

2 - يوقف امتصاص الأغذية التي تتحلل داخل الأمعاء.

3 - يفرغ القناة الهضمية، و يخلصها من جميع الجراثيم و التخمرات.

4 - يعطي لأجهزة الإفراغ و الإطراح الفرصة كي تستعيد نشاطها، لذا فهذا يساعد على الإطراح.

5 - إنه يصلح و يجدد الكيمياء الفيزيولوجية، و الإفرازات الطبيعية.

6 - يسهل امتصاص الترسبات، و التراكمات، و البوارز الشاذة.

7 - يعيد الشباب للخلايا و الأنسجة، و يجدد العضوية.

8 - إنه يحسّن الوظائف العامة في الجسم.

الصوم و أمراض الجسم المختلفة:

1 - الصوم و أمراض الجهاز الهضمي:

أ - الصوم و قرحة المعدة (Gastric ulcer) : يمنع المصاب بالقرحة المعدية من الصوم، و ذلك لأن فقدان الطعام من المعدة ساعات متوالية تجعل الحمض لوحده في المعدة، و بالتالي يزداد تأثيره الضار و علاوة على عدم السماح بالصوم يجب على المريض أن يتبع نظاما غذائيا يتناول بموجبه وجبات بفترات منتظمة متقاربة طوال النهار.

ب - الصوم و ضمور الكبد (Hepatic atrophy) : نظرا لأن بنية المريض تكون ضعيفة، و كونه عرضة للتعب لأدنى مجهود، و لتعرضه لفقدان الوعي و لأمراض أخرى كالسكري و النزف الهضمي و استسقاء البطن، لذا يحظر عليه أن يصوم.

ج - الصوم و أصحاب المعدة المستأصل قسم منها بسبب الجراحة: تصبح المعدة هنا صغيرة الحجم، و بالتالي لا يمكن أن تتسع لكميات الطعام المعتادة، فعلى المريض أن يتناول وجبات صغيرة بفترات منتظمة، و إلاّ فإنه سوف يصاب بنقص السكر و القلق و الوهن و الإسهال و بعض الآلام.

د - الصوم و الالتهاب المزمن للمعثكلة: يمنع الصوم للأسباب التالية:

ص:435

1 - يجب على المريض أن يتناول الدواء مع الطعام بصورة مستمرة.

2 - المريض بحاجة إلى بعض الأدوية لتسكين آلامه.

3 - المريض هنا ضعيف البنية و هذا يحظر عليه الصوم.

2 - الصوم و السكري (Diabetes milletus) :

1 - المريض الذي يعالج بالحمية فقط لا مانع من أن يصوم شريطة أن لا يكثر من طعام الإفطار.

2 - المريض ذو الحالة المستقرة و الذي يعالج بالحبوب، يمكن أن يصوم، على أن يتناول الدواء عند الإفطار و قبل السحور. و يفضل هنا استعمال الأدوية قصيرة الأمد. و في بعض الحالات الأخرى نحتاج لتخفيض جرعة الدواء مع المراقبة المستمرة.

3 - المريض الذي يعالج بالأنسولين: يحظر عليه أن يصوم، خشية تعرضه لنقص سكر الدم و يجب عليه تناول وجبات متعددة.

4 - هناك حالات يحظّر فيها الصوم و هي:

- وجود الخلون Aceton في الدم بصورة غير عادية. - عدم استقرار نسبة السكر في الدم. - الحامل السكرية. - الطفل السكري. - وجود اختلاطات للسكري. - قصور كلوي. - تصلب شرايين القلب. - تجرثم الدم.

5 - يفضل أن يقوم كل مريض باستشارة طبية و أن يكون تحت مراقبته.

3 - الصوم و ارتفاع ضغط الدم (HeyperTension) :

1 - إذا كان فرط التوتر الشرياني خفيفا و يعالج بقرص أو قرصين فالصوم ممكن. و تؤخذ الأقراص في الفترة بين الإفطار و السحور.

2 - إذا كان فرط التوتر الشرياني من النوع الخبيث فلا يمكن أن يصوم لأنه ينبغي عليه أن يأخذ ثمانية أو عشرة أقراص أو أكثر خلال فترة الإفطار (8-10 ساعات) و أن يبقى حوالي خمس عشرة ساعة (فترة الصيام) بلا دواء. و هذا أمر خطر.

3 - يحظّر الصوم إذا ترافق فرط التوتر الشرياني بمضاعفات (قصور قلب - قصور كلية).

ص:436

4 - كذلك نعود و نقول إنه يفضل أن يضع المريض نفسه تحت نظر طبيبه المسلم الموثوق لتقرير إمكانية الصوم.

4 - الصوم و أمراض القلب و الشرايين:

1 - القصور القلبي (Cardic Failure) : لا يمكن الصوم في هذه الحالة، إذ يجب على المريض أن يتناول مدرّات البول، التي قد تسبب نقص الماء في الجسم إذا امتنع المريض عن شرب كميات كافية منه، خاصة في البلاد الحارّة.

2 - أمراض الصمامات القلبية: إذا كانت الإصابة بسيطة، أو أنها عولجت جراحيا، و لا تتطلب سوى حمية عن الملح، أو أدوية قليلة، فيمكن الصوم، مع تناول الدواء بعد الإفطار و الالتزام بالحمية عن الملح.

ح - الاحتشاء القلبي (Myocardial infarction) : إذا كان الاحتشاء القلبي حديث العهد فحالة المريض لا تسمح له بالصوم في الغالب، إذ يتحتم عليه تناول أقراص الدواء عدة مرات يوميا. أما إذا كان الاحتشاء قديما مرت عليه بضعة أشهر فمن الممكن للمريض أن يصوم هنا و يعطى في هذه الحالة أقراصا مديدة التأثير يتناولها عند الإفطار و السحور.

د - الذبحة الصدرية (Pectoral angena) : إذا كانت الذبحة الصدرية حديثة و غير مستقرة، فعندئذ يتحتم على المريض أن يقيم في قاعة عناية مركزة، و هنا لا يستطيع بالطبع أن يصوم. بينما إذا كانت الذبحة الصدرية مستقرة، و تم تسكين الألم بالأدوية، فيمكن الصوم هنا، مع تناول الأقراص المديدة في الإفطار و السحور.

و أنبّه هنا إلى أنه من المستحسن، أن يضع المريض نفسه تحت إشراف طبيبه، لوضع خطة يكون الصيام و أخذ الدواء بموجبها. كما أنبّه إلى أنه على المريض في جميع هذه الحالات، أ لا يتناول كمية كبيرة من الطعام عند الإفطار، و أن لا يتناول أطعمة تحوي الملح.

5 - الصوم و أمراض الكلية:

اشارة

أذكر فيما يلي الحالات المرضية التي يمنع الصوم عند الإصابة بها:

أ - الحالات الحادة (Acute cases) مثل:

ص:437

1 - الألم الكلوي الحاد (Acute renal pain) .

2 - التهاب الحويضة و الكلية الحاد (Acute pyelonephritis) .

3 - التهاب المثانة الحاد (Acute cystitis) .

4 - التهاب الإحليل الحاد (Urethritis) .

حيث نحتاج في هذه الحالات لتناول الدواء على مدار اليوم، بالإضافة إلى شرب الماء بكمية وافرة.

5 - التهاب الكبب و الكلية الحاد (Acute glomurone phritis) الناجم عن خمج باللوزتين أو البلعوم أو الجلد.

6 - القصور الكلوي الحاد (Zcute renal Failure) و هي حالة خطيرة تترافق بانقطاع البول، و تحتاج لعلاج خاص.

ب - الحالات المزمنة (Chronic cases)

1 - الحصيات الكلوية (Renal stones) حيث يعتبر تناول السوائل أمرا لا بدّ منه في علاج الحصيّات و منع تشكلها.

2 - التهاب الحويضة و الكلية المزمن (Chronic pyelonephritis) .

3 - الكلية متعددة الأكياس (Poly cystic kidney) .

4 - التهاب الكبب و الكلية المزمن (Chronic glomerulone phritis) .

5 - قصور الكلية المزمن (Chronic renal failure) .

6 - الصوم و أمراض الغدد الصم:

أ - أمراض الغدة الدرقية:

1 - فرط نشاط الدرق (Hyper thyroidism) : يتطلب المريض هنا كميات أكبر من المعتاد، فهو لا يتحمل الصوم طيلة النهار، بالإضافة إلى أنه من الواجب عليه تناول الدواء بفاصل أربع أو ست ساعات، و بناء على ذلك ينبغي عليه أن لا يصوم.

ص:438

2 - قصور الدرق (Hypothyroidism) : الصوم هنا ممكن لدى معظم المرضى ما عدا بعض الحالات التي ينجم عنها اختلاطات.

3 - الدراق البسيط (Simple goiter) : و هو تضخم في الغدة الدرقية دون أن يرافقه أية أعراض أخرى، و يمكن الصوم هنا دون أية مشاكل.

4 - أورام الدرق (Thyroid tumors) : يمكن الصوم باستثناء بعض الأورام الخبيثة التي تتطور بسرعة.

5 - التهابات الدرق (Thyroiditis) : الالتهابات الحادة تشكل مانعا للصوم، خلافا للالتهابات المزمنة التي لا تتعارض مع الصوم غالبا.

ب - أمراض الكظر:

1 - داء كوشينغ (Cushing disease) أو فرط الكوريتزول. من البديهي أن يحظر الصوم في هذه الحالة.

2 - داء كون (Cohn disease) أو فرط الألدسيترون لا يمكن الصوم في هذه الحالة قبل علاجها، في حين يمكن ذلك بعد العلاج سواء الجراحي أو الدوائي.

3 - ورم القواتم (Pheochromocytoma) : يجب اجتناب الصوم هنا نظرا لارتفاع التوتر الشرياني و ما ينجم عنه، و يمكن الصيام إذا ما تم العلاج.

4 - داء أديسون (Adison disease) أو قصور الكظر يحتاج هذا المريض لعلاج مدة الحياة، و يفضّل أن لا يصوم.

ج - أمراض الغدد التناسلية:

تؤثر أمراض الغدد التناسلية على الفعل الجنسي، و على قدرة الإنجاب، دون أن تحمل تأثيرا على الجسم عامة، و بالتالي يمكن الصوم دون أي محظور.

د - أمراض النخامى:

1 - أورام النخامى: و هي قسمين إما أورام مفرزة أو أورام غير مفرزة. و المفرزة أنواع أهمها

ص:439

الورم المفرز لهرمون البرولاكتين Prolactin و الورم المفرز لهرمون النمو Growth hormone ففي الحالة الأولى يحدث فرط برولاكتين الدم Hyperprola ctinemia و هذا يسبب زيادة في ثرّ الحليب في الثدي بالإضافة إلى اضطراب في الدورة الشهرية و الضهي و العنانة، و هذا كلّه لا يؤثر على الجسم عامّة و بالتالي لا يمنع الصوم.

أما في الحالة الثانية فتحدث العملقة giantism و ضخامة النهايات aromegaly و في هذه الحالة يحدث تضخم في الأطراف و الوجه، و تضخم في القلب و الرئتين، مع وهن شديد و ارتفاع في التوتر الشرياني و ظهور مرض السكري، لذلك يجب تجنب الصوم.

أما الأورام غير المفرزة فلا مانع من الصوم:

2 - قصور النخامى hypopituitarism : يترتب عن قصور النخامى قصور في الغدة الدرقية و الكظرية و الغدد التناسلية، و بالتالي يحظّر الصوم.

ه - أمراض جارات الدرق:

1 - فرط نشاط جارات الدرق hypoparat hyroidism : يسبب نقصا في كلس الدم، مع أعراض عصبية و عقلية، لا يمكن أن يصوم المريض هنا و يسمح له بذلك بعد العلاج.

7 - الصوم و الأمراض التنفسية:

1 - أمراض الرئة الانسدادية (obstructive lung disease) : تحدث نتيجة الربو، أو نتيجة التهاب القصبات المزمن، و هنا يحظر الصوم، لحاجة المريض لتناول الدواء من جهة، و لأنّ الانقطاع عن الطعام و الشراب يقلل من ميوعة المخاط و بالتالي تحدث صعوبة في إخراجه من القصبات.

2 - مرض السلّ أو التدرن (Tubrcolosis) : يحظر الصيام في الشهرين الأوليين للمصاب بالسلّ، ليس بسبب الدواء إذ يمكن أخذ جرعته ليلا، و لكن بسبب حاجة المريض للغذاء و لرفع مقاومة البدن. فإذا ما تحسّن المريض أمكن أن يصوم بعد ذلك.

3 - الربو (Asthma) : يمكن الصوم خارج أوقات النوبات، بل ذكرت حوادث تدل على تحسّن الربو بالصوم، و هذا لا ينطبق على وقت النوبات.

4 - الالتهاب المزمن للقصبات (Chronic bronchitis) : هذا المرض مرتبط بالتدخين، و لا

ص:440

يستدعي الإفطار إلاّ إذا حدثت اختلاطات. و يشكل الصوم فرصة مناسبة للإقلاع عن التدخين.

8 - الصوم و أمراض الحمّيات:

نذكر أمثلة على هذه الأمراض الحموية: التهاب اللوزتين الحاد، التهاب السحايا، الالتهاب الرئوي، الحمّى التيفية، التهاب الكلية و الحويضة، الإسهالات، إلتهاب الكبد الفيروسي، الأنفلونزا، و غيرها كثير.

في هذه الأمراض المريض بحاجة لتناول الدواء في أوقات معينة، كذلك ينبغي عليه تناول الطعام و السوائل، و بالتالي يجب منعه من الصيام، و يسمح له بالصيام إذا كان الالتهاب خفيفا.

9 - الصوم و أمراض الدم:

أ - أمراض الدم غير الخبيثة:

1 - فقر الدم الحاد: و هو الذي يستدعي نقل الدم الإسعافي يجب الامتناع عن الصوم.

2 - فقر الدم المزمن أو غير الحاد: يمكن الصوم بحسب حالة الشخص، و يحظر إذا كان السبب وجود قرحة في المعدة.

3 - فقر الدم بعوز الفيتامين B12 : الصوم ممكن.

4 - النزف الدموي الخفيف من الأذن أو الفم أو الأسنان: يمكن الصوم ما لم يسبب إغماء فيفطر حينئذ.

5 - أمراض التخثر: يمكن الصوم، و يأخذ المريض الدواء ليلا.

ب - أمراض الدم الخبيثة:

1 - الإبيضاضات الحادة Acute leakemias (النقوية و اللمفاوية): لا يجوز الصوم هنا.

2 - الإبيضاضات المزمنة Chronic leukemias : يمكن الصوم، إلاّ إذا خاف المريض على نفسه و خاصة بوجود فقر الدم و ارتفاع الحرارة.

3 - اللمفومات Lymphomas : لا يمكن الصوم إلاّ إذا حصلنا على فترة هدوء طويلة.

10 - الصوم و الأمراض النفسية:

1 - يمكن الصوم في العصاب Neurosis و الاضطرابات العصابية مثل الهيستريا Hysteria و في

ص:441

التوهم بمرض، و في داء المراق Hypochondriasis و في العصاب القلقي، و في العصاب الوسواسي Obsession neurosis و في العصاب الرهابي neur osis Phobia .

2 - في حالات التعب البسيط و الإرهاق الخفيف يمكن الصوم، بل هو مفيد لهم.

3 - للصوم فائدة في حالات الإدمان على الكحول و التدخين و المخدرات.

4 - في حالات الاكتئاب Depressian يحظّر على المريض أن يصوم و هو بحاجة لطعام كاف كذلك يمنع مرضى الفصام Schizophenia من الصوم.

5 - المصابون بداء الصرع Epilepsy يحظّر عليهم أن يصوموا لأنهم بحاجة للأدوية في أوقاتها المحددة.

6 - الأمراض النفسية الجسمية Psychosomatic diseases : الصوم هنا يتبع كل حالة على حدة.

الصوم و الجنس:

من المؤكد أن الصوم ينقص من الرغبة الجنسية عند الذكور و الإناث، و قد أشار «تولستوي» إلى العلاقة الوثيقة بين الشبع و الشراهة من جهة و بين الشبق الجنسي، و نصح بالصوم للسيطرة على الرغبات الجنسية الزائدة.

و من هنا نستطيع أن نرى بوضوح الحكمة من قوله (ص) عند ما نصح الشباب الذين لا يستطيعون الزواج أن يلجؤوا إلى الصيام ريثما يتوفر لهم ذلك.

الصوم و الناحية المعنوية:

للصوم فوائد جمّة من الناحية المعنوية، أحاول أن أجملها فيما يلي:

1 - الصوم طاعة يثاب فاعلها و يجازى خير الجزاء، و يدخل الجنّة من باب خاص اسمه «الرّيان». قال (ص): «إن في الجنّة بابا يقال له الرّيان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، و لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال أين الصائمون، فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا، أغلق فلم يدخل منه أحد» و هو باب لتكفير الذنوب من سنة لأخرى، و هو طريق لحصول التقوى لقوله جلّ و علا: يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيٰامُ كَمٰا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ

(البقرة: 183).

ص:442

2 - الصوم جهاد للنفس، و تقوية للإرادة، و مقاومة للشيطان و الهوى، و تمرّس على الشدائد، و بعد عن اللين و الرّقة و الدّعة، و تمرين على الصبر عن شهوتي الفرج و البطن.

يقول الصوّام الأمريكي سنكلر: «إن الصيام يقوّي الإرادة و يمرّن الإنسان على التغلب على أهواء النفس و شهواتها، تلك الشهوات التي تدفع به إلى الوقوع في مختلف الشرور و الآثام و تجعله عرضة لكثير من الأمراض النفسية، و يعدّ الصيام من أحسن الوسائل لتنمية الملكات العقلية و التخلص من الأمراض النفسية...».

3 - الصوم مدرسة لتعليم الأمانة و مراقبة اللّه جلّ و علا.

4 - الصوم يعلّم النظام و الالتزام، فالمسلمون يصومون و يفطرون معا في وقت واحد.

5 - الصوم ينمّي في الإنسان الشعور بآلام و مآسي الآخرين، و يشعره بجوع الفقراء و المساكين.

7 - الحث على الشجاعة و الجود:

«خلق الإنسان ضعيفا، تتملكه دوافع كثيرة. فهو يفرح و يحزن و يتألم و لذلك شرع اللّه عزّ و جلّ له من العبادة ما يهذّب نفسه و يصقلها، و يعينه على الثبات و التبصّر يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاٰةِ [البقرة% 153]. أما غير المسلم فهو جزع هيّاب، لا يثبت:

كريشة في مهب الريح طائرة لا تستقر على حال من القلق

إِنَّ الْإِنْسٰانَ خُلِقَ هَلُوعاً إِذٰا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً وَ إِذٰا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً إِلاَّ الْمُصَلِّينَ

[المعارج/ 19-20-21-22] فالمصلي ثابت القلب، حسن التبصّر، كريم، جواد، حسن الظن بربه، يفيض الخير على من حوله من الناس طمعا فيما عند اللّه سبحانه».

الصلاة تنمي ملكة التركيز عند الإنسان:

يقف المؤمن عند ما يريد الصلاة بين يدي ربّه بأدب و حياء، و يحاول قدر استطاعته أن يخشع و أن يحصر اهتمامه بصلاته، بقيامه و ركوعه و سجوده، بتكبيره و تسبيحه و تلاوته. فالخشوع هو المرتبة التي ينبغي على المؤمن أن يسعى إلى الوصول إليها. و محاولته الخشوع في كل وقت، يشكل أفضل تدريب، و أحسن تمرين، لتعويد النفس على حصر اهتمامها في شيء واحد. و بمعنى آخر أفضل تدريب لتريكز التفكير في جانب واحد. و معلوم بالبديهة و التجربة أن الذاكرة و التذكر تتحسن

ص:443

تماما بالتمرين المتواصل، و أيضا التركيز يقوى و يصبح فعالا أكثر كلما تدرّب و تمرّن عليه. و لا يخفى ما للتركيز و حصر الاهتمام بشيء واحد من مزايا و فوائد في إنجاز العمل المتعلق به ففرق كبير بين من يشرد في هذه الناحية و هذه الناحية، و بين من يصوب كل قدراته تجاه الهدف المنصوب.

يقول العالم وليم مولتون مارستن - الاختصاصي في علم النفس - في مجلة المختار من ريدرزدايجست ما خلاصته: «إن القدرة على تركيز الخواطر تجري مجرى العادة عند كل رجل بارز في باب من أبواب الحياة.. ففي أي لحظة معينة يركز العالم أو الزعيم أو الرجل الناجح خواطره في أمر معيّن، فإن اهتمامه ينصبّ بكليته على الأمر الذي يفكر فيه.. و إن أكثرنا تنقصه هذه القدرة على التركيز، و يحيّره و يفسد عليه أمره، الاضطرابات و الشواغل و الأهواء المتعارضة، التي تتقاسم اهتمامه و تتنازعه.. و إن العقل الإنساني، ليصبح أداة مدهشة الكفاءة، إذا هو اتّسم بالتركيز القوي، و الانتباه الموجّه.. و الصبر و المثابرة... ذلك لأن الانتقال من الشرود إلى حصر الذهن حصرا بيّنا محكما، ليس إلا ثمرة للجهد المفلح و المحاولة الصابرة... فإذا استطعت أن تردّ عقلك مرّة بعد مرّة إلى الموضوع، الذي اعتزمت معالجته، فإن الخواطر التي تتنازعك، لا تلبث أن تخلّي مكانها - مجبرة - للموضوع الذي آثرته بالعناية و الاختيار... و بتكرر المحاولة الناجحة - التي ليست بالسهلة - ستجد نفسك في النهاية قادرا على حصر ذهنك بإرادتك فيما تشاء و تختار...».

و لا تنحصر فائدة الصلاة و المداومة عليها، في تنمية ملكة التركيز و حسب. بل إن الفوائد الإيجابية تنعكس على مجمل شخصية الإنسان، بكافة أبعادها و أنحائها. و الدراسات ما زالت تحمل إلينا الجديد من المزايا و الخصائص التي يتصف بها المؤمن المصلّي، خلافا لمن ألقى صلاته و دينه و عقله خلف ظهره. و من هذه الدراسات، تلك التي أجرتها مصلحة تشغيل المتعطلين في مدينة نيويورك، حيث خضع (15321) شخصا من الرجال و النساء المتعطلين لاختبار نفسي. و توضّح من خلال ذلك أهمية الصلاة و العبادة في حياة الإنسان. يقول الدكتور «هنري لنك» أحد علماء النفس التجريبي، و الذي كان مستشارا خاصا في هذه الدراسة (معتمدا على التقارير الشخصية الشاملة التي أجراها لكل فرد من عشرة آلاف فرد): «في هذا الوقت بالذات بدأ إدراكي لأهمية العقيدة الدينية بالنسبة لحياة الإنسان. و لقد استخلصت من هذه الاختبارات نتيجة هامة، و هي: أنّ كل من يعتنق دينا أو يتردد على أماكن العبادة، يتمتع بشخصية أقوى و أفضل ممن لا دين له أو لا يزاول أية عبادة...».

الصلاة رياضة بدنيّة:

تتميز الصلاة - كرياضة - بأنّها رياضة غير مجهدة، فحركاتها بسيطة، خفيفة، يستطيعها الكبير

ص:444

المسن و الفتى الصغير. كما أنّها رياضة تمارس على مدار اليوم و الليلة، بأوقات منتظمة. و إذا كان العلماء يقولون إن أفضل الرياضات، تلك التي تتم بشكل متكرر يوميا، و غير المجهدة التي يمكن أن يؤدّيها أيّ إنسان، فلا شك أنّ الصلاة تندرج تماما تحت هذه الرياضات المفضّلة.

و أول من أجرى تجاربا في هذا الخصوص، هو «وليام جانونج» 1981 م، عند ما فرّق بعناية بين تلك التمرينات العضلية الشاقة، و تلك الخفيفة البسيطة. فلاحظ أنه في الحالة الثانية تتمدد الأوعية الدموية، و تزداد التروية الدموية، مما يزيد التغذية بالأوكسجين، الذي يتناسب استهلاكه طردا مع الطاقة المنتجة. و هكذا تكون عملية الاحتراق معتمدة بكاملها على الأوكسجين الجوّي، و بالتالي لن تنتج أية فضلات أو رواسب. أما في حالة التمارين العضلية الشاقة، فتزداد الحاجة للأوكسجين زيادة ماسّة، و لا يكفي الهواء المستنشق لتعويضه، الأمر الذي يستدعي إنتاجه - أي الأوكسجين - بطريق غير هوائي، من خلال بعض التفاعلات الكيماوية، التي تنتهي بحمض اللبن و هكذا فإن التمارين الهادئة الخفيفة، تحقق فائدتين اثنتين:

1 - تزيد من قابلية الجسم، لاستقبال نسبة أعلى من الأوكسجين الجوي.

2 - تؤدي إلى إنتاج أقل لحمض اللبن، المؤذي للدورة الدموية.

و بالإضافة إلى الفوائد السابقة للصلاة كرياضة، هناك فوائد أخرى، يمكن إجمالها بما يلي:

1 - تحريك جميع عضلات الجسم، القابضة و الباسطة. و تحريك المفاصل بما فيها المفاصل الفقرية.

2 - تنشيط القلب و الأوعية الدموية.

3 - تحسين التروية الدماغية، و بالتالي كفاءة الدماغ.

4 - تقوية جدر و عضلات الشرايين، و المحافظة على مرونتها.

5 - تمرين الجسم على التأقلم مع الوضعيات المفاجئة المختلفة.

تقليم الأظافر:

و هو سنة باتفاق المذاهب.

لا تخفى الحكمة من هذه السنّة الكريمة، في الوقاية من الأمراض، التي تنتقل عن طريق الجراثيم التي تتجمع تحت الأظافر الطويلة سواء أثناء الاستنجاء أو غيره.

ص:445

اللحم

اشارة

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال: اللحم ينبت اللحم، و من تركه أياما فسد عقله(1).

و قال عليه السّلام: اللحم ينبت اللحم، و من تركه أربعين يوما ساء خلقه، و من ساء خلقه فأذنوا في أذنه(2).

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: اللحم من اللحم، و من تركه أربعين يوما ساء خلقه، كلوه فإنه يزيد في السمع و البصر(3).

و عنه عليه السّلام قال: مرق لحم البقر يذهب بالبياض(4).

و عنه عليه السّلام قال: ألبان البقر دواء، و سمونها شفاء، و لحومها داء(5).

و عنه عليه السّلام قال: من أكل لقمة شحم أخرجت مثلها من الداء(6).

عن بعض أصحابه بلغ به زرارة، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: الشحمة التي تخرج مثلها من الداء أي شحمة هي؟ قال: هي شحمة البقر(7).

ص:446


1- (1) وسائل الشيعة ج 25 ص 39 ح 14.
2- (2) وسائل الشيعة ج 25 ص 40 ح 1.
3- (3) وسائل الشيعة ج 25 ص 41 ح 4.
4- (4) وسائل الشيعة ج 25 ص 44 ح 2.
5- (5) وسائل الشيعة ج 25 ص 45 ح 1.
6- (6) وسائل الشيعة ج 25 ص 45 ح 2.
7- (7) وسائل الشيعة ج 25 ص 45 ح 3.

عن إدريس بن عبد اللّه، قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام فذكر اللحم، فقال:

كل يوما بلحم، و يوما بلبن، و يوما بشيء آخر(1).

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال: اللحم باللبن مرق الأنبياء(2).

و عنه عليه السّلام قال: شكا نبي من الأنبياء إلى اللّه عز و جل الضعف، فقيل له:

اطبخ اللحم باللبن، فإنهما يشدان الجسم، قال؟ قلت: هي المضيرة(3) ، قال: لا، و لكن اللحم باللبن الحليب(4).

و عنه عليه السّلام قال: من أصابه ضعف من قلبه أو بدنه فليأكل لحم الضأن باللبن(5).

و عنه عليه السّلام قال في حديث: و إن هذا اللحم الطري ينبت اللحم(6).

و عنه عليه السّلام قال: اللحم ينبت اللحم و يزيد في العقل و من تركه أياما فسد عقله(7).

ص:447


1- (1) وسائل الشيعة ج 25 ص 49 ح 6.
2- (2) وسائل الشيعة ج 25 ص 58 ح 1.
3- (3) مضر اللبن مضرا: إذا حمض و ابيض.
4- (4) وسائل الشيعة ج 25 ص 59 ح 4.
5- (5) وسائل الشيعة ج 25 ص 60 ح 9.
6- (6) مستدرك الوسائل ج 16 ص 340 ح 5.
7- (7) بحار الأنوار ج 63 ص 72 ح 68.

خواص اللحوم في الطب و الغذاء

«إن غذاء يحتوي على الخضروات و اللحم هو غذاء مثالي يحقق للإنسان تغذية كاملة».

هذه هي الحقيقة الأساسية الأولى فيما يتعلق بالغذاء الصحي الكامل.

فالإنسان هو أحد المخلوقات التي تتناول اللحوم و الخضروات في آن واحد، مع أن أكثر المخلوقات الأخرى تقتصر على نوع واحد فقط.

تركيب اللحم

اللحم غني بالمواد الزلالية و فقير جدا بالسكريات (المواد السكرية) أما الدسم فيه فمقداره يختلف بحسب ضعف الحيوان و سمنه و نوع غذائه.

و يتركب اللحم من المواد الآتية:

1 - الماء و يعادل مقداره 75% من وزنه تقريبا.

2 - الأملاح المعدنية: و خصوصا منها فوسفات البوتاسيوم مع أثر من أملاح الصوديوم و الكلس و المانيزا و مركبات الكلور الثنائي و مواد ملونة كاليحمور (خضاب الدم) الذي يحوي كمية من الحديد.

فمائة غرام لحم تحوي تقريبا:

حمض الفوسفور 0,50 غرام

كلور ثنائي 0,10 غرام

بوتاس 0,50 غرام

صوديوم 0,10 غرام

كلس 0,01 غرام

مانيزا 0,04 غرام

أوكسيد الحديد 0,005 غرام

3 - مواد سكرية (سكريات) بمقدار 0,3-0,4%.

ص:448

4 - مواد دسمة (الشحميات) و هي قليلة المقدار سواء في الألياف أو في الأنسجة المنضمة.

5 - مواد زلالية و هي تؤلف القسم المهم منه و هما العضلين (ميوزين) و يحوي اللحم زيادة عما تقدم مولد الغراء الهلام أي الجلاتين و المرنين و مواد خلاصوية آزوتية كالكرياتين و الأسس الصفراء، إلخ.

و الجدول الآتي يبين تحليل اللحم البقري:

ماء 75,90%

خلاصة يابسة 4,10

مواد زلالية 18,26%

مولد الغراء (الجلاتين) 1,64

مواد دسمة (الشحميات) 0,90

مواد سكرية (السكريات) 0,60

مواد معدنية 1,30

و قلما يختلف تركيب اللحم، بحسب نوع الحيوان و لا سيما في المواد الهيولية منه و لكنه يختلف فيه بحسب طراز معيشته، و عمره و نوع غذائه. فالحيوان الذي يعيش في الحظائر أكثر دهنا من الحيوان الذي يعيش في المراعي، لذلك كثيرا ما يعمد الجزارون إلى تربية المواشي قبل ذبحها في الحظائر مدة حتى تسمن و تستريح و تسمى لدى العامة بالمعلوف. و الألياف العضلية في لحم المعلوف ألين و ألطف من ألياف عضلات المواشي التي ترعى بالمراعي، و لهذا تكون مقبولة أكثر.

و كلما كان الحيوان كبير السن كانت عضلاته ليفية، صلبة، و لذلك تكون دون غيرها تغذية و انهضاما.

أما لحم الحيوانات الصغيرة السن كالخرفان مثلا فهلامي ضعيف، لذا يكون قليل الغذاء، و أفضل ما في هذه الحيوانات ما كان سنه معتدلا، و يكون ذلك في البقر بين الثالثة و العاشرة. أما في الغنم فغايته السنة الثامنة، و في الماعز السنة السادسة فقط.

أما صغار الحيوانات فأفضلها العجول التي عمرها فوق الأسبوع السادس و الخراف و الجديان ما بعد الأسبوع الرابع إن كان غذاؤها جيدا.

و المستهلك لا يضع قيمة واحدة لكل مناطق الجسم بل يميز بعضها عن بعض تبعا لجودتها.

فأحسن درجات اللحم ما أخذ من الفخذ و الأصلاب و الضلوع الخلفية. أما لحم الدرجة الثانية فهو

ص:449

الذي يؤخذ من الضلوع الوسطى و الأمامية و الصدر و منطقة خلف البطن أما ما عدا ذلك فهو من لحم الدرجة الثالثة.

و سواء أ كان لحم الأغنام و الأبقار من الدرجة الأولى أم الثانية أم الثالثة، فإنه يمد الجسم بطاقة حرارية أعلى مقدارا من التي يعطيها نفس الوزن من اللحوم البيضاء كالأرانب و الدجاج و السمك.

و الطاقة الحرارية كما نعلم هي التي يستغلها الجسم في نشاطه و مجهوده العضلي.

و إن جاز للحوم الأغنام و الأبقار و غيرها من اللحوم الحمراء أن تفخر بثرائها في عنصر الحديد الذي يدخل في تكوين الدم، جاز للحوم البيضاء الفقيرة بالحديد أن تفاخر بأنها أسرع هضما في القناة الهضمية من اللحوم الحمراء.

و لذلك فاللحوم البيضاء أكثر ملاءمة للناقهين من اللحوم الحمراء.

و لقد وضح من مختلف التجارب أن الطعام الذي يجمع بين اللحوم و الخضروات هو أصلح غذاء يؤدي إلى أحسن النتائج لسبب واحد و هو أن اللحوم أكثر الأطعمة احتواء على المركبات البروتينية (الزلالية) الضرورية لبناء الأنسجة و الخلايا. و إذا أراد الإنسان أن يحصل على كمية المركبات البروتينية التي تحتويها بضع أوقيات من لحم الضأن أو البقر وجب عليه أن يستهلك كميات كبيرة الحجم من الخضروات ليس في مقدور المعدة احتمالها. و مما يبرر أهمية اللحوم في التغذية، أن الجسم قادر على خزن معظم عناصر الطعام الضرورية، فهو يختزن السكر في الكبد و الشحم تحت الجلد و الفيتامينات في أنسجته المختلفة.

و لكن مما يدعو للدهشة أن الجسم عاجز عن اختزان البروتينات.. و هي حين تنعدم في الطعام يصبح المرء أشبه بحيوان مفترس. و قد حدثت مآس كثيرة في معسكرات النازيين خلال الحرب الأخيرة بسبب انعدام البروتينات في الأغذية المقدمة لهم. و المعروف أن البروتينات تتألف من حوامض أمينية مختلفة منها عشرة أنواع ضرورية للحياة، و لو توافرت منها في جسم المرء تسعة و حرم من العنصر العاشر فإن هذه الأحماض التسع لن تحل محل الحمض الناقص.

و لهذا نستطيع أن نقول:

لا شيء يمكن أن يكون أكثر جلاء و وضوحا من أن بنية الإنسان و تركيبه الجسماني و ظروف حياته و أحوال معيشته تقضي عليه بأن يكون طعامه مزيجا من اللحوم و الخضروات معا. إنه يستطيع أن يعيش، إذا اضطرته الضرورة القصوى، على لحوم الحيوانات وحدها. و يستطيع أن يعيش أيضا إذا اضطرته كذلك ضرورة ملحة لا مفر منها على الخضروات وحدها. و لكن لن تكون التغذية كاملة

ص:450

إلا إذا كان طعام الإنسان شاملا اللحوم و الخضروات معا، فبذلك يجد الجسم خليطا من بروتينات نباتية و حيوانية تمده بكل ما يحتاج إليه من أحماض أمينية.

و الكبد أغنى من اللحم في فيتامين (آ) الواقي من مرض ضعف الإبصار ليلا، و هذا هو الذي دعا «أبو قراط» من قبل أن يصف أكل الكبد لمن يشكو العمى الليلي أو ضعف الإبصار.

و بجانب الفيتامين (آ) نجد في الكبد مقادير وفيرة من فيتامين (د) الواقي من الكساح و لين العظام و مقادير كبيرة نسبيا من فيتامين (ب 12) الواقي من فقر الدم.

و البروتئين مواد مركبة معقدة تمتاز بها الحياة. فكل المخلوقات الحية من حيوان و نبات تنطوي أجسامها على هذه المادة.

و جزئيات الجسم الإنساني نفسها مؤلفة من هذه الذرات الكبيرة.

و بتحليل هذه الذرات تبين أنها مؤلفة من سلاسل مذكرة و مؤنثة في وقت واحد: هي الأحماض الأمينية (acides amines) و الجسم الإنساني يطرح كل يوم كميات من هذه البروتينات المستعملة جدا. و كيما يبقى التوازن قائما لا بد من بروتئينات جديدة يصنع الجسم منها سلاسل جديدة.

و الجسم يستطيع صنع بعض السلاسل من عناصر أكثر بساطة. و لكن ثمة سلاسل أخرى لا يمكن صناعتها فلا بد لهذه الأحماض الأمينية من أن تكون مصنوعة قبل دخولها الجسم: و يحصل عليها الجسم من الغذاء، من البروتئينات المستوعبة. و هذه هي الأحماض الأمينية التي لا غنى عنها.

أما تركيب البروتئينات بالأحماض الأمينية في اللحم فأقرب ما يكون إلى تركيب البروتئينات البشرية. و لذا فلا مجال لمناقشة فعالية بروتئينات اللحم و قيمتها البيولوجية في ظاهرتي النمو و ترميم التآلف من خلايا الجسم الإنساني.

فائدة التغذية باللحوم:

لقد حقق العالم «بوسكيه» تجربة فريدة: فقد غذى بعض الضفادع ببروتئين من أصل نباتي و حيواني و قد تبين له أنه لا بد له - كي يحصل على أسرع نمو بأقل كمية غذائية. من تغذية الضفادع بلحم الضفادع.

و لقد أثبتت التجارب أنه لا يمكن، عمليا، الاستعاضة عن 40 غراما من اللحم بمائة غرام من القمح رغم أن الكميتين تنطويان على مقدار واحد من البروتئين هو 7 غرمات، و مرد ذلك إلى أن بروتئين الحليب أو اللحم أو القمح ليس متساويا في قيمته الحيوية.

ص:451

إن احتياج الإنسان إلى البروتئين يختلف باختلاف السن فكيما يحفظ التوازن، بين السنة الأولى و الثالثة من العمر، لا بد من مقدار يومي يعادل 3,5 غرامات من البروتئين لكل كليوغرام واحد و إذا بدت هذه النسبة عالية فلأن احتياج النمو كبير في مثل هذه السن.

و يتفق العلماء على أن غراما واحدا في الكيلوغرام كاف بعد سن الحادية و العشرين. إن رجلا يزن 60 كيلو غراما لا بد له من 60 غراما من البروتئين يتناولها كل يوم نصفها من البروتئين الحيواني، مثال ذلك:

200 غرام من اللحم. 200 غرام من الخبز. 0,25 ليتر من اللبن الحليب.

إن هذه الكميات كافية لإعطائه احتياجه اليومي من البروتئين.

هل يستطيع الإنسان أن يعيش عيشة طبيعية دون أن يأكل لحما؟.

النباتيون المتمسكون بهذه النظرية لا يتناولون أي طعام من أصل حيواني. و ترتكز النظرية (النباتية) على أن الطاقة الشمسية التي تمتصها النباتات تفقد الكثير من قيمتها بعد أن يأكل الحيوان النبات فيحوله إلى لحم. فالنبات يعطي الإنسان طاقة أعظم.

إن هذه «الطريقة» ليست مما ينصح به مهما كانت «الفلسفة» المستندة إليها لأن كمية البروتئين تظل، بدون اللحم ضعيفة.

و أفضل من هذه الطريقة (رغم شهرة الذين يشايعونها ككبار العلماء و الفلاسفة) الطريقة (اللبنية النباتية) فهي تضيف إلى الأطعمة النباتية اللبن و البيض و الزبدة.

و يعتبر كبار أكلة اللحم معرضين دائما لارتفاع الضغط و تصلب الشرايين و غيرهما من الأمراض.

فهل صحيح ما يقال عن أن طعاما غنيا باللحوم، أو بالبروتئين يقصر الحياة؟ ما زال الجواب موضع أخذ و ردّ.

هذا و تدل الإحصائيات التي نظمها البروفسور «لوفنكاردت» من لوزان، أن أكلة اللحوم أقرب إلى الإصابة بارتفاع الضغط من مستهلكي النباتات.

و الواقع أن الذين يشكون من ارتفاع الضغط هم دائما من كبار الأكلة و الشاربين. فقد يلعب المرق الذي يرافق الأغذية اللحمية دورا سيئا بالنسبة لهؤلاء الناس.

ص:452

ما هي الحالات التي يجدر بنا فيها اللجوء إلى حمية غنية باللحوم؟

إن قدرة اللحم الحرارية قدرة ضعيفة (حريرتان في الغرام) إذا ما قيست بقدرة الدهن أو السكر (9 حريرات في الغرام) أما هضم اللحم فسهل. و جدير بالذكر أن اللحم البارد يهضم بمثل سهولة اللحم الحار و كذلك اللحم الأبيض (لحم الطيور) فهو كاللحم الأحمر.

و اللحم، من ناحية ثانية، يضعف كتلة الأغذية المائية (hydro-alimentaire) التي يستوعبها الجسم و من أجل هذا ينصح المصابون ببعض حالات السمنة obesite بالإكثار من تناول اللحوم.

و تظهر قيمة اللحم التصنيعية في إعادة البروتئينات في الجسم. و في حالات فقر الدم (الأنيميا) تتطلب إعادة بناء الكريات الحمر التي تلون الدم، الحديد و الأحماض الأمينية. و اللحم يؤمن هذه المادة كما يؤمن الفيتامينات اللازمة و لذا كان افتقار الغذاء إليه من أسباب الإصابة بفقر الدم.

و إرهاق الكبد بالأدهان يهيئها للإصابة بالتشمع.

أي أنواع اللحم أفضل؟

إن لحوم الغنم و البقر هي أفضل أنواع اللحوم لأنها أسهل هضما و أفضلها لتقوية الجسم و لكن من الضروري أن تلم بالقواعد «الفنية» المتعلقة باختيار اللحم أو بطريقة طهوه.

فاللحم الجيد هو الذي يكون ذا لون أحمر «غير بنفسجي»، و خاليا من الصفاقات و الألياف، صلب البنية، ظاهر الطراوة، و ذا رائحة ندية.

أما بالنسبة للطهو فهناك عدة طرق أهمها الشيّ و السلق و القلي.

اللحم المشوي:

إن تسليط لهب النار مباشرة على اللحم أقدم طريقة لشيّه، و تلك أفضل طريقة للحصول على لحم (مقمر) لطيف لذيذ الطعم، كما أن هذه الطريقة تساعد في تبخر حتى 20 بالمائة من الماء المخزون في اللحم الطازج فتجعله مغذيا و قابلا للهضم السريع.

و ليلاحظ أنه يجب عدم تمليح اللحم المشوي إلا بعد شيه و أنه يجب مسح اللحم قبل شيه بزيت الزيتون.

ص:453

الطهي بالماء (السلق):

و معنى ذلك سلق اللحم قبل شيه، و تلك أفضل طريقة للتغلب على قساوة اللحم و جعله طريا سهل الهضم.

الطهي بطريقة القلي:

و هي طريقة بين بين، تجمع ناحيتي الشي و السلق، و قد يخطىء الكثيرون إذ يظنون أن قلي اللحم يجعله عسيرا على الهضم، لأن القلي يكون قد بدأ بعمل ما تبدأ بعمله المعدة، إلا إذا كان ثمة شحم كثير أو سمن كثير.

و لكن العلم يرى في كل طريقة من هذه الطرق رأيا خاصا، فهو يرى أن الشي هو أفضل الطرق إذا أردنا أن نحافظ على أغلب المركبات الغذائية و أن نحول دون فقد محتوياتها إلى أقل حد ممكن، لأن الحرارة تعمل على تجميد طبقة البروتينات الخارجية فتمنع إلى حد كبير خروج مركبات اللحم الغذائية الموجودة في الطبقة الداخلية من التسرب إلى الخارج.

و تأتي طريقة تجميد اللحم في المرتبة الثانية من حيث المحافظة على المركبات الغذائية داخل اللحم و عدم تسربها منه.

أما طريقة غلي اللحم و سلقه بالطريقة العادية، أو تحت الضغط في القدور الضاغطة على البخار (البريستو) فهي في المرتبة الثالثة لأن اللحم بها يفقد كثيرا من مركباته الغذائية التي تتركه لتختلط بالماء المكون للمرق.

من هذا نرى أن اللحم المسلوق هو أنسب اللحوم لمن يشكو ضعفا في الهضم و اضطرابا فيه.

أما شي اللحم فهو خير طريقة لمن أراد أن يحتفظ بأكبر قدر من مركبات اللحم الغذائية.

و إننا ننصح الناقهين من المرضى و المصابين بفقر الدم بتناول اللحوم و الدجاج و الكبد (المعلاق) و الإكثار من هذه المواد لأنها تنقل إلى آكلها الحديد، و ما أدراك ما الحديد إنه مادة ضرورية لكل إنسان و حيوان إذ بدون هذه المادة لن يستطيع الاستفادة من عملية التنفس و استخلاص الأوكسيجين من الهواء.. و بدون الحديد يبقى الدم تافها لا يقوم بواجبه فتضطرب الدورة الدموية و يشحب وجه الإنسان و تقل الاحتراقات و تغيب الشهوة إلى الطعام.. لأن الحديد يدخل في تركيب الكريات الحمر.. و في تركيب خضاب الدم. فإذا جال في أنحاء الجسم حمل على أكتاف ذراته

ص:454

مفرزات الحجيرات و فضلاتها بشكل حمض الفحم السام و لكنه ما يكاد يصل إلى سطح الرئتين حتى يطرح الفحم و يتلقف الأوكسيجين (إكسير الحياة) فإذا بالدم الأسود الأزرق المتسمم و قد غدا أحمر قانيا يحمل في جنباته النشاط و الحياة. و لكننا اعتدنا مع الأسف على تناول اللحم و الكبد و الدجاج بعد أن نرمي بالحديد لجهلنا.. إننا نضيف ملح الطعام إلى كل قطعة لحم يراد شيها.. و هذا خطأ فادح لأن من خصائص الملح امتصاص الماء و الرطوبة.. فإذا جذب ماء اللحم إليه أثناء الشيّ فإن قسما كبيرا من الحديد الموجود في اللحم يخرج مع الماء و يصير طعاما للنيران.

أ لا ترى كيف تتساقط قطرات الماء من اللحم المشوي؟ إنها ليست ماء، و لكنها خلاصة اللحم الحاوية على الحديد.

نصائح حول السلق:

أغمر قطعة من اللحم بالماء البارد وضعها من بعد على نار معتدلة بحيث ترتفع درجة الحرارة شيئا فشيئا. و ما دامت الحرارة لم تتجاوز ال 65 درجة مئوية فإن فقدان الماء يكاد يكون معدوما، و أما المواد الغذائية الأخرى التي يحويها اللحم فتجد نفسها في حرية تامة فتترك اللحم و تفقره و تغني المرق. و كلما ارتفعت الحرارة ازداد لون اللحم الرمادي ظهورا نتيجة تخثر البروتيدات على السطح.

و حوالي 65 درجة يكون هذا التخثر كاملا. و هذا التخثر يلعب دورا خاصا، إذ يحول دون هروب المواد الغذائية الموجودة في اللحم كلها. فإذا بلغت الحرارة 100 درجة، رأيت فوق المرق زبدا ضاربا إلى اللون الرمادي مردّه هو أيضا إلى تخثر المواد القابلة للانحلال الموجودة في اللحم و التي ذاعت في المرق، فيجدر بالطاهية أن ترفعه. و هكذا كلما طال غلي المرق ازداد غنى و قدرة على ترميم الجسم.

نصائح حول الشي:

هنا يوضع اللحم على حرارة جافة شديدة و القطعة التي يراد شيها يجب أن تكون رقيقة 2 إلى 3 سم و طرية.

نصائح للقلي:

لا تستعملي إلا قليلا من المواد الدهنية (و الزيت يتحمل درجات من الحرارة أعلى من الزبدة).

لا تحتفظي ببقايا المادة الدهنية المستعملة في قلي اللحم لأنها خطيرة.

ص:455

ضعي اللحم على مقلاة حامية ثم أضيفي قطعة من الزبدة الطازجة الغنية بفيتامينات الإنماء (آ، و، د) و هي أهم ما يميز الزبد من سواه من المواد الدهنية.

قواعد الشي:

الحرارة يجب أن تكون شديدة و شبك المشواة يجب أن يحمى مقدما لأن انخفاض الحرارة يهدد اللحم بفقدان بلازماه مما يفقره و يجعله خلوا من الدم.

الانتباه إلى تخفيف النار في الوقت المناسب حتى لا يتضخم اللحم.

يجب أ لا يملح اللحم إلا في آخر لحظة قبل الشي لأنك إذا ملحته قبل ذلك بكثير هرب ماء اللحم خارجه و بالتالي هربت أملاحه المعدنية.

يجب أن يكون الشواء أو القلي مناسبين كما أسلفنا فلا يتجاوزان إلى درجة الاحتراق.

متى يمكننا إعطاء الرضيع لحما

اللحم أحسن المصادر للحصول على الغليسيرين، و هو العنصر الأساسي لنمو الأطفال و ترعرعهم على نحو متناغم. و لكن كثيرا من علماء طب الأطفال لا ينصحون به إلا في حذر شديد.

بعض الأطباء الأجانب لا يترددون في وصفه منذ الشهر الثاني و حتى منذ الشهر الأول. و لكننا نرى أن هذا الإسراع لا يخلو من إفراط.

لا لحم قبل الشهر الخامس، و مع ذلك..

في أغلب الحالات يبدو من غير الضروري إعطاء الطفل لحما قبل الشهر الخامس. قبل هذه السن يكفي الحليب و الحبوب لضمانة حاجات الرضيع البروتينية.

و مع ذلك فإذا بدا أن جسم الطفل لا يستسيغ الحليب و ظهرت اضطرابات هضمية (كأكل الهواء و الإسهالات و التقيؤات، إلخ..) فيجب بداهة البحث عن مصدر آخر للبروتئين، و يصبح اللحم ضروريا. و كما هو الحال في فقدان الشهية إلى الطعام فإن عصير اللحم كفيل بإعادتها و إيفاء الجسم حقه.

ص:456

البداية بعصير اللحم:

في الماضي كانوا لا يعطون الطفل لحما قبل ظهور أنيابه أي في الشهر الرابع عشر أو الخامس عشر من العمر. و أما في أيامنا هذه فمن المعروف أن الطفل منذ الشهر الخامس أو السادس يستعد لهضم اللحم.

و مع ذلك فيجب التدرج النسبي. أولا عصير لحم البقر المشوي المدمى بمقدار 10 إلى 20 غراما في اليوم. ثم، في الأشهر اللاحقة، لب اللحم المفروم - من 5 إلى 10 غرامات - حتى تصل إلى 25 غراما في الشهر الثاني عشر.

و تجدر الإشارة إلى أن هنالك مصانع تحضر اللحم خصوصا للأطفال الرضع.

حفظ اللحم:

إن فساد الأغذية ناتج عن فعل الجراثيم المختلفة فيها. و إن هذه الجراثيم تحتاج في حياتها إلى الغذاء، و الهواء، و الرطوبة، و الحرارة، فإذا فقدتها انعدمت حياتها. و اللحم إذا ترك و شأنه مدة يكون عرضة لتكاثر الجراثيم المختلفة و لا سيما الجراثيم غير الهوائية فيفسد شكله و تتغير رائحته و تنتن أليافه و تخضر ثم تلين، و يكون هذا التفسخ سريعا كلما توفرت شروط حياة الجراثيم التي ذكرناها آنفا من حرارة و رطوبة و غذاء.

و إذا جعلت اللحوم في حالة لا تساعد الجراثيم على الحياة أمكن حفظها سالمة مدة طويلة.

و على هذا يكون أساس المحافظة بالتجفيف، كما في التقديد، و التمليح و التدخين أو بتقليل الحرارة كما في التبريد أو بمنع الهواء كما في حفظ اللحوم في العلب و غير ذلك من الطرق المختلفة.

