ینابیع الحکمه

اشارة

سرشناسه : اسماعیلی یزدی، عباس، 1332 -

عنوان و نام پديدآور : ینابیع الحکمه/ تالیف عباس الاسماعیلی الیزدی.

مشخصات نشر : قم: مسجد مقدس صاحب الزمان (جمکران)، 1378.

مشخصات ظاهری : 5 ج.

شابک : دوره: 964-6705-47-2 ؛ ج.1: 964-6705-42-1 ؛ ج.2: 964-6705-43-X ؛ ج. 3، چاپ چهارم: 964-6705-44-8 ؛ ج. 4: 964-6705-45-6 ؛ ج. 5: 964-6705-46-4

يادداشت : عربی.

يادداشت : چاپ قبلی: نشر مولود کعبه، 1417ق. = 1375.

يادداشت : ج. 1 - 5 (1427 ق.= 1385).

یادداشت : کتابنامه.

موضوع : قرآن -- فهرست مطالب

موضوع : احادیث شیعه -- فهرست مطالب

شناسه افزوده : مسجد جمکران (قم)

رده بندی کنگره : BP106/الف 5ی 9 1378

رده بندی دیویی : 297/22

شماره کتابشناسی ملی : م 78-25667

ص: 1

المجلد 1

اشارة

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

ص :2

ج 1 عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

اللهمّ ارحم خلفائي-ثلاث مرّات-قيل له: يا رسول اللّه، و من خلفاؤك؟ قال: الدين يأتون من بعدي و يروون أحاديثي و سنّتي، فيسلّمونها الناس من بعدي.

البحار ج 2 ص 144 باب فضل كتابة الحديث ح 4

ص:3

المقدمة

بسم اللّه الرحمن الرحيم

الحمد للّه ربّ العالمين و صلّى اللّه على سيّدنا أبي القاسم المصطفى و على أهل بيته الأطهار و لا سيّما أبا الأئمّة أبا الحسن عليّا المرتضى و لعنة اللّه على أعدائهم إلى يوم يبعثون.

عند ما لاحظت أنّ المعارف الحقّة و العلوم كلّها تكمن في كتاب اللّه العزيز و أحاديث أهل بيت العصمة و الطهارة عليهم السّلام الذين جعلهم اللّه تعالى خزّانا لعلمه و تراجمة لوحيه، و عند ما رأيت أهل هذا العصر ينحرفون شيئا فشيئا عن الحقّ و يتغافلون عن أحاديث آل الرسول عليهم السّلام و كأنّهم ينسون وصيّة صاحب الدعوة صلّى اللّه عليه و آله إذ يقول في حديث متواتر، روته الخاصّة و العامّة:

«إنّي تارك فيكم الثقلين؛ كتاب اللّه و عترتي أهل بيتي، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا، كتاب اللّه حبل ممدود من السماء إلى الأرض و عترتي أهل بيتي، ألا و إنهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض» . (1)

و قال صلّى اللّه عليه و آله:

«إنّما مثل أهل بيتي (فيكم) كمثل سفينة نوح، من ركبها نجا و من تخلّف عنها

ص :1


1- 1) -بهذا المضمون في صحيح مسلم ج 7 ص 122 و سنن الدارمي ج 2 ص 432 و خصائص النسائي ص 30 و كنز العمّال ج 1 ص 185 خ 944 و 946 و ص 187 خ 952 و 953 و ص 188 خ 957 و 958 و ج 5 ص 289 خ 12910 و غيرها، و من يريد الوقوف على كلّ ألفاظ الحديث و مصادرها فليلاحظ رسالة «حديث الثقلين» التي أصدرتها دار التقريب بين المذاهب الإسلامية فى هذا الحديث، و البحار ج 23(باب فضائل أهل البيت عليهم السّلام) و. . .

غرق، و مثل أهل بيتي مثل باب حطّة، من دخله نجا و من لم يدخله هلك» . (1)

و قال صلّى اللّه عليه و آله:

«أنا مدينة العلم و عليّ بابها، و أنا مدينة الحكمة و عليّ بابها، فمن أراد المدينة و الحكمة فليأتها من بابها» . (2)

و قال أيضا:

«اجعلوا أهل بيتي منكم مكان الرأس من الجسد، و مكان العينين من الرأس، فإنّ الجسد لا يهتدي إلاّ بالرأس، و لا يهتدي الرأس الاّ بالعينين» . (3)

و قال أيضا:

«مثلكم مثل النجوم، كلّما غاب نجم طلع نجم إلى يوم القيامة» . (4)

و قال أيضا:

«إنّي و أهل بيتي مطهّرون فلا تسبقوهم فتضلّوا، و لا تتخلّفوا عنهم فتزلّوا، و لا تخالفوهم فتجهلوا و لا تعلّموهم فإنّهم أعلم منكم، هم أعلم الناس كبارا

ص:2


1- 1) -مستدرك الصحيحين للحاكم ج 2 ص 343 و ج 3 ص 150 و كنز العمال ج 6 ص 16 و المجمع للهيثمي ج 9 ص 168 و حلية الأولياء ج 4 ص 306 و الخطيب في تاريخه ج 12 ص 19 و ذخائر العقبى ص 20 و البحار ج 23(باب فضائل أهل البيت عليهم السّلام) و. . .
2- 2) -بهذا المعنى في المستدرك للحاكم ج 3 ص 126 و 127 و ابن كثير في تاريخه ج 3 ص 358 و الخطيب في تاريخ بغداد ج 2 ص 377 و الخوارزمي في المناقب ص 49 و أسد الغابة ج 4 ص 22 و مطالب السؤول ص 22 و الكنجي في الكفاية ص 98 و 102 و الترمذي في جامعه الصحيح ج 2 ص 214 و حلية الأولياء لأبي نعيم ج 1 ص 64 و الطبري في ذخاير العقبى ص 77 و الغدير ج 6 ص 79 و غيرهم.
3- 3) -البحار ج 23 ص 121 باب فضائل أهل البيت عليهم السّلام ح 43 و اثبات الهداة ج 1 ص 716 ب 9 ف 22
4- 4) -أمالي الصدوق ص 269 م 45 ح 18

و أحلم الناس صغارا، فاتّبعوا الحقّ و أهله حيث كان» . (1)

و قال في حقّ عليّ عليه السّلام:

«خذوا بحجزة هذا الأنزع-يعني عليّا-فإنّه الصدّيق الأكبر و هو الفاروق يفرّق بين الحقّ و الباطل، من أحبّه هداه اللّه، و من أبغضه أضلّه اللّه، و من تخلّف عنه محقّه اللّه، و منه سبطا أمّتي الحسن و الحسين، و هما ابناي، و من الحسين أئمّة الهدى، أعطاهم اللّه فهمي و علمي، فأحبّوهم و تولّوهم و لا تتّخذوا و ليجة من دونهم، فيحلّ عليكم غضب من ربّكم، و من يحلل عليه غضب من ربّه فقد هوى، و ما الحياة الدنيا إلاّ متاع الغرور» . (2)

و غيرها من الأخبار و الأحاديث التي روتها العامّة و الخاصّة بأسانيد مختلفة و ألفاظ شتّى، و بعضها متواترة عندهم.

و على هذا رأيت أن أؤلّف كتابا يشتمل على أبواب هامّة في الموضوعات المتفاوتة، مرتّبا على ترتيب حروف المعجم، حاويا لأنواع العلوم و الحكم، بحيث يغني عن سائر كتب الحديث، مصدّرا كلّ باب منه بالآيات البيّنات، مبيّنا ما يحتاج في ألفاظ الروايات إلى الشرح و التفسير ببيان شاف، في غاية الاختصار و الإيجاز. و بعد مضيّ خمسة عشر عاما، تحقّق غرضي و استجيبت دعوتي. و ها أنا ذا أهدي كتابي إلى سيّدي و مولاي الإمام المنتظر الحجّة بن الحسن العسكريّ أرواحنا لتراب مقدمه الفداء.

يا أَيُّهَا اَلْعَزِيزُ مَسَّنا وَ أَهْلَنَا اَلضُّرُّ وَ جِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ فَأَوْفِ لَنَا اَلْكَيْلَ وَ تَصَدَّقْ عَلَيْنا إِنَّ اَللّهَ يَجْزِي اَلْمُتَصَدِّقِينَ

و قبل الشروع في الأبواب، لا بدّ من تقديم نقاط هامّة للتعرّف على الكتاب:

1-كان قطب رحى هذا التحقيق و التأليف، كتاب بحار الأنوار للعلاّمة الأعظم

ص:3


1- 1) -مقدمة تفسير القميّ رحمه اللّه ج 1 ص 4.
2- 2) -بصائر الدرجات ص 53 ج 1 ب 23 ح 2 و البحار ج 36 ص 228 ب 41 ح 7 و ج 23 ص 129 باب فضائل أهل البيت عليهم السّلام ح 60

المولى محمّد باقر المجلسي قدّس سرّه و هذا الكتاب من أشرف كتب الشيعة قدرا و أعظمها شرفا و أوسعها كمّا و كيفا. و لا يعني ذلك أنّنا لم نستفد من ساير كتب المحدّثين فقد نقلنا الروايات المذكورة من الكتب المتعدّدة و فائدة ذلك أن يعلم أهل البحث و التحقيق، مواضع ذكر روايات الباب في تلك المصادر و يسهل عليهم مراجعتها. و لا يخفى أنّنا اقتبسنا ترتيب أبواب الكتاب من كتاب"سفينة البحار"لغوّاص بحار أحاديث الأئمّة الأطهار، الشيخ عباس القميّ قدّس سرّه.

2-لم نذكر في أبواب الكتاب، جميع الأخبار الموجودة في كتب الحديث بل بذلنا وسعنا لنذكر ما كان ضروريا و نبيّن مسار و نظرية المعصومين عليهم السّلام في الباب و لذا نذكر في بعض الأبواب ما يتحصل من الأحاديث الكثيرة الواردة في ذلك الباب كما نذكر من الأحاديث ما هو أوضح و أشمل من حيث المضمون و الدلالة، و لم نذكر جميع الأبواب المندرجة في كتب الأخبار لعدم الحاجة إلى ذلك، و لو حاولنا ذكر بعض تلك الأبواب مثل المسائل الفقهية للزمنا تدوين كتاب مستقل في ذلك الموضوع.

3-بذلنا جهدنا في توضيح الأحاديث المشكلة و شرحها و ربّ ساعات طويلة مضت علينا و نحن في مقام توضيح حديث أو ذكر معنى مناسب للحديث و الرواية.

و راجعنا كتب الأصحاب مرارا للتحرّي عن معاني الألفاظ الصعبة و مع ذلك فلربّما وقع بعض الخطأ حيث إنّ الانسان جايز الخطأ و النسيان.

و قد استفدنا في شرح الروايات من الكتب الكثيرة غير أنّ أكثر اعتمادنا في ذلك، كتاب مرآة العقول للعلامة المجلسيّ قدّس سرّه.

و لربما كان للحديث معنى لطيف يستفيد منه أهل الحقّ و البصيرة و لكن لم نذكر ذلك المعنى لأسباب.

و على أيّ حال فإنّ توضيح الأحاديث الواردة، على قدر فهمنا و استعدادنا و الاحتمالات كثيرة و لا يمكن القطع و الجزم فيها أو الإدّعاء بأنّ غرض الإمام و هدفه مطابق تماما مع ما وصلنا إليه، و ذلك لأنّ للأحاديث معان عالية قلّ ما تصل إليها أيدينا

ص:4

و لا يخفى أيضا أنّ للأحاديث معان ظاهرة و باطنة لا تنكشف بواطنها إلاّ للمعصوم سلام اللّه عليه.

4-لم نذكر سند الأحاديث احترازا من تحجيم الكتاب و تطويل أبوابه و بإمكان القارئ مراجعة المصادر.

5-لسنا في هذا الكتاب بصدد تحليل المباحث و لذا نذكر الأحاديث التي هي مدارك و منابع المباحث فقطّ و أمّا التحليل و إلقاء الضوء على الأبعاد المختلفة لكلّ مبحث، فهو على عاتق المحقّق. نعم، جمعنا في بعض الموارد، بين الروايات المختلفة و ليس هذا إلاّ لإجل بيان و حلّ مشكلة فهم الروايات.

6-لقد ذكرنا في كلّ باب ما رأينا المصلحة في ذكره و إن كانت الروايات مختلفة من حيث الإتجاهات. و منها، ما يكون معنى الرواية صعب مستصعب لا تتحمّله أكثر النفوس، كما أنّ الأشخاص متفاوتون من حيث الفهم و الإدراك و لذا يثقل اتجاه بعض الروايات على بعض الأشخاص. و من البديهي أن يستفيد كلّ انسان من الروايات بقدر فهمه و اطّلاعه، و لا ينبغي أن يشمئزّ أو يتنفّر من رواية أو اخرى لا تلائم معتقداته أو فهمه، بل عليه أن يعلم بأنّ المعصوم عليه السّلام يتحدّث لجميع الناس مع اختلاف درجاتهم.

و بناء عليه، يجب على الباحثين ملاحظة حالات الأشخاص و درجاتهم و أن يتحدّثوا لكلّ أحد بما يناسب حاله كما ورد في الأخبار بأن لا تحملوا على رقاب الناس ما لا يحتملون و وردت في الأخبار نقطة لطيفة اخرى و هي ردّ الخبر الذي يصعب علينا فهمه إلى الأئمّة المعصومين عليهم السّلام، ذلك لأنّ إنكاره ربما أوجب الكفر و الخروج من حوزة الإسلام.

و خلاصة البحث؛ وظيفتنا ذكر الأخبار، و هذه المسائل خارجة عن عهدتنا.

و قد لاحظنا أنّ إحدى علل اختلاف الروايات راجعة إلى أنّ الأئمّة عليهم السّلام كانوا يتحدّثون مع أشخاص مختلفين من حيث القابلية و الاستيعاب، متفاوتين من حيث درجات الإيمان فيكلّمونهم على قدر عقولهم.

ص:5

7-و كما أنّ أفراد البشر متفاوتون من حيث الدرجة و القابليّة، كذلك الفرد الواحد له حالات مختلفة و أوضاع شتّى، حيث قد يكون في حالة الخوف أو الرجاء أو يكون حريصا على العبادة و شائقا إليها و ربما ثقلت عليه العبادة إلى غير ذلك من الحالات. فكما أنّ الإنسان يحافظ على نفسه من حيث الغذاء و الدواء فيجب عليه مراقبتها أيضا من حيث الغذاء الروحي. فإن كان-مثلا-في حالة الخوف، تقرأ له الروايات الواردة في الرجاء لا الروايات الواردة في الخوف و العقاب، و هكذا عكسه.

و النتيجة أنّ شفاء كلّ مرض و دواء كلّ داء موجود في الأحاديث و إنّما المهمّ معرفة المرض و تشخيص حالات المريض و أطواره، و هذه المعرفة على عهدة أساتيد الأخلاق و أعاظم العلماء الذين سلكوا أعواما متمادية طريق العبادة و الإخبات و معرفة اللّه و التقرّب إليه. و كذا على عهدة الإنسان نفسه، إذ الإنسان على نفسه بصيرة. فظهر ممّا ذكرنا أنّ السرّ الآخر في اختلاف الأحاديث، راجع إلى اختلاف حالات الأفراد بلا ريب.

8-الأساس في كسب الفضائل و دفع الرذائل، التضرّع إلى اللّه تعالى و التوكّل عليه و الاعتصام به و التوسّل بأوليائه و خلفائه، النبيّ و الأئمّة المعصومين عليهم السّلام كما ورد في الأحاديث. لاحظ باب جهاد النفس و. . .

9-قد يتكرّر ذكر حديث واحد في أبواب مختلفة و السرّ في ذلك راجع إلى أهميّة الحديث أو أهميّة ذلك الباب أو النسيان الذي يتعرض إليه الإنسان.

10-يجب أن لا يحرّف الكتاب في الطبعات القادمة و لا تتغيّر كلماته أو جمله، و من أراد ترجمته عليه أن يذكر النصّ العربيّ للكتاب و يكتفي بالترجمة و لا يزيد عليها شيئا و إلاّ فلا أرضى بترجمته.

11-بما أنّ الغرض من تأليف الكتاب، استفادة العموم، لذا فلم نأت باسم أحد لا على سبيل التكريم و لا على سبيل التعريض و النقد، و عليه فإنّنا نعتذر من الأفاضل الكرام حيث لم نذكر أسمائهم في الكتاب.

12-لقد أوضحنا و فسّرنا كلّ كلمة في الباب المناسب لها. مثلا، أوضحنا كلمة الحكمة

ص:6

في باب"الحكمة"و كلمة الفقه في باب"العلم". و لقد بذلنا وسعنا أن لا يقع التكرار في تفسير و توضيح الكلمات إلاّ في المواضع التي كانت ذات أهميّة.

13-عند ما يذكر بيان أو توضيح من مؤلّف كتاب بعد ذكر الحديث، نأتي بكلمة «قال رحمه اللّه» و لم نذكر اسم المؤلّف.

14-في أوّل عنوان في الحاشية نذكر اسم الباب و بعدها نكتفي بذكر صفحة الكتاب و رقم الحديث.

15-عند ما يذكر عناوين و مصادر مختلفة، فإنّ الحديث الوارد في المتن يكون في الغالب مطابقا للعنوان و المصدر الأوّل إلاّ إذا كانت العبارة أصحّ في المصادر الأخرى و قد بذلنا وسعنا و راجعنا أحسن النسخ لتقليل الأخطاء في متن الحديث و لذا فإنّ العبارة ربما تختلف في بعض الأحاديث فليراجع النسخ الأخرى، و لا يخفى أنّه في كثير من الموارد، وضّحنا ذلك بعلامة مشخّصة، و لربما لم توجد العلامة في بعض الأحيان، و في بعض الأحاديث الكبيرة نكتفي بذكر القسم اللازم منها و نكتفي بوضع ثلاث نقط لإدامة الحديث.

و في نهاية الكتاب، بذلنا جهدا كبيرا و أمدا طويلا في مطابقة الأحاديث مع أحدث الطبعات ليتسنّى مراجعة المصادر بكلّ سهولة و يسر.

و لقد انتهيت من تدوين الكتاب المسمّى ب «ينابيع الحكمة» مع تشتّت الأحوال و كثرة الأشغال، فالمرجوّ من أخواني في اللّه أن ينظروا فيه بعين الاعتبار و أن يتغافلوا عن الردّ و الإنكار، فالكمال لواحد الجبّار، و أسأل اللّه أن يحشرنا مع محمّد و آله الأبرار، و آخر دعوانا أن الحمد للّه ربّ العالمين.

يوم مولد مولانا المهديّ عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف/1415 ه ق

عباس بن محمّد الإسماعيليّ اليزدي

ص:7

الرموز

ج-المجلّد

ب-الباب

ف-الفصل

م-المجلس

ح-الحديث

ص-الصفحة

ك-الكتاب

و أمّا في نهج البلاغة (المترجم لفيض الإسلام قدّس سرّه)

خ-الخطبة

ح-الحكمة

ر-الرسالة و الكتاب

ص:8

بسم اللّه الرحمن الرحيم

1- الأخوّة

اشارة

و فيه فصول:

الفصل الاوّل

فضلها

قال اللّه تعالى: إِنَّمَا اَلْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ. . . (1)

الأخبار

1-عن المفضّل بن عمر قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّما المؤمنون إخوة بنو أب و أمّ و إذا ضرب على رجل منهم عرق سهر له الآخرون. (2)

ص:9


1- 1) -الحجرات:10.
2- 2) -الكافي ج 2 ص 132 باب اخوّة المؤمنين ح 1

بيان:

«بنو أب و أمّ» كناية عن شدّة الإتّصال، أي ينبغي أن يكونوا كهذا النوع من الأخوّة، أو المراد آباؤهم الحقيقيون الذين أحيوهم بالإيمان و هم النبيّ و الأئمّة عليهم السّلام كما ورد في الأخبار الكثيرة، أو يكون المراد ما سيأتي في باب الإيمان ف 1 من أنّ أباهم النور و أمّهم الرحمة و لا يكون المراد آدم و حواء لعدم اختصاص الانتساب إليهما بالمؤمنين.

و في النهاية، ضرب العرق ضربا إذا تحرّك بقوّة. و المراد هنا؛ المبالغة في قلّة الأذى، «سهر» أي لم ينم ليلا، و المعنى: أنّ المؤمنين كثيرا ما يذهب عنهم النوم في بعض الليالى من غير سبب ظاهر فهذا من وجع عرض لبعض إخوانهم، و يحتمل أن يكون السهر كناية عن الحزن للزومه له غالبا.

2-عن جابر الجعفي قال: تقبّضت بين يدي أبي جعفر عليه السّلام فقلت: جعلت فداك، ربما حزنت من غير مصيبة تصيبني أو أمر ينزل بي حتّى يعرف ذلك أهلي في وجهي و صديقي.

فقال: نعم يا جابر، إنّ اللّه عزّ و جلّ خلق المؤمنين من طينة الجنان و أجرى فيهم من ريح روحه فلذلك المؤمن أخو المؤمن لأبيه و أمّه، فإذا أصاب روحا من تلك الأرواح في بلد من البلدان حزن، حزنت هذه، لأنّها منها. (1)

بيان:

«التقبّض» : أي ظهور أثر الحزن في الوجه، ضدّ الانبساط.

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: المؤمن أخو المؤمن، عينه و دليله، لا يخونه و لا يظلمه و لا يغشّه و لا يعده عدة فيخلفه. (2)

ص:10


1- 1) -الكافي ج 2 ص 133 ح 2
2- 2) -الكافي ج 2 ص 133 ح 3

بيان:

«عينه» : أي يدلّه على مكارمه و معايبه بمنزلة عينه الباصرة أو بمعنى جاسوسه؛ يدلّه على معايبه.

أقول: بهذا المعنى أخبار اخر، في بعضها: «لا يكذبه و لا يغتابه و لا يخدعه و لا يحرمه» .

4-عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: المؤمن أخو المؤمن كالجسد الواحد، إن اشتكى شيئا منه وجد ألم ذلك في سائر جسده، و أرواحهما من روح واحدة، و إنّ روح المؤمن لأشدّ اتّصالا بروح اللّه من اتّصال شعاع الشمس بها. (1)

5-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ستّة من المروّة؛ ثلاثة منها في الحضر و ثلاثة منها في السفر. فأمّا التي في الحضر؛ فتلاوة كتاب اللّه عزّ و جلّ و عمارة مساجد اللّه و اتخاذ الإخوان في اللّه، و أمّا التي في السفر؛ فبذل الزاد و حسن الخلق و المزاح في غير المعاصي. (2)

6-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أعجز الناس، من عجز عن اكتساب الإخوان.

و أعجز منه من ضيّع من ظفر به منهم. (3)

7-في حكم أمير المؤمنين عليه السّلام: ابذل لأخيك دمك و مالك، و لعدوّك عدلك و إنصافك، و للعامّة بشرك و إحسانك. تسلّم على الناس يسلّموا عليك. (4)

8-في مواعظ الصادق عليه السّلام: يأتي على الناس زمان ليس فيه شيء أعزّ

ص:11


1- 1) -الكافي ج 2 ص 133 ح 4
2- 2) -العيون ج 2 ص 26 ب 31 ح 13
3- 3) -نهج البلاغة ص 1093 ح 11
4- 4) -تحف العقول ص 150

من أخ أنيس و كسب درهم حلال. (1)

بيان:

«أعزّ» عزّ الشيء: قلّ فكاد لا يوجد، و العزيز النادر.

9-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: عليكم بالإخوان فإنّهم عدّة للدنيا و عدّة للآخرة، ألا تسمع إلى قول أهل النار: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ- وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ (2). (3)

بيان:

«العدّة» : جمع عدد أي ما اعددته لحوادث الدهر من مال و سلاح و أمثالهما.

10-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ما أحدث عبد أخا في اللّه الاّ أحدث له درجة في الجنّة. (4)

11-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: المؤمن مرآة أخيه يميط عنه الأذى. (5)

بيان:

ماط أو أماط عن كذا: تنحّى و ابتعد.

12-و عنهم عليهم السّلام: لا يكمل عبد حقيقة الإيمان حتّى يحبّ أخاه (المؤمن) . (6)

13-و قال عبد المؤمن الأنصاري: دخلت على أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السّلام و عنده محمّد بن عبد اللّه الجعفري فتبسمت اليه، فقال عليه السّلام: أتحبّه؟ فقلت:

ص:12


1- 1) -تحف العقول ص 271
2- 2) -الشعراء:100 و 101
3- 3) -مشكوة الانوار ص 187 ب 4 ف 1
4- 4) -مشكوة الانوار ص 188
5- 5) -مشكوة الأنوار ص 189
6- 6) -عدّة الداعى ص 173 في ب 4

نعم و ما أحببته إلاّ لكم.

فقال عليه السّلام: هو أخوك و المؤمن أخ المؤمن لأبيه و أمّه، ملعون ملعون من اتّهم أخاه، ملعون ملعون من غشّ أخاه، ملعون ملعون من لم ينصح أخاه، ملعون ملعون من استأثر على أخيه، ملعون ملعون من احتجب عن أخيه، ملعون ملعون من اغتاب أخاه. (1)

14-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من أكرم أخاه فإنّما يكرم اللّه فما ظنّكم بمن يكرم اللّه أن يفعل اللّه به؟ (2)

15-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لكلّ شيء شيء يستريح إليه، و إنّ المؤمن ليستريح إلى أخيه المؤمن كما يستريح الطير إلى شكله. (3)

16-عن الرضا عليه السّلام قال: من استفاد أخا في اللّه فقد استفاد بيتا في الجنّة. (4)

بيان:

«استفاد» : أي اكتسب.

17-قال الصادق عليه السّلام: من حبّ الرجل دينه حبّه أخاه. (5)

18-. . . عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: نظر المؤمن في وجه أخيه حبا له عبادة. (6)

19-في مواعظ علىّ عليه السّلام: . . . و عليك بإخوان الصدق فكثّر في اكتسابهم

ص:13


1- 1) -عدّة الداعي ص 174
2- 2) -عدة الداعي ص 176
3- 3) -البحار ج 74 ص 274 باب حفظ الأخوّة ح 18
4- 4) -البحار ج 74 ص 276 باب فضل المؤاخاة في اللّه ح 4
5- 5) -البحار ج 74 ص 279 باب فضل حبّ المؤمنين ح 3
6- 6) -البحار ج 74 ص 280 ح 6

عدّة عند الرخاء، و جندا عند البلاء، و شاور حديثك الذين يخافون اللّه، و أحبب الإخوان على قدر التقوى. . . (1)

20-في وصايا الباقر عليه السّلام: اعرف المودّة في قلب أخيك بما له في قلبك. (2)

21-و قال عليه السّلام: من استفاد أخا في اللّه على إيمان باللّه و وفاء بإخائه طلبا لمرضات اللّه فقد استفاد شعاعا من نور اللّه، و أمانا من عذاب اللّه، و حجّة يفلج بها يوم القيامة و عزّا باقيا، و ذكرا ناميا، لأنّ المؤمن من اللّه عزّ و جلّ لا موصول و لا مفصول.

قيل له عليه السّلام: ما معنى لا موصول و لا مفصول؟ قال: لا موصول به؛ إنّه هو و لا مفصول منه؛ إنّه من غيره. (3)

بيان:

«فلج» الرجل: ظفر بما طلب، و على خصمه: غلبه، و فلج الحجّة: أثبتها و أظهرها.

22-في مواعظ الصادق عليه السّلام: . . . و من لم يواخ إلاّ من لا عيب فيه قلّ صديقه. . . (4)

23-قال الصادق عليه السّلام: ثلاثة أشياء في كلّ زمان عزيزة و هي: الإخاء في اللّه تعالى، و الزوجة الصالحة الأليفة تعينه في دين اللّه عزّ و جلّ و الولد الرشيد، و من وجد الثلاثة فقد أصاب خير الدارين و الحظّ الأوفر من الدنيا و الآخرة.

و احذر أن تواخي من أرادك لطمع أو خوف أو ميل أو مال أو أكل أو شرب، و اطلب مؤاخاة الأتقياء و لو فى ظلمات الأرض و إن افنيت عمرك فى طلبهم، فإنّ اللّه عزّ و جل لم يخلق على وجه الأرض أفضل منهم بعد النبيّين،

ص:14


1- 1) -البحار ج 78 ص 33
2- 2) -البحار ج 78 ص 174
3- 3) -البحار ج 78 ص 175
4- 4) -البحار ج 78 ص 278

و ما أنعم اللّه على العبد بمثل ما أنعم به من التوفيق لصحبتهم. قال اللّه تعالى:

اَلْأَخِلاّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ اَلْمُتَّقِينَ (1)و أظنّ أنّ من طلب في زماننا هذا صديقا بلا عيب بقي بلا صديق. . . (2)

24-عن عليّ عليه السّلام قال: إيّاك و كثرة الإخوان، فإنّه لا يؤذيك إلاّ من يعرفك. (3)

25-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الجفاء يفسد الإخاء (الغرر ج 1 ص 22 ف 1 ح 612)

الإخوان أفضل العدد (ص 35 ح 1087)

إخوان الدين أبقى مودّة (ص 49 ح 1405)

إخوان الصدق أفضل عدّة (ح 1406)

أخ تستفيده خير من أخ تستزيده (ح 1407)

الإخوان زينة في الرخاء و عدّة في البلاء (ص 58 ح 1564)

إخوان الصدق زينة في السرّاء و عدّة في الضرّاء. (ص 73 ح 1829)

الأخ المكتسب في اللّه أقرب الأقرباء و أرحم من الامّهات و الآباء.

(ص 76 ح 1868)

الإخوان جلاء الهموم و الأحزان (ص 99 ح 2141)

اصحب أخا التقى و الدين تسلم و استرشده تغنم. (ص 113 ف 2 ح 111)

اختر من كلّ شيء جديده و من الإخوان أقدمهم (ص 128 ح 235)

أفضل العدد أخ و فيّ و شفيق زكيّ (ص 194 ف 8 ح 339)

ص:15


1- 1) -الزخرف:67
2- 2) -مصباح الشريعة ص 36 ب 55
3- 3) -شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 20 ص 309

أبعد الناس سفرا من كان سفره في ابتغاء أخ صالح (1)(ص 205 ح 462)

بالتواخي في اللّه تكمل المروّة. (ص 331 ف 18 ح 46)

بالتواخى في اللّه تثمر الاخوّة. (ح 47)

ثمرة الاخوّة حفظ الغيب و إهداء العيب. (ص 360 ف 23 ح 46)

ربّ أخ لم تلده امّك. (ص 418 ف 35 ح 84)

عليك بمؤاخاة من حذّرك و نهاك فإنّه ينجدك و يرشدك.

(ج 2 ص 482 ف 49 ح 61)

على قدر التواخي في اللّه تخلص المحبّة. (ص 488 ف 51 ح 20)

عند نزول الشدائد يخرب حفاظ الإخوان. (ص 489 ف 52 ح 6)

كلّ مودّة مبنيّة على غير ذات اللّه سبحانه ضلال و الاعتماد عليها محال.

(ص 548 ف 62 ح 88)

من آخى في اللّه غنم. (ص 616 ف 77 ح 134)

من آخى للدنيا حرم (ح 135)

من لا إخوان له لا أهل له (ص 680 ح 1097)

من ناقش الإخوان قلّ صديقه (ص 681 ح 1110)

من اتّخذ أخا من غير اختبار ألجأه الاضطرار إلى مرافقة الأشرار.

(ص 695 ح 1259)

من اتّخذ أخا بعد حسن الاختبار دامت صحبته و تأكّدت مودّته.

(ح 1260)

من لم يقدّم في اختيار الإخوان الاختبار، دفعه الاغترار إلى صحبة الأشرار.

(ح 1261)

ص:16


1- 1) -كناية عن قلّة الإخوان الصالحين حيث يحتاج إلى السفر البعيد.

من فقد أخا في اللّه فكأنّما فقد أشرف أعضاه. (ص 723 ح 1525)

ما أكثر الإخوان عند الجفان (1)و أقلّهم عند حادثات الزمان.

(ص 749 ف 79 ح 205)

ما تواخى قوم على غير ذات اللّه سبحانه إلاّ كانت عليهم اخوّتهم ترّهة (2)يوم العرض على اللّه سبحانه. (ص 751 ح 219)

موت الأخ قصّ الجناح و اليد (ص 763 ف 80 ح 112)

ص:17


1- 1) -مفردها جفنة، القصعة الكبيرة.
2- 2) -الترّهة ج الترّهات: الأباطيل و الدواهي.

الفصل الثانيّ

أصناف الإخوان و أوصافهم

1-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قام رجل بالبصرة إلى أمير المؤمنين عليه السّلام فقال:

يا أمير المؤمنين، أخبرنا عن الإخوان، فقال: الإخوان صنفان: إخوان الثقة و إخوان المكاشرة؛ فأمّا إخوان الثقة، فهم الكفّ و الجناح و الأهل و المال، فإذا كنت من أخيك على حدّ الثقة، فابذل له مالك و بدنك، و صاف من صافاه، و عاد من عاداه، و اكتم سرّه و عيبه، و أظهر منه الحسن، و اعلم أيّها السائل، أنّهم أقلّ من الكبريت الأحمر، و أمّا إخوان المكاشرة، فإنّك تصيب لذّتك منهم، فلا تقطعنّ ذلك منهم و لا تطلبنّ ماوراء ذلك من ضميرهم، و ابذل لهم ما بذلوا لك من طلاقة الوجه و حلاوة اللسان. (1)

بيان:

المراد ب «إخوان الثقة» أهل الصلاح و الصدق و الأمانة الذين يوثق بهم و يعتمد عليهم في الدين، و في عدم النفاق و موافقة ظاهرهم لباطنهم. و ب «إخوان المكاشرة» الذين ليسوا بتلك المثابة. و في النهاية، الكشر: ظهور الأسنان للضحك و كاشره: إذا ضحك في وجهه و باسطه. «فهم الكفّ» الحمل على المبالغة و التشبيه

ص:18


1- 1) -الكافي ج 2 ص 193 باب انّ المؤمن صنفان ح 3( الخصال ج 1 باب الاثنين ح 56- الوسائل ج 12 ص 13 ب 3 من العشرة ح 1-تحف العقول ص 145- البحار ج 67 ص 193 و ج 74 ص 281)

أي هم بمنزلة كفّك في إعانتك و كفّ الأذى عنك. «الجناح» في القاموس، الجناح:

اليد، و العضد، و الإبط، و الجانب، و نفس الشيء، و الكنف و الناحية انتهى. و أكثر المعاني مناسبة و العضد أظهر أي هم بمنزلة عضدك. «صاف من صافاه» أي أخلص الودّ لمن أخلص له الودّ. (راجع المرآة ج 9 ص 307)

2-خطب الناس الحسن بن عليّ عليهم السّلام فقال:

أيّها الناس، أنا أخبركم عن أخ لي كان من أعظم الناس في عيني و كان رأس ما عظم به في عيني صغر الدنيا في عينه، كان خارجا من سلطان بطنه فلا يشتهي ما لا يجد و لا يكثر إذا وجد، كان خارجا من سلطان فرجه، فلا يستخفّ له عقله و لا رأيه، كان خارجا من سلطان الجهالة فلا يمدّ يده إلاّ على ثقة لمنفعة، كان لا يتشهّى و لا يتسخّط و لا يتبرّم، كان أكثر دهره صمّاتا فإذا قال، بذّ القائلين، كان لا يدخل في مراء و لا يشارك في دعوى و لا يدلي بحجّة حتّى يرى قاضيا و كان لا يغفل عن إخوانه و لا يخصّ نفسه بشيء دونهم.

كان ضعيفا مستضعفا، فاذا جاء الجدّ كان ليثا عاديا، كان لا يلوم أحدا فيما يقع العذر في مثله حتّى يرى اعتذارا، كان يفعل ما يقول و يفعل ما لا يقول، كان إذا ابتزّه أمران لا يدري أيّهما أفضل، نظر إلى أقربهما إلى الهوى فخالفه، كان لا يشكو وجعا إلاّ عند من يرجو عنده البرء، و لا يستشير إلاّ من يرجو عنده النصيحة، كان لا يتبرّم و لا يتسخّط و لا يتشكّى و لا يتشهّى و لا ينتقم و لا يغفل عن العدوّ.

فعليكم بمثل هذه الأخلاق الكريمة إن أطقتموها، فإن لم تطيقوها كلّها فأخذ القليل خير من ترك الكثير، و لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه. (1)

ص:19


1- 1) -الكافي ج 2 ص 186 باب المؤمن و علاماته ح 26

أقول:

في نهج البلاغة (ص 1225 ح 281) مثله باختلاف، و فيه: و كان إن غلب على الكلام لم يغلب على السكوت و كان على أن يسمع أحرص منه على أن يتكلّم.

بيان: «عن أخ» : قد اختلف في المعنى بهذا الكلام و من هو هذا الأخ المشار اليه، و لعلّه ليس بإشارة إلى أخ معين و لكنّه كلام خارج مخرج المثل كما قاله ابن أبي الحديد في بيان كلام أمير المؤمنين عليه السّلام.

«و لا يتسخّط» : أي لا يسخط كثيرا لفقد المشتهيات أو لا يغضب لإيذاء الخلق له.

«و لا يتبرّم» البرم: السامّة و الضجر، و أبرمه فبرم: أملّه فملّ أي لا يملّ و لا يسأم من حوائج الخلق و كثرة سؤالهم و سوء معاشرتهم. «بذّ القائلين» : أي سبقهم و غلبهم. «و لا يدلي بحجّة» في القاموس، أدلى بحجّته: أحضرها و احتجّ بها و إليه بماله: دفعه، و في المصباح: و أدلى بحجته أثبتها فوصل بها إلى دعواه.

و في المرآة ج 9 ص 262: هذه الفقرة تحتمل وجوها. . .

«ليثا عاديا» الليث: الأسد، و العادي: الذي يقصد الناس و يفترس، و هنا كناية عن الشدّة في الامور. «ابتزّه أمران» : أي استلبه و غلبه و أخذه قهرا. و في نهج البلاغة بدلها"إذا بدهه أمران". «النصيحة» : المراد منها خلوص الرأى و عدم الغشّ و كمال الفهم. «لا يغفل عن العدوّ» : أي الأعداء الظاهرة و الباطنة كالشيطان و النفس.

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السّلام إذا صعد المنبر قال:

ينبغي للمسلم أن يجتنب مؤاخاة ثلاثة: الماجن و الأحمق و الكذّاب، فأمّا الماجن فيزيّن لك فعله و يحبّ أن تكون مثله و لا يعينك على أمر دينك و معادك، و مقارنته جفاء و قسوة، و مدخله و مخرجه عليك عار.

و أمّا الأحمق فإنّه لا يشير عليك بخير و لا يرجى لصرف السوء عنك و لو أجهد نفسه و ربّما أراد منفعتك فضرّك، فموته خير من حياته و سكوته خير

ص:20

من نطقه و بعده خير من قربه.

و أمّا الكذّاب فإنّه لا يهنئك معه عيش، ينقل حديثك و ينقل إليك الحديث، كلّما أفنى أحدوثة مطّها بأخرى حتّى أنّه يحدّث بالصدق فما يصدّق و يغري بين الناس بالعداوة فينبت السخائم في الصدور فاتقوا اللّه و انظروا لأنفسكم. (1)

بيان:

بهذا المعنى أخبار كثيرة، في بعضها: «اجتنب عن مؤاخاة الأحمق و البخيل و الجبان و الكذّاب» . و يأتي بعضها إن شاء اللّه في باب الصداقة و غيره.

«الماجن» : هو الذي لا يبالي ما يقول و ما يفعل. «الأحدوثة» واحد الأحاديث:

و هو ما يتحدّث به. «مطّها» : أي مدّها. «السخيمة» : ج سخائم و هي الحقد، و في بعض النسخ: "الشحائن". «يغري» : في بعض النسخ: "يفرق".

4-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أحبّ إخواني إليّ من أهدى إليّ عيوبي. (2)

5-عن مفضل بن عمر و يونس بن ظبيان قالا: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:

اختبروا إخوانكم بخصلتين فإن كانتا فيهم و إلاّ فأعزب ثمّ أعزب ثم أعزب:

المحافظة على الصلوات في مواقيتها، و البرّ بالإخوان في العسر و اليسر. (3)

بيان:

«أعزب ثمّ أعزب» : أي أبعد نفسك ثمّ أبعد.

6-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: شرّ الإخوان من تكلّف له. (4)

7-في مواعظ المجتبى عليه السّلام أنّه قال لبعض ولده: يا بنيّ، لا تواخ أحدا حتّى

ص:21


1- 1) -الكافي ج 2 ص 279 باب مجالسة أهل المعاصي ح 6(و ص 467 باب من تكره مجالسته ح 1)
2- 2) -الكافي ج 2 ص 466 باب من تحبّ مصادقته ح 5
3- 3) -الوسائل ج 12 ص 148 ب 103 من العشرة ح 1
4- 4) -نهج البلاغة ص 1305 ح 471

تعرف موارده و مصادره، فاذا استنبطت الخبرة و رضيت العشرة فآخه على إقالة العثرة و المواساة في العسرة. (1)

8-في مواعظ الصادق عليه السّلام: إذا أردت أن تعلم صحّة ما عند أخيك فاغضبه، فإن ثبت لك على المودّة فهو أخيك و إلاّ فلا. (2)

9-و قال عليه السّلام: من غضب عليك من إخوانك ثلاث مرّات فلم يقل فيك مكروها، فأعدّه لنفسك. (3)

10-في وصية أمير المؤمنين عليه السّلام لكميل رحمه اللّه: يا كميل، لا بأس بأن تعلم أخاك سرّك.

يا كميل، و من أخوك؟ أخوك الذي لا يخذلك عند الشدّة و لا يغفل عنك عند الجريرة و لا يخدعك حين تسأله و لا يتركك و أمرك حتّى تعلمه فإن كان مميلا أصلحه. (4)

بيان:

«الجريرة» : الجناية لأنّها تجرّ العقوبة إلى الجاني.

«المميل» : من الميل و الاعوجاج، و «أصلحه» أي أقام اعوجاجه.

11-في مواعظ الصادق عليه السّلام: تحتاج الأخوّة فيما بينهم إلى ثلاثة أشياء، فإن استعملوها و إلاّ تباينوا و تباغضوا: و هي التناصف و التراحم و نفي الحسد. (5)

بيان:

تناصف القوم: أي أنصف بعضهم بعضا من نفسه.

ص:22


1- 1) -تحف العقول ص 168
2- 2) -تحف العقول ص 262
3- 3) -تحف العقول ص 271
4- 4) -البحار ج 77 ص 271
5- 5) -البحار ج 78 ص 236

12-و قال عليه السّلام: الإخوان ثلاثة: فواحد كالغذاء الذي يحتاج إليه كلّ وقت فهو العاقل، و الثاني في معنى الداء و هو الأحمق، و الثالث في معنى الدواء فهو اللبيب. (1)

بيان:

«اللبيب» : في المفردات، اللبّ: العقل الخالص من الشوائب و سمّي بذلك لكونه خالص ما في الإنسان من معانيه كاللباب و اللبّ من الشي، و قيل: هو ما زكى من العقل، فكلّ لبّ عقل و ليس كلّ عقل لبّا، و لهذا علّق اللّه تعالى الأحكام التي لا يدركها إلاّ العقول الزكيّة بأولي الألباب نحو قوله: وَ مَنْ يُؤْتَ اَلْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَ ما يَذَّكَّرُ إِلاّ أُولُوا اَلْأَلْبابِ، و نحو ذلك من الآيات.

13-و قال عليه السّلام: الإخوان ثلاثة: مواس بنفسه و آخر مواس بماله و هما الصادقان في الإخاء، و آخر يأخذ منك البلغة و يريدك لبعض اللذّة، فلا تعدّه من أهل الثقة. (2)

بيان:

واسى الرجل مواساة: أي عاونه «البلغة» : أي ما يبلغه و يكفيه من العيش.

14-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

أخوك مواسيك في الشدّة. . . (الغرر ج 1 ص 18 ف 1 ح 475)

الإخوان في اللّه تعالى تدوم مودّتهم لدوام سببها. . . (ص 72 ح 1820)

أخوك في اللّه من هداك إلى الرشاد، و نهاك عن الفساد، و أعانك على إصلاح المعاد. . . (ص 81 ح 1940)

ص:23


1- 1) -البحار ج 78 ص 238
2- 2) -البحار ج 78 ص 239

إنّ أخاك حقّا من غفر زلّتك و سدّ خلّتك و قبل عذرك و ستر عورتك و نفى وجلك (1)و حقّق أملك. . . (ص 252 ف 9 ح 269)

تبتني الأخوّة في اللّه على التناصح في اللّه، و التباذل في اللّه، و التعاون على طاعة اللّه، و التناهي عن معاصي اللّه، و التناصر في اللّه، و إخلاص المحبّة.

(ص 351 ف 22 ح 70)

خير الإخوان أقلّهم مصانعة (2)في النصيحة. . . (388 ف 29 ح 32)

خير إخوانك من عنّفك في طاعة اللّه سبحانه. . . (ص 389 ح 40)

خير الإخوان من لا يحوج إخوانه إلى سواه. . . (ح 39)

خير إخوانك من واساك، و خير منه من كفاك، و إن احتاج إليك أعفاك.

(ح 42)

خير الإخوان من لم يكن إخوانه مستقصيا. . . (ص 390 ح 51)

خير إخوانك من كثر إغضابه لك في الحقّ. (ص 391 ح 63)

خير إخوانك من واساك بخيره، و خير منه من أغناك عن غيره. (ح 67)

خير الإخوان أنصحهم و شرّهم أغشّهم. . . (ح 68)

خير الإخوان من إذا فقدته لم تحبّ البقاء بعده. . . (ح 69)

خير إخوانك من سارع إلى الخير، و جذبك إليه، و أمرك بالبرّ، و أعانك عليه.

(ح 73)

خير إخوانك من دعاك إلى صدق المقال بمقاله، و نديك (3)إلى حسن الأعمال يحسن أعماله. . . (ص 392 ح 74)

ص:24


1- 1) -الوجل: الخوف.
2- 2) -صانعه مصانعة: داهنه، خدعه و أظهر له خلاف ما يضمر
3- 3) -ندب فلانا للأمر أو إلى الأمر: دعاء و رشّحه للقيام به وحثّه عليه.

خير إخوانك من دلّك على هدى و أكسبك تقى و صدّك عن اتّباع هوى.

(ح 81)

خير إخوانك من واساك. . . (ص 293 ح 87)

شر إخوانك من أرضاك بالباطل. . . (ص 443 ف 41 ح 19)

شرّ إخوانك من أحوجك إلى مداراة، و ألجأك إلى اعتذار، (ص 444 ح 28)

شرّ إخوانك من يبتغي لك شرّ يومه. . . (ح 33)

شرّ إخوانك من تتكلّف له-شرّ الإخوان الخاذل (1). (ص 445 ح 35 و 37)

شرّ الإخوان المواصل عند الرخاء، المفاصل عند البلاء. . . (ح 42)

شرّ إخوانك من أغزاك بهوى و ولّهك بالدنيا. . . (ح 43)

شرّ إخوانك من داهنك في نفسك و ساترك عيبك. . . (ص 446 ح 53)

شرّ إخوانك الغاشّ المداهن. . . (ح 58)

شرّ إخوانك من يتبطّئ عن الخير و يبطّئك معه. . . (ح 61)

شرّ إخوانك و أغشّهم لك من أغراك بالعاجلة، و ألهاك عن الآجلة.

(ص 447 ح 66)

ص:25


1- 1) -خذل فلانا و عنه: ترك نصرته و إعانته فهو خاذل.

الفصل الثالث

حقوق الإخوان

1-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: من حقّ المؤمن على أخيه المؤمن أن يشبع جوعته و يواري عورته و يفرّج عنه كربته و يقضي دينه، فإذا مات خلفه في أهله و ولده. (1)

بيان:

«يواري» : أي يستر. «عورته» : هي كلّ ما يستحيي منه إذا ظهر و ما يجب ستره، و هنا أعمّ من ذلك، و المراد إلباسه باللباس المتعارف. «خلفه» : أي كان عوضه و خليفته في قضاء حوائج أهله و ولده و رعايتهم.

2-عن عبد الأعلى بن أعين قال: كتب بعض أصحابنا يسألون أبا عبد اللّه عليه السّلام عن أشياء و أمروني أن أساله عن حقّ المسلم على أخيه، فسألته فلم يجبني، فلمّا جئت لاودّعه فقلت: سألتك فلم تجبني؟ فقال: إنّي أخاف أن تكفروا، إنّ من أشدّ ما افترض اللّه على خلقه ثلاثا؛ إنصاف المرء من نفسه حتّى لا يرضى لأخيه من نفسه إلاّ بما يرضى لنفسه منه، و مواساة الأخ في المال، و ذكر اللّه على كلّ حال ليس «سبحان اللّه و الحمد للّه» و لكن عند ما حرّم اللّه عليه فيدعه. (2)

ص:26


1- 1) -الكافي ج 2 ص 135 باب حقّ المؤمن على أخيه ح 1
2- 2) -الكافي ج 2 ص 136 ح 3

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة جدّا، سيأتي بعضها في باب الذكر و. . .

3-عن سعيد بن الحسن قال: قال أبو جعفر عليه السّلام: أيجيئ أحدكم إلى أخيه فيدخل يده في كيسه فيأخذ حاجته فلا يدفعه؟ فقلت: ما أعرف ذلك فينا. فقال أبو جعفر عليه السّلام: فلا شيء إذا. قلت: فالهلاك إذا، فقال: إنّ القوم لم يعطوا أحلامهم بعد. (1)

بيان:

«الحلم» ج أحلام: و هو الأناة و العقل.

4-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: حقّ المسلم على المسلم أن لا يشبع و يجوع أخوه، و لا يروى و يعطش أخوه، و لا يكتسي و يعرى أخوه، فما أعظم حقّ المسلم على أخيه المسلم! و قال: أحبّ لأخيك المسلم ما تحبّ لنفسك، و إذا احتجت فسله، و إن سألك فأعطه، لا تملّه خيرا و لا يملّه لك، كن له ظهرا فإنّه لك ظهر، إذا غاب فاحفظه في غيبته و إذا شهد فزره و أجلّه و أكرمه، فإنّه منك و أنت منه، فإن كان عليك عاتبا فلا تفارقه حتّى تسأل سميحته. و إن أصابه خير فاحمد اللّه، و إن ابتلي فاعضده، و إن تمحّل له فأعنه.

و إذا قال الرجل لأخيه: افّ، انقطع ما بينهما من الولاية و إذا قال: أنت عدوّي كفر أحدهما، فإذا اتّهمه انماث الإيمان في قلبه كما ينماث الملح في الماء.

و قال: بلغني أنّه قال: إنّ المؤمن ليزهر نوره لأهل السماء كما تزهر نجوم السماء لأهل الارض.

و قال: إنّ المؤمن وليّ اللّه يعينه و يصنع له و لا يقول عليه إلاّ الحقّ و لا يخاف

ص:27


1- 1) -الكافي ج 2 ص 139 ح 13

غيره. (1)

بيان:

«تسأل سميحته» : أي بالعفو عن التقصير و مسائلته بالتجاوز لئلاّ يستقرّ في قلبه فيوجب التنافر و التباغض، و في بعض النسخ: "تسلّ سخيمته"و السلّ: انتزاعك الشيء و إخراجه في رفق أي تستخرج حقده و غضبه برفق. «إن تمحّل له. . .» المحل: الكيد و المكر، و تمحّل له: احتال، و في المرآة، أي إذا كاده إنسان و احتال لضرره فأعنه على دفعه عنه. . . «انماث» : أي اختلط و ذاب.

5-عن المفضّل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال لي: يا مفضّل، اسمع ما أقول لك و اعلم أنّه الحقّ و افعله و أخبر به علية إخوانك، قلت: جعلت فداك و ما علية إخوانى؟ قال: الراغبون في قضاء حوائج إخوانهم، قال: ثمّ قال: و من قضى لأخيه المؤمن حاجة قضى اللّه عزّ و جلّ له يوم القيامة مائة ألف حاجة، من ذلك أوّلها الجنّة و من ذلك أن يدخل قرابته و معارفه و إخوانه الجنّة بعد أن لا يكونوا نصّابا.

و كان المفضّل إذا سأل الحاجة أخا من إخوانه قال له: أما تشتهي أن تكون من علية الإخوان. (2)

بيان:

«علية إخوانك» : أي شريفهم و رفيعهم.

6-قال أبو جعفر عليه السّلام: من مشى في حاجة أخيه المسلم أظلّه اللّه بخمسة و سبعين ألف ملك و لم يرفع قدما إلاّ كتب اللّه له حسنة و حطّ عنه بها سيّئة و يرفع له بها درجة، فإذا فرغ من حاجته كتب اللّه عزّ و جلّ له بها أجر حاجّ

ص:28


1- 1) -الكافي ج 2 ص 136 ح 5
2- 2) -الكافي ج 2 ص 154 باب قضاء حاجة المؤمن ح 1

و معتمر. (1)

7-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لأن أمشي في حاجة أخ لي مسلم أحبّ إليّ من أن أعتق ألف نسمة و أحمل في سبيل اللّه على ألف فرس مسرّجة ملجمة. (2)

بيان:

«النسمة» : المملوك. «أحمل. . .» في المرآة ج 9 ص 113: أي أركب ألف إنسان على ألف فرس كلّ منها شدّ عليه السرج و ألبس اللجام و أبعثها في الجهاد. . .

8-عن سماعة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: أيّما مؤمن مشى في حاجة أخيه فلم يناصحه فقد خان اللّه و رسوله. (3)

بيان:

«فلم يناصحه» : في بعض النسخ: "فلم ينصحه"و أصله الخلوص و هو خلاف الغشّ، فإذا لم ينصحه فقد غشّه بتضييع حقوقه و رفض سيرة العدل فيه و من غشّه بشيء فقد خانه، و من خانه فقد خان اللّه و رسوله. و يحتمل المراد أنّه لم يبذل الجهد في قضاء حاجته و لم يهتمّ بذلك، قال الراغب: النصح: تحرّى فعل أو قول فيه صلاح صاحبه.

9-قال الصادق عليه السّلام: من صار إلى أخيه المؤمن في حاجته أو مسلما فحجبه لم يزل في لعنة اللّه إلى أن حضرته الوفاة (4).

10-. . . قال الصادق عليه السّلام: اخدم أخاك فإن استخدمك فلا و لا كرامة. . . (5)

ص:29


1- 1) -الكافي ج 2 ص 157 باب السعي في حاجة المؤمن ح 3.
2- 2) -الكافي ج 2 ص 158 ح 4
3- 3) -الكافي ج 2 ص 269 باب من لم يناصح أخاه ح 2(و ح 6)
4- 4) -الاختصاص للمفيد رحمه اللّه ص 25
5- 5) -الاختصاص ص 236

11-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من عظّم دين اللّه عظّم حقّ إخوانه، و من استخفّ بدينه استخفّ بإخوانه. (1)

12-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه تعالى ليسأل العبد في جاهه، كما يسأل في ماله، فيقول: يا عبدي رزقتك جاها، فهل أعنت به مظلوما، أو أغثت به ملهوفا؟ (2)

أقول:

بمضمونه ح 11 عن الصادق عليه السّلام، و فيه قال: «فهل نصرت به مظلوما أو قمعت به ظالما أو أغثت به مكروبا؟» .

13-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه في عون العبد مادام العبد في العبد في عون أخيه. (3)

14-كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا فقد الرجل من إخوانه ثلاثة أيّام سأل عنه، فإن كان غائبا دعا له، و إن كان شاهدا زاره، و إن كان مريضا عاده. (4)

15-. . . قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا آخا أحدكم رجلا فليسأله عن اسمه و اسم أبيه و قبيلته و منزله، فإنّه من واجب الحقّ و صافي الإخاء، و إلاّ فهي مودّة حمقاء. (5)

16-. . . في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: و لا تضيّعنّ حقّ أخيك اتّكالا على ما بينك و بينه فإنّه ليس لك بأخ من أضعت حقّه، و لا يكن أهلك أشقى الناس بك، و لا ترغبنّ في من زهد فيك، و لا يكوننّ أخوك أقوى على قطيعتك منك على صلته و لا تكوننّ على الإساءة أقوى منك على الإحسان، و لا على البخل

ص:30


1- 1) -مشكوة الأنوار ص 186 ب 4 ف 1
2- 2) -المستدرك ج 12 ص 429 ب 34 من فعل المعروف ح 9
3- 3) -المستدرك ج 12 ص 429 ح 10
4- 4) -البحار ج 16 ص 233 في مكارم أخلاقه صلّى اللّه عليه و آله
5- 5) -البحار ج 74 ص 166 باب حسن المعاشرة ح 30

أقوى منك على البذل، و لا على التقصير أقوى منك على الفضل. . . (1)

بيان:

«و لا يكوننّ أخوك. . .» : يعني إذا أتى أخوك بالقطيعة فقابلها أنت بالصلة حتّى تغلبه و لا يكوننّ هو أقدر على ما يوجب القطيعة منك على ما يوجب الصلة، و هكذا بعده.

17-في وصيّة الصادق عليه السّلام لابن النعمان (مؤمن الطاق) : يابن النعمان، إن أردت أن يصفو لك ودّ أخيك فلا تمازحنّه و لا تمارينّه و لا تباهينّه و لا تشارّنّه و لا تطلع صديقك من سرّك إلاّ على مالو اطّلع عليه عدوّك لم يضرّك، فإنّ الصديق قد يكون عدوّك يوما. (2)

بيان:

«لا تباهينّه» : أي لا تفاخرنّه. «لا تشارّنّه» : أي لا تخاصمنّه.

18-في مواعظ العسكري عليه السّلام: خصلتان ليس فوقهما شيء: الإيمان باللّه و نفع الإخوان. (3)

19-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما عبد اللّه بشيء أفضل من أداء حقّ المؤمن. (4)

أقول:

راجع أبواب الإيمان، التقيّة، النصيحة و. . . أيضا.

20-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

أطع أخاك و إن عصاك، وصله و إن جفاك. (الغرر ج 1 ص 109 ف 2 ح 44)

ص:31


1- 1) -البحار ج 77 ص 212-و نظيره في مشكوة الأنوار ص 106 ب 2 ف 7 عن العبد الصالح عليه السّلام
2- 2) -البحار ج 78 ص 291
3- 3) -البحار ج 78 ص 374
4- 4) -البحار ج 74 ص 243 باب حقوق الإخوان ح 42

أعن أخاك على هدايته. (ص 110 ح 58)

ارفق بإخوانك، و اكفهم غرب لسانك، (1)واجر عليهم سيب (2)إحسانك.

(ص 118 ح 157)

احمل نفسك مع أخيك عند صرمه (3)على الصلة، و عند صدوده (4)على اللطف و المقاربة، و عند تباعده على الدنوّ، و عند جرمه على العذر، حتّى كأنّك له عبد و كأنّه ذو نعمة عليك، و إيّاك أن تضع ذلك في غير موضعه أو تفعله مع غير أهله. (ص 127 ح 226)

إيّاك أن تغفل عن حقّ أخيك إتّكالا على واجب حقّك عليه، فإنّ لأخيك عليك من الحقّ مثل الذي لك عليه. (ص 151 ف 5 ح 56)

إذا اتّخذت وليّك [أخا]فكن له عبدا و امنحه صدق الوفاء و حسن الصفاء.

(ص 323 ف 17 ح 167)

ما حفظت الاخوّة بمثل المواساة. (ج 2 ص 743 ف 79 ح 126)

ما ساد من احتاج إخوانه إلى غيره (ص 744 ح 143)

من الكرم احتمال جناية الإخوان (ص 726 ف 78 ح 30)

من شرائط الإيمان حسن مصاحبة الإخوان. (ح 34)

نظام المروّة مجاهدة أخيك على طاعة اللّه سبحانه و صدّه عن معاصيه، و إن تكثّر على ذلك ملامه. (ص 778 ف 82 ح 48)

نظام الكرم موالاة الإحسان و مواسات الإخوان. (ح 49)

ص:32


1- 1) -غرب اللسان: حدّته
2- 2) -السيب: المطر الجاري، العطاء
3- 3) -صرم فلانا: هجره
4- 4) -صدّ صدودا عنه: أعرض

الفصل الرابع

زيارة الإخوان

1-عن ابن محبوب عن شعيب العقرقوفيّ قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول لأصحابه: اتّقوا اللّه و كونوا إخوة بررة، متحابّين في اللّه، متواصلين متراحمين، تزاوروا و تلاقوا و تذاكروا أمرنا و أحيوه. (1)

2-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من زار أخاه في بيته قال اللّه عز و جل له: أنت ضيفي و زائري، عليّ قراك و قد أوجبت لك الجنّة بحبّك إيّاه. (2)

بيان:

«قراك» يقال: قريت الضيف، إذا أحسنت إليه.

3-عن أبي غرّة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: من زار أخاه في اللّه في مرض أو صحّة، لا يأتيه خداعا و لا استبدالا، وكّل اللّه به سبعين ألف ملك ينادون في قفاه: أن طبت و طابت لك الجنّة، فأنتم زوّار اللّه، و أنتم وفد الرحمن، حتّى يأتي منزله، فقال له يسير: جعلت فداك، و إن كان المكان بعيدا؟ قال: نعم يا يسير، و إن كان المكان مسيرة سنة، فإنّ اللّه جواد و الملائكة كثيرة، يشيّعونه

ص:33


1- 1) -الكافي ج 2 ص 140 باب التراحم و التعاطف ح 1
2- 2) -الكافي ج 2 ص 141 باب زيارة الإخوان ح 6

حتّى يرجع إلى منزله. (1)

بيان:

«و لا استبدالا» : أي لا يطلب بذلك بدلا و لا عوضا. «طبت و طابت. . .» : أي طهرت من الذنوب و الأدناس الروحانيّة و حلّت لك الجنّة و نعيمها.

4-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ للّه عزّ و جلّ جنّة لا يدخلها إلاّ ثلاثة: رجل حكم على نفسه بالحقّ، و رجل زار أخاه المؤمن في اللّه، و رجل آثر أخاه المؤمن في اللّه. (2)

5-عن أبي المغرا قال: سمعت أبا الحسن عليه السّلام يقول: ليس شيء أنكى لإبليس و جنوده من زيارة الإخوان في اللّه بعضهم لبعض، قال: و إنّ المؤمنين يلتقيان فيذكران اللّه ثمّ يذكران فضلنا أهل البيت فلا يبقى على وجه إبليس مضغة لحم إلاّ تخدّد، حتّى أنّ روحه لتستغيث من شدّة ما يجد من الألم، فتحسّ ملائكة السماء و خزّان الجنان فيلعنونه حتّى لا يبقى ملك مقرّب إلاّ لعنه، فيقع خاسئا حسيرا مدحورا. (3)

بيان:

«أنكى» : أي أوجع و أضرّ. «المضغة» : أي قطعة لحم و غيره. «تخدّد» : أي هزل و نقص و لكنّ المراد هنا تشقّق. «خاسئا» خسأ الكلب: طرده و خسأ أي بعد.

«حسيرا» حسر حسرا و حسرة: تلهّف، و الحسير: المتلهّف (اندوهگين، افسوس خورنده) . «مدحورا» : مطرودا مبعدا، من الدحر و هو الطرد و الإبعاد.

6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: تزاوروا فإنّ في زيارتكم إحياء لقلوبكم و ذكرا لأحاديثنا، و أحاديثنا تعطّف بعضكم على بعض، فإن أخذتم بها رشدتم

ص:34


1- 1) -الكافي ج 2 ص 141 ح 7
2- 2) -الكافي ج 2 ص 142 ح 11
3- 3) -الكافي ج 2 ص 150 باب تذاكر الإخوان ح 7

و نجوتم و إن تركتموها ضللتم و هلكتم، فخذوا بها و أنا بنجاتكم زعيم. (1)

بيان:

«أنا بنجاتكم زعيم» : أي كفيل و ضامن.

أقول: يستفاد من بعض الأخبار المذكورة هنا و الأخبار التي سيأتي في باب الحديث و غيره، أنّ المثوبات المذكورة في زيارة الإخوان تترتّب على زيارة الإخوان إذا كانوا إخوان الثقة و متى يتزاوروا يتذاكروا أحاديث الأئمّة و فضائلهم و. . .

7-عن خيثمة قال: قال لي أبو جعفر عليه السّلام: تزاوروا في بيوتكم فإنّ ذلك حياة لأمرنا، رحم اللّه عبدا أحيا أمرنا. (2)

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان فيما أوصى به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عليّا:

يا علىّ، ثلاث فرحات للمؤمن: لقى الإخوان و الإفطار من الصيام و التهجّد من آخر الليل. (3)

9-عن عبد العظيم الحسنيّ عن أبي جعفر الثاني عليه السّلام قال: ملاقاة الإخوان نشرة و تلقيح العقل، و إن كان نزرا قليلا. (4)

بيان:

في البحار ج 66 ص 291، النشرة: ما يزيل الهموم و الأحزان التي يتوهّم أنّها من الجنّ. و في النهاية ج 5 ص 54، النشرة بالضمّ: ضرب من الرقية و العلاج، يعالج به من كان يظنّ أنّ به مسّا من الجنّ، سمّيت نشرة لأنّه ينشر بها عنه ما خامره من الداء، أى يكشف و يزال. «النزر» أي القليل.

ص:35


1- 1) -الكافي ج 2 ص 149 ح 2
2- 2) -البحار ج 74 ص 352 باب تزاور الإخوان ح 21
3- 3) -البحار ج 74 ص 352 ح 22
4- 4) -البحار ج 74 ص 353 ح 26

10-قال الصادق عليه السّلام: التواصل بين الإخوان في الحضر التزاور، و التواصل في السفر المكاتبة. (1)

11-في وصيّة النبي صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام: يا عليّ، سر سنتين برّ والديك، سر سنة صل رحمك، سر ميلا عد مريضا، سر ميلين شيّع جنازة، سر ثلاثة أميال أجب دعوة، سر أربعة أميال زر أخا في اللّه، سر خمسة أميال أغث الملهوف، سر ستّة أميال انصر المظلوم، و عليك بالاستغفار. (2)

بيان:

في مجمع البحرين، الملهوف: المظلوم المستغيث. «الميل» : فسّر المشهور من العلماء، الميل بأربعة آلاف ذراع أو بقدر مدّ البصر، و كلّ ثلاثة أميال فرسخ تقريبا.

أقول: الأخبار في فضل زيارة الإخوان كثيرة جدّا، يأتي بعضها إن شاء اللّه في بابي الزيارة و الحديث.

ص:36


1- 1) -البحار ج 78 ص 240 باب مواعظ الصادق عليه السّلام
2- 2) -البحار ج 77 ص 52- مجمع البيان ج 9 ص 134(الحجرات:10)

2-الأدب

الأخبار 1-عن أبي هاشم الجعفريّ قال: كنّا عند الرضا عليه السّلام، فتذاكرنا العقل و الأدب فقال: يا أبا هاشم، العقل حباء من اللّه و الأدب كلفة، فمن تكلّف الأدب قدر عليه، و من تكلّف العقل لم يزدد بذلك إلاّ جهلا. (1)

بيان:

«الحباء» : العطيّة. في المرآة، «الأدب» : الطريقة الحسنة في المحاورات و المكاتبات و المعاشرات و ما يتعلّق بمعرفتها و ملكتها كلفة، فهي ممّا يكتسب فيتحمّل بمشقّة، فمن تكلّف الأدب قدر عليه. . .

و في إرشاد القلوب ص 225 ب 49: . . . حقيقة الأدب اجتماع خصال الخير و تجافي خصال الشرّ، و بالأدب يبلغ الرجل مكارم الأخلاق في الدنيا و الآخرة و يصل به إلى الجنّة، و الأدب عند الناس النطق بالمستحسنات لا غير، و هذا ممّا لا يعتدّ به. ما لم يوصل به إلى رضاء اللّه سبحانه و الجنّة، و الأدب هو أدب الشريعة فتأدّبوا بها. . .

أقول: سيأتي في باب الحكمة عن أمير المؤمنين عليه السّلام (في حديث) : و بحسن السياسة

ص:37


1- 1) -الكافي ج 1 ص 18 كتاب العقل ح 18

يكون الأدب الصالح.

2-قال أمير المؤمنين عليه السّلام يا مؤمن، إنّ هذا العلم و الأدب ثمن نفسك فاجتهد في تعلّمهما، فما يزيد من علمك و أدبك يزيد في ثمنك و قدرك، فإنّ بالعلم تهتدي إلى ربّك، و بالأدب تحسن خدمة ربّك، و بأدب الخدمة يستوجب العبد ولايته و قربه، فاقبل النصيحة كي تنجو من العذاب. (1)

3-عن عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السّلام قال: خمس من لم تكن فيه لم يكن فيه كثير مستمتع، قيل: و ما هنّ يابن رسول اللّه؟ قال: الدين و العقل و الحياء و حسن الخلق و حسن الأدب. (2)

4-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لا حسب أبلغ من الأدب. (3)

5-عن يحيى بن عمران قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: لا يطمعنّ ذو الكبر في الثناء الحسن، و لا الخبّ في كثرة الصديق، و لا السيّيء الأدب في الشرف. . . (4)

بيان:

«الخبّ» : الخدّاع؛ و هو الذي يفسد الناس بالخداع و يمكر و يحتال في الأمر.

(مجمع البحرين)

6-عن ابن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: الأدب رياسة. (5)

7-عن أبي الحسن الثالث عن آبائه عليهم السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام:

العلم وراثة كريمة و الآداب حلل حسان، و الفكرة مرآة صافية و الاعتذار منذر

ص:38


1- 1) -البحار ج 1 ص 180 باب 1 من العلم ح 64
2- 2) -البحار ج 75 ص 67 باب الأدب ح 2
3- 3) -البحار ج 75 ص 67 ح 3
4- 4) -البحار ج 75 ص 67 ح 4
5- 5) -البحار ج 75 ص 67 ح 5

ناصح، و كفى بك أدبا لنفسك تركك ما كرهته لغيرك. (1)

بيان:

«الحلّة» : جمع حلل و هي الثوب الساتر لجميع البدن. «الفكرة» : اسم من الافتكار مثل العبرة من الاعتبار. «الاعتذار» إظهار ما يقتضي العذر.

8-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الأدب يغني عن الحسب.

و قال عليه السّلام: الآداب تلقيح الأفهام و نتايج الأذهان.

و قال عليه السّلام: حسن الأدب ينوب عن الحسب. (2)

9-في مواعظ الحسن بن عليّ المجتبى عليهما السّلام: لا أدب لمن لا عقل له، و لا مروّة لمن لا همّة له، و لاحياء لمن لا دين له، و رأس العقل معاشرة الناس بالجميل، و بالعقل تدرك الداران جميعا، و من حرم من العقل حرمهما جميعا. (3)

10-في وصيّة أمير المؤمنين عليه السّلام لكميل رحمه اللّه: يا كميل، إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أدّبه اللّه عزّ و جل و هو أدّبني و أنا اؤدّب المؤمنين و اورّث الأدب المكرمين. (4)

11-عن الصادق عليه السّلام في وصيّة لقمان لابنه: . . . يا بنيّ، إن تأدّبت صغيرا انتفعت به كبيرا، و من عنى بالأدب اهتمّ به و من اهتمّ به تكلّف علمه، و من تكلّف علمه اشتدّ له طلبه، و من اشتدّ له طلبه أدرك منفعته فاتّخذه عادة، فإنّك تخلف في سلفك و تنفع به من خلفك، و يرتجيك فيه راغب، و يخشى صولتك راهب. . . (5)

12-قيل لعيسى عليه السّلام: من أدّبك؟ قال: ما أدّبني أحد، رأيت قبح الجهل

ص:39


1- 1) -البحار ج 75 ص 67 ح 6
2- 2) -البحار ج 75 ص 68 ح 8
3- 3) -البحار ج 78 ص 111
4- 4) -البحار ج 77 ص 269( تحف العقول ص 119)
5- 5) -البحار ج 13 ص 411

فجانبته. (1)

13-عن محمّد بن الحسن الميثميّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول:

إنّ اللّه عزّ و جل أدّب رسوله صلّى اللّه عليه و آله حتّى قوّمه على ما أراد، ثمّ فوّض إليه، فقال عزّ ذكره: ما آتاكُمُ اَلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا (2)فما فوّض اللّه إلى رسوله فقد فوّضه إلينا. (3)

14-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: . . . إذا فاتك الأدب فالزم الصمت. . . (4)

15-قال أبو محمّد العسكريّ عليه السّلام: . . . من تأدّب بآداب اللّه عزّ و جلّ أدّاه إلى الفلاح الدائم، و من استوصى بوصيّة اللّه كان له خير الدارين. (5)

16-نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن الأدب عند الغضب. (6)

17-في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: و إنّما قلب الحدث كالأرض الخالية؛ ما ألقي فيها من شيء قبلته، فبادرتك بالأدب قبل أن يقسو قلبك و يشتغل لبّك. . . (7)

و قال: و لا تكوننّ ممّن لا تنفعه العظة إلاّ إذا بالغت في إيلامه، فإنّ العاقل يتّعظ بالأدب، و البهائم لا تتّعظ إلاّ بالضرب. (8)

ص:40


1- 1) -البحار ج 14 ص 326 ح 45
2- 2) -الحشر:7
3- 3) -البحار ج 17 ص 6 ح 7
4- 4) -البحار ج 71 ص 293 باب السكوت ح 63
5- 5) -البحار ج 92 ص 214 باب آداب القراءة ح 13
6- 6) -البحار ج 79 ص 102 باب التعزير ح 2
7- 7) -نهج البلاغة ص 912 في ر 31
8- 8) -نهج البلاغة ص 935

18-و قال عليه السّلام: لا ميراث كالأدب. (1)

19-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من نصب نفسه للناس إماما فعليه أن يبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره، و ليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه، و معلّم نفسه و مؤدّبها أحقّ بالإجلال من معلّم الناس و مؤدّبهم. (2)

20-و قال عليه السّلام: كفاك أدبا لنفسك اجتناب ما تكرهه من غيرك. (3)

21-قال أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد عليهما السّلام: لا يزال المؤمن يورث أهل بيته العلم و الأدب الصالح حتّى يدخلهم الجنّة جميعا، حتّى لا يفقد فيها منهم صغيرا و لا كبيرا و لا خادما و لا جارا، و لا يزال العبد العاصي يورث أهل بيته الأدب السيّئ حتّى يدخلهم النار جميعا، حتّى لا يفقد فيها منهم صغيرا و لا كبيرا و لا خادما و لا جارا. (4)

22-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: النفس مجبولة على سوء الأدب، و العبد مأمور بملازمة حسن الأدب، و النفس تجري في ميدان المخالفة، و العبد يجهد بردّها عن سوء المطالبة، فمتى أطلق عنانها فهو شريك في فسادها، و من أعان نفسه في هوى نفسه فقد أشرك نفسه في قتل نفسه. (5)

23-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أدّبني ربّي بمكارم الأخلاق. (6)

24-قال أمير المؤمنين عليه السّلام لولده الحسن عليه السّلام: يا بنيّ، أحرز حظّك من الأدب و فرّغ له قلبك فإنّه أعظم من أن يخالطه دنس، و اعلم أنّك إذا افتقرت

ص:41


1- 1) -نهج البلاغة ص 1139 في ح 109-الغرر ج 2 ص 831 ف 86 ح 46
2- 2) -نهج البلاغة ص 1117 ح 70
3- 3) -نهج البلاغة ص 1278 ح 404
4- 4) -المستدرك ج 12 ص 201 ب 8 من الأمر و النهي ح 4
5- 5) -مشكوة الأنوار ص 247 ب 6 ف 1
6- 6) -إرشاد القلوب ص 225 ب 49

عشت به و إن تغرّبت كان لك كالصاحب الذي لا وحشة معه، يا بنيّ، الأدب لقاح العقل و ذكاء القلب و عنوان الفضل.

و اعلم أنّه لا موّدة لأحد بماله و لا حاله بل الأدب عماد الرجل و ترجمان عقله و دليله على مكارم الأخلاق و ما الإنسان لو لا الأدب إلاّ بهيمة مهملة. (1)

25-قال الجواد عليه السّلام: ما اجتمع رجلان إلاّ كان أفضلهما عند اللّه آدبهما، فقيل: يابن رسول اللّه، قد عرفنا فضله عند الناس فما فضله عند اللّه فقال: بقرائة القرآن كما أنزل و يروي حديثنا كما قلنا، و يدعو اللّه مغرما بدعائه به. (2)

26-عن عليّ عليه السّلام قال: عدم الأدب سبب كلّ شرّ. (3)

27-و قال عليه السّلام: غاية الأدب أن يستحيي الإنسان من نفسه. (4)

28-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الأدب أفضل حسب. (الغرر ج 1 ص 14 ف 1 ح 338)

الأدب أحسن سجيّة. (ص 33 ح 1010)

الأدب صورة العقل (ص 34 ح 1038)

الأدب كمال الرجل (ح 1040)

الأدب و الدين نتيجة العقل (ص 63 ح 1672)

الأدب في الإنسان كشجرة أصلها العقل (ص 88 ح 2026)

أفضل الشرف الأدب (ص 177 ف 8 ح 75)

أفضل الأدب حفظ المروّة (ص 182 ح 160)

أفضل الأدب ما بدأت به نفسك (ص 191 ح 294)

ص:42


1- 1) -إرشاد القلوب ص 225 ب 49
2- 2) -إرشاد القلوب ص 225
3- 3) -شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 20 ص 258
4- 4) -شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 20 ص 265

أفضل الأدب أن يقف الإنسان عند حدّه و لا يتعدّي قدره. (ص 200 ح 416)

أحسن الآداب ما كفّك عن المحارم. (ص 206 ح 472)

أكرم حسب حسن الأدب (ص 208 ح 494)

إنّ بذوي العقول من الحاجة إلى الأدب كما يظمأ الزرع إلى المطر.

(ص 224 ف 9 ح 99)

إنّ الناس إلى صالح الأدب أحوج منهم إلى الفضّة و الذهب (ص 242 ح 214)

إنّك مقوّم بأدبك فزيّنه بالحلم (ص 288 ف 13 ح 27)

ثمرة الأدب حسن الخلق. (ص 359 ف 23 ح 17)

حسن الأدب يستر قبح النسب (ص 376 ف 27 ح 11)

خير ما ورّث الآباء الأبناء الأدب (ص 393 ف 29 ح 88)

سبب تزكية الأخلاق حسن الأدب (ص 430 ف 38 ح 11)

ضبط النفس عند الرغب و الرهب من أفضل الأدب. (ص 463 ف 45 ح 38)

طالب الأدب أحزم من طالب الدنيا (ج 2 ص 471 ف 47 ح 24)

طلب الأدب جمال الحسب. (ح 25)

عليك بالأدب فإنّه زين الحسب. (ص 478 ف 49 ح 16)

عقل المرء نظامه و أدبه قوامه و صدقه إمامه و شكره تمامه.

(ص 502 ف 55 ح 51)

كلّ شيء يحتاج إلى العقل و العقل يحتاج إلى الأدب. (ص 548 ف 62 ح 85)

كفى مؤدّبا لنفسك تجنّب ما كرهته لغيرك. (ص 560 ف 65 ح 69)

لن ينجع الأدب حتّى يقارنه العقل. (ص 590 ف 72 ح 10)

من قلّ أدبه كثرت مساويه (ص 634 ف 77 ح 434)

من ساء أدبه شان حسبه (ص 638 ح 502)

ص:43

من كلّف بالأدب قلّت مساويه (ص 645 ح 614)

من استهتر (دل باخته) بالأدب فقد زان نفسه (ص 646 ح 621)

من زاد أدبه على عقله كان كالراعي بين غنم كثيرة (ص 691 ح 1225)

من لم يكن أفضل خلاله أدبه كان أهون أحواله عطبه.

(ص 701 ح 1318)

من لم يصلح على أدب اللّه سبحانه لم يصلح على أدب نفسه.

(ص 703 ح 1339)

لا حسب كالأدب-لا زينة كالآداب (ص 830 ف 86 ح 28 و 32)

لا حلل كالآداب (ص 831 ح 57)

لا أدب مع غضب-لا شرف مع سوء أدب (ص 833 ح 96 و 97)

لا أدب لسيّئ النطق (ص 837 ح 160)

لا حسب أرفع من الأدب (ص 838 ح 180)

لا عقل لمن لا أدب له (ص 846 ح 333)

ص:44

3- الأكل

اشارة

فيه فصلان:

الفصل الأوّل

آداب الأكل

الأخبار

1-عن الأصبغ بن نباتة قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام للحسن عليه السّلام:

ألا اعلّمك أربع خصال، تستغني بها عن الطبّ؟ قال: بلى، قال: لا تجلس على الطعام إلاّ و أنت جائع، و لا تقم عن الطعام إلاّ و أنت تشتهيه، وجوّد المضغ، و إذا نمت فاعرض نفسك على الخلاء، فإذا استعملت هذا استغنيت عن الطبّ. (1)

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عن أبي ذرّ رحمه اللّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أطولكم جشاء في الدنيا أطولكم جوعا يوم القيامة (2).

ص:45


1- 1) -الوسائل ج 24 ص 245 ب 2 من آداب المائدة ح 8
2- 2) -الوسائل ج 24 ص 246 باب 3 ح 1

أقول:

في ح 2 و 4: «إذا تجشّأتم فلا ترفعوا جشاءكم إلى السماء» .

بيان: «الجشاء» : يقال بالفارسيّة: آروغ زدن.

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كلّ داء من التخمة إلاّ الحمّى فإنّها ترد ورودا. (1)

بيان:

«التخمة» تخم: ثقل عليه الأكل، و قال بعض: أن يفسد الطعام في المعدة و يستحيل إلى كيفية غير صالحة. و في لسان العرب: و أمّا التخمة من الطعام فأصلها و خمة، يقال: و خم الطعام إذا ثقل فلم يستمرأ.

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما أكل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله متّكئا منذ بعثه اللّه إلى أن قبضه تواضعا للّه عزّ و جلّ. . . (2)

5-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يأكل أكل العبد، و يجلس جلسة العبد، و يعلم أنّه عبد. (3)

بيان:

في البحار ج 66 ص 417، «جلسة العبد» : الجثوّ على الركبتين (بزانو نشستن) ، و قال بعض علماء العامّة بعد بيان كراهة الاتّكاء: فالمستحبّ في صفة الجلوس للأكل أن يكون جاثيا على ركبتيه و ظهور قدميه، أو ينصب الرجل اليمنى و يجلس على اليسرى.

6-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام:

إذا جلس أحدكم على الطعام فليجلس جلسة العبد، و لا يضعنّ إحدى رجليه

ص:46


1- 1) -الوسائل ج 24 ص 247 ب 4 ح 1
2- 2) -الوسائل ج 24 ص 249 ب 6 ح 1
3- 3) -الوسائل ج 24 ص 254 ب 8 ح 1

على الأخرى، و يتربّع، فإنّها جلسة يبغضها اللّه، و يمقت صاحبها. (1)

7-عن سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن الرجل يأكل بشماله، و يشرب بها؟ قال: لا يأكل بشماله، و لا يشرب بشماله، و لا يتناول بها شيئا. (2)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة. نعم في ح 5 عنه عليه السّلام قال: «شيئان يؤكلان باليدين جميعا:

العنب و الرمّان» .

8-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا تأكل و أنت تمشي، إلاّ أن تضطرّ إلى ذلك. (3)

أقول:

الأخبار في الأكل ماشيا مختلفة، و الجمع بينها يقتضي الحكم بالكراهة، إلاّ مع الضرورة، كما في هذا الحديث.

9-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الطعام إذا جمع ثلاث خصال فقد تمّ: إذا كان من حلال، و كثرت الأيدي عليه، و سمّى في أوّله، و حمد اللّه في آخره. (4)

10-عن نادر الخادم قال: كان أبو الحسن عليه السّلام إذا أكل أحدنا لا يستحدثه حتّى يفرغ من طعامه. (5)

11-عن أبي ذرّ عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في وصيّة له قال: يا أباذرّ، لا تصاحب إلاّ مؤمنا، و لا يأكل طعامك إلاّ تقيّ، و لا تأكل طعام الفاسقين.

ص:47


1- 1) -الوسائل ج 24 ص 257 ب 9 ح 2
2- 2) -الوسائل ج 24 ص 258 ب 10 ح 1
3- 3) -الوسائل ج 24 ص 261 ب 11 ح 1
4- 4) -الوسائل ج 24 ص 262 ب 12 ح 2
5- 5) -الوسائل ج 24 ص 267 ب 14 ح 3

يا أباذرّ، أطعم طعامك من تحبّه في اللّه، و كل طعام من يحبّك في اللّه. (1)

12-عن ابن أخي شهاب قال: شكوت إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام ما ألقى من الأوجاع و التخم، فقال لي: تغدّ و تعشّ و لا تأكل بينهما شيئا، فإنّ فيه فساد البدن، أما سمعت اللّه تبارك و تعالى يقول: لَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَ عَشِيًّا (2)؟ ! (3)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر.

بيان: يقال: «تغدّى» : أي أكل أوّل النهار و «تعشّى» أي أكل عند العشاء.

13-عن هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال: أوّل خراب البدن ترك العشاء. (4)

14-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من ترك العشاء نقصت منه قوّة، و لا تعود إليه. (5)

أقول:

بهذا المضمون أخبار كثيرة، و في ح 9: «ترك العشاء مرمة» .

و في بعضها: «لا تدعو العشاء و لو على التمر اليابس الفاسد» و يكره ترك العشاء خصوصا للكهل و الشيخ.

15-عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: يا عليّ، إنّ الوضوء قبل الطعام و بعده شفاء في الجسد، و يمن

ص:48


1- 1) -الوسائل ج 24 ص 274 ب 19 ح 4
2- 2) -مريم:62
3- 3) -الوسائل ج 24 ص 327 ب 45 ح 1
4- 4) -الوسائل ج 24 ص 328 ب 46 ح 1
5- 5) -الوسائل ج 24 ص 331 ب 46 ح 11

في الرزق. (1)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة، في ح 4: «الوضوء في أوّله ينفي الفقر، و في آخره ينفي الهمّ» و في ح 10: «فإنّه ينفي الفقر و يزيد في العمر» و في بعضها: «رأيت أبا الحسن عليه السّلام إذا توضّأ قبل الطعام لم يمسّ المنديل، و إذا توضّأ بعد الطعام مسّ المنديل» .

بيان: «الوضوء» : غسل اليدين كما ورد في الأخبار أيضا.

16-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من ذكر اسم اللّه على الطعام لم يسأل عن نعيم ذلك أبدا. (2)

17-عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام:

اذكروا اللّه على الطعام، و لا تلغطوا، فإنّه نعمة من نعم اللّه، و رزق من رزقه، يجب عليكم فيه شكره و ذكره و حمده. (3)

بيان:

«لا تلغطوا» : في الخصال بدلها: "و لا تطغوا فيه"و الطغيان: تجاوز الحدّ.

18-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا وضعت المائدة حفّتها أربعة آلاف ملك، فإذا قال العبد: بسم اللّه، قالت الملائكة: بارك اللّه عليكم في طعامكم، ثمّ يقولون للشيطان: اخرج يا فاسق، لا سلطان لك عليهم، فإذا فرغوا، فقالوا: الحمد للّه، قالت الملائكة: قوم أنعم اللّه عليهم فأدّوا شكر ربّهم.

و إذا لم يسمّوا قالت الملائكة للشيطان: ادن يا فاسق، فكل معهم، فإذا رفعت المائدة، و لم يذكروا اسم اللّه عليها، قالت الملائكة: قوم أنعم اللّه عليهم، فنسوا

ص:49


1- 1) -الوسائل ج 24 ص 337 ب 49 ح 8
2- 2) -الوسائل ج 24 ص 349 ب 56 ح 4
3- 3) -الوسائل ج 24 ص 350 ح 6- الخصال ج 2 ص 616(في ح الأربعمأة)

ربّهم. (1)

19-عن داود بن فرقد، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (في حديث التسمية على الطعام) قال: قلت: فإن نسيت أن اسمّي؟ قال: تقول: بسم اللّه على أوّله و آخره. (2)

20-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ضمنت لمن سمّى على طعام أن لا يشتكي منه، فقال ابن الكواء: يا أمير المؤمنين، لقد أكلت البارحة طعاما فسمّيت عليه فآذانى. قال: فلعلّك أكلت ألوانا، فسمّيت على بعضها و لم تسمّ على بعض، يالكع! (3)

بيان:

«ابن الكوا» : هو عبد اللّه بن الكواء، خارجي ملعون فعليه لعنة اللّه. «اللكع» :

اللئيم و الأحمق.

21-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (في حديث) قال: و يأكل كلّ إنسان ممّا يليه، و لا يتناول من قدّام الآخر شيئا. (4)

22-عن البزنطي عن الرضا عليه السّلام قال: إذا أكلت فاستلق على قفاك، وضع رجلك اليمنى على اليسرى. (5)

بيان:

«فاستلق. . .» أي نم على قفاك.

23-عن الفضل بن يونس قال: تغدّى عندي أبو الحسن عليه السّلام، فجيء بقصعة و تحتها خبز، فقال: أكرموا الخبز أن يكون تحتها، و قال لي: مر الغلام

ص:50


1- 1) -الوسائل ج 24 ص 351 ب 57 ح 1
2- 2) -الوسائل ج 24 ص 356 ب 58 ح 1
3- 3) -الوسائل ج 24 ص 362 ب 61 ح 3
4- 4) -الوسائل ج 24 ص 369 ب 66 ح 2
5- 5) -الوسائل ج 24 ص 376 ب 74 ح 1

أن يخرج الرغيف من تحت القصعة. (1)

أقول:

الأخبار في إكرام الخبز كثيرة. في بعضها أخبر عن عذاب الأمم السابقة لترك إكرام الخبز و إهانته. و في بعضها: «لا تقطعوا الخبز بالسكّين» ، و في بعضها: «من إكرام الخبز، إذا وضع الخبز أن لا ينتظر به غيره» .

24-سئل أبو الحسن عليه السّلام عن السفلة؟ فقال: الذي يأكل في الأسواق. (2)

25-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الطعام الحارّ غير ذي بركة. (3)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر، و زاد في ح 8: «و للشيطان فيه نصيب» . و في ح 9 عنه عليه السّلام:

«نهينا عن أكل النار، كفّوا، فإنّ البركة في برده» .

26-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (في حديث المناهي) قال:

و نهى أن ينفخ في طعام أو شراب، و أن ينفخ في موضع السجود. (4)

27-عن أبي حمزة قال: سمعت عليّ بن الحسين عليه السّلام يقول: لا تنهكوا العظام، فإنّ للجنّ فيها نصيبا، فإن فعلتم ذهب من البيت ما هو خير من ذلك. (5)

بيان:

«لا تنهكوا» في مجمع البحرين (نهك) : أي لا تبالغوا في أكلها من قولهم: نهكت من الطعام: بالغت في أكله.

28-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام: افتتح

ص:51


1- 1) -الوسائل ج 24 ص 390 ب 81 ح 2
2- 2) -الوسائل ج 24 ص 395 ب 87 ح 1
3- 3) -الوسائل ج 24 ص 398 ب 91 ح 1
4- 4) -الوسائل ج 24 ص 401 ب 92 ح 1
5- 5) -الوسائل ج 24 ص 402 ب 94 ح 1

طعامك بالملح، و اختم به، فإنّ من افتتح طعامه بالملح، و ختم به عوفي من اثنين و سبعين نوعا من أنواع البلاء، منه: الجنون و الجذام و البرص. (1)

أقول:

و قال صلّى اللّه عليه و آله في ح 7: «فإنّ فيه شفاء من اثنين و سبعين داء» .

و قال صلّى اللّه عليه و آله في ح 12: «فإنّ فيه شفاء من سبعين داء، منها: الجنون و الجذام و البرص و وجع الحلق و الأضراس و وجع البطن» .

29-عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام:

ابدءوا بالملح في أوّل طعامكم، فلو يعلم الناس ما في الملح لاختاروه على الدرياق (الترياق ف ن) المجرّب. (2)

بيان:

في مجمع البحرين، الترياق: ما يستعمل لدفع السمّ من الأدوية و المعاجين و يقال:

"الدرياق".

30-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: أوحى اللّه تبارك و تعالى إلى موسى بن عمران عليه السّلام: أن مر قومك يفتتحون بالملح، و يختتمون به، و إلاّ فلا يلوموا إلاّ أنفسهم. (3)

31-عن محمّد بن عليّ الهمداني: أنّ رجلا كان عند الرضا عليه السّلام بخراسان، فقدمت اليه مائدة عليها خلّ و ملح، فافتتح بالخلّ، قال الرجل: جعلت فداك، أمرتمونا أن نفتتح بالملح، فقال: هذا مثله-يعني الخلّ-و أنّ الخلّ يشدّ الذهن، و يزيد في العقل. (4)

ص:52


1- 1) -الوسائل ج 24 ص 403 ب 95 ح 1
2- 2) -الوسائل ج 24 ص 403 ح 3
3- 3) -الوسائل ج 24 ص 404 ح 6
4- 4) -الوسائل ج 24 ص 407 ب 96 ح 2

32-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام في وصيّة النبىّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام قال:

يا عليّ، اثنتا عشرة خصلة ينبغي للرجل المسلم أن يتعلّمها على المائدة: أربع منها فريضة، و أربع منها سنّة، و أربع منها أدب.

فأمّا الفريضة: فالمعرفة بما يأكل، و التسمية، و الشكر، و الرضا.

و أمّا السنّة: فالجلوس على الرجل اليسرى، و الأكل بثلاث أصابع، و أن يأكل ممّا يليه، و مصّ الأصابع.

و أمّا الأدب: فتصغير اللقمة، و المضغ الشديد، و قلّة النظر في وجوه الناس، و غسل اليدين. (1)

بيان:

«مص الأصابع» في خبر آخر: "لعق الأصابع".

33-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: من أراد أن لا يضرّه طعام فلا يأكل طعاما حتّى يجوع و تنقي معدته، فإذا أكل فليسمّ اللّه و ليجد المضغ، و ليكفّ عن الطعام و هو يشتهيه و يحتاج إليه. (2)

34-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كفر بالنعم أن يقول الرجل: أكلت طعام كذا و كذا، فضرّني. (3)

35-في وصيّة أمير المؤمنين عليه السّلام لكميل رحمه اللّه: يا كميل، إذا أكلت الطعام فسمّ باسم الذي لا يضرّ مع اسمه داء و فيه شفاء من كلّ الأسواء.

يا كميل، و آكل الطعام و لا تبخل عليه، فإنّك لن ترزق الناس شيئا، و اللّه يجزل لك الثواب بذلك، أحسن عليه خلقك، و ابسط جليسك، و لاتتّهم خادمك.

يا كميل، إذا أكلت فطوّل أكلك ليستوفي من معك و يرزق منه غيرك.

ص:53


1- 1) -الوسائل ج 24 ص 432 ب 112 ح 2
2- 2) -الوسائل ج 24 ص 431 ح 4
3- 3) -الوسائل ج 24 ص 431 ح 7

يا كميل، إذا استوفيت طعامك فاحمد اللّه على ما رزقك و ارفع بذلك صوتك يحمده سواك فيعظم بذلك أجرك.

يا كميل، لا توقرنّ معدتك طعاما ودع فيها للماء موضعا و للريح مجالا، و لا ترفع يدك من الطعام إلاّ و أنت تشتهيه، فإن فعلت ذلك فأنت تستمرئه، فإنّ صحّة الجسم من قلّة الطعام و قلّة الماء. (1)

بيان:

«لا توقرنّ معدتك» أي لا تثقل معدتك بكثرة الطعام.

36-في مواعظ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: من أكل ما يشتهي و لبس ما يشتهي و ركب ما يشتهي، لم ينظر اللّه اليه حتّى ينزع أو يترك. (2)

أقول:

و في الحديث: من أكل طعاما للشهوة، حرّم اللّه على قلبه الحكمة.

(التحصين لابن فهد رحمه اللّه ص 6 ح 4)

37-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: الأكل مع الخدّام من التواضع، فمن أكل معهم اشتاقت إليه الجنّة. (3)

38-و قال صلّى اللّه عليه و آله: الأكل في السوق من الدناءة. (4)

39-و قال صلّى اللّه عليه و آله: المؤمن يأكل بشهوة أهله، و المنافق يأكل أهله بشهوته. (5)

ص:54


1- 1) -تحف العقول ص 119
2- 2) -تحف العقول ص 33
3- 3) -البحار ج 62 ص 291 باب نادر في طبّ النبي ّ صلّى اللّه عليه و آله
4- 4) -البحار ج 62 ص 291
5- 5) -البحار ج 62 ص 291

40-و قال صلّى اللّه عليه و آله: طعام الجواد دواء، و طعام البخيل داء. (1)

41-في مناهي النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أنّه نهى عن الأكل على الجنابة و قال: إنّه يورث الفقر، و نهى أن يأكل الإنسان بشماله و أن يأكل و هو متّكىء. (2)

42-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: اخلعوا نعالكم عند الطعام فإنّه سنّة جميلة، و أروح للقدمين. (3)

43-عن عبد اللّه بن سنان قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: في سؤر المؤمن شفاء من سبعين داء. (4)

أقول:

ذكرنا أهمّ الأخبار في هذا الفصل، و سيأتي ما يناسب المقام في أبواب الطعام، الحرام، . . .

ص:55


1- 1) -البحار ج 62 ص 291
2- 2) -البحار ج 66 ص 385 باب منع الأكل باليسار ح 2
3- 3) -البحار ج 66 ص 419 باب جوامع آداب الأكل ح 29
4- 4) -البحار ج 66 ص 434 باب فضل سؤر المؤمن ح 2-و مثله في الاختصاص عن أمير المؤمنين عليه السّلام

الفصل الثانيّ

ذمّ كثرة الأكل و مدح الجوع

1-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال: قال لي: يا أبا محمّد، إنّ البطن ليطغى من أكله، و أقرب ما يكون العبد من اللّه إذا خفّ بطنه، و أبغض ما يكون العبد من اللّه إذا امتلأ بطنه. (1)

بيان:

قال النراقي رحمه اللّه في جامع السعادات ج 2 ص 6: الأخبار الواردة بهذه المضامين كثيرة، و لا ريب في أنّ أكثر الأمراض و الأسقام تترتب على كثرة الأكل. . . و البطن منبت الأدواء و الآفات و ينبوع الشهوات، إذ تتبعها شهوة الفرج شدّة السبق إلى المنكوحات، و تتبع شهوة المطعم و المنكح شدّة الرغبة في الجاه و المال، ليتوسّل بهما إلى التوسّع في المطعومات و المنكوحات، و يتبع ذلك أنواع الرعونات، و ضروب المحاسدات و المنافسات، و تتولّد من ذلك آفة الرياء، و غائلة التفاخر و التكاثر و العجب و الكبر، و يداعي ذلك إلى الحقد و العداوة و البغضاء، و يفضي ذلك بصاحبه إلى اقتحام البغي و المنكر و الفحشاء، و كلّ ذلك ثمرة إهمال المعدة و ما يتولّد من بطر الشبع و الامتلاء. . .

و قال رحمه اللّه في ص 8: ثمّ للجوع فوائد: هي صفاء القلب و رقّته، و اتقاد الذهن و حدّته

ص:56


1- 1) -الوسائل ج 24 ص 239 ب 1 من آداب المائدة ح 1

و الالتذاذ بالمناجاة و الطاعة، و الابتهاج بالذكر و العبادة، و الترحّم لأرباب الفقر و الفاقة، و التذكّر بجوع يوم القيامة، و الانكسار المانع عن الطغيان و الغفلة، و تيسّر المواظبة على الطاعة و العبادة، و كسر شهوات المعاصي المستولية بالشبع، و دفع النوم الذي يضيع العمر و يكلّ الطبع و يفوّت القيام و التهجّد و التمكّن من الإيثار و التصدّق بالزائد و خفّة المؤنة الموجبة للفراغ عن الاهتمام بالتحصيل و الاعداد، و صحّة البدن و دفع الأمراض، إذ المعدة بيت كلّ داء و الحمية رأس كلّ دواء، و ورد: «كلوا في بعض بطونكم تصحّوا» و أضداد هذه الفوائد من المفاسد يترتّب على الشبع. . .

أقول: لا يخفى أنّ احتياج الناس إلى الأكل مختلف باختلافهم من حيث الكمّ و الكيف فلذا قد يكون الإفراط بالنسبة إلى شخص، تفريطا بالنسبة إلى شخص آخر و بالعكس. و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «اعط كلّ بدن ما عوّدته» .

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: بئس العون على الدين قلب نخيب و بطن رغيب، و نعظ شديد. (1)

بيان:

في النهاية ج 5 ص 31، «النخيب» : الجبان الذي لا فؤاد له و قيل: الفاسد الفعل (العقل ب) «الرغيب» الواسع الجوف من الناس و غيرهم، و يكنّى به عن كثرة الأكل و في القاموس: الرغب بالضمّ و بضمّتين: كثرة الأكل و شدّة النهم فهو رغيب.

«نعظ» نعظ ذكره نعظا، إذا قام، و انعظ الرجل، إذا اشتهى إلى الجماع، و الإنعاظ:

الشبق.

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ اللّه يبغض كثرة الأكل.

و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ليس بدّ لابن آدم من أكلة يقيم بها صلبه، فإذا أكل

ص:57


1- -الوسائل ج 24 ص 240 ح 4

أحدكم طعاما فليجعل ثلث بطنه للطعام، و ثلث بطنه للشراب، و ثلث بطنه للنفس، و لا تسمّنوا تسمّن الخنازير للذبح. (1)

4-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: المؤمن يأكل في معاء واحدة، و المنافق يأكل في سبعة أمعاء. (2)

بيان:

رواه غير واحد، و ذكر في البحار ج 66 ص 325 وجوها في معنى الحديث.

و لعلّه كناية عن كثرة أكل المنافق، و قلّة أكل المؤمن، حيث إنّ المؤمن يقنع من مطعمه بمقدار ما يسدّ به الجوع، و يمسك الرمق، دون المآكل التي يقصد بها وجه اللذّة فكأنّه يأكل في معاء واحد، بخلاف المنافق فهو عبد اللذّة، و كادح في طاعة شهوته. و يحتمل أن يكون المراد أنّ المؤمن يأكل أكلة واحدة من لون واحد دون الألوان، و المنافق يأكل من الألوان المختلفة، و الفرق بينهما أنّ المراد بالأوّل من حيث كميّة الأكل و الثاني من حيث الكيفيّة، و الأظهر كلاهما حيث إنّ المؤمن يأكل قليلا كمّا و كيفا دون المنافق و الكافر.

5-عن عمرو بن إبراهيم قال: سمعت أبا الحسن عليه السّلام يقول: لو أنّ الناس قصدوا في الطّعم لاعتدلت (في الطعام لاستقامت م) أبدانهم. (3)

بيان:

«قصدوا» أي في الكمّ و الكيف معا.

6-عن حفص بن غياث عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ظهر إبليس ليحيى بن زكريّا عليه السّلام، و إذا عليه معاليق من كلّ شيء، فقال له يحيى: ما هذه المعاليق؟ فقال:

هذه الشهوات التي اصيب بها ابن آدم، فقال: هل لي منها شيء؟ فقال: ربّما

ص:58


1- -الوسائل ج 24 ص 240 ح 5
2- الوسائل ج 24 ص 240 ح 6
3- الوسائل ج 24 ص 241 ح 7

شبعت فشغلناك عن الصلاة و الذكر، قال: للّه عليّ أن لا أملأ بطني من طعام أبدا، و قال إبليس: للّه عليّ أن لا أنصح مسلما أبدا.

ثمّ قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا حفص، للّه على جعفر و آل جعفر أن لا يملأوا بطونهم من طعام أبدا، و للّه على جعفر و آل جعفر أن لا يعملوا للدنيا أبدا. (1)

بيان:

«المعلاق» ج معاليق: كلّ ما يعلّق به.

7-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ البطن إذا شبع طغى. (2)

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الأكل على الشبع يورث البرص. (3)

9-قام عيسى بن مريم خطيبا، فقال: يا بني إسرائيل، لا تأكلوا حتّى تجوعوا، و إذا جعتم فكلوا، و لا تشبعوا، فإنّكم إذا شبعتم غلظت رقابكم، و سمنت جنوبكم، و نسيتم ربّكم. (4)

10-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: نور الحكمة الجوع، و التباعد من اللّه الشبع، و القربة إلى اللّه حبّ المساكين و الدنوّ منهم.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: لا تميتوا القلوب بكثرة الطعام و الشراب، فإنّ القلوب تموت كالزروع إذا كثر عليها الماء.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: لا تشبعوا فتطفئ نور المعرفة من قلوبكم، و من بات يصلّي في خفّة من الطعام بات الحور العين حوله. (5)

11-عن عقبة بن عامر قال: سمعت سلمان رحمه اللّه و قد اكره على طعام، فقال:

ص:59


1- -الوسائل ج 24 ص 241 ح 8
2- الوسائل ج 24 ص 242 ح 11
3- الوسائل ج 24 ص 243 ب 2 ح 3
4- الوسائل ج 24 ص 245 ح 10
5- البحار ج 66 ص 331 باب ذمّ كثرة الأكل ح 7

حسبي، إنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: إنّ أكثر الناس شبعا في الدنيا أكثرهم جوعا في الآخرة، يا سلمان، إنّما الدنيا سجن المؤمن و جنّة الكافر. (1)

12-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إيّاكم و البطنة، فإنّها مفسدة للبدن و مورثة للسقم و مكسلة عن العبادة.

و روي: من قلّ طعامه صحّ بدنه و صفا قلبه، و من كثر طعمه سقم بدنه و قسا قلبه. (2)

بيان:

«البطنة» : الامتلاء المفرط من الأكل.

13-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أمّتي على ثلاثة أصناف: صنف يشبّهون بالأنبياء و صنف يشبّهون بالملائكة و صنف يشبّهون بالبهائم. أمّا الذين يشبّهون بالأنبياء فهمّتهم الصلوة (و الصدقة) و الزكوة، و أمّا الذين يشبّهون بالملائكة فهمّتهم التسبيح و التهليل و التكبير، و أمّا الذين يشبّهون بالبهائم فهمّتهم الأكل و الشرب و النوم. (3)

14-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من كان همّته ما يدخل بطنه كان قيمته ما يخرج من بطنه. (4)

15-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: قال اللّه تعالى: إنّي وضعت خمسة أشياء في خمسة و الناس يطلبونها في خمسة اخرى فمتى يجدونها؟ إنّي وضعت العزّ في طاعتي و الناس يطلبونها في أبواب السلاطين فمتى يجدونه، و وضعت العلم و الحكمة في الجوع و الناس يطلبونها فى الشبع فمتى يجدونه، و وضعت الراحة في الجنّة

ص:60


1- -البحار ج 66 ص 333 ح 13
2- البحار ج 66 ص 338 ح 35
3- مجموعة الأخبار ص 129 ب 81(الاثنى عشرية ص 93 ب 3 ف 5)
4- مجموعة الأخبار ص 130

و الناس يطلبونها فى الدنيا فمتى يجدونها، و وضعت الغنا في القناعة و الناس يطلبونه بجمع المال فمتى يجدونه، و وضعت رضاي في مخالفة الهوى و الناس يطلبونه فى الهوى فمتى يجدونه. (1)

16-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، خمسة تميت القلب: كثرة الأكل و كثرة النوم و كثرة الضحك و كثرة همّ القلب، و أكل الحرام يطرد الإيمان. (2)

17-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إيّاكم و فضول المطعم فإنّه يسمّ القلب بالقسوة و يبطىء بالجوارح من الطاعة و يصمّم الهمم عن سماع الموعظة، و إيّاكم و فضول النظر، فإنّه يبذر الهوى و يولد الغفلة. (3)

18-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إيّاك أن تأكل ما لا تشتهيه فإنّه يورث الحماقة و البله. (4)

19-قال لقمان لابنه: يا بنىّ، إذا امتلئت المعدة نامت الفكرة و خرست الحكمة و قعدت الأعضاء عن العبادة. (5)

20-قال عيسى عليه السّلام لأصحابه: جوعوا لعلّ قلوبكم ترى ربّكم. (6)

21-عن زيد بن ربيع قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يشدّ على بطنه الحجر من الغرث يعني الجوع. . . (7)

22-قال أبو جعفر عليه السّلام: ما من شيء أبغض إلى اللّه من بطن مملوء.

ص:61


1- -مجموعة الأخبار ص 130
2- مجموعة الأخبار ص 131-الاثنى عشرية ص 203 ب 5 ف 3
3- مجموعة الأخبار ص 131(البحار ج 72 ص 199)
4- مجموعة الأخبار ص 131
5- مجموعة الأخبار ص 131
6- مجموعة الأخبار ص 132
7- سفينة البحار ج 1 ص 195( جوع)

و قال عليه السّلام: أبعد الخلق من اللّه، إذا ما امتلأ بطنه. (1)

23-قال جعفر بن محمّد عليهما السّلام: فساد الجسد في كثرة الطعام، و فساد الزرع في كسب الآثام، و فساد المعرفة في ترك الصلوة على خير الأنام. (2)

24-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لاسامة (في خبر طويل) : و اعلم يا أسامة، إنّ أكثر الناس عند اللّه منزلة يوم القيامة، و أجزلهم ثوابا، و أكرمهم مآبا، من طال في الدنيا حزنه، و دام فيها غمّه، و كثر فيها جوعه و عطشه، أولئك الأبرار الأتقياء الأخيار. (3)

بيان:

«حزنه» أي حزن لأمر الآخرة.

25-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا تشبعوا فيطفأ نور المعرفة من قلوبكم. (4)

26-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ الشيطان ليجري من ابن آدم مجرى الدم، فضيّقوا مجاريه بالجوع. (5)

27-. . . قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من قلّ أكله قلّ حسابه. (6)

28-في كلام عليّ بن الحسين عليهما السّلام في الزهد قال: . . . و إنّ العاقل عن اللّه، الخائف منه، العامل له ليمرّن نفسه و يعودّها الجوع حتّى ما تشتاق إلى الشبع، و كذلك تضمّر الخيل لسباق الرهان. . . (7)

ص:62


1- -المستدرك ج 16 ص 209 ب 1 من آداب المائدة ح 3
2- المستدرك ج 16 ص 213 ح 17
3- المستدرك ج 16 ص 218 ب 2 ح 11
4- المستدرك ج 16 ص 218 ح 12
5- المستدرك ج 16 ص 220 ح 16
6- المستدرك ج 16 ص 221 ح 17
7- تحف العقول ص 196

بيان:

«تضمّر الخيل» : تضمير الفرس و إضماره: أن تعلفه حتّى يسمن ثمّ لا تعلف إلاّ قوتا لسباق الرهان و ذلك في أربعين يوما.

29-في خبر المعراج قال اللّه تعالى: يا أحمد، و عزّتي و جلالي ما من عبد ضمن لي بأربع خصال إلاّ أدخلته الجنّة: يطوي لسانه فلا يفتحه إلاّ بما يعنيه، و يحفظ قلبه من الوسواس، و يحفظ علمي و نظري إليه، و يكون قرّة عينه الجوع.

يا أحمد، لو ذقت حلاوة الجوع و الصمت و الخلوة، و ماورثوا منها، قال:

يا ربّ، ما ميراث الجوع؟ قال: الحكمة و حفظ القلب و التقرّب إليّ و الحزن الدائم و خفّة المؤنة بين الناس و قول الحقّ و لا يبالي عاش بيسر أم بعسر.

يا أحمد، هل تدري بأىّ وقت يتقرب العبد إليّ؟ قال: لا يا ربّ، قال: إذا كان جائعا أو ساجدا. . . (1)

يا أحمد، إنّ العبد إذا جاع بطنه و حفظ لسانه علّمته الحكمة، و إن كان كافرا تكون حكمته حجّة عليه و وبالا، و إن كان مؤمنا تكون حكمته له نورا و برهانا و شفاء و رحمة فيعلم ما لم يكن يعلم و يبصر ما لم يكن يبصر، فأوّل ما أبصره عيوب نفسه حتّى يشتغل بها عن عيوب غيره و أبصره دقائق العلم حتّى لا يدخل عليه الشيطان. (2)

30-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لا يدخل ملكوت السموات من ملأ بطنه. (3)

أقول:

في تنبيه الخواطر ص 108: ملكوت السموات و الأرض.

31-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: البسوا و كلوا و اشربوا في أنصاف البطون فإنّه جزء

ص:63


1- -إرشاد القلوب ص 278 ب 54
2- إرشاد القلوب ص 285 ب 54
3- جامع السعادات ج 2 ص 5

من النبوّة. (1)

32-قال الصادق عليه السّلام: قلّة الأكل محمود في كلّ حال و عند كلّ قوم لأنّ فيه مصلحة للظاهر و الباطن، و المحمود من المأكولات أربعة: ضرورة وعدّة و فتوح و قوّة، فالأكل الضروري للأصفياء، و العدّة لقوام الأتقياء، و الفتوح للمتوكّلين، و القوّة للمؤمنين، و ليس شيء أضرّ لقلب المؤمنين من كثرته فيورث شيئين: قسوة القلب و هيجان الشهوة، و الجوع إدام للمؤمنين و غذاء للروح و طعام للقلب و صحّة للبدن.

قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ما ملأ ابن آدم وعاء أشرّ من بطنه.

و قال داود عليه السّلام: ترك لقمة مع الضرورة إليها أحبّ إليّ من قيام عشرين ليلة.

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: المؤمن يأكل في معا واحد و المنافق في سبعة أمعاء.

و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ويل للناس من القبقبين، قيل: و ما هما يا رسول اللّه؟ قال:

البطن و الفرج.

قال عيسى بن مريم عليه السّلام: ما أمرض قلب بأشدّ من القسوة و ما اعتلّت نفس بأصعب من نقص (بغض ف ن) الجوع و هما زمامان للطرد و الخذلان. (2)

بيان:

«الضرورة للأصفياء» في البحار: لعلّ المراد بالضرورة أن لا يتصرّف من القوت إلاّ بقدر الضرورة عند الاضطرار، و هذه طريقة الأصفياء.

«و العدّة لقوام الأتقياء» : أي لقوام بدنهم في طاعة اللّه و ترك معصيته، و في البحار.

و العدّة: هو أن يدّخر عدّة للفقراء و الضعفاء، و هذا شأن القوّام بأمور الخلق الأتقياء، فإنّهم لا يخونون فيها بل يصرفونها في مصارفها.

ص:64


1- -تنبيه الخواطر ج 1 ص 108
2- مصباح الشريعة ص 27 ب 41

«الفتوح للمتوكّلين» : لعلّ المعنى أنّه ليس للمتوكّل من حطام الدنيا شيء، يتوكّل على اللّه و ينتظر ما يفتح اللّه له و ما يرزقه. و في البحار: و الفتوح و هو أن لا يدّخر شيئا و ينتظر ما يفتح اللّه له فينفقه، قليلا كان أو كثيرا، و هذا ديدن المتوكّلين.

«القوة للمؤمنين» : أي يحصل ما يقوّيهم على الطاعات و في بعض النسخ: "و قوت"، و في البحار، المراد بالقوت أن يدّخر قوت السنة و لا يزيد عليه و هذا مجوّز للمؤمنين كما ورد في الأخبار.

«للطرد و الخذلان» : أي من جناب الحقّ تعالى. (البحار ج 66 ص 338)

33-عن عليّ عليه السّلام قال: ينبغي للعاقل أن يتذكّر عند حلاوة الغذاء مرارة الدواء. (1)

34-عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال:

البطنة تمنع الفطنة (الغرر ج 1 ص 16 ف 1 ح 400)

الشبع يفسد الورع (ص 24 ح 710)

التجوّع أدوء الدواء-الشبع يكثر الأدواء (ص 31 ح 953 و 954)

إدمان الشبع يورث أنواع الوجع (ص 50 ح 1408)

أقلل طعاما تقلل سقاما، أقلل كلامك تأمن ملاما. (ص 114 ف 2 ح 113)

إيّاك و البطنة فمن لزمها كثرت أسقامه و فسدت أحلامه. (ص 147 ف 5 ح 9)

إيّاك و إدمان الشبع فإنّه يهيّج الأسقام و يثير العلل. (ص 151 ح 51)

إيّاكم و البطنة فإنّها مقساة للقلب و مكسلة عن الصلاة و مفسدة للجسد.

(ص 159 ح 111)

أمقت العباد إلى اللّه سبحانه من كان همّته بطنه و فرجه.

(ص 205 ف 8 ح 468)

ص:65


1- -شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 20 ص 272

إذا أراد اللّه سبحانه صلاح عبده ألهمه قلّة الكلام، و قلّة الطعام، و قلّة المنام.

(ص 320 ف 17 ح 143)

إذا ملئ البطن من المباح عمي القلب عن الصلاح. (ص 323 ح 165)

بئس قرين الورع، الشبع. (ص 341 ف 20 ح 25)

قلّة الأكل من العفاف و كثرته من الإسراف. (ج 2 ص 536 ف 61 ح 35)

قلّ من أكثر من الطعام فلم يسقم. (ح 37)

قلّة الأكل تمنع كثيرا من أعلال الجسم. (ص 537 ح 56)

قلّة الغذاء (أكرم للنفس) و أدوم للصحّة (ص 543 ح 107)

كم من أكلة منعت أكلات. (ص 550 ف 63 ح 16)

كيف تصفو فكرة من يستديم الشبع. (ص 553 ف 64 ح 2)

كثرة الأكل و النوم يفسدان النفس و يجلبان المضرّة. (ص 563 ف 66 ح 37)

من قلّ طعامه قلّت آلامه (ص 654 ف 77 ح 750)

من قلّ أكله صفا فكره. (ص 657 ح 803)

من اقتصد في أكله، كثرت صحّته و صلحت فكرته. (ص 684 ح 1140)

من كثر أكله قلّت صحّته، و ثقلت على نفسه مؤونته. (ص 693 ح 1242)

نعم عون المعاصي الشبع. (ص 772 ف 81 ح 42)

نعم العون على أسر النفس و كسر عادتها الجوع. (ص 773 ح 63)

لا يجتمع الشبع و القيام بالمفروض-لا يجتمع الجوع و المرض.

(ص 836 ف 86 ح 134 و 135)

لا تجتمع البطنة و الفطنة (ح 138)

أقول:

الأخبار في هذا الفصل كثيرة، و يدلّ على ذلك الأخبار الواردة في سيرة الأنبياء و الأئمّة عليهم السّلام و الأخبار الواردة في فضل الصوم.

ص:66

4- طول الأمل

الأخبار

1-في حديث موسى بن جعفر عليهما السّلام لهشام: يا هشام، من سلّط ثلاثا على ثلاث فكأنّما أعان على هدم عقله: من أظلم نور تفكّره بطول أمله، و محا طرائف حكمته بفضول كلامه، و أطفأ نور عبرته بشهوات نفسه فكأنّما أعان هواه على هدم عقله، و من هدم عقله أفسد عليه دينه و ديناه. (1)

بيان:

في جامع السعادات ج 3 ص 32، «طول الأمل» : هو أن يقدّر و يعتقد بقاؤه إلى مدّة متمادية، مع رغبته في جميع توابع البقاء؛ من المال و الأهل و الدار و غير ذلك. . .

و في مجمع البحرين (أمل) : السبب في طول الأمل-كما قيل-حبّ الدنيا فإنّ الإنسان إذا أنس بها و بلذّاتها ثقل عليه مفارقتها و أحبّ دوامها فلا يفتكر بالموت الذي هو سبب مفارقتها، فإنّ من أحبّ شيئا كره الفكر فيما يزيله و يبطله، فلا زال يمنّي نفسه البقاء في الدنيا، و يقدّر حصول ما يحتاج إليه من أهل و مال و أدوات، فيصير فكره مستغرقا في ذلك فلا يخطر الموت بخاطره. و إن خطر بباله التوبة

ص:67


1- -الكافي ج 1 ص 13 كتاب العقل ح 12

و الإقبال على الأعمال الاخروية أخّر ذلك من يوم إلى يوم و من شهر إلى شهر و من سنة إلى سنة فيقول: إلى أن أكتهل و يزول سنّ الشباب عنّي فإذا اكتهل قال:

إلى أن أصير شيخا فإذا شاخ قال: إلى أن أتمم عمارة هذه الدار و أزوج ولدي و إلى أن أرجع من هذا السفر.

و هكذا يؤخّر التوبة شهرا بعد شهر و سنة بعد سنة، و هكذا كلّما فرغ من شغل عرض له شغل آخر بل أشغال حتّى يختطفه الموت و هو غافل غير مستعدّ، مستغرق القلب في أمور الدنيا فتطول فى الآخرة حسرته فتكثر ندامته، و ذلك هو الخسران المبين.

أقول: لا يخفى أنّ منشأ طول الأمل الجهل و حبّ الدنيا، فينبغي أن يرفع الجهل بالفكر و سماع الوعظ من النفوس الطاهرة، و من تفكّر يعلم أنّ الموت أقرب شيء إليه. و أمّا حبّ الدنيا فيزال بالتّأمل في حقارتها و نفاسة الآخرة، و بذكر الموت فإنّ ذكر الموت يزهّد الإنسان و إذا زهّده قصر أمله، و ليعلم أنّ الأساس في كسب الفضائل و دفع الرذائل التضرّع إلى اللّه و إلى أوليائه.

2-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّما أخاف عليكم اثنتين: اتّباع الهوى و طول الأمل، أمّا اتّباع الهوى فإنّه يصدّ عن الحقّ و أمّا طول الأمل فينسي الآخرة. (1)

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ما أنزل الموت حقّ منزلته من عدّ غدا من أجله.

قال: و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ما أطال عبد الأمل إلاّ أساء العمل.

قال: و كان يقول: لو رأى العبد أجله و سرعته إليه لأبغض العمل من طلب الدنيا. (2)

ص:68


1- -الكافي ج 2 ص 252 باب اتّباع الهوى ح 3( نهج البلاغة ص 127 في خ 42-الخصال ج 1 ص 51 باب الاثنين ح 63 عنه عليه السّلام-و ح 62 و 64 عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله)
2- الوسائل ج 2 ص 437 ب 24 من الاحتضار ح 1

أقول:

«لأبغض العمل من طلب الدنيا» : في أمالي الطوسيّ: "لأبغض الأمل و ترك طلب الدنيا".

4-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لو رأى العبد الأجل و مسيره لأبغض الأمل و غروره. (1)

5-و في مواعظ أمير المؤمنين عليه السّلام: من اتّسع أمله قصر عمله. (2)

6-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام عن عليّ عليه السّلام قال: من أطال أمله ساء عمله. (3)

7-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الموت الموت، ألا و لا بدّ من الموت. . . و قال: إذا استحقّت ولاية اللّه و السعادة جاء الأجل بين العينين و ذهب الأمل وراء الظهر، و إذا استحقّت ولاية الشيطان و الشقاوة جاء الأمل بين العينين و ذهب الأجل وراء الظهر.

قال و سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أيّ المؤمنين أكيس؟ أكثرهم ذكرا للموت، و أشدّهم له استعدادا. (4)

8-عن أبي الطفيل قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: الزهد في الدنيا قصر الأمل و شكر كلّ نعمة، و الورع عمّا حرّم اللّه عليك. (5)

9-فيما ناجى اللّه به موسى: يا موسى، لا تطوّل في الدنيا أملك فيقسو

ص:69


1- -نهج البلاغة ص 1245 ح 328
2- البحار ج 77 ص 423
3- الوسائل ج 2 ص 438 ب 24 ح 4( نهج البلاغة ص 1103 ح 35)
4- الوسائل ج 2 ص 435 ب 23 ح 4
5- الوسائل ج 16 ص 15 ب 62 من جهاد النفس ح 12

قلبك، و القاسى القلب منّي بعيد. (1)

10-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام:

يا عليّ، أربع خصال من الشقاء: جمود العين، و قساوة القلب، و بعد الأمل، و حبّ البقاء. (2)

11-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أيّها الناس، الزهادة قصر الأمل، و الشكر عند النعم، و الورع عند المحارم، فإن عزب ذلك عنكم فلا يغلب الحرام صبركم. . . (3)

12-و قال عليه السّلام: اعلموا أنّ الأمل يسهى العقل و ينسى الذكر، فأكذبوا الأمل فإنّه غرور و صاحبه مغرور. (4)

13-و قال عليه السّلام: من جرى في عنان أمله عثر بأجله. (5)

بيان:

«عثر بأجله» : المراد أنّه سقط في أجله بالموت قبل أن يبلغ ما يريد.

14-في خطبة الديباج عن أمير المؤمنين عليه السّلام: و اعلموا عباد اللّه، أنّ الأمل يذهب العقل و يكذّب الوعد و يحثّ على الغفلة و يورث الحسرة، فأكذبوا الأمل فإنّه غرور و انّ صاحبه مأزور. (6)

15-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أكلّكم يحبّ أن يدخل الجنّة؟ قالوا: نعم يا رسول اللّه، قال: قصّروا من الأمل، و اجعلوا آجالكم بين أبصاركم، و استحيوا

ص:70


1- -الوسائل ج 16 ص 45 باب 76 ح 3
2- الوسائل ج 16 ص 45 ح 4
3- نهج البلاغة ص 180 خ 80
4- نهج البلاغة ص 208 في خ 85
5- نهج البلاغة ص 1095 ح 18
6- تحف العقول ص 107

من اللّه حقّ الحياء. (1)

16-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من أيقن أنّه يفارق الأحباب و يسكن التراب و يواجه الحساب و يستغنى عمّا خلّف و يفتقر إلى ما قدّم، كان حريّا بقصر الأمل و طول العمل. (2)

17-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: يهلك أو قال: يهرم ابن آدم و يبقي منه اثنتان:

الحرص و الأمل. (3)

18-فيما أوصى به أمير المؤمنين عليه السّلام عند وفاته: قصّر الأمل، و اذكر الموت و ازهد في الدنيا، فإنّك رهن موت، و غرض بلاء و صريع سقم. (4)

بيان:

«الصريع» : أي المصروع يقال: صرعه أي طرحه على الأرض.

19-روي أنّ اسامة بن زيد اشترى وليدة بمائة دينار إلى شهر، فسمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال: لا تعجبون من اسامة المشتري إلى شهر؟ إنّ أسامة لطويل الأمل، و الذي نفس محمّد بيده ما طرفت عيناي إلاّ ظننت أنّ شفريّ لا يلتقيان حتّى يقبض اللّه روحى، و لا رفعت طرفي و ظننت أنّي خافضه، حتّى اقبض، و لا تلقّمت لقمة إلاّ ظننت أنّي لا أسيغها حتّى أغصّ بها من الموت ثمّ قال: يا بني آدم، إن كنتم تعقلون فعدّوا أنفسكم من الموتى، و الذى نفسي بيده، إِنَّ ما تُوعَدُونَ لَآتٍ وَ ما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (5). (6)

ص:71


1- -جامع السعادات ج 3 ص 36.
2- المستدرك ج 2 ص 110 ب 18 من الاحتضار ح 11(كنز الفوائد ص 163)
3- البحار ج 73 ص 161 باب الحرص و طول الأمل ح 8
4- البحار ج 73 ص 164 ح 24
5- الأنعام:134
6- البحار ج 73 ص 166 ح 27

بيان:

«الوليدة» : أي الأمة. «الشفر» يقال بالفارسيّة: پلك چشم. «لا أسيغها» : أساغ الطعام أو الشراب: سهل له دخوله في الجوف. «أغصّ» الغصص: اعتراض شيء منه في الحلق يمنعه التنفّس بالخناق، و المراد بهذه الجملات: إسراع الأجل و أنّ الموت يأتي بغتة فالأمل لماذا؟ !

20-فى كلمات أمير المؤمنين عليه السّلام. . . أشرف الغنى ترك المنى. . . قلّ ما تصدّقك الامنيّة، ربّ طمع كاذب و أمل خائب. . . إيّاك و الأمانيّ فإنّها بضائع النوكى. . . (1)

بيان:

في مجمع البحرين، «الأمنيّة» : و هي ما يتمنّاه الإنسان و يشتهيه و يقدّر حصوله.

و في النهاية ج 4 ص 367، التمنّي: تشهّي حصول الأمر المرغوب فيه، و حديث النفس بما يكون و ما لا يكون. . . و يقال للأحاديث التي تتمنّى: الأمانيّ، واحدتها:

أمنيّة. «النوكى» واحده الأنوك و هو الأحمق.

21-في وصيّة الباقر عليه السّلام لجابر الجعفيّ: . . . و استجلب حلاوة الزهادة بقصر الأمل. . . و لا زهد كقصر الأمل. . . (2)

22-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الأمانىّ أشتات. (الغرر ج 1 ص 7 ف 1 ح 71)

الأمل خوّان. (ص 9 ح 142)

الأمانيّ تخدع-الأمل يغرّ. (ص 10 ح 189 و 193)

الدنيا بالأمل. (ص 13 ح 294)

ص:72


1- -البحار ج 78 ص 91
2- البحار ج 78 ص 164

الأمانيّ شيمة الحمقى. (ص 18 ح 490)

المغترّ بالآمال مخدوع. (ص 24 ح 680)

الأمانيّ بضائع النوكى-الآمال غرور الحمقى. (ح 681 و 682)

الآمال تدني الآجال. (ح 683)

الأجل يفضح الأمل (ح 688)

الأجل حصاد الأمل. (ح 689)

الآمال لا ينتهي. (ح 690)

الزهد قصر الأمل. (ص 30 ح 922)

الأمل ينسي الأجل. (ح 924)

الأمل حجاب الأجل. (ص 34 ح 1039)

الأمل رفيق مونس. (ص 35 ح 1084)

الأمل خادع غارّ ضارّ. (ص 39 ح 1189)

الأمل يفسد العمل و يفنى الأجل. (ص 49 ح 1403)

الأمانيّ تعمي عيون البصائر. (ص 50 ح 1417)

الأمل يقرّب المنيّة و يباعد الامنيّة. (ص 63 ح 1675)

الأمل سلطان الشياطين على قلوب الغافلين. (ص 75 ح 1853)

الأمل كالسراب يغرّ من رآه و يخلف من رجاه. (ص 79 ح 1918)

الأمل أبدا في تكذيب و طول الحيوة للمرء تعذيب. (ص 89 ح 2038)

أكذب الأمل و لا تثق به، فإنّه غرور و صاحبه مغرور.

(ص 113 ف 2 ح 104)

اتّقوا خداع الآمال، فكم من مؤمّل يوم لم يدركه، و باني بناء لم يسكنه، و جامع مال لم يأكله، و لعلّه من باطل جمعه و من حقّ منعه أصابه حراما و احتمل به آثاما. (ص 139 ف 3 ح 85)

ص:73

اتّقوا باطل الأمل فربّ مستقبل يوم ليس بمستدبره و مغبوط في أوّل ليلة قامت بواكيه في آخره. (ص 140 ح 94)

احذروا سوء الأعمال و غرور الآمال و نفاد الأمل و هجوم الأجل.

(ص 146 ف 4 ح 53)

أقرب شيء الأجل-أبعد شيء الأمل. (ص 178 ف 8 ح 92 و 93)

أنفع الدواء ترك المنى. (ص 184 ح 195)

أكثر الناس أملا أقلّهم للموت ذكرا. (ص 186 ح 227)

أطول الناس أملا أسوءهم عملا. (ح 228)

أفضل الدين قصر الأمل (ص 208 ح 488)

ثمرة الأمل فساد العمل. (ص 361 ف 23 ح 54)

ضياع العمر بين الآمال و المنى. (ص 461 ف 45 ح 14)

ما أقرب الأجل من الأمل. (ج 2 ص 738 ف 79 ح 39)

ما أفسد الأمل للعمل-ما أقطع الأجل للأمل. (ح 40 و 41)

ما أطال أحد في الأمل إلاّ قصّر العمل. (ح 42)

ما عقل من طال أمله. (ص 739 ح 61)

أقول:

سيأتي ما يناسب المقام في أبواب الدنيا، الزهد و. . .

و في باب البخل قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ صلاح أوّل هذه الامّة بالزهد و اليقين، و هلاك آخرها بالشحّ و الأمل.

و لا يخفى أنّ ذكر الموت يقصّر الأمل و يوجب التجافي عن دار الغرور و الاستعداد للموت و الإنابة إلى دار الخلود، و يدلّ على ذلك أخبار كثيرة.

ص:74

5- تعلّق الأمل و الرجاء باللّه تعالى

الأخبار

1-عن الحسين بن علوان قال: كنّا في مجلس نطلب فيه العلم و قد نفدت نفقتي في بعض الأسفار، فقال لي بعض أصحابنا: من تؤمّل لما قد نزل بك؟ فقلت:

فلانا، فقال: إذا و اللّه لا تسعف حاجتك و لا يبلغك أملك و لا تنجح طلبتك. قلت:

و ما علّمك رحمك اللّه؟

قال: إنّ أبا عبد اللّه عليه السّلام حدّثني أنّه قرء في بعض الكتب؛ أنّ اللّه تبارك و تعالى يقول: و عزّتي و جلالي و مجدي و ارتفاعي على عرشي لأقطّعنّ أمل كلّ مؤمّل [من الناس]غيري باليأس، و لأكسونّه ثوب المذلّة عند الناس و لأنحّينّه من قربي و لا بعّدنّه من فضلي، أيؤمّل غيري في الشدائد؟ ! و الشدائد بيدي و يرجو غيري و يقرع بالفكر باب غيري؟ ! و بيدي مفاتيح الأبواب و هي مغلقة و بابي مفتوح لمن دعاني، فمن ذا الذي أمّلني لنوائبه فقطعته دونها؟ ! و من ذا الذي رجاني لعظيمة فقطعت رجاءه منّي؟ !

جعلت آمال عبادي عندي محفوظة فلم يرضوا بحفظي، و ملأت سماواتي ممّن لا يملّ من تسبيحي و أمرتهم أن لا يغلقوا الأبواب بيني و بين عبادي، فلم يثقوا بقولي، ألم يعلم [أنّ]من طرقته نائبة من نوائبي أنّه لا يملك كشفها أحد غيرى إلاّ من بعد إذني، فما لي أراه لاهيا عنّي، أعطيته بجودي ما لم يسألني ثمّ انتزعته عنه

ص:75

فلم يسألني ردّه و سأل غيري، أفيراني أبدأ بالعطاء قبل المسألة ثمّ أسأل فلا أجيب سائلي؟ ! أبخيل أنا فيبخّلني عبدي أو ليس الجود و الكرم لي؟ ! أو ليس العفو و الرحمة بيدي؟ ! أو ليس أنا محلّ الآمال؟ ! فمن يقطعها دوني؟ أ فلا يخشى المؤمّلون أن يؤمّلوا غيري، فلو أنّ أهل سماواتي و أهل أرضي أمّلوا جميعا ثمّ أعطيت كلّ واحد منهم مثل ما أمّل الجميع ما انتقص من ملكي مثل عضو ذرّة و كيف ينقص ملك أنا قيّمه، فيابؤسا للقانطين من رحمتي و يابؤسا لمن عصاني و لم يراقبني. (1)

بيان:

«نفدت نفقتي» : أي فنيت و لم يبق منها شيء. «لا تسعف» يقال: أسعف بحاجته:

قضاها له. «لا تنجح» يقال: نجح فلان بحاجته أي فاز و ظفر بها و أنجح اللّه حاجته أي قضاها. «لأنحّينّه» أي لأبعّدنّه و أزيّلنّه. «فيابؤسا» البؤس و البأساء: الشدّة و الفقر و الحزن.

2-عن حفص بن غياث قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا أراد أحدكم أن لا يسأل ربّه شيئا إلاّ أعطاه، فلييأس من الناس كلّهم و لا يكون له رجاء إلاّ عند اللّه، فإذا علم اللّه عزّ و جلّ ذلك من قلبه لم يسأل اللّه شيئا إلاّ أعطاه (2)

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه تبارك و تعالى: وَ ما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاّ وَ هُمْ مُشْرِكُونَ (3)قال: هو قول الرجل: لولا فلان لهلكت و لو لا فلان لما أصبت كذا و كذا، و لو لا فلان لضاع عيالي، ألا ترى أنّه قد جعل للّه شريكا في ملكه يرزقه و يدفع عنه؟ قلت: فنقول: لولا أنّ اللّه منّ عليّ بفلان لهلكت، قال:

ص:76


1- -الكافي ج 2 ص 53 باب التفويض إلى اللّه ح 7-و نظيره ح 8
2- الكافي ج 2 ص 119 باب الاستغناء عن الناس ح 2
3- يوسف:106

نعم لا بأس بهذا و نحوه. (1)

4-في صحيفة الرضا عليه السّلام بإسناده عن الحسين عليه السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: يقول اللّه عزّ و جلّ: لاقطّعنّ أمل كلّ مؤمن أمّل دوني بالأياس، و لألبسنّه ثوب مذلّة بين الناس، و لأنحّينّه من وصلي، و لأبعّدنّه من قربي، من ذا الذي أمّلني لقضاء حوائجه فقطعت به دونها؟ أم من ذا الذي رجاني بعظيم جرمه فقطعت رجائه منّي؟ أيأمل أحد غيري في الشدائد؟ ! و أنا الحيّ الكريم و بابي مفتوح لمن دعاني، يا بؤسا للقانطين من رحمتي و يا شقوة لمن عصاني و لم يراقبني. (2)

أقول:

يأتي ما يناسب المقام في باب التوكّل، كخبر يوسف عليه السّلام فى السجن.

ص:77


1- -البحار ج 5 ص 148 باب الأرزاق ح 12( ج 71 ص 150 باب التوكّل ح 49- الوسائل ج 15 ص 215 ب 12 من جهاد النفس ح 2) .
2- المستدرك ج 11 ص 221 ب 12 من جهاد النفس ح 1

ص:78

6- الإمامة

اشارة

و فيه فصول:

الفصل الأوّل: الاضطرار إلى الحجّة

الآيات

1- . . . إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ. (1)

2- وَ لَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ اَلْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ. (2)

الأخبار

1-عن هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال للزنديق الذي سأله من أين أثبتّ الأنبياء و الرسل؟ قال: إنّا لمّا أثبتنا أنّ لنا خالقا صانعا متعاليا عنّا و عن جميع ما خلق و كان ذلك الصانع حكيما متعاليا لم يجز أن يشاهده خلقه

ص:79


1- -الرعد:7
2- القصص:51

و لا يلامسوه فيباشرهم و يباشروه و يحاجّهم و يحاجّوه، ثبت أنّ له سفراء في خلقه، يعبّرون عنه إلى خلقه و عباده و يدلّونهم على مصالحهم و منافعهم و ما به بقاؤهم و في تركه فناؤهم، فثبت الآمرون و الناهون عن الحكيم العليم في خلقه و المعبّرون عنه جلّ و عزّ و هم الأنبياء عليهم السّلام و صفوته من خلقه، حكماء مؤدّبين بالحكمة مبعوثين بها، غير مشاركين للناس على مشاركتهم لهم في الخلق و التركيب في شيء من أحوالهم، مؤيّدين من عند الحكيم العليم بالحكمة، ثمّ ثبت ذلك في كلّ دهر و زمان ممّا أتت به الرسل و الأنبياء من الدلائل و البراهين، لكيلا تخلو أرض اللّه من حجّة يكون معه علم يدلّ على صدق مقالته و جواز عدالته. (1)

بيان:

«الاضطرار إلى الحجّة» : في المرآة ج 2 ص 256: أي لا بدّ في كلّ زمان من حجّة معصوم، عالم بما يحتاج إليه الخلق، إمّا نبيّ أو وصيّ نبيّ، و هذا المطلوب مبيّن في كتب الكلام بالبراهين العقليّة و النقليّة.

و في عقائد الامامية للمظفر رحمه اللّه (ص 94) : كما نعتقد أنّها (أي الإمامة) كالنبوّة لطف من اللّه تعالى، فلا بدّ أن يكون في كلّ عصر إمام هاد يخلف النبيّ في وظائفه من هداية البشر و إرشادهم إلى ما فيه الصلاح و السعادة في النشأتين، و له ما للنبيّ من الولاية العامّة على الناس لتدبير شؤونهم و مصالحهم و إقامة العدل بينهم و رفع الظلم و العدوان من بينهم.

و على هذا فالإمامة استمرار للنبوّة، و الدليل الذي يوجب إرسال الرسل و بعث الأنبياء هو نفسه يوجب أيضا نصب الإمام بعد الرسول. . .

و قال العلاّمة الحلّيّ رحمه اللّه في الألفين (ص 3) : الإمامة لطف عامّ و النبوّة لطف خاصّ

ص:80


1- -الكافي ج 1 ص 128 باب الاضطرار إلى الحجّة ح 1- العلل ج 1 ص 120 ب 99 ح 3

لإمكان خلوّ الزمان من نبيّ حيّ بخلاف الإمام لما سيأتي، و إنكار اللطف العامّ شرّ من إنكار اللطف الخاصّ، و إلى هذا أشار الصادق عليه السّلام بقوله عن منكر الإمامة أصلا و رأسا: و هو شرّهم.

في المرآة، «السفراء» : جمع سفير، من سفر بين القوم أي أصلح أو من السّفر بمعنى الكشف و الإيضاح.

2-عن منصور بن حازم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّ اللّه أجلّ و أكرم من أن يعرف بخلقه، بل الخلق يعرفون باللّه، قال: صدقت، قلت: إنّ من عرف أنّ له ربّا فقد ينبغي له أن يعرف أنّ لذلك الربّ رضا و سخطا و أنّه لا يعرف رضاه و سخطه إلاّ بوحي أو رسول، فمن لم يأته الوحي فقد ينبغي له أن يطلب الرسل فإذا لقيهم عرف أنّهم الحجّة و أنّ لهم الطاعة المفترضة.

و قلت للناس: تعلمون أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان هو الحجّة من اللّه على خلقه؟ قالوا: بلى، قلت: فحين مضى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من كان الحجّة على خلقه؟ فقالوا:

القرآن، فنظرت فى القرآن فإذا هو يخاصم به المرجئ و القدريّ و الزنديق الذي لا يؤمن به حتّى يغلب الرجال بخصومته، فعرفت أنّ القرآن لا يكون حجّة إلاّ بقيّم، فما قال فيه من شيء كان حقّا.

فقلت لهم: من قيّم القرآن؟ فقالوا: ابن مسعود قد كان يعلم و عمر يعلم و حذيفة يعلم، قلت: كلّه، قالوا: لا، فلم أجد أحدا يقال: إنّه يعرف ذلك كلّه إلاّ عليّا عليه السّلام، و إذا كان الشيء بين القوم فقال هذا: لا أدري و قال هذا: لا أدري و قال هذا: لا أدري و قال هذا: أنا أدري، فأشهد أنّ عليّا عليه السّلام كان قيّم القرآن و كانت طاعته مفترضة و كان الحجّة على الناس بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أنّ ما قال في القرآن فهو حقّ، فقال: رحمك اللّه. (1)

ص:81


1- -الكافي ج 1 ص 128 ح 2

بيان:

«و قلت للناس» : أي للعامّة مناظرا لهم في الإمامة. «المرجئة» فرقة من فرق الإسلام، يعتقدون أنّه لا يضرّ مع الإيمان معصية كما أنّها لا ينفع مع الكفر طاعة.

«قيّم القرآن» : المراد هنا من يقوم بأمر القرآن و يعرف ظاهره و باطنه و مجمله و مؤوّله و محكمه و متشابهه و ناسخه و منسوخه.

3-عن يونس بن يعقوب قال: كان عند أبي عبد اللّه عليه السّلام جماعة من أصحابه. . . فيهم هشام بن الحكم و هو شابّ، فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا هشام! ألا تخبرني كيف صنعت بعمرو بن عبيد؟ و كيف سألته؟ فقال هشام: يابن رسول اللّه، إنّى اجلّك و أستحييك و لا يعمل لساني بين يديك، فقال أبو عبد اللّه: إذا أمرتكم بشيء فافعلوا، قال هشام: بلغني ما كان فيه عمرو بن عبيد و جلوسه في مسجد البصرة فعظم ذلك عليّ، فخرجت إليه و دخلت البصرة يوم الجمعة فأتيت مسجد البصرة فإذا أنا بحلقة كبيرة فيها عمرو بن عبيد. . .

ثمّ قلت: أيّها العالم، إنّي رجل غريب تأذن لي في مسألة؟ فقال لي: نعم، فقلت له: ألك عين؟ فقال: يا بنيّ، أيّ شيء هذا من السؤال و شيء تراه كيف تسأل عنه؟ فقلت: هكذا مسألتي، فقال: يا بنيّ، سل و إن كان مسألتك حمقاء، قلت:

أجبني فيها قال لي: سل، قلت: ألك عين؟ قال: نعم قلت: فما تصنع بها؟ قال: أرى بها الألوان و الأشخاص. قلت: فلك أنف؟ قال: نعم، قلت: فما تصنع به؟ قال أشمّ به الرائحة.

قلت: ألك فم؟ قال: نعم، قلت: فما تصنع به؟ قال: أذوق به الطعم، قلت: فلك أذن؟ قال: نعم قلت: فما تصنع بها؟ قال: أسمع بها الصوت، قلت ألك قلب؟ قال:

نعم. قلت: فما تصنع به؟ قال: اميّز به كلّما ورد على هذه الجوارح و الحواسّ. قلت:

أوليس في هذه الجوارح غنى عن القلب؟ فقال: لا، قلت: و كيف ذلك و هي صحيحة سليمة؟ قال: يا بنيّ، إنّ الجوارح إذا شكّت في شيء شمّته أو رأته أو ذاقته

ص:82

أو سمعته، ردّته إلى القلب فيستيقن اليقين و يبطل الشكّ.

قال هشام: فقلت له: فإنّما أقام اللّه القلب لشكّ الجوارح؟ قال: نعم، قلت:

لا بدّ من القلب و إلاّ لم تستيقن الجوارح؟ قال: نعم. فقلت له: يا أبا مروان، فاللّه تبارك و تعالى لم يترك جوارحك حتّى جعل لها إماما يصحّح لها الصحيح و يتيقّن به ما شكّ فيه و يترك هذا الخلق كلّهم في حيرتهم و شكّهم و اختلافهم؛ لا يقيم لهم إماما يردّون إليه شكّهم و حيرتهم، و يقيم لك إماما لجوارحك تردّ إليه حيرتك و شكّك؟ ! قال: فسكت و لم يقل لى شيئا. . .

فضحك أبو عبد اللّه عليه السّلام و قال: يا هشام، من علّمك هذا؟ قلت: شيء أخذته منك و ألّفته. فقال: هذا و اللّه مكتوب في صحف إبراهيم و موسى. (1)

بيان:

«عمرو بن عبيد» : كان من رؤساء المعتزلة. «أجلّك» الإجلال: التعظيم.

4-عن أبي حمزة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: أتبقي الأرض بغير إمام؟ قال: لو بقيت الأرض بغير امام لساخت. (2)

بيان:

«سوخ الأرض» : كناية عن رفع نظامها و هلاك أهلها.

5-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لو كان الناس رجلين لكان أحدهما الإمام و قال:

إنّ آخر من يموت الإمام لئلاّ يحتجّ أحد على اللّه عزّ و جلّ أنّه تركه بغير حجّة للّه عليه. (3)

ص:83


1- -الكافي ج 1 ص 129 ح 3-( العلل ج 1 ص 193 ب 152 ح 2)
2- الكافي ج 1 ص 137 باب أنّ الارض لا تخلو من حجّة ح 10-و بهذا المعنى في العلل ج 1 ص 196 ب 153 ح 5 و 16 إلى 21
3- الكافي ج 1 ص 138 باب أنّه لو لم يبق في الأرض إلاّ رجلان لكان أحدهما الحجّة ح 3- و مثله في العلل ج 1 ص 196 ب 153 ح 6 و 10 و 11 و 13 و 14

6-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: اللهمّ لا تخل الأرض من حجّة لك على خلقك؛ ظاهر أو خائف مغمور، لئلاّ تبطل حججك و بيّناتك. (1)

7-عن يعقوب السراج قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: تبقي الأرض بلا عالم حيّ ظاهر يفزع إليه الناس في حلالهم و حرامهم؟ فقال لي: إذا لا يعبد اللّه يا أبا يوسف. (2)

8-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ اللّه لا يدع الأرض إلاّ و فيها عالم يعلم الزيادة و النقصان، فإذا زاد المؤمنون شيئا ردّهم و إذا نقصوا أكمله لهم، فقال: خذوه كاملا و لو لا ذلك لا لتبس على المؤمنين أمرهم، و لم يفرق بين الحقّ و الباطل. (3)

9-عن محمّد بن الفضيل عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: قلت له: تكون الأرض و لا إمام فيها؟ فقال: لا، إذا لساخت بأهلها. (4)

10-عن جابر الجعفي قال: قلت لأبي جعفر الباقر عليه السّلام: لأيّ شيء يحتاج إلى النبيّ و الإمام؟ فقال: لبقاء العالم على صلاحه و ذلك أنّ اللّه عزّ و جلّ يرفع العذاب عن أهل الأرض إذا كان فيها نبيّ أو إمام، قال اللّه عزّ و جلّ: وَ ما كانَ اَللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ (5)

و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: النجوم أمان لأهل السماء و أهل بيتي أمان لأهل الأرض فإذا

ص:84


1- -العلل ج 1 ص 195 ب 153 ح 2-و بمضمونه في نهج البلاغة (ص 1158 ح 139، قاله عليه السّلام لكميل رحمه اللّه) و غيره.
2- العلل ج 1 ص 195 ح 3
3- العلل ج 1 ص 195 ح 4-و بهذا المعنى ح 22 و 23 و 24 و 25 و 26 و 27 و 28 و 29 و 30 و 31 و 32
4- العلل ج 1 ص 198 ح 17
5- الأنفال:33

ذهبت النجوم أتى أهل السماء ما يكرهون و إذا ذهب أهل بيتي أتى أهل الأرض ما يكرهون، يعني بأهل بيته، الأئمّة الذين قرن اللّه عزّ و جلّ طاعتهم بطاعته فقال:

يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اَللّهَ وَ أَطِيعُوا اَلرَّسُولَ وَ أُولِي اَلْأَمْرِ مِنْكُمْ (1)

و هم المعصومون المطهّرون الذين لا يذنبون و لا يعصون و هم المؤيّدون الموفّقون المسدّدون، بهم يرزق اللّه عباده و بهم تعمر بلاده و بهم ينزل القطر من السماء و بهم يخرج بركات الأرض و بهم يمهل أهل المعاصي و لا يعجل عليهم بالعقوبة و العذاب، لا يفارقهم روح القدس و لا يفارقونه و لا يفارقون القرآن و لا يفارقهم صلوات اللّه عليهم أجمعين. (2)

11-عن الحرث بن المغيرة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: لم يترك اللّه جلّ و عزّ الأرض بغير عالم يحتاج الناس إليه و لا يحتاج إليهم. يعلم الحلال و الحرام قلت: جعلت فداك بماذا يعلم؟ قال: بوراثة من رسول اللّه و من عليّ بن أبي طالب صلوات اللّه عليهما. (3)

12-لمّا سمع أمير المؤمنين عليه السّلام قول الخوارج «لا حكم إلاّ للّه» قال عليه السّلام:

كلمة حقّ يراد بها الباطل. نعم إنّه لا حكم إلاّ للّه و لكن هؤلاء يقولون: لا إمرة إلاّ للّه، و إنّه لا بدّ للناس من أمير، برّ أو فاجر، يعمل في إمرته المؤمن، و يستمتع فيها الكافر، و يبلّغ اللّه فيها الأجل و يجمع به الفيء، و يقاتل به العدوّ، و تأمن به السبل، و يؤخذ به للضعيف من القويّ حتّى يستريح برّ و يستراح من فاجر. . . (4)

13-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: و اللّه ما ترك الأرض منذ قبض اللّه آدم إلاّ و فيها إمام يهتدي به إلى اللّه، و هو حجّة اللّه على عباده، و لا تبقي

ص:85


1- -النساء:59
2- العلل ج 1 ص 123 ب 103 ح 1
3- كمال الدين ج 1 ص 333 ب 23
4- نهج البلاغة ص 125 خ 40

الأرض بغير إمام حجّة اللّه على عباده. (1)

14-عن أبان بن تغلب قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الحجّة قبل الخلق و مع الخلق و بعد الخلق. (2)

15-عن بريد العجليّ عن أبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه: إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ قال: رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله المنذر، و في كلّ زمان منّا هاديا يهديهم إلى ما جاء به نبيّ اللّه ثمّ الهداة من بعد عليّ ثمّ الأوصياء واحدا بعد واحد. (3)

16-عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بطهور، فلمّا فرغ أخذ بيد عليّ عليه السّلام فألزمها يده ثمّ قال: إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ، ثمّ ضمّ يده إلى صدره قال: وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ، ثمّ قال: يا عليّ، أنت أصل الدين، و منار الإيمان، و غاية الهدى، و قائد الغرّ المحجّلين، أشهد لك بذلك. (4)

17-في علل الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السّلام فإن قال: فلم جعل اولي الأمر و أمر بطاعتهم؟ قيل: لعلل كثيرة، منها؛ أنّ الخلق لمّا وقفوا على حدّ محدود، و أمروا أن لا يتعدّوا ذلك الحدّ لما فيه من فسادهم لم يكن يثبت ذلك و لا يقوم إلاّ بأن يجعل عليهم فيه أمينا، يأخذهم بالوقف عند ما أبيح لهم و يمنعهم من التعدّي و الدخول فيما خطر عليهم، لأنّه لو لم يكن ذلك كذلك لكان أحد لا يترك لذّته و منفعته، لفساد غيره فجعل عليهم قيّما يمنعهم من الفساد، و يقيم فيهم الحدود و الأحكام.

و منها: أنّا لا نجد فرقة من الفرق و لا ملّة من الملل بقوا و عاشوا إلاّ

ص:86


1- -بصائر الدرجات ص 485 ج 10 ب 10 ح 4
2- بصائر الدرجات ص 487 ب 11 ح 1
3- بصائر الدرجات ص 29 ج 1 ب 13 ح 1-و بهذا المعنى أخبار اخر، لاحظ ح 2 و 3 و 4 و 5 و 6 و 7 و 9
4- بصائر الدرجات ص 30 ج 1 ب 13 ح 8

بقيّم و رئيس لما لا بدّ لهم منه في أمر الدين و الدنيا، فلم يجز في حكمة الحكيم أن يترك الخلق ممّا يعلم أنّه لا بدّ لهم منه، و لا قوام لهم إلاّ به، فيقاتلون به عدوّهم و يقسّمون به فيئهم، و يقيمون به جمعتهم و جماعتهم و يمنع ظالمهم من مظلومهم.

و منها: أنّه لو لم يجعل لهم إماما قيّما أمينا حافظا مستودعا لدرست الملّة و ذهب الدين و غيّرت السنن و الأحكام، و لزاد فيه المبتدعون، و نقص منه الملحدون و شبّهوا ذلك على المسلمين، لأنّا قد وجدنا الخلق منقوصين محتاجين غير كاملين مع اختلافهم و اختلاف أهوائهم و تشتّت أنحائهم، (حالاتهم ع) فلو لم يجعل لهم قيّما حافظا لما جاء به الرسول فسدوا على نحو ما بيّناه و غيّرت الشرائع و السنن و الأحكام و الإيمان، و كان في ذلك فساد الخلق أجمعين. (1)

ص:87


1- -البحار ج 23 ص 32 باب الاضطرار إلى الحجّة ح 52

الفصل الثانيّ: لزوم طاعة الأئمّة و معرفتهم و أداء حقوقهم عليهم السّلام

قال اللّه تعالى: يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اَللّهَ وَ أَطِيعُوا اَلرَّسُولَ وَ أُولِي اَلْأَمْرِ مِنْكُمْ. . . (1)

الأخبار

1-عن أبي حمزة قال: قال لي أبو جعفر عليه السّلام: إنّما يعبد اللّه من يعرف اللّه، فأمّا من لا يعرف اللّه فإنّما يعبده هكذا ضلالا. قلت: جعلت فداك، فما معرفة اللّه؟ قال: تصديق اللّه عزّ و جلّ و تصديق رسوله صلّى اللّه عليه و آله و موالاة عليّ عليه السّلام و الائتمام به و بأئمّة الهدى عليهم السّلام و البراءة إلى اللّه عزّ و جلّ من عدوّهم، هكذا يعرف اللّه عزّ و جلّ. (2)

بيان:

«يعبده هكذا» : كأنّه أشار بذلك إلى عبادة جماهير الناس، و «ضلالا» تميز أو حال على المبالغة.

2-عن مقرّن قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: جاء ابن الكوّاء

ص:88


1- -النساء:59.
2- الكافي ج 1 ص 138 باب معرفة الإمام ح 1

إلى أمير المؤمنين عليه السّلام فقال: يا أمير المؤمنين وَ عَلَى اَلْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيماهُمْ (1)فقال: نحن على الأعراف نعرف أنصارنا بسيماهم، و نحن الأعراف الذي لا يعرف اللّه عزّ و جلّ إلاّ بسبيل معرفتنا، و نحن الأعراف يعرّفنا اللّه عزّ و جلّ يوم القيامة على الصراط، فلا يدخل الجنّة إلاّ من عرفنا و عرفناه، و لا يدخل النار إلاّ من أنكرنا و أنكرناه.

إنّ اللّه تبارك و تعالى لو شاء لعرّف العباد نفسه، و لكن جعلنا أبوابه و صراطه و سبيله، و الوجه الذي يؤتى منه، فمن عدل عن ولايتنا أو فضّل علينا غيرنا، فإنّهم عن الصراط لناكبون، فلا سواء من اعتصم الناس به و لا سواء حيث ذهب الناس إلى عيون كدرة يفرغ بعضها في بعض، و ذهب من ذهب إلينا إلى عيون صافية تجري بأمر ربّها، لا نفاد لها و لا انقطاع. (2)

بيان:

«يفرغ بعضها في بعض» فرغ الماء: إنصبّ أي يأخذ هذا عن هذا و هذا عن هذا و لا ينتهي علمهم إلى من يستغني بعلمه عن علم غيره.

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أبى اللّه أن يجري الأشياء إلاّ بأسباب، فجعل لكلّ شيء سببا، و جعل لكلّ سبب شرحا، و جعل لكلّ شرح علما، و جعل لكلّ علم بابا ناطقا، عرفه من عرفه، و جهله من جهله، ذاك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و نحن. (3)

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: نحن قوم فرض اللّه عزّ و جلّ طاعتنا، لنا الأنفال و لنا صفو المال و نحن الراسخون في العلم و نحن المحسودون الذين قال اللّه:

أَمْ يَحْسُدُونَ اَلنّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اَللّهُ مِنْ فَضْلِهِ. (4)

ص:89


1- -الأعراف:46
2- الكافي ج 1 ص 141 ح 9
3- الكافي ج 1 ص 140 ح 7
4- الكافي ج 1 ص 143 باب فرض طاعة الأئمّة ح 6

بيان:

«صفو المال» : أي خالصه و مختاره، لاحظ الأخبار في ذلك في الوسائل ج 9 ب 1 من الأنفال.

5-عن أبي سلمة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: نحن الذين فرض اللّه طاعتنا، لا يسع الناس إلاّ معرفتنا، و لا يعذر الناس بجهالتنا، من عرفنا كان مؤمنا، و من أنكرنا كان كافرا، و من لم يعرفنا و لم ينكرنا كان ضالاّ حتّى يرجع إلى الهدى الذي افترض اللّه عليه من طاعتنا الواجبة، فإن يمت على ضلالته يفعل اللّه به ما يشاء. (1)

6-عن محمّد بن الفضيل قال: سألته عن أفضل ما يتقرّب به العباد إلى اللّه عزّ و جلّ، قال: أفضل ما يتقرّب به العباد إلى اللّه عزّ و جلّ طاعة اللّه و طاعة رسوله و طاعة اولى الأمر. قال أبو جعفر عليه السّلام: حبّنا إيمان و بغضنا كفر. (2)

7-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: اعلموا أنّ صحبة العالم و اتّباعه دين يدان اللّه به و طاعته مكسبة للحسنات ممحات للسيّئات و ذخيرة للمؤمنين و رفعة (رحمة ف ن) فيهم في حياتهم و جميل بعد مماتهم. (3)

بيان:

«المكسبة» بالفتح: اسم مكان أو مصدر ميمي، أو بالكسر: اسم آلة و هكذا الممحاة.

8-عن الحارث بن المغيرة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من مات لا يعرف إمامه، مات ميتة جاهليّة؟ قال: نعم، قلت: جاهليّة

ص:90


1- -الكافي ج 1 ص 144 ح 11
2- الكافي ج 1 ص 144 ح 12
3- الكافي ج 1 ص 145 ح 14

جهلاء أو جاهليّة لا يعرف إمامه؟ قال: جاهليّة كفر و نفاق و ضلال. (1)

9-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما نظر اللّه عزّ و جلّ إلى وليّ له يجهد نفسه بالطاعة لإمامه و النصيحة إلاّ كان معنا في الرفيق الأعلى. (2)

أقول:

لاحظ معنى النصيحة في بابها.

10-عن أبي حمزة قال: سألت أبا جعفر عليه السّلام: ما حقّ الإمام على الناس؟ قال: حقّه عليهم أن يسمعوا له و يطيعوا، قلت: فما حقّهم عليه؟ قال: يقسم بينهم بالسّويّة و يعدل في الرعيّة، فإذا كان ذلك في الناس فلا يبالي من أخذ ههنا و ههنا. (3)

11-عن ميّاح قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا ميّاح، درهم يوصل به الإمام أعظم وزنا من احد. (4)

12-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: درهم يوصل به الإمام أفضل من ألفي ألف درهم فيما سواه من وجوه البرّ. (5)

13-عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: بني الإسلام على خمسة أشياء:

على الصلاة، و الزكاة، و الحجّ، و الصوم، و الولاية، قال زرارة: فقلت: و أيّ شيء من ذلك أفضل؟ فقال: الولاية أفضل، لأنّها مفتاحهنّ، و الوالي هو الدليل عليهنّ. . .

ص:91


1- -الكافي ج 1 ص 308 باب من مات و ليس له إمام ح 3
2- الكافي ج 1 ص 334 باب ما أمر النبي بالنصيحة لأئمّة المسلمين ح 3
3- الكافي ج 1 ص 334 باب ما يجب من حقّ الإمام على الرعيّة ح 1
4- الكافي ج 1 ص 452 باب صلة الإمام عليه السّلام ح 5
5- الكافي ج 1 ص 452 ح 6

ثمّ قال: ذروة الأمر و سنامه و مفتاحه و باب الأشياء و رضا الرحمن الطاعة للإمام بعد معرفته، إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: مَنْ يُطِعِ اَلرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اَللّهَ وَ مَنْ تَوَلّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً (1)أما لو أنّ رجلا قام ليله و صام نهاره و تصدّق بجميع ماله و حجّ جميع دهره و لم يعرف ولاية ولىّ اللّه فيواليه و يكون جميع أعماله بدلالته إليه، ما كان له على اللّه جلّ و عزّ حقّ في ثوابه و لا كان من أهل الإيمان، ثمّ قال: أولئك المحسن منهم يدخله اللّه الجنّة بفضل رحمته. (2)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة، يأتي بعضها في باب الولاية.

بيان: «ذروة الشيء» بالضمّ و الكسر: أعلاه، و سنام البعير: معروف و يستعار لأرفع الأشياء.

14-عن عيسى بن السريّ قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: حدّثني عمّا بنيت عليه دعائم الإسلام إذا أنا أخذت بها زكى عملي و لم يضرّني جهل ما جهلت بعده، فقال: شهادة أن لا إله إلاّ اللّه و أنّ محمّدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و الإقرار بما جاء به من عند اللّه و حقّ في الأموال من الزكاة، و الولاية التي أمر اللّه عزّ و جلّ بها ولاية آل محمّد صلّى اللّه عليهم فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: «من مات و لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية» .

قال اللّه عزّ و جلّ: أَطِيعُوا اَللّهَ وَ أَطِيعُوا اَلرَّسُولَ وَ أُولِي اَلْأَمْرِ مِنْكُمْ فكان عليّ عليه السّلام ثمّ صار من بعده الحسن ثمّ من بعده الحسين ثمّ من بعده عليّ بن الحسين ثمّ من بعده محمّد بن عليّ عليهم السّلام ثمّ هكذا يكون الأمر، إنّ الأرض لا تصلح إلاّ بإمام، و من مات لا يعرف إمامه مات ميتة جاهليّة، و أحوج ما يكون أحدكم

ص:92


1- -النساء:80
2- الكافي ج 2 ص 16 باب دعائم الإسلام ح 5

إلى معرفته إذا بلغت نفسه ههنا-قال: و أهوى بيده إلى صدره-يقول حينئذ:

لقد كنت على أمر حسن. (1)

15-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: أيّها الناس، إنّ لي عليكم حقّا، و لكم عليّ حقّ: فأمّا حقّكم عليّ فالنصيحة لكم و توفير فيئكم عليكم و تعليمكم كيلا تجهلوا و تأديبكم كيما تعلّموا، و أمّا حقّي عليكم فالوفاء بالبيعة و النصيحة في المشهد و المغيب و الإجابة حين أدعوكم و الطاعة حين آمركم. (2)

16-و قال عليه السّلام: فأعينوني بمناصحة خليّة من الغشّ، سليمة من الريب، فو اللّه إنّي لأولى الناس بالناس. (3)

أقول:

لاحظ الخطبة 207 ص 681 في حقّ الوالي على الرعيّة أيضا.

17-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لولا أنّ اللّه فرض طاعتنا و ولايتنا و أمر مودّتنا ما أو قفناكم على أبوابنا و لا أدخلناكم بيوتنا، إنّا و اللّه ما نقول بأهوائنا و لا نقول برأينا و لا نقول إلاّ ما قال ربّنا و اصول عندنا نكنزها كما يكنز هؤلاء ذهبهم و فضّتهم. (4)

18-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ينكرون الإمام المفترض الطاعة و يجحدون به، و اللّه ما في الأرض منزلة أعظم عند اللّه من مفترض الطاعة، و قد كان إبراهيم دهرا ينزل عليه الأمر من اللّه و ما كان مفترض الطاعة حتّى بدا للّه أن يكرّمه و يعظّمه فقال: إِنِّي جاعِلُكَ لِلنّاسِ إِماماً (5)فعرف إبراهيم ما فيها من الفضل

ص:93


1- -الكافي ج 2 ص 18 ح 9
2- نهج البلاغة ص 114 في خ 34
3- نهج البلاغة ص 367 في خ 117
4- بصائر الدرجات ص 301 ج 6 ب 14 ح 10
5- البقرة:124

قالَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي فقال: لا يَنالُ عَهْدِي اَلظّالِمِينَ. قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أي إنّما هي في ذرّيّتك لا يكون في غيرهم. (1)

19-عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله: وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً (2)فقال: الطاعة المفروضة. (3)

20-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله تعالى: وَ مَنْ يُؤْتَ اَلْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً (4)قال: طاعة اللّه و معرفة الإمام. (5)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر، سيأتي بعضها في باب الحكمة.

21-سأل أبو ذرّ سلمان رحمه اللّه قال: يا أبا عبد اللّه، ما معرفة أمير المؤمنين عليه السّلام بالنورانيّة؟ قال: يا جندب، فامض بنا حتّى نسأله عن ذلك. . . ثمّ قال عليه السّلام:

يا سلمان و يا جندب، قالا: لبّيك يا أمير المؤمنين، قال: إنّه لا يستكمل أحد الإيمان حتّى يعرفني كنه معرفتي بالنورانيّة، فإذا عرفني بهذه المعرفة فقد امتحن اللّه قلبه للإيمان و شرح صدره للإسلام و صار عارفا مستبصرا، و من قصر عن معرفة ذلك فهو شاكّ و مرتاب.

يا سلمان و يا جندب، قالا: لبّيك يا أمير المؤمنين، قال عليه السّلام: معرفتي بالنورانيّة معرفة اللّه عزّ و جلّ و معرفة اللّه عزّ و جلّ معرفتي بالنورانيّة و هو الدين الخالص الذي قال اللّه تعالى: وَ ما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اَللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ اَلدِّينَ حُنَفاءَ وَ يُقِيمُوا

ص:94


1- -بصائر الدرجات ص 509 ج 10 ب 18 ح 12
2- النساء:54
3- بصائر الدرجات ص 509 ح 13
4- البقرة:269
5- اثبات الهداة ج 1 ص 81 ب 6 ح 29

اَلصَّلاةَ وَ يُؤْتُوا اَلزَّكاةَ وَ ذلِكَ دِينُ اَلْقَيِّمَةِ (1)يقول: ما أمروا إلاّ بنبوّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله و هي الديانة المحمّديّة السمحة و قوله: وَ يُقِيمُونَ اَلصَّلاةَ فمن أقام ولايتي فقد أقام الصلاة، و إقامة ولايتي صعب مستصعب لا يحتمله إلاّ ملك مقرّب أو نبيّ مرسل أو مؤمن امتحن اللّه قلبه للإيمان، فالملك إذا لم يكن مقرّبا لم يحتمله، و النبيّ إذا لم يكن مرسلا لم يحتمله، و المؤمن إذا لم يكن ممتحنا لم يحتمله.

قال سلمان: قلت: يا أمير المؤمنين، و من المؤمن و ما نهايته و ما حدّه حتّى أعرفه؟ قال عليه السّلام: يا أبا عبد اللّه، قلت: لبّيك يا أخا رسول اللّه، قال: المؤمن الممتحن هو الذي لا يرد من أمرنا إليه شيء إلاّ شرح صدره لقبوله و لم يشكّ و لم يرتدّ.

اعلم يا أباذرّ، أنا عبد اللّه عزّ و جلّ و خليفته على عباده لا تجعلونا أربابا و قولوا في فضلنا ما شئتم فإنّكم لا تبلغوا كنه ما فينا و لا نهايته فإنّ اللّه عزّ و جلّ قد أعطانا أكبر و أعظم ما يصفه و اصفكم أو يخطر على قلب أحدكم فإذا عرفتمونا هكذا فأنتم المؤمنون.

قال سلمان: قلت: يا أخا رسول اللّه، و من أقام الصلاة أقام ولايتك؟ قال: نعم يا سلمان، تصديق ذلك قوله تعالى في الكتاب العزيز: وَ اِسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ اَلصَّلاةِ وَ إِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلاّ عَلَى اَلْخاشِعِينَ (2)فالصبر رسول اللّه، و الصلاة إقامة ولايتي فمنها قال اللّه تعالى: وَ إِنَّها لَكَبِيرَةٌ و لم يقل و إنهما لكبيرتان لأنّ الولاية كبيرة حملها إلاّ على الخاشين، و الخاشعون هم الشيعة المستبصرون. . . (3)

22-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «من مات و هو

ص:95


1- -البيّنة:5
2- البقرة:45
3- القطرة للمستنبط رحمه اللّه ج 1 ص 74 ب 2 ح 19

لا يعرف إمامه مات ميتة جاهليّة» فعليكم بالطاعة، قد رأيتم أصحاب عليّ عليه السّلام و أنتم تأتّمون بمن لا يعذر الناس بجهالته، لنا كرائم القرآن، و نحن أقوام افترض اللّه طاعتنا، و لنا الأنفال و لنا صفو المال. (1)

بيان:

«قد رأيتم أصحاب عليّ عليه السّلام» : أي طاعتهم له فالمراد خواصّهم.

«لنا كرائم القرآن» : أي نزلت فينا الآيات الكريمة و نفائسها.

23-عن الفضيل قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: من مات و ليس له إمام فموته ميتة جاهليّة، و لا يعذر الناس حتّى يعرفوا إمامهم، و من مات و هو عارف لإمامه لا يضرّه تقدّم هذا الأمر أو تأخرّه، و من مات عارفا لإمامه كان كمن هو مع القائم في فسطاطه. (2)

بيان:

«الفسطاط» : الخيمة.

24-عن ابن أبي نصر عن أبي الحسن عليه السّلام في قوله: وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اِتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اَللّهِ (3)قال: من اتّخذ دينه رأيه بغير إمام من أئمّة الهدى. (4)

25-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من أشرك مع إمام إمامته من عند اللّه من ليست إمامته من اللّه كان مشركا. (5)

26-عن البزنطي عن الرضا عليه السّلام قال: قال أبو جعفر عليه السّلام: من سرّه أن لا يكون بينه و بين اللّه حجاب حتّى ينظر إلى اللّه و ينظر اللّه إليه فليتوال آل محمّد

ص:96


1- -البحار ج 23 ص 76 باب وجوب معرفة الإمام ح 1
2- البحار ج 23 ص 77 ح 6
3- القصص:50
4- البحار ج 23 ص 78 ح 10
5- البحار ج 23 ص 78 ح 11

و يتبرّأ من عدوّهم و يأتمّ بالإمام منهم، فإنّه إذا كان كذلك نظر اللّه إليه، و نظر إلى اللّه. (1)

بيان:

المراد بالنظر إلى اللّه، النظر إلى أوليائه، أو غاية معرفته بحسب وسع المرء و قابليّته.

27-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الإمام علم بين اللّه عزّ و جلّ و بين خلقه، فمن عرفه كان مؤمنا و من أنكره كان كافرا. (2)

أقول:

يأتي في باب الولاية ف 2 عن الكافي (ج 1 ص 140 باب معرفة الإمام ح 8) ، قال أبو جعفر عليه السّلام: كلّ من دان اللّه بعبادة يجهد فيها نفسه و لا إمام له من اللّه، فسعيه غير مقبول و هو ضالّ متحيّر، و اللّه شانىء لأعماله و مثله كمثل شاة ضلّت عن راعيها و قطيعها. . .

28-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

ألا و إنّا (إنّ ف ن) أهل البيت أبواب الحكم (الحلم) و أنوار الظلم و ضياء الامم.

(الغرر ج 1 ص 165 ف 6 ح 34)

أين تتيهون (3)و من أين تؤتون و أنّى تؤفكون و على م تعمهون و بينكم عترة نبيّكم و هم أزمّة الصدق و ألسنة الحقّ؟ ! (ص 171 ف 7 ح 27)

أين الذين زعموا أنّهم الراسخون في العلم دوننا كذبا و بغيا علينا و حسدا لنا أن رفعنا اللّه سبحانه و وضعهم و أعطانا و حرمهم و أدخلنا و أخرجهم؟ ! بنا يستعطى الهدى و يستجلى العمى لا بهم. (ص 172 ح 34)

أشدّ الناس عمى من عمي عن حبّنا و فضلنا و ناصبنا العداوة بلا ذنب سبق

ص:97


1- -البحار ج 23 ص 81 ح 17
2- البحار ج 23 ص 88 ح 32
3- أي تذهبون متحيّرون.

منّا إليه إلاّ إنّا دعوناه إلى الحقّ و دعاه سوانا إلى الفتنة و الدنيا، فآثرها و نصب العداوة لنا (ص 206 ف 8 ح 470)

أسعد الناس من عرف فضلنا و تقرّب إلى اللّه بنا، و أخلص حبّنا، و عمل بما إليه ندبنا، و انتهى عمّا عنه نهينا، فذاك منّا و هو في دار المقامة معنا. (ح 471)

أحسن الحسنات حبّنا و أسوء السيّئات بغضنا. (ص 213 ح 538)

أولى الناس بنا من والانا، و عادا من عادانا (ح 539)

إنّ للا إله إلاّ اللّه شروطا و إنّي و ذرّيّتي من شروطها. (ص 224 ف 9 ح 103)

أنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و معي عترتي على الحوض فليأخذ آخذكم بقولنا و يعمل بعملنا. (ص 280 ف 11 ح 4)

أنا و أهل بيتي أمان لأهل الأرض كما أنّ النجوم أمان لأهل السماء.

(ص 281 ح 12)

إنّما الأئمّة قوّام اللّه على خلقه، و عرفائه على عباده، و لا يدخل الجنّة إلاّ من عرفهم و عرفوه، و لا يدخل النار إلاّ من أنكرهم و أنكروه.

(ص 303 ف 15 ح 52)

بنا اهتديتم الظلماء و تسنّمتم العليا و بنا انفجرتم عن السرار.

(ص 345 ف 21 ح 37)

بنا فتح اللّه و بنا يختم، و بنا يمحو ما يشاء و يثبت، و بنا يدفع اللّه الزمان الكلب، و بنا ينزل الغيث، فلا يغرّنّكم باللّه الغرور. (ح 38)

شقّوا أمواج الفتن بسفن النجاة (ص 450 ف 42 ح 24)

[طريقتنا القصد]و سنّتنا الرشد. (ج 2 ص 471 ف 47 ح 26)

عليك بطاعة من لا تعذر بجهالته. (ص 479 ف 49 ح 30)

عليكم بطاعة أئمّتكم، فإنّهم الشهداء عليكم اليوم و الشفعاء لكم عند اللّه تعالى غدا. (ص 486 ف 50 ح 21)

ص:98

لنا على الناس حقّ الطاعة و الولاية، و لهم من اللّه حسن الجزاء.

(ص 610 ف 76 ح 19)

من تمسّك بنا لحق. (ص 622 ف 77 ح 247)

من تخلّف عنّا محق-من اتّبع أمرنا سبق. (ح 248 و 249)

من ركب غير سفينتنا غرق. (ح 250)

من أطاع إمامه فقد أطاع ربّه (ص 675 ح 1043)

من مات على فراشه و هو على معرفة ربّه و حقّ رسوله و حقّ أهل بيته، مات شهيدا، و وقع أجره على اللّه سبحانه، و استوجب ثواب ما نوى من صالح عمله و قامت نيّته مقام إصلاته (1)بسيفه، فإنّ لكلّ شيء أجلا لا يعدوه.

(ص 709 ح 1399)

نحن دعاة الحقّ و أئمّة الخلق و ألسنة الصدق، من أطاعنا ملك و من عصانا هلك. (ص 779 ف 82 ح 53)

نحن باب حطّة و هو باب السّلام، من دخله سلم و نجى، و من تخلّف عنه هلك (ح 54)

نحن امناء اللّه سبحانه على عباده، و مقيموا الحقّ في بلاده، بنا ينجو الموالي، و بنا يهلك المعادي. (ح 56)

نحن شجرة النبوّة، و محطّ الرسالة، و مختلف الملائكة، و ينابيع الحكمة، و معادن العلم، ناصرنا و محبّنا ينتظر الرحمة، و عدوّنا و مبغضنا ينتظر السطوة. (ح 57)

نحن الشعار و الأصحاب و السدنه و الأبواب، و لا تؤتى البيوت إلاّ من أبوابها و من أتاها من غير أبوابها كان سارقا لا تعدوه العقوبة. (ح 58)

و قال عليه السّلام في وصف آل الرسول صلوات اللّه عليهم: هم دعائم الإسلام، و ولائج

ص:99


1- -الإصلاة: تجريد السيف من غمره.

الاعتصام، بهم عاد الحقّ في نصابه، و إنزاح الباطل عن مقامه، و انقطع لسانه عن منبته، عقلوا الدين عقل وعاية و رعاية، لا عقل سماع و رواية، هم موضع سرّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و حماة أمره، و أوعية علمه، و موئل حكمه، و كهوف كتبه، و حبال دينه، هم كرائم الإيمان و كنوز الرحمان، إن قالوا صدقوا، و إن صمتوا لم يسبقوا، هم كنوز الإيمان و معادن الإحسان، إن حكموا عدلوا و إن حاجّوا خصموا.

(ص 798 ف 84 ح 55)

هم أساس الدين و عماد اليقين، إليهم يفيئ الغالي، و بهم يلحق التالي.

(ح 56)

هم مصابيح الظلم و ينابيع الحكم، و معادن العلم و مواطن الحلم.

(ص 799 ح 57)

هم عيش الحلم و موت الجهل، يخبركم حلمهم عن علمهم، و صمتهم عن منطقهم، لا يخالفون الحقّ و لا يختلفون فيه، فهو بينهم صامت ناطق، و شاهد صادق. (ح 58)

لا تزلّوا عن الحقّ و أهله، فإنّه من استبدل بنا أهل البيت هلك، وفاتته الدنيا و الآخرة. (ص 826 ف 85 ح 261)

لا يقابل (لا يقاس ف ن) بآل محمّد صلوات اللّه عليهم من هذه الأمّة أحد، و لا يستوي بهم من جرت نعمتهم عليه أبدا. (ص 857 ف 86 ح 466)

ص:100

الفصل الثالث: شرائط الإمامة

الآيات

1- وَ إِذِ اِبْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنّاسِ إِماماً قالَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي اَلظّالِمِينَ. (1)

أقول:

و يدلّ على لزوم العصمة في الإمام و عدم جواز تصدّي الظالمين للإمامة، الآيات الواردة في ذمّ الظالمين و في ذمّ المعاصي كلّها.

2- . . . إِنَّما يُرِيدُ اَللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ اَلرِّجْسَ أَهْلَ اَلْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (2)

أقول:

و يدلّ على وجود العصمة فيهم عليهم السّلام قوله: وَ أَطِيعُوا اَلرَّسُولَ وَ أُولِي اَلْأَمْرِ مِنْكُمْ (3)لإطلاق الأمر بإطاعتهم فيها.

ص:101


1- -البقرة:124
2- الأحزاب:33
3- النساء:59

الأخبار

1-عن سليم بن قيس عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: إنّ اللّه تبارك و تعالى طهّرنا و عصمنا و جعلنا شهداء على خلقه و حجّته في أرضه و جعلنا مع القرآن و جعل القرآن معنا لا نفارقه و لا يفارقنا. (1)

بيان:

«طهّرنا» أي من الشرك و العقائد الفاسدة و الأخلاق الرديّة.

قال المظفّر رحمه اللّه في عقائد الأماميّة ص 79: نعتقد أنّ الانبياء معصومون قاطبة، و كذلك الأئمّة عليهم جميعا التحيّات الزاكيات، و خالفنا في ذلك بعض المسلمين فلم يوجبوا العصمة في الأنبياء فضلا عن الأئمّة.

و العصمة: هي التنزّه عن الذنوب و المعاصي صغائرها و كبائرها، و عن الخطأ و النسيان، و إن لم يمتنع عقلا على النبيّ أن يصدر منه ذلك. . . و الدليل على وجوب العصمة: أنّه لو جاز أن يفعل النبيّ المعصية أو يخطأ و ينسى، و صدر منه شيء من هذا القبيل، فإمّا أن يجب اتّباعه في فعله الصادر منه عصيانا أو خطأ أو لا يجب، فإن وجب اتّباعه فقد جوّزنا فعل المعاصي برخصة من اللّه تعالى بل أوجبنا ذلك، و هذا باطل بضرورة الدين و العقل، و إن لم يجب اتّباعه فذلك ينافي النبوّة التي لا بدّ أن تقترن بوجوب الطاعة أبدا.

على أنّ كلّ شيء يقع منه من فعل أو قول فنحن نحتمل فيه المعصية أو الخطأ فلا يجب اتّباعه في شيء من الأشياء فتذهب فائدة البعثة، بل يصبح النبيّ كسائر الناس ليس لكلامهم و لا لعملهم تلك القيمة العالية التي يعتمد عليها دائما،

ص:102


1- -الكافي ج 1 ص 147 باب في أنّ الأئمّة شهداء اللّه على خلقه ح 5

كما لا تبقى طاعة حتميّة لأوامره و لا ثقة مطلقة بأقواله و أفعاله.

و هذا الدليل على العصمة يجري عينا في الإمام، لأنّ المفروض فيه أنّه منصوب من اللّه تعالى لهداية البشر خليفة للنبيّ.

و في البحار ج 25 ص 209: اعلم أنّ الإماميّة اتّفقوا على عصمة الأئمّة عليهم السّلام من الذنوب صغيرها و كبيرها، فلا يقع منهم ذنب أصلا لا عمدا و لا نسيانا و لا لخطأ في التاويل و لا للإسهاء من اللّه سبحانه. . . و لا السهو الذي يكون من الشيطان و قد مرّت الأخبار و الأدلّة الدالّة عليها. . .

(لاحظ البحار ج 11 ص 89 أيضا)

2-عن زيد الشحّام قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ اللّه تبارك و تعالى اتّخذ إبراهيم عليه السّلام عبدا قبل أن يتّخذه نبيّا و إنّ اللّه اتّخذه نبيّا قبل أن يتّخذه رسولا و إنّ اللّه اتّخذه رسولا قبل أن يتّخذه خليلا و إنّ اللّه اتّخذه خليلا قبل أن يجعله إماما فلمّا جمع له الأشياء قال: إِنِّي جاعِلُكَ لِلنّاسِ إِماماً قال:

فمن عظمها في عين إبراهيم قال: وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي اَلظّالِمِينَ قال:

لا يكون السفيه إمام التقيّ. (1)

3-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سمعته يقول: إنّ اللّه اتّخذ إبراهيم عليه السّلام عبدا قبل أن يتّخذه نبيّا و اتّخذه نبيّا قبل أن يتّخذه رسولا و اتّخذه رسولا قبل أن يتّخذه خليلا و اتّخذه خليلا قبل أن يتّخذه إماما فلمّا جمع له هذه الأشياء -و قبض يده-قال له: يا إبراهيم إِنِّي جاعِلُكَ لِلنّاسِ إِماماً فمن عظمها في عين إبراهيم قال: يا ربّ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي اَلظّالِمِينَ. (2)

4-قال أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد عليهما السّلام: عشر خصال من صفات الإمام:

ص:103


1- -الكافي ج 1 ص 133 باب طبقات الأنبياء ح 2
2- الكافي ج 1 ص 134 ح 4

العصمة و النصوص، و أن يكون أعلم الناس و أتقاهم للّه و أعلمهم بكتاب اللّه، و أن يكون صاحب الوصيّة الظاهرة، و يكون له المعجز و الدليل، و تنام عينه و لا ينام قلبه، و لا يكون له فيئ و يرى من خلفه كما يرى من بين يديه. (1)

بيان:

الإمام هو الذي له الرياسة العامّة في أمور الدين و الدنيا و ينوب عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في إقامة قوانين الشرع و حفظ حوزة الملّة على وجه يجب اتّباعه على الأمّة كافّة.

و في عقائد الإماميّة (ص 98) : و نعتقد أنّ الأئمّة هم أولوا الأمر الذين أمر اللّه تعالى بطاعتهم، و أنّهم الشهداء على الناس، و أنّهم أبواب اللّه و السبل إليه و الأدلاء عليه، و أنّهم عيبة علمه و تراجمة وحيه و أركان توحيده و خزّان معرفته، و لذا كانوا أمانا لأهل الأرض. . . و أنّهم الذين أذهب اللّه عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا.

بل نعتقد أنّ أمرهم أمر اللّه تعالى، و نهيهم نهيه، و طاعتهم طاعته، و معصيتهم معصيته، و وليّهم وليّه، و عدوّهم عدوّه، و لا يجوز الردّ عليهم، و الرادّ عليهم كالرادّ على الرسول، و الرادّ على الرسول كالرادّ على اللّه تعالى. فيجب التسليم لهم و الانقياد لأمرهم و الأخذ بقولهم.

و لهذا نعتقد أنّ الأحكام الشرعيّة الإلهيّة لا تستقى إلاّ من نمير مائهم و لا يصحّ أخذها إلاّ منهم، و لا تفرغ ذمّة المكلّف بالرجوع إلى غيرهم. . .

و قال (ص 103) : نعتقد أنّ الإمامة كالنبوّة لا تكون إلاّ بالنّصّ من اللّه تعالى على لسان رسوله، أو لسان الإمام المنصوب بالنصّ إذا أراد أن ينصّ على الإمام من بعده، و حكمها في ذلك حكم النبوّة بلا فرق، فليس للناس أن يتحكّموا فيمن يعيّنه اللّه هاديا و مرشدا لعامّة البشر، كما ليس لهم حقّ تعيينه أو ترشيحه أو انتخابه، لأنّ الشخص الذي له من نفسه القدسيّة استعداد لتحمّل أعباء الإمامة

ص:104


1- -الخصال ج 2 ص 428 باب العشرة ح 5

العامّة و هداية البشر قاطبة يجب ألاّ يعرّف إلاّ بتعريف اللّه و لا يعيّن إلاّ بتعيينه.

و نعتقد أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نصّ على خليفته و الإمام في البريّة من بعده، فعيّن ابن عمّه عليّ بن أبي طالب أميرا للمؤمنين و أمينا للوحي و إماما للخلق في عدّة مواطن، و نصبه و أخذ البيعة له بإمرة المؤمنين يوم الغدير، فقال: ألا من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه، اللهمّ وال من والاه، و عاد من عاداه، و انصر من نصره، و اخذل من خذله، و أدر الحقّ معه كيفما دار. . .

و قال (ص 95) : و نعتقد أنّ الإمام كالنبيّ يجب أن يكون أفضل الناس في صفات الكمال من شجاعة و كرم و عفّة و صدق و عدل و من تدبير و عقل و حكمة و خلق.

و الدليل في النبيّ هو نفسه الدليل في الإمام. . .

5-قال أبو الحسن عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام: للإمام علامات: يكون أعلم الناس، و أحكم الناس، و أتقى الناس، و أحلم الناس، و أشجع الناس، و أسخى الناس، و أعبد الناس، و يولد مختونا، و يكون مطهّرا، و يرى من خلفه كما يرى من بين يديه، و لا يكون له ظلّ، و إذا وقع على الأرض من بطن امّه وقع على راحتيه رافعا صوته بالشهادة، و لا يحتلم، و تنام عينه و لا ينام قلبه، و يكون محدّثا، و يستوي عليه درع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و لا يرى له بول و لا غائط، لأنّ اللّه عزّ و جلّ قد وكّل الأرض بابتلاع ما يخرج منه، و يكون له رائحة أطيب من رائحة المسك، و يكون أولى الناس منهم بأنفسهم، و أشفق عليهم من آبائهم و امّهاتهم، و يكون أشدّ الناس تواضعا للّه عزّ و جلّ. . . (1)

6-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و قد علمتم أنّه لا ينبغي أن يكون الوالي على الفروج و الدماء و المغانم و الأحكام و إمامة المسلمين البخيل، فتكون في أموالهم نهمته، و لا الجاهل فيضلّهم بجهله، و لا الجافي فيقطعهم بجفائه، و لا الخائف للدول

ص:105


1- -الخصال ج 2 ص 527 باب الثلاثين ح 1

فيتّخذ قوما دون قوم، و لا المرتشي في الحكم فيذهب بالحقوق، و يقف بها دون المقاطع، و لا المعطّل للسنّة فيهلك الامّة. (1)

بيان:

«النهمة» : إفراط الشهوة و المبالغة في الحرص. «المقاطع» : الحدود التي عيّنها اللّه تعالى.

7-و قال عليه السّلام: إنّ الأئمّة من قريش غرسوا في هذا البطن من هاشم؛ لا تصلح على سواهم، و لا تصلح الولاة من غيرهم. (2)

أقول:

في المرآة ج 2 ص 394: يدلّ على أنّ الإمام لا بدّ أن يكون قرشيّا، و في أخبار العامّة أيضا دلالة عليه، فقد روى مسلم في صحيحه عشرة أحاديث تدلّ على ذلك. . .

قال الآمدي: الشروط المختلفة فيها في الإمامة ستّة منها القرشيّة، و هو المشهور عندنا، بل مجمع عليه.

8-عن سليم بن قيس قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: إنّما الطاعة للّه عزّ و جلّ و لرسوله و لولاة الأمر، و إنّما أمر بطاعة أولي الأمر لأنّهم معصومون مطهّرون و لا يأمرون بمعصيته. (3)

9-عن الحارث بن المغيرة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: بما يعرف صاحب هذا الأمر؟ قال: بالسكينة و الوقار و العلم و الوصيّة. (4)

10-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: أنّ ممّا استحقّت به الإمامة التطهير، و الطهارة من الذنوب و المعاصي الموبقة التي توجب النار، ثمّ العلم المنوّر بجميع ما يحتاج

ص:106


1- -نهج البلاغة ص 407 في خ 131-صبحي ص 189
2- نهج البلاغة ص 437 في خ 144-صبحي ص 201
3- العلل ج 1 ص 123 ب 102
4- البحار ج 25 ص 138 باب جامع في صفات الإمام ح 9

إليه الامّة من حلالها و حرامها، و العلم بكتابها خاصّه و عامّه و المحكم و المتشابه و دقائق علمه و غرائب تأويله و ناسخه و منسوخه. . . (1)

11-عن معاوية بن وهب قال: قلت لأبي عبد اللّه (لأبي جعفر م) عليه السّلام:

ما علامة الإمام الذي بعد الإمام؟ فقال: طهارة الولادة، و حسن المنشأ، و لا يلهو و لا يلعب. (2)

بيان:

«حسن المنشأ» : أن يظهر منه آثار الفضل و الكمال من حدّ الصبا إلى آخر العمر.

12-عن موسى بن جعفر عن أبيه عن جدّه عن عليّ بن الحسين عليهم السّلام قال: الإمام منّا لا يكون إلاّ معصوما، و ليست العصمة في ظاهر الخلقة فيعرف بها، فلذلك لا يكون إلاّ منصوصا،

فقيل له: يابن رسول اللّه، فما معنى المعصوم؟ فقال: هو المعتصم بحبل اللّه، و حبل اللّه هو القرآن، لا يفترقان إلى يوم القيامة، و الإمام يهدي إلى القرآن و القرآن يهدي إلى الإمام، و ذلك قول اللّه عزّ و جلّ: إِنَّ هذَا اَلْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ (3). (4)

13-قال الصادق عليه السّلام: الأنبياء و أوصياؤهم (و الأوصياء م) لا ذنوب لهم لأنّهم معصومون مطهّرون. (5)

14-عن ابن عبّاس قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: أنا و عليّ و الحسن

ص:107


1- -البحار ج 25 ص 149 ح 24
2- البحار ج 25 ص 166 ح 34
3- الإسراء:9
4- البحار ج 25 ص 194 باب عصمتهم ح 5
5- البحار ج 25 ص 199 ح 8

و الحسين و تسعة من ولد الحسين عليهم السّلام مطهّرون معصومون. (1)

15-عن سعد بن عبد اللّه القمّي رحمه اللّه عن الحجة القائم عليه السّلام (في خبر طويل) . . .

قلت: فأخبرني يا مولاي، عن العلّة التي تمنع القوم من اختيار إمام لأنفسهم؟ قال: مصلح أو مفسد؟ قلت: مصلح، قال: فهل يجوز أن تقع خيرتهم على المفسد بعد أن لا يعلم أحد بما يخطر ببال غيره من صلاح أو فساد؟ ! قلت: بلى، قال: فهي العلّة أوردها لك ببرهان يثق به عقلك.

أخبرني عن الرسل الذين اصطفاهم اللّه و أنزل الكتب عليهم، و أيّدهم بالوحي و العصمة إذ هم أعلام الأمم و أهدى إلى الاختيار منهم مثل موسى و عيسى هل يجوز مع وفور عقلهما و كمال علمهما إذا همّا بالاختيار أن تقع خيرتهما على المنافق، و هما يظنّان أنّه مؤمن؟ قلت: لا فقال: هذا موسى كليم اللّه مع وفور عقله و كمال علمه و نزول الوحي عليه، اختار من أعيان قومه و وجوه عسكره لميقات ربّه سبعين رجلا ممّن لا يشكّ في إيمانهم و إخلاصهم، فوقعت خيرته على المنافقين، قال اللّه عزّ و جلّ: وَ اِخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا (2)-إلى قوله- لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّى نَرَى اَللّهَ جَهْرَةً (3)فَأَخَذَتْهُمُ اَلصّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ (4)

فلمّا وجدنا اختيار من قد اصطفاه اللّه للنبوّة واقعا على الأفسد دون الأصلح و هو يظنّ أنّه الأصلح دون الأفسد، علمنا أن لا اختيار إلاّ لمن يعلم ما تخفي الصدور و تكنّ الضمائر و يتصرّف عليه السرائر، و أن لا خطر لاختيار المهاجرين و الأنصار، بعد وقوع خيرة الأنبياء على ذوي الفساد لمّا أرادوا أهل

ص:108


1- -البحار ج 25 ص 201 ح 13
2- الاعراف:155
3- البقرة:55
4- النساء:153

الصلاح. . . (1)

ص:109


1- -البحار ج 52 ص 84 باب خبر سعد. . .

الفصل الرابع: جوامع أوصاف الإمام عليه السّلام و فضائله

الأخبار

1-عن عبد العزيز بن مسلم قال: كنّا مع الرضا عليه السّلام بمرو فاجتمعنا في الجامع يوم الجمعة في بدء مقدمنا فأداروا أمر الإمامة و ذكروا كثرة اختلاف الناس فيها فدخلت على سيّدي عليه السّلام فأعلمته خوض الناس فيه.

فتبسّم عليه السّلام ثمّ قال: يا عبد العزيز [بن مسلم]، جهل القوم و خدعوا عن آرائهم، إنّ اللّه عزّ و جلّ لم يقبض نبيّه صلّى اللّه عليه و آله حتّى أكمل له الدين و أنزل عليه القرآن فيه تبيان كلّ شيء، بيّن فيه الحلال و الحرام و الحدود و الأحكام و جميع ما يحتاج إليه الناس كملا، فقال عزّ و جلّ: ما فَرَّطْنا فِي اَلْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ (1)و أنزل في حجّة الوداع و هى آخر عمره صلّى اللّه عليه و آله اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ اَلْإِسْلامَ دِيناً (2)و أمر الإمامة من تمام الدين و لم يمض صلّى اللّه عليه و آله حتّى بيّن لأمّته معالم دينهم و أوضح لهم سبيلهم و تركهم على قصد سبيل الحقّ و أقام لهم عليّا عليه السّلام علما و إماما و ما ترك لهم شيئا يحتاج إليه الامّة إلاّ بيّنه، فمن زعم أنّ اللّه عزّ و جلّ لم يكمل دينه فقد ردّ كتاب اللّه و من ردّ كتاب اللّه فهو

ص:110


1- -الأنعام:38
2- المائدة:3

كافر به.

هل يعرفون قدر الإمامة و محلّها من الامّة فيجوز فيها اختيارهم؟ !

إنّ الإمامة أجلّ قدرا و أعظم شأنا و أعلا مكانا و أمنع جانبا و أبعد غورا من أن يبلغها الناس بعقولهم أو ينالوها بآرائهم أو يقيموا إماما باختيارهم، إنّ الإمامة خصّ اللّه عزّ و جلّ بها إبراهيم الخليل بعد النبوّة و الخلّة مرتبة ثالثة و فضيلة شرّفه بها و أشاد بها ذكره فقال: إِنِّي جاعِلُكَ لِلنّاسِ إِماماً فقال الخليل عليه السّلام سرورا بها: وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي قال اللّه تبارك و تعالى: لا يَنالُ عَهْدِي اَلظّالِمِينَ فأبطلت هذه الآية إمامة كلّ ظالم إلى يوم القيامة و صارت في الصفوة.

ثمّ أكرمه اللّه تعالى بأن جعلها في ذرّيّته أهل الصفوة و الطهارة، فقال: وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ نافِلَةً وَ كُلاًّ جَعَلْنا صالِحِينَ- وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَ أَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ اَلْخَيْراتِ وَ إِقامَ اَلصَّلاةِ وَ إِيتاءَ اَلزَّكاةِ وَ كانُوا لَنا عابِدِينَ (1).

فلم تزل في ذرّيّته يرثها بعض عن بعض قرنا فقرنا حتّى ورّثها اللّه تعالى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال جلّ و تعالى: إِنَّ أَوْلَى اَلنّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اِتَّبَعُوهُ وَ هذَا اَلنَّبِيُّ وَ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ اَللّهُ وَلِيُّ اَلْمُؤْمِنِينَ (2)فكانت له خاصّة فقلّدها صلّى اللّه عليه و آله عليّا عليه السّلام بأمر اللّه تعالى على رسم ما فرض اللّه، فصارت في ذرّيّته الأصفياء الذين آتاهم اللّه العلم و الإيمان، بقوله تعالى: وَ قالَ اَلَّذِينَ أُوتُوا اَلْعِلْمَ وَ اَلْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اَللّهِ إِلى يَوْمِ اَلْبَعْثِ (3)فهي في ولد عليّ عليه السّلام خاصّة إلى يوم القيامة، إذ لا نبيّ بعد محمّد صلّى اللّه عليه و آله فمن أين يختار هؤلاء الجهّال؟ !

إنّ الإمامة هي منزلة الأنبياء و إرث الأوصياء، إنّ الإمامة خلافة اللّه و خلافة الرسول صلّى اللّه عليه و آله و مقام أمير المؤمنين عليه السّلام و ميراث الحسن و الحسين عليهما السّلام. إنّ

ص:111


1- -الأنبياء:72 و 73
2- آل عمران:68
3- الروم:56

الإمامة زمام الدين و نظام المسلمين و صلاح الدنيا و عزّ المؤمنين.

إنّ الإمامة اس الإسلام النامي و فرعه السامي. بالإمام تمام الصلاة و الزكاة و الصيام و الحجّ و الجهاد و توفير الفيء و الصدقات و إمضاء الحدود و الأحكام و منع الثغور و الأطراف. الإمام يحلّ حلال اللّه و يحرّم حرام اللّه و يقيم حدود اللّه و يذبّ عن دين اللّه و يدعوا إلى سبيل ربّه بالحكمة و الموعظة الحسنة و الحجّة البالغة.

الإمام كالشمس الطالعة المجلّلة بنورها للعالم و هي في الافق بحيث لا تنالها الأيدي و الأبصار. الإمام البدر المنير و السراج الزاهر و النور الساطع و النجم الهادي في غياهب الدجى و أجواز البلدان و القفار و لجج البحار، الإمام الماء العذب على الظماء و الدالّ على الهدى و المنجي من الردى. الإمام النار على اليفاع، الحارّ لمن اصطلى به، و الدليل في المهالك، من فارقه فهالك. الإمام السحاب الماطر و الغيث الهاطل و الشمس المضيئة و السماء الظليلة و الأرض البسيطة و العين الغزيرة و الغدير و الروضة.

الإمام الأنيس الرفيق و الوالد الشفيق و الأخ الشقيق و الأمّ البرّة بالولد الصغير و مفزع العباد في الداهية النآد. الإمام أمين اللّه في خلقه و حجّته على عباده و خليفته في بلاده و الداعي إلى اللّه و الذابّ عن حرم اللّه، الإمام المطهّر من الذنوب و المبرّا عن العيوب، المخصوص بالعلم، الموسوم بالحلم، نظام الدين و عزّ المسلمين و غيظ المنافقين و بوار الكافرين، الإمام واحد دهره، لا يدانيه أحد و لا يعادله عالم، و لا يوجد منه بدل و لا له مثل و لا نظير، مخصوص بالفضل كلّه من غير طلب منه له و لا اكتساب، بل اختصاص من المفضّل الوهّاب.

فمن ذا الذي يبلغ معرفة الإمام أو يمكنه اختياره، هيهات هيهات، ضلّت العقول و تاهت الحلوم و حارت الألباب و خسئت العيون و تصاغرت العظماء و تحيّرت الحكماء و تقاصرت الحلماء و حصرت الخطباء و جهلت الألبّاء و كلّت

ص:112

الشعراء و عجزت الادباء و عييت البلغاء عن وصف شأن من شأنه أو فضيلة من فضائله و أقرّت بالعجز و التقصير، و كيف يوصف بكلّه أو ينعت بكنهه أو يفهم شيء من أمره أو يوجد من يقوم مقامه و يغني غناه؟ لا، كيف و أنّى؟ و هو بحيث النجم من يد المتناولين و وصف الواصفين.

فأين الاختيار من هذا و أين العقول عن هذا و أين يوجد مثل هذا؟ !

أتظنّون أنّ ذلك يوجد في غير آل الرسول محمّد صلّى اللّه عليه و آله كذبتهم و اللّه أنفسهم و منّتهم الأباطيل فارتقوا مرتقا صعبا دحضا تزلّ عنه إلى الحضيض أقدامهم، راموا إقامة الإمام بعقول حائرة بائرة ناقصة و آراء مضلّة، فلم يزدادوا منه إلاّ بعدا، قاتلهم اللّه أنّى يؤفكون. . .

و الإمام عالم لا يجهل وراع لا ينكل، معدن القدس و الطهارة و النسك و الزهادة و العلم و العبادة، مخصوص بدعوة الرسول صلّى اللّه عليه و آله و نسل المطهّرة البتول، لا مغمز فيه في نسب، و لا يدانيه ذو حسب في البيت من قريش و الذروة من هاشم و العترة من الرسول صلّى اللّه عليه و آله و الرضا من اللّه عزّ و جلّ، شرف الأشراف و الفرع من عبد مناف، نامي العلم، كامل الحلم، مضطلع بالامامة، عالم بالسياسة، مفروض الطاعة، قائم بأمر اللّه عزّ و جلّ، ناصح لعباد اللّه، حافظ لدين اللّه.

إنّ الأنبياء و الأئمّة صلوات اللّه عليهم يوفّقهم اللّه و يؤتيهم من مخزون علمه و حكمه ما لا يؤتيه غيرهم، فيكون علمهم فوق علم أهل الزمان. . .

و إنّ العبد إذا اختاره اللّه عزّ و جلّ لأمور عباده شرح صدره لذلك و أودع قلبه ينابيع الحكمة و ألهمه العلم إلهاما، فلم يعي بعده بجواب و لا يحير فيه عن الصواب، فهو معصوم مؤيّد موفّق مسدّد، قد أمن من الخطايا و الزلل و العثار، يخصّه اللّه بذلك ليكون حجّته البالغة على عباده و شاهده على خلقه. . . (1)

ص:113


1- -الكافي ج 1 ص 154 باب نادر جامع في فضل الإمام و صفاته ح 1-و رواه غير واحد

بيان:

«في الصفوة» : أي في أهل الطهارة و العصمة من صفا الجوّ إذا لم يكن فيه غيم.

«السامي» : العالي المرتفع و فرع كلّ شيء: أعلاه. «غياهب الدجى» الغيهب:

الظلمة و شدّة السواد، و الدّجى: الظلمة، و الإضافة بيانيّة للمبالغة. «الأجواز» :

ج الجوز و هو من كلّ شيء وسطه «القفر» جمع قفار و هي مفازة لا نبات فيها و لا ماء، و المراد هنا الخالية عن الهداية. «لجج البحار» لجّة الماء: معظمه. «الظماء» :

شدّة العطش. «الردى» الهلاك. «اليفاع» ما ارتفع من الأرض.

«الاصطلاء» : افتعال من الصلى بالنار و هو التسخّن بها.

«الهطل» بالفتح و التحريك: تتابع المطر و سيلانه. «الغزيرة» : الكثيرة. «الداهية» :

الأمر العظيم. و «النآد» : بمعنى الداهية فوصفت الداهية به للمبالغة.

«الذابّ عن حرم اللّه» الحرم: جمع الحرمة و هي ما لا يحلّ انتهاكه و تجب رعايته.

«الحلوم» : العقول. و «ضلّت و تاهت و حارت» متقاربة المعاني.

«خسئت العيون» : أي كلّت. «تصاغرت العظماء» يقال: تصاغرت إليه نفسه أي صغرت. «تقاصرت» : التقاصر مبالغة في القصر أو هو إظهاره كالتطاول.

«حصرت الخطباء» حصر كعلم: عىّ في المنطق. «عييت» : عجزت.

«منّتهم الأباطيل» أي أوقعت في أنفسهم الأمانيّ الباطلة أو أضعفتهم.

«دحضا» يقال: مكان دحض، إذا كان زلقا و مزلّة (لغزنده)

«لا ينكل» لا يضعف و لا يجبن. «النسك» العبادة و الطاعة. «لا مغمز فيه» المغمز مصدر أو اسم مكان من الغمز بمعنى الطعن. «مضطلع بالإمامة» أي قويّ عليها من الضلاعة و هي القوّة. (لاحظ شرح الحديث في المرآة ج 2 ص 376)

ص:114

الفصل الخامس: لزوم التوسّل بهم عليهم السّلام

الآيات

1- فَتَلَقّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ اَلتَّوّابُ اَلرَّحِيمُ. (1)

2- وَ لِلّهِ اَلْأَسْماءُ اَلْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها. . . (2)

الأخبار

1-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ عبدا مكث في النار سبعين خريفا، و الخريف سبعون سنة، ثمّ إنّه سأل اللّه بحقّ محمّد و أهل بيته: لما رحمتني، فأوحى اللّه إلى جبرئيل عليه السّلام أن اهبط إلى عبدي فأخرجه. . . عبدي كم لبثت في النار؟ قال: ما أحصي يا ربّ، فقال له: و عزّتي و جلالي لو لا ما سألتني به لأطلت هوانك (في النار) ، و لكنّي حتمت على نفسي أن لا يسألني عبد بحقّ محمّد و أهل بيته إلاّ غفرت له ما كان بينى و بينه، و قد غفرت لك اليوم. (3)

2-عن ابن عبّاس قال: سألت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عن الكلمات التي تلقّاها آدم

ص:115


1- -البقرة:37
2- الأعراف:180
3- الوسائل ج 7 ص 98 ب 37 من الدعاء ح 2

من ربّه فتاب عليه؟ قال: سأله بحقّ محمّد و عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين إلاّ تبت عليّ، فتاب عليه. (1)

3-عن المفضّل بن عمر، عن الصادق عليه السّلام في قوله تعالى: وَ إِذِ اِبْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ (2)قال: هي الكلمات التي تلقّاها آدم من ربّه فتاب عليه، و هو أنّه قال: يا ربّ، أسألك بحقّ محمّد و عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين إلاّ تبت عليّ، فتاب عليه. . . (3)

4-عن الصادق عليه السّلام (في حديث) قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّه يكره للعبد أن يزكّي نفسه، و لكنّي أقول: إنّ آدم لمّا أصاب الخطيئة كانت توبته أن قال:

«اللهمّ إنّي أسألك بحقّ محمّد و آل محمّد لمّا غفرت لي» فغفرها له.

و إنّ نوحا لمّا ركب السفينة و خاف الغرق قال: «اللهمّ إنّى أسألك بحقّ محمّد و آل محمّد لمّا أنجيتني من الغرق» فأنجاه اللّه منه.

و إنّ إبراهيم لمّا القي في النار قال: «اللهمّ إنّي أسألك بحقّ محمّد و آل محمّد لمّا أنجيتني منها» فجعلها اللّه عليه بردا و سلاما.

و إنّ موسى لمّا ألقى عصاه و أوجس في نفسه خيفة قال: «اللهمّ إنّي أسألك بحقّ محمّد و آل محمّد لمّا أمنتني» فقال له اللّه عزّ و جلّ: لا تخف، إنّك أنت الأعلى. (4)

5-عن ابن عبّاس (في حديث قصّة يوسف) يقول في آخره: هبط جبرئيل على يعقوب فقال: ألا أعلّمك دعاء يردّ اللّه به بصرك و يردّ عليك ابنيك؟ قال:

بلى، قال: فقل ما قاله أبوك آدم فتاب اللّه عليه، و ما قاله نوح فاستوت سفينته على الجوديّ و نجا من الغرق، و ما قاله أبوك إبراهيم خليل الرحمن حين القي

ص:116


1- -الوسائل ج 7 ص 98 ح 3
2- البقرة:124
3- الوسائل ج 7 ص 99 ح 4
4- الوسائل ج 7 ص 100 ح 6

في النار فجعلها اللّه عليه بردا و سلاما.

قال يعقوب: و ما ذلك يا جبرئيل؟ فقال: قل «اللهمّ إنّي أسألك بحقّ محمّد و عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السّلام أن تأتيني بيوسف و بنيامين جميعا، و تردّ عليّ عيني» فقاله، فما استتمّ يعقوب هذا الدعاء حتّى جاء البشير فألقى قميص يوسف عليه فارتدّ بصيرا. (1)

6-عن سلمان الفارسي رحمه اللّه قال: سمعت محمّدا صلّى اللّه عليه و آله يقول: إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: يا عبادي، أو ليس من له إليكم حوائج كبار لا تجودون بها إلاّ أن يتحمّل عليكم بأحبّ الخلق إليكم تقضونها كرامة لشفيعهم؟ ألا فاعلموا أنّ أكرم الخلق عليّ و أفضلهم لديّ محمّد و أخوه عليّ و من بعده الأئمّة الذين هم الوسائل إلى اللّه، فليدعني من همّته حاجة يريد نفعها أو دهمته داهية يريد كشف ضرّها بمحمّد و آله الطيّبين الطاهرين أقضها له أحسن ما يقضيها من تستشفعون له بأعزّ الخلق إليه. (2)

7-و عن سماعة قال: قال لي أبو الحسن عليه السّلام: إذا كان لك يا سماعة، عند اللّه حاجة فقل: «اللهمّ إنّي أسألك بحقّ محمّد و عليّ فإنّ لهما عندك شأنا من الشأن و قدرا من القدر، فبحقّ ذلك الشأن و بحقّ ذلك القدر، أن تصلّي على محمّد و آل محمّد و أن تفعل بي كذا و كذا» . (3)

8-الحسن بن عليّ العسكريّ عن آبائه عليهم السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: إنّ اللّه سبحانه يقول: عبادي، من كانت له إليكم حاجة فسألكم بمن تحبّون، أجبتم دعاءه، ألا فاعلموا أنّ أحبّ عبادي إليّ و أكرمهم لديّ محمّد و عليّ حبيبي و وليّي، فمن كانت له حاجة إليّ فليتوسّل إليّ بهما، فإنّي لا أردّ سؤال سائل

ص:117


1- -الوسائل ج 7 ص 100 ح 7
2- الوسائل ج 7 ص 101 ح 8
3- الوسائل ج 7 ص 102 ح 9

يسألني بهما و بالطيّبين من عترتهما، فمن سألني بهم فإنّي لا أردّ دعاءه، و كيف أردّ دعاء من سألني بحبيبي و صفوتي و وليّي و حجّتي و روحي و نوري و آيتي و بابي و رحمتي و وجهي و نعمتي؟ ! ألا و إنّي خلقتهم من نور عظمتي، و جعلتهم أهل كرامتي و ولايتي، فمن سألني بهم عارفا بحقّهم و مقامهم أوجبت له منّي الإجابة، و كان ذلك حقّا عليّ. (1)

9-عن العسكريّ عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: . . . (إنّ اللّه عزّ و جلّ قال لآدم:) و أنت عصيتني بأكل الشجرة و عظّمتني بالتواضع لمحمّد و آل محمّد فتفلح كلّ الفلاح و تزول عنك و صمة الزلّة فادعني بمحمّد و آله الطيّبين لذلك، فدعا بهم فأفلح كلّ الفلاح لما تمسّك بعروتنا أهل البيت. . . (2)

بيان:

«الوصمة» : العيب و العار.

10-قال الرضا عليه السّلام: إذا نزلت بكم شدّة (شديدة) فاستعينوا بنا على اللّه، و هو قول اللّه: وَ لِلّهِ اَلْأَسْماءُ اَلْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: نحن و اللّه الأسماء الحسنى الذي لا يقبل من أحد إلاّ بمعرفتنا، قال: فَادْعُوهُ بِها. (3)

11-عن ابن عبّاس قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لمّا نزلت الخطيئة بآدم و أخرج من الجنّة، أتاه جبرئيل فقال: يا آدم، ادع ربّك، فقال: يا حبيبي جبرئيل، بما أدعو؟ قال: قل: ربّ أسألك بحقّ الخمسة الذين تخرجهم من صلبي آخر الزمان، إلاّ تبت عليّ و رحمتني، فقال له آدم عليه السّلام: يا جبرئيل، سمّهم لي، قال: قل:

«اللهمّ بحقّ محمّد نبيّك و بحقّ عليّ وصيّ نبيّك و بحقّ فاطمة بنت نبيّك و بحقّ الحسن و الحسين سبطي نبيّك، إلاّ تبت عليّ فارحمني» فدعا بهنّ آدم، فتاب اللّه

ص:118


1- -الوسائل ج 7 ص 102 ح 10
2- الاحتجاج ج 1 ص 64
3- المستدرك ج 5 ص 229 ب 35 من الدعاء ح 4

عليه، و ذلك قول اللّه: فَتَلَقّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ (1)و ما من عبد مكروب يخلص النيّة و يدعو بهنّ، إلاّ استجاب اللّه له. (2)

أقول:

سيأتي ما يدلّ على المقام في باب الدعاء.

12-عن المفضّل بن عمر عن أبي عبد اللّه عليه السّلام يقول بعد أن ذكر أنّ آدم و حوا تمنّيا منزلة أهل البيت عليهم السّلام: فلمّا أراد اللّه عزّ و جلّ أن يتوب عليهما جاءهما جبرئيل عليه السّلام فقال لهما: إنّكما ظلمتما أنفسكما بتمنّى منزلة من فضّل عليكما فجزائكما قد عوقبتما به من الهبوط من جوار اللّه عزّ و جلّ إلى أرضه، فسلا ربّكما بحقّ الأسماء التي رأيتموها على ساق العرش حتّى يتوب عليكما، فقالا: «اللهمّ إنّا نسألك بحقّ الأكرمين عليك محمّد و عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمّة إلاّ تبت علينا و رحمتنا» فتاب اللّه عليهما إِنَّهُ هُوَ اَلتَّوّابُ اَلرَّحِيمُ. (3)

13-عن الهادي عن آبائه عن الصادق عليهم السّلام قال: إذا عرضت لأحدكم حاجة فليستشر اللّه ربّه، فإن أشار عليه اتّبع، و إن لم يشر عليه توقّف. قال:

فقلت: يا سيّدى، و كيف أعلم ذلك؟ قال: تسجد عقيب المكتوبة و تقول: «اللهمّ خرلي» مائة مرّة، ثمّ تتوسّل بنا و تصلّي علينا و تستشفع بنا، ثمّ تنظر ما يلهمك تفعله، فهو الذى أشار عليك به. (4)

14-عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السّلام قال:

سمعت جابر الأنصاري يقول: سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن سلمان الفارسي رحمه اللّه فقال:

ص:119


1- -البقرة:37
2- المستدرك ج 5 ص 238 ح 15
3- نور الثقلين ج 1 ص 67 ح 146
4- أمالي الطوسي ج 1 ص 281( الوسائل ج 8 ص 74 ب 4 من صلاة الاستخارة ح 3- البحار ج 91 ص 261)

سلمان بحر العلم لا يقدر على نزحه. سلمان مخصوص بالعلم الأول و الآخر، أبغض اللّه من أبغض سلمان، و أحبّ من أحبّه. . . فقلت: يا رسول اللّه، فما تقول في عليّ بن أبي طالب عليه السّلام؟ فقال: ذاك نفسي. قلت: فما تقول في الحسن و الحسين عليهما السّلام؟ قال:

هما روحي و فاطمة امّهما ابنتي، يسؤوني ماساءها و يسرّني ما سرّها، اشهد اللّه أنّي حرب لمن حاربهم و سلم لمن سالمهم، يا جابر، إذا أردت أن تدعو اللّه فيستجيب لك فادعه بأسمائهم فإنّها أحبّ الأسماء إلى اللّه عزّ و جلّ. (1)

15-عن أبان بن تغلب عن أبي جعفر عن أبيه عن جدّه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أراد التوسّل إليّ و أن يكون له عندي يد أشفع له بها يوم القيامة فليصل أهل بيتي و يدخل السرور عليهم. (2)

16-قال الرضا عليه السّلام: لمّا أشرف نوح عليه السّلام على الغرق دعا اللّه بحقّنا فدفع اللّه عنه الغرق، و لمّا رمي إبراهيم عليه السّلام في النار، دعا اللّه بحقّنا فجعل اللّه النار عليه بردا و سلاما، و إنّ موسى عليه السّلام لمّا ضرب طريقا في البحر، دعا اللّه بحقّنا فجعله يبسا، و إنّ عيسى عليه السّلام لمّا أراد اليهود قتله، دعا اللّه بحقّنا فنجّي من القتل فرفعه إليه. (3)

ص:120


1- -الاختصاص ص 217
2- البحار ج 26 ص 227 باب ذكر ثواب فضائلهم ح 1
3- البحار ج 26 ص 325 باب أنّ دعاء الأنبياء. . . ح 7

الفصل السادس: ذكر بعض فضائلهم عليهم السّلام

الآيات

1- . . . فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اَللّهِ عَلَى اَلْكاذِبِينَ. (1)

2- إِنَّما وَلِيُّكُمُ اَللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ اَلَّذِينَ آمَنُوا اَلَّذِينَ يُقِيمُونَ اَلصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ اَلزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ. (2)

3- وَ يُطْعِمُونَ اَلطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً- إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اَللّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَ لا شُكُوراً. (3)

الأخبار

1-عن إسماعيل بن عبد العزيز قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا إسماعيل، ضع لي في المتوضّأ ماء قال: فقمت فوضعت له، قال: فدخل قال: فقلت في نفسي: أنا أقول فيه كذا و كذا و يدخل المتوضّأ يتوضّأ قال: فلم يلبث أن خرج فقال:

ص:121


1- -آل عمران:61
2- المائدة:55
3- الإنسان:8 و 9

يا إسماعيل، لا ترفع البناء فوق طاقته فينهدم، اجعلونا مخلوقين و قولوا فينا ما شئتم فلن تبلغوا. فقال إسماعيل: و كنت أقول إنّه و أقول و أقول. (1)

بيان:

«إنّه» أي إنّه الربّ، تعالى اللّه عن ذلك.

2-و عن مالك الجهني قال: كنّا بالمدينة حين اجليت الشيعة، و صاروا فرقا فتنحّينا عن المدينة ناحية ثمّ خلونا فجعلنا نذكر فضائلهم و ما قالت الشيعة، إلى أن خطر ببالنا الربوبيّة، فما شعرنا بشيء إذا نحن بأبي عبد اللّه عليه السّلام واقف على حمار، فلم ندر من أين جاء فقال: يا مالك و يا خالد، متى أحدثتما الكلام في الربوبيّة؟ فقلنا: ما خطر ببالنا إلاّ الساعة فقال: اعلما أنّ لنا ربّا يكلأونا بالليل و النهار نعبده، يا مالك و يا خالد، قولوا فينا ما شئتم و اجعلونا مخلوقين. فكرّرها علينا مرارا و هو واقف على حماره. (2)

3-عن أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : إيّاكم و الغلوّ فينا، قولوا: إنّا عبيد مربوبون و قولوا في فضلنا ما شئتم. من أحبّنا فليعمل بعملنا و ليستعن بالورع، فإنّه أفضل ما يستعان به في أمر الدنيا و الآخرة. (3)

4-قال أبو جعفر عليه السّلام: فضل أمير المؤمنين عليه السّلام ما جاء به آخذ به، و ما نهى عنه أنتهى عنه، جرى له من الطاعة بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ما لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و الفضل لمحمّد صلّى اللّه عليه و آله، المتقدّم بين يديه كالمتقدّم بين يدي اللّه و رسوله، و المتفضّل عليه كالمتفضّل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و الرادّ عليه في صغيرة أو كبيرة على حدّ الشرك باللّه، فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله باب اللّه الذي لا يؤتى إلاّ منه، و سبيله الذي

ص:122


1- -كشف الغمّة ج 2 ص 427- بصائر الدرجات ص 236 ج 5 ب 10 ح 5 و 22- البحار ج 47 ص 68
2- كشف الغمّة ج 2 ص 431- البحار ج 47 ص 148
3- الخصال ج 2 ص 614-(البحار ج 25 ص 270)

من سلكه وصل إلى اللّه عزّ و جلّ، و كذلك كان أمير المؤمنين عليه السّلام من بعده و جرى للأئمّة عليهم السّلام واحدا بعد واحد، جعلهم اللّه عزّ و جلّ أركان الأرض أن تميد بأهلها و عمد الإسلام و رابطة على سبيل هداه، لا يهتدي هاد إلاّ بهداهم و لا يضلّ خارج من الهدى إلاّ بتقصير عن حقّهم، امناء اللّه على ما أهبط من علم أو عذر أو نذر و الحجّة البالغة على من في الأرض، يجري لآخرهم من اللّه مثل الذي جرى لأوّلهم، و لا يصل أحد إلى ذلك إلاّ بعون اللّه.

و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أنا قسيم اللّه بين الجنّة و النار، لا يدخلها داخل إلاّ على حدّ قسمي و أنا الفاروق الأكبر و أنا الإمام لمن بعدي و المؤدّي عمّن كان قبلي، لا يتقدّمني أحد إلاّ أحمد صلّى اللّه عليه و آله و إنّي و إيّاه لعلى سبيل واحد إلاّ أنّه هو المدعوّ باسمه.

و لقد اعطيت الستّ: علم المنايا، و البلايا، و الوصايا، و فصل الخطاب، و إنّي لصاحب الكرّات و دولة الدول، و إنّي لصاحب العصا و الميسم و الدابّة التي تكلّم الناس. (1)

بيان:

«و الفضل لمحمّد صلّى اللّه عليه و آله» زاد في ح 1 و 2: على جميع من خلق اللّه.

«أن تميد بأهلها» ماد يميد: تحرّك و زاغ، و المراد بالميد، إمّا ذهاب نظام الأرض و اختلال أحوال أهلها، أو حقيقته بالزلازل الحادثة فيها، فالإمام مانع من أن تميد الأرض بأهلها. «العمد» بفتحتين و ضمّتين: جمع العمود و هو الاسطوانة، و عمد الإسلام أي لا يقوم الإسلام الاّ بإمامتهم. «أو عذر أو نذر» أي محو إساءة أو تخويف، و هما مصدران لعذر إذا محى الإساءة و أنذر إذا خوّف، أو جمعان لعذير بمعنى المعذرة، و نذير بمعنى الإنذار. (المرآة ج 2 ص 374)

ص:123


1- -الكافي ج 1 ص 153 باب الأئمّة أركان الأرض ح 3-و بمدلوله ح 1 و 2

«أنا قسيم اللّه بين الجنّة و النار» أي أهلهما، و في المرآة ج 2 ص 367: الأخبار بذلك متواترة من طريق الخاصّة و العامّة. «المنايا و البلايا» آجال الناس و مصائبهم.

«علم الوصايا» أي العلم بما أوصى به الأنبياء. «فصل الخطاب» أي الخطاب المفصول الغير المشتبة. «لصاحب الكرّات» أي الرجعات إلى الدنيا. «دولة الدول» غلبة الغلبات. «الميسم» : هي الحديدة التي يوسم بها.

و في تفسير القمّيّ رحمه اللّه (ج 2 ص 130-النمل:82) ، قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، إذا كان آخر الزمان أخرجك اللّه في أحسن صورة و معك ميسم تسم به أعداءك.

5-عن خيثمة قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا خيثمة، نحن شجرة النبوّة و بيت الرحمة و مفاتيح الحكمة و معدن العلم و موضع الرسالة و مختلف الملائكة و موضع سرّ اللّه، و نحن وديعة اللّه في عباده و نحن حرم اللّه الأكبر، و نحن ذمّة اللّه و نحن عهد اللّه، فمن وفى بعهدنا فقد وفى بعهد اللّه و من خفرها فقد خفر ذمّة اللّه و عهده. (1)

بيان:

«شجرة النبوّة» : شبّههم بالشجرة في كثرة المنافع و الثمار و الاستظلال بفيئهم من حرّ شرّ الأشرار. «بيت الرحمة» : لأنّهم منبع كلّ نعمة و رحمة و بواسطتهم تفيض الرحمات على سائر الكائنات. «و مختلف الملائكة» : من الاختلاف بمعنى الذهاب و المجيء مرّة بعد مرّة. «نحن وديعة اللّه» الوديعة: ما تدفعه إلى غيرك ليصونه و يحفظه، و لمّا خلقهم اللّه و جعلهم بين عباده و أمرهم بحفظهم و رعايتهم و عدم التقصير في حقّهم فكأنّهم ودائع اللّه.

«حرم اللّه الأكبر» الحرم و هو ما يجب احترامه و عدم انتهاك حرمته. و قد ورد أنّ حرمات اللّه ثلاث؛ القرآن، و الكعبة، و الإمام. «نحن ذمّة اللّه» أي أهل ذمّة اللّه و هي

ص:124


1- -الكافي ج 1 ص 172 باب أنّ الأئمّة معدن العلم ح 3

العهد و الأمان و الضمان و الحرمة. «عهد اللّه» أي أهل عهده فإنّ اللّه أخذ على العباد عهد ولايتهم و حفظهم رعايتهم. «خفرها» الخفر: نقض العهد.

(لاحظ شرح الحديث في المرآة ج 3 ص 8 إلى 10)

6-عن محمّد بن منصور قال: سألت عبدا صالحا (موسى بن جعفر عليهما السّلام) عن قول اللّه عزّ و جلّ: قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ اَلْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ (1)قال: فقال: إنّ القرآن له ظهر و بطن، فجميع ما حرّم اللّه في القرآن هو الظاهر، و الباطن من ذلك أئمّة الجور، و جميع ما أحلّ اللّه تعالى في الكتاب هو الظاهر، و الباطن من ذلك أئمّة الحقّ. (2)

7-عن زرارة قال: كنت عند أبي جعفر عليه السّلام فقال له رجل من أهل الكوفة يسأله عن قول أمير المؤمنين عليه السّلام «سلوني عمّا شئتم، فلا تسألوني عن شيء إلاّ أنبأتكم به» قال: إنّه ليس أحد عنده علم شيء إلاّ خرج من عند أمير المؤمنين عليه السّلام، فليذهب الناس حيث شاؤوا، فو اللّه ليس الأمر إلاّ من ههنا-و أشار بيده إلى بيته-. (3)

8-عن عبد الرحمن بن كثير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: نحن ولاة أمر اللّه و خزنة علم اللّه و عيبة وحي اللّه. (4)

بيان:

«ولاة أمر اللّه» : أي أمر الخلافة و الإمامة. «عيبة وحي اللّه» العيبة: الزنبيل من أدم، و ما تجعل فيه الثياب كالصندوق و في النهاية: العرب تكنّى عن القلوب و الصدور بالعياب، لأنّها مستودع السرائر كما أنّ العياب مستودع الثياب انتهى. فالمراد كلّ

ص:125


1- -الأعراف:33
2- الكافي ج 1 ص 305 باب من ادّعى الإمامة و ليس لها بأهل ح 10
3- الكافي ج 1 ص 329 باب أنّه ليس شيء من الحقّ في يد الناس. . . ح 2
4- الكافي ج 1 ص 148 باب أنّ الأئمّة ولاة أمر اللّه ح 1

وحي نزل من السماء على نبيّ من الأنبياء فقد وصل إليهم و هو محفوظ عندهم.

9-عن سدير عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قلت له: جعلت فداك، ما أنتم؟ قال:

نحن خزّان علم اللّه و نحن تراجمة وحي اللّه و نحن الحجّة البالغة على من دون السماء و من فوق الأرض. (1)

بيان:

«التراجمة» : جمع ترجمان، و المراد هنا مفسّر جميع ما أوحى اللّه تعالى إلى الأنبياء و مبيّنها.

10-عن أبي بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الأوصياء هم أبواب اللّه عزّ و جلّ التي يؤتى منها و لولاهم ما عرف اللّه عزّ و جلّ و بهم احتجّ اللّه تبارك و تعالى على خلقه. (2)

أقول:

يأتي في باب التوحيد عن الكافي: قال أبو جعفر عليه السّلام: بنا عبد اللّه و بنا عرف اللّه و بنا وحّد اللّه تبارك و تعالى و محمّد حجاب اللّه تبارك و تعالى.

11-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: هم (يعني آل النبي عليهم السّلام) موضع سرّه، و لجأ أمره، و عيبة علمه، و موئل حكمه، و كهوف كتبه، و جبال دينه، بهم أقام إنحناء ظهره، و أذهب ارتعاد فرائصه.

و منها؛ يعني قوما آخرين: زرعوا الفجور و سقوه الغرور و حصدوا الثبور، لا يقاس بآل محمّد عليهم السّلام من هذه الأمّة أحد، و لا يسوّى بهم من جرت نعمتهم عليه أبدا، هم أساس الدين و عماد اليقين، إليهم يفيئ الغالي و بهم يلحق التالي و لهم خصائص حقّ الولاية و فيهم الوصيّة و الوراثة. الآن إذ رجع الحقّ إلى أهله،

ص:126


1- -الكافي ج 1 ص 148 ح 3
2- الكافي ج 1 ص 149 باب أنّ الأئمّة خلفاء اللّه ح 2

و نقل إلى منتقله. (1)

بيان:

«الموئل» : المرجع. «الثبور» : الهلاك.

12-و قال عليه السّلام: نحن شجرة النبوّة و محطّ الرسالة و مختلف الملائكة و معادن العلم و ينابيع الحكم، ناصرنا و محبّنا ينتظر الرحمة و عدوّنا و مبغضنا ينتظر السطوة. (2)

بيان:

يقال: سطا عليه سطوا: قهره و أذلّه و هو البطش بشدّة.

13-و قال عليه السّلام: و إنّما الأئمّة قوّام اللّه على خلقه و عرفاؤه على عباده، لا يدخل الجنّة إلاّ من عرفهم و عرفوه و لا يدخل النار إلاّ من أنكرهم و أنكروه. (3)

14-عن ابن عبّاس قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ذكر اللّه عزّ و جلّ عبادة، و ذكري عبادة، و ذكر عليّ عبادة، و ذكر الأئمّة من ولده عبادة، و الذي بعثني بالنبوّة و جعلني خير البريّة إنّ وصيّي لأفضل الأوصياء و إنّه لحجّة اللّه على عباده و خليفته على خلقه و من ولده الأئمّة الهداة بعدي، بهم يحبس اللّه العذاب عن أهل الأرض، و بهم يمسك السماء أن تقع على الأرض إلاّ بإذنه و بهم يمسك الجبال أن تميد بهم، و بهم يسقي خلقه الغيث، و بهم يخرج النبات، أولئك أولياء اللّه حقّا و خلفائي صدقا، عدّتهم عدّة الشهور و هي اثنا عشر شهرا و عدّتهم عدّة نقباء موسى بن عمران، ثمّ تلا صلّى اللّه عليه و آله هذه الآية: وَ اَلسَّماءِ ذاتِ اَلْبُرُوجِ.

ص:127


1- -نهج البلاغة ص 44 في خ 2
2- نهج البلاغة ص 337 في خ 108
3- نهج البلاغة ص 470 في خ 152

ثمّ قال: أتدري يابن عبّاس، إنّ اللّه يقسم بالسماء ذات البروج، و يعني به السّماء و بروجها؟ قلت: يا رسول اللّه، فما ذاك؟ قال: أمّا السماء فأنا، و أمّا البروج فالأئمّة بعدي، أوّلهم عليّ، و آخرهم المهديّ صلوات اللّه عليهم أجمعين. (1)

15-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أنا الهادي و المهتدي و أبو اليتامى و زوج الأرامل و المساكين، و أنا ملجأ كلّ ضعيف، و مأمن كلّ خائف، و أنا قائد المؤمنين إلى الجنّة، و أنا حبل اللّه المتين، و أنا عروة اللّه الوثقى و أنا عين اللّه و لسانه الصادق و يده.

و أنا جنب اللّه الذي تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اَللّهِ (2)و أنا يد اللّه المبسوطة على عباده بالرحمة و المغفرة و أنا باب حطّة، من عرفني و عرف حقّي فقد عرف ربّه، لأنّي وصيّ نبيّه في أرضه و حجّته على خلقه، لا ينكر هذا إلاّ رادّ على اللّه و رسوله. (3)

بيان:

«الأرمل» ج أرامل م أرملة: من ماتت زوجته، من لا أهل له.

16-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: خذوا بحجزة هذا الأنزع، يعني: عليّا فإنّه الصدّيق الأكبر و هو الفاروق يفرق بين الحقّ و الباطل، من أحبّه هداه اللّه و من أبغضه أضلّه اللّه و من تخلّف عنه محقّه اللّه، و منه سبطا امّتي الحسن و الحسين و هما ابناي و من الحسين أئمّة الهدى أعطاهم اللّه فهمي و علمي فأحبّوهم و تولّوهم و لا تتّخذوا وليجة من دونهم فيحلّ عليكم غضب من ربّكم و من يحلل عليه غضب من ربّه فقد هوى و ما الحيوة الدنيا إلاّ متاع

ص:128


1- -الاختصاص ص 218
2- الزمر:56
3- الاختصاص ص 242

الغرور. (1)

أقول:

سيأتي ما بمعناه في باب الحبّ ف 2.

17-عن أسود بن سعيد قال: كنت عند أبي جعفر عليه السّلام فأنشأ يقول ابتداء من غير أن يسأل: نحن حجّة اللّه و نحن باب اللّه و نحن لسان اللّه و نحن وجه اللّه و نحن عين اللّه في خلقه و نحن ولاة أمر اللّه في عباده. (2)

18-عن هاشم بن أبي عمّار قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: أنا عين اللّه و أنا يد اللّه و أنا جنب اللّه و أنا باب اللّه. (3)

19-عن خيثمة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سمعته يقول: نحن جنب اللّه و نحن صفوته و نحن خيرته و نحن مستودع مواريث الأنبياء و نحن امناؤ اللّه و نحن حجّة اللّه و نحن أركان الإيمان و نحن دعائم الإسلام و نحن من رحمة اللّه على خلقه و نحن الذين بنا يفتح اللّه و بنا يختم، و نحن أئمّة الهدى و نحن مصابيح الدجى و نحن منار الهدى و نحن السابقون و نحن الآخرون و نحن العلم المرفوع للخلق (لأهل الدنيا ف ن) ، من تمسّك بنا لحق و من تخلّف عنّا غرق.

و نحن قادة الغرّ المحجّلين و نحن خيرة اللّه و نحن الطريق و صراط اللّه المستقيم إلى اللّه و نحن من نعمة اللّه على خلقه و نحن المنهاج و نحن معدن النبوّة و نحن موضع الرسالة و نحن الذين إلينا مختلف الملائكة و نحن السراج لمن استضاء بنا و نحن السبيل لمن اقتدى بنا و نحن الهداة إلى الجنّة و نحن عزّ الإسلام و نحن الجسور و القناطر، من مضى عليها سبق، و من تخلّف عنها محق، و نحن السنام الأعظم و نحن الذين بنا تنزل الرحمة و بنا تسقون الغيث و نحن الذين بنا يصرف

ص:129


1- -بصائر الدرجات ص 53 ج 1 ب 23 ح 2
2- بصائر الدرجات ص 61 ج 2 ب 3 ح 1
3- بصائر الدرجات ص 61 ح 2

عنكم العذاب فمن عرفنا و نصرنا و عرف حقّنا و أخذ بأمرنا فهو منّا و إلينا. (1)

20-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: أنا علم اللّه، و أنا قلب اللّه الواعي و لسان اللّه الناطق، و عين اللّه الناظر، و أنا جنب اللّه، و أنا يد اللّه. (2)

21-عن أبي ذرّ رحمه اللّه قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: إنّما مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح، من ركب فيها نجى و من تخلّف عنها غرق، إنّما مثل أهل بيتي فيكم باب حطّة، من دخله غفر له و من لم يدخل لم يغفر له، فإنّها ليست من فئة تبلغ مائة إلى يوم القيامة إلاّ أنا أعرف ناعقها و سايقها، و علم ذلك عند أهل بيتي يعلمه كبيرهم و صغيرهم. (3)

بيان:

نعق الراعي بغنمه: صاح بها و زجرها، و في الخبر: أتباع كلّ ناعق أي يتّبعون كلّ داع.

22-عن كامل التّمار قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام ذات يوم فقال لي:

يا كامل، اجعل لنا ربّا نؤب إليه و قولوا فينا: ما شئتم. قال: قلت: نجعل لكم ربّا تؤبون إليه و نقول فيكم ما شئنا؟ قال: فاستوى جالسا ثمّ قال: و عسى أن نقول:

ما خرج إليكم من علمنا إلاّ ألفا غير معطوفة. (4)

بيان:

«نؤب إليه» أي نرجع إليه مقبلين بقلوبنا و نلزم طاعته.

ص:130


1- -بصائر الدرجات ص 63 ح 10
2- بصائر الدرجات ص 64 ح 13
3- بصائر الدرجات ص 297 ج 6 ب 13 ح 4
4- بصائر الدرجات ص 507 ج 10 ب 18 ح 8-( صحّحنا الحديث على ما في البحار ج 25 ص 283)

و في البحار: «ألف غير معطوفة» أي نصف حرف، كناية عن نهاية القلّة. . .

23-قال أبو الحسن الثالث عليه السّلام: إنّ اللّه جعل قلوب الأئمّة موردا لإرادته فإذا شاء اللّه شيئا شاؤوه و هو قول اللّه: وَ ما تَشاؤُنَ إِلاّ أَنْ يَشاءَ اَللّهُ (1). (2)

24-ابن بابويه رحمه اللّه بإسناده عن أبي سعيد الخدري قال: كنّا جلوسا عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذ أقبل إليه رجل فقال: يا رسول اللّه، أخبرني عن قول اللّه عزّ و جلّ لإبليس أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ اَلْعالِينَ (3)من هم يا رسول اللّه، الذين هم أعلى من الملائكة؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أنا و عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين، كنّا في سرادق العرش نسبّح اللّه فسبّحت الملائكة بتسبيحنا قبل أن يخلق اللّه آدم بألفي عام.

فلمّا خلق اللّه آدم أمر الملائكة أن يسجدوا له و لم يؤمروا بالسجود إلاّ لأجلنا فسجدت الملائكة كلّهم أجمعون إلاّ إبليس أبى أن يسجد، فقال اللّه تبارك و تعالى: يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ اَلْعالِينَ. قال: من هؤلاء الخمسة المكتوبة أسمائهم في سرادق العرش فنحن باب اللّه الذي يؤتى منه، بنا يهتدي المهتدون، فمن أحبّنا أحبّه اللّه و أسكنه جنّته و من أبغضنا أبغضه اللّه و أسكنه ناره و لا يحبّنا إلاّ من طاب مولده. (4)

25-قال أمير المؤمنين عليه السّلام لسلمان و أبي ذرّ رحمهما اللّه: . . . اعلم يا أباذرّ، أنا عبد اللّه عزّ و جلّ و خليفته على عباده، لا تجعلونا أربابا و قولوا في فضلنا ما شئتم، فإنّكم لا تبلغوا كنه ما فينا و لا نهايته فإنّ اللّه عزّ و جلّ قد أعطانا أكبر و أعظم ما يصفه

ص:131


1- -الإنسان:30- التكوير:29.
2- بصائر الدرجات ص 517 ح 47
3- ص:75
4- القطرة للمستنبط رحمه اللّه ج 1 ص 42 ب 1 ح 31

واصفكم أو يخطر على قلب أحدكم، فإذا عرفتمونا هكذا فأنتم المؤمنون. . . (1)

أقول:

قد مرّ صدره في ف 2.

26-عنهم عليهم السّلام أنّهم قالوا: نزّهونا عن الربوبيّة و ارفعوا عنّا حظوظ البشريّة، يعني الحظوظ التي تجوز عليكم، فلا يقاس بنا أحد من الناس، فإنّا نحن الأسرار الإلهيّة المودعة في الهياكل البشريّة، و الكلمة الربّانية الناطقة في الأجساد الترابيّة، و قولوا بعد ذلك: ما استطعتم فإنّ البحر لا ينزف و عظمة اللّه لا توصف. (2)

27-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، ما عرف اللّه إلاّ أنا و أنت و ما عرفني إلاّ اللّه و أنت و ما عرفك إلاّ اللّه و أنا. (3)

28-عن جابر الجعفيّ عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن اللّه، أنّه سبحانه و تعالى قال: لولاك لما خلقت الأفلاك و لو لا عليّ لما خلقتك و لو لا فاطمة لما خلقتكما. (4)

29-قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّ اللّه عزّ و جلّ خلق أربعة عشر نورا من نور عظمته قبل خلق آدم بأربعة ألف عام فهي أرواحنا فقيل له: يابن رسول اللّه، فمن هؤلاء الأربعة عشر نورا؟ فقال: هو محمّد و عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين و التسعة من ولد الحسين تاسعهم قائمهم ثمّ عدّهم بأسمائهم.

و قال: نحن و اللّه الأوصياء الخلفاء من بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و نحن المثاني التي

ص:132


1- -القطرة ج 1 ص 75 ب 2 في ح 19
2- القطرة ج 1 ص 87 ح 40
3- القطرة ج 1 ص 140 ح 143 عن تاويل الآيات لشرف الدين النجفي و منتخب البصائر و المشارق للبرسي.
4- القطرة ج 1 ص 164 ب 3 ح 24

أعطاها اللّه تعالى نبيّنا محمّدا صلّى اللّه عليه و آله و نحن شجرة النبوّة و منبت الرحمة و معدن الحكمة و موضع الرسالة و مختلف الملائكة و موضع سرّ اللّه و وديعة اللّه في عباده و حرم اللّه الأكبر و عهده المسئول عنه، فمن وفى بعهدنا فقد وفى بعهد اللّه و من خفره فقد خفر ذمّة اللّه و عهده، عرفنا من عرفنا و جهلنا من جهلنا، نحن الأسماء الحسنى الذين لا يقبل اللّه من العباد عملا إلاّ بمعرفتنا و نحن و اللّه الكلمات التي تلقّاها آدم من ربّه فتاب عليه.

إنّ اللّه خلقنا فأحسن خلقنا و صوّرنا فأحسن صورنا، و جعلنا عينه على عباده و لسانه الناطق في خلقه و يده المبسوطة عليهم بالرأفة و الرحمة، و وجهه الذي يؤتى منه، و بابه الذي يدلّ عليه، و خزّان علمه و تراجمة وحيه و أعلام دينه، و العروة الوثقى و الدليل الواضح لمن اهتدى، و بنا اثمرت الأشجار و اينعت الثمار و جرت الأنهار و نزل الغيث من السماء و نبت عشب الأرض، و بعبادتنا عبد اللّه تعالى، و أيم اللّه لو لا كلمة سبقت و عهد أخذ علينا لقلت قولا يعجب أو يذهل منه الأوّلون و الآخرون. (1)

30-من مناقب الخوارزمي عن ابن عبّاس قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

لو أنّ الرياض أقلام و البحر مداد و الجنّ حسّاب و الإنس كتّاب ما أحصوا فضائل عليّ بن أبي طالب عليه السّلام. (2)

31-في التوقيع الذي خرج فيمن ارتاب في الحجّة المنتظر عجّل اللّه تعالى فرجه عن أبي عمر و العمري. . . فورد جواب كتابهم بخطّه عليه السّلام: . . . و نحن صنايع ربّنا و الخلق بعد صنايعنا. . . (3)

32-عن سماعة بن مهران قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ الدنيا تمثّل للإمام

ص:133


1- -القطرة ج 1 ص 206 ب 7 ح 19
2- القطرة ج 2 ص 139 ب 2 ح 46
3- الاحتجاج ج 2 ص 278

في مثل فلقة الجوز فما يعرض لشيء منها و إنّه ليتناولها من أطرافها كما يتناول أحدكم من فوق مائدته ما يشاء فلا يعزب عنه منها شيء. (1)

بيان:

«الفلقة» : نصف الشيء و قطعة منه.

33-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام لحمران بن أعين: يا حمران، إن الدنيا عند الإمام و السماوات و الأرضين إلاّ هكذا-و أشار بيده إلى راحته-يعرف ظاهرها و باطنها و داخلها و خارجها و رطبها و يابسها. (2)

بيان:

«إن الدنيا» : إن نافية.

34-عن المفضّل قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لو اذن لنا أن نعلم الناس حالنا عند اللّه و منزلتنا منه لما احتملتم، فقال له: في العلم؟ فقال: العلم أيسر من ذلك، إنّ الإمام و كر لإرادة اللّه عزّ و جلّ لا يشاء إلاّ من يشاء اللّه. (3)

بيان:

«الوكر» : عشّ الطائر.

35-إنّ عليّا عليه السّلام ضرب الأرض برجله فتحرّكت فقال: اسكني فلم يأن لك ثمّ قرأ: يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها (4). (5)

بيان:

«فلم يأن لك» : أي ليس هذا وقت زلزلتك.

ص:134


1- -البحار ج 25 ص 367 باب غرائب أفعالهم ح 11
2- البحار ج 25 ص 385 ح 42
3- البحار ج 25 ص 385 ح 41
4- الزلزال:4
5- البحار ج 25 ص 379 ح 30

36-عن جابر بن يزيد قال: قال أبو جعفر محمّد بن عليّ عليه السّلام: أيّها الناس، إنّ أهل بيت نبيّكم شرّفهم اللّه بكرامته و استحفظهم سرّه و استودعهم علمه، فهم عماد لدينه، شهداء علمه، برأهم قبل خلقه، و أظلّهم تحت عرشه و اصطفاهم فجعلهم علم عباده و دلّهم على صراطه.

فهم الأئمّة المهديّة و القادة البررة و الامّة الوسطى، عصمة لمن لجأ إليهم و نجاة لمن اعتمد عليهم، يغتبط من والاهم و يهلك من عاداهم و يفوز من تمسّك بهم، فيهم نزلت الرسالة و عليهم هبطت الملائكة و إليهم نفث الروح الأمين، و آتاهم اللّه ما لم يؤت أحدا من العالمين.

فهم الفروع الطيّبة و الشجرة المباركة و معدن العلم و موضع الرسالة و مختلف الملائكة، و هم أهل بيت الرحمة و البركة الذين أذهب اللّه عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا. (1)

بيان:

«برأهم» : خلقهم.

37-سئل أمير المؤمنين عليه السّلام كيف أصبحت؟ فقال: أصبحت و أنا الصدّيق الأكبر و الفاروق الأعظم، و أنا وصيّ خير البشر، و أنا الأوّل و أنا الآخر، و أنا الباطن و أنا الظاهر، و أنا بكلّ شيء عليم، و أنا عين اللّه، و أنا جنب اللّه، و أنا أمين اللّه على المرسلين، بنا عبد اللّه، و نحن خزّان اللّه في أرضه و سمائه، و أنا أحيي و أنا أميت و أنا حيّ لا أموت،

فتعجّب الأعرابيّ من قوله فقال عليه السّلام: أنا الأوّل، أوّل من آمن برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أنا الآخر، آخر من نظر فيه لمّا كان في لحده، و أنا الظاهر، ظاهر الإسلام و أنا الباطن، بطين من العلم، و أنا بكلّ شيء عليم، فإنّي عليم بكلّ شيء أخبر اللّه به

ص:135


1- -البحار ج 26 ص 253 باب جوامع مناقبهم ح 27

نبيّه فأخبرني به، فأمّا عين اللّه فأنا عينه على المؤمنين و الكفرة، و أمّا جنب اللّه ف أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اَللّهِ (1)و من فرّط فيّ فقد فرّط في اللّه، و لم يجز لنبيّ نبوّة حتّى يأخذ خاتما من محمّد صلّى اللّه عليه و آله فلذلك سمّي خاتم النبيّين، محمّد سيّد النبيّين و أنا سيّد الوصيّين و أمّا خزّان اللّه في أرضه فقد علمنا ما علّمنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بقول صادق، و أنا أحيي، أحيي سنّة رسول اللّه و أنا أميت، أميت البدعة و أنا حيّ لا أموت لقوله تعالى: وَ لا تَحْسَبَنَّ اَلَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اَللّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ. (2)(3)

38-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أنا وجه اللّه و أنا جنب اللّه و أنا الأوّل و أنا الآخر و أنا الظاهر و أنا الباطن و أنا وارث الأرض و أنا سبيل اللّه و به عزمت عليه.

فقال معروف بن خرّبوذ: و لها تفسير غير ما يذهب فيها أهل الغلوّ. (4)

39-. . . عن ابن عبّاس قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول يوم خيبر لأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام: و اللّه ما هبّت صباء لو لا أنّ طائفة من امّتي يقولون فيك ما قالت النصارى في أخي المسيح، لقلت فيك قولا ما مررت على ملأ من المسلمين إلاّ أخذوا التراب من تحت قدميك و الماء من فاضل طهورك فيستشفون به، و لكن حسبك أنّك منّي و أنا منك، ترثني و أرثك و أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي، و أنّ حربك حربي و سلمك سلمي. (5)

40-عن ابن عبّاس قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لو أنّ الغياض أقلام

ص:136


1- -الزمر:56
2- آل عمران:169
3- البحار ج 39 ص 347 باب من بيّن من مناقب نفسه ح 20
4- البحار ج 39 ص 349 ح 21
5- البحار ج 40 ص 43 باب جوامع مناقبه ح 79

و البحر مداد و الجنّ حسّاب و الإنس كتّاب ما أحصوا فضائل عليّ بن أبي طالب عليه السّلام. (1)

بيان:

«الغيضة» : ج غياض بمعنى الأجمة و مجتمع الشجر في مغيض الماء.

41-عن الصادق عن أبيه عن عليّ بن الحسين عليهم السّلام قال: نحن أئمّة المسلمين و حجج اللّه على العالمين، و سادة المؤمنين و قادة (قائد ف ن) الغرّ المحجّلين، و موالي المؤمنين و نحن أمان لأهل الأرض كما أنّ النجوم أمان لأهل السماء، و نحن الذين بنا يمسك اللّه السماء أن تقع على الأرض إلاّ بإذنه، و بنا يمسك الأرض أن تميد بأهلها، و بنا ينزل الغيث و بنا ينشر الرحمة و يخرج بركات الأرض، و لو لا ما في الأرض منّا لساخت بأهلها.

ثمّ قال عليه السّلام: و لم تخل الأرض منذ خلق اللّه آدم من حجّة للّه فيها ظاهر مشهور أو غائب مستور، و لا تخلو إلى أن تقوم الساعة من حجّة اللّه فيها، و لولا ذلك لم يعبد اللّه.

قال سليمان: فقلت للصادق عليه السّلام: فكيف ينتفع الناس بالحجّة الغائب المستور؟ قال عليه السّلام: كما ينتفعون بالشمس إذا سترها السحاب. (2)

42-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أتى الحسين عليه السّلام اناس فقالوا له: يا أبا عبد اللّه، حدّثنا بفضلكم الذي جعله اللّه لكم، فقال: إنّكم لا تحتملونه و لا تطيقونه فقالوا: بلى نحتمل قال: إن كنتم صادقين فليتنحّ اثنان و احدّث واحدا فإن احتمله حدّثتكم فتنحّى اثنان و حدث واحدا، فقام طاير العقل، و مرّ على وجهه و ذهب فكلّمه صاحباه فلم يردّ عليهما شيئا و انصرفوا. (3)

ص:137


1- -البحار ج 40 ص 70 ح 105
2- البحار ج 23 ص 5 باب الاضطرار إلى الحجّة ح 10
3- مختصر بصائر الدرجات ص 107(في باب كتمان الحديث)

43-و قال عليه السّلام: أتى رجل الحسين بن عليّ عليهما السّلام فقال: حدّثني بفضلكم الذي جعل اللّه لكم، فقال: إنّك لن تطيق حمله فقال: بلى، حدّثني يابن رسول اللّه، فإنّي أحتمله فحدثّه الحسين عليه السّلام بحديث، فما فرغ الحسين عليه السّلام من حديثه حتّى ابيضّ رأس الرجل و لحيته و أنسى الحديث. فقال الحسين عليه السّلام: أدركته رحمة اللّه حيث أنسى الحديث. (1)

أقول:

الأخبار في باب الإمامة كثيرة جدّا، ذكرنا بعضها تيمّنا، و سيأتي ما يناسب المقام في بابي الحبّ ف 2 و الولاية.

فراجع البحار ج 23 إلى 27 و أبواب تاريخهم عليهم السّلام، و إثبات الهداة للحرّ العامليّ رحمه اللّه و بصائر الدرجات و. . .

و في دعاء الرجبيّة: اللهمّ إنّي أسألك بمعاني جميع ما يدعوك به ولاة أمرك، المأمونون على سرّك. . . لا فرق بينك و بينها إلاّ أنّهم عبادك و خلقك، فتقها و رتقها بيدك. . .

فبهم ملأت سمائك و أرضك حتّى ظهر أن لا إله إلاّ أنت. . . (مفاتيح الجنان)

ص:138


1- -مختصر بصائر الدرجات ص 108

7- الإيمان

اشارة

و فيه فصول:

الفصل الاوّل: فضل الإيمان و المؤمن

الآيات

1- وَ بَشِّرِ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا اَلصّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا اَلْأَنْهارُ. . . (1)

2- . . . فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطّاغُوتِ وَ يُؤْمِنْ بِاللّهِ فَقَدِ اِسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ اَلْوُثْقى لاَ اِنْفِصامَ لَها وَ اَللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ- اَللّهُ وَلِيُّ اَلَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ اَلظُّلُماتِ إِلَى اَلنُّورِ. . . (2)

3- إِنَّ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا اَلصّالِحاتِ وَ أَقامُوا اَلصَّلاةَ وَ آتَوُا اَلزَّكاةَ لَهُمْ

ص:139


1- -البقرة:25 و بمضمونها في الإسراء:9 و الكهف:2
2- البقرة:256 و 257

أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ. (1)

4- وَ أَمَّا اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا اَلصّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَ اَللّهُ لا يُحِبُّ اَلظّالِمِينَ. (2)

5- إِنَّ أَوْلَى اَلنّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اِتَّبَعُوهُ وَ هذَا اَلنَّبِيُّ وَ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ اَللّهُ وَلِيُّ اَلْمُؤْمِنِينَ (3)

6- وَ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا اَلصّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا اَلْأَنْهارُ. . . (4)

7- مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَ لَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ. (5)

8- إِنَّ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا اَلصّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ اَلرَّحْمنُ وُدًّا. (6)

9- إِنَّ اَللّهَ يُدافِعُ عَنِ اَلَّذِينَ آمَنُوا. . . (7)

10- . . . وَ إِنَّ اَللّهَ لَهادِ اَلَّذِينَ آمَنُوا إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ. (8)

11- فَأَمّا مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً فَعَسى أَنْ يَكُونَ مِنَ اَلْمُفْلِحِينَ. (9)

ص:140


1- -البقرة:277 و مثلها في الأنعام:48
2- آل عمران:57
3- آل عمران:68
4- النساء:57 و بهذا المعنى في النساء:122 و 136 و 173 إلى 175 و هود:23 و يونس:9 و التوبة:72 و الكهف:108 و طه:75 و الحجّ:23 و 50 و 56 و العنكبوت:58 و الشورى:22 إلى 26 و الجاثية:30 و المائدة:9 و إبراهيم:23 إلى 27
5- النحل:97
6- مريم:96
7- الحجّ:38
8- الحج:54
9- القصص:67

12- وَ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا اَلصّالِحاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَ لَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ اَلَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ. (1)

13- وَ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا اَلصّالِحاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي اَلصّالِحِينَ. (2)

14- فَأَمَّا اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا اَلصّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ. (3)

15- فَأَمَّا اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا اَلصّالِحاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذلِكَ هُوَ اَلْفَوْزُ اَلْمُبِينُ. (4)

16- إِنَّ اَلَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اَللّهُ ثُمَّ اِسْتَقامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ- أُولئِكَ أَصْحابُ اَلْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ. (5)

17- ذلِكَ بِأَنَّ اَللّهَ مَوْلَى اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ أَنَّ اَلْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ. (6)

18- . . . فَأَنْزَلَ اَللّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ. . . (7)

19- يَوْمَ تَرَى اَلْمُؤْمِنِينَ وَ اَلْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ بِأَيْمانِهِمْ بُشْراكُمُ اَلْيَوْمَ جَنّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا اَلْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ذلِكَ هُوَ اَلْفَوْزُ اَلْعَظِيمُ. (8)

20- وَ اَلَّذِينَ آمَنُوا بِاللّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ اَلصِّدِّيقُونَ وَ اَلشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ

ص:141


1- -العنكبوت:7 و مثلها في الفتح:5
2- العنكبوت:9
3- الروم:15
4- الجاثية:30
5- الأحقاف:13 و 14
6- محمّد (ص) :11
7- الفتح:26 و بهذا المعنى في الفتح:4 و التوبة:26
8- الحديد:12

أَجْرُهُمْ وَ نُورُهُمْ. . . الآيات (1)

21- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ- تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ رَسُولِهِ. . . الآيات (2)

22- . . . فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَ لا رَهَقاً (3)

23- إِنَّ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا اَلصّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ اَلْبَرِيَّةِ- جَزاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا اَلْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اَللّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ. (4)

24- وَ اَلْعَصْرِ- إِنَّ اَلْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ- إِلاَّ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا اَلصّالِحاتِ وَ تَواصَوْا بِالْحَقِّ وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ. (5)

أقول:

الآيات التي تناسب المقام كثيرة، ذكرنا شطرا منها.

الأخبار

1-عن عليّ بن أبي حمزة قال: سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما السّلام يقول: إذا مات المؤمن بكت عليه الملائكة و بقاع الأرض التي كان يعبد اللّه عليها و أبواب السماء التي كان يصعد فيها بأعماله، و ثلم في الإسلام ثلمة لا يسدّها شيء، لأنّ المؤمنين الفقهاء حصون الإسلام كحصن سور المدينة لها. (6)

ص:142


1- -الحديد:19 إلى 21
2- الصفّ:10 إلى 14
3- الجنّ:13
4- البيّنة:7 و 8
5- سورة العصر
6- الكافي ج 1 ص 30 باب فقد العلماء ح 3

بيان:

«البقاع» : واحدته البقعة و هي قطعة من الأرض. «الثلمة» : الخلل الواقع في الحائط و غيره. «الفقيه» : أي البصير في دينه، فيكون كلّ مؤمن كمل إيمانه فقيها كما سيأتي في ف 3.

2-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ اللّه ليدفع بالمؤمن الواحد عن القرية الفناء. (1)

بيان:

«الفناء» : أي الهلاك و الاضمحلال.

3-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: لا يصيب قرية عذاب و فيها سبعة من المؤمنين. (2)

4-عن ابن أبي عمير عن غير واحد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قيل له في العذاب إذا نزل بقوم يصيب المؤمنين؟ قال: نعم، و لكن يخلصون بعده. (3)

5-عن القاسم الصيرفي قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: الإسلام يحقن به الدم و تؤدّي به الأمانة، و تستحلّ به الفروج، و الثواب على الإيمان. (4)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة، في بعضها: «الإسلام شهادة أن لا إله إلاّ اللّه و التصديق برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله. به حقنت الدماء و عليه جرت المناكح و المواريث و على ظاهره جماعة الناس، و الإيمان؛ الهدى و ما يثبت في القلوب من صفة الإسلام. . .» .

6-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لأنسبنّ الإسلام نسبة لا ينسبه أحد قبلي. . .

ص:143


1- -الكافي ج 2 ص 192 باب فيما يدفع اللّه بالمؤمن ح 1
2- الكافي ج 2 ص 193 ح 2
3- الكافي ج 2 ص 193 ح 3
4- الكافي ج 2 ص 20 باب أنّ الإسلام يحقن به الدم ح 1

إنّ المؤمن لم يأخذ دينه عن رأيه و لكن أتاه من ربّه فأخذه. إنّ المؤمن يرى يقينه في عمله و الكافر يرى إنكاره في عمله، فو الذي نفسي بيده ما عرفوا أمرهم فاعتبروا إنكار الكافرين و المنافقين بأعمالهم الخبيثة. (1)

7-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: اتّقوا ظنون المؤمنين، فإنّ اللّه جعل الحقّ على ألسنتهم. (2)

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: المؤمن زعيم أهل بيته شاهد عليهم ولايتهم. (3)

أقول:

و زاد في البحار (ج 67 ص 71) ، و قال عليه السّلام: إنّ المؤمن يخشع له كلّ شيء، حتّى هوامّ الأرض و سباعها و طير السماء.

9-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا يعذّب اللّه أهل قرية و فيها مائة من المؤمنين، لا يعذّب اللّه أهل قرية و فيها خمسون من المؤمنين، لا يعذّب اللّه أهل قرية و فيها عشرة من المؤمنين، لا يعذّب اللّه أهل قرية و فيها خمسة من المؤمنين، لا يعذّب اللّه أهل قرية و فيها رجل واحد من المؤمنين. (4)

10-روي أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نظر إلى الكعبة و قال: مرحبا بالبيت ما أعظمك و ما أعظم حرمتك على اللّه! و اللّه للمؤمن أعظم حرمة منك، لأنّ اللّه حرّم منك واحدة و من المؤمن ثلاثة: ماله و دمه و أن يظنّ به ظنّ السوء. (5)

11-و قال صلّى اللّه عليه و آله: مثل المؤمن كمثل ملك مقرّب، و إنّ المؤمن أعظم حرمة

ص:144


1- -الكافي ج 2 ص 38 باب نسبة الإسلام ح 1
2- نهج البلاغة ص 1233 ح 301
3- مشكوة الأنوار ص 99 ب 2 ف 6
4- مشكوة الأنوار ص 78 ب 2 ف 4
5- مشكوة الأنوار ص 78

عند اللّه و أكرم عليه من ملك مقرّب، و ليس شيء أحبّ إلى اللّه من مؤمن تائب و مؤمنة تائبة، و إنّ المؤمن يعرف في السماء كما يعرف الرجل أهله و ولده. (1)

أقول:

روى الصدوق رحمه اللّه في العيون ج 2 ص 28 ب 31 ح 33 مثله، دون قوله صلّى اللّه عليه و آله: و إنّ المؤمن يعرف. . .

12-عن الصادق جعفر بن محمّد عليه السّلام قال: المؤمن علويّ لأنّه علا في المعرفة، و المؤمن هاشميّ لأنّه هشم الضلالة، و المؤمن قرشيّ لأنّه أقرّ بالشيء المأخوذ عنّا، و المؤمن عجميّ لأنّه استعجم عليه أبواب الشرّ، و المؤمن عربيّ لأنّ نبيّه صلّى اللّه عليه و آله عربيّ و كتابه المنزل بلسان عربيّ مبين، و المؤمن نبطيّ لأنّه استنبط العلم، و المؤمن مهاجريّ لأنّه هجر السيّئات، و المؤمن أنصاريّ لأنّه نصر رسوله و أهل بيت رسول اللّه، و المؤمن مجاهد لأنّه يجاهد أعداء اللّه تعالى في دولة الباطل بالتقيّة و في دولة الحقّ بالسيف. (2)

بيان:

«هشم الضلالة» يقال: هشمت الشيء: كسرته و المراد هنا: كسرها و إبطالها «استعجم» المراد أنّه لا يهتدي إلى الشرّ و لا يأتي منه إلاّ الخير فهو على بناء المجهول و يحتمل المعلوم. (لاحظ شرح الحديث في البحار ج 67 ص 172)

13-عن رميلة قال: و عكت و عكا شديدا في زمان أمير المؤمنين عليه السّلام فوجدت من نفسي خفّة في يوم الجمعة و قلت: لا أعرف شيئا أفضل من أن أفيض على نفسى من الماء و أصلّي خلف أمير المؤمنين عليه السّلام ففعلت، ثمّ جئت إلى المسجد فلمّا صعد أمير المؤمنين عليه السّلام المنبر أعاد عليّ ذلك الوعك، فلمّا انصرف

ص:145


1- -مشكوة الانوار ص 78
2- العلل ج 2 ص 467 ب 222 ح 22-و بمضمونه في الاختصاص ص 138

أمير المؤمنين عليه السّلام و دخل القصر دخلت معه فقال: يا رميلة، رأيتك و أنت متشبّك بعضك في بعض فقلت: نعم و قصصت عليه القصّة التي كنت فيها و الذي حملني على الرغبة في الصلاة خلفه.

فقال: يا رميلة، ليس من مؤمن يمرض إلاّ مرضنا بمرضه، و لا يحزن إلاّ حزّنا بحزنه، و لا يدعو إلاّ أمّنا لدعائه، و لا يسكت إلاّ دعونا له. فقلت له:

يا أمير المؤمنين، جعلني اللّه فداك، هذا لمن معك في القصر أ رأيت من كان في أطراف الأرض؟ قال: يا رميلة، ليس يغيب عنّا مؤمن في شرق الأرض و لا في غربها. (1)

أقول:

سيأتي ما بمعناه في باب الشيعة.

بيان: «الوعك» : شدّة الحمّى و وعكته الحمّى: اشتدّت عليه و آذته. «متشبّك» تشبّك أي اختلط و تداخل بعضه في بعض و تشبّك فلان: إذا تشنّج من البرد.

14-قال الصادق عليه السّلام: . . . و اللّه إنّ المؤمن ليزهر نوره لأهل السماء كما تزهر نجوم السماء لأهل الأرض.

و قال عليه السّلام: إنّ المؤمن وليّ اللّه يعينه و ينصره و يصنع له و لا يقول عليه إلاّ الحقّ و لا يخاف غيره. (2)

15-. . . و بلغنا أنّه عليه السّلام قال: و اللّه ما عبد اللّه بشيء أفضل من أداء حقّ المؤمن.

و قال عليه السّلام: و اللّه إنّ المؤمن لأعظم حقّا من الكعبة.

و قال عليه السّلام: دعاء المؤمن للمؤمن يدفع عنه البلاء و يدرّ عليه الرزق. (3)

ص:146


1- -بصائر الدرجات ص 259 ج 5 ب 16 ح 1-و نظيره ح 2
2- الاختصاص ص 22
3- الاختصاص ص 23

16-عن أبي محمّد العسكريّ عن آبائه عن موسى بن جعفر عليهم السّلام قال:

كان قوم من خواصّ الصادق عليه السّلام جلوسا بحضرته في ليلة مقمرة مصحية، فقالوا:

يابن رسول اللّه، ما أحسن أديم هذه السماء، و أنور هذه النجوم و الكواكب؟ فقال الصادق عليه السّلام: إنّكم لتقولون هذا و إنّ المدبّرات الأربعة؛ جبرئيل، و ميكائيل، و إسرافيل، و ملك الموت عليهم السّلام، ينظرون إلى الأرض فيرونكم و إخوانكم في أقطار الأرض، و نوركم إلى السماوات و إليهم أحسن من نور هذه الكواكب، و إنّهم ليقولون كما تقولون: ما أحسن أنوار هؤلاء المؤمنين! (1)

بيان:

«المقمرة» : أي ليلة فيها القمر. «المصحية» قال رحمه اللّه: على بناء الإفعال من قولهم:

أصحت السماء: إذا ذهب غيمها. «الأديم» أديم السماء أو الأرض: ما ظهر منهما و النهار: بياضه.

17-عن المفضّل بن عمر عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّما سمّي المؤمن مؤمنا لأنّه يؤمن على اللّه فيجيز أمانه. (2)

أقول:

بهذا المعنى أخبار أخر، في بعضها: «ليشفع في مثل ربيعة و مضر» .

بيان: قال رحمه اللّه: «يؤمن على اللّه» أي يدعو و يشفع لغيره في الدنيا و الآخرة، فيستجاب له، و تقبل شفاعته فيه.

18-عن إسحاق بن جعفر عن أخيه الكاظم عن آبائه عليهم السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: يعيّر اللّه عزّ و جلّ عبدا من عباده يوم القيامة، فيقول: عبدي، ما منعك إذ مرضت أن تعودني؟ فيقول: سبحانك سبحانك أنت ربّ العباد لا تألم

ص:147


1- -البحار ج 68 ص 18 باب فضائل الشيعة ح 25( العيون ج 2 ص 2 ب 30 ح 2)
2- البحار ج 67 ص 60 باب فضل الإيمان ح 1

و لا تمرض، فيقول: مرض أخوك المؤمن فلم تعده، و عزّتي و جلالي لو عدته لوجدتني عنده، ثمّ لتكفّلت بحوائجك فقضيتها لك و ذلك من كرامة عبدي المؤمن و أنا الرحمان الرحيم. (1)

19-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا يقدر الخلائق على كنه صفة اللّه عزّ و جلّ، فكما لا يقدر على كنه صفة اللّه عزّ و جلّ، فكذلك لا يقدر على كنه صفة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و كما لا يقدر على كنه صفة الرسول صلّى اللّه عليه و آله فكذلك لا يقدر على كنه صفة الإمام عليه السّلام، و كما لا يقدر على كنه صفة الإمام عليه السّلام كذلك لا يقدر على كنه صفة المؤمن. (2)

20-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ المؤمن إذا دعا اللّه أجابه، فشخص بصري نحوه إعجابا بما قال، فقال: إنّ اللّه واسع لخلقه. (3)

21-قال أبو جعفر عليه السّلام: يقول اللّه عزّ و جلّ: ما تردّدت في شيء أنا فاعله كتردّدي على المؤمن، لأنّي أحبّ لقاءه و يكره الموت فأزويه عنه، و لو لم يكن في الأرض إلاّ مؤمن واحد لأكتفيت به عن جميع خلقي، و جعلت له من إيمانه أنسا لا يحتاج فيه إلى أحد. (4)

بيان:

«فأزويه» يقال: زوى الشيء: نحّاه و منعه، و زوى عنه الشرّ أي صرفه.

و في ح 14: «فأصرفه عنه» .

22-عن ميسّر عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ المؤمن منكم يوم القيامة ليمرّ به الرجل و قد امر به إلى النار، فيقول: يا فلان، أغثني فإنّي كنت أصنع إليك

ص:148


1- -البحار ج 67 ص 69 ح 28
2- البحار ج 67 ص 65 ح 13
3- البحار ج 67 ص 65 ح 17
4- البحار ج 67 ص 66 ح 23

المعروف في دار الدنيا فيقول للملك: خلّ سبيله، فيأمر اللّه. فيخلّي سبيله. (1)

23-عن محمّد بن حمران عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: بؤتى بعبد يوم القيامة ليست له حسنة فيقال له: اذكر و تذكّر، هل لك حسنة؟ فيقول ما لي حسنة غير أنّ فلانا عبدك المؤمن مرّبي فسألني ماء ليتوضّأ به فيصلّي، فأعطيته فيدعى بذلك العبد، فيقول: نعم يا ربّ، فيقول الربّ جلّ ثناؤه: قد غفرت لك، أدخلوا عبدي جنّتي. (2)

24-عن جابر الجعفيّ قال: قال لي أبو جعفر عليه السّلام: إنّ المؤمن ليفوّض اللّه إليه يوم القيامة فيصنع ما يشاء، قلت: حدثني في كتاب اللّه أين قال؟ قال: قوله:

لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها وَ لَدَيْنا مَزِيدٌ (3)فمشيّة اللّه مفوّضة إليه، و المزيد من اللّه ما لا يحصى.

ثمّ قال: يا جابر، و لا تستعن بعدوّ لنا في حاجة، و لا تستطعمه و لا تسأله شربة، أما إنّه ليخلد في النار فيمرّ به المؤمن، فيقول: يا مؤمن، أ لست فعلت كذا و كذا؟ فيستحيى منه، فيستنقذه من النار، و إنّما سمّي المؤمن مؤمنا لأنّه يؤمن على اللّه فيجيز اللّه أمانه. (4)

25-قال الباقر عليه السّلام: إنّ اللّه أعطى المؤمن ثلاث خصال؛ العزّ في الدنيا و في دينه، و الفلح في الآخرة، و المهابة في صدور العالمين. (5)

26-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: المؤمن أعظم حرمة من الكعبة. (6)

ص:149


1- -البحار ج 67 ص 70 ح 29
2- البحار ج 67 ص 70 ح 30
3- ق:35
4- البحار ج 67 ص 70 ح 32
5- البحار ج 67 ص 71 ح 34
6- البحار ج 67 ص 71 ح 35

27-عن الثماليّ قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: لو كشف الغطاء عن الناس، فنظروا إلى ما وصل ما بين اللّه و بين المؤمن، خضعت للمؤمن رقابهم و تسهّلت له أمورهم، و لانت طاعتهم و لو نظروا إلى مردود الأعمال من السماء، لقالوا: ما يقبل اللّه من أحد عملا. (1)

28-عن سليمان الجعفريّ قال: كنت عند أبي الحسن عليه السّلام قال: يا سليمان، اتّق فراسة المؤمن، فإنّه ينظر بنور اللّه، فسكتّ حتّى أصبت خلوة، فقلت: جعلت فداك، سمعتك تقول: اتّق فراسة المؤمن فإنّه ينظر بنور اللّه؟ قال: نعم يا سليمان، إنّ اللّه خلق المؤمن من نوره، و صبّغهم في رحمته و أخذ ميثاقهم لنا بالولاية، و المؤمن أخ المؤمن لأبيه و امّه، أبوه النور و امّه الرحمة، و إنّما ينظر بذلك النور الذي خلق منه. (2)

بيان:

«صبّغهم» : أي غمسهم أو لوّنهم.

29-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: اتّقوا فراسة المؤمن فإنّه ينظر بنور اللّه، ثمّ تلا: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ (3). (4)

30-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: المؤمن آنس الانس جيّد الجنس، من طينتنا أهل البيت. (5)

31-عن محمّد بن حمران قال: سألت الصادق عليه السّلام: من أيّ شيء خلق اللّه طينة المؤمن؟ قال: من طينة علّيّين، قال: قلت: فمن أىّ شيء خلق المؤمن؟

ص:150


1- -البحار ج 67 ص 73 ح 44
2- البحار ج 67 ص 73 باب أنّ المؤمن ينظر بنور اللّه ح 1
3- الحجر:75
4- البحار ج 67 ص 74 ح 4
5- البحار ج 67 ص 77 باب طينة المؤمن ح 3

قال: من طينة الأنبياء فلن ينجّسه شيء. (1)

32-عن المفضّل بن عمر عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ اللّه تبارك و تعالى خلق المؤمن من نور عظمته و جلال كبريائه، فمن طعن على المؤمن أو ردّ عليه فقد ردّ على اللّه في عرشه، و ليس هو من اللّه في ولاية و إنّما هو شرك شيطان. (2)

33-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الإيمان أمان. (الغرر ج 1 ص 7 ف 1 ح 90)

الإيمان نجاة-المرء بإيمانه. (ص 11 ح 235 و ص 12 ح 292)

الإيمان واضح الولائج (3). (ص 19 ح 512)

الإيمان شفيع منجح. (ص 22 ح 606)

المؤمنون أعظم أحلاما (4). (ص 23 ح 647)

الإيمان أعلى غاية-الإيمان إخلاص العمل. (ص 30 ح 900 و 923)

النجاة مع الإيمان (ص 31 ح 941)

الإيمان شهاب لا يخبو. (ص 32 ح 991)

الإيمان صبر في البلاء، و شكر في الرخاء. (ص 49 ح 1395)

الإيمان أفضل الأمانتين. (ص 65 ح 1706)

الإيمان قول باللسان و عمل بالأركان. (ص 69 ح 1781)

الإيمان شجرة أصلها اليقين، و فرعها التقى، و نورها الحياء، و ثمرها السخاء.

(ص 71 ح 1811)

ص:151


1- -البحار ج 67 ص 78 ح 6
2- البحار ج 67 ص 125 ح 26
3- البواطن و الأسرار، و هي واضحة لمن تدبّرها.
4- الأحلام: العقول.

الإيمان و العمل أخوان توأمان، و رفيقان لا يفترقان، لا يقبل اللّه أحدهما إلاّ بصاحبه. (ص 96 ح 2116)

أقرب الناس من اللّه سبحانه أحسنهم إيمانا. (ص 196 ف 8 ح 369)

بالإيمان يرتقى إلى ذروة السعادة و نهاية الحبور. (ص 336 ف 18 ح 145)

زين الإيمان طهارة السرائر و حسن العمل في الظواهر. (ص 429 ف 37 ح 64)

غاية الدين الإيمان. (ج 2 ص 503 ف 56 ح 1)

ما من شيء يحصل به الآمال (الأمان ف ن) أبلغ من إيمان و إحسان.

(ص 756 ف 79 ح 257)

ملاك النجاة لزوم الإيمان و صدق الإيقان. (ص 768 ف 80 ح 152)

لا شرف أعلى من الإيمان. (ص 838 ف 86 ح 188)

لا نجاة لمن لا إيمان له. (ص 847 ح 344)

لا شيء يدّخره الإنسان كالإيمان باللّه سبحانه و صنائع الإحسان.

(ص 853 ح 425)

يستدلّ على إيمان الرجل بالتسليم و لزوم الطاعة. (ص 863 ف 88 ح 1)

يحتاج الإسلام إلى الإيمان، و يحتاج الإيمان إلى الإيقان، و يحتاج العلم إلى العمل. (ص 874 ف 91 ح 13)

ص:152

الفصل الثانيّ: درجات الإيمان و فرضه على الجوارح

الأخبار

1-عن أبي عمرو الزبيريّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له: أيّها العالم، أخبرني أىّ الأعمال أفضل عند اللّه؟ قال: ما لا يقبل اللّه شيئا إلاّ به، قلت:

و ما هو؟ قال: الإيمان باللّه الذى لا إله إلاّ هو، أعلى الأعمال درجة و أشرفها منزلة و أسناها حظّا. قال: قلت: ألا تخبرني عن الإيمان؛ أقول هو و عمل، أم قول بلا عمل؟ فقال: الإيمان عمل كلّه و القول بعض ذلك العمل، بفرض من اللّه بيّن في كتابه، واضح نوره، ثابتة حجّته، يشهد له به الكتاب و يدعوه إليه.

قال: قلت: صفه لي جعلت فداك حتّى أفهمه، قال: للإيمان حالات و درجات و طبقات و منازل. فمنه التامّ المنتهى تمامه و منه الناقص البيّن نقصانه و منه الراجح الزائد رجحانه. قلت: إنّ الإيمان ليتمّ و ينقص و يزيد؟ قال: نعم. قلت: كيف ذلك؟ قال: لأنّ اللّه تبارك و تعالى فرض الإيمان على جوارح ابن آدم، و قسّمه عليها و فرّقه فيها، فليس من جوارحه جارحة إلاّ و قد وكّلت من الإيمان بغير ما وكّلت به اختها. . . ففرض على القلب غير ما فرض على السمع و فرض على السمع غير ما فرض على العينين. . .

فأمّا ما فرض على القلب من الإيمان، فالإقرار و المعرفة و العقد و الرضا و التسليم بأن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، إلها واحدا لم يتّخذ صاحبة

ص:153

و لا ولدا، و أنّ محمّدا صلّى اللّه عليه و آله عبده و رسوله، و الإقرار بما جاء من عند اللّه من نبيّ أو كتاب، فذلك ما فرض اللّه على القلب من الإقرار و المعرفة و هو عمله و هو قول اللّه عزّ و جلّ: إِلاّ مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَ لكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً (1)و قال: أَلا بِذِكْرِ اَللّهِ تَطْمَئِنُّ اَلْقُلُوبُ (2)و قال: اَلَّذِينَ قالُوا آمَنّا بِأَفْواهِهِمْ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ (3)و قال: إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اَللّهُ. . . (4)فذلك ما فرض اللّه عزّ و جلّ على القلب من الإقرار و المعرفة و هو عمله و هو رأس الإيمان.

و فرض اللّه على اللسان القول و التعبير عن القلب بما عقد عليه و أقرّ به. قال اللّه تبارك و تعالى: وَ قُولُوا لِلنّاسِ حُسْناً (5)و قال: قُولُوا آمَنّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَ أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ. . . (6)فهذا ما فرض اللّه على اللسان و هو عمله.

و فرض على السمع أن يتنزّه عن الاستماع إلى ما حرّم اللّه و أن يعرض عمّا لا يحلّ له ممّا نهى اللّه عزّ و جلّ عنه و الإصغاء إلى ما أسخط اللّه عزّ و جلّ فقال في ذلك: وَ قَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي اَلْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اَللّهِ يُكْفَرُ بِها وَ يُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ (7).

ثمّ استثنى اللّه عزّ و جلّ موضع النسيان فقال: وَ إِمّا يُنْسِيَنَّكَ اَلشَّيْطانُ

ص:154


1- -النحل:106
2- الرعد:28
3- المائدة:41 و الآية هكذا: قالُوا آمَنّا بِأَفْواهِهِمْ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ
4- البقرة:284
5- البقرة:83
6- العنكبوت:46 و الآية هكذا: قُولُوا آمَنّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَ أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ
7- النساء:140

فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ اَلذِّكْرى مَعَ اَلْقَوْمِ اَلظّالِمِينَ (1)و قال: فَبَشِّرْ عِبادِ- اَلَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ اَلْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ اَلَّذِينَ هَداهُمُ اَللّهُ وَ أُولئِكَ هُمْ أُولُوا اَلْأَلْبابِ (2)و قال عزّ و جلّ: قَدْ أَفْلَحَ اَلْمُؤْمِنُونَ- اَلَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ- وَ اَلَّذِينَ هُمْ عَنِ اَللَّغْوِ مُعْرِضُونَ. . . (3)و قال: وَ إِذا سَمِعُوا اَللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَ قالُوا لَنا أَعْمالُنا وَ لَكُمْ أَعْمالُكُمْ (4)و قال: وَ إِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً (5)فهذا ما فرض على السمع من الإيمان أن لا يصغي إلى ما لا يحلّ له و هو عمله و هو من الإيمان.

و فرض على البصر أن لا ينظر إلى ما حرّم اللّه عليه و أن يعرض عمّا نهى اللّه عنه ممّا لا يحلّ له و هو عمله و هو من الإيمان، فقال تبارك و تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَ يَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ (6)فنهاهم أن ينظروا إلى عوراتهم و أن ينظر المرء إلى فرج أخيه و يحفظ فرجه أن ينظر إليه و قال: وَ قُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَ يَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ (7)من أن تنظر إحداهنّ إلى فرج اختها و تحفظ فرجها من أن ينظر إليها و قال: كلّ شيء في القرآن من حفظ الفرج فهو من الزنا إلاّ هذه الآية فإنّها من النظر. . .

و فرض اللّه على اليدين أن لا يبطش بهما إلى ما حرّم اللّه و أن يبطش بهما إلى ما أمر اللّه عزّ و جلّ و فرض عليهما من الصدقة و صلة الرحم و الجهاد في سبيل اللّه

ص:155


1- -الأنعام:68
2- الزمر:18
3- المؤمنون:1 إلى 4
4- القصص:55
5- الفرقان:72
6- النور:30
7- النور:31

و الطهور للصلوة. . .

و فرض على الرجلين أن لا يمشي بهما إلى شيء من معاصي اللّه و فرض عليهما المشي إلى ما يرضى اللّه عزّ و جلّ فقال: وَ لا تَمْشِ فِي اَلْأَرْضِ مَرَحاً. . . (1)

و قال: وَ اِقْصِدْ فِي مَشْيِكَ. . . (2). . .

و فرض على الوجه السجود له بالليل و النهار في مواقيت الصلاة. . . (3)

بيان:

«لا يبطش» البطش: تناول الشيء بصولة و قوّة، و المراد أن لا يأخذ بهما ما حرّم اللّه.

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ وضع الإيمان على سبعة أسهم؛ على البرّ، و الصدق، و اليقين، و الرضا، و الوفاء، و العلم، و الحلم، ثمّ قسّم ذلك بين الناس، فمن جعل فيه هذه السبعة الأسهم فهو كامل محتمل، و قسّم لبعض الناس السهم و لبعض السهمين و لبعض الثلاثة حتّى انتهوا إلى السبعة ثمّ قال:

لا تحملوا على صاحب السهم سهمين و لا على صاحب السهمين ثلاثة فتبهضوهم، ثمّ قال: كذلك حتّى انتهوا إلى السبعة. (4)

بيان:

«فهو كامل» : أي في الإيمان. «محتمل» : لشرائطه و أركانه. «فتبهضوهم» في بعض النسخ: بالظاء، و هما متقاربان معنى، قال في القاموس: بهضني الأمر كمنع و أبهضني: فدحني (أي أثقلني) و بالظاء أكثر، و قال: بهظه الأمر: غلبه و ثقل عليه و بلغ به مشقّة.

ص:156


1- -الإسراء:37
2- لقمان:19
3- الكافي ج 2 ص 28 باب أنّ الإيمان مبثوث لجوارح البدن ح 1
4- الكافي ج 2 ص 35 باب درجات الايمان ح 1

3-عن عبد العزيز القراطيسيّ قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا عبد العزيز! إنّ الإيمان عشر درجات بمنزلة السلّم يصعد منه مرقاة بعد مرقاة، فلا يقولنّ صاحب الاثنين لصاحب الواحد: لست على شيء حتّى ينتهي إلى العاشر، فلا تسقط من هو دونك فيسقطك من هو فوقك، و إذا رأيت من هو أسفل منك بدرجة فارفقه إليك برفق و لا تحملنّ عليه ما لا يطيق فتكسّره، فإنّ من كسّر مؤمنا فعليه جبره. (1)

أقول:

رواه الصدوق رحمه اللّه في الخصال ج 2 ص 447 باب العشرة ح 48، و زاد في آخره:

و كان المقداد في الثامنة، و أبو ذرّ في التاسعة، و سلمان في العاشرة.

بيان: «فتكسّره» في المرآة ج 7 ص 280: أي تكسّر إيمانه و تضلّه لأنّه يرفع يده عمّا هو فيه، و لا يصل إلى الدرجة الأخرى فيتحيّر في دينه أو يكلّفه من الطاعات ما لا يطيقها فيسوء ظنّه بما كان يعمله فيتركهما جميعا.

«فعليه جبره» قال رحمه اللّه: أي يجب عليه جبره و ربما لا ينجبر و يلزمه إصلاح ما أفسد من إيمانه و ربما لم يصلح.

أقول: أمّا اختلاف درجات الإيمان فكثيرة فوق أن تحصى لأنّ درجات الإيمان و منازله متفاوتة، تارة بحسب الاعتقادات الحقّة كلاّ و بعضا، قوّة وضعفا، و اخرى بحسب الأخلاق الحسنة و ثالثة بحسب الأعمال الصالحة كثرة و قلّة، خالصة و مشوبة، و لا يدخل شيء من ذلك تحت الحصر و العدد كما في المرآة ج 7 ص 277.

و أمّا ذكر عدد السبعة أو العشرة أو غيرهما فلعلّه لبيان أهمّ مراتبه.

4-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: المؤمنون على سبع درجات: صاحب درجة

ص:157


1- -الكافي ج 2 ص 37 باب آخر منه ح 2

منهم في مزيد من اللّه عزّ و جلّ لا يخرجه ذلك المزيد من درجته إلى درجة غيره، و منهم شهداء اللّه على خلقه، و منهم النجباء، و منهم الممتحنة، و منهم النجداء، و منهم أهل الصبر، و منهم أهل التقوى، و منهم أهل المغفرة. (1)

بيان:

«النجيد» جمع نجداء: الشجاع.

5-عن الرضا عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الإيمان بضع و سبعون بابا، أكبرها شهادة أن لا إله إلاّ اللّه، و أدناها إماطة الأذى عن الطريق. (2)

بيان:

«إماطة الأذى» أماط عن كذا: تنحّى و ابتعد، و المراد هنا رفع الأذى و دفع ما يؤذي الناس عن الطريق.

6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما أنتم و البراءة يبرأ بعضكم من بعض؟ ! إنّ المؤمنين بعضهم أفضل من بعض، و بعضهم أكثر صلاة من بعض، و بعضهم أنفذ بصيرة من بعض و هي الدرجات. (3)

7-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الإيمان في عشرة: المعرفة و الطاعة و العلم و العمل و الورع و الاجتهاد و الصبر و اليقين و الرضا و التسليم، فأيّها فقد صاحبه بطل نظامه. (4)

ص:158


1- -الخصال ج 2 ص 352 باب السبعة ح 31
2- مشكوة الأنوار ص 40 ب 1 ف 10
3- البحار ج 69 ص 168 باب درجات الإيمان ح 7
4- البحار ج 69 ص 175 ح 28

الفصل الثالث: صفات المؤمن و علاماته و كماله

الآيات

1- إِنَّمَا اَلْمُؤْمِنُونَ اَلَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اَللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَ إِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَ عَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ- اَلَّذِينَ يُقِيمُونَ اَلصَّلاةَ وَ مِمّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ - أُولئِكَ هُمُ اَلْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ مَغْفِرَةٌ وَ رِزْقٌ كَرِيمٌ. (1)

2- وَ اَلْمُؤْمِنُونَ وَ اَلْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ وَ يُقِيمُونَ اَلصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ اَلزَّكاةَ وَ يُطِيعُونَ اَللّهَ وَ رَسُولَهُ أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اَللّهُ إِنَّ اَللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ. (2)

3- قَدْ أَفْلَحَ اَلْمُؤْمِنُونَ- اَلَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ- وَ اَلَّذِينَ هُمْ عَنِ اَللَّغْوِ مُعْرِضُونَ- وَ اَلَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ- وَ اَلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ- إِلاّ عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ- فَمَنِ اِبْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ اَلعادُونَ- وَ اَلَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَ عَهْدِهِمْ راعُونَ- وَ اَلَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ- أُولئِكَ هُمُ اَلْوارِثُونَ- اَلَّذِينَ يَرِثُونَ اَلْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها

ص:159


1- -الأنفال:2-4
2- التوبة:71

خالِدُونَ. (1)

أقول:

تدلّ على المقام الآيات المذكورة في الفصل الأوّل حيث تحوي أكثرها أنّ الإيمان مقرون بالعمل الصالح و. . .

الأخبار

1-عن طاووس بن اليمان قال: سمعت عليّ بن الحسين عليهما السّلام يقول:

علامات المؤمن خمس، قلت: و ما هنّ يابن رسول اللّه؟ قال: الورع في الخلوة، و الصدقة في القلّة، و الصبر عند المصيبة، و الحلم عند الغضب، و الصدق عند الخوف. (2)

2-عن الحارث بن المغيرة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: ستّة لا تكون في المؤمن: العسر، و النكد، و اللجاجة، و الكذب، و الحسد، و البغي. (3)

أقول:

زاد في المحاسن ص 158: و قال عليه السّلام: لا يكون المؤمن مجازفا (محاربا ف ن) .

بيان: «العسر» : الشدّة في المعاملات، و عدم السهولة. «النكد» : العسر و الخشونة في المعاشرات، و قلّة العطاء و البخل و هو أظهر. «اللجاجة» : الخصومة.

«مجازفا» : الجزاف معرّب"گزاف"و هو بيع الشيء لا يعلم كيله و لا وزنه. قال في المصباح: يقال لمن يرسل كلامه إرسالا من غير قانون: جازف في كلامه فأقيم نهج الصواب مقام الكيل و الوزن. (البحار ج 67 ص 301)

3-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه عن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام أنّ

ص:160


1- -المؤمنون:1 إلى 11
2- الخصال ج 1 ص 269 باب الخمسة ح 4
3- الخصال ج 1 ص 325 باب الستّة ح 15

النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: في وصيّته له: يا عليّ، سبعة من كنّ فيه فقد استكمل حقيقة الإيمان، و أبواب الجنّة مفتّحة له: من أسبغ وضوءه، و أحسن صلاته، و أدّى زكوة ماله، و كفّ غضبه و سجن لسانه، و استغفر لذنبه، و أدّى النصيحة لأهل بيت نبيّه. (1)

أقول:

رواه غير واحد من الخاصّة و العامّة في كتبهم، و المراد بالنصيحة لأهل البيت هي شدّة المحبّة و المتابعة لهم و عدم الشكّ فيهم و. . . و من أراد المزيد فليلاحظ بابها

4-عن أبي عبد اللّه عن أبيه عليهما السّلام قال: لا يستكمل عبد حقيقة الإيمان حتّى يكون فيه خصال ثلاث: التفقّه في الدين، و حسن التقدير في المعيشة، و الصبر على الرزايا. (2)

بيان:

«الرزيئة» : ج رزايا و هي المصيبة.

5-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ألا أنبّئكم بالمؤمن؟ من ائتمنه المؤمنون على أنفسهم و أموالهم. ألا أنبّئكم بالمسلم؟ من سلم المسلمون من لسانه و يده. و المهاجر من هجر السيّئات و ترك ما حرّم اللّه. و المؤمن حرام على المؤمن أن يظلمه أو يخذله أو يغتابه أو يدفعه دفعة. (3)

6-عن عبد اللّه بن يونس عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قام رجل يقال له:

همّام-و كان عابدا ناسكا مجتهدا-إلى أمير المؤمنين عليه السّلام و هو يخطب فقال:

يا أمير المؤمنين، صف لنا صفة المؤمن كأنّنا ننظر إليه.

فقال: يا همّام، المؤمن هو الكيّس الفطن، بشره في وجهه، و حزنه في قلبه، أوسع شيء صدرا، و أذلّ شيء نفسا، زاجر عن كلّ فان، حاضّ على كلّ حسن،

ص:161


1- -الخصال ج 2 ص 345 باب السبعة ح 13
2- المحاسن ص 5 باب الثلاثة ح 11
3- الكافي ج 2 ص 184 باب المؤمن و علاماته ح 19

لا حقود و لا حسود، و لا وثّاب و لا سبّاب و لا عيّاب و لا مغتاب، يكره الرفعة و يشنأ السمعة، طويل الغمّ، بعيد الهمّ، كثير الصمت، وقور ذكور صبور شكور، مغموم بفكره، مسرور بفقره، سهل الخليقة، ليّن العريكة، رصين الوفاء، قليل الأذى، لا متأفّك و لا متهتّك.

إن ضحك لم يخرق، و إن غضب لم ينزق، ضحكه تبسّم، و استفهامه تعلّم، و مراجعته تفهّم، كثير علمه، عظيم حلمه، كثير الرحمة، لا يبخل و لا يعجل و لا يضجر و لا يبطر، و لا يحيف في حكمه، و لا يجور في علمه، نفسه أصلب من الصلد، و مكادحته أحلى من الشهد، لا جشع و لا هلع و لا عنف و لا صلف و لا متكلّف و لا متعمّق، جميل المنازعة، كريم المراجعة، عدل إن غضب، رفيق إن طلب، لا يتهوّر و لا يتهتّك و لا يتجبّر، خالص الودّ، وثيق العهد، و في العقد، شفيق، وصول حليم خمول، قليل الفضول.

راض عن اللّه عزّ و جلّ، مخالف لهواه، لا يغلظ على من دونه، و لا يخوض فيما لا يعنيه، ناصر للدين، محام عن المؤمنين، كهف للمسلمين، لا يخرق الثناء سمعه، و لا ينكي الطمع قلبه، و لا يصرف اللعب حكمه، و لا يطّلع الجاهل علمه، قوّال عمّال، عالم حازم، لا بفحّاش و لا بطيّاش، وصول في غير عنف، بذول في غير سرف، لا بختّال و لا بغدّار، و لا يقتفي أثرا و لا يحيف بشرا، رفيق بالخلق، ساع في الأرض، عون للضعيف، غوث للملهوف، لا يهتك سترا و لا يكشف سرّا، كثير البلوى، قليل الشكوى، إن رأى خيرا ذكره، و إن عاين شرّا ستره، يستر العيب، و يحفظ الغيب و يقيل العثرة و يغفر الزلّة.

لا يطّلع على نصح فيذره، و لا يدع جنح حيف فيصلحه، أمين رصين تقيّ نقيّ زكيّ رضيّ، يقبل العذر و يجمل الذكر، و يحسن بالناس الظنّ، و يتّهم على العيب نفسه، يحبّ في اللّه بفقه و علم، و يقطع في اللّه بحزم و عزم، لا يخرق به فرح و لا يطيش به مرح، مذكّر للعالم، معلّم للجاهل، لا يتوقّع له بائقة، و لا يخاف له

ص:162

غائلة، كلّ سعي أخلص عنده من سعيه، و كلّ نفس أصلح عنده من نفسه، عالم بعيبه شاغل بغمّه، لا يثق بغير ربّه، غريب وحيد جريد [حزين]، يحبّ في اللّه و يجاهد في اللّه ليتّبع رضاه، و لا ينتقم لنفسه بنفسه و لا يوالي في سخط ربّه، مجالس لأهل الفقر، مصادق لأهل الصدق، مؤازر لأهل الحقّ.

عون للغريب، أب لليتيم، بعل للأرملة، حفيّ بأهل المسكنة، مرجوّ لكلّ كريهة، مأمول لكلّ شدّة، هشّاش بشّاش، لا بعبّاس و لا بجسّاس، صليب كظّام بسّام، دقيق النظر، عظيم الحذر، [لا يجهل و إن جهل عليه يحلم]لا يبخل و إن بخل عليه صبر، عقل فاستحيى و قنع فاستغنى، حياؤه يعلو شهوته و ودّه يعلو حسده و عفوه يعلو حقده، لا ينطق بغير صواب، و لا يلبس إلاّ الاقتصاد، مشيه التواضع.

خاضع لربّه بطاعته، راض عنه في كلّ حالاته، نيّته خالصة، أعماله ليس فيها غشّ و لا خديعة، نظره عبرة، سكوته فكرة و كلامه حكمة، مناصحا متباذلا متواخيا، ناصح في السرّ و العلانية، لا يهجر أخاه و لا يغتابه و لا يمكر به، و لا يأسف على مافاته، و لا يحزن على ما أصابه، و لا يرجو ما لا يجوز له الرجاء، و لا يفشل في الشدّة، و لا يبطر في الرخاء، يمزج الحلم بالعلم و العقل بالصبر، تراه بعيدا كسله دائما نشاطه، قريبا أمله، قليلا زلله، متوقّعا لأجله، خاشعا قلبه، ذاكرا ربّه، قانعة نفسه، منفيّا جهله، سهلا أمره، حزينا لذنبه، ميّتة شهوته، كظوما غيظه، صافيا خلقه، آمنا منه جاره، ضعيفا كبره، قانعا بالذي قدّر له، متينا صبره، محكما أمره، كثيرا ذكره.

يخالط الناس ليعلم، و يصمت ليسلم، و يسأل ليفهم، و يتّجر ليغنم، لا ينصت للخبر ليفجر به و لا يتكلّم ليتجبّر به على من سواه، نفسه منه في عناء و الناس منه في راحة، أتعب نفسه لآخرته فأراح الناس من نفسه، إن بغي عليه صبر حتّى يكون اللّه الذي ينتصر له، بعده ممّن تباعد منه بغض و نزاهة، و دنوّه ممّن دنا منه لين و رحمة، ليس تباعده تكبّرا و لا عظمة، و لا دنوّه خديعة و لا خلابة، بل يقتدي

ص:163

بمن كان قبله من أهل الخير فهو إمام لمن بعده من أهل البرّ.

قال: فصاح همّام صيحة، ثمّ وقع مغشيّا عليه. فقال أمير المؤمنين عليه السّلام: أما و اللّه لقد كنت أخافها عليه.

و قال: هكذا تصنع الموعظة البالغة بأهلها، فقال له قائل: فما بالك يا أمير المؤمنين، فقال: إنّ لكلّ أجلا لا يعدوه و سببا لا يجاوزه، فمهلا لا تعد فإنّما نفث على لسانك شيطان. (1)

أقول:

يكفي في الفصل هذا الحديث، كيف و فيه كلّ الصفات و كلّ المواعظ.

و رواه السيّد الرضي رحمه اللّه في نهج البلاغة و الصدوق رحمه اللّه في مجالسه باختلاف.

و سيأتي في باب التقوى ما في نهج البلاغة إن شاء اللّه تعالى و فيه؛ قال: صف لي المتّقين. و يمكن أن يكون السؤال عن صفات المؤمنين و المتّقين معا فاكتفى في بعض الروايات بذكر الأولى و في بعضها بذكر الثانية كما قال المجلسي رحمه اللّه في البحار، و يؤيّده ما في تحف العقول حيث ورد كلاهما في حديث واحد.

بيان: «الكيّس» : الفطن، الحسن الفهم. «البشر» : الطلاقة. «عن كلّ فان» أي من جميع الامور الدنيوية فإنّها في معرض الفناء. «حاضّ» الحضّ: الترغيب و التحريص. «لا وثّاب» : أي لا يثب في وجوه الناس بالمنازعة و المعارضة. «يشنأ السمعة» : يبغضها. «بعيد الهمّ» : أي يهتمّ للامور البعيدة عنه من أمور الآخرة و غيرها أو بمعنى أنّه يتفكّر في العواقب. «ذكور» : أي كثير الذكر للّه تعالى. «مغموم بفكره» : أي بسبب فكره في امور الآخرة. «سهل الخليقة» : أي ليس في طبعه خشونة و غلظة، و قيل: أي سريع الانقياد للحقّ. «ليّن العريكة» : هي قريبة من الفقرة السابقة مؤكّدة لها، و الخليقة و العريكة بمعنى الطبيعة. «رصين الوفاء» :

ص:164


1- -الكافي ج 2 ص 179 باب المؤمن و علاماته ح 1

أي محكم الوفاء بعهود اللّه و عهود الخلق. في القاموس، رصنه: أكمله و أرصنه:

أحكمه و رصن ككرم و كأمير: المحكم الثابت و الحفي بحاجة صاحبه.

«لا متأفّك» : كأنه مبالغة في الإفك بمعنى الكذب. «لا متهتّك» : أي ليس قليل الحياء بحيث لا يبالي أن يهتك ستره، أو لا يهتك ستر الناس. «إن ضحك لم يخرق» :

أي لا يبالغ في الضحك حتّى ينتهي إلى الخرق و السفه بل يقتصر على التبسّم و قيل:

هو من الخرق بمعنى الشقّ أي لم يشقّ فاه و لم يفتحه كثيرا. «لم ينزق» نزق: خفّ و طاش عند الغضب. «لا يبطر» بطر الحقّ: تكبّر عنه و لم يقبله و بطر بطرا: أخذته دهشة و حيرة عند هجوم النعمة و طغى بالنعمة أو عندها فصرفها إلى غير وجهها و بطر النعمة: استخفّها جهلا و تكبّرا فلم يشكرها.

«لا يحيف» الحيف: الجور و الظلم. «نفسه أصلب من الصلد» : كناية عن شدّة تحمّله للمشاقّ، أو عن عدم عدوله عن الحقّ و تزلزله فيه بالشبهات، و عدم ميله إلى الدنيا بالشهوات، و الصلد أي الحجر الصلب الأملس. «مكادحته أحلى من الشهد» يقال: كدح في العمل: سعى و عمل لنفسه، فالمعنى أنّ جهده و عمله من العبادة و غيرها في مذاقه أحلى من العسل أو كدّه في سبيل اللّه من قوله تعالى:

إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً أي تسعى.

«لا جشع» في القاموس، الجشع محرّكة: أشدّ الحرص و أسوءه أو أن تأخذ نصيبك و تطمع في نصيب غيرك. و قال: «الهلع» : أفحش الجزع و كصرد:

الحريص، و الهلوع: من يجزع و يفزع من الشرّ و يحرص و يشحّ على المال، أو الضجور لا يصبر على المصائب. «العنف» مثلّثة العين: ضدّ الرفق. «لا صلف» صلف صلفا: تمدّح بما ليس فيه أو عنده و ادّعى فوق ذلك إعجابا و تكبّرا فهو صلف، و لصاحبه: تكلّم له بما يكره (لاف زدن) .

في القاموس، «المتكلّف» : العريض لما لا يعنيه و نحوه. «لا متعمّق» : أي لا يتعمّق و لا يبالغ في الأمور الدنيويّة، و الأمور الممنوعة، و يحتمل عندي أنّ المراد عدم

ص:165

تعمّقه في بعض الأمور، لكونه دائما في ذكر اللّه تعالى. «جميل المنازعة» : أي إن احتاج إلى منازعة يأتي بها على أحسن الوجوه. «كريم المراجعة» : أي يأتي بها في غاية الملاينة و حسن الأدب.

«عدل إن غضب» : أي لا يصير غضبه سببا لجوره على من غضب عليه. «رفيق إن طلب» : أي إن طلب شيئا من أحد يطلبه برفق، و يمكن أن يقرء على بناء المجهول أي إن طلب أحد رفاقته يصاحبه برفق، و إن طلب أحد منه حقّه يجيبه برفق «التهوّر» : الإفراط في الشجاعة. «و لا يتجبّر» أي لا يتكبّر على الغير أو لا يعدّ نفسه كبيرا. «خالص الودّ» : أي محبّته خالصة لكلّ من يودّه غير مخلوطة بالخديعة و النفاق. «وثيق العهد» : أي عهده مع اللّه و مع الخلق محكم. «الشفيق» : أي ناصح و مشفق على المؤمنين.

«وصول» : أي للرحم أو الأعمّ منهم و من ساير المؤمنين. «خمول» : أي خامل الذكر، غير مشهور بين الناس. «قليل الفضول» : أي قليل الزوائد من القول و الفعل. «لا يخوض» : لا يدخل. «محام عن المؤمنين» : دافع للضرر عنهم يقال:

حاميت عنه: منعت عنه. «الكهف» : الملجأ. «لا يخرق الثناء سمعه» الخرق: الشقّ، و عدمه كناية عن عدم التأثير فيه كأنّه لم يسمعه. «لا ينكي الطمع قلبه» :

أي لا يؤثّر في قلبه و لا يستقرّ فيه، و فيه إشعار بأنّ الطمع يورث جراحة القلب جراحة لا تبرء. «لا يصرف اللعب حكمه» : أي حكمته و المعنى؛ لا يلتفت إلى اللعب لحكمته، أو المعنى؛ أنّ الأمور الدنيويّة لا تصير سببا لتغيير حكمه.

«الحزم» : رعاية العواقب، في القاموس، الحزم: ضبط الأمر و الأخذ فيه بالثقة «لا بفحّاش» الفحش: عدوان الجواب أو ما عظم قبحه من الأفعال و الأقوال «لا بطيّاش» الطيش: النزق و الخفّة و ذهاب العقل و الطيّاش: من لا يقصد وجها واحدا. «وصول في غير عنف» : أي وصله غير مشوب بالشدّة و المشقّة، و يعاشر

ص:166

الأرحام و المؤمنين برفق. «لا بختّال» : ختله أي خدعه و في بعض النسخ:

"لا بختّار"في القاموس، الختر: الغدر و الخديعة أو أقبح الغدر. «لا يقتفي أثرا» : أي لا يتّبع عيوب الناس أو لا يتّبع أثر من لا يعلم حقّيته. «الملهوف» : المظلوم، المضطرّ يستغيث و يتحسّر. «كثير البلوى» : أي كثير الاختبار و كثير البلاء و المحنة. «يقيل العثرة» : أي يعفو عن الزلّة و الخطيئة و قريب منه يغفر الزلّة. «لا يطّلع على نصح فيذره» : أي لا يطّلع على نصح لأخيه فيتركه بل يذكره له. «لا يدع جنح حيف فيصلحه» الجنح: الجانب و الكنف و الناحية، و المعنى أنّه لا يدع شيئا من الظلم يقع منه أو من غيره على أحد بل يصلحه، أو لا يصدر منه شيء من الظلم فيحتاج إلى أن يصلحه.

«تقيّ» عن المعاصي. «نقيّ» عن ذمائم الأخلاق. «زكيّ» : أي طاهر من العيوب أو نام في الكمالات أو صالح. «رضيّ» : أي راض عن اللّه تعالى و عن الخلق أو مرضيّ عندهما كما قال اللّه تعالى: وَ اِجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا أي مرضيّا عندك قولا و فعلا.

«يقطع في اللّه بحزم و عزم» : أي يقطع من الأعداء بحزم و رعاية للعاقبة، فإنّه قد تلزم مواصلتهم ظاهرا و هو عازم على قطعهم، لاكمن يصل من الأعداء يوما و يقطع يوما منهم. «لا يخرق به فرح» : أي لا يصير الفرح سببا لخرقه و سفهه.

«لا يطيش به مرح» المرح: شدّة الفرح و النشاط أي لا يصير شدّة فرحه سببا لخفّته و ذهاب عقله أو عدوله عن الحقّ و ميله إلى الباطل.

«لا يتوقّع له بائقة» توقّع الأمر: انتظر كونه، و البائقة: الداهية و الشرّ و الغائلة أي لا يخاف أن يصدر عنه داهية و شرّ. «كلّ سعي أخلص عنده من سعيه» : أي لحسن ظنّه بالغير و اتّهامه لنفسه سعي كلّ أحد في الطاعات أخلص عنده من سعيه، و قريب منه الفقرة التالية. «شاغل بغمّه» : أي غمّه لآخرته و عيوبه شغلته عن أن يلتفت إلى غيره. «وحيد» : أي يصبر على الوحدة أو فريد لا مثل له. «جريد» :

في بعض النسخ: "حزين". «مؤازر» : أي معاون.

ص:167

في الصحاح، «الأرملة» : أي المرأة التي لا زوج لها و في القاموس: امرأة أرملة:

محتاجة أو مسكينة. أقول: لعلّة وفات زوجها تصير محتاجة مسكينة.

قال الراغب: «الحفىّ» البرّ اللطيف. . . و يقال: حفيت بفلان و تحفّيت به: إذا عنيت بإكرامه، و الحفيّ: العالم بالشيء. «مرجوّ لكلّ كريهة» : أي يرجى لرفع كلّ كريهة.

«مأمول لكلّ شدّة» : أي يأمله الناس لدفع كلّ شدّة. «هشّاش» يقال هشّ الرجل: إذا تبسّم و ارتاح، و هي طلاقة الوجه و كذا بشّاش. «العبّاس» : أي كثير العبوس. «و لا بجسّاس» : أي لا كثير التجسّس لعيوب الناس و غيره. «صليب» :

أي متصلّب شديد في أمور الدين. «كظّام» : يكظم الغيظ كثيرا. «بسّام» : أي كثير التبسّم. «دقيق النظر» : أي نافذ الفكر في دقائق الأمور. «عظيم الحذر» : أي عن الدنيا و مهالكها و فتنها.

«عقل فاستحيى» : أي فهم قبح المعاصي فاستحيى من ارتكابها، أو عقل أنّ اللّه مطّلع عليه في جميع أحواله فاستحيى من أن يعصيه. «لا يفشل في الشدّة» : أي لا يكسل و لا يضطرب. «لا يبطر في الرخاء» : أي لا يطغى في الرخاء و مرّ معنى البطر. «تراه بعيدا كسله» : أي في العبادات و الأمور.

«دائما نشاطه» : أي رغبته في الطاعات. «قريبا أمله» : أي لا يأمل ما يبعد حصوله من أمور الدنيا أو لا يأمل ما يتوقّف حصوله على عمر طويل، بل يعدّ موته قريبا، و الحاصل ليس له طول الأمل. «متوقّعا لأجله» : أي منتظرا له يعدّه قريبا منه.

«سهلا أمره» : أي خفيف المؤنة. «صافيا خلقه» : عن الغلظة و الخشونة. «يتّجر ليغنم» : أي ليحصل الغنيمة و الربح، لا للتفاخر و التكاثر أو المراد بالغنيمة الفوائد الأخرويّة.

«لا ينصت للخبر ليفجر به» : في بعض النسخ: "لا ينصت للخير ليفخر به".

و في بعض النسخ: "لا ينصب للخير ليفجر به"أي لا يقبل المنصب الشرعيّ ليفجر به و يحكم بالفجور. «و لا يتكلّم ليتجبّر به» : أي لا يتكلّم ليتكبّر و يقهر و يتسلّط

ص:168

على من سواه. «بعده ممّن تباعد منه بغض و نزاهة» : أي إنّما يبعد عن مخالفه للبغض في اللّه و النزاهة و البعد عن أعمالهم و أفعالهم، و النزاهة أي التباعد عن كلّ قذر و مكروه. «الخلابة» : الخديعة باللسان و بالقول اللطيف. «أجلا لا يعدوه» : أي لا يتجاوز إلى غيره. «نفث. . .» المراد هنا؛ ألقى الشيطان على لسانك.

(لاحظ شرح الحديث في البحار ج 67 ص 368 و المرآة ج 9 ص 202)

7-عن عبد اللّه بن غالب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ينبغي للمؤمن أن يكون فيه ثمان خصال؛ وقور عند الهزاهز، صبور عند البلاء، شكور عند الرخاء، قانع بما رزقه اللّه، لا يظلم الأعداء، و لا يتحامل للأصدقاء، بدنه منه في تعب و الناس منه في راحة. إنّ العلم خليل المؤمن و الحلم وزيره و الصبر أمير جنوده و الرفق أخوه و اللين والده. (1)

بيان:

«الهزاهز» : أي الفتن و الشدائد التي يهتزّ و يتحرّك فيها الناس. «لا يتحامل للأصدقاء» في المرآة: أي لا يحمل الوزر لأجلهم أو لا يتحمّل عنهم ما لا يطيق الإتيان به من الأمور الشاقّة فيعجز عنها و الأوّل أظهر معنى و الثاني لفظا، في النهاية: تحاملت الشيء: تكلّفته على مشقّة و في القاموس: تحامل في الأمر و به:

تكلّفه على مشقّة، و عليه: كلّفه ما لا يطيق.

8-عن أبي حمزة عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: المؤمن يصمت ليسلم، و ينطق ليغنم، لا يحدّث أمانته الأصدقاء، و لا يكتم شهادته من البعداء، (الأعداء ف ن) و لا يعمل شيئا من الخير رياء، و لا يتركه حياءا، إن زكّي خاف ممّا يقولون، و يستغفر اللّه لما لا يعلمون، لا يغرّه قول من جهله، و يخاف إحصاء ما عمله. (2)

ص:169


1- -الكافي ج 2 ص 181 باب المؤمن و علاماته ح 2-و رواه رحمه اللّه في باب خصال المؤمن أيضا، و الصدوق رحمه اللّه في الخصال و الأمالي.
2- الكافي ج 2 ص 182 ح 3

بيان:

«لا يكتم شهادته من البعداء» : أي من الأباعد عنه نسبا أو محبّة فكيف الأقارب «لا يغرّه قول من جهله» : أي لا يخدعه ثناء من جهل عيوبه و ذنوبه فيعجب بنفسه.

9-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: المؤمن له قوّة في دين، و حزم في لين، و إيمان في يقين، و حرص في فقه، و نشاط في هدى، و برّ في استقامة و علم في حلم، و كيس في رفق، و سخاء في حقّ، و قصد في غنى، و تجمّل في فاقة، و عفو في قدرة، و طاعة للّه في نصيحة، و انتهاء في شهوة، و ورع في رغبة، و حرص في جهاد، و صلاة في شغل، و صبر في شدّة، و في الهزاهز وقور، و في المكاره صبور، و في الرخاء شكور، و لا يغتاب و لا يتكبّر، و لا يقطع الرحم، و ليس بواهن، و لا فظّ و لا غليظ، و لا يسبقه بصره، و لا يفضحه بطنه، و لا يغلبه فرجه، و لا يحسد الناس، يعيّر و لا يعيّر و لا يسرف، ينصر المظلوم و يرحم المسكين، نفسه منه في عناء، و الناس منه في راحة، لا يرغب في عزّ الدنيا، و لا يجزع من ذلّها، للناس همّ قد أقبلوا عليه و له همّ قد شغله، لا يرى في حكمه نقص و لا في رأيه وهن، و لا في دينه ضياع، يرشد من استشاره و يساعد من ساعده، و يكيع عن الخناء و الجهل. (1)

بيان:

«قوّة في دين» : أي قويّ في أمر الدين و أن لا يتطرّق إلى إيمانه الشكوك و الشبهات و. . . «حزم في لين» : أي مع لين. «إيمان في يقين» : أي مع يقين أي بلغ إيمانه حدّ اليقين. «برّ في استقامة» : أي مع الاستقامة في الدين أو المراد به الاستقامة في البرّ أي يضع البرّ في محلّه و موضعه. «كيس في رفق» : أي كياسة مع رفق بالخلق لا كغيره من الأكياس في أمور الدنيا الذين يريدون التسلّط على الخلق و إيذائهم

ص:170


1- -الكافي ج 2 ص 182 ح 4- الخصال ج 2 ص 571 باب الخمسين ح 2

أو المراد الكياسة في الرفق، فيرفق في محلّه و يخشن في موضعه. «سخاء في حقّ» : أي في الحقوق اللازمة لا في الامور الباطلة أو مع رعاية الحقّ بحيث لا ينتهي إلى الإسراف و التبذير.

«تجمّل في فاقة» التجمّل: التزيّن، و الفاقة: الفقر و الحاجة، و المراد أنّه لا يظهر الفقر.

«و طاعة للّه في نصيحة» : أي مع نصيحة للّه و المراد أنّه يخلص في طاعته للّه.

«انتهاء في شهوة» : أي يقبل نهى اللّه في حال الشهوة، و في الصحاح: نهيته عن كذا فانتهى عنه و تناهى أي كفّ. «صلاة في شغل» في الوافي: لعلّ المراد بالصلاة في الشغل ذكر اللّه في أشغاله، أو أنّ المراد أنّه لا يشغله أشغاله عن إتيان الصلاة بل يدع الشغل و يأتي الصلاة ثمّ يعود إليه، و يشملهما قوله سبحانه: رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اَللّهِ انتهى. و قال بعض الكمّلين رحمهم اللّه: المراد ذكر اللّه في أشغاله فكأنّه في صلاة حين اشتغاله بالأمور.

«الفظّ» : الخشن الخلق في القول و الفعل. «الغلظة» : غلظة القلب. «و لا يسبقه بصره» : أي يملك بصره و لا ينظر إلى شيء إلاّ بعد علمه بأنّه يحلّ له النظر إليه و لا يضرّه في الدنيا و الآخرة. «للناس همّ» : أي فكر و مقصد من الدنيا و عزّها و فخرها و مالها. «و له همّ» : أي فكر و قصد من أمر الآخرة. «و لا في دينه ضياع» :

أي لا يضيّع دينه بالشكوك و ارتكاب السيّئات و غيره. «يكيع» يقال: كاع عنه:

أي جبن عنه وهابه. «الخناء» : أي الفحش في القول.

10-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من سرّته حسنته (حسنة ف ن) و ساءته سيّئته (سيّئة ف ن) فهو مؤمن (1)

11-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ثلاثة من علامات المؤمن: العلم باللّه و من يحبّ

ص:171


1- -الكافي ج 2 ص 183 ح 6

و من يكره. (1)

12-عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: المؤمن أصلب من الجبل، الجبل يستقلّ منه و المؤمن لا يستقلّ من دينه شيء. (2)

13-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: المؤمن حسن المعونة، خفيف المؤونة، جيّد التدبير لمعيشته، لا يلسع من جحر مرّتين. (3)

بيان:

«المعونة» في المصباح، العون: الظهير على الأمر و استعان به فأعانه. . . و الاسم المعونة و المعانة بالفتح. «الجحر» : ثقب الحيّة و نحوها و هو استعارة هنا أي لا يخدع المؤمن من جهة واحدة مرّتين.

14-قال الرضا عليه السّلام: لا يكون المؤمن مؤمنا حتّى يكون فيه ثلاث خصال: سنّة من ربّه و سنّة من نبيّه و سنّة من وليّه؛ فأمّا السنّة من ربّه فكتمان سرّه قال اللّه عزّ و جلّ: عالِمُ اَلْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً- إِلاّ مَنِ اِرْتَضى مِنْ رَسُولٍ، (4)و أمّا السنّة من نبيّه فمداراة الناس فإنّ اللّه عزّ و جلّ أمر نبيّه صلّى اللّه عليه و آله بمداراة الناس فقال: خُذِ اَلْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ (5)و أمّا السنّة من وليّه فالصبر في البأساء و الضرّاء. (6)

أقول:

رواه الصدوق رحمه اللّه في أماليه م 53 ح 8 و العيون ج 1 ص 200 ب 26 ح 9، و زاد

ص:172


1- -الكافي ج 2 ص 184 ح 15
2- الكافي ج 2 ص 189 ح 37
3- الكافي ج 2 ص 189 ح 38
4- الجن:25 و 26
5- الأعراف:199
6- الكافي ج 2 ص 189 ح 39

في آخره: فإنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: وَ اَلصّابِرِينَ فِي اَلْبَأْساءِ وَ اَلضَّرّاءِ و كأنّه سقط من النسّاخ.

15-قال أمير المؤمنين عليه السّلام في صفة المؤمن: المؤمن بشره في وجهه، و حزنه في قلبه، أوسع شيء صدرا، و أذّل شيء نفسا، يكره الرفعة، و يشنأ السمعة، طويل غمّه، بعيد همّه، كثير صمته، مشغول وقته، شكور صبور، مغمور بفكرته، ضنين بخلّته، سهل الخليقة، ليّن العريكة، نفسه أصلب من الصلد و هو أذلّ من العبد. (1)

بيان:

«يشنأ» : أي يبغض. «السمعة» : أن يعمل الرجل عملا ليسمع الناس به. «بعيد همّه» : أي حزنه أو الهمّ بمعنى القصد و العزم أي همّته عالية مصروفة في الأمور الباقية. «مغمور بفكرته» : أي غريق في فكرته يقال: غمره الماء أي غطّاه. «ضنين بخلّته» الضنين: البخيل و الخلّة: الحاجة أي إذا عرضت له الحاجة ضنّ بها أن يسأل أحدا فيها و يظهرها. «سهل الخليقة» أي طبيعتها خالية عن الفظاظة و الخشونة. «ليّن العريكة» العريكة: النفس و الطبيعة يقال: ليّن العريكة إذا كان مطاوعا منقادا قليل الخلاف و النفور منكسر النخوة.

16-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: المؤمن بيته قصب و طعامه كسر و رأسه شعث و ثيابه خلق و قلبه خاشع و لا يعدل السلامة شيئا (2)

17-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا يكمل المؤمن إيمانه حتّى يحتوي على مائة و ثلاث خصال: فعل و عمل و نيّة و باطن و ظاهر.

فقال أمير المؤمنين عليه السّلام: يا رسول اللّه، ما المائة و ثلاث خصال؟ فقال: يا عليّ، من صفات المؤمن أن يكون جوّال الفكر، جوهريّ الذكر، كثيرا علمه، عظيما

ص:173


1- -نهج البلاغة ص 1243 ح 325
2- مشكوة الأنوار ص 40 ب 1 ف 10

حلمه، جميل المنازعة، كريم المراجعة، أوسع الناس صدرا، و أذلّهم نفسا، ضحكه تبسّما، و اجتماعه تعلّما، مذكّر الغافل، معلّم الجاهل، لا يؤذي من يؤذيه، و لا يخوض فيما لا يعنيه، و لا يشمت بمصيبة، و لا يذكر أحدا بغيبة، بريئا من المحرّمات، واقفا عند الشبهات، كثير العطاء، قليل الأذى، عونا للغريب، و أبا لليتيم، بشره في وجهه، و حزنه في قلبه، متبشّرا بفقره.

أحلى من الشهد، و أصلد من الصلد، لا يكشف سرّا، و لا يهتك سترا، لطيف الحركات، حلو المشاهدة، كثير العبادة، حسن الوقار، ليّن الجانب، طويل الصمت، حليما إذا جهل عليه، صبورا على من أساء إليه، يبجّل الكبير و يرحم الصغير، أمينا على الأمانات، بعيدا من الخيانات، إلفه التقى، و حلفه الحياء، كثير الحذر، قليل الزلل، حركاته أدب، و كلامه عجب، مقيل العثرة، و لا يتتبّع العورة، وقورا صبورا رضيّا شكورا.

قليل الكلام، صدوق اللسان، برّا مصونا حليما رفيقا عفيفا شريفا، لا لعّان و لا كذّاب و لا مغتاب و لا سبّاب و لا حسود و لا بخيل، هشّاشا بشّاشا، لا حسّاس و لا جسّاس، يطلب من الأمور أعلاها و من الأخلاق أسناها، مشمولا بحفظ اللّه، مؤيّدا بتوفيق اللّه، ذا قوّة في لين و عزمة في يقين، لا يحيف على من يبغض و لا يأثم فيمن يحبّ، صبورا في الشدائد، لا يجور و لا يعتدي، و لا يأتي بما يشتهي، الفقر شعاره، و الصبر دثاره، قليل المؤنة، كثير المعونة، كثير الصيام، طويل القيام، قليل المنام.

قلبه تقيّ و عمله زكيّ، إذا قدر عفا و إذا وعد وفى، يصوم رغبا و يصلّي رهبا و يحسن في عمله كأنّه ناظر إليه، غضّ الطرف، سخيّ الكفّ، لا يردّ سائلا و لا يبخل بنائل، متواصلا إلى الإخوان، مترادفا للإحسان، يزن كلامه و يخرس لسانه، لا يغرق في بغضه و لا يهلك في حبّه، و لا يقبل الباطل من صديقه و لا يردّ الحقّ على عدوّه و لا يتعلّم إلاّ ليعلم و لا يعلم إلاّ ليعمل.

ص:174

قليلا حقده، كثيرا شكره، يطلب النهار معيشته و يبكي الليل على خطيئته، إن سلك مع أهل الدنيا كان أكيسهم، و إن سلك مع أهل الآخرة كان أورعهم، لا يرضى في كسبه بشبهة و لا يعمل في دينه برخصة، يعطف على أخيه بزلّته و يرعى ما مضى من قديم صحبته. (1)

بيان:

«جوّال الفكر» : أي فكره في الحركة دائما. «جوهريّ الذكر» قال رحمه اللّه: كأنّه كناية عن خلوص ذكره و نفاسته و الظاهر أنّه تصحيف، و في بعض النسخ: "جهوريّ الذكر"، في القاموس: كلام جهوريّ أي عال انتهى. أي يعلن ذكر اللّه، أو ذكره عال في الناس، «يبجّل الكبير» التبجيل: التعظيم.

«لا حسّاس و لا جسّاس» قال رحمه اللّه: في القاموس، الحسّ: الحيلة و القتل و الاستئصال و بالكسر: الصوت. و الحاسوس: الجاسوس، و حسست به بالكسر:

أيقنت و أحسست ظننت و وجدت و أبصرت، و التحسّس: الاستماع لحديث القوم، و طلب خبرهم في الخير و قال: الجسّ: تفحّص الأخبار كالتجسّس و منه الجاسوس. . .

و الحاصل أنّ الحسّاس و الجسّاس متقاربان في المعنى، و كأن الأوّل، إعمال الظنون في الناس و الثاني، تجسّس أحوالهم و يحتمل الأوّل بعض المعاني المتقدّمة. «كأنّه الناظر اليه» : أي يشاهد بعين اليقين، و يحتمل إرجاع الضمير إلى اللّه بقرينة المقام «حلفه الحياء» : المراد أنّ الحياء ملازمه «أسناها» السناء: الرفعة. «يصوم رغبا» :

أي رغبة في الثواب. «يصلّي رهبا» : أي خوفا من العقاب. «النائل» : العطيّة و المعروف. «لا يغرق في بغضه» : من الإغراق و هو المبالغة أو كيفرح: كناية عن الهلاك فكلمة"في"سببيّة.

ص:175


1- -البحار ج 67 ص 310 باب علامات المؤمن ح 45

18-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: المؤمن من طاب مكسبه، و حسنت خليقته، و صحّت سريرته، و أنفق الفضل من ماله، و أمسك الفضل من كلامه، و كفى الناس من شرّه و أنصف الناس من نفسه. (1)

19-عن أبي حمزة الثماليّ عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليه السّلام قال: كان أبي، عليّ بن الحسين عليهما السّلام يقول: أربع من كنّ فيه كمل إيمانه، و محصت عنه ذنوبه، و لقي ربّه و هو عنه راض؛ من وفى للّه بما جعل على نفسه للناس، و صدق لسانه مع الناس، و استحيى من كلّ قبيح عند اللّه و عند الناس، و حسن خلقه مع أهله. (2)

20-عن رزين قال: سمعت جعفر بن محمّد عليهما السّلام يقول: لا يكون المؤمن مؤمنا حتّى يكون كامل العقل، و لا يكون كامل العقل حتّى يكون فيه عشر خصال؛ الخير منه مأمول، و الشرّ منه مأمون، يستقلّ كثير الخير من نفسه، و يستكثر قليل الخير من غيره، و يستكثر قليل الشرّ من نفسه، و يستقلّ كثير الشرّ من غيره، لا يتبرّم بطلب الحوائج قبله، و لا يسأم من طلب العلم عمره، الذلّ أحبّ إليه من العزّ و الفقر أحبّ إليه من الغنا، حسبه من الدنيا قوت.

و العاشرة و ما العاشرة؟ لا يلقى أحدا إلاّ قال: هو خير منّي و أتقى. إنّما الناس رجلان: رجل خير منه و أتقى، و آخر شرّ منه و أدنى، فإذا لقي الذي هو خير منه و أتقى تواضع له ليلحق به، و إذا لقي الذي هو شرّ منه و أدنى قال: لعلّ شرّ هذا ظاهر و خيره باطن، فإذا فعل ذلك علا و ساد أهل زمانه. (3)

بيان:

«لا يتبرّم» في القاموس: البرم محركّة: السأمة و الضجر و أبرمه فبرم كفرح و تبرّم:

أملّه فملّ. «قبله» : أي عنده.

ص:176


1- -البحار ج 67 ص 293 ح 16
2- البحار ج 67 ص 296 ح 20
3- البحار ج 67 ص 296 ح 21

21-عن المفضّل قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: لا يكمل إيمان العبد حتّى يكون فيه أربع خصال: يحسن خلقه، و يستخفّ نفسه، و يمسك الفضل من قوله، و يخرج الفضل من ماله. (1)

22-. . . عن صفوان قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّما المؤمن الذي إذا غضب لم يخرجه غضبه من حقّ، و الذي إذا رضي لم يدخله رضاه في باطل، و الذي إذا قدر لم يأخذ أكثر من ماله (ممّا له ف ن) . (2)

23-. . . عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ المؤمن أشدّ من زبر الحديد، إنّ زبر الحديد إذا دخل النار تغيّر، و إنّ المؤمن لو قتل ثمّ نشر ثمّ قتل لم يتغيّر قلبه. (3)

24-. . . عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ المؤمن من يخافه كلّ شيء، و ذلك أنّه عزيز في دين اللّه، و لا يخاف من شيء، و هو علامة كلّ مؤمن. (4)

25-. . . و عن صفوان الجمّال عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: إنّ المؤمن يخشع له كلّ شيء. ثمّ قال: إذا كان مخلصا للّه قلبه، أخاف اللّه منه كلّ شيء حتّى هوامّ الأرض، و سباعها، و طير السماء. (5)

بيان:

«الهامّة» ج هوامّ: ما كان له سمّ كالحيّة و قد تطلق الهوامّ على ما لا يقتل من الحشرات.

26-. . . قال أمير المؤمنين عليه السّلام: علامة الإيمان أن تؤثر الصدق حيث يضرّك على الكذب حيث ينفعك و أن لا يكون في حديثك فضل عن علمك

ص:177


1- -البحار ج 67 ص 297 ح 22
2- البحار ج 67 ص 303 ح 34- الكافي ج 2 ص 183 باب المؤمن و علاماته ح 11
3- البحار ج 67 ص 303 ح 34
4- البحار ج 67 ص 305 ح 36
5- البحار ج 67 ص 305 ح 36

و أن تتّقي اللّه في حديث غيرك. (1)

أقول:

«عن علمك» في بعض النسخ: "عن عملك".

27-في كلمات النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لا يكمل عبد الإيمان باللّه حتّى يكون فيه خمس خصال: التوكّل على اللّه، و التفويض إلى اللّه، و التسليم لأمر اللّه، و الرضا بقضاء اللّه و الصبر على بلاء اللّه، إنّه من أحبّ في اللّه و أبغض في اللّه و أعطى للّه و منع للّه فقد استكمل الإيمان (2)

28-في مواعظ الصادق عليه السّلام: ثلاثة أشياء لا ترى كاملة في واحد قطّ:

الإيمان و العقل و الاجتهاد. (3)

29-في قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لشمعون: و أمّا علامة المؤمن؛ فإنّه يرؤف و يفهم و يستحيي. (4)

30-عن الصادق عليه السّلام: أنّه قيل له: ما بال المؤمن أحدّ شيء؟ قال عليه السّلام:

لأنّ عزّ القرآن في قلبه، و محض الإيمان في قلبه و هو يعبد اللّه عزّ و جلّ، مطيع للّه، و لرسوله مصدّق. قيل: فما بال المؤمن قد يكون أشحّ شيء؟ قال عليه السّلام: لأنّه يكسب الرزق من حلّه و مطلب الحلال عزيز فلا يحبّ أن يفارقه لشدّة ما يعلم من عسر مطلبه و إن سخت نفسه لم يضعه إلاّ في موضعه.

قيل: ما علامات المؤمن؟ قال عليه السّلام: أربعة: نومه كنوم الغرقى، و أكله كأكل المرضى، و بكاؤه كبكاء الثكلى، و قعوده كقعود المواثب.

قيل له: فما بال المؤمن قد يكون أنكح شيء؟ قال عليه السّلام: لحفظه فرجه عن فروج

ص:178


1- -البحار ج 67 ص 314 ح 49- نهج البلاغة ص 1296 ح 450
2- البحار ج 67 ص 179
3- البحار ج 78 ص 238
4- تحف العقول ص 22

ما لا يحلّ له و لكي لا تميل به شهوته هكذا و لا هكذا و إذا ظفر بالحلال اكتفى به و استغنى به عن غيره.

و قال عليه السّلام: إنّ في المؤمن ثلاث خصال لم تجتمع إلاّ فيه؛ علمه باللّه عزّ و جلّ، و علمه بمن يحبّ و علمه بمن يبغض.

و قال عليه السّلام: إنّ قوّة المؤمن في قلبه ألا ترون أنّكم تجدونه ضعيف البدن نحيف الجسم و هو يقوم الليل و يصوم النهار.

و قال عليه السّلام: المؤمن في دينه أشدّ من الجبال الراسية و ذلك لأنّ الجبل قد ينحت منه و المؤمن لا يقدر أحد أن ينحت من دينه شيئا و ذلك لضنّه بدينه و شحّه عليه. (1)

أقول:

في جامع الأخبار ص 84 ف 41، قال أمير المؤمنين عليه السّلام: علامات المؤمن أربعة:

أكله كأكل المرضى و نومه كنوم الغرقى و بكاؤه كبكاء الثكلى و قعوده كقعود الواثب.

بيان: «أحدّ شيء» في النهاية ج 1 ص 352، الحدّة: كالنشاط و السرعة في الأمور و المضاء فيها، مأخوذ من حدّ السيف. . . و يقال: حدّ يحدّ: إذا غضب.

«كأكل المريض» : كناية عن قلّة أكل المؤمن و عدم شهوته بالأكل كما يتداوى المريض بأكله. «كنوم الغرقى» : كناية عن قلّة نومه و خفّة نومه و أنّه بين النوم و اليقظة، و المعنى بالفارسيّة: "دل بخواب نمى دهد"كما أنّ الغريق يخاف و لا يرضى بالنوم و لا يتلذّذ به. «كبكاء الثكلى» في كثرة البكاء.

«كقعود الواثب» : أي كقعود الخائف يثب من مكانه أو هو كناية عن تهيّأه لوظائفه و تكاليفه. «ينحت» نحت العود: براه و الجبل: حفره.

ص:179


1- -صفات الشيعة للصدوق رحمه اللّه ص 30 ح 42-و نظيره في العلل ج 2 ص 557 ب 346

31-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: المؤمن يكون صادقا في الدنيا، راعي القلب، حافظ الحدود، و عاء العلم، كامل العقل، مأوى الكريم، سليم القلب، ثابت الحلم، عطف اليدين، باذل المال، مفتوح الباب للإحسان، لطيف اللسان، كثير التبسّم، دائم الحزن، كثير التفكّر، قليل النوم، قليل الضحك، طيب الطباع، مميت الطمع، قاتل الهوى، زاهد في الدنيا راغب في الآخرة، يحبّ الضيف، و يكرم اليتيم، و يلطف الصغير، و يرفق الكبير، و يعطي السائل، و يعود المريض، و يشيّع الجنائز، و يعرف حرمة القرآن، و يناجي الربّ، و يبكي على الذنوب.

آمر بالمعروف، ناه عن المنكر، أكله بالجوع و شربه بالعطش، و حركته بالأدب و كلامه بالنصيحة و موعظته بالرفق، لا يخاف إلاّ اللّه و لا يرجو إلاّ إيّاه و لا يشغل إلاّ بالثناء و الحمد، و لا يتهاون و لا يتكبّر، و لا يفتخر بمال الدنيا، مشغول بعيوب نفسه فارغ عن عيوب غيره.

الصلاة قرّة عينه، و الصيام حرفته و همّته، و الصدق عادته، و الشكر مركبه، و العقل قائده، و التقوى زاده، و الدنيا حانوته، و الصبر منزله، و الليل و النهار رأس ماله، و الجنّة مأواه، و القرآن حديثه، و محمّد صلّى اللّه عليه و آله شفيعه، و اللّه جلّ ذكره مونسه. (1)

بيان:

«الحانوت» : الدكّان، و المراد أنّ الدنيا محلّ تجارته للآخرة.

32-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

المؤمن بعمله. (الغرر ج 1 ص 12 ف 1 ح 288)

المؤمنون أعظم أحلاما-الإيمان بريء من الحسد. (ص 23 ح 647 و 660)

المؤمن كيّس عاقل. (ص 26 ح 764)

ص:180


1- -جامع الأخبار ص 84 ف 41

الإيمان بريء من النفاق. (ص 43 ح 1291)

المؤمن منزّه من الزيغ و الشقاق (1). (ص 44 ح 1292)

المؤمن منيب مستغفر توّاب. (ص 46 ح 1334)

المؤمن غريزته النصح، و سجيّته الكظم. (ص 47 ح 1352)

المؤمن مغموم بفكرته، ضنين بخلّته. (ص 50 ح 1415)

المؤمن لا يظلم و لا يتأثّم. (ح 1424)

المؤمن ينصف من لا ينصفه. (ص 52 ح 1451)

المؤمن ألف مألوف متعطّف. (ص 53 ح 1471)

المؤمن هيّن ليّن سهل مؤتمن. (ص 54 ح 1492)

المؤمن كثير العمل قليل الزلل. (ص 55 ح 1509)

المؤمن سيرته القصد و سنّته الرشد (ص 56 ح 1538)

المؤمن يعاف اللهو و يألف الجدّ. (ح 1539)

المؤمن يقظان ينتظر إحدى الحسنيين. (ص 63 ح 1668)

المؤمن عفيف مقتنع متنزّه متورّع. (ص 68 ح 1758)

المؤمن شاكر في السرّاء، صابر في البلاء، خائف في الرخاء. (ص 69 ح 1771)

المؤمن عفيف في الغنى، متنزّه عن الدينا. (ح 1772)

المؤمن من كان حبّه للّه و بغضه للّه و أخذه للّه و تركه للّه. (ح 1769)

المؤمن بين نعمة و خطيئة لا يصلحها إلاّ الشكر و الاستغفار. (ص 71 ح 1801)

المؤمن حذر من ذنوبه، يخاف البلاء و يرجو رحمة ربّه. (ح 1808)

الإيمان شجرة أصلها اليقين، و فرعها التقى، و نورها الحياء، و ثمرها السخاء.

(ح 1811)

ص:181


1- -الزيغ: الميل عن الحقّ، الشك. و الشقاق: شاقّ شقاقا: خالفه و عاداه.

المؤمن إذا سئل أسعف (1)و إذا سأل خفّف. (ص 74 ح 1850)

المؤمن حييّ غنيّ موقن تقيّ. (ص 76 ح 1875)

المؤمن غرّ كريم، (2)مأمون على نفسه، حذر محزون. (ص 80 ح 1923)

المؤمن دائم الذكر، كثير الفكر، على النعماء شاكر، و في البلاء صابر.

(ص 83 ح 1955)

المؤمن الدنيا مضماره، و العمل همّته، و الموت تحفته، و الجنّة سبقته.

(ص 84 ح 1967)

المؤمن من طهّر قلبه من الدنيّة. (ح 1977)

المؤمن قريب أمره، بعيد همّه، كثير صمته، خالص عمله. (ص 85 ح 1985)

المؤمن على الطاعات حريص، و عن المحارم عفّ. (ص 87 ح 2017)

المؤمن نفسه أصلب من الصلد و هو أذّل من العبد. (ص 92 ح 2087)

المؤمن إذا نظر اعتبر، و إذا سكت تفكّر، و إذا تكلّم ذكر، و إذا أعطي شكر، و إذا ابتلى صبر. (ص 93 ح 2097)

المؤمن إذا وعظ ازدجر، و إذا حذّر حذر، و إذا عبّر اعتبر، و إذا ذكّر ذكر، و إذا ظلم غفر. (ح 2098)

العقل خليل المؤمن، و العلم وزيره، و الصبر أمير جنوده، و العمل قيّمه.

(ص 96 ح 2114)

المؤمن دأبه زهادته، و همّه ديانته، و عزّه قناعته، و جدّه لآخرته، قد كثرت حسناته و علت درجاته و شارف خلاصه و نجاته. (ص 97 ح 2125)

ص:182


1- -الإسعاف: الإعانة و قضاء الحاجة.
2- في مجمع البحرين ذيل الحديث: أي ليس بذي مكر، فهو ينخدع لانقياده و لينه و هو ضدّ الخبّ، و في النهاية: إنّ المؤمن المحمود، من طبعه الغرارة و قلّة الفطنة للشرّ و ترك البحث عنه، و ليس ذلك منه جهلا و لكنّه كرم و حسن خلق.

المؤمنون لأنفسهم متّهمون، و من فارط زللهم و جلون، و للدنيا عائفون (1)، و إلى الآخرة مشتاقون، و إلى الطاعات مسارعون. (ص 100 ح 2156)

المؤمن من وقى دينه بدنياه. (ص 103 ح 2183)

المؤمن من تحمّل أذى الناس و لا يتأذّى أحد به. (ح 2177)

المؤمن أمين على نفسه، مغالب لهواه و حسّه. (ص 106 ح 2228)

أصل الإيمان حسن التسليم لأمر اللّه. (ص 188 ف 8 ح 261)

أفضل المؤمنين إيمانا من كان للّه سبحانه أخذه و عطاه و سخطه و رضاه.

(ص 204 ح 452)

أفضل الإيمان الإخلاص و الإحسان، و أفضل الشيم التجافي عن العدوان- أفضل الإيمان حسن الإيقان. (ص 208 ح 490 و 491)

إنّ المؤمنين مشفقون-إنّ المؤمنين خائفون. (ص 217 ف 9 ح 40 و 41)

إنّ المؤمنين و جلون. (ص 218 ح 42)

إنّ أفضل الإيمان إنصاف المرء من نفسه. (ص 219 ح 63)

إنّ بشر المؤمن في وجهه، و قوّته في دينه، و حزنه في قلبه.

(ص 221 ح 78)

إنّ المؤمن ليستحيي إذا مضى له عمل في غير ما عقد عليه إيمانه.

(ص 222 ح 87)

إنّ المؤمنين هيّنون ليّنون-إنّ المؤمنين محسنون. (ص 232 ح 158 و 159)

ثمرة الإيمان الرغبة في دار البقاء. (ص 361 ف 23 ح 64)

ثلاث من كنّ فيه فقد كمل إيمانه: العقل و العلم و الحلم. (ص 362 ف 24 ح 1)

ثلاث من كنّ فيه استكمل الإيمان: من إذا رضي لم يخرجه رضاه إلى باطل،

ص:183


1- -يقال: عاف الرجل الطعام: كرهه فتركه، و العائف: الكاره للشيء المتقذّر له.

و إذا غضب لم يخرجه غضبه عن حقّ، و إذا قدر لم يأخذ ما ليس له.

(ص 363 ح 11)

ثلاث من كنّ فيه فقد أكمل الإيمان: العدل في الغضب و الرضا، و القصد في الفقر و الغناء، و اعتدال الخوف و الرجاء. (ص 364 ح 14)

ثلاث من كنوز الإيمان: كتمان المصيبة و الصدقة و المرض. (ح 15)

ثلاثة هنّ زينة المؤمن: تقوى اللّه، و صدق الحديث، و أداء الأمانة. (ح 19)

خلّتان لا تجتمعان في مؤمن: سوء الخلق و البخل. (ص 397 ف 30 ح 32)

خفض الصوت و غضّ البصر و مشي القصد من أمارة الإيمان و حسن التديّن.

(ح 36)

غاية الإيمان؛ الموالاة و المعاداة في اللّه، و التباذل في اللّه، و التوكّل على اللّه سبحانه، (و التواصل في اللّه ف ن) . (ج 2 ص 505 ف 56 ح 33)

للمؤمن عقل و فيّ، و حلم مرضيّ، و رغبة في الحسنات، و فرار من السيّئات.

(ص 584 ف 71 ح 48)

للمؤمن ثلاث علامات: الصدق و اليقين و قصر الأمل (ح 53)

للمؤمن ثلاث ساعات: ساعة يناجي فيها ربّه، و ساعة يحاسب فيها نفسه، و ساعة يخلّي بين نفسه و لذّتها فيما يحلّ و يجمل. (ص 585 ح 55)

لن تلقى المؤمن إلاّ قانعا. (ص 589 ف 72 ح 6)

من أحبّ أن يكمل إيمانه فليكن حبّه للّه و بغضه للّه و رضاه للّه و سخطه للّه.

(ص 693 ف 77 ح 1236)

من أعطى في اللّه سبحانه، و منع في اللّه، و أحبّ في اللّه [و أبغض في اللّه]، فقد استكمل الإيمان. (ص 706 ح 1369)

لا إيمان كالحياء و السخاء. (ص 845 ف 86 ح 317)

لا يفوز بالنجاة إلاّ من قام بشرائط الإيمان. (ح 321)

ص:184

لا يكون الرجل مؤمنا حتّى لا يبالي ما ذا سدّ فورة جوعه، و لا بأيّ ثوبيه ابتذل (1). (ص 848 ح 370)

لا يكمل إيمان المؤمن حتّى يعدّ الرخاء فتنة و البلاء نعمة. (ص 849 ح 375)

لا ينفع الإيمان بغير تقوى. (ص 850 ح 392)

لا تلفي (2)المؤمن حسودا و لا حقودا و لا بخيلا. (ص 851 ح 397)

لا يصدق إيمان عبد حتّى يكون بما في يد اللّه أوثق بما في يده.

(ص 852 ح 413)

لا يكون المؤمن إلاّ حليما رحيما. (ص 854 ح 436)

يستدلّ على الإيمان بكثرة التقى، و ملك الشهوة، و غلبة الهوى.

(ص 864 ف 88 ح 14)

يحتاج الإيمان إلى الإخلاص. (ص 874 ف 91 ح 14)

ص:185


1- -أي لبسه وقت الشغل أو كلّ يوم.
2- في المصباح، ألفيته: وجدته على تلك الحالة.

الفصل الرابع: شدّة ابتلاء المؤمن

الآيات

1- أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا اَلْجَنَّةَ وَ لَمّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ اَلَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ اَلْبَأْساءُ وَ اَلضَّرّاءُ وَ زُلْزِلُوا حَتّى يَقُولَ اَلرَّسُولُ وَ اَلَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اَللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اَللّهِ قَرِيبٌ. (1)

2- لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ وَ لَتَسْمَعُنَّ مِنَ اَلَّذِينَ أُوتُوا اَلْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَ مِنَ اَلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَ إِنْ تَصْبِرُوا وَ تَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ اَلْأُمُورِ. (2)

3- وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْناهُمْ بِالْبَأْساءِ وَ اَلضَّرّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ. الآيات. (3)

الأخبار

1-عن داود بن فرقد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أخذ اللّه ميثاق المؤمن على أن لا تصدّق مقالته، و لا ينتصف من عدوّه، و ما من مؤمن يشفي نفسه إلاّ

ص:186


1- -البقرة:214
2- آل عمران:186
3- الأنعام:42

بفضيحتها لأنّ كل مؤمن ملجم. (1)

بيان:

«لا ينتصف» الانتصاف: الانتقام. «يشفي نفسه» : يستعمل الشفاء في شفاء القلب كما يستعمل في الجسم. و في المرآة ج 9 ص 310: كون شفاء نفسه من غيظ العدوّ موجبا لفضيحتها ظاهر، لأنّ الانتقام من العدوّ مع عدم القدرة عليه يوجب الفضيحة و المذلّة و مزيد الإهانة، و الضمير في"بفضيحتها"راجع إلى النفس.

و قال في الوافي: يعني إذا أراد المؤمن أن يشفي غيظه بالانتقام من عدوّه افتضح، و ذلك لأنّه ليس بمطلق العنان خليع العذار، يقول ما يشاء و يفعل ما يريد، إذ هو مأمور بالتقيّة و الكتمان و الخوف من العصيان، و الخشية من الرحمن، و لأنّ زمام أمره بيد اللّه سبحانه لأنّه فوّض أمره إليه، فيفعل به ما يشاء ممّا فيه مصلحته.

«ملجم» : أي يلجم فمه و يمنعه من الكلام و يلجم نفسه و يمنعها عمّا ليس فيه مصلحة و ليس بمطلق العنان؛ يقول ما يشاء و يفعل ما يريد.

2-عن أبي حمزة الثماليّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه أخذ ميثاق المؤمن على بلايا أربع: أيسرها عليه مؤمن يقول بقوله يحسده، أو منافق يقفو أثره، أو شيطان يغويه، أو كافر يرى جهاده، فما بقاء المؤمن بعد هذا. (2)

أقول:

بهذا المعنى أخبار أخر.

بيان: «أيسرها عليه» في بعض النسخ: "أشدّها عليه". «يقول بقوله» : أي يعتقد مذهبه و يدّعي التشيّع لكنّه ليس بمؤمن كامل بل يغلبه الحسد. «يقفو أثره» : أي

ص:187


1- -الكافي ج 2 ص 194 باب ما أخذه اللّه على المؤمن من الصبر ح 1
2- الكافي ج 2 ص 194 ح 2

يتّبعه ظاهرا و إن كان منافقا، أو يتّبع عيوبه فيذكرها للناس، و هو أظهر.

«يغويه» : أي يريد إغوائه و إضلاله عن سبيل الحقّ بالوساوس الباطلة و إن لم يوفّق. «يرى جهاده» : أي لازما فيضرّه بكلّ وجه يمكنه.

(المرآة ج 9 ص 311)

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما أفلت المؤمن من واحدة من ثلاث و لربّما اجتمعت الثلاث عليه: إمّا بغض من يكون معه في الدار يغلق عليه بابه يؤذيه، أو جار يؤذيه، أو من في طريقه إلى حوائجه يؤذيه؛ و لو أنّ مؤمنا على قلّة جبل لبعث اللّه عزّ و جلّ إليه شيطانا يؤذيه، و يجعل اللّه له من إيمانه انسا لا يستوحش معه إلى أحد. (1)

بيان:

«ما أفلت» : أي ما تخلّص.

أقول: ذكروا لشدّة ابتلاء المؤمن و تسليط الشياطين و الكفرة عليه وجوها من الحكمة ذكرها في المرآة ج 9 ص 313:

الأوّل: أنّه كفّارة لذنوبه.

الثاني: أنّه لاختبار صبره و إدراجه في الصابرين.

الثالث: أنّه لتزهيده في الدنيا لئلاّ يفتتن بها و يطمئنّ إليها فيشقّ عليه الخروج منها.

الرابع: توسّله إلى جناب الحقّ سبحانه في الضرّاء و سلوكه مسلك الدعاء لدفع ما يصيبه من البلاء، فترتفع بذلك درجته.

الخامس: وحشته عن المخلوقين و انسه بربّ العالمين.

السادس: إكرامه برفع الدرجة التي لا يبلغها الإنسان بكسبه لأنّه ممنوع من إيلام

ص:188


1- -الكافي ج 2 ص 194 ح 3

نفسه شرعا و طبعا، فإذا سلّط عليه في ذلك غيره أدرك ما لا يصل إليه بفعله كدرجة الشهادة مثلا.

السابع: تشديد عقوبة العدوّ في الآخرة فإنّه يوجب سرور المؤمنين به؛ و الغرض من هذا الحديث و أمثاله حثّ المؤمن على الاستعداد لتحمّل النوائب و المصائب و أنواع البلاء بالصبر و الشكر و الرضا بالقضاء.

4-عن سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ جعل وليّه في الدنيا غرضا لعدوّه. (1)

بيان:

في المرآة، «الغرض» : هدف يرمى فيه أي جعل محبّه في الدنيا هدفا لسهام عداوة عدوّه و حيله و شروره.

5-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: المؤمن مكفّر.

و في رواية اخرى: و ذلك أنّ معروفه يصعد إلى اللّه فلا ينشر في الناس و الكافر مشكور. (2)

بيان:

«المؤمن مكفّر» : على بناء المفعول أي لا يشكر الناس معروفه، بقرينة تتمّة الخبر و بعض أخبار اخر.

6-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سمعته يقول: إذا مات المؤمن خلّي على جيرانه من الشياطين عدد ربيعة و مضر، كانوا مشتغلين به. (3)

بيان:

«ربيعة و مضر» : قبيلتان عظيمتان من العرب، يضرب بهما المثل في الكثرة.

ص:189


1- -الكافي ج 2 ص 195 ح 5
2- الكافي ج 2 ص 195 ح 8
3- الكافي ج 2 ص 195 ح 10

7-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما كان و لا يكون و ليس بكائن مؤمن إلاّ و له جار يؤذيه، و لو أنّ مؤمنا في جزيرة من جزائر البحر لا بتعث اللّه له من يؤذيه. (1)

بيان:

كأنّ المراد بالجار هنا أعمّ من جار الدار و الرفيق و المعامل و المصاحب. «لا بتعث اللّه» يقال: بعثه كمعنه: أرسله، كابتعثه فانبعث.

8-عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ أشدّ الناس بلاء الأنبياء ثمّ الذين يلونهم، ثمّ الأمثل فالأمثل. (2)

بيان:

«يلونهم» : أي يقربون منهم و يكونون بعدهم.

«ثمّ الأمثل فالأمثل» في النهاية ج 4 ص 296: أي الأشرف فالأشرف و الأعلى فالأعلى في الرتبة و المنزلة، يقال: هذا أمثل من هذا، أي أفضل و أدنى إلى الخير.

9-عن عبد الرحمن الحجّاج قال: ذكر عند أبي عبد اللّه عليه السّلام البلاء و ما يخصّ اللّه عزّ و جلّ به المؤمن، فقال: سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من أشدّ الناس بلاء في الدنيا؟ فقال: النبيّون ثمّ الأمثل فالأمثل، و يبتلى المؤمن بعد على قدر إيمانه و حسن أعماله، فمن صحّ إيمانه و حسن عمله اشتدّ بلاؤه و من سخف إيمانه و ضعف عمله قلّ بلاؤه. (3)

بيان:

في النهاية ج 2 ص 350، السخف: الخفّة في العقل و غيره.

10-عن حمّاد عن أبيه عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ اللّه تبارك و تعالى إذا

ص:190


1- -الكافي ج 2 ص 195 ح 11
2- الكافي ج 2 ص 196 باب شدّة ابتلاء المؤمن ح 1
3- الكافي ج 2 ص 196 ح 2

أحبّ عبدا غتّه بالبلاء غتّا و ثجّه بالبلاء ثجّا، فإذا دعاه قال: لبّيك عبدي، لئن عجّلت لك ما سألت إنّي على ذلك لقادر، و لئن ادّخرت لك فما ادّخرت لك فهو خير لك. (1)

بيان:

«غتّه بالبلاء» أي غمسه فيه، ("الباء"بمعنى"في") و يحتمل القهر و الغمّ، و في النهاية ج 3 ص 342: «يغتّهم اللّه في العذاب غتّا» أي يغمسهم فيه غمسا متتابعا.

و في القاموس، غتّه بالأمر: كدّه (كوفتن و رنجانيدن) و في الماء: غطّه، و فلانا: غمّه و خنقه.

في القاموس، «ثجّ الماء» : سال، و ثجّه: أساله. . . و يكون تسييله كناية عن شدّة ألمه و حزنه، كأنّه يذوب من البلاء و يسيل أو عن توجّهه إلى جناب الحقّ سبحانه بالدعاء و التضرّع لدفعه، و قيل: أي أسال دم قلبه بالبلاء؛ و في جامع الأخبار و غيره: "بجّه"و البجّ: الشقّ و الطعن بالرمح. (المرآة ج 9 ص 327)

11-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ عظيم البلاء يكافأ به عظيم الجزاء، فإذا أحبّ اللّه عبدا ابتلاه بعظيم البلاء فمن رضي فله عند اللّه الرضا و من سخط البلاء فله عند اللّه السخط. (2)

12-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّما المؤمن بمنزلة كفّة الميزان، كلّما زيد في إيمانه زيد في بلائه. (3)

13-عن محمّد بن مسلم قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: المؤمن لا يمضي عليه أربعون ليلة إلاّ عرض له أمر يحزنه يذكّر به. (4)

ص:191


1- -الكافي ج 2 ص 197 ح 7
2- الكافي ج 2 ص 197 ح 8
3- الكافي ج 2 ص 197 ح 10
4- الكافي ج 2 ص 197 ح 11

14-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ في الجنّة منزلة لا يبلغها عبد إلاّ بالابتلاء في جسده. (1)

أقول:

بهذا المعنى أخبار أخر، في بعضها: «. . . فما ينالها إلاّ بإحدى الخصلتين: إمّا بذهاب ماله أو ببليّة في جسده» . و في بعضها: «إنّ العبد لتكون له المنزلة من الجنّة، فلا يبلغها بشيء من البلاء حتّى يدركه الموت و لم يبلغ تلك الدرجة فيشدّ عليه عند الموت فيبلغها» . (لاحظ البحار ج 67 ص 215 ح 23 و ج 82 ص 167)

15-عن عبد اللّه بن أبي يعفور قال: شكوت إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام ما ألقى من الأوجاع-و كان مسقاما-فقال لي: يا عبد اللّه، لو يعلم المؤمن ماله من الأجر في المصائب لتمنّى أنّه قرّض بالمقاريض. (2)

بيان:

«مسقاما» : أي كثير السقم و المرض، و ضمير كان عائد إلى ابن أبي يعفور.

16-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كان عليّ بن الحسين عليهما السّلام يقول: إنّي لأكره للرجل أن يعافى في الدنيا فلا يصيبه شيء من المصائب. (3)

17-عن محمّد بن بهلول العبديّ قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:

لم يؤمن اللّه المؤمن من هزاهز الدنيا و لكنّه آمنه من العمى فيها و الشقاء في الآخرة. (4)

بيان:

«هزاهز الدنيا» : أي الفتن و البلايا التي يهتزّ فيها الناس «العمى» أي عمى القلب.

ص:192


1- -الكافي ج 2 ص 198 ح 14
2- الكافي ج 2 ص 198 ح 15
3- الكافي ج 2 ص 198 ح 19
4- الكافي ج 2 ص 198 ح 18

18-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال اللّه عزّ و جلّ: لولا أن يجد عبدي المؤمن في قلبه لعصبت رأس الكافر بعصابة حديد، لا يصدّع رأسه أبدا. (1)

19-عن سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ في كتاب عليّ عليه السّلام: أنّ أشدّ الناس بلاء النبيّون، ثمّ الوصيّون، ثمّ الأمثل فالأمثل، و إنّما يبتلى المؤمن على قدر أعماله الحسنة، فمن صحّ دينه و حسن عمله اشتدّ بلاؤه، و ذلك أنّ اللّه عزّ و جلّ لم يجعل الدنيا ثوابا لمؤمن و لا عقوبة لكافر، و من سخف دينه و ضعف عمله قلّ بلاؤه، و إنّ البلاء أسرع إلى المؤمن التقيّ من المطر إلى قرار الأرض. (2)

بيان:

«قرار الأرض» : المطمئنّ منها.

20-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (و قد توفّي سهل بن حنيف الأنصاريّ بالكوفة بعد مرجعه من صفّين معه و كان أحبّ الناس إليه) : لو أحبّني جبل لتهافت. (3)

بيان:

في البحار ج 67 ص 247، التهافت: التساقط قطعة قطعة، من هفت كضرب، إذا سقط كذلك، و قيل: هفت أي تطاير لخفّته، و المراد تلاشي الأجزاء و تفرّقها، لعدم الطاقة.

21-في مواعظ موسى بن جعفر عليه السّلام: المصيبة للصابر واحدة و للجازع اثنتان. (4)

22-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الجزع عند البلاء تمام المحنة. (5)

ص:193


1- -الكافي ج 2 ص 199 ح 24
2- الكافي ج 2 ص 200 ح 29
3- نهج البلاغة ص 1137 ح 108
4- تحف العقول ص 305
5- جامع الأخبار ص 113 ف 70

23-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ البلاء للظالم أدبا، و للمؤمن امتحانا، و للأنبياء درجة، و للأولياء كرامة. (1)

24-و قال صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه يتعاهد وليّه بالبلاء، كما يتعاهد المريض أهله بالدواء، و إنّ اللّه ليحمي عبده الدنيا كما يحمي المريض الطعام. (2)

بيان:

«التعاهد» و التعهّد؛ بمعنى التحفّظ بالشيء. «ليحمى» : حمى الشيء من الناس: منعه عنهم و حماه عن الدنيا: حفظه من مالها و مناصبها و ما يضرّ فيها و حمى المريض ما يضرّه: منعه إيّاه.

25-قال الباقر عليه السّلام: و يبتلى المرء على قدر حبّه. (3)

26-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لا تكون مؤمنا حتّى تعد البلاء نعمة و الرخاء محنة، لأنّ بلاء الدنيا نعمة في الآخرة و رخاء الدنيا محنة في الآخرة. (4)

27-قال أبو الحسن عليه السّلام: المؤمن بعرض كلّ خير لو قطع أنملة أنملة كان خيرا له، و لو ولّى شرقها و غربها كان خيرا له. (5)

بيان:

«بعرض كلّ خير» : أي بمعرض كلّ خير. «الأنملة» في المصباح: الأنملة من الأصابع:

العقدة و بعضهم يقول: الأنامل رؤوس الأصابع.

و المراد قطّع جميع بدنه بمقدار الأنملة.

ص:194


1- -جامع الأخبار ص 113
2- جامع الأخبار ص 113
3- جامع الأخبار ص 114
4- جامع الأخبار ص 115
5- البحار ج 67 ص 242 باب شدّة ابتلاء المؤمن ح 79

28-في مواعظ عليّ عليه السّلام: . . . عند تناهي البلاء يكون الفرج. . . (1)

29-في مواعظ الصادق عليه السّلام: إذا اضيف البلاء كان من البلاء عافية. (2)

30-قال الصادق عليه السّلام: البلاء زين المؤمن و كرامة لمن عقل، لأنّ في مباشرته و الصبر عليه و الثبات عنده تصحيح نسبة الإيمان.

قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: نحن معاشر الأنبياء أشدّ الناس بلاء و المؤمنون الأمثل فالأمثل.

و من ذاق طعم البلاء تحت سرّ حفظ اللّه له، تلذّذ به أكثر من تلذّذه بالنعمة و اشتاق إليه إذا فقده، لأنّ تحت ميزان البلاء و المحنة أنوار النعمة و تحت أنوار النعمة نيران البلاء و المحنة و قد ينجو من البلاء و يهلك في النعمة كثير، و ما أثنى اللّه على عبد من عباده من لدن آدم عليه السّلام إلى محمّد صلّى اللّه عليه و آله إلاّ بعد ابتلائه و وفاء حقّ العبوديّة فيه، فكرامات اللّه في الحقيقة نهايات بداياتها البلاء، و من خرج من سكّة البلوى جعل سراج المؤمنين و مونس المقرّبين و دليل القاصدين، و لا خير في عبد شكى من محنة تقدّمها آلاف نعمة و أتبعها آلاف راحة. . . (3)

أقول:

يأتي ما يناسب المقام في أبواب الفقر، الصبر، الحزن و الخوف و. . .

31-عن عليّ عليه السّلام قال:

المكارم بالمكاره. (الغرر ج 1 ص 6 ف 1 ح 63)

الثواب بالمشقّة. (ح 64)

المصائب مفتاح الأجر. (ص 17 ح 454)

البلاء رديف الرخاء (ص 22 ح 634)

ص:195


1- -البحار ج 78 ص 12
2- البحار ج 78 ص 239
3- مصباح الشريعة ص 61 ب 90

الثواب عند اللّه سبحانه و تعالى على قدر المصاب (المصائب ف ن) .

(ص 39 ح 1203)

إنّ عظيم الأجر مقارن عظيم البلاء، فإذا أحبّ اللّه سبحانه قوما ابتلاهم.

(ص 228 ف 9 ح 131)

إنّ للّه تعالى في السرّاء نعمة الإفضال و في الضرّاء نعمة التطهير.

(ص 231 ح 152)

إذا رأيت ربّك يوالي عليك البلاء فاشكره (ص 316 ف 17 ح 108)

إذا رأيت ربّك يتابع عليك النعم فاحذره (ح 109)

بالمكاره تنال الجنّة. (ص 330 ف 18 ح 26)

بقدر علوّ الرفعة تكون نكاية الوقعة (ص 336 ح 137)

بالتعب الشديد تدرك الدرجات الرفيعة و الراحة الدائمة.

(ص 337 ح 168)

بلاء الرجل على قدر إيمانه و دينه. (ص 343 ف 21 ح 12)

تنزل المثوبة على قدر المصيبة (ص 347 ف 22 ح 24)

ربّ مرحوم من بلاء هو دواءه. (ص 416 ف 35 ح 51)

على قدر المصيبة تكون المثوبة. (ج 2 ص 487 ف 51 ح 1)

على قدر البلاء يكون الجزاء. (ح 13)

عند تعاقب الشدائد تظهر فضائل الإنسان. (ص 489 ف 52 ح 5)

من لم يتعرّض للنوائب تعرّضت له النوائب. (ص 640 ف 77 ح 542)

من زهد هانت عليه المحن. (ص 649 ح 669)

من زهد في الدنيا استهان بالمصائب. (ص 669 ح 963)

من عظّم صغار المصائب ابتلاه اللّه سبحانه بكبارها. (ص 683 ح 1130)

من أحبّنا فليعدّ للبلاء جلبابا. (ص 708 ح 1385)

ص:196

من تولاّنا أهل البيت فليلبس للمحن إهابا (1). (ح 1386)

لا تفرح بالغنى و الرخاء، و لا تغتمّ بالفقر و البلاء، فإنّ الذهب يجرّب بالنار و المؤمن يجرّب بالبلاء. (ص 823 ف 85 ح 242)

يمتحن المؤمن بالبلاء كما يمتحن بالنار الخلاص (2).

(ص 874 ف 91 ح 15)

أقول:

في أعلام الدين للديلميّ رحمه اللّه ص 278: قال الصادق عليه السّلام لأصحابه: لا تتمنّوا المستحيل، قالوا: و من يتمنّى المستحيل؟ !

فقال: أنتم، أ لستم تمنّون الراحة في الدنيا؟ قالوا: بلى، فقال: الراحة للمؤمن في الدنيا مستحيلة.

ص:197


1- -الإهاب: الجلد (پوستين)
2- الخلاص بالفتح و الكسر: ما انتفى عنه الغشّ من الذهب و الفضّة

الفصل الخامس: قلّة عدد المؤمنين

الآيات

1- . . . وَ ما آمَنَ مَعَهُ إِلاّ قَلِيلٌ. (1)

2- . . . وَ لكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ. (2)

3- . . . بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ. (3)

4- . . . وَ قَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ اَلشَّكُورُ. (4)

أقول:

تدلّ على المطلوب آيات كثيرة واردة في قلّة أتباع الأنبياء عليهم السّلام.

الأخبار

1-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أيّها الناس، لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلّة

ص:198


1- -هود:40
2- يونس:60- النمل:73
3- العنكبوت:63
4- سبأ:13

أهله، فإنّ الناس قد اجتمعوا على مائدة شبعها قصير، وجوعها طويل. . . (1)

بيان:

«على مائدة» : المراد بها الدنيا، و استعار للدنيا بالمائدة لكونهما مجتمع اللذّات.

و الغرض من الحديث و الآيات ردّ ما في أذهان عامّة الناس من أنّ كثرة أفراد المعتقدين بمذهب و قول دليل على حقّانيّتهما، و قلّتهم دليل البطلان، و لذا يميل أكثر الناس إلى السواد الأعظم، مع أنّ أعداء الدين و مخالفي الحقّ في جميع أعصار الأنبياء و الأوصياء كانوا أكثر من الأولياء، بل إلى زمن ظهور بقيّة اللّه في الأرضين -عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف-. و قد ذمّ الكثير و مدح القليل، الربّ الجليل في التنزيل، و اللّه يهدي إلى سواء السبيل.

لمّا كانت و لا تزال العادة جارية أن يستوحش الناس من الوحدة، و قلّة الرفيق في الطريق قال عليه السّلام: لا تستوحشوا في طريق الهدى. . .

2-عن قتيبة الأعشى قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: المؤمنة أعزّ من المؤمن و المؤمن أعزّ من الكبريت الأحمر، فمن رأى منكم الكبريت الأحمر؟ (2)

بيان:

«أعزّ» عزّ الشيء: قلّ فلا يكاد يوجد. «الكبريت الأحمر» : الذهب الأحمر، و في المرآة ج 9 ص 285: المشهور أنّ الكبريت الأحمر هو الجوهر الذي يطلبه أصحاب الكيمياء و هو الإكسير.

3-عن كامل التمّار قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: الناس كلّهم بهائم -ثلاثا-إلاّ قليل من المؤمنين، و المؤمن غريب-ثلاث مرّات-. (3)

ص:199


1- -نهج البلاغة ص 649 خ 192
2- الكافي ج 2 ص 189 باب قلّة عدد المؤمنين ح 1
3- الكافي ج 2 ص 189 ح 2

بيان:

«كلّهم بهائم» : أي شبيهة بها في عدم العقل و الحمق و غلبة الشهوات النفسانيّة على القوى العقلانيّة كما قال تعالى: إِنْ هُمْ إِلاّ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً (1)«ثلاثا» : أي قاله عليه السّلام ثلاث مرّات. «المؤمن غريب» : لأنّه قلّما يجد مثله فيسكن إليه، فهو بين الناس كالغريب الذي بعد عن أهله و دياره. و في بعض النسخ: "عزيز" مكان غريب.

4-عن ابن رئاب قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول لأبي بصير: أما و اللّه لو أنّي أجد منكم ثلاثة مؤمنين يكتمون حديثي ما استحللت أن أكتمهم حديثا. (2)

بيان:

يدلّ الحديث على أنّ المؤمن الكامل الذي يستحقّ أن يكون صاحب أسرارهم و حافظها قليل، و أنّهم كانوا يتّقون من أكثر الشيعة كما يتّقون من المخالفين، لأنّهم كانوا يذيعون أسرارهم أو لا يتحمّلونها.

5-عن سدير الصيرفي قال: دخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام فقلت له: و اللّه ما يسعك القعود فقال: و لم يا سدير؟ قلت: لكثرة مواليك و شيعتك و أنصارك، و اللّه لو كان لأمير المؤمنين عليه السّلام ما لك من الشيعة و الأنصار و الموالي ما طمع فيه تيم و لا عديّ. فقال: يا سدير، و كم عسى أن يكونوا؟ قلت: مائة ألف، قال: مائة ألف؟ ! قلت: نعم، و مائتي ألف. قال: مائتى ألف؟ ! قلت: نعم و نصف الدنيا، قال:

فسكت عنّي ثمّ قال: يخفّ عليك أن تبلغ معنا إلى ينبع؟ قلت: نعم، فأمر بحمار و بغل أن يسرّجا، فبادرت فركبت الحمار، فقال: يا سدير، أترى أن تؤثرني

ص:200


1- -الفرقان:44
2- الكافي ج 2 ص 190 ح 3

بالحمار؟ قلت: البغل أزين و أنبل، قال: الحمار أرفق بى، فنزلت فركب الحمار و ركبت البغل فمضينا فحانت الصلوة فقال: يا سدير، انزل بنا نصلّي، ثمّ قال: هذه أرض سبخة لا تجوز الصلاة فيها فسرنا حتّى صرنا إلى أرض حمراء و نظر إلى غلام يرعى جداء.

فقال: و اللّه يا سدير، لو كان لي شيعة بعدد هذه الجداء ما وسعني القعود، و نزلنا و صلّينا فلمّا فرغنا من الصلاة عطفت على الجداء فعددتها فإذا هي سبعة عشر. (1)

بيان:

«تيم» : قبيلة أبي بكر. «عديّ» : قبيلة عمر. «يخفّ عليك» : أي يسهل و لا يثقل عليك. «ينبع» : من المدينة على سبعة مراحل و هو من أوقاف أمير المؤمنين عليه السّلام، له حصون و زروع بطريق حاجّ مصر. «أنبل» : أي أكثر ذكاء و نجابة. «فحانت الصلاة» : أي قرب أو دخل وقتها. «السبخة» : أرض ذات نزّ و ملح (شوره زار) «الجدي» : جمع جداء ولد المعز.

6-عن حمران بن أعين قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام: جعلت فداك، ما أقلّنا لو اجتمعنا على شاة ما أفنيناها؟ فقال: ألا أحدّثك بأعجب من ذلك، المهاجرون و الأنصار ذهبوا إلاّ-و أشار بيده-ثلاثة. قال حمران: فقلت: جعلت فداك ما حال عمّار؟ قال: رحم اللّه عمّارا أبا اليقظان، بايع و قتل شهيدا. فقلت في نفسي:

ما شيء أفضل من الشهادة، فنظر إليّ فقال: لعلّك ترى أنّه مثل الثلاثة، أيهات أيهات. (2)

بيان:

«ما أفنيناها» : أي ما نقدر على أكل جميعها. «ثلاثة» : المراد بها سلمان و أبوذرّ

ص:201


1- -الكافي ج 2 ص 190 ح 4
2- الكافي ج 2 ص 190 ح 6

و المقداد. «أيهات» : لغة في هيهات أي بعد.

7-عن عليّ بن جعفر قال: سمعت أبا الحسن عليه السّلام يقول: ليس كلّ من قال بولايتنا مؤمنا و لكن جعلوا انسا للمؤمنين. (1)

8-عن أحدهما عليهما السّلام قال: ليس تخلو الأرض من أربعة من المؤمنين، و قد يكونون أكثر، و لا يكونون أقلّ من أربعة، و ذلك أنّ الفسطاط لا يقوم إلاّ بأربعة أطناب، و العمود في وسطه. (2)

9-عن المفضّل بن قيس عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال لي: كم شيعتنا بالكوفة؟ قال: قلت: خمسون ألفا، فما زال يقول إلى أن قال: و اللّه لوددت أن يكون بالكوفة خمسة و عشرون رجلا يعرفون أمرنا الذي نحن عليه، و لا يقولون علينا إلاّ الحقّ. (3)

10-عن الحارث قال: سمعت عبد الملك بن أعين يسأل أبا عبد اللّه عليه السّلام فلم يزل يسأله حتّى قال: فهلك الناس إذا؟ فقال: إي و اللّه يابن أعين، هلك الناس أجمعون، قلت: أهل الشرق و الغرب؟ قال: إنّها فتحت على الضلال، إي و اللّه هلكوا إلاّ ثلاثة نفر: سلمان الفارسي و أبو ذرّ و المقداد و لحقهم عمّار و أبو ساسان الأنصاريّ و حذيفة و أبو عمرة فصاروا سبعة. (4)

11-قال أبو جعفر عليه السّلام: ارتدّ الناس بعد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلاّ ثلاثة نفر: المقداد بن الأسود و أبو ذرّ الغفاري و سلمان الفارسي، ثمّ إنّ الناس عرفوا و لحقوا بعد. (5)

12-عن عمرو بن ثابت قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله

ص:202


1- -الكافي ج 2 ص 191 ح 7
2- الخصال ج 1 ص 228 باب الأربعة ح 66
3- البحار ج 67 ص 158 باب قلّة عدد المؤمنين ح 2
4- الاختصاص ص 4-رجال الكشيّ ص 16
5- الاختصاص ص 4-رجال الكشي ص 16

لمّا قبض ارتدّ الناس على أعقابهم كفّارا إلاّ ثلاثا: سلمان و المقداد و أبوذرّ الغفاريّ. إنّه لما قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله جاء أربعون رجلا إلى عليّ بن أبي طالب عليه السّلام فقالوا: لا و اللّه لا نعطي أحدا طاعة بعدك أبدا، قال: و لم؟ قالوا: إنّا سمعنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فيك يوم غدير خم، قال: و تفعلون؟ قالوا: نعم، قال: فأتوني غدا محلّقين قال: فما أتاه إلاّ هؤلاء الثلاثة.

قال: و جاءه عمّار بن ياسر بعد الظهر فضرب يده على صدره، ثمّ قال له:

مالك أن تستيقظ من نومة الغفلة، ارجعوا فلا حاجة لي فيكم، أنتم لم تطيعوني في حلق الرأس فيكف تطيعوني في قتال جبال الحديد ارجعوا فلا حاجة لي فيكم. (1)

13-عن أبي بكر الحضرمي قال: قال أبو جعفر عليه السّلام: ارتدّ الناس إلاّ ثلاثة نفر: سلمان و أبوذر و المقداد، قال: فقلت: فعمّار؟ فقال: قد كان جاض جيضة ثمّ رجع ثمّ قال: إن أردت الذي لم يشكّ و لم يدخله شيء فالمقداد.

فأمّا سلمان فإنّه عرض في قلبه عارض أنّ عند ذا-يعني أمير المؤمنين عليه السّلام- اسم اللّه الأعظم لو تكلّم به لأخذتهم الأرض و هو هكذا، فلبّب و وجئت في عنقه حتّى تركت كالسلعة، و مرّ به أمير المؤمنين عليه السّلام فقال: يا أبا عبد اللّه، هذا من ذاك فبايع، فبايع.

و أمّا أبوذر فأمره أمير المؤمنين عليه السّلام بالسكوت و لم يكن تأخذه في اللّه لومة لائم فأبى إلاّ أن يتكلّم فمرّ به عثمان فأمر به، ثمّ أناب الناس بعد، فكان أوّل من أناب أبو ساسان الأنصاريّ و أبو عمرة و فلان حتّى عقد سبعة و لم يكن يعرف حقّ أمير المؤمنين عليه السّلام إلاّ هؤلاء السبعة. (2)

ص:203


1- -الاختصاص ص 4
2- الاختصاص ص 7-رجال الكشيّ ص 16

بيان:

«جاض جيضة» : أي عدل عن الحقّ و مال عنه. «فلبّب» في القاموس: لببه أي جمع ثيابه عند نحره في الخصومة ثمّ جرّه. «و جئت» يقال: و جأ فلانا بالسكّين أو يده:

ضربه في أيّ موضع كان، و جأ عنقه و في عنقه: ضربه. «السلعة» : خراج في البدن أو زيادة فيه كالغدة بين الجلد و اللحم (دمل، غدّه زير پوست. . .) .

أقول: لا يخفى أنّ سلمان مع ذلك كلّه أفضلهم، شهدت به روايات عديدة.

ففي الاختصاص ص 9: عن عيسى بن حمزة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: الحديث الذي جاء في الأربعة، قال: و ما هو؟ قلت: الأربعة التي اشتاقت إليهم الجنّة قال: نعم منهم سلمان و أبو ذرّ و المقداد و عمّار قلت: فأيّهم أفضل؟ قال: سلمان، ثمّ أطرق ثمّ قال: علم سلمان علما لو علمه أبوذر كفر.

14-عن جميل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إرتدّ الناس بعد الحسين عليه السّلام إلاّ ثلاثة: أبو خالد الكابلي و يحيى بن أم الطويل و جبير بن مطعم، ثمّ إنّ الناس لحقوا و كثروا، و كان يحيى بن امّ الطويل يدخل مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و يقول: كَفَرْنا بِكُمْ وَ بَدا بَيْنَنا وَ بَيْنَكُمُ اَلْعَداوَةُ وَ اَلْبَغْضاءُ (1)(2).

15-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: إذا صعدت روح المؤمن إلى السماء تعجّبت الملائكة و قالت: و اعجبا له كيف نجى من دار فسد فيها خيارنا.

(الغرر ج 1 ص 317 ف 17 ح 117)

بيان:

«خيارنا» : قال مترجم الكتاب رحمه اللّه: كذا في تمام النسخ، و الصحيح"خيارها".

أقول: سيأتي ما يناسب المقام في باب الشيعة ف 2 إن شاء اللّه.

ص:204


1- -الممتحنة:4
2- الاختصاص ص 59

الفصل السادس: حقوق المؤمن

1-عن مرازم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما عبد اللّه بشىء أفضل من أداء حقّ المؤمن. (1)

2-عن أبي المأمون الحارثيّ قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: ما حقّ المؤمن على المؤمن؟ قال: إنّ من حقّ المؤمن على المؤمن المودّة له في صدره، و المواساة له في ماله، و الخلف له في أهله، و النصرة له على من ظلمه، و إن كان نافلة في المسلمين و كان غائبا أخذ له بنصيبه، و إذا مات الزيارة إلى قبره، و أن لا يظلمه، و أن لا يغشّه، و أن لا يخونه، و أن لا يخذله، و أن لا يكذّبه، و أن لا يقول له: أفّ، و إذا قال له: أفّ فليس بينهما ولاية، و إذا قال له: أنت عدوّي فقد كفر أحدهما، و إذا اتّهمه انماث الإيمان في قلبه كما ينماث الملح في الماء. (2)

أقول:

الأخبار بهذا المعنى كثيرة.

بيان: «النافلة» هي الغنيمة و العطيّة من بيت المال و الزكاة و غيرهما.

«فليس بينهما ولاية» في المرآة ج 9 ص 35: أي المحبّة التي أمروا بها. أقول: و لعلّ

ص:205


1- -الكافي ج 2 ص 136 باب حقّ المؤمن على أخيه ح 4
2- الكافي ج 2 ص 137 ح 7

المعنى أدقّ منها.

«فقد كفر» : المراد هو الكفر المقابل للإيمان الكامل كما ورد في الأخبار، أو المراد به كفران النعمة، لأنّ اللّه تعالى ألّف بين قلوبهم فأصبحوا بنعمته إخوانا، فمن لم يعرفها فقد كفرها.

3-عن معلّى بن خنيس قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام: عن حقّ المؤمن، فقال: سبعون حقّا لا اخبرك إلاّ بسبعة فإنّي عليك مشفق أخشى ألاّ تحتمل، فقلت: بلى إن شاء اللّه، فقال: لا تشبع و يجوع، و لا تكتسي و يعرى، و تكون دليله و قميصه الذي يلبسه، و لسانه الذي يتكلّم به و تحبّ له ما تحبّ لنفسك، و إن كانت لك جارية بعثتها لتمهّد فراشه، و تسعى في حوائجه بالليل و النهار، فإذا فعلت ذلك وصلت ولايتك بولايتنا و ولايتنا بولاية اللّه عزّ و جلّ. (1)

بيان:

«قميصه الذي يلبسه» في المرآة: أي تكون محرم أسراره و مختصّا به غاية الاختصاص، و هذه استعارة شايعة بين العرب و العجم، أو المعنى تكون ساتر عيوبه، و قيل: تدفع الأذى عنه كما يدفع القميص عنه الحرّ و البرد و هو بعيد.

4-عن أبي حمزة الثماليّ قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من سرّ مؤمنا فقد سرّني و من سرّني فقد سرّ اللّه. (2)

5-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال: أوحى اللّه عزّ و جلّ إلى داود عليه السّلام؛ أنّ العبد من عبادي ليأتيني بالحسنة فأبيحه جنّتي، فقال داود: يا ربّ، و ما تلك الحسنة؟ قال: يدخل على عبدي المؤمن سرورا و لو بتمرة، قال داود: يا ربّ، حقّ لمن عرفك أن لا يقطع رجاءه منك. (3)

ص:206


1- -الكافي ج 2 ص 139 ح 14
2- الكافي ج 2 ص 150 باب إدخال السرور على المؤمنين ح 1
3- الكافي ج 2 ص 151 ح 5

بيان:

في المرآة، «فأبيحه جنّتي» : أي جعلت الجنّة مباحة له. . . أو يتبوّء منها حيث يشاء. . .

6-عن أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سمعته يقول: إنّ أحبّ الأعمال إلى اللّه عزّ و جلّ إدخال السرور على المؤمن، شبعة مسلم أو قضاء دينه. (1)

7-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: قضاء حاجة المؤمن خير من عتق ألف رقبة و خير من حملان ألف فرس في سبيل اللّه. (2)

بيان:

في القاموس، «الحملان» : ما يحمل عليه من الدوابّ في الهبة خاصّة، انتهى. و المراد هنا المصدر بمعنى حمل الغير على الفرس و بعثه إلى الجهاد أو الأعمّ منه و من الحجّ و الزيارات. (المرآة ج 9 ص 103)

8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لقضاء حاجة امرء مؤمن أحبّ إلى اللّه من عشرين حجّة، كلّ حجّة ينفق فيها صاحبها مائة ألف. (3)

9-عن أبان بن تغلب قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: من طاف بالبيت اسبوعا كتب اللّه عزّ و جلّ له ستّة آلاف حسنة و محا عنه ستّة آلاف سيّئة و رفع له ستّة آلاف درجة-قال: و زاد فيه إسحاق بن عمّار-و قضى له ستّة آلاف حاجة، قال: ثمّ قال: و قضاء حاجة المؤمن أفضل من طواف و طواف حتّى عدّ عشرا. (4)

10-عن عليّ بن جعفر قال: سمعت أبا الحسن عليه السّلام يقول: من أتاه أخوه

ص:207


1- -الكافي ج 2 ص 151 ح 7
2- الكافي ج 2 ص 154 باب قضاء حاجة المؤمن ح 3
3- الكافي ج 2 ص 155 ح 4
4- الكافي ج 2 ص 155 ح 6

المؤمن في حاجة فإنّما هي رحمة من اللّه تبارك و تعالى ساقها إليه، فإن قبل ذلك فقد وصله بولايتنا و هو موصول بولاية اللّه، و إن ردّه عن حاجته و هو يقدر على قضائها سلّط اللّه عليه شجاعا من نار ينهشه في قبره إلى يوم القيامة، مغفورا له أو معذّبا، فإن عذّره الطالب كان أسوء حالا. (1)

بيان:

«الشجاع» : نوع من الحيّة. «أسوء حالا» : لأنّ العاذر لحسن خلقه و كرمه أحقّ بقضاء الحاجة ممّن لا يعذر فردّ حاجته أشنع، و الندم عليه أدوم.

11-عن معمّر بن خلاّد قال: سمعت أبا الحسن عليه السّلام يقول: إنّ للّه عبادا في الأرض يسعون في حوائج الناس، هم الآمنون يوم القيامة، و من أدخل على مؤمن سرورا فرّح اللّه (فرج اللّه ف ن) قلبه يوم القيامة. (2)

12-عن ابن سنان قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: قال اللّه عزّ و جلّ: الخلق عيالي، فأحبّهم إليّ ألطفهم بهم و أسعاهم في حوائجهم. (3)

13-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أعان مؤمنا نفّس اللّه عزّ و جلّ عنه ثلاثا و سبعين كربة، واحدة في الدنيا و ثنتين و سبعين كربة عند كربته العظمى، قال: حيث يتشاغل الناس بأنفسهم. (4)

بيان:

«الكربة» : الحزن و المشقّة، يقال: كربه الأمر: شقّ عليه و الكربة اسم منه.

14-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من أشبع مؤمنا وجبت له الجنّة، و من أشبع

ص:208


1- -الكافي ج 2 ص 157 ح 13
2- الكافي ج 2 ص 157 باب السعى في حاجة المؤمن ح 2
3- الكافي ج 2 ص 159 ح 10
4- الكافي ج 2 ص 159 باب تفريج كرب المؤمن ح 2

كافرا كان حقّا على اللّه أن يملأ جوفه من الزقّوم، مؤمنا كان أو كافرا. (1)

بيان:

«مؤمنا كان أو كافرا» : أي سواء كان المطعم مؤمنا أو كافرا.

15-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لأن اطعم رجلا من المسلمين أحبّ إلىّ من أن اطعم أفقا من الناس، قلت: و ما الأفق؟ قال: مائة ألف أو يزيدون. (2)

16-عن جميل بن درّاج عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من كسا أخاه كسوة شتاء أو صيف كان حقّا على اللّه أن يكسوه من ثياب الجنّة و أن يهوّن عليه سكرات الموت و أن يوسّع عليه في قبره و أن يلقى الملائكة إذا خرج من قبره بالبشرى، و هو قول اللّه عزّ و جلّ في كتابه: وَ تَتَلَقّاهُمُ اَلْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ اَلَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ. (3)(4)

بيان:

«سكرات الموت» : أي شدائده.

17-عن المعلّى بن خنيس قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: ما حقّ المؤمن على المؤمن؟ قال: سبعة حقوق واجبات ما فيها حقّ إلاّ و هو واجب عليه، و إن خالفه خرج من ولاية اللّه و ترك طاعته و لم يكن للّه عزّ و جلّ فيه نصيب، قال: قلت: جعلت فداك حدّثني ماهي؟ قال: و يحك يا معلّى، إنّي شفيق عليك أخشى أن تضيّع و لا تحفظ، و تعلم و لا تعمل، قلت: لا قوّة إلاّ باللّه.

قال: أيسر منها أن تحبّ له ما تحبّ لنفسك، و تكره له ما تكره لنفسك.

ص:209


1- -الكافي ج 2 ص 160 باب إطعام المؤمن ح 1
2- الكافي ج 2 ص 160 ح 2
3- الأنبياء:103
4- الكافي ج 2 ص 163 باب من كسا مؤمنا ح 1

و الحقّ الثاني: أن تمشي في حاجته و تبتغي رضاه و لا تخالف قوله.

و الحقّ الثالث: أن تصله بنفسك و مالك و يدك و رجلك و لسانك.

و الحقّ الرابع: أن تكون عينه و دليله و مرآته و قميصه.

و الحقّ الخامس: أن لا تشبع و يجوع، و لا تلبس و يعرى، و لا تروي و يظمأ.

و الحقّ السادس: إن يكون لك امرأة و خادم و ليس لأخيك امرأة و لا خادم أن تبعث خادمك، فيغسل ثيابه و يصنع طعامه و يمهّد فراشه، فإنّ ذلك كلّه إنّما جعل بينك و بينه.

و الحقّ السابع: أن تبرّ قسمه و تجيب دعوته و تشهد جنازته و تعوده في مرضه، و تشخص بدنك في قضاء حاجته، و لا تحوجه إلى أن يسألك و لكن تبادر إلى قضاء حوائجه، فإذا فعلت ذلك به وصلت ولايتك بولايته و ولايته بولاية اللّه عزّ و جلّ. (1)

بيان:

«تبرّ قسمه» إبرار القسم: العمل بما ناشده عليه أو تصديقه فيما أقسم عليه، و في النهاية: "برّ اللّه قسمه و أبرّه"أي صدّقه، و في الوافي: برّ القسم و إبراره؛ إمضاؤه على الصدق.

18-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لا يستقيم قضاء الحوائج إلاّ بثلاث:

باستصغارها لتعظم، و باستكتامها لتظهر، و بتعجيلها لتهنأ. (2)

بيان:

«لتعظم» أي عند اللّه.

19-قال الصادق عليه السّلام: قضاء حاجة المؤمن أفضل من ألف حجّة متقبّلة

ص:210


1- -الخصال ج 2 ص 350 باب السبعة ح 26(الكافي ج 2 ص 135 باب حقّ المؤمن على أخيه ح 2- أمالي الطوسي ج 1 ص 95- الاختصاص ص 23)
2- نهج البلاغة ص 1131 ح 97

بمناسكها، و عتق ألف رقبة لوجه اللّه، و حملان ألف فرس في سبيل اللّه بسرجها و لجمها. (1)

20-عن الصادق عن أبيه عليهما السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: من قضى لمؤمن حاجة قضى اللّه له حوائج كثيرة أدناهنّ الجنّة. (2)

21-قال الحسين بن عليّ عليهما السّلام: إنّ حوائج الناس إليكم من نعم اللّه عليكم، فلا تملّوا النعم. (3)

22-عن عليّ عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: للمسلم على أخيه ثلاثون حقّا لابراءة له منها إلاّ بالأداء أو العفو: يغفر زلّته، و يرحم عبرته و يستر عورته، و يقيل عثرته، و يقبل معذرته، و يردّ غيبته، و يديم نصيحته، و يحفظ خلّته، و يرعي ذمّته، و يعود مرضته، و يشهد ميّته، و يجيب دعوته، و يقبل هديّته، و يكافئ صلته، و يشكر نعمته، و يحسن نصرته، و يحفظ حليلته.

و يقضي حاجته، و يشفّع مسألته، و يسمّت عطسته، و يرشد ضالّته، و يردّ سلامه، و يطيّب كلامه، و يبرّ إنعامه، و يصدّق أقسامه، و يوالي وليّه و لا يعاديه، و ينصره ظالما و مظلوما: فأمّا نصرته ظالما فيردّه عن ظلمه، و أمّا نصرته مظلوما فيعينه على أخذ حقّه، و لا يسلّمه و لا يخذله، و يحبّ له من الخير ما يحبّ لنفسه و يكره له من الشرّ ما يكره لنفسه.

ثمّ قال عليه السّلام: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: إنّ أحدكم ليدع من حقوق أخيه شيئا فيطالبه به يوم القيامة فيقضي له و عليه. (4)

ص:211


1- -البحار ج 74 ص 285 باب قضاء حاجة المؤمنين ح 5
2- البحار ج 74 ص 285 ح 7
3- البحار ج 74 ص 318 ح 80
4- البحار ج 74 ص 236 باب حقوق الإخوان ح 36

أقول:

الأخبار في هذا الفصل كثيرة، لاحظ بابي الأخوّة (ف 3) و الإحسان.

ص:212

الفصل السابع: من أذّل مؤمنا أو أهان به

قال اللّه تعالى: و الذين يؤذون المؤمنين و المؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا و إثما مبينا. (1)

الأخبار

1-عن هشام بن سالم قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: قال اللّه عزّ و جلّ: ليأذن بحرب منّي من آذى عبدي المؤمن و ليأمن غضبي من أكرم عبدي المؤمن؛ و لو لم يكن من خلقي في الأرض فيما بين المشرق و المغرب إلاّ مؤمن واحد مع إمام عادل لأستغنيت بعبادتهما عن جميع ما خلقت في أرضي و لقامت سبع سموات و أرضين بهما، و لجعلت لهما من إيمانهما انسا لا يحتاجان إلى انس سواهما. (2)

بيان:

«ليأذن» : أي ليعلم.

2-عن المفضّل بن عمر قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا كان يوم القيامة

ص:213


1- -الأحزاب:58
2- الكافي ج 2 ص 261 باب من أذى المسلمين ح 1

نادى مناد: أين الصدود لأوليائي؟ فيقوم قوم ليس على وجوههم لحم، فيقال:

هؤلاء الذين آذوا المؤمنين و نصبوا لهم و عاندوهم و عنّفوهم في دينهم ثمّ يؤمر بهم إلى جهنّم. (1)

بيان:

«أين الصدود لأوليائي» في المصباح: صددته عن كذا صدّا من باب قتل: منعته و صرفته، و صددت عنه: أعرضت، و صدّ من كذا من باب ضرب: ضحك.

و في النهاية ج 3 ص 15، الصدّ: الصرف و المنع. . . و الصدّ: الهجران، و منه الحديث "فيصدّ هذا و يصدّ هذا"أي يعرض بوجهه عنه. و في المرآة: أكثر المعاني مناسبة لكن بتضمين معنى التعرّض و نحوه للتعدية باللام، فالصدود: جمع صادّ، و في بعض النسخ: "أين المؤذون لأوليائي"فلا يحتاج إلى تكلّف. «نصبوا لهم» نصبت لفلان نصبا: إذا عاديته «عنّفوهم» التعنيف: التعيير و اللوم.

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من حقّر مؤمنا مسكينا أو غير مسكين لم يزل اللّه عزّ و جلّ حاقرا له ماقتا، حتّى يرجع عن محقرته إيّاه. (2)

4-عن معلّى بن خنيس قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ اللّه تبارك و تعالى يقول: من أهان لي وليّا فقد أرصد لمحاربتي، و أنا أسرع شيء إلى نصرة أوليائي. (3)

بيان:

في الوافى، «الإرصاد» : المراقبة و الإعداد للشيء.

5-عن أبان بن تغلب عن أبي جعفر عليه السّلام قال: لمّا أسري بالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:

يا ربّ، ما حال المؤمن عندك؟ قال: يا محمّد من أهان لي وليّا فقد بارزني

ص:214


1- -الكافي ج 2 ص 262 ح 2
2- الكافي ج 2 ص 262 ح 4
3- الكافي ج 2 ص 262 ح 5

بالمحاربة و أنا أسرع شيء إلى نصرة أوليائي، و ما تردّدت عن شيء أنا فاعله كتردّدي عن وفاة المؤمن، يكره الموت و أكره مساءته، و إنّ من عبادي المؤمنين من لا يصلحه إلاّ الغنى و لو صرفته إلى غير ذلك لهلك، و إنّ من عبادي المؤمنين من لا يصلحه إلاّ الفقر و لو صرفته إلى غير ذلك لهلك، و ما يتقرّب إليّ عبد من عبادي بشيء أحبّ إليّ ممّا افترضت عليه و إنّه ليتقرّب إليّ بالنافلة حتّى احبّه، فإذا أحببته كنت إذا سمعه الذي يسمع به و بصره الذي يبصر به و لسانه الذي ينطق به و يده التي يبطش بها، إن دعاني أجبته و إن سألني أعطيته. (1)

أقول:

هذا الحديث صحيح السند و هو من الأحاديث المشهورة بين الخاصّة و العامّة، و قد روته في صحاحهم بأدنى تغيير كما قال الشيخ البهائي رحمه اللّه. و قد بسط أصحابنا رحمهم اللّه الكلام في شرحه.

بيان: «بارزني بالمحاربة» : أي أظهرها و تصدّى لها. «ما تردّدت» : نسبة التردّد إلى اللّه سبحانه يحتاج إلى التأويل و فيه وجوه: منها، أنّ في الكلام إضمارا، و التقدير لو جاز عليّ التردّد ما تردّدت في شيء كتردّدي في وفاة المؤمن.

منها، أنّه يصحّ أن يعبّر عن توقير الشخص و احترامه بالتردّد و عن إذلاله و احتقاره بعدمه، و المراد ليس من مخلوقاتي عندي قدر و حرمة كقدر عبدي المؤمن، فالكلام من قبيل الاستعارة التمثيليّة.

منها، أنّه أضاف سبحانه التردّد إلى نفسه تعظيما لعبده المؤمن كما جاء في الأخبار مرضت فلم تعدني فيقول كيف تمرض و أنت ربّ العالمين فيقول مرض عبدي فلان، إلى غير ذلك من الوجوه. فراجع المرآة ج 10 ص 384 و البحار و الوافي و الأربعين للشيخ البهائي.

ص:215


1- -الكافي ج 2 ص 263 ح 8

في الوافي، المراد ب «النافلة» : كلّ ما يفعل لوجه اللّه، ممّا لم يفترض و تخصيصها بالصلوات المندوبة عرف طار.

6-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من استذلّ مؤمنا و استحقره لقلّة ذات يده و لفقره شهّره اللّه يوم القيامة على رؤوس الخلائق. (1)

بيان:

في المرآة ج 10 ص 397، «شهره اللّه» على بناء المجرّد أو التفعيل، أي جعل له علامة سوء يعرفه جميع الخلائق بها أنّه من أهل العقوبة، فيفتضح بذلك في المحشر، و يذلّ كما أذّل المؤمن في الدنيا. في القاموس، استذلّه: رآه ذليلا، و قال: الشهرة:

ظهور الشيء في شنعة. . .

«على رؤوس الخلائق» : أي على وجه يطّلع عليه جميع الخلائق كأنّه فوق رؤوسهم.

7-عن زرارة عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام قالا: أقرب ما يكون العبد إلى الكفر أن يواخي الرجل على الدين فيحصي عليه عثراته و زلاّته ليعنّفه بها يوما ما. (2)

بيان:

في المرآة، «العثرة» : الكبوة في المشي (ليز خوردن و لغزيدن) استعير للذنب مطلقا أو الخطأ منه، و قريب منه الزلّة، و يمكن تخصيص إحداهما بالذنوب و الأخرى بمخالفة العادات و الآداب.

«التعنيف» التعيير و اللوم، و هذا من أعظم الخيانة في الصداقة و الأخوّة.

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا تطلبوا عثرات

ص:216


1- -الكافي ج 2 ص 263 ح 9
2- الكافي ج 2 ص 264 باب من طلب عثرات المؤمنين ح 1

المؤمنين، فإنّ من تتبّع عثرات أخيه تتّبع اللّه عثراته، و من تتبّع اللّه عثراته يفضحه و لو في جوف بيته. (1)

9-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أيّما مؤمن منع مؤمنا شيئا ممّا يحتاج إليه و هو يقدر عليه من عنده أو من عند غيره أقامه اللّه يوم القيامة مسودّا وجهه، مزرقّة عيناه، مغلولة يداه إلى عنقه، فيقال: هذا الخائن الذي خان اللّه و رسوله، ثمّ يؤمر به إلى النار. (2)

بيان:

«مزرقّة عيناه» : من الزرقة، قال اللّه تعالى: وَ نَحْشُرُ اَلْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً قال البيضاوي: أي زرق العيون، وصفوا بذلك لأنّ الزرقة أسوء ألوان العين و أبغضها إلى العرب، لأنّ الروم كانوا أعدى أعدائهم و هم زرق. . .

10-عن مفضّل بن عمر قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من كانت له دار فاحتاج مؤمن إلى سكناها فمنعه إيّاها، قال اللّه عزّ و جلّ: يا ملائكتي، أبخل عبدي على عبدي بسكنى الدار الدنيا، و عزّتي و جلالي لا يسكن جناني أبدا. (3)

11-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

من نظر إلى مؤمن نظرة ليخيفه بها أخافه اللّه عزّ و جلّ يوم لا ظلّ إلاّ ظلّه. (4)

بيان:

في المرآة ج 11 ص 54، المراد بالظلّ: الكنف أي لا ملجأ و لا مفزع إلاّ إليه.

12-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من روّع مؤمنا بسلطان ليصيبه منه مكروه فلم يصبه فهو في النار، و من روّع مؤمنا بسلطان ليصيبه منه مكروه فأصابه فهو

ص:217


1- -الكافي ج 2 ص 265 ح 5
2- الكافي ج 2 ص 272 باب من منع مؤمنا شيئا. . . ح 1
3- الكافي ج 2 ص 273 ح 3
4- الكافي ج 2 ص 273 باب من أخاف مؤمنا ح 1

مع فرعون و آل فرعون في النار. (1)

بيان:

الروع: الفزع، و روّعه: أفزعه.

13-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من أعان على مؤمن بشطر كلمة لقي اللّه عزّ و جلّ يوم القيامة مكتوب بين عينيه: آيس من رحمتي. (2)

بيان:

«بشطر كلمة» الشطر: النصف أو الجزء، و يحتمل أن يكون كناية عن قلّة الكلام.

14-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من آذى مؤمنا فقد آذاني و من آذاني فقد آذى اللّه عزّ و جلّ و من آذى اللّه فهو ملعون في التوراة و الإنجيل و الزبور و الفرقان. (3)

15-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما من مؤمن يخذل أخاه و هو يقدر على نصرته إلاّ خذله اللّه في الدنيا و الآخرة. (4)

16-عن صفوان الجمّال عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من سأله أخوه المؤمن حاجة من ضرّه فمنعه من سعة و هو يقدر عليها من عنده أو من عند غيره، حشره اللّه يوم القيامة مقرونة يده إلى عنقه حتّى يفرغ اللّه من حساب الخلق. (5)

17-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من نظر إلى مؤمن نظرة يخيفه بها، أخافه اللّه تعالى يوم لا ظلّ إلاّ ظلّه، و حشره في صورة الذرّ بلحمه و جسمه و جميع أعضائه

ص:218


1- -الكافي ج 2 ص 274 ح 2
2- الكافي ج 2 ص 274 ح 3
3- مشكوة الأنوار ص 78 ب 2 ف 4
4- مشكوة الأنوار ص 84
5- مشكوة الأنوار ص 101 ف 7

و روحه حتّى يورده مورده. (1)

18-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من أحزن مؤمنا ثمّ أعطاه الدنيا لم يكن ذلك كفّارته و لم يؤجر عليه. (2)

19-عن المفضّل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ اللّه تبارك و تعالى خلق المؤمن من نور عظمته و جلال كبريائه، فمن طعن على المؤمن أو ردّ عليه فقد ردّ على اللّه في عرشه، و ليس هو من اللّه في ولاية، و إنّما هو شرك شيطان. (3)

أقول:

«ليس هو من اللّه في ولاية» بدلها في ح 13: "ليس من اللّه في شيء".

بيان: في مجمع البحرين (شرك) ، «هو شرك الشيطان» قيل: المصدر بمعنى اسم المفعول أو اسم الفاعل أي مشاركا فيه مع الشيطان.

20-عن المعلّى بن خنيس عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال اللّه عزّ و جلّ:

ليأذن بحرب منّي من أذلّ عبدي المؤمن، و ليأمن غضبي من أكرم عبدي المؤمن. (4)

21-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما من إنسان يطعن في عين مؤمن إلاّ مات بشرّ ميتة، و كان يتمنّى أن يرجع إلى خير. (5)

بيان:

«في عين مؤمن» : أي يواجهه بالطعن و العيب و يذكره بمحضره.

22-عن مفضّل بن عمر قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من روى على مؤمن

ص:219


1- -جامع الأخبار ص 147 ف 110
2- جامع الأخبار ص 147
3- البحار ج 75 ص 146 باب من أذلّ مؤمنا ح 17
4- البحار ج 75 ص 145 ح 12
5- البحار ج 75 ص 145 ح 14

رواية يريد بها شينه و هدم مروّته ليسقط من أعين الناس أخرجه اللّه من ولايته إلى ولاية الشيطان فلا يقبله الشيطان. (1)

بيان:

قال رحمه اللّه: «من روى على مؤمن» بأن ينقل عنه كلاما يدلّ على ضعف عقله و سخافة رأيه، على ما ذكره الأكثر، و يحتمل شموله لرواية الفعل أيضا.

«شينه» أي عيبه، في القاموس، شانه يشينه: ضدّ زانه يزينه.

23-عن يونس بن ظبيان قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا يونس، من حبس حقّ المؤمن أقامه اللّه عزّ و جلّ يوم القيامة خمسمائة عام على رجليه، يسيل عرقه أودية، و ينادي مناد من عند اللّه تعالى: هذا الظالم الذي حبس عن اللّه حقّه، قال: فيوبّخ أربعين يوما ثمّ يؤمر به إلى النار. (2)

بيان:

قال رحمه اللّه: المراد بحقّ المؤمن الديون، و الحقوق اللازمة، أو الأعمّ منها و ممّا يلزمه أداؤه من جهة الإيمان على سياق سائر الأخبار. . . و فيه دلالة على أنّ حقّ المؤمن حقّ اللّه عزّ و جلّ، لكمال قربه منه أو لأمره تعالى به.

24-عن المفضّل بن عمر قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أيّما مؤمن كان بينه و بين مؤمن حجاب ضرب اللّه عزّ و جلّ بينه و بين الجنّة سبعين ألف سور، ما بين السور إلى السور مسيرة ألف عام. (3)

بيان:

قال رحمه اللّه: «بينه و بين مؤمن حجاب» أي مانع من الدخول عليه، إمّا بإغلاق الباب دونه أو إقامة بوّاب على بابه يمنعه من الدخول عليه.

ص:220


1- -البحار ج 75 ص 168 باب من أخاف مؤمنا ح 40
2- البحار ج 75 ص 178 باب من منع مؤمنا شيئا. . . ح 17
3- البحار ج 75 ص 190 باب من حجب مؤمنا ح 3

قال الراغب: «الضرب» إيقاع شيء على شيء و لتصوّر اختلاف الضرب خولف بين تفاسيرها كضرب الشيء باليد و العصا و نحوها. . .

«ألف عام» : أي من أعوام الدنيا و يحتمل الآخرة، ثمّ الظاهر منه إرادة هذا العدد حقيقة، و يمكن حمله على المجاز و المبالغة في بعده عن الرحمة و الجنّة، أو على أنّه لا يدخلها إلاّ بعد زمان طويل تقطع فيه تلك المسافة، و على التقادير لعلّه محمول على ما إذا كان الاحتجاب للتكبّر و الاستهانة بالمؤمن و تحقيره، و عدم الاعتناء بشأنه، لأنّه معلوم أنّه لا بدّ للمرء من ساعات في اليوم و الليلة يشتغل فيها الإنسان بإصلاح امور نفسه و معاشه و معاده. . . (المرآة ج 11 ص 45)

«السور» : الحائط.

ص:221

ص:222

8- الأمانة و ترك الخيانة

الآيات

1- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اَللّهَ وَ اَلرَّسُولَ وَ تَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ. (1)

2- وَ اَلَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَ عَهْدِهِمْ راعُونَ. (2)

الأخبار

1-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ اللّه عزّ و جلّ لم يبعث نبيّا إلاّ بصدق الحديث و أداء الأمانة إلى البرّ و الفاجر. (3)

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا تغترّوا بصلاتهم و لا بصيامهم، فإنّ الرجل ربّما لهج بالصلاة و الصوم حتّى لو تركه استوحش، و لكن اختبروهم عند صدق الحديث و أداء الأمانة. (4)

ص:223


1- -الأنفال:27
2- المؤمنون:8
3- الكافي ج 2 ص 85 باب الصدق و أداء الأمانة ح 1
4- الكافي ج 2 ص 85 ح 2

بيان:

«لا تغترّوا» قال الجوهري: اغترّ بالشيء خدع به، و قال: اللهج بالشيء: الولوع به، و قد لهج به يلهج لهجا: إذا أغري به فثابر عليه.

3-عن أبي كهمس قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: عبد اللّه بن أبي يعفور يقرئك السّلام، قال: عليك و عليه السّلام، إذا أتيت عبد اللّه فأقرأه السّلام و قل له: إنّ جعفر بن محمّد يقول لك: انظر ما بلغ به عليّ عليه السّلام عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فالزمه، فإنّ عليّا عليه السّلام إنّما بلغ ما بلغ به عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بصدق الحديث و أداء الأمانة. (1)

4-قال الصادق عليه السّلام: أدّوا الأمانة إلى البرّ و الفاجر، فلو أنّ قاتل عليّ عليه السّلام ائتمنني على أمانة لأدّيتها إليه.

و قال: أدّوا الأمانة و لو إلى قاتل الحسين بن عليّ عليهما السّلام. (2)

5-قال الصادق عليه السّلام: إنّ اللّه تبارك و تعالى أوجب عليكم حبّنا و موالاتنا، و فرض عليكم طاعتنا، ألا فمن كان منّا فليقتد بنا، و إنّ من شأننا الورع و الاجتهاد و أداء الأمانة إلى البرّ و الفاجر، و صلة الرحم، و اقراء الضيف، و العفو عن المسيء، و من لم يقتد بنا فليس منّا.

و قال: لا تسفّهوا فإنّ أئمّتكم ليسوا بسفهاء. (3)

6-عن الحسن بن محبوب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: يكون المؤمن بخيلا؟ قال: نعم. قال: قلت: فيكون جبانا؟ قال: نعم، قلت: فيكون كذّابا؟ قال: لا و لا [خائنا]ثمّ قال: يجبل المؤمن على كلّ طبيعة إلاّ الخيانة و الكذب. (4)

ص:224


1- -الكافي ج 2 ص 85 ح 5
2- الاختصاص ص 234
3- الاختصاص ص 235
4- الاختصاص ص 225

7-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لشمعون: و أمّا علامة الخائن فأربعة: عصيان الرحمن، و أذى الجيران، و بغض الأقران، و القرب إلى الطغيان. (1)

8-في وصيّة أمير المؤمنين عليه السّلام لكميل رحمه اللّه: يا كميل، افهم و اعلم، أنّا لا نرخّص في ترك أداء الأمانة لأحد من الخلق، فمن روى عنّي في ذلك رخصة فقد أبطل و أثم و جزاؤه النار بما كذب. أقسم لسمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول لي قبل وفاته بساعة مرارا ثلاثا: يا أبا الحسن، أدّ (أداء) الأمانة إلى البرّ و الفاجر فيما جلّ و قلّ حتّى (في) الخيط و المخيط. (2)

9-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: . . . و من لم يختلف سرّه و علانيته و فعله و مقالته فقد أدّى الأمانة و أخلص العبادة. . . و من استهان بالأمانة و رتع في الخيانة و لم ينزّه نفسه و دينه عنها، فقد أحلّ بنفسه في الدنيا الذلّ و الخزي و هو في الآخرة أذلّ و أخزى، و إنّ أعظم الخيانة خيانة الأمّة، و أفظع الغشّ غشّ الأئمّة. (3)

10-عن الثماليّ عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: سمعته يقول لشيعته:

عليكم بأداء الأمانة، فو الذي بعث محمّدا بالحقّ نبيّا لو أنّ قاتل أبي الحسين بن عليّ عليه السّلام ائتمنني على السيف الذي قتله به لأدّيته إليه. (4)

11-عن الحسين بن أبي العلاء عن الصادق عليه السّلام قال: سمعته يقول: أحبّ العباد إلى اللّه عزّ و جلّ رجل صدوق في حديثه، محافظ على صلواته و ما افترض اللّه عليه مع أداء الأمانة، ثمّ قال عليه السّلام: من اؤتمن على أمانة فأدّاها فقد حلّ ألف عقدة من عنقه من عقد النار، فبادروا بأداء الأمانة، فإنّ من اؤتمن على أمانة

ص:225


1- -تحف العقول ص 24
2- تحف العقول ص 122( البحار ج 77 ص 275)
3- نهج البلاغة ص 884 ر 26
4- البحار ج 75 ص 114 باب أداء الأمانة ح 3

و كلّ به إبليس مائة شيطان من مردة أعوانه ليضلّوه و يوسوسوا إليه حتّى يهلكوه إلاّ من عصم اللّه عزّ و جلّ. (1)

بيان:

«المردة» واحدها المارد، و في مجمع البحرين، «و شيطان مارد» أي خارج عن الطاعة متمكّن من ذلك، و المارد: العاند الشديد. و في المفردات: المارد و المريد من شياطين الجنّ و الإنس: المتعرّي من الخيرات من قولهم شجر أمرد: إذا تعرّى من الورق. . . و منه الأمرد لتجرّده عن الشعر.

12-عن جعفر عن أبيه عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الأمانة تجلب الغناء و الخيانة تجلب الفقر. (2)

13-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : أدّوا الأمانة و لو إلى قتلة أولاد الأنبياء عليهم السّلام. (3)

14-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال أبو ذرّ: إنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:

على حافتي الصراط يوم القيامة الرحم و الأمانة، فإذا مرّ عليه الوصول للرحم، المؤدّي للأمانة لم يتكفّأ به في النار. (4)

بيان:

«الحافة» : الجانب و الطرف، يقال: حافتا الوادي و نحوه: جانباه.

«لم يتكفّأ» يقال: كفأ الإناء و اكتفأه: أماله و قلبه ليصبّ ما فيه، و تكفّأ في مشيته:

ماد و تمايل.

15-عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

ص:226


1- -البحار ج 75 ص 114 ح 4
2- البحار ج 75 ص 114 ح 6
3- البحار ج 75 ص 115 ح 8
4- البحار ج 75 ص 116 ح 14

لا إيمان لن لا أمانة له. (1)

16-عن عبد العظيم الحسني عن أبي الحسن الثالث عليه السّلام قال: كان فيما ناجى موسى ربّه: إلهي ما جزاء من ترك الخيانة حياء منك؟ قال: يا موسى، له الأمان يوم القيامة. (2)

17-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (في خبر المناهي) : . . . من خان أمانة في الدنيا و لم يردّها إلى أهلها ثمّ أدركه الموت مات على غير ملّتي، و يلقى اللّه و هو عليه غضبان، و قال: من اشترى خيانة و هو يعلم فهو كالذي خانه. (3)

18-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: استعمال الأمانة يزيد في الرزق. (4)

19-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ليس منّا من يحقّر الأمانة حتّى يستهلكها إذا استودعها، و ليس منّا من خان مسلما في أهله و ماله. (5)

20-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ليس منّا من خان بالأمانة. (6)

21-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أربع لا تدخل بيتا واحدة منهنّ إلاّ خرب، و لم يعمر بالبركة: الخيانة و السرقة و شرب الخمر و الزنا. (7)

22-عن الكاظم عليه السّلام قال: إنّ أهل الأرض لمرحومون، ما تحابّوا و أدّوا

ص:227


1- -البحار ج 75 ص 116 ح 15
2- البحار ج 75 ص 170 باب الخيانة ح 1
3- البحار ج 75 ص 171 ح 3
4- البحار ج 75 ص 172 ح 8
5- البحار ج 75 ص 172 ح 13
6- البحار ج 75 ص 172 ح 14
7- البحار ج 75 ص 170 ح 2

الأمانة و عملوا بالحقّ. (1)

23-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ثلاثة لا بدّ من أدائهنّ على كلّ حال: الأمانة إلى البرّ و الفاجر، و الوفاء بالعهد للبرّ و الفاجر، و برّ الوالدين بريّن كانا أو فاجرين. (2)

أقول:

بهذا المعنى أخبار أخر راجع الوسائل ج 19 ص 71 ب 2 من أحكام الوديعة و يأتي بعضها في باب الوالدين.

24-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من ائتمن شارب الخمر على أمانة بعد علمه فليس له على اللّه ضمان و لا أجر له و لا خلف. (3)

25-قال أبو جعفر عليه السّلام (في حديث) : من ائتمن غير مؤمن فلا حجّة له على اللّه عزّ و جلّ. (4)

26-قال لقمان لابنه: . . . أدّ الأمانة تسلم لك دنياك و آخرتك، و كن أمينا تكن غنيّا. (5)

27-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: علامة المنافق ثلاث: إذا حدّث كذب، و إذا وعد أخلف، و إذا ائتمن خان. (6)

28-عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

ص:228


1- -مشكوة الأنوار ص 52 ب 1 ف 14
2- مشكوة الأنوار ص 53
3- الوسائل ج 19 ص 84 ب 6 من أحكام الوديعة ح 3
4- الوسائل ج 19 ص 87 ب 9 ح 3
5- المستدرك ج 14 ص 8 ب 1 من أحكام الوديعة ح 13
6- المستدرك ج 14 ص 13 ب 3 ح 9

لا تخن من خانك، فتكون مثله. (1)

29-عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال:

الأمانة إيمان (الغرر ج 1 ص 6 ف 1 ح 33)

الخيانة غدر (ص 9 ح 148)

الأمانة صيانة-الإذاعة خيانة (ح 156 و 157)

الخيانة أخو الكذب (ص 14 ح 332)

الخيانة صنو (2)الإفك (ص 27 ح 788)

الخائن لا وفاء له (ص 31 ح 938)

الخيانة رأس النفاق (ص 33 ح 1012)

الأمانة فوز لمن رعاها. (ص 37 ح 1170)

الخيانة دليل على قلّة الورع و عدم الديانة (ص 53 ح 1470)

الكذب و الخيانة ليسا من أخلاق الكرام (ص 57 ح 1544)

الأمانة تؤدّي إلى الصدق (ص 60 ح 1618)

الأمانة و الوفاء صدق الأفعال، و الكذب و الافتراء خيانة الأقوال.

(ص 94 ح 2105)

إيّاك و الخيانة فإنّها شرّ معصية، و إنّ الخائن لمعذّب بالنار على خيانته.

(ص 150 ف 5 ح 37)

أفضل الإيمان الأمانة-أقبح الأخلاق الخيانة (ص 177 ف 8 ح 77 و 78)

أعظم الخيانة خيانة الأمّة. (ص 179 ح 113)

إذا ائتمنت فلا تستخن-إذا ائتمنت فلا تخن. (ص 310 ف 17 ح 26 و 27)

ص:229


1- -المستدرك ج 14 ص 14 ح 10
2- في النهاية ج 3 ص 57: و في رواية «العباس صنوي» الصنو: المثل، و أصله أن تطلع نخلتان من عرق واحد. يريد أن أصل العباس و أصل أبي واحد «الإفك» الكذب.

إذا ظهرت الخيانات ارتفعت البركات (ص 312 ح 57)

إذا قويت الأمانة كثر الصدق (ص 314 ح 79)

إذا أحبّ اللّه سبحانه عبدا حبّب إليه الأمانة (ص 315 ح 99)

توخّ الصدق و الأمانة، و لا تكذب من كذّبك، و لا تخن من خانك.

(ص 354 ف 22 ح 86)

ثلاثة هنّ شين الدين: الفجور و الغدر و الخيانة (ص 364 ف 24 ح 20)

جانبوا الخيانة فإنّها مجانبة الإسلام (ص 370 ف 26 ح 26)

رأس النفاق الخيانة (ص 411 ف 34 ح 6)

رأس الكفر الخيانة (ص 413 ح 38)

رأس الإيمان الأمانة (ح 39)

غاية الخيانة خيانة الخلّ الودود و نقض العهود. (ج 2 ص 505 ف 56 ح 29)

من لا أمانة له لا إيمان له (ص 624 ف 77 ح 287)

من استهان في الأمانة (بالأمانة ف ن) وقع في الخيانة. (ص 668 ح 953)

من عمل بالأمانة فقد أكمل الديانة-من عمل بالخيانة فقد ظلم الأمانة.

(ص 714 ح 1453 و 1454)

من علامات الخذلان ايتمان الخوّان. (ص 726 ف 78 ح 31)

من أفحش الخيانة خيانة الودائع (ص 728 ح 61)

لا تخن من ائتمنك و إن خانك، و لا تشن عدوّك و إن شانك.

(ص 827 ف 85 ح 266)

أقول:

سيأتي ما يناسب المقام في أبواب الصدق، الوالدين، و التهمة.

ص:230

9- البخل و الشحّ

الآيات

1- وَ لا يَحْسَبَنَّ اَلَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اَللّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ اَلْقِيامَةِ وَ لِلّهِ مِيراثُ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ وَ اَللّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ. (1)

2- اَلَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَ يَأْمُرُونَ اَلنّاسَ بِالْبُخْلِ وَ يَكْتُمُونَ ما آتاهُمُ اَللّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً (2)

3- . . . وَ اَلصُّلْحُ خَيْرٌ وَ أُحْضِرَتِ اَلْأَنْفُسُ اَلشُّحَّ. . . (3)

4- قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ اَلْإِنْفاقِ وَ كانَ اَلْإِنْسانُ قَتُوراً (4)

5- أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذا جاءَ اَلْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ اَلْمَوْتِ فَإِذا ذَهَبَ اَلْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ أَشِحَّةً عَلَى اَلْخَيْرِ

ص:231


1- -آل عمران:180
2- النساء:37
3- النساء:128
4- الإسراء:100

أُولئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اَللّهُ أَعْمالَهُمْ وَ كانَ ذلِكَ عَلَى اَللّهِ يَسِيراً. (1)

6- ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اَللّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَ مَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَ اَللّهُ اَلْغَنِيُّ وَ أَنْتُمُ اَلْفُقَراءُ وَ إِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ. (2)

7- اَلَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَ يَأْمُرُونَ اَلنّاسَ بِالْبُخْلِ وَ مَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اَللّهَ هُوَ اَلْغَنِيُّ اَلْحَمِيدُ. (3)

8- . . . وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ اَلْمُفْلِحُونَ. (4)

9- مَنّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ. (5)

الأخبار

1-قال الصادق عليه السّلام: . . . و إن كان الخلف من اللّه عزّ و جلّ حقّا فالبخل لماذا؟ . . . (6)

بيان:

«البخل» هو الإمساك حيث ينبغي البذل.

و في مجمع البحرين، الشحّ: البخل مع حرص، فهو أشدّ من البخل، لأنّ البخل في المال و هو في مال و معروف انتهى. و قال الثعالبي في فقه اللغة: رجل بخيل ثمّ مسيك ثمّ لحز ثمّ شحيح إذا كان مع شدّة بخله حريصا انتهى.

ص:232


1- -الأحزاب:19
2- محمّد صلّى اللّه عليه و آله:38
3- الحديد:24
4- الحشر:9- التغابن:16
5- القلم:12
6- أمالي الصدوق ص 7 م 2 ح 5

البخل و الشحّ إمّا من أجل ضعف الاعتقاد و عدم الإيمان باللّه تعالى و أنّه الرازق و انّه هو المالك، يؤتي من يشاء و ينزع ممّن يشاء، كما يستفاد عن بعض الروايات، و إمّا لأجل حبّ الدنيا و الحرص عليها فلذا يحبّ أن يجمع المال.

و لا يخفى أنّ الإمساك و الشحّ إمّا في حقّ اللّه تعالى و الحقوق الواجبة كترك الزكاة و الخمس و ترك الإنفاق على العيال، فهو حرام يوجب العقاب و تاركها أشدّ عذابا و أقبح حالا من غيره، و إمّا في غير الحقوق الواجبة كترك الصدقات و. . . فهذا أيضا مذموم.

2-عن الصادق عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: . . .

و أقلّ الناس راحة البخيل و أبخل الناس من بخل بما افترض اللّه عزّ و جلّ عليه. . . (1)

3-عن فاطمة بنت الحسين، عن أبيها عليه السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: إنّ صلاح أوّل هذه الأمّة بالزهد و اليقين، و هلاك آخرها بالشحّ و الأمل. (2)

4-عن جعفر، عن آبائه عليهم السّلام، أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام سمع رجلا يقول: إنّ الشحيح أعذر من الظالم، فقال له: كذبت، إنّ الظالم قد يتوب و يستغفر و يردّ الظلامة على أهلها، و الشحيح إذا شحّ منع الزكوة و الصدقة، و صلة الرحم، و قرى الضيف، و النفقة في سبيل اللّه، و أبواب البرّ، و حرام على الجنّة أن يدخلها شحيح. (3)

5-عن أبي الحسن موسى عليه السّلام قال: البخيل من بخل بما افترض اللّه عليه. (4)

6-قال الصادق عليه السّلام: في قول اللّه عزّ و جلّ: كَذلِكَ يُرِيهِمُ اَللّهُ أَعْمالَهُمْ

ص:233


1- -أمالي الصدوق ص 21 م 6 ح 4
2- الوسائل ج 2 ص 437 ب 24 من الاحتضار ح 3
3- الوسائل ج 9 ص 35 ب 5 ممّا تجب فيه الزكوة ح 1
4- الوسائل ج 9 ص 36 ح 2

حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ (1)قال: هو الرجل يدع ماله لا ينفقه في طاعة اللّه عزّ و جلّ بخلا، ثمّ يموت فيدعه لمن يعمل فيه بطاعة اللّه أو بمعصية اللّه، فإن عمل فيه بطاعة اللّه رآه في ميزان غيره فرآه حسرة و قد كان المال له، و إن كان عمل به في معصية اللّه قوّاه بذلك المال حتّى عمل به في معصية اللّه عزّ و جلّ. (2)

7-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إذا لم يكن للّه عزّ و جلّ في العبد حاجة ابتلاه بالبخل. (3)

8-فيما سأل عليّ عليه السّلام ابنه الحسن عليه السّلام أنّه قال له: ما الشحّ؟ قال: أن ترى ما في يديك شرفا، و ما أنفقت تلفا. (4)

9-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: خصلتان لا تجتمعان في مسلم: البخل، و سوء الخلق. (5)

10-عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: لا يجتمع الشحّ و الإيمان في قلب عبد أبدا. (6)

11-عن أبي عبد اللّه، عن أبيه عليهما السّلام قال: لا يؤمن رجل فيه الشحّ و الحسد و الجبن، و لا يكون المؤمن جبانا و لا حريصا و لا شحيحا. (7)

12-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: ثلاث درجات، و ثلاث كفّارات، و ثلاث موبقات، و ثلاث منجيات، . . . و أمّا الثلاث الموبقات: فشحّ مطاع، و هوى متّبع، و اعجاب المرء بنفسه. . . (8)

ص:234


1- -البقرة:167
2- الوسائل ج 9 ص 37 ح 5
3- الوسائل ج 9 ص 37 ح 7
4- الوسائل ج 9 ص 38 ح 9
5- الوسائل ج 9 ص 39 ح 14
6- الوسائل ج 9 ص 40 ح 15
7- الوسائل ج 9 ص 40 ح 16
8- الوسائل ج 9 ص 40 ح 17

بيان:

«ثلاث موبقات» في ح 18 بدلها: "ثلاث مهلكات".

13-عن الصادق عليه السّلام أنّه قال: الشحّ المطاع سوء الظنّ باللّه. (1)

14-في مواعظ عليّ عليه السّلام قال: . . . النظر إلى البخيل يقسي القلب. . . (2)

15-عن الفضيل بن عياض قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أتدري من الشحيح؟ فقلت: هو البخيل، فقال عليه السّلام: الشحيح أشدّ من البخيل، إنّ البخيل يبخل بما في يديه، و إنّ الشحيح يشحّ بما في أيدى الناس و على ما في يديه، حتّى لا يرى في أيدى الناس شيئا إلاّ تمنّى أن يكون له بالحلّ و الحرام و لا يشبع و لا يقنع بما رزقه اللّه تعالى. (3)

16-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ البخيل من كسب مالا من غير حلّه و أنفقه في غير حقّه. (4)

17-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ليس البخيل من يؤدّي-أو الذي يؤدّى-الزكاة المفروضة من ماله و يعطي البائنة في قومه، و إنّما البخيل حقّ البخيل الذي يمنع الزكاة المفروضة من ماله و يمنع البائنة في قومه و هو في ما سوى ذلك يبذّر. (5)

بيان:

في الوافي، «البائنة» : أي العطيّة سمّيت بها لأنّها أبينت من المال.

و في النهاية ج 1 ص 175 في حديث النعمان: «هل أبنت كلّ واحد منهم مثل الذي

ص:235


1- -الوسائل ج 9 ص 41 ح 19
2- تحف العقول ص 153
3- معاني الأخبار ص 232 باب معنى البخل و الشحّ ح 1
4- معاني الأخبار ص 232 ح 2
5- معاني الأخبار ص 233 ح 4(الكافي ج 4 ص 46 باب البخل ح 8)

أبنت هذا» أي هل أعطيتهم مثله مالا تبينه به، أي تفرده و الاسم البائنة. . .

18-عن زرارة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّما الشحيح من منع حقّ اللّه و أنفق في غير حقّ اللّه عزّ و جلّ. (1)

19-عن معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: البخيل من بخل بالسلام. (2)

20-عن عبد اللّه بن عليّ بن الحسين عن أبيه عن جدّه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: البخيل حقّا من ذكرت عنده فلم يصلّ عليّ. (3)

21-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: البخل عار، و الجبن منقصة. . . (4)

22-و قال عليه السّلام: عجبت للبخيل يستعجل الفقر الذي منه هرب، و يفوته الغنى الذي إيّاه طلب، فيعيش في الدنيا عيش الفقراء، و يحاسب في الآخرة حساب الأغنياء. . . (5)

23-و قال عليه السّلام: البخل جامع لمساوى العيوب، و هو زمام يقاد به إلى كلّ سوء. (6)

24-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (في خبر مناهي) : قال اللّه عزّ و جلّ: حرّمت الجنّة على المنّان و البخيل و القتّات. (7)

25-عن جعفر عن أبيه عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما محق الإيمان محق

ص:236


1- -معاني الأخبار ص 233 ح 6
2- معاني الأخبار ص 233 ح 8
3- معاني الأخبار ص 233 ح 9
4- نهج البلاغة ص 1089 ح 3
5- نهج البلاغة ص 1145 ح 121
6- نهج البلاغة ص 1266 ح 370
7- البحار ج 73 ص 301 باب البخل ح 6

الشحّ شيء.

ثمّ قال: إنّ لهذا الشحّ دبيبا كدبيب النمل و شعبا كشعب الشرك. (1)

بيان:

في الوافي، «الدبيب» : أي المشي على هنيئة.

«الشرك» في الوافي: في نسخة اخرى: "الشوك".

26-قال الصادق عليه السّلام: حسب البخيل من بخله سوء الظنّ بربّه، من أيقن بالخلف جاد بالعطيّة. (2)

بيان:

«الخلف» أي العوض. في مجمع البحرين، و في الدعاء: «اللهمّ أعط كلّ منفق خلفا» أي عوضا عاجلا مالا أو دفع سوء، و آجلا ثوابا، فكم من منفق قلّ ما يقع له الخلف المالي.

27-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: السخيّ قريب من اللّه، قريب من الناس، قريب من الجنّة، و البخيل بعيد من اللّه، بعيد من الناس، قريب من النار. (3)

28-. . . قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما يمحق الإيمان شيء كتمحيق البخل له. . .

و قال صلّى اللّه عليه و آله (في حديث) : و البخل و عبوس الوجه يكسبان البغاضة، و يباعدان من اللّه و يدخلان النار. (4)

29-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مرّ على امرأة و هي تبكي على ولدها، و هي تقول: الحمد للّه، مات

ص:237


1- -البحار ج 73 ص 301 ح 8
2- البحار ج 73 ص 307 ح 35
3- البحار ج 73 ص 308 ح 37
4- المستدرك ج 7 ص 27 ب 5 مما تحبّ فيه الزكوة ح 3

شهيدا، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: كفّي أيّتها الامرءة فلعلّه كان يبخل بما لا يضرّه، و يقول فيما لا يعنيه. (1)

30-عن أبي بصير قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يتعوّذ من البخل؟ فقال: نعم يا أبا محمّد، في كلّ صباح و مساء! و نحن نتعوّذ باللّه من البخل، اللّه يقول: وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ اَلْمُفْلِحُونَ و ساخبرك عن عاقبة البخل. . . (2)

31-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال: ما رأيت شيئا هو أضرّ في دين المسلم من الشحّ. (3)

32-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أنا أديب اللّه، و عليّ عليه السّلام أديبي، أمرني ربّي بالسخاء و البرّ، و نهاني عن البخل و الجفاء، و ما شيء أبغض إلى اللّه عزّ و جلّ من البخل و سوء الخلق، و أنّه ليفسد العمل كما يفسد الطين (الخلّ م) العسل. (4)

33-عن عليّ عليه السّلام قال: الشحّ أضرّ على الإنسان من الفقر، لأنّ الفقير إذا وجد اتّسع، و الشحيح لا يتّسع و إن وجد. (5)

أقول:

سيأتي ما يناسب المقام في باب السخاء و. . .

34-عن عليّ عليه السّلام قال:

البخل فقر (الغرر ج 1 ص 9 ف 1 ح 147)

الشحّ يكسب المسبّة (ص 14 ح 358)

ص:238


1- -المستدرك ج 7 ص 28 ح 6
2- المستدرك ج 7 ص 30 ح 13
3- المستدرك ج 7 ص 31 ح 15
4- المستدرك ج 7 ص 32 ح 24
5- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 20 ص 335

البخل يزري بصاحبه (ص 18 ح 481)

البخل يكسب الذمّ-البخيل خازن لورثته (ص 19 ح 529 و 519)

البخيل متعجّل الفقر (ص 25 ح 742)

البخل ينتج البغضاء (ص 28 ح 830)

البخيل أبدا ذليل (ح 831)

البخل بالموجود سوء الظنّ بالمعبود (ص 44 ح 1305)

البخيل متحجّج بالمعاذير و التعاليل (ص 45 ح 1322)

البخل يذلّ مصاحبه و يعزّ مجانبه (ص 52 ح 1450)

البخيل ذليل بين أعزّته (ص 53 ح 1480)

البخل أحد الفقرين (ص 63 ح 1660)

البخل يكسب العار و يدخل النار (ص 66 ح 1735)

البخيل في الدنيا مذموم و في الآخرة معذّب ملوم (ص 68 ح 1761)

الجبن و الحرص و البخل غرائز سوء يجمعها سوء الظنّ باللّه. (ص 74 ح 1845)

البخيل يبخل على نفسه باليسير من دنياه و يسمح لوارثه بكلّها.

(ص 79 ح 1905)

البخل بإخراج ما افترضه اللّه سبحانه من الأموال أقبح البخل.

(ص 90 ح 2060)

البخيل يسمح من عرضه بأكثر ممّا أمسك من عرضه، و يضيّع من دينه أضعاف ما حفظ من نشبه (1)(ص 94 ح 2106)

أربع تشين الرجل: البخل، و الكذب، و الشره، و سوء الخلق.

(ص 102 ح 2165)

ص:239


1- -النشب: العقار، المال.

إيّاك و الشحّ فإنّه جلباب المسكنة و زمام يقاد به إلى كلّ دناءة.

(ص 149 ف 5 ح 28)

أقبح البخل منع الأموال عن مستحقّها (ص 193 ف 8 ح 332)

أبعد الخلائق من اللّه تعالى البخيل الغنيّ (ص 194 ح 340)

تجنّبوا البخل و النفاق، فهما من أذّم الأخلاق. (ص 353 ف 22 ح 78)

ليس لبخيل حبيب (ج 2 ص 594 ف 73 ح 23)

لو رأيتم البخل رجلا لرأيتموه مشوّها يغضّ عنه كلّ بصر و ينصرف عنه كلّ قلب (ص 605 ف 75 ح 31)

من لزم الشحّ عدم النصيح (ص 635 ف 77 ح 451)

من بخل على نفسه كان على غيره أبخل. (ص 669 ح 962)

من بخل بما لا يملكه فقد بالغ في الرذيلة. (ص 687 ح 1184)

من بخل بماله على نفسه جاد به على بعل عرسه. (شوهر زن)

(ص 712 ح 1426)

من بخل على المحتاج بما لديه سخط اللّه عليه. (ص 713 ح 1446)

من أقبح الخلائق الشحّ. (ص 733 ف 78 ح 131)

ما عقد إيمانه من بخل بإحسانه. (ص 743 ف 79 ح 118)

ما اجتلب سخط اللّه سبحانه بمثل البخل. (ح 123)

ما عقل من بخل بإحسانه. (ح 136)

لا مروّة لبخيل (ص 829 ف 86 ح 3)

لا سوءة أسوء من البخل. (ص 846 ح 328)

ص:240

10- البدع

الأخبار 1-عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: خطب أمير المؤمنين عليه السّلام الناس فقال: أيّها الناس، إنّما بدء وقوع الفتن أهواء تتّبع و أحكام تبتدع، يخالف فيها كتاب اللّه، يتولّى فيها رجال رجالا، فلو أنّ الباطل خلص لم يخف على ذي حجى، و لو أنّ الحقّ خلص لم يكن اختلاف، و لكن يؤخذ من هذا ضغث و من هذا ضغث فيمزجان فيجيئان معا، فهنالك استحوذ الشيطان على أوليائه و نجى الذين سبقت لهم من اللّه الحسنى. (1)

بيان:

في المرآة ج 1 ص 185، «الفتنة» : الامتحان و الاختبار، ثمّ كثر استعماله لما يختبر به من المكروه، ثمّ كثر استعماله بمعنى الضلال و الكفر و القتال. «الأهواء» : جمع الهوى و هو بالقصر: الحبّ المفرط في الخير و الشرّ و إرادة النفس. «الحجى» : العقل.

«الضغث» : القطعة من الحشيش المختلط رطبه باليابس.

2-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا ظهرت البدع في أمّتي فليظهر العالم علمه، فمن

ص:241


1- -الكافي ج 1 ص 43 باب البدع ح 1-و بمضمونه في نهج البلاغة ص 137 خ 50

لم يفعل فعليه لعنة اللّه. (1)

بيان:

«فليظهر. . .» في المرآة: مع التمكّن و عدم الخوف على نفسه أو على المؤمنين.

في مجمع البحرين، «البدع» جمع بدعة: الحدث في الدين، و ما ليس له أصل في كتاب و لا سنّة، و إنّما سمّيت بدعة لأنّ قائلها ابتدعها عن نفسه.

و فى المرآة ج 11 ص 78 و البحار ج 74 ص 202: البدعة في عرف الشرع ما حدث بعد الرسول صلّى اللّه عليه و آله و لم يرد فيه نصّ على الخصوص، و لا يكون داخلا في بعض العمومات، أو ورد نهي عنه خصوصا أو عموما، فلا تشمل البدعة ما دخل في العمومات. . .

3-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أبى اللّه لصاحب البدعة بالتوبة، قيل: يا رسول اللّه، و كيف ذلك؟ قال: إنّه قد أشرب قلبه حبّها. (2)

بيان:

«أشرب» : على بناء المجهول أي خالط.

4-عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام و ابن محبوب رفعه عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال: إنّ من أبغض الخلق إلى اللّه عزّ و جلّ لرجلين: رجل وكله اللّه إلى نفسه، فهو جائر (حائر ف ن) عن قصد السبيل، مشعوف بكلام بدعة، قد لهج بالصوم و الصلاة فهو فتنة لمن افتتن به، ضالّ عن هدي من كان قبله، مضلّ لمن اقتدى به في حياته و بعد موته، حمّال خطايا غيره، رهن بخطيئته، و رجل قمش جهلا في جهّال الناس، عان بأغباش الفتنة، قد سماّه أشباه الناس عالما و لم يغن فيه يوما سالما. . . (3)(لاحظ تمام الحديث في المصدر)

ص:242


1- -الكافي ج 1 ص 44 ح 2
2- الكافي ج 1 ص 44 ح 4
3- الكافي ج 1 ص 44 ح 6-و رواه السيّد الرضيّ رحمه اللّه في نهج البلاغة (ص 71 خ 17)

بيان:

«جائر. . .» في بعض النسخ: "حائر"و المعنى متقاربة أي مائل و متجاوز عن السبيل المستقيم أو حيران فيه «مشعوف» في المرآة، في بعض النسخ: بالغين المعجمة و في بعضها بالمهملة و على الأوّل: معناه دخل حبّ كلام البدعة شغاف قلبه أي حجابه، و قيل: سويداءه، و على الثاني: غلبه حبّه و أحرقه فإنّ الشعف بالمهملة شدّة الحبّ و إحراقه القلب «القمش» جمع الشيء من ههنا و ههنا.

«بأغباش» الغبش: ظلمة الليل. «لم يغن فيه يوما سالما» في النهاية: من قولك غنيت بالمكان أغنى: إذا قمت به، و في الوافي: أي لم يلبث في العلم يوما تامّا و لم يغش.

5-عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام قالا: كلّ بدعة ضلالة و كلّ ضلالة سبيلها إلى النار. (1)

6-عن زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الحلال و الحرام، فقال:

حلال محمّد صلّى اللّه عليه و آله حلال أبدا إلى يوم القيامة و حرامه حرام أبدا إلى يوم القيامة، لا يكون غيره و لا يجيء غيره.

و قال: قال عليّ عليه السّلام: ما أحد ابتدع بدعة إلاّ ترك بها سنّة. (2)

7-عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ:

اِتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَ رُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اَللّهِ (3)فقال: أما و اللّه ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم، و لو دعوهم إلى عبادة أنفسهم لما أجابوهم و لكن أحلّوا لهم

ص:243


1- الكافي ج 1 ص 45 ح 8
2- الكافي ج 1 ص 47 ح 19
3- التوبة:31

حراما و حرّموا عليهم حلالا، فعبدوهم من حيث لا يشعرون. (1)

8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا تصحبوا أهل البدع و لا تجالسوهم فتصيروا عند الناس كواحد منهم؛ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: المرء على دين خليله و قرينه. (2)

9-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا رأيتم أهل الريب و البدع من بعدي فأظهروا البراءة منهم، و أكثروا من سبّهم و القول فيهم و الوقيعة و باهتوهم كيلا يطمعوا في الفساد في الإسلام، و يحذرهم الناس و لا يتعلّموا من بدعهم، يكتب اللّه لكم بذلك الحسنات و يرفع لكم به الدرجات في الآخرة. (3)

بيان:

ذلك مع التمكّن و عدم الخوف على نفسه و على المؤمنين. «القول فيهم» : أي قول الشرّ و الذمّ فيهم. «الوقيعة في الناس» : الغيبة.

«باهتوهم» في المرآة ج 11 ص 81: الظاهر أنّ المراد بالمباهتة إلزامهم بالحجج القاطعة و جعلهم متحيّرين لا يحيرون جوابا كما قال تعالى: فَبُهِتَ اَلَّذِي كَفَرَ (4)و يحتمل أن يكون من البهتان للمصلحة فإنّ كثيرا من المساوي يعدّها أكثر الناس محاسن خصوصا العقائد الباطلة، و الأوّل أظهر. قال الجوهري: . . .

و بهت الرجل بالكسر: إذا دهش و تحيّر. . .

10-عن أبي عبد اللّه عن أبيه عن عليّ عليهم السّلام قال: من مشى إلى صاحب

ص:244


1- -الكافي ج 2 ص 292 باب الشرك ح 7
2- الكافي ج 2 ص 278 باب مجالسة أهل المعاصي ح 3-و ص 469 باب من تكره مجالسته ح 10
3- الكافي ج 2 ص 278 ح 4
4- البقرة:258

بدعة فوقّره فقد مشى في هدم الإسلام. (1)

11-عن أبي حمزة قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام: ما أدنى النصب؟ قال:

أن يبتدع الرجل رأيا (شيئا ع) فيحبّ عليه و يبغض عليه. (2)

12-عن يونس بن عبد الرحمن (في حديث) قال: روينا عن الصادقين عليهم السّلام أنّهم قالوا: إذا ظهرت البدع فعلى العالم أن يظهر علمه، فإن لم يفعل سلب نور الإيمان. (3)

13-. . . قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من تبسّم في وجه مبتدع، فقد أعان على هدم الإسلام.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: من أحدث في الإسلام أو آوى محدثا، فعليه لعنة اللّه و الملائكة و الناس أجمعين. (4)

14-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و ما أحدثت بدعة إلاّ ترك بها سنّة، فاتّقوا البدع و الزموا المهيع، إنّ عوازم الأمور أفضلها و إنّ محدثاتها شرارها. (5)

بيان:

«المهيع» : أي الطريق الواسع الواضح. «عوازم الأمور» : ما تقادم منها و كانت عليه ناشئة الدين، من قولهم: ناقة عوزم، و المراد هي الأمور الثابتة بالكتاب و السنّة.

(لاحظ مجمع البحرين و غيره)

ص:245


1- -الوسائل ج 16 ص 267 ب 39 من الأمر و النهي ح 3(عقاب الأعمال ص 307 باب عقاب من ابتدع دينا ح 6)
2- الوسائل ج 16 ص 270 ب 40 ح 4( عقاب الأعمال ص 307 ح 4)
3- الوسائل ج 16 ص 271 ح 9
4- المستدرك ج 12 ص 322 ب 37 من الأمر و النهي ح 12
5- نهج البلاغة ص 441 في خ 145-و بمدلوله في تحف العقول ص 106 في خطبة الديباج عنه عليه السّلام

15-في مواعظ الصادق عليه السّلام: من دعا الناس إلى نفسه و فيهم من هو أعلم منه فهو مبتدع ضالّ. (1)

16-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: عمل قليل في سنّة خير من عمل كثير في بدعة. (2)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر، و سيأتي ما يناسب المقام في باب الأخذ بالسنّة.

17-جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السّلام فقال: أخبرني عن السنّة و البدعة، و عن الجماعة و عن الفرقة. فقال أمير المؤمنين عليه السّلام: السنّة ما سنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و البدعة ما احدث من بعده، و الجماعة أهل الحقّ و إن كانوا قليلا، و الفرقة أهل الباطل و إن كانوا كثيرا. (3)

18-عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من عمل في بدعة خلاّه الشيطان و العبادة، و ألقى عليه الخشوع و البكاء. (4)

أقول:

في البحار ج 77 ص 274 في وصيّة أمير المؤمنين عليه السّلام لكميل رحمه اللّه: يا كميل، أقسم باللّه لسمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: إنّ الشيطان إذا حمل قوما على الفواحش مثل الزنى و شرب الخمر و الربا، و ما أشبه ذلك من الخنى و المأثم، حبّب إليهم العبادة الشديدة و الخشوع و الركوع و الخضوع و السجود، ثمّ حملهم على ولاية الأئمّة الذين يدعون إلى النار و يوم القيامة لا ينصرون.

و يأتي ما يناسب المقام في باب الطمع و. . .

ص:246


1- -تحف العقول ص 276
2- البحار ج 2 ص 261 باب البدعة و السنّة ح 1
3- البحار ج 2 ص 266 ح 23
4- البحار ج 72 ص 216 باب من استولى عليهم الشيطان ح 8

11- ذمّ التبذير و الإسراف و مدح الاقتصاد

الآيات

1- . . . وَ لا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ اَلْمُسْرِفِينَ. (1)

2- . . . وَ كُلُوا وَ اِشْرَبُوا وَ لا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ اَلْمُسْرِفِينَ. (2)

3- . . . وَ لا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً- إِنَّ اَلْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ اَلشَّياطِينِ وَ كانَ اَلشَّيْطانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً. (3)

4- وَ اَلَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَ لَمْ يَقْتُرُوا وَ كانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً. (4)

الأخبار

1-عن داود الرقّيّ، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ القصد أمر يحبّه اللّه عزّ و جلّ، و إنّ السرف أمر يبغضه اللّه عزّ و جلّ حتّى طرحك النواة فإنّها تصلح

ص:247


1- -الأنعام:141
2- الأعراف:31
3- الاسراء:26 و 27
4- الفرقان:67

لشيء و حتّى صبّك فضل شرابك. (1)

بيان:

«القصد» في مجمع البحرين، الاقتصاد في المعيشة: هو التوسّط بين التبذير و التقتير.

و في المرآة ج 12 ص 175، الاقتصاد: التوسّط بين الإسراف و التقتير.

«السرف» في المفردات، السرف: تجاوز الحدّ في كلّ فعل يفعله الإنسان و إن كان ذلك في الإنفاق أشهر. . . و يقال تارة: اعتبارا بالقدر و تارة: بالكيفيّة.

و في المرآة ج 12 ص 175، الإسراف: صرف المال زايدا على القدر الجايز شرعا و عقلا.

أقول: سيأتي في الأخبار موارد السرف.

2-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: القصد مثراة و السرف متواة. (2)

بيان:

«المثراة» : اسم آلة من الثروة أي مكثرة للمال. «المتواة» توى المال: هلك، و التوى:

الضياع و الخسارة، و المتواة: ما يسبّب التوى. و في مجمع البحرين (توا) : أي فقر و قلّة، و التوى، مقصورا و يمدّ: هلاك المال.

3-عن مدرك بن الهزهاز، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: ضمنت لمن اقتصد أن لا يفتقر. (3)

4-عن عبيد قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا عبيد، إنّ السرف يورث الفقر، و إنّ القصد يورث الغنى. (4)

5-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من اقتصد في معيشته

ص:248


1- -الوسائل ج 21 ص 551 ب 25 من النفقات ح 2
2- الوسائل ج 21 ص 552 ح 4
3- الوسائل ج 21 ص 552 ح 6
4- الوسائل ج 21 ص 552 ح 8

رزقه اللّه، و من بذّر حرّمه اللّه. (1)

بيان:

في المفردات، التبذير: التفريق و أصله إلقاء البذر و طرحه، فاستعير لكلّ مضيّع لماله. . . و في المرآة ج 8 ص 247 باب التواضع: التبذير في الأصل: التفريق، و يستعمل في تفريق المال في غير الجهات الشرعيّة إسرافا و إتلافا و صرفا في المحرّم.

و في مجمع البحرين (بذر) : . . . و قد فرّق بين التبذير و الإسراف؛ في أنّ التبذير الإنفاق فيما لا ينبغي، و الإسراف الصرف زيادة على ما ينبغي.

أقول: التبذير يكون من البذر أي كما يبذر الحبّ كذلك يبذر المال، و يصرف في غير مورده و يفسد المال و النعمة، و يعبّر بالفارسيّة"ريخت و پاش كردن"و لكن السرف، تجاوز الحدّ و اتلاف النعمة و المال، حيث لكلّ شيء فائدة ينبغي أن يستفاد منه، فعلى هذا يشمل الإسراف المراتب الوضيعة من الإتلاف كإهراق فضل الماء و طرح النواة، و التبذير يكون أقبح و أشدّ ذمّا من الإسراف.

و سيأتي في باب الذنب؛ أنّ الإسراف و التبذير من الكبائر.

6-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ مع الإسراف قلّة البركة. (2)

7-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أربعة لا يستجاب لهم: «أحدهم» كان له مال فأفسده يقول: يا ربّ، ارزقني فيقول: ألم آمرك بالاقتصاد؟ ! (3)

8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: السرف في ثلاث: ابتذالك ثوب صونك، و إلقائك النوى يمينا و شمالا، و إهراقك فضلة الماء، و قال: ليس في الطعام سرف. (4)

ص:249


1- -الوسائل ج 21 ص 553 ح 12
2- الوسائل ج 21 ص 555 ب 27 ح 2
3- الوسائل ج 21 ص 556 ح 4
4- الخصال ج 1 ص 93 باب الثلاثة ح 37

أقول:

سيأتي في باب اللبس و الملابس ما يناسب المقام، و معنى ابتذال الثوب.

و لا يخفى أنّ السرف و التبذير إتلاف النعمة و المال مع أنّ لها فائدة، فطرح النواة مثلا يكون من الإسراف في زمانهم عليهم السّلام إذ لها فائدة كأكل الحيوانات لها و غيره و لكن في بلدنا لا يكون إسرافا إذ لا فائدة لها.

9-عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: للمسرف ثلاث علامات: يأكل ما ليس له، و يلبس ما ليس له، و يشتري ما ليس له. (1)

10-في خبر شمعون عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: و أمّا علامة المسرف فأربعة: الفخر بالباطل و يأكل ما ليس عنده و يزهد في اصطناع المعروف و ينكر من لا ينتفع بشيء منه. (2)

11-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أدنى الإسراف هراقة فضل الإناء و ابتذال ثوب الصون و إلقاء النوى. (3)

12-قال الصادق عليه السّلام: إنّما الإسراف فيما أتلف المال و أضرّ بالبدن. قيل:

فما الإقتار؟ قال: أكل الخبز و الملح و أنت تقدر على غيره. (4)

13-قال الصادق عليه السّلام: من شرب من ماء الفرات و ألقى بقيّة الكوز خارج الماء فقد أسرف. (5)

14-نظر الصادق عليه السّلام إلى فاكهة قد رميت من داره لم يستقص أكلها، فغضب و قال: ما هذا! إن كنتم شبعتم فإنّ كثيرا من الناس لم يشبعوا، فأطعموه

ص:250


1- -الخصال ج 1 ص 97 ح 45
2- تحف العقول ص 23
3- مكارم الاخلاق ص 103 ب 6 ف 2
4- مجموعة الأخبار ص 292 ب 169
5- مجموعة الأخبار ص 292

من يحتاج إليه. (1)

15-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ألا و إنّ إعطاء المال في غير حقّه تبذير و إسراف، و هو يرفع صاحبه في الدنيا و يضعه في الآخرة، و يكرمه في الناس و يهينه عند اللّه. (2)

16-عن جعفر عن أبيه عن عليّ عليهم السّلام قال: لا يذوق المرء من حقيقة الإيمان حتّى يكون فيه ثلاث خصال: الفقه في الدين، و الصبر على المصائب، و حسن التقدير في المعاش. (3)

17-عن محمّد بن عمرو عن بعض أصحابه قال: سمعت العبّاسي و هو يقول: استأذنت الرضا عليه السّلام في النفقة على العيال، فقال: بين المكروهين قال: فقلت:

جعلت فداك، لا و اللّه ما أعرف المكروهين.

قال: فقال لي: يرحمك اللّه أما تعرف أنّ اللّه عزّ و جلّ كره الإسراف و كره الإقتار؟ فقال: وَ اَلَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَ لَمْ يَقْتُرُوا وَ كانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً. (4)

بيان:

«الإقتار» : التضييق على الإنسان في الرزق، و يقال: قتر و أقتر على عياله: ضيّق عليهم في النفقة.

18-سئل الحسن عليه السّلام عن المروّة؟ فقال: العفاف في الدين، و حسن التقدير في المعيشة، و الصبر على النائبة. (5)

ص:251


1- -مجموعة الأخبار ص 292
2- نهج البلاغة ص 390 في خ 126
3- البحار ج 71 ص 346 باب الاقتصاد ح 8
4- البحار ج 71 ص 347 ح 11
5- البحار ج 71 ص 347 ح 15

بيان:

في مجمع البحرين، النائبة: ما ينوب الإنسان أي تنزل به من المهمّات و الحوادث.

19-عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام لا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً قال: من أنفق شيئا في غير طاعة اللّه فهو مبذّر، و من أنفق في سبيل الخير فهو مقتصد. (1)

20-عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قوله: لا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً قال: بذر الرجل ماله و يقعد ليس له مال قال: فيكون تبذير في حلال؟ قال: نعم. (2)

21-عن بشر بن مروان قال: دخلنا على أبي عبد اللّه عليه السّلام فدعا برطب فأقبل بعضهم يرمي بالنوى، قال: و أمسك أبو عبد اللّه عليه السّلام يده فقال: لا تفعل إنّ هذا من التبذير، و اللّه لا يحبّ الفساد. (3)

22-في مواعظ أبي محمّد العسكري عليه السّلام: إنّ للسخاء مقدارا فإن زاد عليه فهو سرف، و للحزم مقدارا فإن زاد عليه فهو جبن، و للاقتصاد مقدارا فإن زاد عليه فهو بخل، و للشجاعة مقدارا فإن زاد عليه فهو تهوّر، كفاك أدبا تجنّبك ما تكره من غيرك. . . (4)

23-عن جعفر بن محمّد عليهما السّلام أنّه قال في قول اللّه عزّ و جلّ وَ لا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً: ليس في طاعة اللّه تبذير. (5)

ص:252


1- -البحار ج 75 ص 302 باب الإسراف و التبذير ح 1
2- البحار ج 75 ص 302 ح 2
3- البحار ج 75 ص 303 ح 5
4- البحار ج 78 ص 377
5- المستدرك ج 15 ص 271 ب 23 من النفقات ح 9

24-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الاقتصاد ينمي القليل (الغرر ج 1 ص 15 ف 1 ح 389)

الإسراف يفني الجزيل (ح 390)

الاقتصاد ينمي اليسير-الإسراف يفني الكثير. (ص 21 ح 567 و 568)

الاقتصاد نصف المؤنة (ص 22 ح 615)

التبذير عنوان الفاقة (ص 31 ح 940)

التبذير قرين مفلس (ص 35 ح 1085)

الحازم من تجنّب التبذير و عاف السرف (ص 57 ح 1543)

الإسراف مذموم في كلّ شيء إلاّ في أفعال البرّ (ص 83 ح 1960)

العقل أنّك تقتصد فلا تسرف، و تعد فلا تخلف، و إذا غضبت حلمت.

(ص 99 ح 2152)

ألا إنّ إعطاء هذا المال في غير حقّه تبذير و إسراف. (ص 161 ف 6 ح 9)

أقبح البذل السرف (ص 175 ف 8 ح 28)

إنّ منع المقتصد أحسن من عطاء المبذّر (ص 217 ف 9 ح 31)

إذا أراد اللّه بعبد خيرا ألهمه الاقتصاد و حسن التدبير، و جنّبه سوء التدبير و الإسراف (ص 322 ف 17 ح 164)

حلّوا أنفسكم بالعفاف و تجنّبوا التبذير و الإسراف. (ص 387 ف 28 ح 82)

ذر السرف فإنّ المسرف لا يحمد جوده و لا يرحم فقره.

(ص 406 ف 32 ح 28)

سبب الفقر الإسراف (ص 431 ف 38 ح 20)

غاية الاقتصاد القناعة (ج 2 ص 504 ف 56 ح 19)

في كلّ شيء يذمّ السرف إلاّ في صنائع المعروف و المبالغة في الطاعة.

(ص 515 ف 58 ح 85)

ص:253

كلّ ما زاد على الاقتصاد إسراف. (ص 547 ف 62 ح 73)

من لم يحسن الاقتصاد أهلكه الإسراف. (ص 641 ف 77 ح 551)

من اقتصد خفّت عليه المؤن. (ص 649 ح 670)

من لبس الكبر و السرف خلع الفضل و الشرف. (ص 678 ح 1074)

من قصد في الغنى و الفقر فقد استعدّ لنوائب الدهر. (ص 708 ح 1383)

من افتخر بالتبذير احتقر بالإفلاس. (ص 709 ح 1395)

من صحب الاقتصاد دامت صحبة الغنى له وجبر الاقتصاد فقره و خلله.

(ص 718 ح 1463)

من العقل مجانبة التبذير و حسن التدبير. (ص 728 ف 78 ح 71)

من أشرف الشرف الكفّ عن التبذير و السرف. (ص 734 ح 138)

من المروّة أن تقصد فلا تسرف و تعد فلا تخلف. (ح 140)

ما فوق الكفاف إسراف (ص 737 ف 79 ح 13)

ويح المسرف، ما أبعده عن صلاح نفسه و استدراك أمره!

(ص 782 ف 83 ح 31)

لا جهل كالتبذير. (ص 829 ف 86 ح 12)

لا هلاك مع اقتصاد. (ص 834 ح 102)

لا غناء مع إسراف. (ح 104)

ص:254

12- البرزخ و القبر

الآيات

1- وَ لا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اَللّهِ أَمْواتٌ بَلْ أَحْياءٌ وَ لكِنْ لا تَشْعُرُونَ. (1)

2- وَ لا تَحْسَبَنَّ اَلَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اَللّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ. الآيات (2)

أقول:

سترى في الأخبار ما يدلّ على أنّ ذلك في القبر.

3- يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَ سَعِيدٌ- فَأَمَّا اَلَّذِينَ شَقُوا فَفِي اَلنّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَ شَهِيقٌ- خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ اَلسَّماواتُ وَ اَلْأَرْضُ إِلاّ ما شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعّالٌ لِما يُرِيدُ- وَ أَمَّا اَلَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي اَلْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ اَلسَّماواتُ وَ اَلْأَرْضُ إِلاّ ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ. (3)

أقول:

هذه الجنّة ليست جنّة الخلد التي في الآخرة بقرينة قوله: ما دامَتِ اَلسَّماواتُ

ص:255


1- -البقرة:154
2- آل عمران:169 إلى 171
3- هود:105 إلى 108

وَ اَلْأَرْضِ، و في تفسير القميّ ج 1 ص 338: ما دامَتِ اَلسَّماواتُ وَ اَلْأَرْضُ فهذا هو في نار الدنيا قبل القيامة ما دامت السموات و الأرض و قوله:

وَ أَمَّا اَلَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي اَلْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها يعني في جنّات الدنيا التي تنقل إليها أرواح المؤمنين ما دامَتِ اَلسَّماواتُ وَ اَلْأَرْضُ إِلاّ ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ يعني غير مقطوع من نعيم الآخرة في الجنّة يكون متصلا به، و هو ردّ على من ينكر عذاب القبر و الثواب و العقاب في الدنيا في البرزخ قبل يوم القيامة.

4- لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً إِلاّ سَلاماً وَ لَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَ عَشِيًّا- تِلْكَ اَلْجَنَّةُ اَلَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا. (1)

بيان:

في تفسير القميّ ج 2 ص 52 قال: ذلك في جنّات الدنيا قبل القيامة و الدليل على ذلك قوله: بُكْرَةً وَ عَشِيًّا فالبكرة و العشيّ لا تكون في الآخرة في جنّات الخلد و إنّما يكون الغدوّ و العشيّ في جنّات الدنيا التي تنتقل إليها أرواح المؤمنين و تطلع فيها الشمس و القمر.

5- يُثَبِّتُ اَللّهُ اَلَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ اَلثّابِتِ فِي اَلْحَياةِ اَلدُّنْيا وَ فِي اَلْآخِرَةِ. . . (2)

بيان:

في مجمع البيان ج 6 ص 314: قال أكثر المفسّرين: إنّ المراد بقوله: فِي اَلْآخِرَةِ في القبر و الآية وردت في سؤال القبر، و هو قول ابن عبّاس و ابن مسعود، و هو المرويّ عن أئمّتنا عليهم السّلام.

أقول: لاحظ تفسير القميّ ج 1 ص 369 و نور الثقلين ج 2 ص 538 ايضا.

6- حَتّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ اَلْمَوْتُ قالَ رَبِّ اِرْجِعُونِ- لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً

ص:256


1- -مريم:62 و 63
2- إبراهيم:27

فِيما تَرَكْتُ كَلاّ إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها وَ مِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ. (1)

بيان:

في تفسير القميّ ج 2 ص 94 قال: البرزخ هو أمر بين أمرين، و هو الثواب و العقاب بين الدنيا و الآخرة، و هو ردّ على من أنكر عذاب القبر و الثواب و العقاب قبل القيامة، و هو قول الصادق عليه السّلام: و اللّه ما أخاف عليكم إلاّ البرزخ، فأمّا إذا صار الأمر إلينا فنحن أولى بكم.

7- اَلنّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَ عَشِيًّا وَ يَوْمَ تَقُومُ اَلسّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ اَلْعَذابِ. (2)

بيان:

في تفسير القميّ ج 2 ص 258 قال: ذلك في الدنيا قبل القيامة و ذلك أنّ في القيامة لا يكون غدوّا و لا عشيّا، لأنّ الغدوّ و العشيّ إنّما يكون في الشمس و القمر ليس في جنان الخلد و نيرانها شمس و لا قمر. قال: و قال رجل لأبي عبد اللّه عليه السّلام: ما تقول في قول اللّه عزّ و جلّ: اَلنّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَ عَشِيًّا؟

فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما يقول الناس فيها؟ فقال: يقولون: إنّها في نار الخلد و هم لا يعذّبون فيما بين ذلك.

فقال عليه السّلام: فهم من السعداء؟ فقيل له: جعلت فداك فكيف هذا؟ فقال: إنّما هذا في الدنيا و أمّا في نار الخلد فهو قوله وَ يَوْمَ تَقُومُ اَلسّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ اَلْعَذابِ.

8- فَأَمّا إِنْ كانَ مِنَ اَلْمُقَرَّبِينَ- فَرَوْحٌ وَ رَيْحانٌ وَ جَنَّةُ نَعِيمٍ . . . وَ أَمّا إِنْ كانَ مِنَ اَلْمُكَذِّبِينَ اَلضّالِّينَ- فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ- وَ تَصْلِيَةُ جَحِيمٍ. (3)

ص:257


1- -المؤمنون:99 و 100
2- المؤمن:46
3- الواقعة:88 إلى 95

بيان:

يكون ذلك في القبر كما تدلّ عليه أخبار كثيرة راجع تفسير نور الثقلين و غيره.

و في تفسير القميّ ج 2 ص 350، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:

فَأَمّا إِنْ كانَ مِنَ اَلْمُقَرَّبِينَ- فَرَوْحٌ وَ رَيْحانٌ قال: في قبره. وَ جَنَّةُ نَعِيمٍ قال: في الآخرة وَ أَمّا إِنْ كانَ مِنَ اَلْمُكَذِّبِينَ اَلضّالِّينَ- فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ في قبره. وَ تَصْلِيَةُ جَحِيمٍ في الآخرة.

الأخبار

1-قال الصادق جعفر بن محمّد عليه السّلام: من أنكر ثلاثة أشياء فليس من شيعتنا: المعراج و المسائلة في القبر و الشفاعة. (1)

بيان:

في الوافي، البرزخ: هي الحالة التي تكون بين الموت و البعث، و هي مدّة مفارقة الروح لهذا البدن المحسوس إلى وقت العود إليه أعني زمان القبر، و يكون الروح في هذه المدّة في بدنها المثاليّ الذي يرى الإنسان نفسه فيه في النوم، و في الحديث النبويّ: «النوم أخ الموت» . و في القرآن: اَللّهُ يَتَوَفَّى اَلْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَ اَلَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها فَيُمْسِكُ اَلَّتِي قَضى عَلَيْهَا اَلْمَوْتَ وَ يُرْسِلُ اَلْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى (2). . .

و في البحار ج 6 ص 270: اعلم أنّ الذي ظهر من الآيات الكثيرة و الأخبار المستفيضة و البراهين القاطعة هو أنّ النفس باقية بعد الموت، إمّا معذّبة إن كان ممّن محض الكفر، أو منعّمة إن كان ممّن محض الإيمان، أو يلهى عنه إن كان

ص:258


1- -أمالي الصدوق ص 294 م 49 ح 5
2- الزمر:42

من المستضعفين، و يردّ إليه الحياة في القبر إمّا كاملا أو إلى بعض بدنه كما مرّ في بعض الأخبار، و يسأل بعضهم عن بعض العقائد و بعض الأعمال، و يثاب و يعاقب بحسب ذلك، و تضغط أجساد بعضهم و إنّما السؤال و الضغطة في الأجساد الأصليّة و قد يرتفعان عن بعض المؤمنين كمن لقّن كما سيأتي، أو مات في ليلة الجمعة أو يومها أو غير ذلك ممّا مرّ و سيأتي في تضاعيف أخبار هذا الكتاب.

ثمّ تتعلّق الروح بالأجساد المثاليّة اللطيفة الشبيهة بأجسام الجنّ و الملائكة المضاهية في الصورة للأبدان الأصليّة فينعّم و يعذّب فيها، و لا يبعد أن يصل إليه الآلام ببعض ما يقع على الأبدان الأصليّة لسبق تعلّقه بها، و بذلك يستقيم جميع ما ورد في ثواب القبر و عذابه و اتّساع القبر و ضيقه، و حركة الروح و طيرانه في الهواء و زيارته لأهله، و رؤية الأئمّة عليهم السّلام بأشكالهم، و مشاهدة أعدائهم معذّبين، و سائر ما ورد في أمثال ذلك ممّا مرّ و سيأتي، فالمراد بالقبر في أكثر الأخبار ما يكون الروح فيه في عالم البرزخ. . .

ثمّ اعلم أنّ عذاب البرزخ و ثوابه ممّا اتّفقت عليه الأمّة سلفا و خلفا، و قال به أكثر أهل الملل و لم ينكره من المسلمين إلاّ شرذمة قليلة لا عبرة بهم و قد انعقد الإجماع على خلافهم سابقا و لا حقا، و الأحاديث الواردة فيه من طرق العامّة و الخاصّة متواترة المضمون و كذا بقاء النفوس بعد خراب الأبدان مذهب أكثر العقلاء من المليّين و الفلاسفة و لم ينكره إلاّ فرقة قليلة. . .

و فى حقّ اليقين لشبّر رحمه اللّه (ج 2 ص 68) «الفائدة الثانية» : اعلم أنّ عذاب البرزخ و ثوابه قد انعقد عليه إجماع المسلمين بل لعلّه من ضروريّات الدين و منكره كافر و لم ينكره إلاّ شرذمة قليلة ممّن يدّعى الإسلام و قد انعقد الإجماع على خلافهم سابقا و لا حقا و كذا بقاء النفوس بعد الموت. . .

2-عن سماعة بن مهران عن الصادق جعفر بن محمّد عليه السّلام أنّه قال: إنّ العبد إذا كثرت ذنوبه و لم يجد ما يكفّرها به ابتلاه اللّه عزّ و جلّ بالحزن في الدنيا ليكفّرها

ص:259

به، فإن فعل ذلك به و إلاّ اسقم بدنه ليكفّرها به، فإن فعل ذلك به و إلاّ شدّد عليه عند موته ليكفّرها به، فإن فعل ذلك به و إلاّ عذّبه في قبره ليلقى اللّه عزّ و جلّ يوم يلقاه و ليس شيء يشهد عليه بشيء من ذنوبه. (1)

3-عن جابر عن أبي جعفر عن عليّ بن الحسين عن أبيه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: حبّي و حبّ أهل بيتي نافع في سبعة مواطن، أهوالهنّ عظيمة: عند الوفاة و في القبر و عند النشور و عند الكتاب و عند الحساب و عند الميزان و عند الصراط. (2)

4-عن أبان بن تغلب عن الصادق جعفر بن محمّد عليه السّلام أنّه قال: من مات ما بين زوال الشمس يوم الخميس إلى زوال الشمس من يوم الجمعة من المؤمنين أعاذه اللّه من ضغطة القبر. (3)

بيان:

في المصباح: ضغطه ضغطا من باب نفع: زحمه إلى حائط و عصره، و منه: «ضغطة القبر» لأنّه يضيق على الميّت، و الضغطة: الشدّة.

5-عن موسى بن جعفر عن أبيه الصادق جعفر بن محمّد عليهما السّلام أنّه قال: إذا مات المؤمن شيّعه سبعون ألف ملك إلى قبره، فإذا أدخل قبره أتاه منكر و نكير فيقعدانه و يقولان له: من ربّك و ما دينك و من نبيّك؟ فيقول: ربّي اللّه و محمّد نبيّي و الإسلام ديني فيفسحان له في قبره مدّ بصره و يأتيانه بالطعام من الجنّة و يدخلان عليه الروح و الريحان و ذلك قوله عزّ و جلّ: فَأَمّا إِنْ كانَ مِنَ اَلْمُقَرَّبِينَ - فَرَوْحٌ وَ رَيْحانٌ يعني في قبره وَ جَنَّةُ نَعِيمٍ يعني في الآخرة.

ثمّ قال عليه السّلام: إذا مات الكافر شيّعه سبعون ألفا من الزبانية إلى قبره و أنّه

ص:260


1- -أمالي الصدوق ص 294 ح 4
2- أمالي الصدوق ص 10 م 3 ح 3- الخصال ج 2 ص 360 باب السبعة ح 49
3- أمالي الصدوق ص 281 م 47 ح 11( ثواب الأعمال ص 231)

ليناشد حامليه بصوت يسمعه كلّ شيء إلاّ الثقلان و يقول: لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ اَلْمُحْسِنِينَ (1)و يقول: اِرْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ فتجيبه الزبانية كَلاّ إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها (2)و يناديهم ملك لو ردّ لعاد لما نهي عنه، فإذا أدخل قبره و فارقه الناس أتاه منكر و نكير في أهول صورة فيقيمانه ثمّ يقولان له: من ربّك و ما دينك و من نبيّك؟ فيتلجلج لسانه و لا يقدر على الجواب فيضربانه ضربة من عذاب اللّه يذعر لها كلّ شيء، ثمّ يقولان له: من ربّك و ما دينك و من نبيّك؟ فيقول: لا أدرى. فيقولان له: لا دريت و لا هديت و لا أفلحت، ثمّ يفتحان له بابا إلى النار و ينزلان إليه الحميم من جهنّم و ذلك قول اللّه عزّ و جلّ: وَ أَمّا إِنْ كانَ مِنَ اَلْمُكَذِّبِينَ اَلضّالِّينَ- فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ يعني في القبر وَ تَصْلِيَةُ جَحِيمٍ يعني في الآخرة. (3)

بيان:

«فيفسحان له» فسح له في المجلس: وسّع له، فسح المكان وسع، و الفسحة: السعة «الزبانية» أي الملائكة الموكّلون بالنار. «في أهول صورة» : هاله الشيء يهوله هولا:

أفزعه. «يتلجلج» : أي يثقل لسانه و يتردّد في كلامه. «يذعر» : ذعره أي أفزعه و ذعر أي خاف و دهش. «الحميم» : أي الماء الشديد الحرارة، يسقى منه أهل النار أو يصبّ على أبدانهم، و الأنسب بالنزل السقي.

«تصلية جحيم» في البحار ج 6 ص 228، التصلية: التلويح على النار. «لا دريت و لا هديت» في الوافي: دعاء منهما عليه يعني لم تزل جاهلا غير دار شيئا ضالاّ غير مهتد إلى شيء.

ص:261


1- -في الشعراء:102 فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ، و في الزمر:58 لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ اَلْمُحْسِنِينَ.
2- و الآية هكذا: إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها
3- أمالي الصدوق ص 290 م 48 ح 12

6-عن زيد بن عليّ عن أبيه عن جدّه عن عليّ عليهم السّلام قال: عذاب القبر يكون من النميمة، و البول، و عزب الرجل عن أهله. (1)

7-عن الصادق جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ضغطة القبر للمؤمن كفّارة لما كان منه من تضييع النعم. (2)

8- يُثَبِّتُ اَللّهُ اَلَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ اَلثّابِتِ قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ ابن آدم إذا كان في آخر يوم من أيّام الدنيا و أوّل يوم من أيّام الآخرة مثّل له أهله و ماله و ولده و عمله، فيلتفت إلى ماله فيقول: و اللّه إنّي كنت عليك لحريصا شحيحا فما عندك؟ فيقول: خذ منّي كفنك. ثمّ يلتفت إلى ولده فيقول: و اللّه إنّي كنت لكم لمحبّا و إنّي كنت عليكم لمحاميا فما ذا عندكم؟ فيقولون: نؤدّيك إلى حفرتك و نواريك فيها، ثمّ يلتفت إلى عمله فيقول: و اللّه إنّي كنت فيك لزاهدا و إنّك كنت عليّ لثقيلا فما ذا عندك؟ فيقول: أنا قرينك في قبرك و يوم حشرك حتّى أعرض أنا و أنت على ربّك.

فإن كان للّه وليّا أتاه أطيب الناس ريحا و أحسنهم منظرا و أزينهم رياشا فيقول: أبشر بروح من اللّه و ريحان و جنّة نعيم و قد قدمت خير مقدم فيقول: من أنت؟ فيقول: أنا عملك الصالح ارتحل من الدنيا إلى الجنّة، و إنّه ليعرف غاسله و يناشد حامله أن يعجّله. . .

و إذا كان لربّه عدوّا فإنّه يأتيه أقبح خلق اللّه رياشا و انتنه ريحا فيقول له: من أنت؟ فيقول له: أنا عملك أبشر فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ وَ تَصْلِيَةُ جَحِيمٍ و إنّه ليعرف غاسله و يناشد حامله أن يحبسه، فإذا ادخل قبره اتياه مفتحيا القبر فالقيا أكفانه ثمّ قالا له: من ربّك و من نبيّك و ما دينك؟ فيقول: لا أدري فيقولان له: لا دريت

ص:262


1- -العلل ج 1 ص 309 ب 262 ح 2
2- العلل ج 1 ص 309 ح 3

و لا هديت، فيضربانه بمرزبة ضربة ما خلق اللّه دابّة إلاّ و تذعر لها ما خلا الثقلين، ثمّ يفتحان له بابا إلى النار، ثمّ يقولان له: نم بشرّ حال، فهو من الضيق مثل ما فيه القنا من الزجّ حتّى أنّ دماغه يخرج ممّا بين ظفره و لحمه و يسلّط عليه حيّات الأرض و عقاربها و هوامّها فتنهشه حتّى يبعثه اللّه من قبره، و إنّه ليتمنّى قيام الساعة ممّا هو فيه من الشرّ. (1)

بيان:

«الرياش» : اللباس الفاخر. «المرزبة» : عصيّة من حديد. «الثقلين» : الإنس و الجنّ، و في الوافي: و إنّما سمّيا بالثقلين لعظم شأنهما بالنسبة إلى ما في الأرض من الحيوانات. «القنا» : يقال بالفارسيّة: نيزه. «الزجّ» يقال بالفارسيّة: آهن بن نيزه.

9- وَ لا تَحْسَبَنَّ اَلَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اَللّهِ أَمْواتاً عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: هم و اللّه شيعتنا إذا دخلوا الجنّة و استقبلوا الكرامة من اللّه استبشروا بمن لم يلحق بهم من إخوانهم من المؤمنين في الدنيا.

أَلاّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ و هو ردّ على من يبطل الثواب و العقاب بعد الموت. (2)

بيان:

«هو ردّ على من. . .» أي في البرزخ، و أمّا الثواب و العقاب في الآخرة فلا ينكرهما أحد من المسلمين.

10- وَ مِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ: . . . قال الصادق عليه السّلام: و اللّه ما أخاف عليكم إلاّ البرزخ فأمّا إذا صار الأمر إلينا فنحن أولى بكم.

ص:263


1- -تفسير القميّ ج 1 ص 369( إبراهيم:27) -و نظيره في الكافي ج 3 ص 231 باب أنّ الميّت يمثّل له. . . ح 1
2- تفسير القمّي ج 1 ص 127( آل عمران:169)

و قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام: إنّ القبر روضة من رياض الجنّة أو حفرة من حفر النيران. (1)

11-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و بادروا الموت و غمراته، و امهدوا له قبل حلوله و أعدّوا له قبل نزوله، فإنّ الغاية القيامة، و كفى بذلك واعظا لمن عقل، و معتبرا لمن جهل، و قبل بلوغ الغاية ما تعلمون من ضيق الأرماس و شدّة الإبلاس و هول المطّلع و روعات الفزع و اختلاف الأضلاع و استكاك الأسماع و ظلمة اللحد و خيفة الوعد و غمّ الضريح و ردم الصفيح. (2)

بيان:

«الغمرة» : جمع غمرات و هي الشدّة و غمرات الموت؛ مكارهه و شدائده.

«الرمس» : جمع أرماس و هو القبر. «الإبلاس» : اليأس و الانكسار و الحزن.

«هول المطّلع» : المراد هنا ما يشرف عليه الإنسان من أمر الآخرة عقيب الموت و منزلة البرزخ. «اختلاف الأضلاع» : كناية عن ضغطة القبر، إذ يحصل بسببها تداخل الأضلاع و اختلافها. «استكاك الأسماع» : صممها من التراب أو الأصوات الهائلة. «الضريح» : القبر. «الردم» : السدّ. «الصفيح» : الحجر العريض و المراد ما يسدّ به القبر. (البحار ج 6 ص 244 و صبحي ص 648)

12-في حكم موسى بن جعفر عليه السّلام، قال عليه السّلام عند قبر حضره: إنّ شيئا هذا آخره لحقيق أن يزهد في أوّله، و إنّ شيئا هذا أوّله لحقيق أن يخاف آخره. (3)

13-عن داود الرقّي قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: من أحبّ أن يخفّف اللّه عزّ و جلّ عنه سكرات الموت، فليكن لقرابته وصولا و بوالديه بارّا، فإذا كان

ص:264


1- -تفسير القمّي ج 2 ص 94( المؤمنون:100)
2- نهج البلاغة ص 763 في خ 232-صبحي ص 281 في خ 190
3- تحف العقول ص 301-و مثله في البحار ج 73 ص 103 عن معاني الأخبار

كذلك هوّن اللّه عزّ و جلّ عليه سكرات الموت و لم يصبه في حياته فقر أبدا. (1)

14-عن مسعدة بن زياد عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: دخل عليّ أمير المؤمنين عليه السّلام مقبرة و معه أصحابه فنادى: يا أهل التربة، و يا أهل الغربة، و يا أهل الخمود، و يا أهل الهمود، أمّا أخبار ما عندنا؛ فأمّا أموالكم قد قسّمت و نساؤكم قد نكحت و دوركم قد سكنت، فما خبر ما عندكم؟ ثمّ التفت إلى أصحابه و قال: أما و اللّه لو يؤذن لهم في الكلام لقالوا: لم يتزوّد مثل التقوى زاد، خير الزاد التقوى. (2)

أقول:

و يأتي في باب القبر عن نهج البلاغة باختلاف يسير.

بيان: «أهل الخمود» في البحار ج 102 ص 296، خمود النار: سكون لهبها و يقال:

أخمد إذا سكن و سكت، و الهمود: الموت، و طفؤ النار أو ذهاب حرارتها و الهامد:

البالي المسوّد المتغيّر.

15-عن الزهري قال: قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام: أشدّ ساعات ابن آدم ثلاث ساعات: الساعة التي يعاين فيها ملك الموت، و الساعة التي يقوم فيها من قبره، و الساعة التي يقف فيها بين يدي اللّه تبارك و تعالى، فإمّا إلى الجنّة و إمّا إلى النار.

ثمّ قال: إن نجوت يا ابن آدم، عند الموت فأنت أنت و إلاّ هلكت، و إن نجوت يابن آدم حين توضع في قبرك فأنت أنت و إلاّ هلكت، و إن نجوت حين يحمل الناس على الصراط فأنت أنت و إلاّ هلكت، و إن نجوت حين يقوم الناس لربّ العالمين فأنت أنت و إلاّ هلكت.

ص:265


1- -أمالي الطوسي ج 2 ص 46- البحار ج 82 ص 65
2- كامل الزيارات ص 320 ب 105 ح 7

ثمّ تلا وَ مِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قال: هو القبر و إنّ لهم فيه لمعيشة ضنكا، و اللّه إنّ القبر لروضة من رياض الجنّة أو حفرة من حفر النار.

ثمّ أقبل على رجل من جلسائه فقال له: لقد علم ساكن السماء ساكن الجنّة من ساكن النار، فأيّ الرجلين أنت، و أيّ الدارين دارك؟ (1)

بيان:

«الضنك» : الضيّق من كلّ شيء.

16-قال أبو بصير: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ رقيّة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لمّا ماتت، قام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على قبرها، فرفع يده تلقاء السماء و دمعت عيناه، فقالوا له: يا رسول اللّه، إنّا قد رأيناك رفعت رأسك إلى السماء و دمعت عيناك، فقال: إنّي سألت ربّي أن يهب لي رقيّة من ضمّة القبر. (2)

بيان:

«ضمّة القبر» : شدّته و عصرته.

17-فيما كتب أمير المؤمنين عليه السّلام لمحمّد بن أبي بكر: يا عباد اللّه، ما بعد الموت لمن لا يغفر له أشدّ من الموت، القبر فاحذروا ضيقه و ضنكه و ظلمته و غربته، إنّ القبر يقول كلّ يوم: أنا بيت الغربة، أنا بيت التراب، أنا بيت الوحشة، أنا بيت الدود و الهوامّ، و القبر روضة من رياض الجنّة أو حفرة من حفر النيران.

إنّ العبد المؤمن إذا دفن قالت له الأرض: مرحبا و أهلا، قد كنت ممّن أحبّ أن تمشي على ظهري، فإذا وليتك فستعلم كيف صنعي بك، فيتّسع له مدّ البصر.

و إنّ الكافر إذا دفن قالت له الأرض: لا مرحبا و لا أهلا، لقد كنت من أبغض من يمشي على ظهري، فإذا وليتك فستعلم كيف صنعي بك، فتضمّه حتّى تلتقي

ص:266


1- -الخصال ج 1 ص 119 باب الثلاثة ح 108
2- البحار ج 6 ص 217 باب أحوال البرزخ ح 10

أضلاعه.

و إنّ المعيشة الضنك التي حذّر اللّه منها عدوّه عذاب القبر، إنّه يسلّط على الكافر في قبره تسعة و تسعين تنّينا فينهشن لحمه و يكسرن عظمه، يتردّدن عليه كذلك إلى يوم يبعث، لو أنّ تنّينا منها نفخ في الأرض لم تنبت زرعا.

يا عباد اللّه، إنّ أنفسكم الضعيفة و أجسادكم الناعمة الرقيقة التي يكفيها اليسير تضعف عن هذا، فإن استطعتم أن تجزعوا لأجسادكم و أنفسكم ممّا لا طاقة لكم به و لا صبر لكم عليه، فاعملوا بما أحبّ اللّه و اتركوا ما كره اللّه. (1)

بيان:

«وليتك» : إمّا من ولى فلانا: دنا منه و قرب أو من ولى يلي ولاية الشيء: قام به و ملك أمره. «التنّين» : حيّة عظيمة، و في الوافي: تسلّط التنّين على روح الكافر بهذا العدد المخصوص، ممّا رواه العامّة أيضا.

قيل: لعلّ عددها بإزاء عدد الصفات المذمومة من الكبر و الرياء و الحسد و نحوها، فإنّ كلاّ منها ينقلب تنّينا في تلك النشأة.

«الضلع» : جمع أضلاع، و المعنى بالفارسيّة: استخوان پهلو. و تلتقي الأضلاع؛ كناية عن شدّة ضغطة القبر. «الناعمة» يقال بالفارسيّة: ناز پرورده.

18-عن ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: اتي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقيل له:

إنّ سعد بن معاذ قد مات، فقام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قام أصحابه معه، فأمر بغسل سعد و هو قائم على عضادة الباب، فلمّا أن حنّط و كفّن و حمل على سريرة تبعه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بلا حذاء و لا رداء، ثمّ كان يأخذ يمنة السرير مرّة و يسرة السرير مرّة حتّى انتهى به إلى القبر، فنزل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حتّى لحّده و سوّى اللبن عليه و جعل يقول: ناولوني حجرا، ناولوني ترابا رطبا؛ يسدّ به ما بين اللبن، فلمّا

ص:267


1- -البحار ج 6 ص 218 ح 13- أمالي الطوسي ج 1 ص 27

أن فرغ وحثا التراب عليه و سوّى قبره، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّي لأعلم أنّه سيبلى و يصل البلى إليه، و لكنّ اللّه يحبّ عبدا إذا عمل عملا أحكمه.

فلمّا أن سوّى التربة عليه قالت امّ سعد: يا سعد، هنيئا لك الجنّة، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا امّ سعد، مه لا تجزمي على ربّك فإنّ سعدا قد أصابته ضمّة؛ قال:

فرجع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و رجع الناس.

فقالوا له: يا رسول اللّه، لقد رأيناك صنعت على سعد ما لم تصنعه على أحد، إنّك تبعت جنازته بلارداء و لا حذاء، فقال صلّى اللّه عليه و آله: إنّ الملائكة كانت بلا رداء و لاحذاء فتأسّيت بها، قالوا: و كنت تأخذ يمنة السرير مرّة، و يسرة السرير مرّة، قال: كانت يدى في يد جبرئيل آخذ حيث يأخذ. قالوا: أمرت بغسله و صلّيت على جنازته و لحّدته في قبره ثمّ قلت: إنّ سعدا قد أصابته ضمّة! قال: فقال صلّى اللّه عليه و آله:

نعم إنّه كان في خلقه مع أهله سوء. (1)

بيان:

«عضادتا الباب» : خشبتاه من جانبيه. «الحذاء» : النعل. «اللبن» : المضروب من الطين مربّعا للبناء (خشت) .

19-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: مرّ عيسى بن مريم عليه السّلام بقبر يعذّب صاحبه، ثمّ مرّ به من قابل فإذا هو ليس يعذّب فقال:

يا ربّ، مررت بهذا القبر عام أوّل فكان صاحبه يعذّب، ثمّ مررت به العام فإذا هو ليس يعذّب؟ فأوحى اللّه عزّ و جلّ إليه: يا روح اللّه، إنّه أدرك له ولد صالح فأصلح طريقا و آوى يتيما فغفرت له بما عمل ابنه. (2)

20-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: اقعد رجل من الأخيار في قبره، فقيل له: إنّا

ص:268


1- -البحار ج 6 ص 220 ح 14
2- البحار ج 6 ص 220 ح 15

جالدوك مائة جلدة من عذاب اللّه، فقال: لا اطيقها، فلم يزالوا به حتّى انتهوا إلى جلدة واحدة فقالوا: ليس منها بدّ، قال: فبما تجلدونيها؟ قالوا: نجلدك لأنّك صلّيت يوما بغير وضوء، و مررت على ضعيف فلم تنصره؛ قال: فجلدوه جلدة من عذاب اللّه عزّ و جلّ فامتلأ قبره نارا. (1)

21-عن بشير النبّال قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: خاطب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قبر سعد فمسحه بيده و اختلج بين كتفيه، فقيل له: يا رسول اللّه، رأيناك خاطبت و اختلج بين كتفيك و قلت: سعد يفعل به هذا! فقال: إنّه ليس من مؤمن إلاّ و له ضمّة. (2)

بيان:

«اختلج» : انتقض (تكان خورد) و في المصباح، اختلج العضو: اضطرب.

22-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا دخل المؤمن قبره كانت الصلاة عن يمينه و الزكاة عن يساره، و البرّ مطلّ عليه، و يتنحّى الصبر ناحية؛ قال: فإذا دخل عليه الملكان اللذان يليان مساءلته، قال الصبر للصلاة و الزكاة و البرّ: دونكم صاحبكم، فإن عجزتم عنه فأنا دونه. (3)

بيان:

قال رحمه اللّه: أطلّ عليه: أشرف، و في بعض النسخ: بالظاء المعجمة.

في المرآة ج 8 ص 133: و البرّ يطلق على مطلق أعمال الخير و على مطلق الإحسان إلى الغير و على الإحسان إلى الوالدين أو إليهما و إلى ذوي الأرحام و المراد هنا أحد المعاني سوى المعنى الأوّل «دونكم» اسم فعل بمعنى خذوا.

23-قال أبو جعفر عليه السّلام: بلغني أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: من مات يوم الجمعة أو

ص:269


1- -البحار ج 6 ص 221 ح 18
2- البحار ج 6 ص 221 ح 19
3- البحار ج 6 ص 230 ح 35( الكافي ج 2 ص 73 باب الصبر ح 8)

ليلة الجمعة رفع عنه عذاب القبر. (1)

24-عن زرّبن حبيش قال: سمعت عليّا عليه السّلام يقول: إنّ العبد إذا أدخل حفرته أتاه ملكان اسمهما منكر و نكير، فأوّل من يسألانه عن ربّه ثمّ عن نبيّه ثمّ عن وليّه، فإن أجاب نجا و إن عجز عذّباه.

فقال له رجل: ما لمن عرف ربّه و نبيّه و لم يعرف وليّه؟ فقال: مذبذب لا إلى هؤلاء، و لا إلى هؤلاء وَ مَنْ يُضْلِلِ اَللّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً (2)ذلك لا سبيل له. . . (3)

بيان:

«المذبذب» : المتحيّر و المتردّد بين أمرين.

25-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ جلّ عذاب القبر في البول. (4)

26-عن إبراهيم بن إسحاق قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: أين أرواح المؤمنين؟ فقال: أرواح المؤمنين في حجرات في الجنّة، يأكلون من طعامها، و يشربون من شرابها، و يتزاورون فيها، و يقولون: ربّنا أقم لنا الساعة لتنجز لنا ما وعدتنا. قال: قلت: فأين أرواح الكفّار؟ فقال: في حجرات النار، يأكلون من طعامها و يشربون من شرابها و يتزاورون فيها، و يقولون: ربّنا لا تقم لنا الساعة لتنجز لنا ما وعدتنا. (5)

27-عن أبي بكر الحضرميّ عن أبي جعفر عليه السّلام قال: لا يسأل في القبر إلاّ

ص:270


1- -البحار ج 6 ص 230 ح 38
2- النساء:88
3- البحار ج 6 ص 233 ح 46
4- البحار ج 6 ص 233 ح 45
5- البحار ج 6 ص 234 ح 49

من محض الإيمان محضا أو محض الكفر محضا، فقلت له: فسائر الناس؟ فقال: يلهى عنهم. (1)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر، راجع فروع الكافي و غيره،

و المراد باللهو عنهم عدم التعرّض لهم بسؤال، و المعنى لا يسأل في القبر إلاّ المؤمن الخالص و الكافر الخالص.

28-لمّا ماتت فاطمة بنت أسد امّ أمير المؤمنين عليه السّلام أقبل عليّ بن أبي طالب عليه السّلام باكيا فقال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ما يبكيك؟ لا أبكى اللّه عينك. قال: توفّت والدتي يا رسول اللّه، قال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: بل و والدتي يا عليّ، فلقد كانت تجوّع أولادها و تشبعني و تشعّث أولادها و تدهنني، و اللّه لقد كان في دار أبي طالب نخلة، فكانت تسابق إليها من الغداة لتلتقط، ثمّ تجنيه رضي اللّه عنها فإذا خرجوا بنو عمّي تناولني ذلك.

ثمّ نهض عليه السّلام فأخذ في جهازها و كفّنها بقميصه صلّى اللّه عليه و آله، و كان في حال تشييع جنازتها يرفع قدما و يتأنّى في رفع الآخر و هو حافي القدم، فلمّا صلّى عليها كبّر سبعين تكبيرة، ثمّ لحّدها في قبرها بيده الكريمة بعد أن نام في قبرها، و لقّنها الشهادة، فلمّا اهيل عليها التراب و أراد الناس الانصراف، جعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول لها: ابنك ابنك ابنك: لا جعفر و لا عقيل، ابنك ابنك: عليّ بن أبي طالب.

قالوا: يا رسول اللّه، فعلت فعلا ما رأينا مثله قطّ؛ مشيك حافي القدم و كبّرت سبعين تكبيرة و نومك في لحدها و قميصك عليها و قولك لها: ابنك ابنك لا جعفر و لا عقيل؟ فقال صلّى اللّه عليه و آله: أمّا التأنّي في وضع أقدامي و رفعها في حال التشييع للجنازة فلكثرة ازدحام الملائكة، و أمّا تكبيري سبعين تكبيرة فإنّها صلّى عليها سبعون

ص:271


1- -البحار ج 6 ص 235 ح 52

صفّا من الملائكة، و أمّا نومي في لحدها فإنّي ذكرت في حال حياتها ضغطة القبر فقالت: و اضعفاه، فنمت في لحدها لأجل ذلك حتّى كفيتها ذلك، و أمّا تكفيني لها بقميصي فإنّي ذكرت لها في حياتها القيامة و حشر الناس عراة فقالت: و اسوأتاه، فكفّنتها به لتقوم يوم القيامة مستورة.

و أمّا قولي لها: ابنك ابنك، لا جعفر و لا عقيل فإنّها لمّا نزل عليها الملكان و سألاها عن ربّها فقالت: اللّه ربّي، و قالا: من نبيّك؟ قالت: محمّد نبيّي، فقالا:

من وليّك و إمامك؟ فاستحيت أن تقول ولدي، فقلت لها: قولي: ابنك عليّ بن أبي طالب عليه السّلام فأقرّ اللّه بذلك عينها. (1)

بيان:

التقط الشيء: جمعه من هنا إلى ههنا. «تجنيه» جنى الثمر: تناوله من شجرته.

«اهيل عليها» : أي صبّ عليها.

29-روى أصحابنا أنّ أبا الحسن الرضا عليه السّلام قال بعد موت ابن أبي حمزة:

إنّه اقعد في قبره فسئل عن الأئمّة عليهم السّلام فأخبر بأسمائهم حتّى انتهى إليّ، فسئل فوقف، فضرب على رأسه ضربة امتلأ قبره نارا. (2)

أقول:

علي بن أبي حمزة البطائني: روى عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن عليهما السّلام، ثمّ وقف على الرضا عليه السّلام و هو أحد عمد الواقفة، و قيل: كان هو أحد قوام أبي الحسن الموسى عليه السّلام و كان عنده ثلاثون ألف دينار، و لم يردّ المال إلى الرضا عليه السّلام و كان ذلك سبب وقوفه و جهوده.

30-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ القبر أوّل منازل الآخرة، فإن نجا منه فما بعده

ص:272


1- -البحار ج 6 ص 241 ح 60-و بمضمونه ح 44
2- البحار ج 6 ص 242 ح 61-و نظيره ح 62

أيسر منه، و إن لم ينج منه فما بعده ليس أقلّ منه. (1)

31-قال أبو جعفر عليه السّلام: من أتمّ ركوعه لم يدخله وحشة القبر.

و روى ابن عباس: عذاب القبر ثلاثة أثلاث: ثلث للغيبة و ثلث للنميمة و ثلث للبول. (2)

32-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما من مؤمن و لا كافر إلاّ و هو يأتي أهله عند زوال الشمس، فإذا رأى أهله يعملون بالصالحات حمد اللّه على ذلك، و إذا رأى الكافر أهله يعملون بالصالحات كانت عليه حسرة. (3)

33-عن إسحاق بن عمّار عن أبي الحسن الأوّل عليه السّلام قال: سألته عن الميّت يزور أهله؟ قال: نعم فقلت: في كم يزور؟ قال: في الجمعة و في الشهر و في السنة على قدر منزلته، فقلت: في أيّ صورة يأتيهم؟ قال: في صورة طائر لطيف يسقط على جدرهم و يشرف عليهم، فإن رأهم بخير فرح، و إن رآهم بشرّ و حاجة و حزن اغتمّ. (4)

34-عن إسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي الحسن الأوّل عليه السّلام: يزور المؤمن أهله؟ فقال: نعم، فقلت: في كم؟ قال: على قدر فضائلهم، منهم من يزور في كلّ يوم، و منهم من يزور في كلّ يومين، و منهم من يزور في كلّ ثلاثة أيّام.

قال: ثمّ رأيت في مجرى كلامه أنّه يقول: أدناهم منزلة يزور كلّ جمعة، قال: قلت: في أيّ ساعة؟ قال: عند زوال الشمس و مثل ذلك. قال: قلت:

في أىّ صورة؟ قال: في صورة العصفور أو أصغر من ذلك، يبعث اللّه عزّ و جلّ معه ملكا فيريه ما يسرّه و يستر عنه ما يكره فيرى ما يسرّه و يرجع إلى قرّة

ص:273


1- -البحار ج 6 ص 242 ص 64
2- البحار ج 6 ص 244 ح 71 و 72
3- البحار ج 6 ص 257 ح 90
4- البحار ج 6 ص 257 ح 91

عين. (1)

35-عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: أيفلت من ضغطة القبر أحد؟ قال: فقال: نعوذ باللّه منها، ما أقلّ من يفلت من ضغطة القبر! إنّ رقيّة لمّا قتلها عثمان وقف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على قبرها فرفع رأسه إلى السماء فدمعت عيناه و قال للناس: إنّي ذكرت هذه و ما لقيت، فرققت لها و استوهبتها من ضغطة القبر.

قال: فقال: اللهمّ هب لي رقيّة من ضغطة القبر فوهبها اللّه له.

قال: و إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خرج في جنازة سعد و قد شيّعه سبعون ألف ملك فرفع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رأسه إلى السماء ثمّ قال: مثل سعد يضمّ؟ قال: قلت: جعلت فداك، إنّا نحدّث أنّه كان يستخفّ بالبول، فقال: معاذ اللّه إنّما كان من زعارة في خلقه على أهله. قال: فقالت امّ سعد: هنيئا لك يا سعد، قال: فقال لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا امّ سعد، لا تحتمي على اللّه. (2)

بيان:

«يفلت» الإفلات: الخلاص. «الزعارة» : سوء الخلق. «لا تحتمي» حتمت عليه الشيء: أوجبت. (المرآة ج 14 ص 208)

36-قال أبو الحسن موسى عليه السّلام: يقال للمؤمن في قبره: من ربّك؟ قال:

فيقول: أللّه، فيقال له: ما دينك؟ فيقول: الإسلام، فيقال: من نبيّك؟ فيقول: محمّد صلّى اللّه عليه و آله، فيقال: من إمامك؟ فيقول فلان. فيقال: كيف علمت بذلك؟ فيقول: أمر هداني اللّه له و ثبّتني عليه، فيقال له: نم نومة لا حلم فيها نومة العروس، ثمّ يفتح له باب إلى الجنّة فيدخل إليه من روحها و ريحانها، فيقول: يا ربّ، عجّل قيام الساعة لعليّ أرجع إلى أهلي و مالي.

ص:274


1- -البحار ج 6 ص 257 ح 93
2- البحار ج 6 ص 261 ح 102

و يقال للكافر: من ربّك؟ فيقول: اللّه، فيقال: من نبيّك؟ فيقول: محمّد، فيقال:

ما دينك؟ فيقول: الإسلام، فيقال: من أين علمت ذلك؟ فيقول: سمعت الناس يقولون فقلت. فيضربانه بمرزبة لو اجتمع عليها الثقلان-الإنس و الجنّ- لم يطيقوها. قال: فيذوب كما يذوب الرصاص، ثمّ يعيدان فيه الروح فيوضع قلبه بين لوحين من نار فيقول: يا ربّ، أخّر قيام الساعة. (1)

بيان:

«لا حلم فيها» في النهاية ج 1 ص 434: الرؤيا و الحلم عبارة عمّا يراه النائم في نومه من الأشياء، لكن غلبت الرؤيا على ما يراه من الخير و الشيء الحسن، و غلب الحلم على ما يراه من الشرّ و القبيح.

فالمراد بنفيه؛ نفي ما يكره من النوم. قال الفيض رحمه اللّه: و يمكن نفي النوم مطلقا لأنّه نوع من الموت المشعر بقلّة الحيوة. . . فالنوم بمعنى الاستراحة و الإطمينان و التمدّد كما يطلق في العرف.

«نومة العروس» قال الجوهري: العروس نعت يستوي فيه الرجل و المرأة ما داما في إعراسهما. و فى مجمع البحرين (عرس) : إنما ضرب المثل بنومة العروس لأنّ الإنسان أعزّ ما يكون في أهله و ذويه و أرغد و أنعم إذا كان في ليلة الأعراس، حتّى أنّ من أمثالهم"كاد العروس أن يكون أميرا".

و قال العلاّمة المجلسيّ رحمه اللّه: هذا الخبر يدلّ على أنّ إسلام المخالفين لعدم توسّلهم بأئمّة الهدى عليهم السّلام ظنّي تقليديّ لم يهدهم اللّه للرسوخ فيه، و إنّما الهداية و اليقين مع متابعتهم عليهم السّلام.

37-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: يسأل الميّت في قبره عن خمس: عن صلاته و زكاته و حجّه و صيامه و ولايته إيّانا أهل البيت، فتقول الولاية عن جانب القبر

ص:275


1- -البحار ج 6 ص 263 ح 107

للأربع: ما دخل فيكنّ من نقص فعليّ تمامه. (1)

38-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: انّ للقبر كلاما في كلّ يوم، يقول: أنا بيت الغربة، أنا بيت الوحشة، أنا بيت الدود، أنا القبر، أنا روضة من رياض الجنّة أو حفرة من حفر النار. (2)

39-عن عمرو بن يزيد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّي سمعتك و أنت تقول: كلّ شيعتنا في الجنّة على ما كان فيهم، قال: صدّقتك، كلّهم و اللّه في الجنّة، قال: قلت: جعلت فداك، إنّ الذنوب كثيرة كبائر، فقال: أمّا في القيامة فكلّكم في الجنّة بشفاعة النبيّ المطاع أو وصيّ النبيّ، و لكنّي و اللّه أتخوّف عليكم في البرزخ، قلت: و ما البرزخ؟ قال: القبر منذ حين موته إلى يوم القيامة. (3)

40-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له: إنّ أخي ببغداد و أخاف أن يموت بها، فقال: ما تبالي حيثما مات، أما إنّه لا يبقى مؤمن في شرق الأرض و غربها إلاّ حشر اللّه روحه إلى وادي السّلام، فقلت له: و أين وادي السّلام؟ قال: ظهر الكوفة، أما إنّي كأنّي بهم حلق حلق قعود يتحدّثون. (4)

أقول:

بهذا المعنى أخبار عديدة تدلّ على أنّ جنّة الدنيا في وادي السّلام بالنجف، و أرواح المؤمنين يتنعّمون فيها.

41-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا مات الميّت اجتمعوا عنده يسألونه عمّن مضى و عمّن بقي، فإن كان مات و لم يرد عليهم قالوا: قد هوى هوى،

ص:276


1- -البحار ج 6 ص 265 ح 111
2- البحار ج 6 ص 267 ح 115
3- البحار ج 6 ص 267 ح 116
4- البحار ج 6 ص 268 ح 118- الحديث مرفوع و لكن رواه الشيخ رحمه اللّه في التهذيب (ج 1 ص 466 ب 23 ح 170) مسندا عن مروان بن مسلم

و يقول بعضهم لبعض: دعوه حتّى يسكن ممّا مرّ عليه من الموت. (1)

بيان:

«هوى» أي هلك و يقال: هوى أي سقط من علوّ إلى أسفل، و المعنى سقط إلى دركات الجحيم.

42-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ من وراء اليمن واديا يقال له: وادي برهوت، و لا يجاور ذلك الوادي إلاّ الحيّات السود و البوم من الطير، في ذلك الوادي بئر يقال لها: بلهوت، يغدي و يراح إليها بأرواح المشركين، يسقون من ماء الصديد. (2)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر، مدلولها: إنّ جهنّم الدنيا وادي برهوت في حضرموت باليمن و أرواح الكفّار و المشركين يعذّبون فيه.

43-. . . قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أكثروا الصلاة عليّ، فإنّ الصلاة عليّ نور في القبر، و نور على الصراط، و نور في الجنّة.

و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من قرء سورة «ن» في فريضة أو نافلة أعاذه اللّه من ضمّة القبر.

و أوحى اللّه إلى موسى عليه السّلام: قم في ظلمة الليل، أجعل قبرك روضة من رياض الجنّة.

. . . و قال أبو جعفر عليه السّلام: من أتمّ ركوعه لم يدخله وحشة في القبر. (3)

أقول:

في سفينة البحار ج 2 ص 397(قبر) : قال الرضا عليه السّلام: عليكم بصلاة الليل، فما

ص:277


1- -البحار ج 6 ص 269 ح 123
2- البحار ج 6 ص 291 باب جنّة الدنيا و نارها ح 15
3- البحار ج 82 ص 64 باب استحباب الصلاة عن الميّت ح 8

من عبد يقوم آخر الليل فيصلّي ثمان ركعات و ركعتي الشفع و ركعة الوتر و استغفر اللّه في قنوته سبعين مرة إلاّ اجير من عذاب القبر، و من عذاب النار، و مدّ له في عمره و وسّع عليه في معيشته.

ص:278

13- البكاء

اشارة

و فيه فصلان:

الفصل الأوّل: فضل البكاء و ذمّ جمود العين

الآيات

1- وَ إِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى اَلرَّسُولِ تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ اَلدَّمْعِ مِمّا عَرَفُوا مِنَ اَلْحَقِّ. . . (1)

2- فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَ لْيَبْكُوا كَثِيراً جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ. (2)

3- وَ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَ يَزِيدُهُمْ خُشُوعاً. (3)

4- . . . إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُ اَلرَّحْمنِ خَرُّوا سُجَّداً وَ بُكِيًّا. (4)

ص:279


1- -المائدة:83
2- التوبة:82
3- الإسراء:109
4- مريم:58

5- أَ فَمِنْ هذَا اَلْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ- وَ تَضْحَكُونَ وَ لا تَبْكُونَ. (1)

الأخبار

1-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما من عين إلاّ و هي باكية يوم القيامة إلاّ عينا بكت من خوف اللّه، و ما اغر و رقت عين بمائها من خشية اللّه عزّ و جلّ إلاّ حرّم اللّه عزّ و جلّ سائر جسده على النار، و لا فاضت على خدّه فرهق ذلك الوجه قتر و لاذلّة، و ما من شيء إلاّ و له كيل و وزن إلاّ الدمعة، فإنّ اللّه عزّ و جلّ يطفئ باليسير منها البحار من النار، فلو أنّ عبدا بكى في امّة لرحم اللّه عزّ و جلّ تلك الامّة ببكاء ذلك العبد. (2)

بيان:

في القاموس، «اغر و رقت عيناه» : دمعتا كأنّها غرقت في دمعها.

و المراد هنا إمتلاء العين بالماء قبل أن يجري على الوجه.

«رهق» قال الجوهري: رهقه أي غشيه. «القتر» الغبار. و قال الراغب: قوله تعالى:

تَرْهَقُها قَتَرَةٌ (3)نحو غبرة و ذلك شبه دخان يغشى الوجه من الكرب.

2-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: ما من قطرة أحبّ إلى اللّه عزّ و جلّ من قطرة دموع في سواد الليل مخافة من اللّه لا يراد بها غيره. (4)

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كلّ عين باكية يوم القيامة إلاّ ثلاثة: عين غضّت عن محارم اللّه و عين سهرت في طاعة اللّه و عين بكت في جوف الليل من خشية

ص:280


1- -النجم:59 و 60
2- الكافي ج 2 ص 349 ك الدعاء باب البكاء ح 2-و نظيره ح 1 و غيره
3- عبس:41
4- الكافي ج 2 ص 349 ح 3

اللّه. (1)

بيان:

في القاموس، غضّ طرفه: أي خفضه و احتمل المكروه (چشم پوشيدن) .

في المرآة ج 12 ص 53، «عين سهرت» أي تركت النوم قدرا معتدّا به زيادة عن العادة في طاعة اللّه كالصلاة و التلاوة و الدعاء و مطالعة العلوم الدينيّة و في طريق الجهاد و الحجّ و الزيارات و كلّ طاعة للّه سبحانه.

«جوف الليل» : وسطه الذي يعتاد أكثر الناس النوم فيه.

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أوحى اللّه عزّ و جلّ إلى موسى عليه السّلام: أنّ عبادي لم يتقرّبوا إليّ بشيء أحبّ إليّ من ثلاث خصال، قال موسى: يا ربّ، و ما هنّ؟ قال: يا موسى، الزهد في الدنيا و الورع عن المعاصي و البكاء من خشيتي. قال موسى: يا ربّ، فما لمن صنع ذا؟ فأوحى اللّه عزّ و جلّ إليه: يا موسى، أمّا الزاهدون في الدنيا ففي الجنّة، و أمّا البكّاؤون من خشيتي ففي الرفيع الأعلى لا يشاركهم أحد، و أمّا الورعون عن معاصيّ فإنّي افتّش الناس و لا افتّشهم. (2)

بيان:

«الرفيع الأعلى» : هو المكان الرفيع الذي هو أرفع المنازل في الجنّة و هو مسكن الأنبياء و الأولياء. «التفتيش» : الطلب و الفحص عن أحوال الناس، و المراد بعدم التفتيش إدخالهم الجنّة بغير حساب.

5-عن إسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: أكون أدعو فأشتهي البكاء و لا يجيئني، و ربّما ذكرت بعض من مات من أهلي فأرقّ و أبكي فهل يجوز ذلك؟ فقال: نعم فتذكّرهم فإذا رققت فابك و ادع ربّك تبارك و تعالى. (3)

ص:281


1- -الكافي ج 2 ص 350 ح 4
2- الكافي ج 2 ص 350 ح 6
3- الكافي ج 2 ص 350 ح 7

6-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إن لم يجئك البكاء فتباك، فإن خرج منك مثل رأس الذباب فبخّ بخّ. (1)

بيان:

في النهاية: «بخّ بخّ» هي كلمة تقال عند المدح و الرضى بالشيء، و تكرّر للمبالغة، . . . و معناها تعظيم الأمر و تفخيمه.

7-قال أبو الحسن الأوّل عليه السّلام: كان يحيى بن زكريّا عليهما السّلام يبكي و لا يضحك، و كان عيسى بن مريم عليهما السّلام يضحك و يبكي، و كان الذي يصنع عيسى عليه السّلام أفضل من الذي كان يصنع يحيى عليه السّلام. (2)

8-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد عليه السّلام قال: أوحى اللّه إلى عيسى بن مريم: يا عيسى، هب لي من عينيك الدموع و من قلبك الخشوع و اكحل عينيك بميل الحزن إذا ضحك البطّالون، و قم على قبور الأموات فنادهم بالصوت الرفيع لعلّك تأخذ موعظتك منهم، و قل: إنّي لاحق في اللاحقين. (3)

بيان:

«البطّالون» يقال بالفارسيّة: بيهوده كاران.

9-عن الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عليهم السّلام قال: قال الصادق عليه السّلام: كم ممّن كثر ضحكه لاعبا يكثر يوم القيامة بكاؤه، و كم ممّن كثر بكاؤه على ذنبه خائفا يكثر يوم القيامة في الجنّة سروره و ضحكه. (4)

10-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من علامات الشقاء جمود العين و قسوة القلب و شدّة الحرص في طلب

ص:282


1- -الكافي ج 2 ص 351 ح 11
2- الكافي ج 2 ص 488 باب الدعابة ح 20
3- أمالي الطوسي ج 1 ص 11
4- العيون ج 2 ص 3 ب 30 ح 6( البحار ج 93 ص 329)

الرزق (الدنيا ف ن) و الإصرار على الذنب. (1)

11-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال عيسى بن مريم عليه السّلام: طوبى لمن كان صمته فكرا، و نظره عبرا، و وسعه بيته، و بكى على خطيئته و سلم الناس من يده و لسانه. (2)

بيان:

«وسعه بيته» : كناية عن ملازمة العبد لبيته و عدم ضيق البيت عليه.

12-عن ابن عباس قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: سبعة في ظلّ عرش اللّه عزّ و جلّ يوم لا ظلّ إلاّ ظلّه (و عدّ صلّى اللّه عليه و آله منها) : و رجل ذكر اللّه عزّ و جلّ خاليا ففاضت عيناه من خشية اللّه عزّ و جلّ. (3)

بيان:

في المقائيس (خلو) : أصل واحد يدلّ على تعرّى الشيء من الشيء انتهى. و المراد خالصا من أيّ شائبة.

13-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: بكى شعيب عليه السّلام من حبّ اللّه عزّ و جلّ حتّى عمي، فردّ اللّه عزّ و جلّ عليه بصره، ثمّ بكى حتّى عمي، فردّ اللّه عليه بصره، ثمّ بكى حتّى عمي، فردّ اللّه عليه بصره، فلمّا كانت الرابعة أوحى اللّه إليه: يا شعيب، إلى متى يكون هذا أبدا منك، إن يكن هذا خوفا من النار فقد آجرتك و إن يكن شوقا إلى الجنّة فقد أبحتك. قال: إلهي و سيّدي، أنت تعلم أنّي ما بكيت خوفا من نارك و لا شوقا إلى جنّتك و لكن عقد حبّك على قلبي فلست أصبر أو أراك.

فأوحى اللّه جلّ جلاله إليه: أمّا إذا كان هذا هكذا فمن أجل هذا سأخدمك

ص:283


1- -الخصال ج 1 ص 242 باب الاربعة ح 96
2- الخصال ج 1 ص 295 باب الخمسة ح 62
3- الخصال ج 2 ص 343 باب السبعة ح 8

كليمي موسى بن عمران عليه السّلام. (1)

بيان:

«آجرتك» : أي انقذتك. «أو أراك» : كلمة"أو"بمعنى"إلى أن"أو"إلاّ أن"و المعنى إلى أن يحصل لي غاية العرفان و الإيقان المعبّر عنها بالرؤية و هي رؤية القلب لا البصر، و الحاصل طلب كمال المعرفة، و قيل: يمكن أن يكون كناية عن الموت أي أبكي إلى أن أموت. (راجع البحار ج 12 ص 381)

14-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: بكاء العيون و خشية القلوب من رحمة اللّه تعالى، فإذا وجدتموها فاغتنموا الدعاء، و لو أنّ عبدا بكى في امّة لرحم اللّه تعالى تلك الامّة لبكاء ذلك العبد. (2)

15-و روي أنّ الكاظم عليه السّلام كان يبكي من خشية اللّه حتّى تخضل لحيته بالدموع. (3)

16-عن المفضّل بن عمر قال: قال الصادق عليه السّلام: حدّثني أبي عن أبيه عليهما السّلام: أنّ الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام كان أعبد الناس في زمانه و أزهدهم و أفضلهم، و كان إذا حجّ حجّ ماشيا و ربما مشى حافيا، و كان إذا ذكر الموت بكى، و إذا ذكر القبر بكى، و إذا ذكر البعث و النشور بكى، و إذا ذكر الممرّ على الصراط بكى، و إذا ذكر العرض على اللّه-تعالى ذكره-شهق شهقة يغشى عليه منها، و كان إذا قام في صلاته ترتعد فرائصه بين يدي ربّه عزّ و جلّ، و كان إذا ذكر الجنّة و النار اضطرب اضطراب السليم، و يسأل اللّه الجنّة و تعوّذ به من النار. . . (4)

ص:284


1- -العلل ج 1 ص 57 ب 51
2- مكارم الاخلاق ص 317 ب 10 ف 3
3- مكارم الاخلاق ص 318
4- أمالي الصدوق ص 178 م 33 ح 8( البحار ج 43 ص 331 ح 1)

أقول:

الأخبار في كثرة بكائهم عليهم السّلام كثيرة، لاحظ البحار و. . .

17-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: البكاء من خشية اللّه يطفىء بحارا من غضب اللّه. (1)

18-قال الحسين عليه السّلام: ما دخلت على أبي قطّ إلاّ وجدته باكيا. (2)

19-قال (النبيّ) صلّى اللّه عليه و آله: من بكى من ذنب غفر [اللّه]له، و من بكى خوف النار أعاذه اللّه منها، و من بكى شوقا إلى الجنّة أسكنه اللّه فيها و كتب له أمانا من الفزع الأكبر، و من بكى من خشية اللّه حشره اللّه مع النبيّين و الصدّيقين و الشهداء و الصالحين و حسن أولئك رفيقا. (3)

20-و قال صلّى اللّه عليه و آله: البكاء من خشية اللّه مفتاح الرحمة و علامة القبول و باب الإجابة. (4)

21-و قال صلّى اللّه عليه و آله: إذا بكى العبد من خشية اللّه تعالى تتحاتّ عنه الذنوب كما يتحاتّ الورق، فيبقي كيوم ولدته امّه. (5)

بيان:

«تتحاتّ. . .» : أي يمحو اللّه تعالى عنه الذنوب. يقال: تحاتّ الورق عن الشجر تناثر و تساقط.

22-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: اسم نوح عبد الملك، و إنّما سمّي نوحا لأنّه

ص:285


1- -إرشاد القلوب ص 128 ب 23
2- إرشاد القلوب ص 128
3- إرشاد القلوب ص 129- المستدرك ج 11 ص 247 ب 15 من جهاد النفس ح 44
4- إرشاد القلوب ص 129- المستدرك ج 11 ص 247 ح 45
5- إرشاد القلوب ص 130- المستدرك ج 11 ص 247 ح 46

بكى خمسمأة سنة. (1)

23-عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن عليّ عن أبيه عليّ عليهم السّلام (في خبر طويل) : و كان (النبيّ) صلّى اللّه عليه و آله يبكي حتّى يبتلّ مصلاّه، خشية من اللّه عزّ و جلّ من غير جرم. (2)

24-قال عليّ عليه السّلام: العبوديّة خمسة أشياء: خلاء البطن و قرائة القرآن و قيام الليل و التضرّع عند الصبح و البكاء من خشية اللّه. (3)

25-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: حرمت النار على عين بكت من خشية اللّه. (4)

26-قال الحسين بن عليّ عليهما السّلام: البكاء من خشية اللّه نجاة من النار.

و قال عليه السّلام: بكاء العيون و خشية القلوب رحمة من اللّه. (5)

27-عن الصادق عن أبيه عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: طوبى لصورة نظر اللّه إليها تبكي على ذنب من خشية اللّه عزّ و جلّ، لم يطّلع على ذلك الذنب غيره. (6)

28-من خطّ الشهيد رحمه اللّه نقلا من كتاب زهد الصادق عليه السّلام عنه عليه السّلام قال:

بكى يحيى بن زكريّا عليهما السّلام حتّى ذهب لحم خدّيه من الدموع، فوضع على العظم لبودا يجري عليها الدموع، فقال له أبوه: يا بنيّ، إنّي سألت اللّه تعالى أن يهبك لي لتقرّ عيني بك، فقال: يا أبه، إنّ على نيران ربّنا معاثر، لا يجوزها إلاّ البكّاؤون من خشية اللّه عزّ و جلّ، و أتخوّف أن آتيها فأزلّ منها، فبكى زكريّا حتّى غشي

ص:286


1- -الوسائل ج 15 ص 224 ب 15 من جهاد النفس ح 4-و بمضمونه ح 5
2- المستدرك ج 11 ص 240 ب 15 من جهاد النفس ح 9
3- المستدرك ج 11 ص 244 ح 29
4- المستدرك ج 11 ص 245 ح 34
5- المستدرك ج 11 ص 245 ح 35
6- البحار ج 93 ص 331 باب فضل البكاء ح 15

عليه من البكاء. (1)

بيان:

اللبد: ج لبود يقال بالفارسيّة: نمد. «المعاثر» : واحده المعثر، و هو موضع العثرة أي السقطة (لغزشگاه) .

29-. . . فيما أوحى إلى عيسى عليه السّلام: يا عيسى بن البكر البتول، أبك على نفسك بكاء من قد ودّع الأهل، و قلى الدنيا و تركها لأهلها، و صارت رغبته فيما عند إلهه. (2)

بيان:

«قلى الدنيا» : أي أبغضها و تركها.

30-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا عليّ بن عبد العزيز، لا يغرّنّك بكاؤهم، فإنّ التقوى في القلب. (3)

31-عن المفضّل قال: سألت جعفر بن محمّد عليهما السّلام عن الطفل يضحك من غير عجب و يبكي من غير ألم، فقال: يا مفضّل، ما من طفل إلاّ و هو يرى الإمام و يناجيه، فبكاؤه لغيبة الإمام عنه، و ضحكه إذا أقبل إليه، حتّى إذا اطلق لسانه اغلق ذلك الباب عنه و ضرب على قلبه بالنسيان. (4)

32-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا تضربوا أطفالكم على بكائهم، فإنّ بكاءهم أربعة أشهر شهادة أن لا إله إلاّ اللّه، و أربعة أشهر الصلاة على النبيّ و آله، و أربعة أشهر الدعاء لوالديه. (5)

ص:287


1- -البحار ج 93 ص 333 ح 24-و مثله في مكارم الأخلاق ص 316
2- البحار ج 93 ص 333 ح 25
3- البحار ج 70 ص 283 باب الطاعة و التقوى ح 4
4- البحار ج 25 ص 382 باب غرائب أفعالهم عليهم السّلام ح 36
5- البحار ج 60 ص 381 باب بدء خلق الإنسان في الرحم ح 100

33-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

البكاء من خشية اللّه ينير القلب و يعصم من معاودة الذنب.

(الغرر ج 1 ص 89 ف 1 ح 2037)

البكاء من خشية اللّه مفتاح الرحمة. (ص 91 ح 2073)

أقول:

ذكرنا أهمّ الأخبار في الباب، و سيأتي ما يناسب المقام في باب الدعاء و غيره.

و في دعاء الكميل رحمه اللّه: «يا من اسمه دواء و ذكره شفاء و طاعته غنى، ارحم من رأس ماله الرجاء و سلاحه البكاء» .

و في دعاء أبي حمزة الثماليّ: «و ما لي لا أبكي و لا أدري إلى ما يكون مصيري و أرى نفسي تخادعني و أيّامي تخاتلني و قد خفقت عند رأسي أجنحة الموت، فمالي لا أبكي، أبكي لخروج نفسي، أبكي لظلمة قبري، أبكي لضيق لحدي، أبكي لسؤال منكر و نكير إيّاى، أبكي لخروجي من قبري عريانا ذليلا. . .» .

ص:288

الفصل الثانيّ: البكاء على الحسين و سائر الأئمّة عليهم السّلام

الأخبار

1-عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: كان عليّ بن الحسين عليه السّلام يقول: أيّما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين بن عليّ عليه السّلام دمعة حتّى تسيل على خدّه، بوّأه اللّه بها في الجنّة غرفا يسكنها أحقابا، و أيّما مؤمن دمعت عيناه حتّى تسيل على خدّه فينا لأذى مسّنا من عدوّنا في الدنيا، بوّأه اللّه بها في الجنّة مبوّأ صدق، و أيّما مؤمن مسّه أذى فينا فدمعت عيناه حتّى تسيل على خدّه من مضاضة ما أوذي فينا صرف اللّه عن وجهه الأذى، و آمنه يوم القيامة من سخطه و النار. (1)

بيان:

«يسكنها أحقابا» : أي زمانا كثيرا، و في البحار ج 44 ص 280: كناية عن الدوام.

قال الفيروزآبادي: الحقبة بالكسر من الدهر: مدّة لا وقت لها و السنة و الجمع كعنب و حبوب، و [الحقب]بالضمّ و بضمّتين: ثمانون سنة أو أكثر و الدهر و السنة و السنون و الجمع أحقاب و أحقب. «المضاضة» : وجع المصيبة.

2-عن عليّ بن أبي حمزة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: إنّ البكاء

ص:289


1- -كامل الزيارات ص 100 ب 32 ح 1

و الجزع مكروه للعبد في كلّ ما جزع، ما خلا البكاء و الجزع على الحسين بن عليّ عليه السّلام فإنّه فيه مأجور. (1)

3-عن أبي هارون المكفوف قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام (في حديث طويل له) :

و من ذكر الحسين عليه السّلام عنده فخرج من عينه من الدموع مقدار جناح ذباب، كان ثوابه على اللّه عزّ و جلّ، و لم يرض له بدون الجنّة. (2)

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من ذكرنا عنده ففاضت عيناه و لو مثل جناح بعوضة (الذباب ف ن) غفر له ذنوبه و لو كانت مثل زبد البحر. (3)

5-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من ذكرنا عنده ففاضت عيناه، حرّم اللّه وجهه على النار. (4)

6-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لكلّ شيء ثواب إلاّ الدمعة فينا. (5)

بيان:

أي لا يحصى ثوابها لكثرته.

7-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: بكى عليّ بن الحسين على أبيه حسين بن عليّ عليهما السّلام عشرين سنة أو أربعين سنة، و ما وضع بين يديه طعاما إلاّ بكى على الحسين حتّى قال له مولى له: جعلت فداك يابن رسول اللّه، إنّي أخاف عليك أن تكون من الهالكين، قال: إنّما أشكو بثّي و حزني إلى اللّه و أعلم من اللّه ما لا تعلمون، إنّي لم أذكر مصرع بني فاطمة إلاّ خنقتني العبرة لذلك. (6)

ص:290


1- -كامل الزيارات ص 100 ح 2
2- كامل الزيارات ص 100 ح 3
3- كامل الزيارات ص 103 ح 8
4- كامل الزيارات ص 104 ح 10
5- كامل الزيارات ص 106 ب 33 ح 6
6- كامل الزيارات ص 107 ب 35 ح 1

8-أشرف مولى لعليّ بن الحسين عليهما السّلام و هو في سقيفة له ساجد يبكي فقال له: يا مولاي يا عليّ بن الحسين، أما آن لحزنك أن ينقضي، فرفع رأسه إليه و قال:

و يلك أو ثكلتك أمّك، و اللّه لقد شكى يعقوب إلى ربّه في أقلّ ممّا رأيت حتّى قال:

يا أسفى على يوسف، إنّه فقد ابنا واحدا، و أنا رأيت أبي و جماعة أهل بيتي يذبحون حولي.

قال: و كان عليّ بن الحسين عليه السّلام يميل إلى ولد عقيل، فقيل له: ما بالك تميل إلى بني عمّك هؤلاء دون آل جعفر، فقال: إنّي أذكر يومهم مع أبي عبد اللّه الحسين بن علي عليهما السّلام فأرقّ لهم. (1)

9-عن أبي عمارة المنشد قال: ما ذكر الحسين عليه السّلام عند أبي عبد اللّه عليه السّلام في يوم قطّ فرئي أبو عبد اللّه عليه السّلام متبسّما في ذلك اليوم إلى الليل.

و كان عليه السّلام يقول: الحسين عليه السّلام عبرة كلّ مؤمن. (2)

10-عن هارون بن خارجة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كنّا عنده فذكرنا الحسين عليه السّلام و على قاتله لعنة اللّه، فبكى أبو عبد اللّه عليه السّلام و بكينا، قال: ثمّ رفع رأسه فقال: قال الحسين عليه السّلام: أنا قتيل العبرة لا يذكرني مؤمن إلاّ بكى و ذكر الحديث. (3)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر، و في ح 3: «أنا قتيل العبرة لا يذكرني مؤمن إلاّ استعبر» .

و لاحظ حديث مسمع بن عبد الملك كردين البصريّ بطوله في ص 101.

11-قال الرضا عليه السّلام: من تذكّر مصابنا فبكى و أبكى لم تبك عينه يوم تبكي العيون، و من جلس مجلسا يحيي فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت

ص:291


1- -كامل الزيارات ص 107 ح 2
2- كامل الزيارات ص 108 ب 36 ح 2
3- كامل الزيارات ص 108 ح 6

القلوب. (1)

أقول:

في أمالي الصدوق رحمه اللّه ص 73 م 17 ح 4 مثله، و زاد في صدره: «من تذكّر مصابنا و بكى لما ارتكب منّا كان معنا في درجتنا يوم القيامة» .

12-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال للفضيل: تجلسون و تتحدّثون؟ فقال:

نعم، فقال: إنّ تلك المجالس احبّها، فأحيوا أمرنا، فرحم اللّه من أحيى أمرنا، يا فضيل، من ذكرنا أو ذكرنا عنده فخرج من عينه مثل جناح الذباب، غفر اللّه له ذنوبه و لو كانت أكثر من زبد البحر. (2)

13-عن الريّان بن شبيب، عن الرضا عليه السّلام (في حديث) أنّه قال له: يابن شبيب، إن كنت باكيا لشيء فابك للحسين بن عليّ عليهما السّلام، فإنّه ذبح كما يذبح الكبش، و قتل معه من أهل بيته ثمانية عشر رجلا ما لهم في الأرض شبيهون، و لقد بكت السماوات السبع و الأرضون لقتله. . .

يابن شبيب، إن بكيت على الحسين عليه السّلام حتّى تصير دموعك على خدّيك، غفر اللّه لك كلّ ذنب أذنبته، صغيرا كان أو كبيرا، قليلا كان أو كثيرا.

يابن شبيب، إن سرّك أن تلقى اللّه عزّ و جلّ و لا ذنب عليك فزر الحسين عليه السّلام.

يابن شبيب، إن سرّك أن تسكن الغرف المبنيّة في الجنّة مع النبيّ و آله عليهم السّلام فالعن قتلة الحسين.

يابن شبيب، إن سرّك أن يكون لك من الثواب مثل ما لمن استشهد مع الحسين، فقل متى ما ذكرته: يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما.

يابن شبيب، إن سرّك أن تكون معنا في الدرجات العلى من الجنان، فاحزن

ص:292


1- -العيون ج 1 ص 229 ب 28 ح 48
2- الوسائل ج 14 ص 501 ب 66 من المزار ح 2-(أتممنا الحديث كما في قرب الأسناد ص 18)

لحزننا، و افرح لفرحنا، و عليك بولايتنا، فلو أنّ رجلا أحبّ حجرا لحشره اللّه معه يوم القيامة. (1)

14-قال الرضا عليه السّلام (في حديث) : فعلى مثل الحسين فليبك الباكون، فإنّ البكاء عليه يحطّ الذنوب العظام.

ثمّ قال عليه السّلام: كان أبي عليه السّلام إذا دخل شهر المحرّم لا يرى ضاحكا، و كانت الكآبة تغلب عليه حتّى تمضي عشرة أيام، فإذا كان يوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته و حزنه و بكائه، و يقول: هو اليوم الذى قتل فيه الحسين عليه السّلام. (2)

15-عن جعفر بن محمّد عليه السّلام قال: من دمعت عيناه فينا دمعة لدم سفك لنا، أو حقّ لنا نقصناه، أو عرض انتهك لنا، أو لأحد من شيعتنا، بوّأه اللّه تعالى بها في الجنّة حقبا. (3)

16-عن الصادق عليه السّلام قال (في حديث) : إنّ أبا عبد اللّه الحسين عليه السّلام لمّا قضى بكت عليه السموات السبع و الأرضون السبع و ما فيهنّ و ما بينهنّ، و من يتقلّب في الجنّة و النار من خلق ربّنا و ما يرى و ما لا يرى، بكى على أبي عبد اللّه الحسين عليه السّلام إلاّ ثلاثة أشياء لم تبك عليه، قلت: و ما هذه الثلاثة الأشياء؟ قال: لم تبك عليه البصرة و لا دمشق و لا آل عثمان (زياد ف ن) عليهم لعنة اللّه. (4)

17-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (في حديث طويل يذكر فيه حال الحسين عليه السّلام) قال:

و إنّه لينظر إلى من يبكيه فيستغفر له و يسأل أباه الاستغفار له، و يقول: أيّها الباكي، لو علمت ما أعدّ اللّه لك لفرحت أكثر ممّا حزنت، و إنّه ليستغفر له من كلّ

ص:293


1- -الوسائل ج 14 ص 502 ح 5( أمالي الصدوق ص 129 م 27 ح 5)
2- الوسائل ج 14 ص 504 ح 8
3- الوسائل ج 14 ص 506 ح 11
4- الوسائل ج 14 ص 506 ح 12

ذنب و خطيئة. (1)

بيان:

«و إنّه لينظر» : الضمير راجع إلى الحسين عليه السّلام.

لاحظ تمام الحديث بطوله في كامل الزيارات ص 326 إلى 329.

18-عن الفضل قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول: لمّا أمر اللّه عزّ و جلّ إبراهيم عليه السّلام أن يذبح مكان ابنه إسماعيل الكبش الذي أنزله عليه تمنّى إبراهيم أن يكون قد ذبح ابنه إسماعيل بيده و إنّه لم يؤمر بذبح الكبش مكانه، ليرجع إلى قلبه ما يرجع إلى قلب الوالد الذي يذبح أعزّ ولده عليه بيده، فيستحقّ بذلك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب.

فأوحى اللّه عزّ و جلّ إليه: يا إبراهيم، من أحبّ خلقي إليك؟ فقال: يا ربّ، ما خلقت خلقا هو أحبّ إليّ من حبيبك محمّد، فأوحى اللّه إليه: أفهو أحبّ إليك أم نفسك؟ قال: بل هو أحبّ إليّ من نفسي، قال: فولده أحبّ إليك أم ولدك؟ قال: بل ولده، قال: فذبح ولده ظلما على أيدي أعدائه أوجع لقلبك أو ذبح ولدك بيدك في طاعتي؟ قال: يا ربّ، بل ذبحه على أيدي أعدائه أوجع لقلبي.

قال: يا إبراهيم، فإنّ طائفة تزعم أنّها من أمّة محمّد ستقتل الحسين ابنه من بعده ظلما و عدوانا كما يذبح الكبش و يستوجبون بذلك سخطي، فجزع إبراهيم لذلك و توجّع قلبه و أقبل يبكي، فأوحى اللّه عزّ و جلّ: يا إبراهيم، قد فديت جزعك على ابنك إسماعيل-لو ذبحته بيدك-بجزعك على الحسين و قتله، و أوجبت لك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب و ذلك قول اللّه عزّ و جلّ: وَ فَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ. (2)

ص:294


1- -الوسائل ج 14 ص 508 ح 17
2- البحار ج 44 ص 225 باب إخبار اللّه بشهادته (ع) ح 6.

19-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: نفس المهموم لظلمنا تسبيح، و همّه لنا عبادة، و كتمان سرّنا جهاد في سبيل اللّه.

ثمّ قال أبو عبد اللّه: يجب أن يكتب هذا الحديث بالذهب. (1)

20-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: نظر أمير المؤمنين إلى الحسين عليهما السّلام فقال: يا عبرة كلّ مؤمن، فقال: أنا يا أبتاه؟ فقال: نعم، يا بنيّ. (2)

21-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمأة) : إنّ اللّه تبارك و تعالى اطّلع إلى الأرض فاختارنا، و اختار لنا شيعة ينصروننا، و يفرحون لفرحنا و يحزنون لحزننا، و يبذلون أموالهم و أنفسهم فينا، أولئك منّا و إلينا. (3)

أقول:

و قال عليه السّلام (في ح الأربعمأة) أيضا: كلّ عين يوم القيامة باكية و كلّ عين يوم القيامة ساهرة، إلاّ عين من اختصّه اللّه بكرامته، و بكى على ما ينتهك من الحسين و آل محمّد عليهم السّلام. (الخصال ج 2 ص 625)

22-روي أنّه لمّا أخبر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ابنته فاطمة بقتل ولدها الحسين و ما يجري عليه من المحن، بكت فاطمة بكاءا شديدا و قالت: يا أبت، متى يكون ذلك؟ قال: في زمان خال منّي و منك و من عليّ، فاشتدّ بكاؤها و قالت: يا أبت، فمن يبكي عليه؟ و من يلتزم بإقامة العزاء له؟

فقال النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) : يا فاطمة، إنّ نساء امّتي يبكون على نساء أهل بيتي، و رجالهم يبكون على رجال أهل بيتي، و يجدّدون العزاء جيلا بعد جيل في كلّ سنة، فإذا كان القيامة تشفعين أنت للنساء و أنا أشفع للرجال، و كلّ من بكى منهم على مصاب الحسين أخذنا بيده و أدخلناه الجنّة.

ص:295


1- -البحار ج 44 ص 278 باب ثواب البكاء على مصيبته عليه السّلام ح 4
2- البحار ج 44 ص 280 ح 10
3- البحار ج 44 ص 287 ح 26

يا فاطمة، كلّ عين باكية يوم القيامة، إلاّ عين بكت على مصاب الحسين، فإنّها ضاحكة مستبشرة بنعيم الجنّة. (1)

بيان:

«جيلا بعد جيل» : المراد نسلا بعد نسل.

23-عن ابن عبّاس قال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان جالسا ذات يوم إذ أقبل الحسن عليه السّلام، فلمّا رآه بكى ثمّ قال: إليّ إليّ يا بنيّ، فما زال يدنيه حتّى أجلسه على فخذه اليمنى. . .

قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: و أمّا الحسن فإنّه ابني و ولدي و منّي و قرّة عيني و ضياء قلبي و ثمرة فؤادي، و هو سيّد شباب أهل الجنّة و حجّة اللّه على الامّة، أمره أمري و قوله قولي، من تبعه فإنّه منّي و من عصاه فليس منّي، و إنّي لمّا نظرت إليه تذكّرت ما يجري عليه من الذلّ بعدي، فلا يزال الأمر به حتّى يقتل بالسمّ ظلما و عدوانا، فعند ذلك تبكي الملائكة و السبع الشداد لموته، و يبكيه كلّ شيء حتّى الطير في جوّ السماء و الحيتان في جوف الماء.

فمن بكاه لم تعم عينه يوم تعمى العيون، و من حزن عليه لم يحزن قلبه يوم تحزن القلوب، و من زاره في بقيعه ثبتت قدمه على الصراط يوم تزلّ فيه الأقدام. (2)

24-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: . . . ألا و صلّى اللّه على الباكين على الحسين رحمة و شفقة، و اللاعنين لأعدائهم و الممتلئين عليهم غيظا و حنقا.

ألا و إنّ الراضين بقتل الحسين شركاء قتلته، ألا و إنّ قتلته و أعوانهم و أشياعهم و المقتدين بهم براء من دين اللّه.

ص:296


1- -البحار ج 44 ص 292 ح 37
2- البحار ج 44 ص 148 باب جمل تواريخ الحسن عليه السّلام ح 16( أمالي الصدوق ص 112 م 24 ح 2)

إنّ اللّه ليأمر ملائكته المقرّبين أن يتلقّوا دموعهم المصبوبة لقتل الحسين عليه السّلام إلى الخزّان في الجنان، فيمزجوها بماء الحيوان، فتزيد عذوبتها و طيبها ألف ضعفها. . . (1)

25-عن أبي جعفر عليه السّلام (في حديث زيارة الحسين عليه السّلام يوم عاشوراء المعروفة) قال: ثمّ ليندب الحسين عليه السّلام و يبكيه و يأمر من في داره ممّن لا يتّقيه بالبكاء عليه، و يقيم في داره المصيبة بإظهار الجزع عليه، و ليعزّ بعضهم بعضا بمصابهم بالحسين عليه السّلام، و أنا الضامن لهم إذا فعلوا ذلك على اللّه تعالى جميع ذلك (يعني ثواب ألفي حجّة، و ألفي عمرة، و ألفي غزوة) .

قلت: جعلت فداك، أنت الضامن ذلك لهم و الزعيم؟ قال: أنا الضامن و أنا الزعيم لمن فعل ذلك.

قلت: فكيف يعزّي بعضنا بعضا؟ قال: تقولون: أعظم اللّه أجورنا و أجوركم بمصابنا بالحسين عليه السّلام، و جعلنا و إيّاكم من الطالبين بثاره مع وليّه الإمام المهديّ من آل محمّد عليهم السّلام، و إن استطعت أن لا تنشر يومك في حاجة فافعل، فإنّه يوم نحس لا يقضى فيه حاجة مؤمن، فإن قضيت لم يبارك له فيها، و لم يرفيها رشدا، و لا يدّخرنّ أحدكم لمنزله فيه شيئا، فمن ادّخر في ذلك اليوم شيئا لم يبارك له فيما ادّخر، و لم يبارك له في أهله، فإذا فعلوا ذلك كتب اللّه تعالى لهم ثواب ألف حجّة و ألف عمرة و ألف غزوة كلّها مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و كان له أجر و ثواب مصيبة كلّ نبيّ و رسول و وصيّ و صدّيق و شهيد مات أو قتل منذ خلق اللّه الدنيا إلى أن تقوم الساعة.

قال علقمة: قلت لأبي جعفر عليه السّلام: علّمني دعاء أدعو به ذلك اليوم إذا أنا زرته. . . فقال لي: يا علقمة، إذا أنت صلّيت الركعتين بعد أن تؤمى إليه بالسلام،

ص:297


1- -البحار ج 44 ص 304 باب كفر قتلته عليه السّلام ح 17

فقل بعد الإيماء إليه من بعد التكبير: هذا القول، فإنّك إذا قلت ذلك فقد دعوت بما يدعو به زوّاره من الملائكة، و كتب اللّه لك مأة ألف ألف درجة و كتبت كمن استشهد مع الحسين عليه السّلام حتّى تشاركهم في درجاتهم، ثمّ لا تعرف إلاّ في الشهداء الذين استشهدوا معه، و كتب لك ثواب زيارة كلّ نبيّ و كلّ رسول و زيارة كلّ من زار الحسين عليه السّلام منذ يوم قتل عليه السّلام و على أهل بيته. (1)

26-عن جعفر بن محمّد عليهما السّلام قال: نظر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلى الحسين بن عليّ عليهما السّلام و هو مقبل، فأجلسه في حجره و قال: إنّ لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبدا.

ثمّ قال عليه السّلام: بأبي قتيل كلّ عبرة، قيل: و ما قتيل كلّ عبرة يابن رسول اللّه؟ قال: لا يذكره مؤمن إلاّ بكى. (2)

27-و في حديث مناجاة موسى عليه السّلام و قد قال: يا ربّ، لم فضّلت امّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله على سائر الامم؟ فقال اللّه تعالى: فضّلتهم لعشر خصال، قال موسى:

و ما تلك الخصال التي يعملونها حتّى آمر بنى إسرائيل يعملونها؟ قال اللّه تعالى:

الصلاة و الزكوة و الصوم و الحجّ و الجهاد و الجمعة و الجماعة و القرآن و العلم و العاشوراء.

قال موسى عليه السّلام: يا ربّ و ما العاشوراء؟ قال: البكاء و التباكي على سبط محمّد صلّى اللّه عليه و آله، و المرثيّة و العزاء على مصيبة ولد المصطفى.

يا موسى، ما من عبد من عبيدي في ذلك الزمان بكى أو تباكى و تعزّي على ولد المصطفى صلّى اللّه عليه و آله إلاّ و كانت له الجنّة ثابتا فيها، و ما من عبد أنفق من ماله في محبّة ابن بنت نبيّه طعاما و غير ذلك درهما (أو دينارا م) إلاّ و باركت له في دار الدنيا

ص:298


1- -مصباح المتهجّد ص 714( الوسائل ج 14 ص 509 ب 66 من المزار ح 20-مفاتيح الجنان فضل زيارة الحسين عليه السّلام في عاشوراء) .
2- المستدرك ج 10 ص 318 ب 49 من المزار ح 13

الدرهم بسبعين درهما و كان معافا في الجنّة و غفرت له ذنوبه، و عزّتي و جلالي، ما من رجل أو امرأة سال دمع عينيه في يوم عاشوراء و غيره قطرة واحدة إلاّ و كتب له أجر مأة شهيد. (1)

أقول:

سيأتي ما يناسب المقام في باب الشعر.

الأحاديث الواردة في باب البكاء على سيّد الشهداء أبي عبد اللّه الحسين عليه السّلام كثيرة جدّا، بحيث إذا لم نقل أنّها متواترة لفظا، فلا ريب في أنّها متواترة معنى.

و لقد حثّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و الأئمّة الأطهار عليهم السّلام شيعتهم على البكاء و الإبكاء على السبط الشهيد الحسين بن عليّ عليهما السّلام.

و لكن مع الأسف الكثير قد أنكر بعض الجهّال هذه الأحاديث، أو أوّلوها بما لا يلائم تلك الأحاديث الشريفة، و زعموا أنّ هذه الأحاديث لو صحّت سينجرّ باقتراف المعاصي و تعطيل الأحكام.

غير خفيّ على من ألقى السمع و تدبّر، أنّ هذه المزاعم الفاسدة و الأقوال الكاسدة، ناشئة من عدم التدبّر في الروايات الواردة في هذا الباب، إذا لم نقل أنّها في خدمة الاستعمار و في طريق ترويج الأفكار السخيفة الوهّابيّة.

عجبا كيف يتفوّه أنسان بهذه الكلمات الباردة مع العلم بأنّ البكاء على سيد الشهداء عليه السّلام من أعظم القربات و أهمّ الموجبات لإفاقة العاصين و توبتهم و هدايتهم إلى سواء الطريق. و ما أكثر الحكايات التي شاهدناها أو نقلت إلينا من القصص الدالّة على توبة عدد غير يسير من الفاسقين الذين لا يتورّعون عن ارتكاب الذنوب، فتابوا و انطووا في عداد الصالحين، أو أفاقوا عن غفلتهم و شرعوا في التفكّر في إصلاح أنفسهم.

ص:299


1- -المستدرك ج 10 ص 318 ح 14

أضف إلى ذلك أنّ أحدا من العقلاء ما قال: اذنب و أبك لتغسل ذنبك! فإذا قال واحد مثلا: «إذا أصبت بالزكام فإن القرص الفلاني يعالجه» ليس معناه: اذهب لتصاب بالزكام!

فمن أهمّ ما يجب على العلماء الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و صدّ الناس عن المعاصي، و حيث إنّ اليأس من روح اللّه يعدّ من الذنوب الكبيرة، و لما جاء في الحديث: «الفقيه كلّ الفقيه من لم يقنّط الناس من رحمة اللّه. . .» ، فإنّهم يثيرون الأمل في قلوب العاصين من هذا الطريق كي يعالجونهم.

و من الواضح أنّ تعطيل مجالس العزاء مخافة اغترار الناس بأهل البيت عليهم السّلام كتعطيل المستشفيات مخافة اغترار الناس بدواعي الأمراض البدنيّة.

فالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر يبعّد الناس عن الذنوب، كما يبعّدهم نشر مراكز الصحّة عن الأمراض، فإذا ظهر أثار الأمراض في المجتمع، يكون ايجاد المستشفيات من الضروريّات، و هذا بعينه يصدق في قضيّة البكاء و العزاء على السبط الشهيد.

و هكذا وردت في الشريعة السهلة السمحة، آيات و أحاديث كثيرة، تأمر بالتوبة و الاستغفار، فهل هناك أحد يدّعي أنّها يورث ارتكاب الذنوب و اقتراف المعصية؟ بل يقولون: إنّ الشريعة تنادى بأعلى صوتها بالتحذير عن المعصية، و لكن إذا أذنب أحد هل يجب تقنيطه أو الجاءه إلى التوبة و الاستغفار؟

إن البكاء على سيد الشهداء عليه السّلام من بواعث التوبة و من موجبات انسلاك الإنسان في مسلك تسعه رحمة اللّه الواسعة و تشمله عناية اللّه غير المتناهية.

و طائفة أخرى زعموا أن ليست الغاية المستفادة من هذه الأحاديث هي البكاء و ما يترتّب عليه من الأجر و الثواب، بل إنّ ذكر الإمام الحسين عليه السّلام و البكاء عليه هو إنكار المنكر و محاربة أعداء الدين و الظلمة الموجودين في كلّ عصر و مصر، خاصّة حكّام بني أميّة و استنكار سيرتهم، و بتعبير آخر: إنّ الثواب

ص:300

مترتّب على ما هو الداعيّ للثورة و الجهاد.

فهم قد غفلوا أنّ الذي يستفاد من هذه الأخبار هو: أنّ البكاء على السبط الشهيد عليه السّلام من أهمّ العبادات و القربات، و هو أقرب السبل إلى معرفة الحقّ عزّ و علا. فما قالوه متحصّل أيضا و لكنّه ليس هو المقصود بالأصالة، كما زعموا.

البكاء المطلوب عمل القلب، و القلب مكان الحبّ، و الدمع ينبعث عن القلب، و كلّما كثر البكاء ازدادت المحبّة، و هل الدين إلاّ الحبّ؟ !

إنّ الجهاد ضدّ أعداء الدين و إن كان مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لا يجدي نفعا إلاّ إذا كان منبعثا عن الحبّ و الإخلاص، كما قال عليه السّلام: «المرء مع من أحبّ» .

لقد سئل حبيب بن مظاهر-الذي ضحى بنفسه في سبيل الحسين عليه السّلام- في المنام في قصّة طويلة: «أتحبّ أن ترجع إلى الدنيا؟ قال: نعم أحبّ أن أرجع حتّى أبكي على سيدي الحسين عليه السّلام» . (1)

إنّ البكاء على المظلوم شفاء لقلب المظلوم و سهم في قلب الظالم الغاشم.

البكاء يؤدّي إلى تضاعف حبّ أهل البيت عليهم السّلام و بغض أعدائهم-عليهم لعائن اللّه-لأنّه ليس من المعقول أن يبكي شخص على من لا يحبّه، أو يبكي على من يحبّه و لا يتنفّر عن عدوّه.

و كلّما تعمّقت المحبّة تعمّقت الطاعة، كما أشار إليه صادق آل محمّد عليهم السّلام: «إنّ المحبّ لمن أحبّ مطيع» .

و من الطبيعيّ أنّ من يبكي الإمام الحسين عليه السّلام يصطبغ بصبغته، و تلك صبغة ربّانيّة، كما قال اللّه عزّ من قائل: وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اَللّهِ صِبْغَةً.

فمن بكى عليه سيكون من سنخه و يقترب منه شيئا فشيئا، حتّى ينسلك في سلكه و يستقرّ في زمرته.

ص:301


1- -ذكرها المحدّث النمازي بتفصيلها في كتاب «زندگانى حبيب بن مظاهر اسدى» ص 56

فالبكاء أفضل الطرق للوصول إلى الكمال و السموّ و العبوديّة للّه تعالى.

و بإمكان الإنسان أن يصل من خلال بكائه على درجات من السموّ و الكمال، و يستجلب رعاية رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فإنّ البكاء على فرخ الرسول من حقوق الرسول و من وسائل مؤازرته.

و الباكي يتأسّى بالأنبياء العظام و الملائكة المقرّبين و العباد الصالحين، حيث الأنبياء من آدم عليه السّلام حتّى الخاتم صلّى اللّه عليه و آله كانوا من الباكين عليه، و الملائكة يشهدون مجالس عزائه.

و قد مرّ آنفا: «يا فاطمة، كلّ عين باكية يوم القيامة، إلاّ عين بكت على مصاب الحسين عليه السّلام، فإنّها ضاحكة مستبشرة بنعيم الجنّة» .

إنّ الأئمّة عليهم السّلام كلّهم سفن النجاة و لكن سفينة الحسين أسرع، حتّى في الأمواج المهلكة و مرساها يهدي إلى شاطئ النجاة، و هم كلّهم أبواب الهدى و لكن باب الحسين أوسع.

و في الختام: أنّ البكاء على سيد الشهداء يضمن حفظ الشريعة المحمّديّة، و بقاء مذهب أهل البيت عليهم السّلام.

و ما أجمل ما قاله بعض الأعاظم: «إنّ الإسلام محمّديّ الحدوث و حسينيّ البقاء» .

فإنّ الأمّة في المجالس الحسينيّة تعلّموا الجهاد و الكفاح و مكارم الأخلاق كالوفاء و السخاء و الشجاعة و البطولة و العفّة و الغيرة و الصبر و الاستقامة و عدم الانقياد للحاكم الجائر.

و المجالس الحسينيّة الطريقة الوحيدة لتربية المجتمع ضدّ الجور و العدوان، و تمهيد الأجيال للثورات و الانتفاضات.

ص:302

14- التجارة

الآيات

1- وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ. . . (1)

2- . . . قالُوا إِنَّمَا اَلْبَيْعُ مِثْلُ اَلرِّبا وَ أَحَلَّ اَللّهُ اَلْبَيْعَ وَ حَرَّمَ اَلرِّبا. . . (2)

3- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلاّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ. . . (3)

4- رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اَللّهِ وَ إِقامِ اَلصَّلاةِ وَ إِيتاءِ اَلزَّكاةِ. . . (4)

5- وَ إِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً اِنْفَضُّوا إِلَيْها وَ تَرَكُوكَ قائِماً قُلْ ما عِنْدَ اَللّهِ خَيْرٌ مِنَ اَللَّهْوِ وَ مِنَ اَلتِّجارَةِ وَ اَللّهُ خَيْرُ اَلرّازِقِينَ. (5)

6- وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ- اَلَّذِينَ إِذَا اِكْتالُوا عَلَى اَلنّاسِ يَسْتَوْفُونَ- وَ إِذا كالُوهُمْ أَوْ

ص:303


1- -البقرة:188
2- البقرة:275
3- النساء:29
4- النور:37
5- الجمعة:11

وزنوهم يخسرون-الآيات (1)

الأخبار

1-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ثلاثة يدخلهم اللّه الجنّة بغير حساب و ثلاثة يدخلهم اللّه النار بغير حساب، فأمّا الذين يدخلهم اللّه الجنّة بغير حساب؛ فإمام عادل و تاجر صدوق و شيخ أفنى عمره في طاعة اللّه عزّ و جلّ. و أمّا الثلاثة الذين يدخلهم اللّه النار بغير حساب؛ فإمام جائر و تاجر كذوب و شيخ زان. (2)

2-عن الحسين بن زيد عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

إذا التاجران صدقا و برّا بورك لهما، و إذا كذبا و خانا لم يبارك لهما، و هما بالخيار ما لم يفترقا، فإن اختلفا فالقول قول ربّ السلعة أو يتتاركا. (3)

بيان:

«التاجران» : أي المتعاملان. «ربّ السلعة» يقال بالفارسيّة: صاحب كالا.

3-عن أبي عبد اللّه عن أبيه عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من باع و اشترى فليجتنب خمس خصال و إلاّ فلا يبيعنّ و لا يشترينّ: الربا و الحلف و كتمان العيب و المدح إذا باع و الذمّ إذا اشترى. (4)

4-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: البركة عشرة أجزاء؛ تسعة أعشارها في التجارة، و العشر الباقي في الجلود. (5)

ص:304


1- -المطفّفين:1 إلى 5
2- الخصال ج 1 ص 80 باب الثلاثة ح 1
3- الخصال ج 1 ص 45 باب الاثنين ح 43
4- الخصال ج 1 ص 285 باب الخمسة ح 38
5- الخصال ج 2 ص 445 باب العشرة ح 44

بيان:

قال رحمه اللّه: «الجلود» : أي الغنم. و في حديث النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «تسعة أعشار الرزق في التجارة و الجزء الباقي في السابياء» يعني الغنم.

5-عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال (في ح الأربعمائة) : تعرّضوا للتجارة فإنّ فيها غنى لكم عمّا في أيدي الناس، و إنّ اللّه عزّ و جلّ يحبّ العبد المحترف الأمين. (1)

و قال عليه السّلام: أكثروا ذكر اللّه عزّ و جلّ إذا دخلتم الأسواق و عند اشتغال الناس فإنّه كفّارة للذنوب و زيادة في الحسنات و لا تكتبوا من (في ف ن) الغافلين. (2)

بيان:

«المحترف» : أي صاحب الحرفة.

6-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من اتّجر بغير فقه فقد ارتطم في الربا. (3)

بيان:

«ارتطم» : أي سقط في الوحل (أي الطين) أو في أمر يتعسّر الخروج منه.

7-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: التجارة تزيد في العقل. (4)

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ترك التجارة ينقص العقل. (5)

9-قال معاذ بن كثير لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّي قد أيسرت فأدع التجارة؟ فقال: إنّك إن فعلت قلّ عقلك، أو نحوه. (6)

ص:305


1- -الخصال ج 2 ص 621
2- الخصال ج 2 ص 614
3- نهج البلاغة ص 1293 ح 439
4- الوسائل ج 17 ص 12 ب 1 من مقدّمات التجارة ح 9
5- الوسائل ج 17 ص 13 ب 2 ح 1
6- الوسائل ج 17 ص 14 ح 3

10-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اَللّهِ قال: كانوا أصحاب تجارة، فإذا حضرت الصلاة تركوا التجارة، و انطلقوا إلى الصلاة، و هم أعظم أجرا ممّن لم يتّجر. (1)

11-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ محمّد بن المنكدر كان يقول: ما كنت أظنّ (أرى ف ن) أنّ عليّ بن الحسين عليه السّلام يدع خلقا أفضل منه، حتّى رأيت ابنه محمّد بن عليّ، فأردت أن أعظه فوعظني، فقال له أصحابه: بأيّ شيء وعظك؟ فقال: خرجت إلى بعض نواحي المدينة في ساعة حارّة، فلقيني أبو جعفر محمّد بن عليّ عليه السّلام و كان رجلا بادنا ثقيلا، و هو متّكئ على غلامين أسودين أو موليين، فقلت في نفسي: سبحان اللّه شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة، على مثل هذه الحالة في طلب الدنيا، أما لأعظنّه، فدنوت منه فسلّمت عليه، فردّ عليّ بنهر، (ببهر ف ن) و هو يتصابّ عرقا.

فقلت: أصلحك اللّه شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في طلب الدنيا! أ رأيت لو جاء أجلك و أنت على هذه الحال (ما كنت تصنع؟ م) فقال: لو جاءني الموت و أنا على هذه الحال، جاءني و أنا في طاعة من طاعة اللّه (طاعات اللّه م) عزّ و جلّ، أكفّ بها نفسي و عيالي عنك و عن الناس، و إنّما كنت أخاف لو أن جاءني الموت و أنا على معصية من معاصي اللّه، فقلت: صدقت يرحمك اللّه، أردت أن أعظك فوعظتني. (2)

بيان:

«البادن» : أى الجسيم و السمين. «موليين» في المرآة ج 19 ص 439: قال المطرزيّ في المغرب: إنّ الموالي بمعنى العتقاء لمّا كانت غير عرب في الأكثر غلبت على العجم

ص:306


1- -الوسائل ج 17 ص 17 ح 14
2- الوسائل ج 17 ص 19 ب 4 ح 1

حتّى قالوا: الموالي أكفاء بعضها لبعض، و العرب أكفاء بعضها لبعض. . .

و في الوافي: أكثر إطلاق المولى على غير العربيّ الصريح و النزيل و التابع.

«ببهر» بمعنى تتابع النفس (نفس زنان) و في بعض النسخ: بالنون أي بزجر و انتهار، إمّا للإعياء و النصب، أو لما علم من سوء حال السائل و سوء ارادته.

12-عن عبد الأعلى مولى آل سام قال: استقبلت أبا عبد اللّه عليه السّلام في بعض طرق المدينة، في يوم صائف شديد الحرّ فقلت: جعلت فداك حالك عند اللّه عزّ و جلّ، و قرابتك من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أنت تجهد نفسك (لنفسك ف ن) في مثل هذا اليوم؟ فقال: يا عبد الأعلى، خرجت في طلب الرزق، لأستغني عن مثلك. (1)

بيان:

في القاموس، يوم صائف: أي حارّ.

13-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: العبادة سبعون جزء و أفضلها جزء طلب الحلال. (2)

14-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام أعتق ألف مملوك من كدّ يده. (3)

15-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ أمير المؤمنين عليه السّلام قال: أوحى اللّه إلى داود عليه السّلام: إنّك نعم العبد، لولا أنّك تأكل من بيت المال، و لا تعمل بيدك شيئا، قال:

فبكى داود عليه السّلام أربعين صباحا، فأوحى اللّه إلى الحديد: أن لن لعبدي داود، فألان اللّه عزّ و جلّ له الحديد، فكان يعمل في كلّ يوم درعا فيبيعها بألف درهم، فعمل ثلاثمائة و ستّين درعا، فباعها بثلاثمائة و ستّين ألفا و استغنى عن بيت

ص:307


1- -الوسائل ج 17 ص 20 ح 2
2- الوسائل ج 17 ص 23 ح 15
3- الوسائل ج 17 ص 37 ب 9 ح 1

المال. (1)

16-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول:

من وجد ماء و ترابا ثمّ افتقر فأبعده اللّه. (2)

17-عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّي لأبغض الرجل-أو أبغض للرجل-أن يكون كسلانا عن أمر دنياه، و من كسل عن أمر دنياه فهو عن أمر آخرته أكسل. (3)

18-عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الكادّ على عياله (من حلال م) كالمجاهد في سبيل اللّه. (4)

19-عن الأصبغ بن نباتة قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السّلام يقول على المنبر:

يا معشر التجّار، الفقه ثمّ المتجر، الفقه ثمّ المتجر، الفقه ثمّ المتجر، و اللّه للرّبا في هذه الامّة أخفى من دبيب النمل على الصفا، شوبوا أيمانكم بالصدق، التاجر فاجر، و الفاجر في النار إلاّ من أخذ الحقّ و أعطى الحقّ. (5)

بيان:

«الفقه» : أي اطلبوا الفقه أوّلا. «المتجر» هو مصدر ميمي بمعنى التجارة. «للربا» بفتح اللام: للتاكيد. «شوبوا أيمانكم بالصدق» : أي لا تحلفوا كاذبين، و في الفقيه ج 3 ص 121: "شوبوا أموالكم بالصدقة".

20-قال الصادق عليه السّلام: من أراد التجارة فليتفقّه في دينه، ليعلم بذلك

ص:308


1- -الوسائل ج 17 ص 37 ح 3
2- الوسائل ج 17 ص 40 ح 13
3- الوسائل ج 17 ص 58 ب 18 ح 1
4- الوسائل ج 17 ص 66 ب 23 ح 1
5- الوسائل ج 17 ص 381 ب 1 من آداب التجارة ح 1

ما يحلّ له ممّا يحرّم عليه، و من لم يتفقّه في دينه ثمّ اتّجر تورّط الشبهات. (1)

بيان:

«تورّط» : أي وقع في الورطة و الهلكة و ما لا يمكن الخلاص منه.

21-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السّلام عندكم بالكوفة، يغتدي كلّ يوم بكرة من القصر، فيطوف في أسواق الكوفة سوقا سوقا، و معه الدرّة على عاتقه، و كان لها طرفان، و كانت تسمّى السبينة (السبيبة ف ن) فيقف على أهل كلّ سوق فينادي: يا معشر التجّار، اتّقوا اللّه، فإذا سمعوا صوته ألقوا ما بأيديهم و ارعوا إليه بقلوبهم، و سمعوا بآذانهم.

فيقول: قدّموا الاستخارة، و تبرّكوا بالسهولة، و اقتربوا من المبتاعين، و تزيّنوا بالحلم، و تناهوا عن اليمين، و جانبوا الكذب، و تجافوا عن الظلم، و أنصفوا المظلومين، و لا تقربوا الربا، و أوفوا الكيل و الميزان، وَ لا تَبْخَسُوا اَلنّاسَ أَشْياءَهُمْ وَ لا تَعْثَوْا فِي اَلْأَرْضِ مُفْسِدِينَ، فيطوف في جميع أسواق الكوفة ثمّ يرجع فيقعد للناس. (2)

أقول:

رواه الصدوق رحمه اللّه في الأمالي (م 75 ح 6) مع اختلاف يسير، و زاد في آخره: يطوف في جميع أسواق الكوفة فيقول هذا ثمّ يقول:

تفنى اللذاذة ممّن نال صفوتها من الحرام و يبقى الإثم و العار

تبقى عواقب سوء في مغبّتها لا خير في لذّة من بعدها النار

بيان: «الدرّة» : السوط الذي يضرب به. «عاتقه» في المصباح: يقال لما بين المنكب و العنق: عاتق و هو موضع الرداء «ارعوا إليه» قال الجوهري: أرعيته

ص:309


1- -الوسائل ج 17 ص 382 ح 4
2- الوسائل ج 17 ص 382 ب 2 ح 1

سمعي أي أصغيت إليه. «الاستخارة» : طلب الخير منه تعالى.

«تبرّكوا بالسهولة» : أي اطلبوا البركة منه تعالى بالتساهل في البيع و الشراء.

«اقتربوا من المبتاعين» : أي لا تغالوا في الثمن فينفروا أو بالكلام الحسن و البشاشة و حسن الخلق. «جانبوا الكذب» : أي تباعدوا عن الكذب. «تجافوا» : أي تباعدوا. «لا تبخسوا الناس» : أي لا تنقصوهم. «لا تعثوا» : أي لا تفسدوا من عثا في الأرض يعثو إذا فسد. (لاحظ المرآة ج 19 ص 133)

22-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أربع من كنّ فيه طاب مكسبه: إذا اشترى لم يعب، و إذا باع لم يحمد، و لا يدلّس، و فيما بين ذلك لا يحلف. (1)

23-قال عليه السّلام: يا معشر التجّار، صونوا أموالكم بالصدقة، تكفّر عنكم ذنوبكم و أيمانكم التي تحلفون فيها تطيب لكم تجارتكم. (2)

24-قال الصادق عليه السّلام: من ذكر اللّه عزّ و جلّ في الأسواق غفر (اللّه) له بعدد أهلها. (3)

25-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من دخل السوق فقال: «لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد و هو على كلّ شيء قدير» كتب اللّه له ألف ألف حسنة و محا عنه ألف ألف سيّئة و حطّ عنه ألف ألف خطيئة. (4)

26-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: طلب الحلال فريضة على كلّ مسلم و مسلمة. (5)

27-و قال صلّى اللّه عليه و آله: العبادة عشرة أجزاء تسعة أجزاء في طلب الحلال. (6)

ص:310


1- -الوسائل ج 17 ص 384 ح 3
2- الوسائل ج 17 ص 384 ح 6
3- الوسائل ج 17 ص 409 ب 19 ح 1
4- المستدرك ج 13 ص 266 ب 16 من آداب التجارة ح 3
5- جامع الأخبار ص 139 ف 99
6- جامع الأخبار ص 139

28-عن ابن عبّاس قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا نظر إلى الرجل فأعجبه، قال: هل له حرفة؟ فإن قالوا: لا، قال: سقط من عيني، قيل: و كيف ذلك يا رسول اللّه؟ قال: لأنّ المؤمن إذا لم يكن له حرفة يعيش بدينه. (1)

29-و قال صلّى اللّه عليه و آله: من أكل من كدّ يده مرّ على الصراط كالبرق الخاطف. (2)

30-و قال صلّى اللّه عليه و آله: من أكل من كدّ يده حلالا فتح له أبواب الجنّة يدخل من أيّها شاء. (3)

31-و قال صلّى اللّه عليه و آله: من أكل من كدّ يده، نظر اللّه إليه بالرحمة، ثمّ لا يعذّبه أبدا. (4)

32-و قال صلّى اللّه عليه و آله: من أكل من كدّ يده كان يوم القيامة في عداد الأنبياء و يأخذ ثواب الأنبياء. (5)

33-و قال: من طلب الدنيا حلالا، استعفافا عن المسألة، و تعطّفا على جاره لقى اللّه تعالى و وجهه كالقمر ليلة البدر. (6)

34-عن هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من كسب مالا من غير حلّ سلّط اللّه عليه البناء و الماء و الطين. (7)

ص:311


1- -جامع الأخبار ص 139
2- جامع الأخبار ص 139
3- جامع الأخبار ص 139
4- جامع الأخبار ص 139
5- جامع الأخبار ص 139
6- جامع الأخبار ص 139
7- البحار ج 103 ص 4 ب 1 من المكاسب ح 12

35-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من كسب مالا من غير حلّه أفقره اللّه. (1)

36-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من اكتسب مالا من غير حلّه كان زاده (رادّه م) إلى النار. (2)

37-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: قال اللّه عزّ و جلّ: من لم يبال من أيّ باب اكتسب الدينار و الدرهم لم ابال يوم القيامة من أيّ أبواب النار أدخلته. (3)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة، يأتي بعضها في باب المال الحرام.

38-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من قال في السوق «أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله» كتب اللّه له ألف ألف حسنة. (4)

39-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من قال حين يدخل السوق: «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد يحيي و يميت و هو حيّ لا يموت بيده الخير و هو على كلّ شيء قدير» أعطي من الأجر عدد ما خلق اللّه إلى يوم القيامة. (5)

40-قال أبو جعفر عليه السّلام: جاء أعرابيّ-أحد بني عامر-إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فسأله. . .

قال صلّى اللّه عليه و آله: و شرّ بقاع الأرض الأسواق، و هو ميدان إبليس يغدو برايته و يضع كرسيّه و يبثّ ذرّيّته، فبين مطفّف في قفيز، أو طايش في ميزان، أو سارق في ذراع،

ص:312


1- -البحار ج 103 ص 5 ح 17
2- البحار ج 103 ص 10 ح 45
3- البحار ج 103 ص 11 ح 46
4- البحار ج 103 ص 97 باب آداب التجارة ح 25
5- البحار ج 103 ص 97 ح 26- العيون ج 2 ص 30 ب 31 ح 42

أو كاذب في سلعته فيقول: عليكم برجل مات أبوه و أبوكم حيّ فلا يزال مع أوّل من يدخل و آخر من يرجع،

و خير البقاع؛ المساجد و أحبّهم إليه أوّلهم دخولا و آخرهم خروجا. (1)

بيان:

«يبثّ» : أي يفرّق و ينشر. «التطفيف» : هو نقصان المكيال و أن لا يملأه و المطفّف هو الذي لا يفي بالكيل و الوزن. «القفيز» في مجمع البحرين: مكيال يتواضع الناس عليه و هو عند أهل العراق ثمانية مكاكيك. «أو طايش في ميزان» : المراد من لا يفي بالوزن.

«عليكم برجل مات أبوه» في الوافي كتاب المكاسب باب السوق: الخطاب في عليكم للذرّية، و الرجل الميت أبوه؛ كلّ من لم يكن في ولادته شرك شيطان من أفراد بني آدم، و هم الصلحاء الذين لم يطيعوه، فإنّ أباهم آدم و هو ميّت و أبو ذريّة الشيطان إبليس و هو حيّ، و يحتمل أن يكون الخطاب لمطيعيه، و أن يكون الأب الميّت؛ الأب القريب، يعني أنّ الذي مات أبوه لا معين له، و أما أنتم فإبليس معينكم.

41-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من ذكر اللّه في السوق مخلصا عند غفلة الناس و شغلهم بما فيه، كتب اللّه له ألف حسنة، و يغفر اللّه له يوم القيامة مغفرة لم تخطر على قلب بشر. (2)

42-قال عليه السّلام: شرار الناس الزرّاعون و التجّار إلاّ من شحّ منهم على دينه.

و قال عليه السّلام: شرّ الرجال التجّار الخونة. (3)

ص:313


1- -البحار ج 103 ص 97 ح 28
2- البحار ج 103 ص 102 ح 47
3- البحار ج 103 ص 103 ح 54

43-في كلم أمير المؤمنين عليه السّلام قال: المستأكل بدينه حظّه من دينه ما يأكله. (1)

44-في مواعظ الرضا عليه السّلام قال (في حديث) : لا تأكلوا الناس بآل محمّد فإنّ التأكّل بهم كفر. (2)

أقول:

في البحار ج 68 ص 153 عن الصادق عليه السّلام: . . . و من استأكل بنا افتقر.

و يأتي في باب الرئاسة في ح 6: و لا تأكل بنا الناس فيفقرك اللّه.

45-عن معلّى بن خنيس قال: سأل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن رجل و أنا عنده فقيل له: أصابته الحاجة، قال: فما يصنع اليوم؟ قيل: في البيت يعبد ربّه قال: فمن أين قوته؟ قيل: من عند بعض إخوانه، فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: و اللّه للذي يقوته أشدّ عبادة منه. (3)

46-عن علي بن عبد العزيز قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما فعل عمر بن مسلم؟ قلت: جعلت فداك، أقبل على العبادة و ترك التجارة، فقال: ويحه أما علم أنّ تارك الطلب لا يستجاب له، إنّ قوما من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لمّا نزلت وَ مَنْ يَتَّقِ اَللّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ اغلقوا الأبواب و أقبلوا على العبادة و قالوا: قد كفينا، فبلغ ذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فأرسل إليهم، فقال: ما حملكم على ما صنعتم؟ قالوا: يا رسول اللّه، تكفّل لنا بأرزاقنا فأقبلنا على العبادة، فقال: إنّه من فعل ذلك لم يستجب له، عليكم بالطلب. (4)

ص:314


1- -البحار ج 78 ص 63
2- البحار ج 78 ص 347
3- الكافي ج 5 ص 78 باب الحثّ على الطلب و التعرّض للرزق ح 4
4- الكافي ج 5 ص 84 باب الرزق من حيث لا يحتسب ح 5

15- تربة الحسين عليه السّلام

الأخبار

1-عن محمّد بن عيسى عن رجل قال: بعث إليّ أبو الحسن الرضا عليه السّلام من خراسان ثياب رزم و كان بين ذلك طين، فقلت للرسول: ما هذا؟ قال: طين قبر الحسين عليه السّلام ما كان يوجّه شيئا من الثياب و لا غيره إلاّ و يجعل فيه الطين، و كان يقول هو أمان بإذن اللّه. (1)

بيان:

رزم الثياب: جمعها و شدّها في ثوب.

2-عن الحسين بن أبي العلاء قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: حنّكوا أولادكم بتربة الحسين عليه السّلام، فإنّه أمان. (2)

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ في طين الحاير الذي فيه الحسين عليه السّلام شفاء من كلّ داء و أمانا من كلّ خوف. (3)

ص:315


1- -كامل الزيارات ص 278 ب 92 ح 1
2- كامل الزيارات ص 278 ح 2
3- كامل الزيارات ص 278 ح 4

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة، في بعضها: «شفاء من كلّ داء و هو الدواء الأكبر» و في بعضها: «شفاء من كلّ داء إلاّ السام و السام الموت»

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لو أنّ مريضا من المؤمنين يعرف حقّ أبي عبد اللّه و حرمته و ولايته، أخذ له من طين قبره على رأس ميل كان له دواء و شفاء. (1)

5-عن ابن أبي يعفور قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: يأخذ الإنسان من طين قبر الحسين عليه السّلام فينتفع به و يأخذ غيره فلا ينتفع به، فقال: لا و اللّه الذي لا إله إلاّ هو ما يأخذه أحد و هو يرى أنّ اللّه ينفعه به إلاّ نفعه اللّه به. (2)

6-عن أبي حمزة الثمالي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كنت بمكّة و ذكر في حديثه قلت: جعلت فداك، إنّي رأيت أصحابنا يأخذون من طين الحاير ليستشفون به، هل في ذلك شيء ممّا يقولون من الشفاء؟ قال: قال: يستشفي بما بينه و بين القبر على رأس أربعة أميال و كذلك قبر جدّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و كذلك طين قبر الحسن و عليّ و محمّد، فخذ منها فإنّها شفاء من كلّ سقم و جنّة ممّا تخاف، و لا يعدلها شيء من الأشياء التي يستشفي بها إلاّ الدعاء.

و إنّما يفسدها ما يخالطها من أوعيتها و قلّة اليقين لمن يعالج بها، فأمّا من أيقن أنّها له شفاء إذا يعالج بها كفته بإذن اللّه من غيرها ممّا يعالج به، و يفسدها الشياطين و الجنّ من أهل الكفر منهم يتمسّحون بها و ما تمرّ بشيء إلاّ شمّها، و أمّا الشياطين و كفّار الجنّ فإنّهم يحسدون بني آدم عليها يتمسّحون بها ليذهب عامّة طيبها، و لا يخرج الطين من الحائر إلاّ و قد استعدّ له ما لا يحصى منهم و انّه لفي يد صاحبها و هم يتمسّحون بها و لا يقدرون مع الملائكة أن يدخلوا الحاير

ص:316


1- -كامل الزيارات ص 279 ح 6
2- كامل الزيارات ص 274 ب 91 ح 1

و لو كان من التربة شيء يسلم ما عولج به أحد إلاّ برء من ساعته، فإذا أخذتها فاكتمها و أكثر عليها من ذكر اللّه تعالى.

و قد بلغني أنّ بعض من يأخذ من التربة شيئا يستخفّ به، حتّى أنّ بعضهم ليطرحها في مخلاة [الإبل و]البغل و الحمار و في وعاء الطعام و ما يمسح به الأيدي من الطعام و الخرج و الجوالق، فكيف يستشفى به من هذا حاله عنده؟ ! و لكنّ القلب الذي ليس فيه يقين من المستخفّ بما فيه صلاحه يفسد عليه عمله. (1)

بيان:

«العامّة» : الجميع. «المخلاة» يقال بالفارسيّة: توبرة. «الخرج» يقال بالفارسيّة:

خورجين. «الجوالق» يقال بالفارسيّة: جوال.

7-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الطين كلّه حرام كلحم الخنزير و من أكله ثمّ مات منه لم أصلّ عليه إلاّ طين قبر الحسين عليه السّلام، فإنّ فيه شفاء من كلّ داء، و من أكله بشهوة لم يكن فيه شفاء. (2)

8-قال الصادق عليه السّلام: من باع طين قبر الحسين عليه السّلام فإنّه يبيع لحم الحسين عليه السّلام و يشتريه. (3)

9-قال الصادق عليه السّلام: السجود على طين قبر الحسين عليه السّلام ينوّر إلى الأرضين السبعة، و من كانت معه سبحة من طين قبر الحسين عليه السّلام كتب مسبّحا و إن لم يسبّح بها. (4)

10-عن معاوية بن عمّار قال: كان لأبي عبد اللّه عليه السّلام خريطة ديباج صفراء فيها تربة أبي عبد اللّه عليه السّلام، فكان إذا حضرته الصلاة صبّه على سجّادته

ص:317


1- -كامل الزيارات ص 280 ب 93 ح 5( مفاتيح الجنان في فوائد تربته عليه السّلام)
2- كامل الزيارات ص 285 ب 95 ح 1
3- كامل الزيارات ص 286 ح 5
4- الوسائل ج 5 ص 365 ب 16 ممّا يسجد عليه ح 1

و سجد عليه.

ثمّ قال عليه السّلام: إنّ السجود على تربة أبي عبد اللّه عليه السّلام يخرق الحجب السبع. (1)

11-كان الصادق عليه السّلام لا يسجد إلاّ على تربة الحسين عليه السّلام تذلّلا للّه و استكانة إليه. (2)

12-عن زيد الشحّام، عن الصادق عليه السّلام قال: إنّ اللّه جعل تربة الحسين شفاء من كلّ داء، و أمانا من كلّ خوف، فإذا أخذها أحدكم فليقبّلها و ليضعها على عينه، و ليمرّها على سائر جسده، و ليقل: «اللهمّ بحقّ هذه التربة، و بحقّ من حلّ بها و ثوى فيها، و بحقّ أبيه و أمّه و أخيه و الأئمّة من ولده، و بحقّ الملائكة الحافّين به إلاّ جعلتها شفاء من كلّ داء، و برء من كلّ مرض، و نجاة من كلّ آفة، و حرزا ممّا أخاف و أحذر» ثمّ يستعملها.

قال أبو اسامة: فإنّي أستعملها من دهري الأطول كما قال و وصف أبو عبد اللّه عليه السّلام، فما رأيت-بحمد اللّه-مكروها. (3)

13-قال موسى بن جعفر عليهما السّلام: لا يستغني شيعتنا عن أربع: خمرة يصلّي عليها، و خاتم يتختّم به، و سواك يستاك به، و سبحة من طين قبر أبي عبد اللّه عليه السّلام فيها ثلاث و ثلاثون حبّة، متى قلبها ذاكرا للّه كتب اللّه له بكلّ حبّة أربعون حسنة، و إذا قلبها ساهيا يعبث بها كتب اللّه له عشرون حسنة أيضا. (4)

بيان:

في الوافي، «الخمرة» : أي سجادة صغيرة تعمل من سعف النخل.

أقول: في خبر آخر بدلها: "سجّادة".

ص:318


1- -الوسائل ج 5 ص 366 ح 3
2- الوسائل ج 5 ص 366 ح 4
3- الوسائل ج 14 ص 522 ب 70 من المزار ح 5
4- الوسائل ج 14 ص 536 ب 75 ح 2( البحار ج 85 ص 340)

14-عن الشهيد (الأوّل) رحمه اللّه أنّ السجود على التربة الحسينيّة تقبل به الصلوة و إن كانت غير مقبولة لو لا السجود عليها. (1)

15-عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: من أدار الطين من التربة فقال:

«سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر» مع كلّ حبّة منها، كتب اللّه له بها ستّة آلاف حسنة و محا عنه ستّة آلاف سيّئة و رفع له ستّة آلاف درجة، و أثبت له من الشفاعة مثلها. (2)

16-. . . قال الصادق عليه السّلام: من سبّح بسبحة من طين قبر الحسين عليه السّلام تسبيحة، كتب اللّه له أربع مائة حسنة و محى عنه أربع مائة سيّئة و قضيت له أربع مائة حاجة و رفع له أربع مائة درجة، ثمّ قال: و تكون السبحة بخيوط زرق أربعا و ثلاثين خرزة و هي سبحة مولاتنا فاطمة الزهراء لمّا قتل حمزة عليه السّلام عملت من طين قبره سبحة تسبّح بها بعد كلّ صلاة. (3)

بيان:

«خرزة» : يقال بالفارسيّة: دانه تسبيح.

17-روي أنّ الحور العين إذا أبصرن بواحد من الأملاك يهبط إلى الأرض لأمرما، يستهدين منه السبح و التربة من طين قبر الحسين عليه السّلام. (4)

18-عن جعفر بن عيسى أنّه سمع أبا الحسن عليه السّلام يقول: ما على أحدكم إذا دفن الميّت و وسّده بالتراب أن يضع مقابل وجهه لبنة من طين الحسين عليه السّلام، و لا يضعها تحت رأسه. (5)

ص:319


1- -المستدرك ج 4 ص 12 ب 9 ممّا يسجد عليه ح 1
2- المستدرك ج 4 ص 13 ح 3
3- البحار ج 85 ص 340 باب تسبيح فاطمة عليها السّلام ح 32
4- البحار ج 101 ص 134 باب تربته (ع) ح 67
5- البحار ج 101 ص 136 ح 75

أقول:

ذكرنا أهمّ الأخبار و أمّا الأخبار من طرق العامّة فراجع كتاب «سيرتنا و سنّتنا» للعلاّمة الأميني رحمه اللّه ص 35 إلى 143.

ص:320

16- التوبة

اشارة

و فيه فصلان:

الفصل الأوّل: فضلها

الآيات

1- . . . إِنَّ اَللّهَ يُحِبُّ اَلتَّوّابِينَ وَ يُحِبُّ اَلْمُتَطَهِّرِينَ. (1)

2- وَ اَلَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اَللّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَ مَنْ يَغْفِرُ اَلذُّنُوبَ إِلاَّ اَللّهُ وَ لَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَ هُمْ يَعْلَمُونَ- أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ جَنّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا اَلْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَ نِعْمَ أَجْرُ اَلْعامِلِينَ. (2)

3- فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَ أَصْلَحَ فَإِنَّ اَللّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اَللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. (3)

ص:321


1- -البقرة:222
2- آل عمران:135 و 136
3- المائدة:39

4- أَ فَلا يَتُوبُونَ إِلَى اَللّهِ وَ يَسْتَغْفِرُونَهُ وَ اَللّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ. (1)

5- وَ إِذا جاءَكَ اَلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ اَلرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَ أَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ. (2)

6- أَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اَللّهَ هُوَ يَقْبَلُ اَلتَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَ يَأْخُذُ اَلصَّدَقاتِ وَ أَنَّ اَللّهَ هُوَ اَلتَّوّابُ اَلرَّحِيمُ (3)

7- وَ أَنِ اِسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى. . . (4)

8- وَ يا قَوْمِ اِسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ اَلسَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وَ يَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ وَ لا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ. (5)

9- . . . وَ تُوبُوا إِلَى اَللّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا اَلْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. (6)

10- قُلْ يا عِبادِيَ اَلَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اَللّهِ. الآيات (7)

11- وَ هُوَ اَلَّذِي يَقْبَلُ اَلتَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَ يَعْفُوا عَنِ اَلسَّيِّئاتِ وَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ. (8)

ص:322


1- -المائدة:74
2- الأنعام:54
3- التوبة:104
4- هود:3
5- هود:52
6- النور:31
7- الزمر:53 و 54
8- الشورى:25

12- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اَللّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً. . . (1)

الأخبار

1-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: و اللّه ما ينجو من الذنب إلاّ من أقرّ به.

قال: و قال أبو جعفر عليه السّلام: كفى بالندم توبة. (2)

بيان:

في الصحاح، التوبة: الرجوع عن الذنب. . . و في المقائيس: (توب) . . . كلمة واحدة تدلّ على الرجوع يقال: تاب من ذنبه أي رجع عنه. و في المصباح: تاب من ذنبه. . .

أقلع. . . و تاب اللّه عليه؛ غفر له و أنقذه من المعاصي.

أقول: إذا انفصمت العروة بين العبد و ربّه فيكون توبة العبد رجوعه عن الذنب إلى اللّه، و يكون رجوع الخالق إلى العبد الغفران له.

و في المفردات، التوب: ترك الذنب على أجمل الوجوه و هو أبلغ وجوه الاعتذار، فإنّ الاعتذار على ثلاثة أوجه: إمّا أن يقول المعتذر: لم أفعل، أو يقول: فعلت لأجل كذا، أو فعلت و أسأت و قد أقلعت و لا رابع لذلك، و هذا الأخير هو التوبة، و التوبة في الشرع ترك الذنب لقبحه و الندم على ما فرط منه و العزيمة على ترك المعاودة و تدارك ما أمكنه أن يتدارك من الأعمال بالإعادة، فمتى اجتمعت هذه الأربع فقد كمل شرائط التوبة. . .

أقول: لا يخفى أنّ في العبارة خلطا بين معنى التوبة و شروطها.

و قال الشيخ محمّد حسين الإصفهاني رحمه اللّه: "تتمّة في حقيقة التوبة و وجوبها" أمّا حقيقة التوبة فهي لغة بمعنى الرجوع و تضاف إلى اللّه و إلى العبد، فتوبة العبد

ص:323


1- -التحريم:8
2- الكافي ج 2 ص 311 باب الاعتراف بالذنوب ح 1

رجوعه من الذنب إلى ربّه و من البعد عنه إلى قربه، و توبة اللّه تعالى رجوعه بالمغفرة و الرحمة على عبده و لذا لا تتعدّي التوبة المضافة إليه تعالى إلاّ بحرف الاستعلاء لتضمّنه الرحمة و ما يقاربها معنى، ثمّ إنّ التوبة كما عليه أهل المعرفة علم و حال و عمل و الكلّ نحو من الرجوع. . . (رسالة الاجتهاد و التقليد ص 85)

أقول: قد صرّح العلماء بأنّ وجوب التوبة يعمّ الأشخاص و الأحوال. قال اللّه تعالى: وَ تُوبُوا إِلَى اَللّهِ جَمِيعاً و أنّ التوبة واجبة على الفور و لا يجوز تأخيرها، و من ترك المبادرة إلى التوبة بالتسويف كان بين خطرين عظيمين؛ أحدهما، أن تتراكم الظلمة على قلبه من المعاصي حتّى يصير رينا و طبعا فلا يقبل المحو.

و الثاني، أن يعاجله المرض أو الموت فلا يجد مهلة للتوبة و محو المعاصي، و لذلك ورد: أنّ أكثر صياح أهل النار من التسويف، فما هلك من هلك إلاّ بالتسويف.

و يجب على العبد أن يتذكّر ما ورد في فضل التوبة، و يتذكّر قبح الذنوب و شدّة العقوبة عليها، و ما ورد في الكتاب و السنّة من ذمّ المذنبين و العاصين، و يتأمّل في قصص الأنبياء و أكابر العباد و ما جرى عليهم من المصائب الدنيويّه بسبب تركهم الأولى، و أن يعلم أنّ كل ما يصيب المؤمن في الدنيا من العقوبة و المصائب فهو بسبب معصيته، و يتذكّر ما ورد من العقوبات على آحاد الذنوب. ثمّ يتذكّر ضعف نفسه و عجزها عن احتمال عذاب الآخرة و عقوبة الدنيا و يتفكّر في قرب الموت، فمن تأمّل في جميع ذلك انبعثت نفسه للتوبة.

(لاحظ جامع السعادات (ج 3) و غيره)

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ الرجل ليذنب الذنب فيدخله اللّه به الجنّة، قلت: يدخله اللّه بالذنب الجنّة؟ قال: نعم إنّه ليذنب فلا يزال منه خائفا ماقتا

ص:324

لنفسه فيرحمه اللّه فيدخله الجنّة. (1)

3-عن معاوية بن وهب قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إذا تاب العبد توبة نصوحا أحبّه اللّه فستر عليه في الدنيا و الآخرة، فقلت: و كيف يستر عليه؟ قال: ينسي ملكيه ما كتبا عليه من الذنوب و يوحي إلى جوارحه: اكتمي عليه ذنوبه و يوحي إلى بقاع الأرض: اكتمي ما كان يعمل عليك من الذنوب، فيلقى اللّه حين يلقاه و ليس شيء يشهد عليه بشيء من الذنوب. (2)

بيان:

«النصوح» في النهاية ج 5 ص 63: «في حديث ابيّ، سألت النبيّ (ص) عن التوبة النصوح؟ قال: هي الخالصة التي لا يعاود بعدها الذنب» و فعول من أبنية المبالغة، يقع على الذكر و الانثى، فكأنّ الإنسان بالغ في نصح نفسه بها.

4-عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اَللّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً قال: هو الذنب الذي لا يعود فيه أبدا، قلت: و أيّنا لم يعد؟ فقال: يا أبا محمّد، إنّ اللّه يحبّ من عباده المفتّن التوّاب. (3)

بيان:

«المفتّن التوّاب» : الذي يقع كثيرا في الفتنة و الذنب ثمّ يتوب ثمّ يعود ثمّ يتوب.

5-عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا رفعه قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ أعطى التائبين ثلاث خصال لو أعطى خصلة منها جميع أهل السموات و الأرض لنجوا بها، قوله عزّ و جلّ: إِنَّ اَللّهَ يُحِبُّ اَلتَّوّابِينَ وَ يُحِبُّ اَلْمُتَطَهِّرِينَ فمن أحبّه اللّه لم يعذّبه، و قوله: اَلَّذِينَ يَحْمِلُونَ اَلْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ . . . فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ

ص:325


1- -الكافي ج 2 ص 311 ح 3
2- الكافي ج 2 ص 314 باب التوبة ح 1
3- الكافي ج 2 ص 314 ح 4

تابُوا . . . الآيات (1)و قوله عزّ و جلّ: وَ اَلَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اَللّهِ إِلهاً آخَرَ . . . إِلاّ مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اَللّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَ كانَ اَللّهُ غَفُوراً رَحِيماً (2). (3)

بيان:

«ثلاث خصال» الأولى: أنّه تعالى يحبّهم، و الثانية: أنّ الملائكة يستغفرون لهم، و الثالثة: أنّه عزّ و جلّ وعدهم الأمن و الرحمة و أن يبدّل سيئاتهم حسنات.

6-عن أبي عبيدة الحذّاء قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: إنّ اللّه تعالى أشدّ فرحا بتوبة عبده من رجل أضلّ راحلته و زاده في ليلة ظلماء فوجدها، فاللّه أشدّ فرحا بتوبة عبده من ذلك الرجل براحلته حين وجدها. (4)

أقول:

روى مسلم في صحيحه مثله بطرق متعدّدة عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله. (المرآة ج 11 ص 303)

7-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سمعته يقول: التائب من الذنب كمن لا ذنب له، و المقيم على الذنب و هو مستغفر منه كالمستهزئ. (5)

8-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ أوحى إلى داود عليه السّلام أن ائت عبدي دانيال فقل له: إنّك عصيتني فغفرت لك و عصيتني فغفرت لك و عصيتني فغفرت لك، فإن أنت عصيتني الرابعة لم أغفر لك، فأتاه داود عليه السّلام فقال:

يا دانيال، إنّني رسول اللّه إليك و هو يقول لك: إنّك عصيتني فغفرت لك و عصيتني فغفرت لك و عصيتني فغفرت لك، فإن أنت عصيتني الرابعة لم أغفر لك.

ص:326


1- -المؤمن:7-9
2- الفرقان:68 إلى 70
3- الكافي ج 2 ص 315 ح 5
4- الكافي ج 2 ص 316 ح 8
5- الكافي ج 2 ص 316 ح 10

فقال له دانيال: قد أبلغت يا نبيّ اللّه، فلمّا كان في السحر قام دانيال فناجى ربّه فقال: يا ربّ، إنّ داود نبيّك أخبرني عنك أنّني قد عصيتك فغفرت لي و عصيتك فغفرت لي و عصيتك فغفرت لي، و أخبرني عنك أنّني إن عصيتك الرابعة لم تغفر لي، فو عزّتك لئن لم تعصمني لأعصينّك ثمّ لأعصينّك ثمّ لأعصينّك. (1)

بيان:

اعلم أنّ دانيال في الحديث اسم رجل كان من امّة داود و ليس هو دانيال النبيّ، لأنّ ولادة داود وقع في سنة 1252 قبل الميلاد و وفاته 1182، و ولادة دانيال النبيّ وقع في سنة 768 قبل الميلاد، فلا يحتاج إلى حمل المجلسي رحمه اللّه حيث قال:

و العصيان محمول على ترك الأولى.

9-عن ابن بكير عن أبي عبد اللّه أو عن أبي جعفر عليهما السّلام قال: إنّ آدم عليه السّلام قال: يا ربّ، سلّطت عليّ الشيطان و أجريته منّي مجرى الدم فاجعل لي شيئا، فقال: يا آدم، جعلت لك أنّ من همّ من ذرّيّتك بسيّئة لم تكتب عليه، فإن عملها كتبت عليه سيّئة، و من همّ منهم بحسنة فإن لم يعملها كتبت له حسنة، فإن هو عملها كتبت له عشرا.

قال: يا ربّ، زدني قال: جعلت لك أنّ من عمل منهم سيّئة ثمّ استغفر غفرت له،

قال: يا ربّ، زدني قال: جعلت لهم التوبة-أو قال: بسطت لهم التوبة-حتّى تبلغ النفس هذه، قال: يا ربّ، حسبي. (2)

10-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من تاب قبل موته بسنة قبل اللّه توبته، ثمّ قال: إنّ السنة لكثيرة، من تاب قبل موته بشهر قبل اللّه

ص:327


1- -الكافي ج 2 ص 316 ح 11
2- الكافي ج 2 ص 319 باب فيما أعطى اللّه آدم وقت التوبة ح 1

توبته، ثمّ قال: إنّ الشهر لكثير، من تاب قبل موته بجمعة قبل اللّه توبته، ثمّ قال:

إنّ الجمعة لكثير، من تاب قبل موته بيوم قبل اللّه توبته، ثمّ قال: إنّ يوما لكثير، من تاب قبل أن يعاين قبل اللّه توبته. (1)

بيان:

«الجمعة» بسكون الميم: اسم لأيّام الأسبوع كما في المصباح.

«يعاين» : أي يشاهد حلول الموت و أحوال الآخرة.

11-عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إذا بلغت النفس هذه-و أهوى بيده إلى حلقه-لم يكن للعالم توبة و كانت للجاهل توبة. (2)

أقول:

في الكافي ج 1 ص 37 باب لزوم الحجّة على العالم ح 3 مثله، و زاد في آخره: ثمّ قرء عليه السّلام: إِنَّمَا اَلتَّوْبَةُ عَلَى اَللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ اَلسُّوءَ بِجَهالَةٍ.

12-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ترك الخطيئة أيسر من طلب التوبة، و كم من شهوة ساعة أورثت حزنا طويلا، و الموت فضح الدنيا، فلم يترك لذي لبّ فرحا. (3)

بيان:

«الموت فضح الدنيا» : لكشفه عن مساويها و غرورها و عدم وفائها لأهلها.

(المرآة ج 11 ص 351)

13-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما من مؤمن يقارف في يومه و ليلته أربعين كبيرة فيقول و هو نادم: «أستغفر اللّه الذي لا إله إلاّ هو الحيّ القيّوم بديع السموات و الأرض ذو الجلال و الإكرام و أسأله أن يصلّي على محمّد و آل محمّد

ص:328


1- -الكافي ج 2 ص 319 ح 2
2- الكافي ج 2 ص 319 ح 3
3- الكافي ج 2 ص 326 باب أنّ ترك الخطيئة أيسر من طلب التوبة.

و أن يتوب عليّ» إلاّ غفرها اللّه عزّ و جلّ له، و لا خير فيمن يقارف في يوم أكثر من أربعين كبيرة. (1)

بيان:

في النهاية ج 4 ص 45، يقال: قرف الذنب و اقترفه إذا عمله. و قارف الذنب و غيره إذا داناه و لا صقه.

14-سئل (أمير المؤمنين عليه السّلام) عن الخير ما هو؟ فقال عليه السّلام: ليس الخير أن يكثر مالك و ولدك، و لكنّ الخير أن يكثر علمك و أن يعظم حلمك و أن تباهي الناس بعبادة ربّك، فإن أحسنت حمدت اللّه، و إن أسأت استغفرت اللّه، و لا خير في الدنيا إلاّ لرجلين: رجل أذنب ذنوبا فهو يتداركها بالتوبة، و رجل يسارع في الخيرات، و لا يقلّ عمل مع التقوى و كيف يقلّ ما يتقبّل! ؟ (2)

15-و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من أعطي أربعا لم يحرم أربعا: من أعطي الدعاء لم يحرم الإجابة، و من أعطي التوبة لم يحرم القبول، و من أعطي الاستغفار لم يحرم المغفرة، و من أعطي الشكر لم يحرم الزيادة. (3)

قال السيّد الرضيّ رحمه اللّه: و تصديق ذلك في كتاب اللّه، قال في الدعاء: اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ و قال في الاستغفار: وَ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اَللّهَ يَجِدِ اَللّهَ غَفُوراً رَحِيماً و قال في الشكر: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ و قال في التوبة: إِنَّمَا اَلتَّوْبَةُ عَلَى اَللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ اَلسُّوءَ بِجَهالَةٍ. . .

16-و قال عليه السّلام: ما أهمّني ذنب أمهلت بعده حتّى أصلّي ركعتين و أسأل اللّه

ص:329


1- -الكافي ج 2 ص 318 باب الاستغفار من الذنب ح 7
2- نهج البلاغة ص 1128 ح 91
3- نهج البلاغة ص 1151 ح 130

العافية. (1)

17-قال الصادق جعفر بن محمّد عليه السّلام: لمّا نزلت هذه الآية: وَ اَلَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اَللّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ صعد إبليس جبلا بمكّة يقال له: ثور فصرخ بأعلا صوته بعفاريته، فاجتمعوا إليه، فقالوا: يا سيّدنا، لم دعوتنا؟ قال: نزلت هذه الآية، فمن لها؟ فقام عفريت من الشياطين فقال: أنا لها بكذا و كذا قال: لست لها، فقام آخر فقال: مثل ذلك فقال: لست لها، فقال الوسواس الخنّاس: أنا لها قال: بماذا؟ قال أعدهم و أمنيّهم حتّى يواقعوا الخطيئة، فإذا واقعوا الخطيئة أنسيتهم الاستغفار، فقال: أنت لها، فوكله بها إلى يوم القيامة. (2)

بيان:

«فمن لها» : أي من يقوم بهذا الأمر. «العفريت» : النافذ في الأمر مع دهاء، و الخبيث المنكر.

18-دخل معاذ بن جبل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله باكيا، فسلّم فردّ صلّى اللّه عليه و آله ثمّ قال: ما يبكيك يا معاذ؟ فقال: يا رسول اللّه، إنّ بالباب شابّا طريّ الجسد، نقيّ اللون حسن الصورة، يبكي على شبابه بكاء الثكلى على ولدها، يريد الدخول عليك. فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أدخل عليّ الشابّ يا معاذ، فأدخله عليه فسلّم فردّ صلّى اللّه عليه و آله ثمّ قال: ما يبكيك يا شابّ؟ قال: كيف لا أبكي و قد ركبت ذنوبا إن أخذني اللّه عزّ و جلّ ببعضها أدخلني نار جهنّم و لا أراني إلاّ سيأخذني بها و لا يغفر لي أبدا.

فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: هل أشركت باللّه شيئا؟ قال: أعوذ باللّه أن أشرك بربّي شيئا، قال: أقتلت النفس التي حرّم اللّه؟ قال: لا، فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله: يغفر اللّه لك

ص:330


1- -نهج البلاغة ص 1230 ح 291
2- أمالي الصدوق ص 465 م 71 ح 5

ذنوبك و إن كانت مثل الجبال الرواسي، قال الشابّ: فإنّها أعظم من الجبال الرواسي، فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله: يغفر اللّه لك ذنوبك و إن كانت مثل الأرضين السبع و بحارها و رمالها و أشجارها و ما فيها من الخلق. قال: فإنّها أعظم من الأرضين السبع و بحارها و رمالها و أشجارها و ما فيها من الخلق. فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يغفر اللّه لك ذنوبك و إن كانت مثل السموات و نجومها و مثل العرش و الكرسيّ، قال: فإنّها أعظم من ذلك،

قال: فنظر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إليه كهيئة الغضبان ثمّ قال: و يحك يا شابّ، ذنوبك أعظم أم ربّك؟ فخّر الشابّ لوجهه و هو يقول: سبحان ربّي ما شيء أعظم من ربّي، ربّي أعظم يا نبيّ اللّه، من كلّ عظيم. فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: فهل يغفر الذنب العظيم إلاّ الربّ العظيم؟ قال الشابّ لا و اللّه يا رسول اللّه، ثمّ سكت الشابّ.

فقال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: و يحك يا شابّ، ألا تخبرني بذنب واحد من ذنوبك؟ قال:

بلى أخبرك، إنّي كنت أنبش القبور سبع سنين أخرج الأموات و أنزع الأكفان، فماتت جارية من بعض بنات الأنصار، فلمّا حملت إلى قبرها و دفنت و انصرف عنها أهلها و جنّ عليهم الليل، أتيت قبرها فنبشتها ثمّ استخرجتها و نزعت ما كان عليها من أكفانها و تركتها متجردة على شفير قبرها و مضيت منصرفا، فأتاني الشيطان فأقبل يزيّنها لي و يقول: أما ترى بطنها و بياضها، أما ترى و ركيها، فلم يزل يقول لي هذا حتّى رجعت إليها و لم أملك نفسي حتّى جامعتها و تركتها مكانها، فإذا أنا بصوت من ورائي يقول: يا شابّ، ويل لك من ديّان يوم الدين، يوم يقفني و إيّاك كما تركتني عريانة في عساكر الموتى و نزعتني من حفرتي و سلبتني أكفاني و تركتني أقوم جنبة إلى حسابي، فويل لشبابك من النار! فما أظنّ أنّي أشمّ ريح الجنّة أبدا فما ترى لي يا رسول اللّه؟

فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: تنحّ عنّي يا فاسق، إنّي أخاف أن أحترق بنارك فما أقربك من النار، ثمّ لم يزل صلّى اللّه عليه و آله يقول و يشير إليه حتّى أمعن من بين يديه، فذهب فأتى

ص:331

المدينة فتزوّد منها ثمّ أتى بعض جبالها، فتعبّد فيها و لبس مسحا و غلّ يديه جميعا إلى عنقه و نادى: يا ربّ، هذا عبدك بهلول بين يديك مغلول يا ربّ، أنت الذي تعرفني و زلّ منّي ما تعلم سيّدي يا ربّ، إنّي أصبحت من النادمين و أتيت بنبيّك تائبا فطردني و زادني خوفا، فأسألك باسمك و جلالك و عظمة سلطانك أن لا تخيّب رجائي، سيّدي و لا تبطل دعائي و لا تقنطني من رحمتك،

فلم يزل يقول ذلك أربعين يوما و ليلة، تبكي له السباع و الوحوش، فلمّا تمّت له أربعون يوما و ليلة رفع يديه إلى السماء و قال: اللهم ما فعلت في حاجتي إن كنت استجبت دعائي و غفرت خطيئتي فأوح إلى نبيّك و إن لم تستجب لي دعائي و لم تغفر لي خطيئتي و أردت عقوبتي فعجّل بنار تحرقني أو عقوبة في الدنيا تهلكني و خلّصني من فضيحة يوم القيامة.

فأنزل اللّه تبارك و تعالى على نبيّه صلّى اللّه عليه و آله: وَ اَلَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً يعني الزنا أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ يعني بارتكاب ذنب أعظم من الزنا و نبش القبور و أخذ الأكفان ذَكَرُوا اَللّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ يقول: خافوا اللّه فعجّلوا التوبة وَ مَنْ يَغْفِرُ اَلذُّنُوبَ إِلاَّ اَللّهُ يقول عزّ و جلّ: أتاك عبدي يا محمّد، تائبا فطردته فأين يذهب؟ و إلى من يقصد؟ و من يسأل أن يغفر له ذنبا غيري؟ . . .

فلمّا نزلت هذه الآية على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خرج و هو يتلوها و يتبسّم فقال لأصحابه: من يدلّني على ذلك الشابّ التائب، فقال معاذ: يا رسول اللّه، بلغنا أنّه في موضع كذا و كذا، فمضى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بأصحابه حتّى انتهوا إلى ذلك الجبل فصعدوا إليه يطلبون الشابّ، فإذا هم بالشابّ قائم بين صخرتين، مغلولة يداه إلى عنقه قد اسودّ وجهه و تساقطت أشفار عينيه من البكاء و هو يقول: «سيّدي قد أحسنت خلقي. . . فليت شعري تغفر خطيئتي أم تفضحني بها يوم القيامة» فلم يزل يقول نحو هذا و هو يبكي و يحثو التراب على رأسه و قد أحاطت به السباع و صفّت فوقه الطير و هم يبكون لبكائه.

ص:332

فدنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فأطلق يديه من عنقه و نفض التراب عن رأسه و قال:

يا بهلول، أبشر فإنّك عتيق اللّه من النار ثمّ قال صلّى اللّه عليه و آله لأصحابه: هكذا تداركوا الذنوب كما تداركها بهلول، ثمّ تلا عليه ما أنزل اللّه عزّ و جلّ فيه و بشّره بالجنّة. (1)

بيان:

«الطريّ» يقال بالفارسيّة: تر و تازة. «نقيّ اللون» يقال بالفارسيّة: خوشرنگ.

«الرواسي» : الجبال الثوابت الرواسخ. «الورك» : ما فوق الفخذ. «تنحّ عنّي» : تباعد عنّي. «أمعن من بين يديه» : أي أبعد عنه و غاب. «المسح» : ما يلبس من نسيج الشعر على البدن تفشّفا و قهرا للجسد. «بهلول» : اسم الشابّ. «لا تبطل دعائي» :

أي لا تردّه. «يحثو التراب» : يصبّ التراب على رأسه.

19-في مواعظ أمير المؤمنين عليه السّلام قيل له عليه السّلام: ما التوبة النصوح؟ فقال عليه السّلام: ندم بالقلب و استغفار باللسان و القصد على أن لا يعود. (2)

20-في مواعظ الجواد عليه السّلام: تأخير التوبة اغترار، و طول التسويف حيرة، و الاعتلال على اللّه هلكة، و الإصرار على الذنب أمن لمكر اللّه فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اَللّهِ إِلاَّ اَلْقَوْمُ اَلْخاسِرُونَ (3)(4)

بيان:

في مجمع البحرين، التسويف في الأمر: المطل و تأخيره و القول بأنّي سوف أعمل.

«الاعتلال» اعتلّ بالأمر: اعتذر.

ص:333


1- -أمالي الصدوق ص 42 م 11 ح 3- بحار ج 6 ص 23 و نور الثقلين ج 1 ص 391 ذيل الآية
2- تحف العقول ص 149
3- الأعراف:99
4- تحف العقول ص 336

21-عن حفص بن غياث قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا خير في الدنيا إلاّ لرجلين: رجل يزداد في كلّ يوم إحسانا، و رجل يتدارك ذنبه بالتوبة و أنّى له بالتوبة، و اللّه لو سجد حتّى ينقطع عنقه ما قبل اللّه منه إلاّ بولايتنا أهل البيت. (1)

22-عن أبن بكير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (في حديث) قال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يتوب إلى اللّه كلّ يوم سبعين مرّة من غير ذنب. (2)

23-عن إبراهيم بن أبي البلاد قال: قال لي أبو الحسن عليه السّلام: إنّي أستغفر اللّه في كلّ يوم خمسة آلاف مرّة، ثمّ قال لي: خمسة آلاف كثير. (3)

24-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لا شفيع أنجح من التوبة. (4)

25-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : توبوا إلى اللّه عزّ و جلّ و ادخلوا في محبّته، فإنّ اللّه يحبّ التوّابين و يحبّ المتطهّرين، و المؤمن توّاب. (5)

26-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: تُوبُوا إِلَى اَللّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً قال: هو صوم الأربعاء و الخميس و الجمعة.

قال الصدوق رحمه اللّه: معناه أن يصوم هذه الأيّام ثمّ يتوب. (6)

27-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ما من بلدة تاب فيها رجل إلاّ رحم اللّه أهل تلك البلدة و رفع العذاب عنهم، و عن أهل المقابر أربعين يوما، و يغفر لأهل القبور ذنب أربعين عاما لفضل هذا العبد عند اللّه.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: لا تؤخّر التوبة فإنّ الموت يأتي بغتة.

ص:334


1- -الوسائل ج 16 ص 76 ب 86 من جهاد النفس ح 15
2- الوسائل ج 16 ص 85 ب 92 ح 4 و ص 86 ح 6
3- الوسائل ج 16 ص 86 ح 8
4- البحار ج 6 ص 19 باب التوبة ح 6
5- البحار ج 6 ص 21 ح 14
6- البحار ج 6 ص 22 ح 21

و قال صلّى اللّه عليه و آله: نعم الوسيلة الاستغفار (1)

28-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: استغفروا بعد الذنب أسرع من طرفة عين، فإن لم تفعلوا فبالإنفاق، فإن لم تفعلوا فبكظم الغيظ، فإن لم تفعلوا فبالعفو عن الناس، فإن لم تفعلوا فبالإحسان إليهم، فإن لم تفعلوا فبترك الإصرار، فإن لم تفعلوا فبالرجاء، لا تقنطوا من رحمة اللّه. (2)

29-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إذا تاب العبد تاب اللّه عليه و أنسى الحفظة ما علموا منه، و قيل للأرض و جوارحه: اكتموا عليه مساوئه و لا تظهروا عليه أبدا.

. . . و قال صلّى اللّه عليه و آله: اللّه أفرح بتوبة العبد من الظمآن الوارد و المضلّ الواجد و العقيم الوالد.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: إنّما التوبة من الذنب أن لا تعود إليه أبدا.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. (3)

30-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما من شيء أحبّ إلى اللّه من شابّ تائب. (4)

31-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا أكثر العبد من الاستغفار رفعت صحيفته و هي تتلألأ. (5)

32-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: التائب حبيب اللّه، و التائب من الذنب كمن لا ذنب له. (6)

33-قال عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام: سبعة أشياء من الاستهزاء؛

ص:335


1- -المستدرك ج 12 ص 123 ب 85 من جهاد النفس ح 14
2- المستدرك ج 12 ص 124 ح 16
3- المستدرك ج 12 ص 126 ب 86 ح 5
4- مشكوة الأنوار ص 110 ب 3 ف 1
5- مشكوة الأنوار ص 111
6- جامع السعادات ج 3 ص 65

من استغفر اللّه بلسانه و لم يندم قلبه فقد استهزء بنفسه، و من سأل اللّه التوفيق و لم يجتهد فقد استهزء بنفسه، و من سأل اللّه الجنّة و لم يصبر على الشدائد فقد استهزء بنفسه، و من تعوّذ باللّه من النار و لم يترك شهوات الدنيا فقد استهزء بنفسه، و من ذكر الموت و لم يستعدّ له فقد استهزء بنفسه، و من ذكر اللّه و لم يشتق إلى لقائه فقد استهزء بنفسه، و من أصرّ على المعاصي و طلب العفو من ربّه و لم يتب فقد استهزء بنفسه. (1)

34-عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال:

الندم استغفار. (الغرر ج 1 ص 11 ف 1 ح 226)

الإقرار اعتذار-الإنكار إصرار. (ح 227 و 228)

الندم على الخطيئة يمحوها. (ص 31 ح 944)

المقرّ بالذنوب تائب. (ص 35 ح 1107)

التوبة تستنزل الرحمة-الإصرار يجلب النقمة. (ص 36 ح 1111 و 1112)

الندم على الخطيئة استغفار-المعاودة إلى الذنب إصرار.