و لا يجوز استعمال المواد المضادة للفساد لأنها كما تضر بالجراثيم تضر بجسم من يستعملها.

و إليكم بعض هذه الطرق المستعملة في بلادنا.

1 - حفظ اللحم بالقلي: و هو أن تفرم شرائح اللحم و تقلى بدهنها أو بالسمن و تصب ساخنة في أوعيتها، فيجمد الدهن حولها و يحجبها عن الهواء و هي طريقة كثيرة الاستعمال في قرى سوريا لحفظ اللحم أيام الشتاء.

2 - البصطرمة (التمليح): و هي كلمة أرمنية تطلق على اللحم المجفف، و تحضر من اللحم البقري.

ص:457

3 - التدخين: و هو من أفضل الطرق التي كانت تستعمل في ألمانيا. و ذلك بأن يعلق اللحم في مكان محصور، يساق إليه دخان بعض الأخشاب القطرانية، باردا، فينفذ في اللحم بعض العطور القطرانية الطيارة (كالكريوزوت) و يجف اللحم على هذه الصورة و يحفظ مدة طويلة دون أن يطرأ عليه تبدل.

4 - حفظ اللحوم بحجبها عن الهواء بعد تعقيمها بالحرارة جيدا (المعلبات).

و هذه الطريقة أفضل الطرق المستعملة في المحافظة على الأغذية، و أكثرها انتشارا. و هي صناعة قديمة ترجع إلى عهد حروب نابليون في أوروبا، و يستخدم في تحضيرها لحوم البقر و كذا لحوم الطيور و الدواجن. و يراعى عند إعداد لحوم الماشية تجزئتها إلى قطع صغيرة و إزالة العظام منها، و تخزن قبل التعبئة في محاليل ملحية كثيفة، لفصل الكمية الزائدة من رطوبتها. و يختلف تركيب هذه المحاليل الملحية باختلاف صنف اللحوم و طريقة التعبئة.

5 - تبريد اللحوم الصناعي: تحتل صناعة تبريد اللحوم في وقتنا هذا المكان الأول بين الصناعات الرئيسية للتبريد الصناعي.

و تعتبر أوستراليا و نيوزيلاندا و البرازيل و الأرجنتين من أكثر البلاد الأجنبية اشتغالا بهذه الصناعة.

هل يوجد في مرق اللحم غذاء؟

من المفاهيم الطبية المتعارف عليها و المتوارثة أبا عن جد، أن مرق اللحم يحوي جميع خلاصات اللحم و جل فوائده، مع أن الحقيقة التي لا جدال فيها، هي أن لا خير في المرق و لا فائدة ترجى منه كغذاء بروتيني، إذ ما هو إلا عبارة عن ماء مملح بأملاح اللحم و شيء من الدهن لا أكثر و لا أقل.

هذا المفهوم الطبي المغلوط، شائع في كل مكان، و دارج على كل لسان، فإذا أرادت سيدة أن تغذي ابنها أو مريضها و كان ناقها عن مرض، عكفت على سلق كمية كبيرة من اللحم ثم جعلت تكثف هذا المرق بتركه على النار الهادئة زمنا طويلا، زعما منها أنه كلما طال سلقه انحلت و تكثفت خلاصات اللحم في مرقه.

و إذا شكا امرؤ من عجز في معدته عن هضم الطعام أو شكا فقر فمه من الأسنان لهضم الطعام، تبرع من حوله حالا فقال: خذ يا أخي نصف رطل من اللحم و قل لأهل بيتك أن يسلقوه على نار

ص:458

خفيفة ودع مرقه يغلي حتى يغدو مخثرا، فتكون بذلك غذيت جسمك و أرحت فمك و معدتك. و ما علم هذا المتطبب الكريم، أنه بوصفته هذه قد حرم مخاطبه من كل غذاء، لأن قوام اللحم المواد البروتئينية و هي صنف من أصناف المواد الزلالية، و الزلال عادة كالبروتئين لا ينحل في الماء البارد فضلا عن الماء الحار. و مثل سالق اللحم لاستخلاص خواصه كمثل إنسان وضع البيض المسلوق - بعد رفع قشرته الكلسية طبعا - وضع هذا البيض المسلوق في الماء و راح ينفخ النار تحته منتظرا أن تنحل خلاصات زلال البيض في الماء ليشربه، و ما يشرب إلا الماء و رائحة البيض المكبرتة.

و المعروف طبيا أن اللحم، لاحتوائه على (البروتئينات) غير المنحلة يبقى لحما (بآزوتاته و بروتئيناته) إذا سلق، و لا ينحل منه بتأثير الحرارة سوى الأملاح المعدنية، و قليل من (الجلاتين) لا بل إن تخثر الزلال فيه يزداد كلما ازدادت الحرارة ارتفاعا.. و النار اتقادا.

يتضح لنا مما سبق، أن ليس للحساء (الشوربة) قيمة غذائية تذكر، عدا ما تحويه من بعض قطرات الدهن الطافية على وجهها و الأملاح المنحلة فيها، و القليل من الأرز أو الخضار التي تمزج عادة بها.

و قد يتساءل القارىء الكريم عن مغزى نصيحة الأطباء للمرضى باستعمال الشوربة و حكمة استعمالها أيضا في مستهل وجبة العشاء.

فقد درج الناس في المطاعم و الفنادق و في البلاد الغربية على افتتاح وجبة العشاء بالحساء لحرارتها، و لاحتوائها على الأملاح و التوابل، فهي بذلك تنبه الغشاء المخاطي للمعدة، و هذا يؤدي إلى إفراز العصارة المعدية الهاضمة، و بالنتيجة فهي تقدم كمادة مشهية و مقبلة. و ينصح الأطباء مرضاهم بتناول الحساء إذا ما أصيب هؤلاء المرضى بالحميات أو بأمراض جهاز الهضم، لأن الأمعاء تتعطل أثناء المرض عن القيام بوظيفتها، فيقوم آنذاك الحساء بمهمة تنبيه غشاء المعدة المخاطي و بمهمة التغذية البسيطة بالتدرج.

ص:459

اللبن

اشارة

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: اللبن طعام المرسلين(1).

عن أبي الحسن الأصبهاني قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام فقال له رجل.

و أنا أسمع جعلت فداك: إني أجد الضعف في بدني، فقال له: عليك باللبن فإنه ينبت اللحم و يشد العظم(2).

عن عييض بن القاسم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن شرب ألبان الأتن فقال: اشربها(3).

و قال عليه السّلام: اللبن الحليب(4) لمن تغير عليه ماء الظهر(5).

عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، أنه شكا إليه الربو الشديد، فقال: اشرب له أبوال اللقاح، فشربت ذلك، فمسح اللّه دائي(6).

و عنه عليه السّلام قال: ألبان اللقاح(7) شفاء من كل داء و عاهة في الجسد،

ص:460


1- (1) فروع الكافي ج 6 ص 336 ح 6.
2- (2) فروع الكافي ج 6 ص 336-337 ح 7.
3- (3) فروع الكافي ج 6 ص 339 ح 3.
4- (4) اللبن الحليب اللبن المحلوب، أو الحليب ما لم يتغير طعمه.
5- (5) وسائل الشيعة ج 25 ص 112 ح 4.
6- (6) وسائل الشيعة ج 25 ص 115 ح 8.
7- (7) اللقاح: الإبل و اللقوح كصبور واحدتها، و هي الناقة الحلوب.

و هو ينقي البدن و يخرج درنه(1) و يغسله غسلا(2).

و عنه عليه السّلام قال: من أصابه ضعف في قلبه أو بدنه فليأكل لحم الضأن باللبن، فإنه يخرج من أوصاله كلّ داء و غائلة، و يقوي جسمه، و يشدّ متنه(3).

ص:461


1- (1) الدرن: الوسخ أو تلطخه.
2- (2) بحار الأنوار ج 63 ص 95 ح 3.
3- (3) بحار الأنوار ج 63 ص 101 ح 17.

خواص اللبن في الطب و الغذاء

و أجود ما يكون اللبن حين يحلب، ثم لا يزال تنقص جودته على مر الساعات و أجوده ما اشتد بياضه و طاب ريحه و لذ طعمه و كان فيه حلاوة يسيرة و دسومة معتدلة و هو محمود يولد دما محبوبا جيدا، و يرطب البدن اليابس و يغذو غذاء حسنا و ينفع من الوساوس و الغم و الأمراض السوداوية، و إذا شرب مع العسل نقى القروح الباطنة من الأخلاط العفنة، و شربه مع السكر يحسن اللون جدا...

كما أن اللبن ينعش البدن و يقوي الجسم و يزيد النطفة و يطلق البطن و يزيد في العقل و الدماغ، و لبن الماعز لطيف جميل معتدل، و لبن الضأن سميك و تحتوي المائة جرام من اللبن على 86% ماء من وزن اللبن (أي 86 جرام) و 14% موزع كما يلي: سكر 5% و مواد دهنية و قشطة 4% و تختلف هذه النسبة و قد تصل 9%، و بروتينات 3%، و فيتامينات و مواد أخرى حوالي 2%، بالإضافة إلى:

190 وحدة دولية من فيتامين «أ».

45 ميكروجرام من الثيامين. 186 ميكروجرام ريبوفلافين. 290 ميكروجرام حامض بانتوثينيك.

90 ميكروجرام نياسين. 5 مليجرام بيوتين. 2 مليجرام فيتامين «ج». 3 وحدات دولية من فيتامين «د».

و الباقي ماء و مواد أخرى بسيطة.

و المركبات الأساسية في اللبن

اشارة

هي:

1 - دهن اللبن:

حيث يحتوي اللبن البقري من 3,5-4% دهن ترتفع في اللبن الجاموسي إلى 7% و قد تصل إلى 9-10% دهن في بعض الأحيان، و يحتوي الأحماض الدهنية الأساسية التي لا يكونها الجسم «مثل اللينوليك و الأراكيدونيك»، و الدهن هام جدا في صناعة الجبن و الزبادي حيث يكسب المنتجات طراوة و نعومة و طعما و دسما محببا، و يوجه الصانع الماهر عناية كبرى لعدم فقد الدهن أثناء الصناعة و ضياعه في الشرش.

2 - بروتينات اللبن:

و تشتمل على الكيزين و الألبيومين و الجلوبيولين و هي بروتينات كاملة التكوين من الناحية

ص:462

الغذائية تحتوي جميع الأحماض الأمينية الضرورية للجسم، و هي أسهل البروتينات هضما...

و مصدر غذائي بروتيني حيوي للأطفال و الشيوخ، كما تتوقف خواص جميع أصناف الجبن على خواص اللبن «الكيزين» مع المنفحة و هو يعمل مثل شبكة تحفظ بينها جزئيات الدهن، كذلك تحفظ الشبكة جزء من الرطوبة الموجودة بالشرش تسمح بترشيح الزائد من الشرش كالأسفنجة تماما...

و هو مثل الهيكل العظمي للجبن، كذلك في صناعة الزبادي يتجبن بروتين اللبن «الكيزين» بفعل الحموضة المتزايدة من البادئ المضاف فيصبح صلبا.

3 - سكر اللبن:

سكر اللبن هو اللاكتوز الذي يتحول إلى حمض لاكتيك بالتخمر، و هذا الحامض «حمض لاكتيك» له أهمية كبرى في صناعة كل من الجبن و الزبادي، كما أن اللاكتوز مهم جدا من الناحية الغذائية خاصة للأطفال الرضع.

4 - فيتامينات اللبن:

يحتوي اللبن على فيتامينات «أ»، ب و فيتامين د، و فيتامين E بكميات مناسبة لاحتياج الجسم، و لكنه فقير في فيتامين C .

5 - المواد المعدنية:

مصدر هام للكالسيوم اللازم لبناء الأسنان و العظام، و يحتوي اللبن على جميع العناصر الغذائية المعدنية اللازمة للجسم من كالسيوم و فوسفور و صوديوم و بوتاسيوم و حديد و منجنيز و يود... إلخ.

و هناك فرق بين اللبن البقري و الجاموسي في التركيب الكيماوي يؤثر بلا شك على نوعية الجبن و الزبادي الناتجة من كل منهما على حدة أو بخلطهما، و أهم هذه الفروق هو: -

(أ) ارتفاع نسبة الدهن للبن في اللبن الجاموسي 7% (في المتوسط) بينما لا تزيد عن 4% في اللبن البقري.

(ب) ارتفاع نسبة المواد الصلبة الكلية في اللبن الجاموسي تصل إلى 16,9% بينما في اللبن البقري 13,5% فقط.

ص:463

(ج) يتميز اللبن الجاموسي باللون الأبيض الذي يميز الزبادي و الجبن الأبيض بينما اللبن البقري أصفر اللون.

جدول يبين التحليل الكيمائي لبعض أنواع الألبان المختلفة.

نوع اللبنماء% جوامد كلية% مواد دهنية% مواد بروتينية% كربوهيدرات% 1 - لبن الأم. 87,812,63,71,86,8

2 - لبن البقرة 871343,64,7

3 - لبن الجاموسة 8316,974,24,9

4 - لبن الأغنام 8018,97,564,5

5 - لبن الماعز 87,512,543,34,4

6 - لبن الفرس 90,59,51,226,2

7 - لبن القطط 82,317,73,39,14,7

8 - لبن الناقة 86,53,53,145,6

و مما سبق تتضح القيمة الغذائية للبن و منتجاته فيما يلي:

1 - اللبن له طعم مستساغ لدى غالبية الناس و خاصة الأطفال و قد يضاف إلى المشروبات الأخرى كالشاي و القهوة و الكاكاو.

2 - يعتبر اللبن من أبسط المواد الغذائية هضما حيث تعتبر القيمة الهضمية لمركبات اللبن حوالي 98% أي لا يتبقى منه فضلات بعد عمليات الهضم و الامتصاص.

3 - سكر اللبن (اللاكتوز) يلعب دورا هاما في التمثيل الغذائي للكالسيوم و هو أقل السكريات تأثيرا على الأغشية المبطنة لغشاء المعدة حيث لا يهضم فيها بل يمر إلى الأمعاء، كما يحتوي اللاكتوز على مصدر تخليق جالاكتوسيدات المخ و الأنسجة العصبية.

4 - بروتينات اللبن: من أسهل البروتينات هضما تمد الجسم باحتياجاته لتكوين العضلات و الدم و الجلد و خلافه... كما أن بروتينات اللبن تحدث اتزان غذائي في كمية الأحماض الأمينية ككل، و تعتبر أهم مصدر للأحماض الأمينية الكبريتية (اللايسين و التربتوفان و غيرها) الهامة في عملية التمثيل الغذائي، كما أنها مصدر غذائي بروتيني هام لبناء جسم الشباب و الشيوخ و الأطفال و الحوامل و المرضعات.

ص:464

5 - اللبن هو الغذاء الوحيد المحتوي على خمس فيتامينات بكميات مناسبة لاحتياجات الجسم مثل:

(أ) فيتامينات البيوتين ب 1، ب 2 (B 1,B 2) تدخل في عمليات التحويلات الغذائية، و الباثوثينيك تدخل في تركيب المركبات الجديدة بالجسم.

(ب) فيتامين C ، أ يشتركان في تنظيم عمليات التحويل الغذائي و تأثيرها على الجهاز العصبي.

(ج) فيتامين C ، ك يعملان على سلامة تفكير الشخص و ثبات جدار الأوعية الدموية و ترفع قابلية الدم على التجلط.

6 - يحتوي اللبن على حوالي 13 معدنا في صورة سهلة الهضم و التمثيل لحفظ الصحة و الحياة و منها:

(أ) معادن تدخل في تكوين العظام (مثل الكالسيوم و الفوسفور و ماغنسيوم).

(ب) معادن تدخل في الدم مثل الحديد، و الكوبلت.

(ج) معادن تدخل في كل الجسم مثل الكالسيوم و الفوسفور.

(د) معادن تدخل في حفظ الضغط الأسموزي لمحاليل الدم و الليمف مثل البوتاسيوم و الصوديوم.

(ه) اليود أساسي للغدة الدرقية، الزنك أساسي للبنكرياس ليفرز الأنسولين.

7 - القيمة الغذائية للبن الفرز: له نفس القيمة الغذائية للبن الكامل ما عدا القيمة الغذائية للدهون لذا يستعمل في تغذية الأفراد الأذوان العالية و القابلين للسمنة و مرضى تصلب الشرايين و الكبد و الكلى و ضغط الدم.

8 - القيمة الغذائية للجبن: احتوائه على نسبه عالية من المواد البروتينية (حوالي 16-20%)، و كذلك دهون تصل إلى 30%، كما أنه مصدر غني بالكالسيوم و الفوسفات و الفيتامينات، كما أن الجبن يتميز برائحة و طعم يساعدان على فتح الشهية و إفراز العصارات الهاضمة، كما أنه علاج لفقر الدم لاحتوائه على نسبة كالسيوم و فوسفور كبيرة، و الجبن بصفة عامة، و القريش بصفة خاصة يستعمل في تغذية المرضى.

9 - الألبان المتخمرة: مثل اللبن الزبادي و اللبن الرايب: حيث البكتريا التي تسبب التخمر

ص:465

تقاوم البكتريا التعفنية في الأمعاء لذا تقاوم أمراض الشيخوخة، كما أن لها تأثير على زيادة احتوائه على بروتين سهل الهضم و كمية كبيرة من فيتامين ب و المضادات الحيوية، كما أن الطعم الحامضي يشجع إفراز اللعاب و العصارات المعدية و لذا يزيد الشهية للأكل.

اللبن الرائب و فوائده العظيمة:

و إذا كنا نشيد بتناول اللبن و الزبادي و الجبن و غيرها من منتجات الألبان فإنه لا يجب أن يفوتنا الحديث عن أهمية اللبن الرائب كنوعية خاصة من الألبان لها فوائد عظيمة خاصة لكبار السن.

يتميز اللبن الرائب بخصائص تجعله أفضل من اللبن العادي، فعند تحضيره يتحول جزء من السكريات الموجودة باللبن العادي (اللاكتوز) إلى حمض اللبن من خلال عملية التخمر، و في ذلك فائدة للأشخاص الذين يتضررون من تناول اللبن العادي لأن هذه السكريات تسبب لهم اضطرابا بأمعائهم و تحدث أحيانا إسهالا شديدا مما يجعلهم يقلعون عن تناول اللبن و يحرمون بذلك من هذا الغذاء النافع المفيد.. أما اللبن الرائب فيتقبله كل الأشخاص على السواء بل يعتبر غذاء مريحا للمعدة سهل الهضم و الامتصاص.. كما أنه يصلح كغذاء بديل عن لبن الأم للأطفال الذين لا يتقبلون اللبن العادي.

و من ناحية أخرى يتميز اللبن الرائب عن اللبن العادي بأنه يحتفظ بخواصه مدة طويلة دون فساد حيث إن له مفعولا قاتلا للجراثيم و الميكروبات ليس في خارج الجسم فحسب بل داخله كذلك..

فقد اتضح أن هذا النوع من اللبن يقضي على الميكروبات المعوية و يزيل عفونة الأمعاء. أما أحدث ما قيل عن فوائد اللبن الرائب، و الذي هو الآن موضع أبحاث في أحد المراكز الطبية في فرنسا، فهو أن هذا اللبن يفيد مرضى السرطان حيث اتضح أن قدرة الخلايا السرطانية على الانتشار و النمو تضعف في وجود اللبن الرائب.. لكنه لم يتم بعد الكشف عن المادة الفعالة في اللبن الرائب التي يعزى إليها هذه الخاصية الهامة.

و لا تزال منافع و مفاجآت اللبن الرائب كثيرة، و من أبرزها أنه اتضح أن هذا اللبن يطيل العمر و يقاوم الشيخوخة!

و في إحدى التجارب التي أجريت على الفئران للاستدلال على هذه الخاصية وجد أن الفئران التي تتغذى على اللبن الرائب تعيش أطول من غيرها و تتمتع عنها بصحة و نشاط أوفر.. مع العلم بأن الفئران موضع التجربة كانت من نفس السلالة و العمر و وضعت في ظروف حياتية مماثلة.

ص:466

و الحقيقة أن تجارب الآخرين مع الغذاء باللبن الرائب فيها ما يكفي للاستدلال على فوائده العظيمة دون الحاجة لتجارب معملية.. ففي منطقة جبال (الهيمالايا) بآسيا تنتشر جماعات من البدو يعتمد غذاؤهم الرئيسي على تناول اللبن الرائب و قد عرف عن هؤلاء الأشخاص الصحة الموفورة و العمر المديد عن غيرهم من الناس في بقاع الدنيا.

أسلحة غذائية لمحاربة الشيخوخة!

يعتبر اللبن و منتجاته من الأغذية الأساسية في برنامج التغذية الصحيحة خاصة لكبار السن.

فهي مصدر ممتاز للكالسيوم الضروري لصحة العظام و وقايتها من الضعف و الوهن.. و للبروتين اللازم لتجديد ما يهلك من أنسجة الجسم.. كما أنها تحتوي على العديد من فيتامينات «ب» و معادن هامة كالبوتاسيوم، كما تحتوي على نسبة من الدهن و المواد الكربوهيدراتية.

كما تحتوي الألبان على نسبة كبيرة من فيتاميني «أ» و «د» و نظرا لهذه القيمة الغذائية العالية للبن و منتجاته كالزبادي و الجبن الأبيض و اللبن الرائب فإن بعض خبراء التغذية يعتبرون أن هذه الأنواع من الغذاء تعد أصحّ و أفضل ما يمكن تناوله من أطعمة. أما النواحي السلبية لهذه الأغذية فهي ترجع إلى احتواء بعض الأنواع منها على نسبة مرتفعة من الدهون و كذلك البوتاسيوم.. و لذا يجب مراعاة ذلك عند الشراء، فتختار الأنواع قليلة الدسم.. كما يراعى كشط الدهون المتجمعة بسطح اللبن أو الزبادي قبل التناول.

و بالنسبة للبن، فإن المقدار المناسب منه هو كوبان يوميا، و بالنسبة للأشخاص المعرضين لوهن العظام، فينصح بتناول ثلاثة أكواب يوميا.

و يعتبر الزبادي بالتحديد هو أغنى المنتجات بالكالسيوم (تحتوي على 425 مجم كالسيوم لكل 8 أوقيات من الزبادي).. و هي البديل المناسب و الصحي لمنتجات اللبن الأخرى كالقشدة أو الجبن المرتفع الدسم.

ص:467

الماء

اشارة

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام و هو يوصي رجلا فقال له: أقلل من شرب الماء فإنه يمد كل داء، و اجتنب الدواء ما احتمل بدنك الداء(1).

و عنه عليه السّلام قال: لا تكثر من شرب الماء فإنه مادة لكل داء(2).

و قال عليه السّلام: الماء البارد يطفىء الحرارة، و يسكن الصفراء و يذيب الطعام في المعدة، و يذهب بالحمى(3).

و قال عليه السّلام: الماء المغلي ينفع من كل شيء و لا يضر من شيء(4).

و قال عليه السّلام: إذا دخل أحدكم الحمام فليشرب ثلاث أكف ماء حار، فإنه يزيد في بهاء الوجه، و يذهب بالألم من البدن(5).

و قال عليه السّلام: من أقل من شرب الماء صح بدنه(6).

و قال عليه السّلام: شرب الماء من قيام يمرىء الطعام، و شرب الماء بالليل يورث الماء الأصفر(7).

ص:468


1- (1) فروع الكافي ج 6 ص 382 ح 2.
2- (2) فروع الكافي ج 6 ص 382 ح 4.
3- (3) بحار الأنوار ج 63 ص 450 ح 16.
4- (4) بحار الأنوار ج 63 ص 451.
5- (5) بحار الأنوار ج 63 ص 451.
6- (6) بحار الأنوار ج 63 ص 456 ح 39.
7- (7) بحار الأنوار ج 63 ص 471 ح 49.

و قال عليه السّلام: لا يشرب أحدكم الماء حتى يشتهيه، فإذا اشتهاه فليقل منه(1).

و قال عليه السّلام: لو أن الناس أقلّوا من شرب الماء لاستقامت أبدانهم(2).

و قال عليه السّلام: شرب الماء من قيام بالنهار أقوى و أصح للبدن(3).

و قال عليه السّلام: شرب الماء من قيام بالنهار أدر للعرق، و أقوى للبدن(4).

و قال الصادق عليه السّلام: كثرة النوم يتولد من كثرة الشرب، و كثرة الشرب يتولد من كثرة الشبع(5).

ص:469


1- (1) وسائل الشيعة ج 25 ص 238 ح 3.
2- (2) وسائل الشيعة ج 25 ص 239 ح 4.
3- (3) وسائل الشيعة ج 25 ص 239-240 ح 1.
4- (4) وسائل الشيعة ج 25 ص 241 ح 7.
5- (5) بحار الأنوار ج 73 ص 189.

خواص الماء و تركيبه

هو العنصر الأول في الحياة، كما قال اللّه عز و جل عنه: وَ جَعَلْنٰا مِنَ الْمٰاءِ كُلَّ شَيْ ءٍ حَيٍّ أَ فَلاٰ يُؤْمِنُونَ (الأنبياء/ 30)، و يشكل الماء (60-70%) من وزن الجسم (- 40 ل في الإنسان الذي يزن 70 كلغ) تتوزع في الجسم على النحو الآتي:

- داخل الخلايا 25 ل. - خارج الخلايا 15 ل،

علما بأن نسبة الماء تكون أعلى في المولود حديثا، ثم تتناقص مع التقدم في العمر، و تكون النسبة في حال السمنة أقل من المعتاد.

يحصل الجسم على حاجته من الماء عن طريق الغذاء، و يركب الجسم نحو (150-250 سم مكعب/يوميا) من الماء خلال عمليات أكسدة الهيدروجين التي تجري داخل الخلايا.. و يتناول الإنسان يوميا نحو (2300 سم مكعب) من الماء، يصرفها على النحو الآتي:

1400 سم مكعب في البول. 100 سم مكعب في العرق. 100 سم مكعب في البراز.

700 سم مكعب في التنفس و التبخر من الجلد.

و في الجسم سوائل عديدة تتشكل أساسا من الماء، كما يدخل الماء في تركيب جميع أعضاء البدن بنسب عالية حتى في الأعضاء الصلبة كما هو موضح في الجدول أدناه:

السائل أو العضو نسبة الماء (%)

الدم 85%

اللعاب 95%

العصارات الهاضمة 86%

اللمف 99%

العصارة الصفراوية 86%

البول 95%

السائل الدماغي الشوكي 98%

السائل الزجاجي في العين 92%

ص:470

الجلد 60%

العظام 28%

العضلات 70%

الكبد 71%

الدماغ 85%

و للماء وظيفة هامة جدا في التوازن الحراري داخل الجسم، كما أنه هو الوسط الأنسب لحمل و نقل و إذابة المواد المختلفة، و لا يستطيع الإنسان أن يعيش بلا ماء سوى أيام معدودات لا تزيد عن (7-10 أيام).

هل يغذي الماء البدن؟

و اختلف الأطباء: هل يغذّي البدن؟ على قولين:

فأثبت طائفة التغذية به، بناء على ما يشاهدونه: من النمو و الزيادة و القوة في البدن به، و لا سيّما عند [شدة] الحاجة إليه.

قالوا: و بين الحيوان و النبات قدر مشترك من وجوه عديدة، منها: النموّ و الاغتذاء و الاعتدال.

و في النبات قوة حسّ و حركة تناسبه. و لهذا كان غذاء النبات بالماء. فما ينكر أن يكون للحيوان [به] نوع غذاء، و أن يكون جزءا من غذائه التام.

قالوا: و نحن لا ننكر أن قوة الغذاء و معظمه في الطعام؛ و إنما أنكرنا أن لا يكون للماء تغذية البتة. قالوا: و أيضا الطعام إنما يغذي بما فيه من المائية؛ و لولاها لما حصلت به التغذية.

قالوا: و لأن الماء مادة حياة الحيوان و النبات؛ و لا ريب أن ما كان أقرب إلى مادة الشيء حصلت به التغذية؛ فكيف إذا كانت مادته الأصلية؟! قال اللّه تعالى: وَ جَعَلْنٰا مِنَ الْمٰاءِ كُلَّ شَيْ ءٍ حَيٍّ . فكيف ينكر حصول التغذية بما هو مادة الحياة على الإطلاق؟!

قالوا: و قد رأينا العطشان إذا حصل له الرّيّ بالماء البارد، تراجعت إليه قواه و نشاطه و حركته، و صبر عن الطعام، و انتفع بالقدر اليسير منه. و رأينا العطشان لا ينتفع بالقدر الكثير من الطعام، و لا يجد به القوة و الاغتذاء. و نحن لا ننكر أن الماء ينفذ الغذاء إلى أجزاء البدن، و إلى جميع الأعضاء؛ و أنه لا يتم أمر الغذاء إلا به. و إنما ننكر على من سلبه قوة التغذية عنه البتة؛ و يكاد قوله عندنا يدخل في إنكار الأمور الوجدانية.

ص:471

و أنكرت طائفة أخرى حصول التغذية به. و احتجت بأمور يرجع حاصلها إلى عدم الاكتفاء به، و أنه لا يقوم مقام الطعام، و أنه لا يزيد في نموّ الأعضاء، و لا يخلف عليها بدل ما حللته الحرارة؛ و نحو ذلك مما لا ينكره أصحاب التغذية؛ فإنهم يجعلون تغذيته بحسب جوهره و لطافته و رقته؛ و تغذية كلّ شيء بحسبه. و قد شوهد الهواء الرطب البارد اللين اللذيذ يغذّي بحسبه. و الرائحة الطيبة تغذّي نوعا من الغذاء. فتغذية الماء أظهر و أظهر.

و تعتبر جودة الماء من عشرة طرق:

أحدها: من لونه: بأن يكون صافيا.

الثاني: من رائحته: بأن لا يكون له رائحة البتة.

الثالث: من طعمه: بأن يكون عذب الطعم حلوه، كماء النيل و الفرات.

الرابع: من وزنه: بأن يكون خفيفا رقيق القوام.

الخامس: من مجراه: بأن يكون طيب المجرى و المسلك.

السادس: من منبعه: بأن يكون بعيد المنبع.

السابع: من بروزه للشمس و الريح: بأن لا يكون مختفيا تحت الأرض، فلا تتمكن الشمس و الريح من قصارته.

الثامن: من حركته: بأن يكون سريع الجري و الحركة.

التاسع: من كثرته: بأن يكون له كثرة تدفع الفضلات المخالطة له.

العاشر: من مصبه: بأن يكون آخذا من الشمال إلى الجنوب، أو من المغرب إلى المشرق.

و تعتبر خفة الماء من ثلاثة أوجه: (أحدها): سرعة القبول للحر و البرد. قال أبقراط: «الماء الذي يسخن سريعا و يبرد سريعا، أخفّ المياه». و الثاني: بالميزان. الثالث: أن تبل قطنتان متساويتا الوزن بماءين مختلفين، ثم تجفّفا بالغا، ثم توزنا فأيّهما كانت أخفّ، فماؤها كذلك.

و الماء - و إن كان في الأصل باردا رطبا - فإن قوته تنتقل و تتغير لأسباب عارضة توجب انفعالها. فإن الماء المكشوف للشمال، المستور من الجهات الأخر - يكون باردا، و فيه يبس مكتسب من ريح الشمال، و كذلك الحكم على سائر الجهات الأخر. و الماء الذي ينبع من المعادن: يكون على طبيعة ذلك المعدن، و يؤثر في البدن تأثيره.

و الماء العذب نافع للمرضى و الأصحاء، و البارد منه أنفع و ألذّ. و لا ينبغي شربه على الريق،

ص:472

و لا عقيب الجماع و لا الانتباه من النوم، و لا عقيب الحمام، و لا عقيب أكل الفاكهة. و قد تقدم. و أما على الطعام، فلا بأس [به] إذا اضطر إليه، بل يتعين. و لا يكثر منه، بل يتمصصه مصا. فإنه لا يضره البتة، بل يقوي المعدة، و ينهض الشهوة، و يزيل العطش.

و الماء الفاتر ينفخ و يفعل ضد ما ذكرناه. و بائته أجود من طريه. و قد تقدم. و البارد ينفع من داخل، أكثر من نفعه من خارج. و الحار بالعكس. و ينفع البارد من عفونة الدم، و صعود الأبخرة إلى الرأس. و يدفع العفونات، و يوافق الأمزجة و الأسنان، و الأزمان و الأماكن الحارة. و يضر على كل حالة تحتاج إلى نضج و تحليل: كالزكام و الأورام. و الشديد البرودة منه يؤذي الأسنان. و الإدمان عليه يحدث انفجار الدم و النزلات، و أوجاع الصدر.

و البارد و الحار بإفراط ضارّان للعصب و لأكثر الأعضاء: لأن أحدهما محلّل، و الآخر مكثّف.

و الماء الحار يسكّن لذع الأخلاط الحارة، و يحلّل و ينضج، و يخرج الفضول، و يرطّب و يسخّن، و يفسد الهضم شربه، و يطفو بالطعام إلى أعلى المعدة و يرخيها، و لا يسرع في تسكين العطش، و يذبل البدن، و يؤدي إلى أمراض رديئة، و يضر في أكثر الأمراض. على أنه صالح للشيوخ و أصحاب الصّرع و الصداع البارد و الرمد. و أنفع ما استعمل من خارج.

و لا يصح في الماء المسخّن بالشمس حديث و لا أثر، و لا كرهه أحد من قدماء الأطباء و لا عابه. و الشديد السخونة يذيب شحم الكلى.

في إكثار شرب الماء

قال أبو علي: هذا يضر من ثلاثة أوجه. أحدها: أنه يضعف الحرارة الغريزية في الأعضاء بالكلية. فأمّا في الأعضاء الرئيسية، فيعرض لها حينئذ ضعف القوى الطبيعية الأربع. فأما الأعضاء الآلية الثانية، فيصيبها ضعف الحركات، و ارتعاش.

و الثاني: أن القوة المميزة في الكبد تضعف عن تمييز المائية عن الدم، فإمّا أن تنصب المائية إلى ناحية ما بين الصفاق و المراق، أو يحدث منه سلس البول مع عسر فيه، و ضعف الكلية.

و الثالث: يسهل الطعام، و يحدره قبل الوقت.

فوائد الماء لكبار السن

مع تقدم السن، يصبح للماء عظيم الأهمية.. فهو ضروري لترطيب و تشحيم المفاصل التي

ص:473

تخشن حركتها تدريجيا.. و لتطرية البراز مما يقاوم نوبات الإمساك التي يتعرض لها كبار السن..

و لمقاومة ترسيب الأملاح بمجرى البول و تكوّن الحصيات به، حيث يعمل الماء على تنظيف مجرى البول أولا بأول، و لنفس السبب يقاوم حدوث عدوى المثانة البولية التي يتعرض لها كبار السن أكثر من غيرهم خاصة المرضى بالسكر منهم.

و بالإضافة لهذه الفوائد يقدم الماء لنا خدمات أخرى جليلة، فهو عامل مساعد في عملية هضم الطعام، و ضروري لانتظام عمل الجهاز الدوري، و يساعد في تنظيم درجة حرارة الجسم، و ضروري لليونة البشرة، و رطوبة العينين.

و إذا كنا نستطيع أن نستغني أو نصوم عن مختلف الأطعمة لفترات طويلة فإننا في الحقيقة لا نستطيع ذلك بالنسبة للماء.. فهو عنصر أساسي للحياة شأنه في ذلك شأن الهواء.

و قد وجد أن الماء يكوّن أكثر من 60% من جسم الإنسان، و هو موزع في الدم و داخل الخلايا و فيما يسمى الأديمية الليمفاوية.. و تبلغ كمية ما يفقده الجسم من الماء من خلال البول و العرق و التبخر ما يعادل تقريبا ما يحصل عليه الإنسان من الشرب.

هل تأخذ حاجتك الكافية من الماء؟

من الضروري جدا بالنسبة لكبار السن أن يتنبهوا لأخذ حاجتهم الكافية من الماء يوميا.. ذلك لأن الإحساس بالعطش قد ينخفض مع التقدم في السن.. بمعنى أن الجسم يكون في حاجة إلى الماء دون إدراك ذلك بوضوح من خلال الإحساس بالعطش.. و من ناحية أخرى فإن قلة الماء بجسم المسن أو إصابته بالجفاف إلى حد ما يؤدي إلى اضطراب سريع و مؤثر بوظائف الجسم، و ينعكس أثر ذلك على أعضاء مختلفة فتصاب البشرة بالجفاف و الذبول، و تضطرب حركة الأمعاء، و قد تحدث حالة من عدم التركيز أو اضطراب التفكير. و لذلك فإنه ينصح بأن يلجأ كبار السن إلى تناول الماء على فترات متتاليه؟؟؟ اليوم دون الاعتماد كلية على الإحساس بالعطش.

و تبلغ حاجة الجسم في الأحوال العادية إلى كمية من الماء تبلغ حوالي لتر و نصف (حوالي 8 أكواب).. و يمكن تناول بعضها ضمن المشروبات المختلفة.. و تزيد هذه الكمية تدريجيا كلما ارتفعت درجة حرارة الجو الخارجي.

و بالنسبة للمرضى الذين يعانون من الحصيات أو الالتهابات الصديدية أو وجود حرقان في البول فتعتبر كثرة تناول الماء علاجا أساسيا لهم ليقوم بعملية تنظيف لمجرى البول.. و يجب أن

ص:474

يحذروا تماما من حدوث العطش أو الجفاف حتى لا تزيد متاعبهم، و هم لا شك يحتاجون كمية أكثر من الماء بالنسبة للشخص العادي قد تصل إلى ثلاثة أو أربعة لترات يوميا.

أما بالنسبة لمرضى البولينا أو الفشل الكلوي، فيجب أن يلتزموا بتناول كمية الماء المناسبة التي يحددها الطبيب بناء على كمية البول التي تخرج خلال اليوم.. و لا شك أنهم يحتاجون كمية أكبر من الماء في فصل الصيف.

متى تشرب؟ و متى يضرّ الإفراط في تناول الماء؟

طبعا.. كل فرد منا يشرب الماء حين يشعر بالعطش.. لكنه بصفة عامة ينصح بتناول كوب ماء على الريق صباحا، خاصة لمن يعانون من الإمساك و أن يشرب الماء بين الوجبات، و ليس أثناءها أو بعدها مباشرة، حيث إن ذلك قد يؤدي للانتفاخ و عسر الهضم.

و بالنسبة لمرضى هبوط القلب فإنه يجب تجنب الإفراط في شرب الماء أو السوائل عموما، لأنه في هذه الحالة تكون عضلة القلب غير قادرة على القيام بوظيفتها بكفاءة و هي دفع الدم الوارد إليها إلى الأوعية الدموية، و لذلك فإن الإكثار الشديد من تناول السوائل يزيد من العبء الواقع عليها، و بالتالي يزيد من أعراض الهبوط و الخفقان.

هل تؤدي كثرة شرب الماء إلى زيادة الوزن؟

إن قدرة الجسم على تخزين الماء أقل من قدرته على تخزين الغذاء. كما أن الماء لا يحتوي على مواد يمكن أن تترسب بالجسم بحيث تؤدي لزيادة الوزن. لذلك فعلاقة الماء بزيادة الوزن شيء غير وارد. و أغلب الظن أن هذا الاعتقاد الخاطىء الذي يربط بين كثرة تناول الماء و زيادة وزن الجسم جاء من الربط بين الماء و المياه الغازية؛ فالمياه الغازية يمكن أن تزيد الوزن فعلا و لكن ليس لاحتوائها على الماء و إنما لاحتوائها على مواد سكرية تعطي سعرات حرارية مرتفعة فإذا زادت عن حاجة الجسم تبدأ زيادة الوزن.

قالوا: الماء به نسبة رصاص مرتفعة!... فما هو الحل؟

من أبرز المشاكل الصحية التي نواجهها في الوقت الحالي هي مشكلة تلوث البيئة، و ما تحمله من أضرار خطيرة أحيانا على صحة الإنسان. و من أوجه هذا التلوث ارتفاع نسبة الرصاص في الهواء

ص:475

الجوي، و كذلك في بعض الأغذية من الخضراوات و الفواكه، و وجوده بنسبة مرتفعة أحيانا في مياه الشرب.

و يقول الباحثون إن أكثر المتضررين من هذا التلوث بمعدن الرصاص هم الأطفال، و من أبرز نواحي هذا الضرر إصابتهم بشيء من اضطراب التفكير أو التخلف العقلي. لكن الأبحاث الحديثة تقول كذلك إن تلوث مياه الشرب بمعدن الرصاص يمكن أن يؤدي لمتاعب أخرى بالنسبة لكبار السن و من أبرزها ارتفاع ضغط الدم و ضعف السيطرة عليه بالنسبة للمرضى المصابين بارتفاع الضغط.

و لمساعدة التغلب على هذه المشكلة بالنسبة لمياه الشرب في المنزل، ينصح بألاّ يستخدم الماء مباشرة من الصنبور لأغراض الشرب أو غسل المأكولات.. بمعنى أنه يجب أن يمرّر الماء أولا من الصنبور لبضع ثوان للتخلص من أية رواسب عالقة و حتى يصبح باردا بدرجة ملحوظة. و من الضروري اتباع ذلك خاصة في الحالات التي يغلق فيها الصنبور لفترة طويلة تزيد عن ست ساعات.

ص:476

النوم

اشارة

قال الصادق عليه السّلام في مصباح الشريعة: كثرة النوم يتولد من كثرة الشرب، و كثرة الشرب يتولد من كثرة الشبع و هما يثقلان النفس عن الطاعة، و يقسيان القلب عن التفكر و الخشوع(1).

و قال عليه السّلام: النوم راحة الجسد، و النطق راحة الروح، و السكوت راحة العقل(2).

و قال عليه السّلام: الاستلقاء بعد الشبع يسمن البدن و يمرىء الطعام، و يسل الداء(3).

ص:477


1- (1) بحار الأنوار ج 73 ص 189 ضمن ح 18.
2- (2) طب الإمام الصادق عليه السّلام (الخليلي) ص 81.
3- (3) طب الإمام الصادق عليه السّلام (الخليلي) ص 81.

مراحل النوم

يمر النائم بمرحلتين اثنتين من النوم:

1 - مرحلة (النوم السطحي) و تصاحبها حركات سريعة في العينين توهم بأن الشخص ليس نائما، مع أنه يكون في رحلة بعيدة مع أجمل أحلامه، لأن الأحلام تحصل في هذه المرحلة من النوم!

2 - مرحلة (النوم العميق) و تستغرق معظم فترات النوم، و يصاحبها تباطؤ شديد في موجات الدماغ الكهربائية.

و من عجيب أمر النوم أن الإنسان يستجيب للمنبهات الخارجية أثناء مرحلة النوم العميق أكثر مما يستجيب لها في مرحلة النوم السطحي، ربما بسبب اشتغال الدماغ بتلك الموجات السريعة النشطة التي تجعل مراكز الإحساس في شغل عن المنبهات الخارجية!

و تتعاقب مراحل النوم العميق و النوم السطحي خلال النوم، فيحصل النوم السطحي كل (90 دقيقة) و يستمر لفترة (5-30 دقيقة) لتبدأ بعدها فترة من فترات النوم العميق. و يبدأ نوم الإنسان عادة بمرحلة النوم السطحي ما لم يكن قد قضى فترة طويلة بلا نوم، أو كان مجهدا فإنه يدخل مرحلة النوم العميق فورا دون المرور بمرحلة النوم السطحي. و يصحو الإنسان من نومه أيضا و هو في مرحلة النوم السطحي ما لم يوقظه منبه قوي و هو في مرحلة النوم العميق!

و دورة النوم و اليقظة عند الإنسان مرتبطة بالعمر إلى حد كبير، فالوليد ينام يوميا حوالي (20 ساعة) أما الطفل الذي يزيد عمره عن (2 سنة) فينام (10-12 سعة) و أما الإنسان البالغ فلا تزيد ساعات نومه عادة عن (7 ساعات) و تتخلل فترات اليقظة أثناء النهار فترات قصيرة من الوسن تستغرق بضعة ثوان (1-10 ثوان).

و تتفاوت الحاجة للنوم بين الجنسين، إذ تحتاج المرأة عموما (1 ساعة) نوم زيادة عن الرجل، كما تتفاوت الحاجة للنوم من شخص إلى آخر، فبعض الأشخاص يعملون بصورة ممتازة إذا ناموا (3 - 4 ساعات) في حين ينام آخرون لساعات طويلة دون أن يشعروا بالراحة!

و قد ثبت أن النوم ليلا يريح الجسم و النفس أكثر من النوم نهارا، لأن النوم الليلي ينسجم مع الدورة اليومية لوظائف الجسم، هذه الوظائف التي تخضع لموجات م و جزر بين ساعات الليل و النهار، فتكون ليلا في حالة جزر يستدعي الراحة، و يدفع للنوم. و صدق اللّه العظيم القائل في

ص:478

محكم تنزيله: هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَ النَّهٰارَ مُبْصِراً (يونس/ 67) (انظر: الساعة البيولوجية).

و يعتقد العلماء أن التشكيل الشبكي (Formation Reticular) في الدماغ هو المسؤول عن حالة (اليقظة)، و أما (النوم) فليس هناك حتى الوقت.

فوائد النوم:

و للنوم فائدتان جليلتان:

إحداهما: سكون الجوارح و راحتها مما يعرض لها من التعب؛ فيريح الحواسّ من نصب اليقظة، و يزيل الإعياء و الكلال.

و الثانية: هضم الغذاء، و نضج الأخلاط. لأن الحرارة الغريزية - في وقت النوم - تفور إلى باطن البدن، فتعين على ذلك. و لهذا يبرد ظاهره، و يحتاج النائم إلى فضل دثار.

و أنفع النوم: أن ينام على الشقّ الأيمن: ليستقرّ الطعام بهذه الهيئة في المعدة، استقرارا حسنا.

فإن المعدة أميل إلى الجانب الأيسر قليلا. - ثم يتحول إلى الشق الأيسر قليلا: ليسرع الهضم بذلك لاستمالة المعدة على الكبد؛ ثم يستقر نومه على الجانب الأيمن ليكون الغذاء أسرع انحدارا عن المعدة. فيكون النوم على الجانب الأيمن بداءة نومه و نهايته. و كثرة النوم على الجانب الأيسر مضرّ بالقلب، بسبب ميل الأعضاء إليه: فتنصبّ إليه المواد. و أردأ النوم: النوم على الظهر. و لا يضرّ الاستلقاء عليه للراحة من غير نوم. و أردأ منه: أن ينام منبطحا على وجهه.

نوم المريض.

قال أبقراط في كتاب التقدمة: «و أما نوم المريض على بطنه، من غير أن يكون عادته في صحته جرت بذلك، فذلك يدلّ على اختلاط عقل، و على ألم في نواحي البطن». قال الشارح لكتابه: لأنه خالف العادة الجيدة، إلى هيئة ردئية، من غير سبب ظاهر و لا باطن.

النوم المعتدل:

و النوم المعتدل ممكن للقوى الطبيعية من أفعالها، مريح للقوة النفسانية، مكثر من جوهر حاملها؛ حتى إنه ربّما عاد بإرخائه مانعا من تحلل الأوراح.

ص:479

نوم النهار:

و نوم النهار رديء يورث الأمراض الرطوبية و النوازل، و يفسد اللون، و يورث الطحال، و يرخي العصب، و يكسل و يضعف الشهوة؛ إلا في الصيف وقت الهاجرة. و أردؤه نوم أول النهار، و أردأ منه النوم آخره بعد العصر. و رأى عبد اللّه بن عباس أبنا له نائما نومة الصّبحة، فقال له: «قم؛ أ تنام في الساعة التي تقسم فيها الأرزاق؟».

نوم الصبحة:

و نوم الصّبحة يمنع الرزق لأن ذلك وقت تطلب فيه الخليقة أرزاقها، و هو وقت قسمة الأرزاق.

فنومه حرمان إلا لعارض أو ضرورة. و هو مضر جدا بالبدن: لإرخائه البدن، و إفساده للفضلات التي ينبغي تحليلها بالرياضة؛ فيحدث تكسّرا وعيا و ضعفا. و إن كان قبل التبرّز و الحركة و الرياضة و اشغال المعدة بشيء، فذلك الداء العضال المولّد لأنواع من الأدواء.

ص:480

التخمة و كثرة الأكل

اشارة

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كثرة الأكل مكروه(1).

و قال عليه السّلام: أقرب ما يكون العبد من اللّه إذا خف بطنه، و أبغض ما يكون العبد من اللّه إذا امتلأ بطنه(2).

و قال عليه السّلام: إن اللّه يبغض كثرة الأكل(3).

و قال عليه السّلام: ليس بدّ لابن آدم من أكلة يقيم بها صلبه، فإذا أكل أحدكم طعاما فليجعل ثلث بطنه للطعام، و ثلث بطنه للشراب، و ثلث بطنه للنفس، و لا تسمنوا تسمن الخنازير للذبح(4).

و عنه عليه السّلام قال: إن البطن إذا شبع طغى(5).

و عنه عليه السّلام قال: الأكل على الشبع يورث البرص(6).

و عنه عليه السّلام قال: كل داء من التخمة إلا الحمى فإنها ترد ورودا(7).

ص:481


1- (1) وسائل الشيعة ج 24 ص 239 ح 2.
2- (2) وسائل الشيعة ج 24 ص 239 ح 1.
3- (3) وسائل الشيعة ج 24 ص 240 ح 5.
4- (4) وسائل الشيعة ج 24 ص 240 ح 5.
5- (5) وسائل الشيعة ج 24 ص 242 ح 11.
6- (6) وسائل الشيعة ج 24 ص 243 ح 3.
7- (7) وسائل الشيعة ج 24 ص 247 ح 1، باب 4.

و قال عليه السّلام: فساد الجسد في كثرة الطعام، و فساد الزرع في كسب الآثام، و فساد المعرفة في ترك الصلاة على خير الأنام(1).

قال الإمام الصادق عليه السّلام في مصباح الشريعة:

قلة الأكل محمود في كل حال و عند كل قوم، لأن فيه المصلحة للباطن و الظاهر، و المحمود من الأكل أربعة: ضرورة، و عدّة، و فتوح، و قوت؛ فالأكل بالضرورة للأصفياء، و العدة للقوام الأتقياء، و الفتوح للمتوكلين، و القوت للمؤمنين، و ليس شيء أضر لقلب المؤمن من كثرة الأكل، و هي مورثة شيئين: قسوة القلب و هيجان الشهوة، و الجوع إدام للمؤمن، و غذاء الروح، و طعام القلب، و صحة البدن(2).

و قال عليه السّلام: الأكل على الشبع يورث البطن(3).

و قال عليه السّلام: أربعة يذهبن ضياعا: البذر في السبخة، و السراج في القمر، و الأكل على الشبع، و المعروف إلى من ليس بأهله(4).

ص:482


1- (1) مستدرك الوسائل ج 16 ص 213 ح 17.
2- (2) مصباح الشريعة ص 237.
3- (3) بحار الأنوار ج 63 ص 336 ح 28.
4- (4) بحار الأنوار ج 63 ص 232 ح 10.

و كلوا و اشربوا و لا تسرفوا

إنها القاعدة الصحية العريضة التي قررها اللّه عز و جل حين قال في كتابه العزيز خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا وَ لاٰ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاٰ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ [الأعراف: 31] و سنبيّن بعض أبعاد هذه القاعدة الكبيرة.

- الغذاء في اعتبار القرآن: الغذاء في اعتبار القرآن وسيلة لا غاية، فهو وسيلة ضرورية لا بد منها لحياة الإنسان، دعا إليها القرآن يٰا أَيُّهَا النّٰاسُ كُلُوا مِمّٰا فِي الْأَرْضِ حَلاٰلاً طَيِّباً [البقرة: 168] و جعل اللّه في غريزة الإنسان ميلا للطعام، و قضت حكمته أن يرافق هذا الميل لذة لتمتع الإنسان بطعامه و لتنبيه العصارات الهاضمة و أفعال الهضم، فليست اللذة هي غاية الأعمال الغريزية، و إن الوقوف عند التلذذ و التمتع في الطعام و الشراب إنما ينزل بالإنسان إلى مستوى الحيوان، و هذا من صفات الكافرين و الجاحدين، قال تعالى وَ الَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَ يَأْكُلُونَ كَمٰا تَأْكُلُ الْأَنْعٰامُ وَ النّٰارُ مَثْوىً لَهُمْ [محمّد: 12].