(ص 42 ح 1256 و 1257)

إخلاص التوبة يسقط الحوبة. (ص 45 ح 1311)

الندم على الذنب يمنع من معاودته. (ص 51 ح 1440)

الندم أحد التوبتين. (ص 66 ح 1729)

الذنوب الداء، و الدواء الاستغفار و الشفاء أن لا تعود. (ص 79 ح 1913)

التوبة ندم بالقلب و استغفار باللسان و ترك بالجوارح و إضمار أن لا يعود.

(ص 93 ح 2094)

ثمرة التوبة استدراك فوارط النفس. (ص 362 ف 23 ح 69)

ص:336


1- -الاثنى عشريّة ص 287 الخاتمة من ب 7-و بمضمونه في البحار ج 78 ص 356 عنه عليه السّلام

حسن التوبة يمحو الحوبة. (ص 379 ف 27 ح 58)

ربّ جرم أغنى عن الاعتذار عنه الإقرار به. (ص 417 ف 35 ح 75)

طوبى لكلّ نادم على زلّته، مستدرك فارط عثرته.

(الغرر ج 2 ص 465 ف 46 ح 12)

عاص يقرّ بذنبه خير من مطيع (عامل ف ن) يفتخر بعلمه (بعمله ف ن) .

(ص 502 ف 55 ح 50)

لو أنّ الناس حين عصوا تابوا و استغفروا لم يعذّبوا و لم يهلكوا.

(ص 604 ف 75 ح 16)

من ندم فقد تاب. (ص 620 ف 77 ح 201)

من تاب فقد أناب (ح 202)

ما أذنب من اعتذر. (ص 736 ف 79 ح 3)

ما أخلق (1)من عرف ربّه أن يعترف ذنبه. (ص 747 ح 187)

مسوّف نفسه بالتوبة، من هجوم الأجل على أعظم الخطر.

(ص 768 ف 80 ح 161)

ندم القلب يكفّر الذنب و يمحّص الجريرة. (ص 775 ف 82 ح 24)

لا شفيع أنجح من الاستغفار-لا وزر أعظم من الإصرار-لا دين لمسوّف بتوبته. (ص 840 ف 86 ح 221 إلى 223)

لا شافع أنجح من الاعتذار. (ح 233)

لا اعتذار أنجى للذنب من الإقرار. (ص 841 ح 234)

يسير التوبة و الاستغفار يمحّص المعاصي و الإصرار.

(ص 867 ف 89 ح 17)

ص:337


1- -أي ما أجدر

أقول:

سيأتي ما يناسب المقام في أبواب الاستغفار، الذنب، و الصلاة علي النبيّ و آله و. . .

و يأتي في باب الموعظة قول أمير المؤمنين عليه السّلام في نهج البلاغة: لا تكن ممّن يرجو الآخرة بغير عمل و يرجّى التوبة بطول الأمل. . . و سوّف التوبة. . .

و من المهمّ في التوبة ما روى السيّد رحمه اللّه في الإقبال (في أعمال شهر ذي القعدة) عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و قد رواه المحدّث القمي رحمه اللّه في المفاتيح ملخّصا عنه في أعمال شهر ذي القعدة.

و لاحظ توبة قوم يونس في البحار ج 14 ص 380 و توبة أبي لبابة في ج 20 ص 274.

ص:338

الفصل الثانيّ: شرائطها و درجاتها

الآيات

1- إِلاَّ اَلَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَ أَصْلَحُوا فَإِنَّ اَللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ- إِنَّ اَلَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ ثُمَّ اِزْدادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَ أُولئِكَ هُمُ اَلضّالُّونَ. (1)

2- وَ اَلَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اَللّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَ مَنْ يَغْفِرُ اَلذُّنُوبَ إِلاَّ اَللّهُ وَ لَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَ هُمْ يَعْلَمُونَ- أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ جَنّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا اَلْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَ نِعْمَ أَجْرُ اَلْعامِلِينَ. (2)

3- إِنَّمَا اَلتَّوْبَةُ عَلَى اَللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ اَلسُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولئِكَ يَتُوبُ اَللّهُ عَلَيْهِمْ وَ كانَ اَللّهُ عَلِيماً حَكِيماً- وَ لَيْسَتِ اَلتَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ اَلسَّيِّئاتِ حَتّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ اَلْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ اَلْآنَ وَ لاَ اَلَّذِينَ يَمُوتُونَ وَ هُمْ كُفّارٌ أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً. (3)

4- إِلاَّ اَلَّذِينَ تابُوا وَ أَصْلَحُوا وَ اِعْتَصَمُوا بِاللّهِ وَ أَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلّهِ فَأُولئِكَ مَعَ

ص:339


1- -آل عمران:89 و 90
2- آل عمران:135 و 136
3- النساء:17 و 18

اَلْمُؤْمِنِينَ وَ سَوْفَ يُؤْتِ اَللّهُ اَلْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً. (1)

5- وَ اَلَّذِينَ عَمِلُوا اَلسَّيِّئاتِ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِها وَ آمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ. (2)

6- وَ آخَرُونَ اِعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً عَسَى اَللّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اَللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ . الآيات (3)

7- ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا اَلسُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَ أَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ. (4)

8- إِلاّ مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ اَلْجَنَّةَ وَ لا يُظْلَمُونَ شَيْئاً. (5)

9- وَ إِنِّي لَغَفّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اِهْتَدى. (6)

10- إِلاّ مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اَللّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَ كانَ اَللّهُ غَفُوراً رَحِيماً- وَ مَنْ تابَ وَ عَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اَللّهِ مَتاباً. (7)

11- فَأَمّا مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً فَعَسى أَنْ يَكُونَ مِنَ اَلْمُفْلِحِينَ. (8)

ص:340


1- -النساء:146
2- الاعراف:153
3- التوبة:102 إلى 104
4- النحل:119
5- مريم:60
6- طه:82
7- الفرقان:70 و 71
8- القصص:67

الأخبار

1-قال أمير المؤمنين عليه السّلام لقائل قال بحضرته أستغفر اللّه: ثكلتك أمّك أتدري ما الاستغفار؟ إنّ الاستغفار درجة العلّيّين و هو اسم واقع على ستّة معان:

أوّلها: الندم على ما مضى،

و الثاني: العزم على ترك العود إليه أبدا،

و الثالث: أن تؤدّي إلى المخلوقين حقوقهم حتّى تلقى اللّه أملس ليس عليك تبعة،

و الرابع: أن تعمد إلى كلّ فريضة عليك ضيّعتها فتؤدّي حقّها،

و الخامس: أن تعمد إلى اللحم الذي نبت على السحت فتذيبه بالأحزان حتّى تلصق الجلد بالعظم و ينشأ بينهما لحم جديد،

و السادس: أن تذيق الجسم ألم الطاعة كما أذقته حلاوة المعصية، فعند ذلك تقول: أستغفر اللّه. (1)

أقول:

في البحار ج 6 ص 37: ما سوى الأوّلين عند جمهور المتكلّمين من شرائط كمال التوبة.

بيان: «الأملس» قال ابن ميثم: استعار الأملس لنفاء الصحيفة من الآثام.

«أن تعمد» : أي تقصد. «السحت» : كلّ ما لا يحلّ كسبه و المال من كسب حرام.

2-في خبر شمعون عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: و أمّا علامة التائب فأربعة: النصيحة للّه في عمله و ترك الباطل و لزوم الحقّ و الحرص على الخير. (2)

ص:341


1- -نهج البلاغة ص 1281 ح 409
2- تحف العقول ص 22

3-قال كميل بن زياد: سألت أمير المؤمنين عليه السّلام عن قواعد الإسلام ماهي؟ . . . قلت: يا أمير المؤمنين، العبد يصيب الذنب فيستغفر اللّه منه، فما حدّ الاستغفار؟ قال: يابن زياد، التوبة، قلت: بس؟ قال: لا، قلت: فكيف؟ قال: إنّ العبد إذا أصاب ذنبا يقول: أستغفر اللّه بالتحريك، قلت: و ما التحريك؟ قال:

الشفتان و اللسان، يريد أن يتبع ذلك بالحقيقة، قلت: و ما الحقيقة؟ قال: تصديق في القلب و إضمار أن لا يعود إلى الذنب الذي استغفر منه.

قال كميل: فإذا فعلت ذلك فأنا من المستغفرين؟ قال: لا، قال كميل: فكيف ذاك؟ قال: لأنّك لم تبلغ إلى الأصل بعد. قال كميل: فأصل الاستغفار ما هو؟ قال: الرجوع إلى التوبة من الذنب الذي استغفرت منه و هي أوّل درجة العابدين و ترك الذنب.

و الاستغفار اسم واقع لمعان ستّ؛ أوّلها: الندم على ما مضى، و الثاني: العزم على ترك العود أبدا، و الثالث: أن تؤدّي حقوق المخلوقين التي بينك و بينهم، و الرابع: أن تؤدّي حقّ اللّه في كلّ فرض، و الخامس: أن تذيب اللحم الذي نبت على السحت و الحرام حتّى يرجع الجلد إلى عظمه ثمّ تنشأ فيما بينهما لحما جديدا، و السادس: أن تذيق البدن ألم الطاعات كما أذقته لذّات المعاصي. (1)

بيان:

«بس» : كلمة مأخوذة من الفارسيّة، بمعنى حسب و كفاية.

4-قال الصادق عليه السّلام: التوبة حبل اللّه و مدد عنايته و لا بدّ للعبد من مداومة التوبة على كلّ حال، و كلّ فرقة من العباد لهم توبة؛

فتوبة الأنبياء من اضطراب السرّ و توبة الأولياء من تلوين الخطرات و توبة الأصفياء من التنفّس و توبة الخاصّ من الاشتغال بغير اللّه و توبة العامّ

ص:342


1- -تحف العقول ص 138( البحار ج 6 ص 27 ح 28)

من الذنوب، و لكلّ واحد منهم معرفة و علم في أصل توبته و منتهى أمره، و ذلك يطول شرحه هيهنا.

فأمّا توبة العامّ، فأن يغسل باطنه من الذنوب بماء الحسرة، و الاعتراف بجنايته دائما و اعتقاد الندم على ما مضى، و الخوف على ما بقي من عمره، و لا يستصغر ذنوبه فيحمله ذلك إلى الكسل، و يديم البكاء و الأسف على مافاته من طاعة اللّه، و يحبس نفسه من الشهوات، و يستغيث إلى اللّه تعالى ليحفظه على وفاء توبته و يعصمه عن العود إلى ما سلف، و يروض نفسه في ميدان الجهد و العبادة، و يقضي عن الفوائت من الفرايض، و يردّ المظالم، و يعتزل قرناء السوء، و يسهر ليله و يظمأ نهاره، و يتفكّر دائما في عاقبته، و يستعين باللّه سائلا منه الاستقامة في سرّائه و ضرّائه و يثبت عند المحن و البلاء كيلا يسقط عن درجة التوّابين، فإنّ في ذلك طهارة من ذنوبه و زيادة في عمله و رفعة في درجاته، قال اللّه عزّ و جلّ: فَلَيَعْلَمَنَّ اَللّهُ اَلَّذِينَ صَدَقُوا وَ لَيَعْلَمَنَّ اَلْكاذِبِينَ (1)(2).

بيان:

في البحار ج 6 ص 31، «تلوين الخطرات» : أي إخطار الامور المتفرّقة بالبال، و عدم اطمينان القلب بذكر اللّه. «من التنفّس» : أي بغير ذكر اللّه، و في بعض النسخ:

على بناء التفعيل من تنفيس الهمّ أي تفريجه أي من الفرح و النشاط و الظاهر أنّه مصحّف.

5-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: التائب إذا لم يستبن عليه أثر التوبة فليس بتائب؛ يرضي الخصماء و يعيد الصلوات و يتواضع بين الخلق و يتّقي نفسه عن الشهوات و يهزل رقبته بصيام النهار و يصفّر لونه بقيام الليل و يخمص بطنه بقلّة الأكل

ص:343


1- -العنكبوت:3
2- مصباح الشريعة ص 54 ب 79

و يقوّس ظهره من مخافة النار و يذيب عظامه شوقا إلى الجنّة و يرقّ قلبه من هول ملك الموت و يجفّف جلده على بدنه بتفكّر الآخرة، فهذا أثر التوبة، و إذا رأيتم العبد على هذه الصفة فهو تائب ناصح لنفسه. (1)

6-و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أتدرون من التائب؟ فقالوا: اللهمّ لا. قال: إذا تاب العبد و لم يرض الخصماء فليس بتائب، و من تاب و لم يغيّر مجلسه و طعامه فليس بتائب، و من تاب و لم يغيّر رفقاءه فليس بتائب، و من تاب و لم يزد في العبادة فليس بتائب.

و من تاب و لم يغيّر لباسه فليس بتائب، و من تاب و لم يغيّر فراشه و وسادته فليس بتائب، (و من تاب و لم يغيّر خلقه و نيّته فليس بتائب،) و من تاب و لم يفتح قلبه و لم يوسّع كفّه فليس بتائب، و من تاب و لم يقصّر أمله و لم يحفظ لسانه فليس بتائب، و من تاب و لم يقدم فضل قوته من يديه فليس بتائب، و إذا استقام على هذه الخصال فذاك التائب. (2)

أقول:

قد مرّ أنّ أكثر هذه الشروط المذكورة في الأخبار من شرائط كمال التوبة.

و يأتي في باب الظلم حديث توبة صديق عليّ بن أبي حمزة عامل بني أميّة.

و قال الشيخ محمّد حسين الإصفهاني رحمه اللّه (كمپاني) : . . . ثمّ إنّ التوبة كما عليه أهل المعرفة علم و حال و عمل، و الكلّ نحو من الرجوع، فتارة تطلق التوبة على الكلّ و اخرى يختصّ بعض مراتبها باسم التوبة و بعضها باسم الاستغفار.

فالمرتبة الأولى منها؛ هو الرجوع من الجهل و الغرور إلى العلم و الإقرار قلبا، فإنّه ما لم يعلم عظمة الربّ و عظمة عصيانه و شدّة عقابه لا يكون له رجوع حالي أو

ص:344


1- -جامع الأخبار ص 87 ف 45
2- جامع الأخبار ص 88- البحار ج 6 ص 35

عملي فإذا حصل هذا العلم بأسبابه فقد حصل له الرجوع علما و إلى مثل هذه المرتبة أشير في الخبر: «من أذنب ذنبا كبيرا كان أو صغيرا و هو يعلم أنّ لي أعذّبه أو أعفو عنه عفوت عنه» .

و في خبر آخر: «إنّ من لم يندم فهو ليس بمؤمن بالعقوبة» .

و في خبر آخر: «ما خرج عبد من ذنب إلاّ بالإقرار» .

و المرتبة الثانية؛ هو الرجوع من المسرّة إلى ضدّها و هو أن تسوءه سيّئة بعد أن كانت تسرّه، و إليه اشير في الخبر «ما من مؤمن أذنب ذنبا إلاّ ساءه ذلك» .

و قال عليه السّلام: «من سرّته حسنته و ساءته سيّئته فهو مؤمن، و من لم يندم على ذنبه فهو ليس بمؤمن» . . .

و المرتبة الثالثة؛ الرجوع من الفرح بالظفر بالمعصية إلى التحزّن و التأسّف على صدورها منه، و إليه ينظر قوله عليه السّلام: «كفى بالندم توبة» .

و قوله صلّى اللّه عليه و آله: «الندامة توبة» .

و في خبر آخر: «ما من عبد أذنب ذنبا فندم عليه إلاّ غفر اللّه له قبل أن يستغفر» .

و المرتبة الرابعة؛ الرجوع من العزم على فعل المعصية إلى العزم على عدم العود إليها أبدا. . .

و المرتبة الخامسة؛ الرجوع من طلب المعصية إلى طلب مغفرة اللّه و عفوه عنها طلبا قلبيّا يعبّر عنه بحقيقة الاستغفار. . .

و المرتبة السادسة؛ هو الرجوع من فعل المعصية إلى تركها في الحال، و بعبارة اخرى الرجوع من الانحراف إلى الاستقامة، و إليه الإشارة في الخبر «المقيم على الذنب و هو مستغفر منه كالمستهزئ» . . .

و المرتبة السابعة؛ هو الرجوع عن التقصير بالتدارك و التلافي لما فات من قضاء أو إيفاء للحقوق و غير ذلك، كما اشير إليه في الخبر المرويّ عن أمير المؤمنين عليه السّلام

ص:345

في نهج البلاغة في شرح الاستغفار الصادق على جميع مراتب التوبة. . .

(رسالة الاجتهاد و التقليد ص 85)

ص:346

17- الجبن

الأخبار

1-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ثلاث إذا كنّ في الرجل فلا تحرج أن تقول: إنّه في جهنّم: الجفاء و الجبن و البخل. . . (1)

بيان:

«الجبن» في النهاية ج 1 ص 237: قد تكرّر في الحديث ذكر الجبن و الجبان هو ضدّ الشجاعة و الشجاع. و في مجمع البحرين: جبن جبنا. . . فهو جبان بالفتح أي ضعيف القلب لا شجاعة له.

أقول: الجبن من المهلكات العظيمة و يلزمه من الأعراض الذميمة، مهانة النفس و الذلّة، و سوء العيش، و طمع الناس فيما يملكه، و قلّة ثباته في الأمور و الكسل، و حبّ الراحة، و تمكين الظالمين من الظلم عليه، و تحمّله للفضائح في نفسه و أهله، و استماع القبائح من الشتم و القذف، و عدم مبالاته بما يوجب الفضيحة، و تعطيل مقاصده و ترك بعض تكاليفه كترك الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و غيرها.

(لاحظ جامع السعادات-ج 1 ص 207-و غيره)

و سيأتي فرقه مع الخوف في باب الحزن و الخوف.

ص:347


1- -الخصال ج 1 ص 158 باب الثلاثة ح 204

2-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، لا تشاورنّ جبانا، فإنّه يضيّق عليك المخرج. . . و اعلم يا عليّ، أنّ الجبن و البخل و الحرص غريزة واحدة يجمعها سوء الظنّ [باللّه]. (1)

3-عن أبي عبد اللّه عن أبيه عليهما السّلام قال: لا يؤمن رجل فيه الشحّ و الحسد و الجبن، و لا يكون المؤمن جبانا و لا حريصا و لا شحيحا. (2)

4-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: البخل عار و الجبن منقصة. . . (3)

5-و قال عليه السّلام: خيار خصال النساء شرار خصال الرجال، الزهو و الجبن و البخل، فإذا كانت المرأة مزهوّة لم تمكّن من نفسها، و إذا كانت بخيلة حفظت مالها و مال بعلها، و إذا كانت جبانة فرقت من كلّ شيء يعرض لها. (4)

بيان:

«الزهو» : التكبّر و المزهوّة أي المتكبّرة.

6-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: اللهمّ إنّي أعوذ بك من البخل، و أعوذ بك من الجبن، و أعوذ بك أن أردّ إلى أرذل العمر. (5)

بيان:

في أقرب الموارد ج 1 ص 401، الأرذل: الدون في منظره و حالاته. . . و الرديّ من كلّ شيء، و أرذل العمر: آخره في حال الكبر و العجز.

7-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الجبن آفة. (الغرر ج 1 ص 8 ف 1 ح 116)

ص:348


1- -الخصال ج 1 ص 101 ح 57
2- الخصال ج 1 ص 82 ح 8
3- نهج البلاغة ص 1089 ح 3
4- نهج البلاغة ص 1190 ح 226
5- جامع السعادات ج 1 ص 207

الجبن شين. (ح 127)

الجبن ذلّ ظاهر. (ص 22 ح 623)

لا تشركنّ في رأيك جبانا يضعفك عن الأمر و يعظّم عليك ما ليس بعظيم. (ج 2 ص 815 ف 85 ح 197)

ص:349

ص:350

18- المجادلة و المراء و المخاصمة في الدين

الآيات

1- . . . أَ تُجادِلُونَنِي فِي أَسْماءٍ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَ آباؤُكُمْ ما نَزَّلَ اَللّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ. . . (1)

2- يُجادِلُونَكَ فِي اَلْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَيَّنَ كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى اَلْمَوْتِ وَ هُمْ يَنْظُرُونَ. (2)

3- اُدْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَ اَلْمَوْعِظَةِ اَلْحَسَنَةِ وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ. (3)

4- . . . فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلاّ مِراءً ظاهِراً وَ لا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً. (4)

5- وَ لَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا اَلْقُرْآنِ لِلنّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَ كانَ اَلْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً. (5)

6- وَ ما نُرْسِلُ اَلْمُرْسَلِينَ إِلاّ مُبَشِّرِينَ وَ مُنْذِرِينَ وَ يُجادِلُ اَلَّذِينَ كَفَرُوا بِالْباطِلِ

ص:351


1- -الأعراف:71
2- الأنفال:6
3- النحل:125
4- الكهف:22
5- الكهف:54

لِيُدْحِضُوا بِهِ اَلْحَقَّ وَ اِتَّخَذُوا آياتِي وَ ما أُنْذِرُوا هُزُواً. (1)

7- وَ مِنَ اَلنّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اَللّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَ يَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ. (2)

8- وَ مِنَ اَلنّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اَللّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَ لا هُدىً وَ لا كِتابٍ مُنِيرٍ . الآيات (3)

9- وَ إِنْ جادَلُوكَ فَقُلِ اَللّهُ أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ. (4)

10- وَ لا تُجادِلُوا أَهْلَ اَلْكِتابِ إِلاّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ اَلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ. . . (5)

11- ما يُجادِلُ فِي آياتِ اَللّهِ إِلاَّ اَلَّذِينَ كَفَرُوا فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي اَلْبِلادِ. (6)

12- اَلَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اَللّهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اَللّهِ. . . (7)

13- أَ لَمْ تَرَ إِلَى اَلَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اَللّهِ أَنّى يُصْرَفُونَ. (8)

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إيّاكم و المراء و الخصومة فإنّهما يمرضان القلوب على الإخوان و ينبت عليهما النفاق. (9)

ص:352


1- -الكهف:56
2- الحج:3
3- الحج:8-9
4- الحجّ:68
5- العنكبوت:46
6- المؤمن:4
7- المؤمن:35
8- المؤمن:69
9- الكافي ج 2 ص 227 باب المراء ح 1

بيان:

في الوافي، «المراء» : الجدال و الاعتراض على كلام الغير من غير غرض دينيّ.

و قال الشهيد رحمه اللّه في المنية ص 54: اعلم أنّ حقيقة المراء الاعتراض على كلام الغير بإظهار خلل فيه لفظا أو معنى أو قصدا لغير غرض دينيّ أمر اللّه به.

«الخصومة» في المفردات: الخصم مصدر خصمته أي نازعته. . . و أصل المخاصمة أن يتعلّق كلّ واحد بخصم الآخر أي جانبه و أن يجذب كلّ واحد خصم الجوالق من جانب.

2-و بإسناده قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ثلاث من لقي اللّه عزّ و جلّ بهنّ دخل الجنّة من أيّ باب شاء، من حسن خلقه، و خشي اللّه في المغيب و المحضر، و ترك المراء و إن كان محقّا. (1)

بيان:

في المنية ص 54: ترك المراء يحصل بترك الإنكار و الاعتراض بكلّ كلام يسمعه، فإن كان حقّا وجب التصديق به بالقلب و إظهار صدقه حيث يطلب منه، و إن كان باطلا و لم يكن متعلّقا بأمور الدين فاسكت عنه ما لم يتمحّض النهي عن المنكر بشروطه.

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا تماريّن حليما و لا سفيها، فإنّ الحليم يقليك و السفيه يؤذيك. (2)

بيان:

«الحليم» : يمكن أن يكون المراد به العاقل، و المتثبّت المتأنّي في الأمور.

«يقليك» في القاموس، قلاه ك"رماه": . . . أبغضه و كرهه غاية الكراهة فتركه،

ص:353


1- -الكافي ج 2 ص 227 ح 2
2- الكافي ج 2 ص 228 ح 4

و في بعض النسخ: "يغلبك".

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إيّاكم و الخصومة، فإنّها تشغل القلب و تورث النفاق و تكسب الضغائن. (1)

بيان:

«الضغينة» : ج ضغائن و هي الحقد.

5-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ذروا المراء، فإنّه لا تفهم حكمته و لا تؤمن فتنته. (2)

6-و قال صلّى اللّه عليه و آله: ما ضلّ قوم إلاّ اوتوا الجدل. (3)

بيان:

في النهاية ج 1 ص 247، في الحديث: "ما أوتي قوم الجدل إلاّ ضلّوا"، «الجدل» :

مقابلة الحجّة بالحجّة، و المجادلة: المناظرة و المخاصمة، و المراد به في الحديث الجدل على الباطل و طلب المغالبة به، فأمّا الجدل لإظهار الحقّ فإنّ ذلك محمود لقوله تعالى: وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ.

و في المرآة ج 10 ص 131: هذه الألفاظ الثلاثة (المراء و الجدال و الخصومة) متقاربة المعنى و قد ورد النهي عن الجميع في الآيات و الأخبار، و أكثر ما يستعمل المراء و الجدال في المسائل العلميّة و المخاصمة في الأمور الدنيويّة، و قد يخصّ المراء بما إذا كان الغرض إظهار الفضل و الكمال، و الجدال بما إذا كان الغرض تعجيز الخصم و ذلّته و قيل: الجدل في المسائل العلميّة و المراء أعمّ و قيل: لا يكون المراء إلاّ اعتراضا بخلاف الجدال فإنّه يكون ابتداء و اعتراضا. . .

و في جامع السعادات ج 2 ص 292: اعلم أنّ المراء طعن في كلام الغير لإظهار خلل فيه، من غير غرض سوى تحقيره و إهانته و إظهار تفوّقه و كياسته، و الجدال:

ص:354


1- -الكافي ج 2 ص 228 ح 8
2- منية المريد ص 54( في آداب المعلّم و المتعلّم في درسهما)
3- منية المريد ص 54

مراء يتعلّق بإظهار المسائل الاعتقاديّة و تقريرها، و الخصومة: لجاج في الكلام لاستيفاء مال أو حقّ مقصود، و هذه تكون تارة ابتداء و تارة اعتراضا، و المراء لا يكون إلاّ اعتراضا على كلام سبق، فالمراء داخل تحت الإيذاء، و يكون ناشئا من العداوة أو الحسد، و أمّا الجدال و الخصومة فربما صدرا من أحدهما أيضا و ربما لم يصدرا منه.

و حينئذ فالجدال إن كان بالحقّ-أي تعلّق بإثبات إحدى العقائد الحقّة-و كان الغرض منه الإرشاد و الهداية و لم يكن الخصم لدودا عنودا فهو الجدال بالأحسن و ليس مذموما، بل ممدوح معدود من الثبات في الإيمان الذي هو من نتائج قوّة المعرفة و كبر النفس، قال اللّه سبحانه: وَ لا تُجادِلُوا أَهْلَ اَلْكِتابِ إِلاّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ.

و إن لم يكن بالحقّ فهو مذموم اقتضته العصبيّة أو حبّ الغلبة أو الطمع، فيكون من رذائل القوّة الغضبيّة أو الشهويّة و ربما أورث شكوكا و شبهات تضعف العقيدة الحقّة، و لذا نهى اللّه سبحانه عنه و ذمّ عليه. . .

و الخصومة أيضا إن كانت بحقّ أي كانت ممّا يتوقّف عليه استيفاء مال أو حقّ ثابت، فهي ممدوحة معدودة من فضائل القوّة الشهويّة، و إن كانت بباطل أي تعلّقت بما يدّعيه كذبا أو بلا علم و يقين، فهي مذمومة معدودة من رذائلها. . .

أقول: يظهر من التتبّع في الآيات و الأخبار و اللغة أنّ المعنى الأخير أنسب.

7-و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا يستكمل عبد حقيقة الإيمان حتّى يدع المراء و إن كان محقّا. (1)

8-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: نحن المجادلون في دين اللّه. (2)

ص:355


1- -منية المريد ص 54
2- البحار ج 2 ص 125 باب ما جاء في تجويز المجادلة ح 1

أقول:

الأخبار في الجدال مختلفة و مقتضى الجمع بينها أنّ المذموم منه هو ما كان الغرض فيه الغلبة و إظهار الكمال و الفخر، أو التعصّب و ترويج الباطل، أو لم تكن المجادلة و المراء من الأشخاص العالمين بالدليل و الحجّة، أو يكون الخصم لدودا عنودا لا يقبل الحقّ.

و أمّا ما كان لإظهار الحقّ و رفع الباطل و دفع الشبهة عن الدين و إرشاد الضالّين فيجوز و يكون مصداق قوله تعالى: وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ لكن تشخيص الموارد مشكل جدّا و كثيرا ما يشتبه الأمر على الإنسان، إذ للنفس تسويلات خفيّة لا يمكن التخلّص منها إلاّ بفضله و عصمته تعالى.

9-عن أبي محمّد العسكريّ عليه السّلام قال: ذكر عند الصادق عليه السّلام الجدال في الدين، و أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و الأئمّة المعصومين عليهم السّلام قد نهوا عنه، فقال الصادق عليه السّلام: لم ينه عنه مطلقا لكنّه نهي عن الجدال بغير التي هي أحسن، أما تسمعون اللّه يقول: وَ لا تُجادِلُوا أَهْلَ اَلْكِتابِ إِلاّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ و قوله تعالى: اُدْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَ اَلْمَوْعِظَةِ اَلْحَسَنَةِ وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ؟

فالجدال بالتي هي أحسن قد قرنه العلماء بالدين، و الجدال بغير التي هي أحسن محرّم و حرّمه اللّه تعالى على شيعتنا، و كيف يحرّم اللّه الجدال جملة و هو يقول: وَ قالُوا لَنْ يَدْخُلَ اَلْجَنَّةَ إِلاّ مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى قال اللّه تعالى:

تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ؟ فجعل علم الصدق و الإيمان بالبرهان، و هل يؤتى بالبرهان إلاّ في الجدال بالتي هي أحسن؟

قيل: يابن رسول اللّه، فما الجدال بالتي هي أحسن و التي ليست بأحسن؟ قال:

أمّا الجدال بغير التي هي أحسن أن تجادل مبطلا فيورد عليك باطلا فلا تردّه بحجّة قد نصبها اللّه تعالى، و لكن تجحد قوله، أو تجحد حقّا يريد ذلك المبطل أن يعين به باطله، فتجحد ذلك الحقّ مخافة أن يكون له عليك فيه حجّة، لأنّك

ص:356

لا تدري كيف المخلص منه، فذلك حرام على شيعتنا أن يصيروا فتنة على ضعفاء إخوانهم و على المبطلين. . . (1)

10-عن الحذّاء قال: قال أبو جعفر عليه السّلام: يا زياد، إيّاك و الخصومات، فإنّها تورث الشكّ و تحبط العمل و تردي صاحبها، و عسى أن يتكلّم الرجل بشيء لا يغفر له. . . (2)

بيان:

«تردي صاحبها» : ردى يردي رديا: سقط، وردي يردى رديا: هلك.

11-عن أبي عبد اللّه الصادق عليه السّلام قال: إيّاكم و الخصومة في الدين، فإنّها تشغل القلب عن ذكر اللّه عزّ و جلّ و تورث النفاق و تكسب الضغائن و تستجيز الكذب. (3)

بيان:

قال رحمه اللّه: «تستجيز الكذب» بالزاء المعجمة: أي يضطرّ في المجادلة إلى الكذب و قول الباطل فيظنّه جائزا للضرورة بزعمه، و في بعض النسخ: بالمهملة أي يطلب الإجارة و الأمان من الكذب و يلجأ إليه للتخلّص من غلبة الخصم.

12-عن ابن صدقة عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أربع يمتن القلوب (القلب م) : الذنب على الذنب، و كثرة مناقشة النساء -يعني محادثتهنّ-و مماراة الأحمق تقول و يقول و لا يرجع إلى خير، و مجالسة الموتى، فقيل له: يا رسول اللّه، و ما الموتى؟ قال: كلّ غنيّ مترف. (4)

ص:357


1- -البحار ج 2 ص 125 ح 2
2- البحار ج 2 ص 127 ح 5
3- البحار ج 2 ص 128 ح 6
4- البحار ج 2 ص 128 ح 10

بيان:

«المترف» : أي المتقلّب في لين العيش و المتنعّم، المتوسّع في ملاذ الدنيا و شهواتها (خوشگذران) .

13-عن الرضا عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: لعن اللّه الذين يجادلون في دينه، أولئك ملعونون على لسان نبيّه صلّى اللّه عليه و آله. (1)

14-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إيّاكم و الجدال، فإنّه يورث الشكّ في دين اللّه. (2)

15-عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: لا يخاصم إلاّ شاكّ في دينه أو من لا ورع له. (3)

16-في وصيّة الصادق عليه السّلام لابن النعمان: يابن النعمان، إيّاك و المراء، فإنّه يحبط عملك، و إيّاك و الجدال فإنّه يوبقك، و إيّاك و كثرة الخصومات فإنّها تبعّدك من اللّه. (4)

17-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من بالغ في الخصومة أثم، و من قصّر فيها ظلم، و لا يستطيع أن يتّقي اللّه من خاصم. (5)

18-و قال عليه السّلام: من ضنّ بعرضه فليدع المراء (6)

19-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: و من خاصم في باطل و هو يعلمه (يعلم م) لم يزل

ص:358


1- -البحار ج 2 ص 129 ح 13
2- البحار ج 2 ص 138 ح 49
3- البحار ج 2 ص 140 ح 61
4- البحار ج 78 ص 288
5- نهج البلاغة ص 1230 ح 290
6- نهج البلاغة ص 1255 ح 354

في سخط اللّه حتّى ينزع. (1)

20-قال الصادق عليه السّلام: المراء داء رديّ، و ليس في الإنسان خصلة أشرّ منه، و هو خلق إبليس و نسبه، فلا يماري في أىّ حال كان إلاّ من كان جاهلا بنفسه و بغيره، محروما من حقايق الدين. . . (2)

21-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

المراء بذر الشرّ. (الغرر ج 1 ص 17 ف 1 ح 447)

الجدل في الدين يفسد اليقين. (ص 40 ح 1221)

ستّة لا يمارون: الفقيه و الرئيس و الدنيّ و البذيّ و المرئة و الصبيّ.

(ص 438 ف 39 ح 84)

من كثر مرائه لم يأمن الغلط. (ج 2 ص 635 ف 77 ح 460)

من صحّ يقينه زهد في المراء. (ص 675 ح 1047)

من كثر مرائه بالباطل دام عناه عن الحقّ. (ص 688 ح 1192)

من مارى السفيه فلا عقل له. (ص 711 ح 1410)

أقول:

سيأتي في باب العلم ف 4، من الكافي، قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: . . . فصاحب الجهل و المراء موذ ممار متعرّض للمقال في أندية الرجال بتذاكر العلم و صفة الحلم، قد تسربل بالخشوع و تخلّى من الورع، فدقّ اللّه من هذا خيشومه، و قطع منه خيزومه.

ص:359


1- -المستدرك ج 9 ص 77 ب 117 من العشرة ح 16
2- مصباح الشريعة ص 32 ب 48

ص:360

19- الجلوس

قال اللّه تعالى: يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي اَلْمَجالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اَللّهُ لَكُمْ وَ إِذا قِيلَ اُنْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اَللّهُ اَلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ اَلَّذِينَ أُوتُوا اَلْعِلْمَ دَرَجاتٍ وَ اَللّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ . (1)

الأخبار

1-كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يجلس ثلاثا: القرفصاء و هو أن يقيم ساقيه و يستقبلهما بيديه و يشدّ يده في ذراعه، و كان يجثو على ركبتيه، و كان يثنيّ رجلا واحدة و يبسط عليها الاخرى، و لم ير صلّى اللّه عليه و آله متربّعا قطّ. (2)

بيان:

في القاموس، «القرفصاء» مثلثة، يمدّ و يقصر: ضرب من الجلوس و هو أن يجلس على أليتيه و يلصق فخذيه ببطنه و يحتبي بيديه (يضعهما) على ساقيه كما يحتبي بالثوب، تكون يداه مكان الثوب «يجثو» جثي على ركبتيه أي جلس عليهما.

ص:361


1- -المجادلة:11
2- الكافي ج 2 ص 484 باب الجلوس ح 1

«التربّع» يقال بالفارسيّة: چهار زانو نشستن.

2-عن أبي حمزة الثماليّ قال: رأيت عليّ بن الحسين عليهما السّلام قاعدا واضعا إحدى رجليه على فخذه، فقلت: إنّ الناس يكرهون هذه الجلسة و يقولون: إنّها جلسة الربّ، فقال: إنّي إنّما جلست هذه الجلسة للملالة و الربّ لا يملّ و لا تأخذه سنة و لا نوم. (1)

أقول:

بمضمونه ح 5 عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، و فيه: «قال عليه السّلام: لا، إنّما هو شيء قالته اليهود» .

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من رضي بدون التشرّف من المجلس لم يزل اللّه عزّ و جلّ و ملائكته يصلّون عليه حتّى يقوم. (2)

بيان:

في الصحاح، الشرف: العلوّ و المكان العالي، و تشرّف بكذا أي عدّه شرفا، و تشرفت المرباء و أشرفته أي علوته.

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا دخل منزلا قعد في أدنى المجلس إليه حين يدخل. (3)

5-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أكثر ما يجلس تجاه القبلة. (4)

بيان:

«تجاه» جاه الرجل جوها بالشيء: استقبله و جبهه به.

6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ينبغي للجلساء

ص:362


1- -الكافي ج 2 ص 484 ح 2
2- الكافي ج 2 ص 484 ح 3
3- الكافي ج 2 ص 484 ح 6
4- الكافي ج 2 ص 484 ح 4

في الصّيف أن يكون بين كلّ اثنين مقدار عظم الذراع، لئلاّ يشقّ بعضهم على بعض في الحرّ. (1)

7-عن حمّاد بن عثمان قال: رأيت أبا عبد اللّه عليه السّلام يجلس في بيته عند باب بيته قبالة الكعبة. (2)

أقول:

الأخبار في فضل استقبال القبلة كثيرة، في بعضها: «خير المجالس ما استقبل به القبلة» . و في بعضها: «أشرف المجالس ما استقبل به القبلة» .

8-عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: المجالس بالأمانة. (3)

9-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: المجالس بالأمانة و ليس لأحد أن يحدّث بحديث يكتمه صاحبه إلاّ بإذنه إلاّ أن يكون ثقة أو ذكرا له بخير. (4)

10-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من التواضع أن ترضى بالمجلس دون المجلس، و أن تسلّم على من تلقى، و أن تترك المراء و إن كنت محقّا، و أن لا تحبّ أن تحمد على التقوى. (5)

11-في مواعظ الحسن العسكريّ عليه السّلام: من التواضع السّلام على كلّ من تمرّ به، و الجلوس دون شرف المجلس. (6)

12-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا أخذ القوم مجالسهم فإن دعا رجل أخاه

ص:363


1- -الكافي ج 2 ص 485 ح 8
2- الكافي ج 2 ص 485 ح 9
3- الكافي ج 2 ص 483 باب المجالس بالأمانة ح 2-و مثله ح 1 عن أبي عبد اللّه عليه السّلام
4- الكافي ج 2 ص 483 ح 3
5- الكافي ج 2 ص 100 باب التواضع ح 6
6- تحف العقول ص 362

و أوسع له في مجلسه فليأته، فإنّما هي كرامة أكرمه بها أخوه، و إن لم يوسّع له أخوه فلينظر أوسع مكان يجده فليجلس فيه. (1)

13-عن جعفر بن محمّد، عن أبيه عليهما السّلام قال: إذا دخل أحدكم على أخيه في رحله فليقعد حيث يأمره صاحب الرحل، فإنّ صاحب الرحل أعرف بعورة بيته من الداخل عليه. (2)

بيان:

«الرحل» : المنزل و المأوى و المسكن.

14-فيما كتب أمير المؤمنين عليه السّلام للحارث الهمدانيّ: و إيّاك و مقاعد الأسواق، فإنّها محاضر الشيطان و معاريض الفتن. (3)

15-في وصيّة أمير المؤمنين عليه السّلام عند وفاته: إيّاك و الجلوس في الطرقات.

و قال عليه السّلام: جاهد نفسك و احذر جليسك و اجتنب عدوّك، و عليك بمجالس الذكر. (4)

16-عن إسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: من قام من مجلسه تعظيما لرجل؟ قال: مكروه إلاّ لرجل في الدين. (5)

17-عن سليم بن قيس قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

أيّها الناس، عظّموا أهل بيتي في حياتي و من بعدي، و أكرموهم و فضّلوهم، فإنّه لا يحلّ لأحد أن يقوم من مجلسه لأحد إلاّ لأهل بيتي. (6)

ص:364


1- -الوسائل ج 12 ص 109 ب 75 من العشرة ح 6
2- الوسائل ج 12 ص 111 ب 78 ح 1
3- نهج البلاغة ص 1069 في ر 69
4- البحار ج 75 ص 465 باب آداب المجالس ح 6
5- البحار ج 75 ص 466 ح 13
6- البحار ج 75 ص 467 ح 14

أقول:

ذراري النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كلّهم ملحق في ذلك بأهل البيت كما جاء في الأخبار.

18-روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أنّ كفّارة المجلس «سبحانك اللهمّ و بحمدك لا إله إلاّ أنت ربّ تب عليّ و اغفرلي» . (1)

أقول:

يأتي في باب الاستغفار، أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان لا يقوم من مجلس و إن خفّ حتّى يستغفر اللّه خمسا و عشرين مرّة.

19-نهى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عن أن يقام الرجل عن مجلسه و يجلس فيه آخر، قال صلّى اللّه عليه و آله: و لكن تفسّحوا و توسّعوا.

و روي أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعن من جلس وسط الحلقة، و نهى أن يجلس الرجل بين الرجلين إلاّ بإذنهما. (2)

20-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا ينبغي للمؤمن أن يجلس مجلسا يعصى اللّه فيه و لا يقدر على تغييره. (3)

أقول:

بهذا المعنى أخبار عديدة، يستفاد منها أنّه لا يجوز للإنسان أن يجلس في مجلس المعصية، كالبدعة، و شرب الخمر، و مجلس يشتم فيه الإمام عليه السّلام و يسبّ، أو يعاب فيه المؤمن، و غير ذلك و سيأتي بعضها إن شاء اللّه تعالى في باب المجالسة و غيره.

21-في حديث موسى بن جعفر عليه السّلام لهشام: يا هشام، إنّ أمير المؤمنين عليه السّلام كان يقول: لا يجلس في صدر المجلس إلاّ رجل فيه ثلاث خصال: يجيب إذا سئل، و ينطق إذا عجز القوم عن الكلام، و يشير بالرأي الذي فيه صلاح أهله، فمن

ص:365


1- -البحار ج 75 ص 467 ح 17
2- البحار ج 75 ص 467 ح 19
3- البحار ج 74 ص 199 باب من لا ينبغي مجالسته ح 38

لم يكن فيه شيء منهنّ فجلس، فهو أحمق. (1)

22-قال الصادق عليه السّلام: إذا دخلت منزل أخيك فاقبل الكرامة كلّها إلاّ الجلوس في الصدر. (2)

23-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من جلس مستقبل القبلة ساعة، كان له أجر الحجّاج و العمّار. (3)

ص:366


1- -البحار ج 78 ص 304
2- المستدرك ج 8 ص 406 ب 63 من العشرة ح 9
3- المستدرك ج 8 ص 406 ب 64 ح 3

20- المجالسة و المعاشرة

الأخبار

1-قال لقمان لابنه: يا بنيّ، اختر المجالس على عينك، فإن رأيت قوما يذكرون اللّه جلّ و عزّ فاجلس معهم، فإن تكن عالما نفعك علمك، و إن تكن جاهلا علّموك و لعلّ اللّه أن يظلّهم برحمته فيعمّك معهم، و إذا رأيت قوما لا يذكرون اللّه فلا تجلس معهم، فإن تكن عالما لم ينفعك علمك، و إن كنت جاهلا يزيدوك جهلا و لعلّ اللّه أن يظلّهم بعقوبة فيعمّك معهم. (1)

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: قالت الحواريّون لعيسى: يا روح اللّه، من نجالس؟ قال: من يذكّركم اللّه رؤيته، و يزيد في علمكم منطقه، و يرغّبكم في الآخرة عمله. (2)

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: مجالسة أهل الدين شرف الدنيا و الآخرة. (3)

4-عن مسعر بن كدام قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: لمجلس أجلسه

ص:367


1- -الكافي ج 1 ص 30 باب مجالسة العلماء ح 1
2- الكافي ج 1 ص 31 ح 3
3- الكافي ج 1 ص 31 ح 4

إلى من أثق به أوثق في نفسي من عمل سنة. (1)

5-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما اجتمع في مجلس قوم لم يذكروا اللّه عزّ و جلّ و لم يذكرونا إلاّ كان ذلك المجلس حسرة عليهم يوم القيامة.

ثمّ قال: قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّ ذكرنا من ذكر اللّه، و ذكر عدوّنا من ذكر الشيطان. (2)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة، لاحظ باب الذكر ف 1 و 2.

6-عن أبي الحسن عليه السّلام قال: قال عيسى بن مريم عليه السّلام: إنّ صاحب الشرّ يعدي، و قرين السوء يردي فانظر من تقارن. (3)

بيان:

في النهاية ج 3 ص 192، يقال: أعداه الداء يعديه أعداء، و هو أن يصيبه مثل ما بصاحب الداء. «يردي» أي يهلك.

7-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ثلاثة مجالستهم تميت القلب: الجلوس مع الأنذال و الحديث مع النساء و الجلوس مع الأغنياء. (4)

بيان:

«النذل» ج أنذال: الخسيس من الناس، المحتقر في جميع أحواله.

8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا تصحبوا أهل البدع و لا تجالسوهم فتصيروا

ص:368


1- -الكافي ج 1 ص 31 ح 5
2- الكافي ج 2 ص 360 باب ما يجب من ذكر اللّه في كلّ مجلس ح 2
3- الكافي ج 2 ص 468 باب من تكره مجالسته ح 4
4- الكافي ج 2 ص 469 ح 8

عند الناس كواحد منهم، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: المرء على دين خليله و قرينه. (1)

9-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام في وصيّة النبي صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام قال:

يا عليّ، من لم تنتفع بدينه و لا دنياه فلا خير لك في مجالسته، و من لم يوجب لك فلا توجب له و لا كرامة. (2)

بيان:

«من لم يوجب. . .» : في مجمع البحرين (وجب) ، و الوجبة: التعظيم و التكريم، و منه:

«يا عليّ، من لم يوجب لك فلا توجب له و لا كرامة» .

10-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فلا يجلس مجلسا ينتقص فيه إمام، أو يعاب فيه مؤمن. (3)

11-عن ابن عباس قال: قيل: يا رسول اللّه، أيّ الجلساء خير؟ قال: من ذكّركم باللّه رؤيته، و زادكم في علمكم منطقه، و ذكّركم بالآخرة عمله. (4)

12-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا رأيتم روضة من رياض الجنّة فارتعوا فيها، قيل: يا رسول اللّه، و ما روضة الجنّة؟ قال:

مجالس المؤمنين. (5)

13-عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

سائلوا العلماء و خالطوا الحكماء و جالسوا الفقراء. (6)

ص:369


1- -الكافي ج 2 ص 469 ح 10
2- الوسائل ج 12 ص 49 ب 28 من العشرة ح 1
3- الوسائل ج 16 ص 261 ب 38 من الأمر و النهي ح 7
4- البحار ج 74 ص 186 باب من ينبغي مجالسته ح 3
5- البحار ج 74 ص 188 ح 13
6- البحار ج 74 ص 188 ح 14

أقول:

سيأتي شرحه في باب الحكمة.

14-عن جابر بن عبد اللّه عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: لا تجلسوا إلاّ عند كلّ عالم يدعوكم من خمس إلى خمس: من الشكّ إلى اليقين و من الرياء إلى الإخلاص، و من الرغبة إلى الرهبة، و من الكبر إلى التواضع، و من الغشّ إلى النصيحة. (1)

بيان:

«الرهبة» : أي عدم الرغبة؛ أصل الرهبة الخوف و يستعمل في اعتزال النساء و ترك الدنيا و التجافي عنها.

15-و قال الحواريّون لعيسى عليه السّلام: لمن نجالس؟ فقال: من يذكّركم اللّه رؤيته، و يرغّبكم في الآخرة عمله، و يزيد في منطقكم علمه، و قال لهم: تقرّبوا إلى اللّه بالبعد من أهل المعاصي، و تحبّبوا إليه ببغضهم، و التمسوا رضاه بسخطهم. . . (2)

16-و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إذا اجتمع قوم يذكرون اللّه تعالى اعتزل الشيطان و الدنيا عنهم، فيقول الشيطان للدنيا: ألا ترين ما يصنعون؟ فتقول الدنيا: دعهم فلو قد تفرّقوا أخذت بأعناقهم. . . (3)

17-عن عبد العظيم الحسني عن أبي جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: مجالسة الأشرار تورث سوء الظنّ بالأخيار. (4)

18-عن داود الرقّي قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: انظر إلى كلّ من لا يفيدك منفعة في دينك فلا تعتدّنّ به، و لا ترغبنّ في صحبته، فإنّ كلّ ما سوى

ص:370


1- -البحار ج 74 ص 188 ح 18
2- البحار ج 74 ص 189 في ح 18
3- البحار ج 74 ص 189 في ح 18
4- البحار ج 74 ص 191 باب من لا ينبغي مجالسته ح 4

اللّه تبارك و تعالى مضمحلّ وخيم عاقبته. (1)

19-في مناهي النبي صلّى اللّه عليه و آله؛ أنّه نهى عن المحادثة التي تدعو إلى غير اللّه عزّ و جلّ. (2)

20-عليّ بن جعفر عن أبيه عن جدّه عن عليّ بن الحسين عليهم السّلام أنّه كان يقول لبنيه: جالسوا أهل الدين و المعرفة، فإن لم تقدروا عليهم فالوحدة آنس و أسلم، فإن أبيتم إلاّ مجالسة الناس فجالسوا أهل المروّات، فإنّهم لا يرفثون في مجالسهم. (3)

21-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (في خبر طويل) :

و أسعد الناس من خالط كرام الناس، و أعقل الناس أشدّهم مداراة للناس، و أولى الناس بالتهمة من جالس أهل التهمة. (4)

22-زيد النرسي في أصله قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إيّاكم و عشّار الملوك و أبناء الدنيا! فإنّ ذلك يصغّر نعمة اللّه في أعينكم و يعقّبكم كفرا، و إيّاكم و مجالسة الملوك و أبناء الدنيا! ففي ذلك ذهاب دينكم، و يعقّبكم نفاقا، و ذلك داء دويّ لا شفاء له، و يورث قساوة القلب، و يسلبكم الخشوع.

و عليكم بالأشكال من الناس و الأوساط من الناس، فعندهم تجدون معادن الجواهر و إيّاكم أن تمدّوا أطرافكم إلى ما في أيدي أبناء الدنيا، فمن مدّ طرفه إلى ذلك طال حزنه، و لم يشف غيظه، و استصغر نعمة اللّه عنده، فيقلّ شكره للّه، و انظر إلى من هو دونك فتكون لأنعم اللّه شاكرا، و لمزيده مستوجبا، و لجوده

ص:371


1- -البحار ج 74 ص 191 ح 5
2- البحار ج 74 ص 194 ح 19
3- البحار ج 74 ص 196 ح 27
4- أمالي الصدوق ص 21 م 6 ح 4

ساكنا. (1)

أقول:

سيأتي ما يناسب المقام في أبواب الذكر، الصداقة، و. . .

23-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

جالس العلماء تسعد. (الغرر ج 1 ص 368 ف 26 ح 2)

جليس الخير نعمة-جالس الحلماء تزدد حلما. (ح 4 و 5)

جالس العلماء تزدد علما-جالس الفقراء تزدد شكرا. (ح 6 و 7)

جالس أهل الورع و الحكمة و أكثر مناقشتهم، فإنّك إن كنت جاهلا علّموك و إن كنت عالما ازددت علما. (ص 373 ح 67)

جالس العلماء يزدد علمك و يحسن أدبك و تزك نفسك. (ص 374 ح 70)

جالس الحكماء يكمل عقلك و تشرف نفسك و ينتف عنك جهلك. (ح 71)

جاوز القبور تعتبر-جاور العلماء تستبصر. (ص 375 ح 84)

إيّاك و مصاحبة الفسّاق فإنّ الشرّ بالشرّ يلحق. (ص 147 ف 5 ح 10)

إيّاك و معاشرة الأشرار فإنّهم كالنار مباشرتها تحرق. (ح 11)

لا يأمن مجالس الأشرار غوائل البلاء. (ج 2 ص 850 ف 86 ح 387)

ص:372


1- -المستدرك ج 12 ص 310 ب 36 من الأمر و النهي ح 1

21- يوم الجمعة و ليلتها

اشارة

فيه فصلان:

الفصل الأوّل: فضلها

الأخبار

1-عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: ما طلعت الشمس بيوم أفضل من يوم الجمعة. (1)

2-عن أبان، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ للجمعة حقّا و حرمة، فإيّاك أن تضيّع أو تقصّر في شيء من عبادة اللّه و التقرّب إليه بالعمل الصالح، و ترك المحارم كلّها، فإنّ اللّه يضاعف فيه الحسنات، و يمحو فيه السيّئات، و يرفع فيه الدرجات.

قال: و ذكر أنّ يومه مثل ليلته، فإن استطعت أن تحييها بالصلاة و الدعاء فافعل، فإنّ ربّك ينزل في أوّل ليلة الجمعة إلى سماء الدنيا يضاعف فيه الحسنات،

ص:373


1- -الوسائل ج 7 ص 375 ب 40 من صلاة الجمعة و آدابها ح 2

و يمحو فيه السيّئات، و إنّ اللّه واسع كريم. (1)

بيان:

«فإنّ ربّك ينزل» : النزول مجاز. و المراد نزوله من عرش العظمة و الجلال و الاستغناء المطلق إلى سماء التدبير على الاستعارة و المجاز، و بسط رحمته و لطفه في ليلة الجمعة. و في خبر آخر: "ينزل ملكا"و سيأتي في خبر عليّ بن إبراهيم: "ينزل أمره".

3-عن ابن أبي نصر عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

إنّ يوم الجمعة سيّد الأيّام، يضاعف اللّه فيه الحسنات، و يمحو فيه السيّئات، و يرفع فيه الدرجات، و يستجيب فيه الدعوات، و تكشف فيه الكربات، و تقضى فيه الحوائج العظام، و هو يوم المزيد، للّه فيه عتقاء و طلقاء من النار، ما دعا به أحد من الناس و عرف حقّه و حرمته إلاّ كان حقّا على اللّه عزّ و جلّ أن يجعله من عتقائه و طلقائه من النار، فإن مات في يومه أو ليلته مات شهيدا و بعث آمنا، و ما استخفّ أحد بحرمته وضيّع حقّه إلاّ كان حقّا على اللّه عزّ و جلّ أن يصليه نار جهنّم إلاّ أن يتوب. (2)

4-عن أبي الحسن موسى عليه السّلام (في حديث طويل) قال: و أمّا اليوم الذي حملت فيه مريم فهو يوم الجمعة للزوال، و هو اليوم الذي هبط فيه الروح الأمين، و ليس للمسلمين عيد كان أولى منه، عظّمه اللّه تبارك و تعالى و عظّمه محمّد صلّى اللّه عليه و آله، فأمره أن يجعله عيدا، فهو يوم الجمعة. (3)

5-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سئل عن يوم الجمعة و ليلتها؟ فقال:

ليلتها ليلة غرّاء، و يومها يوم زاهر، و ليس على وجه الأرض يوم تغرب فيه

ص:374


1- -الوسائل ج 7 ص 375 ح 3
2- الوسائل ج 7 ص 376 ح 4
3- الوسائل ج 7 ص 376 ح 5

الشمس أكثر معافى من النار، من مات يوم الجمعة عارفا بحقّ أهل هذا البيت كتب (اللّه) له براءة من النار و براءة من العذاب (عذاب القبر ف ن) و من مات ليلة الجمعة أعتق من النار. (1)

بيان:

الأغرّ: الأبيض من كلّ شيء، و الزهرة: البياض و الحسن، و هما كنايتان هنا عن كونهما محلّين لأنوار رحمته، و أزهار عنايته و لطفه. (البحار ج 89 ص 271)

6-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال له رجل: كيف سمّيت الجمعة؟ قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ جمع فيها خلقه لولاية محمّد و وصيّه في الميثاق، فسماّه يوم الجمعة لجمعه فيه خلقه. (2)

7-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من وافق منكم يوم الجمعة فلا يشتغلنّ بشيء غير العبادة، فإنّ فيه يغفر للعباد، و تنزل عليهم الرحمة. (3)

8-عن هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، في الرجل يريد أن يعمل شيئا من الخير مثل الصدقة و الصوم و نحو هذا، قال: يستحبّ أن يكون ذلك يوم الجمعة، فإنّ العمل يوم الجمعة يضاعف. (4)

9-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: الخير و الشرّ يضاعف في يوم الجمعة (5)

10-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: إنّ ليلة الجمعة و يوم الجمعة أربع و عشرون

ص:375


1- -الوسائل ج 7 ص 376 ح 6
2- الوسائل ج 7 ص 377 ح 7-و نظيره في أمالي الطوسيّ ج 2 ص 300 عن الصادق عليه السّلام
3- الوسائل ج 7 ص 378 ح 11
4- الوسائل ج 7 ص 379 ح 14
5- الوسائل ج 7 ص 380 ح 15

ساعة، للّه عزّ و جلّ في كلّ ساعة ستّ مائة ألف عتيق من النار. (1)

11-عن ابن أبي عمير عن غير واحد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: السبت لنا، و الأحد لشيعتنا، و الاثنين لأعدائنا، و الثلاثاء لبني اميّة، و الأربعاء يوم شرب الدواء، و الخميس تقضى فيه الحوائج، و الجمعة للتنظيف و التطيّب و هو عيد للمسلمين، و هو أفضل من الفطر و الأضحى، و يوم غدير خمّ أفضل الأعياد، و هو الثامن عشر من ذي الحجّة، و يخرج قائمنا أهل البيت يوم الجمعة، و تقوم القيامة يوم الجمعة، و ما من عمل أفضل يوم الجمعة من الصلاة على محمّد و آله. (2)

12-عن أحدهما عليهما السّلام قال: إنّ العبد المؤمن ليسأل اللّه الحاجة فيؤخّر اللّه قضاء حاجته التي سأل إلى يوم الجمعة (3)

13-و عن الباقر عليه السّلام قال: إذا أردت أن تتصدّق بشيء قبل الجمعة فأخّره إلى يوم الجمعة. (4)

14-عن جابر قال: كان عليّ عليه السّلام يقول: أكثروا المسألة في يوم الجمعة و الدعاء، فإنّ فيه ساعات يستجاب فيها الدعاء و المسألة ما لم يدعوا بقطيعة و معصية أو عقوق، و اعلموا أنّ الخير و البرّ (و الشرّ م) يضاعفان يوم الجمعة. (5)

15-عن زيد بن عليّ عن آبائه عن فاطمة عليهم السّلام قالت: سمعت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يقول: إنّ في الجمعة لساعة لا يوافقها رجل مسلم يسأل اللّه عزّ و جلّ فيها خيرا إلاّ أعطاه إيّاه، قالت: فقلت: يا رسول اللّه، أيّة ساعة هي؟ قال: إذا تدلّى نصف

ص:376


1- -الوسائل ج 7 ص 380 ح 17
2- الوسائل ج 7 ص 380 ح 18
3- الوسائل ج 7 ص 381 ح 20
4- الوسائل ج 7 ص 381 ح 21
5- الوسائل ج 7 ص 383 ب 41 ح 2( المحاسن ص 58 ب 75 من ثواب الأعمال ح 95)

عين الشمس للغروب، قال: فكانت فاطمة تقول لغلامها: اصعد على الظراب فإذا رأيت نصف عين الشمس قد تدلّى للغروب فاعلمني حتّى أدعو. (1)

بيان:

«الظرب» ج ظراب: التلال و الجبال الصغيرة.

16-عن ابن عباس قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الجمعة حجّ المساكين. (2)

17-عن عبد اللّه بن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الساعة التي يستجاب فيها الدعاء يوم الجمعة؟ قال: ما بين فراغ الإمام من الخطبة إلى أن تستوي الصفوف، و ساعة آخر النهار إلى غروب الشمس، و كانت فاطمة عليها السّلام تدعو في ذلك الوقت. (3)

18-عن أبان بن تغلب عن الصادق عليه السّلام قال: من مات ما بين زوال الشمس يوم الخميس إلى زوال الشمس من يوم الجمعة أعاذه اللّه من ضغطة القبر. (4)

19-عن أبي الحسن الأوّل عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه تعالى اختار من الأيّام أربعة: يوم الجمعة و يوم التروية و يوم عرفة و يوم النحر. (5)

20-عن محمّد الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله عزّ و جلّ: وَ شاهِدٍ وَ مَشْهُودٍ قال: الشاهد يوم الجمعة و المشهود يوم عرفة. (6)

21-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ الربّ تعالى ينزل أمره كلّ ليلة جمعة

ص:377


1- -الوسائل ج 7 ص 384 ح 5
2- المستدرك ج 6 ص 67 ب 32 من صلوة الجمعة ح 27
3- المستدرك ج 6 ص 68 ب 33 ح 3
4- البحار ج 89 ص 265 باب فضل يوم الجمعة ح 1
5- البحار ج 89 ص 267 ح 5
6- البحار ج 89 ص 269 ح 9

من أوّل الليل و في كلّ ليلة في الثلث الأخير، أمامه ملكان فينادي: هل من تائب فيتاب عليه؟ هل من مستغفر فيغفر له؟ هل من سائل فيؤتى سؤله؟ اللهمّ أعط كلّ منفق خلفا و كلّ ممسك تلفا-إلى أن يطلع الفجر-ثمّ عاد أمر الربّ إلى عرشه يقسّم الأرزاق بين العباد.

ثمّ قال لفضيل بن يسار: يا فضيل، نصيبك من ذلك، و هو قوله عزّ و جلّ:

وَ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَ هُوَ خَيْرُ اَلرّازِقِينَ (1). (2)

بيان:

قال رحمه اللّه: «نصيبك» أي خذ نصيبك. «من ذلك» أي من خلف الإنفاق.

22-. . . عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ اللّه تعالى ليأمر ملكا فينادي كلّ ليلة جمعة من فوق عرشه من أوّل الليل إلى آخره: ألا عبد مؤمن يدعوني لآخرته و دنياه قبل طلوع الفجر فأجيبه؟

ألا عبد مؤمن يتوب إليّ من ذنوبه قبل طلوع الفجر فأتوب إليه؟

ألا عبد مؤمن قد قتّرت عليه رزقه فيسألني الزيادة في رزقه قبل طلوع الفجر فأزيد و أوسّع عليه؟

ألا عبد مؤمن سقيم فيسألني أن أشفيه قبل طلوع الفجر فأعافيه؟

ألا عبد مؤمن مغموم محبوس يسألني أن أطلقه من حبسه و أفرّج عنه قبل طلوع الفجر فأطلقه و أخلّي سبيله؟

ألا عبد مؤمن مظلوم يسألني أن آخذ له بظلامته قبل طلوع الفجر فأنتصر له و آخذ بظلامته؟ قال: فلا يزال ينادي حتّى يطلع الفجر (3).

ص:378


1- -سبأ:39
2- البحار ج 89 ص 279 ح 26( تفسير القميّ ج 2 ص 204)
3- البحار ج 89 ص 282 ح 27

أقول:

الأخبار في إكثار علوم الأئمّة عليهم السّلام و ترفيع درجاتهم في ليلة الجمعة كثيرة، راجع الكافي و بصائر الدرجات و البحار.

و يأتي في باب النوم عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: النوم على سبعة أوجه؛ . . . و نوم الحسرة فهو النوم ليلة الجمعة.

ص:379

ص:380

الفصل الثانيّ: أعمال يوم الجمعة و ليلتها

نذكر أهمّ الأعمال في يوم الجمعة و ليلتها على سبيل الاختصار مع ذكر بعض الأخبار، و من أراد التفصيل فليراجع كتب الأخبار و الأدعية.

الأوّل: الصدقة

قال الصادق عليه السّلام: الصدقة ليلة الجمعة بألف، و الصدقة يوم الجمعة بألف. (1)

الثاني: الدعاء،

و هو من أفضل الأعمال و أهمّها، و الأخبار في فضل الدعاء فيهما كثيرة، و في يوم الجمعة ساعة تستجاب الدعوة، و يدلّ عليه أخبار جاء في أكثرها أنّها الساعة الأخيرة في يوم الجمعة و قد مرّ بعضها في الفصل الأوّل.

الثالث: التوبة و الاستغفار، و الأخبار في ذلك كثيرة.

منها: ما عن الصادق عليه السّلام في قول يعقوب لبنيه: سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي قال:

أخّرهم إلى السحر من ليلة الجمعة. (2)

الرابع: التنظيف و التطيّب و لبس لباس النظيف و أخذ الشارب و. . . كما ورد في أخبار كثيرة.

ص:381


1- -البحار ج 89 ص 282
2- البحار ج 89 ص 274- عدّة الداعي ص 38

الخامس: الصلوة على محمّد و آله، و الأخبار في ذلك كثيرة و قد مرّ في الفصل الأوّل؛ أنّه ما من عمل أفضل يوم الجمعة من الصلوة على محمّد و آله.

و منها: قول أبي عبد اللّه عليه السّلام: إذا كانت عشيّة الخميس ليلة الجمعة نزلت الملائكة من السماء، معها أقلام الذهب و صحف الفضّة، لا يكتبون عشيّة الخميس و ليلة الجمعة و يوم الجمعة إلى أن تغيب الشمس إلاّ الصلوة على محمّد و آل محمّد. (1)

و عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:

أكثروا من الصلوة عليّ يوم الجمعة، فإنّه يوم يضاعف فيه الأعمال. (2)

و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أكثروا من الصلوة عليّ في كلّ جمعة، فمن كان أكثركم صلوة عليّ كان أقربكم منّي منزلة، و من صلّى عليّ يوم الجمعة مأة مرّة جاء يوم القيامة و على وجهه نور، و من صلّى عليّ في يوم الجمعة ألف مرّة لم يمت حتّى يرى مقعده من الجنّة. (3)

و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: و من صلّى عليّ يوم الجمعة مأة مرّة غفرت له خطيئة ثمانين سنة. (4)

السادس: الصلوات المأثورة في يوم الجمعة و ليلتها كصلاة الإمام المهديّ عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف و صلاة جعفر و. . . فراجع كتب الأصحاب رحمهم اللّه.

السابع: كراهة إنشاد الشعر و كراهة السفر بعد طلوع الفجر يوم الجمعة إلى مضيّ وقت صلاة الجمعة أو وقت فضيلة صلاة الظهر.

الثامن: زيارة القبور في يوم الجمعة، راجع الوسائل و غيره.

التاسع: صلاة الجمعة.

العاشر: نوافل يوم الجمعة

ص:382


1- -المستدرك ج 6 ص 70 ب 35 من صلاة الجمعة ح 1
2- المستدرك ج 6 ص 72 ح 5
3- المستدرك ج 6 ص 72 ح 7
4- المستدرك ج 6 ص 72 ح 8

الحادي عشر: إكثار الأذكار من التهليل و التسبيح و. . .

منها: قول الصادق عليه السّلام: إنّ للّه كرائم في عباده خصّهم بها في كلّ ليلة جمعة و يوم جمعة، فأكثروا فيها من التهليل، و التسبيح، و الثناء على اللّه، و الصلاة على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله. (1)

الثاني عشر: الجهد في العبادة و الأعمال الصالحة ضعف الأيّام الاخر و السعي في ترك الذنوب و الآثام، و يدلّ على ذلك أخبار كثيرة، و قد مرّ في الفصل الأوّل: أنّ الحسنات و السيّئات مضاعفة في يوم الجمعة و ليلتها.

الثالث عشر: غسل الجمعة و يكون من أهمّ الأعمال يوم الجمعة، و قيل بوجوبه.

عن الأصبغ بن نباتة قال: كان عليّ عليه السّلام إذا أراد أن يوبّخ الرجل يقول له: أنت أعجز من التارك الغسل ليوم الجمعة، فإنّه لا يزال في همّ إلى الجمعة الأخرى. (2)

و قال (الرضا) عليه السّلام: و عليكم بالسنن يوم الجمعة، و هي سبعة: إتيان النساء، و غسل الرأس و اللحية بالخطمي، و أخذ الشارب، و تقليم الأظافير، و تغيير الثياب، و مسّ الطيب، فمن أتى بواحدة من هذه السنن نابت عنهنّ، و هي الغسل، و أفضل أوقاته قبل الزوال، و لا تدع في سفر و لا حضر، و إن كنت مسافرا و تخوّفت عدم الماء يوم الجمعة، اغتسل يوم الخميس، فإن فاتك الغسل يوم الجمعة قضيت يوم السبت أو بعده من أيّام الجمعة، و إنّما سنّ الغسل يوم الجمعة تتميما لما يلحق الطهور في سائر الأيّام من النقصان. (3)

و قال جعفر عن أبيه عن جدّه عليهم السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال لعليّ عليه السّلام في وصيّته له:

يا عليّ، على الناس كلّ سبعة أيّام الغسل، فاغتسل في كلّ جمعة، و لو أنّك تشتري الماء

ص:383


1- -الوسائل ج 7 ص 382 ب 40 من صلاة الجمعة ح 25
2- البحار ج 81 ص 123 باب فضل غسل الجمعة ح 5
3- البحار ج 81 ص 125 في ح 10

بقوت يومك و تطويه، فإنّه ليس شيء من التطوّع أعظم منه. (1)

الرابع عشر: إطراف العيال،

قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أطرفوا أهاليكم في كلّ جمعة بشيء من الفاكهة كي يفرحوا بالجمعة. (2)

ص:384


1- -البحار ج 81 ص 129 ح 18
2- البحار ج 104 ص 73 باب فضل التوسعة على العيال ح 24

22- صلاة الجماعة

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام في وصيّته لابنه محمّد بن الحنفيّة: و اعلم أنّ مروءة المرء المسلم مروءتان: مروءة في حضر و مروءة في سفر، فأمّا مروءة الحضر: فقراءة القرآن، و مجالسة العلماء، و النظر في الفقه، و المحافظة على الصلاة في الجماعات. و أمّا مروءة السفر: فبذل الزاد، و قلّة الخلاف على من صحبك، و كثرة ذكر اللّه عزّ و جلّ في كلّ مصعد و مهبط و نزول و قيام و قعود. (1)

أقول:

بهذا المعنى أخبار عديدة، لاحظ الوسائل (ج 11 ب 49 من آداب السفر) و غيره.

2-قال أبو جعفر الباقر عليه السّلام: ثلاث درجات، و ثلاث كفّارات، و ثلاث موبقات، و ثلاث منجيات؛ فأمّا الدرجات: فإفشاء السّلام و إطعام الطعام و الصلاة بالليل و الناس نيام.

و الكفّارات: إسباغ الوضوء في السبرات و المشي بالليل و النهار إلى الصلوات و المحافظة على الجماعات.

ص:385


1- -الخصال ج 1 ص 54 باب الاثنين ح 71

و أمّا الثلاث الموبقات: فشحّ مطاع و هوى متّبع و إعجاب المرء بنفسه.

و أمّا المنجيات: فخوف اللّه في السرّ و العلانية و القصد في الغنى و الفقر، و كلمة العدل في الرضا و السخط (و الغضب ف ن) (1)

أقول:

ح 12 عن الصادق عن آبائه عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في وصيته لعليّ عليه السّلام مثله، و فيه: فأمّا الدرجات؛ فإسباغ الوضوء في السبرات، و انتظار الصلاة بعد الصلاة، و المشي بالليل و النهار إلى الجماعات.

بيان: الموبقة: ج موبقات: المهلكة. «السبرة» ج سبرات: الغداة الباردة أو شدّة البرد.

3-في حديث الرضا عليه السّلام لابن شاذان: فإن قال: فلم جعل الجماعة؟ قيل:

لئلاّ يكون الإخلاص و التوحيد و الإسلام و العبادة للّه إلاّ ظاهرا مكشوفا مشهودا، لأنّ في إظهاره حجّة على أهل الشرق و الغرب للّه وحده عزّ و جلّ، و ليكون المنافق و المستخفّ مؤدّيا لما أقرّ به بظاهر الإسلام و المراقبة، و ليكون شهادات الناس بالإسلام بعضهم لبعض جايزة ممكنة مع ما فيه من المساعدة على البرّ و التقوى و الترك عن كثير من معاصي اللّه عزّ و جلّ. (2)

4-في رسالة الرضا عليه السّلام للمأمون: . . . و فضل الجماعة على الفرد بكلّ ركعة ألفي ركعة، و لا تصلّ خلف فاجر، و لا تقتدي إلاّ بأهل الولاية. . . (3)

5-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الصلاة في جماعة تفضل على كلّ صلاة الفرد (الفذّ) بأربعة و عشرين درجة، تكون خمسة و عشرين صلاة. (4)

ص:386


1- -الخصال ج 1 ص 83 باب الثلاثة ح 10
2- العيون ج 2 ص 107 ب 34( العلل ج 1 ص 262 ب 182 ح 9)
3- تحف العقول ص 308
4- الوسائل ج 8 ص 285 ب 1 من صلاة الجماعة ح 1

بيان:

«الفذّ» : أي الفرد.

أقول: الأخبار في فضل الجماعة مختلفة، ففي أكثرها خمسة و عشرين درجة على الفرد. و اختلاف الفضل و الدرجة إمّا لأجل اختلاف الإمام و المأموم و الأمكنة، من حيث الفضل و الدرجة، أو لأجل كثرة المأمومين و قلّتهم كما جاء في الأخبار.

6-عن أبي عبد اللّه، عن أبيه عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من صلّى الخمس في جماعة فظنّوا به خيرا. (1)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر، و في بعضها: «و اقبلوا شهادته» .

7-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام (في حديث المناهي) قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: و من مشى إلى مسجد يطلب فيه الجماعة كان له بكلّ خطوة سبعون ألف حسنة، و يرفع له من الدرجات مثل ذلك، فإن مات و هو على ذلك وكّل اللّه به سبعين ألف ملك يعودونه في قبره، و يبشّرونه، و يؤنسونه في وحدته، و يستغفرون له حتّى يبعث. (2)

8-عن زرارة بن أعين، عن أبي جعفر عليه السّلام (في حديث) قال: من ترك الجماعة رغبة عنها و عن جماعة المسلمين من غير علّة فلا صلاة له. (3)

9-عن أبي عليّ بن راشد قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام: إنّ مواليك قد اختلفوا، فاصلّي خلفهم جميعا؟ فقال: لا تصلّ إلاّ خلف من تثق بدينه. (4)

10-عن إسماعيل الجعفيّ قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام: رجل يحبّ

ص:387


1- -الوسائل ج 8 ص 286 ح 4
2- الوسائل ج 8 ص 287 ح 7
3- الوسائل ج 8 ص 292 ب 2 ح 7
4- الوسائل ج 8 ص 309 ب 10 ح 2

أمير المؤمنين عليه السّلام و لا يتبرّأ من عدوّه و يقول: هو أحبّ إليّ ممن خالفه، فقال عليه السّلام:

هذا مخلط و هو عدوّ، فلا تصلّ خلفه و لا كرامة إلاّ أن تتّقيه. (1)

11-و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إن سرّكم أن تزكو صلاتكم فقدّموا خياركم. (2)

12-عن الصادق عليه السّلام، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: لا صلاة لمن لا يصلّي في المسجد مع المسلمين إلاّ من علّة، و لا غيبة إلاّ لمن صلّى في بيته و رغب عن جماعتنا، و من رغب عن جماعة المسلمين سقطت عدالته، و وجب هجرانه، و إن رفع إلى إمام المسلمين أنذره و حذّره، و من لزم جماعة المسلمين حرمت عليهم غيبته و ثبتت عدالته. (3)

بيان:

«رفع إلى الإمام» يقال: رفع زيدا إلى الحاكم: قدّمه إليه ليحاكمه.

13-عن عبد اللّه ابن مسعود رحمه اللّه أنّه فاتته تكبيرة الافتتاح يوما فأعتق رقبة و جاء إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فقال: يا رسول اللّه، فاتتني تكبيرة الافتتاح يوما فاعتقت رقبة هل كنت مدركا فضلها؟ فقال: لا، فقال: ابن مسعود ثمّ اعتق أخرى، هل كنت مدركا فضلها فقال: لا، يابن مسعود، و لو أنفقت ما في الأرض جميعا لم تكن مدركا فضلها. (4)

14-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: إنّ أئمّتكم قادتكم إلى اللّه، فانظروا بمن تقتدون في دينكم و صلاتكم. (5)

ص:388


1- -الوسائل ج 8 ص 309 ح 3
2- الوسائل ج 8 ص 315 ب 11 ح 7
3- الوسائل ج 8 ص 317 ح 13
4- جامع الأخبار ص 77 ف 36
5- المستدرك ج 6 ص 462 ب 9 من صلاة الجماعة ح 5

15-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه يستحيي من عبده إذا صلّى في جماعة ثمّ سأله حاجة أن ينصرف حتّى يقضيها. (1)

16-. . . قال الصادق عليه السّلام: الصلاة خلف العالم بألف ركعة، و خلف القرشيّ بمائة، و خلف العربيّ خمسون، و خلف المولى خمس و عشرون. (2)

17-. . . عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهما السّلام أنّه قال: قام عليّ عليه السّلام الليل كلّه حتّى إذا انشقّ عمود الصبح صلّى الفجر و خفق برأسه، فلمّا صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الغداة لم يره، فأتى فاطمة فقال: أي بنيّة، ما بال ابن عمّك لم يشهد معنا صلاة الغداة؟ فأخبرته الخبر، فقال: ما فاته من صلاة الغداة في جماعة أفضل من قيام ليله كلّه.

فانتبه عليّ عليه السّلام لكلام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال له: يا عليّ، إنّ من صلّى الغداة في جماعة فكأنّما قام الليل كلّه راكعا و ساجدا، يا عليّ، أما علمت أنّ الأرض تعجّ إلى اللّه من نوم العالم عليها قبل طلوع الشمس. (3)

بيان:

عجّ عجيجا أي صاح و رفع صوته.

ص:389


1- -البحار ج 88 ص 4 باب فضل الجماعة ح 3
2- البحار ج 88 ص 5 ح 6
3- البحار ج 88 ص 17 ح 30

ص:390

23- الجماع

الأخبار

1-عن أبي سعيد الخدري قال: أوصى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عليّ بن أبي طالب عليه السّلام فقال: يا عليّ، إذا دخلت العروس بيتك فاخلع خفّها (خفّيها ف ن) حين تجلس، و اغسل رجليها وصبّ الماء من باب دارك إلى أقصى دارك، فإنّك إذا فعلت ذلك أخرج اللّه من دارك سبعين لونا من الفقر و أدخل فيها سبعين لونا من البركة و أنزل عليك سبعين رحمة، ترفرف على رأس العروس حتّى تنال بركتها كلّ زاوية في بيتك، و تأمن العروس من الجنون و الجذام و البرص أن يصيبها ما دامت في تلك الدار. و امنع العروس في اسبوعها من الألبان و الخلّ و الكزبرة و التفّاحة الحامضة من هذه الأربعة الأشياء.

فقال عليّ عليه السّلام: يا رسول اللّه، و لأيّ شيء أمنعها هذه الأشياء الأربعة؟ قال:

(لأنّ) الرحم تعقم و تبرد من هذه الأربعة الأشياء عن الولد، و حصيرة في ناحية البيت خير من امرأة لا تلد.

فقال عليّ عليه السّلام: يا رسول اللّه، فما بال الخلّ تمنع منها؟ قال: إذا حاضت على الخلّ لم تطهر أبدا [طهرا]بتمام، و الكزبرة تثير الحيض في بطنها و تشدّد عليها الولادة، و التفّاحة الحامضة تقطع حيضها فيصير داء عليها.

ثمّ قال: يا عليّ، لا تجامع امرأتك في أوّل الشهر و وسطه و آخره، فإنّ الجنون

ص:391

و الجذام و الخبل يسرع إليها و إلى ولدها.

يا عليّ، لا تجامع امرأتك بعد الظهر، فإنّه إن قضي بينكما ولد في ذلك الوقت يكون أحول، و الشيطان يفرح بالحول في الإنسان.

يا عليّ، لا تتكلّم عند الجماع [كثيرا]فإنّه إن قضى بينكما ولد لا يؤمن أن يكون أخرس، و لا تنظر إلى فرج امرأتك و غضّ بصرك عند الجماع، فإنّ النظر إلى الفرج يورث العمى-يعني في الولد-

يا عليّ، لا تجامع امرأتك بشهوة امرأة غيرك، فإنّي أخشى إن قضي بينكما ولد أن يكون مخنّثا مؤنّثا بخيلا.

يا عليّ، إذا كنت جنبا في الفراش مع امرأتك فلا تقرأ القرآن، فإني أخشى أن ينزل عليكما نار من السماء فتحرقكما.

يا علي، لا تجامع امرأتك إلاّ و معك خرقة و مع امرأتك خرقة و لا تمسحا بخرقة واحدة، فتقع الشهوة على الشهوة، و إنّ ذلك يعقّب العداوة بينكما ثمّ يؤدّيكما إلى الفرقة و الطلاق.

يا علي، لا تجامع امرأتك من قيام، فإنّ ذلك من فعل الحمير، و إن قضي بينكما ولد يكون بوّالا في الفراش كالحمير البوّالة في كلّ مكان.

يا عليّ، لا تجامع امرأتك في ليلة الفطر، فإنّه إن قضي بينكما ولد فيكبر ذلك الولد و لا يصيب ولدا إلاّ على كبر السنّ.

يا عليّ، لا تجامع امرأتك ليلة الأضحى، فإنّه إن قضي بينكما ولد يكون له ستّ أصابع أو أربع [أصابع].

يا عليّ، لا تجامع امرأتك تحت شجرة مثمرة، فإنّه إن قضي بينكما ولد يكون جلاّدا قتّالا عريفا.

يا عليّ، لا تجامع امرأتك في وجه الشمس و تلألؤها إلاّ أن ترخى عليكما سترا، فإنّه إن قضي بينكما ولد لا يزال في بؤس و فقر حتّى يموت.

ص:392

يا علي، لا تجامع أهلك بين الأذان و الإقامة، فإنّه إن قضي بينكما ولد يكون حريصا على إهراق الدماء.

يا عليّ، إذا حملت امرأتك فلا تجامعها إلاّ و أنت على وضوء، فإنّه إن قضي بينكما ولد يكون أعمى القلب، بخيل اليد.

يا علي، لا تجامع أهلك في النصف من شعبان، فإنّه إن قضي بينكما ولد يكون مشوّها ذا شأمة في شعره و وجهه.

يا عليّ، لا تجامع أهلك في آخر درجة منه-يعني إذا بقي يومان-فإنّه إن قضي بينكما ولد كان مقدما (مفدما ف ن) .

يا عليّ، لا تجامع أهلك على شهوة أختها، فإن قضي بينكما ولد يكون عشّارا أو عونا للظالم، و يكون هلاك فئام من الناس على يديه.

يا عليّ، لا تجامع أهلك على سقوف البنيان، فإنّه إن قضي بينكما ولد يكون منافقا مماريا مبتدعا.

يا عليّ، و إذا خرجت في سفر فلا تجامع أهلك تلك الليلة، فإنّه إن قضي بينكما ولد فإنّه ينفق ماله في غير حقّ، و قرأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إِنَّ اَلْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ اَلشَّياطِينِ.

يا عليّ، لا تجامع أهلك إذا خرجت إلى مسيرة ثلاثة أيّام و لياليهنّ، فإنّه إن قضي بينكما ولد يكون عونا لكلّ ظالم عليك.

يا عليّ، عليك بالجماع ليلة الاثنين، فإنّه إن قضي بينكما ولد يكون حافظا لكتاب اللّه راضيا بما قسم اللّه عزّ و جلّ.

يا عليّ، إن جامعت أهلك في (أوّل ف ن) ليلة الثلاثاء فقضي بينكما ولد فإنّه يرزق الشهادة بعد شهادة أن لا إله إلاّ اللّه و أنّ محمّدا رسول اللّه، و لا يعذّبه اللّه عزّ و جلّ مع المشركين، و يكون طيّب النكهة من الفم، رحيم القلب، سخيّ اليد، طاهر اللسان من الغيبة و الكذب و البهتان.

ص:393

يا علي، و إن جامعت أهلك ليلة الخميس فقضي بينكما ولد فإنّه يكون حاكما من الحكّام أو عالما من العلماء، و إن جامعتها يوم الخميس عند زوال الشمس عن كبد السماء فقضي بينكما ولد فإنّ الشيطان لا يقرّبه حتّى يشيب و يكون فهما و يرزقه اللّه السلامة في الدين و الدنيا.

[يا علي]و إن جامعتها ليلة الجمعة و كان بينكما ولد يكون خطيبا قوّالا مفوّها، و إن جامعتها يوم الجمعة بعد العصر فقضي بينكما ولد فإنّه يكون معروفا مشهورا عالما، و إن جامعتها ليلة الجمعة بعد العشاء الآخرة، فإنّه يرجى أن يكون الولد بدلا من الأبدال إن شاء اللّه.

يا عليّ، لا تجامع أهلك في أوّل ساعة من الليل فإنّه إن قضي بينكما ولد لا يؤمن أن يكون ساحرا مؤثرا للدنيا على الآخرة.

يا عليّ، احفظ وصيّتي هذه كما حفظتها عن جبرئيل عليه السّلام. (1)

بيان:

«لون من الفقر» : أي نوع منه. «كزبرة» يقال بالفارسيّة: گشنيز. «الخبل» : فساد في العقل و الجنون. «العريف» : أي القيّم بأمر القوم. «المشوّه» : القبيح الشكل و كلّ شيء من الخلق لا يوافق بعضه بعضا. «العشّار» : مأخوذ من العشر و هو آخذ العشر من أموال الناس بأمر الظالم (گمرك چى) . «كبد السماء» : أي وسط السماء.

«المفوّه» : المنطيق و البليغ الكلام يقال خطيب مفوّه أي بليغ.

2-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

إنّ اللّه عزّ و جلّ كره لكم أيّتها الامّة، أربعا و عشرين خصلة و نهاكم عنها:

كره لكم العبث في الصلاة، و كره المنّ في الصدقة، و كره الضحك بين القبور،

ص:394


1- -العلل ج 2 ص 514 ب 289 ح 5- أماليّ الصدوق ص 566 م 84 ح 1(البحار ج 103 ص 280 باب آداب الجماع ح 1)

و كره التطلّع في الدور، و كره النظر إلى فروج النساء و قال: يورث العمى، و كره الكلام عند الجماع و قال: يورث الخرس يعني في الولد، و كره النوم قبل العشاء الآخرة، و كره الحديث بعد العشاء الآخرة، و كره الغسل تحت السماء بغير مئزر، و كره المجامعة تحت السماء، و كره دخول الأنهار إلاّ بمئزر و قال: في الأنهار عمّار و سكّان من الملائكة، و كره دخول الحمّامات إلاّ بمئزر.

و كره الكلام بين الأذان و الإقامة في صلاة الغداة حتّى تقضي الصلاة، و كره ركوب البحر في هيجانه، و كره النوم في سطح ليس بمحجّر و قال: من نام على سطح غير ذي محجّر فقد برئت منه الذمّة، و كره أن ينام الرجل في بيت وحده.

و كره للرجل أن يغشى أمرأته و هي حائض، فإن غشيها فخرج الولد مجذوما أو أبرص فلا يلومنّ إلاّ نفسه.

و كره أن يغشى الرجل امرأته و قد احتلم حتّى يغتسل من احتلامه الذي رأى، فإن فعل فخرج الولد مجنونا فلا يلومنّ إلاّ نفسه.

و كره أن يكلّم الرجل مجذوما إلاّ أن يكون بينه و بين المجذوم قدر ذراع و قال:

فرّ من المجذوم فرارك من الأسد.

و كره البول على شطّ نهر جاري، و كره أن يحدث الرجل تحت شجرة قد أينعت-يعني أثمرت-و كره أن يتنعّل الرجل و هو قائم، و كره أن يدخل الرجل البيت المظلم إلاّ أن يكون بين يديه نار (أو سراج ف ن) و كره النفخ في موضع الصلاة. (1)

بيان:

«كره» الكراهة هنا أعمّ من الحرام و الكراهة المصطلحة. «المئزر» يقال بالفارسيّة:

لنگ. «برئت منه الذمّة» أي إذا القى بيده إلى التهلكة خرج عن حفظ اللّه تعالى

ص:395


1- -الخصال ج 2 ص 520 باب العشرين ح 9-أمالي الصدوق ص 301 م 50 ح 3

-لاحظ باب المسكن- «يغشى امرأته» يقال: غشي الرجل المرأة إذا جامعها و الاسم منه؛ الغشيان.

3-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال (في ح الأربعمائة) : إذا أراد أحدكم أن يأتي زوجته فلا يعجّلها، فإنّ للنساء حوائج، إذا رأى أحدكم امرأة تعجبه فليأت أهله، فإنّ عند أهله مثل ما رأى، و لا يجعلنّ للشيطان إلى قلبه سبيلا و ليصرف بصره عنها، فإن لم تكن له زوجة فليصلّ ركعتين و يحمد اللّه كثيرا و يصلّي على النبيّ و آله صلّى اللّه عليه و آله ثمّ ليسأل اللّه من فضله فإنّه يبيح له برأفته ما يغنيه.

إذا أتى احدكم زوجته فليقلّ الكلام فإنّ الكلام عند ذلك يورث الخرس، لا ينظرنّ أحدكم إلى باطن فرج امرأته فلعلّه يرى ما يكره، و يورث العمى.

إذا أراد أحدكم مجامعة زوجته فليقل: «اللهمّ إنّي استحللت فرجها بأمرك و قبلتها بأمانتك، فإن قضيت لي منها ولدا فاجعله ذكرا سويّا و لا تجعل للشيطان فيه نصيبا و لا شريكا» . . .

إذا أراد أحدكم أن يأتي أهله فليتوقّ أوّل الأهلّة و أنصاف الشهور فإنّ الشيطان يطلب الولد في هذين الوقتين، و الشياطين يطلبون الشرك فيهما فيجيئون و يحبلون. . . (1)

4-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أراد البقاء و لا بقاء، فليباكر الغداء، و ليجوّد (ليجيّد ف ن) الحذاء، و ليخفّف الرداء، و ليقلّ مجامعة النساء، قيل: يا رسول اللّه، و ما خفّة الرداء؟ فقال: قلّة الدين. (2)

بيان:

«الغداء» : الطعام الذي يؤكل أوّل النهار. «الحذاء» : النعل.

ص:396


1- -الخصال ج 2 ص 637
2- مكارم الأخلاق ص 212 ب 8 ف 4- رواه الصدوق رحمه اللّه في العيون ج 2 ص 37 ب 31 ح 112 عن أمير المؤمنين عليه السّلام.

«ليخفف الرداء» : في مجمع البحرين (ردا) ، قيل: سمّي الدين رداء لقولهم: "دينك في ذمّتي و في عنقي و لازم في رقبتي"و هو موضع الرداء، و عن الفارسي: يجوز أن يقال: كنّى بالرداء عن الظهر، لأنّ الرداء يقع عليه، فمعناه فليخفّف ظهره و لا يثقله بالدين.

5-عن الصادق عن أبيه عن عليّ عليهم السّلام أنّه كره أن يجامع الرجل ممّا يلي القبلة. (1)

6-بهذا الإسناد قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ثلاثة من الجفاء: أن يصحب الرجل الرجل فلا يسأله عن اسمه و كنيته، أو يدعى الرجل إلى طعام فلا يجيب، أو يجيب فلا يأكل، و مواقعة الرجل أهله قبل الملاعبة. (2)

7-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لبعض أصحابه يوم جمعة: هل صمت اليوم؟ قال: لا، قال له: فهل تصدّقت اليوم بشيء؟ قال: لا، قال له: قم فأصب من أهلك، فإنّ ذلك صدقة منك عليها. (3)

8-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: تعلّموا من الغراب خصالا ثلاثا: استتاره بالسّفاد و بكوره في طلب الرزق و حذره. (4)

بيان:

«السّفاد» : نزو الذكر على الانثى، يقال: سفد الذكر انثاه جامعها.

9-عن سدير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: لا يجامع الرجل امرأته و لا جاريته و في البيت صبيّ، فإنّ ذلك ممّا يورثه الزنا. (5)

ص:397


1- -البحار ج 103 ص 284 باب آداب الجماع ح 6
2- البحار ج 103 ص 285 ح 9
3- البحار ج 103 ص 285 ح 11
4- البحار ج 103 ص 285 ح 13
5- البحار ج 103 ص 286 ح 17

10-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا تجامع الرجل و المرأة فلا يتعرّيان فعل الحمارين، فإنّ الملائكة تخرج من بينهما إذا فعلا ذلك. (1)

11-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال لرجل من أوليائه: لا تجامع أهلك و أنت مختضب، فإنّك إن رزقت ولدا كان مخنّثا. (2)

بيان:

في مجمع البحرين، المخنّث: هو من يوطأ في دبره لما فيه من الإنخناث و هو التكسّر و التثني، و يقال: هو من الخنثى.

12-عن جابر قال: قال أبو جعفر محمّد الباقر عليه السّلام: إيّاك و الجماع حيث يراك صبيّ يحسن أن يصف حالك، قلت: يابن رسول اللّه، كراهة الشنعة؟ قال:

لا، فإنّك إن رزقت ولدا كان شهرة و علما في الفسق و الفجور. (3)

بيان:

«الشنعة» : القباحة و الفظاعة.

13-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه الصادق عليه السّلام أنّه قال لي: إيّاك أن تجامع أهلك و صبيّ ينظر إليك، فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يكره ذلك أشدّ كراهة. (4)

14-عن سليمان بن خالد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: ما قول اللّه:

وَ شارِكْهُمْ فِي اَلْأَمْوالِ وَ اَلْأَوْلادِ 5؟ فقال: قل في ذلك قولا: «أعوذ باللّه

ص:398


1- -البحار ج 103 ص 287 ح 20
2- البحار ج 103 ص 292 ح 38
3- البحار ج 103 ص 293 ح 40
4- البحار ج 103 ص 293 ح 41

السميع العليم من الشيطان الرجيم» . (1)

15-عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ليس شيء تحضره الملائكة إلاّ الرهان و ملاعبة الرجل أهله. (2)

بيان:

«الرهان» : مسابقة الخيل.

16-عن محمّد بن العيص أنّه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام فقال له: اجامع و أنا عريان؟ فقال: لا، و لا مستقبل القبلة و لا مستدبرها. (3)

17-عن سالم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قلت له: هل يكره الجماع في وقت من الأوقات و إن كان حلالا؟ قال: نعم، ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، و من مغيب الشمس إلى مغيب الشفق، و في اليوم الذي تنكسف فيه الشمس، و في الليلة التي ينكسف فيها القمر، و في الليلة و في اليوم اللذين يكون فيهما الريح السوداء، و الريح الحمراء، و الريح الصفراء.

و اليوم و الليلة اللذين يكون فيهما الزلزلة، و لقد بات رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عند بعض أزواجه في ليلة انكسف فيها القمر فلم يكن منه في تلك الليلة ما يكون منه في غيرها حتّى أصبح، فقالت له: يا رسول اللّه، ألبغض كان هذا منك في هذه الليلة؟ قال: لا، و لكن هذه الآية ظهرت في هذه الليلة فكرهت أن أتلذّذ و ألهو فيها، و قد عيّر اللّه في كتابه أقواما فقال: وَ إِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ اَلسَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ- فَذَرْهُمْ حَتّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ اَلَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ. (4)

ثمّ قال أبو جعفر عليه السّلام: و أيم اللّه لا يجامع أحد في هذه الأوقات التي نهى عنها

ص:399


1- -البحار ج 103 ص 294 ح 47
2- الوسائل ج 20 ص 118 ب 57 من مقدّمات النكاح ح 1
3- الوسائل ج 20 ص 119 ب 58 ح 2
4- الطور:44 و 45

رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قد انتهى إليه الخبر فيرزق ولدا فيرى في ولده ذلك ما يحبّ. (1)

18-عن أبي الحسن موسى، عن أبيه عن جدّه عليهم السّلام قال: فيما أوصى به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عليّا عليه السّلام قال: يا عليّ، لا تجامع أهلك في أوّل ليلة من الهلال و لا في ليلة النصف و لا في آخر ليلة فإنّه يتخوّف على ولد من يفعل ذلك الخبل، فقال عليّ عليه السّلام: و لم ذلك يا رسول اللّه؟ فقال: إنّ الجنّ يكثرون غشيان نسائهم في أوّل ليلة من الهلال و ليلة النصف و في آخر ليلة، أما رأيت المجنون يصرع في أوّل الشهر و في وسطه و في آخره. (2)

19-قال الصادق عليه السّلام: إذا أتى أحدكم أهله فلم يذكر اللّه عند الجماع و كان منه ولد كان شرك الشيطان، و يعرف ذلك بحبّنا و بغضنا. (3)

أقول:

سيأتي بهذا المعنى أخبار أخر في بابي الافتتاح بالتسمية و الشيطان.

20-و سئل أمير المؤمنين عليه السّلام عن الجماع، فقال عليه السّلام: حياء يرتفع و عورات تجتمع، أشبه شيء بالجنون، الإصرار عليه هرم، و الإفاقة منه ندم، ثمرة حلاله الولد، إن عاش فتن و إن مات حزن. (الغرر ج 1 ص 386 ف 28 ح 77)

ص:400


1- -الوسائل ج 20 ص 125 ب 62 ح 1
2- الوسائل ج 20 ص 128 ب 64 ح 1
3- الوسائل ج 20 ص 137 ب 68 ح 6

24- الجنّة

لم نذكر الآيات التي تناسب المقام لكثرتها، فراجع البحار ج 8 ص 71.

الأخبار

1-في مواعظ السجّاد عليه السّلام أنّه قال: إنّ الدنيا قد ارتحلت مدبرة. . . اعلموا أنّه من اشتاق إلى الجنّة سارع إلى الحسنات، و سلا عن الشهوات، و من أشفق من النار بادر بالتوبة إلى اللّه من ذنوبه، و راجع عن المحارم. . . (1)

2-عن أبي عبد اللّه عن أبيه عن جدّه عن عليّ عليهم السّلام قال: إنّ للجنّة ثمانية أبواب: باب يدخل منه النبيّون و الصدّيقون، و باب يدخل منه الشهداء و الصالحون، و خمسة أبواب يدخل منها شيعتنا و محبّونا، فلا أزال واقفا على الصراط أدعو و أقول: ربّ سلّم شيعتي و محبّي و أنصاري و من تولاّني في دار الدنيا.

فإذا النداء من بطنان العرش قد أجيبت دعوتك و شفّعت في شيعتك، و يشفع كلّ رجل من شيعتي و من تولاّني و نصرني و حارب من حاربني بفعل أو قول في سبعين ألف من جيرانه و أقربائه، و باب يدخل منه سائر المسلمين ممّن شهد

ص:401


1- -تحف العقول ص 203

أن لا إله إلاّ اللّه و لم يكن في قلبه مقدار ذرّة من بغضنا أهل البيت. (1)

3-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

إنّ اللّه عزّ و جلّ لمّا خلق الجنّة خلقها من لبنتين؛ لبنة من ذهب و لبنة من فضّة، و جعل حيطانها الياقوت، و سقفها الزبرجد، و حصائها اللؤلؤ، و ترابها الزعفران و المسك الأذفر فقال لها: تكلّمي، فقالت: «لا إله إلاّ أنت الحيّ القيّوم قد سعد من يدخلني» فقال عزّ و جلّ: بعزّتي و عظمتي و جلالي و ارتفاعي لا يدخلها مدمن خمر و لا متكبّر (سكّير ف ن) و لاقتّات و هو النمّام، و لا ديّوث و هو القلطبان، و لا قلاّع و هو الشرطيّ، و لا زنّوق و هو الخنثى، و لا خيّوف و هو النبّاش و لا عشّار و لا قاطع رحم و لا قدريّ (2)

بيان:

«لبنة» يقال بالفارسيّة: خشت. «المسك الأذفر» يقال بالفارسيّة: مشك خوشبو.

4-عن أبي بصير عن أبي جعفر الباقر عليه السّلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: . . . و طوبى شجرة في الجنّة أصلها في دار رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فليس من مؤمن إلاّ و في داره غصن من أغصانها، لا ينوي في قلبه شيئا إلاّ أتاه ذلك الغصن به، و لو أنّ راكبا مجدّا سار في ظلّها مائة عام لم يخرج منها، و لو أنّ غرابا طار من أصلها ما بلغ أعلاها حتّى يبياضّ هرما، ألا ففي هذا فارغبوا. . . (3)

5-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في كلام له: إيّاكم و عقوق الوالدين، فإنّ ريح الجنّة توجد من مسيرة ألف عام، و لا يجدها عاقّ و لا قاطع رحم و لا شيخ زان و لا جارّ إزاره خيلاء، إنّما الكبرياء للّه ربّ العالمين. (4)

ص:402


1- -الخصال ج 2 ص 407 باب الثمانية ح 6
2- الخصال ج 2 ص 435 باب العشرة ح 22-و بمضمونه ح 23
3- الخصال ج 2 ص 483 باب الاثنى عشر ح 56
4- الكافي ج 2 ص 261 باب العقوق ح 6

أقول:

بهذا المعنى أخبار أخر، يأتي بعضها في بابي الكبر و الوالدين.

6-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لو أنّ ثوبا من ثياب أهل الجنّة ألقي إلى أهل الدنيا لم تحتمله أبصارهم و لماتوا من شهوة النظر إليه.

و قد ورد عنهم عليهم السّلام: كلّ شيء من الدنيا سماعه أعظم من عيانه، و كلّ شيء من الآخرة عيانه أعظم من سماعه.

و في الوحي القديم: أعددت لعبادي ما لا عين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر بقلب بشر. (1)

7-سئل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ما بناؤها قال: لبنة من ذهب و لبنة من فضّة، و ملاطها المسك الأذفر و ترابها الزعفران و حصاؤها اللؤلؤ و الياقوت، من دخلها يتنعّم و لا يبأس أبدا و يخلّد و لا يموت أبدا و لا يبلى ثيابه و لا شبابه. (2)

بيان:

«الملاط» الطين الذي يجعل بين جزئي الحائط «لا يبأس» أي لا يفتقر.

8-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ في الجنّة سوقا ما فيها شرى و لا بيع إلاّ الصور من الرجال و النساء، من اشتهى صورة دخل فيها، و إنّ فيها مجمع حور العين يرفعن أصواتهنّ بصوت لم يسمع الخلائق بمثله «نحن الناعمات فلا نبأس أبدا و نحن الطاعمات فلا نجوع أبدا و نحن الكاسيات فلا نعرى أبدا و نحن الخالدات فلا نموت أبدا و نحن الراضيات فلا نسخط أبدا و نحن المقيمات فلا نظعن أبدا، فطوبى لمن كنّا له و كان لنا، نحن خيرات حسان أزواجنا أقوام كرام» . (3)

ص:403


1- -عدّة الداعي ص 99
2- جامع الأخبار ص 173 ف 137
3- جامع الأخبار ص 173

9-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: شبر من الجنّة خير من الدنيا و ما فيها. (1)

10-كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: إنّ أهل الجنّة ينظرون إلى منازل شيعتنا كما ينظر الإنسان إلى الكواكب. (2)

11-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما خلق اللّه خلقا إلاّ جعل له في الجنّة منزلا و في النار منزلا، فإذا سكن أهل الجنّة الجنّة و أهل النار النار، نادى مناد: يا أهل الجنّة، اشرفوا، فيشرفون على النار و ترفع لهم منازلهم في النار ثمّ يقال لهم: هذه منازلكم التي لو عصيتم ربّكم دخلتموها؛ قال: فلو أن أحدا مات فرحا لمات أهل الجنّة في ذلك اليوم فرحا لما صرف عنهم من العذاب.

ثمّ ينادون: يا معشر أهل النار، ارفعوا رؤوسكم فانظروا إلى منازلكم في الجنّة، فيرفعون رؤوسهم فينظرون إلى منازلهم في الجنّة و ما فيها من النعيم، فيقال لهم: هذه منازلكم التي لو أطعتم ربّكم دخلتموها؛ قال: فلو أنّ أحدا مات حزنا لمات أهل النار ذلك اليوم حزنا، فيورث هؤلاء منازل هؤلاء، و هؤلاء منازل هؤلاء، و ذلك قول اللّه عزّ و جلّ: أُولئِكَ هُمُ اَلْوارِثُونَ- اَلَّذِينَ يَرِثُونَ اَلْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ (3). (4)

12-عن عاصم بن حميد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما من عمل حسن يعمله العبد إلاّ و له ثواب في القرآن إلاّ صلاة الليل، فإنّ اللّه لم يبيّن ثوابها لعظيم خطرها عنده، فقال: تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ اَلْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَ طَمَعاً . . . جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (5)

ص:404


1- -جامع الأخبار ص 174
2- جامع الأخبار ص 174
3- المؤمنون:10 و 11
4- البحار ج 8 ص 125 باب الجنّة ح 26
5- السجدة:16 و 17

ثمّ قال: إنّ للّه كرامة في عباده المؤمنين في كلّ يوم جمعة، فإذا كان يوم الجمعة بعث اللّه إلى المؤمن ملكا معه حلّة فينتهي إلى باب الجنّة فيقول: استأذنوا لي على فلان، فيقال له: هذا رسول ربّك على الباب، فيقول لأزواجه: أيّ شيء ترين عليّ أحسن؟ فيقلن: يا سيّدنا، و الذي أباحك الجنّة ما رأينا عليك شيئا أحسن من هذا، بعث إليك ربّك، فيتّزر بواحدة و يتعطّف بالأخرى فلا يمرّ بشيء إلاّ أضاء له حتّى ينتهي إلى الموعد،

فإذا اجتمعوا تجلّى لهم الربّ تبارك و تعالى، فإذا نظروا إليه خرّوا سجّدا فيقول: عبادي، ارفعوا رؤوسكم ليس هذا يوم سجود و لا يوم عبادة قد رفعت عنكم المؤونة، فيقولون: يا ربّ، و أيّ شيء أفضل ممّا أعطيتنا؟ أعطيتنا الجنّة، فيقول: لكم مثل ما في أيديكم سبعين ضعفا.

فيرجع المؤمن في كلّ جمعة بسبعين ضعفا مثل ما في يديه و هو قوله: وَ لَدَيْنا مَزِيدٌ و هو يوم الجمعة، إنّ ليلها ليلة غرّاء و يومها يوم أزهر، فأكثروا فيها من التسبيح و التكبير و التهليل و الثناء على اللّه و الصلاة على محمّد و آله، قال:

فيمرّ المؤمن فلا يمرّ بشيء إلاّ أضاء له حتّى ينتهي إلى أزواجه، فيقلن: و الذي أباحنا الجنّة يا سيّدنا، ما رأينا قطّ أحسن منك الساعة، فيقول: إنّي قد نظرت إلى نور ربّي، ثمّ قال: إنّ أزواجه لا يغرن و لا يحضن و لا يصلفن.

قال: قلت: جعلت فداك، إنّي أردت أن أسألك عن شيء أستحيي منه، قال:

سل، قلت: هل في الجنّة غناء؟ قال: إنّ في الجنّة شجرا يأمر اللّه رياحها فتهبّ فتضرب تلك الشجرة بأصوات لم يسمع الخلائق بمثلها حسنا، ثمّ قال: هذا عوض لمن ترك السماع في الدنيا من مخافة اللّه، قال: قلت: جعلت فداك زدني، فقال: إنّ اللّه خلق جنّة بيده و لم ترها عين و لم يطّلع عليها مخلوق يفتحها الربّ كلّ صباح فيقول: ازدادي ريحا، ازدادي طيبا، و هو قول اللّه: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ 1. 2

ص:405

سل، قلت: هل في الجنّة غناء؟ قال: إنّ في الجنّة شجرا يأمر اللّه رياحها فتهبّ فتضرب تلك الشجرة بأصوات لم يسمع الخلائق بمثلها حسنا، ثمّ قال: هذا عوض لمن ترك السماع في الدنيا من مخافة اللّه، قال: قلت: جعلت فداك زدني، فقال: إنّ اللّه خلق جنّة بيده و لم ترها عين و لم يطّلع عليها مخلوق يفتحها الربّ كلّ صباح فيقول: ازدادي ريحا، ازدادي طيبا، و هو قول اللّه: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (1). (2)

بيان:

«فتهبّ» هبّت الرياح: هاجت و تحرّكت. «الحلّة» جمع حلل: كلّ ثوب جديد تلبسه أو الثوب الساتر لجميع البدن و هو من ثوبين. «يتعطّف» تعطّف بالثوب:

ارتدى به.

«لا يصلفن» صلفت المرأة عند زوجها: لم تحظ عنده، و في النهاية ج 3 ص 47: . . .

و منه الحديث «لو أنّ امرأة لا تتصنّع لزوجها صلفت عنده» أي ثقلت عليه و لم تحظ عنده.

13-عن جابر بن يزيد عن أبي جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الجنّة محرّمة على الأنبياء حتّى أدخلها، و محرمة على الأمم كلّها حتّى يدخلها شيعتنا أهل البيت. (3)

14-عن عبد اللّه بن مسعود قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لمّا أسري بي إلى السماء قال لي جبرئيل عليه السّلام: قد أمرت الجنّة و النار أن تعرض عليك، قال: فرأيت الجنّة و ما فيها من النعيم و رأيت النار و ما فيها من العذاب؛ و الجنّة فيها ثمانية أبواب، على كلّ باب منها أربع كلمات، كلّ كلمة خير من الدنيا و ما فيها لمن يعلم و يعمل بها؛ و للنار سبعة أبواب، على كلّ باب منها ثلاث كلمات، كلّ كلمة خير من الدنيا و ما فيها لمن يعلم و يعمل بها. فقال لي جبرئيل عليه السّلام: اقرء يا محمّد، ما على الأبواب، فقرأت ذلك.

أمّا أبواب الجنّة فعلى أوّل باب منها مكتوب: لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه، عليّ وليّ اللّه، لكلّ شيء حيلة و حيلة العيش أربع خصال: القناعة و بذل الحقّ

ص:


1- -السجدة:17
2- البحار ج 8 ص 126 ح 27( تفسير القميّ ج 2 ص 168)
3- البحار ج 8 ص 143 ح 65

و ترك الحقد و مجالسة أهل الخير.

و على الباب الثاني مكتوب: لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه، عليّ وليّ اللّه، لكلّ شيء حيلة و حيلة السرور في الآخرة أربع خصال: مسح رؤوس اليتامى، و التعطّف على الأرامل و السعي في حوائج المؤمنين و التفقّد للفقراء و المساكين.

و على الباب الثالث مكتوب: لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه، عليّ وليّ اللّه، لكلّ شيء حيلة و حيلة الصحّة في الدنيا أربع خصال: قلّة الكلام و قلّة المنام و قلّة المشي و قلّة الطعام.

و على الباب الرابع مكتوب: لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه، عليّ وليّ اللّه، من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فليكرم ضيفه، من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فليكرم جاره، من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فليكرم والديه، من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فليقل خيرا أو يسكت.

و على الباب الخامس مكتوب: لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه، عليّ وليّ اللّه، من أراد أن لا يظلم فلا يظلم، و من أراد أن لا يشتم فلا يشتم، و من أراد أن لا يذلّ فلا يذلّ و من أراد أن يستمسك بالعروة الوثقى في الدنيا و الآخرة فليقل: لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه، عليّ وليّ اللّه.

و على الباب السادس مكتوب: لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه، عليّ وليّ اللّه، من أراد أن يكون قبره وسيعا فسيحا فليبن المساجد، و من أراد أن لا تأكله الديدان تحت الأرض فليسكن المساجد، و من أحبّ أن يكون طريّا مطرّا لا يبلى فليكنس المساجد، و من أحبّ أن يرى موضعه في الجنّة فليكس المساجد بالبسط.

و على الباب السابع مكتوب: لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه، عليّ وليّ اللّه، بياض القلب في أربع خصال: عيادة المريض و اتّباع الجنائز و شراء الأكفان وردّ القرض.

ص:407

و على الباب الثامن مكتوب: لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه، عليّ وليّ اللّه، من أراد الدخول من هذه الأبواب فليتمسّك (فليستمسك ف ن) بأربع خصال:

السخاء و حسن الخلق و الصدقة و الكفّ عن أذى عباد اللّه تعالى.

و رأيت على أبواب النار مكتوبا على الباب الأوّل ثلاث كلمات: من رجا اللّه سعد و من خاف اللّه أمن، و الهالك المغرور من رجا غير اللّه و خاف سواه.

و على الباب الثاني: من أراد أن لا يكون عريانا يوم القيامة فليكس الجلود العارية في الدنيا، من أراد أن لا يكون عطشانا يوم القيامة فليسق العطاش في الدنيا، من أراد أن لا يكون يوم القيامة جائعا فليطعم البطون الجائعة في الدنيا.

و على الباب الثالث مكتوب: لعن اللّه الكاذبين، لعن اللّه الباخلين، لعن اللّه الظالمين.

و على الباب الرابع مكتوب ثلاث كلمات: أذلّ اللّه من أهان الإسلام، أذلّ اللّه من أهان أهل البيت، أذلّ اللّه من أعان الظالمين على ظلمهم للمخلوقين.

و على الباب الخامس مكتوب ثلاث كلمات: لا تتّبعوا الهوى فالهوى (فإنّ الهوى ف ن) يخالف الإيمان، و لا تكثر منطقك فيما لا يعنيك فتسقط من رحمة اللّه، و لا تكن عونا للظالمين.

و على الباب السادس مكتوب: أنا حرام على المجتهدين، أنا حرام على المتصدّقين، أنا حرام على الصائمين.

و على الباب السابع مكتوب ثلاث كلمات: حاسبوا نفوسكم قبل أن تحاسبوا، و وبّخوا نفوسكم قبل أن توبّخو، و ادعو اللّه عزّ و جلّ قبل أن تردوا عليه و لا تقدروا على ذلك. (1)

ص:408


1- -البحار ج 8 ص 144 ح 67

بيان:

«الفسيح» : الواسع. «الديدان» يقال بالفارسيّة: كرم. «طريّا مطرّا» يقال بالفارسيّة: تر و تازة. «البسط» واحده البساط: ما بيسط و ينشر (فرش) .

«فليكس الجلود العارية» : أي فليكس العاري. «المجتهد» : من جهد للعبادة و العمل الصالح و. . . «و بخّه» : لامه و عيّره.

15-أبو أيّوب الأنصاريّ عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ليلة أسري بي مرّبي إبراهيم عليه السّلام فقال: مر أمّتك أن يكثروا من غرس الجنّة، فإنّ أرضها واسعة و تربتها طيّبة، قلت: و ما غرس الجنّة؟ قال: «لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه» . (1)

16-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: خطيب. أهل الجنّة أنا محمّد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله. (2)

17-عن ابن أبي عمير عن جميل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لمّا أسري بي إلى السماء دخلت الجنّة، فرأيت فيها ملائكة يبنون لبنة من ذهب و لبنة من فضّة و ربّما أمسكوا، فقلت لهم: ما لكم ربما بنيتم و ربما أمسكتم؟ فقالوا: حتّى تجيئنا النفقة، فقلت لهم: و ما نفقتكم؟ فقالوا: قول المؤمن في الدنيا: «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر» فإذا قال، بنينا و إذا أمسك أمسكنا. (3)

18-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من قال:

«سبحان اللّه» غرس اللّه له بها شجرة في الجنّة، و من قال: «الحمد للّه» غرس اللّه له بها شجرة في الجنّة، و من قال: «لا إله إلاّ اللّه» غرس اللّه له بها شجرة في الجنّة، و من قال: «اللّه أكبر» غرس اللّه له بها شجرة في الجنّة؛ فقال رجل من قريش:

يا رسول اللّه، إنّ شجرنا في الجنّة لكثير! قال: نعم، و لكن إيّاكم أن ترسلوا عليها

ص:409


1- -البحار ج 8 ص 149 ح 83
2- البحار ج 8 ص 147 في ح 72
3- البحار ج 8 ص 123 ح 19( تفسير القميّ ج 1 ص 21)

نيرانا فتحرقوها، و ذلك أنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اَللّهَ وَ أَطِيعُوا اَلرَّسُولَ وَ لا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ (1). (2)

19-عن المفضّل بن عمر عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما السّلام أنّه قال (في حديث) : و عليكم بتلاوة القرآن فإنّ درجات الجنّة على عدد آيات القرآن، فإذا كان يوم القيامة يقال لقارئ القرآن: اقرأ وارق، فكلّما قرأ آية رقى درجة. . . (3)

بيان:

«اقرأ وارق» : أي أقرأ آية و اصعد درجة من درجات الجنّة.

20-عن يزيد بن سالم أنّه سأل النبي صلّى اللّه عليه و آله: لم سمّيت الجنّة جنّة؟ قال: لأنّها جنينة خيرة نقيّة، و عند اللّه تعالى ذكره مرضيّة. (4)

21-عن عليّ بن الحسين عن الحسن و الحسين عن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام قال: جاء رجل من الأنصار إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال: يا رسول اللّه، ما أستطيع فراقك، و إني لأدخل منزلي فأذكرك فأترك ضيعتي (صنيعتي ف ن) و أقبل حتّى أنظر إليك حبّا لك، فذكرت إذا كان يوم القيامة و أدخلت الجنّة فرفعت في أعلى علّيّين فكيف لي بك يا نبيّ اللّه؟ فنزل: وَ مَنْ يُطِعِ اَللّهَ وَ اَلرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ اَلَّذِينَ أَنْعَمَ اَللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ اَلنَّبِيِّينَ وَ اَلصِّدِّيقِينَ وَ اَلشُّهَداءِ وَ اَلصّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً (5)فدعا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله الرجل فقرأها عليه و بشّره بذلك. (6)

ص:410


1- -محمّد:33
2- البحار ج 8 ص 186 ح 154
3- البحار ج 8 ص 186 ح 152
4- البحار ج 8 ص 187 ح 157
5- النساء:69
6- البحار ج 8 ص 188 ح 159

بيان:

«الضيعة» : الحرفة.

22-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: لمّا اسري بي إلى السماء دخلت الجنّة، فرأيت فيها قصرا من ياقوت أحمر يرى باطنه من ظاهره لضيائه و نوره، و فيه قبّتان من درّ و زبرجد، فقلت: يا جبرئيل، لمن هذا القصر؟ قال: هو لمن أطاب الكلام و أدام الصيام و أطعم الطعام و تهجّد بالليل و الناس نيام. . . (1)

23-عن موسى بن جعفر عن آبائه عن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أدخلت الجنّة فرأيت على بابها مكتوبا بالذهب: «لا إله إلاّ اللّه محمّد حبيب اللّه، عليّ وليّ اللّه، فاطمة أمة اللّه، الحسن و الحسين صفوة اللّه، على مبغضيهم لعنة اللّه» . (2)

24-قال الصادق عليه السّلام: لا يكون في الجنّة من البهائم سوى حمارة بلعم ابن باعور، و ناقة صالح، و ذئب يوسف، و كلب أهل الكهف. (3)

25-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يدخل الجنّة رجلان كانا يعملان عملا واحدا، فيرى أحدهما صاحبه فوقه. فيقول: يا ربّ، بما أعطيته و كان عملنا واحدا؟ فيقول اللّه تبارك و تعالى: سألني و لم تسألني. ثمّ قال: سلوا اللّه و أجزلوا فإنّه لا يتعاظمه شيء. (4)

بيان:

«الجزل» : الكثير، و الجزيل: الكثير من الشيء.

ص:411


1- -البحار ج 8 ص 190 ح 164 تفسير القمّي ج 1 ص 21
2- البحار ج 8 ص 191 ح 167
3- البحار ج 8 ص 195 ح 180
4- البحار ج 8 ص 221 ح 216

26-عن عليّ بن الحسين عن أبيه عن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام قال: قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أنت أوّل من يدخل الجنّة، فقلت: يا رسول اللّه، أدخلها قبلك؟ قال: نعم، لأنّك صاحب لوائي في الآخرة، كما أنّك صاحب لوائي في الدنيا، و صاحب اللواء هو المتقدّم.

ثمّ قال عليه السّلام: يا عليّ، كأنّي بك و قد دخلت الجنّة و بيدك لوائي و هو لواء الحمد تحته آدم فمن دونه. (1)

أقول:

بهذا المضمون أخبار أخر، روتها الخاصّة و العامّة.

27-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه عن عليّ عليهم السّلام قال: أنا يعسوب المؤمنين، و أنا أوّل السابقين، و خليفة رسول ربّ العالمين، و أنا قسيم الجنّة و النار و أنا صاحب الأعراف. (2)

أقول:

«أنا قسيم الجنّة و النار» : بهذا المعنى أخبار كثيرة، روتها الخاصّة و العامّة، راجع البحار ج 39 ص 193.

28-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه: يا أباذر، إنّ اللّه جلّ ثناؤه ليدخل قوما الجنّة فيعطيهم حتّى يملّوا، و فوقهم قوم في الدرجات العلى، فإذا نظروا إليهم عرفوهم فيقولون: ربّنا، إخواننا كنّا معهم في الدنيا فبم فضّلتهم علينا؟ فيقال:

هيهات هيهات إنّهم كانوا يجوعون حين تشبعون و يظمأون حين تروّون و يقومون حين تنامون و يشخصون حين تحفظون. . . (3)

و قال: يا أباذرّ، الدرجة في الجنّة كما بين السماء و الأرض، و إنّ العبد ليرفع

ص:412


1- -البحار ج 8 ص 6 باب اللواء ح 9
2- البحار ج 8 ص 336 باب الأعراف ح 7
3- البحار ج 77 ص 79

بصره فيلمع له نور يكاد يخطف بصره فيفزع لذلك، فيقول: ما هذا؟ فيقال: هذا نور أخيك، فيقول: أخي فلان كنّا نعمل جميعا في الدنيا و قد فضّل عليّ هكذا؟ فيقال له: إنّه كان أفضل منك عملا، ثمّ يجعل في قلبه الرضى حتّى يرضى. . . (1)

و قال: يا أباذرّ، لو أنّ امرأة من نساء أهل الجنّة أطلعت من سماء الدنيا في ليلة ظلماء لأضاءت لها الأرض أفضل ممّا يضيئها القمر ليلة البدر، و لوجد ريح نشرها جميع أهل الأرض، و لو أنّ ثوبا من ثياب أهل الجنّة نشر اليوم في الدنيا لصعق من ينظر إليه و ما حملته أبصارهم. . . (2)

و قال: يا أباذرّ، أتحبّ أن تدخل الجنّة؟ قلت: نعم فداك أبي، قال: فاقصر من الأمل و اجعل الموت نصب عينيك و استح من اللّه حقّ الحياء. . . (3)

بيان:

«و يشخصون» شخص المسافر: إذا خرج عن موضعه إلى غيره، فالمعنى أنّهم يخرجون في سبيل اللّه إلى الجهاد و غيره و أنتم تحفظون أنفسكم.

29-في مواعظ عليّ عليه السّلام أنّه قال: . . . إنّه ليس لأنفسكم ثمن إلاّ الجنّة فلا تبيعوها إلاّ بها. . . (4)

أقول:

و في الغرر (ج 1 ص 223 ف 9 ح 97) قال عليه السّلام: إنّ لأنفسكم أثمانا فلا تبيعوها إلاّ بالجنّة.

30-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: درجات متفاضلات، و منازل متفاوتات،

ص:413


1- -البحار ج 77 ص 80
2- البحار ج 77 ص 84
3- البحار ج 77 ص 85
4- البحار ج 78 ص 13

لا ينقطع نعيمها و لا يظعن مقيمها، و لا يهرم خالدها و لا يبأس ساكنها. (1)

بيان:

«متفاضلات» : أي يتفضّل بعضها على بعض. «لا يظعن مقيمها» : أي لا يرتحل مقيمها عن الجنّة.

31-و قال عليه السّلام: و إنّما الأئمّة قوّام اللّه على خلقه و عرفاؤه على عباده، لا يدخل الجنّة إلاّ من عرفهم و عرفوه، و لا يدخل النار إلاّ من أنكرهم و أنكروه. (2)

32-و قال عليه السّلام: فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يقول: إنّ الجنّة حفّت بالمكاره، و إنّ النار حفّت بالشهوات. (3)

أقول:

مضمون الحديث متّفق عليه بين الخاصّة و العامّة.

بيان: «حفّت بالمكاره» : في المرآة ج 8 ص 132، قال الراوندي رحمه اللّه: يقال: حفّ القوم حول زيد إذا أطافوا به و استداروا، و حففته بشيء أي أدرته عليه، يقال:

حففت الهودج بالثياب، و يقال: إنّه مشتقّ من حفا في الشيء أي جانبيه. . . و هذا مثل يعني أنّك لا يمكنك نيل الجنّة إلاّ باحتمال مشاقّ و مكاره و هي فعل الطاعات و الامتناع عن المقبحات، و لا التفصّي عن النار إلاّ بترك الشهوات و هي المعاصي التي تتعلّق الشهوة بها. . .

33-و قال عليه السّلام: فلو رميت ببصر قلبك نحو ما يوصف لك منها لعزفت نفسك عن بدائع ما أخرج إلى الدنيا من شهواتها و لذّاتها و زخارف مناظرها، و لذهلت بالفكر في اصطفاق أشجار غيّبت عروقها في كثبان المسك على سواحل

ص:414


1- -نهج البلاغة ص 204 في خ 84
2- نهج البلاغة ص 470 في خ 152
3- نهج البلاغة ص 566 في خ 175

أنهارها، و في تعليق كبائس اللؤلؤ الرطب في عساليجها و أفنانها، و طلوع تلك الثمار مختلفة في غلف أكمامها، تجنى من غير تكلّف، فتأتي على منية مجتنيها، و يطاف على نزّالها في أفنية قصورها بالأعسال المصفّقة و الخمور المروّقة، قوم لم تزل الكرامة تتمادى بهم حتّى حلّوا دار القرار و أمنوا نقلة الأسفار، فلو شغلت قلبك أيّها المستمع، بالوصول إلى ما يهجم عليك من تلك المناظر المونقة لزهقت نفسك شوقا إليها، و لتحمّلت من مجلسي هذا إلى مجاورة أهل القبور استعجالا بها، جعلنا اللّه و إيّاكم ممّن يسعى بقلبه إلى منازل الأبرار برحمته. (1)

بيان:

«عزفت نفسك» : أي كرهت و زهدت. «الزخرف» جمع زخارف: الذهب ثمّ سمّي كلّ مزيّن زخرفا. «الذهول» : هو ذهاب الأمر بدهشة. «اصطفاق الأشجار» :

تضارب أوراقها بالنسيم بحيث يسمع لها صوت.

«الكثيب» : ج كثبان و هو التلّ. «الكباسة» : ج كبائس و هي العذق (خوشه خرما) .

«العساليج» : الغصون، (شاخه ها) «الأفنان» جمع فنن: و هو الغصن «غلف» : جمع غلاف.

في لسان العرب (كمم) ، الكمّ و الكمامة جمع أكمام: و عاء الطلع و غطاء النور (كاسبرگ) . «تجنى» أي تقطف (چيده مى شود) . «المصفّقة» : المصفّاة. «المروّقة» يقال: روّق الشراب إذا صفّاه. «المونقة» : المعجبة. «زهقت نفسك» : أي ماتت.

34-و قال عليه السّلام: و اعلموا أنّه من يتّق اللّه يجعل له مخرجا من الفتن، و نورا من الظلم، و يخلّده فيما اشتهت نفسه، و ينزله منزلة الكرامة عنده في دار اصطنعها لنفسه: ظلّها عرشه، و نورها بهجته، و زوّارها ملائكته، و رفقاؤها رسله. (2)

ص:415


1- -نهج البلاغة ص 537 في خ 164-صبحي ص 239
2- نهج البلاغة ص 602 في خ 182

35-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الجنّة دار الأمان. (الغرر ج 1 ص 17 ف 1 ح 451)

الجنّة جزاء المطيع-الجنّة دار السعداء. (ص 18 ح 472 و 493)

الجنّة غاية السابقين-النار غاية المفرطين. (ص 20 ح 532 و 533)

الجنّة أفضل غاية. (ص 34 ح 1067)

الجنّة مآل الفائز. (ص 36 ح 1116)

الجنّة خير مآل و النار شرّ مقيل. (ص 70 ص 1791)

ألا و إنّي لم أر كالجنّة نام طالبها و لا كالنار نام هاربها.

(ص 161 ف 6 ح 11)

إنّ من باع نفسه بغير الجنّة فقد عظمت عليه المحنة. (ص 223 ف 9 ح 98)

إنّ من باع جنّة المأوى بعاجلة الدنيا تعس جدّه و خسرت صفقته.

(ص 225 ح 108)

إنّ أهل الجنّة ليترائون منازل شيعتنا، كما يتراءى الرجل منكم الكواكب في أفق السماء. (ص 229 ح 138)

إن كنتم راغبين لا محالة فارغبوا في جنّة عرضها السموات و الأرض.

(ص 276 ف 10 ح 30)

بالمكاره تنال الجنّة (ص 330 ف 18 ح 26)

ثمن الجنّة العمل الصالح. (ص 366 ف 25 ح 13)

ثمن الجنّة الزهد في الدنيا. (ح 15)

شوّقوا أنفسكم إلى نعيم الجنّة تحبّوا الموت و تمقتوا الحياة.

(ص 450 ف 42 ح 25)

طلب الجنّة بلا عمل حمق. (ج 2 ص 470 ف 47 ح 9)

لن يفوز بالجنّة إلاّ الساعي لها. (ص 589 ف 72 ح 1)

ص:416

لن ينجو من النار إلاّ التارك عملها. (ح 2)

لن يحوز الجنّة إلاّ من جاهد نفسه. (ص 590 ح 19)

وفد الجنّة أبدا منعّمون. (ص 784 ف 83 ح 54)

وارد الجنّة مخلّد النعماء. (ح 56)

لا يفوز بالجنّة إلاّ من حسنت سريرته و خلصت نيّته.

(ص 854 ف 86 ح 431)

أقول:

قد مرّ في باب التوبة في حديث الرضا عليه السّلام: من سأل اللّه الجنّة و لم يصبر على الشدائد فقد استهزء بنفسه.

و سيأتي في باب الإحسان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال: إنّ للجنّة بابا يقال له: باب المعروف، فلا يدخله إلاّ أهل المعروف.

و في باب العقل عن عليّ عليه السّلام أنّه قال: لقد سبق إلى جنّات عدن أقوام ما كانوا أكثر الناس صلاة و لا صياما و لا حجّا و لا اعتمارا، و لكن عقلوا عن اللّه أمره، فحسنت طاعتهم و صحّ و رعهم و كمل يقينهم، ففاقوا غيرهم بالحظوة و رفيع المنزلة.

(شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 20 ص 270)

ص:417

ص:418

25- الجار

الأخبار

1-عن عمرو بن عكرمة قال: دخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام فقلت له: لي جار يؤذيني. فقال: ارحمه، فقلت: لا رحمه اللّه، فصرف وجهه عنّي، قال:

فكرهت أن أدعه، فقلت: يفعل بي كذا و كذا و يفعل بي و يؤذيني، فقال عليه السّلام: . . . إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أتاه رجل من الأنصار فقال: إنّي اشتريت دارا في بني فلان و إنّ أقرب جيراني منّي جوارا من لا أرجو خيره و لا آمن شرّه، قال: فأمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عليّا عليه السّلام و سلمان و أباذر-و نسيت آخر و أظنّه المقداد- أن ينادوا في المسجد بأعلى أصواتهم، بأنّه لا إيمان لمن لم يأمن جاره بوائقه، فنادوا بها ثلاثا ثمّ أومأ بيده إلى كلّ أربعين دارا من بين يديه و من خلفه و عن يمينه و عن شماله. (1)

بيان:

في النهاية ج 1 ص 162، في الحديث: «لا يدخل الجنّة من لا يأمن جاره بوائقه» أي غوائله و شروره، واحدها بائقة، و هي الداهية.

ص:419


1- -الكافي ج 2 ص 488 كتاب العشرة باب حقّ الجوار ح 1

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: حسن الجوار يزيد في الرزق. (1)

بيان:

«حسن الجوار» : إنّ الجار في بعض أخبار الباب عامّ يشمل جار الدار و المصاحب و المعاشر و المعامل و. . . و في الوافي: الجوار بالفتح و الكسر: المجاورة، و الجار يشمل ما يقال له بالفارسيّة: "همسايه"و ما يقال له"همنشين".

3-عن الكاهليّ قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ يعقوب عليه السّلام لمّا ذهب منه بنيامين نادى: يا ربّ، أما ترحمني؟ أذهبت عيني و أذهبت ابنيّ؟ فأوحى اللّه تبارك و تعالى: لو أمّتهما لأحييتهما لك حتّى أجمع بينك و بينهما، و لكن تذكر الشاة التي ذبحتها و شوّيتها و أكلت، و فلان و فلان إلى جانبك صائم لم تنله منها شيئا.

و في رواية اخرى، قال: فكان بعد ذلك يعقوب عليه السّلام ينادي (مناديه) كلّ غداة من منزله على فرسخ: ألا من أراد الغداء فليأت إلى يعقوب، و إذا أمسى نادى:

ألا من أراد العشاء فليأت إلى يعقوب. (2)

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: حسن الجوار يعمر الديار و يزيد في الأعمار. (3)

5-عن عبد صالح عليه السّلام قال: ليس حسن الجوار كفّ الأذى، و لكنّ حسن الجوار صبرك على الأذى. (4)

6-عن أبي الربيع الشاميّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال-و البيت غاصّ بأهله-: اعلموا أنّه ليس منّا من لم يحسن مجاورة من جاوره. (5)

ص:420


1- -الكافي ج 2 ص 489 ح 3
2- الكافي ج 2 ص 489 ح 4 و 5
3- الكافي ج 2 ص 489 ح 8-و نظيره ح 7 و 10
4- الكافي ج 2 ص 489 ح 9
5- الكافي ج 2 ص 490 ح 11

بيان:

«غاصّ» أي ممتلئ.

7-عن أبي حمزة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: المؤمن من آمن جاره بوائقه، قلت: و ما بوائقه؟ قال: ظلمه و غشمه. (1)

بيان:

«الغشم» : الجور و الظلم.

8-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما آمن بي من بات شبعان و جاره جائع، قال: و ما من أهل قرية يبيت و فيهم جائع ينظر اللّه إليهم يوم القيامة. (2)

9-قال أبو جعفر عليه السّلام: من القواصم الفواقر التي تقصم الظهر جار السوء؛ إن رأى حسنة أخفاها و إن رأى سيّئة أفشاها. (3)

بيان:

«الفواقر» : واحدتها الفاقرة، و هي الداهية الشديدة، فكأنّها كسرت فقر الظهر.

10-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أعوذ باللّه من جار السوء في دار إقامة؛ تراك عيناه و يرعاك قلبه، إن رآك بخير ساءه، و إن رآك بشرّ سرّه. (4)

11-عن جميل بن درّاج عن أبي جعفر عليه السّلام قال: حدّ الجوار أربعون دارا من كلّ جانب من بين يديه و من خلفه و عن يمينه و عن شماله. (5)

ص:421


1- -الكافي ج 2 ص 490 ح 12
2- الكافي ج 2 ص 490 ح 14
3- الكافي ج 2 ص 490 ح 15
4- الكافي ج 2 ص 490 ح 16
5- الكافي ج 2 ص 491 باب حدّ الجوار ح 2-و مثله ح 1

12-عن الصادق، عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (في حديث المناهي) قال: من آذى جاره حرّم اللّه عليه ريح الجنّة و مأواه جهنّم و بئس المصير، و من ضيّع حقّ جاره فليس منّا، و ما زال جبرئيل يوصيني بالجار حتّى ظننت أنّه سيورّثه. . . (1)

13-عن الصادق عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قيل للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يا نبيّ اللّه، أفي المال حقّ سوى الزكاة؟ قال: نعم برّ الرحم إذا أدبرت، و صلة الجار المسلم، فما آمن بي من بات شبعانا و جاره المسلم جائع، ثمّ قال صلّى اللّه عليه و آله: ما زال جبرئيل يوصيني بالجار حتّى ظننت أنّه سيورّثه. (2)

14-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ملعون معلون من آذى جاره. (3)

15-في رسالة السجّاد عليه السّلام في الحقوق قال: و أمّا حقّ جارك فحفظه غائبا و إكرامه شاهدا و نصرته إذا كان مظلوما و لا تتّبع له عورة، فإن علمت عليه سوءا سترته عليه، و إن علمت أنّه يقبل نصيحتك نصحته فيما بينك و بينه، و لا نسلمه عند شديدة، و تقيل عثرته، و تغفر ذنبه، و تعاشره معاشرة كريمة، و لا قوّة إلاّ باللّه. (4)

بيان:

«لا تسلمه عند شديدة» في مجمع البحرين: أسلم فلان فلانا أي ألقاه إلى الهلكة و لم يحمه عن عدوّه، و أسلمته بمعنى خذلته.

و المعنى بالفارسيّة: او را در سختيها تنها نگذارى.

16-في مواعظ الصادق عليه السّلام: و شكى إليه رجل جاره فقال عليه السّلام: اصبر

ص:422


1- -الوسائل ج 12 ص 127 ب 86 من العشرة ح 5
2- البحار ج 74 ص 151 باب حقّ الجار ح 8
3- البحار ج 74 ص 153 ح 17
4- البحار ج 74 ص 7 باب جوامع الحقوق

عليه، فقال: ينسبني الناس إلى الذلّ، فقال: إنّما الذليل من ظلم. (1)

17-في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: سل عن الرفيق قبل الطريق و عن الجار قبل الدار. (2)

18-و في وصيّته للحسنين عليهم السّلام عند وفاته: و اللّه اللّه في جيرانكم فإنّهم وصيّة نبيّكم، ما زال يوصي بهم حتّى ظننّا أنّه سيورّثهم. (3)

19-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من منع الماعون من جاره إذا احتاج إليه، منعه اللّه فضله يوم القيامة. (4)

بيان:

في مجمع البحرين (معن) ، «الماعون» : اسم جامع لمنافع البيت، كالقدر و الدلو و الملح و الماء و السراج و الخمرة و نحو ذلك مما جرت العادة بعاريته.

20-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: شكا رجل إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله جاره، فأعرض عنه، ثمّ عاد [فأعرض عنه، ثمّ عاد]فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لعليّ و سلمان و مقداد:

اذهبوا، و نادوا: لعنة اللّه و الملائكة على من آذى جاره.

و قال صلّى اللّه عليه و آله في غزوة تبوك: لا يصحبنا رجل آذى جاره.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر، فلا يؤذي جاره. (5)

21-و قالوا لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: فلانة تصوم النهار و تقوم الليل و تتصدّق و تؤذي جاره بلسانها، قال: لا خير فيها، هي من أهل النار قالوا: و فلانة تصلّي المكتوبة و تصوم شهر رمضان و لا تؤذي جارها، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: هي

ص:423


1- -البحار ج 78 ص 205
2- نهج البلاغة ص 936 في ر 31
3- نهج البلاغة ص 977 في ر 47
4- المستدرك ج 8 ص 423 ب 72 من العشرة ح 9
5- المستدرك ج 8 ص 423 ح 12

من أهل الجنّة. (1)

22-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: هل تدرون ما حقّ الجار؟ ما تدرون من حقّ الجار إلاّ قليلا. ألا لا يؤمن باللّه و اليوم الآخر من لا يأمن جاره بوائقه، فإذا استقرضه أن يقرضه، و إذا أصابه خير هنّأه، و إذا أصابه شرّ عزّاه، و لا يستطيل عليه في البناء يحجب عنه الريح إلاّ بإذنه، و إذا اشترى فاكهة فليهد له، فإن لم يهد له فليدخلها سرّا، و لا يعطي صبيانه منها شيئا يغايظون صبيانه.

ثمّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الجيران ثلاثة؛ فمنهم من له ثلاثة حقوق: حقّ الإسلام و حقّ الجوار و حقّ القرابة، و منهم من له حقّان: حقّ الإسلام و حقّ الجوار، و منهم من له حقّ واحد: الكافر له حقّ الجوار. (2)

بيان:

«هنّأه» : أي يهنئه بالتهنئة و يدعو له بالبركة، ضدّ عزّاه.

23-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ملعون من اطلع على جاره. (3)

24-و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من غلق بابه خوفا من جاره على أهله و ماله، فليس جاره بمؤمن، فقيل له: يا رسول اللّه، فما حقّ الجار على الجار؟ فقال: من أدنى حقوقه عليه إن استقرضه أقرضه، و إن استعانه أعانه و إن استعار منه أعاره، و إن احتاج إلى رفده رفده، و إن دعاه أجابه و إن مرض عاده و إن مات شيّع جنازته، و إن أصاب خيرا فرح به و لم يحسده عليه، و إن أصاب مصيبة حزن لحزنه، و لا يستطيل عليه ببناء سكنه فيؤذيه بإشرافه عليه، و سدّه منافذ الريح عنه، و إن أهدى إلى منزله طرفة أهدى له منها إذا علم أنّه ليس عنده

ص:424


1- -المستدرك ج 8 ص 423 ح 13
2- المستدرك ج 8 ص 424 ح 14
3- المستدرك ج 8 ص 424 ح 16

مثلها، أو فليسترها عنه و عن عياله إن شحّت نفسه بها.

ثمّ قال: اسمعوا ما أقول لكم، لم يؤدّ حقّ الجار إلاّ قليل ممّن رحمه اللّه، و لقد أوصاني اللّه بالجار حتّى ظننت أنّه سيورّثه. . . (1)

بيان:

«الرفد» : بالكسر العطاء و العون، و بالفتح: مصدر رفد، و رفده أي أعانه و أعطاه.

«الطرفة» : المراد التحفة.

25-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ما آمن بي من تاب شبعان و جاره طاويا. ما آمن بي من بات كاسيا و جاره عاريا. (2)

بيان:

«الطاوي» : الجائع.

26-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

جار السوء أعظم الضرّاء و أشدّ البلاء. (الغرر ج 1 ص 369 ف 26 ح 18)

جاور من تأمن شرّه و لا يعدوك خيره. (ح 21)

أقول:

قد مرّ في باب الإيمان قول الصادق عليه السّلام: ما كان و لا يكون و ليس بكائن مؤمن إلاّ و له جار يؤذيه. . .

ص:425


1- -المستدرك ج 8 ص 427 ب 73 ح 6
2- المستدرك ج 8 ص 429 ب 74 ح 6

ص:426

26- حسن الجوار و المعاشرة و التحبّب إلى الناس

الآيات

1- . . . وَ قُولُوا لِلنّاسِ حُسْناً. . . (1)

2- وَ اُعْبُدُوا اَللّهَ وَ لا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَ بِذِي اَلْقُرْبى وَ اَلْيَتامى وَ اَلْمَساكِينِ وَ اَلْجارِ ذِي اَلْقُرْبى وَ اَلْجارِ اَلْجُنُبِ وَ اَلصّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَ اِبْنِ اَلسَّبِيلِ وَ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ إِنَّ اَللّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالاً فَخُوراً. (2)

الأخبار

1-عن الحسن بن الحسين قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا بني عبد المطّلب، إنّكم لن تسعوا الناس بأموالكم فالقوهم بطلاقة الوجه و حسن البشر.

و عن الحسن بن راشد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام مثله إلاّ أنّه قال: يا بني هاشم. (3)

ص:427


1- -البقرة:83
2- النساء:36
3- الكافي ج 2 ص 84 باب حسن البشر ح 1

بيان:

«لن تسعوا» في النهاية ج 5 ص 184، و الوسع و السعة: الجدة و الطاقة. و منه الحديث: «إنّكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم» أي لا تتّسع أموالكم لعطائهم فوسّعوا أخلاقكم لصحبتهم.

«طلاقة الوجه» : أي انبساط الوجه. «حسن البشر» في المرآة ج 8 ص 176، و البشر: طلاقة الوجه و بشاشته، و قيل: حسن البشر تنبيه على أنّ زيادة البشر و كثرة الضحك مذمومة بل الممدوح الوسط من ذلك. . .

2-عن سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ثلاث من أتى اللّه بواحدة منهنّ أوجب اللّه له الجنّة: الإنفاق من إقتار، و البشر لجميع العالم، و الإنصاف من نفسه. (1)

بيان:

«الإقتار» : التضييق على الإنسان في الرزق.

3-عن فضيل قال: صنائع المعروف و حسن البشر يكسبان المحبّة و يدخلان الجنّة، و البخل و عبوس الوجه يبعّدان من اللّه و يدخلان النار. (2)

أقول:

الضمير في «قال» راجع إلى الباقر أو الصادق عليهما السّلام و كأنّه سقط من النسّاخ أو الرواة.

بيان: في المرآة، «صنائع المعروف» : الإحسان إلى الغير بما يعرف حسنه شرعا و عقلا و كأنّ الإضافة للبيان. قال في النهاية: الاصطناع، افتعال من الصنيعة و هي العطيّة و الكرامة و الإحسان، و قال: المعروف، اسم جامع لكلّ ما عرف من طاعة

ص:428


1- -الكافي ج 2 ص 84 ح 2
2- الكافي ج 2 ص 85 ح 5

اللّه تعالى و التقرّب إليه و الإحسان إلى الناس و كلّ ماندب إليه الشرع و نهى عنه من المحسّنات و المقبّحات. . .

4-عن سماعة عن أبي الحسن موسى عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: حسن البشر يذهب بالسخيمة (1)

بيان:

«السخيمة» : الحقد في النفس.

5-عن مرازم قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: عليكم بالصلاة في المساجد، و حسن الجوار للناس و إقامة الشهادة، و حضور الجنائز، إنّه لا بدّ لكم من الناس، إنّ أحدا لا يستغني عن الناس حياته و الناس لا بدّ لبعضهم من بعض. (2)

6-عن محمّد بن مسلم قال: قال أبو جعفر عليه السّلام: من خالطت فإن استطعت أن تكون يدك العليا عليهم فافعل. (3)

بيان:

كناية عن الإحسان و إيصال النفع الديني إليهم بقدر الإمكان فيكون يدك عليهم.

7-عن أبي الربيع الشاميّ قال: دخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام و البيت غاصّ بأهله، فيه الخراسانيّ و الشاميّ و من أهل الآفاق فلم أجد موضعا أقعد فيه، فجلس أبو عبد اللّه عليه السّلام و كان متّكئا ثمّ قال: يا شيعة آل محمّد، اعلموا أنّه ليس منّا من لم يملك نفسه عند غضبه، و من لم يحسن صحبة من صحبه، و مخالقة من خالقه، و مرافقة من رافقة، و مجاورة من جاوره، و ممالحة من مالحه. يا شيعة آل محمّد، اتّقوا اللّه ما استطعتم و لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه. (4)

ص:429


1- -الكافي ج 2 ص 85 ح 6
2- الكافي ج 2 ص 464 باب ما يجب من المعاشرة ح 1
3- الكافي ج 2 ص 465 باب حسن المعاشرة ح 1
4- الكافي ج 2 ص 465 ح 2

بيان:

«المخالقة» : المعاشرة بالأخلاق الحسنة، و قال الفيروزآبادي: خالقهم: عاشرهم بخلق حسن. «مرافقة من رافقه» : أي أعانه و نفعه و عامله بلطف، و رافقه أي صار رفيقه. «ممالحة من مالحه» الممالحة: المؤاكلة، يقال: مالحه ملاحا و ممالحة: أكل معه (هم نمك شدن) .

8-عن أحدهما عليهما السّلام قال: الانقباض من الناس مكسبة للعداوة. (1)

9-عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ أعرابيّا من بني تميم أتى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال له: أوصني، فكان ممّا أوصاه: تحبّب إلى الناس يحبّوك. (2)

10-عن سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: مجاملة الناس ثلث العقل. (3)

بيان:

«المجاملة» : المعاملة بالجميل.

11-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: التودّد إلى الناس نصف العقل. (4)

12-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال الحسن بن عليّ عليهما السّلام: القريب من قرّبته المودّة و إن بعد نسبه، و البعيد من بعّدته المودّة و إن قرب نسبه، لا شيء أقرب إلى شيء من يد إلى جسد، و إنّ اليد تغلّ فتقطع و تقطع فتحسم. (5)

بيان:

الغلول: الخيانة. «فتحسم» في الوافي، و الحسم: الكيّ (داغ كردن) بعد القطع لئلاّ

ص:430


1- -الكافي ج 2 ص 466 ح 5
2- الكافي ج 2 ص 469 باب التحبّب إلى الناس ح 1
3- الكافي ج 2 ص 469 ح 2
4- الكافي ج 2 ص 470 ح 4-و مثله ح 5 عن أبي الحسن عليه السّلام
5- الكافي ج 2 ص 470 ح 7

يسيل الدم.

13-عن عمّار بن مروان قال: أوصاني أبو عبد اللّه عليه السّلام فقال: أوصيك بتقوى اللّه، و أداء الأمانة، و صدق الحديث، و حسن الصحابة لمن صحبت (صاحبت ف ن) و لا قوّة إلاّ باللّه. (1)

14-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما اصطحب اثنان إلاّ كان أعظمهما أجرا و أحبّهما إلى اللّه عزّ و جلّ أرفقهما بصاحبه. (2)

15-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السّلام أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام صاحب رجلا ذمّيّا، فقال له الذمّيّ: أين تريد يا عبد اللّه؟ فقال عليه السّلام: أريد الكوفة؛ فلمّا عدل الطريق بالذمّيّ عدل معه أمير المؤمنين عليه السّلام، فقال له الذمّيّ: أ لست زعمت أنّك تريد الكوفة؟ فقال له: بلى فقال له الذمّيّ: فقد تركت الطريق، فقال له:

قد علمت قال: فلم عدلت معي و قد علمت ذلك؟ فقال له أمير المؤمنين عليه السّلام: هذا من تمام حسن الصحبة أن يشيّع الرجل صاحبه هنيئة إذا فارقه، و كذلك أمرنا نبيّنا صلّى اللّه عليه و آله.

فقال له الذمّيّ: هكذا قال؟ قال عليه السّلام: نعم. قال الذمّي: لاجرم إنّما تبعه من تبعه لأفعاله الكريمة، فأنا أشهدك أنّي على دينك و رجع الذمّيّ مع أمير المؤمنين عليه السّلام فلمّا عرفه أسلم. (3)

بيان:

«عدل الطريق» : أي مال عنه.

16-عن عمّار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: ليجتمع في قلبك الافتقار إلى الناس و الاستغناء عنهم، فيكون افتقارك

ص:431


1- -الكافي ج 2 ص 491 باب حسن الصحابة ح 1
2- الكافي ج 2 ص 491 ح 3
3- الكافي ج 2 ص 491 ح 5

إليهم في لين كلامك و حسن بشرك، و يكون استغناؤك عنهم في نزاهة عرضك و بقاء عزّك. (1)

بيان:

في المرآة ج 8 ص 356، «ليجتمع في قلبك. . .» : أي بأن تعاملهم ظاهرا معاملة من يفتقر إليهم في لين الكلام و حسن البشر، و أن تعاملهم من جهة أخرى معاملة من يستغني عنهم بأن تنزّه عرضك من التدنّس بالسؤال عنهم، و تبقي عزّك بعدم التذلّل عندهم للأطماع الباطلة، أو يجتمع في قلبك اعتقادان: اعتقادك بأنّك مفتقر إليهم للمعاشرة، لأنّ الإنسان مدنيّ بالطبع يحتاج بعضهم إلى بعض في التعيّش و البقاء، و اعتقادك بأنّك مستغن عنهم غير محتاج إلى سؤالهم، لأنّ اللّه تعالى ضمن أرزاق العباد و هو مسبّب الأسباب. . .

و في القاموس، التنزّه: التباعد و الاسم النزهة، و نزه الرجل: تباعد عن كلّ مكروه فهو نزيه، و نزّه نفسه عن القبيح تنزيها: نحّاها.

أقول: مرّ ما يناسب المقام في باب الجار عن الكافي، و مرّ في صفات المؤمن أنّه هشّاش بشّاش و لا بعبّاس.

17-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: صدر العاقل صندوق سرّه و البشاشة حبالة المودّة و الاحتمال قبر العيوب. (2)

بيان:

«الحبالة» : شبكة الصيد (دام) . «الاحتمال» : تحمّل الأذى.

18-و قال عليه السّلام: خالطوا الناس مخالطة إن متّم معها بكوا عليكم، و إن عشتم حنّوا إليكم. (3)

ص:432


1- -الكافي ج 2 ص 120 باب الاستغناء عن الناس ح 7
2- نهج البلاغة ص 1090 ح 5
3- نهج البلاغة ص 1092 ح 9

بيان:

«حنّوا إليكم» : أي اشتاقوا إليكم.

19-و قال عليه السّلام: قلّة العيال أحد اليسارين، و التودّد نصف العقل، و الهمّ نصف الهرم. (1)

20-عن كثير بن علقمة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: أوصني، فقال عليه السّلام:

أوصيك بتقوى اللّه، و الورع و العبادة، و طول السجود، و أداء الأمانة، و صدق الحديث، و حسن الجوار، فبهذا جاءنا محمّد صلّى اللّه عليه و آله، صلوا في عشائركم، و عودوا مرضاكم، و اشهدوا جنائزكم، و كونوا لنا زينا و لا تكونوا علينا شينا، حبّبونا إلى الناس و لا تبغضونا إليهم، فجرّوا إلينا كلّ مودّة، و ادفعوا عنّا كلّ شرّ. . . (2)

21-عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السّلام قال: ما يعبأ بمن سلك هذا الطريق إذا لم يكن فيه ثلاث خصال: ورع يحجزه عن معاصي اللّه، و حلم يملك به غضبه، و حسن الصحبة لمن صحبه. (3)

22-عن عبد العظيم الحسنيّ قال: قلت لأبي جعفر محمّد بن عليّ الرضا عليهما السّلام: يابن رسول اللّه، حدّثني بحديث عن آبائك عليهم السّلام، فقال: حدّثني أبي عن جدّي عن آبائه عليهم السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لا يزال الناس بخير ما تفاوتوا فإذا استووا هلكوا.

قال: فقلت له: زدني يابن رسول اللّه، قال: حدّثني أبي عن جدّي عن آبائه عليهم السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لو تكاشفتم ما تدافنتم.

قال: فقلت له: زدني يابن رسول اللّه، قال: حدّثني أبي عن جدّي عن آبائه عليهم السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بطلاقة

ص:433


1- -نهج البلاغة ص 1153 ح 135
2- الوسائل ج 12 ص 8 ب 1 من العشرة ح 8
3- الوسائل ج 12 ص 10 ب 2 ح 4

الوجه و حسن اللقاء، فإنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: إنّكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم. . . (1)(لاحظ تمام الحديث في المصدر)

23-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: رأس العقل بعد الإيمان باللّه عزّ و جلّ التحبّب إلى الناس. (2)

24-قال أبو جعفر عليه السّلام: صانع المنافق بلسانك، و اخلص ودّك للمؤمن، و إن جالسك يهوديّ فأحسن مجالسته. (3)

بيان:

في الوافي، المصانعة: المداراة و المداهنة.

25-. . . قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لا يكون أخوك أقوى منك على مودّته.

و قال عليه السّلام: البشاشة مخّ المودّة.

و قال عليه السّلام: المودّة قرابة مستفادة. (4)

26-قال الصادق عليه السّلام: حسن المعاشرة مع خلق اللّه تعالى في غير معصيته من مزيد فضل اللّه تعالى عند عبده، و من كان خاضعا للّه في السرّ كان حسن المعاشرة في العلانية، فعاشر الخلق للّه تعالى، و لا تعاشرهم لنصيبك لأمر الدنيا و لطلب الجاه و الرياء و السمعة، و لا تسقطنّ [نفسك]بسببها عن حدود الشريعة من باب المماثلة [معهم]و الشهرة، فإنّهم لا يغنون عنك شيئا و تفوتك الآخرة بلا فائدة، فاجعل من هو أكبر منك بمنزلة الأب و الأصغر بمنزلة الولد و المثل بمنزلة الأخ، و لا تدع ما تعلمه يقينا من نفسك بما تشكّ فيه من غيرك.

و كن رفيقا في أمرك بالمعروف و شفيقا في نهيك عن المنكر، و لا تدع النصيحة

ص:434


1- -العيون ج 2 ص 53 ب 31 ح 204- البحار ج 77 ص 385
2- البحار ج 74 ص 157 باب حسن المعاشرة ح 6
3- البحار ج 74 ص 161 ح 22
4- البحار ج 74 ص 165 في ح 29

في كلّ حال، قال اللّه تعالى: وَ قُولُوا لِلنّاسِ حُسْناً و اقطع عمّن ينسيك و صله (وصلته ف ن) ذكر اللّه تعالى و تشغلك الفته عن طاعة اللّه، فإنّ ذلك من أولياء الشيطان و أعوانه و لا يحملنّك رؤيتهم إلى المداهنة عند الحقّ، فإنّ في ذلك خسرانا عظيما نعوذ باللّه. (1)

ص:435


1- -مصباح الشريعة ص 30 ب 45

ص:436

27- جهاد النفس و تزكيتها

الآيات

1- لَقَدْ مَنَّ اَللّهُ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَ يُزَكِّيهِمْ. . . (1)

2- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اِتَّقُوا اَللّهَ وَ اِبْتَغُوا إِلَيْهِ اَلْوَسِيلَةَ وَ جاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. (2)

3- وَ ما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ اَلنَّفْسَ لَأَمّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاّ ما رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ. (3)

4- وَ مَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ اَلصّالِحاتِ فَأُولئِكَ لَهُمُ اَلدَّرَجاتُ اَلْعُلى- جَنّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا اَلْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَ ذلِكَ جَزاءُ مَنْ تَزَكّى. (4)

5- وَ جاهِدُوا فِي اَللّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اِجْتَباكُمْ وَ ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي اَلدِّينِ

ص:437


1- -آل عمران:164 و بهذا المعنى في البقرة:129 و 151 و الجمعة:2
2- المائدة:35
3- يوسف:53
4- طه:75 و 76

مِنْ حَرَجٍ. . . (1)

6- . . . وَ لَوْ لا فَضْلُ اَللّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَ لكِنَّ اَللّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَ اَللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. (2)

7- وَ مَنْ جاهَدَ فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اَللّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ اَلْعالَمِينَ. (3)

8- وَ اَلَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَ إِنَّ اَللّهَ لَمَعَ اَلْمُحْسِنِينَ. (4)

9- . . . إِنَّما تُنْذِرُ اَلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَ أَقامُوا اَلصَّلاةَ وَ مَنْ تَزَكّى فَإِنَّما يَتَزَكّى لِنَفْسِهِ وَ إِلَى اَللّهِ اَلْمَصِيرُ. (5)

10- قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّى. (6)

11- وَ اَلشَّمْسِ وَ ضُحاها- . . . وَ نَفْسٍ وَ ما سَوّاها- فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَ تَقْواها - قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكّاها- وَ قَدْ خابَ مَنْ دَسّاها. (7)

أقول:

سياق الآيات يقتضي التدبّر و التفكّر حيث يقول اللّه تعالى: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكّاها بعد أحد عشر قسما.

الأخبار

1-عن موسى بن جعفر عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام قال: إنّ رسول

ص:438


1- -الحجّ:78
2- النور:21
3- العنكبوت:6
4- العنكبوت:69
5- فاطر:18
6- الأعلى:14
7- الشمس:1 إلى 10

اللّه صلّى اللّه عليه و آله بعث سريّة، فلمّا رجعوا قال: مرحبا بقوم قضوا الجهاد الأصغر و بقي عليهم الجهاد الأكبر. قيل: يا رسول اللّه، و ما الجهاد الأكبر؟ قال: جهاد النفس.

ثمّ قال صلّى اللّه عليه و آله: أفضل الجهاد من جاهد نفسه التي بين جنبيه. (1)

بيان:

«السريّة» : قطعة من الجيش.

2-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: النفس مجبولة على سوء الأدب، و العبد مأمور بملازمة حسن الأدب، و النفس تجري في ميدان المخالفة و العبد يجهد بردّها عن سوء المطالبة، فمتى أطلق عنانها فهو شريك في فسادها، و من أعان نفسه في هوى نفسه فقد أشرك نفسه في قتل نفسه. (2)

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام لرجل: إنّك قد جعلت طبيب نفسك، و بيّن لك الداء، و عرّفت آية الصحّة، و دللت على الدواء، فانظر كيف قيامك على نفسك. (3)

بيان:

في المرآة ج 11 ص 361، «الداء» : الأخلاق الذميمة و الذنوب المهلكة، و «آية الصحّة» : العلامات التي بيّنها اللّه و رسوله و العترة الهادية عليهم السّلام. . . و «الدواء» التوبة و الاستغفار، و مجالسة الأخيار و مجانبة الأشرار، و الزهد في الدنيا، و التضرّع إلى اللّه و التوسّل به و التوكّل عليه، و تتبّع علل النفس و عيوبها و أمراضها و معالجة كلّ منها بضدّها.

و قد أشار أمير المؤمنين عليه السّلام إلى ذلك بقوله:

ص:439


1- -أمالي الصدوق ص 466 م 71 ح 8( المعاني ص 156 باب معنى الجهاد الأكبر-الكافي ج 5 ك الجهاد باب وجوه الجهاد ح 3-نوادر الراوندي ص 21-الاختصاص ص 233)
2- مشكوة الأنوار ص 247 ب 6 ف 1
3- الكافي ج 2 ص 329 باب محاسبة العمل ح 6

دواءك فيك و ما تشعر و دائك منك و ما تبصر

و تحسب أنّك جرم صغير و فيك انطوى العالم الأكبر

و أنت الكتاب المبين الذي بأحرفه يظهر المضمر

فلا حاجة لك في خارج يخبّر عنك بما سطّروا

فانظر كيف قيامك على نفسك في معالجة أدوائها، و إن قصّرت في ذلك فقد قتلت نفسك، و من قتل نفسه فجزاؤه جهنّم خالدا.

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: اقصر نفسك عمّا يضرّها من قبل أن تفارقك، واسع في فكاكها كما تسعى في طلب معيشتك، فإنّ نفسك رهينة بعملك. (1)

أقول:

سيأتي ما يناسب المقام في باب محاسبة النفس، و باب الشهوات و الأهواء و. . .

5-عن فضيل بن عياض قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الجهاد أسنّة هو أم فريضة؟ فقال: الجهاد على أربعة أوجه؛ فجهادان فرض، و جهاد سنّة لا تقام إلاّ مع الفرض، و جهاد سنّة، فأمّا أحد الفرضين فمجاهدة الرجل نفسه عن معاصي اللّه عزّ و جلّ و هو من أعظم الجهاد. . . (2)

6-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الشديد من غلب نفسه. (3)

بيان:

«الشديد» : أي الشجاع.

7-عن المفضّل بن عمر قال: قال الصادق جعفر بن محمّد عليه السّلام: من لم يكن له واعظ من قلبه و زاجر من نفسه و لم يكن له قرين مرشد استمكن عدوّه

ص:440


1- -الكافي ج 2 ص 329 ح 8
2- الوسائل ج 15 ص 24 ب 5 من جهاد العدوّ ح 1
3- الوسائل ج 15 ص 162 ب 1 من جهاد النفس ح 5

من عنقه. (1)

8-عن الصادق عليه السّلام قال: من ملك نفسه إذا رغب و إذا رهب و إذا اشتهى و إذا غضب و إذا رضي، حرّم اللّه جسده على النار. (2)

9-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: المجاهد من جاهد نفسه. (3)

10-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أفضل الأعمال ما أكرهت نفسك عليه. (4)

11-في وصيّة الباقر عليه السّلام لجابر الجعفي: إنّ المؤمن معني بمجاهدة نفسه ليغلبها على هواها، فمرّة يقيم أودها و يخالف هواها في محبّة اللّه، و مرّة تصرعه نفسه فيتّبع هواها، فينعشه اللّه فينتعش و يقيل اللّه عثرته، فيتذكّر و يفزع إلى التوبة و المخافة، فيزداد بصيرة و معرفة لما زيد فيه من الخوف، و ذلك بأنّ اللّه يقول: إِنَّ اَلَّذِينَ اِتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ اَلشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ. (5)

. . . و قال: و لا فضيلة كالجهاد، و لا جهاد كمجاهدة الهوى. . . (6)

بيان:

«أودها» الأود: العوج. «فينعشه اللّه» في مجمع البحرين: تنعش الضعيف أي تقويه و تقيمه من قولهم: نعشه و أنعشه أي أقامه، و انتعش العاثر: نهض من عثرته.

و في أقرب الموارد ج 2 ص 1319، نعشه اللّه: رفعه و أقامه و تداركه من هلكة.

12-في حديث موسى بن جعفر عليه السّلام لهشام (في العقل) : . . . و عليك

ص:441


1- -الوسائل ج 15 ص 162 ح 6
2- الوسائل ج 15 ص 162 ح 8
3- الوسائل ج 15 ص 163 ح 10
4- نهج البلاغة ص 1196 ح 241
5- الأعراف:201
6- تحف العقول ص 206 و 208

بالاعتصام بربّك و التوكّل عليه، و جاهد نفسك لتردّها عن هواها، فإنّه واجب عليك كجهاد عدوّك.

قال هشام: فقلت له: فأيّ الأعداء أوجبهم مجاهدة؟ قال عليه السّلام: أقربهم إليك و أعداهم لك و أضرّهم بك، و أعظمهم لك عداوة، و أخفاهم لك شخصا مع دنوّه منك، و من يحرّض أعداءك عليك، و هو إبليس الموكّل بوسواس القلوب، فله فلتشتدّ عداوتك، و لا يكوننّ أصبر على مجاهدتك لهلكتك منك على صبرك لمجاهدته، فإنّه أضعف منك ركنا في قوّته، و أقلّ منك ضررا في كثرة شرّه، إذا أنت اعتصمت باللّه فقد هديت إلى صراط مستقيم.

يا هشام، من أكرمه اللّه بثلاث فقد لطف له: عقل يكفيه مؤونة هواه، و علم يكفيه مؤونة جهله، و غنى يكفيه مخافة الفقر. . . (1)

بيان:

«ركنا في قوّته» الركن: العز و المنعة و أيضا ما يقوّى به أي لا يكون صبره في المجاهدة أقوى منك فهو مع قوّته و كثرة شرّه أضعف منك ركنا.

أقول: لا بدّ في مجاهدة النفس من الاعتصام باللّه و التضرّع إليه، و إلى أوليائه و الأئمّة الهدى عليهم السّلام، و لا يوجد سبيل غيره، و في الأخبار ما يدلّ على ذلك كما مرّ و سيأتي.

13-في وصيّة الصادق عليه السّلام لابن جندب: . . . و اجعل نفسك عدوّا تجاهده و عارية تردّها، فإنّك قد جعلت طبيب نفسك، و عرّفت آية الصحّة و بيّن لك الداء و دللت على الدواء، فانظر قيامك على نفسك. . . (2)

14-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أعدى عدوّك نفسك التي بين جنبيك. (3)

ص:442


1- -تحف العقول ص 294
2- تحف العقول ص 224
3- البحار ج 70 ص 64 باب مراتب النفس ح 1

15-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما كان عبد ليحبس نفسه على اللّه إلاّ أدخله اللّه الجنّة. (1)

16-دخل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رجل اسمه مجاشع، فقال: يا رسول اللّه، كيف الطريق إلى معرفة الحقّ؟ فقال صلّى اللّه عليه و آله: معرفة النفس،

فقال: يا رسول اللّه، فكيف الطريق إلى موافقة الحقّ؟ قال: مخالفة النفس.

فقال: يا رسول اللّه، فكيف الطريق إلى رضى الحقّ؟ قال: سخط النفس.

فقال: يا رسول اللّه، فكيف الطريق إلى وصل الحقّ؟ قال: هجر النفس.

فقال: يا رسول اللّه، فكيف الطريق إلى طاعة الحقّ؟ قال: عصيان النفس.

فقال: يا رسول اللّه، فكيف الطريق إلى ذكر الحقّ؟ قال: نسيان النفس.

فقال: يا رسول اللّه، فكيف الطريق إلى قرب الحقّ؟ قال: التباعد من النفس.

فقال: يا رسول اللّه، فكيف الطريق إلى أنس الحقّ؟ قال: الوحشة من النفس.

فقال: يا رسول اللّه، فكيف الطريق إلى ذلك؟ قال: الاستعانة بالحقّ على النفس. (2)

17-قال اللّه تعالى في خبر المعراج في صفة أهل الخير و أهل الآخرة: . . .

يموت الناس مرّة و يموت أحدهم في كلّ يوم سبعين مرّة من مجاهدة أنفسهم و مخالفة هواهم و الشيطان الذي يجري في عروقهم. (3)

18-في وصيّة أمير المؤمنين عليه السّلام لولده و شيعته عند وفاته: . . . و اللّه اللّه في الجهاد للأنفس، فهي أعدى العدوّ لكم، إنّه تبارك و تعالى قال: إِنَّ اَلنَّفْسَ لَأَمّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاّ ما رَحِمَ رَبِّي (4)و إنّ أوّل المعاصي تصديق النفس و الركون

ص:443


1- -البحار ج 70 ص 71 ح 19
2- البحار ج 70 ص 72 ح 23
3- البحار ج 77 ص 24
4- يوسف:53

إلى الهوى. (1)

19-عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أفضل الجهاد من جاهد نفسه التي بين جنبيه. (2)

20-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: إنّ الشديد ليس من غلب الناس، و لكنّ الشديد من غلب نفسه. (3)

21-قال الصادق عليه السّلام: طوبى لعبد جاهد للّه نفسه و هواه، و من هزم جند هواه ظفر برضى اللّه، و من جاوز عقله نفسه الأمّارة بالسوء بالجهد و الاستكانة و الخضوع على بساط خدمة اللّه تعالى فقد فاز فوزا عظيما. و لا حجاب أظلم و أوحش بين العبد و بين اللّه تعالى من النفس و الهوى، و ليس لقتلهما و قطعهما سلاح و آلة مثل الافتقار إلى اللّه سبحانه و الخشوع و الجوع و الظماء بالنهار و السهر بالليل، فإن مات صاحبه مات شهيدا و إن عاش و استقام أدّاه عاقبته إلى الرضوان الأكبر، قال اللّه عزّ و جلّ: وَ اَلَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا. . . (4)

22-عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال:

الشريعة رياضة النفس. (الغرر ج 1 ص 21 ف 1 ح 596)

اشتغالك بمعائب نفسك يكفيك العار. (ص 55 ح 1520)

المعرفة بالنفس أنفع المعرفتين. (ص 65 ح 1715)

العارف من عرف نفسه فأعتقها و نزّهها عن كلّ ما يبعّدها و يوبقها.

(ص 72 ح 1813)

ص:444


1- -المستدرك ج 11 ص 138 ب 1 من جهاد النفس ح 6
2- المستدرك ج 11 ص 137 ح 2
3- المستدرك ج 11 ص 139 ح 8
4- مصباح الشريعة ص 55 ب 80

اجعل من نفسك على نفسك رقيبا و اجعل لآخرتك من دنياك نصيبا.

(ص 124 ف 2 ح 203)

أقبل على نفسك بالإدبار عنها أعني أن تقبل على نفسك الفاضلة المقتبسة من نور عقلك الحائلة بينك و بين دواعي طبعك و أعني بالإدبار الإدبار عن نفسك الأمّارة بالسوء المصافحة بيد العتوّ. (ص 124 ح 208)

امنع نفسك من الشهوات تسلم من الآفات. (ص 125 ح 214)

املكوا أنفسكم بدوام جهادها. (ص 131 ف 3 ح 12)

اقمعوا هذه النفوس فإنّها طلعة (طلقة ف ن) (1)إن تطيعوها تزع بكم إلى شرّ غاية. (ص 138 ح 81)

اغلبوا أهواءكم و حاربوها فإنّها إن تقيّدكم توردكم من الهلكة أبعد غاية. (ح 82)

ألا و إنّ الجهاد ثمن الجنّة، فمن جاهد نفسه ملكها و هي أكرم ثواب اللّه لمن عرفها. (ص 165 ف 6 ح 32)

أفضل المعرفة معرفة الإنسان نفسه-أعظم الجهل جهل الإنسان أمر نفسه.

(ص 179 ف 8 ح 107 و 108)

أفضل الجهاد مجاهدة المرء نفسه. (ح 115)

أعظم الملك ملك النفس. (ص 181 ح 139)

أفضل الناس من جاهد هواه. (ص 189 ح 265)

أفضل الحكمة معرفة الإنسان نفسه و وقوفه عند قدره. (ص 190 ح 284)

أقوى الناس أعظمهم سلطانا على نفسه-أعجز الناس من عجز عن إصلاح نفسه. (ص 196 ح 364 و 365)

ص:445


1- -يقال: نفس طلعة أي كثير الميل إلى هواها، و الطلقة أي غير المقيّدة

أفضل العقل معرفة المرء نفسه، فمن عرف نفسه عقل و من جهلها ضلّ.

(ص 199 ح 396)

أفضل الجهاد جهاد النفس عن الهوى و فطامها عن لذّات الدنيا.

(ص 200 ح 408)

أوّل ما تنكرون من الجهاد جهاد أنفسكم-آخر ما تفقدون مجاهدة أهوائكم و طاعة أولي الأمر منكم. (ص 209 ح 506 و 507)

إنّ أفضل الجهاد مجاهدة الرجل نفسه. (ص 220 ف 9 ح 64)

إنّ طاعة النفس و متابعة أهويتها أسّ كلّ محنة و رأس كلّ غواية-إنّ هذه النفوس طلعة إن تطيعوها تنزع بكم إلى شرّ غاية. (ص 225 ح 109 و 110)

إنّ النفس أبعد شيء منزعا و إنّها لا تزال تنزع إلى معصية في هوى-إنّ مجاهدة النفس لتزمّها عن المعاصي و تعصمها عن الردى. (ح 111 و 112)

إنّ هذه النفس لأمّارة بالسوء، فمن أهملها جمحت به إلى المآثم.

(ص 226 ح 113)

إنّ نفسك لخدوع، إن تثق بها يقتدك الشيطان إلى ارتكاب المحارم.

(ح 114)

إنّ النفس لأمّارة بالسوء و الفحشاء فمن ائتمنها خانته، و من استنام إليها أهلكته، و من رضي عنها أوردته شرّ الموارد. (ح 115)

إنّ المؤمن لا يمسي و لا يصبح إلاّ و نفسه ظنون عنده، فلا يزال زاريا عليها و مستزيدا لها. (ح 117)

إنّ النفس لجوهرة ثمينة، من صانها رفعها و من ابتذلها وضعها. (ح 118)

إنّ النفس التي تطلب الرغائب الفانية لتهلك في طلبها و تشقى في منقلبها-إنّ النفس التي تجهد في اقتناء الرغائب الباقية لتدرك طلبها و تسعد في منقلبها.

(ص 231 ح 151 و 153)

ص:446

إنّ المجاهد نفسه على طاعة اللّه و عن معاصيه، عند اللّه سبحانه بمنزلة برّ شهيد.

(ص 234 ح 170)

إنّ الحازم من شغل نفسه بجهاد نفسه فأصلحها و حبسها عن أهويتها و لذّاتها فملكها، و إنّ للعاقل بنفسه عن الدنيا و ما فيها و أهلها شغلا. (ص 237 ح 192)

إنّ الحازم من قيّد نفسه بالمحاسبة، و ملكها بالمبالغة، و قتلها بالمجاهدة.

(ص 238 ح 198)

إنّ المجاهد نفسه و المغالب غضبه و المحافظ على طاعة ربّه يرفع اللّه سبحانه له ثواب الصائم القائم و ينيله درجة المرابط الصابر. (ص 255 ح 277)

بالمجاهدة صلاح النفس. (ص 336 ف 18 ح 141)

جودوا في اللّه و جاهدوا أنفسكم على طاعته، يعظم لكم الجزاء و يحسن لكم الحباء. (ص 369 ف 26 ح 17)

جهاد النفس مهر الجنّة-جهاد الهوى ثمن الجنّة. (ص 370 ح 39 و 40)

جهاد النفس أفضل جهاد-جاهد نفسك و قدّم توبتك تفز بطاعة ربّك.

(ص 371 ح 41 و 43)

جاهد شهوتك و غالب غضبك و خالف سوء عادتك، تزكّ نفسك و تكمّل عقلك و تستكمل ثواب ربّك-جاهد نفسك على طاعة اللّه مجاهدة العدوّ عدوّه، و غالبها مغالبة الضدّ ضدّه، فإنّ أقوى الناس من قوي على نفسه. (ح 44 و 45)

جاهد نفسك و حاسبها محاسبة الشريك شريكه، و طالبها بحقوق اللّه مطالبة الخصم خصمه، فإنّ أسعد الناس من انتدب لمحاسبة نفسه-جهاد النفس ثمن الجنّة، فمن جاهدها ملكها، و هي أكرم ثواب اللّه لمن عرفها. (ح 46 و 47)

جهاد النفس بالعلم عنوان العقل. (ص 372 ح 56)

خير الجهاد جهاد النفس. (ص 387 ف 29 ح 4)

خير النفوس أزكاها. (ص 389 ح 34)

ص:447

خالف نفسك تستقم، و خالط العلماء تعلم. (ص 400 ف 30 ح 53)

خدمة النفس صيانتها عن اللذّات و المقتنيات، و رياضتها بالعلوم و الحكم، و إجهادها بالعبادات و الطاعات، و في ذلك نجاة النفس. (ح 61)

رحم اللّه امرء ألجم نفسه عن معاصي اللّه بلجامها، و قادها إلى طاعة اللّه بزمامها-رحم اللّه امرء قمع نوازع نفسه إلى الهوى فصانها و قادها إلى طاعة اللّه بعنانها. (ص 409 ف 33 ح 15 و 16)

ردع النفس و جهادها عن أهويتها يرفع الدرجات و يضاعف الحسنات.

(ص 422 ف 36 ح 24)

سبب صلاح النفس العزوف عن الدنيا. (ص 431 ف 38 ح 19)

سبب صلاح النفس الورع. (ص 432 ح 37)

صلاح النفس قلّة الطمع. (ص 452 ف 43 ح 6)

صلاح النفس مجاهدة الهوى. (ح 14)

طوبى لمن سعى في فكاك نفسه و لم تغلبه و ملك هواه و لم يملّكه.

(ج 2 ص 465 ف 46 ح 16)

غاية المعرفة أن يعرف المرء نفسه-غاية المجاهدة أن يجاهد المرء نفسه.

(ص 504 ف 56 ح 20 و 25)

في مجاهدة النفس كمال الصلاح. (ص 511 ف 58 ح 5)

قلوب العباد الطاهرة مواضع نظر اللّه سبحانه و تعالى، فمن طهّر قلبه نظر اللّه إليه. (ص 538 ف 61 ح 65)

لن يجوز الجنّة إلاّ من جاهد نفسه. (ص 590 ف 72 ح 19)

من جاهد نفسه أكمل التقى. (ص 615 ف 77 ح 109)

من ملك هواه ملك النهى. (ح 110)

من أصلح نفسه ملّكها. (ص 616 ح 139)

ص:448

من أهمل نفسه أهلكها. (ح 140)

من أكرم نفسه أهانته-من وثق بنفسه خانته. (ص 617 ح 141 و 142)

من أهمل نفسه فقد خسر. (ح 159)

من عرف نفسه تجرّد. (ص 619 ح 188)

من عصى نفسه وصلها. (ص 620 ح 209)

من عرف نفسه جاهدها. (ح 212)

من أطاع نفسه قتلها-من جهل نفسه أهملها. (ح 213 و 214)

من عظّم نفسه حقّر. (ح 215)

من صان نفسه وقرّ. (ح 216)

من ملك نفسه علا أمره. (ص 621 ح 228)

من مقت نفسه أحبّه اللّه (ص 622 ح 253)

من أهان نفسه أكرمه اللّه. (ح 254)

من عرف نفسه فقد عرف ربّه. (ص 625 ح 301)

من عرف نفسه جلّ أمره. (ص 628 ح 362)

من غشّ نفسه لم ينصح غيره. (ح 363)

من ساس نفسه أدرك السياسة. (ص 629 ح 368)

من لم يسس نفسه أضاعها. (ص 640 ح 538)

من لم يجاهد نفسه لم ينل الفوز. (ص 641 ح 552)

من سخط على نفسه أرضاه ربّه. (ص 642 ح 564)

من قوي على نفسه تناهى في القوّة-من آثر على نفسه بالغ في المروّة.

(ح 568 و 570)

من أجهد نفسه في صلاحها سعد-من أهمل نفسه في لذّاتها شقي و بعد.

(ص 644 ح 591 و 592)

ص:449

من لم يجهد نفسه في صغره لم ينبل في كبره. (ص 645 ح 616)

من استدام رياضة نفسه انتفع. (ص 647 ح 650)

من أهمل نفسه أفسد أمره. (ص 664 ح 893)

من عرف نفسه لم يهنها بالفانيات. (ص 669 ح 965)

من اتّهم نفسه أمن خداع الشيطان. (ص 683 ح 1126)

من خالف نفسه فقد غلب الشيطان. (ح 1127)

من اغترّ بنفسه سلّمته إلى المعاطب-من رضي عن نفسه ظهرت عليه المعايب. (ص 685 ح 1149 و 1150)

من عرف نفسه فقد انتهى إلى غاية كلّ معرفة و علم. (ص 698 ح 1287)

من لم يهذّب نفسه لم ينتفع بالعقل. (ص 700 ح 1311)

من رخّص لنفسه ذهبت به في مذاهب الظلمة-من داهن نفسه هجمت به على المعاصي المحرّمة. (ص 705 ح 1359 و 1360)

من لم يتدارك نفسه بإصلاحها أعضل دواءه و أعيى شفاؤه و عدم الطبيب.

(ح 1363)

من طال حزنه على نفسه في الدنيا أقرّه اللّه عينه يوم القيامة و أحلّه دار المقامة. (ح 1365)

من شغل نفسه بغير نفسه فقد تحيّر في الظلمات و ارتبك في الهلكات.

(ص 706 ح 1371)

من لم يعرف نفسه بعد عن سبيل النجاة و خبط في الضلال و الجهالات.

(ح 1372)

من ذمّ نفسه أصلحها-من مدح نفسه فقد ذبحها. (ص 713 ح 1440 و 1441)

من لم يهذّب نفسه فضحه سوء العادة. (ص 719 ح 1468)

ما من جهاد أفضل من جهاد النفس. (ص 745 ف 79 ح 162)

ص:450

مجاهدة النفس شيمة النبلاء. (ص 759 ف 80 ح 44)

مجاهدة النفس عنوان النبل. (ص 761 ح 80)

معرفة النفس أنفع المعارف. (ص 768 ح 151)

نزّه نفسك عن كلّ دنيّة و إن ساقتك إلى الرغائب. (ص 775 ف 82 ح 13)

نال الفوز الأكبر من ظفر بمعرفة النفس. (ح 16)

نفسك عدوّ محارب و ضدّ مواثب إن غفلت عنها قتلتك. (ص 777 ح 35)

لا تجهل نفسك فإنّ الجاهل بمعرفة نفسه جاهل بكلّ شيء.

(ص 814 ف 85 ح 185)

لا عدوّ أعدى على المرء من نفسه. (ص 845 ف 86 ح 324)

لا قويّ أقوى ممّن قوي على نفسه فملّكها-لا عاجز أعجز ممّن أهمل نفسه فأهلكها. (ص 858 ح 481 و 482)

ينبغي للعاقل أن لا يخلو في كلّ حال من طاعة ربّه و مجاهدة نفسه.

(ص 859 ف 87 ح 1)

ص:451

ص:452

28- الجهد و الاجتهاد في العمل

الآيات

1- . . . مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَ اَلْيَوْمِ اَلْآخِرِ وَ عَمِلَ صالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ. (1)

2- وَ أَقِيمُوا اَلصَّلاةَ وَ آتُوا اَلزَّكاةَ وَ ما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اَللّهِ إِنَّ اَللّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ. (2)

3- يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً. . . (3)

4- . . . فَاسْتَبِقُوا اَلْخَيْراتِ إِلَى اَللّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ. (4)

5- مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَ لَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ. (5)

ص:453


1- -البقرة:62 و مثلها في المائدة:69
2- البقرة:110 و بمضمونها في المزّمّل:20
3- آل عمران:30
4- المائدة:48
5- النحل:97

6- فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ اَلصّالِحاتِ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ وَ إِنّا لَهُ كاتِبُونَ. (1)

7- وَ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا اَلصّالِحاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَ لَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ اَلَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ. (2)

8- مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزى إِلاّ مِثْلَها وَ مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ اَلْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ. (3)

أقول:

الآيات في الحثّ على العمل الصالح كثيرة راجع المعجم المفهرس.

9- وَ ما خَلَقْتُ اَلْجِنَّ وَ اَلْإِنْسَ إِلاّ لِيَعْبُدُونِ. (4)

10- . . . كُلُّ اِمْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ. (5)

11- سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ اَلسَّماءِ وَ اَلْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللّهِ وَ رُسُلِهِ ذلِكَ فَضْلُ اَللّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَ اَللّهُ ذُو اَلْفَضْلِ اَلْعَظِيمِ. (6)

12- كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ. (7)

13- فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ. (8)

ص:454


1- -الأنبياء:94
2- العنكبوت:7
3- غافر:40
4- الذاريات:56
5- الطور:21
6- الحديد:21
7- المدثّر:38
8- الزلزال:7

14- فَأَمّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ- فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ. (1)

الأخبار

1-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال لي: يا جابر، أيكتفي من انتحل التشيّع أن يقول بحبّنا أهل البيت؟ فو اللّه ما شيعتنا إلاّ من اتّقى اللّه و أطاعه، و ما كانوا يعرفون يا جابر، إلاّ بالتواضع و التخشّع، و الأمانة، و كثرة ذكر اللّه، و الصوم و الصلاة، و البرّ بالوالدين، و التعاهد للجيران من الفقراء و أهل المسكنة و الغارمين و الأيتام، و صدق الحديث، و تلاوة القرآن، و كفّ الألسن عن الناس إلاّ من خير؛ و كانوا أمناء عشائرهم في الأشياء.

قال جابر: فقلت: يابن رسول اللّه، ما نعرف اليوم أحدا بهذه الصفة. فقال:

يا جابر، لا تذهبنّ بك المذاهب حسب الرجل أن يقول: أحبّ عليّا و أتولاّه ثمّ لا يكون مع ذلك فعّالا؟ فلو قال: إنّي أحبّ رسول اللّه-فرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خير من عليّ عليه السّلام-ثمّ لا يتّبع سيرته و لا يعمل بسنّته ما نفعه حبّه إيّاه شيئا، فاتّقوا اللّه و اعملوا لما عند اللّه، ليس بين اللّه و بين أحد قرابة، أحبّ العباد إلى اللّه عزّ و جلّ [و أكرمهم عليه]أتقاهم و أعملهم بطاعته.

يا جابر، و اللّه ما يتقرّب إلى اللّه تبارك و تعالى إلاّ بالطاعة، و ما معنا براءة من النار، و لا على اللّه لأحد من حجّة، من كان للّه مطيعا فهو لنا وليّ، و من كان للّه عاصيا فهو لنا عدوّ، ما تنال ولايتنا إلاّ بالعمل و الورع. (2)

بيان:

في المرآة ج 8 ص 50، «من انتحل التشيّع» : أي يدّعيه من غير أن يتّصف به.

ص:455


1- -القارعة:6 و 7
2- الكافي ج 2 ص 60 باب الطاعة و التقوى ح 3

في القاموس، انتحله و تنحّله: ادّعاه لنفسه و هو لغيره.

«التعاهد للجيران» : أي رعاية حقوقهم و أحوالهم و ترك إيذائهم و تحمّل الأذى عنهم و. . . «الغارمين» : أي المديونين. «في الأشياء» : أي في جميع الأشياء من الأموال و الفروج و حفظ الأسرار و. . .

2-عن عمرو بن سعيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له: إنّي لا ألقاك إلاّ في السنين فأخبرني بشيء آخذ به، فقال: اوصيك بتقوى اللّه و الورع و الاجتهاد، و اعلم أنّه لا ينفع اجتهاد لا ورع فيه. (1)

بيان:

«الاجتهاد» : أي تحمّل المشقّة في العبادة و المبالغة في الطاعة و العمل الصالح و بذل الجهد في فعل الطاعات.

3-عن أبي اسامة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: عليك بتقوى اللّه و الورع و الاجتهاد و صدق الحديث و أداء الأمانة و حسن الخلق و حسن الجوار، و كونوا دعاة إلى أنفسكم بغير ألسنتكم، و كونوا زينا و لا تكونوا شينا، و عليكم بطول الركوع و السجود، فإنّ أحدكم إذا طال الركوع و السجود هتف إبليس من خلفه و قال: يا ويله أطاع و عصيت و سجد و أبيت. (2)

بيان:

الهتف: هو الصوت.

4-عن ابن أبي يعفور قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كونوا دعاة للناس بغير ألسنتكم، ليروا منكم الورع، و الاجتهاد، و الصلاة، و الخير، فإنّ ذلك داعية. (3)

5-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أفضل الناس من عشق

ص:456


1- -الكافي ج 2 ص 62 باب الورع ح 1
2- الكافي ج 2 ص 63 ح 9
3- الكافي ج 2 ص 64 ح 14

العبادة، فعانقها و أحبّها بقلبه و باشرها بجسده و تفرّغ لها، فهو لا يبالي على ما أصبح من الدنيا، على عسر أم على يسر. (1)

بيان:

«عشق العبادة» العشق: هو الإفراط في المحبّة أي أحبّها حبّا مفرطا.

6-عن كليب بن معاوية قال: سمعت أبا عبد اللّه جعفر بن محمّد عليه السّلام يقول:

أم و اللّه إنّكم لعلى دين اللّه و ملائكته، فأعينونا على ذلك بورع و اجتهاد، عليكم بالصلاة و العبادة، عليكم بالورع. (2)

7-عن حفص بن غياث قال: سمعت أبا عبد اللّه جعفر بن محمّد عليه السّلام يقول:

قال عيسى بن مريم لأصحابه: تعملون للدنيا و أنتم ترزقون فيها بغير عمل، و لا تعملون للآخرة و أنتم لا ترزقون فيها بغير عمل، (إلاّ بالعمل ف ن) ويلكم علماء السوء الأجرة تأخذون و العمل لا تصنعون، يوشك ربّ العمل أن يطلب عمله و يوشك (توشكوا ف ن) أن تخرجوا من الدنيا إلى ظلمة القبر، كيف يكون من أهل العلم من مصيره إلى آخرته و هو مقبل على دنياه، و ما يضرّه أشهى إليه ممّا ينفعه. (3)

8-عن جابر الجعفي قال: خدمت سيّدنا الإمام أبا جعفر محمّد بن عليّ عليهما السّلام ثمانية عشرة سنة، فلمّا أردت الخروج ودّعته و قلت: أفدني، فقال: بعد ثمانية عشرة سنة يا جابر؟ قلت: نعم إنّكم بحر لا ينزف و لا يبلغ قعره.

فقال: يا جابر، بلّغ شيعتي عنّي السّلام و أعلمهم أنّه لا قرابة بيننا و بين اللّه عزّ و جلّ و لا يتقرّب إليه إلاّ بالطاعة له. يا جابر، من أطاع اللّه و أحبّنا فهو وليّنا، و من عصى اللّه لم ينفعه حبّنا. . . و حبّنا أهل البيت نظام الدين و جعلنا اللّه و إيّاكم

ص:457


1- -الكافي ج 2 ص 68 باب العبادة ح 3
2- أمالي الطوسي ج 1 ص 31( البحار ج 71 ص 175)
3- أمالي الطوسي ج 1 ص 211( البحار ج 71 ص 175)

من اَلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَ هُمْ مِنَ اَلسّاعَةِ مُشْفِقُونَ (1). (2)

بيان:

«أفدني» : فعل أمر من أفاد يفيد إفادة. «بحر لا ينزف» : أي لا ينفد ماؤه.

9-عن الحارث الهمداني عن عليّ عليه السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: الأنبياء قادة و الفقهاء سادة و مجالستهم زيادة، و أنتم في ممرّ الليل و النهار في آجال منقوصة و أعمال محفوظة، و الموت يأتيكم بغتة، فمن يزرع خيرا يحصد غبطة، و من يزرع شرّا يحصد ندامة. (3)

بيان:

«الفقيه» : ج فقهاء و هو البصير في الدين. «يحصد غبطة» أي يغبط على عدم تكثير عمل الخير.

10-عن إبراهيم بن العبّاس قال: ما رأيت أبا الحسن الرضا عليه السّلام جفا أحدا بكلمة قطّ. . . و كان عليه السّلام قليل النوم بالليل كثير السهر، يحيي أكثر لياليه من أوّلها إلى الصبح، و كان كثير الصيام فلا يفوته صيام ثلاثة أيّام في الشهر و يقول: ذلك صوم الدهر، و كان عليه السّلام كثير المعروف و الصدقة في السرّ، و أكثر ذلك يكون منه في الليالي المظلمة، فمن زعم أنّه رأى مثله في فضله فلا تصدّق. (4)

11-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان عليّ بن الحسين عليهما السّلام إذا أخذ كتاب عليّ عليه السّلام فنظر فيه قال: من يطيق هذا؟ ! من يطيق ذا؟ ! قال: ثمّ يعمل به، و كان إذا قام إلى الصلاة تغيّر لونه حتّى يعرف ذلك في وجهه، و ما أطاق أحد عمل

ص:458


1- -الأنبياء:49
2- أمالي الطوسي ج 1 ص 302
3- أمالي طوسي ج 2 ص 87- البحار ج 71 ص 176
4- العيون ج 2 ص 182 ب 44 ح 7

عليّ عليه السّلام من ولده من بعده، إلاّ عليّ بن الحسين عليه السّلام. (1)

12-عن مفضّل قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إيّاك و السفلة، فإنّما شيعة عليّ عليه السّلام من عفّ بطنه و فرجه، و اشتدّ جهاده، و عمل لخالقه، و رجا ثوابه، و خاف عقابه، فإذا رأيت أولئك فأولئك شيعة جعفر عليه السّلام. (2)

بيان:

«اشتدّ جهاده» المراد بالجهاد: إمّا جهاد النفس أو الاجتهاد في العمل أو كلاهما.

13-عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ شيعة عليّ عليه السّلام كانوا خمص البطون، ذبل الشفاه، أهل رأفة و علم و حلم، يعرفون بالرهبانيّة، فأعينوا على ما أنتم عليه بالورع و الاجتهاد. (3)

أقول:

سيأتي بيان مفرداته في باب الشيعة.

14-عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّ أباه قال لجماعة من الشيعة:

و اللّه إنّي لأحبّ ريحكم و أرواحكم، فأعينوا على ذلك بورع و اجتهاد، و اعلموا أنّ ولايتنا لا تنال إلاّ بالعمل و الاجتهاد، من ائتمّ منكم بعبد فليعمل بعمله. . . (4)

15-عن علي بن أبي حمزة قال: سألت مولاة لعليّ بن الحسين عليه السّلام بعد موته فقلت: صفي لي أمور عليّ بن الحسين، فقالت: أطنب أو أختصر؟ فقلت: بل اختصري، قالت: ما أتيته بطعام نهارا قطّ، و لا فرشت له فراشا بليل قطّ. (5)

ص:459


1- -الوسائل ج 1 ص 85 ب 20 من مقدّمات العبادات ح 3
2- الوسائل ج 1 ص 86 ح 7
3- الوسائل ج 1 ص 87 ح 8
4- الوسائل ج 1 ص 88 ح 11
5- الوسائل ج 1 ص 89 ح 13

16-عن الرضا عن أبيه عن جدّه عن أبي جعفر عليهم السّلام أنّه قال لخيثمة: أبلغ شيعتنا أنّا لا نغني من اللّه شيئا، و أبلغ شيعتنا أنّه لا ينال ما عند اللّه إلاّ بالعمل، و أبلغ شيعتنا أنّ أعظم الناس حسرة يوم القيامة من وصف عدلا ثمّ خالفه إلى غيره، و أبلغ شيعتنا أنّهم إذا قاموا بما أمروا أنّهم هم الفائزون يوم القيامة. (1)

17-عن سعيد بن كلثوم قال: كنت عند الصادق جعفر بن محمّد عليه السّلام فذكر أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام فأطرأه و مدحه بما هو أهله، ثمّ قال:

و اللّه ما أكل عليّ بن أبي طالب من الدنيا حراما قطّ حتّى مضى لسبيله، و ما عرض له أمران قطّ هما للّه رضا إلاّ أخذ بأشدّهما عليه في دينه، و ما نزلت برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نازلة قطّ إلاّ دعاه ثقة به، و ما أطاق عمل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من هذه الأمّة غيره، و إن كان ليعمل عمل رجل كأنّ وجهه بين الجنّة و النار، يرجو ثواب هذه و يخاف عقاب هذه، و لقد أعتق من ماله ألف مملوك في طلب وجه اللّه و النجاة من النار، ممّا كدّ بيديه و رشح منه جبينه و إن كان ليقوت أهله بالزيت و الخلّ و العجوة، و ما كان لباسه إلاّ الكرابيس إذا فضل شيء عن يده من كمّه دعا بالجلم فقصّه.

و ما أشبهه من ولده و لا أهل بيته أحد أقرب شبها به في لباسه و فقهه من عليّ بن الحسين عليه السّلام، و لقد دخل أبو جعفر ابنه عليه فإذا هو قد بلغ من العبادة ما لم يبلغه أحد، فرآه و قد اصفرّ لونه من السهر و رمضت عيناه من البكاء، و دبرت جبهته و انخرم أنفه من السجود، و قد ورمت ساقاه و قدماه من القيام في الصلاة؛

فقال أبو جعفر عليه السّلام: فلم أملك حين رأيته بتلك الحال البكاء، فبكيت رحمة له،

ص:460


1- -الوسائل ج 1 ص 93 ح 22

فإذا هو يفكّر، فالتفت إليّ بعد هنيئة من دخولي فقال: يا بنيّ، أعطني بعض تلك الصحف التي فيها عبادة عليّ بن أبي طالب عليه السّلام فأعطيته فقرأ فيها شيئا يسيرا ثمّ تركها من يده تضجّرا و قال: من يقوى على عبادة عليّ بن أبي طالب عليه السّلام. (1)

أقول:

روى رحمه اللّه أخبارا أخر في كثرة عبادته عليه السّلام.

بيان: «الإطراء» : مجاوزة الحدّ في المدح. «حتّى مضى لسبيله» : أي حتّى مات عليه السّلام.

«العجوة» : هي ضرب من التمر. «الجلم» : المقراض. «رمضت عيناه» : في المصدر "رمصت عيناه"و المراد أنّ عينيه مرضتا من كثرة البكاء و التلهّف.

«انخزم» : انشقّ.

18-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من أراد عزّا بلا عشيرة و هيبة من غير سلطان و غنى من غير مال و طاعة من غير بذل، فليتحوّل من ذلّ معصية اللّه إلى عزّ طاعته، فإنّه يجد ذلك كلّه. (2)

19-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال عليّ عليه السّلام: ما من يوم يمرّ على بن آدم إلاّ قال له ذلك اليوم: يابن آدم، أنا يوم جديد و أنا عليك شهيد، فقل فيّ خيرا و اعمل في خيرا أشهد لك به يوم القيامة، فإنّك لن تراني بعده أبدا. (3)

20-في كلمات النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: اجتهدوا في العمل، فإن قصر بكم الضعف فكفّوا عن المعاصي. (4)

21-قيل للصادق عليه السّلام: على ما ذا بنيت أمرك؟ فقال: على أربعة أشياء:

علمت أنّ عملي لا يعمله غيري فاجتهدت، و علمت أنّ اللّه عزّ و جلّ مطّلع عليّ

ص:461


1- -البحار ج 46 ص 74 باب مكارم اخلاق السجّاد عليه السّلام ح 65
2- البحار ج 71 ص 179 باب الاجتهاد و الحثّ على العمل ح 29
3- البحار ج 71 ص 181 ح 35
4- البحار ج 77 ص 173

فاستحييت، و علمت أنّ رزقي لا يأكله غيري فاطمأننت، و علمت أنّ آخر أمري الموت فاستعددت. (1)

أقول:

قد مرّ في باب التوبة في حديث الرضا عليه السّلام: من سأل اللّه التوفيق و لم يجتهد فقد استهزء بنفسه.

22-و من كلام لأمير المؤمنين عليه السّلام، كان كثيرا ما ينادي به أصحابه:

تجهّزوا-رحمكم اللّه-فقد نودي فيكم بالرحيل، و أقلّوا العرجة على الدنيا، و انقلبوا بصالح ما بحضرتكم من الزاد، فإنّ أمامكم عقبة كؤودا و منازل مخوفة مهولة، لا بدّ من الورود عليها و الوقوف عندها. . . (2)

بيان:

«العرجة» : الإقامة الطويلة في المنزل و الغفلة عن السفر، و العرجة على الدنيا هو الركون إليها و الاشتغال بها بحيث ينسي الهدف من المسير إلى الآخرة.

«الكؤود» : أي الصعبة المرتقى.

23-و قال عليه السّلام: العمل العمل، ثمّ النهاية النهاية و الاستقامة الاستقامة، ثمّ الصبر الصبر و الورع الورع، إنّ لكم نهاية فانتهوا إلى نهايتكم، و إنّ لكم علما فاهتدوا بعلمكم، و إنّ للإسلام غاية فانتهوا إلى غايته، و اخرجوا إلى اللّه ممّا افترض عليكم من حقّه و بيّن لكم من وظائفه، أنا شاهد لكم و حجيج يوم القيامة عنكم. (3)

24-و قال عليه السّلام: . . . فاعملوا و العمل يرفع. . . فعليكم بالجدّ و الاجتهاد، و التأهّب و الاستعداد، و التزوّد في منزل الزاد، و لا تغرّنّكم الحياة الدنيا كما غرّت

ص:462


1- -البحار ج 78 ص 228 في مواعظ الصادق (ع)
2- نهج البلاغة ص 654 خ 195- صبحي ص 321 خ 204
3- نهج البلاغة ص 569 في خ 175-صبحي ص 252 في خ 176

من كان قبلكم من الأمم الماضية. . . (1)

25-و قال عليه السّلام: من أبطأ به عمله لم يسرع به حسبه. (2)

أقول:

في الحكمة 378: «لم يسرع به نسبه» .

26-و قال عليه السّلام: افعلوا الخير و لا تحقروا منه شيئا، فإنّ صغيره كبير و قليله كثير، و لا يقولنّ أحدكم إنّ أحدا أولى بفعل الخير منّي فيكون و اللّه كذلك، إنّ للخير و الشرّ أهلا فمهما تركتموه منهما كفاكموه أهله. (3)

27-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لرجل: اعمل عمل من يظنّ أنّه يموت غدا. (4)

28-و بهذا الإسناد عن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام في قوله تعالى: وَ لا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ اَلدُّنْيا (5)قال: لا تنس صحّتك و قوّتك و فراغك و شبابك و نشاطك و غناك، و أن تطلب به الآخرة. (6)

29-عن جابر قال: سمعته-أي جعفرا عليه السّلام-يقول: إنّ عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: إنّ أحقّ الناس بالاجتهاد و الورع و العمل بما عند اللّه و برضاه: الأنبياء و أتباعهم. (7)

30-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، أنّه أوصى بعض شيعته فقال: أما و اللّه إنّكم

ص:463


1- -نهج البلاغة ص 723 في خ 221
2- نهج البلاغة ص 1097 ح 22
3- نهج البلاغة ص 1284 ح 414- صبحي ص 550 ح 422
4- المستدرك ج 1 ص 122 باب 18 من مقدّمة العبادات ح 1
5- القصص:77
6- المستدرك ج 1 ص 123 ح 5
7- المستدرك ج 1 ص 125 ح 9

لعلى دين اللّه و دين ملائكته، فأعينونا على ذلك بورع و اجتهاد. . . و اللّه إنّكم كلّكم لفي الجنّة، و لكن ما أقبح بالرجل منكم أن يكون من أهل الجنّة مع قوم اجتهدوا و عملوا الأعمال الصالحة، و يكون هو بينهم قد هتك ستره و أبدى عورته. . . (1)

31-كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يصلّي حتّى تورّمت قدماه، و لمّا قال اللّه لداود عليه السّلام:

اِعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً (2)لم يخل محرابه من نفسه أو نائب له من أهله. (3)

أقول:

الأخبار في كثرة عبادة النبيّ و أهل بيته عليهم السّلام كثيرة جدّا راجع البحار و غيره، أبواب تاريخهم.

و في الكشكول للشيخ البهائي رحمه اللّه ج 2 ص 290: من التوراة؛ . . . يابن آدم، أكثر من الزاد فالطريق بعيد، و خفّف الحمل فالصراط دقيق، و أخلص العمل فإنّ الناقد بصير، و أخّر نومك إلى القبور، و فخرك إلى الميزان، و لذّاتك إلى الجنّة، و كن لي أكن لك، و تقرّب إليّ بالاستهانة بالدنيا تبعد عن النار.

يابن آدم، ليس من انكسر مركبه و بقي على لوح في وسط البحر بأعظم مصيبة منك، لأنّك من ذنوبك على يقين و من عملك على خطر.

32-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

المؤمن بعمله. (الغرر ج 1 ص 12 ف 1 ح 288)

العمل شعار المؤمن. (ص 18 ح 462)

العمل أكمل خلف. (ص 20 ح 537)

التارك للعمل غير موقن بالثواب عليه. (ص 59 ح 1582)

ص:464


1- -المستدرك ج 1 ص 127 ح 16
2- سبأ:13
3- المستدرك ج 1 ص 129 ح 20

العمل الصالح أفضل الزادين. (ص 64 ح 1695)

العاقل يجتهد في عمله و يقصّر من أمله. (ص 85 ح 1987)

التقصير في العمل لمن وثق بالثواب عليه غبن. (ص 86 ح 2002)

القرين الناصح هو العمل الصالح. (ص 103 ح 2179)

أنفع الذخائر صالح الأعمال. (ص 184 ف 8 ح 199)

إنّك لن يغني عنك بعد الموت إلاّ صالح عمل قدّمته، فتزوّد من صالح العمل.

(ص 288 ف 13 ح 29)

إنّكم بأعمالكم مجازون و بها مرتهنون. (ص 289 ف 14 ح 1)

إنّكم إلى اكتساب صالح الأعمال أحوج منكم إلى مكاسب الأموال.

(ص 290 ح 10)

إنّكم مجازون بأفعالكم فلا تفعلوا إلاّ برّا. (ص 291 ح 19)

إنّكم إن غنمتم صالح الأعمال نلتم من الآخرة نهاية الآمال. (ص 292 ح 23)

بالعمل يحصل الثواب لا بالكسل. (ص 334 ف 18 ح 117)

بالعمل تحصل الجنّة لا بالأمل. (ص 335 ح 119)

بالأعمال الصالحة تعلو (ترفع ف ن) الدرجات. (ح 120)

ثمن الجنّة العمل الصالح. (ص 366 ف 25 ح 13)

ثقّلوا موازينكم بالعمل الصالح (ح 14)

صابروا أنفسكم على فعل الطاعات، وصونوها عن دنس السيّئات، تجدوا حلاوة الإيمان. (ص 460 ف 44 ح 81)

طوبى لمن بادر صالح العمل قبل أن ينقطع أسبابه. (ج 2 ص 466 ف 46 ح 25)

طلب الجنّة بلا عمل حمق. (ص 470 ف 47 ح 9)

طلب المراتب و الدرجات بغير عمل جهل. (ح 15)

طاعة اللّه سبحانه لا يحوزها إلاّ من بذل الجدّ و استفرغ الجهد. (ص 471 ح 27)

ص:465

طاعة اللّه مفتاح سداد و إصلاح معاد. (ح 29)

طاعة اللّه أعلى عماد و أقوى عتاد. (ح 30)

عليك بصالح العمل فإنّه الزاد إلى الجنّة. (ص 479 ف 49 ح 27)

في العمل لدار البقاء ادراك الفلاح. (ص 511 ف 58 ح 6)

فعل الخير ذخيرة باقية و ثمرة زاكية. (ص 516 ف 59 ح 18)

فضائل الطاعات تنيل رفيع المقامات. (ص 518 ح 47)

من السعادة التوفيق لصالح الأعمال. (ص 727 ف 78 ح 47)

لا تجارة كالعمل الصالح. (ص 834 ف 86 ح 111)

لا ذخر أنفع من صالح عمل. (ص 838 ح 179)

لا يكمل صالح العمل إلاّ بصالح النيّة. (ص 848 ح 363)

لا ينفع اجتهاد بغير توفيق. (ح 366)

لا يستغني المرء إلى حين مفارقة روحه جسده عن صالح العمل.

(ص 852 ح 408)

لا يستغني عامل من استزادة من عمل صالح. (ص 855 ح 440)

أقول:

الأخبار في الباب كثيرة، و يأتي ما يناسب المقام في أبواب العبادة و الورع و. . .

و لكن المهمّ أن يعلم العبد و يعترف بأنّه مقصّر في عبادة اللّه ريثما عبد و كيفما أطاع، فإنّ اللّه لا يعبد حقّ عبادته، و أن يعرف الإنسان نفسه و يكون طبيبا لها، فيعالجها بالعبادة بقدر وسعه و تحمّله لها، و عليك بالكيفيّة و إصلاح القلب و إخلاص العمل.

و لا تنس قول الجواد عليه السّلام: «القصد إلى اللّه تعالى بالقلوب أبلغ من إتعاب الجوارح بالأعمال» . (البحار ج 78 ص 364 في حديث)

ص:466

29- الجهل و الحمق

الآيات

1- . . . قالُوا أَ تَتَّخِذُنا هُزُواً قالَ أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ اَلْجاهِلِينَ (1)

2- . . . وَ حَمَلَهَا اَلْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً. (2)

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، لا فقر أشدّ من الجهل، و لا مال أعود من العقل. (3)

بيان:

«أعود» : أي أنفع. «الجهل» : في الأحاديث إمّا مقابل العقل و إمّا مقابل العلم و يعلم المراد بالقرائن.

و في المفردات: الجهل على ثلاثة أضرب: الأوّل، و هو خلوّ النفس من العلم، هذا هو الأصل، و قد جعل ذلك بعض المتكلّمين معنى مقتضيا للأفعال الجارية على غير

ص:467


1- -البقرة:67
2- الأحزاب:72
3- الكافي ج 1 ص 20 كتاب العقل ح 25

النظام. و الثاني، اعتقاد الشيء بخلاف ما هو عليه. و الثالث، فعل الشيء بخلاف ما حقّه أن يفعل، سواء اعتقد فيه اعتقادا صحيحا أو فاسدا، كمن يترك الصلاة متعمّدا. . .

و في المصباح: جهلت الشيء جهلا و جهالة خلاف علمته، و في المثل: «كفى بالشكّ جهلا» ، و جهل على غيره سفه و أخطأ، و جهل الحقّ أضاعه فهو جاهل.

و في مجمع البحرين: الجهل خلاف العلم. . . و في الحديث: «خلق اللّه الجهل من البحر الأجاج ظلمانيّا فقال له: أدبر فأدبر، ثمّ قال له: أقبل فلم يقبل، فقال له: استكبرت فلعنه» و مثله: «خلق اللّه العقل من نور عرشه، و الجهل من البحر الاجاج ظلمانيا» و الجاهل البسيط هو الذي لا يعرف العلم و لا يدّعيه، و الجاهل المركّب هو الذي لا يعلم و يدّعي، و قد أجمع أهل الحكمة العمليّة أنّ الجاهل المركب لا علاج له.

2-في خبر شمعون عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، . . . قال شمعون: فأخبرني عن أعلام الجاهل، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إن صحبته عنّاك، و إن اعتزلته شتمك، و إن أعطاك منّ عليك، و إن أعطيته كفرك، و إن أسررت إليه خانك، و إن أسرّ إليك اتّهمك، و إن استغنى بطر، و كان فظّا غليظا، و إن افتقر جحد نعمة اللّه و لم يتحرّج، و إن فرح أسرف و طغى، و إن حزن آيس، و إن ضحك فهق، و إن بكى خار، يقع في الأبرار، و لا يحبّ اللّه و لا يراقبه و لا يستحيي من اللّه و لا يذكره، إن أرضيته مدحك و قال فيك من الحسنة ما ليس فيك، و إن سخط عليك ذهبت مدحته و وقع فيك من السوء ما ليس فيك، فهذا مجرى الجاهل. . . (1)

بيان:

«عنّاك» : أي أتعبك و المراد؛ آذاك و كلّفك ما يشقّ عليك. «البطر» : الطغيان عند النعمة و شدّة النشاط بها. «الفهق» : الامتلاء و المراد به هنا فتح فاه و امتلأ

ص:468


1- -تحف العقول ص 21

من الضحك. «الخوار» : صوت البقر و المراد أنّه جزع و صاح كالبهائم. «يقع في الأبرار» : أي يعيبهم و يذمّهم. «وقع فيك. . .» : أي عابك بما ليس فيك.

3-قال صلّى اللّه عليه و آله: تعلّموا العلم. . . و صفة الجاهل؛ أن يظلم من خالطه، و يتعدّى على من هو دونه، و يتطاول على من هو فوقه، كلامه بغير تدبّر، إن تكلّم أثم، و إن سكت سها، و إن عرضت له فتنة سارع إليها فأردته، و إن رأى فضيلة أعرض و أبطأ عنها، لا يخاف ذنوبه القديمة و لا يرتدع فيما بقي من عمره من الذنوب، يتواني عن البرّ و يبطىء عنه، غير مكترث لما فاته من ذلك أو ضيّعه، فتلك عشر خصال من صفة الجاهل الذي حرم العقل. (1)

بيان:

في البحار ج 1 ص 129، «إن سكت سها» : أي ليس سكوته لرعاية مصلحة بل لأنّه سها عن الكلام. «فأردته» : أي أهلكته من الردى أي الهلاك.

«غير مكترث» يقال: ما أكترث له أي ما أبالي به.

4-في مواعظ الحسن المجتبى عليه السّلام: ما أعرف أحدا إلاّ و هو أحمق فيما بينه و بين ربّه. (2)

5-قال الصادق عليه السّلام: الجهل في ثلاث: في تبدّل الإخوان، و المنابذة بغير بيان، و التجسّس عمّا لا يعني. (3)

بيان:

«المنابذة» : أي المخالفة و المفارقة عن عداوة، و لعلّ المراد المخالفة بلا جهة و علّة.

6-في حكم موسى بن جعفر عليهما السّلام: تعجّب الجاهل من العاقل أكثر من

ص:469


1- -تحف العقول ص 27( ذكر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله العلم و العقل و الجهل)
2- تحف العقول ص 169
3- تحف العقول ص 234( في نثر الدرر)

تعجّب العاقل من الجاهل. (1)

7-في حكم الحسن العسكري عليه السّلام: صديق الجاهل تعب. (2)

8-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لا يرى الجاهل إلاّ مفرطا أو مفرّطا. (3)

9-و قال عليه السّلام: الناس أعداء ما جهلوا. (4)

10-و قيل له عليه السّلام: صف لنا العاقل، فقال: هو الذي يضع الشيء مواضعه، فقيل: فصف لنا الجاهل، فقال: قد فعلت. (5)

أقول:

يأتي في باب تتبّع عيوب الناس عن نهج البلاغة: «و من نظر في عيوب الناس فأنكرها ثمّ رضيها لنفسه فذلك الأحمق بعينه» .

11-في أسئلة أمير المؤمنين عن الحسن عليهما السّلام: يا بنيّ، ما العقل؟ قال: حفظ قلبك ما استودعه، قال: فما الجهل؟ قال: سرعة الوثوب على الفرصة قبل الاستمكان منها و الامتناع عن الجواب، و نعم العون الصمت في مواطن كثيرة و إن كنت فصيحا. (6)

12-قال الصادق عليه السّلام: الجهل في ثلاث؛ الكبر، و شدّة المراء، و الجهل باللّه، فأولئك هم الخاسرون. (7)

ص:470


1- -تحف العقول ص 305
2- تحف العقول ص 363
3- نهج البلاغة ص 1116 ح 67
4- نهج البلاغة ص 1168 ح 163
5- نهج البلاغة ص 1191 ح 227
6- البحار ج 1 ص 116 باب علامات العقل ح 10
7- البحار ج 1 ص 131 ح 26

13-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من صحب جاهلا نقص من عقله. (1)

14-عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: لو أنّ العباد إذا جهلوا وقفوا لم يجحدوا و لم يكفروا. (2)

15-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ عيسى بن مريم عليه السّلام قال: داويت المرضى فشفيتهم بإذن اللّه، و أبرأت الأكمه و الأبرص بإذن اللّه، و عالجت الموتى فأحييتهم بإذن اللّه، و عالجت الأحمق فلم أقدر على إصلاحه، فقيل: يا روح اللّه، و ما الأحمق؟ قال: المعجب برأيه و نفسه، الذي يرى الفضل كلّه له لا عليه، و يوجب الحقّ كلّه لنفسه و لا يوجب عليها حقّا، فذلك الأحمق الذي لا حيلة في مداواته. (3)

بيان:

في المصباح، «الحمق» : فساد في العقل قاله الأزهري. و في مجمع البحرين، الحمق:

قلّة العقل و فساده.

16-في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: . . . و إنّ الجاهل من عدّ نفسه بما جهل من معرفة العلم عالما و برأيه مكتفيا، فما يزال من العلماء مباعدا، و عليهم زاريا، و لمن خالفه مخطّيا، و لما لم يعرف من الأمور مضلّلا، و إذا ورد عليه من الأمر ما لا يعرفه أنكره و كذب به، و قال بجهالته: ما أعرف هذا، و ما أراه كان و ما أظنّ أن يكون و أنّى كان، و لا أعرف ذلك لثقته برأيه، و قلّة معرفته بجهالته فما ينفكّ ممّا يرى فيما يلتبس عليه رأيه، و ممّا لا يعرف للجهل مستفيدا، و للحقّ منكرا، و في اللجاجة متجرّيا، و عن طلب العلم مستكبرا. . . (4)

ص:471


1- -البحار ج 1 ص 160 ح 41
2- البحار ج 2 ص 120 باب النهي عن القول بغير علم ح 31
3- البحار ج 14 ص 323 باب مواعظ عيسى عليه السّلام ح 36
4- البحار ج 77 ص 205

و قال عليه السّلام: و قطيعة الجاهل تعدل صلة العاقل. . . (1)

بيان:

يقال: زرى عليه إذا عاب عليه و عاتبه.

17-في كلم أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ قلوب الجهّال تستفزّها الأطماع، و ترهنها المنى، و تستعلقها الخدائع. (2)

بيان:

قال رحمه اللّه: «تستفزّها» : أي تستخفّها و تخرجها من مقرّها. «ترهنها المنى» : أي تأخذها و تجعلها مشغولة بها و لا تتركها إلاّ بحصول ما تتمنّاه، كما أنّ الرهن لا ينفكّ إلاّ بأداء المال. «تستعلقها» : أي تصيدها و تربطها بالحبال. . .

18-في مواعظ الصادق عليه السّلام: من أخلاق الجاهل الإجابة قبل أن يسمع، و المعارضة قبل أن يفهم، و الحكم بما لا يعلم. (3)

19-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال (في حديث طويل) :

و أحكم الناس من فرّ من جهّال الناس. (4)

20-عن مسعدة بن صدقة قال: سمعت جعفر بن محمّد عليهما السّلام و قد سئل عن قول اللّه: فَلِلّهِ اَلْحُجَّةُ اَلْبالِغَةُ (5)فقال: إنّ اللّه تعالى يقول للعبد يوم القيامة:

عبدي، أكنت عالما؟ فإن قال: نعم، قال له: أ فلا عملت بما علمت، و إن قال: كنت جاهلا، قال له: أ فلا تعلّمت حتّى تعمل فيخصمه فتلك الحجّة البالغة. (6)

ص:472


1- -البحار ج 77 ص 214
2- البحار ج 78 ص 58
3- البحار ج 78 ص 278
4- أمالي الصدوق ص 21 م 6 ح 4
5- الأنعام:149
6- نور الثقلين ج 1 ص 775

21-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أربع من خصال الجهل: من غضب على من لا يرضيه، و جلس إلى من لا يدنيه، و تفاقر إلى من لا يغنيه، و تكلّم بما لا يعنيه. (1)

أقول:

سيأتي ما يناسب المقام في أبواب الصداقة، المشورة، العقل و العلم.

22-قال الصادق عليه السّلام: الجهل صورة ركّبت في بني آدم (الدنيا ف ن) إقبالها ظلمة و إدبارها نور، و العبد متقلّب معها كتقلّب الظلّ مع الشمس، ألا ترى إلى الإنسان تارة تجده جاهلا بخصال نفسه حامدا لها عارفا بعيبها في غيره ساخطا لها. و تارة تجده عالما بطباعه ساخطا لها حامدا لها في غيره، و هو متقلّب بين العصمة و الخذلان، فإن قابلته العصمة أصاب و إن قابله الخذلان أخطأ.

و مفتاح الجهل؛ الرضا و الاعتقاد به، و مفتاح العلم؛ الاستبدال مع إصابة مرافقة التوفيق، و أدنى صفة الجاهل دعواه بالعلم بلا استحقاق و أوسطه جهله بالجهل و أقصاه جحوده بالعلم، و ليس شيء إثباته حقيقة نفيه إلاّ الجهل و الدنيا و الحرص، فالكلّ منهم كواحد و الواحد منهم كالكلّ. (2)

بيان:

في البحار ج 1 ص 93، «كتقلّب الظلّ مع الشمس» : أي كما أنّ شعاع الشمس قد يغلب على الظلّ و يضييء مكانه و قد يكون بالعكس، فكذلك العلم و العقل قد يستوليان على النفس فيظهر له عيوب نفسه. . . و قد يستولي الجهل فيرى محاسن غيره مساوي، و مساوي نفسه محاسن. «. . . الاعتقاد به» : و بأنّه كمال لا ينبغي مفارقته. «الاستبدال» : أي تحصيل العلم بدلا عن الجهل، و الكمال بدلا عن النقص. «إثباته» : أي عرفانه.

ص:473


1- -سفينة البحار ج 1 ص 199( جهل)
2- مصباح الشريعة ص 53 ف 77

23-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الحمق شين. (الغرر ج 1 ص 5 ف 1 ح 26)

الجهل موت. (ص 6 ح 67)

الحمق غربة. (ص 9 ح 153)

الجهل يرديك-الجهالة ضلالة. (ص 10 ح 197 و 211)

الجاهل حيران. (ص 11 ح 251)

الجهل مضلّة-الحمق شقاء. (ص 12 ح 258 و 261)

الناس أعداء ما جهلوا. (ص 14 ح 341)

الجاهل يميل إلى شكله. (ص 15 ح 379)

المرء عدوّ ما جهل-الجاهل لا يرتدع. (ص 18 ح 478 و 483)

الجاهل عبد شهوته. (ص 19 ح 504)

الجهل أنكى عدوّ. (ص 20 ح 535)

الجهل يزلّ القدم. (ح 540)

الحمق أضرّ الأصحاب. (ص 555)

العاقل يطلب الكمال-الجاهل يطلب المال. (ص 22 ح 630 و 631)

الجهل يفسد المعاد. (ص 23 ح 650)

الجاهل لا يرعوي (1)-الجهل معدن الشرّ. (ص 24 ح 691 و 709)

الجاهل يرفع نفسه فيتّضع. (ص 25 ح 729)

الحمق أدوى الداء. (ح 737)

الجهل داء و عياء. (ح 739)

الجهل يجلب الغرر. (ص 29 ح 865)

ص:474


1- -رعا الرجل رعوا: رجع عن جهله، و إرعوى إرعواء عن الجهل: كفّ عنه و رجع.

الجهل أصل كلّ شرّ-الجهل أدوء الداء. (ح 869 و 870)

الجهل فساد كلّ أمر. (ص 32 ح 973)

الحمق يوجب الفضول-اللهو قوت الحماقة. (ح 979 و 980)

الجاهل ميّت و إن كان حيّا. (ص 37 ح 1168)

الجاهل من خدعته المطالب-الحمق من ثمار الجهل.

(ص 41 ح 1234 و 1242)

الأحمق لا يحسن بالهوان. (ص 43 ح 1281)

الجاهل من جهل أمره-الجاهل يعتمد على أمله. (ح 1284 و 1286)

العالم ينظر بقلبه و خاطره-الجاهل ينظر بعينه و ناظره. (ح 1287)

الجهل يزلّ القدم و يورث الندم. (ص 48 ح 1387)

الجاهل من استغشّ النصيح. (ص 51 ح 1436)

الجهل مميت الأحياء و مخلّد الشقاء. (ص 54 ح 1501)

الجاهل إذا جحد وجد و إذا وجد ألحد. (ص 58 ح 1571)

الجاهل من جهل قدره. (ص 37 ح 1157)

الجاهل من انخدع لهواه و غروره. (ص 46 ح 1331)

الجاهل لن يلقى أبدا إلاّ مفرطا أو مفرّطا. (ص 67 ح 1745)

الأحمق غريب في بلدته مهان بين أعزّته. (ح 1753)

الجاهل لا يرتدع و بالمواعظ لا ينتفع. (ص 68 ح 1757)

الجاهل يستوحش عمّا يأنس به الحكيم. (ص 70 ح 1798)

الجاهل لا يعرف العالم لأنّه لم يكن قبل عالما. (ص 71 ح 1806)

الحمق داء لا يداوى و مرض لا يبرء. (ص 72 ح 1818)

الجاهل لا يعرف تقصيره و لا يقبل من النصيح له. (ص 73 ح 1833)

الجهل في الإنسان أضرّ من الآكلة في البدن. (ص 75 ح 1855)

ص:475

الحمق الاستهتار بالفضول و مصاحبة الجهول. (ص 81 ح 1936)

الجاهل يعتمد على أمله و يقصّر من عمله. (ص 85 ح 1988)

الجهل مطيّة شموس (1)، من ركبها زلّ و من صحبها ضلّ. (ح 1990)

الجهل بالفضائل من أقبح الرذائل. (ص 91 ح 2076)

الجاهل صخرة لا ينفجر مائها و شجرة لا يخضرّ عودها و أرض لا يظهر عشبها. (ص 94 ح 2103)

الجاهل ميّت بين الأحياء. (ص 99 ح 2140)

احذر الأحمق فإنّ مداراته تعييك، و موافقته ترديك، و مخالفته تؤذيك، و مصاحبته وبال عليك. (ص 142 ف 4 ح 16)

أعظم المصائب الجهل. (ص 174 ف 8 ح 15)

أفقر الفقر الحمق. (ص 175 ح 20)

أسوء السقم الجهل-أضرّ شيء الحمق. (ص 176 ح 54 و 56)

أحمق الحمق الاغترار. (ص 177 ح 85)

أشقى الناس الجاهل. (ح 66)

أعظم الجهل جهل الإنسان أمر نفسه. (ص 179 ح 108)

أجهل الناس مسييء مستأنف. (ح 110)

أكثر الناس حمقا الفقير المتكبّر. (ص 194 ح 341)

أجهل الناس المغترّ بقول مادح متملّق يحسّن له القبيح و يبغّض إليه النصيح.

(ص 202 ح 436)

أحمق الناس من يمنع البرّ و يطلب الشكر و يفعل الشرّ و يتوقّع ثواب الخير.

(ص 204 ح 457)

ص:476


1- -شمس الرجل شموسا: امتنع و أبى، و شمس الفرس: كان لا يمكّن أحدا من ظهره (چموش) .

أحمق الناس من أنكر على غيره رذيلة و هو مقيم عليها. (ص 210 ح 518)

أعظم الجهل معادات القادر و مصادقة الفاجر و الثقة بالغادر.

(ص 212 ح 533)

أبغض الخلائق إلى اللّه تعالى الجاهل، لأنّه حرمه ما منّ به على خلقه و هو العقل. (ح 534)

تعرف حماقة الرجل بالأشر في النعمة و كثرة الذلّ في المحنة.

(ص 350 ف 22 ح 58)

تعرف حماقة الرجل في ثلاث؛ كلامه فيما لا يعنيه و جوابه عمّا لا يسأل عنه و تهوّره في الأمور. (ص 353 ح 80)

ركوب المعاطب عنوان الحماقة. (ص 423 ف 36 ح 38)

جهل الغنيّ يضعه و علم الفقير يرفعه. (ص 372 ف 26 ح 49)

جهل الشباب معذور و علمه محقور. (ح 52)

صواب الجاهل كالزلّة من العاقل. (ص 454 ف 44 ح 11)

صديق الجاهل متعوب منكوب. (ح 19)

صحبة الأحمق عذاب الروح. (ص 455 ح 31)

صديق كلّ امرء عقله و عدوّه جهله. (ص 456 ح 44)

صديق الأحمق في تعب. (ح 45)

صديق الأحمق معرض للعطب. (ص 457 ح 46)

صمت الجاهل ستره. (ص 458 ح 66)

قطيعة الأحمق حزم. (ج 2 ص 535 ف 61 ح 20)

كلّ فقر يسدّ إلاّ فقر الحمق. (ص 546 ف 62 ح 53)

كفى بالجهل ضعة. (ص 556 ف 65 ح 2)

كفى بالاغترار جهلا. (ص 557 ح 25)

ص:477

كفى بالمرء جهلا أن يجهل نفسه. (ح 30)

كفى بالمرء جهلا أن يرضاه عن نفسه. (ص 558 ح 42)

كفى بالمرء جهلا أن يضحك من غير عجب. (ح 44)

كفى بالمرء جهلا أن يجهل قدره. (ح 47)

كفى بالمرء جهلا أن يجهل عيبه. (ص 559 ح 54)

كفى بالمرء جهلا أن يجهل عيوب نفسه، و يطعن على الناس بما لا يستطيع التحوّل عنه. (ص 560 ح 63)

كفى بالمرء جهلا أن ينكر على الناس ما يأتي مثله. (ح 65)

لو أنّ العباد حين جهلوا وقفوا لم يكفروا و لم يضلّوا. (ص 604 ف 75 ح 15)

عمل الجاهل و بال و علمه ضلال. (ص 501 ف 55 ح 43)

عقبى الجهل مضرّة، و الحسود لا تدوم له مسرّة. (ح 46)

كن بعدوّك العاقل أوثق منك بصديقك الجاهل. (ص 568 ف 67 ح 47)

لسان الجاهل مفتاح حتفه (1). (ص 608 ف 76 ح 2)

للجاهل في كلّ حالة خسران. (ص 580 ف 71 ح 12)

للأحمق مع كلّ قول يمين. (ص 581 ح 19)

غاية الجهل تبجّج المرء بجهله. (ص 505 ف 56 ح 26)

لا تعادوا ما تجهلون، فإنّ أكثر العلم فيما لا تعرفون. (ص 806 ف 85 ح 108)

لا تجهل نفسك، فإن الجاهل بمعرفة نفسه جاهل بكلّ شيء. (ص 814 ح 185)

لا تحدّث الجهّال بما لا يعلمون فيكذّبونك به، فإنّ لعلمك عليك حقّا، و حقّه عليك بذله لمستحقّه و منعه عن غير مستحقّه. (ص 818 ح 215)

من كمال الحماقة الاحتيال في الفاقة. (ص 727 ف 78 ح 53)

ص:478


1- -الحتف: الموت.

من أعظم الحمق مؤاخاة الفجّار. (ص 728 ح 63)

من أمارات الأحمق كثرة تلوّنه. (ص 735 ح 158)

من الحمق الاتّكال على الأمل. (ص 726 ح 37)

من أشدّ المصائب الجهل. (ص 727 ح 52)

ما آمن المؤمن حتّى عقل. (ص 741 ف 79 ح 101)

ما كفر الكافر حتّى جهل. (ح 102)

مداراة الأحمق من أشدّ العناء-مصاحبة الجاهل من أعظم البلاء.

(ص 761 ف 80 ح 75 و 76)

مودّة الأحمق كشجرة النار، يأكل بعضها بعضا. (ص 763 ح 116)

لا فقر أشدّ من الجهل. (ص 838 ف 86 ح 183)

لا داء أدوى من الحمق. (ص 838 ح 193)

لا يزكو مع الجهل مذهب-لا يدرك مع الحمق مطلب.

(ص 834 ح 108 و 109)

لا فاقة أشدّ من الحمق. (ص 840 ح 214)

لا مصيبة أشدّ من الجهل. (ص 841 ح 236)

ص:479

ص:480

30- جهنّم

الآيات

1- . . . فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ اَلنّارِ وَ أُدْخِلَ اَلْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ. . . (1)

2- إِنَّ اَلَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا اَلْعَذابَ إِنَّ اَللّهَ كانَ عَزِيزاً حَكِيماً. (2)

3- إِنَّ اَلْمُنافِقِينَ فِي اَلدَّرْكِ اَلْأَسْفَلِ مِنَ اَلنّارِ وَ لَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً. (3)

4- إِنَّ اَلَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي اَلْأَرْضِ جَمِيعاً وَ مِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذابِ يَوْمِ اَلْقِيامَةِ ما تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ- يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ اَلنّارِ وَ ما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها وَ لَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ. (4)

5- وَ لَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ اَلْجِنِّ وَ اَلْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَ لَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَ لَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ

ص:481


1- -آل عمران:185
2- النساء:56
3- النساء:145
4- المائدة:36 و 37 و بمضمونها في آل عمران:116

هُمُ اَلْغافِلُونَ. (1)

6- . . . وَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ- لِيَمِيزَ اَللّهُ اَلْخَبِيثَ مِنَ اَلطَّيِّبِ. . . (2)

7- . . . وَ اَلَّذِينَ يَكْنِزُونَ اَلذَّهَبَ وَ اَلْفِضَّةَ وَ لا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اَللّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ- يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَ جُنُوبُهُمْ وَ ظُهُورُهُمْ هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ. (3)

8- وَ اِسْتَفْتَحُوا وَ خابَ كُلُّ جَبّارٍ عَنِيدٍ- مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ وَ يُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ- يَتَجَرَّعُهُ وَ لا يَكادُ يُسِيغُهُ وَ يَأْتِيهِ اَلْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَ ما هُوَ بِمَيِّتٍ وَ مِنْ وَرائِهِ عَذابٌ غَلِيظٌ. (4)

9- وَ إِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ- لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ. (5)

10- . . . إِنّا أَعْتَدْنا لِلظّالِمِينَ ناراً أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها وَ إِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي اَلْوُجُوهَ بِئْسَ اَلشَّرابُ وَ ساءَتْ مُرْتَفَقاً. (6)

11- وَ إِنْ مِنْكُمْ إِلاّ وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا- ثُمَّ نُنَجِّي اَلَّذِينَ اِتَّقَوْا وَ نَذَرُ اَلظّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا. (7)

12- . . . فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ اَلْحَمِيمُ- يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ وَ اَلْجُلُودُ- وَ لَهُمْ مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ- كُلَّما أَرادُوا

ص:482


1- -الأعراف:179
2- الأنفال:36 و 37
3- التوبة:34 و 35
4- إبراهيم:15 إلى 17
5- الحجر:43 و 44
6- الكهف:29
7- مريم:71 و 72

أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها وَ ذُوقُوا عَذابَ اَلْحَرِيقِ. (1)

13- وَ مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ اَلَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ- تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ اَلنّارُ وَ هُمْ فِيها كالِحُونَ- أَ لَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ- قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وَ كُنّا قَوْماً ضالِّينَ- رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنّا ظالِمُونَ- قالَ اِخْسَؤُا فِيها وَ لا تُكَلِّمُونِ. الآيات (2)

14- وَ أَمَّا اَلَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ اَلنّارُ كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها وَ قِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذابَ اَلنّارِ اَلَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ. (3)

15- إِنَّ اَللّهَ لَعَنَ اَلْكافِرِينَ وَ أَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً . . . وَ قالُوا رَبَّنا إِنّا أَطَعْنا سادَتَنا وَ كُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا اَلسَّبِيلاَ- رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ اَلْعَذابِ وَ اِلْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً. (4)

16- وَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَ لا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها كَذلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ- وَ هُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ اَلَّذِي كُنّا نَعْمَلُ أَ وَ لَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَ جاءَكُمُ اَلنَّذِيرُ فَذُوقُوا فَما لِلظّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ. (5)

17- أَ ذلِكَ خَيْرٌ نُزُلاً أَمْ شَجَرَةُ اَلزَّقُّومِ . . . ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ. . . (6)

18- هذا وَ إِنَّ لِلطّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ- جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ اَلْمِهادُ- هذا

ص:483


1- -الحجّ:19 إلى 22
2- المؤمنون:103 إلى 114
3- السجدة:20
4- الأحزاب:64 إلى 68
5- فاطر:36 و 37
6- الصافّات:62 إلى 68

فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَ غَسّاقٌ- وَ آخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ. الآيات (1)

19- وَ قالَ اَلَّذِينَ فِي اَلنّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ اُدْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنّا يَوْماً مِنَ اَلْعَذابِ - قالُوا أَ وَ لَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا بَلى قالُوا فَادْعُوا وَ ما دُعاءُ اَلْكافِرِينَ إِلاّ فِي ضَلالٍ. (2)

20- . . . إِنَّ اَلَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ. (3)

21- اَلَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ وَ بِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ- إِذِ اَلْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَ اَلسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ- فِي اَلْحَمِيمِ ثُمَّ فِي اَلنّارِ يُسْجَرُونَ . الآيات (4)

22- إِنَّ اَلْمُجْرِمِينَ فِي عَذابِ جَهَنَّمَ خالِدُونَ- لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَ هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ- وَ ما ظَلَمْناهُمْ وَ لكِنْ كانُوا هُمُ اَلظّالِمِينَ- وَ نادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ- لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِّ وَ لكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ. (5)

23- إِنَّ شَجَرَةَ اَلزَّقُّومِ- طَعامُ اَلْأَثِيمِ- كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي اَلْبُطُونِ- كَغَلْيِ اَلْحَمِيمِ - خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلى سَواءِ اَلْجَحِيمِ- ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذابِ اَلْحَمِيمِ . الآيات (6)

24- . . . كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي اَلنّارِ وَ سُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ. (7)

25- أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفّارٍ عَنِيدٍ . . . يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ اِمْتَلَأْتِ وَ تَقُولُ

ص:484


1- -ص:55 إلى 64
2- المؤمن:49 و 50
3- المؤمن:60
4- المؤمن:70 إلى 76
5- الزخرف:74 إلى 78
6- الدخان:43 إلى 50
7- محمّد (ص) :15

هَلْ مِنْ مَزِيدٍ. (1)

26- إِنَّ اَلْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَ سُعُرٍ- يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي اَلنّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ. (2)

27- يُعْرَفُ اَلْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَ اَلْأَقْدامِ . الآيات (3)

28- وَ أَصْحابُ اَلشِّمالِ ما أَصْحابُ اَلشِّمالِ- فِي سَمُومٍ وَ حَمِيمٍ- وَ ظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ- لا بارِدٍ وَ لا كَرِيمٍ- إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُتْرَفِينَ- وَ كانُوا يُصِرُّونَ عَلَى اَلْحِنْثِ اَلْعَظِيمِ . الآيات (4)

29- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا اَلنّاسُ وَ اَلْحِجارَةُ عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصُونَ اَللّهَ ما أَمَرَهُمْ وَ يَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ. (5)

30- . . . وَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذابَ اَلسَّعِيرِ- وَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَ بِئْسَ اَلْمَصِيرُ- إِذا أُلْقُوا فِيها سَمِعُوا لَها شَهِيقاً وَ هِيَ تَفُورُ . الآيات. (6)

31- وَ أَمّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ فَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ- وَ لَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَهْ . . . خُذُوهُ فَغُلُّوهُ- ثُمَّ اَلْجَحِيمَ صَلُّوهُ- ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ- إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللّهِ اَلْعَظِيمِ . الآيات. (7)

32- سَأُصْلِيهِ سَقَرَ- وَ ما أَدْراكَ ما سَقَرُ- لا تُبْقِي وَ لا تَذَرُ- لَوّاحَةٌ لِلْبَشَرِ- عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ . . . فِي جَنّاتٍ يَتَساءَلُونَ- عَنِ اَلْمُجْرِمِينَ- ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ -

ص:485


1- -ق:24 إلى 30
2- القمر:47 و 48
3- الرحمن:41 إلى 45
4- الواقعة:41 إلى 56
5- التحريم:6
6- الملك:5 إلى 11
7- الحاقّة:25 إلى 52

قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ اَلْمُصَلِّينَ- وَ لَمْ نَكُ نُطْعِمُ اَلْمِسْكِينَ- وَ كُنّا نَخُوضُ مَعَ اَلْخائِضِينَ- وَ كُنّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ اَلدِّينِ- حَتّى أَتانَا اَلْيَقِينُ- فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ اَلشّافِعِينَ. (1)

33- إِنَّ جَهَنَّمَ كانَتْ مِرْصاداً- لِلطّاغِينَ مَآباً- لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً- لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَ لا شَراباً- إِلاّ حَمِيماً وَ غَسّاقاً- جَزاءً وِفاقاً . الآيات (2)

34- فَأَمّا مَنْ طَغى- وَ آثَرَ اَلْحَياةَ اَلدُّنْيا- فَإِنَّ اَلْجَحِيمَ هِيَ اَلْمَأْوى. (3)

35- وَ يَتَجَنَّبُهَا اَلْأَشْقَى- اَلَّذِي يَصْلَى اَلنّارَ اَلْكُبْرى- ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها وَ لا يَحْيى. (4)

36- فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظّى- لا يَصْلاها إِلاَّ اَلْأَشْقَى- اَلَّذِي كَذَّبَ وَ تَوَلّى- وَ سَيُجَنَّبُهَا اَلْأَتْقَى. (5)

أقول:

الآيات في الباب كثيرة، ذكرنا بعضها ممّا تكون في أوصاف الجحيم و أهله تذكرة لمن يخشى. (لاحظ البحار ج 8 ص 222)

الأخبار

1-حدّثني أبي عن محمّد بن أبي عمير عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له: يابن رسول اللّه، خوّفني فإنّ قلبي قد قسى. فقال: يا أبا محمّد، استعدّ للحياة الطويلة، فإنّ جبرائيل جاء إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هو قاطب، و قد كان قبل ذلك يجيء و هو مبتسم، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا جبرئيل، جئتني اليوم قاطبا؟

ص:486


1- -المدّثّر:26 إلى 48
2- النبأ:21 إلى 30
3- النازعات:37 إلى 39
4- الأعلى:11 إلى 13
5- الليل:14 إلى 17

فقال: يا محمّد، قد وضعت منافخ النار.

فقال: و ما منافخ النار يا جبرئيل؟ فقال: يا محمّد، إنّ اللّه عزّ و جلّ أمر بالنار فنفخ عليها ألف عام حتّى ابيضّت، و نفخ عليها ألف عام حتّى احمرّت، ثمّ نفخ عليها ألف عام حتّى اسودّت، فهي سوداء مظلمة، لو أنّ قطرة من الضريع قطرت في شراب أهل الدنيا لمات أهلها من نتنها، و لو أنّ حلقة من السلسلة التي طولها سبعون ذراعا وضعت على الدنيا لذابت الدنيا من حرّها، و لو أنّ سربالا من سرابيل أهل النار علّق بين السماء و الأرض لمات أهل الأرض من ريحه و وهجه، فبكى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و بكى جبرئيل فبعث اللّه إليهما ملكا فقال لهما: إنّ ربّكما يقرؤكما السّلام و يقول: قد آمنتكما أن تذنبا ذنبا أعذّبكما عليه.

فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: فما رأى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله جبرئيل مبتسما بعد ذلك.

ثمّ قال: إنّ أهل النار يعظّمون النار و إنّ أهل الجنّة يعظّمون الجنّة و النعيم، و إنّ أهل جهنّم إذا دخلوها هووا فيها مسيرة سبعين عاما، فإذا بلغوا أعلاها قمعوا بمقامع الحديد و أعيدوا في دركها، هذه حالهم، و هو قول اللّه عزّ و جلّ: كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها. . . ثمّ تبدّل جلودهم جلودا غير الجلود التي كانت عليهم.

فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: حسبك يا أبا محمّد؟ قلت: حسبي حسبي. (1)

بيان:

«قاطب» : أي قابض ما بين عينيه كما يفعل العبوس. «الضريع» في مجمع البحرين:

قيل: هو نبت بالحجاز مشوم، له شوك كبار، يقال له: الشبرق تأكله الإبل يضرّها و لا ينفعها. . . و عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: الضريع شيء يكون في النار يشبه الشوك أمرّ من الصبر و أنتن من الجيفة و أشدّ حرّا من النار. «السربال» : القميص.

ص:487


1- -تفسير القمّيّ رحمه اللّه ج 2 ص 81( الحجّ:22)

«وهجه» وهج الطيب: انتشاره و أرجه، و وهج النار: اتّقادها و حرّها. «هووا» :

سقطوا. «المقمعة» : ج مقامع، و هي ما يضرب به الإنسان ليذلّ.

2- إِنَّ اَلْمُجْرِمِينَ . . . وَ هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ أي آيسون من الخير فذلك قول أمير المؤمنين عليه السّلام: و أمّا أهل المعصية فخلّدوا في النار، و أوثق منهم الأقدام، و غلّ منهم الأيدي إلى الأعناق، و ألبس أجسادهم سرابيل القطران، و قطّعت لهم مقطّعات من النار، هم في عذاب قد اشتدّ حرّه، و نار قد أطبق على أهلها، فلا يفتح عنهم أبدا، و لا يدخل عليهم ريح أبدا، و لا ينقضي منهم الغمّ أبدا، و العذاب أبدا شديد و العقاب أبدا جديد، لا الدار زائلة فتفنى و لا آجال القوم تقضى. (1)

بيان:

يقال: أوثقه أي شدّه بالوثاق، و الوثاق ما يشدّ به من قيد و حبل و نحوهما.

3- أَ لَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ في جهنّم لواديا للمتكبّرين يقال له: سقر، شكا إلى اللّه شدّة حرّه، سأله أن يتنفّس فأذن له، فتنفّس فأحرق جهنّم. (2)

4-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ في النار لنارا يتعوّذ منها أهل النار، ما خلقت إلاّ لكلّ متكبّر جبّار عنيد و لكلّ شيطان مريد و لكلّ متكبّر لا يؤمن بيوم الحساب و لكلّ ناصب العداوة لآل محمّد.

و قال عليه السّلام: إنّ أهون الناس عذابا يوم القيامة لرجل في ضحضاح من نار، عليه نعلان من نار و شرا كان من نار يغلي منها دماغه كما يغلي المرجل، ما يرى أنّ في النار أحدا أشدّ عذابا منه و ما في النار أحد أهون عذابا منه. (3)

ص:488


1- -تفسير القمّي ج 2 ص 289( الزخرف)
2- تفسير القمّي ج 2 ص 251( الزمر)
3- تفسير القمّي ج 2 ص 257( المؤمن)

بيان:

«المرجل» : القدر (ديك بزرگ مسى) . «ضحضاح من نار» الضحضاح: في الأصل الماء القليل الذي يبلغ الكعبين فاستعير هنا ليسير النار.

5-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: . . . و أعظم ما هنا لك بليّة نزول الحميم، و تصلية الجحيم و فورات السعير و سورات الزفير، لا فترة مريحة و لا دعة مزيحة و لا قوّة حاجزة و لا موتة ناجزة و لا سنة مسلية، بين أطوار الموتات و عذاب الساعات، إنّا باللّه عائذون. . .

و في الخبر أنّه عليه السّلام لمّا خطب بهذه الخطبة اقشعرّت لها الجلود و بكت العيون و رجفت القلوب. (1)

بيان:

«الحميم» : جهنّم، و في الأصل: الماء الحارّ. «التصلية» : الإحراق، و لعلّ المراد هنا دخول جهنّم. «فورات» : الغليان و الاضطراب. «سورات الزفير» : السورة: الشدّة، و الزفير: صوت النار عند توقّدها. «لا فترة مريحة» : المريحة من الراحة و المعنى أنّه لا ينقطع العذاب حتّى يستريح المعذّب من الألم. «دعة» : أي راحة. «مزيحة» : تزيل ما أصابه من التعب يقال: زاحت العلّة إذا زالت. «ناجزة» : حاضرة. «حاجزة» :

أي مانعة. «السنة» : أوائل النوم. «مسلية» : أي كاشفة عن الهموم. «بين أطوار الموتات» : أي ألوانها و أنواعها حيث كلّ نوبة من العذاب كأنّها موت لشدّتها.

6-و قال عليه السّلام: و أمّا أهل المعصية فأنزلهم شرّ دار، و غلّ الأيدي إلى الأعناق و قرن النواصي بالأقدام، و ألبسهم سرابيل القطران و مقطّعات النيران، في عذاب قد اشتدّ حرّه و باب قد اطبق على أهله، في نار لها كلب و لجب و لهب ساطع، و قصيف هائل، لا يظعن مقيمها و لا يفادى أسيرها و لا تفصم كبولها،

ص:489


1- -نهج البلاغة ص 196 في خ 82-صبحي ص 113 في خ 83

لا مدّة للدار فتفنى و لا أجل للقوم فيقضى. (1)

بيان:

«الناصية» : ج نواصي و هي شعر مقدم الرأس. «القطران» : في البرهان ج 2 ص 324: في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله: سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ و هو الصفر الحار المذاب انتهى حرّه.

«المقطّعات» : كلّ ثوب يقطّع كالقميص و الجبّة و نحوها، بخلاف ما لا يقطّع كالإزار و الرداء. «لها كلب» المراد هيجانها. «اللجب» : الصوت المرتفع. «اللهب» : أي اتّقاد النار، لسان النار «القصيف» : أشدّ الصوت، «الهائل» : أي المفزع. «لا يظعن» : أي لا يرتحل. «لا تفصم كبولها» : اى لا تنقطع قيودها.

7-و قال عليه السّلام: اتّقوا نارا حرّها شديد، و قعرها بعيد، و حليتها حديد، و شرابها صديد. (2)

بيان:

«الصديد» القيح المختلط بالدم، و قيل: هو ما يسيل من جلود أهل النار.

8-و قال عليه السّلام: و نار شديد كلبها، عال لجبها، ساطع لهبها، متغيّظ زفيرها، متأجّج سعيرها، بعيد خمودها، ذاك وقودها، مخوف وعيدها، غمّ قرارها، مظلمة أقطارها، حامية قدروها، فظيعة أمورها. (3)

بيان:

«التغيّظ» : الهيجان. «متأجّج» تأجّج: إلتهب و تأجّجت النار: اشتدّ حرّها.

«ذاك وقودها» يقال: ذكت النار: اشتدّ لهيبها. «أقطارها» : أي أطرافها.

«غمّ قرارها» في صبحي: أي لا يهتدي فيه لظلمته، و لأنّه عميق جدّا.

ص:490


1- -نهج البلاغة ص 335 في خ 108-صبحي ص 162 خ 109
2- نهج البلاغة ص 371 في خ 119-صبحي ص 176 خ 120
3- نهج البلاغة ص 764 في خ 232-صبحي ص 282 خ 190

9-و قال عليه السّلام: و اعلموا أنّه ليس لهذا الجلد الرقيق صبر على النار، فارحموا نفوسكم فإنّكم قد جرّبتموها في مصائب الدنيا، أفرأيتم جزع أحدكم من الشوكة تصيبه و العثرة تدميه و الرمضاء تحرقه؟ فكيف إذا كان بين طابقين من نار، ضجيع حجر و قرين شيطان؟ ! أعلمتم أنّ مالكا إذا غضب على النار حطم بعضها بعضا لغضبه، و إذا زجرها توثّبت بين أبوابها جزعا من زجرته؟ ! (1)

بيان:

«الرمضاء» : شدّة الحرّ، الأرض الحامية من شدّة حرّ الشمس. «طابقين» الطابق:

يقال بالفارسيّة: تاوه. «ضجيع» يقال بالفارسيّة: هم خواب.

10-و في وصيّة له عليه السّلام لعبد اللّه بن العباس: . . . و اعلم أنّ ما قرّبك من اللّه يباعدك من النار، و ما باعدك من اللّه يقرّبك من النار. (2)

11-و في عهده عليه السّلام إلى محمّد بن أبي بكر: فاحذروا نارا قعرها بعيد، و حرّها شديد و عذابها جديد، دار ليس فيها رحمة، و لا تسمع فيها دعوة، و لا تفرّج فيها كربة. (3)

12-في تفسير القمّي، الفلق: جبّ في جهنّم يتعوّذ أهل النار من شدّة حرّه، فسأل اللّه أن يأذن له أن يتنفّس، فأذن له، فتنفّس فأحرق جهنّم، قال:

و في ذلك الجبّ صندوق من نار يتعوّذ أهل الجبّ من حرّ ذلك الصندوق، و هو التابوت و في ذلك التابوت ستّة من الأوّلين و ستّة من الآخرين؛

فأمّا الستّة التي من الأوّلين: فابن آدم الذي قتل أخاه، و نمرود إبراهيم الذي ألقى إبراهيم في النار، و فرعون موسى، و السامريّ الذي اتّخذ العجل، و الذي هوّد اليهود، و الذي نصّر النصارى.

ص:491


1- -نهج البلاغة ص 603 في خ 182-صبحي ص 267 خ 183
2- نهج البلاغة ص 1080 ر 76-صبحي ص 465
3- نهج البلاغة ص 887 في ر 27(أمالي الطوسي ج 1 ص 28)

و أمّا الستّة التي من الآخرين: فهو الأوّل و الثاني و الثالث و الرابع و صاحب الخوارج و ابن ملجم لعنهم اللّه. (1)

أقول:

«و الرابع» : معاوية بن أبي سفيان.

13-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ أشدّ الناس عذابا يوم القيامة لسبعة نفر: أوّلهم ابن آدم الذي قتل أخاه، و نمرود الذي حاجّ إبراهيم في ربّه، و اثنان في بني إسرائيل هوّدا قومهما و نصّراهما، و فرعون الذي قال: أَنَا رَبُّكُمُ اَلْأَعْلى و اثنان من هذه الأمّة أحدهما شرّهما في تابوت من قوارير تحت الفلق في بحار من نار. (2)

14-عن أبي الجارود قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام: أخبرني بأوّل من يدخل النار، قال: إبليس و رجل عن يمينه و رجل عن يساره. (3)

15-قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّ في جهنّم لجبلا يقال له: الصعدى، و إنّ في الصعدى لواديا يقال له: سقر، و إنّ في سقر لجبّا يقال له: هبهب، كلّما كشف غطاء ذلك الجبّ ضجّ أهل النار من حرّه، و ذلك منازل الجبّارين. (4)

16-في دعاء السجّاد عليه السّلام: اللهمّ إنّي أعوذ بك من نار تغلّظت بها على من عصاك و توعّدت بها من صدف عن رضاك، و من نار نورها ظلمة و هيّنها أليم، و بعيدها قريب، و من نار يأكل بعضها بعض، و يصول بعضها على بعض، و من نار تذر العظام رميما و تسقي أهلها حميما، و من نار لا تبقي على من تضرّع إليها، و لا ترحم من استعطفها و لا تقدر على التخفيف عمّن خشع لها و استسلم إليها،

ص:492


1- -تفسير القمّي ج 2 ص 449( سورة الفلق)
2- عقاب الأعمال ص 255 باب عقاب ابن آدم الذي قتل أخاه و. . . ح 1
3- عقاب الأعمال ص 255 ح 2
4- عقاب الأعمال ص 323 باب عقاب الجبّارين.

تلقى سكّانها بأحرّ ما لديها من أليم النكال و شديد الوبال.

و أعوذ بك من عقاربها الفاغرة أفواهها، و حيّاتها الصالقة بأنيابها، و شرابها الذي يقطّع أمعاء و أفئدة سكّانها، و ينزع قلوبهم و أستهديك لما باعد منها، و أخّر عنها. (1)

بيان:

«صدف» : أعرض. «رميم» رمّ العظم: بلى فهو رميم. «لا تبقى» أبقى عليه: رحمه و شفق عليه. «النكال» : العقوبة. «الفاغرة» فغرفاه: فتحه. «الصالقة» صلق بنابه:

أي لدغ (نيش زد) .

17-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه: يا أباذرّ، و لو كان لرجل عمل سبعين نبيّا لاستقلّ عمله من شدّة ما يرى يومئذ، و لو أنّ دلوا صبّت من غسلين في مطلع الشمس لغلّت منه جماجم من (في) مغربها، و لو زفرت جهنّم زفرة لم يبق ملك مقرّب و لا نبيّ مرسل إلاّ خرّ جاثيا على ركبتيه يقول: ربّ، نفسي نفسي، حتّى ينسى إبراهيم إسحاق عليهما السّلام يقول: يا ربّ، أنا خليلك إبراهيم فلا تنسني. (2)

بيان:

«غسلين» : هي ما يسيل من جلود أهل النار و لحومهم و دمائهم كأنّه غسالة أبدانهم و الياء و النون زائدتان. «الجمجمة» : ج جماجم و هي عظام الرأس. «جثى على ركبتيه» : أي جلس عليها أو قام على أطراف أصابعه (بزانو درآيد) .

18-عن عمرو بن ثابت عن أبي جعفر الباقر عليه السّلام قال: إنّ أهل النار يتعاوون فيها كما يتعاوى الكلاب و الذئاب ممّا يلقون من أليم (ألم ف ن) العذاب، فما ظنّك يا عمرو، بقوم لا يقضى عليهم فيموتوا و لا يخفّف عنهم من عذابها،

ص:493


1- -الصحيفة السجّادية (فيض ص 225) في الدعاء 32
2- البحار ج 77 ص 84

عطاش فيها، جياع، كليلة أبصارهم، صمّ بكم عمي، مسودّة وجوههم، خاسئين فيها نادمين، مغضوب عليهم، فلا يرحمون من العذاب، و لا يخفّف عنهم، و في النار يسجرون، و من الحميم يشربون، و من الزقّوم يأكلون، و بكلاليب النار يحطمون، و بالمقامع يضربون، و الملائكة الغلاظ الشداد لا يرحمون، فهم في النار يسحبون على وجوههم، مع الشياطين يقرنون و في الأنكال و الأغلال يصفّدون، إن دعوا لم يستجب لهم، و إن سألوا حاجة لم تقض لهم، هذه حال من دخل النار. (1)

بيان:

«العواء» : صوت السباع و هو بالكلب و الذئب أخصّ، يقال: عوى الكلب، صاح، و العامّة تقول: عوعى. «كليلة أبصارهم» : كلّ اللسان أو البصر: لم يحقّق المنطوق أو المنظور و بصر كليل أي ضعيف.

في مجمع البحرين، «في النار يسجرون» : أي يقذفون فيها و يوقد عليهم.

و في مجمع البحرين، «الزقّوم» : شجرة مرّة كريهة الطعم و الرائحة، يكره أهل النار على تناوله. «كلاليب» : يقال بالفارسيّة: انبرها. «يحطمون» : يكسرون و يقطعون.

«يسحبون» سحبه: جرّه على وجه الأرض.

19-عن جابر عن أبي جعفر الباقر عليه السّلام قال: إنّ عبدا مكث في النار سبعين خريفا، و الخريف سبعون سنة. قال: ثمّ إنّه سأل اللّه عزّ و جلّ: بحقّ محمّد و أهل بيته لمّا رحمتني، قال: فأوحى اللّه جلّ جلاله إلى جبرئيل عليه السّلام: أن اهبط إلى عبدي فأخرجه، قال: يا ربّ، و كيف لي بالهبوط في النار؟ قال: إنّي قد أمرتها أن تكون عليك بردا و سلاما، قال: يا ربّ، فما علمي بموضعه؟ قال: إنّه في جبّ من سجّين، قال: فهبط في النار فوجده و هو معقول على وجهه فأخرجه.

فقال عزّ و جلّ: يا عبدي، كم لبثت تناشدني في النار؟ قال: ما أحصيه يا ربّ،

ص:494


1- -البحار ج 8 ص 281 باب النار ح 3

قال: أما و عزّتي لو لا ما سألتني به لأطلت هوانك في النار، و لكنّه حتم على نفسي أن لا يسألني عبد بحقّ محمّد و أهل بيته إلاّ غفرت له ما كان بيني و بينه، و قد غفرت لك اليوم. (1)

أقول:

أقول في الدنيا: اللهمّ أعوذ بك من النار بحقّ محمّد و أهل بيته عليهم السّلام حتّى ترحمني في الآخرة.

بيان: «الخريف» : الزمان المعروف من فصول السنة ما بين الصيف و الشتاء، و لمّا لم يكن في الآخرة يوم و ليل و شتاء و خريف، يعبّر عن مقدار من الزمان باليوم أو بالسنة، فعبّر عن سبعين سنة هنا بالخريف.

«معقول على وجهه» : أي مشدود يداه و رجلاه، مكبوب على وجهه.

20-عن زرارة عن أبي جعفر الباقر عليه السّلام قال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حيث أسري به لم يمرّ بخلق من خلق اللّه إلاّ رأى منه ما يحبّ من البشر و اللطف و السرور به، حتّى مرّ بخلق من خلق اللّه فلم يلتفت إليه و لم يقل له شيئا فوجده قاطبا عابسا. فقال: يا جبرئيل، ما مررت بخلق من خلق اللّه إلاّ رأيت البشر و اللطف و السرور منه إلاّ هذا، فمن هذا؟ قال: هذا مالك، خازن النار، هكذا خلقه ربّه، قال: فإنّي احبّ أن تطلب إليه أن يريني النار.

فقال له جبرئيل عليه السّلام: إنّ هذا محمّد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قد سألني أن أطلب إليك أن تريه النار، قال: فأخرج له عنقا منها فرآها، فلمّا أبصرها لم يكن ضاحكا حتّى قبضه اللّه عزّ و جلّ. (2)

ص:495


1- -البحار ج 8 ص 282 ح 4
2- البحار ج 8 ص 284 ح 9

أقول:

بهذا المعنى أخبار أخر، في بعضها: يا مالك، أر محمّدا النار، فكشف عنها غطاءها و فتح بابا منها، فخرج منها لهب ساطع في السماء. . .

21-عن أبي عبد اللّه عن أبيه عن جدّه عليهم السّلام قال: إنّ للنار سبعة أبواب:

باب يدخل منه فرعون و هامان و قارون، و باب يدخل منه المشركون و الكفّار ممّن لم يؤمن باللّه طرفة عين، و باب تدخل منه بنو أميّة و هو لهم خاصّة لا يزاحمهم فيه أحد، و هو باب لظى و هو باب سقر و هو باب الهاوية، تهوي بهم سبعين خريفا، فكلّما هوى بهم سبعين خريفا فاربهم فورة قذف بهم (تقذف بهم ف ن) في أعلاها سبعين خريفا، ثم هوى بهم (تهوي بهم ف ن) كذلك سبعين خريفا، فلا يزالون هكذا أبدا خالدين مخلّدين. و باب يدخل فيه مبغضونا و محاربونا و خاذلونا، و إنّه لأعظم الأبواب و أشدّها حرّا. (1)

بيان:

قال رحمه اللّه: الخبر يحتمل وجوها: الأوّل، أنّه عليه السّلام لم يعدّ جميع الأبواب بل عدّ أربعة هي معظمها. . . الرابع، أن ينقسم باب بني أميّة إلى تلك الأبواب و لم يذكر الباب السابع لسائر الناس لظهوره. . .

«فار القدر» : غلت و ارتفع ما فيها، و الفورة من الحرّ: شدّته.

22-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ ناركم هذه جزء من سبعين جزءا من نار جهنّم، و قد أطفأت سبعين مرّة بالماء ثمّ التهبت، و لو لا ذلك ما استطاع آدميّ أن يطيقها (يطفأها ف ن) و إنّه ليؤتى بها يوم القيامة حتّى توضع على النار، فتصرخ صرخة لا يبقى ملك مقرّب و لا نبيّ مرسل إلاّ جثا على ركبتيه، فزعا من

ص:496


1- -البحار ج 8 ص 285 ح 11

صرختها. (1)

بيان:

«ليؤتي بها» : أي بنار الدنيا حتّى توضع على نار الآخرة.

23-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام قال: إنّ أهل النار لمّا غلى الزقّوم و الضريع في بطونهم كغلي الحميم سألوا الشراب، فأتوا بشراب غسّاق و صديد يتجرّعه و لا يكاد يسيغه، و يأتيه الموت من كلّ مكان و ما هو بميّت، و من ورائه عذاب غليظ، و حميم يغلي في جهنّم منذ خلقت كالمهل يشوي الوجوه، بئس الشراب و ساءت مرتفقا. (2)

بيان:

«الغسّاق» قيل: هو البارد المنتن، و قيل: ما يسيل من صديد أهل النار، و قيل:

الحميم يحرق بحرّه، و الغسّاق يحرق ببرده. «المهل» : القيح أو صديد الميّت خاصّة، و قيل: ما أذيب من النحاس و الرصاص و أشباه ذلك. . . «مرتفقا» : المرتفق أي المتّكأ من قولهم ارتفق: اتّكأ على مرفقه، و قيل: منزلا يرتفق به.

24-عن عليّ عليه السّلام أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: و الذي نفس محمّد بيده لو أنّ قطرة من الزقّوم قطرت على جبال الأرض لساخت إلى أسفل سبع أرضين و لما أطاقته، فكيف بمن هو شرابه؟ و الذي نفسي بيده لو أنّ مقماعا (مقمعة ف ن) واحدا ممّا ذكره اللّه في كتابه وضع على جبال الأرض لساخت إلى أسفل سبع أرضين و لما أطاقته، فكيف بمن يقع عليه يوم القيامة في النار؟ ! (3)

25-عن بشّار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: لأيّ شيء يصام يوم

ص:497


1- -البحار ج 8 ص 288 ح 21
2- البحار ج 8 ص 302 ح 58
3- البحار ج 8 ص 302 ح 61

الأربعاء؟ قال: لأنّ النار خلقت يوم الأربعاء. (1)

26-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام أنّ عليّا عليه السّلام قال: إنّ في جهنّم رحى تطحن خمسا، أ فلا تسألوني ما طحنها؟ فقيل له: و ما طحنها يا أمير المؤمنين؟ قال:

العلماء الفجرة، و القرّاء الفسقة، و الجبابرة الظلمة، و الوزراء الخونة، و العرفاء الكذبة.

و إنّ في النار لمدينة يقال لها: الحصينة، أ فلا تسألوني ما فيها؟ فقيل: و ما فيها يا أمير المؤمنين؟ فقال: فيها أيدي الناكثين. (2)

بيان:

في النهاية ج 3 ص 218، العرفاء جمع عريف: و هو القيّم بأمور القبيلة أو الجماعة من الناس يلي أمورهم و يتعرّف الأمير منه أحوالهم. «أيدي الناكثين» : تخصيص الأيدي إنّما هو لوقوع البيعة بها.

27-عن عبد العظيم الحسني عن محمّد بن عليّ عن أبيه الرضا عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام قال: دخلت أنا و فاطمة على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فوجدته يبكي بكاءا شديدا. فقلت: فداك أبي و أمّي يا رسول اللّه، ما الذي أبكاك؟ فقال: يا عليّ، ليلة أسري بي إلى السماء رأيت نساء من أمّتي في عذاب شديد، فأنكرت شأنهنّ فبكيت لما رأيت من شدّة عذابهنّ.

و رأيت امرأة معلّقة بشعرها يغلي دماغ رأسها، و رأيت امرأة معلّقة بلسانها و الحميم يصبّ في حلقها، و رأيت امرأة معلّقة بثديها، و رأيت امرأة تأكل لحم جسدها و النار توقد من تحتها، و رأيت امرأة قد شدّ رجلاها إلى يديها و قد سلّط عليها الحيّات و العقارب، و رأيت امرأة صماّء عمياء خرساء في تابوت من نار،

ص:498


1- -البحار ج 8 ص 307 ح 70
2- البحار ج 8 ص 311 ح 78

يخرج دماغ رأسها من منخرها، و بدنها متقطّع من الجذام و البرص، و رأيت امرأة معلّقة برجليها في تنّور من نار، و رأيت امرأة تقطّع لحم جسدها من مقدّمها و مؤخّرها بمقاريض من نار، و رأيت امرأة يحرق وجهها و يداها و هي تأكل أمعاءها، و رأيت امرأة رأسها رأس خنزير و بدنها بدن الحمار، و عليها ألف ألف لون من العذاب، و رأيت امرأة على صورة الكلب و النار تدخل في دبرها و تخرج من فيها و الملائكة يضربون رأسها و بدنها بمقامع من نار.

فقالت فاطمة عليها السّلام: حبيبي و قرّة عيني، أخبرني ما كان عملهنّ و سيرتهنّ حتّى وضع اللّه عليهنّ هذا العذاب؟ فقال: يا بنتي، أمّا المعلّقة بشعرها فإنّها كانت لا تغطي شعرها من الرجال، و أمّا المعلّقة بلسانها فإنّها كانت تؤذي زوجها، و أمّا المعلّقة بثديها فإنّها كانت تمتنع من فراش زوجها، و أمّا المعلّقة برجليها فإنّها كانت تخرج من بيتها بغير إذن زوجها، و أمّا التي كانت تأكل لحم جسدها فإنّها كانت تزيّن بدنها للناس، و أمّا التي شدّت يداها إلى رجليها و سلّط عليها الحيّات و العقارب، فإنّها كانت قذرة الوضوء قذرة الثياب، و كانت لا تغتسل من الجنابة و الحيض و لا تتنظّف، و كانت تستهين بالصلاة.

و أمّا العمياء الصماّء الخرساء فإنّها كانت تلد من الزنا فتعلّقه في عنق زوجها.

و أمّا التي تقرض لحمها بالمقاريض فإنّها تعرض نفسها على الرجال، و أمّا التي كانت تحرق وجهها و بدنها و هي تأكل أمعاءها فإنّها كانت قوّادة، و أمّا التي كان رأسها رأس خنزير و بدنها بدن الحمار فإنّها كانت نمّامة كذّابة، و أمّا التي كانت على صورة الكلب و النار تدخل في دبرها و تخرج من فيها فإنّها كانت قينة نوّاحة حاسدة.

ثمّ قال عليه السّلام: ويل لامرأة أغضبت زوجها و طوبى لامرأة رضي عنها

ص:499

زوجها. (1)

بيان:

«المنخر» : الأنف. «قوّادة» : هي التي تجمع بين الذكر و الأنثى حراما.

«كانت قينة» : أي مغنّية.

28-قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّ مؤمنا كان في مملكة جبّار فولع به فهرب منه إلى دار الشرك، فنزل برجل من أهل الشرك فأظلّه و أرفقه و أضافه، فلمّا حضره الموت أوحى اللّه عزّ و جلّ إليه: و عزّتي و جلالي لو كان لك في جنّتي مسكن لأسكنتك فيها، و لكنّها محرّمة على من مات بي مشركا، و لكن يا نار، هيديه و لا تؤذيه، و يؤتي برزقه طرفي النهار، قلت: من الجنّة؟ قال: من حيث شاء اللّه. (2)

بيان:

«فولع به» ولع بحقّه: ذهب به، و ولع ولعا: كذب، استخفّ عدوا، و ولع به اغري به «أظلّه» : أي أدخله في ظلّه أي كنفه.

«يا نار هيديه» في حقّ اليقين ج 2 ص 175 ف 16: الظاهر أنّ لفظ الخبر "لا تهيديه"أي لا تزعجيه كما في روايات الجمهور فصحّف انتهى. و في النهاية:

و قد هدت الشيء أهيده هيدا: إذا حرّكته و أزعجته، و منه الحديث: يا نار لا تهيديه أي لا تزعجيه.

29-عن عليّ بن يقطين عن أبي الحسن موسى عليه السّلام قال: كان في بني إسرائيل رجل مؤمن و كان له جار كافر، فكان يرفق بالمؤمن و يولّيه المعروف في الدنيا، فلمّا أن مات الكافر بنى اللّه له بيتا في النار من طين، و كان يقيه

ص:500


1- -البحار ج 8 ص 309 ح 75( العيون ج 2 ب 30 ح 24)
2- البحار ج 8 ص 314 ح 92

حرّها و يأتيه الرزق من غيرها، و قيل له: هذا بما كنت تدخل على جارك المؤمن فلان بن فلان من الرفق و تولّيه من المعروف في الدنيا. (1)

30-لمّا نزلت هذه الآية على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله وَ إِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ- لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ بكى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بكاء شديدا و بكت صحابته لبكائه و لم يدروا ما نزل به جبرئيل عليه السّلام، و لم يستطع أحد من صحابته أن يكلّمه.

و كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إذا رأى فاطمه عليها السّلام فرح بها، فانطلق بعض أصحابه إلى باب بيتها، فوجد بين يديها شعيرا و هي تطحن فيه و تقول: وَ ما عِنْدَ اَللّهِ خَيْرٌ وَ أَبْقى (2)فسلّم عليها و أخبرها بخبر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و بكائه.

فنهضت و التفّت بشملة لها خلقة قد خيطت في اثني عشر مكانا بسعف النخل، فلمّا خرجت نظر سلمان الفارسيّ إلى الشملة و بكى و قال: و احزناه إنّ [بنات] قيصر و كسرى لفي السندس و الحرير، و ابنتة محمّد صلّى اللّه عليه و آله عليها شملة صوف خلقة قد خيطت في اثني عشر مكانا.

فلمّا دخلت فاطمة على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قالت: يا رسول اللّه، إنّ سلمان تعجّب من لباسي، فو الذي بعثك بالحقّ، ما لي و لعليّ منذ خمس سنين إلاّ مسك كبش نعلف عليها بالنهار بعيرنا، فإذا كان الليل افترشناه و إنّ مرفقتنا لمن أدم حشوها ليف، فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يا سلمان، إنّ ابنتي لفي الخيل السوابق.

ثمّ قالت: يا أبت، فديتك ما الذي أبكاك؟ فذكر لها ما نزل به جبرئيل من الآيتين المتقدّمتين، قال: فسقطت فاطمة عليها السّلام على وجهها و هي تقول: الويل ثمّ الويل لمن دخل النار، فسمع سلمان فقال: يا ليتني كنت كبشا لأهلي فأكلوا لحمي

ص:501


1- -البحار ج 8 ص 296 ح 48
2- القصص:60

و مزّقوا جلدي و لم أسمع بذكر النار. و قال أبوذرّ: يا ليت أمّي كانت عاقرا و لم تلدني و لم أسمع بذكر النار. و قال المقداد: يا ليتني كنت طائرا في القفار و لم يكن عليّ حساب و لا عقاب و لم أسمع بذكر النار.

و قال عليّ عليه السّلام: يا ليت السباع مزّقت لحمي و ليت أمّي لم تلدني و لم أسمع بذكر النار. ثمّ وضع عليّ عليه السّلام يده على رأسه و جعل يبكي و يقول: و ابعد سفراه! وا قلّة زاداه في سفر القيامة، يذهبون في النار و يتخطّفون، مرضى لا يعاد سقيمهم، و جرحى لا يداوى جريحهم، و أسرى لا يفكّ أسرهم، من النار يأكلون، و منها يشربون، و بين أطباقها يتقلّبون، و بعد لبس القطن مقطّعات النار يلبسون، و بعد معانقة الأزواج مع الشياطين مقرّنون. (1)

31-و روي أنّه إذا نزلت آية لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ أنّه سأل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله جبرئيل عليه السّلام أهي كأبوابنا؟ فقال: لا، و لكنّها مفتوحة بعضها أسفل من بعض، من باب إلى باب مسيرة سبعين سنة، كلّ منهما أشدّ حرّا من الذي بينه سبعين ضعفا، يساق أعداء اللّه إليها، فإذا انتهى أبوابها استقبلتهم الزبانية بالأغلال و السلاسل، فتلك السلسلة في فيه، و يخرج من دبره، و تغلّ يده اليسرى إلى عنقه و تدخل يده اليمنى في فؤاده، و يخرج من بين كتفيه، و يشدّ بالسلاسل، و يقرن كلّ آدميّ مع شيطان في سلسلة، و يسحب على وجهه، و تضربه الملائكة بمقامع من حديد، كلّما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها.

فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أخبرني من مكان هذه الأبواب؟ قال: فأمّا الباب الأوّل:

ففيه المنافقين و من كفر من أصحاب المائدة و آل فرعون و اسمها الهاوية. و الباب الثاني: ففيه المشركون و اسمه الجحيم، و الباب الثالث: ففيه الصابئون و اسمه سقر، و الباب الرابع: ففيه إبليس و من تبعه و المجوس و اسمه لظى، و الباب الخامس: فيه

ص:502


1- -البحار ج 43 ص 87 باب سيرها و مكارم أخلاقها ح 9

اليهود و اسمه الحطمة، و الباب السادس: فيه النصارى و اسمه سقر. ثمّ أمسك جبرئيل عليه السّلام.

فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ألا تخبرني من مكان الباب السابع؟ قال: يا محمّد، لا تسألني عنه، فقال: بلى، يا جبرئيل، أخبرني عن الباب السابع. فقال: هي أهل الكبائر من أمّتك الذين ماتوا و لم يتوبوا، فخرّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله مغشيّا عليه، فوضع جبرئيل عليه السّلام رأسه في حجره حتّى أفاق فلمّا أفاق قال: يا جبرئيل، عظمت مصيبتي و اشتدّ حزني أو يدخل من أمّتي النار؟ قال: نعم أهل الكبائر من أمّتك.

ثمّ بكى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و بكى جبرئيل عليه السّلام و دخل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله منزله و احتجب عن الناس، و كان لا يخرج إلاّ إلى الصلوة، يصلّي و يدخل و لا يكلّم أحدا، و يأخذ في الصلوة و يبكي و يتضرّع إلى اللّه تعالى.

فلمّا كان من اليوم الثالث، أقبل أبو بكر حتّى وقف بالباب، فقال: السّلام عليكم يا أهل بيت الرحمة، هل إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من سبيل؟ فلم يجبه أحد فتنحّى باكيا، فأقبل (عمر) فصنع مثل ذلك فلم يجبه أحد فتنحّى و هو يبكي، فأقبل سلمان فوقف بالباب، فقال: السّلام عليكم يا أهل بيت الرحمة، هل إلى مولاي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من سبيل؟ فلم يجبه أحد، فأقبل يبكي مرّة، و يقوم أخرى، حتّى أتى بيت فاطمة عليها السّلام، فوقف بالباب، و قال: السّلام عليكم يا أهل بيت المصطفى، و كان عليّ عليه السّلام غائبا، فقال سلمان: يا بنت رسول اللّه، رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله احتجب عن الناس فليس يخرج إلاّ إلى الصلوة و لا يكلّم أحدا و لا يأذن لأحد أن يدخل عليه.

فاشتملت فاطمة عليها السّلام بعبائة قطوانيّة، و أقبلت حتّى وقفت على باب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ثمّ سلّمت، و قالت: يا رسول اللّه، أنا فاطمة، و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ساجد يبكي، فرفع رأسه، فقال صلّى اللّه عليه و آله: ما بال قرّة عيني فاطمة حجبت عنّي، افتحوا لها الباب، ففتح الباب فلمّا نظرت إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بكت بكاء شديدا، لما رأت من حاله مصفرّا

ص:503

متغيّرا لونه مذابا لحم وجهه من البكاء و الحزن، فقالت: يا رسول اللّه، ما الذي نزلت عليك؟ فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: جائني جبرئيل عليه السّلام و وصف لي أبواب جهنّم، و أخبرني بأنّ في أعلا بابها أهل الكبائر من أمّتي، فذلك الذي أبكاني و أحزنني، قالت: يا رسول اللّه، أو لم تسأله كيف يدخلونها، قال: تسوقهم الملائكة إلى النار، لا تسوّد وجوههم و لا تزرق عيونهم و لا تختم على أفواههم، و لا يقرنون مع شيطان و لا يوضع عليهم السلاسل و الأغلال.

قالت عليها السّلام: يا رسول اللّه، كيف تقودهم الملائكة؟ قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أمّا الرجال فباللحي، و أمّا النساء فبالذوائب و النواصي، فكم من ذي شيبة من أمّة قد قبض على شيبته يقاد إلى النار، و هو ينادي: وا شيبتاه وا ضعفاه، و كم من شابّ من أمّتي يقبض على لحيته يقاد إلى النار، و هو ينادي: وا شباباه وا حسن صورتاه، و كم من امرءة من أمّتي تقبض على ناصيتها تقاد إلى النار و هي تنادي:

وا فضيحتاه وا هتك ستراه، حتّى ينتهي بهم إلى مالك، فإذا نظر إليهم المالك، قال للملائكة: من هؤلاء؟ ! فما ورد عليّ من الأشقياء أعجب من هؤلاء، لم تسودّ وجوههم و لم توضع السلاسل و الأغلال في أعناقهم، فتقول الملائكة: هكذا أمرنا أن نأتيك بهم.

فيقول لهم: يا معشر الأشقياء، من أنتم؟ ! -و في رواية: لمّا قادتهم الملائكة، فتنادون: وا محمّداه، فلمّا رأوا مالك نسوا اسم محمّد من هيبته، فيقول لهم:

من أنتم؟ -فيقولون: نحن ممّن نزل عليهم القرآن و نحن ممّن نصوم شهر رمضان، فيقول المالك: و ما نزل القرآن إلاّ على محمّد، فإذا سمعوا اسم محمّد صاحوا و قالوا:

نحن من أمّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله، فيقول المالك: ما كان لكم في القرآن زاجرا عن معاصي اللّه؟ فإذا وقف بهم على شفير جهنّم، و نظروا إلى النار و إلى الزبانية، فقالوا:

يا مالك، ائذن لنا نبكي على أنفسنا، فيبكون الدموع حتّى لم يبق لهم الدموع، فيبكون دما، فيقول مالك: ما أحسن هذا لو كان في الدنيا! لو كان هذا البكاء

ص:504

في الدنيا من خشية اللّه ما مسّكم النار اليوم.

فيقول للزبانية: ألقوهم في النار، فنادوا بأجمعهم: لا إله إلاّ اللّه، فرجع عنهم النار، فيقول مالك للنار: خذيهم، فتقول النار: كيف أخذهم و هم يقولون: لا إله إلاّ اللّه؟ فيقول مالك: نعم بذلك أمر ربّ العرش، فتأخذهم فمنهم من تأخذه إلى قدميه، و منهم من تأخذه إلى ركبتيه، و منهم من تأخذه إلى حقويه، و منهم من تأخذه إلى حلقه، قال: فإذا أهوت النار إلى وجهه، قال مالك: لا تحرقي وجوههم، فطال ما سجدوا للرحمن في الدنيا، و لا تحرقي قلوبهم فطال ما عطشوا في شهر رمضان.

فيبقون فيها ما شاء اللّه، فينادون: يا أرحم الراحمين، يا حنّان يا منّان، فإذا أنفذ اللّه حكمه قال: يا جبرئيل، ما فعل العاصون من أمّة محمّد؟ فيقول: إلهي أنت أعلم بهم، فيقول: انطلق فانظر ما حالهم، فينطلق جبرئيل إلى مالك و هو على سرير من نار في وسط جهنّم، فإذا نظر مالك إلى جبرئيل قام تعظيما له، فيقول:

يا جبرئيل، ما أدخلك هذا الموضع؟ ! فيقول: ما فعلت العصابة العاصية من أمّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله، فيقول: ما أسوء حالهم و أضيق مكانهم، قد أحرقت النار أجسامهم و أكلت لحومهم و بقيت وجوههم، و قلوبهم يتلألأ فيها الإيمان.

فيقول جبرئيل: ارفع الطبق عنهم حتّى أنظر إليهم، قال: فيأمر المالك الخزنة أن يرفعوا الطبق، فإذا نظروا إلى جبرئيل عليه السّلام و حسن خلقه علموا أنّه ليس من ملائكة العذاب، فيقولون: من هذا العبد الذي لم نر قطّ أحسن وجها منه؟ فيقول مالك: هذا جبرئيل الكريم على اللّه تعالى، الذي كان يأتي محمّدا بالوحي.

فإذا سمعوا باسم محمّد صلّى اللّه عليه و آله صاحوا بأجمعهم و قالوا: يا جبرئيل، اقرء محمّدا صلّى اللّه عليه و آله منّا السّلام، و أخبره أنّ معاصينا فرّقت بيننا و بينك، و أخبره بسوء حالنا، فينطلق جبرئيل حتّى يقوم بين يدي اللّه، فيقول اللّه: كيف رأيت أمّة محمّد؟

ص:505

فيقول: ما أشدّ حالهم و أضيق مكانهم، فيقول: هل سألوك شيئا؟ فيقول: يا ربّ، سألوني أن أقرء على نبيّهم السّلام، و أخبره بسوء حالهم، فيقول اللّه: انطلق فأخبره.

فيدخل جبرئيل عليه السّلام على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و هو في خيمة من درّة بيضاء لها أربعة ألف باب، و لها مصراعان من ذهب، فيقول: يا محمّد، جئتك من عند العصابة العصاة من أمّتك، يعذّبون في النار، و هم يقرؤونك السّلام، و يقولون: ما أسوء حالنا و أضيق مكاننا، فيأتي النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عند العرش، فيخرّ ساجدا و يثنى على اللّه ثناء لم يثنه أحد مثله، فيقول اللّه عزّ و جلّ: ارفع رأسك و اسأل تعط و اشفع تشفّع، فيقول: الأشقياء من أمّتي قد انفذت فيهم حكمك.

فيقول اللّه تعالى: قد شفعتك فيهم، فأت النار فأخرج منها من قال: لا إله إلاّ اللّه، فينطلق النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فإذا نظر مالك إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فتح الباب، و رفع الطبق، فإذا نظر أهل النار إلى محمّد صلّى اللّه عليه و آله صاحوا بأجمعهم، فيقولون: قد أحرقت النار جلودنا و أحرقت أكبادنا، فيخرجهم جميعا و قد صاروا فحما أكلتهم النار، فينطلق بهم إلى نهر بباب الجنّة يسمّى الحيوان، فيغسلون فيه، فيخرجون منه شبابا جردا مردا مكحلين، وجوههم مثل القمر، فيدخلون الجنّة. (1)

بيان:

في مجمع البحرين (ذاب) ، «الذؤبة» : الضفر من الشعر إذا كانت مرسلة، فإذا كانت ملفوفة فهي عقيصة و الجمع الذوائب. و قال (زبن) : «الزبانية» هي الملائكة، و احدهم زبني مأخوذ من الزبن و هو الدفع كأنّهم يدفعون أهل النار إليها. . .

«الحقو» : موضع شدّ الأزار، و هو الخاصرة. «الفحم» : الجمر الطافئ يتّخذ للوقود (زغال) .

ص:506


1- -أسرار الصلوة (للميرزا جواد الملكي التبريزي رحمه اللّه) ص 137(في لزوم الخوف)

32-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: خمسة لا تطفأ نيرانهم و لا تموت أبدانهم: رجل أشرك، و رجل عقّ والديه، و رجل سعى بأخيه إلى السلطان فقتله، و رجل قتل نفسا بغير نفس، و رجل أذنب ذنبا و حمل ذنبه علي اللّه عزّ و جلّ. (1)

33-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

النار غاية المفرطين. (الغرر ج 1 ص 20 ف 1 ح 533)

الناجون من النار قليل لغلبة الهوى و الضلال. (ص 67 ح 1749)

أشدّ الناس عقوبة رجل كافأ الإحسان بالإسائة. (ص 198 ف 8 ح 393)

أشدّ الناس عذابا يوم القيامة المتسخّط لقضاء اللّه. (ص 199 ح 401)

وفد النار أبدا معذّبون. (ج 2 ص 784 ف 83 ح 55)

وارد النار مؤبّد الشقاء. (ح 57)

أقول:

قد مرّ في باب الجنّة: «و من أشفق من النار بادر بالتوبة إلى اللّه من ذنوبه، و راجع عن المحارم» .

و مرّ عن نهج البلاغة أنّه قال عليه السّلام: «و إنّما الأئمّة قوّام اللّه على خلقه. . . و لا يدخل النار إلاّ من أنكرهم و أنكروه» .

و عنه عليه السّلام، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يقول: «إنّ الجنّة حفّت بالمكاره و إنّ النار حفّت بالشهوات» .

و مرّ في باب التوبة في حديث الرضا عليه السّلام: «و من تعوّذ باللّه من النار و لم يترك شهوات الدنيا فقد استهزء بنفسه» .

و سيأتي في باب الحبّ ف 2، عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «لو اجتمعوا على حبّ عليّ عليه السّلام لما

ص:507


1- -المستدرك ج 18 ص 209 ب 1 من القصاص في النفس ح 24

خلق اللّه النار» .

و في باب النيّة عن الكافي و العلل في حديث الصادق عليه السّلام: «إنّما خلّد أهل النار في النار لأنّ نيّاتهم كانت في الدنيا لو خلّدوا فيها أن يعصوا اللّه أبدا. . .» .

و في دعاء الكميل: «أقسمت أن تملأها من الكافرين من الجنّة و الناس أجمعين و أن تخلّد فيها المعاندين» .

و الحمد للّه أوّلا و آخرا و ظاهرا و باطنا و صلّى اللّه على سيّدنا محمّد و آله الطاهرين سيّما مولانا المهديّ عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف.

اللهمّ عجّل فرجه و سهّل مخرجه و أيّده بالنصر و انصر ناصريه و ارزقنا رؤيته و أدركنا أيّامه.

ص:508

حرف الألف

1-الأخوّة

الفصل 1: فضلها 9

الفصل 2: أصناف الإخوان و أوصافهم 18

الفصل 3: حقوق الإخوان 26

الفصل 4: زيارة الإخوان 33

2-الأدب 37

3-الأكل

الفصل 1: آداب الأكل 45

الفصل 2: ذمّ كثرة الأكل و مدح الجوع 56

4-طول الأمل 67

5-تعلّق الأمل و الرجاء باللّه تعالى 75

6-الإمامة

الفصل 1: الاضطرار إلى الحجّة 79

الفصل 2: لزوم طاعة الأئمّة و معرفتهم و أداء حقوقهم عليهم السّلام 88

الفصل 3: شرائط الإمامة 101

الفصل 4: جوامع أوصاف الإمام عليه السّلام و فضائله 110

الفصل 5: لزوم التوسّل بهم عليهم السّلام 115

الفصل 6: ذكر بعض فضائلهم عليهم السّلام 121

ص:509

7-الإيمان

الفصل 1: فضل الإيمان و المؤمن 139

الفصل 2: درجات الإيمان و فرضه على الجوارح 153

الفصل 3: صفات المؤمن و علاماته و كماله 159

الفصل 4: شدّة ابتلاء المؤمن 186

الفصل 5: قلّة عدد المؤمنين 198

الفصل 6: حقوق المؤمن 205

الفصل 7: من أذلّ مؤمنا أو أهان به 213

8-الأمانة و ترك الخيانة 223

حرف الباء

9-البخل و الشحّ 231

10-البدع 241

11-ذمّ التبذير و الإسراف و مدح الاقتصاد 247

12-البرزخ و القبر 255

13-البكاء

الفصل 1: فضل البكاء و ذمّ جمود العين 279

الفصل 2: البكاء على الحسين و سائر الأئمّة عليهم السّلام 289

حرف التاء

14-التجارة 303

ص:510

15-تربة الحسين عليه السّلام 315

16-التوبة

الفصل 1: فضلها 321

الفصل 2: شرائطها و درجاتها 339

حرف الجيم

17-الجبن 347

18-المجادلة و المراء و المخاصمة في الدين 351

19-الجلوس 361

20-المجالسة و المعاشرة 367

21-يوم الجمعة و ليلتها

الفصل 1: فضلها 373

الفصل 2: أعمال يوم الجمعة و ليلتها 381

22-صلاة الجماعة 385

23-الجماع 391

24-الجنّة 401

25-الجار 419

26-حسن الجوار و المعاشرة و التحبّب إلى الناس 427

27-جهاد النفس و تزكيتها 437

28-الجهد و الاجتهاد في العمل 453

29-الجهل و الحمق 467

30-جهنّم 481

ص:511

ص:512

فهرست

المجلّد الأوّل

حرف الألف

1-الأخوّة

2-الأدب

3-الأكل

4-طول الأمل

5-الأمل و الرجاء

6-الإمامة

7-الإيمان

8-الأمانة

حرف الباء

9-البخل و الشحّ

10-البدع

11-التبذير و الإسراف

12-البرزخ و القبر

13-البكاء

حرف التاء

14-التجارة

15-التربة

16-التوبة

ص:513

حرف الجيم

17-الجبن

18-المجادلة و المراء

19-الجلوس

20-المجالسة و المعاشرة

21-الجمعة

22-صلاة الجماعة

23-الجماع

24-الجنّة

25-الجار

26-حسن الجوار

27-جهاد النفس

28-الجهد و الاجتهاد

29-الجهل و الحمق

30-جهنّم

المجلّد الثانيّ

حرف الحاء

31-الحبّ

32-الحجّ

33-الحديث

34-الحرص

35-اجتناب المحارم

36-الحرام و الغصب

ص:514

37-الحزم و الحذر و التدبّر في الأمور

38-الحزن في اللّه

39-الحزن و الخوف و الهمّ و الغمّ

40-الحساب

41-محاسبة النفس

42-الحسد

43-حسرات يوم القيامة

44-الإحسان

45-الحقد و البغضاء

46-الحكمة

47-الحلم

48-الحمّام

49-الحيوان

50-الحياء

حرف الخاء

51-الخدمة

52-الخشوع

53-الإخلاص

54-الخلق

55-مكارم الأخلاق

56-آداب الخلاء

57-الخمر

58-الخوف و الرجاء و الخشية

59-الاستخارة

ص:515

حرف الدّال

60-الدعاء

61-حبّ الدنيا

62-أهل الدين

حرف الذال

63-الذكر

64-الذنب

حرف الراء

65-الرئاسة

66-الرؤيا

67-الرياء و السمعة

68-الربا

69-الرجعة

70-الرحم

71-الرزق

72-الرشوة

73-الرضاع و اللبن

74-الرضا عن اللّه

75-الراضي بفعل قوم

76-الرفق و اللين

ص:516

152-قتل النفس

153-ليلة القدر

154-القرآن

155-القرض

156-القلب

157-القمار

158-القناعة

حرف الكاف

159-الكبر

160-الكتمان و الإذاعة

161-الكذب

162-كظم الغيظ

163-الكفاف

المجلّد الخامس

حرف اللام

164-اللبس

165-اللحية

166-اللواط و المساحقة

حرف الميم

167-المرض و العافية

168-المشي

ص:517

169-المكر و الخديعة

170-الموت

171-حبّ المال

172-الماء

حرف النون

173-النبوّة

174-النساء

175-النصيحة

176-الإنصاف

177-النظر

178-انتظار الفرج

179-النفاق

180-النميمة و السعاية

181-النوم

182-النيّة

حرف الهاء

183-الهجران

حرف الواو

184-التوحيد و المعرفة

185-الورع

186-الوسوسة

187-التواضع

ص:518

188-الموعظة

189-الوفاء بالوعد و العهد

190-التقوى

191-التقيّة

192-التوكّل

193-الوالدين

194-الولد

195-الولاية

196-أولياء اللّه

197-التهمة و البهتان

حرف الياء

198-اليأس

199-اليتيم

200-اليقين

ص:519

المجلّد الثالث

حرف الزاي

77-الزكوة.

78-الزنا

79-الزواج

80-الزهد

81-الزيارة

حرف السين

82-السؤال

83-التسبيح

84-السجود

85-المسجد

86-السخاء و الجود

87-السفر

88-المسكن

89-السلاطين

90-التسليم

91-التسليم و التحيّة

92-الافتتاح بالتسمية

93-الأسماء و الألقاب

94-من سنّ سنّة

95-الأخذ بالسنّة

96-السادات

ص:520

97-السواك

حرف الشين

98-الشباب و الشيب

99-الشبهة

100-الشيطان

101-الشعر

102-الشفاعة

103-الشكر و الكفران

104-الشماتة

105-الاستشارة

106-الشهرة و الإخفاء

107-الشهوات و الأهواء

108-الشيعة

109-تشييع الجنازة

حرف الصاد

110-الصبر

111-الصدق

112-الصدقة

113-الصداقة

114-المصافحة و المعانقة

115-الإصلاح بين الناس

116-الصلاة

117-الصلاة على النبيّ و آله عليهم السّلام

ص:521

118-الصمت

119-الصوفيّة

120-الصوم

المجلّد الرابع

حرف الضاد

121-الضحك

122-الضيافة

حرف الطاء

123-الطعام و الإطعام

124-الطمع

حرف الظاء

125-الأظفار

126-الظلم

127-حسن الظنّ باللّه

128-حسن الظنّ بالإخوان

حرف العين

129-العبادة

130-العجب

131-العدل

132-عرض الأعمال

ص:522

133-الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر

134-العزلة

135-العصبيّة

136-العفّة

137-العقل

138-العلم

139-المعاد

140-تتبّع العيوب

حرف الغين

141-الغضب

142-الاستغفار

143-الغناء

144-الغيبة

145-الغيرة

حرف الفاء

146-الفحش و البذاء

147-الفقر

148-التفكّر

149-تفويض الأمور

حرف القاف

150-القبر و زيارة القبور

151-التقبيل

ص:523

المجلد 2

اشارة

سرشناسه : اسماعیلی یزدی، عباس، 1332 -

عنوان و نام پديدآور : ینابیع الحکمه/ تالیف عباس الاسماعیلی الیزدی.

مشخصات نشر : قم: مسجد مقدس صاحب الزمان (جمکران)، 1378.

مشخصات ظاهری : 5 ج.

شابک : دوره: 964-6705-47-2 ؛ ج.1: 964-6705-42-1 ؛ ج.2: 964-6705-43-X ؛ ج. 3، چاپ چهارم: 964-6705-44-8 ؛ ج. 4: 964-6705-45-6 ؛ ج. 5: 964-6705-46-4

يادداشت : عربی.

يادداشت : چاپ قبلی: نشر مولود کعبه، 1417ق. = 1375.

يادداشت : ج. 1 - 5 (1427 ق.= 1385).

یادداشت : کتابنامه.

موضوع : قرآن -- فهرست مطالب

موضوع : احادیث شیعه -- فهرست مطالب

شناسه افزوده : مسجد جمکران (قم)

رده بندی کنگره : BP106/الف 5ی 9 1378

رده بندی دیویی : 297/22

شماره کتابشناسی ملی : م 78-25667

ص: 1

اشارة

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

ص :2

عن يونس بن عبد الرحمان ، قال : دخلت على موسى بن جعفر عليه السلام فقلت له : يا بن رسول الله، أنت القائم بالحق؟ فقال : أنا القائم بالحق ولكن القائم الذي يطهر الأرض من أعداء الله عزوجل و يملأها عدلا كما ملئت جورة و ظلمة هو الخامس من ولدي ، له غيبة يطول أمدها خوفا على نفسه، يرتد فيها أقوام ويثبت فيها آخرون.

ثم قال علیه السلام : طوبى لشيعتنا، المتمسكين بحبلنا (بحبنا) في غيبة قائمنا ، الثابتين على موالاتنا و البراءة من أعدائنا، أولئك منا ونحن منهم ، قد رضوا بنا أئمة ، ورضينا بهم شيعة ، فطوبى لهم، ثم طوبى لهم، هم والله معنا في درجاتنا يوم القيامة.

کمال الدین باب ما أخبر به الكاظم علیه السلام من وقوع الغيبة ح 5 و البحار ج 1، ص 151 ح 6

ص:3

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

الحمد للّه الذي لا إله غيره، و لا شيء يعدله ليس كمثله شيء و هو اللطيف الخبير، و الصلاة و السلام على سيّد الأنبياء و المرسلين محمّد صلّى اللّه عليه و آله و على عترته و الأئمّة من بعده سيّما مولانا المهديّ صاحب العصر و الزمان القائم بالحقّ عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف و اللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين.

اللهمّ صلّ على السيّد المطهّر و الإمام المظفّر و الشجاع الغضنفر أبي شبير و شبّر قاسم طوبى و سقر الأنزع البطين الأشجع المتين العالم المبين الإمام الوصيّ الحاكم بالنصّ الجليّ المدفون بالغريّ مظهر العجائب و مظهر الغرائب أسد اللّه الغالب مولانا و مولا الكونين الإمام أبي الحسنين أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات اللّه و سلامه عليه.

ص:1

ص :2

حرف الحاء

31- الحبّ

الحبّ

فيه فصول

الفصل الأوّل: حبّ اللّه تعالى
الآيات

1- وَ مِنَ اَلنّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اَللّهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اَللّهِ وَ اَلَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلّهِ. . . (1)

2- قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اَللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اَللّهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَ اَللّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ. (2)

3- . . . فَسَوْفَ يَأْتِي اَللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ. . . (3)

4- قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَ أَبْناؤُكُمْ وَ إِخْوانُكُمْ وَ أَزْواجُكُمْ وَ عَشِيرَتُكُمْ وَ أَمْوالٌ

ص:3


1- -البقرة:165.
2- آل عمران:31.
3- المائدة:54.

اِقْتَرَفْتُمُوها وَ تِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها وَ مَساكِنُ تَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اَللّهِ وَ رَسُولِهِ وَ جِهادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتّى يَأْتِيَ اَللّهُ بِأَمْرِهِ وَ اَللّهُ لا يَهْدِي اَلْقَوْمَ اَلْفاسِقِينَ. (1)

5- ما جَعَلَ اَللّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ. . . (2)

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: . . . إذا تخلّى المؤمن من الدنيا سما و وجد حلاوة حبّ اللّه و كان عند أهل الدنيا كأنّه قد خولط و إنّما خالط القوم حلاوة حبّ اللّه فلم يشتغلوا بغيره. . . (3)

2-عن حمّاد بن بشير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: قال اللّه عزّ و جلّ: من أهان لي وليّا فقد أرصد لمحاربتي و ما تقرّب إليّ عبد بشيء أحبّ إليّ ممّا افترضت عليه و إنّه ليتقرّب إليّ بالنافلة حتّى احبّه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به و بصره الذي يبصر به و لسانه الذي ينطق به و يده التي يبطش بها، إن دعاني أجبته و إن سألني أعطيته، و ما تردّدت عن شيء أنا فاعله كتردّدي عن موت المؤمن، يكره الموت و أكره مساءته. (4)

أقول:

قد مرّ ما بمعناه مع شرحه في باب الإيمان ف 7، و يأتي بهذا المعنى في باب أولياء اللّه.

3-في آخر رسالة من أبي عبد اللّه عليه السّلام إلى جماعة الشيعة: و من سرّه أن يعلم أنّ اللّه يحبّه، فليعمل بطاعة اللّه و ليتّبعنا، ألم يسمع قول اللّه عزّ و جلّ

ص:4


1- -التوبة:24
2- الأحزاب:4
3- الكافي ج 2 ص 105 باب ذمّ الدنيا و الزهد فيها ح 10
4- الكافي ج 2 ص 262 باب من أذى المسلمين ح 7

لنبيّه صلّى اللّه عليه و آله: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اَللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اَللّهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ، و اللّه لا يطيع اللّه عبد أبدا إلاّ أدخل اللّه عليه في طاعته اتّباعنا، و لا و اللّه لا يتّبعنا عبد أبدا إلاّ أحبّه اللّه، و لا و اللّه لا يدع أحد اتّباعنا أبدا إلاّ أبغضنا، و لا و اللّه لا يبغضنا أحد أبدا إلاّ عصى اللّه، و من مات عاصيا للّه أخزاه اللّه و أكبّه على وجهه في النار، و الحمد للّه ربّ العالمين. (1)

4-في رسالة أبي جعفر عليه السّلام إلى سعد الخير: و اعلم رحمك اللّه، أنّه لا تنال محبّة اللّه إلاّ ببغض كثير من الناس، و لا ولايته إلاّ بمعاداتهم، و فوت ذلك قليل يسير لدرك ذلك من اللّه لقوم يعلمون. (2)

بيان:

«فوت ذلك» : إشارة إلى حبّ الناس و ولايتهم. «درك ذلك» : إشارة إلى محبّة اللّه و ولايته.

5-في حديث أبي عبد اللّه عليه السّلام لحفص بن غياث: إنّي لأرجو النجاة لمن عرف حقّنا من هذه الأمّة، إلاّ لأحد ثلاثة صاحب سلطان جائر، و صاحب هوى، و الفاسق المعلن، ثمّ تلا: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اَللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اَللّهُ.

ثمّ قال: يا حفص، الحبّ أفضل من الخوف، ثمّ قال: و اللّه ما أحبّ اللّه من أحبّ الدنيا و والى غيرنا، و من عرف حقّنا و أحبّنا فقد أحبّ اللّه تبارك و تعالى. (3)

6-قال الصادق عليه السّلام: القلب حرم اللّه فلا تسكن حرم اللّه غير اللّه. (4)

7-قال عليّ عليه السّلام: من أحبّ أن يعلم كيف منزلته عند اللّه فلينظر كيف

ص:5


1- -الكافي ج 8 ص 14 ح 1
2- الكافي ج 8 ص 56 ح 17
3- الكافي ج 8 ص 128 ح 98
4- جامع الأخبار ص 185 في فصل النوادر

منزلة اللّه عنده فإنّ كلّ من خيّر له أمران؛ أمر الدنيا و أمر الآخرة فاختار أمر الآخرة على الدنيا فذلك الذي يحبّ اللّه و من اختار أمر الدنيا فذلك الذي لا منزلة للّه عنده. (1)

8-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ما ضرّك إن أحببت اللّه و رسوله و أحبّك اللّه و رسوله، من أبغضك، فإنّه ليس أحد من أولياء اللّه يبغض أحبّاء اللّه و لا أحد من غيره يحبّك فينفعك حبّه.

ثمّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا يستوحش من كان اللّه أنيسه، و لا يذلّ من كان اللّه أعزّه، و لا يفتقر من كان باللّه غناؤه، فمن استأنس باللّه آنسه اللّه بغير أنيس، و من اعتزّ باللّه أعزّه اللّه بغير عدد و لا عشيرة، و من يستغني باللّه أغناه اللّه بغير دنياه. (2)

9-سأل اعرابيّ عليّا عليه السّلام عن درجات المحبّين ما هي؟ قال: أدنى درجاتهم من استصغر طاعته و استعظم ذنبه، و هو يظنّ أن ليس في الدارين مأخوذ غيره، فغشي على الأعرابيّ، فلمّا أفاق قال: هل درجة أعلى منها؟ قال:

نعم، سبعون درجة. (3)

10-. . . و أوحى اللّه تعالى إلى داود عليه السّلام: إن كنت تحبّني فأخرج حبّ الدنيا من قلبك، فإنّ حبّي و حبّها لا يجتمعان في قلب. (4)

11-قال الصادق عليه السّلام: . . . و طلبت حبّ اللّه عزّ و جلّ فوجدته في بغض أهل المعاصي. . . (5)

ص:6


1- -جامع الأخبار ص 178
2- مشكوة الأنوار ص 125 ب 3 ف 5
3- المستدرك ج 1 ص 133 ب 20 من مقدّمة العبادات ح 8
4- المستدرك ج 12 ص 39 ب 61 من جهاد النفس في ح 13
5- المستدرك ج 12 ص 173 ب 101 ح 19

12-قال القائم عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف (في خبر طويل) في تأويل قوله تعالى فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ: إنّ موسى عليه السّلام ناجى ربّه بالواد المقدّس فقال: يا ربّ، إنّي قد أخلصت لك المحبّة منّي، و غسّلت قلبي عمّن سواك-و كان شديد الحبّ لأهله-فقال اللّه تبارك و تعالى: اخلع نعليك أي انزع حبّ أهلك من قلبك إن كانت محبّتك لي خالصة، و قلبك من الميل إلى من سواي مغسولا. . . (1)

13-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أكثر ذكر اللّه أحبّه. (2)

14-. . . و عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: يا ربّ، وددت أن أعلم من تحبّ من عبادك فاحبّه؟ فقال: إذا رأيت عبدي يكثر ذكري فأنا أذنت له في ذلك، و أنا أحبّه و إذا رأيت عبدي لا يذكرني فأنا حجبته و أنا أبغضته. (3)

أقول:

سيأتي في باب الذكر عنه صلّى اللّه عليه و آله: علامة حبّ اللّه حبّ ذكره، و علامة بغض اللّه بغض ذكره.

15-قال اللّه تعالى (في خبر المعراج) : . . . يا محمّد، وجبت محبّتي للمتحابّين فيّ، و وجبت محبّتي للمتعاطفين فيّ، و وجبت محبّتي للمتواصلين فيّ، و وجبت محبّتي للمتوكّلين عليّ، و ليس لمحبّتي علم و لا غاية و لا نهاية و كلّما رفعت لهم علما وضعت لهم علما، أولئك الذين نظروا إلى المخلوقين بنظري إليهم، و لا يرفعوا الحوائج إلى الخلق، بطونهم خفيفة من أكل الحلال، نعيمهم في الدنيا ذكري، و محبّتي، و رضاي عنهم. . . (4)

ص:7


1- -البحار ج 52 ص 83(و ج 13 ص 65-و ج 83 ص 237)
2- البحار ج 93 ص 160 باب ذكر اللّه تعالى ح 39
3- البحار ج 93 ص 160 ح 41
4- البحار ج 77 ص 21 ح 6

بيان:

«ليس لمحبّتي علم» : كناية عن عدم المحدوديّة.

16-عن ابن عبّاس قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أحبّوا اللّه لما يغدوكم به من نعمة، و أحبّوني لحبّ اللّه عزّ و جلّ، و أحبّوا أهل بيتي لحبّي. (1)

17-عن المفضل، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان فيما ناجى اللّه عزّ و جلّ به موسى بن عمران عليه السّلام أن قال له: يا بن عمران، كذب من زعم أنّه يحبّني فإذا جنّه الليل نام عنّي، أ ليس كلّ محبّ يحبّ خلوة حبيبه؟

ها أنا ذا يا بن عمران، مطّلع على أحبّائي إذا جنّهم الليل حوّلت أبصارهم من قلوبهم، و مثّلت عقوبتي بين أعينهم، يخاطبوني عن المشاهدة، و يكلّموني عن الحضور.

يا بن عمران، هب لي من قلبك الخشوع، و من بدنك الخضوع، و من عينك الدموع في ظلم الليل، و ادعني فإنّك تجدني قريبا مجيبا. (2)

بيان:

«حوّلت أبصارهم» المراد: أنّه نقلت أبصارهم إلى قلوبهم فيبصرون بقلوبهم.

«مثّلت. . .» : صوّرت لهم عقوبتي و تجسّمت.

18-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما أحبّ اللّه عزّ و جلّ من عصاه ثمّ تمثّل، فقال:

تعصي الإله و أنت تظهر حبّه هذا محال في الفعال بديع

لو كان حبّك صادقا لأطعته إنّ المحبّ لمن يحبّ مطيع (3)

19-قال رجل للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يا رسول اللّه، علّمني شيئا إذا أنا فعلته أحبّني اللّه من السماء و أحبّني الناس من الأرض. فقال له: ارغب فيما عند اللّه عزّ و جلّ

ص:8


1- -البحار ج 70 ص 14 باب حبّ اللّه ح 1
2- البحار ج 70 ص 14 ح 2-( ج 87 ص 139)
3- البحار ج 70 ص 15 ح 3

يحبّك اللّه، و ازهد فيما عند الناس يحبّك الناس. (1)

20-في الزبور: يا داود، اسمع منّي ما أقول-و الحقّ أقول-: من أتاني و هو يحبّني أدخلته الجنّة. . . (2)

21-عن جابر، عن أبي جعفر عليه السّلام قال: أوحى اللّه تعالى إلى موسى عليه السّلام:

أحببني و حبّبني إلى خلقي، قال موسى: يا ربّ، إنّك لتعلم أنّه ليس أحد أحبّ إليّ منك، فكيف لي بقلوب العباد؟ فأوحى اللّه إليه: فذكّرهم نعمتي و آلائي فإنّهم لا يذكرون منّي إلاّ خيرا. (3)

22-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: قال اللّه عزّ و جلّ لداود عليه السّلام: أحببني و حبّبني إلى خلقي، قال: يا ربّ، نعم أنا أحبّك فيكف أحبّبك إلى خلقك؟ قال: اذكر أياديّ عندهم، فإنّك إذا ذكرت ذلك لهم أحبّوني. (4)

بيان:

«الأياديّ» : أي النعم، لأنّ النعمة من شأنها أن تصدر من اليد، و قد شاع استعمال الأيادي في النعم، و الأيدي في الأعضاء.

23-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا يمحّض رجل الإيمان باللّه حتّى يكون اللّه أحبّ إليه من نفسه و أبيه و أمّه و ولده و أهله و ماله و من الناس كلّهم. (5)

24-عن الصادق عليه السّلام قال: إنّ أولي الألباب الذين عملوا بالفكرة، حتّى ورثوا منه حبّ اللّه، فإنّ حبّ اللّه إذا ورثه القلب و استضاء به أسرع إليه اللطف، فإذا نزل اللطف صار من أهل الفوائد، فإذا صار من أهل الفوائد تكلّم بالحكمة

ص:9


1- -البحار ج 70 ص 15 ح 4
2- البحار ج 70 ص 16 ح 6
3- البحار ج 70 ص 21 ح 18
4- البحار ج 70 ص 22 ح 19
5- البحار ج 70 ص 24 ح 25

[و إذا تكلّم بالحكمة]صار صاحب فطنة، فإذا نزل منزلة الفطنة عمل في القدرة، فإذا عمل في القدرة عرف الأطباق السبعة، فإذا بلغ هذه المنزلة صار يتقلّب في فكر بلطف و حكمة و بيان، فإذا بلغ هذه المنزلة جعل شهوته و محبّته في خالقه، فإذا فعل ذلك نزل المنزلة الكبرى فعاين ربّه في قلبه، و ورث الحكمة بغير ما ورثه الحكماء، و ورث العلم بغير ما ورثه العلماء، و ورث الصدق بغير ما ورثه الصدّيقون.

إنّ الحكماء ورثوا الحكمة بالصمت، و إنّ العلماء ورثوا العلم بالطلب، و إنّ الصدّيقون ورثوا الصدق بالخشوع و طول العبادة، فمن أخذه بهذه المسيرة إمّا أن يسفل و إمّا أن يرفع و أكثرهم الذي يسفل و لا يرفع، إذا لم يرع حقّ اللّه و لم يعمل بما أمر به، فهذه صفة من لم يعرف اللّه حقّ معرفته و لم يحبّه حقّ محبّته

فلا يغرّنّك صلاتهم و صيامهم و رواياتهم و علومهم فإنّهم حمر مستنفرة. (1)

أقول:

هذا الحديث مشتمل على كثير من الحقائق الربّانيّة، و الأسرار الإلهيّة، لا ينتفع بها إلاّ من نوّر اللّه قلبه بنور الإيمان. و الحديث طويل أورده رحمه اللّه بتمامه في البحار ج 36 ص 403 و البحراني رحمه اللّه في البرهان ج 4 ص 65(سورة ص) ح 4.

25-في أخبار داود عليه السّلام: يا داود، أبلغ أهل أرضي أنّي حبيب من أحبّني، و جليس من جالسني، و مونس لمن أنس بذكري، و صاحب لمن صاحبني، و مختار لمن اختارني، و مطيع لمن أطاعني، ما أحبّني أحد أعلم ذلك يقينا من قلبه إلاّ قبلته لنفسي، و أحببته حبّا لا يتقدّمه أحد من خلقي، من طلبني بالحقّ وجدني و من طلب غيري لم يجدني، فارفضوا يا أهل الأرض ما أنتم عليه من غرورها، و هلمّوا إلى كرامتي و مصاحبتي و مجالستي و مؤانستي، و آنسوني أؤنسكم،

ص:10


1- -البحار ج 70 ص 25 ح 26

و أسارع إلى محبّتكم.

و أوحى اللّه إلى بعض الصدّيقين: أنّ لي عبادا من عبيدي يحبّوني و احبّهم و يشتاقون إليّ و أشتاق إليهم، و يذكروني و أذكرهم، فإن أخذت طريقهم أحببتك و إن عدلت عنهم مقتّك.

قال: يا ربّ، و ما علامتهم؟ قال: يراعون الظلال بالنهار كما يراعي الشفيق غنمه، و يحنّون إلى غروب الشمس كما تحنّ الطير إلى أوكارها عند الغروب، فإذا جنّهم الليل و اختلط الظلام و فرشت الفرش و نصبت الأسرّة و خلا كلّ حبيب بحبيبه، نصبوا إليّ أقدامهم، و افترشوا إليّ وجوههم، و ناجوني بكلامي و تملّقوني بأنعامي، ما بين صارخ و باك، و بين متأوّه و شاك، و بين قائم و قاعد، و بين راكع و ساجد، بعيني ما يتحمّلون من أجلي، و بسمعي ما يشكون من حبّي.

أوّل ما أعطيهم ثلاثا: الأوّل، أقذف من نوري في قلوبهم، فيخبرون عنّي كما أخبر عنهم و الثاني، لو كانت السماوات و الأرضون و ما فيهما من مواريثهم لاستقللتها لهم، و الثالث، أقبل بوجهي عليهم، أ فترى من أقبلت عليه بوجهي يعلم أحد ما أريد أن أعطيه؟ (1)

بيان:

«يراعون» : من المراعاة و هي المحافظة. «يحنّون» : في النهاية ج 1 ص 452: أصل الحنين: ترجيع الناقة صوتها إثر ولدها انتهى. و لكن يستعمل بمعنى الاشتياق و الميل. «يراعون الظلال. . .» قيل: المراد أنّهم يراقبون الظلال في النهار متى ينقضي و يشتاقون بمجيء الليل لأجل العبادة فيه. «السرير» ج أسرّة: التخت. «متأوّه» :

من التأوّه، يقال بالفارسيّة: آه كشيدن. «شاك» : من الشكاية.

26-روي أنّ سليمان عليه السّلام رأى عصفورا يقول لعصفورة: لم تمنعين نفسك

ص:11


1- -البحار ج 70 ص 26 ح 28

منّي؟ و لو شئت أخذت قبّة سليمان بمنقاري فألقيتها في البحر، فتبسّم سليمان عليه السّلام من كلامه، ثمّ دعاهما، و قال للعصفور: أ تطيق أن تفعل ذلك؟ فقال: لا يا رسول اللّه، و لكنّ المرء قد يزيّن نفسه و يعظّمها عند زوجته، و المحبّ لا يلام على ما يقول، فقال سليمان عليه السّلام للعصفورة: لم تمنعينه من نفسك و هو يحبّك؟ فقالت: يا نبيّ اللّه، إنّه ليس محبّا و لكنّه مدّع، لأنّه يحبّ معي غيري، فأثّر كلام العصفورة في قلب سليمان، و بكى بكاء شديدا، و احتجب عن الناس أربعين يوما يدعو اللّه أن يفرغ قلبه لمحبّته و أن لا يخالطها بمحبّة غيره. (1)

27-روي أنّ اللّه تعالى أوحى إلى داود عليه السّلام: من أحبّ حبيبا صدّق قوله، و من آنس بحبيب قبل قوله و رضي فعله، و من وثق بحبيب اعتمد عليه، و من اشتاق إلى حبيب جدّ في السير إليه. يا داود، ذكري للذاكرين، و جنّتي للمطيعين و زيارتي للمشتاقين، و أنا خاصّة للمطيعين (للمحبّين م) . (2)

28-في مناجاة المحبّين (ممّا روي عن السجّاد عليه السّلام) : إلهي، من ذا الذي ذاق حلاوة محبّتك فرام منك بدلا. . . يا منى قلوب المشتاقين، و يا غاية آمال المحبّين، أسألك حبّك و حبّ من يحبّك و حبّ كلّ عمل يوصلني إلى قربك و أن تجعلك أحبّ إليّ ممّا سواك و أن تجعل حبّي إيّاك قائدا إلى رضوانك. . .

و في المناجاة المنظومة لمولانا عليّ عليه السّلام:

إلهي حليف الحبّ في الليل ساهر يناجي و يدعو و المغفّل يهجع

و في دعاء يوم عرفة لمولانا الحسين عليه السّلام: . . . و أنت الذي أزلت الأغيار عن قلوب أحبّائك حتّى لم يحبّوا سواك و لم يلجئوا إلى غيرك، أنت المونس لهم حيث أوحشتهم العوالم و أنت الذي هديتهم حيث استبانت لهم المعالم، ما ذا وجد

ص:12


1- -البحار ج 14 ص 95 ب 7
2- البحار ج 14 ص 40 باب ما أوحي إلى داود ح 23

من فقدك و ما الذي فقد من وجدك. . . (1)

29-قال الصادق عليه السّلام: حبّ اللّه إذا أضاء على سرّ عبده أخلاه عن كلّ شاغل و كلّ ذكر سوى اللّه، و المحبّ أخلص الناس سرّا للّه و أصدقهم قولا و أوفيهم عهدا، و أزكيهم عملا، و أصفيهم ذكرا، و أعبدهم نفسا، تتباهى (به) الملائكة عند مناجاته و تفتخر برؤيته، و به يعمر اللّه تعالى بلاده، و بكرامته يكرم اللّه عباده (و) يعطيهم إذا سألوه بحقّه، و يدفع عنهم البلايا برحمته و لو علم الخلق ما محلّه عند اللّه و منزلته لديه ما تقرّبوا إلى اللّه إلاّ بتراب قدميه.

و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: حبّ اللّه نار لا يمرّ على شيء إلاّ احترق و نور اللّه لا يطلع على شيء إلاّ أضاء. . . فمن أحبّ اللّه أعطاه كلّ شيء من الملك و الملك (و الملكوت ف ن) .

قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إذا أحبّ اللّه عبدا من أمّتي قذف في قلوب أصفيائه و أرواح ملائكته و سكّان عرشه محبّته ليحبّوه فذلك المحبّ حقّا، طوبى له ثمّ طوبى له و له عند اللّه شفاعة يوم القيامة. (2)

30-روي أنّه سلّم على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله غلام دون البلوغ و بشّ له و تبسّم فرحا بالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال له: أ تحبّني يا فتى؟ فقال: اي و اللّه يا رسول اللّه، فقال له:

مثل عينيك؟ فقال: أكثر، فقال: مثل أبيك؟ فقال: أكثر، فقال: مثل أمّك؟ فقال:

أكثر، فقال: مثل نفسك؟ فقال: أكثر و اللّه يا رسول اللّه، فقال: أمثل ربّك؟ فقال:

اللّه اللّه اللّه يا رسول اللّه، ليس هذا لك و لا لأحد، فإنّما أحببتك لحبّ اللّه، فالتفت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلى من كان معه و قال: هكذا كونوا، أحبّوا اللّه لإحسانه إليكم و إنعامه عليكم، و أحبّوني لحبّ اللّه. (3)

ص:13


1- -مفاتيح الجنان
2- مصباح الشريعة ص 64 ب 96
3- ارشاد القلوب ص 226 في ب 49

بيان:

اعلم أنّه لا مستحقّ للحبّ غير اللّه تعالى، و لا محبوب بالحقيقة عند ذوي البصائر إلاّ هو، و لو كان غيره تعالى قابلا للحبّ و موضعا له، فإنّما هو بالتبع، و من حيث نسبته إليه تعالى، فمن أحبّ غيره سبحانه لا من حيث نسبته إليه فذلك لجهله، و قصوره في معرفة اللّه، على أنّ جميع الأسباب التي توجب الحبّ مجتمعة في اللّه تعالى و لا توجد في غيره حقيقة، و وجودها في غيره و هم و تخيّل و مجاز محض لا حقيقة له.

31-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: المحبّة أساس المعرفة، و العفّة غاية اليقين، و رأس اليقين الرضا بتقدير اللّه تعالى. (1)

32-جاء رجل من أهل البادية-و كان يعجبنا أن يأتي الرجل من أهل البادية-يسأل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال: يا رسول اللّه، متى قيام الساعة؟ فحضرت الصلاة، فلمّا قضى صلاته قال: أين السائل عن الساعة، قال: أنا يا رسول اللّه، قال:

فما أعددت لها؟ قال: و اللّه ما أعددت لها من كثير عمل، لا صلاة و لا صوم إلاّ أنّي أحبّ اللّه و رسوله.

فقال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: المرء مع من أحبّ، قال أنس: فما رأيت المسلمين فرحوا بعد الإسلام بشيء أشدّ من فرحهم بهذا. (2)

33-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

إن كنتم تحبّون اللّه فأخرجوا من قلوبكم حبّ الدنيا.

(الغرر ج 1 ص 278 ف 10 ح 41)

إذا أكرم اللّه عبدا شغله بمحبّته. (ص 316 ف 17 ح 106)

ص:14


1- -الاثنى عشريّة ص 89 ب 3 ف 4
2- العلل ج 1 ص 139 ب 117 ح 2

كيف يدّعي حبّ اللّه من سكن قلبه حبّ الدنيا؟ ! (ج 2 ص 555 ف 64 ح 29) كيف يأنس باللّه من لا يستوحش من الخلق؟ ! (ح 30)

كما أنّ الشمس و الليل لا يجتمعان، كذلك حبّ اللّه و حبّ الدنيا لا يجتمعان. (ص 572 ف 68 ح 25)

أقول:

قد مرّ في باب البكاء ف 1: حديث بكاء شعيب عليه السّلام من حبّ اللّه حتّى عمي ثلاث مرّات.

و سيأتي في باب العبادة في حديث الصادق عليه السّلام: إنّ الناس يعبدون اللّه على ثلاثة أوجه: طبقة يعبدونه رغبة في ثوابه، فتلك عبادة الحرصاء و هو الطمع، و آخرون يعبدونه خوفا من النار، فتلك عبادة العبيد و هي رهبة، و لكنّي أعبده حبّا له عزّ و جلّ، فتلك عبادة الكرام، و هو الأمن. . . فمن أحبّ اللّه عزّ و جلّ أحبّه اللّه، و من أحبّه اللّه تعالى كان من الآمنين.

و يأتي في باب الولد: حديث مولانا عليّ عليه السّلام مع ولده، و فيه: «الحبّ للّه و الشفقة للأولاد» .

ص:15

الفصل الثانيّ: حبّ النبيّ و آله عليهم السّلام و البرائة من أعدائهم
اشارة

قال اللّه تعالى: . . . قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ اَلْمَوَدَّةَ فِي اَلْقُرْبى وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً. . . (1)

أقول:

المراد بالقربى في الآية هي أهل بيت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله؛ عليّ و فاطمة و أبناءهما المعصومين عليهم السّلام، دلّ على ذلك أخبار كثيرة روتها الخاصّة و العامّة لاحظ الغدير ج 2 ص 306 إلى 310 و البحار ج 23 ص 228 إلى 253 و مجمع البيان ج 9 ص 28 و 29 و. . .

و في الوافي ج 1 ص 21 باب العقل ذيل ح 2: و المودّة هي من الودّ بمعنى الحبّ، و الفرق بينها و بين الحبّ أنّ الحبّ ما كان كامنا في النفس و ربما لم يظهر أثره بخلاف المودّة فإنّها عبارة عن إظهار المحبّة و إبراز آثارها من التألّف و التعطّف و نحو ذلك فالحبّ أعمّ و كذا مقابلاهما (يعني العداوة و البغضاء) .

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الإسلام عريان، فلباسه

ص:16


1- -الشورى:23

الحياء و زينته الوقار (الوفاء ف ن) و مروءته العمل الصالح و عماده الورع، و لكلّ شيء أساس و أساس الإسلام حبّنا أهل البيت. (1)

2-عن عبد العظيم الحسنيّ عن أبي جعفر الثانيّ عن أبيه عن جدّه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه خلق الإسلام فجعل له عرصة و جعل له نورا و جعل له حصنا و جعل له ناصرا.

فأمّا عرصته فالقرآن، و أمّا نوره فالحكمة، و أمّا حصنه فالمعروف، و أمّا أنصاره فأنا و أهل بيتي و شيعتنا، فأحبّوا أهل بيتي و شيعتهم و أنصارهم.

فإنّه لمّا اسري بي إلى السماء الدنيا فنسبني جبرئيل عليه السّلام لأهل السماء استودع اللّه حبّي و حبّ أهل بيتي و شيعتهم في قلوب الملائكة، فهو عندهم وديعة إلى يوم القيامة ثمّ هبط بي إلى أهل الأرض فنسبني إلى أهل الأرض فاستودع اللّه عزّ و جلّ حبّي و حبّ أهل بيتي و شيعتهم في قلوب مؤمني أمّتي فمؤمنوا أمّتي يحفظون وديعتي في أهل بيتي إلى يوم القيامة.

ألا فلو أنّ الرجل من امّتي عبد اللّه عزّ و جلّ عمره أيّام الدنيا ثمّ لقي اللّه عزّ و جلّ مبغضا لأهل بيتي و شيعتي ما فرّج اللّه صدره إلاّ عن النفاق. (2)

بيان:

في المرآة ج 7 ص 289، «العرصة» : كلّ بقعة بين الدور واسعة ليس فيها بناء، و الظاهر أنّه عليه السّلام شبّه الإسلام برجل لابدار كما زعم، و شبّه القرآن بعرصة يجول الإسلام فيه، و شبّه الحكمة و العلوم الحقّه بسراج و نور يستنير به الإسلام أو يبصر به صاحبه فإنّ بالعلم يظهر حقائق الإسلام و أوامره و نواهيه و أحكامه.

«المعروف» : أي الإحسان أو ما عرف بالعقل و الشرع حسنه، كما هو المراد في الأمر

ص:17


1- -الكافي ج 2 ص 38 باب نسبة الإسلام ح 2- أمالي الصدوق ص 268 م 45 ح 16
2- الكافي ج 2 ص 38 ح 3

بالمعروف، فإنّه بكلّ من المعنيين يكون سببا لحفظ الإسلام و بقائه و عدم تطرّق شياطين الإنس و الجنّ للخلل فيه، أو المراد به الأمر بالمعروف فالتشبيه أظهر.

«فنسبني» : أي ذكر نسبي أو وصفني و ذكر نبوّتي و مناقبي. «فرّج اللّه صدره» :

تفريج الصدر كناية عن إظهار ما كان كامنا فيه على الناس في القيامة أو عن علمه تعالى به، و الأوّل أظهر.

3-عن محمّد بن الفضيل قال: سألته عن أفضل ما يتقرّب به العباد إلى اللّه عزّ و جلّ؟ قال: أفضل ما يتقرّب به العباد إلى اللّه عزّ و جلّ طاعة اللّه و طاعة رسوله و طاعة أولي الأمر.

قال أبو جعفر عليه السّلام: حبّنا إيمان و بغضنا كفر. (1)

4-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أحبّ أن يحيى حياة تشبه حياة الأنبياء و يموت ميتة تشبه ميتة الشهداء و يسكن الجنان التي غرسها الرحمن فليتولّ عليّا و ليوال وليّه و ليقتد بالأئمّة من بعده، فإنّهم عترتي، خلقوا من طينتي، اللهمّ ارزقهم فهمي و علمي، و ويل للمخالفين لهم من أمّتي، اللهمّ لا تنلهم شفاعتي. (2)

5-قال أبو جعفر عليه السّلام: و إنّ الروح و الراحة و الفلج و العون و النجاح و البركة و الكرامة و المغفرة و المعافاة و اليسر و البشرى و الرضوان و القرب و النصر و التمكّن و الرجاء و المحبّة من اللّه عزّ و جلّ لمن تولّى عليّا و ائتمّ به و برئ من عدوّه و سلّم لفضله و للأوصياء من بعده، حقّا عليّ أن أدخلهم في شفاعتي، و حقّ على ربّي تبارك و تعالى أن يستجيب لي فيهم، فإنّهم أتباعي و من تبعني

ص:18


1- -الكافي ج 1 ص 144 باب فرض طاعة الأئمّة ح 12
2- الكافي ج 1 ص 162 باب ما فرض اللّه و رسوله من الكون مع الأئمّة ح 3-و بهذا المعنى ح 5 و 6

فإنّه منّي. (1)

بيان:

في المرآة ج 2 ص 425، «الروح» : نسيم الريح، و المراد هنا روح الجنّة أو النفخات القدسيّة. «الفلج» : الغلبة. «النجاح» : الظفر بالمطلوب. «المعافاة» : دفع المكاره.

«القرب» : من اللّه. «النصر» : في الرجعة (كما في البحار ج 27 ص 93) أو النصر على الأعداء الظاهرة و الباطنة. «السرور» : عند الموت و في الآخرة. «الفلاح» : الفوز.

6-عن أبي حمزة قال: قال لي أبو جعفر عليه السّلام: إنّما يعبد اللّه من يعرف اللّه، فأمّا من لا يعرف اللّه فإنّما يعبده هكذا ضلالا، قلت: جعلت فداك فما معرفة اللّه؟ قال: تصديق اللّه عزّ و جلّ و تصديق رسوله صلّى اللّه عليه و آله و موالاة عليّ عليه السّلام و الائتمام به و بأئمّة الهدى عليهم السّلام و البراءة إلى اللّه عزّ و جلّ من عدوّهم، هكذا يعرف اللّه عزّ و جلّ. (2)

7-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كان رجل يبيع الزيت، و كان يحبّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حبّا شديدا، كان إذا أراد أن يذهب في حاجته لم يمض حتّى ينظر إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و قد عرف ذلك منه، فإذا جاء تطاول له حتّى ينظر إليه، حتّى إذا كانت ذات يوم دخل عليه فتطاول له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حتّى نظر إليه ثمّ مضى في حاجته، فلم يكن بأسرع من أن رجع.

فلمّا رأه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قد فعل ذلك، أشار إليه بيده: اجلس فجلس بين يديه فقال: مالك فعلت اليوم شيئا لم تكن تفعله قبل ذلك؟ فقال: يا رسول اللّه، و الذي بعثك بالحقّ نبيّا لغشي قلبي شيء من ذكرك حتّى ما استطعت أن أمضي في حاجتي حتّى رجعت إليك، فدعا له و قال له خيرا.

ص:19


1- -الكافي ج 1 ص 163 ح 7
2- الكافي ج 1 ص 138 باب معرفة الإمام ح 1

ثمّ مكث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أيّاما لا يراه، فلمّا فقده سأل عنه فقيل: يا رسول اللّه، ما رأيناه منذ أيّام، فانتعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و انتعل معه أصحابه، و انطلق حتّى أتوا سوق الزيت فإذا دكان الرجل ليس فيه أحد، فسأل عنه جيرته فقالوا: يا رسول اللّه، مات، و لقد كان عندنا أمينا صدوقا إلاّ أنّه قد كان فيه خصلة، قال: و ما هي؟ قالوا: كان يرهق-يعنون يتبع النساء-فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: رحمه اللّه، و اللّه لقد كان يحبّني حبّا لو كان نخّاسا لغفر اللّه له. (1)

8-عن جابر عن أبي جعفر عن عليّ بن الحسين عن أبيه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: حبّي و حبّ أهل بيتي نافع في سبعة مواطن أهوالهنّ عظيمة: عند الوفاة و في القبر و عند النشور و عند الكتاب و عند الحساب و عند الميزان و عند الصراط. (2)

9-عن عليّ بن الحسين عن أبيه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه تبارك و تعالى فرض عليكم طاعتي و نهاكم عن معصيتي و أوجب عليكم اتّباع أمري، و فرض عليكم من طاعة عليّ بعدي ما فرضه من طاعتي، و نهاكم من معصيته عمّا نهاكم عنه من معصيتي، و جعله أخي و وزيري و وصيّي و وارثي، و هو منّي و أنا منه. حبّه إيمان و بغضه كفر، و محبّه محبّي، و مبغضه مبغضي، و هو مولى من أنا مولاه، و أنا مولى كلّ مسلم و مسلمة، و أنا و إيّاه أبوا هذه الأمّة. (3)

10-عن الأصبغ قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام ذات يوم على منبر الكوفة:

أنا سيّد الوصيّين. . . و لقد كان حبيبي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كثيرا ما يقول: يا عليّ، حبّك تقوى و إيمان، و بغضك كفر و نفاق، و أنا بيت الحكمة و أنت مفتاحه و كذب

ص:20


1- -الكافي ج 8 ص 77 ح 31
2- أمالي الصدوق ص 10 م 3 ح 3- الخصال ج 2 ص 360 باب السبعة ح 49
3- أمالي الصدوق ص 14 م 4 ح 6

من زعم أنّه يحبّني و يبغضك. (1)

11-عن ابن عبّاس قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ولاية عليّ بن أبي طالب ولاية اللّه، و حبّه عبادة اللّه، و إتّباعه فريضة اللّه، و أوليائه أولياء اللّه، و أعداؤه أعداء اللّه، و حربه حرب اللّه، و سلمه سلم اللّه عزّ و جلّ. (2)

12-عن رقيّة بنت إسحق بن موسى بن جعفر عن أبيها عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتّى يسأل عن أربع:

عن عمره فيما أفناه، و شبابه فيما أبلاه، و عن ماله من أين كسبه و فيما أنفقه، و عن حبّنا أهل البيت. (3)

أقول:

نحوه في أمالي الطوسي ج 2 ص 206، و رواه غير واحد من الخاصّة و العامّة أيضا.

و في البحار ج 73 ص 70: "ما"في المواضع استفهاميّة، و اثبات الألف مع حرف الجرّ شاذّ. «فيما أبلاه» الثوب البالي هو الذي استعمل حتّى أشرف على الاندراس. . .

13-عن جابر الجعفيّ عن أبي جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: جاء رجل إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال: يا رسول اللّه، أ كلّ من قال: «لا إله إلاّ اللّه» مؤمن؟ قال: إنّ عداوتنا تلحق باليهود و النصارى، إنّكم لا تدخلون الجنّة حتّى تحبّوني، و كذب من زعم أنّه يحبّني و يبغض هذا يعني عليّا عليه السّلام. (4)

14-عن ابن عبّاس قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لعليّ بن أبي طالب عليه السّلام:

يا عليّ، أنا مدينة الحكمة و أنت بابها و لن تؤتى المدينة إلاّ من قبل الباب، و كذب

ص:21


1- -أمالي الصدوق ص 25 م 7 ح 2
2- أمالي الصدوق ص 32 م 9 ح 3
3- أمالي الصدوق ص 39 م 10 ح 9
4- أمالي الصدوق ص 268 م 45 ح 17

من زعم أنّه يحبّني و يبغضك لأنّك منّي و أنا منك، لحمك من لحمي و دمك من دمي و روحك من روحي و سريرتك سريرتي و علانيتك علانيتي و أنت إمام أمّتي و خليفتي عليها بعدي، سعد من أطاعك و شقي من عصاك و ربح من تولاّك و خسر من عاداك و فاز من لزمك و هلك من فارقك، مثلك و مثل الأئمّة من ولدك بعدي مثل سفينة نوح، من ركبها نجا و من تخلّف عنها غرق، و مثلكم مثل النجوم كلّما غاب نجم طلع نجم إلى يوم القيامة. (1)

15-عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

لا يؤمن عبد حتّى أكون أحبّ إليه من نفسه، و أهلي أحبّ إليه من أهله، و عترتي أحبّ إليه من عترته، و ذاتي أحبّ إليه من ذاته.

قال: فقال رجل من القوم: يا أبا عبد الرحمن، ما تزال تجيء بالحديث يحيي اللّه به القلوب. (2)

16-عن ابن عبّاس قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من سرّه أن يجمع اللّه له الخير كلّه فليوال عليّا بعدي، و ليوال أوليائه، و ليعاد أعداءه. (3)

17-عن الصادق جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أحبّنا أهل البيت فليحمد اللّه على أوّل النعم، قيل: و ما أوّل النعم؟ قال: طيب الولادة، و لا يحبّنا إلاّ من طابت ولادته. (4)

18-عن زيد بن عليّ عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

يا عليّ، من أحبّني و أحبّك و أحبّ الأئمّة من ولدك فليحمد اللّه على طيب مولده،

ص:22


1- -أمالي الصدوق ص 268 ح 18
2- أمالي الصدوق ص 334 م 54 ح 9
3- أمالي الصدوق ص 473 م 72 ح 7
4- أمالي الصدوق ص 475 ح 12

فإنّه لا يحبّنا إلاّ من طابت ولادته، و لا يبغضنا إلاّ من خبثت ولادته. (1)

أقول:

الحديث مشهور بين المسلمين. و بهذا المعنى أخبار كثيرة روتها الخاصّة و العامّة.

19-عن الأصبغ قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: أنا سيّد ولد آدم و أنت يا عليّ و الأئمّة من بعدك سادة أمّتي، من أحبّنا فقد أحبّ اللّه و من أبغضنا فقد أبغض اللّه و من والانا فقد والى اللّه و من عادانا فقد عادى اللّه و من أطاعنا فقد أطاع اللّه و من عصانا فقد عصى اللّه. (2)

20-عن سلمان رحمه اللّه قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: يا معاشر المهاجرين و الأنصار، أ لا أدلّكم على ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي أبدا؟ قالوا: بلى يا رسول اللّه، قال: هذا عليّ أخي و وصيّي و وزيري و وارثي و خليفتي إمامكم فأحبّوه لحبّي و أكرموه لكرامتي فإنّ جبرائيل أمرني أن أقوله لكم. (3)

21-عن أبي جعفر الباقر عليه السّلام عن أبي برزة عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ عهد إليّ في عليّ عليه السّلام عهدا قلت: يا ربّ، بيّنه لي قال: اسمع، قلت:

قد سمعت قال: إنّ عليّا راية الهدى و إمام أوليائي و نور من أطاعني و هو الكلمة التي ألزمتها المتّقين، من أحبّه أحبّني و من أطاعه أطاعني. (4)

22-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أحبّ عليّا في حيوته و بعد موته كتب اللّه عزّ و جلّ له من الأمن و الإيمان ما طلعت عليه شمس و غربت، و من أبغضه في حيوته و بعد موته مات موتة (ميتة ع) جاهليّة و حوسب بما عمل. (5)

ص:23


1- -أمالي الصدوق ص 475 ح 14
2- أمالي الصدوق ص 476 ح 16
3- أمالي الصدوق ص 477 ح 21
4- أمالي الصدوق ص 478 ح 23
5- أمالي الصدوق ص 583 م 85 ح 27( العلل ج 1 ص 144 ب 120 ح 10)

23-عن الثمالي عن أبي جعفر الباقر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام: يا عليّ، ما ثبت حبّك في قلب امرء مؤمن فزلّت به قدمه على الصراط إلاّ ثبتت له قدم حتّى يدخله اللّه عزّ و جلّ بحبّك الجنّة. (1)

24-عن حذيفة قال: رأيت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله آخذا بيد الحسين بن عليّ عليهما السّلام و هو يقول: يا أيّها الناس، هذا الحسين بن عليّ فأعرفوه، فو الذي نفسي بيده إنّه لفي الجنّة، و محبّيه في الجنّة، و محبّي محبّيه في الجنّة. (2)

25-. . . قال المفضّل: و سمعت الصادق عليه السّلام يقول لأصحابه: من وجد برد حبّنا على قلبه فليكثر الدعاء لامّه فإنّها لم تخن أباه. (3)

26-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ حبّنا أهل البيت ليحطّ الذنوب عن العباد كما تحطّ الريح الشديدة الورق عن الشجر. (4)

27-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من أحبّنا و أبغض عدوّنا في اللّه، من غير ترة و ترها إيّاه لشيء من أمر الدنيا، ثمّ مات على ذلك فلقي اللّه و عليه من الذنوب مثل زبد البحر غفرها اللّه له. (5)

بيان:

وتر و ترا و ترة فلانا: أفزعه، أصابه بظلم أو مكروه، و الترة: الظلم فيه و الانتقام.

28-عن عليّ عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من لم يحبّ عترتي فهو لإحدى ثلاث؛ إمّا منافق، و إمّا لزنية، و إمّا امرء حملت به أمّه في غير طهر. (6)

ص:24


1- -أمالي الصدوق ص 583 ح 28
2- أمالي الصدوق ص 596 م 87 ح 4
3- أمالي الصدوق ص 609 م 89 ح 4- العلل ج 1 ص 142 ب 120 ح 5
4- ثواب الأعمال ص 223 باب ثواب حبّ أهل البيت عليهم السّلام
5- ثواب الأعمال ص 204 باب ثواب من أحبّ آل محمّد عليهم السّلام.
6- الخصال ج 1 ص 110 باب الثلاثة ح 82

أقول:

بهذا المعنى أخبار أخر، راجع البحار ج 27 ص 145 و غيره.

29-عن جابر بن عبد اللّه قال: كنت ذات يوم عند النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إذ أقبل بوجهه على عليّ بن أبي طالب عليه السّلام فقال: أ لا أبشّرك يا أبا الحسن؟ قال: بلى يا رسول اللّه، قال: هذا جبرئيل يخبرني عن اللّه جلّ جلاله أنّه قد أعطى شيعتك و محبّيك سبع خصال: الرفق عند الموت، و الانس عند الوحشة، و النور عند الظلمة و الأمن عند الفزع، و القسط عند الميزان، و الجواز على الصراط، و دخول الجنّة قبل الناس، نورهم يسعى بين أيديهم و بأيمانهم. (1)

30-عن أبي سعيد الخدريّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من رزقه اللّه حبّ الأئمّة من أهل بيتي فقد أصاب خير الدنيا و الآخرة، فلا يشكّنّ أحد أنّه في الجنّة، فإنّ في حبّ أهل بيتي عشرون خصلة، عشر منها في الدنيا، و عشر منها في الآخرة.

أمّا التي في الدنيا، فالزهد و الحرص على العمل (العلم ف ن) و الورع في الدين و الرغبة في العبادة، و التوبة قبل الموت، و النشاط في قيام الليل، و اليأس ممّا في أيدي الناس، و الحفظ لأمر اللّه و نهيه عزّ و جلّ، و التاسعة بغض الدنيا، و العاشرة السخاء.

و أمّا التي في الآخرة، فلا ينشر له ديوان، و لا ينصب له ميزان، و يعطى كتابه بيمينه، و يكتب له برائة من النار، و يبيّض وجهه، و يكسى من حلل الجنّة، و يشفّع في مأة من أهل بيته، و ينظر اللّه عزّ و جلّ إليه بالرحمة، و يتوّج من تيجان الجنّة، و العاشرة يدخل الجنّة بغير حساب فطوبى لمحبّي أهل بيتي. (2)

ص:25


1- -الخصال ج 2 ص 402 باب السبعة ح 112
2- الخصال ج 2 ص 515 باب العشرين ح 1

أقول:

قد ورد مضمون الخبر في كثير من الأخبار من طرق الخاصّة و العامّة.

31-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا يؤمن عبد حتّى أكون أحبّ إليه من نفسه و تكون عترتي إليه أعزّ من عترته و يكون أهلي أحبّ إليه من أهله و تكون ذاتي أحبّ إليه من ذاته. (1)

32-عن إبراهيم القرشيّ قال: كنّا عند امّ سلمة-رض-فقالت: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول لعليّ عليه السّلام: لا يبغضكم إلاّ ثلاثة؛ ولد زنا، و منافق، و من حملت به أمّه و هي حائض. (2)

33-عن ابن عمر قال: سألنا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، فغضب صلّى اللّه عليه و آله ثمّ قال: ما بال أقوام يذكرون من منزلته من اللّه كمنزلتي؟ ! (3)

ألا و من أحبّ عليّا أحبّني، و من أحبّني فقد رضي اللّه عنه، و من رضي اللّه عنه كافأه الجنّة.

ألا و من أحبّ عليّا لا يخرج من الدنيا حتّى يشرب من الكوثر و يأكل من طوبى و يرى مكانه في الجنّة.

ألا و من أحبّ عليّا قبل صلاته و صيامه و قيامه و استجاب له دعاه.

ألا و من أحبّ عليّا استغفرت له الملائكة و فتحت له أبواب الجنّة الثمانية يدخلها من أيّ باب شاء بغير حساب.

ألا و من أحبّ عليّا أعطاه اللّه كتابه بيمينه و حاسبه حساب الأنبياء.

ألا و من أحبّ عليّا هوّن اللّه عليه سكرات الموت و جعل قبره روضة

ص:26


1- -العلل ج 1 ص 140 ب 117 ح 3
2- العلل ج 1 ص 142 ب 120 ح 6.
3- في بعض النسخ: ما بال أقوام ينكرون من له عند اللّه منزلة و مقام كمنزلتي و مقامي إلاّ النبوّة

من رياض الجنّة.

ألا و من أحبّ عليّا أعطاه اللّه بكلّ عرق في بدنه حوراء و شفّع في ثمانين من أهل بيته و له بكلّ شعرة في بدنه حوراء و مدينة في الجنّة.

ألا و من أحبّ عليّا بعث اللّه إليه ملك الموت كما يبعث إلى الأنبياء، و دفع اللّه عنه هول منكر و نكير، و بيّض وجهه و كان مع حمزة سيّد الشهداء.

ألا و من أحبّ عليّا أثبت اللّه في قلبه الحكمة و أجرى على لسانه الصواب و فتح اللّه عليه أبواب الرحمة.

ألا و من أحبّ عليّا سمّي في السماوات و الأرض أسير اللّه.

ألا و من أحبّ عليّا ناداه ملك من تحت العرش: يا عبد اللّه، استأنف العمل فقد غفر اللّه لك الذنوب كلّها.

ألا و من أحبّ عليّا جاء يوم القيامة و وجهه كالقمر ليلة البدر.

ألا و من أحبّ عليّا وضع على رأسه تاج الملك و ألبس حلّة الكرامة.

ألا و من أحبّ عليّا جاز على الصراط كالبرق الخاطف.

ألا و من أحبّ عليّا (و تولاّه) كتب (اللّه) له برائة من النار و جوازا على الصراط و أمانا من العذاب و لا ينشر له ديوان و لا ينصب له ميزان و قيل له:

ادخل الجنّة بلا حساب.

ألا و من أحبّ عليّا صافحته الملائكة و زارته الأنبياء و قضى اللّه له كلّ حاجة.

ألا و من أحبّ آل محمّد أمن من الحساب و الميزان و الصراط.

ألا و من مات على حبّ آل محمّد فأنا كفيله بالجنّة مع الأنبياء.

ألا و من مات على بغض آل محمّد لم يشمّ رائحة الجنّة.

ص:27

قال أبو رجاء: كان حمّاد بن زيد يفتخر بهذا و يقول هو الأمل (الأصل ف ن) . (1)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة روتها الخاصّة و العامّة، و يعلم من الحديث أنّ أصل الخيرات حبّ عليّ و أولاده عليهم السّلام، و أنّ طريق الوصول إلى الحقائق كلّها حبّ آل محمّد عليهم السّلام.

34-عن الصادق جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

أثبتكم قدما على الصراط أشدّكم حبّا لأهل بيتي. (2)

35-عن ابن عبّاس قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: حبّ عليّ بن أبي طالب يأكل السيّئات (الذنوب ف ن) كما تأكل النار الحطب. (3)

36-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رجل فقال: يا رسول اللّه، إنّي لاحبّك فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أنت مع من أحببت. (4)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة.

37-قال جعفر بن محمّد عليه السّلام: من أحبّنا للّه و أحبّ محبّنا لا لغرض دنيا يصيبها منه، و عادى عدوّنا لا لإحنة كانت بينه و بينه، ثمّ جاء يوم القيامة و عليه من الذنوب مثل رمل عالج و زبد البحر غفر اللّه تعالى له. (5)

بيان:

«الإحنة» : الحقد. «رمل عالج» : هو ما تراكم من الرمل دخل بعضه في بعض.

ص:28


1- -فضائل الشيعة للصدوق رحمه اللّه ص 3 ح 1(البحار ج 39 ص 277)
2- فضائل الشيعة ص 6 ح 3
3- فضائل الشيعة ص 12 ح 10
4- فضائل الشيعة ص 41 ح 42
5- أمالي الطوسي ج 1 ص 156

«زبد البحر» يقال بالفارسيّة: كف دريا.

38-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: حبّنا أهل البيت يكفّر الذنوب و يضاعف الحسنات، و إنّ اللّه تعالى ليتحمّل عن محبّينا أهل البيت ما عليهم من مظالم العباد إلاّ ما كان منهم فيها على إصرار و ظلم للمؤمنين، فيقول للسيّئات: كوني حسنات. (1)

39-عن سويد بن غفلة قال: سمعت عليّا عليه السّلام يقول: و اللّه لو صببت الدنيا على المنافق صبّا ما أحبّني، و لو ضربت بسيفي هذا خيشوم المؤمن لأحبّني و ذلك أنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، لا يحبّك إلاّ مؤمن و لا يبغضك إلاّ منافق. (2)

40-عن عليّ بن الحسين عن الحسين عن أبيهما عليّ عليهم السّلام قال: جاء رجل من الأنصار إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فقال: يا رسول اللّه، ما استطيع فراقك و إنّي لأدخل منزلي فأذكرك فأترك ضيعتي و أقبل حتّى أنظر إليك حبّا لك، فذكرت إذا كان يوم القيامة و أدخلت الجنّة فرفعت في أعلا علّيّين، فكيف لي بك يا نبيّ اللّه؟ فنزلت: وَ مَنْ يُطِعِ اَللّهَ وَ اَلرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ اَلَّذِينَ أَنْعَمَ اَللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ اَلنَّبِيِّينَ وَ اَلصِّدِّيقِينَ وَ اَلشُّهَداءِ وَ اَلصّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً (3)فدعا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله الرجل فقرأها عليه و بشّره بذلك. (4)

41-عن محمّد بن شريح قال: سمعت أبا عبد اللّه جعفر بن محمّد عليه السّلام يقول:

إنّ اللّه فرض ولايتنا، و أوجب مودّتنا، و اللّه ما نقول بأهوائنا، و لا نعمل بآرائنا و لا نقول إلاّ ما قال ربّنا عزّ و جلّ. (5)

ص:29


1- -أمالي الطوسي ج 1 ص 166
2- أمالي الطوسيّ ج 1 ص 209-و نحوه في نهج البلاغة ص 1109 ح 42
3- النساء:69
4- أمالي الطوسي ج 2 ص 233
5- أمالي المفيد رحمه اللّه ص 38 م 7 ح 4

42-عن الحسين بن عليّ عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ألزموا مودّتنا أهل البيت، فإنّه من لقي اللّه و هو يحبّنا دخل الجنّة بشفاعتنا، و الذي نفسي بيده لا ينتفع عبد بعمله إلاّ بمعرفتنا. (1)

43-في آخر وصيّة الصادق عليه السّلام لابن النعمان (مؤمن الطاق) : يا بن النعمان، إنّ اللّه جلّ و عزّ إذا أراد بعبد خيرا نكت في قلبه نكتة بيضاء فجال القلب بطلب الحقّ، ثمّ هو إلى أمركم أسرع من الطير إلى و كره.

يا بن النعمان، إنّ حبّنا أهل البيت ينزله اللّه من السماء من خزائن تحت العرش كخزائن الذهب و الفضّة، و لا ينزّله إلاّ بقدر، و لا يعطيه إلاّ خير الخلق، و إنّ له غمامة كغمامة القطر، فإذا أراد اللّه أن يخصّ به من أحبّ من خلقه أذن لتلك الغمامة فتهطّلت كما تهطّلت السحاب، فتصيب الجنين في بطن أمّه. (2)

بيان:

«الغمامة» : السحاب. «القطر» : المطر. «تهطّل المطر» : نزل متتابعا عظيم القطر.

44-في كلام الصادق عليه السّلام في وصف المحبّة لأهل البيت عليهم السّلام: دخل عليه رجل فقال عليه السّلام له: ممّن الرجل؟ فقال: من محبّيكم و مواليكم، فقال له جعفر عليه السّلام:

لا يحبّ اللّه عبد حتّى يتولاّه، و لا يتولاّه حتّى يوجب له الجنّة. ثمّ قال له: من أيّ محبّينا أنت؟ فسكت الرجل فقال له سدير: و كم محبّوكم يا بن رسول اللّه؟

فقال: على ثلاث طبقات: طبقة أحبّونا في العلانية و لم يحبّونا في السرّ، و طبقة يحبّونا في السرّ و لم يحبّونا في العلانية، و طبقة يحبّونا في السرّ و العلانية، هم النمط الأعلى، شربوا من العذب الفرات، و علموا بأوائل الكتاب، و فصل الخطاب و سبب الأسباب.

ص:30


1- -أمالي المفيد ص 7 م 2 ح 1
2- تحف العقول ص 230

فهم النمط الأعلى، الفقر و الفاقة و أنواع البلاء أسرع إليهم من ركض الخيل، مسّتهم البأساء و الضرّاء و زلزلوا و فتنوا، فمن بين مجروح و مذبوح متفرّقين في كلّ بلاد قاصية، بهم يشفي اللّه السقيم و يغني العديم، و بهم تنصرون، و بهم تمطرون، و بهم ترزقون، و هم الأقلّون عددا، الأعظمون عند اللّه قدرا و خطرا.

و الطبقة الثانية: النمط الأسفل أحبّونا في العلانية و ساروا بسيرة الملوك فألسنتهم معنا و سيوفهم علينا.

و الطبقة الثالثة: النمط الأوسط أحبّونا في السرّ و لم يحبّونا في العلانية، و لعمري لئن كانوا أحبّونا في السرّ دون العلانية، فهم الصوّامون بالنهار القوّامون بالليل، ترى أثر الرهبانيّة في وجوههم، أهل سلم و انقياد.

قال الرجل: فأنا من محبّيكم في السرّ و العلانية. قال جعفر عليه السّلام: إنّ لمحبّينا في السرّ و العلانية علامات يعرفون بها. قال الرجل: و ما تلك العلامات؟ قال عليه السّلام:

تلك خلال أوّلها أنّهم عرفوا التوحيد حقّ معرفته، و أحكموا علم توحيده، و الإيمان بعد ذلك بما هو و ما صفته، ثمّ علموا حدود الإيمان و حقائقه و شروطه و تأويله. . . (1)

بيان:

في المقائيس، «النمط» : جماعة من الناس. و في النهاية ج 5 ص 119: في حديث عليّ «خير هذه الأمّة النمط الأوسط» النمط: الطريقة من الطرائق، و الضرب من الضروب، يقال: ليس هذا من ذلك النمط: أي من ذلك الضرب. و النمط:

الجماعة من الناس أمرهم واحد. «القاصية» : بعيدة. «العديم» : الفقير. «الخلّة» :

ج خلال أي الخصلة.

45-عن حمّاد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه سأل: هل الملائكة أكثر أم بنو

ص:31


1- -تحف العقول ص 240

آدم؟ فقال عليه السّلام: و الذي نفسي بيده لعدد ملائكة اللّه في السموات أكثر من عدد التراب في الأرض، و ما في السماء موضع قدم إلاّ و فيها ملك يسبّحه و يقدّسه و لا في الأرض شجرة و لا مدر إلاّ و فيها ملك موكّل بها يأتي اللّه كلّ يوم بعملها، و اللّه أعلم بها، و ما منهم أحد إلاّ و يتقرّب كلّ يوم إلى اللّه بولايتنا أهل البيت، و يستغفر لمحبّينا، و يلعن أعداءنا، و يسأل اللّه أن يرسل عليهم العذاب إرسالا. (1)

بيان:

«مدر» : يقال بالفارسيّة: كلوخ.

46-قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّي لأعلم أنّ هذا الحبّ الذي تحبّونا ليس بشيء صنعتموه و لكنّ اللّه صنعه. (2)

47-عن إسماعيل الجعفي قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام: رجل يحبّ أمير المؤمنين عليه السّلام و لا يتبرّأ من عدوّه و يقول: هو أحبّ إليّ ممّن خالفه، فقال: هذا مخلط، و هو عدوّ، فلا تصلّ خلفه و لا كرامة إلاّ أن تتّقيه. (3)

بيان:

«هذا مخلط» : أي لا يكون خالصا أو المراد فساد عقله، و الأوّل أظهر.

48-عن الباقر عليه السّلام قال: أحبب حبيب آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله و إن كان فاسقا زانيا، و أبغض مبغض آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله و إن كان صوّاما قوّاما. (4)

أقول:

و نظيره في بشارة المصطفى ص 75 عن جابر الأنصاريّ، و زاد في آخره: و ارفق بمحبّ محمّد و آل محمّد عليهم السّلام فإنّه إن تزلّ له قدم بكثرة ذنوبه ثبتت له أخرى

ص:32


1- -تفسير القمّي ج 2 ص 255( المؤمن)
2- المحاسن ص 149 كتاب الصفوة ب 19 ح 62
3- الوسائل ج 8 ص 309 ب 10 من صلاة الجماعة ح 3
4- الوسائل ج 16 ص 169 ب 15 من الأمر و النهي ح 12

بمحبّتهم، فإنّ محبّهم يعود إلى الجنّة، و مبغضهم يعود إلى النار.

(المستدرك ج 12 ص 232 ب 16 من الأمر و النهي ح 1)

49-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن عليّ بن الحسين عن فاطمة الصغرى عن الحسين بن عليّ عن أمّه فاطمة بنت محمّد صلوات اللّه عليهم قالت:

خرج علينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عشيّة عرفة، فقال: إنّ اللّه تبارك و تعالى باهى بكم و غفر لكم عامّة و لعليّ خاصّة، و إنّي رسول اللّه إليكم غير محاب لقرابتي، هذا جبرئيل يخبرني أنّ السعيد كلّ السعيد حقّ السعيد من أحبّ عليّا في حياته و بعد موته، و إنّ الشقيّ كلّ الشقيّ حقّ الشقيّ من أبغض عليّا في حياته و بعد وفاته. (1)

بيان:

قال رحمه اللّه: «غير محاب» بتخفيف الباء: أي لا أقول فيهم ما لا يستحقّونه محاباة لهم.

قال الفيروزآبادي: حاباه محاباة و حباء: نصره و اختصّه و مال إليه انتهى.

و بالتشديد تصحيف.

50-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، إنّ اللّه قد غفر لك و لأهلك و لشيعتك و محبّي شيعتك و محبّي محبّي شيعتك، فأبشر فإنّك الأنزع البطين؛ منزوع من الشرك، بطين من العلم. (2)

بيان:

«الأنزع البطين» : في النهاية ج 5 ص 42، الأنزع: الذي ينحسر (بريزد) شعر مقدّم رأسه ممّا فوق الجبين. . . و في صفة عليّ"البطين الأنزع": كان أنزع الشعر، له بطن.

و قيل: معناه «الأنزع من الشرك، المملوء البطن من العلم و الإيمان» .

51-و بهذا الإسناد قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أوّل ما يسأل عنه العبد حبّنا

ص:33


1- -البحار ج 27 ص 74 باب ثواب حبّهم ح 1
2- البحار ج 27 ص 79 ح 13

أهل البيت. (1)

52-عن أبي بصير قال: قال الصادق جعفر بن محمّد عليهما السّلام: من أقام فرائض اللّه و اجتنب محارم اللّه و أحسن الولاية لأهل بيت نبيّ اللّه و تبرّأ من أعداء اللّه عزّ و جلّ فليدخل من أيّ أبواب الجنّة الثمانية شاء. (2)

53-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : من تمسّك بنا لحق و من سلك غير طريقنا غرق، لمحبّينا أفواج من رحمة اللّه و لمبغضينا أفواج من غضب اللّه.

و قال عليه السّلام: من أحبّنا بقلبه و أعاننا بلسانه و قاتل معنا أعداءنا بيده فهم معنا في درجتنا.

و من أحبّنا بقلبه و أعاننا بلسانه و لم يقاتل معنا في أعدائنا فهو أسفل من ذلك بدرجة.

و من أحبّنا بقلبه و لم يعنّا بلسانه و لا بيده فهو في الجنّة.

و من أبغضنا بقلبه و أعان علينا بلسانه و يده فهو مع عدوّنا في النار.

و من أبغضنا بقلبه و لم يعن علينا بلسانه و لا بيده فهو في النار.

قال عليه السّلام: أنا يعسوب المؤمنين و المال يعسوب الظلمة، و اللّه لا يحبّني إلاّ مؤمن و لا يبغضني إلاّ منافق. (3)

54-قال الرضا عليه السّلام: من سرّه أن ينظر إلى اللّه بغير حجاب و ينظر اللّه إليه بغير حجاب فليتولّ آل محمّد و ليتبرّأ من عدوّهم و ليأتمّ بإمام المؤمنين منهم، فإنّه إذا كان يوم القيامة نظر اللّه إليه بغير حجاب و نظر إلى اللّه بغير حجاب. (4)

ص:34


1- -البحار ج 27 ص 79 ح 18
2- البحار ج 27 ص 88 ح 37
3- البحار ج 27 ص 88 ح 39
4- البحار ج 27 ص 90 ح 42-و روى رحمه اللّه بمضمونه مع شرحه أيضا في ص 51 ح 2

بيان:

«بغير حجاب» : أي بغير واسطة، و المراد بنظره إليه تعالى: النظر إلى نبيّنا و أئمّتنا كما ورد في الخبر، أو هو كناية عن غاية العرفان بحسب طاقته و قابليّته، و بنظره تعالى إليه: نهاية لطفه و إحسانه و رحمته إليه.

55-عن المفضل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من أحبّنا أهل البيت و حقّق حبّنا في قلبه جرى ينابيع الحكمة على لسانه و جدّد الإيمان في قلبه و جدّد له عمل سبعين نبيّا و سبعين صدّيقا و سبعين شهيدا و عمل سبعين عابدا عبد اللّه سبعين سنة. (1)

56-عن حفص الدهّان قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ فوق كلّ عبادة عبادة و حبّنا أهل البيت أفضل عبادة (العبادة ف ن) . (2)

57-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لأمير المؤمنين عليه السّلام: إنّما مثلك مثل قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ فإنّه من قرأها مرّة فكأنّما قرأ ثلث القرآن، و من قرأها مرّتين فكأنّما قرأ ثلثي القرآن، و من قرأها ثلاث مرّات فكأنّما قرأ القرآن، و كذلك من أحبّك بقلبه كان له مثل ثلث ثواب أعمال العباد، و من أحبّك بقلبه و نصرك بلسانه كان له مثل ثلثي ثواب أعمال العباد، و من أحبّك بقلبه و نصرك بلسانه و يده كان له مثل ثواب [أعمال]العباد. (3)

أقول:

بهذا المعنى أخبار أخر، و في بعضها: «في الجنّة ثلاث درجات و في النار ثلاث دركات، على قدر درجات الحبّ و البغض» .

58-روى صاحب الكشّاف و الثعلبيّ في تفسير قوله تعالى: قُلْ

ص:35


1- -البحار ج 27 ص 90 ح 43
2- البحار ج 27 ص 91 ح 48
3- البحار ج 27 ص 94 ح 54

لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً. . . (1)بإسناده عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: من مات على حبّ آل محمّد مات شهيدا.

ألا و من مات على حبّ آل محمّد مات مغفورا له.

ألا و من مات على حبّ آل محمّد مات تائبا.

ألا و من مات على حبّ آل محمّد مات مؤمنا مستكمل الإيمان.

ألا و من مات على حبّ آل محمّد بشّره ملك الموت بالجنّة ثمّ منكر و نكير.

ألا و من مات على حبّ آل محمّد يزفّ إلى الجنّة كما تزفّ العروس إلى بيت زوجها.

ألا و من مات على حبّ آل محمّد جعل اللّه زوّار قبره الملائكة بالرحمة.

ألا و من مات على حبّ آل محمّد مات على السنّة و الجماعة.

ألا و من مات على بغض آل محمّد جاء يوم القيامة مكتوبا بين عينيه: آيس من رحمة اللّه.

ألا و من مات على بغض آل محمّد لم يشمّ رائحة الجنّة. (2)

59-عن سلمان رحمه اللّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا سلمان، من أحبّ فاطمة ابنتي فهو في الجنّة معي، و من أبغضها فهو في النار.

يا سلمان، حبّ فاطمة ينفع في مائة موطن أيسر تلك المواطن الموت و القبر و الميزان و المحشر و الصراط و المحاسبة، فمن رضيت عنه ابنتي فاطمة رضيت عنه، و من رضيت عنه رضي اللّه عنه، و من غضبت عليه فاطمة غضبت عليه و من غضبت عليه غضب اللّه عليه.

يا سلمان، ويل لمن يظلمها و [يظلم بعلها أمير المؤمنين عليّا، ويل لمن]يظلم

ص:36


1- -الشورى:23
2- البحار ج 27 ص 111 ح 84

ذرّيّتها و شيعتها. (1)

60-عن عمر بن الخطّاب قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: إنّ اللّه تعالى خلق من نور وجه عليّ بن أبي طالب عليه السّلام سبعين ألف ألف ملك يسبّحونه و يقدّسونه و يكتبون ذلك لمحبّيه و محبّي ولده. (2)

61-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال لعليّ عليه السّلام: يا عليّ، إنّي سألت اللّه عزّ و جلّ أن لا يحرم شيعتك التوبة حتّى تبلغ نفس أحدهم حنجرته، فأجابني إلى ذلك و ليس ذلك لغيرهم. (3)

62-عن أنس يقول: و اللّه الذي لا إله إلاّ هو، سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: عنوان صحيفة المؤمن حبّ عليّ بن أبي طالب عليه السّلام. (4)

أقول:

بهذا المعنى أخبار أخر، روتها العامّة و الخاصّة.

63-عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله: ما جَعَلَ اَللّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ (5)قال عليّ بن أبي طالب عليه السّلام: لا يجتمع حبّنا و حبّ عدوّنا في جوف إنسان، إنّ اللّه لم يجعل لرجل من قلبين في جوفه فيحبّ هذا و يبغض هذا فأمّا محبّنا فيخلص الحبّ لنا كما يخلص الذهب بالنار لا كدر فيه.

فمن أراد أن يعلم حبّنا فليمتحن قلبه فإن شاركه في حبّنا حبّ عدوّنا فليس منّا و لسنا منه، و اللّه عدوّهم و جبرئيل و ميكائيل، و اللّه عدوّ للكافرين. (6)

ص:37


1- -البحار ج 27 ص 116 ح 94
2- البحار ج 27 ص 118 ح 98
3- البحار ج 27 ص 137 ح 138
4- البحار ج 27 ص 142 ح 149
5- الأحزاب:3
6- البحار ج 27 ص 51 باب وجوب موالاة أوليائهم ح 1-( صحّحنا الحديث كما في تفسير

64-قيل للصادق عليه السّلام: إنّ فلانا يواليكم إلاّ أنّه يضعف عن البرائة من عدوّكم، فقال: هيهات كذب من ادّعى محبّتنا و لم يتبرّأ من عدوّنا. (1)

65-قال الرضا عليه السّلام: كمال الدين ولايتنا و البراءة من عدوّنا. (2)

66-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام قال: قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، أنت أمير المؤمنين و إمام المتّقين، يا عليّ، أنت سيّد الوصيّين و وارث علم النبيّين و خير الصدّيقين و أفضل السابقين، يا عليّ، أنت زوج سيّدة نساء العالمين و خليفة خير المرسلين، يا عليّ، أنت مولى المؤمنين و الحجّة بعدي على الناس أجمعين، استوجب الجنّة من تولاّك، و استوجب دخول النار من عاداك.

يا عليّ، و الذي بعثني بالنبوّة و اصطفاني على جميع البريّة، لو أنّ عبدا عبد اللّه ألف عام ما قبل ذلك منه إلاّ بولايتك و ولاية الأئمّة من ولدك و إنّ ولايتك لا تقبل إلاّ بالبرائة من أعدائك و أعداء الأئمّة من ولدك، بذلك أخبرني جبرئيل عليه السّلام، فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر. 3

67-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من تولّى غير مواليه فعليه لعنة اللّه و الملائكة و الناس أجمعين. 4

أقول:

بهذا المعنى أخبار أخر.

68-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: التاركون

ص:38


1- البحار ج 27 ص 58 ح 18
2- البحار ج 27 ص 58 ح 19

ولاية عليّ عليه السّلام المنكرون لفضله، المظاهرون أعداءه، خارجون عن الإسلام من مات منهم على ذلك. (1)

بيان:

يقال: ظاهره مظاهرة: أي عاونه.

69-عن ابن عبّاس قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ الناس لو اجتمعوا على حبّ عليّ بن أبي طالب عليه السّلام لما خلق اللّه النار. (2)

أقول:

بهذا المضمون أخبار عديدة، روتها الخاصّة و العامّة، و في بعضها: «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لأمير المؤمنين عليه السّلام: لو اجتمعت الخلائق على ولايتك لما خلق اللّه النار» .

70-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: حبّ عليّ بن أبي طالب حسنة لا تضرّ معها سيّئة، و بغضه سيّئة لا تنفع معها حسنة. (3)

71-عن سماعة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إذا كان يوم القيامة مرّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بشفير النار، و أمير المؤمنين و الحسن و الحسين عليهم السّلام، فيصيح صائح من النار: يا رسول اللّه، أغثني يا رسول اللّه-ثلاثا-قال: فلا يجيبه. قال: فينادي يا أمير المؤمنين يا أمير المؤمنين-ثلاثا-أغثني فلا يجيبه، قال: فينادي يا حسين يا حسين يا حسين، أغثني أنا قاتل أعدائك، قال: فيقول له رسول اللّه: قد احتجّ عليك، قال: فينقضّ عليه كأنّه عقاب كاسر، قال: فيخرجه من النار.

قال: فقلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: و من هذا جعلت فداك؟ قال: المختار، قلت له:

و لم عذّب بالنار و قد فعل ما فعل؟ قال: إنّه كان في قلبه منهما شيء، و الذي بعث محمّدا بالحقّ لو أنّ جبرئيل و ميكائيل كان في قلبيهما شيء لأكبّهما اللّه في النار

ص:39


1- -البحار ج 27 ص 238 باب ذمّ مبغضيهم ح 60
2- البحار ج 39 ص 248 باب أنّ حبّه إيمان ح 8
3- البحار ج 39 ص 248 ح 10

على وجوههما. (1)

72-عن عليّ بن عاصم الكوفيّ قال: دخلت على سيّدي الحسن العسكريّ عليه السّلام، فسلّمت عليه فردّ عليّ السلام و قال: مرحبا بك. . . و قلت له: إنّي عاجز عن نصرتكم بيدي، و ليس أملك غير موالاتكم و البراءة من أعدائكم، و اللعن لهم في خلواتي، فكيف حالي يا سيّدي؟

فقال عليه السّلام: حدّثني أبي عن جدّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: من ضعف على نصرتنا أهل البيت و لعن في خلواته أعداءنا بلّغ اللّه صوته إلى جميع الملائكة، فكلّما لعن أحدكم أعداءنا صاعدته الملائكة، و لعنوا من لا يلعنهم، فإذا بلغ صوته إلى الملائكة استغفروا له و أثنوا عليه، و قالوا: «اللهمّ صلّ على روح عبدك هذا الذي بذل في نصرة أوليائه جهده و لو قدر على أكثر من ذلك لفعل» .

فإذا النداء من قبل اللّه تعالى يقول: يا ملائكتي، إنّي قد أجبت دعاءكم في عبدي هذا، و سمعت نداءكم و صلّيت على روحه مع أرواح الأبرار، و جعلته من المصطفين الأخيار. (2)

73-دعوات الراوندي. . . و إليه أشار الرضا عليه السّلام بمكتوبه: «كن محبّا لآل محمّد و إن كنت فاسقا، و محبّا لمحبّيهم و إن كانوا فاسقين» .

و من شجون الحديث أنّ هذا المكتوب هو الآن عند بعض أهل كرمند قرية من نواحينا إلى إصفهان ما هي و رفعته (رأيته ف ن) أنّ رجلا من أهلها كان جمّالا لمولانا أبي الحسن عليه السّلام عند توجّهه إلى خراسان، فلمّا أراد الانصراف قال له:

يا بن رسول اللّه، شرّفني بشيء من خطّك أتبرّك به، و كان الرجل من العامّة فأعطاه ذلك المكتوب. (3)

ص:40


1- -البحار ج 45 ص 339 باب أحوال المختار ح 5
2- البحار ج 50 ص 316 باب مكارم العسكري عليه السّلام ح 13
3- البحار ج 69 ص 252 باب الحبّ في اللّه ح 33

بيان:

يقال: الحديث ذو شجون أي فنون و فروع متعدّدة، من الشجن بمعنى الغصن المشتبك. «ما هي» أي ما هي من اصفهان لكنّها في تلك الناحية.

74-عن عجلان أبي صالح قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قبّة آدم، فقلت له: هذه قبّة آدم؟ فقال: نعم و للّه قباب كثيرة، أما إنّ خلف مغربكم هذا تسعة و ثلاثين مغربا أرضا بيضاء مملوّة خلقا يستضيئون بنورنا، لم يعصوا اللّه طرفة عين، لا يدرون أخلق اللّه آدم أم لم يخلقه يتبرّأون من فلان و فلان.

قيل له: كيف هذا يتبرّأون من فلان و فلان و هم لا يدرون أخلق اللّه آدم أم لم يخلقه؟ فقال للسائل: أ تعرف إبليس؟ قال: لا إلاّ بالخبر، قال: فأمرت باللعنة و البراءة منه؟ قال: نعم، قال: فكذلك أمر هؤلاء. (1)

75-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سمعته يقول: إنّ من وراء شمسكم هذه أربعين عين شمس، ما بين شمس إلى شمس أربعون عاما، فيها خلق كثير ما يعلمون أنّ اللّه خلق آدم أو لم يخلقه، و إنّ من وراء قمركم هذا أربعين قمرا، ما بين قمر إلى قمر مسيرة أربعين يوما، فيها خلق كثير ما يعلمون أنّ اللّه خلق آدم أو لم يخلقه، قد ألهموا كما ألهمت النحل لعنة الأوّل و الثاني في كلّ وقت من الأوقات، و قد وكّل بهم ملائكة متى لم يلعنوهما عذّبوا. (2)

76-عن أبي خالد الكابليّ قال: سألت أبا جعفر عليه السّلام: عن قوله: فَآمِنُوا بِاللّهِ وَ رَسُولِهِ وَ اَلنُّورِ اَلَّذِي أَنْزَلْنا (3)فقال: يا أبا خالد، النور و اللّه الأئمّة

ص:41


1- -البحار ج 27 ص 45 باب أنّهم الحجّة على جميع العوالم ح 5( بصائر الدرجات ص 490 ب 14 من ج 10 ح 8-مختصر بصائر الدرجات ص 12)
2- البحار ج 27 ص 45 ح 6- بصائر الدرجات ص 493( مختصر بصائر الدرجات ص 12)
3- التغابن:8

من آل محمّد إلى يوم القيامة، هم و اللّه نور اللّه الذي أنزل، و هم و اللّه نور اللّه في السموات و الأرض.

و اللّه يا أبا خالد، لنور الإمام في قلوب المؤمنين أنور من الشمس المضيئة بالنهار، و هم و اللّه ينوّرون قلوب المؤمنين، و يحجب اللّه نورهم عمّن يشاء فتظلم قلوبهم.

و اللّه يا أبا خالد، لا يحبّنا عبد و يتولاّنا حتّى يطهّر اللّه قلبه، و لا يطهّر اللّه قلب عبد حتّى يسلّم لنا، و يكون سلما لنا، فإذا كان سلما لنا سلّمه اللّه من شديد الحساب و آمنه من فزع يوم القيامة الأكبر. (1)

77-جاء رجل إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سأله عن عمل يدخله الجنّة؟ فقال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: صلّ المكتوبات و صم شهر رمضان و اغتسل من الجنابة و حبّ عليّا و أولاده المعصومين عليهم السّلام و ادخل الجنّة من أيّ باب شئت.

فو الذي بعثني بالحقّ نبيّا و بالرسالة نجيّا لو صلّيت ألفا و حججت ألفا و صمت ألفا و غزوت ألفا و عتقت ألف رقبة و قرئت التوراة و الإنجيل و الزبور و الفرقان و لقيت الأنبياء كلّهم و عبدت اللّه تعالى و غزوت مع كلّ نبيّ ألف غزوة و حججت مع كلّ نبيّ ألف حجّة و عمرة و لم يكن في قلبك حبّ عليّ و أولاده المعصومين دخلت النار مع الداخلين، فليبلغ الشاهد الغائب هذا الكلام.

فقولوا في عليّ، فإنّي ما أقول في عليّ إلاّ بأمر جبرئيل و جبرئيل لا يخبرني إلاّ عن اللّه عزّ و جلّ و إنّ جبرئيل عليه السّلام لم يتّخذ أخا في الدنيا إلاّ عليّا من شاء فليحبّه و من شاء فليبغضه فإنّ اللّه تعالى آلى على نفسه ألاّ يخرج مبغض عليّ من النار ما دام محبّه في الجنّة. (2)

ص:42


1- -البحار ج 23 ص 308 باب أنّهم أنوار اللّه ح 5( الكافي ج 1 ص 150 باب أنّ الأئمّة نور اللّه ح 1- تفسير القميّ ج 2 ص 371)
2- الاثنى عشريّة ص 226 الخاتمة من ب 5

78-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

أشدّ الناس عمى من عمي عن حبّنا و فضلنا و ناصبنا العداوة بلا ذنب سبق منّا إليه إلاّ إنّا دعوناه إلى الحقّ و دعاه سوانا إلى الفتنة و الدنيا فآثرها و نصب العداوة لنا (الغرر ج 1 ص 206 ف 8 ح 470)

أسعد الناس من عرف فضلنا و تقرّب إلى اللّه بنا و أخلص حبّنا و عمل بما إليه ندبنا و انتهى عمّا عنه نهينا، فذاك منّا و هو في دار المقامة معنا. (ح 471)

أحسن الحسنات حبّنا، و أسوء السيّئات بغضنا. (ص 213 ح 538)

أولى الناس بنا من والانا و عادا من عادانا (ح 539)

إنّ وليّ محمّد صلّى اللّه عليه و آله من أطاع اللّه و إن بعدت لحمته. (ص 221 ف 9 ح 75)

إنّ عدوّ محمّد صلّى اللّه عليه و آله من عصى اللّه و إن قربت قرابته. (ح 76)

إنّكم ستعرضون على سبيّ أو البرائة منّي فسبّوني، و إيّاكم و البراءة منّي.

(ص 294 ف 14 ح 39)

عليكم بحبّ [آل]نبيّكم فإنّه حقّ اللّه عليكم و الموجب على اللّه حقّكم، أ لا ترون إلى قول اللّه تعالى: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ اَلْمَوَدَّةَ فِي اَلْقُرْبى.

(ج 2 ص 486 ف 50 ح 20)

لمبغضنا أمواج من سخط اللّه سبحانه. (ص 581 ف 71 ح 25)

لو ضربت خيشوم المؤمن على أن يبغضني ما أبغضني. (ص 603 ف 75 ح 3)

لو صببت الدنيا على المنافق بجملتها على أن يحبّني ما أحبّني. (ح 4)

لو أحبّني جبل لتهافت. (ص 604 ح 19)

من أحبّنا بقلبه و كان معنا بلسانه و قاتل عدوّنا بسيفه فهو معنا في الجنّة في درجتنا. (ص 637 ف 77 ح 491)

من أحبّنا بقلبه و أعاننا بلسانه و لم يقاتل معنا بيده فهو معنا في الجنّة دون درجتنا. (ح 492)

ص:43

من أحبّنا فليعمل بعملنا و ليتجلبب الورع (ص 658 ح 822)

هلك فيّ رجلان: محبّ غال و مبغض قال. (ص 791 ف 84 ح 8)

أقول:

الأخبار في الباب كثيرة جدّا و تحتاج إلى كتاب مستقلّ، ذكرنا بعضها، و سيأتي ما يناسب المقام في باب الولاية.

و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في غدير خم: «اللهمّ وال من والاه و عاد من عاداه و انصر من نصره و اخذل من خذله»

و في كثير من الزيارات «إنّي سلم لمن سالمكم و حرب لمن حاربكم و محبّ لمن أحبّكم و مبغض لمن أبغضكم و عدوّ لمن عاداكم» .

ص:44

الفصل الثالث: الحبّ في اللّه و البغض في اللّه
الأخبار

1-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من أحبّ للّه و أبغض للّه و أعطى للّه فهو ممّن كمل إيمانه. (1)

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من أوثق عرى الإيمان أن تحبّ في اللّه و تبغض في اللّه و تعطي في اللّه و تمنع في اللّه. (2)

بيان:

«العروة» ج عرى: ما يوثق به و ما يعوّل عليه، و في المرآة ج 8 ص 257، العروة:

ما يكون في الجبل يتمسّك به من أراد الصعود، و عروة الكوز و نحوه، و الأوّل هنا أنسب، كأنّه عليه السّلام شبّه الإيمان بجبل يرتقي به إلى الجنّة و الدرجات العالية، و الأعمال الإيمانيّة و أخلاقها بالعرى التي تكون فيه يتمسّك بها من أراد الصعود عليه، و فيه إشارة إلى قوله تعالى: فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطّاغُوتِ وَ يُؤْمِنْ بِاللّهِ فَقَدِ اِسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ اَلْوُثْقى لاَ اِنْفِصامَ لَها (3).

ص:45


1- -الكافي ج 2 ص 101 باب الحبّ في اللّه ح 1
2- الكافي ج 2 ص 102 ح 2
3- البقرة:255

«في اللّه» : "في"للتعليل أي للّه، أو بمعنى الحبّ في سبيل طاعته فيرجع إليه أيضا.

3-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ودّ المؤمن للمؤمن في اللّه من أعظم شعب الإيمان. ألا و من أحبّ في اللّه و أبغض في اللّه و أعطى في اللّه و منع في اللّه فهو من أصفياء اللّه. (1)

4-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: إنّ المتحابّين في اللّه يوم القيامة على منابر من نور، قد أضاء نور وجوههم و نور أجسادهم و نور منابرهم كلّ شيء حتّى يعرفوا به، فيقال: هؤلاء المتحابّون في اللّه. (2)

5-عن فضيل بن يسار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الحبّ و البغض، أمن الإيمان هو؟ فقال: و هل الإيمان إلاّ الحبّ و البغض؟ ! ثمّ تلا هذه الآية:

حَبَّبَ إِلَيْكُمُ اَلْإِيمانَ وَ زَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ. . . (3) (4)

6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لأصحابه: أيّ عرى الإيمان أوثق؟ فقالوا: اللّه و رسوله أعلم، و قال بعضهم: الصلاة و قال بعضهم:

الزكاة و قال بعضهم: الصيام و قال بعضهم: الحجّ و العمرة و قال بعضهم: الجهاد، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لكلّ ما قلتم فضل و ليس به و لكن أوثق عرى الإيمان:

الحبّ في اللّه و البغض في اللّه و توالي أولياء اللّه و التبرّي من أعداء اللّه. (5)

7-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ الرجل ليحبّكم و ما يعرف ما أنتم عليه فيدخله اللّه الجنّة بحبّكم، و إنّ الرجل ليبغضكم و ما يعرف ما أنتم عليه، فيدخله

ص:46


1- -الكافي ج 2 ص 102 ح 3
2- الكافي ج 2 ص 102 ح 4
3- الحجرات:7
4- الكافي ج 2 ص 102 ح 5
5- الكافي ج 2 ص 102 ح 6

اللّه ببغضكم النار. (1)

8-عن جابر الجعفيّ عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إذا أردت أن تعلم أنّ فيك خيرا فانظر إلى قلبك، فإن كان يحبّ أهل طاعة اللّه و يبغض أهل معصيته ففيك خير و اللّه يحبّك، و إن كان يبغض أهل طاعة اللّه و يحبّ أهل معصيته فليس فيك خير، و اللّه يبغضك، و المرء مع من أحبّ. (2)

9-قال أبو جعفر عليه السّلام: لو أنّ رجلا أحبّ رجلا للّه لأثابه اللّه على حبّه إيّاه و إن كان المحبوب في علم اللّه من أهل النار، و لو أنّ رجلا أبغض رجلا للّه لأثابه اللّه على بغضه إيّاه و إن كان المبغض في علم اللّه من أهل الجنّة. (3)

بيان:

في المرآة: هذا إذا لم يكن مقصّرا في ذلك و لم يكن مستندا إلى ضلالته و جهالته كالذين يحبّون أئمّة الضلالة و يزعمون أنّ ذلك للّه، فإنّ ذلك لمحض تقصيرهم عن تتبّع الدلائل. . .

10-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كلّ من لم يحبّ على الدين و لم يبغض على الدين فلا دين له. (4)

11-عن الحسن العسكريّ عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لبعض أصحابه ذات يوم: يا عبد اللّه، أحبب في اللّه و أبغض في اللّه و وال في اللّه و عاد في اللّه، فإنّه لا تنال ولاية اللّه إلاّ بذلك، و لا يجد رجل طعم الإيمان و إن كثرت صلاته و صيامه حتّى يكون كذلك، و قد صارت مؤاخاة الناس يومكم هذا أكثرها في الدنيا، عليها يتوادّون، و عليها يتباغضون، و ذلك لا يغني

ص:47


1- -الكافي ج 2 ص 103 ح 10
2- الكافي ج 2 ص 103 ح 11
3- الكافي ج 2 ص 103 ح 12
4- الكافي ج 2 ص 104 ح 16

عنهم من اللّه شيئا.

فقال له: و كيف لي أن أعلم أنّي قد واليت و عاديت في اللّه عزّ و جلّ، فمن وليّ اللّه عزّ و جلّ حتّى اواليه و من عدوّه حتّى أعاديه؟ فأشار له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى عليّ عليه السّلام فقال: أ ترى هذا؟ فقال: بلى، قال: وليّ هذا وليّ اللّه، فواله، و عدوّ هذا عدوّ اللّه فعاده، وال وليّ هذا و لو أنّه قاتل أبيك و ولدك، و عاد عدوّ هذا و لو أنّه أبوك و ولدك. (1)

12-عن أبي جعفر الثاني عليه السّلام قال: أوحى اللّه إلى بعض الأنبياء: أمّا زهدك في الدنيا فتعجّلك الراحة، و أمّا انقطاعك إليّ فتعزّزك بي، و لكن هل عاديت لي عدوّا أو واليت لي وليّا؟ (2)

13-روي أنّ اللّه تعالى قال لموسى عليه السّلام: هل عملت لي عملا؟ قال:

صلّيت لك و صمت و تصدّقت و ذكرت لك، قال اللّه تبارك و تعالى: و أمّا الصلاة فلك برهان و الصوم جنّة، و الصدقة ظلّ، و الذكر نور، فأيّ عمل عملت لي؟ قال موسى عليه السّلام: دلّني على العمل الذي هو لك، قال: يا موسى، هل واليت لي وليّا، و هل عاديت لي عدوّا قطّ؟ فعلم موسى أنّ أفضل الأعمال الحبّ في اللّه و البغض في اللّه. (3)

بيان:

«لك برهان» : أي دليل على إسلامك و دينك.

14-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ حول العرش منابر من نور، عليها قوم لباسهم و وجوههم نور، ليسوا بأنبياء، يغبطهم الأنبياء و الشهداء. قالوا: يا رسول اللّه،

ص:48


1- -أمالي الصدوق ص 11 م 3 ح 7( العلل ج 1 ص 140 ب 119- العيون ج 1 ص 226 ب 28 ح 41)
2- البحار ج 69 ص 238 باب الحبّ في اللّه ح 7
3- البحار ج 69 ص 252 ح 33

حلّ لنا، قال: هم المتحابّون في اللّه و المتجالسون في اللّه و المتزاورون في اللّه. (1)

بيان:

قال رحمه اللّه: «حلّ لنا» أي بيّن لنا من حلّ العقدة، استعير لحلّ الإشكال. . .

15-عن بريد العجليّ قال: كنت عند أبي جعفر عليه السّلام إذ دخل عليه قادم من خراسان ماشيا فأخرج رجليه و قد تغلّفتا و قال: أما و اللّه ما جاء بي من حيث جئت إلاّ حبّكم أهل البيت. فقال أبو جعفر عليه السّلام: و اللّه لو أحبّنا حجر حشره اللّه معنا، و هل الدين إلاّ الحبّ؟ إنّ اللّه يقول: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اَللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اَللّهُ (2)و قال: يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ (3)و هل الدين إلاّ الحبّ! (4)

بيان:

«تغلّفتا» : أي لفّتا بالثوب أو غيره و في بعض نسخ المصدر: "تفلّقتا"من الفلق بمعنى الشقّ.

أقول: في تفسير فرات الكوفي ص 430(سورة الحجرات) عن بريد بن معاوية العجليّ و إبراهيم الأحمريّ قالا: دخلنا على أبي جعفر عليه السّلام و عنده زياد الأحلام، فقال أبو جعفر عليه السّلام: يا زياد، مالي أرى رجليك متغلّفين (متفلّقتين) ؟ قال: جعلت لك الفداء، جئت على نضو (5)لي عامّة الطريق و ما حملني على ذلك إلاّ حبّي لكم و شوقي إليكم.

ثمّ أطرق زياد مليّا ثمّ قال: جعلت لك الفداء، إنّي ربما خلوت فأتاني الشيطان

ص:49


1- -البحار ج 69 ص 252 ح 32
2- آل عمران:31
3- الحشر:9
4- البحار ج 27 ص 95 باب ثواب حبّهم ح 57( تفسير العياشي ج 1 ص 167 ح 27)
5- پاى برهنه

فيذكرني ما قد سلف من الذنوب و المعاصي، فكأنّي آيس ثمّ أذكر حبّي لكم و انقطاعي [إليكم]و كان متكا لكم. قال عليه السّلام: يا زياد، هل الدين إلاّ الحبّ و البغض؟ ! ثمّ تلا هذه الآيات الثلاث كأنّها في كفّه: وَ لكِنَّ اَللّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ اَلْإِيمانَ. . . و قال: يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ. . . و قال: إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اَللّهَ فَاتَّبِعُونِي. . . . . .

(المستدرك ج 12 ص 226 ب 14 من الأمر و النهي ح 28)

16-قيل لأبي عبد اللّه عليه السّلام: جعلت فداك، إنّا نسمّي بأسمائكم و أسماء آبائكم، فينفعنا ذلك؟ فقال: إي و اللّه، و هل الدين إلاّ الحبّ؟ ! قال اللّه: إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اَللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اَللّهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ. (1)

بيان:

«إنّا نسمّي» : أي أولادنا.

17-قال أمير المؤمنين عليه السّلام لنوف البكالي: يا نوف، إنّه ليس من رجل أعظم منزلة عند اللّه من رجل بكى من خشية اللّه، و أحبّ في اللّه و أبغض في اللّه.

يا نوف، من أحبّ في اللّه لم يستأثر على محبّته، و من أبغض في اللّه لم ينل مبغضيه خيرا، عند ذلك استكملتم حقائق الإيمان. (2)

بيان:

استأثر على أصحابه: اختار لنفسه الأشياء الحسنة، و استأثر بالشيء على الغير استبدّ به و خصّ به نفسه. «على محبّته» : لعلّ الصحيح"على محبّيه".

18-. . . و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يقول اللّه في القيامة: أين المتحابّون فيّ بجلالي؟ اليوم أظلّهم بظلّي يوم لا ظلّ إلاّ ظلّي.

ص:50


1- -البحار ج 27 ص 95 ح 58( تفسير العياشي ج 1 ص 167 ح 28)
2- المستدرك ج 12 ص 222 ب 14 من الأمر و النهي ح 17

و قال صلّى اللّه عليه و آله: يقول: ألا و حقّت محبّتي للذين يتحابّون من أجلي، و قد حقّت محبّتي للذين يتصادقون من أجلي، و قد حقّت محبّتي للذين يتزاورون من أجلي، و قد حقّت محبّتي للذين يتباذلون من أجلي.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: لو أنّ عمل العبد يبلغ عنان السماء ما نفعه ذلك إلاّ بالحبّ في اللّه و البغض في اللّه.

و قال: المتحابّون في اللّه على منابر من نور، هم أقرب الخلق إلى اللّه. (1)

19-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: رأس الإيمان الحبّ في اللّه و البغض في اللّه. (2)

20-قال الصادق عليه السّلام: المحبّ في اللّه محبّ اللّه و المحبوب في اللّه حبيب اللّه، لأنّهما لا يتحابّان إلاّ في اللّه.

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: المرء مع من أحبّ، فمن أحبّ عبدا في اللّه فإنّما أحبّ اللّه تعالى و لا يحبّ اللّه تعالى إلاّ من أحبّه اللّه.

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: أفضل الناس بعد النبيّين في الدنيا و الآخرة المحبّون للّه، المتحابّون فيه، و كلّ حبّ معلول يورث فيه عداوة إلاّ هذين، و هما من عين واحدة يزيدان أبدا و لا ينقصان أبدا قال اللّه: اَلْأَخِلاّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ اَلْمُتَّقِينَ (3)لأنّ أصل الحبّ التبرّي عن سوء (عن سوى ب) المحبوب.

و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ أطيب شيء في الجنّة و ألذّه حبّ اللّه و الحبّ في اللّه و الحمد للّه.

قال اللّه عزّ و جلّ: وَ آخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ اَلْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ اَلْعالَمِينَ (4)و ذلك أنّهم إذا عاينوا ما في الجنّة من النعيم هاجت المحبّة في قلوبهم فينادون عند ذلك: و الحمد

ص:51


1- -المستدرك ج 12 ص 224 ح 23
2- المستدرك ج 12 ص 228 ح 31
3- الزخرف:67
4- يونس:10

للّه ربّ العالمين. (1)

21-عن أمير المؤمنين عليه السّلام، أنّه قال:

إنّ أفضل الدين الحبّ في اللّه و البغض في اللّه و الأخذ في اللّه و العطاء في اللّه سبحانه. (الغرر ج 1 ص 233 ف 9 ح 164)

جماع الخير في الموالاة في اللّه، و المعاداة في اللّه، و المحبّة في اللّه، و البغض في اللّه.

(ص 373 ف 26 ح 65)

غاية الإيمان الموالاة و المعاداة في اللّه، و التباذل في اللّه، و التوكّل على اللّه سبحانه. (ج 2 ص 505 ف 56 ح 33)

من أحبّ أن يكمل إيمانه فليكن حبّه للّه و بغضه للّه و رضاه للّه و سخطه للّه.

(ص 693 ف 77 ح 1236)

من أعطى في اللّه سبحانه، و منع في اللّه، و أحبّ في اللّه، [و أبغض في الله،] فقد استكمل الإيمان. (ص 706 ح 1369)

ص:52


1- -مصباح الشريعة ص 64 ب 97

32- الحجّ

الآيات

1- وَ إِذْ جَعَلْنَا اَلْبَيْتَ مَثابَةً لِلنّاسِ وَ أَمْناً وَ اِتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى وَ عَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطّائِفِينَ وَ اَلْعاكِفِينَ وَ اَلرُّكَّعِ اَلسُّجُودِ. (1)

2- وَ أَتِمُّوا اَلْحَجَّ وَ اَلْعُمْرَةَ لِلّهِ. . . (2)

3- إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَ هُدىً لِلْعالَمِينَ- فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً وَ لِلّهِ عَلَى اَلنّاسِ حِجُّ اَلْبَيْتِ مَنِ اِسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اَللّهَ غَنِيٌّ عَنِ اَلْعالَمِينَ. (3)

4- جَعَلَ اَللّهُ اَلْكَعْبَةَ اَلْبَيْتَ اَلْحَرامَ قِياماً لِلنّاسِ. . . (4)

5- إِنَّ اَلَّذِينَ كَفَرُوا وَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اَللّهِ وَ اَلْمَسْجِدِ اَلْحَرامِ . . . وَ لْيَطَّوَّفُوا

ص:53


1- -البقرة:125
2- البقرة:196
3- آل عمران:96 و 97
4- المائدة:97

بِالْبَيْتِ اَلْعَتِيقِ. (1)

الأخبار

1-قلت لأبي جعفر عليه السّلام: لم سمّي الحجّ؟ قال: الحجّ الفلاح، يقال: حجّ فلان أي أفلح. (2)

بيان:

«الحجّ» في اللغة؛ القصد، و خصّ في الشرع بقصد بيت اللّه الحرام إقامة للنسك.

2-فيما كتب الرضا عليه السّلام لمحمّد بن سنان في جواب مسائله: إنّ علّة الحجّ الوفادة إلى اللّه تعالى و طلب الزيادة، و الخروج من كلّ ما اقترف، و ليكون تائبا ممّا مضى، مستأنفا لما يستقبل و ما فيه من استخراج الأموال و تعب الأبدان و حظرها عن الشهوات و اللذّات، و التقرّب في العبادة إلى اللّه عزّ و جلّ و الخضوع و الاستكانة و الذلّ شاخصا إليه في الحرّ و البرد و الأمن و الخوف دائبا في ذلك دائما.

و ما في ذلك لجميع الخلق من المنافع و الرغبة و الرهبة إلى اللّه سبحانه و تعالى، و منه ترك قساوة القلب و خساسة الأنفس و نسيان الذكر و انقطاع الرجاء و الأمل، و تجديد الحقوق و حظر الأنفس عن الفساد، و منفعة من في المشرق و المغرب و من في البرّ و البحر ممّن يحجّ و ممّن لا يحجّ، من تاجر و جالب و بايع و مشتر و كاسب و مسكين، و قضاء حوائج أهل الأطراف و المواضع الممكن لهم الاجتماع فيها، كذلك ليشهدوا منافع لهم.

و علّة فرض الحجّ مرّة واحدة، لأنّ اللّه تعالى وضع الفرائض على أدنى القوم

ص:54


1- -الحجّ:25 إلى 29
2- معاني الأخبار ص 165 باب معنى الحجّ

قوّة فمن تلك الفرائض الحجّ المفروض واحد ثمّ رغب أهل القوّة على قدر طاقتهم. (1)

بيان:

«حظرها» : منعها. «الوفادة» يقال: وفد إلى الأمير: قدم و ورد عليه و في الأصل، الوفادة: القدوم لطلب النصرة، و يستعار للحجّ لأنّه قدوم إلى بيت اللّه طلبا لفضله و ثوابه. «شاخصا» : خارجا للسفر.

«دائبا» : دأب في العمل: استمرّ عليه فهو دائب.

3-عن هشام بن الحكم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام، فقلت له: ما العلّة التي من أجلها كلّف اللّه العباد الحجّ و الطواف بالبيت؟ فقال: إنّ اللّه تعالى خلق الخلق لا لعلّة إلاّ أنّه شاء ففعل فخلقهم إلى وقت مؤجّل، و أمرهم و نهاهم ما يكون من أمر الطاعة في الدين و مصلحتهم من أمر دنياهم، فجعل فيه الاجتماع من المشرق و المغرب ليتعارفوا، و ليتربّح كلّ قوم من التجارات من بلد إلى بلد و لينتفع بذلك المكارى و الجمّال، و لتعرف آثار رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و تعرف أخباره و يذكر و لا ينسى، و لو كان كلّ قوم إنّما يتّكلون على بلادهم و ما فيها هلكوا، و خربت البلاد و سقط الجلب و الأرباح و عميت الأخبار و لم يقفوا على ذلك، فذلك علّة الحجّ. (2)

بيان:

«الجلب» : ما تجلبه من بلد إلى بلد للتجارة.

4-عن أبي حمزة الثمالي قال: دخلت على أبي جعفر عليه السّلام و هو جالس على الباب الذي إلى المسجد و هو ينظر إلى الناس يطوفون، فقال: يا أبا حمزة،

ص:55


1- -العلل ج 2 ص 404 ب 142 ح 5-( العيون ج 2 ص 88 ب 33)
2- العلل ج 2 ص 405 ح 6

بما أمروا هؤلاء؟ قال: فلم أدر ما أردّ عليه. قال: إنّما أمروا أن يطوفوا بهذه الأحجار ثمّ يأتونا فيعلمونا ولايتهم. (1)

5-عن الفضيل عن أبي جعفر عليه السّلام قال: نظر إلى الناس يطوفون حول الكعبة فقال: هكذا كانوا يطوفون في الجاهليّة! إنّما امروا أن يطوفوا بها ثمّ ينفروا إلينا، فيعلمونا ولايتهم و مودّتهم و يعرضوا علينا نصرتهم، ثمّ قرء هذه الآية:

فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ اَلنّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ. (2) (3)

6-آخر حديث الرضا عليه السّلام لابن شاذان: فإن قال: فلم أمروا بالإحرام؟ قيل: لأن يخشعوا قبل دخول حرم اللّه عزّ و جلّ و أمنه و لئلاّ يلهوا و يشتغلوا بشيء من أمر الدنيا و زينتها و لذّاتها و يكونوا جادّين فيما هم فيه، قاصدين نحوه مقبلين عليه بكلّيتهم مع ما فيه من التعظيم للّه تعالى و لبيته و التذلّل لأنفسهم عند قصدهم إلى اللّه تعالى و وفادتهم إليه راجين ثوابه راهبين من عقابه ماضين نحوه مقبلين إليه بالذلّ و الاستكانة و الخضوع. (4)

7-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ ليغفر للحاجّ، و لأهل بيت الحاجّ، و لعشيرة الحاجّ، و لمن يستغفر له الحاجّ بقيّة ذي الحجّة و المحرّم و صفر و شهر ربيع الأوّل و عشر من ربيع الآخر. (5)

8-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من حجّ يريد به اللّه و لا يريد

ص:56


1- -العلل ج 2 ص 406 ح 8
2- إبراهيم:37
3- الكافي ج 1 ص 322 باب أنّ الواجب على الناس بعد ما يقضون مناسكهم أن يأتوا الإمام. . . ح 1
4- العيون ج 2 ص 119 ب 34 ح 1
5- ثواب الأعمال ص 70 باب ثواب الحجّ ح 1

به رياء و لا سمعة غفر اللّه له البتّة. (1)

أقول:

بهذا المعنى أخبار أخر، في بعضها؛ قال الملكان: أمّا ما مضى فقد كفيته فانظر كيف تكون فيما تستقبل.

9-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان عليّ بن الحسين عليهما السّلام يقول: حجّوا و اعتمروا تصحّ أجسامكم و تتّسع أرزاقكم، و يصلح إيمانكم، و تكفوا مؤونة الناس و مؤونة عيالاتكم. (2)

10-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الحاجّ يصدرون على ثلاثة أصناف: صنف يعتق من النار و صنف يخرج من ذنوبه كهيئة يوم ولدته أمّه، و صنف يحفظ في أهله و ماله، فذاك أدنى ما يرجع به الحاجّ. (3)

11-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ للّه تبارك و تعالى حول الكعبة مائة و عشرين رحمة منها ستّون للطائفين، و أربعون للمصلّين، و عشرون للناظرين. (4)

12-عن محمّد بن مسلم عن أبي الحسن (أبي جعفر ف ن) عليه السّلام قال: دخل عليه رجل فقال له: أقدمت حاجّا؟ قال له: نعم، قال: تدري ما للحاجّ من الثواب؟ قلت: لا أدري جعلت فداك، قال: من قدم حاجّا حتّى إذا دخل مكّة متواضعا فإذا دخل المسجد الحرام قصّر خطاه مخافة اللّه عزّ و جلّ فطاف بالبيت طوافا و صلّى ركعتين، كتب اللّه له سبعين ألف حسنة، و حطّ عنه سبعين ألف سيّئة، و رفع له سبعين ألف درجة، و شفّعه في سبعين ألف حاجة، و حسب له عتق سبعين

ص:57


1- -ثواب الأعمال ص 70 ح 2
2- ثواب الأعمال ص 70 ح 3
3- ثواب الأعمال ص 72 ح 9
4- ثواب الأعمال ص 72 ح 11

رقبة، قيمة كلّ رقبة عشرة آلاف درهم. (1)

13-روي باسناد صحيح عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يأتي على الناس زمان يكون فيه حجّ الملوك نزهة و حجّ الأغنياء تجارة و حجّ المساكين مسألة. (2)

14-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (في حديث) أنّه قال: و هذا بيت استعبد اللّه به خلقه ليختبر طاعتهم في إتيانه، فحثّهم على تعظيمه و زيارته، و جعله محلّ أنبيائه، و قبلة للمصلّين له، فهو شعبة من رضوانه، و طريق يؤدّي إلى غفرانه، منصوب على استواء الكمال و مجمع العظمة و الجلال، خلقه اللّه قبل دحو الأرض بألفي عام، فأحقّ من أطيع فيما أمر و انتهى عمّا نهى عنه و زجر، اللّه المنشئ للأرواح و الصور. (3)

15-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (في حديث) :

و حجّوا تستغنوا. (4)

16-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا يزال الدين قائما ما قامت الكعبة. (5)

17-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لو أنّ الناس تركوا الحجّ لكان على الوالي أن يجبرهم على ذلك و على المقام عنده، و لو تركوا زيارة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لكان على الوالي أن يجبرهم على ذلك و على المقام عنده، فإن لم يكن لهم أموال أنفق عليهم من بيت مال المسلمين. (6)

ص:58


1- -ثواب الأعمال ص 72 ح 12- رواه البرقيّ رحمه اللّه بسند آخر عن أبي الحسن عليه السّلام
2- جامع الأخبار ص 69 ف 32
3- الوسائل ج 11 ص 10 ب 1 من وجوب الحجّ ح 10
4- الوسائل ج 11 ص 12 ح 13
5- الوسائل ج 11 ص 21 ب 4 ح 5
6- الوسائل ج 11 ص 24 ب 5 ح 2

18-عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ:

وَ مَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي اَلْآخِرَةِ أَعْمى وَ أَضَلُّ سَبِيلاً (1)قال: ذلك الذي يسوّف نفسه الحجّ-يعني: حجّة الإسلام-حتّى يأتيه الموت. (2)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة؛ رواها الكليني رحمه اللّه في الفروع و القميّ رحمه اللّه في تفسيره و. . .

19-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من مات و لم يحجّ حجّة الإسلام، لم يمنعه من ذلك حاجة تجحف به، أو مرض لا يطيق فيه الحجّ، أو سلطان يمنعه، فليمت يهوديّا أو نصرانيّا. (3)

بيان:

في المرآة ج 17 ص 149، قال الفيروزآبادي: «أجحف به» : ذهب و به الفاقة:

أفقرته الحاجة و أجحف به أيضا: قار به و دنا منه. . .

20-عن جعفر بن محمّد، عن آبائه عليهم السّلام في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام قال:

يا عليّ، كفر باللّه العظيم من هذه الأمّة عشرة: القتّات. . . و من وجد سعة فمات و لم يحجّ.

يا عليّ، تارك الحجّ و هو مستطيع كافر، يقول اللّه تبارك و تعالى: وَ لِلّهِ عَلَى اَلنّاسِ حِجُّ اَلْبَيْتِ مَنِ اِسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اَللّهَ غَنِيٌّ عَنِ اَلْعالَمِينَ.

يا عليّ، من سوّف الحجّ حتّى يموت بعثه اللّه يوم القيامة يهوديّا أو نصرانيّا. (4)

21-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الحاجّ و المعتمر وفد اللّه، إن سألوه أعطاهم، و إن دعوه أجابهم، و إن شفعوا شفّعهم، و إن سكتوا ابتدأهم، و يعوّضون

ص:59


1- -الإسراء:72
2- الوسائل ج 11 ص 26 ب 6 ح 5
3- الوسائل ج 11 ص 29 ب 7 ح 1
4- الوسائل ج 11 ص 31 ح 3

بالدرهم ألف (ألف) درهم. (1)

22-عن معاوية بن عمّار قال: قال: لمّا أفاض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله تلقّاه أعرابيّ بالأبطح فقال: يا رسول اللّه، إنّي خرجت أريد الحجّ ففاتني و أنا رجل مئل، يعني كثير المال، فمرني أصنع في مالي ما أبلغ به ما يبلغ به الحاجّ، فالتفت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى أبي قبيس فقال: لو أنّ أبا قبيس لك زنته ذهبة حمراء أنفقته في سبيل اللّه ما بلغت ما بلغ الحاجّ. (2)

23-عن إسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّ رجلا استشارني في الحجّ و كان ضعيف الحال فأشرت عليه أن لا يحجّ، فقال: ما أخلقك أن تمرض سنة، قال: فمرضت سنة. (3)

بيان:

في الوافي، «ما أخلفك» : إن كان بالفاء ف «ما» للاستفهام أو للنفي بمعنى لم يتخلّف عنك المرض، و إن كان بالقاف ف «ما» للتعجّب أي ما أجدرك و أحراك أن تمرض سنة و هو الأصوب.

24-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا أكتسب الرجل مالا من غير حلّة ثمّ حجّ فلبّى نودي: لا لبّيك و لا سعديك، و إن كان من حلّه فلبّى نودي: لبّيك و سعديك. (4)

25-عن أبي جعفر عليه السّلام أنّه ذكر عنده رجل فقال: إنّ الرجل إذا أصاب

ص:60


1- -الوسائل ج 11 ص 99 ب 38 ح 14
2- الوسائل ج 11 ص 116 ب 42 ح 7-و في ثواب الأعمال عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام مثله
3- الوسائل ج 11 ص 137 ب 48 ح 1
4- الوسائل ج 17 ص 89 ب 4 من ما يكتسب به ح 3-و بهذا المعنى روته العامّة، منهم السيوطي في درّ المنثور ج 1 ص 247

مالا من حرام لم يقبل منه حجّ و لا عمرة و لا صلة رحم حتّى أنّه يفسد فيه الفرج. (1)

26-عن ابن كثير قال: حججت مع أبي عبد اللّه عليه السّلام فلمّا صرنا في بعض الطريق صعد على جبل فأشرف فنظر إلى الناس فقال: ما أكثر الضجيج و أقلّ الحجيج.

فقال له داود الرقّي: يا بن رسول اللّه، هل يستجيب اللّه دعاء هذا الجمع الذي أرى؟ قال: ويحك يا أبا سليمان، إنّ اللّه لا يغفر أن يشرك به، الجاحد لولاية عليّ كعابد وثن. . . (2)

أقول:

روى بمضمونه في ص 270 ج 6 ب 3 ح 4، و فيه: إنّ أكثر من ترى قردة و خنازير.

و لاحظ البحار ج 27 ص 181 و ج 47 ص 79 و يأتي ما بهذا المعنى في باب الولاية.

بيان: في مجمع البحرين و في الصحاح، ضجّ القوم إضجاجا: إذا جلبوا و صاحوا. . .

و سمعت ضجّة القوم: أي جلبتهم، و منه قوله عليه السّلام: «ما أكثر الضجيج» كأنّه يريد به رفع الأصوات بالتلبية.

27-عن أمير المؤمنين عليه السّلام: و فرض عليكم حجّ بيته الحرام، الذي جعله قبلة للأنام، يردونه ورود الأنعام، و يألهون إليه ولوه الحمام، جعله سبحانه علامة لتواضعهم لعظمته، و إذعانهم لعزّته، و اختار من خلقه سمّاعا أجابوا إليه دعوته و صدّقوا كلمته، و وقفوا مواقف أنبيائه، و تشبّهوا بملائكته المطيفين بعرشه، يحرزون الأرباح في متجر عبادته، و يتبادرون عند موعد مغفرته، جعله سبحانه

ص:61


1- -أمالي الطوسي ج 2 ص 293
2- بصائر الدرجات ص 358 ج 7 ب 17 ح 15

و تعالى للإسلام علما، و للعائذين حرما، فرض حجّه، و أوجب حقّه، و كتب عليكم وفادته، فقال سبحانه: وَ لِلّهِ عَلَى اَلنّاسِ حِجُّ اَلْبَيْتِ. . . . (1)

بيان:

«يحرزون» : المراد يكسبون.

28-عن مالك بن أنس-فقيه المدينة-قال: كنت أدخل إلى الصادق عليه السّلام . . . و لقد حججت معه سنة فلمّا استوت به راحلته عند الإحرام، كان كلّما همّ بالتلبية انقطع الصوت في حلقه، و كاد أن يخرّ من راحلته، فقلت: قل يا بن رسول اللّه، و لا بدّ لك من أن تقول، فقال: يا بن أبي عامر، كيف أجسر أن أقول: «لبّيك اللهمّ لبّيك» ، و أخشى أن يقول عزّ و جلّ لي: لا لبّيك و لا سعديك. (2)

29-عن عبيد بن زرارة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: يفقد الناس إمامهم فيشهدهم الموسم فيراهم و لا يرونه. (3)

30-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من قال: «ما شاء اللّه» ألف مرّة في دفعة واحدة رزق الحجّ من عامه، فإن لم يرزق أخّره اللّه حتّى يرزقه. (4)

31-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من قال ألف مرّة: «لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه» رزقه اللّه تعالى الحجّ، فإن كان قد قرب أجله أخّره اللّه في أجله حتّى يرزقه الحجّ. (5)

32-لمّا رجع مولانا زين العابدين عليه السّلام من الحجّ استقبله الشبليّ، فقال عليه السّلام له: حججت يا شبلي؟ قال: نعم يا بن رسول اللّه، فقال عليه السّلام: أنزلت الميقات

ص:62


1- -نهج البلاغة ص 40 في الخطبة الأولى
2- البحار ج 47 ص 16 باب مكارم سيره (الصادق) عليه السّلام ح 1
3- البحار ج 52 ص 151 باب من ادّعى الرؤية ح 2
4- البحار ج 99 ص 27 ب 3 من الحجّ ح 2
5- البحار ج 99 ص 27 ح 3

و تجرّدت عن مخيط الثياب و اغتسلت؟ قال: نعم، قال: فحين نزلت الميقات نويت أنّك خلعت ثوب المعصية، و لبست ثوب الطاعة؟ قال: لا، قال: فحين تجرّدت عن مخيط ثيابك، نويت أنّك تجرّدت من الرياء و النفاق و الدخول في الشبهات؟ قال: لا، قال: فحين اغتسلت، نويت أنّك اغتسلت من الخطايا و الذنوب؟ قال:

لا، قال: فما نزلت الميقات، و لا تجرّدت عن مخيط الثياب، و لا اغتسلت،

ثمّ قال: تنظّفت و أحرمت، و عقدت بالحجّ؟ قال: نعم، قال: فحين تنظفت و أحرمت و عقدت الحجّ، نويت أنّك تنظفت بنورة (بنور ف ن) التوبة الخالصة للّه تعالى؟ قال: لا، قال: فحين أحرمت نويت أنّك حرّمت على نفسك كلّ محرّم حرّمه اللّه عزّ و جلّ؟ قال: لا، قال: فحين عقدت الحجّ نويت أنّك قد حللت كلّ عقد لغير اللّه؟ قال: لا، قال له عليه السّلام: ما تنظّفت، و لا أحرمت، و لا عقدت الحجّ.

قال له: أدخلت الميقات و صلّيت ركعتي الإحرام و لبّيت؟ قال: نعم، قال:

فحين دخلت الميقات، نويت أنّك بنيّة الزيارة؟ قال: لا، قال: فحين صلّيت الركعتين، نويت أنّك تقرّبت إلى اللّه بخير الأعمال من الصلاة، و أكبر حسنات العباد؟ قال: لا، قال: فحين لبّيت، نويت أنّك نطقت للّه سبحانه بكلّ طاعة، و صمت عن كلّ معصية؟ قال: لا، قال له عليه السّلام: ما دخلت الميقات و لا صلّيت و لا لبّيت.

ثمّ قال له: أدخلت الحرم و رأيت الكعبة و صلّيت؟ قال: نعم. قال: فحين دخلت الحرم، نويت أنّك حرّمت على نفسك كلّ غيبة تستغيبها المسلمين من أهل ملّة الإسلام؟ قال: لا، قال: فحين وصلت مكّة، نويت بقلبك أنّك قصدت اللّه؟ قال: لا.

قال عليه السّلام: فما دخلت الحرم، و لا رأيت الكعبة، و لا صلّيت.

ثمّ قال: طفت بالبيت و مسست الأركان و سعيت؟ قال: نعم، قال عليه السّلام: فحين سعيت نويت أنّك هربت إلى اللّه و عرف منك ذلك علاّم الغيوب؟ قال: لا، قال:

ص:63

فما طفت بالبيت، و لا مسست الأركان و لا سعيت.

ثمّ قال له: صافحت الحجر، و وقفت بمقام إبراهيم عليه السّلام و صلّيت به ركعتين؟ قال: نعم، فصاح عليه السّلام صيحة كاد يفارق الدنيا ثمّ قال: آه آه-ثمّ قال عليه السّلام-من صافح الحجر الأسود، فقد صافح اللّه تعالى، فانظر يا مسكين، لا تضيّع أجر ما عظم حرمته، و تنقض المصافحة بالمخالفة، و قبض الحرام نظير أهل الآثام.

ثمّ قال عليه السّلام: نويت حين وقفت عند مقام إبراهيم عليه السّلام أنّك وقفت على كلّ طاعة، و تخلّفت عن كلّ معصية؟ قال: لا. قال: فحين صلّيت فيه ركعتين، نويت أنّك صلّيت بصلاة إبراهيم عليه السّلام، و أرغمت بصلاتك أنف الشيطان؟ قال: لا، قال له: فما صافحت الحجر الأسود، و لا وقفت عند المقام و لا صلّيت فيه ركعتين.

ثمّ قال عليه السّلام له: أشرفت على بئر زمزم، و شربت من مائها؟ قال: نعم. قال:

نويت أنّك أشرفت على الطاعة، و غضضت طرفك عن المعصية؟ قال: لا، قال عليه السّلام: فما أشرفت عليها، و لا شربت من مائها.

ثمّ قال له عليه السّلام: أ سعيت بين الصفا و المروة، و مشيت و ترددت بينهما؟ قال: نعم.

قال له: نويت أنّك بين الرجاء و الخوف؟ قال: لا، قال: فما سعيت و لا مشيت و لا ترددت بين الصفا و المروة.

ثمّ قال: أخرجت إلى منى؟ قال: نعم. قال: نويت أنّك آمنت الناس من لسانك و قلبك و يدك؟ قال: لا. قال: فما خرجت إلى منى.

ثمّ قال له: أوقفت الوقفة بعرفة، و طلعت جبل الرحمة، و عرفت وادي نمرة، و دعوت اللّه سبحانه عند الميل و الجمرات؟ قال: نعم. قال: هل عرفت بموقفك بعرفة معرفة اللّه سبحانه أمر المعارف و العلوم، و عرفت قبض اللّه على صحيفتك و اطلاعه على سريرتك و قلبك؟ قال: لا، قال: نويت بطلوعك جبل الرحمة؛ أنّ اللّه يرحم كلّ مؤمن و مؤمنة، و يتولى كلّ مسلم و مسلمة؟ قال: لا. قال: فنويت عند نمرة أنّك لا تأمر حتى تأتمر، و لا تزجر حتّى تنزجر؟ قال: لا.

ص:64

قال: فعند ما وقفت عند العلم و النمرات نويت أنّها شاهدة لك على الطاعات، حافظة لك مع الحفظة بأمر ربّ السموات؟ قال: لا. قال: فما وقفت بعرفة، و لا طلعت جبل الرحمة، و لا عرفت نمرة و لا دعوت، و لا وقفت عند النمرات.

ثمّ قال: مررت بين العلمين، و صلّيت قبل مرورك ركعتين و مشيت بمزدلفة، و لقطت فيها الحصى، و مررت بالمشعر الحرام؟ قال: نعم. قال: فحين صلّيت ركعتين نويت أنّها صلاة شكر في ليلة عشر، تنفي كلّ عسر و تيسّر كلّ يسر؟ قال:

لا. قال: فعند ما مشيت بين العلمين و لم تعدل عنهما يمينا و شمالا، نويت أن لا تعدل عن دين الحقّ يمينا و شمالا لا بقلبك و لا بلسانك، و لا بجوارحك؟ قال: لا، قال:

فعند ما مشيت بمزدلفة و لقطت منها الحصى، نويت أنّك رفعت عنك كلّ معصية و جهل، و ثبّت كلّ علم و عمل؟ قال: لا. قال: فعند ما مررت بالمشعر الحرام، نويت أنّك أشعرت قلبك إشعار أهل التقوى و الخوف للّه عزّ و جلّ؟ قال: لا.

قال: فما مررت بالعلمين، و لا صلّيت ركعتين، و لا مشيت بالمزدلفة، و لا رفعت منها الحصى، و لا مررت بالمشعر الحرام.

ثمّ قال له: وصلت منى و رميت الجمرة و حلقت رأسك، و ذبحت هديك و صلّيت في مسجد الخيف، و رجعت إلى مكّة، و طفت طواف الإفاضة؟ قال: نعم.

قال: فنويت عند ما وصلت منى، و رميت الجمار، أنّك بلغت إلى مطلبك، و قد قضى ربّك لك كلّ حاجتك؟ قال: لا، قال: فعند ما رميت الجمار نويت أنّك رميت عدوّك إبليس و غضبته بتمام حجّك النفيس؟ قال: لا،

قال: فعند ما حلقت رأسك، نويت أنّك تطهرت من الأدناس و من تبعه بني آدم و خرجت من الذنوب كما ولدتك أمّك؟ قال: لا. قال: فعند ما صلّيت في مسجد الخيف، نويت أنّك لا تخاف إلاّ اللّه عزّ و جلّ و ذنبك، و لا ترجو إلاّ رحمة اللّه تعالى؟ قال: لا. قال: فعند ما ذبحت هديك نويت أنّك ذبحت حنجرة الطمع بما تمسكت به من حقيقة الورع، و أنّك اتّبعت سنّة إبراهيم عليه السّلام بذبح ولده و ثمرة فؤاده

ص:65

و ريحان قلبه، و حاجه (و أحييت) سنّته لمن بعده، و قرّبه إلى اللّه تعالى لمن خلفه؟ قال: لا.

قال: فعند ما رجعت إلى مكّة و طفت طواف الإفاضة، نويت أنّك أفضت من رحمة اللّه تعالى و رجعت إلى طاعته، و تمسكت بودّه، و أدّيت فرائضه و تقرّبت إلى اللّه تعالى؟ قال: لا.

قال له زين العابدين عليه السّلام: فما وصلت منى، و لا رميت الجمار، و لا حلقت رأسك، و لا أدّيت (ذبحت) نسكك، و لا صلّيت في مسجد الخيف، و لا طفت طواف الإفاضة، و لا تقرّبت، ارجع فإنّك لم تحجّ.

فطفق الشبلي يبكي على ما فرّطه في حجّه، و ما زال يتعلّم حتّى حجّ من قابل بمعرفة و يقين. (1)

33-قال الصادق عليه السّلام: إذا أردت الحجّ فجرّد قلبك للّه عزّ و جلّ من قبل عزمك من كلّ شاغل و حجب كلّ حاجب، و فوّض أمورك كلّها إلى خالقك، و توكّل عليه في جميع ما يظهر من حركاتك و سكونك و سلّم لقضائه و حكمه و قدره، و ودّع الدنيا و الراحة و الخلق، و أخرج من حقوق تلزمك من جهة المخلوقين، و لا تعتمد على زادك و راحلتك و أصحابك و قوّتك و شبابك و مالك مخافة أن تصير لك أعداء و وبالا، ليعلم أنّه ليس له قوّة و لا حيلة و لا لأحد إلاّ بعصمة اللّه تعالى و توفيقه، و استعدّ استعداد من لا يرجو الرجوع، و أحسن الصحبة، و راع أوقات فرائض اللّه تعالى و سنن نبيّه صلّى اللّه عليه و آله و ما يجب عليك من الأدب و الاحتمال و الصبر و الشكر و الشفقة و السخاء و إيثار الزاد على دوام الأوقات.

ثمّ اغتسل بماء التوبة الخالصة من الذنوب، و ألبس كسوة الصدق و الصفاء

ص:66


1- -المستدرك ج 10 ص 166 ب 17 من العود إلى منى ح 5

و الخضوع و الخشوع.

و أحرم عن كلّ شيء يمنعك عن ذكر اللّه عزّ و جلّ و يحجبك عن طاعته.

و لبّ بمعنى إجابة ضيافته خالصة زاكية للّه عزّ و جلّ في دعوتك له، متمسّكا بالعروة الوثقى.

و طف بقلبك مع الملائكة حول العرش كطوافك مع المسلمين بنفسك (ببدنك) حول البيت.

و هرول هرولة فرّا (هربا ف ن) من هواك و تبرّيا من جميع حولك و قوّتك

و اخرج من غفلتك و زلاّتك بخروجك إلى منى، و لا تمنّ (و لا تتمنّ ف ن) ما لا يحلّ لك و لا تستحقّه.

و اعترف بالخطأ بالعرفات، و جدّد عهدك عند اللّه تعالى بوحدانيّته و تقرّب إليه و اتّقه بمزدلفة و اصعد بروحك إلى الملأ الأعلى بصعودك إلى الجبل.

و اذبح حنجرة الهوى و الطمع عند الذبيحة.

و ارم الشهوات و الخساسة و الدناءة و الأفعال الذميمة عند رمي الجمرات.

و احلق العيوب الظاهرة و الباطنة بحلق شعرك.

و ادخل في أمان اللّه تعالى و كنفه و ستره و كلائته من متابعة مرادك بدخول الحرم.

و زر البيت متحقّقا لتعظيم صاحبه و معرفته و جلاله و سلطانه.

و استلم الحجر رضى بقسمته و خضوعا لعظمته.

و ودّع ما سواه بطواف الوداع.

و صفّ روحك و سرّك للقاء اللّه تعالى يوم تلقاه بوقوفك على الصفا.

و كن ذا مروّة من اللّه بفناء أوصافك عند المروة، و استقم على شروط حجّتك و وفاء عهدك الذي عاهدت ربّك و أوجبته له إلى يوم القيامة.

و اعلم بأنّ اللّه لم يفترض الحجّ و لم يخصّه من جميع الطاعات بالإضافة

ص:67

إلى نفسه بقوله تعالى: وَ لِلّهِ عَلَى اَلنّاسِ حِجُّ اَلْبَيْتِ. . . و لا شرّع نبيّه صلّى اللّه عليه و آله سنّة في خلال المناسك على ترتيب ما شرّعه إلاّ للاستعداد و الإشارة إلى الموت و القبر و البعث و القيامة، و فضل بيان السبق من دخول الجنّة أهلها و دخول النار أهلها، بمشاهدة مناسك الحجّ من أوّلها إلى آخرها لأولي الألباب و أولي النهى. (1)

بيان:

«كلائته» : أي حفظه. «صفّ» : فعل أمر من التصفية.

ص:68


1- -مصباح الشريعة ص 16 ب 21

33- الحديث

الأخبار

1-عن معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل راوية لحديثكم يبثّ ذلك في الناس و يشدّده في قلوبهم و قلوب شيعتكم، و لعلّ عابدا من شيعتكم ليست له هذه الرواية، أيّهما أفضل؟ قال: الراوية لحديثنا يشدّد به قلوب شيعتنا أفضل من ألف عابد. (1)

بيان:

«الراوية» : كثير الرواية و التاء للمبالغة.

2-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: تذاكروا و تلاقوا و تحدّثوا فإنّ الحديث جلاء للقلوب، إنّ القلوب لترين كما يرين السيف و جلاؤها الحديث. (2)

بيان:

«الرين» : الدنس و الوسخ.

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من أراد الحديث لمنفعة الدنيا لم يكن له

ص:69


1- -الكافي ج 1 ص 25 باب صفة العلم ح 9
2- الكافي ج 1 ص 32 باب سؤال العالم ح 8

في الآخرة نصيب و من أراد به خير الآخرة أعطاه اللّه خير الدنيا و الآخرة. (1)

4-عن طلحة بن زيد قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ رواة الكتاب كثير و إنّ رعاته قليل، و كم من مستنصح للحديث مستغشّ للكتاب، فالعلماء يحزنهم ترك الرعاية، و الجهّال يحزنهم حفظ الرواية، فراع يرعى حياته و راع يرعى هلكته، فعند ذلك اختلف الراعيان و تغاير الفريقان. (2)

بيان:

«الكتاب» : لعلّ المراد به القرآن، و يحتمل أن يكون المراد به ما يشمل الحديث أيضا. «مستنصح للحديث» : أي برعاية فهم معانيه، و التدبّر فيه، و العمل بما يقتضيه. «مستغشّ» : أي من لا يتدبّر فيه و لا يعمل بمقتضاه.

5-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من حفظ من أحاديثنا أربعين حديثا بعثه اللّه يوم القيامة عالما فقيها. (3)

بيان:

في المرآة ج 1 ص 165: هذا المضمون مشهور مستفيض بين الخاصّة و العامّة بل قيل: إنّه متواتر، و اختلف فيما أريد بالحفظ. فقيل: المراد الحفظ عن ظهر القلب فإنّه هو المتعارف المعهود في الصدر السالف. . . و قيل: المراد الحراسة عن الاندارس بما يعمّ الحفظ عن ظهر القلب و الكتابة و النقل بين الناس، و لو من كتاب و أمثال ذلك، و قيل: المراد تحمّله على أحد الوجوه المقرّرة التي سيأتي ذكرها في باب رواية الكتب، و الحقّ أنّ للحفظ مراتب يختلف الثواب بحسبها. . .

6-عن عليّ بن حنظلة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: اعرفوا منازل

ص:70


1- -الكافي ج 1 ص 37 باب المستأكل بعلمه ح 2
2- الكافي ج 1 ص 39 باب النوادر من العلم ح 6
3- الكافي ج 1 ص 39 ح 7

الناس على قدر روايتهم عنّا. (1)

7-عن ابن رئاب قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول لأبي بصير: أما و اللّه لو أنّي أجد منكم ثلاثة مؤمنين يكتمون حديثي ما استحللت أن أكتمهم حديثا. (2)

8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: تزاوروا فإنّ في زيارتكم إحياء لقلوبكم و ذكرا لأحاديثنا، و أحاديثنا تعطّف بعضكم على بعض، فإن أخذتم بها رشدتم و نجوتم و إن تركتموها ضللتم و هلكتم، فخذوا بها و أنا بنجاتكم زعيم. (3)

بيان:

«أنا بنجاتكم زعيم» أي كفيل و ضامن.

9-عن أبي عبيدة الحذّاء قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: و اللّه إنّ أحبّ أصحابي إليّ أورعهم و أفقههم و أكتمهم لحديثنا و إنّ أسوأهم عندي حالا و أمقتهم للّذي إذا سمع الحديث ينسب إلينا و يروى عنّا فلم يقبله إشمأزّ منه و جحده و كفّر من دان به و هو لا يدري لعلّ الحديث من عندنا خرج و إلينا أسند فيكون بذلك خارجا عن ولايتنا. (4)

بيان:

«اشمأزّ» : انقبض، و المشمئزّ: النافر الكاره.

10-عن محمّد الخزّاز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من أذاع علينا حديثنا فهو بمنزلة من جحدنا حقّنا.

ص:71


1- -الكافي ج 1 ص 40 ح 13
2- الكافي ج 2 ص 190 باب قلّة عدد المؤمنين ح 3
3- الكافي ج 2 ص 149 باب تذاكر الإخوان ح 2
4- الكافي ج 2 ص 177 باب الكتمان ح 7

قال: و قال لمعلّى بن الخنيس: المذيع حديثنا كالجاحد له. (1)

أقول:

سيأتي ما يناسب المقام في أبواب الذكر، العلم، الكتمان و التقيّة عن الكافي و غيره.

11-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: بادروا أحداثكم بالحديث قبل أن تسبقكم إليهم المرجئة. (2)

بيان:

يأتي شرح الحديث في باب الولد إن شاء اللّه.

«المرجئة» : من الإرجاء بمعنى التأخير، لأنّهم يرون تأخير العمل عن النيّة و القصد و يقولون: لا يضرّ مع الإيمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة، في مقابل من يقول بكفر الإنسان مع معصية كالخوارج، و يمكن جريه على غير الشيعة مطلقا بإلقاء الخصوصيّة.

12-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: اللهمّ ارحم خلفائي، قيل: يا رسول اللّه، و من خلفائك؟ قال: الذين يأتون من بعدي يروون حديثي و سنّتي. (3)

13-عن عبد السلام الهروي عن الرضا عليه السّلام قال: رحم اللّه عبدا أحيى أمرنا، قلت: كيف يحيي أمركم؟ قال: يتعلّم علومنا و يعلّمها الناس، فإنّ الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتّبعونا. . . (4)

14-عن الفضيل بن يسار قال: قال لي أبو جعفر عليه السّلام: يا فضيل، إنّ

ص:72


1- -الكافي ج 2 ص 274 باب الإذاعة ح 2
2- الوسائل ج 27 ص 88 ب 8 من صفات القاضي ح 42
3- الوسائل ج 27 ص 91 ح 50
4- الوسائل ج 27 ص 92 ح 52

حديثنا يحيي القلوب. (1)

15-عن جابر قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام: إذا حدّثتني بحديث فأسنده لي، فقال: حدّثني أبي، عن جدّي، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، عن جبرئيل، عن اللّه تبارك و تعالى، و كلّما أحدّثك بهذا الإسناد.

و قال: لحديث واحد تأخذه عن صادق خير لك من الدنيا و ما فيها. (2)

16-قال الصادق عليه السّلام: اعرفوا منازل شيعتنا بقدر ما يحسنون من رواياتهم عنّا، فإنّا لا نعدّ الفقيه منهم فقيها حتّى يكون محدّثا، فقيل له:

أو يكون المؤمن محدّثا؟ قال: يكون مفهما و المفهم المحدّث. (3)

17-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: سارعوا في طلب العلم فلحديث صادق خير ممّا طلعت عليه الشمس و القمر. (4)

18-عن أبي سعيد الخدريّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: سيأتيكم أقوام من أقطار الأرض يسألونكم الحديث، فحدّثوهم و لو للّه و لو عرفتم اللّه حقّ معرفته لزالت الجبال بدعائكم. (5)

19-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ حديث آل محمّد صعب مستصعب لا يؤمن به إلاّ ملك مقرّب أو نبيّ مرسل أو عبد امتحن اللّه قلبه للإيمان، فما ورد (عرض ف ن) عليكم من حديث آل محمّد فلانت له قلوبكم و عرفتموه فأقبلوه (فخذوه ف ن) و ما اشمأزّت منه قلوبكم و أنكرتموه فردّوه إلى اللّه و إلى الرسول و إلى العالم من آل محمّد، و إنّما الهالك أن يحدّث

ص:73


1- -الوسائل ج 27 ص 93 ح 57
2- الوسائل ج 27 ص 97 ح 67
3- الوسائل ج 27 ص 149 ب 11 ح 38
4- المستدرك ج 17 ص 300 ب 8 من صفات القاضي ح 50
5- المستدرك ج 17 ص 301 ح 54

أحدكم بشيء منه لا يحتمله فيقول: و اللّه ما كان هذا ثلثا. (1)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة، فراجع الكافي و البحار ج 2 ب 26 و. . . و في بعضها: فإنّما الشقيّ الهالك الذي يقول: و اللّه ما كان هذا. ثمّ قال: يا جابر، إنّ الإنكار هو الكفر باللّه العظيم.

بيان: «صعب مستصعب» يكون وصفا لصعوبة تحمّل الحديث، فأمرنا عليه السّلام في هذا الحديث بردّ الحديث الذي لا نفهمه إليهم عليهم السّلام، لا ردّه و إنكاره أو تأويله بآرائنا القاصرة، أو نقول مثلا: إنّه حديث ضعيف.

20-عن الأصبغ عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: سمعته يقول: إنّ حديثنا صعب مستصعب، خشن مخشوش، فانبذوا إلى الناس نبذا فمن عرف فزيدوه و من أنكر فأمسكوا، لا يحتمله إلاّ ثلاث: ملك مقرّب أو نبيّ مرسل أو عبد مؤمن امتحن اللّه قلبه للإيمان. (2)

بيان:

«خشن مخشوش» في البحار ج 2 ص 193، الخشاش: ما يدخل في عظم أنف البعير من خشب، فالبعير الذي فعل به مخشوش، و هذا الوصف أيضا لبيان صعوبته بأنّه يحتاج في انقياده إلى الخشاش، و لعلّ الأصوب: "مخشوشن"كما في بعض النسخ، فهو تأكيد و مبالغة، قال الجوهري: الخشونة، ضدّ اللين، و اخشوشن الشيء:

اشتدّت خشونته، و هو للمبالغة كقولك: أعشب الأرض و اعشوشب.

«فانبذوا نبذا» : نبذ من مطر أي شيء يسير منه، و نبذت الشيء أنبذه نبذا: إذا رميته و أبعدته (3)، و المعنى قولوا للناس قليلا من أحاديثهم عليهم السّلام فإن قبلوه

ص:74


1- -بصائر الدرجات ص 21 ج 1 ب 11 ح 1
2- بصائر الدرجات ص 21 ح 5
3- راجع النهاية ج 5 ص 6 و 7

فزيدوهم و إلاّ فأمسكوا.

21-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ أمرنا صعب مستصعب، لا يحمله إلاّ عبد مؤمن امتحن اللّه قلبه للإيمان، و لا يعي حديثنا إلاّ صدور أمينة، و أحلام رزينة. (1)

بيان:

«لا يعي» وعى الحديث: قبله و تدبّره و حفظه. «أحلام» : عقول. «رزينة» : رجل رزين: وقور، و امرأة رزينة: إذا كانت ذات ثبات و وقار و سكون. و الرزانة في الأصل: الثقل. (راجع النهاية ج 2 ص 220)

22-عن مدرك بن الهزهاز قال: قال أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد عليهما السّلام:

يا مدرك، إنّ أمرنا ليس بقبوله فقطّ، و لكن بصيانته و كتمانه عن غير أهله، أقرأ أصحابنا السلام و رحمة اللّه و بركاته، و قل لهم: رحم اللّه امرءا اجترّ مودّة الناس إلينا، فحدّثهم بما يعرفون و ترك ما ينكرون. (2)

أقول:

روت العامّة عن النبيّ (ص) : «لا تحدّثوا أمّتي من أحاديثي إلاّ بما تحمله عقولهم» .

و قال (ص) : «أمرنا أن نكلّم الناس على قدر عقولهم»

و قال (ص) : «من حدّث بحديث لا يعلم تفسيره لا هو و لا الذي حدّثه إلاّ كأنّما هو فتنة عليه و على الذي حدّثه» .

و قال (ص) : «إذا حدّثتم الناس عن ربّهم فلا تحدّثوهم بما يفزعهم و يشقّ عليهم» .

(كنز العمّال ح 29284 و ح 29282 و ح 29283 و ح 5307)

23-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أ تحبّون أن يكذّب اللّه و رسوله؟ ! حدّثوا

ص:75


1- -نهج البلاغة ص 761 في خ 231-صبحي ص 280 في خ 189
2- البحار ج 2 ص 68 ب 13 من العلم ح 15

الناس بما يعرفون و أمسكوا عمّا ينكرون. (1)

24-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سارعوا في طلب العلم، فو الذي نفسي بيده لحديث واحد في حلال و حرام تأخذه عن صادق خير من الدنيا و ما حملت من ذهب و فضّة، و ذلك أنّ اللّه يقول: ما آتاكُمُ اَلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا و أن كان عليّ عليه السّلام ليأمر بقراءة المصحف. (2)

25-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال لي: يا جابر، و اللّه لحديث تصيبه من صادق في حلال و حرام خير لك ممّا طلعت عليه الشمس حتّى تغرب. (3)

26-قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّ حديثنا يحيي القلوب، و قال: منفعته في الدين أشدّ على الشيطان من عبادة سبعين ألف عابد. (4)

27-عن داود بن فرقد قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: أنتم أفقه الناس إذا عرفتم معاني كلامنا، إنّ الكلمة لتنصرف على وجوه فلو شاء إنسان لصرف كلامه كيف شاء و لا يكذب. (5)

28-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أبو جعفر عليه السّلام: يا بنيّ، اعرف منازل الشيعة على قدر روايتهم و معرفتهم، فإنّ المعرفة هي الدراية للرواية، و بالدرايات للروايات يعلو المؤمن إلى أقصى درجات الإيمان، إنّي نظرت في كتاب لعليّ عليه السّلام فوجدت في الكتاب: أنّ قيمة كلّ امرء و قدره معرفته، إنّ اللّه تبارك و تعالى يحاسب الناس على قدر ما آتاهم من العقول في دار الدنيا. (6)

ص:76


1- -البحار ج 2 ص 77 ح 60
2- البحار ج 2 ص 146 ب 19 ح 14
3- البحار ج 2 ص 146 ح 15
4- البحار ج 2 ص 151 ح 29
5- البحار ج 2 ص 183 ب 26 ح 3
6- البحار ج 2 ص 184 ح 4

29-عن إبراهيم الكرخيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال: حديث تدريه خير من ألف ترويه، و لا يكون الرجل منكم فقيها حتّى يعرف معاريض كلامنا، و إنّ الكلمة من كلامنا لتنصرف على سبعين وجها لنا من جميعها المخرج. (1)

بيان:

التعريض في الكلام: ما تفهم به السامع مرادك من غير تصريح، و المعراض ج معاريض: التورية بالشيء عن شيء آخر، و من الكلام: فحواه.

30-قال الرضا عليه السّلام: من ردّ متشابه القرآن إلى محكمه هدي إلى صراط مستقيم، ثمّ قال عليه السّلام: إنّ في أخبارنا متشابها كمتشابه القرآن، و محكما كمحكم القرآن، فردّوا متشابهها إلى محكمها، و لا تتّبعوا متشابهها دون محكمها فتضلّوا. (2)

31-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : إذا سمعتم من حديثنا ما لا تعرفون فردّوه إلينا وقفوا عنده، و سلّموا حتّى يتبيّن لكم الحقّ، و لا تكونوا مذاييع عجلي (3)

بيان:

«المذاييع» : واحده المذياع، من أذاع الشيء إذا أفشاه.

32-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من ردّ حديثا بلغه عنّي فأنا مخاصمه يوم القيامة، فإذا بلغكم عنّي حديث لم تعرفوا فقولوا: اللّه أعلم. (4)

33-عن ابن مسعود قال: جاء رجل إلى فاطمة عليها السلام فقال: يا بنت رسول اللّه، هل ترك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عندك شيئا فطوقينيه (تطرفينيه) ؟ فقالت: يا جارية، هات تلك الجريدة (الحريرة) ، فطلبتها، فلم تجدها. فقالت: ويلك (ويحك)

ص:77


1- -البحار ج 2 ص 184 ح 5
2- البحار ج 2 ص 185 ح 9
3- البحار ج 2 ص 189 ح 20
4- البحار ج 2 ص 212 ح 114

اطلبيها، فإنّها تعدل عندي حسنا و حسينا، فطلبتها، فإذا هي قد قممتها في قمامتها، فإذا فيها: قال محمّد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ليس من المؤمنين من لم يأمن جاره بوائقه، و من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فلا يؤذي جاره، و من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فليقل خيرا أو يسكت، إنّ اللّه تعالى يحبّ الخيّر، الحليم، المتعفّف، و يبغض الفاحش العينين (الضنين) البذاء السئّال الملحف. إنّ الحياء من الإيمان، و الإيمان في الجنّة. و إنّ الفحش من البذاء و البذاء في النار. (1)

بيان:

«أطرف» : أتى بالطرفة أي الحديث الجديد المستحسن. «طوّقه الطوق» : ألبسه إيّاه. «الجريدة» : الصحيفة يكتب عليها «قمم» : في المقائيس ج 5 ص 4، (قم) القاف و الميم أصل واحد يدلّ على جمع الشيء. من ذلك: قمقم اللّه عصبه: أي جمعه و القمقام: البحر، لأنّه مجتمع للماء. . . و من ذلك قمّ البيت، أي كنس.

«بوائقه» : أي غوائله و شروره.

34-عن جابر الجعفي قال: حدّثني أبو جعفر عليه السّلام سبعين ألف حديثا لم أحدّث بها أحدا قطّ و لا أحدّث بها أبدا.

قال جابر: فقلت لأبي جعفر عليه السّلام: جعلت فداك إنّك حملتني وقرا عظيما بما حدّثتني به من سرّكم الذي لا أحدّث به أحدا، و ربما جاش في صدري حتّى يأخذني منه شبيه الجنون، قال: يا جابر، فإذا كان ذلك فاخرج إلى الجبان (أي الصحراء) فاحفر حفيرة و دل رأسك فيها ثمّ قل: حدّثني محمّد بن عليّ بكذا و كذا. (2)

ص:78


1- -سفينة البحار ج 1 ص 231- دلائل الإمامة ص 1
2- الاختصاص ص 61

34- الحرص

اشارة

قال اللّه تعالى: إِنَّ اَلْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً- إِذا مَسَّهُ اَلشَّرُّ جَزُوعاً. (1)

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أبو جعفر عليه السّلام: مثل الحريص على الدنيا مثل دودة القزّ، كلّما ازدادت من القزّ على نفسها لفّا كان أبعد لها من الخروج حتّى تموت غمّا.

و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أغنى الغنيّ (الغنى ف ن) من لم يكن للحرص أسيرا.

و قال: لا تشعروا قلوبكم الاشتغال بما قد فات فتشغلوا أذهانكم عن الاستعداد لما لم يأت. (2)

بيان:

في المرآة ج 10 ص 233، «أغنى الغنى» : أي ليس الغنى و عدم الحاجة بكثرة المال، بل بترك الحرص، فإنّ الحريص كلّما ازداد ماله اشتدّ حرصه فيكون أفقر و أحوج ممّن لا مال له «لا تشعروا قلوبكم» أي لا تلزموه إيّاها و لا تجعلوه شعارها. . .

ص:79


1- -المعارج:19 و 20
2- الكافي ج 2 ص 238 باب حبّ الدنيا و الحرص عليها ح 7

«بما قد فات» : أي من أمور الدنيا سواء لم يحصل أو حصل و فات. . . «الحريص» في المصباح: حرص عليه حرصا من باب ضرب: إذا اجتهد و الاسم الحرص، و حرص على الدنيا؛ إذا رغب رغبة مذمومة فهو حريص و جمعه حراص.

و في جامع السعادات ج 2 ص 102: الحرص و هو معنى راتب في النفس، باعث على جمع ما لا يحتاج إليه و لا يفيده من الأموال، من دون أن ينتهي إلى حدّ يكتفي به، و هو أقوى شعب حبّ الدنيا و أشهر أنواعه. و لا ريب في كونه ملكة مهلكة و صفة مضلّة بل بادية مظلمة الأرجاء و الأطراف، و هاوية غير متناهية الأعماق و الأكناف، من وقع فيها ضلّ و باد، و من سقط فيها هلك و ما عاد.

و التجربة و الاعتبار و الأخبار و الآثار متظاهرة على أنّ الحريص لا ينتهي إلى حدّ يقف دونه، بل لا يزال يخوض في غمرات الدنيا إلى أن يغرق، و تطرحه أرض إلى أرض حتّى يهلك.

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «لو كان لابن آدم و اديان من ذهب، لابتغى وراءهما ثالثا، و لا يملأ جوف ابن آدم إلاّ التراب، و يتوب اللّه على من تاب» .

. . . و أيّ خسران أشدّ من أن يسعى الإنسان في طلب به هلاكه؟ و أيّ تأمّل في أنّ كلّما يحرص عليه الإنسان من أموال الدنيا يكون مهلكا له؟ !

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما فتح اللّه على عبد بابا من أمر الدنيا إلاّ فتح اللّه عليه من الحرص مثله. (1)

بيان:

قال في المرآة: يدلّ الحديث على زيادة الحرص بزيادة المال و غيره من مطلوبات الدنيا كما هو المجرّب.

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: حرم الحريص خصلتين، و لزمته خصلتان: حرم

ص:80


1- -الكافي ج 2 ص 240 ح 12

القناعة فافتقد الراحة، و حرم الرضا فافتقد اليقين. (1)

4-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يهرم ابن آدم و يشبّ منه اثنان: الحرص على المال و الحرص على العمر.

و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يهلك-أو قال: يهرم-ابن آدم و يبقى منه اثنتان: الحرص و الأمل. (2)

5-عن أبي عبد اللّه عن أبيه عليهما السّلام قال: لا يؤمن رجل فيه الشحّ و الحسد و الجبن، و لا يكون المؤمن جبانا و لا حريصا و لا شحيحا. (3)

6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان فيما أوصى به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عليّا عليه السّلام:

يا عليّ، أنهاك عن ثلاث خصال عظام: الحسد و الحرص و الكذب. . . (4)

7-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من علامات الشقاء جمود العين و قسوة القلب و شدّة الحرص في طلب الرزق (الدنيا ف ن) ، و الإصرار على الذنب. (5)

8-قال الرضا عليه السّلام: لا يجتمع المال إلاّ بخصال خمس: ببخل شديد و أمل طويل و حرص غالب و قطيعة الرحم و إيثار الدنيا على الآخرة. (6)

9-عن أمير المؤمنين عليه السّلام: . . . و إظهار الحرص يورث الفقر. . .

و قال عليه السّلام: . . . و ترك الحرص يزيد في الرزق. . . (7)

ص:81


1- -الخصال ج 1 ص 69 باب الاثنين ح 104
2- الخصال ج 1 ص 73 ح 112 و 113
3- الخصال ج 1 ص 82 باب الثلاثة ح 8
4- الخصال ج 1 ص 124 ح 121
5- الخصال ج 1 ص 242 باب الأربعة ح 96
6- الخصال ج 1 ص 282 باب الخمسة ح 29
7- الخصال ج 2 ص 504 باب الستّة عشر في ح 2

و قال عليه السّلام: و الحرص مفقرة. (1)

10-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لو لا خمس خصال لصار الناس كلّهم صالحين: أوّلها القناعة بالجهل، و الحرص على الدنيا، و الشحّ بالفضل، و الرياء في العمل، و الإعجاب بالرأي. (2)

11-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أغفل الناس من لم يتّعظ بتغيّر الدنيا من حال إلى حال و أغنى الناس من لم يكن للحرص أسيرا. (3)

12-عن أبي بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: اصول الكفر ثلاثة: الحرص و الاستكبار و الحسد. . . (4)

13-عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: . . . و للمعاصي شعبا فأوّل ما عصى اللّه به الكبر. . . ثمّ الحرص ثمّ الحسد. . . (5)

14-في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسين عليهما السّلام: أي بنيّ، الحرص مفتاح التعب، و مطيّة النصب، وداع إلى التقحّم في الذنوب، و الشره جامع لمساوئ العيوب. (6)

بيان:

«المطيّة» : الدابّة المركوبة. «النصب» : التعب كما في النهاية، و بالضمّ: الشرّ و البلاء كما في الصحاح.

«التقحّم في الذنوب» : المراد ارتكاب الذنوب كأنّه مأخوذ من اقتحم الفرس النهر:

ص:82


1- -الخصال ج 2 ص 504 في ح 3
2- الاثنى عشرية ص 206 ب 5 ف 4
3- مشكوة الأنوار ص 310 ب 8 ف 2
4- الوسائل ج 15 ص 339 ب 49 من جهاد النفس ح 1-و مثله في ب 55 ح 10 و 12
5- الوسائل ج 16 ص 8 ب 61 ح 2
6- المستدرك ج 12 ص 61 ب 64 من جهاد النفس ح 10

إذا دخل فيه، و في النهاية ج 4 ص 18، يقال: اقتحم الإنسان الأمر العظيم، و تقحّمه: إذا رمى نفسه فيه من غير رويّة و تثبّت. «الشره» : الحرص على الشيء و النشاط له و الرغبة فيه.

15-قال الصادق عليه السّلام: إنّ فيما نزل به الوحي من السماء: لو أنّ لابن آدم واديين يسيلان ذهبا و فضّة لابتغى لهما ثالثا. يا بن آدم، إنّما بطنك بحر من البحور و واد من الأودية، لا يملأه شيء إلاّ التراب. (1)

16-قال الباقر عليه السّلام: ربّ حريص على أمر قد شقى به حين أتاه، و ربّ كاره لأمر قد سعد به حين أتاه. (2)

17-عن ابن عبّاس قال: قال إبليس لنوح عليه السّلام: لك عندي يد، سأعلّمك خصالا، قال نوح: و ما يدي عندك؟ قال: دعوتك على قومك حتّى أهلكهم اللّه جميعا، فإيّاك و الكبر، و إيّاك و الحرص، و إيّاك و الحسد.

فإنّ الكبر هو الذي حملني على أن تركت السجود لآدم فأكفرني و جعلني شيطانا رجيما، و إيّاك و الحرص فإنّ آدم أبيح له الجنّة و نهى عن شجرة واحدة فحمله الحرص على أن أكل منها، و إيّاك و الحسد فإنّ ابن آدم حسد أخاه فقتله.

فقال نوح عليه السّلام: فأخبرني متى تكون أقدر على ابن آدم؟ قال: عند الغضب. (3)

18-قال الصادق عليه السّلام (في حديث) : إن كان الرزق مقسوما فالحرص لماذا؟ (4)

19-في خبر الشاميّ، سئل أمير المؤمنين عليه السّلام: أيّ ذلّ أذلّ؟ قال: الحرص

ص:83


1- -جامع السعادات ج 2 ص 103
2- جامع السعادات ج 2 ص 103
3- البحار ج 63 ص 251 باب إبليس ح 113
4- البحار ج 73 ص 160 باب الحرص ح 1

على الدنيا. (1)

20-فيما سأل أمير المؤمنين ابنه الحسن عليهما السّلام أنّه قال له: ما الفقر؟ قال:

الحرص و الشره. (2)

21-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لمّا هبط نوح عليه السّلام من السفينة أتاه إبليس فقال له: ما في الأرض رجل أعظم منّة عليّ منك، دعوت اللّه على هؤلاء الفسّاق فأرحتني منهم، أ لا أعلّمك خصلتين؟ إيّاك و الحسد، فهو الذي عمل بي ما عمل، و إيّاك و الحرص، فهو الذي عمل بآدم ما عمل. (3)

22-. . . سئل أمير المؤمنين عليه السّلام عن الحرص ما هو؟ قال: هو طلب القليل بإضاعة الكثير. (4)

23-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه: يا أبا ذر، لا يسبق بطيء بحظّه، و لا يدرك حريص ما لم يقدّر له، و من أعطي خيرا فإنّ اللّه أعطاه، و من وقي شرّا فإنّ اللّه وقاه. (5)

بيان:

في الحديث إشارة إلى ردّ الحريص حيث يزعم بأنّ الحرص و الاهتمام يكثر حظّه و رزقه و ماله، كيف و اللّه تعالى هو الرزّاق.

و لاحظ ما يناسب المقام في أبواب الجبن، القناعة و. . .

24-قال الصادق عليه السّلام: لا تحرص على شيء لو تركته لوصل إليك و كنت عند اللّه مستريحا محمودا بتركه و مذموما باستعجالك في طلبه و ترك التوكّل عليه

ص:84


1- -البحار ج 73 ص 161 ح 4
2- البحار ج 73 ص 162 ح 15
3- البحار ج 73 ص 163 ح 17
4- البحار ج 73 ص 167 ح 31
5- البحار ج 77 ص 78

و الرضا بالقسم، فإنّ الدنيا خلقها اللّه بمنزلة الظلّ (ظلّك ف ن) إن طلبته أتعبك و لا تلحقه أبدا و إن تركته تبعك و أنت مستريح.

قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «الحريص محروم» و هو مع حرمانه مذموم في أيّ [شيء ف] كان و كيف لا يكون محروما و قد فرّ من وثاق اللّه عزّ و جلّ و خالف قول اللّه حيث يقول: اَللّهُ اَلَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ. (1)

و الحريص بين سبع آفات صعبة: فكر يضرّ بدنه و لا ينفعه، و همّ لا يتمّ له أقصاه، و تعب لا يستريح منه إلاّ عند الموت و يكون عند الراحة أشدّ تعبا، و خوف لا يورثه إلاّ الوقوع فيه، و حزن قد كدر عليه عيشه بلا فائدة، و حساب لا مخلص له معه من عذاب اللّه تعالى إلاّ أن يعفو اللّه عنه، و عقاب لا مفرّ له منه و لا حيلة، و المتوكّل على اللّه يمسي و يصبح في كنف اللّه و هو منه في عافية و قد عجّل اللّه [له]كفايته و هيّئ له من الدرجات ما اللّه به عليم، و الحرص ما يجري في منافذ غضب اللّه، و ما لم يحرم العبد اليقين لا يكون حريصا، و اليقين أرض الإسلام و سماء الإيمان. (2)

25-عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال:

الحريص محروم. (الغرر ج 1 ص 8 ف 1 ح 132)

الحريص تعب-الحرص مطيّة التعب. (ص 13 و 14 ح 301 و 333)

الحرص علامة الفقر-الحريص لا يكتفي (ص 16 ح 406 و 419)

الحريص عبد المطامع (ص 24 ح 676)

الحرص علامة الأشقياء. (ح 677)

القناعة عزّ و غناء-الحرص ذلّ و عناء. (ص 25 ح 740 و 741)

ص:85


1- -الروم:40
2- مصباح الشريعة ص 22 ب 30

الحرص يفسد الإيقان (ص 26 ح 774)

الحرص يذلّ و يشقي (ص 30 ح 919)

الحرص عناء مؤبّد. (ص 33 ح 1025)

الحرص يزري بالمروّة. (ص 37 ح 1150)

الحرص موقع في كثير العيوب (في كبير الذنوب ف ن) . (ص 38 ح 1174)

الحريص أسير مهانة لا يفكّ أسره. (ص 50 ح 1412)

الحرص ينقص قدر الرجل، و لا يزيد في رزقه. (ص 59 ح 1586)

الحرص ذلّ و مهانة لمن يستشعره. (ح 1597)

الحرص رأس الفقر و أسّ الشرّ. (ص 60 ح 1610)

الحرص و الشره و البخل نتيجة الجهل. (ص 63 ح 1673)

الحريص فقير و إن ملك الدنيا بحذافيرها. (ص 69 ح 1779)

الجبن و الحرص و البخل غرائز سوء يجمعها سوء الظنّ باللّه.

(ص 74 ح 1845)

المذلّة و المهانة و الشقاء في الطمع و الحرص. (ص 96 ح 2117)

انتقم من حرصك بالقنوع، كما تنتقم من عدوّك بالقصاص.

(ص 114 ف 2 ح 115)

أشقاكم أحرصكم. (ص 174 ف 8 ح 5)

أغنى الأغنياء من لم يكن للحرص أسيرا. (ص 197 ح 377)

ربّ حريص قتله حرصه. (ص 415 ف 35 ح 37)

سلاح الحرص الشره. (ص 432 ف 39 ح 4)

شدّة الحرص من قوّة الشره و ضعف الدين. (ص 450 ف 42 ح 18)

طاعة الحرص تفسد اليقين. (ج 2 ص 469 ف 47 ح 4)

عبد الحرص مخلّد الشقاء. (ص 499 ف 55 ح 18)

ص:86

كلّ حريص فقير. (ص 544 ف 62 ح 8)

من كثر حرصه ذلّ قدره. (ص 620 ف 77 ح 211)

من ادّرع الحرص افتقر. (ص 626 ح 317)

من كثر حرصه قلّ يقينه. (ص 628 ح 351)

من أيقن بالآخرة لم يحرص على الدنيا. (ص 645 ح 601)

من حرص على الآخرة ملك. (ص 656 ح 782)

من حرص على الدنيا هلك. (ح 783)

من كثر حرصه كثر شقاؤه. (ص 667 ح 939)

ما أذلّ النفس كالحرص، و لا شان العرض كالبخل. (ص 741 ف 79 ح 98)

لا حياء لحريص. (ص 832 ف 86 ح 65)

لا يلقى الحريص مستريحا. (ص 835 ح 127)

ص:87

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393735352C22426F6F6B4944223A31363731392C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A38382C2253686F77506167654E756D223A223838222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030322F424B31353931344730303253312F424B31353931344730303253315038382E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

35- اجتناب المحارم و أداء الفرائض

الآيات

1- أَ فَمَنِ اِتَّبَعَ رِضْوانَ اَللّهِ كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اَللّهِ وَ مَأْواهُ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ اَلْمَصِيرُ (1)

2- . . . وَ مَنْ يُطِعِ اَللّهَ وَ رَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا اَلْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَ ذلِكَ اَلْفَوْزُ اَلْعَظِيمُ- وَ مَنْ يَعْصِ اَللّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها وَ لَهُ عَذابٌ مُهِينٌ. (2)

3- وَ مَنْ يُطِعِ اَللّهَ وَ اَلرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ اَلَّذِينَ أَنْعَمَ اَللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ اَلنَّبِيِّينَ وَ اَلصِّدِّيقِينَ وَ اَلشُّهَداءِ وَ اَلصّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً. (3)

4- وَ اُعْبُدْ رَبَّكَ حَتّى يَأْتِيَكَ اَلْيَقِينُ. (4)

5- وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَ أَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ اَلْخَيْراتِ وَ إِقامَ اَلصَّلاةِ

ص:89


1- -آل عمران:162
2- النساء:13 و 14
3- النساء:69
4- الحجر:99

وَ إِيتاءَ اَلزَّكاةِ وَ كانُوا لَنا عابِدِينَ. (1)

6- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اِرْكَعُوا وَ اُسْجُدُوا وَ اُعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَ اِفْعَلُوا اَلْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. (2)

الأخبار

1-عن داود الرقّي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: وَ لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ (3)قال: من علم أنّ اللّه عزّ و جلّ يراه و يسمع ما يقوله و يفعله من خير أو شرّ فيحجزه ذلك عن القبيح من الأعمال فذلك الذي خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَ نَهَى اَلنَّفْسَ عَنِ اَلْهَوى (4)(5)

2-قال أبو جعفر عليه السّلام: كلّ عين باكية يوم القيامة غير ثلاث: عين سهرت في سبيل اللّه، و عين فاضت من خشية اللّه، و عين غضّت عن محارم اللّه. (6)

أقول:

قد مرّ ما بمضمونه مع شرحه في باب البكاء ف 1.

بيان: «في سبيل اللّه» : كالجهاد و السفر إلى الحجّ و الزيارات و السهر للعبادة و. . .

«فاضت» يقال: فاض الماء و الدمع: كثر حتّى سال.

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: فيما ناجى اللّه عزّ و جلّ به موسى عليه السّلام: يا موسى، ما تقرّب إليّ المتقرّبون بمثل الورع عن محارمي، فإنّي ابيحهم جنّات عدن

ص:90


1- -الأنبياء:73
2- الحجّ:77
3- الرحمن:46
4- النازعات:40
5- الكافي ج 2 ص 65 باب اجتناب المحارم ح 1
6- الكافي ج 2 ص 65 ح 2

لا أشرك معهم أحدا. (1)

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من أشدّ ما فرض اللّه على خلقه ذكر اللّه كثيرا ثمّ قال: لا أعني «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر» و إن كان منه و لكن ذكر اللّه عند ما أحلّ و حرّم، فإن كان طاعة عمل بها و إن كان معصية تركها. (2)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة، في بعضها: «ثلاثة لا يطيقها هذه الامّة» . و في بعضها: «سيّد الأعمال ثلاثة» . و في بعضها: «أشدّ الأعمال ثلاثة» . إلى غير ذلك.

لاحظ الوسائل و البحار و سيأتي بعضها في باب الذكر و غيره.

5-عن سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ:

وَ قَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً (3)قال: أما و اللّه إن كانت أعمالهم أشدّ بياضا من القباطي و لكن كانوا إذا عرض لهم الحرام لم يدعوه. (4)

بيان:

في المرآة ج 8 ص 71، «الهباء» : غبار يرى في شعاع الشمس الطالع من الكوّة، من الهبوة و هو الغبار. «القباطي» : جمع القبطيّة بالكسر: ثياب بيض رقاق من كتّان تتّخذ بمصر و قد يضمّ. . .

6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من ترك معصية للّه مخافة اللّه تبارك و تعالى أرضاه اللّه يوم القيامة. (5)

ص:91


1- -الكافي ج 2 ص 65 ح 3
2- الكافي ج 2 ص 65 ح 4
3- الفرقان:23
4- الكافي ج 2 ص 66 ح 5
5- الكافي ج 2 ص 66 ح 6

7-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: اِصْبِرُوا وَ صابِرُوا وَ رابِطُوا (1)قال: اصبروا على الفرائض، و صابروا على المصائب، و رابطوا على الأئمّة عليهم السّلام.

و في رواية ابن محبوب عن أبي السفاتج [و زاد فيه]: فاتّقوا اللّه ربّكم فيما افترض عليكم. (2)

بيان:

«رابطوا» : المراد ربط النفس على طاعتهم و انقيادهم و انتظار فرجهم. «صابروا» :

في المرآة ج 8 ص 80، لعلّ صيغة المفاعلة على هذا الوجه للمبالغة، لأنّ ما يكون بين الاثنين يكون الاهتمام فيه أشدّ، أو لأنّ فيه معارضة النفس و الشيطان و كذا قوله: رابطوا، يحتمل الوجهين.

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: اعمل بفرائض اللّه تكن أتقى الناس. (3)

9-عن محمّد الحلبيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال اللّه تبارك و تعالى:

ما تحبّب إليّ عبدي بأحبّ ممّا افترضت عليه. (4)

10-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا تزال أمّتي بخير ما تحابّوا و تهادوا و أدّوا الأمانة، و اجتنبوا الحرام، و قروا الضيف، و أقاموا الصلوة و آتوا الزكاة، فإذا لم يفعلوا ذلك ابتلوا بالقحط و السنين. (5)

ص:92


1- -آل عمران:200
2- الكافي ج 2 ص 66 باب أداء الفرائض ح 3
3- الكافي ج 2 ص 66 ح 4
4- الكافي ج 2 ص 66 ح 5
5- البحار ج 71 ص 206 باب أداء الفرائض ح 11

بيان:

في مجمع البحرين (هدا) ، «التهادي» : أن يهدي بعضهم إلى بعض، و منه الحديث:

"تهادوا تحابّوا". «قروا الضيف» أي أحسنوا إلى الضيف و أكرموه.

11-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أعبد الناس من أقام الفرائض، و أشدّ الناس اجتهادا من ترك الذنوب. (1)

12-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أورع الناس من وقف عند الشبهة، أعبد الناس من أقام الفرائض، أزهد الناس من ترك الحرام، أشدّ الناس اجتهادا من ترك الذنوب. (2)

13-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: قال حبيبي جبرئيل: إنّ مثل هذا الدين كمثل شجرة ثابتة، الإيمان أصلها و الصلاة عروقها و الزكاة ماؤها و الصوم سعفها، و حسن الخلق ورقها، و الكفّ عن المحارم ثمرها، فلا تكمل شجرة إلاّ بالثمر، كذلك الإيمان لا يكمل إلاّ بالكفّ عن المحارم. (3)

بيان:

«العروق» : واحده العرق، يقال بالفارسيّة: ريشه درخت. «سعفها» : أي أغصانها (شاخه ها) .

14-عن المفضّل قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: روي عن المغيرة أنّه قال:

إذا عرف الرجل ربّه ليس عليه وراء ذلك شيء. قال: ما له! لعنه اللّه، أ ليس كلّما ازداد باللّه معرفة فهو أطوع له؟ أ فيطيع اللّه عزّ و جلّ من لا يعرفه؟ إنّ اللّه عزّ و جلّ أمر محمّدا صلّى اللّه عليه و آله بأمر، و أمر محمّد صلّى اللّه عليه و آله المؤمنين بأمر، فهم عاملون به إلى أن يجيء نهيه، و الأمر و النهي عند المؤمن سواء.

ص:93


1- -البحار ج 71 ص 206 ح 13
2- البحار ج 71 ص 206 ح 14
3- البحار ج 71 ص 207 ح 15

قال: ثمّ قال: لا ينظر اللّه عزّ و جلّ إلى عبد و لا يزكّيه إذا ترك فريضة من فرائض اللّه، أو ارتكب كبيرة من الكبائر، قال: قلت: لا ينظر اللّه إليه؟ قال: نعم قد أشرك باللّه، قال: قلت: أشرك؟ قال: نعم، إنّ اللّه جلّ و عزّ أمره بأمر، و أمره إبليس بأمر، فترك ما أمر اللّه عزّ و جلّ به، و صار إلى ما أمر إبليس، فهذا مع إبليس في الدرك السابع من النار. (1)

15-عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما من شيء أحبّ إلى اللّه تعالى من الإيمان به و العمل الصالح و ترك ما أمر به أن يتركه. (2)

16-عن عليّ عليه السّلام: . . . و ثلاث من عمل الأبرار: إقامة الفرائض و اجتناب المحارم و احتراس من الغفلة في الدين. . . (3)

17-عن جعفر بن محمّد، عن آبائه عليهم السّلام في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام قال:

يا عليّ، ثلاث لا تطيقها هذه الأمّة: المواساة للأخ في ماله، و إنصاف الناس من نفسه، و ذكر اللّه على كلّ حال، و ليس هو «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر» و لكن إذا ورد على ما يحرم عليه خاف اللّه عزّ و جلّ عنده و تركه. (4)

18-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من قال: «لا إله إلاّ اللّه» مخلصا دخل الجنّة، و إخلاصه أن يحجزه «لا إله إلاّ اللّه» عمّا حرّم اللّه. (5)

19-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: من أطاع اللّه فقد ذكر

ص:94


1- -البحار ج 71 ص 207 ح 16
2- البحار ج 71 ص 208 ح 19
3- البحار ج 78 ص 81 باب جوامع كلم عليّ عليه السّلام ح 74
4- الوسائل ج 15 ص 254 ب 23 من جهاد النفس ح 7
5- الوسائل ج 15 ص 256 ح 12

اللّه و إن قلّت صلاته و صيامه و تلاوته للقرآن، و من عصى اللّه فقد نسي اللّه و إن كثرت صلاته و صيامه و تلاوته للقرآن. (1)

20-عن أبي حمزة الثمالي، عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: من عمل بما افترض اللّه عليه فهو من خير الناس، و من اجتنب ما حرّم اللّه عليه فهو من أعبد الناس، و من قنع بما قسم اللّه له فهو من أغنى الناس. (2)

21-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ اللّه افترض عليكم فرائض فلا تضيّعوها، و حدّ لكم حدودا فلا تعتدوها، و نهاكم عن أشياء فلا تنتهكوها، و سكت لكم عن أشياء و لم يدعها نسيانا فلا تتكلّفوها. (3)

22-و قال عليه السّلام: و لا زهد كالزهد في الحرام. . . و لا عبادة كأداء الفرائض. (4)

23-و قال عليه السّلام: شتّان ما بين عملين: عمل تذهب لذّته و تبقى تبعته، و عمل تذهب مؤونته و يبقى أجره. (5)

24-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الشكر للنعم اجتناب المحارم. (6)

25-عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال:

اجتناب السيّئات أولى من اكتساب الحسنات.

(الغرر ج 1 ص 57 ف 1 ح 1559)

الكريم من تجنّب المحارم و تنزّه عن العيوب. (ص 60 ح 1601)

ص:95


1- -الوسائل ج 15 ص 256 ح 13
2- الوسائل ج 15 ص 258 ح 17
3- نهج البلاغة ص 1135 ح 102
4- نهج البلاغة ص 1139 في ح 109
5- نهج البلاغة ص 1143 ح 117
6- المستدرك ج 11 ص 278 ب 23 من جهاد النفس ح 10

المؤمن على الطاعات حريص، و عن المحارم (عفو) (1)عفّ.

(ص 87 ح 2017)

الانقباض عن المحارم من شيم العقلاء و سجيّة الأكارم. (ص 88 ح 2023)

إيّاك و انتهاك المحارم فإنّها شيمة الفسّاق و أولي الفجور و الغواية.

(ص 149 ف 5 ح 29)

أحسن الآداب ما كفّك عن المحارم. (ص 206 ف 8 ح 472)

إنّك إن اجتنبت السيّئات نلت رفيع الدرجات. (ص 287 ف 13 ح 18)

إذا قلّت الطاعات كثرت السيّئات. (ص 312 ف 17 ح 56)

ظرف المؤمن من نزاهته عن المحارم، و مباكرته (مبادرته ف ن) إلى المكارم.

(ج 2 ص 476 ف 48 ح 36)

غضّ الطرف عن محارم اللّه أفضل العبادة. (ص 509 ف 57 ح 47)

لو لم يتوعّد اللّه سبحانه على معصيته لوجب أن لا يعصى شكرا لنعمته-لو لم يرغّب اللّه سبحانه في طاعته لوجب أن يطاع رجاء رحمته-لو لم ينه اللّه سبحانه عن محارمه لوجب أن يجتنبها العاقل. (ص 605 ف 75 ح 26 إلى 28)

لا تقوى كالكفّ عن المحارم. (ص 837 ف 86 ح 175)

أقول:

سيأتي ما يناسب المقام في أبواب الورع، التقوى، الذنب و. . .

ص:96


1- -عفا عفوا عن الشيء: أمسك عنه.

36- المال الحرام و الغصب

الأخبار

1-عن سماعة قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ليس بوليّ لي من أكل مال مؤمن حراما. (1)

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كسب الحرام يبين في الذرّيّة. (2)

بيان:

في المرآة ج 19 ص 89، «يبين» : أي أثره من الفقر و سوء الحال.

3-عن داود الصرمي قال: قال أبو الحسن عليه السّلام: يا داود، إنّ الحرام لا ينمي و إن نمى لم يبارك له فيه، و ما أنفقه لم يؤجر عليه، و ما خلفه كان زاده إلى النار. (3)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في باب الحجّ.

4-عن جعفر بن محمّد، عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال

ص:97


1- -الوسائل ج 17 ص 81 ب 1 من ما يكتسب به ح 2
2- الوسائل ج 17 ص 81 ح 3
3- الوسائل ج 17 ص 82 ح 5

أمير المؤمنين عليه السّلام: أعظم الخطايا اقتطاع مال امرء مسلم بغير حقّ. (1)

بيان:

يقال: اقتطع مال فلان أي أخذه لنفسه.

5-عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: من أكل من مال أخيه ظلما و لم يردّه إليه، أكل جذوة من النار يوم القيامة. (2)

بيان:

«الجذوة» : الجمرة الملتهبة (پارۀ از آتش) .

6-قال أبو جعفر عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من اقتطع مال مؤمن غصبا بغير حقّه لم يزل اللّه معرضا عنه ماقتا لأعماله التي يعملها من البرّ و الخير لا يثبتها في حسناته حتّى يتوب و يردّ المال الذي أخذه إلى صاحبه. (3)

7-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أكل الحلال قام على رأسه ملك يستغفر له حتّى يفرغ من أكله.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: إذا وقعت اللقمة من حرام في جوف العبد، لعنه كلّ ملك في السماوات و الأرض، و ما دامت اللقمة في جوفه لا ينظر اللّه إليه، و من أكل اللقمة من الحرام فقد باء بغضب من اللّه، فإن تاب تاب اللّه عليه، و إن مات فالنار أولى به. (4)

بيان:

«باء بغضب من اللّه» : أي رجع و انصرف بذلك. (مجمع البحرين)

8-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من أكل لقمة حرام لم تقبل له صلاة أربعين ليلة،

ص:98


1- -الوسائل ج 16 ص 50 ب 77 من جهاد النفس ح 14
2- الوسائل ج 16 ص 53 ب 78 ح 4
3- الوسائل ج 16 ص 53 ح 6
4- البحار ج 66 ص 314 باب مدح الطعام الحلال ح 6

و لم تستجب له دعوة أربعين صباحا، و كلّ لحم ينبته الحرام فالنار أولى به، و إنّ اللقمة الواحدة تنبت اللحم. (1)

9-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ثلاث من كنّ فيه زوّجه اللّه من الحور العين كيف شاء: كظم الغيظ، و الصبر على السيوف للّه عزّ و جلّ، و رجل أشرف على مال حرام فتركه للّه عزّ و جلّ. (2)

10-عن هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من كسب مالا من غير حلّ سلّط اللّه عليه البناء و الماء و الطين. (3)

11-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من اكتسب مالا من غير حلّه كان زاده (رادّه م) إلى النار. (4)

12-و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: قال اللّه عزّ و جلّ: من لم يبال من أيّ باب اكتسب الدينار و الدرهم، لم أبال يوم القيامة من أيّ أبواب النار أدخلته. (5)

13-و قال صلّى اللّه عليه و آله: لردّ دانق من حرام يعدل عند اللّه سبعين ألف حجّة مبرورة. (6)

بيان:

«دانق» : معرّب دانگ، السدس من الدرهم.

14-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من أكل الحلال أربعين يوما نوّر اللّه قلبه. (7)

ص:99


1- -البحار ج 66 ص 314 ح 7
2- البحار ج 75 ص 171 باب الخيانة ح 5
3- البحار ج 103 ص 4 باب الحثّ على طلب الحلال ح 12
4- البحار ج 103 ص 10 ح 45
5- البحار ج 103 ص 11 ح 46
6- البحار ج 103 ص 12 ح 51
7- البحار ج 103 ص 16 ح 71

15-و قال صلّى اللّه عليه و آله: إنّ للّه ملكا ينادي على بيت المقدس كلّ ليلة: من أكل حراما مّا، لم يقبل اللّه منه صرفا و لا عدلا. و الصرف النافلة و العدل الفريضة. (1)

16-و عنه صلّى اللّه عليه و آله: العبادة مع أكل الحرام كالبناء على الرمل،

و قيل: على الماء. (2)

17-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من اكتسب مالا حراما، لم يقبل اللّه منه صدقة و لا عتقا و لا حجّا و لا اعتمارا، و كتب اللّه عزّ و جلّ له بعدد أجر ذلك أوزارا، و ما بقي (منه ع) بعد موته كان زاده إلى النار، و من قدر عليها فتركها مخافة اللّه عزّ و جلّ دخل في محبّته و رحمته و يؤمر به إلى الجنّة. (3)

18-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه: يا أبا ذرّ، من لم يبال من أين اكتسب المال لم يبال اللّه عزّ و جلّ من أين أدخله النار. (4)

19-في حديث المناهي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: و من خان جاره شبرا من الأرض جعلها اللّه طوقا في عنقه من تخوم الأرضين السابعة حتّى يلقى اللّه يوم القيامة مطوّقا إلاّ أن يتوب و يرجع. (5)

20-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: درهم يردّه العبد إلى الخصماء خير له من عبادة ألف سنة، و خير له من عتق ألف رقبة، و خير له من ألف حجّة و عمرة. (6)

ص:100


1- -البحار ج 103 ص 16 ح 72
2- البحار ج 103 ص 16 ح 73
3- البحار ج 103 ص 17 ح 76- عقاب الأعمال ص 334 في باب يجمع عقوبات الأعمال
4- البحار ج 77 ص 88
5- البحار ج 76 ص 332-و بمضمونه في ص 361(الوسائل ج 25 ص 386 ب 1 من الغصب ح 2)
6- البحار ج 104 ص 295 باب عقاب من أكل أموال الناس ح 11

21-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الحجر الغصب في الدار رهن على خرابها. (1)

قال رحمه اللّه: و يروى هذا الكلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله. . .

22-في الحديث القدسيّ: فمنك الدعاء و عليّ الإجابة فلا تحتجب عنّي دعوة إلاّ دعوة آكل الحرام. (2)

أقول:

سيأتي بهذا المعنى في باب الدعاء إن شاء اللّه.

23-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: الجنّة محرّمة على جسد غذّي بالحرام. (3)

24-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ليس من شيعتي من أكل مال امرء حراما. (4)

25-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لا يشمّ ريح الجنّة جسد نبت على الحرام. (5)

26-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (في حديث) : و من كسب مالا من غير حلّه أفقره اللّه تعالى. (6)

27-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ قوما يجيئون يوم القيامة و لهم من الحسنات أمثال الجبال فيجعلها اللّه هباء منثورا، ثمّ يؤمر بهم إلى النار، فقال سلمان: صفهم لنا يا رسول اللّه، فقال: أما إنّهم قد كانوا يصومون و يصلّون، و يأخذون اهبة من الليل و لكنّهم كانوا إذا عرض لهم بشيء من الحرام وثبوا عليه. (7)

ص:101


1- -نهج البلاغة ص 1193 ح 232
2- عدّة الداعي ص 128
3- ارشاد القلوب ص 89 ب 16
4- ارشاد القلوب ص 89
5- ارشاد القلوب ص 89
6- المستدرك ج 13 ص 63 ب 1 من ما يكتسب به ح 1
7- المستدرك ج 13 ص 63 ح 3

بيان:

في أقرب الموارد ج 1 ص 23، أهبّ للأمر و تأهبّ: تهيّأ و استعدّ. . . الأهبة بالضمّ:

العدّة، يقال: أخذ للسفر اهبته أي عدّته.

28-في الغرر عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال: من اكتسب مالا من غير حلّه أضرّ بآخرته.

و قال عليه السّلام: من اكتسب مالا من غير حلّه، يصرفه في غير حقّه. (1)

29-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في حديث) : و لا يجوز أخذ مال المسلم بغير طيب نفس منه. (2)

30-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أربعة يزيد عذابهم على عذاب أهل النار: رجل مات و في عنقه أموال فيكون في تابوت من جمر. . . (3)

31-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، من أكل الحرام سود قلبه و خلف دينه و ضعفت نفسه و حجب اللّه دعوته و قلّت عبادته.

يا عليّ، من أكل الشبهات أشتبه عليه دينه و أظلم قلبه.

يا عليّ، من أكل الحلال صفى دينه و قلبه و دمعت عيناه من خشية اللّه و لم يكن لدعوته حجاب. (4)

ص:102


1- -المستدرك ج 13 ص 68 ب 4 ح 8 و 9
2- المستدرك ج 17 ص 88 ب 1 من الغصب ح 3-و ما بمعناه ح 5 عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله
3- المستدرك ج 17 ص 89 ح 9
4- لئالي الأخبار ج 1 ص 3

37- الحزم و الحذر و التدبّر في الأمور و ترك العجلة

الآيات

1- وَ يَدْعُ اَلْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ وَ كانَ اَلْإِنْسانُ عَجُولاً. (1)

2- خُلِقَ اَلْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آياتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ. (2)

3- فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا اَلْعَزْمِ مِنَ اَلرُّسُلِ وَ لا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ. . . (3)

الأخبار

1-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السلام قال: قيل لرسول اللّه: ما الحزم؟ قال:

مشاورة ذوي الرأي و اتّباعهم. (4)

بيان:

في النهاية ج 1 ص 379، الحزم: ضبط الرجل أمره و الحذر من فواته، من قولهم؛

ص:103


1- -الإسراء:11
2- الأنبياء:37
3- الأحقاف:35
4- الوسائل ج 12 ص 39 ب 21 من العشرة ح 1

حزمت الشيء: أي شددته. . . و في المصباح، حزم فلان رأيه: أتقنه.

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: فيما أوصى به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عليّا عليه السّلام قال:

لا مظاهرة أوثق من المشاورة، و لا عقل كالتدبير. (1)

بيان:

«المظاهرة» : المعاونة، يقال: ظاهره أي عاونه.

3-عن أمير المؤمنين عليه السّلام-في وصيّته لمحمّد بن الحنفيّة-قال: من استقبل وجوه الآراء عرف مواقع الخطأ، و من تورّط في الأمور غير ناظر في العواقب فقد تعرّض لمفظعات النوائب، و التدبير قبل العمل يؤمّنك من الندم، و العاقل من وعظه التجارب، و في التجارب علم مستأنف، و في تقلّب الأحوال علم جواهر الرجال. (2)

أقول:

نظيره في المستدرك، و فيه: «أنّه قال لابنه الحسين عليهما السّلام» .

بيان: «مفظعات» فظع الأمر: اشتدّت شناعته و جاوز المقدار في ذلك، و أفظع الأمر: اشتدّت شناعته، و أفظعه: أوقعه في أمر فظيع شديد، فهو المفظع.

«النائبة» : جمع نوائب: النازلة من المهمّات و الحوادث.

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ليس لحاقن رأي، و لا لملول صديق، و لا لحسود غنى، و ليس بحازم من لا ينظر في العواقب، و النظر في العواقب تلقيح للقلوب. (3)

بيان:

«و لا لملول» : في المصدر"و لا لملوك". في الأقرب ج 1 ص 216، «الحاقن» : المجتمع بوله كثيرا و منه المثل «لا رأي لحاقن» . . .

ص:104


1- -الوسائل ج 12 ص 39 ح 2
2- الوسائل ج 15 ص 281 ب 33 من جهاد النفس ح 2
3- الوسائل ج 15 ص 282 ح 6

أقول: في أمالي الصدوق م 64 ح 12 و معاني الأخبار ص 225 باب معنى الحاقن: في حديث الصادق عليه السّلام: الحاقن الذي به البول.

5-عن أبي حمزة الثماليّ عن أبي جعفر عليه السّلام قال: أتى رجل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال: علّمني يا رسول اللّه، قال: عليك باليأس ممّا في أيدي الناس فإنّه الغنى الحاضر، قال: زدني يا رسول اللّه، قال: إيّاك و الطمع فإنّه الفقر الحاضر، قال:

زدني يا رسول اللّه، قال: إذا هممت بأمر فتدبّر عاقبته، فإن يك خيرا و رشدا فاتّبعه، و إن يك غيّا فاجتنبه (فدعه ف م) . (1)

6-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ثمرة التفريط الندامة، و ثمرة الحزم السلامة. (2)

7-و قال عليه السّلام: الظفر بالحزم، و الحزم بإجالة الرأي، و الرأي بتحصين الأسرار. (3)

8-و قال عليه السّلام: من الخرق المعاجلة قبل الإمكان، و الأناة بعد الفرصة. (4)

بيان:

«الخرق» : الحمق و ضدّ الرفق. «الأناة» : التأنّي، يقال: أنّى في الأمر: ترفّق و تمهّل فيه و لم يعجّل، و الاسم الأناة.

9-و قال عليه السّلام: الحلم و الأناة توأمان ينتجهما علوّ الهمّة. (5)

10-عن عبد العظيم الحسنيّ عن أبي جعفر الثاني عن آبائه عليهم السّلام قال:

قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في حديث) : التدبير قبل العمل يؤمنك من الندم. (6)

ص:105


1- -الوسائل ج 15 ص 282 ح 7
2- نهج البلاغة ص 1171 ح 172
3- نهج البلاغة ص 1110 ح 45
4- نهج البلاغة ص 1255 ح 355
5- نهج البلاغة ص 1297 ح 452
6- البحار ج 71 ص 338 باب التدبير و الحزم ح 1( العيون ج 2 ص 54 ب 31 في ح 204)

11-عن أبان بن تغلب قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: مع التثبّت تكون السلامة، و مع العجلة تكون الندامة، و من ابتدأ بعمل في غير وقته كان بلوغه في غير حينه. (1)

12-فيما أوصى به أمير المؤمنين عليه السّلام عند وفاته: أنهاك عن التسرّع بالقول و الفعل. (2)

13-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: تعلّموا من الغراب خصالا ثلاثا: استتاره بالسفاد، و بكوره في طلب الرزق و حذره. (3)

بيان:

«السفاد» يقال: سفد الذكر انثاه سفادا جامعها. و في مجمع البحرين، «الحذر» : هو امتناع القادر من الشيء لما فيه من الضرر. . . و رجل حاذر و حذر: أي محترز متيقّظ.

14-سئل أمير المؤمنين عليه السّلام: ما الحزم؟ قال: أن تنتظر فرصتك و تعاجل ما أمكنك. (4)

15-عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّما أهلك الناس العجلة، و لو أنّ الناس تثبّتوا لم يهلك أحد. (5)

16-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الأناة من اللّه، و العجلة من الشيطان. (6)

ص:106


1- -البحار ج 71 ص 338 ح 3
2- البحار ج 71 ص 339 ح 5
3- البحار ج 71 ص 339 ح 6
4- البحار ج 71 ص 339 ح 9
5- البحار ج 71 ص 340 ح 11
6- البحار ج 71 ص 340 ح 12

17-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: . . . يا أيّها الناس، إنّ أكيسكم أكثركم ذكرا للموت، و إنّ أحزمكم أحسنكم استعدادا له. . . (1)

18-في جوامع كلم أمير المؤمنين عليه السّلام: من أستطاع أن يمنع نفسه من أربعة أشياء فهو خليق بأن لا ينزل به مكروه أبدا، قيل: و ما هنّ؟ قال: العجلة و اللجاجة و العجب و التواني. (2)

بيان:

يقال: هو خليق به أي جدير به و أهل له «التواني» يقال: توانى في حاجته: فتر و قصّر و لم يهتمّ بها.

19-في مواعظ المجتبى عليه السّلام (في خبر طويل) : و الاحتراس من الناس بسوء الظنّ هو الحزم. (3)

20-في مواعظ الحسن العسكري عليه السّلام: إنّ للسخاء مقدارا فإن زاد عليه فهو سرف، و للحزم مقدارا فإن زاد عليه فهو جبن، و للاقتصاد مقدارا فإن زاد عليه فهو بخل، و للشجاعة مقدارا فإن زاد عليه فهو تهوّر. . . (4)

21-فيما أوصى آدم ابنه شيث: . . . الثالثة: إذا عزمتم على أمر فانظروا إلى عواقبه فإنّي لو نظرت في عاقبة أمري لم يصبني ما أصابني. (5)

22-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الحزم بضاعة. (الغرر ج 1 ص 5 ف 1 ح 15)

الظفر بالحزم-الحزم بالتجارب. (ص 6 ح 61 و 62)

ص:107


1- -البحار ج 77 ص 178
2- البحار ج 78 ص 43
3- البحار ج 78 ص 115
4- البحار ج 78 ص 377
5- البحار ج 78 ص 452

العجلة ندامة-الحازم يقظان. (ص 8 ح 130 و 138)

التأنّي حزم. (ص 11 ح 244)

العجل خطر. (ص 12 ح 271)

التأنّي يوجب الاستظهار. (ص 18 ح 488)

الحزم أسدّ الآراء. (ص 19 ح 526)

العجلة تمنع الإصابة. (ص 32 ح 970)

الحزم حفظ التجربة. (ص 33 ح 1004)

الحزم بإجالة الرأي. (ص 36 ح 1119)

الحزم شدّة الاستظهار. (ص 37 ح 1145)

الرأي كثير و الحزم قليل. (ص 42 ح 1258)

العجول مخطئ و إن ملك. (ص 43 ح 1274)

المتأنّي مصيب و إن هلك. (ح 1275)

الحزم و الفضيلة في الصبر. (ص 44 ح 1296)

الحازم من كفّ أذاه. (ص 45 ح 1310)

التأنّي في الفعل يؤمن الخطل (1). (ص 47 ح 1357)

العجل قبل الإمكان يوجب الغصّة. (ص 48 ح 1381)

الحازم من اطّرح المؤن و الكلف. (ص 51 ح 1433)

التثبّت في القول يؤمن العثار و الزلل. (ص 49 ح 1404)

الحازم من ترك الدنيا للآخرة. (ص 55 ح 1524)

الحزم حفظ ما كلّفت و ترك ما كفيت. (ص 56 ح 1526)

ص:108


1- -خطل في منطقه و رأيه خطلا من باب تعب: أخطأ، الخطل أيضا: الخفّة، و السرعة، و الحمق، و المنطق المضطرب، و الاضطراب في الإنسان.

الحازم من تجنّب التبذير و عاف السرف. (ص 57 ح 1543)

الحازم من دارى زمانه. (ص 61 ح 1626)

الفكر في العواقب يؤمن مكروه النوائب. (ص 60 ح 1609)

الحازم من لا يشغله النعمة عن العمل للعافية. (ص 78 ح 1900)

الحزم النظر في العواقب و مشاورة ذوي العقول. (ص 81 ح 1937)

الحازم من جاد بما في يده و لم يؤخّر عمل يومه إلى غده. (ح 1943)

الحازم من لم يشغله غرور دنياه عن العمل لأخراه. (ص 86 ح 2005)

الحازم من تخيّر لخلّته فإن المرء يوزن بخليله. (ص 89 ح 2048)

الحازم من حنّكته التجارب و هذّبته النوائب. (ص 90 ح 2050)

الحازم من شكر النعمة مقبلة و صبر عنها و سلاها مولّية مدبرة.

(ص 98 ح 2136)

الحازم من يؤخّر العقوبة في سلطان الغضب و يعجلّ مكافاة الإحسان اغتناما لفرصة الإمكان. (ص 104 ح 2203)

العجلة مذمومة في كلّ أمر إلاّ فيما يدفع الشرّ. (ص 84 ح 1971)

التثبّت خير من العجلة إلاّ في فرص الخير. (ح 1970)

أفضل العقل الاعتبار و أفضل الحزم الاستظهار و أكبر الحمق الاغترار.

(ص 203 ف 8 ح 447)

أحزم الناس من استهان بأمر دنياه. (ص 189 ح 266)

أحزم الناس من توهّم العجز لفرط استظهاره. (ص 203 ح 448)

أحزم الناس من كان الصبر و النظر في العواقب شعاره و دثاره.

(ص 204 ح 449)

أعقل الناس أنظرهم في العواقب. (ص 213 ح 542)

إنّ الحازم من شغل نفسه بجهاد نفسه، فأصلحها و حبسها عن أهويتها و لذّاتها

ص:109

فملكها، و إنّ للعاقل بنفسه عن الدنيا و ما فيها و أهلها شغلا. (ص 237 ف 9 ح 192)

إنّ الحازم من قيّد نفسه بالمحاسبة و ملكها بالمبالغة و قتلها بالمجاهدة.

(ص 238 ح 198)

إنّما الحزم طاعة اللّه و معصية النفس. (ص 296 ف 15 ح 2)

إنّما الحازم من كان بنفسه كلّ شغله و لدينه كلّ همّه و لآخرته كلّ جدّه.

(ص 301 ح 38)

روّ قبل العمل تنج من الزلل. (ص 421 ف 36 ح 18)

روّ (1)قبل الفعل كيلا تعاب بما تفعل. (ص 424 ح 59)

من خالف الحزم هلك. (ج 2 ص 623 ف 77 ح 265)

من أخذ بالحزم استظهر-من أضاع الحزم تهوّر. (ح 268 و 269)

من قلّ حزمه ضعف عزمه. (ص 627 ح 336)

من نظر في العواقب أمن من النوائب. (ص 630 ح 384)

من ركب العجل أدرك الزلل. (ص 631 ح 394)

من عجل ندم على العجل. (ح 395)

لا حزم مع غرّة (غرور) . (ص 833 ف 86 ح 94)

لا حزم لمن لا يسع سرّه صدره. (ص 841 ح 239)

لا خير في عزم بغير حزم. (ح 245)

لا يستغني الحازم أبدا عن رأي سديد راجح. (ص 855 ح 441)

لا يكون حازما من لا يجود بما في يده، و لا يدّخر عمل يومه إلى غده.

(ص 852 ح 414)

ص:110


1- -روّأ في الأمر: نظر فيه و تفكّر في ظروفه و عواقبه.

38- الحزن في اللّه

الأخبار

1-في وصيّة الباقر عليه السّلام لجابر الجعفيّ (في خبر طويل) : و استجلب نور القلب بدوام الحزن. (1)

أقول:

اعلم أنّ الحزن على نوعين: أحدهما مذموم سيأتي بيانه، و ثانيهما محمود و هو الذي يكون من الهجران و البعد عن اللّه و. . . و إنّه مقام من مقامات الموقنين، و لا يسكن إلاّ في قلب سليم و لا يحصل إلاّ بدوام الفكر.

و في ارشاد القلوب ص 151 ب 31: و روي أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان دائم الفكر متواصل الحزن و إنّ الحزن من أوصاف الصالحين، و إنّ اللّه تعالى يحبّ كلّ قلب حزين، و إذا أحبّ اللّه قلبا نصب فيه نائحة من الحزن، و لا يسكن الحزن إلاّ قلبا سليما و قلب ليس فيه الحزن خراب و لو أنّ محزونا كان في أمّة لرحم اللّه تلك الامّة.

فقال مصنّف هذا الكتاب: ليس العجب من أن يكون الإنسان حزينا بل العجب أن يخلو من الحزن ساعة واحدة، و كيف لا يكون كذلك و هو يصبح و يمسي على جناح سفر بعيد أوّل منازله الموت و مورده القبر و مصدره القيامة و موقفه

ص:111


1- -تحف العقول ص 207

بين يدي اللّه تعالى، أعضائه شهوده، و جوارحه جنوده، و ضمائره عيونه و خلواته عيانه يمسي و يصبح بين نعمة يخاف زوالها و منيّة يخاف حلولها و بليّة لا يأمن نزولها، مكتوم الأجل، مكنون العلل، محفوظ العمل صريع بطنته و عبد شهوته. . .

2-عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت عليّ بن الحسين عليهما السّلام يقول: يا بن آدم، لا تزال بخير ما دام لك واعظ من نفسك، و ما كانت المحاسبة من همّك، و ما كان الخوف لك شعارا، و الحزن دثارا. يا بن آدم، إنّك ميّت و مبعوث و موقوف بين يدي اللّه و مسؤول فأعد جوابا. (1)

بيان:

«الشعار» : هو ما يلي شعر الجسد من اللباس. «و الدثار» : هو لباس فوق الشعار، و المراد هنا كناية عن ملازمة العبد للخوف و الحزن.

3-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: عباد اللّه، إنّ من أحبّ عباد اللّه إليه عبدا أعانه اللّه على نفسه، فاستشعر الحزن، و تجلبب الخوف، فزهر مصباح الهدى في قلبه. . . (2)

بيان:

«تجلبب الخوف» الجلباب: هو ما يكون فوق جميع الثياب.

أقول: و يأتي في خطبة المتّقين عنه عليه السلام: «قلوبهم محزونة و شرورهم مأمونة» .

(نهج البلاغة ص 612 في خ 184)

4-عن أبي بصير قال: دخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام و معي رجل من أصحابنا، فقلت له: جعلت فداك، يا بن رسول اللّه، إنّي لأغتمّ و أحزن من غير

ص:112


1- -مشكوة الأنوار ص 70 ب 2 ف 3(أمالي الطوسي ج 1 ص 114)
2- نهج البلاغة ص 210 خ 86

أن أعرف لذلك سببا؟ فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ ذلك الحزن و الفرح يصل إليكم منّا لأنّا إذا دخل علينا حزن أو سرور كان ذلك داخلا عليكم لأنّا و إيّاكم من نور اللّه عزّ و جلّ فجعلنا و طينتنا و طينتكم واحدة. . . (1)

5-قال الصادق عليه السّلام: الحزن من شعار العارفين لكثرة واردات الغيب على سرائرهم و طول مباهاتهم تحت ستر الكبرياء، و المحزون ظاهره قبض و باطنه بسط، يعيش مع الخلق عيش المرضى، و مع اللّه عيش القربى، و المحزون غير المتفكّر، لأنّ المتفكّر متكلّف و المحزون مطبوع، و الحزن يبدو من الباطن و التفكّر يبدو من رؤية المحدثات و بينهما فرق، قال اللّه تعالى في قصّة يعقوب عليه السّلام:

إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَ حُزْنِي إِلَى اَللّهِ وَ أَعْلَمُ مِنَ اَللّهِ ما لا تَعْلَمُونَ (2)فبسبب ما تحت الحزن علم خصّ به من اللّه دون العالمين.

قيل لربيع بن خثيم: ما لك محزون؟ قال: لأنّي مطلوب، و يمين الحزن الإنكسار و شماله الصمت، و الحزن يختصّ به العارفون للّه و التفكّر يشترك فيه الخاصّ و العامّ، و لو حجب الحزن عن قلوب العارفين ساعة لاستغاثوا و لو وضع في قلوب غيرهم لاستنكروه، فالحزن أوّل، ثانيه الأمن و البشارة، و التفكّر ثان أوّله تصحيح الإيمان باللّه و الإفتقار إلى اللّه عزّ و جلّ بطلب النجاة، و الحزين متفكّر و المتفكّر معتبر و لكلّ واحد منهما حال و علم و طريق و حلم و شرف. (3)

6-عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أوحى اللّه إلى عيسى بن مريم عليه السّلام: يا عيسى، هب لي من عينيك الدموع، و من قلبك الخشوع، و اكحل عينك بميل الحزن، إذا ضحك البطّالون، و قم على قبور الأموات فنادهم بالصوت الرفيع

ص:113


1- -العلل ج 1 ص 93 ب 84 ح 2
2- يوسف:86
3- مصباح الشريعة ص 62 ب 92

لعلّك تأخذ موعظتك منهم، و قل: إنّي لاحق بهم في اللآحقين. (1)

7-عن رفاعة عن جعفر عليه السّلام قال: قرأت في كتاب عليّ عليه السّلام: إنّ المؤمن يمسي و يصبح حزينا و لا يصلح له إلاّ ذلك. (2)

8-عن جابر قال: دخلت على أبي جعفر عليه السّلام فقال: يا جابر، و اللّه إنّي لمحزون و إنّي لمشغول القلب. قلت: جعلت فداك، و ما شغلك و ما حزن قلبك؟ فقال: يا جابر، إنّه من دخل قلبه صافي خالص دين اللّه، شغل قلبه عمّا سواه. . . (3)

9-قال الصادق عليه السّلام: إن كان الشيطان عدوّا فالغفلة لماذا؟ و إن كان الموت حقّا فالفرح لماذا؟ (4)

10-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: . . . إنّ اللّه يحبّ كلّ قلب حزين.

و سئل أين اللّه؟ فقال: عند المنكسرة قلوبهم.

. . . و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ما أكتحل أحد بمثل مكحول الحزن. (5)

11-قال في جوابه (يعقوب) ليوسف عليهما السّلام: فإنّ أشدّ الناس حزنا و خوفا أذكرهم للمعاد، و إنّما أسرع الشيب إليّ قبل أوان المشيب لذكر يوم القيامة، و أبكاني و بيّض عيني الحزن على حبيبي يوسف. (6)

12-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه: يا أبا ذرّ، الدنيا سجن المؤمن و جنّة الكافر، و ما أصبح فيها مؤمن إلاّ حزينا، فكيف لا يحزن المؤمن و قد أوعده اللّه

ص:114


1- -البحار ج 72 ص 71 باب الحزن ح 2
2- البحار ج 72 ص 71 ح 3
3- البحار ج 73 ص 36 باب حبّ الدنيا ح 17
4- البحار ج 73 ص 157 باب الغفلة ح 1
5- البحار ج 73 ص 157 في ح 3
6- البحار ج 12 ص 258 في قصص يعقوب في ح 23

جلّ ثناؤه أنّه وارد جهنّم و لم يعده أنّه صادر عنها، و ليلقينّ أمراضا و مصيبات، و أمورا تغيظه، و ليظلمنّ فلا ينتصر، يبتغي ثوابا من اللّه تعالى، فما يزال فيها حزينا حتّى يفارقها، فإذا فارقها أفضى إلى الراحة و الكرامة.

يا أبا ذرّ، ما عبد اللّه عزّ و جلّ على مثل طول الحزن. . .

يا أبا ذرّ، من استطاع أن يبكي فليبك، و من لم يستطع فليشعر قلبه الحزن و ليتباك، إنّ القلب القاسي بعيد من اللّه و لكن لا تشعرون. . . (1)

بيان:

«أنّه وارد جهنّم. . .» : أشار إلى قوله تعالى: وَ إِنْ مِنْكُمْ إِلاّ وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا- ثُمَّ نُنَجِّي اَلَّذِينَ اِتَّقَوْا. . . (2).

13-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الحزن شعار المؤمنين. (الغرر ج 1 ص 30 ف 1 ح 904)

العارف وجهه مستبشر متبسّم، و قلبه و جل محزون. (ص 86 ح 2008)

حزن القلوب يمحّص الذنوب. (ص 386 ف 28 ح 74)

سرور المؤمن بطاعة ربّه، و حزنه على ذنبه. (ص 435 ف 39 ح 45)

كم من حزين وفد به حزنه على سرور الأبد. . . (ج 2 ص 552 ف 63 ح 44)

من طال حزنه على نفسه في الدنيا أقرّه اللّه عينه يوم القيامة و أحلّه دار المقامة. (ص 705 ف 77 ح 1365)

ينبغي لمن عرف نفسه أن لا يفارقه الحزن و الحذر.

(ص 860 ف 87 ح 16)

ص:115


1- -البحار ج 77 ص 80
2- مريم:71 و 72

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393734302C22426F6F6B4944223A31363731392C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3131362C2253686F77506167654E756D223A22313136222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030322F424B31353931344730303253312F424B3135393134473030325331503131362E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

39- الحزن و الخوف و الهمّ و الغمّ

الآيات

1- . . . فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ. (1)

2- . . . مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَ اَلْيَوْمِ اَلْآخِرِ وَ عَمِلَ صالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ. (2)

3- بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَ هُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ. (3)

4- وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ اَلْخَوْفِ وَ اَلْجُوعِ. . . (4)

5- اَلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اَللّهِ . . . وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ. (5)

6- إِنَّ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا اَلصّالِحاتِ وَ أَقامُوا اَلصَّلاةَ وَ آتَوُا اَلزَّكاةَ لَهُمْ

ص:117


1- -البقرة:38
2- البقرة:62 و بمدلولها في المائدة:69
3- البقرة:112
4- البقرة:155
5- البقرة:262 و مثلها:274

أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ. (1)

7- وَ لا تَهِنُوا وَ لا تَحْزَنُوا وَ أَنْتُمُ اَلْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. (2)

8- . . . فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ وَ لا ما أَصابَكُمْ وَ اَللّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ. (3)

9- وَ لا تَحْسَبَنَّ اَلَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اَللّهِ أَمْواتاً . . . أَلاّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ. (4)

10- إِنَّما ذلِكُمُ اَلشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ فَلا تَخافُوهُمْ وَ خافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. (5)

11- وَ إِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ اَلْأَمْنِ أَوِ اَلْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ. . . (6)

12- . . . فَمَنْ آمَنَ وَ أَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ. (7)

13- . . . فَمَنِ اِتَّقى وَ أَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ. (8)

14- إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اَللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ اَلَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اِثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي اَلْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اَللّهَ مَعَنا. . . (9)

ص:118


1- -البقرة:277
2- آل عمران:139
3- آل عمران:153
4- آل عمران:169 و 170
5- آل عمران:175
6- النساء:83
7- الأنعام:48
8- الأعراف:35
9- التوبة:40

15- أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اَللّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ. (1)

16- . . . فَأَذاقَهَا اَللّهُ لِباسَ اَلْجُوعِ وَ اَلْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ. (2)

17- . . . فَنادى فِي اَلظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ اَلظّالِمِينَ- فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَ نَجَّيْناهُ مِنَ اَلْغَمِّ وَ كَذلِكَ نُنْجِي اَلْمُؤْمِنِينَ. (3)

18- وَعَدَ اَللّهُ اَلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا اَلصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي اَلْأَرْضِ . . . وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً. . . (4)

19- . . . يا مُوسى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ اَلْمُرْسَلُونَ. (5)

20- إِنَّ اَلَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اَللّهُ ثُمَّ اِسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ اَلْمَلائِكَةُ أَلاّ تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا. . . (6)

21- فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا اَلْبَيْتِ- اَلَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَ آمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ. (7)

الأخبار

1-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إذا كثرت ذنوب العبد و لم يكن له من العمل ما يكفّرها ابتلاه اللّه بالحزن ليكفّرها. (8)

ص:119


1- -يونس:62
2- النحل:112
3- الأنبياء:87 و 88
4- النور:55
5- النمل:10
6- فصّلت:30
7- قريش:3 و 4
8- مشكوة الأنوار ص 281 ب 7 ف 3-و نحوه في الكافي ج 2 ص 322 باب تعجيل عقوبة

بيان:

«الحزن» : هو الهمّ ضدّ الفرح و السرور. في مجمع البحرين، الحزن: أشدّ الهمّ، و في المفردات، و الحزن: خشونة في الأرض و خشونة في النفس لما يحصل فيه من الغمّ و يضادّه الفرح و لا عتبار الخشونة بالغمّ قيل: خشنت بصدره إذا حزنته يقال: حزن يحزن و حزنته و أحزنته.

2-قال الصادق عليه السّلام: من كثرت ذنوبه و لم يجد ما يكفّرها به ابتلاه اللّه عزّ و جلّ بالحزن في الدنيا ليكفّرها به فإن فعل ذلك به و إلاّ عذّبه في قبره، فيلقى اللّه عزّ و جلّ يوم يلقاه و ليس شيء يشهد عليه بشيء من ذنوبه. 1

أقول:

قد مرّ في باب الإيمان ف 4، قال الصادق عليه السّلام: المؤمن لا يمضي عليه أربعون ليلة إلاّ عرض له أمر يحزنه، يذكّر به.

3-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ثلاثة تنقص النفس: الفقر و الخوف و الحزن، و ثلاثة تحييها: كلام العلماء و لقاء الأصدقاء و مرّ الأيّام بقلّة البلاء. 2

بيان:

في المفردات، «الخوف» : توقّع مكروه عن أمارة مظنونة أو معلومة، كما أنّ الرجاء و الطمع توقّع محبوب عن أمارة مظنونة أو معلومة، و يضادّ الخوف: الأمن و يستعمل ذلك في الأمور الدنيويّة و الأخرويّة. . .

و في مجمع البحرين، قال في تفسير القاضي: الخوف على المتوقّع و الحزن على الواقع . . . و الخوف من الشيء: الحذر منه. . . و الفرق بين الخوف و الحزن: أنّ الخوف من المتوقّع و الحزن على الواقع.

ص:120

و في جامع السعادات ج 1 ص 209: الخوف هو تألّم القلب و احتراقه بسبب توقّع مكروه في الاستقبال مشكوك الوقوع، فلو علم أو ظنّ حصوله سمّي توقّعه انتظار مكروه، و كان تألّمه أشدّ من الخوف، و كلامنا في كليهما.

و فرقه عن الجبن على ما قرّرناه من حدّهما ظاهر، فإنّ الجبن هو سكون النفس عمّا يستحسن شرعا و عقلا من الحركة إلى الانتقام أو شيء آخر، و هذا السكون قد يتحقّق من غير حدوث التألّم الذي هو الخوف، مثلا من لا يجتريء على الدخول في السفينة أو النوم في البيت وحده. . . فمثله جبان و ليس بخائف، و من كان له ملكة الحركة إلى الانتقام و غيره من الأفعال التي يجوّزها الشرع و العقل ربما حصل له التألّم المذكور من توقّع حدوث بعض المكاره، كما إذا أمر السلطان بقتله، فمثله خائف و ليس بجبان.

ثمّ الخوف على نوعين: أحدهما، مذموم بجميع أقسامه، و هو الذي لم يكن من اللّه و لا من صفاته المقتضية للهيبة و الرعب، و لا من معاصي العبد و جناياته، بل يكون لغير ذلك من الأمور التي يأتي تفصيلها، و هذا النوع من رذائل قوّة الغضب من طرف التفريط، و من نتائج الجبن. و ثانيها، محمود و هو الذي يكون من اللّه و من عظمته و من خطأ العبد و جنايته. . .

أقول: سيأتي الخوف الممدوح في باب الخوف و الرجاء إن شاء اللّه، و لا يخفى أنّ الخوف قد يأتي بمعنى عدم الأمنيّة، كما هو المراد من آية 55 من سورة النور.

4-عن أبي عبد الرحمن قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّي ربما حزنت فلا أعرف في أهل و لا مال و لا ولد، و ربّما فرحت فلا أعرف في أهل و لا مال و لا ولد. فقال عليه السّلام: إنّه ليس من أحد إلاّ و معه ملك و شيطان، فإذا كان فرحه كان من دنوّ الملك منه، فإذا كان حزنه كان من دنوّ الشيطان منه، و ذلك قول اللّه تبارك و تعالى: اَلشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ اَلْفَقْرَ وَ يَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ وَ اَللّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ

ص:121

وَ فَضْلاً وَ اَللّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ. (1) (2)

5-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الرغبة فيما عند اللّه تورث الروح و الراحة، و الرغبة في الدنيا تورث الهمّ و الحزن. (3)

6-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و الهمّ نصف الهرم. (4)

بيان:

في الصحاح و المصباح، الهمّ: الحزن.

و في المفردات، «الهمّ» : الحزن الذي يذيب الإنسان، و في المقاييس، (همم) : أصل صحيح يدلّ على ذوب و جريان و دبيب و ما أشبه ذلك. . . و أمّا الهمّ الذي هو الحزن فعندنا من هذا القياس لأنّه كأنّه لشدّته يهمّ أي يذيب.

و في مجمع البحرين (همم) ، و في دعاء آخر: «أعوذ بك من الهمّ و الغمّ و الحزن» قيل:

الفرق بين الثلاثة هو أنّ الهمّ قبل نزول الأمر و يطرد النوم، و الغمّ بعد نزول الأمر و يجلب النوم، و الحزن الأسف على ما فات، و خشونة في النفس لما يحصل فيها من الغمّ.

7-في أخبار داود عليه السّلام: يا داود، ما لأوليائي و الهمّ بالدنيا؟ إنّ الهمّ يذهب حلاوة مناجاتي من قلوبهم، إنّ محبّي من أوليائي إن يكونوا روحانيّين لا يغتمّون. (5)

8-في كلمات النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: ما أصاب المؤمن من نصب و لا وصب

ص:122


1- -البقرة:268
2- العلل ج 1 ص 93 ب 84 ح 1
3- ارشاد القلوب ص 19 ب 2
4- نهج البلاغة ص 1153 في ح 135
5- جامع السعادات ج 3 ص 214( حزن)

و لا حزن حتّى الهمّ يهمّه إلاّ كفّر اللّه به عنه من سيّئاته. (1)

بيان:

«النصب» : التعب. «الوصب» : المرض و الوجع الدائم.

9-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا تزال الغموم و الهموم بالمؤمن حتّى لا تدع له ذنبا. (2)

10-عن الحارث بن عمر قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ العبد المؤمن ليهتمّ في الدنيا حتّى يخرج منها و لا ذنب له. (3)

أقول:

بهذا المعنى أخبار عديدة، راجع الكافي ج 2 ص 323 باب تعجيل عقوبة الذنب.

11-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ من الذنوب ذنوبا لا يكفّرها صلاة و لا صدقة.

قيل: يا رسول اللّه، فما يكفّرها؟ قال: الهموم في طلب المعيشة.

و روي أنّ داود عليه السّلام قال: إلهي، أمرتني أن أطهّر وجهي و بدني و رجلي بالماء، فبماذا أطهّر لك قلبي؟ قال: بالهموم و الغموم. . . (4)

12-في مواعظ الصادق عليه السّلام قال (في حديث) : و إن كان كلّ شيء بقضاء و قدر فالحزن لماذا؟ (5)

13-و قال عليه السّلام لسفيان الثوري: . . . يا سفيان، إذا حزنك أمر من سلطان أو غيره، فأكثر من قول: «لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه» فإنّها مفتاح الفرج، و كنز

ص:123


1- -البحار ج 77 ص 144
2- البحار ج 67 ص 242 باب شدّة ابتلاء المؤمن ح 74
3- البحار ج 67 ص 242 ح 75
4- البحار ج 73 ص 157 باب الغفلة ح 3
5- البحار ج 78 ص 190

من كنوز الجنّة. (1)

14-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: اغتمّ أمير المؤمنين عليه السّلام يوما فقال: من أين أتيت؟ فما أعلم أنّي جلست على عتبة باب، و لا شققت بين غنم، و لا لبست سراويلي من قيام و لا مسحت يدي و وجهي بذيلي. (2)

أقول:

قال رحمه اللّه ذيل الحديث: قد روي في بعض الكتب عن الأئمّة عليهم السّلام أنّهم قالوا: إنّ أحد عشر شيئا تورث الغمّ: المشي بين الأغنام، و لبس السراويل قائما، و قصّ شعر اللحية بالأسنان، و المشي على قشر البيض، و اللعب بالخصية، و الاستنجاء باليمين، و القعود على عتبة الباب، و الأكل بالشمال، و مسح الوجه بالأذيال، و المشي فيما بين القبور، و الضحك بين المقابر.

و اعلم أنّه ورد و اشتهر أيضا أنّ المشي بين المرأتين و كذا الاجتياز بينهما و خياطة الثوب على البدن، و التعمّم قاعدا، و البول في الماء راكدا، و البول في الحمّام، و النوم على الوجه منبطحا تورث الغمّ و الهمّ، و لعلّ في بعض هذه المذكورات نوع كلام.

ثمّ إنّ المشهور بين الناس أنّ الجلوس على عتبة الباب تورث وقوع التهمة عليه، كما سبق و قد مرّ أيضا في الرواية أنّه يورث الفقر فلا تغفل انتهى.

بيان: «الغمّ» ج غموم: الحزن و الكرب.

15-عن أبي بصير قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: أما تحزن؟ أما تهتمّ؟ أما تألم؟ قلت: بلى و اللّه، قال: فإذا كان ذلك منك فاذكر الموت و وحدتك في قبرك، و سيلان عينيك على خدّيك و تقطّع أوصالك، و أكل الدود من لحمك، و بلاك، و انقطاعك عن الدنيا، فإنّ ذلك يحثّك على العمل، و يردعك عن كثير

ص:124


1- -البحار ج 78 ص 201
2- البحار ج 76 ص 321 باب ما يورث الهمّ و الغمّ ح 1

من الحرص على الدنيا. (1)

بيان:

في مجمع البحرين، «الأوصال» : المفاصل، و منه: «تقطّعت أوصاله» .

16-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: شكا نبيّ من الأنبياء إلى اللّه الغمّ، فأمره بأكل العنب. (2)

أقول:

في ح 7، أوحى اللّه إلى نوح أن: كل العنب الأسود ليذهب غمّك.

17-كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قد اغتمّ فأمره جبرئيل عليه السّلام أن يغسل رأسه بالسدر.

و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من وجد همّا فلا يدري ما هو فليغسل رأسه.

و قال عليه السّلام: إذا توالت الهموم فعليك بلا حول و لا قوّة إلاّ باللّه. (3)

18-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من حزنه أمر فليقل: «لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه» . (4)

أقول:

بهذا المعنى أخبار أخر، راجع البحار ج 93 ص 274 أيضا.

19-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كان أبي عليه السّلام إذا أحزنه أمر جمع النساء و الصبيان ثمّ دعا و أمّنوا. (5)

20-عن مسمع قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا مسمع، ما يمنع أحدكم إذا دخل عليه غمّ من غموم الدنيا أن يتوضّأ ثمّ يدخل مسجده و يركع ركعتين

ص:125


1- -البحار ج 76 ص 322 ح 5( أمالي الصدوق ص 345 م 55 ح 2)
2- البحار ج 76 ص 323 ح 6
3- البحار ج 76 ص 323 ح 8
4- البحار ج 93 ص 187 باب الكلمات الأربع ح 10
5- البحار ج 46 ص 297 باب مكارم أخلاق الباقر عليه السّلام ح 28

فيدعو اللّه فيها؟ أما سمعت اللّه يقول: وَ اِسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ اَلصَّلاةِ. (1)(2)

21-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الهمّ ينحل البدن. (الغرر ج 1 ص 16 ف 1 ح 421)

الغمّ مرض النفس. (ص 17 ح 428)

الحزن يهدم الجسد. (ص 23 ح 661)

الرضا ينفي الحزن. (ص 18 ح 464)

الأحزان سقم القلوب. (ص 26 ح 754)

الخائف لا عيش له. (ص 34 ح 1054)

الهمّ يذيب الجسد. (ص 35 ح 1081)

نعم طارد الهمّ الرضا بالقضاء. (ج 2 ص 772 ف 81 ح 30)

نعم طارد الهمّ الاتّكال على القدر. (ح 40)

لا تشعر قلبك الهمّ على ما فات فيشغلك عن الاستعداد بما هو آت.

(ص 829 ف 85 ح 282)

من قصّر في العمل ابتلاه اللّه سبحانه بالهمّ، و لا حاجة للّه سبحانه فيمن ليس له في نفسه و ماله نصيب. (ص 705 ف 77 ح 1364)

ص:126


1- -البقرة:45
2- تفسير العياشي ج 1 ص 43 ح 39( البحار ج 69 ص 342 باب جوامع المكارم)

40- الحساب

الآيات

1- . . . وَ اَللّهُ سَرِيعُ اَلْحِسابِ. (1)

2- . . . وَ إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اَللّهُ. . . (2)

3- . . . وَ كَفى بِاللّهِ حَسِيباً (3)

4- ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اَللّهِ مَوْلاهُمُ اَلْحَقِّ أَلا لَهُ اَلْحُكْمُ وَ هُوَ أَسْرَعُ اَلْحاسِبِينَ. (4)

5- . . . وَ اَلَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ . . . أُولئِكَ لَهُمْ سُوءُ اَلْحِسابِ. . . (5)

6- وَ اَلَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اَللّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَ يَخافُونَ سُوءَ اَلْحِسابِ. (6)

ص:127


1- -البقرة:202( آل عمران:19 و 199- الرعد:41- إبراهيم:51- النور:39- غافر: 17)
2- البقرة:284
3- النساء:6- الأحزاب:39
4- الأنعام:62
5- الرعد:18
6- الرعد:21

7- اِقْتَرَبَ لِلنّاسِ حِسابُهُمْ وَ هُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ. (1)

8- وَ نَضَعُ اَلْمَوازِينَ اَلْقِسْطَ لِيَوْمِ اَلْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَ إِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَ كَفى بِنا حاسِبِينَ. (2)

9- وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ. (3)

10- فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَ لا جَانٌّ. (4)

11- وَ كَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَ رُسُلِهِ فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً وَ عَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً. (5)

12- فَأَمّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ- فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً. (6)

13- إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ- ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ. (7)

14- ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ اَلنَّعِيمِ. (8)

الأخبار

1-قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّما يداقّ اللّه العباد في الحساب يوم القيامة على قدر ما آتاهم من العقول في الدنيا. (9)

ص:128


1- -الأنبياء:1
2- الأنبياء:47
3- الصافّات:24
4- الرحمن:39
5- الطلاق:8
6- الانشقاق:7 و 8
7- الغاشية:25 و 26
8- التكاثر:8
9- الكافي ج 1 ص 9 ك العقل ح 7

بيان:

«يداقّ» المداقّة: مفاعلة من الدقّة، و"المداقّة في الحساب": المناقشة فيه، أي يستقصيهم في المحاسبة بما كلّفهم به على قدر عقولهم. (مجمع البحرين)

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قيل لأمير المؤمنين عليه السّلام: عظنا و أوجز. فقال:

الدنيا حلالها حساب و حرامها عقاب، و أنّى لكم بالروح و لمّا تأسّوا بسنّة نبيّكم، تطلبون ما يطغيكم و لا ترضون ما يكفيكم. (1)

أقول:

«حلالها حساب و حرامها عقاب» : بهذا المعنى أخبار كثيرة روتها العامّة و الخاصّة.

3-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في قول اللّه عزّ و جلّ:

وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ قال: عن ولاية عليّ عليه السّلام. (2)

أقول:

قد مرّ في باب الحبّ ف 2: «أوّل ما يسأل عنه العبد حبّنا أهل البيت» و «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتّى يسأل عن أربع: . . . و عن حبّنا أهل البيت» .

4-دخل رجل على أبي عبد اللّه عليه السّلام، فقال أبو عبد اللّه: ما لفلان يشكوك؟ قال: طالبته بحقّي، فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: و ترى أنّك إذا استقصيت عليه لم تسيء به، أ ترى الذي حكى اللّه عزّ و جلّ في قوله: وَ يَخافُونَ سُوءَ اَلْحِسابِ أي يجور اللّه عليهم؟ و اللّه ما خافوا ذلك، و لكنّهم خافوا الاستقصاء، فسمّاه اللّه سوء الحساب. (3)

ص:129


1- -الكافي ج 2 ص 332 باب محاسبة العمل ح 23
2- العيون ج 2 ص 59 ب 31 ح 222
3- تفسير القميّ ج 1 ص 363( الرعد:21)

بيان:

«الاستقصاء» يقال: استقصى المسألة و فيها: بلغ الغاية في البحث عنها، و المراد هنا المداقّة في الحساب.

5-عن جميل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت: قول اللّه: لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ اَلنَّعِيمِ قال: قال: تسأل هذه الأمّة عمّا أنعم اللّه عليهم برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ثمّ بأهل بيته المعصومين عليهم السّلام. (1)

أقول:

فسّر النعيم في أخبار كثيرة بالولاية.

6-عن إسحاق بن عمّار عن الصادق جعفر بن محمّد عليه السّلام قال: إذا كان يوم القيامة وقف عبدان مؤمنان للحساب كلاهما من أهل الجنّة، فقير في الدنيا و غنيّ في الدنيا، فيقول الفقير: يا ربّ، على ما أوقف؟ فو عزّتك إنّك لتعلم أنّك لم تولّني ولاية فأعدل فيها أو أجور، و لم ترزقني مالا فأؤدّي منه حقّا أو أمنع، و لا كان رزقي يأتيني منها إلاّ كفافا على ما علمت و قدّرت لي. فيقول اللّه جلّ جلاله: صدق عبدي، خلّوا عنه يدخل الجنّة.

و يبقى الآخر حتّى يسيل منه العرق ما لو شربه أربعون بعيرا لكفاها، ثمّ يدخل الجنّة، فيقول له الفقير: ما حبسك؟ فيقول: طول الحساب، ما زال الشيء يجيئني بعد الشيء يغفر لي، ثمّ اسأل عن شيء آخر حتّى تغمّدني اللّه عزّ و جلّ منه برحمته و ألحقني بالتائبين، فمن أنت؟ فيقول: أنا الفقير الذي كنت معك آنفا، فيقول: لقد غيّرك النعيم بعدي. (2)

7-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه عزّ و جلّ

ص:130


1- -تفسير القميّ ج 2 ص 440( التكاثر)
2- أمالي الصدوق ص 360 م 57 ح 11

يحاسب كلّ خلق إلاّ من أشرك باللّه عزّ و جلّ فإنّه لا يحاسب و يؤمر به إلى النار. (1)

8-عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: كلّ نعيم مسؤول عنه يوم القيامة إلاّ ما كان في سبيل اللّه تعالى. (2)

9-عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا كان يوم القيامة و كلنا اللّه بحساب شيعتنا، فما كان للّه سألنا اللّه أن يهبه لنا فهو لهم، و ما كان لنا فهو لهم، ثمّ قرأ أبو عبد اللّه عليه السّلام: إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ. (3)

أقول:

بهذا المعنى أخبار أخر.

10-عن الحلبيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ثلاثة أشياء لا يحاسب العبد المؤمن عليهنّ: طعام يأكله و ثوب يلبسه و زوجة صالحه تعاونه و يحصن بها فرجه. (4)

بيان:

قال رحمه اللّه: تذنيب، اعلم أنّ الحساب حقّ، نطقت به الآيات المتكاثرة و الأحاديث المتواترة فيجب الاعتقاد به، و أمّا ما يحاسب العبد به و يسأل عنه فقد اختلف فيه الأخبار، فمنها: ما يدلّ على عدم السؤال عمّا تصرّف فيه من الحلال، و في بعضها:

«لحلالها حساب و لحرامها عقاب» و يمكن الجمع بينهما بحمل الاولى على المؤمنين، و الاخرى على غيرهم، أو الاولى على الأمور الضروريّة كالمأكل و الملبس و المسكن و المنكح، و الاخرى على ما زاد على الضرورة كجمع الأموال زائدا

ص:131


1- -البحار ج 7 ص 260 باب محاسبة العباد ح 7
2- البحار ج 7 ص 261 ح 10
3- البحار ج 7 ص 264 ح 19
4- البحار ج 7 ص 265 ح 23

على ما يحتاج إليه، أو صرفها فيما لا يدعوه إليه ضرورة و لا يستحسن شرعا، و يؤيّده بعض الأخبار كما عرفت. (البحار ج 7 ص 275)

11-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله تعالى: وَ يَخافُونَ سُوءَ اَلْحِسابِ قال:

يحسب عليهم السيّئات، و يحسب لهم الحسنات و هو الاستقصاء. (1)

12-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله تعالى: وَ يَخافُونَ سُوءَ اَلْحِسابِ قال:

الاستقصاء و المداقّة، و قال: يحسب عليهم السيّئات، و لا يحسب لهم الحسنات. (2)

بيان:

قال رحمه اللّه: «لا يحسب لهم الحسنات» : لعدم إتيانهم بها على وجهها و لإخلالهم بشرائطها كحسنات المخالفين، فإنّ من شرائط صحّة الأعمال ولاية أهل البيت عليهم السّلام فلذا لا يقبل منهم أعمالهم، و لعلّ ما في الخبر السابق من محاسبة الحسنات لبعض فسّاق الشيعة.

13-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه: إِنَّ اَلسَّمْعَ وَ اَلْبَصَرَ وَ اَلْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً (3)قال: يسأل السمع عمّا يسمع، و البصر عمّا يطرف، و الفؤاد عمّا عقد عليه. (4)

14-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا تزول قدم عبد حتّى يسأل عن حبّنا أهل البيت، قيل: يا رسول اللّه، ما علامة حبّكم؟ قال: فضرب بيده على منكب عليّ عليه السّلام. (5)

15-عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: أوّل ما يحاسب به

ص:132


1- -البحار ج 7 ص 266 ح 26
2- البحار ج 7 ص 266 ح 27
3- الإسراء:36
4- البحار ج 7 ص 267 ح 30
5- البحار ج 7 ص 267 ح 31

العبد الصلاة فإن قبلت قبل ما سواها. (1)

16-عن معاوية قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ صلة الرحم تهوّن الحساب يوم القيامة، ثمّ قرأ: يَصِلُونَ ما أَمَرَ اَللّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَ يَخافُونَ سُوءَ اَلْحِسابِ. (2)

17-عن خالد بن نجيح عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا كان يوم القيامة دفع إلى الإنسان كتابه، ثمّ قيل له: اقرء.

قلت: فيعرف ما فيه؟ فقال: إنّ اللّه يذكّره فما من لحظة و لا كلمة و لا نقل قدم و لا شيء فعله إلاّ ذكره كأنّه فعله تلك الساعة، فلذلك قالوا: يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا اَلْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَ لا كَبِيرَةً إِلاّ أَحْصاها. (3)(4)

18-عن علي (بن أبي حمزة) قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ اللّه تبارك و تعالى إذا أراد أن يحاسب المؤمن أعطاه كتابه بيمينه و حاسبه فيما بينه و بينه، فيقول: عبدي، فعلت كذا و كذا و عملت كذا و كذا؟ فيقول: نعم يا ربّ، قد فعلت ذلك، فيقول: قد غفرتها لك و أبدلتها حسنات، فيقول الناس: سبحان اللّه أما كان لهذا العبد سيّئة واحدة؟ ! و هو قول اللّه عزّ و جلّ: فَأَمّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً وَ يَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً قلت: أيّ أهل؟ قال: أهله في الدنيا هم أهله في الجنّة إن كانوا مؤمنين.

قال: و إذا أراد بعبد شرّا حاسبه على رؤوس الناس و بكته و أعطاه كتابه بشماله و هو قول اللّه عزّ و جلّ: وَ أَمّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ فَسَوْفَ يَدْعُوا

ص:133


1- -البحار ج 7 ص 267 ح 33
2- البحار ج 7 ص 273 ح 43
3- الكهف:49
4- البحار ج 7 ص 315 باب تطاير الكتب ح 10

ثُبُوراً. . . . . . (1)

بيان:

«بكته» : أي غلبه بالحجّة.

19-. . . قال أمير المؤمنين عليه السّلام لنوف: يا نوف، صل رحمك يزيد اللّه في عمرك، و حسّن خلقك يخفّف اللّه حسابك. (2)

20-عن أبي ذرّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لرجل و هو يوصيه: . . . و اقنع بما اوتيته يخفّ عليك الحساب. . . (3)

أقول:

في البحار ج 77 ص 54، في وصيّته لعليّ عليهما السّلام: يا عليّ، ما أحد من الأوّلين و الآخرين إلاّ و هو يتمنّى يوم القيامة أنّه لم يعط من الدنيا إلاّ قوتا.

و ص 196، في كتاب الصادق عليه السّلام للنجاشي: فإن استطعت أن لا تنال من الدنيا شيئا تسأل عنه غدا فافعل.

و يأتي في باب الموت أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: «. . . و يكره (ابن آدم) قلّة المال، و قلّة المال أقلّ للحساب» .

و في باب الفقر ما يدلّ على المقام.

21-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و ذلك يوم يجمع اللّه فيه الأوّلين و الآخرين لنقاش الحساب، و جزاء الأعمال، خضوعا قياما، قد ألجمهم العرق، و رجفت بهم الأرض، فأحسنهم حالا من وجد لقدميه موضعا، و لنفسه متّسعا. (4)

ص:134


1- -البحار ج 7 ص 324 ح 17
2- البحار ج 71 ص 383 باب حسن الخلق ح 20
3- البحار ج 77 ص 189 في ح 37
4- نهج البلاغة ص 300 خ 101

بيان:

«نقاش الحساب» : المناقشة أي الاستقصاء في الحساب حتّى لا يترك منه شيء، و منه نقش الشوك من الرجل و هو استخراجه منها. «ألجمهم العرق» : أي سال منهم حتّى بلغ موضع اللجام من الدابّة أي الفم. «رجفت بهم» : أي حرّكتهم.

22-و من عهد له عليه السّلام إلى محمّد بن أبي بكر: . . . و لا ييأس الضعفاء من عدلك عليهم، فإنّ اللّه تعالى يساءلكم-معشر عباده-عن الصغيرة من أعمالكم و الكبيرة، و الظاهرة و المستورة، فإن يعذّب فأنتم أظلم، و إن يعف فهو أكرم. . . (1)

23-و سئل عليه السّلام: كيف يحاسب اللّه الخلق على كثرتهم؟ فقال: كما يرزقهم على كثرتهم. فقيل: كيف يحاسبهم و لا يرونه؟ فقال: كما يرزقهم و لا يرونه. (2)

أقول:

في مجمع البيان ج 4 ص 313، «و روي؛ أنّه سبحانه يحاسب جميع عباده على مقدار حلب شاة» و هذا يدلّ على أنّه لا يشغله محاسبة أحد عن محاسبة غيره، و يدلّ على أنّه سبحانه يتكلّم بلا لسان و لهوات ليصحّ أن يحاسب الجميع في وقت واحد.

و في ج 1 ص 298، و ورد في الخبر: أنّه تعالى يحاسب الخلائق كلّهم في مقدار لمح البصر، و روي بقدر حلب شاة.

24-قال الصادق عليه السّلام: لو لم يكن للحساب مهولة إلاّ حياء العرض على اللّه تعالى، و فضيحة هتك الستر على المخفيّات، لحقّ للمرء أن لا يهبط من رؤوس الجبال و لا يأوى إلى عمران و لا يأكل و لا يشرب و لا ينام إلاّ عن اضطرار متّصل بالتلف، و مثل ذلك يفعل من يرى القيامة بأهوالها و شدائدها

ص:135


1- -نهج البلاغة ص 886 ر 27
2- نهج البلاغة ص 1230 ح 292

قائمة في كلّ نفس، و يعاين بالقلب الوقوف بين يدي الجبّار، حينئذ يأخذ نفسه بالمحاسبة، كأنّه إلى عرصاتها مدعوّ و في غمراتها مسئول، قال اللّه تعالى: وَ إِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَ كَفى بِنا حاسِبِينَ.

و قال بعض الأئمّة عليهم السّلام: «حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا و زنوا أعمالكم بميزان الحياء قبل أن توزنوا» .

و قال أبو ذرّ رحمه اللّه: «ذكر الجنّة موت، و ذكر النار موت، فوا عجبا لنفس تحيي بين موتين» . و روي عن يحيى بن زكريا عليه السّلام: كان يفكّر في طول الليل في أمر الجنّة و النار فيسهر ليلته و لا يأخذه النوم ثمّ يقول عند الصباح: اللهمّ أين المفرّ و أين المستقرّ اللهمّ إلاّ إليك. (1)

أقول:

سيأتي في الأخبار أنّ الصابرين و الفقراء و. . . يدخلون الجنّة بغير حساب، و جماعة يدخلون النار بغير حساب، كما قد مرّ بعضها. لاحظ أبواب الجنّة، جهنّم، الفقر و. . .

ص:136


1- -مصباح الشريعة ص 58 ب 84

41- محاسبة النفس

الأخبار

1-عن أبي الحسن الماضي عليه السّلام قال: ليس منّا من لم يحاسب نفسه في كلّ يوم، فإن عمل حسنا استزاد اللّه، و إن عمل سيّئا استغفر اللّه منه و تاب إليه. (1)

بيان:

في المرآة ج 11 ص 358: اعلم أنّ أفضل الأعوان على طاعة اللّه و الاجتناب عن معاصيه و التزوّد ليوم المعاد محاسبة النفس، أي يتفكّر عند انتهاء كلّ يوم و ليلة بل كلّ ساعة فيما عمل فيه من خير أو شرّ. . .

و في جامع السعادات ج 3 ص 89، المحاسبة: أن يعيّن في كلّ يوم و ليلة وقتا يحاسب فيه نفسه بموازنة طاعاته و معاصيه، ليعاتب نفسه و يقهرها، لو وجدها في هذا اليوم و الليلة مقصّرة في طاعة واجبة، أو مرتكبة لمعصية، و يشكر اللّه سبحانه لو أتت بجميع الواجبات و لم يصدر منها معصية، و يزيد الشكر لو صدر منها شيء من الخيرات و الطاعات المندوبة.

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا أراد أحدكم أن لا يسأل ربّه شيئا إلاّ أعطاه، فلييأس من الناس كلّهم و لا يكون له رجاء إلاّ من عند اللّه عزّ ذكره، فإذا علم

ص:137


1- -الكافي ج 2 ص 328 باب محاسبة العمل ح 2

اللّه عزّ و جلّ ذلك من قلبه لم يسأله شيئا إلاّ أعطاه، فحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا عليها، فإنّ للقيامة خمسين موقفا كلّ موقف مقداره ألف سنة، ثمّ تلا:

فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمّا تَعُدُّونَ. (1) (2)

أقول:

في أمالي الطوسيّ رحمه اللّه: تلا هذه الآية: فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ. (3)

3-عن الحسن بن عليّ عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا يكون العبد مؤمنا حتّى يحاسب نفسه أشدّ من محاسبة الشريك شريكه، و السيّد عبده. . . (4)

4-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: عباد اللّه زنوا أنفسكم من قبل أن توزنوا، و حاسبوها من قبل أن تحاسبوا، و تنفّسوا قبل ضيق الخناق، و انقادوا قبل عنف السياق، و اعلموا أنّه من لم يعن على نفسه حتّى يكون له منها واعظ و زاجر لم يكن له من غيرها زاجر و لا واعظ. (5)

5-و قال عليه السّلام: من حاسب نفسه ربح، و من غفل عنها خسر، و من خاف أمن، و من اعتبر أبصر، و من أبصر فهم، و من فهم علم. (6)

6-في وصيّة النبّي صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه: يا أبا ذرّ، حاسب نفسك قبل أن تحاسب فهو أهون لحسابك غدا، وزن نفسك قبل أن توزن، و تجهّز للعرض

ص:138


1- -السجدة:5
2- الكافي ج 8 ص 143 ح 108( أمالي الطوسي ج 1 ص 34- البحار ج 7 ص 126)
3- المعارج:4
4- الوسائل ج 16 ص 99 ب 96 من جهاد النفس ح 10
5- نهج البلاغة ص 225 في خ 89
6- نهج البلاغة ص 1180 ح 199

الأكبر يوم تعرض لا تخفى منك على اللّه خافية. . . (1)

يا أبا ذرّ، لا يكون الرجل من المتّقين حتّى يحاسب نفسه أشدّ من محاسبة الشريك شريكه، فيعلم من أين مطعمه و من أين مشربه و من أين ملبسه، أمن حلّ أم من حرام. (2)

. . . و على العاقل ما لم يكن مغلوبا على عقله أن يكون له ثلاث ساعات:

ساعة يناجي فيها ربّه، و ساعة يفكّر فيها في صنع اللّه تعالى، و ساعة يحاسب فيها نفسه فيما قدّم و أخّر، و ساعة يخلو فيها بحاجته من الحلال من المطعم و المشرب. (3)

7-فيما أوصى به أمير المؤمنين ابنه الحسن عليهما السّلام: يا بنيّ، للمؤمن ثلاث ساعات: ساعة يناجي فيها ربّه، و ساعة يحاسب فيها نفسه، و ساعة يخلو فيها بين نفسه و لذّتها فيما يحلّ و يحمد، و ليس للمؤمن بدّ من أن يكون شاخصا في ثلاث:

مرمّة لمعاش، أو خطوة لمعاد، أو لذّة في غير محرّم. (4)

بيان:

في المصباح: شخص يشخص شخوصا: خرج من موضع إلى غيره. «مرمّة لمعاش» أي إصلاحا لمعاش.

8-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أ لا أنبّئكم بأكيس الكيّسين و أحمق الحمقاء؟ قالوا: بلى يا رسول اللّه، قال: أكيس الكيّسين من حاسب نفسه، و عمل لما بعد الموت، و أحمق الحمقاء من اتّبع نفسه هواه، و تمنّى على اللّه الأمانيّ.

ص:139


1- -مكارم الأخلاق ص 465 ب 12 ف 5( البحار ج 77 ص 85)
2- مكارم الأخلاق ص 468( البحار ج 77 ص 88) .
3- مكارم الأخلاق ص 472
4- البحار ج 70 ص 65 باب مراتب النفس ح 6-و نظيره في نهج البلاغة ص 1271 ح 382

فقال الرجل: يا أمير المؤمنين، و كيف يحاسب الرجل نفسه؟ قال: إذا أصبح ثمّ أمسى رجع إلى نفسه و قال: يا نفس، إنّ هذا يوم مضى عليك لا يعود إليك أبدا و اللّه سائلك عنه فيما أفنيته، فما الذي عملت فيه؟ أذكرت اللّه أم حمدتيه؟ أقضيت حقّ أخ مؤمن؟ أ نفّست عنه كربته؟ أحفظتيه بظهر الغيب في أهله و ولده؟ أحفظتيه بعد الموت في مخلّفيه؟ أكففت عن غيبة أخ مؤمن بفضل جاهك؟ أ أعنت مسلما؟ ما الذي صنعت فيه؟ فيذكر ما كان منه.

فإن ذكر أنّه جرى منه خير حمد اللّه و كبّره على توفيقه، و إن ذكر معصية أو تقصيرا استغفر اللّه عزّ و جلّ و عزم على ترك معاودته و محا ذلك عن نفسه بتجديد الصلاة على محمّد و آله الطيّبين و عرض بيعة أمير المؤمنين على نفسه و قبولها، و إعادة لعن شانئيه و أعدائه و دافعيه عن حقوقه، فإذا فعل ذلك قال اللّه عزّ و جلّ: لست اناقشك في شيء من الذنوب مع موالاتك أوليائي و معاداتك أعدائي. (1)

9-. . . و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا أويت إلى فراشك، فانظر ما سلكت في بطنك، و ما كسبت في يومك، و اذكر أنّك ميّت و أنّ لك معادا. (2)

10-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: . . . و حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا و مهّدوا لها قبل أن تعذّبوا، و تزوّدوا للرحيل قبل أن تزعجوا، فإنّها موقف عدل، و اقتضاء حقّ، و سؤال عن واجب، و قد أبلغ في الإعذار من تقدّم بالإنذار. (3)

11-في مواعظ عليّ عليه السّلام: و على العاقل أن يحصى على نفسه مساويها في الدين و الرأي و الأخلاق و الأدب، فيجمع ذلك في صدره أو في كتاب، و يعمل

ص:140


1- -البحار ج 70 ص 69 ح 16-و نظيره في الوسائل ج 16 ص 98 ب 96 من جهاد النفس ح 8 عن الحسن العسكريّ عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.
2- البحار ج 71 ص 267 باب الاستعداد للموت ح 17
3- البحار ج 77 ص 183 في ح 22 اعلام الورى

في إزالتها. (1)

12-في وصيّة الصادق عليه السّلام لابن جندب: . . . يا بن جندب، حقّ على كلّ مسلم يعرفنا أن يعرض عمله في كلّ يوم و ليلة على نفسه، فيكون محاسب نفسه، فإن رأى حسنة استزاد منها، و إن رأى سيّئة استغفر منها لئلاّ يخزي يوم القيامة. . . (2)

13-في حديث موسى بن جعفر عليه السّلام لهشام (في العقل) : يا هشام، ليس منّا من لم يحاسب نفسه في كلّ يوم، فإن عمل حسنا استزاد منه، و إن عمل سيّئا استغفر اللّه منه و تاب إليه. (3)

14-عن ابن مسعود عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: . . . و على الباب السابع (أي من النار) مكتوب ثلاث كلمات: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، و وبّخوا نفوسكم قبل أن توبّخوا، و ادعوا اللّه عزّ و جلّ قبل أن تردوا عليه و لا تقدروا على ذلك. (4)

أقول:

مرّ الحديث بطوله في باب الجنّة.

و مرّ في باب الحزن في اللّه: «يا بن آدم، لا تزال بخير ما دام لك واعظ من نفسك، و ما كانت المحاسبة من همّك. . .» .

15-قال أمير المؤمنين عليه السّلام:

ثمرة المحاسبة إصلاح النفس. (الغرر ج 1 ص 362 ف 23 ح 68)

جاهد نفسك و حاسبها محاسبة الشريك شريكه، و طالبها بحقوق اللّه مطالبة الخصم خصمه، فإنّ أسعد الناس من انتدب لمحاسبة نفسه. (ص 371 ف 26 ح 46)

ص:141


1- -البحار ج 78 ص 6 في ح 58
2- البحار ج 78 ص 279( تحف العقول ص 221)
3- البحار ج 78 ص 311( تحف العقول ص 292)
4- المستدرك ج 12 ص 153 ب 95 من جهاد النفس ح 4

حاسب نفسك لنفسك، فإنّ غيرها من الأنفس لها حسيب غيرك.

(ص 384 ف 28 ح 59)

حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، و وازنوها قبل أن توازنوا-حاسبوا أنفسكم بأعمالها، و طالبوها بأداء المفروض عليها، و الأخذ من فنائها لبقائها، و تزوّدوا و تأهّبوا قبل أن تبعثوا. (ص 385 ح 66 و 67)

من حاسب نفسه ربح (ج 2 ص 618 ف 77 ح 163)

من حاسب نفسه سعد (ص 622 ح 243)

من تعاهد نفسه بالمحاسبة أمن فيها المداهنة. (ص 633 ح 425)

من حاسب نفسه وقف على عيوبه، و أحاط بذنوبه، فاستقال الذنوب، و أصلح العيوب (ص 696 ح 1265)

ما أحقّ الإنسان أن تكون له ساعة لا يشغله عنها شاغل، يحاسب فيها نفسه، فينظر فيما اكتسب لها و عليها، في ليلها و نهارها. (ص 753 ف 79 ح 241)

ما المغبوط إلاّ من كانت همّته نفسه، لا يغنيه (لا يغبّها ف ن) عن محاسبتها و مطالبتها و مجاهدتها. (ح 242)

ص:142

المراقبة و المشارطة

و اعلم أنّ العقل بمنزلة تاجر في طريق الآخرة، و رأس ماله العمر، و قد استعان في تجارته هذه بالنفس، فهي بمنزلة شريكه أو غلامه الذي يتّجر في ماله، و ربح هذه التجارة تحصيل الأخلاق الفاضلة، و الأعمال الصالحة، الموصلة إلى نعيم الأبد، و خسرانها المعاصي و السيّئات، المؤدّية إلى العذاب المقيم في دركات الجحيم، و نقول كما أنّ التاجر يشارط شريكه أوّلا، و يراقبه ثانيا، و يحاسبه ثالثا، كذلك العقل يحتاج في مشاركة النفس إلى أن يرتكب هذه الأعمال، و مجموع هذه الأعمال يسمّى"المحاسبة و المراقبة"تسمية الكلّ باسم بعض أجزائه و قد يسمّى"مرابطة"أيضا.

فأوّل الأعمال في المرابطة «المشارطة» و هي أن يشارط النفس، و يأخذ منها العهد و الميثاق في كلّ يوم و ليلة مرّة ألاّ ترتكب المعاصي، و لا يصدر منها شيء يوجب سخط اللّه، و لا تقصّر في شيء من الطاعات الواجبة، و لا تترك ما تيسّر لها من الخيرات و النوافل، و الأولى أن يكون ذلك بعد الفراغ عن فريضة الصبح.

و ثانيها: «المراقبة» و هو أن يراقب نفسه عند الخوض في الأعمال، فيلاحظها بالعين الكالئة، فإنّها إن تركت طغت و فسدت، ثمّ يراقب اللّه في كلّ حركة و سكون، بأن يعلم أنّ اللّه تعالى مطّلع على الضمائر، عالم بالسرائر، رقيب على أعمال العباد.

و في سفينة البحار ج 1 ص 533: المراقبة مراعاة القلب للرقيب و اشتغاله به، و المثمر لها هو تذكّر أنّ اللّه تعالى مطّلع على كلّ نفس بما كسبت، و أنّه سبحانه عالم بسرائر القلوب و خطراتها، فإذا استقرّ هذا العلم في القلب جذبه إلى مراقبة اللّه سبحانه دائما، و ترك معاصيه خوفا و حياء، و المواظبة على خدمته دائما انتهى.

قال اللّه تعالى: وَ كانَ اَللّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً (1)و قال: إِنَّ اَللّهَ كانَ عَلَيْكُمْ

ص:143


1- -الأحزاب:52.

رَقِيباً (1)و قال: إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ (2)و قال: أَ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اَللّهَ يَرى (3)

و في إرشاد القلوب ص 175 ب 39: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لبعض أصحابه: اعبد اللّه كأنّك تراه فإن لم تكن تراه فهو يراك.

و في جامع السعادات ج 3 ص 96: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «الإحسان أن تعبد اللّه كأنّك تراه، فإن لم تكن تراه فإنّه يراك» ، و في الحديث القدسي: «إنّما يسكن جنّات عدن، الذين إذا همّوا بالمعاصي ذكروا عظمتي فراقبوني، و الذين انحنت أصلابهم من خشيتي، و عزّتي و جلالي، إنّي لأهمّ بعذاب أهل الأرض، فإذا نظرت إلى أهل الجوع و العطش من مخافتي، صرفت عنهم العذاب» .

و في الغرر، قال أمير المؤمنين عليه السّلام: اجعل من نفسك على نفسك رقيبا.

و قال عليه السّلام: ينبغي أن يكون الرجل مهيمنا على نفسه مراقبا قلبه حافظا لسانه.

و قال عليه السّلام: طوبى لمن راقب ربّه و خاف ذنبه.

و قال عليه السّلام: رحم اللّه عبدا راقب ذنبه و خاف ربّه.

و ثالثها: «المحاسبة» بعد العمل، فإنّ العبد كما يختار وقتا في أوّل كلّ يوم ليشارط فيه النفس على سبيل التوصية بالحقّ، ينبغي له أن يختار وقتا في آخر كلّ يوم ليطالب النفس فيه بما أوصى به، و يحاسبها على جميع حركاتها و سكناتها، و قد مرّت الأخبار مع كيفيّتها.

و رابعها: و هو آخر مقامات المرابطة «معاتبة النفس» و معاقبتها على تقصيرها، فإذا حاسب نفسه فوجدها خائنة في الأعمال، مرتكبة للمعاصي، فلا ينبغي أن يهملها، إذ لو أهملها سهل عليها مقارفة المعاصي، و أنست بها، بحيث يعسر بعد ذلك فطامها عنها، فينبغي للعاقل أن يعاقبها و يلزمها على المجاهدة بتكليفها الطاعات الشاقّة و. . .

ص:144


1- -النساء:1
2- الفجر:14
3- العلق:14

42- الحسد

الآيات

1- وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ اَلْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ. . . (1)

2- أَمْ يَحْسُدُونَ اَلنّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اَللّهُ مِنْ فَضْلِهِ. . . (2)

3- وَ اُتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ اِبْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبا قُرْباناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَ لَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ اَلْآخَرِ قالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قالَ إِنَّما يَتَقَبَّلُ اَللّهُ مِنَ اَلْمُتَّقِينَ. الآيات (3)

4- قالَ يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً. الآيات (4)

5- وَ مِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ. (5)

ص:145


1- -البقرة:109
2- النساء:54
3- المائدة:27
4- يوسف:5 إلى 8
5- الفلق:5
الأخبار

1-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ الحسد يأكل الإيمان كما تأكل النار الحطب. (1)

بيان:

في النهاية ج 1 ص 383، «الحسد» : أن يرى الرجل لأخيه نعمة فيتمنّى أن تزول عنه و تكون له دونه، و الغبط: أن يتمنّى أن يكون له مثلها و لا يتمنّى زوالها عنه.

و في المفردات: الحسد تمنّى زوال نعمة من مستحقّ لها، و ربما كان مع ذلك سعى في إزالتها، و روي: «المؤمن يغبط و المنافق يحسد» .

و في المرآة ج 10 ص 158 و البحار ج 73 ص 238: اعلم أنّه لا حسد إلاّ على نعمة، فإذا أنعم اللّه على أخيك نعمة فلك فيها حالتان أحدهما: أن تكره تلك النعمة و تحبّ زوالها، سواء أردت وصولها إليك أم لا، فهذه الحالة تسمّى حسدا، و الثانية: أن لا تحبّ زوالها و لا تكره وجودها و دوامها، و لكنّك تشتهي لنفسك مثلها، و هذه تسمّى غبطة، و قد يخصّ باسم المنافسة.

فأمّا الأوّل فهو حرام مطلقا كما هو المشهور، أو إظهارها كما يظهر من بعض الأخبار، إلاّ نعمة أصابها فاجر أو كافر، و هو يستعين بها على تهييج الفتنة، و إفساد ذات البين و إيذاء الخلق، فلا يضرّك كراهتك لها و محبّتك لزوالها، فإنّك لا تحبّ زوالها من حيث إنّها نعمة بل من حيث هي آلة الفساد، و لو أمنت فساده لم تغمّك تنعّمه.

و أمّا الحسد المذموم فمع قطع النظر عن الآيات الكثيرة و الأخبار المتواترة الواردة في ذمّه و النهي عنه، صريح العقل أيضا يحكم بقبحه، فإنّه سخط لقضاء اللّه في تفصيل بعض عباده على بعض، و أيّ معصية تزيد على كراهتك لراحة مسلم،

ص:146


1- -الكافي ج 2 ص 231 باب الحسد ح 2-و مثله ح 1 عن أبي جعفر عليه السّلام مع زيادة في صدره

من غير أن يكون لك فيها مضرّة. . .

و قيل: للحسد أسباب كثيرة، يحصر جملتها سبعة: العداوة، و التعزّز، و الكبر، و التعجّب، و الخوف من فوت المقاصد المحبوبة، و حبّ الرياسة، و خبث النفس و بخلها. . .

و اعلم أنّ الحسد من الأمراض العظيمة للقلوب، و لا تداوى أمراض القلوب إلاّ بالعلم و العمل، و العلم النافع لمرض الحسد هو أن تعرف تحقيقا أنّ الحسد ضرر عليك في الدنيا و الدين، و أنّه لا ضرر به على المحسود في الدين و الدنيا، بل ينتفع بها في الدنيا و الدين. . . و لا يزال الشيطان ينازعك في الحسد له، و لكن إن قوي ذلك فيك حتّى يبعثك على إظهار الحسد بقول أو فعل، بحيث يعرف ذلك من ظاهرك بأفعالك الاختياريّة فأنت إذا حسود عاص بحسدك، و إن كففت ظاهرك بالكلّيّة إلاّ أنّك بباطنك تحبّ زوال النعمة، و ليس في نفسك كراهة لهذه الحالة، فأنت أيضا حسود عاص، لأنّ الحسد صفة القلب لا صفة الفعل. . .

أقول: اعلم أنّ الحسد مذموم، و لو لم يظهره و لم يستعمله، و لو لم نقل بحرمته مطلقا، بل قلنا بحرمة إعماله و إظهاره، إذا الأخبار تدلّ على ذمّ الحسد و إن لم يظهره و لم يستعمله، و في الغرر، قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من اتّقى قلبه لم يدخله الحسد، و يؤيّد ذلك خلوّ قلب سلمان رحمه اللّه و أمثاله من الحسد، لأنّ قلوبهم خالية من المذمومات، فإذا ليس في القلب السليم حسد.

و أمّا قوله عليه السّلام: «ثلاث لم يعر منها نبيّ فمن دونه: الطيرة و الحسد، و التفكّر في الوسوسة في الخلق» فمع ضعف سنده يكون المعنى كما قال الصدوق رحمه اللّه (في الخصال ج 1 ص 89 باب الثلاثة ح 28) : هو أن يحسدوا، لا أنّهم يحسدون غيرهم، كما قال اللّه: أَمْ يَحْسُدُونَ اَلنّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اَللّهُ مِنْ فَضْلِهِ.

و في جامع السعادات ج 2 ص 199: الحسد أشدّ الأمراض و أصعبها، و أسوء الرذائل و أخبثها، و يؤدّي بصاحبه إلى عقوبة الدنيا و عذاب الآخرة، لأنّه في الدنيا

ص:147

لا يخلوا لحظة عن الحزن و الألم، إذ هو يتألّم بكلّ نعمة يرى لغيره، و نعم اللّه تعالى غير متناهية لا تنقطع عن عباده، فيدوم حزنه و تألّمه، فوبال حسده يرجع إلى نفسه، و لا يضرّ المحسود أصلا، بل يوجب ازدياد حسناته و رفع درجاته. . .

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: كاد الفقر أن يكون كفرا، و كاد الحسد أن يغلب القدر. (1)

بيان:

«أن يغلب القدر» قال الفيض رحمه اللّه: لعلّ المراد بغلبة القدر منعه ما قدّر للحاسد أو المحسود من الخير. و قال الراوندي: إنّ المعنى أنّ للحسد تأثيرا قويّا في النظر في إزالة النعمة عن المحسود، أو التمنّى لذلك، فإنّه ربّما يحمله حسده على قتل المحسود و إهلاك ماله و إبطال معاشه، فكأنّه سعى في غلبة المقدور.

أقول: قد يكون له تأثيرا في زوال النعمة عن الحاسد أيضا حتّى يأمر المولى عبده أن يقتله لحسده على جاره، و تمام الحكاية في البحار ج 73 ص 259.

3-عن معاوية بن وهب قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: آفة الدين الحسد و العجب و الفخر. (2)

4-عن داود الرقّيّ، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: قال اللّه عزّ و جلّ لموسى بن عمران عليه السّلام: يا بن عمران، لا تحسدنّ الناس على ما آتيتهم من فضلي، و لا تمدّنّ عينيك إلى ذلك و لا تتبعه نفسك، فإنّ الحاسد ساخط لنعمي، صادّ لقسمي الذي قسمت بين عبادي، و من يك كذلك فلست منه و ليس منّي. (3)

بيان:

«السخط» : الغضب و هو خلاف الرضى «الصادّ» يقال: صدّ عنه: أعرض عنه

ص:148


1- -الكافي ج 2 ص 232 ح 4
2- الكافي ج 2 ص 232 ح 5
3- الكافي ج 2 ص 232 ح 6

و مال فهو صادّ، و صدّه عن كذا: صرفه و منعه.

5-عن فضيل بن عياض عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ المؤمن يغبط و لا يحسد، و المنافق يحسد و لا يغبط. (1)

6-في خبر شمعون عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: و أمّا علامة الحاسد فأربعة: الغيبة و التملّق و الشماتة بالمصيبة. (2)

7-عن حمّاد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال لقمان لابنه: للحاسد ثلاث علامات: يغتاب إذا غاب، و يتملّق إذا شهد، و يشمت بالمصيبة. (3)

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يتعوّذ في كلّ يوم من ستّ: من الشكّ و الشرك و الحميّة و الغضب و البغي و الحسد. (4)

9-قال الصادق عليه السّلام: لا يطمعنّ الحسود في راحة القلب. (5)

10-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: دبّ إليكم داء الأمم قبلكم: البغضاء و الحسد. (6)

بيان:

«دبّ إليكم» : أي سرى إليكم، يقال: دبّ السقم في الجسم: أي سرى.

11-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إيّاكم و الحسد، فإنّ الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب. (7)

ص:149


1- -الكافي ج 2 ص 232 ح 7
2- تحف العقول ص 23
3- البحار ج 73 ص 251 باب الحسد ح 11
4- البحار ج 73 ص 252 ح 14
5- البحار ج 73 ص 252 ح 15
6- البحار ج 73 ص 252 ح 16
7- البحار ج 73 ص 255 ح 26

12-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ما رأيت ظالما أشبه بمظلوم من الحاسد، نفس دائم، و قلب هائم، و حزن لازم.

و قال عليه السّلام: الحسد لا يجلب إلاّ مضرّة، و غيظا يوهن قلبك، و يمرض جسمك، و شرّ ما استشعر قلب المرء الحسد.

و قال عليه السّلام: الحسود سريع الوثبة، بطيء العطفة. (1)

بيان:

«قلب هائم» : أي متحيّر

13-في وصيّة الصادق عليه السّلام لأصحابه: إيّاكم أن يحسد بعضكم بعضا، فإنّ الكفر أصله الحسد. (2)

أقول:

كما أنّ الشيطان أوّل من حسد فكفر لحسده و لكبره.

14-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و لا تحاسدوا فإنّ الحسد يأكل الإيمان كما تأكل النار الحطب. (3)

15-و قال عليه السّلام: العجب لغفلة الحسّاد عن سلامة الأجساد. (4)

16-و قال عليه السّلام: صحّة الجسد من قلّة الحسد. (5)

17-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: بينما موسى بن عمران يناجي ربّه و يكلّمه إذ رأى رجلا تحت ظلّ عرش اللّه، فقال: يا ربّ، من هذا الذي أظلّه عرشك؟

ص:150


1- -البحار ج 73 ص 256 ح 29
2- البحار ج 78 ص 295
3- نهج البلاغة ص 208 في خ 85
4- نهج البلاغة ص 1186 ح 216
5- نهج البلاغة ص 1200 ح 248

فقال: يا موسى، هذا ممّن لم يحسد الناس على ما آتاهم اللّه من فضله. (1)

أقول:

في البحار (ج 73 ص 256 ح 27) مثله، و فيه زيادة: هذا لم يكن يعقّ والديه، و لا يحسد الناس على ما آتاهم اللّه من فضله.

18-عن أبي جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أقلّ الناس لذّة الحسود. (2)

19-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا يجتمع الحسد و الإيمان في قلب امرء.

و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الحسد يميث الإيمان في القلب، كما يميث الماء الثلج. (3)

20-عن هشام بن الحكم عن الكاظم عليه السّلام قال: يا هشام، أفضل ما تقرّب به العبد إلى اللّه بعد المعرفة به، الصلوة، و برّ الوالدين، و ترك الحسد و العجب و الفخر. (4)

21-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام قال: قال عليّ عليه السّلام: لا يكون العبد عالما حتّى لا يحسد من فوقه و لا يحقر من هو دونه. (5)

22-قال الصادق عليه السّلام: الحاسد يضرّ بنفسه قبل أن يضرّ بالمحسود كإبليس أورث بحسده لنفسه اللعنة و لآدم عليه السّلام الاجتباء و الهدى و الرفع إلى محلّ حقائق العهد و الاصطفاء، فكن محسودا و لا تكن حاسدا، فإنّ ميزان الحاسد أبدا خفيف بثقل ميزان المحسود، و الرزق مقسوم فما ذا ينفع الحسد الحاسد و ما ذا يضرّ المحسود الحسد.

ص:151


1- -المستدرك ج 12 ص 15 ب 55 من جهاد النفس ح 1
2- المستدرك ج 12 ص 19 ح 9
3- المستدرك ج 12 ص 18 ح 6
4- المستدرك ج 12 ص 19 ح 10
5- المستدرك ج 12 ص 19 ح 13

و الحسد أصله من عمى القلب و الجحود بفضل اللّه تعالى، و هما جناحان للكفر، و بالحسد وقع ابن آدم في حسرة الأبد، و هلك مهلكا لا ينجو منه أبدا، و لا توبة للحاسد، لأنّه مستمرّ عليه، معتقد به، مطبوع فيه، يبدو بلا معارض له و لا سبب، و الطبع لا يتغيّر من الأصل و إن عولج. (1)

بيان:

ليس المراد أنّه لا يمكن خروج الحسد من القلب لأنّه، و إن كان مرض صعب العلاج لكن يمكن خروجه من القلب بالتضرّع إلى اللّه تعالى و التعقّل في أخبار الباب و النظر في سوء آثاره و عواقبه و غير ذلك، و على الأقلّ يمكن أن يسعى في عدم إعماله و إظهاره.

23-و في رواية: أنّ فرعون قال لإبليس: أ تعرف على وجه الأرض أشرّ منّي و منك؟ قال إبليس: الحاسد أشرّ منّي و منك، فإنّ الحسد يأكل العمل كما تأكل النار الحطب. (2)

24-عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال:

الحسد شرّ الأمراض. (الغرر ج 1 ص 15 ف 1 ح 387)

الحسد حبس الروح. (ص 17 ح 426)

الحسد رأس العيوب. (ص 22 ح 610)

الإيمان بريء من الحسد. (ص 23 ح 660)

الحسود أبدا عليل. (ص 28 ح 832)

الحسد ينكّد العيش. (ص 29 ح 859)

الحسود لا يبرء-الحسود لا خلّة له. (ص 31 ح 934 و 936)

ص:152


1- -مصباح الشريعة ص 33 ب 51
2- لئالي الأخبار ج 2 ص 212

الحسد يفني الجسد-الكريم بريء من الحسد. (ص 32 ح 986 و 987)

الحسد يذيب الجسد. (ص 33 ح 1024)

الحسود لا شفاء له-الحسود لا يسود. (ص 34 ح 1048 و 1060)

الحسد مقنصة (1)إبليس الكبرى. (ص 38 ح 1176)

الحسود غضبان على القدر. (ص 45 ح 1317)

الحسد مرض لا يؤسى. (2)(ص 50 ح 1420)

الحسد دأب السفل، و أعداء الدول. (ص 55 ح 1510)

الحاسد يفرح بالشرور، و يغتمّ بالسرور-الحاسد لا يشفيه إلاّ زوال النعمة.

(ح 1512 و 1515)

الحسود كثير الحسرات، متضاعف السيّئات. (ص 57 ح 1557)

الحاسد يرى أنّ زوال النعمة عمّن يحسده نعمة. (ص 75 ح 1857)

الحسد داء عياء، لا يزول إلاّ بهلك الحاسد أو موت المحسود.

(ص 79 ح 1911)

الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب. (ح 1912)

الحسود دائم السقم، و إن كان صحيح الجسم. (ص 85 ح 1984)

الحاسد يظهر ودّه في أقواله و يخفي بغضه في أفعاله، فله اسم الصديق و صفة العدوّ. (ص 97 ح 2127)

الحسد عيب فاضح، و شحّ فادح، لا يشفي صاحبه إلاّ بلوغ آماله فيمن يحسده. (ص 106 ح 2229)

احذروا من الحسد، فإنّه يزري بالنفس. (ص 141 ف 4 ح 8)

ص:153


1- -أي المصيدة
2- في لسان العرب ج 14 ص 34، أسا الجرح: داواه و عالجه.

إيّاك و الحسد، فإنّه شرّ شيمة و أقبح سجيّة و خليقة إبليس.

(ص 148 ف 5 ح 23)

أسوء الناس عيشا الحسود. (ص 178 ف 8 ح 103)

ثمرة الحسد شقاء الدنيا و الآخرة. (ص 360 ف 23 ح 44)

خلوّ الصدر من الغلّ و الحسد، من سعادة العبد (المتعبّد ف ن) .

(ص 399 ف 30 ح 46)

رأس الرذائل الحسد. (ص 412 ف 34 ح 21)

من اتّقى قلبه لم يدخله الحسد. (ج 2 ص 628 ف 77 ح 357)

لا داء كالحسد. (ص 831 ف 86 ح 44)

لا يوجد الحسود مسرورا-لا يكون المؤمن حسودا.

(ص 835 ح 128 و 131)

لا عيش أنكد من عيش الحسود و الحقود. (ص 845 ح 311)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في بابي الحرص و البخل، و سيأتي في باب الغضب: أربعة جواهر تزيلها أربعة. . . و أمّا الحسد فيزيل الدين و. . .

ص:154

43- حسرات يوم القيامة

الآيات

1- وَ قالَ اَلَّذِينَ اِتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَما تَبَرَّؤُا مِنّا كَذلِكَ يُرِيهِمُ اَللّهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ وَ ما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ اَلنّارِ. (1)

2- قَدْ خَسِرَ اَلَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اَللّهِ حَتّى إِذا جاءَتْهُمُ اَلسّاعَةُ بَغْتَةً قالُوا يا حَسْرَتَنا عَلى ما فَرَّطْنا فِيها وَ هُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ. (2)

3- وَ أَنْذِرْهُمْ يَوْمَ اَلْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ اَلْأَمْرُ وَ هُمْ فِي غَفْلَةٍ وَ هُمْ لا يُؤْمِنُونَ. (3)

4- أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اَللّهِ وَ إِنْ كُنْتُ لَمِنَ اَلسّاخِرِينَ. (4)

ص:155


1- -البقرة:167
2- الأنعام:31
3- مريم:39
4- الزمر:56
الأخبار

1-عن سليم بن قيس قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السّلام يحدّث عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال في كلام له: العلماء رجلان: رجل عالم آخذ بعلمه فهذا ناج، و عالم تارك لعلمه فهذا هالك، و إنّ أهل النار ليتأذّون من ريح العالم التارك لعلمه، و إنّ أشدّ أهل النار ندامة و حسرة رجل دعا عبدا إلى اللّه فاستجاب له و قبل منه فأطاع اللّه فأدخله اللّه الجنّة، و أدخل الداعي النار بتركه علمه، و اتّباعه الهوى و طول الأمل، أمّا اتّباع الهوى فيصدّ عن الحقّ، و طول الأمل ينسي الآخرة. (1)

2-عن معلّى بن خنيس عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال: إنّ من أشدّ الناس حسرة يوم القيامة من وصف عدلا ثمّ عمل بغيره. (2)

3-عن خيثمة قال: قال لي أبو جعفر عليه السّلام: أبلغ شيعتنا أنّه لن ينال ما عند اللّه إلاّ بعمل، و أبلغ شيعتنا أنّ أعظم الناس حسرة يوم القيامة من وصف عدلا ثمّ يخالفه إلى غيره. (3)

4-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: فإنّ العالم العامل بغير علمه كالجاهل الحائر الذي لا يستفيق من جهله، بل الحجّة عليه أعظم، و الحسرة له ألزم، و هو عند اللّه ألوم. (4)

5-و قال عليه السّلام: إنّ أعظم الحسرات يوم القيامة حسرة رجل كسب مالا في غير طاعة اللّه، فورثه رجل فأنفقه في طاعة اللّه سبحانه، فدخل به الجنّة،

ص:156


1- -الكافي ج 1 ص 35 باب استعمال العلم ح 1
2- الكافي ج 2 ص 227 باب من وصف عدلا ح 1
3- الكافي ج 2 ص 227 ح 5
4- نهج البلاغة ص 339 في خ 109

و دخل الأوّل به النار. (1)

6-و قال عليه السّلام: إنّ أخسر الناس صفقة و أخيبهم سعيا رجل أخلق بدنه في طلب آماله و لم تساعده المقادير على إرادته، فخرج من الدنيا بحسرته، و قدم على الآخرة بتبعته. (2)

بيان:

«الصفقه» : من الصفق أي الضرب الذي له صوت، و كانت العرب إذا وجب البيع ضرب أحدهما يده على يد صاحبه، ثمّ استعملت الصفقة في العقد، و المراد:

أخسرهم بيعا و أشدّهم خيبة في سعيه. «أخلق بدنه» : أي أبلاه و نهكه في طلب آماله و لم يحصّله.

7-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يفتح للعبد يوم القيامة على كلّ يوم من أيّام عمره أربعة و عشرون خزانة-عدد ساعات الليل و النهار-فخزانة يجدها مملوءة نورا و سرورا، فيناله عند مشاهدتها من الفرح و السرور ما لو وزّع على أهل النار لأدهشهم عن الإحساس بألم النار، و هي ساعة التي أطاع فيها ربّه. ثمّ يفتح له خزانة أخرى فيراها مظلمة منتنة مفزعة فيناله عند مشاهدتها من الفزع و الجزع ما لو قسّم على أهل الجنّة لنغّص عليهم نعيمها، و هي الساعة التي عصى فيها ربّه.

ثمّ يفتح له خزانة أخرى فيراها فارغة ليس فيها ما يسرّه و لا ما يسوؤه، و هي الساعة التي نام فيها أو اشتغل فيها بشيء من مباحات الدنيا، فيناله من الغبن و الأسف على فواتها حيث كان متمكّنا من أن يملاءها حسنات ما لا يوصف، و من هذا قوله تعالى: ذلِكَ يَوْمُ اَلتَّغابُنِ. (3)

ص:157


1- -نهج البلاغة ص 1286 ح 421
2- نهج البلاغة ص 1287 ح 422- صبحي ص 552 ح 430
3- البحار ج 7 ص 262 باب محاسبة العباد ح 15

8-سئل أمير المؤمنين عليه السّلام: من أعظم الناس حسرة؟ قال: من رأى ماله في ميزان غيره، و أدخله اللّه به النار، و أدخل وارثه به الجنّة. (1)

أقول:

قد مرّ بمضمونه في باب البخل، و بهذا المعنى أخبار اخر، راجع البحار ج 92 ص 251 و ج 103 ص 15 أيضا.

و في كنز العمّال خ 14936 قال النبيّ (ص) : إنّ أشدّ الناس ندامة يوم القيامة رجل باع آخرته بدنيا غيره.

9-في الخبر الصحيح عن النبي صلّى اللّه عليه و آله: أنّ الخلائق إذا عاينوا يوم القيامة و دقّة الحساب و أليم العذاب، أنّ الأب يومئذ يتعلّق بولده فيقول: أي أب (أي بنيّ) ، كنت لك في دار الدنيا، ألم أربّك و أغذّك و أطعمك من كدّي و أكسيك و أعلّمك الحكم و الآداب، و أدرسك آيات الكتاب و أزوّجك كريمة من قومي، و أنفقت عليك و على زوجتك في حياتي و آثرتك على نفسي بمالي بعد وفاتي؟ فيقول: صدقت فيما قلت يا أبي، فما حاجتك؟

فيقول: يا بنيّ، إنّ ميزاني قد خفّت و رجّحت سيّاتي على حسناتي، و قالت الملائكة: تحتاج كفّة حسناتك إلى حسنة واحدة حتّى ترجّح بها و إنّي أريد أن تهب لي حسنة واحدة، أثقل بها ميزاني في هذا اليوم العظيم خطره، قال:

فيقول الولد: لا و اللّه، يا أبت، إنّي أخاف ممّا خفته أنت، و لا أطيق أعطيك من حسناتي شيئا، قال: فيذهب عنه الأب باكيا نادما على ما كان أسدى إليه في دار الدنيا.

و كذلك قيل: إنّ الامّ تلقى ولدها في ذلك اليوم فتقول: يا بنيّ، ألم يكن بطني لك وعاء؟ فيقول: بلى يا أمّاه، فتقول: ألم يك ثديي لك سقاء؟ فيقول: بلى يا أمّاه،

ص:158


1- -البحار ج 73 ص 142 باب حبّ المال ح 21

فتقول له: إنّ ذنوبي قد أثقلتني فأريد أن تحمل عنّي ذنبا واحدا، فيقول: إليك عنّي يا أمّاه، فإنّي مشغول بنفسي، فترجع عنه باكية، و ذلك تأويل قوله تعالى:

فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَ لا يَتَساءَلُونَ. (1)

قال: و يتعلّق الزوج بزوجته، فيقول: يا فلانة، أيّ زوج كنت لك في الدنيا؟ فتثني عليه خيرا و تقول: نعم الزوج كنت لي. فيقول لها: إنّي أطلب منك حسنة واحدة لعلّي أنجو بها ممّا ترين من دقّة الحساب و خفّة الميزان و الجواز على الصراط، فتقول له: لا و اللّه، إنّي لا أطيق ذلك و إنّي لأخاف مثل ما تخافه أنت، فيذهب عنها بقلب حزين حيران. (2)

ص:159


1- -المؤمنون:101
2- أرشار القلوب ص 70 ب 13

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393734312C22426F6F6B4944223A31363731392C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3136302C2253686F77506167654E756D223A22313630222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030322F424B31353931344730303253312F424B3135393134473030325331503136302E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

44- الإحسان و المعروف و الفضل

اشارة
الآيات

1- . . . وَ أَحْسِنُوا إِنَّ اَللّهَ يُحِبُّ اَلْمُحْسِنِينَ. (1)

2- لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلاّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ اَلنّاسِ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ اِبْتِغاءَ مَرْضاتِ اَللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً. (2)

3- . . . إِنَّ رَحْمَتَ اَللّهِ قَرِيبٌ مِنَ اَلْمُحْسِنِينَ. (3)

4- . . . سَنَزِيدُ اَلْمُحْسِنِينَ. (4)

5- . . . إِنَّ اَللّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ اَلْمُحْسِنِينَ. (5)

6- إِنَّ اَللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ اَلْإِحْسانِ وَ إِيتاءِ ذِي اَلْقُرْبى. . . (6)

7- إِنَّ اَللّهَ مَعَ اَلَّذِينَ اِتَّقَوْا وَ اَلَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ. (7)

ص:161


1- -البقرة:195 و بمضمونها في آل عمران:134
2- النساء:114
3- الأعراف:56
4- الأعراف:161
5- التوبة:120 و مثلها في يوسف:56 و هود:115
6- النحل:90
7- النحل:128

8- . . . وَ أَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اَللّهُ إِلَيْكَ. . . (1)

9- هَلْ جَزاءُ اَلْإِحْسانِ إِلاَّ اَلْإِحْسانُ. (2)

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه، عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: كلّ معروف صدقة، و الدالّ على الخير كفاعله، و اللّه يحبّ إغاثة اللهفان. (3)

بيان:

في مجمع البحرين، «المعروف» : اسم جامع لكلّ ما عرف من طاعة اللّه، و التقرّب إليه، و الإحسان إلى الناس، و كلّ ما يندب إليه الشرع من المحسّنات و المقبّحات، و إن شئت قلت: المعروف اسم لكلّ فعل يعرف حسنه بالشرع و العقل من غير أن ينازع فيه الشرع.

«اللهفان» : أي المضطرب يستغيث، و المكروب.

2-عن أبي حمزة قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: إنّ من أحبّ عباد اللّه إلى اللّه لمن حبّب إليه المعروف، و حبّب إليه فعاله. (4)

3-قال أبو جعفر الباقر عليه السّلام: صنائع المعروف تقي مصارع السوء، و كلّ معروف صدقة، و أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة، و أهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة، و أوّل أهل الجنّة دخولا إلى الجنّة أهل المعروف، و إنّ أوّل أهل النار دخولا إلى النار أهل المنكر. (5)

ص:162


1- -القصص:77
2- الرحمن:60
3- الوسائل ج 16 ص 286 ب 1 من فعل المعروف ح 5
4- الوسائل ج 16 ص 286 ح 4
5- الوسائل ج 16 ص 288 ح 10

بيان:

«مصارع السوء» : صرعه صرعا و مصرعا: طرحه على الأرض. «المنكر» : ضدّ المعروف.

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أيّما مؤمن أوصل إلى أخيه المؤمن معروفا فقد أوصل ذلك إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله. (1)

5-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (في حديث) : أنّ اللّه يقول للفقراء يوم القيامة:

انظروا و تصفّحوا وجوه الناس، فمن أتى إليكم معروفا فخذوا بيده و أدخلوه الجنّة. (2)

6-عن جميل بن درّاج، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: اصنع المعروف إلى من هو أهله، و إلى من ليس من أهله، فإن لم يكن هو أهله فكن أنت من أهله. (3)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر، في بعضها: «فإن كان هو أهله و إلاّ فأنت أهله» .

7-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: رأس العقل بعد الإيمان التودّد إلى الناس، و اصطناع الخير إلى كلّ برّ و فاجر. (4)

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ للجنّة بابا يقال له: باب المعروف فلا يدخله إلاّ أهل المعروف. (5)

9-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا تصلح الصنيعة إلاّ عند ذي حسب أو

ص:163


1- -الوسائل ج 16 ص 290 ح 15
2- الوسائل ج 16 ص 291 ح 18
3- الوسائل ج 16 ص 294 ب 3 ح 1
4- الوسائل ج 16 ص 295 ح 5
5- الوسائل ج 16 ص 296 ح 8

دين. (1)

أقول:

اختلفت الأخبار الواردة في الإحسان إلى من لا يكون أهلا للمعروف، ففي بعضها؛ نهي عن الإحسان إليه، و في بعضها؛ امر بالإحسان إليه، و لعلّ السرّ في الاختلاف اختلاف المعروف و مراتبه، فيجوز الإحسان في موارد و لو إلى غير الأهل كإطعام الفقير الذي يكون جائعا مثلا مع عدم كونه أهلا، أو اختلاف الأفراد بحسب القابليّة و الأهليّة و عدمها، حيث إنّ بعضهم قابل للتنبّه و الهداية بسبب الإحسان إليهم فيجوز الإحسان إليهم، كما مرّ في باب حسن الجوار حديث أمير المؤمنين عليه السّلام مع اليهوديّ في طيّ الطريق، حيث صار سببا لإسلام اليهوديّ،

نعم إنّ الإحسان و فعل المعروف قد يكون ضروريّا كنجاة الجاهل، و قد لا يجوز كما إذا كان فعل المعروف سببا لزيادة دنائة من لم يكن أهله، و مع ذلك كلّه الإحسان إلى صاحب الدين و الإيمان أفضل من الإحسان إلى غيره.

10-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام لمفضّل بن عمر: يا مفضّل، إذا أردت أن تعلم أشقيّ الرجل أم سعيد، فانظر سيبه و معروفه إلى من يصنعه، فإن كان يصنعه إلى من هو أهله، فاعلم أنّه إلى خير، و إن كان يصنعه إلى غير أهله فاعلم أنّه ليس له عند اللّه خير. (2)

بيان:

«السيب» : العطاء.

11-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام قال: يا عليّ، أربعة تذهب ضياعا:

الأكل على الشبع، و السراج في القمر، و الزرع في السبخة، و الصنيعة عند غير

ص:164


1- -الوسائل ج 16 ص 299 ب 4 ح 8
2- الوسائل ج 16 ص 299 ب 5 ح 1

أهلها. (1)

12-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لعن اللّه قاطعي سبيل المعروف، قيل:

و ما قاطعو سبيل المعروف؟ قال: الرجل يصنع إليه المعروف فيكفره، فيمتنع صاحبه من أن يصنع ذلك إلى غيره. (2)

13-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أتي إليه معروف فيكافئ به، فإن عجز فليثن عليه، فإن لم يفعل فقد كفر النعمة. (3)

14-عن عليّ بن يقطين قال: قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السّلام: إنّه كان في بني إسرائيل رجل مؤمن، و كان له جار كافر، و كان يرفق بالمؤمن و يولّيه المعروف في الدنيا، فلمّا أن مات الكافر بنى اللّه له بيتا في النار من طين فكان يقيه حرّها و يأتيه الرزق من غيرها، و قيل له: هذا بما كنت تدخل على جارك المؤمن فلان بن فلان من الرفق و تولّيه من المعروف في الدنيا. (4)

أقول:

قد مرّ بهذا المعنى في باب جهنّم.

15-عن أبي الحسن الداعي قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: إنّ اللّه خلق خلقا من رحمته لرحمته برحمته، و هم الذين يقضون الحوائج للناس، فمن استطاع منكم أن يكون منهم فليكن. (5)

16-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا أحسن العبد المؤمن ضاعف اللّه له عمله، لكلّ حسنة سبعمائة ضعف، و ذلك قول اللّه عزّ و جلّ: وَ اَللّهُ يُضاعِفُ

ص:165


1- -الوسائل ج 16 ص 302 ح 4
2- الوسائل ج 16 ص 309 ب 8 ح 1
3- الوسائل ج 16 ص 309 ح 2
4- ثواب الأعمال ص 203 باب ثواب الكافر يصطنع المعروف إلى المؤمن.
5- البحار ج 53 ص 254( جنّة المأوى ح 23) .

لِمَنْ يَشاءُ. (1) (2)

17-عن موسى بن جعفر، عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

استتمام المعروف أفضل من ابتدائه. (3)

18-عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: زينة العلم الإحسان. (4)

19-قال الصادق عليه السّلام: أهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الآخرة، يقال لهم: إنّ ذنوبكم قد غفرت لكم فهبوا حسناتكم لمن شئتم، و اصطناع المعروف واجب على كلّ أحد بقلبه و لسانه و يده، فمن لم يقدر على اصطناع المعروف بيده فبقلبه و لسانه، فمن لم يقدر عليه بلسانه فلينوه بقلبه. (5)

20-قال المفضّل بن عمر للصادق عليه السّلام: احبّ أن أعرف علامة قبولي عند اللّه، فقال له: علامة قبول العبد عند اللّه أن يصيب بمعروفه مواضعه فإن لم يكن كذلك فليس كذلك. (6)

21-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: قال اللّه عزّ و جلّ: الخلق عيالي فأحبّهم إلىّ ألطفهم بهم، و أسعاهم في حوائجهم. (7)

أقول:

نظيره في قرب الأسناد ص 56، و فيه: «أحبّهم إلى اللّه أنفعهم لعياله» .

ص:166


1- -البقرة:261
2- البحار ج 74 ص 412 باب فضل الإحسان ح 23
3- البحار ج 74 ص 417 ح 36
4- البحار ج 74 ص 418 ح 40
5- البحار ج 74 ص 418 ح 41
6- البحار ج 74 ص 419 ح 47
7- البحار ج 74 ص 336 باب قضاء حاجة المؤمنين ح 114

بيان: كونهم عياله تعالى لضمانه أرزاقهم.

22-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: المعروف كنز من أفضل الكنوز، و زرع من أنمى الزرع، فلا تزهدوا فيه و لا تملّوا. (1)

23-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: عاتب أخاك بالإحسان إليه، و اردد شرّه بالإنعام عليه. (2)

24-و قال عليه السّلام: لا يزهدنّك في المعروف من لا يشكره لك، فقد يشكرك عليه من لا يستمتع بشيء منه، و قد تدرك من شكر الشاكر أكثر ممّا أضاع الكافر، و اللّه يحبّ المحسنين. (3)

بيان:

«من لا يستمتع» : أي اللّه يشكرك و هو لا يستمتع منه.

25-و قال عليه السّلام لجابر الأنصاريّ: يا جابر، قوام الدين و الدنيا بأربعة: عالم مستعمل علمه، و جاهل لا يستنكف أن يتعلّم، و جواد لا يبخل بمعروفه، و فقير لا يبيع آخرته بدنياه، فإذا ضيّع العالم علمه استنكف الجاهل أن يتعلّم، و إذا بخل الغنيّ بمعروفه باع الفقير آخرته بدنياه.

يا جابر، من كثرت نعم اللّه عليه كثرت حوائج الناس إليه، فمن قام للّه فيها بما يجب عرّضها للدوام و البقاء، و من لم يقم فيها بما يجب عرّضها للزوال و الفناء. (4)

26-و قال عليه السّلام: إنّ للّه عبادا يختصّهم اللّه بالنعم لمنافع العباد فيقرّها

ص:167


1- -المستدرك ج 12 ص 344 ب 1 من فعل المعروف ح 21
2- نهج البلاغة ص 1165 ح 150
3- نهج البلاغة ص 1179 ح 195
4- نهج البلاغة ص 1261 ح 364

في أيديهم ما بذلوها، فإذا منعوها نزعها منهم ثمّ حوّلها إلى غيرهم. (1)

27-في مواعظ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه جعل قلوب عباده على حبّ من أحسن إليها و بغض من أساء إليها. (2)

أقول:

لاحظ ما يناسب المقام في أبواب الاخوّة، الإيمان، الصدقة و. . .

28-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

المعروف رقّ. (الغرر ج 1 ص 7 ف 1 ح 76)

المعروف حسب. (ص 8 ح 104)

الإحسان محبّة-المعروف قروض. (ص 9 ح 150 و 177)

الإحسان غنم. (ص 10 ح 203)

الإنسان عبد الإحسان (ص 15 ح 383)

المنّ ينكّد الإحسان. (ص 25 ح 731)

الإحسان رأس الفضل. (ص 27 ح 794)

الإحسان يستعبد الإنسان. (ص 28 ح 833)

المعروف أشرف سيادة. (ص 30 ح 907)

المعروف ذخيرة الأبد. (ص 33 ح 1023)

الجزاء على الإحسان بالإسائة كفران. (ص 43 ح 1282)

المعروف أنمى زرع و أفضل كنز. (ص 48 ح 1377)

الإحسان إلى المسيء أحسن الفضل. (ص 49 ح 1390)

الإحسان إلى المسيء يستصلح العدوّ. (ص 57 ح 1554)

ص:168


1- -نهج البلاغة ص 1285 ح 417
2- تحف العقول ص 43، و مثله في ص 32، و فيه: جبلت القلوب. . .

المحسن حيّ و إن نقل إلى منازل الأموات. (ح 1558)

المعروف كنز فانظر عند من تودعه. (ص 58 ح 1576)

المحسن من عمّ الناس بالإحسان (ص 64 ح 1678)

المعروف غلّ لا يفكّة إلاّ شكر أو مكافاة. (ص 70 ح 1799)

إكمال المعروف أحسن من ابتدائه. (ص 80 ح 1921)

الإحسان غريزة الأخيار و الإسائة غريزة الأشرار. (ص 90 ح 2051)

ابذل معروفك للناس كافّة، فإن فضيلة فعل المعروف لا يعدلها عند اللّه سبحانه شيء. (ص 129 ف 2 ح 244)

افعلوا الخير ما استطعتم، فخير من الخير فاعله. (ص 135 ف 3 ح 55)

أفضل الذخر الصنايع. (ص 177 ح 74)

أربح البضايع اصطناع الصنايع (1). (ص 179 ح 116)

أفضل الذخائر حسن الصنايع. (ح 117)

أحسن الصنايع ما وافق الشرايع. (ح 118)

أفضل البرّ ما أصيب به أهله. (ص 180 ح 129)

أفضل المعروف إغاثة الملهوف. (ح 131)

أفضل الناس أنفعهم للناس. (ص 182 ح 162)

أفضل الشرف بذل الإحسان. (ح 166)

أحسن الإحسان مواساة الإخوان. (ص 184 ح 197)

أشرف الصنايع اصطناع الكرام. (ص 186 ح 219)

ص:169


1- -في النهاية ج 3 ص 56، الاصطناع: افتعال من الصنيعة، و هي العطيّة و الكرامة و الإحسان. الصنائع: جمع الصنيعة.

أحسن الناس عيشا من عاش الناس في فضله. (ح 232)

أنفع الكنوز معروف تودعه الأحرار، و علم يتدارسه الأخيار.

(ص 204 ح 455)

أحقّ الناس بالإحسان من أحسن اللّه إليه و بسط بالقدرة يديه.

(ص 214 ح 544)

أولى الناس بالإنعام من كثرت نعم اللّه عليه. (ح 545)

إنّ المؤمنين محسنون. (ص 232 ف 9 ح 159)

إنّ حوائج الناس إليكم نعمة من اللّه عليكم فاغتنموها و لا تملّوها فتتحوّل نقما. (ص 244 ح 223)

إنّكم إلى جزاء ما أعطيتم أشدّ حاجة من السائل إلى ما أخذ منكم.

(ص 291 ف 14 ح 14)

إنّكم أغبط بما بذلتم من الراغب إليكم فيما وصله منكم. (ح 15)

إنّكم إلى اصطناع الرجال أحوج منكم إلى جمع الأموال. (ح 21)

آفة القدرة منع الإحسان. (ص 308 ف 16 ح 41)

إذا أحسنت إلى اللئيم و ترك بإحسانك إليه. (ص 317 ف 17 ح 115)

بالإحسان يستعبد الإنسان. (ص 329 ف 18 ح 10)

بالمنّ يكدّر الإحسان. (ح 11)

بفعل المعروف يستدام الشكر. (ص 331 ح 36)

بالإحسان تملك القلوب. (ص 335 ح 122)

بإغاثة الملهوف يكون لك من عذاب اللّه حصن. (ص 335 ح 133)

بالإحسان يملك الأحرار. (ص 336 ح 152)

بالإحسان تغمد الذنوب. (ص 337 ح 158)

بالإفضال تستر العيوب. (ح 163)

ص:170

تعجيل المعروف ملاك المعروف. (ص 347 ف 22 ح 8)

تضييع المعروف وضعه في غير معروف. (ح 9)

تمام الإحسان ترك المنّ به. (ح 23)

جمال الخير في اصطناع الحرّ، و الإحسان إلى أهل الخير.

(ص 374 ف 26 ح 81)

جحود الإحسان يحدو على قبح الإمتنان. (ص 375 ح 82)

جحود الإحسان يوجب الحرمان. (ح 83)

خير البرّ ما وصل إلى الأحرار. (ص 387 ف 29 ح 9)

خير البرّ ما وصل إلى المحتاج. (ص 388 ح 28)

خير المعروف ما أصيب به الأبرار. (ص 389 ح 37)

خير الكرم جود بلا طلب مكافاة. (ح 38)

رأس الإيمان الإحسان إلى الناس. (ص 412 ف 34 ح 31)

زكاة الظفر الإحسان. (ص 425 ف 37 ح 6)

زكاة النعم اصطناع المعروف. (ح 13)

شرّ الأفعال ما هدم الصنيعة. (ص 443 ف 41 ح 4)

شرّ المحسنين الممتنّ بإحسانه. (ص 447 ح 73)

صنائع المعروف تدرّ النعماء و تدفع البلاء. (ص 455 ف 44 ح 30)

عليك بالإحسان فإنّه أفضل زراعة و أربح بضاعة.

(ج 2 ص 479 ف 49 ح 32)

عليك بمكارم الخلال (1)و اصطناع الرجال فإنّهما تقيان مصارع السوء و يوجبان الجلال. (ص 480 ح 41)

ص:171


1- -جمع الخلّة أي الخصلة.

عليكم بصنائع المعروف فإنّها نعم الزاد إلى المعاد. (ص 486 ف 50 ح 17)

فضيلة الإنسان بذل الإحسان. (ص 517 ف 59 ح 33)

كثرة اصطناع المعروف يزيد في العمر و ينشر الذكر. (ص 563 ف 66 ح 31)

من بذل معروفه استحقّ الرياسة. (ص 629 ف 77 ح 369)

من وثق بإحسانك أشفق على سلطانك. (ص 632 ح 406)

من فعل الخير فبنفسه بدء. (ص 639 ح 522)

من كتم الإحسان عوقب بالحرمان (ص 649 ح 677)

من منع الإحسان سلب الإمكان. (ح 678)

من اصطنع حرّا استفاد شكرا. (ح 682)

من كثر إحسانه أحبّه إخوانه. (ص 658 ح 814)

من شكر المعروف فقد قضى حقّه. (ص 659 ح 833)

من أسدى معروفا إلى غير أهله ظلم معروفه. (ص 663 ح 885)

من قابل الإحسان بأفضل منه فقد جازاه. (ص 666 ح 925)

من كثر إحسانه كثر خدمه و أعوانه. (ص 668 ح 952)

من لم يربّ معروفه فكأنّه لم يصنعه. (ص 717 ح 1483)

ما من شيء يحصل به الآمال (الأمان ف ن) أبلغ من إيمان و إحسان.

(ص 756 ف 79 ح 257)

نعم زاد المعاد الإحسان إلى العباد. (ص 772 ف 81 ح 33)

ص:172

45- الحقد و البغضاء و العداوة

اشارة

قال اللّه تعالى: . . . وَ لا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ. (1)

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما كاد (ما كان ف ن) جبرئيل عليه السّلام يأتيني إلاّ قال: يا محمّد، اتّق شحناء الرجال و عداوتهم. (2)

بيان:

«الشحناء» : العداوة و البغضاء. في المرآة ج 10 ص 138، «عداوتهم» : تأكيد، أو المراد بالأوّل فعل ما يوجب العداوة أو إظهارها، قال في المصباح، الشحناء:

العداوة و البغضاء، و شحنت عليه شحنا من باب تعب: حقدت و أظهرت العداوة و من باب نفع لغة.

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من زرع العداوة حصد ما بذر. (3)

ص:173


1- -الحشر:10
2- الكافي ج 2 ص 228 باب المراء و الخصومة ح 5 و 9
3- الكافي ج 2 ص 228 ح 12

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال جبرئيل عليه السّلام للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إيّاك و ملاحاة الرجال. (1)

بيان:

في النهاية ج 4 ص 243(لحا) ، فيه: «نهيت عن ملاحاة الرجال» أي مقاولتهم و مخاصمتهم، يقال: لحيت الرجل ألحاه لحيا، إذا لمته و عذلته، و لا حيته ملاحاة و لحاءا، إذا نازعته.

4-عن أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين، عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من كثر همّه سقم بدنه، و من ساء خلقه عذّب نفسه و من لاحى الرجال سقطت مروءته، ثمّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لم يزل جبرئيل عليه السّلام ينهاني عن ملاحاة الرجال كما ينهاني عن شرب الخمر و عبادة الأوثان. (2)

5-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: احصد الشرّ من صدر غيرك بقلعه من صدرك. (3)

6-عن صالح يرفعه بإسناده قال: أربعة القليل منها كثير: النار القليل منها كثير، و النوم القليل منه كثير، و المرض القليل منه كثير، و العداوة القليل منها كثير. (4)

7-عن عبد اللّه بن سنان قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: حقد المؤمن مقامه، ثمّ يفارق أخاه فلا يجد عليه شيئا، و حقد الكافر دهره. (5)

ص:174


1- -الكافي ج 2 ص 228 ح 6
2- الوسائل ج 12 ص 240 ب 136 من العشرة ح 8
3- نهج البلاغة ص 1170 ح 169- صبحي ص 501 ح 178
4- البحار ج 75 ص 210 باب الحقد و البغضاء ح 2
5- البحار ج 75 ص 211 ح 7

أقول:

و عنه عليه السّلام: المؤمن يحقد ما دام في مجلسه فإذا قام ذهب عنه الحقد.

(تحف العقول ص 228 في وصيّته لابن النعمان)

بيان: في المصباح، «الحقد» : الإنطواء على العداوة و البغضاء. و في المنجد، حقد حقدا و حقدا: أمسك عداوته في قلبه يتربّص فرصة الإيقاع به (كينه) .

8-قال الصادق عليه السّلام: إيّاك و عداوة الرجال فإنّها تورث المعرّة و تبدي العورة. (1)

بيان:

في القاموس، «المعرّة» : الإثم و الأذى و الغرم و الدية و الخيانة.

9-في مواعظ الهادي عليه السّلام: العتاب مفتاح الثقال، و العتاب خير من الحقد. (2)

10-في مواعظ الحسن العسكري عليه السّلام: أقلّ الناس راحة الحقود. (3)

بيان:

«الحقود» : كثير الحقد.

11-في مواعظ الجواد عليه السّلام: لا تعادي أحدا حتّى تعرف الذي بينه و بين اللّه تعالى، فإن كان محسنا فإنّه لا يسلّمه إليك، و إن كان مسيئا فإنّ علمك به يكفيكه فلا تعاده. (4)

12-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (في حديث) :

أ لا أنبّئكم بشرّ الناس؟ قالوا: بلى يا رسول اللّه، قال: من أبغض الناس

ص:175


1- -البحار ج 75 ص 211 ح 9
2- البحار ج 78 ص 369
3- البحار ج 78 ص 373
4- البحار ج 78 ص 365

و أبغضوه. (1)

13-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: تعرض أعمال الناس كلّ جمعة مرّتين: يوم الاثنين و يوم الخميس، فيغفر لكلّ عبد مؤمن، إلاّ من كانت بينه و بين أخيه شحناء، فيقال: اتركوا هذين حتّى يصطلحا. (2)

14-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الحقد يذري. (الغرر ج 1 ص 6 ف 1 ح 48)

الحقد شيمة الحسدة. (ص 18 ح 477)

الحقد مثار الغضب. (ص 21 ح 583)

الحقد ألأم العيوب. (ص 33 ح 1009)

الحقود لا راحة له. (ص 34 ح 1050)

الواحد من الأعداء كثير. (ص 39 ح 1193)

الحقد داء دويّ و مرض موبي. (ص 56 ح 1536)

الحقد خلق دنيّ و عرض مردي. (ح 1537)

الحقود معذّب النفس متضاعف الهمّ. (ص 85 ح 1983)

الحقد من طبايع الأشرار. (ص 106 ح 2226)

الحقد نار كامنة لا تطفى إلاّ بالظفر (لا يطفئها إلاّ موت أو ظفر ف ن) .

(ح 2227)

أشدّ القلوب غلاّ قلب الحقود. (ص 178 ف 8 ح 104)

إنّما اللبيب من استسلّ الأحقاد (ص 297 ف 15 ح 10)

بئس العشير الحقود (ص 341 ف 20 ح 18)

ص:176


1- -المستدرك ج 9 ص 79 ب 118 من العشرة ح 6
2- المستدرك ج 9 ص 80 ح 9

بئس الزاد إلى المعاد العدوان على العباد. (ص 342 ح 32)

ثلاث لا يهنأ لصاحبهنّ عيش؛ الحقد و الحسد و سوء الخلق.

(ص 362 ف 24 ح 6)

رأس العيوب الحقد-رأس الجهل معاداة الناس. (ص 412 ف 34 ح 22 و 26)

سبب الفتن الحقد. (ص 430 ف 38 ح 13)

سبب الشحناء كثرة المراء. (ح 15)

سلاح الشرّ الحقد. (ص 432 ف 39 ح 6)

شرّ ما سكن القلب الحقد. (ص 443 ف 41 ح 8)

شدّة الحقد من شدّة الحسد. (ص 448 ف 42 ح 4)

طيّبوا (طهّروا ف ن) قلوبكم من الحقد فإنّه داء مؤبي.

(ج 2 ص 471 ف 47 ح 34)

علّة المعاداة قلّة المبالات. (ص 499 ف 55 ح 17)

عداوة الأقارب أمضّ من لسع العقارب. (ص 500 ح 31)

لكلّ شيء بذر و بذر العداوة المزاح. (ص 580 ف 70 ح 52)

من طال عدوانه زال سلطانه. (ص 630 ف 77 ح 382)

من زرع العدوان حصد الخسران. (ح 388)

من لاحى الرجال كثر أعداءه. (ص 632 ح 419)

من سلّ سيف العدوان قتل به. (ص 658 ح 817)

من أطرح الحقد استراح قلبه و لبّه. (ص 666 ح 921)

من استحلى معاداة الرجال استمرّ على معاناة القتال. (ص 673 ح 1016)

من عادى الناس استثمر الندامة. (ص 678 ح 1071)

من سوء الاختيار مغالبة الأكفاء و معاداة الرجال. (ص 731 ف 78 ح 103)

ما أنكد عيش الحقود. (ص 737 ف 79 ح 28)

ص:177

معاداة الرجال من شيم الجهّال. (ص 761 ف 80 ح 73)

مواقف الشنآن تسخط الرحمن و ترضي الشيطان و تشين الإنسان.

(ص 765 ح 130)

لا مودّة لحقود. (ص 829 ف 86 ح 1)

لا يكون الكريم حقودا. (ص 835 ح 130)

ص:178

46- الحكمة

الآيات

1- رَبَّنا وَ اِبْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ وَ يُعَلِّمُهُمُ اَلْكِتابَ وَ اَلْحِكْمَةَ وَ يُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ اَلْعَزِيزُ اَلْحَكِيمُ. (1)

2- . . . وَ اُذْكُرُوا نِعْمَتَ اَللّهِ عَلَيْكُمْ وَ ما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ اَلْكِتابِ وَ اَلْحِكْمَةِ. . . (2)

3- . . . وَ قَتَلَ داوُدُ جالُوتَ وَ آتاهُ اَللّهُ اَلْمُلْكَ وَ اَلْحِكْمَةَ وَ عَلَّمَهُ مِمّا يَشاءُ. . . (3)

4- يُؤْتِي اَلْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَ مَنْ يُؤْتَ اَلْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَ ما يَذَّكَّرُ إِلاّ أُولُوا اَلْأَلْبابِ. (4)

5- لَقَدْ مَنَّ اَللّهُ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَ يُزَكِّيهِمْ وَ يُعَلِّمُهُمُ اَلْكِتابَ وَ اَلْحِكْمَةَ وَ إِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ. (5)

ص:179


1- -البقرة:129 و بمضمونها في البقرة:151
2- البقرة:231
3- البقرة:251
4- البقرة:269
5- آل عمران:164

6- . . . فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ اَلْكِتابَ وَ اَلْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً. (1)

7- . . . وَ أَنْزَلَ اَللّهُ عَلَيْكَ اَلْكِتابَ وَ اَلْحِكْمَةَ وَ عَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَ كانَ فَضْلُ اَللّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً. (2)

8- إِذْ قالَ اَللّهُ يا عِيسَى . . . وَ إِذْ عَلَّمْتُكَ اَلْكِتابَ وَ اَلْحِكْمَةَ وَ اَلتَّوْراةَ وَ اَلْإِنْجِيلَ. . . (3)

9- اُدْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَ اَلْمَوْعِظَةِ اَلْحَسَنَةِ. . . (4)

10- ذلِكَ مِمّا أَوْحى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ اَلْحِكْمَةِ. . . (5)

11- وَ لَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ اَلْحِكْمَةَ أَنِ اُشْكُرْ لِلّهِ. . . (6)

12- وَ اُذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اَللّهِ وَ اَلْحِكْمَةِ إِنَّ اَللّهَ كانَ لَطِيفاً خَبِيراً. (7)

13- وَ شَدَدْنا مُلْكَهُ وَ آتَيْناهُ اَلْحِكْمَةَ وَ فَصْلَ اَلْخِطابِ. (8)

14- وَ لَمّا جاءَ عِيسى بِالْبَيِّناتِ قالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ. . . (9)

15-هو الذي بعث في الامّيين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته و يزكّيهم

ص:180


1- -النساء:54
2- النساء:113
3- المائدة:110
4- النحل:125
5- الإسراء:39
6- لقمان:12
7- الأحزاب:34
8- ص:20
9- الزخرف:63

وَ يُعَلِّمُهُمُ اَلْكِتابَ وَ اَلْحِكْمَةَ وَ إِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ. (1)

أقول:

من أسماء اللّه تعالى «الحكيم» كما ورد في آيات كثيرة.

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قام عيسى بن مريم عليه السّلام خطيبا في بني إسرائيل فقال: يا بني إسرائيل، لا تحدّثوا الجهّال بالحكمة فتظلموها، و لا تمنعوها أهلها فتظلموهم. (2)

بيان:

«الحكمة» : ليس المراد بها في الآيات و الأخبار الحكمة المصطلحة أي الفلسفة و قد اختلفوا في معناها. قال في النهاية ج 1 ص 419: الحكمة عبارة عن معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم، و في المفردات، و الحكمة: إصابة الحقّ بالعلم و العقل. . . و في مجمع البحرين، و الحكمة: العلم الذي يرفع الإنسان عن فعل القبيح، مستعار من حكمة اللجام و هي ما أحاط بحنك الدابّة يمنعها الخروج، و الحكمة؛ فهم المعاني، و سمّيت حكمة لأنّها مانعة من الجهل. . .

و في البحار ج 1 ص 215، قيل: الحكمة تحقيق العلم و إتقان العمل، و قيل: ما يمنع من الجهل، و قيل: هي الإصابة في القول و قيل: هي طاعة اللّه، و قيل: هي الفقه في الدين، و قال ابن دريد: كلّ ما يؤدّي إلى مكرمة، أو يمنع من قبيح، و قيل:

ما يتضمّن صلاح النشأتين، و التفاسير متقاربة، و الظاهر من الأخبار أنّها العلوم الحقّة النافعة مع العمل بمقتضاها، و قد يطلق على العلوم الفائضة من جنابه تعالى

ص:181


1- -الجمعة:2
2- الكافي ج 1 ص 33 باب بذل العلم ح 4

على العبد بعد العمل بما يعلم.

أقول: يستفاد من الأخبار أنّ الحكمة مفاضة من اللّه على قلب العبد، بشرط أن يكون فيه كمال التوحيد و الإخلاص و الولاية لأوليائه و الزهد في الدنيا و الصمت و الجوع، فيفهم الحقائق و يصيب في مقالاته. و أنّ الحكمة تورث الطاعة و الخوف من اللّه و تمنع العبد عن ارتكاب القبائح و المحارم. و إذا أخلص العبد في عمله جرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه فيصير هاديا للخلق بحكمه.

و أيضا قد تطلق الحكمة في الأخبار تارة على التفقّة في الدين و اخرى على العلوم الحقّة و العمل بمقتضاها. و لا يخفى أنّ ما ذكروه في معنى الحكمة من لوازمها و آثارها و ليس معناها حقيقة.

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: بالعقل استخرج غور الحكمة، و بالحكمة استخرج غور العقل، و بحسن السياسة يكون الأدب الصالح. . . (1)

بيان:

غور كلّ شيء؛ عمقه و قعره و غاية خفائه، و غور الحكمة؛ نهايتها.

3-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: بينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في بعض أسفاره إذ لقيه ركب، فقالوا: السلام عليك يا رسول اللّه، فقال: ما أنتم؟ فقالوا: نحن مؤمنون يا رسول اللّه، قال: فما حقيقة إيمانكم؟ قالوا: الرضا بقضاء اللّه و التفويض إلى اللّه و التسليم لأمر اللّه، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: علماء حكماء كادوا أن يكونوا من الحكمة أنبياء، فإن كنتم صادقين فلا تبنوا ما لا تسكنون، و لا تجمعوا ما لا تأكلون، و اتّقوا اللّه الذي إليه ترجعون. (2)

ص:182


1- -الكافي ج 1 ص 21 كتاب العقل ح 34
2- الكافي ج 2 ص 43 باب حقيقة الإيمان و اليقين ح 1

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من زهد في الدنيا أثبت اللّه الحكمة في قلبه و أنطق بها لسانه و بصّره عيوب الدنيا، داءها و دواءها و أخرجه من الدنيا سالما إلى دار السلام. (1)

5-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ اللّه خلق قلوب المؤمنين مبهمة على الإيمان، فإذا أراد استنارة ما فيها فتحها بالحكمة و زرعها بالعلم، و زرعها و القيّم عليها ربّ العالمين. (2)

بيان:

«فتحها بالحكمة» في ح 3"نضحها بالحكمة"، و سيأتي شرح الحديث في باب القلب.

أقول: يأتي في باب أولياء اللّه عن الكافي: «إنّ أولياء اللّه. . . و نطقوا فكان نطقهم حكمة» .

6-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما أخلص عبد اللّه عزّ و جلّ أربعين صباحا إلاّ جرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه. (3)

7-في مواعظ أمير المؤمنين عليه السّلام: من زهد في الدنيا و لم يجزع من ذلّها و لم ينافس في عزّها، هداه اللّه بغير هداية من مخلوق و علّمه بغير تعليم، و أثبت الحكمة في صدره و أجراها على لسانه. (4)

بيان:

نافس في الأمر: فاخره و باراه فيه، و نافس في الشيء: بالغ فيه و رغب فيه على وجه المباراة في الكرم.

8-في حديث موسى بن جعفر عليهما السّلام لهشام (في العقل) . . . و قال: وَ لَقَدْ

ص:183


1- -الكافي ج 2 ص 104 باب ذمّ الدنيا و الزهد فيها ح 1
2- الكافي ج 2 ص 308 باب سهو القلب ح 7
3- العيون ج 2 ص 68 ب 31 ح 321
4- تحف العقول ص 160

آتَيْنا لُقْمانَ اَلْحِكْمَةَ قال: الفهم و العقل. . . (1)

يا هشام، إنّ العاقل رضي بالدون من الدنيا مع الحكمة، و لم يرض بالدون من الحكمة مع الدنيا، فلذلك ربحت تجارتهم. . . (2)

يا هشام، إنّ كلّ الناس يبصر النجوم، و لكن لا يهتدي بها إلاّ من يعرف مجاريها و منازلها، و كذلك أنتم تدرسون الحكمة، و لكن لا يهتدي بها منكم إلاّ من عمل بها. . . كذلك ينبغي لكم أن تأخذوا الحكمة ممّن وجدتموها معه و لا يمنعكم منه سوء رغبة فيها. . .

يا عبيد الدنيا، بحقّ أقول لكم: إنّ الناس في الحكمة رجلان: فرجل أتقنها بقوله و صدّقها بفعله و رجل أتقنها بقوله و ضيّعها بسوء فعله، فشتّان بينهما، فطوبى للعلماء بالفعل، و ويل للعلماء بالقول. . . (3)

و اعلموا أنّ الكلمة من الحكمة ضالّة المؤمن، فعليكم بالعلم قبل أن يرفع، و رفعه غيبة عالمكم بين أظهركم. . . (4)

يا هشام، إنّ الزرع ينبت في السهل و لا ينبت في الصفا، فكذلك الحكمة تعمر في قلب المتواضع و لا تعمر في قلب المتكبّر الجبّار. . . (5)

يا هشام، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا رأيتم المؤمن صموتا فادنوا منه، فإنّه يلقى الحكمة، و المؤمن قليل الكلام كثير العمل، و المنافق كثير الكلام قليل العمل. (6)

9-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و إنّما ذلك بمنزلة الحكمة التي هي حياة للقلب

ص:184


1- -تحف العقول ص 284
2- تحف العقول ص 286
3- تحف العقول ص 289
4- تحف العقول ص 290
5- تحف العقول ص 292
6- تحف العقول ص 293

الميّت، و بصر للعين العمياء، و سمع للاذن الصمّاء، و ريّ للظمآن، و فيها الغنى كلّه و السلامة. (1)

10-و قال عليه السّلام: خذ الحكمة أنّى كانت، فإنّ الحكمة تكون في صدر المنافق فتلجلج في صدره حتّى تخرج، فتسكن إلى صواحبها في صدر المؤمن. (2)

بيان:

تلجلج في صدره شيء: تردّد و تعلّق و لم يستقرّ. «صواحب» : جمع صاحب.