و من الوجهة الغريزية فإن «الأصل في الأغذية أنها لبناء الجسم و إعاضة ما يندثر من أنسجته و لتقديم القدرة الكافية التي تستنفد في الحفاظ على حرارته و في قيام أجهزته بأعماله» (1).

- الاعتدال في الطعام و الشراب: الاعتدال في أيّ أمر هو أسمى درجاته، و الاعتدال في أمر الطعام و الشراب هو المقصد الذي ذهبت إليه الآية الكريمة وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا وَ لاٰ تُسْرِفُوا ففي هذه الآية دعوة للإنسان إلى الطعام و الشراب، ثم يأتي التحذير مباشرة عن الإفراط في ذلك.

و لقد كان الاعتدال واقعا في حياة الرسول (ص) و حياة الأئمة عليه السّلام، فلم تقتصر توجيهاته على عدم الإفراط في الطعام بل حذر أيضا من التقتير فيه، و منع أقواما عن الصوم أياما متتاليات دون إفطار.

و قد اتفق على مبدأ الاعتدال في الطعام و الشراب كلّ من مر على الأرض من أنبياء و حكماء و أطباء، فهذا لقمان الحكيم يوصي ولده بقوله: «و إذا كنت في الطعام فاحفظ معدتك»، على أن الدقة في بيان الاعتدال في الطعام و الشراب تظهر جلية في حديث الرسول (ص) حيث يقول. «ما ملأ آدميّ وعاء قطّ شرا من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا بدّ فاعلا، فثلث لطعامه، و ثلث لشرابه، و ثلث لنفسه». و كما مر عن الإمام الصادق عليه السّلام.

الإسراف: قبل أن نتكلم عن الإسراف نذكر بأن احتياجات الإنسان الطبيعي من العناصر الغذائية الأساسية (السكاكر، و الدسم، و البروتينات) و من الفيتامينات و العناصر المعدنية تختلف

ص:483

حسب سنه و جنسه و عمله و حالته الغريزية، فالرجل الكهل مثلا يحتاج ل (20-26) غ من البروتينات، 100 غ من السكر كحد أدنى و لكمية من الدسم بحيث تؤمن 20% من طاقته اليومية، و لكميات محددة من الفيتامينات و المعادن، لا مجال لذكرها هنا. و الإسراف إما أن يكون بالتهام كمية كبيرة من الطعام فوق حاجة الإنسان، أو بازدراد الطعام دون مضغه جيدا و يسمى ذلك بالشره، و سبب الشره نفسي غالبا، و يكون إما كظاهرة للحرمان أو التدليل، أو بسبب الملل كما هو عند بعض الأطفال، أو بسبب التعلق باللّذة أو بسبب التقليد، و قد يكون سبب الشره غريزي كما في الحمل أو مرضي.

هناك أنواع أخرى من الإسراف، كالإسراف بنوع من الأطعمة على حساب الأطعمة الأخرى، أو إسراف بتلبية كل ما تشتهي النفس مما يوقعها في براثن العادة السيئة، و من الإسراف أيضا تجاوز المباحات إلى الأغذية المحرمة.

مضار الشره:

أ - على جهاز الهضم: التخمة، و عسر الهضم، و توسع المعدة، و هي حالات تسبب للشخص شعورا مزعجا في الشّرسوف (1) إثر كل وجبة طعام.

ب - إن ازدراد وجبة كبيرة من الطعام قد تؤدي إلى:

1 - هجمة خناق صدر Angina Pectoris و خاصة إذا كانت الوجبة دسمة، و هي حالة من الألم الشديد و الحارق خلف القص يمتد للكتف و الذراع الأيسر و الفك السفلي بسبب نقص التروية القلبية، تظهر هذه الحالة عادة عند المصابين بأمراض الأوعية القلبية إثر الجهد، فالوجبة الغذائية الكبيرة تشكل على القلب عبئا يماثل العبء الناتج عن الجهد العنيف.

2 - ازدراد كمية كبيرة من الطعام تعرض الإنسان للإصابة ببعض الجراثيم، كضمات الكوليرا، و عصيات الحمى التيفية، و الأطوار الاغتذائية للأميبا و ذلك لعدم تعرض كامل الطعام لحموضة المعدة و للهضم المبدئي في المعدة حيث إن حموضة المعدة هي المسؤولة عادة عن القضاء على مثل هذه الجراثيم.

3 - توسع المعدة الحاد، و هي حالة خطيرة قد تؤدي للوفاة إذا لم تعالج.

4 - انفتال المعدة، و هي إصابة خطيرة و نادرة تحدث بسبب حركة حويّة معاكسة للأمعاء بعد امتلاء المعدة الزائدة بالطعام.

ص:484

5 - المعدة الممتلئة بالطعام أكثر عرضة للتمزق إذا تعرضت لرض خارجي من المعدة الفارغة، و قد يتعرض المرء للموت بالنهي القلبي إذا تعرض لضربة على الشرسوف «فوق المعدة».

ج - الشره ضار بالنفس و الفكر: فكثرة الأكل تؤدي إلى همود في النفس، و بلادة في التفكير، و ميل إلى النوم، قال لقمان الحكيم «يا بني، إذا امتلأت المعدة، نامت الفكرة، و خرست الحكمة، و قعدت الأعضاء عن العبادة» كما أن الشره يزيد الشهوة الجنسية، و كما نرى عموما أن الشره يغيّر من نفسية الإنسان فيجعلها أقرب إلى نفسية الحيوان رغما عنه.

مضار الإسراف بنوع من الأطعمة:

1 - السّمنة Obisety : و هو المرض الخطير الذي نجده غالبا في أبناء الطبقات الغنية و عند أصحاب الوظائف الكسولة، و يحصل نتيجة الإكثار من الطعام، و خاصة السكاكر و الدهون و بشكل خاص عند الأفراد الذين لديهم استعداد إرثي.

و السمنة في الواقع مرض بشع يحد من إمكانات الفرد و نشاطاته بشكل كبير، كما يؤهب أو يشارك بعض الأمراض الخطيرة، كاحتشاء العضلة القلبية، و خناق الصدر، و الداء السكري، و فرط توتر الدم Hypertension و تصلب الشرايين، و كل هذه الأمراض هي اليوم شديدة الشيوع في المجتمعات التي مالت إلى رفاهية الطعام و الشراب.

2 - نخر الأسنان: و هو أيضا من الأمراض الشائعة بسبب الإكثار من تناول السكاكر الاصطناعية خاصة التي تسمح بتخمرها للعصيات اللبنية بالنمو في جوف الفم.

3 - الحصيات الكلوية: و هي أكثر حدوثا عند الذين يعتمدون بشكل رئيسي على تناول اللحوم و الحليب و الجبن.

4 - تصلب الشرايين Athero sclerosis و هو داء خطير يشاهد بشكل ملحوظ عند الذين يتناولون كميات كبيرة من الدسم، حيث يصابون بفرط تدسم الدم، Hyperlipideamia .

5 - النقرس «داء الملوك» Gout : و هو ألم مفصلي يأتي بشكل هجمات عنيفة و خاصة في مفاصل القدم و الإبهام. و يشاهد أكثر عند اللذين يتناولون كميات كبيرة من اللحوم.

و يجب أن لا ننسى أن نسبة كبيرة من شعوب البلاد المتخلفة لا يحصلون على راتبهم الغذائي و أنهم مصابون بواحد أو أكثر من أمراض سوء التغذية، و خاصة الأطفال، إذ تشير التقديرات العالمية أن سوء التغذية يشكل السبب الأول غير المباشر للوفيات عند الأطفال.

ص:485

حلق شعر الإبط

كان عليه السّلام يطلي إبطيه في الحمام و يقول: نتف الإبط يضعف المنكبين و يوهي و يضعف البصر، و قال: حلقه أفضل من نتفه و طليه أفضل من حلقه(1).

و في رواية زرارة عنه عليه السّلام قال: نتفه أفضل من حلقه، و طليه أفضل منهما(2).

ص:486


1- (1) بحار الأنوار ج 73 ص 91، ضمن حديث 14.
2- (2) بحار الأنوار ج 73 ص 91، ضمن حديث 14.

إن العناية بنظافة ما تحت الإبطين، و نتف أو حلق الأشعار، و الاهتمام بهذه المناطق عند الغسل؛ كل ذلك يساهم في الوقاية من كثير من الأمراض.

و من أهم الأمراض التي تصيب ما تحت الإبطين، و تنجم عن عدم النظافة:

1 - المذح Iutertrigo : و تسببه المبيضات Candida ، و هي إصابة حاكة، و أحيانا تكون نازة، محمرة، متعفنة، متشققة، قد تعلوها حويصلات و بثور إذا اشتدت الحالة.

و أهم العوامل التي تؤهب لهذه الإصابة: (السمنة، الرطوبة، عدم الاعتناء بالنظافة).

2 - التهاب الجريبات الذقني Folliculitis Barbe ، و هو مرض التينة الشائعة Sycosis

Vulgaris :

و هو خمج تسببه العنقوديات، يصيب عادة الذقن، و لكن قد يصيب ما تحت الإبطين، يتظاهر بشكل حس حرق، يتلوه بثور عميقة تكون بشكل لويحات.

3 - الدمل Furuncle : قد يصيب المنطقة تحت الإبطين، و يتظاهر بشكل تورم صغير مؤلم جدا، محمر، في مركزه شعرة، و هو عبارة عن التهاب الجريب العميق للشعرة، و تسببه الجراثيم العنقودية.

كذلك قد يحدث داء الدمال Furunculosis ، و هو تكرار حدوث الدمامل.

4 - الوذح Erythrasma : هو عبارة عن لطخات متوسفة جافة، ذات لون بني، واضحة الحدود، تتوضع في منطقة الثنيات التناسلية، و ما تحت الإبطين. و تسببه جرثومة الوتديات الخناقية.

5 - افتطار الأشعار الإبطي Trichomycosis Axillaris : تسببه الوتديات النحيلية، حيث تنمو المستعمرات على الأشعار في منطقتي الإبط و العانة، فتصبح الأشعار معقدة و كامدة. و لون هذه الأشعار ما بين الأصفر و الأحمر، و حتى الأسود. و علاج هذا المرض حلاقة الأشعار المصابة، و استخدام المطهرات الموضعية.

ص:487

خلق الإنسان و تدبير الجنين في الرحم

اشارة

نبدأ يا مفضل بذكر خلق الإنسان فاعتبر به.. فأول ذلك ما يدبر به الجنين في الرحم، و هو محجوب في ظلمات ثلاث: ظلمة البطن، و ظلمة الرحم، و ظلمة المشيمة(1) ، حيث لا حيلة عنده في طلب غذاء، و لا دفع أذى. و لا استجلاب منفعة، و لا دفع مضرة، فإنه يجري إليه من دم الحيض ما يغذوه، الماء و النبات، فلا يزال ذلك غذاؤه(2).

كيفية ولادة الجنين و غذائه و طلوع أسنانه و بلوغه

حتى إذا كمل خلقه و استحكم بدنه و قوي أديمه(3) على مباشرة الهواء و بصره على ملاقاة الضياء هاج الطلق(4) بأمه فأزعجه أشد إزعاج و أعنفه حتى يولد. حتى إذا تحرك و احتاج إلى غذاء فيه صلابة ليشتد و يقوى بدنه، طلعت له الطواحن(5) من الأسنان و الأضراس ليمضغ(6) بها الطعام، فيلين عليه. و يسهل له إساغته، فلا يزال

ص:488


1- (1) المشيمة: غشاء ولد الإنسان يخرج معه عند الولادة، جمعه مشيم و مشايم.
2- (2) توحيد المفضل ص 12.
3- (3) الأديم: الجلد المدبوغ.
4- (4) الطلق: وجع الولادة.
5- (5) الطواحن: هي الأضراس.
6- (6) مضغ الطعام: لاكه بلسانه.

كذلك حتى يدرك فإذا أدرك و كان ذكرا طلع الشعر في وجهه، فكان ذلك علامة الذكر، و عز الرجل الذي يخرج به من جدة الصبا و شبه النساء. و إن كانت انثى يبقى وجهها نقيا من الشعر، لتبفى لها البهجة، و النضارة التي تحرك الرجل لما فيه دوام النسل و بقاؤه(1).

أول نشوء الأبدان: تصوير الجنين في الرحم

قال المفضل فقلت: صف نشوء الأبدان و نموها حالا بعد حال حتى تبلغ التمام و الكمال، قال عليه السّلام: أول ذلك تصوير الجنين في الرحم حيث لا تراه عين و لا تناله يد، و يدبره حتى يخرج سويا مستوفيا جميع ما في قوامه و صلاحه من الأحشاء و الجوارح و العوامل، إلى ما في تركيب أعضائه من العظام، و اللحم، و الشحم، و العصب، و المخ، و العروق و الغضاريف(2). فإذا خرج إلى العالم تراه كيف ينمو بجميع أعضائه و هو ثابت على شكل و هيئة لا تتزايد و لا تنقص إلى أن يبلغ أشده إن مد في عمره أو يستوفي مدته قبل ذلك، هل هذا إلا من لطيف التدبير و الحكمة(3).

ص:489


1- (1) توحيد المفضل ص 13.
2- (2) الغضاريف: جمع غضروف و هو كل عظم رخص لين.
3- (3) توحيد المفضل ص 20-21.

خلق الإنسان

لقد تميز القرآن الكريم بإعجازات كثيرة، لغوية و علمية. كانت دليلا على أن هذا القرآن هو من عند اللّه، لا ريب في ذلك و شكوك. و كانت إحدى أهم هذه الإعجازات، ما قد ورد حول خلق الإنسان بأطواره المختلفة، و توافقه التام و التكامل مع أحدث المعلومات العلمية التي توفرت الآن.

و أستعرض في هذا البحث المراحل و الأطوار التي يمر بها الجنين في أثناء نشأته داخل الرحم، مبينا الوجوه التي أظهرها القرآن الكريم، و مدى موافقة ما يقوله للمعطيات المتوفرة لدينا.

وَ قَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوٰاراً [نوح/ 14].

كانت النظريات القديمة حول خلق الإنسان تدور حول فكرة تقول: إن الإنسان يكون متكامل الأعضاء، و هو ما يزال نطفة، التي تكبر و تكبر (دون تطوّر أو تغيّر) عند ما تدخل إلى الرحم، إلى أن تصل إلى حجم الجنين الطبيعي. و حيث كان يعتقد أن مهمة المرأة هي حضن النطفة و العناية بها، إلى أن تكبر.

و بالطبع تبيّن بطلان هذه النظريات، و ذلك من جانبين:

1 - لا يطرأ على النطفة تغيّر في الحجم فقط، و إنما تحدث تبدلات في البنية و الوظيفة و الشكل و الحجم، و يحدث أيضا تمايز مورفولوجي و فيزيولوجي.

2 - ليست مهمة المرأة العناية بالنطفة حتى تنمو و تغدو جنينا، بل إنها شريك أساسي و ضروري (أحد نصفين) لنشأة البيضة الملقحة، التي ستكوّن الجنين لاحقا.

و القرآن الكريم و السنّة المطهّرة أشارا بوضوح إلى هاتين النقطتين، الأمر الذي كان إعجازا جديدا، لمخالفته الآراء السائدة في ذلك العصر حتى في أعلى صروح العلم. ففي شأن النقطة الأولى، قال تعالى: مٰا لَكُمْ لاٰ تَرْجُونَ لِلّٰهِ وَقٰاراً وَ قَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوٰاراً [نوح/ 13، 14] و قال أيضا:

وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسٰانَ مِنْ سُلاٰلَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنٰاهُ نُطْفَةً فِي قَرٰارٍ مَكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظٰاماً فَكَسَوْنَا الْعِظٰامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْنٰاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبٰارَكَ اللّٰهُ أَحْسَنُ الْخٰالِقِينَ [المؤمنون/ 12، 13، 14].

و في شأن النقطة الثانية قال جل شأنه: إِنّٰا خَلَقْنَا الْإِنْسٰانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشٰاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنٰاهُ سَمِيعاً

ص:490

بَصِيراً [الإنسان/ 2]. و قال ابن جرير الطبري في معرض تعليقه على هذه الآية الكريمة: «إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج، إنا خلقنا ذرية آدم من نطفة يعني من ماء الرجل و ماء المرأة».

أطوار خلق الإنسان، وفق التقسيم الطبّي الدراسي:

اتبع الأطباء المتخصصون التقسيم التالي، بغية تسهيل الدراسة، و من أجل فهم أجود و أفضل:

1 - بداية التطور الجنيني (الأسبوع الأول)، الذي يضم الأدوار التالية:

أ - تكوين الأعراس Gametogenesis ، و هو يشمل تكوين النطاف Spermatogenese

و تكوين البيوض Ovogenese .

ب - الإلقاح Fertilization ، و تكوين البيضة الملقحة Zygote .

ج - التقسيم Cleavage ، و تكوين الجسم التوتي Morula .

د - تشكيل الكيس الأصلي Blastocyst .

2 - تشكيل الجنين ثنائي الورقة Bilaminar embryo (الأسبوع الثاني)، و هو يضم: التعشيش Implantation .

3 - تشكيل الجنين ثلاثي الورقة Trilaminar embryo (الأسبوع الثالث)، و هو يضم:

أ - تشكّل المعيدية Gastrulation .

ب - تشكّل العصيبية Neurulation .

ج - تطوّر القطع الظهرية Somites .

د - تطوّر الجوف العام الداخلي - جنيني.

ه - تطوّر الجملة القلبية الوعائية الابتدائية.

و - تطوّر الزغابات الكوريونية Chorionic villi .

4 - الفترة الجنينية الأولى Embryonic period (من الأسبوع الرابع إلى الأسبوع الثامن):

أ - الالتواءات الجنينية Embryonic folds .

ب - مشتقات الوريقات الجنينية.

5 - الفترة الجنينية الثانية Fetal period (من الشهر الثالث حتى الولادة).

ص:491

أطوار الخلق الإنساني، وفق التقسيم القرآني:

اشارة

1 - النطفة (المذكّرة و المؤنثة).

2 - العلقة.

3 - المضغة.

4 - العظام.

5 - اللحم.

6 - التسوية و التصوير.

7 - نفخ الرّوح.

و فيما يلي دراسة موجزة لهذه الأطوار، لبيان مدى المطابقة بين التقسيمين:

مرحلة النطفة:

اشارة

من خلال فهم الآيات القرآنية، استخدمت كلمة النطفة (التي تعني لغويا القطرة)، ليس للدلالة على المعنى العلمي المخصص بماء الرجل و حسب! بل يدخل ضمنها ماء المرأة، و النطفة الأمشاج (أي البيضة الملقحة Zygote )، و الجسم التوتي Morula ، و أخيرا الكيس الأصلي Blastocust ، و ذلك حتى المرحلة الثانية و هي التعشيش Implantation (العلوق بالتعبير القرآني).

1 - الماء الدافق:

قال اللّه تعالى في سورة الطارق فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسٰانُ مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ مِنْ مٰاءٍ دٰافِقٍ

[الطارق/ 5، 6]. فتعبير الماء الدافق، أي المندفع بقوة، الذي استخدم للدلالة على ماء الرجل و ماء المرأة، هو تعبير سليم و مناسب للحال. إذ من المعلوم أن (السائل المنوي) يتمّ قذفه بقوّة أثناء الجماع. و لكن الملفت مناسبة هذا التعبير لخروج البيضة من المبيض، خلال ما يسمّى بالإضافة Ovulation ، حيث ينفجر الجراب Follicle الناضج، في منتصف الدورة الطمثية، تحت تأثير هرموني.

و في هذه أيضا دلالة على التصور الإسلامي للعنصرين المكوّنين للجنين، و هما ماء الرجل و ماء المرأة (أي النطفة، و البيضة، بالتعبير المتعارف عليه اليوم). هذا الذي غدا من بديهيات العلم في هذه الأيام، طبعا على خلاف الحال لدى نزول هذه الآية الكريمة قبل 1400 عام.

ص:492

و في الآية التي تلت الآيتين سابقتي الذكر، ذكر جلّ شأنه يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَ التَّرٰائِبِ

[الطارق/ 7]. و معنى الصلب: العمود الفقري (الظهري و القطني)، و معنى الترائب: الأضلاع.

و قد تحيّر الفقهاء في تفسير هذه الآية الكريمة، و استمر الأمر كذلك حتى تطوّر علم الجنين، و أضحى المراد من هذه الآية واضحا.

فمنذ الأسبوع الخامس من عمر الجنين داخل رحم أمه، عند ما تبدأ المناسل بالتطور، حيث تتكاثر الخلايا مشكلة ما يسمى بالعرف التناسلي ridge Genital ، الذي يتطور لاحقا إلى الحبال الجنسية الأولية Primary sex cord ، التي سوف تشكل المناسل (الخصية و المبيض)، لوحظ أن هذه المكونات تتوضع تماما بين العناصر المكوّنة للعمود الفقري (طلائع الفقرات) و للأضلاع. أي أن الخصية و المبيض قد نشا في المنطقة بين الصلب و الترائب.

ثم بعد أن يكتمل بناء الخصية و المبيض، تهاجران إلى الأسفل. فتصل الخصية في الأسبوع الثاني و الثلاثين إلى الصفن (مقرها النهائي) خارج جوف البطن. أما المبيض فينزل بشكل أقل من نزول الخصية، حيث يتوضع المبيض في الحوض.

و لكن هذا النزول لا يسايره تغيّر في التروية الدموية و التعصيب، بل إن مصدرها يبقى نفسه هو هو، فالأوعية و الأعصاب تمتد لتساير هذا النزول، أي أن أماكن التروية و التعصيب بقيت في مكانها بين الصلب و الترائب.

و هكذا فإن كلا من شريان الخصية و شريان المبيض، يتفرّع من الأبهر، الذي يقع بين الصلب و الترائب.

و أوردة الخصية تصب في نفس المنطقة، حيث يصب الوريد الخصوي الأيسر في الوريد الكلوي الأيسر الذي يصب بدوره في الوريد الأجوف السفلي، و يصب الوريد الخصوي الأيمن في الأجوف السفلي مباشرة. و كذلك أوردة المبيض تصب في نفس المنطقة بين الصلب و الترائب.

و أيضا الأعصاب التي تعصب الخصية و المبيض، و التي تشّكل ضفائرا عصبية مختلفة كالضفيرة الشمسية و الخثلية و الحوضية، و تشتبك فيها الجملة الودية و غير الودية، تقع أمام الصلب، بينه و بين الترائب.

و تنطبق هذه الحال على الأوعية اللمفاوية.

و في النهاية نرى أن تغذية الخصية و المبيض بالدماء (الغذاء و الأوكسجين)، و تعصيبها، و نزح

ص:493

لمفها، يتم من المنطقة بين الصلب و الترائب.

2 - القرار المكين:

قال تعالى: ثُمَّ جَعَلْنٰاهُ نُطْفَةً فِي قَرٰارٍ مَكِينٍ [المؤمنون/ 13]. و معنى مكين: مستقر حصين. يصف جلّ و علا المكان الذي ستستقر فيه النطفة بأنه مكان متين مثبت محصن. و ذلك في إشارة منه جل شأنه إلى الرحم Womb ، الذي ينمو فيه الجنين و يترعرع. و الإشارة إلى المتانة هذه أمر ملفت حقا، إذ إنها إحدى أهم خصائص الرحم، و إحدى أهم العوامل التي تؤهله للقيام بوظيفته، إن لم نقل إنها أهم تلك العوامل. و يمكننا هنا أن نوضح متانة هذا القرار المكين، من خلال النقاط التالية:

1 - بنية الرحم: فالرحم عبارة عن عضلة مجوفة، لها طبقتان إضافيتان: خارجية مصلية، و داخلية مخاطية. و الرحم ذات قابلية عظيمة للتمدد و الاتساع.

2 - موضع الرحم: فهو يقع في منتصف التقعير الحوضي، حيث تحيط به مجموعة متينة من العظام، التي تشكل الحوض. و هي العجز و العصعص من الخلف، و الحرقفيين من الجانبين، و عظم العانة من الأمام.

3 - الصفاق: الذي يغطي الوجه الأمامي و الخلفي و قعر الرحم حتى العنق، و هذا يساهم في تثبيت الرحم.

4 - أربطة الرحم: و هي عبارة عن أزواج ثلاثة: إثنان منها يعتبران من وسائل التعليق و الآخر من وسائل الدعم. فالأولان هما: الرباطان العريضان، و الرباطان المدوّران. أما الثالث فهو:

الرباطان الرحميان العجزيان.

و يتألف الرباطان العريضان - و هما الرباطان الأساسيان - من وريقتين صفاقيتين، تدعمان بصفيحتين عضليتين أليافهما ملس، إضافة إلى طبقة خلوية وعائية.

5 - وسائل الدعم: فبالإضافة إلى كل ما سبق، نجد الكثير من الانتشارات الليفية التي تغمد الأوعية الحوضية. و يكفي لندرك أهمية أربطة الرحم، و وسائل الدعم: عند ما نعلم أنها تحمل الرحم التي سيزداد وزنها من 50 غراما قبل الحمل إلى 5325 غراما بعد الحمل مع ما تحويه من محصول الحمل.

ص:494

3 - الظلمات الثلاثة

قال تعالى: خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وٰاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهٰا زَوْجَهٰا وَ أَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعٰامِ ثَمٰانِيَةَ أَزْوٰاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهٰاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمٰاتٍ ثَلاٰثٍ ذٰلِكُمُ اللّٰهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ فَأَنّٰى تُصْرَفُونَ [الزمر/ 6]. أثناء تطوّر الجنين، يتجه قسم من الخلايا نحو تكوين الملحقات، التي تساهم في تغذيته، و تأمين تنفسه. و من هذه الملحقات: الأغشية الثلاثة، التي تشكل الظلمات الثلاث، و هي التي أشار إليها البيان الإلهي في الآية السابقة.

و الأغشية الثلاثة هي:

1 - الغشاء الأمينوسي Amniotic membrane : و هو يشكل الجوف الأمينوسي Amniotic

cavity (الظلمة الأولى)، المملوء بالسائل الأمينوسي، الذي يسبح فيه الجنين.

2 - الغشاء الكوريوني Chorionic membrane : الذي يشكل الجوف الكوريوني Chorionic

cavity (الظلمة الثانية). و يحيط هذا الجوف بالغشاء الأمينوسي و بالجوف السابق.

3 - الغشاء الساقط Caduca membrane ، و هو عبارة عن مخاطية باطن الرحم، التي سوف تسقط بعد الولادة. و يشكل هذا الغشاء الظلمة الثالثة، أ لا و هي جوف الرحم Uterine cavity ، المحيط بالجوفين السابقين.

و بمقارنة هذه الحقائق العلمية مع الآية الآنفة الذكر، يتبيّن لدينا وجه الإعجاز الذي أشارت إليه.

4 - نطفة واحدة:

قال (ص) في الحديث الصحيح: «ما من كل الماء يكون الولد». يشير (ص) إلى أنه ليس كل ما يقذفه الرجل ضروري لتكوين الجنين، فالأمر يحتاج فقط إلى جزء من هذا السائل المنوي. و هذا الأمر أضحى حقيقة علمية مشاهدة، فمن بين مئات الملايين من النطاف، تقوم نطفة واحدة فقط بعملية التلقيح.

5 - النطفة الأمشاج:

قال تعالى: إِنّٰا خَلَقْنَا الْإِنْسٰانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشٰاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنٰاهُ سَمِيعاً بَصِيراً [الإنسان/ 2].

و معنى أمشاج: أخلاط ممتزجة (من ماء الرجل و ماء المرأة). يقول ابن جرير الطبري في تفسيره، في

ص:495

معرض تعليقه على هذه الآية: «إنا خلقنا ذرّية آدم من نطفة، يعني من ماء الرجل و ماء المرأة..

و قوله أمشاج: يعني أخلاط. واحدها مشج و مشيج. يقال منه إذا مشجت هذا بهذا خلطته، و هو مشوج به و مشيج أي مخلوط. و هو اختلاط ماء المرأة بماء الرجل».

و بطبيعة الحال فإن معنى لفظة النطفة في هذه الآية، لا ينطبق على المعنى الاصطلاحي العلمي، الذي اتفق عليه بعد قرون من نزول القرآن. و لكن يبقى المعنى اللغوي صحيحا و مقبولا.

فنستطيع أن نستبدل كلمة «نطفة» بكلمة موازية مثل «قطرة». فنحافظ بذلك على الفهم الصحيح لهذه الآية، بشكل مستقل عن الفكرة المتعلقة بأذهاننا، حول ارتباط كلمة «النطفة» بالوحدة الذكرية التي ستكوّن البيضة الملقحة، و من ثم الجنين.

و لكن الشيء الغريب في آيتنا الكريمة هذه، هو أن كلمة «نطفة» بلفظها المفرد، وصفت بكلمة «أمشاج» بلفظ جمع. و معلوم بداهة أن الصفة توافق الموصوف بالفرد و الجمع. و هكذا فكلمة نطفة في عبارة مثل «نطفة أمشاج» سوف تعني ارتباط أشياء متعددة و امتزاجها في قطرة واحدة، لتشكّل وحدة متكاملة، و هي بتعبيرنا البيضة الملقحة Zygote . و الأشياء هذه التي ستتحد لتكوّن القطرة الواحدة، يجب أن يكون عددها يؤهلها لأن يعبر عنها بصيغة الجمع، أي أن يكون العدد ثلاثة فصاعدا. و الأشياء هذه يمكن أن تكون و بوضوح شديدة: الصبغيات الأبوية Paternal

Chromosomes ، و الصبغيات الأمومية Maternal Chromosomes ، مع بقية محتويات الخلية. فهذه الأشياء المتحدة تشكل أجزاء عدة، لكل منها أهميته، و وظيفته.

و هكذا فإن القرآن الكريم أشار إلى المنشأ المزدوج للبيضة الملقحة، و ذلك قبل قرون عدّة من ظهور النظريات، و من ثم الإثباتات العلمية حول هذا الأمر.

6 - خلقه فقدّره:

قال تعالى: مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ [عبس/ 19]. يبين اللّه سبحانه و تعالى هنا، أنه خلق الإنسان كاملا، ابتداء من قطرة واحدة، هي البيضة الملقحة. ثم أتبع جلّ و علا ذلك بكلمة (فقدّره).

و المقصود من هذه الكلمة هو: رسم البرنامج الذي سيتبعه هذا الكائن الجديد، و الذي لن يغادره قيد أنملة.

و كان الرابط بين كلمة «خلقه» و كلمة «قدّره» حرف ال «ف». و هذا يفيد الانتقال المباشر و السريع بين الأحداث. أي أن التقدير يتلو الخلق مباشرة. فكان بذلك إعجازا جديدا، إذ بمجرد أن تلتحم النطفة بالبيضة، و تتشكل البيضة الملقحة Zygote (نطفة بالتعبير القرآني) (الخلق)، تختلط

ص:496

الصبغيات، التي تحمل المورّثات، و بالتالي تتحدد صفات الشخص و تركيبه و خصائصه (التقدير).

7 - تحديد النسل:

قال اللّه تعالى: وَ أَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَ الْأُنْثىٰ مِنْ نُطْفَةٍ إِذٰا تُمْنىٰ [النجم/ 45، 46].

تظهر هذه الآية الكريمة أنّ الذكر و الأنثى كليهما، مصدره البيضة الملقحة. أي أنّه متى تشكّلت هذه البيضة، أضحى جنس الجنين محددا. و هذه حقيقة علمية أصبحت مثبتة. فلدى التحام النطفة بالبيضة، تختلط الصبغيات Chromosomes . و من بينها الصبغيات الجنسية Chromosomes Sexual .

فإذا علمنا أن الصيغة الصبغية الجنسية للذكر هي XY ، و أن البويضة الأنثوية Ovum هي X حتما.

فينشأ من اتحاد النطفة Y مع بويضة X صيغة صبغية XY ، أي ذكر. و ينشأ من اتحاد نطفة X مع بويضة X صيغة صبغية XX ، أي أنثى.

نطفة Y + بويضة XY"X .

نطفة X + بويضة XX"X .

و الخلاصة: أن جنس الجنين يتحدّد مباشرة لدى تكوّن البيضة الملقحة، و هو ما عبرت عنه الآية الكريمة.

8 - الغيض

قال اللّه تعالى: اَللّٰهُ يَعْلَمُ مٰا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثىٰ وَ مٰا تَغِيضُ الْأَرْحٰامُ وَ مٰا تَزْدٰادُ [الرعد/ 8]. و قال رسول اللّه (ص): «و لا يعلم ما تغيض الأرحام إلا اللّه..».

و الغيض في الآية و الحديث، الذي يعني لغة: النقص، يمكن أن يفسر بأحد معنيين:

- نزول السائل إلى العمق.

- تناقص في الكمية.

و لقد أشار إليهما الأستاذ عبد المجيد الزنداني. و يمكن توضيحهما كما يلي:

1 - المعنى الأول: نزول السائل إلى العمق. يصف هذا المعنى الرحلة التي تقوم بها النطفة منذ أن تقذف داخل المهبل، إلى أن تصل إلى قناة فاللوب Infundibulum مرورا بالرحم. و أيضا رحلة البيضة الأنثوية بدءا من الإباضة، و حتى وصولها إلى قناة فاللوب، حيث يتم الإلقاح. و أخيرا الرحلة

ص:497

التي تقوم بها البيضة الملقحة حتى مكان انزراعها في جدار الرحم.

و هكذا كانت كلمة «الغيض» أنسب تعبير للدلالة على هذه المرحلة، من التلقيح و حتى التعشيش.

2 - المعنى الثاني: تناقص الكمية. يوضع حوالي 200-500 مليون نطفة، أثناء القذف المنوي، في مهبل المرأة. ثم تعبر النطاف عنق الرحم، ثم الرحم، حتى تصل إلى قناة فاللوب، حيث تلقى البيضة هناك. و لقد قدّر أن حوالي 200-500 نطفة فقط (من بين مئات الملايين)، تصل إلى مكان الإلقاح هذا. ثم من بين مئات النطاف الواصلة، تقوم نطفة واحدة فقط، بعملية الإلقاح.

و يعود تناقص عدد النطاف أثناء مرورها في المسالك التناسلية، إلى تصفية النطاف غير الطبيعية، و قليلة الحركة، من قبل مخاطية عنق الرحم، إضافة إلى أن عددا من النطاف تهاجم الغدد الرحمية، حيث تقتل و تهضم من قبل الخلايا البلغمية.

و كذلك الأمر، ينطبق الحال على البييضات، فمن أصل حوالي 40 ألف خلية بيضية بقيت حتى سنّ البلوغ، يتطوّر 5-20 جرابا في كل دورة شهرية، ثم من هؤلاء يتطور جراب واحد أو أثنان، و تطرأ عليهما الإباضة.

و هنا أيضا يظهر التناسب بين الحقيقة العملية و كلمة «الغيض» بشكل واضح.

على أنني أرجح الرأي الثاني. ذلك أن البيان الإلهي ذكر في هذه الآية الكريمة أمرين اثنين، هما: الغيض، و الازدياد. و إيرادهما معا في آية واحدة، يستلزم كونهما أمرين متعاكسين، و مرحلتين متضادتين. و هذا الشيء متحقق في المعنى الثاني تماما، خلافا للمعنى الأول. فإذا كان «الغيض» هو النقص في عدد الخلايا (الذكرية أو الأنثوية) التي تكوّن البيضة الملقحة، فإن «الازدياد» هو الانقسامات الكثيرة التي تطرأ على البيضة الملقحة لتكوّن الجنين و أنسجته.

و في الحديث السابق الذكر، قال (ص): «و لا يعلم ما تغيض الأرحام إلا اللّه». ففي هذا الحديث تظهر حقيقة أن لا أحد يحيط بمرحلة الغيض إلا اللّه جلّ و علا. فهو جلّ شأنه وحده يعلم كيف يحدث هذا الغيض، و كيف يتطور، و ما هو مستقبله. و العلم البشري اليوم يتوافق تماما مع هذه الحقيقة المقرّرة، فإلى الآن لا توجد طريقة أو وسيلة لمعرفة فيما إن كان الحمل موجودا أم لا في مرحلة مبكرة كهذه. فما بالك بمستقبل هذا الكائن، فاللّه جلّ شأنه يعلم وحده أية نطفة من بين مئات ملايين النطاف، و أيّة بيضة من بين آلاف البيضات، ستجتمعان لتشكلا كائنا جديدا من بني البشر.

ص:498

9 - الحرث:

قال تعالى: نِسٰاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ... [البقرة/ 223]. ضرب جلّ و علا هنا مثلا من أروع الأمثلة، زادته الاكتشافات و التطور العلمي بهاء و نصوعا. و يمكن توضيحه من خلال أن:

- الجماع يشبه الحراثة و الزراعة، و رحم الأم يشبه الأرض المزروعة (التربة)، و النطاف تشبه البذور، و الأطفال تشبه النباتات. (أشار إلى هذه النقاط أبو حيان «654-754»).

- رحم الأم مكان للزرع و النمو، و ليس للخزن فقط (أشار إليه النسفي في تفسيره).

مرحلة العلقة:

تتفق هذه المرحلة مع مرحلة التعشيش Implantation ، و تشكل الجنين ثنائي الوريقة Bilaminar embryo ، و ذلك خلال الأسبوع الثاني من الحمل. و تشبيهه جلّ و علا الجنين في هذه المرحلة بالعلقة، يتفق مع الواقع العلمي من جهات ثلاث هي:

أ - التشابه مع العلق Hirudinea (و هو نوع من الديدان)، و ذلك من جانبين، أولاهما: التشابه مع شكل العلقة، و لا سيما عند ما ننظر إلى الجنين من الجانب. و ثانيهما: التغذية المفعمة بالدم (دم الجزء المتعلّق به)، و التي تشكل إحدى أهم خصائص العلق و الجنين كليهما. فمن الملاحظ أن العلقة (الدودة) بمقدورها أن تمتص خمسة أضعاف وزنها (15 غراما) و أيضا الجنين هنا تتم تغذيته بالكامل عن طريق دم أمه.

ب - يطلق تعبير العلق لغة، على كل ما علّق. و التعبير هذا مناسب للحال! إذ إن الجنين في المرحلة هنا يتعلّق بسويقة الارتباط (مع أمنيونه و كيسه المحي) ضمن الكوريون.

ج - شبّه القدماء الجنين المجهض في هذه المرحلة من تطوره بالجلطة الدموية، و هذا أمر صحيح تماما.

و من الملاحظ أن تطور النطفة الأمشاج إلى العلقة لا يتم مباشرة، إذ يحتاج الأمر إلى أسبوع و حتى أسبوعين.. و قد عبّر البيان الإلهي عن ذلك باستخدام حرف العطف «ثم» عند الانتقال بين مرحلتي النطفة و العلقة، حيث قال تعالى: ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً [المؤمنون/ 14]. و معلوم أن حرف العطف «ثم» هو حرف وصل يدل على وجود وقت فاصل بين المرحلتين.

و إنني أرى أن مرحلة العلقة تشمل كذلك الأسبوع الثالث، لانطباق اصطلاح العلقة عليه

ص:499

تماما، فالجنين هنا ما يزال التعلّق أو التعليق أهم خصائصه المميزة، و ما يزال مظهر العلقة الدموية طاغيا عليه.

مرحلة المضغة:

تلي مرحلة العلقة وفق التقسيم القرآني مرحلة المضغة. قال تعالى: فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً

[المؤمنون/ 14]. و المضغة لغة، هي: قطعة لحم. و مضغه: لاكه بسنّه.

و من الملاحظ أن مرحلتي العلقة و المضغة، تكادان أن تتواصلا، من غير فاصل زمني بينهما! و لذا استخدم البيان الإلهي حرف الفاء - الذي يفيد الانتقال السريع بين الأحداث - للربط بين هاتين المرحلتين! و اختيار هذا الحرف كان موفقا تماما، و معبرا عن الحقيقة العلمية المشاهدة.

و يشبه الجنين في الأسبوع الرابع من عمره (من اليوم عشرين فصاعدا) اللقمة الممضوغة (قطعة اللحم الممضوغة)، بسطحها غير المنتظم. و مما يزيد هذا التشبيه دقة ظهور القطع البدنية Somites ، التي تبدو للعيان كأسنان مرصوفة تمضغ لقمة (يتوالى ظهور القطع البدنية ابتداء من اليوم العشرين، و حتى اليوم الثلاثين)، إذ إنّها تظهر أشفاعا كما الأسنان تماما. و يتغير شكل الجنين بين يوم و آخر، و بين فترة و أخرى كاللقمة، و بينما تحافظ القطع الظهرية Somites على مكانها كالأسنان (يتغير شكل اللقمة، بينما تحافظ على انطباعات الأسنان). فهل هناك من تشبيه أوضح و أبلغ لوصف الجنين في عمره هذا.

مضغة مخلّقة و غير مخلقة:

يقول تعالى أثناء تعداده لمراحل خلق الإنسان: ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَ غَيْرِ مُخَلَّقَةٍ

[الحج/ 5]. يصف جلّ و علا هنا المضغة بوصفين متعاكسين! فكيف يكون ذلك؟ يمكن لهذه الآية أن تفسر على أحد منحيين: أولهما: أن هذه المضغة تمرّ في مرحلتين، يكون الجنين في إحداهما مخلّقا (أي تام الخلقة)، و في أخراهما غير مخلق. و ثانيهما: أن المضغة تكون مخلّقة جزئيا، و غير مخلقة جزئيا. أي أن الأمر نسبي. و على أنني أرى أن أول المنحيين غير مقبول! ذلك لأن المضغة - وفق الآية الكريمة - تتصف بهاتين الصفتين معا، و لا يفهم منها إطلاقا أن الموصوف يتصف بإحدى الصفتين، ثم يتلبّس بثانيتهما.

و هكذا يبقى لدينا المنحى الآخر، الذي يقضي بأن المضغة تكون متميزة، و غير متميزة على نحو نسبي، فلا هي متمايزة تمام التمايز شكلا و وظيفة، و لا هي مجرد خلايا جنينية كالتي كانت

ص:500

سابقا، لا يتنبأ بمستقبلها، و لا يعرف لها وظيفة و لا غاية.

و مما يؤيد المنحى الثاني في تفسير الآية الكريمة السابقة تلك «الحركات و الهجرات الخلوية الجنينية و التفاعلات المتبادلة النسيجية التي تقود بداءات الأعضاء المتوضعة في أماكنها النسبية إلى النضج و التمايز. و لكن لا تقوم هذه الأعضاء و الأجهزة بوظيفتها إلاّ بصورة جزئية و محدودة في أثناء هذه الفترة».

مرحلة العظام:

حينما استعرض القرآن الكريم مراحل خلق الإنسان، اختار لها أسماء، كانت متناسبة مع شكل الجنين في كل مرحلة من هذه المراحل. فحينما كان الجنين يشبه الجلطة (أو الشيء المعلّق) سمّي العلقة. و حينما كان يشبه اللقمة الممضوغة سمّي المضغة. و هكذا فإن المرحلة التي ستلي المضغة، هي مرحلة العظام. على اعتبار أن شكل الجنين سيتحدد وفق شكل العظام التي تتكون ابتداء من الأسبوع الخامس. قال تعالى: فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظٰاماً [المؤمنون/ 14]. و هكذا فإن شكل الجنين يتغيّر من شكل المضغة، إلى الشكل المحدد بالهيكل العظمي، و هو الشكل الذي يحمل ملامح الجنين الإنساني.

مرحلة الكساء باللحم:

قال تعالى: فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظٰاماً فَكَسَوْنَا الْعِظٰامَ لَحْماً [المؤمنون/ 14]. تبين هذه الآية الكريمة أن العظام تتشكل أولا، ثم تتلوها العضلات (اللحم)، التي ستحيط بها.

تبدأ مولدات العظام و العضلات بالظهور قبل الأربعين يوما الأولى من عمر الجنين. و لكن المولدات و البداءات هذه لا تعطي الجنين شكله المحدد، بل إنها لا تأخذ مظهر العظام و العضلات.

و خلال الأسبوعين السادس و السابع تصبح العظام و الأطراف العلوية و السفلية قد ظهرت بوضوح، فيكتسب الجنين عندئذ مظهره الإنساني.

و في نهاية الأسبوع السابع و خلال الأسبوع الثامن تأخذ العضلات مواقعها حول العظام.

و تصبح عضلات الجذع و الأطراف و الرأس واضحة تماما و يغدو الجنين آنذاك قادرا على الحركة.

و هذا يظهر بوضوح كيف أن العظام تتشكل أولا، ثم تحيط بها العضلات، على نحو مطابق بالضبط لما أشارت إليه الآية الكريمة آنفة الذكر.

ص:501

نفخ الروح و أطوار خلق الإنسان:

في الواقع وردت أحاديث نبوية كريمة كثيرة، تبين مدد أطوار خلق الإنسان، و متى تنفخ الرّوح فيه. على أن هذه يمكن أن يندرج تحت لفظين اثنين مختلفين، يفهم منهما شيئان مختلفان! و أستعرض فيما يلي هذين اللفظين، مبيّنا أصحّهما، و كيف يتم التوافق بينهما.

الحديث الأول: قال (ص): «إذا مرّ بالنطفة ثنتان و أربعون ليلة بعث اللّه إليها ملكا. فصوّرها و خلق سمعها و بصرها و جلدها و لحمها و عظامها. ثم قال: يا رب! أذكر أم أنثى؟ فيقضي ربّك ما شاء. و يكتب الملك...».

الحديث الثاني: قال (ص): «إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوما و أربعين ليلة، ثم يكون علقة مثله، ثم يكون مضغة مثله، ثم يبعث إليه الملك، فيؤذن بأربع كلمات. فيكتب رزقه، و أجله، و شقي أو سعيد. ثم ينفخ فيه الروح..».

و ورد الحديث أيضا مطلقا، من غير تحديد بوقت معين. كمثل قوله (ص): «إن اللّه عزّ و جلّ وكّل بالرحم ملكا، يقول: يا رب نطفة، يا رب علقة، يا رب مضغة، فإذا أراد أن يقضي خلقه، قال:

أذكر أم أنثى، شقي أم سعيد، فما الرزق و الأجل، فيكتب في بطن أمّه».

معنى الحديث الأول:

يقضي الحديث الأول بنتيجة خلاصتها: أن خلق الإنسان يتم و يكتمل، ابتداء من النطفة، حتى بدء تكوين اللحم و العظام، خلال اثنتين و أربعين ليلة، (على خلاف في روايات الحديث: أو خمس و أربعين أو أربعين أو بضع و أربعين). و بالطبع فإن مرحلتي العلقة و المضغة مشمولتان ضمن هذه الفترة، و إن لم تردا في الحديث نصا، ذلك أن مرحلة تكوين العظام و اللحم التي تليهما (كما في الآية الكريمة: ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظٰاماً فَكَسَوْنَا الْعِظٰامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْنٰاهُ خَلْقاً آخَرَ [المؤمنون/ 14]) قد ذكر وقوعها بعد الفترة تلك، أي بعد بضع و أربعين ليلة مباشرة.

و الحديث هذا صحيح تماما، ورد في صحيح مسلم بروايات أربع عن حذيفة بن أسيد الغفاري (وافقه ابن مسعود في لفظ إحدى رواياته).

و حينما يرد حديث برواياته الأربعة عن صحابي واحد، و حينما تكون كل رواية صحيحة السند، بشكل مستقل عن أخواتها، فإن هذا يحمل إصرارا من ذاك الصحابي على صحة فهمه و درايته

ص:502

تماما بما يورده و يرويه. أي أن الروايات اختلفت ألفاظها، لكن بقي معناها قائما في ذهن الراوي.

و الروايات الأربع هذه، هي:

1 - «يدخل الملك على النطفة بعد ما تستقر في الرحم بأربعين أو خمسة و أربعين ليلة. فيقول:

يا رب! أ شقي أو سعيد؟. فيقول: أي رب! أذكر أو أنثى؟ فيكتبان. و يكتب عمله و أثره و أجله و رزقه. ثم تطوى الصحف فلا يزاد منها و لا ينقص».

2 - «إذا مر بالنطفة ثنتان و أربعون ليلة، بعث اللّه إليها ملكا. فصورها و خلق سمعها و بصرها و جلدها و لحمها و عظامها. ثم قال: يا رب! أذكر أم أنثى؟ فيقضي ربك ما شاء. و يكتب الملك. ثم يقول: يا رب! أجله. فيقول ربك ما شاء و يكتب الملك. ثم يقول: يا رب! رزقه. فيقضي ربك ما شاء. و يكتب الملك. ثم يخرج بالصحيفة في يده، فلا يزيد على ما أمر و لا ينقص».

3 - «إن النطفة تقع في الرحم أربعين ليلة، ثم يتصوّر عليها الملك. فيقول: يا رب! أذكر أو أنثى؟ فيجعله اللّه ذكرا أو أنثى. ثم يقول: يا رب! أ سويّ أو غير سويّ؟ فيجعله اللّه سويّا أو غير سويّ. ثم يقول: يا ربّ؟ ما رزقه؟ ما أجله؟ ما خلقه؟ ثم يجعله اللّه شقيّا أو سعيدا».

4 - «أن ملكا موكلا بالرحم. إذا أراد اللّه أن يخلق شيئا بإذن اللّه، لبضع و أربعين ليلة».

و الفهم الصحيح لهذا الحديث، بشكل مستقل عن التأويلات - غير المنطقية - يصل بنا إلى النتيجة، التي أتي على ذكرها.

معنى الحديث الثاني:

أما الحديث الثاني، فيخلص منه إلى نتيجة مخالفة مفادها، أن الجنين منذ لحظة تكوّنه، من خلال النطفة الأمشاج، و حتى تمام مرحلة المضغة، يكون قد أمضى مئة و عشرين يوما من أيام حياته داخل رحم أمه. فمرحلة النطفة - الأمشاج - وفق هذا الحديث - و أمثاله من الأحاديث الكثيرة التي توافقه مبنى و معنى - تستمر أربعين يوما. ثم تأتي مرحلة العلقة، التي تستمر هي الأخرى أربعين يوما آخرين. و بعد ذلك تأتي مرحلة المضغة، ذات الأربعين يوما غيرها. و هذا المنحى في تفسير الحديث، قد أخذه العلماء، و تشجعوا له. ثم مضوا يؤوّلون الحديث الأول، و يحملونه على معنى الحديث الثاني.

ص:503

العلم و الحديثين:

لا مراء أنه لا تعارض مطلقا بين حديث ثابت الصحة عن النبي (ص)، و بين الحقائق (لا النظريات، و لا الفرضيات) المجرّدة. و إنني أرى أن يستفاد من الحقائق العلمية في ترجيح أحد التفسيرين (أحد الحديثين)، إن كان ذلك قابلا لأن يحمل و يحتمل تأويلا صحيحا وفق قواعد اللغة العربية القويمة، أو الفهم الصحيح لبعض الحوادث التي طرأت على التفسير الثاني (الحديث الآخر). و مما يؤيّد مذهبي هذا أن القدامى من العلماء، كان فيما شجعهم على اختيار الحديث الثاني، و حمل الأول عليه، مقولتهم إنه لا يحتمل أن يتكون الجنين، و أن تنفخ الروح فيه قبل مئة و عشرين يوما.

لننظر إذا إلى أيّ حديث يتجه العلم، و أي منحى يختار!

بناء على دراسة مراحل تطور الجنين، يمكننا أن نخلص إلى النتائج التالية:

1 - مرحلة النطفة (بالتعبير القرآني): تشمل الجنين حتى مرحلة العلقة، أي أنها تضم الأعراس Gametogenesis (النطاف Spermatogenese ، و البيوض Ovogeneses )، و البيضة الملقحة Zygote

(النطفة الأمشاج)، و الجسم التوتي Morula ، و الكيس الأصلي Blastocyst . و هذه كلها تتم خلال خمسة أيام. الأمر الذي يتوافق مع الحديث بلفظه الأول.

2 - مرحلة العلقة: تشمل مرحلة التعشيش Implantation أي مرحلة تشكل الجنين ثنائي الورقة Bilaminar embryo ، و تشمل أيضا الجنين ثلاثي الورقة Trilaminar embryo . و هي تمتد خلال الأسبوعين الثاني و الثالث من عمر الجنين. و بالتالي فإن الأمر يبقى متناسبا مع اللفظ الأول، خلافا للّفظ الثاني.