11-و قال عليه السّلام: الحكمة ضالّة المؤمن، فخذ الحكمة و لو من أهل النفاق. (3)

12-قال أبو بصير: سألته عن قول اللّه: وَ مَنْ يُؤْتَ اَلْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً قال: هي طاعة اللّه و معرفة الإمام. (4)

13-عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السّلام وَ مَنْ يُؤْتَ اَلْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً قال: المعرفة. (5)

14-عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السّلام وَ مَنْ يُؤْتَ اَلْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً قال: معرفة الإمام، و اجتناب الكبائر التي أوجب اللّه عليها النار. (6)

15-عن سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه: وَ مَنْ يُؤْتَ اَلْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً فقال: إنّ الحكمة المعرفة و التفقّة في الدين، فمن فقه منكم فهو حكيم، و ما أحد يموت من المؤمنين أحبّ إلى إبليس من فقيه. (7)

ص:185


1- -نهج البلاغة ص 413 في خ 133
2- نهج البلاغة ص 1122 ح 76
3- نهج البلاغة ص 1122 ح 77
4- البحار ج 1 ص 215 ب 6 من العلم ح 22
5- البحار ج 1 ص 215 ح 23
6- البحار ج 1 ص 215 ح 24
7- البحار ج 1 ص 215 ح 25

بيان:

«الفقيه» : البصير في أمر الدين، و هو صاحب البصيرة، راجع باب العلم أيضا.

16-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من عرف بالحكمة لحظته العيون بالوقار. (1)

17-و قال عليه السّلام: من عرف الحكمة لم يصبر من الإزياد منها. (2)

18-و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الكلمة من الحكمة يسمعها الرجل فيقول أو يعمل بها خير من عبادة سنة. (3)

أقول:

في البحار ج 77 ص 174، قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: كلمة الحكمة يسمعها المؤمن خير من عبادة سنة.

19-عن موسى بن جعفر، عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

سائلوا العلماء، و خالطوا الحكماء، و جالسوا الفقراء. (4)

بيان:

هذا الحديث من غرائب الحكمة، فاسألوا العلماء لتتعلّموا و خالطوا الحكماء لتنتفعوا بحكمتهم، حيث هنا ليس موضع السؤال و التكلّم. و الفقراء هنا هم الفقراء إلى اللّه تعالى.

20-قال لقمان لابنه: يا بنيّ، جالس العلماء و زاحمهم بركبتيك فإنّ اللّه عزّ و جلّ يحيي القلوب بنور الحكمة كما يحيي الأرض بوابل السماء. (5)

ص:186


1- -البحار ج 1 ص 183 ب 1 ح 86
2- البحار ج 1 ص 183 ح 91
3- البحار ج 1 ص 183 ح 93
4- البحار ج 1 ص 198 ب 3 ح 5
5- البحار ج 1 ص 204 ب 4 ح 22

بيان:

قال رحمه اللّه: «زاحمهم» : أي ضايقهم، و ادخل في زحامهم بركبتيك أي أدخل ركبتيك في زحامهم. «الوابل» : المطر العظيم القطر الشديد.

21-عن حمّاد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن لقمان و حكمته التي ذكرها اللّه عزّ و جلّ فقال: أما و اللّه ما اوتي لقمان الحكمة بحسب و لا مال و لا أهل و لا بسط في جسم و لا جمال، و لكنّه كان رجلا قويّا في أمر اللّه، متورّعا في اللّه، ساكتا سكينا، عميق النظر، طويل الفكر، حديد النظر، مستغن بالعبر، لم ينم نهارا قطّ، و لم يره أحد من الناس على بول و لا غائط و لا اغتسال، لشدّة تستّره و عموق نظره و تحفّظه في أمره، و لم يضحك من شيء قطّ مخافة الإثم، و لم يغضب قطّ، و لم يمازح إنسانا قطّ، و لم يفرح لشيء إن أتاه من أمر الدنيا، و لا حزن منها على شيء قطّ.

و قد نكح من النساء و ولد له الأولاد الكثيرة و قدّم أكثرهم إفراطا، فما بكى على موت أحد منهم، و لم يمرّ برجلين يختصمان أو يقتتلان إلاّ أصلح بينهما، و لم يمض عنهما حتّى تحاجزا، و لم يسمع قولا قطّ من أحد استحسنه إلاّ سأل عن تفسيره و عمّن أخذه.

و كان يكثر مجالسة الفقهاء و الحكماء، و كان يغشى القضاة و الملوك و السلاطين فيرثي للقضاء ممّا ابتلوا به، و يرحم الملوك و السلاطين لغرّتهم باللّه و طمأنينتهم في ذلك، و يعتبر و يتعلّم ما يغلب به نفسه، و يجاهد به هواه، و يحترز به من الشيطان، و كان يداوي قلبه بالتفكّر، و يداري نفسه بالعبر، و كان لا يظعن إلاّ فيما يعنيه، فبذلك اوتي الحكمة، و منح العصمة. . . (1)

ص:187


1- -البحار ج 13 ص 409 باب قصص لقمان ح 2( تفسير القميّ ج 2 ص 162 سورة لقمان)

أقول:

الحديث طويل و فيه طريق وصوله إلى الحكمة.

بيان: «سكينا» السكينة: الوقار و الطمأنينة و المهابة. «قدّم أكثرهم إفراطا» يقال:

أفرط فلان ولدا أي مات له ولد صغير قبل أن يبلغ. «تحاجزا» : تصالحا و تمانعا «يغشى القضاة» : يقصدهم و يباشرهم. «فيرثي» رثى له: أي رقّ له و رحمه «لغرّتهم» : في المصدر"لعزّتهم". «لا يظعن» : أي لا يسافر.

22-عن جعفر عن أبيه عليهما السّلام قال: قيل للقمان: ما الذي أجمعت عليه من حكمتك؟ قال: لا أتكلّف ما قد كفيته، و لا اضيّع ما ولّيته. (1)

أقول:

آخر ح 10، قيل للقمان: ما يجمع من حكمتك؟ قال: لا أسأل عمّا كفيته، و لا أتكلّف ما لا يعنيني.

23-في حديث المعراج. . . قال: يا ربّ، و ما ميراث الصوم؟ قال: الصوم يورث الحكمة، و الحكمة تورث المعرفة، و المعرفة تورث اليقين، فإذا استيقن العبد لا يبالي كيف أصبح، بعسر أم بيسر. . . (2)

يا أحمد، إنّ العبد إذا أجاع بطنه و حفظ لسانه علّمته الحكمة، و إن كان كافرا تكون حكمته حجّة عليه و وبالا، و إن كان مؤمنا تكون حكمته له نورا و برهانا و شفاء و رحمة، فيعلم ما لم يكن يعلم، و يبصر ما لم يكن يبصر، فأوّل ما أبصره عيوب نفسه حتّى يشتغل عن عيوب غيره، و ابصّره دقائق العلم حتّى لا يدخل عليه الشيطان. (3)

24-عن الصادق عليه السّلام: إنّ أشرف الحديث ذكر اللّه، و رأس الحكمة

ص:188


1- -البحار ج 13 ص 415 ح 6
2- البحار ج 77 ص 27
3- البحار ج 77 ص 29

طاعته. (1)

25-في كلمات النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ هذه القلوب تملّ كما تملّ الأبدان فاهدوا إليها طرائف الحكم. (2)

26-في جوامع كلم أمير المؤمنين عليه السّلام: ليس الحكيم من لم يدار من لا يجد بدّا من مداراته. (3)

أقول:

في كنز العمّال خ 24761 عن النبيّ (ص) : ليس بحكيم من لم يعاشر بالمعروف من لا بدّ له من معاشرته حتّى يجعل اللّه له من ذلك مخرجا.

27-و قال عليه السّلام: . . . و من حكمته علمه بنفسه، و من سلامته قلّة حفظه لعيوب غيره، و عنايته بإصلاح عيوبه. (4)

أقول:

سيأتي في باب مكارم الأخلاق عنه عليه السّلام: الفضائل أربعة أجناس: أحدها الحكمة و قوامها في الفكرة. . .

28-في مواعظ الصادق عليه السّلام: ليس لملول صديق، و لا لحسود غنى، و كثرة النظر في الحكمة تلقح العقل. (5)

29-في مواعظ الرضا عليه السّلام: . . . ثمّ قال: إنّ عليّ بن أبي طالب عليه السّلام قال: إنّ الحكماء ضيّعوا الحكمة لمّا وضعوا عند غير أهلها. (6)

ص:189


1- -البحار ج 77 ص 116 في وصايا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في ح 8
2- البحار ج 77 ص 168 آخر حديث الغوالي
3- البحار ج 78 ص 57
4- البحار ج 78 ص 81
5- البحار ج 78 ص 247
6- البحار ج 78 ص 345

30-في مواعظ الهادي عليه السّلام: الحكمة لا تنجع في الطباع الفاسدة. (1)

بيان:

«لا تنجع» : أي لا تنفع و لا تؤثّر، يقال: نجع فيه الكلام: دخل فأثّر فيه.

31-عن عليّ بن الحسين عليه السّلام: . . . و رأس الحكمة مخافة اللّه. (2)

32-قال لقمان لولده: . . . يا بنيّ، تعلّم الحكمة تشرّف بها، فإنّ الحكمة تدلّ على الدين، و تشرّف العبد على الحرّ، و ترفع المسكين على الغنيّ، و تقدّم الصغير على الكبير، و تجلس المسكين مجالس الملوك، و تزيد الشريف شرفا، و السيّد سؤددا، و الغنيّ مجدا، و كيف يظنّ ابن آدم أن يتهيّأ له أمر دينه و معيشته بغير حكمة و لن يهيّىء اللّه عزّ و جلّ أمر الدنيا و الآخرة إلاّ بالحكمة، و مثل الحكمة بغير طاعة مثل الجسد بغير نفس و مثل الصعيد بغير ماء، و لا صلاح للجسد بغير نفس و لا للصعيد بغير ماء، و لا للحكمة بغير طاعة. (3)

أقول:

في كنز العمّال خ 44123 عن النبيّ (ص) : كاد الحكيم أن يكون نبيّا.

33-قال الصادق عليه السّلام: الحكمة ضياء المعرفة و ميزان التقوى و ثمرة الصدق، و ما أنعم اللّه على عبده بنعمة أعظم و أنعم و أرفع و أجزل و أبهى من الحكمة للقلب، قال اللّه تعالى: يُؤْتِي اَلْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَ مَنْ يُؤْتَ اَلْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَ ما يَذَّكَّرُ إِلاّ أُولُوا اَلْأَلْبابِ أي لا يعلم ما أودعت و هيّأت في الحكمة إلاّ من استخلصته لنفسي و خصصته بها، و الحكمة هي النجاة، و صفة الحكمة الثبات عند أوائل الامور و الوقوف عند عواقبها و هو هادي خلق اللّه إلى اللّه تعالى.

ص:190


1- -البحار ج 78 ص 370.
2- البحار ج 78 ص 453 باب نوادر المواعظ آخر ح 23
3- البحار ج 78 ص 458 ح 27 أعلام الدين

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام: لأن يهدي اللّه على يديك عبدا من عباده خير لك ممّا طلعت عليه الشمس من مشارقها إلى مغاربها. (1)

34-عن عليّ عليه السّلام قال:

الحكمة ترشد. (الغرر ج 1 ص 5 ف 1 ح 8)

الحكمة عصمة. (ح 21)

الفكر يفيد الحكمة. (ص 30 ح 928)

الحكم رياض النبلاء. (ص 33 ح 1035)

الفكر في غير الحكمة هوس. (ص 45 ح 1325)

الحكمة روضة العقلاء و نزهة النبلاء. (ص 67 ح 1744)

الحكمة ضالّة كلّ مؤمن فخذوها و لو من أفواه المنافقين.

(ص 75 ح 1854)

الحكمة لا تحلّ قلب المنافق إلاّ و هي على ارتحال. (ص 82 ح 1944)

الحكمة شجرة تنبت في القلب و تثمر على اللسان. (ص 87 ح 2015)

الحكماء أشرف الناس أنفسا و أكثرهم صبرا و أسرعهم عفوا و أوسعهم أخلاقا. (ص 97 ح 2129)

اغلب الشهوة تكمل لك الحكمة. (ص 109 ف 2 ح 49)

أوّل الحكمة ترك اللذّات و آخرها مقت الفانيات. (ص 186 ف 8 ح 226)

أفضل الحكمة معرفة الإنسان نفسه و وقوفه عند قدره. (ص 190 ح 284)

أحكم الناس من فرّ من جهّال الناس. (ح 279)

حدّ الحكمة الإعراض عن دار الفناء و التولّه بدار البقاء.

(ص 382 ف 28 ح 34)

ص:191


1- -مصباح الشريعة ص 65 ب 99

حكمة الدنيّ ترفعه، و جهل الغنيّ يضعه. (ص 384 ح 60)

خذ الحكمة أنّى كانت، فإنّ الحكمة ضالّة كلّ مؤمن.

(ص 394 ف 30 ح 6)

خذ الحكمة ممّن أتاك بها، و انظر إلى ما قال و لا تنظر إلى من قال. (ح 11)

رأس الحكمة لزوم الحقّ (ص 411 ف 34 ح 2)

رأس الحكمة تجنّب الخدع. (ص 412 ح 27)

رأس الحكمة لزوم الحقّ و طاعة المحقّ. (ح 36)

زين الحكمة الزهد في الدنيا. (ص 426 ف 37 ح 26)

ضالّة العاقل الحكمة فهو أحقّ بها. (ص 461 ف 45 ح 5)

ضالّة الحكيم الحكمة فهو يطلبها حيث كانت. (ح 6)

عليك بالحكمة فإنّها الحلية الفاخرة. (ج 2 ص 477 ف 49 ح 2)

قرنت الحكمة بالعصمة. (ص 534 ف 61 ح 1)

كسب الحكمة إجمال النطق و استعمال الرفق. (ص 573 ف 69 ح 4)

كلّما قويت الحكمة ضعفت الشهوة. (ص 571 ف 68 ح 12)

من خزائن الغيب تظهر الحكمة. (ص 725 ف 78 ح 8)

من الحكمة طاعتك لمن فوقك و إجلالك من في طبقتك و إنصافك من دونك.

(ص 733 ح 137)

من الحكمة أن لا تنازع من فوقك و لا تستذلّ لمن دونك و لا تتعاطى ما ليس في قدرتك و لا يخالف لسانك قلبك و لا قولك فعلك و لا تتكلّم فيما لا تعلم و لا تترك الأمر عند الإقبال و تطلبه عند الإدبار. (ص 735 ح 163)

لا تجتمع الشهوة و الحكمة. (ص 836 ف 86 ح 139)

لا تسكن الحكمة قلبا مع حبّ شهوة. (ص 858 ح 479)

لا حكمة إلاّ لعصمة (بعصمة ف ن) . (ح 480)

ص:192

47- الحلم

الآيات

1- إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوّاهٌ مُنِيبٌ. (1)

2-(قال اللّه تعالى في وصف شعيب:) . . . إِنَّكَ لَأَنْتَ اَلْحَلِيمُ اَلرَّشِيدُ. (2)

3- . . . وَ إِذا خاطَبَهُمُ اَلْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً. (3)

4- فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ. (4)

أقول:

من أسماء اللّه تعالى «الحليم» كما جاء في آيات كثيرة.

الأخبار

1-عن محمّد بن عبيد اللّه قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول: لا يكون الرجل عابدا حتّى يكون حليما، و إنّ الرجل كان إذا تعبّد في بني إسرائيل لم يعدّ عابدا

ص:193


1- -هود:75 و بمضمونها في التوبة:114
2- هود:87
3- الفرقان:63
4- الصافّات:101

حتّى يصمت قبل ذلك عشر سنين. (1)

بيان:

في النهاية ج 1 ص 434، «الحلم» : الأناة و التثبّت في الأمور.

و في المرآة ج 8 ص 205، قال الراغب: الحلم: ضبط النفس (و الطبع) عن هيجان الغضب.

و قيل: الحلم الأناة و التثبّت في الأمور، و هو يحصل من الاعتدال في القوّة الغضبيّة، و يمنع النفس من الانفعال عن الواردات المكروهة المؤذية، و من آثاره عدم جزع النفس عند الامور الهائلة، و عدم طيشها في المؤاخذة و عدم صدور حركات غير منتظمة منها، و عدم إظهار المزيّة على الغير، و عدم التهاون في حفظ ما يجب حفظه شرعا و عقلا انتهى.

و يدلّ الحديث على اشتراط قبول العبادة و كمالها بالحلم لأنّ السفيه يبادر بأمور قبيحة من الفحش و البذاء و الضرب و الإيذاء بل الجراحة و القتل، و كلّ ذلك يفسد العبادة، فإنّ اللّه إنّما يتقبّلها من المتّقين. و قيل: الحليم هنا العاقل و قد مرّ أنّ عبادة غير العاقل ليس بكامل و لمّا كان الصمت عمّا لا يعني من لوازم الحلم غالبا ذكره بعده، و لذلك قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إذا غضب أحدكم فليسكت.

أقول: الفرق بين الحلم و كظم الغيظ؛ أنّ الحلم أعمّ من كظم الغيظ إذ يكون الحلم بضبط النفس على ما ورد و إن لم يغضب و لكن يكون كظم الغيظ عند الغضب غالبا، و يكون الحلم قبل الغضب حيث يمنع من حدوث الغضب، و يكون الكظم بعد الغضب و إنّ الكظم تحلّم أي تكلّف الحلم إلاّ أنّه إذا واظب عليه حتّى صار معتادا تحدث بعد ذلك صفة الحلم الطبيعيّ بحيث لا يهيج الغيظ حتّى يحتاج إلى كظمه.

ص:194


1- -الكافي ج 2 ص 91 باب الحلم ح 1

2-عن أبي حمزة قال: المؤمن خلط عمله بالحلم، يجلس ليعلم، و ينطق ليفهم. . . (1)

بيان:

في المرآة، «عمله بالحلم» : في مجالس الصدوق رحمه اللّه"علمه"و هو أظهر و أوفق لسائر الأخبار. . .

3-عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: كان عليّ بن الحسين عليهما السّلام يقول: إنّه ليعجبني الرجل أن يدركه حلمه عند غضبه. (2)

4-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما أعزّ اللّه بجهل قطّ و لا أذلّ بحلم قطّ. (3)

5-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كفى بالحلم ناصرا. و قال: إذا لم تكن حليما فتحلّم. (4)

بيان:

«فتحلّم» : أي أظهر الحلم تكلّفا، و جاهد نفسك في ذلك حتّى يصير خلقا لك و يسهّل عليك، فمن أسباب الوصول إلى الحلم التحلّم، و (في نهج البلاغة ص 1180 ح 198) قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إن لم تكن حليما فتحلّم فإنّه قلّ من تشبّه بقوم إلاّ أوشك أن يكون منهم.

و في الغرر عنه عليه السّلام قال: خير الحلم التحلّم.

و قال عليه السّلام: من تحلّم حلم.

و قال عليه السّلام: من أحسن أفعال القادر أن يغضب فتحلّم.

ص:195


1- -الكافي ج 2 ص 91 ح 2
2- الكافي ج 2 ص 91 ح 3
3- الكافي ج 2 ص 91 ح 5
4- الكافي ج 2 ص 91 ح 6

و قال عليه السّلام: من لم يتحلّم لم يحلم.

6-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه يحبّ الحييّ الحليم العفيف المتعفّف. (1)

بيان:

«الحييّ» : ذو حياء.

7-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا وقع بين رجلين منازعة نزل ملكان، فيقولان للسفيه منهما: قلت و قلت و أنت أهل لما قلت، ستجزى بما قلت، و يقولان للحليم منهما: صبرت و حلمت سيغفر اللّه لك إن أتممت ذلك، قال: فإن ردّ الحليم عليه ارتفع الملكان. (2)

بيان:

في المرآة، «فإن ردّ الحليم عليه» : الردّ بعد مبالغة الآخر في الشتم لا ينافي وصفه بالحلم لأنّه قد حلم أوّلا و مراتب الحلم متفاوتة.

8-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من صبر على ما ورد عليه فهو الحليم.

و قال لقمان: عدوّ حليم خير من صديق سفيه. (3)

9-و قال لقمان: ثلاثة لا يعرفون إلاّ في ثلاثة مواضع: لا يعرف الحليم إلاّ عند الغضب، و لا يعرف الشجاع إلاّ في الحرب، و لا تعرف أخاك إلاّ عند حاجتك إليه. (4)

10-قال أمير المؤمنين للحسين عليهما السّلام: يا بنيّ، ما الحلم؟ قال: كظم الغيظ

ص:196


1- -الكافي ج 2 ص 92 ح 8
2- الكافي ج 2 ص 92 ح 9
3- الاختصاص ص 239
4- الاختصاص ص 239

و ملك النفس. (1)

11-قال الرضا عليه السّلام لرجل من القمّيين: اتّقوا اللّه و عليكم بالصمت و الصبر و الحلم، فإنّه لا يكون الرجل عابدا حتّى يكون حليما.

و قال عليه السّلام: لا يكون عاقلا حتّى يكون حليما. (2)

12-عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أحبّ السبل إلى اللّه جرعتان: جرعة غيظ يردّها بحلم، و جرعة حزن يردّها بصبر. (3)

13-عن الصادق عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: و الذي نفسي بيده ما جمع شيء إلى شيء أفضل من حلم إلى علم. (4)

14-في حديث الصادق عليه السّلام لعنوان البصري: و أمّا اللواتي في الحلم، فمن قال لك: إن قلت واحدة سمعت عشرا، فقل: إن قلت عشرا لم تسمع واحدة، و من شتمك فقل له: إن كنت صادقا فيما تقول، فأسأل اللّه أن يغفر لي، و إن كنت كاذبا فيما تقول، فاللّه أسأل أن يغفر لك، و من وعدك بالخنى فعده بالنصيحة و الرعاء. (5)

أقول:

لاحظ تمام الحديث في باب العلم ف 4، و «الخنى» : الفحش في الكلام.

15-عن جعفر بن محمّد عن آبائه، عليهم السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ثلاث من لم تكن فيه فليس منّي و لا من اللّه عزّ و جلّ، قيل: يا رسول اللّه، و ما هنّ؟ قال:

حلم يردّ به جهل الجاهل، و حسن خلق يعيش به في الناس، و ورع يحجزه

ص:197


1- -مشكوة الأنوار ص 216 ب 4 ف 11
2- مشكوة الأنوار ص 216
3- مشكوة الأنوار ص 217
4- مشكوة الأنوار ص 218
5- البحار ج 1 ص 226 ب 7 من العلم ح 17

عن معاصي اللّه عزّ و جلّ. (1)

16-في وصيّة أمير المؤمنين إلى الحسن عليهما السّلام: يا بنيّ، العقل خليل المرء و الحلم وزيره، و الرفق والده، و الصبر من خير جنوده. (2)

17-سئل أمير المؤمنين عليه السّلام: أيّ الخلق أقوى؟ قال: الحليم، و سئل من أحلم الناس؟ قال: الذي لا يغضب. (3)

18-عن جابر قال: سمع أمير المؤمنين عليه السّلام رجلا يشتم قنبرا و قد رام قنبر أن يردّ عليه، فناداه أمير المؤمنين عليه السّلام: مهلا يا قنبر، دع شاتمك مهانا، ترضى الرحمن و تسخط الشيطان و تعاقب عدوّك، فو الذي فلق الحبّة و برأ النسمة، ما أرضى المؤمن ربّه بمثل الحلم، و لا أسخط الشيطان بمثل الصمت، و لا عوقب الأحمق بمثل السكوت عنه. (4)

بيان:

رام الشيء: أراده. «برء النسمة» : أي خلق النفوس.

19-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الحلم سجيّة فاضلة.

و قال عليه السّلام: من حلم من عدوّه ظفر به. (5)

20-و قال عليه السّلام: لا عزّ أنفع من الحلم، و لا حسب أنفع من الأدب، و لا نسب أوضع من الغضب. (6)

ص:198


1- -البحار ج 71 ص 418 باب الحلم ح 46
2- البحار ج 71 ص 419 ح 50
3- البحار ج 71 ص 420 ح 52
4- البحار ج 71 ص 424 ح 64
5- البحار ج 71 ص 428 ح 78
6- البحار ج 71 ص 428 ح 78

21-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (في خبر طويل) : فقد كاد الحليم أن يكون نبيّا. (1)

22-في وصايا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (قال في حديث) : و أحلم الناس من فرّ من جهّال الناس. (2)

23-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أوّل عوض الحليم من حلمه أنّ الناس أنصاره على الجاهل. (3)

24-و قال عليه السّلام: الحلم غطاء ساتر، و العقل حسام قاطع، فاستر خلل خلقك بحلمك، و قاتل هواك بعقلك. (4)

25-و قال عليه السّلام: الحلم عشيرة. (5)

بيان:

يعني أنّ الناس أنصاره فهو يعتزّ بنصرة الناس لحلمه كما يعتزّ بالعشيرة.

26-في خبر شمعون عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: فأمّا الحلم فمنه ركوب الجميل، و صحبة الأبرار، و رفع من الضعة، و رفع من الخساسة، و تشهّي الخير، و يقرّب صاحبه من معالي الدرجات، و العفو و المهل و المعروف و الصمت، فهذا ما يتشعّب للعاقل بحلمه. (6)

27-عن جعفر بن محمّد، عن آبائه عليهم السّلام في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام قال:

يا عليّ، أ لا أخبركم بأشبهكم بي خلقا؟ قالوا: بلى يا رسول اللّه، قال: أحسنكم

ص:199


1- -البحار ج 43 ص 70 باب مناقب فاطمة عليها السّلام في ح 61
2- البحار ج 77 ص 114
3- نهج البلاغة ص 1179 ح 197
4- نهج البلاغة ص 1285 ح 416
5- نهج البلاغة ص 1282 ح 410- الغرر ج 1 ص 10 ف 1 ح 187
6- تحف العقول ص 19

خلقا، و أعظمكم حلما، و أبرّكم بقرابته، و أشدّكم من نفسه إنصافا. (1)

28-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ المؤمن ليدرك بالحلم و اللين درجة العابد المتهجّد. (2)

أقول:

في ح 18: ليدرك بالحلم درجة الصائم القائم.

29-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (في حديث) قال: و مرارة الحلم أعذب من مرارة (حلاوة م) الانتقام. (3)

30-عن الغلابي قال: سألت أبا الحسن عليّ بن محمّد عليهما السّلام عن الحلم، فقال: هو أن تملك نفسك، و تكظم غيظك، و لا يكون ذلك إلاّ مع القدرة. (4)

31-قال الصادق عليه السّلام: الحلم سراج اللّه يستضييء به صاحبه إلى جواره و لا يكون حليما إلاّ المؤيّد بأنوار المعرفة و التوحيد، و الحلم يدور على خمسة أوجه: أن يكون عزيزا فيذلّ، أو يكون صادقا فيتّهم، أو يدعوا إلى الحقّ فيستخفّ به، أو أن يؤذى بلا جرم، أو أن يطلب بالحقّ و يخالفوه فيه، فإذا أتيت كلاّ منها حقّه فقد أصبت، و قابل السفيه بالإعراض عنه و ترك الجواب، تكن الناس أنصارك لأنّ من جاوب السفيه فكأنّه قد وضع الحطب على النار.

قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: مثل المؤمن كمثل الأرض منافعهم منها و أذاهم عليها و من لا يصبر على جفاء الخلق لا يصل إلى رضى اللّه تعالى لأنّ رضى اللّه مشوب بجفاء الخلق.

و حكي أنّ رجلا قال لأحنف بن قيس: إيّاك أعني قال: و عنك أحلم.

ص:200


1- -الوسائل ج 15 ص 267 ب 26 من جهاد النفس ح 9
2- المستدرك ج 11 ص 288 ب 26 من جهاد النفس ح 7
3- المستدرك ج 11 ص 290 ح 13
4- المستدرك ج 11 ص 291 ح 16

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: بعثت للحلم مركزا، و للعلم معدنا، و للصبر مسكنا، صدق رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و حقيقة الحلم أن تعفو عمّن أساء إليك و خالفك و أنت القادر على الانتقام منه، كما ورد في الدعاء «إلهي أنت أوسع فضلا و أعظم حلما من أن تؤاخذني بعملي و تستذلّني بخطيئتي» . (1)

32-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: خمس من سنن المرسلين، و عدّ منها الحلم. (2)

33-و قال صلّى اللّه عليه و آله: ابتغوا الرفعة عند اللّه، قالوا: و ما هي يا رسول اللّه؟ قال:

تصل من قطعك، و تعطي من حرمك، و تحلم عمّن جهل عليك. (3)

34-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ليس الخير أن يكثر مالك و ولدك، و لكنّ الخير أن يكثر علمك و يعظم حلمك. (4)

أقول:

لاحظ ما يناسب المقام في أبواب حسن الخلق، كظم الغيظ و. . .

35-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الحلم زين الخلق. (الغرر ج 1 ص 14 ف 1 ح 331)

الحلم عنوان الفضل. (ص 20 ح 553)

الحلم حجاب من الآفات. (ص 26 ح 770)

الحلم رأس الرياسة. (ص 28 ح 821)

الحلم ثمرة العلم. (ص 29 ح 892)

العلم أصل الحلم-الحلم زينة العلم. (ص 34 ح 1046 و 1047)

الحلم تمام العقل. (ص 35 ح 1097)

ص:201


1- -مصباح الشريعة ص 37 ب 57
2- جامع السعادات ج 1 ص 296
3- جامع السعادات ج 1 ص 296
4- جامع السعادات ج 1 ص 296

الحليم من احتمل إخوانه. (ص 37 ح 1154)

الحلم نور جوهره العقل. (ص 40 ح 1229)

الحلم نظام أمر المؤمن. (ص 52 ح 1459)

الحلم احدى المنقبتين. (ص 64 ح 1689)

الحليم يعلي همّته فيما جني عليه من طلب سوء المكافاة. (ص 90 ح 2056)

الحلم يطفئ نار الغضب، و الحدّة تؤجّج إحراقه. (ص 92 ح 2086)

أحياكم أحلمكم. (ص 174 ف 8 ح 4)

أزين الشيم الحلم و العفاف. (ص 183 ح 180)

أفضل الحلم كظم الغيظ، و ملك النفس مع القدرة. (ص 196 ح 359)

أشجع الناس من غلب الجهل بالحلم. (ص 202 ح 431)

إنّ أفضل أخلاق الرجال الحلم. (ص 215 ف 9 ح 11)

إنّما الحلم كظم الغيظ و ملك النفس. (ص 296 ف 15 ح 1)

إنّما الحليم من إذا أوذي صبر و إذا ظلم غفر. (ص 300 ح 33)

آفة الحلم الذلّ. (ص 307 ف 16 ح 26)

إذا أحبّ اللّه عبدا زيّنه بالسكينة و الحلم. (ص 318 ف 17 ح 126)

بالحلم تكثر الأنصار. (ص 329 ف 18 ح 7)

بالكظم يكون الحلم. (ص 331 ح 40)

بالاحتمال و الحلم يكون لك الناس أنصارا و أعوانا. (ص 335 ح 132)

بكثرة الاحتمال يعرف الحليم. (ص 336 ح 151)

حسن الحلم دليل وفور العلم. (ص 377 ف 27 ح 20)

حبّ العلم و حسن الحلم و لزوم الصواب من فضائل أولي الألباب.

(ص 381 ف 28 ح 13)

ص:202

خير الناس من إن غضب حلم، و إن ظلم غفر، و إن أسيء إليه أحسن.

(ص 390 ف 29 ح 54)

رأس العلم الحلم. (ص 411 ف 34 ح 12)

سبب الوقار الحلم. (ص 431 ف 38 ح 25)

كمال العلم الحلم، و كمال الحلم كثرة الاحتمال و الكظم.

(ج 2 ص 573 ف 69 ح 12)

لن يثمر العلم حتّى يقارنه الحلم. (ص 590 ف 72 ح 9)

لن يزان العقل حتّى يوازره الحلم. (ص 592 ح 47)

ليس الحليم من عجز فهجم و إذا قدر انتقم، إنّما الحليم من إذا قدر عفى، و كان الحلم غالبا على أمره. (ص 598 ف 73 ح 78)

من كظم غيظه كمل حلمه. (ص 621 ف 77 ح 227)

من ملك غضبه كان حليما. (ص 646 ح 626)

مع العقل يتوفّر الحلم. (ص 758 ف 80 ح 29)

نعم قرين الحلم الصمت. (ص 771 ف 81 ح 18)

نعم وزير العلم الحلم. (ص 773 ح 49)

وجدت الحلم و الاحتمال أنصر لي من شجعان الرجال. (ص 787 ف 83 ح 80)

لا فضيلة كالحلم. (ص 830 ف 86 ح 25)

لا حلم كالصفح-لا ظهير كالحلم. (ص 831 ح 40 و 51)

لا حلم كالتغافل. (ص 832 ح 68)

لا عزّ أرفع من الحلم. (ص 839 ح 196)

لا شرف أعلى من الحلم. (ص 840 ح 220)

لا خير في خلق لا يزيّنه حلم. (ص 843 ح 272)

لا علم لمن لا حلم له. (ص 847 ح 348)

ص:203

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393734332C22426F6F6B4944223A31363731392C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3230342C2253686F77506167654E756D223A22323034222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030322F424B31353931344730303253312F424B3135393134473030325331503230342E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

48- الحمّام

الأخبار

1-قال الصادق عليه السّلام: بئس البيت الحمّام، يهتك الستر، و يبدي العورة، و نعم البيت الحمّام، يذكّر حرّ النار. (1)

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من دخل الحمّام فغضّ طرفه عن النظر إلى عورة أخيه آمنه اللّه من الحميم يوم القيامة. (2)

3-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: يا عليّ، إيّاك و دخول الحمّام بغير مئزر، (فإنّ من دخل الحمّام بغير مئزر) ملعون الناظر و المنظور إليه. (3)

4-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام قال:

و كره اللّه لأمّتي الغسل تحت السماء إلاّ بمئزر، و كره دخول الأنهار إلاّ بمئزر، فإنّ فيها سكّانا من الملائكة. (4)

5-عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (في حديث) قال: إيّاك

ص:205


1- -الوسائل ج 2 ص 30 ب 1 من آداب الحمّام ح 6
2- الوسائل ج 2 ص 33 ب 3 ح 4
3- الوسائل ج 2 ص 33 ح 5( تحف العقول ص 18)
4- الوسائل ج 2 ص 41 ب 10 ح 3

و الاضطجاع في الحمّام، فإنّه يذيب شحم الكليتين، و إيّاك و الاستلقاء على القفا في الحمّام، فإنّه يورث داء الدبيلة، و إيّاك و التمشّط في الحمّام فإنّه يورث وباء الشعر، و إيّاك و السواك في الحمّام، فإنّه يورث وباء الأسنان، و إيّاك أن تغسل رأسك بالطين، فإنّه يسمج الوجه، و إيّاك أن تدلك رأسك و وجهك بمئزر، فإنّه يذهب بماء الوجه، و إيّاك أن تدلك تحت قدميك بالخزف، فإنّه يورث البرص، و إيّاك أن تغتسل بغسالة الحمّام. (1)

بيان:

«اضطجع» : نام، و قيل: وضع جنبه بالأرض.

«داء الدبيلة» في مجمع البحرين (دبل) : أي الطاعون و خراج و دمل يظهر في الجوف و يقتل صاحبه غالبا. «وباء الشعر» : مرض الشعر. «يسمج الوجه» : يقبّحه، من قولهم: سمج الشيء سماجة: قبح.

«الخزف» : يقال بالفارسيّة: سفال و آنچه از گل پخته ساخته مى شود.

6-عن جعفر بن محمّد، عن آبائه عليهم السّلام في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام قال:

يا عليّ، من أطاع امرأته أكبّه اللّه عزّ و جلّ على وجهه في النار، قال عليّ عليه السّلام:

و ما تلك الطاعة؟ قال: يأذن لها في الذهاب إلى الحمّامات و العرسات و النائحات و لبس الثياب الرقاق. (2)

بيان:

«الذهاب إلى الحمّامات» : بهذا المعنى أخبار اخر، في بعضها: «من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فلا يرسل حليلته إلى الحمّام» قيل: إنّما نهي عن رواح النساء إلى الحمّامات لأنّ بعضهنّ لا يسترن عورتهنّ فيها في زمانهم، و الدخول في الحمّام

ص:206


1- -الوسائل ج 2 ص 45 ب 13 ح 2
2- الوسائل ج 2 ص 50 ب 16 ح 6

يستلزم نظر بعض إلى بعض، مع ما قيل: بوجوب ستر أبدانهنّ عن نساء أهل الكتاب من اليهود و النصارى و كان المتداول دخولهنّ إلى الحمّام مع النساء المسلمات.

أقول: لعلّ كراهة مطلق خروجهنّ تشتدّ في خصوص خروجهنّ إلى الحمّامات و العرسات و النياحات.

7-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا تدخل الحمّام إلاّ و في جوفك شيء يطفئ عنك وهج المعدة و هو أقوى للبدن، و لا تدخله و أنت ممتلي من الطعام. (1)

بيان:

«وهج المعدة» : أي حرّها و اتّقادها، و في ح 2: بل يؤكل شيء قبله يطفي المرار و يسكن حرارة الجوف.

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا يدخل الرجل مع ابنه الحمّام فينظر إلى عورته، و قال: ليس للوالدين أن ينظرا إلى عورة الولد، و ليس للولد أن ينظر إلى عورة الوالد،

و قال: لعن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الناظر و المنظور إليه في الحمّام بلا مئزر. (2)

أقول:

في ح 4 عنه صلّى اللّه عليه و آله: حقّ الوالد على ولده. . . و لا يدخل معه الحمّام.

9-عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا تغسلوا رؤوسكم بطين مصر، فإنّه يذهب بالغيرة، و يورث الدياثة. (3)

10-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: غسل الرأس بالخطميّ أمان من الصداع،

ص:207


1- -الوسائل ج 2 ص 52 ب 17 ح 1
2- الوسائل ج 2 ص 56 ب 21 ح 1
3- الوسائل ج 2 ص 58 ب 23 ح 1

و براءة من الفقر، و طهور للرأس من الحزاز. (1)

بيان:

«الحزاز» : القشرة التي تتساقط من الرأس كالنخالة (شوره سر) .

11-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: غسل الرأس بالخطميّ ينفي الفقر، و يزيد في الرزق، و قال: هو نشرة. (2)

12-قال أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السّلام: غسل الرأس بالسدر يجلب الرزق جلبا. (3)

أقول:

في فضل السدر أخبار اخر، في بعضها: «يذهب الغمّ» و في بعضها: «و من غسل رأسه بورق السدر صرف اللّه عنه وسوسة الشيطان سبعين يوما، من صرف اللّه عنه وسوسة الشيطان سبعين يوما لم يعص اللّه، و من لم يعص اللّه سبعين يوما دخل الجنّة» .

13-عن عليّ بن يقطين عن أبي الحسن الأوّل عليه السّلام (في حديث) قال: و شعر الجسد إذا طال قطع ماء الصلب، و أرخى المفاصل، و ورث الضعف و السلّ، و إنّ النورة تزيد في ماء الصلب، و تقوي البدن، و تزيد في شحم الكليتين، و تسمن البدن. (4)

14-عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: السنّة في النورة في كلّ خمسة عشر يوما فمن أتت عليه أحد و عشرون يوما و لم يتنوّر فليستدن على اللّه عزّ و جلّ و ليتنوّر،

ص:208


1- -الوسائل ج 2 ص 61 ب 25 ح 4
2- الوسائل ج 2 ص 61 ح 5
3- الوسائل ج 2 ص 63 ب 26 ح 3
4- الوسائل ج 2 ص 65 ب 28 ح 4

و من أتت عليه أربعون يوما و لم يتنوّر فليس بمؤمن و لا مسلم و لا كرامة. (1)

15-قال الصادق عليه السّلام: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ينبغي للرجل أن يتوقّى النورة يوم الأربعاء فإنّه يوم نحس مستمرّ، و تجوز النورة في سائر الأيّام. (2)

16-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الحنّاء يذهب بالسهك، و يزيد في ماء الوجه، و يطيب النكهة، و يحسن الولد.

و قال: من أطلى في الحمّام فتدلك بالحنّاء من قرنه إلى قدمه نفي عنه الفقر.

و قال: رأيت أبا جعفر الثاني عليه السّلام قد خرج من الحمّام و هو من قرنه إلى قدمه مثل الورد من أثر الحنّاء. (3)

بيان:

«السهك» : ريح كريهة تجدها ممّن عرق. «النكهة» : ريح الفم.

أقول: الأخبار في هذا الباب كثيرة، راجع المستدرك ج 1 و البحار ج 76 و. . .

أبواب آداب الحمّام.

ص:209


1- -الوسائل ج 2 ص 72 ب 33 ح 4
2- الوسائل ج 2 ص 80 ب 40 ح 1
3- الوسائل ج 2 ص 74 ب 35 ح 9

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393734342C22426F6F6B4944223A31363731392C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3231302C2253686F77506167654E756D223A22323130222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030322F424B31353931344730303253312F424B3135393134473030325331503231302E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

49- الحيوان

الآيات

1- وَ ما مِنْ دَابَّةٍ فِي اَلْأَرْضِ وَ لا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلاّ أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ. . . (1)

2- وَ اَلْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَ مَنافِعُ وَ مِنْها تَأْكُلُونَ . . . وَ اَلْخَيْلَ وَ اَلْبِغالَ وَ اَلْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَ زِينَةً وَ يَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ. (2)

3- وَ لِلّهِ يَسْجُدُ ما فِي اَلسَّماواتِ وَ ما فِي اَلْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ. . . (3)

4- أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اَللّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ وَ اَلطَّيْرُ صَافّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَ تَسْبِيحَهُ وَ اَللّهُ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ. (4)

5- . . . وَ قالَ يا أَيُّهَا اَلنّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ اَلطَّيْرِ. الآيات (5)

6- وَ كَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اَللّهُ يَرْزُقُها وَ إِيّاكُمْ وَ هُوَ اَلسَّمِيعُ اَلْعَلِيمُ. (6)

ص:211


1- -الأنعام:38
2- النحل:5 إلى 8
3- النحل:49 و بهذا المعنى في الرعد:15 و الحجّ:18 و. . .
4- النور:41 و بمضمونها في الإسراء:44 و الحشر:24 و الأنبياء:79 و الجمعة:1 و التغابن:1
5- النمل:16 إلى 18
6- العنكبوت:60

7- وَ فِي خَلْقِكُمْ وَ ما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ آياتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ. (1)

8- وَ إِذَا اَلْوُحُوشُ حُشِرَتْ. (2)

9- أَ فَلا يَنْظُرُونَ إِلَى اَلْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ. (3)

الأخبار

1-عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه عن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: للدابّة على صاحبها ستّ خصال: يبدء بعلفها إذا نزل، و يعرض عليها الماء إذا مرّ به، و لا يضرب وجهها، فإنّها تسبّح بحمد ربّها، و لا يقف على ظهرها إلاّ في سبيل اللّه عزّ و جلّ، و لا يحملها فوق طاقتها، و لا يكلّفها من المشي إلاّ ما تطيق. (4)

أقول:

بمضمونه في المحاسن ص 627، و زاد فيه: «و لا يتّخذ ظهرها مجالس يتحدّث عليها و لا يسمّها في وجهها» .

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من الجور قول الراكب للراجل؛ الطريق. (5)

3-عن الصادق عليه السّلام قال: قال عليّ بن الحسين لابنه محمّد عليهم السّلام حين حضرته الوفاة: إنّي قد حججت على ناقتي هذه عشرين حجّة فلم أقرعها بسوط قرعة، فإذا نفقت فادفنها لا يأكل لحمها السباع. . . (6)

ص:212


1- -الجاثية:4
2- التكوير:5 و بمضمونها في ص:19
3- الغاشية:17
4- الخصال ج 1 ص 330 باب الستّة ح 28
5- الخصال ج 1 ص 3 باب الواحد ح 3
6- الوسائل ج 11 ص 541 ب 51 من أحكام الدوابّ ح 1

بيان:

«نفقت الدابّة» : هلكت.

4-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا تضربوا وجوه الدوابّ، و كلّ شيء فيه الروح فإنّه يسبّح بحمد اللّه. (1)

5-عن أحدهما عليهما السّلام قال: أيّما دابّة استصعبت على صاحبها من لجام و نفار فليقرأ في أذنها أو عليها أَ فَغَيْرَ دِينِ اَللّهِ يَبْغُونَ وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (2)(3)

6-عن أبي عبد اللّه، عن أبيه عليهما السّلام: أنّه كره إخصاء الدوابّ و التحريش بينها. (4)

بيان:

في النهاية ج 1 ص 368، و فيه: «أنّه نهى عن التحريش بين البهائم» هو الإغراء، و تهييج بعضها على بعض، كما يفعل بين الجمال و الكباش و الديوك و غيرها.

7-عن الصادق عليه السّلام قال: أقذر الذنوب ثلاثة: قتل البهيمة، و حبس مهر المرأة، و منع الأجير أجره. (5)

أقول:

في كنز العمّال ج 15 خ 39968 عن النبيّ (ص) قال: ما من دابّة طائر و لا غيره يقتل بغير الحقّ إلاّ ستخاصمه يوم القيامة.

و خ 39981، نهى (ص) عن قتل كلّ ذي روح إلاّ أن يؤذي.

ص:213


1- -الوسائل ج 11 ص 484 ب 10 ح 13
2- آل عمران:83
3- الوسائل ج 11 ص 490 ب 15 ح 1
4- الوسائل ج 11 ص 522 ب 36 ح 3
5- الوسائل ج 11 ص 544 ب 53 ح 2

8-عن عليّ عليه السّلام: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى أن تحمّل الدوابّ فوق طاقتها و أن تضيّع حتّى تهلك.

و قال: لا تتّخذوا ظهور الدوابّ كراسيّ، فربّ دابّة مركوبة خير من راكبها، و أطوع للّه منه و أكثر ذكرا. و نظر صلّى اللّه عليه و آله إلى ناقة محمّلة قد ثقلت فقال: أين صاحبها؟ فلم يوجد، فقال: مروه أن يستعدّ لها غدا للخصومة. (1)

أقول:

سيأتي في باب العدل، أنّه لا تقبل شهادة سابق الحاجّ لأنّه قتل راحلته.

9-. . . و عن عليّ عليه السّلام: أنّه يكره سبّ البهائم. (2)

أقول:

في حديث آخر: «و لا تلعنوها (أي الدوابّ) فإنّ اللّه عزّ و جلّ لعن لاعنها» .

(الوسائل ج 11 ص 483 ب 10 ح 6)

10-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (في حديث أشراط الساعة) : يا سلمان، و عندها يكتفي الرجال بالرجال و النساء بالنساء، و يغار على الغلمان كما يغار على الجارية في بيت أهلها، و تشبّه الرجال بالنساء و النساء بالرجال، و لتركبّن ذوات الفروج السروج، فعليهنّ من أمّتي لعنة اللّه. (3)

11-و في الحديث: أنّ جبرئيل نزل إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فوقف بالباب و استأذن، فأذن له فلم يدخل، فخرج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و قال: مالك؟ فقال: إنّا معاشر الملائكة لا ندخل بيتا فيه كلب، و لا صورة. . . (4)

12-روي أنّ رجلا قال لابن عباس: لي دابّة أخاف عليها العين

ص:214


1- -المستدرك ج 8 ص 260 ب 7 من أحكام الدوابّ ح 5
2- المستدرك ج 8 ص 261 ب 8 ح 2
3- المستدرك ج 8 ص 275 ب 17 ح 1( تفسير القمّي ج 2 ص 303 سورة محمّد صلّى اللّه عليه و آله)
4- المستدرك ج 8 ص 293 ب 35 ح 2

و السرق، قال: اكتب بين اذنيها لا تَخافُ دَرَكاً وَ لا تَخْشى (1)ثمّ قال: تقرء على وجع الدابّة: ما مِنْ دَابَّةٍ إِلاّ هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها. (2)(3)

أقول:

سيأتي ما يناسب المقام في باب السفر.

13-في حديث وفاة أمير المؤمنين عليه السّلام. . . قالت أمّ كلثوم: . . . و كان في الدار إوزّ قد أهدي إلى أخي الحسين عليه السّلام، فلمّا نزل خرجن ورائه و رفرفن و صحن في وجهه، و كان قبل تلك الليلة لم يصحن. . . ثمّ قال: يا بنيّة، بحقّي عليك إلاّ ما أطلقتيه فقد حبست ما ليس له لسان و لا يقدر على الكلام إذا جاع أو عطش، فأطعميه و اسقيه و إلاّ خلّي سبيله يأكل من حشائش الأرض. . . (4)

بيان:

«إوزّ» يقال بالفارسيّة: مرغابى.

14-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما من طير يصاد في برّ و لا بحر و لا يصاد شيء من الوحوش إلاّ بتضييعه التسبيح. (5)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر.

15-عن أبي حمزة الثمالي عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام أنّه كان يقول:

ما بهمت البهائم عنه فلم تبهم عن أربعة: معرفتها بالربّ تبارك و تعالى،

ص:215


1- -طه:77
2- هود:56
3- المستدرك ج 8 ص 307 ب 45 ح 8
4- البحار ج 42 ص 278
5- البحار ج 64 ص 24 باب عموم أحوال الحيوان ح 1

و معرفتها بالموت، و معرفتها بالأنثى من الذكر، و معرفتها بالمرعى الخصب. (1)

أقول:

زاد عليه السّلام في ح 28: «و معرفتها بالموت و الفرار منه» .

16-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (في حديث طويل) :

لا يرتدف ثلاثة على دابّة فإنّ أحدهم ملعون و هو المقدّم. (2)

بيان:

قال رحمه اللّه: كأنّه محمول على الكراهة الشديدة، و التخصيص بالمقدّم لأنّه أضرّ، لأنّه يقع على العنق غالبا.

أقول: لعلّ المراد بالمقدّم صاحب الدابّة لأنّه هو المقدّم غالبا و لأنّه السبب في ارتداف الثلاثة.

17-قال عليّ عليه السّلام: نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن توسم الدوابّ على وجوهها فإنّها تسبّح بحمد ربّها. (3)

ص:216


1- -البحار ج 64 ص 50 ح 27
2- البحار ج 64 ص 203 باب حقّ الدابّة على صاحبها ح 4
3- البحار ج 64 ص 210 في ح 16

50- الحياء

الآيات

1- فَجاءَتْهُ إِحْداهُما تَمْشِي عَلَى اِسْتِحْياءٍ قالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ. . . (1)

2- . . . وَ اَللّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ اَلْحَقِّ. . . (2)

الأخبار

1-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الحياء من الإيمان و الإيمان في الجنّة. (3)

بيان:

في المفردات، «الحياء» : انقباض النفس عن القبائح و تركه لذلك، يقال: حيي فهو حيّ و استحيا فهو مستحي.

و في المرآة ج 8 ص 187، الحياء ملكة للنفس توجب انقباضها عن القبيح و انزجارها عن خلاف الآداب خوفا من اللوم.

2-عن الحسن الصيقل قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الحياء و العفاف و العيّ

ص:217


1- -القصص:25
2- الأحزاب:53
3- الكافي ج 2 ص 86 باب الحياء ح 1

-أعني عيّ اللسان لا عيّ القلب-من الإيمان. (1)

بيان:

في المرآة، «العفاف» : أي ترك المحرّمات بل الشبهات أيضا و يطلق غالبا على عفّة البطن و الفرج. و قال رحمه اللّه: «العيّ» في القاموس: عيّ بالأمر. . . : لم يهتد لوجه مراده أو عجز عنه و لم يطق أحكامه، و عيي في المنطق كرضي عيّا بالكسر: حصر، و أعيى الماشي: كلّ انتهى.

و المراد بعيّ اللسان: ترك الكلام فيما لا فائدة فيه، و عدم الاجتراء على الفتوى بغير علم، و على إيذاء الناس و أمثاله و هذا ممدوح، و عيّ القلب؛ عجزه عن إدراك دقائق المسائل، و حقايق الامور و هو مذموم. . . في كتاب الزهد عن الصيقل قال:

كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام جالسا فبعث غلاما له أعجميّا في حاجة إلى رجل فانطلق ثمّ رجع فجعل أبو عبد اللّه عليه السّلام يستفهمه الجواب و جعل الغلام لا يفهمه مرارا، قال: فلمّا رأيته لا يتعبّر لسانه و لا يفهمه ظننت أنّ أبا عبد اللّه عليه السّلام سيغضب عليه، قال: و أحدّ أبو عبد اللّه عليه السّلام النظر إليه ثمّ قال: أما و اللّه لئن كنت عيّ اللسان فما أنت بعيّ القلب، ثمّ قال: إنّ الحياء و العيّ، -عيّ اللسان لا عيّ القلب- من الإيمان، و الفحش و البذاء و السلاطة من النفاق.

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من رقّ وجهه رقّ علمه. (2)

بيان:

«رقّ وجهه» : المراد الاستحياء عن السؤال و طلب العلم. «رقّ علمه» : كناية عن قلّته.

4-عن أحدهما عليهما السّلام قال: الحياء و الإيمان مقرونان في قرن، فإذا ذهب

ص:218


1- -الكافي ج 2 ص 87 ح 2
2- الكافي ج 2 ص 87 ح 3

أحدهما تبعه صاحبه. (1)

بيان:

«قرن» : حبل يجمع به البعيران، و الغرض بيان تلازمهما.

5-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا إيمان لمن لا حياء له. (2)

6-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الحياء حياءان: حياء عقل، و حياء حمق، فحياء العقل هو العلم، و حياء الحمق هو الجهل. (3)

بيان:

«هو العلم» : أي سببه العلم أو موجب لوفور العلم. «هو الجهل» : أي سببه الجهل أو موجب للجهل.

7-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أربع من كنّ فيه و كان من قرنه إلى قدمه ذنوبا بدّلها اللّه حسنات: الصدق و الحياء و حسن الخلق و الشكر. (4)

بيان:

«القرن» : الجانب الأعلى من الرأس.

أقول: قد مرّ في باب الحلم: إنّ اللّه يحبّ الحييّ الحليم. . .

8-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أوّل ما ينزع اللّه تعالى من العبد الحياء فيصير ماقتا ممقتا، ثمّ ينزع منه الإيمان، ثمّ ينزع منه الرحمة، ثمّ يخلع دين الإسلام عن عنقه، فيصير شيطانا لعينا. -يعني أنّ ارتكاب القبيحة بعد القبيحة تنتهي

ص:219


1- -الكافي ج 2 ص 87 ح 4
2- الكافي ج 2 ص 87 ح 5
3- الكافي ج 2 ص 87 ح 6
4- الكافي ج 2 ص 87 ح 7

إلى الشيطنة و من تشيطن على اللّه لعنه اللّه-. (1)

9-في خبر شمعون عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: و أمّا الحياء فيتشعّب منه اللين و الرأفة و المراقبة للّه في السرّ و العلانية و السلامة و اجتناب الشرّ و البشاشة و السماحة و الظفر و حسن الثناء على المرء في الناس، فهذا ما أصاب العاقل بالحياء، فطوبى لمن قبل نصيحة اللّه و خاف فضيحته. (2)

10-في مواعظ الصادق عليه السّلام: الحياء على وجهين: فمنه ضعف و منه قوّة و إسلام و إيمان. (3)

11-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: قرنت الهيبة بالخيبة، و الحياء بالحرمان، و الفرصة تمرّ مرّ السحاب، فانتهزوا فرص الخير. (4)

أقول:

في الغرر ف 1 ح 328 عنه عليه السّلام قال: «الحياء يمنع الرزق» و ح 404: «الحياء مقرون بالحرمان» .

بيان: «الحياء مقرون بالحرمان» : أي أنّ حياء الحمق و الضعف يوجب الحرمان.

في مجمع البحرين، «النهزة» : الفرصة، و انتهزتها: اغتنمتها.

12-و قال عليه السّلام: و لا إيمان كالحياء و الصبر. (5)

13-و قال عليه السّلام: من كساه الحياء ثوبه لم ير الناس عيبه. (6)

14-و قال عليه السّلام: . . . و من كثر كلامه كثر خطؤه، و من كثر خطؤه قلّ

ص:220


1- -معاني الأخبار ص 390 باب النوادر ح 94
2- تحف العقول ص 20
3- تحف العقول ص 265 و مثله في قرب الأسناد، عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله
4- نهج البلاغة ص 1096 ح 20
5- نهج البلاغة ص 1139 في ح 109
6- نهج البلاغة ص 1185 ح 214( الغرر ج 2 ص 660 ف 77 ح 853)

حياءه، و من قلّ حياؤه قلّ ورعه، و من قلّ ورعه مات قلبه، و من مات قلبه دخل النار. . . (1)

15-عن عليّ عليه السّلام قال: الحياء لباس سابغ، و حجاب مانع، و ستر من المساويء واق، و حليف للدين، و موجب للمحبّة، و عين كالئة تذود عن الفساد، و تنهى عن الفحشاء.

و العجلة في الأمور مكسبة للمذلّة، و زمام للندامة، و سلب للمروءة و شين للحجى، و دليل على ضعف العقيدة. (2)

16-عن أبي سعيد الخدري قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أشدّ حياء من العذراء في خدرها، و كان إذا كره شيئا عرفناه في وجهه. (3)

17-عن سلمان رحمه اللّه قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ إذا أراد هلاك عبد نزع منه الحياء، فإذا نزع منه الحياء لم تلقه إلاّ خائفا مخوفا، فإذا كان خائفا مخوفا نزعت منه الأمانة، فإذا نزعت منه الأمانة لم تلقه إلاّ شيطانا ملعونا فلعناه. (4)

18-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له. (5)

19-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الإيمان عريان و لباسه الحياء و زينته الوفاء و مروّته العمل الصالح و عماده الورع و لكلّ شيء أساس و أساس الإسلام حبّنا أهل البيت. (6)

20-قال الصادق عليه السّلام: ثلاث من لم تكن فيه فلا يرجى خيره أبدا:

ص:221


1- -نهج البلاغة ص 1249 في ح 341
2- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 20 ص 272
3- مكارم الأخلاق ص 17 ب 1 ف 2
4- مشكوة الأنوار ص 233 ب 5 ف 5
5- مشكوة الأنوار ص 234
6- مشكوة الأنوار ص 234

من لم يخش اللّه في الغيب و لم يرعو عند الشيب و لم يستحي من العيب. (1)

بيان:

قال رحمه اللّه: ارعوى عن القبيح: رجع.

21-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: قلّة الحياء كفر، و قيل له: أوصني، قال: استحي من اللّه كما تستحيي من الرجل الصالح من قومك. (2)

22-قال الصادق عليه السّلام: الحياء عشرة أجزاء، تسعة في النساء و واحد في الرجال، فإذا حاضت الجارية ذهب جزء من حياها، و إذا تزوّجت ذهب جزء، و إذا افترعت ذهب جزء، و إذا ولدت ذهب جزء و بقي لها خمسة أجزاء، فإن فجرت ذهب حياءها كلّه، و إن عفّت بقي لها خمسة أجزاء. (3)

بيان:

افترع البكر: أزال بكارتها.

23-روي أنّ اللّه تعالى يقول: عبدي إنّك إذا استحيت منّي أنسيت الناس عيوبك و بقاع الأرض ذنوبك، و محوت من الكتاب زلاّتك و لا أناقشك الحساب يوم القيامة.

و روي أنّ اللّه تعالى يقول: عبدي إنّك إذا استحيت منّي و خفتني غفرت لك.

و روي أنّ رجلا رأى رجلا يصلّي على باب المسجد، فقال: لم لا تصلّي فيه فقال: أستحي منه أن أدخل بيته و قد عصيت، و من علامات المستحي أن لا يرى في أمر استحى منه. . . و نهاية الحياء ذوبان القلب للعلم بأنّ اللّه مطّلع عليه و طول المراقبة لمن لا يغيب عن نظره سرّا و علانية، و إذا كان العبد حال عصيانه يعتقد أنّ اللّه يراه فإنّه قليل الحياء جاهل بقدرة اللّه تعالى و إن كان يعتقد أنّه لا يراه

ص:222


1- -مشكوة الأنوار ص 234
2- مشكوة الأنوار ص 235
3- مشكوة الأنوار ص 235

فإنّه كافر. (1)

24-سأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله جبرئيل عليه السّلام هل تنزل إلي الأرض من بعدي؟ قال: نعم يا رسول اللّه، أنزل إلى الأرض من بعدك عشر مرّات و أرفع عشر جواهر من وجه الأرض. قال صلّى اللّه عليه و آله: ما هذه الجواهر؟ فقال: الأوّل، أنزل إلى الأرض و أرفع البركة منها، و الثاني أرفع منها الرحمة.

و الثالث أرفع منها الحياء من عيون النساء، و الرابع أرفع الحميّة من رؤوس الرجال، و الخامس أرفع العدل من قلوب السلاطين، و السادس أرفع الصدق من قلوب الأصدقاء.

و السابع أرفع السخاوة من قلوب الأغنياء، الثامن أرفع الصبر عن الفقراء، التاسع أرفع الحكمة من قلوب الحكماء، العاشر أرفع الإيمان من قلوب المؤمنين. (2)

25-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا تقوم الساعة حتّى يذهب الحياء من الصبيان و النساء. (3)

26-و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما كان [الفحش]في شيء قطّ إلاّ شانه، و لا كان الحياء في شيء قطّ إلاّ زانه. (4)

27-و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الحياء خير كلّه. (5)

28-نظر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلى رجل يغتسل بحيث يراه الناس، فقال: أيّها الناس، إنّ اللّه يحبّ من عباده الحياء و الستر، فأيّكم اغتسل فليتوار من الناس،

ص:223


1- -إرشاد القلوب ص 150 ب 30
2- الاثنى عشريّة ص 330 ب 10 ف 3
3- سفينة البحار ج 1 ص 362( حياء)
4- الوسائل ج 12 ص 167 ب 110 من العشرة ح 7(أمالي الطوسي ج 1 ص 193)
5- الوسائل ج 12 ص 168 ح 8

فإنّ الحياء زينة الإسلام. (1)

29-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام لداود بن سرحان: يا داود، إنّ خصال المكارم بعضها مقيّد ببعض، يقسّمها اللّه حيث شاء يكون في الرجل و لا يكون في ابنه، و يكون في العبد و لا يكون في سيّده: صدق الحديث، و صدق البأس، و إعطاء السائل، و المكافات بالصنايع، و أداء الأمانة، و صلة الرحم، و التودّد إلى الجار و الصاحب، و قرى الضيف، و رأسهنّ الحياء. (2)

أقول:

سيأتي ما بمعناه مع شرحه في باب مكارم الأخلاق.

30-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: لم يبق من أمثال الأنبياء إلاّ قول الناس: إذا لم تستحي فاصنع ما شئت. (3)

31-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: استحيوا من اللّه حقّ الحياء، قالوا: و ما نفعل يا رسول اللّه؟ قال: فإن كنتم فاعلين فلا يبيتنّ أحدكم إلاّ و أجله بين عينيه، و ليحفظ الرأس و ما حوى، و البطن و ما وعى، و ليذكر القبر و البلى، و من أراد الآخرة فليدع زينة الحياة الدنيا. (4)

بيان:

«الرأس و ما حوى» : أي العين و اللسان، أو المراد الآراء و الأهواء الباطلة. «البطن و ما وعى» : أي الفرج، أو المراد حفظ باطنه من الخطورات النفسانيّة.

32-قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام: خف اللّه تعالى لقدرته عليك، و استحي

ص:224


1- -المستدرك ج 8 ص 463 ب 93 من العشرة ح 12
2- البحار ج 69 ص 375 باب جوامع المكارم ح 23
3- البحار ج 71 ص 333 باب الحياء ح 8
4- البحار ج 71 ص 333 ح 9-و نظيره في ج 77 ص 85 في وصيّته صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه

منه لقربه منك. (1)

33-و قال أبو محمّد العسكريّ عليه السّلام: من لم يتّق وجوه الناس لم يتّق اللّه. (2)

34-في مواعظ المجتبى عليه السّلام: . . . و لا حياء لمن لا دين له. . . (3)

35-قال الصادق عليه السّلام: الحياء نور جوهره صدر الإيمان، و تفسيره التثبّت عند كلّ شيء ينكره التوحيد و المعرفة.

قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «الحياء من الإيمان» فقيّد الحياء بالإيمان و الإيمان بالحياء، و صاحب الحياء خير كلّه و من حرم الحياء فهو شرّ كلّه و إن تعبّد و تورّع و إنّ خطوة يتخطّاه في ساحات هيبة اللّه بالحياء منه إليه خير له من عبادة سبعين سنة، و الوقاحة صدر النفاق و الشقاق و الكفر.

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا لم تستح فاعمل ما شئت، أي إذا فارقت الحياء فكلّ ما عملت من خير و شرّ فأنت به معاقب. و قوّة الحياء من الحزن و الخوف، و الحياء مسكن الخشية، و الحياء أوّله الهيبة و آخره الرؤية، و صاحب الحياء مشتغل بشأنه معتزل من الناس مزدجر عمّا هم فيه و لو تركوا صاحب الحياء ما جالس أحدا.

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا أراد اللّه بعبد خيرا ألهاه عن محاسنه و جعل مساويه بين عينيه و كرّهه مجالسة المعرضين عن ذكر اللّه.

و الحياء خمسة أنواع: حياء ذنب، و حياء تقصير، و حياء كرامة، و حياء حبّ، و حياء هيبة، و لكلّ واحد من ذلك أهل، و لأهله مرتبة على حدة. (4)

ص:225


1- -البحار ج 71 ص 336 ح 22
2- البحار ج 71 ص 336 ح 22
3- البحار ج 78 ص 111
4- مصباح الشريعة ص 63 ب 93

36-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الحياء مفتاح كلّ الخير. (الغرر ج 1 ص 16 ف 1 ح 395)

الحياء غضّ الطرف-الحياء تمام الكرم. (ص 19 ح 517 و 524)

الحياء قرين العفاف. (ص 22 ح 621)

الحياء تمام الكرم و أحسن الشيم. (ص 49 ح 1388)

الحياء يصدّ عن فعل القبيح. (ص 51 ح 1435)

الحياء من اللّه يمحو كثيرا من الخطايا. (ص 59 ح 1584)

الحياء من اللّه سبحانه يقي عذاب النار. (ص 99 ح 2144)

الحياء خلق مرضيّ. (ص 35 ح 1077)

أعقل الناس أحياهم. (ص 177 ف 8 ح 72)

أحسن ملابس الدين الحياء. (ص 183 ح 171)

أصل المروءة الحياء و ثمرتها العفّة. (ص 190 ح 280)

أحسن الحياء استحياؤك من نفسك. (ص 191 ح 293)

إنّ الحياء و العفّة من خلائق الإيمان، و إنّهما لسجيّة الأحرار و شيمة الأبرار.

(ص 245 ف 9 ح 229)

حياء الرجل من نفسه ثمرة الإيمان. (ص 386 ف 28 ح 78)

على قدر الحياء تكون العفّة. (ج 2 ص 487 ف 51 ح 10)

كثرة حياء الرجل دليل إيمانه. (ص 562 ف 66 ح 16)

لا إيمان كالحياء و السخاء. (ص 845 ف 86 ح 317)

من استحيى من قول الحقّ فهو الأحمق. (ص 671 ف 77 ح 985)

من صحبه الحياء في قوله زايله الخناء في فعله. (ص 676 ح 1051)

من لم يستحي من الناس لم يستحي من اللّه سبحانه. (ص 711 ح 1419)

من قلّ حياؤه قلّ ورعه. (ص 647 ح 645)

ص:226

حرف الخاء

51- الخدمة

الأخبار

1-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أيّما مسلم خدم قوما من المسلمين إلاّ أعطاه اللّه مثل عددهم خدّاما في الجنّة. (1)

2-عن جميل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: المؤمنون خدم بعضهم لبعض، قلت: و كيف يكونون خدما بعضهم لبعض؟ قال: يفيد بعضهم بعضا. . . (2)

أقول:

قد مرّ في حديث حقوق المؤمن عنه عليه السّلام: «و الحقّ السادس؛ إن يكون لك امرأة و خادم و ليس لأخيك امرأة و لا خادم أن تبعث خادمك، فتغسل ثيابه و تصنع طعامه و تمهّد فراشه» .

3-. . . قال الصادق عليه السّلام: أخدم أخاك فإن استخدمك فلا، و لا كرامة. . . (3)

ص:227


1- -الكافي ج 2 ص 166 باب خدمة المؤمن
2- الكافي ج 2 ص 134 باب اخوّة المؤمنين ح 9
3- الاختصاص ص 236

4-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ثلاثة و إن لم تظلمهم ظلموك: السفلة و زوجتك و خادمك. (1)

5-عن عليّ بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليه السّلام قال: ثلاثة يستظلّون بظلّ عرش اللّه يوم لا ظلّ إلاّ ظلّه: رجل زوّج أخاه المسلم، أو أخدمه، أو كتم له سرّا. (2)

6-عن أبي حمزة الثماليّ عن أبي جعفر عليه السّلام قال: أربع من كنّ فيه بنى اللّه له بيتا في الجنّة: من آوى اليتيم، و رحم الضعيف، و أشفق على والديه، و رفق بمملوكه. (3)

7-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أربع من كنّ فيه نشر اللّه عليه كنفه و أدخله الجنّة في رحمته: حسن خلق يعيش به في الناس، و رفق بالمكروب، و شفقة على الوالدين، و إحسان إلى المملوك. (4)

8-في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: و اجعل لكلّ إنسان من خدمك عملا تأخذه به، فإنّه أحرى أن لا يتواكلوا في خدمتك. (5)

بيان:

«لا يتواكلوا» : أي لا يتكلّ بعضهم على بعض (كارها را به دوش يكديگر نياندازند) .

9-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: خدمة المؤمن لأخيه المؤمن درجة لا يدرك

ص:228


1- -الخصال ج 1 ص 86 باب الثلاثة ح 15
2- الخصال ج 1 ص 141 ح 162
3- الخصال ج 1 ص 223 باب الأربعة ح 53
4- الخصال ص 225 ح 57
5- نهج البلاغة ص 939 في ر 31

فضلها إلاّ بمثلها. (1)

10-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أ لا أنبّئكم بشرّ الناس؟ قالوا: بلى يا رسول اللّه، فقال: من سافر وحده، و منع رفده، و ضرب عبده. (2)

أقول:

في الغرر (ج 1 ص 115 ف 2 ح 126) : اضرب خادمك إذا عصى اللّه و اعف عنه إذا عصاك.

11-قال المعذور بن سويد: دخلنا على أبي ذرّ بالربذة، فإذا عليه برد و على غلامه مثله. فقلنا: لو أخذت برد غلامك إلى بردك كانت حلّة و كسوته ثوبا غيره، قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: إخوانكم جعلهم اللّه تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده، فليطعمه ممّا يأكل، و ليكسه ممّا يلبس، و لا يكلّفه ما يغلبه، فإن كلّفه ما يغلبه فليعنه. . . (3)

12-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: عاتبوا أرقّاكم على قدر عقولهم. (4)

13-عن ابن فرقد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال في كتاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«إذا استعملتم ما ملكت أيمانكم في شيء يشقّ عليهم فاعملوا معهم فيه» قال: و إن كان أبي ليأمرهم فيقول كما أنتم، فيأتي فينظر فإن كان ثقيلا قال: بسم اللّه، ثم عمل معهم و إن كان خفيفا تنحّى عنهم. (5)

14-عن مختار التّمار قال: أتى أمير المؤمنين عليه السّلام سوق الكرابيس فاشترى

ص:229


1- -المستدرك ج 12 ص 428 ب 34 من فعل المعروف ح 8
2- البحار ج 74 ص 141 باب العشرة مع المماليك ح 7
3- البحار ج 74 ص 141 ح 11
4- البحار ج 74 ص 142 في ح 11
5- البحار ج 74 ص 142 ح 13

ثوبين: أحدهما بثلاثة دراهم، و الآخر بدرهمين، فقال: يا قنبر، خذ الذي بثلاثة قال: أنت أولى به يا أمير المؤمنين، تصعد المنبر و تخطب الناس، قال: يا قنبر، أنت شابّ و لك شره الشباب، و أنا أستحيي من ربّي أن أتفضّل عليك، لأنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: ألبسوهم ممّا تلبسون و أطعموهم ممّا تأكلون. (1)

أقول:

يأتي في زماننا هذا بعض هذه التكاليف في الأجير و التلميذ بدل المملوك.

15-في مواعظ الصادق عليه السّلام: إذا لم تكن في المملوك خصلة من ثلاث فليس لمولاه في إمساكه راحة: دين يرشده، أو أدب يسوسه، أو خوف يردعه. (2)

أقول:

قد مرّ في باب الحيوان: أقذر الذنوب ثلاثة: . . . و منع الأجير أجره.

و لاحظ في البحار (ج 71 ص 405 و 413 باب الحلم ح 17 و 30) حديث الصادق عليه السّلام مع جاريته و السجّاد عليه السّلام مع غلامه.

ص:230


1- -البحار ج 74 ص 143 ح 19
2- البحار ج 78 ص 235

52- الخشوع

الآيات

1- وَ اِسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ اَلصَّلاةِ وَ إِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلاّ عَلَى اَلْخاشِعِينَ. (1)

2- وَ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَ يَزِيدُهُمْ خُشُوعاً. (2)

3- . . . وَ يَدْعُونَنا رَغَباً وَ رَهَباً وَ كانُوا لَنا خاشِعِينَ. (3)

4- قَدْ أَفْلَحَ اَلْمُؤْمِنُونَ- اَلَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ. (4)

5- أَ لَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اَللّهِ وَ ما نَزَلَ مِنَ اَلْحَقِّ. . . (5)

6- لَوْ أَنْزَلْنا هذَا اَلْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اَللّهِ. . . (6)

ص:231


1- -البقرة:45
2- الإسراء:109
3- الأنبياء:90
4- المؤمنون:1 و 2
5- الحديد:16
6- الحشر:21
الأخبار

1-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

تكتب الصلاة على أربعة أسهم: سهم منها إسباغ الوضوء، و سهم منها الركوع، و سهم منها السجود، و سهم منها الخشوع. قيل: يا رسول اللّه، و ما الخشوع؟ قال:

التواضع في الصلاة، و أن يقبل العبد بقلبه كلّه على ربّه عزّ و جلّ. (1)

بيان:

في المصباح: «خشع» خشوعا إذا خضع، و خشع في صلاته و دعائه: أقبل بقلبه على ذلك، و هو مأخوذ من خشعت الأرض إذا سكنت و اطمأنّت.

أقول: يكون الخشوع في القلب و تظهر آثاره في البدن و الجوارح، و يكون الخضوع في البدن كما يدلّ على ذلك أخبار الباب.

و في مجمع البيان ج 7 ص 99(المؤمنون:2) : «و روي أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رأى رجلا يعبث بلحيته في صلاته، فقال: أما أنّه لو خشع قلبه لخشعت جوارحه» و في هذا دلالة على أنّ الخشوع في الصلاة يكون بالقلب و بالجوارح، فأمّا بالقلب فهو أن يفرغ قلبه بجمع الهمّة لها و الإعراض عمّا سواها فلا يكون فيه غير العبادة و المعبود، و أمّا بالجوارح فهو غصّ البصر و الإقبال عليها و ترك الالتفات و العبث.

2-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: الخشوع في القلب، و ان تلين جانبك للمسلم، و لا تلتفت يمينا و لا شمالا في الصلاة. (2)

3-عن الحلبي، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا كنت في صلاتك فعليك بالخشوع و الإقبال على صلاتك، فإنّ اللّه تعالى يقول: اَلَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ

ص:232


1- -المستدرك ج 1 ص 98 ب 8 من مقدّمة العبادات ح 1
2- المستدرك ج 4 ص 105 ب 2 من أفعال الصلاة ح 36

خاشِعُونَ. (1)

4-في خبر شمعون عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: و أمّا علامة الخاشع فأربعة: مراقبة اللّه في السرّ و العلانية، و ركوب الجميل، و التفكّر ليوم القيامة، و المناجاة للّه. (2)

5-و في مواعظ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إيّاكم و تخشّع النفاق و هو أن يرى الجسد خاشعا و القلب ليس بخاشع. (3)

أقول:

يأتي في باب النفاق عنه صلّى اللّه عليه و آله: ما زاد خشوع الجسد على ما في القلب فهو عندنا نفاق.

6-. . . قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ليخشع الرجل في صلاته، فإنّه من خشع قلبه للّه عزّ و جلّ خشعت جوارحه فلا يعبث بشيء. . . (4)

7-في حديث المعراج: يا أحمد، ما عرفني عبد و خشع لي إلاّ و خشعت له. (5)

8-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه: يا أبا ذرّ، إنّ أوّل شيء يرفع من هذه الأمّة الأمانة و الخشوع حتّى لا تكاد ترى خاشعا. (6)

9-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

ليخشع للّه سبحانه قلبك فمن خشع قلبه خشعت جميع جوارحه.

(الغرر ج 2 ص 584 ف 71 ح 52)

ص:233


1- -الوسائل ج 5 ص 473 ب 2 من أفعال الصلاة ح 1
2- تحف العقول ص 22
3- تحف العقول ص 48
4- البحار ج 84 ص 239 باب آداب الصلاة ح 21
5- البحار ج 77 ص 27
6- البحار ج 77 ص 81

نعم عون الدعاء الخشوع. (ص 773 ف 81 ح 66)

من خشع قلبه خشعت جوارحه. (ص 639 ف 77 ح 517)

من خشع لعظمة اللّه سبحانه ذلّت له الرقاب و من توكّل على اللّه تسهّلت له الصعاب. (ص 695 ح 1258)

أقول:

الأخبار في كثرة خشوع النبيّ و الأئمّة عليهم السّلام كثيرة، راجع البحار أبواب تاريخهم عليهم السّلام و الوسائل ج 5 و المستدرك ج 4 ب 2 من أبواب أفعال الصلاة.

و قال أمير المؤمنين عليه السّلام في وصف المؤمنين: «و هيئتهم الخشوع» و في وصف الشيعة:

«و خشوعا في عبادة» . (البحار ج 78 ص 23 و ص 30)

و في مصباح الشيخ رحمه اللّه ص 66 و الكفعمي و المفاتيح في تعقيب صلاة العصر: «اللهمّ إنّي أعوذ بك من نفس لا تشبع و من قلب لا يخشع و من علم لا ينفع و من صلاة لا ترفع و من دعاء لا يسمع. . .»

و قد مرّ في باب الحزن في اللّه، «أوحى اللّه إلى عيسى بن مريم عليه السّلام: يا عيسى، هب لي من عينيك الدموع، و من قلبك الخشوع. . .» .

ص:234

53- الإخلاص

الآيات

1- . . . فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَ لا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً. (1)

2- . . . فَاعْبُدِ اَللّهَ مُخْلِصاً لَهُ اَلدِّينَ- أَلا لِلّهِ اَلدِّينُ اَلْخالِصُ. . . (2)

3- قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ- إِلاّ عِبادَكَ مِنْهُمُ اَلْمُخْلَصِينَ. (3)

4- وَ ما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اَللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ اَلدِّينَ حُنَفاءَ وَ يُقِيمُوا اَلصَّلاةَ وَ يُؤْتُوا اَلزَّكاةَ وَ ذلِكَ دِينُ اَلْقَيِّمَةِ. (4)

أقول:

إنّ في كثير من الآيات مدح اللّه أنبيائه عليهم السّلام بالإخلاص.

ص:235


1- -الكهف:110
2- الزمر:2 و 3
3- ص:82 و 83
4- البيّنة:5
الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً (1)قال: ليس يعني أكثر عملا و لكن أصوبكم عملا، و إنّما الإصابة خشية اللّه و النيّة الصادقة و الحسنة، ثمّ قال: الإبقاء على العمل حتّى يخلص أشدّ من العمل، و العمل الخالص: الذي لا تريد أن يحمدك عليه أحد إلاّ اللّه عزّ و جلّ، و النيّة أفضل من العمل، ألا و إنّ النيّة هي العمل، ثمّ تلا قوله عزّ و جلّ: قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ (2)يعني على نيّته. (3)

بيان:

في المرآة ج 7 ص 81: قال الشيخ البهائيّ رحمه اللّه: الخالص في اللغة كلّما صفا و تخلّص و لم يمتزج بغيره، سواء كان ذلك الغير أدون منه أو لا، فمن تصدّق لمحض الرياء فصدقته خالصة لغة، كمن تصدّق لمحض الثواب، و قد خصّ العمل الخالص في العرف بما تجرّد قصد التقرّب فيه عن جميع الشوائب، و هذا التجريد يسمّى إخلاصا.

و قد عرّفه أصحاب القلوب بتعريفات اخر، فقيل: هو تنزيه العمل عن أن يكون لغير اللّه فيه نصيب، و قيل: إخراج الخلق عن معاملة الحقّ، و قيل: ستر العمل عن الخلائق و تصفيته عن العلائق، و قيل: أن لا يريد عامله عليه عوضا في الدارين، و هذه درجة عليّة عزيزة المنال، و قد أشار إليها أمير المؤمنين عليه السّلام بقوله: «ما عبدتك خوفا من نارك و لا طمعا في جنّتك و لكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك» .

ص:236


1- -الملك:2
2- الإسراء:84
3- الكافي ج 2 ص 13 باب الإخلاص ح 4

و في جامع السعادات ج 2 ص 413: ضدّ الرياء: الإخلاص، و هو تجريد القصد عن الشوائب كلّها، فمن عمل طاعة رياء فهو مراء مطلق، و من عملها و انضمّ إلى قصد القربة قصد غرض دنيويّ انضماما غير مستقلّ فعمله مشوب غير خالص، كقصد الانتفاع بالحمية من الصوم. . . فالإخلاص تخليص العمل عن هذه الشوائب كلّها كثيرها و قليلها، و المخلص: من يكون عمله لمحض التقرّب إلى اللّه سبحانه، من دون قصد شيء آخر أصلا.

ثمّ أعلى مراتب الإخلاص-و هو الإخلاص المطلق و إخلاص الصدّيقين-إرادة محض وجه اللّه سبحانه من العمل، دون توقّع غرض في الدارين و لا يتحقّق إلاّ لمحبّ للّه تعالى مستهترا به، مستغرق الهمّ بعظمته و جلاله بحيث لم يكن ملتفتا إلى الدنيا مطلقا. و أدناها-و هو الإخلاص الإضافي-قصد الثواب و الاستخلاص من العذاب.

و قد أشار سيّد الرسل صلّى اللّه عليه و آله إلى حقيقة الإخلاص بقوله: «هو أن تقول: ربّي اللّه ثمّ تستقيم كما امرت تعمل للّه، لا تحبّ أن تحمد عليه، أي لا تعبد هواك و نفسك، و لا تعبد إلاّ ربّك، و تستقيم في عبادتك كما أمرت» . و هذا اشارة إلى قطع ما سوى اللّه سبحانه عن مجرى النظر، و هو الإخلاص حقّا، و يتوقّف تحصيله على كسر حظوظ النفس و قطع الطمع عن الدنيا و التجرّد في الآخرة، بحيث ما يغلب ذلك على القلب، و التفكّر في صفات اللّه تعالى و أفعاله و الاشتغال بمناجاته حتّى يغلب على قلبه نور جلاله و عظمته و يستولي عليه حبّه و انسه. . .

و قال في ص 415: الإخلاص منزل من منازل الدين، و مقام من مقامات الموقنين، و هو الكبريت الأحمر، و توفيق الوصول إليه من اللّه الأكبر، و لذا ورد في فضيلته ما ورد من الآيات و الأخبار. . .

و قال في ص 418: و من تأمّل في هذه الأخبار و في غيرها ممّا لم يذكر، يعلم أنّ الإخلاص رأس الفضائل و رئيسها، و هو المناط في قبول الأعمال و صحّتها،

ص:237

و لا عبرة بعمل لا إخلاص معه، و لا خلاص من الشيطان إلاّ بالإخلاص، لقوله:

إِلاّ عِبادَكَ مِنْهُمُ اَلْمُخْلَصِينَ و ما ورد في الإسرائيليات من حكاية العابد و الشيطان و الشجرة مشهور و في الكتب مسطور.

2-عن سفيان بن عيينة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: إِلاّ مَنْ أَتَى اَللّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (1)قال: القلب السليم الذي يلقى ربّه و ليس فيه أحد سواه، قال: و كلّ قلب فيه شرك أو شكّ فهو ساقط، و إنّما أرادوا الزهد في الدنيا لتفرغ قلوبهم للآخرة. (2)

بيان:

«أرادوا» : أي الأنبياء و الأوصياء، و في بعض النسخ: "أراد بالزهد"أي أراد اللّه، و الباء زائدة.

3-عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام كان يقول: طوبى لمن أخلص للّه العبادة و الدعاء و لم يشغل قلبه بما ترى عيناه و لم ينس ذكر اللّه بما تسمع اذناه و لم يحزن صدره بما أعطي غيره. (3)

4-قال أبو جعفر عليه السّلام: ما أخلص العبد الإيمان باللّه عزّ و جلّ أربعين يوما -أو قال: ما أجمل عبد ذكر اللّه عزّ و جلّ أربعين يوما-إلاّ زهّده اللّه عزّ و جلّ في الدنيا و بصّره داءها و دواءها فأثبت الحكمة في قلبه و أنطق بها لسانه. . . (4)

أقول:

قد مرّ في باب الحكمة عن الرضا عليه السّلام: ما أخلص عبد للّه أربعين صباحا إلاّ جرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه.

ص:238


1- -الشعراء:89
2- الكافي ج 2 ص 13 ح 5
3- الكافي ج 2 ص 13 ح 3
4- الكافي ج 2 ص 14 ح 6

5-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ المؤمن يخشع له كلّ شيء، و يهابه كلّ شيء، ثمّ قال: إذا كان مخلصا للّه أخاف اللّه منه كلّ شيء حتّى هوامّ الأرض و سباعها و طير السماء. (1)

6-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه لا ينظر إلى صوركم و أعمالكم و إنّما ينظر إلى قلوبكم و نيّاتكم. (2)

7-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ لكلّ حقّ حقيقة، و ما بلغ عبد حقيقة الإخلاص حتّى لا يحبّ أن يحمد على شيء من عمل اللّه. (3)

8-عن سيّدة النساء الزهراء عليها السّلام: من أصعد إلى اللّه خالص عبادته أهبط اللّه عزّ و جلّ إليه أفضل مصلحته. (4)

9-قال الباقر عليه السّلام: لا يكون العبد عابدا للّه حقّ عبادته حتّى ينقطع عن الخلق كلّهم إليه فحينئذ يقول: هذا خالص لي فيقبله بكرمه. (5)

10-و قال الصادق عليه السّلام: ما أنعم اللّه عزّ و جلّ على عبد أجلّ من أن لا يكون في قلبه مع اللّه عزّ و جلّ غيره. (6)

11-و عن أبي جعفر الجواد عليه السّلام قال: أفضل العبادة الإخلاص. (7)

12-و عن العسكري عليه السّلام: لو جعلت الدنيا كلّها لقمة واحدة لقّمتها من يعبد اللّه مخلصا [خالصا]لرأيت أنّي مقصّر في حقّه، و لو منعت الكافر منها حتّى

ص:239


1- -جامع الأخبار ص 100 ف 56
2- جامع الأخبار ص 100
3- عدّة الداعي ص 203 في ب 4
4- عدّة الداعي ص 218
5- عدّة الداعي ص 219
6- عدّة الداعي ص 219
7- عدّة الداعي ص 219

يموت جوعا و عطشا ثمّ أذقته شربة من الماء لرأيت أنّي قد أسرفت. (1)

13-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: جاء جبرئيل عليه السّلام إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال: يا رسول اللّه، إنّ اللّه تبارك و تعالى أرسلني إليك بهديّة لم يعطها أحدا قبلك، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: قلت: و ما هي؟ قال: الصبر و أحسن منه، قلت: و ما هو؟ قال: الرضا و أحسن منه، قلت: و ما هو؟ قال: الزهد و أحسن منه، قلت: و ما هو؟ قال الإخلاص. . .

قلت: يا جبرئيل، فما تفسير الإخلاص؟ قال: المخلص الذي لا يسأل الناس شيئا حتّى يجد، و إذا وجد رضي، و إذا بقي عنده شيء أعطاه في اللّه، فإنّ من لم يسأل المخلوق فقد أقرّ للّه عزّ و جلّ بالعبوديّة و إذا وجد فرضي فهو عن اللّه راض و اللّه تبارك و تعالى عنه راض، و إذا أعطى للّه عزّ و جلّ فهو على حدّ الثقة بربّه عزّ و جلّ. . . (2)

14-في خبر شمعون عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: و أمّا علامة المخلص فأربعة: يسلم قلبه و تسلم جوارحه و بذل خيره و كفّ شرّه. (3)

15-في حكم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: أوصاني ربّي بتسع: أوصاني بالإخلاص في السرّ و العلانية، و العدل في الرضا و الغضب، و القصد في الفقر و الغنى، و أن أعفو عمّن ظلمني، و أعطي من حرمني، و أصل من قطعني، و أن يكون صمتي فكرا، و منطقي ذكرا، و نظري عبرا. (4)

16-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إذا كان يوم القيامة نادى مناد يسمع أهل الجمع:

أين الذين كانوا يعبدون الناس؟ ! قوموا خذوا أجوركم ممّن عملتم له، فإنّي

ص:240


1- -عدّة الداعي ص 219
2- معاني الأخبار ص 247 باب معنى التوكّل. . .
3- تحف العقول ص 22
4- تحف العقول ص 31

لا أقبل عملا خالطه شيء من الدنيا و أهلها. (1)

17-فيما كتب أمير المؤمنين عليه السّلام إلى بعض عمّاله: و آمره أن لا يعمل بشيء من طاعة اللّه فيما ظهر فيخالف إلى غيره فيما أسرّ، و من لم يختلف سرّه و علانيته و فعله و مقالته فقد أدّى الأمانة و أخلص العبادة. (2)

18-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في حديث) :

و بالإخلاص يكون الخلاص. (3)

أقول:

سيأتيك ما عن الغرر من «غاية الإخلاص الخلاص» .

19-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه: حَنِيفاً مُسْلِماً قال: خالصا مخلصا لا يشوبه شيء. (4)

20-عن إسماعيل بن يسار قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ ربّكم لرحيم، يشكر القليل، إنّ العبد ليصلّي ركعتين يريد بهما وجه اللّه عزّ و جلّ، فيدخله اللّه بهما الجنّة. . . (5)

21-عن عليّ بن سالم قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: قال اللّه عزّ و جلّ: أنا خير شريك، من أشرك معي غيري في عمل لم أقبله إلاّ ما كان لي خالصا. (6)

22-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: ما بين الحقّ و الباطل إلاّ قلّة العقل، قيل:

ص:241


1- -مشكوة الأنوار ص 312 ب 8 ف 3
2- نهج البلاغة ص 884 في ر 26
3- الوسائل ج 1 ص 59 ب 8 من مقدّمة العبادات ح 2
4- الوسائل ج 1 ص 60 ح 7
5- الوسائل ج 1 ص 61 ح 8
6- الوسائل ج 1 ص 61 ح 9

و كيف ذلك يا بن رسول اللّه؟ قال: إنّ العبد ليعمل العمل الذي هو للّه رضا فيريد به غير اللّه، فلو أنّه أخلص للّه لجاءه الذي يريد في أسرع من ذلك. (1)

23-عن عقبة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: اجعلوا أمركم هذا للّه، و لا تجعلوه للناس، فإنّه ما كان للّه فهو للّه، و ما كان للناس فلا يصعد إلى اللّه. (2)

بيان:

في المرآة: «أمركم هذا» أي التشيّع.

أقول: أي اجعلوا ولايتكم و محبّتكم و أعمالكم الحسنة جميعا للّه تعالى.

24-عن حذيفة بن اليمان قال: سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن الإخلاص فقال: سألته عن جبرئيل فقال: سألته عن اللّه تعالى، فقال: الإخلاص سرّ من سرّي أودعه في قلب من أحببته. (3)

25-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الدنيا كلّها جهل إلاّ مواضع العلم، و العلم كلّه حجّة إلاّ ما عمل به، و العمل كلّه رياء إلاّ ما كان مخلصا، و الإخلاص على خطر حتّى ينظر العبد بما يختم له. (4)

26-عن رجل عن معاذ بن جبل قال: قلت: حدّثني بحديث سمعته من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حفظته و ذكرته في كلّ يوم من دقّة ما حدّثك به، قال: نعم و بكى معاذ، فقلت: اسكت، فسكت ثمّ نادى: بأبي و أمّي حدّثني و أنا رديفه قال:

فبينا نسير إذ يرفع بصره إلى السماء فقال: «الحمد للّه الذي يقضي في خلقه ما أحبّ» قال: يا معاذ، قلت: لبّيك يا رسول اللّه، إمام الخير و نبيّ الرحمة، فقال:

أحدّثك ما حدّث نبيّ أمّته، إن حفظته نفعك عيشك، و إن سمعته و لم تحفظه انقطعت

ص:242


1- -الوسائل ج 1 ص 61 ح 11
2- الوسائل ج 1 ص 71 ب 12 ح 5
3- المستدرك ج 1 ص 101 ب 8 من مقدّمة العبادات ح 9
4- البحار ج 70 ص 242 باب الإخلاص ح 9

حجّتك عند اللّه.

ثمّ قال: إنّ اللّه خلق سبعة أملاك قبل أن يخلق السماوات، فجعل في كلّ سماء ملكا قد جلّلها بعظمته، و جعل على كلّ باب منها ملكا بوّابا، فتكتب الحفظة عمل العبد من حين يصبح إلى حين يمسي، ثمّ ترتفع الحفظة بعمله، له نور كنور الشمس حتّى إذا بلغ سماء الدنيا، فيزكّيه و يكثره فيقول له: قف فاضرب بهذا العمل وجه صاحبه أنا ملك الغيبة فمن اغتاب لا أدع عمله يجاوزني إلى غيري أمرني بذلك ربّي.

قال: ثمّ يجييء من الغد معه عمل صالح فيمرّ به و يزكّيه و يكثره حتّى يبلغ السماء الثانية فيقول الملك الذي في السماء الثانية: قف فاضرب بهذا العمل وجه صاحبه، إنّما أراد بهذا العمل غرض الدنيا أنا صاحب الدنيا لا أدع عمله يتجاوزني إلى غيري.

قال: ثمّ يصعد بعمل العبد مبتهجا بصدقة و صلاة فتعجب الحفظة و يجاوزه إلى السماء الثالثة فيقول الملك: قف فاضرب بهذا العمل وجه صاحبه و ظهره، أنا ملك صاحب الكبر، فيقول: إنّه عمل تكبّر فيه على الناس في مجالسهم، أمرني ربّي أن لا أدع عمله يتجاوزني إلى غيري.

قال: و تصعد الحفظة بعمل العبد يزهر كالكوكب الدريّ في السماء، له دويّ بالتسبيح و الصوم و الحجّ فيمرّ به إلى ملك السماء الرابعة فيقول له: قف فاضرب بهذا العمل وجه صاحبه و بطنه، أنا ملك العجب فإنّه كان يعجب بنفسه و إنّه عمل و أدخل نفسه العجب أمرني ربّي لا أدع عمله يتجاوزني إلى غيري و أضرب به وجه صاحبه.

قال: و تصعد الحفظة بعمل العبد كالعروس المزفوفة إلى أهلها فيمرّ به إلى ملك السماء الخامسة بالجهاد و الصلاة ما بين الصلاتين، و لذلك رنين كرنين الإبل عليه ضوء كضوء الشمس، فيقول الملك: قف أنا ملك الحسد، فاضرب بهذا العمل

ص:243

وجه صاحبه و تحمّله على عاتقه [إنّه كان يحسد من يتعلّم و يعمل للّه بطاعته، فإذا رأى لأحد فضلا في العمل و العبادة حسده و وقع فيه فيحمله على عاتقه]و يلعنه عمله.

قال: و تصعد الحفظة فيمرّ بهم إلى ملك السماء السادسة فيقول الملك: قف أنا صاحب الرحمة، اضرب بهذا العمل وجه صاحبه، و اطمس عينيه لأنّ صاحبه لم يرحم شيئا إذا أصاب عبدا من عباد اللّه ذنبا للآخرة أو ضرّا في الدنيا يشمت به، أمرني ربّي أن لا أدع عمله يجاوزني إلى غيري.

و قال: و تصعد الحفظة بعمل العبد أعمالا بفقه و اجتهاد و ورع، له صوت كالرعد وضوء كضوء البرق، و معه ثلاثة آلاف ملك فيمرّ بهم إلى ملك السماء السابعة فيقول الملك: قف و اضرب بهذا العمل وجه صاحبه، أنا ملك الحجاب أحجب كلّ عمل ليس للّه، إنّه أراد رفعة عند القوّاد، و ذكرا في المجالس و صوتا في المدائن، أمرني ربّي أن لا أدع عمله يجاوزني إلى غيري ما لم يكن خالصا.

قال: و تصعد الحفظة بعمل العبد مبتهجا به من خلق حسن، و صمت و ذكر كثير، تشيّعه ملائكة السماوات السبعة بجماعتهم، فيطؤون الحجب كلّها حتّى يقوموا بين يديه فيشهدوا له بعمل صالح و دعاء، فيقول اللّه: أنتم حفظة، عمل عبدي و أنا رقيب على ما نفسه عليه، لم يردني بهذا العمل، عليه لعنتي، فيقول الملائكة: عليه لعنتك و لعنتنا.

قال: ثمّ بكى معاذ و قال: قلت: يا رسول اللّه، ما أعمل؟ قال: اقتد بنبيّك- يا معاذ-في اليقين، قال: قلت: إنّك أنت رسول اللّه و أنا معاذ بن جبل قال: و إن كان في عملك تقصير يا معاذ فاقطع لسانك عن إخوانك، و عن حملة القرآن، و لتكن ذنوبك عليك لا تحملها على إخوانك، و لا تزكّ نفسك بتذميم إخوانك، و لا ترفع نفسك بوضع إخوانك، و لا تراء بعملك، و لا تدخل من الدنيا في الآخرة، و لا تفحّش في مجلسك لكي يحذروك بسوء خلقك، و لا تناج مع رجل و عندك

ص:244

آخر، و لا تتعظّم على الناس فيقطع عنك خيرات الدنيا، و لا تمزّق الناس فتمزّقك كلاب أهل النار، قال اللّه: وَ اَلنّاشِطاتِ نَشْطاً أ تدري ما الناشطات؟ كلاب أهل النار، تنشط اللحم و العظم.

قلت: من يطيق هذه الخصال؟ قال: يا معاذ، أما إنّه يسير على من يسّر اللّه عليه.

قال: و ما رأيت معاذا يكثر تلاوة القرآن كما يكثر تلاوة هذا الحديث. (1)

27-و قد ورد في طريق العامّة عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أخلص قلبك يكفك القليل من العمل. (2)

أقول:

و عنه صلّى اللّه عليه و آله: أخلص دينك يكفيك القليل من العمل.

28-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه: يا أبا ذرّ، لا يفقه الرجل كلّ الفقه حتّى يرى الناس في جنب اللّه تبارك و تعالى أمثال الأباعر، ثمّ يرجع إلى نفسه فيكون هو أحقر حاقر لها. (3)

29-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لابن مسعود: يا بن مسعود، إذا عملت عملا فاعمل للّه خالصا، لأنّه لا يقبل من عباده الأعمال إلاّ ما كان خالصا، فإنّه يقول:

وَ ما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى- إِلاَّ اِبْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ اَلْأَعْلى- وَ لَسَوْفَ يَرْضى. (4) (5)

30-في خطبة الوسيلة عن عليّ عليه السّلام: تصفية العمل أشدّ من العمل،

ص:245


1- -البحار ج 70 ص 246 ح 20
2- البحار ج 73 ص 175
3- البحار ج 77 ص 85
4- الليل:19 إلى 21
5- البحار ج 77 ص 105

و تخليص النيّة عن الفساد أشدّ على العاملين من طول الجهاد. (1)

و قال عليه السّلام: طوبى لمن أخلص للّه عمله و عمله و حبّه و بغضه و أخذه و تركه و كلامه و صمته و فعله و قوله. لا يكون المسلم مسلما حتّى يكون ورعا، و لن يكون ورعا حتّى يكون زاهدا، و لن يكون زاهدا حتّى يكون حازما، و لن يكون حازما حتّى يكون عاقلا، و ما العاقل إلاّ من عقل عن اللّه و عمل للدار الآخرة. و صلّى اللّه على محمّد النبيّ و على أهل بيته الطاهرين. (2)

أقول:

سيأتي ما يناسب المقام في بابي الرياء و النيّة.

و في الحديث القدسيّ س 33: يا بن آدم، تريد و أريد و لا يكون إلاّ ما أريد فمن قصدني عرفني و من عرفني أرادني و من أرادني طلبني و من طلبني وجدني و من وجدني خدمني و من خدمني ذكرني و من ذكرني ذكرته برحمتي.

يا بن آدم، لا يخلص عملك حتّى تذوق أربع موتات: الموت الأحمر و الموت الأصفر و الموت الأسود و الموت الأبيض.

الموت الأحمر؛ احتمال الجفاء و كفّ الأذى، و الموت الأصفر؛ الجوع و الإعسار، و الموت الأسود؛ مخالفة النفس و الهوى، فلا تتّبع الهوى فيضلّك عن سبيل اللّه، و الموت الأبيض؛ العزلة.

31-قال الصادق عليه السّلام: الإخلاص يجمع فواضل الأعمال و هو معنى مفتاحه القبول و توقيعه الرضا، فمن تقبّل اللّه منه و يرضى عنه فهو المخلص و إن قلّ عمله و من لا يتقبّل اللّه منه فليس بمخلص و إن كثر عمله، اعتبارا بآدم عليه السّلام و إبليس. . . و أدنى حدّ الإخلاص بذل العبد طاقته ثمّ لا يجعل لعمله عند اللّه

ص:246


1- -البحار ج 77 ص 290
2- البحار ج 77 ص 291

قدرا فيوجب به على ربّه مكافاة بعمله، لعلمه أنّه لو طالبه بوفاء حقّ العبوديّة لعجز، و أدنى مقام المخلص في الدنيا السلامة من جميع الآثام و في الآخرة النجاة من النار و الفوز بالجنّة. (1)

32-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الإخلاص غاية. (الغرر ج 1 ص 7 ف 1 ح 96)

الإخلاص خير العمل. (ص 14 ح 357)

الإخلاص شيمة أفاضل الناس. (ص 23 ح 649)

الإخلاص أعلى فوز. (ح 672)

الإخلاص عبادة المقرّبين. (ص 25 ح 718)

الإخلاص غاية الدين. (ص 26 ح 777)

الإخلاص أشرف النهاية. (ص 30 ح 901)

الإخلاص ثمرة اليقين-الإخلاص ملاك العبادة. (ح 903 و 909)

الإخلاص أعلى الإيمان. (ح 910)

الإيمان إخلاص العمل. (ح 923)

أمارات السعادة إخلاص العمل. (ص 43 ح 1276)

إخلاص العمل من قوّة اليقين و صلاح النيّة. (ص 47 ح 1348)

العمل كلّه هباء إلاّ ما أخلص فيه. (ص 51 ح 1442)

الإخلاص خطر عظيم حتّى ينظر بما يختم له. (ص 59 ح 1596)

الزهد تقصير الآمال و إخلاص الأعمال. (ص 76 ح 1867)

العبادة الخالصة أن لا يرجو الرجل إلاّ ربّه، و لا يخاف إلاّ ذنبه.

(ص 99 ح 2150)

ص:247


1- -مصباح الشريعة ص 52 ب 76

أين الذين أخلصوا أعمالهم للّه و طهّروا قلوبهم لمواضع نظر اللّه تعالى؟ (ص 172 ف 7 ح 30)

أصل الإخلاص اليأس عمّا في أيدي الناس. (ص 188 ف 8 ح 262)

أوّل الإخلاص اليأس عمّا في أيدي الناس. (ص 205 ح 465)

إنّك لن يتقبّل من عملك إلاّ ما أخلصت فيه و لم تشبه بالهوى و أسباب الدنيا. (ص 285 ف 13 ح 2)

آفة العمل ترك الإخلاص فيه. (ص 307 ف 16 ح 36)

بالإخلاص ترفع الأفعال. (ص 332 ف 18 ح 64)

بالإخلاص يتفاضل العمّال. (ص 333 ح 81)

تصفية العمل أشدّ من العمل. (ص 347 ف 22 ح 11)

خير العمل ما صحبه الإخلاص. (ص 388 ف 29 ح 25)

سادة أهل الجنّة المخلصون. (ص 434 ف 39 ح 42)

صفتان لا يقبل اللّه سبحانه الأعمال إلاّ بها: التقى و الإخلاص.

(ص 460 ف 44 ح 77)

طوبى لمن أخلص للّه عمله و علمه و حبّه و بغضه و أخذه و تركه و كلامه و صمته. (ج 2 ص 467 ف 46 ح 28)

عليك بالإخلاص فإنّه سبب قبول الأعمال و شرف الطاعة.

(ص 479 ف 49 ح 33)

عليكم بصدق الإخلاص و حسن اليقين، فإنّهما أفضل عبادة المقرّبين.

(ص 485 ف 50 ح 10)

عند تحقّق الإخلاص تستنير الضمائر. (ص 490 ف 52 ح 12)

غاية اليقين الإخلاص. (ص 503 ف 56 ح 2)

غاية الإخلاص الخلاص. (ح 3)

ص:248

في الإخلاص تنافس أولي النهى و الألباب. (ص 513 ف 58 ح 52)

فاز بالسعادة من أخلص العبادة. (ص 519 ف 59 ح 57)

كيف يستطيع الإخلاص من بقلبه الهوى؟ ! (ص 553 ف 64 ح 4)

من أخلص بلغ الآمال. (ص 612 ف 77 ح 37)

من رغب فيما عند اللّه أخلص عمله. (ص 625 ح 300)

من أخلص النيّة تنزّه عن الدنيّة. (ص 656 ح 788)

من لم يصحب الإخلاص عمله لم يقبل. (ص 703 ح 1341)

من كمال العمل حسن الإخلاص فيه. (ص 725 ف 78 ح 12)

ملاك العمل الإخلاص فيه. (ص 758 ف 80 ح 13)

مع الإخلاص ترفع الأعمال. (ح 25)

ملوك الجنّة الأتقياء [و]المخلصون. (ص 763 ح 106)

لا يدرك أحد رفعة الآخرة إلاّ بإخلاص العمل، و تقصير الأمل، و لزوم التقوى. (ص 854 ف 86 ح 427)

ص:249

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393734352C22426F6F6B4944223A31363731392C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3235302C2253686F77506167654E756D223A22323530222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030322F424B31353931344730303253312F424B3135393134473030325331503235302E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

54- حسن الخلق و سوءه

الآيات

1- فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اَللّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَ لَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ اَلْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَ اِسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَ شاوِرْهُمْ فِي اَلْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اَللّهِ إِنَّ اَللّهَ يُحِبُّ اَلْمُتَوَكِّلِينَ. (1)

2- وَ إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ. (2)

الأخبار

1-عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا. (3)

بيان:

في المرآة ج 8 ص 166: الخلق بالضمّ يطلق على الملكات و الصفات الراسخة في النفس حسنة كانت أم قبيحة و هي في مقابلة الأعمال، و يطلق حسن الخلق

ص:251


1- -آل عمران:159
2- القلم:4
3- الكافي ج 2 ص 81 باب حسن الخلق ح 1

غالبا على ما يوجب حسن المعاشرة و مخالطة الناس بالجميل. . .

2-عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما يوضع في ميزان امرئ يوم القيامة أفضل من حسن الخلق. (1)

3-عن عنبسة العابد قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما يقدم المؤمن على اللّه عزّ و جلّ بعمل بعد الفرائض أحبّ إلى اللّه تعالى من أن يسع الناس بخلقه. (2)

4-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ صاحب الخلق الحسن له مثل أجر الصائم القائم. (3)

5-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أكثر ما تلج به أمّتي الجنّة تقوى اللّه و حسن الخلق. (4)

بيان:

«الولوج» : الدخول.

6-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ الخلق الحسن يميث الخطيئة كما تميث الشمس الجليد. (5)

بيان:

«يميث» : أي يذيب. «الجليد» : الماء الجامد من البرد.

7-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: البرّ و حسن الخلق يعمران الديار و يزيدان في الأعمار. (6)

ص:252


1- -الكافي ج 2 ص 81 ح 2
2- الكافي ج 2 ص 82 ح 4
3- الكافي ج 2 ص 82 ح 5
4- الكافي ج 2 ص 82 ح 6
5- الكافي ج 2 ص 82 ح 7-و بمضمونه ح 9
6- الكافي ج 2 ص 82 ح 8

8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ اللّه تبارك و تعالى ليعطي العبد من الثواب على حسن الخلق كما يعطي المجاهد في سبيل اللّه، يغدو عليه و يروح. (1)

بيان:

«يغدو. . .» : حال عن المجاهد و كناية عن استمراره في الجهاد في أوّل النهار و آخره، فإنّ الغدوّ أوّل النهار و الرواح آخره.

9-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخلّ العسل. (2)

بيان:

في المرآة ج 10 ص 260: سوء الخلق وصف للنفس يوجب فسادها و انقباضها و تغيّرها على أهل الخلطة و المعاشرة، و إيذائهم بسبب ضعيف أو بلا سبب، و رفض حقوق المعاشرة و عدم احتمال ما لا يوافق طبعه منهم، و قيل: هو كما يكون مع الخلق يكون مع الخالق أيضا، بعدم تحمّل ما لا يوافق طبعه من النوائب، و الاعتراض عليه.

و مفاسده و آفاته في الدنيا و الدين كثيرة منها: أنّه يفسد العمل بحيث لا يترتّب عليه ثمرته المطلوبة منه «كما يفسد الخلّ العسل» و هو تشبيه المعقول بالمحسوس، و إذا أفسد العمل أفسد الإيمان كما سيأتي.

10-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أبى اللّه عزّ و جلّ لصاحب الخلق السيّء بالتوبة، قيل: و كيف ذاك يا رسول اللّه؟ قال: لأنّه إذا تاب من ذنب وقع في ذنب أعظم منه. (3)

ص:253


1- -الكافي ج 2 ص 83 ح 12
2- الكافي ج 2 ص 242 باب سوء الخلق ح 1
3- الكافي ج 2 ص 242 ح 2

11-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من ساء خلقه عذّب نفسه. (1)

12-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ سوء الخلق ليفسد الإيمان كما يفسد الخلّ العسل. (2)

13-في مواعظ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: سوء الخلق شوم. (3)

14-و قال صلّى اللّه عليه و آله: أفضلكم إيمانا أحسنكم أخلاقا. (4)

15-و قال صلّى اللّه عليه و آله: حسن الخلق يثبت المودّة. (5)

16-و قال صلّى اللّه عليه و آله: خياركم أحسنكم أخلاقا الذين يألفون و يؤلفون. (6)

17-و قال صلّى اللّه عليه و آله: حسن الخلق يبلغ بصاحبه درجة الصائم الصائم، فقيل له:

ما أفضل ما أعطي العبد؟ قال: حسن الخلق. (7)

18-و قال صلّى اللّه عليه و آله: أقربكم منّي غدا في الموقف أصدقكم للحديث، و آداكم للأمانة، و أوفاكم بالعهد، و أحسنكم خلقا، و أقربكم من الناس. (8)

19-في مواعظ أمير المؤمنين عليه السّلام: حسن الخلق خير قرين، و عنوان صحيفة المؤمن حسن خلقه. (9)

20-في مواعظ الصادق عليه السّلام: حسن الخلق من الدين، و هو يزيد

ص:254


1- -الكافي ج 2 ص 242 ح 4
2- الكافي ج 2 ص 242 ح 3
3- تحف العقول ص 37
4- تحف العقول ص 37
5- تحف العقول ص 38
6- تحف العقول ص 38
7- تحف العقول ص 38
8- تحف العقول ص 38
9- تحف العقول ص 141

في الرزق. (1)

21-في مواعظ موسى بن جعفر عليهما السّلام: السخيّ الحسن الخلق في كنف اللّه، لا يتخلّى اللّه عنه حتّى يدخله الجنّة، و ما بعث اللّه نبيّا إلاّ سخيّا، و ما زال أبي يوصيني بالسخاء و حسن الخلق حتّى مضى. (2)

22-عن الرضا، عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: عليكم بحسن الخلق فإنّ حسن الخلق في الجنّة لا محالة، و إيّاكم و سوء الخلق فإنّ سوء الخلق في النار لا محالة. (3)

23-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: حسن الخلق نصف الدين. (4)

24-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: اللحم ينبت اللحم، و من تركه أربعين يوما ساء خلقه، و من ساء خلقه فأذّنوا في اذنه. (5)

أقول:

في البحار ج 62 ص 277: روي عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال: من ساء خلقه فأذّنوا في أذنه.

25-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: ما عمل أثقل في الميزان من حسن الخلق، و إنّ العبد ليدرك بحسن الخلق درجة الصالحين. (6)

26-و قال صلّى اللّه عليه و آله: لا يلقى اللّه عبد بمثل خصلتين: طول الصمت و حسن

ص:255


1- -تحف العقول ص 275
2- تحف العقول ص 304
3- الوسائل ج 12 ص 152 ب 104 من العشرة ح 17
4- الوسائل ج 12 ص 154 ح 27
5- الوسائل ج 24 ص 395 ب 88 من آداب المائدة
6- المستدرك ج 8 ص 447 ب 87 من العشرة ح 20

الخلق. (1)

27-و قال صلّى اللّه عليه و آله: من سعادة المرء حسن الخلق، و من شقاوته سوء الخلق. (2)

28-عن أمير المؤمنين عليه السّلام، أنّه سئل عن أدوم الناس غمّا؟ قال: أسوؤهم خلقا. (3)

29-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (في حديث) : و سوء الخلق زمام من عذاب اللّه في أنف صاحبه، و الزمام بيد الشيطان يجرّه إلى الشرّ، و الشرّ يجرّه إلى النار. (4)

30-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم. (5)

31-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أفضل الناس إيمانا أحسنهم خلقا.

و قال أمير المؤمنين عليه السّلام لنوف: يا نوف، صل رحمك يزيد اللّه في عمرك، و حسّن خلقك يخفّف اللّه حسابك. (6)

32-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ أحبّكم إليّ و أقربكم منّي يوم القيامة مجلسا أحسنكم خلقا و أشدّكم تواضعا و إنّ أبعدكم منّي يوم القيامة الثرثارون و هم المستكبرون.

قال: و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أوّل ما يوضع في ميزان العبد يوم القيامة حسن

ص:256


1- -المستدرك ج 8 ص 447 ح 22
2- المستدرك ج 8 ص 447 ح 24
3- المستدرك ج 12 ص 76 ب 69 من جهاد النفس ح 12(جامع الأخبار ص 107 ف 64)
4- المستدرك ج ص 76 ح 11
5- البحار ج 71 ص 383 باب حسن الخلق ح 19
6- البحار ج 71 ص 383 ح 20

خلقه. (1)

33-عن ابن محبوب عن بعض أصحابنا قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

ما حدّ حسن الخلق؟ قال: تليّن جانبك و تطيّب كلامك، و تلقى أخاك ببشر حسن. (2)

34-. . . قيل لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ فلانة تصوم النهار و تقوم الليل و هي سيّئة الخلق تؤذي جيرانها بلسانها، فقال: لا خير فيها هي من أهل النار. (3)

35-و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: حسن الخلق في ثلاث: اجتناب المحارم، و طلب الحلال، و التوسّع على العيال.

و قال بعضهم: أن لا يكون لك همّة إلاّ اللّه. (4)

36-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا أراد اللّه بأهل بيت خيرا رزقهم الرفق في المعيشة و حسن الخلق. (5)

37-ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أتى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رجل فقال: إنّ فلانا مات فحفرنا له فامتنعت الأرض، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

إنّه كان سيّئ الخلق. (6)

38-. . . قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ربّ عزيز أذلّه خلقه، و ذليل أعزّه خلقه. (7)

ص:257


1- -البحار ج 71 ص 385 ح 26
2- البحار ج 71 ص 389 ح 42
3- البحار ج 71 ص 394 ح 63
4- البحار ج 71 ص 394 ح 63
5- البحار ج 71 ص 394 ح 67
6- البحار ج 71 ص 395 ح 75
7- البحار ج 71 ص 396 ح 79

39-عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: خصلتان لا تجتمعان في مسلم: البخل و سوء الخلق. (1)

أقول:

يأتي في باب النفاق عن الصادق عليه السّلام: لا يجمع اللّه لمنافق و لا فاسق حسن السمت و الفقه و حسن الخلق أبدا.

40-في كلم أمير المؤمنين عليه السّلام قال: . . . في سعة الأخلاق كنوز الأرزاق. (2)

41-عن ابن عبّاس قال: قال موسى عليه السّلام: يا ربّ، إنّك أمهلت فرعون أربعمأة سنة و هو يقول: أنا ربّكم الأعلى، و يجحد رسلك و يكذّب بآياتك، فأوحى اللّه تعالى إليه: إنّه كان حسن الخلق، سهل الحجاب، فأحببت أن أكافيه. (3)

42-قال الصادق عليه السّلام: الخلق الحسن جمال في الدنيا و نزهة في الآخرة، و به كمال الدين، و القربة إلى اللّه تعالى، و لا يكون حسن الخلق إلاّ في كلّ نبيّ و وليّ و وصيّ (و صفيّ ف ن) لأنّ اللّه تعالى أبى أن يترك ألطافه و حسن الخلق إلاّ في مطايا نوره الأعلى و جماله الأزكى لأنّها خصلة يختصّ بها الأعرفين به، و لا يعلم ما في حقيقة حسن الخلق إلاّ اللّه عزّ و جلّ.

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: حاتم زماننا حسن الخلق، و الخلق الحسن ألطف شيء في الدين و أثقل شيء في الميزان، و سوء الخلق يفسد العمل كما يفسد الخلّ العسل، و إن ارتقى في الدرجات فمصيره إلى الهوان.

قال (رسول اللّه) صلّى اللّه عليه و آله: حسن الخلق شجرة في الجنّة و صاحبه متعلّق بغصنها

ص:258


1- -البحار ج 73 ص 297 باب سوء الخلق ح 5
2- البحار ج 78 ص 53- الغرر ج 2 ص 514 ف 58 ح 71
3- مجمع البيان: ج 10 ص 432

يجذبه إليها، و سوء الخلق شجرة في النار و صاحبه متعلّق بغصنها يجذبه إليها. (1)

43-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

أطهر الناس أعراقا أحسنهم أخلاقا. (الغرر ج 1 ص 185 ف 8 ح 206)

أرضى الناس من كانت أخلاقه رضيّة. (ص 187 ح 246)

حسن الخلق للنفس و حسن الخلق للبدن. (ص 376 ف 27 ح 6)

حسن الخلق أفضل الدين. (ح 7)

حسن الخلق خير قرين و العجب داء دفين. (ص 378 ح 37)

حسن الخلق من أفضل القسم و أحسن الشيم. (ح 39)

حسن الخلق أحد العطائين. (ص 379 ح 48)

حسن الأخلاق برهان كرم الأعراق. (ح 52)

حسن الأخلاق يدرّ الأرزاق و يونس الرفاق. (ح 53)

حسن الخلق رأس كلّ برّ. (ح 54)

حسن الخلق يورث المحبّة و يؤكّد المودّة. (ص 380 ح 61)

سوء الخلق شؤم و الإسائة إلى المحسن لؤم. (ص 433 ف 39 ح 17)

سوء الخلق شرّ قرين. (ح 18)

سوء الخلق يوحش القريب و ينفّر البعيد. (ص 435 ح 44)

سوء الخلق نكد العيش و عذاب النفس. (ص 439 ح 89)

سوء الخلق يوحش النفس و يرفع الانس. (ح 90)

كلّ داء يداوى إلاّ سوء الخلق. (ج 2 ص 546 ف 62 ح 54)

كم من وضيع رفعه حسن خلقه. (ص 552 ف 63 ح 52)

من ساء خلقه عذّب نفسه. (ص 617 ف 77 ح 156)

ص:259


1- -مصباح الشريعة ص 40 ب 61)

من ساء خلقه ملّه أهله. (ص 625 ح 307)

من ساء خلقه ضاق رزقه. (ص 629 ح 378)

ما أعطى اللّه سبحانه العبد شيئا من خير الدنيا و الآخرة إلاّ بحسن خلقه و حسن نيّته. (ص 750 ف 79 ح 217)

نعم الإيمان جميل الخلق. (ص 774 ف 81 ح 67)

و اللّه لا يعذّب اللّه سبحانه مؤمنا إلاّ بسوء ظنّه و سوء خلقه.

(ص 787 ف 83 ح 81)

لا عيش لسيّئ الخلق. (ص 833 ف 86 ح 81)

لا قرين كحسن الخلق. (ص 834 ح 113)

لا سؤدد لسيّئ الخلق. (ص 837 ح 161)

لا عيش أهنأ من حسن الخلق. (ص 846 ح 329)

لا وحشة أوحش من سوء الخلق. (ح 330)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في أبواب الحلم، الحياء و. . . ، و مرّ خبر سعد في باب البرزخ و يأتي في باب الغيرة: إنّه أتى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله باسارى و أمر بقتلهم خلا رجلا لما فيه خصال، منها حسن الخلق.

ص:260

55- مكارم الأخلاق

اشارة

قال اللّه تعالى: وَ إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ. (1)

الأخبار

1-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: المكارم عشر، فإن استطعت أن تكون فيك فلتكن فإنّها تكون في الرجل و لا تكون في ولده، و تكون في الولد و لا تكون في أبيه، و تكون في العبد و لا تكون في الحرّ، قيل: و ما هنّ؟ قال: صدق البأس، و صدق اللسان، و أداء الأمانة، و صلة الرحم، و إقراء الضيف، و إطعام السائل، و المكافاة على الصنايع، و التذمّم للجار، و التذمّم للصاحب، و رأسهنّ الحياء. (2)

أقول:

قد مرّ ما بمعناه في باب الحياء.

بيان: في المرآة ج 7 ص 343: المكارم جمع المكرمة أي الأخلاق و الأعمال الكريمة الشريفة التي توجب كرم المرء و شرافته. «فإن استطعت» : يدلّ على أنّ تحصيل تلك الصفات أو كمالها لا يتيسّر لكلّ أحد، فإنّها من العنايات الربانيّة و المواهب

ص:261


1- -القلم:4
2- الكافي ج 2 ص 46 باب المكارم ح 1

السبحانيّة التابعة للطينات الحسنة الطيّبة، و بيّن عليه السّلام ذلك بقوله: «فإنّها تكون في الرجل و لا تكون في ولده» مع شدّة المناسبة و الخلطة و المعاشرة بينهما و كذا العكس. . .

أقول: سيأتي أنّ طريق تحصيل تلك الصفات يكون بالتضرّع إلى اللّه تعالى.

«صدق البأس» و المراد الشجاعة و الشدّة في الحرب و غيره، أي الشجاعة الحسنة الصادقة في الجهاد في سبيل اللّه، و إظهار الحقّ و النهي عن المنكر، و قيل: من البؤس و الفقر؛ أريد بصدق البأس موافقة خشوع ظاهره و إخباته لخشوع باطنه و إخباته لا يرى التخشّع في الظاهر أكثر ممّا في باطنه، و هو بعيد عن اللفظ.

و في بعض نسخ الكتاب و أمالي الشيخ و غيره بالياء، و المعنى: اليأس عمّا في أيدي الناس و قصر النظر على فضله تعالى و لطفه، و المراد بصدقه هو أن لا يكون صرف الادّعاء دون الحقيقة التي تعرف بالآثار «المكافاة على الصنايع» أي المجازات على الإحسان «التذمّم للجار» في المرآة: في النهاية: التذمّم للصاحب، هو أن يحفظ ذمامه و يطرح عن نفسه ذمّ الناس له إن لم يحفظه. و في القاموس، تذمّم: استنكف، يقال: لو لم أترك الكذب تأثّما لتركته تذمّما، و الحاصل أن يدفع الضرر عمّن يصاحبه سفرا أو حضرا و عمّن يجاوره في البيت أو في المجلس أيضا، أو من أجاره و آمنه خوفا من اللوم و الذمّ، لكنّه مقيّد بما إذا لم ينته إلى الحميّة و العصبيّة بأن يرتكب المعاصي لإعانته. «رأسهنّ الحياء» لأنّ جميع ما ذكر إنّما يحصل و يتمّ بالحياء من اللّه و من الخلق.

2-عن عبد اللّه بن مسكان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ خصّ رسله بمكارم الأخلاق، فامتحنوا أنفسكم، فإن كانت فيكم فاحمدوا اللّه و اعلموا أنّ ذلك من خير و إن لا تكن فيكم فاسألوا اللّه و ارغبوا إليه فيها، قال:

فذكر [ها]عشرة: اليقين و القناعة و الصبر و الشكر و الحلم و حسن الخلق و السخاء و الغيرة و الشجاعة و المروءة.

ص:262

قال: و روى بعضهم بعد هذه الخصال العشرة و زاد فيها: الصدق، و أداء الأمانة. (1)

بيان:

في المرآة، «المروءة» : هي الإنسانيّة، و هي صفات إذا كانت في الإنسان يحقّ أن يسمّى إنسانا. . . في المصباح (المرئ) ، المروّة: آداب نفسانيّة تحمل مراعاتها الإنسان على الوقوف عند محاسن الأخلاق و جميل العادات انتهى.

و قريب منه معنى الفتوّة و يعبّر عنهما بالفارسيّة: مردى و جوانمردى.

أقول: سيأتي معنى خصال العشرة في أبوابها إن شاء اللّه، و مرّ في باب حسن الخلق؛ أنّ الخلق يطلق على الملكات و الصفات الراسخة في النفس.

3-عن عبد اللّه بن بكير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّا لنحبّ من كان عاقلا فهما، فقيها، حليما، مداريا، صبورا، صدوقا، وفيّا. إنّ اللّه عزّ و جلّ خصّ الأنبياء بمكارم الأخلاق، فمن كانت فيه فليحمد اللّه على ذلك و من لم تكن فيه فليتضرّع إلى اللّه عزّ و جلّ و ليسأله إيّاها. قال: قلت: جعلت فداك و ما هنّ؟ قال:

هنّ الورع و القناعة و الصبر و الشكر و الحلم و الحياء و السخاء و الشجاعة و الغيرة و البرّ و صدق الحديث و أداء الأمانة. (2)

4-عن جرّاح المدائني قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: أ لا أحدّثك بمكارم الأخلاق، الصفح عن الناس، و مواساة الرجل أخاه في ماله، و ذكر اللّه كثيرا. (3)

5-عن المفضل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمّد عليه السّلام أنّه قال: عليكم بمكارم الأخلاق، فإنّ اللّه عزّ و جلّ يحبّها، و إيّاكم و مذامّ الأفعال فإنّ اللّه عزّ و جلّ

ص:263


1- -الكافي ج 2 ص 46 ح 2
2- الكافي ج 2 ص 46 ح 3
3- الوسائل ج 15 ص 199 ب 6 من جهاد النفس ح 7

يبغضها. . . (1)

6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ للّه عزّ و جلّ وجوها خلقهم من خلقه و أرضه لقضاء حوائج إخوانهم يرون الحمد مجدا، و اللّه سبحانه يحبّ مكارم الأخلاق، و كان فيما خاطب اللّه نبيّه صلّى اللّه عليه و آله: إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ قال: السخاء و حسن الخلق. (2)

7-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّما بعثت لاتمّم مكارم الأخلاق. (3)

أقول:

في كنز العمّال خ 5218 قال (ص) : إنّما بعثت لاتمّم حسن الأخلاق.

8-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ذلّلوا أخلاقكم بالمحاسن، و قودوها إلى المكارم، و عوّدوها الحلم، و اصبروا على الإيثار على أنفسكم فيما تحمدون عنه قليلا من كثير. . . (4)

9-عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ الصبر و البرّ و الحلم و حسن الخلق من أخلاق الأنبياء. (5)

10-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: عليكم بمكارم الأخلاق، فإنّ اللّه عزّ و جلّ بعثني بها، و إنّ من مكارم الأخلاق أن يعفو الرجل عمّن ظلمه، و يعطي من حرمه، و يصل من قطعه، و أن يعود من لا يعوده. (6)

ص:264


1- -الوسائل ج 15 ص 199 ح 8
2- الوسائل ج 15 ص 200 ح 9
3- المستدرك ج 11 ص 187 ب 6 من جهاد النفس ح 1(مجمع البيان ج 10 ص 333 سورة القلم) -و مثله في كنز العمّال خ 5217
4- المستدرك ج 11 ص 188 ح 6
5- المستدرك ج 11 ص 190 ح 14
6- المستدرك ج 11 ص 191 ح 15

11-عن أمير المؤمنين عليه السّلام، أنّه قال لولده: إنّ اللّه عزّ و جلّ جعل محاسن الأخلاق وصلة بينه و بين عباده، فنحبّ (فيجب م) أحدكم أن يمسك (يتمسّك م) بخلق متّصل باللّه تعالى. (1)

12-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الأخلاق منائح من اللّه عزّ و جلّ، فإذا أحبّ عبدا منحه خلقا حسنا، و إذا أبغض عبدا منحه خلقا سيّئا. (2)

بيان:

«المنح» : العطاء.

13-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لو كنّا لا نرجو جنّة و لا نخشى نارا و لا ثوابا و لا عقابا لكان ينبغي لنا أن نطلب مكارم الأخلاق، فإنّها ممّا تدلّ على سبيل النجاح، فقال رجل: فداك أبي و أمّي يا أمير المؤمنين، سمعته من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله؟ قال: نعم و ما هو خير منه، لمّا أتانا سبايا طيّ، فإذا فيها جارية. . . فقالت: . . .

أنا ابنة حاتم طيّ، فقال صلّى اللّه عليه و آله: خلّوا عنها فإنّ أباها كان يحبّ مكارم الأخلاق.

فقام أبو بردة فقال: يا رسول اللّه، اللّه يحبّ مكارم الأخلاق؟ فقال: يا أبا بردة، لا يدخل الجنّة أحد إلاّ بحسن الخلق. (3)

أقول:

في الغرر (ج 2 ص 496 ف 54 ح 30) عنه عليه السّلام قال: عجبت لرجل يأتيه أخوه المسلم في حاجة فيمتنع عن قضاءها و لا يرى نفسه للخير أهلا، فهب أنّه لا ثواب يرجى و لا عقاب يتّقى أ فتزهدون في مكارم الأخلاق!

14-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: الشريعة أقوالي، و الطريقة [أفعالي]، و الحقيقة أحوالي، و المعرفة رأس مالي، و العقل أصل ديني، و الحبّ أساسي، و الشوق

ص:265


1- -المستدرك ج 11 ص 192 ح 19
2- المستدرك ج 11 ص 193 ح 20
3- المستدرك ج 11 ص 193 ح 21

مركبي، و الخوف رفيقي، و العلم سلاحي، و الحلم صاحبي، و التوكّل زادي (ردائي ف ن) ، و القناعة كنزي، و الصدق منزلي، و اليقين مأواي، و الفقر فخري، و به أفتخر على سائر الأنبياء و المرسلين. (1)

15-عن أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : روّضوا أنفسكم على الأخلاق الحسنة، فإنّ العبد المسلم يبلغ بحسن خلقه درجة الصائم القائم. (2)

بيان:

«روّضوا» : من الرياضة، يقال: رضت الدابة: ذلّلتها، و رياضة النفس مأخوذة من رياضة البهيمة، و هي منعها عن الإقدام على حركات غير صالحة لصاحبها.

16-عن حمّاد بن عثمان قال: جاء رجل إلى الصادق جعفر بن محمّد عليهما السّلام فقال له: يا بن رسول اللّه، أخبرني بمكارم الأخلاق، فقال: العفو عمّن ظلمك، وصلة من قطعك، و إعطاء من حرمك، و قول الحقّ و لو على نفسك. (3)

17-عن إسحاق بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر عليه السّلام قال: سمعت أبي جعفر بن محمّد عليهما السّلام يقول: أحسن من الصدق قائله، و خير من الخير فاعله، ثمّ قال: حدّثني أبي. . . عن أبيه عليّ عليهم السّلام قال: سمعت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يقول: بعثت بمكارم الأخلاق و محاسنها و سمعته صلّى اللّه عليه و آله يقول: استتمام المعروف أفضل من ابتدائه. (4)

18-عن إسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ الخلق منيحة يمنحها اللّه عزّ و جلّ خلقه، فمنه سجيّة و منه نيّة، فقلت: فأيّتهما أفضل؟ فقال:

صاحب السجيّة هو مجبول لا يستطيع غيره، و صاحب النيّة يصبر على الطاعة

ص:266


1- -المستدرك ج 11 ص 173 ب 4 ح 8
2- البحار ج 10 ص 99
3- البحار ج 69 ص 368 باب جوامع المكارم ح 6
4- البحار ج 69 ص 404 ح 109

تصبّرا فهو أفضلهما. (1)

بيان:

قال رحمه اللّه: «فمنه سجيّة» أي جبلّة و طبيعة خلق عليها. «و منه نيّة» : أي يحصل عن قصد و اكتساب و تعمّل. . . «تصبّرا» : تحمّل الصبر بتكلّف و مشقّة لكونه غير خلق.

19-في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: و عوّد نفسك السماح، و تخيّر لها من كلّ خلق أحسنه، فإنّ الخير عادة. (2)

بيان:

«عوّد نفسك السماح» : أي صيّر نفسك معتادة بالسماحة و الجود.

20-في كلم أمير المؤمنين عليه السّلام قال: . . . و عليكم بمكارم الأخلاق فإنّها رفعة. و إيّاكم و الأخلاق الدنيّة فإنّها تضع الشريف و تهدم المجد. (3)

21-و قال عليه السّلام: الفضائل أربعة أجناس: أحدها، الحكمة و قوامها في الفكرة، و الثاني العفّة و قوامها في الشهوة، و الثالث القوّة و قوامها في الغضب، و الرابع العدل و قوامه في اعتدال قوى النفس. (4)

22-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الخلق المحمود من ثمار العقل. (الغرر ج 1 ص 45 ف 1 ح 1327)

الخلق المذموم من ثمار الجهل. (ص 46 ح 1328)

أحسن شيء الخلق. (ص 175 ف 8 ح 18)

أكبر الحسب الخلق. (ح 38)

ص:267


1- -البحار ج 71 ص 377 باب حسن الخلق ح 9
2- البحار ج 77 ص 215
3- البحار ج 78 ص 53
4- البحار ج 78 ص 81

أقوى الوسائل حسن الفضائل. (ص 181 ح 153)

أسوء الخلائق التحلّي بالرذائل. (ص 182 ح 154)

أحسن السناء الخلق السجيح. (ص 197 ح 379)

أحسن الأخلاق ما حملك على المكارم. (ص 206 ح 473)

إن كنتم لا محالة متنافسين فتنافسوا في الخصال الرغيبة و خلال المجد.

(ص 277 ف 10 ح 35)

إذا رأيت المكارم فاجتنب المحارم. (ص 315 ف 17 ح 95)

إذا كانت محاسن الرجل أكثر من مساويه فذلك الكامل، و إذا كان متساوي المحاسن و المساوي فذلك المتماسك، و إذا زادت مساويه على محاسنه فذلك الهالك. (ص 328 ح 202)

تنافسوا في الأخلاق الرغيبة و الأحلام العظيمة و الأخطار الجليلة يعظم لكم الجزاء. (ص 355 ف 22 ح 94)

حسن الأخلاق برهان كرم الأعراق. (ص 379 ف 27 ح 52)

حسن الأخلاق يدرّ الأرزاق و يونس الرفاق. (ح 53)

رأس العلم التمييز بين الأخلاق و إظهار محمودها و قمع مذمومها.

(ص 413 ف 34 ح 44)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام و هو حديث معاذ بن جبل في باب الإخلاص ح 26.

و يأتي في باب الصدق ح 8 في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام: عليك بمحاسن الأخلاق فاركبها، عليك بمساوي الأخلاق فاجتنبها، فإن لم تفعل فلا تلو منّ إلاّ نفسك.

ص:268

56- آداب الخلاء

الأخبار

1-عن السكونيّ عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام قال: سألته عن الغائط فقال: تصغيرا لابن آدم لكيلا يتكبّر و هو يحمل غائطه معه. (1)

2-سأل عمرو بن عبيد أبا عبد اللّه عليه السّلام فقال: ما بال الرجل إذا أراد أن يقضي حاجة إنّما ينظر إلى سفله و ما يخرج منه (من ف ن) ثمّ؟ فقال عليه السّلام: إنّه ليس أحد يريد ذلك إلاّ وكّل اللّه عزّ و جلّ به ملكا يأخذ بعنقه ليريه ما يخرج منه، أ حلال أو حرام؟ (2)

3-عن أبي اسامة قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام: فسأله رجل من المغيريّة عن شيء من السنن، فقال: ما من شيء يحتاج إليه أحد من ولد آدم إلاّ و قد جرت فيه من اللّه و من رسوله سنّة، عرفها من عرفها و أنكرها من أنكرها، قال: فما السنّة في دخول الخلاء؟ قال: تذكر اللّه و تتعوّذ من الشيطان، و إذا فرغت قلت: «الحمد للّه على ما أخرج منّي من الأذى في يسر منه و عافية» .

قال الرجل: فالإنسان يكون على تلك الحال و لا يصبر حتّى ينظر

ص:269


1- -العلل ج 1 ص 275 ب 183 ح 1
2- العلل ج 1 ص 275 ب 184 ح 1

إلى ما يخرج منه؟ فقال: إنّه ليس في الأرض آدميّ إلاّ و معه ملكان موكّلان به، فإذا كان على تلك الحال ثنّيا رقبته ثمّ قالا: يا بن آدم، انظر إلى ما كنت تكدح له في الدنيا إلى ما هو صائر؟ ! (1)

بيان:

«ثنّيا» الثني: العطف و الإمالة. «تكدح» كدح في العمل: جهد نفسه فيه.

4-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أشدّ الناس توقّيا عن البول. . . (2)

5-عن محمّد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: طول الجلوس على الخلاء يورث البواسير. (3)

6-عن زيد بن عليّ عن أبيه عن جدّه عن عليّ عليهم السّلام قال: عذاب القبر يكون من النميمة، و البول، و عزب الرجل عن أهله. (4)

أقول:

قد مرّ ما يدلّ على ذلك في باب البرزخ.

7-عن الحلبيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا تشرب و أنت قائم و لا تطف بقبر و لا تبل في ماء نقيع، فإنّه من فعل ذلك فأصابه شيء فلا يلومنّ إلاّ نفسه و من فعل شيئا من ذلك لم يكن يفارقه إلاّ ما شاء اللّه. (5)

بيان:

«لا تطف» : أي لا تتغوّط، قال الفيروزآبادي: طاف: ذهب ليتغوّط. «في ماء نقيع» :

ص:270


1- -العلل ج 1 ص 276 ح 4- صحّحنا الخبر على ما في البحار ج 80 ص 164
2- العلل ج 1 ص 278 ب 186
3- العلل ج 1 ص 278 باب 187
4- العلل ج 1 ص 309 ب 262 ح 2
5- العلل ج 1 ص 283 ب 200

في رواية اخرى"في ماء قائم". «فأصابه شيء» في رواية الكافي"أصابه شيء من الشيطان".

8-عن أبي بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا تتكلّم على الخلاء فإنّ من تكلّم على الخلاء لم تقض له حاجة. (1)

9-عن أبي بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إن سمعت الأذان و أنت على الخلاء فقل مثل ما يقول المؤذّن، و لا تدع ذكر اللّه عزّ و جلّ في تلك الحال لأنّ ذكر اللّه حسن على كلّ حال.

ثمّ قال عليه السّلام: لمّا ناجى اللّه تعالى موسى بن عمران عليه السّلام قال موسى: يا ربّ، أ بعيد أنت منّي فأناديك أم قريب فأناجيك؟ فأوحى اللّه عزّ و جلّ إليه: يا موسى، أنا جليس من ذكرني، فقال موسى: يا ربّ، إنّي أكون في حال اجلّك أن أذكرك فيها، فقال: يا موسى، اذكرني على كلّ حال. (2)

10-خرج أبو حنيفة من عند أبي عبد اللّه عليه السّلام و أبو الحسن موسى عليه السّلام قائم، و هو غلام، فقال له أبو حنيفة: يا غلام، أين يضع الغريب ببلدكم؟ فقال:

اجتنب أفنية المساجد، و شطوط الأنهار، و مساقط الثمار، و منازل النزّال، و لا تستقبل القبلة بغائط و لا بول، و ارفع ثوبك، وضع حيث شئت. (3)

بيان:

«أفنية المساجد» : الساحة عند باب المسجد، و يحتمل ما امتدّ من جوانبها أي حريم المسجد من كلّ جانب. (راجع المرآة)

11-سئل أبو الحسن عليه السّلام: ما حدّ الغائط؟ قال: لا تستقبل القبلة،

ص:271


1- -العلل ج 1 ص 283 ب 201 ح 1
2- العلل ج 1 ص 284 ب 202 ح 1
3- الوسائل ج 1 ص 301 ب 2 من أحكام الخلوة ح 1

و لا تستدبرها، و لا تستقبل الريح، و لا تستدبرها. (1)

12-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه (كان يعمله) إذا دخل الكنيف يقنّع رأسه، و يقول سرّا في نفسه: بسم اللّه و باللّه. . . (2)

13-روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه لم ير على بول و لا غائط. (3)

14-قال الصادق عليه السّلام: من كثر عليه السهو في الصلاة فليقل إذا دخل الخلاء: «بسم اللّه و باللّه، أعوذ باللّه من الرجس النجس، الخبيث المخبث، الشيطان الرجيم» . (4)

15-قال أبو جعفر الباقر عليه السّلام: إذا انكشف أحدكم لبول، أو لغير ذلك، فليقل: «بسم اللّه» ، فإنّ الشيطان يغضّ بصره عنه حتّى يفرغ. (5)

16-عن صفوان، عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام أنّه قال: نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يجيب الرجل آخر و هو على الغائط، أو يكلّمه، حتّى يفرغ. (6)

17-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رجل لعليّ بن الحسين عليه السّلام: أين يتوضّأ الغرباء؟ قال: يتّقي شطوط الأنهار، و الطرق النافذة، و تحت الأشجار المثمرة، و مواضع اللعن، فقيل له: و أين مواضع اللعن؟ قال: أبواب الدور. (7)

بيان:

في المرآة ج 13 ص 50، «أبواب الدور» : يمكن أن يكون ذكر هذا على سبيل المثال

ص:272


1- -الوسائل ج 1 ص 301 ح 2
2- الوسائل ج 1 ص 304 ب 3 ح 2
3- الوسائل ج 1 ص 305 ب 4 ح 3
4- الوسائل ج 1 ص 308 ب 5 ح 8
5- الوسائل ج 1 ص 308 ح 9
6- الوسائل ج 1 ص 309 ب 6 ح 1
7- الوسائل ج 1 ص 324 ب 15 ح 1

و يكون عامّا في كلّ ما يتأذّى به الناس.

18-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّه نهى أن يبول الرجل في الماء الجاري إلاّ من ضرورة، و قال: إنّ للماء أهلا. (1)

19-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: البول في الحمّام يورث الفقر. (2)

20-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: البول قائما من غير علّة من الجفاء، و الاستنجاء باليمين من الجفاء. (3)

21-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في وصف لقمان عليه السّلام قال: لم يره أحد من الناس على بول و لا غائط و لا اغتسال لشدّة تستّره و تحفّظه في أمره.

ثمّ قال رحمه اللّه: و قيل: إنّ مولاه دخل المخرج فأطال الجلوس فناداه لقمان: إنّ طول الجلوس على الحاجة يفجع الكبد، و يورث منه الباسور، و يصعد الحرارة إلى الرأس، فاجلس هونا، و قم هونا. قال: فكتب حكمته على باب الحشّ. (4)

بيان:

«يفجع الكبد» : أي يوجع الكبد.

«هونا» في النهاية، الهون: الرفق و اللين و التثبّت، . . . و منه الحديث: «أحبب حبيبك هونا ما» أي حبّا مقتصدا لا إفراط فيه. و في القاموس، هان هونا: سهل.

في مجمع البحرين، «الحشّ» بالفتح أكثر من الضمّ و الكسر: المخرج و موضع الحاجة، و أصله من الحشّ: البستان، لأنّهم كانوا كثيرا ما يتغوّطون في البساتين.

أقول: قد مرّ في باب الأكل: أربع خصال تستغني بها عن الطبّ، منها؛ إذا نمت فاعرض نفسك على الخلاء.

ص:273


1- -الوسائل ج 1 ص 341 ب 24 ح 3
2- البحار ج 80 ص 170 باب آداب الخلاء ح 9
3- البحار ج 80 ص 174 ح 15
4- البحار ج 80 ص 184 ح 35( مجمع البيان ج 8 ص 317)

22-قال الصادق عليه السّلام: إنّما سمّي المستراح مستراحا لاستراحة الأنفس من أثقال النجاسات و استفراغ الكثافات و القذر فيها، و المؤمن يعتبر عندها أنّ الخالص من حطام الدنيا كذلك يصير عاقبته، فيستريح بالعدول عنها و بتركها و يفرغ نفسه و قلبه من شغلها و يستنكف عن جمعها و أخذها استنكافه عن النجاسة و الغائط و القذر.

و يتفكّر في نفسه المكرّمة في حال كيف تصير ذليلة في حال، و يعلم أنّ التمسّك بالقناعة و التقوى يورث له راحة الدارين فإنّ الراحة في هوان الدنيا و الفراغ (الفرار ف ن) من التمتّع بها و في إزالة النجاسة من الحرام و الشبهة فيغلق عن نفسه باب الكبر بعد معرفته إيّاها و يفرّ من الذنوب و يفتح باب التواضع و الندم و الحياء. . . (1)

ص:274


1- -مصباح الشريعة ص 8 ب 9

57- الخمر

الآيات

1- يَسْئَلُونَكَ عَنِ اَلْخَمْرِ وَ اَلْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَ مَنافِعُ لِلنّاسِ وَ إِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما. . . (1)

2- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا اَلصَّلاةَ وَ أَنْتُمْ سُكارى. . . (2)

3- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا اَلْخَمْرُ وَ اَلْمَيْسِرُ وَ اَلْأَنْصابُ وَ اَلْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ اَلشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ- إِنَّما يُرِيدُ اَلشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ اَلْعَداوَةَ وَ اَلْبَغْضاءَ فِي اَلْخَمْرِ وَ اَلْمَيْسِرِ وَ يَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اَللّهِ وَ عَنِ اَلصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ. (3)

الأخبار

1-عن الريّان بن الصلت قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول: ما بعث اللّه نبيّا

ص:275


1- -البقرة:219
2- النساء:43
3- المائدة:90 و 91

قطّ إلاّ بتحريم الخمر و أن يقرّ للّه بالبداء. (1)

2-عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ جعل للشرّ أقفالا و جعل مفاتيح تلك الأقفال الشراب، و الكذب شرّ من الشراب. (2)

بيان:

لأنّ شرب الخمر و الكذب يستلزم معاصي كثيرة، و الشارب يرتكب ذنوبا مختلفة.

أقول: في بعض الأخبار: «مفتاح المعصية الخمر» ، «و الخمر أمّ الفواحش و الكبائر» ، «و الخمر جماع الإثم و أمّ الإثم و أمّ الخبائث و مفتاح الشرّ» ، «إنّ الخمر رأس الإثم» .

3-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: شارب الخمر لا تصدّقوه إذا حدث، و لا تزوّجوه إذا خطب، و لا تعودوه إذا مرض، و لا تحضروه إذا مات، و لا تأتمنوه على أمانة فمن ائتمنه على أمانة فأهلكها فليس على اللّه أن يخلف عليه و لا أن يأجره عليها، لأنّ اللّه يقول: وَ لا تُؤْتُوا اَلسُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ و أيّ سفيه أسفه من شارب الخمر. (3)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة، في بعضها: «من تزوّج ابنته شارب الخمر فكأنّما أقادها إلى النار و قطع رحمها» .

4-عن محمّد بن سنان قال: سمعت أبا الحسن عليّ بن موسى عليه السّلام يقول:

حرّم اللّه عزّ و جلّ الخمر لما فيها من الفساد و من تغييرها عقول شاربيها و حملها إيّاهم على إنكار اللّه عزّ و جلّ و الفرية عليه و على رسله، و سائر ما يكون منهم

ص:276


1- -الكافي ج 1 ص 115 باب البداء ح 15 و بمضمونه في العيون ج 2 ص 14 ب 30 ح 33
2- الكافي ج 2 ص 254 باب الكذب ح 3
3- تفسير القمّي ج 1 ص 131( النساء:5)

من الفساد و القتل و القذف و الزنا و قلّة الاحتجاز عن شيء من المحارم، فبذلك قضينا على كلّ مسكر من الأشربة أنّه حرام محرّم، لأنّه يأتي من عاقبته ما يأتي من عاقبة الخمر، فليجتنب من يؤمن باللّه و اليوم الآخر و يتولاّنا و ينتحل مودّتنا كلّ شارب مسكر، فإنّه لا عصمة بيننا و بين شاربه. (1)

بيان:

في مجمع البحرين، «الفرية» : الكذبة العظيمة التي يتعجّب منها. «الاحتجاز» : أي الامتناع. «ينتحل» : أي ينتسب.

5-عن المفضّل بن عمر قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: لم حرّم اللّه الخمر؟ قال: حرّم اللّه الخمر لفعلها و فسادها، لأنّ مدمن الخمر تورثه الارتعاش، و تذهب بنوره، و تهدم مروّته، و تحمله على أن يجترء على ارتكاب المحارم و سفك الدماء و ركوب الزنا، و لا يؤمن إذا سكر أن يثب على حرمه و لا يعقل ذلك، و لا يزيد شاربها إلاّ كلّ شرّ. (2)

6-عن أحدهما عليهما السّلام قال: الغناء عشّ النفاق، و الشرب مفتاح كلّ شرّ، و مدمن الخمر كعابد الوثن مكذّب بكتاب اللّه، لو صدّق كتاب اللّه لحرّم حرام اللّه. (3)

7-سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن شرب الخمر، أشرّ أم ترك الصلاة؟ فقال: شرب الخمر أشرّ من ترك الصلاة، و تدري لم ذاك؟ قال: لا، قال: يصير في حال لا يعرف اللّه تعالى و لا يعرف من خالقه. (4)

8-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: يأتي شارب الخمر يوم القيامة مسودّا وجهه،

ص:277


1- -العلل ج 2 ص 475 ب 224 ح 1
2- العلل ج 2 ص 476 ح 2
3- العلل ج 2 ص 476 ح 3
4- العلل ج 2 ص 476 ب 225 ح 1

مدلعا لسانه، يسيل لعابه على صدره، و حقّ على اللّه أن يسقيه من بئر خبال، قال: قلت: و ما بئر خبال؟ قال: بئر يسيل فيها صديد الزناة. (1)

بيان:

«دلع لسانه» : أخرجه كأدلعه. «الصديد» : القيح و الدم.

9-عن ابن أبي عمير عن بعض رجاله، قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:

من ترك الخمر لغير اللّه سقاه اللّه من الرحيق المختوم، قال: فقلت: فيتركه لغير اللّه؟ قال: نعم، صيانة لنفسه. (2)

10-عن الفضيل بن يسار قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: من شرب الخمر فسكر منها لم تقبل له صلاة أربعين يوما، فإن ترك الصلاة في هذه الأيّام ضوعف عليه العذاب لترك الصلاة.

و في خبر آخر: أنّ صلاته توقف بين السماء و الأرض، فإن تاب ردّت عليه و قبلت منه. (3)

أقول:

«لم تقبل له صلاة أربعين يوما» : بهذا المعنى أخبار كثيرة.

11-قال عليّ عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : من سقى صبيّا مسكرا و هو لا يعقل حبسه اللّه عزّ و جلّ في طينة خبال، حتّى يأتي ممّا صنع بمخرج. (4)

12-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (في حديث) : و من شرب الخمر سقاه اللّه من سمّ الأساود و من سمّ العقارب. . . و من سقاها يهوديّا أو نصرانيّا أو صابئا أو

ص:278


1- -الوسائل ج 25 ص 296 ب 9 من الأشربة المحرّمة ح 2
2- الوسائل ج 25 ص 298 ح 9
3- الوسائل ج 25 ص 303 ح 17
4- الوسائل ج 25 ص 309 ب 10 ح 6

من كان من الناس فعليه كوزر من شربها. (1)

13-عن أحدهما عليهما السّلام قال: إنّ اللّه جعل للمعصية بيتا، ثمّ جعل للبيت بابا، ثمّ جعل للباب غلقا، ثمّ جعل للغلق مفتاحا، فمفتاح المعصية الخمر. (2)

14-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث؛ أنّ زنديقا قال له: فلم حرّم اللّه الخمر و لا لذّة أفضل منها؟ قال: حرّمها لأنّها امّ الخبائث، و رأس كلّ شرّ، يأتي على شاربها ساعة يسلب لبّه، فلا يعرف ربّه، و لا يترك معصية إلاّ ركبها و لا يترك حرمة إلاّ انتهكها، و لا رحما ماسّة إلاّ قطعها، و لا فاحشة إلاّ أتاها، و السكران زمامه بيد الشيطان، إن أمره أن يسجد للأوثان سجد، و ينقاد حيثما قاده. (3)

15-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام قال:

يا عليّ، شارب الخمر كعابد الوثن.

يا عليّ، شارب الخمر لا يقبل اللّه صلاته أربعين يوما، فإن مات في الأربعين مات كافرا. (4)

16-عن عمر بن اذينة، قال: كتبت إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام أسأله عن الرجل ينعت له الدواء من ريح البواسير، فيشربه بقدر اسكرّجة من نبيذ، ليس يريد به اللذّة، إنّما يريد به الدواء؟ فقال: لا، و لا جرعة، ثمّ قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ لم يجعل في شيء ممّا حرّم دواء و لا شفاء. (5)

بيان:

«اسكرّجه» : وعاء صغير يستوعب مقدار خمسة مثاقيل من المياه.

ص:279


1- -الوسائل ج 25 ص 309 ح 7
2- الوسائل ج 25 ص 314 ب 12 ح 3
3- الوسائل ج 25 ص 317 ح 11
4- الوسائل ج 25 ص 320 ب 13 ح 12
5- الوسائل ج 25 ص 343 ب 20 ح 1

17-سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الخمر (عن دواء عجن بالخمر م) ، يكتحل منها؟ فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما جعل اللّه في محرّم شفاء. (1)

18-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: لعن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في الخمر عشرة: غارسها و حارسها و عاصرها و شاربها و ساقيها و حاملها و المحمولة إليه و بايعها و مشتريها و آكل ثمنها. (2)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة روتها الخاصّة و العامّة.

19-عن حنّان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: كلّ مسكر حرام، و ما أسكر كثيره فقليله حرام. (3)

20-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: العبد إذا شرب شربة من الخمر ابتلاه اللّه بخمسة أشياء: الأوّل قساوة قلبه، و الثاني تبرّأ منه جبرئيل و ميكائيل و إسرافيل و جميع الملائكة، و الثالث تبرّأ منه جميع الأنبياء و الأئمّة عليهم السّلام، و الرابع تبرّأ منه الجبّار جلّ جلاله، و الخامس قوله عزّ و جلّ: وَ أَمَّا اَلَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ اَلنّارُ كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها وَ قِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذابَ اَلنّارِ اَلَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ. . (4)(5)

21-. . . و قال صلّى اللّه عليه و آله: شارب الخمر يعذّبه اللّه تعالى بستّين و ثلاثمائة نوع من العذاب. (6)

ص:280


1- -الوسائل ج 25 ص 349 ب 21 ح 1
2- الوسائل ج 25 ص 375 ب 34 ح 1
3- الوسائل ج 25 ص 339 ب 17 ح 8
4- السجدة:20
5- المستدرك ج 17 ص 47 ب 5 من الأشربة المحرّمة ح 15
6- المستدرك ج 17 ص 48 ح 18

أقول:

لعلّ ذلك لأجل أنّ شرب الخمر يستلزم معاصي كثيرة و لكلّ معصية نوع من العذاب.

22-قال عليّ عليه السّلام: لو أنّ قطرة من الخمر قطرت في بئر، و نزح ماء ذلك البئر، و سقي به أرض، فانبتت حشيشا و يبس ذلك الحشيش، ثمّ إنّ شاة رعت من ذلك الحشيش، فاختلطت في قطيع غنم و اشتبهت، ثمّ ذبحت تلك الشياة كلّها، لم آكل من لحومها شيئا. (1)

23-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أربع لا تدخل بيتا واحدة منهنّ إلاّ خرّب، و لم يعمر بالبركة: الخيانة، و السرقة، و شرب الخمر، و الزنا. (2)

24-. . . قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من سلّم على شارب الخمر أو عانقه أو صافحه أحبط اللّه عليه عمل أربعين سنة.

. . . و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: سلّموا على اليهود و النصارى و لا تسلّموا على شارب الخمر و إن سلّم عليكم فلا تردّوا جوابه. (3)

25-و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا تجمع الخمر و الإيمان في جوف أو قلب رجل أبدا. (4)

ص:281


1- -مجموعة الأخبار ص 228 ب 136
2- البحار ج 79 ص 125 باب حرمة شرب الخمر ح 2
3- البحار ج 79 ص 151 في ح 58
4- البحار ج 79 ص 152 ح 58

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393734362C22426F6F6B4944223A31363731392C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3238322C2253686F77506167654E756D223A22323832222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030322F424B31353931344730303253312F424B3135393134473030325331503238322E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

58- الخوف و الرجاء و الخشية

الآيات

1- . . . وَ إِيّايَ فَارْهَبُونِ. (1)

2- إِنَّ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ اَلَّذِينَ هاجَرُوا وَ جاهَدُوا فِي سَبِيلِ اَللّهِ أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اَللّهِ وَ اَللّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ. (2)

3- . . . فَلا تَخْشَوُا اَلنّاسَ وَ اِخْشَوْنِ. . . (3)

4- . . . أَ تَخْشَوْنَهُمْ فَاللّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. (4)

5- . . . وَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَ يَخافُونَ سُوءَ اَلْحِسابِ. (5)

6- . . . ذلِكَ لِمَنْ خافَ مَقامِي وَ خافَ وَعِيدِ. (6)

7- . . . وَ هُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ. (7)

ص:283


1- -البقرة:40
2- البقرة:218
3- المائدة:44
4- التوبة:13
5- الرعد:21
6- إبراهيم:14
7- الأنبياء:28

8- وَ لَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَ هارُونَ اَلْفُرْقانَ وَ ضِياءً وَ ذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ- اَلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَ هُمْ مِنَ اَلسّاعَةِ مُشْفِقُونَ. (1)

9- . . . وَ بَشِّرِ اَلْمُخْبِتِينَ- اَلَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اَللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ. . . (2)

10- إِنَّ اَلَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ . . . وَ اَلَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ. (3)

11- . . . يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ اَلْقُلُوبُ وَ اَلْأَبْصارُ. (4)

12- وَ مَنْ يُطِعِ اَللّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَخْشَ اَللّهَ وَ يَتَّقْهِ فَأُولئِكَ هُمُ اَلْفائِزُونَ. (5)

13- يا أَيُّهَا اَلنّاسُ اِتَّقُوا رَبَّكُمْ وَ اِخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَ لا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً. . . (6)

14- . . . وَ تَخْشَى اَلنّاسَ وَ اَللّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ. . . (7)

15- . . . إِنَّما يَخْشَى اَللّهَ مِنْ عِبادِهِ اَلْعُلَماءُ إِنَّ اَللّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ. (8)

16- أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اَللَّيْلِ ساجِداً وَ قائِماً يَحْذَرُ اَلْآخِرَةَ وَ يَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي اَلَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ اَلَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا اَلْأَلْبابِ. (9)

ص:284


1- -الأنبياء:47 و 48
2- الحجّ:34 و 35
3- المؤمنون:57 إلى 60
4- النور:37
5- النور:52
6- لقمان:33
7- الأحزاب:37
8- فاطر:28
9- الزمر:9

17- مَنْ خَشِيَ اَلرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ وَ جاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ. (1)

18- وَ لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ. (2)

19- وَ أَمّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَ نَهَى اَلنَّفْسَ عَنِ اَلْهَوى- فَإِنَّ اَلْجَنَّةَ هِيَ اَلْمَأْوى. (3)

20- . . . رَضِيَ اَللّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ. (4)

الأخبار

1-عن الحارث بن المغيرة أو عن أبيه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له:

ما كان في وصيّة لقمان؟ قال: كان فيها الأعاجيب، و كان أعجب ما كان فيها أن قال لابنه: خف اللّه عزّ و جلّ خيفة لو جئته ببرّ الثقلين لعذّبك، و ارج اللّه رجاء لو جئته بذنوب الثقلين لرحمك.

ثمّ قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كان أبي يقول: إنّه ليس من عبد مؤمن إلاّ و في قلبه نوران: نور خيفة و نور رجاء، لو وزن هذا لم يزد على هذا، و لو وزن هذا لم يزد على هذا. (5)

بيان:

قد مرّ معنى الخوف في باب الحزن، و لا يخفى أنّ الخوف و الرجاء محمودان لكن يختلف باختلاف الأشخاص، فمن كان تأثير الخوف في بعثه على العمل أكثر من تأثير الرجاء فيه فالخوف له أصلح، مثل من غلب عليه مرض الأمن من مكر اللّه

ص:285


1- -ق:33
2- الرحمن:46
3- النازعات:40 و 41
4- البيّنة:8
5- الكافي ج 2 ص 55 باب الخوف و الرجاء ح 1

و الاغترار به و من يجرى على المعاصي و غير ذلك. و من كان تأثير الرجاء فيه أبلغ فالرجاء أصلح، مثل من غلب عليه اليأس و القنوط و غير ذلك، و معلوم أنّ الخوف الممدوح إلى حدّ، فإن جاوزه كان مذموما، فالخوف يسوق به العباد إلى المواظبة على العمل ليناول رتبة القرب إليه تعالى و لذّة المحبّة و الأنس و لو تجاوز عن حدّه فيكون مذموما، و كذا في الرجاء فإن جاوز عن حدّه يؤدّي إلى الغرور و الرجاء الكاذب، كما يدلّ على ذلك أخبار الباب.

ثمّ إنّ الخوف إمّا عن نفس المؤلم أو عن سببه. الأوّل؛ كالنار و ساير أنواع ما يعذّب به الإنسان، سواء كان في الدنيا أو الآخرة. و الثاني؛ كالكفر و المعاصي، و يختلف خوف الخائفين في كلا القسمين، أمّا الأوّل: فقد يكون خوف المؤمن من تعجيل العقوبة في الدنيا، و قد يكون من الموت و سكراته، و قد يكون من القبر و وحشته و ظلمته و ضيقه و ضنكه، و قد يكون من السؤال، و قد يكون من هول المطّلع، و قد يكون من أهوال القيامة، و قد يكون من الحساب و الصراط، و قد يكون من حياء العرض على اللّه، و قد يكون من فضيحة هتك الستور على رؤوس الأشهاد، و قد يكون من نار جهنّم، و قد يكون من حرمان الجنّة، و قد يكون من نقص الدرجة و. . .

و أمّا الثاني: فقد يكون خوف أحدهم من الكبائر التي قارفها، و قد يكون من ملكاته السيّئة؛ من شدّة شهوته و غضبه، و قد يكون من حقوق الناس، و قد يكون من البطر بكثرة النعم أو خوف الاستدراج بها، و قد يكون من الوقوع في معصيته، أو الموت قبل التوبة أو نقص التوبة، أو من القساوة أو من الإعواج و الميل عن الاستقامة، أو خوف اطّلاع اللّه على سريرته في حال معصية أو غفلة، أو من عدم قبول عباداته أو من سوء الخاتمة و. . .

(راجع أسرار الصلاة للميرزا جواد الملكي رحمه اللّه ص 128)

2-عن إسحاق بن عمّار قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا إسحاق، خف اللّه

ص:286

كأنّك تراه و إن كنت لا تراه فإنّه يراك، فإن كنت ترى أنّه لا يراك فقد كفرت، و إن كنت تعلم أنّه يراك ثمّ برزت له بالمعصية فقد جعلته من أهون الناظرين عليك. (1)

بيان:

«برزت له» : أي أظهرت له، أو من البراز للمقاتلة كأنّك عاديته و حاربته.

3-عن الهيثم بن واقد قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: من خاف اللّه أخاف اللّه منه كلّ شيء، و من لم يخف اللّه أخافه اللّه من كلّ شيء. (2)

4-عن أبي حمزة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من عرف اللّه خاف اللّه، و من خاف اللّه سخت نفسه عن الدنيا. (3)

بيان:

سخى عن الشيء: ترك.

5-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له: قوم يعملون بالمعاصي و يقولون:

نرجوا، فلا يزالون كذلك حتّى يأتيهم الموت، فقال: هؤلاء قوم يترجّحون في الأمانيّ، كذبوا، ليسوا براجين، إنّ من رجا شيئا طلبه و من خاف من شيء هرب منه. (4)

بيان:

«الترجّح» : تذبذب الشيء المعلّق في الهواء و الميل من جانب إلى جانب، و المراد أنّهم يميلون بسب الأمانيّ من الخوف إلى الرجاء بأدنى و هم، و قيل: يعني مالت بهم عن الاستقامة أمانيّهم الكاذبة.

ص:287


1- -الكافي ج 2 ص 55 ح 2
2- الكافي ج 2 ص 55 ح 3
3- الكافي ج 2 ص 55 ح 4
4- الكافي ج 2 ص 55 ص 5

6-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ من العبادة شدّة الخوف من اللّه عزّ و جلّ، يقول اللّه: إِنَّما يَخْشَى اَللّهَ مِنْ عِبادِهِ اَلْعُلَماءُ و قال جلّ ثناؤه: فَلا تَخْشَوُا اَلنّاسَ وَ اِخْشَوْنِ و قال تبارك و تعالى: وَ مَنْ يَتَّقِ اَللّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً قال: و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ حبّ الشرف و الذكر لا يكونان في قلب الخائف الراهب. (1)

بيان:

في المرآة ج 8 ص 36، قال المحقّق الطوسي رحمه اللّه في أوصاف الأشراف ما حاصله: إنّ الخوف و الخشية و إن كانا بمعنى واحد في اللغة إلاّ أنّ بينهما فرقا بين أرباب القلوب، و هو أنّ الخوف تألّم النفس من المكروه المنتظر، و العقاب المتوقّع بسبب احتمال فعل المنهيّات و ترك الطاعات، و هو يحصل لأكثر الخلق و إن كانت مراتبه متفاوتة جدّا، و المرتبة العليا منه لا تحصل إلاّ للقليل.

و الخشية حالة نفسانيّة تنشأ عن الشعور بعظمة الربّ و هيبته، و خوف الحجب عنه، و هذه الحالة لا تحصل إلاّ لمن اطّلع على جلال الكبرياء و ذاق لذّة القرب، و لذلك قال سبحانه: إِنَّما يَخْشَى اَللّهَ مِنْ عِبادِهِ اَلْعُلَماءُ و الخشية خوف خاصّ و قد يطلقون عليها الخوف أيضا.

و في المفردات، «الخشية» : خوف يشوبه تعظيم و أكثر ما يكون ذلك عن علم بما يخشى منه، و لذلك خصّ العلماء بها.

7-عن الحسن بن أبي سارة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: لا يكون المؤمن مؤمنا حتّى يكون خائفا راجيا، و لا يكون خائفا راجيا حتّى يكون عاملا لما يخاف و يرجو. (2)

ص:288


1- -الكافي ج 2 ص 56 ح 7
2- الكافي ج 2 ص 57 ح 11

بيان:

في المرآة: يدلّ على أنّ كمال الإيمان منوط بالخوف و الرجاء، و الخوف و الرجاء لا يصدقان إلاّ بالعمل.

8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: المؤمن بين مخافتين: ذنب قد مضى لا يدري ما صنع اللّه فيه و عمر قد بقي لا يدري ما يكتسب فيه من المهالك، فهو لا يصبح إلاّ خائفا و لا يصلحه إلاّ الخوف. (1)

أقول:

قد مرّ في باب اجتناب المحارم معنى قوله تعالى: وَ لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ. . .

عن الكافي.

9-عن أبي حمزة الثمالي قال: قال الصادق جعفر بن محمّد عليه السّلام: ارج اللّه رجاء لا يجرئك على معصيته (معاصيه ف ن) و خف اللّه خوفا لا يؤيسك من رحمته. (2)

10-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: رأس الحكمة مخافة اللّه عزّ و جلّ. (3)

11-قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام: و ليس الخوف من بكى و جرت دموعه ما لم يكن له ورع يحجزه عن معاصي اللّه، و إنّما ذلك خوف كاذب. (4)

12-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: و أعلى الناس منزلة عند اللّه أخوفهم منه. (5)

13-في خطبة عن أمير المؤمنين عليه السّلام: . . . و استعينوا على بعد المسافة بطول

ص:289


1- -الكافي ج 2 ص 57 ح 12
2- الوسائل ج 15 ص 217 ب 13 من جهاد النفس ح 7
3- الوسائل ج 15 ص 221 ب 14 ح 9
4- عدّة الداعي ص 163
5- البحار ج 77 ص 182 في ح 15 إعلام الورى

المخافة. . . (1)

14-في حديث موسى بن جعفر عليه السّلام لهشام: . . . إنّه لم يخف اللّه من لم يعقل عن اللّه، و من لم يعقل عن اللّه لم يعقد قلبه على معرفة ثابتة يبصرها و يجد حقيقتها في قلبه، و لا يكون أحد كذلك إلاّ من كان قوله لفعله مصدّقا، و سرّه لعلانيته موافقا. . . (2)

يا هشام، من أحبّ الدنيا ذهب خوف الآخرة من قلبه. . . (3)

15-سئل أمير المؤمنين عليه السّلام: أيّ الناس خير عند اللّه عزّ و جلّ؟ قال:

أخوفهم للّه، و أعملهم بالتقوى، و أزهدهم في الدنيا. (4)

16-في خبر مناهي النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: من عرضت له فاحشة أو شهوة فاجتنبها من مخافة اللّه عزّ و جلّ حرّم اللّه عليه النار، و آمنه من الفزع الأكبر، و أنجز له ما وعده في كتابه في قوله: وَ لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ. (5)

17-قال الصادق عليه السّلام: كفى بخشية اللّه علما و كفى بالاغترار باللّه جهلا. (6)

18-عن عبد اللّه بن القاسم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول:

الخائف من لم يدع له الرهبة لسانا ينطق به. (7)

19-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من كان باللّه أعرف كان من اللّه أخوف.

ص:290


1- -البحار ج 77 ص 442
2- البحار ج 78 ص 302
3- البحار ج 78 ص 315
4- البحار ج 70 ص 378 باب الخوف و الرجاء ح 24
5- البحار ج 70 ص 378 ح 25
6- البحار ج 70 ص 379 ح 26
7- البحار ج 70 ص 384 ح 41

و قال صلّى اللّه عليه و آله: يا بن مسعود، اخش اللّه بالغيب كأنّك تراه، فإن لم تره فإنّه يراك، يقول اللّه تعالى: مَنْ خَشِيَ اَلرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ وَ جاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ- اُدْخُلُوها بِسَلامٍ ذلِكَ يَوْمُ اَلْخُلُودِ.

و روي أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يصلّي و قلبه كالمرجل يغلي من خشية اللّه تعالى. (1)

20-و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: يا بنيّ، خف اللّه خوفا أنّك لو أتيته بحسنات أهل الأرض لم يقبلها منك. و ارج اللّه رجاء أنّك لو أتيته بسيّئات أهل الأرض غفرها لك. (2)

21-و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إذا اقشعرّ قلب المؤمن من خشية اللّه تحاتّت عنه خطاياه كما تتحاتّ من الشجر ورقها. (3)

22-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من ترك معصية من مخافة اللّه عزّ و جلّ أرضاه اللّه يوم القيامة. (4)

23-. . . و كان أمير المؤمنين عليه السّلام إذا أخذ في الوضوء يتغيّر وجهه من خيفة اللّه تعالى، و كانت فاطمة عليها السّلام تنهج في الصلاة من خيفة اللّه تعالى، و كان الحسن عليه السّلام إذا فرغ من وضوئه تتغيّر لونه، فقيل له في ذلك، فقال: حقّ على من أراد أن يدخل على ذي العرش أن تتغيّر لونه.

و يروى مثل هذا عن زين العابدين عليه السّلام. (5)

أقول:

الأخبار في خوف النبيّ و الأئمّة عليهم السّلام و خشيتهم كثيرة، راجع البحار و غيره أبواب

ص:291


1- -البحار ج 70 ص 393 ح 64
2- البحار ج 70 ص 394 في ح 64
3- البحار ج 70 ص 394 في ح 64
4- البحار ج 70 ص 398 ح 67
5- البحار ج 70 ص 400 في ح 72

تاريخهم.

بيان: «تنهج» نهج الرجل: انبهر و تتابع نفسه.

24-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من عرف اللّه خافه، و من خاف اللّه حثّه الخوف من اللّه على العمل بطاعته، و الأخذ بتأديبه، فبشّر المطيعين المتأدّبين بأدب اللّه، و الآخذين عن اللّه، إنّه حقّ على اللّه أن ينجيه من مضلاّت الفتن، و ما رأيت شيئا هو أضرّ لدين المسلم من الشحّ. (1)

25-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: يدّعي بزعمه أنّه يرجو اللّه، كذب و العظيم! ما باله لا يتبيّن رجاؤه في عمله؟ فكلّ من رجا عرف رجاؤه في عمله إلاّ رجاء اللّه فإنّه مدخول، و كلّ خوف محقّق إلاّ خوف اللّه فإنّه معلول، يرجو اللّه في الكبير و يرجو العباد في الصغير، فيعطى العبد ما لا يعطى الربّ! فما بال اللّه جلّ ثناؤه يقصّر به عمّا يصنع لعباده؟ ! أ تخاف أن تكون في رجائك له كاذبا، أو تكون لا تراه للرجاء موضعا؟ (2)

بيان:

«المدخول» : أي المغشوش غير الخالص، من الدخل أي العيب و الغشّ، أو هو المعيب الناقص لا يترتّب عليه عمل. «الخوف المحقّق» : هو الثابت الذي يرى أثره، يبعث على البعد عن الخوف و الهرب منه. «الخوف المعلول» : خلاف المحقّق فهو كالأوهام لا قرار لها. و قال ابن ميثم: المدخول الذي فيه شبهة و ريبة و المعلول الغير الخالص. «في الكبير» : المراد خير الدنيا و نعيم الآخرة. «في الصغير» : أي متاع الدنيا.

أقول: يأتي في باب التقوى عن نهج البلاغة (ص 192 في خ 82) فاتّقوا اللّه عباد اللّه

ص:292


1- -البحار ج 70 ص 400 ح 73
2- نهج البلاغة ص 505 في خ 159-صبحي ص 225 في خ 160

تقيّة ذي لبّ شغل التفكّر قلبه، و أنصب الخوف بدنه، و أسهر التهجّد غرار نومه، و أظما الرجاء هواجر يومه.

26-. . . أنواع الخوف خمسة: خوف و خشية و وجل و رهبة و هيبة، فالخوف للعاصين، و الخشية للعالمين، و الوجل للمخبتين (للمحبّين ف ن) ، و الرهبة للعابدين، و الهيبة للعارفين.

أمّا الخوف فلأجل الذنوب، قال اللّه عزّ و جلّ: وَ لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ.

و الخشية لأجل رؤية التقصير، قال اللّه عزّ و جلّ: إِنَّما يَخْشَى اَللّهَ مِنْ عِبادِهِ اَلْعُلَماءُ.

و أما الوجل فلأجل ترك الخدمة، قال اللّه عزّ و جلّ: اَلَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اَللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ.

و الرهبة لرؤية التقصير، قال اللّه عزّ و جلّ: يَدْعُونَنا رَغَباً وَ رَهَباً.

و الهيبة لأجل شهادة الحقّ عند كشف الأسرار-أسرار العارفين-، قال اللّه عزّ و جلّ: وَ يُحَذِّرُكُمُ اَللّهُ نَفْسَهُ يشير إلى هذا المعنى.

و روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه كان إذا صلّى سمع لصدره أزيز كأزيز المرجل من الهيبة. حدّثنا بذلك أبو (محمّد) عبد اللّه بن حامد رفعه إلى بعض الصالحين عليهم السّلام. (1)

بيان:

«المرجل» : القدر (ديك) . «الأزيز» كأمير: صوت القدر إذا غلى.

27-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام قال: . . . و أمّا المنجيات؛ فخوف اللّه

ص:293


1- -الخصال ج 1 ص 281 باب الخمسة ح 27

في السرّ و العلانية، و القصد في الغنا و الفقر، و كلمة العدل في الرضا و السخط. (1)

28-عن أبي ذرّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا أبا ذرّ، يقول اللّه تعالى لا أجمع على عبدي خوفين، و لا أجمع له أمنين، فإذا أمنني أخفته يوم القيامة، و إذا خافني آمنته يوم القيامة.

يا أبا ذرّ، لو أنّ رجلا كان له مثل عمل سبعين نبيّا لاحتقره، و خشي أن لا ينجو من شرّ يوم القيامة. . .

قال: يا أبا ذرّ، إنّ للّه ملائكة قياما في خيفته، ما يرفعون رؤوسهم حتّى ينفخ في الصور النفخة الأخيرة، فيقولون جميعا: «سبحانك و بحمدك، ما عبدناك كما ينبغي لك أن تعبد» فلو كان لرجل عمل سبعين صدّيقا (نبيّا م) لا ستقلّ عمله من شدّة ما يرى يومئذ. (2)

29-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ اللّه إذا جمع الناس يوم القيامة، نادى فيهم مناد: أيّها الناس، إنّ أقربكم اليوم من اللّه أشدّكم منه خوفا، و إنّ أحبّكم إلى اللّه أحسنكم عملا، و إنّ أفضلكم عنده منصبا أعملكم فيما عنده رغبة، و إنّ أكرمكم عليه أتقاكم. (3)

30-. . . قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أعلم الناس باللّه أشدّهم خشية له.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: لا يأمن العبد حتّى يخلّف جسر جهنّم ورائه. (4)

31-قال الصادق عليه السّلام: الخوف رقيب القلب، و الرجاء شفيع النفس، و من كان باللّه عارفا كان من اللّه خائفا و إليه راجيا، و هما جناحا الإيمان يطير بهما العبد المحقّق إلى رضوان اللّه، و عينا عقله يبصر بهما إلى وعد اللّه تعالى و وعيده

ص:294


1- -الخصال ج 1 ص 85 باب الثلاثة في ح 12
2- المستدرك ج 11 ص 228 ب 14 ح 2
3- المستدرك ج 11 ص 229 ح 9
4- المستدرك ج 11 ص 231 في ح 14

و الخوف طالع عدل اللّه باتقاء وعيده، و الرجاء داعي فضل اللّه و هو يحيي القلب و الخوف يميت النفس.

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: المؤمن بين خوفين: خوف ما مضى، و خوف ما بقي، و بموت النفس يكون حيوة القلب، و بحيوة القلب البلوغ إلى الاستقامة، و من عبد اللّه على ميزان الخوف و الرجاء لا يضلّ و يصل إلى مأموله، و كيف لا يخاف العبد و هو غير عالم بما يختم صحيفته و لا له عمل يتوسّل به استحقاقا، و لا قدرة له على شيء و لا مفرّ، و كيف لا يرجو و هو يعرف نفسه بالعجز و هو غريق في بحر آلاء اللّه و نعمائه من حيث لا تحصى و لا تعدّ.

و المحبّ يعبد ربّه على الرجاء بمشاهدة أحواله بعين سهر (بغير سهو ف ن) و الزاهد يعبد على الخوف.

قال اويس لهرم بن حيّان: قد عمل الناس على الرجاء، فقال: بل نعمل على الخوف، و الخوف خوفان: ثابت و عارض، فالثابت من الخوف يورث الرجاء، و العارض منه يورث خوفا ثابتا، و الرجاء رجاءان: عاكف و باد، فالعاكف منه يورث خوفا ثابتا يقوّي نسبة المحبّة، و البادي منه يصحّح أهل العجز و التقصير و الحياء. (1)

بيان:

«العاكف» : المقيم. «البادي» : الطاري.

32-عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال:

الخوف أمان. (الغرر ج 1 ص 7 ف 1 ح 97)

الخوف استظهار. (ص 11 ح 222)

الخشية شيمة السعداء. (ص 23 ح 643)

ص:295


1- -مصباح الشريعة ص 60 ب 88

الخوف جلباب العارفين-الوجل شعار المؤمنين. (ص 25 ح 715 و 719)

الرجاء لرحمة اللّه أنجح. (ص 48 ح 1368)

الخشية من عذاب اللّه شيمة المتّقين. (ص 70 ح 1783)

البكاء من خيفة اللّه للبعد عن اللّه عبادة العارفين. (ص 72 ح 1816)

العارف وجهه مستبشر متبسّم، و قلبه و جل محزون. (ص 86 ح 2008)

الخوف سجن النفس عن الذنوب، و رادعها عن المعاصي.

(ص 87 ح 2010)

البكاء من خشية اللّه ينير القلب و يعصم من معاودة الذنب.

(ص 89 ح 2027)

البكاء من خشية اللّه مفتاح الرحمة. (ص 91 ح 2073)

العبادة الخالصة أن لا يرجو الرجل إلاّ ربّه و لا يخاف إلاّ ذنبه.

(ص 99 ح 2150)

الخوف من اللّه في الدنيا يؤمن الخوف في الآخرة منه. (ص 103 ح 2178)

أعلمكم أخوفكم-أخوفكم أعرفكم. (ص 174 ف 8 ح 2 و 13)

أعظم البلاء انقطاع الرجاء. (ص 175 ح 31)

أعقل الناس محسن خائف. (ص 179 ح 109)

أعلم الناس باللّه سبحانه أخوفهم منه. (ص 191 ح 300)

أكثر الناس معرفة أخوفهم لربّه. (ص 192 ح 304)

أعظم الناس علما أشدّهم خوفا للّه سبحانه. (ص 193 ح 326)

أعلم الناس باللّه أكثرهم خشية له. (ص 194 ح 335)

أفضل المسلمين إسلاما من كان همّه لاخراه و اعتدل خوفه و رجاه.

(ص 204 ح 451)

إنّما السعيد من خاف العقاب فأمن، و رجا الثواب فأحسن، و اشتاق إلى الجنّة

ص:296

فأدلج. (1)(ص 302 ف 15 ح 47)

إذا خفت الخالق فررت إليه [إذا خفت المخلوق فررت منه].

(ص 312 ف 17 ح 55)

بكاء العبد من خشية اللّه يمحّص ذنوبه. (ص 343 ف 21 ح 11)

ثمرة الخوف الأمن. (ص 358 ف 23 ح 6)

خف ربّك و ارج رحمته يؤمنك ممّا تخاف و ينلك ما رجوت-خف تأمن و لا تأمن فتخف. (ص 395 ف 30 ح 15 و 17)

خف ربّك خوفا يشغلك عن رجائه، و أرجه رجاء من لا يؤمن (لا يأمن ف ن) خوفه. (ح 19)

خف اللّه خوف من شغل بالفكر قلبه، فإنّ الخوف مطيّة الأمن و سجن النفس عن المعاصي. (ح 21)

خشية اللّه جناح الإيمان-خوف اللّه يجلب لمستشعره الأمان-خف اللّه يؤمنك و لا تأمنه فيعذّبك. (ص 400 ح 54 إلى 56)

غاية المعرفة الخشية. (ج 2 ص 504 ف 56 ح 14)

غاية العلم الخوف من اللّه سبحانه. (ص 505 ح 32)

من حسن يقينه يرجو. (ص 614 ف 77 ح 79)

من خشي اللّه كثر علمه. (ص 621 ح 226)

من خاف اللّه قلّت مخافته. (ص 628 ح 355)

من كثرت مخافته قلّت آفته. (ص 630 ح 381)

من خاف اللّه لم يشف غيظه. (ص 638 ح 503)

ص:297


1- -في مجمع البحرين، « الدلجة» : هي سير الليل. . . و ربما أطلق الإدلاج على العبادة في الليل توسّعا، لأنّ العبادة سير إلى اللّه تعالى.

من خاف ربّه كفّ عن ظلمه. (ص 649 ح 674)

من خاف العقاب انصرف عن السيّئات. (ص 669 ح 966)

من خاف اللّه سبحانه آمنه اللّه من كلّ شيء-من خاف الناس أخافه اللّه سبحانه من كلّ شيء. (ص 704 ح 1352 و 1353)

نعم العبادة الخشية. (ص 770 ف 81 ح 6)

نعم الحاجز عن المعاصي الخوف. (ص 772 ح 34)

لا تخف إلاّ ذنبك. (ص 800 ف 85 ح 12)

لا ترج إلاّ ربّك. (ح 13)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في بابي البكاء ف 1 و الحزن في اللّه.

ص:298

59- الاستخارة

اشارة

فيه فصلان:

الفصل الأوّل: فضل طلب الخير من اللّه تعالى في كلّ أمر
الأخبار

1-عن الصادق عليه السّلام أنّه قال: يقول اللّه عزّ و جلّ: من شقاء عبدي أن يعمل الأعمال و لا يستخير بي. (1)

بيان:

«لا يستخير بي» في النهاية ج 2 ص 91، الخير: ضدّ الشرّ. . . و الخيرة بسكون الياء: الاسم منه. . . و الاستخارة: طلب الخيرة في الشيء، و هو استفعال منه، يقال:

استخر اللّه يخر لك، و منه دعاء الاستخارة: «اللهمّ خر لي» أي اختر لي أصلح الأمرين، و اجعل لي الخيرة فيه.

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من دخل في أمر بغير استخارة ثمّ ابتلي

ص:299


1- -البحار ج 91 ص 222 ب 1 من الاستخارات ح 1

لم يؤجر. (1)

3-عن بعض أصحابه قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: من أكرم الخلق على اللّه؟ قال: أكثرهم ذكرا للّه، و أعملهم بطاعته، قلت: فمن أبغض الخلق إلى اللّه؟ قال: من يتّهم اللّه، قلت: و أحد يتّهم اللّه؟ ! قال: نعم من استخار اللّه فجاءته الخيرة بما يكره، فسخط فذلك يتّهم اللّه. (2)

4-. . . عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما أبالي إذا استخرت اللّه على أيّ طرفيّ وقعت. و كان أبي يعلّمني الاستخارة كما يعلّمني السّور من القرآن. (3)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر.

بيان: «على أيّ طرفيّ» : أي طرفي الراحة و البلاء، أو المراد الأمر الذي أتردّد فيه، و لعلّ الخبر يرتبط بالفصل الثانيّ.

5-عن المفضل قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: ما استخار اللّه عزّ و جلّ عبد مؤمن إلاّ خار له، و إن وقع ما يكره. (4)

6-عن عبد العظيم الحسنيّ عن محمّد بن عليّ بن موسى عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام قال: بعثني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى اليمن فقال لي و هو يوصيني:

يا عليّ، ما حار من استخار، و لا ندم من استشار. . . (5)

7-عن الصادق عليه السّلام قال: إذا أراد أحدكم أمرا فلا يشاور فيه أحدا حتّى يبدأ فيشاور اللّه عزّ و جلّ، فقيل له: ما مشاورة اللّه عزّ و جلّ؟ قال: يستخير اللّه

ص:300


1- -البحار ج 91 ص 223 ح 2
2- البحار ج 91 ص 223 ح 2
3- البحار ج 91 ص 223 ح 3
4- البحار ج 91 ص 224 ح 4
5- البحار ج 91 ص 225 ح 5

فيه أوّلا ثمّ يشاور فيه، فإنّه إذا بدأ باللّه أجرى اللّه له الخير على لسان من شاء من الخلق. (1)

أقول:

«ما مشاورة اللّه؟» في الخبر 4: "قلت: و كيف أشاور ربّي؟ قال: تقول: أستخير اللّه مائة مرّة، ثمّ تشاور الناس فإنّ اللّه يجري لك الخيرة على لسان من أحبّ".

8-عن أبي الحسن العسكري عن آبائه عن الصادق عليهم السّلام قال: إذا عرضت لأحدكم حاجة فليستشر اللّه ربّه، فإن أشار عليه اتّبع، و إن لم يشر عليه توقّف، قال: فقال: يا سيّدي، و كيف أعلم ذلك؟ قال: تسجد عقيب المكتوبة و تقول: «اللهمّ خر لي» مائة مرّة، ثمّ تتوسّل بنا و تصلّي علينا و تستشفع بنا، ثمّ تنظر ما يلهمك تفعله و هو الذي أشار عليك به. (2)

9-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: صلّ ركعتين و استخر اللّه، فو اللّه ما استخار اللّه مسلم إلاّ خار له ألبتّة. (3)

10-عن ابن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول في الاستخارة:

تعظّم اللّه و تمجّده و تحمده و تصلّي على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، ثمّ تقول: «اللهمّ إنّي أسألك بأنّك عالم الغيب و الشهادة، الرحمن الرحيم، و أنت عالم للغيوب، أستخير اللّه برحمته» ثمّ قال: إن كان الأمر شديدا تخاف فيه قلت مائة مرّة، و إن كان غير ذلك قلته ثلاث مرّات. (4)

11-عن صفوان الجمّال عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما استخار اللّه عزّ و جلّ عبد في أمر قطّ مأة مرّة، يقف عند رأس (قبر ف ن) الحسين عليه السّلام، فيحمد اللّه و يهلّله

ص:301


1- -البحار ج 91 ص 252 ب 6 ح 1
2- البحار ج 91 ص 261 ب 7 ح 11
3- الوسائل ج 8 ص 63 ب 1 من صلاة الاستخارة ح 1
4- الوسائل ج 8 ص 68 ح 13

و يسبّحه و يمجّده و يثني عليه بما هو أهله، إلاّ رماه اللّه تبارك و تعالى بأخير الأمرين. (1)

أقول:

لاحظ الدعاء الثالث و الثلاثون من الصحيفة السجاديّة في الاستخارة.

ص:302


1- -قرب الاسناد ص 28- البحار ج 91 ص 260 باب الاستخارة بالدعاء في ح 9
الفصل الثانيّ: الاستخارة بالمعنى المصطلح أعني الاستخارة بالمصحف و الرقاع و السبحة

1-عن هارون بن خارجة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا أردت أمرا فخذ ستّ رقاع فاكتب في ثلاث منها: «بسم اللّه الرحمن الرحيم، خيرة من اللّه العزيز الحكيم لفلان بن فلانة افعل» و في ثلاث منها: «بسم اللّه الرحمن الرحيم خيرة من اللّه العزيز الحكيم لفلان بن فلانة لا تفعل» ثمّ ضعها تحت مصلاّك، ثمّ صلّ ركعتين، فإذا فرغت فاسجد سجدة و قل فيها مائة مرّة: «أستخير اللّه برحمته خيرة في عافية» ثمّ استو جالسا و قل: «اللهمّ خر لي و اختر لي في جميع أموري في يسر منك و عافية» .

ثمّ اضرب بيدك إلى الرقاع فشوّشها و أخرج واحدة واحدة، فإن خرج ثلاث متواليات افعل، فافعل الأمر الذي تريده، و إن خرج ثلاث متواليات لا تفعل فلا تفعله، و إن خرجت واحدة افعل و (واحدة) الاخرى لا تفعل فاخرج من الرقاع إلى خمس، فانظر أكثرها فاعمل به، ودع السادسة لا تحتاج إليها. (1)

ص:303


1- -الوسائل ج 8 ص 68 ب 2 من صلاة الاستخارة ح 1(الكافي ج 3 ص 470- مصباح الشيخ رحمه اللّه ص 480(ص 372) التهذيب ج 3 ص 470-المقنعة للمفيد رحمه اللّه ص 36- فتح الأبواب للسيّد بن طاووس رحمه اللّه ص 286-البحار ج 91 ص 230)

أقول:

قال في البحار (بعد ذكر الحديث عن غير واحد) : هذا أشهر طرق هذه الاستخارة و أوثقها، و عليه عمل أصحابنا و ليس فيه ذكر الغسل الخ.

فلا يصغى إلى قول من يقول: إنّ هذه الرواية شاذّة.

2-عن الحميري عن صاحب الزمان عليه السّلام، أنّه كتب إليه يسأله عن الرجل تعرض له الحاجة ممّا لا يدري أن يفعلها أم لا، فيأخذ خاتمين. . .

فأجاب عليه السّلام: الذي سنّه العالم عليه السّلام في هذه، الاستخارة بالرقاع و الصلاة. (1)

3-عن أبي عليّ اليسع القمّي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: اريد الشيء فأستخير اللّه فيه فلا يوفّق فيه الرأي، أفعله أو أدعه؟ فقال: انظر إذا قمت إلى الصلاة، فإنّ الشيطان أبعد ما يكون من الإنسان إذا قام إلى الصلاة، [فانظر إلى] أيّ شيء يقع في قلبك فخذ به، و افتتح المصحف فانظر إلى أوّل ما ترى فيه فخذ به، إن شاء اللّه. (2)

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا تتفأّل بالقرآن. (3)

5-ذكر الشيخ الإمام الخطيب المستغفريّ بسمرقند في دعواته: إذا أردت أن تتفأّل بكتاب اللّه عزّ و جلّ، فاقرأ سورة الإخلاص ثلاث مرّات، ثمّ صلّ على النبيّ و آله ثلاثا، ثمّ قل: «اللهمّ (إنّي) تفأّلت بكتابك و توكّلت عليك فأرني من كتابك ما هو مكتوم من سرّك المكنون في غيبك» ثمّ افتح الجامع و خذ الفال من الخطّ الأوّل في الجانب الأوّل من غير أن تعدّ الأوراق و الخطوط.

كذا أورد مسندا إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله. (4)

ص:304


1- -الوسائل ج 8 ص 73 ب 3
2- الوسائل ج 8 ص 78 ب 6
3- الوسائل ج 6 ص 233 ب 38 من قراءة القرآن ح 2
4- البحار ج 91 ص 241 باب الاستخارة بالقرآن ح 1- فتح الأبواب ص 156

بيان:

«الجامع» : القرآن التامّ لجميع السور و الآيات.

6-. . . وجدت بخطّ جدّ شيخنا البهائي رحمه اللّه نقلا من خطّ الشهيد رحمه اللّه. . .

عن المفضّل بن عمر قال: بينما نحن عند أبي عبد اللّه عليه السّلام إذ تذاكرنا أمّ الكتاب، فقال رجل من القوم: جعلني اللّه فداك، إنّا ربّما هممنا بالحاجة، فنتناول المصحف فنتفكّر في الحاجة التي نريدها، ثمّ نفتح في أوّل الوقت فنستدلّ بذلك على حاجتنا فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: و تحسنون؟ و اللّه ما تحسنون.

قلت: جعلت فداك و كيف نصنع؟ قال: إذا كان لأحدكم حاجة و همّ بها فليصلّ صلاة جعفر، و ليدع بدعائها، فإذا فرغ من ذلك فليأخذ المصحف ثمّ ينو فرج آل محمّد بدءا و عودا، ثمّ يقول:

«اللهمّ إن كان في قضائك و قدرك أن تفرّج عن وليّك و حجّتك في خلقك في عامنا هذا أو في شهرنا هذا، فأخرج لنا آية من كتابك نستدلّ بها على ذلك» ثمّ يعدّ سبع ورقات و يعدّ عشرة أسطر من خلف الورقة السابعة و ينظر ما يأتيه في الأحد عشر من السطور، فإنّه يبيّن لك حاجتك، ثمّ تعيد الفعل ثانية لنفسك. (1)

7-. . . من خطّ العلاّمة جمال الدين الحسن بن المطهّر الحلّي رحمه اللّه: روي عن الصادق عليه السّلام قال: إذا أردت الاستخارة من الكتاب العزيز فقل بعد البسملة:

«إن كان في قضائك و قدرك أن تمنّ على شيعة آل محمّد بفرج وليّك و حجّتك على خلقك فأخرج إلينا آية من كتابك نستدلّ بها على ذلك» ثمّ تفتح المصحف و تعدّ ستّ ورقات و من السابعة ستّة أسطر و تنظر ما فيه. (2)

ص:305


1- -البحار ج 91 ص 245 ح 5
2- البحار ج 91 ص 245 و 246

أقول:

الظاهر أنّه سقط منه: «ثمّ تعيد الفعل لنفسك» .

و هذه طريقتنا في الاستخارة بالمصحف، و هي مشهورة بين بعض صلحاء عصرنا، و عند بعضهم أنّها كالوحي و ذكروا منها عجائب.

8-قال رحمه اللّه: سمعت والدي رحمه اللّه يروي عن شيخه البهائي رحمه اللّه أنّه كان يقول:

سمعنا مذاكرة عن مشايخنا عن القائم صلوات اللّه عليه في الاستخارة بالسبحة؛ أنّه يأخذها و يصلّي على النبيّ و آله، ثلاث مرّات، و يقبض على السبحة و يعدّ اثنتين اثنتين، فإن بقيت واحدة فهو افعل، و إن بقيت اثنتان فهو لا تفعل. (1)

9-الشيخ الفقيه في الجواهر: و هناك استخارة اخرى مستعملة عند بعض أهل زماننا، و ربما نسبت إلى مولينا القائم عليه السّلام، و هي أن يقبض على السبحة بعد قرائة و دعاء، و يسقط ثمانية ثمانية، فإن بقي واحد فحسنة في الجملة، و إن بقي اثنان فنهى واحد، و إن بقي ثلاثة فصاحبها بالخيار، لتساوي الأمرين، و إن بقي أربعة فنهيان، و إن بقي خمسة فعند بعض أنّها يكون فيها تعب، و عند بعض أنّ فيها ملامة، و إن بقي ستّة فهي الحسنة الكاملة التي تجب العجلة، و إن بقي سبعة فالحال فيها كما ذكر في الخمسة من اختلاف الرأيين أو الروايتين، و إن بقي ثمانية فقد نهي عن ذلك أربع مرّات. . .

و يخطر بالبال أنّي عثرت في غير واحد من المجاميع على فأل لمعرفة قضاء الحاجة و عدمها ينسب إلى أمير المؤمنين عليه السّلام يقبض قبضة من حنطة أو غيرها ثمّ يسقط ثمانية ثمانية، و يحتمل أنّه على التفصيل المزبور، و لعلّه هو المستند في ذلك. . . (2)

ص:306


1- -البحار ج 91 ص 250 باب الاستخارة بالسبحة ح 4
2- جواهر الكلام ج 12 ص 172- المستدرك ج 6 ص 268 ب 10 من صلاة الاستخارة ح 2

أقول:

مختارنا في الاستخارة بالسبحة احدى طريقتين المذكورتين في الخبرين على السواء.

و قال السيّد بن طاووس: و ممّا وجدت من عجائب الاستخارات: أنّني قد بلغت من العمر نحو ثلاث و خمسين سنة و لم أزل أستخير مذ عرفت حقيقة الاستخارات، و ما وقع أبدا فيها خلل، و لا ما أكره، و لا ما يخالف السعادات و العنايات. . .

(راجع البحار ج 91 ص 233 و فتح الأبواب ص 224)

ص:307

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393734372C22426F6F6B4944223A31363731392C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3330382C2253686F77506167654E756D223A22333038222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030322F424B31353931344730303253312F424B3135393134473030325331503330382E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

حرف الدال

60- الدعاء

اشارة

فيه فصول:

الفصل الأوّل: فضله
الآيات

1- وَ إِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ اَلدّاعِ إِذا دَعانِ. . . (1)

2- اُدْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَ خُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ اَلْمُعْتَدِينَ- وَ لا تُفْسِدُوا فِي اَلْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها وَ اُدْعُوهُ خَوْفاً وَ طَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اَللّهِ قَرِيبٌ مِنَ اَلْمُحْسِنِينَ. (2)

3- . . . إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ اَلدُّعاءِ. (3)

4- . . . وَ يَدْعُونَنا رَغَباً وَ رَهَباً وَ كانُوا لَنا خاشِعِينَ. (4)

ص:309


1- -البقرة:186
2- الأعراف:55 و 56
3- إبراهيم:39
4- الأنبياء:90

5- قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ. . . (1)

6- أَمَّنْ يُجِيبُ اَلْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَ يَكْشِفُ اَلسُّوءَ وَ يَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ اَلْأَرْضِ أَ إِلهٌ مَعَ اَللّهِ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ. (2)

7- . . . يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَ طَمَعاً. . . (3)

8- فَادْعُوا اَللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ اَلدِّينَ وَ لَوْ كَرِهَ اَلْكافِرُونَ -. . . فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ اَلدِّينَ. . . (4)

9- وَ قالَ رَبُّكُمُ اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ اَلَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ. (5)

الأخبار

1-عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: إِنَّ اَلَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ قال: هو الدعاء و أفضل العبادة الدعاء، قلت: إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوّاهٌ حَلِيمٌ (6)قال: الأوّاه هو الدعّاء. (7)

بيان:

«الدعاء» في المصباح، دعوت اللّه أدعوه دعاء: ابتهلت إليه بالسؤال و رغبت فيما عنده من الخير، و دعوت زيدا: ناديته و طلبت إقباله.

ص:310


1- -الفرقان:77
2- النمل:62
3- السجدة:16
4- المؤمن:14 و 65
5- المؤمن:60
6- التوبة:114
7- الكافي ج 2 ص 338 باب فضل الدعاء ح 1

و في المرآة ج 12 ص 1: قد يطلق الدعاء على الذكر أيضا، كما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:

أفضل الدعاء الحمد للّه. قال الطيّبي: لأنّه سؤال لطيف يدقّ مسلكه. . .

و في النهاية: في حديث عرفة، أكثر دعائي و دعاء الأنبياء قبلي بعرفات: «لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد و هو على كلّ شيء قدير» إنّما سمّي التهليل و التحميد و التمجيد دعاء، لأنّه بمنزلته في استيجاب ثواب اللّه و جزائه كالحديث الآخر: إذا شغل عبدي ثناؤه عليّ عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطى السائلون.

2-عن سدير قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام: أيّ العبادة أفضل؟ فقال:

ما من شيء أفضل عند اللّه عزّ و جلّ من أن يسأل و يطلب ممّا عنده، و ما أحد أبغض إلى اللّه عزّ و جلّ ممّن يستكبر عن عبادته و لا يسأل ما عنده. (1)

3-عن ميسر بن عبد العزيز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال لي: يا ميسر، ادع و لا تقل: إنّ الأمر قد فرغ منه، إنّ عند اللّه عزّ و جلّ منزلة لا تنال إلاّ بمسألة، و لو أنّ عبدا سدّ فاه و لم يسأل لم يعط شيئا، فسل تعط، يا ميسر، إنّه ليس من باب يقرع إلاّ يوشك أن يفتح لصاحبه. (2)

بيان:

«الأمر» : حدوث الحوادث و تدبيره. «قد فرغ» : لعلّ المراد أن لا تقول: إنّ القدر و القضاء مانع من الدعاء. و زاد في ح 7: قال زرارة: إنّما يعني لا يمنعك إيمانك بالقضاء و القدر أن تبالغ بالدعاء و تجتهد فيه.

4-قال أبو عبد اللّه 7: من لم يسأل اللّه عزّ و جلّ من فضله [فقد]افتقر. (3)

5-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أحبّ الأعمال إلى اللّه

ص:311


1- -الكافي ج 2 ص 338 ح 2
2- الكافي ج 2 ص 338 ح 3
3- الكافي ج 2 ص 339 ح 4

عزّ و جلّ في الأرض الدعاء، و أفضل العبادة العفاف، قال: و كان أمير المؤمنين عليه السّلام رجلا دعّاء. (1)

6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الدعاء سلاح المؤمن و عمود الدين و نور السماوات و الأرض. (2)

7-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الدعاء مفاتيح النجاح و مقاليد الفلاح، و خير الدعاء ما صدر عن صدر نقيّ و قلب تقيّ، و في المناجاة سبب النجاة، و بالإخلاص يكون الخلاص، فإذا اشتدّ الفزع فإلى اللّه المفزع. (3)

بيان:

في المصباح: أنجحت الحاجة إنجاحا و أنجح الرجل أيضا: إذا قضيت له الحاجة، و الاسم النجاح بالفتح. «المقلاد» : ج مقاليد، المفتاح و الخزانة. «اشتدّ الفزع» : أي الخوف من البلايا و الأعداء و شدائد الدنيا و الآخرة. «المفزع» : مصدر ميمي بمعنى الاستغاثة و الاستعانة.

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أ لا أدلّكم على سلاح ينجيكم من أعدائكم و يدرّ أرزاقكم؟ قالوا: بلى، قال: تدعون ربّكم بالليل و النهار، فإنّ سلاح المؤمن الدعاء. (4)

بيان:

«الإدرار» : الإكثار.

9-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الدعاء ترس المؤمن

ص:312


1- -الكافي ج 2 ص 339 ح 8
2- الكافي ج 2 ص 339 باب أنّ الدعاء سلاح المؤمن ح 1
3- الكافي ج 2 ص 340 ح 2
4- الكافي ج 2 ص 340 ح 3

و متى تكثر قرع الباب يفتح لك. (1)

بيان:

«ترس» : يقال بالفارسيّة: سپر.

10-عن الرضا عليه السّلام أنّه كان يقول لأصحابه: عليكم بسلاح الأنبياء، فقيل: و ما سلاح الأنبياء؟ قال: الدعاء. (2)

11-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الدعاء أنفذ من السنان الحديد. (3)

بيان:

«الحديد» : أي الحادّ النافذ.

12-عن حمّاد بن عثمان قال: سمعته يقول: إنّ الدعاء يردّ القضاء، ينقضه كما ينقض السلك و قد ابرم إبراما. (4)

بيان:

في المصباح، نقضت البناء: . . . إذا هدم. . . و نقضت الحبل نقضا أيضا: حللت برمه، و منه يقال: نقضت ما أبرمه إذا أبطلته، و انتقض هو بنفسه. . . «السلك» : الخيط.

«أبرم» في المصباح: . . . أبرمت العقد إبراما: أحكمته. . .

13-عن أبي الحسن عليه السّلام قال: كان عليّ بن الحسين عليه السّلام يقول: الدعاء يدفع البلاء النازل و ما لم ينزل. (5)

14-عن علاء بن كامل قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: عليك بالدعاء فإنّه

ص:313


1- -الكافي ج 2 ص 340 ح 4
2- الكافي ج 2 ص 340 ح 5
3- الكافي ج 2 ص 340 ح 7
4- الكافي ج 2 ص 340 باب أنّ الدعاء يردّ البلاء و القضاء ح 1
5- الكافي ج 2 ص 341 ح 5

شفاء من كلّ داء. (1)

15-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الدعاء كهف الإجابة، كما أنّ السحاب كهف المطر. (2)

بيان:

في المرآة، «كهف الإجابة» : أي مخزن الإجابة و محلّها و مظنّها كما أنّ السحاب محلّ المطر و مظنّته.

16-عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: هل تعرفون طول البلاء من قصره؟ قلنا: لا، قال: إذا الهم أحدكم الدعاء عند البلاء فاعلموا أنّ البلاء قصير. (3)

17-عن سماعة قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من سرّه أن يستجاب له في الشدّة فليكثر الدعاء في الرخاء. (4)

18-عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان جدّي يقول:

تقدّموا في الدعاء، فإنّ العبد إذا كان دعّاء فنزل به البلاء فدعا، قيل: صوت معروف، و إذا لم يكن دعّاء فنزل به بلاء فدعا، قيل: أين كنت قبل اليوم. (5)

أقول:

«قيل صوت معروف» : في ح 1 بدلها: "قالت الملائكة: صوت معروف و لم يحجب عن السماء. . . "

19-قال الباقر عليه السّلام لبريد بن معاوية، و قد سأله كثرة القرائة أفضل أم

ص:314


1- -الكافي ج 2 ص 341 باب أنّ الدعاء شفاء من كلّ داء
2- الكافي ج 2 ص 342 باب أنّ من دعاء استجيب له ح 1
3- الكافي ج 2 ص 342 باب إلهام الدعاء ح 1
4- الكافي ج 2 ص 343 باب التقدّم في الدعاء ح 4
5- الكافي ج 2 ص 343 ح 5

كثرة الدعاء، فقال عليه السّلام: كثرة الدعاء أفضل ثمّ قرء: قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ. (1)

20-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: الدعاء مخّ العبادة. (2)

بيان:

في مجمع البحرين، مخّ كلّ شيء: خالصه، و في الحديث: «الدعاء مخّ العبادة» لأنّه أصلها و خالصها لما فيه من امتثال أمر اللّه و لما فيه من قطع الأمل عمّا سواه، و لأنّه إذا رأى نجاح الامور من اللّه قطع نظره عمّن سواه و دعاه لحاجته، و هذا هو أصل العبادة، و لأنّ الغرض من العبادة الثواب عليها و هو المطلوب بالدعاء.

21-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: افزعوا إلى اللّه في حوائجكم، و الجئوا إليه في ملمّاتكم، و تضرّعوا إليه و ادعوه، فإنّ الدعاء مخّ العبادة، و ما من مؤمن يدعوا اللّه إلاّ استجاب له، فإمّا أن يعجّل له في الدنيا أو يؤجّل له في الآخرة، و إمّا أن يكفّر عنه من ذنوبه بقدر ما دعا ما لم يدع بمأثم. (3)

بيان:

«الملمّات» : الشدائد. «مأثم» : الأمر الذي يأثم به الإنسان.

22-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أعجز الناس من عجز عن الدعاء، و أبخل الناس من بخل بالسلام. (4)

23-عن سيف التّمار قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: عليكم بالدعاء، فإنّكم لا تقربون بمثله. . . (5)

ص:315


1- -عدّة الداعي ص 14
2- عدّة الداعي ص 24
3- عدّة الداعي ص 34
4- عدّة الداعي ص 34-و صدره في الغرر (ج 1 ص 188 ح 254) عن أمير المؤمنين عليه السّلام
5- الوسائل ج 7 ص 30 ب 3 من الدعاء ح 3

24-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أفضل العبادة الدعاء، و إذا أذن اللّه لعبد في الدعاء فتح له أبواب الرحمة، إنّه لن يهلك مع الدعاء أحد. (1)

25-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: الدعاء سلاح المؤمن و عمود الدين. (2)

26-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ اللّه عزّ و جلّ كره إلحاح الناس بعضهم على بعض في المسأله و أحبّ ذلك لنفسه، إنّ اللّه عزّ و جلّ يحبّ أن يسأل و يطلب ما عنده. (3)

27-قال أبو الحسن الرضا عليه السّلام: دعوة العبد سرّا دعوة واحدة تعدل سبعين دعوة علانية.

قال الكليني رحمه اللّه: و في رواية اخرى: دعوة تخفيها أفضل عند اللّه من سبعين دعوة تظهرها. (4)

28-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أدّى للّه مكتوبة فله في إثرها دعوة مستجابة. (5)

29-في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: و اعلم أنّ الذي بيده خزائن السموات و الأرض قد أذن لك في الدعاء و تكفّل لك بالإجابة، و أمرك أن تسأله ليعطيك و تسترحمه ليرحمك، و لم يجعل بينك و بينه من يحجبه عنك، و لم يلجئك إلى من يشفع لك إليه، و لم يمنعك إن أسأت من التوبة، و لم يعاجلك بالنقمة. . .

ثمّ جعل في يديك مفاتيح خزائنه بما أذن لك فيه من مسألته، فمتى شئت

ص:316


1- -الوسائل ج 7 ص 31 ح 7
2- الوسائل ج 7 ص 39 ب 8 ح 8
3- الوسائل ج 7 ص 58 ب 20 ح 2
4- الوسائل ج 7 ص 63 ب 22 ح 1 و 2
5- الوسائل ج 6 ص 431 ب 1 من التعقيب ح 9

استفتحت بالدعاء أبواب نعمته، و استمطرت شآبيب رحمته، فلا يقنطنّك إبطاء إجابته، فإنّ العطيّة على قدر النيّة، و ربّما أخّرت عنك الإجابة ليكون ذلك أعظم لأجر السائل، و أجزل لعطاء الآمل، و ربّما سألت الشيء فلا تؤتاه و أوتيت خيرا منه عاجلا أو آجلا، أو صرف عنك لما هو خير لك، فلربّ أمر قد طلبته فيه هلاك دينك لو أوتيته، فلتكن مسألتك فيما يبقى لك جماله، و ينفى عنك و باله، فالمال لا يبقى لك و لا تبقى له. . . (1)

أقول:

قد مرّ في باب التوبة؛ عنه عليه السّلام: من أعطي الدعاء لم يحرم الإجابة.

(نهج البلاغة ص 1151 في ح 130)

بيان: «استمطرت شآبيب رحمته» الشآبيب: جمع الشؤبوب: و هو الدفعة من المطر (بارانهاى رحمتش را درخواست نمائى) .

30-و قال عليه السّلام: سوسو إيمانكم بالصدقة و حصّنوا أموالكم بالزكاة، و ادفعوا أمواج البلاء بالدعاء. (2)

أقول:

نظيره في قرب الاسناد ص 55: عن الصادق عن أبيه عليهما السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و زاد في آخره: فإنّه ما يصاد ما تصيد من الطير إلاّ بتضييعهم التسبيح.

31-و قال عليه السّلام: ما المبتلى الذي قد اشتدّ به البلاء بأحوج إلى الدعاء من المعافى الذي لا يأمن البلاء. (3)

32-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لا يردّ القضاء إلاّ الدعاء. (4)

ص:317


1- -نهج البلاغة ص 923 في ر 31
2- نهج البلاغة ص 1154 ح 138
3- نهج البلاغة ص 1231 ح 294
4- مكارم الأخلاق ص 268 ب 10 ف 1

33-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : ادفعوا أمواج البلاء عنكم بالدعاء قبل ورود البلاء، فو الذي فلق الحبّة و برأ النسمة، للبلاء أسرع إلى المؤمن من انحدار السيل من أعلى التلعة إلى أسفلها، و من ركض البراذين. . .

و قال عليه السّلام: الدعاء يردّ القضاء المبرم، فاتّخذوه عدّة. (1)

بيان:

«التلعة» : ما ارتفع من الأرض، و الجمع تلاع مثل كلبة كلاب.

«البرذون» : جمع براذين، يقال بالفارسيّة: قاطر و اسب تركى.

34-عن عليّ بن السريّ قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ اللّه عزّ و جلّ جعل أرزاق المؤمنين من حيث لم يحتسبوا و ذلك أنّ العبد إذا لم يعرف وجه رزقه كثر دعاؤه. (2)

35-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ما من مسلم دعا اللّه تعالى بدعوة ليست فيها قطيعة رحم، و لا استجلاب إثم، إلاّ أعطاه اللّه تعالى بها إحدى خصال ثلاث: إمّا أن يعجّل له الدعوة، و إمّا أن يدّخرها في الآخرة، و إمّا أن يرفع عنه مثلها من السوء. (3)

36-و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لا تستحقروا دعوة أحد، فإنّه يستجاب لليهوديّ فيكم، و لا يستجاب له في نفسه. (4)

37-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: البلاء معلّق بين السماء و الأرض مثل القنديل، فإذا سأل العبد ربّه العافية، صرف اللّه عنه البلاء.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: سلوا اللّه عزّ و جلّ ما بدا لكم من حوائجكم حتّى شسع النعل، فإنّه

ص:318


1- -البحار ج 93 ص 289 باب فضل الدعاء ح 5
2- البحار ج 93 ص 289 ح 7
3- البحار ج 93 ص 294 في ح 23
4- البحار ج 93 ص 294 في ح 23

إن لم ييسّره لم يتيسّر.

و قال: ليسأل أحدكم ربّه حاجته كلّها، حتّى يسأله شسع نعله إذا انقطع. (1)

38-. . . و في الحديث القدسي: يا موسى، سلني كلّ ما تحتاج إليه حتّى علف شاتك، و ملح عجينك. (2)

39-و عن الصادق عليه السّلام: عليكم بالدعاء فإنّكم لا تقربون إلى اللّه بمثله، و لا تتركوا صغيرة لصغرها أن تدعوا بها، فإنّ صاحب الصغار هو صاحب الكبار. (3)

40-و في الدعوات، قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ العبد لتكون له الحاجة إلى اللّه، فيبدأ بالثناء على اللّه، و الصلاة على محمّد و آله، حتّى ينسى حاجته، فيقضيها من غير أن يسأله إيّاها. و قول «لا إله إلاّ اللّه» سيّد الأذكار. (4)

41-قال الحسن بن عليّ عليهما السّلام: من قرأ القرآن كانت له دعوة مجابة، إمّا معجّلة و إمّا مؤجّلة. (5)

أقول:

سيأتي في باب الصوم؛ أنّ للصائم عند إفطاره دعوة لا تردّ.

42-عن سلمان رحمه اللّه عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: إنّ اللّه ليستحي من العبد أن يرفع إليه يديه فيردّهما خائبتين. (6)

43-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من شغلته عبادة اللّه عن مسألته أعطاه اللّه أفضل

ص:319


1- -البحار ج 93 ص 295 في ح 23-و بمضمونه في كنز العمّال خ 3142 و خ 3139
2- البحار ج 93 ص 303 في ح 39
3- البحار ج 93 ص 303 في ح 39
4- البحار ج 93 ص 313 باب آداب الدعاء و الذكر في ح 17
5- البحار ج 93 ص 313 في ح 17
6- البحار ج 93 ص 365 باب أنّ من دعا استجيب له ح 11

ما يعطي السائلين. (1)

أقول:

في مصباح الشريعة ص 15 ب 19، قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: قال اللّه: من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين.

و بمضمونه في كنز العمّال خ 1873 و 1874 و 1875

44-عن أمير المؤمنين عليه السّلام:

الدعاء سلاح الأولياء. (الغرر ج 1 ص 28 ف 1 ح 828)

أنفذ السهام دعوة المظلوم. (ص 181 ف 8 ح 152)

أعلم الناس باللّه سبحانه أكثرهم له مسألة. (ص 202 ح 434)

إنّ للّه سبحانه سطوات و نقمات فإذا نزلت بكم فادفعوها بالدعاء، فإنّه لا يدفع البلاء إلاّ الدعاء. (ص 229 ف 9 ح 136)

سلاح المؤمن الدعاء. (ص 432 ف 39 ح 10)

من سأل غير اللّه استحقّ الحرمان. (ج 2 ص 628 ف 77 ح 348)

من سأل اللّه أعطاه. (ص 632 ح 418)

من أعطي الدعاء لم يحرم الإجابة. (ص 637 ح 488)

من قرع باب اللّه سبحانه فتح له. (ص 647 ح 636)

من دعا اللّه أجابه. (ص 713 ح 1437)

من استدام قرع الباب و لجّ ولج. (ص 718 ح 1458)

ما من شيء أحبّ إلى اللّه سبحانه من أن يسأل. (ص 745 ف 79 ح 152)

نعم السلاح الدعاء. (ص 773 ف 81 ح 59)

ص:320


1- -البحار ج 93 ص 342 باب الرغبة و الرهبة في ح 11
الفصل الثانيّ: آداب الدعاء و شرائط استجابته

و هي كثيرة، و تنقسم إلى أقسام لأنّها إمّا راجع إلى حالات الداعي و إمّا إلى نفس الدعاء أو إلى زمان الدعاء و مكانه إلى غير ذلك و إنّا نذكر بعضها اختصارا مع بعض الأخبار:

1-معرفة الربّ

عن موسى بن جعفر عليهما السّلام قال: قال قوم للصادق عليه السّلام: ندعوا فلا يستجاب لنا؟ قال: لأنّكم تدعون من لا تعرفونه. (1)

و عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يقول اللّه عزّ و جلّ: من سألني و هو يعلم أنّي أضرّ و أنفع استجيب له. (2)

2-حسن الظنّ باللّه تعالى في الإجابة.

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا دعوت فظنّ أنّ حاجتك بالباب. (3)

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ادعوا اللّه و أنتم موقنون بالإجابة. (4)

ص:321


1- -التوحيد للصدوق رحمه اللّه ص 288 ب 41 ح 7
2- عدّة الداعي ص 131
3- الكافي ج 2 ص 343 باب اليقين في الدعاء
4- عدّة الداعي ص 132

3-اليأس من الناس كلّهم.

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا أراد أحدكم أن لا يسأل ربّه شيئا إلاّ أعطاه، فلييأس من الناس كلّهم و لا يكون له رجاء إلاّ عند اللّه، فإذا علم اللّه عزّ و جلّ ذلك من قلبه لم يسأل اللّه شيئا إلاّ أعطاه. (1)

4-الإقبال بالقلب عند الدعاء.

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ اللّه عزّ و جلّ لا يستجيب دعاء بظهر قلب ساه، فإذا دعوت فأقبل بقلبك ثمّ استيقن بالإجابة. (2)

بيان:

«ساه» : من سها يسهو فهو ساه: الغافل.

و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ اللّه عزّ و جلّ لا يستجيب دعاء بظهر قلب قاس. (3)

5-التضرّع و الرغبة و البكاء

عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا رقّ أحدكم فليدع، فإنّ القلب لا يرقّ حتّى يخلص. (4)

و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا اقشعرّ جلدك و دمعت عيناك، فدونك دونك، فقد قصد قصدك. (5)

و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: اغتنموا الدعاء عند الرقّة، فإنّها رحمة. (6)

و فيما أوحى اللّه إلى موسى عليه السّلام: يا موسى، كن إذا دعوتني خائفا مشفقا و وجلا

ص:322


1- -الكافي ج 2 ص 119 باب الاستغناء عن الناس ح 2- البحار ج 93 ص 314
2- الكافي ج 2 ص 343 باب الإقبال على الدعاء ح 1
3- الكافي ج 2 ص 344 ح 4
4- الكافي ج 2 ص 346 باب الأوقات و الحالات. . . ح 5
5- الكافي ج 2 ص 347 ح 8
6- البحار ج 93 ص 347 ب 21 في ح 14

و عفّر وجهك في التراب، و اسجد لي بمكارم بدنك، و اقنت بين يدي في القيام، و ناجني حيث ناجيتني بخشية من قلب وجل. . . (1)

و قد مرّ ما يدلّ على المقام في باب البكاء ف 1.

6-الثناء و التمجيد قبل الدعاء

يدلّ على ذلك الأدعيّة المرويّة عنهم عليهم السّلام، خصوصا أدعية الصحيفة السجاديّة على منشئها السلام.

و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إيّاكم إذا أراد أحدكم أن يسأل من ربّه شيئا من حوائج الدنيا و الآخرة حتّى يبدأ بالثناء على اللّه عزّ و جلّ و المدح له، و الصلاة على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، ثمّ يسأل اللّه حوائجه. (2)

7-الصلاة على النبيّ و آله قبل الدعاء و بعده.

سيأتي الأخبار في باب الصلاة على النبيّ و آله إن شاء اللّه.

و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا يزال الدعاء محجوبا حتّى يصلّى على محمّد و آل محمّد. (3)

و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من كانت له إلى اللّه عزّ و جلّ حاجة فليبدأ بالصلاة على محمّد و آله، ثمّ يسأل حاجته ثمّ يختم بالصلاة على محمّد و آل محمّد، فإنّ اللّه عزّ و جلّ أكرم من أن يقبل الطرفين و يدع الوسط إذ كانت الصلاة على محمّد و آل محمّد لا تحجب عنه. (4)

8-التوسّل بمحمّد و آله عليهم السّلام و جعلهم شفعاء إلى اللّه تعالى.

الأخبار في المقام كثيرة جدّا، روتها العامّة و الخاصّة نذكر بعضها:

ص:323


1- -عدّة الداعي ص 155
2- الكافي ج 2 ص 351 باب الثناء قبل الدعاء ح 1
3- الكافي ج 2 ص 356 باب الصلاة على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ح 1
4- الكافي ج 2 ص 358 ح 16 و نظيره في نهج البلاغة ص 1255 ح 353

عن داود الرقّي قال: إنّي كنت أسمع أبا عبد اللّه عليه السّلام أكثر ما يلحّ به في الدعاء على اللّه بحقّ الخمسة، يعني؛ رسول اللّه، و أمير المؤمنين، و فاطمة، و الحسن، و الحسين عليهم السّلام. (1)

و عن المفضل بن عمر عن الصادق عليه السّلام، في قوله تعالى: وَ إِذِ اِبْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ (2)قال: هي الكلمات التي تلقّاها آدم من ربّه فتاب عليه، و هو أنّه قال:

«يا ربّ، أسألك بحقّ محمّد و عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين إلاّ تبت عليّ، فتاب عليه» . . . (3)

و عن سلمان الفارسي قال: سمعت محمّدا صلّى اللّه عليه و آله يقول: إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول:

يا عبادي، أ و ليس من له إليكم حوائج كبار لا تجودون بها إلاّ أن يتحمّل عليكم بأحبّ الخلق إليكم تقضونها كرامة لشفيعهم؟ ألا فاعلموا أنّ أكرم الخلق عليّ و أفضلهم لديّ، محمّد و أخوه عليّ، و من بعده الأئمّة الذين هم الوسائل إلى اللّه، فليدعني من همّته حاجة يريد نفعها أو دهمته داهية يريد كشف ضرّها بمحمّد و آله الطيّبين الطاهرين أقضها له أحسن ما يقضيها من تستشفعون له بأعزّ الخلق إليه. (4)

و عن الرضا عليه السّلام قال: إذا نزلت بكم شدّة، فاستعينوا بنا على اللّه، و هو قول اللّه:

وَ لِلّهِ اَلْأَسْماءُ اَلْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها (5)قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: نحن و اللّه الأسماء الحسنى، الذي لا يقبل من أحد إلاّ بمعرفتنا، قال: فَادْعُوهُ بِها. (6)

و قد مرّت أخبار كثيرة في باب الإمامة ف 5، و تدلّ على ذلك الأدعيّة المأثورة عنهم عليهم السّلام.

ص:324


1- -الوسائل ج 7 ص 97 ب 37 من أبواب الدعاء ح 1
2- البقرة:124
3- الوسائل ج 7 ص 99 ح 4
4- الوسائل ج 7 ص 101 ح 8
5- الأعراف:180
6- المستدرك ج 5 ص 229 ب 35 من الدعاء ح 4

9-أنّه ينتخب الأدعية المأثورة عنهم عليهم السّلام،

في المراقبات للميرزا جواد التبريزي رحمه اللّه ص 105: و ليتأمّل في أخبار الباب ثمّ يتفكّر في عمل الأئمّة عليهم السّلام في هذا الأمر و ما أنشأوا من الدعوات الجليلة و المضامين اللطيفة، فإنّه يجد في ذلك فوق حدود البشر من فنون العلم بأسماء اللّه و صفاته، و ما يقتضيه جماله و جلاله، و حقّ أدب العبوديّة مع كلّ فيما يناسبه مقامه و أوصافه و أحواله، و كيفيّة الاستعطاف و الاسترحام، و لطيف الاستدلالات في استيجاب عفوه و كرمه و فضله، و عرض مذلّة الاعتراف بمقدّس أبواب رأفته و رحمته، و لعمري لو كان للأنسان فكرة أو فطنة لكفاه ما صدر في ذلك من أئمّة الحقّ عن كلّ معجز في إثبات الرسالة و الإمامة.

و من أراد من أهل العلم أن يفهم شيئا من عظمة هذا الأمر فليعمل دعاء أو ينشئ مناجاة و لكن بغير ما تعلّم من أدعيتهم و مناجاتهم، و يعرضها على ما صدر عنهم فحينئذ يعلم قدر ما صنعوا في ذلك، و من كان له ذرّة من معرفة النفس ثمّ غاص في بحار ما أوردوها من الدعاء و المناجاة يصدّق كثرة ما أودعوا فيها من فنون المعارف و حدّ إعجازها، و هذا العبد المسكين الجاهل، لا أجد عشر عشير ما بيّنوها من ذلك في الأدعية و المناجاة في غيرها من الأخبار المفصّلات، بل و الخطب أيضا إلاّ ما كان منها من مخاطبة الربّ تعالى في مقام توحيده و تسبيحه و حمده.

و قد تخيّلت لهذا المطلب أيضا سرّا و حكمة، و هو أنّ الأخبار إنّما هي تكلّم مع الناس، و الأدعية و المناجاة تكلّم مع اللّه جلّ جلاله، و الذي يظهر من العلم عند التكلّم مع العالم لا يظهر عند التكلّم مع الجاهل.

و بالجملة هذه الأدعية الواردة عنهم عليهم السّلام كأنّها جواب ما ورد في القرآن المبين، و بعبارة أخرى قرآن مرفوع في جواب القرآن النازل، و القرآن كلام الربّ تعالى و مناجاته مع عبده و رسوله صلّى اللّه عليه و آله، و الأدعية كلام و مناجاة من رسوله صلّى اللّه عليه و آله و أولياءه مع الربّ تعالى، و لا يعرف حقيقة ذلك إلاّ الأقلّون، و لأئمّة الدين في هذه الأدعية الواردة منّة و نعمة عظيمة علينا يعجز عنه شكر الشاكرين و من واجب شكر هذه النعمة أن لا يضيّعوها بل يجتهدوا

ص:325

في أعمالها و تصحيحها و تكميل شرائطها.

10-أن يدعو اللّه باسمه الأعظم و أسمائه الحسنى، و يقال قبل الدعاء: «يا اللّه» عشرا، و «ربّ» عشرا، و «أي ربّ» ثلاثا، و «يا أرحم الراحمين» سبعا، و يقال بعد الدعاء: «ما شاء اللّه لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه» .

و الأخبار في المقام كثيرة فراجع الوسائل و غيره.

11-الإقرار بالذنب و الاستغفار منه قبل الدعاء.

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّما هي المدحة، ثمّ الثناء، ثمّ الإقرار بالذنب، ثمّ المسألة، إنّه و اللّه ما خرج عبد من ذنب إلاّ بالإقرار. (1)

12-طيب المأكل و الملبس و المكسب.

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من سرّه أن يستجاب له دعوته فليطب مكسبه. (2)

و في الحديث القدسيّ: فمنك الدعاء و عليّ الإجابة فلا تحتجب عنّي دعوة إلاّ دعوة آكل الحرام.

و عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من أحبّ أن يستجاب دعائه فليطيب مطعمه و كسبه.

و قال عليه السّلام لمن قال له: أحبّ أن يستجاب دعائي، قال له: طهّر مأكلك و لا تدخل بطنك الحرام. (3)

و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أطب كسبك تستجاب دعوتك، فإنّ الرجل يرفع اللقمة إلى فيه حراما فما تستجاب له أربعين يوما. (4)

و قد مرّ ما يناسب المقام في باب المال الحرام.

ص:326


1- -الكافي ج 2 ص 351 باب الثناء قبل الدعاء ح 3
2- الكافي ج 2 ص 353 ح 9
3- عدّة الداعي ص 128
4- البحار ج 93 ص 358 ب 22 في ح 16

13-ترك التعجيل

عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه قال: لا يزال المؤمن بخير و رجاء، رحمة من اللّه عزّ و جلّ، ما لم يستعجل فيقنط و يترك الدعاء، قلت له: كيف يستعجل؟ قال: يقول:

قد دعوت منذ كذا و كذا و ما أرى الإجابة. (1)

14-ذكر الحوائج

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ اللّه تعالى يعلم ما يريد العبد إذا دعا و لكن يحبّ أن يبثّ إليه الحوائج. (2)

15-استحباب الاجتماع في الدعاء من الأربعة إلى أربعين.

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما من رهط أربعين رجلا اجتمعوا فدعوا اللّه عزّ و جلّ في أمر إلاّ استجاب اللّه لهم، فإن لم يكونوا أربعين فأربعة يدعون اللّه عزّ و جلّ عشر مرّات إلاّ استجاب اللّه لهم، فإن لم يكونوا أربعة فواحد يدعو اللّه أربعين مرّة فيستجيب اللّه العزيز الجبّار له. (3)

و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان أبي عليه السّلام إذا حزنه أمر جمع النساء و الصبيان ثمّ دعا و أمّنوا. (4)

16-التعميم في الدعاء.

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا دعا أحدكم فليعمّ، فإنّه أوجب للدعاء. (5)

و روي أنّه إذا دعا العبد و لم يضمّ المسلمين إلى نفسه، قال اللّه تعالى: ملائكتي،

ص:327


1- -الكافي ج 2 ص 355 باب من أبطأت عليه الإجابة ح 8
2- مكارم الأخلاق ص 270 ب 10 ف 1
3- الكافي ج 2 ص 353 باب الاجتماع في الدعاء ح 1
4- الكافي ج 2 ص 353 ح 3
5- الكافي ج 2 ص 354 باب العموم في الدعاء.

يحسب عبدي أنّه يسأل عن بخيل، و إذا أعرض عن حاجته و دعا لهم، قالت الملائكة: بدأ اللّه بك. . . (1)

17-تختّم الداعي الفيروزج و العقيق، و استقبال القبلة، و رفع اليدين و إعطاء الصدقة، و شمّ الطيب، و غير ذلك.

قال اللّه تعالى: فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً (2)و الأخبار في المقام كثيرة، راجع الوسائل و غيره، و سيأتي بعضها في أبواب الصدقة، اللبس، و. . .

18-ترك الداعي فعل الحرام و تركه الظلم و قطع الرحم و ردّه المظالم و. . .

قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : يا صاحب الدعاء، لا تسأل عمّا لا يكون و لا يحلّ. (3)

و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال الله عزّ و جلّ: و عزّتي و جلالي، لا أجيب دعوة مظلوم دعاني في مظلمة ظلمها و لأحد عنده مثل تلك المظلمة. (4)

و يأتي ما يناسب المقام في ف 4.

19-انتخاب الأوقات و الأمكنة الشريفة و المقدّسة.

سيأتي الأخبار في ف 5.

20-ترك المسأله في الامور الدنيويّة غير الضروريّة.

قال أبو محمّد العسكريّ عليه السّلام: ادفع المسأله ما وجدت التحمّل يمكنك، فإنّ لكلّ يوم رزقا جديدا و اعلم أنّ الإلحاح في المطالب يسلب البهاء، و يورث التعب و العناء، فاصبر حتّى يفتح اللّه بابا يسهل الدخول فيه، فما أقرب الصنع من الملهوف، و الأمن من الهارب

ص:328


1- -المستدرك ج 5 ص 241 ب 38 من الدعاء ح 2
2- المجادلة:12
3- الخصال ج 2 ص 635
4- الوسائل ج 7 ص 146 ب 68 من الدعاء ح 1

الخوف. . . و لو عقل أهل الدنيا خربت. (1)

21-ترك الدعاء إذا كان خلاف السنّة الإلهيّة، أو كان محالا عادة، مثل دعاء الشيخ أن يشبّ فلا يستجاب.

في خبر الشاميّ؛ أنّه سأل أمير المؤمنين عليه السّلام: أيّ دعوة أضلّ؟ قال: الداعي بما لا يكون. (2)

و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من سأل فوق قدره استحقّ الحرمان. (3)

و قد مرّ عنه عليه السّلام: يا صاحب الدعاء، لا تسأل عمّا لا يكون و لا يحلّ.

22-الدعاء مع العمل

قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الداعي بلا عمل كالرامي بلا وتر. (4)

و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يا أبا ذرّ، يكفي من الدعاء مع البرّ ما يكفي الطعام من الملح.

يا أبا ذرّ، مثل الذين يدعو بغير عمل كمثل الذي يرمي بغير وتر.

يا أبا ذرّ، إنّ اللّه يصلح بصلاح العبد ولده و ولد ولده، و يحفظه في دويرته و الدور حوله ما دام فيهم. (5)

ص:329


1- -عدّة الداعي ص 124- البحار ج 103 ص 26
2- البحار ج 93 ص 324 ب 18 ح 2
3- البحار ج 93 ص 327 ح 11
4- نهج البلاغة ص 1245 ح 330- صبحي ح 337
5- الوسائل ج 7 ص 84 ب 32 من الدعاء ح 3
الفصل الثالث: فيمن تستجاب دعوته
الأخبار

1-عن عيسى بن عبد اللّه القمّي قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: ثلاثة دعوتهم مستجابة: الحاجّ فانظروا كيف تخلفونه، و الغازي في سبيل اللّه فانظروا كيف تخلفونه، و المريض فلا تغيظوه و لا تضجروه. (1)

بيان:

«الغازي» : المراد به المجاهد.

في المرآة ج 12 ص 171: «تخلفونه» أي أحسنوا خلافتكم في أهلهم و ما لهم و دارهم و عقارهم، ليدعوا لكم فإنّ دعائهم مستجاب.

«فلا تغيظوه» : أي لا تغيظوهم ليدعوا عليكم.

2-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان أبي عليه السّلام يقول:

خمس دعوات لا يحجبن عن الربّ تبارك و تعالى: دعوة الإمام المقسط، و دعوة المظلوم، يقول اللّه عزّ و جلّ: لأنتقمنّ لك و لو بعد حين، و دعوة الولد الصالح لوالديه و دعوة الوالد الصالح لولده، و دعوة المؤمن لأخيه بظهر الغيب، فيقول:

و لك مثله. (2)

ص:330


1- -الكافي ج 2 ص 369 باب من تستجاب دعوته ح 1
2- الكافي ج 2 ص 369 ح 2

أقول:

في ح 3: . . . و إيّاكم و دعوة الوالد فإنّها أحدّ من السيف.

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أربعة لا تردّ لهم دعوة حتّى تفتح لهم أبواب السماء و تصير إلى العرش: الوالد لولده، و المظلوم على من ظلمه، و المعتمر حتّى يرجع، و الصائم حتّى يفطر. (1)

4-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ليس شيء أسرع إجابة من دعوة غائب لغائب. (2)

5-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أربعة لا تستجاب لهم دعوة: رجل جالس في بيته يقول: اللهمّ ارزقني، فيقال له: ألم آمرك بالطلب؟ و رجل كانت له امرأة فدعا عليها فيقال له: ألم أجعل أمرها إليك؟ و رجل كان له مال فأفسده فيقول: اللهمّ ارزقني، فيقال له: أ لم آمرك بالإقتصاد، ألم آمرك بالإصلاح؟ ثمّ قال: وَ اَلَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَ لَمْ يَقْتُرُوا وَ كانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً (3)و رجل كان له مال فأدانه بغير بيّنة، فيقال له: ألم آمرك بالشهادة. (4)

6-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ دعاء الأخ المؤمن لأخيه بظهر الغيب مستجاب، و يدرّ الرزق، و يدفع المكروه. (5)

7-عن معاوية بن وهب قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: من دعا لأخيه في ظهر الغيب ناداه ملك من السماء الدنيا: يا عبد اللّه، و لك مائة ألف ضعف ممّا دعوت، (إلى أن قال بعد أن ينادي كلّ ملك من السموات السبعة هكذا و لكن بزيادة مائة

ص:331


1- -الكافي ج 2 ص 370 ح 6
2- الكافي ج 2 ص 370 ح 7
3- الفرقان:67
4- الكافي ج 2 ص 370 باب من لا تستجاب دعوته ح 2
5- الوسائل ج 7 ص 109 ب 41 من الدعاء ح 11

ألف من ذي قبل) ثمّ يناديه اللّه تعالى: أنا الغنيّ الذي لا أفتقر، لك يا عبد اللّه، ألف ألف ضعف ممّا دعوت. (1)

8-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: مرّ موسى برجل من أصحابه و هو ساجد و انصرف من حاجته و هو ساجد فقال عليه السّلام: لو كانت حاجتك بيدي لقضيتها لك، فأوحى اللّه عزّ و جلّ إليه: يا موسى، لو سجد حتّى ينقطع عنقه ما قبلته أو يتحوّل عمّا أكره إلى ما أحبّ.

و من طريق آخر: أنّ موسى مرّ برجل و هو يبكي ثمّ رجع و هو يبكي فقال:

الهي عبدك يبكي من مخافتك، قال اللّه تعالى: يا موسى، لو بكى حتّى نزل دماغه مع دموع عينيه لم أغفر له و هو يحبّ الدنيا. (2)

9-عنهم عليهم السّلام: ستّة لا يحجب لهم عن اللّه دعوة: الإمام المقسط، و الوالد البارّ لولده، و الولد الصالح لوالده، و المؤمن لأخيه بظهر الغيب، و المظلوم، يقول اللّه: لأنتقمنّ لك و لو بعد حين، و الفقير المنعم عليه إذا كان مؤمنا. (3)

10-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من زوّج كريمته بفاسق نزل عليه كلّ يوم ألف لعنة، و لا يصعد له عمل إلى السماء، و لا يستجاب له دعاؤه، و لا يقبل منه صرف و لا عدل. (4)

11-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا تدخل الملائكة بيتا فيه خمر أو دفّ أو طنبور أو نرد، و لا يستجاب دعاؤهم، و يرفع اللّه عنهم البركة. (5)

12-عن الصادق عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: قال اللّه سبحانه: إنّي

ص:332


1- -الوسائل ج 7 ص 112 ب 42 ح 5
2- عدّة الداعي ص 164
3- المستدرك ج 5 ص 256 ب 49 من الدعاء ح 3
4- المستدرك ج 5 ص 279 ب 62 ح 6
5- المستدرك ج 5 ص 279 ح 7

لأستحيي من عبد يرفع يده و فيها خاتم فيروزج فأردّها خائبة. (1)

13-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: دعاء أطفال أمّتي مستجاب ما لم يقارفوا الذنوب. (2)

أقول:

قد مرّ أنّ دعاء آكل الحرام لا يستجاب.

و سيأتي في باب الرضا عن اللّه، عن الحسن بن عليّ عليهما السّلام. . . و أنا الضامن لمن لم يهجس في قلبه إلاّ الرضا، أن يدعو اللّه فيستجاب له.

و في باب الأمر بالمعروف؛ أنّه لا يستجاب دعاء تارك الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.

ص:333


1- -البحار ج 93 ص 321 باب آداب الدعاء في ح 31
2- البحار ج 93 ص 357 باب من يستجاب دعاؤه ح 14
الفصل الرابع: علّة تأخير الإجابة
الأخبار

1-عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال: قلت لأبي الحسن (الرضا) عليه السّلام:

جعلت فداك إنّي قد سألت اللّه حاجة منذ كذا و كذا سنة و قد دخل قلبي من إبطائها شيء، فقال: يا أحمد، إيّاك و الشيطان أن يكون له عليك سبيل حتّى يقنّطك.

إنّ أبا جعفر عليه السّلام كان يقول: إنّ المؤمن يسأل اللّه عزّ و جلّ حاجة فيؤخّر عنه تعجيل إجابته حبّا لصوته و استماع نحيبه، ثمّ قال: و اللّه ما أخّر اللّه عزّ و جلّ عن المؤمنين ما يطلبون من هذه الدنيا خير لهم ممّا عجّل لهم فيها و أيّ شيء الدنيا.

إنّ أبا جعفر عليه السّلام كان يقول: ينبغي للمؤمن أن يكون دعاؤه في الرخاء نحوا من دعائه في الشدّة، ليس إذا أعطي فتر، فلا تملّ الدعاء فإنّه من اللّه عزّ و جلّ بمكان و عليك بالصبر و طلب الحلال و صلة الرحم. . . (1)

بيان:

نحب الرجل: رفع صوته بالبكاء، و النحيب: أشدّ البكاء.

ص:334


1- -الكافي ج 2 ص 354 باب من أبطأت عليه الإجابة ح 1

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ العبد ليدعو، فيقول اللّه عزّ و جلّ للملكين:

قد استجبت له و لكن احبسوه بحاجته، فإنّي أحبّ أن أسمع صوته، و إنّ العبد ليدعو فيقول اللّه تبارك و تعالى: عجّلوا له حاجته فإنّي أبغض صوته. (1)

3-عن إسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: يستجاب للرجل الدعاء ثمّ يؤخّر؟ قال: نعم عشرين سنة. (2)

4-عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان بين قول اللّه عزّ و جلّ: قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما (3)و بين أخذ فرعون أربعين عاما. (4)

5-عن إسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ المؤمن ليدعو اللّه عزّ و جلّ في حاجته، فيقول اللّه عزّ و جلّ: أخّروا إجابته، شوقا إلى صوته و دعائه، فإذا كان يوم القيامة قال اللّه عزّ و جلّ: عبدي، دعوتني فأخّرت إجابتك و ثوابك كذا و كذا، و دعوتني في كذا و كذا فأخّرت إجابتك و ثوابك كذا و كذا؛ قال: فيتمنّى المؤمن أنّه لم يستجب له دعوة في الدنيا ممّا يرى من حسن الثواب. (5)

أقول:

قد مرّ في ف 2: قال قوم للصادق عليه السّلام: ندعوا فلا يستجاب لنا؟ قال: لأنّكم تدعون من لا تعرفونه.

و مرّ في ف 1، قول أمير المؤمنين عليه السّلام (عن الغرر) : من استدام قرع الباب و لجّ ولج.

6-في وصيّة أمير المؤمنين عليه السّلام للحسنين عليهما السّلام: لا تتركوا الأمر بالمعروف

ص:335


1- -الكافي ج 2 ص 355 ح 3
2- الكافي ج 2 ص 355 ح 4
3- يونس:89
4- الكافي ج 2 ص 355 ح 5
5- الكافي ج 2 ص 356 ح 9

و النهي عن المنكر، فيولّى عليكم أشراركم، ثمّ تدعون فلا يستجاب لكم. (1)

7-قال الصادق عليه السّلام: كان رجل من بني إسرائيل يدعو اللّه تعالى أن يرزقه غلاما ثلاث سنين فلمّا رأى أنّ اللّه لا يجيبه قال: يا ربّ، أ بعيد أنا منك فلا تسمعني أم قريب فلا تجيبني؟ فأتاه آت في منامه قال: إنّك تدعو اللّه منذ ثلاث سنين بلسان بذيّ، و قلب عات غير نقيّ، و نيّة غير صافية [صادقة]، فاقلع عن بذائك، و ليتّق اللّه قلبك و لتحسن نيّتك، ففعل الرجل ذلك عاما فولد له غلام. (2)

8-عن أبي حمزة قال: أوحى اللّه تعالى إلى داود: يا داود، إنّه ليس عبد من عبادي يطيعني فيما آمره إلاّ أعطيته قبل أن يسألني، و أستجيب له قبل أن يدعوني. (3)

9-قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّ العبد ليسأل اللّه تعالى حاجة من حوائج الدنيا فيكون من شأن اللّه تعالى قضائها إلى أجل قريب أو بطيء، فيذنب العبد عند ذلك الوقت ذنبا، فيقول للملك الموكّل بحاجته: لا تنجزها فإنّه قد تعرّض لسخطي و قد استوجب الحرمان منّي. (4)

10-جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السّلام فقال: إنّي دعوت اللّه فلم أر الإجابة، فقال: لقد وصفت اللّه بغير صفاته، و إنّ للدعاء أربع خصال: إخلاص السريرة، و إحضار النيّة، و معرفة الوسيلة، و الإنصاف في المسألة، فهل دعوت و أنت عارف بهذه الأربعة؟ قال: لا، قال: فاعرفهنّ. (5)

ص:336


1- -نهج البلاغة ص 978 في ر 47
2- عدّة الداعي ص 127
3- عدّة الداعي ص 292
4- عدّة الداعي ص 198
5- تنبيه الخواطر ص 310 في صفة المسائلة

11-في حديث عليّ بن الحسين عليه السّلام: . . . و الذنوب التي تردّ الدعاء: سوء النيّة، و خبث السريرة، و النفاق مع الإخوان، و ترك التصديق بالإجابة، و تأخير الصلوات المفروضات حتّى تذهب أوقاتها، و ترك التقرّب إلى اللّه عزّ و جلّ بالبرّ و الصدقة، و استعمال البذاء و الفحش في القول. . . (1)

12-عن عثمان بن عيسى عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

قلت له: آيتان في كتاب اللّه لا أدري ما تأويلهما، فقال: و ما هما؟ قال: قلت: قوله تعالى: اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ثمّ أدعو فلا أرى الإجابة، قال: فقال لي: أ فترى اللّه تعالى أخلف وعده؟ قال: قلت: لا، [قال: فمه؟ قلت: لا أدري ظ]فقال: الآية الأخرى قال: قلت: قوله تعالى: وَ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَ هُوَ خَيْرُ اَلرّازِقِينَ فأنفق فلا أرى خلفا.

قال: أ فترى اللّه أخلف وعده؟ قال: قلت: لا، قال: فمه؟ قلت: لا أدري، قال:

لكنّي أخبرك إن شاء اللّه تعالى أما إنّكم لو أطعتموه فيما أمركم به، ثمّ دعوتموه لأجابكم، و لكن تخالفونه و تعصونه فلا يجيبكم.

و أمّا قولك تنفقون فلا ترون خلفا أمّا إنّكم لو كسبتم المال من حلّه ثمّ أنفقتموه في حقّه، لم ينفق رجل درهما إلاّ أخلفه اللّه عليه، و لو دعوتموه من جهة الدعاء لأجابكم، و إن كنتم عاصين.

قال: قلت: و ما جهة الدعاء؟ قال: إذا أدّيت الفريضة مجّدت اللّه و عظّمته و تمدحه بكلّ ما تقدر عليه، و تصلّي على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و تجتهد في الصلاة عليه و تشهد له بتبليغ الرسالة، و تصلّي على أئمّة الهدى عليهم السّلام، ثمّ تذكر بعد التحميد للّه و الثناء عليه و الصلاة على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ما أبلاك و أولاك، و تذكر نعمه عندك و عليك، و ما صنع بك فتحمده و تشكره على ذلك.

ص:337


1- -البحار ج 73 ص 376 باب علل المصائب ح 12

ثمّ تعترف بذنوبك ذنب ذنب و تقرّ بها أو بما ذكرت منها، و تجمل ما خفي عليك منها، فتتوب إلى اللّه من جميع معاصيك و أنت تنوي ألاّ تعود، و تستغفر اللّه منها بندامة و صدق نيّة و خوف و رجاء، و يكون من قولك: «اللهمّ إنّي أعتذر إليك من ذنوبي و أستغفرك و أتوب إليك فأعنّي على طاعتك و وفّقني لما أوجبت عليّ من كلّ ما يرضيك فإنّي لم أر أحدا بلغ شيئا من طاعتك إلاّ بنعمتك عليه قبل طاعتك، فأنعم عليّ بنعمة أنال بها رضوانك و الجنّة» ثمّ تسأل بعد ذلك حاجتك فإنّي أرجو أن لا يخيّبك إن شاء اللّه تعالى. (1)

بيان:

في النهاية ج 1 ص 155، «الإبلاء» : الإنعام و الإحسان.

«أولاك» : أي أنعمك و أحسن إليك، فالمعنى؛ تذكر ما أنعمك و أحسن إليك من النعم.

13-سئل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ما لنا ندعو اللّه فلا يستجيب دعاؤنا و قال تعالى:

اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ؟ فأجاب صلّى اللّه عليه و آله و قال: إنّ قلوبكم ماتت بعشرة أشياء:

أوّلها؛ أنّكم عرفتم اللّه فلم تؤدّوا طاعته، و الثاني؛ أنّكم قرأتم القرآن فلم تعملوا به، و الثالثة؛ ادّعيتم محبّة لرسوله و أبغضتم أولاده، و الرابعة؛ ادّعيتم عداوة الشيطان و وافقتموه، و الخامسة؛ ادّعيتم محبّة الجنّة فلم تعملوا لها، و السادسة؛ ادّعيتم مخافة النار و رميتم أبدانكم فيها، و السابعة؛ اشتغلتم بعيوب الناس عن عيوب أنفسكم، و الثامنة؛ ادّعيتم بغض الدنيا و جمعتموها، و التاسعة؛ اقررتم بالموت فلا تستعدّوا له و العاشرة، دفنتم موتاكم فلم تعتبروا بهم، فلهذا لا يستجاب دعاؤكم. (2)

ص:338


1- -البحار ج 93 ص 319 باب آداب الدعاء ح 28
2- الاثنى عشريّة ص 330 ب 10 ف 3-و بمضمونه في البحار ج 93 ص 376 عن أمير المؤمنين عليه السّلام

14-قال الصادق عليه السّلام: احفظ آداب الدعاء و انظر من تدعو و كيف تدعو و لماذا تدعو؟ و حقّق عظمة اللّه و كبريائه، و عاين بقلبك علمه بما في ضميرك و اطّلاعه على سرّك و ما تكون فيه من الحقّ و الباطل و اعرف طرق نجاتك و هلاكك كيلا تدعو اللّه بشيء عسى فيه هلاكك و أنت تظنّ أنّ فيه نجاتك. قال اللّه تعالى: وَ يَدْعُ اَلْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ وَ كانَ اَلْإِنْسانُ عَجُولاً. (1)

و تفكّر ما ذا تسأل و كم تسأل و لما ذا تسأل؟ و الدعاء استجابة الكلّ منك للحقّ و تذويب المهجة في مشاهدة الربّ، و ترك الاختيار جميعا و تسليم الامور كلّها ظاهرا و باطنا إلى اللّه تعالى، فإن لم تأت بشرط الدعاء فلا تنتظر الإجابة، فإنّه يعلم السرّ و أخفى، فلعلّك تدعوه بشيء قد علم من سرّك خلاف ذلك.

قال بعض الصحابة لبعضهم: أنتم تنتظرون المطر بالدعاء و أنا أنتظر الحجر.

و اعلم أنّه لو لم يكن اللّه أمرنا بالدعاء لكان إذا أخلصنا الدعاء تفضّل علينا بالإجابة فكيف و قد ضمن ذلك لمن أتى بشرائط الدعاء.

و سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن اسم اللّه الأعظم؟ فقال: «كلّ اسم من أسماء اللّه أعظم» ففرّغ قلبك عن كلّ ما سواه و ادعه بأيّ اسم شئت، فليس في الحقيقة للّه اسم دون اسم، بل هو اللّه الواحد القهّار.

و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه لا يستجيب الدعاء من قلب لاه. . .

فإذا أتيت بما ذكرت لك من شرائط الدعاء و أخلصت سرّك لوجهه، فأبشر باحدى الثلاث: إمّا أن يعجّل لك ما سألت، و إمّا أن يدّخر لك ما هو أفضل منه، و إمّا أن يصرف عنك من البلاء ما لو أرسله عليك لهلكت.

قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: قال اللّه تعالى: من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي للسائلين.

ص:339


1- -الإسراء:11

قال الصادق عليه السّلام: لقد دعوت اللّه مرّة فاستجاب لي و نسيت الحاجة، لأنّ استجابته بإقباله على عبده عند دعوته أعظم و أجلّ ممّا يريد منه العبد و لو كانت الجنّة و نعيمها الأبديّ، و ليس يعقل ذلك إلاّ العاملون المحبّون العارفون صفوة اللّه و خواصّه. (1)

15-عن أمير المؤمنين عليه السّلام:

المعصية تمنع الإجابة. (الغرر ج 1 ص 28 ف 1 ح 842)

الداعي بلا عمل كالقوس بلاوتر. (ص 74 ح 1838)

إنّ كرم اللّه سبحانه لا ينقض حكمته فلذلك لا يقع الإجابة في كلّ دعوة.

(ص 224 ف 9 ح 102)

إنّ دعوة المظلوم مجابة عند اللّه سبحانه، لأنّه يطلب حقّه، و اللّه تعالى أعدل من أن يمنع ذا حقّ حقّه. (ص 227 ح 122)

ربّما سألت الشيء فلم تعطه و أعطيت خيرا منه. (ص 419 ف 35 ح 104)

عليك بإخلاص الدعاء فإنّه أخلق بالإجابة. (ج 2 ص 478 ف 49 ح 11)

نعم عون الدعاء الخشوع. (ص 773 ف 81 ح 66)

لا يستنبط إجابة دعائك و قد سددت طريقه بالذنوب.

(ص 813 ف 85 ح 178)

لا يقنطنّك تأخّر إجابة الدعاء، فإنّ العطيّة على قدر النيّة، و ربّما تأخّرت الإجابة ليكون ذلك أعظم لأجر السائل و أجزل لعطاء النائل. (ص 816 ح 204)

لا تسألوا إلاّ اللّه سبحانه، فإنّه إن أعطاكم أكرمكم، و إن منعكم حاز لكم.

(ص 827 ح 273)

ص:340


1- -مصباح الشريعة ص 14 ب 19
الفصل الخامس: الأوقات و الأمكنة التي يرجى فيها الإجابة
اشارة

قال اللّه تعالى: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اَللّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اِسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَ اَلْآصالِ. (1)

الأخبار

1-عن زيد الشحّام قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: اطلبوا الدعاء في أربع ساعات: عند هبوب الرياح، و زوال الأفياء، و نزول القطر، و أوّل قطرة من دم القتيل المؤمن، فإنّ أبواب السماء تفتح عند هذه الأشياء. (2)

بيان:

«الأفياء» : جمع فيء و هو الظلّ، و في المرآة: المراد بزوال الأفياء؛ أوّل وقت الزوال، كما تدلّ عليه الأخبار الآتية. . .

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: يستجاب الدعاء في أربعة مواطن: في الوتر، و بعد الفجر، و بعد الظهر، و بعد المغرب. (3)

ص:341


1- -النور:36
2- الكافي ج 2 ص 346 باب الاوقات و. . . ح 1
3- الكافي ج 2 ص 346 ح 2

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: اغتنموا الدعاء عند أربع: عند قراءة القرآن، و عند الأذان، و عند نزول الغيث، و عند التقاء الصفّين للشهادة. (1)

4-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: خير وقت دعوتم اللّه عزّ و جلّ فيه الأسحار، و تلا هذه الآية في قول يعقوب عليه السّلام: سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي و قال: أخّرهم إلى السحر. (2)

5-عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان أبي إذا طلب الحاجة طلبها عند زوال الشمس، فإذا أراد ذلك قدّم شيئا فتصدّق به، و شمّ شيئا من طيب، و راح إلى المسجد، و دعا في حاجته بما شاء اللّه. (3)

6-قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّ اللّه عزّ و جلّ يحبّ من عباده المؤمنين كلّ عبد دعّاء، فعليكم بالدعاء في السحر إلى طلوع الشمس، فإنّها ساعة تفتح فيها أبواب السماء، و تقسم فيها الأرزاق، و تقضى فيها الحوائج العظام. (4)

7-عن أبي هاشم الجعفري قال: دخلت أنا و محمّد بن حمزة على أبي الحسن عليه السّلام نعوده و هو عليل، فقال لنا: وجّهوا قوما إلى الحائر من مالي فلمّا خرجنا من عنده قال لي محمّد بن حمزة المشير: يوجّهنا إلى الحائر و هو بمنزلة من في الحائر.

قال: فعدت إليه فاخبرته، فقال لي: ليس هو هكذا، إنّ للّه مواضع يحبّ أن يعبد فيها و حائر الحسين عليه السّلام من تلك المواضع. (5)

ص:342


1- -الكافي ج 2 ص 346 ح 3
2- الكافي ج 2 ص 346 ح 6
3- الكافي ج 2 ص 347 ح 7
4- الكافي ج 2 ص 347 ح 9
5- كامل الزيارات ص 273 ب 90 ح 2-و بمضمونه ح 1

أقول:

الأخبار في فضل بقاع الأئمّة عليهم السّلام خصوصا حائر الحسين عليه السّلام و أنّ الدعاء في بقائهم مستجابة كثيرة، راجع كامل الزيارات و. . .

8-عن الهادي عن آبائه عن الصادق عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

من أدّى للّه مكتوبة فله في إثرها دعوة مستجابة. (1)

أقول:

في عدّة الداعي ص 58 بعد ذكر الحديث، قال ابن الفحّام: رأيت أمير المؤمنين عليه السّلام في النوم فسألته عن الخبر، فقال: صحيح إذا فرغت من المكتوبة فقل و أنت ساجد:

«اللهمّ إنّي أسألك بحقّ من رواه و بحقّ من روي عنه صلّ على جماعتهم، و افعل بي كيت و كيت» .

9-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: الدعاء بين الأذان و الإقامة لا يردّ. (2)

أقول:

و من الأوقات التي يرجى فيها الإجابة؛ ليلة الجمعة و يومها، و ليلة القدر، و ليلة العرفة و يومها، و ليلة النصف من شعبان، و الشهور الثلاثة: رجب و شعبان و رمضان، و عند غروب الشمس في كلّ يوم و. . .

و من الأمكنة فالمسجد مطلقا و العرفات في مكّة، و الحرم و الكعبة و بقاع الأئمّة عليهم السّلام و. . . و الأخبار في ذلك كثيرة راجع كتب الأخبار و الأدعية.

ص:343


1- -الوسائل ج 7 ص 66 ب 23 من الدعاء ح 10
2- البحار ج 93 ص 348 ب 21 في ح 14

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393734382C22426F6F6B4944223A31363731392C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3334342C2253686F77506167654E756D223A22333434222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030322F424B31353931344730303253312F424B3135393134473030325331503334342E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

61- حبّ الدنيا

الآيات

1- زُيِّنَ لِلنّاسِ حُبُّ اَلشَّهَواتِ مِنَ اَلنِّساءِ وَ اَلْبَنِينَ وَ اَلْقَناطِيرِ اَلْمُقَنْطَرَةِ مِنَ اَلذَّهَبِ وَ اَلْفِضَّةِ وَ اَلْخَيْلِ اَلْمُسَوَّمَةِ وَ اَلْأَنْعامِ وَ اَلْحَرْثِ ذلِكَ مَتاعُ اَلْحَياةِ اَلدُّنْيا وَ اَللّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ اَلْمَآبِ. (1)

2- . . . وَ مَا اَلْحَياةُ اَلدُّنْيا إِلاّ مَتاعُ اَلْغُرُورِ. (2)

3- وَ مَا اَلْحَياةُ اَلدُّنْيا إِلاّ لَعِبٌ وَ لَهْوٌ وَ لَلدّارُ اَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ. (3)

4- . . . أَ رَضِيتُمْ بِالْحَياةِ اَلدُّنْيا مِنَ اَلْآخِرَةِ فَما مَتاعُ اَلْحَياةِ اَلدُّنْيا فِي اَلْآخِرَةِ إِلاّ قَلِيلٌ. (4)

5- إِنَّ اَلَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا وَ رَضُوا بِالْحَياةِ اَلدُّنْيا وَ اِطْمَأَنُّوا بِها وَ اَلَّذِينَ هُمْ

ص:345


1- -آل عمران:14
2- آل عمران:185
3- الأنعام:32 و بمدلولها في محمّد صلّى اللّه عليه و آله:36
4- التوبة:38

عَنْ آياتِنا غافِلُونَ- أُولئِكَ مَأْواهُمُ اَلنّارُ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ. (1)

6- . . . وَ فَرِحُوا بِالْحَياةِ اَلدُّنْيا وَ مَا اَلْحَياةُ اَلدُّنْيا فِي اَلْآخِرَةِ إِلاّ مَتاعٌ. (2)

7- اَلْمالُ وَ اَلْبَنُونَ زِينَةُ اَلْحَياةِ اَلدُّنْيا وَ اَلْباقِياتُ اَلصّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَ خَيْرٌ أَمَلاً. (3)

8- وَ لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ اَلْحَياةِ اَلدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَ رِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَ أَبْقى. (4)

9- وَ ما هذِهِ اَلْحَياةُ اَلدُّنْيا إِلاّ لَهْوٌ وَ لَعِبٌ وَ إِنَّ اَلدّارَ اَلْآخِرَةَ لَهِيَ اَلْحَيَوانُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ. (5)

10- يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ اَلْحَياةِ اَلدُّنْيا وَ هُمْ عَنِ اَلْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ. (6)

11- يا أَيُّهَا اَلنّاسُ إِنَّ وَعْدَ اَللّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ اَلْحَياةُ اَلدُّنْيا وَ لا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللّهِ اَلْغَرُورُ. (7)

12- يا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ اَلْحَياةُ اَلدُّنْيا مَتاعٌ وَ إِنَّ اَلْآخِرَةَ هِيَ دارُ اَلْقَرارِ. (8)

13- مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ اَلْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَ مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ اَلدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَ ما لَهُ فِي اَلْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ. (9)

ص:346


1- -يونس:7 و 8
2- الرعد:26
3- الكهف:46
4- طه:131 و نظيرها في الحجر:88
5- العنكبوت:64
6- الروم:7
7- فاطر:5
8- المؤمن:39
9- الشورى:20

14- اِعْلَمُوا أَنَّمَا اَلْحَياةُ اَلدُّنْيا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ وَ زِينَةٌ وَ تَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَ تَكاثُرٌ فِي اَلْأَمْوالِ وَ اَلْأَوْلادِ وَ مَا اَلْحَياةُ اَلدُّنْيا إِلاّ مَتاعُ اَلْغُرُورِ. (1)

15- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَ لا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اَللّهِ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ اَلْخاسِرُونَ. (2)

16- فَأَمّا مَنْ طَغى- وَ آثَرَ اَلْحَياةَ اَلدُّنْيا- فَإِنَّ اَلْجَحِيمَ هِيَ اَلْمَأْوى. (3)

الأخبار

1-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: رأس كلّ خطيئة حبّ الدنيا. (4)

بيان:

في المرآة ج 10 ص 228: لأنّ خصال الشرّ مطويّة في حبّ الدنيا و كلّ ذمائم القوّة الشهويّة و الغضبيّة مندرجة في الميل إليها.

2-عن الزهري قال: سئل عليّ بن الحسين عليهما السّلام: أيّ الأعمال أفضل عند اللّه؟ قال: ما من عمل بعد معرفة اللّه عزّ و جلّ و معرفة رسوله صلّى اللّه عليه و آله أفضل من بغض الدنيا، فإنّ لذلك لشعبا كثيرة و للمعاصي شعب، فأوّل ما عصي اللّه به الكبر، معصية إبليس حين أبى و استكبر و كان من الكافرين، ثمّ الحرص، و هي معصية آدم و حوّاء. . .

ثمّ الحسد و هي معصية ابن آدم حيث حسد أخاه فقتله، فتشعّب من ذلك حبّ النساء و حبّ الدنيا و حبّ الرئاسة و حبّ الراحة و حبّ الكلام و حبّ العلوّ و الثروة، فصرن سبع خصال فاجتمعن كلّهنّ في حبّ الدنيا. فقال الأنبياء

ص:347


1- -الحديد:20
2- المنافقون:9
3- النازعات:37 إلى 39
4- الكافي ج 2 ص 238 باب حبّ الدنيا ح 1

و العلماء بعد معرفة ذلك: حبّ الدنيا رأس كلّ خطيئة، و الدنيا دنياءان: دنيا بلاغ و دنيا ملعونة. (1)

بيان:

«دنيا بلاغ» : أي كفاف و كفاية أو ما تبلغ بها إلى الآخرة.

«دنيا ملعونة» : الزائد على الكفاف، و ما يكون سببا لغفلة الإنسان عن الآخرة.

3-عن عبد اللّه بن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من أصبح و أمسى و الدنيا أكبر همّه جعل اللّه تعالى الفقر بين عينيه، و شتّت أمره، و لم ينل من الدنيا إلاّ ما قسم اللّه له، و من أصبح و أمسى و الآخرة أكبر همّه جعل اللّه الغنى في قلبه و جمع له أمره. (2)

4-عن ابن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: من تعلّق قلبه بالدنيا تعلّق قلبه بثلاث خصال: همّ لا يفنى، و أمل لا يدرك، و رجاء لا ينال. (3)

بيان:

في المرآة: الفرق بين الأمل و الرجاء أنّ متعلّق الأمل العمر، و البقاء في الدنيا، و متعلّق الرجاء ما سواه، أو متعلّق الأمل بعيد الحصول و متعلّق الرجاء قريب الوصول.

5-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: خرج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و هو محزون فأتاه ملك و معه مفاتيح خزائن الأرض، فقال: يا محمّد، هذه مفاتيح خزائن الأرض يقول لك ربّك: افتح و خذ منها ما شئت من غير أن تنقص شيئا عندي، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الدنيا دار من لا دار له و لها يجمع من لا عقل له.

فقال الملك: و الذي بعثك بالحقّ نبيّا لقد سمعت هذا الكلام من ملك يقوله في السماء

ص:348


1- -الكافي ج 2 ص 239 ح 8
2- الكافي ج 2 ص 241 ح 15
3- الكافي ج 2 ص 241 ح 17

الرابعة، حين أعطيت المفاتيح. (1)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر رواها أصحابنا رحمهم اللّه.

6-عن جميل بن درّاج عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: مرّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بجدي أسكّ ملقى على مزبلة ميّتا، فقال لأصحابه: كم يساوي هذا؟ فقالوا: لعلّه لو كان حيّا لم يساو درهما، فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: و الذي نفسي بيده للدنيا أهون على اللّه من هذا الجدي على أهله. (2)

بيان:

«الجدي» : ولد المعز في السنة الأولى. و في مجمع البحرين، «أسكّ» : الذي لا أذن له.

7-عن ابن بكير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ في طلب الدنيا إضرارا بالآخرة و في طلب الآخرة إضرارا بالدنيا، فأضرّوا بالدنيا فإنّها أولى بالإضرار. (3)

8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ في كتاب عليّ صلوات اللّه عليه: إنّما مثل الدنيا كمثل الحيّة ما ألين مسّها و في جوفها السمّ الناقع، يحذرها الرجل العاقل، و يهوي إليها الصبيّ الجاهل. (4)

بيان:

«الناقع» : أي القاتل.

9-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كتب أمير المؤمنين عليه السّلام إلى بعض أصحابه يعظه:

أوصيك و نفسي بتقوى من لا تحلّ معصيته و لا يرجى غيره، و لا الغنى إلاّ به، فإنّ

ص:349


1- -الكافي ج 2 ص 105 باب ذمّ الدنيا ح 8
2- الكافي ج 2 ص 105 ح 9-و نحوه في صحيح مسلم عنه صلّى اللّه عليه و آله
3- الكافي ج 2 ص 106 ح 12
4- الكافي ج 2 ص 110 ح 22-و نظيره في نهج البلاغة ص 1141 ح 115

من اتّقى اللّه عزّ و قوي و شبع و روي، و رفع عقله عن أهل الدنيا، فبدنه مع أهل الدنيا و قلبه و عقله معاين الآخرة، فأطفأ بضوء قلبه ما أبصرت عيناه من حبّ الدنيا.

فقذّر حرامها و جانب شبهاتها، و أضرّ و اللّه بالحلال الصافي إلاّ ما لا بدّ له من كسرة [منه]يشدّ بها صلبه و ثوب يواري به عورته، من أغلظ ما يجد و أخشنه، و لم يكن له فيما لا بدّ له منه ثقة و لا رجاء، فوقعت ثقته و رجاؤه على خالق الأشياء، فجدّ و اجتهد و أتعب بدنه حتّى بدت الأضلاع و غارت العينان فأبدل اللّه له من ذلك قوّة في بدنه و شدّة في عقله و ما ذخر له في الآخرة أكثر، فارفض الدنيا فإنّ حبّ الدنيا يعمي و يصمّ و يبكم و يذلّ الرقاب. . . (1)

10-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: مثل الدنيا كمثل ماء البحر كلّما شرب منه العطشان ازداد عطشا حتّى يقتله. (2)

بيان:

في المرآة، «ماء البحر» : أي المالح، و هذا من أحسن التمثيلات للدنيا. . .

11-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: مرّ عيسى بن مريم عليه السّلام على قرية قد مات أهلها و طيرها و دوابّها، فقال: أما إنّهم لم يموتوا إلاّ بسخطة، و لو ماتوا متفرّقين لتدافنوا، فقال الحواريّون: يا روح اللّه و كلمته، ادع اللّه أن يحييهم لنا فيخبرونا ما كانت أعمالهم فنجتنبها، فدعا عيسى عليه السّلام ربّه، فنودي من الجوّ: أن نادهم، فقام عيسى عليه السّلام بالليل على شرف من الأرض، فقال: يا أهل هذه القرية، فأجابه منهم مجيب، لبّيك يا روح اللّه و كلمته، فقال: و يحكم ما كانت أعمالكم؟ قال: عبادة الطاغوت و حبّ الدنيا مع خوف قليل و أمل بعيد و غفلة في لهو و لعب، فقال: كيف

ص:350


1- -الكافي ج 2 ص 110 ح 23
2- الكافي ج 2 ص 110 ح 24

كان حبّكم للدنيا؟ قال: كحبّ الصبيّ لامّه، إذا أقبلت علينا فرحنا و سررنا و إذا أدبرت عنّا بكينا و حزّنا، قال: كيف كانت عبادتكم للطاغوت؟ قال: الطاعة لأهل المعاصي.

قال: كيف كان عاقبة أمركم؟ قال: بتنا ليلة في عافية و أصبحنا في الهاوية، فقال: و ما الهاوية؟ فقال: سجّين، قال: و ما سجّين؟ قال: جبال من جمر توقد علينا إلى يوم القيامة، قال: فما قلتم و ما قيل لكم؟ قال: قلنا ردّنا إلى الدنيا فنزهد فيها قيل لنا: كذبتم.

قال: ويحك كيف لم يكلّمني غيرك من بينهم؟ قال: يا روح اللّه، إنّهم ملجمون بلجام من نار بأيدي ملائكة غلاظ شداد، و إنّي كنت فيهم و لم أكن منهم، فلمّا نزل العذاب عمّني معهم فأنا معلّق بشعرة على شفير جهنّم لا أدري اكبكب فيها أم أنجو منها، فالتفت عيسى عليه السّلام إلى الحواريّين فقال: يا أولياء اللّه، أكل الخبز اليابس بالملح الجريش و النوم على المزابل خير كثير مع عافية الدنيا و الآخرة. (1)

بيان:

«الطاغوت» من الطغيان: و هو تجاوز الحدّ، و المراد كلّ رئيس في الضلال و الحاكم الجائر. «فلمّا نزل العذاب عمّني معهم» : هذا يدلّ على أنّ العذاب إذا نزل عمّ، و فيه إشعار بوجوب اعتزال أهل المعاصي تجنّبا لذلك، و قد وردت روايات في ذلك. «اكبكب فيها» : أطرح فيها على وجهي.

12-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سمعت جابر بن عبد اللّه يقول: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مرّ بنا ذات يوم و نحن في نادينا و هو على ناقته، و ذلك حين رجع من حجّة الوداع، فوقف علينا فسلّم، فرددنا عليه السلام، ثمّ قال:

ص:351


1- -الكافي ج 2 ص 239 باب حبّ الدنيا ح 11

ما لي أرى حبّ الدنيا قد غلب على كثير من الناس حتّى كأنّ الموت في هذه الدنيا على غيرهم كتب، و كأنّ الحقّ في هذه الدنيا على غيرهم وجب، و حتّى كأن لم يسمعوا و يروا من خبر الأموات قبلهم، سبيلهم سبيل قوم سفر عمّا قليل إليهم راجعون، بيوتهم أجداثهم، و يأكلون تراثهم، فيظنون أنّهم مخلّدون بعدهم، هيهات هيهات (أ) ما يتعظ آخرهم بأوّلهم، لقد جهلوا و نسوا كلّ واعظ في كتاب اللّه، و آمنوا شرّ كلّ عاقبة سوء، و لم يخافوا نزول فادحة و بوائق حادثة.

طوبى لمن شغل خوف اللّه عزّ و جلّ عن خوف الناس. . . (1)

بيان:

«الأجداث» : جمع الجدث و هو القبر. «البوائق» : واحدها البائقة و هي الداهية و الشرّ الشديد.

13-عن حفص بن غياث قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا حفص، ما منزلة الدنيا من نفسي إلاّ بمنزلة الميتة إذا اضطررت إليها أكلت منها. . . (2)

14-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أوّل ما عصي اللّه تبارك و تعالى به ستّ خصال: حبّ الدنيا، و حبّ الرئاسة، و حبّ الطعام، و حبّ النساء، و حبّ النوم، و حبّ الراحة. (3)

15-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: جعل الشرّ كلّه في بيت و جعل مفتاحه حبّ الدنيا، و جعل الخير كلّه في بيت و جعل مفتاحه الزهد في الدنيا. (4)

16-قال الصادق عليه السّلام: من ازداد في اللّه علما و ازداد للدنيا حبّا ازداد

ص:352


1- -الكافي ج 8 ص 168 ح 190
2- تفسير القميّ ج 2 ص 146( القصص:83)
3- الخصال ج 1 ص 330 باب الستّة ح 27
4- مشكوة الأنوار ص 264 ب 6 ف 7

من اللّه بعدا و ازداد اللّه عليه غضبا. (1)

17-و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لو عدلت الدنيا عند اللّه عزّ و جلّ جناح بعوضة لما سقي الكافر منها شربة. (2)

18-عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال في آخر خطبة خطبها: و من عرضت له دنيا و آخرة فاختار الدنيا و ترك الآخرة لقى اللّه و ليست له حسنة يتّقي بها النار، و من أخذ الآخرة و ترك الدنيا لقى اللّه يوم القيامة و هو عنه راض. (3)

19-عن مسعدة بن زياد عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام: أنّ اللّه تبارك و تعالى أنزل كتابا من كتبه على نبيّ من أنبيائه و فيه: أنّه سيكون خلق من خلقي يلحسون الدنيا بالدين، يلبسون مسوك الضأن على قلوب كقلوب الذئاب، أشدّ مرارة من الصبر، و ألسنتهم أحلى من العسل، و أعمالهم الباطنة أنتن من الجيف، أبي يغترّون؟ ! أم إيّاي يخادعون؟ ! أم عليّ يجترون؟ ! فبعزّتي حلفت لأتيحنّ (لأبعثنّ) لهم فتنة تطأ في خطامها حتّى تبلغ أطراف الأرض تترك الحليم منهم حيرانا. (4)

بيان:

«يلحسون الدنيا» يقال: لحس القصعة: لعقها و أخذ ما علّق بجوانبها بلسانه أو بإصبعه، و المراد: أنّ الدين لعقة على ألسنتهم و يكونون من أبناء الدنيا و الدين وسيلة لدنياهم و معيشتهم.

«المسك» : ج مسوك و هو الجلد. «الصبر» : الدواء المرّ المعروف.

ص:353


1- -الاختصاص ص 236
2- الاختصاص ص 236
3- الوسائل ج 15 ص 356 ب 52 من جهاد النفس ح 2
4- الوسائل ج 15 ص 357 ح 3

20-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أحبّ دنياه أضرّ بآخرته. (1)

21-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام قال:

يا عليّ، إنّ الدنيا سجن المؤمن و جنّة الكافر، يا عليّ، أوحى اللّه إلى الدنيا: أخدمي من خدمني، و أتعبي من خدمك.

يا عليّ، إنّ الدنيا لو عدلت عند اللّه جناح بعوضة لما سقى الكافر منها شربة من ماء، يا عليّ، ما أحد من الأوّلين و الآخرين إلاّ و هو يتمنّى يوم القيامة أنّه لم يعط من الدنيا إلاّ قوتا. (2)

22-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و الدنيا دار مني لها الفناء، و لأهلها منها الجلاء، و هي حلوة خضراء، و قد عجلت للطالب، و التبست بقلب الناظر، فارتحلوا منها بأحسن ما بحضرتكم من الزاد، و لا تسألوا فيها فوق الكفاف، و لا تطلبوا منها أكثر من البلاغ. (3)

بيان:

«مني لها الفناء» : أي قدّر لها الفناء. «الجلاء» : الخروج من الأوطان.

23-و قال عليه السّلام: ألا و إنّ الدنيا قد تصرّمت، و آذنت بانقضاء، و تنكّر معروفها، و أدبرت حذّاء، فهي تحفز بالفناء سكّانها، و تحدو بالموت جيرانها، و قد أمرّ منها ما كان حلوا، و كدر منها ما كان صفوا، فلم يبق إلاّ سملة كسملة الإداوة، أو جرعة كجرعة المقلة، لو تمزّزها الصديان لم ينقع، فأزمعوا عباد اللّه الرحيل عن هذه الدار المقدور على أهلها الزوال، و لا يغلبنّكم فيها الأمل، و لا يطولنّ عليكم فيها الأمد. . . (4)

ص:354


1- -الوسائل ج 16 ص 9 ب 61 ح 5
2- الوسائل ج 16 ص 17 ب 63 ح 4
3- نهج البلاغة ص 132 آخر خ 45
4- نهج البلاغة ص 139 خ 52

بيان:

«قد تصرّمت» في النهاية: الصرم: القطع، و منه: "الدنيا آذنت بصرم"أي بانقطاع و انقضاء. «الحذّاء» : الماضية، السريعة. «تحفزهم» : تسوقهم و تدفعهم. «تحدو» :

تسوقهم بالموت إلى الهلاك. «السملة» : الماء القليل يبقى في أسفل الإناء. «الإداوة» :

إناء صغير من الجلد، و المطهرة.

«المقلة» : حصاة يضعها المسافر في إناء، ثمّ يصبّون الماء ليغمرها، فيتناول كلّ منهم مقدار ما غمره، يفعلون ذلك إذا قلّ الماء و أرادوا قسمته بالتسوية. «الصديان» :

العطشان. «أزمعوا الرحيل» : أي أعزموا عليه.

24-و قال عليه السّلام: ألا و إنّ الدنيا دار لا يسلم منها إلاّ فيها، و لا ينجى بشيء كان لها، ابتلي الناس بها فتنة فما أخذوه منها لها اخرجوا منه و حوسبوا عليه، و ما أخذوه منها لغيرها قدموا عليه و أقاموا فيه، فإنّها عند ذوي العقول كفيء الظلّ، بينا تراه سابغا حتّى قلص، و زائدا حتّى نقص. (1)

بيان:

«فيء الظلّ» : رجوعه. «سابغا» : ممتدّا ساترا للأرض. «قلص» : انقبض.

25-و قال عليه السّلام: ما أصف من دار أوّلها عناء و آخرها فناء، في حلالها حساب و في حرامها عقاب، من استغنى فيها فتن، و من افتقر فيها حزن، و من ساعاها فاتته، و من قعد عنها واتته، و من أبصر بها بصّرته، و من أبصر إليها أعمته. (2)

بيان:

«العناء» : التعب. «واتته» : طاوعته و أقبلت إليه.

ص:355


1- -نهج البلاغة ص 151 خ 62
2- نهج البلاغة ص 181 خ 81

26-و قال عليه السّلام: نحمده على ما كان، و نستعينه من أمرنا على ما يكون، و نسأله المعافاة في الأديان كما نسأله المعافاة في الأبدان.

عباد اللّه، أوصيكم بالرفض لهذه الدنيا التاركة لكم و إن لم تحبّوا تركها، و المبلية لأجسامكم و إن كنتم تحبّون تجديدها، فإنّما مثلكم و مثلها كسفر سلكوا سبيلا فكأنّهم قد قطعوه، و أمّوا علما فكأنّهم قد بلغوه، و كم عسى المجري إلى الغاية أن يجري إليها حتّى يبلغها، و ما عسى أن يكون بقاء من له يوم لا يعدوه، و طالب حثيث يحدوه في الدنيا حتّى يفارقها.

فلا تنافسوا في عزّ الدنيا و فخرها، و لا تعجبوا بزينتها و نعيمها، و لا تجزعوا من ضرّائها و بؤسها، فإنّ عزّها و فخرها إلى انقطاع، و إنّ زينتها و نعيمها إلى زوال، و ضرّاءها و بؤسها إلى نفاد، و كلّ مدّة فيها إلى انتهاء، و كلّ حيّ فيها إلى فناء.

أو ليس لكم في آثار الأوّلين مزدجر؟ و في آبائكم الماضين تبصرة و معتبر إن كنتم تعقلون؟ ! أو لم تروا إلى الماضين منكم لا يرجعون؟ و إلى الخلف الباقين لا يبقون؟ أ و لستم ترون أهل الدنيا يمسون و يصبحون على أحوال شتّى: فميّت يبكى و آخر يعزّى، و صريع مبتلى، و عائد يعود، و آخر بنفسه يجود، و طالب للدنيا و الموت يطلبه، و غافل و ليس بمغفول عنه، و على أثر الماضي ما يمضي الباقي؟ !

ألا فاذكروا هادم اللذّات، و منغّص الشهوات، و قاطع الامنيّات، عند المساورة للأعمال القبيحة، و استعينوا اللّه على أداء واجب حقّه، و ما لا يحصى من أعداد نعمه و إحسانه. (1)

بيان:

«السفر» : جماعة المسافرين. «أمّوا» : قصدوا. «المجري إلى الغاية» : يريد الذي

ص:356


1- -نهج البلاغة ص 291 خ 98

يجري فرسه إلى غاية معلومة.

في مجمع البحرين، «يطلبه حثيثا» : أي سريعا، فهو فعيل من الحثّ أي يتعقّبه سريعا، كأنّ أحدهما يطلب آخر بسرعة. «يحدوه» : أي يسوقه. «نفاد» : فناء.

«مزدجر» : مصدر ميمي من ازدجر، و معناه الارتداع و الانزجار. «بنفسه يجود» :

أي قارب موته كأنّه يسخو بها و يسلمها إلى ربّها. «المساورة» : المواثبة.

و يأتي آخر الحديث مع شرحه في باب الموت ف 2.

27-و قال عليه السّلام: انظروا إلى الدنيا نظر الزاهدين فيها، الصادفين عنها، فإنّها و اللّه عمّا قليل تزيل الثاوي الساكن، و تفجّع المترف الآمن، لا يرجع ما تولّى منها فأدبر، و لا يدرى ما هو آت منها فينتظر، سرورها مشوب بالحزن، و جلد الرجال فيها إلى الضعف و الوهن، فلا تغرّنّكم كثرة ما يعجبكم فيها، لقلّة ما يصحبكم منها. . . (1)

بيان:

«الصادفين» : المعرضين. «الثاوي» : المقيم. «الجلد» : الصلابة و القوّة.

28-و قال عليه السّلام: أمّا بعد، فإنّي احذّركم الدنيا، فإنّها حلوة خضرة، حفّت بالشهوات، و تحبّبت بالعاجلة، و راقت بالقليل، و تحلّت بالآمال، و تزيّنت بالغرور، لا تدوم حبرتها، و لا تؤمن فجعتها، غرّارة ضرّارة، حائلة زائلة، نافدة بائدة، أكّالة غوّالة، لا تعدو إذا تناهت إلى امنيّة أهل الرغبة فيها و الرضاء بها. . . (2)(تكون الخطبة كلّها في ذمّ الدنيا)

بيان:

«راقت بالقليل» راق الشيء: أعجبه و سرّه، و المراد بالقليل متاع الدنيا كقوله

ص:357


1- -نهج البلاغة ص 302 خ 102
2- نهج البلاغة ص 341 خ 110

تعالى: قُلْ مَتاعُ اَلدُّنْيا قَلِيلٌ. «الحبرة» : السرور و النعمة. «حائلة» : متغيّرة «نافدة» : فانية. «بائدة» : هالكة. «غوّالة» : مهلكة.

29-و قال عليه السّلام: و احذّركم الدنيا فإنّها منزل قلعة، و ليست بدار نجعة، و قد تزيّنت بغرورها، و غرّت بزينتها، دار هانت على ربّها، فخلط حلالها بحرامها، و خيرها بشرّها، و حياتها بموتها، و حلوها بمرّها، لم يصفّها اللّه تعالى لأوليائه، و لم يضنّ بها على أعدائه، خيرها زهيد و شرّها عتيد، و جمعها ينفد، و ملكها يسلب، و عامرها يخرب، فما خير دار تنقض نقض البناء؟ ! و عمر يفنى فيها فناء الزاد؟ ! و مدّة تنقطع انقطاع السير! . . . (1)

بيان:

«القلعة» : ليست بمستوطنة. «النجعة» : طلب الكلأ في موضعه، أي ليست الدنيا محطّ الرحال و لا مبلغ الآمال. «لم يضنّ بها» : لم يبخل بها. «عتيد» : حاضر.

30-و قال عليه السّلام: و لقد كان في رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كاف لك في الاسوة، و دليل لك على ذمّ الدنيا و عيبها، و كثرة مخازيها و مساويها، إذ قبضت عنه أطرافها، و وطّئت لغيره أكنافها، و فطم عن رضاعها، و زوي عن زخارفها.

و إن شئت ثنّيت بموسى كليم اللّه عليه السّلام حيث يقول: رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (2)و اللّه ما سأله إلاّ خبزا يأكله، لأنّه كان يأكل بقلة الأرض، و لقد كانت خضرة البقل ترى من شفيف صفاق بطنه لهزاله و تشذّب لحمه.

و إن شئت ثلّثت بداود عليه السّلام صاحب المزامير، و قارئ أهل الجنّة، فلقد كان يعمل سفائف الخوص بيده، و يقول لجلسائه: أيّكم يكفيني بيعها؟ و يأكل قرص الشعير من ثمنها.

ص:358


1- -نهج البلاغة ص 349 خ 112
2- القصص:24

و إن شئت قلت في عيسى بن مريم عليه السّلام، فلقد كان يتوسّد الحجر، و يلبس الخشن، و يأكل الجشب، و كان إدامه الجوع، و سراجه بالليل القمر، و ظلاله في الشتاء مشارق الأرض و مغاربها، و فاكهته و ريحانه ما تنبت الأرض للبهائم، و لم تكن له زوجة تفتنه، و لا ولد يحزنه، و لا مال يلفته، و لا طمع يذلّه، دابّته رجلاه، و خادمه يداه. . . (1)

بيان:

«مخازيها» : المخزية على صيغة اسم الفاعل: الخصلة القبيحة، و الجمع المخزيات و المخازي، و قد يكون الخزي بمعنى الفضيحة، و لعلّه المراد هنا. «وطّئت» وطّأ الأمر:

مهّده. «أكنافها» : جوانبها. «زوى» الشيء: منعه «شفيف» : رقيق، يستشفّ ما وراءه.

«الصفاق» : الجلد الباطن الذي فوقه الجلد الظاهر من البطن. «تشذّب اللحم» :

تفرّقه. «سفائف الخوص» : أي منسوجات الخوص، و الخوص ورق النخل.

«الجشب» : طعام الغليظ و الخشن و قد يقال للذي ليس معه إدام. «الظلال» : جمع الظلّ، بمعنى الكنّ و المأوى، و ما يستظلّ به من الحرّ أو البرد (سايه بان) و من كان ظلاله المشرق و المغرب فلا كنّ له و لا مأوى.

31-و قال عليه السّلام في ذمّ الدنيا: دار بالبلاء محفوفة، و بالغدر معروفة، لا تدوم أحوالها، و لا تسلم نزّالها، أحوال مختلفة، و تارات متصرّفة، العيش فيها مذموم، و الأمان منها معدوم، و إنّما أهلها فيها أغراض مستهدفة، ترميهم بسهامها، و تفنيهم بحمامها.

و اعلموا عباد اللّه، أنّكم و ما أنتم فيه من هذه الدنيا على سبيل من قد مضى قبلكم، ممّن كان أطول منكم أعمارا، و أعمر ديارا و أبعد آثارا، أصبحت

ص:359


1- -نهج البلاغة ص 507 في خ 159

أصواتهم هامدة، و رياحهم راكدة، و أجسادهم بالية، و ديارهم خالية، و آثارهم عافية، فاستبدلوا بالقصور المشيّدة، و النمارق الممهّدة الصخور و الأحجار المسنّدة، و القبور اللاطئة الملحدة التي قد بني بالخراب فناؤها. . . (1)

بيان:

«التارة» جمع تارات: الجين و المرّة. «متصرّفة» : متنقّلة متحوّلة. «مستهدفة» :

مهيّأة للرمي. «الحمام» : الموت. «أصواتهم هامدة» : أي ساكتة. «راكدة» : ساكنة، و ركود الريح كناية عن انقطاع العمل و بطلان الحركة.

«آثارهم عافية» : أي مندرسة. «النمارق» جمع نمرقة: و هي الوسادة و تطلق على الطنفسة أي البساط و لعلّه المراد هنا. «اللاطئة» يقال: لطأ بالأرض: لصق بها «الملحدة» : من ألحد القبر: جعل له لحدا.

32-و من كتابه عليه السّلام إلى سلمان رحمه اللّه قبل أيّام خلافته: أمّا بعد، فإنّما مثل الدنيا مثل الحيّة، ليّن مسّها قاتل سمّها، فأعرض عمّا يعجبك فيها لقلّة ما يصحبك منها، وضع عنك همومها لما أيقنت به من فراقها، و تصرّف حالاتها، و كن آنس ما تكون بها أحذر ما تكون منها، فإنّ صاحبها كلّما اطمأنّ فيها إلى سرور أشخصته عنه إلى محذور، أو إلى إيناس أزالته عنه إلى إيحاش، و السلام. (2)

بيان:

«كن آنس ما تكون بها أحذر» : أي فليكن أشدّ حذرك من الدنيا في حال شدّة أنسك بها. «أشخصته» : أذهبته. «إيحاش» يقال: أوحش يوحش إيحاشا.

33-و قال عليه السّلام: أهل الدنيا كركب يساربهم و هم نيام. (3)

34-و من خبر ضرار بن ضمرة عند دخوله على معاوية و مسألته له

ص:360


1- -نهج البلاغة ص 716 خ 217- صبحي ص 348 خ 226
2- نهج البلاغة ص 1065 ر 68
3- نهج البلاغة ص 1115 ح 61

عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: فأشهد لقد رأيته في بعض مواقفه و قد أرخى الليل سدوله و هو قائم في محرابه، قابض على لحيته، يتململ تململ السليم، و يبكى بكاء الحزين، و يقول:

يا دنيا يا دنيا، إليك عنّي أبي تعرّضت! أم إليّ تشوّقت! لا حان حينك، هيهات! غرّي غيري، لا حاجة لي فيك، قد طلّقتك ثلاثا لا رجعة فيها، فعيشك قصير، و خطرك يسير، و أملك حقير. آه من قلّة الزاد و طول الطريق، و بعد السفر، و عظيم المورد. (1)

بيان:

«أرخى الليل سدوله» جمع سديل: و هو ما أسدل على الهودج، و المراد: حجب الليل ظلامه. «يتململ» يقال بالفارسيّة: بخود مى پيچيد.

«السليم» : الملدوغ من حيّة و نحوها (مارگزيده) . «لا حان حينك» : لا جاء وقتك، و المراد لا جاء وقت وصولك لقلبي و تمكّن حبّك منه. «المورد» : موقف الورود على اللّه.

أقول: في البحار ج 73 ص 84 باب حبّ الدنيا ح 47: من مكاشفات أمير المؤمنين عليه السّلام ما رواه الصادق عن آبائه عليهم السّلام، أنّه قال: إنّي كنت بفدك في بعض حيطانها، و قد صارت لفاطمة عليها السّلام إذا أنا بامرأة قد هجمت عليّ و في يدي مسحاة و أنا أعمل بها، فلمّا نظرت إليها طار قلبي ممّا تداخلني من جمالها، فشبّهتها ببثينة بنت عامر الجمحيّ، و كانت من أجمل نساء قريش.

فقالت لي: يا بن أبي طالب، هل لك أن تزوّجني و أغنيك عن هذه المسحاة، و أدلّك على خزائن الأرض، و يكون لك الملك ما بقيت؟

فقلت لها: من أنت حتّى أخطبك من أهلك؟ فقالت: أنا الدنيا، فقلت لها: ارجعي فاطلبي زوجا غيري، فلست من شأني، و أقبلت على مسحاتي و أنشأت أقول:

ص:361


1- -نهج البلاغة ص 1118 ح 74

لقد خاب من غرّته دنيا دنيّة و ما هي إن غرّت قرونا بطايل

إلى آخر الأبيات

35-و قال عليه السّلام: إنّ الدنيا و الآخرة عدوّان متفاوتان، و سبيلان مختلفان، فمن أحبّ الدنيا و تولاّها أبغض الآخرة و عاداها، و هما بمنزلة المشرق و المغرب، و ماش بينهما كلّما قرب من واحد بعد من الآخر، و هما بعد ضرّتان. (1)

بيان:

«ضرّتان» : هما المرأتان اللتان لرجل واحد، لأنّ كل واحدة تضرّ بالاخرى بالغيرة و القسم.

36-و قال عليه السّلام (و قد سمع رجلا يذمّ الدنيا) : أيّها الذامّ للدنيا المغترّ بغرورها المنخدع بأباطيلها! أ تغترّ بالدنيا ثمّ تذمّها. . . إنّ الدنيا دار صدق لمن صدقها، و دار عافية لمن فهم عنها، و دار غنى لمن تزوّد منها، و دار موعظة لمن اتّعظ بها، مسجد أحبّاء اللّه، و مصلّى ملائكة اللّه، و مهبط وحي اللّه، و متجر أولياء اللّه، اكتسبوا فيها الرحمة و ربحوا فيها الجنّة.

فمن ذا يذمّها و قد آذنت بينها، و نادت بفراقها، و نعت نفسها و أهلها، فمثّلت لهم ببلائها البلاء، و شوّقتهم بسرورها إلى السرور؟ ! راحت بعافية، و ابتكرت بفجيعة ترغيبا و ترهيبا و تخويفا و تحذيرا، فذمّها رجال غداة الندامة، و حمدها آخرون يوم القيامة، ذكّرتهم الدنيا فتذكّروا، و حدّثتهم فصدّقوا، و وعظتهم فاتّعظوا. (2)

بيان:

«آذنت» : أعلمت أهلها. «بينها» : المراد بعدها و زوالها عنهم. «نعت نفسها» : أي

ص:362


1- -نهج البلاغة ص 1133 ح 100
2- نهج البلاغة ص 1148 ح 126

أخبرت بفقد نفسها. «راحت» : أي أمست. «و ابتكرت» : أي أصبحت. «فجيعة» :

مصيبة فاجعة. «غداة الندامة» : المراد يوم القيامة.

أقول: فيه دلالة على أنّ الدنيا المذمومة هي حظّ نفسك الذي لا حاجة إليه لأمر الآخرة، و يعبّر عنه بالهوى و حبّ رياستها و جمع أموالها و زخرفها و غير ذلك، لا من حيث إنّ الدنيا مزرعة الآخرة، فحينئذ تكون الدنيا متجر أولياء اللّه و دار موعظة و دار اكتساب الآخرة.

37-و قال عليه السّلام: الدنيا دار ممرّ لا دار مقرّ، و الناس فيها رجلان: رجل باع نفسه فأوبقها، و رجل ابتاع نفسه فأعتقها. (1)

بيان:

«أوبقها» : أهلكها. «ابتاع نفسه» : أي اتّجر في الدنيا للآخرة و خلّص نفسه من شهواتها.

38-و قال عليه السّلام: و اللّه لدنياكم هذه أهون في عيني من عراق خنزير في يد مجذوم. (2)

بيان:

«العراق» بضمّ العين: العظم الذي أكل لحمه، و بالكسر: هو من الحشا ما فوق السرّة معترضا البطن.

39-و قال عليه السّلام: مرارة الدنيا حلاوة الآخرة، و حلاوة الدنيا مرارة الآخرة. (3)

40-و قال عليه السّلام: الناس أبناء الدنيا، و لا يلام الرجل على حبّ أمّه. (4)

ص:363


1- -نهج البلاغة ص 1150 ح 128
2- نهج البلاغة ص 1192 ح 228
3- نهج البلاغة ص 1196 ح 243
4- نهج البلاغة ص 1231 ح 295

41-و روي أنّه عليه السّلام قلّما اعتدل به المنبر إلاّ قال أمام الخطبة: أيّها الناس، اتّقوا اللّه فما خلق امرء عبثا فيلهو، و لا ترك سدى فيلغو، و ما دنياه التي تحسّنت له بخلف من الآخرة التي قبّحها سوء النظر عنده، و ما المغرور الذي ظفر من الدنيا بأعلى همّته كالآخر الذي ظفر من الآخرة بأدنى سهمته. (1)

42-و قال عليه السّلام: الدنيا تغرّ و تضرّ و تمرّ، إنّ اللّه سبحانه لم يرضها ثوابا لأوليائه، و لا عقابا لأعدائه، و إنّ أهل الدنيا كركب بينا هم حلّوا إذ صاح بهم سائقهم فارتحلوا. (2)

43-و قال عليه السّلام: منهومان لا يشبعان: طالب علم و طالب دنيا. (3)

بيان:

«المنهوم» : المولع بالشيء.

44-و قال عليه السّلام: الدنيا خلقت لغيرها و لم تخلق لنفسها. (4)

بيان:

«لغيرها» : أي خلقت للآخرة، أو للإنسان.

أقول: في مستدرك نهج البلاغة قال عليه السّلام: الدنيا جيفة فمن أرادها فليصبر على مخالطة الكلاب.

يكفيك هذه المواعظ من مولانا أمير المؤمنين عليه السّلام و من أراد المزيد فليراجع نهج البلاغة.

45-قال عيسى عليه السّلام: بحقّ أقول لكم: كما نظر (ينظر م) المريض إلى الطعام فلا يلتذّ به من شدّة الوجع، كذلك صاحب الدنيا لا يلتذّ بالعبادة

ص:364


1- -نهج البلاغة ص 1259 ح 362
2- نهج البلاغة ص 1279 ح 407
3- نهج البلاغة ص 1296 ح 449
4- نهج البلاغة ص 1298 ح 455

و لا يجد حلاوتها مع ما يجده من حلاوة الدنيا.

بحقّ أقول لكم: كما أنّ الدابّة إذا لم تركب و تمتهن تصعّب و تغيّر خلقها كذلك القلوب إذا لم ترقّق بذكر الموت و بنصب العبادة تقسو و تغلظ.

و بحقّ أقول لكم: إنّ الزقّ إذا لم ينخرق يوشك أن يكون وعاء العسل، كذلك القلوب إذا لم تخرقها الشهوات أو يدنّسها الطمع أو يقسها النعيم فسوف تكون أوعية الحكمة. (1)

بيان:

«امتهن الرجل» : استعمله للخدمة. «الزقّ» : جلد يجزّ و لا ينتف و يستعمل لحمل الماء.

46-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الفقر أزين على المؤمن من العذار على خدّ الفرس، و إنّ آخر الأنبياء دخولا إلى الجنّة سليمان، و ذلك لما اعطي من الدنيا. (2)

47-روي أنّ سعد بن أبي وقّاص دخل على سلمان الفارسي يعوده، فبكى سلمان فقال له سعد: ما يبكيك يا أبا عبد اللّه؟ توفّي رسول اللّه و هو عنك راض و ترد عليه الحوض، فقال سلمان: أما إنّي لا أبكي جزعا من الموت، و لا حرصا على الدنيا، و لكن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عهد إلينا فقال: ليكن بلغة أحدكم كزاد الراكب، و حولي هذه الأساود، و إنّما حوله إجّانة و جفنة و مطهرة. (3)

بيان:

قال في النهاية ج 2 ص 418 بعد ذكر الحديث: يريد (بالأساود) الشخوص من المتاع الذي كان عنده، و كلّ شخص من إنسان أو متاع أو غيره سواد، و يجوز

ص:365


1- -البحار ج 14 ص 325 باب مواعظ عيسى (ع) ح 39
2- البحار ج 72 ص 52 باب الفقر ح 76( البحار ج 14 ص 74 باب قصص سليمان ح 16 و 18)
3- البحار ج 22 ص 381 باب كيفيّة إسلام سلمان ح 14

أن يريد بالأساود الحيّات، جمع أسود، شبّهها بها لاستضراره بمكانها. «الإجّانة» إناء تغسل فيه الثياب، جرّة كبيرة (تغار، خم) . «الجفنة» : القصعة (كاسه)

48-عن الصادق عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أغفل الناس من لم يتّعظ بتغيّر الدنيا من حال إلى حال، و أعظم الناس في الدنيا خطرا من لم يجعل للدنيا عنده خطرا. (1)

49-عن فاطمة بنت الحسين عن أبيها عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

الرغبة في الدنيا تكثر الهمّ و الحزن، و الزهد في الدنيا يريح القلب و البدن. (2)

50-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : من عبد الدنيا و آثرها على الآخرة، استوخم العاقبة. (3)

51-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: مالي و الدنيا إنّما مثلي و مثل الدنيا كمثل راكب مرّ للقيلولة في ظلّ شجرة في يوم صيف، ثمّ راح و تركها.

. . . و قال المسيح عليه السّلام للحواريّين: إنّما الدنيا قنطرة فاعبروها و لا تعمروها. (4)

52-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: تمثّلت الدنيا لعيسى عليه السّلام في صورة امرأة زرقاء، فقال لها: كم تزوّجت؟ قالت: كثيرا، قال: فكلّ طلّقك؟ قالت: بل كلاّ قتلت، قال: فويح أزواجك الباقين، كيف لا يعتبرون بالماضين!

قال: و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: مثل الدنيا كمثل البحر المالح، كلّما شرب العطشان منه ازداد عطشا حتّى يقتله. (5)

53-في مواعظ عليّ عليه السّلام: أنّه رأى جابر بن عبد اللّه رحمه اللّه و قد تنفّس

ص:366


1- -البحار ج 73 ص 88 باب حبّ الدنيا ح 55
2- البحار ج 73 ص 91 ح 65
3- البحار ج 73 ص 104 ح 95
4- البحار ج 73 ص 119 ح 110
5- البحار ج 73 ص 125 ح 120

الصعداء، فقال عليه السّلام: يا جابر، على م تنفّسك أ على الدنيا؟ فقال جابر: نعم، فقال له: يا جابر، ملاذّ الدنيا سبعة: المأكول و المشروب و الملبوس و المنكوح و المركوب و المشموم و المسموع.

فألذّ المأكولات العسل و هو بصق من ذبابة، و أحلى المشروبات الماء؛ و كفى بإباحته و سباحته على وجه الأرض، و أعلى الملبوسات الديباج و هو من لعاب دودة، و أعلى المنكوحات النساء و هو مبال في مبال، و مثال لمثال، و إنّما يراد أحسن ما في المرأة لأقبح ما فيها، و أعلى المركوبات الخيل و هو قواتل، و أجلّ المشمومات المسك و هو دم من سرّة دابّة، و أجلّ المسموعات الغناء و الترنّم و هو إثم، فما هذه صفته لم يتنفّس عليه عاقل.

قال جابر بن عبد اللّه: فو اللّه ما خطرت الدنيا بعدها على قلبي. (1)

بيان:

«الصعداء» : التنفّس الطويل من همّ أو تعب. «الملاذّ» : الشهوات (و اللذّات) ، الواحدة ملذّة، و في اللسان: الملاذّ جمع ملذّ و هو موضع اللذّة. (أقرب الموارد)

54-في مواعظ عليّ بن الحسين عليهما السّلام و قيل له: من أعظم الناس خطرا؟ فقال عليه السّلام: من لم ير الدنيا خطرا لنفسه. (2)

بيان:

«الخطر» : القدر و المنزلة.

55-عن جنادة قال: دخلت على الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام في مرضه الذي توفّي فيه. . . قال: فقلت له: عظني يا بن رسول اللّه، قال: نعم استعدّ لسفرك، و حصّل زادك قبل حلول أجلك، و اعلم أنّك تطلب الدنيا و الموت

ص:367


1- -البحار ج 78 ص 11 ح 69
2- البحار ج 78 ص 135-و نحوه في البحار ج 78 ص 188 عن الباقر عليه السّلام، و في ص 303 في حديث الكاظم عليه السّلام لهشام، و في ج 77 ص 114 عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله

يطلبك، و لا تحمل همّ يومك الذي لم يأت على يومك الذي أنت فيه، و اعلم أنّك لا تكسب من المال شيئا فوق قوتك إلاّ كنت فيه خازنا لغيرك.

و اعلم أنّ في حلالها حساب، و في حرامها عقاب، و في الشبهات عتاب، فأنزل الدنيا بمنزلة الميتة، خذ منها ما يكفيك، فإن كان ذلك حلالا كنت قد زهدت فيها، و إن كان حراما لم يكن فيه وزر، فأخذت كما أخذت من الميتة، و إن كان العتاب فإنّ العتاب يسير، و اعمل لدنياك كأنّك تعيش أبدا، و اعمل لآخرتك كأنّك تموت غدا. . . (1)

56-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لابن مسعود: . . . يا بن مسعود، من تعلّم العلم يريد به الدنيا و آثر عليه حبّ الدنيا و زينتها استوجب سخط اللّه عليه و كان في الدرك الأسفل من النار مع اليهود و النصارى الذين نبذوا كتاب اللّه تعالى، قال اللّه تعالى: فَلَمّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اَللّهِ عَلَى اَلْكافِرِينَ. (2).

يا بن مسعود، من تعلّم القرآن للدنيا و زينتها حرّم اللّه عليه الجنّة. (3)

يا بن مسعود، الدنيا ملعونة، ملعون من فيها، ملعون من طلبها و أحبّها و نصب لها، و تصديق ذلك في كتاب اللّه تعالى: كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ- وَ يَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو اَلْجَلالِ وَ اَلْإِكْرامِ (4)و قوله: كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاّ وَجْهَهُ (5). . .

يا بن مسعود، دع نعيم الدنيا و أكلها و حلاوتها، و حارّها و باردها، و لينها و طيبها، و ألزم نفسك الصبر عنها فإنّك مسؤول عن ذلك كلّه قال اللّه تعالى:

ص:368


1- -البحار ج 44 ص 138 تاريخ المجتبى عليه السّلام ح 6
2- البقرة:89
3- البحار ج 77 ص 101
4- الرحمن:26 و 27
5- القصص:88

ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ اَلنَّعِيمِ (1).

يا بن مسعود، فلا تلهينّك الدنيا و شهواتها فإنّ اللّه تعالى يقول: أَ فَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَ أَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ. (2)(3)

57-في حديث المعراج، قال اللّه عزّ و جلّ: . . . يا أحمد، فاحذر أن تكون مثل الصبيّ إذا نظر إلى الأخضر و الأصفر أحبّه، و إذا أعطي شيء من الحلو و الحامض اغترّ به. . . (4)

يا أحمد، أبغض الدنيا و أهلها و أحبّ الآخرة و أهلها قال: يا ربّ، و من أهل الدنيا و من أهل الآخرة؟ قال: أهل الدنيا من كثر أكله و ضحكه و نومه و غضبه، قليل الرضا لا يعتذر إلى من أساء إليه، و لا يقبل معذرة من اعتذر إليه، كسلان عند الطاعة، شجاع عند المعصية، أمله بعيد و أجله قريب، لا يحاسب نفسه، قليل المنفعة، كثير الكلام، قليل الخوف، كثير الفرح عند الطعام.