3 - مرحلة المضغة: و هي تمتد من مرحلة العلقة و حتى ظهور العظام (كما أشارت إلى ذلك الآية الكريمة). و إذا علمنا أنه خلال الأسبوعين السادس و السابع يصبح الجنين إنساني المظهر، إذ إن عظامه تكون قد ظهرت بوضوح، يصبح تحديد مرحلة المضغة هذه (و التي امتدت حتى الأسبوع السادس) متناسبا مع الحديث بلفظه الأول كذلك.

النتيجة: الحديث بلفظه الأول هو المقبول و الصحيح، أما اللفظ الثاني فقد جانبه الصواب! ألأ أنه هكذا يبدو ظاهريا. و لكن لنتأمل كيف يمكن أن يفسر هذا الحديث النبوي الكريم - بلفظه الثاني - خاصة إذا علمنا أنه حديث صحيح ورد في أصح كتب السنّة، أ لا و هو صحيح الإمام البخاري.

ص:504

مراحل نمو الطفل في بطن أمه

اشارة

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا بلغ الولد أربعة أشهر فقد صار فيه الحياة(1).

و عنه عليه السّلام قال: ابن أدم منتصب في بطن أمه، و ذلك قول اللّه عزّ و جلّ: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسٰانَ فِي كَبَدٍ (2) و ما سوى ابن آدم فرأسه في دبره و يداه بين يديه(3).

منفعة الأطفال في البكاء

اعرف يا مفضل ما للأطفال في البكاء من المنفعة. و اعلم أن في أدمغة الأطفال رطوبة، إن بقيت فيها أحدثت عليها أحداثا جليلة و عللا عظيمة، من ذهاب البصر و غيره، و البكاء يسيل تلك الرطوبة من رؤوسهم فيعقبهم ذلك الصحة في أبدانهم و السلامة في أبصارهم. أ فليس قد جاز أن يكون الطفل ينتفع بالبكاء و والداه لا يعرفان ذلك فهما دائبان(4) ليسكتانه و يتوخيان(5) في الأمور مرضاته لئلا يبكي، و هما لا يعلمان أن البكاء أصلح له و أجمل عاقبة. فهكذا يجوز أن يكون في كثير من الأشياء منافع لا

ص:505


1- (1) بحار الأنوار ج 75 ص 337 ح 11.
2- (2) سورة البلد: الآية 4.
3- (3) بحار الأنوار ج 57 ص 369 ح 72.
4- (4) الدأب: الجد و التعب.
5- (5) التوخي: التحري و القصد.

يعرفها القائلون بالإهمال و لو عرفوا ذلك لم يقضوا على الشيء أنه لا منفعة فيه، من أجل أنهم لا يعرفونه و لا يعلمون السبب فيه، فإن كل ما لا يعرفه المنكرون يعلمه العارفون(1) و كثيرا ما يقصر عنه علم المخلوقين محيط به علم الخالق جل قدسه و علت كلمته.

فأما ما يسيل من أفواه الأطفال من الريق، ففي ذلك خروج الرطوبة التي لو بقيت في أبدانهم لأحدثت عليهم الأمور العظيمة، كمن تراه قد غلبت عليه الرطوبة، فأخرجته إلى حد البله و الجنون و التخليط إلى غير ذلك من الأمراض المتلفة كالفالج(2) و اللقوة(3)

و ما أشبههما، فجعل اللّه تلك الرطوبة تسيل من أفواههم في صغرهم، لما لهم في ذلك من الصحة في كبرهم، فتفضّل على خلقه بما جهلوه و نظر لهم بما لم يعرفوه، و لو عرفوا نعمه عليهم لشغلهم ذلك من التمادي في معصيته، فسبحانه ما أجل نعمته و اسبغها على المستحقين و غيرهم من خلقه، تعالى عما يقول المبطلون(4) علوا كبيرا(5).

ص:506


1- (1) أي أن ذلك مما لا يقصر عن ادراكه ذو العلم و الفهم.
2- (2) الفالج: داء يحدث في أحد شقي البدن، فيبطل إحساسه و حركته.
3- (3) يقال: أبطل أي جاء بالباطل.
4- (4) يقال: أبطل أي جاء بالباطل.
5- (5) توحيد المفضل ص 16-17.

تعريف البكاء

إن بكاء الطفل لغته الخاصة به التي يعبر بها عما في ضميره قبل أن ينطق بالحروف و هي اللغة التي يسميها الفلاسفة (لغة الطبيعة) إذ هي لغة إشارات و علامات طبيعية لا يفهمها إلا من لاحظها و اعتنى بمواقع الإشارات منها.

أما بكاؤه عند ما يسقط على الأرض في ولادته، فسببه الطبي هو أن الهواء الخارجي الذي يلاقيه عند مجابهة الحياة الخارجية ساعة ولادته إذا ما دخل في مسالك الرئتين الضيقه لا بد و أن يؤلم فيبكي الطفل لذلك الألم. أما بعد ذلك فإنه لا يبكي إلا عن سبب معلوم كما سنذكر الأسباب ذيلا.

و قال بعض الفلاسفة أو المتفلسفة: إن بكاءه عند خروجه هو تحيته لوالدته و شكره للّه تعالى الذي أخرجه من الظلمات إلى النور، إذا فهذا البكاء هو بكاء سرور و فرح بالحياة الجديدة. و لكن البعض الآخر يقول: إنه بكاء حزن على فراق راحته الوادعة في الرحم، و إقباله على دنيا المتاعب و المصائب و المآثم و على كل حال، فإن بكاء الطفل كلما كان شديدا و كان صافيا لا ترافقه خنة و لا بحة كان دليل الصحة. كما أنه كلما كان ضعيفا أو مختلف الرنة و الصوت فهو دليل انحرافها.

تنوع البكاء عند الطفل

و ينقسم البكاء عند الطفل إلى أقسام، و كل قسم منها يدل على غرض من أغراضه.

1 - البكاء عن الجوع: و علامته أن يكون صياحا عاليا، و أن يضع الطفل أصبعه في فمه، و أن ينتهي بسرعة عند ما يلتقم الثدي أو الزجاجة، و قد ترافقه نغمة تدل على القلق.

2 - البكاء عن العطش: و علامته السكوت عند وصول الماء إليه.

3 - البكاء عن المغص: و علامته شدة الصياح، و ثني الفخذين على البطن و ربما صحبه قيء و إسهال، أو إمساك، أو انتفاخ في البطن.

4 - البكاء عن البرد: و علامته استمرار البكاء مع المسكنة، ثم الوقوف فجأة عند حصول الدفء.

5 - البكاء عن القلق: و هذا يحصل عن أمور كثيرة، منها عدم انتظام ملابسه و اختلال نظامها و وضعها، أو اختلاف قماطه، أو وجود قمل على جلده أو غيرها من الأجسام الخارجية مما يزيل

ص:507

راحته، و علامته استمرار البكاء مع الإصرار عليه حتى يفتش أو تغير ملابسه و قماطه.

6 - البكاء عن النعاس: و علامته أن يكون مع فرك عينيه و السكوت إذا اضطجع.

7 - البكاء عن ألم أو مرض: و علامته إذا كان مع امتناعه عن وضع حلمة الثدي أو الزجاجة في فمه فهو عن التهاب أو وجع في الفم أو الحلق، و إذا كان مع عبوس الوجه أثناء سعال له، فهو دليل وجع الصدر و إذا كان البكاء عند التبرز أو قبله، فهو لوجع في البطن. و إذا كان مع بحة في الصوت، فهو لوجع في الحنجرة، و إذا كان قبل البول أو بعده، فهو عن ألم في بوله أو مجاريه. و إذا كان صوت البكاء ضعيفا مع أنين خفيف دل على ألم شديد داخلي كالالتهاب الرئوي و أمثاله، إلى غيرها من الأسباب الكثيرة التي يدل البكاء عليها و التي تعرفها الأم و المربية لمراقبتها لأوضاعه و حالاته و التفاتها إليه.

فوائد البكاء عند الطفل

أما فوائد البكاء للطفل، مضافا إلى ما عرفته من أنه لغته الطبيعية الخاصة به فهي كثيرة نذكر منها أربعة فقط و هي المهمة في الموضوع.

1 - إن في أعلى كل عين، أي تحت الجفن الفوقاني غدة مخصوصة يترشح منها الدمع في العين و بواسطة رمش الأجفان ينتشر هذا الدمع في أطرافها لغسلها و ترطيبها و إزالة الغبار الداخل إليها من الهواء الخارجي، فإذا كثر هذا الدمع و زاد على حاجة العين، خرج من ثقب المأق في طرق العين السفلي الداخلي المجاور للأنف ليدفع في نفس الأنف و هو بدوره يدفعه إلى الخارج بصورة (مخاط) و بهذا العمل أيضا يطهر الأنف من الغبار و الجراثيم. و هذه العملية تكون بالبكاء و التنفس الشديد و الصراخ العاصر لتلك الغدة الدمعية.

2 - إن الصراخ أحيانا يكون لإدخال الهواء المستنشق إلى رئتي الطفل بقوة لغرض تعويد الرئتين على التنفس أي جذب النسيم و أخذ الأكسجين ثم دفع الكربون بواسطة الشهيق و الزفير.

3 - تقوية الجهاز التنفسي و جهاز الدورة الدموية فيه بهذا البكاء.

4 - ما ذكره الإمام (ع) من أن في أدمغة الأطفال رطوبة كثيرة، إن بقيت أحدثت عليهم أحداثا جليلة و عللا عظيمة، من ذهاب البصر، و استرخاء الأعضاء و الأعصاب بواسطة استرخاء الدماغ و حدوث البله و البلادة في الطفل، إلى غيرها من الأعراض و لكن البكاء يسيل تلك الرطوبة من أدمغتهم. فيعقبهم نعمة الصحة في أبدانهم و السلامة في أبصارهم و بصائرهم. و توضيح ذلك أن

ص:508

الطفل ما دام في الرحم فهو يعيش في وسط غدير من الماء داخل المشيمة و هو (السائل الأمينوسي) و ذلك لما تقدم من اعتدال الحرارة عليه، و من صد الصدمات و الإزعاجات الخارجية عنه و بديهي أنه إذا كان يعيش في مثل هذا الغدير، فلا بد و أن يخرج رطب الأعضاء لين الجوانب و لكنه سوف يقوى أديمه بالتدريج و تجف أعضاؤه بواسطة ملاقاة الهواء و تغيير غذائه إلى أثخن من غذائه الرحمي، و حيث إن الدماغ خلق جسما سنجابيا رخوا رطبا، فهو بالضرورة يكون مليئا بالرطوبات الرحمية.

لذلك لا يمكن تجفيفه بسرعة كسائر الأعضاء الأخر، لأنه مع ذلك فهو مخفي وسط صندوق عظمي متين، و محاط بثلاثة أغشية سميكة صلبة أعني أمّ الخافية و العنكبوتية و أمّ الدماغ. إذا فلا طريق لتجفيف رطوباته إلا بالترشيح إلى الخارج، و هذا لا يكون إلا عن طريق العينين، لقربهما منه و لاتصال أعصابهما و بعض القنوات به. و معلوم أن أقوى و أحسن محرك لجريان تلك الرطوبات منه إليها هو البكاء العاصر للغدد الدمعية الجاذبة لتلك الرطوبات إليها فإذا استمر البكاء استمر الترشيح و إذا استمر الترشيح جف الدماغ إلى الحد المقصود المطلوب و هذا من أكبر الفوائد الناتجة عن البكاء. ثم إن الدماغ لما كان مصدر الحس و الحركة منبعا للأعصاب جميعها. كان ارتخاؤه بالرطوبات سببا لارتخاء كل الأعضاء و لا سيما أعصاب العين الرقيقات و القريبات من نفس جرم الدماغ، و إذا ارتخت هذه الأعصاب فمعناه أنها لا تبصر تماما. و هذا هو مراده عليه السّلام بقوله: إن بقيت أحدثت أحداثا جليلة و عللا عظيمة من ذهاب البصر و غيره - و المقصود من غيره هو رخاوة الأعضاء و الفالج و الشلل و البله و الجنون و تشويه الخلقة و أمثالها أما إذا ترشحت رطوبات الدماغ و جف قوي، و بقوته تقوى الأعصاب، و بذلك يأمن الطفل من تلك الأحداث و الأمراض البدنية و العقلية.

و من الجائز أن لا يعرف الأبوان هذه المنفعة العظيمة و الحكمة البالغة في بكاء طفلهما فيشفقان عليه بإسكاته. و يعملان كل حيلة لمنع بكائه جهلا منهما لتلك العقبة.

و هكذا تجد الخلقة كلها حكما و مصالح لصدورها عن خالق حكيم، و كل أوضاعها متقنة لا يشوبها خلل و لا إهمال لأن صانعها عالم، لا ترى فيها عوجا و لا أمتا، لأن مبدعها مدبر خبير. أما جهل الجاهلين و عمى الملحدين المهملين فلا ينفي و لا ينافي تلك الحكمة التي لو عرفها المهملون و أدركها الطبيعيون و الماديون، لما قضوا على المخلوق أنه لا منفعة فيه و لو لم يجهلوا لم ينكروا حتى خفي عليهم السبب فأهملوا، و لو نظروا بعين البصيرة و تجردوا عن العناد و التعنت لأدركوا أن العلماء و ذوي البصائر ليعلمون كلما جهله المنكرون، و يقرون بكلما أنكره الجاهلون، على أن كثيرا من الحكم الخفية عن العقول البشرية، و المصالح المستورة عن المخلوق. قد أحاط بها علم الخالق الحكيم تعالى و لم يطلع عليها أحدا من عباده لقصر عقولهم عن إدراكها و محدودية أفهامهم عن

ص:509

الوصول إليها. فسبحانه من عليم حكيم لطيف خبير.

تعريف الريق

الريق سائل مائي تفرزه الغدد اللعابية التي في الفم، لغاية ترطيب الفم و اللسان و لتندية الكتلة الغذائية و تليين الطعام، ليصير مضغة يسهل ابتلاعها و ازدرادها في المريء إلى المعدة. ثم لتحويل المواد النشوية الموجودة في الغذاء إلى مواد سكرية بسبب ما فيه من الخميرة المسماة (بتيالين) و أخيرا لقتل كل ميكروب يهجم على الفم.

و هذه الغدد المفرزة لذلك السائل، مركبة من حبيبات مجتمعة و منضمة بعضها إلى بعض بحيث يتكون منها فصيصات غير منتظمة، ضاربة إلى اللون السنجابي، صلبة النسج، شديد المقاومة، و هي ثلاثة (1) الغدة النكفية (2) الغدة تحت الفك (3) الغدة تحت اللسان.

أما الغدة النكفية: فهي الموجودة في الحفرة النكفية أسفل الأذن الظاهرة إلى جانب الوجه و هي أكبر الغدد الثلاث، و يمتد جزء منها إلى الأمام، فتخرج منه قناة تسمى (القناة النكفية) و طولها نحو قيراطين و نصف و فيها فتحة صغيرة مقابل الضرس الكبير الثاني و منها الرشيح.

أما الغدة تحت الفك: فحجمها حجم اللوزة، واقعة في مثلث تحت الفك الأسفل و لها قناة طولها قيراطان، و فيها فتحة صغيرة ضيقة على رأس حلمة صغيرة بجانب قيد اللسان، و منها يرشح اللعاب.

أما الغدة تحت اللسان، و هي أصغر الغدد اللعابية، فمحلها تحت الغشاء المخاطي بجانب قيد اللسان أيضا، و لها قنوات كثيرة من ثمان إلى عشرين قناة شعرية، كلها تصب في عرق يتكون من بروز الغدة.

و هذه الغدد الثلاث كلها تفرز اللعاب في فراغ الفم بواسطة مجاريها الرقيقة ليكون الفم على الدوام رطبا، و اللسان طريا ليتمكن من أداء وظيفته و هي النطق و المضغ و التنفس.

أما منبع هذا الرشيح و منشأ هذا السائل في الغدد، فهو الدم لا غير، أعني مائيته فإن الدم الذي يرسله القلب في العروق لتغذية الأعضاء، لا بد و أن يختلط معه مقدار من الماء المشروب لترقيقه و بدرقته ليدخل في المسالك الضيقة، فهو إذا غذى العضو، استغنى عن ذلك الماء، فيدفعه إلى الغدد المفرزة في جميع أطراف البدن فبعضه ينزل إلى الكلى و المثانة ليكون بولا، و بعضه إلى الجلد ليكون عرقا و بعضه إلى الغدد ليكون رشيحا و لعابا، و من لطف الحكيم المبدع أن قدر هذا اللعاب المترشح

ص:510

على قدر الحاجة لا ناقصا قليلا فيحدث في الفم و الحلقوم و سائر المجاري جفافا أو التهابا، و لا زائدا فيحدث بعض الأمراض الرطوبية.

و هذه مقدمة ذكرناها، لنعرف أن الطفل لما كان رطب الأعضاء لين الأطراف عند ولادته. لزم أن يكون غذاؤه مناسبا لأعضائه رقيقا في قوامه بزيادة مائيته، فإذا تغذى الطفل، وجب فصل تلك المائية فتذهب إلى الغدد لتخرجها إلى الخارج فتراه يبول كثيرا و يسيل من فمه ريق كثير مستمر و إذا لم تسل هذه المائية التي سماها الإمام (ع) «بالرطوبة» و بقيت في البدن، رجعت إلى نفس الدم و اختلطت معه أو أنها تبقى في العضو مختلطة مع غذائه، و إذا استمر ذلك استرخى العضو. و هذا بلا ريب يحدث في بدن الطفل أمراضا عظيمة و أحداثا جسيمة لا يستهان بها مثل البله و الجنون و التخليط و مثل الفالج الذي يبطل فيه الحس و الحركة و مثل اللقوة التي يعوج فيها الشق إلى أحد جانبي العنق و أمثالها. لكنها إذا سالت جفت الأعضاء و أخذ البدن بالنمو المطرد و اكتسب القوة و النشاط.

و لأجل هذه المصالح للإنسان، اقتضت الحكمة الإلهية سيلان الريق من فم الأطفال في صغرهم لكسب الصحة و القوة في كبرهم. فتأمل مفكرا، و انظر معتبرا كيف تلطف الصانع على خلقه بما جهلوه من مصالح أنفسهم، و كيف نظر إليهم نظر رأفة و رحمة فتفضل عليهم بمنح ما لم يعرفوه.

فما أجهل هؤلاء العاصين الغافلين، و ما أعق المذنبين المعاندين، و ما أتعس حظ المتمادين في طغيانهم و عتوهم. فلعمري لو كانوا عرفوا ما أنعم اللّه تعالى به عليهم لشغلهم ذلك عن التمادي في معصيته. و لو أدركوا بعض نعمه و آلائه التي أسبغها على المستحقين و غير المستحقين من عبادة لما مالوا إلى نسبة خلقه إلى المحال و الإهمال و لما أبطلوا حكمته في خلقته، و إبداعه في صنعته.

فتعالى اللّه عن ذلك علوا كبيرا.

ص:511

آلات التناسل و هيئتها

اشارة

انظر الآن يا مفضل كيف جعلت آلات الجماع في الذكر و الأنثى جميعا على ما يشاكل ذلك عليه، فجعل للذكر آلة ناشرة تمتد حتى تصل النطفة(1) إلى الرحم، إذ كان محتاجا إلى أن يقذف ماءه في غيره، و خلق للأنثى وعاء قعرا(2) ليشتمل على الماءين جميعا. و يحتمل الولد و يتسع له و يصونه حتى يستحكم، أ ليس ذلك من تدبير حكيم لطيف سبحانه و تعالى عما يشركون(3)

ص:512


1- (1) النطفة: ماء الرجل أو المرأة، و الجمع نطاف و نطف.
2- (2) قعرا: القعر من كل شيء: عمقه و نهاية أسفله.
3- (3) توحيد المفضل ص 17-18.

الجهاز التناسلي في الذّكر

اشارة

يتكون الجهاز التناسلي للذكر من مصنع للنطف و من مجموعة من الأنابيب الدقيقة الملتفة التي توصل هذه النطف عبر سائل المني إلى الإحليل (القضيب) و الإحليل عضو انتصابي بانصباب الدم فيه حتى يمكن إيلاجه في الفرج و قذف هذه النطف بالقرب من عنق الرحم في المرأة.

1 - الخصية (مصنع النطف): Testis

الخصية هي الغدة التناسلية للذكر و هي المسؤولة عن صنع النطف (الحيوانات المنوية) كما أنها مسؤولة عن إفراز هرمونات الذكورة التي تميز الرجل عن المرأة. و توجد خصيتان على كل جانب واحدة و هما محاطتان بكيس أو جراب هو كيس الصفن خارج الجسم.

و الحكمة في وجود الخصية خارج الجسم هي أن حرارة الجسم العالية (37 درجة مئوية) لا تسمح بتوالد النطف. بينما وجود الخصية خارج الجسم في درجة حرارة أقل (35 درجة مئوية) تساعد على توالد النطف.

و الخصية تنشأ أول ما تنشأ في جنين الإنسان بالقرب من موضع الكلى بين الصلب (العمود الفقري) و الترائب (الأضلاع).. ثم تنزل الخصية تدريجيا أثناء الحمل.. و تبلغ إلى الحوض في الشهر الثالث.. ثم تنزل بعد ذاك إلى خارج البدن في الشهر التاسع من الحمل.

2 - البربخ: Epididymis

البربخ: لفظة تعني قناة من خزف تحمل الماء.. و هذا بالضبط هو وظيفة البربخ و هي نقل النطفة مع السائل الذي تسبح فيه من القنيات المنوية إلى الحبل المنوي.. يقع البربخ أعلى الخصية من الخلف.. طوله ستة أمتار و مع هذا فإنه يلتف حول نفسه حتى إن طوله الظاهري لا يزيد عن ستة سنتيمترات...

تتجمع الحيوانات المنوية (النطف) في البربخ بمئات الملايين ثم تندفع بعد ذلك سابحة في تيار مائي مكون من إفرازات القنوات المنوية و البربخ.. و يكتمل نمو الحيوانات المنوية هاهنا.. ثم تندفع في الحبل المنوي حتى تلتقي قناة الحويصلة المنوية بالقناة الناقلة للمني (الحبل المنوي) لتكوّنا معا القناة القاذفة للمني.

ص:513

3 - الحويصلة المنوية: Seminal Vesicle

هي قناة متعرجة و تقع خلف المثانة.. و إفرازها له أهمية خاصة في تغذية الحيوانات المنوية.

4 - البروستاتة: (الموثة): Prostate

هي غدة تقع أسفل المثانة.. و إفرازها له أهمية في تنشيط الحيوانات المنوية..

المني: مكون من:

1 - النطف التي تتولد في القنوات المنوية في الخصية.

2 - سائل يتجمع من إفراز البربخ و الحويصلة المنوية و غدة البروستاتا و غدد صغيرة حول مجرى البول تدعى غدد كوبر على اسم مكتشفها.

5 - القضيب: Penis

و هو الجزء التناسلي البارز في الذكر و هو عضو انتصابي نتيجة انصباب الدماء فيه. و بواسطته تنتقل الحيوانات المنوية من الرجل إلى مهبل المرأة و تصب عادة بالقرب من عنق الرحم.. و من ثم تصعد الحيوانات المنوية حثيثا إلى الرحم و منه إلى قناة الرحم بحثا عن البويضة ليتم تلقيحها بأحد الحيوانات المنوية التي تختاره يد القدرة الإلهية.

و تقع على حشفة القضيب طبقة تغطي الحشفة جزئيا و تدعى «الغلفة» أو «القلفة».. و هي التي تزال في الختان.. و يسمى غير المختون أغلف أو أقلف أو أغرل...

2 - الجهاز التناسلي للمرأة

اشارة

يتكون الجهاز التناسلي للمرأة من أعضاء تناسلية ظاهرة و أعضاء تناسلية باطنة أما الأعضاء الظاهرة فتشمل: فتحة الفرج و على حافتيه الشفران الصغيران و الشفران الكبيران و تقع فتحة الفرج في الدهليز.. و يقع أمام فتحة الفرج صماخ قناة مجرى البول.. و عند التقاء الشفرين الصغيرين من أمام يقع البظر.. أما التقاء الشفرين الكبيرين من أمام فيكّون جبل الزهرة.

و الأعضاء التناسلية الباطنة هي:

1 - المبيضان OVARIES : و يوجد مبيض على كل جانب في الحوض الحقيقي للمرأة. و هما

ص:514

يقابلان الخصيتين (الأنثيين) عند الرجل.

2 - الرحم UTERUS : و يقع في وسط الحوض.. و لا يقابله عند الرجل إلا أثر مندثر في شكوة البروستاتا.

3 - قناتا الرحم UTERINE DUCT : و توجد قناة رحمية على كل جانب من جوانب الرحم أي أن هناك قناتين رحميتين: واحدة من كل جانب و تنتفخ نهاية القناة لتكون البوق أو النفير الذي له مجموعة من الأهداب المحيطة بالمبيض.

4 - المهبل VAGINA : و هو شق ضيق يصل ما بين فتحة الفرج من أسفل و عنق الرحم من أعلى.

و لنأخذ بعد هذا بشيء من التفصيل:

1 - المبيض: هناك مبيضان على كل جانب واحد.. و يقع في الحفرة المبيضية من الحوض و هو مصنع البويضات أو النطف المؤنثة.. و هو يقابل الخصية لدى الرجل.. و شكله مثل اللوزة و طوله نحو ثلاثة سنتيمترات و عرضه نصف طوله.. و سمكه نصف عرضه.. و يمسك بالمبيض في مكانه مجموعة من الأربطة مثل الرباط المبيضي الرحمي الذي يربط ما بين المبيض و زاوية الرحم العليا، و منها الرباط الحامل للمبيض و هو متصل بالرباط العريض للرحم.. و منها مساريقا المبيض(1) و بواسطته تدخل الأوعية الدموية و اللمفاوية و الأعصاب من و إلى المبيض.

و يغذي كل مبيض شريان من الأورطي البطني و مخرجه أسفل الشريان الكلوي مباشرة في أعلى المنطقة القطنية أي من بين الصلب و الترائب.. كما أن الأوردة الخارجة من المبيض تذهب إلى نفس المنطقة... الوريد الأيمن إلى الوريد الأجوف السفلي أما الوريد الأيسر فيصب في الوريد الكلوي الأيسر، و أعصاب المبيض كذلك تأتي من الضفيرة الكلوي و الضفيرة التي حول الأورطي البطني..

كما أن المبيض يبعث بإشاراته و اخباره إلى الجهاز العصبي عبر العصب الظهري العاشر.

من كل هذا يتضح بكل جلاء أن منشأ المبيض و تغذيته و ترويته إنما تأتي من بين الصلب و الترائب.. تماما كما هو الحال بالنسبة للخصية.. و سنشرح ذلك عند تعرضنا لتفسير قوله تعالى:

فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسٰانُ مِمَّ خُلِقَ. خُلِقَ مِنْ مٰاءٍ دٰافِقٍ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَ التَّرٰائِبِ (2).

ص:515


1- (1) المساريقا هي ما يدعى بالإنجليزية MESENTRY و هي عبارة عن طبقتين من البريتون تغطيان سطح المبيض إلا من جانب واحد فقط حيث تدخل منه الأوعية الدموية و اللمفاوية و الأعصاب و الأمعاء كذلك مساريقا خاصة بها.
2- (2) الطارق 5-7.

و يتكون المبيض من محفظة متينة تحيط به من كل جانب ما عدا فرجته التي تدخل و تخرج منها الأعصاب و الأوعية الدموية و اللمفاوية المغذية للمبيض.. و بداخل هذه المحفظة نسيج ليفي غني بأوعيته الدموية يعرف بسداة المبيض. أما لحمته فمكونة من أجسام كروية مختلفة الأحجام متفاوتة في درجة نموها.. و تعرف هذه الأجسام الكروية الشكل بالحويصلات المبيضية.. أو حويصلات جراف نسبة إلى الطبيب الذي اكتشفها.. و تحتوي كل حويصلة على بويضة واحدة.. و يبلغ تعدادها في الجنين أربعمائة ألف أو تزيد.. و لكن الآلاف منها تضمر و تموت في فترة النمو حتى إذا بلغت المرأة المحيض لم يبق منها إلا بضعة آلاف فقط.. ينمو منها حويصلة واحدة كل شهر طوال حياة المرأة التناسلية. فتخرج بويضة مرة في الشهر.. فلا تزيد مجموع البويضات التي يفرزها المبيض في حياة المرأة عن أربعمائة بويضة.. و قد تقل عن ذلك..

و سنتحدث عن البويضة بالتفصيل عند حديثنا عن نطفة المرأة و مائها..

2 - الرحم: إن الرحم هو القرار المكين الذي تنمو فيه النطفة الأمشاج و تعلق فيه حتى تصير علقة فمضغة فعظاما.. فلحما يكسو العظام.. ثم ينشئه اللّه خلقا آخر حتى يخرجه اللّه طفلا كامل الخلقة سويّ التكوين..

و سنفرد لهذا القرار المكين فصلا خاصا به فيما بعد إن شاء اللّه و نتحدث فيه عن الأربطة و العظام التي تحرسه و تمسك به و تجعله كما وصفه اللّه تعالى بالقرار المكين حيث قال: أَ لَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مٰاءٍ مَهِينٍ. فَجَعَلْنٰاهُ فِي قَرٰارٍ مَكِينٍ. إِلىٰ قَدَرٍ مَعْلُومٍ. فَقَدَرْنٰا فَنِعْمَ الْقٰادِرُونَ (1). و في قوله سبحانه و تعالى لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسٰانَ مِنْ سُلاٰلَةٍ مِنْ طِينٍ. ثُمَّ جَعَلْنٰاهُ نُطْفَةً فِي قَرٰارٍ مَكِينٍ (2)...

و سنتحدث هنا عن أهمية الرحم البالغة التي أولاها الإسلام أهمية لا تدانيها أهمية أي عضو آخر سوى المخ حيث ينتهي إليه الفكر و الروية و القلب حيث تنبعث منه الدورة الدموية.

فقد ورد ذكر الرحم في القرآن الكريم في مواقع متعددة.

و الرحم موضوع في وسط حوض المرأة يكون محميا و مصونا من كل أذى.. و لا يقابله في الرجل سوى أثر مندثر في شكوة البروستاتا.

و الرحم عضو عضلي أجوف ذو جدار ثخين و متين.. و هو كمثري الشكل و يبلغ طوله 3

ص:516


1- (1) المرسلات 20-23.
2- (2) المؤمنون 12-13.

بوصات و عرضه بوصتين و سمكه بوصة واحدة في الأنثى البالغة.. فإذا حملت المرأة فإن الرحم ينمو و يكبر حتى يملأ البطن من القص إلى العانة.. أما حجم تجويف الرحم في الأنثى البالغة فلا يزيد عن ميليلترين أما في نهاية الحمل فإن حجم الرحم يتسع لسبعة آلاف ميلليلتر أي أن حجمه يتضاعف أكثر من ثلاثة آلاف مرة. و وزن الرحم في غير أوقات الحمل لا يزيد عن خمسين جراما فإذا كان في نهاية الحمل فإن وزن الرحم ذاته يبلغ ألف جرام أو تزيد.. أما محتوياته فتزن خمسة آلاف جرام.. أي أن وزنه بمحتوياته يزيد أكثر من مائة مرة.

و الرحم هو العضو الوحيد في جسم الإنسان الذي له هذه القابلية للتغير السريع من حال إلى حال.. و هو بذلك أسرع نمو يعرفه جسم الإنسان.. حتى أخطر السرطانات لا تنمو بمثل سرعة نمو الرحم و ما يحمله في طياته.. و مع ذلك فشتان ما بين النمو السرطاني الخبيث و نمو الرحم الحميد العاقبة المأمون الغائلة.. فذاك يؤدي إلى الموت و الهلاك و هذا يؤدي إلى النماء و البقاء..

تركيب الرحم: يتكون الرحم من جسم و عنق و كلاهما مكون من طبقات ثلاث:

أولها من الخارج: طبقة البريتون التي تغطي جسم الرحم و شيئا من عنقه من الخلف.

و ثانيها الطبقة العضلية: و هي عضلات سميكة غير إرادية و تشمل في ذاتها ثلاث طبقات من الألياف و هي:

أ - الطبقة السطحية: و أكثر أليافها طولية.

ب - الطبقة المتوسطة: و أليافها مختلفة الاتجاهات و بعضها على شكل 8 (ثمانية بالانجليزي).

ج - الطبقة الداخلية: و معظم أليافها دائرية و تتركز حول عنق الرحم لتكون عاصرة للعنق.

و للعضلات وظائف عديدة أهمها حماية غشاء الرحم الذي تنغرز فيه البويضة الملقحة لتصبح جنينا كما أن وظيفة العضلات قفل الأوعية الدموية العديدة عند الطمث و عقب الولادة.. و لو لا ذلك لنزفت الوالدة حتى الموت.

و ثالث طبقات الرحم: هي الطبقة المخاطية.. و هي الغشاء المبطن للرحم.. و غشاء الرحم هو الفراش الوثير للنطفة الأمشاج التي تعلق به.. و عن طريقة تتغذى و تنمو.. و هذا الغشاء مكون من طبقات تتخللها الأوعية الدموية الكثيرة.. و الغدد الرحمية العديدة.. و تقع هذه الطبقة بالذات تحت تأثير الهرمونات و لها دورة شهرية كاملة تبدأ من سن البلوغ و تنتهي في سن اليأس.. و سنتحدث عن هذه الدورة بشيء من التفصيل عند الحديث عن الطمث (المحيض) في فصل مستقل بإذن اللّه...

ص:517

كما سنتحدث عنه إن شاء اللّه عند الكلام عن قوله تعالى: اَللّٰهُ يَعْلَمُ مٰا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثىٰ وَ مٰا تَغِيضُ الْأَرْحٰامُ وَ مٰا تَزْدٰادُ وَ كُلُّ شَيْ ءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدٰارٍ (1) فنرجئ التفصيل إلى حينه و نكتفي هنا بهذه اللمحة الموجزة.

3 - قناة الرحم: و توجد للرحم قناتان على كل جانب واحدة.. و تنتهي القناة بانتفاخ يعرف باسم البوق الذي يحيط بالمبيض بمجموعة من الأهداب.. فإذا أفرز المبيض البويضة تلقفتها أهداب البوق و حملتها حملا رفيقا و دفعتها مجوعة من الشعيرات الدقيقة المبطنة لغشائه حتى تصل إلى الثلث الأخير منه.. و هناك تبقى البويضة حتى تأتيها الحيوانات المنوية في رحلتها الطويلة المحفوفة بالمخاطر فإذا ما نجح حيوان منوي في تلقيح البويضة.. و أصبحت البويضة ملقحة «النطفة الأمشاج» أي المختلطة من ماء الرجل و ماء المرأة.. عندئذ تبدأ هذه البويضة المخصبة في الانقسام حتى تصير مثل الكرة.. و تسير في قناة الرحم تدفعها شعيرات دقيقة في غشاء قناة الرحم حتى تصل إلى الرحم في ستة أيام.. فإذا ما وصلت إلى الرحم فقد أدت قناة الرحم واجبها و أسلمت أمانتها إلى الرحم..

و هناك يستقبل الرحم البويضة الملقحة بعد أن مهد لها الفرش و البطائن.. و تنغرز فيه و تعلق بجداره.. و تحاط بالدم الغليظ من كل جهة من جهاتها فهي علقة عالقة بجدار الرحم،.. و هي محاطة بالدم الغليظ من كل جهة.. و بما أن العلقة لا تكاد تبين.. و لا يظهر منها إلا هذا الدم الغليظ فقد أجمع المفسرون القدامى على أن العلقة هي دم غليظ.. و أصابوا من جهة و أخطأوا من أخرى..

فهي محاطة بالدم الغليظ و لكنها ليست هي ذاتها الدم الغليظ.

و تدعى قناة الرحم أيضا القناة المبيضية كما تدعى قناة فالوب نسبة إلى الطبيب الذي وصفها أول مرة.

المهبل: هو شقّ ضيق يصل ما بين فتحة الفرج من أسفل و عنق الرحم من أعلى و جداره الأمامي أقصر من جداره الخلفي إذ طول الجدار الأمامي سبعة سنتيمترات بينما طول الجدار الخلفي تسعة سنتيمترات.. و بما أن جدار المهبل مكون من عضلات انتصابية فإن الجدارين يكونان ملتصقين إلا عند الجماع أو الولادة.. و يظل عنق الرحم في أعلى المهبل.. و يحاذي المهبل من أمام قناة مجرى البول و أسفل المثانة.. أما من خلف فيوجد المستقيم و القناة الشرجية.. و من الملاحظ أن قناة مجرى البول في الأنثى مستقلة عن الجهاز التناسلي فهي منفصلة عنه.. و لها فتحة (صماخ) في أعلى الفرج من أمام لا تكاد تبين لفرط صغرها.. أما في الذكر فإن قناة مجرى البول تمر في الإحليل (القضيب) حتى تنتهي إلى الفتحة (الصماخ) على حشفة القضيب.

ص:518


1- (1) الرعد 8.

الأعضاء التناسلية الظاهرة في الأنثى:

أما الأعضاء الظاهرة فتشمل الفرج و هو فتحة المهبل و يغطيه غشاء البكارة قبل الزواج..

و يتمزق الغشاء بعد الجماع. و من النادر أن يكون الغشاء مرنا فيبقى حتى بعد الجماع.. و لا يتمزق إلا عند الولادة.. و للغشاء أشكال مختلفة أغلبها هلالي الشكل و به فتحة تسمح بنزول الدم من الرحم إلى الخارج من وقت البلوغ إلى سن اليأس.. حتى و إن بقيت المرأة عانسا طوال حياتها.

و في بعض الأحيان يكون غشاء البكارة سميكا مصمتا (أي لا توجد به فتحات) فيتعذر نزول دم الحيض.. و يصاحب ذلك آلام شديدة.. و يتضخم الرحم نتيجة احتباس دم الحيض فيه.. و لا يمكن إزالة ذلك إلا بعملية شق الغشاء حتى يخرج الدم المحتبس في الرحم و المهبل (ربما اشتبهت هذه الحالة بالحمل.. و لكن صاحبة هذه العاهة لم ينزل منها دم الحيض قط).

و يحيط بالفرج الدهليز و توجد فتحة (صماخ) قناة مجرى البول فوق فتحة الفرج.. و على جانبي الدهليز الشفران الصغيران و الكبيران.. و يقع البظر عند التقاء الشفرين الصغيرين فوق فتحة قناة مجرى البول.. و البظر كما أسلفنا عضو انتصابي صغير يقابل القضيب عند الرجل.. و تغطيه غلفة تماما كما تغطي حشفة القضيب غلفة (و يقال لها قلفة أيضا) و البظر حساس جدا للمس كالحشفة تماما و هو مما يزيد الغلمة و الشبق.. و لذا جاء في الحديث الخفض منه قليلا و في نفس الوقت على الخاتنة أن تشم و ترفع و لا تنهك فإن ذلك أحظى للمرأة عند زوجها.. و قد تقدم حديث الرسول (ص) لأم عطية حيث قال: «إذا ختنت فلا تنهكي فإن ذلك أحظى للمرأة و أحب لبعلها».

و أدعى ألاّ تصاب بالبرود الجنسي.

كما أن الأخذ منه أدعى لتقليل الغلمة و الشبق و دواعي الزنا.. و خاصة إذا لم يقدر للمرأة أن تتزوج.. أو تأيمت بعد زواج بموت أو طلاق.

و ينتشر الشعر الكثيف فوق العانة.. و ظهروه أحد علامات البلوغ في كلا الذكر و الأنثى.. و إن كان يختلف في طريقة التوزيع، و يقع جبل الزهرة (1)(و هو كمية من الدهن متجمعة) فوق العانة..

ص:519


1- (1) و قد ارتبطت الزهرة من قديم الأزمان بالجنس.. فالزهرة «فينوس» هي آلهة الجمال و الأنوثة عند الإغريق.. و أخطر أمراض الزنا يدعى الزهري نسبة إلى الزهرة.. فالزهرة مرتبطة ارتباطا وثيقا بالعلاقات الجنسية منذ قديم الزمان.. و اليوم يقوم العلماء بإهباط مركباتهم الفضائية على كوكب الزهرة فقد وصل الروس إلى ذلك و قد وصلت أول مركبة فضاء أمريكية إلى كوكب الزهرة بعد أن وصلت في العام الذي قبله إلى المريخ.. و تبددت صورة الزهرة الجميلة و لم يبق إلا صخور كأداء تتحطم عليها المركبات الفضائية.. و غاية ما يأمله العلماء في الأرض أن تتمكن المركبات من إرسال صورها قبل أن تصطدم بتلك الصخور الجلمد الصم..

شبه المولود عند ولادته

اشارة

عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام فقلت له: إنّ الرجل ربما أشبه أخواله و ربما أشبه عمومته. فقال: إنّ نطفة الرجل بيضاء غليظة و نطفة المرأة صفراء رقيقة، فإن غلبت نطفة الرجل نطفة المرأة أشبه الرجل أباه و عمومته، و إن غلبت نطفة المرأة نطفة الرجل أشبه الرجل أخواله(1).

عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له: المولود يشبه أباه و عمّه. قال: إذا سبق ماء الرجل ماء المرأة فالولد يشبه أباه و عمّه، و إذا سبق ماء المرأة ماء الرجل يشبه الولد أمّه و خاله(2).

ص:520


1- (1) بحار الأنوار ج 57 ص 338 ح 16.
2- (2) بحار الأنوار ج 57 ص 338-339 ح 17.

الذكورة و الأنوثة

من الذي سيحدد نوع الجنين و جنسه ذكرا أم أنثى؟ سؤال قديم اختلفت الإجابات حوله..

و جاء القرآن الكريم بفصل الخطاب و لا غرابة فإن الذي خلق أعلم بخلقه أَ لاٰ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ فإذا تحدث المولى عن ذلك فهو حديث اللطيف الخبير العليم بكل شيء.. و الذي أحاط علمه بكل صغيرة و كبيرة و كل رطب و يابس و كل ذرة و كل حركة و سكون.. و كل همسة و نأمة.. و كل خاطرة و فكرة يَعْلَمُ خٰائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَ مٰا تُخْفِي الصُّدُورُ .

يقول المولى عز و جل في سورة القيامة:

أَ يَحْسَبُ الْإِنْسٰانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً. أَ لَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنىٰ ثُمَّ كٰانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوّٰى فَجَعَلَ مِنْهُ (أي المني) اَلزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَ الْأُنْثىٰ. أَ لَيْسَ ذٰلِكَ بِقٰادِرٍ عَلىٰ أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتىٰ (1).

و يكون الجواب الوحيد على هذا السؤال بلى إنه على كل شيء قدير.

كما يقول تعالى في سورة النجم: وَ أَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَ الْأُنْثىٰ مِنْ نُطْفَةٍ إِذٰا تُمْنىٰ (2).

و النطفة التي تمنى هي نطفة الرجل.. هي الحيوان المنوي كما نسميه اليوم باصطلاح العلم الحديث.

و قد رأينا فيما سبق كيف أن كل خلية في جسم الإنسان تحتوي على ثلاثة و عشرين زوجا من الجسيمات الملونة. و إن منها زوجا واحدا هو المسؤول عن صفة الشخص و جنسه: ذكر أم أنثى.

كل خلية من خلايا الجسم تنبئك بذلك.. فخلايا الرجل تحتوي على الجسيمات الملونة XY

بينما خلايا المرأة تحتوي على الجسيمات الملونة XX فإذا انقسمت خلايا الخصية انقساما اختزاليا فإن ناتج هذا الانقسام هو خلايا أو حيوانات منوية تحتوي على X فقط أو Y فقط أي أن هذه الحيوانات المنوية إما أن تكون حيوانات منوية مذكرة أو حيوانات منوية مؤنثة فالحيوان المنوي الذي يحمل شارة الذكورة Y يختلف عن الحيوان المنوي الذي يحمل شارة الأنوثة X .. و قد استطاع العلماء أن يفرقوا بينهما في الشكل و المظهر كما فرقوا بينهما في الحقيقة و المخبر، فإن للحيوان المنوي المذكر و ميضا و لمعانا في رأسه بينما الحيوان المنوي الذي يحمل شارة الأنوثة يفقد ذلك اللمعان و النور..

ص:521


1- (1) القيامة 36-40.
2- (2) النجم 45.

ليس هذا فحسب و لكن الحيوان المنوي الذي يحمل شارة الذكورة أسرع حركة و أقوى شكيمة في الغالب من زميله الذي يحمل شارة الأنوثة.. فالحيوان المنوي المذكر يسير حثيثا و ينطلق كالصاروخ حتى يصل إلى موضع البويضة في 6 ساعات تقريبا فإن وجد البويضة جاهزة للتلقيح لقحها بأمر اللّه و إلا فيبقى ساعات ثم يموت كمدا و حسرة.

و أما الحيوان المنوي الذي يحمل شارة الأنوثة فيسير بطيئا في الغالب و لا يصل إلى موضع البويضة إلا بعد أكثر من اثنتي عشرة ساعة.. و ربما وصل في أربع و عشرين ساعة. فإذا وصل إلى موضع البويضة فإن وجد الرجال قد سبقوه إليها مات حسرة و كمدا على جدارها.. و إن وجدها تخلفت عنهم و نزلت متباطئة بعد قدومهم و وفاتهم فإن الفرصة تكون سانحة له بتلقيحها.

و هناك أبحاث حديثة تدل على أن تقلصات الرحم هي المسؤولة بالدرجة الأولى عن شفط و سحب السائل المنوي المختلط بماء المرأة عند عنق الرحم إلى داخل الرحم و لذا فإن سرعة الحيوانات المنوية المذكرة و التي قيست في المخبر - تصبح قليلة الجدوى في السبق إلى الوصول إلى قناة الرحم.. إذ وجد أن الحيوانات المنوية المذكرة و المؤنثة بل و الميتة تصل في وقت واحد تقريبا إلى قناة الرحم. و لكن عوامل الحركة تفعل فعلها الذي لم يعرف بعد على وجه الدقة حينما تقترب الحيوانات المنوية من البويضة.. فتخترق التاج المشع - NA RADIATA CORO و المنطقة الشفافة ZONA PELLUCIDA .

أما البويضة فتحمل دائما أبدا إشارة الأنوثة X .

فإذا أراد اللّه و لقح البويضة حيوان منوي يحمل شارة الذكورة فإن النطفة الأمشاج تحتوي على 46 صبغيا على هيئة ثلاث و عشرين زوجا منها زوج واحد على هيئة X و Y .

أما إذا قدر اللّه و لقح البويضة حيوان منوي يحمل شارة الأنوثة فإن النتيجة هي نطفة أمشاج (بويضة ملقحة) تحمل شارة الأنوثة فقط XX .

و بما أن الأم (البويضة) تعطي دائما شارة الأنوثة فإن الحيوان المنوي هو الوحيد الذي يحدد بإرادة اللّه نوع الجنين ذكرا أم أنثى. إذ إنه يحمل شارة الذكورة أو يحمل شارة الأنوثة.. فإذا لقح الحيوان المنوي المذكر البويضة كان الجنين ذكرا بإذن اللّه. أما إذا لقح البويضة حيوان منوي يحمل شارة الأنوثة فإن نتيجة الحمل هي انثى بإذن اللّه.

و تبقى الآية بعد ذلك كله إعجازا علميا كاملا: وَ أَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَ الْأُنْثىٰ مِنْ نُطْفَةٍ إِذٰا تُمْنىٰ .

ص:522

فالنطفة التي تمنى زوجان: حيوان منوي مذكر و حيوان منوي مؤنث.. و النطفة التي تمنى تقرر نوعية الجنين و جنسه.. و صدق اللّه العظيم..

هل للمرأة دور في تحديد الذكورة و الأنوثة:

لقد قررت الآيات الكريمة السابقة أن الذي يحدد ذكورة الجنين أو أنوثته هو اللّه سبحانه و تعالى بواسطة النطفة التي تمنى وَ أَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَ الْأُنْثىٰ مِنْ نُطْفَةٍ إِذٰا تُمْنىٰ . و يبدو أن ليس للمرأة من دور واضح في تحديد الذكورة و الأنوثة.. و لكن الحديث النبوي الشريف الذي أخرجه مسلم في صحيحه يقول إن للمرأة دورا في ذلك حيث يقول (ص) لليهودي الذي سأله عن الولد:

«ماء الرجل أبيض و ماء المرأة أصفر فإذا اجتمعا فعلا مني الرجل مني المرأة أذكر بإذن اللّه و إذا علا مني المرأة مني الرجل أنث بإذن اللّه».. قال اليهودي صدقت و إنك لنبي.

و تضمن الحديث عدة قضايا: أولها صفة ماء الرجل و هو أبيض و صفة ماء المرأة و أنه أصفر..

و التعبير عن ماء الرجل بالمني معروف و شائع.. أما التعبير عن ماء المرأة بالمني فغير شائع.. و يقول ابن القيم في التبيان في أقسام القرآن (ص 243) «لمني الرجل خاصة الغلظ و البياض و الخروج بدفق و دفع. فإن أراد من نفى مني المرأة انتفاء ذلك عنها أصاب.. و مني المرأة خاصته الرقة و الصفرة و السيلان بغير دفع. فإن نفى ذلك عنها أخطأ».

و القضية الثانية: هي إذا علا ماء الرجل أذكر بإذن اللّه و إذا علا ماء المرأة أنث بإذن اللّه..

و نحن نعلم أن إفرازات المهبل حامضية بينما إفرازات عنق الرحم قلوية كما نعلم أن إفرازات عنق الرحم تكون ثخينة و لزجة في غير وقت الإبياض.. أما عند خروج البويضة من المبيض فإن هذه الإفرازات ترق و تخف لزوجتها لتسمح للحيوانات المنوية بالولوج بسهولة.

و نحن إلى الآن لا نعلم دور هذه الإفرازات في تشجيع الحيوان المنوي الذي يحمل شارة الذكورة أو الحيوان المنوي الذي يحمل شارة الأنوثة.. و يحتاج الأمر إلى مزيد من الأبحاث لتحديد دور هذه الإفرازات في تحديد الذكورة و الأنوثة.. و ذلك بواسطة تأثيرها على الحيوانات المنوية المذكرة أو المؤنثة.

و نحن نقول مع ابن القيم (التبيان في أقسام القرآن): «و مع هذا كله فهذا جزء سبب و ليس بموجب. و السبب الموجب مشيئة اللّه فقد يسبب بضد السبب.. و قد يرتب عليه ضد مقتضاه. و لا يكون في ذلك مخالفة لحكمته كما لا يكون تعجيزا لقدرته. و قد أشار في الحديث إلى هذا بقوله

ص:523

«أذكر و أنث بإذن اللّه». و قد قال تعالى: لِلّٰهِ مُلْكُ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ. يَخْلُقُ مٰا يَشٰاءُ. يَهَبُ لِمَنْ يَشٰاءُ إِنٰاثاً وَ يَهَبُ لِمَنْ يَشٰاءُ الذُّكُورَ. أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرٰاناً وَ إِنٰاثاً. وَ يَجْعَلُ مَنْ يَشٰاءُ عَقِيماً. إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ . فأخبر سبحانه أن ذلك عائد إلى مشيئته. و أنه قد يهب الذكور فقط و الأناث فقط. و قد يجمع للوالدين بين النوعين معا. و قد يخليهما عنهما معا. و أن ذلك راجع إلى مشيئته فهو متعلق بعلمه و قدرته».

الشبه:

و أما الشبه فموضوع آخر تحدثت عنه الأحاديث النبوية أيضا فقد يشبه الولد أباه و قد يشبه أمه أو أخواله.. و قد يشبه أحد أجداده.. و قد لا يشبه أيا من آبائه فقد جاء في صحيح البخاري عن أنس رضي اللّه عنه أن عبد اللّه بن سلام سأل النبي (ص) عن الشبه فقال النبي (ص): «و أما الشبه في الولد فإن الرجل إذا غشي المرأة فسبقها ماؤه كان الشبه له. و إذا سبقت كان الشبه لها»: قال عبد اللّه بن سلام رئيس أحبار اليهود آنذاك أشهد أنك رسول اللّه فآمن رضي اللّه عنه.

فالسبق في الحديث يحدد الشبه فإذا سبق ماء الرجل كان الشبه له.. و إذا سبق ماء المرأة كان الشبه لها.. و هذا لا ينفي أن الولد قد لا يشبه أيا من الوالدين.. كما جاء في حديث الفزاري الذي أخرجه البخاري و مسلم و أصحاب السنن الأربعة و أحمد و الدار قطني و فيه أن رجلا من بني فزارة جاء إلى النبي (ص) يعرض نفي ولده لأن امرأته ولدت غلاما أسود فقال (ص): هل لك من ابل؟ قال نعم. قال فما ألوانها؟ قال: حمر فقال رسول اللّه (ص): هل فيها من أوراق (أي أسمر) قال إن فيها لورقا. قال فأنّى أتاها ذلك؟ قال عسى أن يكون نزعه عرق. قال فهذا عسى أن يكون نزعه عرق».

و الخلاصة أن عوامل الشبه لأحد الوالدين أو للأسلاف أو بظهور صفات جديدة كما حدث للفزاري الذي جاءته امرأته بولد أسود دون أن يكون أحد الوالدين أسود، أمر بالغ التعقيد.. و تعمل فيه الجينات بصورة خفية و معقدة.. و بعضها يتبع قوانين مندل حسب الصفة سائدة DOMINANT أو متنحية RECESSIVE و بعضها لا يتبعها و حتى تلك التي تعتبر خاضعة لقوانين الوراثة قد تتخلف عن تلك القوانين و يعتبر الجنين عندئذ كامل التعبير أو ناقص التعبير FULLY EXPRESSED OR

PARTIALLY EXPRESSED و لا يزال العلم الحديث يجهل الكثير الكثير من الحقائق التي تحدد الشبه في الولد.

و لا ندري إلى الآن ما هو دور السبق في ماء الرجل أو ماء المرأة في الشبه من الناحية العلمية.. و حتى يتسع مدى العلم في هذا الباب فإننا نقبل الحديث الشريف بقلوب مطمئنة واثقة

ص:524

بصدق المصطفى (ص) الذي لا ينطق عن الهوى و الذي لا يقول إلا حقا.. و ينبغي أن يحفز ذلك العلماء المختصين في هذا الباب لدراسته فقد تنفتح لهم أبواب و تكشف لهم كشوفات.. و هذا معلم من معالم البحث التي ينبغي أن يدرسها العلماء المسلمون المختصون في هذا الفرع من العلم.

نطفة الرجل

تفرز الخصية مئات الملايين من الحيوانات المنوية.. و في كل دفقة مني ما بين مائتين إلى ثلاثمائة مليون حيوان منوي..

و إذا دققنا النظر في كل حيوان منوي وجدناه كالقذيفة الصاروخية.. له رأس مصفح مدبب و له عنق صغير و له ذيل طويل بواسطته يتحرك و ينطلق ليقطع المفاوز حتى يصل إلى البويضة أو يموت..

و رأس الحيوان المنوي المصفح لا يزيد عن خمسة ميكرونات (و الميكرون واحد على المليون من الميتر) و هو يحتوي على أسرار الوراثة كاملة ينقلها من الأب إلى الابن أو البنت على هيئة 23 جسيما ملونا (كروموسوما)..

و على قمة رأس الحيوان المنوي قلنسوة مصمتة مصفحة.. ذلك أن هذه القذيفة الموجهة تواجه أخطارا أثناء رحلتها الطويلة عبر المهبل فالرحم حتى تصل إلى قناة الرحم و من ثم إلى البويضة ليتم التلقيح.

أما العنق القصير ففيه مصدر الطاقة لهذه القذيفة الموجهة و تسمى الميتوكوندريا أو المصورة الحية و هي تحول السكر إلى طاقة حتى تمد هذه القذيفة بحاجتها أثناء رحلتها الطويلة.

و يبقى الذيل موجها لحركة هذه القذيفة و مساعدا لها على السباحة في خضم بحر المني و أمواجه المتلاطمة.. فيضرب الحيوان المنوي بسوطه عبر هذه الإفرازات المتعاقبة حتى يصل إلى بغيته.. و بواسطتها يسير بسرعة ميليمترين في الثانية الواحدة.. و هي مسافة تبلغ أضعاف أضعاف حجمه.

و ليست كل الحيوانات المنوية على وتيرة واحدة.. فهي أمة كاملة بل أمم متكاملة فمنها القصير و منها الطويل.. و منها القوي و منها الضعيف و منها ذو الرأس و منها ذو الرأسين.. و منها من له رأس مدبب و منها من له رأس ملتو.. و منها الذكور و منها الإناث.. و نقصد بالذكور الحيوانات المنوية التي تحمل شارة الذكورة Y و نقصد بالإناث الحيوانات المنوية التي تحمل شارة الأنوثة X كما قد مر معنا في الفصل السابق.

ص:525

و ليست كل هذه الملايين من الحيوانات المنوية صالحة لتلقح البويضة.. بل إن فيها ما يقرب من 20% غير صالحة للتلقيح ابتداء.. و يموت منها عدد كبير أثناء الرحلة من الإحليل إلى قناة الرحم.. و لا يصل من هذه الملايين إلى البويضة القابعة في الثلث الأخير من قناة الرحم إلا خمسمائة حيوان منوي فقط و يفلح واحد من هذه الملايين التي انطلقت من الإحليل إلى المهبل فالرحم فقناة الرحم - يفلح واحد فقط في اختراق جدار البويضة السميك.

فإذا ولج رأس الحيوان المنوي الذي اختارته يد القدرة الإلهية المبدعة فسرعان ما تتحد النواتان و يجتمع الشتيتان و تكتمل الصبغيات إلى حدها المعلوم (23 صبغيا من الأب و 23 صبغيا من الأم) فتجتمع على شكل أزواج.. ثم تبدأ الخلية الأمشاج أو البويضة الملقحة بالانقسام..

و الغريب حقا أن نشاط الحيوانات المنوية و خصوبتها لا تظهر إلا عند ما تصل إلى الرحم و تزداد هذه الخصوبة عند الاقتراب من سطح البويضة السميك.

و تقول الأبحاث الحديثة إن الحيوان المنوي و البويضة يحتاجان لبضع ساعات حتى يكسبا القدرة على التلاقح و التزاوج.. و تحدث في هذه السويعات تغيرات فسيولوجية و تشريحية فتفصل القلنسوة التي تغطي الرأس عند تماسه بالمنطقة الشفافة.. ZONA PELLUCIDA و تعرف هذه التغييرات باسم «التمكين و التكثيف» CAPACITATION أي تمكين الحيوان المنوي و تكثيف قدرته على التلقيح. (انظر كتاب علم الأجنة الإنساني EMBRYOLOGY BY BOYD AND HAMILTON

(4th EDITION HUMAN .

و تتدخل يد القدرة لتختار واحدا من هذه الأعداد الهائلة من الحيوانات المنوية فتهش له البويضة و تفتح له كوة في جدارها بينما العديد من الحيوانات المنوية الأخرى تحاول جاهدة أن تلج فلا تفلح.

و لا يجد هؤلاء المساكين إلا أن يموتوا كمدا على جدارها.. و تتحلل أجسادهم ليفتحوا الطريق لزميلهم الذي اختارته يد القدرة المبدعة.. فتحلل أجسادهم يذيب شيئا من صلابة جدار البويضة بما يسمح للحيوان المنوي المختار أن يلج بسهولة و يصل إلى مقره و مثواه.

و الغريب حقا أن البويضة و الحيوانات المنوية التي حولها تدور قبل التلقيح سبع دورات و كأنها طائف يطوف بالبيت في حركة تسمى «ضد عقارب السارعة» CLOCKWISE ROTATION ANTI

و هي نفس حركة الطائف بالبيت الحرام حيث يجعل الحجر الأسود على يساره ثم يطوف بالبيت سبعا. و كذلك تتحرك الذرات كما تتحرك الإلكترونات حول النواة و بنفس الطريقة تدور الأرض حول

ص:526

الشمس و هكذا الأفلاك وَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ .

سبب كبر حجم البويضة و صغر حجم الحيوان المنوي:

و لعل القارىء يسأل لماذا البويضة كبيرة بهذا الشكل بينما الحيوان المنوي متناه في الصغر؟

سؤال وجيه و قبل أن نجيب عليه نزيد هذه الحقيقة توضيحا..

إن البويضة هي أكبر خلية في جسم الإنسان.. فهي تبلغ في قطرها 200 ميكرون بينما الحيوان المنوي لا يزيد عن خمسة ميكرونات.. و مع هذا فإن الحيوان المنوي يساهم بنصف مكونات الجنين تماما كما تساهم البويضة.. فما السر إذن في كبر حجم البويضة؟

إن السر يكمن في أن البويضة هي المسؤولة عن تغذية هذه النطفة الأمشاج المكونة من كروموسومات الحيوان المنوي (الأب) و كروموسومات البويضة (الأم).. و عليها أن تقوم بالتغذية حتى تعلق النطفة و تنشب في جدار الرحم لتصبح العلقة.

و هكذا الأم دائما تقوم بأضعاف أضعاف ما يقوم به الأب.. فهي المسؤولة عن تغذية النطفة الأمشاج حتى تبلغ مرحلة العلوق بجدار الرحم.. و هناك تعطيه من دمائها و توفر له الغذاء و الهواء و الحماية الكاملة.. و تأخذ منه السموم التي يفرزها جسمه أثناء نموه حتى يأذن اللّه بخروجه متكامل البناء سوي الأعضاء تلقمه ثديها و تغذيه بلبنها و عطفها و حنانها.. فلا غرو بعد ذلك أن جعل لها الرسول الكريم المقام الأول في البر و الصلة و الطاعة و قدمها على الأب ثلاثا و جعل الجنة تحت أقدامها.

و لعل القارىء الكريم قد لاحظ الفروق الهائلة بين الحيوان المنوي و البويضة فالحيوان المنوي صغير الحجم يشبه القذيفة الصاروخية و له رأس مصفح مدبب و له ذيل طويل يساعده على السباحة في بحر المني.. و هو سريع الحركة قوي الشكيمة شديد البأس.. و هو ينطلق عبر المفاوز و المخاطر غير هياب و لا وجل.. حتى يصل إلى بغيته و مقصده أو يموت.. و عكس ذلك البويضة فهي كالبدر المنير و عليها هالة مشعّة تسمى علميا التاج المشع.. و لا تمشي إلا بدلال و لا تسير إلا باختيال..

تدفعها الأهداب الرقيقة في قناة الرحم دفعا رقيقا و هناك تقف في الثلث الأخير من القناة تنتظر وصول المحبوب. فإذا ما قدم و وصل إليها هشت له و بشت و سمحت له بالولوج..

و أنت مما تقدم ترى أن الحيوان المنوي يمثل وصف الذكورة أصدق تمثيل بينما تمثل البويضة وصف الأنوثة في أروع صورها.

ص:527

و تستمر هذه الفروق بين الذكر و الأنثى في جميع مراحل الحياة.. و لكل وظيفة.. و لكل عمل خاص به.. فالحيوان المنوي للجهاد و الجلاد.. و البويضة الساكنة الهادئة لبناء العش و المحضن..

و صدق اللّه العظيم حيث يقول وَ لَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثىٰ فلكل وظيفته المنوطة به.. فإذا ما حاد عنها كان ذلك الفساد المستشري و تلك الاضطرابات التي لا تنتهي.

و مصادمة الفطرة في قوانينها و سننها لا بد فاشلة و سنة اللّه غالبة وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللّٰهِ تَحْوِيلاً .

سبب كثرة الحيوانات المنوية و ندرة عدد البويضات:

قد لاحظ القارىء أن الخصية تفرز ملايين الحيوانات المنوية بل إن في القذفة الواحدة من المني ما يبلغ تعداد الهند بأكملها.. و يستطيع الرجل منذ البلوغ إلى سن الشيخوخة المتأخرة أن يفرز ملايين الحيوانات المنوية كل يوم بينما المرأة لا تفرز إلا بويضة واحدة في الشهر منذ البلوغ إلى سن اليأس و هو ما بين الأربعين و الخمسين.. أي أن مجموع البويضات التي يفرزها المبيض طوال حياة المرأة التناسلية لا يزيد عن خمسمائة بويضة فقط. أما ما يفلح منها في التلقيح فلا يزيد عن عدد الأصابع إلا فيما ندر. و تقول الأبحاث الطبية إنه في مقابل كل بويضة يفرزها المبيض فإن الخصية تفرز بليون حيوان منوي على الأقل.

فما هو السبب يا ترى في كثرة الحيوانات المنوية و ندرة عدد البويضات؟

لعل القارىء قد أدرك جزءا من الجواب حينما وصفنا الحيوانات المنوية.. و قلنا إن ما يقرب من 20 بالمائة منها ينزل و هو غير صالح للتلقيح ابتداء.. كما أن نسبة أخرى تبلغ 20 بالمائة أيضا تموت في خلال ساعتين من نزولها من الإحليل.. و تحتاج الحيوانات المنوية لتقطع رحلتها من المهبل إلى الرحم حتى تصل إلى البويضة في قناة الرحم.. تحتاج إلى 6 ساعات على الأقل و هي المدة التي تقطعها الحيوانات المنوية القوية الشكيمة السريعة الحركة و غالبا ما تكون الحيوانات المنوية التي تحمل شارة الذكورة.. أما الحيوانات المنوية الأبطأ حركة هي عادة الحيوانات المنوية التي تحمل شارة الأنوثة فإنها تحتاج إلى ما بين 12 و 24 ساعة لتقطع هذه الرحلة الطويلة المحفوفة بالمخاطر.

و يموت عدد كبير آخر من الحيوانات المنوية نتيجة للإفراز الحامضي الموجود في المهبل كما يموت عدد آخر عند عنق الرحم..

و في أثناء الرحلة المحفوفة بالمفاوز و المخاطر يهلك عدد آخر من الحيوانات المنوية و بما أن

ص:528

هناك قناتين للرحم.. و الحيوانات المنوية لا تعلم في أيهما البويضة فإن عددا كبيرا سيلقى حتفه عند ما يذهب إلى قناة الرحم التي لا توجد بها بويضة.. ليس ذلك فحسب و لكن وصول الحيوانات المنوية لا بد أن يتزامن مع خروج البويضة من المبيض.. و إلا فالموت هو المصير المحتوم لكل حي.. فالبويضة لا تعيش أكثر من 24 ساعة بل إن فترة خصوبة البويضة هي اثنتا عشرة ساعة فقط..

أما ما يصل إلى البويضة من الحيوانات المنوية التي تبلغ مئات الملايين عند بدء رحلتها فلا يزيد في النهاية عن خمسمائة حيوان منوي فقط و لا بد من تحلل أجساد هذه الحيوانات حتى تذيب جدار البويضة السميك لتسمح لواحد منها فقط بالولوج ليتحد مع البويضة مكونا النطفة الأمشاج..

و سيدرك السائل دون ريب الحكمة الإلهية في جعل الحيوانات المنوية بالملايين بل بمئات الملايين. و إذا علم السائل أن عشرين مليونا من الحيوانات المنوية في كل ميليلتر من المني تعتبر الحد الأدنى للإخصاب عرف أهمية كثرة هذه الحيوانات المنوية.

و هكذا تتضح بجلاء فائدة وجود هذا العدد الكبير من الحيوانات المنوية و هذه القاعدة لا تشذ في الوجود كله. فكلما كانت الحياة أقصر و محفوفة بالمخاطر و وسائل الدفاع قليلة عوضها اللّه بكثرة عددها و وفرة نسلها.. انظر إلى عالم الفيروسات و البكتريا.. إنها تتكاثر بالملايين في الساعة الواحدة و لكنها سرعان ما تموت.. و لو لا ذلك لفنيت عن بكرة أبيها..

انظر إلى عالم الحشرات تجد القاعدة ذاتها.. فالذبابة تبيض في الأسبوع الواحد آلاف البويضات.. و لو نجحت هذه البويضات في أن تتحول إلى يرقات ثم إلى حشرات لغطت سطح الكرة الأرضية في وقت وجيز.. و لما جعلت لغيرها مكانا للبقاء.. لو لا أن عوامل الموت تكتنفها من كل حدب و صوب فلا يبقى منها إلا القليل.

و في عالم الأسماك.. تبيض سمكة النجمة STAR FISH ملايين البويضات في المرة الواحدة.. و لو لم تكتنفها عوامل الفناء و الموت لملأت البحار و المحيطات في مدة وجيزة بحيث لا تبقى مكانا لغيرها قط..

و في عالم الأشجار أنواع من الأعشاب تفرز ثمارها ملايين البذور و لو نجحت هذه لغطت سطح الأرض في زمن وجيز بحيث لا يبقي مكان لغيرها و لكن ينجح منها في البقاء عدد ضئيل..

و هكذا في الطيور و الحيوانات.. أطولها أعمارا أقلها تناسلا و أقصرها أعمارا أكثرها تناسلا..

و صدق الشاعر حيث يقول:

بغاث الطير أكثرها فراخا و أم الصقر مقلات نزور

ص:529

و في المثل: بقية السيف أكثر عددا و أقوى مددا.

و في جميع عوالم الأحياء.. من فيروسات و بكتريا من نبات و حيوان.. من طير و سمك تجد هذه القاعدة إذا طالت الأعمار و قلت الأخطار قل النسل و إذا قصرت الأعمار و أحدقت بالنسل الأخطار كثر التوالد حتى يبقى التوازن قائما محفوظا بين جميع الكائنات.. لا يطغى أحدها على الآخر..

كلها تريك الحكمة في التقدير.. إِنّٰا كُلَّ شَيْ ءٍ خَلَقْنٰاهُ بِقَدَرٍ و صدق اللّه العظيم الذي خلق كل شيء فقدره تقديرا.

نطفة المرأة

«يا يهودي: من كل يخلق: من نطفة الرجل و نطفة المرأة»

حديث شريف

لم يرد في القرآن الكريم نص مخصوص على النطفة المؤنثة.. كما ورد على نطفة الذكر في قوله أَ لَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنىٰ (1) إنما يذكر النطفة في أكثر المواضع مجملا لتشمل نطفة الرجل و المرأة.. كما ورد ذكر الماء بلفظ الماء و الماء المهين و الماء الدافق.

و قد شرحنا الماء الدافق عند ما ذكرنا قوله تعالى: فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسٰانُ مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ مِنْ مٰاءٍ دٰافِقٍ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَ التَّرٰائِبِ (2).. و أوضحنا أن الماء الدافق هو مني الرجل و هو أيضا الماء الذي يتدفق من حويصلة جراف عند انفجارها لتخرج منه البويضة إلى بوق قناة الرحم.. و قد ذكرت الآيات الكريمة خلق الإنسان من كل من نطفة الذكر و الأنثى..

قال تعالى: إِنّٰا خَلَقْنَا الْإِنْسٰانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشٰاجٍ (3).

قال ابن كثير في تفسيره: أمشاج أخلاط.. و المشج و المشيج المختلط بعضه ببعض.. و قال ابن عباس رضي اللّه عنه «من نطفة أمشاج يعني ماء الرجل و ماء المرأة إذا اجتمعا ثم ينتقل بعد من طور إلى طور و حال إلى حال.. و لون إلى لون».. و هكذا قال عكرمة و مجاهد و الحسن و الربيع بن أنس:

ص:530


1- (1) القيامة 37.
2- (2) الطارق 5-7.
3- (3) الإنسان 2.

«الأمشاج هو اختلاط ماء الرجل بماء المرأة».

و قال تعالى: يٰا أَيُّهَا النّٰاسُ إِنّٰا خَلَقْنٰاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَ أُنْثىٰ وَ جَعَلْنٰاكُمْ شُعُوباً وَ قَبٰائِلَ لِتَعٰارَفُوا (1)

و نص في هذه الآية نصا واضحا على أن الجنين البشري إنما يتكون من كل من الذكر و الأنثى(2) و قد كان العرب و كثير من الأمم يعتقدون أن الجنين البشري إنما يتكون من نطفة الذكر و يشبهونه بالبذرة و يشبهون الرحم بالأرض التي تنبته.. و لا يجعلون للمرأة دورا سوى الرعاية و الإنماء و الإنبات.. و إمداد البذرة بالماء و الغذاء.. و جاءت الآيات الكريمة لتصحح هذا المفهوم و تخبرنا أن اللّه إنما خلق الإنسان من نطفة أمشاج مختلطة من ماء الرجل و ماء المرأة و أنه خلق البشر من ذكر و أنثى..

و أخرج الإمام أحمد في مسنده: إن يهوديا مر برسول اللّه (ص) و هو يحدث أصحابه فقالت قريش: يا يهودي إن هذا يزعم أنه نبي. فقال لأسألنه عن شيء لا يعلمه إلا نبي فقال يا محمد، مم يخلق الإنسان؟ فقال رسول اللّه (ص) «يا يهودي. من كل يخلق: من نطفة الرجل و من نطفة المرأة».

و في هذا الحديث نص صريح على أن الإنسان إنما يخلق من نطفة الرجل و نطفة المرأة معا..

و عند ذاك لم يملك اليهودي نفسه فقال: هكذا كان يقول من كان قبلك (أي الأنبياء).

و البويضة تتكون في المبيض.. و تخرج بويضة واحدة كل شهر منذ البلوغ و حتى سن اليأس أي ما بين أربعين سنة إلى خمسين.. هي كل حياة المرأة التناسلية.

و الغريب حقا أن المبيض في الطفلة و هي لا تزال في بطن أمها يحتوي على ستة ملايين بويضة أولية و لكن كثيرا من هذه البويضات تذوي و تموت قبل خروج الطفلة إلى الدنيا.. و تستمر في اندثارها حتى إذا بلغت الفتاة المحيض لم يبق منها إلا ثلاثون ألفا فقط.. و ما ينمو منها و يخرج من المبيض إلى قناة الرحم لا يزيد عن أربعمائة بويضة فقط في حياة المرأة بكاملها.

و بويضة المرأة هي أكبر خلية إنسانية.. فقطرها يبلغ مائتي ميكرون (خمس ميليمتر) بينما معظم خلايا الجسم لا تزيد عن بضع ميكرونات.. و إذا قارناها بالحيوان المنوي فإنا سنجد فرقا

ص:531


1- (1) الحجرات 13.
2- (2) ذكره ابن جرير الطبري في تفسيرة للآية أعلاه «إنّا أنشأنا خلقكم من ماء ذكر من الرجال و ماء انثى من النساء»... و يقول: «و بنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل» و رواه عن مجاهد.

شاسعا فالحيوان المنوي لا يزيد عن خمسة ميكرونات.. و مع هذا فإن الحيوان المنوي يساهم بنصف تكوين الجنين تماما..

و السر في ذلك أن عدد الجسيمات الملونة (الكروموسومات أو الصبغيات) واحد في كل منها و تحتوي البويضة على 23 جسيما ملونا مثلما يحتوي الحيوان المنوي على نفس العدد. فإذا اجتمعا معا صارت البويضة الملقحة تحتوي على 46 جسيما ملونا مثل بقية الخلايا.

و الجدير بالذكر أن خلايا المبيض الجرثومية تبدأ في الانقسام الاختزالي و المرأة لا تزال جنينا في بطن أمها.. و لا يتم هذا الانقسام إلا عند خروج البويضة من المبيض إلى القناة الرحمية و عند شعورها باقتراب الحيوان المنوي منها.. أما إذا لم يقترب منها الحيوان المنوي فإنها تعرف بطريقة ما أن لا داعي لإكمال الانقسام و مواصلة الكد و العمل إذ إن نهايتها هي الموت و الطرد من الرحم..

فتبقى دون أن تتم انشطارها الاختزالي.

أما إذا أحست بدنو الحيوان المنوي منها فإنها عندئذ تكمل انقسامها و تتم استعدادها لاستقباله..

أ ليس هذا غريبا؟ بلى إنه لكذلك.. و كم في جسم الإنسان من غرائب و عجائب تشير إلى القدرة المبدعة في كل خلايا الجسم.. فسبحان من خلق و أبدع.. و سبحان من جعل لكل خلية هاديا و مرشدا.

يحتاج الانقسام الاختزالي لإتمامه سنوات طوالا (قد تبلغ نصف قرن من الزمان).. و ربما انقضت حياة المرأة دون أن يتم.. لأن تمامه لا يكون إلا بحضور الحيوان المنوي.. فإذا لم يحضر الحيوان المنوي إلى البويضة عند خروجها من المبيض أو خلال ساعات من خروجها فإنها تحزن و تنطوي على نفسها لتموت بعد يوم من خروجها.

إن الانقسام الاختزالي في الخلايا الجرثومية التناسلية عند الرجل لا يبدأ إلا عند البلوغ و يحتاج إلى إتمامه ثلاثة أسابيع على الأكثر بينما الانقسام الاختزالي للمرأة يبدأ و هي بعد جنينا في بطن أمها.. و لا يكتمل إلا بعد الزواج و عند وجود الحيوان المنوي الذي سيلقح البويضة.. و آخر البويضات خروجا أي قبيل سن اليأس مباشرة يكون قد مضى عليها خمسون عاما منذ ابتداء انقسامها الاختزالي أي مذ كانت جنينا في بطن الأم إلى أن وصلت سن الكهولة.

ص:532

نصف قرن من الزمان ربما احتاجته الخلايا الجرثومية التناسلية للمرأة حتى يكتمل انقسامها و نموها بينما لا تحتاج الخلية الجرثومية التناسلية للذكر إلا لثلاثة أسابيع لتتم انقسامها الاختزالي و تكون جاهزة لتلقيح البويضة خلال شهرين فقط من بدء انقسامها.

و تحت تأثير هرمون تفرزه الغدة النخامية F.S.H. هو الهرمون المنشط للحويصلات تنمو مجموعة من البويضات.. و لكن واحدة منها فقط هي التي تكمل نموها فتحاط بمجموعة من الخلايا على هيئة صفوف دائرية حولها.. ثم يتجمع سائل فيما بين البويضة و هذه المجموعات من الخلايا و يزداد نمو السائل كما أن الحويصلة تقترب من سطح المبيض.. حتى إذا ازداد الضغط داخل الحويصلة انفجرت في أحد جوانبها و اندلق السائل الأصفر منها و خرجت البويضة إلى بوق الرحم تتلقفها أهدابه المحيطة بالمبيض(1).

و تحيط بالبويضة مجموعة من الخلايا تكون لها كالتاج المشع RADIATA CORONA و هذا هو اسمها العلمي.. فتخرج متهادية في مشيتها تدفعها الشعيرات الدقيقة لقناة الرحم دفعا يسيرا..

فلكأنما هي ملكة تتهادى و على رأسها ذلك التاج المشع الذي يجتذب ملايين الحيوانات المنوية ببريقه..

و تبقى البويضة يوما كاملا في انتظار رفيق العمل و زوج المستقبل فإن لم يأت فسرعان ما تذوي و تموت كمدا و عندئذ تدفعها شعيرات قناة الرحم دفعا إلى الرحم الذي يطردها إلى المهبل مع إفرازاته.

أما إذا جاءها موعود القدر فإنها تهش للقائه و تفرز شيئا يسيرا من جدارها لاستقباله.. بينما يقتتل المئات ليموتوا على جدارها السميك المصمت و تتحلل أجسادهم لتفسح الطريق لأخيهم الذي اختارته يد القدرة فيلج إلى داخلها عبر التاج المشع و عبر الجدار السميك لتستقر نواته أمام نواتها..

و عندئذ تتحد النواتان لتكوّن البويضة الملقحة أو النطفة الأمشاج..

فإذا حصل التلقيح و الحمل توقفت الدورة الشهرية لإخراج البويضات.. و ذلك لأن البويضة الملقحة سرعان ما تنقسم و تتحول إلى مجموعة كبيرة من الخلايا على هيئة التوتة أو الكرة..

ص:533


1- (1) تنمو حويصلة جراف نموا كبيرا بامتلائها بالسائل الحويصلي FOLLICULARLIQUID حتى ليبلغ حجمها 6 ميليمترات و يزداد الضغط بداخلها إلى 15 ميليمتر من الزئبق فتنفجر في أضعف نقطة فيها و تنطلق البويضة محاطة بالتاج المشع.. و تتلقفها أهداب البوق فتدخلها قناة الرحم. و تدفعها الشعيرات CILIA و تقلصات قناة الرحم إلى الثلث الوحشي من قناة الرحم حيث تلتقي بإذن اللّه بالحيوان المنوي لتكون النطفة الأمشاج (البويضة الملقحة).

و سرعان ما تعلق بجدار الرحم.. فإذا علقت أرسلت رسولا إلى المبيض يخبره بالخبر.. و تطلب منه أن يستمر في إرسال هرمون الحمل (البروجسترون) فيلبي المبيض الطلب و يستمر الجسم الأصفر في إرسال هرمون الحمل الذي ينمي الرحم و يزيد من تغذيته و ترويته بالدماء كما يجعل جسم المرأة بأكمله يستعد للحمل.. و في نفس الوقت يرسل إشاراته إلى الغدة النخامية يقول لها لا داعي الآن لإرسال الهرمون المنشط و المنمي للحويصلات فإننا لا نريد نموا لأي من البويضات حتى تنتهي فترة الحمل..

أما البويضة الملقحة فإنها تزيد من سمك جدارها مرات عديدة و تخلع عنها تاجها المشع..

و تبدأ مباشرة في العمل الجاد و الانقسام.. و تترك التصدي للحيوانات المنوية و التعرض لهم فقد انتهى غرضها.. و اكتفت بزوجها و بما هي فيه من جهد لإيجاد الجنين..

فإذا ما جاءتها الحيوانات المنوية و هي في هذه الحال فهي تتركهم يموتون على جدارها حسرة و كمدا دون أن تفتح لهم بابا و لا كوة.. و لا تريهم منها إلا الصد مهما بذلوا في إرضائها أرواحهم و مهجهم.. لا تجود لهم بوصل و لا تقر لهم بعاطفة فهي لزوجها و لزوجها فقط مهما بذلوا و مهما حاولوا.. فتراهم تحت المجهر جثثا على بابها و هي غير آبهة لهم و لا ناظرة إليهم.. فرعاها اللّه من زوجة مخلصة برة و فيه!

أما إذا قدر اللّه و لم يحصل الحمل فإن البويضة سرعان ما تموت و يطردها الرحم و تبقى حويصلة جراف التي خرجت منها البويضة صفراء باهتة لفرط حزنها على فراق البويضة و تسمى آنذاك «الجسم الأصفر» CORPUS LUTEUM . و ما هي إلا أيام معدودة تعلم خلالها أن لا حمل هناك فيشتد ما بها من كمد فتموت و تذوي و يبيض جسمها ابيضاض الموت و شحوبه و تسمى عندئذ الجسم الأبيض CORPUS ALBICANS .

و عندئذ يشارك الرحم الجميع الحزن فيبكي.. و يبكي دما.. و هو دم الحيض و لكن عناية اللّه ترعى الجميع فيكفكفون دموعهم و تبدأ الغدة النخامية مرة أخرى ترسل الهرمون المنشط للحويصلات F.S.H. و تنمو حويصلة أخرى و بها البويضة.. كما أن بها مجموعة من الخلايا التي تفرز هرمون الأنوثة الأوستروجين.. فيجعل كيان المرأة بأكمله جسديا و نفسيا و تناسليا راغبا في التلقيح.. و تتعرض الأنثى لزوجها.. حتى لا تضيع الفرصة مرة أخرى.. و تحت تأثير هرمون آخر من الغدة النخامية تخرج حويصلة جراف البويضة من داخلها و تقذف بها إلى القناة الرحمية فتتلقفها أهداب البوق.. و في نفس الوقت تنمو خلايا الحويصلة و يصفر لونها.. و ترسل هرمون الحمل البروجسترون فتشتد رغبة المرأة في لقاء زوجها.. و يستعد جسمها بأكمله لهذا اللقاء.. حتى

ص:534

إفرازات عنق الرحم الثخينة ترق لتسمح بسرعة للحيوانات المنوية بالولوج فهي في شوق و تلهف للقائها و تصعد الحيوانات حثيثا لتجد البويضة بتاجها المشع تدعوهم إليها.. و عند ذاك تختار يد القدرة واحدا من هذه الحيوانات ليلقحها و عندئذ يهش الرحم لذاك الحدث فيستعد بالبسط و الطنافس ليرحب بالوافد و القادم و تسارع الدماء إلى الرحم تمده بالماء و الغذاء.. كما أن هرمون الحمل يزداد إفرازه من الجسم الأصفر في المبيض ليؤذن الجسم بأكمله بابتداء الحمل مستعدا باختزان الأملاح و الحديد و الدماء و الفيتامينات ليعطيها الجنين.. حتى الأثداء تبدأ استعدادها و تنمو غددها اللبنية تحسبا للّحظة التي سيخرج فيها المولود إلى الدنيا فيجد غذاءه جاهزا.

أمور لا تخطر ببال و لا في الخيال.. و خلايا ليس لها عقل و لا إدراك تفعل هذه العجائب كأحسن ما يكون العقل و الإدراك و كأحسن ما تكون البراعة و الدقة في التنظيم..

ص:535

عملية الهضم و تكون الدم و جريانه في الشرايين و الأوردة

فكر يا مفضل في وصول الغذاء إلى البدن، و ما فيه من التدبير، فإن الطعام يصير إلى المعدة فتطبخه، و تبعث بصفوه إلى الكبد، في عروق دقاق واشجة(1) بينهما. و قد جعلت كالمصفي للغذاء، لكيلا يصل إلى الكبد منه شيء فينكأها(2) و ذلك أن الكبد رقيقة لا تحتمل العنف، ثم إن الكبد تقبله فيستحيل بلطف التدبير دما، و ينفذه إلى البدن كله في مجاري مهيئة لذلك، بمنزلة المجاري التي تهيأ للماء ليطرد في الأرض كلها و ينفذ ما يخرج منه من الخبث و الفضول إلى مفائض(3) قد أعدت لذلك فما كان منه من جنس المرة(4) الصفراء جرى إلى المرارة(5) و ما كان من جنس السوداء جرى إلى الطحال، و ما كان من البلة و الرطوبة جرى إلى المثانة(6).

ص:536


1- (1) الواشجة: مؤنث الواشج اسم فاعل بمعنى المشتبك، يقال: و شجت العروق و الأغصان إذا اشتبكت و المراد بالواشجة هنا الموصلة أو الواصلة.
2- (2) نكأ القرحة قشرها قبل أن تبرأ فندبت.
3- (3) المفائض: المجاري، مأخوذة من فاض الماء، و في بعض النسخ بالغين من غاض الماء غيضا، أي نضب و ذهب في الأرض.
4- (4) المرة: خلط من أخلاط البدن و هو الصفراء أو السوداء، جمعه مرار.
5- (5) المرارة: شبه كيس لاصقة بالكبد تكون فيها مادة صفراء هي المرة أشار إليها الإمام، جمعها مرائر و مرارات.
6- (6) في كلام الإمام عليه السّلام هنا معان صريحة عن الدورة الدموية - التي اكتشفها العالم الإنكليزي وليم هار في (1578-1756) بل إن الإمام قد فصل القول - كما نرى هنا - عن جريان الدم في الأوردة و الشرايين، و أن مركزه هو القلب، فنستطيع إذن أن نقول بأن الإمام هو المكتشف الأول للدورة الدموية.

فتأمل حكمة التدبير في تركيب البدن، و وضع هذه الأعضاء منه مواضعها، و اعداد هذه الأوعية فيه، لتحمل تلك الفضول، لئلا تنتشر في البدن فتسقمه و تنهكه، فتبارك من أحسن التقدير، و أحكم التدبير، و له الحمد كما هو أهله و مستحقه(1).

ص:537


1- (1) توحيد المفضل ص 19-20.

الجهاز الهضمي

اشارة

تحتاج كل واحدة من ملايين الخلايا الحية الموجودة في الجسم إلى الطاقة لتؤدّي وظيفتها.

هذه الطاقة يؤمّنها الغذاء الذي نتناوله. إذا وضعت عشرة ملايين خليّة جنبا إلى جنب لما تعدّى طولها المليمتر الواحد (04، 0 انش). مع ذلك فكل خليّة مصنع كيميائي حيويّ معقّد، يجب أن تؤمّن طاقته من الطعام بدقة.

عملية الهضم

الهضم عملية يتم فيها التفكك التدريجي للمواد الغذائية إلى عناصرها الأساسية: البروتينات إلى حوامض أمينية (لتأمين اللّبنات اللازمة لبناء بروتينات جديدة)، و هيدراتات الكربون (النشاوات) إلى سكّر عادي، و الأدهان إلى حوامض دهنية و غليسرول لتزويد الجسم بالطاقة.

قد يسهل فهمنا لخفايا عمليات الهضم إذا تتبعنا مصير سندوتش من اللحم و الخس خلال الأربع و العشرين ساعة أو ما يناهزها التي يمكثها في المجرى الهضمي. هذا مثل ملائم، لأنه يحتوي على عناصر الطعام الأساسية الثلاثة: فاللحم أكثره من البروتين، و الخبز غني بهيدرات الكربون، و الزبدة دهن، و الخس يعطي فضلة من السلولوز غير قابلة للهضم في معظمها.

عند ما نأكل السندوتش، نمضغه و نمزجه باللعاب القلوي الذي تفرزه ثلاثة أزواج من الغدد اللعابية الواقعة حول الفكين. تصب اللعاب في الفم قنوات صغيرة تحت طرف اللسان و في الخدين.

في هذه المرحلة تكون عملية الهضم قد بدأت، لأن اللعاب يحتوي على خميرة هضمية، تعرف باسم الاميلاز، من شأنها أن تؤثّر في النشاوات (في هذا المثل الخبز) و تبدأ بتحويلها إلى ملتوز، و هو نوع من السكّر القابل للذوبان.

عند ما يدخل الطعام المعدة، يمتزج كليا بالعصير المعدي بفضل عملية المخض التي تقوم بها العضلات القوية لجدران المعدة.

بعد مرور ساعة أو نحو ذلك، يكون السندوتش قد تحوّل إلى لبّ هو الكيموس، و أصبح جاهزا لدخول الاثني عشريّ، و هو أول قسم قصير و معقوف من المعي الدقيق.

في المعي الدقيق

سمّي المعي الدقيق بهذا الاسم بسبب قطره لا بسبب طوله الذي يبلغ 7 امتار (نحو من 23

ص:538

قدما). يتم على طول المعي الدقيق القسم الأكبر من عملية الهضم و عملية الامتصاص داخل الدم المجاور. يواجه الكيموس، في طريقه من المعدة إلى المعي الدقيق، تغيرا شديدا في البيئة، إذ يصبح قلويا بعد أن كان حمضيا و ذلك بفعل امتزاجه بالعصارات الهضمية التي تنطلق من البنكرياس و المرارة و تصبّ في الاثني عشريّ.

البنكرياس غدة يقرب طولها من 18 سم (7 انش)، و تقوم بدور حيوي في عملية الهضم بإفرازها خمائر هضمية تفعل في هيدرات الكربون و البروتين و الدهن.

يساعد في عملية الهضم أيضا فعل الصفراء الاستحلابي، و هي سائل كثيف أخضر اللون مرّ الطعم، يصنعه الكبد و يخزن من المرارة.

تفرز بطانة المعي الدقيق أيضا مجموعة كاملة من الخمائر الهضمية، تسمّى مجتمعة بالعصير المعوي، و من البروتين و هيدرات الكربون و الدهن التي تتحول جميعها آخر الأمر إلى حوامض امينية و سكّر و غليسرول و حوامض دهنية.

يشكّل دخول هذه المواد في المجرى الدموي، بعد أن يتمّ هضمها، المرحلة الأساسية التالية في تأمين المواد المغذية للخلايا. تكثر الثنيات في بطانة المعي الدقيق، لزيادة مساحته، و فيها آلاف النتوءات الاصبعية الشكل التي تعرف باسم الزغب (7، 6). يتموج هذا الزغب إلى الأمام و إلى الوراء فيمسّ بصورة حميمة الأوعية الشّعرية و القنوات اللمفاوية الغزيرة القائمة في كل زغبة.

تدخل الحوامض الأمينية و السكّر أوعية الدم الشّعرية من خلال غشاء الزغبة، و تدخل الحوامض الدهنية و الغليسرول الخلايا اللمفاوية، لتنتقل إلى الكبد الذي يقوم معا بدور مخزن رئيسي و ورشة تصليح و معمل كيميائي للجسم.

إفراز النفايات

عند هذه المرحلة يكون السندوتش قد تم هضمه و امتصاصه و تصنيعه في الكبد. أما القسم الأكبر من الخسّة، فيبقى بشكل سلولوز غير قابل للهضم في نهاية اللفيفي (و هو الجزء الأخير من المعي الدقيق). ثم يمر مع كميات كبيرة من الإفرازات المعدية و غيرها من الحطام من خلال اللفيفي إلى الأعور، و هو الجيب الكائن في مدخل القولون الذي يؤلف الجزء الرئيسي من المعي الغليظ.

وظيفة المعي الغليظ الرئيسية هي استرجاع الماء و مواد كيميائية هامة، بإعادة امتصاصها، إلى داخل المجرى الدموي. يتخلص المعي الغليظ من النفايات، و هي كل ما تبقى من السندوتش - الذي التهم منذ ساعات - عن طريق الشرج و قد اتخذت شكل غائط يتألف قسم كبير منه من الجراثيم الميتة.

ص:539

الدماغ و أغشيته و الجمجمة و فائدتها

اشارة

و لو رأيت الدماغ إذا كشف عنه لرأيته قد لف بحجب بعضها فوق بعض لتصونه من الأعراض، و تمسكه فلا يضطرب. و لرأيت عليه الجمجمة بمنزلة البيضة، كيما تقيه(1) هدّ الصدمة، و الصكة التي ربما وقعت في الرأس ثم قد جللت الجمجمة بالشعر، حتى صارت بمنزلة الفرو للرأس يستره من شدة الحر و البرد، فمن حصن الدماغ هذا التحصين، إلا الذي خلقه و جعله ينبوع الحس، و المستحق للحيطة و الصيانة، بعلو منزلته من البدن، و ارتفاع درجته، و خطير مرتبته.

ص:540


1- (1) في نسخة يفته بدلا من تقيه، و يفته من الفت و هو الكسر.

الدماغ

الدماغ هو منبع العقل الذي به ميز الخالق عز و جل الإنسان عن سائر المخلوقات الحية الأخرى، و هو يعد أشد أجهزة البدن تعقيدا، و مع هذا فقد استطاع العلماء كشف الكثير من أسراره، و تمكنوا من تمييز مستويين من مستوياته:

1 - المناطق العليا من الدماغ: و فيها المراكز التي توجه النشاطات الإرادية التي يقوم بها الإنسان و تتوضع هذه المراكز في (قشرة الدماغ) كما سوف نبين بعد قليل.

2 - المناطق الدنيا من الدماغ: و هي المسؤولة عما ندعوه بالنشاطات (غير الإرادية) مثل:

التنفس، و ضغط الدم، و التوازن، و المنعكسات. و تشمل هذه المناطق البصلة السيسائية، و جسر المخ، و المخ المتوسط، و المهاد، و الوطاء، و المخيخ، و النوى القاعدية.

يزن دماغ الإنسان البالغ حوالي 1400 غ (- 2% من وزن الجسم) و يزيد وزن دماغ الرجل عن وزن دماغ المرأة قليلا، و قد أثبتت الشواهد العلمية المعاصرة أن أدمغة البشر آخذة في الكبر فقد ازداد معدل وزن الدماغ من (1372 غ) في عام 1860 م إلى (1424 غ) في أيامنا الراهنة. و لعلّ أثقل دماغ بشري سجل في التاريخ حتى الآن هو دماغ الكاتب الروسي الشهير تورجنيف (1818 - 1883 م) الذي بلغ (2012 غ) أما أصغر دماغ بشري فقد بلغ (1096 غ) حسب تقرير الدكتورين (دافيس، رايت) من مستشفى الملك في لندن سنة 1977 م، و هو دماغ امرأة في عامها الحادي و الثلاثين!

و نظرا لأهمية الدماغ فإن اللّه عز و جل أودعه داخل هذا الصندوق المحكم (الجمجمة) الذي له قدرة كبيرة على مواجهة الصدمات، فالجمجمة يمكن أن تتحمل ضغطا عاليا جدا يقدر بنحو (50 ضغط جوي/سم 2) عند المولود حديثا، و أما عند الإنسان البالغ فإنها تتحمل أكثر من ضعف هذا الضغط!

يتشكل الدماغ من حوالي تريليون (- 1000 مليار) خلية عصبية أي (الرقم 1 و إلى يمينه 12 صفرا). و خلايا الدماغ (2 نوع) أحدهما هو الخلايا الدماغية التي تضطلع بوظائف الدماغ المعروفة من ذكاء و إبداع و عواطف و وعي و ذاكرة، و يبلغ عدد هذه الخلايا نحو (100 مليار خلية) أي ما يوازي عدد النجوم في مجرة (درب التبانة) التي تنتمي مجموعتنا الشمسية إليه! و أما النوع الآخر من خلايا الدماغ فهو بمثابة خلايا داعمة للأولى.

ص:541

و تمتاز الخلايا الدماغية بميزة فريدة: فهي لا تتكاثر و لا تموت، بل ترافق الإنسان طوال حياته، و لو أن الخلايا الدماغية تتكاثر و تتجدد و تموت شأن غيرها من خلايا الجسم لكانت ذاكرة الإنسان، بل و معالم شخصيته كلها عرضة باستمرار للتغير، و لكان عليه أن يبدأ التعلم من جديد كل (6 شهور) تقريبا!

و تعد (قشرة الدماغ) أهم جزء فيه، و هي تتكون من (6 طبقات) خلوية لا تزيد سماكتها عن (2 ملم) و تبلغ مساحتها (1,5 م 2) أي ما يعادل مساحة منضدة المكتب تقريبا، و لكنها تنثني و تلتف فلا تشغل سوى حيز صغير جدا داخل القحف، علما بأن كل (1 سم 2) منه يضم أكثر من (1000 كلم) من الألياف العصبية!

و يوجد في قشرة الدماغ (3 مناطق) متميزة:

1 - منطقة حركية تنظم عمل العضلات الإرادية.

2 - منطقة حسية تستقبل المعلومات الواردة من أعضاء الحس المختلفة.

3 - منطقة منظمة تضم مراكز الذكاء و اللغة و العواطف، و فيها يجري أيضا فهم و تفسير و معالجة كل المعلومات الواردة إلى الدماغ.

و يصدر الدماغ (2 نوع) من الموجات الكهربائية التي تدل على نشاطه، هما:

- الموجات (ألفا) بمعدل 9-12 /ثانية.

- الموجات (بيتا) بمعدل 20-25 /ثانية.

و يدل الاضطراب في نظم هذه الموجات على اختلال في عمل الدماغ.

يحيط بالدماغ (3 أغشية) تسمى تباعا من الداخل إلى الخارج:

1 - الأم الحنون. 2 - العنكبوت. 3 - الأم الجافية.

و لهذه الأغشية (مهمتان رئيستان) هما:

1 - حماية الدماغ من الرضوض و الصدمات.

2 - تنظيم دخول المواد المختلفة إلى السائل الدماغي الشوكي الذي يحيط بالدماغ و النخاع الشوكي، و تبلغ هذه الأغشية حدا مذهلا من الحرص، و على سبيل المثال: إذا حقنا الإنسان بمادة دوائية ما، فإنها تنتشر في جميع أنحاء البدن في غضون (10 دقائق) لكنها لا تصل إلى السائل الدماغي الشوكي إلا بعد (60 ساعة) أي إن دخول حرم هذه المنطقة المحيطة بالدماغ يحتاج إلى

ص:542

(تأشيرة مرور) من نوع خاص، و للّه في خلقه شؤون.

أما غذاء الدماغ الرئيسي فهو سكر العنب (الغلوكوز) خلاف بقية الأعضاء التي تحتاج إلى هذا السكر و تحتاج إلى غيره من المواد الغذائية كالبروتينات و الدهون من أجل نموها و تكاثرها، أما الدماغ فهو لا يحتاج إلى بقية المواد لأن خلاياه لا تتكاثر. و يستهلك الدماغ حوالي (80%) مما يستهلكه الجسم من سكر العنب، و حوالي (25%) من الأوكسجين الذي يستهلكه البدن، و هو بلا ريب نصيب وافر يدل على أهمية الوظائف التي يضطلع بها!

و يحتاج الدماغ إلى كمية من الدم لا تقل عن (1000 ل) يوميا يجب أن تمر فيه كل يوم و إلا تكاسل عن أداء مهامه! و يصاب الإنسان بالغيبوبة إذا انقطع الدم عن الدماغ لمدة (10 ثوان) و إذا دام الانقطاع أكثر من (3-4 دقائق) ماتت خلايا الدماغ، و معنى هذا الموت المحقق!

ص:543

الرئة و عملها.. اشراج منافذ البول و الغائط

اشارة

من جعل الرئة مروحة الفؤاد لا تفتر و لا تختل لكيلا تتحير(1) الحرارة في الفؤاد، فتؤدي إلى التلف؟. من جعل لمنافذ البول و الغائط أشراجا(2) تضبطهما، لئلا يجريا جريانا دائما، فيفسد على الإنسان عيشه فكم عسى أن يحصي المحصي من هذا، بل الذي لا يحصى منه و لا يعلمه الناس أكثر(3).

ص:544


1- (1) تحيرت الحرارة: ترددت كأنها لا تدري كيف تجري فتجمعت. و في نسخة: تتحيز و ليس لها معنى مستقيم.
2- (2) الأشراج: جمع شرج و هو في الأصل الشقاق في القوس، و قد استعار الإمام منها معنى لمنافذ البول و الغائط.
3- (3) توحيد المفضل ص 28.

التنفّس و الرئتان

ليس التنفس مجرد شهيق و زفير، بل هو إطلاقا عملية أكثر تعقدا من ذلك. إنه عملية استخراج الطاقة من الغذاء. للتنفس بدون شك علاقة بالصدر و الرئتين و المجرى الدموي، و كذلك بتبادل الهواء (التهوية) و أخذ الأكسيجين و لفظ ثاني أكسيد الكربون (التبادل الغازي). لكنه يتصل أيضا بكل جزء من أجزاء الجسم، لأن استخراج الطاقة يتم على مستوى الخلايا. التنفس، بمعناه الأوسع، واحد من أهم مظاهر كيمياء المادة الحية.

بنية الرئتين

إن تأمين مؤونة من الأكسيجين بصورة مستمرة أمر حيوي، فإذا حرمنا من الأكسيجين، نفقد الوعي و نموت بسرعة. و بما أن مساحة الجسم أصغر من أن تستطيع امتصاص كل الأكسيجين الضروري لتأمين الوقود لملايين الخلايا، فقد طوّر الإنسان و حيوانات معقدة أخرى سطحا داخليا خاصا للتنفس. هذا السطح هو بطانة الرئتين، و هي امتداد واسع تبلغ مساحته 70 م 2 (753 قدما مربعا) عند البالغ، أي ما يزيد عن مساحة الجسم بأربعين ضعفا.

الرئتان اللتان يبلغ وزنهما كيلو غراما واحدا تقريبا (2,2 ليبرة) هما اسفنجيتا الشكل و لهما لون وردي فاتح عند الولادة، ثم يصبح رماديا داكنا لا بل أسود في السنوات اللاحقة. تملأ الرئتان تجويف الصدر متخذة شكله، و يغطيهما غشاء الجنب الرطب. تتألف الرئة اليمنى من ثلاثة فصوص.

أما الرئة اليسرى، التي هي أصغر منها حجما و التي تتراجع لتترك مجالا للقلب، فلا تتألف إلاّ من فصين.

تتلقى الرئتان الهواء، بعد تسخينه و تصفيته في الفم أو الأنف، عن طريق سلسلة من الأنابيب، هي البلعوم (الحلق) و الحنجرة (آلة الصوت) و القصبة (أنبوب الهواء) التي تنقسم إلى شعبتين يمنى و يسرى تدخلان الرئتين. في داخل الرئتين تنقسم هاتان الشعبتان إلى شعب أصغر منهما، ثم إلى شعيبات الشجرة التنفسية. تنقسم الشعيبات بدورها إلى قنوات دقيقة تؤدي إلى أجربة الهواء.