و إنّ أهل الدنيا لا يشكرون عند الرخاء، و لا يصبرون عند البلاء، كثير الناس عندهم قليل، يحمدون أنفسهم بما لا يفعلون، و يدّعون بما ليس لهم، و يتكلّمون بما يتمنّون، و يذكرون مساوي الناس، و يخفون حسناتهم.

قال: يا ربّ، هل يكون سوى هذا العيب في أهل الدنيا؟ قال: يا أحمد، إنّ عيب أهل الدنيا كثير؛ فيهم الجهل و الحمق، لا يتواضعون لمن يتعلّمون منه، و هم عند أنفسهم عقلاء و عند العارفين حمقاء. . . (5)

يا أحمد، لو صلّى العبد صلاة أهل السماء و الأرض، و يصوم صيام أهل السماء

ص:369


1- -التكاثر:8
2- المؤمنون:115
3- البحار ج 77 ص 105
4- البحار ج 77 ص 22
5- البحار ج 77 ص 23

و الأرض، و يطوي من الطعام مثل الملائكة و لبس لباس العاري، ثمّ أرى في قلبه من حبّ الدنيا ذرّة، أو سمعتها، أو رئاستها، أو حليّها أو زينتها، لا يجاورني في داري، و لأنزعنّ من قلبه محبّتي، و عليك سلامي و رحمتي و الحمد للّه ربّ العالمين. (1)

58-عن الصادق جعفر بن محمّد عليه السّلام قال: إنّ داود عليه السّلام خرج ذات يوم يقرء الزبور، و كان إذا قرأ الزبور لا يبقى جبل و لا حجر و لا طائر و لا سبع إلاّ جاوبه، فما زال يمرّ حتّى انتهى إلى جبل، فإذا على ذلك الجبل نبيّ عابد، يقال له حزقيل، فلمّا سمع دويّ الجبال و أصوات السباع و الطير علم أنّه داود عليه السّلام، فقال داود: يا حزقيل، أ تاذن لي فأصعد إليك؟ قال: لا، فبكى داود عليه السّلام فأوحى اللّه جلّ جلاله إليه: يا حزقيل، لا تعيّر داود و سلني العافية، فقام حزقيل فأخذ بيد داود فرفعه إليه.

فقال داود: يا حزقيل، هل هممت بخطيئة قطّ؟ قال: لا، قال: فهل دخلك العجب ممّا أنت فيه من عبادة اللّه عزّ و جلّ؟ قال: لا، قال: فهل ركنت إلى الدنيا فأحببت أن تأخذ من شهوتها و لذّتها؟ قال: بلى ربّما عرض بقلبي، قال: فما ذا تصنع إذا كان ذلك؟ قال: أدخل هذا الشعب فأعتبر بما فيه، قال: فدخل داود النبيّ عليه السّلام الشعب فإذا سرير من حديد عليه جمجمة بالية و عظام فانية، و إذا لوح من حديد فيه كتابة فقرأها داود فإذا هي: أنا أروى [بن]شلم ملكت ألف سنة، و بنيت ألف مدينة، و افتضضت ألف بكر، فكان آخر أمري أن صار التراب فراشي، و الحجارة وسادتي، و الديدان و الحيّات جيراني، فمن رأني فلا يغترّ بالدنيا. (2)

ص:370


1- -البحار ج 77 ص 30
2- البحار ج 14 ص 25 باب قصّة داود ح 3( أمالي الصدوق م 21 ح 8)

أقول:

إذا عرض على قلب حزقيل النبيّ حبّ الدنيا و هو يعتكف على جبل بعبادة ربّه و طيلة عمره، فكيف الأمر بالنسبة إلينا في هذا الزمان؟ !

59-روي أنّ عيسى عليه السّلام صعد جبلا فرأى شخصا يعبد اللّه تعالى في حرّ الشمس، فقال له: لم لا تستظلّ؟ فقال: يا نبيّ اللّه، إنّي سمعت من الأنبياء أنّي لا أعيش أكثر من سبعمائة سنة فلم أجد من عقلي أن أشتغل بالبناء، فقال عليه السّلام:

إنّي لأخبرك بما يعجبك، قال: فما ذا؟ قال: يكون في آخر الزمان قوم لا تنتهي عمر أحدهم إلى أكثر من مائة سنة و هم يبنون الدور و القصور و يتّخذون الحدائق و البساتين و يأملون أمل عمر ألف سنة.

قال الشيخ: فو اللّه إنّي لو أدركت زمانهم لجعلت عمري في سجدة واحدة، ثمّ قال لعيسى عليه السّلام: ادخل هذا الكهف حتّى ترى عجبا، فدخل فرأى سريرا من حجر و عليه ميّت و على رأسه لوح من حجر مكتوب عليه: أنا فلان الملك، أنا الذي عمّرت ألف سنة، و بنيت ألف مدينة، و تزوّجت بألف بكر، و هزمت ألف عسكر، ثمّ كان مصيري إلى هذا، فاعتبروا يا أولي الألباب. (1)

و قال: و في الروايات أنّ عيسى عليه السّلام لمّا رفعه اللّه إلى السماء الرابعة، زارته الملائكة فوجدوا عليه قميصا مرقّعا برقع كثيرة، فضجّوا و قالوا: إلهنا ليس يساوي عبدك عيسى عندك ثوبا صحيحا؟ فنودوا أن فتّشوا عيسى، ففتّشوه فوجدوا في قميصه أبرة يرقّع بها ما يخترق منه، فقال تعالى: فو عزّتي و جلالي لو لا أبرته لرفعته إلى السماء السابعة. (2)

60-عن أبي ذرّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا أبا ذرّ، الدنيا ملعونة، ملعون

ص:371


1- -الأنوار النعمانيّة ج 3 ص 105
2- الأنوار النعمانيّة ج 3 ص 99

ما فيها، إلاّ من ابتغى به وجه اللّه، و ما من شيء أبغض إلى اللّه تعالى من الدنيا، خلقها ثمّ أعرض عنها، فلم ينظر إليها و لا ينظر إليها حتّى تقوم الساعة، و ما من شيء أحبّ إلى اللّه تعالى من الإيمان به، و ترك ما أمر بتركه.

يا أبا ذرّ، إنّ اللّه تعالى أوحى إلى أخي عيسى: يا عيسى، لا تحبّ الدنيا، فإنّي لست أحبّها، و أحبّ الآخرة فإنّما هي دار المعاد. (1)

61-قال عيسى بن مريم عليه السّلام: قسوة القلوب من جفوة العيون، و جفوة العيون من كثرة الذنوب، و كثرة الذنوب من حبّ الدنيا، و حبّ الدنيا رأس كلّ خطيئة.

و أوحى اللّه تعالى إلى داود عليه السّلام: إن كنت تحبّني فأخرج حبّ الدنيا من قلبك، فإنّ حبّي و حبّها لا يجتمعان في قلب. (2)

62-قال الصادق عليه السّلام: الدنيا بمنزلة صورة رأسها الكبر، و عينها الحرص، و أذنها الطمع، و لسانها الرياء، و يدها الشهوة، و رجلها العجب، و قلبها الغفلة، و كونها (لونها ف ن) الفناء و حاصلها الزوال، فمن أحبّها أورثته الكبر، و من استحسنها أورثته الحرص، و من طلبها أورثته الطمع، و من مدحها ألبسته الرياء، و من أرادها مكّنته من العجب، و من ركن إليها أولته الغفلة، و من أعجبه متاعها أفتنته، و لا تبقى له، و من جمعها و بخل بها ردّته إلى مستقرّها و هي النار. (3)

أقول:

في الكشكول للشيخ البهائي رحمه اللّه ج 2 ص 290: من التوراة؛ من لم يرض بقضائي و لم يصبر على بلائي و لم يشكر نعمائي، فليتّخذ ربّا سوائي. من أصبح حزينا على الدنيا فكأنّما أصبح ساخطا عليّ. من تواضع لغنيّ لأجل غناه ذهب ثلثا دينه.

ص:372


1- -المستدرك ج 12 ص 39 ب 61 من جهاد النفس ح 11
2- المستدرك ج 12 ص 39 ح 13
3- مصباح الشريعة ص 23 ب 32

يا بن آدم، ما من يوم جديد إلاّ و يأتي إليك من عندي رزقك، و ما من ليلة جديدة إلاّ و تأتي إليّ الملائكة من عندك بعمل قبيح، خيري إليك نازل و شرّك إليّ صاعد.

يا بني آدم، أطيعوني بقدر حاجتكم إليّ، و اعصوني بقدر صبركم على النار، و اعملوا للدنيا بقدر لبثكم فيها، و تزوّدوا للآخرة بقدر مكثكم فيها.

يا بني آدم، زارعوني و عاملوني و أسلفوني، أربحكم عندي ما لا عين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر. يا بن آدم، أخرج حبّ الدنيا من قلبك، فإنّه لا يجتمع حبّي و حبّ الدنيا في قلب واحد أبدا.

يا بن آدم، اعمل بما أمرتك و انته عمّا نهيتك، أجعلك حيّا لا تموت أبدا. . .

63-أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال:

الدنيا تسلم. (الغرر ج 1 ص 5 ف 1 ح 2)

الدنيا تذلّ-الدنيا أمد. (ح 4 و 5)

الدنيا تضرّ. (ص 10 ح 191)

الدنيا خسران. (ص 11 ح 254)

الدنيا ظلّ زائل. (ص 15 ح 370)

الدنيا سوق الخسران-الدنيا مزرعة الشرّ. (ص 17 ح 450 و 455)

الدنيا دار المحن-الدنيا دار الأشقياء. (ص 18 ح 463 و 492)

الدنيا معبرة الآخرة. (ص 18 ح 494)

الدنيا مطلّقة الأكياس. (ح 496)

الدنيا تغرّ و تضرّ و تمرّ. (ص 21 ح 566)

الدنيا محلّ الآفات. (ص 22 ح 627)

الدنيا مصرع العقول. (ص 32 ح 964)

الدنيا محلّ الغير. (ص 34 ح 1070)

الدنيا غنيمة الحمقى. (ص 37 ح 1153)

ص:373

الرغبة في الدنيا توجب المقت. (ص 41 ح 1246)

الدنيا كيوم مضى و شهر انقضى-الدنيا دار الغرباء و موطن الأشقياء.

(ح 1250 و 1251)

الوله بالدنيا أعظم فتنة. (ص 42 ح 1255)

الدنيا حلم و الاغترار بها ندام. (ص 51 ح 1425)

الدنيا سمّ يأكله من لا يعرفه (ص 52 ح 1452)

الدنيا معدن الشرّ، و محلّ الغرور. (ص 55 ح 1511)

الناس أبناء الدنيا و الولد مطبوع على حبّ أمّه. (ص 76 ح 1873)

الدنيا سجن المؤمن و الموت تحفته و الجنّة مأواه-الدنيا جنّة الكافر و الموت مشخصه و النار مثواه. (ص 77 ح 1883 و 1884)

الدنيا ظلّ الغمام و حلم المنام. (ص 85 ح 1981)

الدنيا مليئة بالمصائب، طارقة بالفجائع و النوائب (ص 89 ح 2049)

الدنيا مصائب مفجعة، و منايا موجعة، و عبر مقطّعة. (ص 91 ح 2064)

الدنيا غرور حائل و سراب زائل، و سناد مائل. (ح 2075)

أوقات الدنيا و إن طالت قصيرة، و المتعة بها و إن كثرت يسيرة.

(ص 105 ح 2212)

احذر الدنيا فإنّها شبكة الشيطان و مفسدة الإيمان. (ص 143 ف 4 ح 31)

إيّاك و الوله بالدنيا فإنّها تورثك الشقاء و البلاء و تحدوك على بيع البقاء بالفناء. (ص 154 ف 5 ح 76)

ألا و قد أمرتم بالظعن و دللتم على الزاد، فتزوّدوا من الدنيا ما تحرزون به أنفسكم غدا. (ص 165 ف 6 ح 31)

أعظم الخطايا حبّ الدنيا. (ص 183 ف 8 ح 173)

أكيس الناس من رفض دنياه-أربح الناس من اشترى بالدنيا الآخرة-

ص:374

أخسر الناس من رضي الدنيا عوضا عن الآخرة. (ص 188 ح 249 إلى 251)

أعظم المصائب و الشقاء الوله بالدنيا. (ح 255)

إنّ الدنيا دار خبال و وبال و زوال و انتقال، لا تساوي لذّاتها تنغيصها، و لا يفي سعودها بنحوسها، و لا يقوم صعودها بهبوطها. (ص 224 ف 9 ح 104)

إنّ الدنيا لمفسدة الدين، و مسلبة اليقين، و إنّها لرأس الفتن و أصل المحن.

(ص 229 ح 142)

إنّ مثل الدنيا و الآخرة كرجل له امرأتان إذا أرضى إحداهما أسخط الاخرى -إنّ من غرّته الدنيا بمحال الآمال و خدعته بزور الأماني، أورثته كمها و ألبسته عمى و قطعته عن الاخرى و أوردته موارد الردى. (ص 232 ح 155 و 156)

إنّ الدنيا دار عناء و فناء و غير و عبر و محلّ فتنة و محنة. (ص 257 ح 282)

إنّ الدنيا معكوسة منكوسة، لذّاتها تنغيص، و مواهبها تغصيص، و عيشها عناء، و بقاءها فناء، تجمح بطالبها، و تردي راكبها، و تخون الواثق بها، و تزعج المطمئنّ إليها، و إنّ جمعها إلى انصداع و وصلها إلى انقطاع. (ص 258 ح 285)

إنّ من هوان الدنيا على اللّه أن لا يعصى إلاّ فيها، و لا ينال ما عنده إلاّ بتركها.

(ح 286)

إنّ الدنيا كالغول تغوي من أطاعها و تهلك من أجابها، و إنّها لسريعة الزوال و شيكة الانتقال. (ص 259 ح 289)

أقول:

بهذا المعنى أخبار عديدة و من أراد المزيد فليلاحظ ف 9 من المصدر بتمامه.

إن كنتم في البقاء راغبين فازهدوا في عالم الفناء-إن رغبتم في الفوز و كرامة الآخرة فخذوا من الفناء للبقاء. (ص 277 ف 10 ح 38 و 40)

إن كنتم تحبّون اللّه، فأخرجوا من قلوبكم حبّ الدنيا. (ص 278 ح 41)

إنّك إن أقبلت على الدنيا أدبرت. (ص 287 ف 13 ح 13)

ص:375

إنّك إن أدبرت عن الدنيا أقبلت. (ح 14)

إنّك إن عملت للدنيا خسرت صفقتك-إنّك لن تلقى اللّه سبحانه بعمل أضرّ عليك من حبّ الدنيا. (ص 288 ح 31 و 32)

إنّكم إن رغبتم في الدنيا أفنيتم أعماركم فيما لا تبقون له و لا يبقى لكم.

(ص 292 ف 14 ح 29)

إنّما الدنيا شرك (1)وقع فيه من لا يعرفه. (ص 297 ف 15 ح 7)

إنّما الدنيا جيفة و المتواخون عليها أشباه الكلاب فلا تمنعهم أخوّتهم لها من التهارش (2)عليها-إنّما أهل الدنيا كلاب عاوية و سباع ضارية يهزّ بعضها بعضا، و يأكل عزيزها ذليلها، و يقهر كبيرها صغيرها، نعم معقّلة و أخرى مهملة، قد أضلّت عقولها و ركبت مجهولها. (ص 299 ح 23 و 24)

ثمرة الوله بالدنيا عظيم المحنة. (ص 359 ف 23 ح 25)

ثروة الدنيا فقد الآخرة. (ص 367 ف 25 ح 20)

حبّ الدنيا رأس كلّ خطيئة. (ص 380 ف 28 ح 1)

حبّ الدنيا رأس الفتن و أصل المحن. (ح 3)

حبّ الدنيا يفسد العقل، و يصمّ القلب عن سماع الحكمة، و يوجب أليم العقاب.

(ص 381 ح 12)

حلاوة الدنيا توجب مرارة الآخرة و سوء العقبى-حلو الدنيا صبر، و غذاؤها (3)سمام، و أسبابها رمام. (ح 15 و 20)

حرام على كلّ قلب متولّه بالدنيا أن يسكنه التقوى. (ص 383 ح 38)

ذكر الدنيا أدوء الأدواء. (ص 405 ف 32 ح 18)

ص:376


1- -الشرك: حبائل الصيد.
2- تهارشت الكلاب: تحرّش بعضها على بعض و تواثبت
3- الغذاء جمع أغذية: ما يغتذى به من الطعام و الشراب

رأس الآفات التولّه بالدنيا. (ص 413 ف 34 ح 41)

ردع النفس عن زخارف الدنيا ثمرة العقل. (ص 421 ف 36 ح 16)

سبب الشقاء حبّ الدنيا. (ص 430 ف 38 ح 7)

سبب فساد العقل حبّ الدنيا. (ص 431 ح 33)

كيف يدّعي حبّ اللّه من سكن قلبه حبّ الدنيا! (ج 2 ص 555 ف 64 ح 29)

كثرة الدنيا قلّة، و عزّها ذلّة، و زخارفها مضلّة، و مواهبها فتنة.

(ص 563 ف 66 ح 42)

كلّما فاتك من الدنيا شيء فهو غنيمة. (ص 571 ف 68 ح 13)

كما أنّ الشمس و الليل لا يجتمعان كذلك حبّ اللّه و حبّ الدنيا لا يجتمعان.

(ص 572 ح 25)

من رضي بالدنيا فاتته الآخرة. (ص 652 ف 77 ح 717)

من أحبّ لقاء اللّه سبحانه و تعالى سلا عن الدنيا. (ص 655 ح 766)

من غلبت الدنيا عليه عمي عمّا بين يديه-من عمّر دنياه أفسد دينه و أخرب أخراه. (ص 689 ح 1195 و 1197)

من طلب من الدنيا شيئا فاته من الآخرة أكثر ممّا طلب.

(ص 693 ح 1234)

من سخت نفسه عن مواهب الدنيا فقد استكمل العقل-من ملك من الدنيا شيئا فاته من الآخرة أكثر ما ملك. (ص 694 ح 1243 1247)

من اعتمد على الدنيا فهو الشقيّ المحروم. (ص 712 ح 1421)

مثل الدنيا كظلّك إن وقفت وقف، و إن طلبته بعد. (ص 763 ف 80 ح 107)

يسير الدنيا يفسد الدين. (ص 866 ف 89 ح 5)

أقول:

قد مرّ في باب الحزن في اللّه، عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: الدنيا سجن المؤمن و جنّة الكافر.

ص:377

و الأخبار و الآثار في ذمّ الدنيا و ذمّ حبّها و زوالها، و عدم الاعتبار بها، و تضادّها للآخرة و. . . أكثر من أن تحصى، و ما ورد من كلام أئمّتنا سيّما عن مولانا عليّ عليهم السّلام بلاغ و موعظة للقوم الزاهدين، و سيأتي بعضها في باب الزهد و غيره.

و ليس المراد بالأخبار أن تترك الكسب و التجارة، و أن تكون كلاّ على الناس، كما مرّ في باب التجارة أيضا، و في البحار ج 73 ص 124، قال لقمان لابنه: يا بنيّ، لا تدخل في الدنيا دخولا يضرّ بآخرتك، و لا تتركها تركا تكون كلاّ على الناس.

و لحبّ الدنيا شعب كثيرة؛ كالحرص و حبّ الرياسة و حبّ الراحة و حبّ الكلام و حبّ العلوّ و حبّ المال و حبّ الطعام و غير ذلك و لذا ورد حبّ الدنيا رأس كلّ خطيئة إذ كلّ خطيئة منشأها حبّ الدنيا.

و اعلم أنّ الزهد في الدنيا صعب على أكثر الناس، خصوصا المراتب العالية منه، و يحتاج إلى مجاهدات شاقّة، و الاستعانة من اللّه تعالى، و التضرّع إليه و التمسّك بالوسيلة من ذوي الأنفاس القدسيّة، و الأئمّة الأطهار عليهم السّلام، و التوسّل بهم و التضرّع إليهم، و أنّ لحبّ الدنيا مراتب كما أنّ للزهد فيها مراتب و درجات عديدة، حتّى يبلغ درجة يكفي من الدنيا حدّ الضرورة و يكون أكله كأكل المضطرّ إلى الميتة، كما ورد في الأخبار، و سيأتي توضيح ذلك في باب الزهد، كما يأتي أنّ ذكر الموت يوجب الزهد في الدنيا.

و لا يخفى أن حبّ الدنيا يكون في القلب، و تظهر آثاره في الأعمال و الجوارح فلا تغفل من حيل أرباب التصوّف و غيرهم. و لعلماء الأخلاق أبحاث و أمثلة في ذمّ حبّ الدنيا لا تسع المقام ذكرها و يكون البحث عن ذمّ الدنيا من أهمّ مسائل علم الأخلاق.

و من أحسن القصص في هذا الباب قصّة بلوهر و يوذاسف، ذكرها العلاّمة المجلسيّ رحمه اللّه في البحار ج 78 ص 383 ب 32.

ص:378

62- أهل الدين

الأخبار

1-عن إسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من كان عاقلا كان له دين، و من كان له دين دخل الجنّة. (1)

2-عن أبي الجارود قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام: يا بن رسول اللّه، هل تعرف مودّتي لكم و انقطاعي إليكم و موالاتي إيّاكم؟ قال: فقال: نعم قال:

فقلت: فإنّي أسألك مسألة تجيبني فيها فإنّي مكفوف البصر قليل المشي و لا أستطيع زيارتكم كلّ حين.

قال: هات حاجتك، قلت: أخبرني بدينك الذي تدين اللّه عزّ و جلّ به أنت و أهل بيتك لأدين اللّه عزّ و جلّ به.

قال: إن كنت أقصرت الخطبة فقد أعظمت المسألة، و اللّه لاعطينّك ديني و دين آبائي الذي ندين اللّه عزّ و جلّ به: شهادة أن لا إله إلاّ اللّه و أنّ محمّدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و الإقرار بما جاء به من عند اللّه، و الولاية لوليّنا، و البراءة من عدوّنا، و التسليم لأمرنا، و انتظار قائمنا، و الاجتهاد و الورع. (2)

ص:379


1- -الكافي ج 1 ص 9 كتاب العقل ح 6
2- الكافي ج 2 ص 18 باب دعائم الإسلام ح 10

بيان:

«اقصرت الخطبة. . .» : أي جئت بالخطبة قصيرة و بالمسألة عظيمة يعني قلّلت الخطبة و أعظمت المسألة.

3-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ من أعون الأخلاق على الدين الزهد في الدنيا. (1)

4-عن إسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كلّ من لم يحبّ على الدين و لم يبغض على الدين فلا دين له. (2)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في باب الحبّ ف 3 و مرّ عنه عليه السّلام: «هل الدين إلاّ الحبّ و البغض» .

5-عن أبي جميلة قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كان في وصيّة أمير المؤمنين عليه السّلام لأصحابه: اعلموا أنّ القرآن هدى الليل و النهار، و نور الليل المظلم على ما كان من جهد و فاقة، فإذا حضرت بليّة فاجعلوا أموالكم دون أنفسكم، و إذا نزلت نازلة فاجعلوا أنفسكم دون دينكم، و اعلموا أنّ الهالك من هلك دينه، و الحريب من حرب دينه، ألا و إنّه لا فقر بعد الجنّة، ألا و إنّه لا غنى بعد النار، لا يفكّ أسيرها و لا يبرء ضريرها. (3)

بيان:

في المصباح، حرب حربا من باب تعب: أخذ جميع ماله فهو حريب.

و في القاموس، «الضرير» : الذاهب البصر، و المريض المهزول، و كلّ ما خالطه ضرّ.

6-عن مالك بن أعين قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: يا مالك، إنّ اللّه

ص:380


1- -الكافي ج 2 ص 104 باب ذمّ الدنيا و الزهد فيها ح 3
2- الكافي ج 2 ص 104 باب الحبّ في اللّه ح 16
3- الكافي ج 2 ص 171 باب سلامة الدين ح 2

يعطي الدنيا من يحبّ و يبغض، و لا يعطي دينه إلاّ من يحبّ. (1)

7-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ لأهل الدين علامات يعرفون بها: صدق الحديث، و أداء الأمانة، و وفاء بالعهد، و صلة الأرحام، و رحمة الضعفاء، و قلّة المراقبة للنساء-أو قال: قلّة المؤاتاة للنساء-و بذل المعروف، و حسن الخلق، و سعة الخلق، و اتّباع العلم و ما يقرّب إلى اللّه عزّ و جلّ زلفى، طوبى لهم و حسن مآب. . . (2)

بيان:

في الوافي، «المؤاتاة» : المطاوعة. «الزلفى» : القرب.

أقول: يأتي في باب التقيّة: «أنّ تسعة أعشار الدين في التقيّة، و لا دين لمن لا تقيّة له» .

و في باب الفقر قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: «الفقر الموت الأحمر، فقلت له: الفقر من الدينار و الدرهم؟ فقال: لا، و لكن من الدين» .

و في باب العلم ف 1: عن أبي جعفر عليه السّلام: «الكمال كلّ الكمال التفقّه في الدين، و الصبر على النائبة، و تقدير المعيشة» .

و في ف 5: عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «إذا رأيتم العالم محبّا لدنياه فاتّهموه على دينكم» .

و مرّ في باب حسن الخلق، عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «حسن الخلق نصف الدين» .

و في باب المجالسة، عنه صلّى اللّه عليه و آله: «مجالسة أهل الدين شرف الدنيا و الآخرة» .

8-عن حمّاد بن عيسى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال لقمان لابنه: يا بنيّ، لكلّ شيء علامة يعرف بها و يشهد عليها، و إنّ للدين ثلاث علامات: العلم و الإيمان و العمل به. و للإيمان ثلاث علامات: الإيمان باللّه و كتبه و رسله، و للعالم

ص:381


1- -الكافي ج 2 ص 170 باب أنّ اللّه يعطي الدين من يحبّه ح 2
2- الكافي ج 2 ص 187 باب المؤمن و علاماته ح 30( صفات الشيعة للصدوق رحمه اللّه ح 66)

ثلاث علامات: العلم باللّه و بما يحبّ و بما يكره، و للعامل ثلاث علامات: الصلاة و الصيام و الزكاة. . . (1)

9-عن الصادق جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لأنسبنّ الإسلام نسبة لم ينسبه أحد قبلي و لا ينسبه أحد بعدي:

الإسلام هو التسليم، و التسليم هو التصديق، و التصديق هو اليقين، و اليقين هو الأداء، و الأداء هو العمل. إنّ المؤمن أخذ دينه عن ربّه و لم يأخذه عن رأيه.

أيّها الناس دينكم دينكم، تمسّكوا به لا يزيلكم أحد عنه، لأنّ السيّئة فيه خير من الحسنة في غيره، لأنّ السيّئة فيه تغفر و الحسنة في غيره لا تقبل. (2)

10-في حديث أمير المؤمنين عليه السّلام للحارث الهمداني: إنّ دين اللّه لا يعرف بالرجال، بل بآية الحقّ، فاعرف الحقّ تعرف أهله. (3)

11-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من دخل في هذا الدين بالرجال أخرجه منه الرجال كما أدخلوه فيه، و من دخل فيه بالكتاب و السنّة زالت الجبال قبل أن يزول. (4)

12-عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

لا إيمان لمن لا أمانة له، و لا دين لمن لا عهد له، و لا صلاة لمن لا يتمّ ركوعها و سجودها. (5)

13-في وصيّة الباقر عليه السّلام لجابر الجعفي: و حبّنا أهل البيت نظام الدين. (6)

ص:382


1- -الخصال ج 1 ص 121 باب الثلاثة ح 113
2- أمالي الصدوق ص 351 م 56 ح 4
3- أمالي المفيد ص 3 م 1 في ح 3
4- البحار ج 2 ص 105 ب 14 من العلم ح 67
5- البحار ج 72 ص 198 باب جوامع مساوي الأخلاق ح 26
6- البحار ج 78 ص 183

14-عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: لا دين لمن دان بطاعة من عصى اللّه، و لا دين لمن دان بفرية باطل على اللّه، و لا دين لمن دان بجحود شيء من آيات اللّه. (1)

بيان:

قال رحمه اللّه: «من عصى اللّه» أي غير المعصوم، فإنّه لا يجوز طاعة غير المعصوم في جميع الأمور. «لمن دان. . .» : اعتقد، أي عبد اللّه بافتراء الباطل على اللّه، أي جعل هذا الافتراء عبادة أو جعل عبادته مبنيّة على الافتراء.

15-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لا دين لمن دان بطاعة المخلوق في معصية الخالق. (2)

16-عن عبد العظيم الحسني قال: دخلت على سيّدي عليّ بن محمّد عليهما السّلام فلمّا بصر بي قال لي: مرحبا بك يا أبا القاسم، أنت وليّنا حقّا، قال: فقلت له: يا بن رسول اللّه، إنّي أريد أن أعرض عليك ديني، فإن كان مرضيّا ثبتّ عليه حتّى ألقى اللّه عزّ و جلّ، فقال: هات يا أبا القاسم،

فقلت: إنّي أقول: إنّ اللّه تبارك و تعالى واحد ليس كمثله شيء، خارج من الحدّين: حدّ الإبطال و حدّ التشبيه، و إنّه ليس بجسم و لا صورة و لا عرض و لا جوهر، بل هو مجسّم الأجسام و مصوّر الصور، و خالق الأعراض و الجواهر، و ربّ كلّ شيء و مالكه و جاعله و محدثه، و إنّ محمّدا عبده و رسوله خاتم النبيّين، فلا نبيّ بعده إلى يوم القيامة، و إنّ شريعته خاتمة الشرايع، فلا شريعة بعدها إلى يوم القيامة، و أقول: إنّ الإمام و الخليفة و وليّ الأمر بعده أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام ثمّ الحسن ثمّ الحسين ثمّ عليّ بن الحسين ثمّ محمّد بن عليّ ثمّ جعفر

ص:383


1- -البحار ج 73 ص 392 باب من أطاع المخلوق في معصية الخالق ح 4
2- البحار ج 73 ص 393 ح 6

بن محمّد ثمّ موسى بن جعفر ثمّ عليّ بن موسى ثمّ محمّد بن عليّ ثمّ أنت يا مولاي.

فقال عليه السّلام: و من بعد، الحسن ابني فكيف للناس بالخلف من بعده، قال: فقلت:

و كيف ذاك يا مولاي؟ قال: لأنّه لا يرى شخصه و لا يحلّ ذكره باسمه حتّى يخرج فيملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما، قال: فقلت: أقررت و أقول:

إنّ وليّهم وليّ اللّه، و عدوّهم عدوّ اللّه، و طاعتهم طاعة اللّه، و معصيتهم معصية اللّه، و أقول: إنّ المعراج حقّ و المسائلة في القبر حقّ، و إنّ الجنّة حقّ و النار حقّ، و الصراط حقّ و الميزان حقّ وَ أَنَّ اَلسّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَ أَنَّ اَللّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي اَلْقُبُورِ (1)و أقول: إنّ الفرائض الواجبة بعد الولاية الصلاة و الزكوة و الصوم و الحجّ و الجهاد و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.

فقال عليّ بن محمّد عليهما السّلام: يا أبا القاسم، هذا و اللّه دين اللّه الذي ارتضاه لعباده، فاثبت عليه، ثبّتك اللّه بالقول الثابت في الحياة الدنيا و في الآخرة. (2)

بيان:

و قال رحمه اللّه: «حدّ الابطال» : هو أن لا تثبت له صفة. «حدّ التشبيه» : أن تثبت له على وجه يتضمّن التشبيه بالمخلوقين.

17-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ صاحب الدين فكّر فعلته السكينة، و استكان فتواضع، و قنع فاستغنى، و رضي بما أعطي، و انفرد فكفي الأحزان، و رفض الشهوات فصار حرّا، و خلع الدنيا فتحامى الشرور، و طرح الحسد فظهرت المحبّة، و لم يخف الناس فلم يخفهم و لم يذنب إليهم فسلم منهم، و سخط نفسه عن كلّ شيء ففاز و استكمل الفضل، و أبصر العافية فأمن الندامة. (3)

ص:384


1- -الحجّ:7
2- البحار ج 69 ص 1 باب الدين الذي لا يقبل اللّه أعمال العباد إلاّ به ح 1
3- البحار ج 69 ص 277 باب صفات خيار العباد ح 12

بيان:

قال رحمه اللّه: «و انفرد» : أي عن الناس و اعتزل عنهم. «فتحامى الشرور» : أي احترز عن الشرور، و منع نفسه عنها، فإنّ الشرور كلّها تابعة لحبّ الدنيا.

«أبصر العافية» : أي عرف أنّ العافية في أيّ شيء، و اختارها فلم يندم على شيء.

18-قال الصادق عليه السّلام: خمس من لم تكن فيه لم يكن فيه كثير مستمتع، قيل: و ما هنّ يا بن رسول اللّه؟ قال: الدين، و العقل، و الحياء، و حسن الخلق، و حسن الأدب. و خمس من لم تكن له فيه لم يتهنّ بالعيش: الصحّة، و الأمن، و الغنى، و القناعة، و الأنيس الموافق. (1)

19-عن أبي ولاّد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان عليّ بن الحسين عليهما السّلام يقول: إنّ المعرفة بكمال دين المسلم تركه الكلام فيما لا يعنيه، و قلة المراء و حلمه و صبره و حسن خلقه. (2)

20-عن أحدهما عليهما السّلام أنّه قال: ويل لمن لا يدين اللّه بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، قال: و من قال: لا إله إلاّ اللّه فلن يلج ملكوت السماء حتّى يتمّ قوله بعمل صالح. و لا دين لمن دان اللّه بغير إمام عادل، و لا دين لمن دان اللّه بطاعة ظالم. . . (3)

بيان:

«الولوج» : الدخول.

21-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ستصيبكم شبهة فتبقون بلا علم يرى، و لا إمام هدى، لا ينجو منها إلاّ من دعا بدعاء الغريق، قلت: و كيف دعاء الغريق؟ قال:

ص:385


1- -البحار ج 69 ص 369 باب جوامع المكارم ح 8
2- البحار ج 69 ص 378 ح 34( الخصال ج 1 ص 290 باب الخمسة ح 50)
3- البحار ج 69 ص 402 ح 102

تقول: «يا اللّه يا رحمن يا رحيم، يا مقلّب القلوب ثبّت قلبي على دينك» . . . (1)

22-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: لا يترك الناس شيئا من أمر دينهم لاستصلاح دنياهم إلاّ فتح اللّه عليهم ما هو أضرّ منه. (2)

أقول:

سيأتي في باب التوقّف عند الشبهات: قال أمير المؤمنين عليه السّلام لكميل: أخوك دينك فاحتط لدينك بما شئت.

23-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الدين يعصم. (الغرر ج 1 ص 5 ف 1 ح 1)

الدين يجلّ. (ح 3)

الدين نور. (ص 12 ح 268)

الدين أفضل مطلوب. (ص 15 ح 375)

الصدق لباس الدين. (ص 19 ح 513)

الزهد أصل الدين-الدين أقوى عماد. (ص 20 ح 542 و 544)

الصدق رأس الدين. (ص 21 ح 570)

الشكّ يفسد الدين-الإخلاص غاية الدين. (ص 26 ح 748 و 777)

اليقين رأس الدين. (ص 30 ح 902)

الدين ذخر و العلم دليل. (ص 42 ح 1269)

الدين شجرة أصلها التسليم و الرضا. (ص 44 ح 1302)

المغبون من فسد دينه-الدين يصدّ عن المحارم. (ص 46 ح 1333 و 1342)

الدين لا يصلحه إلاّ العقل. (ص 49 ح 1389)

ص:386


1- -البحار ج 95 ص 326 ب 115 من الذكر ح 1
2- نهج البلاغة ص 1135 ح 103-( الغرر ج 2 ص 851 ف 86 ح 395)

المصيبة بالدين أعظم المصائب. (ص 51 ح 1426)

الدين أشرف النسبين. (ص 62 ح 1653)

الأدب و الدين نتيجة العقل. (ص 63 ح 1672)

التيقّظ في الدين نعمة على من رزقه. (ص 92 ح 2081)

اعلم أنّ أوّل الدين التسليم و آخره الإخلاص. (ص 114 ف 2 ح 114)

اجعل الدين كهفك و العدل سيفك تنج من كلّ سوء و تظفر على كلّ عدوّ.

(ص 124 ح 207)

ألا و إنّ شرائع الدين واحدة و سبله قاصده فمن أخذ بها لحق و غنم، و من وقف عنها ضلّ و ندم. (ص 165 ف 6 ح 33)

أفضل السعادة استقامة الدين. (ص 175 ف 8 ح 41)

أشقى الناس من باع دينه بدنيا غيره. (ص 194 ح 334)

أدين الناس من لم تفسد الشهوة دينه. (ص 197 ح 383)

أفضل الدين قصر الأمل. (ص 208 ح 488)

إنّ اللّه سبحانه يعطي الدنيا من يحبّ و من لا يحبّ و لا يعطي الدين إلاّ من يحبّ. (ص 230 ف 9 ح 145)

إنّ اللّه تعالى لا يعطي الدين إلاّ لخاصّته و صفوته من خلقه. (ح 147)

إنّ أفضل الدين الحبّ في اللّه و البغض في اللّه و الأخذ في اللّه و العطاء في اللّه سبحانه. (ص 233 ح 164)

إنّ الدين لشجرة أصلها الإيمان باللّه، و ثمرها الموالاة في اللّه و المعاداة في اللّه سبحانه. (ح 165)

إن جعلت دينك تبعا لدنياك أهلكت دينك و دنياك و كنت في الآخرة من الخاسرين. (ص 278 ف 10 ح 44)

ص:387

إن جعلت دنياك تبعا لدينك أحرزت دينك و دنياك و كنت في الآخرة من الفائزين. (ح 45)

إنّي إذا استحكمت في الرجل خصلة من خصال الخير احتملته لها و اغتفرت له فقد ما سواها، و لا أغتفر له فقد عقل و لا عدم دين، لأنّ مفارقة الدين مفارقة الأمن و لا تهنأ حياة مع مخافة، و عدم العقل عدم الحياة و لا تعاشر الأموات.

(ص 284 ف 12 ح 14)

إذا استخلص اللّه عبدا ألهمه الديانة. (ص 315 ف 17 ح 98)

ثمرة الدين الأمانة. (ص 358 ف 23 ح 8)

ثمرة الدين قوّة اليقين. (ص 360 ح 48)

ثلاثة هنّ جماع الدين: العفّة و الورع و الحياء. (ص 365 ف 24 ح 22)

ثلاث هنّ كمال الدين: الإخلاص و اليقين و التقنّع. (ح 28)

حسن الدين من قوّة اليقين. (ص 376 ف 27 ح 12)

حفظ الدين ثمرة المعرفة و رأس الحكمة. (ص 383 ف 28 ح 37)

حصّنوا الدين بالدنيا و لا تحصّنوا الدنيا بالدين. (ح 43)

خفض الصوت و غضّ البصر و مشي القصد من أمارة الإيمان و حسن التديّن. (ص 397 ف 30 ح 36)

رأس الدين صدق اليقين. (ص 411 ف 34 ح 7)

رأس الدين اكتساب الحسنات. (ص 412 ح 24)

رأس الدين مخالفة الهوى. (ح 35)

سبب الورع قوّة الدين. (ص 431 ف 38 ح 30)

سبب فساد الدين الهوى. (ح 32)

ستّة يختبر بها دين الرجل: قوّة الدين، و صدق اليقين، و شدّة التقوى، و مغالبة الهوى، و قلّة الرغب، و الإجمال في الطلب. (ص 438 ف 39 ح 82)

ص:388

سنام الدين؛ الصبر و اليقين و مجاهدة الهوى. (ح 83)

ستّ من قواعد الدين: إخلاص اليقين و نصح المسلمين و إقامة الصلاة و إيتاء الزكاة و حجّ البيت و الزهد في الدنيا. (ص 439 ح 88)

شيئان هما ملاك الدين: الصدق و اليقين. (ص 449 ف 42 ح 16)

صلاح الدين بحسن اليقين. (ص 453 ف 43 ح 19)

صيّر الدين جنّة حياتك و التقوى عدّة وفاتك. (ص 457 ف 44 ح 48)

صيانة المرء على قدر ديانته. (ح 50)

صن دينك بدنياك و لا تصن دنياك بدينك فتخسرهما. (ح 51)

صن الدين بالدنيا ينجك، و لا تصن الدنيا بالدين فترديك. (ح 53)

عليكم بلزوم الدين و التقوى و اليقين، فهنّ أحسن الحسنات و بهنّ تنال رفيع الدرجات. (ج 2 ص 484 ف 50 ح 6)

على قدر العقل يكون الدين. (ص 487 ف 51 ح 12)

على قدر الدين يكون قوّة اليقين. (ح 14)

على قدر قوّة الدين يكون خلوص النيّة. (ص 488 ح 21)

غاية الدين الإيمان. (ص 503 ف 56 ح 1)

غاية الدين الرضا. (ص 504 ح 6)

غاية الدين الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و إقامة الحدود.

(ص 505 ح 28)

فاقد الدين متردّد في الكفر و الضلال. (ص 517 ف 59 ح 23)

فساد الدين الطمع. (ح 24)

فساد الدين الدنيا. (ح 26)

كيف يستقيم قلب من لم يستقم دينه. (ص 554 ف 64 ح 21)

من بخل بدينه جلّ. (ص 624 ف 77 ح 277)

ص:389

من لا دين له لا مروّة له. (ح 285)

من تفقّه في الدين كثر. (ص 626 ح 316)

من كثر شكّه فسد دينه. (ص 628 ح 352)

من صحّت ديانته قويت أمانته. (ص 629 ح 376)

من انفرد عن الناس صان دينه. (ص 645 ح 608)

من فسد دينه فسد معاده. (ص 649 ح 671)

من رزق الدين فقد رزق خير الدنيا و الآخرة. (ص 661 ح 860)

من كرم دينه عنده هانت الدنيا عليه. (ص 667 ح 942)

من قوي دينه أيقن بالجزاء و رضي مواقع القضاء. (ص 674 ح 1029)

من لا دين له لا نجاة له. (ص 680 ح 1099)

من دقّ في الدين نظره جلّ يوم القيامة خطره. (ص 684 ح 1144)

من غشّ الناس في دينهم فإنّه معاند للّه سبحانه و لرسوله. (ص 692 ح 1230)

من لم يستغن باللّه عن الدنيا فلا دين له. (ص 699 ح 1300)

من اتّخذ دين اللّه لهوا و لعبا أدخله اللّه سبحانه النار مخلّدا فيها.

(ص 706 ح 1367)

ما أصلح الدين كالتقوى. (ص 737 ف 79 ح 22)

ما أفسد الدين كالدنيا. (ح 24)

ما أصلح الدين بمثل الورع. (ص 738 ح 46)

ما أهلك الدين كالهوى. (ص 742 ح 112)

ما أوهن الدين كترك إقامة دين اللّه سبحانه و تضييع الفرائض.

(ص 755 ح 254)

ملاك الدين الورع. (ص 757 ف 80 ح 7)

ملاك الدين مخالفة الهوى. (ح 10)

ص:390

مروّة الرجل دينه، و حسبه أدبه. (ص 760 ح 67)

نعم القرين الدين. (ص 771 ف 81 ح 14)

نظام الدين مخالفة الهوى و التنزّه عن الدنيا. (ص 776 ف 82 ح 32)

نظام الدين خصلتان: إنصافك من نفسك و مواساة إخوانك. (ص 777 ح 34)

وفور الدين و العرض موهبة سنيّة. (ص 781 ف 83 ح 20)

وقوا دينكم بالاستعانة باللّه سبحانه. (ص 784 ح 48)

لا دين لسيّء الظنّ. (ص 832 ف 86 ح 78)

لا دين مع هوى. (ص 833 ح 98)

لا يفسد الدين كالطمع. (ص 835 ح 123)

لا يصلح الدين كالورع. (ح 124)

يستدلّ على دين الرجل بحسن تقواه و صدق ورعه. (ص 863 ف 88 ح 6)

يسير من الدين خير من كثير من الدنيا. (ص 866 ف 89 ح 8)

أقول:

في كنز العمّال: خ 272 و 115 عن النبيّ (ص) قال: . . . إنّ اللّه ليؤيّد هذا الدين بالرجل الفاجر.

و خ 28954 عنه (ص) قال: آفة الدين ثلاثة: فقيه فاجر، و إمام جائر، و مجتهد جاهل.

و خ 28956 عنه (ص) قال: إنّ اللّه تبارك و تعالى يؤيّد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم.

ص:391

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393734392C22426F6F6B4944223A31363731392C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3339322C2253686F77506167654E756D223A22333932222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030322F424B31353931344730303253312F424B3135393134473030325331503339322E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

حرف الذال

63- الذكر

اشارة

فيه فصلان

الفصل الأوّل: ذكر اللّه عزّ و جلّ
الآيات

1- فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَ اُشْكُرُوا لِي وَ لا تَكْفُرُونِ. (1)

2- . . . وَ اُذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَ سَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَ اَلْإِبْكارِ. (2)

3- إِنَّ فِي خَلْقِ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ وَ اِخْتِلافِ اَللَّيْلِ وَ اَلنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي اَلْأَلْبابِ- اَلَّذِينَ يَذْكُرُونَ اَللّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى جُنُوبِهِمْ وَ يَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ اَلنّارِ. (3)

ص:393


1- -البقرة:152
2- آل عمران:41
3- آل عمران:190 و 191

4- إِنَّ اَلْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اَللّهَ . . . وَ لا يَذْكُرُونَ اَللّهَ إِلاّ قَلِيلاً. (1)

5- إِنَّ اَلَّذِينَ اِتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ اَلشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ. (2)

6- وَ اُذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَ خِيفَةً وَ دُونَ اَلْجَهْرِ مِنَ اَلْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَ اَلْآصالِ وَ لا تَكُنْ مِنَ اَلْغافِلِينَ. (3)

7- إِنَّمَا اَلْمُؤْمِنُونَ اَلَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اَللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ. . . (4)

8- اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ تَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اَللّهِ أَلا بِذِكْرِ اَللّهِ تَطْمَئِنُّ اَلْقُلُوبُ. (5)

9- . . . وَ لا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَ اِتَّبَعَ هَواهُ وَ كانَ أَمْرُهُ فُرُطاً. (6)

10- وَ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَ نَحْشُرُهُ يَوْمَ اَلْقِيامَةِ أَعْمى. (7)

11- فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اَللّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اِسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَ اَلْآصالِ- رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اَللّهِ. . . (8)

12- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اُذْكُرُوا اَللّهَ ذِكْراً كَثِيراً- وَ سَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَ أَصِيلاً. (9)

13- وَ إِذا ذُكِرَ اَللّهُ وَحْدَهُ اِشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ اَلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَ إِذا ذُكِرَ

ص:394


1- -النساء:142
2- الأعراف:201
3- الأعراف:205
4- الأنفال:2 و بمعناها في الحجّ:35
5- الرعد:28
6- الكهف:28
7- طه:124
8- النور:36 و 37
9- الأحزاب:41 و 42

اَلَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ. (1)

14- وَ مَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ اَلرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ. (2)

15- فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلّى عَنْ ذِكْرِنا وَ لَمْ يُرِدْ إِلاَّ اَلْحَياةَ اَلدُّنْيا. (3)

16- . . . وَ اُذْكُرُوا اَللّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. (4)

17- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَ لا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اَللّهِ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ اَلْخاسِرُونَ. (5)

18- . . . وَ مَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً. (6)

الأخبار

1-عن الفضيل بن يسار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما من مجلس يجتمع فيه أبرار و فجّار، فيقومون على غير ذكر اللّه عزّ و جلّ إلاّ كان حسرة عليهم يوم القيامة. (7)

بيان:

«ذكر اللّه تعالى» : ربما يراد بالذكر في الكتاب و السنّة التوجّه إلى اللّه عزّ و جلّ، حيث إنّ للّه تعالى أوامر و نواهي، فإذا دنى العبد نحو معصية يتذكّره و يحول اللّه بينه و بين المعصية، فيترك العبد تلك المعصية، و للذكر بهذا المعنى فضل كثير.

ص:395


1- -الزمر:45
2- الزخرف:36
3- النجم:29
4- الجمعة:10 و بهذا المعنى في آل عمران:14 و الشعراء:227 و الأحزاب:21 و 35 و 41
5- المنافقون:9
6- الجنّ:17
7- الكافي ج 2 ص 359 باب ما يجب من ذكر اللّه في كلّ مجلس ح 1

و تارة يراد به التوجّه القلبي و عدم غفلة النفس و القلب في جميع الحالات حتّى في الكسب و التعلّم و التعليم و. . . بحيث يكون للإنسان بالذكر انس باللّه و ضدّه الغفلة و هذا أفضل الذكر و لا يحصل عليه إلاّ الكمّلين من المؤمنين.

كما ربما يراد بالذكر ذكر اللّه باللسان، و في فضله أخبار كثيرة: منها الأخبار الواردة في فضل التهليل و التسبيح و التحميد و التكبير و الحوقلة و تسبيح الزهراء عليها السّلام و سائر الأذكار الواردة عنهم عليهم السّلام.

و الأنفع من هذا القسم هو الذكر الذي يدوم صاحبه عليه أو يذكر اللّه في أغلب الأوقات مع حضور القلب و فراغ البال و التوجّه إلى اللّه.

و يجب على العبد في بداية الأمر أن يطهّر قلبه و لسانه من الوسوسة و الكلام الباطل و اللغو، و يشتغل بذكر اللّه حتّى ينغرس في قلبه حبّ المذكور و يصير من الذاكرين، و لا يجوز الإصغاء إلى ما اخترعته المتصوّفة في الأذكار بل يجب علينا الاقتداء بالأئمّة عليهم السّلام.

ثمّ لا يخفى أنّ المستفاد من الأخبار؛ أنّ لبعض الأوقات فضيلة للذكر على غيرها كبين الطلوعين، و بعد العصر إلى غروب الشمس، و قبل الطلوع و الغروب، و الأسحار و. . .

و من أسماء القرآن"الذكر"، سمّي به لأنّه لا يزال يذكر به المنزل عليه و المؤمن به و العامل و التالي، فيفيده و كذا قد يوصف النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بالذكر.

و سيأتي أيضا أنّ ذكر الرسول و الأئمّة عليهم السّلام من ذكر اللّه تعالى.

2-عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السّلام قال: مكتوب في التوراة التي لم تغيّر أنّ موسى عليه السّلام سأل ربّه فقال: يا ربّ، أ قريب أنت منّي فاناجيك أم بعيد فاناديك، فأوحى اللّه عزّ و جلّ إليه: يا موسى، أنا جليس من ذكرني، فقال موسى:

فمن في سترك يوم لا ستر إلاّ سترك؟ فقال: الذين يذكرونني فأذكرهم و يتحابّون فيّ فأحبّهم فأولئك الذين إذا أردت أن أصيب أهل الأرض بسوء ذكرتهم

ص:396

فدفعت عنهم بهم. (1)

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما من قوم اجتمعوا في مجلس فلم يذكروا اسم اللّه عزّ و جلّ و لم يصلّوا على نبيّهم إلاّ كان ذلك المجلس حسرة و وبالا عليهم. (2)

بيان:

في القاموس، «الوبال» : الشدّة و الثقل، و في مجمع البحرين، الوبال: الوخامة و سوء العاقبة.

4-عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا بأس بذكر اللّه و أنت تبول، فإنّ ذكر اللّه عزّ و جلّ حسن على كلّ حال، فلا تسأم من ذكر اللّه. (3)

أقول:

قد مرّ بهذا المعنى في باب آداب الخلاء.

بيان: «فلا تسأم» : أي فلا تملّ.

5-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أوحى اللّه عزّ و جلّ إلى موسى عليه السّلام: يا موسى، لا تفرح بكثرة المال و لا تدع ذكري على كلّ حال، فإنّ كثرة المال تنسي الذنوب و إنّ ترك ذكري يقسي القلوب. (4)

أقول:

في ح 11، قال عليه السّلام: فيما ناجى اللّه به موسى عليه السّلام قال: يا موسى، لا تنسني على كلّ حال، فإنّ نسياني يميت القلب.

6-عن ابن القدّاح عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما من شيء إلاّ و له حدّ

ص:397


1- -الكافي ج 2 ص 360 ح 4
2- الكافي ج 2 ص 360 ح 5
3- الكافي ج 2 ص 360 ح 6
4- الكافي ج 2 ص 360 ح 7

ينتهي إليه إلاّ الذكر، فليس له حدّ ينتهي إليه، فرض اللّه عزّ و جلّ الفرائض فمن أدّاهنّ فهو حدّهنّ، و شهر رمضان فمن صامه فهو حدّه، و الحجّ فمن حجّ فهو حدّه إلاّ الذكر فإنّ اللّه عزّ و جلّ لم يرض منه بالقليل و لم يجعل له حدّا ينتهي إليه، ثمّ تلا هذه الآية: يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اُذْكُرُوا اَللّهَ ذِكْراً كَثِيراً- وَ سَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَ أَصِيلاً (1)فقال: لم يجعل اللّه عزّ و جلّ له حدّا ينتهي إليه.

قال: و كان أبي عليه السّلام كثير الذكر، لقد كنت أمشي معه و إنّه ليذكر اللّه، و آكل معه الطعام و إنّه ليذكر اللّه، و لقد كان يحدّث القوم [و]ما يشغله ذلك عن ذكر اللّه، و كنت أرى لسانه لازقا بحنكه يقول: «لا إله إلاّ اللّه» و كان يجمعنا فيأمرنا بالذكر حتّى تطلع الشمس و يأمر بالقراءة من كان يقرء منّا و من كان لا يقرأ منّا أمره بالذكر.

و البيت الذي يقرأ فيه القرآن و يذكر اللّه عزّ و جلّ فيه تكثر بركته و تحضره الملائكة و تهجره الشياطين و يضيء لأهل السماء كما يضيء الكوكب الدرّيّ لأهل الأرض و البيت الذي لا يقرأ فيه القرآن و لا يذكر اللّه فيه تقلّ بركته و تهجره الملائكة و تحضره الشياطين.

و قد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أ لا أخبركم بخير أعمالكم لكم أرفعها في درجاتكم و أزكاها عند مليككم، و خير لكم من الدينار و الدرهم، و خير لكم من أن تلقوا عدوّكم فتقتلوهم و يقتلوكم؟ فقالوا: بلى فقال: ذكر اللّه عزّ و جلّ كثيرا.

ثمّ قال: جاء رجل إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال: من خير أهل المسجد؟ فقال: أكثرهم للّه ذكرا.

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أعطي لسانا ذاكرا فقد أعطي خير الدنيا و الآخرة،

ص:398


1- -الأحزاب:41 و 42

و قال في قوله تعالى: وَ لا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ 1 قال: لا تستكثر ما عملت من خير للّه. (1)

بيان:

«الكوكب الدرّي» : كأنّه نسب إلى الدرّ تشبيها بصفائه، أي الشديد الإنارة «الأصيل» : العشيّ. «لا تمنن تستكثر. . .» لعلّه اشارة إلى أنّه إذا أكثرت ذكر اللّه لا تستكثر و لا تمنن بل هو أيضا من فضل اللّه عليك و توفيقه لك.

7-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: شيعتنا الذين إذا خلوا ذكروا اللّه كثيرا. (2)

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أكثر ذكر اللّه عزّ و جلّ أحبّه اللّه، و من ذكر اللّه كثيرا كتبت له براءتان: براءة من النار و براءة من النفاق. (3)

9-عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: تسبيح فاطمة الزهراء عليها السّلام من الذكر الكثير الذي قال اللّه عزّ و جلّ: اُذْكُرُوا اَللّهَ ذِكْراً كَثِيراً. (4)

10-عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن ميتة المؤمن، قال:

يموت المؤمن بكلّ ميتة، يموت غرقا و يموت بالهدم و يبتلى بالسبع و يموت بالصاعقة و لا تصيب ذاكرا للّه عزّ و جلّ. (5)

ص:399


1- الكافي ج 2 ص 361 باب ذكر اللّه كثيرا ح 1
2- الكافي ج 2 ص 362 ح 2
3- الكافي ج 2 ص 362 ح 3
4- الكافي ج 2 ص 362 ح 4
5- الكافي ج 2 ص 363 باب أنّ الصاعقة لا تصيب ذاكرا ح 3

أقول:

الأخبار في أنّ الصاعقة و البلايا لا تصيب ذاكرا للّه عزّ و جلّ كثيرة، و قد مرّ في باب الحيوان و سيأتي في باب الزكاة: «لا يصاد طيرا إلاّ بتضييع التسبيح» .

بيان: «الصاعقة» : كلّ عذاب مهلك، و في المصباح، و الصاعقة: النازلة من الرعد، و الجمع الصواعق، و لا تصيب شيئا إلاّ دكّته و أحرقته.

11-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الذاكر للّه عزّ و جلّ في الغافلين كالمقاتل في المحاربين. (1)

بيان:

في المرآة ج 12 ص 143، «في المحاربين» : أي الهاربين أو الحاضرين في الحرب الذين لم يحاربوا و في بعض النسخ: "في الهاربين".

12-قال لقمان لابنه: يا بنيّ، اختر المجالس على عينك فإن رأيت قوما يذكرون اللّه جلّ و عزّ فاجلس معهم، فإن تكن عالما نفعك علمك، و إن تكن جاهلا علّموك، و لعلّ اللّه أن يظلّهم برحمته فيعمّك معهم، و إذا رأيت قوما لا يذكرون اللّه فلا تجلس معهم، فإن تكن عالما لم ينفعك علمك، و إن كنت جاهلا يزيدوك جهلا، و لعلّ اللّه أن يظلّهم بعقوبة فيعمّك معهم. (2)

أقول:

قد مرّ في باب المجالسة، «قالت الحواريّون لعيسى: يا روح اللّه، من نجالس؟ قال:

من يذكّركم اللّه رؤيته، و يزيد في علمكم منطقه، و يرغّبكم في الآخرة عمله» .

13-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: جمع الخير كلّه في ثلاث خصال: النظر و السكوت و الكلام، فكلّ نظر ليس فيه اعتبار

ص:400


1- -الكافي ج 2 ص 364 باب ذكر اللّه عزّ و جلّ في الغافلين ح 1
2- الكافي ج 1 ص 30 باب مجالسة العلماء ح 1

فهو سهو، و كلّ سكوت ليس فيه فكرة فهو غفلة، و كلّ كلام ليس فيه ذكر فهو لغو، فطوبى لمن كان نظره عبرة (عبرا ف ن) و سكوته فكرا، و كلامه ذكرا، و بكى على خطيئته، و أمن الناس شرّه. (1)

14-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام: . . . يا عليّ، ثلاث لا تطيقها هذه الامّة:

المواساة للأخ في ماله، و إنصاف الناس من نفسه، و ذكر اللّه على كلّ حال، و ليس هو «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر» و لكن إذا ورد على ما يحرم عليه خاف اللّه عزّ و جلّ عنده و تركه. . . (2)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة، في بعضها: «سيّد الأعمال ثلاثة. . .» و في بعضها: «من أشدّ الأعمال. . .» و في بعضها: «أشدّ ما فرض اللّه على خلقه. . .» ، فراجع الوسائل و البحار و الكافي.

بيان: واسى الرجل مواساة: عاونه، و مواساة الأخ: مشاركته و معاونته في الرزق و المعاش و. . .

15-الذكر مقسوم على سبعة أعضاء: اللسان و الروح و النفس و العقل و المعرفة و السرّ و القلب، و كلّ واحد منها يحتاج إلى الاستقامة، فأمّا استقامة اللسان فصدق الإقرار، و استقامة الروح صدق الاستغفار، و استقامة النفس صدق الاعتذار، و استقامة العقل صدق الاعتبار، و استقامة المعرفة صدق الافتخار، و استقامة السرّ السرور بعالم الأسرار، و استقامة القلب صدق اليقين و معرفة الجبّار، فذكر اللسان الحمد و الثناء، و ذكر النفس الجهد و العناء، و ذكر الروح الخوف و الرجاء، و ذكر القلب الصدق و الصفاء، و ذكر العقل التعظيم

ص:401


1- -الخصال ج 1 ص 98 باب الثلاثة ح 47
2- الخصال ج 1 ص 125 ح 122

و الحياء، و ذكر المعرفة التسليم و الرضاء، و ذكر السرّ على رؤية اللقاء.

حدّثنا بذلك أبو محمّد عبد اللّه بن حامد، رفعه إلى بعض الصالحين عليهم السّلام. (1)

16-عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السّلام قال: من أشدّ ما عمل العباد إنصاف المرء من نفسه و مواساة المرء أخاه و ذكر اللّه على كلّ حال. قال: قلت: أصلحك اللّه، و ما وجه ذكر اللّه على كلّ حال؟ قال: يذكر اللّه عند المعصية يهمّ بها فيحول ذكر اللّه بينه و بين تلك المعصية، و هو قول اللّه عزّ و جلّ: إِنَّ اَلَّذِينَ اِتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ اَلشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ. (2)

17-عن الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

بادروا إلى رياض الجنّة، فقالوا: و ما رياض الجنّة؟ قال: حلق الذكر. (3)

أقول:

روته العامّة أيضا عنه صلّى اللّه عليه و آله، راجع كنز العمّال ج 1 ص 437 و غيره.

18-عن الصادق جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:

من أطاع اللّه فقد ذكر اللّه، و إن قلّت صلاته و صيامه و تلاوته [للقرآن]، و من عصى اللّه فقد نسي اللّه، و إن كثرت صلاته و صيامه و تلاوته للقرآن. (4)

19-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أربع لا يصيبهنّ إلاّ مؤمن: الصمت و هو أوّل العبادة، و التواضع للّه سبحانه و تعالى، و ذكر اللّه على كلّ حال، و قلّة الشيء يعني قلّة المال. (5)

20-في بعض الأحاديث القدسيّة: أيّما عبد اطّلعت على قلبه فرأيت

ص:402


1- -الخصال ج 2 ص 404 باب السبعة ح 114
2- معاني الأخبار ص 185 باب معنى ذكر اللّه كثيرا ح 2
3- معاني الأخبار ص 305 باب معنى بادروا إلى رياض الجنّة
4- معاني الأخبار ص 378 باب نوادر المعاني ح 56
5- عدّة الداعي ص 234 في ب 5

الغالب عليه التمسّك بذكري تولّيت سياسته، و كنت جليسه و محادثه و أنيسه. (1)

21-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: قال اللّه سبحانه: إذا علمت أنّ الغالب على عبدي الاشتغال بي نقلت شهوته في مسألتي و مناجاتي، فإذا كان عبدي كذلك فأراد أن يسهو حلت بينه و بين أن يسهو، أولئك أوليائي حقّا، أولئك الأبطال حقّا، أولئك الذين إذا أردت أن أهلك الأرض عقوبة زويتها عنهم من أجل أولئك الأبطال. (2)

أقول:

في كنز العمّال خ 1872: عن النبيّ (ص) يقول اللّه عزّ و جلّ: إذا كان الغالب على العبد الاشتغال بي جعلت بغيته و لذّته في ذكري، فإذا جعلت بغيته و لذّته في ذكري عشقني و عشقته، فإذا عشقني و عشقته رفعت الحجاب فيما بيني و بينه، و صيّرت ذلك تغالبا عليه، لا يسهو إذا سها الناس، أولئك كلامهم كلام الأنبياء، أولئك الأبطال حقّا، أولئك الذين إذا أردت بأهل الأرض عقوبة أو عذابا ذكرتهم فصرفت ذلك عنهم.

22-عن وهب بن منية (منبه) قال: أوحى اللّه تعالى إلى داود: يا داود، من أحبّ حبيبا صدّق قوله، و من رضي بحبيب رضى بفعله، و من وثق بحبيب اعتمد عليه، و من اشتاق إلى حبيب جدّ في السير إليه.

يا داود، ذكري للذاكرين، و جنّتي للمطيعين، و حبّي للمشتاقين، و أنا خاصّة للمحبّين.

و قال سبحانه: أهل طاعتي في ضيافتي، و أهل شكري في زيادتي، و أهل ذكري في نعمتي، و أهل معصيتي لا آيسهم من رحمتي، إن تابوا فأنا حبيبهم، و إن دعوا

ص:403


1- -عدّة الداعي ص 235
2- عدّة الداعي ص 235

فأنا مجيبهم، و إن مرضوا فأنا طبيبهم، أداويهم بالمحن و المصائب، و لأطهّرهم من الذنوب و المعايب. (1)

23-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ما جلس قوم يذكرون اللّه إلاّ ناداهم مناد من السماء: قوموا فقد بدّلت سيّئاتكم حسنات و غفرت لكم جميعا، و ما قعد عدّة من أهل الأرض يذكرون اللّه إلاّ قعد معهم عدّة من الملائكة. (2)

24-روي أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خرج على أصحابه فقال: ارتعوا في رياض الجنّة، قالوا: يا رسول اللّه، و ما رياض الجنّة؟ قال: مجالس الذكر، اغدوا و روحوا و اذكروا، و من كان يحبّ أن يعلم منزلته عند اللّه فلينظر كيف منزلة اللّه عنده، فإنّ اللّه تعالى ينزل العبد حيث أنزل العبد اللّه من نفسه، و اعلموا أنّ خير أعمالكم و أزكاها و أرفعها في درجاتكم و خير ما طلعت عليه الشمس ذكر اللّه سبحانه، فإنّه أخبر عن نفسه فقال: أنا جليس من ذكرني، و قال سبحانه:

فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ بنعمتي، و اذكروني بالطاعة و العبادة أذكركم بالنعم و الإحسان و الرحمة و الرضوان. (3)

بيان:

«اغدوا و روحوا» أي أصبحوا و أمسوا ذاكرين، أريد بها الدوام.

25-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: قال: إنّ الملائكة يمرّون على حلق الذكر، فيقومون على رؤوسهم و يبكون لبكائهم و يؤمّنون لدعائهم، فإذا صعدوا السماء يقول اللّه تعالى: يا ملائكتي، أين كنتم؟ -و هو أعلم-فيقولون: يا ربّنا إنّا حضرنا مجلسا من مجالس الذكر فرأينا أقواما يسبّحونك و يمجّدونك و يقدّسونك و يخافون نارك، فيقول اللّه سبحانه: يا ملائكتي، أزووها عنهم و أشهدكم أنّي قد غفرت لهم،

ص:404


1- -عدّة الداعي ص 237( البحار ج 77 ص 42)
2- عدّة الداعي ص 238
3- عدّة الداعي ص 238

و آمنتهم ممّا يخافون، فيقولون: ربّنا، إنّ فيهم فلانا و إنّه لم يذكرك، فيقول:

قد غفرت له بمجالسته لهم، فإنّ الذاكرين من لا يشقى بهم جليسهم. (1)

26-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: من ذكر اللّه في السوق مخلصا عند غفلة الناس و شغلهم بما [هم]فيه كتب اللّه له ألف حسنة، و يغفر اللّه له يوم القيامة مغفرة لم تخطر على قلب بشر. (2)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر، في بعضها: «كالمجاهد في سبيل اللّه» راجع الوسائل و غيره أبواب التجارة.

27-عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: قال اللّه تعالى: يا بن آدم، اذكرني بعد الصبح ساعة، و بعد العصر ساعة، أكفك ما أهمّك. (3)

28-قال الباقر عليه السّلام: إنّ إبليس لعنه اللّه يبثّ جنود الليل من حين تغيب الشمس و حين تطلع، فأكثروا ذكر اللّه حين هاتين الساعتين، و تعوّذوا باللّه من شرّ إبليس و جنوده و عوّذوا صغاركم في تلك الساعتين فإنّهما ساعتا غفلة. (4)

بيان:

«يبثّ» : أي يفرّق و ينشر.

29-عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر الباقر عليه السّلام قال: لا يزال المؤمن في صلاة ما كان في ذكر اللّه عزّ و جلّ، قائما كان أو جالسا أو مضطجعا، إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: اَلَّذِينَ يَذْكُرُونَ اَللّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى جُنُوبِهِمْ. . . . (5)

ص:405


1- -عدّة الداعي ص 241
2- عدّة الداعي ص 242
3- عدّة الداعي ص 242
4- عدّة الداعي ص 242
5- الوسائل ج 7 ص 150 ب 1 من الذكر ح 5(أمالي المفيد ص 183 م 37 ح 1)

30-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أنا الراعي؛ راعي الأنام، أ فترى الراعي لا يعرف غنمه، فقيل له: من غنمك يا أمير المؤمنين؟ فقال: صفر الوجوه، ذبل الشفاه من ذكر اللّه. (1)

أقول:

سيأتي ما بمضمونه في باب الشيعة.

31-من كلام أمير المؤمنين عليه السّلام عند تلاوته؛ رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اَللّهِ: إنّ اللّه سبحانه و تعالى جعل الذكر جلاء للقلوب. . . و إنّ للذكر لأهلا أخذوه من الدنيا بدلا، فلم تشغلهم تجارة و لا بيع عنه، يقطعون به أيّام الحياة، و يهتفون بالزواجر عن محارم اللّه في أسماع الغافلين، و يأمرون بالقسط و يأتمرون به، و ينهون عن المنكر و يتناهون عنه. (2)

(الخطبة الشريفة تكون في فضل الذاكرين)

32-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أكثروا ذكر اللّه حتّى يقولوا: مجنون. (3)

33-. . . قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: علامة حبّ اللّه حبّ ذكره، و علامة بغض اللّه بغض ذكره.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: ذكر الناس داء، و ذكر اللّه دواء و شفاء. (4)

34-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: كلام ابن آدم كلّه عليه لا له، إلاّ أمرا بمعروف، أو نهيا عن منكر، أو ذكرا للّه تعالى.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: أمرني ربّي أن يكون نطقي ذكرا، و صمتي فكرا، و نظري عبرة. (5)

ص:406


1- -الوسائل ج 7 ص 157 ب 5 ح 13
2- نهج البلاغة ص 703 خ 213- صبحي ص 242 خ 222
3- مكارم الأخلاق ص 311 ب 10 ف 3
4- المستدرك ج 5 ص 286 ب 1 من الذكر ح 10
5- المستدرك ج 5 ص 292 ب 5 ح 9

35-عن عليّ عليه السّلام (في خطبة الديباج) : و أفيضوا في ذكر اللّه جلّ ذكره، فإنّه أحسن الذكر، و هو أمان من النفاق و براءة من النار، و تذكير لصاحبه عند كلّ خير يقسمه اللّه جلّ و عزّ و له دويّ تحت العرش. (1)

36-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : اذكروا اللّه في كلّ مكان فإنّه معكم. . .

و قال عليه السّلام: أكثروا ذكر اللّه على الطعام و لا تطغوا فإنّها نعمة من نعم اللّه و رزق من رزقه، يجب عليكم فيه شكره و حمده. . . (2)

37-عن بعض أصحاب أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له: من أكرم الخلق على اللّه؟ قال: أكثرهم ذكرا للّه، و أعملهم بطاعته.

. . . و من كتاب مجمع البيان ج 1 ص 139 في قوله عزّ و جلّ: ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً. . . (3)عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: لا تكثروا الكلام بغير ذكر اللّه، فإنّ كثرة الكلام بغير ذكر اللّه تقسي القلب، و إنّ أبعد الناس من اللّه القاسي القلب. (4)

أقول:

لاحظ ما يناسب المقام في أبواب الدعاء، الصمت و. . .

38-قال الصادق عليه السّلام: من كان ذاكرا للّه على الحقيقة فهو مطيع و من كان غافلا عنه فهو عاص، و الطاعة علامة الهداية و المعصية علامة الضلالة و أصلهما من الذكر و الغفلة، فاجعل قلبك قبلة للسانك لا تحرّكه إلاّ باشارة القلب و موافقة العقل و رضى الإيمان، فإنّ اللّه تعالى عالم بسرّك و جهرك، و كن كالنازع روحه أو

ص:407


1- -البحار ج 77 ص 292
2- البحار ج 93 ص 154 باب الذكر ح 16
3- البقرة:74
4- البحار ج 93 ص 164 في ح 43

كالواقف في العرض الأكبر غير شاغل نفسك عمّا عنّاك بما كلّفك به ربّك في أمره و نهيه و وعده و وعيده، و لا تشغلها بدون ما كلّف به ربّك.

و اغسل قلبك بماء الحزن و الخوف، و اجعل ذكر اللّه تعالى من أجل ذكره تعالى إيّاك فإنّه ذكرك و هو غنيّ عنك، فذكره لك أجلّ و أشهى و أثنى و أتمّ من ذكرك له و أسبق، و معرفتك بذكره لك تورثك الخضوع و الاستحياء و الانكسار، و يتولّد من ذلك رؤية كرمه و فضله السابق، و تصغر عند ذلك طاعتك و إن كثرت في جنب منّته و تخلص لوجهه، و رؤيتك ذكرك له تورثك الرياء و العجب و السفه و الغلظة في خلقه و استكثار الطاعة و نسيان فضله و كرمه، و لا تزداد بذلك من اللّه إلاّ بعدا و لا تستجلب به على مضيّ الأيّام إلاّ وحشة.

و الذكر ذكران: ذكر خالص بموافقة القلب، و ذكر صارف لك ينفي ذكر غيره كما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «أنا لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك» فرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لم يجعل لذكر اللّه عزّ و جلّ مقدارا عند علمه بحقيقة سابقة ذكر اللّه عزّ و جلّ له من قبل ذكره له و من دونه أولى فمن أراد أن يذكر اللّه تعالى فليعلم أنّه ما لم يذكر اللّه العبد بالتوفيق لذكره لا يقدر العبد على ذكره. (1)

39-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ أهل الجنّة لا يندمون على شيء من أمور الدنيا إلاّ على ساعة مرّت بهم في الدنيا لم يذكروا اللّه فيها. (2)

40-قال الصادق عليه السّلام: إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلّى على سعد بن معاذ و قال:

لقد وافى من الملائكة للصلاة عليه تسعون ألف ملك و فيهم جبرئيل يصلّون عليه، فقلت: يا جبرئيل، بما استحقّ صلواتكم؟ قال: يقرء قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ قائما و قاعدا و راكبا و ماشيا و ذاهبا و جائيا. (3)

ص:408


1- -مصباح الشريعة ص 5 ب 5
2- لئالى الأخبار ج 1 ص 14
3- ارشاد القلوب ص 110 ب 21

41-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الذكر مجالسة المحبوب. (الغرر ج 1 ص 15 ف 1 ح 374)

الذكر مفتاح الانس. (ص 21 ح 594)

الذكر نور و رشد. (ص 23 ح 654)

الذكر لذّة المحبّين. (ص 25 ح 721)

الذكر يشرح الصدر. (ص 29 ح 885)

الذكر جلاء البصائر و نور السرائر. (ص 50 ح 1419)

الذكر هداية العقول و تبصرة النفوس-الغفلة ضلال النفوس و عنوان النحوس. (ص 51 ح 1444 و 1445)

أهل الذكر أهل اللّه و حامّته. (ص 54 ح 1505)

الذكر أفضل الغنيمتين. (ص 65 ح 1712)

الذكر يؤنس اللبّ و ينير القلب و يستنزل الرحمة. (ص 77 ح 1881)

المؤمن دائم الذكر كثير الفكر، على النعماء شاكر، و في البلاء صابر.

(ص 83 ح 1955)

الذكر نور العقل و حياة النفوس و جلاء الصدور. (ص 87 ح 2021)

الذكر ليس من مراسم اللسان و لا من مناسم الفكر و لكنّه أوّل من المذكور و ثان من الذاكر. (ص 96 ح 2113)

الجلوس في المسجد من بعد طلوع الفجر إلى حين طلوع الشمس للاشتغال بذكر اللّه سبحانه أسرع في تيسير الرزق من الضرب في أقطار الأرض.

(ص 99 ح 2149)

استديموا الذكر فإنّه ينير القلب و هو أفضل العبادة. (ص 135 ف 3 ح 59)

أصل صلاح القلب اشتغاله بذكر اللّه. (ص 188 ف 8 ح 257)

أفضل العبادة سهر العيون بذكر اللّه سبحانه. (ص 193 ح 327)

ص:409

إنّ اللّه سبحانه جعل الذكر جلاء القلوب تبصر به بعد العشوة (1)و تسمع به بعد الوقرة (2)و تنقاد به بعد المعاندة. (ص 238 ف 9 ح 197)

إنّ للذكر أهلا أخذوه من الدنيا بدلا فلم تشغلهم تجارة و لا بيع عنه يقطعون به أيّام الحياة و يهتفون به في آذان الغافلين. (ص 239 ح 199)

إذا رأيت اللّه سبحانه يؤنسك بذكره فقد أحبّك. (ص 313 ف 17 ح 67)

بذكر اللّه تستنزل النعمة (الرحمة ف ن) . (ص 330 ف 18 ح 31)

بدوام ذكر اللّه تنجاب الغفلة. (ص 333 ح 91)

ثمرة الذكر استنارة القلوب. (ص 360 ف 23 ح 43)

خير ما استنجحت به الامور ذكر اللّه سبحانه. (ص 389 ف 29 ح 41)

ذاكر اللّه سبحانه مجالسه. (ص 404 ف 32 ح 1)

ذاكر اللّه مؤانسه-ذكر اللّه نور الإيمان. (ح 2 و 3)

ذكر اللّه مطردة الشيطان-ذكر اللّه شيمة المتّقين. (ح 4 و 5)

ذاكر اللّه من الفائزين. (ح 6)

ذكر اللّه جلاء الصدور و طمأنينة القلوب. (ح 7)

ذكر اللّه قوت النفوس و مجالسة المحبوب. (ح 8)

ذكر اللّه ينير البصائر و يونس الضمائر. (ح 9)

ذكر اللّه تستنجح به الامور و تستنير به السرائر. (ح 10)

ذكر اللّه دواء أعلال النفوس-ذكر اللّه طارد الأدواء و البؤس. (ح 11 و 12)

ذكر اللّه رأس مال كلّ مؤمن، و ربحه السلامة من الشيطان. (ح 13)

ذكر اللّه دعامة الإيمان و عصمة من الشيطان. (ح 14)

ص:410


1- -أي الظلمة.
2- هي المرّة من الوقر أي ثقل السمع

ذكر اللّه سجيّة كلّ محسن و شيمة كلّ مؤمن. (ص 405 ح 15)

ذكر اللّه مسرّة كلّ متّق و لذّة كلّ موقن. (ح 16)

ذكر الآخرة دواء و شفاء-ذكر الدنيا أدوء الأدواء. (ح 17 و 18)

ذكر الموت يهوّن أسباب الدنيا. (ح 19)

عليك بذكر اللّه فإنّه نور القلب. (ج 2 ص 479 ف 49 ح 23)

في الذكر حياة القلوب. (ص 511 ف 58 ح 1)

ليس في المعاصي أشدّ من اتباع الشهوة فلا تطيعوها فشغلكم عن ذكر اللّه.

(ص 597 ف 73 ح 69)

من ذكر اللّه ذكره. (ص 615 ف 77 ح 116)

من نسي اللّه أنساه نفسه. (ص 617 ح 155)

من ذكر اللّه استبصر. (ح 158)

من اشتغل بذكر اللّه طيّب اللّه ذكره. (ص 643 ح 579)

من اشتغل بذكر الناس قطعه اللّه سبحانه عن ذكره. (ح 580)

من نسي اللّه سبحانه أنساه اللّه نفسه و أعمى قلبه. (ص 690 ح 1214)

من ذكر اللّه سبحانه أحيى اللّه قلبه و نوّر عقله. (ح 1215)

من كثر ذكره استنار لبّه. (ص 715 ح 1460)

مداومة الذكر خلصان الأولياء. (ص 759 ف 80 ح 45)

مداومة الذكر قوت الأرواح و مفتاح الصلاح. (ص 764 ح 121)

لا تذكر اللّه سبحانه ساهيا و لا تنسه لا هيا، و اذكره ذكرا كاملا يوافق فيه قلبك لسانك و يطابق إضمارك إعلانك، و لن تذكره حقيقة الذكر حتّى تنسى نفسك في ذكرك و تفقدها في أمرك. (ص 817 ف 85 ح 207)

لا هداية كالذكر. (ص 830 ف 86 ح 26)

ص:411

الفصل الثانيّ: ذكر الأئمّة عليهم السّلام
الأخبار

1-عن عليّ بن أبي حمزة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: شيعتنا الرحماء بينهم، الذين إذا خلوا ذكروا اللّه، إنّ ذكرنا من ذكر اللّه، إنّا إذا ذكرنا ذكر اللّه و إذا ذكر عدوّنا ذكر الشيطان. (1)

2-عن عبّاد بن كثير قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّي مررت بقاصّ يقصّ و هو يقول: هذا المجلس [الذي]لا يشقى به جليس. قال: فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: هيهات هيهات، أخطأت أستاههم الحفرة، إنّ اللّه ملائكة سيّاحين سوى الكرام الكاتبين، فإذا مرّوا بقوم يذكرون محمّدا و آل محمّد قالوا: قفوا فقد أصبتم حاجتكم فيجلسون، فيتفقّهون معهم، فإذا قاموا عادوا مرضاهم و شهدوا جنائزهم و تعاهدوا غائبهم، فذلك المجلس الذي لا يشقى به جليس. (2)

بيان:

«أستاهم الحفرة» : في المرآة ج 9 ص 85، الأستاه بفتح الهمزة: جمع الإست بالكسر، و هي حلقة الدبر. . . و المراد بالحفرة، الكنيف الذي يتغوّط فيه،

ص:412


1- -الكافي ج 2 ص 149 باب تذاكر الإخوان ح 1
2- الكافي ج 2 ص 149 ح 3

و كأنّ هذا كان مثلا سائرا يضرب لمن استعمل كاملا في غير موضعه، أو أخطأ خطأ فاحشا، و قد يقال: شبّهت أفواههم بالأستاه، تفضيحا لهم.

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ من الملائكة الذين في السماء ليطّلعون إلى الواحد و الاثنين و الثلاثة و هم يذكرون فضل آل محمّد قال: فتقول: أما ترون إلى هؤلاء في قلّتهم و كثرة عدوّهم يصفون فضل آل محمّد قال: فتقول الطائفة الاخرى من الملائكة: ذلِكَ فَضْلُ اَللّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَ اَللّهُ ذُو اَلْفَضْلِ اَلْعَظِيمِ. (1)(2)

4-عن أبي المغرا قال: سمعت أبا الحسن عليه السّلام يقول: ليس شيء أنكى لإبليس و جنوده من زيارة الإخوان في اللّه بعضهم لبعض، قال: و إنّ المؤمنين يلتقيان فيذكران اللّه ثمّ يذكران فضلنا أهل البيت فلا يبقى على وجه إبليس مضغة لحم إلاّ تخدّد، حتّى أنّ روحه لتستغيث من شدّة ما يجد من الألم، فتحسّ ملائكة السماء و خزّان الجنان فيلعنونه حتّى لا يبقى ملك مقرّب إلاّ لعنه، فيقع خاسئا حسيرا مدحورا. (3)

أقول:

قد مرّ بيان مفرداته في باب الاخوّة ف 4.

5-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما اجتمع في مجلس قوم لم يذكروا اللّه عزّ و جلّ و لم يذكرونا إلاّ كان ذلك المجلس حسرة عليهم يوم القيامة، ثمّ قال: قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّ ذكرنا من ذكر اللّه و ذكر عدوّنا من ذكر الشيطان. (4)

ص:413


1- -الحديد:21 و الجمعة:4
2- الكافي ج 2 ص 149 ح 4
3- الكافي ج 2 ص 150 ح 7
4- الكافي ج 2 ص 360 باب ما يجب من ذكر اللّه في كلّ مجلس ح 2

بيان:

في المرآة ج 12 ص 120، قيل: الواو في قوله: «و لم يذكرونا» حالية، إشارة إلى أنّ ذكر اللّه لا يتصوّر بدون ذكرنا. . . و الحاصل أنّ من لم يعرفهم لم يعرف اللّه تعالى.

أقول: و يمكن أن يكون الواو بمعنى"أو".

6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: تجلسون و تحدّثون؟ قلت: نعم، قال: تلك المجالس أحبّها، فأحيوا أمرنا، رحم اللّه من أحيى أمرنا.

يا فضيل، من ذكرنا أو ذكرنا عنده فخرج عن عينيه مثل جناح الذباب، غفر اللّه له ذنوبه و لو كانت أكثر من زبد البحر. (1)

بيان:

«الزبد» : ما يعلو الماء و نحوه من الرغوة (كف روى آب) .

7-قال أبو جعفر عليه السّلام: رحم اللّه عبدا أحيى ذكرنا، قلت: ما إحياء ذكركم؟ قال: التلاقي و التذاكر عند أهل الثبات. (2)

8-قال أبو جعفر عليه السّلام: اجتمعوا و تذاكروا تحفّ بكم الملائكة، رحم اللّه من أحيى أمرنا. (3)

9-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ذكر عليّ عليه السّلام عبادة. (4)

10-عن معتب مولى أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول لداود بن سرحان: يا داود، أبلغ مواليّ عنّي السلام، و أنّي أقول: رحم اللّه عبدا اجتمع مع آخر فتذاكرا أمرنا فإنّ ثالثهما ملك يستغفر لهما، و ما اجتمع اثنان على ذكرنا إلاّ باهى اللّه تعالى بهما الملائكة، فإذا اجتمعتم فاشتغلوا بالذكر، فإنّ في اجتماعكم

ص:414


1- -الوسائل ج 12 ص 20 ب 10 من العشرة ح 1(قرب الاسناد ص 18)
2- الوسائل ج 12 ص 21 ح 3
3- الوسائل ج 12 ص 22 ح 9
4- الوسائل ج 16 ص 348 ب 23 من فعل المعروف ح 9

و مذاكرتكم إحياءنا، و خير الناس بعدنا من ذاكر بأمرنا و دعا إلى ذكرنا. (1)

11-عن ابن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام:

ذكرنا أهل البيت شفاء من الوعك و الأسقام، و وسواس الريب، و حبّنا رضى الربّ تبارك و تعالى. (2)

بيان:

«الوعك» : المراد به الألم.

12-عن الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عليهم السّلام قال: كتب الصادق عليه السّلام إلى بعض الناس: إن أردت أن يختم بخير عملك حتّى تقبض و أنت في أفضل الأعمال فعظّم للّه حقّه، أن لا تبذل نعمه في معاصيه، و أن تغترّ بحلمه عنك، و أكرم كلّ من وجدته يذكر منّا أو ينتحل مودّتنا، ثمّ ليس عليك صادقا كان أو كاذبا، إنّما لك نيّتك و عليه كذبه. (3)

13-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: و أمّا نفثاته-أي الشيطان-فإنّه يري أحدكم أنّ شيئا بعد القرآن أشفى له من ذكرنا أهل البيت، و من الصلاة علينا، فإنّ اللّه عزّ و جلّ جعل ذكرنا أهل البيت شفاء للصدور، و جعل الصلوة [علينا]ماحية للأوزار و الذنوب، و مطهّرة من العيوب، و مضاعفة للحسنات. (4)

14-عن امّ سلمة-رض-أنّها قالت: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:

ما اجتمع قوم يذكرون فضل عليّ بن أبي طالب عليه السّلام إلاّ هبطت عليهم ملائكة السماء حتّى تحفّ بهم، فإذا تفرّقوا عرجت الملائكة إلى السماء، فيقول لهم الملائكة:

إنّا نشمّ من رائحتكم ما لا نشمّه من الملائكة، فلم نر رائحة أطيب منها، فيقولون:

ص:415


1- -الوسائل ج 16 ص 348 ح 10( أمالي الطوسي ج 1 ص 228)
2- الوسائل ج 16 ص 348 ح 11
3- العيون ج 2 ص 4 ب 30 ح 8
4- المستدرك ج 12 ص 392 ب 23 من فعل المعروف ح 1

كنّا عند قوم يذكرون محمّدا و أهل بيته عليهم السّلام، فعلق علينا من ريحهم فتعطّرنا، فيقولون: اهبطوا بنا إليهم، فيقولون: تفرّقوا و مضى كلّ واحد منهم إلى منزله، فيقولون: اهبطوا بنا حتّى نتعطّر بذلك المكان. (1)

15-عن جابر بن عبد اللّه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: زيّنوا مجالسكم بذكر عليّ بن أبي طالب عليه السّلام. (2)

16-عن أبي جعفر محمّد بن علي عليهما السّلام أنّه قال: اجتمعوا و تذاكروا تحفّ بكم الملائكة، رحم اللّه من أحيى أمرنا. (3)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في بابي الأخوّة و الحديث.

ص:416


1- -المستدرك ج 12 ص 392 ح 3
2- المستدرك ج 12 ص 393 ح 4
3- المستدرك ج 12 ص 393 ح 7

64- الذنب

اشارة

فيه فصول:

الفصل الأوّل: ذمّه
الآيات

1- بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَ أَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحابُ اَلنّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ. (1)

2- وَ مَنْ يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّما يَكْسِبُهُ عَلى نَفْسِهِ وَ كانَ اَللّهُ عَلِيماً حَكِيماً. (2)

3- وَ ذَرُوا ظاهِرَ اَلْإِثْمِ وَ باطِنَهُ إِنَّ اَلَّذِينَ يَكْسِبُونَ اَلْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِما كانُوا يَقْتَرِفُونَ. (3)

ص:417


1- -البقرة:81
2- النساء:111
3- الأنعام:120

4- . . . وَ لا تَقْرَبُوا اَلْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ. . . (1)

5- إِنَّ اَللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ اَلْإِحْسانِ وَ إِيتاءِ ذِي اَلْقُرْبى وَ يَنْهى عَنِ اَلْفَحْشاءِ وَ اَلْمُنْكَرِ وَ اَلْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ. (2)

6- . . . فَلْيَحْذَرِ اَلَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ. (3)

7- وَ مَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي اَلنّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاّ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. (4)

8- ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ اَلَّذِينَ أَساؤُا اَلسُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اَللّهِ وَ كانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ. (5)

9- . . . وَ اَلَّذِينَ يَمْكُرُونَ اَلسَّيِّئاتِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَ مَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ. (6)

10- . . . وَ مَنْ يَعْصِ اَللّهَ وَ رَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً. (7)

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان أبي عليه السّلام يقول: ما من شيء أفسد للقلب من خطيئة، إنّ القلب ليواقع الخطيئة فما تزال به حتّى تغلب عليه فيصيّر أعلاه

ص:418


1- -الأنعام:151
2- النحل:90
3- النور:63
4- النمل:90
5- الروم:10
6- فاطر:10
7- الجنّ:23

أسفله. (1)

بيان:

«فيصيّر أعلاه أسفله» : أي يصير منكوسا كالإناء المقلوب المكبوب، لا يستقرّ فيه شيء من الحقّ و لا يؤثّر فيه شيء من المواعظ.

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: لا تبدينّ عن واضحة، و قد عملت الأعمال الفاضحة، و لا يأمن البيات من عمل السيّئات. (2)

بيان:

«لا تبدينّ» الإبداء: الإظهار. «الواضحة» : الأسنان تبدوا عند الضحك. «البيات» :

نزول الحوادث عليه ليلا أو غفلة.

3-عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إذا أذنب الرجل خرج في قلبه نكتة سوداء، فإن تاب انمحت و إن زاد زادت حتّى تغلب على قلبه فلا يفلح بعدها أبدا. (3)

4-عن ابن بكير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من همّ بسيّئة فلا يعملها، فإنّه ربما عمل العبد السيّئة فيراه الربّ تبارك و تعالى فيقول: و عزّتي و جلالي لا أغفر لك بعد ذلك أبدا. (4)

5-قال أبو الحسن عليه السّلام: حقّ على اللّه أن لا يعصى في دار إلاّ أضحاها للشمس حتّى تطهّرها. (5)

ص:419


1- -الكافي ج 2 ص 206 باب الذنوب ح 1
2- الكافي ج 2 ص 207 ح 5
3- الكافي ج 2 ص 208 ح 13
4- الكافي ج 2 ص 209 ح 17
5- الكافي ج 2 ص 209 ح 18

بيان:

«أضحاها» : أي أظهرها، هي كناية عن تخريب الدار و هدمها بالذنوب.

6-قال أبو الحسن عليه السّلام: إنّ للّه عزّ و جلّ في كلّ يوم و ليلة مناديا ينادي:

مهلا مهلا عباد اللّه عن معاصي اللّه، فلو لا بهائم رتّع، و صبية رضّع، و شيوخ ركّع، لصبّ عليكم العذاب صبّا، ترضّون به رضّا. (1)

بيان:

«مهلا» : أي تأنّ في المعاصي و لا تقربها. «رتعّ» : جمع راتع. «رضّع» : جمع راضع «ركّع» : جمع راكع. «الرضّ» : يقال بالفارسيّة: كوفتن و خرد و ريزه كردن.

7-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: يقول اللّه عزّ و جلّ: إذا عصاني من عرفني سلّطت عليه من لا يعرفني. (2)

8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نزل بأرض قرعاء، فقال لأصحابه: ائتوا بحطب، فقالوا: يا رسول اللّه، نحن بأرض قرعاء ما بها من حطب قال: فليأت كلّ إنسان بما قدر عليه، فجاؤوا به حتّى رموا بين يديه بعضه على بعض. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: هكذا تجتمع الذنوب.

ثمّ قال: إيّاكم و المحقّرات من الذنوب، فإنّ لكلّ شيء طالبا، ألا و إنّ طالبها يكتب ما قَدَّمُوا وَ آثارَهُمْ وَ كُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ. (3)(4)

بيان:

«أرض قرعاء» : أي لانبات و لا شجر فيها، تشبيها بالرأس الأقرع.

9-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا ينبغي للمؤمن أن يجلس مجلسا يعصى اللّه فيه

ص:420


1- -الكافي ج 2 ص 211 ح 31
2- الكافي ج 2 ص 211 ح 30
3- يس:12
4- الكافي ج 2 ص 218 باب استصغار الذنب ح 3

و لا يقدر على تغييره. (1)

10-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ اللّه إذا أراد بعبد خيرا فأذنب ذنبا أتبعه بنقمة و يذكره الاستغفار، و إذا أراد بعبد شرّا فأذنب ذنبا أتبعه بنعمة لينسيه الاستغفار، و يتمادى بها، و هو قول اللّه عزّ و جلّ: سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ (2)بالنعم عند المعاصي. (3)

بيان:

في المصباح: استدرجته أخذته قليلا قليلا، و في القاموس و مجمع البحرين:

استدراج اللّه العبد: أنّه كلّما جدّد خطيئة جدّد له نعمة و أنساه الاستغفار فيأخذه قليلا قليلا و لا يباغته (من"البغتة"و هي الفجأة) .

11-عن الفضيل عن أبي جعفر عليه السّلام قال: من الذنوب التي لا تغفر قول الرجل: يا ليتني لا أؤاخذ إلاّ بهذا. (4)

12-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أربع يمتن القلب: الذنب على الذنب، و كثرة مناقشة النساء-يعني محادثتهنّ-و مماراة الأحمق تقول و يقول و لا يرجع إلى خير أبدا، و مجالسة الموتى، فقيل له: يا رسول اللّه و ما الموتى؟ قال: كلّ غنيّ مترف. (5)

13-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من علامات الشقاء جمود العين، و قسوة القلب، و شدّة الحرص في طلب

ص:421


1- -الكافي ج 2 ص 278 باب مجالسة أهل المعاصي ح 1
2- الأعراف:182
3- الكافي ج 2 ص 327 باب الاستدراج ح 1
4- الخصال ج 1 ص 24 باب الواحد ح 83
5- الخصال ج 1 ص 228 باب الأربعة ح 65

الرزق، و الإصرار على الذنب. (1)

بيان:

«جمود العين» : أي قلّة الدمع، و إنّما كان مذموما لأنّه يدلّ على قسوة القلب و عدم الخشية منه تعالى.

14-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الحذر الحذر فو اللّه لقد ستر حتّى كأنّه قد غفر. (2)

15-و قال عليه السّلام: لو لم يتوعّد اللّه على معصيته لكان يجب أن لا يعصى شكرا لنعمه. (3)

أقول:

زاد في الغرر (ج 2 ص 605 ف 75 ح 27) : لو لم يرغّب اللّه سبحانه في طاعته لوجب أن يطاع، رجاء رحمته.

16-و قال عليه السّلام: اتّقوا معاصي اللّه في الخلوات، فإنّ الشاهد هو الحاكم. (4)

17-و قال عليه السّلام: أشدّ الذنوب ما استهان به صاحبه. (5)

18-و قال عليه السّلام: أشدّ الذنوب ما استخفّ به صاحبه. (6)

19-و قال عليه السّلام: احذر أن يراك اللّه عند معصيته و يفقدك عند طاعته فتكون من الخاسرين، و إذا قويت فاقو على طاعة اللّه، و إذا ضعفت فاضعف

ص:422


1- -الخصال ج 1 ص 243 ح 96
2- نهج البلاغة ص 1099 ح 29
3- نهج البلاغة ص 1227 ح 282
4- نهج البلاغة ص 1240 ح 316- الغرر ج 1 ص 134 ف 3 ح 47
5- نهج البلاغة ص 1249 ح 340-و نظيره في الغرر ج 1 ص 192 ف 8 ح 318
6- نهج البلاغة ص 1304 ح 469

عن معصية اللّه. (1)

20-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه جلّ جلاله إذا رأى أهل قرية قد أسرفوا في المعاصي و فيها ثلاثة نفر من المؤمنين، ناداهم جلّ جلاله و تقدّست أسماؤه: يا أهل معصيتي، لو لا ما فيكم من المؤمنين، المتحابّين بجلالي، العامرين بصلاتهم أرضي و مساجدي، المستغفرين بالأسحار، خوفا منّي لأنزلت بكم عذابي ثمّ لا أبالي. (2)

أقول:

و في ح 2: فإذا نظر إلى الشيب ناقلي أقدامهم إلى الصلوات، و الولدان يتعلّمون القرآن، رحمهم، و أخرّ عنهم ذلك.

21-عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام أنّه جاء رجل و قال: أنا رجل عاص و لا أصبر عن المعصية فعظني بموعظة. فقال عليه السّلام: افعل خمسة أشياء و اذنب ما شئت، فأوّل ذلك: لا تأكل رزق اللّه و اذنب ما شئت، و الثاني: اخرج من ولاية اللّه و اذنب ما شئت، و الثالث: اطلب موضعا لا يراك اللّه و اذنب ما شئت، و الرابع:

إذا جاء ملك الموت ليقبض روحك فادفعه عن نفسك و اذنب ما شئت، و الخامس: إذا أدخلك مالك في النار فلا تدخل في النار و اذنب ما شئت. (3)

22-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: قال اللّه جلّ جلاله: أيّما عبد أطاعني لم أكله إلى غيري، و أيّما عبد عصاني وكلته إلى نفسه ثمّ لم ابال في أيّ واد هلك. (4)

ص:423


1- -نهج البلاغة ص 1268 ح 375
2- العلل ج 2 ص 522 ب 298 ح 3
3- جامع الأخبار ص 130 ف 89، و جدير بالذكر أنّ المجلسي رحمه اللّه نقل هذا الخبر (في البحار ج 78 ص 126) عن الحسين بن عليّ عليه السّلام مع أنّ مصدره هذا الكتاب.
4- الوسائل ج 15 ص 307 ب 41 من جهاد النفس ح 7-و مثله في ص 235 ب 18 ح 6 عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السّلام عنه صلّى اللّه عليه و آله.

23-من كلامه صلّى اللّه عليه و آله: لا تنظروا إلى صغير الذنب و لكن انظروا إلى من اجترأتم. (1)

24-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أذنب ذنبا و هو ضاحك دخل النار. (2)

25-في الغرر عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: عجبت لمن يحتمي من الطعام لأذيّته و لا يحمتي الذنب لأليم عقوبته. (3)

26-عن نوف البكاليّ عن أمير المؤمنين عليه السّلام في حديث أنّه قال: كذب من زعم أنّه يعرف اللّه، و هو مجترئ على معاصي اللّه كلّ يوم و ليلة. (4)

27-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: الموت غنيمة، و المعصية مصيبة، و الفقر راحة، و الغنى عقوبة. . . (5)

28-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: عجبت لمن يحتمي من الطعام مخافة الداء، كيف لا يحتمي من الذنوب مخافة النار. (6)

29-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ اللّه أخفى سخطه في معصيته فلا تستصغرنّ شيئا من معصيته، فربّما وافق سخطه و أنت لا تعلم. (7)

أقول:

لاحظ تمام الخبر في باب أولياء اللّه.

ص:424


1- -الوسائل ج 15 ص 313 ب 43 ح 13
2- المستدرك ج 11 ص 332 ب 40 من جهاد النفس ح 23
3- المستدرك ج 11 ص 333 ح 30( في المصدر: كيف لا يحتمي من الذنب لعقوبته)
4- المستدرك ج 11 ص 337 ب 41 ح 9
5- المستدرك ج 11 ص 338 ح 13
6- البحار ج 73 ص 347 باب الذنوب ح 34
7- البحار ج 73 ص 349 ح 43

30-عن ابن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: ما جفّت الدموع إلاّ لقسوة القلوب، و ما قست القلوب إلاّ لكثرة الذنوب. (1)

31-عن أبي عبد اللّه عن أمير المؤمنين عليهما السّلام قال: ما من عبد إلاّ و عليه أربعون جنّة، حتّى يعمل أربعين كبيرة، فإذا عمل أربعين كبيرة انكشفت عنه الجنن، فتقول الملائكة من الحفظة الذين معه: يا ربّنا، هذا عبدك قد انكشفت عنه الجنن، فيوحي اللّه عزّ و جلّ إليهم: ان استروا عبدي بأجنحتكم، فتستره الملائكة بأجنحتها.

فما يدع شيئا من القبيح إلاّ قارفه حتّى يتمدّح إلى الناس بفعله القبيح، فتقول الملائكة: يا ربّ، هذا عبدك ما يدع شيئا إلاّ ركبه، و إنّا لنستحيي ممّا يصنع، فيوحي اللّه إليهم: أن ارفعوا أجنحتكم عنه، فإذا فعل ذلك أخذ في بغضنا أهل البيت، فعند ذلك يهتك اللّه ستره في السماء و يستره في الأرض، فتقول الملائكة:

هذا عبدك قد بقي مهتوك الستر، فيوحي اللّه إليهم: لو كان لي فيه حاجة ما أمرتكم أن ترفعوا أجنحتكم عنه. (2)

أقول:

بمعناه ح 93 عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: و فيه؛ للمؤمن اثنان و سبعون سترا فإذا أذنب ذنبا انهتكت عنه ستر، فإن تاب ردّه اللّه إليه. . . كفّوا عنه أجنحتكم، فلو عمل الخطيئة في سواد الليل أو في ضوء النهار أو في مفازة (أي فلاة لا ماء فيها) أو قعر بحر لأجراها اللّه على ألسنة الناس، فاسألوا اللّه أن لا يهتك أستاركم.

32-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه قال: يا أبا ذرّ، المتّقون سادة، و الفقهاء قادة، و مجالستهم زيادة، إنّ المؤمن ليرى ذنبه كأنّه تحت صخرة يخاف أن يقع

ص:425


1- -البحار ج 73 ص 354 ح 60
2- البحار ج 73 ص 354 ح 61

عليه، و إنّ الكافر ليرى ذنبه كأنّه ذباب مرّ على أنفه.

يا أبا ذرّ، إنّ اللّه تبارك و تعالى إذا أراد بعبد خيرا جعل ذنوبه بين عينيه ممثّلة و الإثم عليه ثقيلا و بيلا و إذا أراد بعبد شرّا أنساه ذنوبه.

يا أبا ذرّ، لا تنظر إلى صغر الخطيئة و لكن انظر إلى من عصيت.

يا أبا ذرّ، إنّ نفس المؤمن أشدّ ارتكاضا من الخطيئة من العصفور حين يقذف به في شركه. . .

يا أبا ذرّ، إنّ الرجل ليحرم رزقه بالذنب يصيبه. (1)

بيان:

«الوبيل» : الوخيم وزنا و معنا. «الارتكاض» : الاضطراب. «الشرك» : حبالة الصيد.

33-في وصيّته صلّى اللّه عليه و آله لابن مسعود قال: يا بن مسعود، لا تحقرنّ ذنبا و لا تصغرنّه و اجتنب الكبائر فإنّ العبد إذا نظر يوم القيامة إلى ذنوبه دمعت عيناه قيحا و دما، يقول اللّه تعالى: يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَ ما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَ بَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً. (2). . . (3)

يا بن مسعود، احذر سكر الخطيئة فإنّ للخطيئة سكرا كسكر الشراب بل هي أشدّ سكرا منه، يقول اللّه تعالى: صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ (4). . . (5)

يا بن مسعود، انظر أن تدع الذنب (إيّاك و الذنب ف ن) سرّا و علانية، صغيرا و كبيرا، فإنّ اللّه تعالى حيث ما كنت يراك و هو معك فاجتنبها.

ص:426


1- -البحار ج 77 ص 79
2- آل عمران:30
3- البحار ج 77 ص 103
4- البقرة:18
5- البحار ج 77 ص 104

يا بن مسعود، اتّق اللّه في السرّ و العلانية، و البرّ و البحر، و الليل و النهار، فإنّه يقول: ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلاّ هُوَ رابِعُهُمْ وَ لا خَمْسَةٍ إِلاّ هُوَ سادِسُهُمْ وَ لا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَ لا أَكْثَرَ إِلاّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا. (1)(2)

34-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ما من يوم طلع فجره و لا ليلة غاب شفقها إلاّ و ملكان يناديان بأربعة أصوات؛ يقول أحدهما: يا ليت هذا الخلق لم يخلقوا، و يقول الآخر: يا ليتهم إذ خلقوا علموا لماذا خلقوا، فيقول الآخر: فيا ليتهم إذ لم يعلموا لما ذا خلقوا عملوا بما علموا، فيقول الآخر: و يا ليتهم إذ لم يعملوا بما علموا تابوا ممّا عملوا.

و اعلموا أنّ العبد ليحبس على ذنب من ذنوبه مأة عام، و أنّه لينظر إلى أزواجه في الجنّة يتنعمنّ. (3)

35-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من قارف ذنبا فارقه عقل لا يرجع إليه أبدا. (4)

36-عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال:

المعصية حين (5). (الغرر ج 1 ص 8 ف 1 ح 137)

الفجور يذلّ. (ص 9 ح 160)

الإصرار شيمة الفجّار. (ص 16 ح 398)

الإصرار يوجب النار. (ص 18 ح 489)

المعصية همّة الأرجاس (6)-المعصية تفريط الفجرة. (ص 23 ح 668 و 673)

ص:427


1- -المجادلة:7
2- البحار ج 77 ص 106
3- جامع السعادات ج 3 ص 47
4- المحجّة البيضاء ج 8 ص 160
5- الحين: الهلاك، المحنة
6- من الرجس بمعنى العمل القبيح، القذر، و المقصود هنا الأراذل

المعصية تمنع الإجابة. (ص 28 ح 842)

الإصرار سجيّة الهلكى. (ص 31 ح 948)

الإصرار يجلب النقمة-المعصية تجلب العقوبة. (ص 36 ح 1112 و 1114)

المعاودة إلى الذنب إصرار. (ص 42 ح 1257)

المغبون من باع جنّة عليّة بمعصية دنيّة. (ص 49 ح 1397)

الإصرار أعظم حوبة و أسرع عقوبة. (ص 56 ح 1532)

المذنب على بصيرة غير مستحقّ للعفو. (ص 57 ح 1553)

اجتناب السيّئات أولى من اكتساب الحسنات. (ح 1559)

التنزّه عن المعاصي عبادة التوّابين. (ص 70 ح 1784)

التبجّح (1)بالمعاصي أقبح من ركوبها. (ص 91 ح 2067)

التهجّم على المعاصي يوجب عذاب النار. (ص 99 ح 2146)

اذكروا عند المعاصي ذهاب اللذّات و بقاء التبعات. (ص 132 ف 3 ح 27)

اهجروا الشهوات فإنّها تقودكم إلى ارتكاب الذنوب و التهجّم على السيّئات.

(ح 28)

إيّاك و انتهاك المحارم فإنّها شيمة الفسّاق و أولي الفجور و الغواية.

(ص 149 ف 5 ح 29)

إيّاك و الإصرار فإنّه من أكبر الكبائر و أعظم الجرائم. (ص 151 ح 48)

إياك و المجاهرة بالفجور فإنّه من أشدّ المآثم. (ح 49)

إيّاك أن يفقدك ربّك عند طاعته فلا يجدك أو يراك عند معصيته فيمقتك.

(ص 152 ح 63)

ص:428


1- -أي الفرح

إيّاك و المعصية فإنّ اللئيم (الشقيّ ف ن) من باع جنّة المأوى بمعصية دنيّة من معاصي الدنيا. (ص 154 ح 75)

إيّاك أن تستسهل ركوب المعاصي فإنّها تكسوك في الدنيا ذلّة و تكسبك في الآخرة سخط اللّه. (ص 156 ح 93)

أفضل من طلب التوبة ترك الذنب. (ص 175 ف 8 ح 27)

أفضل من اكتساب الحسنات اجتناب السيّئات. (ص 186 ح 225)

أعظم الذنوب عند اللّه ذنب أصرّ عليه عامله. (ص 192 ح 309)

أعظم الذنوب عند اللّه ذنب صغر عند صاحبه. (ص 193 ح 319)

أقلّ ما يلزمكم للّه تعالى أن لا تستعينوا بنعمه على معاصيه.

(ص 209 ح 505)

إنّ من النعمة تعذّر المعاصي. (ص 216 ف 9 ح 20)

إن كنتم لا محالة متنزّهين فتنزّهوا عن معاصي القلوب. (ص 277 ف 10 ح 32)

إن كنتم لا محالة متطهّرين فتطهّروا من دنس العيوب و الذنوب. (ح 37)

إن تنزّهوا عن المعاصي يحببكم اللّه. (ص 279 ح 51)

إنّك إن اجتنبت السيّئات نلت رفيع الدجات. (ص 287 ف 13 ح 18)

آفة الطاعة العصيان. (ص 304 ف 16 ح 4)

إذا قلّت الطاعات كثرت السيّئات. (ص 312 ف 17 ح 56)

إذا ضعفت فاضعف عن معاصي اللّه سبحانه. (ص 316 ح 101)

إذا أخذت نفسك بطاعة اللّه أكرمتها و إن بذلتها في معاصي اللّه ابتذلتها (أهنتها ف ن) (ح 111)

بالمعصية تكون الشقاء. (ص 332 ف 18 ح 73)

بئست القلادة قلادة الآثام. (ص 341 ف 20 ح 9)

بئس العمل المعصية. (ح 19)

ص:429

توقّ معاصي اللّه تفلح. (ص 346 ف 22 ح 4)

تهوين الذنب أعظم من ركوبه. (ص 348 ح 30)

توقّوا المعاصي و احبسوا أنفسكم عنها فإنّ الشقيّ من أطلق فيها عنانه.

(ح 39)

ترك الذنوب شديد، و أشدّ منه ترك الجنّة. (ص 350 ح 59)

حلاوة المعصية يفسدها أليم العقوبة. (ص 381 ف 28 ح 18)

حاصل المعاصي التلف. (ص 383 ح 46)

راكب المعصية مثواه النار. (ص 420 ف 36 ح 3)

ظلم نفسه من عصى اللّه و أطاع الشيطان. (ج 2 ص 475 ف 48 ح 21)

من عصى اللّه ذلّ قدره. (ص 619 ف 77 ح 179)

من عفى عن الجرائم فقد أخذ بجوامع الفضل. (ص 659 ح 838)

من كثر فكره في المعاصي دعته إليها. (ص 664 ح 898)

من فسد مع اللّه لم يصلح مع أحد. (ص 669 ح 959)

من خاف العقاب انصرف عن السيّئات. (ح 966)

من أصرّ على ذنبه اجترى على سخط ربّه. (ص 681 ح 1102)

من تلذّذ بمعاصي اللّه أكسبه ذلاّ (ص 686 ح 1161)

من سلم من المعاصي عمله بلغ من الآخرة أمله. (ح 1172)

ما ظفر من ظفر الإثم به. (ص 739 ف 79 ح 59)

مداومة المعاصي تقطع الرزق. (ص 760 ف 80 ح 59)

مجاهرة اللّه سبحانه بالمعاصي تعجّل النقم. (ص 762 ح 100)

مقارق السيّئات موقن بالتبعات. (ص 765 ح 133)

لا تحقرنّ صغائر الآثام فإنّها الموبقات، و من أحاطت به موبقاته أهلكته.

(ص 825 ف 85 ح 257)

ص:430

لا مروّة كالتنزّه عن المآثم. (ص 837 ف 86 ح 176)

لا وزر أعظم من الإصرار. (ص 840 ح 222)

لا تفي لذّة المعصية بعذاب النار. (ص 847 ح 358)

لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. (ص 851 ح 402)

أقول:

في الحديث القدسيّ س 4: يا بن آدم، كلّ يوم ينقص من عمرك و أنت لا تدري، و يأتي كلّ يوم رزقك من عندي و أنت لا تحمده، فلا بالقليل تقنع و لا بالكثير تشبع. يا بن آدم، ما من يوم جديد إلاّ و يأتيك من عندي رزق جديد، و ما من ليلة إلاّ و يأتيني ملائكتي من عندك بعمل قبيح، تأكل رزقي و تعصيني! و أنت تدعوني فأستجيب لك، خيري إليك نازل و شرّك إليّ صاعد، فنعم المولى أنا و بئس العبد أنت، تسألني فأعطيتك و أستر إليك سوء بعد سوء و قبيحا بعد قبيح، أنا أستحيي منك و أنت لا تستحيي منّي و تنساني و تذكر غيري و تخاف الناس و تأمن غضبي.

و في الصحيفة السجّادية في الدعاء 16: يا الهي، لو بكيت إليك حتّى تسقط أشفار عينيّ، و انتحبت حتّى ينقطع صوتي، و قمت لك حتّى تتنشّر قدماي، و ركعت لك حتّى ينخلع صلبي، و سجدت لك حتّى تتفقّأ حدقتاي، و أكلت تراب الأرض طول عمري، و شربت ماء الرماد آخر دهري، و ذكرتك في خلال ذلك حتّى يكلّ لساني، ثمّ لم أرفع طرفي إلى آفاق السماء استحياء منك ما أستوجبت بذلك محو سيّئة واحدة من سيّئاتي.

و في سفينة البحار ج 1 ص 488(ذنب) : و يناسب هنا ما حكاه شيخنا البهائي رحمه اللّه قال: كان توبة ابن الصمة محاسبا لنفسه في أكثر أوقات ليله و نهاره، فحسب يوما ما مضى من عمره فإذا هو ستّون سنة فحسب أيّامها فكانت أحدى و عشرين ألف يوم و خمسمأة يوما، فقال: يا ويلتى، ألقى مالك بأحد و عشرين ألف ذنب؟ ! ثمّ

ص:431

صعق صعقة كانت فيها نفسه انتهى.

و يدلّ على ذمّ الذنوب ما ورد من العقوبات على آحاد الذنوب كالخمر و الزنا و السرقة و القتل و الكبر و الحسد و الكذب و الغيبة و غير ذلك من المعاصي على كثرتها، لاحظ أبوابها.

و لاحظ ما يناسب المقام في أبواب التوبة، البكاء، الحرص، اجتناب المحارم، المال الحرام، الورع، الاستغفار، و. . .

ص:432

الفصل الثانيّ: آثار الذنوب
الآيات

1- فَكَيْفَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ. . . (1)

2- أَ لَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنّاهُمْ فِي اَلْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَ أَرْسَلْنَا اَلسَّماءَ عَلَيْهِمْ مِدْراراً وَ جَعَلْنَا اَلْأَنْهارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ. (2)

3- وَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ اَلْقُرى آمَنُوا وَ اِتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ اَلسَّماءِ وَ اَلْأَرْضِ وَ لكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ- أَ فَأَمِنَ أَهْلُ اَلْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا بَياتاً وَ هُمْ نائِمُونَ. الآيات. (3)

4- كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَ اَلَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآياتِ اَللّهِ فَأَخَذَهُمُ اَللّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اَللّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ اَلْعِقابِ- ذلِكَ بِأَنَّ اَللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ حَتّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَ أَنَّ اَللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. (4)

ص:433


1- -النساء:62
2- الأنعام:6
3- الأعراف:96 إلى 100
4- الأنفال:52 و 53

5- . . . إِنَّ اَللّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَ إِذا أَرادَ اَللّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَ ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ. (1)

6- وَ لَوْ يُؤاخِذُ اَللّهُ اَلنّاسَ بِظُلْمِهِمْ ما تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ وَ لكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى. . . (2)

7- وَ إِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها الآيات. (3)

8- وَ رَبُّكَ اَلْغَفُورُ ذُو اَلرَّحْمَةِ لَوْ يُؤاخِذُهُمْ بِما كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ اَلْعَذابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً- وَ تِلْكَ اَلْقُرى أَهْلَكْناهُمْ لَمّا ظَلَمُوا وَ جَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً. (4)

9- أَ وَ لَمْ يَسِيرُوا فِي اَلْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ اَلَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَ أَثارُوا اَلْأَرْضَ وَ عَمَرُوها أَكْثَرَ مِمّا عَمَرُوها وَ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانَ اَللّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ- ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ اَلَّذِينَ أَساؤُا اَلسُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اَللّهِ وَ كانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ. (5)

10- ظَهَرَ اَلْفَسادُ فِي اَلْبَرِّ وَ اَلْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي اَلنّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ اَلَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ. (6)

11- لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتانِ عَنْ يَمِينٍ وَ شِمالٍ. الآيات (7)

ص:434


1- -الرعد:11
2- النحل:61
3- الإسراء:16 و 17
4- الكهف:58 و 59
5- الروم:9 و 10
6- الروم:41
7- سبأ:15 إلى 17

12- وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ. الآيات (1)

الأخبار

1-عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أما إنّه ليس من عرق يضرب و لا نكبة و لا صداع و لا مرض إلاّ بذنب، و ذلك قول اللّه عزّ و جلّ في كتابه:

وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ قال: ثمّ قال:

و ما يعفو اللّه أكثر ممّا يؤاخذ به. (2)

بيان:

في المرآة ج 9 ص 399، «النكبة» : وقوع الرجل على الحجارة عند المشي أو المصيبة، و الأوّل أظهر، و قد وقع التصريح في بعض الأخبار التي وردت في هذا المعنى بنكبة قدم «الصداع» : وجع الرأس.

2-عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: إنّ الذنب يحرم العبد الرزق. (3)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة، و في ح 8: «. . . فيزوى عنه الرزق» و في ح 12: «. . . فيدرء عنه الرزق» .

3-عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ العبد يسأل اللّه الحاجة فيكون من شأنه قضاؤها إلى أجل قريب أو إلى وقت بطيء، فيذنب العبد ذنبا فيقول اللّه تبارك و تعالى للملك: لا تقض حاجته و احرمه إيّاها، فإنّه تعرّض

ص:435


1- -الشورى:30 إلى 34
2- الكافي ج 2 ص 207 باب الذنوب ح 3-و بمعناه ح 4
3- الكافي ج 2 ص 208 ح 11

لسخطي و استوجب الحرمان منّي. (1)

4-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سمعته يقول: إنّه ما من سنة أقلّ مطرا من سنة و لكن اللّه يضعه حيث يشاء، إنّ اللّه عزّ و جلّ إذا عمل قوم بالمعاصي صرف عنهم ما كان قدّر لهم من المطر في تلك السنة إلى غيرهم، و إلى الفيافي و البحار و الجبال و إنّ اللّه ليعذّب الجعل في حجرها بحبس المطر عن الأرض التي هي بمحلّها بخطايا من بحضرتها و قد جعل اللّه لها السبيل في مسلك سوى محلّة أهل المعاصي.

قال: ثمّ قال أبو جعفر عليه السّلام: فاعتبروا يا أولي الأبصار. (2)

بيان:

في النهاية، «الفيافي» : جمع فيفاء و هي البراري الواسعة. «الجعل» . دويبة كالخنفساء أكبر منها شديدة السواد في بطنه لون حمرة، و الناس يسمّونه أبا جعران.

5-عن ابن بكير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ الرجل يذنب الذنب فيحرم صلاة الليل، و إنّ العمل السيّيء أسرع في صاحبه من السكّين في اللحم. (3)

6-عن أبي عمرو المدائني عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: كان أبي عليه السّلام يقول: إنّ اللّه قضى قضاء حتما ألاّ ينعم على العبد بنعمة فيسلبها إيّاه حتّى يحدث العبد ذنبا يستحقّ بذلك النقمة. (4)

7-عن سماعة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: ما أنعم اللّه على عبد نعمة فسلبها إيّاه حتّى يذنب ذنبا يستحقّ بذلك السلب. (5)

ص:436


1- -الكافي ج 2 ص 208 ح 14
2- الكافي ج 2 ص 208 ح 15
3- الكافي ج 2 ص 209 ح 16
4- الكافي ج 2 ص 209 ح 22
5- الكافي ج 2 ص 210 ح 24

8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ أحدكم ليكثر به الخوف من السلطان و ما ذلك إلاّ بالذنوب فتوقّوها ما استطعتم و لا تمادوا فيها. (1)

بيان:

«لا تمادوا» في المصباح (مدى) : تمادى فلان في غيّه: إذا لجّ و دام على فعله.

9-قال الرضا عليه السّلام: كلّما أحدث العباد من الذنوب ما لم يكونوا يعملون، أحدث اللّه لهم من البلاء ما لم يكونوا يعرفون. (2)

10-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: وجدنا في كتاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا ظهر الزنا من بعدي كثر موت الفجأة، و إذا طفّف المكيال و الميزان أخذهم اللّه بالسنين و النقص، و إذا منعوا الزكاة منعت الأرض بركتها من الزرع و الثمار و المعادن كلّها، و إذا جاروا في الأحكام تعاونوا على الظلم و العدوان، و إذا نقضوا العهد سلّط اللّه عليهم عدوّهم.

و إذا قطعوا الأرحام جعلت الأموال في أيدي الأشرار، و إذا لم يأمروا بالمعروف و لم ينهوا عن المنكر و لم يتّبعوا الأخيار من أهل بيتي سلّط اللّه عليهم شرارهم فيدعو خيارهم فلا يستجاب لهم. (3)

11-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ إذا كان من أمره أن يكرم عبدا و له ذنب ابتلاه بالسقم، فإن لم يفعل ذلك له ابتلاه بالحاجة، فإن لم يفعل به ذلك شدّد عليه الموت ليكافيه بذلك الذنب.

قال: و إذا كان من أمره أن يهين عبدا و له عنده حسنة صحّح بدنه، فإن لم يفعل به ذلك وسّع عليه في رزقه، فإن هو لم يفعل ذلك به هوّن عليه الموت

ص:437


1- -الكافي ج 2 ص 211 ح 27
2- الكافي ج 2 ص 211 ح 29
3- الكافي ج 2 ص 277 باب عقوبات المعاصي ح 2

ليكافيه بتلك الحسنة. (1)

12-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الذنوب التي تغيّر النعم البغي، و الذنوب التي تورث الندم القتل، و التي تنزل النقم الظلم، و التي تهتك الستر شرب الخمر، و التي تحبس الرزق الزنى، و التي تعجّل الفناء قطيعة الرحم، و التي تردّ الدعاء و تظلم الهواء عقوق الوالدين. (2)

13-عن إسحاق بن عمّار قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: كان أبي عليه السّلام يقول: نعوذ باللّه من الذنوب التي تعجّل الفناء و تقرّب الآجال و تخلي الديار و هي قطيعة الرحم و العقوق و ترك البرّ. (3)

14-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا فشا أربعة ظهرت أربعة: إذا فشا الزنى ظهرت الزلزلة، و إذا فشا الجور في الحكم احتبس القطر، و إذا خفرت الذمّة اديل لأهل الشرك من أهل الإسلام، و إذا منعت الزكاة ظهرت الحاجة. (4)

بيان:

في المرآة، الخفر و الإخفار: الغدر و نقض العهد. «الإدالة» : الغلبة.

15-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ للقلب اذنين فإذا همّ العبد بذنب، قال له روح الإيمان: لا تفعل، و قال له الشيطان: افعل، و إذا كان على بطنها نزع منه روح الإيمان. (5)

16-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و أيم اللّه ما كان قوم قطّ في غضّ نعمة من عيش فزال عنهم إلاّ بذنوب اجترحوها، لأنّ اللّه ليس بظلاّم للعبيد، و لو أنّ

ص:438


1- -الكافي ج 2 ص 322 باب تعجيل عقوبة الذنب ح 1-و بهذا المعنى ح 3 و 4 و 5 و 10
2- الكافي ج 2 ص 324 باب تفسير الذنوب ح 1
3- الكافي ج 2 ص 324 ح 2
4- الكافي ج 2 ص 325 ح 3
5- الكافي ج 2 ص 205 باب أنّ للقلب اذنين ح 2

الناس-حين تنزل بهم النقم و تزول عنهم النعم-فزعوا إلى ربّهم بصدق من نيّاتهم و وله من قلوبهم لردّ عليهم كلّ شارد، و أصلح لهم كلّ فاسد. (1)

17-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: في كتاب عليّ عليه السّلام: ثلاث خصال لا يموت صاحبهنّ أبدا حتّى يرى و بالهنّ: البغي و قطيعة الرحم و اليمين الكاذبة يبارز اللّه بها، و إنّ أعجل الطاعة ثوابا لصلة الرحم، و إنّ القوم ليكونون فجّارا فيتواصلون فتنمى أموالهم، و يبرّون فتزداد أعمارهم، و إنّ اليمين الكاذبة و قطيعة الرحم لتذران الديار بلاقع من أهلها و يثقّلان الرحم، و إنّ تثقّل الرحم انقطاع النسل. (2)

بيان:

البلقع و البلقعة: ج بلاقع، الأرض القفر التي لا شيء فيها، و المراد أنّ ديارهم تخلو منهم إمّا بموتهم و انقراضهم أو بجلائهم عنها و تفرّقهم أيدي سبا (أي تفرّقوا تفرّقا لا اجتماع بعده) . (المرآة ج 10 ص 367 باب قطيعة الرحم)

18-قال أبو جعفر عليه السّلام: أربعة أسرع شيء عقوبة: رجل أحسنت إليه و يكافيك بالإحسان إليه إساءة، و رجل لا تبغي عليه و هو يبغي عليك، و رجل عاهدته على أمر، فمن أمرك الوفاء له و من أمره الغدر بك، و رجل يصل قرابته و يقطعونه. (3)

19-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا أراد اللّه بعبد سوء أمسك عليه ذنوبه، حتّى يوافى بها يوم القيامة، و إذا أراد بعبد خيرا، عجّل عقوبته في الدنيا. (4)

ص:439


1- -نهج البلاغة ص 579 في خ 177
2- الخصال ج 1 ص 124 باب الثلاثة ح 119
3- الخصال ج 1 ص 230 باب الأربعة ح 71-و بمضمونه ح 72 عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام
4- المستدرك ج 11 ص 334 ب 40 من جهاد النفس ح 32

20-عن سدير قال: سأل رجل أبا جعفر عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ:

فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا وَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ (1)فقال: هؤلاء قوم كانت لهم قرى متّصلة ينظر بعضهم إلى بعض، و أنهار جارية، و أموال ظاهرة، فكفروا بأنعم اللّه و غيّروا ما بأنفسهم فأرسل اللّه عليهم سيل العرم، فغرّق قراهم، و أخرب ديارهم، و ذهب بأموالهم، و أبدلهم مكان جنّاتهم جنّتين ذواتي اكل خمط و أثل و شيء من سدر قليل. ثمّ قال اللّه عزّ و جلّ: ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَ هَلْ نُجازِي إِلاَّ اَلْكَفُورَ. (2)(3)

أقول:

الأخبار كثيرة في عذاب الأقوام السالفة لكثرة ذنوبهم، راجع البحار و غيره.

بيان: «سيل العرم» : أي سيل الأمر العرم، أي الصعب، من عرم الرجل: إذا شرس خلقه و صعب، أو المطر الشديد، أو الجرذ و في تفسير القميّ رحمه اللّه: أي العظيم الشديد.

«الخمط» قيل: الأراك، و قيل: كلّ شجر لا شوك له، و قيل: بشع أي كريه الطعم يأخذ بالحلق.

21-عن المفضل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ اللّه تعالى لم يجعل للمؤمن أجلا في الموت يبقيه ما أحبّ البقاء، فإذا علم أنّه سيأتي بما فيه بوار دينه قبضه إليه مكرها.

. . . عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من يموت بالذنوب أكثر ممّن يموت بالآجال، و من يعيش بالإحسان أكثر ممّن يعيش بالأعمار. (4)

22-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : توقّوا الذنوب، فما من بليّة

ص:440


1- -سبأ:19
2- سبأ:17
3- البحار ج 14 ص 144 باب قصّة قوم سبأ ح 3
4- البحار ج 73 ص 363 باب الذنوب ح 95

و لا نقص رزق إلاّ بذنب حتّى الخدش و الكبوة و المصيبة، قال اللّه عزّ و جلّ:

وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ . . . فما زالت نعمة و لا نضارة عيش إلاّ بذنوب اجترحوا، إنّ اللّه ليس بظلاّم للعبيد، و لو أنّهم استقبلوا ذلك بالدعاء و الإنابة، لم تنزل، و لو أنّهم إذا نزلت بهم النقم و زالت عنهم النعم فزعوا إلى اللّه عزّ و جلّ بصدق من نيّاتهم و لم يهنوا و لم يسرفوا لأصلح اللّه لهم كلّ فاسد و لردّ عليهم كلّ صالح.

و قال عليه السّلام: ما من الشيعة عبد يقارف أمرا نهيناه عنه فيموت حتّى يبتلي ببليّة تمحّص بها ذنوبه، إمّا في مال و إمّا في ولد و إمّا في نفسه حتّى يلقى اللّه عزّ و جلّ و ما له ذنب، و إنّه ليبقى عليه الشيء من ذنوبه فيشدّد به عليه عند موته.

و قال عليه السّلام: لا تستصغروا قليل الآثام، فإنّ الصغير يحصى و يرجع إلى الكبير.

و قال عليه السّلام: احذروا الذنوب فإنّ العبد ليذنب فيحبس عنه الرزق. (1)

23-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ثلاثة من الذنوب تعجّل عقوبتها و لا تؤخّر إلى الآخرة: عقوق الوالدين، و البغي على الناس، و كفر الإحسان. (2)

24-قال الرضا عليه السّلام: إذا كذب الولاة حبس المطر، و إذا جار السلطان هانت الدولة، و إذا حبست الزكاة ماتت المواشي. (3)

بيان:

«هانت» : أي ضعفت و ذلّت.

25-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: اتّقوا الذنوب فإنّها ممحقة للخيرات، إنّ العبد ليذنب الذنب فينسى به العلم الذي كان قد علمه، و إنّ العبد ليذنب الذنب فيمنع به

ص:441


1- -البحار ج 73 ص 350 ح 47
2- البحار ج 73 ص 373 باب علل المصائب ح 7
3- البحار ج 73 ص 373 ح 8

من قيام الليل، و إنّ العبد ليذنب الذنب فيحرم به الرزق، و قد كان هنيئا له، ثمّ تلا: إِنّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ اَلْجَنَّةِ الآيات (1). (2)

26-عن أبي خالد الكابلي قال: سمعت عليّ بن الحسين عليهما السّلام يقول:

الذنوب التي تغيّر النعم البغي على الناس، و الزوال عن العادة في الخير و اصطناع المعروف، و كفران النعم، و ترك الشكر، قال اللّه عزّ و جلّ: إِنَّ اَللّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ.

و الذنوب التي تورث الندم قتل النفس التي حرّم اللّه، قال اللّه تعالى:

[ وَ لا تَقْتُلُوا اَلنَّفْسَ اَلَّتِي حَرَّمَ اَللّهُ (3)و قال عزّ و جلّ]في قصّة قابيل حين قتل أخاه هابيل فعجز عن دفنه: فَأَصْبَحَ مِنَ اَلنّادِمِينَ (4)و ترك صلة القرابة حتّى يستغنوا، و ترك الصلاة حتّى يخرج وقتها، و ترك الوصيّة، و ردّ المظالم، و منع الزكاة حتّى يحضر الموت، و ينغلق اللسان.

و الذنوب التي تنزل النقم عصيان العارف بالبغي، و التطاول على الناس و الاستهزاء بهم، و السخريّة منهم.

و الذنوب التي تدفع القسم إظهار الافتقار، و النوم عن العتمة، و عن صلاة الغداة، و استحقار النعم، و شكوى المعبود عزّ و جلّ.

و الذنوب التي تهتك العصم شرب الخمر، و اللعب بالقمار، و تعاطي ما يضحك الناس من اللغو و المزاح، و ذكر عيوب الناس، و مجالسة أهل الريب.

و الذنوب التي تنزل البلاء ترك إغاثة الملهوف، و ترك معاونة المظلوم، و تضييع الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.

ص:442


1- -القلم:17 إلى 19
2- البحار ج 73 ص 377 ح 14
3- الأنعام:151
4- المائدة:34

و الذنوب التي تديل الأعداء المجاهرة بالظلم، و إعلان الفجور، و إباحة المحظور، و عصيان الأخيار، و الانطياع للأشرار.

و الذنوب التي تعجّل الفناء قطيعة الرحم و اليمين الفاجرة، و الأقوال الكاذبة، و الزنا، و سدّ طريق المسلمين، و إدّعاء الإمامة بغير حقّ.

و الذنوب التي تقطع الرجاء اليأس من روح اللّه، و القنوط من رحمة اللّه، و الثقة بغير اللّه، و التكذيب بوعد اللّه عزّ و جلّ.

و الذنوب التي تظلم الهواء السحر، و الكهانة، و الإيمان بالنجوم، و التكذيب بالقدر، و عقوق الوالدين.

و الذنوب التي تكشف الغطاء الاستدانة بغير نيّة الأداء و الإسراف في النفقة على الباطل، و البخل على الأهل و الولد و ذوي الأرحام، و سوء الخلق، و قلّة الصبر، و استعمال الضجر و الكسل، و الاستهانة بأهل الدين.

و الذنوب التي تردّ الدعاء سوء النيّة، و خبث السريرة، و النفاق مع الإخوان، و ترك التصديق بالإجابة، و تأخير الصلوات المفروضات حتّى تذهب أوقاتها، و ترك التقرّب إلى اللّه عزّ و جلّ بالبرّ و الصدقة، و استعمال البذاء و الفحش في القول.

و الذنوب التي تحبس غيث السماء جور الحكّام في القضاء، و شهادة الزور، و كتمان الشهادة، و منع الزكاة و القرض و الماعون، و قساوة القلب على أهل الفقر و الفاقة و ظلم اليتيم و الأرملة، و انتهار السائل و ردّه بالليل. (1)

بيان:

«ينغلق» : يسدّ. «التطاول على الناس» : التكبّر. و الترفعّ (گردن كشى كردن) .

«العتمة» : أي صلوة العشاء أو وقتها. «المحظور» : الممنوع و هو خلاف الإباحة.

ص:443


1- -البحار ج 73 ص 375 ح 12( معاني الأخبار ص 256 باب معنى الذنوب ح 2)

«الانطياع» : الانقياد.

في مجمع البحرين، «الماعون» : اسم جامع لمنافع البيت كالقدر و الدلو و الملح و الماء و نحو ذلك ممّا جرت العادة بعاريته. «انتهار السائل» : نهر و انتهر السائل: زجره.

27-في توحيد المفضّل قال الصادق عليه السّلام: فإن قال قائل: فلم صارت هذه الأرض تزلزل؟ قيل له: إنّ الزلزلة و ما أشبهها موعظة و ترهيب يرهّب بها الناس ليرعوا و ينزعوا عن المعاصي. (1)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة، قد مرّ بعضها في باب الإيمان ف 4.

و هذه العقوبات المذكورة إنّما تكون لأهل الولاء و الإيمان، لا الكفّار و المشركين و المستدرجين و المنافقين، و ذلك قوله تعالى: فَلَمّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ (2)و قوله تعالى: ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَ يَتَمَتَّعُوا وَ يُلْهِهِمُ اَلْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ. (3)

ص:444


1- -البحار ج 60 ص 130 ب 32 ح 27
2- الأنعام:44
3- الحجر:3
الفصل الثالث: الكبائر و الصغائر
الآيات

1- إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ نُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً. (1)

2- اَلَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ اَلْإِثْمِ وَ اَلْفَواحِشَ إِلاَّ اَللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ اَلْمَغْفِرَةِ. . . (2)

الأخبار

1-عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ. . . قال: الكبائر، التي أوجب اللّه عزّ و جلّ عليها النار. (3)

بيان:

«الكبائر» : للعلماء في تفسيرها اختلاف شديد، فقال قوم: هي كلّ ذنب أوعد اللّه عليه النار في القرآن، و لعلّه المعروف بين أصحابنا و يدلّ عليه أخبار كثيرة.

ص:445


1- -النساء:31
2- النجم:32
3- الكافي ج 2 ص 211 باب الكبائر ح 1

و قال بعضهم: هي كلّ ذنب رتّب عليه الشارع حدّا أو صرّح فيه بالوعيد.

و قال طائفة منهم: هي كلّ معصية توعّد عليه توعّدا شديدا في الكتاب أو السنّة و غير ذلك من الأقوال.

و في مجمع البيان ج 3 ص 38: . . . قيل: كلّ ما نهى اللّه عنه فهو كبيرة عن ابن عباس، و إلى هذا ذهب أصحابنا، فإنّهم قالوا: المعاصي كلّها كبيرة من حيث كانت قبائح لكنّ بعضها أكبر من بعض و ليس في الذنوب صغيرة و إنّما يكون صغيرا بالإضافة إلى ما هو أكبر منه، و يستحقّ العقاب عليه أكثر. . .

أقول: الحقّ هو ما نطق به الأخبار، و هو القول الأوّل، و أمّا قول الطبرسي رحمه اللّه بأنّ الذنوب كلّها كبيرة، غرضه المنع من تحقير الذنوب و الاستهانة بها، لا إنكار انقسامها بالصغيرة و الكبيرة.

و أمّا اختلاف الأخبار في تعداد الكبائر ليس بقادح حيث ذكر بعضها في رواية و ذكر بعضها في الاخرى، و أمّا ما في بعضها؛ من أنّ الكبائر سبع، لعلّ المراد منه أنّ هذه السبعة من أكبر الكبائر، كما صرّح به في بعض الأخبار.

فالقاعدة الكلّيّة في الكبائر هي كلّ ما أوعد اللّه تعالى عليه النار، و لا يجب أن يصرّح في الخبر بأنّ هذه المعصية مثلا كبيرة، بل إذا توعّد بالنار على ذنب نفهم أنّ تلك المعصية كبيرة.

2-عن ابن محبوب قال: كتب معي بعض أصحابنا إلى أبي الحسن عليه السّلام يسأله عن الكبائر، كم هي و ما هي؟ فكتب عليه السّلام: الكبائر: من اجتنب ما وعد اللّه عليه النار كفّر عنه سيّئاته إذا كان مؤمنا، و السبع الموجبات: قتل النفس الحرام، و عقوق الوالدين، و أكل الربا، و التعرّب بعد الهجرة، و قذف المحصنات، و أكل مال اليتيم، و الفرار من الزحف. (1)

ص:446


1- -الكافي ج 2 ص 211 ح 2

بيان:

«السبع الموجبات» : أي الموجبات للنار. «التعرّب بعد الهجرة» في النهاية: هو أن يعود إلى البادية و يقيم مع الأعراب بعد أن كان مهاجرا. . .

و في الوافي: و لا يبعد تعميمه لكلّ من تعلّم آداب الشرع و سننه ثمّ تركها و أعرض عنها و لم يعمل بها.

و في معاني الأخبار عن الصادق عليه السّلام: المتعرّب بعد الهجرة، التارك لهذا الأمر بعد معرفته.

3-عن عبد اللّه بن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ من الكبائر عقوق الوالدين، و اليأس من روح اللّه، و الأمن لمكر اللّه. و قد روي أنّ أكبر الكبائر الشرك باللّه. (1)

4-عن محمّد بن حكيم قال: قلت لأبي الحسن عليه السّلام: الكبائر تخرج من الإيمان؟ فقال: نعم و ما دون الكبائر. قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا يزني الزاني و هو مؤمن و لا يسرق السارق و هو مؤمن. (2)

أقول:

الأخبار كثيرة في أنّ الكبائر مخرجة روح الإيمان من العبد خصوصا الزنا. منها؛ خبر محمّد بن عبده قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: لا يزني الزاني و هو مؤمن؟ قال: لا، إذا كان على بطنها سلب الإيمان، فإذا قام ردّ إليه فإذا عاد سلب، قلت: فإنّه يريد أن يعود؟ فقال: ما أكثر من يريد أن يعود فلا يعود إليه أبدا.

(الكافي ج 2 ص 212 باب الكبائر ح 6)

5-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: اتّقوا المحقّرات من الذنوب فإنّها لا تغفر، قلت:

ص:447


1- -الكافي ج 2 ص 212 ح 4
2- الكافي ج 2 ص 216 ح 21

و ما المحقّرات؟ قال: الرجل يذنب الذنب فيقول: طوبى لي لو لم يكن لي غير ذلك. (1)

6-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا صغيرة مع الإصرار و لا كبيرة مع الاستغفار. (2)

7-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: وَ مَنْ يُؤْتَ اَلْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً قال: معرفة الإمام، و اجتناب الكبائر التي أوجب اللّه عليها النار. (3)

8-عن عبّاد بن كثير قال: سألت أبا جعفر عليه السّلام عن الكبائر؟ فقال: كلّ ما أوعد اللّه عليه النار. (4)

9-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الكذب على اللّه و على رسوله و على الأوصياء عليهم السّلام من الكبائر. (5)

10-في ما كتبه الرضا عليه السّلام للمأمون (في ذيله) : و اجتناب الكبائر و هي قتل النفس التي حرّم اللّه تعالى، و الزنا، و السرقة، و شرب الخمر، و عقوق الوالدين، و الفرار من الزحف، و أكل مال اليتيم ظلما، و أكل الميتة و الدم و لحم الخنزير و ما أهلّ لغير اللّه به من غير ضرورة، و أكل الربا بعد البيّنة، و السحت و الميسر [و هو]القمار، و البخس في المكيال و الميزان.

و قذف المحصنات، و اللواط و شهادة الزور و اليأس من روح اللّه و الأمن من مكر اللّه و القنوط من رحمة اللّه و معونة الظالمين، و الركون إليهم، و اليمين

ص:448


1- -الكافي ج 2 ص 218 باب استصغار الذنوب ح 1
2- الكافي ج 2 ص 219 باب الإصرار على الذنب ح 1
3- الوسائل ج 15 ص 315 ب 45 من جهاد النفس ح 1
4- الوسائل ج 15 ص 327 ب 46 ح 24
5- الوسائل ج 15 ص 327 ح 25

الغموس، و حبس الحقوق من غير العسرة، و الكذب و الكبر و الإسراف و التبذير و الخيانة، و الاستخفاف بالحجّ و المحاربة لأولياء اللّه تعالى، و الاشتغال بالملاهي و الإصرار على الذنوب. (1)

بيان:

في مجمع البحرين، اليمين الغموس: هي اليمين الكاذبة الفاجرة التي يقطع بها الحالف ما لغيره مع علمه أنّ الأمر بخلافه، و ليس فيها كفّارة لشدّة الذنب فيها، سمّيت بذلك لأنّها تغمس صاحبها في الإثم ثمّ في النار، فهي فعول للمبالغة و فيه «اليمين الغموس هي التي عقوبتها دخول النار» و هي أن يحلف لرجل على مال امرء مسلم أو على حقّه ظلما.

أقول: الأخبار في تعداد الكبائر كثيرة، و قال العلاّمة المجلسيّ رحمه اللّه في المرآة ج 10 ص 64: قد أحصى والدي رحمه اللّه في بعض مؤلّفاته ما يستنبط من الأخبار المختلفة أنّها من الكبائر؛ فمنها: الشرك، و اليأس من روح اللّه، و الأمن من مكر اللّه، و قتل النفس، و عقوق الوالدين، و القذف، و أكل مال اليتيم بغير حقّ، و الفرار من الزحف، و الربا، و السحر، و الكهانة، و الزنا، و اللواط، و السرقة لا سيّما من الغنيمة، و الحلف كاذبا، و ترك الفرائض: الصلاة، و الزكاة، و صوم شهر رمضان، و تأخير الحجّ عن سنة الاستطاعة بغير عذر، و شهادة الزور، و كتمان الشهادة، و شرب الخمر بل كلّ مسكر، و نكث الصفقة، و نقض العهد مع اللّه و مع الخلق، و قطع الرحم، و التعرّب بعد الهجرة، و الكذب على اللّه و على رسوله و على الأئمّة عليهم السّلام، و الغيبة و البهتان.

و قيل: ترك جميع السنن و منع الزيادة من الماء السابلة مع حاجتهم و عدم حاجته، و عدم الاحتراز عن البول، و التسبّب إلى سبّ الوالدين، و الإضرار في الوصيّة،

ص:449


1- -العيون ج 2 ص 125 ب 35 ح 1

و سخط قضاء اللّه و الاعتراض على قدره على قول فيهما، و التكبّر و الحسد و عداوة المؤمنين، و الإلحاد في الحرم و في المدينة، و النمّ، و قطع عضو مؤمن بغير حقّ، و أكل الميتة و ساير النجاسات، و القيادة.

و الإصرار على الصغيرة، و الأمر بالمنكر و النهي عن المعروف، على احتمال و كذا الكذب، و خلف الوعد و الخيانة، و لعن المؤمنين و سبّهم و إيذائهم بغير سبب، و ضرب الخادم زائدا على ما يستحقّه و مانع الماء المباح عن مستحقّه، و سادّ الطريق المسلوك، و تضييع العيال و التعصّب، و الظلم و الغدر، و كونه ذا السانين، و تحقير المؤمنين و تجسّس عيوبهم و تعييرهم و الافتراء عليهم و سبّهم و سوء الظنّ بهم و تخويفهم، و بخس المكيال و الميزان، و ترك الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و الجلوس في مجالس الفسّاق لا سيّما شرب الخمر بغير ضرورة، و البدعة في الدين، و الجلوس مع أهلها، و تحقير السيّئة و القمار و أكل الحرام.

ص:450

حرف الراء

65- الرئاسة

اشارة

قال اللّه تعالى: تِلْكَ اَلدّارُ اَلْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي اَلْأَرْضِ وَ لا فَساداً وَ اَلْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ. (1)

الأخبار

1-عن معمّر بن خلاّد عن أبي الحسن عليه السّلام أنّه ذكر رجلا فقال: إنّه يحبّ الرئاسة، فقال: ما ذئبان ضاريان في غنم قد تفرّق رعاؤها بأضرّ في دين المسلم من الرئاسة. (2)

بيان:

«الضاري» : السبع الذي اعتاد بالصيد و إهلاكه. «الرعاء» بالكسر: جمع راع، و بالضمّ: اسم جمع.

في المرآة ج 10 ص 118، «الرئاسة» : الشرف و العلوّ على الناس، رأس الرجل يرأس رئاسة: شرف و علا قدره، فهو رئيس. . . و فيه تحذير عن طلب الرئاسة، و للرئاسة أنواع شتّى، منها ممدوحة و منها مذمومة. فالممدوحة منها الرئاسة التي

ص:451


1- -القصص:83
2- الكافي ج 2 ص 225 باب طلب الرئاسة ح 1

أعطاها اللّه تعالى خواصّ خلقه من الأنبياء و الأوصياء عليهم السّلام، لهداية الخلق و إرشادهم، و رفع الفساد عنهم، و لمّا كانوا معصومين مؤيّدين بالعنايات الربّانيّة فهم مأمونون من أن يكون غرضهم من ذلك تحصيل الأغراض الدنيّة و الأغراض الدنيويّة. . . و أمّا سائر الخلق فلهم رياسات حقّة و رياسات باطلة و هي مشتبهة بحسب نيّاتهم و اختلاف حالاتهم، فمنها: القضاء و الحكم بين الناس، و هذا أمر خطير و للشيطان فيه تسويلات، و لذا وقع التحذير عنه في كثير من الأخبار.

. . . و لو كان غرضه كسب المال الحرام و جلب قلوب الخواصّ و العوامّ و أمثال ذلك فهي الرئاسة الباطلة التي حذّر عنها، و أشدّ منها من ادّعى ما ليس له بحقّ كالإمامة و الخلافة و معارضة أئمّة الحقّ فإنّه على حدّ الشرك باللّه، و قريب منه ما فعله الكذّابون المتصنّعون الذين كانوا في أعصار الأئمّة عليهم السّلام و كانوا يصدّون الناس عن الرجوع إليهم كالحسن البصري و سفيان الثوري و أضرابهم. . .

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من طلب الرئاسة هلك. (1)

أقول:

ح 7 عنه عليه السّلام: من أراد الرئاسة هلك.

3-عن عبد اللّه بن مسكان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إيّاكم و هؤلاء الرؤساء الذين يترأّسون، فو اللّه ما خفقت النعال خلف رجل إلاّ هلك و أهلك. (2)

بيان:

«خفقت النعال» الخفق: صوت النعل، و المراد المشي خلف الرجل و اتّباعه في أفعاله.

ص:452


1- -الكافي ج 2 ص 225 ح 2
2- الكافي ج 2 ص 225 ح 3

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ملعون من ترأّس، ملعون من همّ بها، ملعون من حدّث بها نفسه. (1)

بيان:

«ترأّس» : أي طلب الرئاسة، و في المرآة: أي ادّعى الرئاسة بغير حقّ، فإنّ التفعّل غالبا يكون للتكلّف.

5-عن أبي حمزة الثمالي قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: إيّاك و الرئاسة، و إيّاك أن تطأ أعقاب الرجال، قال: قلت: جعلت فداك أمّا الرئاسة فقد عرفتها، و أمّا أن أطأ أعقاب الرجال فما ثلثا ما في يدي إلاّ ممّا وطئت أعقاب الرجال، فقال لي: ليس حيث تذهب، إيّاك أن تنصب رجلا دون الحجّة، فتصدّقه في كلّ ما قال. (2)

6-عن أبي الربيع الشامي عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال لي: ويحك يا أبا الربيع، لا تطلبنّ الرئاسة، و لا تكن ذئبا، و لا تأكل بنا الناس فيفقرك اللّه، و لا تقل فينا ما لا نقول في أنفسنا، فإنّك موقوف و مسؤول لا محالة، فإن كنت صادقا صدّقناك و إن كنت كاذبا كذّبناك. (3)

بيان:

«ذئبا» : يكون تأكيدا للفقرة السابقة، فإنّ رؤساء الباطل ذئاب يفترسون الناس و يهلكونهم من حيث لا يعلمون و في بعض النسخ: "ذنبا"أي لا تكن تابعا للجهّال و المترأّسين و علماء السوء. و في النهاية، الأذناب: الأتباع.

«لا تأكل بنا» : أي لا تجعل انتسابك إلينا وسيلة لأخذ الأموال و كسب الدنيا.

7-عن محمّد بن مسلم قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: أ ترى لا أعرف

ص:453


1- -الكافي ج 2 ص 225 ح 4
2- الكافي ج 2 ص 225 ح 5
3- الكافي ج 2 ص 226 ح 6

خياركم من شراركم؟ ! بلى و اللّه و إنّ شراركم من أحبّ أن يوطّأ عقبه، إنّه لا بدّ من كذّاب أو عاجز الرأي. (1)

بيان:

«لا بدّ من كذّاب. . .» قيل: إنّ من أحبّ أن يوطأ عقبه لا بدّ أن يكون كذّابا أو عاجز الرأي، لأنّه لا يعلم جميع ما يسأل عنه، فإن أجاب أن كلّ ما يسأل فلا بدّ من الكذب، و إن لم يجب عمّا لا يعلم فهو عاجز الرأي.

أقول: لعلّ المراد أنّه لا بدّ في الأرض من كذّاب يطلب الرياسة بحيث يتوصّل إلى نيلها بكلّ ممكن، أو أنّ الباعث على طلبه الرياسة ضعف عقله، فكلّ من كمل عقله كان متوحّشا من الرياسة.

8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في حديث: ما لكم و للرئاسات؟ إنّما المسلمون رأس واحد، إيّاكم و الرجال، فإنّ الرجال للرجال مهلكة. (2)

9-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لا يؤمّر أحد على عشرة فما فوقهم إلاّ جيء به يوم القيامة مغلولة يداه، فإن كان محسنا [فكّ عنه]، و إن كان مسيئا يزيد غلاّ على غلّه. (3)

10-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (في حديث المناهي) قال: ألا و من تولّى عرافة قوم أتى يوم القيامة و يداه مغلولتان إلى عنقه، فإن قام فيهم بأمر اللّه أطلقه اللّه و إن كان ظالما هوي به في نار جهنّم و بئس المصير. (4)

بيان:

عرف على قوم عرافة: دبّر أمرهم و قام بسياستهم، و عرف عرافة: صار عريفا

ص:454


1- -الكافي ج 2 ص 226 ح 8
2- الوسائل ج 15 ص 352 ب 50 من جهاد النفس ح 12
3- الوسائل ج 15 ص 353 ح 13
4- الوسائل ج 15 ص 353 ح 14

«هوي به. . .» : أي ألقي به في النار.

11-قال الصادق عليه السّلام: من دعا إلى نفسه و فيهم من هو أعلم منه، فهو ضالّ متكلّف. (1)

12-و عنه عليه السّلام قال: إنّ شراركم المترأّسون الذين يجمعون الناس إليهم و يحبّون أن توطأ أعناقكم و يشهرون أنفسهم و يشتهرون أو نتّخذهم ولائج، لا بدّ من كذّاب أو عاجز الرأي. (2)

بيان:

«ولائج» وليجة الرجل: بطانته و خاصّته و من يتّخذه معتمدا عليه.

13-عن حفص بن غياث عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (في حديث طويل) قال:

يا حفص، كن ذنبا و لا تكن رأسا. (3)

بيان:

في مجمع البحرين (ذنب) بعد ذكر الحديث: كنّى بالرأس عن العلوّ و الرفعة و بالذنب عن التأخّر عن ذلك، و المعنى أنّ المتقدّم محلّ الخطر و الهلاك كالرأس الذي يخشى عليه القطع، بخلاف المتأخّر فإنّه كالذنب.

14-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من طلب العلم ليباهي به العلماء، أو يماري به السفهاء، أو يصرف به وجوه الناس إلى نفسه، و يقول: أنا رئيسكم، فليتوّء مقعده من النار، إنّ الرئاسة لا تصلح إلاّ لأهلها. (4)

15-في مواعظ الصادق عليه السّلام: من طلب ثلاثة بغير حقّ حرم ثلاثة بحقّ:

من طلب الدنيا بغير حقّ حرم الآخرة بحقّ، و من طلب الرئاسة بغير حقّ حرم

ص:455


1- -مشكوة الأنوار ص 333 ب 10
2- مشكوة الأنوار ص 334
3- المستدرك ج 11 ص 382 ب 50 من جهاد النفس ح 5
4- المستدرك ج 11 ص 382 ح 7

الطاعة له بحقّ، و من طلب المال بغير حقّ حرم بقاؤه له بحقّ. (1)

16-قال الرضا عليه السّلام: من طلب الرئاسة لنفسه هلك، فإنّ الرئاسة لا تصلح إلاّ لأهلها. (2)

17-قال عليّ عليه السّلام: حبّ الرياسة شاغل عن حبّ اللّه سبحانه. (3)

أقول:

و في شرح نهج البلاغة أيضا (ج 2 ص 181) ؛ من كلام بعض الصالحين: آخر ما يخرج من رؤوس الصدّيقين حبّ الرياسة.

18-عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال:

الرياسة عطب. (الغرر ج 1 ص 12 ف 1 ح 280)

آلة الرياسة سعة الصدر. (ص 44 ح 1303)

آفة العلماء حبّ الرياسة. (ص 305 ف 16 ح 16)

حبّ الرئاسة رأس المحن. (ص 380 ف 28 ح 5)

من أحبّ رفعة الدنيا و الآخرة فليمقت في الدنيا الرفعة.

(ج 2 ص 690 ف 77 ح 1207)

أقول:

قد مرّ في باب حبّ الدنيا عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أوّل ما عصى اللّه تبارك و تعالى به ستّ خصال: حبّ الدنيا و حبّ الرئاسة. . .

ص:456


1- -تحف العقول ص 237
2- البحار ج 73 ص 154 باب الرئاسة ح 12
3- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 20 ص 307

66- الرؤيا

الآيات

1- اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ كانُوا يَتَّقُونَ- لَهُمُ اَلْبُشْرى فِي اَلْحَياةِ اَلدُّنْيا وَ فِي اَلْآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اَللّهِ ذلِكَ هُوَ اَلْفَوْزُ اَلْعَظِيمُ. (1)

2- إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَ اَلشَّمْسَ وَ اَلْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ- قالَ يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ اَلشَّيْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ- وَ كَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَ يُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ اَلْأَحادِيثِ. . . (2)

3- . . . وَ كَذلِكَ مَكَّنّا لِيُوسُفَ فِي اَلْأَرْضِ وَ لِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ اَلْأَحادِيثِ. . . (3)

4- وَ دَخَلَ مَعَهُ اَلسِّجْنَ فَتَيانِ قالَ أَحَدُهُما إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً. الآيات. (4)

5- وَ قالَ اَلْمَلِكُ إِنِّي أَرى سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ. الآيات. (5)

ص:457


1- -يونس:63 و 64
2- يوسف:4 إلى 6
3- يوسف:21
4- يوسف:36 إلى 41
5- يوسف:43 إلى 49

6- وَ رَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى اَلْعَرْشِ وَ خَرُّوا لَهُ سُجَّداً وَ قالَ يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا. . . (1)

7- . . . وَ ما جَعَلْنَا اَلرُّؤْيَا اَلَّتِي أَرَيْناكَ إِلاّ فِتْنَةً لِلنّاسِ وَ اَلشَّجَرَةَ اَلْمَلْعُونَةَ فِي اَلْقُرْآنِ. . . (2)

8- فَلَمّا بَلَغَ مَعَهُ اَلسَّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي اَلْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ. . . (3)

9- لَقَدْ صَدَقَ اَللّهُ رَسُولَهُ اَلرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ اَلْمَسْجِدَ اَلْحَرامَ إِنْ شاءَ اَللّهُ. . . (4)

الأخبار

1-عن أبي الحسن عليه السّلام قال: إنّ الأحلام لم تكن فيما مضى في أوّل الخلق و إنّما حدثت، فقلت: و ما العلّة في ذلك؟ فقال: إنّ اللّه عزّ ذكره بعث رسولا إلى أهل زمانه فدعاهم إلى عبادة اللّه و طاعته، فقالوا: إن فعلنا ذلك فما لنا، فو اللّه ما أنت بأكثرنا مالا و لا بأعزّنا عشيرة، فقال: إن أطعتموني أدخلكم اللّه الجنّة و إن عصيتموني أدخلكم اللّه النار، فقالوا: و ما الجنّة و النار؟ فوصف لهم ذلك، فقالوا:

متى نصير إلى ذلك؟ فقال: إذا متّم، فقالوا: لقد رأينا أمواتنا صاروا عظاما و رفاتا، فازدادوا له تكذيبا و به استخفافا.

فأحدث اللّه عزّ و جلّ فيهم الأحلام، فأتوه فأخبروه بما رأوا و ما أنكروا من ذلك، فقال: إنّ اللّه عزّ و جلّ أراد أن يحتجّ عليكم بهذا، هكذا تكون أرواحكم إذا

ص:458


1- -يوسف:100
2- الإسراء:60
3- الصافّات:102
4- الفتح:27

متّم، و إن بليت أبدانكم تصير الأرواح إلى عقاب حتّى تبعث الأبدان. (1)

بيان:

«الحلم» ج أحلام: ما يراه النائم في نومه من الرؤيا. «الرفات» : كلّ ما دقّ و كسّر.

في البحار ج 61 ص 190، «ما انكروا من ذلك» : أي استغرابهم من ذلك، أو ما أصابوا من المنكر و العذاب في النوم، أو ما أنكروا أوّلا من عذاب البرزخ، و الأوّل أظهر.

2-عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: رأي المؤمن و رؤياه في آخر الزمان على سبعين جزءا من أجزاء النبوّة. (2)

أقول:

لما غيّب اللّه تعالى في آخر الزمان عن الناس حجّتهم، و آمنوا بسواد على بياض تفضّل عليهم و أعطاهم الرؤيا الصادقة ليظهر لهم الحقائق في منامهم.

3-عن معمر بن خلاّد عن الرضا عليه السّلام قال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان إذا أصبح قال لأصحابه: هل من مبشّرات؟ يعني به الرؤيا. (3)

أقول:

في البحار ج 61 ص 177: روت العامّة أيضا هذه الرواية، بإسنادهم عن أبي هريرة قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: لم يبق من النبوّة إلاّ المبشّرات، قالوا:

و ما المبشّرات؟ قال: الرؤيا الصالحة.

و في الغرر ج 1 ص 62 ف 1 ح 1642، عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: الرؤيا الصالحة احدى البشارتين.

4-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رجل لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: في قول

ص:459


1- -الكافي ج 8 ص 90 ح 57
2- الكافي ج 8 ص 90 ح 58
3- الكافي ج 8 ص 90 ح 59

اللّه عزّ و جلّ: لَهُمُ اَلْبُشْرى فِي اَلْحَياةِ اَلدُّنْيا قال: هي الرؤيا الحسنة يرى المؤمن فيبشّر بها في دنياه. (1)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر، روتها الخاصّة و العامّة، راجع البحار و الدرّ المنثور.

5-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الرؤيا على ثلاثة وجوه: بشارة من اللّه للمؤمن، و تحذير من الشيطان، و أضغاث أحلام. (2)

بيان:

«تحذير من الشيطان» : لعلّ المراد به الأحلام الهائلة المخوفة. و الظاهر أنّه تصحيف و الصحيح"تحزين"كما في البحار. «أضغاث أحلام» أي أحلام مختلطة ملتبسة التي لا يتبيّن حقائقها لاختلاطها.

6-عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: جعلت فداك، الرؤيا الصادقة و الكاذبة مخرجهما من موضع واحد؟ قال: صدقت، أمّا الكاذبة المختلفة فإنّ الرجل يراها في أوّل ليلة في سلطان المردة الفسقة، و إنّما هي شيء يخيّل إلى الرجل، و هي كاذبة مخالفة لا خير فيها، و أمّا الصادقة إذا رآها بعد الثلثين من الليل مع حلول الملائكة، و ذلك قبل السحر فهي صادقة، لا تخلف إن شاء اللّه، إلاّ أن يكون جنبا أو ينام على غير طهور، و لم يذكر اللّه عزّ و جلّ حقيقة ذكره، فإنّها تختلف و تبطيء على صاحبها. (3)

بيان:

«أمّا الكاذبة المختلفة. . .» : حيث يستولي على الإنسان عادة شهوات ما قد رآه في النهار في أوّل نومه، و كثرت في ذهنه الصور الخياليّة، فيرى في المنام ما يعايشه

ص:460


1- -الكافي ج 8 ص 90 ح 60
2- الكافي ج 8 ص 90 ح 61
3- الكافي ج 8 ص 91 ح 62

في النهار و اختلط بعضها ببعض، و أمّا وقت السحر فزال عنه ما اعتراه من الخيالات الشهوانيّة و الأمور الباطلة مع حلول الملائكة، فما يراه في هذه الحالة فهو من الإفاضات الرحمانيّة بتوسّط الملائكة الروحانيّة.

ثمّ ذكر عليه السّلام علّة تخلّف بعض الرؤيا مع كونها في السحر، فقال: إنّه إمّا بسبب جنابة أو حدث أو غفلة عن ذكر اللّه تعالى. (البحار ج 61 ص 194)

7-عن معمّر بن خلاّد قال: سمعت أبا الحسن عليه السّلام يقول: ربّما رأيت الرؤيا فاعبّرها، و الرؤيا على ما تعبّر. (1)

8-عن الحسن بن جهم قال: سمعت أبا الحسن عليه السّلام يقول: الرؤيا على ما تعبّر، فقلت له: إنّ بعض أصحابنا روى: أنّ رؤيا الملك كانت أصغاث أحلام، فقال أبو الحسن عليه السّلام: إنّ امرأة رأت على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّ جذع بيتها قد انكسر، فأتت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقصّت عليه الرؤيا، فقال لها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يقدم زوجك و يأتي و هو صالح، و قد كان زوجها غائبا، فقدم كما قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، ثمّ غاب عنها زوجها غيبة اخرى، فرأت في المنام كأنّ جذع بيتها قد انكسر، فأتت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فقصّت عليه الرؤيا، فقال لها: يقدم زوجك و يأتي صالحا فقدم على ما قال.

ثمّ غاب زوجها ثالثة، فرأت في منامها أن جذع بيتها قد انكسر، فلقيت رجلا أعسر، فقصّت عليه الرؤيا، فقال لها الرجل السوء: يموت زوجك، قال: فبلغ ذلك النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال: ألاّ كان عبّر لها خيرا. (2)

بيان:

«الجذع» : ساق النخلة، و المراد به الاسطوانة أو الخشبة التي توضع في سقف البيت.

ص:461


1- -الكافي ج 8 ص 335 ح 527
2- الكافي ج 8 ص 335 ح 528

«رجل أعسر» : المراد رجل شوم، كما في القاموس: يوم عسر و عسير و أعسر: أي شديد أو شوم، و يظهر من أخبار العامّة أنّ هذا الأعسر كان أبا بكر.

(البحار ج 61 ص 165)

9-عن جابر بن يزيد عن أبي جعفر عليه السّلام: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يقول:

إنّ رؤيا المؤمن ترفّ بين السماء و الأرض على رأس صاحبها حتّى يعبّرها لنفسه، أو يعبّرها له مثله، فإذا عبّرت لزمت الأرض، فلا تقصّوا رؤياكم إلاّ على من يعقل. (1)

بيان:

«ترفّ» في القاموس: رفّ الطائر أي بسط جناحيه كرفرف، و الرفرفة: تحريك الظليم (شتر مرغ) جناحيه حول الشيء يريد أن يقع عليه.

10-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الرؤيا لا تقصّ إلاّ على مؤمن خلا من الحسد و البغي. (2)

بيان:

في البحار ج 61 ص 174: إنّما اشترط عليه السّلام ذلك لئلاّ يتعمّد المعبّر تعبيرها بالسوء حسدا و بغيا، ثمّ ذكر رحمه اللّه أخبارا روتها العامّة في ذلك.

11-عن أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام أنّه قال له رجل من أهل خراسان: يا بن رسول اللّه، رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في المنام، كأنّه يقول لي: كيف أنتم إذا دفن في أرضكم بضعتي و استحفظتم وديعتي و غيّب في ثراكم نجمي! فقال له الرضا عليه السّلام: أنا المدفون في أرضكم و أنا بضعة نبيّكم، فأنا الوديعة و النجم، ألا و من زارني و هو يعرف ما أوجب اللّه تبارك و تعالى من حقّي و طاعتي فأنا

ص:462


1- -الكافي ج 8 ص 336 ح 529
2- الكافي ج 8 ص 336 ح 530

و آبائي شفعاؤه يوم القيامة، و من كنّا شفعاؤه نجى و لو كان عليه مثل وزر الثقلين؛ الجنّ و الإنس.

و لقد حدّثني أبي عن جدّي عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:

من زارني في منامه فقد زارني، لأنّ الشيطان لا يتمثّل في صورتي، و لا في صورة أحد من أوصيائي، و لا في صورة أحد من شيعتهم، و إنّ الرؤيا الصادقة جزء من سبعين جزء من النبوّة. (1)

أقول:

رواه في أماليه ص 64 م 15 ح 10، و فيه: «من رآني في منامه فقد رآني» .

و بهذا المعنى أخبار، روتها العامّة بأسانيد مختلفة عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، منها: «من رآني في المنام فكأنّما رآني في اليقظة و لا يتمثّل الشيطان بي» و منها: «من رآني في المنام فقد رآني، فإنّ الشيطان لا يتمثّل بي» إلى غير ذلك.

12-عن عليّ بن موسى عن أبيه عن جدّه عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال:

رؤيا الأنبياء وحي. (2)

13-عن أبي المغرا عن موسى بن جعفر عليه السّلام قال: سمعته يقول: من كانت له إلى اللّه حاجة، و أراد أن يرانا و أن يعرف موضعه من اللّه، فليغتسل ثلاث ليال يناجي بنا، فإنّه يرانا و يغفر له بنا و لا يخفى عليه موضعه، قلت: سيّدي، فإنّ رجلا رآك في منامه و هو يشرب النبيذ! قال: ليس النبيذ يفسد عليه دينه إنّما يفسد عليه تركنا و تخلّفه عنّا. . . (3)

14-قال الصادق عليه السّلام: إذا كان العبد على معصية اللّه عزّ و جلّ و أراد اللّه به خيرا أراه في منامه رؤيا تروعه فينزجر بها عن تلك المعصية، و إنّ الرؤيا

ص:463


1- -العيون ج 2 ص 260 ب 66 ح 11
2- أمالي الطوسي ج 1 ص 348
3- الاختصاص للمفيد رحمه اللّه ص 87

الصادقة جزءا من سبعين جزءا من النبوّة. (1)

15-سأل أبو بصير أبا عبد اللّه عليه السّلام: الرجل النائم هنا و المرأة النائمة يريان الرؤيا أنّهما بمكة أو مصر من الأمصار أ روحهما خارج (خارجة ف ن) من أبدانهما؟ قال: لا يا أبا بصير، فإنّ الروح إذا فارقت البدن لم تعد إليه غير أنّها بمنزلة عين الشمس مركوزة في السماء في كبدها و شعاعها في الدنيا. (2)

16-قال أبو الحسن عليه السّلام: إنّ المرء إذا خرج (خرجت ف ن) روحه فإنّ روح الحيوان باقية في البدن، فالذى يخرج منه روح العقل و كذلك هو في المنام أيضا. (3)

17-في كتاب التعبير عن الأئمّة عليهم السّلام: أنّ رؤيا المؤمن صحيحة، لأنّ نفسه طيّبة و يقينه صحيح و يخرج روحه فتتلقّى مع الملائكة فهي وحي من اللّه العزيز الجبّار.

و قال عليه السّلام: انقطع الوحي و بقي المبشّرات و هي نوم الصالحين و الصالحات. (4)

18-عن معاوية بن عمّار عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ العباد إذا ناموا خرجت أرواحهم إلى السماء، فما رأت الروح في السماء فهو الحقّ، و ما رأت في الهواء فهو الأضغاث. . . (5)

19-عن عليّ عليه السّلام قال: سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن الرجل ينام فيرى الرؤيا، فربما كانت حقّا و ربما كانت باطلا، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، ما من عبد ينام إلاّ عرج بروحه إلى ربّ العالمين، فما رأى عند ربّ العالمين فهو

ص:464


1- -الاختصاص، ص 234
2- جامع الأخبار ص 171 ف 136( في الروح) -(البحار ج 61 ص 43)
3- جامع الأخبار ص 171
4- جامع الأخبار ص 172
5- أمالي الصدوق ص 145 م 29 ح 16

حقّ، ثمّ إذا أمر اللّه العزيز الجبّار بردّ روحه إلى جسده فصارت الروح بين السماء و الأرض فما رأته فهو أضغاث أحلام. (1)

20-في مواعظ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لا يحزن أحدكم أن ترفع عنه الرؤيا، فإنّه إذا رسخ في العلم رفعت عنه الرؤيا. (2)

21-عن محمّد بن الرافعي قال: كان لي ابن عمّ يقال له: الحسن بن عبد اللّه، و كان زاهدا، و كان من أعبد أهل زمانه. . . و كان من قبل ذلك يرى الرؤيا الحسنة، و يرى له، ثمّ انقطعت عنه الرؤيا فرأى ليلة أبا عبد اللّه عليه السّلام فيما يرى النائم فشكى إليه انقطاع الرؤيا، فقال: لا تغتمّ فإنّ المؤمن إذا رسخ في الإيمان رفع عنه الرؤيا. (3)

22-عن سدير و محمّد بن النعمان و ابن أذينة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّهم حضروه فقال: يا عمر بن أذينة، ما ترى (تروى ف ك) هذه الناصبة في أذانهم و صلاتهم؟ فقلت: جعلت فداك إنّهم يقولون إنّ ابيّ بن كعب الأنصاري رآه في النوم. فقال عليه السّلام: كذبوا و اللّه إنّ دين اللّه تبارك و تعالى أعزّ من أن يرى في النوم. . . (4)

23-كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كثير الرؤيا، و لا يرى رؤيا إلاّ جاءت مثل فلق الصبح. (5)

24-قال أبو محمّد العسكري عليه السّلام: من أكثر المنام رأى الأحلام. (6)

ص:465


1- -أمالي الصدوق ص 146 ح 17
2- تحف العقول ص 42
3- البحار ج 48 ص 52 باب معجزاة موسى بن جعفر عليه السّلام ح 48
4- البحار ج 82 ص 237 باب علل الصلاة ح 1
5- البحار ج 61 ص 182 باب حقيقة الرؤيا ح 45
6- البحار ج 61 ص 190 ح 56

25-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: خياركم أولوا النهى، قيل: يا رسول اللّه، و من أولوا النهى؟ فقال: أولوا النهى أولوا الأحلام الصادقة. (1)

26-عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الرؤيا ثلاثة: بشرى من اللّه، و تحزين من الشيطان، و الذي يحدّث به الإنسان نفسه فيراه في منامه.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: الرؤيا من اللّه و الحلم من الشيطان. (2)

27-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ألا إنّه لم يبق من مبشّرات النبوّة إلاّ الرؤيا الصالحة، يراها المسلم أو ترى له. (3)

28-قال الصادق عليه السّلام: أسرعها تأويلا رؤيا القيلولة. (4)

أقول:

الأخبار في الرؤيا و تعبيرها و طريقة رؤية النبيّ و الأئمّة عليهم السّلام في المنام كثيرة، راجع البحار و دار السلام للنوريّ رحمه اللّه.

ص:466


1- -البحار ج 61 ص 190 ح 57
2- البحار ج 61 ص 191 ح 58
3- البحار ج 61 ص 192 ح 64
4- البحار ج 61 ص 195

67- الرياء و السمعة

الآيات

1- وَ اَلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ رِئاءَ اَلنّاسِ وَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ اَلْآخِرِ وَ مَنْ يَكُنِ اَلشَّيْطانُ لَهُ قَرِيناً فَساءَ قَرِيناً. (1)

2- إِنَّ اَلْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اَللّهَ وَ هُوَ خادِعُهُمْ وَ إِذا قامُوا إِلَى اَلصَّلاةِ قامُوا كُسالى يُراؤُنَ اَلنّاسَ وَ لا يَذْكُرُونَ اَللّهَ إِلاّ قَلِيلاً. (2)

3- وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بَطَراً وَ رِئاءَ اَلنّاسِ وَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اَللّهِ وَ اَللّهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ. (3)

4- . . . فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَ لا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً. (4)

5- اَلَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ- وَ يَمْنَعُونَ اَلْماعُونَ. (5)

ص:467


1- -النساء:38
2- النساء:142
3- الأنفال:47
4- الكهف:110
5- الماعون:6 و 7
الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال لعبّاد بن كثير البصري في المسجد: ويلك يا عبّاد، إيّاك و الرياء فإنّه من عمل لغير اللّه و كله اللّه إلى من عمل له. (1)

بيان:

«الرياء» في المصباح (روى) : . . . رأيت الشيء رؤية: أبصرته بحاسّة البصر، و منه الرياء و هو إظهار العمل للناس ليروه، و يظنّوا به خيرا، فالعمل لغير اللّه نعوذ باللّه منه.

و في المرآة ج 10 ص 87، قال بعض المحقّقين: اعلم أنّ الرياء مشتقّ من الرؤية، و السمعة مشتقّة من السماع، و إنّما الرياء أصله طلب المنزلة في قلوب الناس بإرائتهم خصال الخير، إلاّ أنّ الجاه و المنزلة يطلب في القلب بأعمال سوى العبادات و يطلب بالعبادات، و اسم الرياء مخصوص بحكم العادة بطلب المنزلة في القلوب بالعبادات و إظهارها. فحدّ الرياء هو إرادة المنزلة بطاعة اللّه تعالى، فالمرائي هو العابد، و المرائى هو الناس المطلوب رؤيتهم لطلب المنزلة في قلوبهم، و المرائى به هي الخصال التي قصد المرائي إظهارها، و الرياء هو قصده إظهار ذلك.

و المرائى به كثيرة و يجمعها خمسة أقسام، و هي مجامع ما يتزيّن العبد به للناس، فهو البدن و الزيّ و القول و العمل و الأتباع و الأشياء الخارجة. . . و الرياء في الدين من جهة البدن، و ذلك بإظهار النحول و الصفار ليوهم بذلك شدّة الاجتهاد و عظم الحزن على أمر الدين، و غلبة خوف الآخرة. . . و أمّا أهل الدنيا فيراؤن بإظهار السمن و صفاء اللون و اعتدال القامة و حسن الوجه و نظافة البدن و قوّة الأعضاء.

ص:468


1- -الكافي ج 2 ص 222 باب الرياء ح 1

و ثانيها: الرياء بالزيّ و الهيئة، أمّا الهيئة فتشعّث شعر الرأس و حلق الشارب و إطراق الرأس في المشي و الهدؤ في الحركة و إيقاء أثر السجود على الوجه و غلظ الثياب و لبس الصوف. . . و أمّا أهل الدنيا فمراآتهم بالثياب النفيسة و المراكب الرفيعة و أنواع التوسّع و التجمّل.

الثالث: الرياء بالقول، و رياء أهل الدين بالوعظ و التذكير و النطق بالحكمة. . .

و تحريك الشفتين بالذكر. . . و إظهار الغضب للمنكرات. . . و أمّا أهل الدنيا فمراآتهم بالقول بحفظ الأشعار و الأمثال. . . و إظهار التودّد إلى الناس لاستمالة القلوب.

الرابع: الرياء بالعمل كمراآة المصلّي بطول القيام و مدّه و تطويل الركوع و السجود و إطراق الرأس و ترك الالتفات. . . و كذلك بالصوم و الحجّ و بالصدقة و بإطعام الطعام. . . و أمّا أهل الدنيا فمراآتهم بالتبختر و الاختيال و تحريك اليدين. . . ليدلّوا بذلك على الجاه و الحشمة.

الخامس: المراآة بالأصحاب و الزائرين و المخالطين كالذي يتكلّف أن يزور عالما من العلماء ليقال: أن فلانا قد زار فلانا أو عابدا من العبّاد لذلك. . . و كالذي يكثر ذكر الشيوخ ليرى أنّه لقي شيوخا كثيرة و استفاد منهم فيباهي بشيوخه. . .

(البحار ج 72 ص 266)

و اعلم أنّ الرياء من الكبائر الموبقة و المعاصي المهلكة، و قد تعاضدت الآيات و الأخبار على ذمّه، و يوجب بطلان العبادة إجماعا، فتجب الإعادة و القضاء إذا كان الرياء داعي المكلّف على العمل، أو كان جزءا من الداعي، نعم إذا كان الداعي على العمل هو اللّه تعالى و أنّه يفرح إذا اطّلع عليه الناس، من غير أن يكون داخلا في قصده، فلا يكون حينئذ باطلا و إن كان مذموما و لكن حكي عن السيّد المرتضى رحمه اللّه أنّه قال: إنّ الرياء سبب لعدم قبول الطاعات و لكن لا يبطلها.

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كلّ رياء شرك، إنّه من عمل للناس كان ثوابه

ص:469

على الناس، و من عمل للّه كان ثوابه على اللّه. (1)

بيان:

في المرآة، «كلّ رياء شرك» : أي هذا هو الشرك الخفيّ فإنّه لمّا أشرك في قصد العبادة غيره تعالى فهو بمنزلة من أثبت معبودا غيره سبحانه كالصنم.

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ. . . قال الرجل: يعمل شيئا من الثواب لا يطلب به وجه اللّه إنّما يطلب تزكية الناس يشتهي أن يسمع به الناس، فهذا الذي أشرك بعبادة ربّه. ثمّ قال:

ما من عبد أسرّ خيرا فذهبت الأيّام أبدا حتّى يظهر اللّه له خيرا، و ما من عبد يسرّ شرّا فذهبت الأيّام أبدا حتّى يظهر اللّه له شرّا. (2)

4-عن محمّد بن عرفة قال: قال لي الرضا عليه السّلام: ويحك يا بن عرفة، اعملوا لغير رياء و لا سمعة، فإنّه من عمل لغير اللّه و كله اللّه إلى ما عمل، ويحك! ما عمل أحد عملا إلاّ ردّاه اللّه، إن خيرا فخير، و إن شرّا فشرّ. (3)

بيان:

في الوافي، «ردّاه اللّه» : أي جعله اللّه في عنقه كالرداء.

في المرآة ج 10 ص 107، «السمعة» بالضمّ و قد يفتح، يكون على وجهين:

أحدهما أن يعمل عملا و يكون غرضه عند العمل سماع الناس له، كما أنّ الرياء هو أن يعمل ليراه الناس فهو قريب من الرياء بل نوع منه، و ثانيهما: أن يسمع عمله الناس بعد الفعل، و المشهور أنّه (أي القسم الثاني) لا يبطل عمله بل ينقص ثوابه أو يزيله، و كأنّ المراد هنا الأوّل.

أقول: قيل في القسم الأوّل: إنّ نسبة السمعة بالرياء العموم المطلق و تكون

ص:470


1- -الكافي ج 2 ص 222 ح 3
2- الكافي ج 2 ص 222 ح 4
3- الكافي ج 2 ص 223 ح 5-و روى رحمه اللّه صدره في ح 17 عن أمير المؤمنين عليه السّلام

السمعة نوعا من الرياء، و يكون حكمها حكم الرياء، فيبطل العمل إذا كانت داعي المكلّف على العمل أو كانت جزءا من الداعي.

5-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ الملك ليصعد بعمل العبد مبتهجا به، فإذا صعد بحسناته يقول اللّه عزّ و جلّ: اجعلوها في سجّين، إنّه ليس إيّاي أراد بها. (1)

بيان:

«سجّين» : من السجن و هو الحبس، و المراد به موضع فيه كتاب الفجّار، و واد في جهنّم، قال تعالى: إِنَّ كِتابَ اَلفُجّارِ لَفِي سِجِّينٍ قيل: لا يكون ذلك العمل رياء و إلاّ لا يصعده الملائكة، بل يسرّ العبد بعمله و يبتهج به، فلا يكون عمله خالصا فلم يقبل منه، و يأتي في باب العجب حديث يدلّ على ذلك.

6-و عنه قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ثلاث علامات للمرائي: ينشط إذا رأى الناس، و يكسل إذا كان وحده، و يحبّ أن يحمد في جميع أموره. (2)

7-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: سيأتي على الناس زمان تخبث فيه سرائرهم و تحسن فيه علانيتهم، طمعا في الدنيا، لا يريدون به ما عند ربّهم، يكون دينهم رياء لا يخالطهم خوف، يعمّهم اللّه بعقاب، فيدعونه دعاء الغريق فلا يستجيب لهم. (3)

بيان:

«دعاء الغريق» : أي كدعاء من أشرف على الغرق، فإنّ الإخلاص و الخضوع فيه أكثر، لانقطاع الرجاء من غيره تعالى، مع ذلك لا يستجاب دعاءهم.

8-قال أبو جعفر عليه السّلام: الإبقاء على العمل أشدّ من العمل، قال:

ص:471


1- -الكافي ج 2 ص 223 ح 7
2- الكافي ج 2 ص 223 ح 8-و نحوه في الخصال باب الثلاثة عن لقمان أنّه قال لابنه
3- الكافي ج 2 ص 224 ح 14

و ما الإبقاع على العمل؟ قال: يصل الرجل بصلة و ينفق نفقة للّه وحده لا شريك له فكتب له سرّا، ثمّ يذكّرها فتحمى فتكتب له علانية، ثمّ يذكّرها فتحمى و تكتب له رياء. (1)

بيان:

في المرآة، «الإبقاء على العمل» : أي حفظه و رعايته و الشفقة عليه من ضياعه.

9-عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سألته عن الرجل يعمل الشيء من الخير فيراه إنسان فيسرّه ذلك؟ فقال: لا بأس، ما من أحد إلاّ و هو يحبّ أن يظهر له في الناس الخير، إذا لم يكن صنع ذلك لذلك. (2)

بيان:

قيل: هذا ينافي ما روي في باب الإخلاص «ما بلغ عبد حقيقة الإخلاص حتّى لا يحبّ أن يحمد على شيء من عمل للّه» و غيره من الأخبار.

قلنا: إنّ درجات الناس و مراتبهم مختلفة، فإنّ تكليف مثل ذلك بالنظر إلى أكثر الخلق تكليف بما لا يطاق، و إنّ هذه المرتبة من الإخلاص لا ينالها إلاّ الأوحدي من المؤمنين الكاملين.

10-عن عليّ بن سالم قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: قال اللّه عزّ و جلّ: أنا خير شريك، من أشرك معي غيري في عمل عمله لم أقبله إلاّ ما كان لي خالصا. (3)

11-في حديث النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لشمعون: و أمّا علامة المرائي فأربعة: يحرص في العمل للّه إذا كان عنده أحد و يكسل إذا كان وحده، و يحرص في كلّ أمره

ص:472


1- -الكافي ج 2 ص 224 ح 16
2- الكافي ج 2 ص 225 ح 18
3- الكافي ج 2 ص 223 ح 9

على المحمدة، و يحسن سمته بجهده. (1)

12-في مواعظ الحسن العسكريّ عليه السّلام: من الذنوب التي لا تغفر؛ ليتني لا أآخذ إلاّ بهذا.

ثمّ قال عليه السّلام: الإشراك في الناس أخفى من دبيب النمل على المسح الأسود في الليلة المظلمة. (2)

بيان:

«دبيب النمل» : أي مشيه. «المسح» : البلاس.

13-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و اعملوا في غير رئاء و لا سمعة، فإنّه من يعمل لغير اللّه يكله اللّه لمن عمل له. (3)

14-في مجمع البيان فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ. . . جاء رجل إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال: إنّي أتصدّق و أصل الرحم و لا أصنع ذلك إلاّ للّه، فيذكر ذلك منّي و أحمد عليه، فيسرّني ذلك و أعجب به؟ فسكت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و لم يقل شيئا فنزلت الآية. (4)

15-عن زرارة و حمران عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام قالا: لو أنّ عبدا عمل عملا يطلب به رحمة اللّه و الدار الآخرة، ثمّ أدخل فيه رضا أحد من الناس كان مشركا. (5)

16-قال زيد بن صوحان: يا أمير المؤمنين، . . . فأيّ الخلق أعمى؟

ص:473


1- -تحف العقول ص 23
2- تحف العقول ص 361
3- نهج البلاغة ص 84 في خ 23-الغرر ج 1 ص 135 ف 3 ح 57
4- نور الثقلين ج 3 ص 316( الكهف) ح 269
5- نور الثقلين ج 3 ص 317 ح 278

قال عليه السّلام: الذي عمل لغير اللّه، يطلب بعمله الثواب من عند اللّه عزّ و جلّ. . . (1)

17-عن الصادق عن أبيه عليهما السّلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله سئل في ما النجاة غدا؟ فقال: إنّما النجاة في أن لا تخادعوا اللّه فيخدعكم، فإنّه من يخادع اللّه يخدعه و يخلع منه الإيمان، و نفسه يخدع لو يشعر، فقيل له: و كيف يخادع اللّه؟ قال: يعمل بما أمر اللّه به ثمّ يريد به غيره.

فاتّقوا اللّه و اجتنبوا الرياء فإنّه شرك باللّه، إنّ المرائي يدعى يوم القيامة بأربعة أسماء: يا كافر! يا فاجر! يا غادر! يا خاسر! حبط عملك، و بطل أجرك، و لا خلاق لك اليوم فالتمس أجرك ممّن كنت تعمل له. (2)

بيان:

«يدعى بأربعة أسماء» : إنّما يدعى بهذه الأسماء لأنّ فعله يستلزم ذلك.

«الخلاق» : النصيب و الحظّ.

18-عن عليّ بن جعفر عن أخيه موسى، عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يؤمر برجال إلى النار، فيقول اللّه جلّ جلاله لمالك: قل للنار: لا تحرق لهم أقداما، فقد كانوا يمشون إلى المساجد، و لا تحرق لهم وجها فقد كانوا يسبغون الوضوء، و لا تحرق لهم أيديا فقد كانوا يرفعونها بالدعاء، و لا تحرق لهم ألسنا فقد كانوا يكثرون تلاوة القرآن، قال: فيقول لهم خازن النار: يا أشقيا، ما كان حالكم؟ قالوا: كنّا نعمل لغير اللّه عزّ و جلّ، فقيل لنا: خذوا ثوابكم ممّن عملتم له. (3)

19-سئل أمير المؤمنين عليه السّلام عن عظيم الشقاء؟ قال: رجل ترك الدنيا للدنيا ففاتته الدنيا و خسر الآخرة، و رجل تعبّد و اجتهد و صام رئاء الناس،

ص:474


1- -البحار ج 77 ص 380
2- البحار ج 72 ص 295 باب الرياء ح 19
3- البحار ج 72 ص 296 ح 21

فذلك الذي حرم لذّات الدنيا، و لحقه التعب الذى لو كان به مخلصا لاستحقّ ثوابه، فورد الآخرة و هو يظنّ أنّه قد عمل ما يثقل به ميزانه، فيجده هباء منثورا. (1)

20-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، قالوا: و ما الشرك الأصغر يا رسول اللّه؟ قال: هو الرياء، يقول اللّه تعالى يوم القيامة إذا جازى العباد بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤن في الدنيا، فانظروا هل تجدون عندهم الجزاء.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: استعيذوا باللّه من جبّ الخزي، قيل: و ما هو يا رسول اللّه؟ قال:

واد في جهنّم أعدّ للمرائين. (2)

21-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه تعالى لا يقبل عملا فيه مثقال ذرّة من رئاء. (3)

22-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ الجنّة تكلّمت و قالت: إنّي حرام على كلّ بخيل و مراء.

و عنه صلّى اللّه عليه و آله قال: إنّ النار و أهلها يعجّون من أهل الرئاء، فقيل: يا رسول اللّه، كيف تعجّ النار؟ قال: من حرّ النار التي يعذّبون بها. . . (4)

بيان:

يقال: عجّ عجّا أي صاح و رفع صوته.

23-عن شداد بن أوس قال: دخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فرأيت في وجهه ما سائني فقلت: ما الذي أرى بك؟ فقال: أخاف على أمّتي الشرك،

ص:475


1- -البحار ج 72 ص 300 ح 38( عدّة الداعي ص 93 في ب 2)
2- البحار ج 72 ص 303 ح 50
3- البحار ج 72 ص 304 في ح 51
4- البحار ج 72 ص 305 ح 52

فقلت: أ يشركون من بعدك؟ ! فقال: أما إنّهم لا يعبدون شمسا و لا قمرا و لا وثنا و لا حجرا، و لكنّهم يراؤون بأعمالهم، و الرياء هو الشرك (كلاّ) فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَ لا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً. (1)

أقول:

بمضمونه في جامع السعادات ج 2 ص 387: و فيه كان صلّى اللّه عليه و آله يبكي.

24-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أنّه سئل، ما القلب السليم؟ فقال: دين بلا شكّ و هوى، و عمل بلا سمعة و رياء. (2)

25-و قال صلّى اللّه عليه و آله: الشرك أخفى في أمّتي من دبيب النمل على الصفا. (3)

26-قال الصادق عليه السّلام: لا تراء بعملك من لا يحيي و لا يميت و لا يغني عنك شيئا، و الرياء شجرة لا تثمر إلاّ الشرك الخفيّ، و أصلها النفاق، يقال للمرائى عند الميزان: خذ [ثوابا تعدل]ثواب عملك ممّن عملت له، ممّن أشركته معي، فانظر من تعبد و (من) تدعو و من ترجو و من تخاف، و اعلم أنّك لا تقدر على إخفاء شيء من باطنك عليه تعالى و تصير مخدوعا بنفسك، قال اللّه عزّ و جلّ:

يُخادِعُونَ اَللّهَ وَ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ ما يَخْدَعُونَ إِلاّ أَنْفُسَهُمْ وَ ما يَشْعُرُونَ. (4)

و أكثر ما يقع الرياء في البصر و الكلام و الأكل و الشرب و المجيء و المجالسة و اللباس و الضحك و الصلاة و الحجّ و الجهاد و قرائة القرآن و ساير العبادات الظاهرة، فمن أخلص باطنه للّه تعالى و خشع له بقلبه و رأى نفسه مقصّرا بعد بذل كلّ مجهود، وجد الشكر عليه حاصلا و يكون ممّن يرجى له الخلاص من الرياء

ص:476


1- -المستدرك ج 1 ص 109 ب 11 من مقدّمة العبادات ح 17
2- المستدرك ج 1 ص 113 ب 12 ح 11
3- المستدرك ج 1 ص 113 ح 13
4- البقرة:9

و النفاق إذا استقام على ذلك في كلّ حال. (1)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في باب الإخلاص.

27-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

المرائي ظاهره جميل و باطنه عليل. (الغرر ج 1 ص 60 ف 1 ح 1613)

أيسر الرياء الشرك. (ص 176 ف 8 ح 47)

إنّ أدنى الرياء شرك. (ص 215 ف 9 ح 14)

آفة العبادة الرياء. (ص 304 ف 16 ح 7)

كلّ حسنة لا يراد بها وجه اللّه تعالى فعليها قبح الرياء و ثمرتها قبح الجزاء.

(ج 2 ص 549 ف 62 ح 92)

لا تعمل شيئا من الخير رياء و لا تتركه حياء. (ص 805 ف 85 ح 92)

يسير الرياء شرك. (ص 866 ف 89 ح 1)

ص:477


1- -مصباح الشريعة ص 33 ب 50

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393735302C22426F6F6B4944223A31363731392C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3437382C2253686F77506167654E756D223A22343738222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030322F424B31353931344730303253312F424B3135393134473030325331503437382E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

68- الربا

الآيات

1- اَلَّذِينَ يَأْكُلُونَ اَلرِّبا لا يَقُومُونَ إِلاّ كَما يَقُومُ اَلَّذِي يَتَخَبَّطُهُ اَلشَّيْطانُ مِنَ اَلْمَسِّ . . . يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اِتَّقُوا اَللّهَ وَ ذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ اَلرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ- فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اَللّهِ وَ رَسُولِهِ وَ إِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَ لا تُظْلَمُونَ. (1)

2- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا اَلرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً وَ اِتَّقُوا اَللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. (2)

3-(قال تعالى في ذمّ اليهود:) وَ أَخْذِهِمُ اَلرِّبَوا وَ قَدْ نُهُوا عَنْهُ. . . (3)

4- وَ ما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ اَلنّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اَللّهِ وَ ما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اَللّهِ فَأُولئِكَ هُمُ اَلْمُضْعِفُونَ. (4)

ص:479


1- -البقرة:275 إلى 279
2- آل عمران:130
3- النساء:161
4- الروم:39
الأخبار

1-عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: درهم ربا (عند اللّه) أشدّ من سبعين زنية كلّها بذات محرم. (1)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة، في ح 5: «درهم ربا أشدّ عند اللّه من ثلاثين زنية. . .» و في ح 6: «درهم واحد ربا أعظم من عشرين زنية. . .» و في ح 12: «يا عليّ، درهم ربا أعظم عند اللّه من سبعين زنية كلّها بذات محرم في بيت اللّه الحرام» و في بعضها: «من أربعين زنية» و لعلّ الاختلاف لاختلاف الأشخاص أو لقلّة الربا و كثرته.

2-قال أبو جعفر عليه السّلام: أخبث المكاسب كسب الربا. (2)

3-عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّما حرّم اللّه عزّ و جلّ الربا لكيلا يمتنع الناس من اصطناع المعروف. (3)

4-عن هشام بن الحكم أنّه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن علّة تحريم الربا؟ فقال: إنّه لو كان الربا حلالا لترك الناس التجارات و ما يحتاجون إليه، فحرّم اللّه الربا لتنفر الناس من الحرام إلى الحلال و إلى التجارات؛ من البيع و الشراء، فيبقى ذلك بينهم في القرض. (4)

5-عن محمّد بن سنان أنّ عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام كتب إليه في جواب مسائله: و علّة تحريم الربا لما نهى اللّه عزّ و جلّ عنه، و لما فيه من فساد الأموال،

ص:480


1- -الوسائل ج 18 ص 117 ب 1 من الربا ح 1
2- الوسائل ج 18 ص 118 ح 2
3- الوسائل ج 18 ص 118 ح 4
4- الوسائل ج 18 ص 120 ح 8

لأنّ الإنسان إذا اشترى الدرهم بالدرهمين، كان ثمن الدرهم درهما و ثمن الآخر باطلا، فبيع الربا و شراؤه و كس على كلّ حال، على المشتري و على البائع، . .

و الاستخفاف بذلك دخول في الكفر، و علّة تحريم الربا بالنسيئة لعلّة ذهاب المعروف، و تلف الأموال، و رغبة الناس في الربح، و تركهم القرض، و القرض صنائع المعروف، و لما في ذلك من الفساد و الظلم و فناء الأموال. (1)

بيان:

و كس الشيء و كسا: نقصه، و وكس التاجر في تجارته: خسر.

6-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (في حديث) : و من أكل الربا ملأ اللّه بطنه من نار جهنّم بقدر ما أكل، و إن اكتسب منه مالا لم يقبل اللّه منه شيئا من عمله، و لم يزل في لعنة اللّه و الملائكة ما كان عنده قيراط. (2)

7-و عنه عليه السّلام: إذا أراد اللّه بقوم هلاكا ظهر فيهم الربا. (3)

8-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: آكل الربا و مؤكله و كاتبه و شاهداه فيه (في الوزر م) سواء. (4)

بيان:

في مجمع البحرين (أكل) ، «لعن اللّه آكل الربا و مؤكله» : يريد البايع و المشتري و الآخذ و المعطي.

9-عن زيد بن عليّ عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: لعن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الربا و آكله و بائعه و مشتريه و كاتبه و شاهديه. (5)

ص:481


1- -الوسائل ج 18 ص 121 ح 11
2- الوسائل ج 18 ص 122 ح 15
3- الوسائل ج 18 ص 123 ح 17
4- الوسائل ج 18 ص 126 ب 4 ح 1
5- الوسائل ج 18 ص 127 ح 2

10-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إذا ظهر الزنا و الربا في قرية، أذن في هلاكها. (1)

11-و قال صلّى اللّه عليه و آله: لا يقبل اللّه صلاة خمسة نفر: الآبق من سيّده، و امرأة لا يرضى عنها زوجها، و مدمن الخمر، و العاقّ، و آكل الربا. (2)

12-و قال صلّى اللّه عليه و آله: يأتي على الناس زمان لا يبقى أحد إلاّ أكل الربا فإن لم يأكله أصابه من غباره. (3)

13-و قال صلّى اللّه عليه و آله: إذا أكلت امّتي الربا كانت الزلزلة و الخسف. (4)

14-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: معاشر الناس، الفقه ثمّ المتجر، و اللّه للربا في هذه الامّة أخفى من دبيب النمل على الصفا. (5)

15-و قال عليه السّلام: من لم يتفقّه في دينه ثمّ اتّجر ارتطم في الربا ثمّ ارتطم. (6)

أقول:

قد مرّ ما بمعناه مع بيان مفردات الحديث في باب التجارة ح 6 و 19.

و مرّ في باب الذنب أنّ الربا من الكبائر.

ص:482


1- -المستدرك ج 13 ص 332 ب 1 من الربا ح 11
2- المستدرك ج 13 ص 332 ح 17
3- المستدرك ج 13 ص 333 ح 18
4- المستدرك ج 13 ص 333 ح 20
5- البحار ج 103 ص 117 باب الربا ح 16
6- البحار ج 103 ص 118 ح 17

69- الرجعة

اشارة

و فيه فصلان:

الفصل الأوّل: إثباتها
الآيات

1- وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ. (1)

. . . فقال الرجل لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّ العامّة تزعم أنّ قوله: وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً عنى يوم القيامة. فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أ فيحشر اللّه من كلّ أمّة فوجا و يدع الباقين؟ ! لا، و لكنّه في الرجعة، و أمّا آية القيامة فهي: وَ حَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً (2)(3)

ص:483


1- -النمل:83.
2- الكهف:47
3- تفسير القمّي ج 2 ص 130

2- وَ إِذا وَقَعَ اَلْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ اَلْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ اَلنّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ. (1)

الأخبار كثيرة في أنّ المراد بالدابّة أمير المؤمنين عليه السّلام، و أنّه يخرج قبل القيامة في الرجعة.

3- قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اِثْنَتَيْنِ وَ أَحْيَيْتَنَا اِثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ. (2)

قال الصادق عليه السّلام: ذلك في الرجعة. (3)

4- إِنّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَ اَلَّذِينَ آمَنُوا فِي اَلْحَياةِ اَلدُّنْيا وَ يَوْمَ يَقُومُ اَلْأَشْهادُ. (4)

عن جميل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت: قول اللّه تبارك و تعالى: إِنّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا. . . قال: ذلك و اللّه في الرجعة، أما علمت أنّ أنبياء كثيرة لم ينصروا في الدنيا و قتلوا و الأئمّة بعدهم قتلوا و لم ينصروا، ذلك في الرجعة. (5)

5- وَ حَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ. (6)

عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه و أبي جعفر عليهما السّلام قالا: «كلّ قرية أهلك اللّه أهلها بالعذاب لا يرجعون في الرجعة» فهذه الآية من أعظم الدلالة في الرجعة، لأنّ أحدا من أهل

ص:484


1- -النمل:82
2- المؤمن:11
3- تفسير القمّي ج 2 ص 256
4- المؤمن:51
5- تفسير القمّي ج 2 ص 258
6- الأنبياء:95

الإسلام لا ينكر أنّ الناس كلّهم يرجعون إلى القيامة من هلك و من لم يهلك. (1)

أقول:

قد مرّ عنه عليه السّلام: و أمّا آية القيامة فهي: وَ حَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً

6- وَ لَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ اَلْعَذابِ اَلْأَدْنى دُونَ اَلْعَذابِ اَلْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ. (2)

في تفسير القمّي ج 2 ص 170، قال: العذاب الأدنى عذاب الرجعة بالسيف و معنى قوله:

لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ يعني فإنّهم يرجعون في الرجعة حتّى يعذّبوا.

7- وَ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَ نَحْشُرُهُ يَوْمَ اَلْقِيامَةِ أَعْمى. (3)

عن معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه: فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً قال: هي و اللّه النصّاب، قلت: جعلت فداك قد رأيناهم دهرهم الأطول في كفاية حتّى ماتوا. قال: ذلك و اللّه في الرجعة يأكلون العذرة. (4)

8- وَ لَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اَللّهِ تُحْشَرُونَ. (5)

ورد في الأخبار أنّ مفاد الآية يحصل في الرجعة.

أقول: الأخبار في تفسير الآيات بالرجعة كثيرة، سيأتي بعضها إن شاء اللّه.

و قد استدلّوا لإثبات الرجعة بآيات اخر، مثل: وَ إِذْ أَخَذَ اَللّهُ مِيثاقَ اَلنَّبِيِّينَ

ص:485


1- -تفسير القمّي ج 2 ص 75
2- السجدة:21
3- طه:124
4- تفسير القمّي ج 2 ص 65
5- آل عمران:158

لَما آتَيْتُكُمْ. . . (1)و إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَ جَعَلَكُمْ مُلُوكاً (2)و وَ إِنْ مِنْ أَهْلِ اَلْكِتابِ إِلاّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ. . . (3)و إِنَّ اَلَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ اَلْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ (4)و غيرها من الآيات و سيأتي بعض الأخبار الدالّة على ذلك.

الأخبار

1-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: انتهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى أمير المؤمنين عليه السّلام و هو نائم في المسجد قد جمع رملا و وضع رأسه عليه، فحرّكه برجله، ثمّ قال له: قم يا دابّة اللّه، فقال رجل من أصحابه: يا رسول اللّه، أ يسمّى بعضنا بعضا بهذا الاسم؟ فقال: لا و اللّه ما هو إلاّ له خاصّة و هو الدابّة التي ذكر اللّه في كتابه وَ إِذا وَقَعَ اَلْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ اَلْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ اَلنّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ.

ثم قال: يا عليّ، إذا كان آخر الزمان أخرجك اللّه في أحسن صورة و معك ميسم تسم به أعدائك.

فقال رجل لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّ الناس يقولون: هذه الدابّة إنّما تكلّمهم؟ فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كلّمهم اللّه في نار جهنّم، إنّما هو يكلّمهم من الكلام، و الدليل على أنّ هذا في الرجعة قوله: وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ- حَتّى إِذا جاؤُ قالَ أَ كَذَّبْتُمْ بِآياتِي وَ لَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً أَمّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ قال: الآيات أمير المؤمنين و الأئمّة عليهم السّلام.

ص:486


1- -آل عمران:81
2- المائدة:20
3- النساء:159
4- القصص:85

فقال الرجل لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّ العامّة تزعم أنّ قوله: وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً عنى يوم القيامة، فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أ فيحشر اللّه من كلّ امّة فوجا و يدع الباقين؟ ! لا، و لكنّه في الرجعة، و أمّا آية القيامة فهي: وَ حَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً. (1)

بيان:

«الميسم» : الحديدة أو الآلة التي يوسم بها أثر الوسم. «إنّ الناس يقولون هذه الدابّة إنّما تكلّمهم» : يريد أنّها من الكلم بمعنى الجرح أي تجرحهم فردّ عليه السّلام فقال: إنّما هو يكلّمهم من الكلام.

في مجمع البحرين، الرجعة: هي المرّة في الرجوع بعد الموت بعد ظهور المهديّ عليه السّلام، و هي من ضروريّات مذهب الإماميّة، و عليها من الشواهد القرآنيّة و أحاديث أهل البيت عليهم السّلام ما هو أشهر من أن يذكر، حتّى أنّه ورد عنهم عليهم السّلام «من لم يؤمن برجعتنا و لم يقرّ بمتعتنا فليس منّا» و قد أنكرها الجمهور. . .

قال العلاّمة المجلسي رحمه اللّه في البحار ج 53 ص 122 بعد نقل أخبار الباب: اعلم يا أخي، أنّي لا أظنّك ترتاب بعد ما مهّدت و أوضحت لك في القول بالرجعة التي أجمعت الشيعة عليها في جميع الأعصار، و اشتهرت بينهم كالشمس في رابعة النهار، حتّى نظموها في أشعارهم، و احتجّوا بها على المخالفين في جميع أمصارهم و شنع المخالفون عليهم في ذلك، و أثبتوه في كتبهم و أسفارهم، منهم الرازيّ و النيسابوريّ و غيرهما، و قد مرّ كلام ابن أبي الحديد حيث أوضح مذهب الإماميّة في ذلك، و لو لا مخالفة التطويل من غير طائل لأوردت كثيرا من كلماتهم في ذلك.

و كيف يشكّ مؤمن بحقّيّة الأئمّة الأطهار عليهم السّلام فيما تواتر عنهم في قريب من مأتي حديث صريح، رواها نيّف و أربعون من الثقات العظام، و العلماء الأعلام، في أزيد

ص:487


1- -تفسير القمّي ج 2 ص 130( النمل:85)

من خمسين من مؤلّفاتهم كثقة الإسلام الكليني، و الصدوق محمّد بن بابويه، و الشيخ الطوسيّ و السيّد المرتضى رحمهم اللّه. . .

و إذا لم يكن مثل هذا متواترا ففي أيّ شيء يمكن دعوى التواتر، مع ما روته كافّة الشيعة خلفا عن سلف؟ !

و ظنّي أنّ من يشكّ في أمثالها فهو شاكّ في أئمّة الدين، و لا يمكنه إظهار ذلك من بين المؤمنين، فيحتال في تخريب الملّة القويمة، بإلقاء ما يتسارع إليه عقول المستضعفين، و تشكيكات الملحدين يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اَللّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ اَللّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَ لَوْ كَرِهَ اَلْكافِرُونَ.

و لنذكر لمزيد التشييد و التأكيد أسماء بعض من تعرّض لتأسيس هذا المدّعى و صنّف فيه أو احتجّ على المنكرين، أو خاصم المخالفين، سوى ما ظهر ممّا قدّمنا في ضمن الأخبار، و اللّه الموفّق. منهم أحمد بن داود بن سعيد الجرجاني قال: الشيخ في الفهرست له كتاب المتعة و الرجعة. . .

و في ص 137(فصل) : الرجعة عندنا يختصّ بمن محض الإيمان و محض الكفر، دون من سوى هذين الفريقين، فإذا أراد اللّه تعالى على ما ذكرناه أوهم الشياطين أعداء اللّه عزّ و جلّ أنّهم إنّما ردّوا إلى الدنيا لطغيانهم على اللّه، فيزدادوا عتوّا فينتقم اللّه تعالى منهم بأوليائه المؤمنين، و يجعل لهم الكرّة عليهم، فلا يبقى منهم إلاّ من هو مغموم بالعذاب و النقمة و العقاب، و تصفو الأرض من الطغاة، و يكون الدين للّه تعالى. و الرجعة إنّما هي لممحّضي الإيمان من أهل الملّة، و ممحّضي النفاق منهم دون من سلف من الأمم الخالية. . .

و قال شبر رحمه اللّه في حقّ اليقين ج 2 ص 2: اعلم أنّ ثبوت الرجعة ممّا اجتمعت عليه الشيعة الحقّة، و الفرقة المحقّة، بل هي من ضروريّات مذهبهم. . .

و قال رحمه اللّه في ص 35: قد عرفت من الآيات المتظافرة و الأخبار المتواترة و كلام جملة من المتقدّمين و المتأخّرين من شيعة الأئمّة الطاهرين، أنّ أصل الرجعة حقّ

ص:488

لا ريب فيه و لا شبهة تعتريه، و منكرها خارج عن ربقة المؤمنين، فإنّها من ضروريّات مذهب الأئمّة الطاهرين، و ليست الأخبار الواردة في الصراط و الميزان و نحوها ممّا يجب الإذعان به أكثر عددا و أوضح سندا و أصرح دلالة و أفصح مقالة من أخبار الرجعة. . .

و الأحاديث في رجعة أمير المؤمنين و الحسين عليهما السّلام متواترة معنى، و في باقي الأئمّة قريبة من التواتر، و كيفيّة رجوعهم هل هو على الترتيب أو غيره؟ فكل علمها إلى اللّه سبحانه و إلى أوليائه.

2-عن المفضل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله تعالى: وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً قال: ليس أحد من المؤمنين قتل إلاّ يرجع حتّى يموت و لا يرجع إلاّ من محض الإيمان محضا و من محض الكفر محضا. (1)

3-عن حريز عن أبي جعفر عليه السّلام قال: [أنّه]سئل عن جابر فقال: رحم اللّه جابرا بلغ من فقهه أنّه كان يعرف تأويل هذه الآية إِنَّ اَلَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ اَلْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ يعني الرجعة. (2)

4-و عن أبي خالد الكابلي عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام في قوله: إِنَّ اَلَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ اَلْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ قال: يرجع إليكم نبيّكم صلّى اللّه عليه و آله و أمير المؤمنين عليه السّلام و الأئمّة عليهم السّلام. (3)

5-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله: وَ لَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ اَلْأُولى قال: يعني الكرّة هي الآخرة للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله، قلت: قوله: وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى قال: يعطيك من الجنّة فترضى. (4)

ص:489


1- -تفسير القمّي ج 2 ص 131 ذيل هذه الآية
2- تفسير القمّي ج 2 ص 147( القصص:85)
3- تفسير القمّي ج 2 ص 147
4- تفسير القمّي ج 2 ص 427( الضحى)

بيان:

«الكرّة» : أي الرجعة.

6-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما بعث اللّه نبيّا من لدن آدم فهلّم جرّا، إلاّ و يرجع إلى الدنيا و ينصر أمير المؤمنين عليه السّلام و هو قوله: لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ يعني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، وَ لَتَنْصُرُنَّهُ يعني أمير المؤمنين عليه السّلام. (1)

7-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: فضل أمير المؤمنين عليه السّلام ما جاء أخذ به و ما نهى عنه انتهى عنه. . . و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أنا قسيم الجنّة و النار. . . و إنّي لصاحب الكرّات و دولة الدول و إنّي لصاحب العصا و الميسم و الدابّة التي تكلّم الناس. (2)

8-عن سلمان الفارسي رحمه اللّه عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: سمعته يقول: عندي علم المنايا، و البلايا، و الوصايا، و الأنساب، و الأسباب، و فصل الخطاب، و مولد الإسلام، و موارد الكفر، و أنا صاحب الميسم، و أنا الفاروق الأكبر، و أنا صاحب الكرّات، و دولة الدول، فاسألوني عمّا يكون إلى يوم القيامة، و عمّا كان على عهد كلّ نبيّ بعثه اللّه. (3)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر، راجع الكافي ج 1 و البحار، و قد مرّ بعضها في باب الإمامة.

9-عن عبد اللّه بن المغيرة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سئل عن قول اللّه:

وَ لَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اَللّهِ أَوْ مُتُّمْ قال: أ تدري يا جابر، ما سبيل اللّه؟ فقلت:

لا و اللّه إلاّ أن أسمعه منك، قال: سبيل اللّه عليّ و ذرّيّته، فمن قتل في ولايته قتل في سبيل اللّه، و من مات في ولايته مات في سبيل اللّه، ليس من يؤمن من هذه الامّة

ص:490


1- -تفسير القمّي ج 1 ص 106( آل عمران:81)
2- بصائر الدرجات ص 199 الجزء 4 ب 9 ح 1
3- بصائر الدرجات ص 202 ح 5

إلاّ و له قتلة و ميتة، قال: إنّه من قتل ينشر حتّى يموت، و من مات ينشر حتّى يقتل. (1)

10-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أوّل من تنشقّ الأرض عنه يرجع إلى الدنيا الحسين بن عليّ عليهما السّلام، و إنّ الرجعة ليست بعامّة، و هي خاصّة لا يرجع إلاّ من محض الإيمان محضا أو محض الشرك محضا. (2)

11-عن زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن هذه الامور العظام من الرجعة و أشباهها، فقال: إنّ هذا الذي تسألون عنه لم يجئ أوانه، و قد قال اللّه عزّ و جلّ: بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَ لَمّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ (3). (4)

أقول:

في تفسير القمّي: نزلت هذه الآية في الرجعة.

12-عن أبي بصير قال: قال لي أبو جعفر عليه السّلام: ينكر أهل العراق الرجعة؟ قلت: نعم، قال: أما يقرؤون القرآن: وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً. (5)

13-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً فقال: ليس أحد من المؤمنين قتل إلاّ سيرجع حتّى يموت و لا أحد من المؤمنين مات إلاّ سيرجع حتّى يقتل. (6)

14-عن فيض بن أبي شيبة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام تلا هذه الآية:

ص:491


1- -نور الثقلين ج 1 ص 403( آل عمران:157) ح 405
2- البحار ج 53 ص 39 باب الرجعة ح 1
3- يونس:39
4- البحار ج 53 ص 40 ح 4
5- البحار ج 53 ص 40 ح 6
6- البحار ج 53 ص 40 ح 5

وَ إِذْ أَخَذَ اَللّهُ مِيثاقَ اَلنَّبِيِّينَ. . . (1)و قال: ليؤمننّ برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و لينصرنّ عليّا أمير المؤمنين عليه السّلام، قلت: و لينصرنّ أمير المؤمنين؟ قال عليه السّلام: نعم و اللّه، من لدن آدم فهلمّ جرّا، فلم يبعث اللّه نبيّا و لا رسولا إلاّ ردّ جميعهم إلى الدنيا حتّى يقاتلوا بين يديّ عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين عليه السّلام. (2)

15-قال المأمون (لعنه اللّه) للرضا عليه السّلام: يا أبا الحسن، ما تقول في الرجعة؟ فقال عليه السّلام: إنّها الحقّ قد كانت في الأمم السالفة و نطق بها القرآن، و قد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يكون في هذه الامّة كلّ ما كان في الامم السالفة حذو النعل بالنعل، و القذّة بالقذّة، و قال صلّى اللّه عليه و آله: إذا خرج المهديّ من ولدي نزل عيسى بن مريم عليهما السّلام فصلّى خلفه. . . (3)

بيان:

«حذو النعل بالنعل و القذّة بالقذّة» : ضرب بها مثلا للشيئين يستويان و لا يتفاوتان.

16-عن موسى الحنّاط قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: أيّام اللّه ثلاثة:

يوم يقوم القائم عليه السّلام، و يوم الكرّة، و يوم القيامة. (4)

أقول:

بمعناه أخبار اخر.

17-عن أبي بصير عن أحدهما عليهما السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: وَ مَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي اَلْآخِرَةِ أَعْمى وَ أَضَلُّ سَبِيلاً (5)قال: في الرجعة. 6

ص:492


1- -آل عمران:81
2- البحار ج 53 ص 41 ح 9
3- البحار ج 53 ص 59 ح 45
4- البحار ج 53 ص 63 ح 53
5- الإسراء:72

18-عن سدير قال: سألت أبا جعفر عليه السّلام عن الرجعة؟ فقال: القدريّة تنكرها-ثلاثا-. (1)

19-قال الصادق عليه السّلام: ليس منّا من لم يؤمن بكرّتنا و لم يستحلّ متعتنا. (2)

20-عن عبد اللّه بن نجيح قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: قوله عزّ و جلّ:

كَلاّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ- ثُمَّ كَلاّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3)قال: يعني مرّة في الكرّة و مرّة اخرى يوم القيامة. (4)

21-قال الصادق عليه السّلام: من أقرّ بسبعة أشياء فهو مؤمن، و ذكر منها؛ الإيمان بالرجعة. (5)

22-عن المفضل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا قام قائم آل محمّد استخرج من ظهر الكعبة سبعة و عشرين رجلا، خمسة و عشرين من قوم موسى الذين يقضون بالحقّ و به يعدلون، و سبعة من أصحاب الكهف، و يوشع وصيّ موسى، و مؤمن آل فرعون و سلمان الفارسيّ و أبا دجانة الأنصاريّ و مالك الأشتر. (6)

أقول:

الأخبار في الباب كثيرة جدّا تبلغ قرب مائتي حديث.

في زيارة آل يس لإمام العصر عجّل اللّه تعالى فرجه: «و أنّ رجعتكم حقّ لا ريب

ص:493


1- البحار ج 53 ص 67 ح 63
2- البحار ج 53 ص 92 ح 101
3- التكاثر:3 و 4
4- البحار ج 53 ص 120 ح 156
5- البحار ج 53 ص 121 ح 161
6- البحار ج 52 ص 346 باب سيره و أخلاقه ح 92

فيها» .

و في زيارة الجامعة الكبيرة: «مؤمن بإيابكم، مصدّق برجعتكم» و «يردّكم في أيّامه، و يظهركم لعدله، و يمكّنكم في أرضه» و «و يكرّ في رجعتكم» .

و في زيارة الأربعين و الوارث «و بإيابكم موقن بشرايع ديني» .

ص:494

الفصل الثانيّ: وقوع الرجعة في الأمم السالفة
اشارة

ممّا يستدلّ على ثبوت الرجعة في هذه الامّة وقوعها في الامم السالفة لقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله «يكون في هذه الامّة كلّ ما كان في الامم السالفة حذو النعل بالنعل و القذّة بالقذّة» فيجب على هذا الأصل أن تكون الرجعة في هذه الامّة.

الآيات

1- أَ لَمْ تَرَ إِلَى اَلَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ هُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ اَلْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اَللّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ. . . (1)

قال الصدوق رحمه اللّه في رسالة العقائد: اعتقادنا في الرجعة أنّها حقّ، و قد قال اللّه عزّ و جلّ: أَ لَمْ تَرَ إِلَى اَلَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ هُمْ أُلُوفٌ. . . كان هؤلاء سبعين ألف بيت، و كان يقع فيهم الطاعون كلّ سنة، فيخرج الأغنياء لقوّتهم، و يبقى الفقراء لضعفهم فيقلّ الطاعون في الذين يخرجون، و يكثر في الذين يقيمون، فيقول الذين يقيمون: لو خرجنا لما أصابنا الطاعون، و يقول الذين خرجوا: لو أقمنا لأصابنا كما أصابهم.

فأجمعوا على أن يخرجوا جميعا من ديارهم، إذا كان وقت الطاعون فخرجوا

ص:495


1- -البقرة:243

بأجمعهم فنزلوا على شطّ بحر، فلمّا وضعوا رحالهم ناداهم اللّه: موتوا، فماتوا جميعا فكنستهم المارّة عن الطريق، فبقوا بذلك ما شاء اللّه تعالى.

ثمّ مرّ بهم نبيّ من أنبياء بني إسرائيل يقال له إرميا، فقال: لو شئت يا ربّ، لأحييتهم فيعمروا بلادك، و يلدوا عبادك، و عبدوك مع من يعبدك، فأوحى اللّه تعالى إليه: أ فتحبّ أن احييهم لك؟ قال: نعم، فأحياهم اللّه له، و بعثهم معه، فهؤلاء ماتوا و رجعوا إلى الدنيا ثمّ ماتوا بآجالهم. . . (البحار ج 53 ص 128)

أقول: «إرميا» في رواية روضة الكافي"حزقيل". (نور الثقلين ج 1 ص 242)

2- أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَ هِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنّى يُحْيِي هذِهِ اَللّهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اَللّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قالَ كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ. . . (1)

أقول:

المارّ هو عزير كما في بعض الروايات و في بعضها هو إرميا (راجع نور الثقلين ج 1 ص 269 و غيره) و القرية التي مرّ عليها هي بيت المقدس لمّا خرّبه بخت نصر و هي خالية عن أهلها و خرابة قالَ أَنّى يُحْيِي هذِهِ اَللّهُ بَعْدَ مَوْتِها و لم يقل إنكارا و لا ارتيابا لكنّه أحبّ أن يريه اللّه إحياءها فأماته اللّه مائة عام ثمّ بعثه حيّا.

في تفسير القمّي (في حديث طويل عن الباقر عليه السّلام في جواب عالم النصارى، فكان فيما سأله) قال النصرانيّ: أخبرني عن رجل دنا من امرأته فحملت منه بابنين، حملتهما جميعا في ساعة واحدة، و وضعتهما في ساعة واحدة، و ماتا في ساعة واحدة، و دفنا في ساعة واحدة في قبر واحد، عاش أحدهما خمسين و مائة سنة و عاش الآخر خمسين سنة، من هما؟

قال أبو جعفر عليه السّلام: هما عزير و عزرة كانت حملت امّهما على ما وصفت، و وضعتهما

ص:496


1- -البقرة:259

على ما وصفت، و عاش عزرة و عزير ثلاثين سنة، ثمّ أمات اللّه عزيرا مأة سنة و بقي عزرة يحيى. ثمّ بعث اللّه عزيرا فعاش مع عزرة عشرين سنة و ماتا جميعا في ساعة واحدة فدفنا في قبر واحد. . . (1)

و في مجمع البيان: روى عن عليّ عليه السّلام أنّ عزيرا خرج من أهله و امرأته حامل و له خمسون سنة، فأماته اللّه مأة سنة ثمّ بعثه فرجع إلى أهله ابن خمسين سنة و لها ابن له مائة سنة، فكان ابنه أكبر منه فذلك من آيات اللّه.

(نور الثقلين ج 1 ص 269)

3- وَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ اَلْمَوْتى قالَ أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَ لكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ اَلطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اِجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ اُدْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَ اِعْلَمْ أَنَّ اَللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ. (2)

هذه الرجعة وقعت في الحيوانات حيث أمر إبراهيم عليه السّلام بأخذ أربعة من الطير و تقطيعهنّ ثمّ أحياهنّ اللّه بقدرته.

عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّ إبراهيم عليه السّلام نظر إلى جيفة على ساحل البحر تأكله سباع البرّ و سباع البحر ثمّ تحمل السباع بعضها على بعض فيأكل بعضها بعضا، فتعجّب إبراهيم عليه السّلام فقال رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ اَلْمَوْتى. . . .

فأخذ إبراهيم عليه السّلام الطاووس و الديك و الحمام و الغراب فقال اللّه عزّ و جلّ:

فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ أي قطّعهنّ ثمّ اخلط لحمهنّ و فرّقهنّ على عشرة جبال، ثمّ خذ مناقيرهنّ، و ادعهنّ يأتينك سعيا، ففعل إبراهيم ذلك و فرّقهنّ على عشرة جبال ثمّ دعاهنّ، فقال: أجيبيني بإذن اللّه تعالى، فكانت تجتمع و يتألّف لحم كلّ

ص:497


1- -تفسير القمّي ج 1 ص 99( آل عمران:16)
2- البقرة:260

واحد و عظمه إلى رأسه و طارت إلى إبراهيم، فعند ذلك قال إبراهيم: أَنَّ اَللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ. (1)

4- ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ. (2)

في تفسير القمّي ج 1 ص 47 ذيل الآية: فهم السبعون الذين اختارهم موسى ليسمعوا كلام اللّه فلمّا سمعوا الكلام قالوا لن نؤمن لك يا موسى، حتّى نرى اللّه جهرة فبعث اللّه عليهم صاعقة فاحترقوا ثمّ أحياهم اللّه بعد ذلك و بعثهم أنبياء، فهذا دليل على الرجعة في أمّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله، فإنّه قال صلّى اللّه عليه و آله: لم يكن في بني إسرائيل شيء إلاّ و في امّتي مثله.

5- . . . وَ إِذْ عَلَّمْتُكَ اَلْكِتابَ وَ اَلْحِكْمَةَ وَ اَلتَّوْراةَ وَ اَلْإِنْجِيلَ وَ إِذْ تَخْلُقُ مِنَ اَلطِّينِ كَهَيْئَةِ اَلطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَ تُبْرِئُ اَلْأَكْمَهَ وَ اَلْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَ إِذْ تُخْرِجُ اَلْمَوْتى بِإِذْنِي. . . (3)

فإنّ الذين أحياهم عيسى عليه السّلام بإذن اللّه رجعوا إلى الدنيا و بقوا فيها ثمّ ماتوا بآجالهم. راجع البحار ج 14 باب فضل عيسى عليه السّلام و غيره

ص:498


1- -تفسير القمّي ج 1 ص 91 ذيل الآية
2- البقرة:56
3- المائدة:110

70- الرحم

الآيات

1- وَ إِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اَللّهَ وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَ ذِي اَلْقُرْبى. . . (1)

2- لَيْسَ اَلْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ . . . وَ آتَى اَلْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي اَلْقُرْبى وَ اَلْيَتامى. . . (2)

3- . . . وَ اِتَّقُوا اَللّهَ اَلَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَ اَلْأَرْحامَ إِنَّ اَللّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً. (3)

4- . . . إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا اَلْأَلْبابِ . . . -وَ اَلَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اَللّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ . . . -وَ اَلَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اَللّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَ يَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اَللّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَ يُفْسِدُونَ فِي اَلْأَرْضِ أُولئِكَ لَهُمُ اَللَّعْنَةُ وَ لَهُمْ سُوءُ اَلدّارِ. (4)

5- إِنَّ اَللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ اَلْإِحْسانِ وَ إِيتاءِ ذِي اَلْقُرْبى. . . (5)

ص:499


1- -البقرة:83
2- البقرة:177
3- النساء:1
4- الرعد:19 و 20 و 25
5- النحل:90

6- وَ آتِ ذَا اَلْقُرْبى حَقَّهُ وَ اَلْمِسْكِينَ وَ اِبْنَ اَلسَّبِيلِ وَ لا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً. (1)

7- فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي اَلْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ- أُولئِكَ اَلَّذِينَ لَعَنَهُمُ اَللّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَ أَعْمى أَبْصارَهُمْ. (2)

الأخبار

1-قال أبو الحسن الرضا عليه السّلام: يكون الرجل يصل رحمه فيكون قد بقي من عمره ثلاث سنين فيصيّرها اللّه ثلاثين سنة و يفعل اللّه ما يشاء. (3)

بيان:

في المفردات: «الرحم» رحم المرأة. . . و منه استعير الرحم للقرابة لكونهم خارجين من رحم واحدة، يقال: رحم و رحم.

قال العلاّمة المجلسي رحمه اللّه: اعلم أنّ العلماء اختلفوا في الرحم التي يلزم صلتها، فقيل:

الرحم و القرابة نسبة و اتّصال بين المنتسبين يجمعها رحم واحدة، و قيل: الرحم عبارة عن قرابة الرجل من جهة طرفيه، آبائه و إن علوا، و أولاده و إن سفلوا، و ما يتّصل بالطرفين من الإخوة و الأخوات و أولادهم و الأعمام و العمّات، و قيل:

الرحم التي تجب صلتها كلّ رحم بين اثنين لو كان ذكرا لم يتناكحا، فلا يدخل فيهم أولاد الأعمام و الأخوال.

و قيل: هي عامّ في كلّ ذي رحم من ذوي الأرحام المعروفين بالنسب محرّمات أو غير محرّمات و إن بعدوا، و هذا أقرب إلى الصواب بشرط أن يكونوا في العرف من الأقارب، و إلاّ فجميع الناس يجمعهم آدم و حواء. . .

و قال الشهيد الثاني رحمه اللّه: اختلف الأصحاب في أنّ القرابة من هم؟ لعدم النصّ

ص:500


1- -الإسراء:26 و بمدلولها في الروم:38
2- محمّد صلّى اللّه عليه و آله:22 و 23
3- الكافي ج 2 ص 121 باب صلة الرحم ح 3

الوارد في تحقيقه، فالأكثر أحالوه على العرف و هم المعروفون بنسبه عادة، سواء في ذلك الوارث و غيره. . . (المرآة ج 8 ص 360)

أقول: المراد بصلة الرحم الإحسان إليهم و التعطّف عليهم و الرفق بهم و الرعاية لأحوالهم و الإنفاق إليهم، و قطع الرحم ضدّ ذلك كلّه، و لصلة الرحم درجات متفاوتة أدناها الكلام و السلام و ترك المهاجرة، و يختلف ذلك أيضا باختلاف القدرة عليها و الحاجة إليها، فمن الصلة ما يجب و هو ما يخرج به عن القطيعة، فإنّ قطيعة الرحم معصية بل هي من الكبائر، و منها ما يستحبّ و هو ما زاد على ذلك.

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: أنّ رجلا أتى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال: يا رسول اللّه، أهل بيتي أبوا إلاّ توثّبا عليّ، و قطيعة لي و شتيمة، فأرفضهم؟ قال: إذا يرفضكم اللّه جميعا، قال: فكيف أصنع؟ قال: تصل من قطعك، و تعطي من حرمك، و تعفو عمّن ظلمك، فإنّك إذا فعلت ذلك كان لك من اللّه عليهم ظهير. (1)

بيان:

«توثّبا عليّ» الوثب: الطفر (جستن) و واثبه بادره و انقضّ عليه و توثّب عليه في أرضه استولى عليها ظلما. «الشتيمة» : اسم من شتم أي الفحش. «رفضه» : أي تركه، و المراد برفض اللّه سلب رحمته و نصرته و إنزال عقوبته.

3-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: صلة الأرحام تزكّي الأعمال، و تنمي الأموال، و تدفع البلوى، و تيسّر الحساب، و تنسيء في الأجل. (2)

بيان:

«تزكّي الأعمال» : أي تنميها في الثواب أو تطهّرها من النقائص أو تصيّرها مقبولة

ص:501


1- -الكافي ج 2 ص 120 ح 2
2- الكافي ج 2 ص 121 ح 4

«تنسيء في الأجل» : أي تؤخّر فيه من النسأ أي التأخير.

أقول: في ح 9: «منساة في الأجل» و المعنى واحد.

4-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أوصي الشاهد من امّتي و الغائب منهم، و من في أصلاب الرجال و أرحام النساء إلى يوم القيامة؛ أن يصل الرحم و إن كانت منه على مسيرة سنة، فإنّ ذلك من الدين. (1)

5-عن أبي حمزة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: صلة الأرحام تحسّن الخلق، و تسمّح الكفّ، و تطيّب النفس، و تزيد في الرزق، و تنسيء في الأجل. (2)

6-عن البزنطي عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:

صل رحمك و لو بشربة من ماء، و أفضل ما توصل به الرحم كفّ الأذى عنها، و صلة الرحم منسأة في الأجل، محببة في الأهل. (3)

بيان:

في المرآة، «محببة» : في بعض النسخ على صيغة اسم الفاعل من باب التفعيل، و في بعضها بفتح الميم على بناء المجرد، إمّا على المصدر على المبالغة أي سبب لمحبّة الأهل أو اسم المكان أي مظنّة كثرة المحبّة لأنّ الإنسان عبيد الإحسان.

7-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: صلة الرحم و حسن الجوار، يعمران الديار و يزيدان في الأعمار. (4)

8-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ أعجل الخير ثوابا صلة الرحم. (5)

ص:502


1- -الكافي ج 2 ص 121 ح 5
2- الكافي ج 2 ص 121 ح 6-و مثله ح 12 عن أبي جعفر عليه السّلام
3- الكافي ج 2 ص 121 ح 9
4- الكافي ج 2 ص 122 ح 14
5- الكافي ج 2 ص 122 ح 15

9-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: صلوا أرحامكم و لو بالتسليم، يقول اللّه تبارك و تعالى: وَ اِتَّقُوا اَللّهَ اَلَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَ اَلْأَرْحامَ إِنَّ اَللّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً. (1)

10-عن إسحاق بن عمّار قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ صلة الرحم و البرّ ليهوّنان الحساب و يعصمان من الذنوب، فصلوا أرحامكم، و برّوا بإخوانكم و لو بحسن السلام و ردّ الجواب. (2)

11-عن الجهم بن حميد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: تكون لي القرابة على غير أمري، أ لهم عليّ حقّ؟ قال: نعم حقّ الرحم لا يقطعه شيء، و إذا كانوا على أمرك كان لهم حقّان: حقّ الرحم و حقّ الإسلام. (3)

12-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إذا قطعوا الأرحام جعلت الأموال في أيدي الأشرار. (4)

13-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كفر باللّه من تبرّأ من نسب و إن دقّ. (5)

بيان:

«و إن دقّ» : يعني و إن بعد، أو و إن كان خسيسا دنيّا. (المرآة ج 10 ص 376)

14-عن الصادق جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا ظهر العلم و احترز العمل و ائتلفت الألسن و اختلفت القلوب و تقاطعت

ص:503


1- -الكافي ج 2 ص 124 ح 22
2- الكافي ج 2 ص 125 ح 31
3- الكافي ج 2 ص 125 ح 30
4- الكافي ج 2 ص 260 باب قطيعة الرحم ح 8
5- الكافي ج 2 ص 261 باب الانتفاء ح 1 و 2

الأرحام هنالك لعنهم اللّه فأصمّهم و أعمى أبصارهم. (1)

15-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في كلام له: إيّاكم و عقوق الوالدين فإنّ ريح الجنّة يوجد من مسيرة ألف عام، و لا يجدها عاقّ و لا قاطع، و لا شيخ زان و لا جارّ إزاره خيلاء إنّما الكبرياء للّه ربّ العالمين. (2)

16-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: قطيعة الرحم تحجب الدعاء. (3)

17-في حديث مناهي النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: من مشى إلى ذي قرابة بنفسه و ماله ليصل رحمه، أعطاه اللّه عزّ و جلّ أجر مائة شهيد، و له بكلّ خطوة أربعون ألف حسنة و يمحى عنه أربعون ألف سيّئة، و يرفع له من الدرجات مثل ذلك، و كأنّما عبد اللّه مائة سنة صابرا محتسبا. (4)

18-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ في الجنّة درجة لا يبلغها إلاّ إمام عادل، أو ذو رحم وصول، أو ذو عيال صبور. (5)

19-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: قطيعة الرحم تورث الفقر. (6)

20-عن الحسين بن زيد عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ المرء ليصل رحمه و ما بقي من عمره إلاّ ثلاث سنين فيمدّها اللّه إلى ثلاث و ثلاثين سنة، و إنّ المرء ليقطع رحمه و قد بقي من عمره ثلاث و ثلاثون سنة، فيقصّرها اللّه إلى ثلاث سنين أو أدنى.

قال الحسين: و كان جعفر يتلو هذه الآية: يَمْحُوا اَللّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ

ص:504


1- -الوسائل ج 21 ص 494 ب 95 من أحكام الأولاد ح 7
2- الوسائل ج 21 ص 501 ب 104 ح 6
3- المستدرك ج 15 ص 185 ب 71 من أحكام الأولاد ح 14
4- البحار ج 74 ص 89 باب صلة الرحم ح 6
5- البحار ج 74 ص 90 ح 9
6- البحار ج 74 ص 91 ح 12

اَلْكِتابِ (1). (2)

21-في نهج البلاغة قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و أكرم عشيرتك، فإنّهم جناحك الذي به تطير، و أصلك الذي إليه تصير، و يدك التي بها تصول. (3)

أقول:

لاحظ ما يناسب المقام في أبواب جهنّم، الذنب، الصدقة، عرض الأعمال، الوالدين و. . .

ص:505


1- -الرعد:39
2- البحار ج 74 ص 99 ح 42
3- البحار ج 74 ص 105 ح 67

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393735312C22426F6F6B4944223A31363731392C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3530362C2253686F77506167654E756D223A22353036222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030322F424B31353931344730303253312F424B3135393134473030325331503530362E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

71- الرزق

الآيات

1- . . . هُدىً لِلْمُتَّقِينَ- اَلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَ يُقِيمُونَ اَلصَّلاةَ وَ مِمّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ. (1)

2- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمّا رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ. . . (2)

3- . . . إِنَّ اَللّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ. (3)

4- . . . كُلُوا مِمّا رَزَقَكُمُ اَللّهُ وَ لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ اَلشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ. (4)

5- . . . فَآواكُمْ وَ أَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَ رَزَقَكُمْ مِنَ اَلطَّيِّباتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ. (5)

ص:507


1- -البقرة:2 و 3 و بمدلولها في الأنفال:3
2- البقرة:254
3- آل عمران:37 و بهذا المعنى آيات كثيرة.
4- الأنعام:142
5- الأنفال:26

6- . . . وَ أَقامُوا اَلصَّلاةَ وَ أَنْفَقُوا مِمّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَ عَلانِيَةً. . . (1)

7- اَللّهُ يَبْسُطُ اَلرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَ يَقْدِرُ. . . (2)

8- وَ اَللّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي اَلرِّزْقِ. . . (3)

9- فَكُلُوا مِمّا رَزَقَكُمُ اَللّهُ حَلالاً طَيِّباً وَ اُشْكُرُوا نِعْمَتَ اَللّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيّاهُ تَعْبُدُونَ. (4)

10- كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَ لا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي. . . (5)

11- وَ كَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا، اَللّهُ يَرْزُقُها وَ إِيّاكُمْ وَ هُوَ اَلسَّمِيعُ اَلْعَلِيمُ. (6)

12- . . . هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اَللّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ اَلسَّماءِ وَ اَلْأَرْضِ. . . (7)

13- وَ لَوْ بَسَطَ اَللّهُ اَلرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي اَلْأَرْضِ وَ لكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ. (8)

14- وَ فِي اَلسَّماءِ رِزْقُكُمْ وَ ما تُوعَدُونَ- فَوَ رَبِّ اَلسَّماءِ وَ اَلْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ. (9)

ص:508


1- -الرعد:22
2- الرعد:26
3- النحل:71
4- النحل:114 و بمضمونها في البقرة:172
5- طه:81
6- العنكبوت:60
7- فاطر:3 و بمعناها آيات كثيرة
8- الشورى:27
9- الذاريات:22 و 23

15- وَ أَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ اَلْمَوْتُ. . . (1)

16- . . . وَ مَنْ يَتَّقِ اَللّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً- وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ. . . (2)

الأخبار

1-عن الصادق جعفر بن محمّد عليه السّلام أنّه جاء إليه رجل، فقال له: بأبي أنت و أمّي يا بن رسول اللّه، علّمني موعظة، فقال عليه السّلام: إن كان اللّه تبارك و تعالى قد تكفّل بالرزق فاهتمامك لماذا، و إن كان الرزق مقسوما فالحرص لماذا، و إن كان الحساب حقّا فالجمع لماذا. . . (3)

بيان:

في النهاية ج 2 ص 219، الأرزاق نوعان: ظاهرة للأبدان كالأقوات، و باطنة للقلوب و النفوس كالمعارف و العلوم. و في المصباح، و الرزق بالكسر اسم للمرزوق و الجمع الأرزاق. . . و في المفردات: الرزق، يقال للعطاء الجاري تارة دنيويّا كان أم اخرويّا، و للنصيب تارة، و لما يصل إلى الجوف و يتغذّى به تارة، يقال: أعطى السلطان رزق الجند، و رزقت علما. . .

2-عن حمّاد بن عيسى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام:

كان فيما وعظ به لقمان ابنه أن قال له: يا بنيّ، ليعتبر من قصر يقينه و ضعفت نيّته في طلب الرزق، إنّ اللّه تبارك و تعالى خلقه في ثلاثة أحوال من أمره، و آتاه رزقه، و لم يكن له في واحدة منها كسب و لا حيلة، إنّ اللّه تبارك و تعالى سيرزقه في الحال الرابعة.

أمّا أوّل ذلك فإنّه كان في رحم امّه يرزقه هناك في قرار مكين حيث لا يؤذيه

ص:509


1- -المنافقون:10
2- الطلاق:2 و 3
3- أمالي الصدوق ص 7 م 2 ح 5

حرّ و لا برد، ثمّ أخرجه من ذلك و أجرى له رزقا من لبن امّه يكفيه به و يربّيه و ينعشه من غير حول به و لا قوّة، ثمّ فطم من ذلك فأجرى له رزقا من كسب أبويه برأفة و رحمة له من قلوبهما لا يملكان غير ذلك، حتّى أنّهما يؤثرانه على أنفسهما في أحوال كثيرة، حتّى إذا كبر و عقل و اكتسب لنفسه ضاق به أمره و ظنّ الظنون بربّه و جحد الحقوق في ماله و قتر على نفسه و عياله مخافة إقتار رزق و سوء يقين (ظنّ و يقين ف ن) بالخلف من اللّه تبارك و تعالى في العاجل و الآجل، فبئس العبد هذا يا بنيّ. (1)

بيان:

«ينعشه» : أي يتداركه من الهلكة. «فطم الولد» : فصله عن الرضاع. «الخلف» :

البدل و العوض.

3-عن الأصبغ قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: قال اللّه تبارك و تعالى لموسى عليه السّلام: يا موسى، احفظ وصيّتي لك بأربعة أشياء: أوّلهنّ ما دمت لا ترى ذنوبك تغفر فلا تشغل بعيوب غيرك، و الثانية ما دمت لا ترى كنوزي قد نفدت فلا تغتمّ بسبب رزقك، و الثالثة ما دمت لا ترى زوال ملكي فلا ترج أحدا غيري، و الرابعة ما دمت لا ترى الشيطان ميّتا فلا تأمن مكره. (2)

4-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الرزق يطلب العبد أشدّ طلبا من أجله. (3)

5-و قال صلّى اللّه عليه و آله: لأبي ذرّ: يا أبا ذرّ، لو أنّ ابن آدم فرّ من رزقه كما يفرّ من الموت لأدركه رزقه كما يدركه الموت. (4)

ص:510


1- -الخصال ج 1 ص 122 باب الثلاثة ح 114
2- الخصال ج 1 ص 217 باب الأربعة ح 41(التوحيد للصدوق رحمه اللّه ص 372 باب القضاء و القدر ح 14)
3- جامع الأخبار ص 108 ف 65
4- جامع الأخبار ص 108

6-عن جعفر عن أبيه عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ الرزق لينزل من السماء إلى الأرض على عدد قطر المطر إلى كلّ نفس بما قدّر لها، و لكن للّه فضول فأسألوا اللّه من فضله. (1)

7-لمّا نزلت هذه الآية: وَ سْئَلُوا اَللّهَ مِنْ فَضْلِهِ فقال أصحاب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ما هذا الفضل؟ أيّكم يسأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن ذلك؟ فقال عليّ بن أبي طالب عليه السّلام: أنا أسأله فسأله عن ذلك الفضل ما هو؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه خلق خلقه و قسّم لهم أرزاقهم من حلّها و عرض لهم بالحرام فمن انتهك حراما نقص له من الحلال بقدر ما انتهك من الحرام و حوسب به. (2)

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه تبارك و تعالى: وَ ما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاّ وَ هُمْ مُشْرِكُونَ قال: هو قول الرجل: لو لا فلان لهلكت، و لو لا فلان لما أصبت كذا و كذا، و لو لا فلان لضاع عيالي، أ لا ترى أنّه قد جعل للّه شريكا في ملكه يرزقه و يدفع عنه؟ قلت: فنقول: لو لا أنّ اللّه منّ عليّ بفلان لهلكت، قال:

نعم لا بأس بهذا و نحوه. (3)

9-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لو أنّكم تتوكّلون على اللّه حقّ توكّله لرزقكم كما يرزق الطير؛ تغدو خماصا و تروح بطانا. (4)

10-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من لم يعلم فضل نعم اللّه عزّ و جلّ عليه إلاّ في مطعمه و مشربه فقد قصر علمه و دنا عذابه. (5)

11-في خبر مناهي النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: من لم يرض بما قسم اللّه له من الرزق،

ص:511


1- -البحار ج 5 ص 145 باب الأرزاق ح 1
2- البحار ج 5 ص 146 ح 3
3- البحار ج 5 ص 148 ح 12
4- البحار ج 71 ص 151 باب التوكّل ح 51
5- البحار ج 71 ص 49 باب الشكر ح 64

و بثّ شكواه، و لم يصبر و لم يحتسب، لم ترفع له حسنة، و يلقى اللّه و هو عليه غضبان إلاّ أن يتوب. (1)

12-عن ابن مسعود قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: قال اللّه تبارك و تعالى:

يا ابن آدم، يؤتى كلّ يوم برزقك و أنت تحزن، و ينقص كلّ يوم من عمرك و أنت تفرح، أنت فيما يكفيك و تطلب ما يطغيك، لا بقليل تقنع و لا من كثير تشبع. (2)

13-قال سيّدنا الصادق عليه السّلام: من اهتمّ لرزقه كتب عليه خطيئة، إنّ دانيال كان في زمن ملك جبّار عات أخذه فطرحه في جبّ و طرح معه السباع فلم تدنوا منه و لم تجرحه، فأوحى اللّه إلى نبيّ من أنبيائه: أن ائت دانيال بطعام، قال: يا ربّ، و أين دانيال؟ قال: تخرج من القرية فيستقبلك ضبع، فاتّبعه فإنّه يدلّك، فأتت به الضبع إلى ذلك الجبّ، فإذا فيه دانيال فأدلى إليه الطعام.

فقال دانيال: «الحمد للّه الذي لا ينسى من ذكره، الحمد للّه الذي لا يخيب من دعاه، الحمد للّه الذي من توكّل عليه كفاه، الحمد للّه الذي من وثق به لم يكله إلى غيره، الحمد للّه الذي يجزي بالإحسان إحسانا و بالصبر نجاتا» .

ثمّ قال الصادق عليه السّلام: إنّ اللّه أبى إلاّ (أن) يجعل أرزاق المتّقين من حيث لا يحتسبون، و أن لا يقبل لأوليائه شهادة في دولة الظالمين. (3)

بيان:

«عات» يقال بالفارسيّة: سركش. «ضبع» يقال بالفارسيّة: كفتار.

14-عن عبد اللّه بن سليمان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ اللّه عزّ و جلّ أوسع في أرزاق الحمقى لتعتبر العقلاء، و يعلموا أنّ الدنيا لا تنال بالعقل

ص:512


1- -البحار ج 72 ص 326 باب ذمّ الشكاية ح 6
2- البحار ج 103 ص 27 باب الإجمال في الطلب ح 39
3- البحار ج 103 ص 28 ح 45

و لا بالحيلة. (1)

15-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أبى اللّه أن يرزق عبده إلاّ من حيث لا يعلم، فإنّ العبد إذا لم يعلم وجه رزقه كثر دعاؤه. (2)

16-عن الحسين عليه السّلام أنّه قال لرجل: يا هذا، لا تجاهد في الرزق جهاد الغالب، و لا تتّكل على القدر اتّكال مستسلم، فإنّ اتّباع الرزق من السنّة، و الإجمال في الطلب من العفّة، و ليس العفّة بمانعة رزقا.

قال عليه السّلام: و لا الحرص بجالب فضلا و إنّ الرزق مقسوم، و الأجل مخترم، و استعمال الحرص طلب المأثم. (3)

بيان:

اخترمه: أهلكه و استأصله، و اخترمه الموت: أخذه و «المخترم» : المهلك.

17-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لو كان العبد في حجر لأتاه رزقه فأجملوا في الطلب. (4)

18-إنّ سليمان عليه السّلام كان جالسا على شاطىء بحر فبصر بنملة تحمل حبّة قمح تذهب بها نحو البحر، فجعل سليمان ينظر إليها حتّى بلغت الماء فإذا بضفدعة قد أخرجت رأسها من الماء و فتحت فاها، فدخلت النملة فاها و غاصت الضفدعة في البحر ساعة طويلة، و سليمان يتفكّر في ذلك متعجّبا، ثمّ إنّها خرجت من الماء و فتحت فاها فخرجت النملة من فيها، و لم تكن معها الحبّة فدعاها سليمان و سألها عن حالها و شأنها و أين كانت.

فقالت: يا نبيّ اللّه، في قعر هذا البحر الذي تراه صخرة مجوفّة و في جوفها دودة

ص:513


1- -البحار ج 103 ص 28 ح 47
2- البحار ج 103 ص 30 ح 55
3- البحار ج 103 ص 27 ح 41 و 42-و بمضمونه ح 66 عن المجتبى عليه السّلام
4- البحار ج 103 ص 35 ح 71( التمحيص ص 53 ح 103)

عمياء، و قد خلقها اللّه تعالى هنالك فلا تقدر أن تخرج منها لطلب معاشها و قد وكّلني اللّه برزقها، فأنا أحمل رزقها و سخّر اللّه هذه الضفدعة لتحملني فلا يضرّني الماء في فيها، و تضع فاها على ثقب الصخرة و أدخلها، ثمّ إذا أوصلت رزقها إليها خرجت من ثقب الصخرة إلى فيها فتخرجني من البحر.

قال سليمان: و هل سمعت لها من تسبيحة؟ قالت: نعم، تقول: يا من لا تنساني في جوف هذه الصخرة تحت هذه اللجّة برزقك، لا تنس عبادك المؤمنين برحمتك. (1)

بيان:

«القمح» : البرّ (گندم) . «الضفدعة» : يقال بالفارسيّة: قورباغه.

19-عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل قال: لأقعدنّ في بيتي، و لأصلّينّ و لأصومنّ و لأعبدنّ ربّي، فأمّا رزقي فسيأتيني، فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: هذا أحد الثلاثة الذين لا يستجاب لهم. (2)

20-إسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ خلق الخلق، و خلق معهم أرزاقهم حلالا، فمن تناول شيئا منها حراما قصّ به من ذلك الحلال. (3)

21-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: . . . و قدّر الأرزاق فكثّرها و قلّلها و قسّمها على الضيق و السعة، فعدل فيها ليبتلي من أراد بميسورها و معسورها، و ليختبر بذلك الشكر و الصبر من غنيّها و فقيرها، ثمّ قرن بسعتها عقابيل فاقتها، و بسلامتها طوارق آفاتها، و بفرج أفراحها غصص أتراحها. . . (4)

ص:514


1- -البحار ج 103 ص 36 ح 76
2- الوسائل ج 17 ص 25 ب 5 من مقدّمات التجارات ح 2
3- الوسائل ج 17 ص 46 ب 12 ح 6
4- نهج البلاغة ص 262 في خ 90-صبحي ص 134 في خ 91

بيان:

«العقابيل» : الشدائد، جمع عقبول و عقبولة، و أصل العقابيل: قروح صغار تخرج بالشفة من آثار المرض (تب خال) . «الفرج» : جمع فرجة، و هي التفصّي من الهمّ «الغصّة» : جمع غصص و هي الشجى في الحلق، و هنا كناية عن الهمّ و الحزن و الاضطراب. «الترح» : جمع أتراح، و هو الغمّ و الهلاك.

22-في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: . . . و اعلم يا بنيّ، أنّ الرزق رزقان: رزق تطلبه و رزق يطلبك، فإن أنت لم تأته أتاك، ما أقبح الخضوع عند الحاجة، و الجفاء عند الغنى، إنّما لك من دنياك ما أصلحت به مثواك. . . (1)

23-و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الرزق رزقان: رزق تطلبه و رزق يطلبك فإن لم تأته أتاك، فلا تحمل همّ سنتك على همّ يومك، كفاك كلّ يوم ما فيه، فإن تكن السنة من عمرك فإن اللّه تعالى سيؤتيك في كلّ غد جديد ما قسم لك، و إن لم تكن السنة من عمرك فما تصنع بالهمّ لما ليس لك، و لن يسبقك إلى رزقك طالب، و لن يغلبك عليه غالب، و لن يبطئ عنك ما قد قدر لك. (2)

24-و قال عليه السّلام: يا بن آدم، لا تحمل همّ يومك الذي لم يأتك على يومك الذي قد أتاك، فإنّه إن يك من عمرك يأت اللّه فيه برزقك. (3)

أقول:

لاحظ ما يناسب المقام في أبواب الحرص، الحرام، الذنب، الفقر و. . .

ص:515


1- -نهج البلاغة ص 935 في ر 31
2- نهج البلاغة ص 1266 ح 371
3- نهج البلاغة ص 1216 ح 259
أسباب ازدياد الرزق

1-عن سعيد بن علاقة قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: . . . ثمّ قال عليه السّلام: أ لا أنبّئكم بعد ذلك بما يزيد في الرزق؟ قالوا: بلى يا أمير المؤمنين، فقال:

الجمع بين الصلاتين يزيد في الرزق، و التعقيب بعد الغداة و بعد العصر يزيد في الرزق، و صلة الرحم يزيد في الرزق، و كسح الفنا يزيد في الرزق، و مواساة الأخ في اللّه عزّ و جلّ يزيد في الرزق، و البكور في طلب الرزق يزيد في الرزق، و الاستغفار يزيد في الرزق.

و استعمال الأمانة يزيد في الرزق، و قول الحقّ يزيد في الرزق، و إجابة المؤذّن يزيد في الرزق، و ترك الكلام في الخلاء يزيد في الرزق، و ترك الحرص يزيد في الرزق، و شكر المنعم يزيد في الرزق، و اجتناب اليمين الكاذبة يزيد في الرزق، و الوضوء قبل الطعام يزيد في الرزق، و أكل ما يسقط من الخوان يزيد في الرزق، و من سبّح اللّه كلّ يوم ثلاثين مرّة دفع اللّه عزّ و جلّ عنه سبعين نوعا من البلاء أيسرها الفقر. (1)

بيان:

«الفناء» : الساحة أمام البيت.

2-عن زيد الشحّام عن أبي جعفر عليه السّلام قال: ادع في طلب الرزق في المكتوبة و أنت ساجد: «يا خير المسؤولين و يا خير المعطين ارزقني و ارزق

ص:516


1- -الخصال ج 2 ص 504 باب الستّة عشر ح 2

عيالي من فضلك الواسع فإنّك ذو الفضل العظيم» . (1)

3-عن الحسين بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قلت له: جعلت فداك إنّهم يقولون: إنّ النوم بعد الفجر مكروه لأنّ الأرزاق تقسّم في ذلك الوقت، فقال:

الأرزاق موظوفة مقسومة، و للّه فضل يقسّمه من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، و ذلك قوله: وَ سْئَلُوا اَللّهَ مِنْ فَضْلِهِ ثمّ قال: و ذكر اللّه بعد طلوع الفجر أبلغ في طلب الرزق من الضرب في الأرض. (2)

4-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا يزيد في الرزق و لا يردّ القدر إلاّ الدعاء و لا يزيد [في]العمر إلاّ البرّ.

. . . و أقوى الأسباب الجالبة للرزق، إقامة الصلاة بالتعظيم و الخشوع، و قراءة سورة «الواقعة» خصوصا بالليل و وقت العشاء، و سورة «يس» و «تَبارَكَ اَلَّذِي بِيَدِهِ اَلْمُلْكُ» وقت الصبح، و حضور المسجد قبل الأذان و المداومة على الطهارة و أداء سنّة الفجر و الوتر في البيت، و أن لا يتكلّم بكلام اللغو. . . (3)

أقول:

نذكر موجبات ازدياد الرزق على الاختصار:

منها: الاستغفار و يدلّ على ذلك أخبار كثيرة، مرّ بعضها في باب الاستغفار.

قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الاستغفار يزيد في الرزق. (4)

و قال عليه السّلام لكميل: و إذا أبطأت الأرزاق عليك، فاستغفر اللّه يوسّع عليك فيها. (5)

ص:517


1- -الكافي ج 2 ص 401 باب الدعاء للرزق ح 4
2- البحار ج 5 ص 147 باب الأرزاق ح 7
3- آداب المتعلّمين ف 12 فيما يجلب الرزق. . .
4- البحار ج 93 ص 277 باب الاستغفار ح 4
5- البحار ج 77 ص 272

في مواعظ الصادق عليه السّلام، قال عليه السّلام لسفيان الثوريّ: . . . و إذا استبطأت الرزق فأكثر من الاستغفار، فإنّ اللّه عزّ و جلّ قال في كتابه: اِسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفّاراً- يُرْسِلِ اَلسَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً- وَ يُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ (1). . . (2)

و منها: قراءة القرآن في البيت. لاحظ باب القرآن.

و منها: الشكر (راجع بابه) .

قال اللّه تعالى: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ. . . (3).

و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: شكر المنعم يزيد في الرزق. (4)

و منها: الإنفاق و الصدقة، و يدلّ على ذلك آيات و أخبار كثيرة، لاحظ أبواب الزكوة، الصدقة، الطعام و. . .

و عن الرضا عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: التوحيد نصف الدين، و استنزلوا الرزق [من عند اللّه]بالصدقة. (5)

و منها: صلاة الليل راجع بابها.

و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: صلاة الليل تحسّن الوجه، و تحسّن الخلق، و تطيّب الريح، و تدرّ الرزق، و تقضي الدين، و تذهب بالهمّ و تجلو البصر. (6)

و منها: صلة الرحم خصوصا الأبوين، و قد مرّت الأخبار في بابها.

و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من سرّه أن يمدّ له في عمره و يبسط في رزقه فليصل أبويه،

ص:518


1- -نوح:10 إلى 12
2- البحار ج 78 ص 201
3- إبراهيم:7
4- البحار ج 71 ص 44
5- التوحيد للصدوق رحمه اللّه ص 68 ب 2 ح 24-البحار ج 76 ص 316
6- البحار ج 87 ص 153

فإنّ صلتهما طاعة اللّه، و ليصل ذا رحمه. (1)

و منها: القول الحسن.

عن علي بن الحسين عليه السّلام قال: القول الحسن يثري المال، و ينمي الرزق، و ينسي في الأجل، و يحبّب إلى الأهل، و يدخل الجنّة. (2)

و منها: حسن النيّة.

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من صدق لسانه زكى عمله، و من حسنت نيّته زيد في رزقه، و من حسن برّه بأهل بيته زيد في عمره. (3)

و منها: حسن الجوار.

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: حسن الجوار يزيد في الرزق. (4)

و منها: الدعاء لأخ المؤمن.

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ دعاء الأخ المؤمن لأخيه بظهر الغيب مستجاب، و يدرّ الرزق، و يدفع المكروه. (5)

و منها: الصلوات الموجبة للسعة و الرزق كركعتين بعد العشاء الآخرة كما في المستدرك، و صلاة الاستغفار و صلاة الرزق كما في مكارم الأخلاق، و الصلاة المعروفة بالكاملة كما في جمال الأسبوع و. . .

و منها: الأدعية و الأذكار الواردة لسعة الرزق، و هي كثيرة، و من أراد فليلاحظ كتب الأدعية.

ص:519


1- -البحار ج 74 ص 85 ح 96
2- البحار ج 71 ص 310 باب قول الخير و القول الحسن ح 1
3- البحار ج 70 ص 205 باب النيّة ح 15
4- البحار ج 74 ص 153 باب حقّ الجار ح 14
5- الوسائل ج 7 ص 109 ب 41 من الدعاء ح 11

و منها: إطالة الوقوف على الصفا و المروة.

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من أراد أن يكثر ماله فليطل الوقوف على الصفا و المروة. (1)

و منها: الاستغناء.

قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من استغنى أغناه اللّه، و من استعفّ أعفّه اللّه. . . (2)

و منها: الرجوع من غير الطريق الذي أخذ فيه

عن ابن بزيع قال: قلت للرضا عليه السّلام: إنّ الناس رووا أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان إذا أخذ في طريق رجع في غيره، فهكذا كان يفعل؟ قال: فقال: نعم، فأنا أفعله كثيرا فافعله، ثمّ قال لي: أما إنّه أرزق لك. (3)

و منها: إطعام الطعام، راجع بابه و باب الضيافة.

و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: . . . إنّهم إذا دخلوا عليك دخلوا برزق من اللّه عزّ و جلّ كثير، و إذا خرجوا خرجوا بالمغفرة لك. (4)

و منها: التزويج

عن اسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: الحديث الذي يرويه الناس حقّ أنّ رجلا أتى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فشكا إليه الحاجة فأمره بالتزويج ففعل، ثمّ أتاه فشكا إليه الحاجة فأمره بالتزويج، حتّى أمره ثلاث مرّات؟ فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: [نعم]هو حقّ، ثمّ قال: الرزق مع النساء و العيال. (5)

و منها: التجارة، لاحظ بابها.

ص:520


1- -الوسائل ج 13 ص 479 ب 5 من السعي ح 2
2- البحار ج 96 ص 158 باب ذمّ السؤال في ح 37
3- الكافي ج 8 ص 147 ح 124
4- البحار ج 74 ص 375 باب إطعام المؤمن ح 71
5- الكافي ج 5 ص 330 باب أنّ التزويج يزيد في الرزق ح 4

و منها: إعطاء الزكاة، راجع باب الزكاة.

و منها: التوكّل على اللّه، راجع باب التوكّل و الاعتصام باللّه تعالى.

و منها: حسن التدبير

قال عليّ عليه السّلام: حسن التدبير ينمي قليل المال، و سوء التدبير يفني كثيره. (1)

و منها: حسن الخلق و السخاء.

قال أمير المؤمنين عليه السّلام: عليكم بالسخاء و حسن الخلق، فإنّهما يزيدان الرزق و يوجبان المحبّة. (2)

و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: حسن الخلق يزيد في الرزق. (3)

و منها: الرفق

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أيّما أهل بيت أعطوا حظّهم من الرفق فقد وسّع اللّه عليهم في الرزق، و الرفق في تقدير المعيشة خير من السعة في المال، و الرفق لا يعجز عنه شيء، و التبذير لا يبقى معه شيء، إنّ اللّه عزّ و جلّ رفيق يحبّ الرفق. (4)

و منها: زيارة الحسين عليه السّلام، لاحظ بابها.

و عن أبي جعفر عليه السّلام قال: مروا شيعتنا بزيارة قبر الحسين عليه السّلام فإنّ اتيانه يزيد في الرزق، و يمدّ في العمر، و يدفع مدافع السوء، و اتيانه مفترض على كلّ مؤمن يقرّ له بالإمامة من اللّه. (5)

ص:521


1- -الغرر ج 1 ص 377 ف 27 ح 30
2- الغرر ج 2 ص 485 ف 50 ح 12
3- البحار ج 71 ص 396 باب حسن الخلق ح 77
4- البحار ج 75 ص 60 باب الرفق و اللين ح 28
5- البحار ج 101 ص 48 ب 23 ح 17

و منها: البرّ بالأهل.

قال الصادق عليه السّلام: . . . من حسن برّه بأهل بيته زيد في رزقه. (1)

و منها: صوم أربعة أيّام من شعبان.

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (في حديث طويل) : و من صام أربعة أيّام من شعبان وسّع عليه في الرزق. (2)

و منها: دوام الطهارة

عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه شكا إليه رجل قلّة الرزق، فقال صلّى اللّه عليه و آله: «أدم الطهارة يدم عليك الرزق» ففعل الرجل ذلك فوسع عليه الرزق. (3)

و عن عبد اللّه بن سلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من توضّأ لكلّ حدث، و لم يكن دخّالا على النساء في البيوتات، و لم يكن يكتسب مالا بغير حقّ، رزق من الدنيا بغير حساب. (4)

و منها: قضاء حوائج المؤمنين

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام لحسين الصحّاف: يا حسين، ما ظاهر اللّه على عبد النعم حتّى ظاهر عليه مؤونة الناس، فمن صبر لهم و قام بشأنهم زاده اللّه في نعمه عليه عندهم، و من لم يصبر لهم و لم يقم بشأنهم أزال اللّه عزّ و جلّ عنه تلك النعمة. (5)

و منها: غسل الرأس بالخطمي، راجع باب الحمّام و البحار ج 76.

ص:522


1- -البحار ج 74 ص 104 باب صلة الرحم في ح 64
2- البحار ج 97 ص 69 باب فضائل شهر شعبان في ح 7
3- المستدرك ج 13 ص 41 باب 12 من مقدّمات التجارة ح 8
4- المستدرك ج 13 ص 41 ح 9
5- الكافي ج 4 ص 37 باب مؤونة النعم ح 3

و منها: تسريح الرأس

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: تسريح الرأس يذهب بالوباء و يجلب الرزق و يزيد في الجماع. (1)

و منها: تقليم الأظفار في يوم الخميس أو الجمعة و أخذ الشارب.

عن أبي كهمش قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: علّمني دعاء أستنزل به الرزق، فقال لي: خذ من شاربك و أظفارك، و ليكن ذلك في يوم الجمعة. (2)

و منها: افتتاح الطعام بالملح

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من ذرّ الملح على أوّل لقمة يأكلها استقبل الغنى. (3)

و منها: غسل اليدين قبل الطعام و بعده، راجع الوسائل و البحار ج 66

و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الوضوء قبل الطعام و بعده يزيد في الرزق. (4)

و منها: لعق القصعة

قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من لعق قصعة صلّت عليه الملائكة، و دعت له بالسعة في الرزق، و يكتب له حسنات مضاعفة. (5)

و منها: التخلّل

عن أبي الحسن عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لجعفر عليه السّلام: تخلّل، فإنّ الخلال يجلب الرزق. (6)

ص:523


1- -البحار ج 76 ص 118 باب التمشّط و آدابه ح 7
2- البحار ج 76 ص 110 باب اللحية ح 5
3- الوسائل ج 24 ص 407 باب 95 من آداب المائدة ح 15
4- الخصال ج 1 ص 23 باب الواحد ح 82
5- البحار ج 66 ص 406 باب لعق الأصابع في ح 9
6- الوسائل ج 24 ص 422 باب 104 من آداب المائدة ح 9

و منها: حسن الخطّ

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: استنزلوا الرزق بالصدقة، و البكور مبارك يزيد في جميع النعم، خصوصا في الرزق، و حسن الخطّ من مفاتيح الرزق، و طيب الكلام يزيد في الرزق. (1)

ص:524


1- -البحار ج 76 ص 318 باب ما يورث الفقر و الغنى في ح 6

72- الرشوة

الأخبار

1-عن عمّار بن مروان قال: سألت أبا جعفر عليه السّلام عن الغلول، فقال:

كلّ شيء غلّ من الإمام فهو سحت، و أكل مال اليتيم و شبهه سحت، و السحت أنواع كثيرة منها: أجور الفواجر و ثمن الخمر و النبيذ و المسكر و الربا بعد البيّنة، فأمّا الرشا في الحكم فإنّ ذلك الكفر باللّه العظيم جلّ اسمه و برسوله صلّى اللّه عليه و آله. (1)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة.

بيان: «الغلول» : السرقة من الغنيمة، ثمّ استعمل في كلّ من خان في شيء، يقال:

غلّ غلولا أي خان.

في المرآة ج 19 ص 92، «السحت» : إمّا بمعنى مطلق الحرام أو الحرام الشديد الذي يسحت و يهلك، و هو أظهر. و في مجمع البحرين، السحت: كلّ ما لا يحلّ كسبه، و اشتقاقه من السحت و هو الاستيصال، يقال: سحته و أسحته أي استأصله، و يسمّى الحرام به لأنّه يعقّب عذاب الاستيصال. و قيل: لأنّه لا بركة فيه، و قيل: إنّه يسحت مرؤة الإنسان.

ص:525


1- -الوسائل ج 17 ص 92 ب 5 من ما يكتسب به ح 1

في مجمع البحرين، «الرشوة» بالكسر: ما يعطيه الشخص الحاكم و غيره ليحكم له أو يحمله على ما يريد، و الجمع رشى مثل سدرة و سدر، و الضمّ لغة، و أصلها من الرشا: الحبل الذي يتوصّل به إلى الماء. . . و قيل: من «رشا الفرخ» إذا مدّ عنقه إلى امّه لتزقّه. . .

و قال الشهيد رحمه اللّه في كتاب القضاء من الروضة: تحرم الرشوة؛ بضمّ الراء و كسرها، و هو أخذه مالا من أحدهما أو منهما أو من غيرهما، على الحكم أو الهداية إلى شيء من وجوهه، سواء حكم لباذلها بحقّ أم باطل، و على تحريمها إجماع المسلمين، و عن الباقر عليه السّلام أنّه الكفر باللّه و برسوله صلّى اللّه عليه و آله.

و كما تحرم على المرتشي تحرم على المعطي لإعانته على الإثم و العدوان إلاّ أنّ يتوقّف عليها تحصيل حقّه فتحرم على المرتشي خاصّة. فتجب إعادتها مع وجودها و مع تلفها المثل أو القيمة.

2-عن الأصبغ عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: أيّما وال احتجب عن حوائج الناس احتجب اللّه عنه يوم القيامة و عن حوائجه، و إن أخذ هديّة كان غلولا، و إن أخذ الرشوة فهو مشرك. (1)

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ السحت أنواع كثيرة، فأمّا الرشا في الحكم فهو الكفر باللّه. (2)

4-قال أبو جعفر عليه السّلام: لعن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من نظر إلى فرج امرأة لا تحلّ له، و رجلا خان أخاه في امرأته، و رجلا احتاج الناس إليه لتفقّهه فسألهم الرشوة. (3)

5-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: . . . و قد علمتم أنّه لا ينبغي أن يكون الوالي. . .

ص:526


1- -الوسائل ج 17 ص 94 ح 10
2- الوسائل ج 17 ص 96 ح 16
3- الوسائل ج 27 ص 223 ب 8 من آداب القاضي ح 5

و لا المرتشي في الحكم فيذهب بالحقوق، و يقف بها دون المقاطع، و لا المعطّل للسنّة فيهلك الامّة. . . (1)

بيان:

المراد بالمقاطع؛ الحدود التي عيّنها اللّه.

6-عن سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الرشا في الحكم هو الكفر باللّه. (2)

7-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: الراشي و المرتشي و الماشي بينهما ملعونون. (3)

بيان:

«الراشي» : أي المعطي للرشوة. «المرتشي» : أي الآخذ للرشوة.

8-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إيّاكم و الرشوة فإنّها محض الكفر و لا يشمّ صاحب الرشوة ريح الجنّة. (4)

ص:527


1- -نهج البلاغة ص 407 في خ 131
2- البحار ج 104 ص 274 باب الرشا في الحكم ح 8
3- البحار ج 104 ص 274 ح 9 و 10
4- البحار ج 104 ص 274 ح 12

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393735322C22426F6F6B4944223A31363731392C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3532382C2253686F77506167654E756D223A22353238222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030322F424B31353931344730303253312F424B3135393134473030325331503532382E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

73- الرضاع و اللبن

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ما من لبن رضع به الصبيّ أعظم بركة عليه من لبن امّه. (1)

2-عن جابر بن عبد اللّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا وقع الولد في بطن امّه. . . و جعل اللّه تعالى رزقه في ثديي امّه في أحدهما شرابه و في الآخر طعامه. . . (2)

3-عن عليّ بن جعفر عن أخيه أبي الحسن عليه السّلام قال: سألته عن امرأة ولدت من الزنى، هل يصلح أن يسترضع بلبنها؟ قال: لا يصلح و لا لبن ابنتها التي ولدت من الزنى. (3)

4-عن سعيد بن يسار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا تسترضع الصبيّ المجوسيّة و تسترضع له اليهوديّة و النصرانيّة و لا يشربن الخمر، يمنعن من ذلك. (4)

ص:529


1- -الوسائل ج 21 ص 452 ب 68 من أحكام الأولاد ح 2
2- الوسائل ج 21 ص 453 ب 69 ح 2
3- الوسائل ج 21 ص 462 ب 75 ح 1
4- الوسائل ج 21 ص 464 ب 76 ح 1

بيان:

«تسترضع له اليهوديّة و النصرانيّة» : إذا لم يجد غيرها و إلاّ لا يجوز لأخبار اخر.

5-عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: لبن اليهوديّة و النصرانيّة و المجوسيّة أحبّ إليّ من ولد الزنا. . . (1)

6-عن الفضيل بن يسار قال: قال لي جعفر بن محمّد عليه السّلام: رضاع اليهوديّة و النصرانيّة خير من رضاع الناصبيّة. (2)

7-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: انظروا من يرضع أولادكم، فإنّ الولد يشبّ عليه. (3)

بيان:

«يشبّ عليه» : أي ينمو عليه.

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لا تسترضعوا الحمقاء فإنّ اللبن يغلب الطباع. قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا تسترضعوا الحمقاء، فإنّ اللبن يشبّ عليه. (4)

9-عن جعفر عن أبيه عليهما السّلام: أنّ عليّا عليه السّلام كان يقول: تخيّروا للرضاع كما تخيّرون للنكاح، فإنّ الرضاع يغيّر الطباع. (5)

10-عن محمّد بن مروان قال: قال لي أبو جعفر عليه السّلام: استرضع لولدك بلبن الحسان و إيّاك و القباح، فإنّ اللبن قد يعدي. (6)

ص:530


1- -الوسائل ج 21 ص 464 ح 2
2- الوسائل ج 21 ص 466 ب 77 ح 1
3- الوسائل ج 21 ص 466 ب 78 ح 1
4- الوسائل ج 21 ص 467 ح 3
5- الوسائل ج 21 ص 468 ح 6
6- الوسائل ج 21 ص 468 ب 79 ح 1

بيان:

«يعدي» أي يسري.

11-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ليس للصبيّ لبن خير من لبن امّه. (1)

12-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : توقّوا على أولادكم لبن البغيّ من النساء و المجنونة، فإنّ اللبن يعدي. (2)

أقول:

الآيات و الأخبار في باب اللبن كثيرة، لكن ذكرنا بعض الأخبار في أهميّة الرضاع.

ص:531


1- -المستدرك ج 15 ص 156 ب 48 من أحكام الأولاد ح 1
2- البحار ج 103 ص 323 باب الرضاع ح 9

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393735332C22426F6F6B4944223A31363731392C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3533322C2253686F77506167654E756D223A22353332222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030322F424B31353931344730303253312F424B3135393134473030325331503533322E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

74- الرضا عن اللّه و بقضائه

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: رأس طاعة اللّه الصبر و الرضا عن اللّه فيما أحبّ العبد أو كره، و لا يرضى عبد عن اللّه فيما أحبّ أو كره إلاّ كان خيرا له فيما أحبّ أو كره. (1)

بيان:

«الرضا» : هو إطمينان النفس بقضاء اللّه تعالى عند البلاء و الرخاء، و عدم الاعتراض عليه سبحانه قولا و فعلا و قلبا في شيء من الأشياء. و سيأتي فرقه مع التسليم في باب التسليم.

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ أعلم الناس باللّه أرضاهم بقضاء اللّه عزّ و جلّ. (2)

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: قال اللّه عزّ و جلّ: عبدي المؤمن لا أصرفه في شيء إلاّ جعلته خيرا له، فليرض بقضائي، و ليصبر على بلائي، و ليشكر نعمائي،

ص:533


1- -الكافي ج 2 ص 49 باب الرضا بالقضاء ح 1-و نظيره ح 3
2- الكافي ج 2 ص 49 ح 2

أكتبه يا محمّد، من الصدّيقين عندي. (1)

4-عن داود بن فرقد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: أنّ فيما أوحى اللّه عزّ و جلّ إلى موسى بن عمران عليه السّلام: يا موسى بن عمران، ما خلقت خلقا أحبّ إليّ من عبدي المؤمن فإنّي إنّما أبتليه لما هو خير له، و أعافيه لما هو خير له، و أزوي عنه ما هو شرّ له لما هو خير له و أنا أعلم بما يصلح عليه عبدي، فليصبر على بلائي، و ليشكر نعمائي، و ليرض بقضائي، أكتبه في الصدّيقين عندي إذا عمل برضائي و أطاع أمري. (2)

بيان:

«زوى عنه الشرّ» : أي صرفه عنه.

5-عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: عجبت للمرء المسلم لا يقضي اللّه عزّ و جلّ له قضاء إلاّ كان خيرا له و إن قرض بالمقاريض كان خيرا له، و إن ملك مشارق الأرض و مغاربها كان خيرا له. (3)

6-قال عليّ بن الحسين عليهما السلام: الزهد عشرة أجزاء، أعلى درجة الزهد أدنى درجة الورع، و أعلى درجة الورع أدنى درجة اليقين، و أعلى درجة اليقين أدنى درجة الرضا. (4)

7-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لقى الحسن بن عليّ عليهما السّلام عبد اللّه بن جعفر فقال:

يا عبد اللّه، كيف يكون المؤمن مؤمنا و هو يسخط قسمه، و يحقّر منزلته، و الحاكم عليه اللّه، و أنا الضامن لمن لم يهجس في قلبه إلاّ الرضا أن يدعو اللّه فيستجاب

ص:534


1- -الكافي ج 2 ص 50 ح 6
2- الكافي ج 2 ص 51 ح 7
3- الكافي ج 2 ص 51 ح 8
4- الكافي ج 2 ص 51 ح 10

له. (1)

بيان:

في المرآة ج 8 ص 15، في القاموس: هجس الشيء في صدره يهجس: خطر بباله أو هو أن يحدّث نفسه في صدره، مثل الوسواس.

و يدلّ على أنّ الرضا بالقضاء موجب لاستجابة الدعاء.

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له: بأيّ شيء يعلم المؤمن بأنّه مؤمن؟ قال: بالتسليم للّه، و الرضا فيما ورد عليه من سرور أو سخط. (2)

9-عن أبي عبد اللّه عن أبيه عليهما السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الإيمان له أركان أربعة: التوكّل على اللّه، و تفويض الأمر إلى اللّه، و الرضا بقضاء اللّه، و التسليم لأمر اللّه عزّ و جلّ. (3)

10-عن يونس قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السّلام عن الإيمان و الإسلام، فقال: قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّما هو الإسلام، و الإيمان فوقه بدرجة، و التقوى فوق الإيمان بدرجة، و اليقين فوق التقوى بدرجة، و لم يقسم بين الناس شيء أقلّ من اليقين.

قال: قلت: فأيّ شيء اليقين؟ قال: التوكّل على اللّه، و التسليم للّه، و الرضا بقضاء اللّه، و التفويض إلى اللّه، قلت: فما تفسير ذلك؟ قال: هكذا قال أبو جعفر عليه السّلام. (4)

بيان:

«إنّما هو الإسلام» : لعلّ الضمير راجع إلى الدين، لقوله تعالى: إِنَّ اَلدِّينَ عِنْدَ

ص:535


1- -الكافي ج 2 ص 51 ح 11
2- الكافي ج 2 ص 52 ح 12
3- الكافي ج 2 ص 39 باب خصال المؤمن ح 2
4- الكافي ج 2 ص 43 باب فضل الإيمان على الاسلام ح 5

اَللّهِ اَلْإِسْلامُ

11-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: جاء جبرئيل، فقال: يا رسول اللّه، إنّ اللّه أرسلني إليك بهديّة لم يعطها أحدا قبلك. قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما هي؟ قال: الصبر و أحسن منه، قال: و ما هو؟ قال: الرضا. . . قلت: فما تفسير الرضا؟ قال: الراضي لا يسخط على سيّده أصاب من الدنيا أم لا يصيب منها، و لا يرضى لنفسه باليسير من العمل. . . (1)

12-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ عظيم البلاء يكافأ به عظيم الجزاء، فإذا أحبّ اللّه عبدا ابتلاه بعظيم البلاء، فمن رضي فله عند اللّه الرضا، و من سخط البلاء فله عند اللّه السخط. (2)

13-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الروح و الراحة في الرضا و اليقين، و الهمّ و الحزن في الشكّ و السخط. (3)

14-و قال عليه السّلام: أجرى القلم في محبّة اللّه، فمن أصفاه اللّه بالرضا فقد أكرمه، و من ابتلاه بالسخط فقد أهانه، و الرضا و السخط خلقان من خلق اللّه، و اللّه يزيد في الخلق ما يشاء. (4)

15-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: رفع إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قوم في بعض غزواته فقال: من القوم؟ فقالوا: مؤمنون يا رسول اللّه، قال: و ما بلغ من إيمانكم؟ قالوا: الصبر عند البلاء، و الشكر عند الرخاء، و الرضا بالقضاء. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: حلماء علماء كادوا من الفقه أن يكونوا أنبياء، إن كنتم كما تصفون فلا تبنوا

ص:536


1- -الوسائل ج 15 ص 194 ب 4 من جهاد النفس ح 31
2- الوسائل ج 3 ص 252 ب 75 من الدفن ح 10(الكافي ج 2 ص 197 باب شدّة ابتلاء المؤمن ح 8)
3- مشكوة الأنوار ص 34 ب 1 ف 7
4- مشكوة الأنوار ص 34

ما لا تسكنون، و لا تجمعوا ما لا تأكلون، و اتّقوا اللّه الذي إليه ترجعون. (1)

أقول:

سيأتي نحوه في باب التسليم.

16-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: نعم القرين الرضا. . . (2)

أقول:

في الغرر (ص 771 ف 81 ح 22) قال عليه السّلام: نعم قرين الإيمان الرضا.

17-و قال عليه السّلام في ذكر خبّاب ابن الأرتّ: يرحم اللّه خبّاب ابن الأرتّ فلقد أسلم راغبا، و هاجر طائعا و قنع بالكفاف، و رضي عن اللّه و عاش مجاهدا، طوبى لمن ذكر المعاد، و عمل للحساب، و قنع بالكفاف، و رضي عن اللّه. (3)

18-عن ابن مسعود عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: ثلاث من رزقهنّ فقد رزق خير الدارين: الرضا بالقضاء، و الصبر على البلاء، و الدعاء في الرخاء. (4)

19-روي أنّ موسى عليه السّلام قال: يا ربّ، دلّني على أمر فيه رضاك عنّي أعمله، فأوحى اللّه إليه: أنّ رضاي في كرهك و أنت ما تصبر على ما تكره، قال:

يا ربّ، دلّني عليه، قال: فإنّ رضاي في رضاك بقضائي. (5)

20-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: اعطوا اللّه الرضا من قلوبكم، تظفروا بثواب اللّه تعالى يوم فقركم و الإفلاس. (6)

21-قال الصادق عليه السّلام: ثق باللّه تكن مؤمنا، و ارض بما قسم اللّه لك تكن

ص:537


1- -مشكوة الأنوار ص 34( الكافي ج 2 ص 40 باب خصال المؤمن ح 4)
2- نهج البلاغة ص 1089 ح 4
3- نهج البلاغة ص 1108 ح 41
4- المستدرك ج 2 ص 411 ب 63 من الدفن ح 11
5- المستدرك ج 2 ص 412 ح 12
6- المستدرك ج 2 ص 412 ح 13

غنيّا. (1)

22-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: قال اللّه جلّ جلاله: من لم يرض بقضائي و لم يؤمن بقدري فليلتمس إلها غيري.

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: في كلّ قضاء اللّه عزّ و جلّ خيرة للمؤمن. (2)

23-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من رضي القضاء أتى عليه القضاء و هو مأجور، و من سخط القضاء أتى عليه القضاء و أحبط اللّه أجره. (3)

24-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : من رضي من اللّه بما قسم له استراح بدنه. (4)

25-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: رأس طاعة اللّه الرضا بما صنع اللّه فيما أحبّ العبد و فيما كره و لم يصنع اللّه بعبد شيئا إلاّ و هو خير له. (5)

26-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الرضا بمكروه القضاء من أعلى درجات اليقين. (6)

27-في وصيّة الصادق لولده موسى عليهما السّلام: . . . و من لم يرض بما قسم اللّه عزّ و جلّ اتّهم اللّه تعالى في قضائه. . . (7)

28-قال الصادق عليه السّلام: صفة الرضا أن يرضى المحبوب و المكروه، و الرضا شعاع نور المعرفة، و الراضي فان عن جميع اختياره، و الراضي حقيقة هو المرضيّ

ص:538


1- -البحار ج 71 ص 135 باب التوكّل و. . . ح 15
2- البحار ج 71 ص 138 ح 25
3- البحار ج 71 ص 139 ح 26
4- البحار ج 71 ص 139 ح 27
5- البحار ج 71 ص 139 ح 28
6- البحار ج 71 ص 152 ح 60
7- البحار ج 78 ص 202

عنه، و الرضا اسم يجتمع فيه معاني العبوديّة، و تفسير الرضا سرور القلب.

سمعت أبي، محمّد الباقر عليه السّلام يقول: تعلّق القلب بالموجود شرك و بالمفقود كفر، و هما خارجان من سنّة الرضا و أعجب بمن يدّعي العبوديّة للّه كيف ينازعه في مقدوراته، حاشا الراضين العارفين عن ذلك. (1)

أقول:

سيأتي ما يناسب المقام في أبواب التسليم، التفويض، التوكّل، اليقين، و الصبر.

29-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الرضا غناء. (الغرر ج 1 ص 7 ف 1 ح 92)

الرضا ينفي الحزن. (ص 18 ح 464)

الرضا ثمرة اليقين. (ص 26 ح 778)

الدين شجرة أصلها التسليم و الرضا. (ص 44 ح 1302)

الاتّكال على القضاء أروح. (ص 47 ح 1365)

الرضا بقضاء اللّه يهوّن عظيم الرزايا. (ص 59 ح 1585)

الأمور بالتقدير لا بالتدبير. (ص 84 ح 1969)

المقادير تجري بخلاف التقدير و التدبير. (ص 105 ح 2216)

ارض تسترح. (ص 109 ف 2 ح 19)

ارض بما قسم لك تكن مؤمنا. (ص 113 ح 105)

أصل الرضا حسن الثقة باللّه. (ص 188 ف 8 ح 259)

أعلم الناس باللّه أرضاهم بقضائه. (ص 192 ح 308)

أشدّ الناس عذابا يوم القيامة المتسخّط لقضاء اللّه. (ص 199 ح 401)

أجدر الأشياء بصدق الإيمان الرضا و التسليم. (ص 201 ح 422)

ص:539


1- -مصباح الشريعة ص 61 ب 89

إنّ أهنأ الناس عيشا من كان بما قسم اللّه له راضيا. (ص 216 ف 9 ح 22)

إنّ اللّه سبحانه يجري الأمور على ما يقتضيه لا على ما ترتضيه.

(ص 219 ح 56)

إن عقدت أيمانك فارض بالمقضيّ عليك و لك و لا ترج أحدا إلاّ اللّه سبحانه و انتظر ما آتاك به القدر. (ص 273 ف 10 ح 18)

إنّكم إن رضيتم بالقضاء طابت عيشتكم و فزتم بالغناء. (ص 292 ف 14 ح 25)

بالرضا بقضاء اللّه يستدلّ على حسن اليقين. (ص 334 ف 18 ح 106)

تحرّ رضا اللّه برضاك بقدره. (ص 349 ف 22 ح 42)

ثمرة الرضا الغناء. (ص 359 ب 23 ح 22)

رأس الطاعة الرضا. (ص 412 ف 34 ح 34)

رزانة العقل تختبر في الرضا و الحزن. (ص 424 ف 36 ح 56)

شرّ الامور السخط (لتسخّط ف ن) للقضاء. (ص 447 ف 41 ح 74)

علامة رضا اللّه سبحانه عن العبد رضاه بما قضى به سبحانه له و عليه.

(ج 2 ص 503 ف 55 ح 60)

غاية الدين الرضا. (ص 504 ف 56 ح 6)

كلّ راض مستريح. (ص 545 ف 62 ح 14)

كلّ شيء فيه حيلة إلاّ القضاء. (ص 546 ح 47)

كلّ الغنا في القناعة و الرضا. (ح 48)

كيف يرضى بالقضاء من لم يصدق يقينه. (ص 554 ف 64 ح 20)

كن راضيا تكن مرضيّا. (ص 564 ف 67 ح 2)

من رضي بالقضاء استراح. (ص 614 ف 77 ح 96)

من رضي بالقضاء طاب عيشه. (ص 629 ح 366)

من رضي بالقدر استخفّ بالغير. (ص 656 ح 795)

ص:540

من رضي بالمقدور قوي يقينه. (ص 657 ح 808)

من قوي دينه أيقن بالجزاء و رضي مواقع القضاء. (ص 674 ح 1029)

من رضي بالقدر لم يكترثه الحذر. (ص 697 ح 1274)

من لم يرض بالقضاء دخل الكفر دينه. (ص 699 ح 1298)

من أفضل الإيمان الرضا بما يأتي به القدر. (ص 725 ف 78 ح 16)

ما دفع اللّه سبحانه عن العبد المؤمن شيئا من بلاء الدنيا و عذاب الآخرة إلاّ برضاه بقضائه و حسن صبره على بلائه. (ص 750 ف 79 ح 218)

نعم طارد الهمّ الرضا بالقضاء. (ص 772 ف 81 ح 30)

نال الغنى من رضي بالقضاء. (ص 774 ف 82 ح 1)

نال الغنى من رزق اليأس عمّا في أيدي الناس، و القناعة بما أوتي، و الرضا بالقضاء. (ص 777 ح 44)

لا إسلام كالرضا. (ص 831 ف 86 ح 53)

يجري القضاء بالمقادير على خلاف الاختيار و التدبير.

(ص 875 ف 91 ح 24)

ص:541

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393735342C22426F6F6B4944223A31363731392C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3534322C2253686F77506167654E756D223A22353432222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030322F424B31353931344730303253312F424B3135393134473030325331503534322E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

75- الراضي بفعل قوم كان شريكهم فيه

الأخبار

1-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: العامل بالظلم و المعين له و الراضي به شركاء ثلاثتهم. (1)

2-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّما يجمع الناس الرضا و السخط، فمن رضي أمرا فقد دخل فيه، و من سخطه فقد خرج منه. (2)

3-عن محمّد بن الأرقط عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال لي: تنزل الكوفة؟ فقلت: نعم، فقال: ترون قتلة الحسين عليه السّلام بين أظهركم؟ قال: قلت: جعلت فداك ما بقي منهم أحد، قال: فأنت إذا لا ترى القاتل إلاّ من قتل، أو من ولي القتل؟ ! ألم تسمع إلى قول اللّه: قُلْ قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ وَ بِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (3)فأيّ رسول قتل الذين كان محمّد صلّى اللّه عليه و آله بين أظهرهم، و لم يكن بينه و بين عيسى رسول، و إنّما رضوا قتل أولئك فسمّوا

ص:543


1- -الكافي ج 2 ص 250 باب الظلم ح 16
2- الوسائل ج 16 ص 140 ب 5 من الأمر و النهي ح 9
3- آل عمران:183

قاتلين. (1)

4-عن سماعة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول في قول اللّه: قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ وَ بِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ: و قد علم أنّ هؤلاء لم يقتلوا، و لكن كان هواهم مع الذين قتلوا، فسمّاهم اللّه قاتلين لمتابعة هواهم و رضاهم بذلك الفعل. (2)

5-عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: كان عليّ عليه السّلام يقول: إنّما هو الرضا و السخط، و إنّما عقر الناقة رجل واحد ف(لمّا رضوا م) أصابهم العذاب، فإذا ظهر إمام عدل، فمن رضي بحكمه و أعانه على عدله فهو وليّه، و إذا ظهر إمام جور، فمن رضي بحكمه و أعانه على جوره فهو وليّه. (3)

6-و من كلام له (أمير المؤمنين عليه السّلام) لمّا أظفره اللّه بأصحاب الجمل و قد قال له بعض أصحابه: وددت أنّ أخي فلانا كان شاهدنا ليرى ما نصرك اللّه به على أعدائك.

فقال عليه السّلام: أهوى أخيك معنا؟ فقال: نعم، قال: فقد شهدنا، و لقد شهدنا في عسكرنا هذا أقوام في أصلاب الرجال و أرحام النساء، سيرعف بهم الزمان، و يقوى بهم الإيمان. (4)

بيان:

«يرعف» : أي يجود على غير انتظار، كما يجود الأنف بالرعاف.

7-و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أيّها الناس، لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلّة أهله، فإنّ الناس قد اجتمعوا على مائدة شبعها قصير، و جوعها طويل!

أيّها الناس، إنّما يجمع الناس الرضا و السخط، و إنّما عقر ناقة ثمود رجل واحد،

ص:544


1- -الوسائل ج 16 ص 141 ح 14
2- الوسائل ج 16 ص 268 ب 39 ح 5
3- المستدرك ج 12 ص 108 ب 80 من جهاد النفس ح 4
4- نهج البلاغة ص 63 خ 12

فعمّهم اللّه بالعذاب لمّا عمّوه بالرضا، فقال سبحانه: فَعَقَرُوها فَأَصْبَحُوا نادِمِينَ (1). . . (2)

8-و قال عليه السّلام: الراضي بفعل قوم كالداخل فيه معهم، و على كلّ داخل في باطل إثمان: إثم العمل به، و إثم الرضا به. (3)

9-عن الهروي عن الرضا عليه السّلام قال: قلت له: لأيّ علّة أغرق اللّه عزّ و جلّ الدنيا كلّها في زمن نوح عليه السّلام و فيهم الأطفال، و فيهم من لا ذنب له؟ فقال عليه السّلام: ما كان فيهم الأطفال، لأنّ اللّه عزّ و جلّ أعقم أصلاب قوم نوح عليه السّلام و أرحام نسائهم أربعين عاما فانقطع نسلهم فغرقوا و لا طفل فيهم، و ما كان اللّه عزّ و جلّ ليهلك بعذابه من لا ذنب له، و أمّا الباقون من قوم نوح عليه السّلام فاغرقوا لتكذيبهم لنبيّ اللّه نوح عليه السّلام و سائرهم اغرقوا برضاهم بتكذيب المكذّبين، و من غاب عن أمر فرضي به كان كمن شهده و أتاه. (4)

10-عن الهرويّ قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السّلام: يا بن رسول اللّه، ما تقول في حديث روي عن الصادق عليه السّلام أنّه قال: إذا خرج القائم قتل ذراري قتلة الحسين عليه السّلام بفعال آبائها؟ فقال عليه السّلام: هو كذلك، فقلت: و قول اللّه عزّ و جلّ:

وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى (5)ما معناه؟ قال: صدق اللّه في جميع أقواله، و لكن ذراري قتلة الحسين يرضون بفعال آبائهم، و يفتخرون بها، و من رضي شيئا كان كمن أتاه.

ص:545


1- -الشعراء:157
2- نهج البلاغة ص 649 خ 192- صبحي ص 319 خ 201
3- نهج البلاغة ص 1163 ح 146
4- البحار ج 11 ص 320 باب بعثت نوح (ع) ح 25( العلل ج 1 ص 30 ب 23- العيون ج 2 ص 74 ب 32 ح 2)
5- الأنعام:164

و لو أنّ رجلا قتل بالمشرق فرضي بقتله رجل بالمغرب لكان الراضي عند اللّه عزّ و جلّ شريك القاتل، و إنّما يقتلهم القائم عليه السّلام إذا خرج لرضاهم بفعل آبائهم.

قال: قلت له: بأيّ شيء يبدء القائم منكم (فيهم ع) إذا قام؟ قال: يبدء ببني شيبة، فيقطع أيديهم لأنّهم سرّاق بيت اللّه عزّ و جلّ. (1)

11-في جوامع كلم أمير المؤمنين عليه السّلام: من استحسن قبيحا كان شريكا فيه. (2)

12-قال أبو جعفر الثاني عليه السّلام: من شهد أمرا فكرهه كان كمن غاب عنه، و من غاب عن أمر فرضيه كان كمن شهده. (3)

ص:546


1- -البحار ج 45 ص 295 ب 45 ح 1( العلل ج 1 ص 229 ب 164- العيون ج 1 ص 212 ب 28 ح 5)
2- البحار ج 78 ص 82
3- البحار ج 100 ص 81 ح 38

76- الرفق و اللين

الآيات

1- فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اَللّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَ لَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ اَلْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ. . . (1)

2- . . . وَ اِخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ. (2)

3- وَ عِبادُ اَلرَّحْمنِ اَلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى اَلْأَرْضِ هَوْناً وَ إِذا خاطَبَهُمُ اَلْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً. (3)

4- وَ اِخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اِتَّبَعَكَ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ. (4)

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ثلاث من لم يكن فيه

ص:547


1- -آل عمران:159
2- الحجر:88
3- الفرقان:63
4- الشعراء:215

لم يتمّ له عمل: ورع يحجزه عن معاصي اللّه، و خلق يداري به الناس، و حلم يردّ به جهل الجاهل. (1)

بيان:

«لم يتمّ له عمل» : أي لم يكمل و لم يقبل منه عمل.

«يداري به الناس» في الوافي و النهاية ج 2 ص 115: المداراة غير مهموز: ملاينة الناس و حسن صحبتهم و احتمال (أذاهم) لئلاّ ينفروا عنك، و قد يهمز.

2-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

أمرني ربّي بمداراة الناس كما أمرني بأداء الفرائض. (2)

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: مداراة الناس نصف الإيمان، و الرفق بهم نصف العيش. . . (3)

بيان:

في النهاية ج 2 ص 246، الرفق: لين الجانب، و هو خلاف العنف، يقال: منه رفق يرفق و يرفق، و منه الحديث «ما كان الرفق في شيء إلاّ زانه» أي اللطف.

و الحديث الآخر، «أنت رفيق و اللّه الطبيب» أي أنت ترفق بالمريض و تتلطّفه، و اللّه الذي يبرئه و يعافيه انتهى.

فالمعنى لين الجانب و الرأفة و ترك العنف و الغلظة في الأفعال و الأقوال على الخلق.

4-قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّ لكلّ شيء قفلا و قفل الإيمان الرفق. (4)

بيان:

في المرآة ج 8 ص 233: «إنّ لكلّ شيء قفلا» أي حافظا له من ورود أمر فاسد

ص:548


1- -الكافي ج 2 ص 95 باب المداراة ح 1
2- الكافي ج 2 ص 96 ح 4
3- الكافي ج 2 ص 96 ح 5
4- الكافي ج 2 ص 96 باب الرفق ح 1

عليه، و خروج أمر صالح منه على الاستعارة و تشبيه المعقول بالمحسوس. . . ففيه تشبيه الإيمان بالجوهر النفيس الذي يعتنى بحفظه، و القلب بخزانته و الرفق بالقفل، لأنّه يحفظه عن خروجه و طريان المفاسد عليه، فإنّ الشيطان سارق الإيمان و مع فتح القفل و ترك الرفق يبعث الإنسان على أمور من الخشونة و الفحش و القهر و الضرب، و أنواع الفساد و غيرها من الأمور التي توجب نقص الإيمان أو زواله.

5-قال أبو جعفر عليه السّلام: من قسم له الرفق قسم له الإيمان. (1)

6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الرفق يمن و الخرق شوم. (2)

بيان:

«اليمن» : البركة. «الخرق» ضدّ الرفق و أن لا يحسن الرجل العمل و التصرّف في الامور.

7-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ رفيق يحبّ الرفق و يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف. (3)

بيان:

«العنف» ضدّ الرفق و الشدّة و المشقّة.

8-عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ الرفق لم يوضع على شيء إلاّ زانه، و لا نزع من شيء إلاّ شانه. (4)

9-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ في الرفق الزيادة و البركة، و من يحرم الرفق يحرم

ص:549


1- -الكافي ج 2 ص 96 ح 2
2- الكافي ج 2 ص 97 ح 4
3- الكافي ج 2 ص 97 ح 5
4- الكافي ج 2 ص 97 ح 6

الخير. (1)

10-عن أبي الحسن موسى عليه السّلام قال: الرفق نصف العيش. (2)

11-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لو كان الرفق خلقا يرى ما كان ممّا خلق اللّه شيء أحسن منه. (3)

12-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما اصطحب اثنان إلاّ كان أعظمهما أجرا و أحبّهما إلى اللّه عزّ و جلّ، أرفقهما بصاحبه. (4)

13-عن فضيل بن عثمان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: من كان رفيقا في أمره نال ما يريد من الناس. (5)

14-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه يحبّ الرفق و يعين عليه، فإذا ركبتم الدوابّ العجف فأنزلوها منازلها، فإن كانت الأرض مجدبة فانجوا عنها و إن كانت مخصبة فأنزلوها منازلها. (6)

بيان:

يدلّ الحديث على أنّ الرفق مطلوب حتّى مع الحيوانات «العجف» : الهزال و الأعجف: المهزول.

«مجدبة» في المصباح: الجدب هو المحل وزنا و معنى، و هو انقطاع المطر و يبس الأرض. . . و أجدبت إجدابا و جدبت تجدب من باب تعب مثله فهي مجدبة «فانجوا عنها» قال الجوهري: نجوت أي أسرعت و سبقت. . .

ص:550


1- -الكافي ج 2 ص 97 ح 7
2- الكافي ج 2 ص 98 ح 11
3- الكافي ج 2 ص 98 ح 13
4- الكافي ج 2 ص 98 ح 15
5- الكافي ج 2 ص 98 ح 16
6- الكافي ج 2 ص 98 ح 12

«مخصبة» خصب المكان: كثر فيه العشب و الخير خلاف الجدب.

15-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا أراد اللّه بأهل بيت خيرا فقّههم في الدين، و رزقهم الرفق في معايشهم، و القصد في شأنهم. . . (1)

16-بهذا الإسناد قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه ليبغض المؤمن الضعيف الذي لا رفق له. (2)

17-في حديث الكاظم عليه السّلام لهشام قال: يا هشام، عليك بالرفق، فإنّ الرفق خير (يمن م) ، و الخرق شوم، إنّ الرفق و البرّ و حسن الخلق يعمر الديار، و يزيد في الرزق. (3)

18-قال أمير المؤمنين لولده الحسين عليهما السلام: يا بنيّ، رأس العلم الرفق، و آفته الخرق. (4)

19-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الرفق رأس الحكمة. اللهمّ من ولي شيئا من أمور أمّتي فرفق بهم فارفق به، و من شقّ عليهم فاشقق عليه. (5)

بيان:

«الشقّ» : المشقّة، و شقّ عليك أي حملك من الأمر ما يشتدّ عليك.

20-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أعقل الناس أشدّهم مداراة للناس، و أذلّ الناس من أهان الناس. (6)

ص:551


1- -المستدرك ج 11 ص 292 ب 27 من جهاد النفس ح 2
2- المستدرك ج 11 ص 292 ح 3
3- المستدرك ج 11 ص 294 ح 10
4- المستدرك ج 11 ص 294 ح 11
5- المستدرك ج 11 ص 295 ح 14
6- البحار ج 75 ص 52 باب الرفق ح 5

21-. . . عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

ما من عمل أحبّ إلى اللّه تعالى و إلى رسوله من الإيمان باللّه و الرفق بعباده، و ما من عمل أبغض إلى اللّه تعالى من الإشراك باللّه تعالى و العنف على عباده. (1)

22-. . . و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من مات مداريا مات شهيدا. (2)

23-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أ لا اخبركم بمن تحرم عليه النار غدا؟ قالوا: بلى يا رسول اللّه، قال: الهيّن القريب الليّن السهل. (3)

24-عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال:

الرفق مفتاح النجاح. (الغرر ج 1 ص 14 ف 1 ح 347)

الرفق مفتاح الصواب. (ح 364)

الرفق عنوان النبل. (ص 27 ح 793)

الرفق عنوان سداد-اليمن مع الرفق. (ص 28 ح 847 و 848)

السلم ثمرة الحلم-الرفق يؤدّي إلى السلم. (ص 31 ح 951 و 952)

الرفق أخو المؤمن. (ص 33 ح 1017)

المداراة أحمد الخلال. (ص 47 ح 1360)

السلم علّة السلامة و علامة الاستقامة. (ص 48 ح 1383)

الرفق بالأتباع من كرم الطباع. (ص 56 ح 1534)

الرفق مفتاح الصواب و شيمه ذوي الألباب. (ص 69 ح 1774)

الرفق ييسّر الصعاب و يسهّل شديد الأسباب. (ص 71 ح 1804)

الرفق لقاح الصلاح و عنوان النجاح. (ص 105 ح 2211)

ص:552


1- -البحار ج 75 ص 54 ح 19
2- البحار ج 75 ص 55 ح 19
3- البحار ج 75 ص 51 ح 4

ارفق توفّق. (ص 108 ف 2 ح 7)

أفضل شيء الرفق-أكبر البرّ الرفق (ص 175 ف 8 ح 22 و 39)

أعقل الناس أشدّهم مداراة للناس. (ص 189 ح 276)

بالرفق تتمّ المروءة. (ص 330 ف 18 ح 23)

بالرفق تدرك المقاصد. (ص 332 ح 58)

بلين الجانب تأنس النفوس. (ص 333 ح 83)

بالرفق تهون الصعاب. (ص 335 ح 130)

ثمرة العقل مداراة الناس. (ص 360 ف 23 ح 41)

ثمرة الحلم الرفق. (ص 361 ح 59)

خير الأعمال ما زانه الرفق. (ص 389 ف 29 ح 46)

خير المكارم الرفق. (ص 390 ح 49)

رأس العلم الرفق. (ص 411 ف 34 ح 3)

رأس السياسة استعمال الرفق. (ص 413 ح 43)

سلامة العيش في المداراة. (ص 436 ف 39 ح 58)

عليك بالرفق فإنّه مفتاح الصواب و سجيّة أولي الألباب.

(ج 2 ص 479 ف 49 ح 34)

عليك بالرفق فمن رفق (في أفعاله) تمّ أمره. (ص 482 ح 60)

عنوان العقل مداراة الناس. (ص 501 ف 55 ح 37)

لكلّ دين خلق و خلق الإيمان الرفق. (ص 578 ف 70 ح 32)

من عامل بالرفق غنم. (ص 614 ف 77 ح 99)

من عامل بالرفق وفّق. (ص 620 ح 200)

من دارى الناس سلم. (ص 623 ح 258)

من لم يصلحه حسن المداراة (أصلحه سوء) المكافاة. (ص 640 ح 547)

ص:553

من سالم الناس ستر عيوبه. (ص 647 ح 638)

من استعمل الرفق لان له الشديد. (ص 653 ح 741)

من دارى الناس أمن مكرهم. (ص 657 ح 806)

من استعمل الرفق استدرّ الرزق. (ص 671 ح 984)

ما كان الرفق في شيء إلاّ زانه. (ص 739 ف 79 ح 65)

ما استجلبت المحبّة بمثل السخاء و الرفق و حسن الخلق. (ص 742 ح 109)

لا ندم لكثير الرفق. (ص 833 ف 86 ح 80)

و الحمد للّه أوّلا و آخرا و ظاهرا و باطنا و صلّى اللّه على سيّدنا محمّد و آله الطاهرين سيّما مولانا المهديّ عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف.

اللهمّ عجّل فرجه و سهّل مخرجه و أيّده بالنصر و انصر ناصريه و ارزقنا رؤيته و أدركنا أيّامه.