كيف تعمل الرئتان

يحصل التبادل الغازي في هذه الأجربة الهوائية الفارغة التي تتشابك بشكل عناقيد مجهرية في أعماق الرئتين. فالأوعية الدموية الشّعرية، المتفرعة من الشريان الرئوي، تلتحم بالأجربة الهوائية

ص:545

و تقرّب الدم الفاسد من غشاء سطحها الرقيق، فتفرز الأجربة بالمقابل غشاوة رقيقة من سائل ضعيف الضغط السطحي يعمل كآلة لبثّ الأكسيجين. عندئذ يعود الدم المؤكسج من جديد إلى القلب عن طريق الوريد الرئوي، لكي يضخّ مرة أخرى إلى مختلف أنحاء الجسم، فيغذّي الخلايا البعيدة بالأكسيجين الضروري الذي يحويه الهواء.

عند ما نستنشق الهواء يتمدد الصدر نتيجة لانكماش عضلات الحجاب (الذي يتقلص إذ ذاك من شكل قبة إلى شكل طبق)، و لحركة قفص الأضلاع الذي يأخذ في الانتفاخ إلى فوق إلى الإمام، بتمدّد الصدر تتمدد الرئتان، فيرقّ الهواء في داخلهما، و يشكل منطقة ذات ضغط منخفض. عندها يندفع الهواء في القصبة ليعيد الضغط إلى ما كان عليه، فيخفّ التوتّر في عضلات الحجاب الحاجز و القفص الصدري، و تعود الرئتان إلى شكلهما المستريح، جاذبتين معهما الصدر ليعود هو أيضا إلى شكله الطبيعي. بانقباضهما ينضغط الهواء في داخلهما، فيندفع جزء منه إلى الخارج عبر القصبة.

عند ما يصل الهواء إلى الأجربة الهوائية يبث الأكسيجين في مجرى الدم، و ينتزع منه ثاني كسيد الكربون ليدفع به إلى الخارج. إن هذا التبادل، فضلا عن تحقيق غايته الأساسية، و هي استبدال النفايات بالوقود، يحافظ على مستوى الحموضة الملائم في الدم. هذه الحموضة هي التي تحدد معدل التنفس. فإذا كان التنفس بطيئا للغاية، يتكدس ثاني أكسيد الكربون في الدم، فترتفع درجة حموضته قليلا. تراقب و تضبط مستوى الحموضة خلايا خاصة في النخاع المستطيل و في مواضع أخرى، فتعيد للتنفس سرعته و عمقه، و بذلك تسترد حموضة الدم مستواها الطبيعي.

تنقية الهواء

تنطوي بنية المجاري الهوائية على أجهزة خاصة لتنقية التلوث الموجود في الهواء الذي نستنشقه. فبالإضافة إلى تصفية الهواء في المجاري الهوائية العليا، تعمل الأهداب - و هي شعيرات تبطّن القصبات و القصيبات - باستمرار على دفع المخاط، المثقل بحطام الخلايا و بالجسيمات الغريبة، نحو الحلق (يبلع هذا البلغم و يتم التخلص منه عن طريق المعدة). أما الجسيمات الكبرى بما فيها الجراثيم، فإنها تسبب إنتاجا فائضا من المادة المخاطية لا يخرجها إلاّ السعال. فالسعال و العطاس ارتكاسان يساعدان على التخلص من النفايات عن طريق المجاري الهوائية. في اقصى الشبكة التنفسية تبقى الأجربة الهوائية الدقيقة نظيفة بفضل خلايا خفيرة تبتلع الأجسام الغريبة، و هي خلايا بيضاء ملتهمة تبتلع جسيمات الغبار و الجراثيم.

ص:546

الفؤاد و مدرعته و ثقبه المتصلة بالرئة

اشارة

يا مفضل من غيب الفؤاد في جوف الصدر، و كساه المدرعة(1) التي هي غشاؤه، و حصنه بالجوانح و ما عليها من اللحم و العصب، لئلا يصل إليه ما ينكؤه(2).

أصف لك الآن يا مفضل الفؤاد... أعلم أن فيه ثقبا موجهة نحو الثقب التي في الرئة تروح عن الفؤاد، حتى لو اختلفت تلك الثقب و تزايل بعضها عن بعض، لما وصل الروح إلى الفؤاد، و لهلك الإنسان أ فيستجيز ذو فكرة و روية أن يزعم أن مثل هذا يكون بالإهمال، و لا يجد شاهدا من نفسه يزعه(3) عن هذا القول؟ لو رأيت فردا من مصراعين فيه كلوب(4) أ كنت تتوهم أنه جعل كذلك بلا معنى؟ بل كنت تعلم ضرورة أنه مصنوع يلقى فردا آخر، فيبرزه ليكون في اجتماعهما ضرب من المصلحة(5).

ص:547


1- (1) كأن المراد بالمدرعة هنا ثوب الحديد فالمدرعة في الأصل جبة مشقوقة المقدم أو كما عند اليهود ثوب من كتان كان يلبسه عظيم أحبارهم و لكن الذي يريده الإمام عليه السّلام من حد قولهم درع، إذا لبس درع الحديد.
2- (2) نكأه: جرحه و أذاه.
3- (3) يكفه و يمنعه.
4- (4) الكلوب: بفتح الأول - و تشديد الثاني - المهماز أو حديدة معطوفة الرأس يجر بها الجمر أو خشبة في رأسها عقافة منها أو من حديد و الجمع كلاليب.
5- (5) توحيد المفضل 27-28-30.

القلب

عضو عضلي، يزن ما بين (250-350 غراما) و هو بحجم قبضة اليد، و يتكون من (4) تجاويف:

أذينتان: يمنى و يسرى، تبلغ سعة الواحدة منهما (100 سم مكعب) و يتكون جدارها من عضلات رقيقة نسبيا. و تستقبل الأذينتان الدم الوارد إلى القلب من سائر أعضاء البدن، و تضخانه إلى البطينين.

بطينان: أيمن و أيسر، تبلغ سعة الواحد منهما (200 سم مكعب) و يتكون جداره من عضلات أغلظ و أقوى من عضلات الأذينتين. و يستقبل أغلظ و أقوى من عضلات الأذينتين.

و يستقبل البطينان الدم الوارد من الأذينتين، فيضخ البطين الأيسر الدم المحمل بالأوكسجين إلى سائر أعضاء البدن، فيما يضخ البطين الأيمن الدم المحمل بثاني أكسيد الكربون إلى الرئتين (انظر:

الرئتان).

و قد ظل العلماء إلى عهد قريب يعتقدون أن للقلب وظيفة واحدة لا يتعداها هي ضخ للدم، و لكن البحوث الحديثة بدأت تكشف بعض الوظائف الهرمونية للقلب. و معلوم دور الهرمونات في حياة الإنسان العضوية و العاطفية و النفسية و من يدري: فلعله قد أصبح قريبا ذلك اليوم الذي نستطيع فيه استجلاء معنى الآية الكريمة التي تضمنت إشارة صريحة بأن للقلب وظائف نفسية و عاطفية بل و عقلية أيضا، و ذلك في قول الحق تبارك و تعالى: فَإِنَّهٰا لاٰ تَعْمَى الْأَبْصٰارُ وَ لٰكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ [الحج/ 46].

يستغرق تقلص عضلة القلب في كل نبضة حوالي (0,8 ثانية) في حال الراحة، و تقصر هذه الفترة في حال الحركة و النشاط.. و يتفاوت معدل نبضات القلب حسب العمر، فيكون أعلى في الطفولة منه في سن الكهولة.

و في الإنسان البالغ يخفق القلب أكثر من (100,000 مرة/يوميا) و في السنة الواحدة نحو (40 مليون مرة) و مدى الحياة (70 عاما) أكثر من (3,000 مليون مرة)!

و يضخ القلب في كل تقلص نحو (60-70 سم مكعب من الدم) أي إنه يضخ يوميا نحو (5500-8000 ل) و يزداد الضخ أثناء الحمل فيصل (15000 ل/يوميا) كما يزداد بالرياضة و الجهد

ص:548

العنيف بنسبة قد تصل إلى (8 أمثال) ما يضخه وقت الراحة. و هذا يعني أن القلب يضخ خلال (70 سنة) أكثر من (350,000 طن دم) أي ما يملأ نحو (50 حوضا للسباحة). و باختصار فإن القلب يؤدي يوميا عملا يكفي لرفع جسم الإنسان في الجو مسافة 1500 مترا (- 1,5 كلم)!

يستغرق مرور دفقة الدم نفسها خلال تجاويف القلب (1,5 ثانية) فقط في حين يستغرق الدم في رحلته من القلب إلى الرئتين ثم العودة ثانية إلى القلب (الدورة الدموية الصغرى) نحو (6 ثوان) و يستغرق في الذهاب إلى الدماغ و العودة منه حوالي (8 ثوان) و يستغرق في الذهاب إلى أصابع القدم و العودة منها (18 ثانية) و في الأحوال العادية تمر كتلة الدم من القلب أكثر من (3000 مرة يوميا)!

و يموت الإنسان عادة إذا ما توقف قلبه مدة (3-5 دقائق) و ذلك لأن الأعضاء تموت و تأخذ بالتحلل إذا لم يصلها الأوكسجين، و أكثر الأعضاء تضررا، و أسرعها عطبا: الدماغ الذي لا يتحمل انقطاع الأوكسجين سوى دقائق معدودة (انظر: الدماغ) و بما أن الدماغ يضم (المراكز الحيوية، و منها مركز التنفس) فإن موته يعني موت الجسم كله!

و لكن بالرغم من هذه الحقائق فإن الحياة لا تخلو من بعض المفارقات العجيبة التي تدل على طلاقة القدرة الإلهية من جهة، و تدل من جهة أخرى على ما في هذا المخلوق المكرم (الإنسان) من طاقات خفية ما زلنا نجهل الكثير منها، و من ذلك مثلا حالات عديدة توقف القلب فيها مددا طويلة و لكن بقي المصاب على قيد الحياة، و لعل أطول توقف للقلب مسجل طبيا هو (3 ساعات و 34 دقيقة) عند (جين جوبون) عند ما كان عمرها عشرين عاما، و قد عالجها فريق طبي مكون من 26 طبيبا، في مركز و ينبغ الطبي في مانيتوبا، كندا، في 19 كانون الثاني 1977 م!

كما أمكن إنعاش (فيغارد سلتمون) من أهالي النرويج بعد أن غرق في نهر متجمد، و بقي تحت الماء مدة (40 دقيقة) على عمق 2,5 متر!!

و يرجح الأطباء أن القلب في مثل هذه الحالات النادرة لا يتوقف تماما و إنما يظل ينبض نبضات بطيئة جدا تكفي للمحافظة على الحد الأدنى من الأوكسجين اللازم للدماغ (؟) و يساعد على هذا أن انخفاض درجة الحرارة انخفاضا شديدا (كما حصل في حالة المدعو فيغار سلتمون) يؤدي إلى تباطؤ الأجهزة و الأعضاء عن العمل، و يقلل كمية الأوكسجين التي يحتاجها الجسم، و على سبيل المثال: ففي عمليات زراعة القلب يمكن حفظ القلب خارج الجسم لمدة (6 ساعات) في النتروجين السائل الذي تقل درجة حرارته عن (- 80 م) كما يمكن حفظ الكلية لمدة تصل إلى (70 سنة) في درجة الحرارة ذاتها، أما إذا تركت في درجة حرارة الجو العادية، فإنها تتلف في أقل من (1 ساعة)!

ص:549

و يمتاز القلب عن غيره من أعضاء البدن بأن له عقدة عصبية مستقلة، تتوضع في أعلى الأذينة اليمنى، هي التي تنظم ضرباته، دون تدخل مباشر من الدماغ، و لهذا يبقى القلب ينبض تلقائيا لساعات طويلة جدا، بل أياما في بعض الحالات التي يصاب فيها الدماغ بعطب كامل، مثل حالات موت الدماغ! و قد دفعت هذه الخاصية إلى تصميم قلوب اصطناعية تعمل بالبطاريات، و قد أحرزت التجارب الأولية بعض النجاح. إلا أن عمليات زراعة القلب الطبيعي حققت نجاحا أكبر، و قد بدأت عمليات زراعة القلوب على يدي جراح القلوب (كريستيان برنار) الذي أجرى العملية الأولى في التاريخ في (3 كانون الأول 1967 م)، و قد عاش المريض الذي زرع فيه أول قلب في التاريخ لمدة 18 يوما!

ص:550

غذاء الطفل بعد الولادة

قال الإمام عليه السّلام: فإذا ولد صرف ذلك الدم الذي كان يغذوه من دم أمه إلى ثديها، و انقلب الطعم و اللون إلى ضرب آخر من الغذاء، و هو أشد موافقة للمولود من الدم فيوافيه وقت الحاجة إليه(1).

ص:551


1- (1) توحيد المفضل ص 13.

تغذية الطفل

اشارة

قال الإمام عليه السّلام: فحين يولد قد تلمظ (1) و حرك شفتيه طلبا للرضاع فهو يجد ثدي أمه كالأداوتين(2) المعلقتين لحاجته، فلا يزال يتغذى باللبن ما دام رطب البدن رقيق الأمعاء لين الأعضاء(3).

أبو جعفر الطوسي في الأهالي، و أبو نعيم في الحلية، و صاحب الروضة بالإسناد عن محمد الصيرفي و عبد الرحمن بن سالم، قال: دخل أبو حنيفة على الصادق عليه السّلام فقال عليه السّلام له: البول أقذر أم المني؟ قال: البول، قال: يجب على قياسك أن يجب الغسل من البول دون المني و قد أوجب اللّه الغسل من المني دون البول. ثمّ قال: لأنّ المني اختيار، و يخرج من جميع الجسد، و يكون في الأيام، و البول ضرورة و يكون في اليوم مرات. قال أبو حنيفة: كيف يخرج من جميع الجسد و اللّه يقول «من بين الصلب و الترائب»؟ قال أبو عبد اللّه: فهل قال لا يخرج من غير هذين الموضعين؟ ثم قال: لم لا تحيض المرأة إذا حبلت؟ قال: لا أدري، قال عليه السّلام: حبس اللّه الدم فجعله غذاء للولد - إلى آخر الخبر بطوله(4).

عن الهيثم بن واقد، عن مقرن، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سأل سلمان - رضي اللّه عنه - عليّا عليه السّلام عن رزق الولد في بطن أمّه، فقال: إنّ اللّه تبارك و تعالى حبس عليها الحيضة فجعلها رزقه في بطن أمّه(5).

ص:552


1- (1) تلمظ: إذا أخرج لسانه فمسح به شفتيه.
2- (2) الاداوة: بكسر ففتح - إناء صغير من جلد يتخذ للماء، جمعه أداوي.
3- (3) توحيد المفضل ص 13.
4- (4) بحار الأنوار ج 57 ص 333 ح 1.
5- (5) بحار الأنوار ج 57 ص 341 ح 21.

إن غريزة طلب الغذاء التي تولد مع الطفل. هي التي تجعله يتلمظ و يحرك شفتيه طلبا للرضاع الذي اقتضته الطبيعة البدنية، و هيأت له آلة الرضاع دون تعليم من أمه لذلك فهو يجد ثديي أمه حاضرين معدين له كالأداوتين المعلقتين في صدرها ليمتصهما عند الحاجة. و هنا حكمة جليلة يحسن الالتفات إليها، و هي أن معدة الطفل عند ولادته لا تقبل أي غذاء ابتداء حتى لبن أمه، لأن جهازة الهضمي بعد لم يقم بأي عمل، و لم يعهد الهضم و عليه كان الواجب أن يحصل له منبه طبيعي ينبه المعدة، و يسيرها لعمل الهضم حتى تصير قادرة على قبول اللبن و هضمه. و ها هو لطف الخالق قد أحضر له هذا المنبه، و أعده في ثدي أمه ليرتضعه في أول مصة يمتصها و في أيامه الثلاثة الأول و هو عبارة عن السائل الصمغي المفرز من غدة الثديين و أوعيتهما الدموية المسمى اصطلاحا (مسمار) و عند العامة (صمغ الحليب) فإنه إذا وصل هذا السائل إلى المعدة تنبهت للحركة و استعدت للهضم، و بعد الأيام الثلاثة يتحول تدريحا إلى صورة اللبن عند ما يقوى على التغذي به. لذلك تجد الطفل إذا منع من ارتشاف هذا الصمغ لسبب من الأسباب فإنه كثيرا ما يصاب بأضرار شديدة يكون من نتائجها ضعف المعدة بعد ذلك عن الهضم مطلقا. ثم لهذا السائل أيضا فوائد أخرى أظهرها إخراج تلك المادة العجينية المخاطية الموجودة في أمعاء الطفل و المتخلفة فيها من غذائه الرحمي و تسمى اصطلاحا (العفى) و عرفا (العق) و الحكمة في وجود هذه العجينة في أمعاء الطفل، هي تعويد الطفل على التبرز حينما تدفع بواسطة (المسمار). إذ لو لا هذه المادة لما كان شيء يدفع في التبرز و لما حصلت حركة للمعدة و الأمعاء و إذا لم تحصل الحركة بهذه الصورة لم تتئيّأ للدفع، و هذا العمل هو خير من إخراج تلك المادة بالملينات و المسهلات لاحتمال حدوث أضرار لا يستهان بها باستعمال تلك الملينات و المسهلات.

فإذا استعدت الأعضاء الهضمية لأداء وظيفتها في الطفل استقام رضاعه و صار يتغذى باللبن الجاهز له، ثم لا يزال كذلك يتغذى ما دام رطب البدن رقيق الإمعاء لين الأعضاء و كلما اشتد ثخن اللبن و كثف قوامه.

البول

هو السائل الذي تستخلصه الكليتان من الدم، ثم تفرزانه من خلال الحالب إلى المثانة ثم الإحليل ليخرج إلى خارج البدن.

تتراوح كمية البول ما بين (1-1,5 ل/يوميا) و تتفاوت هذه الكمية تبعا لنوع الغذاء و مقدار

ص:553

السوائل التي يتناولها الشخص يوميا، كما تتأثر بحرارة الطقس فيشح البول في الحر بسبب تبخر كمية كبيرة من العرق عبر الجلد، و تبخر كمية من بخار الماء بالتنفس.

يتكون البول من (96% ماء + 2,4% بولة) مع بعض المواد الصلبة.

نجاسة البول:

يحتوي البول في تركيبه على أملاح معدنية و مركبات عضوية، منها البولة الدموية و على فضلات سامة. و هو يهب ما تلوث به أثرا يغاير اللون الأصلي النظيف و رائحة خاصة مستكرهة. و هو بتركيبه وسط صالح لتكاثر الجراثيم و الفطور و الخمائر، و لذا سرعان ما تفكك بعض مركباته بفعل هذه العضويات التي تحويها أو التي ترده من الهواء أو مما لامسه أو جاوره و يزداد التفكك سرعة في الفصل الحار و المكان الحار ناشرا روائح مضرة يتألف بعضها من رائحة النشادر الذي ينتج عن تفكك مادة البولة Uree التي يحتويها.

فالبول من الأوساخ التي يجب على الإنسان أن يتنزه عنها. أضف إلى ذلك أن المرء قد يكون مصابا بإنتان جرثومي في أحد أقسام جهازه البولي، و لو بدون أن يشعر بأعراض لذلك الإنتان، فيكون بوله حاويا عوامل مرضية كالعصيات الكولونية، و يكون أكثر سرعة في التبدل و التفسخ، و يكون وسيلة لنشر الجراثيم المرضية. كما أن بول المصاب بالحمى التيفية يحوي جراثيمها و خاصة في الأسبوع الثالث من الإصابة، و قد يبقى الناقه من التيفية حاملا للجرثوم سنين طويلة بعد شفائه يلقيه مع البراز، و نادرا ما يكون الجرثوم في البول(1).

و قد يكون المرء مصابا بداء بلهارزيات المثاني، و أهم ما يتصف به هذا الداء بول الدم و حصول اضطرابات مختلفة في المثانة، و يكون بول المصاب حاويا على بيوض البلهارزيات الدموية (منشقة الجسم الدموية) و أكثر البيوض التي تقع في البول يكون ملقحا. و عند ما تصل هذه البيوض إلى الماء تنطلق منها الأجنة التي تدخل نوعا من المحار فتتطور فيه إلى ما يسمى الأجنة المذنبة المشوكة، ثم تخرج من ثوبها العسر و تسبح حرة في الماء تفتش عن المقر و هو الإنسان لتدخل في بدنه و يكون دخولها غالبا من الجلد المتلين بتأثير الماء، ثم تتطور في جسم الإنسان لتصيبه بأعراض دائها(2).

و هكذا نرى أن حكم الإسلام بنجاسة بول الإنسان هو إلزام بالتنزه عنه و بتنظيف و تطهير ما

ص:554


1- (1) محاضرات في الأمراض الإنتانية للأستاذ الدكتور بشير العظمة - بحث الحمى التيفية.
2- (2) ملخص عن كتاب الجراثيم الطفيلية للأستاذ الدكتور أحمد حمدي الخياط.

أصابه. و لقد حذر رسول اللّه (ص) من التهاون بالتنزه عن البول، فعن ابن عباس رضي اللّه عنهما «أن النبي (ص) مر على قبرين فقال: إنهما يعذبان، و ما يعذبان في كبير، أما هذا فكان لا يستتر من بوله، و أما هذا فكان يمشي بالنميمة»(1) ، و معنى لا يستتر: أي لا يجعل بينه و بين بوله سترة تحفظه من رشاشه فهو بمعنى لا يستنزه. و في معنى (و ما يعذبان في كبير) قال الخطابي: معناها أنهما لم يعذبا في أمر كان يكبر عليهما أو يشق فعله لو أرادا أن يفعلاه و هو التنزه من البول و ترك النميمة، و لم يرد أن المعصية في هاتين الخصلتين ليست بكبيرة في حق الدين و أن الذنب فيهما هين سهل.

إن بول الرضيع أكثر خلوا من الجراثيم من بول الأطفال الأكبر و بول الكهول، بل هو عقيم في الغالب فالحكم عليه بالنجاسة أيضا واسطة للنظافة لسرعة تفسخ البول. و بما أن الرضيع الذكر كثيرا ما تتعرض أمه أو من حوله للتلوث باندفاع بوله المفاجىء أثناء تغيير حفاظه و الاعتناء به، فلذا أجاز الشرع من باب المعفوات أن يطهر ما أصابه بول الرضيع الذكر بطريق الرش (النضح بالماء). و لم يعف الشرع بول الرضيعة من التطهير الأصلي لإمكان التحرز منه، و هو مع ذلك إن سحّ على فخذيهما تلوث بما عليهما من جراثيم البراز.

الحيض

هو الدم الذي ينزل من المرأة بعد البلوغ، و يحصل بمعدل مرة واحدة كل شهر قمري، و يسمى تعاقب الحيض عند المرأة (العادة الشهرية) و مدتها وسطيا (28 يوما) تحسب من بداية الحيضة الحالية إلى بداية الحيضة التالية.

و يميل لون دم الحيض إلى السواد، و هو يتخثر داخل الرحم، ثم يتحلل، و يخرج سائلا غير قابل للتخثر مرة أخرى، و هذه هي إحدى صفات دم الحيض الهامة، و يمكن بقاؤه على هذه الصورة السائلة سنوات طويلة، و هو يضم أجزاء من الغشاء المخاطي المبطن للرحم مع كمية من كرات الدم الحمراء و البيضاء. و تتفاوت كميته من امرأة إلى أخرى، و يتراوح عادة ما بين (60-240 سم مكعب).

كما تتفاوت مدة الحيض بين النساء، فقد لا تزيد عن يوم و ليلة، و قد تصل إلى (15 يوما) و في الغالب (6 أيام) و يغلب أن تكون عادة المرأة نفسها منتظمة (فلكل امرأة ما اعتادت).

و سبب الحيض نشاط المبيض و استعداده لإطلاق إحدى البويضات، و يصاحب هذا الاستعداد

ص:555


1- (1) رواه الترمذي.

ارتفاع ملحوظ في نسبة الهرمونات التي تفرز لتهيىء الرحم للحمل، و ينشط من جراء هذه التبدلات الغشاء المخاطي المبطن للرحم، و تحتقن العروق الدموية فيه، فإذا انطلقت البويضة في منتصف الدورة الشهرية، و لم تلقح في غضون (24 ساعة) فإنها تتحلل و تموت، و ترجع نسبة الهرمونات إلى معدلها الأول، و تتوسف بطانة الرحم و تسقط، و يصاحب هذا التوسف النزيف الذي يميز حالة الحيض.

سبب الحيض:

إن رحم المرأة و مبيضها و أثداءها بل و جهازها التناسلي بأكمله يمر بدورة شهرية كاملة حسب تغير الهرمونات في جسمها بزيادة هرمون و نقصان آخر.. و سنكتفي هنا بالتركيز على دورة الرحم حتى نعرف كيف يأتي الحيض و ما هو سببه.

إن للرحم غشاء يبطنه من الداخل و ستبدأ الدورة بعد انتهاء الطمث مباشرة فنجد الغشاء المبطن للرحم بسيطا و لا تزيد ثخانته عن نصف ميليمتر.. و أوعيته الدموية و غدده بسيطة كذلك.. فإذا ابتدأت الدورة فإن الرحم يمر بثلاث مراحل و نوجزها فيما يلي.

1 - مرحلة النمو PROLIFERATIVE PHASE : و خلال هذه الفترة ينمو الغشاء المبطن للرحم من أقل من ميليمتر إلى ما يربو على خمسة ميليمترات أي يتضاعف حجمه أكثر من خمس مرات كما يزداد عدد الغدد و تصبح على شكل أنابيب طويلة لها خلايا عمودية: COLUMNAR DPITHELIAL

CELLS .

2 - مرحلة الإفراز SECRETARY PHASE : يزداد نمو الرحم في هذه المرحلة زيادة ملحوظة.. فينمو سمك الغشاء المبطن للرحم من خمسة ميليمترات إلى ثمانية ميليمترات.. و تزداد حلزونية الشرايين المغذية للرحم لازدياد طولها في حيز ضيق.. كما يزداد عددها ازديادا كبيرا..

و تنمو الغدد الرحمية نموا كبيرا و تصبح هي الأخرى لولبية الشكل أيضا.. و تنمو الخلايا فيما بين الغدد و يكثر عددها.. و يكون الغشاء أكثر تماسكا من ناحية السطح و اسفنجي القوام ناحية جدار الرحم.

إن جسم المرأة بأكمله ينقلب نتيجة إفراز هذا الهرمون.. و يستعد رحمها و جهازها التناسلي بل جسمها بكامله للحمل.. فإذا قدر اللّه و لم يحصل الحمل ترى ما ذا يكون؟

3 - مرحلة الطمث: يحزن الرحم لفقدان فرصته في أداء وظيفته و له طريقته الخاصة في التعبير

ص:556

عن حزنه.. إنه لا يبكي دموعا.. بل دما هو دم الطمث.. «دم أسود محتدم حار كأنه محترق» كما ينقله الإمام الشيرازي في المهذب عن الأزهري.

«دم أسود محتدم حار كأنه محترق» و لكأنه يصف ما به من كمد فيكون محتدما حارا كأنه محترق من فرط لوعته.. على عكس دم الإستحاضة الأحمر المشرق الذي لا هم به و لا حزن..

و يحق للرحم أن يحزن.. و يحق له أن يبكي دما.. و دما أسود محتدما، فقد استعد بالفرش و الطنافس.. و أحضر الغذاء و الدماء و بنى هيكلا عظيما ثم يقال لا فائدة من هذا البناء.. و لا جدوى من هذا الاستعداد و العناء.. لا شك أنه يغضب و يحزن و يحتدم في نفسه صراع قوي فيقوم بهدم البناء و طرده إلى الخارج من الدم الأسود المحترق.

و إذا استعملنا العبارات العلمية الجافة للتعبير عن هذه الحقيقة فإننا نجد أن هرمون البروجسترون يقل فجأة عند ما يعلم المبيض أن لا حمل هناك فيتوقف عن إفراز هرمون الحمل..

فإذا قلت كمية هذا الهرمون في الدم انقبضت الأوعية الدموية المغذية لغشاء الرحم انقباضا شديدا حتى لتمنع عنه التغذية منعا باتا.. فيذوي الغشاء و يتفتت ما تحته من أوعية دموية فيخرج منها الدم المحتقن.. أسود أكمد و ينزل دم الحيض محتويا على قطع من الغشاء المبطن للرحم مفتتة.

و يتجلط الدم في الرحم ثم تسلط عليه مواد مذيبة لهذه الجلطة و أليافها بواسطة خميرة (انزيم) تدعى مذيب الليفين.. و الليفين هو اصطلاح الأطباء المحدثين للألياف التي تتكون في الجلطة الدموية.. و ينزل لذلك دم الحيض لا يتجلط و لو بقي سنينا طوالا.. ذلك لأنه قد سبق تجلطه في الرحم ثم أذيبت الجلطة بفعل تلك الخميرة.

ص:557

تفصيل جسم الإنسان

اشارة

عن سالم الضرير أنّ نصرانيّا سأل(1) الصادق عليه السّلام عن أسرار الطبّ ثم سأله عن تفصيل الجسم، فقال عليه السّلام: إن اللّه خلق الإنسان على اثني عشر وصلا، و على مائتين و ثمانية و أربعين عظما، و على ثلاثمائة و ستّين عرقا. فالعروق هي الّتي تسقي الجسد كلّه، و العظام تمسكها، و اللحم يمسك العظام، و العصب يمسك اللحم و جعل في يديه اثنين و ثمانين عظما في كلّ يد أحد و أربعون عظما، منها في كفّه خمسة و ثلاثون عظما، و في ساعده إثنان، و في عضده واحد. و في كتفة ثلاثة، فذلك أحد و أربعون عظما، و كذلك في الأخرى، و في رجله ثلاثة و أربعون عظما، منها في قدمه خمسة و ثلاثون عظما، و في ساقه اثنان، و في ركبته ثلاثة، و في فخذه واحد و في وركه اثنان. و كذلك في الأخرى. و في صلبه ثماني عشرة فقارة، و في كلّ واحد من جنبيه تسعة أضلاع، و في وقصته(2) ثمانية(3) ، و في رأسه ستّة و ثلاثون عظما، و في فيه

ص:558


1- (1) يمكن أن يكون المراد وصل الأعضاء العظيمة بعضها ببعض كالرأس و العنق و العضدين و الساعدين و الوركين مع الفخذين و الساقين و الأضلاع من اليمين و الأضلاع من الشمال.
2- (2) كأن المراد بالوقصة العنق. قال الفيروزآبادى: وقص عنقه - كوعد: كسرها - و الوقص - بالتحريك - قصر العنق.
3- (3) فعدها ثمانية باعتبارهم بعض فقرات الظهر إليها لقربها منها و انحنائها. و ظاهر الأخبار أنّها نوع آخر غير العظم و العصب، لأنّهم عليهم السّلام عدّوها في ما لا تحلّه الحياة من الحيوان مقابلا للقرن و العظم و الظلف و الحافر و غيرها و هو لا ينافي المذهب الأخير كثيرا و ظاهر الأخبار أنّه لا حسّ لهم و لم تحلّها الحياة كما ذهب إليه بعض الأطبّاء و قال بعضهم: لها -

ثمانية و عشرون أو إثنان و ثلاثون [عظما](1).

ص:559


1- (1) بحار الأنوار ج 58 ص 317 ح 26.

العروق الدموية

في جسم الإنسان (4) أنواع من العروق الدموية، هي:

1 - الشرايين: و فيها يجري الدم الذي يحمل الأوكسجين و يوزعه على سائر خلايا البدن و تحتوي الشرايين (45%) من كتلة الدم.

2 - الأوردة: و هي تنقل الدم المحمل بثاني أكسيد الكربون من سائر أنحاء البدن إلى الرئتين مرورا بالقلب و تحتوي الأوردة (50%) من كتلة الدم.

3 - الشعيرات الدموية: و هي شبكة واسعة جدا من العروق الدقيقة، تصل ما بين الشرايين و الأوردة، و هي تحمل (5%) من كتلة الدم.

4 - العروق اللمفاوية: و فيها يجري سائل اللمف الغني بعناصر المناعة.

و تمتد شبكة العروق الدموية في جميع أنحاء البدن لتصل إلى كل جزء فيه، و يبلغ مجموع أطوال هذه الشبكة أكثر من (160,000 كلم) أي ما يكفي للدوران عدة مرات حول الكرة الأرضية عند خط الاستواء! و أما المساحة المربعة لهذه الشبكة فتزيد عن (6500 م مربع) علما بأن الشعيرات الدموية وحدها تشغل نحو (85%) من هذه المساحة، و يزيد عددها عن (40 مليار شعيرة).

و في الظروف العادية تمر كتلة الدم بشبكة العروق الدموية أكثر من (3000 مرة/يوميا) و أما في حال الجهد و النشاط و الحركة فتمر أضعاف هذه المرات!

و يندفع الدم داخل العروق الدموية بقوة كبيرة، و بخاصة داخل الشرايين، و على سبيل المثال فإن انقطاع الشريان الأبهر يؤدي لاندفاع الدم منه إلى ارتفاع (180 سم) و لهذا السبب فقد جعل اللّه عز و جل الشرايين في حرز حصين في أعماق الأعضاء، و تحت العضلات، قريبا من العظام، لتكون في مأمن من الإصابات و الجروح.. و أما العروق السطحية التي نشاهدها عادة تحت جلدنا فهي أوردة، و لا خطر كبير من وجودها عند السطح لأن ضغط الدم فيها أقل بكثير مما في الشرايين، و من ثم فلا يحصل ضرر كبير عند إصابتها!

العظام

تشكل العظام الهيكل الذي يعطي الإنسان شكله المميز، و عليها ترتكز عضلات الجسم

ص:560

المختلفة، و يشكل بعض العظام تجاويف حصينة لحماية بعض الأعضاء الهامة كالدماغ و النخاع الشوكي و الرئتين و القلب.

و تعد العظام بمثابة مخزن كبير للمعادن، منها يستمد الجسم ما يحتاج إليه من معادن كالكالسيوم و الفوسفور. كما أن العظام هي مصنع الدم حيث ينتج نقي العظام: كريات الدم الحمر و البيض، و الصفيحات.

يبدأ تشكل العظام في اليوم (20) من حياة الجنين داخل الرحم، و يكتمل تشكل الهيكل العظمي للجنين في الأسبوعين (5، 6) و تكون العظام في البداية غضروفية التركيب، و لكل منها نقاط تعظم، و يولد الجنين عادة و في جسمه (360 عظمة) يلتحم بعضها مع بعض و يبقى بعضها الآخر بلا التحام، فيهبط العدد إلى (206 عظمة) في غضون (20 عاما) و قد جاءت الإشارة إلى العدد الأصلي للعظام (360 عظمة) في قول النبي (ص): «خلق كل إنسان من بني آدم على ستين و ثلاثمائة مفصل، فمن كبر اللّه عز و جل، و هلل اللّه، و سبح اللّه، و استغفر اللّه، و حرك حجرا عن الطريق أو شاله، أو عظما، أو أمر بمعروف، أو نهى عن منكر، عدد الستين و ثلاثمائة السلامى يمشي يومئذ و قد زحزح نفسه عن النار» رواه مسلم.

و تشكل العظام في الإنسان البالغ حوالي (20%) من وزنه، و هي تتوزع على النحو الآتي:

- 29 عظمة في الجمجمة.

- 26 عظمة في العمود الفقري (أو 32-35 فقرة).

- 25 عظمة في القفص الصدري.

- 32 عظمة في الطرف العلوي (- 64 عظمة في الطرفين).

- 31 عظمة في الطرف السفلي (- 62 عظمة في الطرفين).

أطول هذه العظام هو عظم الفخذ الذي يعادل (27,5%) من طول الجسم، و لعل أطول عظمة فخذ عرفت حتى الآن هي التي بلغت (76 سم) و كانت للعملاق الألماني (كونستانتين) الذي توفي في (30 آذار 1902 م) و كان عمره آنذاك 30 عاما.

أما أقصر عظام الإنسان فهي عظمة (الركاب) في الأذن، فلا يزيد طولها عن (3 ملم) علما بأن العظام الثلاث التي في الأذن (الركاب و السندان و المطرقة) لا يزيد وزنها مجتمعة عن (50 ملغ) فقط!

و تتحمل العظام ضغطا عاليا جدا، فيقع عليها أثناء المشي العادي ضغط قد يصل (600 كلغ/

ص:561

سم المربع) و يزداد هذا الضغط كثيرا أثناء الركض أو القفز. و تتمتع بعض عظام الجسم بالقدرة على تحمل ضغوط كبيرة جدا قبل أن تنكسر، فعظم الظنبوب في الساق يمكن أن يتحمل ضغط 1,5 طن (- 1500 كلغ) قبل أن ينكسر!

و تعود متانة العظام إلى السبيكة المعدنية العضوية المحكمة التي تتشكل منها، و ذلك وفق النسب الآتية:

- فوسفات الكالسيوم الثلاثين 85%، - فحمات الكالسيوم 10%، - فوسفات المغنزيوم 1,5%، - فلور الكالسيوم 0,3%، - كلور الكالسيوم 0,2%، مواد أخرى 3%

اللحم:

المراد منه النسيج العضلي الذي يكسو العظام و يرتكز عليها، و هو أحمر اللون و أبيضه، فالأحمر ما تكون أليافه مخططة و حركتها بالإرادة، و الأبيض ما تكون أليافه ملساء و حركتها ليست مرتبطة بإرادة بل متحركة بحكم الطبيعة البشرية مثل عضلات الجهاز الهضمي و التنفسي و البولي، و يستثنى منها عضلات القلب التي لا تخضع لإرادة و إن كانت مخططة. و من خصائص اللحم الانقباض و الانبساط لإيجاد حركة البدن.

الشحم:

و هو نسيج رخو دهني لين، يقع بين الخلايا و الشبكات البدنية غالبا و الحكمة في خلقته تأمين حرارة البدن باعتدال مناسب و إعطائه الشكل المناسب الخارجي و لصيرورته بدل ما يتحلل من البدن من حرارة أو غذاء عند حدوث مرض أو تعب إذ لولاه لضعف الجسم من الجوع أو البرد أي فقدان الحرارة، و لذلك تراهم يطلقون على هذا النسيج الشحمي (الكنز الثمين عند الملمات) و من فوائده إعطاء الرواء و الجمال المناسب لهيكل الأعضاء إذ لولاه لكان الناس جميعهم خافتي الوجنات غائري العيون نحاف الأبدان، فهو يملأ المسافات الفارغة، و الزوايا بين العظام و العضلات فيتوتر الجلد من فوقها. و من هنا ترى وجوه العجائز و المسنين تتجعد و تنكمش لقلة الشحم تحت جلدة وجوههم.

الأعصاب

تتكون الأعصاب من استطالات الخلايا العصبية المتوضعة في كلّ من الدماغ و النخاع الشوكي، و تخدم الأعصاب في نقل مختلف التنبيهات العصبية من كافة أعضاء البدن إلى الجملة

ص:562

العصبية المركزية، كما تنقل سائر الأوامر من الجملة العصبية المركزية إلى كافة أعضاء البدن.

و تتراوح سرعة انتقال التنبيهات العصبية في الأعصاب ما بين (0,25-100 م/ثا) و يمكن للعصب أن ينقل أكثر من (1000 تنبيه) في الثانية الواحدة!

و لم يعرف العلماء كيفية مرور التنبيه العصبي ضمن الأعصاب إلا منذ عهد قريب، على أيدي ثلاثة من العلماء، هم: البريطانيان (آلان لويد هودجكين، و أندرو فندنج هكسلي) و الأسترالي (جون كارو إكلز) الذين حازوا جائزة نوبل على هذا الاكتشاف في عام 1963 م، و قد وجد هؤلاء العلماء أن التنبيه العصبي يؤدي إلى تغير في الاستقطاب الكهربائي على غشاء الخلية العصبية، فتتولد من ذلك شحنة كهربائية تتناسب مع نوع التنبيه و مقداره، تسري ضمن العصب إلى المراكز العصبية في الجملة العصبية المركزية التي تقوم بترجمة هذه الشحنة إلى الأحاسيس المختلفة مثل حس الألم، أو البرودة، أو السمع، أو البصر. و قد اكتشف العلماء حتى الآن أكثر من (60 مادة) عصبية تخدم في نقل التنبيهات العصبية المختلفة!

و تتفاوت أطوال الأعصاب تبعا لبعد العضو عن منشأ العصب، و يتجاوز طول بعضها (100 سم) و نظرا لأهمية الأعصاب و خطورة إصابتها فإن اللّه عز و جل جعل لها حماية مشددة، فهي في الغالب تتوضع في العمق قريبا من العظام، تغطيها طبقات سميكة من العضلات!

و في الجسم عدد كبير من الأعصاب، تعود جميعها إلى (43 زوجا) من الأعصاب الرئيسة:

فينشأ (12 زوجا) منها من الدماغ، و هي (الأعصاب القحفية) التي تتفرع إلى عدد من الأعصاب الفرعية، لتقوم على خدمة الرأس و العينين و الأذنين و الحلق و بعض الأعضاء في الصدر و البطن.

و ينشأ (31 زوجا) منها من النخاع الشوكي، تتفرع أيضا إلى عدد كبير من الأعصاب الفرعية لتقوم على خدمة بقية أعضاء البدن.

ص:563

أسرار حديث الصادق (ع) مع الهندي

[الطب المزاجي عند الامام الصادق (ع)]

عن محمّد بن إبراهيم الطالقانيّ، عن الحسن بن عليّ العدويّ عن عباد بن صهيب، عن أبيه، عن جدّه، عن الربيع صاحب المنصور، قال: حضر أبو عبد اللّه عليه السّلام مجلس المنصور يوما و عنده رجل من الهند يقرأ كتب الطبّ، فجعل أبو عبد اللّه عليه السّلام ينصت لقراءته، فلمّا فرغ الهندي قال له: يا أبا عبد اللّه أ تريد ممّا معي شيئا؟ قال: لا، فإنّ معي ما هو خير ممّا معك قال: و ما هو؟ قال: أداوي الحارّ بالبارد، و البارد بالحارّ، و الرطب باليابس، و اليابس بالرطب، و أردّ الأمر كلّه إلى اللّه عزّ و جلّ، و أستعمل ما قاله رسول اللّه (ص) «و اعلم أنّ المعدة بيت الداء، و أنّ الحمية هي الدواء» و أعوّد البدن ما اعتاد.

فقال الهنديّ و هل الطبّ إلاّ هذا؟! فقال الصادق عليه السّلام: أ فتراني من كتب الطبّ أخذت؟ قال: نعم، قال: لا و اللّه، ما أخذت إلاّ عن اللّه سبحانه، فأخبرني أنا أعلم بالطبّ أم أنت؟ قال الهنديّ: لا، بل أنا. قال الصادق عليه السّلام: فأسألك شيئا، قال:

سل.

قال [الصادق] عليه السّلام: أخبرني يا هنديّ لم كان في الرأس شؤون(1) ؟ قال: لا أعلم قال: فلم جعل الشعر عليه من فوق؛ قال: لا أعلم، قال: فلم خلت الجبهة من الشعر؟ قال: لا أعلم، قال: فلم كان لها تخاطيط و أسارير(2) ؟ قال: لا أعلم، قال: فلم

ص:564


1- (1) قال الجوهري: الشأن واحد الشؤون و هي مواصل قبائل الرأس و ملتقاها، و منها تجيء الدموع.
2- (2) و قال: السرر أيضا واحد «أسرار الكف و الجبهة» و هي خطوطها، و جمع الجمع أسارير.

كان الحاجبان [من] فوق العينين؟ قال: لا أعلم، قال: فلم جعل العينان كاللوزتين؟ قال: لا أعلم قال: فلم جعل الأنف بينهما؟ قال: لا أعلم، قال: فلم كان ثقب الأنف في أسفله؟ قال: لا أعلم، قال: فلم جعلت الشفة و الشارب من فوق الفم؟ قال: لا أعلم، قال: فلم احتدّ السنّ و عرض الضرس(1) و طال الناب؟ قال: لا أعلم، قال: فلم جعلت اللحية للرجال؟ قال: لا أعلم، قال: فلم خلت الكفّان من الشعر؟ قال: لا أعلم، قال: فلم خلا الظفر و الشعر من الحياة؟ قال: لا أعلم، قال: فلم كان القلب كحبّ الصنوبر؟ قال: لا أعلم، قال: فلم كانت الرئة قطعتين و جعل حركتها في موضعها؟ قال: لا أعلم، قال: فلم كانت الكبد حدباء(2) ؟ قال: لا أعلم، قال: فلم كانت الكلية كحبّ اللوبيا؟ قال: لا أعلم، قال: فلم جعل طيّ الركبة إلى خلف؟ قال:

لا أعلم، قال: فلم انخصرت القدم(3) ؟ قال: لا أعلم.

فقال الصادق عليه السّلام: لكنّي أعلم. قال: فأجب. فقال الصادق عليه السّلام: كان في الرأس شؤون لأنّ المجوّف إذا كان بلا فصل أسرع إليه الصداع، فإذا جعل ذا فصول كان الصداع منه أبعد.

و جعل الشعر من فوقه ليوصل بوصوله(4) الأدهان إلى الدماغ، و يخرج بأطرافه

ص:565


1- (1) و الذي يظهر من كلام اللغويين أن السن و الضرس مترادفان، و يظهر من إطلاقات الأخبار و غيرها اختصاص السن بالمقاديم الحداد، و الضرب بالمآخير العراض.
2- (2) في المصباح: حدب الإنسان من باب تعب إذا خرج ظهره و ارتفع عن الاستواء و الرجل أحدب و المرأة حدباء.
3- (3) قال الجوهري: رجل مخصر القدمين إذا كانت قدمه تمس الأرض من مقدمها و عقبها و تخوى (يخوى) أخمصها مع دقة فيه.
4- (4) قوله عليه السّلام: «ليوصل بوصوله»: أي بسبب وصول الشعر إلى الدماغ تصل إليه الأدهان، أو هو جمع إلى منابته و أصوله، و لا يبعد أن يكون في الأصل «بأصوله» فصحف، بقرينة مقابلة «أطرافه».

البخار منه، و يرد الحرّ و البرد الواردين عليه.

و خلت الجبهة من الشعر لأنّها مصبّ النور إلى العينين(1). و جعل فيها التخاطيط و الأسارير ليحبس العرق الوارد من الرأس عن العين قدر ما يميطه(2) الإنسان عن نفسه كالأنهار في الأرض الّتي تحبس المياه.

و جعل الحاجبان من فوق العينين ليردا عليهما من النور قدر الكفاية.

أ لا ترى يا هنديّ أنّ من غلبه النور جعل يده على عينيه ليردّ عليهما قدر كفايتهما منه.

و جعل الأنف في ما بينهما ليقسّم النور قسمين إلى كلّ عين سواء.

و كانت العين كاللوزة ليجري فيها الميل بالدواء و يخرج منها الداء، و لو كانت مربّعة أو مدوّرة ما جرى فيها الميل و ما وصل إليها دواء و لا يخرج منها داء.

و جعل ثقب الأنف في أسفله لينزل منه الأدواء المنحدرة من الدماغ، و يصعد فيها الأراييح(3) إلى المشامّ، و لو كان في أعلاه لما نزل داء و لا وجد رائحة.

و جعل الشارب و الشفة فوق الفم لحبس ما ينزل من الدماغ عن الفم، لئلاّ يتنغّص

ص:566


1- (1) قوله عليه السّلام: «لأنها مصب النور» و ذلك لأن طول الشعر من الحاجب الأعلى إليها، و أكثر الأنوار السماوية ترد من الجهة العليا، أو أن الأعصاب التي ترد منها الروح في باطن الجبهة، و مع نبات الشعر تصل منابتها إلى تلك الأعصاب فتمنع ورود الروح التي هي محل النور، أو أنه مزاج الروح الحاصل للنور حار رطب، و الشعر يتولد من المواد الباردة اليابسة فلا يتوافقان، و الأول أظهر.
2- (2) يقال: ما طه يميطه و أماطه أي نحاه و أبعده.
3- (3) في القاموس: الريح معروف، و الجمع أرواح، و أرياح، و رياح و ريح - كعنب، و جمع الجمع أراويح و اراييح.

على الإنسان طعامه و شرابه فيميطه عن نفسه(1).

و جعلت اللحية للرجال ليستغني بها عن الكشف(2) في المنظر و يعلم بها الذكر من الأنثى.

و جعل السنّ حادّا لأنّ به يقع العضّ، و جعل الضرس عريضا لأنّ به يقع الطحن و المضغ، و كان الناب طويلا ليشدّ الأضراس و الأسنان كالأسطوانة في البناء.

و خلا الكفّان من الشعر لأن بهما يقع اللمس، فلو كان بهما شعر ما درى الإنسان ما يقابله و يلمسه.

و خلا الشعر و الظفر من الحياة لأنّ طولهما سمج يقبح و قصّهما حسن، فلو كان فيهما حياة لألم الإنسان لقصّهما.

و كان القلب كحبّ الصنوبر لأنّه منكس، فجعل رأسه دقيقا ليدخل في الرئة فيتروّح عنه ببردها لئلاّ يشيط الدماغ بحرّه.

و جعلت الرئة قطعتين ليدخل بين مضاغطها(3) فتروّح(4) عنه بحركتها.

و كانت الكبد حدباء لتثقل المعدة و تقع جميعها عليها فتعصرها فيخرج ما فيها من البخار.

و جعلت الكلية كحبّ اللوبيا لأنّ عليها مصبّ المنيّ نقطة بعد نقطة، فلو كانت

ص:567


1- (1) و قوله عليه السّلام: «فيميطه عن نفسه» أي فيحتاج إلى أن يميط ما ينزل من الدماغ في أثناء الأكل و الشرب عن نفسه، أو فيميط الشارب و الشفة ما ينزل عنه، و هو بعيد.
2- (2) «ليستغنى بها عن الكشف» أي عن كشف العورة لاستعلام كونه ذكرا أم أنثى و قوله «في المنظر» متعلق بقوله «يستغنى» لا بالكشف.
3- (3) «بين مضاعطها» أي بين قطعتي الرئة.
4- (4) «فتروح» أي الرئة. «عنه» أي القلب.

مربّعة أو مدوّرة لاحتبست النقطة الأولى الثانية، فلا يلتذّ بخروجها الحيّ، إذ المني ينزل من فقار الظهر إلى الكلية فهي كالدودة تنقبض و تنبسط. ترميه أوّلا فأوّلا إلى المثانة كالبندقة من القوس.

و جعل طيّ الركبة إلى خلف لأنّ الإنسان يمشي إلى ما بين يديه(1) فتعتدل الحركات، و لو لا ذلك لسقط في المشي.

و جعلت القدم متخصّرة لأنّ الشيء إذا وقع على الأرض(2) جميعه ثقل ثقل حجر الرحا، إذا كان على حرفه دفعه الصبيّ، و إذا وقع على وجهه صعب ثقله على الرجل.

فقال الهندي: من أين لك هذا العلم؟ فقال عليه السّلام: أخذته عن آبائي عليهم السّلام عن رسول اللّه (ص) عن جبرئيل عليه السّلام عن ربّ العالمين - جلّ جلاله - الّذي خلق الأجساد و الأرواح. فقال الهنديّ: صدقت، و أنا أشهد أن لا إله إلاّ اللّه، و أنّ محمدا رسول اللّه و عبده. و أنك أعلم أهل زمانك(3).

ص:568


1- (1) قوله عليه السّلام: «يمشي إلى ما بين يديه»: أي يميل في المشي إلى قدامه فلو كان طي الركبة من القدام لانثنى أيضا من هذا الجانب فيسقط.
2- (2) قوله «إذا وقع على الأرض جميعه»: و ذلك لامتناع الخلاء، لأنه إذا لم يكن بين السطحين هواء أصلا و انطبقتا لم يكن رفع أحدهما عن الآخر فيرتفعان معا، و لو كان بينهما هواء قليل يرتفع لكن يتعسر لتوقفه على تخلخل هذا الهواء و دخول الهواء من خارج أيضا، فتخصر القدم يوجب وجود هواء كثير تحت القدم فإذا رفع القدم يدخل تحت ما لصق بالأرض من قدام القدم و عقبه الهواء من الأطراف بسرعة و سهولة فلا يعسر رفعه.
3- (3) بحار الأنوار ج 57 ص 307-310 ح 17.

الشعر

يغطي الشعر جميع أنحاء الجلد، ما عدا راحتي اليدين، و أخمصي القدمين، و ظهور المفاصل في أصابع اليدين و القدمين. و تتراوح نسبة الشعر ما بين (40-800 شعرة/سم مربع من الجلد) و يكون الشعر غزيرا في فروة الرأس، و تحت الإبطين، و في منطقة العانة. و بصورة عامة فإن شعر الرجل أغزر من شعر المرأة في جميع أنحاء البلدن، إلا الرأس فإن شعر المرأة فيه أغزر.

و يختلف توزيع شعر العانة بين الرجل و المرأة، فينتشر شعر العانة عند الرجل إلى الأعلى حتى يصل إلى السرة، أما عند المرأة فيتوقف في حدود العانة. و يعزى هذا الاختلاف في توزيع الشعر بين الجنسين إلى اختلاف نوع الهرمونات في كل من الرجل و المرأة.

و تتفاوت قدرة الشعرة على الاستطالة حسب موقعها من البدن، و يعد شعر الرأس أسرع الشعر استطالة، بينما يتوقف شعر الحاجبين و الرموش و الجلد عن الاستطالة عند ما يبلغ حدا معينا! و تستطيل الشعرة وسطيا (0,1 ملم/يوميا) أي إن الشعرة تستطيل بمقدار (1 سم/ 3 شهور) و في العادة يتكاسل الشعر عن الاستطالة و تتقصف أطرافه عند ما يتجاوز حدا معينا، و هذا الحد يختلف من شخص إلى آخر تبعا لعوامل عديدة: هرمونية، و وراثية.

و يتساقط الشعر بمعدل (30-100 شعرة يوميا) فإذا زاد عن هذا الحد وجب البحث عن السبب. و يصاب معظم الرجال بالصلع، فيتساقط شعر الرأس شيئا فشيئا مع التقدم في العمر، و أما المرأة فلا تصاب بالصلع مع أن شعرها يتساقط أيضا، إلا أن تساقطه يتوزع على سائر أنحاء رأسها، فلا تظهر عليها علامات الصلع كالرجل.

و يكتسب الشعر لونه من مادة (القتامين) التي تتوضع في الطبقة العميقة من الجلد، و كلما إزدادت نسبة هذه المادة في الشعرة مال لونها إلى القتامة أكثر، و كلما قلت مالت إلى اللون الفاتح، و يشيب الشعر عادة مع التقدم في العمر، و تؤثر في ظهور الشيب المبكر عوامل عديدة: وراثية و هرمونية و عاطفية.

الجفن و الأشفار

قال عليه السّلام: تأمل يا مفضل الجفن على العين كيف جعل كالغشاء، و الأشفار كالأشراج

ص:569

و أولجها في هذا الغار، و أظلها بالحجاب و ما عليه من الشعر(1).

الأسنان

يبدأ ظهور الأسنان في فم الطفل حوالي الشهر 5-6 من عمره، و هناك روايات مشكوك فيها عن أطفال ولدوا و عندهم بعض الأسنان، كالرواية التي تروى عن الأمير لويس الذي أصبح فيما بعد لويس الرابع عشر عاهل فرنسا فقد ولد و في فمه سنّان!

و تسمى الأسنان التي تظهر في فترة الطفولة (الأسنان اللبنية) لتزامن ظهورها مع فترة الرضاعة، و هي تسقط تباعا فيما بعد لتحل محلها (الأسنان الدائمة).

و أول الأسنان اللبنية ظهورا هما القاطعتان اللتان تظهران في الفك السفلي، ثم تظهر قاطعتان أخريان في هذا الفك مع (4 قواطع) في الفك العلوي، و ذلك في عمر (12-15 شهرا) و في عمر (15-30 شهرا) تظهر الطواحن، فيصبح عدد الأسنان اللبنية 20 سنا (10 في كل فك).

و عند ما يبلغ الطفل 6 سنوات تنبت له أربعة أسنان جديدة هي الضروس الطواحن و هي طليعة الأسنان الدائمة.

و بعد ذلك، و في غضون 5-6 سنوات ينبذ الجسم الأسنان اللبنية لتحل محلها الأسنان

ص:570


1- (1) الأجفان هي أغطية العين المتحركة من فوقها و تحتها و الجفن عضو ذو طبقات ثلاث فظاهره مستور بجلد رقيق رخو، و باطنه طبقة ملتحمة تسمى (المنضمة) و فيما بين هذين الغشائين قريبا من الحافة غضروف مثلث لشكل هلالي الوضع و فوقه أوتار العضلات الجاذبة للجفن نحو الأعلى، و ما بين هذه العضلات و الأوتار غدة صغيرة تفرز على الدوام مادة دهنية لترطيب العين و تليينها، كما أن هناك أيضا عروقا دموية كثيرة دقيقة جدا لتغذية الجفن، ثم إن حافة كل جفن مكسوة بالأهداب، و هي شعيرات صغار دقاق مقوسة تنبت في قنوات ممتدة على طول الحافة التي هي منبت تلك الشعيرات الهدبية، و هذه القنوات البارزة في شعار الأجفان أي حافاتها تكون كالأشراج أي الغرى. أما الفائدة و الحكمة من خلقة الأجفان فهي: 1 - منع ما يلاقي الحدقة من الأجسام الصلبة الخارجية. 2 - حفظ العين من دخول الأشياء الغريبة فيها. 3 - صيانتها من وصول الضوء الشديد الكثير إليها لكيلا تنصدع. 4 - صقل العين و غسلها. 5 - إبعاد ما قد يصيبها من الغبار و القذى. 6 - تنبيه الغدد الدمعية و الغدد الدهنية للافراز اللازم للعين في حركاتها المتواصلة، إلى غيرها من الفوائد.

الدائمة، و عند ما يكتمل سقوط الأسنان اللبنية تظهر 4 طواحن أخرى جديدة خلف الطواحن الأولى تسمى (ضروس العقل) لأنها تظهر في سن الرشد و النضوج العقلي، و هذه الضروس نادرا ما تظهر قبل عمر 15 سنة. و هكذا يكون عدد الأسنان الدائمة 32 سنا (16 في كل فك) توزيعها بين الفكين العلوي و السفلي كما يأتي:

4/4 قواطع + 2/2 أنياب + 4/4 ضواحك + 4/4 طاحنات + 2/2 أضراس عقل.

ينغرس - السن في اللثة و عظم الفك، و يذكرنا هذا بوضع الجبال التي تنغرس في باطن الأرض كالوتد، و هذا الوضع يعطي السن قوة و ثباتا فيجعلها تتحمل الضغوط الهائلة التي تقع عليها أثناء عملية المضغ و تصل هذه الضغوط أحيانا إلى (50 كلغ/السنتمتر المربع) علما بأن الأضراس يمكن أن تتحمل ضغطا يصل إلى (200 كلغ/سم المربع) قبل أن تنكسر!! و يحصل الضغط العالي أثناء عملية المضغ بفضل العضلات الماضغة و عددها (14 عضلة) منها (6 عضلات) لرفع الفك السفلي إلى الأعلى، و (6 عضلات) لخفضه إلى الأسفل، و (1 عضلة) في كل جانب لتحريكه إلى الجانبين، و تتعاون (4) من هذه العضلات على تحريك الفك إلى الأمام و الخلف.

اللمس:

يعد حس اللمس من الحواس الهامة جدا في حياة الإنسان، فقد يعوض عن بقية الأحاسيس كالسمع و البصر، كما حصل في حالة الأديبة الأمريكية الشهيرة (هيلين أدامز كيلر) التي ولدت عام (1880 م) و أصيبت بالعمى و الصمم في السنة الثانية من عمرها، فتولت أمرها المربية الأمريكية (آن سوليفان ميسي) في عام (1887) و كانت أيضا تعاني من ضعف شديد في البصر، و قد لجأت إلى تعليم هيلين بطريقة اللمس حتى استطاعت هيلين أن تتخرج من كلية (ردكليف) عام (1904)، و أن تتولى تعليم غيرها من المكفوفين، و قد ألفت كتبا عدة نالت عليها العديد من الجوائز العالمية!

و يستطيع الإنسان أن يميّز باللمس بين (5 أحاسيس) مختلفة، هي:

1 - حس الألم. 2 - حس الحرارة. 3 - حس البرودة. 4 - حس الضغط السطحي و الضغط العميق. 5 - حس اللمس.

و يوجد في الجلد مستقبلات عصبية لهذه الأحاسيس، و هي النهايات الحرة للأعصاب الجلدية، و لهذه النهايات (4 أشكال) يختص كل منها بنوع من أنواع الحس التي ذكرناها آنفا، و يوجد من هذه المستقبلات في جلد الإنسان:

ص:571

3,500,000 مستقبل للإحساس بالألم.

500,000 مستقبل للإحساس باللمس.

200,000 مستقبل للإحساس بالحرارة و البرودة.

الشعر و الأظافر و الصبغ

يشتق من الجلد الشعر و أظافر أصابع الأيدي و الأرجل، و تتكون جميعها من خلايا البشرة المعدّلة و المليئة بالكيراتين الصلب. لكن بينما نجد الشعر و الأظافر خالية من الأعصاب و ميتة و يمكن قصها بدون ألم، نرى الجلد ككل يستجيب بإرهاف للإحساسات الخارجية، من لمس و ضغط و حرارة و ألم.

ينمو الشعر كتمدّد تحتي لخلايا البشرة في داخل الأدمة ليشكّل مجموعة من الجريبات الشعرية القائمة في الجلد. يدفع الجريب إلى فوق أنبوبا من الكيراتين ليشكل نصل الشعرة. كل شعرة مجهزة بعضلة دقيقة ناصبة خاصة بها، و هي قادرة على الحركة المستقلة بحيث تنتصب في حالات البرد و الإنذار بالخطر. يقابل ما نسميه القشعريرة انتفاش ريش الطير أو صوف الهر. في سن البلوغ لا يبقى من أقسام الجلد خاليا من الشعر سوى باطن أصابع اليدين و الرجلين و كفي اليدين و أخمصي القدمين و أجزاء من الأعضاء التناسلية الخارجية.

لون الشعر و لون الجلد مترابطان ترابطا وثيقا، تحددهما الوراثة و يتوقفان على كمية الصبغ، لا سيما صبغ الميلانين الموجود في الجسم. (يرجع الشعر الأحمر إلى وجود صبغ إضافي). يتدنى مع السن إنتاج الميلانين في الجريبات الشعرية.

الأظافر كالشعر مشتقة من الجلد، و هي تغطي أطراف الأصابع في اليدين و الرجلين و تحميها، و هي مصنوعة من الكيراتين الصلب. يرتكز الظفر على قاعدة مكونة من أعمق طبقتين في الأدمة.

و تقع القشيرة فوق جذر الظفر، و اللحمة الحساسة تحت طرفه السائب و يكمن إهليل تحت الجذر، مشكلا المنطقة الناشطة و المنمية للظفر.

الكبد

يزن الكبد (1200-1700 غ) و يشغل (20%) من حجم البطن، و هو يضم أكثر من (300 مليار خلية) تعيش الواحدة منها (300-500 يوما) أي أن الكبد يتجدد في غضون (1-2 سنة) و إذا

ص:572

ما فقد الكبد (70%) من خلاياه فإنه يستطيع أن يستردها و أن يعود إلى حالته الطبيعية في غضون (4 شهور) فقط!

و الكبد بمثابة مصنع معقد جدا، فهو ينتج أكثر من (1000 خميرة) تمكنه من القيام بأكثر من (500 وظيفة) معروفة حتى الآن، أهمها الوظائف التي تتعلق بالغذاء، فهو ينتج العصارة المرارية، و يختزن الحديد، و ينتج فيتامين (أ) و بعض بروتينات الدم، و يحول الدهون إلى مركبات مناسبة لعمليات الأكسدة في حال الجوع أو الصوم، كما يعمل على تحويل النشويات إلى دهون عند ما تفيض النشويات عن حاجة البدن.

و من وظائف الكبد الهامة أيضا مراقبة المواد المختلفة التي تأتيه من القناة الهضمية (باعتباره المحطة الأولى لهذه المواد) لكي يتأكد من سلامتها، و يقوم بتعديلها و تحييد المواد الضارة منها و تحضيرها للطرح إلى خارج البدن، فهو على هذه الشاكلة أشبه ب (مركز تفتيش) متشدد مهمته التدقيق في (هويات) الداخلين إلى الجسم، و اعتقال (المشتبهين) منهم، علما بأن كتلة الدم كلها تمر في هذا المركز الحدودي مرة كل (دقيقتين)!

و يأتي الدم إلى الكبد من (طريقين):

- فيأتيه (25%) من الدم عن طريق الشريان الكبدي، و هذه الكمية من الدم تزود الكبد بنحو (75%) من الأوكسجين الذي يحتاجه.

- و يأتيه (75%) من الدم عن طريق وريد الباب، تزوده بنحو (25%) من الأوكسجين الذي يحتاجه.

و نظرا للوظائف الكثيرة جدا التي يقوم بها الكبد فإنه يستأثر بصورة مستمرة بنحو (25%) من كتلة الدم، كما أن نشاطه الذي لا يفتر ليلا و لا نهارا يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارته بمقدار (ا م) عن درجة حرارة بقية الأعضاء!

الكليتان

في جسم الإنسان عادة كليتان، يمنى و يسرى، تتوضعان في تجويف البطن تحت الحجاب الحاجز قريبا من العمود الفقري، و في حالات نادرة قد يكون عند الشخص كلية واحدة فقط، و في حالات أخرى قد يكون عنده عدة كلى و ذلك نتيجة لتوقف التطور في البرانشيم الكلوي أثناء الحياة الرحمية، فتبقى أجزاء هذا البرانشيم منفصلة بعضها عن بعض مشكلة الكلى المتعددة!

ص:573

يبلغ وزن الكلية الواحدة نحو (150 غ) و طولها (10 سم) و عرضها (5 سم) و سماكتها 2,5 مليون) وحدة وظيفية تسمى كل منها: كليون (نفرون) تقوم بتصفية الدم من الفضلات التي تطرح عن طريق البول. و يبلغ طول قنوات هذه الوحدات زهاء (85 كلم)!

يرد إلى الكلية في غضون (24 ساعة) أكثر من (1800 ل) من الدم، يرشح منه (180 ل) في وحدات التصفية، ثم يعاد امتصاص (99%) من هذه الكمية، و لا يطرح إلى الخارج سوى (1,5 ل) من السوائل التي نسميها (البول) و هذا يعني أن الكليتين تقومان بتنظيف هذه المدينة الشاسعة (جسم الإنسان) بمعدل (36 مرة كل يوم) و ليس مرة واحدة كما تفعل بلديات المدن الكبرى عادة!

و للكلية وظائف عديدة إلى جانب تصفية الدم، فهي تمتلك جهازا ينبه نقي العظام لتنظيم إنتاج عناصر الدم المختلفة، كما أنها تفرز هرمون (الهايبرتنسين) الذي ينظم ضغط الدم. و الكلية هي التي تحول الفيتامين (د) الذي نتناوله مع الغذاء إلى شكله الفعال الذي يساهم في استقلاب الكالسيوم، و لهذا السبب يؤدي فشل الكلى إلى اضطراب خطر في كالسيوم الدم. أضف إلى هذا أن الكلية هي التي تنظم درجة الحموضة (PH) و نسبة الأملاح في الدم، و لو أن إنسانا تناول مع طعامه كمية زائدة من ملح الطعام (كلور الصوديوم) فإن الكلية تتولى مهمة تخليص البدن منها، أما إذا لم يتناول كمية كافية من الملح فإن الكلية تتوقف عن طرح الصوديوم مع البول لتحافظ على نسبته في الدم ضمن حدودها الطبيعية حفاظا على توازن الأملاح التي يعد توازنها ضروريا لجميع العمليات الحيوية التي تجري داخل الجسم!

و تعد عمليات زراعة الكلى من أنجح عمليات زراعة الأعضاء حتى الآن و قد أجريت أول عملية لزراعة الكلية في عام (1950 م) على يدي الجراح (مولر) أما أطول مدة عاشها إنسان بعد زراعة الكلية في جسده فقد بلغت (20 عاما) و قد نقلت الكلية إلى المريض من أخيه التوأم.

المني

يتشكل المني من الإفرازات التناسلية عند الرجل، و يشارك في إنتاجه كل من الخصية و الحويصلة المنوية و غدة الموثة (البروستات) و يحتوي المني على (نوعين) من العناصر:

1 - النطاف: التي تنتجها القنوات المنوية في الخصيتين.

2 - السائل المنوي: الذي يحمل النطاف، و يغذيها، و ينشطها، و يساعدها على السباحة حتى تصل إلى بوق الرحم لتقوم هناك بتلقيح البويضة.

ص:574

يقذف الرجل في كل دفقة (3,5 سم مكعب) من المني فيها أكثر من (100-700 مليون نطفة) قد تصل في بعض الأحيان إلى (1000 مليون) أي إن كل (1 سم مكعب) من المني يحتوي على (35-200 مليون نطفة) علما بأنه لا يلقح البويضة سوى نطفة واحدة فقط من بين هذه الملايين، و أما بقية النطاف فيموت أكثرها في الرحلة الشاقة عبر المجرى التناسلي للمرأة وصولا إلى البويضة في أقصى البوق، و أما البقية الباقية من النطاف فإنها تقدم نفسها طائعة لتغذية البيضة الملقحة ريثما تصل إلى الرحم و تستقر فيها!

و يجب أن تحتوي الدفقة الواحدة من المني على (20 مليون نطفة) على الأقل لكي يكون الرجل قادرا على الإنجاب، و قد يحصل الحمل في حالات نادرة بأقل من هذا العدد.

و للنطفة رأس دقيق لا يزيد طوله عن (5 ميكرون) و ذيل طويل (55 ميكرون) يساعدها في التحرك السريع باتجاه البويضة، و تقطع النطفة المسافة من مهبل المرأة إلى أقصى بوق الرحم في غضون (1-3 ساعات) و تعادل هذه المسافة أكثر من (240 ضعف طول النطفة) أي أكثر من (400 كلم) إذا ما قورنت بطول الإنسان. و معنى هذا أن النطفة تجري للقاء عروسها بسرعة تفوق سرعة سيارات السباق.. فتأمل!

و تبقى الخصيتان عادة قادرتين على إنتاج النطاف طوال حياة الرجل، فليس للرجل (سن يأس) كما للمرأة التي يتوقف إنتاج البويضات عندها في عمر (45 سنة وسطيا).

و قد أمكن في السنوات الأخيرة حفظ المني لفترات طويلة، في درجة حرارة منخفضة (- 196 م) لاستخدامه في التلقيح الاصطناعي الذي أصبح من العمليات اليومية في كثير من مستشفيات العالم.

و نذكر أن الطفلة (لويز براون) كانت أول مولود في التاريخ يولد بهذه الطريقة، فقد جرى تلقيح بويضة أمها أولا في أنبوبة الاختبار، ثم نقلت فزرعت في رحم أمها في العاشر من شهر تشرين الثاني (عام 1977 م) و استمر حملها حتى الخامس و العشرين من شهر تموز (عام 1978 م) حيث تمت الولادة بعملية قيصرية في مستشفى أولدهام، لانكشاير، في انكلترا!

ص:575

بناء الجسد

اشارة

عن أبي الأصبغ. عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: بني الجسد على أربعة أشياء:

الروح(1): و العقل، و الدم، و النفس. فإذا أخرج الروح تبعه العقل فإذا رأى الروح(2)

شيئا حفظه عليه العقل، و بقي الدم و النفس(3).

ص:576


1- (1) كأن المراد بالروح النفس الناطقة، و بالعقل الحالات و الصفات الحالة فيها و لا بد لها منها في العلوم و الإدراكات، فإذا فارق الروح البدن تبعتها تلك الأحوال لأنها في البرزخ لا تفارقها العلوم و المعارف، بل تترقى فيها. و بالنفس الروح الحيوانية فهي مع الدم الحامل لها تبقيان في البدن و تضمحلان.
2- (2) و قوله «فإذا رأى الروح» أي بعد مفارقة البدن، و الرؤية بمعنى العلم أو بعين الجسد المثالي.
3- (3) بحار الأنوار ج 58 ص 292 ح 2.

العقل مخلوق عجيب الصنع، عظيم الأثر، كبير الفائدة، تكرم به اللّه تعالى على الإنسان ليميزه عن سائر مخلوقاته، و ليجعله أشرفها إذا أطاعه و أخسها إذا عصاه و أعرض عن رشاده و من الغريب أن هذا الخلق الجليل لم يعرف بالكنه و الحقيقة بل إنما يدرك بآثاره و لوازمه، و لم يميز إلا بأفعاله و أحكامه.

و قد عرفه العلماء و العقلاء بتعاريف كثيرة، مآل الكل واحد، فقد قيل: إنه ملكة تدبر الحركات الإرادية من أي نوع كانت، و قيل:

العقل ملكة كسبية تتولى ضبط الأفعال ضبطا إراديا بتدبير خاص و لغرض خاص، و إن عقول الأشخاص تتفاضل باختلاف وسائل الكسب، فتتنوع الأعمال الناجمة عنها بل قد تتفاوت أفعال عقل الشخص الواحد باختلاف أطواره و المؤثرات فيه و قيل: العقل هو الذي يصوغ الأحكام بالقياس على ما خبره بنفعه و بما عرفه من غيره، إلى غيرها من التعاريف التي تدور كلها مدار معرفة آثاره و أفعاله.

و بالجملة فإن ما يؤخذ من مجموع التعاريف هو: إن العقل هو الذي يسير الإنسان في أعماله اليومية الذاتية و التي يجريها مع غيره، و بدونه تقف أعمال الحياة، أو أنها تسير سيرا بطيئا متعثرا.

فإذا عرفت ذلك فاعلم أن الإنسان منذ ولد ودب إلى أن شب في الحياة، كان عرضة للمهالك، محاطا بمكاره الطبيعة، و صدمات المحيط على أنه لا يملك من القوة الطبيعية و الإلهامات الفطرية مثلما يملك الحيوان. فإنه خلق قاصرا عاجزا محتاجا جاهلا، و لا كذلك الحيوان الذي منح إلهاما خاصا و إدراكا محدودا يسير انه في طريق الحياة بدافع فطري لا يختلف، و لا يحتاج إلى روية و فكر، بمعنى أن عيشته عيشة بهيمة غير قابلة للتغيير و الاختلاف.

و لكن اللّه تعالى بعد أن سلب الإنسان ذلك الإلهام الخاص، أودع فيه جوهرة ثمينة أضاءت جسمه الكثيف حتى جعلته يشع في هذا الكون المليء بالمخلوقات الأخر غيره أعني منحه عقلا جبارا، و جعل في خزائنه أسرارا كامنة كمون النار في الزناد، تزيد و تنقص، و تظهر و تختفي، حسب احتياجه لاستعمالها في أمر المعاش أو المعاد، و تدبير وسائل الحياة من جلب نفع أو دفع

ص:577

ضرر، و تسهيل طرق السعادة في الدارين.

فالإنسان ضعيف بالنسبة للحيوان ما لم يعمل بقواه العقلية و عاجز بمفرده عن مجاراة الحيوان في طرق المعيشة الفطرية ما لم يدبر أموره، و هو محتاج لمساعدة غيره من بني نوعه لتدبير حياته البشرية و لو لا أن الحكمة الإلهية كانت قد أودعت فيه هذا العقل و منحته هذا الإدراك المميز، لما أمكنه أن يعيش.

إذا فالعقل هو الدعامة المتينة الوحيدة لأعماله، و الصديق الناصح و المرشد المحب له بل هو النور الذي يقذفه اللّه في قلب من يشاء من عباده، ليفرق بين الحق و الباطل و الحسن و القبيح و الخير و الشر، فيستمد منه ما يسعده من علوم يصحلها، و معرفة لعواقب الأمور التي تعترضه، و ليهتدي به لما ينجيه، و يتجنب به عما يشقيه.

فهو خير المواهب السماوية، و أعظم النعم الإلهية التي تخرج الإنسان من ظلمة البهيمية إلى نور الإنسانية، تميزه عن الملائكة إن تابعها و شايعها و تغلب بها على الشهوات كما أنه يسفل عن البهائم إذا عدم العقل أو غلبت الشهوة الحيوانية عليه.

الدم

يعد الدم أهم سوائل البدن على الإطلاق، فهو الذي يحمل إلى الخلايا و الأجهزة و الأعضاء كل ما تحتاج إليه من غذاء و أوكسجين، كما يحمل الفضلات التي لا يحتاجها البدن تمهيدا لطرحها إلى الخارج عن طريق الكليتين و الغدد العرقية و غيرها من الأعضاء التي تقوم بمهام عمال النظافة!

يتكون الدم من عنصرين هما:

1 - الخلايا الدموية: و تمثل (45%) من كتلة الدم، و هي (3 أنواع) كريات حمراء، و كريات بيضاء، و صفيحات دموية.

2 - المصورة: و تمثل (55%) من كتلة الدم، و هي عبارة عن سائل معلق يميل لونه إلى الصفرة، تسبح فيه خلايا الدم، و تحمل المصورة جميع المواد المنقولة عن طريق الدم، مثل:

الغذاء، و الدواء، و عناصر المناعة، و غيرها من المواد.

المصنع الرئيسي لعناصر الدم هو (نقي العظام) و هو مصنع عالي الإنتاجية كثيرا، فهو ينتج كل ثانية (8 ملايين) خلية، و يمكن أن تتضاعف طاقته على الإنتاج (6-7 مرات) في الحالات الطارئة.

يمثل الدم نحو (7%) من وزن الجسم، أي حوالي (5 ل) في الشخص الذي يزن (70 كلغ)

ص:578

علما بأن الطحال يختزن نحو (20%) من كتلة الدم لاستخدامها في الحالات الطارئة، مثل حالات النزيف.

و الدم البشري (4 أنواع) رئيسة تسمى (الزمر الدموية) يرمز لها بالأحرف (أ، ب، أب، و) و قد عرفت في نهاية القرن الماضي في عام 1900 م على يدي العالم (لاند شتاينر) و تكون هذه الزمر سلبية أو إيجابية للعامل الريزوسي (Rh) و بهذا تبدو الزمر الدموية عند الإنسان و كأنها (8 زمر) و ليس (4 زمر).

و يتفاوت شيوع الزمر الدموية بين الناس على النحو الآتي:

1 - الزمرة (و) هي أكثر الزمر شيوعا بين الناس، و تبلغ نسبتها إلى بقية الزمر (45-47%) و في هذا حكمة ربانية بالغة لأن هذه الزمرة يمكن أن تعطي الدم لجميع الأشخاص ذوي الزمر الأخرى، مع أنها لا تأخذ الدم إلا من زمرتها هي، لذلك تسمى (مانحا عاما) و السبب في هذا أن كريات الدم من هذه الزمرة لا تحمل أضدادا تجاه الزمر الأخرى، و من ثم فهي تستطيع الاختلاط بأية زمرة أخرى دون أية مضاعفات.

2 - الزمرة (أ) و نسبتها (40-45%) و يمكن أن تعطى للأشخاص من الزمرة نفسها، و كذلك للأشخاص ذوي الزمرة (أب) و لا تعطى للزمرتين الأخريين لأنها تحمل أضدادا تجاههما.

3 - الزمرة (ب) و نسبتها (8-10%) يمكن أن تعطى للأشخاص من الزمرة نفسها، و كذلك للأشخاص ذوي الزمرة (أب) و لا تعطى للزمرتين الأخريين لأنها تحمل أضدادا تجاههما.

4 - الزمرة (أب) تعدّ أندر الزمر الأربع، و لا تزيد نسبتها عن (3%) و تسمى هذه الزمرة (مستقبلا عاما) لأنها يمكن أن تستقبل الدم من الزمر الثلاث الأخرى دون خطر! في حين لا تستطيع أن تعطي إلا زمرتها نفسها، لأنها تحمل أضدادا تجاه بقية الزمر.

و قد اكتشف العلماء في السنوات الأخيرة زمرا أخرى غير هذه الزمر الشائعة عند الغالبية العظمى من الناس، إلا أن هذه الزمر المكتشفة حديثا نادرة جدا.

و يضطرب الدم اضطرابا شديدا يهدد الإنسان بالموت عند إدخال دم عليه من زمرة مغايرة لزمرته، و لهذا يجري فحص الدم و تحديد زمرته قبل إعطائه للمرضى، و من غرائب الأحداث التي تروى في هذا الصدد قصة أول عملية نقل دم في التاريخ، التي جرت عام 1667 م أي قبل اكتشاف الزمر الدموية بأمد بعيد، حيث قام الطبيب الخاص لملك فرنسا (لويس الرابع عشر) آنذاك بحقن (240 سم مكعب) من دم شاة حية في الدورة الدموية لصبي كان يحتضر إثر نزيف أصابه، و قد شاءت

ص:579

عناية اللّه عز و جلّ أن ينجو الصبي من الموت بعد تلك العملية الرائدة على الرغم من أن الدم الذي أعطي له كان دما حيوانيا!!

يحفظ الدم بعد جمعه من المتبرعين في درجة حرارة تتراوح ما بين (2-4 م) بعد إضافة مادة حافظة له هي (حامض سترات الدكستروز) و يبقى الدم صالحا للنقل لمدة (21 يوما) فإذا انقضت عليه هذه المدة و لم يستخدم تفصل منه الكريات، و يحتفظ بالمصورة فقط التي يمكن أن تبقى صالحة للاستخدام لمدة طويلة إذا ما حفظت في درجة حرارة (70 م تحت الصفر) حيث يستفاد منها في بعض الحالات المرضية.

و يمتاز الدم بلزوجة عالية تعادل (5 أضعاف) لزوجة الماء، مما يبطئ من سرعة النزيف، و لو كانت لزوجة الدم مثل لزوجة الماء لنزف (1000 سم) من الدم في (5 دقائق) بدلا من (30 دقيقة)! و تؤدي خسارة كمية من الدم إلى أعراض متفاوتة تبعا للكمية التي نزفت:

- فيمكن للإنسان أن يخسر (10%) من كتلة دمه دون تأثير يذكر في ضغط دمه أو نبضه، و هذا ما يلاحظ عند التبرع بالدم مثلا.

- أما إذا نزف الإنسان (15-20%) من كتلة دمه فإن معدل نبضه يزداد، و لكن ضغط دمه يبقى ضمن الحد الطبيعي إذا ما ظل مستلقيا و لم يقم بأي جهد إضافي.

- أما إذا نزف (20-40%) من دمه فإنه ضغطه ينخفض، و يشحب لونه كثيرا، و يتعرق بغزارة (أعراض الصدمة النزفية).

- أما إذا نزف أكثر من (45%) من دمه فإنه يموت سريعا إذا لم يسعف في الوقت المناسب!

- أما إذا خسر الإنسان (50%) من دمه خلال فترة طويلة فإنه لا يشعر عادة بأعراض واضحة لأن الجسم يعوض الخسارة من بقية سوائل البدن!

و من الإجراءات الضرورية في الطبّ السريري معرفة بعض أحوال الدم و بخاصة قبل إجراء العمليات الجراحية، و منها معرفة:

- زمن النزف: و هو الزمن اللازم لتوقف النزف بعد إحداث جرح صغير و يتراوح في الأحوال الطبيعية ما بين (1-7 ثوان).

زمن التخثر: و هو الزمن اللازم لتجلط الدم، و يتراوح ما بين (10-18 ثانية).

و يعكس الدم نسبة المواد المختلفة التي تجول في أنحاء البدن، فهو كالمرآة التي نستطيع من

ص:580

خلال النظر فيها معرفة حال الجسم من حيث الصحة أو المرض.

النفس

لقد اختلفت الحكماء و الفلاسفة في تعريف النفس و تحديد كنهها و حقيقتها اختلافا كثيرا.

فذهب افلاطون إلى أن النفس جوهر مجرد، له ذاتية تخالف ذاتية الجسم و أن هذا الجوهر ذو وجود أزلي أبدي. ثم جاء بعده أرسطو فخالف أستاذه في ذلك حيث قال: إن النفس هي مجموع الوظائف العضوية التي أمتاز بها الكائن الحي، ثم قسمها إلى ثلاثة أقسام:

(1) ناطقة و هي الخاصة بالإنسان.

(2) حاسة و هي المشتركة بين الحيوان و الإنسان.

(3) غاذية و هي المشتركة بين الإنسان و الحيوان و النبات.

أما في العصور الوسطى فقد اختلفوا أيضا اختلافا بينا، فمنهم من رجح رأي ارسطو، و منهم من وقف بين رأى أرسطو و أفلاطون و منهم من خالفهما، و إليك رأي بعضهم على سبيل المثل، قال ابن سينا: إن النفس في أول أمرها جوهر جزئي مستقل بذاته، ثم أخذ هذا الاستقلال يتزايد مدة بقائها في الجسد، و هي لا تنشأ من امتزاج العناصر، و لا هي صورة لازمة للجسم، و لكنها عارضة عليه، و إن لكل جسد نفسا خاصة لا تصلح إلا له تفاض عليه من واهب الصور و هو العقل الفعال، و إن لها قوى عجيبة مختلفة، تصدر عنها آثار عجيبة و هي تعرج إلى الملأ الأعلى مجتازة مراتب الموجودات المتفاوتة، أقول: و رأي ابن سينا هذا يظهر جليا في قصيدته العينية المشهورة (النفس).

و قال ابن مسكويه: إن النفس جوهر بسيط غير محسوس بشيء من الحواس، و هي تدرك وجود ذاتها، و تعلم أنها تعلم و أنها تعمل، فهي ليست بجسم لأنها تقبل صور الأشياء المتناقضة أشد التناقض في وقت واحد معا كقبولها للأبيض و الأسود في آن واحد مثلا، في حين أن الجسم إذا قبل السواد لا يمكنه أن يقبل البياض في وقت واحد ثم إنها تقبل صور المحسوسات و المعقولات أيضا على السوية، و لا كذلك الأجسام، و فوق ذلك كله أن النفس فيها معرفة عقلية أولية لم تأت إليها من الحواس، فهي تستطيع بهذه المعرفة الأولية أن تميز بين الصادق و الكاذب مما ياتيها من الحواس، و هي بهذا تشرف على الحواس و تصحح خطأها. و بهذه الوحدة العقلية أمكنها أن تدرك ذاتها و أن تعلم أنها تعلم، و هي وحدة يكون فيها العاقل و المعقول و العقل شيئا واحدا.

أما إخوان الصفا: فإنهم يقولون إن النفس فيض صادر عن النفس الكلية أو نفس العالم، و إن نفوس أفراد الإنسان تؤلف جوهرا يمكن أن نسميه الإنسان المطلق - أو النفس الإنسانية - و هذه النفس

ص:581

غائصة في بحر الهيولى، و لا بد أن تصير عقلا بالتدريج. و أن نفس الطفل في أولها كصحيفة بيضاء لم ينقش عليها شيء و كلما تحمله إليها الحواس الخمس، تتناوله القوة المتخيلة متجمعة و هي في مقدم الدماغ ثم تدفعه إلى القوة المفكرة، و مسكنها وسط الدماغ فتميز بعضها من بعض و تعرف الحق من الباطل، ثم تؤديه إلى الحافظة التي يكون مجراها مؤخر الدماغ.

أما القوة الناطقة: فهي التي تعبر عما في النفس للسامعين بالألفاظ، أو أنها تقيده بصناعة الكتابة، فتكون للنفس خمس حواس باطنة تقابل الخمس الظاهرة.

إلى غيرها من الآراء المتقاربة تارة و المتباعدة تارة أخرى.

أما علماء النفس في هذا العصر فقد اختلفوا أيضا في تعريفها اختلافا كثيرا حتى قال بعض المتأخرين إن البحث بعد لم يهتد إلى معرفة كنهها، و لما يجد الباحث المدقق تعريفا شافيا. فهي لغة الروح يقال خرجت نفسه أي فاضت روحه، و تستعمل بمعنى الدم كما تستعمل بمعنى الجسد أيضا، و تأتي أيضا للتأكيد فيقال هو نفسه أي عينه إلى غيرها من المعاني.

أما في عرف العلماء و الفنيين فهم كذلك انقسموا في تعريفها إلى أقسام فمنهم من عرفها بأنها هي ذلك النشاط الذي يمتاز به الكائن الحي و يسيطر على كل حركاته و منهم من فسرها بأنها التفاعل الذي يظهر عند وجود الكائن الحي مع غيره من الأحياء الأخرى و منهم من قال إنها القوة الخفية الموجودة في كل كائن حي و التي تظل كامنة فيه فيحيا بها و إن أصابها ما يذهبها فقد فقد حياته.

و بعضهم فسر نفسية المرء بأنها شخصيته التي هي كلما يعرف عنه، أو كلما هو مشهور به بين رفاقه.

و فريق آخر عرفها بأنها وظيفة العقل و الجهاز العصبي للإنسان.

و قصارى القول إن النفس لم يعرف حتى الآن كنهها بالضبط، بل لم يعرف حتى موقعها من الإنسان، و كلما يعرف عنها هو ما يلاحظ على المرء من حركات و سكنات و نشاط حيوي سواء أ كان ذلك خاصا به أو بواسطة احتكاكه بغيره من الكائنات فالنفس السليمة يرى صاحبها و قد سار سيرا في الحياة في طريق سوى طبيعي ليس به شذوذ، و النفس السقيمة يرى صاحبها و قد سار سيرا شاذا معوجا غير مألوف.

أقول: إن الذي ظهر من مجموع الأقوال المختلفة و الآراء المتفاوته قديما و حديثا هو: أن النفس هي تلك الروح التي حيرت العقول و أقلقت الأفكار من الفلاسفة و الحكماء، و لم يصلوا إلى شيء من معرفتها بعد البحوث المتواصلة و التحقيقات المتنوعة، لذلك فقد قالوا بعد العجز: إن

ص:582

النفس هي سر إلهي يقصر فهم البشر عن إدراكه. و هنا تراهم يخبتون قوله تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَ مٰا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاّٰ قَلِيلاً .

قال الأستاذ الغمراوي في كتابه (الغرائز): و قد ظهر أخيرا في عالم الاختراع مخترع جديد و هو عدسة بلّوريّة، أنفذ المحترع من خلالها أشعة قوية إلى جسم حي، فرآه و قد أحاطت به أشعة مضيئة كالهالة، سماها (أشعة الحياة). وجهها إلى جسم شخص كان يعالج سكرات الموت، رأى ذلك الشعاع المرئي يتضاءل رويدا رويدا حتى اختفى، و باختفائه انقضت الحياة، فظن هذا المخترع أن هذا الشعاع هو الروح، و لكن بعد ذلك داخله الشك في ظنه حيث احتمل أن يكون حدوث هذا النور كان من الحركة التي تؤديها جزئيات الجسم الحي، فيكون على هذا أثر من آثار الروح لا نفسه.

أقول: فما أشبه النفس (إذا أردنا تقريبها للذهن) بالتيار الكهربائي الذي نراه ينفذ من خلال السلك المعدني دون أن نشاهده، في حين أنا لا نرى فرقا ظاهرا بين سلكه و السلك الخالي من التيار، و إنما النور و الحركة فقط هما اللذان يدلان على وجود هذا التيار في السلك الأول دون الثاني.

ثم إن هذه النفس مهما كثرت قواها فإنها تقسم عموما إلى قسمين، أحدهما موكل بالإدراك و ثانيهما موكل بالحركة و العمل. و كل قسم من هذين ينقسم أيضا إلى ثلاث أنفس:

(الأولى) النفس النباتية و هي الكمال الأول للجسم الطبيعي الآلي من حيث تولده و تغذيته و نموه.

(الثانية) النفس الحيوانية و هي الكمال الأول للجسم الطبيعي الآلي من جهة إدراكه للجزئيات و تحركه بالإرادة.

(الثالثة) النفس الإنسانية و هي الكمال الأول للجسم الطبيعي الآلي من ناحية فعله للأفعال الكائنة بالاختيار الفكري و الاستنباط بالرأي و إدراك الأمور الكلية.

ص:583

أبو حنيفة و الصادق (ع)

اشارة

عن ابن أبي ليلى، قال: دخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام و معي نعمان، فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من الّذي معك؟ فقلت: جعلت فداك هذا رجل من أهل الكوفة له نظر و نفاذ رأي يقال له نعمان(1). قال: فلعلّ هذا الّذي يقيس الأشياء برأيه، فقلت: نعم، قال: يا نعمان، هل تحسن أن تقيس رأسك؟ فقال: لا، فقال: ما أراك تحسن شيئا و لا فرضك إلاّ من عند غيرك، فهل عرفت كلمة أوّلها كفر و آخرها إيمان؟ قال: لا، قال:

فهل عرفت ما الملوحة في العينين و المرارة في الأذنين، و البرودة في المنخرين، و العذوبة في الشفتين؟ قال: لا.

قال ابن أبي ليلى: فقلت: جعلت فداك، فسّر لنا جميع ما وصفت. قال: حدّثني أبي عن آبائه عن رسول اللّه (ص): أنّ اللّه تبارك و تعالى خلق عيني ابن آدم من شحمتين فجعل فيهما الملوحة، و لو لا ذلك لذابتا، فالملوحة تلفظ ما يقع في العين من القذى.

و جعل المرارة في الأذنين حجابا من الدماغ، فليس من دابّة تقع فيه إلاّ التمست الخروج، و لو لا ذلك لوصلت إلى المداغ.

و جعلت العذوبة في الشفتين منّا من اللّه عزّ و جلّ على ابن آدم يجد بذلك عذوبة الريق و طعم الطعام و الشراب.

ص:584


1- (1) يعني أبا حنيفة، و هو نعمان بن ثابت بن مرزبان تيم اللّه، و انحرافه عن الإمام الصادق عليه السّلام مشهور بين الفريقين.

و جعل البرودة في المنخرين لئلاّ تدع في الرأس شيئا إلاّ أخرجته.

قلت: فما الكلمة الّتي أوّلها كفر و آخرها إيمان؟ قال: قول الرجل «لا إله إلاّ اللّه» أوّلها كفر و آخرها إيمان. ثمّ قال: يا نعمان، إيّاك و القياس، فقد حدّثني أبي عن آبائه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: «من قاس شيئا بشيء قرنه اللّه عزّ و جلّ مع إبليس في النار فإنّه أوّل من قاس على ربّه» فدع الرأي و القياس، فإنّ الدين لم يوضع بالقياس و بالرأي(1).

ص:585


1- (1) بحار الأنوار ج 58 ص 312-313 ح 18.

البصر (العين)

هو الحاسة الأهم في حياة الإنسان، و قد جاءت آيات كثيرة من القرآن الكريم تؤكد هذا المعنى، و منها قول الحق تبارك و تعالى: وَ لاٰ تَقْفُ مٰا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ، إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤٰادَ كُلُّ أُولٰئِكَ كٰانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً (الإسراء/ 36).

و شبكية العينين هي الجزء الحساس للضوء، و هي التي تستقبل الموجات الضوئية المختلفة فتترجمها إلى ومضات عصبية تنتقل إلى الدماغ عبر (العصب البصري) فيقوم الدماغ بترجمتها مجددا إلى أشكال و ألوان أو صور!

تتألف شبكية العين من (10 طبقات خلوية) منها طبقة واحدة فقط حساسة للضوء، تضم نحو (140 مليون خلية) منها ما هو بشكل المخاريط عددها (7 ملايين مخروط) تتأثر بالضوء المركز و الألوان. و منها ما هو بشكل العصي (135 مليون عصا) تتأثر بالضوءين الأسود و الأبيض فقط، و هي تختص بتمييز الألوان الخافتة، و هي ذات حساسية مفرطة إذ تستطيع الإحساس بالضوء الضعيف جدا الذي لا تزيد شدته عن (1 /مليون واط)!

تنتقل الومضات الضوئية من الشبكية إلى الدماغ عبر (العصب البصري) الذي يضم نحو (500,000 ليف عصبي) كل منها يقوم بعمل جهاز تلفزيون مستقل، فينقل جزءا من الصورة و يبلغها لمركز البصر في الدماغ ليقوم هذا المركز من جهته بتجميعها مرة أخرى و إظهارها في صورة واحدة!!

و لوجود (عينين اثنتين) للإنسان فضل كبير في رؤية الصورة مجسمة (ثلاثية الأبعاد) مما يساعده على تحديد مواضع الأشياء بدقة كبيرة تمكنه من التعامل معها بكفاءة عالية!

و العين البشرية لا تستطيع رؤية جميع الموجات الضوئية، و إنما ترى منها فقط الموجات المحصورة ما بين (الأشعة تحت الحمراء) و (الأشعة فوق البنفسجية) أي الموجات التي تتراوح أطوالها ما بين (400-700 نانومتر) و النانومتر يساوي جزءا من مليار جزء من المتر!

و للعين البشرية قدرة باهرة على التمييز بين الأشكال و الألوان و الصور، فهي تستطيع التمييز ما بين (10 ملايين) سطح ملون، علما بأن أدق آلات التصوير التي اخترعها الإنسان حتى الآن لا يمكنها الوصول إلى (40%) من هذه المقدرة!

و تقدّر قوة الإبصار عادة ب (وحدة لامبير) و هي الوحدة الضوئية للرؤية، و تعبر عن (قوة

ص:586

الإبصار في ضوء النهار، حيث تكون الإنارة متوسطة الشدة) و قد زود الخالق العين البشرية بقدرة فائقة على مضاعفة قدرتها البصرية. فعند ما يدخل الإنسان من الضوء إلى مكان مظلم فإن حساسية الشبكية للضوء تنشط سريعا، فترتفع في غضون دقيقة بمقدار (10 أضعاف) ما كانت عليه من قبل.

و بعد (20 دقيقة) تتضاعف قوتها (6000 ضعف) و عندئذ يبدأ الإنسان يرى في الظلام! و لكن بصورة جزئية. فإذا بقي الإنسان في الظلام مدة (40 دقيقة) فإنه يصبح قادرا على الرؤية الواضحة بالرغم من الظلام!

و مما يدل على المقدرة المتميزة للعين البشرية في مجال الرؤية ما أثبتته التجارب من أن العين البشرية تستطيع تمييز مصدر للضوء يشع من خلال فتحة صغيرة جدا لا يزيد قطرها عن (3 ميكرون).

و في تشرين الأول (أكتوبر) من عام (1972 م) ذكرت جامعة شتوتغارت في ألمانيا أن التلميذة (فيرونيكا شنايدر) المولودة عام (1951 م) تمتلك قدرة بصرية خارقة تزيد (20 ضعفا) عن المقدرة المعتادة لدى بقية البشر، و قد كان باستطاعة فيرونيكا تمييز وجوه الأشخاص و هم على بعد (1600 م) منها!!

و لعل حاسة البصر من أكثر حواس الإنسان بذلا طوال اليوم. فالعين الواحدة تبذل يوميا جهدا يعادل الجهد الذي تبذله العضلات في المشي لمسافة (90 كلم)! و في كل يوم تتسع حدقة العين و تضيق أكثر من (100,000 مرة) و تطرف العين مرة كل (2-10 ثوان) أي نحو (10,000 مرة) و يتحرك محجر العين في الاتجاهات المختلفة آلاف المرات و تجري الشبكية (10 مليارات عملية حسابية في الثانية) في سبيل رؤية دقيقة واحدة فَاعْتَبِرُوا يٰا أُولِي الْأَبْصٰارِ !

السمع

هو من وظيفة الأذنين. و تتكون كل أذن من (3) أقسام يدعى كل منها أذنا على سبيل المجاز، و كأن للإنسان (3) آذان:

1 - الأذن الخارجية: مهمتها تجميع الأصوات و تضخيمها (20 مرة) عما هي عليه في الحقيقة، و ذلك بواسطة غشاء الطبل الذي لا تزيد سماكته عن (0,1 ملم) و توجيهها إلى:

2 - الأذن الوسطى: و هي بمثابة مكبر للصوت يكبر الأصوات بواسطة عظيمات السمع الثلاث التي تعد من أصغر عظام الجسم، و فيها كذلك لاقط للصوت (مايكروفون) يسمى (عضو كورتي) يضم أكثر من (30,000 خلية سمعية) لها استطالات تتجمع لتؤلف معا عصب السمع الذي ينقل الذبذبات الصوتية إلى مركز السمع في الدماغ ليقوم بترجمتها إلى أصوات، و يقع هذا المركز في

ص:587

الفص الصدغي من قشرة الدماغ، و يبلغ عدد خلاياه (10,200,000 خلية) تصل طاقتها القصوى على التعامل مع الكلمات إلى (100,000 كلمة في الثانية)!

3 - الأذن الداخلية: و هي تساهم مع (المخيخ) في الحفاظ على توازن الجسم.

و مع أن أذنا واحدة تكفي للسمع إلا أن اللّه عز و جل خلق للإنسان أذنين لكي تخدما في نقل الأصوات بأبعاد ثلاثة بحيث يستطيع الإنسان تحديد جهة الصوت بدقة!

و تستطيع الأذن البشرية أن تسمع الأصوات التي تتراوح ذبذبتها ما بين (200-3000 ذبذبة قي ثانية) بوضوح تام، و إن كانت مساحة السمع عند الإنسان تمتد ما بين (16-20,000 ذبذبة في الثانية). و أما الأصوات التي تزيد ذبذبتها عن هذا الحد فلا تستطيع الأذن البشرية سماعها، و لذلك تسمى (الأمواج فوق الصوتية) و هذه الأمواج تستخدمها بعض الحيوانات لتتحسس أو ترى بها الأشياء من حولها، و يتمتع (الخفاش) بأوسع مساحة للسمع من بين المخلوقات الحية كلها، فهو يستطيع سماع الأصوات التي تصل ذبذبتها (115,000 ذ/ثا) و على النقيض منه الضفادع فهي لا تستطيع سماع الأصوات التي تزيد ذبذبتها عن (1500 ذ/ثا).

و تستطيع الأذن البشرية أن تميز بين (1500 لحنا مختلفا) إذا كانت شدة الألحان ثابتة، و أن تميز بين (325 صوتا) إذا بقي عدد الاهتزازات ثابتا، و أما في حال تغير شدة الأصوات أو اهتزازاتها فإن الأذن تستطيع أن تميز بين (34,000 صوتا)!

و تقاس شدة الصوت عادة بمعدل الضغط الذي يحدثه، و تقدر الشدة بوحدة (دسيبل) و يرمز لها بالرمز (dB) و هو أدنى فرق تستطيع الأذن أن تميزه بين صوتين، و مثلا تبلغ:

- تكة ساعة اليد - 20 دسيبل.

- التحدث عن بعد 1 متر - 70 دسيبل.

- سيارة على بعد 10 م - 60 دسيبل.

- الموسيقى الصاخبة من المذياع - 80 دسيبل.

الضجة التي نسمعها في حال السكون حوالي - 30 دسيبل.

و تستطيع الأذن أن تتحمل ضجة تبلغ (90 دسيبل) دون ضرر يذكر، أما الأصوات التي تفوق شدتها هذا الحد فإنها تسبب أضرارا متفاوتة للأذن، علما بأن الأصوات التي تفوق شدتها (150 دسيبل) يمكن أن تسبب الصمم، و الأصوات التي تفوق (192 دسيبل) تعدّ قاتلة! و قد ورد في مواضع عديدة من القرآن الكريم أن اللّه عز و جل قد أهلك بعض الأقوام ب (الصيحة)!!

ص:588

الشم

حاسة الشم عند الإنسان أضعف من مثيلاتها عند الحيوانات التي تتفوق على الإنسان عادة بحساسيتها المفرطة في الشم و رهافة سمعها، أما الإنسان فيتفوق عليها بحدة بصره، و لذا يصح أن نقول إن الإنسان يعيش في عالم الصور، فيما تعيش الحيوانات في عالم من الروائح و الأصوات! و ليس معنى هذا أن الإنسان ضعيف الشم، فهو يستطيع شم الروائح العطرية التي لا يزيد تركيزها عن (0,000,005 غ/سم مكعب) أي 5 بالمليون!

و يقوم بمهمة الشم عند الإنسان أعصاب الشم التي تتوزع في تجويف الأنف، و يتراوح عدد الخلايا العصبية التي تقوم بهذه المهمة ما بين (10-20) مليون خلية!

ص:589

الطبائع

عن صفوان بن اليسع، عن منذر بن هامان عن محمّد بن مسلم و سعد المولى، قالا: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ عامّة هذه الأرواح(1) من المرّة الغالبة أو دم محترق أو بلغم غالب، فليشتغل الرجل بمراعاة نفسه قبل أن يغلب عليه شيء من هذه الطبائع فيهلكه(2).

ص:590


1- (1) الأرواح: الأرواح جمع الريح كالأرياح، و كأن المراد هنا الجنون و الخبل و الفالج و اللقوة، بل الجذام و البرص و أشباهها.
2- (2) بحار الأنوار ج 59 ص 264 ح 26.