ص:554

حرف الحاء

31-الحبّ

الفصل 1: حبّ اللّه تعالى 3

الفصل 2: حبّ النبيّ و آله (ع) و البرائة من أعدائهم 16

الفصل 3: الحبّ في اللّه و البغض في اللّه 45

32-الحجّ 53

33-الحديث 69

34-الحرص 79

35-اجتناب المحارم و أداء الفرائض 89

36-المال الحرام و الغصب 97

37-الحزم و الحذر و التدبّر في الأمور و ترك العجلة 103

38-الحزن في اللّه 111

39-الحزن و الخوف و الهمّ و الغمّ 117

40-الحساب 127

41-محاسبة النفس 137

المراقبة و المشارطة 143

42-الحسد 145

43-حسرات يوم القيامة 155

44-الإحسان و المعروف و الفضل 161

ص:555

45-الحقد و البغضاء و العداوة 173

46-الحكمة 179

47-الحلم 193

48-الحمّام 205

49-الحيوان 211

50-الحياء 217

حرف الخاء

51-الخدمة 227

52-الخشوع 231

53-الإخلاص 235

54-حسن الخلق و سوءه 251

55-مكارم الأخلاق 261

56-آداب الخلاء 269

57-الخمر 275

58-الخوف و الرجاء و الخشية 283

59-الاستخارة

الفصل 1: فضل طلب الخير من اللّه تعالى في كلّ أمر 299

الفصل 2: الاستخارة بالمعنى المصطلح 303

ص:556

حرف الدّال

60-الدعاء

الفصل 1: فضله 309

الفصل 2: آداب الدعاء و شرائط استجابته 321

الفصل 3: فيمن تستجاب دعوته 330

الفصل 4: علّة تأخير الإجابة 334

الفصل 5: الأوقات و الأمكنة التي يرجى فيها الإجابة 341

61-حبّ الدنيا 345

62-أهل الدين 379

حرف الذال

63-الذكر

الفصل 1: ذكر اللّه عزّ و جلّ 393

الفصل 2: ذكر الأئمّة (ع)412

64-الذنب

الفصل 1: ذمّه 417

الفصل 2: آثار الذنوب 433

الفصل 3: الكبائر و الصغائر 445

ص:557

حرف الراء

65-الرئاسة 451

66-الرؤيا 457

67-الرياء و السمعة 467

68-الربا 479

69-الرجعة

الفصل 1: اثباتها 483

الفصل 2: وقوع الرجعة في الأمم السالفة 495

70-الرحم 499

71-الرزق 507

أسباب ازدياد الرزق 516

72-الرشوة 525

73-الرضاع و اللبن 529

74-الرضا عن اللّه و بقضائه 533

75-الراضي بفعل قوم كان شريكهم فيه 543

76-الرفق و اللين 547

ص:558

المجلد 3

اشارة

سرشناسه : اسماعیلی یزدی، عباس، 1332 -

عنوان و نام پديدآور : ینابیع الحکمه/ تالیف عباس الاسماعیلی الیزدی.

مشخصات نشر : قم: مسجد مقدس صاحب الزمان (جمکران)، 1378.

مشخصات ظاهری : 5 ج.

شابک : دوره: 964-6705-47-2 ؛ ج.1: 964-6705-42-1 ؛ ج.2: 964-6705-43-X ؛ ج. 3، چاپ چهارم: 964-6705-44-8 ؛ ج. 4: 964-6705-45-6 ؛ ج. 5: 964-6705-46-4

يادداشت : عربی.

يادداشت : چاپ قبلی: نشر مولود کعبه، 1417ق. = 1375.

يادداشت : ج. 1 - 5 (1427 ق.= 1385).

یادداشت : کتابنامه.

موضوع : قرآن -- فهرست مطالب

موضوع : احادیث شیعه -- فهرست مطالب

شناسه افزوده : مسجد جمکران (قم)

رده بندی کنگره : BP106/الف 5ی 9 1378

رده بندی دیویی : 297/22

شماره کتابشناسی ملی : م 78-25667

ص: 1

اشارة

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

ص :2

عن أبي عبد الله علیه السلام أنه قال:

« إنا أنزلناه في ليلة القدر» الليلة ؛ فاطمة ، و القدر ؛ الله ، فمن عرف فاطمة حق معرفتها، فقد أدرك ليلة القدر و إنما سميت فاطمة لأن الخلق فطموا عن معرفتها.

تفسیر فرات الكوفي ص 581

البحار ج 43 ص 65 باب مناقبها ح 58

ص:3

بسم اللّه الرحمن الرحيم

الحمد للّه الواحد الأحد الفرد الصمد الحيّ القادر العليم الحكيم العليّ العظيم، المتعالي عن صفة المخلوقين، ذي الجلال و الإكرام، و الصلاة و السّلام على أفضل سفرائه و خاتم أنبيائه و أشرف بريّته محمّد صلّى اللّه عليه و آله و عترته الطاهرين و لا سيّما مولانا المهديّ، الكهف الحصين، و غياث المضطرّ المستكين، و الإمام المبين، أبي القاسم حجّة بن الحسن العسكريّ عجّل اللّه تعالى فرجه و اللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين.

اللهمّ صلّ و سلّم على السيّدة الجليلة، المعصومة المظلومة، الرضيّة الحليمة، ذات الأحزان الطويلة في المدّة القليلة، المجهولة قدرا و المخفيّة قبرا، المدفونة سرّا و المغصوبة جهرا، سيّدة النساء، الإنسيّة الحوراء، أمّ الأئمّة النقباء النجباء، بنت خير الأنبياء الطاهرة المطهّرة، فاطمة الزهراء عليها الصلاة و السّلام.

ص:1

ص :2

حرف الزاى

77- الزكوة

الآيات

1- وَ أَقِيمُوا اَلصَّلاةَ وَ آتُوا اَلزَّكاةَ وَ اِرْكَعُوا مَعَ اَلرّاكِعِينَ. (1)

2- وَ أَقِيمُوا اَلصَّلاةَ وَ آتُوا اَلزَّكاةَ وَ ما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اَللّهِ إِنَّ اَللّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ. (2)

3- . . . وَ لكِنَّ اَلْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ . . . وَ أَقامَ اَلصَّلاةَ وَ آتَى اَلزَّكاةَ. . . (3)

4- إِنَّ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا اَلصّالِحاتِ وَ أَقامُوا اَلصَّلاةَ وَ آتَوُا اَلزَّكاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ. (4)

5- . . . وَ رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَ يُؤْتُونَ اَلزَّكاةَ وَ اَلَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ. (5)

6- إِنَّمَا اَلصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ اَلْمَساكِينِ وَ اَلْعامِلِينَ عَلَيْها وَ اَلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ

ص:3


1- -البقرة:43
2- البقرة:110
3- البقرة:177
4- البقرة:277
5- الأعراف:156

وَ فِي اَلرِّقابِ وَ اَلْغارِمِينَ وَ فِي سَبِيلِ اَللّهِ وَ اِبْنِ اَلسَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اَللّهِ وَ اَللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ. (1)

7- وَ اَلْمُؤْمِنُونَ وَ اَلْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ وَ يُقِيمُونَ اَلصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ اَلزَّكاةَ وَ يُطِيعُونَ اَللّهَ وَ رَسُولَهُ أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اَللّهُ إِنَّ اَللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ. (2)

8- قالَ إِنِّي عَبْدُ اَللّهِ . . . وَ أَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَ اَلزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا. (3)

9- وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَ أَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ اَلْخَيْراتِ وَ إِقامَ اَلصَّلاةِ وَ إِيتاءَ اَلزَّكاةِ وَ كانُوا لَنا عابِدِينَ. (4)

10- رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اَللّهِ وَ إِقامِ اَلصَّلاةِ وَ إِيتاءِ اَلزَّكاةِ. . . (5)

11- . . . وَ ما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اَللّهِ فَأُولئِكَ هُمُ اَلْمُضْعِفُونَ. (6)

12- هُدىً وَ رَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ- اَلَّذِينَ يُقِيمُونَ اَلصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ اَلزَّكاةَ وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ. (7)

13- . . . وَ وَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ- اَلَّذِينَ لا يُؤْتُونَ اَلزَّكاةَ وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ. (8)

ص:4


1- -التوبة:60
2- التوبة:71
3- مريم:31
4- الأنبياء:73
5- النور:37
6- الروم:39
7- لقمان:3 و 4
8- فصلت:6 و 7

14- وَ ما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اَللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ اَلدِّينَ حُنَفاءَ وَ يُقِيمُوا اَلصَّلاةَ وَ يُؤْتُوا اَلزَّكاةَ وَ ذلِكَ دِينُ اَلْقَيِّمَةِ. (1)

الأخبار

1-عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السّلام قال: إنّما وضعت الزكاة قوتا للفقراء و توفيرا لأموالهم. (2)

بيان:

وفّر الشي: كثّره و جعله وفرا. في المرآة ج 16 ص 5: قال في المدارك: «الزكاة» : لغة الطهارة و الزيادة و النموّ، و في الشرع اسم لحقّ يجب في المال يعتبر في وجوبه النصاب.

و في مجمع البحرين: قد تكرّر ذكر الزكاة في الكتاب و السنّة، و هي إمّا مصدر «زكى» إذا نمى، لأنّها تستجلب البركة في المال و تنميه و تفيد النفس فضيلة الكرم، و إمّا مصدر «زكا» إذا طهر، لأنّها تطهّر المال من الخبث، و النفس البخيلة من البخل، و في الشرع، صدقة مقدّرة بأصل الشرع ابتداء تثبت في المال أو في الذمّة للطهارة لهما، فزكاة المال طهر للمال و زكاة الفطرة، طهر للأبدان.

2-قال الصادق عليه السّلام: إنّما وضعت الزكاة اختبارا للأغنياء و معونة للفقراء، و لو أنّ الناس أدّوا زكاة أموالهم ما بقي مسلم فقيرا محتاجا و لاستغنى بما فرض اللّه له، و إنّ الناس ما افتقروا و لا احتاجوا و لا جاعوا و لا عروا إلاّ بذنوب الأغنياء، و حقيق على اللّه تبارك و تعالى أن يمنع رحمته ممّن منع حقّ اللّه في ماله، و أقسم بالذي خلق الخلق و بسط الرزق أنّه ما ضاع مال في برّ و لا بحر إلاّ بترك

ص:5


1- -البيّنة:5
2- الوسائل ج 9 ص 10 ب 1 من ما تجب فيه الزكاة ح 4

الزكاة، و ما صيد صيد في برّ و لا بحر إلاّ بتركه التسبيح في ذلك اليوم، و إنّ أحبّ الناس إلى اللّه تعالى أسخاهم كفّا، و أسخى الناس من أدّى زكاة ماله، و لم يبخل على المؤمنين بما افترض اللّه لهم في ماله. (1)

3-عن محمّد بن سنان عن الرضا عليه السّلام أنّه كتب إليه-فيما كتب من جواب مسائله-: إنّ علّة الزكاة من أجل قوت الفقراء، و تحصين أموال الأغنياء، لأنّ اللّه عزّ و جلّ كلّف أهل الصحّة القيام بشأن أهل الزمانة و البلوى، كما قال اللّه تبارك و تعالى: لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ في أموالكم: إخراج الزكاة، و في أنفسكم: توطين الأنفس على الصبر، مع ما في ذلك من أداء شكر نعم اللّه عزّ و جلّ، و الطمع في الزيادة.

مع ما فيه من الزيارة (الزيادة م) و الرأفة و الرحمة لأهل الضعف، و العطف على أهل المسكنة، و الحثّ لهم على المواساة، و تقوية الفقراء و المعونة (لهم) على أمر الدين، و هو عظة لأهل الغنى و عبرة لهم ليستدلّوا على فقر الآخرة بهم، و ما لهم من الحثّ في ذلك على الشكر للّه تبارك و تعالى لما خوّلهم و أعطاهم، و الدعاء و التضرّع و الخوف من أن يصيروا مثلهم. في أمور كثيرة في أداء الزكاة و الصدقات و صلة الأرحام و اصطناع المعروف. (2)

4-عن جعفر عن أبيه عليهما السّلام (في حديث) قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: داووا مرضاكم بالصدقة، و حصّنوا أموالكم بالزكوة. (3)

5-قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّ اللّه تبارك و تعالى قرن الزكاة بالصلاة فقال:

وَ أَقِيمُوا اَلصَّلاةَ وَ آتُوا اَلزَّكاةَ فمن أقام الصلوة و لم يؤت الزكاة فكأنّه لم يقم

ص:6


1- -الوسائل ج 9 ص 12 ح 6
2- الوسائل ج 9 ص 12 ح 7
3- الوسائل ج 9 ص 14 ح 14

الصلوة. (1)

6-عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام أنّه قال: ما من عبد منع من زكاة ماله شيئا إلاّ جعل اللّه ذلك يوم القيامة ثعبانا من نار مطوّقا في عنقه ينهش من لحمه حتّى يفرغ من الحساب، و هو قول اللّه عزّ و جلّ: سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ اَلْقِيامَةِ 2 يعني: ما بخلوا به من الزكاة. (2)

7-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: وجدنا في كتاب عليّ عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا منعت الزكاة منعت الأرض بركاتها. (3)

أقول:

و زاد في البحار: بركاتها من الزرع و الثمار و المعادن كلّها.

8-عن رفاعة بن موسى أنّه سمع أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: ما فرض اللّه على هذه الامّة شيئا أشدّ عليهم من الزكاة، و فيها تهلك عامّتهم. (4)

9-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما ضاع مال في برّ و لا بحر إلاّ بتضييع الزكاة، فحصّنوا أموالكم بالزكوة، و داووا مرضاكم بالصدقة، و ادفعوا أبواب البلايا بالاستغفار، و الصاعقة لا تصيب ذاكرا، و ليس يصاد من الطير إلاّ ما ضيّع تسبيحه. (5)

10-قال أبو الحسن الرضا عليه السّلام: إذا كذبت الولاة حبس المطر، و إذا جار

ص:7


1- -الوسائل ج 9 ص 22 ب 3 ح 2
2- الوسائل ج 9 ص 22 ح 3
3- الوسائل ج 9 ص 26 ح 12
4- الوسائل ج 9 ص 28 ح 18
5- الوسائل ج 9 ص 28 ح 21

السلطان هانت الدولة، و إذا حبست الزكاة ماتت المواشي. (1)

11-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام قال: يا عليّ، كفر باللّه العظيم من هذه الامّة عشرة: -و عدّ منهم-مانع الزكاة.

ثمّ قال: يا عليّ، ثمانية لا يقبل اللّه منهم الصلاة: -و عدّ منهم-مانع الزكاة.

ثمّ قال: يا عليّ، من منع قيراطا من زكاة ماله فليس بمؤمن و لا بمسلم و لا كرامة. يا عليّ، تارك الزكاة يسأل اللّه الرجعة إلى الدنيا، و ذلك قوله عزّ و جلّ:

حَتّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ اَلْمَوْتُ قالَ رَبِّ اِرْجِعُونِ. . . (2).

12-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من منع قيراطا من الزكاة فليمت إن شاء يهوديّا أو نصرانيّا. (3)

أقول:

قال العلاّمة رحمه اللّه في التذكره (ج 5 ص 7) : أجمع المسلمون كافّة على وجوبها في جميع الأعصار، و هي أحد أركان الإسلام الخمسة. إذا عرفت هذا، فمن أنكر وجوبها ممّن ولد على الفطرة و نشأ بين المسلمين، فهو مرتدّ يقتل من غير أن يستتاب، و إن لم يكن عن فطرة بل أسلم عقيب كفر، استتيب-مع علمه بوجوبها-ثلاثا فإن تاب و إلاّ فهو مرتدّ وجب قتله، و إن كان ممّن يخفى وجوبها عليه؛ لأنّه نشأ بالبادية، أو كان قريب العهد بالإسلام عرّف وجوبها و لم يحكم بكفره.

(المرآة ج 16 ص 14)

13-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ثمّ إنّ الزكاة جعلت مع الصلاة قربانا لأهل الإسلام، فمن أعطاها طيّب النفس بها، فإنّها تجعل له كفّارة، و من النار حجازا و وقاية، فلا يتبعنّها أحد نفسه، و لا يكثرنّ عليها لهفه، فإنّ من أعطاها غير طيّب

ص:8


1- -الوسائل ج 9 ص 31 ح 29
2- الوسائل ج 9 ص 34 ب 4 ح 7
3- الوسائل ج 9 ص 33 ح 5

النفس بها يرجو بها ما هو أفضل منها فهو جاهل بالسنّة، مغبون الأجر، ضالّ العمل، طويل الندم. (1)

بيان:

لهف لهفا على ما فات: حزن و تحسّر.

14-و قال عليه السّلام: و العفو زكاة الظفر. (2)

15-في حكم الصادق عليه السّلام: المعروف زكاة النعم، و الشفاعة زكاة الجاه، و العلل زكاة الأبدان، و العفو زكاة الظفر، و ما أدّيت زكاته فهو مأمون السلب. (3)

16-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ اللّه فرض عليكم زكاة جاهكم، كما فرض عليكم زكاة ما ملكت أيمانكم. (4)

17-عن أمير المؤمنين عليه السّلام في وصيّته عند وفاته: و عليك بالصوم فإنّه زكاة البدن و جنّة لأهله. (5)

18-في وصيّة الباقر عليه السّلام لجابر الجعفي: الزكاة تزيد في الرزق. (6)

19-عن الصادق عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام قال: عليكم بالزكوة فإنّي سمعت نبيّكم صلّى اللّه عليه و آله يقول: الزكاة قنطرة الإسلام، فمن أدّاها جاز القنطرة، و من منعها احتبس دونها، و هي تطفئ غضب الربّ. (7)

ص:9


1- -نهج البلاغة ص 644 في خ 190-صبحي ص 317 في خ 199
2- نهج البلاغة ص 1181 في ح 202
3- تحف العقول ص 282
4- البحار ج 74 ص 223 باب حقوق الإخوان ح 7
5- البحار ج 78 ص 99
6- البحار ج 96 ص 14 باب وجوب الزكاة ح 27
7- البحار ج 96 ص 15 ح 31

20-عن المفضّل بن عمر قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام فسأله رجل في كم تجب الزكاة من المال؟ فقال له: الزكاة الظاهرة أم الباطنة تريد؟ قال:

أريدهما جميعا، فقال: أمّا الظاهرة ففي كلّ ألف خمسة و عشرون درهما، و أمّا الباطنة فلا تستأثر على أخيك بما هو أحوج إليه منك. (1)

21-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: العلل زكاة البدن، و المعروف زكاة النعم. (2)

22-قال الصادق عليه السّلام: على كلّ جزء من أجزائك زكاة واجبة للّه تعالى، بل على كلّ منبت شعر من شعرك، بل على كلّ لحظة من لحظاتك زكاة؛

فزكاة العين النظرة بالعبرة و الغضّ عن الشهوات و ما يضاهيها.

و زكاة الاذن استماع العلم و الحكمة و القرآن و فوائد الدين من الموعظة و النصيحة و ما فيه نجاتك، و بالإعراض عمّا هو ضدّه من الكذب و الغيبة و أشباههما.

و زكاة اللسان النصح للمسلمين و التيقّظ للغافلين و كثرة التسبيح و الذكر و غيرها.

و زكاة اليد البذل و العطاء و السخاء بما أنعم اللّه عليك به، و تحريكها بكتابة العلم و منافع ينتفع بها المسلمون في طاعة اللّه تعالى و القبض عن الشرور.

و زكاة الرجل السعي في حقوق اللّه تعالى من زيارة الصالحين و مجالس الذكر و إصلاح الناس و صلة الأرحام و الجهاد و ما فيه صلاح قلبك و سلامة دينك.

هذا ممّا تتحمّل القلوب فهمه و النفوس استعماله و ما لا يشرف عليه إلاّ عباده المخلصون المقرّبون أكثر من أن تحصى و هم أربابه و هو شعارهم دون غيرهم. (3)

ص:10


1- -البحار ج 96 ص 39 باب زكاة النقدين ح 10
2- البحار ج 96 ص 136 باب فضل الصدقة ح 69
3- مصباح الشريعة ص 17 ب 22

أقول:

الأخبار في الباب كثيرة ذكرنا بعضها في أهميّة الزكاة.

و سيأتي ما يناسب المقام: في أبواب الصدقة، المرض، و. . .

23-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

زكاة العلم نشره. (الغرر ج 1 ص 424 ف 37 ح 1)

زكاة الجاه بذله-زكاة المال الإفضال. (ص 425 ح 2 و 3)

زكاة القدرة الإنصاف-زكاة الجمال العفاف. (ح 4 و 5)

زكاة الظفر الإحسان-زكاة البدن الجهاد و الصيام. (ح 6 و 8)

زكاة اليسار برّ الجيران و صلة الأرحام. (ح 9)

زكاة الصحّة السعي في طاعة اللّه. (ح 10)

زكاة الشجاعة الجهاد في سبيل اللّه. (ح 11)

زكاة السلطان إغاثة الملهوف-زكاة النعم اصطناع المعروف. (ح 12 و 13)

زكاة العلم بذله لمستحقّه و إجهاد النفس بالعمل به. (ح 14)

لكلّ شيء زكاة، و زكاة العقل احتمال الجهّال.

(ج 2 ص 578 ف 70 ح 37)

ص:11

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393736322C22426F6F6B4944223A31363732302C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A31322C2253686F77506167654E756D223A223132222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030332F424B31353931344730303353312F424B31353931344730303353315031322E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

78- الزنا

الآيات

1- وَ لا تَقْرَبُوا اَلزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَ ساءَ سَبِيلاً. (1)

2- اَلزّانِيَةُ وَ اَلزّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وَ لا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اَللّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ اَلْيَوْمِ اَلْآخِرِ وَ لْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ - اَلزّانِي لا يَنْكِحُ إِلاّ زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَ اَلزّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلاّ زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَ حُرِّمَ ذلِكَ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ. (2)

3- وَ اَلَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اَللّهِ إِلهاً آخَرَ وَ لا يَقْتُلُونَ اَلنَّفْسَ اَلَّتِي حَرَّمَ اَللّهُ إِلاّ بِالْحَقِّ وَ لا يَزْنُونَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً- يُضاعَفْ لَهُ اَلْعَذابُ يَوْمَ اَلْقِيامَةِ وَ يَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً. (3)

4- يا أَيُّهَا اَلنَّبِيُّ إِذا جاءَكَ اَلْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللّهِ شَيْئاً وَ لا يَسْرِقْنَ وَ لا يَزْنِينَ . . . فَبايِعْهُنَّ وَ اِسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اَللّهَ إِنَّ اَللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. (4)

ص:13


1- -الإسراء:32
2- النور 2 و 3
3- الفرقان:68 و 69
4- الممتحنة:12
الأخبار

1-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: وجدنا في كتاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

إذا ظهر الزنا من بعدي كثر الموت الفجأة. . (1)

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا فشا أربعة ظهرت أربعة: إذا فشا الزنى ظهرت الزلزلة. . . (2)

3-عن محمّد بن عبده قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: لا يزني الزاني و هو مؤمن؟ قال: لا، إذا كان على بطنها سلب الإيمان منه فإذا قام ردّ إليه فإذا عاد سلب، قلت: فإنّه يريد أن يعود؟ فقال: ما أكثر من يريد أن يعود فلا يعود إليه أبدا. (3)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في باب الذنب، و مرّ أنّ الزنا من الكبائر.

4-عن أبي عبد اللّه عن أبيه عليهما السّلام قال: للزاني ستّ خصال: ثلاث في الدنيا و ثلاث في الآخرة: أمّا التي في الدنيا فيذهب بنور الوجه و يورث الفقر، و يعجّل الفناء، و أمّا التي في الآخرة فسخط الربّ، و سوء الحساب و الخلود في النار. (4)

5-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: في الزنا خمس خصال: يذهب بماء الوجه، و يورث الفقر، و ينقص العمر، و يسخط الرحمن، و يخلد في النار، نعوذ باللّه من النار. (5)

ص:14


1- -الكافي ج 2 ص 277 باب عقوبات المعاصي العاجلة ح 2
2- الكافي ج 2 ص 325 باب تفسير الذنوب ح 3
3- الكافي ج 2 ص 212 باب الكبائر ح 6
4- عقاب الأعمال ص 311 باب عقاب الزانى ح 1(الخصال ج 1 ص 321 باب الستّة ح 4)
5- الوسائل ج 20 ص 309 ب 1 من النكاح المحرّم ح 6

6-قال أبو إبراهيم عليه السّلام: اتّق الزنا فإنّه يمحق الرزق و يبطل الدين. (1)

7-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الزنا يورث الفقر و يدع الديار بلاقع. (2)

بيان:

«البلقع و البلقعة» جمع بلاقع: الأرض القفر، أي يدع الديار بلا أهل إمّا بموتهم أو بانقراضهم.

8-و قال صلّى اللّه عليه و آله: ما عجّت الأرض إلى ربّها عزّ و جلّ كعجيجها من ثلاث:

من دم حرام يسفك عليها، أو اغتسال من زنا، أو النوم عليها قبل طلوع الشمس. (3)

بيان:

عجج عجيجا: أي صاح و رفع صوته.

9-عن محمّد بن سنان عن الرضا عليه السّلام فيما كتب إليه من جواب مسائله:

و حرّم اللّه الزنا لما فيه من الفساد من قتل النفس، و ذهاب الأنساب، و ترك التربية للأطفال، و فساد المواريث، و ما أشبه ذلك من وجوه الفساد. (4)

10-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّ اللّه أوحى إلى موسى عليه السّلام: لا تزنوا فتزني نساؤكم، و من وطأ فراش امرء مسلم وطئ فراشه، كما تدين تدان. (5)

أقول:

في البحار ج 71 ص 270، عنه عليه السّلام: عفّوا عن نساء الناس تعفّ نساؤكم.

11-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ أشدّ الناس عذابا يوم القيامة رجل أقرّ

ص:15


1- -الوسائل ج 20 ص 309 ح 7
2- الوسائل ج 20 ص 310 ح 11
3- الوسائل ج 20 ص 310 ح 12
4- الوسائل ج 20 ص 311 ح 15
5- الوسائل ج 20 ص 313 ح 20

نطفته في رحم يحرم عليه. (1)

12-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (في حديث المناهي) قال:

ألا و من زنا بامرأة مسلمة أو يهوديّة أو نصرانيّة أو مجوسيّة حرّة أو أمة ثمّ لم يتب منه و مات مصرّا عليه، فتح اللّه تعالى له في قبره ثلاثمائة باب يخرج منها حيّات و عقارب و ثعبان من النار، فهو يحترق إلى يوم القيامة، فإذا بعث من قبره تأذّى الناس من نتن ريحه فيعرف بذلك و بما كان يعمل في دار الدنيا حتّى يؤمر به إلى النار.

ألا و إنّ اللّه حرّم الحرام و حدّ الحدود فما أحد أغير من اللّه، و من غيرته حرّم الفواحش. (2)

13-عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام قالا: ما من أحد إلاّ و هو يصيب حظّا من الزنا، فزنا العينين النظر، و زنا الفم القبلة، و زنا اليدين اللمس، صدّق الفرج ذلك أم كذّب. (3)

أقول:

نظيره في جامع الأخبار ص 145 ف 107 عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و زاد فيه: و الرجلان زناهما المشي.

14-قال الزنديق (في خبر طويل) : فلم حرّم الزنا؟ قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:

لما فيه من الفساد، و ذهاب المواريث و انقطاع الأنساب، لا تعلم المرأة في الزنا من أحبلها، و لا المولود يعلم من أبوه، و لا أرحام موصولة، و لا قرابة معروفة. (4)

ص:16


1- -الوسائل ج 20 ص 317 ب 4 ح 1
2- الوسائل ج 20 ص 321 ب 9 ح 1
3- الوسائل ج 20 ص 326 ب 14 ح 2
4- الاحتجاج ج 2 ص 93

15-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا يجتمع الزنا و الخير في بيت. (1)

16-في الغرر عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال: أبغض الخلائق إلى اللّه تعالى الشيخ الزاني.

و قال عليه السّلام: ما زنى غيور قطّ.

و قال عليه السّلام: ما كذب عاقل، و لا زنى مؤمن. (2)

17-عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله تعالى: وَ لا تَقْرَبُوا اَلزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً يقول: معصية و مقتا، فإنّ اللّه يمقته و يبغضه، قال: وَ ساءَ سَبِيلاً هو أشدّ الناس عذابا، و الزنا من أكبر الكبائر. (3)

18-. . . في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام قال: يا عليّ، كفر باللّه العظيم من هذه الامّة عشرة: و ذكر منها ناكح المرأة حراما في دبرها، و من نكح ذات محرم منه. (4)

19-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: كذب من زعم أنّه ولد من حلال و هو يحبّ الزنا. . . (5)

20-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لن يعمل ابن آدم عملا أعظم عند اللّه تبارك و تعالى من رجل قتل نبيّا أو إماما أو هدم الكعبة التي جعلها اللّه عزّ و جلّ قبلة لعباده، أو أفرغ ماءه في امرأة حراما. (6)

ص:17


1- -المستدرك ج 14 ص 327 ب 1 من النكاح المحرّم ح 1
2- المستدرك ج 14 ص 331 ح 16
3- البحار ج 79 ص 19 باب الزنا ح 5
4- البحار ج 79 ص 23 ح 17
5- البحار ج 79 ص 29 ح 39
6- البحار ج 79 ص 20 ح 9

21-قال الصادق عليه السّلام: من شغف بمحبّة الحرام و شهوة الزنا فهو شرك شيطان، ثمّ قال: إنّ لولد الزنا علامات: أحدها بغضنا أهل البيت، و ثانيها أنّه يحنّ إلى الحرام الذي خلق منه. . . (1)

أقول:

«أحدها بغضنا أهل البيت» بهذا المعنى أخبار كثيرة، مرّ بعضها في باب الحبّ ف 2.

ص:18


1- -البحار ج 79 ص 21 ح 12

79- الزواج

اشارة

فيه فصول:

الفصل الأوّل: فضله
الآيات

1- . . . هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَ أَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ. . . (1)

2- وَ لا تَنْكِحُوا اَلْمُشْرِكاتِ حَتّى يُؤْمِنَّ وَ لَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَ لَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَ لا تُنْكِحُوا اَلْمُشْرِكِينَ حَتّى يُؤْمِنُوا وَ لَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَ لَوْ أَعْجَبَكُمْ. . . - نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنّى شِئْتُمْ وَ قَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَ اِتَّقُوا اَللّهَ وَ اِعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَ بَشِّرِ اَلْمُؤْمِنِينَ. (2)

3- . . . أَنَّ اَللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اَللّهِ وَ سَيِّداً وَ حَصُوراً وَ نَبِيًّا

ص:19


1- -البقرة:187
2- البقرة:221 و 223

مِنَ اَلصّالِحِينَ. (1)

4- وَ إِنْ خِفْتُمْ أَلاّ تُقْسِطُوا فِي اَلْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ اَلنِّساءِ مَثْنى وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاّ تَعْدِلُوا فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ذلِكَ أَدْنى أَلاّ تَعُولُوا. (2)

5- وَ اَللّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً. . . (3)

6- وَ أَنْكِحُوا اَلْأَيامى مِنْكُمْ وَ اَلصّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَ إِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اَللّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ اَللّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ- وَ لْيَسْتَعْفِفِ اَلَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتّى يُغْنِيَهُمُ اَللّهُ مِنْ فَضْلِهِ. . . (4)

7- وَ مِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَ جَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَ رَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ. (5)

الأخبار

1-عن محمّد بن مسلم أنّ أبا عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:

تزوّجوا فإنّي مكاثر بكم الامم غدا في القيامة حتّى أنّ السقط يجيء محبنطئا على باب الجنّة فيقال له: ادخل الجنّة، فيقول: لا، حتّى يدخل أبواي الجنّة قبلي. (6)

بيان:

«مكاثر بكم» : كاثره أي غالبه في الكثرة و فاخره بكثرة العدد.

ص:20


1- -آل عمران:39
2- النساء:3
3- النحل:72 و بمعناها في الشورى:11
4- النور:32 و 33
5- الروم:21
6- الوسائل ج 20 ص 14 ب 1 من مقدّمات النكاح ح 2

في النهاية ج 1 ص 331، «المحبنطئ» بالهمز و تركه: المتغضّب المستبطىء للشيء، و قيل: هو الممتنع امتناع طلبة، لا امتناع إباء، يقال: احبنطأت، و احبنطيت.

2-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما يمنع المؤمن أن يتّخذ أهلا؟ ! لعلّ اللّه يرزقه نسمة تثقل الأرض بلا إله إلاّ اللّه. (1)

بيان:

«النسمة» : أي الإنسان، و تطلق على المملوك ذكرا كان أو انثى.

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من تزوّج أحرز نصف دينه. (2)

قال الكليني رحمه اللّه: و في حديث آخر: فليتّق اللّه في النصف الآخر أو الباقي.

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ركعتان يصلّيهما المتزوّج أفضل من سبعين ركعة يصلّيها أعزب.

و رواه الصدوق رحمه اللّه و زاد: و قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ركعتان يصلّيهما متزوّج أفضل من رجل عزب يقوم ليله و يصوم نهاره. (3)

5-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أكثر أهل النار العزّاب. (4)

6-عن جعفر بن محمّد عن أبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من ترك التزويج مخافة العيلة فقد ساء ظنّه باللّه عزّ و جلّ، إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول:

إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اَللّهُ مِنْ فَضْلِهِ . (5)

ص:21


1- -الوسائل ج 20 ص 14 ح 3
2- الوسائل ج 20 ص 16 ح 11
3- الوسائل ج 20 ص 18 ب 2 ح 1
4- الوسائل ج 20 ص 20 ح 7
5- الوسائل ج 20 ص 42 ب 10 ح 2

بيان:

«العيلة» : الفقر و الفاقة.

7-عن عليّ بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السّلام قال: ثلاثة يستظلّون بظلّ عرش اللّه يوم القيامة يوم لا ظلّ إلاّ ظلّه، رجل زوّج أخاه المسلم، أو أخدمه، أو كتم له سرّا. (1)

8-عن الصادق عليه السّلام أنّه كتب إلى النجاشيّ: حدّثني أبي عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: و من زوّج أخاه المؤمن امرأة يأنس بها و تشدّ عضده و يستريح إليها، زوّجه اللّه من الحور العين، و آنسه بمن أحبّ من الصدّيقين من أهل بيت نبيّه صلّى اللّه عليه و آله و إخوانه، و آنسهم به. . . (2)

9-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: تناكحوا تناسلوا تكثروا فإنّي اباهي بكم الامم يوم القيامة و لو بالسقط. (3)

10-و قال صلّى اللّه عليه و آله: يفتح أبواب السماء بالرحمة في أربع مواضع: عند نزول المطر، و عند نظر الولد في وجه الوالدين، و عند فتح باب الكعبة و عند النكاح. (4)

11-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ليأتينّ على الناس زمان لا يسلم لذي دين دينه إلاّ من يفرّ من شاهق إلى شاهق و من جحر إلى جحر كالثعلب بأشباله، قالوا: و متى ذلك الزمان؟ قال صلّى اللّه عليه و آله: إذا لم ينل المعيشة إلاّ بمعاصي اللّه، فعند ذلك حلّت العزوبة.

قالوا: يا رسول اللّه، أمرتنا بالتزويج، قال: بلى و لكن إذا كان ذلك الزمان فهلاك الرجل على يدي أبويه، فإن لم يكن له أبوان فعلى يدي زوجته و ولده،

ص:22


1- -الوسائل ج 20 ص 45 ب 12 ح 3
2- المستدرك ج 14 ص 173 ب 11 من مقدّمات النكاح ح 2
3- جامع الأخبار ص 101 ف 58
4- جامع الأخبار ص 101

فإن لم يكن له زوجة و لا ولد فعلى يدي قرابته و جيرانه، قالوا: و كيف ذلك يا رسول اللّه؟ قال: يعيّرونه لضيق المعيشة و يكلّفونه ما لا يطيق حتّى يوردونه موارد الهلكة. (1)

بيان:

«الشاهق» : الجبل المرتفع. «الجحر» : ثقب الحيّة و نحوها. «الشبل» : جمع أشبال أي الولد. و إنّما مثّل بالثعلب لشدّة محبّته لولده في الحيوانات، و خوفه من الذئب فيفرّ من شاهق إلى شاهق، و من جحر إلى جحر لحفظ ولده، و وجه التشبيه شدّة اهتمام المؤمن بدينه.

12-قال الصادق عليه السّلام: قيل لعيسى بن مريم: مالك لا تتزوّج؟ قال ما أصنع بالتزويج؟ قالوا: يولد لك، قال: و ما أصنع بالأولاد، إن عاشوا فتنوا و إن ماتوا أحزنوا؟ (2)

13-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباه فليتزوّج، و من لم يستطعها فليدمن الصوم فإنّه له و جاء. (3)

بيان:

«الباه» في النهاية ج 1 ص 160، فيه: «عليكم بالباءة» يعني النكاح و التزويج يقال: فيه الباءة و الباء، و قد يقصر، و هو من المباءة: المنزل. . .

في القاموس، الباه كالجاه: النكاح، و باهها: جامعها.

في مجمع البحرين، «الوجاء» : رضّ عروق البيضتين حتّى تنفضخ فيكون شبيها بالخصاء، و قيل: هو رضّ الخصيتين، شبّه الصوم به لأنّه يكسر الشهوة كالوجاء.

14-عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ما من شابّ

ص:23


1- -سفينة البحار ج 2 ص 184( عزب)
2- البحار ج 103 ص 219 باب كراهة العزوبة ح 16
3- البحار ج 103 ص 220 ح 20

تزوّج في حداثة سنّه إلاّ عجّ شيطانه يا ويله يا ويله عصم منّي ثلثي دينه، فليتّق اللّه العبد في الثلث الباقي. (1)

15-و بهذا الإسناد قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: زوّجوا أياماكم فإنّ اللّه يحسن لهم في أخلاقهم و يوسّع لهم في أرزاقهم و يزيدهم في مروّاتهم. (2)

بيان:

في مجمع البحرين، «الأيّم» جمع أيامى: الذي لا زوج له من الرجال و النساء، سواء كان تزوّج من قبل أو لم يتزوّج.

16-قال الصادق عليه السّلام: جاء رجل إلى أبي، فقال له: هل لك زوجة؟ قال:

لا، قال: لا أحبّ أنّ لي الدنيا و ما فيها و أنّي أبيت ليلة ليس لي زوجة، قال: ثمّ قال: إنّ ركعتين يصلّيهما رجل متزوّج أفضل من رجل يقوم ليله و يصوم نهاره أعزب، ثمّ أعطاه أبي سبعة دنانير قال: تزوّج بهذه. و حدّثني بذلك سنة ثمان و تسعين و مائة.

ثمّ قال أبي: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: اتّخذوا الأهل فإنّه أرزق لكم. (3)

17-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من نكح للّه و أنكح للّه استحقّ ولاية اللّه. (4)

18-عن عليّ عليه السّلام قال: إذا تزوّج الرجل فقد ركب البحر، فإن ولد له فقد كسر به. (5)

أقول:

ذكرنا أهمّ الأخبار.

ص:24


1- -البحار ج 103 ص 221 ح 34
2- البحار ج 103 ص 222 ح 38
3- البحار ج 103 ص 217 ح 1
4- المحجّة البيضاء ج 3 ص 54
5- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 20 ص 301
الفصل الثانيّ: اختيار الزوج و الزوجة
الأخبار

1-قال جابر بن عبد اللّه: كنّا عند النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال: إنّ خير نسائكم الولود الودود العفيفة، العزيزة في أهلها، الذليلة مع بعلها، المتبرّجة مع زوجها، الحصان على غيره، التي تسمع قوله و تطيع أمره، و إذا خلا بها بذلت له ما يريد منها، و لم تبذّل كتبذّل الرجل. (1)

بيان:

«المتبرّجة» تبرّجت المرأة: أظهرت زينتها و محاسنها (آراستن) . «الحصان» : أي العفيفة. «لم تبذّل» التبذّل: ضدّ التصاون، و المعنى: عدم التشبّث بالرجل و ترك الحياء رأسا، و طلب الوطيء كما هو شأن الرجل، و يحتمل أن يكون من التبذّل بمعنى ترك التزيّن أي لا تترك الزينة. (راجع المرآة ج 20 ص 11)

2-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: خير نسائكم التي إذا خلت مع زوجها خلعت له درع الحياء، و إذا لبست لبست معه درع الحياء. (2)

3-عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: خير نسائكم

ص:25


1- -الوسائل ج 20 ص 28 ب 6 من مقدّمات النكاح ح 2
2- الوسائل ج 20 ص 29 ح 3

الخمس، قيل: و ما الخمس؟ قال: الهيّنة الليّنة المؤاتية، التي إذا غضب زوجها لم تكتحل بغمض حتّى يرضى، و إذا غاب عنها زوجها حفظته في غيبته، فتلك عامل من عمّال اللّه، و عامل اللّه لا يخيب. (1)

بيان:

«الهيّنة» : أي اللينة و السهلة و الذلّة. «المؤاتية» في الوافي: أي المطيعة.

«لم تكتحل بغمض» : قال الفيروزآبادي: ما اكتحلت غمضا بالضمّ: ما نمت.

4-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: خير نسائكم العفيفة الغلمة. (2)

بيان:

في النهاية، «الغلمة» : هيجان شهوة النكاح من المرأة و الرجل و غيرهما.

5-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أفضل نساء أمّتي أصبحهنّ وجها و أقلّهنّ مهرا. (3)

بيان:

«أصبحهنّ وجها» صبح الوجه: أشرق و أنار، و في البحار ج 103 ص 237، بدلها؛

"أحسنهنّ وجها".

6-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّما المرأة قلادة فانظر ما تتقلّد، و ليس للمرأة خطر، لا لصالحتهنّ و لا لطالحتهنّ، فأمّا صالحتهنّ فليس خطرها الذهب و الفضّة، هي خير من الذهب و الفضّة، و أمّا طالحتهنّ فليس خطرها التراب، التراب خير منها. (4)

ص:26


1- -الوسائل ج 20 ص 29 ح 4
2- الوسائل ج 20 ص 30 ح 7
3- الوسائل ج 20 ص 31 ح 8
4- الوسائل ج 20 ص 33 ح 16

بيان:

«الخطر» : المثل و العدل.

7-عن جابر بن عبد اللّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أ لا أخبركم بشرار نساءكم؟ الذليلة في أهلها، العزيزة مع بعلها، العقيم الحقود التي لا تتورّع من قبيح، المتبرّجة إذا غاب عنها بعلها، الحصان معه إذا حضر، لا تسمع قوله و لا تطيع أمره، و إذا خلا بها بعلها تمنّعت منه كما تمنّع الصعبة عند ركوبها، و لا تقبل منه عذرا و لا تغفر له ذنبا. (1)

8-عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: سمعته يقول: يظهر في آخر الزمان و اقتراب الساعة، و هو شرّ الأزمنة، نسوة كاشفات عاريات متبرّجات، من الدين خارجات، في الفتن داخلات، مائلات إلى الشهوات، مسرعات إلى اللذّات، مستحلاّت المحرّمات، في جهنّم خالدات.

و قال عليه السّلام: لو لا النساء لعبد اللّه حقّا حقّا. (2)

9-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال للناس: إيّاكم و خضراء الدمن، قيل: يا رسول اللّه، و ما خضراء الدمن؟ قال: المرأة الحسناء في منبت السوء. (3)

بيان:

«خضراء الدمن» الدمنة: جمع دمن و هي ما تدمنه الأبل و الغنم بأبوالها و أبعارها في مرابضها، فربما نبت فيها النبات الحسن.

10-عن زيد بن ثابت قال: قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا زيد، تزوّجت؟ قلت: لا، قال: تزوّج تستعفّ مع عفّتك، و لا تزوّجنّ خمسا، قال زيد: من هنّ؟

ص:27


1- -الوسائل ج 20 ص 33 ب 7 ح 1
2- الوسائل ج 20 ص 35 ح 5 و 6
3- الوسائل ج 20 ص 35 ح 7

قال: لا تزوّجنّ شهبرة و لا لهبرة و لا نهبرة و لا هيدرة و لا لفوتا، قال زيد:

ما عرفت ممّا قلت شيئا، قال: أ لستم عربا؟ ! أمّا الشهبرة فالزرقاء البذيّة، و أمّا اللهبرة فالطويلة المهزولة، و أمّا النهبرة فالقصيرة الدميمة، و أمّا الهيدرة فالعجوز المدبرة، و أمّا اللفوت فذات الولد من غيرك. (1)

بيان:

«الزرقاء» يقال: رجل أزرق العين و امرأة زرقاء العين، و الزرق لون كلون السماء، ثمّ إنّ الزرقة أبغض شيء من ألوان العيون عند العرب. «البذيّة» : المراد الفحّاشة.

«الدميمة» : دمّ دمامة: كان حقيرا و قبح منظره فهو دميم و دميمة. الدمّة: الرجل القصير الحقير.

11-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: خير نساءكم نساء قريش، ألطفهنّ بأزواجهنّ و أرحمهنّ بأولادهنّ، المجون لزوجها، الحصان على غيره، قلنا: و ما المجون؟ قال: التي لا تمنع. (2)

12-عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: أتى رجل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يستأمره في النكاح، فقال: نعم، انكح و عليك بذوات الدين تربت يداك، و قال:

إنّما مثل المرأة الصالحة مثل الغراب الأعصم الذي لا يكاد يقدر عليه، قال:

و ما الغراب الأعصم؟ قال: الأبيض إحدى رجليه. (3)

بيان:

«تربت يداك» : المراد هنا؛ المثل ليرى المأمور به بذلك الجدّ و أنّه إن خالفه فقد أساء. و في النهاية ج 1 ص 184: هذه الكلمة جارية على ألسنة العرب لا يريدون بها الدعاء على المخاطب، و لا وقوع الأمر به، كما يقولون: قاتله اللّه.

ص:28


1- -الوسائل ج 20 ص 35 ح 8
2- الوسائل ج 20 ص 37 ب 8 ح 3
3- الوسائل ج 20 ص 38 ب 9 ح 2

و قيل: معناها «للّه درّك» . و قيل: أراد به المثل ليرى المأمور بذلك الجدّ و أنّه إن خالفه فقد أساء. لاحظ مجمع البحرين (ترب) أيضا

13-قال أبو الحسن الرضا عليه السّلام: ما أفاد عبد فائدة خيرا من زوجة صالحة، إذا رآها سرّته و إذا غاب عنها حفظته في نفسها و ماله. (1)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر.

14-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا تزوّج الرجل المرأة لجمالها أو لمالها و كل إلى ذلك، و إذا تزوّجها لدينها رزقه اللّه المال و الجمال. (2)

15-قال أبو جعفر عليه السّلام: حدّثني جابر بن عبد اللّه أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:

من تزوّج امرأة لمالها وكّله اللّه إليه، و من تزوّجها لجمالها رأى فيها ما يكره، و من تزوّجها لدينها جمع اللّه له ذلك. (3)

16-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من نكح امرأة حلالا بمال حلال غير أنّه أراد به فخرا و رياء و سمعة لم يزده اللّه بذلك إلاّ ذلاّ و هوانا، و أقامه بقدر ما استمتع منها على شفير جهنّم، ثمّ يهوي به فيها سبعين خريفا. (4)

بيان:

«الخريف» : الزمان المعروف من فصول السنة، و مقداره بحسب الأخبار مختلف، في بعضها: سبعون سنة، و في بعضها: ألف عام، و العام: ألف سنة، إلى غير ذلك.

17-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: جاء رجل إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال: يا نبيّ اللّه، إنّ لي ابنة عمّ قد رضيت جمالها و حسنها و دينها

ص:29


1- -الوسائل ج 20 ص 39 ح 6
2- الوسائل ج 20 ص 49 ب 14 ح 1
3- الوسائل ج 20 ص 51 ح 5
4- الوسائل ج 20 ص 52 ح 8

و لكنّها عاقر، فقال: لا تزوّجها، إنّ يوسف بن يعقوب لقى أخاه فقال: يا أخي، كيف استطعت أن تزوّج النساء بعدي؟ فقال: إنّ أبي أمرني و قال: إن استطعت أن تكون لك ذرّية تثقل الأرض بالتسبيح فافعل.

قال: و جاء رجل من الغد إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال له مثل ذلك، فقال له: تزوّج سوءاء ولودا، فإنّي مكاثر بكم الامم يوم القيامة.

قال: فقلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: ما السوءاء؟ قال: القبيحة. (1)

أقول:

الأخبار في كراهة تزويج العاقر و استحباب تزويج الولود كثيرة، في بعضها:

«تزوّجوا بكرا ولودا» .

18-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: تزوّجوا سمراء عيناء عجزاء مربوعة فإن كرهتها فعليّ مهرها. (2)

بيان:

«السمراء» : كانت لونها بين السواد و البياض (گندم گون) . «العيناء» : أي الحسنة العين و عظيم العين و سواد عينها في سعة. «العجزاء» أي العظيمة العجز و العجز من الرجل و المرأة: ما بين الوركين. «المربوعة» : الوسيط القامة.

19-عن عبد اللّه بن المغيرة عن أبي الحسن عليه السّلام قال: سمعته يقول: عليكم بذوات الأوراك فإنّهنّ أنجب. (3)

بيان:

«الورك» بالفتح و الكسر: ج أوراك، ما فوق الفخذ كالكتف فوق العضد.

20-في الفقيه، قال عليه السّلام: إذا أراد أحدكم أن يتزوّج فليسأل عن شعرها

ص:30


1- -الوسائل ج 20 ص 53 ب 15 ح 1
2- الوسائل ج 20 ص 56 ب 18 ح 1
3- الوسائل ج 20 ص 57 ح 2

كما يسأل عن وجهها، فإنّ الشعر أحد الجمالين. (1)

21-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: اطلبوا الخير عند حسان الوجوه، فإنّ فعالهم أحرى أن يكون حسنا. (2)

22-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من سعادة الرجل أن لا تحيض ابنته في بيته. (3)

23-كتب عليّ بن أسباط إلى أبي جعفر عليه السّلام في أمر بناته و أنّه لا يجد أحدا مثله، فكتب إليه أبو جعفر عليه السّلام: فهمت ما ذكرت من أمر بناتك و أنّك لا تجد أحدا مثلك، فلا تنظر في ذلك رحمك اللّه، فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: إذا جاءكم من ترضون خلقه و دينه فزوّجوه إِلاّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي اَلْأَرْضِ وَ فَسادٌ كَبِيرٌ. 4 . (4)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر.

24-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الكفو أن يكون عفيفا و عنده يسار. (5)

بيان:

«اليسار» : أي الغنى، و المراد القدرة على النفقة كما فهمه الأصحاب.

25-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: النكاح رقّ،

ص:31


1- -الوسائل ج 20 ص 59 ب 21 ح 3-و مثله في البحار ج 103 ص 237 عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله
2- الوسائل ج 20 ص 59 ح 4.
3- الوسائل ج 20 ص 64 ب 23 ح 12
4- الوسائل ج 20 ص 76 ب 28 ح 1
5- الوسائل ج 20 ص 78 ح 4

فإذا أنكح أحدكم وليدة فقد أرقّها، فلينظر أحدكم لمن يرقّ كريمته. (1)

26-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من زوّج كريمته من شارب خمر فقد قطع رحمها. (2)

27-عن الحسين بن بشّار قال: كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه السّلام: أنّ لي قرابة قد خطب إليّ و في خلقه سوء؟ قال: لا تزوّجه إن كان سيّئ الخلق. (3)

28-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا تناكحوا الزنج و الخزر فإنّ لهم أرحاما تدلّ على غير الوفاء، قال: و السند و الهند و القند ليس فيهم نجيب، يعني القندهار. (4)

بيان:

في الوافي، «الزنج» بالفتح و الكسر: صنف من السودان، واحدهم زنجي.

و قال رحمه اللّه: «الخزر» هو ضيّق العين و صغرها، سمّي به صنف من الناس هذه صفتهم.

و في أقرب الموارد «السند» : بلاد و طائفة من الناس يتأخمون الهند و ألوانهم إلى الصفرة، الواحد سنديّ.

29-عن أبي الربيع الشامي قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا تشتر من السودان أحدا. . . و لا تنكحوا من الأكراد أحدا فإنّهم جنس من الجنّ كشف عنهم الغطاء. (5)

30-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إيّاكم و تزويج الحمقاء، فإنّ صحبتها بلاء، و ولدها ضياع. (6)

ص:32


1- -الوسائل ج 20 ص 79 ح 8
2- الوسائل ج 20 ص 79 ب 29 ح 1
3- الوسائل ج 20 ص 81 ب 30 ح 1
4- الوسائل ج 20 ص 82 ب 31 ح 2
5- الوسائل ج 20 ص 83 ب 32
6- الوسائل ج 20 ص 84 ب 33 ح 1

31-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا تنكح المرأة لأربعة: لمالها و جمالها و نسبها و لذّتها، فعليك بذات الدين. (1)

32-عن ابن أبي يعفور عن الصادق عليه السّلام قال: قلت [له]: إنّي أردت أن أتزوّج امرأة و إنّ أبويّ أرادا غيرها، قال عليه السّلام: تزوّج التي هويت ودع التي هوى أبواك. (2)

33-عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

لا خيل أبقى من الدهم، و لا امرأة كابنة العمّ. (3)

بيان:

«الأدهم» : جمع دهم، الذي يشتدّ سواده.

34-و بهذا الإسناد قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: اختاروا لنطفكم فإنّ الخال أحد الضجيعين. (4)

بيان:

في المرآة ج 20 ص 22، «أحد الضجيعين» : لعلّ المراد بيان مدخليّة الخال في مشابهة الولد في أخلاقه، فكان الخال ضجيع الرجل لمدخليّته فيما تولّد منه عند المضاجعة من الولد. أو المراد بيان قرب أقارب المرأة من الزوج، و شدّة ارتباطهم به، فكان الخال ضجيع الإنسان، لشدّة قربه و اطلاّعه على سرائره، و الأولّ أظهر، و الضجيعان إمّا الزوجان أو المرأة و الخال.

و في الوافي: كما أنّ الأب ضجيع ابنه و مربّيه، فقد يكون الخال ضجيعه و مربّيه فكما أنّه يكتسب من أخلاق الأب كذلك يكتسب من أخلاق الخال.

ص:33


1- -جامع الأخبار ص 101 ف 58
2- مكارم الأخلاق ص 237 ب 8 ف 10
3- البحار ج 103 ص 236 باب أصناف النساء ح 27
4- البحار ج 103 ص 236 ح 28

35-عن الرضا عليه السّلام: . . . و اعلم أنّ النساء شتّى، فمنهنّ الغنيمة و الغرامة و هي المتحبّبة لزوجها و العاشقة له، و منهنّ الهلال إذا تجلّى، و منهنّ الظلام الحنديس المقطبة، فمن ظفر بصالحتهنّ يسعد، و من وقع في طالحتهنّ فقد ابتلى و ليس له انتقام. . . (1)

بيان:

«الغنيمة» : في الأصل هي الفائدة المكتسبة.

36-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من زوّج كريمته بفاسق نزل عليه كلّ يوم ألف لعنة و لا يصعد له عمل إلى السماء و لا يستجاب له دعاؤه و لا يقبل منه صرف و لا عدل. (2)

ص:34


1- -البحار ج 103 ص 234 ح 15
2- المستدرك ج 5 ص 279 ب 62 من الدعاء ح 6
الفصل الثالث: حقوق الزوج و الزوجة
الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: قول الرجل للمرأة: إنّي أحبّك، لا يذهب من قلبها أبدا. (1)

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أغلب الأعداء للمؤمن زوجة السوء. (2)

3-جاء رجل إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال: إنّ لي زوجة إذا دخلت تلقّتني، و إذا خرجت شيّعتني، و إذا رأتني مهموما قالت لي: ما يهمّك، إن كنت تهتمّ لرزقك فقد تكفّل لك به غيرك، و إن كنت تهتمّ بأمر آخرتك فزادك اللّه همّا، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ للّه عمّالا، و هذه من عمّاله، لها نصف أجر الشهيد. (3)

4-عن جابر قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: . . . أ لا اخبركم بخيار رجالكم؟ قلنا: بلى يا رسول اللّه، قال: إنّ من خير رجالكم التقيّ النقيّ، السمح الكفّين، السليم الطرفين، البرّ بوالديه، و لا يلجئ عياله إلى غيره، ثمّ قال: أ لا اخبركم بشرّ رجالكم؟ فقلنا: بلى، فقال: إنّ من شرّ رجالكم البهّات البخيل الفاحش، الآكل

ص:35


1- -الوسائل ج 20 ص 23 ب 3 من مقدّمات النكاح ح 9
2- الوسائل ج 20 ص 25 ب 4 ح 4
3- الوسائل ج 20 ص 32 ب 6 ح 14

وحده، المانع رفده، الضارب أهله و عبده، الملجئ عياله إلى غيره، العاقّ بوالديه. (1)

بيان:

الرفد: العطاء و العون. «السليم الطرفين» : كأنّه كناية عن سلامة لسانه عن الفحش و البذاء و عورته عن الفحشاء، أو سلامة نسب أبيه و أمّه.

5-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان من دعاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أعوذ بك من امرأة تشيّبني قبل مشيبي. (2)

6-عن الثمالي عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الناجي من الرجال قليل، و من النساء أقلّ و أقلّ، قيل: و لم؟ قال: لأنهنّ كافرات الغضب، مؤمنات الرضا. (3)

7-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ قوما أتوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقالوا: يا رسول اللّه، إنّا رأينا اناسا يسجد بعضهم لبعض، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها. (4)

8-عن أبي إبراهيم عليه السّلام قال: جهاد المرأة حسن التبعّل. (5)

بيان:

قال في مجمع البحرين ذيل الحديث، التبعّل: حسن العشرة و حسن صحبة المرأة مع بعلها.

9-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من كان له امرأة تؤذيه لم يقبل اللّه صلاتها و لا حسنة

ص:36


1- -الوسائل ج 20 ص 34 ب 7 ح 2
2- الوسائل ج 20 ص 34 ح 4
3- الوسائل ج 20 ص 49 ب 13 ح 5
4- الوسائل ج 20 ص 162 ب 81 ح 1
5- الوسائل ج 20 ص 163 ح 2- نهج البلاغة ص 1152 في ح 131

من عملها حتّى تعينه و ترضيه، و إن صامت الدهر و قامت و أعتقت الرقاب و أنفقت الأموال في سبيل اللّه و كانت أوّل من ترد النار.

ثمّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: و على الرجل مثل ذلك الوزر و العذاب إذا كان لها مؤذيا ظالما.

و من صبر على سوء خلق امرأته و احتسبه أعطاه اللّه له بكلّ مرّة يصبر عليها من الثواب مثل ما أعطى أيّوب على بلائه و كان عليها من الوزر في كلّ يوم و ليلة مثل رمل عالج فإن مات قبل أن تعتبه (تعينه ف م) و قبل أن يرضى عنها حشرت يوم القيامة منكوسة مع المنافقين في الدرك الأسفل من النار، و من كانت له امرأة و لم توافقه و لم تصبر على ما رزقه اللّه و شقّت عليه و حملته ما لم يقدر عليه لم يقبل اللّه لها حسنة تتّقي بها النار و غضب اللّه عليها ما دامت كذلك. (1)

بيان:

«رمل عالج» : هو ما تراكم من الرمل و دخل بعضه على بعض.

10-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّما المرأة لعبة من اتّخذها فلا يضيّعها. (2)

بيان:

«اللعبة» : كلّ ملعوب به و الجمع لعب، و منه الحديث: «نساؤكم بمنزلة اللعب» .

(مجمع البحرين)

11-عن سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: اتّقوا اللّه في الضعيفين، يعني بذلك اليتيم و النساء. (3)

12-عن أبي جعفر عليه السّلام و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قالا: في رسالة أمير المؤمنين

ص:37


1- -الوسائل ج 20 ص 163 ب 82( عقاب الاعمال ص 335 و ص 339 في حديث طويل)
2- الوسائل ج 20 ص 167 ب 86 ح 2
3- الوسائل ج 20 ص 167 ح 3

إلى الحسن عليهما السّلام: لا تملّك المرأة من الأمر ما يجاوز نفسها فإنّ ذلك أنعم لحالها و أرخى لبالها و أدوم لجمالها فإنّ المرأة ريحانة و ليست بقهرمانة و لا تعد بكرامتها نفسها و اغضض بصرها بسترك و اكففها بحجابك و لا تطمعها أن تشفع لغيرها فيميل من شفعت له عليك معها و استبق من نفسك بقيّة فإنّ إمساكك عنهنّ و هنّ يرين أنّك ذو اقتدار خير من أن يرين حالك على انكسار. (1)

أقول:

يأتي في باب النساء عن نهج البلاغة نظيره باختلاف.

بيان: «أرخى» : رخي رخا و رخوة: لان و سهل «بالها» أي شأنها و حالها.

في المرآة ج 20 ص 323، «و لا تعد بكرامتها» : أي لا تجاوز بسبب كرامتها أن تفعل بها ما يتعلّق بنفسها لئلاّ تمنعها عن الإحسان إلى أقاربه و غير ذلك من الخير لحسدها و ضعف عقلها.

13-عن إسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: ما حقّ المرأة على زوجها الذي إذا فعله كان محسنا؟ قال: يشبعها و يكسوها و إن جهلت غفر لها، و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كانت امرأة عند أبي عليه السّلام تؤذيه فيغفر لها. (2)

14-عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

أوصاني جبرئيل بالمرأة حتّى ظننت أنّه لا ينبغي طلاقها إلاّ من فاحشة مبيّنة. (3)

15-قال الصادق عليه السّلام: رحم اللّه عبدا أحسن فيما بينه و بين زوجته فإنّ اللّه عزّ و جلّ قد ملّكه ناصيتها و جعله القيّم عليها. (4)

ص:38


1- -الوسائل ج 20 ص 168 ب 87 ح 1
2- الوسائل ج 20 ص 169 ب 88 ح 1
3- الوسائل ج 20 ص 170 ح 4
4- الوسائل ج 20 ص 170 ح 5

16-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ملعون ملعون من ضيّع من يعول. (1)

17-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: خيركم خيركم لأهله و أنا خيركم لأهلي. (2)

18-و قال صلّى اللّه عليه و آله: عيال الرجل اسراؤه و أحبّ العباد إلى اللّه عزّ و جلّ أحسنهم صنعا إلى اسرائه. (3)

19-قال أبو الحسن عليه السّلام: عيال الرجل اسراؤه فمن أنعم اللّه عليه بنعمة فليوسّع على اسرائه، فإن لم يفعل أوشك أن تزول تلك النعمة. (4)

20-عن أبي عبد اللّه عن أبيه عليهما السّلام قال: تقاضى عليّ و فاطمة إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في الخدمة، فقضى على فاطمة عليها السّلام بخدمتها ما دون الباب، و قضى على عليّ عليه السّلام بما خلفه، قال: فقالت فاطمة: فلا يعلم ما دخلني من السرور إلاّ اللّه بإكفائي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله تحمل أرقاب الرجال. (5)

21-قال عليه السّلام: الامرأة الصالحة خير من ألف رجل غير صالح و أيّما امرأة خدمت زوجها سبعة أيّام أغلق اللّه عنها سبعة أبواب النار و فتح لها ثمانية أبواب الجنّة تدخل من أيّها شاءت. (6)

22-و قال عليه السّلام: ما من امرأة تسقي زوجها شربة من ماء إلاّ كان خيرا لها من عبادة سنة صيام نهارها و قيام ليلها و يبني اللّه لها بكلّ شربة تسقي زوجها مدينة في الجنّة و غفر لها ستّين خطيئة. (7)

ص:39


1- -الوسائل ج 20 ص 171 ح 6
2- الوسائل ج 20 ص 171 ح 8
3- الوسائل ج 20 ص 171 ح 9
4- الوسائل ج 20 ص 171 ح 10
5- الوسائل ج 20 ص 172 ب 89 ح 1
6- الوسائل ج 20 ص 172 ح 2
7- الوسائل ج 20 ص 172 ح 3

23-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ إبراهيم شكا إلى اللّه ما يلقى من سوء خلق سارة فأوحى اللّه إليه: إنّما مثل المرأة مثل الضلع المعوج إن أقمته كسرته و إن تركته استمتعت به اصبر عليها. (1)

24-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام (في حديث المناهي) عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: و من صبر على خلق امرأة سيّئة الخلق و احتسب في ذلك الأجر أعطاه اللّه ثواب الشاكرين. (2)

25-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ رجلا من الأنصار على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خرج في بعض حوائجه فعهد إلى امرأته عهدا أن لا تخرج من بيتها حتّى يقدم، قال: و إنّ أباها قد مرض فبعثت المرأة إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله تستأذنه أن تعوده، فقال: لا، اجلسي في بيتك و أطيعي زوجك، قال: فثقل فأرسلت إليه ثانيا بذلك، فقال: اجلسي في بيتك و أطيعي زوجك قال: فمات أبوها فبعثت إليه إنّ أبي قد مات فتأمرني أن اصلّي عليه فقال: لا، اجلسي في بيتك و أطيعي زوجك قال: فدفن الرجل فبعث إليها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه قد غفر لك و لأبيك بطاعتك لزوجك. (3)

بيان:

«فثقل» ثقل المريض: اشتدّ مرضه.

26-عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: خطب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله النساء فقال: يا معشر النساء، تصدّقن و لو من حليكنّ و لو بتمرة و لو بشقّ تمرة فإنّ أكثركنّ حطب جهنّم إنّكنّ تكثرن اللعن و تكفرن العشرة (العشيرة م) فقالت امرأة (من بني سليم لها عقل م) : يا رسول اللّه، أ ليس نحن الامّهات

ص:40


1- -الوسائل ج 20 ص 173 ب 90 ح 3
2- الوسائل ج 20 ص 174 ح 5
3- الوسائل ج 20 ص 174 ب 91 ح 1

الحاملات المرضعات، أ ليس منّا البنات المقيمات و الأخوات المشفقات؟ (فرقّ لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله م) فقال: حاملات والدات مرضعات رحيمات لو لا ما يأتين إلى بعولتهنّ ما دخلت مصلّية منهنّ النار. (1)

أقول:

ح 4: جاءت امرأة سائلة إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: والدات والهات، رحيمات بأولادهنّ، لو لا ما يأتين إلى أزواجهنّ، لقيل لهنّ: ادخلن الجنّة بغير حساب.

بيان: في المرآة ج 20 ص 329، «تكفرن العشيرة» في النهاية: و منه الحديث «فرأيت أكثر أهلها (أي النار) النساء، لكفرهنّ. قيل: أ يكفرن باللّه؟ قال: لا، و لكن يكفرن الإحسان و يكفرن العشير» أي يجحدن إحسان أزواجهنّ.

و قال الزمخشري في الفائق: . . . العشير هو المعاشر. . . و المراد به الزوج.

27-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لا يحلّ لامرأة أن تنام حتّى تعرض نفسها على زوجها، تخلع ثيابها و تدخل معه في لحافه فتلزق جلدها بجلده، فإذا فعلت ذلك فقد عرضت. (2)

28-عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: جاءت امرأة إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقالت: يا رسول اللّه، ما حقّ الزوج على المرأة؟ فقال لها: أن تطيعه، و لا تعصيه، و لا تصدّق من بيته إلاّ بإذنه، و لا تصوم تطوّعا إلاّ بإذنه، و لا تمنعه نفسها و إن كانت على ظهر قتب و لا تخرج من بيتها إلاّ بإذنه، و إن خرجت بغير إذنه لعنتها ملائكة السماء و ملائكة الأرض و ملائكة الغضب و ملائكة الرحمة حتّى ترجع إلى بيتها، قالت: يا رسول اللّه، من أعظم الناس حقّا على الرجل؟

ص:41


1- -الوسائل ج 20 ص 175 ح 2
2- الوسائل ج 20 ص 176 ح 5

قال: والده، قالت: (يا رسول اللّه، م) فمن أعظم الناس حقّا على المرأة؟ قال:

زوجها، قالت: فما لي عليه من الحقّ مثل ما له عليّ؟ قال: لا، و لا من كلّ مأة واحدة. . . (1)

بيان:

«القتب» : ما يوضع على سنام البعير و يركب عليه (پالان) .

29-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا صلّت المرأة خمسها و صامت شهرها و حجّت بيت ربّها و أطاعت زوجها و عرفت حقّ عليّ عليه السّلام فلتدخل من أيّ أبواب الجنان شاءت. (2)

30-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أيّما امرأة باتت و زوجها عليها ساخط في حقّ لم يتقبّل (لم تقبل م) منها صلاة حتّى يرضى عنها، و أيّما امرأة تطيّبت لغير زوجها لم يقبل اللّه منها صلاة حتّى تغتسل من طيبها كغسلها من جنابتها. (3)

31-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أيّ امرأة تطيّبت و خرجت من بيتها فهي تلعن حتّى ترجع إلى بيتها متى ما رجعت. (4)

32-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام (في حديث المناهي) قال: نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أن تخرج المرأة من بيتها بغير إذن زوجها، فإن خرجت لعنها كلّ ملك في السماء و كلّ شيء تمرّ عليه من الجنّ و الإنس حتّى ترجع إلى بيتها، و نهى أن تتزيّن لغير زوجها، فإن فعلت كان حقّا على اللّه أن يحرقها بالنار. (5)

33-عن جميل بن درّاج عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أيّما امرأة قالت

ص:42


1- -الوسائل ج 20 ص 157 ب 79 ح 1
2- الوسائل ج 20 ص 159 ح 4
3- الوسائل ج 20 ص 160 ب 80 ح 1
4- الوسائل ج 20 ص 161 ح 4
5- الوسائل ج 20 ص 161 ح 6

لزوجها: ما رأيت قطّ من وجهك خيرا فقد حبط عملها. (1)

34-عن عليّ عليه السّلام قال: دخل علينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و فاطمة جالسة عند القدر و أنا انقي العدس قال: يا أبا الحسن قلت: لبّيك يا رسول اللّه، قال: اسمع منّي و ما أقول إلاّ من أمر ربّي، ما من رجل يعين امرائة في بيتها إلاّ كان له بكلّ شعرة على بدنه عبادة سنة، صيام نهارها و قيام ليلها، و أعطاه اللّه تعالى من الثواب مثل ما أعطاه اللّه الصابرين و داود النبيّ و يعقوب و عيسى عليهم السّلام.

يا عليّ، من كان في خدمة العيال في البيت و لم يأنف كتب اللّه تعالى اسمه في ديوان الشهداء و كتب اللّه له بكلّ يوم و ليلة ثواب ألف شهيد و كتب له بكلّ قدم ثواب حجّة و عمرة و أعطاه اللّه تعالى بكلّ عرق في جسده مدينة في الجنّة. . . (2)

بيان:

«لم يأنف» : أنف من الشيء: إذا كرهه و عزفت نفسه عنه.

35-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّي أتعجّب ممّن يضرب امرأته و هو بالضرب أولى منها، لا تضربوا نساءكم بالخشب فإنّ فيه القصاص و لكن اضربوهنّ بالجوع و العرى حتّى تربحوا في الدنيا و الآخرة.

و أيّما رجل رضي بتزيين امرأته و تخرج من باب دارها فهو ديّوث و لا يأثم من يسمّيه ديّوثا، و المرأة إذا خرجت من باب دارها متزيّنة متعطّرة و الزوج بذلك راض بنى لزوجها بكلّ قدم بيت في النار، فقصّروا أجنحة نساءكم و لا تطوّلوها فإنّ في تطويل أجنحتها ندامة و جزاؤها النار و في قصر أجنحتها رضى و سرورا و دخول الجنّة بغير حساب، احفظوا وصيّتي في أمر نساءكم حتّى

ص:43


1- -الوسائل ج 20 ص 162 ح 7
2- جامع الأخبار ص 102 ف 59

تنجوا من شدّة الحساب و من لم يحفظ وصيّتي فما أسوء حاله بين يدي اللّه تعالى.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: النساء حبائل الشيطان. (1)

36-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أيّما رجل ضرب امرأته فوق ثلاث أقامه اللّه يوم القيامة على رؤوس الخلائق، فيفضحه فضيحة ينظر إليه الأوّلون و الآخرون. (2)

37-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا تؤدّي المرأة حقّ اللّه عزّ و جلّ حتّى تؤدّي حقّ زوجها. (3)

38-عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من صدق لسانه زكا عمله، و من حسنت نيّته زاد اللّه في رزقه، و من حسن برّه بأهله زاد اللّه في عمره. (4)

39-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أطاع امرأته أكبّه اللّه على وجهه في النار قال: و ما تلك الطاعة؟ قال: تطلب إليه الذهاب إلى الحمّامات و العرسات و العيدان و النايحات و الثياب الرقاق فيجيبها. (5)

أقول:

قد مرّ ما بمعناه مع شرحه في باب الحمّام.

40-عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

اضربوا النساء على تعليم الخير. (6)

ص:44


1- -جامع الأخبار ص 158 ف 121
2- المستدرك ج 14 ص 250 ب 66 من مقدّمات النكاح ح 6
3- المستدرك ج 14 ص 257 ب 71 ح 5
4- البحار ج 103 ص 225 باب فضل حبّ النساء ح 9
5- البحار ج 103 ص 228 ح 27
6- البحار ج 103 ص 249 باب أحوال الرجال و النساء ح 39

41-في مواعظ الصادق عليه السّلام: لا غنى بالزوج عن ثلاثة أشياء فيما بينه و بين زوجته، و هي الموافقة ليجتلب بها موافقتها و محبّتها و هواها، و حسن خلقه معها، و استعماله استمالة قلبها بالهيئة الحسنة في عينها، و توسعته عليها.

و لا غنى بالزوجة فيما بينها و بين زوجها الموافق لها عن ثلاث خصال و هنّ:

صيانة نفسها عن كلّ دنس حتّى يطمئنّ قلبه إلى الثقة بها في حال المحبوب و المكروه، و حياطته ليكون ذلك عاطفا عليها عند زلّة تكون منها، و إظهار العشق له بالخلابة و الهيئة الحسنة لها في عينه. (1)

بيان:

حاطه حياطة: حفظه و تعهّده. «الخلابة» : الخديعة باللسان بالقول اللطيف.

42-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: أيّما امرأة رفعت من بيت زوجها شيئا من موضع إلى موضع تريد بها صلاحا نظر اللّه عزّ و جلّ إليها، و من نظر اللّه إليه لم يعذّبه.

فقالت امّ سلمة رضي اللّه عنها: ذهب الرجال بكلّ خير، فأيّ شىء للنساء المساكين؟ فقال صلّى اللّه عليه و آله: بلى إذا حملت المرءة كانت بمنزلة الصائم القائم المجاهد بنفسه و ماله في سبيل اللّه، فإذا وضعت كان لها من الأجر ما لا تدري ما هو لعظمه، فإذا أرضعت كان لها بكلّ مصّة كعدل عتق محرّر من ولد اسماعيل، فإذا فرغت من رضاعه ضرب ملك على جنبها و قال: استأنفي العمل فقد غفر لك. (2)

أقول:

سيأتي ما يناسب المقام في باب النساء و. . .

ص:45


1- -البحار ج 78 ص 237 ح 70
2- البحار ج 104 ص 106 باب ثواب النساء في خدمة الأزواج ح 1

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393737362C22426F6F6B4944223A31363732302C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A34362C2253686F77506167654E756D223A223436222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030332F424B31353931344730303353312F424B31353931344730303353315034362E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

80- الزهد

الآيات

1- . . . لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ وَ لا ما أَصابَكُمْ وَ اَللّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ. (1)

2- وَ لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ اَلْحَياةِ اَلدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَ رِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَ أَبْقى. (2)

3- لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ وَ اَللّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ. (3)

الأخبار

1-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من زهد في الدنيا أثبت اللّه الحكمة في قلبه و أنطق بها لسانه و بصّره عيوب الدنيا داءها و دواءها و أخرجه من الدنيا سالما إلى دار السّلام. (4)

ص:47


1- -آل عمران:153
2- طه:131
3- الحديد:23
4- الكافي ج 2 ص 104 باب ذمّ الدنيا و الزهد فيها ح 1

بيان:

في المصباح: زهد في الشيء، و زهد عنه زهدا و زهادة بمعنى تركه و أعرض عنه فهو زاهد.

و في مجمع البحرين: الزهد في الشيء خلاف الرغبة فيه، تقول: زهد في الشيء بالكسر زهدا و زهادة بمعنى تركه و أعرض عنه، فهو زاهد.

و في جامع السعادات ج 2 ص 57: «الزهد» ضدّ حبّ الدنيا و الرغبة إليها هو الزهد، و هو ألاّ يريد الدنيا بقلبه، و يتركها بجوارحه، إلاّ بقدر ضرورة بدنه، و بعبارة اخرى: هو الإعراض من متاع الدنيا و طيّباتها، من الأموال و المناصب و سائر ما يزول بالموت، و بتقرير آخر: هو الرغبة عن الدنيا عدولا إلى الآخرة، أو عن غير اللّه عدولا إلى اللّه، و هو الدرجة العليا، فمن رغب عن كلّ ما سوى اللّه حتّى الفراديس (جمع الفردوس) و لم يحبّ إلاّ اللّه، فهو الزاهد المطلق.

و من رغب عن حظوظ الدنيا خوفا من النار أو طمعا في نعيم الجنّة، من الحور و القصور و الفواكه و الأنهار، فهو أيضا زاهد، و لكنّه دون الأوّل، و من ترك بعض حظوظ الدنيا دون بعض، كالذي يترك المال دون الجاه، أو يترك التوسّع في الأكل دون التجمّل في الزينة، لا يستحقّ اسم الزاهد مطلقا.

و بما ذكر يظهر: أنّ الزهد إنّما يتحقّق إذا تمكّن من نيل الدنيا و تركها، و كان باعث الترك هو حقارة المرغوب عنه و خساسته، أعني الدنيا بالإضافة إلى المرغوب إليه و هو اللّه و الدار الآخرة، فلو كان الترك لعدم قدرته عليها، أو لغرض غير اللّه تعالى و غير الدار الآخرة، من حسن الذكر و استمالة القلوب أو الاشتهار بالفتوّة و السخاء، أو الاستثقال لما في حفظ الأموال من المشقّة و العنا أو أمثال ذلك، لم يكن من الزهد أصلا.

2-عن حفص بن غياث عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: جعل الخير كلّه في بيت و جعل مفتاحه الزهد في الدنيا.

ص:48

ثمّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا يجد الرجل حلاوة الإيمان في قلبه حتّى لا يبالي من أكل الدنيا.

ثمّ قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: حرام على قلوبكم أن تعرف حلاوة الإيمان حتّى تزهد في الدنيا. (1)

بيان:

في المرآة ج 8 ص 268، «جعل الخير. . .» : لمّا كان الزهد في الدنيا سببا لحصول جميع السعادات العلميّة و العمليّة شبّه تلك الكمالات بالأمتعة المخزونة في بيت و الزهد بمفتاح ذلك البيت.

3-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ من أعون الأخلاق على الدين الزهد في الدنيا. (2)

بيان:

في المرآة: ذلك لأنّ الاشتغال بالدنيا و صرف الفكر في طرق تحصيلها و وجه ضبطها و رفع موانعها مانع عظيم من تفرّغ القلب للامور الدينيّة و تفكّره فيها، بل حبّها لا يجتمع مع حبّ اللّه تعالى و طاعته و طلب الآخرة، كما روي: «أنّ الدنيا و الآخرة ضرّتان» إذ الميل بأحدهما يضرّ بالآخر.

4-إنّ رجلا سأل عليّ بن الحسين عليهما السّلام عن الزهد؟ فقال: عشرة أشياء:

فأعلى درجة الزهد أدنى درجة الورع و أعلى درجة الورع أدنى درجة اليقين و أعلى درجة اليقين أدنى درجة الرضا.

ألا و إنّ الزهد في آية من كتاب اللّه عزّ و جلّ: لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ. (3)

ص:49


1- -الكافي ج 2 ص 104 ح 2
2- الكافي ج 2 ص 104 ح 3
3- الكافي ج 2 ص 104 ح 4-و روى رحمه اللّه صدر الخبر في باب الرضا ح 10، و فيه: «الزهد

بيان:

«لا تأسوا. . .» : أي لا تحزنوا على ما فاتكم من نعم الدنيا.

5-عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ علامة الراغب في ثواب الآخرة زهده في عاجل زهرة الدنيا، أما إنّ زهد الزاهد في هذه الدنيا لا ينقصه ممّا قسم اللّه عزّ و جلّ له فيها و إن زهد، و إنّ حرص الحريص على عاجل زهرة الحيوة الدنيا لا يزيده فيها و إن حرص، فالمغبون من حرم حظّه من الآخرة. (1)

بيان:

في المرآة: المراد ب «زهرة الدنيا» بهجتها و نضارتها أو متاعها، تشبيها له بزهرة النبات لكونها أقلّ الرياحين ثباتا. . .

«إنّ زهد الزاهد. . .» : بهذا المعنى أخبار كثيرة، مرّ بعضها في باب الحرص.

و يأتي في باب العقل في حديث موسى بن جعفر عليه السّلام: يا هشام، إنّ العقلاء زهدوا في الدنيا و رغبوا في الآخرة، لأنّهم علموا أنّ الدنيا طالبة مطلوبة، و الآخرة طالبة و مطلوبة، فمن طلب الآخرة طلبته الدنيا حتّى يستوفي منها رزقه، و من طلب الدنيا طلبته الآخرة فيأتيه الموت فيفسد عليه دنياه و آخرته.

6-عن عبد اللّه بن القاسم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا أراد اللّه بعبد خيرا زهّده في الدنيا و فقّهه في الدين و بصّره عيوبها، و من أوتيهنّ فقد أوتي خير الدنيا و الآخرة، و قال: لم يطلب أحد الحقّ بباب أفضل من الزهد في الدنيا، و هو ضدّ لما طلب أعداء الحقّ، قلت: جعلت فداك ممّا ذا؟ قال: من الرغبة فيها، و قال:

ألا من صبّار كريم، فإنّما هي أيّام قلائل، ألا إنّه حرام عليكم أن تجدوا طعم

ص:50


1- الكافي ج 2 ص 105 ح 6

الإيمان حتّى تزهّدوا في الدنيا.

قال: و سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إذا تخلّى المؤمن من الدنيا سما و وجد حلاوة حبّ اللّه و كان عند أهل الدنيا كأنّه قد خولط و إنّما خالط القوم حلاوة حبّ اللّه فلم يشتغلوا بغيره.

قال: و سمعته يقول: إنّ القلب إذا صفا ضاقت به الأرض حتّى يسمو. (1)

بيان:

في الوافي، «ألا من صبّار كريم» : الهمزة استفهاميّة و"لا"نافية و"من"مزيدة و المعنى: أ لا يوجد صبّار كريم النفس يصبر عن الدنيا (و على فقرها و شدّتها) و يزهد فيها؟ و قرء بعضهم"إلاّ"بالتشديد استثناء من الرغبة، يعني إلاّ أن تكون الرغبة فيها من صبّار كريم، فإنّها لا تضّره. . . «فإنّما هي» : أي الدنيا. «القلائل» :

مفردها القليلة و هي أيّام العمر.

في المرآة، «إذا تخلّى. . .» : أي جعل نفسه خالية من حبّ الدنيا و قطع تعلّقه بها أو تفرّغ (للآخرة) و العبادة مجتنبا من الدنيا و معرضا عنها. «سما» : أي علا و ارتفع من السموّ.

«قد خولط» في المرآة: قال في النهاية: «يقال: خولط فلان في عقله إذا اختلّ عقله» فقوله خولط بهذا المعنى و «خالط» بمعنى الممازجة، و هذا أعلى درجات المحبّين حيث استقرّ حبّ اللّه تعالى في قلوبهم و أخرج حبّ كلّ شيء غيره منها، فلا يلتفتون إلى غيره تعالى و يتركون معاشرة عامّة الخلق لمباينة طوره أطوارهم فهم يعدّونه سفيها مخالطا كما نسبوا الأنبياء عليهم السّلام إلى الجنون لذلك.

«حتّى يسمو» : أي يرتفع، لعلّ المراد الموت فإذا صفا قلبه ضاقت به الأرض فلم يرض إلاّ بالصعود إلى جنّة المأوى و يستصعدون بقرب المولى و يسمو إلى عالم

ص:51


1- -الكافي ج 2 ص 105 ح 10

النور فيشاهد العالم الأعلى بالعيان و ينظر إلى الحقّ بعين العرفان.

7-عن أبي عبيدة الحذّاء قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام: حدّثني بما أنتفع به، فقال: يا أبا عبيدة، أكثر ذكر الموت، فإنّه لم يكثر إنسان ذكر الموت إلاّ زهد في الدنيا. (1)

8-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام: إنّ الدنيا قد ارتحلت مدبرة، و إنّ الآخرة قد ارتحلت مقبلة، و لكلّ واحدة منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة، و لا تكونوا من أبناء الدنيا، ألا و كونوا من الزاهدين في الدنيا الراغبين في الآخرة.

ألا إنّ الزاهدين في الدنيا اتّخذوا الأرض بساطا، و التراب فراشا، و الماء طيبا، و قرّضوا من الدنيا تقريضا،

ألا و من اشتاق إلى الجنّة سلا عن الشهوات، و من أشفق من النار رجع عن المحرّمات، و من زهد في الدنيا هانت عليه المصائب.

ألا إنّ للّه عبادا كمن رأى أهل الجنّة في الجنّة مخلّدين، و كمن رأى أهل النار في النار معذّبين، شرورهم مأمونة، و قلوبهم محزونة، أنفسهم عفيفة، و حوائجهم خفيفة، صبروا أيّاما قليلة، فصاروا بعقبى راحة طويلة، أمّا الليل فصافّون أقدامهم تجري دموعهم على خدودهم و هم يجأرون إلى ربّهم، يسعون في فكاك رقابهم، و أمّا النهار فحلماء، علماء، بررة، أتقياء، كأنّهم القداح، قد برأهم الخوف من العبادة، ينظر إليهم الناظر فيقول: مرضى-و ما بالقوم من مرض-أم خولطوا فقد خالط القوم أمر عظيم؛ من ذكر النار و ما فيها. (2)

ص:52


1- -الكافي ج 2 ص 106 ح 13
2- الكافي ج 2 ص 107 ح 15

بيان:

«البساط» : أي ما يبسط، فعال بمعنى المفعول، أي اكتفوا بالأرض عوضا عن الفرش. «قرّضوا» : من القرض بمعنى القطع أي قطعوا أنفسهم عن الدنيا و علائقها تقطيعا بإقلاع قلوبهم عنها. «سلا عن الشهوات» : أي نسيها و تركها.

«فصافّون أقدامهم» : أي يصفّون أقدامهم للصلاة. «القدح» جمع قداح: السهم بلا ريش و لا نصل، شبّههم في نحافة أبدانهم بالسهام، و أشار إلى وجه التشبيه بقوله: «قد برأهم الخوف» أي نحلهم و ذبلهم كما يبرئ السهم.

«يجأرون» في القاموس، جأر جأرا و جؤارا: رفع صوته بالدعاء و تضرّع و استغاث.

9-عن سفيان بن عيينة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن قول اللّه عزّ و جلّ: إِلاّ مَنْ أَتَى اَللّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ قال: القلب السليم الذي يلقى ربّه و ليس فيه أحد سواه، قال: و كلّ قلب فيه شرك أو شكّ فهو ساقط، و إنّما أرادوا الزهد في الدنيا لتفرغ قلوبهم للآخرة. (1)

10-جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السّلام فقال: يا أمير المؤمنين، أوصني بوجه من وجوه البرّ أنج به. قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أيّها السائل، استمع ثمّ استفهم ثمّ استيقن ثم استعمل، و اعلم أنّ الناس ثلاثة: زاهد و صابر و راغب، فأمّا الزاهد فقد خرجت الأحزان و الأفراح من قلبه، فلا يفرح بشيء من الدنيا و لا يأسى على شيء منها فاته فهو مستريح، و أمّا الصابر فإنّه يتمنّاها بقلبه فإذا نال منها ألجم نفسه عنها لسوء عاقبتها و شنآنها، لو اطّلعت على قلبه عجبت من عفّته و تواضعه و حزمه، و أمّا الراغب فلا يبالي من أين جاءته الدنيا من حلّها أو من حرامها، و لا يبالي ما دنس فيها عرضه و أهلك نفسه و أذهب مروءته، فهم

ص:53


1- -الكافي ج 2 ص 13 باب الإخلاص ح 5

في غمرة يضطربون. (1)

بيان:

في المرآة ج 11 ص 366، «الشناءة» كالشناعة: البغض، و المراد هنا قباحتها في نظر عقله و إن مال طبعه إليها «الغمرة» قال رحمه اللّه: أي الزحمة و الشدّة و الانهماك في الباطل، و معظم البحر، و كأنّه عليه السّلام شبّهه بمن غرق في البحر يضطرب و لا يمكنه الخروج منه «يضطربون» في بعض النسخ: "يعمهون"، و في بعضها: "يصطرخون".

11-عن حفص بن غياث قال: سمعت موسى بن جعفر عليهما السّلام عند قبر و هو يقول: إنّ شيئا هذا آخره لحقيق أن يزهد في أوّله، و إنّ شيئا هذا أوّله لحقيق أن يخاف من آخره. (2)

12-عن فاطمة بنت الحسين عن أبيها عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ صلاح أوّل هذه الامّة بالزهد و اليقين، و هلاك آخرها بالشحّ و الأمل. (3)

13-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لشمعون: و أمّا علامة الزاهد فعشرة: يزهد في المحارم، و يكفّ نفسه، و يقيم فرائض ربّه، فإن كان مملوكا أحسن الطاعة، و إن كان مالكا أحسن المملكة، و ليس له حميّة و لا حقد، يحسن إلى ما أساء إليه، و ينفع من ضرّه، و يعفو عمّن ظلمه، و يتواضع لحقّ اللّه. (4)

14-في حكم أمير المؤمنين عليه السّلام: من زهد في الدنيا و لم يجزع من ذلّها و لم ينافس في عزّها هداه اللّه بغير هداية من مخلوق و علّمه بغير تعليم و أثبت الحكمة في صدره و أجراها على لسانه. (5)

ص:54


1- -الكافي ج 2 ص 330 باب محاسبة العمل ح 13
2- الوسائل ج 16 ص 15 ب 62 من جهاد النفس ح 14
3- الوسائل ج 16 ص 15 ح 15
4- تحف العقول ص 22
5- تحف العقول ص 160

15-في مواعظ الصادق عليه السّلام: الرغبة في الدنيا تورث الغمّ و الحزن، و الزهد في الدنيا راحة القلب و البدن. (1)

16-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ليس الزهد في الدنيا لبس الخشن و أكل الجشب و لكنّ الزهد في الدنيا قصر الأمل. (2)

بيان:

في مجمع البحرين، «الجشب» : الغليظ الخشن، و يقال: «طعام جشب» للذي ليس معه إدام.

17-و قال صلّى اللّه عليه و آله: حرام على قلوبكم أن تعرف حلاوة الإيمان حتّى تزهدوا في الدنيا. (3)

18-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أيّها الناس، الزهادة قصر الأمل، و الشكر عند النعم، و الورع عند المحارم، فإن عزب ذلك عنكم فلا يغلب الحرام صبركم، و لا تنسوا عند النعم شكركم، فقد أعذر اللّه إليكم بحجج مسفرة ظاهرة و كتب بارزة العذر واضحة. (4)

19-و قال عليه السّلام: . . . إنّ الزاهدين في الدنيا تبكي قلوبهم و إن ضحكوا، و يشتدّ حزنهم و إن فرحوا، و يكثر مقتهم أنفسهم و إن اغتبطوا بما رزقوا، قد غاب عن قلوبكم ذكر الآجال. . . (5)

20-قال عليه السّلام: الزهد ثروة. (6)

ص:55


1- -تحف العقول ص 263
2- مشكوة الأنوار ص 114 ب 3 ف 3
3- مشكوة الأنوار ص 116
4- نهج البلاغة ص 180 خ 80
5- نهج البلاغة ص 349 في خ 112
6- نهج البلاغة ص 1089 في ح 3-الغرر ج 1 ص 10 ف 1 ح 185

21-و قال عليه السّلام: أفضل الزهد إخفاء الزهد. (1)

22-عن نوف البكالي قال: رأيت أمير المؤمنين عليه السّلام ذات ليلة و قد خرج من فراشه فنظر إلى النجوم فقال: يا نوف، أ راقد أنت أم رامق؟ فقلت: بل رامق يا أمير المؤمنين، قال: يا نوف، طوبى للزاهدين في الدنيا الراغبين في الآخرة، أولئك قوم اتّخذوا الأرض بساطا، و ترابها فراشا، و ماءها طيبا، و القرآن شعارا، و الدعاء دثارا، ثمّ قرضوا الدنيا قرضا على منهاج المسيح. . . (2)

بيان:

أراد بالرامق اليقظان، مقابل الراقد بمعنى النائم.

23-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ازهد في الدنيا يبصّرك اللّه عوراتها و لا تغفل فلست بمغفول عنك. (3)

24-و قال عليه السّلام: الزهد كلّه بين كلمتين من القرآن: قال اللّه سبحانه:

لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ و من لم يأس على الماضي و لم يفرح بالآتي فقد أخذ الزهد بطرفيه. (4)

أقول:

قد مرّ بعض كلامه عليه السّلام في باب حبّ الدنيا، لاحظ ص 507 خ 159 أيضا.

25-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الزهد في الدنيا ثلاثة أحرف: زاء و هاء و دال، فأمّا الزاء فترك الزينة، و أمّا الهاء فترك الهوى، و أمّا الدال فترك الدنيا. (5)

26-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: علامة الزهد ثلاثة: البعد من جليس السوء

ص:56


1- -نهج البلاغة ص 1098 ح 27- الغرر ج 1 ص 184 ف 8 ح 190
2- نهج البلاغة ص 1133 ح 101
3- نهج البلاغة ص 1272 ح 383- الغرر ج 1 ص 116 ف 2 ح 138
4- نهج البلاغة ص 1291 ح 431
5- جامع الأخبار ص 109 ف 66

و من الكذب و من المحرّمات. (1)

27-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: الزاهد [في الدنيا] من وعظ فاتّعظ، و من علم فعمل، و من أيقن فحذر، فالزاهدون في الدنيا قوم وعظوا فاتّعظوا، و أيقنوا فحذروا، و علموا فعملوا، إن أصابهم يسر شكروا، و إن أصابهم عسر صبروا. (2)

28-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ما عبد اللّه بشيء أفضل من الزهد في الدنيا.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: إذا رأيتم الرجل قد اعطي زهدا في الدنيا فاقتربوا منه فإنّه يلقن الحكمة.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: ما اتّخذ اللّه نبيّا إلاّ زاهدا.

و قال صلّى اللّه عليه و آله لمعاذ لمّا بعثه إلى اليمن: ادعهم إلى الزهد في الدنيا، و الرغبة في الآخرة، و أن يحاسبوا أنفسهم.

و قال رجل: يا رسول اللّه، دلّني على عمل يحبّني اللّه و يحبّني الناس، فقال:

ازهد في الدنيا يحبّك اللّه، و ازهد عمّا في أيدي الناس يحبّك الناس.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: ليس الزهد في الدنيا تحريم الحلال و لا إضاعة المال، و لكن الزهد في الدنيا الرضا بالقضاء، و الصبر على المصائب، و اليأس عن الناس.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: خياركم عند اللّه أزهدكم في الدنيا و أرغبكم في الآخرة.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: ما زهد عبد في الدنيا إلاّ أثبت اللّه الحكمة في قلبه و بصّره عيوبها. (3)

29-فقال عزّ و جلّ: . . . يا موسى، إنّ عبادي الصالحين زهدوا فيها بقدر علمهم بي، و سائرهم من خلقي رغبوا فيها بقدر جهلهم بي، و ما من أحد

ص:57


1- -مجموعة الأخبار ص 159 ب 97
2- المستدرك ج 12 ص 44 ب 62 من جهاد النفس ح 11
3- المستدرك ج 12 ص 50 ح 25

من خلقي عظّمها فقرّت عينه، و لم يحقّرها أحد إلاّ انتفع بها. . . (1)

30-في خبر الشاميّ، سأل أمير المؤمنين عليه السّلام: أيّ الناس خير عند اللّه عزّ و جلّ؟ قال: أخوفهم للّه، و أعملهم بالتقوى، و أزهدهم في الدنيا. (2)

31-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قيل لأمير المؤمنين عليه السّلام: ما الزهد في الدنيا؟ قال: تنكّب حرامها. (3)

بيان:

«تنكّب حرامها» : أي تنحّى و أعرض عنها.

32-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ليس الزهد في الدنيا بإضاعة المال و لا بتحريم الحلال، بل الزهد في الدنيا أن لا تكون بما في يدك أوثق منك بما في يد اللّه عزّ و جلّ. (4)

33-عن أبي جعفر الثاني عن أبيه عن جدّه عليهم السّلام قال: سئل الصادق عليه السّلام عن الزاهد في الدنيا قال: الذي يترك حلالها مخافة حسابه، و يترك حرامها مخافة عذابه. (5)

34-سأل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله جبرئيل عليه السّلام عن تفسير الزهد، قال: الزاهد يحبّ من يحبّ خالقه، و يبغض من يبغض خالقه، و يتحرّج من حلال الدنيا و لا يلتفت إلى حرامها، فإنّ حلالها حساب و حرامها عقاب، و يرحم جميع المسلمين كما يرحم نفسه، و يتحرّج من الكلام كما يتحرّج من الميتة التي قد اشتدّ نتنها،

ص:58


1- -البحار ج 13 ص 339 باب مناجاة موسى عليه السّلام في ح 14-و نظيره في الكافي ج 2 ص 239 ح 9 و البحار ج 73 ص 21 باب حبّ الدنيا ح 10 عن أبي عبد اللّه عليه السّلام
2- البحار ج 70 ص 309 باب الزهد ح 1
3- البحار ج 70 ص 310 ح 2
4- البحار ج 70 ص 310 ح 4
5- البحار ج 70 ص 310 ح 6

و يتحرّج عن حطام الدنيا و زينتها، كما يتجنّب النار أن يغشاها، و أن يقصر أمله، و كان بين عينيه أجله. (1)

بيان:

«يتحرّج» : يتجنّب.

35-سئل الرضا عليه السّلام عن صفة الزاهد، فقال: متبلّغ بدون قوته، مستعدّ ليوم موته، متبرّم بحياته. (2)

36-روي أنّ نوحا عليه السّلام عاش ألفي عام و خمسمائة عام و مضى من الدنيا و لم يبن فيها بيتا، و كان إذا أصبح يقول: لا امسي و إذا أمسى يقول: لا اصبح، و كذلك نبيّنا صلّى اللّه عليه و آله خرج من الدنيا و لم يضع لبنة على لبنة.

و أمّا إبراهيم عليه السّلام فكان لباسه الصوف و أكله الشعير، و أمّا يحيى عليه السّلام فكان لباسه الليف و أكله ورق الشجر، و أمّا سليمان عليه السّلام فقد كان مع ما هو فيه من الملك يلبس الشعر، و إذا جنّه الليل شدّ يديه إلى عنقه فلا يزال قائما حتّى يصبح باكيا، و كان قوته من سفائف الخوص، يعملها بيده. . . (3)

37-في مواعظ عليّ عليه السّلام: الزاهد في الدنيا من لم يغلب الحرام صبره و لم يشغل الحلال شكره. (4)

38-في مواعظ الصادق عليه السّلام: إنّ الزهّاد في الدنيا نور الجلال عليهم، و أثر الخدمة بين أعينهم، و كيف لا يكونون كذلك و إنّ الرجل لينقطع إلى بعض ملوك الدنيا فيرى عليه أثره فكيف بمن ينقطع إلى اللّه تعالى لا يرى أثره عليه. (5)

ص:59


1- -البحار ج 70 ص 312 ح 14
2- البحار ج 70 ص 319 ح 33
3- البحار ج 70 ص 321 ح 38-و بمضمونه في نهج البلاغة ص 507 في خ 159
4- البحار ج 78 ص 37
5- البحار ج 78 ص 278

39-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: و من يرغب في الدنيا فطال فيها أمله أعمى اللّه قلبه على قدر رغبته فيها، و من زهد فيها فقصّر فيها أمله أعطاه اللّه علما بغير تعلّم، و هدى بغير هداية، و أذهب عنه العماء و جعله بصيرا. (1)

40-قال اللّه تعالى في خبر المعراج: . . . يا أحمد، إن أحببت أن تكون أورع الناس فازهد في الدنيا و ارغب في الآخرة، فقال: يا إلهي، كيف أزهد في الدنيا و أرغب في الآخرة؟ قال: خذ من الدنيا خفّا من الطعام و الشراب و اللباس و لا تدّخر لغد، و دم على ذكري. فقال: يا ربّ، و كيف أدوم على ذكرك؟ فقال: بالخلوة عن الناس و بغضك الحلو و الحامض، و فراغ بطنك و بيتك من الدنيا.

يا أحمد، فاحذر أن تكون مثل الصبيّ إذا نظر إلى الأخضر و الأصفر أحبّه و إذا اعطي شيء من الحلو و الحامض اغترّ به. . . (2)

يا أحمد، هل تعرف ما للزاهدين عندي في الآخرة؟ قال: لا يا ربّ، قال:

يبعث الخلق و يناقشون بالحساب و هم من ذلك آمنون، إنّ أدنى ما اعطي للزاهدين في الآخرة أن اعطيهم مفاتيح الجنان كلّها حتّى يفتحوا أيّ باب شاؤوا، و لا أحجب عنهم وجهي و لأنعّمنّهم بألوان التلذّذ من كلامي، و لاجلسنّهم في مقعد صدق و أذكرنّهم ما صنعوا و تعبوا في دار الدنيا و أفتح لهم أربعة أبواب:

باب تدخل عليهم الهدايا منه بكرة و عشيّا من عندي، و باب ينظرون منه إليّ كيف شاؤوا بلا صعوبة، و باب يطلعون منه إلى النار فينظرون منه إلى الظالمين كيف يعذّبون، و باب تدخل عليهم منه الوصايف و الحور العين.

قال: يا ربّ، من هؤلاء الزاهدون الذين وصفتهم؟ قال: الزاهد هو الذي ليس

ص:60


1- -البحار ج 77 ص 165 في كمات النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في ح 187
2- البحار ج 77 ص 22

له بيت يخرب فيغتمّ بخرابه، و لا له ولد يموت فيحزن لموته، و لا له شيء يذهب فيحزن لذهابه، و لا يعرفه إنسان يشغله عن اللّه طرفة عين، و لا له فضل طعام ليسأل عنه، و لا له ثوب لين.

يا أحمد، وجوه الزاهدين مصفرّة من تعب الليل و صوم النهار، و ألسنتهم كلال إلاّ من ذكر اللّه تعالى، قلوبهم في صدورهم مطعونة من كثرة ما يخالفون أهواءهم، قد ضمّروا أنفسهم من كثرة صمتهم، قد اعطوا المجهود من أنفسهم لا من خوف نار و لا من شوق جنّة، و لكن ينظرون في ملكوت السماوات و الأرض فيعلمون أنّ اللّه سبحانه و تعالى أهل للعبادة كأنّما ينظرون إلى من فوقها.

قال: يا ربّ، هل تعطي لأحد من امّتي هذا؟ قال: يا أحمد، هذه درجة الأنبياء و الصدّيقين من امّتك و امّة غيرك و أقوام من الشهداء، قال: يا ربّ، أيّ الزهّاد أكثر؛ زهّاد امّتي أم زهّاد بني إسرائيل؟ قال: إنّ زهّاد بني إسرائيل في زهّاد امّتك كشعرة سوداء في بقرة بيضاء، فقال: يا ربّ، كيف يكون ذلك و عدد بني إسرائيل أكثر من امّتي؟ قال: لأنّهم شكّوا بعد اليقين و جحدوا بعد الإقرار. قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: فحمدت اللّه للزاهدين كثيرا و شكرته و دعوت لهم. . . (1)

بيان:

«الوصيفة» جمع وصائف: و هي الخادمة.

41-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه: يا أبا ذرّ، إذا أراد اللّه عزّ و جلّ بعبد خيرا فقّهه في الدين و زهّده في الدنيا و بصّره بعيوب نفسه.

يا أبا ذرّ، ما زهد عبد في الدنيا إلاّ أنبت اللّه الحكمة في قلبه، و أنطق بها لسانه و يبصّره عيوب الدنيا و داءها و دواءها و أخرجه منها سالما إلى دار السّلام.

ص:61


1- -البحار ج 77 ص 25

يا أبا ذرّ، إذا رأيت أخاك قد زهد في الدنيا فاستمع منه فإنّه يلقى الحكمة.

فقلت: يا رسول اللّه، من أزهد الناس؟ قال: من لم ينس المقابر و البلى، و ترك فضل زينة الدنيا، و آثر ما يبقى على ما يفنى، و لم يعدّ غدا من أيّامه، و عدّ نفسه في الموتى. . .

يا أبا ذرّ، إنّي ألبس الغليظ، و أجلس على الأرض، و ألعق أصابعي، و أركب الحمار بغير سرج، و أردف خلفي، فمن رغب عن سنّتي فليس منّي. . .

يا أبا ذرّ، إنّ الدنيا مشغلة للقلوب و الأبدان و إنّ اللّه تبارك و تعالى سائلنا عمّا نعّمنا في حلاله فكيف بما نعّمنا في حرامه.

يا أبا ذرّ، إنّي قد دعوت اللّه جلّ ثناؤه أن يجعل رزق من يحبّني الكفاف و أن يعطي من يبغضي كثرة المال و الولد.

يا أبا ذرّ، طوبى للزاهدين في الدنيا، الراغبين في الآخرة، الذين اتّخذوا أرض اللّه بساطا و ترابها فراشا و ماؤها طيبا، و اتّخذوا كتاب اللّه شعارا و دعاؤه دثارا يقرضون الدنيا قرضا. . . (1)

يا أبا ذرّ، إنّ أهل الورع و الزهد في الدنيا هم أولياء اللّه حقّا. . . (2)

42-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لابن مسعود: . . . قال اللّه تعالى: وَ آتَيْناهُ اَلْحُكْمَ صَبِيًّا يعني الزهد في الدنيا، و قال اللّه تعالى لموسى: يا موسى، إنّه لن يتزيّن المتزيّنون بزينة أزين في عيني مثل الزهد. . . و من ترقّب الموت أعرض عن اللذّات، و من زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات. . . (3)

43-قال الصادق عليه السّلام: الزهد مفتاح باب الآخرة و البراءة من النار، و هو تركك كلّ شيء يشغلك عن اللّه تعالى من غير تأسّف على فوتها، و لا إعجاب

ص:62


1- -البحار ج 77 ص 82
2- البحار ج 77 ص 89
3- البحار ج 77 ص 96

في تركها، و لا انتظار فرج منها، و لا طلب محمدة عليها و لا غرض لها، بل يرى فوتها راحة و كونها آفة، و يكون أبدا هاربا من الآفة معتصما بالراحة، و الزاهد الذي يختار الآخرة على الدنيا، و الذلّ على العزّ، و الجهد على الراحة، و الجوع على الشبع، و عافية الآجل على محنة العاجل، و الذكر على الغفلة، و تكون نفسه في الدنيا و قلبه في الآخرة.

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: حبّ الدنيا رأس كلّ خطيئة. [و قال صلّى اللّه عليه و آله: الدنيا جيفة و طالبها كلاب]أ لا ترى كيف أحبّ ما أبغضه اللّه، و أيّ خطيئة أشدّ جرما من هذا.

و قال بعض أهل البيت عليهم السّلام: لو كانت الدنيا بأجمعها لقمة في فم طفل لرجمناه، فكيف حال من نبذ حدود اللّه وراء ظهره في طلبها و الحرص عليها. . . (1)

44-و سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن الزهد، قال: ترك ما يشغلك عن اللّه، الدنيا يوم و لنا فيه صوم. (2)

45-عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال:

الراحة في الزهد. . . (الغرر ج 1 ص 15 ف 1 ح 381)

الزهد ثمرة الدين-الزهد أصل الدين. . . (ص 18 و 20 ح 466 و 542)

الزهد ثمرة اليقين-الزهد أساس اليقين. . . (ص 19 و 21 ح 514 و 569)

الزهد متجر رابح. . . (ص 22 ح 603)

الزهد سجيّة المخلصين. . . (ص 24 ح 713)

الزهد مفتاح صلاح. . . (ص 27 ح 799)

الزهد قصر الأمل. . . (ص 30 ح 922)

ص:63


1- -مصباح الشريعة ص 22 ب 31
2- لئالي الأخبار ج 1 ص 32

التزهّد يؤدّي إلى الزهد. . . (ص 37 ح 1163)

الزهد أن لا تطلب المفقود حتّى يعدم الموجود. . . (ص 44 ح 1306)

الزهد في الدنيا الراحة العظمى. . . (ص 47 ح 1363)

الزهد شيمة المتّقين و سجيّة الأوّابين. . . (ص 67 ح 1742)

العلم يرشدك إلى ما أمرك به و الزهد يسهّل لك الطريق إليه.

(ص 75 ح 1860)

الزهد تقصير الآمال و إخلاص الأعمال. . . (ص 76 ح 1867)

الزهد أقلّ ما يوجد و أجلّ ما يعهد، يمدحه الكلّ و يتركه الجلّ.

(ص 89 ح 2043)

ازهد في الدنيا تنزل عليك الرحمة. . . (ص 110 ف 2 ح 52)

أوّل الزهد التزهّد. . . (ص 178 ف 8 ح 94)

أفضل الطاعات الزهد في الدنيا. . . (ص 183 ح 172)

أصل الزهد حسن الرغبة فيما عند اللّه. . . (ص 188 ح 260)

أصل الزهد اليقين، و ثمرته السعادة-أعظم الناس سعادة أكثرهم زهادة.

(ص 189 ح 273 و 274)

أحقّ الناس بالزهادة من عرف نقص الدنيا. . . (ص 197 ح 385)

إنّكم إن زهدتم خلصتم من شقاء الدنيا و فزتم بدار البقاء.

(ص 292 ف 14 ح 27)

إذا هرب الزاهد من الناس فاطلبه-إذا طلب الزاهد الناس فاهرب منه.

(ص 316 ف 17 ح 104 و 105)

ثمرة اليقين الزهادة. . . (ص 359 ف 23 ح 15)

ثمرة الزهد الراحة. . . (ص 360 ح 32)

ثمن الجنّة الزهد في الدنيا. . . (ص 366 ف 25 ح 15)

ص:64

زهدك في الدنيا ينجيك و رغبتك فيها ترديك. . . (ص 426 ف 37 ح 33)

زهد المرء فيما يفنى على قدر يقينه بما يبقى. . . (ص 427 ح 44)

كيف يزهد في الدنيا من لا يعرف قدر الآخرة. (ج 2 ص 554 ف 64 ح 14)

كيف يصل إلى حقيقة الزهد من لم يمت شهوته. . . (ص 555 ح 25)

كسب العلم الزهد في الدنيا. . . (ص 572 ف 69 ح 2)

من عرف الدنيا تزهّد. . . (ص 619 ف 77 ح 190)

من زهد هانت عليه المحن. . . (ص 649 ح 669)

من أيقن بما يبقى زهد فيما يفنى. . . (ص 654 ح 763)

من زهد في الدنيا حسن (حصّن ف ن) دينه. . . (ص 657 ح 809)

من زهد في الدنيا لم تفته-من رغب فيها أتعبته و أشقّته.

(ص 658 ح 819 و 820)

من زهد في الدنيا استهان بالمصائب. . . (ص 669 ح 963)

من أيقن بالآخرة سلا عن الدنيا. . . (ص 672 ح 1002)

من أكثر من ذكر الموت قلّت في الدنيا رغبته. . . (ص 681 ح 1104)

من زهد في الدنيا أعتق نفسه و أرضى ربّه. . . (ص 685 ح 1153)

من زهد في الدنيا قرّت عيناه بجنّة المأوى-من لم يزهد في الدنيا لم يكن له نصيب في جنّة المأوى. . . (ص 711 و 712 ح 1413 و 1428)

مع الزهد تثمر الحكمة. . . (ص 758 ف 80 ح 22)

يسير المعرفة يوجب الزهد في الدنيا. . . (ص 866 ف 89 ح 9)

أقول:

الأخبار في الباب وافرة، قد مرّ بعضها في باب حبّ الدنيا، و يدلّ على ذلك ما في سيرة الأنبياء و الأولياء عليهم السّلام من شدّة زهدهم و تركهم للدنيا.

و ينبغي الإيمان بهذه الأخبار و التسليم لأئمّتنا عليهم السّلام لا ردّها لكونها مخالفا لحالنا

ص:65

و سيرتنا.

و يجب علينا بيان نكات:

الأولى: أنّ منشأ اختلاف الأخبار في الباب هو أنّ بعضها يكون في مقام بيان معنى الزهد أو لوازمه، و عدّة منها في صدد بيان درجاته، و شطر منها في مقام ذكر علامات الزهد و الزاهد.

الثانية: أنّه لا تغفل عن مكائد المتصوّفة و المرتاضين، حيث إنّهم تركوا الدنيا للدنيا، بل يجب علينا سلوك طريق الشرع و تحمّل الرياضات الشرعية لا سلوك طريق أهل البدع، فهم في غمرات الجهل يعمهون و عن الصراط لناكبون.

و في عدّة الداعي ص 93: سئل أمير المؤمنين عليه السّلام: من أعظم الشقاء؟ قال عليه السّلام:

رجل ترك الدنيا للدنيا، ففاتته الدنيا و خسر الآخرة، و رجل تعبّد و اجتهد و صام رئاء الناس، فذلك الذي حرم لذّات الدنيا من دنايا و لحقه التعب الذي لو كان به مخلصا لاستحقّ ثوابه، فورد الآخرة و هو يظنّ أنه قد عمل ما يثقل به ميزانه فيجده هباء منثورا. . .

الثالثة: أنّه في ابتداء الأمر يحتاج إلى التزهّد و التكلّف بالزهد حتّى يوجد في القلب عدم الرغبة و بغض الدنيا، قد مرّ من الغرر عن أمير المؤمنين عليه السّلام: التزهّد يؤدّي إلى الزهد. و عنه عليه السّلام: أوّل الزهد التزهّد.

الرابعة: أنّ الزهد و إن كان أمرا قلبيّا و هو أن لا يأسى الإنسان على ما فاته و لا يفرح بما آتاه اللّه، و يكون قصير الأمل، و لكن لا بدّ أن تظهر آثاره في العمل و الجوارح.

و جدير بالذكر أنّ للزهد درجات متفاوته ففي مرتبة يترك الزاهد الحرام مخافة عقاب اللّه تعالى، و في مرتبة يترك الشبهات لئلاّ يقع في الحرام، و في مرتبة يترك أيضا حلال الدنيا و لا يدّخر منها و لا يجمعها، و يقنع بأقلّ ما يحتاج إليه و يكتفي بالضرورة، بل يكون أكله كأكل المضطرّ إلى الميتة، تواضعا للّه تعالى و فرارا

ص:66

من آفات الدنيا و شرورها و عن حسابها في الموقف و. . . و قد يعبّر في الأخبار و الآثار عن تلك المرتبة ببغض الدنيا، و قد مرّ في باب حبّ الدنيا حديث عيسى عليه السّلام من الأنوار النعمانيّة، و حديث بكاء سلمان عند موته و عنده مطهرة و إجانة و جفنة، و حديث الإمام المجتبى عليه السّلام لجنادة و فيه: «و اعلم أنّ في حلالها حساب، و في حرامها عقاب، و في الشبهات عتاب، فأنزل الدنيا بمنزلة الميتة، خذ منها ما يكفيك، فإن كان ذلك حلالا كنت قد زهدت فيها و إن كان حراما لم يكن فيه وزر، فأخذت كما أخذت من الميتة و إن كان العتاب فإنّ العتاب يسير» .

و يدلّ على ذلك الأخبار الواردة في سيرة الأنبياء و الأوصياء و الأئمّة عليهم السّلام و أصحابهم و أكابر الدين في مأكلهم و ملبسهم و مسكنهم و في نهج البلاغة (ص 966 في ر 45) في كتاب أمير المؤمنين عليه السّلام إلى عثمان بن حنيف: «ألا و إنّ لكلّ مأموم إماما يقتدي به، و يستضيء بنور علمه، ألا و إنّ إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه، و من طعمه بقرصيه» و مرّ أيضا في باب حبّ الدنيا خ 159 من نهج البلاغة (ص 507) في سيرة الأنبياء عليهم السّلام.

و المرتبة الأعلى من الزهد ترك الدنيا و ترك الهوى بل ترك جميع ما سوى اللّه تعالى، و هي درجة النبيّ و الأئمّة عليهم السّلام و لا توجد في غيرهم إلاّ القليل غاية القلّة.

الخامسة: أنّ ذكر الموت يوجب الزهد في الدنيا كما مرّ في الأخبار، و يأتي ما يدلّ على ذلك في باب الموت ف 2.

ص:67

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393737382C22426F6F6B4944223A31363732302C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A36382C2253686F77506167654E756D223A223638222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030332F424B31353931344730303353312F424B31353931344730303353315036382E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

81- الزيارة

اشارة

و فيه فصول:

الفصل الأوّل: فضل زيارة الحجج المعصومين عليهم السّلام

1-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: بينما الحسين بن عليّ عليهما السّلام في حجر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذ رفع رأسه فقال له: يا أبة، ما لمن زارك بعد موتك، فقال: يا بنيّ، من أتاني زائرا بعد موتي فله الجنّة، و من أتى أباك زائرا بعد موته فله الجنّة، و من أتى أخاك زائرا بعد موته فله الجنّة، و من أتاك زائرا بعد موتك فله الجنّة. (1)

بيان:

«الحجر» بالكسر أو الضمّ: حضن الإنسان (دامن انسان-آغوش-بغل) .

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال الحسين عليه السّلام لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما جزاء من زارك؟ فقال: يا بنيّ، من زارني حيّا أو ميّتا أو زار أباك أو زار أخاك أو

ص:69


1- -كامل الزيارات ص 10 ب 1 ح 1

زارك كان حقّا عليّ أن أزوره يوم القيامة حتّى أخلّصه من ذنوبه. (1)

3-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، من زارني في حياتي أو بعد موتي، أو زارك في حياتك أو بعد موتك، أو زار ابنيك في حياتهما أو بعد موتهما، ضمنت له يوم القيامة أن اخلّصه من أهوالها و شدائدها حتّى أصيّره معي في درجتي. (2)

4-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أتى مكّة حاجّا و لم يزرني بالمدينة جفوته يوم القيامة، و من زارني زائرا وجبت له شفاعتي و من وجبت له شفاعتي وجبت له الجنّة، و من مات في أحد الحرمين مكّة أو المدينة لم يعرض إلى الحساب و مات مهاجرا إلى اللّه و حشر يوم القيامة مع أصحاب بدر. (3)

5-عن موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمّد عن أبيه عن عليّ بن الحسين عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من زار قبري بعد موتي كان كمن هاجر إليّ في حيوتي، فإن لم تستطيعوا فابعثوا إليّ السّلام فإنّه يبلغني (4).

6-عن زيد الشحّام قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: ما لمن زار قبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله؟ قال: كمن زار اللّه في عرشه. (5)

7-عن أبي وهب البصري قال: دخلت المدينة فأتيت أبا عبد اللّه عليه السّلام فقلت: جعلت فداك، أتيتك و لم أزر قبر أمير المؤمنين عليه السّلام، قال: بئس ما صنعت لو لا أنّك من شيعتنا ما نظرت إليك، أ لا تزور من يزوره اللّه تعالى مع الملائكة و يزوره الأنبياء مع المؤمنين؟ ! قلت: جعلت فداك، ما علمت ذلك، قال: فاعلم أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام أفضل عند اللّه من الأئمّة كلّهم و له ثواب أعمالهم، و على قدر

ص:70


1- -كامل الزيارات ص 11 ح 2
2- كامل الزيارات ص 11 ح 3
3- كامل الزيارات ص 13 ب 2 ح 9
4- كامل الزيارات ص 14 ح 17
5- كامل الزيارات ص 15 ح 20

أعمالهم فضّلوا. (1)

أقول:

«مع المؤمنين» في بعض النسخ: "و يزوره المؤمنون".

8-عن عنبسة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: و كلّ اللّه بقبر الحسين بن عليّ عليهما السّلام سبعين ألف ملك يعبدون اللّه عنده، الصلاة الواحدة من صلاة أحدهم تعدل ألف صلوة من صلوة الآدميّين، يكون ثواب صلاتهم لزوّار قبر الحسين بن عليّ عليه السّلام و على قاتله لعنة اللّه و الملائكة و الناس أجمعين أبد الآبدين. (2)

9-عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: مروا شيعتنا بزيارة قبر الحسين عليه السّلام، فإنّ إتيانه مفترض على كلّ مؤمن يقرّ للحسين عليه السّلام بالإمامة من اللّه عزّ و جلّ. (3)

أقول:

في ح 3: فإنّ زيارة قبر الحسين واجبة على الرجال و النساء.

10-عن الوشاء قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول: إنّ لكلّ إمام عهدا في عنق أوليائه و شيعته، و إنّ من تمام الوفاء بالعهد و حسن الأداء زيارة قبورهم، فمن زارهم رغبة في زيارتهم و تصديقا لما رغبوا فيه كان أئمّتهم شفعائهم يوم القيامة. (4)

11-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لو أنّ أحدكم حجّ دهره ثمّ لم يزر الحسين بن عليّ عليهما السّلام لكان تاركا حقّا من حقوق اللّه و حقوق رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، لأنّ حقّ

ص:71


1- -كامل الزيارات ص 38 ب 10 ح 1
2- كامل الزيارات ص 121 ب 42 ح 1
3- كامل الزيارات ص 121 ب 43 ح 1
4- كامل الزيارات ص 121 ح 2

الحسين عليه السّلام فريضة من اللّه واجبة على كلّ مسلم. (1)

12-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من أتى قبر أبي عبد اللّه عليه السّلام فقد وصل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و وصلنا و حرمت غيبته و حرم لحمه على النار، و أعطاه اللّه بكلّ درهم أنفقه عشرة ألف مدينة له في كتاب محفوظ، و كان اللّه له من وراء حوائجه، و حفظ في كلّ ما خلّف، و لم يسأل اللّه شيئا إلاّ أعطاه و أجابه فيه إمّا أن يعجّله و إمّا أن يؤخّره له. (2)

13-عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (في حديث طويل) قال: قلت: جعلت فداك، ما تقول فيمن ترك زيارته و هو يقدر على ذلك؟ قال: أقول: إنّه قد عقّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و عقّنا و استخفّ بأمر هو له، و من زاره كان اللّه له من وراء حوائجه و كفى ما أهمّه من أمر دنياه، و إنّه ليجلب الرزق على العبد، و يخلف عليه ما أنفق، و يغفر له ذنوب خمسين سنة، و يرجع إلى أهله و ما عليه وزر و لا خطيئة إلاّ و قد محيت من صحيفته.

فإن هلك في سفره نزلت الملائكة فغسلته و فتحت له أبواب الجنّة و يدخل عليه روحها (عليها روحه ظ) حتّى ينشر، و إن سلم فتح له الباب الذي ينزل منه الرزق، و يجعل له بكلّ درهم أنفقه عشرة آلاف درهم، و ذخر ذلك له فإذا حشر قيل له: لك بكلّ درهم عشرة آلاف درهم، و إنّ اللّه نظر لك و ذخرها لك عنده. (3)

14-عن عبد اللّه الطحّان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول:

ما من أحد يوم القيامة إلاّ و هو يتمنّى أنّه من زوّار الحسين لما يرى ممّا يصنع

ص:72


1- -كامل الزيارات ص 122 ح 4
2- كامل الزيارات ص 127 ب 46 ح 1
3- كامل الزيارات ص 127 ح 2

بزوّار الحسين عليه السّلام من كرامتهم على اللّه تعالى. (1)

15-عن أبي الحسن الرضا عن أبيه عليهما السّلام قال: قال أبو عبد اللّه الصادق عليه السّلام: إنّ أيّام زائري الحسين عليه السّلام لا تحسب من أعمارهم و لا تعدّ من آجالهم. (2)

16-عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: لو يعلم الناس ما في زيارة قبر الحسين عليه السّلام من الفضل لماتوا شوقا، و تقطّعت أنفسهم عليه حسرات، قلت: و ما فيه، قال: من أتاه تشوّقا كتب اللّه له ألف حجّة متقبّلة، و ألف عمرة مبرورة، و أجر ألف شهيد من شهداء بدر، و أجر ألف صائم، و ثواب ألف صدقة مقبولة، و ثواب ألف نسمة اريد بها وجه اللّه، و لم يزل محفوظا سنته من كلّ آفة أهونها الشيطان، و وكّل به ملك كريم يحفظه من بين يديه و من خلفه و عن يمينه و عن شماله و من فوق رأسه و من تحت قدمه.

فإن مات سنته حضرته ملائكة الرحمة، يحضرون غسله و أكفانه و الاستغفار له و يشيّعونه إلى قبره بالاستغفار له، و يفسح له في قبره مدّ بصره، و يؤمنه اللّه من ضغطة القبر و من منكر و نكير أن يروّعانه، و يفتح له باب إلى الجنّة و يعطى كتابه بيمينه و يعطى له يوم القيامة نورا يضيء لنوره ما بين المشرق و المغرب، و ينادي مناد: هذا من زوّار الحسين شوقا إليه فلا يبقى أحد يوم القيامة إلاّ تمنّى يومئذ أنّه كان من زوّار الحسين عليه السّلام. (3)

17-عن منصور بن حازم قال: سمعناه يقول: من أتى عليه حول لم يأت قبر الحسين عليه السّلام أنقص اللّه من عمره حولا، و لو قلت: إنّ أحدكم ليموت قبل أجله بثلاثين سنة لكنت صادقا، و ذلك لأنّكم تتركون زيارة الحسين عليه السّلام، فلا تدعوا زيارته يمدّ اللّه في أعماركم و يزيد في أرزاقكم، و إذا تركتم زيارته نقّص اللّه

ص:73


1- -كامل الزيارات ص 135 ب 50 ح 1
2- كامل الزيارات ص 136 ب 51
3- كامل الزيارات ص 142 ب 56 ح 3

من أعماركم و أرزاقكم، فتنافسوا في زيارته و لا تدعوا ذلك، فإنّ الحسين شاهد لكم في ذلك عند اللّه و عند رسوله و عند فاطمة و عند أمير المؤمنين عليهم السّلام. (1)

18-عن صفوان الجمّال قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام لمّا أتى الحيرة:

هل لك في قبر الحسين عليه السّلام؟ قلت: و تزوره جعلت فداك؟ قال: و كيف لا أزوره و اللّه يزوره في كلّ ليلة جمعة يهبط مع الملائكة إليه، و الأنبياء و الأوصياء و محمّد أفضل الأنبياء و نحن أفضل الأوصياء. فقال صفوان: جعلت فداك، فتزوره في كلّ جمعة حتّى تدرك زيارة الربّ، قال: نعم يا صفوان، ألزم ذلك يكتب لك زيارة قبر الحسين عليه السّلام و ذلك تفضيل و ذلك تفضيل. (2)

19-عن الوشّاء قال: قلت للرضا عليه السّلام: ما لمن زار قبر أبيك أبي الحسن عليه السّلام؟ فقال: زره، قال: فقلت: فأيّ شيء فيه من الفضل؟ قال: له مثل من زار قبر الحسين عليه السّلام. (3)

20-عن الحسين بن محمّد الأشعري قال: قال لي الرضا عليه السّلام: من زار قبر أبي ببغداد كان كمن زار رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قبر أمير المؤمنين عليه السّلام، إلاّ أنّ لرسول اللّه و أمير المؤمنين فضلهما. (4)

21-قال أبو الحسن الرضا عليه السّلام: من زارني على بعد داري و شطون مزاري أتيته يوم القيامة في ثلاث مواطن حتّى أخلّصه من أهوالها: إذا تطايرت الكتب يمينا و شمالا و عند الصراط و عند الميزان. (5)

ص:74


1- -كامل الزيارات ص 151 ب 61 ح 2
2- كامل الزيارات ص 112 ب 38 ح 4
3- كامل الزيارات ص 299 ب 99 ح 3
4- كامل الزيارات ص 299 ح 6
5- كامل الزيارات ص 304 ب 101 ح 4

بيان:

«الشطون» : أي البعد. «تطايرت الكتب» : أي تفرّقت.

22-عن البزنطيّ قال: قرأت في كتاب أبي الحسن الرضا عليه السّلام: أبلغ شيعتي أنّ زيارتي تعدل عند اللّه ألف حجّة، قال: فقلت لأبي جعفر عليه السّلام: ألف حجّة؟ قال:

إي و اللّه و ألف ألف حجّة لمن زاره عارفا بحقّه. (1)

23-عن عليّ بن مهزيار قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام: جعلت فداك، زيارة الرضا أفضل أم زيارة أبي عبد اللّه حسين بن عليّ عليهما السّلام؟ قال عليه السّلام: زيارة أبي أفضل، و ذلك أنّ أبا عبد اللّه عليه السّلام يزوره كلّ الناس و أبي لا يزوره إلاّ الخواصّ من الشيعة. (2)

أقول:

رواه الكليني رحمه اللّه في الفروع و الشيخ رحمه اللّه في التهذيب، و لعلّ التعليل يدلّ على أنّ زيارة الرضا عليه السّلام أفضل في خصوص زمان قلّ زائره و رغب عنه الناس لعارض كالخوف و بعد الطريق، كما سيأتي ما يدلّ على ذلك في ح 27 عن عبد العظيم الحسنيّ عليه السّلام.

24-عن يحيى بن سليمان عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السّلام قال:

من زار قبر ولدي كان له عند اللّه سبعين حجّة مبرورة، قال: قلت: سبعين حجّة؟ ! قال: نعم و سبعمأة حجّة، قلت: سبعمأة حجّة؟ ! قال: نعم و سبعين ألف حجّة، قلت: و سبعين ألف حجّة؟ ! قال: نعم و ربّ حجّة لا تقبل، من زاره و بات عنده ليلة كان كمن زار اللّه في عرشه. . . (3)

25-قال عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام: لا تشدّ الرحال إلى شيء من القبور

ص:75


1- -كامل الزيارات ص 306 ح 9
2- كامل الزيارات ص 306 ح 11
3- كامل الزيارات ص 307 ح 13

إلاّ إلى قبورنا، ألا و إنّي مقتول بالسمّ ظلما و مدفون في موضع غربة فمن شدّ رحله إلى زيارتي استجيب دعاؤه و غفر له ذنوبه. (1)

26-قال أبو الحسن الرضا عليه السّلام: إنّ بخراسان لبقعة يأتي عليها زمان تصير مختلف الملائكة و لا يزال فوج ينزل من السماء و فوج يصعد إلى أن ينفخ في الصور، فقيل له: يا بن رسول اللّه، و أيّ بقعة هذه؟ قال: هي بأرض طوس و هي و اللّه روضة من رياض الجنّة، من زارني في تلك البقعة كان كمن زار رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و كتب اللّه تعالى له ثواب ألف حجّة مبرورة و ألف عمرة مقبولة و كنت أنا و آبائي شفعائه يوم القيامة. (2)

27-عن عبد العظيم الحسنيّ رحمه اللّه قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام: قد تحيّرت بين زيارة قبر أبي عبد اللّه عليه السّلام و بين زيارة قبر أبيك عليه السّلام بطوس فما ترى؟ فقال لي:

مكانك، ثمّ دخل و خرج و دموعه تسيل على خدّيه فقال: زوّار قبر أبي عبد اللّه عليه السّلام كثيرون، و زوّار قبر (أبي) عليه السّلام بطوس قليلون. (3)

28-عن أبي الصلت الهرويّ قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول: و اللّه ما منّا إلاّ مقتول شهيد، فقيل له: و من يقتلك يا بن رسول اللّه؟ قال: شرّ خلق اللّه في زماني يقتلني بالسمّ، ثمّ يدفنني في دار مضيقة و بلاد غربة، ألا فمن زارني في غربتي كتب اللّه تعالى له أجر مأة ألف شهيد و مأة ألف صدّيق و مأة ألف حاجّ و معتمر و مأة ألف مجاهد، و حشر في زمرتنا و جعل في الدرجات العلى في الجنّة رفيقنا. (4)

29-عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عن أبيه عليّ بن الحسين عن الحسين بن عليّ عن أمير المؤمنين عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ستدفن بضعة منّي بأرض

ص:76


1- -العيون ج 2 ص 258 ب 66 ح 1
2- العيون ج 2 ص 259 ح 5
3- العيون ج 2 ص 259 ح 8
4- العيون ج 2 ص 260 ح 9

خراسان، ما زارها مكروب إلاّ نفّس اللّه كربته، و لا مذنب إلاّ غفر اللّه ذنوبه. (1)

30-قال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام: سيقتل رجل من ولدي بأرض خراسان بالسمّ ظلما، اسمه اسمي و اسم أبيه اسم ابن عمران موسى عليه السّلام، ألا فمن زاره في غربته غفر اللّه تعالى ذنوبه ما تقدّم منها و ما تأخّر و لو كانت مثل عدد النجوم و قطر الأمطار و ورق الأشجار. (2)

31-عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّما أمر الناس أن يأتوا هذه الأحجار فيتطوّفوا بها ثمّ يأتوننا فيخبرونا بولايتهم و يعرضوا علينا نصرتهم. (3)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر، يأتي بعضها في باب الولاية.

32-عن عليّ الهادي عليه السّلام قال: من كانت له إلى اللّه حاجة فليزر قبر جدّي الرضا عليه السّلام بطوس، و هو على غسل، و ليصلّ عند رأسه ركعتين و ليسأل اللّه حاجته في قنوته، فإنّه يستجيب له ما لم يسأل في مأثم أو قطيعة رحم، و إنّ موضع قبره لبقعة من بقاع الجنّة، لا يزورها مؤمن إلاّ أعتقه اللّه من النار و أحلّه إلى دار القرار. (4)

33-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من زار أمير المؤمنين عليه السّلام ماشيا كتب اللّه له بكلّ خطوة حجّة و عمرة، فإن رجع ماشيا كتب اللّه له بكلّ خطوة حجّتين و عمرتين. (5)

ص:77


1- -العيون ج 2 ص 261 ح 14
2- العيون ج 2 ص 262 ح 17
3- العيون ج 2 ص 266 ح 30
4- العيون ج 2 ص 266 ح 32
5- الوسائل ج 14 ص 380 ب 24 من المزار

34-عن سدير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا سدير، تزور الحسين عليه السّلام في كلّ يوم؟ قلت: جعلت فداك لا، قال: فما أجفاكم! قال: فتزورونه في كلّ جمعة؟ قلت: لا، قال: فتزورونه في كلّ شهر؟ قلت: لا، قال: فتزورونه في كلّ سنة؟ قال:

قلت: قد يكون ذلك، قال: يا سدير، ما أجفاكم للحسين!

أما علمت أنّ للّه عزّ و جلّ ألفي ألف ملك شعثا غبرا يبكونه، و يزورونه، لا يفترون، و ما عليك-يا سدير-أن تزور قبر الحسين عليه السّلام في كلّ جمعة خمس مرّات أو في كلّ يوم مرّة، قلت: جعلت فداك، (إنّ) بيننا و بينه فراسخ كثيرة، فقال لي: اصعد فوق سطحك ثمّ التفت يمنة و يسرة ثمّ ترفع رأسك إلى السماء، ثمّ تنحو نحو القبر فتقول: «السّلام عليك يا أبا عبد اللّه، السّلام عليك و رحمة اللّه و بركاته» تكتب لك زورة، و الزورة حجّة و عمرة. (1)

بيان:

في المصباح، «الجمعة» بسكون الميم: اسم لأيّام الأسبوع. . .

35-عن هشام قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا بعدت بأحدكم الشقّة و نأت به الدار فليصعد (فليعل يب) أعلى منزله فليصلّ ركعتين و ليؤمّ بالسلام إلى قبورنا فإنّ ذلك يصل إلينا. (2)

36-عن سليمان بن عيسى عن أبيه قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: كيف أزورك إذا لم أقدر على ذلك؟ قال: قال لي: يا عيسى، إذا لم تقدر على المجيء، فإذا كان في يوم الجمعة فاغتسل أو توضّأ، و اصعد إلى سطحك، و صلّ ركعتين و توجّه نحوي، فإنّه من زارني في حياتي فقد زارني في مماتي و من زارني في مماتي فقد زارني في حياتي. (3)

ص:78


1- -الوسائل ج 14 ص 493 ب 63 ح 2
2- الوسائل ج 14 ص 577 ب 95 ح 1
3- الوسائل ج 14 ص 578 ح 5

37-عن عبد اللّه بن مسعود قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ للّه ملائكة سيّاحين في الأرض يبلغونني عن امّتي السّلام. (1)

38-عن أمير المؤمنين عليه السّلام عن فاطمة عليها السّلام قالت: قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

يا فاطمة، من صلّى عليك غفر اللّه له و ألحقه بي حيث كنت من الجنّة. (2)

أقول:

الأخبار في هذا الفصل كثيرة جدّا ذكرنا بعضها.

ص:79


1- -البحار ج 100 ص 181 ب 6 من المزار ح 1
2- البحار ج 100 ص 194 ب 8 ح 10
الفصل الثانيّ: آداب الزيارة و دخول المشاهد المشرّفة
الآيات

1- يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ. . . (1)

2- . . . فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ اَلْمُقَدَّسِ طُوىً. (2)

3- فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اَللّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اِسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَ اَلْآصالِ. الآيات (3).

4- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ اَلنَّبِيِّ إِلاّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ. . . (4)

5- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اَللّهِ وَ رَسُولِهِ وَ اِتَّقُوا اَللّهَ إِنَّ اَللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ اَلنَّبِيِّ وَ لا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَ أَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ- إِنَّ اَلَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اَللّهِ أُولئِكَ اَلَّذِينَ اِمْتَحَنَ اَللّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى لَهُمْ

ص:80


1- -الأعراف:31
2- طه:12
3- النور:36 إلى 38
4- الأحزاب:53

مَغْفِرَةٌ وَ أَجْرٌ عَظِيمٌ. (1)

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله تعالى: خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ قال: الغسل عند لقاء كلّ إمام. (2)

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من اغتسل بعد طلوع الفجر كفاه غسله إلى الليل في كلّ موضع يجب فيه الغسل، و من اغتسل ليلا كفاه غسله إلى طلوع الفجر. (3)

3-عن معلّى بن خنيس قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إذا انصرف الرجل من إخوانكم من زيارتنا أو زيارة قبورنا فاستقبلوه، و سلّموا عليه، و هنّؤوه بما وهب اللّه له، فإنّ لكم مثل ثوابه، و يغشاكم ثواب مثل ثوابه من رحمة اللّه، و إنّه ما من رجل يزورنا أو يزور قبورنا إلاّ غشيته الرحمة و غفرت له ذنوبه. (4)

4-عن أبي عامر واعظ أهل الحجاز قال: أتيت أبا عبد اللّه عليه السّلام فقلت له:

ما لمن زار قبره-يعني أمير المؤمنين عليه السّلام-و عمّر تربته؟ فقال: يا أبا عامر، حدّثني أبي، عن أبيه، عن جدّه الحسين بن عليّ، عن عليّ عليهم السّلام أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال له: و اللّه لتقتلنّ بأرض العراق و تدفن بها، قلت: يا رسول اللّه، ما لمن زار قبورنا و عمّرها و تعاهدها؟

فقال لي: يا أبا الحسن، إنّ اللّه جعل قبرك و قبور ولدك بقاعا من بقاع الجنّة و عرصة من عرصاتها، و إنّ اللّه جعل قلوب نجباء من خلقه و صفوة من عباده

ص:81


1- -الحجرات:1 إلى 3
2- البحار ج 100 ص 132 باب آداب الزيارة ح 21
3- البحار ج 100 ص 133 ح 23
4- البحار ج 102 ص 302 باب إكرام القادم من الزيارة

تحنّ إليكم، و تحتمل المذلّة و الأذى فيكم، فيعمرون قبوركم، و يكثرون زيارتها تقرّبا منهم إلى اللّه، و مودّة منهم لرسوله، أولئك-يا عليّ-المخصوصون بشفاعتي، و الواردون حوضي، و هم زوّاري غدا في الجنّة.

يا عليّ، من عمّر قبوركم و تعاهدها فكأنّما أعان سليمان بن داود على بناء بيت المقدّس، و من زار قبوركم عدل ذلك له ثواب سبعين حجّة بعد حجّة الإسلام، و خرج من ذنوبه حتّى يرجع من زيارتكم كيوم ولدته امّه، فأبشر و بشّر أوليائك و محبّيك من النعيم و قرّة العين بما لا عين رأت و لا اذن سمعت و لا خطر على قلب بشر، و لكن حثالة من الناس يعيرون زوّار قبوركم بزيارتكم كما تعير الزانية بزناها، أولئك شرار امّتي لا أنالهم اللّه شفاعتي و لا يردون حوضي. (1)

عن الصادق عن أبيه عن جدّه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام: إنّ اللّه جعل قبرك و قبر ولدك بقاعا من بقاع الجنّة. . . ثمّ ذكر بقيّة الحديث إلاّ أنّه قال:

فمن عمّر قبورهم ثمّ قال: و من زار قبورهم. (2)

بيان:

«التعاهد» : التعهّد و التحفّظ بالشيء. «حثالة من الناس» : رذالتهم.

5-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا أردت زيارة قبر أمير المؤمنين عليه السّلام فتوضّأ و اغتسل و امش على هيئتك، و قل، ثمّ ذكر زيارة طويلة. (3)

6-عن الصادق عليه السّلام أنّه قال لمحمّد بن مسلم: إذا أتيت مشهد أمير المؤمنين عليه السّلام فاغتسل غسل الزيارة و البس أنظف ثيابك، و شمّ شيئا من الطيب و امش و عليك السكينة و الوقار. . . (4)

ص:82


1- -الوسائل ج 14 ص 382 ب 26 من المزار ح 1
2- الوسائل ج 14 ص 383 ح 2
3- الوسائل ج 14 ص 390 ب 29 ح 1
4- الوسائل ج 14 ص 392 ح 6

7-عن الحسين بن ثوير قال: كنت أنا و يونس بن ظبيان عند أبي عبد اللّه عليه السّلام. . . فقال: إذا أردت زيارة الحسين كيف أصنع و كيف أقول؟ قال: إذا أتيت أبا عبد اللّه عليه السّلام فاغتسل على شاطىء الفرات و البس ثيابك الطاهرة، ثمّ امش حافيا، فإنّك في حرم من حرم اللّه و حرم رسوله، و عليك بالتكبير و التهليل و التسبيح [و التحميد]و التمجيد و التعظيم للّه كثيرا، و الصلاة على محمّد و أهل بيته حتّى تصير إلى باب الحير (ثمّ ذكر عليه السّلام الزيارة إلى أن قال:) ثمّ تدور فتجعل قبر أبي عبد اللّه عليه السّلام بين يديك، فصلّ ستّ ركعات، و قد تمّت زيارتك، فإن شئت فانصرف. (1)

8-عن حفص بن البختري قال: من خرج من مكّة أو المدينة أو مسجد الكوفة أو حائر الحسين عليه السّلام قبل أن ينتظر الجمعة نادته الملائكة: أين تذهب؟ لا ردّك اللّه. (2)

9-قال الصادق عليه السّلام (في حديث) : إنّ من زار إماما مفترض الطاعة بعد وفاته و صلّى عنده أربع ركعات، كتبت له حجّة و عمرة. (3)

أقول:

في ح 9: . . . ركعتين أو أربع ركعات.

10-عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له: إذا خرجنا إلى أبيك أ فلسنا في حجّ؟ قال: بلى، قلت: فيلزمنا ما يلزم الحاجّ؟ قال: ما ذا؟ قلت:

من الأشياء التي تلزم الحاجّ، قال: يلزمك حسن الصحابة لمن صحبك، و يلزمك قلّة الكلام إلاّ بخير، و يلزمك كثرة ذكر اللّه، و يلزمك نظافة الثياب، و يلزمك الغسل قبل أن تأتي الحائر، و يلزمك الخشوع و كثرة الصلاة، و الصلاة على محمّد

ص:83


1- -الوسائل ج 14 ص 490 ب 62
2- الوسائل ج 14 ص 542 ب 78
3- الوسائل ج 14 ص 521 ب 69 ح 10

و آل محمّد، و يلزمك التوقير لأخذ ما ليس لك، و يلزمك أن تغضّ بصرك، و يلزمك أن تعود على أهل الحاجة من إخوانك إذا رأيت منقطعا، و يلزمك المواساة، و يلزمك التقيّة التي هي قوام دينك بها، و الورع عمّا نهيت عنه، و الخصومة و كثرة الأيمان و الجدال الذي فيه الأيمان، فإذا فعلت ذلك تمّ حجّك و عمرتك، و استوجبت من الذي طلبت ما عنده بنفقتك أن تنصرف بالمغفرة و الرحمة و الرضوان. (1)

11-عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (في حديث طويل) قال: أتاه رجل فقال له: يا بن رسول اللّه، هل يزار والدك؟ فقال: نعم و يصلّى عنده، و قال:

يصلّى خلفه و لا يتقدّم عليه. (2)

12-كتب الحميريّ إلى الناحية المقدّسة. . . و سأل عن الرجل يزور قبور الأئمّة عليهم السّلام، هل يجوز أن يسجد على القبر أم لا؟ و هل يجوز لمن صلّى عند بعض قبورهم عليهم السّلام أن يقوم وراء القبر و يجعل القبر قبلة و يقوم عند رأسه و رجليه؟ و هل يجوز أن يتقدّم القبر و يصلّي و يجعل القبر خلفه أم لا؟

فأجاب عليه السّلام: أمّا السجود على القبر، فلا يجوز في نافلة و لا فريضة و لا زيارة، و الذي عليه العمل أن يضع خدّه الأيمن على القبر، و أمّا الصلاة فإنّها خلفه، و يجعل القبر أمامه، و لا يجوز أن يصلّي بين يديه و لا عن يمينه و لا عن يساره، لأنّ الإمام صلّى اللّه عليه و آله لا يتقدّم عليه و لا يساوى. . . (3)

13-عن بكر بن محمّد قال: و خرجنا من المدينة نريد منزل أبي عبد اللّه عليه السّلام فلحقنا أبو بصير خارجا من زقاق من أزقّة المدينة و هو جنب و نحن لا علم لنا (لا نعلم ف ن) حتّى دخلنا على أبي عبد اللّه عليه السّلام فسلّمنا عليه، فرفع رأسه

ص:84


1- -الوسائل ج 14 ص 527 ب 71 ح 1
2- الوسائل ج 5 ص 162 ب 26 من مكان المصلّي ح 7
3- الاحتجاج ج 2 ص 312

إلى أبي بصير فقال له: يا أبا بصير، أما تعلم أنّه لا ينبغي للجنب أن يدخل بيوت الأنبياء، فرجع أبو بصير و دخلنا. (1)

بيان:

«الزقاق» يقال بالفارسيّة: كوچه.

14-عن أبي هاشم الجعفري قال: دخلت أنا و محمّد بن حمزة على أبي الحسن عليه السّلام نعوده و هو عليل فقال لنا: وجّهوا قوما إلى الحائر من مالي، فلمّا خرجنا من عنده، قال لي محمّد بن حمزة المشير: يوجّهنا إلى الحائر و هو بمنزلة من في الحائر قال: فعدت إليه فأخبرته، فقال لي: ليس هو هكذا، إنّ للّه مواضع يحبّ أن يعبد فيها، و حائر الحسين عليه السّلام من تلك المواضع. (2)

و في ح 1. . . إنّما هي مواطن يحبّ اللّه أن يذكر فيها فأنا أحبّ أن يدعى لي حيث يحبّ اللّه أن يدعى فيها و الحائر من تلك المواضع.

أقول: قال الشهيد رحمه اللّه في الدروس ص 158 للزيارة آداب:

أحدها: الغسل قبل دخول المشهد و الكون على طهارة، فلو أحدث أعاد الغسل قاله المفيد رحمه اللّه، و إتيانه بخضوع و خشوع في ثياب طاهرة نظيفة جدد.

و ثانيها: الوقوف على بابه و الدعاء و الاستيذان بالمأثور، فإن وجد خشوعا و رقّة دخل و إلاّ فالأفضل له تحرّي زمان الرقّة، لأنّ الغرض الأهمّ حضور القلب ليلقى الرحمة النازلة من الربّ، فإذا دخل قدّم رجله اليمنى و إذا خرج فباليسرى.

و ثالثها: الوقوف على الضريح ملاصقا له أو غير ملاصق، و توهّم أن البعد أدب وهم، فقد نصّ على الاتّكاء على الضريح و تقبيله.

ص:85


1- -قرب الاسناد ص 21( البحار ج 100 ص 126)
2- كامل الزيارات ص 273 ب 90 ح 2

و رابعها: استقبال وجه المزور و استدبار القبلة حال الزيارة، ثمّ يضع عليه خدّه الأيمن عند الفراغ من الزيارة و يدعو متضرّعا، ثمّ يضع خدّه الأيسر و يدعو سائلا من اللّه تعالى بحقّه و حقّ صاحب القبر أن يجعله من أهل شفاعته و يبالغ في الدعاء و الإلحاح، ثمّ ينصرف إلى ما يلي الرأس ثمّ يستقبل القبلة و يدعو.

و خامسها: الزيارة بالمأثور و يكفى السّلام (و الحضور) .

و سادسها: صلاة ركعتين للزيارة عند الفراغ فإن كان زائرا للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله ففي الروضة، و إن كان لأحد الأئمّة عليهم السّلام فعند رأسه، و لو صلاّهما بمسجد المكان جاز، و رويت رخصة في صلاتهما إلى القبر و لو استدبر القبر و صلّى جاز و إن كان غير مستحسن إلاّ مع البعد.

و سابعها: الدعاء بعد الركعتين بما نقل، و إلاّ فبما سنح له في امور دينه و دنياه و ليعمّم الدعاء فإنّه أقرب إلى الإجابة.

و ثامنها: تلاوة شيء من القرآن عند الضريح و إهداؤه إلى المزور، و المنتفع بذلك الزائر و فيه تعظيم للمزور.

و تاسعها: إحضار القلب في جميع أحواله مهما استطاع، و التوبة من الذنب و الاستغفار و الإقلاع.

و عاشرها: التصدّق على السدنة (الخدّام) و الحفظة للمشهد بإكرامهم و إعظامهم فإنّ فيه إكرام صاحب المشهد عليه الصلاة و السّلام، و ينبغي لهؤلاء أن يكونوا من أهل الخير و الصلاح و الدين و المروّة و الاحتمال و الصبر و كظم الغيظ، خالين من الغلظة على الزائرين، قائمين بحوائج المحتاجين، مرشدين ضالّ الغرباء و الواردين، و ليتعهّد أحوالهم الناظر فيه، فإن وجد من أحد منهم تقصيرا نبّهه عليه فإن أصرّ زجره. . .

و حادي عشرها: أنّه إذا انصرف من الزيارة إلى منزله استحبّ له العود إليها ما دام مقيما، فإذا حان الخروج ودّع وداعا بالمأثور، و سأل اللّه تعالى العود إليه.

ص:86

و ثاني عشرها: أن يكون الزائر بعد الزيارة خيرا منه قبلها، فإنّها تحطّ الأوزار إذا صادفت القبول.

و ثالث عشرها: تعجيل الخروج عند قضاء الوطر من الزيارة لتعظّم الحرمة و يشتدّ الشوق، و روي أنّ الخارج يمشي القهقرى حتّى يتوارى.

و رابع عشرها: الصدقة على المحاويج بتلك البقعة فإنّ الصدقة مضاعفة هنالك و خصوصا على الذرّيّة الطاهرة كما تقدّم بالمدينة.

و يستحبّ الزيارة في المواسم المشهورة قصدا، و قصد الإمام الرضا عليه السّلام في رجب فإنّه من أفضل الأعمال.

و لا كراهة في تقبيل الضرايح بل هو سنّة عندنا، و لو كان هناك تقيّة فتركه أولى، و أمّا تقبيل الأعتاب فلم نقف فيه على نصّ نعتدّ به و لكن عليه الإماميّة. . .

و إذا أزار النساء فليكن منفردات عن الرجال، و لو كان ليلا فهو أولى، و ليكن متنكّرات مستترات، و لو زرن بين الرجال جاز و إن كره، و ينبغي مع كثرة الزائرين أن يخفّف السابقون إلى الضريح الزيارة و ينصرفوا ليحضر من بعدهم فيفوزوا من القرب إلى الضريح بما فاز أولئك.

و قال رحمه اللّه: و يستحبّ لمن حضر مزارا أن يزور عن والديه و أحبّائه و عن جميع المؤمنين فيقول: «السّلام عليك يا مولاي من فلان بن فلان أتيتك زائرا عنه فاشفع له عند ربّك» و تدعوا له. . .

(البحار ج 100 ص 134)

و في البحار ج 100 ص 137: . . . من زار الرضا عليه السّلام أو واحدا من الأئمّة عليهم السّلام فصلّى عنده صلاة جعفر فإنّه يكتب له بكلّ ركعة ثواب من حجّ ألف حجّة و اعتمر ألف عمرة و أعتق ألف رقبة و وقف ألف وقفة في سبيل اللّه مع نبيّ مرسل، و له بكلّ خطوة ثواب مأة حجّة و مأة عمرة و عتق مأة رقبة في سبيل اللّه و كتب له مأة حسنة و حطّ منه مأة سيّئة.

ص:87

الفصل الثالث: فضل زيارة الذرّيّة الطاهرة عليهم السّلام
الأخبار

1-عن سعد بن سعد عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: سألته عن زيارة فاطمة بنت موسى عليه السّلام؟ قال: من زارها فله الجنّة (1)

2-عن ابن الرضا عليه السّلام: من زار قبر عمّتي بقم فله الجنّة. (2)

3-عن بعض أهل الريّ قال: دخلت على أبي الحسن العسكريّ عليه السّلام فقال: أين كنت؟ فقلت: زرت الحسين بن عليّ عليه السّلام فقال: أما إنّك لو زرت قبر عبد العظيم عندكم لكنت كمن زار الحسين عليه السّلام. (3)

بيان:

«أما إنّك» : كأنّه إشارة إلى أنّ الرجل كان ممّن لا يزور عبد العظيم عليه السّلام مع قربه منه و كان يزهد و يرغب عنه و لا يعرف مكانته و فضله.

4-قال الصادق عليه السّلام: ألا إنّ للّه حرما و هو مكّة، ألا إنّ لرسول اللّه حرما و هو المدينة، ألا إنّ لأمير المؤمنين حرما و هو الكوفة، ألا إنّ حرمي و حرم ولدي

ص:88


1- -كامل الزيارات ص 324 ب 106 ح 1
2- كامل الزيارات ص 324 ح 2
3- كامل الزيارات ص 324 ب 107

من بعدي قم، ألا و إنّ قم كوفة صغيرة، ألا إنّ للجنّة ثمانية أبواب؛ ثلاث منها إلى قم، تقبض فيها امرأة هي من ولدي و اسمها فاطمة بنت موسى، تدخل بشفاعتها شيعتي الجنّة بأجمعهم. (1)

5-عن الرضا عليه السّلام: من زار المعصومة بقم كمن زارني. (2)

6-قال الصادق عليه السّلام: إنّ للّه حرما و هو مكّة، و لرسوله حرما و هو المدينة، و لأمير المؤمنين حرما و هو الكوفة، و لنا حرما و هو قم، و ستدفن فيه امرأة من ولدي تسمّى فاطمة من زارها وجبت له الجنّة.

قال عليه السّلام ذلك و لم تحمل بموسى امّه، و بسند آخر عنه عليه السّلام: أنّ زيارتها تعدل الجنّة. (3)

7-قال الرضا عليه السّلام: من زارني بعد موتي ضمنت له الجنّة، و من لم يقدر على زيارتي فليزر أخي عبد العظيم الحسنيّ بالريّ. (4)

أقول:

قال السيّد عليّ بن طاووس رحمه اللّه ذكر زيارة قبور أولاد الأئمّة عليهم السّلام: إذا أردت زيارة أحد منهم كالقاسم بن الكاظم عليه السّلام أو العبّاس بن أمير المؤمنين عليه السّلام أو عليّ بن الحسين عليه السّلام المقتول بالطفّ، و من جرى في الحكم مجراهم، تقف على قبر المزور منهم صلوات اللّه عليهم فقل:

«السّلام عليك أيّها السيّد الزكيّ الطاهر الوليّ، و الداعي الحفيّ، أشهد أنّك قلت حقّا و نطقت حقّا و صدقا، و دعوت إلى مولاي و مولاك علانية

ص:89


1- -مجالس المؤمنين ج 1 ص 83( في فضل بلدة قم) -(البحار ج 60 ص 228 و النقض ص 196)
2- رياحين الشريعة ج 5 ص 35- ناسخ التواريخ (موسى بن جعفر عليه السّلام) ج 3 ص 68
3- البحار ج 102 ص 267 باب زيارة فاطمة بنت موسى عليهما السّلام ح 5
4- لئالي الأخبار ج 3 ص 160

و سرّا، فاز متّبعك (مسعدك ف ن) و نجى مصدّقك و خاب و خسر مكذّبك و المتخلّف عنك، اشهد لي بهذه الشهادة لأكون من الفائزين بمعرفتك و طاعتك و تصديقك و اتّباعك، و السّلام عليك يا سيّدي و ابن سيّدي، أنت باب اللّه المؤتى منه و المأخوذ عنه، أتيتك زائرا و حاجاتي لك مستودعا و ها أنا ذا أستودعك ديني و أمانتي و خواتيم عملي و جوامع أملي إلى منتهى أجلي و السّلام عليك و رحمة اللّه و بركاته» . (1)

ص:90


1- -البحار ج 102 ص 272 باب آداب زيارة أولاد الأئمّة عليهم السّلام.
الفصل الرابع: فضل زيارة المؤمنين و الإخوان
الأخبار

1-عن عمرو بن عثمان قال: سمعت أبا الحسن الأوّل عليه السّلام يقول: من لم يقدره أن يزورنا فليزر صالحي موالينا، يكتب له ثواب زيارتنا، و من لم يقدر على صلتنا فليصل على صالحي موالينا يكتب له ثواب صلتنا. (1)

2-عن أبي حمزة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من زار أخاه للّه لا لغيره التماس موعد اللّه و تنجّز ما عند اللّه و كّل اللّه به سبعين ألف ملك ينادونه: ألا طبت و طابت لك الجنّة. (2)

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من زار أخاه في اللّه قال اللّه عزّ و جلّ: إيّاي زرت و ثوابك عليّ، و لست أرضى لك ثوابا دون الجنّة. (3)

4-قال جعفر بن محمّد عليه السّلام: إنّ ضيف اللّه عزّ و جلّ رجل حجّ و اعتمر فهو ضيف اللّه حتّى يرجع إلى منزله، و رجل كان في صلاته فهو في كنف اللّه عزّ و جلّ حتّى ينصرف، و رجل زار أخاه المؤمن في اللّه عزّ و جلّ فهو زائر اللّه في عاجل

ص:91


1- -كامل الزيارات ص 319 ب 105 ح 1-و نظيره ح 2 عن الرضا عليه السّلام
2- الكافي ج 2 ص 140 باب زيارة الإخوان ح 1
3- الكافي ج 2 ص 141 ح 4

ثوابه و خزائن رحمته. (1)

5-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: و من مشى زائرا لأخيه فله بكلّ خطوة حتّى يرجع إلى أهله عتق مأة ألف رقبة، و يرفع له مأة ألف درجة، و يمحى عنه مأة ألف سيّئة. (2)

6-عن خيثمة قال: قال لي أبو جعفر عليه السّلام: تزاوروا في بيوتكم فإنّ ذلك حياة لأمرنا، رحم اللّه عبدا أحيا أمرنا. (3)

7-في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: و لقاء أهل الخير عمارة القلب. (4)

أقول:

قد مرّ في باب الاخوّة ف 4 عن أبي جعفر الثانيّ عليه السّلام: ملاقاة الإخوان نشرة و تلقيح العقل، و إن كان نزرا قليلا.

8-في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسين عليهما السّلام: كثرة الزيارة تورث الملالة. (5)

9-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

الزيارة تنبت المودّة.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: زر غبّا تزدد حبّا. (6)

ص:92


1- -الوسائل ج 14 ص 586 ب 97 من المزارح 12
2- الوسائل ج 14 ص 590 ب 99 ح 5
3- البحار ج 2 ص 144 ب 19 من العلم ح 6
4- البحار ج 77 ص 210
5- البحار ج 77 ص 239
6- البحار ج 74 ص 355 باب تزاور الإخوان ح 36

أقول:

و في الغرر، عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: إغباب الزيارة أمان من الملالة.

و قال عليه السّلام: من كثرت زيارته قلّت بشاشته.

بيان: في مجمع البحرين، «غبّا» : يعني في يوم و في يوم لا يكون، و مثله «زر غبّا تزدد حبّا» .

و في أقرب الموارد ج 2 ص 857، غبّ عن القوم غبّا: أتاهم يوما و ترك يوما و غبّ الرجل: جاء زائرا بعد أيّام، و قيل: كلّ اسبوع، و منه: «زر غبّا تزدد حبّا» .

أقول: قد مرّ ما يناسب المقام في باب الاخوّة و. . .

و سيأتي أخبار زيارة قبور المؤمنين في باب القبر.

ص:93

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393737392C22426F6F6B4944223A31363732302C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A39342C2253686F77506167654E756D223A223934222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030332F424B31353931344730303353312F424B31353931344730303353315039342E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

حرف السين

82- السؤال

اشارة

فيه فصلان

الفصل الأوّل: طلب الحوائج و السؤال عن العلم
الآيات

1- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ. . . (1)

2- . . . فَسْئَلُوا أَهْلَ اَلذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ. (2)

الأخبار

1-عن زرارة و محمّد بن مسلم و بريد العجليّ، قالوا: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام لحمران بن أعين في شيء سأله: إنّما يهلك الناس لأنّهم لا يسألون. (3)

ص:95


1- -المائدة:101
2- النحل:43 و الأنبياء:7
3- الكافي ج 1 ص 31 باب سؤال العالم ح 2

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ هذا العلم عليه قفل و مفتاحه المسألة. (1)

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا يسع الناس حتّى يسألوا و يتفقّهوا و يعرفوا إمامهم، و يسعهم أن يأخذوا بما يقول، و إن كان تقيّة. (2)

أقول:

الأخبار في لزوم السؤال عن العلم كثيرة راجع البحار ج 1 ص 196 ب 3 من العلم.

4-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: فوت الحاجة أهون من طلبها إلى غير أهلها. (3)

5-و قال عليه السّلام: ماء وجهك جامد يقطره السؤال، فانظر عند من تقطره. (4)

6-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: جائت فخذ من الأنصار إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فسلّموا عليه، فردّ عليهم السّلام، فقالوا: يا رسول اللّه، لنا إليك حاجة، فقال: هاتوا حاجتكم، قالوا: إنّها حاجة عظيمة، فقال: هاتوها، ما هي؟ قالوا: تضمن لنا على ربّك الجنّة، قال: فنكس رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رأسه ثمّ نكت في الأرض ثمّ رفع رأسه فقال: أفعل ذلك بكم على أن لا تسألوا أحدا شيئا، قال:

فكان الرجل منهم يكون في السفر فيسقط سوطه فيكره أن يقول لإنسان:

ناولنيه، فرارا من المسألة، و ينزل فيأخذه، و يكون على المائدة فيكون بعض الجلساء أقرب إلى الماء منه فلا يقول: ناولني، حتّى يقوم فيشرب. (5)

ص:96


1- -الكافي ج 1 ص 31 ح 3
2- الكافي ج 1 ص 31 ح 4
3- نهج البلاغة ص 1115 ح 63
4- نهج البلاغة ص 1248 ح 338
5- الوسائل ج 9 ص 439 ب 32 من الصدقة ح 4

بيان:

في مجمع البحرين، «الفخذ» : دون القبيلة و فوق البطن.

«نكت في الأرض» في النهاية ج 5 ص 113: هو ينكت أي يفكّر و يحدّث نفسه، و أصله من النكت بالحصى، و نكت الأرض بالقضيب، و هو أن يؤثّر فيها بطرفه، فعل المفكّر المهموم.

7-عن أبي الحسن الرضا عن آبائه عليهم السّلام أنّه قال: إنّما اتّخذ اللّه إبراهيم خليلا لأنّه لم يردّ أحدا و لم يسأل أحدا قطّ غير اللّه تعالى. (1)

8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا تسألوا إخوانكم الحوائج فيمنعوكم فتغضبون فتكفرون. (2)

9-قال سلمان الفارسيّ رحمه اللّه: أوصاني خليلي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بسبع لا أدعهنّ على كلّ حال: أن أنظر إلى من هو دوني و لا أنظر إلى من هو فوقي، و أن أحبّ الفقراء و أدنو منهم، و أن أقول الحقّ و إن كان مرّا، و أن أصل رحمي و إن كانت مدبرة، و أن لا أسأل الناس شيئا، و أوصاني أن أكثر من قول «لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه» فإنّها كنز من كنوز الجنّة. (3)

10-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لو يعلم السائل ما عليه من الوزر ما سأل أحد أحدا، و لو يعلم المسؤول ما عليه إذا منع ما منع أحد أحدا. (4)

11-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: استعفف عن السؤال ما استطعت. (5)

12-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أيّما مؤمن سأل أخاه المؤمن حاجة و هو يقدر

ص:97


1- -الوسائل ج 9 ص 441 ح 9
2- الوسائل ج 9 ص 442 ح 11
3- الوسائل ج 9 ص 442 ح 12
4- الوسائل ج 9 ص 443 ح 17
5- جامع الأخبار ص 137 ف 95

على قضائها فردّه عنها سلّط اللّه عليه شجاعا في قبره ينهش من أصابعه. (1)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة، قد مرّ بعضها في أبواب الاخوّة، الإيمان، و. . .

13-عن هشام قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه تعالى: فَسْئَلُوا أَهْلَ اَلذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ من هم؟ قال: نحن، قلت: علينا أن نسألكم؟ قال:

نعم، قال: قلت: فعليكم أن تجيبونا؟ قال: ذلك إلينا. (2)

14-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رجل للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله: علّمني عملا لا يحال بينه و بين الجنّة، قال: لا تغضب! و لا تسأل الناس شيئا، و ارض للناس ما ترضى لنفسك. (3)

15-عن حنان قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: لا تسألوهم فتكلّفونا قضاء حوائجهم يوم القيامة. (4)

16-قال أبو جعفر عليه السّلام: لا تسألوهم الحوائج فتكونوا لهم الوسيلة إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في القيامة. (5)

بيان:

«لا تسألوهم» : أي لا تسألوا أعداء الدين و المخالفين.

17-. . . قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ قوما أتوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقالوا:

يا رسول اللّه، اضمن لنا على ربّك الجنّة، قال: فقال: على أن تعينوني بطول السجود، قالوا: نعم يا رسول اللّه، فضمن لهم الجنّة، قال: فبلغ ذلك

ص:98


1- -أمالي الطوسي ج 2 ص 278
2- أمالي الطوسي ج 2 ص 278
3- البحار ج 96 ص 150 باب ذمّ السؤال ح 2
4- البحار ج 96 ص 150 ح 4
5- البحار ج 96 ص 150 ح 5

قوما من الأنصار قال: فأتوه فقالوا: يا رسول اللّه، اضمن لنا الجنّة، قال: على أن لا تسألوا أحدا شيئا، قالوا: نعم يا رسول اللّه، فضمن لهم الجنّة، فكان الرجل منهم يسقط سوطه و هو على دابّته فينزل حتّى يتناوله، كراهية أن يسأل أحدا شيئا، و إن كان الرجل لينقطع شسعه فيكره أن يطلب من أحد شسعا. (1)

18-قال الرضا عليه السّلام: المسألة مفتاح البؤس. (2)

19-. . . و قال الباقر عليه السّلام: طلب الحوائج إلى الناس استلاب للعزّة و مذهبة للحياء، و اليأس ممّا في أيدي الناس عزّ المؤمنين، و الطمع هو الفقر الحاضر. (3)

بيان:

«الاستلاب» : الاختلاس (ربودن) .

20-عن عليّ عليه السّلام قال:

القلوب أقفال و مفاتحها السؤال. (الغرر ج 1 ص 52 ف 1 ح 1465)

التقرّب إلى اللّه بمسألته و إلى الناس بتركها. (ص 73 ح 1825)

السؤال يضعف لسان المتكلّم و يكسر قلب الشجاع البطل و يوقف الحرّ العزيز موقف العبد الذليل و يذهب بهاء الوجه و يمحق الرزق. (ص 98 ح 2132)

المسألة طوق المذلّة، تسلب العزيز عزّه، و الحسيب حسبه. (ص 99 ح 2151)

اسأل تعلم. (ص 108 ف 2 ح 2)

إذا سألت فاسأل تفقّها و لا تسأل تعنّتا، فإنّ الجاهل المتعلّم شبيه بالعالم، و إنّ العالم المتعنّت شبيه بالجاهل. (ص 323 ف 17 ح 173)

سل عمّا لا بدّ لك من عمله و لا تعذر في جهله. (ص 435 ف 39 ح 46)

ص:99


1- -البحار ج 96 ص 157 ح 34
2- البحار ج 96 ص 157 ح 35
3- البحار ج 96 ص 158 ح 37

كثرة السؤال يورث الملال. (ج 2 ص 561 ف 66 ح 12)

من سأل علم-من علم، أحسن السؤال. (ص 612 ف 77 ح 27 و 36)

من سأل استفاد. (ص 614 ح 92)

من سأل غير اللّه استحقّ الحرمان. (ص 628 ح 348)

من أكثر مسألة الناس ذلّ. (ص 638 ح 499)

من صان نفسه عن المسألة جلّ. (ح 500)

من ألحّ في السؤال ابرم. (ص 644 ح 588)

من سأل في صغره أجاب في كبره. (ص 645 ح 615)

من ألحّ في السؤال حرم. (ص 653 ح 740)

من سأل ما لا يستحقّ قوبل بالحرمان. (ص 662 ح 876)

من سأل فوق قدره استحقّ الحرمان. (ص 665 ح 916)

من تكرّر سؤاله للناس ضجروه. (ح 911)

من شرفت نفسه نزّهها عن ذلّة المطالب. (ص 669 ح 964)

ص:100

الفصل الثانيّ: السؤال بالكفّ و كراهية ردّ السائل
الآيات

1- لِلْفُقَراءِ اَلَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اَللّهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي اَلْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ اَلْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ اَلتَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ لا يَسْئَلُونَ اَلنّاسَ إِلْحافاً وَ ما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اَللّهَ بِهِ عَلِيمٌ. (1)

2- وَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسّائِلِ وَ اَلْمَحْرُومِ. (2)

3- وَ أَمَّا اَلسّائِلَ فَلا تَنْهَرْ. (3)

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا تقطعوا على السائل مسألته، فلو لا أنّ المساكين يكذبون ما أفلح من ردّهم. (4)

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما منع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله سائلا قطّ، إن كان عنده

ص:101


1- -البقرة:273
2- الذاريات:19 و بمعناها في المعارج:24 و 25
3- الضحى:10
4- الوسائل ج 9 ص 418 ب 22 من الصدقة ح 3

أعطى، و إلاّ قال: يأتي اللّه به. (1)

3-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام قال:

يا عليّ، لئن أدخل يدي في فم التنّين إلى المرفق أحبّ إليّ من أن أسأل من لم يكن ثمّ كان. . .

ثمّ قال: يا أبا ذر، إيّاك و السؤال فإنّه ذلّ حاضر، و فقر تتعجّله، و فيه حساب طويل يوم القيامة. . . يا أبا ذر، لا تسأل بكفّك و إن أتاك شيء فاقبله. (2)

بيان:

«التنّين» : الحيّة العظيمة.

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: شيعتنا من لا يسأل الناس و لو مات جوعا. (3)

5-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: شهادة الذي يسأل في كفّه تردّ. (4)

6-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ المسكين رسول اللّه، فمن منعه فقد منع اللّه، و من أعطاه فقد أعطى اللّه. (5)

7-. . . قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ردّوا السائل و لو بشقّ تمرة، و أعطوا السائل و لو جاء على فرس. (6)

8-و عنه عليه السّلام أنّه قال: ربّما ابتلى اللّه أهل البيت بالسائل ما هو من الجنّ و لا من الإنس، ليبلوهم به، و إنّ للّه ملائكة في صورة الإنس يسألون بني آدم،

ص:102


1- -الوسائل ج 9 ص 418 ح 4
2- الوسائل ج 9 ص 440 ب 32 ح 6
3- الوسائل ج 9 ص 443 ح 15
4- الوسائل ج 9 ص 443 ح 16
5- نهج البلاغة ص 1232 ح 296
6- المستدرك ج 7 ص 200 ب 20 من الصدقة ح 7

فإذا أعطوهم شيئا أعطوه المساكين. (1)

9-عن أبي جعفر عليه السّلام أنّه قال يوما لبعض أهله: لا تردّوا سائلا، فقال له رجل كان بحضرته من أصحابه: يا بن رسول اللّه، إنّه قد يسأل من لا يستحقّ، قال: نخشى أن يردّوا من رأوا أنّه لا يستحقّ، و يكون ممّن يستحقّ، فينزل بهم -و أعوذ باللّه-ما نزل بيعقوب. . . (فذكر عليه السّلام قصّة يعقوب عليه السّلام) . (2)

10-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما كان في شيعتنا فلا يكون فيهم ثلاثة أشياء:

لا يكون فيهم من يسأل بكفّه، و لا يكون فيهم بخيل، و لا يكون فيهم من يؤتى في دبره. (3)

11-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا تصلح المسألة إلاّ في ثلاث: في دم مقطع أو غرم مثقل أو حاجة مدقعة. (4)

بيان:

«دم مقطع» : في المصدر"دم منقطع"و المراد: ما لا يوجد لديتها وفاء. «الغرم» :

الدين و الضرر و المشقّة. «المدقع» : أي ملصق بالدقعاء و هو التراب.

12-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من سأل الناس و عنده قوت ثلاثة أيّام لقي اللّه عزّ و جلّ يوم يلقاه و ليس على وجهه لحم. (5)

13-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما من عبد يسأل من غير حاجة فيموت حتّى يحوجه اللّه إليها و يثبت له بها النار. (6)

ص:103


1- -المستدرك ج 7 ص 200 ح 8
2- المستدرك ج 7 ص 200 ح 9
3- البحار ج 96 ص 150 باب ذمّ السؤال ح 7-و بهذا المعنى ح 9 و 10 و 12 و 13
4- البحار ج 96 ص 152 ح 15
5- البحار ج 96 ص 154 ح 20
6- البحار ج 96 ص 154 ح 21

14-عن محمّد بن مسلم قال: قال أبو جعفر عليه السّلام: يا محمّد، لو يعلم السائل ما في المسألة ما سأل أحد أحدا، و لو يعلم المعطي ما في العطيّة ما ردّ أحد أحدا، ثمّ قال: يا محمّد، إنّه من سأل بظهر غنى لقي اللّه مخموشا وجهه يوم القيامة. (1)

بيان:

«مخموشا» خمش وجهه: خدشه و لطمه و ضربه و قطع عضوا منه.

15-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ما من عبد فتح على نفسه بابا من المسألة إلاّ فتح اللّه عليه سبعين بابا من الفقر. (2)

16-قال الرضا عليه السّلام: المسألة مفتاح البؤس. (3)

بيان:

«البؤس» : الفقر و سوء الحال و شدّة الإفلاس.

17-قال الصادق عليه السّلام: من سأل من غير فقر فإنّما يأكل الخمر. (4)

18-و عنهم عليهم السّلام: إنّا لنعطي غير المستحقّ حذرا من ردّ المستحقّ. (5)

19-. . . عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

انظروا إلى السائل فإن رقّت قلوبكم له فأعطوه، فإنّه صادق. (6)

أقول:

سيأتي ما يناسب المقام في باب الصدقة و. . .

ص:104


1- -البحار ج 96 ص 155 ح 26 و 34
2- البحار ج 96 ص 156 ح 29
3- البحار ج 96 ص 157 ح 35
4- البحار ج 96 ص 158 ح 37
5- البحار ج 96 ص 159
6- البحار ج 96 ص 171 باب كراهية ردّ السائل ح 4

20-عن عليّ عليه السّلام قال:

المسألة مفتاح الفقر (الغرر ج 1 ص 34 ف 1 ح 1062)

الكفّ عمّا في أيدي الناس عفّة و كبر همّة (ص 51 ح 1430)

الكفّ عمّا في أيدي الناس أحد السخائين (ص 62 ح 1643)

الدعاء للسائل إحدى الصدقتين (ح 1651)

سبب زوال اليسار منع المحتاج (ص 431 ف 38 ح 17)

من حرم السائل مع القدرة عوقب بالحرمان. (ج 2 ص 684 ف 77 ح 1146)

من الواجب على الغنيّ أن لا يضنّ على الفقير بماله. (ص 732 ف 78 ح 113)

لا تعظمنّ النوال (1)و إن عظم فإنّ قدر السؤال أعظم منه.

(ص 802 ف 85 ح 52)

لا تستحيي من إعطاء القليل فإنّ الحرمان أقلّ منه. (ص 807 ح 114)

لا تردّ السائل و صن مروّتك من حرمانه (ح 117)

ص:105


1- -أي العطاء

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393736312C22426F6F6B4944223A31363732302C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3130362C2253686F77506167654E756D223A22313036222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030332F424B31353931344730303353312F424B3135393134473030335331503130362E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

83- التسبيح

الآيات

1- . . . وَ اُذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَ سَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَ اَلْإِبْكارِ. (1)

2- إِنَّ اَلَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَ يُسَبِّحُونَهُ وَ لَهُ يَسْجُدُونَ. (2)

3- فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَ كُنْ مِنَ اَلسّاجِدِينَ. (3)

4- تُسَبِّحُ لَهُ اَلسَّماواتُ اَلسَّبْعُ وَ اَلْأَرْضُ وَ مَنْ فِيهِنَّ وَ إِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَ لكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً. (4)

5- فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ اَلشَّمْسِ وَ قَبْلَ غُرُوبِها وَ مِنْ آناءِ اَللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَ أَطْرافَ اَلنَّهارِ لَعَلَّكَ تَرْضى. (5)

6- . . . فَنادى فِي اَلظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ اَلظّالِمِينَ -

ص:107


1- -آل عمران:41 و بمضمونها في غافر:55 و مريم:11 و الأحزاب:42
2- الأعراف:206
3- الحجر:98
4- الإسراء:44
5- طه:130

فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَ نَجَّيْناهُ مِنَ اَلْغَمِّ وَ كَذلِكَ نُنْجِي اَلْمُؤْمِنِينَ. (1)

7- فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اَللّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اِسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَ اَلْآصالِ. (2)

8- أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اَللّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ وَ اَلطَّيْرُ صَافّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَ تَسْبِيحَهُ وَ اَللّهُ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ. (3)

9- فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ اَلْمُسَبِّحِينَ- لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ. (4)

10- . . . وَ اَلْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي اَلْأَرْضِ. . . (5)

11- فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ اَلشَّمْسِ وَ قَبْلَ اَلْغُرُوبِ- وَ مِنَ اَللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَ أَدْبارَ اَلسُّجُودِ. (6)

12- . . . وَ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ- وَ مِنَ اَللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَ إِدْبارَ اَلنُّجُومِ. (7)

13- سَبَّحَ لِلّهِ ما فِي اَلسَّماواتِ وَ ما فِي اَلْأَرْضِ وَ هُوَ اَلْعَزِيزُ اَلْحَكِيمُ. (8)

14- إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهارِ سَبْحاً طَوِيلاً. (9)

15- وَ مِنَ اَللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَ سَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً. (10)

ص:108


1- -الأنبياء:87 و 88
2- النور:36
3- النور:41
4- الصافّات:143 و 144
5- الشورى:5
6- ق:39 و 40
7- الطور:48 و 49
8- الحشر:1 و بمعناها في الحديد:1، و الحشر:24، و الصفّ:1، و الجمعة:1، و التغابن:1
9- المزمّل:7
10- الإنسان:26
الأخبار

1-سأل رجل عمر بن الخطّاب فقال: ما تفسير سبحان اللّه؟ قال: إنّ في هذا الحائط رجلا كان إذا سئل أنبأ، و إذا سكت ابتدأ، فدخل الرجل فإذا هو عليّ بن أبي طالب عليه السّلام فقال: يا أبا الحسن، ما تفسير سبحان اللّه؟ قال: هو تعظيم جلال اللّه عزّ و جلّ و تنزيهه عمّا قال فيه كلّ مشرك، فإذا قالها العبد صلّى عليه كلّ ملك. (1)

بيان:

«سبحان اللّه» في النهاية ج 2 ص 331: قد تكرّر في الحديث ذكر"التسبيح" على اختلاف تصرّف اللفظة، و أصل التسبيح: التنزيه و التقديس و التبرئة من النقائص، ثمّ استعمل في مواضع تقرب منه اتّساعا. . . و قد يطلق التسبيح على غيره من أنواع الذكر مجازا، كالتحميد و التمجيد و غيرهما، و قد يطلق على صلاة التطوّع و النافلة. و يقال أيضا للذكر و لصلاة النافلة: سبحة. . .

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: قال إبليس: خمسة أشياء ليس لي فيهنّ حيلة و سائر الناس في قبضتي: من اعتصم باللّه عن نيّة صادقة و اتّكل عليه في جميع أموره، و من كثر تسبيحه في ليله و نهاره، و من رضي لأخيه المؤمن بما يرضاه لنفسه، و من لم يجزع على المصيبة حين تصيبه، و من رضي بما قسم اللّه له و لم يهتمّ لرزقه. (2)

أقول:

يأتي في باب الوسوسة: تسبيح عيسى عليه السّلام لردّ الشيطان.

ص:109


1- -توحيد الصدوق: ص 312 ب 45 ح 1( معاني الأخبار ص 9)
2- الخصال ج 1 ص 285 باب الخمسة ح 37

3-عن جعفر عن أبيه عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: داووا مرضاكم بالصدقة، و ادفعوا أبواب البلاء بالدعاء، و حصّنوا أموالكم بالزكاة، فإنّه ما يصاد ما تصيد من الطير إلاّ بتضييعهم التسبيح. (1)

أقول:

«فإنّه ما يصاد. . .» : بهذا المعنى أخبار كثيرة، قد مرّ بعضها في باب الزكاة، و هذه الأخبار ردّ على من قال: إنّ تسبيح الموجودات حاليّ و تكوينيّ.

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من سبّح تسبيح فاطمة عليها السّلام قبل أن يثني رجله من صلاة الفريضة غفر اللّه له، و يبدأ بالتكبير. (2)

5-عن أبي هارون المكفوف عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: يا أبا هارون، إنّا نأمر صبياننا بتسبيح فاطمة عليها السّلام كما نأمرهم بالصلاة، فألزمه، فإنّه لم يلزمه عبد فشقي. (3)

6-عن محمّد بن مسلم قال: قال أبو جعفر عليه السّلام: من سبّح تسبيح فاطمة عليها السّلام ثمّ استغفر غفر له، و هي مائة باللسان، و ألف في الميزان، و تطرد الشيطان و ترضي الرحمن. (4)

7-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: تسبيح فاطمة عليها السّلام في كلّ يوم في دبر كلّ صلاة أحبّ إليّ من صلاة ألف ركعة في كلّ يوم. (5)

أقول:

قد مرّ في باب الذكر أنّ تسبيح فاطمة عليها السّلام من الذكر الكثير.

ص:110


1- -قرب الاسناد ص 55
2- الوسائل ج 6 ص 439 ب 7 من التعقيب ح 1
3- الوسائل ج 6 ص 441 ب 8 ح 2
4- الوسائل ج 6 ص 442 ح 3
5- الوسائل ج 6 ص 443 ب 9 ح 2

8-عن أبي بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال لأصحابه ذات يوم: أ رايتم لو جمعتم ما عندكم من الثياب و الآنية ثمّ وضعتم بعضه على بعض، أ ترونه يبلغ السماء؟ قالوا: لا يا رسول اللّه، (1)فقال: يقول أحدكم إذا فرغ من صلاته: «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر» ثلاثين مرّة، و هنّ يدفعن الهدم و الغرق و الحرق، و التردّي في البئر و أكل السبع، و ميتة السوء، و البليّة التي نزلت على العبد في ذلك اليوم. (2)

بيان:

تردّى في البئر: سقط فيه.

9-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من صلّى صلاة مكتوبة ثمّ سبّح في دبرها ثلاثين مرّة لم يبق شيء من الذنوب على بدنه إلاّ تناثر. (3)

10-سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن استعمال التربتين من طين قبر حمزة و الحسين عليهما السّلام و التفاضل بينهما؟ فقال عليه السّلام: السبحة التي من طين قبر الحسين عليه السّلام تسبّح بيد الرجل من غير أن يسبّح. (4)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر، راجع باب تربة الحسين عليه السّلام.

11-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من قال «سبحان اللّه و بحمده، سبحان اللّه العظيم و بحمده» كتب اللّه له ثلاثة آلاف حسنة، و محى عنه ثلاثة آلاف سيّئة، و رفع له ثلاثة آلاف درجة، و يخلق منها طائرا في الجنّة يسبّح،

ص:111


1- -في ثواب الأعمال و معاني الأخبار زيادة: «قال: أ لا أدلّكم على شيء أصله في الأرض و أصله في السماء؟ قالوا: بلى يا رسول اللّه»
2- الوسائل ج 6 ص 453 ب 15 ح 1
3- الوسائل ج 6 ص 454 ح 5
4- الوسائل ج 6 ص 455 ب 16 ح 2

و كان أجر تسبيحه له. (1)

12-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: التسبيح نصف الميزان، و الحمد للّه يملأ الميزان، و اللّه أكبر يملأ ما بين السماء و الأرض. (2)

13-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من قال: «سبحان اللّه» غرس اللّه له بها شجرة في الجنّة، و من قال: «الحمد للّه» غرس اللّه له بها شجرة في الجنّة، و من قال: «لا إله إلاّ اللّه» غرس اللّه له بها شجرة في الجنّة، و من قال:

«اللّه أكبر» غرس اللّه له بها شجرة في الجنّة، فقال رجل من قريش: يا رسول اللّه، إنّ شجرنا في الجنّة لكثير، فقال: نعم، و لكن إيّاكم أن ترسلوا عليها نيرانا فتحرقوها، و ذلك أنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اَللّهَ وَ أَطِيعُوا اَلرَّسُولَ وَ لا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ 3 . (3)

14-روي أنّ سليمان بن داود عليه السّلام كان معسكره مأة فرسخ في مأة فرسخ:

خمس و عشرون للجنّ، و خمس و عشرون للإنس، و خمس و عشرون للطير، و خمس و عشرون للوحش، و كان له ألف بيت من قوارير على الخشب فيها ثلاثمائة منكوحة، و سبع مأة سرّيّة، و قد نسجت الجنّ له بساطا من ذهب و أبريسم فرسخان في فرسخ، و كان يوضع منبره في وسطه و هو من ذهب، فيقعد عليه و حوله ستّمأة ألف كرسي من ذهب و فضّة، فيقعد الأنبياء على كراسيّ الذهب و العلماء على كراسيّ الفضّة، و حوله الناس، و حول الناس الجنّ و الشياطين، و تظلّه الطير بأجنحتها حتّى لا تقع عليه الشمس. . .

فيحكى أنّه مرّ بحرّاث فقال: لقد اوتي ابن داود ملكا عظيما، فألقاه الريح

ص:112


1- -الوسائل ج 7 ص 182 ب 29 من الذكر ح 1
2- الوسائل ج 7 ص 185 ب 31 ح 1
3- الوسائل ج 7 ص 186 ح 5

في اذنه، فنزل و مشى إلى الحرّاث و قال: إنّما مشيت إليك لئلاّ تتمنّى ما لا تقدر عليه، ثمّ قال: لتسبيحة واحدة يقبلها اللّه تعالى خير ممّا اوتي آل داود.

و في حديث آخر: لأنّ ثواب التسبيحة يبقى و ملك سليمان يفنى. (1)

بيان:

في مجمع البحرين (سرر) ، «السرّيّة» : أي الأمة، منسوبة إلى السرّ و هو الجماع و الإخفاء، لأنّ الإنسان كثيرا ما يسرّها و يسترها عن الحرّة. . .

«الحرّاث» يقال بالفارسيّة: برزگر.

15-عن جميل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لمّا اسري بي إلى السماء دخلت الجنّة فرأيت فيها ملائكة يبنون لبنة من ذهب و لبنة من فضّة و ربّما أمسكوا، فقلت لهم: ما لكم ربما بنيتم و ربما أمسكتم؟ فقالوا: حتّى تجيئنا النفقة، فقلت لهم: و ما نفقتكم؟ فقالوا: قول المؤمن في الدنيا: «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر» فإذا قال، بنينا و إذا أمسك أمسكنا. (2)

16-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما من طير يصاد في برّ و لا بحر و لا يصاد شيء من الوحوش إلاّ بتضييعه التسبيح. (3)

17-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: التفت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى أصحابه فقال:

اتّخذوا جننا، فقالوا: يا رسول اللّه، أ من عدوّ قد أظلّنا؟ قال: لا، و لكن من النار، قولوا: «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر» . (4)

أقول:

زاد في ح 20: «و لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه» فإنّهن يوم القيامة مقدّمات منجيات

ص:113


1- -عدّة الداعي ص 246 ب 5( البحار ج 93 ص 184)
2- البحار ج 8 ص 123 باب الجنّة ح 19( تفسير القميّ ج 1 ص 21 في مقدّمة الكتاب)
3- البحار ج 64 ص 24 ب 1 من الحيوان ح 1
4- البحار ج 93 ص 171 باب فضل التسبيحات الأربع ح 13

و معقّبات، و هنّ عند اللّه الباقيات الصالحات.

بيان: «الجنّة» جمع جنن: السترة و كلّ ما وقى من السلاح و نحوه.

18-قال الصادق عليه السّلام: من سبّح اللّه كل يوم ثلاثين مرّة دفع اللّه تبارك و تعالى عنه سبعين نوعا من البلاء أدناها الفقر. (1)

19-عن ابن مسعود قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من قال: «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر» صعد بها ملك إلى السماء، فلا يمرّ بها على ملأ من الملائكة إلاّ استغفروا لقائلها، حتّى يجيء بها إلى ربّ العالمين. (2)

20-عن ابن عباس قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الباقيات الصالحات:

«سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر» . (3)

ص:114


1- -البحار ج 93 ص 178 باب التسبيح ح 8
2- المستدرك ج 5 ص 327 ب 28 من الذكر ح 9
3- المستدرك ج 5 ص 327 ح 8

84- السجود

الآيات

1- وَ لِلّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً وَ ظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَ اَلْآصالِ. (1)

2- وَ لِلّهِ يَسْجُدُ ما فِي اَلسَّماواتِ وَ ما فِي اَلْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ وَ اَلْمَلائِكَةُ وَ هُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ. (2)

3- أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اَللّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي اَلسَّماواتِ وَ مَنْ فِي اَلْأَرْضِ وَ اَلشَّمْسُ وَ اَلْقَمَرُ وَ اَلنُّجُومُ وَ اَلْجِبالُ وَ اَلشَّجَرُ وَ اَلدَّوَابُّ وَ كَثِيرٌ مِنَ اَلنّاسِ وَ كَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ اَلْعَذابُ. . . (3)

4- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اِرْكَعُوا وَ اُسْجُدُوا وَ اُعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَ اِفْعَلُوا اَلْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. (4)

ص:115


1- -الرعد:15
2- النحل:49
3- الحجّ:18
4- الحجّ:77

5- وَ عِبادُ اَلرَّحْمنِ . . . وَ اَلَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَ قِياماً. (1)

6- أَلاّ يَسْجُدُوا لِلّهِ اَلَّذِي يُخْرِجُ اَلْخَبْءَ فِي اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ وَ يَعْلَمُ ما تُخْفُونَ وَ ما تُعْلِنُونَ. (2)

7- أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اَللَّيْلِ ساجِداً وَ قائِماً يَحْذَرُ اَلْآخِرَةَ وَ يَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ. . . (3)

8- مُحَمَّدٌ رَسُولُ اَللّهِ وَ اَلَّذِينَ مَعَهُ أَشِدّاءُ عَلَى اَلْكُفّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اَللّهِ وَ رِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ اَلسُّجُودِ. . . (4)

9- وَ أَنَّ اَلْمَساجِدَ لِلّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اَللّهِ أَحَداً. (5)

10- وَ مِنَ اَللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَ سَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً. (6)

الأخبار

1-عن الوشّاء قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول: أقرب ما يكون العبد من اللّه تعالى و هو ساجد، و ذلك قوله تعالى: وَ اُسْجُدْ وَ اِقْتَرِبْ . (7)

2-عن الوشّاء قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول: إذا نام العبد و هو ساجد قال اللّه تعالى: عبدي قبضت روحه و هو في طاعتي. (8)

ص:116


1- -الفرقان:63 و 64
2- النمل:25
3- الزمر:9
4- الفتح:29
5- الجنّ:18
6- الإنسان:26
7- الوسائل ج 6 ص 379 ب 23 من السجود ح 5
8- الوسائل ج 6 ص 380 ح 7

أقول:

في العيون ج 2 ص 7 ب 30 ح 19 مثله، و لكن فيه: قال اللّه عزّ و جلّ للملائكة:

انظروا إلى عبدي قبضت روحه و هو في طاعتي.

3-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من سجد سجدة حطّ عنه بها خطيئة و رفع له بها درجة. (1)

4-عن عليّ عليه السّلام (في ح الأربعمائة) قال: لا تستصغروا قليل الآثام، فإنّ القليل يحصى و يرجع إلى الكثير، و أطيلوا السجود، فما من عمل أشدّ على إبليس من أن يرى ابن آدم ساجدا، لأنّه امر بالسجود فعصى و هذا امر بالسجود فأطاع فنجا. (2)

5-عن جعفر بن محمّد عليهما السّلام قال: كان أبي يصلّي في جوف النهار فيسجد السجدة فيطيل السجود حتّى يقال: إنّه راقد. (3)

6-كان أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السّلام يسجد بعد ما يصلّي فلا يرفع رأسه حتّى يتعالى النهار. (4)

7-كان الرضا عليه السّلام إذا أصبح صلّى الغداة، فإذا سلّم جلس في مصلاّه يسبّح اللّه و يحمده و يكبّره و يهلّله، و يصلّي على النبيّ و آله، حتّى تطلع الشمس، ثمّ يسجد سجدة يبقى فيها حتّى يتعالى النهار. (5)

8-عن ابن أبي عمير عمّن ذكره قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: لم اتّخذ اللّه

ص:117


1- -الوسائل ج 6 ص 381 ح 10
2- الوسائل ج 6 ص 381 ح 11-و نظيره في العلل ج 2 ص 340 ب 39 عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله
3- الوسائل ج 6 ص 381 ح 14
4- الوسائل ج 7 ص 8 ب 2 من أبواب سجدتي الشكر ح 1
5- الوسائل ج 7 ص 9 ح 6

إبراهيم خليلا؟ قال: لكثرة سجوده على الأرض. (1)

9-كان أبو الحسن موسى عليه السّلام يصلّي نوافل الليل و يصلها بصلاة الصبح، ثمّ يعقّب حتّى تطلع الشمس و يخرّ للّه ساجدا، فلا يرفع رأسه من الدعاء و التحميد حتّى يقرب زوال الشمس، و كان يدعوا كثيرا فيقول: «اللهمّ إنّي أسألك الراحة عند الموت و العفو عند الحساب» و يكرّر ذلك. (2)

10-عن سليمان بن حفص أنّه قال: كتب إليّ أبو الحسن الرضا عليه السّلام:

قل في سجدة الشكر مأة مرّة: شكرا شكرا، و إن شئت: عفوا عفوا. (3)

11-قال الصادق عليه السّلام: إنّ العبد إذا سجد فقال: يا ربّ يا ربّ، حتّى ينقطع نفسه، قال له الربّ تبارك و تعالى: لبّيك، ما حاجتك. (4)

12-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا ذكر أحدكم نعمة اللّه عزّ و جلّ فليضع خدّه على التراب شكرا للّه، فإن كان راكبا فلينزل فليضع خدّه على التراب، و إن لم يكن يقدر على النزول للشهرة فليضع خدّه على قربوسه، فإن لم يقدر فليضع خدّه على كفّه، ثمّ ليحمد اللّه على ما أنعم عليه. (5)

بيان:

«قربوس» يقال بالفارسيّة: كوهه زين.

13-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أيّما مؤمن سجد (للّه م) سجدة لشكر نعمة في غير صلاة كتب اللّه له بها عشر حسنات، و محى عنه عشر سيّئات و رفع له

ص:118


1- -الوسائل ج 7 ص 10 ح 7
2- الوسائل ج 7 ص 10 ح 9
3- الوسائل ج 7 ص 16 ب 6 ح 2
4- الوسائل ج 7 ص 16 ح 3
5- الوسائل ج 7 ص 19 ب 7 ح 3

عشر درجات في الجنان. (1)

14-عن جابر عن أبي جعفر الباقر عليه السّلام قال: إنّ أبي-عليّ بن الحسين عليه السّلام-ما ذكر للّه عزّ و جلّ نعمة عليه إلاّ سجد، و لا قرأ آية من كتاب اللّه عزّ و جلّ فيها سجود إلاّ سجد، و لا دفع اللّه عنه سوء يخشاه أو كيد كائد إلاّ سجد، و لا فرغ من صلاة مفروضة إلاّ سجد، و لا وفّق لإصلاح بين اثنين إلاّ سجد، و كان أثر السجود في جميع مواضع سجوده، فسمّي السجّاد لذلك. (2)

15-الكشّي في رجاله عن الفضل بن شاذان، قال: دخلت العراق فرأيت واحدا يعاتب صاحبه و يقول له: أنت رجل عليك عيال: و تحتاج أن تكسب (تكتسب ف ن) عليهم و ما آمن أن تذهب عيناك بطول سجودك، قال: فلمّا أكثر عليه قال: أكثرت عليّ ويحك، لو ذهبت عين أحد من السجود لذهبت عين ابن أبي عمير، ما ظنّك برجل سجد سجدة الشكر بعد صلاة الفجر، فلا يرفع رأسه إلاّ عند الزوال. (3)

كان عليّ بن مهزيار إذا طلعت الشمس سجد، فكان لا يرفع رأسه حتّى يدعو لألف من إخوانه بمثل ما دعى لنفسه، و كان على جبهته سجّادة مثل ركبة البعير. (4)

16-فيما كتب الرضا عليه السّلام للمأمون: . . . و إنّ من دينهم (الأئمّة عليهم السّلام) الورع و العفّة و الصدق و الصلاح و الاستقامة و الاجتهاد و أداء الأمانة إلى البرّ و الفاجر و طول السجود. . . (5)

ص:119


1- -الوسائل ج 7 ص 20 ح 7
2- الوسائل ج 7 ص 20 ح 8
3- المستدرك ج 5 ص 129 ب 2 من سجدة الشكر ح 3
4- المستدرك ج 5 ص 129 ح 4
5- العيون ج 2 ص 121 ب 35

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة.

17-عن أبي بصير قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا أبا محمّد، عليكم بالورع و الاجتهاد و صدق الحديث، و أداء الأمانة، و حسن الصّحابة لمن صحبكم، و طول السجود، فإنّ ذلك من سنن الأوّابين و قال: سمعته يقول: الأوّابون هم التوّابون. (1)

18-عن الصادق عليه السّلام قال: جاء رجل إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال: يا رسول اللّه، كثرت ذنوبي و ضعف عملي، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أكثر السجود فإنّه يحطّ الذنوب كما تحطّ الريح ورق الشجر. (2)

19-سأل ربيعة بن كعب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أن يدعو له بالجنّة، فأجابه و قال:

أعنّي بكثرة السجود.

و قال الصادق عليه السّلام: السجود منتهى العبادة من بني آدم. (3)

20-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: جاء رجل و دخل إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال:

يا رسول اللّه، إنّي اريد أن أسألك، فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: سل ما شئت، قال:

تحمّل لي على ربّك الجنّة، قال: تحمّلت لك، و لكن أعنّي على ذلك بكثرة السجود. (4)

بيان:

«تحمّل لي» قال رحمه اللّه: أريد بالتحمّل هنا الضمان أو الشفاعة.

أقول: قد مرّ في باب السؤال ف 1، أنّ قوما أتوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقالوا: يا رسول

ص:120


1- -مشكوة الأنوار ص 146 ب 3 ف 10
2- البحار ج 85 ص 162 باب فضل السجود ح 6
3- البحار ج 85 ص 164 ح 11
4- البحار ج 85 ص 164 ح 13

اللّه، اضمن لنا على ربّك الجنّة، فقال: على أن تعينوني بطول السجود.

(أمالي الطوسي ج 2 ص 277)

21-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: جاء رجل إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال: علّمني عملا يحبّني اللّه عليه، و يحبّني المخلوقون و يثري اللّه مالي، و يصحّ بدني، و يطيل عمري، و يحشرني معك، قال: هذه ستّ خصال تحتاج إلى ستّ خصال: إذا أردت أن يحبّك اللّه فخفه و اتّقه، و إذا أردت أن يحبّك المخلوقون فأحسن إليهم و ارفض ما في أيديهم، و إذا أردت أن يثري اللّه مالك فزكّه، و إذا أردت أن يصحّ اللّه بدنك فأكثر من الصدقة، و إذا أردت أن يطيل اللّه عمرك فصل ذوي أرحامك، و إذا أردت أن يحشرك اللّه معي فأطل السجود بين يدي اللّه الواحد القهّار. (1)

22-قال الصادق عليه السّلام: ما خسر و اللّه قطّ من أتى بحقيقة السجود و لو كان في عمره مرّة واحدة، و ما أفلح من خلا بربّه في مثل ذلك الحال شبيها بمخادع نفسه غافل لاه عمّا أعدّ اللّه تعالى للساجدين من البشر العاجل و راحة الآجل و لا بعد عن اللّه تعالى أبدا من أحسن تقرّبه في السجود و لا قرب إليه أبدا من أساء أدبه و ضيّع حرمته بتعليق قلبه بسواه في حال السجود.

فاسجد سجود متواضع للّه ذليل علم أنّه خلق من تراب يطؤه الخلق و أنّه ركّب من نطفة يستقذرها كلّ أحد و كوّن و لم يكن، و قد جعل اللّه معنى السجود سبب التقرّب إليه بالقلب و السرّ و الروح، فمن قرب منه بعد عن غيره، أ لا ترى في الظاهر أنّه لا يستوي حال السجود إلاّ بالتواري من جميع الأشياء و الاحتجاب عن كلّ ما تراه العيون، كذلك أراد اللّه تعالى أمر الباطن، فمن كان قلبه متعلّقا في صلاته بشيء دون اللّه تعالى فهو قريب من ذلك الشيء بعيد

ص:121


1- -البحار ج 85 ص 164 ح 12

عن حقيقة ما أراد اللّه تعالى منه في صلاته، قال اللّه تعالى: ما جَعَلَ اَللّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ (1).

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: قال اللّه عزّ و جلّ: ما اطّلع على قلب عبد فأعلم فيه حبّ الإخلاص لطاعتي لوجهي و ابتغاء مرضاتي إلاّ تولّيت تقويمه و سياسته، و تقرّبت منه و من اشتغل في صلاته بغيري فهو من المستهزئين بنفسه اسمه مكتوب في ديوان الخاسرين. (2)

أقول:

لاحظ في باب تربة الحسين عليه السّلام أخبار فضل السجود على تربته عليه السّلام.

23-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

السجود الجسمانيّ هو وضع عتائق الوجوه على التراب و استقبال الأرض بالراحتين و الركبتين و أطراف القدمين مع خشوع القلب و إخلاص النيّة.

(الغرر ج 1 ص 107 ف 1 ح 2234)

السجود النفساني فراغ القلب من الفانيات و الإقبال بكنه الهمّة على الباقيات و خلع الكبر و الحميّة و قطع العلائق الدنيويّة و التحلّي بالخلائق النبويّة.

(ح 2235)

طول القنوت و السجود ينجي من عذاب النار. (ج 2 ص 471 ف 47 ح 23)

لا يقرّب من اللّه سبحانه إلاّ كثرة السجود و الركوع.

(ص 856 ف 86 ح 451)

ص:122


1- -الأحزاب:4
2- مصباح الشريعة ص 12 ب 16

85- المسجد

الآيات

1- وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اَللّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اِسْمُهُ وَ سَعى فِي خَرابِها أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلاّ خائِفِينَ لَهُمْ فِي اَلدُّنْيا خِزْيٌ وَ لَهُمْ فِي اَلْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ. (1)

2- قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَ أَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَ اُدْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ اَلدِّينَ كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ . . . يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ. . . (2)

3- ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اَللّهِ شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ وَ فِي اَلنّارِ هُمْ خالِدُونَ- إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اَللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَ اَلْيَوْمِ اَلْآخِرِ وَ أَقامَ اَلصَّلاةَ وَ آتَى اَلزَّكاةَ وَ لَمْ يَخْشَ إِلاَّ اَللّهَ فَعَسى أُولئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ اَلْمُهْتَدِينَ. (3)

4- وَ اَلَّذِينَ اِتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَ كُفْراً وَ تَفْرِيقاً بَيْنَ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ إِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اَللّهَ وَ رَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَ لَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنا إِلاَّ اَلْحُسْنى وَ اَللّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ

ص:123


1- -البقرة:114
2- الأعراف:29 و 31
3- التوبة:17 و 18

لَكاذِبُونَ- لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى اَلتَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَ اَللّهُ يُحِبُّ اَلْمُطَّهِّرِينَ. (1)

الأخبار

1-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لا صلاة لجار المسجد إلاّ في مسجده. (2)

2-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن عليّ عليهم السّلام قال: لا صلاة لمن لم يشهد الصلوات المكتوبات من جيران المسجد إذا كان فارغا صحيحا. (3)

3-قال عليّ عليه السّلام: الجلسة في الجامع خير لي من الجلسة في الجنّة، لأنّ الجنّة فيها رضى نفسي و الجامع فيه رضى ربّي. (4)

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من مشى إلى المسجد لم يضع رجلا على رطب و لا يابس إلاّ سبّحت له الأرض إلى الأرضين السابعة. (5)

5-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من مشى إلى مسجد من مساجد اللّه فله بكلّ خطوة خطاها حتّى يرجع إلى منزله عشر حسنات، و محي عنه عشر سيّئات، و رفع له عشر درجات. (6)

6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ثلاثة يشكون إلى اللّه عزّ و جلّ: مسجد خراب لا يصلّي فيه أهله، و عالم بين جهّال، و مصحف معلّق قد وقع عليه الغبار

ص:124


1- -التوبة:107 و 108
2- الوسائل ج 5 ص 194 ب 2 من أحكام المساجد ح 1
3- الوسائل ج 5 ص 194 ح 3
4- الوسائل ج 5 ص 199 ب 3 ح 6
5- الوسائل ج 5 ص 200 ب 4 ح 1
6- الوسائل ج 5 ص 201 ح 3

لا يقرأ فيه. (1)

7-عن أبي عبيدة الحذّاء قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: من بنى مسجدا بنى اللّه له بيتا في الجنّة.

قال أبو عبيدة: فمرّ بي أبو عبد اللّه عليه السّلام في طريق مكّة و قد سوّيت بأحجار مسجدا، فقلت له: جعلت فداك، نرجو أن يكون هذا من ذاك؟ قال: نعم. (2)

8-عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّي لأكره الصلاة في مساجدهم، فقال: لا تكره فما من مسجد بني إلاّ على قبر نبيّ أو وصيّ نبيّ قتل فأصاب تلك البقعة رشّة من دمه، فأحبّ اللّه أن يذكر فيها، فأدّ فيها الفريضة و النوافل، و اقض ما فاتك. (3)

9-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال:

من أكل شيئا من المؤذيات ريحها فلا يقربنّ المسجد. (4)

10-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: جنّبوا مساجدكم البيع و الشراء، و المجانين، و الصبيان، و الأحكام، و الضالّة، و الحدود، و رفع الصوت. (5)

11-قال الصادق عليه السّلام: خير مساجد نسائكم البيوت. (6)

12-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من كنس المسجد يوم الخميس و ليلة الجمعة فأخرج منه من التراب ما يذرّ في العين غفر اللّه له. (7)

ص:125


1- -الوسائل ج 5 ص 201 ب 5 ح 1
2- الوسائل ج 5 ص 203 ب 8 ح 1
3- الوسائل ج 5 ص 225 ب 21 ح 1
4- الوسائل ج 5 ص 228 ب 22 ح 9
5- الوسائل ج 5 ص 233 ب 27 ح 1
6- الوسائل ج 5 ص 237 ب 30 ح 2 و 3 و 4
7- الوسائل ج 5 ص 238 ب 32 ح 1

13-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: جاء أعرابيّ إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فسأله عن شرّ بقاع الأرض و خير بقاع الأرض؟ فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: شرّ بقاع الأرض الأسواق. . . و خير البقاع المساجد، و أحبّهم إلى اللّه أوّلهم دخولا و آخرهم خروجا منها (1).

14-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه: يا أبا ذرّ، الكلمة الطيّبة صدقة، و كلّ خطوة تخطوها إلى الصلاة صدقة.

يا أبا ذرّ، من أجاب داعي اللّه و أحسن عمارة مساجد اللّه، كان ثوابه من اللّه الجنّة، فقلت: بأبي أنت و أمّي يا رسول اللّه، كيف يعمر مساجد اللّه؟ قال: لا يرفع فيها الأصوات، و لا يخاض فيها بالباطل، و لا يشترى فيها و لا يباع، فاترك اللغو ما دمت فيها، فإن لم تفعل فلا تلومنّ يوم القيامة إلاّ نفسك.

يا أبا ذرّ، إنّ اللّه تعالى يعطيك ما دمت جالسا في المسجد بكلّ نفس تنفّست فيه درجة في الجنّة، و تصلّي عليك الملائكة، و يكتب لك بكلّ نفس تنفّست فيه عشر حسنات و يمحى عنك عشر سيّئات. (2)

15-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا أبا ذرّ، كلّ جلوس في المسجد لغو إلاّ ثلاثة:

قرائة مصلّ، أو ذاكر اللّه تعالى، أو سائل عن علم. (3)

16-عن ابن مسعود عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (في حديث طويل) أنّه رأى ليلة الإسراء، هذه الكلمات مكتوبة على الباب السادس من الجنّة: «لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه، عليّ وليّ اللّه، من أحبّ أن يكون قبره واسعا فسيحا فليبن المساجد، و من أحبّ أن لا تأكله الديدان تحت الأرض فليكنس المساجد، و من أحبّ أن لا يظلم لحده فلينوّر المساجد، و من أحبّ أن يبقى طريّا تحت

ص:126


1- -الوسائل ج 5 ص 293 ب 68 ح 1
2- مكارم الإخلاق ص 467 ب 12 ف 5
3- المستدرك ج 3 ص 371 ب 11 من أحكام المساجد ح 2

الأرض فلا يبلى جسده فليشتر بسط المساجد» (1).

أقول:

قد مرّ الحديث بطوله عن البحار ج 8 ص 144 في باب الجنّة.

17-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: المساجد أنوار اللّه. (2)

18-عن الأصبغ قال: كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: من اختلف إلى المساجد أصاب إحدى الثمان: أخا مستفادا في اللّه، أو علما مستطرفا، أو آية محكمة، أو رحمة منتظرة، أو كلمة تردّه عن ردى، أو يسمع كلمة تدلّه على هدى، أو يترك ذنبا خشية أو حياء (3).

بيان:

«أخا مستفادا في اللّه» : أي يكون استفادة اخوّته و تحصيلها للّه لا للأغراض الدنيويّة. «علما مستطرفا» : أي علما بديعا حسنا. «ردى» : أي الضلالة.

19-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: سيأتي على امّتي زمان لا يبقى من القرآن إلاّ رسمه، و لا من الإسلام إلاّ اسمه، يسمّون به و هم أبعد الناس منه، مساجدهم عامرة و هي خراب من الهدى، فقهاء ذلك الزمان شرّ فقهاء تحت ظلّ السماء، منهم خرجت الفتنة و إليهم تعود. (4)

20-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: يأتي على الناس زمان لا يبقى فيهم من القرآن إلاّ رسمه، و من الإسلام إلاّ اسمه، و مساجدهم يومئذ عامرة من البناء،

ص:127


1- -المستدرك ج 3 ص 385 ب 24 ح 2
2- المستدرك ج 3 ص 447 ب 54 ح 20
3- الخصال ج 2 ص 409 باب الثمانية ح 10(ثواب الأعمال ص 46 باب ثواب الاختلاف إلى المساجد و الأمالي ص 234 و التهذيب ج 3 باب فضل المساجد ح 1 و أمالي الطوسي ج 2 ص 46 و المحاسن ص 48 و قرب الاسناد ص 33 و النهاية للشيخ رحمه اللّه ص 23)
4- عقاب الأعمال ص 301 باب عقاب المعاصي ح 4

خراب من الهدى، سكّانها و عمّارها شرّ أهل الأرض؛ منهم تخرج الفتنة، و إليهم تأوي الخطيئة، يردّون من شذّ عنها فيها، و يسوقون من تأخّر عنها إليها، يقول اللّه سبحانه: فبي حلفت لأبعثنّ على اولئك فتنة أترك الحليم فيها حيران، و قد فعل، و نحن نستقيل اللّه عثرة الغفلة. (1)

21-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في خطبة له) : . . . مساجدهم في ذلك الزمان عامرة من الضلالة، خربة من الهدى، فقرّاؤها و عمّارها أخائب خلق اللّه و خليقته، من عندهم جرت الضلالة و إليهم تعود، فحضور مساجدهم و المشي إليها كفر باللّه العظيم، إلاّ من مشى إليها و هو عارف بضلالهم، فصارت مساجدهم من فعالهم على ذلك النحو خربة من الهدى، عامرة من الضلالة. . . (2)

22-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: كونوا في الدنيا أضيافا و اتّخذوا المساجد بيوتا، و عوّدوا قلوبكم الرقّة، و أكثروا من التفكّر و البكاء من خشية اللّه، و اجعلوا الموت نصب أعينكم، و ما بعده من أهوال القيامة، تبنون ما لا تسكنون، و تجمعون ما لا تأكلون، فاتّقوا اللّه الذي إليه ترجعون. (3)

23-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: يأتي في آخر الزمان قوم يأتون المساجد فيقعدون حلقا، ذكرهم الدنيا و حبّ الدنيا، لا تجالسوهم فليس للّه فيهم حاجة. (4)

24-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: في التوراة مكتوب: أنّ بيوتي في الأرض المساجد، فطوبى لعبد تطهّر في بيته ثمّ زارني في بيتي، ألا إنّ على المزور كرامة

ص:128


1- -نهج البلاغة ص 1258 ح 361- صبحي ص 540 ح 369
2- الكافي ج 8 ص 388 ح 586
3- البحار ج 83 ص 351 باب فضل المساجد ح 3
4- البحار ج 83 ص 368 ح 27

الزائر، ألا بشّر المشّائين في الظلمات إلى المساجد بالنور الساطع يوم القيامة. (1)

25-قال الصادق عليه السّلام: عليكم بإتيان المساجد، فإنّها بيوت اللّه في الأرض و من أتاها متطهّرا طهّره اللّه من ذنوبه، و كتب من زوّاره، فأكثروا فيها من الصلاة و الدعاء، و صلّوا من المساجد في بقاع مختلفة، فإنّ كلّ بقعة تشهد للمصلّي عليها يوم القيامة. (2)

26-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: المساجد سوق من أسواق الآخرة، قراها المغفرة و تحفتها الجنّة. (3)

27-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ إذا أراد أن يصيب أهل الأرض بعذاب يقول: لو لا الذين يتحابّون فيّ و يعمرون مساجدي و يستغفرون بالأسحار، لو لا هم لأنزلت عليهم عذابي. (4)

28-قال الصادق عليه السّلام: إذا بلغت باب المسجد فاعلم أنّك قد قصدت باب ملك عظيم لا يطأ بساطه إلاّ المطهّرون و لا يؤذن لمجالسته (لمجلسه ف ن) إلاّ الصدّيقون، فهب القدوم إلى بساط هيبة (خدمة ف ن) الملك فإنّك على خطر عظيم إن غفلت، فاعلم أنّه قادر على ما يشاء من العدل و الفضل معك و بك، فإن عطف عليك برحمته و فضله قبل منك يسير الطاعة و أجزل لك عليها ثوابا كثيرا، و إن طالبك باستحقاقه الصدق و الإخلاص عدلا بك حجبك و ردّ طاعتك و إن كثرت، و هو فعّال لما يريد، و اعترف بعجزك و تقصيرك و انكسارك و فقرك بين يديه، فإنّك قد توجّهت للعبادة له و المؤانسة به، و أعرض أسرارك عليه و ليعلم أنّه لا يخفى عليه أسرار الخلايق أجمعين و علانيتهم.

ص:129


1- -البحار ج 83 ص 373 ح 37
2- البحار ج 83 ص 384 ح 59
3- البحار ج 84 ص 4 باب فضل المساجد ح 76
4- البحار ج 84 ص 16 ح 96

و كن كأفقر عباده بين يديه و أخل قلبك عن كلّ شاغل يحجبك عن ربّك، فإنّه لا يقبل إلاّ الأطهر و الأخلص، و انظر من أيّ ديوان يخرج اسمك فإن ذقت حلاوة مناجاته و لذيذ مخاطباته و شربت بكأس رحمته و كراماته من حسن إقباله عليك و إجابته، فقد صلحت لخدمته فادخل فلك الإذن و الأمان و إلاّ فقف وقوف من قد انقطع عنه الحيل و قصر عنه الأمل و قضى عليه الأجل، فإن علم اللّه عزّ و جلّ من قلبك صدق الالتجاء إليه نظر إليك بعين الرأفة و الرحمة و اللطف، و وفّقك لما يحبّ و يرضى فإنّه كريم يحبّ الكرامة لعباده المضطرّين إليه المحدقين على بابه لطلب مرضاته، قال تعالى: أَمَّنْ يُجِيبُ اَلْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَ يَكْشِفُ اَلسُّوءَ 1 . (1)

بيان:

«هب» : أمر من هاب يهاب. «الهيبة» : أي المهابة و هي الإجلال و المخافة، يقال:

هابه يهاب هيبة و مهابة: خافه و اتّقاه و حذره، و هابه أي وقّره و عظّمه.

ص:130


1- مصباح الشريعة ص 10 ب 12

86- السخاء و الجود

اشارة

قال اللّه تعالى: فَاتَّقُوا اَللّهَ مَا اِسْتَطَعْتُمْ وَ اِسْمَعُوا وَ أَطِيعُوا وَ أَنْفِقُوا خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ اَلْمُفْلِحُونَ. (1)

الأخبار

1-قال أبو الحسن الرضا عليه السّلام: السخيّ يأكل من طعام الناس ليأكلوا من طعامه، و البخيل لا يأكل من طعام الناس لئلاّ يأكلوا من طعامه. (2)

بيان:

في المصباح، «السخاء» : الجود و الكرم.

و في مجمع البحرين: السخاء ملكة بذل المال لمستحقّه بقدر ما ينبغي ابتداء.

و في المرآة ج 7 ص 348، باب المكارم: السخاء هو بذل المال بسهولة على قدر لا يؤدّي إلى الإسراف في موضعه، و أفضله ما كان بغير سؤال.

و في جامع السعادات ج 2 ص 112: البخل و هو الإمساك حيث ينبغي البذل، كما أنّ الإسراف هو البذل حيث ينبغي الإمساك، و كلاهما مذمومان، و المحمود هو

ص:131


1- -التغابن:16
2- العيون ج 2 ص 11 ب 30 ح 26

الوسط، و هو الجود و السخاء. . . فالجود وسط بين الإقتار و الإسراف، و بين البسط و القبض، و هو تقدير البذل و الإمساك بقدر الواجب اللائق، و لا يكفي في تحقّق الجود و السخاء أن يفعل ذلك بالجوارح ما لم يكن قلبه طيبا غير منازع له فيه، فإن بذل في محلّ وجوب البذل و نفسه تنازعه و هو يضايرها فهو متسخّ و ليس بسخيّ. . .

و قال في ص 116: ضدّ البخل السخاء، و قد عرفت معناه، و هو من ثمرة الزهد كما أنّ البخل من ثمرة حبّ الدنيا، فينبغي لكلّ سالك لطريق الآخرة أن يكون حاله القناعة إن لم يكن له مال، و السخاء و اصطناع المعروف إن كان له مال، و لا ريب في كون الجود و السخاء من شرائف الصفات و معالي الأخلاق، و هو أصل من أصول النجاة، و أشهر أوصاف النبيّين و أعرف أخلاق المرسلين، و ما ورد في مدحه خارج عن حدّ الإحصاء. . .

2-عن الوشّاء قال: سمعت أبا الحسن عليه السّلام يقول: السخيّ قريب من اللّه، قريب من الجنّة، قريب من الناس، بعيد من النار، و البخيل (بعيد من اللّه،) بعيد من الجنّة، بعيد من الناس، قريب من النار، قال: و سمعته يقول: السخاء شجرة في الجنّة أغصانها في الدنيا، من تعلّق بغصن من أغصانها دخل الجنّة (1).

3-عن ابن محبوب عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له:

ما حدّ السخاء؟ قال: تخرج من مالك الحقّ الذي أوجبه اللّه عليك فتضعه في موضعه (2).

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: السخيّ الكريم الذى ينفق ماله في حقّ (3).

5-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: السخاء أن تسخو نفس العبد عن الحرام

ص:132


1- -العيون ج 2 ص 11 ح 27
2- معاني الأخبار ص 242 باب معنى السخاء ح 1
3- معاني الأخبار ص 243 ح 2

أن تطلبه، فإذا ظفر بالحلال طابت نفسه أن ينفقه في طاعة اللّه عزّ و جلّ (1).

بيان:

يقال: سخوت نفسي عن الشيء: تركته.

6-قال أمير المؤمنين عليه السّلام لابنه الحسن عليه السّلام في بعض ما سأله عنه: يا بنيّ، ما السماحة؟ قال: البذل في العسر و اليسر (2).

بيان:

في المصباح: «سمح» بكذا يسمح بفتحتين سموحا و سماحا و سماحة: جاد و أعطى أو وافق على ما أريد منه. . . و في النهاية ج 2 ص 398، يقال: سمح و أسمح إذا جاد و أعطى عن كرم و سخاء. . .

7-سأل رجل أبا الحسن عليه السّلام و هو في الطواف فقال له: أخبرني عن الجواد، فقال: إنّ لكلامك وجهين: فإن كنت تسأل عن المخلوق، فإنّ الجواد الذي يؤدّي ما افترض اللّه عليه، و إن كنت تسأل عن الخالق، فهو الجواد إن أعطى و هو الجواد إن منع، لأنّه إن أعطاك أعطاك ما ليس لك و إن منعك منعك ما ليس لك. (3)

بيان:

في المفردات: الجود بذل المقتنيات مالا كان أو علما، و يقال: رجل جواد و فرس جواد يجود بمدّخر عدوه، و الجمع الجياد. . .

و في الفروق اللغويّة ص 142: الفرق بين السخاء و الجود؛ أنّ السخاء هو أن يلين الإنسان عند السؤال و يسهل مهره للطالب، من قولهم: سخوت النار أسخوها سخوا، إذا ألينتها و سخوت الأديم ليّنته، و أرض سخاويه لينة، و لهذا لا يقال للّه

ص:133


1- -معاني الأخبار ص 243 ح 3
2- معاني الأخبار ص 243 باب معنى السماحة
3- معاني الأخبار ص 244 باب معنى الجواد (العيون ج 1 ص 116 ب 11 ح 41)

تعالى سخيّ. و الجواد كثرة العطاء من غير سؤال من قولك: جادت السماء إذا جادت بمطر غزير، و الفرس الجواد الكثير الإعطاء للجري، و اللّه تعالى جواد لكثرة عطائه فيما تقضيه الحكمة. . .

8-روي أنّ اللّه أوحى إلى موسى عليه السّلام: أن لا تقتل السامريّ، فإنّه سخيّ. (1)

9-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من أدّى ما افترض اللّه عليه فهو أسخى الناس. (2)

10-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أيقن بالخلف سخت نفسه بالنفقة، و قال اللّه عزّ و جلّ: وَ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَ هُوَ خَيْرُ اَلرّازِقِينَ (3).

بيان:

«الخلف» : أي العوض، إمّا عاجلا من مال أو دفع سوء، أو آجلا من الثواب و الأجر في الآخرة، فكم من منفق قلّ ما يقع له الخلف الماليّ. (مجمع البحرين)

11-عن أبي الحسن موسى عليه السّلام: قال: السخيّ الحسن الخلق في كنف اللّه لا يتخلّى اللّه منه حتّى يدخله اللّه الجنّة، و ما بعث اللّه نبيّا و لا وصيّا إلاّ سخيّا، و لا (ما ف ن) كان أحد من الصالحين إلاّ سخيّا، و ما زال أبي يوصيني بالسخاء حتّى مضى.

و قال: من أخرج من ماله الزكاة تامّة فوضعها في موضعها لم يسأل من أين اكتسبت مالك. (4)

12-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: شابّ سخيّ مرهق في الذنوب أحبّ

ص:134


1- -الوسائل ج 9 ص 18 ب 2 من ما تجب فيه الزكاة ح 6 و ج 21 ص 546 ب 22 من النفقات ح 8
2- الوسائل ج 9 ص 18 ح 7
3- الوسائل ج 9 ص 18 ح 9
4- الوسائل ج 21 ص 544 ب 22 من النفقات ح 2

إلى اللّه من شيخ عابد بخيل. (1)

بيان:

في الوافي، المرهق: المفرط في الشرّ. و في النهاية ج 2 ص 284: . . . يقال: رجل فيه رهق، إذا كان يخفّ إلى الشرّ و يغشاه، و الرهق: السفه و غشيان المحارم. . .

«فلان مرهّق» : أي متّهم بسوء و سفه، و يروى مرهّق أي ذو رهق. . .

13-عن الباقر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الجنّة دار الأسخياء (2).

14-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أبواب الجنّة مفتّحة على الفقراء، و الرحمة نازلة على الرحماء، و اللّه راض عن الأسخياء. (3)

15-روي أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام أتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بأسيرين، فأمر النبيّ بضرب عنقهما، فضرب عنق واحد منهما ثمّ قصد الآخر، فنزل جبرئيل، فقال:

يا محمّد، إنّ ربّك يقرئك السّلام و يقول: لا تقتله فإنّه حسن الخلق سخيّ قومه، فقال اليهوديّ تحت السيف: هذا رسول ربّك يخبرك؟ فقال: نعم قال: و اللّه ما ملكت درهما مع أخ لي قطّ، و لا قطبت وجهي في الحرب، و أنا أشهد أن لا إله إلاّ اللّه و أنّك محمّد رسول اللّه، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: هذا ممّن جرّه حسن خلقه و سخاؤه إلى جنّات النعيم. (4)

بيان:

«قطب» : أي قبض ما بين عينيه كما يفعل العبوس.

16-كتب الرضا عليه السّلام إلى أبي جعفر عليه السّلام: يا أبا جعفر، بلغني أنّ المواليّ إذا ركبت أخرجوك من الباب الصغير و إنّما ذلك من البخل بهم لئلاّ ينال منك أحد

ص:135


1- -الوسائل ج 21 ص 546 ح 7
2- مشكوة الأنوار ص 229 ب 5 ف 4
3- مشكوة الأنوار ص 231
4- مشكوة الأنوار ص 232

خيرا، فأسألك بحقّي عليك لا يكن مدخلك و مخرجك إلاّ من الباب الكبير، و إذا ركبت فليكن معك ذهب و فضّة، ثمّ لا يسألك أحد إلاّ أعطيته، و من سألك من عمومتك أن تبرّه فلا تعطه أقلّ من خمسين دينارا و الكثير إليك، و من سألك من عمّاتك فلا تعطيهنّ أقلّ من خمسة و عشرين دينارا و الكثير إليك، إنّي إنّما أريد أن يرفعك اللّه فأنفق و لا تخش من ذي العرش إقتارا. (1)

17-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه جاء بالإسلام فوضعه على السخاء. (2)

18-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لمّا خلق اللّه الجنّة قالت: يا ربّ، لمن خلقتني؟ قال:

لكلّ سخيّ تقيّ، قالت: رضيت يا ربّ. (3)

19-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه عزّ و جلّ جواد يحبّ الجود و معالي الامور. . . (4)

20-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه سئل: أيّ الأخلاق أفضل؟ قال: الجود و الصدق.

و قال عيسى عليه السّلام لإبليس: من أحبّ الخلق إليك؟ قال: مؤمن بخيل، قال:

فمن أبغضهم إليك؟ قال: فاسق سخيّ، أخاف أن يغفر له بسخائه.

و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: السخاء كمال المؤمن. (5)

21-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: خير خصال المسلمين السماحة و السخاء.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: ما جبل وليّ اللّه إلاّ على السخاء. (6)

22-و قال صلّى اللّه عليه و آله: السخاء شجرة في الجنّة متدلّية إلى الدنيا، فمن تعلّق بغصن

ص:136


1- -مشكوة الأنوار ص 233
2- المستدرك ج 7 ص 18 ب 2 من ما تجب فيه الزكاة ح 17
3- المستدرك ج 7 ص 18 ح 19
4- المستدرك ج 15 ص 256 ب 16 من النفقات ح 1
5- المستدرك ج 15 ص 258 ح 10
6- المستدرك ج 15 ص 258 ح 11

من أغصانها جذبته إلى الجنّة، و البخل شجرة في النار فمن تمسّك بغصن من أغصانها جذبته إلى النار. (1)

23-و قال صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه خلق الجنّة ثوابا لأوليائه، فحفّها بالجود و الكرم، و خلق النار عقابا لأعدائه، فحفّها باللؤم و البخل. (2)

24-قال الصادق عليه السّلام: أربع خصال يسود بها المرء: العفّة و الأدب و الجود و العقل. (3)

25-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لعديّ بن حاتم: إنّ اللّه دفع عن أبيك العذاب الشديد لسخاء نفسه. (4)

26-سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن القلب السليم؟ فقال: هذا قلب من لا يدخل الجنّة بكثرة الصلاة و الصيام، و لكن يدخلها برحمة اللّه، و سلامة الصدر، و سخاوة النفس، و الشفقة على المسلمين. (5)

27-قال الصادق عليه السّلام: إنّ اللّه تبارك و تعالى رضي لكم الإسلام دينا فأحسنوا صحبته بالسخاء و حسن الخلق. (6)

28-عن جميل بن درّاج عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: خياركم سمحاؤكم و شراركم بخلاؤكم، و من صالح الأعمال البرّ بالإخوان، و السعي في حوائجهم، و ذلك مرغمة للشيطان، و تزحزح عن النيران، و دخول الجنان.

يا جميل، أخبر بهذا الحديث غرر أصحابك، قال: فقلت له: جعلت فداك،

ص:137


1- -المستدرك ج 15 ص 259 ح 15
2- المستدرك ج 15 ص 259 ح 16
3- المستدرك ج 15 ص 259 ح 18
4- المستدرك ج 15 ص 260 ح 20
5- المستدرك ج 15 ص 260 ح 21
6- البحار ج 71 ص 350 باب السخاء ح 2

من غرر أصحابي؟ قال: هم البارّون بالإخوان في العسر و اليسر. ثمّ قال: يا جميل، أما إنّ صاحب الكثير يهون عليه ذلك، و قد مدح اللّه عزّ و جلّ صاحب القليل فقال: وَ يُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ اَلْمُفْلِحُونَ . (1)

بيان:

«مرغمة. . .» أرغمه: أذلّه و أسخطه و حمله على فعل ما يكره. و المراد أنّه موجب لطرده و إذلاله و كراهته. «تزحزح» : أي تباعد.

29-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ثلاث من أبواب البرّ: سخاء النفس و طيب الكلام و الصبر على الأذى. (2)

30-. . . قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: الرجال أربعة: سخيّ و كريم و بخيل و لئيم، فالسخيّ الذي يأكل و يعطي، و الكريم الذى لا يأكل و يعطي، و البخيل الذي يأكل و لا يعطي، و اللئيم الذي لا يأكل و لا يعطي. (3)

31-عن العبد الصالح عليه السّلام عن أبي ذرّ رحمه اللّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

من صدّق بالخلف جاد بالعطيّة. (4)

32-. . . قال الصادق عليه السّلام: جاهل سخيّ أفضل من ناسك بخيل.

و قال عليه السّلام: السخاء ما كان ابتداء، فأمّا ما كان من مسألة فحياء و تذمّم.

و قال عليه السّلام: الكرم أعطف من الرحم. (5)

ص:138


1- -البحار ج 71 ص 350 ح 3
2- البحار ج 71 ص 354 ح 15
3- البحار ج 71 ص 356 ح 18
4- البحار ج 71 ص 357 ح 20
5- البحار ج 71 ص 357 ح 21

أقول:

في كنز العمّال خ 16212 و خ 16213: قال النبيّ (ص) : تجافوا عن ذنب السخيّ، فإنّ اللّه آخذ بيده كلّما عثر.

33-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

طعام السخيّ دواء، و طعام الشحيح داء. (1)

34-في مواعظ الصادق عليه السّلام: لا يكون الجواد جوادا إلاّ بثلاثة: يكون سخيّا بماله على حال اليسر و العسر، و أن يبذله للمستحقّ و يرى أنّ الذي أخذه من شكر الذي اسدى إليه (يسدي إليه ف ن) أكثر ممّا أعطاه. (2)

بيان:

في النهاية ج 2 ص 356: أسدى و أولى و أعطى بمعنى، يقال: أسديت إليه معروفا أسدي إسداء.

35-و قال عليه السّلام: . . . إنّ الجواد السيّد من وضع حقّ اللّه موضعه، و ليس الجواد من يأخذ المال من غير حلّه و يضع في غير حقّه. . . (3)

36-في مواعظ الحسن العسكري عليه السّلام: إنّ للسخاء مقدارا فإن زاد عليه فهو سرف. . . (4)

37-في كلمات النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه يحبّ الجواد في حقّه. (5)

38-قال الصادق عليه السّلام: السخاء من أخلاق الأنبياء و هو عماد الإيمان و لا يكون مؤمن إلاّ سخيّا و لا يكون سخيّا إلاّ ذو يقين و همّة عالية، لأنّ السخاء

ص:139


1- -البحار ج 71 ص 357 ح 22
2- البحار ج 78 ص 231
3- البحار ج 78 ص 267
4- البحار ج 78 ص 377
5- البحار ج 77 ص 141

شعاع نور اليقين، من عرف ما قصد هان عليه ما بذل.

قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «ما جبل وليّ اللّه إلاّ على السخاء» و السخاء ما يقع على كلّ محبوب أقلّه الدنيا، و من علامة السخاء أن لا يبالي من أكل الدنيا و من ملكها مؤمن أو كافر، و مطيع أو عاص، و شريف أو وضيع، يطعم غيره و يجوع، و يكسو غيره و يعرى و يعطي غيره و يمتنع من قبول عطاء غيره و يمنّ بذلك و لا يمنّ، و لو ملك الدنيا بأجمعها لم ير نفسه فيها إلاّ أجنبيّا و لو بذلها في ذات اللّه عزّ و جلّ في ساعة واحدة ما ملّ. . .

قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: السخيّ بما ملك (يملك ف ن) و أراد به وجه اللّه تعالى، و أمّا المتسخّي في معصية اللّه تعالى، فحمّال (فمحالّ ف ن) سخط اللّه و غضبه، و هو أبخل الناس لنفسه فكيف لغيره حيث اتّبع هواه و خالف أمر اللّه عزّ و جلّ. . . (1)

39-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

السخاء سجيّة (الغرر ج 1 ص 5 ف 1 ح 13)

الجود رياسة (ح 31)

السخاء خلق (ص 7 ح 82)

السخاء زين الإنسان (ص 13 ح 314)

السخاء يزرع المحبّة (ص 14 ح 359)

الجود عزّ موجود-الجود حارس الأعراض (ص 15 ح 382 و 388)

السخاء خلق الأنبياء-السخاء يثمر الصفاء (ص 28 ح 827 و 829)

السخاء ستر العيوب (ص 31 ح 956)

السخاء يكسب الحمد (ص 36 ح 1135)

السخاء عنوان المروّة و النبل (ص 40 ح 1230)

ص:140


1- -مصباح الشريعة ص 34 ب 53

السخاء حبّ السائل و بذل النائل (ص 56 ح 1529)

الكريم من جاد بالموجود (ص 60 ح 1604)

السخاء يكسب المحبّة و يزيّن الأخلاق (ص 61 ح 1632)

السخاء إحدى السعادتين (ص 64 ح 1685)

السخاء يمحّص الذنوب و يجلب محبّة القلوب (ص 68 ح 1766)

الجود في اللّه عبادة المقرّبين (ص 70 ح 1782)

السخاء و الشجاعة غرائز شريفة، يضعها اللّه سبحانه فيمن أحبّه و امتحنه.

(ص 74 ح 1844)

الجواد محبوب محمود و إن لم يصل من جوده إلى مادحه شيء، و البخيل ضدّ ذلك (ص 80 ح 1932)

السخاء أن تكون بمالك متبرّعا و عن مال غيرك متورّعا.

(ص 82 ح 1950)

السخاء ما كان ابتداء فإن كان عن مسألة فحياء و تذمّم. (ص 90 ح 2061)

الجود من غير خوف و لا رجاء مكافاة حقيقة الجود. (ص 93 ح 2095)

إعطاء هذا المال في حقوق اللّه دخل في باب الجود (ح 2096)

السخاء ثمرة العقل و القناعة برهان النبل (ص 102 ح 2167)

الجواد في الدنيا محمود و في الآخرة مسعود (ص 103 ح 2174)

السخاء و الحياء أفضل الخلق (ص 104 ح 2193)

أسمحكم أربحكم (ص 174 ف 8 ح 11)

أفضل السخاء الإيثار (ص 176 ح 60)

أشجع الناس أسخاهم (ص 177 ح 71)

أحسن المكارم الجود (ص 178 ح 102)

أحسن الجود عفو بعد مقدرة (ص 181 ح 145)

ص:141

أفضل الناس السخيّ الموقن (ص 182 ح 164)

أفضل الجود بذل الموجود (ص 184 ح 193)

أفضل العطيّة ما كان قبل مذلّة السؤال (ص 193 ح 321)

أفضل الجود إيصال الحقوق إلى أهلها (ح 331)

أحسن المكارم عفو المقتدر وجود المفتقر (ص 194 ح 343)

أفضل الجود ما كان عن عسرة (ص 196 ح 361)

أفضل الناس في الدنيا الأسخياء و في الآخرة الأتقياء. (ص 198 ح 386)

أكرم الأخلاق السخاء و أعمّها نفعا العدل (ح 395)

أفضل الجود بذل الجهد (ص 209 ح 502)

إنّ سخاء النفس عمّا في أيدي الناس لأفضل من سخاء البذل.

(ص 232 ف 9 ح 161)

آفة السخاء المنّ (ص 304 ف 16 ح 8)

آفة الجود الفقر (ص 307 ح 37)

آفة الجود التبذير (ص 308 ح 50)

بالجود تسود الرجال (ص 333 ف 18 ح 82)

بالسخاء تستر العيوب (ص 335 ح 123)

بالجود يبتنى المجد و يجلب الحمد (ص 337 ح 157)

تحلّ بالسخاء و الورع فهما حلية الإيمان و أشرف خلالك.

(ص 349 ف 22 ح 50)

جود الولاة بفيء المسلمين جور و ختر (ص 368 ف 26 ح 9)

جود الفقير أفضل الجود (ح 10)

جود الرجل يحبّبه إلى أضداده و بخله يبغّضه إلى أولاده. (ح 12)

جود الفقير يجلّه و فقر البخيل يذلّه (ص 369 ح 13)

ص:142

جودوا بما يفنى تعتاضوا عنه بما يبقى-جودوا في اللّه و جاهدوا أنفسكم على طاعته يعظم لكم الجزاء و يحسن لكم الحباء. (ح 16 و 17)

رأس السخاء تعجيل العطاء (ص 412 ف 34 ح 29)

سبب المحبّة السخاء-سبب السيادة السخاء. (ص 430 ف 38 ح 1 و 14)

عليك بالسخاء فإنّه ثمرة العقل (ج 2 ص 477 ف 49 ح 4)

عليكم بالسخاء و حسن الخلق فإنّهما يزيدان الرزق و يوجبان المحبّة.

(ص 485 ف 50 ح 12)

كثرة السخاء يكثر الأولياء و يستصلح الأعداء.

(ص 562 ف 66 ح 25)

كن جوادا بالحقّ بخيلا بالباطل. (ص 565 ف 67 ح 18)

لا فضيلة كالسخاء (ص 831 ف 86 ح 55)

لا سخاء مع عدم. (1)(ص 833 ح 90)

لا فخر في المال إلاّ مع الجود (ص 845 ح 310)

لا يستحقّ اسم الكرم إلاّ من بدء بنواله قبل سؤاله (ح 315)

لا إيمان كالحياء و السخاء (ح 317)

لا سيادة لمن لا سخاء له (ص 847 ح 350)

لا يكمل الشرف إلاّ بالسخاء و التواضع (ص 849 ح 379)

أقول:

لاحظ ما يناسب المقام في أبواب حسن الخلق، الغيرة، و

ص:143


1- -أي الفقدان

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393736332C22426F6F6B4944223A31363732302C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3134342C2253686F77506167654E756D223A22313434222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030332F424B31353931344730303353312F424B3135393134473030335331503134342E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

87- السفر

اشارة

و فيه فصلان:

الفصل الأوّل: فضله و آدابه
الآيات

1- . . . فَسِيرُوا فِي اَلْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ اَلْمُكَذِّبِينَ. (1)

2- أَ فَلَمْ يَسِيرُوا فِي اَلْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها فَإِنَّها لا تَعْمَى اَلْأَبْصارُ وَ لكِنْ تَعْمَى اَلْقُلُوبُ اَلَّتِي فِي اَلصُّدُورِ. (2)

3- قُلْ سِيرُوا فِي اَلْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ اَلْخَلْقَ ثُمَّ اَللّهُ يُنْشِئُ اَلنَّشْأَةَ اَلْآخِرَةَ إِنَّ اَللّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. (3)

4- أَ وَ لَمْ يَسِيرُوا فِي اَلْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ اَلَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ

ص:145


1- -آل عمران:137 و النحل:36 و بهذا المعنى في الأنعام:11 و النمل:69
2- الحجّ:46
3- العنكبوت:20

كانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَ آثاراً فِي اَلْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اَللّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَ ما كانَ لَهُمْ مِنَ اَللّهِ مِنْ واقٍ. (1)

الأخبار

1-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: سافروا تصحّوا، و جاهدوا تغنموا، و حجّوا تستغنوا. (2)

2-و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: سافروا، فإنّكم إن لم تغنموا مالا أفدتم عقلا. (3)

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من أراد السفر فليسافر في يوم السبت، فلو أنّ حجرا زال عن جبل في يوم السبت لردّه اللّه تعالى إلى مكانه، و من تعذّرت عليه الحوائج فليلتمس طلبها يوم الثلاثاء فإنّه اليوم الذي ألان اللّه فيه الحديد لداود عليه السّلام. (4)

4-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يسافر يوم الخميس و قال عليه السّلام: يوم الخميس يوم يحبّه اللّه و رسوله و ملائكته. (5)

5-قال الرضا عليه السّلام: إذا خرجت من منزلك في سفر أو حضر فقل «بسم اللّه آمنت باللّه، توكّلت على اللّه، ما شاء اللّه لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه» فتلقاه الشياطين فتضرب الملائكة وجوهها و تقول: ما سبيلكم عليه و قد سمّى اللّه و آمن به و توكّل عليه و قال: ما شاء اللّه لا قوّة إلاّ باللّه. (6)

ص:146


1- -المؤمن (غافر) :21 و بمضمونها في يوسف:109 و الروم:9 و محمّد صلّى اللّه عليه و آله:10 و فاطر:44
2- مكارم الأخلاق ص 240 ب 9 ف 1
3- مكارم الأخلاق ص 240
4- مكارم الأخلاق ص 240
5- مكارم الأخلاق ص 240
6- مكارم الأخلاق ص 246 ف 3

6-عن الصادق عليه السّلام: أنّه كان إذا وضع رجله في الركاب يقول: سُبْحانَ اَلَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَ ما كُنّا لَهُ مُقْرِنِينَ 1 و يسبّح اللّه سبعا و يحمد اللّه سبعا و يهلّل اللّه سبعا. (1)

7-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام قال: يا عليّ، لا ينبغي للعاقل أن يكون ظاعنا إلاّ في ثلاث: مرمّة لمعاش، أو تزوّد لمعاد، أو لذّة في غير محرّم. . .

يا عليّ، سر سنتين برّ والديك، سر سنة صل رحمك، سر ميلا عد مريضا، سر ميلين شيّع جنازة، سر ثلاثة أميال أجب دعوة، سر أربعة أميال زر أخا في اللّه، سر خمسة أميال أجب الملهوف، سر ستّة أميال انصر المظلوم، و عليك بالاستغفار. (2)

بيان:

ظعن ظعنا فهو ظاعن من باب نفع: أي سار و ارتحل. و رممت الشيء رمّا و مرمّة:

إذا أصلحته.

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا تخرج يوم الجمعة في حاجة، فإذا كان يوم السبت و طلعت الشمس فاخرج في حاجتك. (3)

9-عن أبي أيّوب الخرّاز أنّه قال: أردنا أن نخرج فجئنا نسلّم على أبي عبد اللّه عليه السّلام فقال: كأنّكم طلبتم بركة الاثنين؟ قلنا: نعم، قال: فأيّ يوم أعظم شؤما من يوم الاثنين، فقدنا فيه نبيّنا صلّى اللّه عليه و آله، و ارتفع الوحي عنّا، لا تخرجوا

ص:147


1- مكارم الأخلاق ص 247 ف 3
2- الوسائل ج 11 ص 344 ب 1 من آداب السفر ح 3
3- الوسائل ج 11 ص 349 ب 3 ح 4

يوم الاثنين و اخرجوا يوم الثلاثاء. (1)

10-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من سافر أو تزوّج و القمر في العقرب لم ير الحسنى. (2)

11-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من ركب راحلة فليوص. (3)

12-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: تصدّق و اخرج أيّ يوم شئت. (4)

أقول:

في ح 2: . . . افتتح سفرك بالصدقة و اخرج إذا بدا لك. .

13-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

ما استخلف رجل على أهله بخلافة أفضل من ركعتين يركعهما إذا أراد الخروج إلى سفر و يقول: «اللهمّ إنّي أستودعك نفسي و أهلي و مالي و ذرّيّتي و دنياي و آخرتي و أمانتي و خاتمة عملي» (فما قال ذلك أحد ف ت) إلاّ أعطاه اللّه عزّ و جلّ ما سأل. (5)

14-عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في سفره إذا هبط سبّح و إذا صعد كبّر. (6)

15-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أ لا أنبّئكم بشرّ الناس؟ قالوا: بلى يا رسول اللّه، قال: من سافر وحده و منع رفده و ضرب

ص:148


1- -الوسائل ج 11 ص 351 ب 4 ح 1
2- الوسائل ج 11 ص 367 ب 11 ح 1
3- الوسائل ج 11 ص 369 ب 13 ح 1
4- الوسائل ج 11 ص 375 ب 15 ح 1
5- الوسائل ج 11 ص 379 ب 18 ح 1
6- الوسائل ج 11 ص 391 ب 21 ح 1

عبده. (1)

16-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: السفر قطعة من العذاب، فإذا قضى أحدكم سفره فليسرع العود إلى أهله. (2)

17-قال أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السّلام: أنا ضامن لمن خرج يريد سفرا معتمّا تحت حنكه ثلاثا، أن لا يصيبه السرق و الغرق و الحرق. (3)

بيان:

قال رحمه اللّه: «ثلاثا» مفعول ضامن.

18-قال جعفر بن محمّد عليه السّلام: إذا سافر أحدكم فقدم من سفره، فليأت أهله بما تيسّر و لو بحجر. . . (4)

19-عن أبي الحسن عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا ركب الرجل الدابّة فسمّى، ردفه ملك يحفظه حتّى ينزل، فإذا ركب و لم يسمّ، ردفه شيطان. . . (5)

أقول:

الأخبار في آداب السفر و قرائة الأدعية و بعض السور كثيرة.

و سيأتي ما يناسب المقام في أبواب التسمية، الصدقة، و. . .

ص:149


1- -الوسائل ج 11 ص 409 ب 30 ح 4
2- الوسائل ج 11 ص 450 ب 58 ح 1
3- الوسائل ج 11 ص 452 ب 59 ح 1
4- الوسائل ج 11 ص 459 ب 67 ح 1
5- البحار ج 76 ص 296 باب آداب الركوب ح 25
الفصل الثانيّ: آداب المسافر
الأخبار

1-في وصية أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: سل عن الرفيق قبل الطريق، و عن الجار قبل الدار. (1)

2-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما اصطحب اثنان إلاّ كان أعظمهما أجرا و أحبّهما إلى اللّه أرفقهما بصاحبه. (2)

3-قال أبو جعفر عليه السّلام: إذا صحبت فأصحب نحوك، و لا تصحب من يكفيك، فإنّ ذلك مذلّة للمؤمن. (3)

4-عن صفوان الجمّال قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّ معي أهلي و إنّي اريد الحجّ فأشدّ نفقتي في حقوي قال: نعم، إنّ أبي عليه السّلام كان يقول: من قوّة المسافر حفظ نفقته. (4)

ص:150


1- -نهج البلاغة ص 936 في ر 31
2- الوسائل ج 11 ص 412 ب 31 من آداب السفر ح 2
3- الوسائل ج 11 ص 414 ب 33 ح 3
4- الوسائل ج 11 ص 419 ب 38 ح 1

بيان:

في مجمع البحرين، «الحقو» : موضع شدّ الإزار، و هو الخاصرة، ثمّ توسّعوا حتّى سمّوا الإزار الذي يشدّ على العورة حقوا.

5-عن حمّاد بن عيسى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: في وصية لقمان لابنه:

يا بنيّ، سافر بسيفك و خفّك و عمامتك و حبالك (خبائك ف ك) و سقائك و خيوطك و مخرزك، و تزوّد معك من الأدوية ما تنتفع به أنت و من معك، و كن لأصحابك موافقا إلاّ في معصية اللّه عزّ و جلّ. (1)

بيان:

«الحبل» : جمع حبال. «الخباء» : الخيمة. «مخرز» : يقال بالفارسيّة: درفش چرم دوزى.

6-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أعان مؤمنا مسافرا فرج اللّه عنه ثلاثا و سبعين كربة، و أجاره في الدنيا و الآخرة من الغمّ و الهمّ و نفّس كربه العظيم يوم يغصّ الناس بأنفاسهم.

و في حديث آخر: «حيث يتشاغل الناس بأنفاسهم» . (2)

بيان:

غصّ بالطعام و الماء: اعترض في حلقه شيء منه فمنعه التنفّس.

7-عن جعفر بن محمّد الصادق عليهما السّلام قال: كان عليّ بن الحسين عليه السّلام لا يسافر إلاّ مع رفقة لا يعرفونه، و يشترط عليهم أن يكون من خدّام الرفقة فيما يحتاجون إليه، فسافر مرّة مع قوم فرآه رجل فعرفه، فقال لهم: أ تدرون من هذا؟ قالوا: لا، قال: هذا عليّ بن الحسين عليه السّلام، فوثبوا إليه فقبّلوا يديه و رجليه، فقالوا:

ص:151


1- -الوسائل ج 11 ص 425 ب 43 ح 1
2- الوسائل ج 11 ص 429 ب 46 ح 1

يا بن رسول اللّه، أردت أن تصلينا نار جهنّم لو بدرت إليك منّا يد أو لسان، أما كنّا قد هلكنا آخر الدهر؟ فما الذي حملك على هذا؟ فقال: إنّي كنت سافرت مرّة مع قوم يعرفونني فأعطوني برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ما لا أستحقّ، فأخاف أن تعطوني مثل ذلك، فصار كتمان أمري أحبّ إليّ. (1)

بيان:

بدر إلى الشيء: أسرع، و البادرة: ما يبدو من الإنسان عند غضبه.

8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: المروءة مروءتان: مروءة في السفر و مروءة في الحضر، فأمّا مروّة الحضر، فتلاوة القرآن و حضور المساجد و صحبة أهل الخير، و النظر في الفقه، و أمّا مروءة السفر، فبذل الزاد، و المزاح في غير ما يسخط اللّه عزّ و جلّ، و قلّة الخلاف على من صحبك، و ترك الرواية عليهم إذا أنت فارقتهم. (2)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة، و زاد في ح 15: و قلّة الخلاف على من صحبك، و كثرة ذكر اللّه في كلّ مصعد و مهبط و نزول و قيام و قعود.

9-عن حمّاد بن عيسى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال لقمان لابنه: إذا سافرت مع قوم فأكثر استشارتهم في أمرك و أمورهم، و أكثر التبسّم في وجوههم، و كن كريما على زادك بينهم، و إذا دعوك فأجبهم، و إن استعانوا بك فأعنهم، و استعمل طول الصمت و كثرة الصلاة و سخاء النفس بما معك من دابّة أو ماء أو زاد. . .

و إذا رأيت أصحابك يمشون فامش معهم، و إذا رأيتهم يعملون فاعمل معهم،

ص:152


1- -الوسائل ج 11 ص 430 ح 2
2- الوسائل ج 11 ص 436 ب 49 ح 12

و إذا تصدّقوا و أعطوا قرضا فأعط معهم، و اسمع لمن هو أكبر منك سنّا، و إذا أمروك بأمر و سألوك شيئا فقل: نعم، و لا تقل: لا. . .

و إذا ارتحلت فصلّ ركعتين، و ودّع الأرض التي حللت بها، و سلّم عليها و على أهلها، فإنّ لكلّ بقعة أهلا من الملائكة فإن استطعت أن لا تأكل طعاما حتّى تبدء فتصدّق منه فافعل، و عليك بقراءة كتاب اللّه عزّ و جلّ ما دمت راكبا، و عليك بالتسبيح ما دمت عاملا عملا و عليك بالدعاء ما دمت خاليا، و إيّاك و السير من أوّل الليل و سر في آخره، و إيّاك و رفع الصوت في مسيرك. (1)

10-عن جعفر عن أبيه عن جدّه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا كنتم في سفر فمرض أحدكم فأقيموا عليه ثلاثة أيّام. (2)

11-روي أنّ رفقة كانوا في سفر، فلمّا قدموا قالوا: يا رسول اللّه، ما رأينا أفضل من فلان، كان يصوم النهار، فإذا نزلنا قام يصلّي حتّى نرحل، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من كان يمهّد له و يكفيه و يعمل له؟ فقالوا: نحن، قال: كلّكم أفضل منه. (3)

12-استوصى رجل أمير المؤمنين عليه السّلام عند خروجه إلى السفر، فقال عليه السّلام:

إن أردت الصاحب فاللّه يكفيك، و إن أردت الرفيق فالكرام الكاتبون تكفيك، و إن أردت المونس فالقرآن يكفيك، و إن أردت العبرة فالدنيا تكفيك، و إن أردت العمل فالعبادة تكفيك، و إن أردت الوعظ فالموت يكفيك، و إن لم يكفك ما ذكرت فالنار يوم القيامة تكفيك. (4)

13-عن أبي الربيع الشاميّ قال: كنّا عند أبي عبد اللّه عليه السّلام و البيت غاصّ

ص:153


1- -الوسائل ج 11 ص 440 ب 52 ح 1
2- الوسائل ج 11 ص 457 ب 64 ح 2
3- المستدرك ج 8 ص 220 ب 35 من آداب السفر ح 3
4- جامع الأخبار ص 181 ف 141

بأهله، فقال عليه السّلام: ليس منّا من لم يحسن صحبة من صحبه و مرافقة من رافقه و ممالحة من مالحه و مخالقة من خالقه. (1)

بيان:

«الممالحة» : أي المؤاكلة، يقال: مالحه أي أكل معه.

«المخالقة» يقال: خالقه أي عاشره بخلق حسن.

14-قال صلّى اللّه عليه و آله: سيّد القوم خادمهم في السفر. (2)

15-عن المفضّل قال: دخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام فقال: من صحبك؟ قلت: رجل من إخواني، قال: فما فعل؟ قلت: منذ دخلت المدينة لم أعرف مكانه، فقال لي: أما علمت أنّ من صحب مؤمنا أربعين خطوة سأله اللّه عنه يوم القيامة؟ !

و عن المفيد رحمه اللّه عن الصادق جعفر بن محمّد عليه السّلام قال: من صحب أخاه المؤمن في طريق فتقدّمه فيه بقدر ما يغيب عنه بصره فقد ظلمه. (3)

16-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في سفر: من كان يسيء الجوار فلا يصاحبنا.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: احتمل الأذى عمّن هو أكبر منك و أصغر منك و خير منك و شرّ منك، فإنّك إن كنت كذلك تلقى اللّه جلّ جلاله يباهي بك الملائكة. . . (4)

ص:154


1- -مكارم الأخلاق ص 250 ب 9 ف 4
2- مكارم الأخلاق ص 251
3- البحار ج 76 ص 275 باب حسن الخلق و. . . و سائر آداب السفر ح 30
4- البحار ج 76 ص 275 ح 31

88- المسكن

اشارة

قال اللّه تعالى: وَ اَللّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً. . . (1)

الأخبار

1-عن هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من السعادة سعة المنزل. (2)

أقول:

بهذا المعنى أخبار أخر، و ح 8 عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: من سعادة المسلم سعة المسكن، و الجار الصالح، و المركب الهنيء.

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ثلاثة للمؤمن فيها راحة: دار واسعة تواري عورته و سوء حاله من الناس، و امرأة صالحة تعينه على أمر الدنيا و الآخرة، و ابنة أو أخت يخرجها من منزله إمّا بموت أو بتزويج. (3)

ص:155


1- -النحل:80
2- الوسائل ج 5 ص 299 ب 1 من أحكام المساكن ح 1
3- الوسائل ج 5 ص 299 ح 2

3-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: من شقاء العيش ضيق المنزل. (1)

أقول:

سعة المسكن و ضيقه مختلفة بحسب اختلاف الناس من حيث شئونهم و قلّة عيالهم و كثرتهم، و لا يكون المراد من سعة الدار في الأخبار توسيعها على نحو العمارات الكبيرة المعمولة في هذا الزمان، بل ما يواري عورة المؤمن و سوء حاله عن غيره، و سيأتي في الأحاديث ما يدلّ على ذلك.

4-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: أنّ عليّا عليه السّلام كره الصور في البيوت. (2)

5-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ و كلّ ملكا بالبناء يقول لمن رفع سقفا فوق ثمانية أذرع: أين تريد يا فاسق؟ ! (3)

أقول:

في ح 7: يا أفسق الفاسقين أين تريد؟ !

6-عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ابن بيتك سبعة أذرع، فما كان بعد ذلك سكنته الشياطين، إنّ الشياطين ليست في السماء و لا في الأرض و إنّما تسكن الهواء. (4)

7-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: شكى إليه رجل عبث أهل الأرض بأهل بيته و بعياله، فقال: كم سقف بيتك؟ فقال: عشرة أذرع، فقال: اذرع ثمانية أذرع، ثم اكتب آية الكرسيّ فيما بين الثمانية إلى العشرة كما تدور، فإنّ كلّ بيت سمكه أكثر من ثمانية أذرع فهو محتضر تحضره الجنّ تكون فيه (مسكنه ف ن) تسكنه. (5)

ص:156


1- -الوسائل ج 5 ص 302 ب 2 ح 2
2- الوسائل ج 5 ص 304 ب 3 ح 3
3- الوسائل ج 5 ص 310 ب 5 ح 2
4- الوسائل ج 5 ص 311 ح 4
5- الوسائل ج 5 ص 312 ب 6 ح 1

بيان:

«السمك» : من أعلى البيت إلى أسفله.

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا كان البيت فوق ثمانية أذرع، فاكتب في أعلاه آية الكرسي. (1)

9-عن عيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن السطح، ينام عليه بغير حجرة؟ قال: نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن ذلك، فسألته عن ثلاثة حيطان؟ فقال: لا، إلاّ أربعة، قلت: كم طول الحائط؟ قال: أقصره ذراع و شبر. (2)

10-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام في وصية النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام قال:

و كره النوم فوق سطح ليس بمحجّر، و قال: من نام على سطح غير محجّر فقد برئت منه الذمّة. (3)

بيان:

في مجمع البحرين (برى) ، «برئت منه الذمّة» معناه: أنّ لكلّ أحد من اللّه عهدا بالحفظ و الكلائة، فإذا ألقى بيده إلى التهلكة أو فعل ما حرّم أو خالف ما أمر به خذلته ذمّة اللّه.

11-عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ الشيطان أشدّ ما يهمّ بالإنسان إذا كان وحده، فلا تبيتنّ وحدك، و لا تسافرنّ وحدك. (4)

12-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام قال: و كره أن ينام الرجل في بيت وحده. يا عليّ، لعن اللّه ثلاثة: آكل زاده وحده، و راكب الفلاة وحده، و النائم في بيت وحده.

ص:157


1- -الوسائل ج 5 ص 312 ح 2
2- الوسائل ج 5 ص 314 ب 7 ح 3
3- الوسائل ج 5 ص 315 ح 7
4- الوسائل ج 5 ص 334 ب 21 ح 1

يا عليّ، ثلاث يتخوّف منهنّ الجنون: التغوّط بين القبور، و المشي في خفّ واحد، و الرجل ينام وحده. (1)

13-عن ابن أبي عمير عن هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

من كسب مالا من غير حلّه، سلّط عليه البناء و الماء و الطين. (2)

14-عن عليّ عليه السّلام (في ح الأربعمائة) قال: إذا دخل أحدكم منزله فليسلّم على أهله، يقول: «السّلام عليكم» فإن لم يكن له أهل، فليقل: «السّلام علينا من ربّنا» ، و ليقرأ: قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ حين يدخل منزله، فإنّه ينفي الفقر. (3)

15-عن جابر بن عبد اللّه قال: ذكر عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الفرش: فقال:

فراش للرجل، و فراش للمرأة، و فراش للضيف، و الرابع للشيطان. (4)

16-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كلّ بناء ليس بكفاف فهو و بال على صاحبه يوم القيامة. (5)

17-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من بنى فوق ما يسكنه كلّف حمله يوم القيامة. (6)

18-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام (في حديث المناهي) قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: و من بنى بنيانا رياء و سمعة حمله اللّه يوم القيامة من الأرض السابعة و هو نار يشتعل منه، ثمّ يطوّق في عنقه و يلقى في النار فلا يحبسه شيء منها دون قعرها إلاّ أن يتوب، فقيل: يا رسول اللّه، كيف يبني رياء و سمعة؟ فقال: يبني فضلا

ص:158


1- -الوسائل ج 5 ص 332 ب 20 ح 9
2- الوسائل ج 5 ص 315 ب 8 ح 1
3- الوسائل ج 5 ص 323 ب 15 ح 1
4- الوسائل ج 5 ص 337 ب 23 ح 6
5- الوسائل ج 5 ص 337 ب 25 ح 1
6- الوسائل ج 5 ص 338 ح 3

على ما يكفيه استطالة به على جيرانه و مباهاة لإخوانه. (1)

19-و من كلام أمير المؤمنين عليه السّلام بالبصرة، و قد دخل على العلاء بن زياد الحارثيّ-و هو من أصحابه-يعوده، فلمّا رأى سعة داره قال:

ما كنت تصنع بسعة هذه الدار في الدنيا؟ و أنت إليها في الآخرة كنت أحوج، و بلى إن شئت بلغت بها الآخرة تقري فيها الضيف، و تصل فيها الرحم، و تطلع منها الحقوق مطالعها، فإذا أنت قد بلغت بها الآخرة. . . (2)

بيان:

«تطلع منها الحقوق مطالعها» : أي تظهر الحقوق الشرعيّة كأداء الخمس و الزكاة و الصدقات و غيرها.

20-و فيما كتب عليه السّلام إلى الحارث الهمدانيّ. . . و اسكن الأمصار العظام فإنّها جماع المسلمين، و احذر منازل الغفلة و الجفاء و قلّة الأعوان على طاعة اللّه. . . (3)

أقول:

قد مرّ في باب السفر عنه عليه السّلام: «سل. . . عن الجار قبل الدار» .

21-أوصى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام: يا عليّ، لا تسكن الرستاق فإنّ شيوخهم جهلة، و شبابهم عرمة، و نساؤهم كشفة، و العالم بينهم كالجيفة بين الكلاب. (4)

بيان:

في النهاية ج 3 ص 223، رجل عارم: أي خبيث شرّير (و الجمع العرمة) .

22-و قال صلّى اللّه عليه و آله: من لم يتورّع في دين اللّه ابتلاه اللّه تعالى بثلاث خصال:

ص:159


1- -الوسائل ج 5 ص 338 ح 4
2- نهج البلاغة ص 662 خ 200- صبحي ص 324 خ 209
3- نهج البلاغة ص 1069 في ر 69
4- جامع الأخبار ص 139 ف 100

إمّا أن يميته شابّا أو يوقعه في خدمة السلطان أو يسكنه في الرساتيق. (1)

23-قال رجل للحسين عليه السّلام: بنيت دارا أحبّ أن تدخلها و تدعو اللّه، فدخلها فنظر إليها فقال: أخربت دارك، و عمّرت دار غيرك، غرّك من في الأرض، و مقتك من في السماء.

و مرّ الحسين عليه السّلام بدار بعض المهالبة، فقال: رفع الطين و وضع الدين. (2)

24-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إذا أراد اللّه بعبد سوء أهلك ماله في الماء و الطين. (3)

25-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا أراد اللّه بعبد هوانا أنفق ماله في البنيان. (4)

26-في لبّ اللباب: روي أنّ من دخل بيته فقال: بِسْمِ اَللّهِ يقول الشيطان: لا مبيت هيهنا. (5)

27-عن المفضل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من كان له دار و احتاج مؤمن إلى سكناها فمنعه إيّاها قال اللّه عزّ و جلّ: ملائكتي عبدي بخل على عبدي بسكنى الدنيا، و عزّتي لا يسكن جناني أبدا. (6)

28-روي أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رأى رجلا من أصحابه يبني بيتا بجصّ و آجر، فقال: الأمر أعجل من هذا. (7)

29-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: إنّ جبرائيل عليه السّلام قال: إنّا لا ندخل بيتا فيه كلب و لا صورة إنسان و لا بيتا فيه

ص:160


1- -جامع الأخبار ص 139 ف 100
2- المستدرك ج 3 ص 467 ب 18 من أحكام المساكن ح 4(تنبيه الخواطر ج 1 ص 78)
3- المستدرك ج 3 ص 467 ح 6
4- المستدرك ج 3 ص 468 ح 7 و ب 6 ح 1
5- المستدرك ج 3 ص 471 ب 23 ح 4
6- البحار ج 74 ص 389 باب من أسكن مؤمنا بيتا
7- البحار ج 76 ص 155 باب سعة الدار ح 37

تمثال. (1)

أقول:

في ح 4 قال: إنّا معشر الملائكة لا ندخل بيتا فيه كلب و لا تمثال جسد، و لا إناء يبال فيه.

30-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: ترك نسج العنكبوت في البيت يورث الفقر، و ترك القمامة في البيت يورث الفقر.

و قال عليه السّلام: كسح الفناء يزيد في الرزق. (2)

بيان:

«القمامة» يقال بالفارسيّة: خاكروبة.

ص:161


1- -البحار ج 76 ص 159 باب تزويق البيوت. . . ح 3
2- البحار ج 76 ص 176 باب كنس الدار ح 6

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393736342C22426F6F6B4944223A31363732302C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3136322C2253686F77506167654E756D223A22313632222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030332F424B31353931344730303353312F424B3135393134473030335331503136322E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

89- السلاطين و الأمراء

الآيات

1- أَ لَمْ تَرَ إِلَى اَلْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ اِبْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اَللّهِ . . . -وَ قالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اَللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً قالُوا أَنّى يَكُونُ لَهُ اَلْمُلْكُ عَلَيْنا وَ نَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَ لَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ اَلْمالِ قالَ إِنَّ اَللّهَ اِصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَ زادَهُ بَسْطَةً فِي اَلْعِلْمِ وَ اَلْجِسْمِ وَ اَللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ وَ اَللّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ. (1)

2- . . . فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ اَلْكِتابَ وَ اَلْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً. (2)

3- . . . اُذْكُرُوا نِعْمَتَ اَللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَ جَعَلَكُمْ مُلُوكاً وَ آتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ اَلْعالَمِينَ. (3)

4- وَ لا تَرْكَنُوا إِلَى اَلَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ اَلنّارُ وَ ما لَكُمْ مِنْ دُونِ اَللّهِ مِنْ أَوْلِياءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ. (4)

ص:163


1- -البقرة:246 و 247
2- النساء:54
3- المائدة:20
4- هود:113

5- رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ اَلْمُلْكِ وَ عَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ اَلْأَحادِيثِ. . . (1)

6- قالَتْ إِنَّ اَلْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها وَ جَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً وَ كَذلِكَ يَفْعَلُونَ. (2)

7- اِصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَ اُذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا اَلْأَيْدِ إِنَّهُ أَوّابٌ . . . وَ شَدَدْنا مُلْكَهُ وَ آتَيْناهُ اَلْحِكْمَةَ وَ فَصْلَ اَلْخِطابِ. (3)

8- قالَ رَبِّ اِغْفِرْ لِي وَ هَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ اَلْوَهّابُ. (4)

الأخبار

1-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: صنفان من امّتي إذا صلحا صلحت امّتي، و إذا فسدا فسدت امّتي، قيل: يا رسول اللّه، و من هما؟ قال: الفقهاء و الامراء. (5)

2-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: رجلان لا تنالهما شفاعتي: صاحب سلطان عسوف غشوم، و غال في الدين مارق. (6)

بيان:

«العسوف» : الظلوم و الآخذ على غير الطريق. «الغشوم» : الظالم، الغاصب «الغالي» : المتجاوز عن الحقّ. «المارق» : الخارج من الدين.

ص:164


1- -يوسف:101
2- النمل:34
3- ص:17 إلى 20
4- ص:35
5- الخصال ج 1 ص 36 باب الاثنين ح 12
6- الخصال ج 1 ص 63 ح 93

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ثلاثة يدخلهم اللّه الجنّة بغير حساب، و ثلاثة يدخلهم اللّه النار بغير حساب، فأمّا الذين يدخلهم اللّه الجنّة بغير حساب: فإمام عادل، و تاجر صدوق، و شيخ أفنى عمره في طاعة اللّه عزّ و جلّ، و أمّا الثلاثة الذين يدخلهم اللّه النار بغير حساب: فإمام جائر، و تاجر كذوب، و شيخ زان. (1)

4-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ في الجنّة درجة لا ينالها (لا يبلغها ف ن) إلاّ إمام عادل، أو ذو رحم وصول، أو ذو عيال صبور. (2)

5-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه عليهم السّلام قال: كان عليّ عليه السّلام يقول:

العامل بالظلم و المعين عليه و الراضي به شركاء ثلاثة. (3)

6-عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال:

قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: تكلّم النار يوم القيامة ثلاثة: أميرا و قاريا و ذا ثروة من المال، فتقول للأمير: يا من وهب اللّه له سلطانا فلم يعدل، فتزدرده كما يزدرد الطير حبّ السمسم، و تقول للقاريء: يا من تزيّن للناس و بارز اللّه بالمعاصي فتزدرده، و تقول للغنيّ: يا من وهب اللّه له دنيا كثيرة واسعة فيضا و سأله الفقير اليسير قرضا فأبى بخلا فتزدرده. (4)

بيان:

«الازدراد» : الابتلاع. «السمسم» يقال بالفارسيّة: كنجد.

7-قال جعفر بن محمّد عليه السّلام: إنّي لأرجو النجاة لهذه الامّة لمن عرف حقّنا

ص:165


1- -الخصال ج 1 ص 80 باب الثلاثة ح 1
2- الخصال ج 1 ص 93 ح 39
3- الخصال ج 1 ص 107 ح 72
4- الخصال ج 1 ص 111 ح 84

منهم إلاّ لأحد ثلاثة: صاحب سلطان جائر، و صاحب هوى، و الفاسق المعلن. (1)

8-عن سليم بن قيس قال: سمعت أمير المؤمنين عليّا عليه السّلام يقول: احذروا على دينكم ثلاثة. . . و رجلا آتاه اللّه عزّ و جلّ سلطانا فزعم أنّ طاعته طاعة اللّه و معصيته معصية اللّه و كذب، لأنّه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، لا ينبغي للمخلوق أن يكون حبّه لمعصية اللّه، فلا طاعة في معصيته و لا طاعة لمن عصى اللّه، إنّما الطاعة للّه و لرسوله و لولاة الأمر، و إنّما أمر اللّه عزّ و جلّ بطاعة الرسول لأنّه معصوم مطهّر لا يأمر بمعصيته، و إنّما أمر بطاعة أولي الأمر لأنّهم معصومون مطهّرون لا يأمرون بمعصيته. (2)

9-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه عن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في وصيّته لي: يا عليّ، أربعة من قواصم الظهر: إمام يعصي اللّه و يطاع أمره، و زوجة يحفظها زوجها و هي تخونه، و فقر لا يجد صاحبه له مداويا، و جار سوء في دار مقام. (3)

10-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام أنّ عليّا عليه السّلام قال: إنّ في جهنّم رحى تطحن خمسا أ فلا تسألون ما طحنها؟ فقيل له: فما طحنها يا أمير المؤمنين؟ قال: العلماء الفجرة، و القرّاء الفسقة، و الجبابرة الظلمة، و الوزراء الخونة، و العرفاء الكذبة. . . (4)

بيان:

«العريف» جمع عرفاء: هو القيّم بأمور القبيلة أو الجماعة من الناس يلي أمورهم.

ص:166


1- -الخصال ج 1 ص 119 ح 107
2- الخصال ج 1 ص 139 ح 158
3- الخصال ج 1 ص 206 باب الأربعة ح 24
4- الخصال ج 1 ص 296 باب الخمسة ح 65

11-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ اللّه عزّ و جلّ يعذّب ستّة بستّة: العرب بالعصبيّة، و الدهاقنة بالكبر، و الأمراء بالجور، و الفقهاء بالحسد، و التجّار بالخيانة، و أهل الرستاق بالجهل. (1)

12-من كلام لأمير المؤمنين عليه السّلام في الخوارج لمّا سمع قولهم (لا حكم إلاّ للّه) قال: كلمة حقّ يراد بها الباطل، نعم إنّه لا حكم إلاّ للّه، و لكن هؤلاء يقولون: لا إمرة إلاّ للّه، و إنّه لا بدّ للناس من أمير برّ أو فاجر، يعمل في إمرته المؤمن، و يستمتع فيها الكافر، و يبلّغ اللّه فيها الأجل، و يجمع به الفيء، و يقاتل به العدوّ، و تأمن به السبل، و يؤخذ به للضعيف من القويّ حتّى يستريح برّ و يستراح من فاجر.

و في رواية اخرى أنّه لمّا سمع تحكيمهم قال عليه السّلام: حكم اللّه أنتظر فيكم.

و قال: أمّا الإمرة البرّة فيعمل فيها التقيّ، و أمّا الإمرة الفاجرة فيتمتّع فيها الشقيّ إلى أن تنقطع مدّته و تدركه منيّته. (2)

13-في عهده إلى مالك الأشتر حين ولاّه مصر: إنّ شرّ وزرائك من كان للأشرار قبلك وزيرا، و من شركهم في الآثام فلا يكوننّ لك بطانة، فإنّهم أعوان الأثمة و إخوان الظلمة، و أنت واجد منهم خير الخلف ممّن له مثل آرائهم و نفاذهم، و ليس عليه مثل آصارهم و أوزارهم ممّن لم يعاون ظالما على ظلمه و لا آثما على إثمه، اولئك أخفّ عليك مؤنة و أحسن لك معونة و أحنى عليك عطفا و أقلّ لغيرك إلفا، فاتّخذ اولئك خاصّة لخلواتك و حفلاتك. (3)

بيان:

بطانة الرجل: خاصّته و هو من بطانة الثوب خلاف ظهارته. «الإصر» جمع آصار:

ص:167


1- -الخصال ج 1 ص 325 باب الستّة ح 14
2- نهج البلاغة ص 125 خ 40
3- نهج البلاغة ص 999 في ر 53

و هو الذنب و الإثم. «الإلف» : الألفة و المحبّة. «حفلاتك» : أي مجالستك جمع حفلة و منه المحفل.

14-من كتابه عليه السّلام إلى الأسود بن قطبة: أمّا بعد فإنّ الوالي إذا اختلف هواه منعه ذلك كثيرا من العدل، فليكن أمر الناس عندك في الحقّ سواء، فإنّه ليس في الجور عوض من العدل. . . (1)

15-و قال عليه السّلام: من ملك استأثر (2)و من استبدّ برأيه هلك و من شاور الرجال شاركها في عقولها. (3)

16-سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قوم من الشيعة يدخلون في أعمال السلطان و يعملون لهم و يحبّونهم و يوالونهم؟ قال: ليس هم من الشيعة و لكنّهم من اولئك، ثمّ قرأ أبو عبد اللّه عليه السّلام هذه الآية: لُعِنَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَ عِيسَى اِبْنِ مَرْيَمَ . . . وَ لكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ قال: الخنازير على لسان داود و القردة على لسان عيسى عليه السّلام. (4)

17-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أحسنوا إلى رعيّتكم فإنّها اساريكم. (5)

18-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، ثلاث يقسين القلب: استماع اللهو و طلب الصيد و إتيان باب السلطان. (6)

19-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال اللّه عزّ و جلّ: أيّ قوم عصوني جعلت الملوك عليهم نقمة، ألا لا تولعوا بسبّ الملوك، توبوا إلى اللّه عزّ و جلّ يعطف

ص:168


1- -نهج البلاغة ص 1043 ر 59
2- خود رأى شد
3- نهج البلاغة ص 1165 ح 152
4- تفسير القميّ ج 1 ص 176( المائدة:78)
5- مجموعة الأخبار ص 295 ب 170
6- مجموعة الأخبار ص 301 ب 172

بقلوبهم عليكم. (1)

20-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام قال:

يا عليّ، إنّ إزالة الجبال الرواسي أهون من إزالة ملك لم تنقض أيّامه. (2)

21-عن موسى بن جعفر عليهما السّلام أنّه قال لشيعته: لا تذلّوا رقابكم بترك طاعة سلطانكم، فإن كان عادلا فاسألوا اللّه بقاه، و إن كان جائرا فاسألوا اللّه إصلاحه، فإنّ صلاحكم في صلاح سلطانكم، و إنّ السلطان العادل بمنزلة الوالد الرحيم، فأحبّوا له ما تحبّون لأنفسكم، و أكرهوا له ما تكرهون لأنفسكم. (3)

بيان:

المراد بالطاعة هنا و كذا في خبر فيه: «طاعة السلطان واجبة» ، هي إطاعته في القوانين المدنيّة و الاجتماعيّة و الامور التي يقال عنها بالفارسيّة: "قوانين ادارى و راهنمائى و. . . "و أمثال ذلك لاطاعتهم في الامور الدينيّة و الشرعيّة و لا طاعتهم في معصية اللّه، إذ هي منهيّ عنها، و يدلّ على ذلك أخبار كثيرة، نعم يجوز طاعة السلطان للتقيّة كما ورد في الأخبار.

22-قال موسى بن جعفر عليهما السّلام (في حديث طويل) : لو لا أنّي سمعت في خبر عن جدّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أنّ طاعة السلطان للتقيّة واجبة، إذا ما أجبت. (4)

23-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إيّاكم و أبواب السلطان و حواشيها، فإنّ أقربكم من أبواب السلطان و حواشيها أبعدكم من اللّه عزّ و جلّ، و من آثر السلطان على اللّه أذهب اللّه عنه الورع و جعله

ص:169


1- -مجموعة الأخبار ص 310 ب 175
2- الوسائل ج 15 ص 53 ب 13 من جهاد العدوّ ح 9
3- الوسائل ج 16 ص 220 ب 27 من الأمر و النهي ح 1
4- الوسائل ج 16 ص 221 ح 3

حيرانا. (1)

24-عن الصادق جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (في حديث المناهي) : . . . من تولّى خصومة ظالم أو أعان عليها ثمّ نزل به ملك الموت قال له: أبشر بلعنة اللّه و نار جهنّم و بئس المصير.

قال: و قال صلّى اللّه عليه و آله: من مدح سلطانا جائرا و تخفّف و تضعضع له طمعا فيه كان قرينه في النار. . .

و قال عليه السّلام: من ولّى جائرا على جور كان قرين هامان في جهنّم. (2)

بيان:

«تضعضع له» : أي خضع و ذلّ له.

25-عن سليمان الجعفريّ قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السّلام: ما تقول في أعمال السلطان؟ فقال: يا سليمان، الدخول في أعمالهم و العون لهم و السعي في حوائجهم عديل الكفر، و النظر إليهم على العمد من الكبائر التي يستحقّ بها النار. (3)

26-عن عليّ بن يقطين قال: قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السّلام: إنّ للّه تبارك و تعالى مع السلطان أولياء يدفع بهم عن أوليائه. (4)

أقول:

يدلّ بعض الأخبار على جواز الولاية من قبل الجائر، لنفع المؤمنين و الدفع عنهم، مع إذن المعصوم عليه السّلام و لا يجوز بدون إذنه عليه السّلام، و الأخبار في منع قبول الولاية من قبل الجائر بدون إذن المعصوم و لزوم التوبة مع القبول و ردّ المظالم إلى أهلها

ص:170


1- -الوسائل ج 17 ص 181 ب 42 من ما يكتسب به ح 13
2- الوسائل ج 17 ص 183 ب 43 ح 1
3- الوسائل ج 17 ص 191 ب 45 ح 12
4- الوسائل ج 17 ص 192 ب 46 ح 1

و غير ذلك كثيرة، راجع الوسائل و غيره.

27-قال الصادق عليه السّلام: كفّارة عمل السلطان قضاء حوائج الإخوان. (1)

28-في مواعظ أمير المؤمنين عليه السّلام: الناس بأمرائهم أشبه منهم بآبائهم. (2)

أقول:

و ورد أيضا: إنّ الناس على دين ملوكهم. (البحار ج 105 ص 8)

29-في مواعظ الصادق عليه السّلام: أفضل الملوك من أعطي ثلاث خصال:

الرأفة و الجود و العدل، و ليس يحبّ للملوك أن يفرطوا في ثلاث: في حفظ الثغور، و تفقّد المظالم، و اختيار الصالحين لأعمالهم.

ثلاث خلال تجب للملوك على أصحابهم و رعيّتهم: الطاعة لهم، و النصيحة لهم في المغيب و المشهد، و الدعاء بالنصر و الصلاح.

ثلاثة تجب على السلطان للخاصّة و العامّة: مكافاة المحسن بالإحسان ليزدادوا رغبة فيه، و تغمّد ذنوب المسيء ليتوب و يرجع عن غيّه، و تألّفهم جميعا بالإحسان و الإنصاف. . . (3)

30-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: شرار الخلق الملوك، و ذلك أنّه ضدّ صاحب الحقّ. (4)

31-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أرضى سلطانا بسخط اللّه خرج من دين اللّه. (5)

32-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أقلّ الناس وفاء

ص:171


1- -الوسائل ج 17 ص 192 ح 3
2- تحف العقول ص 148
3- تحف العقول ص 235
4- مشكوة الأنوار ص 317 ب 8 ف 6
5- مشكوة الأنوار ص 318

الملوك، و أقلّ الناس صديقا الملوك، و أشقى الناس الملوك. (1)

33-قال الصادق عليه السّلام: من تولّى أمرا من امور الناس، فعدل و فتح بابه و رفع شرّه و نظر في امور الناس، كان حقّا على اللّه عزّ و جلّ أن يؤمن روعته يوم القيامة و يدخله الجنّة. (2)

34-عن المفضل قال: قال الصادق عليه السّلام: إذا أراد اللّه عزّ و جلّ برعيّة خيرا جعل لها سلطانا رحيما، و قيّض له وزيرا عادلا. (3)

35-عن الصادق جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: قال اللّه جلّ جلاله: أنا اللّه لا إله إلاّ أنا، خلقت الملوك و قلوبهم بيدي، فأيّما قوم أطاعوني جعلت قلوب الملوك عليهم رحمة، و أيّما قوم عصوني جعلت قلوب الملوك عليهم سخطة، ألا لا تشغلوا أنفسكم بسبّ الملوك، توبوا إليّ أعطف قلوبهم عليكم. (4)

36-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أوّل من يدخل النار أمير متسلّط لم يعدل، و ذو ثروة من المال لم يعط المال حقّه، و فقير فخور. (5)

37-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: السلطان ظلّ اللّه في الأرض يأوي إليه كلّ مظلوم، فمن عدل كان له الأجر و على الرعيّة الشكر، و من جار كان عليه الوزر، و على الرعيّة الصبر حتّى يأتيهم الأمر. (6)

ص:172


1- -البحار ج 75 ص 340 باب أحوال الملوك ح 17
2- البحار ج 75 ص 340 ح 18
3- البحار ج 75 ص 340 ح 19
4- البحار ج 75 ص 340 ح 21
5- البحار ج 75 ص 341 ح 22
6- البحار ج 75 ص 354 ح 69

38-عن المفضّل قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا مفضّل، إنّه من تعرّض لسلطان جائر فأصابته منه بليّة لم يؤجر عليها و لم يرزق الصبر عليها. (1)

39-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من مشى مع ظالم ليعينه و هو يعلم أنّه ظالم فقد خرج من الإسلام. . .

و قال صلّى اللّه عليه و آله: شرّ الناس المثلّث قيل: يا رسول اللّه، و ما المثلّث؟ قال: الذي يسعى بأخيه إلى السلطان فيهلك نفسه، و يهلك أخاه، و يهلك السلطان.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: من مشى مع ظالم أجرم. (2)

40-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: من مشى إلى سلطان جائر فأمره بتقوى اللّه و وعظه و خوّفه كان له مثل أجر الثقلين من الجنّ و الإنس و مثل أعمالهم. (3)

أقول:

سيأتي في باب العلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الفقهاء امناء الرسل ما لم يدخلوا في الدنيا، قيل: و ما دخولهم في الدنيا؟ قال: اتّباع السلطان، فإذا فعلوا ذلك فاحذروهم على دينكم.

و لاحظ ما يناسب المقام في أبواب جهنّم، الرشوة، الرئاسة، الزكاة، الظلم، القلب، العدل، التقيّة و. . .

41-في مواعظ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ما من أحد ولي شيئا من أمور المسلمين فأراد اللّه به خيرا إلاّ جعل اللّه له وزيرا (معه قرينا ف ن) صالحا، إن نسي ذكّره، و إن ذكر أعانه، و إن همّ بشرّ كفّه و زجره. (4)

ص:173


1- -البحار ج 75 ص 372 باب الركون إلى الظالمين ح 16
2- البحار ج 75 ص 377 ح 35
3- البحار ج 75 ص 378 ح 40
4- البحار ج 77 ص 175

42-عن عليّ عليه السّلام قال: إذا كان الراعي ذئبا فالشاة من يحفظها! (1)

43-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

آلة الرياسة سعة الصدر (الغرر ج 1 ص 44 ف 1 ح 1303)

السلطان الجائر و العالم الفاجر أشدّ الناس نكاية. (ص 79 ح 1919)

المكانة من الملوك مفتاح المحنة و بذر الفتنة (ص 105 ح 2208)

اصحب السلطان بالحذر، و الصديق بالتواضع و البشر، و العدوّ بما تقوم به عليه حجّتك (ص 129 ف 2 ح 238)

أفضل الملوك العادل (ص 176 ف 8 ح 50)

أفضل الملوك أعفّهم نفسا (ص 183 ح 183)

أفضل الملوك سجيّة من عمّ الناس بعدله (ص 186 ح 233)

أجلّ الملوك من ملك نفسه و بسط العدل (ص 197 ح 382)

أفضل الملوك من حسن فعله و نيّته و عدل في جنده و رعيّته. (ص 200 ح 410)

أحسن الملوك حالا من حسن عيش الناس في عيشه و عمّ رعيّته بعدله.

(ص 202 ح 435)

آفة الملوك سوء السيرة (ص 305 ف 16 ح 14)

آفة الوزراء سوء السريرة-آفة الرعيّة مخالفة الطاعة. (ح 15 و 20)

آفة الملك ضعف الحماية (ص 307 ح 31)

آفة العمران جور السلطان (ص 308 ح 40)

آفة الاقتدار البغي و العتوّ (ص 309 ح 57)

إذا تغيّرت نيّة السلطان تغيّر الزمان (ص 311 ف 17 ح 37)

ص:174


1- -شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 20 ص 300

إذا استشاط السلطان تسلّط الشيطان (1)(ح 38)

إذا ملك الأراذل هلك الأفاضل-إذا ساد السفل خاب الأمل.

(ص 312 ح 60 و 61)

إذا استولى اللئام اضطهد الكرام (2)(ص 313 ح 62)

إذا فسد الزمان ساد اللئام (ح 63)

إذا بنى الملك على قواعد العدل و دعائم العقل نصر اللّه مواليه و خذل معاديه.

(ص 320 ح 144)

تاج الملك عدله (ص 347 ف 22 ح 12)

تولّى الأرذال و الأحداث الدول دليل إنحلالها و إدبارها.

(ص 350 ح 61)

خير الامراء من كان على نفسه أميرا (ص 390 ف 29 ح 52)

خير الملوك من أمات الجور و أحيى العدل (ح 59)

دولة الأكارم من أفضل الغنائم-دول اللئام مذلّة الكرام-دولة الأشرار محن الأخيار-دول الفجّار مذلّة الأبرار-دول اللئام من نوائب الأيّام.

(ص 402 ف 31 ح 12 إلى 16)

شرّ الملوك من خالف العدل (ص 443 ف 41 ح 10)

شرّ الوزراء من كان للأشرار وزيرا (ص 444 ح 21)

شرّ الامراء من كان الهوى عليه أميرا (ح 22)

شرّ الامراء من ظلم رعيّته (ص 445 ح 45)

ص:175


1- -في النهاية ج 2 ص 518، فيه «إذا استشاط السلطان تسلّط الشيطان» أي إذا تلهّب و تحرّق من شدّة الغضب و صار كأنّه نار، تسلّط عليه الشيطان فأغراه بالإيقاع بمن غضب عليه، و هو استفعل، من شاط يشيط إذا كاد يحترق.
2- اضطهده أي قهره و جار عليه، و الطاء بدل من تاء الافتعال.

من عدل في سلطانه استغنى عن أعوانه (ج 2 ص 672 ف 77 ح 1006)

من أشفق على سلطانه قصّر عن عدوانه (ح 1007)

من عمل بالعدل حصّن اللّه ملكه (ص 677 ح 1060)

من عمل بالجور عجّل اللّه سبحانه هلكه (ح 1061)

من جار في سلطانه و أكثر عداوته هدم اللّه سبحانه بنيانه و هدّ أركانه.

(ص 695 ح 1253)

من جعل ملكه خادما لدينه انقاد له كلّ سلطان (ص 704 ح 1354)

من جعل دينه خادما لملكه طمع فيه كلّ إنسان (ح 1355)

من حقّ الملك أن يسوّس نفسه قبل رعيّته (ص 729 ف 78 ح 84)

من أمارات الدولة التيقّظ لحراسة الامور (ص 732 ح 111)

لا تكثرنّ الدخول على الملوك، فإنّهم إن صحبتهم ملّوك و إن نصحتهم غشّوك.

(ص 812 ف 85 ح 170)

لا ترغب في خلطة الملوك، فإنّهم يستكثرون من الكلام ردّ السّلام، و يستقلّون من العقاب ضرب الرقاب (ح 172)

لا تطمعنّ في مودّة الملوك فإنّهم يوحشونك آنس ما تكون بهم و يقطعونك أقرب ما تكون إليهم (ص 828 ح 279)

يستدلّ على إدبار الدول بأربع: تضييع الاصول، و التمسّك بالفروع، و تقديم الأراذل و تأخير الأفاضل (ص 864 ف 88 ح 12)

ص:176

90- التسليم

اشارة

فيه فصلان

الفصل الأوّل: التسليم لأمر اللّه تعالى
الأخبار

1-قال أبو جعفر عليه السّلام: أحقّ خلق اللّه أن يسلّم لما قضى اللّه عزّ و جلّ، من عرف اللّه عزّ و جلّ، و من رضي بالقضاء أتى عليه القضاء و عظّم اللّه أجره، و من سخط القضاء مضى عليه القضاء و أحبط اللّه أجره. (1)

بيان:

«التسليم» : قد مرّ أنّ الرضا هو إطمينان النفس بقضاء اللّه تعالى عند البلاء، و عدم الاعتراض عليه سبحانه قولا و فعلا و قلبا في شيء من الأشياء، و أمّا التسليم مضافا إلى عدم الاعتراض هو الانقياد التامّ و الخضوع له تعالى في قضائه و قدره و أوامره و نواهيه.

ص:177


1- -الكافي ج 2 ص 51 باب الرضا بالقضاء ح 9

فتكون مرتبة التسليم فوق الرضا و لا يوجد هذا في أحد إلاّ أن يكون مؤمنا كاملا فمن عرف اللّه حقّ معرفته فهو يرضى و يسلّم له.

«من عرف اللّه» : أي من عرف اللّه حقّ معرفته و عدله و لطفه و إحسانه فهو أحقّ أن يسلّم بما قضاه اللّه تعالى عليه من غيره، لأنّ التسليم له تعالى تابع للمعرفة، و كلّما كانت المعرفة أكمل و أكثر كان التسليم أولى و أجدر.

2-قال أبو جعفر عليه السّلام: بينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في بعض أسفاره إذ لقيه ركب، فقالوا: السّلام عليك يا رسول اللّه، فقال: ما أنتم؟ فقالوا: نحن مؤمنون يا رسول اللّه، قال: فما حقيقة إيمانكم؟ قالوا: الرضا بقضاء اللّه و التفويض إلى اللّه و التسليم لأمر اللّه، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: علماء حكماء (حلماء ف ن) كادوا أن يكونوا من الحكمة أنبياء، فإن كنتم صادقين فلا تبنوا ما لا تسكنون و لا تجمعوا ما لا تأكلون و اتّقوا اللّه الذي إليه ترجعون. (1)

3-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لأنسبنّ الإسلام نسبة لا ينسبه أحد قبلي و لا ينسبه أحد بعدي إلاّ بمثل ذلك: إنّ الإسلام هو التسليم و التسليم هو اليقين، و اليقين هو التصديق، و التصديق هو الإقرار، و الإقرار هو العمل، و العمل هو الأداء.

إنّ المؤمن لم يأخذ دينه عن رأيه و لكن أتاه من ربّه فأخذه، إنّ المؤمن يرى يقينه في عمله و الكافر يرى إنكاره في عمله، فو الذي نفسي بيده ما عرفوا أمرهم، فاعتبروا إنكار الكافرين و المنافقين بأعمالهم الخبيثة. (2)

ص:178


1- -الكافي ج 2 ص 44 باب حقيقة الإيمان ح 1-و روى رحمه اللّه (في ص 40 باب خصال المؤمن ح 4) نظيره عن الرضا عليه السّلام عنه صلّى اللّه عليه و آله
2- الكافي ج 2 ص 38 باب نسبة الإسلام ح 1-و صدر الحديث في نهج البلاغة ص 1144 ح 120

بيان:

في الوافي: أريد بالإسلام هيهنا الإيمان، لا معناه الأعمّ، أ لا ترى إلى قوله: «إنّ المؤمن لم يأخذ دينه عن رأيه» و قوله: «إنّ المؤمن يرى يقينه في عمله» .

4-عن كامل التّمار قال: قال أبو جعفر عليه السّلام: قَدْ أَفْلَحَ اَلْمُؤْمِنُونَ أ تدري من هم؟ قلت: أنت أعلم، قال: قد أفلح المؤمنون المسلّمون، إنّ المسلّمين هم النجباء، فالمؤمن غريب فطوبى للغرباء. (1)

بيان:

«المؤمن غريب» : أي لا يجد من يأنس به لقلّة من يوافقه في دينه.

أقول: قد مرّ ما يناسب المقام في باب الرضا، و يأتي أيضا في أبواب التفويض، اليقين، و. . .

5-عن الأصبغ عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: أوحى اللّه عزّ و جلّ إلى داود عليه السّلام: يا داود، تريد و اريد و لا يكون إلاّ ما اريد، فإن أسلمت لما اريد أعطيتك ما تريد، و إن لم تسلم لما اريد أتعبتك فيما تريد، ثمّ لا يكون إلاّ ما اريد. (2)

6-عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: العبد بين ثلاثة:

بلاء و قضاء و نعمة، فعليه في البلاء من اللّه الصبر فريضة، و عليه في القضاء من اللّه التسليم فريضة، و عليه في النعمة من اللّه عزّ و جلّ الشكر فريضة. (3)

7-عن الزهريّ قال: كنت عند عليّ بن الحسين عليهما السّلام فجائه رجل من أصحابه. . . ثمّ قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام: جهلوا و اللّه أمر اللّه و أمر أوليائه معه، إنّ المراتب الرفيعة لا تنال إلاّ بالتسليم للّه جلّ ثناؤه و ترك الاقتراح عليه، و الرضا بما يدبّر بهم (به) إنّ أولياء اللّه صبروا على المحن و المكاره صبرا

ص:179


1- -الكافي ج 1 ص 322 باب التسليم و فضل المسلّمين ح 5
2- توحيد الصدوق رحمه اللّه ص 337 باب المشيّة و الإرادة ح 4(البحار ج 71 ص 138)
3- الخصال ج 1 ص 86 باب الثلاثة ح 17

لم يساوهم فيه غيرهم، فجازاهم اللّه عزّ و جلّ عن ذلك بأن أوجب لهم نجح جميع طلباتهم لكنّهم مع ذلك لا يريدون منه إلاّ ما يريده لهم. (1)

بيان:

اقترح عليه كذا: أي اشتهى أن يصنعه له (خواهش) .

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له: بأيّ شيء علم المؤمن أنّه مؤمن؟ قال: بالتسليم للّه و الرضا فيما ورد عليه من سرور أو سخط. (2)

9-. . . و عن أبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه جلّ ثناؤه: فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتّى يُحَكِّمُوكَ. . . (3)قال: التسليم و الرضا و القنوع بقضائه. (4)

10-عن كامل التّمار قال: قال أبو جعفر عليه السّلام: يا كامل، قَدْ أَفْلَحَ اَلْمُؤْمِنُونَ المسلّمون. يا كامل، إنّ المسلّمين هم النجباء. يا كامل، الناس أشباه الغنم إلاّ قليلا من المؤمنين و المؤمن قليل. (5)

11-عن المفضّل بن عمر قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: بأيّ شيء علمت الرسل أنّها رسل؟ قال: قد كشف لها عن الغطاء، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: بأيّ شيء علم المؤمن أنّه مؤمن؟ قال: بالتسليم للّه في كلّ ما ورد عليه. (6)

12-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كلّ من تمسّك بالعروة الوثقى فهو ناج، قلت:

ص:180


1- -أمالي الصدوق ص 455 م 69 في ح 3
2- الوسائل ج 3 ص 252 ب 75 من الدفن ح 7
3- النساء:65
4- البحار ج 71 ص 157 باب التوكّل ح 75
5- البحار ج 2 ص 200 ب 26 من العلم ح 66(بصائر الدرجات ص 522 الجزء 10 ب 20 ح 12)
6- البحار ج 2 ص 201 ح 69

ما هي؟ قال: التسليم. (1)

ص:181


1- -البحار ج 2 ص 204 ح 87
الفصل الثانيّ: التسليم للنبيّ و الأئمّة عليهم السّلام
اشارة

قال اللّه تعالى: فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمّا قَضَيْتَ وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً . (1)

الأخبار

1-عن غير واحد عن أحدهما عليهما السّلام أنّه قال: لا يكون العبد مؤمنا حتّى يعرف اللّه و رسوله و الأئمّة كلّهم و إمام زمانه و يردّ إليه و يسلّم له، ثمّ قال: كيف يعرف الآخر و هو يجهل الأوّل. (2)

بيان:

في المرآة ج 4 ص 278، التسليم: هو الانقياد التامّ فيما يصدر عنهم عليهم السّلام قولا و فعلا، و عدم الاعتراض عليهم في قيامهم بالأمر و قعودهم عنه، و ظهورهم و غيبتهم، و ما يصدر عنهم من الأحكام و غيرها على وجه التقيّة أو المصلحة أو غيرهما. و «الردّ إليهم» : استعلام الأمر منهم عند حضورهم، أو العرض على سائر ما ورد عنهم من الامور القطعيّة و القواعد الكليّة التي بيّنوها في الجمع بين الأخبار

ص:182


1- -النساء:65
2- الكافي ج 1 ص 138 باب معرفة الإمام ح 2

المتعارضة عند غيبتهم، أو ردّ علمه إليهم مع صعوبته على الأفهام، بأن يقال لا نفهمه و إن كان هذا منهم فهو حقّ و هم أعلم بما قالوا، و لا يبادر إلى ردّه و نفيه، و قد صرّح بجميع ذلك في الأخبار. . .

2-عن سدير قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام: إنّي تركت مواليك مختلفين، يتبرّأ بعضهم من بعض قال: فقال: و ما أنت و ذاك، إنّما كلّف الناس ثلاثة: معرفة الأئمّة و التسليم لهم فيما ورد عليهم و الردّ إليهم فيما اختلفوا فيه. (1)

بيان:

في المرآة، «تركت مواليك» : أي بالكوفة. «ما أنت و ذاك» : الاستفهام للتوبيخ و الإنكار، و"الواو"بمعنى"مع"و المعنى لا يضرّك اختلافهم، و لا ينبغي لك التعرّض لهم.

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لو أنّ قوما عبدوا اللّه وحده لا شريك له و أقاموا الصلاة و آتوا الزكاة و حجّوا البيت و صاموا شهر رمضان، ثمّ قالوا لشيء صنعه اللّه أو صنعه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ألاّ صنع خلاف الذي صنع، أو وجدوا ذلك في قلوبهم لكانوا بذلك مشركين، ثمّ تلا هذه الآية: فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمّا قَضَيْتَ وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ثمّ قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: عليكم بالتسليم. (2)

4-عن زيد الشحّام عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له: إنّ عندنا رجلا يقال له: كليب، فلا يجيء عنكم شيء إلاّ قال: أنا اسلّم، فسمّيناه كليب تسليم، قال: فترحّم عليه، ثمّ قال: أ تدرون ما التسليم؟ فسكتنا فقال: هو و اللّه الإخبات، قول اللّه عزّ و جلّ: اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا اَلصّالِحاتِ وَ أَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ 3 . 4

ص:183


1- -الكافي ج 1 ص 321 باب التسليم و فضل المسلّمين ح 1
2- الكافي ج 1 ص 321 ح 2

بيان:

في المرآة، «الإخبات» : الخشوع في الظاهر و الباطن، و التواضع بالقلب و الجوارح، و الطاعة في السرّ و العلن، من الخبت و هي الأرض المطمئنّة. . .

5-عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه تبارك و تعالى:

وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً 5 قال: الإقتراف التسليم لنا و الصدق علينا و ألاّ يكذب علينا. (1)

بيان:

في الوافي، «الاقتراف» : اكتساب الحسنة، أصل الاقتراف الاكتساب، و ربما يفسّر اقتراف الحسنة هنا بمحبّة أهل البيت عليهم السّلام، و المعنيان متقاربان.

6-عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ:

اَلَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ اَلْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ. . . (2)قال: هم المسلّمون لآل محمّد، الذين إذا سمعوا الحديث لم يزيدوا فيه و لم ينقصوا منه، جاؤوا به كما سمعوه. (3)

7-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: يهلك أصحاب الكلام و ينجوا المسلّمين، إنّ المسلّمين هم النجباء (4).

8-عن جميل بن درّاج عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ من قرّة العين التسليم إلينا، أن تقولوا لكلّ ما اختلف عنّا: أن تردّوا إلينا. (5)

ص:184


1- الكافي ج 1 ص 321 ح 4
2- الزمر:18
3- الكافي ج 1 ص 322 ح 8
4- بصائر الدرجات ص 521 الجزء 10 ب 20 ح 4
5- بصائر الدرجات ص 525 ح 31

9-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: تدري بما امروا؟ امروا بمعرفتنا و الردّ إلينا و التسليم لنا. (1)

10-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه تعالى: إِنَّ اَلَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اَللّهُ ثُمَّ اِسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ اَلْمَلائِكَةُ أَلاّ تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا 2 قال:

هم الأئمّة و يجري فيمن استقام من شيعتنا و سلّم لأمرنا و كتم حديثنا عند عدوّنا، فتستقبلهم الملائكة بالبشرى من اللّه بالجنّة، و قد و اللّه مضى أقوام كانوا على مثل ما أنتم عليه من الدين فاستقاموا و سلّموا لأمرنا و كتموا حديثنا و لم يذيعوه عند عدوّنا و لم يشكّوا كما شككتم فاستقبلهم الملائكة بالبشرى من اللّه بالجنّة. (2)

11-عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن الأوّل عليه السّلام قال: كيف تقرأ هذه الآية؟ يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اِتَّقُوا اَللّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَ لا تَمُوتُنَّ إِلاّ وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ما ذا؟ قلت: مسلمون، فقال: سبحان اللّه يوقع عليهم الإيمان فسماّهم مؤمنين ثمّ يسألهم الإسلام؟ ! و الإيمان فوق الإسلام، قلت: هكذا يقرأ في قراءة زيد، قال: إنّما هي في قراءة عليّ عليه السّلام و هو التنزيل الذي نزل به جبرائيل على محمّد صلّى اللّه عليه و آله إلاّ و أنتم مسلّمون لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ثمّ الإمام من بعده. (3)

12-قال الرضا عليه السّلام: إنّ العبادة على سبعين وجها فتسعة و ستّون منها في الرضا و التسليم للّه عزّ و جلّ و لرسوله و لأولي الأمر صلّى اللّه عليهم. (4)

13-عن عبد اللّه بن أبي يعفور قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: و اللّه لو فلقت رمّانة بنصفين، فقلت: هذا حرام و هذا حلال، لشهدت أنّ الذي قلت حلال

ص:185


1- -بصائر الدرجات ص 525 ح 32
2- بصائر الدرجات ص 524 ح 22
3- البحار ج 2 ص 206 ب 26 من العلم ح 93
4- البحار ج 2 ص 212 ح 112

حلال، و أنّ الذي قلت حرام حرام، قال: رحمك اللّه رحمك اللّه. (1)

ص:186


1- -سفينة البحار ج 2 ص 124( عبد)

91- التسليم و التحيّة

الآيات

1- وَ إِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها إِنَّ اَللّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً. (1)

2- وَ إِذا جاءَكَ اَلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ اَلرَّحْمَةَ. . . (2)

3- . . . تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ. (3)

4- اَلَّذِينَ تَتَوَفّاهُمُ اَلْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ اُدْخُلُوا اَلْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. (4)

5- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتّى تَسْتَأْنِسُوا وَ تُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ. (5)

ص:187


1- -النساء:86
2- الأنعام:54
3- إبراهيم:23
4- النحل:32
5- النور:27

6- . . . فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اَللّهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً كَذلِكَ يُبَيِّنُ اَللّهُ لَكُمُ اَلْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ. (1)

7- . . . وَ إِذا خاطَبَهُمُ اَلْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً. (2)

8- . . . اَلْمَلِكُ اَلْقُدُّوسُ اَلسَّلامُ اَلْمُؤْمِنُ اَلْمُهَيْمِنُ. . . (3)

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: السّلام تطوّع و الردّ فريضة. (4)

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من بدء بالكلام قبل السّلام فلا تجيبوه، و قال: ابدؤوا بالسلام قبل الكلام، فمن بدأ بالكلام قبل السّلام فلا تجيبوه. (5)

3-و عنه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أولى الناس باللّه و برسوله من بدأ بالسلام. (6)

4-عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: كان سلمان رحمه اللّه يقول:

أفشوا سلام اللّه فإنّ سلام اللّه لا ينال الظالمين. (7)

5-قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّ اللّه عزّ و جلّ يحبّ إفشاء السّلام. (8)

ص:188


1- -النور:61
2- الفرقان:63
3- الحشر:23
4- الكافي ج 2 ص 471 باب التسليم ح 1
5- الكافي ج 2 ص 471 ح 2
6- الكافي ج 2 ص 471 ح 3
7- الكافي ج 2 ص 471 ح 4
8- الكافي ج 2 ص 471 ح 5

6-عن معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ قال:

إنّ البخيل من يبخل بالسلام. (1)

7-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا سلّم أحدكم فليجهر بسلامه لا يقول: سلّمت فلم يردّوا عليّ، و لعلّه يكون قد سلّم و لم يسمعهم، فإذا ردّ أحدكم فليجهر بردّه و لا يقول المسلم: سلّمت فلم يردّوا عليّ.

ثمّ قال: كان عليّ عليه السّلام يقول: لا تغضبوا و لا تغضبوا أفشوا السّلام و أطيبوا الكلام و صلّوا بالليل و الناس نيام تدخلوا الجنّة بسلام، ثمّ تلا عليه السّلام عليهم قول اللّه عزّ و جلّ: اَلسَّلامُ اَلْمُؤْمِنُ اَلْمُهَيْمِنُ (2).

بيان:

«لا تغضبوا» في بعض النسخ: "لا تعصّبوا".

و في النهاية ج 2 ص 392: في أسماء اللّه تعالى «السّلام» ، قيل: معناه سلامته ممّا يلحق الخلق من العيب و الفنا، و السّلام في الأصل السلامة، يقال: سلم يسلم سلامة و سلاما، و منه قيل للجنّة دار السّلام، لأنّها دار السلامة من الآفات. . .

و قيل: التسليم مشتقّ من السّلام اسم اللّه تعالى لسلامته من العيب و النقص. . .