قال ابن سينا في القانون: الأركان: أجسام بسيطة، هي أجزاء أولية لبدن الإنسان و غيره، لا يمكن أن تنقسم إلى أجسام مختلفة الصور، و يحدث بامتزاجها و اختلاطها الأنواع المختلفة من الكائنات و هي أربعة: اثنان خفيفان و هما: النار و الهواء، و اثنان ثقيلان و هما: الأرض و الماء، فالنار حارة يابسة، و الهواء حار رطب، و الأرض باردة يابسة و الماء بارد رطب.

أي طبع كل طبع إذا خلي، و ما يوجبه، و لم يعارضه سبب من خارج، ظهر عن الأول حر محسوس، و حاله هي يبس، و عن الثاني حر محسوس و حاله: هي رطوبة و عن الثالث، و الرابع برد محسوس، و يبس أو رطوبة، و الرطب سهل القبول للهيئات الشكلية، سهل الترك لها، و اليابس عسر القبول سهل الترك.

و مهما تخمر اليابس بالرطب استفاد اليابس قبولا للتمديد و التشكيل سهلا، و استفاد الرطب من اليابس حفظا لما حدث فيه من التقويم و التعديل قويا.

و اجتمع اليابس بالرطب عن سببه، و استمسك الرطب باليابس عن سيلانه.

و الثقيلان: أعون في كون الأعضاء، و في سكونها، و الخفيفان: أعون من كون الأرواح، و في تحريكها، و تحريك الأعضاء.

و إذا تصغرت أجزاء هذه الأركان الأربعة و تماست بعضها في بعض بقواها المتضادة، و كسر كل واحد منهما سورة كيفية الآخر، فإذا انتهى الفعل و الانفعال بينهما إلى حد ما حدث لذلك المركب كيفية متشابهة في أجزائه، هي المزاج، فتارة يغلب عليه الحرارة و اليبس، و تارة الحر و الرطوبة و تارة البرد و اليبس، و تارة البرد و الرطوبة، و تارة أحد الوصفين، و تارة وسطا مطلقا.

و تحت ذلك أقسام بحسب العقل و الواقع، هذا ما يتعلق بالأركان.

و أما الأخلاط: فالخلط: جسم رطب سيال يستحيل إليه الغذاء أولا و أنواعه أربعة: الدم: و هو حار رطب. و الصفراء: و هي حارة يابسة. و البلغم: و هو بارد رطب. و السوداء: و هي باردة يابسة.

و أفضل هذه الأنواع: الدم الطبيعي، و هو غذاء الأعضاء و البلغم الطبيعي، و هو قريب الشبه منه.

و تحتاج إليه الأعضاء كلها، لأنها إذا فقدت الغذاء الوارد إليها دما صالحا تحيله القوة دما و تغتذي به.

ص:591

و فائدته أيضا تندية المفاصل، و الأعضاء الكثيرة الحركة فلا يعرض لها جفاف بسبب حرارة الحركة، و حاصل الأمر أنّ البلغم الطبيعي دم غير تام النضج، و الصفراء الطبيعية هي رغوة الدم.

و إذا تولدت في البدن انقسمت قسمين: فيذهب قسم منها مع الدم، و ذلك ليخالطه في تغذية الأعضاء التي يستحق أن يكون في غذائها جزء صالح من الصفراء بحسب ما تستحقه القسمة، مثل الرئة، و يلطف الدم، و ينفذه في المسالك الضيقة.

و قسم يصفو إلى المرارة، و له فوائد: تخلص البدن من الفضل، و تغذية المرارة، و غسل المعي من الثفل و البلغم اللزج، و لذع المعي، و لذع عضل المقعدة بالحاجة، و يخرج إلى النهوض للتبرز.

و السوداء الطبيعية: هي رديء كثيف الدم المحمود و ثقله و عكره، و إذا تولدت في الكبد نفذ قسم منها مع الدم ليخالطه في تغذية الأعضاء التي يجب أن يقع في غذائها جزء صالح من السوداء مثل العظام، و ليشد الدم و يقويه و يكثفه.

و قسم يتوجه نحو الطحال، و فائدته: تنقية البدن عن الفضل و تغذية الطحال، و تقوية فم المعدة، و لذعه بالحموضة لينبه على الجوع، و يحرك الشهوة.

و غير الطبيعي من الأنواع الأربعة: دم المزاج، و ما حصل فيه خلط رديء فاسد، و بلغم خالطه غيره فأفسده و صفراء خالطها غيرها، و سوداء احترقت عن أي خلط كان.

قال جالينوس: و لم يصب من زعم أن الخلط الطبيعي هو الدم لا غير، و سائر الأخلاط فضول لا يحتاج إليها، لأن الدم لو كان وحده: هو الخلط الذي يغذو الأعضاء لتشابهت في الأمزجة و القوام، و ما كان العظم أصلب من اللحم إلا و دمه دم جوهر صلب سوداوي، و لا كان الدماغ ألين منه إلا و دمه دم مازجه جوهر لين بلغمي.

قال ابن سينا: و من الناس من يظن أن قوة البدن تابعة لكثرة الدم، و ضعفه تابع لقلته، و ليس كذلك، بل المعتبر حال رزء البدن منه.

قال: و من الناس من يظن أن الأخلاط إذا زادت، أو نقصت بعد أن تكون على النسبة التي يقتضيها بدن الإنسان في مقادير بعضها عند بعض، فإن الصحة محفوظة، و ليس كذلك، بل يجب أن يكون لكل واحد من الأخلاط مع ذلك تقدير في الكم محفوظ ليس بالقياس إلى خلط آخر، بل في نفسه مع حفظ التقدير الذي بالقياس إلى غيره.

و أما كيفية تولد الأخلاط، فالغذاء إذا ورد على المعدة استحال فيها إلى جوهر شبيه بماء

ص:592

الكشك الثخين، و يسمى كيلوشا، و ينجذب الصافي منه إلى الكبد، فيندفع من طريق العروق المسماة بأساريقا، و ينطبخ في الكبد فيحصل منه شيء كالرغوة، و شيء كالرسوب، و قد يكون معهما شيء محترق إن أفرط الطبخ، و شيء فج إن قصر الطبخ فالرغوة هي الصفراء الطبيعية، و الرسوب هي السوداء الطبيعية، و المحترق صفراء غير طبيعية، و كثيفة سوداء غير طبيعية، و الفج هو البلغم، و المتصفي من هذه الجملة نضجا هو الدم.

فإذا انفصل هذا الدم عن الكبد تصفى أيضا عن مائية فضلية، فينجذب إلى عرق نازل إلى الكليتين و معها جزء من الدم بقدر غذاء الكليتين، فتغذوهما، و يندفع باقيها إلى المثانة و الإحليل.

و أما الدم الحسن القوام، فيندفع إلى العرق الأعظم الطالع من حدبة الكبد فيسلك في الأوردة المتشعبة منه، ثم في جداول الأوردة، ثم في سواقي الجداول، ثم في رواضع السواقي، ثم في العروق الليفية الشعرية، ثم يرشح فوهاتها في الأعضاء بتقدير العزيز الحكيم.

ص:593

الميتة و الدم و لحم الخنزير

اشارة

المفضّل بن عمر قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: أخبرني جعلت فداك لم حرّم اللّه الخمر و الميتة و الدم و لحم الخنزير(1) ؟ فقال: إنّ اللّه تبارك و تعالى لم يحرّم ذلك على عباده و أحلّ لهم سواه من رغبة منه فيما حرّم عليهم، و لا زهد فيما أحلّ لهم، و لكنّه عزّ و جل خلق الخلق و علم ما تقوم به أبدانهم و ما يصلحهم فأحّله لهم و أباحه تفضّلا منه عليهم به تبارك و تعالى لمصلحتهم، و علم عز و جل ما يضرّهم فنهاهم عنه و حرّمه عليهم، ثمّ أباحه للمضطرّ و أباحه له في الوقت الذي لا يقوم بدنه إلاّ به فأمره أن ينال منه بقدر البلغة لا غير ذلك، ثم قال:

أمّا الميتة: فلا يدمنها أحد إلاّ ضعف بدنه و نحل جسمه و ذهبت قوّته و انقطع نسله و لا يموت آكل الميتة إلاّ فجأة.

و أمّا الدّم: فإنّه يورث أكله الماء الأصفر و يبخّر الفم و يسيء الخلق و يورث الكلب و القسوة للقلب و قلة الرّأفة و الرّحمة حتّى لا يؤمن أن يقتل ولده و والديه و لا يؤمن على حميمه و لا يؤمن على من يصحبه.

و أمّا لحم الخنزير: فإن اللّه تبارك و تعالى مسخ قوما في صور شتّى شبه الخنزير

ص:594


1- (1) البخاري/ 2121 /. أن رسول اللّه (ص) قال: «إن اللّه حرّم الخمر و ثمنها و حرّم الميتة و ثمنها، و حرّم الخنزير و ثمنه» رواه أبو داود/ 3486 /، قال الأرناؤوط (جامع الأصول/ 265): إسناده حسن.

و الدبّ و القرد و ما كان من الأمساخ، ثمّ نهى عن أكل المثلة نسلها لكيلا ينتفع النّاس بها و لا يستخفّ بعقوبته.

و أمّا الخمر: فإنّه حرّمها لفعلها و فسادها و قال: مدمن الخمر يورثه الارتعاش و يذهب بنوره و يهدم مروءته و يحمله على أن يجسر على المحارم من سفك الدماء و ركوب الزنا، و لا يؤمن إذا سكر أن يثب على حرمه و لا يعقل ذلك، و الخمر لا تزيد شاربها إلاّ كلّ شرّ.

ص:595

الميتة:

مرّ معنا أنّ الميتة هي كل ما فارق الحياة دون ذكاة شرعية، و هي الذبح أو النحر، وفق الطريقة المحدّدة آنفا.

و يطرأ على الميتة تغيرات عديدة، منذ مفارقتها الحياة. فتؤدّي الجاذبية الأرضية إلى انحدار الدم و ترسبه في الأجزاء المنخفضة، مشكلا الزرقة الموتية، خلال ساعتين من الوفاة. ذلك ما يسمّى بالصمل الموتي، حيث تميل الأنسجة إلى الاحمضاض ثم إلى التقلوف عند بداية التفسخ، مترافقا مع تحمض و انقباض العضلات المخططة و الملساء. و تتكون أحماض عديدة نتيجة التخمرات و التفاعلات، كحمض اللبن و حمض الفوسفور و حمض الفورميك. و تبدأ الجثة بالتعفن بتأثير الجراثيم الهوائية و اللاهوائية، فتتكاثر أولا الجراثيم اللاهوائية، و أهم هذه الجراثيم: الاشريشياكولي E.Coli ، و المتقلبات الاعتيادية Proteus Vulgaris و المطثيات الحاطمة Clostridium Perfringens .

و ينتج عن ذلك فساد المواد العضوية، و انطلاق غازات عفنة مثل كبريت الهيدروجين، و ثاني أكسيد الكربون، و الفحوم الهيدروجينية، و الهيدروجين. و يساعد على الإسراع في هذا الأمر انحباس الدم، و بقاؤه في الجسم.

و بالإضافة إلى كل ما سبق، فإن لحم الميتة يكون لينا، ذا رائحة كريهة، مما يثير القرف، و يدفع إلى الاشمئزاز، فينبو عن أكله كل ذي ذوق سليم.

هناك عدّة أسباب تؤدي إلى موت الحيوان، أهمها:

1 - المرض:

قد يموت الحيوان بمرض التهابي، مما يجعل الضرر الناجم عن أكله أشدّ و أبلغ، و من هذه الأمراض:

1 - السل Tuberculosis : و هو أكثر تصادفا في البقر. و قد قرّرت كتب الطب إعدام جثة الحيوان المصاب بالسل. هذا بالنسبة للحيوان المذبوح، فما بالك بالحيوان الذي بلغ به الداء حدّا أهلكه؟!

2 - الجمرة الخبيثة Anthrax : يجب أن لا تمسّ جثة الحيوان الذي مات بالجمرة الخبيثة، بل

ص:596

يجب دفنها و حرقها، حتى لا تنتشر جراثيمها، فتعدي الإنسان عن طريق الهواء أو الأكل، و تسبب له أمراضا فتاكة.

3 - جراثيم السالمونيلا Salmonella : إن تناول لحم الحيوان المصاب بالسالمونيلا، يسبب تسمما: إما بالجراثيم نفسها، أو بذيفاناتها، حتى لو تم طهي الطعام جيدا، حيث لا تتأثر الذيفانات بالحرارة.

4 - الحيوانات المتسممة بالجراثيم العنقودية Staphylococcus ، و العقدية Streptococcus تضرّ بآكلها أيضا.

5 - يسبب تناول لحم الميتة خصوصا بعض الأمراض، مثل مرض كروتوزفيلد جاكوب، و مرض سكرا.

2 - الهرم:

يكون لحم الحيوان هنا، أشدّ صلابة، و أكثر أليافا، و أعسر هضما، هذا عدا عن الآثار الناجمة عن التفسخ، و انحباس الدم.

3 - المنخنقة:

مهما كان سبب الاختناق، غرقا، أو ردما، أو خنقا بكتم النفس، أو استنشاقا لغازات سامة يبقى الدم في الجثث بهيئة سائلة، مما يساعد على التفسخ و التعفن، إضافة لما يحتويه الدم من سموم و مواد ضارّة.

4 - الموقوذة، و المتردية، و النطيحة، و ما أكل السبع:

و الموقوذة هي: التي ضربت بشيء ثقيل كحجر أو عصا. أما المتردية فهي التي سقطت من علو فماتت. و النطيحة ما نطحتها أخرى فماتت.

في هذه الأنواع جميعها، يبقى الدم منحبسا، مما يهيّىء بيئة مناسبة لتكاثر الجراثيم و أمراضها.

بالإضافة إلى الضرر الناجم عن انحباس الدم.

ص:597

الدم Blood :

اشارة

قال تعالى: قُلْ لاٰ أَجِدُ فِي مٰا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلىٰ طٰاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاّٰ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّٰهِ بِهِ، فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بٰاغٍ وَ لاٰ عٰادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [الأنعام/ 145].

الحكمة من تحريم الدم:

1 - يحمل الدم سموما و فضلات كثيرة و مركبات ضارّة، ذلك لأن إحدى أهم وظائفه، هي:

نقل فضلات الجسم و سمومه، ليصار إلى طرحها. و أهم هذه المواد التي يحويها الدم: البولة Urea ، و حمض البول Uric acid ، و الكرياتينين Creathinine ، و هي المستقلبات النهائية الناتجة عن تقويض البروتينات. و أيضا يحمل الدم بعض السموم التي ينقلها من الأمعاء إلى الكبد، بغية تعديلها. و إذا ما تناول شخص كمية من الدم، فإن هذه المركبات تمتص، و يرتفع مقدارها في الجسم. إضافة إلى المركبات التي تنتج عن هضم الدم ذاته، مما يؤدّي إلى ارتفاع نسبة البولة الدموية Uremia ، و بالتالي حدوث اعتلال دماغي، ينتهي بالمسبات Come ، و إذا ما استمر في تناول الدم. و هذه الحالة تشبه مرضيا ما يحدث في حالة النزف الهضمي العلوي. و هنا يجب تخليص الأنبوب الهضمي من الدم المتراكم في المعدة و الأمعاء، بمصّه و إعطاء الحقن الشرجية، خوفا من حدوث اعتلال دماغي Encephalopathy .

2 - يعتبر الدم وسطا ملائما لنمو أنواع كثيرة من الجراثيم. و قد استفيد من هذه الخاصة في استخدامه في صنع مزارع جرثومية Blood-agar ، لاستنبات و زرع الجراثيم المختلفة. أما مصادر تلويث الدم المسفوح، فهي: أداة الذبح، و الأيدي، و الآنية التي يوضع فيها الدم، و الهواء، و الذباب، و غيرها.

3 - لا يمكن اعتبار الدم غذائا بشريا! إذ إننا لو تأملنا تركيب الدم، لوجدناه يحوي مقدارا ضئيلا من البروتينات، التي يستطيع جسم الإنسان هضمها. حيث تبلغ نسبة الألبومين و الغلوبولين و الفيبرينوجين (6-8 غ/ 100 مل). في حين أن البروتينات الموجودة في الدم بنسبة عالية (خضاب الدم) هي بروتينات عسيرة الهضم، لا تحتملها المعدة. ثم إن الدم إذا تخثّر، أصبح هضمه أكثر عسرة، لتشكل الليفين Fidrin .

و بالطبع لا يفضّل تناول الدم، للحصول على عنصر الحديد، لأن الحديد الموجود في الدم هو

ص:598

حديد عضوي، الذي هو أبطأ و أقلّ امتصاصا من الحديد اللاعضوي الموجود في مصادر متنوّعة.

الخنزير Pig

اشارة

الخنزير هو حيوان لاحم عاشب، حيث تجتمع فيه الصفات السبعية و البهيمية، فهو يصنّف تحت زمرة آكلات كلّ شيء Omnivorous و يصنّف الخنزير أيضا كحيوان كانس Scavenger إذ إنّه يكنس الحقل و الزريبة، فيأكل القمامة و الفضلات و مخلّفات المسالخ و الجرذان و الفئران و الجيف حتى جيف أقرانه. و قد يهاجم الخنزير الإنسان، ففي إحدى الوقائع، انقضّت الخنازير على طفل صغير، و التهمته، و لم تبق منه شيئا.

يقول الإمام الدميري، في كتابه حياة الحيوان الكبرى: «إنّ الخنزير شرس الطباع، شديد الجماع، شبق، تكتنف حياته الجنسية الفوضى لا يخصّص لنفسه أنثى معيّنة».

و يحرم في الإسلام تناول لحم الخنزير، أو الانتفاع به (لحمه، جلده، أسنانه،..). قال تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَ الدَّمُ وَ لَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَ مٰا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّٰهِ بِهِ [المائدة/ 3]. و قال أيضا:

قُلْ لاٰ أَجِدُ فِي مٰا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلىٰ طٰاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاّٰ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّٰهِ بِهِ [الأنعام/ 145]. و عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما، أنّه سمع رسول اللّه (ص)، يقول: «إن اللّه و رسوله حرّم بيع الخمر، و الميتة، و الخنزير، و الأصنام».

و قد ثبت علميا أن الخنزير سبب للعديد من الأمراض (سواء الناجمة عن العوامل الممرضة، أو تلك الاستقلابية). كما ثبت تأثير لحم الخنزير على سلوك آكله، لا سيما من ناحية العفّة و الشرف.

و فيما يلي دراسة مبسّطة لهاتين النقطتين، إضافة إلى دراسة القيمة الغذائية لدهن الخنزير.

أولا: الأمراض التي يسبّبها الخنزير:

اشارة

يمكن تقسيم هذه الأمراض، حسب العامل الممرض، على النحو التالي:

1 - أمراض طفيلية Parasitic diseases :

يصاب الخنزير بحوالي/ 66 /مرضا من الأمراض الطفيلية. منها/ 30 /مرضا يمكن نقلها إلى الإنسان، تتوزع كالتالي:

ص:599

أ - سبعة أمراض، تسببها طفيليات وحيدة الخلية.

ب - خمسة أمراض، تسببها الديدان الورقية.

ج - أحد عشر مرضا، منشؤها الديدان الحبلية أو الشعرية.

د - أربعة أمراض شريطية الديدان.

ه - ثلاثة أمراض خارجية، تسببها طفيليات جلدية.

2 - أمراض فيروسية Viral diseases :

ينقل الخنزير إلى الإنسان ثمانية أمراض فيروسية، من أصل أربعة و ثلاثين يصاب بها.

3 - أمراض جرثومية Bacterid diseases :

يسبّب الخنزير خمسة عشر مرضا، تصيب الإنسان.

4 - أمراض فطرية Fungl disesses :

ينقل ثلاثة أمراض فطرية إلى الإنسان.

5 - أمراض تغذية Trophic diseases :

هناك عشرة أمراض على الأقل، تصيب الإنسان، نتيجة التغذية بلحم الخنزير.

ثانيا: الأثر السلوكي للحم الخنزير:

بات من المؤكّد تأثير نوع الطعام، خاصة اللحوم، في الطباع و الأخلاق. لاحظ ذلك العلماء القدامى، من الواقع و المشاهدات. ثم برهن على هذا الأثر، في أيامنا هذه، من خلال الأدلّة السلوكية.

و لقد أشار (ص)، إلى هذا الأثر في أحاديثه، كمثل قوله: «... و الفخر و الخيلاء في أصحاب الإبل، و السكينة و الوقار في أهل الغنم».

و قال ابن خلدون: «أكلت الأعراب لحم الإبل فاكتسبوا الغلظة، و أكل الأتراك لحم الفرس فاكتسبوا الشراسة، و أكل الإفرنج لحم الخنزير فاكتسبوا الدياثة».

و هكذا فإنّه من الملاحظ، انتقال صفات الحيوانات المأكولة إلى آكليها. و لمّا كانت الصفات الخلقية تختلف باختلاف نوع الحيوان، تباينت الصفات التي يكتسي بها من أكل لحوم هذه

ص:600

الحيوانات. ففرق بين من اعتاد أكل الديكة (التي تتميّز بالغيرة الشديدة)، و بين من اعتاد أكل لحوم الخنازير أو لحوم آكلات اللحوم كالقطط و الكلاب (التي تتظاهر فيها الدياثة، إذ ينزو على الأنثى أكثر من ذكر، حتى أمام صاحبها. و تتجلى هذه الدياثة في أوسخ حالاتها عند الخنزير، فالخنازير لا تكتفي فقط بإقامة علاقات متعدّدة الشركاء بين الذكور و الإناث، بل إنّ الذكور تمارس اللّواطة فيما بينها).

«و لقد قام العلماء بعدد كبير من التجارب على الأطفال، لمعرفة تأثير المغذيات على شخصيتهم و سلوكهم. فانعدام وجود الفيتامين أو النشويات أو الأحماض الأمينية في الأطعمة، أثّر تأثيرا بالغا على سلوك الأطفال. هذا و قد وجد أيضا أن الرضاعة الطبيعية، كان لها أثر أفضل بكثير من الرضاعة الاصطناعية. أضف إلى ذلك، أنّه قد ثبت أن أكل لحوم العجل المحقون بمادة هرمونية اسمها (Diethylst ilberterog) ، كان به تأثير على سلوك، و شخصية الناس، حيث زاد بهم عملية اللواط، أو الجماع الجنسي المثيل لجنسه.

و قد قام العلماء بتجارب كثيرة أخرى، على أطفال المدارس، لمعرفة تأثير سوء التغذية على سلوكهم العام، و خاصة على سلوكهم العقلي و الحسي. و قد وجد أن بعضهم، يتأخر في عملية التعلم و الفهم و الإدراك.

و نستطيع القول من تلك الأبحاث: إن نوعية الأطعمة، تؤثر على شخصية و سلوك الإنسان.

و قد يكون التأثير ناتجا عن نوع معين من المأكولات، أو قد يكون ناتجا عن عدة أنواع من الأطعمة.

و إذا نظرنا إلى الأطعمة بشكل عام، نجد أن بعض الناس يعيشون على الخضار، و منهم من يعيش على اللحوم، و منهم من يعيش على الاثنين معا، و منهم من يعيش على النباتات و الحليب معا، و هكذا..

و قد قام بعض العلماء بتجارب على بعض الأطفال، في ولاية (ماريلاند) في أمريكا، فأعطوا الأطفال أطعمتهم اليومية، من النشويات و الحلويات السكريات، دون اللحميات و البروتينات الحيوانية. فكان نتيجة ذلك أن ظهرت في الأطفال، درجة عالية من الحساسية، و سرعة الغضب، و بطاء الفيئة، و قلة الميل إلى الحياة الاجتماعية.

و لما استبدل العلماء وجبات الأطفال الغذائية هذه، بوجبات غذائية عادية، تحتوي على اللحميات و البروتينات الحيوانية أيضا، تغيرت طباعهم، و تحسنت تحسنا عظيما، و عاد الأطفال إلى الحياة الاجتماعية الإنسانية الطبيعية، التي يملؤها الحب و الإخاء، و التعامل الأخوي بين أولئك الأولاد الصغار.

ص:601

و هذا مما يدل دلالة قاطعة، على أن نوعية الطعام، لها تأثير عظيم على سلوك و تصرفات الإنسان. و على هذا الأساس، يمكن القول إن هذا ينطبق على أولئك الهنود، الذين يعيشون فقط على النباتات، دون أي مصدر حيواني، و الذين يعرفون بتعصبهم الشديد، و عدم تسامحهم و تساهلهم مع المسلمين في الهند. بل إننا نقرأ أن الهندوس، يقتلون المسلمين، لأنهم يأكلون اللحوم، و لأجل ذلك، فإن الهندوس ليس لديهم أي شعور إنساني، نحو مواطنيهم، بل الظاهر أن لديهم إحساسا و شعورا نحو الحيوان، و خاصة نحو البقر، أكثر بكثير من إحساسهم بإنسانيتهم.

و لهذا فقد قدسوا العجل، و ألهوه، و اعتبروه إلها يعبد. و إنهم على استعداد لقتل البشرية، و إراقة دماء البشر، حفاظا على قداسة الحيوان.

و قد قال الدكتور الفنجري (El-Fanary) في مقاله: إنّ الذين يأكلون الحيوانات الكاسرة و آكلة اللحوم، عادة ما تكون طباعهم شريرة، و يميلون إلى ارتكاب الآثام و الجرائم. و هم غير متسامحين، و يظهرون العداوة و البغضاء إلى غيرهم، حتى إن منهم من يقتل غيره دون سبب. و إذا تأملنا جيدا تصرفات الخنزير، لوجدنا أنه الحيوان الشاذ الوحيد عن بقية الحيوانات، فالخنزير لا يأبه مثلا، أن خنزيرته تتزاوج مع غيره أمامه و نصب عينيه، و هذه العادة شاذة عن بقية الحيوانات الأخرى. بينما نجد لسان حاله يقول: دع الخنزيرة تتزاوج مع بقية الخنازير الأخرى و تتمتع معهم كما تريد ما داموا متفقين فيما بينهم. لذلك فالخنزير يسمح لأنثاه، أن تتزاوج مع بقية الخنازير، ما دامت هي ترغب بذلك.

و في هذه الحالة فإن أنثى الخنزير هنا بمثابة العاهرة، في الوقت الذي يظهر الخنزير فيه عدم المبالاة و الاهتمام، فيما تتصرف به أنثاه، فهو كالديوث.

و تتأثر طباع الإنسان جدا نتيجة أكله الخنزير. و قد رأينا سابقا نتيجة الهرمون المسمى (Diethy

stilbesterol) حين أعطي للعجول، فقد زادت العادة الخبيثة في عملية اللواط و الجماع الجنسي فيما بين الذكور في الإنسان. لذلك فإن أكل لحم الخنزير، لا بد أن يؤثر على سلوك و شخصية الإنسان العامة، بزيادة انحطاط الأخلاق عنده، ذاكرين منها اللواط و السحاق و الزنى و الدعارة المتفشية في المجتمعات الغربية.

إن التزاوج الحر بين الجنسين في المجتمع هو شيء رهيب جدا، في المجتمعات غير الإسلامية. و ليس هناك أي معنى خلقي أو إنساني بين أولئك الذين يمارسون الجنس، دون أي مسؤولية أو وازع يردعهم.

ص:602

إن المعاشرة الجنسية، التي تسبق الزواج، و ارتفاع نسبة الحبالى، و كذلك الإجهاض غير القانوني، لهو شيء منتشر في المجتمعات الأجنبية. إن ما نشاهده اليوم من مجتمعات العراة، لهو دليل على شدة انحطاط المجتمعات الغربية منها و الشرقية، و نعني بذلك تلك المجتمعات غير الإسلامية.

كل ذلك ناتج عن أكل الأطعمة الملوثة و الموبوءة، مثل الخنزير و غيره.

و كذلك فإننا نرى اليوم أن نسبة الاغتصاب و الدعارة في المجتمعات الغربية لا حد لها بالفعل، و أن نسبة السرقات و القتل و القنص و الخطف من أهم مظاهر المجتمعات الحاضرة و التي لا يستطاع تحملها بل و لا تطاق.

إن مجتمع ال (WASP) و ارتكاب الفحشاء في المحارم لهي من الأفعال الذميمة التي كثيرا ما تحصل في المجتمعات غير الإسلامية.

إن أي تحسين في المجتمع يجب أن يبدأ أولا من الوجبة الغذائية الصحيحة و ذلك لتصحيح كيميائية الجسم من جديد و خاصة لتصحيح الجهاز العصبي و الدماغ، و التعاليم الخلقية قبل كل شيء يجب أن تراعى في المجتمع و أن تؤخذ بعين الاعتبار. و ذلك لخلق مجتمع أفضل و حياة أحسن. و إلا فإن التعاليم الخلقية لا تؤثر في جسم مسموم و في عقل ملوث بالسموم و الآثام ما لم تطهر أولا من كل هذه الأوباش، ثم بعد ذلك يكون لها الأثر الفعال في صقل النفس البشرية و رفعها إلى مصاف البشر.

و لا بد أن نذكر هنا أن نوحا عليه السلام بقي في قومه يدعوهم إلى اللّه تعالى حوالي 950 سنة، و مع هذا فلم تكن دعوته بعد ذلك بباقية ذات جدوى فيهم. و قال قولته المشهورة مخاطبا ربه: إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبٰادَكَ وَ لاٰ يَلِدُوا إِلاّٰ فٰاجِراً كَفّٰاراً .

و كان نوح عليه السلام يعتقد أن أجسامهم و عقولهم و نفوسهم أصبحت ملوثة مدنسة حتى أنها تؤثر في ذريتهم، أي أن هذه العادات الوسخة أصبحت تنتقل بيولوجيا من جيل إلى آخر، دون استثناء، و أن أية إطالة في حياتهم لن تكون إلا استفحالا في نشر الرذيلة، و لا بد من القضاء عليهم قضاء مبرما و لذلك دعا نوح عليه السلام دعوته المشهورة: وَ قٰالَ نُوحٌ رَبِّ لاٰ تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكٰافِرِينَ دَيّٰاراً .

بعد هذا الاستدلال العلمي الرائع على «أن نوعية الطعام لها تأثير عظيم على سلوك و تصرفات الإنسان» و أن الغذاء كما قال الإمام الفخر الرازي: «يصير جزءا من جوهر المغتذي». و قد رأينا كيف تترسب الدهون الخنزيرية في جسم الإنسان كدهون خنزيرية دون أن تتحلل أو تتحول إلى دهون

ص:603

إنسانية و تصبح جزءا من كيان الإنسان نفسه. ثم إذا رجعنا إلى ما يتصف به الخنزير من أخلاق ذميمة تشمل كل الصفات التي ينفر الإنسان بفطرته منها من «حرص و لؤم و توتر و اكتئاب و جبن و افتراس و كسل و نهم و قذارة و شبق و دياثة إلى غير ذلك»، لكان لزاما على ذوي الأذواق السليمة و دعاة الإصلاح و الفضيلة أن يقفوا بحزم في وجه كل المحاولات التي تدعو إلى تربيته و أكله، حرصا منهم على كيان المجتمعات البشرية و مستقبل الحضارة الإنسانية بعد أن دبّت إليها عوامل الانحلال و الاضمحلال و حطمتها الجريمة و نخرتها الرذائل و الآثام.

ثالثا: القيمة الغذائية لدهن الخنزير:

لقد قام العلماء بكثير من التجارب على دهون الحيوانات التي تؤكل و كذلك على تلك الدهون التي لا تؤكل. و الأمثلة على الحيوانات التي تؤكل كثيرة فهناك الخرفان و الأنعام و الغنم و البقر و الماعز و الجمال و الدجاج. أما الحيوانات التي لا تؤكل فهي كالقطط و الكلاب و الفئران إلخ.

و قد وجد أن دهنيات الحيوانات التي تؤكل تخضع لنظام معين، فالأحماض الدهنية غير المشبعة موجودة على الكربون الثنائي للجليسريد ما عدا الخنزير و الذي يخضع لنظام الدهنيات المشبعة.

و قد وجد أيضا أن دهون الحيوانات التي لا تؤكل تخضع لنظام معين خاص فالأحماض الدهنية المشبعة موجودة على الكربون الثنائي للجليسريد.

و هذا يعني أنه لو أكل شخص لحم حيوان يتغذى على الأعشاب فإن دهنيات هذا الحيوان تتحول في الأمعاء الدقيقة بواسطة العصارة البنكرياسية بعد أن تستحلب بواسطة الأملاح المرارية.

فالجسم يمتص هذه الدهون و تتحول في جسمه إلى دهون إنسانية و من ثم تترسب في أنسجته كدهون إنسانية.

أما إذا أكل الإنسان دهون الحيوانات الكاسرة و المتوحشة أي الحيوانات آكلة اللحوم، فإن العصارة البنكرياسية لا تستطيع أن تحول دهون تلك الحيوانات الكاسرة (آكلة اللحوم) بسهولة و نتيجة لذلك فإن جزيئيات ال (TG) لذلك الحيوان تمتص كما هي دون أن تهضم و دون أن تتحول، و بهذا فإنها تترسب في أنسجة الجسم الإنساني كدهون حيوانية و ليس كدهون إنسانية.

أما دهن الخنزير فينطلق عليه مثال الحيوانات آكلة اللحوم بالضبط أي إن دهن الخنزير يترسب في جسم الإنسان كدهن خنزيري و ليس كدهن إنساني».

ص:604

أما بالنسبة لعلماء التغذية الذين ينصحون مرضاهم باستعمال دهن الخنزير في وجباتهم، على أساس أنها تحوي 67% أحماض دهنية غير مشبعة (PUFA) . فنقول: و إن كان الخنزير يحتوي على 67% من ال (PUFA) ، و لكن هذه الأحماض الدهنية غير المشبعة موجودة على الكربون الأحادي و الثلاثي، و ليس على الكربون الثنائي لمادة الجليسريد، أي أن نوع ال (TG) يكون على شكل USU .

و هذا يعني أن ثلث مجموع الأحماض الدهنية موجودة على الكربون الثنائي، و هي أحماض دهنية مشبعة و التي يصعب تحويلها بواسطة البنكرياس. و لو اعتبرنا أن ال (PUFA) موجودة بنسبة 67% فلا يمكن الاستفادة من هذه الأحماض، لأنها لا تهضم، و لا يمكن تحويلها إلى دهون إنسانية، بل تبقى دهنا خنزيريا يترسب في الجسم على أنه دهن خنزيري. بل و لا يمكن الاستفادة من الأحماض الدهنية غير المشبعة. و لذلك فإن نظرية ال (PUFA) في هذا المثال لا صحة لها، خاصة في تحويل الكوليسترول المترسب من حالته الصلبة (الكرستالية) في الشريان الأبهر (الأورتي (Aorta

إلى كولستيرول أستر أي إلى مادة سائلة في بلازما الدم.

ص:605

ص:606

فهرس

فهرس الموضوعات المقدمة 5

الرمان فوائده في كلام الإمام الصادق (ع) 7

خواص الرمان العلاجية 8

الرمان في الطب الحديث 11

التركيب التحليلي لثمرة الرمان 11

الاستخدامات الطبية لثمرة الرمان 12

التفاح فوائده في كلام الإمام الصادق (ع) 13

التفاح و خلّ التفاح 15

استخدامات التفاح الطبية 16

التفاح طعام و علاج للجروح 17

التفاح صديق لمرضى السكر 18

استخدامات التفاح العلاجية في الطب الحديث 19

خلّ التفاح و فوائده 20

الاستخدامات الطبية لخلّ التفاح 22

طريقة عمل خل التفاح 23

العنب و الزبيب فوائدهما في كلام الإمام (ع) 24

كل العناصر الغذائية في العنب 25

العنب: في الطب الشعبي الحديث 25

استخدامات العنب الطبية 26

العنب: يقلل من الإصابة بالسرطان 27

العنب يشفي الأمراض المختلفة 29

الزبيب و خواصه 34

الزبيب في الطب القديم 35

البطيخ فوائده في كلام الإمام الصادق (ع) 37

علاجات البطيخ في الطب القديم 39

الزيتون فوائده في كلام الإمام الصادق (ع) 40

التركيب التحليلي لثمرة الزيتون 41

الاستخدامات الطبية لزيت الزيتون 43

الاستخدامات الخارجية لزيت الزيتون 47

زيت الزيتون يعالج الأمراض المختلفة 48

الزيتون في الطب القديم 50

زيت الزيتون في الطب القديم 52

السفرجل فوائده في كلام الإمام الصادق (ع) 53

السفرجل في الطب الشعبي الحديث 54

السفرجل في الطب القديم 54

ص:607

التمر فوائده في كلام الإمام الصادق (ع) 56

الكمثرى فوائده في كلام الإمام الصادق (ع) 57

العلاج بالتمر و الرطب 58

الاستخدامات العلاجية للبلح و الرطب 59

الفوائد الغذائية للكمثرى 64

الكمثرى في الطب القديم 65

الغبيراء فوائده في كلام الإمام الصادق (ع) 66

خواص الغبيراء 67

التركيب الكيميائي و الاستعمال الطبي 67

الغبيراء في الطب القديم 68

الجوز فوائده في كلام الإمام الصادق (ع) 69

الجوز في الطب الشعبي الحديث 70

الجوز في الطب القديم 71

الإجاص فوائده في كلام الإمام الصادق (ع) 73

الاستعمالات الداخلية 74

الإجاص في الطب القديم 75

الأترج فوائده في كلام الإمام الصادق (ع) 76

الأترج في الطب القديم 77

الأترج في الطب الحديث 79

باب البقول الثوم و البصل فوائدهما في كلام الإمام الصادق (ع) 80

خصائص الثوم في الطب الحديث 81

و صفات فعالة من الثوم 82

الثوم و علاج المغص عند الكبار 83

هل ينجح الثوم في علاج مرض السكر 85

الثوم يحمي من مرض الإيدز 90

و صفة من الثوم لاستعادة الشبوبية 91

قيمة البصل الغذائية 92

البصل و علاج مرض القلب 92

البصل و مرض السكر 93

البصل و تساقط الشعر 94

المكونات الفعالة في البصل 95

الأبحاث العلمية الحديثة 95

علاج البصل في الطب القديم 97

القرع (الدباء) فوائده في كلام الصادق (ع) 99

القرع في الطب الحديث 100

الاستخدامات الطبية لثمار القرع 100

القرع في الطب القديم 101

الجزر و الخس فوائدهما في كلام الإمام الصادق (ع) 104

الجزر في الطب الحديث 105

الجزر و الكاروتين 106

ص:608

الجزر في الطب القديم 108

الخس في الطب الحديث 110

الخس في الطب القديم 111

الفجل فوائده في كلام الإمام الصادق (ع) 112

الفجل في الطب الحديث 113

التحضير و الاستعمالات 114

معجون للأسنان من جذور الفجل 115

الفجل في الطب القديم 116

السلق فوائده في كلام الإمام الصادق (ع) 119

السلق في الطب الحديث 120

السلق في الطب القديم 120

الباذنجان فوائده في كلام الإمام الصادق (ع) 122

علاجات الباذنجان في الطب القديم 123

الهندباء فوائده في كلام الإمام الصادق (ع) 125

الهندباء في الطب الحديث 126

الاستعمال الطبي للهندباء 126

الهندباء في الطب الشعبي الحديث 127

الهندباء في الطب القديم 128

الحرمل فوائده في كلام الإمام الصادق (ع) 130

الحرمل في الطب الحديث 131

الاستعمال الطبي للحرمل 131

الحرمل في الطب القديم 132

الخطمي فوائده عند الامام الصادق (ع) 134

الخطمي في الطب الحديث 135

الاستعمال الطبي للخطمي 135

الخطمي في الطب القديم 136

الشلجم (اللفت) فوائده في كلام الإمام الصادق (ع) 139

الشلجم في الطب الحديث 134

الشلجم في الطب الشعبي الحديث 139

الشلجم في الطب القديم 140

الباقلاء (الفول) فوائده في كلام الإمام الصادق (ع) 141

الفول في الطب الحديث 142

الفول في الطب القديم 142

الكراث فوائده في كلام الإمام الصادق (ع) 144

الكراث في الطب الشعبي الحديث 145

الكراث في الطب القديم 145

الباذروج (الحوك و بزر قطونا) فوائدهما في كلام الامام الصادق (ع) 148

الحوك في الطب القديم 194

البزر قطونا في الطب القديم 150

ص:609

الجاورس و اللبان فوائدهما في كلام الإمام الصادق (ع) 152

الجاورس في الطب القديم 153

اللبان في الطب الحديث 154

اللبان (الكندر) في الطب القديم 155

السويق فوائده في كلام الإمام الصادق (ع) 158

سويق الشعير و العدس 159

سويق الأرز و التفاح 160

السويق في الطب القديم 161

الخل فوائده في كلام الإمام الصادق (ع) 162

خل الخمر فوائده في كلام الإمام الصادق (ع) 163

الأشنان و السعد الأشنان في كلام الامام الصادق (ع) 166

الاشنان في الطب القديم 167

السعد في الطب القديم 168

السنا فوائده في كلام الإمام الصادق (ع) 170

السناء و العلم الحديث 171

الاستعمالات المستقبلية 172

السنا في الطب القديم 173

البنفسج فوائده في كلام الإمام الصادق (ع) 175

البنفسج في الطب القديم 177

البنفسج في الطب الحديث 178

الاستعمال الطبي للبنفسج 179

الهليلج و البليلج و الأملج و الحمص فوائدها في كلام الإمام الصادق (ع) 180

الهليلج في الطب القديم 181

البليلج في الطب القديم 182

الأملج في الطب القديم 183

الحمص في الطب الحديث 185

الحمص في الطب القديم 185

الأرز فوائده في كلام الإمام الصادق (ع) 187

الأرز في الطب الحديث 190

الأرز في الطب القديم 191

الحزاء و اللوبياء فوائدهما في كلام الإمام الصادق (ع) 192

اللوبيا في الطب القديم و الحديث 193

الحبة السوداء فوائدها في كلام الإمام الصادق (ع) 194

الحبة السوداء في الطب القديم 195

الحبة السوداء في الطب الحديث 197

علاج صداع الرأس المزمن 199

علاج حصى الكلى و المثانة 199

ص:610

علاج صعوبة النطق 200

علاج السعال 201

علاج السكري 202

علاج العقم 203

علاج الثعلبة 204

علاج الوردية و العد الشائع 205

علاج الفطريات بأنواعها 206

علاج الصداف 207

علاج الحزاز 211

علاج القوباء المعدية 211

علاج البهاق 212

العسل فوائده في كلام الامام الصادق (ع) 213

العسل غذاء قيّم 217

لعسل و الداء السكري 218

العسل للوقاية من نخر الأسنان 221

العسل و طب الشيخوخة 222

أهمية العسل في تغذية الأطفال 224

الاستشفاء بالعسل 227

حقن العسل في مداواة الأمراض الجلدية 232

قناع من عسل و نتقي مظاهر الشيخوخة المبكرة 233

معالجة أمراض العين بالعسل 235

الاستشفاء بالعسل في أمراض الجهاز الهضمي 238

العسل و الكبد 241

العسل و أمراض الحساسية 242

شفاء النزلات الشعبية بالعسل 243

معالجة آفات الأنف و الأذن و الحنجرة بالعسل 244

معالجة أمراض الفم بالعسل 246

أمراض الجهاز التنفسي و العسل 246

الاستشفاء بالعسل في أمراض الدم 247

العسل في أمراض القلب 248

العسل و أمراض الكليتين 250

العسل في أمراض الجهاز العصبي 250

معالجة الأمراض العقلية بالعسل 251

شفاء الانسمام الغولي بالعسل 252

الاستشفاء بالعسل في الأمراض النسائية 252

ضمادات العسل عقب العمليات النسائية 255

معالجة التهاب الإحليل و المثانة بحقن العسل 255

العسل و أمراض الأوردة 256

حقن محاليل العسل عقب العلميات الجراحية 257

أهمية العسل للوقاية من الأذى الشعاعية 258

هل يقي العسل من السرطان 258

العسل في الطب القديم 259

السواك فوائده في كلام الإمام الصادق (ع) 262

التركيب الكيماوي للسواك و فوائده 264

كيفية تحضير السواك 267

البيض فوائده في كلام الإمام الصادق (ع) 268

أفكار متوارثة 269

ص:611

نصائح بسيطة 271

البيض في الطب الشعبي 273

البيض غذاء كامل 273

البياض ضد الجراثيم 273

عناصر البيض 275

السكر فوائده في كلام الإمام الصادق (ع) 276

السمك فوائده في كلام الإمام الصادق (ع) 278

الحمّام فوائده في كلام الإمام الصادق (ع) 281

فوائد و مضار الحمام 283

فعل الماء البارد في الحمام 284

فعل الماء الحار في الحمام 285

الحمام على الطعام 286

فيمن شرب في الحمام شيئا باردا 286

دخول الحمام و البدن ممتلىء 286

الحمية فوائده في كلام الإمام الصادق (ع) 287

لا مبالغة في الحمية 288

الحمية في هدى النبوة 290

علاج العين علاج العين عند الإمام الصادق (ع) 291

الفلفل و الدار فلفل في الطب القديم 293

الصبر في الطب القديم 294

المواد الفعالة في الصبر 297

استخدام الصبر في الطب الشعبي 297

الكافور في الطب القديم 299

الكافور في الطب الحديث 300

المر او الصمغ في الطب القديم 301

المر في الطب الحديث 305

معالجة الرياح الموجعة العنبر في الطب القديم 307

استعمال العنبر في الدواء 308

العنبر السائل 308

الزنبق في الطب القديم 309

دواء البلبلة و كثرة العطش و يبس الفم السقمونيا في الطب القديم 311

القاقلة في الطب القديم 312

السنبل في الطب القديم 313

الشقاقل في الطب القديم 315

عود البلسان و حب البلسان في الطب القديم 315

نارمشك في الطب القديم 317

السليخة في الطب القديم 318

علك رومي (المصطكي) في الطب القديم 319

العاقر قرحا في الطب القديم 321

الدار صيني في الطب القديم 323

أوجاع الخاصرة (الكاشم) الكاشم في الطب القديم 326

ص:612

وجع البطن السماق في الطب الحديث 328

السماق في الطب القديم 328

الكمون في الطب الحديث 330

البلغم البلغم عند الامام الصادق (ع) 332

السعتر في الطب الحديث 333

الزعتر في الحرب العالمية الأولى 333

الزعتر كمطهر 334

النانخواه في طب القديم 336

البواسير الأبهل في الطب القديم 339

دهن الشيرج 340

استعماله في الطب القديم و الحديث 340

الزكام الكندس في الطب القديم 343

خواص دهن البنفسج 345

دفع الجذام و البرص و البهق و الداء الخبيث 346

ما هو الجذام 348

انواع الجذام 349

الربو 351

علاج مرض الربو 352

علاج دود البطن، النمش 354

الدودة الشريطية 355

القضاء على الديدان 355

الملح ملح الطعام و أهميته للإنسان 356

حالات نقص الملح 357

حالات زيادة الملح 358

الملح في الطب القديم 358

وجع الحلق، السعال، وجع القلب السعال (الكحة) 365

ما يقوله الطب الحديث عن السعال 366

علاج الخفقان و الرجفة 368

علاج اضطراب القلب و ضعفه 368

البسفايح في الطب القديم 377

الغافث في الطب القديم 378

الحمى مضار الحمى 380

موافقة الحديث النبوي لما يقوله العلم الحديث 380

الحفظ في كلام الامام الصادق (ع) 381

القرنفل 382

الزعفران في الطب القديم 382

الحناء و ماء الورد فوائدهما في كلام الإمام الصادق (ع) 384

خواص الحناء في الطب القديم 385

خواص ماء الورد 389

الكحل فوائده في كلام الإمام الصادق (ع) 390

ص:613

صنع كحل الإثمد 391

خواص الإثمد في الطب القديم 392

الإثمد في الطب الحديث 393

الحجامة فوائده في كلام الإمام الصادق (ع) 394

التداوي بالخمر ما هو مصير الخمر داخل جسم الإنسان 411

آثار شرب الخمر على الإنسان 411

الأعراض الحادة الوقتية لشرب الخمر 411

الأعراض المزمنة التي تنتج عن إدمان الخمر 413

الأعراض التي تظهر بعد انتهاء تأثير الخمر 416

تأثير الخمر على الصحة النفسية للإنسان 416

تأثير الخمر و المخدرات على الدم 417

تأثير الخمر و المخدرات على خلايا المخ و الجهاز العصبي 418

تأثير الخمر و المخدرات على الكبد 421

تأثير الخمر و المخدرات على الأنف و الأذن و الحنجرة 421

تأثير الخمر و المخدرات على النسل 422

الكي استخدام الكي في الطب القديم 427

استخدام الكي في الطب الحديث 427

بحث الدكتور منصور سليمان في الكلي التقليدي 428

نوادر طبية التغييرات التي تطرأ على وظائف الجسم المختلفة أثناء الصيام 432

التبدلات الكيماوية و العضوية أثناء الصوم 433

مصحات الصوم 434

الفوائد الصحية للصوم 435

الصوم و أمراض الجسم المختلفة 435

الصوم و أمراض الجهاز الهضمي 435

الصوم و السكري 436

الصوم و ارتفاع ضغط الدم 436

الصوم و أمراض القلب و الشرايين 437

الصوم و أمراض الكلية 437

الصوم و أمراض الغدد الصم 438

أمراض الغدة الدرقية 438

أمراض الكظر 439

أمراض الغدد التناسلية 439

أمراض النخامة 439

أمراض جارات الدرق 440

الصوم و الأمراض التنفسية 440

الصوم و أمراض الحميّات 441

الصوم و أمراض الدم 441

أمراض الدم غير الخبيثة 441

أمراض الدم الخبيثة 441

الصوم و الجنس 442

الصوم و الناحية المعنوية 442

الحث على الشجاعة و الجود 443

الصلاة تنمي ملكة التركيز عند الإنسان 443

الصلاة رياضة بدنية 444

ص:614

تقليم الأظافر 445

اللحم فوائده في كلام الإمام الصادق (ع) 446

خواص اللحوم في الطب و الغذاء 448

تركيب اللحم 448

فائدة التغذية باللحوم 451

نصائح حول السلق و الشي و القلي 455

حفظ اللحم 457

اللبن فوائده في كلام الإمام الصادق (ع) 460

خواص اللبن في الطب و الغذاء 462

المركبات الأساسية في اللبن 462

اللبن الرائب و فوائده العظيمة 466

أسلحة غذائية لمحاربة الشيخوخة 467

الماء فوائده في كلام الإمام الصادق (ع) 468

خواص الماء و تركيبه 470

هل يغذي الماء البدن؟ 471

في اكثار شرب الماء 473

فوائد الماء لكبار السن 473

هل تأخذ حاجتك الكافية في الماء 474

متى تشرب؟ و متى يضر الإفراط في تناول الماء 475

هل تؤدي كثرة شرب الماء إلى زيادة في الوزن 475

قالوا: الماء به نسبة رصاص مرتفعة 475

التخمة و كثرة الأكل كلوا و اشربوا و لا تسرفوا 483

مضار الشره 484

مضار الإسراف بنوع من الأطعمة 485

حلق شعر الإبط خلق الإنسان و تدبير الجنين في الرحم 488

أطوار خلق الإنسان 491

أطوار الخلق الإنساني وفق التقسيم القرآني 492

مراحل نمو الطفل في بطن أمه تنوع البكاء عند الطفل 507

فوائد البكاء عند الطفل 508

تعريف الريق 510

آلات التناسل و هيئتها 512

الجهاز التناسلي في الذكر 513

الجهاز التناسلي للمرأة 514

شبه المولود عند ولادته 520

عملية الهضم و جريان الدم في الشرايين 536

الجهاز الهضمي 538

الدماغ و أغشيته و الجمجمة و فائدتها 540

الرئة و عملها 545

الفؤاد و ثقبه المتصلة بالرئة 547

غذاء الطفل بعد الولادة 551

تغذية الطفل 552

ص:615

تفصيل جسم الإنسان 558

حديث الصادق (ع) مع الهندي 564

بناء الجسد 576

أبو حنيفة و الإمام الصادق (ع) 584

طبائع الإنسان 590

الميتة و الدم و لحم الخنزير 594

الدم و حكمة تحريمها 598

الأمراض التي يسببها الخنزير 599

الفهرس 606

ص:616

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.