8-عن الحسن بن المنذر قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: من قال:

السّلام عليكم فهي عشر حسنات، و من قال [ال]سلام عليكم و رحمة اللّه فهي عشرون حسنة، و من قال [ال]سلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته فهي ثلاثون حسنة. (3)

9-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ثلاثة تردّ عليهم ردّ الجماعة و إن كان واحدا:

عند العطاس يقال: «يرحمكم اللّه» و إن لم يكن معه غيره، و الرجل يسلّم

ص:189


1- -الكافي ج 2 ص 471 ح 6
2- الكافي ج 2 ص 471 ح 7
3- الكافي ج 2 ص 471 ح 9

على الرجل فيقول: «السّلام عليكم» و الرجل يدعو للرجل فيقول: «عافاكم اللّه» و إن كان واحدا فإنّ معه غيره. (1)

بيان:

«فإنّ معه غيره» : من كتبة الأعمال أو الملائكة الحفظة أو شموله لجميع إخوانه أو جميع المؤمنين.

10-كان أبو عبد اللّه عليه السّلام يقول: ثلاثة لا يسلّمون: الماشي مع الجنازة و الماشي إلى الجمعة و في بيت الحمّام. (2)

11-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: يسلّم الراكب على الماشي، و الماشي على القاعد، و إذا لقيت جماعة جماعة سلّم الأقلّ على الأكثر، و إذا لقي واحد جماعة سلّم الواحد على الجماعة. (3)

أقول:

و زاد عليه السّلام في ح 1: يسلّم الصغير على الكبير.

12-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا مرّت الجماعة بقوم أجزأهم أن يسلّم واحد منهم، و إذا سلّم على القوم و هم جماعة أجزأهم أن يردّ واحد منهم. (4)

13-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لا تبدؤوا أهل الكتاب بالتسليم و إذا سلّموا عليكم فقولوا: و عليكم. (5)

14-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من بدأ بالكلام قبل السّلام فلا تجيبوه.

ص:190


1- -الكافي ج 2 ص 472 ح 10
2- الكافي ج 2 ص 472 ح 11
3- الكافي ج 2 ص 473 باب من يجب أن يبدأ بالسلام ح 3
4- الكافي ج 2 ص 473 باب إذا سلّم واحد من الجماعة أجزأهم ح 1
5- الكافي ج 2 ص 474 باب التسليم على أهل الملل ح 2

و قال عليه السّلام: لا تدع إلى طعامك أحدا حتّى يسلّم. (1)

15-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام:

يا عليّ، ثلاث كفّارات: إفشاء السّلام، و إطعام الطعام، و الصلاة بالليل و الناس نيام. (2)

16-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ أعجز الناس من عجز عن الدعاء، و إنّ أبخل الناس من بخل بالسلام. (3)

17-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: خمس لست بتاركهنّ حتّى الممات: لباس الصوف، و ركوبي الحمار مؤكفا، و أكلي مع العبيد، و خصفي النعل بيدي، و تسليمي على الصبيان لتكون سنّة من بعدي. (4)

بيان:

«مؤكفا» في بعض النسخ: "مردفا".

«خصف النعل» : المعنى بالفارسيّة: كفش وصله زدن.

18-قال عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام: من لقي فقيرا مسلما فسلّم عليه خلاف سلامه على الغنيّ لقي اللّه عزّ و جلّ يوم القيامة و هو عليه غضبان. (5)

19-في حكم الحسين عليه السّلام: للسلام سبعون حسنة، تسع و ستّون للمبتديء، و واحدة للرادّ. (6)

20-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا تلاقيتم

ص:191


1- -الوسائل ج 12 ص 56 ب 32 من العشرة ح 6
2- الوسائل ج 12 ص 59 ب 34 ح 5
3- الوسائل ج 12 ص 61 ب 34 ح 10
4- الوسائل ج 12 ص 63 ب 35 ح 2
5- الوسائل ج 12 ص 64 ب 36 ح 1
6- تحف العقول ص 179-و مثله في جامع الأخبار ص 88 ف 46 عن عليّ عليه السّلام

فتلاقوا بالتسليم و التصافح، و إذا تفرّقتم فتفرّقوا بالاستغفار. (1)

21-عن الصادق عن أبيه عليهما السّلام قال: لا تسلّموا على اليهود و لا على النصارى، و لا على المجوس، و لا عبدة الأوثان، و لا على موائد شرّاب الخمر، و لا على صاحب الشطرنج و النرد، و لا على المخنّث، و لا على الشاعر الذي يقذف المحصنات، و لا على المصلّي و ذلك لأنّ المصلّي لا يستطيع أن يردّ السّلام، لأنّ التسليم من المسلّم تطوّع و الردّ عليه فريضة، و لا على آكل الربا، و لا على رجل جالس على غائط، و لا على الذي في الحمّام، و لا على الفاسق المعلن بفسقه. (2)

أقول:

و في ح 32: «نهى أن يسلّم على من يعمل التماثيل» و في ح 33: «و على المتفكّهين بسبّ الامّهات» و في ح 42: «و السّلام على اللاهي بالشطرنج كفر» و في ح 43:

«السّلام على اللاهي بالشطرنج معصية، و كبيرة موبقة. . . و السّلام على اللاهي بها في حالته تلك في الإثم سواء» .

22-. . . قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: السّلام تحيّة لملّتنا و أمان لذمّتنا. . . (3)

23-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أ لا اخبركم بخير أخلاق أهل الدنيا و الآخرة؟ قالوا: بلى يا رسول اللّه، فقال: إفشاء السّلام في العالم. . . (4)

24-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أ لا أدلّكم على أكسل الناس و أسرق الناس و أبخل الناس و أجفى الناس و أعجز الناس؟ قالوا: بلى يا رسول اللّه، قال: أمّا أبخل الناس فرجل يمرّ بمسلم فلا يسلّم عليه، و أمّا أكسل الناس عبد صحيح فارغ لا يذكر اللّه بشفة و لا بلسان، و أمّا أسرق الناس فالذي يسرق من صلاته تلفّ

ص:192


1- -البحار ج 76 ص 4 باب إفشاء السّلام ح 13
2- البحار ج 76 ص 9 ح 35
3- البحار ج 76 ص 12 ح 46
4- البحار ج 76 ص 12 ح 50

كما يلفّ الثوب الخلق فيضرب بها وجهه، و أمّا أجفى الناس فرجل ذكرت بين يديه فلم يصلّ عليّ، و أمّا أعجز الناس فمن عجز عن الدعاء. (1)

أقول:

قد مرّ في باب الإيمان، أنّ من حقوق المؤمن السّلام إذا لقيه.

و مرّ في باب المسكن عن عليّ عليه السّلام: إذا دخل أحدكم منزله فليسلّم على أهله، يقول: «السّلام عليكم» فإن لم يكن له أهل، فليقل: «السّلام علينا من ربّنا» .

ص:193


1- -الاثنى عشرية ص 204 ب 5 ف 3

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393736352C22426F6F6B4944223A31363732302C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3139342C2253686F77506167654E756D223A22313934222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030332F424B31353931344730303353312F424B3135393134473030335331503139342E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

92- الافتتاح بالتسمية

الأخبار

1-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا تدع بِسْمِ اَللّهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ و إن كان بعده شعر. (1)

2-عن الحسن العسكريّ عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: بِسْمِ اَللّهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ فقال: اللّه هو الذي يتألّه إليه عند الحوائج و الشدائد كلّ مخلوق عند انقطاع الرجاء من كلّ من هو دونه. . .

ثمّ قال الصادق عليه السّلام: و لربما ترك بعض شيعتنا في افتتاح أمره بِسْمِ اَللّهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ فيمتحنه اللّه بمكروه لينبّهه على شكر اللّه تبارك و تعالى و الثناء عليه و يمحق عنه و صمة تقصيره عند تركه قول بِسْمِ اَللّهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ . . . (2)

3-عن الرضا عليّ بن موسى عليه السّلام أنّه قال: إنّ بِسْمِ اَللّهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ . . . 2

3-عن الرضا عليّ بن موسى عليه السّلام أنّه قال: إنّ بِسْمِ اَللّهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ أقرب إلى اسم اللّه الأعظم من سواد العين إلى بياضها.

و قال الرضا عليه السّلام: كان أبي عليه السّلام إذا خرج من منزله قال: «بسم اللّه الرحمن الرحيم خرجت بحول اللّه و قوّته لا بحولي و قوّتي بل بحولك و قوّتك يا ربّ

ص:195


1- -الكافي ج 2 ص 493( في أواخر كتاب العشرة)
2- توحيد الصدوق رحمه اللّه ص 230 باب معنى بسم اللّه ح 5

متعرّضا به لرزقك فأتني به في عافية» . (1)

4-عن فرات بن أحنف عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سمعته يقول: أوّل كلّ كتاب نزل من السماء بِسْمِ اَللّهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ فإذا قرأت بِسْمِ اَللّهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ فلا تبالي أن لا تستعيذ، و إذا قرأت بِسْمِ اَللّهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ سترتك فيما بين السماء و الأرض. (2)

5-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا توضّأ أحدكم و لم يسمّ كان للشيطان في وضوئه و صلاته شرك، و إن أكل أو شرب أو لبس و كلّ شيء صنعه ينبغي له أن يسمّي عليه، فإن لم يفعل كان للشيطان فيه شرك. (3)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة، لاحظ أبواب الأكل، الجماع، آداب الخلاء، الشيطان، الماء و. . .

6-عن الحسن بن عليّ العسكريّ عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام (في حديث) أنّ رجلا قال له: إن رأيت أن تعرّفني ذنبي الذي امتحنت به في هذا المجلس، فقال:

تركك حين جلست أن تقول: بِسْمِ اَللّهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حدّثني عن اللّه عزّ و جلّ أنّه قال: كلّ أمر ذي بال لا يذكر بسم اللّه فيه فهو أبتر. (4)

أقول:

في كنز العمّال خ 2491 عن النبيّ (ص) : كلّ أمر ذي بال لا يبدأ فيه ب بِسْمِ اَللّهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ أقطع.

ص:196


1- -العيون ج 2 ص 5 ب 30 ح 11
2- الوسائل ج 6 ص 59 ب 11 من القراءة في الصلاة ح 8
3- الوسائل ج 7 ص 170 ب 17 من الذكر ح 3
4- الوسائل ج 7 ص 170 ح 4

بيان: في النهاية ج 1 ص 93: «الأبتر» أي أقطع، و البتر القطع.

و في مجمع البحرين، الأبتر: المقطوع الذنب، يقال: بتر الشيء بترا من باب قتل:

قطعه قبل الإتمام. «ذي بال» : أي ذي شأن و خطر يهتمّ به.

7-قال أبو الحسن الثالث عليه السّلام لداود الصرميّ: . . . يا داود، لو قلت إنّ تارك التسمية كتارك الصلاة، لكنت صادقا. (1)

8-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، أنّه إذا قال المعلّم للصبيّ: قل بِسْمِ اَللّهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ فقال الصبيّ: بِسْمِ اَللّهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ كتب اللّه براءة للصبيّ، و براءة لأبويه، و براءة للمعلّم. (2)

9-عن ابن مسعود عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: من أراد أن ينجيه اللّه من الزبانية (التسعة عشر م) فليقرء بِسْمِ اَللّهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ (فإنّها) تسعة عشر حرفا، ليجعل اللّه كلّ حرف منها جنّة من واحد منهم. (3)

10-و عنه عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: من قرء بِسْمِ اَللّهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ كتب اللّه له بكلّ حرف أربعة ألاف حسنة، و محى عنه أربعة آلاف سيّئة و رفع له أربعة آلاف درجة. (4)

11-و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إذا قال العبد عند منامه: بِسْمِ اَللّهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ يقول اللّه: ملائكتي اكتبوا (بالحسنات) نفسه إلى الصباح. (5)

12-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من توضّأ فذكر اسم اللّه، طهر جميع جسده، و كان الوضوء إلى الوضوء كفّارة لما بينهما من الذنوب،

ص:197


1- -البحار ج 76 ص 50 باب التكاتب ح 6
2- البحار ج 92 ص 257 باب فضائل سورة الفاتحة ح 52
3- البحار ج 92 ص 257 ح 52( جامع الأخبار ص 42 ف 22)
4- البحار ج 92 ص 257
5- البحار ج 92 ص 257

و من لم يسمّ لم يطهر من جسده إلاّ ما أصابه الماء. (1)

13-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: اغلقوا أبواب المعصية بالاستعاذة، و افتحوا أبواب الطاعة بالتسمية. (2)

14-و قال صلّى اللّه عليه و آله: لا يردّ دعاء أوّله: بسم اللّه الرحمن الرحيم. (3)

15-عن خالد بن المختار قال: سمعت جعفر بن محمّد عليهما السّلام يقول: ما لهم قاتلهم اللّه، عمدوا إلى أعظم آية في كتاب اللّه، فزعموا أنّها بدعة إذا أظهروها، و هي: بِسْمِ اَللّهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ (4)

16-قال الصادق عليه السّلام: بِسْمِ اَللّهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ اسم اللّه الأكبر، أو قال: الأعظم.

و برواية ابن عباس قال صلّى اللّه عليه و آله: بِسْمِ اَللّهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ اسم من أسماء اللّه الأكبر، و ما بينه و بين اسم اللّه الأكبر، إلاّ كما بين سواد العين و بياضها. (5)

ص:198


1- -ثواب الأعمال ص 30 باب ثواب من ذكر اسم اللّه على وضوئه ح 1
2- المستدرك ج 5 ص 304 ب 16 من الذكر ح 4
3- المستدرك ج 5 ص 304 ح 5
4- المستدرك ج 4 ص 166 ب 8 من القرائة ح 7
5- نور الثقلين ج 1 ص 8 (الحمد) ح 22 و 23

93- الأسماء و الألقاب و الكنى

اشارة

قال اللّه تعالى: . . . وَ لا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ اَلاِسْمُ اَلْفُسُوقُ بَعْدَ اَلْإِيمانِ وَ مَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ هُمُ اَلظّالِمُونَ. (1)

الأخبار

1-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ للولد على الوالد حقّا. . . و حقّ الولد على الوالد أن يحسّن اسمه، و يحسّن أدبه، و يعلّمه القرآن. (2)

2-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا سمّيتم الولد محمّدا، فأكرموا و أوسعوا له في المجالس، و لا تقبّحوا له وجها. (3)

3-و بهذا الإسناد قال: و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما من مائدة وضعت و حضر عليها من اسمه أحمد و محمّد إلاّ قدّس ذلك المنزل في كلّ يوم مرّتين. (4)

4-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: سمّوا أسقاطكم، فإنّ

ص:199


1- -الحجرات:11
2- نهج البلاغة ص 1274 ح 391
3- العيون ج 2 ص 28 ب 31 ح 29
4- العيون ج 2 ص 28 ح 31

الناس إذا دعوا يوم القيامة بأسمائهم تعلّق الأسقاط بآبائهم فيقولون: لم لم تسمّونا؟ ! . . . (1)

5-عن موسى بن بكر عن أبي الحسن عليه السّلام قال: أوّل ما يبرّ الرجل ولده أن يسمّيه باسم حسن، فليحسن أحدكم اسم ولده. (2)

6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: استحسنوا أسماءكم فإنّكم تدعون بها يوم القيامة؛ قم يا فلان بن فلان إلى نورك، و قم يا فلان بن فلان لا نور لك. (3)

7-عن جعفر عن آبائه عليهم السّلام: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يغيّر الأسماء القبيحة في الرجال و البلدان. (4)

8-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: أصدق الأسماء ما سمّي بالعبوديّة، و أفضلها أسماء الأنبياء. (5)

9-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا يولد لنا ولد إلاّ سمّيناه محمّدا، فإذا مضى سبعة أيّام فإن شئنا غيّرنا و إلاّ تركنا. (6)

10-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: من ولد له أربعة أولاد لم يسمّ أحدهم باسمي فقد جفاني. (7)

ص:200


1- -الوسائل ج 21 ص 388 ب 21 من أحكام الأولاد ح 2
2- الوسائل ج 21 ص 388 ب 22 ح 1
3- الوسائل ج 21 ص 389 ح 2
4- الوسائل ج 21 ص 390 ح 6
5- الوسائل ج 21 ص 391 ب 23 ح 1
6- الوسائل ج 21 ص 392 ب 24 ح 1
7- الوسائل ج 21 ص 392 ح 2

أقول:

في ح 5، قال صلّى اللّه عليه و آله: «من ولد له ثلاث بنين و لم يسمّ أحدهم محمّدا فقد جفاني» .

11-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام (في حديث) أنّه قال لابن صغير:

ما اسمك؟ قال: محمّد، قال: بم تكنّى؟ قال: بعليّ، فقال أبو جعفر عليه السّلام: لقد احتظرت من الشيطان احتظارا شديدا، إنّ الشيطان إذا سمع مناديا ينادي: يا محمّد، أو يا عليّ، ذاب كما يذوب الرصاص، حتّى إذا سمع مناديا ينادي باسم عدوّ من أعدائنا اهتزّ و اختال. (1)

بيان:

«احتظر» : بمعنى حظر، و حظره الشيء: منعه و حجره، و حظر الشيء: حازه و كأنّه منعه عن غيره. «الرصاص» يقال بالفارسيّة: سرب يا قلع.

12-عن أبي هارون قال: كنت جليسا لأبي عبد اللّه عليه السّلام بالمدينة ففقدني أيّاما، ثمّ إنّي جئت إليه فقال: لم أرك منذ أيّام يا أبا هارون؟ فقلت: ولد لي غلام، فقال: بارك اللّه لك، فما سميّته؟ قلت: سمّيته محمّدا، فأقبل بخدّه نحو الأرض و هو يقول: محمّد محمّد محمّد، حتّى كاد يلصق خدّه بالأرض، ثمّ قال: بنفسي و بولدي و بأهلي و بأبويّ و بأهل الأرض كلّهم جميعا الفداء لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، لا تسبّه و لا تضربه و لا تسيء إليه، و اعلم أنّه ليس في الأرض دار فيها اسم محمّد إلاّ و هي تقدّس كلّ يوم. . . (2)

13-عن الرضا عن أبائه عليهم السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: ما من قوم كانت لهم مشورة فحضر من اسمه محمّد أو أحمد فأدخلوه في مشورتهم إلاّ كان خيرا لهم. (3)

ص:201


1- -الوسائل ج 21 ص 393 ح 3
2- الوسائل ج 21 ص 393 ح 4
3- الوسائل ج 21 ص 394 ح 8

أقول:

في البحار ج 75 ص 98 و ج 104 ص 128: «من اسمه محمّد أو حامد أو محمود أو أحمد فأدخلوه. . .» و لعلّه سقط في الطبع.

14-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام عن ابن عبّاس قال: إذا كان يوم القيامة نادى مناد: ألا ليقم كلّ من اسمه محمّد فليدخل الجنّة لكرامة سميّه محمّد صلّى اللّه عليه و آله. (1)

15-استعمل معاوية مروان بن الحكم على المدينة و أمره أن يفرض لشباب قريش، ففرض لهم، فقال عليّ بن الحسين عليهما السّلام، فأتيته فقال: ما اسمك؟ فقلت: عليّ بن الحسين، فقال: ما اسم أخيك؟ فقلت: عليّ، فقال: عليّ و عليّ، ما يريد أبوك أن يدع أحدا من ولده إلاّ سماّه عليّا؟ ! ثمّ فرض لي، فرجعت إلى أبي فأخبرته، فقال: و يلي على ابن الزرقاء دبّاغة الأدم، لو ولد لي مائة لأحببت أن لا اسمّي أحدا منهم إلاّ عليّا. (2)

بيان:

في أقرب الموارد، «أن يفرض» : فرض له في الديوان، رسم له فيه شيئا معلوما و أثبت رزقه فيه.

16-عن سليمان الجعفريّ قال: سمعت أبا الحسن عليه السّلام يقول: لا يدخل الفقر بيتا فيه اسم محمّد أو أحمد أو عليّ أو الحسن أو الحسين أو جعفر أو طالب أو عبد اللّه أو فاطمة من النساء. (3)

17-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: جاء رجل إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال: ولد لي

ص:202


1- -الوسائل ج 21 ص 395 ح 10
2- الوسائل ج 21 ص 395 ب 25 ح 1
3- الوسائل ج 21 ص 396 ب 26 ح 1

غلام، فما ذا أسمّيه؟ قال: بأحبّ الأسماء إليّ: حمزة. (1)

18-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من السنّة و البرّ أن يكنّى الرجل باسم ابنه. (2)

19-عن السكونيّ قال: دخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام و أنا مغموم مكروب فقال لي: يا سكونيّ، ما غمّك؟ فقلت: ولدت لي ابنة، فقال: يا سكونيّ، على الأرض ثقلها و على اللّه رزقها، تعيش في غير أجلك و تأكل من غير رزقك، فسرّى و اللّه عنّي، فقال: ما سمّيتها؟ قلت: فاطمة، قال: آه آه آه، ثمّ وضع يده على جبهته. . . ثمّ قال: قال لي: أما إذا سمّيتها فاطمة، فلا تسبّها و لا تلعنها و لا تضربها. (3)

بيان:

في المرآة ج 21 ص 85، «فسرّى. . .» : أي انكشف الغمّ عنّي.

20-عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: إنّ أبا ذرّ، قال لرجل على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا بن السوداء، قال: فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: تعيّره بامّه! قال: فلم يزل يمرّغ رأسه و وجهه بالتراب، حتّى رضي عنه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله. (4)

21-قيل لأبي عبد اللّه عليه السّلام: جعلت فداك، إنّا نسمّي بأسمائكم و أسماء آبائكم فينفعنا ذلك؟ فقال: إي و اللّه و هل الدين إلاّ الحبّ؟ قال اللّه: إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اَللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اَللّهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ 5 (5).

ص:203


1- -الوسائل ج 21 ص 396 ح 2
2- الوسائل ج 21 ص 397 ب 27 ح 2
3- الوسائل ج 21 ص 482 ب 87 ح 1
4- المستدرك ج 15 ص 133 ب 21 من أحكام الأولاد
5- البحار ج 104 ص 130 باب الأسماء و الكنى ح 19

22-قال أبو الحسن موسى عليه السّلام (و هو في المهد) ليعقوب بن السرّاج بلسان فصيح: اذهب فغيّر اسم ابنتك التي سمّيتها أمس، فإنّه اسم يبغضه اللّه، و كان ولدت لي ابنة سمّيتها بالحميراء. (1)

ص:204


1- -الكافي ج 1 ص 247 باب النصّ على أبي الحسن موسى عليه السّلام في ح 11

94- من سنّ سنّة

الأخبار

1-عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: من علّم خيرا فله مثل أجر من عمل به، قلت: فإن علّمه غيره يجري ذلك له؟ قال: إن علّمه الناس كلّهم جرى له، قلت: فإن مات؟ قال: و إن مات. (1)

2-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: من علّم باب هدى فله مثل أجر من عمل به و لا ينقص اولئك من اجورهم شيئا، و من علّم باب ضلال كان عليه مثل أوزار من عمل به و لا ينقص أولئك من أوزارهم شيئا. (2)

3-عن فضيل بن عياض قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الجهاد أسنّة هو أم فريضة؟ فقال: الجهاد على أربعة أوجه: . . . و أمّا الجهاد الذي هو سنّة فكلّ سنّة أقامها الرجل و جاهد في إقامتها و بلوغها و إحيائها فالعمل و السعي فيها من أفضل الأعمال، لأنّها إحياء سنّة، و قد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من سنّ سنّة حسنة فله أجرها و أجر من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص

ص:205


1- -الكافي ج 1 ص 27 باب ثواب العالم ح 3
2- الكافي ج 1 ص 27 ح 4

من أجورهم شيء. (1)

4-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: الدالّ على الخير كفاعله. (2)

5-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا يتكلّم الرجل بكلمة حقّ يؤخذ بها إلاّ كان له مثل أجر من أخذ بها، و لا يتكلّم بكلمة ضلال يؤخذ بها إلاّ كان عليه مثل وزر من أخذ بها. (3)

6-قال الصادق جعفر بن محمّد عليه السّلام: ليس يتبع الرجل بعد موته من الأجر إلاّ ثلاث خصال: صدقة أجراها في حياته فهي تجري بعد موته، و سنّة هدى سنّها فهي يعمل بها بعد موته، و ولد صالح يستغفر له. (4)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر.

7-عن إسماعيل الجعفي قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: من استنّ بسنّة عدل فاتّبع كان له أجر من عمل بها من غير أن ينتقص من أجورهم شيء، و من استنّ سنّة جور فاتّبع كان عليه مثل وزر من عمل به من غير أن ينتقص من أوزارهم شيء. (5)

8-عن إسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما من مؤمن سنّ على نفسه سنّة حسنة أو شيئا من الخير ثمّ حال بينه و بين ذلك حائل إلاّ كتب اللّه له ما أجرى على نفسه أيّام الدنيا. (6)

ص:206


1- -الوسائل ج 15 ص 24 ب 5 من جهاد العدوّ ح 1
2- الوسائل ج 16 ص 173 ب 16 من الأمر و النهي ح 3
3- الوسائل ج 16 ص 173 ح 4
4- الوسائل ج 16 ص 174 ح 6
5- الوسائل ج 16 ص 174 ح 7
6- الوسائل ج 16 ص 175 ح 10

9-عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال: أظلم الناس من سنّ سنن الجور و محا سنن العدل. (1)

10-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يجيء الرجل يوم القيامة و له من الحسنات كالسحاب الركام أو كالجبال الرواسي فيقول:

يا ربّ، أنّى لي هذا و لم أعملها؟ فيقول: هذا علمك الذي علّمته الناس يعمل به من بعدك. (2)

بيان:

«الركام» : الضخم المتراكم بعضه فوق بعض.

11-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ستّ خصال ينتفع بها المؤمن بعد موته:

ولد صالح يستغفر له، و مصحف يقرأ منه، و قليب يحفره، و غرس يغرسه، و صدقة ماء يجريه، و سنّة حسنة يؤخذ بها بعده. (3)

بيان:

«القليب» : البئر.

ص:207


1- -المستدرك ج 12 ص 231 ب 15 من الأمر و النهي ح 13
2- البحار ج 2 ص 18 ب 8 من العلم ح 44
3- البحار ج 71 ص 257 باب ثواب من سنّ سنّة حسنة ح 2

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393736372C22426F6F6B4944223A31363732302C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3230382C2253686F77506167654E756D223A22323038222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030332F424B31353931344730303353312F424B3135393134473030335331503230382E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

95- الأخذ بالسنّة

اشارة
الآيات

1- . . . وَ أْتُوا اَلْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها. . . (1)

2- . . . وَ ما آتاكُمُ اَلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَ اِتَّقُوا اَللّهَ إِنَّ اَللّهَ شَدِيدُ اَلْعِقابِ. (2)

الأخبار

1-عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: ترد علينا أشياء ليس نعرفها في كتاب اللّه و لا سنّة فننظر فيها؟ قال: لا أما إنّك إن أصبت لم توجر، و إن أخطات كذبت على اللّه عزّ و جلّ. (3)

بيان:

«السنّة» في اللغة: الطريقة و السيرة، و في الشرع: الطريقة المنسوبة إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قولا و فعلا و تقريرا، بلغتنا من طريق الحديث المرويّ عنه صلّى اللّه عليه و آله أم عن الأئمّة عليهم السّلام،

ص:209


1- -البقرة:189
2- الحشر:7
3- الكافي ج 1 ص 46 باب البدع ح 11

و قد يراد بالسنّة الحديث المرويّ عن المعصوم عليه السّلام مقابل الكتاب.

2-عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: من خالف كتاب اللّه و سنّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله فقد كفر. (1)

3-عن جعفر عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

لا قول إلاّ بعمل، و لا قول و لا عمل إلاّ بنيّة، و لا قول و لا عمل و لا نيّة إلاّ بإصابة السنّة. (2)

4-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام قال: السنّة سنّتان:

سنّة في فريضة الأخذ بها هدى و تركها ضلالة، و سنّة في غير فريضة الأخذ بها فضيلة و تركها إلى غير خطيئة. (3)

بيان:

«في غير فريضة» أي المستحبّة.

5-قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام: إنّ أفضل الأعمال عند اللّه ما عمل بالسنّة و إن قلّ. (4)

6-في رسالة الصادق عليه السّلام إلى أصحابه. . . و قال: أيّتها العصابة الحافظ اللّه لهم أمرهم، عليكم بآثار رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سنّته، و آثار الأئمّة الهداة من أهل بيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من بعده و سنّتهم، فإنّه من أخذ بذلك فقد اهتدى، و من ترك ذلك و رغب عنه ضلّ، لأنّهم هم الذين أمر اللّه بطاعتهم و ولايتهم، و قد قال أبونا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: المداومة على العمل في اتّباع الآثار و السنن و إنّ قلّ، أرضى للّه و أنفع عنده في العاقبة، من الاجتهاد في البدع و اتّباع الأهواء، ألا إنّ اتّباع الأهواء

ص:210


1- -الكافي ج 1 ص 56 باب الأخذ بالسنّة ح 6
2- الكافي ج 1 ص 56 ح 9
3- الكافي ج 1 ص 56 ح 12
4- الكافي ج 1 ص 56 ح 7

و اتّباع البدع بغير هدى من اللّه ضلال، و كلّ ضلالة بدعة، و كلّ بدعة في النار. . . (1)

7-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: . . . فإنّ الناس رجلان: متّبع شرعة و مبتدع بدعة، ليس معه من اللّه برهان سنّة و لا ضياء حجّة. . . (2)

8-عن أبي اسامة قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام فسأله رجل من المغيريّة عن شيء من السنن، فقال عليه السّلام: ما من شيء يحتاج إليه أحد من ولد آدم إلاّ و قد جرت فيه من اللّه و من رسوله سنّة، عرفها من عرفها و أنكرها من أنكرها. . . (3)

9-عن مرازم بن حكيم قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: من خالف سنّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله فقد كفر. (4)

10-قال الصادق عليه السّلام: كذب من زعم أنّه يعرفنا، و هو مستمسك بعروة غيرنا. (5)

11-عن الفضيل بن يسار قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: كلّ ما لم يخرج من هذا البيت فهو باطل. (6)

12-عن كميل عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال في وصيّته إليه: يا كميل، إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أدّبه اللّه عزّ و جلّ، و هو أدّبني، و أنا أؤدّب المؤمنين، و أورّث الأدب المكرمين.

ص:211


1- -الكافي ج 8 ص 8 ح 1
2- نهج البلاغة ص 573 في خ 175
3- العلل ج 1 ص 276 ب 184 ح 4( البحار ج 80 ص 164)
4- مشكوة الأنوار ص 151 ب 3 ف 12( المحاسن ص 220)
5- الوسائل ج 27 ص 129 ب 10 من صفات القاضي ح 16
6- الوسائل ج 27 ص 130 ح 18

يا كميل، ما من علم إلاّ و أنا أفتحه، و ما من شيء إلاّ و القائم عليه السّلام يختمه.

يا كميل، ذرّيّة بعضها من بعض و اللّه سميع عليم.

يا كميل، لا تأخذ إلاّ عنّا تكن منّا.

يا كميل، ما من حركة إلاّ و أنت محتاج فيها الى معرفة. . . (1)

13-قال أبو إسحق النحويّ: دخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال: إنّ اللّه أدّب نبيّه صلّى اللّه عليه و آله على محبّته فقال: وَ إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ 2 ثمّ فوّض إليه و قال:

وَ ما آتاكُمُ اَلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا 3 و مَنْ يُطِعِ اَلرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اَللّهَ 4 و إنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه و آله فوّض إلى عليّ عليه السّلام و أثبته، فسلّمتم و جحد الناس، فو اللّه ليحبّكم أن تقولوا إذا قلنا، و أن تصمتوا إذا صمتنا، و نحن فيما بينكم و بين اللّه، و اللّه ما جعل اللّه لأحد من خير في خلاف أمرنا. (2)

أقول:

الأخبار بهذا المعنى كثيرة جدّا، راجع الكافي ج 1 و بصائر الدرجات ص 378 إلى 387 الجزء 8 ب 4 و 5 و البحار ج 25 ص 328.

14-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: عليكم بسنّة، فعمل قليل في سنّة خير من عمل كثير في بدعة. (3)

15-عن أبي جعفر عن أبيه عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من تمسّك

ص:212


1- -المستدرك ج 17 ص 267 ب 7 من صفات القاضي ح 1(تحف العقول ص 119)
2- المستدرك ج 17 ص 272 ح 17
3- البحار ج 2 ص 261 ب 32 من العلم ح 3

بسنّتي في اختلاف امّتي كان له أجر مائة شهيد. (1)

16-عن هشام عن الصادق عليه السّلام قال: امر إبليس بالسجود لآدم فقال:

يا ربّ، و عزّتك إن أعفيتني من السجود لآدم لأعبدنّك عبادة ما عبدك أحد قطّ مثلها، قال اللّه جلّ جلاله: إنّي احبّ أن اطاع من حيث اريد. (2)

17-عن صفوان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من بلغه شيء من الثواب على شيء من الخير، فعمله، كان له أجر ذلك و إن كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لم يقله. (3)

18-عن محمّد بن مروان قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: من بلغه ثواب من اللّه على عمل فعمل ذلك العمل التماس ذلك الثواب، أوتيه و إن لم يكن الحديث كما بلغه. (4)

بيان:

قال رحمه اللّه: هذا الخبر من المشهورات، رواه الخاصّة و العامّة بأسانيد.

و في الوافي: و ذلك لأنّ الأعمال الجسمانيّة لا قدر لها عند اللّه إلاّ بالنيّات القلبيّة، و من يعمل بما سمع أنّه عبادة فإنّما يعمل به طاعة للّه و انقيادا لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فيكون عمله مشتملا على نيّة التقرّب و هيئة التسليم و إن كان نسبته إلى الرسول صلّى اللّه عليه و آله خطأ. . .

أقول: لورود هذه الأخبار أصحابنا رحمهم اللّه كثيرا ما يستدلّون بالأخبار الضعيفة على السنن و الآداب، و يحكمون بها بالاستحباب و الكراهة. لكن يشكل اثبات الأحكام الشرعيّة بهذه الأخبار سوى ترتّب الثواب، لأنّ الاستحباب أيضا

ص:213


1- -البحار ج 2 ص 262 ح 6
2- البحار ج 2 ص 262 ح 5
3- البحار ج 2 ص 256 ب 30 من العلم ح 1
4- البحار ج 2 ص 256 ح 4- الكافي ج 2 ص 71 باب من بلغه ثواب من اللّه على عمل ح 2

حكم شرعيّ كالوجوب، فلا وجه للفرق بينهما.

19-قال الصادق عليه السّلام: ما أتى جبرئيل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلاّ كئيبا حزينا و لم يزل كذلك منذ أهلك اللّه فرعون، فلمّا أمره اللّه بنزول هذه الآية: آلْآنَ وَ قَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَ كُنْتَ مِنَ اَلْمُفْسِدِينَ نزل عليه و هو ضاحك مستبشر.

فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما أتيتني يا جبرئيل، إلاّ و تبيّنت الحزن في وجهك حتّى الساعة؟ قال: يا محمّد، لمّا أغرق اللّه فرعون قال: آمنت أنّه لا إله إلاّ اللّه الذي آمنت به بنو إسرائيل و أنا من المسلمين، فأخذت حمأة فوضعتها في فيه، ثمّ قلت له: آلْآنَ وَ قَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَ كُنْتَ مِنَ اَلْمُفْسِدِينَ و عملت ذلك من غير أمر اللّه خفت أن تلحقه الرحمة من اللّه و يعذّبني على ما فعلت فلمّا كان الآن و أمرني اللّه أن أؤدّي إليك ما قلته أنا لفرعون أمنت و علمت أنّ ذلك كان للّه رضى. (1)

بيان:

في القاموس، «الحمأة» : الطين الأسود المنتن.

أقول: الأخبار في الباب كثيرة ذكرنا بعضها، و قد مرّ بعضها في أبواب البدعة، الحديث، و. . .

ص:214


1- -تفسير القمّيّ ج 1 ص 316( يونس:91)

96- إكرام السادات

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من صنع إلى أحد من أهل بيتي يدا كافأته به يوم القيامة. (1)

2-قال الصادق عليه السّلام: إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أيّها الخلائق أنصتوا فإنّ محمّدا صلّى اللّه عليه و آله يكلّمكم، فتنصت الخلائق، فيقوم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فيقول: يا معشر الخلائق، من كانت له عندي يد أو منّة أو معروف فليقم حتّى اكافئه، فيقولون:

بآبائنا و امّهاتنا و أيّ يد و أيّ منّة، و أيّ معروف لنا، بل اليد و المنّة و المعروف للّه و لرسوله على جميع الخلائق.

فيقول لهم: بلى من آوى أحدا من أهل بيتي، أو برّهم، أو كساهم من عري، أو أشبع جائعهم فليقم حتّى اكافئه، فيقوم اناس قد فعلوا ذلك، فيأتي النداء من عند اللّه تعالى: يا محمّد، يا حبيبي، قد جعلت مكافأتهم إليك، فأسكنهم من الجنّة حيث شئت، قال: فيسكنهم في الوسيلة حيث لا يحجبون عن محمّد و أهل بيته عليهم السّلام. (2)

ص:215


1- -الوسائل ج 16 ص 332 ب 17 من فعل المعروف ح 1
2- الوسائل ج 16 ص 333 ح 3

3-عن عليّ بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أربعة أنا الشفيع لهم يوم القيامة، و لو أتوني بذنوب أهل الأرض:

معين أهل بيتي، و القاضي لهم حوائجهم عند ما اضطرّوا إليه، و المحبّ لهم بقلبه و لسانه، و الدافع (المكروه ف ن) عنهم بيده. (1)

4-عن عليّ بن موسى (موسى بن جعفر م) عن آبائه عليهم السّلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: أيّما رجل اصطنع إلى رجل من ولدي صنيعة فلم يكافئه عليها، فأنا المكافىء له عليها. (2)

5-عن عليّ بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أربعة أنا لهم شفيع يوم القيامة: المكرم لذرّيّتي من بعدي، و القاضي لهم حوائجهم، و الساعي لهم في أمورهم عند ما اضطرّوا إليه، و المحبّ لهم بقلبه و لسانه. (3)

6-عن أبي جعفر الباقر عن أبيه عن جدّه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

من أراد التوسّل إليّ، و أن يكون له عندي يد أشفع له بها يوم القيامة، فليصل أهل بيتي، و يدخل السرور عليهم. (4)

7-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من وصل أحدا من أهل بيتي في دار الدنيا بقيراط كافأته (يوم القيامة) بقنطار. (5)

بيان:

«القيراط» : الشيء اليسير، و نصف عشر من الدينار. . . «القنطار» : المال الكثير.

ص:216


1- -الوسائل ج 16 ص 333 ح 4
2- الوسائل ج 16 ص 333 ح 5
3- الوسائل ج 16 ص 334 ح 6
4- الوسائل ج 16 ص 334 ح 7
5- الوسائل ج 16 ص 335 ح 8

8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من وصلنا وصل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و من وصل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقد وصل اللّه تبارك و تعالى. (1)

9-الشيخ الأقدم الحسن بن محمّد القميّ في كتاب تاريخ قم: رويت عن مشايخ قم: أنّ الحسين بن الحسن بن الحسين بن جعفر بن محمّد بن إسماعيل بن جعفر الصادق عليه السّلام كان بقم يشرب علانية، فقصد يوما لحاجة إلى باب أحمد بن إسحاق الأشعريّ، و كان وكيلا في الأوقاف بقم، فلم يأذن له، فرجع إلى بيته مهموما، فتوجّه أحمد بن إسحاق إلى الحجّ، فلمّا بلغ سرّ من رأى، فاستأذن على أبي محمّد العسكريّ عليه السّلام فلم يأذن له، فبكى أحمد طويلا و تضرّع حتّى أذن له.

فلمّا دخل قال: يا بن رسول اللّه، لم منعتني الدخول عليك، و أنا من شيعتك و مواليك؟ قال عليه السّلام: لأنّك طردت ابن عمّنا عن بابك، فبكى أحمد و حلف باللّه أنّه لم يمنعه من الدخول عليه إلاّ لأن يتوب من شرب الخمر، قال: صدقت، و لكن لا بدّ من إكرامهم و احترامهم على كلّ حال، و أن لا تحقّرهم و لا تستهين بهم لا نتسابهم إلينا فتكون من الخاسرين.

فلمّا رجع أحمد إلى قم، أتاه أشرافهم و كان الحسين معهم، فلمّا رآه أحمد وثب إليه و استقبله و أكرمه و أجلسه في صدر المجلس، فاستغرب الحسين ذلك منه و استبدعه، و سأله عن سببه فذكر له ما جرى بينه و بين العسكريّ عليه السّلام في ذلك، فلمّا سمع ذلك ندم من أفعاله القبيحة و تاب منه، و رجع إلى بيته و أهرق الخمور و كسر آلاتها، و صار من الأتقياء المتورّعين و الصلحاء المتعبّدين، و كان ملازما للمساجد و معتكفا فيها حتّى أدركه الموت. (2)

ص:217


1- -الوسائل ج 16 ص 336 ح 10
2- المستدرك ج 12 ص 374 ب 17 من فعل المعروف ح 4

أقول:

في البحار ج 50 ص 323 مثله، و زاد: حتّى أدركه الموت، و دفن قريبا من مزار فاطمة عليها السّلام.

10-و عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال:

قال جدّنا محمّد صلّى اللّه عليه و آله: إنّي سأشفع في يوم القيامة لأربع طوائف، و لو كان لهم مثل ذنوب أهل الدنيا: الأوّل، من سلّ سيفه لذرّيتي و نصرهم، الثانية؛ من أعانهم في حال فقرهم وفاقتهم بما يقدر عليه من المال، الثالثة؛ من أحبّهم بقلبه و لسانه، الرابعة؛ من قضى حوائجهم إذا اضطرّوا إليها، و سعى فيها. (1)

11-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: حقّت شفاعتي لمن أعان ذرّيّتي بيده و لسانه و ماله. (2)

12-و قال صلّى اللّه عليه و آله: أكرموا أولادي و حسّنوا آدابي. (3)

13-و قال صلّى اللّه عليه و آله: أحبّوا (أكرموا م) أولادي، الصالحون للّه، و الطالحون لي. (4)

14-و قال صلّى اللّه عليه و آله: من أكرم أولادي فقد أكرمني. (5)

15-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا تدعوا صلة آل محمّد عليهم السّلام من أموالكم، من كان غنيّا فعلى قدر غناه و من كان فقيرا فعلى قدر فقره، و من أراد أن يقضي اللّه له أهمّ الحوائج إلى اللّه، فليصل آل محمّد عليهم السّلام و شيعتهم، بأحوج ما يكون إليه

ص:218


1- -المستدرك ج 12 ص 375 ح 5
2- المستدرك ج 12 ص 376 ح 8
3- المستدرك ج 12 ص 376 ح 8
4- المستدرك ج 12 ص 376 ح 8
5- المستدرك ج 12 ص 376 ح 8

من ماله. (1)

16-عن الرضا عليه السّلام قال: النظر إلى ذرّيّتنا عبادة، فقيل له: يا بن رسول اللّه، النظر إلى الأئمّة منكم عبادة، أم النظر إلى جميع ذرّيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله؟ فقال:

بل النظر إلى جميع ذرّيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عبادة. (2)

أقول:

في العيون ج 2 ص 50 ب 31 ح 196 مثله، و زاد في آخره: «ما لم يفارقوا منهاجه، و لم يتلوّثوا بالمعاصي» .

17-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا قمت المقام المحمود تشفّعت في أصحاب الكبائر من امّتي، فيشفّعني اللّه فيهم و اللّه لا تشفّعت فيمن آذى ذرّيّتي. (3)

18-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: بغض عليّ عليه السّلام كفر، و بغض بني هاشم نفاق. (4)

19-عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: عيادة بني هاشم فريضة و زيارتهم سنّة. (5)

20-عن عليّ عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من لم يحبّ عترتي فهو لإحدى ثلاث: إمّا منافق و إمّا لزنية و إمّا امرء حملت به امّه في غير طهر. (6)

21-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: كلّ نسب

ص:219


1- -المستدرك ج 12 ص 382 ح 21
2- البحار ج 96 ص 218 باب مدح الذرّية الطيّبة ح 2
3- البحار ج 96 ص 218 ح 4
4- البحار ج 96 ص 221 ح 11
5- البحار ج 96 ص 234 ح 33
6- البحار ج 27 ص 147 باب أنّ حبّهم علامة طيب الولادة ح 8

و صهر منقطع يوم القيامة سترا من اللّه عليه إلاّ نسبي و سببي. (1)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة.

22-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من رأى أولادي فصلّى عليّ طائعا راغبا زاده اللّه في السمع و البصر. (2)

23-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من رأى أولادي و لم يقم بين يديه فقد جفاني و من جفاني فهو منافق.

و في حديث آخر: من رأى أولادي و لا يقوم قياما تامّا ابتلاه اللّه تعالى ببلاء لا دواء له. (3)

24-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أكرم أولادي فقد أكرمني و من أهانهم فقد أهانني. (4)

25-في ثواب الأعمال عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من زارني أو زار أحدا من ذرّيّتي زرته يوم القيامة فأنقذته من أهوالها.

و في جامع الأخبار عنه صلّى اللّه عليه و آله: من زار واحدا من أولادي في الحيوة و بعد الممات فكأنّما زارني، غفر له ألبتّة. (5)

26-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من أكل الطعام مع أولادي حرم اللّه جسده على النار. (6)

ص:220


1- -البحار ج 25 ص 246 باب في أنّ كلّ نسب و سبب منقطع. . . ح 1
2- القطرة ج 2 ص 74 في فضائل العلويّين ح 1
3- القطرة ج 2 ص 74 ح 3
4- القطرة ج 2 ص 74 ح 5
5- القطرة ج 2 ص 79 ح 18
6- القطرة ج 2 ص 79 ح 20

27-روى العيّاشيّ عن الصادق عليه السّلام أنّه سئل عن قوله تعالى: وَ إِنْ مِنْ أَهْلِ اَلْكِتابِ إِلاّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ 1 فقال: هذه نزلت فينا خاصّة إنّه ليس رجل من ولد فاطمة يموت و لا يخرج من الدنيا حتّى يقرّ للإمام و بإمامته كما أقرّ ولد يعقوب ليوسف حين قالوا: تَاللّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اَللّهُ . (1)

أقول:

سيأتي ما يدلّ على المقام في باب الشفاعة ف 3 و 4.

ص:221


1- القطرة ج 1 ص 322 في ب 14 ح 7(تفسير العياشي ج 1 ص 283)

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393736382C22426F6F6B4944223A31363732302C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3232322C2253686F77506167654E756D223A22323232222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030332F424B31353931344730303353312F424B3135393134473030335331503232322E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

97- السواك

الأخبار

1-عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ما زال جبرئيل يوصيني بالسواك حتّى خفت أن أحفي أو أدرد. (1)

بيان:

«أحفي» : في النهاية ج 1 ص 410، فيه «لزمت السواك حتّى كدت أحفي فمي» أي أستقصي على أسناني فأذهبها بالتسوّك انتهى. و قيل: لعلّ المراد رقّة الأسنان يقال:

حفي الرجل حفا أي رقّت قدمه من كثرة المشي و هنا لمّا أكثر من الاستياك رقّت أسنانه.

«أدرد» : في النهاية ج 2 ص 112، في الحديث «لزمت السواك حتّى خشيت أن يدردني» أي يذهب بأسناني. و الدرد: سقوط الأسنان.

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من سنن المرسلين السواك. (2)

أقول:

في ح 3 عنه عليه السّلام قال: «من أخلاق الأنبياء السواك» و في ح 4 عنه عليه السّلام قال: «ثلاث

ص:223


1- -الوسائل ج 2 ص 5 ب 1 من السواك ح 1
2- الوسائل ج 2 ص 5 ح 2

أعطيهنّ الأنبياء: العطر، و الأزواج، و السواك» .

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: في السواك اثنتا عشرة خصلة: هو من السنّة و مطهّرة للفم، و مجلاة للبصر، و يرضي الربّ، و يذهب بالغمّ (بالبلغم م) و يزيد في الحفظ، و يبيّض الأسنان، و يضاعف الحسنات، و يذهب بالحفر، و يشدّ اللثة، و يشهّي الطعام، و تفرح به الملائكة. (1)

بيان:

في مجمع البحرين، «الحفرة» : صفرة تعلو الأسنان.

4-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام (في حديث المناهي) قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما زال جبرئيل يوصيني بالسواك حتّى ظننت أنّه سيجعله فريضة. (2)

5-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام، قال:

يا عليّ، ثلاثة يزدن في الحفظ، و يذهبن البلغم: اللبان و السواك و قراءة القرآن،

يا عليّ، السواك من السنّة، و مطهّرة للفم، و يجلو البصر، و يرضي الرحمن، و يبيّض الأسنان و يذهب بالحفر، و يشدّ اللثة، و يشهّي الطعام، و يذهب بالبلغم، و يزيد في الحفظ، و يضاعف الحسنات و تفرح به الملائكة. (3)

6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أبو جعفر عليه السّلام: لو يعلم الناس ما في السواك لأباتوه معهم في لحاف. (4)

7-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: لو لا أن أشقّ على امّتي لأمرتهم بالسواك عند وضوء كلّ صلاة. (5)

ص:224


1- -الوسائل ج 2 ص 7 ح 12
2- الوسائل ج 2 ص 9 ح 16
3- الوسائل ج 2 ص 9 ح 17
4- الوسائل ج 2 ص 12 ح 28
5- الوسائل ج 2 ص 17 ب 3 ح 4

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ركعتان بالسواك أفضل من سبعين ركعة بغير سواك. (1)

9-و عنه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لو لا أن أشقّ على امّتي لأمرتهم بالسواك مع كلّ صلاة. (2)

10-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا قمت بالليل فاستك، فإنّ الملك يأتيك فيضع فاه على فيك، فليس من حرف تتلوه و تنطق به إلاّ صعد به إلى السماء، فليكن فوك طيّب الريح. (3)

11-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ أفواهكم طرق القرآن فطهّروها بالسواك. (4)

أقول:

في البحار ج 76 ص 130 باب السواك ح 19، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «أفواهكم طرق من طرق ربّكم فنظّفوها» و ص 138 في ح 48 عنه صلّى اللّه عليه و آله: «طهّروا أفواهكم فإنّها مسالك التسبيح» .

12-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: استاكوا عرضا و لا تستاكوا طولا. (5)

13-عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، أنّه نهى عن السواك بالقصب و الريحان و الرمّان. (6)

ص:225


1- -الوسائل ج 2 ص 19 ب 5 ح 2
2- الوسائل ج 2 ص 19 ح 3
3- الوسائل ج 2 ص 21 ب 6 ح 3
4- الوسائل ج 2 ص 23 ب 7 ح 3
5- المستدرك ج 1 ص 368 ب 6 من السواك ح 1
6- المستدرك ج 1 ص 373 ب 10 ح 5

14-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: شكت الكعبة إلى اللّه ما تلقى من أنفاس المشركين، فأوحى اللّه إليها أن قرّي كعبة، فإنّي أبدّلك بهم قوما يتخلّلون بقضبان الشجر، فلمّا بعث اللّه محمّدا صلّى اللّه عليه و آله أوحى إليه مع جبرئيل بالسواك و الخلال. (1)

15-كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إذا استاك استاك عرضا، و كان يستاك كلّ ليلة ثلاث مرّات: مرّة قبل نومه، و مرّة إذا قام من نومه إلى ورده، و مرّة قبل خروجه إلى صلاة الصبح، و كان يستاك بالأراك، أمره بذلك جبرئيل. (2)

16-قال موسى بن جعفر عليه السّلام: أكل الإشنان يذيب البدن، و التدلّك بالخزف يبلي الجسد، و السواك في الخلاء يورث البخر.

عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: السواك يزيد الرجل فصاحة.

. . . و قال صلّى اللّه عليه و آله: نعم السواك الزيتون من شجرة مباركة، و يذهب بالحفر، و هو سواكي و سواك الأنبياء قبلي. (3)

بيان:

«البخر» : أي نتن الفم.

أقول: قد مرّ في باب الحمّام «و إيّاك و السواك في الحمّام، فإنّه يورث و باء الأسنان» .

17-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: عليكم بالسواك فإنّه يذهب وسوسة الصدر. (4)

18-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

السواك شطر الوضوء و الوضوء شطر الإيمان. (5)

ص:226


1- -البحار ج 76 ص 130 باب السواك ح 20
2- البحار ج 76 ص 135 ح 47
3- البحار ج 76 ص 135 ح 48
4- البحار ج 76 ص 139 ح 52
5- البحار ج 76 ص 140 ح 54

حرف الشين

98- الشباب و الشيب و العمر

الآيات

1- وَ اَللّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفّاكُمْ وَ مِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ اَلْعُمُرِ لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً إِنَّ اَللّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ. (1)

2- اَللّهُ اَلَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَ شَيْبَةً يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَ هُوَ اَلْعَلِيمُ اَلْقَدِيرُ. (2)

3- . . . وَ ما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَ لا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاّ فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اَللّهِ يَسِيرٌ. (3)

4- وَ مَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي اَلْخَلْقِ أَ فَلا يَعْقِلُونَ. (4)

5- هُوَ اَلَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً وَ مِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفّى مِنْ قَبْلُ وَ لِتَبْلُغُوا أَجَلاً مُسَمًّى

ص:227


1- -النحل:70 و بمعناها في الحجّ:5
2- الروم:54
3- فاطر:11
4- يس:68

وَ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ. (1)

الأخبار

1-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه: . . . يا أبا ذرّ، اغتنم خمسا قبل خمس:

شبابك قبل هرمك، و صحّتك قبل سقمك، و غناك قبل فقرك، و فراغك قبل شغلك، و حياتك قبل موتك. . . (2)

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من إجلال اللّه إجلال ذي الشيبة المسلم. (3)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر، في بعضها: «إجلال الشيخ الكبير» .

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ليس منّا من لم يوقّر كبيرنا و يرحم صغيرنا. (4)

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: عظّموا كباركم وصلوا أرحامكم، و ليس تصلونهم بشيء أفضل من كفّ الأذى عنهم. (5)

5-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من عرف فضل كبير لسنّه فوقّره آمنه اللّه من فزع يوم القيامة. (6)

6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ثلاثة لا يجهل حقّهم إلاّ منافق معروف

ص:228


1- -المؤمن:67
2- مكارم الأخلاق ص 459 ب 12 ف 5-و نظيره في الخصال ج 1 ص 239 باب الأربعة ح 85 و 86
3- الكافي ج 2 ص 132 باب إجلال الكبير ح 1
4- الكافي ج 2 ص 132 ح 2
5- الكافي ج 2 ص 132 ح 3
6- الكافي ج 2 ص 481 كتاب العشرة باب وجوب إجلال ذي الشيبة المسلم ح 2

بالنفاق؛ ذو الشيبة في الإسلام، و حامل القرآن، و الإمام العادل. (1)

7-عن عبد اللّه بن سنان قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: من إجلال اللّه عزّ و جلّ إجلال المؤمن ذي الشيبة، و من أكرم مؤمنا فبكرامة اللّه بدأ، و من استخفّ بمؤمن ذي شيبة أرسل اللّه إليه من يستخفّ به قبل موته. (2)

8-في رسالة حقوق السجّاد عليه السّلام: و أمّا حقّ الكبير؛ فإنّ حقّه توقير سنّه و إجلال إسلامه، إذا كان من أهل الفضل في الإسلام بتقديمه فيه، و ترك مقابلته عند الخصام، و لا تسبقه إلى طريق و لا تؤمّه في طريق، و لا تستجهله و إن جهل عليك تحمّلت و أكرمته بحقّ إسلامه مع سنّه، فإنّما حقّ السنّ بقدر الإسلام، و لا قوّة إلاّ باللّه.

و أمّا حقّ الصغير؛ فرحمته و تثقيفه و تعليمه و العفو عنه و الستر عليه و الرفق به و المعونة له و الستر على جرائر حداثته فإنّه سبب للتوبة، و المداراة له و ترك مماحكته، فإنّ ذلك أدنى لرشده. (3)

بيان:

«تثقيفه» : ثقّف الولد فتثقّف: هذّبه و علّمه فتهذّب و تعلّم.

«مماحكته» : ماحك مماحكة فلانا: خاصمه و لاجّه.

9-في وصيّة أمير المؤمنين عليه السّلام لابنه الحسن عليه السّلام: و ارحم من أهلك الصغير، و وقّر منهم الكبير. (4)

10-عن رزيق قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: ما رأيت شيئا أسرع إلى شيء من الشيب إلى المؤمن، و إنّه وقار للمؤمن في الدنيا، و نور ساطع يوم

ص:229


1- -الكافي ج 2 ص 481 ح 4
2- الكافي ج 2 ص 482 ح 5
3- تحف العقول ص 193
4- أمالي الطوسي ج 1 ص 7

القيامة، به وقّر اللّه تعالى خليله إبراهيم عليه السّلام فقال: ما هذا يا ربّ؟ قال له: هذا وقار، فقال: يا ربّ، زدني وقارا.

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: فمن إجلال اللّه إجلال شيبة المؤمن. (1)

11-قال (رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ظ) : إنّ اللّه ليستحيي أن يعذّب الشيخ الكبير. (2)

12-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: جاء رجلان إلى النبيّ شيخ و شابّ، فتكلّم الشابّ قبل الشيخ، فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: الكبير الكبير. (3)

13-عن الصادق عليه السّلام قال: يا صاحب الشعر الأبيض و القلب الأسود، أمامك النار، و خلفك ملك الموت، فما ذا تريد أن تعمل، كنت صبيّا و كنت جاهلا، و كنت شابّا و كنت فاسقا، و كنت شيخا و كنت مرائيا، فأين أنت و أين عملك؟ ! (4)

14-و مرّ برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رجل و هو في أصحابه، فقال بعض القوم:

مجنون، فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: بل هذا رجل مصاب، إنّما المجنون عبد أو أمة أبليا شبابهما في غير طاعة اللّه. (5)

15-عن الصادق عليه السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: إذا بلغ المرء أربعين سنة آمنه اللّه من الأدواء الثلاثة: من الجنون و الجذام و البرص، فإذا بلغ الخمسين خفّف اللّه عليه حسابه، فإذا بلغ الستّين رزقه اللّه الإنابة إليه، فإذا بلغ السبعين أحبّه اللّه و أهل السماء، فإذا بلغ الثمانين أمر اللّه عزّ و جلّ بإثبات حسناته و إلقاء سيّئاته،

ص:230


1- -أمالي الطوسي ج 2 ص 310
2- مشكوة الأنوار ص 168 ب 3 ف 17
3- مشكوة الأنوار ص 168
4- مشكوة الأنوار ص 169
5- مشكوة الأنوار ص 169

فإذا بلغ التسعين غفر اللّه عزّ و جلّ له ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر، و كتب أسير اللّه في الأرض. (1)

أقول:

المراد من عاش في الإيمان عمره، و سيأتي ما يدلّ على ذلك.

16-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا بلغ الرجل أربعين سنة و لم يغلب خيره شرّه قبّل الشيطان بين عينيه و قال: هذا وجه لا يفلح. (2)

17-و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من جاوز الأربعين و لم يغلب خيره شرّه فليتجهّز إلى النار. (3)

18-قال الباقر عليه السّلام: إذا بلغ الرجل أربعين سنة، نادى مناد من السماء:

قد دنا الرحيل فأعدّ الزاد. (4)

19-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: من عاش في الإسلام ستّين سنة حقّ على اللّه أن لا يعذّبه بالنار، و من عاش في الإسلام سبعين سنة آمنه اللّه من الفزع الأكبر، و من عاش في الإسلام ثمانين سنة رفع عنه القلم و لا يحاسب منه. (5)

20-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما مشى الحسين عليه السّلام بين يدي الحسن عليه السّلام قطّ، و لا بدره بمنطق إذا اجتمعا، تعظيما له. (6)

21-قال الصادق عليه السّلام: و إذا بلغ العبد ثلاثا و ثلاثين سنة فقد بلغ أشدّه،

ص:231


1- -مشكوة الأنوار ص 169 و بهذا المعنى في الخصال ج 2 ص 545 إلى 547 باب الأربعين ح 21 و 25 و 27 و 28
2- مشكوة الأنوار ص 169
3- مشكوة الأنوار ص 169
4- مشكوة الأنوار ص 170
5- مشكوة الأنوار ص 170
6- مشكوة الأنوار ص 170

و إذا بلغ أربعين سنّة فقد بلغ منتهاه، و إذا طعن في إحدى و أربعين فهو في النقصان، و ينبغي لصاحب الخمسين أن يكون كمن كان في النزع. (1)

22-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما من شابّ ينشأ في عبادة اللّه حتّى يموت على ذلك إلاّ أعطاه اللّه أجر تسعة و تسعين صدّيقا. (2)

23-عن أبي بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ العبد لفي فسحة من أمره ما بينه و بين أربعين سنة، فإذا بلغ أربعين سنة أوحى اللّه عزّ و جلّ إلى ملكيه قد عمّرت عبدي هذا عمرا فغلّظا و شدّدا و تحفّظا و اكتبا عليه قليل عمله و كثيره و صغيره و كبيره. (3)

24-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: المغبون من غبن عمره ساعة بعد ساعة. (4)

25-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال: من استوى يوماه فهو مغبون، و من كان آخر يوميه خيرهما فهو مغبوط، و من كان آخر يوميه شرّهما فهو ملعون، و من لم ير الزيادة في نفسه فهو إلى النقصان، و من كان إلى النقصان فالموت خير له من الحياة. (5)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر، راجع البحار ج 78 ص 277 في مواعظ الصادق عليه السّلام أيضا.

26-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أعمار امّتي ما بين الستّين إلى السبعين و قلّ من يتجاوزها. (6)

ص:232


1- -مشكوة الأنوار ص 170-الخصال ج 2 ص 545 باب الأربعين ح 23
2- مشكوة الأنوار ص 171 ف 18
3- الوسائل ج 16 ص 100 ب 97 من جهاد النفس ح 1(الخصال ج 2 ص 545 ح 24)
4- الوسائل ج 16 ص 94 ب 95 ح 4
5- الوسائل ج 16 ص 94 ح 5
6- ارشاد القلوب ص 47 ب 8

27-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه ينظر في وجه الشيخ المؤمن صباحا و مساءا فيقول: يا عبدي، كبر سنّك و دقّ عظمك و رقّ جلدك و قرب أجلك، و حان قدومك عليّ، فاستحي منّي فأنا أستحي من شيبتك أن اعذّبك في النار. (1)

28-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن اللّه جلّ جلاله: الشيبة نوري فلا أحرق نوري بناري. (2)

29-عن الصادق جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أحسن فيما بقي من عمره لم يؤاخذ بما مضى من ذنبه، و من أساء فيما بقي من عمره أخذ بالأوّل و الآخر. (3)

30-عن ابن عباس قال: قال رجل: يا رسول اللّه، أسرع إليك الشيب، قال: شيّبتني «هود» و «الواقعة» و «المرسلات عرفا» و «عمّ يتسائلون» . (4)

31-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : لا تنتفوا الشيب فإنّه نور المسلم، و من شاب شيبته في الإسلام كان له نورا يوم القيامة. (5)

32-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ للّه في كلّ يوم و ليلة ملكا ينادي: مهلا مهلا عباد اللّه عن معاصي اللّه، فلو لا بهائم رتّع، و صبية رضّع، و شيوخ ركّع، لصبّ عليكم العذاب صبّا و ترضّون به رضّا. (6)

أقول:

قد مرّ بيان مفرداته في باب الذنب.

ص:233


1- -جامع الأخبار ص 92 ف 50
2- جامع الأخبار ص 92
3- أمالي الصدوق ص 57 م 13 ح 9
4- أمالي الصدوق ص 233 م 41 ح 4
5- الخصال ج 2 ص 612
6- الخصال ج 1 ص 128 باب الثلاثة ح 131

33-. . . قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من يموت بالذنوب أكثر ممّن يموت بالآجال، و من يعيش بالإحسان أكثر ممّن يعيش بالأعمار. (1)

أقول:

ممّا يزيد في العمر حسن النيّة، و البرّ بالأهل و العيال، و صلة الرحم، و تعظيم الوالدين و البرّ بهما، و زيارة الأئمّة خصوصا الإمام الحسين عليهم السّلام، و الصدقة و البرّ. . .

و ممّا ينقص العمر قطع الرحم و عقوق الوالدين و. . . راجع أبوابها.

34-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: بقيّة عمر المرء لا قيمة له، يدرك بها ما قد فات، و يحيي ما مات. (2)

35-قال أبو جعفر عليه السّلام: أصبح إبراهيم عليه السّلام فرأى في لحيته شيبا شعرة بيضاء، فقال: الحمد للّه ربّ العالمين الذي بلغني هذا المبلغ و لم أعص اللّه طرفة عين. (3)

36-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما أكرم شابّ شيخا إلاّ قضى اللّه له عند سنّه (شيبته م) من يكرمه.

و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: البركة مع أكابركم.

و قال عليه السّلام: الشيخ في أهله كالنبيّ في امّته. (4)

37-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه قال: يا أبا ذرّ، كن على عمرك أشحّ منك على درهمك و دينارك. . . (5)

ص:234


1- -البحار ج 73 ص 354 باب الذنوب ح 59
2- البحار ج 6 ص 138 باب حبّ لقاء اللّه ح 46
3- البحار ج 12 ص 8 ح 20
4- البحار ج 75 ص 137 باب رحم الصغير. . . ح 4
5- البحار ج 77 ص 78

يا أبا ذرّ، ما من شابّ يدع للّه الدنيا و لهوها و أهرم شبابه في طاعة اللّه إلاّ أعطاه اللّه أجر اثنين و سبعين صدّيقا. (1)

أقول:

قد مرّ في باب السلاطين عن الصادق عليه السّلام: ثلاثة يدخلهم اللّه الجنّة بغير حساب:

إمام عادل و تاجر صدوق و شيخ أفنى عمره في طاعة اللّه. . .

38-في خبر الشاميّ قال عليّ عليه السّلام: يا شيخ، من اعتدل يوماه فهو مغبون، و من كانت الدنيا همّته اشتدّت حسرته عند فراقها، و من كانت غده شرّ يوميه فمحروم، و من لم يبال ما رزء من آخرته إذا سلمت له دنياه فهو هالك، و من لم يتعاهد النقص من نفسه غلب عليه الهوى و من كان في نقص فالموت خير له. (2)

بيان:

رزأه: أصابه و نقصه.

39-و من كلام عليّ عليه السّلام: من صرف يومه في غير حقّ قضاه، أو فرض أداه، أو حمد فضله (حصله ف ن) ، أو خير أسّسه، أو علم اقتبسه، فقد عقّ يومه. (3)

40-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الساعات تنقّص الأعمار (الغرر ج 1 ص 36 ف 1 ح 1109)

المشيب رسول الموت (ص 41 ح 1247)

الشيب آخر مواعيد الفناء (ص 54 ح 1494)

ص:235


1- -البحار ج 77 ص 86
2- البحار ج 77 ص 378 في مواعظ عليّ عليه السّلام في ح 1
3- الاثنى عشريّة ص 208 ب 5 ف 4

احفظ عمرك من التضييع له في غير العبادة و الطاعات (الطاعة ف ن) .

(ص 125 ف 2 ح 213)

إنّ عمرك مهر سعادتك إن أنفذته في طاعة ربّك. (ص 218 ف 9 ح 53)

إنّ أنفاسك أجزاء عمرك فلا تفنها إلاّ في طاعة تزلفك. (ص 219 ح 54)

إنّ عمرك عدد أنفاسك و عليها رقيب يحصيها (ح 58)

إنّ المغبون من غبن عمره و إنّ المغبوط من أنفذ عمره في طاعة ربّه.

(ص 227 ح 126)

إنّ أوقاتك أجزاء عمرك فلا تنفد لك وقتا إلاّ فيما ينجيك. (ص 252 ح 266)

إنّ الليل و النهار يعملان فيك فاعمل فيهما، و يأخذان منك فخذ منهما.

(ص 271 ح 329)

إذا شابّ العاقل شبّ عقله، إذا شابّ الجاهل شبّ جهله.

(ص 328 ف 17 ح 197)

بركة العمر في حسن العمل (ص 343 ف 21 ح 13)

تدارك في آخر عمرك ما أضعته في أوّله، تسعد بمنقلبك.

(ص 357 ف 22 ح 110)

شيئان لا يعرف فضلهما إلاّ من فقدهما: الشباب و العافية.

(ص 449 ف 42 ح 11)

ضياع العمر بين الآمال و المنى (ص 461 ف 45 ح 14)

ليس شيء أعزّ من الكبريت إلاّ ما بقي من عمر المؤمن.

(ج 2 ص 598 ف 73 ح 74)

كفى بالشيب نذيرا (ص 556 ف 65 ح 10)

كفى بالشيب واعيا (ص 557 ح 22)

وقار الشيب نور و زينة (ص 781 ف 83 ح 14)

ص:236

وقار الشيب أحبّ إليّ من نضارة الشباب (ص 783 ح 40)

لا بقاء لأعمار مع تعاقب الليل و النهار. (ص 844 ف 86 ح 307)

لا يعرف قدر ما بقي من عمره إلاّ نبيّ أو صدّيق. (ص 848 ح 365)

أقول:

مرّ في باب الحبّ ف 2، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتّى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، و شبابه فيما أبلاه، و عن ماله من أين كسبه و فيما أنفقه، و عن حبّنا أهل البيت.

و في دعاء مكارم الأخلاق عن السجّاد عليه السّلام: «و عمّرني ما كان عمري بذلة في طاعتك، فإذا كان عمري مرتعا للشيطان فاقبضني إليك قبل أن يسبق مقتك إليّ، أو يستحكم غضبك عليّ» .

ص:237

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393736392C22426F6F6B4944223A31363732302C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3233382C2253686F77506167654E756D223A22323338222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030332F424B31353931344730303353312F424B3135393134473030335331503233382E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

99- التوقّف عند الشبهات و الاحتياط في الدين

الأخبار

1-عن أبي سعيد الزهري عن أبي جعفر عليه السّلام قال: الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة، و تركك حديثا لم تروه خير من روايتك حديثا لم تحصه. (1)

بيان:

«الاقتحام» : الدخول في الشيء بشدّة و قوّة و مشقّة، كأنّه مأخوذ من اقتحام الفرس النهر. «لم تروه» : على المجهول من باب الإفعال أو التفعيل أي لم تحمل على روايته.

«لم تحصه» في المرآة ج 1 ص 168: الإحصاء لغة العدّ، و لمّا كان عدّ الشيء يلزمه الاطّلاع على واحد واحد ممّا فيه، استعمل في الاطّلاع على جميع ما في شيء و الإحاطة العلميّة التامّة بما فيه، فإحصاء الحديث هو العلم بجميع أحواله متنا و سندا و انتهاء إلى المأخذ الشرعيّ.

2-عن هشام بن سالم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: ما حقّ اللّه على خلقه؟

ص:239


1- -الكافي ج 1 ص 40 باب النوادر من العلم ح 9

فقال: أن يقولوا ما يعلمون و يكفّوا عمّا لا يعلمون، فإذا فعلوا ذلك فقد أدّوا إلى اللّه حقّه. (1)

3-عن عمر بن حنظلة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: . . . و إنّما الأمور ثلاثة:

أمر بيّن رشده فيتّبع، و أمر بيّن غيّه فيجتنب، و أمر مشكل يردّ علمه إلى اللّه و إلى رسوله، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: حلال بيّن، و حرام بيّن، و شبهات بين ذلك، فمن ترك الشبهات نجا من المحرّمات، و من أخذ بالشبهات ارتكب المحرّمات و هلك من حيث لا يعلم. . (2)

4-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و إنّما سمّيت الشبهة شبهة لأنّها تشبه الحقّ، فأمّا أولياء اللّه فضياؤهم فيها اليقين، و دليلهم سمت الهدى، و أمّا أعداء اللّه فدعاؤهم فيها الضلال، و دليلهم العمى، فما ينجو من الموت من خافه، و لا يعطى البقاء من أحبّه. (3)

بيان:

«سمت الهدى» : طريقته.

5-و قال عليه السّلام: إنّ الامور إذا اشتبهت اعتبر آخرها بأوّلها. (4)

6-و قال عليه السّلام: و لا ورع كالوقوف عند الشبهة. (5)

أقول:

و قال عليه السّلام لمالك: . . . ثمّ اختر للحكم بين الناس. . . و أوقفهم في الشبهات، و آخذهم بالحجج. . . (نهج البلاغة ص 1009 في ر 53)

ص:240


1- -الكافي ج 1 ص 40 ح 12
2- الكافي ج 1 ص 54 باب اختلاف الحديث ح 10
3- نهج البلاغة ص 122 خ 38
4- نهج البلاغة ص 1118 ح 73
5- نهج البلاغة ص 1139 في ح 109

7-عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لو أنّ العباد إذا جهلوا وقفوا، و لم يجحدوا، لم يكفروا. (1)

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: . . . و أمر الفرج شديد، و منه يكون الولد، و نحن نحتاط، فلا يتزوّجها. (2)

9-عن جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لا تجامعوا في النكاح على الشبهة، وقفوا عند الشبهة. . . فإنّ الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة. (3)

10-خطب أمير المؤمنين عليه السّلام الناس فقال: حلال بيّن، و حرام بيّن، و شبهات بين ذلك، فمن ترك ما اشتبه عليه من الإثم فهو لما استبان له أترك، و المعاصي حمى اللّه، فمن يرتع حولها يوشك أن يدخلها. (4)

11-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أورع الناس من وقف عند الشبهة. . . (5)

أقول:

سيأتي بهذا المعنى في باب الورع إن شاء اللّه.

12-عن فضيل بن عياض عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له: من الورع من الناس؟ قال: الذي يتورّع عن محارم اللّه، و يجتنب هؤلاء، فإذا لم يتّق الشبهات وقع في الحرام، و هو لا يعرفه. . . (6)

13-عن النعمان بن بشير قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: إنّ لكلّ ملك

ص:241


1- -الوسائل ج 27 ص 158 ب 12 من صفات القاضي ح 11
2- الوسائل ج 27 ص 158 ح 14
3- الوسائل ج 27 ص 159 ح 15
4- الوسائل ج 27 ص 161 ح 27
5- الوسائل ج 27 ص 162 ح 29
6- الوسائل ج 27 ص 162 ح 30

حمى و إنّ حمى اللّه حلاله و حرامه، و المشتبهات بين ذلك، كما لو أنّ راعيا رعى إلى جانب الحمى لم تثبت غنمه أن تقع في وسطه، فدعوا المشتبهات. (1)

14-عن الرضا عليه السّلام: أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام قال لكميل بن زياد: أخوك دينك، فاحتط لدينك بما شئت. (2)

15-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام في وصيّة له لأصحابه قال: إذا اشتبه الأمر عليكم فقفوا عنده، و ردّوه إلينا، حتّى نشرح لكم من ذلك ما شرح لنا، فإذا كنتم كما أوصيناكم لم تعدوه إلى غيره، فمات منكم ميّت من قبل أن يخرج قائمنا كان شهيدا، و من أدرك قائمنا فقتل معه كان له أجر شهيدين، و من قتل بين يديه عدوّا لنا كان له أجر عشرين شهيدا. (3)

16-عن أبي جعفر الباقر عليه السّلام قال: قال جدّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أيّها الناس، حلالي حلال إلى يوم القيامة، و حرامي حرام إلى يوم القيامة، ألا و قد بيّنهما اللّه عزّ و جلّ في الكتاب، و بيّنتهما لكم في سنّتي و سيرتي، و بينهما شبهات من الشيطان و بدع بعدي، من تركها صلح له أمر دينه، و صلحت له مروّته و عرضه، و من تلبّس بها و وقع فيها و اتّبعها كان كمن رعى غنمه قرب الحمى، و من رعى ماشيته قرب الحمى، نازعته نفسه إلى أن يرعاها في الحمى، ألا و إنّ لكلّ ملك حمى، ألا و إنّ حمى اللّه عزّ و جلّ محارمه، فتوقّوا حمى اللّه و محارمه. . . (4)

17-عن أبي ذرّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا أبا ذرّ، إنّ المتّقين الذين

ص:242


1- -الوسائل ج 27 ص 167 ح 45
2- الوسائل ج 27 ص 167 ح 46
3- الوسائل ج 27 ص 168 ح 48
4- الوسائل ج 27 ص 169 ح 52

يتّقون اللّه من الشيء الذى لا يتّقى منه خوفا من الدخول في الشبهة. . . (1)

18-في الغرر عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال: إذا اتّقيت المحرّمات و تورّعت عن الشبهات، و أدّيت المفروضات، و تنفّلت بالنوافل، فقد أكملت في الدين الفضائل.

و قال عليه السّلام: الورع؛ الوقوف عند الشبهة.

و قال عليه السّلام: من الحزم، الوقوف عند الشبهة. (2)

أقول:

و في الغرر (ج 1 ص 156 ف 5 ح 92) قال عليه السّلام: إيّاك و الوقوع في الشبهات، و الولوع بالشهوات فإنّهما يقتادانك إلى الوقوع في الحرام و ركوب كثير من الآثام.

19-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: . . . أصل الحزم الوقوف عند الشبهة. . . (3)

20-في حديث عنوان البصريّ عن الصادق عليه السّلام: . . . و أمّا اللّواتي في العلم: فاسأل العلماء ما جهلت، و إيّاك أن تسألهم تعنّتا و تجربة و إيّاك أن تعمل برأيك شيئا، و خذ بالاحتياط في جميع ما تجد إليه سبيلا، و اهرب من الفتيا هربك من الأسد، و لا تجعل رقبتك للناس جسرا. . . (4)

أقول:

سيأتي تمام الخبر في باب العلم ف 4.

21-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من اتّقى الشبهات فقد استبرأ لدينه. (5)

ص:243


1- -المستدرك ج 17 ص 323 ب 12 من صفات القاضي ح 5
2- المستدرك ج 17 ص 324 ح 11
3- تحف العقول ص 153 في مواعظ أمير المؤمنين عليه السّلام
4- البحار ج 1 ص 226 باب آداب طلب العلم ح 17
5- البحار ج 2 ص 259 ب 31 من العلم ح 8

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393737302C22426F6F6B4944223A31363732302C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3234342C2253686F77506167654E756D223A22323434222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030332F424B31353931344730303353312F424B3135393134473030335331503234342E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

100- الشيطان

الآيات

1- يا أَيُّهَا اَلنّاسُ كُلُوا مِمّا فِي اَلْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً وَ لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ اَلشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ- إِنَّما يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَ اَلْفَحْشاءِ وَ أَنْ تَقُولُوا عَلَى اَللّهِ ما لا تَعْلَمُونَ. (1)

2- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اُدْخُلُوا فِي اَلسِّلْمِ كَافَّةً وَ لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ اَلشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ. (2)

3- اَلشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ اَلْفَقْرَ وَ يَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ وَ اَللّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَ فَضْلاً وَ اَللّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ. (3)

4- . . . فَقاتِلُوا أَوْلِياءَ اَلشَّيْطانِ إِنَّ كَيْدَ اَلشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً. (4)

5- . . . وَ لَوْ لا فَضْلُ اَللّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ اَلشَّيْطانَ إِلاّ قَلِيلاً. (5)

ص:245


1- -البقرة:168 و 169
2- البقرة:208
3- البقرة:268
4- النساء:76
5- النساء:83

6- وَ لَأُضِلَّنَّهُمْ وَ لَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ اَلْأَنْعامِ وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اَللّهِ وَ مَنْ يَتَّخِذِ اَلشَّيْطانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اَللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْراناً مُبِيناً- يَعِدُهُمْ وَ يُمَنِّيهِمْ وَ ما يَعِدُهُمُ اَلشَّيْطانُ إِلاّ غُرُوراً- أُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَ لا يَجِدُونَ عَنْها مَحِيصاً. (1)

7- وَ كَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ اَلْإِنْسِ وَ اَلْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ اَلْقَوْلِ غُرُوراً. . . (2)

8- . . . وَ إِنَّ اَلشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ وَ إِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ. (3)

9- وَ لَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اُسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ اَلسّاجِدِينَ . . . قالَ فَبِما أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ اَلْمُسْتَقِيمَ- ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَ مِنْ خَلْفِهِمْ وَ عَنْ أَيْمانِهِمْ وَ عَنْ شَمائِلِهِمْ وَ لا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ- قالَ اُخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً مَدْحُوراً لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ. الآيات (4)

10- إِنَّ اَلَّذِينَ اِتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ اَلشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ. (5)

11- وَ قالَ اَلشَّيْطانُ لَمّا قُضِيَ اَلْأَمْرُ إِنَّ اَللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ اَلْحَقِّ وَ وَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَ ما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلاّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَ لُومُوا أَنْفُسَكُمْ ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَ ما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ

ص:246


1- -النساء:119 إلى 121
2- الأنعام:112
3- الأنعام:121
4- الأعراف:11 إلى 27
5- الأعراف:201

مِنْ قَبْلُ إِنَّ اَلظّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ. (1)

12- فَسَجَدَ اَلْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ . . . قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ- قالَ فَإِنَّكَ مِنَ اَلْمُنْظَرِينَ- إِلى يَوْمِ اَلْوَقْتِ اَلْمَعْلُومِ- قالَ رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي اَلْأَرْضِ وَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ- إِلاّ عِبادَكَ مِنْهُمُ اَلْمُخْلَصِينَ الآيات. (2)

13- فَإِذا قَرَأْتَ اَلْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ اَلشَّيْطانِ اَلرَّجِيمِ- إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ- إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى اَلَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَ اَلَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ. (3)

14- إِنَّ اَلْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ اَلشَّياطِينِ وَ كانَ اَلشَّيْطانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً. (4)

15- وَ اِسْتَفْزِزْ مَنِ اِسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَ أَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَ رَجِلِكَ وَ شارِكْهُمْ فِي اَلْأَمْوالِ وَ اَلْأَوْلادِ وَ عِدْهُمْ وَ ما يَعِدُهُمُ اَلشَّيْطانُ إِلاّ غُرُوراً- إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ وَ كَفى بِرَبِّكَ وَكِيلاً. (5)

16- وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اُسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاّ إِبْلِيسَ كانَ مِنَ اَلْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَ فَتَتَّخِذُونَهُ وَ ذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي وَ هُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظّالِمِينَ بَدَلاً. (6)

17- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ اَلشَّيْطانِ وَ مَنْ يَتَّبِعْ خُطُواتِ اَلشَّيْطانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ وَ اَلْمُنْكَرِ وَ لَوْ لا فَضْلُ اَللّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ

ص:247


1- -إبراهيم:22
2- الحجر:30 إلى 43
3- النحل:98 إلى 100
4- الإسراء:27
5- الإسراء:64 و 65
6- الكهف:50

مِنْ أَحَدٍ أَبَداً. . . (1)

18- . . . وَ كانَ اَلشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولاً. (2)

19- إِنَّ اَلشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ اَلسَّعِيرِ. (3)

20- أَ لَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا اَلشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ- وَ أَنِ اُعْبُدُونِي هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ- وَ لَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً أَ فَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ. (4)

21- إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ . . . قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ- إِلاّ عِبادَكَ مِنْهُمُ اَلْمُخْلَصِينَ- قالَ فَالْحَقُّ وَ اَلْحَقَّ أَقُولُ- لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَ مِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ. (5)

22- وَ مَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ اَلرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ. (6)

23- اِسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ اَلشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اَللّهِ أُولئِكَ حِزْبُ اَلشَّيْطانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اَلشَّيْطانِ هُمُ اَلْخاسِرُونَ. (7)

الأخبار

1-عن الصادق جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول

ص:248


1- -النور:21
2- الفرقان:29
3- فاطر:6
4- يس:60 إلى 62
5- ص:71 إلى 85
6- الزخرف:36
7- المجادلة:19

اللّه صلّى اللّه عليه و آله لأصحابه: أ لا اخبركم بشيء إن أنتم فعلتموه تباعد الشيطان منكم تباعد المشرق من المغرب؟ قالوا: بلى قال: الصوم يسوّد وجهه، و الصدقة تكسر ظهره، و الحبّ في اللّه و المؤازرة على العمل الصالح يقطعان دابره، و الاستغفار يقطع و تينه، و لكلّ شيء زكاة و زكاة الأبدان الصيام. (1)

بيان:

«المؤازرة» : أي المعاونة.

في النهاية ج 5 ص 150، «الوتين» : عرق في القلب إذا انقطع مات صاحبه.

في المرآة ج 16 ص 198، «دابره» : أي آخر جزء منه بمعنى استيصاله أو دابر عسكره، قال الجوهري: قطع اللّه دابرهم أي آخر من بقي منهم، و قال: دابرة الإنسان عرقوبه، و الدابر التابع انتهى. فيحتمل أن يكون المراد هنا أحد المعنين الأخيرين.

2-قال أبو جعفر عليه السّلام: لما ترون من بعثه اللّه عزّ و جلّ للشقاء على أهل الضلالة من أجناد الشياطين و أزواجهم أكثر ممّا ترون خليفة اللّه الذي بعثه للعدل و الصواب من الملائكة. . . إنّه ليس من يوم و لا ليلة إلاّ و جميع الجنّ و الشياطين، تزور أئمّة الضلالة، و يزور إمام الهدى عددهم من الملائكة حتّى إذا أتت ليلة القدر، فيهبط فيها من الملائكة إلى وليّ الأمر، خلق اللّه-أو قال: قيّض اللّه-عزّ و جلّ من الشياطين بعددهم، ثمّ زاروا وليّ الضلالة فأتوه بالإفك و الكذب حتّى لعلّه يصبح فيقول: رأيت كذا و كذا، فلو سأل وليّ الأمر عن ذلك لقال: رأيت شيطانا أخبرك بكذا و كذا حتّى يفسّر له تفسيرا و يعلمه الضلالة التي هو عليها. . . (2)

ص:249


1- -أمالي الصدوق ص 61 م 15 ح 1( الكافي ج 4 ص 62)
2- الكافي ج 1 ص 196 باب في شأن إنّا أنزلناه ح 9

بيان:

«قيّض اللّه» : أي قدّر اللّه و سبّب اللّه.

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما اجتمع ثلاثة من المؤمنين فصاعدا إلاّ حضر من الملائكة مثلهم، فإن دعوا بخير أمّنوا، و إن استعاذوا من شرّ دعوا اللّه ليصرفه عنهم، و إن سألوا حاجة تشفّعوا إلى اللّه و سألوه قضاها، و ما اجتمع ثلاثة من الجاحدين إلاّ حضرهم عشرة أضعافهم من الشياطين، فإن تكلّموا تكلّم الشياطين بنحو كلامهم، و إذا ضحكوا ضحكوا معهم، و إذا نالوا من أولياء اللّه نالوا معهم.

فمن ابتلي من المؤمنين بهم فإذا خاضوا في ذلك فليقم و لا يكن شرك شيطان و لا جليسه، فإنّ غضب اللّه عزّ و جلّ لا يقوم له شيء، و لعنته لا يردّها شيء، ثمّ قال عليه السّلام: فإن لم يستطع فلينكر بقلبه و ليقم، و لو حلب شاة أو فواق ناقة. (1)

أقول:

قد مرّ في باب الأخوّة عن أبي الحسن عليه السّلام: ليس شيء أنكى لإبليس و جنوده من زيارة الإخوان في اللّه بعضهم لبعض. . .

بيان: في الوافي، «إذا نالوا. . .» : أي سبّوهم و قالوا فيهم ما لا يليق بهم.

«شرك شيطان» : أي شريكه. «فواق الناقة» : الفترة ما بين الحلبتين لإراحتها، و المراد يقوم لإظهار حاجة أو عذر و لو بأحد هذين المقدارين من الزمان.

4-عن حمّاد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما من قلب إلاّ و له اذنان، على إحداهما ملك مرشد و على الأخرى شيطان مفتّن، هذا يأمره و هذا يزجره، الشيطان يأمره بالمعاصي و الملك يزجره عنها، و هو قول اللّه عزّ و جلّ:

ص:250


1- -الكافي ج 2 ص 150 باب تذاكر الإخوان ح 6

عَنِ اَلْيَمِينِ وَ عَنِ اَلشِّمالِ قَعِيدٌ- ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ 1 (1).

5-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ للقلب اذنين، فإذا همّ العبد بذنب قال له روح الإيمان: لا تفعل، و قال له الشيطان: افعل، و إذا كان على بطنها نزع منه روح الإيمان. (2)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر، راجع الكافي و غيره.

و مرّ في باب الإيمان أحاديث كثيرة عن الكافي و غيره و مفادها أن الشيطان يؤذي المؤمن و لو على قلّة الجبل.

6-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لا تأووا التراب خلف الباب فإنّه مأوى الشياطين. (3)

7-في مواعظ الجواد عليه السّلام: من أصغى إلى ناطق فقد عبده، فإن كان الناطق عن اللّه فقد عبد اللّه، و إن كان الناطق ينطق عن لسان إبليس فقد عبد إبليس. (4)

8-في حكم الصادق عليه السّلام: ليس لإبليس جند أشدّ من النساء و الغضب. (5)

9-فيما كتب أمير المؤمنين عليه السّلام إلى الحارث الهمدانيّ: و احذر الغضب فإنّه

ص:251


1- الكافي ج 2 ص 205 باب أنّ للقلب اذنين ح 1
2- الكافي ج 2 ص 205 ح 2
3- الكافي ج 6 ص 531 باب النوادر ح 6
4- تحف العقول ص 336
5- تحف العقول ص 268

جند عظيم من جنود إبليس. (1)

10-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: إنّ الشيطان ليجري من ابن آدم مجرى الدم، فضيّقوا مجاريه بالجوع. (2)

11-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لو لا أنّ الشياطين يحومون على قلوب بني آدم لنظروا إلى الملكوت. (3)

12-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: لمّا دعا نوح عليه السّلام ربّه عزّ و جلّ على قومه آتاه إبليس لعنه اللّه فقال: يا نوح، إنّ لك عندي يدا اريد أن اكافيك عليها، فقال نوح: و اللّه إنّي لبغيض إليّ أن يكون لك عندي يد، فما هي؟ قال:

بلى دعوت اللّه على قومك فأغرقتهم فلم يبق أحد أغويه، فأنا مستريح حتّى ينشأ قرن آخر فاغويهم، فقال له نوح: ما الذي تريد أن تكافئني به؟ قال له: اذكرني في ثلاثة مواطن فإنّي أقرب ما أكون إلى العبد إذا كان في إحديهنّ: اذكرني إذا غضبت، و اذكرني إذا حكمت بين اثنين، و اذكرني إذا كنت مع امرأة خاليا ليس معكما أحد. (4)

13-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: يقول إبليس لعنه اللّه: ما أعياني في ابن آدم فلن يعييني منه واحدة من ثلاث: أخذ مال من غير حلّه، أو منعه من حقّه، أو وضعه في غير وجهه. (5)

بيان:

«ما أعياني» : أي ما أعجزني. لاحظ باب حبّ المال أيضا.

ص:252


1- -نهج البلاغة ص 1070 في ر 69
2- المستدرك ج 16 ص 220 ب 2 من آداب المائدة ح 16
3- أسرار الصلاة للشهيد الثاني رحمه اللّه ص 34
4- الخصال ج 1 ص 132 باب الثلاثة ح 140
5- الخصال ج 1 ص 132 ح 141

14-عن الأصبغ عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: قال اللّه تبارك و تعالى لموسى عليه السّلام: يا موسى، احفظ وصيّتي لك بأربعة أشياء: أوّلهنّ، ما دمت لا ترى ذنوبك تغفر فلا تشتغل بعيوب غيرك، و الثانية؛ ما دمت لا ترى كنوزي قد نفدت فلا تغتمّ بسبب رزقك، و الثالثة؛ ما دمت لا ترى زوال ملكي فلا ترج أحدا غيري، و الرابعة؛ ما دمت لا ترى الشيطان ميّتا فلا تأمن مكره. (1)

15-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: قال إبليس: خمسة أشياء ليس لي فيهنّ حيلة و سائر الناس في قبضتي: من اعتصم باللّه عن نيّة صادقة و اتّكل عليه في جميع أموره، و من كثر تسبيحه في ليله و نهاره، و من رضي لأخيه المؤمن بما يرضاه لنفسه، و من لم يجزع على المصيبة حين تصيبه، و من رضي بما قسم اللّه له و لم يهتمّ لرزقه. (2)

16-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : . . . و أطيلوا السجود، فما من عمل أشدّ على إبليس من أن يرى ابن آدم ساجدا، لأنّه امر بالسجود فعصى و هذا امر بالسجود فأطاع فنجا. . . (3)

و قال عليه السّلام: من قرأء «قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ» [و «إنّا أنزلناه»]قبل أن تطلع الشمس لم يصبه في ذلك اليوم ذنب و إن جهد إبليس. . . (4)

و قال عليه السّلام: إذا وسوس الشيطان إلى أحدكم فليتعوّذ باللّه و ليقل: «آمنت باللّه و برسوله مخلصا له الدين» . . . (5)

ص:253


1- -الخصال ج 1 ص 217 باب الأربعة ح 41
2- الخصال ج 1 ص 285 باب الخمسة ح 37
3- الخصال ج 2 ص 616
4- الخصال ج 2 ص 622
5- الخصال ج 2 ص 624

و قال عليه السّلام: إذا تعرّى الرجل نظر إليه الشيطان فطمع فيه، فاستتروا. . . (1)

و قال عليه السّلام: الغنا نوح إبليس على الجنّة. . . (2)

و قال عليه السّلام: اغسلوا صبيانكم من الغمر، فإنّ الشياطين تشمّ الغمر فيفزع الصبيّ في رقاده و يتأذّى به الكاتبان. . .

و قال عليه السّلام: إذا قام الرجل إلى الصلاة أقبل إبليس ينظر إليه حسدا لما يرى من رحمة اللّه التي تغشاه. . . (3)

و قال عليه السّلام: من صدئ بالإثم عشي (اعشى ف ن) عن ذكر اللّه عزّ و جلّ، و من ترك الأخذ عن أمر اللّه عزّ و جلّ بطاعته قيّض اللّه له شيطانا فهو له قرين. . . (4)

و قال عليه السّلام: إذا أراد أحدكم أن يأتي أهله فليتوقّ أوّل الأهلّة و أنصاف الشهور، فإنّ الشيطان يطلب الولد في هذين الوقتين، و الشياطين يطلبون الشرك فيهما فيجيئون و يحبلون. . . (5)

بيان:

«صدئ» : بدلها في البحار ج 63 ص 192: "تصدّى"أي تعرّض له.

«عشا» : إشارة إلى الآية وَ مَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ اَلرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ و المعنى أي يظلم بصره عنه كأنّ عليه غشاوة، و قيل: أي أن يعرض عن ذكر الرحمن. «و قيّض اللّه له» أي سلّط اللّه عليه شيطانا. «الغمر» : يقال بالفارسيّة: چربى.

17-عن الحسن بن عطية قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: حدّثني كيف قال

ص:254


1- -الخصال ج 2 ص 630
2- الخصال ج 2 ص 631
3- الخصال ج 2 ص 632
4- الخصال ج 2 ص 633
5- الخصال ج 2 ص 637

اللّه لإبليس: فَإِنَّكَ مِنَ اَلْمُنْظَرِينَ- إِلى يَوْمِ اَلْوَقْتِ اَلْمَعْلُومِ قال: لشيء كان تقدّم شكره عليه، قلت: و ما هو؟ قال: ركعتان ركعهما في السماء في ألفي سنة، أو في أربعة آلاف سنة. (1)

أقول:

يأتي في باب أولياء اللّه عن العلل أيضا: «إذا ولد وليّ اللّه خرج إبليس فصرخ صرخة. . .» .

18-عن وهب بن جميع قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول إبليس:

فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ- قالَ فَإِنَّكَ مِنَ اَلْمُنْظَرِينَ- إِلى يَوْمِ اَلْوَقْتِ اَلْمَعْلُومِ قال له وهب: جعلت فداك، أيّ يوم هو؟ قال: يا وهب، أ تحسب أنّه يوم يبعث اللّه فيه الناس، إنّ اللّه أنظره إلى يوم يبعث فيه قائمنا، فإذا بعث اللّه قائمنا كان في مسجد الكوفة و جاء إبليس حتّى يجثو بين يديه على ركبتيه، فيقول: يا ويله من هذا اليوم، فيأخذ ناصيته فيضرب عنقه، فذلك اليوم الوقت المعلوم. (2)

أقول:

في الآية أيضا دلالة على أنّ الوقت المعلوم ليس يوم القيامة، إذ قال الشيطان:

فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ أي يوم القيامة، فقال اللّه تعالى في جوابه: فَإِنَّكَ مِنَ اَلْمُنْظَرِينَ- إِلى يَوْمِ اَلْوَقْتِ اَلْمَعْلُومِ أي وقت ظهور القائم عليه السّلام، و يدلّ على ذلك أخبار اخر.

19-و فيما سأل الزنديق الصادق عليه السّلام: . . . فقال: أ فمن حكمته أن جعل لنفسه عدوّا، و قد كان و لا عدوّ له، فخلق كما زعمت «إبليس» فسلّطه على عبيده يدعوهم إلى خلاف طاعته، و يأمرهم بمعصيته و جعل له من القوّة كما زعمت

ص:255


1- -العلل ج 2 ص 525 ب 305 ح 1
2- نور الثقلين ج 3 ص 14( الحجر) ح 46

ما يصل بلطف الحيلة إلى قلوبهم، فيوسوس إليهم فيشكّكهم في ربّهم، و يلبس عليهم دينهم، فيزيلهم عن معرفته، حتّى أنكر قوم لمّا وسوس إليهم ربوبيّته، و عبدوا سواه، فلم سلّط عدوّه على عبيده، و جعل له السبيل إلى إغوائهم؟

قال عليه السّلام (في جوابه) : إنّ هذا العدوّ الذي ذكرت لا تضرّه عداوته، و لا تنفعه ولايته، و عداوته لا تنقص من ملكه شيئا، و ولايته لا تزيد فيه شيئا، و إنّما يتّقى العدوّ إذا كان في قوّة يضرّ و ينفع، إن همّ بملك أخذه، أو بسلطان قهره.

فأمّا إبليس؛ فعبد خلقه ليعبده و يوحّده، و قد علم حين خلقه ما هو و إلى ما يصير إليه، فلم يزل يعبده مع ملائكته حتّى امتحنه بسجود آدم، فامتنع من ذلك حسدا، و شقاوة غلبت عليه، فلعنه عند ذلك و أخرجه عن صفوف الملائكة و أنزله إلى الأرض ملعونا مدحورا فصار عدوّ آدم و ولده بذلك السبب، ما له من السلطنة على ولده إلاّ الوسوسة، و الدعاء إلى غير السبيل، و قد أقرّ مع معصيته لربّه بربوبيّته. (1)

أقول:

إن قلت: لم سلّط اللّه إبليس على عبيده حتّى يدعوهم إلى خلاف طاعته و يأمرهم بمعصيته؟

قلنا: أوّلا: يتميّز الإنسان عن غيره بكونه مختارا، فأرسل اللّه تعالى لهدايته الأنبياء و الرسل، و أنزل معهم الكتاب، و أعطى الإنسان العقل الذي هو الرسول الباطني، هذا من ناحية، و من جهة اخرى أسباب ضلالة الإنسان كالنفس الأمّارة و الشيطان موجودة، فتعرف قيمة الإنسان و عظمته مع وجود أسباب الضلالة و تهيّئها لديه، بأن هل يتّبع الرسول الظاهريّ و الباطنيّ، و يكفّ نفسه عن سلوك طرق الضلالة مع قدرته عليه أم لا؟ قال اللّه تعالى: إِنّا هَدَيْناهُ اَلسَّبِيلَ إِمّا

ص:256


1- -الاحتجاج ج 2 ص 80

شاكِراً وَ إِمّا كَفُوراً .

و ثانيا: لا تكون سلطنة الشيطان على الإنسان تامّة، بحيث يسلب اختياره بل الشيطان يوسوس للإنسان و يزيّن الفحشاء و المنكرات له، كما دلّ على ذلك الآيات و الأخبار.

و ثالثا: كيد الشيطان يكون ضعيفا، قال اللّه تعالى: إِنَّ كَيْدَ اَلشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً .

و رابعا: لا يكون للشيطان سلطة على العباد الصالحين و المؤمنين المتوكّلين، قال اللّه تعالى: لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ- إِلاّ عِبادَكَ مِنْهُمُ اَلْمُخْلَصِينَ و قال: إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ و قال: إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ .

و خامسا: صرّح اللّه في كتابه بعداوته للإنسان، قال اللّه تعالى: وَ لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ اَلشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ و قال: أَ لَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا اَلشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ مع ذلك نطيع الشيطان مع علمنا بعداوته.

و سادسا: إنّ الشيطان يسلّط على الغافل، فلا بدّ أن يكون الإنسان ذاكرا، قال اللّه تعالى: وَ مَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ اَلرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ و قال:

إِنَّ اَلَّذِينَ اِتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ اَلشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا .

و سابعا: لا بدّ للإنسان أن يلوم نفسه، قال اللّه: وَ قالَ اَلشَّيْطانُ لَمّا قُضِيَ اَلْأَمْرُ . . . إِلاّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَ لُومُوا أَنْفُسَكُمْ .

مخلّص الكلام؛ كيف لا نلوم أنفسنا بعد العلم بعداوة الشيطان، و عهدنا أن لا نعبده، و عدم سلطانه علينا؟ !

20-في خطبة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بمنى: . . . ثمّ قال: ألا و إنّ الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم هذه و لكنّه راض بما تحتقرون من أعمالكم، ألا و إنّه إذا اطيع

ص:257

فقد عبد. (1)

21-عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: بينما موسى بن عمران عليه السّلام جالس إذ أقبل عليه إبليس و عليه برنس ذو ألوان، فلمّا دنا من موسى خلع البرنس، و أقبل عليه فسلّم عليه، فقال موسى: من أنت؟ قال: أنا إبليس، قال موسى: فلا قرّب اللّه دارك، فبم جئت؟ قال: إنّما جئت لأسلّم عليك لمكانك من اللّه عزّ و جلّ، فقال له موسى: فما هذا البرنس؟ قال: أختطف به قلوب بني آدم.

قال له موسى: أخبرني بالذنب الذي إذا أذنبه ابن آدم استحوذت عليه؟ فقال: إذا أعجبته نفسه، و استكثر عمله، و صغر في عينه ذنبه.

ثمّ قال له: اوصيك بثلاث خصال يا موسى: لا تخل بامرأة، و لا تخل بك، فإنّه لا يخلو رجل بامرأة و لا تخلو به إلاّ كنت صاحبه دون أصحابي، و إيّاك أن تعاهد اللّه عهدا، فإنّه ما عاهد اللّه أحد إلاّ كنت صاحبه دون أصحابي، حتّى أحول بينه و بين الوفاء به، و إذا هممت بصدقة فامضها، فإنّه إذا همّ العبد بصدقة كنت صاحبه دون أصحابي، أحول بينه و بينها، ثمّ ولّى إبليس و يقول: يا ويله و يا عوله علّمت موسى ما لا يعلّمه بني آدم. (2)

أقول:

لاحظ صدر الحديث في الكافي ج 2 باب العجب ح 8.

بيان: «فلا قرّب اللّه دارك» : أي لا قرّبك اللّه منّا، أو من أحد. «ذو ألوان» : كأنّ الألوان في برنسه كانت صورة شهوات الدنيا و زينتها و آلات إضلاله للناس.

«اختطف» : أي استلب. «استحوذ عليه» : أي غلبه و استولى عليه.

ص:258


1- -تفسير القمّي ج 1 ص 172( المائدة:67)
2- أمالي المفيد ص 93 م 19 ح 7

22-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: اتّخذوا الشيطان لأمرهم ملاكا، و اتّخذهم له أشراكا، فباض و فرّخ في صدورهم، و دبّ و درج في حجورهم، فنظر بأعينهم و نطق بألسنتهم، فركب بهم الزلل، و زيّن لهم الخطل، فعل من قد شركه الشيطان في سلطانه، و نطق بالباطل على لسانه. (1)

بيان:

«ملاك» الشيء: قوامه الذي يملك به. «الشرك» : جمع أشراك و هو ما يصاد به، فكأنّهم آلة الشيطان للإضلال. «باض و فرّخ» : كناية عن توطّنه صدورهم و طول مكثه فيها، لأنّ الطائر لا يبيض إلاّ في عشّه، و فراخ الشيطان: وساوسه.

«دبّ و درج» : تربى في حجورهم كما يربى الطفل في حجر والديه. «الخطل» : أقبح الخطأ. (صبحي)

23-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في خطبة الغرّاء) : . . . اوصيكم بتقوى اللّه الذي أعذر بما أنذر، و احتجّ بما نهج، و حذّركم عدوّا نفذ في الصدور خفيّا، و نفث في الآذان نجيّا، فأضلّ و أردى، و وعد فمنّى، و زيّن سيّئات الجرائم، و هوّن موبقات العظائم، حتّى إذا استدرج قرينته، و استغلق رهينته، أنكر ما زيّن، و استعظم ما هوّن، و حذّر ما أمّن. . . (2)

بيان:

«النجيّ» : من تحادثه سرّا، من النجوى. «استدرج قرينته» : أي ضلّ قرينه تدريجا. «استغلق رهينته» : أي جعله بحيث لا يمكن تخليصه.

24-و قال عليه السّلام: فاعتبروا بما كان من فعل اللّه بإبليس، إذ أحبط عمله الطويل، و جهده الجهيد-و كان قد عبد اللّه ستّة آلاف سنة لا يدرى أمن سني

ص:259


1- -نهج البلاغة ص 59 خ 7
2- نهج البلاغة ص 194 في خ 82

الدنيا أم من سني الآخرة-عن كبر ساعة واحدة. . . فاحذروا عباد اللّه، عدوّ اللّه أن يعديكم بدائه، و أن يستفزّكم بندائه، و أن يجلب عليكم بخيله و رجله. . . (1)

بيان:

«يعديكم بدائه» : أي يصيبكم بشيء من دائه. «يستفزّكم» : أي يستنهضكم لما يريد. «و أن يجلب عليكم بخيله و رجله» : المراد أعوانه.

25-و قال عليه السّلام: و الشيطان موكّل به، يزيّن له المعصية ليركبها، و يمنّيه التوبة ليسوّفها، حتّى تهجم منيّته عليه أغفل ما يكون عنها. فيا لها حسرة على ذي غفلة أن يكون عمره عليه حجّة. (2)

بيان:

«حتّى تهجم منيّته» : أي يأتيه الموت بغتة و غفلة.

و قد مرّ في باب التوبة، لمّا نزلت هذه الآية: وَ اَلَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً. . .

صعد إبليس جبلا بمكّة يقال له: ثور، فصرخ بأعلا صوته بعفاريته، فاجتمعوا إليه، فقالوا: يا سيّدنا، لم دعوتنا؟ قال: نزلت هذه الآية فمن لها؟ فقام عفريت من الشياطين فقال: أنا لها بكذا و كذا قال: لست لها، فقام آخر فقال: مثل ذلك فقال:

لست لها، فقال الوسواس الخنّاس: أنا لها قال: بما ذا؟ قال: أعدهم و أمنّيهم حتّى يواقعوا الخطيئة، فإذا واقعوا الخطيئة أنسيتهم الاستغفار، فقال: أنت لها، فوكّله بها إلى يوم القيامة.

26-و قال عليه السّلام: و مجالسة أهل الهوى منساة للإيمان، و محضرة للشيطان. (3)

ص:260


1- -نهج البلاغة ص 779 في خ 234-صبحي ص 287 في خ 192
2- نهج البلاغة ص 153 في خ 63
3- نهج البلاغة ص 208 في خ 85

27-عن عبد الحميد أبي العلاء عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال لي:

يا أبا محمّد، و اللّه لو أنّ إبليس سجد للّه بعد المعصية و التكبّر عمر الدنيا ما نفعه ذلك، و لا قبله اللّه عزّ و جلّ منه ما لم يسجد لآدم كما أمره اللّه أن يسجد له. . . (1)

أقول:

قد مرّ ما بمعناه في باب الأخذ بالسنّة.

28-قال الصادق عليه السّلام: إذا أتى أحدكم أهله فليذكر اللّه فإنّ من لم يذكر اللّه عند الجماع فكان منه ولد كان شرك شيطان، و يعرف ذلك بحبّنا و بغضنا. (2)

بيان:

«شرك الشيطان» : أي مشاركا فيه مع الشيطان. (مجمع البحرين)

29-قال أبو جعفر عليه السّلام: إذا انكشف أحدكم لبول أو لغير ذلك فليقل:

«بسم اللّه» فإنّ الشيطان يغضّ بصره عنه حتّى يفرغ. (3)

30-عن عليّ بن أسباط عن الرضا عليه السّلام قال: قال لي: إذا خرجت من منزلك في سفر أو حضر فقل: «بسم اللّه آمنت باللّه توكّلت على اللّه ما شاء اللّه لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه» فتلقّاه الشياطين فتضرب الملائكة وجوهها و تقول:

ما سبيلكم عليه قد سمّى اللّه و آمن به، و توكّل على اللّه، و قال: ما شاء اللّه لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه. (4)

31-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا أكلت الطعام فقل: بسم اللّه في أوّله و في آخره، فإنّ العبد إذا سمّى في طعامه قبل أن يأكل لم يأكل معه الشيطان [و إذا لم يسمّ أكل معه الشيطان]و إذا سمّى بعد ما يأكل و أكل الشيطان منه تقيّأ

ص:261


1- -البحار ج 63 ص 198 باب إبليس ح 10
2- البحار ج 63 ص 201 ح 19
3- البحار ج 63 ص 201 ح 20
4- البحار ج 63 ص 201 ح 21-( صحّحنا الحديث على ما في المصدر)

ما كان أكل. (1)

32-و قال عليه السّلام: إذا توضّأ أحدكم و لم يسمّ كان للشيطان في وضوئه شرك، و إن أكل أو شرب أو لبس [و كلّ شيء صنعه]ينبغي أن يسمّي عليه فإن لم يفعل كان للشيطان فيه شرك. (2)

33-قال العسكريّ عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: تعوّذوا باللّه من الشيطان الرجيم فإنّ من تعوّذ باللّه أعاذه اللّه، و تعوّذوا من همزاته و نفخاته و نفثاته، أ تدرون ما هي؟ أمّا همزاته: فما يلقيه في قلوبكم من بغضنا أهل البيت، قالوا:

يا رسول اللّه، و كيف نبغضكم بعد ما عرفنا محلّكم من اللّه و منزلتكم؟ قال:

أن تبغضوا أولياءنا و تحبّوا أعداءنا.

قيل: يا رسول اللّه، و ما نفخاتهم؟ قال: هي ما ينفخون به عند الغضب في الإنسان الذي يحملونه على هلاكه في دينه و دنياه، و قد ينفخون في غير حال الغضب بما يهلكون به، أ تدرون ما أشدّ ما ينفخون؟ و هو ما ينفخون بأن يوهموا أنّ أحدا من هذه الامّة فاضل علينا أو عدل لنا أهل البيت، و أمّا نفثاته: فإنّه يرى أحدكم أنّ شيئا بعد القرآن أشفى له من ذكرنا أهل البيت و من الصلاة علينا. (3)

34-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: في أوّل يوم من شهر رمضان تغلّ [المردة من]الشياطين. (4)

بيان:

«المارد» جمع مردة: العاتي كأنّه تجرّد من الخير.

ص:262


1- -البحار ج 63 ص 203 ح 25
2- البحار ج 63 ص 203 ح 27
3- البحار ج 63 ص 204 ح 29
4- البحار ج 63 ص 205 ح 32

35-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أكثروا من الدواجن في بيوتكم تتشاغل بها الشياطين عن صبيانكم. (1)

بيان:

«الداجن» جمع دواجن: و هو الحمام والديك و الشاة و غيرها ممّا ألف البيوت و استأنس.

36-عن سليم بن قيس عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

إنّ اللّه حرّم الجنّة على كلّ فحّاش بذيء، قليل الحياء، لا يبالي ما قال و لا ما قيل له، فإنّك إن فتّشته لم تجده إلاّ لغيّة أو شرك شيطان، قيل: يا رسول اللّه، و في الناس شرك شيطان؟ فقال صلّى اللّه عليه و آله: أما تقرأ قول اللّه عزّ و جلّ: وَ شارِكْهُمْ فِي اَلْأَمْوالِ وَ اَلْأَوْلادِ . . . (2)

بيان:

في القاموس، ولد غيّة و يكسر: زنية.

37-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: حيث علّمه الدعاء إذا دخلت عليه امرأته، و قال فيه: و لا تجعل فيه شركا للشيطان، قال: قلت: و بأيّ شيء يعرف ذلك؟ قال: أما تقرأ كتاب اللّه عزّ و جلّ: وَ شارِكْهُمْ فِي اَلْأَمْوالِ وَ اَلْأَوْلادِ ثمّ قال: إنّ الشيطان ليجيء حتّى يقعد من المرأة كما يقعد الرجل منها و يحدث كما يحدث و ينكح كما ينكح، قلت: بأيّ شيء يعرف ذلك؟ قال: بحبّنا و بغضنا فمن أحبّنا كان نطفة العبد، و من أبغضنا كان نطفة الشيطان. (3)

38-قيل للإمام العسكريّ عليه السّلام: فعلى هذا لم يكن إبليس أيضا ملكا فقال: لا، بل كان من الجنّ، أما تسمعون اللّه عزّ و جلّ يقول: وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ

ص:263


1- -البحار ج 63 ص 206 ح 38
2- البحار ج 63 ص 206 ح 39
3- البحار ج 63 ص 207 ح 40

اُسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاّ إِبْلِيسَ كانَ مِنَ اَلْجِنِّ و هو الذي قال اللّه عزّ و جلّ:

وَ اَلْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ اَلسَّمُومِ 1 . . . (1)

بيان:

قال الشيخ المفيد رحمه اللّه في كتاب المقالات: إنّ إبليس من الجنّ خاصّة و إنّه ليس من الملائكة و لا كان منها، قال اللّه تعالى: إِلاّ إِبْلِيسَ كانَ مِنَ اَلْجِنِّ و جاءت الأخبار متواترة عن أئمّة الهدى من آل محمّد عليهم السّلام بذلك، و هو مذهب الإماميّة كلّها و كثير من المعتزلة و أصحاب الحديث. (البحار ج 63 ص 286)

39-عن جميل بن درّاج عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن إبليس أ كان من الملائكة أو هل كان يلي شيئا من أمر السماء؟ قال: لم يكن من الملائكة، و لم يكن يلي شيئا من أمر السماء، و كان من الجنّ، و كان مع الملائكة، و كانت الملائكة ترى أنّه منها، و كان اللّه يعلم أنّه ليس منها، فلمّا أمر بالسجود كان منه الذي كان. (2)

40-عن حفص بن غياث عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ظهر إبليس ليحيى بن زكريّا عليه السّلام و إذا عليه معاليق من كلّ شيء، فقال له يحيى: ما هذه المعاليق يا إبليس؟ فقال: هذه الشهوات التي أصبتها من ابن آدم، قال: فهل لي منها شيء؟ قال: ربما شبعت فثقّلتك عن الصلاة و الذكر، قال يحيى: للّه عليّ أن لا أملأ بطني من طعام أبدا، فقال إبليس: للّه عليّ أن لا أنصح مسلما أبدا.

ثمّ قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا حفص، و للّه على جعفر و آل جعفر أن لا يملأوا بطونهم من طعام أبدا و للّه على جعفر و آل جعفر أن لا يعملوا للدنيا أبدا. (3)

ص:264


1- البحار ج 63 ص 212 ح 47
2- البحار ج 63 ص 218 ح 55
3- البحار ج 63 ص 216 ح 52

41-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال عليّ عليه السّلام: إنّ لإبليس كحلا و سفوفا و لعوقا، فأمّا كحله فالنوم و أمّا سفوفه فالغضب و أمّا لعوقه فالكذب. (1)

بيان:

«السفوف» يقال بالفارسيّة: داروى كوبيده و غيره. «اللعوق» يقال بالفارسيّة:

چيز ليسيدنى مثل عسل و دارو و غيره.

قال رحمه اللّه: مناسبة الكحل للنوم ظاهر، و أمّا السفوف للغضب فلأنّ أكثر السفوفات من المسهلات التي توجب خروج الامور الرديّة، و الغضب أيضا يوجب صدور ما لا ينبغي من الإنسان و بروز الأخلاق الذميمة به و يكثر منه، و أمّا اللعوق فلأنّه غالبا ممّا يتلذّذ به و يكثر منه، و الكذب كذلك.

42-عن عبد العظيم الحسنيّ عن عليّ بن محمّد العسكريّ عليه السّلام قال: جاء إبليس إلى نوح عليه السّلام فقال: إنّ لك عندي يدا عظيمة فانتصحني فإنّي لا أخونك، فتأثّم نوح بكلامه و مساءلته، فأوحى اللّه إليه: أن كلّمه و سله، فإنّي سأنطقه بحجّة عليه.

فقال نوح عليه السّلام: تكلّم، فقال إبليس: إذا وجدنا ابن آدم شحيحا أو حريصا أو حسودا أو جبّارا أو عجولا تلقّفناه تلقّف الكرة، فإن اجتمعت لنا هذه الأخلاق سمّيناه شيطانا مريدا.

فقال نوح عليه السّلام: ما اليد العظيمة التي صنعت؟ قال: إنّك دعوت اللّه على أهل الأرض فألحقتهم في ساعة بالنار، فصرت فارغا، و لو لا دعوتك لشغلت بهم دهرا طويلا. (2)

ص:265


1- -البحار ج 63 ص 217 ح 53
2- البحار ج 63 ص 250 ح 112

بيان:

«الانتصاح» : قبول النصيحة. «التأثّم» : التحرّج و الامتناع مخافة الإثم. «التلقّف» :

الأخذ بسرعة. «الكرة» : كلّ جسم مستدير (توپ)

43-عن عليّ بن محمّد الصوفيّ أنّه لقي إبليس و سأله فقال له: من أنت؟ قال: أنا من ولد آدم، فقال: لا إله إلاّ اللّه، أنت من قوم يزعمون أنّهم يحبّون اللّه و يعصونه و يبغضون إبليس و يطيعونه، فقال: من أنت؟ فقال: أنا صاحب الميسم و الاسم الكبير و الطبل العظيم، و أنا قاتل هابيل، و أنا الراكب مع نوح في الفلك، أنا عاقر ناقة صالح، أنا صاحب نار إبراهيم (إلى أن قال لعنه اللّه بعد ذكر معاصيه:) أنا إمام المنافقين، أنا مهلك الأوّلين، أنا مضلّ الآخرين، أنا شيخ الناكثين، أنا ركن القاسطين، أنا ظلّ المارقين، أنا أبو مرّة مخلوق من نار لا من طين، أنا الذي غضب اللّه عليه ربّ العالمين.

فقال الصوفيّ: بحقّ اللّه عليك إلاّ دللتني على عمل أتقرّب به إلى اللّه و أستعين به على نوائب دهري، فقال: اقنع من دنياك بالعفاف و الكفاف، و استعن على الآخرة بحبّ عليّ بن أبي طالب عليه السّلام و بغض أعدائه، فإنّي عبدت اللّه في سبع سماواته و عصيته في سبع أرضيه، فلا وجدت ملكا مقرّبا و لا نبيّا مرسلا إلاّ و هو يتقرّب بحبّه، قال: ثمّ غاب عن بصري فأتيت أبا جعفر عليه السّلام فأخبرته بخبره، فقال:

آمن الملعون بلسانه و كفر بقلبه. (1)

44-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ إبليس عليه لعائن اللّه يبثّ جنود الليل من حين تغيب الشمس و تطلع، فأكثروا ذكر اللّه عزّ و جلّ في هاتين الساعتين و تعوّذوا باللّه من شرّ إبليس و جنوده، و عوّذوا صغاركم في هاتين

ص:266


1- -البحار ج 63 ص 253 ح 117

الساعتين فإنّهما ساعتا غفلة. (1)

45-عن الخزاعيّ قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يذكر في حديث غدير خمّ أنّه لمّا قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام ما قال، و أقامه للناس صرخ إبليس صرخة فاجتمعت له العفاريت، فقالوا: يا سيّدنا ما هذه الصرخة؟ فقال: ويلكم يومكم كيوم عيسى، و اللّه لأضلّنّ فيه الخلق، قال: فنزل القرآن: وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلاّ فَرِيقاً مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ . . .

قال: ثمّ صرخ إبليس صرخة فرجعت إليه العفاريت فقالوا: يا سيّدنا، ما هذه الصرخة الثالثة؟ قال: و اللّه من أصحاب عليّ، و لكن و عزّتك و جلالك يا ربّ، لازيّننّ لهم المعاصي حتّى أبغضهم إليك قال: فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: و الذي بعث بالحقّ محمّدا، للعفاريت و الأبالسة على المؤمن أكثر من الزنابير على اللحم، و المؤمن أشدّ من الجبل، و الجبل تدنو إليه بالفأس فتنحت منه، و المؤمن لا يستقلّ عن دينه. (2)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة قد مرّ بعضها في باب الإيمان.

بيان: «الفأس» يقال بالفارسيّة: تبر. «النحت» يقال بالفارسيّة: تراشيدن.

46-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما من أحد يحضره الموت إلاّ وكّل به إبليس من شياطينه من يأمره بالكفر و يشكّكه في دينه حتّى تخرج نفسه، فمن كان مؤمنا لم يقدر عليه، فإذا حضرتم موتاكم فلقّنوه شهادة أن لا إله إلاّ اللّه و أنّ محمّدا رسول اللّه حتّى يموت.

و في رواية اخرى قال: فلقّنه كلمات الفرج و الشهادتين و تسمّي له الإقرار

ص:267


1- -البحار ج 63 ص 257 ح 127
2- البحار ج 63 ص 256 ح 125

بالأئمّة عليهم السّلام واحدا بعد واحد حتّى ينقطع عنه الكلام. (1)

47-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: يقول إبليس لجنوده: ألقوا بينهم الحسد و البغي، فإنّهما يعدلان عند اللّه الشرك. (2)

بيان:

«يعدلان» : أي في الإخراج من الدين و العقوبة و التأثير في الفساد، و شيوع المعاصي إنّما نشأت من هاتين الخصلتين.

48-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: بيت الشيطان من بيوتكم بيوت العنكبوت. (3)

49-عن محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام أنّه قال: لا تشرب و أنت قائم و لا تبل في ماء نقيع، و لا تطف بقبر و لا تخل في بيت وحدك، و لا تمش بنعل واحدة (في نعل واحد ف ن) ، فإنّ الشيطان أسرع ما يكون إلى العبد إذا كان على بعض هذه الأحوال.

و قال: إنّه ما أصاب أحدا شيء على هذه الحال فكاد أن يفارقه إلاّ أن يشاء اللّه عزّ و جلّ. (4)

بيان:

«لا تطف» : أي لا تتغوّط، في القاموس، الطوف: الغائط، و طاف: ذهب ليتغوّط كاطّاف على افتعل.

50-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم. (5)

ص:268


1- -البحار ج 63 ص 257 ح 128
2- البحار ج 63 ص 260 ح 136
3- البحار ج 63 ص 260 ح 137
4- البحار ج 63 ص 261 ح 139
5- البحار ج 63 ص 268 ح 154

51-قال عليّ عليه السّلام: . . . و أكثر الدعاء تسلم من سورة الشيطان. . . (1)

بيان:

«سورة الشيطان» : أي سطوته (القهر و الغلبة) .

52-في حديث موسى بن جعفر عليهما السّلام لهشام. . . قال هشام: فقلت له:

فأيّ الأعداء أوجبهم مجاهدة؟ قال عليه السّلام: أقربهم إليك و أعداهم لك و أضرّهم بك و أعظمهم لك عداوة و أخفاهم لك شخصا مع دنوّه منك، و من يحرّض (يحرّص ف ن) أعداءك عليك و هو إبليس الموكّل بوسواس [من]القلوب، فله فلتشتدّ عداوتك، و لا يكوننّ أصبر على مجاهدتك لهلكتك منك على صبرك لمجاهدته، فإنّه أضعف منك ركنا في قوّته، و أقلّ منك ضررا في كثرة شرّه، إذا أنت اعتصمت باللّه فقد هديت إلى صراط مستقيم. . . (2)

بيان:

«الركن» : العزّ و المنعة، و أيضا ما يقوى به، و الأمر العظيم، أي لا يكون صبره في المجاهدة أقوى منك، فمع قوّته و كثرة شرّه أضعف منك ركنا و أقلّ ضررا مع مجاهدتك و اعتصامك باللّه تعالى.

53-روى أبو أمامة أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: إنّ إبليس لمّا انزل إلى الأرض قال: يا ربّ، أنزلتني إلى الأرض و جعلتني رجيما فاجعل لي بيتا، قال: الحمّام، قال: فاجعل لي مجلسا، قال: الأسواق و مجامع الطرق، قال: فاجعل لي طعاما، قال: ما لم يذكر اسم اللّه عليه، قال: اجعل لي شرابا، قال: كلّ مسكر، قال: اجعل لي مؤذّنا، قال: المزامير، قال: اجعل لي قرآنا، قال: الشعر، قال:

اجعل لي كتابا، قال: الوشم، قال: اجعل لي حديثا، قال: الكذب، قال: اجعل لي

ص:269


1- -البحار ج 78 ص 9 في مواعظ عليّ عليه السّلام
2- البحار ج 78 ص 315

مصائد، قال: النساء. (1)

بيان:

«الوشم» يقال بالفارسيّة: نقش و نگار و خال در بدن كوبيدن.

54-عن أبي عبد اللّه عن أبيه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام قال: خرجت ذات يوم إلى ظهر الكوفة و بين يدي قنبر، فقلت له: يا قنبر، ترى ما أرى؟ فقال: ضوّء اللّه عزّ و جلّ لك يا أمير المؤمنين، عمّا عمي عنه بصري، فقلت: يا أصحابنا ترون ما أرى؟ فقالوا: لا قد ضوّء اللّه لك يا أمير المؤمنين عمّا عمي عنه أبصارنا، فقلت:

و الذي فلق الحبّة و برأ النسمة لترونه كما أراه، و لتسمعنّ كلامه كما أسمع، فما لبثنا أن طلع شيخ عظيم الهامة مديد القامة، له عينان بالطول، فقال: السّلام عليك يا أمير المؤمنين و رحمة اللّه و بركاته، فقلت: من أين أقبلت يا لعين؟ قال:

من الأنام، فقلت: و أين تريد؟ قال: الأنام، فقلت: بئس الشيخ أنت، فقال:

لم تقول هذا يا أمير المؤمنين؟

فو اللّه لأحدّثنك بحديث عنّي عن اللّه عزّ و جلّ ما بيننا ثالث، فقلت: يا لعين عنك عن اللّه عزّ و جلّ ما بينكما ثالث؟ قال: نعم، إنّه لما هبطت بخطيئتي إلى السماء الرابعة ناديت: إلهي و سيّدي ما أحسبك خلقت خلقا هو أشقى منّي، فأوحى اللّه تبارك و تعالى: بلى قد خلقت من هو أشقى منك، فانطلق إلى مالك يريكه، فانطلقت إلى مالك فقلت: السّلام يقرء عليك السّلام و يقول: أرني من هو أشقى منّي، فانطلق بي مالك إلى النار فرفع الطبق الأعلى فخرجت نار سوداء ظننت أنّها قد أكلتني و أكلت مالكا، فقال لها: إهدئي فهدأت، ثمّ انطلق بي إلى الطبق الثاني فخرجت نار هي أشدّ من تلك سوادا و أشدّ حمى، فقال لها: اخمدي فخمدت، إلى أن انطلق بي إلى الطبق السابع، و كلّ نار تخرج من طبق هي أشدّ

ص:270


1- -المحجّة البيضاء ج 5 ص 62

من الأولى، فخرجت نار ظننت أنّها قد أكلتني و أكلت مالكا و جميع ما خلقه اللّه عزّ و جلّ، فوضعت يدي على عيني و قلت: مرها يا مالك، أن تخمد و إلاّ خمدت فقال: إنّك لن تخمد إلى الوقت المعلوم، فأمرها فخمدت.

فرأيت رجلين في أعناقهما سلاسل النيران معلّقين بها إلى فوق و على رؤوسهما قوم معهم مقامع النيران يقمعونهما بها، فقلت: يا مالك، من هذان؟ فقال: أو ما قرأت على ساق العرش؟ و كنت (قبل) قد قرأته قبل أن يخلق اللّه الدنيا بألفي عام، لا إله إلاّ اللّه محمّد رسول اللّه أيّدته و نصرته بعليّ، فقال: هذان من أعداء أولئك أو ظالميهم-الوهم من صاحب الحديث-. (1)

55-قال الصادق عليه السّلام: لا يتمكّن الشيطان بالوسوسة من العبد إلاّ و قد أعرض عن ذكر اللّه و استهان بأمره، و سكن إلى نهيه، و نسي اطّلاعه على سرّه، فالوسوسة ما تكون من خارج القلب بإشارة معرفة العقل (2)و مجاورة الطبع، و أمّا إذا تمكّن في القلب فذلك غيّ و ضلالة و كفر، و اللّه عزّ و جلّ دعا عباده بلطف دعوته و عرّفهم عداوة إبليس، فقال تعالى: إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ و قال: إِنَّ اَلشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا .

فكن معه كالغريب مع كلب الراعي يفزع إلى صاحبه في صرفه عنه، كذلك إذا أتاك الشيطان موسوسا ليضلّك عن سبيل الحقّ، و ينسيك ذكر اللّه، فاستعذ منه بربّك و ربّه، فإنّه يؤيّد الحقّ على الباطل، و ينصر المظلوم بقوله عزّ و جلّ: إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ و لن يقدر على هذا و معرفة إيتانه و مذاهب وسوسته، إلاّ بداوم المراقبة و الاستقامة على بساط الخدمة، و هيبة المطّلع و كثرة الذكر، و أمّا المهمل لأوقاته فهو صيد الشيطان

ص:271


1- -الاختصاص ص 105
2- في نسخة: بإشارة القلب

لا محالة.

و اعتبر بما فعل بنفسه من الإغواء و الاغترار و الاستكبار حيث غرّه و أعجبه عمله و عبادته و بصيرته و رأيه و جرأته عليه، قد أورثه علمه و معرفته و استدلاله بعقله اللعنة إلى الأبد، فما ظنّك بنصحه و دعوته غيره.

فاعتصم بحبل اللّه الأوثق و هو الالتجاء إلى اللّه و الاضطرار بصحّة الافتقار إلى اللّه في كلّ نفس، و لا يغرّنّك تزيينه للطاعة عليك، فإنّه يفتح عليك تسعة و تسعين بابا من الخير ليظفر بك عند تمام المائة، فقابله بالخلاف و الصدّ عن سبيله و المضادّة باستهوائه. (1)

56-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

أشعر قلبك التقوى و خالف الهوى تغلب الشيطان.

(الغرر ج 1 ص 115 ف 2 ح 132)

احذروا عدوّا نفذ في الصدور خفيّا و نفث في الآذان نجيّا. (ص 145 ف 4 ح 46)

احذروا عدوّ اللّه إبليس أن يعديكم بدائه أو يستفزّكم بخيله و رجله، فقد فوّق لكم سهم الوعيد و رماكم من مكان قريب (ح 48)

ليس لإبليس وهق (2)أعظم من الغضب و النساء.

(ج 2 ص 595 ف 73 ح 43)

أقول:

الأخبار في الباب كثيرة و قد ذكرنا بعضها، و قد مرّ ما يناسب المقام في أبواب الافتتاح بالتسمية، الأكل، الجماع، آداب الخلاء، الحرص، الحديث، الذنب، الذكر، السجود، و المجالسة، و يأتي أيضا في باب الوسوسة.

ص:272


1- -مصباح الشريعة ص 26 ب 39
2- كمند

و سيأتي في باب الصلاة عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «لا يزال الشيطان ذعرا من المؤمن ما حافظ الصلوات الخمس، فإذا ضيّعهنّ تجرّأ عليه و أوقعه في العظائم» .

و قال عليّ عليه السّلام: «الصلاة حصن من سطوات الشيطان» .

و قال عليه السّلام: «الصلاة حصن الرحمن و مدحرة الشيطان» .

و في المفاتيح عن السجّاد عليه السّلام في مناجاة الشاكّين: «إلهي أشكو إليك عدوّا يضلّني، و شيطانا يغويني، قد ملأ بالوسواس صدري، و أحاطت هواجسه بقلبي، يعاضد لي الهوى، و يزيّن لي حبّ الدنيا، و يحول بيني و بين الطاعة و الزلفى» .

ص:273

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393737312C22426F6F6B4944223A31363732302C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3237342C2253686F77506167654E756D223A22323734222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030332F424B31353931344730303353312F424B3135393134473030335331503237342E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

101- الشعر

الآيات

1- وَ اَلشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ اَلْغاوُونَ- أَ لَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ- وَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ- إِلاَّ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا اَلصّالِحاتِ وَ ذَكَرُوا اَللّهَ كَثِيراً وَ اِنْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا وَ سَيَعْلَمُ اَلَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ. (1)

2- وَ ما عَلَّمْناهُ اَلشِّعْرَ وَ ما يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلاّ ذِكْرٌ وَ قُرْآنٌ مُبِينٌ. (2)

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من قال فينا بيت شعر بنى اللّه تعالى له بيتا في الجنّة. (3)

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما قال فينا قائل بيتا من الشعر حتّى يؤيّد

ص:275


1- -الشعراء:224 إلى 227
2- يس:69
3- العيون ص 4( في المقدّمة) ح 1

بروح القدس. (1)

3-عن الحسن الجهم قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول: ما قال فينا مؤمن شعرا يمدحنا به إلاّ بنى اللّه تعالى له مدينة في الجنّة أوسع من الدنيا سبع مرّات يزوره فيها كلّ ملك مقرّب، و كلّ نبي مرسل. (2)

أقول:

روى رحمه اللّه في ج 2 ص 172 ب 43 بعض أشعار أبي الحسن الرضا عليه السّلام.

4-عن أبي هارون المكفوف قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا أبا هارون، أنشدني في الحسين عليه السّلام قال: فأنشدته فبكى فقال: أنشدني كما تنشدون، يعني بالرقّة، قال: فأنشدته.

امرر على جدث الحسين فقل لأعظمه الزكيّة

قال: فبكى ثمّ قال: زدني قال: فأنشدته القصيدة الاخرى قال: فبكى و سمعت البكاء من خلف الستر قال: فلمّا فرغت قال لي: يا أبا هرون، من أنشد في الحسين عليه السّلام شعرا فبكى و أبكى عشرا كتبت له الجنّة، و من أنشد في الحسين شعرا فبكى و أبكى خمسة كتبت له الجنّة، و من أنشد في الحسين شعرا فبكى و أبكى واحدا كتبت لهما الجنّة، و من ذكر الحسين عليه السّلام عنده فخرج من عينه من الدموع مقدار جناح ذباب كان ثوابه على اللّه و لم يرض له بدون الجنّة. (3)

أقول:

بمضمونه ح 2 عن أبي عمارة المنشد عنه عليه السّلام، و في آخره: و من أنشد في الحسين شعرا فتباكى فله الجنّة.

5-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من أنشد في الحسين عليه السّلام بيت شعر فبكى

ص:276


1- -العيون ص 4 ح 2
2- العيون ص 4 ح 3
3- كامل الزيارات ص 104 ب 33 ح 1

و أبكى عشرة فله و لهم الجنّة، و من أنشد في الحسين بيتا فبكى و أبكى تسعة فله و لهم الجنّة، فلم يزل حتّى قال: من أنشد في الحسين بيتا فبكى-و أظنّه قال: أو تباكى-فله الجنّة. (1)

6-عن زيد الشحّام (في حديث) : أنّ أبا عبد اللّه عليه السّلام قال لجعفر بن عفّان الطائي: بلغني أنّك تقول الشعر في الحسين عليه السّلام و تجيّد؟ قال: نعم، فأنشده فبكى و من حوله حتّى سالت الدموع على وجهه و لحيته، ثمّ قال: يا جعفر، و اللّه لقد شهدك ملائكة اللّه المقرّبون هيهنا يسمعون قولك في الحسين عليه السّلام، و لقد بكوا كما بكينا و أكثر، و لقد أوجب اللّه لك يا جعفر، في ساعتك الجنّة بأسرها و غفر لك، فقال: أ لا أزيدك؟ قال: نعم يا سيّدي، قال: ما من أحد قال في الحسين عليه السّلام شعرا فبكى و أبكى به، إلاّ أوجب اللّه له الجنّة و غفر له. (2)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة، قد مرّ بعضها في باب البكاء ف 2.

7-عن الكميت بن زيد قال: دخلت على أبي جعفر عليه السّلام فقال: و اللّه يا كميت، لو كان عندنا مال لأعطيناك منه، و لكن لك ما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لحسان: لا يزال معك روح القدس ما ذببت عنّا. (3)

بيان:

«ذببت عنّا» في مجمع البحرين، الذبّ: المنع، و منه: «ذبّ عن حريمه ذبّا» ، حمى و دفع.

8-عن خلف بن حمّاد قال: قلت للرضا عليه السّلام: إنّ أصحابنا يروون عن آبائك عليهم السّلام إنّ الشعر ليلة الجمعة و يوم الجمعة و في شهر رمضان و في الليل

ص:277


1- -كامل الزيارات ص 105 ح 4
2- الوسائل ج 14 ص 593 ب 104 من المزار ح 1
3- الوسائل ج 14 ص 594 ح 2

مكروه، و قد هممت أن أرثى أبا الحسن [في ليلة الجمعة]و هذا شهر رمضان، فقال لي: ارث أبا الحسن في ليلة الجمعة و في شهر رمضان و في الليل و في سائر الأيّام، فإنّ اللّه يكافئك على ذلك. (1)

9-عن دعبل الخزاعيّ قال: لمّا أنشدت مولاي عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام قصيدتي التي أوّلها:

مدارس آيات خلت من تلاوة و منزل وحي مقفر العرصات

فلمّا انتهيت إلى قولي:

خروج امام لا محالة خارج يقوم على اسم اللّه و البركات

يميّز فينا كلّ حقّ و باطل و يجزي على النعماء و النقمات

بكى الرضا عليه السّلام بكاء شديدا، ثمّ رفع رأسه إليّ فقال لي: يا خزاعيّ، نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين. . . (2)

أقول:

الأخبار في فضل شعراءهم وصلتهم عليهم السّلام لهم كثيرة، راجع كتب الأخبار.

10-عن حمّاد عن أبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: وَ اَلشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ اَلْغاوُونَ قال: هل رأيت شاعرا يتّبعه أحد؟ إنّما هم قوم تفقّهوا لغير الدين فضلّوا و أضلّوا. (3)

أقول:

في مجمع البيان ج 7 ص 208(ذيل الآية) : روى العيّاشيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

هم قوم تعلّموا و تفقّهوا بغير علم فضلّوا و أضلّوا.

و في الحديث عن الزهريّ قال: حدّثني عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال:

ص:278


1- -الوسائل ج 14 ص 599 ب 105 ح 8
2- المستدرك ج 10 ص 393 ب 84 من المزارح 9
3- البحار ج 2 ص 108 ب 15 من العلم ح 9

يا رسول اللّه، ما ذا تقول في الشعر؟ قال: إنّ المؤمن مجاهد بسيفه و لسانه، و الذي نفسي بيده لكأنّما ينضحونهم بالنبل (أي يرمونهم بالحجارة) .

و في تفسير عليّ بن إبراهيم ج 2 ص 125(ذيل الآية) قال: نزلت في الذين غيّروا دين اللّه بآرائهم، و خالفوا أمر اللّه، هل رأيتم شاعرا قطّ تبعه أحد؟ إنّما عنى بذلك الذين وضعوا دينا بآرائهم فيتبعهم الناس على ذلك. . .

11-عبد اللّه بن غالب الشاعر الذي قال له أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ ملكا يلقي عليه الشعر، و إنّي لأعرف ذلك الملك. (1)

12-في مواعظ الصادق عليه السّلام: إيّاكم و ملاحاة الشعراء، فإنّهم يضنّون بالمدح و يجودون بالهجاء. (2)

بيان:

«الملاحاة» : المنازعة و المخاصمة. «يضنّون» : أي يبخلون.

13-عن نوف قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: يا نوف، إيّاك أن تكون عشّارا، أو شاعرا، أو شرطيّا، أو عريفا، أو صاحب عرطبة و هي الطنبور، أو صاحب كوبة و هو الطبل، فإنّ نبيّ اللّه خرج ذات ليلة فنظر إلى السماء فقال:

إنّها الساعة التي لا يردّ فيها دعوة إلاّ دعوة عريف، أو دعوة شاعر، أو شرطيّ، أو صاحب عرطبة، أو صاحب كوبة. (3)

بيان:

«أو شاعرا» : المراد هنا هو الذي يقول الأباطيل، و يمدح الناس و يهجوهم، و يتقرّب به عند السلاطين، و يقذف المحصنات بشعره. و بهذا المعنى أخبار اخر.

14-سأل الشاميّ أمير المؤمنين عليه السّلام عن أوّل من قال الشعر، فقال:

ص:279


1- -البحار ج 26 ص 231 باب فضل إنشاد الشعر في مدحهم ح 7
2- البحار ج 78 ص 207
3- البحار ج 79 ص 290 باب الشعر ح 3

آدم عليه السّلام. . . (1)

15-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ من الشعر لحكما، و إنّ من البيان لسحرا. . . (2)

16-عن سماعة عن أبي عبد اللّه قال: يا معشر الشيعة، علّموا أولادكم شعر العبديّ فإنّه على دين اللّه (3).

17-سئل أمير المؤمنين عليه السّلام عن أشعر الشعراء، فقال: إنّ القوم لم يجروا في حلبة تعرف الغاية عند قصبتها، فإن كان و لا بدّ، فالملك الضلّيل، يريد امرأ القيس. (4)

أقول:

الأخبار في ذكر أشعارهم عليهم السّلام في المناجاة و غيرها كثيرة، لم يسع المجال ذكرها.

ص:280


1- -البحار ج 79 ص 290 ح 4
2- البحار ج 79 ص 290 ح 5
3- البحار ج 79 ص 293 ح 16
4- نهج البلاغة ص 1295 ح 447

102- باب في الشفاعة

اشارة

و فيه فصول

الفصل الأوّل: آيات الشفاعة

و هي على أقسام:

القسم الأوّل: الآيات التي تنفي الشفاعة

1- وَ اِتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَ لا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ. . . (1)

2- وَ اِتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَ لا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ وَ لا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ وَ لا هُمْ يُنْصَرُونَ. (2)

3- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمّا رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَ لا خُلَّةٌ وَ لا شَفاعَةٌ وَ اَلْكافِرُونَ هُمُ اَلظّالِمُونَ. (3)

ص:281


1- -البقرة:48
2- البقرة:123
3- البقرة:254

أقول:

هذه الآيات الثلاثة و إن تدلّ على نفي الشفاعة في النظر البدوي، إلاّ أنّ الآيتين:

الأولى و الثانية، لا تنفيان الشفاعة مطلقا، بل تدلاّن على أنّ الشفاعة لا تقبل و لا تنفع لبعض الناس، و الثالثة و إن تكون ظاهرة في نفي الشفاعة لكن تخصّص و تفسّر بالآيات الأخرى التي يلي ذكرها في الأقسام الآتية حيث تثبت الشفاعة لبعض (و هم المؤمنون) دون بعض (و هم الظالمون) كما قال اللّه عزّ و جلّ:

ما لِلظّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَ لا شَفِيعٍ يُطاعُ و عن بعض دون بعض كالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله و من أذن اللّه له دون أولياء الكفر.

و أمثال هذا الجمع بين الآيات كثيرة، منها قوله تعالى: وَ اِتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ . . . وَ لا هُمْ يُنْصَرُونَ 1 حيث تنفي نصرة اللّه للناس مطلقا، و من جانب آخر نرى قول اللّه تعالى: إِنّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَ اَلَّذِينَ آمَنُوا فِي اَلْحَياةِ اَلدُّنْيا وَ يَوْمَ يَقُومُ اَلْأَشْهادُ 2 و يجمعها القول بأن نفي النصرة لعامّة الناس من الكفّار و المنافقين دون الرسل و المؤمنين حيث ينصرون في الدنيا و الآخرة.

القسم الثاني: الآيات التي تدلّ على ندم المجرمين، و تمنّيهم للشافع و إظهارهم بأن ليس لهم شفعاء.

4- هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ اَلَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا أَوْ نُرَدُّ. . . (1)

5- فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ- وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ. (2)

ص:282


1- الأعراف:53
2- الشعراء:100 و 101

أقول:

الآيتان أيضا تثبتان الشفاعة، إذ إن لم تكن الشفاعة في يوم القيامة فكيف يتمنّاها هؤلاء و كيف يقولون: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ و يقولون: فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فيعلم وجود شفعاء يوم القيامة يشفعون، و لكن ليس لهم شفيع و لا صديق حميم.

القسم الثالث: الآيات التي مفادها أنّ الشفاعة لا تقبل من أولياء الكفر و الأوثان و. . .

6- . . . وَ ما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ اَلَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَ ضَلَّ عَنْكُمْ ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ. (1)

7- وَ يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اَللّهِ ما لا يَضُرُّهُمْ وَ لا يَنْفَعُهُمْ وَ يَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اَللّهِ. . . (2)

8- أَ أَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ اَلرَّحْمنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً وَ لا يُنْقِذُونِ. (3)

9- أَمِ اِتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اَللّهِ شُفَعاءَ قُلْ أَ وَ لَوْ كانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَ لا يَعْقِلُونَ- قُلْ لِلّهِ اَلشَّفاعَةُ جَمِيعاً. . . (4)

أقول:

هذه الآيات أيضا كما ترى تدلّ على نفي الشفاعة من الشفعاء الذين زعم المشركون أنّهم شفعائهم في الدنيا و الآخرة من الأوثان و الآلهة لا على نفي الشفاعة مطلقا.

ص:283


1- -الأنعام:94
2- يونس:18
3- يس:23
4- الزمر:43 و 44

القسم الرابع: الآيات التي مفادها أنّ الشفاعة للّه تعالى.

10- . . . لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اَللّهِ وَلِيٌّ وَ لا شَفِيعٌ. . . (1)

11- . . . لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَ لا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ. (2)

12- . . . ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَ لا شَفِيعٍ أَ فَلا تَتَذَكَّرُونَ. (3)

13- قُلْ لِلّهِ اَلشَّفاعَةُ جَمِيعاً. . . (4)

أقول:

هذه الآيات تكون على نحو آيات الهداية و الضلالة، و آيات علم الغيب و غيرها، ففيها أنّ الهداية للّه تعالى و الضلالة بيده و. . . فنقول: إنّ الشفاعة للّه تعالى فيأذن لأوليائه أن يشفعوا، و أنّ الشفيع حقيقة هو اللّه سبحانه، و غيره تعالى من الشفعاء لهم الشفاعة بإذن منه.

و أمثالها في القرآن كثيرة كالآيات الناطقة في الخلق و التوفّي و الرزق و علم الغيب و. . . حيث ينفي عزّ و جلّ كلّ كمال عن غيره تعالى ثمّ يثبته لنفسه ثمّ يثبته لغيره بإذنه و مشيّته فتفيد أنّ غيره لا يملك ما يملك من هذه الكمالات بنفسه و استقلاله و إنّما يملكها بتمليك اللّه له إيّاها، و من هنا يظهر أنّ الشفاعة للّه تعالى بنحو الأصالة و لغيره بإذنه و تمليكه.

القسم الخامس: الآيات التي مفادها أنّ الشفاعة بإذن اللّه تعالى.

ص:284


1- -الأنعام:70
2- الأنعام:51
3- السجدة:4
4- الزمر:44

14- . . . مَنْ ذَا اَلَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاّ بِإِذْنِهِ. . . (1)

15- . . . ما مِنْ شَفِيعٍ إِلاّ مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ. . . (2)

16- وَ لا تَنْفَعُ اَلشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلاّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ. . . (3)

أقول:

يستفاد من هذه الآيات أنّ الشفاعة للّه تعالى فيأذن لأوليائه فيشفعوا.

القسم السادس: الآيات التي وردت في شرائط الشافعين.

17- لا يَمْلِكُونَ اَلشَّفاعَةَ إِلاّ مَنِ اِتَّخَذَ عِنْدَ اَلرَّحْمنِ عَهْداً. (4)

18- . . . وَ لا يَشْفَعُونَ إِلاّ لِمَنِ اِرْتَضى وَ هُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ. (5)

19- وَ لا يَمْلِكُ اَلَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ اَلشَّفاعَةَ إِلاّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ. (6)

القسم السابع: الآيات التي وردت في شرائط الذين يشفع لهم في القيامة.

20- يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ اَلشَّفاعَةُ إِلاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ اَلرَّحْمنُ وَ رَضِيَ لَهُ قَوْلاً. (7)

21- وَ لا تَنْفَعُ اَلشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلاّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ. . . (8)

ص:285


1- -البقرة:255
2- يونس:3
3- سبأ:23
4- مريم:87
5- الأنبياء:28
6- الزخرف:86
7- طه:109
8- سبأ:23

22- . . . ما لِلظّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَ لا شَفِيعٍ يُطاعُ. (1)

23- وَ كَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي اَلسَّماواتِ لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاّ مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اَللّهُ لِمَنْ يَشاءُ وَ يَرْضى. (2)

القسم الثامن: الآيات التي تثبت الشفاعة للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله:

24- وَ مِنَ اَللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً. (3)

25- وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى. (4)

أقول:

هذه الآيات كلّها تثبت الشفاعة كما لا يخفى، و تثبت الشفاعة للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله في يوم القيامة.

ص:286


1- -غافر:18
2- النجم:26
3- الإسراء:79
4- الضحى:5
الفصل الثانيّ: إثبات الشفاعة في الأخبار

1-قال الصادق جعفر بن محمّد عليه السّلام: من أنكر ثلاثة أشياء فليس من شيعتنا: المعراج و المسائلة في القبر و الشفاعة. (1)

بيان:

«الشفاعة» في المصباح، شفعت الشيء شفعا من باب نفع: ضممته إلى الفرد، و شفعت الركعة جعلتها ثنتين. . . و شفعت في الأمر شفعا و شفاعة: طالبت بوسيلة أو ذمام، و اسم الفاعل شفيع. . . في المقائيس ج 3 ص 201(شفع) : أصل صحيح يدلّ على مقارنة الشيئين، من ذلك الشفع خلاف الوتر، تقول: كان فردا فشفعته. . . شفع فلان لفلان: إذا جاء ثانيه ملتمسا مطلبه و معينا له. . .

و في المفردات، الشفع: ضمّ الشيء إلى مثله. . . و الشفاعة الانضمام إلى آخر ناصرا له و سائلا عنه، و أكثر ما يستعمل في انضمام من هو أعلى حرمة و مرتبة إلى من هو أدنى، و منه الشفاعة في القيامة انتهى.

و قال المحقّق الطوسي رحمه اللّه في التجريد: و الإجماع على الشفاعة، فقيل: لزيادة المنافع و يبطل منّا في حقّه. . . و قيل: في إسقاط المضارّ، و الحقّ صدق الشفاعة فيهما و ثبوت الثاني له صلّى اللّه عليه و آله لقوله: «ادّخرت شفاعتي لأهل الكبائر من امّتي» .

ص:287


1- -أمالي الصدوق ص 294 م 49 ح 5

قال العلاّمة رحمه اللّه في شرحه على التجريد: اتّفقت العلماء على ثبوت الشفاعة للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و يدلّ عليه قوله تعالى: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً قيل: إنّه الشفاعة، و اختلفوا فقالت الوعيديّة: إنّها عبارة عن طلب زيادة المنافع للمؤمنين المستحقّين للثواب، و ذهبت التفضّليّة إلى أنّ الشفاعة للفسّاق من هذه الامّة في إسقاط عقابهم. . .

ثمّ بيّن المصنّف رحمه اللّه أنّها تطلق على المعنيين معا، كما نقول: «شفع فلان في فلان» إذا طلب له زيادة منافع أو إسقاط مضارّ، و ذلك متعارف عند العقلاء، ثمّ بيّن أنّ الشفاعة بالمعنى الثاني أعني إسقاط المضارّ ثابتة للنبيّ لقوله صلّى اللّه عليه و آله: «ادّخرت شفاعتي لأهل الكبائر من امّتي» و هذا حديث مشهور. (شرح التجريد ص 330) قال شبّر رحمه اللّه في حقّ اليقين ج 2 ص 134: اعلم أنّه لا خلاف بين المسلمين في ثبوت الشفاعة لسيّد المرسلين في امّته، بل في سائر الامم الماضين، بل ذلك من ضروريّات الدين قال اللّه تعالى: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً و إنّما اختلف في معناها فالذي عليه الفرقة المحقّة و أكثر العامّة؛ أنّ الشفاعة كما تكون في زيادة الثواب كذلك تكون لإسقاط العقاب عن فسّاق المسلمين المستحقّين للعذاب. . .

و قال الطبرسيّ في مجمع البيان (البقرة:48) : و هي (يعني الشفاعة) ثابتة عندنا للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله و لأصحابه المنتجبين و الأئمّة من أهل بيته الطاهرين و لصالحي المؤمنين، و ينجي اللّه تعالى بشفاعتهم كثيرا من الخاطئين.

و يؤيّده الخبر الذي تلقّته الامّة بالقبول و هو قوله صلّى اللّه عليه و آله: «ادّخرت شفاعتي لأهل الكبائر من امّتي» و ما جاء في روايات أصحابنا رحمهم اللّه عنهم مرفوعا إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، أنّه قال: «إنّي أشفع يوم القيامة فأشفّع، و يشفع عليّ (عليه السّلام) فيشفّع، و يشفع أهل بيتي فيشفّعون، و إنّ أدنى المؤمنين شفاعة ليشفع في أربعين من إخوانه كلّ قد استوجب النار» . . .

ص:288

و قال النوويّ من العامّة في شرح صحيح مسلم: قال القاضي عياض: مذهب أهل السنّة جواز الشفاعة عقلا و وجوبها سمعا بصريح الآيات، و بخبر الصادق، و قد جاءت الآثار التي بلغت بمجموعها التواتر بصحّة الشفاعة في الآخرة لمذنبي المؤمنين، و أجمع السلف الصالح و من بعدهم من أهل السنّة عليها، و منعت الخوارج و بعض المعتزلة منها، و تعلّقوا بمذاهبهم في تخليد المذنبين في النار، و احتجّوا بقوله تعالى: فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ اَلشّافِعِينَ 1 و أمثاله و هي في الكفّار، و أمّا تأويلهم أحاديث الشفاعة بكونها في زيادة الدرجات فباطل، و ألفاظ الأحاديث في الكتاب و غيره صريحة في بطلان مذهبهم، و إخراج من استوجب النار، لكنّ الشفاعة خمسة أقسام:

أوّلها: مختصّة بنبيّنا محمّد (ص) و هو الإزاحة من هول الموقف و تعجيل الحساب.

الثانية: في إدخال قوم الجنّة بغير حساب، و هذه أيضا وردت لنبيّنا (ص)

الثالثة: الشفاعة لقوم استوجبوا النار فيشفع فيهم نبيّنا (ص) و من يشاء اللّه.

الرابعة: فيمن دخل النار من المؤمنين و قد جاءت الأحاديث بإخراجهم من النار بشفاعة نبيّنا (ص) و الملائكة و إخوانهم من المؤمنين، ثمّ يخرج اللّه تعالى كلّ من قال: لا إله إلاّ اللّه كما جاء في الحديث: لا يبقى فيها إلاّ الكافرون.

الخامسة: الشفاعة في زيادة الدرجات في الجنّة لأهلها و هذه لا ينكرها المعتزلة و لا ينكرون أيضا شفاعة الحشر الأولى.

(البحار ج 8 ص 62-صحيح الترمذي ج 7 ص 127 ب 11 من المجلّدات العشرة ذيل حديث شفاعتي لأهل الكبائر من امّتي)

و قال قاضي عبد الجبّار من العامّة في شرح أصول خمسة ص 677: «لا خلاف بين الامّة في أنّ شفاعة النبيّ (ص) ثابتة للامّة إنّما الخلاف في أنّها يثبت لمن» انتهى.

ص:289

أقول: قال بعض من أهل الفضل بعد ذكر معنى الشفاعة من اللغة:

انّ الشفاعة إمّا تكويني في العالم المحسوس حيث إنّ الموجودات تشفع بعضها لبعض، مثلا إنّ الشمس تشفع للنباتات في نموّها و. . .

و إمّا تشريعيّ على منوال التكوين، حيث إنّ الإنسان يحتاج في عالم التشريع إلى أن ينضمّ بآخر ليرفع درجته أو ليكفر ذنوبه، و الشفاعة في عالم التشريع عامّ إمّا لترفيع الدرجة لقوله عليه السّلام: «ما من أحد من الأوّلين و الآخرين إلاّ و هو يحتاج إلى الشفاعة» و إمّا لتكفير الذنوب و إسقاط عقوباتهم لقوله صلّى اللّه عليه و آله: «شفاعتي لأهل الكبائر من امّتي» و أشار إليه غير واحد من العلماء، و الحقّ أنّ كلّ الشبهات حول الشفاعة من عدم الإدراك الصحيح لمعنى الشفاعة، و عدم إدمان التفكّر في أدلّة الشفاعة و إلاّ لا يبقى إشكال انتهى.

2-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال عليّ عليه السّلام: من كذّب بشفاعة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لم تنله. (1)

3-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لكلّ نبيّ دعوة قد دعا بها و قد سأل سؤلا، و قد خبأت دعوتي لشفاعتي لامّتي يوم القيامة (2).

بيان:

«قد خبأت» في النهاية ج 2 ص 3، يقال: خبأت الشيء: إذا أخفيته و في الحديث «اختبأت عند اللّه خصالا. . .» أي ادّخرتها و جعلتها عنده لي خبيئة. «السؤل» :

ما يسأل.

4-عن ابن عبّاس عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: اعطيت خمسا لم يعطها أحد قبلي: جعلت لي الأرض مسجدا و طهورا، و نصرت بالرعب، و احلّ لي المغنم،

ص:290


1- -العيون ج 2 ص 65 ب 31 ح 292
2- الخصال ج 1 ص 29 باب الواحد ح 103

و اعطيت جوامع الكلم، و اعطيت الشفاعة. (1)

5-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله شفاعة في امّته. (2)

6-دخل أبو أيمن على أبي جعفر عليه السّلام فقال: يغرّون الناس فيقولون:

شفاعة محمّد صلّى اللّه عليه و آله قال: فغضب أبو جعفر عليه السّلام حتّى تربّد وجهه، ثمّ قال: ويحك (أو ويلك) يا أبا أيمن، أغرّك أن عفّ بطنك و فرجك؟ أما و اللّه أن لو قد رأيت أفزاع يوم القيامة لقد احتجت إلى شفاعة محمّد صلّى اللّه عليه و آله ويلك و هل يشفع إلاّ لمن قد وجبت له النار؟ (3)

بيان:

«تربّد» : أي تغيّر.

7-عن أنس قال: رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مقبلا على عليّ بن أبي طالب عليه السّلام و هو يتلو هذه الآية: فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً فقال: يا عليّ، إنّ ربّي عزّ و جلّ ملّكني بالشفاعة في أهل التوحيد من امّتي، و حظر ذلك عمّن ناصبك أو ناصب ولدك من بعدك. (4)

8-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا قمت المقام المحمود تشفّعت في أصحاب الكبائر من امّتي فيشفّعني اللّه فيهم، و اللّه لا تشفّعت فيمن أذى ذرّيّتي. (5)

9-قال اللّه تعالى: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً قال رسول

ص:291


1- -الخصال ج 1 ص 292 باب الخمسة ح 56
2- المحاسن ص 184 ب 45 من الصفوة و النور ح 188
3- المحاسن ص 183 ب 44 ح 185
4- نور الثقلين ج 3 ص 207( الإسراء:79) ح 397
5- نور الثقلين ج 3 ص 207 ح 398

اللّه صلّى اللّه عليه و آله: المقام الذي أشفع فيه لامّتي. (1)

10-عن الصادق عليه السّلام قال: دخل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على فاطمة عليها السّلام و عليها كساء من ثلّة الإبل و هي تطحن بيدها و ترضع ولدها، فدمعت عينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لمّا أبصرها، فقال: يا بنتاه، تعجّلي مرارة الدنيا بحلاوة الآخرة، فقد أنزل اللّه عليّ: وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى و قال الصادق عليه السّلام: رضا جدّي أن لا يبقى في النار موحّد. (2)

بيان:

«الثلّة» : الصوف.

11-عن أحدهما عليهما السّلام في قوله: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً قال: هي الشفاعة. (3)

12-عن سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن شفاعة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يوم القيامة، قال: يلجم الناس يوم القيامة العرق فيقولون: انطلقوا بنا إلى آدم يشفع لنا (عند ربّه ف ن) فيأتون آدم فيقولون: اشفع لنا عند ربّك، فيقول: إنّ لي ذنبا و خطيئة فعليكم بنوح، فيأتون نوحا فيردّهم إلى من يليه، و يردّهم كلّ نبيّ إلى من يليه حتّى ينتهون إلى عيسى فيقول: عليكم بمحمّد رسول اللّه-صلّى اللّه عليه و آله و على جميع الأنبياء-فيعرضون أنفسهم عليه و يسألونه فيقول: انطلقوا، فينطلق بهم إلى باب الجنّة و يستقبل باب الرحمن و يخرّ ساجدا فيمكث ما شاء اللّه فيقول اللّه عزّ و جلّ: ارفع رأسك و اشفع تشفّع و سل تعط، و ذلك قوله: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً . (4)

ص:292


1- -نور الثقلين ج 3 ص 208 ح 399
2- نور الثقلين ج 5 ص 595( الضحى) ح 11
3- البحار ج 8 ص 48 باب الشفاعة ح 49
4- البحار ج 8 ص 35 ح 7( تفسير القمّي رحمه اللّه ج 2 ص 25)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة، روتها العامّة و الخاصّة، ذكرنا هذا الخبر لاختصاره، راجع البحار و جامع الأصول لابن أثير ج 11 من العامّة و. . .

بيان: «يلجم الناس العرق» : أي يبلغ عرقهم إلى أفواههم من شدّة الخوف و الهول و التعب و الحرّ، فيصير بمنزلة اللجام يمنعهم عن الكلام «تشفّع» على بناء المجهول من التفعيل يقال: شفّعه تشفيعا أي قبل شفاعته.

13-في خبر سلمان و أبي ذرّ قالا: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه أعطاني مسألة فأخّرت مسألتي لشفاعة المؤمنين من امّتي يوم القيامة ففعل ذلك. . . (1)

14-عن عبيد بن زرارة قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن المؤمن: هل له شفاعة؟ قال: نعم، فقال له رجل من القوم: هل يحتاج المؤمن إلى شفاعة محمّد صلّى اللّه عليه و آله يومئذ؟ قال: نعم إنّ للمؤمنين خطايا و ذنوبا، و ما من أحد إلاّ يحتاج إلى شفاعة محمّد صلّى اللّه عليه و آله يومئذ.

قال: و سأله رجل عن قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله «أنا سيّد ولد آدم و لا فخر» قال:

نعم قال: يأخذ حلقة باب الجنّة فيفتحها فيخرّ ساجدا، فيقول اللّه: ارفع رأسك اشفع تشفّع، اطلب تعط، فيرفع رأسه ثمّ يخرّ ساجدا فيقول اللّه: ارفع رأسك اشفع تشفّع و اطلب تعط، ثمّ يرفع رأسه فيشفع فيشفّع و يطلب فيعطى. (2)

15-عن بشر بن شريح البصريّ قال: قلت لمحمّد بن عليّ عليهما السّلام أيّة آية في كتاب اللّه أرجى؟ قال: ما يقول فيها قومك؟ قال: قلت: يقولون: يا عِبادِيَ اَلَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اَللّهِ ، قال: لكنّا أهل البيت لا نقول ذلك، قال: قلت: فأيّ شيء تقولون فيها؟ قال: نقول: وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ

ص:293


1- -البحار ج 8 ص 37 ح 14
2- البحار ج 8 ص 48 ح 51

رَبُّكَ فَتَرْضى الشفاعة، و اللّه الشفاعة، و اللّه الشفاعة. (1)

أقول:

و تدلّ على إثبات الشفاعة الأخبار المذكورة في الفصول الآتية أيضا.

ص:294


1- -البحار ج 8 ص 57 ح 72
الفصل الثالث: الشافعين
الأخبار

1-قال أبو جعفر الباقر عليه السّلام: سمعت جابر بن عبد اللّه يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا كان يوم القيامة تقبل ابنتي فاطمة على ناقة من نوق الجنّة. . .

عن يمينها سبعون ألف ملك، و عن شمالها سبعون ألف ملك، و جبرئيل أخذ بخطام الناقة، ينادي بأعلا صوته: غضّوا أبصاركم حتّى تجوز فاطمة بنت محمّد صلّى اللّه عليه و آله، فلا يبقى يومئذ نبيّ و لا رسول و لا صدّيق و لا شهيد إلاّ غضّوا أبصارهم، حتّى تجوز فاطمة فتسير حتّى تحاذى عرش ربّها جلّ جلاله فتزجّ بنفسها عن ناقتها.

و تقول: إلهي و سيّدي، احكم بيني و بين من ظلمني، اللهمّ احكم بيني و بين من قتل ولدي، فإذا النداء من قبل اللّه جلّ جلاله: يا حبيبتي و ابنة حبيبي، سليني تعطى و اشفعي تشفّعى، فو عزّتي و جلالي لأجازني ظلم ظالم.

فتقول: إلهي و سيّدي، ذرّيّتي و شيعتي و شيعة ذرّيّتي و محبّي و محبّي ذرّيّتي، فإذا النداء من قبل اللّه جلّ جلاله: أين ذرّيّة فاطمة و شيعتها و محبّوها و محبّو ذرّيّتها؟ فيقبلون و قد أحاط بهم ملائكة الرحمة فتقدمهم فاطمة عليها السّلام حتّى تدخلهم الجنّة. (1)

ص:295


1- -أمالي الصدوق ص 17 م 5 ح 4

بيان:

«الناقة» جمع نوق: الانثى من الإبل. «خطام الناقة» : أي زمامها (مهار) .

2-عن أبي الحسن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا تستخفّوا بفقراء شيعة عليّ و عترته من بعده، فإنّ الرجل منهم ليشفع في مثل ربيعة و مضر. (1)

بيان:

«ربيعة و مضر» : اسما قبيلتين من العرب، يضرب المثل بهما في الكثرة.

3-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه الصادق عليه السّلام قال: إذا كان يوم القيامة جمع اللّه الأوّلين و الآخرين في صعيد واحد، فتغشاهم ظلمة شديدة، فيضجّون إلى ربّهم و يقولون: يا ربّ، اكشف عنّا هذه الظلمة، قال: فيقبل قوم يمشي النور بين أيديهم قد أضاء أرض القيامة، فيقول أهل الجمع: هؤلاء أنبياء اللّه، فيجيئهم النداء من عند اللّه: ما هؤلاء بأنبياء، فيقول أهل الجمع: فهؤلاء ملائكة، فيجيئهم النداء من عند اللّه: ما هؤلاء بملائكة، فيقول أهل الجمع: هؤلاء شهداء، فيجيئهم النداء من عند اللّه: ما هؤلاء بشهداء.

فيقولون: من هم؟ فيجيئهم النداء: يا أهل الجمع، سلوهم من أنتم، فيقول أهل الجمع: من أنتم؟ فيقولون: نحن العلويّون، نحن ذرّيّة محمّد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، نحن أولاد عليّ وليّ اللّه، نحن المخصوصون بكرامة اللّه، نحن الآمنون المطمئنّون، فيجيئهم النداء من عند اللّه عزّ و جلّ: اشفعوا في محبّيكم و أهل مودّتكم و شيعتكم فيشفعون فيشفّعون. (2)

ص:296


1- -أمالي الصدوق ص 307 م 50 ح 16
2- أمالي الصدوق ص 284 م 47 ح 18

بيان:

في مجمع البحرين، «صعيد واحد» قيل: هي أرض واسعة مستوية.

«أهل الجمع» : أي الحاضرون في المحشر.

4-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ثلاثة يشفعون إلى اللّه عزّ و جلّ فيشفّعون: الأنبياء، ثمّ العلماء، ثمّ الشهداء. (1)

5-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و اعلموا أنّه (أي القرآن) شافع و مشفّع، و قائل و مصدّق، و أنّه من شفع له القرآن يوم القيامة شفّع فيه، و من محل به القرآن يوم القيامة صدّق عليه. (2)

6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ- وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ قال: «الشافعون» الأئمّة، و «الصديق» من المؤمنين. (3)

7-عن أبي حمزة قال: قال أبو جعفر عليه السّلام: للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله شفاعة في امّته، و لنا شفاعة في شيعتنا، و لشيعتنا شفاعة في أهل بيتهم. (4)

8-قوله: وَ لا تَنْفَعُ اَلشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلاّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ قال: لا يشفع أحد من أنبياء اللّه و رسله يوم القيامة حتّى يأذن اللّه له، إلاّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فإنّ اللّه قد أذن له في الشفاعة من قبل يوم القيامة، و الشفاعة له و للأئمّة من ولده، ثمّ بعد ذلك للأنبياء عليهم السّلام. (5)

9-حدّثني أبي عن ابن أبي عمير. . . قال: دخل أبو أيمن على أبي جعفر عليه السّلام

ص:297


1- -الخصال ج 1 ص 156 باب الثلاثة ح 197
2- نهج البلاغة ص 567 في خ 175
3- المحاسن ص 184 ب 45 من الصفوة و النور ح 187
4- المحاسن ص 184 ح 189
5- تفسير القمّي ج 2 ص 201( سبأ:23)

فقال: يا أبا جعفر، يغرّون الناس و يقولون: «شفاعة محمّد شفاعة محمّد» فغضب أبو جعفر عليه السّلام حتّى تربّد وجهه، ثمّ قال: ويحك يا أبا أيمن، أغرّك أن عفّ بطنك و فرجك، أما لو قد رأيت أفزاع القيامة لقد احتجت إلى شفاعة محمّد صلّى اللّه عليه و آله، ويلك فهل يشفع إلاّ لمن وجبت له النار؟

ثمّ قال: ما أحد من الأوّلين و الآخرين إلاّ و هو محتاج إلى شفاعة محمّد صلّى اللّه عليه و آله يوم القيامة، ثمّ قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّ لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الشفاعة في امّته، و لنا الشفاعة في شيعتنا، و لشيعتنا الشفاعة في أهاليهم، ثمّ قال: و إنّ المؤمن ليشفع في مثل ربيعة و مضر، فإنّ المؤمن ليشفع حتّى لخادمه و يقول: يا ربّ، حقّ خدمتي كان يقيني الحرّ و البرد. (1)

10-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : لا تعنونا في الطلب و الشفاعة لكم يوم القيامة فيما قدّمتم.

و قال عليه السّلام: لنا شفاعة و لأهل مودّتنا شفاعة. (2)

11-عن أبي عبد اللّه عن أبيه عن جدّه عن عليّ عليهم السّلام قال: إنّ للجنّة ثمانية أبواب: باب يدخل منه النبيّون و الصدّيقون، و باب يدخل منه الشهداء و الصالحون، و خمسة أبواب يدخل منها شيعتنا و محبّونا، فلا أزال واقفا على الصراط أدعو و أقول: ربّ سلّم شيعتي و محبّي و أنصاري و من توالاني في دار الدنيا.

فإذا النداء من بطنان العرش: قد اجيبت دعوتك، و شفّعت في شيعتك، و يشفع كلّ رجل من شيعتي و من تولاّني و نصرني و حارب من حاربني بفعل أو قول في سبعين ألفا من جيرانه و أقربائه؛ و باب يدخل منه سائر الناس

ص:298


1- -تفسير القمّي ج 2 ص 202
2- البحار ج 8 ص 34 باب الشفاعة ح 3

المسلمين ممّن يشهد أن لا إله إلاّ اللّه و لم يكن في قلبه مقدار ذرّة من بغضنا أهل البيت. (1)

12-عن معاوية بن وهب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: قوله: مَنْ ذَا اَلَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاّ بِإِذْنِهِ. . . قال: نحن أولئك الشافعون. (2)

13-قال رجل لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّ لنا جارا من الخوارج يقول: إنّ محمّدا يوم القيامة همّه نفسه فكيف يشفع؟ فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما أحد من الأوّلين و الآخرين إلاّ و هو يحتاج إلى شفاعة محمّد صلّى اللّه عليه و آله يوم القيامة. (3)

14-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّي لأشفع يوم القيامة فأشفّع، و يشفع عليّ عليه السّلام فيشفّع، و يشفع أهل بيتي فيشفّعون. (4)

15-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا كان يوم القيامة بعث اللّه العالم و العابد، فإذا وقفا بين يدي اللّه عزّ و جلّ قيل للعابد: انطلق إلى الجنّة، و قيل للعالم: قف تشفع للناس بحسن تأديبك لهم. (5)

16-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لكلّ مؤمن خمس ساعات يوم القيامة يشفع فيها. (6)

17-عن أبان بن تغلب قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ المؤمن ليشفع يوم القيامة لأهل بيته، فيشفّع فيهم حتّى يبقى خادمه، فيقول-فيرفع

ص:299


1- -البحار ج 8 ص 39 ح 19
2- البحار ج 8 ص 41 ح 30
3- البحار ج 8 ص 42 ح 31
4- البحار ج 8 ص 43 ح 43
5- البحار ج 8 ص 56 ح 66
6- البحار ج 8 ص 59 ح 78

سبّابتيه-: يا ربّ، خويدمي كان يقيني الحرّ و البرد، فيشفّع فيه. (1)

18-عن سيف التمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: زائر الحسين عليه السّلام مشفّع يوم القيامة لمأة رجل كلّهم قد وجبت لهم النار ممّن كان في الدنيا من المسرفين. (2)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في باب الزيارة، و في ف 3، عن الصادق عليه السّلام: تدخل بشفاعتها (فاطمة بنت موسى عليها السّلام) شيعتي الجنّة بأجمعهم.

ص:300


1- -البحار ج 8 ص 61 ح 86
2- كامل الزيارات ص 165 ب 68 ح 2( البحار ج 101 ص 77 ب 27 ح 36)
الفصل الرابع: فيمن تناله الشفاعة و من أذن اللّه له أن يشفع

1-عن عليّ بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من لم يؤمن بحوضي فلا أورده اللّه حوضي، و من لم يؤمن بشفاعتي فلا أناله اللّه شفاعتي، ثمّ قال صلّى اللّه عليه و آله: إنّما شفاعتي لأهل الكبائر من امّتي، فأمّا المحسنون فما عليهم من سبيل.

قال الحسين بن خالد: فقلت للرضا عليه السّلام: يا بن رسول اللّه، فما معنى قول اللّه عزّ و جلّ: وَ لا يَشْفَعُونَ إِلاّ لِمَنِ اِرْتَضى قال: لا يشفعون إلاّ لمن ارتضى اللّه دينه. (1)

2-عن الصادق جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا قمت المقام المحمود تشفّعت في أصحاب الكبائر من امّتي، فيشفّعني اللّه فيهم، و اللّه لا تشفّعت فيمن آذى ذرّيّتي. (2)

3-عن أبي عبد اللّه الصادق عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا ينال شفاعتي غدا من أخّر الصلاة المفروضة بعد وقتها. (3)

4-عن أبي بصير قال: دخلت على امّ حميدة أعزّيها بأبي عبد اللّه

ص:301


1- -أمالي الصدوق ص 7 م 2 ح 4
2- أمالي الصدوق ص 294 م 49 ح 3
3- أمالي الصدوق ص 399 م 62 ح 15

الصادق عليه السّلام فبكت و بكيت لبكائها، ثمّ قالت: يا أبا محمّد، لو رأيت أبا عبد اللّه عليه السّلام عند الموت لرأيت عجبا، فتح عينيه ثمّ قال: اجمعوا إليّ كلّ من بيني و بينه قرابة، قالت: فلم نترك أحدا إلاّ جمعناه، قالت: فنظر إليهم ثمّ قال: إنّ شفاعتنا لا تنال مستخفّا بالصلاة (1).

5-عن أبي عبد اللّه الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

ما من مؤمن أو مؤمنة مضى من أوّل الدهر أو هو آت إلى يوم القيامة إلاّ و هم شفعاء لمن يقول في دعائه: «اللهمّ اغفر للمؤمنين و المؤمنات» و إنّ العبد ليؤمر به إلى النار يوم القيامة فيسحب، فيقول المؤمنون و المؤمنات: يا ربّنا، هذا الذي كان يدعو لنا فشفّعنا فيه، فيشفّعهم اللّه فيه فينجو. (2)

بيان:

سحبه سحبا: جرّه على وجه الأرض.

6-عن زيد بن عليّ عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ أقربكم منّي غدا و أوجبكم عليّ شفاعة؛ أصدقكم لسانا و أدّاكم للأمانة، و أحسنكم خلقا، و أقربكم من الناس. (3)

7-عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: إنّي مقتول و مسموم و مدفون بأرض غربة، أعلم ذلك بعهد عهده إليّ أبي عن أبيه عن آبائه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

ألا فمن زارني في غربتي كنت أنا و آبائي شفعاؤه يوم القيامة، و من كنّا شفعاؤه نجى و لو كان عليه مثل وزر الثقلين. (4)

ص:302


1- -أمالي الصدوق ص 484 م 73 ح 10
2- أمالي الصدوق ص 456 م 70 ح 3
3- أمالي الصدوق ص 508 م 76 ح 5
4- أمالي الصدوق ص 611 م 89 ح 8

أقول:

بهذا المعنى أخبار عديدة، قد مرّ بعضها في باب الزيارة.

8-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله: لا يَمْلِكُونَ اَلشَّفاعَةَ إِلاّ مَنِ اِتَّخَذَ عِنْدَ اَلرَّحْمنِ عَهْداً قال: لا يشفع و لا يشفّع لهم و لا يشفعون إلاّ من اتّخذ عند الرحمن عهدا؛ إلاّ من أذن له بولاية أمير المؤمنين و الأئمّة عليهم السّلام من بعده، فهو العهد عند اللّه. . . (1)

9-عن أبي اسامة عن أبي عبد اللّه و أبي جعفر عليهما السّلام قالا: و اللّه لنشفعنّ في المذنبين من شيعتنا حتّى يقولوا أعداؤنا إذا رأوا ذلك: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ- وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ- فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ قال: من المهتدين، قال:

لأنّ الإيمان قد لزمهم بالإقرار. (2)

10-عن الرضا عن آبائه عن الحسين بن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام: بشّر لشيعتك أنّي لشفيع لهم يوم القيامة، يوم لا تنفع إلاّ شفاعتي. (3)

أقول:

بهذا المضمون أخبار كثيرة، سيأتي بعضها في باب الشيعة ف 1.

11-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ الجار ليشفع لجاره، و الحميم لحميمه، و لو أنّ الملائكة المقرّبين و الأنبياء المرسلين شفعوا في ناصب ما شفّعوا. (4)

أقول:

وردت بهذا المعنى روايات عديدة، لاحظ عقاب الأعمال (ص 246 باب عقاب الناصب) و غيره.

ص:303


1- -تفسير القمّي ج 2 ص 57( مريم:87)
2- تفسير القمّي ج 2 ص 123( الشعراء:100)
3- العيون ج 2 ص 67 ب 31 ح 313
4- المحاسن ص 184 ب 45 من الصفوة و النور ح 190

12-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ المؤمن منكم يوم القيامة ليمرّ عليه بالرجل و قد امر به إلى النار فيقول له: يا فلان أغثني، فقد كنت أصنع إليك المعروف في الدنيا، فيقول المؤمن للملك: «خلّ سبيله» ، فيأمر اللّه الملك أن أجز قول المؤمن فيخلّي الملك سبيله. (1)

13-عن أبي جعفر الجواد عن آبائه عليهم السّلام قال: قيل لأمير المؤمنين عليه السّلام:

صف لنا الموت، فقال: . . . و أمّا المبهم أمره الذي لا يدرى ما حاله فهو المؤمن المسرف على نفسه لا يدري ما يؤول إليه حاله، يأتيه الخبر مبهما مخوفا، ثمّ لن يسوّيه اللّه عزّ و جلّ بأعدائنا لكن يخرجه من النار بشفاعتنا، فاعملوا و أطيعوا و لا تتّكلوا و لا تستصغروا عقوبة اللّه عزّ و جلّ، فإنّ من المسرفين من لا تلحقه شفاعتنا إلاّ بعد عذاب ثلاثمائة ألف سنة. . . (2)

14-عن الحسن بن عليّ عليهما السّلام (في حديث طويل) : أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال في جواب نفر من اليهود سألوه عن مسائل: و أمّا شفاعتي ففي أصحاب الكبائر ما خلا أهل الشرك و الظلم. (3)

15-عن عليّ بن موسى الرضا عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أربعة أنا لهم شفيع يوم القيامة: المكرم لذرّيّتي، و القاضي لهم حوائجهم، و الساعي في امورهم عند ما اضطرّوا إليه، و المحبّ لهم بقلبه و لسانه. (4)

16-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رسالته إلى أصحابه قال: و اعلموا أنّه ليس يغني عنكم من اللّه أحد من خلقه شيئا، لا ملك مقرّب، و لا نبيّ مرسل، و لا من

ص:304


1- -المحاسن ص 184 ب 46 ح 192
2- البحار ج 6 ص 153 باب سكرات الموت ح 9
3- البحار ج 8 ص 38 باب الشفاعة ح 18
4- البحار ج 8 ص 49 ح 53

دون ذلك، فمن سرّه أن تنفعه شفاعة الشافعين عند اللّه فليطلب إلى اللّه أن يرضى عنه. (1)

17-قال أبو جعفر عليه السّلام: لا تسألوهم الحوائج فتكونوا لهم الوسيلة إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في القيامة. (2)

18-عن عبد الحميد الوابشيّ عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قلت له: إنّ لنا جارا ينتهك المحارم كلّها، حتّى إنّه ليترك الصلاة فضلا عن غيرها؟ فقال: سبحان اللّه و أعظم ذلك؟ أ لا اخبركم بمن هو شرّ منه؟ قلت: بلى، قال: الناصب لنا شرّ منه، أما إنّه ليس من عبد يذكر عنده أهل البيت فيرقّ لذكرنا، إلاّ مسحت الملائكة ظهره، و غفر له ذنوبه كلّها، إلاّ أن يجيء بذنب يخرجه من الإيمان، و إنّ الشفاعة لمقبولة و ما تقبل في ناصب.

و إنّ المؤمن ليشفع لجاره و ما له حسنة، فيقول: يا ربّ، جاري كان يكفّ عنّي الأذى فيشفع فيه، فيقول اللّه تبارك و تعالى: أنا ربّك و أنا أحقّ من كافى عنك، فيدخله الجنّة و ماله من حسنة، و إنّ أدنى المؤمنين شفاعة ليشفع لثلاثين إنسانا، فعند ذلك يقول أهل النار: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ- وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ . (3)

19-عن ابن عبّاس عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: كأنّي أنظر إلى ابنتي فاطمة و قد أقبلت يوم القيامة على نجيب من نور، عن يمينها سبعون ألف ملك، و عن يسارها سبعون ألف ملك (و بين يديها سبعون ألف ملك م) و خلفها سبعون ألف ملك، تقود مؤمنات امّتي إلى الجنّة، فأيّما امرأة صلّت في اليوم و الليلة خمس صلوات و صامت شهر رمضان و حجّت بيت اللّه الحرام و زكّت مالها و أطاعت

ص:305


1- -البحار ج 8 ص 53 ح 61( الكافي ج 8 ص 11 في ح 1)
2- البحار ج 8 ص 55 ح 65
3- البحار ج 8 ص 56 ح 70( الكافي ج 8 ص 101 ح 72)

زوجها و والت عليّا بعدي، دخلت الجنّة بشفاعة ابنتي فاطمة. . . (1)

20-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا كان يوم القيامة نشفع في المذنب من شيعتنا، فأمّا المحسنون فقد نجّاهم اللّه. (2)

أقول:

ليست الشفاعة مختصّة بغفران الذنوب فقط، و أمّا المحسنون فيشفعون لترفيع درجاتهم، و قد مرّ: «ما أحد من الأوّلين و الآخرين إلاّ و هو محتاج إلى شفاعة محمّد صلّى اللّه عليه و آله يوم القيامة» .

21-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام: يا عليّ، من صلّى عليّ كلّ يوم أو كلّ ليلة وجبت له شفاعتي، و لو كان من أهل الكبائر. (3)

22-عن محمّد بن أبي عمير قال: سمعت موسى بن جعفر عليهما السّلام يقول:

لا يخلّد اللّه في النار إلاّ أهل الكفر و الجحود و أهل الضلال و الشرك، و من اجتنب الكبائر من المؤمنين لم يسأل عن الصغائر، قال اللّه تبارك و تعالى: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ نُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً 4 قال: فقلت له: يا بن رسول اللّه، فالشفاعة لمن تجب من المذنبين؟

قال: حدّثني أبي عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:

«إنّما شفاعتي لأهل الكبائر من امّتي، فأمّا المحسنون منهم فما عليهم من سبيل» قال ابن أبي عمير: فقلت له: يا بن رسول اللّه، فكيف تكون الشفاعة لأهل الكبائر و اللّه تعالى ذكره يقول: وَ لا يَشْفَعُونَ إِلاّ لِمَنِ اِرْتَضى وَ هُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ

ص:306


1- -البحار ج 8 ص 58 ح 76
2- البحار ج 8 ص 59 ح 77
3- البحار ج 94 ص 63 باب الصلاة على النبيّ في ح 52

مُشْفِقُونَ 1 و من يرتكب الكبائر لا يكون مرتضى؟ فقال: يا أبا أحمد، ما من مؤمن يرتكب ذنبا إلاّ ساءه ذلك و ندم عليه، و قد قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «كفى بالندم توبة» و قال عليه السّلام: «من سرّته حسنته و ساءته سيّئته فهو مؤمن» فمن لم يندم على ذنب يرتكبه فليس بمؤمن و لم تجب له الشفاعة و كان ظالما، و اللّه تعالى ذكره يقول: ما لِلظّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَ لا شَفِيعٍ يُطاعُ.

فقلت له: يا بن رسول اللّه، و كيف لا يكون مؤمنا من لم يندم على ذنب يرتكبه؟ فقال: يا أبا أحمد، ما من أحد يرتكب كبيرة من المعاصي و هو يعلم أنّه سيعاقب عليها إلاّ ندم على ما ارتكب، و متى ندم كان تائبا مستحقّا للشفاعة، و متى لم يندم عليها كان مصرّا و المصرّ لا يغفر له، لأنّه غير مؤمن بعقوبة ما ارتكب و لو كان مؤمنا بالعقوبة لندم، و قد قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «لا كبيرة مع الاستغفار و لا صغيرة مع الإصرار» و أمّا قول اللّه عزّ و جلّ: وَ لا يَشْفَعُونَ إِلاّ لِمَنِ اِرْتَضى فإنّهم لا يشفعون إلاّ لمن ارتضى اللّه دينه، و الدين الإقرار بالجزاء على الحسنات و السيّئات، فمن ارتضى اللّه دينه ندم على ما ارتكبه من الذنوب لمعرفته بعاقبته في القيامة. (1)

ص:307


1- التوحيد للصدوق رحمه اللّه ص 407 باب الأمر و النهي ح 6
الفصل الخامس: فيما تثبت الشفاعة من أخبار العامّة
اشارة

أقول: حيث أنكر بعض العامّة الشفاعة نذكر شطرا ممّا رووا من أخبارها.

1-قال رسول اللّه (ص) : كلّ نبيّ سأل سؤالا أو قال لكلّ نبيّ دعوة قد دعاها لامّته و إنّي اختبأت دعوتي شفاعة لامّتي يوم القيامة.

أخرجه البخاري و مسلم، و لمسلم قال رسول اللّه (ص) : أنا أوّل الناس يشفع في الجنّة، و أنا أكثر الأنبياء تبعا يوم القيامة، و أنا أوّل من يقرع باب الجنّة. (1)

2-قال رسول اللّه (ص) : لكلّ نبيّ دعوة مستجابة، فتعجّل كلّ نبيّ دعوته و إنّي اختبأت دعوتي شفاعة لامّتي يوم القيامة، فهي نائلة-إن شاء اللّه-من مات من امّتي لا يشرك باللّه شيئا.

و في رواية: أنّ أبا هريرة قال لكعب الأحبار: إنّ نبيّ اللّه قال: لكلّ نبيّ دعوة يدعوها، فاريد إن شاء اللّه أختبئ دعوتي شفاعة لامّتي يوم القيامة فقال كعب لأبي هريرة: أنت سمعت هذا من رسول اللّه؟ قال: نعم.

أخرجه البخاري و مسلم و أخرج الترمذيّ الاولى و الموطّأ المسند من الثانية. (2)

ص:308


1- -جامع الاصول لابن أثير ج 11 ص 123 ف 5 في الشفاعة خ 7984
2- جامع الاصول ج 11 ص 124 خ 7986

3-قال رسول اللّه (ص) : شفاعتي لأهل الكبائر من امّتي.

أخرجه الترمذيّ و أبو داود مثله. (1)

4-قال رسول اللّه (ص) : أتاني آت من عند ربّي فخيّرني بين أن يدخل نصف امّتي الجنّة و بين الشفاعة، فأخترت الشفاعة، فهي نائلة من مات لا يشرك باللّه شيئا.

أخرجه الترمذي. (2)

5-رواية طويلة في الشفاعة و مجيء الناس إلى الأنبياء و عدم قبولهم و قبول نبيّنا (ص) و فيها: فيقول: يا محمّد، ارفع رأسك، و قل يسمع لك، و سل تعطه، و اشفع تشفّع، فأقول: يا ربّ، امّتي امّتي انطلق فمن كان في قلبه مثقال حبّة من برّة أو شعيرة من إيمان فأخرجه منها، ثمّ أرجع إلى ربّي فأحمده بتلك المحامد، ثمّ أخرّ له ساجدا، فيقال لي: يا محمّد، ارفع رأسك و قل يسمع لك، و سل تعطه، و اشفع تشفّع، فأقول: يا ربّ، امّتي امّتي فيقال لي: انطلق فمن كان في قلبه مثقال حبّة من خردل من إيمان فأخرجه منها فأنطلق فأفعل.

ثمّ أعود إلى ربّي فأحمده بتلك المحامد، ثمّ أخرّ له ساجدا فيقال لي: يا محمّد، ارفع رأسك و قل، يسمع لك، و سل تعطه و اشفع تشفّع، فأقول: يا ربّ، امّتي امّتي فيقال لي: انطلق فمن كان في قلبه أدنى أدنى أدنى من مثقال حبّة من خردل من إيمان فأخرجه من النار فأنطلق فأفعل.

و في خبر: آخر ما بقي في النار إلاّ من حبسه القرآن (أي وجب عليه الخلود) ثمّ تلا هذه الآية: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً قال: و هذا المقام المحمود الذي وعده اللّه نبيّكم (ص) . (3)

ص:309


1- -جامع الاصول ج 11 ص 124 خ 7987
2- جامع الاصول ج 11 ص 125 خ 7988
3- جامع الاصول ج 11 ص 125 خ 7989

6-قال يزيد بن صهيب الفقير: كنت قد شغفني رأي من رأى الخوارج، فخرجنا في عصابة ذوي عدد، نريد أن نحجّ، ثمّ نخرج على الناس، قال: فمررنا على المدينة فإذا جابر بن عبد اللّه جالس إلى سارية يحدّث القوم عن رسول اللّه (ص) و إذا هو ذكر الجهنّميّين، فقلت: يا صاحب رسول اللّه، ما هذا الذي تحدّثوننا و اللّه يقول: رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ اَلنّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ. (1)و كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها 2 فما هذا الذي تقولون؟

قال: أ تقرأ القرآن؟ قلت: نعم قال: فاقرأ ما قبله إنّه في الكفّار، ثمّ قال:

هل سمعت بمقام محمّد الذي يبعثه اللّه فيه؟ قلت: نعم قال: فإنّه مقام محمّد المحمود الذي يخرج اللّه به من يخرج. . . (2)

7-قال أبو الزبير: سمعت جابرا يسأل عن الورد. . . ثمّ تحلّ الشفاعة و يشفعون حتّى يخرج من النار من قال: لا إله إلاّ اللّه، و كان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة، فيجعلون بفناء الجنّة. . . (3)

8-إنّ سواد بن قارب أنشد لرسول اللّه قصيدته التي فيها التوسّل و يقول:

و أشهد أنّ اللّه لا ربّ غيره و أنّك مأمون على كلّ غائب

و أنّك أدنى المرسلين وسيلة إلى اللّه يا ابن الأكرمين الأطائب

فمرنا بما يأتيك يا خير مرسل و إن كان فيما فيه شيب الذوائب

و كن لي شفيعا يوم لا ذو شفاعة بمغن فتيلا عن سواد بن قارب (4)

ص:310


1- -آل عمران:192
2- جامع الاصول ج 11 ص 132 خ 7993
3- جامع الاصول ج 11 ص 132 خ 7994
4- الدرر السنية ص 29

أقول:

فيما يلي نذكر من الصحاح الستّة و غيرها المواضع التي تورد فيها أحاديث الشفاعة، و جدير بالإشارة إليه أنّا أسقطنا كثيرا منها، احترازا عن التكرار أو لفقدان لفظ الشفاعة في الخبر أو سهوا:

صحيح مسلم لمسلم بن الحجّاج النيسابوري (المطبوع في المجلّدين) ج 1 كتاب الإيمان ص 116 باب معرفة طريق الرؤية-ص 117 باب إثبات الشفاعة و إخراج الموحّدين من النار.

ص 118 باب آخر أهل النار خروجا-ص 120 و باب أدنى أهل الجنّة منزلة فيها.

ص 122 و 123 و 124 و 125 و 126 و 127 و 128 و 129 و 130.

خ عرض الشفاعة على الأنبياء و عدم قبولهم و قبول نبيّنا (ص) في ص 127 إلى 129.

ص 132 باب دعاء النبيّ لامّته و بكائه شفقة عليهم.

و لاحظ أحاديث الشفاعة أيضا في المطبوع في ثمانية أجزاء (الناشر: دار الفكر- بيروت) المجلّد الأوّل ص 116 و 117 و 118 و 122 و 126 و 127 و 131 و 132.

و المجلّد الثاني ص 4 و 63.

صحيح البخاري لمحمّد بن اسماعيل البخاريّ الجزء 2 ص 130.

الجزء 6 ص 21 تفسير سورة البقرة خ 1 عرض الشفاعة على الأنبياء.

ص 105 تفسير سورة الإسراء خ عرض الشفاعة.

و ص 108. . . حتّى تنتهي الشفاعة إلى النبيّ (ص) فذلك يوم يبعثه اللّه المقام المحمود، و قال (ص) : من قال حين يسمع النداء: اللهمّ ربّ. . . حلّت له شفاعتي يوم القيامة. (ط آخر ص 19 و 96)

ص:311

الجزء 8 ص 144 باب صفة الجنّة و النار خ عرض الشفاعة على الأنبياء، و ص 145 يخرج قوم من النار بشفاعة محمّد (ص) . (ط آخر ص 126 ب 51)

الجزء 9 كتاب التوحيد ص 149 باب ما يذكر في الذات و النعوت خ عرض الشفاعة على الأنبياء ص 158.

و ص 161 باب و كان عرشه على الماء، خ معرفة الرؤية و عرض الشفاعة على الأنبياء.

ص 170 باب قوله تعالى: إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ. . . خ لكلّ نبيّ دعوة.

و ص 179 باب كلام الربّ مع الأنبياء «إذا كان يوم القيامة شفعت» و خ سؤال الشفاعة و عرض الشفاعة على الأنبياء.

و ص 182 عرض الشفاعة على آدم و عدم قبوله.

(ط آخر كتاب التوحيد ب 19 ب 24 ب 36 و ص 140)

و راجع الأحاديث أيضا في الصحيح الناشر من دار الفكر-بيروت، في ثمانية أجزاء، الجزء الأوّل ص 113.

و الرابع ص 113.

و الخامس ص 236.

و السابع ص 145 و 202 و 203.

و الثامن ص 193 و 201.

مسند أحمد لأحمد بن حنبل ج 1 في مسند أبي بكر ص 4 خ عرض الشفاعة على الأنبياء. في مسند عمر ص 23، قال النبيّ (ص) : و إنّه سيكون من بعدكم قوم يكذبون بالرجم، و بالدجّال، و بالشفاعة، و بعذاب القبر، و بقوم يخرجون من النار بعد ما امتحشوا.

في مسند عليّ بن أبي طالب عليه السّلام ص 148: قال النبيّ (ص) : من قرء القرآن فاستظهره شفّع في عشرة من أهل بيته قد وجبت لهم النار.

ص:312

في مسند عبد اللّه بن عباس ذيل ص 277: . . . فإنّي سمعت رسول اللّه يقول: ما من مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا لا يشركون باللّه شيئا إلاّ شفّعهم اللّه فيه. و ص 281: لكلّ نبيّ دعوة و خ عرض الشفاعة على الأنبياء.

و ص 301. . . و أعطيت الشفاعة. . .

ج 2 في مسند عبد اللّه بن عمر ص 75: خيّرت بين الشفاعة أو يدخل نصف امّتي، فأخترت الشفاعة لأنّها أعمّ و أكفى، أ ترونها للمتّقين؟ لا و لكنّها للمتلوّثين الخطّاؤون.

و ص 168: . . . فمن سئل لي الوسيلة حلّت عليه الشفاعة، و ص 174: الصيام و القرآن يشفعان للعبد.

في مسند أبي هريرة ص 293 و ص 294: خ معرفة الرؤية ص 299: إنّ من سورة القرآن ثلاثون آية شفعت لرجل حتّى غفر له و هي تَبارَكَ اَلَّذِي بِيَدِهِ اَلْمُلْكُ .

و ص 307: . . . و شفاعتي لمن شهد أن لا إله إلاّ اللّه مخلصا و ص 312: لكلّ نبيّ دعوة. و ص 344: إذا دخل أهل الجنّة و ص 368 و ص 369: . . . ثمّ يقال: يا أهل النار، فيطلعون مستبشرين يرجون الشفاعة و ص 373: . . . أسعد الناس بشفاعتي. . . و ص 400: . . . فيدخلهم الجنّة برحمته بعد شفاعة من يشفع.

و ص 444: قوله تعالى: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً قال: الشفاعة ص 445 و ص 540: . . . و أوّل شافع و أوّل مشفّع.

ج 4 ص 108: من صلّى على محمّد. . . وجبت له الشفاعة، و ص 138: خ عثمان بن حنيف و هو يأتي في الشفاعة في الدنيا و ص 212: . . . و إنّ من امّتي يدخل الجنّة بشفاعة مثل مضر. . . ص 404: . . . فخيّرني بين الشفاعة. . . و ص 416: . . .

و أعطيت الشفاعة و ليس من نبيّ إلاّ و قد سأل شفاعة. . .

ج 5 ص 43: . . . ثمّ يؤذن للملائكة و النبيّين و الشهداء أن يشفعوا فيشفعون. . .

ص 137: كنت إمام النبيّين و خطيبهم و صاحب شفاعتهم و لا فخر.

ص:313

أخرج بهذا المضمون أخبارا كثيرة.

ص 249: اقرؤا القرآن، فإنّه شافع لأصحابه يوم القيامة. ص 347: إنّي لأرجو أن أشفع يوم القيامة عدد ما في الأرض من شجرة و مدرة. ص 402: يخرج اللّه قوما. . . بشفاعة الشافعين. . . ص 326: . . . فاسأل يا محمّد، تعط فقلت: مسألتي شفاعة لامّتي. . .

ج 6 ص 23: . . . فخيّرني بين أن يدخل. . . ص 428: فسألته أن يولّيني شفاعة يوم القيامة فيهم ففعل. . .

و لاحظ أحاديث الشفاعة أيضا في المسند طبعة «دار صادر-بيروت» .

المجلّد الأوّل ص 24 و 281 و 295 و 301.

و المجلّد الثاني ص 75 و 168 و 275 و 307 و 313 و 369 و 382 و 401 و 409 و 427 و 430 و 444 و 454 و 478 و 487 و 499 و 518.

و المجلّد الثالث ص 11 و 20 و 25 و 26 و 79 و 134 و 218 و 219 و 258 و 276 و 292 و 330 و 345 و 354 و 384 و 396 و 470.

و المجلّد الرابع ص 404 و 415 و 416 و 434.

و المجلّد الخامس ص 145 و 148 و 149 و 162 و 232 و 257 و 261 و 267 و 326 و 366 و 402.

و المجلّد السادس ص 24 و 29 و 428.

صحيح الترمذيّ لمحمّد بن عيسى الترمذيّ (المطبوع في خمسة أجزاء) ج 4 ص 43 ب 10 من صفة القيامة، باب فيما جاء في الشفاعة خ 2551 عرض الشفاعة على الأنبياء.

ب 11 خ 2552 و 2553 شفاعتي لأهل الكبائر من امّتي.

ص 46 خ 2555 يدخل الجنّة رجل من امّتي أكثر من بني تميم، قيل: يا رسول اللّه، سواك؟ قال: سواي.

ص:314

خ 2556 قال: إنّ من امّتي من يشفع للفئام من الناس، و منهم من يشفع للقبيلة، و منهم من يشفع للعصبة، و منهم من يشفع للرجل حتّى يدخلوا الجنّة.

خ 2557 و خ 2558: فخيّرني بين أن يدخل نصف امّتي و بين الشفاعة. . .

ص 114 ب 8 من أبواب صفة جهنّم خ 2727: ليخرجنّ قوم من امّتي من النار بشفاعتي يسمّون الجهنّميّون.

ص 345 ب 13 من فضائل القرآن خ 3069: حديث من قرأ القرآن فاستظهره. . .

ص 365: سورة بني إسرائيل خ 5145: في قوله تعالى: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً و سئل عنها، قال: هي الشفاعة.

ج 5 ص 247 ب 22 من المناقب خ 3692: إذا كان يوم القيامة كنت إمام النبيّين و خطيبهم، و صاحب شفاعتهم غير فخر.

ص 248 خ 3695: . . . و أنا أوّل شافع و أوّل مشفّع يوم القيامة و لا فخر. . .

راجع المطبوع في عشرة أجزاء. الجزء 5 ص 303-الجزء 7 ص 120 و ص 121 و ص 130 و ص 131 و ص 132 و ص 317 إلى غير ذلك، الجزء 8 ص 572- الجزء 10 ص 82 و ص 83 و ص 84.

سنن ابن ماجة لمحمّد بن يزيد القزوينيّ ج 2 ص 1440 كتاب الزهد ب 37 في ذكر الشفاعة خ 4307: لكلّ نبيّ دعوة خ 4308: . . . أنا أوّل شافع و أوّل مشفّع.

ص 1441 خ 4310: إنّ شفاعتي يوم القيامة لأهل الكبائر من امّتي، خ 4311:

خيّرت بين الشفاعة. . .

ص 1442 خ 4312: حديث عرض الشفاعة على الأنبياء.

ص 1443 خ 4313: قال: يشفع يوم القيامة ثلاثة: الأنبياء ثمّ العلماء ثمّ الشهداء.

خ 4314: كنت إمام النبيّين و خطيبهم و صاحب الشفاعة غير فخر.

الموطّأ لمالك بن أنس ج 1 ص 214.

ص:315

سنن النسائي شرح جلال الدين السيوطيّ ج 4 ص 75: كتاب الجنائز في فضل من صلّى عليه مائة.

خ 1: ما من ميّت يصلّي عليه امّة من المسلمين يبلغون أن يكونوا مائة يشفعون إلاّ شفّعوا فيه. (و بمضمونه خ 2 و 3)

و راجع السنن المطبوع في ثمانية أجزاء (دار الفكر-بيروت) الجزء الأوّل ص 211 و الثاني ص 26 و 229.

سنن أبي داود لسليمان بن الأشعث السجستانيّ ج 2 ص 64 كتاب الجنائز، باب فضل الصلاة على الجنائز: ما من مسلم يموت فيقوم على جنازته. . .

ص 278: في كتاب السنّة باب في الشفاعة «شفاعتي لأهل الكبائر من امّتي» و قال:

يخرج من النار بشفاعة محمّد (ص) .

و ص 268 باب في التخيير بين الأنبياء: أنا سيّد ولد آدم. . . و أوّل شافع و أوّل مشفّع.

و لاحظ أيضا سنن المطبوع في مجلّدين مع تحقيق سعيد محمد اللحام، الناشر دار الفكر في مجلّد الأوّل ص 128 و 129 و الثاني ص 422

مسند أبي داود ص 134 في الجزء 4 خ 998: . . . إنّه أتاني آت من ربّي فخيّرني. . .

ص 181 في الجزء 6 خ 1283: ليدخلنّ الجنّة بشفاعة رجل من امّتي أكثر من بني تميم.

ص 236 في الجزء 7 خ 1703: حمّاد بن زياد قال: قلت لعمرو بن دينار سمعت جابر أنّ رسول اللّه (ص) قال: إنّ قوما يخرجون من النار بالشفاعة؟ قال عمرو:

نعم.

خ 1804: قال: يخرجون من النار بالشفاعة ثمّ يدخلون الجنّة.

سنن الدارمي لعبد اللّه بن بهرام الدارميّ (جزآن في مجلّد واحد، تحقيق محمد

ص:316

أحمد دهمان، الناشر: مطبعة الإعتدال-دمشق) ج 1 ص 323 و ج 2 ص 224 و 328 و 332.

مجمع الزوائد و منبع الفوائد لنور الدين الهيثمي (المطبوع في عشرة مجلّدات) المجلّد الأوّل ص 169 و 261 و 333.

و السابع ص 13 و 164 و 207 و 224 و 248.

و الثامن ص 250 و 258 و 259 و 269.

و العاشر ص 112 و 330 و 367 و 368 و 369 و 370 و 371 و 372 و 376 و 377 و 378 و 379 و 380 و 381 و 384 و 404.

مستدرك الحاكم لمحمّد بن محمّد الحاكم النيسابوريّ (أربع مجلّدات، تحقيق الدكتور يوسف المرعشلي، الناشر: دار المعرفة-بيروت) ج 1 ص 15 و 66 و 67 و 68 و 69 و 70 و 71.

و ج 2 ص 336 و 424.

ج 3 ص 405 و 408 و 610.

ج 4 ص 498 و 570.

إلى غير ذلك من الأخبار.

ص:317

الشفاعة في الدنيا

و ممّا يجب ذكره وجود أخبار كثيرة في كتبهم التي تثبت الشفاعة في الدنيا خلافا لما ادّعاه الوهّابيّون من اختصاصها بالآخرة فنذكر شطرا منها:

1-إنّ رجلا ضرير البصر أتى النبيّ (ص) فقال: ادع اللّه أن يعافيني قال:

إن شئت أن دعوت لك، و إن شئت أخّرت ذاك فهو خير، فقال: ادعه فأمره أن يتوضّأ، فيحسن وضوءه، فصلّى ركعتين و يدعو بهذا الدعاء: «اللهمّ إنّي أسألك و أتوجّه إليك بنبيّك محمّد نبيّ الرحمة يا محمّد، إنّي توجّهت بك إلى ربّي في حاجتي هذه فتقضي لي اللهمّ شفّعه فيّ» . (1)

أقول:

في بعض المآخذ زيادة: «قال ابن حنيف: فو اللّه ما تفرّقنا و طال بنا الحديث حتّى دخل علينا كأن لم يكن به ضرّ.

2-قال النبيّ (ص) : ما من ميّت يصلّي عليه أمّة من المسلمين يبلغون أن يكونوا مائة يشفعون إلاّ شفّعوا فيه.

أخرج ثلاثة أحاديث مثله. (2)

3-قال النبيّ (ص) : ما من مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا

ص:318


1- -مسند أحمد ج 4 ص 138 خبر عثمان بن حنيف-سنن ابن ماجة ج 1 ص 441 ح 1385 -المستدرك للحاكم ج 1 ص 313 و نقل عنه السيوطيّ في جامع الصغير ص 59
2- سنن النسائيّ ج 4 ص 75 كتاب الجنائز في فضل من صلّى عليه مائة

لا يشركون باللّه شيئا إلاّ شفّعوا فيه. (1)

4-في مسند عبد اللّه بن عبّاس. . . فإنّي سمعت رسول اللّه (ص) يقول:

ما من مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا لا يشركون باللّه شيئا إلاّ شفّعهم اللّه فيه. (2)

5-عن عمر بن الخطّاب عن رسول اللّه (ص) : لمّا أذنب آدم الذي أذنبه رفع رأسه إلى السماء فقال: أسألك بحقّ محمّد إلاّ غفرت لي فأوحى إليه؛ و من محمّد؟ فقال: تبارك اسمك، لمّا خلقت رفعت رأسي إلى عرشك فإذا فيه مكتوب: «لا إله إلاّ اللّه و محمّد رسول اللّه» ، فقلت: إنّه ليس أحد أعظم عندك قدرا ممّن جعلت اسمه مع اسمك. فأوحى إليه إنّه آخر النبيّين من ذرّيّتك و لو لا هو لما خلقتك. (3)

6-استسقى عمر بن الخطّاب بالعبّاس عام الرمادة لمّا اشتدّ القحط فسقاهم اللّه تعالى به و اخصبت الأرض. فقال عمر هذا: و اللّه الوسيلة إلى اللّه و المكان منه. . . و لمّا سقي الناس طفقوا يتمسّحون بالعبّاس و يقولون: هنيا لك ساقي الحرمين. (4)

7-سأل منصور الدوانيقيّ عن الإمام مالك بن أنس في حرم الرسول فقال: يا أبا عبد اللّه، أستقبل القبلة و أدعو أم أستقبل رسول اللّه؟ قال: لم تصرف وجهك عنه و هو وسيلتك و وسيلة أبيك آدم عليه السّلام إلى اللّه يوم القيامة بل استقبله

ص:319


1- -سنن أبي داود ج 2 ص 73 كتاب الجنائز باب فضل الصلاة على الجنائز
2- مسند أحمد ج 1 ص 278- صحيح مسلم ج 3 ص 54
3- الدرّ المنثور ج 1 ص 59- المستدرك للحاكم ج 2 ص 615-روح المعاني ج 1 ص 217
4- أسد الغابة ج 3 ص 11( المواهب اللدنّيّة ج 3 ص 380) - صحيح البخاري ج 2 ص 32 باب صلاة الإستسقاء-وفاء الوفاء ج 3 ص 375

و استشفع به، فيشفعك اللّه، قال اللّه تعالى: وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ. . . (1)

ص:320


1- -وفاء الوفاء ج 2 ص 1376- الدرر السنيّة ص 10
الفصل السادس: شبهات حول الشفاعة
اشارة

قد تبيّن لك أيّها القارئ الكريم، أنّ المسلمين مجمعون على ثبوت الشفاعة و هي ممّا لا ينكره العقل بل يتلقّاه بالقبول، و الآيات و الأخبار متظافرة في إثباتها و كيفيّتها.

هذا و لكن نشاهد في هذا الأوان بعض من يغرّب و يشرّق و يرتأي الأفكار الجاهليّة الحديثة ينكر هذه المسألة التي هي من ضروريّات الدين، أو يؤوّل النصوص بعد قبول أصلها لشبهات طرأت عنده، و الحقّ أنّ هذه الشبهات تنشأ من عدم الإدراك الصحيح لمعنى الشفاعة، و عدم التدبّر في أدلّتها من الآيات و الأخبار. مع أنّ الواجب علينا إذا جاء الصادق المصدّق بخبر هو القبول و التصديق به، لا إنكاره أو تأويله.

ثمّ هؤلاء القوم ما يقولون في مسألة التوبة و الاستغفار؟ مع توافر الآيات و الأخبار فيها، فما يجيبون عنه هناك نجيب به هنا، على أنّه جاء في القرآن: وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اَللّهَ وَ اِسْتَغْفَرَ لَهُمُ اَلرَّسُولُ لَوَجَدُوا اَللّهَ تَوّاباً رَحِيماً 1 و قوله تعالى في سورة يوسف: يا أَبانَا اِسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنّا كُنّا خاطِئِينَ . و قال يعقوب عليه السّلام في جوابهم: سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ

ص:321

رَبِّي إِنَّهُ هُوَ اَلْغَفُورُ اَلرَّحِيمُ .

ثمّ إنّ الشبهات حول المسألة هي على أصعدة مختلفة نتعرّض لأهمّها و الجواب عنها موجزا، و من أراد التفصيل فليراجع كتب الأصحاب.

الشبهة الأولى إنّ الاعتقاد بالشفاعة من عقائد الوثنيّة
اشارة

إنّ الاعتقاد بالشفاعة من عقائد الوثنيّة.

في دائرة المعارف للوجديّ ج 5 ص 402: الشفاعة هي السؤال في التجاوز عن الذنوب، و في الاصطلاح الدينيّ سؤال بعض الصالحين من اللّه التجاوز عن معاقبة بعض المذنبين، و قد أضرّت هذه العقيدة بأكثر الأديان، و ما هي إلاّ تحريف تقصده الكهّان ليكون لهم شأن عند الناس، و قد جاء في الإسلام فقوّم عقائد الامم من هذه الجهة فذكر الشفاعة ثمّ قال: مَنْ ذَا اَلَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاّ بِإِذْنِهِ و قال تعالى: وَ كَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي اَلسَّماواتِ لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاّ مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اَللّهُ لِمَنْ يَشاءُ وَ يَرْضى 1 فمتى علم المسلم أنّ الشافع و المشفّع هو اللّه و أن لا أحد يمكنه أن يغني فتيلا رفع وجهه من الاستشفاع بمثله إلى الاستشفاع بربّه و ناهيك بهذا بعدا عن الوثنيّة و قربا من الديانة الإلهيّة.

الجواب

و للأسف أنّ المؤلّف مع أنّه يعدّ نفسه من أهل التحقيق كأنّه لم يراجع الكتاب و السنّة، حيث إنّهما مشحونان بالآيات و الأخبار المثبتة للشفاعة إذ لو راجع مرّة لما قال: الشفاعة من عقائد الوثنيّة، أما رأى قوله تعالى: وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اَللّهَ وَ اِسْتَغْفَرَ لَهُمُ اَلرَّسُولُ لَوَجَدُوا اَللّهَ تَوّاباً

ص:322

رَحِيماً و قوله تعالى: يا أَبانَا اِسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنّا كُنّا خاطِئِينَ . الآيات حيث تقول الآية الأولى: بشفاعة نبيّنا في الذنوب، و الثانية؛ بشفاعة يعقوب في ذنوب بنيه، و هل يكون الرسول من الكهّان-العياذ باللّه-أم القرآن كتاب الوثنيّة-نستجير باللّه-؟ ! !

و من حسن الحظ أنّ الخصم استدلّ بالآيتين اللتين تثبتان الشفاعة حيث إنّهما تسجّلان أنّ الشافعين من الملائكة و غيرهم لا يشفعون إلاّ من بعد إذنه و لا يأذن اللّه إلاّ لمن يشاء و يرضى، و ليس فيهما نفي الشفاعة، مضافا إلى ما سبق منّا؛ أنّ الشفاعة للّه تعالى، و في الحقيقة هو الشافع لكن يأذن لأوليائه أن يشفعوا، و هل هذه عقيدة النصارى أو الوثنيّة؟ مع أنّا نرى الشفاعة و الوساطة في التكوين، و لا تنافي هذه المسألة مع الاعتقاد بأنّ الامور بيد اللّه حيث أبى اللّه أن يجري الأمور إلاّ بأسبابها فكذلك في التشريع.

الشبهة الثانية و هي أنّ الاعتقاد بالشفاعة شرك باللّه تعالى
اشارة

و هي أنّ الاعتقاد بالشفاعة شرك باللّه تعالى، حيث يؤول إلى أنّ في الكون معبودا آخر غير اللّه، و كان و لا يزال الوهّابيّون يؤكّدون على هذه الشبهة، بل يدّعون أنّها من أعلى مصاديق الشرك و يرمون المسلمين كافّة بالشرك لاعتقادهم بالشفاعة، و يتشبّثون بأيّ طحلب تناولت أيديهم كما يتمسّكون بآيات و أخبار تبعد عن مقصودهم بمراحل؛ منها قوله تعالى: وَ يَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اَللّهِ حيث ذمّ المشركين لاعتقادهم بأنّ أوثانهم و أوليائهم وسائط بينهم و بين اللّه، مع أنّهم لا يعتقدون بتأثير شركائهم أصالة بل تبعا.

الجواب

الشرك عبارة عن الاعتقاد بمدبّر للعالم و معبود غير اللّه تعالى و لا نجد

ص:323

في المسلمين من يعتقد بهذا و ليس في الشفاعة ما يوهم ذلك بل نحن نقول: إنّ اللّه تعالى أذن لأوليائه أن يشفعوا لطائفة من المسلمين بل لجميعهم بحيث لا يبقى في النار غير الكفّار و المنافقين و الشاكّين، و الدليل عليه صريح كثير من الآيات و الروايات مرّ بعضها، كما أذن لعباده أن يستشفعوا و يتوسّلوا بأوليائه حيث يقول: وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اَللّهَ وَ اِسْتَغْفَرَ لَهُمُ اَلرَّسُولُ لَوَجَدُوا اَللّهَ تَوّاباً رَحِيماً و قوله تعالى عن إخوة يوسف: يا أَبانَا اِسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنّا كُنّا خاطِئِينَ- قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي فكيف يحكمون بأنّ الاعتقاد بالشفاعة شرك مع أنّ للآيات دلالة واضحة على ثبوت الشفاعة و الأعجب منه اعترافهم بتواتر أحاديث الشفاعة:

هذا كتاب فتح المجيد للشيخ عبد الرحمن بن حسن، الذي هو من أشهر كتبهم بحيث صار من الكتب الدراسيّة في مدارس الحجاز، يقول في ص 211 نقلا عن ابن القيم عبارة هذه مفادها: الأحاديث بها (الشفاعة) متواترة عن النبيّ (ص) و قد أجمع الصحابة عليها و أهل السنّة قاطبة. . .

ثمّ إنّ الفرق بين قولنا: «يا رسول اللّه استغفر لنا» و بين قول إخوة يوسف:

يا أَبانَا اِسْتَغْفِرْ لَنا تحكّم، كما أنّ الفرق بين قولنا: «يا رسول اللّه اشفع لنا في ذنوبنا» و قولنا: «يا رسول اللّه استغفر لنا» الذي تدلّ عليه الآية السابقة ممّا لا يصغى إليه.

و أمّا ذمّ اللّه تعالى للمشركين في الآية، ليس إلاّ لأجل عدم إذن اللّه بشفاعة شركائهم، بل إنّهم كانوا يعبدون هؤلاء من دون اللّه، و يقولون: هؤلاء شفعاؤنا عند اللّه، كما يعتقدون بتأثيرهم في العالم، و ما هذا و عقيدة المسلمين بالشفاعة؟ ! حيث إنّهم لا يعبدون الرسول صلّى اللّه عليه و آله و الأولياء المعصومين و لا يعتقدون بولايتهم مستقلّين عن اللّه، بل لا يشفعون إلاّ من بعد إذنه تعالى.

هذا و يمكن دفع الشبهة بطريق آخر: و هو أنّ الشرك على أقسام: الشرك

ص:324

في الذات، و الشرك في الصفات، و الشرك في الأفعال، و الشرك في العبادة. و الثلاثة الأولى ممّا لا يقول به أحد من المسلمين و لا يرمى به، بل بعض أقسامه لم يتطرّق إلى أذهان أكثر الناس فضلا عن الاعتقاد به.

و أمّا الرابعة فهي ما ينسبه الوهّابيّون إلى المسلمين، و معناه أن يعبد الإنسان شيئا غير اللّه، و لكنّه كما ترى، إذ طلب الشفاعة ليست عبادة غير اللّه بل هو طلب الدعاء من عباد اللّه الصالحين بالضبط، و كلّ من يخاطب أحد أولياء اللّه و يقول:

«يا وجيها عند اللّه اشفع لنا عند اللّه» لا يقصد إلاّ طلب الدعاء منه.

و طلب الدعاء من الأخ المؤمن ممّا لا ينكره أحد من علماء الإسلام و المذاهب، بل يستحسن كلّهم فضلا عن الأنبياء و الأولياء، و تدلّ عليه آيات كثيرة مرّ بعضها، و منها في سورة الأعراف:134 وَ لَمّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ اَلرِّجْزُ قالُوا يا مُوسَى اُدْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا اَلرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ. . . حيث سأل المجرمون نبيّهم موسى أن يدعو لهم بكشف العذاب عنهم، و منها سؤال بني إسرائيل لموسى: وَ إِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ فَادْعُ لَنا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنا مِمّا تُنْبِتُ اَلْأَرْضُ. . . 1 على أنّ ديدن الناس طلب الحاجة بعضهم عن بعض آخر.

و لا فرق بين أن يكون الاستشفاع و طلب الدعاء في الدنيا أو الآخرة كما زعمه الوهّابيّون بأنّ الآيات و الأخبار ناظرة إلى الشفاعة في الآخرة، و ما يكون شركا هو الشفاعة في الدنيا، و هو كما ترى، ألم يكن سؤال إخوة يوسف لأبيهم في الدنيا؟ أما كان قولهم لموسى اُدْعُ لَنا رَبَّكَ فيها؟ و أ ليس محطّ قوله تعالى: وَ لَوْ أَنَّهُمْ . . . جاؤُكَ . . . وَ اِسْتَغْفَرَ لَهُمُ اَلرَّسُولُ. . . هنا؟ مضافا إلى ما ورد من الأخبار الكثيرة في كتب أهل السنّة التي تتضمّن الشفاعة و التوسّل في الدنيا

ص:325

بالأولياء و أرواحهم، مرّ بعضها.

ثمّ لو كان الاعتقاد بالشفاعة و طلبها شرك فما الفرق بين أن يكون في الدنيا أو في الآخرة، على أنّ لو سلّمنا عدم قيام الدليل على ثبوت الشفاعة في الدنيا يكون الاعتقاد بالشفاعة لغوا لا شركا، فمن أين تحكمون بكون الاعتقاد بها شركا؟ و ممّا تجدر الإشارة إليه أنّ للوهّابيّين شبهات حول زيارة القبور، إن أردت التفصيل فراجع الكتاب القيّم الغدير للعلاّمة الأميني رحمه اللّه و غيره من كتب أصحابنا.

الشبهة الثالثة [إنّ وعد الشفاعة يوجب تجرّي الناس على المعصية]
اشارة

إنّ وعد الشفاعة من اللّه تعالى و تبليغها بواسطة الأنبياء عليهم السّلام يوجب تجرّي الناس على المعصية و الطغيان و اغترارهم على هتك المحارم و اكتساب المآثم، و هو مناف للغرض الوحيد من تشريع الدين، و هو سوق الناس إلى عبوديّة اللّه و طاعته، فلا يمكن الالتزام بها و لا بدّ لنا من تأويل ما يدلّ عليها من الكتاب و السنّة.

الجواب

و هذه شبهة قد ألقيت منذ زمن الأئمّة عليهم السّلام كما مرّ في الفصول المتقدّمة حديث أبي أيمن حيث قال لأبي جعفر عليه السّلام: يغرّون الناس و يقولون: «شفاعة محمّد، شفاعة محمّد» فغضب أبو جعفر عليه السّلام حتّى تربّد وجهه، ثمّ قال: ويحك يا أبا أيمن، . . . أما لو قد رأيت أفزاع القيامة لقد احتجت إلى شفاعة محمّد صلّى اللّه عليه و آله. . . ثمّ قال: ما أحد من الأوّلين و الآخرين إلاّ و هو محتاج إلى شفاعة محمّد صلّى اللّه عليه و آله. . .

فإنّك ترى كم من بون بعيد بين قول الإمام عليه السّلام و بين هذه الشبهة، حيث يقول الإمام عليه السّلام: إنّ الأوّلين و الآخرين حتّى الأنبياء يحتاجون إلى الشفاعة و بدونها لا يتمّ شأنهم، و لذا لا يليق لأحد أن يغرّ بعمله، فالشفاعة في رؤية الإمام سبب

ص:326

لدفع الغرور، لا موجب له.

و ثانيا، أنّ وعد الشفاعة إنّما يستلزم تجرّي الناس و غرورهم إذا كان المجرمون المشمولون للشفاعة عيّنوا من قبل، و أيضا أعلن أنّ جميع الذنوب في كلّ الظروف مشمول لهذه السنّة، و أمّا إذا أبهم الأمر بحيث لا يعلم أنّ الشفاعة مقبولة في أيّ الذنوب، و في حقّ أيّ المذنبين، و أنّ العقاب المرفوع بالشفاعة هل هو جميع العقوبات و في جميع الظروف أم لا، فلذا لا تعلم نفس ما أخفي لها، و هل تنال الشفاعة أم لا، فلا يتجرّء العبد أن يعصي.

و ثالثا، أنّه لم يقل أحد بأنّ معنى الشفاعة عدم تعذيب المجرمين بأسره بل يمكن أن تنال قوما الشفاعة بعد عذاب القبر بتلك الشدّة التي وردت في الروايات بل بعد أمد بعيد من عذابهم يوم القيامة، كما مرّ في الفصول الماضية ما عن عليّ عليه السّلام:

فإنّ من المسرفين من لا تلحقه شفاعتنا إلاّ بعد عذاب ثلاثمائة ألف سنة.

و ممّا يناسب المقام خبر الصدوق رحمه اللّه في التوحيد ص 407 باب الأمر و النهي ح 6(كما مرّ في ف 4) و بعض الأخبار المناسبة في باب جهنّم، لا سيّما حديث أسرار الصلوة. فأنّى للشفاعة بإغرار الناس؟ !

و رابعا، ليس نطاق الشفاعة محدود بغفران الذنوب فقطّ بل قد تكون الشفاعة لترفيع الدرجات كما رأيت في حديث أبي أيمن قول الإمام عليه السّلام: ما أحد من الأوّلين و الآخرين إلاّ و هو محتاج إلى شفاعة محمّد صلّى اللّه عليه و آله.

و خامسا، بالنقض بالآيات الدالّة على شمول المغفرة وسعة الرحمة و الآيات و الأخبار الواردة في باب التوبة و الدعاء.

و سادسا، أنّ الإنسان يحتاج لارتقائه و كماله إلى جناحي الإنذار و التبشير معا، لأنّ الإنسان له حالات مختلفة، قد يحتاج إلى الإنذار و الوعيد، و مرّة إلى الوعد و التشويق، كما نشاهد في سيرة القرآن فتارة ينذر بالنار و العذاب و اخرى يعد بالجنّة و الشفاعة، و لذا نرى أنّ الذي بشّر بالشفاعة أنذر إلى جانبه بأنّ أشدّ

ص:327

الذنوب ما استخفّ به صاحبه، كما مرّ في باب الذنب.

الشبهة الرابعة أنّ القول بالشفاعة يوهم في الذهن نوعا من المحسوبيّة
اشارة

أنّ القول بالشفاعة يوهم في الذهن نوعا من المحسوبيّة (پارتى بازى) و هي التي تعدّ من المنكرات و القبائح و لذا لا يمكن الالتزام به.

الجواب

لا يخفى أنّ بين الوساطة و المحسوبيّة بون بعيد، و ما يعدّ من المنكرات هو المحسوبيّة و أمّا الوساطة فهي أمر حسن لا ينكره أحد بل يضطرّ إليه كلّ الناس لأنّ كثيرا من الامور يحتاج إلى توسّط شيء أو أشياء أو شخص، مثلا إذا التجأ امرؤ إلى شخص لإنقاذ غريقه أو أمر آخر فلا أظنّ عاقلا يشكّ في حسنه قطّ فضلا عن إنكاره، و هذه السنّة جارية في عالم التشريع أيضا.

ص:328

103- الشكر و الكفران

الآيات

1- فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَ اُشْكُرُوا لِي وَ لا تَكْفُرُونِ. (1)

2- . . . وَ لكِنَّ أَكْثَرَ اَلنّاسِ لا يَشْكُرُونَ. (2)

3- . . . وَ لِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ- وَ اُذْكُرُوا نِعْمَةَ اَللّهِ عَلَيْكُمْ . . . - يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اُذْكُرُوا نِعْمَتَ اَللّهِ عَلَيْكُمْ. . . (3)

4- . . . فَاذْكُرُوا آلاءَ اَللّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ -. . . فَاذْكُرُوا آلاءَ اَللّهِ وَ لا تَعْثَوْا فِي اَلْأَرْضِ مُفْسِدِينَ. (4)

5- وَ إِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَ لَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ. (5)

6- . . . وَ جَعَلَ لَكُمُ اَلسَّمْعَ وَ اَلْأَبْصارَ وَ اَلْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ. (6)

ص:329


1- -البقرة:152
2- البقرة:243 و بمضمونها في المؤمن:61 و يونس:60 و يوسف:38 و النمل:73
3- المائدة:6 و 7 و 11
4- الأعراف:69 و 74
5- إبراهيم:7
6- النحل:78

7- فَكُلُوا مِمّا رَزَقَكُمُ اَللّهُ حَلالاً طَيِّباً وَ اُشْكُرُوا نِعْمَتَ اَللّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيّاهُ تَعْبُدُونَ. (1)

8- . . . إِنَّ اَللّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوّانٍ كَفُورٍ. (2)

9- . . . إِنَّ اَلْإِنْسانَ لَكَفُورٌ. (3)

10- وَ هُوَ اَلَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ اَلسَّمْعَ وَ اَلْأَبْصارَ وَ اَلْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ. (4)

11- . . . قالَ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَ أَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَ مَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ. (5)

12- وَ لَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ اَلْحِكْمَةَ أَنِ اُشْكُرْ لِلّهِ وَ مَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اَللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ. (6)

13- . . . اِعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَ قَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ اَلشَّكُورُ. (7)

14- إِنّا هَدَيْناهُ اَلسَّبِيلَ إِمّا شاكِراً وَ إِمّا كَفُوراً. (8)

15- وَ أَمّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ. (9)

16- إِنَّ اَلْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ- وَ إِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ. (10)

ص:330


1- -النحل:114
2- الحجّ:38
3- الحجّ:66 و بهذا المعنى في الشورى:48 و الزخرف:15
4- المؤمنون:78
5- النمل:40
6- لقمان:12
7- سبأ:13
8- الإنسان:3
9- الضحى:11
10- العاديات:6 و 7

أقول:

و من أسمائه تعالى"الشاكر"، كما جاء في الآيات.

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الطاعم الشاكر، له من الأجر كأجر الصائم المحتسب، و المعافى الشاكر له من الأجر كأجر المبتلى الصابر، و المعطى الشاكر له من الأجر كأجر المحروم القانع. (1)

بيان:

«الطاعم» يطلق على الآكل و الشارب. «المحتسب» يقال: فلان احتسب عمله و بعمله: إذا نوى به وجه اللّه. «المعطى» : اسم مفعول. «المعافى» : اسم مفعول من عافاه اللّه: إذا سلّمه من الأسقام و البلايا، و العافية اسم منه. «المحروم» :

من حرم العطاء من اللّه أو من الخلق «القانع» الراضي بما قسم.

في المفردات، «الشكر» : تصوّر النعمة و إظهارها، قيل: و هو مقلوب عن الكشر أي الكشف، و يضادّه الكفر و هو نسيان النعمة و سترها. . . و الشكر ثلاثة أضرب:

شكر القلب، و هو تصوّر النعمة. و شكر اللسان، و هو الثناء على المنعم.

و شكر سائر الجوارح، و هو مكافاة النعمة بقدر استحقاقه انتهى.

و في المصباح، شكرت للّه: اعترفت بنعمته و فعلت ما يجب من فعل الطاعة و ترك المعصية و لهذا يكون الشكر بالقول و العمل انتهى.

و في المرآة ج 8 ص 145، قال المحقّق الطوسيّ رحمه اللّه: الشكر أشرف الأعمال و أفضلها، و اعلم أنّ الشكر مقابلة النعمة بالقول و الفعل و النيّة، و له أركان ثلاثة:

الأوّل: معرفة المنعم و صفاته اللائقة به و معرفة النعمة من حيث إنّها نعمة، و لا تتمّ

ص:331


1- -الكافي ج 2 ص 77 باب الشكر ح 1

تلك المعرفة إلاّ بأن يعرف أنّ النعم كلّها، جليّها و خفيّها من اللّه سبحانه، و أنّه المنعم الحقيقيّ و أنّ الأوساط كلّها منقادون لحكمه مسخّرون لأمره.

الثانيّ: الحال التي هي ثمرة تلك المعرفة، و هي الخضوع و التواضع و السرور بالنعم من حيث إنّها هديّة دالّة على عناية المنعم بك، و علامة ذلك أن لا تفرح من الدنيا إلاّ بما يوجب القرب منه.

الثالث: العمل الذي هو ثمرة تلك الحال فإنّ تلك الحال إذا حصلت في القلب حصل فيه نشاط للعمل الموجب للقرب منه.

و هذا العمل يتعلّق بالقلب و اللسان و الجوارح، أمّا عمل القلب؛ فالقصد إلى تعظيمه و تحميده و تمجيده، و التفكّر في صنايعه و أفعاله و آثار لطفه، و العزم على إيصال الخير و الإحسان إلى كافّة خلقه، و أمّا عمل اللسان فإظهار ذلك المقصود بالتحميد و التمجيد و التسبيح و التهليل، و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر إلى غير ذلك، و أمّا عمل الجوارح فاستعمال نعمه الظاهرة و الباطنة في طاعته و عبادته، و التوقّي من الاستعانة بها في معصيته و مخالفته، كاستعمال العين في مطالعة مصنوعاته و تلاوة كتابه و تذكّر العلوم المأثورة من الأنبياء و الأوصياء عليهم السّلام، و كذا سائر الجوارح.

فظهر أنّ الشكر من امّهات صفات الكمال و تحقّق الكامل منه نادر كما قال سبحانه: وَ قَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ اَلشَّكُورُ و لمّا كان الشكر بالجوارح التي هي من نعمه تعالى و لا يتأتّى إلاّ بتوفيقه سبحانه، فالشكر أيضا نعمة من نعمه و يوجب شكرا آخر، فينتهي إلى الاعتراف بالعجز عن الشكر، فآخر مراتب الشكر الاعتراف بالعجز عنه، كما أنّ آخر مراتب المعرفة و الثناء الاعتراف بالعجز عنهما، و كذا العبادة كما قال سيّد العابدين و العارفين و الشاكرين صلّى اللّه عليه و آله: «لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك» ، و قال صلّى اللّه عليه و آله: «ما عبدناك حقّ عبادتك، و ما عرفناك حقّ معرفتك» .

ص:332

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما فتح اللّه على عبد باب شكر فخزن عنه باب الزيادة. (1)

أقول:

في نهج البلاغة (ص 1289 ح 427) قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ما كان اللّه ليفتح على عبد باب الشكر و يغلق عنه باب الزيادة. . .

بيان: و هما إشارتان إلى قوله تعالى: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ . «فخزن» : أي أحرز و منع.

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: مكتوب في التوراة: اشكر من أنعم عليك و أنعم على من شكرك، فإنّه لا زوال للنعماء (من نعمائي ف ن) إذا شكرت، و لا بقاء لها إذا كفرت، الشكر زيادة في النعم و أمان من الغير. (2)

بيان:

«الغير» : اسم للتغيّر أي تغيّر النعمة بالنقمة و تغيّر الحال و انتقالها من الصلاح إلى الفساد.

4-عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السّلام قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عند عائشة ليلتها، فقالت: يا رسول اللّه، لم تتعب نفسك و قد غفر اللّه لك ما تقدّم من ذنبك و ما تأخّر؟ فقال: يا عائشة، أ لا أكون عبدا شكورا؟

قال: و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقوم على أطراف أصابع رجليه فأنزل اللّه سبحانه و تعالى: طه- ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ اَلْقُرْآنَ لِتَشْقى . (3)

أقول:

لاحظ حديث جابر مع الإمام عليّ بن الحسين عليه السّلام في البحار ج 46 ص 78. . . ثمّ

ص:333


1- -الكافي ج 2 ص 77 ح 2
2- الكافي ج 2 ص 77 ح 3
3- الكافي ج 2 ص 77 ح 6

أقبل جابر يقول: يا بن رسول اللّه، أما علمت أنّ اللّه إنّما خلق الجنّة لكم و لمن أحبّكم. . . فما هذا الجهد الذي كلّفته نفسك؟ !

فقال له عليّ بن الحسين: يا صاحب رسول اللّه، أما علمت أنّ جدّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قد غفر اللّه له ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر، فلم يدع الاجتهاد له، و تعبّد -بأبي هو و أمّي-حتّى انتفخ الساق و ورم القدم، و قيل له: أ تفعل هذا و قد غفر اللّه لك ما تقدّم من ذنبك و ما تأخّر؟ قال: أ فلا أكون عبدا شكورا. . .

5-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما أنعم اللّه على عبد من نعمة فعرفها بقلبه، و حمد اللّه ظاهرا بلسانه، فتمّ كلامه، حتّى يؤمر له بالمزيد. (1)

6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: شكر النعمة اجتناب المحارم، و تمام الشكر قول الرجل: اَلْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ اَلْعالَمِينَ . (2)

7-عن صفوان الجمّال عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال لي: ما أنعم اللّه على عبد بنعمة صغرت أو كبرت، فقال: «الحمد للّه» إلاّ أدّى شكرها. (3)

8-عن أبي بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ الرجل منكم ليشرب الشربة من الماء فيوجب اللّه له بها الجنّة، ثمّ قال: إنّه ليأخذ الإناء فيضعه على فيه فيسمّي ثمّ يشرب فينحّيه و هو يشتهيه فيحمد اللّه، ثمّ يعود فيشرب، ثمّ ينحّيه فيحمد اللّه، ثمّ يعود فيشرب، ثمّ ينحّيه فيحمد اللّه، فيوجب اللّه عزّ و جلّ بها له الجنّة. (4)

9-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا ورد عليه أمر يسرّه قال: الحمد للّه على هذه النعمة، و إذا ورد عليه أمر يغتمّ به قال: الحمد للّه على كلّ

ص:334


1- -الكافي ج 2 ص 78 ح 9
2- الكافي ج 2 ص 78 ح 10
3- الكافي ج 2 ص 79 ح 14
4- الكافي ج 2 ص 79 ح 16

حال. (1)

بيان:

في المرآة، قيل: في كلّ بلاء خمسة أنواع من الشكر:

الأوّل: يمكن أن يكون دافعا أشدّ منه كما أنّ موت دابّته دافع لموت نفسه فينبغي الشكر على عدم ابتلائه بالأشدّ.

الثاني: أنّ البلاء إمّا كفّارة للذنوب أو سبب لرفع الدرجة فينبغي الشكر على كلّ منهما.

الثالث: أنّ البلاء مصيبة دنيويّة فينبغي الشكر على أنّه ليس مصيبة دينيّة. . .

الرابع: أنّ البلاء كان مكتوبا في اللوح المحفوظ و كان في طريقه لا محالة، فينبغي الشكر على أنّه مضى و وقع خلف ظهره.

الخامس: أنّ بلاء الدنيا سبب لثواب الآخرة و زوال حبّ الدنيا من القلب فينبغي الشكر عليها.

أقول: إنّ العبد إذا ابتلى و صبر فهو كمال له، هذا، لكن فوقه أنّه إذا ابتلى يشكر و يحتسب أنّه نعمة من عند اللّه تعالى.

10-عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السّلام قال: تقول ثلاث مرّات إذا نظرت إلى المبتلى من غير أن تسمعه: «الحمد للّه الذي عافاني ممّا ابتلاك به، و لو شاء فعل» قال: من قال ذلك لم يصبه ذلك البلاء أبدا. (2)

11-عن عبد اللّه بن مسكان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان في سفر يسير على ناقة له، إذ [ا]نزل فسجد خمس سجدات، فلمّا أن ركب قالوا: يا رسول اللّه، إنّا رأيناك صنعت شيئا لم تصنعه؟ فقال: نعم استقبلني

ص:335


1- -الكافي ج 2 ص 79 ح 19
2- الكافي ج 2 ص 79 ح 20

جبرئيل عليه السّلام فبشّرني ببشارات من اللّه عزّ و جلّ، فسجدت للّه شكرا لكلّ بشرى سجدة. (1)

بيان:

يدلّ الخبر على استحباب سجدة الشكر عند تجدّد كلّ نعمة و البشارة بها، و لا خلاف فيه بين أصحابنا، و يدلّ على ذلك أخبار كثيرة قد مرّ بعضها في باب السجدة.

12-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: فيما أوحى اللّه عزّ و جلّ إلى موسى عليه السّلام:

يا موسى، اشكرني حقّ شكري، فقال: يا ربّ، و كيف أشكرك حقّ شكرك و ليس من شكر أشكرك به إلاّ و أنت أنعمت به عليّ؟ قال: يا موسى، الآن شكرتني حين علمت أنّ ذلك منّي. (2)

13-عن عمّار الدهني قال: سمعت عليّ بن الحسين عليهما السّلام يقول: إنّ اللّه يحبّ كلّ قلب حزين، و يحبّ كلّ عبد شكور، يقول اللّه تبارك و تعالى لعبد من عبيده يوم القيامة: أشكرت فلانا؟ فيقول: بل شكرتك يا ربّ، فيقول:

لم تشكرني إذ لم تشكره، ثمّ قال: أشكركم للّه أشكركم للناس. (3)

14-عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: العبد بين ثلاثة:

بلاء و قضاء و نعمة، فعليه في البلاء من اللّه عزّ و جلّ الصبر فريضة، و عليه في القضاء من اللّه التسليم فريضة، و عليه في النعمة من اللّه عزّ و جلّ الشكر فريضة. (4)

ص:336


1- -الكافي ج 2 ص 80 ح 24
2- الكافي ج 2 ص 80 ح 27
3- الكافي ج 2 ص 81 ح 30
4- الخصال ج 1 ص 86 باب الثلاثة ح 17-و مثله في المحاسن ص 6 عنه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام

أقول:

إنّ القلوب كالظروف و خيرها أوعاها، و يدلّ عليه ما قال أمير المؤمنين عليه السّلام لكميل رحمه اللّه: «إنّ هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها» . (1)

و إنّ كمالات الإنسان بحسب استيعابه، فكلّما زاد قابليّته ازداد كماله، فيلزم لإزياد كماله ازدياد قابليّته و استيعابه، و لإزياد القابليّة طرق:

منها، الشكر قال تعالى: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ .

و منها، الدعاء قال عليه السّلام: «الدعاء يردّ القضاء» .

و منها، التقرّب و التوسّل و التمسّك بالنفوس العالية من النبيّ و الأئمّة عليهم السّلام و خواصّ أوليائهم.

و منها، الصبر على البلايا ففي الصبر على البلاء يرتقي العبد حتّى كان كالجبل الراسخ بل أشدّ.

و منها، التفكّر في صنع اللّه و. . .

15-عن سفيان بن عيينة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: ما من عبد إلاّ و للّه عليه حجّة إمّا في ذنب اقترفه و إمّا في نعمة قصر عن شكرها. (2)

16-عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من ردّ عن عرض أخيه المسلم (المؤمن ف ن) كتب من أهل الجنّة ألبتّة، و من اتي إليه معروف فليكاف، فإن عجز فليثن به، فإن لم يفعل فقد كفر النعمة. (3)

17-عن محمود بن أبي البلاد قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول: من لم يشكر المنعم من المخلوقين لم يشكر اللّه عزّ و جلّ. (4)

ص:337


1- -نهج البلاغة ص 1155 في ح 139
2- أمالي الطوسي ج 1 ص 215( البحار ج 71 ص 46)
3- أمالي الطوسي ج 1 ص 238
4- العيون: ج 2 ص 23 ب 31 ح 2

18-في مواعظ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: الإيمان نصفان: نصف في الصبر، و نصف في الشكر. (1)

19-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إذا وصلت إليكم أطراف النعم فلا تنفّروا أقصاها بقلّة الشكر. (2)

20-و قال عليه السّلام: إنّ للّه تعالى في كلّ نعمة حقّا، فمن أدّاه زاده منها، و من قصّر فيه خاطر بزوال نعمته. (3)

21-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا أحسنتم فاحمدوا اللّه، و إذا أسأتم فاستغفروا اللّه. (4)

22-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أحسنوا جوار النعم، قيل: و ما جوار النعم؟ قال: الشكر لمن أنعم بها و أداء حقوقها. (5)

23-قال الصادق عليه السّلام: إنّ اللّه عزّ و جلّ أنعم على قوم بالمواهب فلم يشكروا فصارت عليهم وبالا، و ابتلى قوما بالمصائب فصبروا فصارت عليهم نعمة. (6)

24-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: استتمّوا نعم اللّه بالتسليم لقضائه، و الشكر على نعمائه، فمن لم يرض بهذا فليس منّا و لا إلينا. (7)

25-عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن جبرئيل قال: قال اللّه عزّ و جلّ: أهل ذكري

ص:338


1- -تحف العقول ص 40
2- نهج البلاغة ص 1093 ح 13
3- نهج البلاغة ص 1194 ح 236
4- مشكوة الأنوار ص 27 ب 1 ف 6
5- مشكوة الأنوار ص 30(البحار ج 71 ص 54)
6- مشكوة الأنوار ص 33
7- مشكوة الأنوار ص 33

في نعمتي، و أهل شكري في زيارتي، و أهل طاعتي في كرامتي، و أهل معصيتي لم أقنطهم من رحمتي، فإن مرضوا فأنا طبيبهم و إن تابوا فأنا حبيبهم، و إن لم يتوبوا فبالمصائب و البلايا أطهّرهم. (1)

26-عن سدير قال: سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ:

فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا وَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ. . . 2 فقال: هؤلاء قوم كانت لهم قرى متّصلة ينظر بعضها إلى بعض، و أنهار جارية، و أموال ظاهرة، فكفروا نعم اللّه و غيّروا ما بأنفسهم من عافية اللّه، فغيّر اللّه ما بهم من نعمة، و إِنَّ اَللّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ ، فأرسل اللّه عليهم سيل العرم، فغرق قراهم و خرب ديارهم، و ذهب بأموالهم، و أبدلهم مكان جنّاتهم جَنَّتَيْنِ ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَ أَثْلٍ وَ شَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ ثمّ قال: ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَ هَلْ نُجازِي إِلاَّ اَلْكَفُورَ (2).

أقول:

قد مرّ ما بمعناه في باب الذنب ف 2.

بيان: «العرم» عرم يعرم: اشتدّ و خرج عن الحدّ، و العرمة جمع عرم، و قيل: العرم هنا اسم الجرذ و هو الفارة الكبيرة التي نقبت سدّهم و قيل: المطر الشديد.

«الخمط» : الحامض أو المرّ من كلّ شيء، و كلّ شجر لا شوك له و قيل: الخمط:

ضرب من الأراك له حمل يؤكل. «الأثل» يقال بالفارسيّة: درخت گز.

27-عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: الذنوب التي تغيّر النعم:

البغي على الناس، و الزوال عن العادة في الخير و اصطناع المعروف، و كفران النعم، و ترك الشكر، قال اللّه تعالى: إِنَّ اَللّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتّى يُغَيِّرُوا

ص:339


1- -جامع الأخبار ص 127 ف 85
2- الوسائل ج 15 ص 314 ب 44 من جهاد النفس ح 1

ما بِأَنْفُسِهِمْ . . . (1)

28-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أسرع الذنوب عقوبة كفران النعمة. (2)

29-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: سجدة الشكر واجبة على كلّ مسلم، تتمّ بها صلاتك و ترضي بها ربّك و تعجب الملائكة منك، و إنّ العبد إذا صلّى ثمّ سجد سجدة الشكر فتح الربّ تبارك و تعالى الحجاب بين العبد و بين الملائكة فيقول:

يا ملائكتي، انظروا إلى عبدي، أدّى قربتي (فرضي ف ف) و أتمّ عهدي، ثمّ سجد لي شكرا على ما أنعمت به عليه، ملائكتي، ما ذا له عندي؟ قال: فتقول الملائكة:

يا ربّنا، رحمتك.

ثمّ يقول الربّ تبارك و تعالى: ثمّ ما ذا له؟ فتقول الملائكة: يا ربّنا، جنّتك، فيقول الربّ تعالى: ثمّ ما ذا؟ فتقول الملائكة: يا ربّنا كفاية مهمّه، فيقول الربّ تعالى: ثمّ ما ذا؟ فلا يبقى شيء من الخير إلاّ قالته الملائكة، فيقول اللّه تعالى:

يا ملائكتي ثمّ ما ذا؟ فتقول الملائكة: يا ربّنا، لا علم لنا، فيقول اللّه تعالى:

لأشكرنّه كما شكرني، و أقبل إليه بفضلي و اريه رحمتي.

و روى الصدوق رحمه اللّه نحوه إلاّ أنّه قال: و اريه وجهي. (3)

30-عن جابر عن أبي جعفر عن أمير المؤمنين عليهما السّلام أنّه قال: أيّها الناس، كفر النعمة لوم، و صحبة الجاهل شؤم. (4)

31-كتب الحميريّ إلى القائم عليه السّلام يسأله عن سجدة الشكر بعد

ص:340


1- -الوسائل ج 16 ص 281 ب 41 من الأمر و النهي ح 8
2- الوسائل ج 16 ص 312 ب 8 من فعل المعروف ح 11
3- الوسائل ج 7 ص 6 ب 1 من سجدتي الشكر ح 5
4- المستدرك ج 11 ص 352 ب 44 من جهاد النفس ح 2

الفريضة. . . فأجاب عليه السّلام: سجدة الشكر من ألزم السنن و أوجبها. . . (1)

32-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من سجد سجدة ليشكر نعمة و هو متوضّىء كتب اللّه له عشر حسنات، و محى عنه عشر خطيئات عظام. (2)

33-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من لم ينكر الجفوة لم يشكر النعمة. (3)

34-و عنه عليه السّلام: من احتمل الجفاء لم يشكر النعمة. (4)

35-و عنه عليه السّلام: من لم تغضبه الجفوة لم يشكر النعمة. (5)

بيان:

«الجفوة» : الجفاء و الجفاءة: غلظ الطبع و البعد و الإعراض، و لعلّ المراد أعمّ منه و من الظلم و التعدّي، أي من احتمل الظلم و لم يدفعه عن نفسه مع القدرة عليه فهو لم يشكر النعمة.

36-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: شكر كلّ نعمة الورع عمّا حرّم اللّه. (6)

37-قال الصادق عليه السّلام: في كلّ نفس من أنفاسك شكر لازم لك بل ألف أو أكثر، و أدني الشكر رؤية النعمة من اللّه تعالى من غير علّة يتعلّق القلب بها دون اللّه عزّ و جلّ و الرضا بما أعطى و أن لا تعصيه بنعمته و تخالفه بشيء من أمره و نهيه بسبب نعمته، فكن للّه عبدا شاكرا على كلّ حال، تجد اللّه ربّا كريما على كلّ حال، و لو كان عند اللّه تعالى عبادة تعبّد بها عباده المخلصون أفضل من الشكر على كلّ حال لأطلق لفظة فيهم من جميع الخلق بها، فلمّا لم يكن أفضل منها خصّها من بين

ص:341


1- -البحار ج 86 ص 194 باب سجدة الشكر ح 1
2- البحار ج 86 ص 219 ح 38
3- البحار ج 71 ص 42 باب الشكر ح 35
4- البحار ج 71 ص 42 ح 37
5- البحار ج 71 ص 42 ح 38
6- البحار ج 71 ص 42 ح 39

العبادات و خصّ أربابها فقال: وَ قَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ اَلشَّكُورُ .

و تمام الشكر الاعتراف بلسان السرّ خالصا للّه عزّ و جلّ بالعجز عن بلوغ أدنى شكره، لأنّ التوفيق للشكر نعمة حادثة يجب الشكر عليها، و هي أعظم قدرا و أعزّ وجودا من النعمة التي من أجلها وفّقت له، فيلزمك على كلّ شكر شكر أعظم منه إلى ما لا نهاية له، مستغرقا في نعمه قاصرا عاجزا عن درك غاية شكره. . . (1)

38-عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال:

الشكر زيادة (الغرر ج 1 ص 6 ف 1 ح 51)

الشكر مفروض (ص 10 ح 178)

الشكر حصن النعم (ص 19 ح 523)

النعم تدوم بالشكر (ص 36 ح 1130)

إظهار الغنى من الشكر (ص 38 ح 1183)

الكريم يشكر القليل-اللئيم يكفر الجزيل. (ص 42 ح 1270 و 1271)

الجزاء على الإحسان بالإساءة كفران (ص 43 ح 1282)

الشكر ترجمان النيّة و لسان الطويّة. (ص 46 ح 1347)

الشكر زينة الرخاء و حصن النعماء (ص 49 ح 1396)

الشكر أحد الجزائين (ص 66 ح 1726)

الشكر على النعمة جزاء لماضيها و اجتلاب لآتيها. (ص 91 ح 2066)

الشكر أعظم قدرا من المعروف، لأنّ الشكر يبقى و المعروف يفنى.

(ص 104 ح 2200)

ص:342


1- -مصباح الشريعة ص 6 ب 6

أحسنوا جوار نعم الدين و الدنيا بالشكر لمن دلّكم عليها.

(ص 134 ف 3 ح 42)

اغتنموا الشكر فأدنى نفعه الزيادة (ص 135 ح 58)

أحسن السمعة شكر ينشر (ص 184 ف 8 ح 187)

آفة النعم الكفران (ص 304 ف 16 ح 3)

إذا أنعمت بالنعمة فقد قضيت شكرها (ص 311 ف 17 ح 41)

بالشكر تدوم النعمة (ص 329 ف 18 ح 1)

ثمرة الشكر زيادة النعم (ص 360 ف 23 ح 36)

خير الناس من إذا أعطي شكر، و إذا ابتلي صبر، و إذا ظلم غفر.

(ص 391 ف 29 ح 72)

زوال النعم بمنع حقوق اللّه منها و التقصير في شكرها. (ص 426 ف 37 ح 31)

سبب المزيد الشكر-سبب تحوّل النعم الكفر. (ص 431 ف 38 ح 34 و 35)

شكر إلهك بطول الثناء-شكر من فوقك بصدق الولاء-شكر نظيرك بحسن الإخاء-شكر من دونك بسيب العطاء (ص 441 ف 40 ح 1 إلى 4)

شكر المنعم عصمة من النقم (ح 5)

شكر الإله يدرّ النعم-شكر النعمة يقضي بمزيدها و يوجب تجديدها-شكر النعمة أمان من تحويلها و كفيل بتأييدها (ح 6 إلى 8)

شكر المؤمن يظهر في عمله-شكر المنافق لا يتجاوز لسانه. (ح 9 و 10)

شكر النعم يوجب مزيدها، و كفرها برهان جحودها-شكر النعمة أمان من حلول النقمة (ص 442 ح 13 و 14)

شكر العالم على علمه عمله به و بذله لمستحقّه (ح 15)

شكرك للراضي عنك يزيده رضا و وفاء. (ح 16)

شكرك للساخط عليك يوجب لك منه صلاحا و تعطّفا. (ح 17)

ص:343

شكر الإحسان من أثنى على مسديه و ذكر بالجميل موليه (ح 19)

شرّ الناس من لا يشكر النعمة و لا يرعى الحرمة (ص 445 ف 41 ح 34)

كفران النعم يزلّ القدم، و يسلب النعم (ج 2 ص 574 ف 69 ح 20)

كفر النعمة لؤم و صحبة الأحمق شؤم (ح 21)

كفر النعم مزيلها-كافل المزيد الشكر (ح 23 و 28)

كفران الإحسان يوجب الحرمان (ص 575 ح 30)

كافر النعمة كافر فضل اللّه سبحانه-كفر النعم مجلبة لحلول النقم.

(ح 36 و 38)

كافر النعمة مذموم عند الخلق و الخالق (ح 43)

لن يقدر أحد أن يحصّن النعم بمثل شكرها-لن يستطيع أحد أن يشكر النعم بمثل الإنعام بها (ص 591 ف 72 ح 33 و 34)

ليس من التوفيق كفران النعم (ص 594 ف 73 ح 35)

من أدام الشكر استدام البرّ (ص 649 ف 77 ح 679)

من استعان بالنعمة على المعصية فهو الكفور (ص 656 ح 796)

من لم يشكر الإنعام فليعدّ من الأنعام (ص 672 ح 997)

من لم يحط النعم بالشكر فقد عرّضها لزوالها (ص 701 ح 1319)

من شكر اللّه تعالى وجب عليه شكر ثان، إذ وفّقه لشكره و هو شكر شكر.

(ص 714 ح 1455)

أقول:

قال السجّاد عليه السّلام (في مناجاة الشاكرين) : إلهي أذهلني عن إقامة شكرك تتابع طولك . . . و نعماؤك كثيرة، قصر فهمي عن إدراكها فضلا عن استقصائها، فكيف لي بتحصيل الشكر، و شكري إيّاك يفتقر إلى شكر، فكلّما قلت: «لك الحمد» وجب عليّ لذلك أن أقول: لك الحمد. . . (مفاتيح الجنان)

ص:344

104- الشماتة

اشارة

قال اللّه تعالى: . . . قالَ اِبْنَ أُمَّ إِنَّ اَلْقَوْمَ اِسْتَضْعَفُونِي وَ كادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ اَلْأَعْداءَ وَ لا تَجْعَلْنِي مَعَ اَلْقَوْمِ اَلظّالِمِينَ. (1)

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال: لا تبدي الشماتة لأخيك، فيرحمه اللّه و يصيّرها بك، و قال: من شمت بمصيبة نزلت بأخيه لم يخرج من الدنيا حتّى يفتتن به. (2)

بيان:

في المصباح، شمت به يشمت: إذا فرح بمصيبة نزلت به، و الاسم الشماتة.

قال الجوهري: الشماتة: الفرح ببليّة العدوّ، يقال: شمت به يشمت شماتة.

أقول: الشماتة: الفرح ببليّة الغير عدوّا كان أو لا، و يدلّ على ذلك قوله عليه السّلام «لا تبدي الشماتة لأخيك» .

«لا تبدي» : أي لا تظهر. «يفتتن به» : يبتلى به و يمتحن.

ص:345


1- -الأعراف:150
2- الكافي ج 2 ص 267 باب الشماتة

2-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا تظهر الشماتة بأخيك، فيرحمه اللّه و يبتليك. (1)

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام. . . و سئل أيّوب بعد ما عافاه اللّه: أيّ شيء كان أشدّ عليك ممّا مرّ عليك؟ قال: شماتة الأعداء. . . (2)

ص:346


1- -البحار ج 75 ص 213 باب تتبّع عيوب الناس ح 5
2- البحار ج 12 ص 344 باب قصص أيّوب ح 3(و ص 351 آخر ح 21)

105- الاستشارة و المشورة

الآيات

1- فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اَللّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَ لَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ اَلْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَ اِسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَ شاوِرْهُمْ فِي اَلْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اَللّهِ إِنَّ اَللّهَ يُحِبُّ اَلْمُتَوَكِّلِينَ. (1)

2- وَ اَلَّذِينَ اِسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ وَ أَقامُوا اَلصَّلاةَ وَ أَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ وَ مِمّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ. (2)

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا أراد أحدكم أمرا فلا يشاورنّ فيه أحدا من الناس حتّى يبدأ فيشاور اللّه، قلت: و ما مشاورة اللّه؟ قال: يبدأ فيستخير اللّه فيه أوّلا، ثمّ يشاور فيه، فإنّه إذا بدأ باللّه تبارك و تعالى أجرى اللّه له الخيرة على لسان من يشاء من الخلق. (3)

ص:347


1- -آل عمران:159
2- الشورى:38
3- المحاسن ص 598 كتاب المنافع ب 1 ح 2

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة، راجع باب الاستخارة.

بيان: «يستخير اللّه» : أي يطلب الخير من اللّه تعالى.

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: فيما أوصى به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عليّا عليه السّلام أن قال: لا مظاهرة أوثق من المشاورة، و لا عقل كالتدبير. (1)

أقول:

في نهج البلاغة (ص 1112 في ح 51) قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و لا ظهير كالمشاورة.

بيان: ظاهر فلانا مظاهرة: عاونه، و الظهير: المعين.

3-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: في التوراة أربعة أسطر: من لا يستشر يندم، و الفقر الموت الأكبر، و كما تدين تدان، و من ملك استأثر. (2)

بيان:

استأثر فلان بالشيء: استبدّ به.

4-عن سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لن يهلك امرء عن مشورة (3).

5-عن الحسن بن الجهم قال: كنّا عند أبي الحسن الرضا عليه السّلام فذكرنا أباه عليه السّلام فقال: كان عقله لا يوازن به العقول، و ربّما شاور الأسود من سودانه، فقيل له: تشاور مثل هذا؟ ! قال: إنّ اللّه تبارك و تعالى ربّما فتح لسانه، قال: فكانوا ربّما أشاروا عليه بالشيء فيعمل به من الضيعة و البستان. (4)

ص:348


1- -المحاسن ص 601 ب 3 ح 15 و صدره في نهج البلاغة ص 1139 في ح 109
2- المحاسن ص 601 ح 16
3- المحاسن ص 601 ح 18
4- المحاسن ص 602 ح 23

بيان:

«الضيعة» : العقار و الأرض المغلّة (زمين زراعتى-زمين غلّه خيز) .

6-عن سليمان بن خالد قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: استشر العاقل من الرجال؛ الورع، فإنّه لا يأمر إلاّ بخير، و إيّاك و الخلاف، فإنّ خلاف الورع العاقل مفسدة في الدين و الدنيا. (1)

7-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: مشاورة العاقل الناصح رشد و يمن و توفيق من اللّه، فإذا أشار عليك الناصح العاقل، فإيّاك و الخلاف فإنّ في ذلك العطب. (2)

بيان:

«العطب» : الهلاك.

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من استشار أخاه فلم ينصحه محض الرأي سلبه اللّه رأيه. (3)

بيان:

«فلم ينصحه» النصح: خلاف الغشّ، و أصل النصيحة في اللغة الخلوص.

9-عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ المشورة لا تكون إلاّ بحدودها فمن عرفها بحدودها و إلاّ كانت مضرّتها على المستشير أكثر من منفعتها له، فأوّلها؛ أن يكون الذي يشاوره عاقلا.

و الثانية؛ أن يكون حرّا متديّنا.

و الثالثة، أن يكون صديقا مؤاخيا.

و الرابعة؛ أن تطلعه على سرّك، فيكون علمه به كعلمك بنفسك، ثمّ يستر ذلك

ص:349


1- -المحاسن ص 602 ح 24
2- المحاسن ص 602 ح 25
3- المحاسن ص 602 ح 27

و يكتمه، فإنّه إذا كان عاقلا انتفعت بمشورته، و إذا كان حرّا متديّنا جهد نفسه في النصيحة لك، و إذا كان صديقا مؤاخيا كتم سرّك إذا أطلعته على سرّك، و إذا أطلعته على سرّك فكان علمه به كعلمك تمّت المشورة و كملت النصيحة. (1)

10-في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: و إيّاك و مشاورة النساء، فإنّ رأيهنّ إلى أفن و عزمهنّ إلى وهن. (2)

بيان:

«الأفن» : النقص و ضعف الرأي.

11-و قال عليه السّلام في عهده لمالك: و لا تدخلنّ في مشورتك بخيلا يعدل بك عن الفضل و يعدك الفقر، و لا جبانا يضعفك عن الامور، و لا حريصا يزيّن لك الشره بالجور، فإنّ البخل و الجبن و الحرص غرائز شتّى يجمعها سوء الظنّ باللّه. (3)

12-و قال عليه السّلام: رأي الشيخ أحبّ إليّ من جلد الغلام. (4)

بيان:

«الجلد» : البسالة و الصلابة و الشدّة و القوّة.

13-و قال عليه السّلام: من ملك استأثر، و من استبدّ برأيه هلك، و من شاور الرجال شاركها في عقولها. (5)

14-و قال عليه السّلام: من استقبل وجوه الآراء عرف مواقع الخطاء. (6)

ص:350


1- -المحاسن ص 602 ح 28
2- نهج البلاغة ص 938 في ر 31
3- نهج البلاغة ص 998 في ر 53-و نظيره في العلل ج 2 ص 559 ب 350 عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال لعليّ عليه السّلام
4- نهج البلاغة ص 1124 ح 83
5- نهج البلاغة ص 1165 ح 152
6- نهج البلاغة ص 1169 ح 164- الغرر ج 2 ص 685 ف 77 ح 1156

15-و قال عليه السّلام: الجود حارس الأعراض. . . و الاستشارة عين الهداية، و قد خاطر من استغنى برأيه. . . (1)

16-عن معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: استشر في أمرك الذين يخشون ربّهم. (2)

17-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال عليّ عليه السّلام في كلام له: شاور في حديثك الذين يخافون اللّه (3).

18-كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا أراد الحرب دعا نساءه فاستشارهنّ ثمّ خالفهنّ. (4)

19-عن سليمان بن خالد قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إيّاكم و مشاورة النساء فإنّ فيهنّ الضعف و الوهن و العجز. (5)

أقول:

في كراهة استشارة النساء أخبار كثيرة، راجع باب النساء.

20-قال عليّ عليه السّلام: جهل المشير هلاك المستشير. (6)

21-قال الصادق عليه السّلام: شاور في امورك مما يقتضي الدين من فيه خمس خصال: عقل و علم و تجربة و نصح و تقوى، و إن لم تجد فاستعمل الخمسة و اعزم و توكّل على اللّه، فإنّ ذلك يؤدّيك إلى الصواب، و ما كان من امور الدنيا التي هي غير عائدة إلى الدين قاقضها (فارفضها ف ن) و لا تتفكّر فيها، فإنّك إذا فعلت

ص:351


1- -نهج البلاغة ص 1181 ح 202
2- الوسائل ج 12 ص 41 ب 22 من العشرة ح 3
3- الوسائل ج 12 ص 42 ح 4
4- الوسائل ج 20 ص 179 ب 94 من مقدّمات النكاح ح 4
5- الوسائل ج 20 ص 182 ب 96 ح 2
6- مجموعة الأخبار ص 307 ب 174

ذلك أصبت بركة العيش و حلاوة الطاعة.

و في المشاورة اكتساب العلم، و العاقل من يستفيد منها علما جديدا و يستدلّ به على المحصول من المراد، و مثل المشورة مع أهلها مثل التفكّر في خلق السموات و الأرض و فنائهما و هما عينان من العبد لأنّه كلّما قوّى تفكّره فيهما غاص في بحار نور المعرفة و ازداد بهما اعتبارا و يقينا، و لا تشاور من لا يصدّقه عقلك و إن كان مشهورا بالعقل و الورع.

و إذا شاورت من يصدّقه قلبك فلا تخالفه فيما يشير به عليك، و إن كان بخلاف مرادك، فإنّ النفس تجمح عن قبول الحقّ، و خلافها عند قبول الحقايق أبين، قال اللّه تعالى: وَ شاوِرْهُمْ فِي اَلْأَمْرِ و قال اللّه تعالى: وَ أَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ أي متشاورون فيه. (1)

22-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من غشّ المسلمين في مشورة فقد برئت منه. (2)

23-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: استرشدوا العاقل و لا تعصوه فتندموا. (3)

24-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: من لم يستشر يندم. (4)

25-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لا رأي لمن انفرد برأيه.

و قال عليه السّلام: ما عطب من استشار.

و قال عليه السّلام: من شاور ذوي الألباب دلّ على الرشاد، و نال النصح ممّن قبله.

و قال عليه السّلام: رأي الشيخ أحبّ إليّ من حيلة الشباب.

و قال عليه السّلام: ربّ واثق خجل.

ص:352


1- -مصباح الشريعة ص 36 ب 56
2- البحار ج 75 ص 99 باب المشورة ح 8
3- البحار ج 75 ص 100 ح 14
4- البحار ج 75 ص 104 ح 35

و قال عليه السّلام: اللجاجة تسلب الرأي. (1)

26-. . . قال الصادق عليه السّلام: لا تشر على المستبدّ برأيه. (2)

27-عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال:

المشاورة استظهار. (الغرر ج 1 ص 11 ف 1 ح 230)

الاستشارة عين الهداية. (ص 34 ح 1064)

المستشير متحصّن من السقط. (ص 42 ح 1252)

المستبدّ متهوّر في الخطاء و الغلط. (ح 1253)

المستشير على طرف النجاح. (ح 1262)

المشورة تجلب لك صواب غيرك. (ص 57 ح 1546)

المشاورة راحة لك، و تعب لغيرك. (ص 77 ح 1880)

الحزم النظر في العواقب و مشاورة ذوي العقول. (ص 81 ح 1937)

الشركة في الرأي تؤدّي إلى الصواب. (ص 83 ح 1964)

استشر أعدائك تعرف من رأيهم مقدار عداوتهم و مواضع مقاصدهم.

(ص 128 ف 2 ح 236)

استشر عدوّك العاقل، و احذر رأي صديقك الجاهل. (ص 129 ح 445)

اضربوا بعض الرأي ببعض يتولّد منه الصواب. (ص 139 ف 3 ح 89)

امخضوا (3)الرأي مخض السقاء ينتج سديد الآراء. (ح 91)

أفضل من شاورت ذو التجارب، و شرّ من قارنت ذو المعائب.

(ص 204 ف 8 ح 453)

ص:353


1- -البحار ج 75 ص 105 ح 39
2- البحار ج 75 ص 105 ح 41
3- مخض الشيء: حرّكه شديدا، و بالدلو: ضرب بها في ماء البئر لتمتلئ، و الرأي: قلّبه و تدبّر عواقبه حتّى ظهر له الصواب

إنّما حضّ على المشاورة لأنّ رأي المشير صرف و رأي المستشير مشوب بالهوى. (ص 303 ف 15 ح 49)

حقّ على العاقل أن يضيف إلى رأيه رأي العقلاء، و يضمّ إلى (علمه) علوم العلماء. (ص 384 ف 28 ح 53)

خير من شاورت ذوو النهى و العلم، و اولوا التجارب و الحزم.

(ص 389 ف 29 ح 44)

خيانة المستسلم و المستشير من أفظع الامور و أعظم الشرور و موجب عذاب السعير (ص 397 ف 30 ح 38)

شرّ الآراء ما خالف الشريعة. (ص 443 ف 41 ح 3)

شاور قبل أن تعزم، و فكّر قبل أن تقدم-شاور ذوي العقول تأمن الزلل و الندم-شاور في امورك الذين يخشون اللّه ترشد. (ص 448 ف 42 ح 1 إلى 3)

من خالف المشورة ارتبك (1). (ج 2 ص 615 ف 77 ح 102)

من استشار العاقل ملك. (ص 616 ح 128)

من جهل وجوه الآراء أعيته الحيل. (ص 621 ح 223)

من نصح مستشيره صلح تدبيره-من غشّ مستشيره سلب تدبيره.

(ص 631 ح 391 و 400)

من شاور ذوي العقول استضاء بأنوار العقول-من شاور ذوي النهى و الألباب فاز بالنجح و الصواب. (ص 670 ح 971 و 978)

من شاور الرجال شاركها في عقولها. (ص 671 ح 989)

من استعان بذوي الألباب سلك سبيل الرشاد-من استشار ذوي النهى و الألباب فاز بالحزم و السداد. (ص 694 ح 1251 و 1252)

ص:354


1- -ارتبك في الأمر: وقع فيه و لم يكد يتخلّص منه

ما ضلّ من استشار. (ص 736 ف 79 ح 2)

ما استنبط الصواب بمثل المشاورة. (ص 740 ح 74)

لا تشاورنّ في أمرك من يجهل. (ص 802 ف 85 ح 55)

لا تدخلنّ في مشورتك بخيلا، فيعدل بك عن القصد و يعدك الفقر-لا تشركنّ في رأيك جبانا يضعفك عن الأمر، و يعظّم عليك ما ليس بعظيم.

(ص 815 ح 196 و 197)

لا تستشر الكذّاب، فإنّه كالسراب يقرّب إليك البعيد، و يبعّد عليك القريب.

(ص 816 ح 199)

لا تشركنّ في مشورتك حريصا، يهوّن عليك الشرّ و يزيّن لك الشره.

(ح 201)

ص:355

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393737322C22426F6F6B4944223A31363732302C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3335362C2253686F77506167654E756D223A22333536222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030332F424B31353931344730303353312F424B3135393134473030335331503335362E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

106- الشهرة و الإخفاء

اشارة

قال اللّه تعالى: تِلْكَ اَلدّارُ اَلْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي اَلْأَرْضِ وَ لا فَساداً وَ اَلْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ. (1)

الأخبار

1-عن أبي عبيدة الحذّاء قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: قال اللّه عزّ و جلّ: إنّ من أغبط أوليائي عندي رجلا خفيف الحال، ذا حظّ من صلاة، أحسن عبادة ربّه بالغيب، و كان غامضا في الناس، جعل رزقه كفافا، فصبر عليه، عجّلت منيّته فقلّ تراثه و قلّت بواكيه. (2)

بيان:

«أغبط» : مأخوذ من الغبطة، و هي حسن الحال و المسرّة، يقال: غبطته إذا تمنّيت مثل ما له من غير أن تريد زواله منه.

«خفيف الحال» : أي قليل المال و الحظّ من الدنيا، و في بعض النسخ"حفيف الحال" و المعنى قريب منه، قال في النهاية: الحفف: الضيق و قلّة المعيشة.

ص:357


1- -القصص:83
2- الكافي ج 2 ص 113 باب الكفاف ح 1

قال في النهاية ج 3 ص 387: «غامضا في الناس» : أي مغمورا غير مشهور.

و في مجمع البحرين (غمض) : أي من كان خفيّا عنهم لا يعرف سوى اللّه تعالى «رزقه كفافا» : أي بقدر الحاجة و الضرورة و بقدر ما يكفّه عن السؤال.

«عجّلت منيّته» المنيّة: الموت من المنى بمعنى القدر لأنّه مقدّرة علينا، كأنّ ذكر تعجيل المنيّة لأنّه من المصائب التي ترد عليه، و علم اللّه صلاحه في ذلك، لخلاصه من أيدي الظلمة أو بذله نفسه للّه بالشهادة، و قيل: كأنّ المراد بعجلة منيّته زهده في مشتهيات الدنيا و عدم افتقاره إلى شيء منها كأنّه ميّت، و قد ورد في الحديث المشهور: «موتوا قبل أن تموتوا» . . .

أقول: لعلّ كثرة مجاهداته و طول حزنه و كثرة بلائه و مصائبه و غصصه توجب تعجيل موته.

«التراث» : مصدر ورث و أصل التاء فيه واو ثمّ انقلب تاء، و قلّة إرثه لكفاف رزقه و لكونه خفيف الحال. «قلّت بواكيه» : لقلّة عياله و أولاده و غموضه و عدم اشتهاره. (المرآة ج 8 ص 327)

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: قال اللّه عزّ و جلّ: إنّ من أغبط أوليائي عندي عبدا مؤمنا ذا حظّ من صلاح، أحسن عبادة ربّه، و عبد اللّه في السريرة، و كان غامضا في الناس فلم يشر إليه بالأصابع، و كان رزقه كفافا، فصبر عليه فعجّلت به المنيّة، فقلّ تراثه و قلّت بواكيه. (1)

3-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و ذلك زمان لا ينجو فيه إلاّ كلّ مؤمن نومة، إن شهد لم يعرف و إن غاب لم يفتقد، أولئك مصابيح الهدى و أعلام السرى، ليسوا بالمساييح، و لا المذاييع البذر، أولئك يفتح اللّه لهم أبواب رحمته، و يكشف

ص:358


1- -الكافي ج 2 ص 114 ح 6

عنهم ضرّاء نقمته. (1)

بيان:

قال رحمه اللّه: «مؤمن نومة» فإنّما أراد به الخامل الذكر القليل الشرّ، و المساييح: جمع مسياح و هو الذي يسيح بين الناس بالفساد و النمائم، و المذاييع: جمع مذياع، و هو الذي إذا سمع لغيره بفاحشة أذاعها و نوّه بها، و البذر: جمع بذور و هو الذي يكثر سفهه و يلغو منطقه.

و في النهاية ج 1 ص 110، «ليسوا بالمذاييع البذر» : البذر جمع بذور، يقال: بذرت الكلام بين الناس كما تبذر الحبوب: أي أفشيته و فرّقته، و قال في ج 2 ص 174:

المذاييع: جمع مذياع، من أذاع الشيء إذا أفشاه، و قيل: أراد الذين يشيعون الفواحش، و هو بناء مبالغة.

4-في وصيّة الباقر عليه السّلام لجابر الجعفيّ: يا جابر، اغتنم من أهل زمانك خمسا: إن حضرت لم تعرف، و إن غبت لم تفتقد، و إن شهدت لم تشاور، و إن قلت لم يقبل قولك، و إن خطبت لم تزوّج. . . (2)

5-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: كفى بالرجل بلاء أن يشار إليه بالأصابع في دين أو دنيا. (3)

أقول:

في كنز العمّال خ 5936 عن النبيّ (ص) : حسب امرئ من الشرّ أن يشار إليه بالأصابع، في دين أو دنيا إلاّ من عصمه اللّه تعالى.

و خ 5949، قال النبيّ (ص) : كفى بالمرء من الإثم أن يشار إليه بالأصابع، قالوا:

ص:359


1- -نهج البلاغة ص 305 في خ 102-و نظيره في الكافي ج 2 ص 178 باب الكتمان ح 12 عنه عليه السّلام و في ح 11 عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله
2- تحف العقول ص 206
3- مشكوة الأنوار ص 320 ب 8 ف 8

يا رسول اللّه، و إن كان خيرا؟ ! قال: و إن كان خيرا فهو شرّ له إلاّ من رحمه اللّه، و إن كان شرّا فهو شرّ.

6-قال الصادق عليه السّلام: الاشتهار بالعبادة ريبة. . . (1)

7-عن الفضيل قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: طوبى لكلّ عبد لومة (نومة ف ن) ، عرف الناس قبل أن يعرفوه. (2)

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ اللّه يبغض الشهرتين: شهرة اللباس، و شهرة الصلاة. (3)

أقول:

سيأتي بهذا المعنى في باب اللبس.

9-و عنه عليه السّلام قال: الشهرة خيرها و شرّها في النار. (4)

10-عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: إنّ اللّه يحبّ الأخفياء الأتقياء الأبرياء، الذين إذا غابوا لم يفقدوا، و إذا حضروا لم يعرفوا. (5)

11-. . . و قال صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه يحبّ التقيّ النقيّ الخفيّ. (6)

12-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام أنّ عليّا عليه السّلام وفد إليه رجل من أشراف العرب، فقال له عليّ عليه السّلام: هل في بلادك قوم قد شهّروا أنفسهم بالخير لا يعرفون إلاّ به؟ قال: نعم، قال: فهل في بلادك قوم قد شهّروا أنفسهم بالشرّ لا يعرفون إلاّ به؟ قال: نعم، قال: فهل في بلادك قوم يخرجون السيّئات

ص:360


1- -الوسائل ج 1 ص 79 ب 17 من مقدّمة العبادات ح 9
2- الوسائل ج 15 ص 355 ب 51 من جهاد النفس ح 4
3- المستدرك ج 1 ص 119 ب 16 من مقدّمة العبادات ح 10
4- المستدرك ج 1 ص 120 ح 11
5- المستدرك ج 11 ص 392 ب 51 من جهاد النفس ح 31
6- المستدرك ج 11 ص 392 ح 33

و يكتسبون الحسنات؟ قال: نعم، قال: تلك خيار امّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله، تلك النمرقة الوسطى يرجع إليهم الغالي. (1)

بيان:

«النمرقة الوسطى» النمرقة: الوسادة، و استعار عليه السّلام لفظ النمرقة بصفة الوسطى لهم لاعتدالهم في الامور، و لاتّكاء الخلق و استنادهم إليهم.

13-عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام: من شهّر نفسه بالعبادة فاتّهموه على دينه، فإنّ اللّه عزّ و جلّ يكره شهرة العبادة و شهرة اللباس. . . (2)

14-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: حدّثني أبي عن آبائه عليهم السّلام أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام قال لكميل: تبذّل و لا تشهر، و وار شخصك و لا تذكر، و تعلّم و اعمل، و اسكت تسلم، تسرّ الأبرار و تغيظ الفجّار، و لا عليك إذا عرّفك اللّه دينه أن لا تعرف الناس و لا يعرفوك. (3)

بيان:

في النهاية ج 1 ص 111، «التبذّل» : ترك التزيّن، و التهيّئ بالهيئة الحسنة الجميلة على جهة التواضع انتهى. و يحتمل هنا معنى آخر بأن يكون المراد ابتذال النفس بالخدمة و ارتكاب خسائس الأعمال. (البحار ج 2 ص 55)

15-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: . . . كونوا ينابيع الحكمة، مصابيح الهدى، أحلاس البيوت، سرج الليل، جدد القلوب، خلقان الثياب، تعرفون في أهل السماء، و تخفون في أهل الأرض. (4)

ص:361


1- -أمالي الطوسي ج 2 ص 262
2- أمالي الطوسي ج 2 ص 263( البحار ج 70 ص 251)
3- البحار ج 2 ص 37 ب 9 من العلم ح 51، و بمضمونه في ص 55 ب 11 ح 27
4- البحار ج 2 ص 38 ح 60

بيان:

«أحلاس البيوت» : كناية عن لزوم البيت و عدم التشهّر في الناس.

«الجدد» : جمع الجديد.

16-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: طوبى لعبد نومة، عرف الناس فصاحبهم ببدنه، و لم يصاحبهم في أعمالهم بقلبه، فعرفوه في الظاهر، و عرفهم في الباطن. (1)

17-عن حفص بن غياث قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من أحبّ أن يذكر خمل، و من أحبّ أن يخمل ذكر. (2)

أقول:

في البحار ج 78 ص 264، في مواعظ الصادق عليه السّلام: من أراد أن يطول اللّه عمره فليقم أمره، و من أراد أن يحطّ وزره فليرخ ستره، و من أراد أن يرفع ذكره فليخمل أمره.

بيان: أرخى الستر: أرسله و أسد له، و المراد بالستر؛ الحياء و الخوف.

18-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لا يستكمل العبد (حقيقة ف ن) الإيمان حتّى يكون قلّة الشيء أحبّ إليه من كثرته، و حتّى يكون أن لا يعرف أحبّ إليه من أن يعرف. (3)

أقول:

الأخبار في الباب كثيرة، لاحظ أخبار إخفاء العبادة و الدعاء، و أخبار باب الرئاسة. و يأتي ما يناسب المقام في باب العزلة.

و سيأتي في باب الشيعة: «شيعتنا من لا يعدو صوته سمعه. . . إن شهدوا لم يعرفوا

ص:362


1- -البحار ج 69 ص 272 باب صفات خيار العباد ح 5
2- التحصين ح 38
3- تنبيه الخواطر ص 239( التحصين لابن فهد الحلّي رحمه اللّه ح 23)

و إن غابوا لم يفتقدوا. . .»

و في جامع السعادات ج 2 ص 361 في فصل ذمّ حبّ الجاه و الشهرة: . . . الأخبار بهذه المضامين كثيرة، و لكثرة آفاتها لا يزال أكابر العلماء و أعاظم الأتقياء يفرّون منهما، فرار الرجل من الحيّة السوداء، حتّى أنّ بعضهم إذا جلس إليه أكثر من ثلاثة قام من مجلسه، و بعضهم يبكي لأجل أنّ اسمه بلغ المسجد الجامع.

و بعضهم إذا تبعه اناس من عقبه التفت إليهم و قال: «على م تتّبعوني، فو اللّه لو تعلمون ما أغلق عليه بابي ما تبعني منكم رجلان» و بعضهم يقول: «لا أعرف رجلا أحبّ أن يعرف إلاّ ذهب دينه و افتضح» و آخر يقول: «لا يجد حلاوة الآخرة رجل يحبّ أن يعرفه الناس» و آخر يقول: «و اللّه ما صدق اللّه عبد إلاّ سرّه ألاّ يشعر بمكانه» . . .

و قال بعض أساتذتنا: إنّ عالما من علمائنا المتأخّرين أنيطت به المرجعيّة و الزعامة العامّة، فطلب من إخوانه و أصدقائه أن يدعو له في حرم مولانا الحسين عليه السّلام، و يطلبوا من اللّه موته إذا كانت الرئاسة تجلب له ضررا، و لبّ الإخوان الطلب و دعوا فمات رحمه اللّه بعد مدّة قليلة.

و دعا بعض العلماء متضرّعا يطلب الموت من اللّه تعالى و قد أناخت المرجعيّة ببابه فمات هو الآخر.

و عن بعض المراجع المتأخرين أنّه قال-مشيرا إلى الاشتغالات و الموانع التي شغلته عن تهذيب نفسه و إصلاح أمره-: «ما كنت أظنّ و لا خطر ببالي أنّني أبلغ هذه الحياة و حالاتها الخاصّة» .

ص:363

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393737332C22426F6F6B4944223A31363732302C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3336342C2253686F77506167654E756D223A22333634222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030332F424B31353931344730303353312F424B3135393134473030335331503336342E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

107- الشهوات و الأهواء

الآيات

1- زُيِّنَ لِلنّاسِ حُبُّ اَلشَّهَواتِ مِنَ اَلنِّساءِ وَ اَلْبَنِينَ وَ اَلْقَناطِيرِ اَلْمُقَنْطَرَةِ مِنَ اَلذَّهَبِ وَ اَلْفِضَّةِ وَ اَلْخَيْلِ اَلْمُسَوَّمَةِ وَ اَلْأَنْعامِ وَ اَلْحَرْثِ ذلِكَ مَتاعُ اَلْحَياةِ اَلدُّنْيا وَ اَللّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ اَلْمَآبِ. (1)

2- وَ اَللّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَ يُرِيدُ اَلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ اَلشَّهَواتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً. (2)

3- وَ اُتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ اَلَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ اَلشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ اَلْغاوِينَ- وَ لَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَ لكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى اَلْأَرْضِ وَ اِتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ اَلْكَلْبِ. . . (3)

4- . . . وَ لا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَ اِتَّبَعَ هَواهُ وَ كانَ أَمْرُهُ فُرُطاً. (4)

5- فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا اَلصَّلاةَ وَ اِتَّبَعُوا اَلشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ

ص:365


1- -آل عمران:14
2- النساء:27
3- الأعراف:175 و 176
4- الكهف:28

غَيًّا. (1)

6- أَ رَأَيْتَ مَنِ اِتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أَ فَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً. (2)

7- فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اِتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اَللّهِ إِنَّ اَللّهَ لا يَهْدِي اَلْقَوْمَ اَلظّالِمِينَ. (3)

8- بَلِ اِتَّبَعَ اَلَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْواءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اَللّهُ وَ ما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ. (4)

9- . . . وَ لا تَتَّبِعِ اَلْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اَللّهِ إِنَّ اَلَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اَللّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ اَلْحِسابِ. (5)

10- أَ فَرَأَيْتَ مَنِ اِتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَ أَضَلَّهُ اَللّهُ عَلى عِلْمٍ وَ خَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَ قَلْبِهِ وَ جَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اَللّهِ أَ فَلا تَذَكَّرُونَ. (6)

11- . . . أُولئِكَ اَلَّذِينَ طَبَعَ اَللّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَ اِتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ. (7)

12- وَ أَمّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَ نَهَى اَلنَّفْسَ عَنِ اَلْهَوى- فَإِنَّ اَلْجَنَّةَ هِيَ اَلْمَأْوى. (8)

ص:366


1- -مريم:59
2- الفرقان:43
3- القصص:50
4- الروم:29
5- ص:26
6- الجاثية:23
7- محمّد صلّى اللّه عليه و آله:16
8- النازعات:40 و 41
الأخبار

1-عن الصادق جعفر بن محمّد عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: طوبى لمن ترك شهوة حاضرة لموعد لم يره. (1)

بيان:

في المصباح، «الشهوة» : اشتياق النفس إلى الشيء، و الجمع شهوات.

و في المفردات: أصل الشهوة نزوع النفس إلى ما تريده و ذلك في الدنيا ضربان:

صادقة و كاذبة، فالصادقة ما يختلّ البدن من دونه كشهوة الطعام عند الجوع، و الكاذبة ما لا يختلّ من دونه، و قد يسمّى المشتهى شهوة، و قد يقال للقوّة التي تشتهي الشيء: شهوة.

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: احذروا أهواءكم كما تحذرون أعداءكم، فليس شيء أعدى للرجال من اتّباع أهوائهم و حصائد ألسنتهم. (2)

بيان:

في النهاية ج 1 ص 394، «حصائد ألسنتهم» : أي ما يقتطعونه من الكلام الذي لا خير فيه، واحدتها حصيدة، تشبيها بما يحصد من الزرع، و تشبيها للسان و ما يقتطعه من القول بحدّ المنجل الذي يحصد به انتهى.

«الهوى» : جمع أهواء و هو مصدر أي الحبّ و الاشتهاء أو إرادة النفس و ميلانها إلى ما تستلذّ، ثمّ سمّي به المهويّ المشتهى محمودا كان أو مذموما ثمّ غلب على المذموم.

و في المفردات، الهوى: ميل النفس إلى الشهوة، و يقال ذلك للنفس المائلة

ص:367


1- -الوسائل ج 15 ص 309 ب 42 من جهاد النفس ح 3
2- الكافي ج 2 ص 251 باب اتّباع الهوى ح 1

إلى الشهوة، و قيل: سمّي بذلك لأنّه يهوي بصاحبه في الدنيا إلى كلّ داهية و في الآخرة إلى الهاوية. . .

3-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يقول اللّه عزّ و جلّ: و عزّتي و جلالي و عظمتي و كبريائي و نوري و علوّي و ارتفاع مكاني، لا يؤثر عبد هواه على هواي إلاّ شتّتّ عليه أمره، و لبست عليه دنياه، و شغلت قلبه بها و لم اؤته منها إلاّ ما قدّرت له، و عزّتي و جلالي و عظمتي و نوري و علوّي و ارتفاع مكاني، لا يؤثر عبد هواي على هواه إلاّ استحفظته ملائكتي، و كفّلت السموات و الأرضين رزقه و كنت له من وراء تجارة كلّ تاجر و أتته الدنيا و هي راغمة. (1)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر، راجع الوسائل ج 15 ب 32 من جهاد النفس و المستدرك.

بيان: «شتّتّ عليه أمره» : كناية عن تحيّره في اموره و عدم انتظامها. «لبست عليه دنياه» : أي خلطتها أو أشكلتها و ضيّقت عليه المخرج منها. «أتته الدنيا و هي راغمة» : أي ذليلة منقادة، كناية عن تيسّر حصولها بلا مشقّة و لا مذلّة أو مع هوانها عليه، و ليست لها عنده منزلة لزهده فيها. . . (المرآة ج 10 ص 314)

4-. . . قال: و كان أبو عبد اللّه عليه السّلام يقول: لا تدع النفس و هواها، فإنّ هواها [في]رداها، و ترك النفس و ما تهوى أذاها (داؤها ف ن) و كفّ النفس عمّا تهوى دواؤها. (2)

بيان:

«رداها» : أي هلاكها.

ص:368


1- -الكافي ج 2 ص 251 ح 2
2- الكافي ج 2 ص 252 ح 4

أقول: قد مرّ في باب الأمل عن الكافي: في حديث موسى بن جعفر عليه السّلام لهشام:

و من أطفأ نور عبرته بشهوات نفسه فكأنّما أعان هواه على هدم عقله.

و عن أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّما أخاف عليكم اثنتين: اتّباع الهوى و طول الأمل، أمّا اتّباع الهوى فإنّه يصدّ عن الحقّ، و أمّا طول الأمل فينسي الآخرة.

و مرّ في باب التوبة عنه عليه السّلام: و كم من شهوة ساعة اورثت حزنا طويلا.

و مرّ ما يناسب المقام في باب جهاد النفس.

5-قال (الصادق ظ) عليه السّلام: من غلب علمه هواه فهو علم نافع و من جعل شهوته تحت قدميه فرّ الشيطان من ظلّه. (1)

6-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: . . . فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يقول: «إنّ الجنّة حفّت بالمكاره و إنّ النار حفّت بالشهوات» و اعلموا أنّه ما من طاعة اللّه شيء إلاّ يأتي في كره، و ما من معصية اللّه شيء إلاّ يأتي في شهوة، فرحم اللّه رجلا نزع عن شهوته و قمع هوى نفسه، فإنّ هذه النفس أبعد شيء منزعا، و إنّها لا تزال تنزع إلى معصية في هوى، و اعلموا عباد اللّه، أنّ المؤمن لا يمسي و لا يصبح إلاّ و نفسه ظنون عنده، فلا يزال زاريا عليها و مستزيدا لها. . . (2)

بيان:

قد مرّ كلام النبيّ صلّى اللّه عليه و آله من هذا الحديث مع شرحه في باب الجنّة. «نزع عن شهوته» :

أي كفّ و انتهى عنها. «قمع هوى» يقال: قمعه أي صرفه عمّا يريد، و قهره و ذلّله.

«تنزع إلى معصية» يقال: نزع إلى أهله أي اشتاق. «زاريا عليها» : أي عائبا عليها.

في مجمع البحرين، «ظنون عنده» : أي متّهمة لديه بالخيانة و التقصير في طاعة اللّه

ص:369


1- -جامع الأخبار ص 100 ف 57
2- نهج البلاغة ص 566 في خ 175

عزّ و جلّ.

7-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: عباد اللّه، إنّ من أحبّ عباد اللّه إليه عبدا أعانه اللّه على نفسه. . . قد خلع سرابيل الشهوات، و تخلّى من الهموم إلاّ همّا واحدا انفرد به، فخرج من صفة العمى، و مشاركة أهل الهوى. . . فهو من معادن دينه، و أوتاد أرضه، قد ألزم نفسه العدل، فكان أوّل عدله نفي الهوى عن نفسه. . . (1)

8-و قال عليه السّلام: قاتل هواك بعقلك. (2)

9-و قال عليه السّلام: كم من عقل أسير عند هوى أمير (3).

10-و قال عليه السّلام: من كرمت عليه نفسه هانت عليه شهواته (4).

11-في وصيّة الباقر عليه السّلام لجابر الجعفيّ: . . . و توقّ مجازفة الهوى بدلالة العقل، وقف عند غلبة الهوى باسترشاد العلم. . . (5)

و لا عقل كمخالفة الهوى. . . و لا قوّة كغلبة الهوى. . . و لا جور كموافقة الهوى. . . و لا جهاد كمجاهدة الهوى. . . (6)

12-في مواعظ الجواد عليه السّلام: قال له رجل: أوصني؟ قال عليه السّلام: و تقبل؟ قال:

نعم، قال: توسّد الصبر، و اعتنق الفقر، و ارفض الشهوات، و خالف الهوى، و اعلم أنّك لن تخلو من عين اللّه فانظر كيف تكون. (7)

13-في مواعظ الصادق عليه السّلام: قيل له: أين طريق الراحة؟ فقال عليه السّلام:

ص:370


1- -نهج البلاغة ص 210 خ 86
2- نهج البلاغة ص 1285 في ح 416
3- نهج البلاغة ص 1182 في ح 202
4- نهج البلاغة ص 1293 ح 441
5- تحف العقول ص 207
6- تحف العقول ص 208
7- تحف العقول ص 335

في خلاف الهوى، قيل: فمتى يجد عبد الراحة؟ فقال عليه السّلام: عند أوّل يوم يصير في الجنّة. (1)

14-في وصيّة موسى بن جعفر عليهما السّلام لهشام قال: . . . يا هشام، قليل العمل من العاقل مقبول مضاعف، و كثير العمل من أهل الهوى و الجهل مردود. (2)

يا هشام، قال اللّه جلّ و عزّ: و عزّتي و جلالي و عظمتي و قدرتي و بهائي و علوّي في مكاني، لا يؤثر عبد هواي على هواه إلاّ جعلت الغنى في نفسه، و همّه في آخرته، و كففت عليه في ضيعته، و ضمّنت السموات و الأرض رزقه، و كنت له من وراء تجارة كلّ تاجر. . . (3)

يا هشام، أوحى اللّه تعالى إلى داود عليه السّلام: يا داود، حذّر، فأنذر أصحابك عن حبّ الشهوات، فإنّ المعلّقة قلوبهم بشهوات الدنيا، قلوبهم محجوبة عنّي. . . (4)

و إذا مرّ بك أمران لا تدري أيّهما خير و أصوب، فانظر أيّهما أقرب إلى هواك فخالفه، فإنّ كثير الصواب في مخالفة هواك. . . (5)

15-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من سلم من امّتي من أربع خصال فله الجنّة: من الدخول في الدنيا، و اتّباع الهوى، و شهوة البطن، و شهوة الفرج. (6)

16-عن عبد اللّه بن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه جعفر بن محمّد عليهما السّلام

ص:371


1- -تحف العقول ص 273
2- تحف العقول ص 286
3- تحف العقول ص 291
4- تحف العقول ص 293
5- تحف العقول ص 294
6- المستدرك ج 12 ص 110 ب 81 من جهاد النفس ح 2

فقلت: الملائكة أفضل أم بنو آدم؟ فقال: قال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام:

إنّ اللّه عزّ و جلّ ركّب في الملائكة عقلا بلا شهوة، و ركّب في البهائم شهوة بلا عقل، و ركّب في بني آدم كليهما، فمن غلب عقله شهوته فهو خير من الملائكة، و من غلبت شهوته عقله فهو شرّ من البهائم. (1)

17-قال الصادق عليه السّلام: إنّي لأرجو النجاة لهذه الامّة لمن عرف حقّنا منهم، إلاّ لأحد ثلاثة: صاحب سلطان جائر، و صاحب هوى، و الفاسق المعلن. (2)

18-عن الثمالي عن الصادق عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أشجع الناس من غلب هواه (3).

19-قال زيد بن صوحان: يا أمير المؤمنين، أيّ سلطان أغلب و أقوى؟ قال: الهوى. (4)

20-قال الجواد عليه السّلام: من أطاع هواه أعطى عدوّه مناه.

و قال عليه السّلام: راكب الشهوات لا تستقال له عثرة. (5)

21-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ، قال: يا أبا ذرّ، الحقّ ثقيل مرّ، و الباطل خفيف حلو، و ربّ شهوة ساعة تورث حزنا طويلا. (6)

22-في كلم أمير المؤمنين عليه السّلام: لن يستكمل العبد حقيقة الإيمان حتّى يؤثر

ص:372


1- -علل الشرايع ج 1 ص 4 ب 6
2- البحار ج 70 ص 76 باب ترك الشهوات ح 4
3- البحار ج 70 ص 76 ح 5
4- البحار ج 70 ص 76 ح 6
5- البحار ج 70 ص 78 ح 11
6- البحار ج 77 ص 84

دينه على شهوته، و لن يهلك حتّى يؤثر شهوته على دينه. (1)

23-قال الصادق عليه السّلام: من رعى قلبه عن الغفلة و نفسه عن الشهوة و عقله عن الجهل فقد دخل في ديوان المتنبّهين، ثمّ من رعى علمه عن الهوى و دينه عن البدعة و ماله عن الحرام، فهو من جملة الصالحين.

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: طلب العلم فريضة على كلّ مسلم و مسلمة و هو علم الأنفس، فيجب أن يكون نفس المؤمن على كلّ حال في شكر أو عذر على معنى إن قبل ففضل و إن ردّ فعدل، و تطالع الحركات في الطاعات بالتوفيق و تطالع السكون عن المعاصي بالعمصة، و قوام ذلك كلّه بالافتقار إلى اللّه تعالى و الاضطرار إليه و الخشوع و الخضوع، و مفتاحها الإنابة إلى اللّه تعالى مع قصر الأمل بدوام ذكر الموت و عيان الوقوف بين يدي الجبّار، لأنّ في ذلك راحة من الحبس و نجاة من العدوّ و سلامة النفس، و سبب الإخلاص في الطاعات التوفيق، و أصل ذلك أن يردّ العمر إلى يوم واحد.

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الدنيا ساعة فاجعلها طاعة، و باب ذلك كلّه ملازمة الخلوة بمداومة الفكر، و سبب الخلوة القناعة و ترك الفضول من المعاش، و سبب الفكر الفراغ، و عماد الفراغ الزهد، و تمام الزهد التقوى، و باب التقوى الخشية، و دليل الخشية التعظيم للّه و التمسّك بخالص طاعته في أوامره، و الخوف و الحذر مع الوقوف عن محارمه و دليلها العلم، قال اللّه عزّ و جلّ: إِنَّما يَخْشَى اَللّهَ مِنْ عِبادِهِ اَلْعُلَماءُ 2 . (2)

24-قال اللّه لداود: يا داود، احذر القلوب المعلّقة بشهوات الدنيا فإنّ

ص:373


1- -البحار ج 78 ص 81
2- مصباح الشريعة ص 4 ب 3

عقولها محجوبة عنّي. (1)

25-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الشهوة تغري. (الغرر ج 1 ص 6 ف 1 ح 44)

اللذّة تلهي-الهوى يردي. (ح 45 و 46)

الشهوات آفات-اللذّات مفسدات. (ص 7 ح 69 و 70)

الهوى صبوة. (ص 10 ح 186)

الشهوات قاتلات. (ص 11 ح 333)

الشهوة حرب. (ص 12 ح 281)

الهوى عدوّ العقل. (ص 13 ح 321)

الهوى آفة الألباب-الهوى عدوّ متبوع. (ص 15 ح 366 و 377)

الهوى شريك العمى. (ص 22 ح 632)

الشهوات مصائد الشيطان. (ح 635)

الهوى داء دفين. (ص 23 ح 653)

الشهوة أضرّ الأعداء. (ص 29 ح 871)

الشهوات تسترقّ الجهول. (ص 32 ح 965)

الهوى قرين مهلك. (ص 33 ح 1000)

الهوى أسّ المحن-الهوى مطيّة الفتن. (ص 35 ح 1090 و 1103)

العاقل من أمات شهوته. (ص 41 ح 1239)

الهوى هويّ إلى أسفل السافلين. (ص 48 ح 1374)

الناجون من النار قليل، لغلبة الهوى و الضلال. (ص 67 ح 1749)

الشهوات آفات قاتلات و خير دواءها اقتناء الصبر عنها. (ص 79 ح 1910)

ص:374


1- -الاختصاص ص 330(البحار ج 14 ص 39)

العقل صاحب جيش الرحمن، و الهوى قائد جيش الشيطان، و النفس متجاذبة بينهما، فأيّهما غلب كانت في حيّزه-العقل و الشهوة ضدّان، و مؤيّد العقل العلم، و مزيّن الشهوة الهوى، و النفس متنازعة بينهما، فأيّهما قهر كانت في جانبه.

(ص 96 ح 2121 و 2122)

العفّة تضعف الشهوة. (ص 102 ح 2170)

الهوى إله معبود-العقل صديق محمود. (ص 107 ح 2240 و 2241)

اهجروا الشهوات، فإنّها تقودكم إلى ارتكاب الذنوب، و التهجّم على السيّئات. (ص 132 ف 3 ح 28)

اغلبوا أهوائكم و حاربوها، فإنّها إن تقيّدكم توردكم من الهلكة أبعد غاية.

(ص 138 ح 82)

إيّاك و طاعة الهوى فإنّه يقود إلى كلّ محنة. (ص 150 ف 5 ح 41)

إيّاكم و تمكّن الهوى منكم، فإنّ أوّله فتنة و آخره محنة.

(ص 159 ح 113)

إيّاكم و غلبة الشهوات على قلوبكم، فإنّ بدايتها ملكة، و نهايتها هلكة.

(ح 114)

أقوى الناس من غلب هواه. (ص 187 ف 8 ح 248)

أفضل الناس من جاهد هواه. (ص 189 ح 265)

أوّل الشهوة طرب و آخرها عطب-أصل الورع تجنّب الشهوات.

(ص 192 ح 311 و 312)

أغلب الناس من غلب هواه بعلمه. (ص 196 ح 357)

أجلّ الامراء من لم يكن الهوى عليه أميرا-أدين الناس من لم تفسد الشهوة دينه. (ص 197 ح 378 و 383)

أفضل الناس من عصى هواه، و أفضل منه من رفض دنياه، و أشقى الناس

ص:375

من غلبه هواه فملكته دنياه و أفسد أخراه. (ص 200 ح 412)

إنّك إن أطعت هواك أصمّك و أعماك، و أفسد منقلبك و أرداك.

(ص 287 ف 13 ح 21)

إنّكم إن أمّرتم عليكم الهوى أصمّكم و أعمالكم و أرداكم.

(ص 292 ف 14 ح 30)

آفة العقل الهوى. (ص 304 ف 16 ح 10)

إذا كمل العقل نقصت الشهوة. (ص 314 ف 17 ح 80)

إذا أبصرت العين الشهوة عمي القلب عن العاقبة. (ص 315 ح 89)

بملك الشهوة التنزّه عن كلّ عاب. (ص 338 ف 18 ح 177)

حرام على كلّ عقل مغلول بالشهوة أن ينتفع بالحكمة. (ص 383 ف 28 ح 36)

خدمة الجسد إعطاؤه ما يستدعيه من الملاذّ و الشهوات و المقتنيات، و في ذلك هلاك النفس. (ص 400 ف 30 ح 60)

رأس التقوى ترك الشهوة-رأس الفضائل ملك الغضب و إماتة الشهوة.

(ص 411 ف 34 ح 15 و 16)

رأس الدين مخالفة الهوى. (ص 412 ح 35)

ردع النفس عن الهوى هو الجهاد الأكبر. (ص 421 ف 36 ح 11)

ردع النفس عن الهوى هو الجهاد النافع. (ح 13)

ردع الهوى من شيمة العقلاء-ردع الشهوة و الغضب جهاد النبلاء.

(ح 19 و 20)

سبب فساد العقل الهوى. (ص 430 ف 38 ح 6)

سبب فساد الدين الهوى. (ص 431 ح 32)

طاعة الهوى تفسد العقل-طاعة الشهوة تفسد الدين.

(ج 2 ص 469 ف 47 ح 1 و 3)

ص:376

طهّروا أنفسكم من دنس الشهوات، تدركوا رفيع الدرجات. (ص 472 ح 37)

طهّروا أنفسكم من دنس الشهوات تضاعف لكم الحسنات. (ح 38)

طاعة الشهوة هلك و معصيتها ملك. (ح 43)

عند حضور الشهوات و اللذّات، يتبيّن ورع الأتقياء. (ص 491 ف 52 ح 26)

عبد الشهوة أذلّ من عبد الرقّ. (ص 498 ف 55 ح 13)

عبد الشهوة أسير لا ينفكّ أسره. (ص 499 ح 15)

غير منتفع بالعظات قلب متعلّق بالشهوات. (ص 507 ف 57 ح 26)

غلبة الشهوة أعظم هلك و ملكها أشرف ملك. (ح 30)

غلبة الشهوة تبطل العصمة و تورد الهلك. (ح 31)

غلبة الهوى يفسد الدين و العقل. (ص 508 ح 34)

غالب الشهوة قبل قوّة ضراوتها (1)، فإنّها إن قويت ملّكتك و استقادتك و لم تقدر على مقاومتها. (ص 510 ح 64)

في طاعة الهوى كلّ الغواية. (ص 514 ف 58 ح 76)

قاتل هواك لعقلك تملك رشدك. (ص 535 ف 61 ح 25)

قرين الشهوات أسير التبعات. (ص 536 ح 43)

قرين الشهوة، مريض النفس معلول العقل. (ص 539 ح 78)

قاتل هواك بعلمك، و غضبك بحلمك. (ص 540 ح 86)

كيف يستطيع الإخلاص من بقلبه الهوى. (ص 553 ف 64 ح 4)

كيف يجد لذّة العبادة من لا يصوم عن الهوى. (ص 554 ح 12)

كيف يصبر عن الشهوة من لم تعنه العصمة. (ح 19)

كيف يصل إلى حقيقة الزهد من لم يمت شهوته. (ص 555 ح 25)

ص:377


1- -الضراوة: العادة بحيث لا يصبر صاحبها عمّا تعود عليه.

كيف يستطيع الهدى من يغلبه الهوى. (ح 28)

ليس في المعاصي أشدّ من اتّباع الشهوة، فلا تطيعوها فشغلكم عن ذكر اللّه.

(ص 597 ف 73 ح 69)

من ملكه هواه ضلّ. (ص 611 ف 77 ح 14)

من أطاع هواه هلك. (ص 613 ح 63)

من ملك هواه ملك النهى. (ص 615 ح 110)

من غلب شهوته ظهر عقله. (ص 625 ح 308)

من وافق هواه خالف رشده-من قوي هواه ضعف عزمه.

(ص 626 ح 312 و 314)

من ركب هواه زلّ. (ص 627 ح 333)

من اتبع هواه أردى نفسه. (ص 628 ح 361)

من زادت شهوته قلّت مروّته. (ص 629 ح 377)

من ملك شهوته كان تقيّا. (ص 646 ح 628)

من ركب الهوى أدرك العمى. (ص 650 ح 694)

من أطاع هواه باع آخرته بدنياه. (ح 695)

من غلب عقله هواه أفلح-من غلب هواه عقله افتضح. (ح 698 و 699)

من أمات شهوته أحيى مروّته-من كثرت شهوته ثقلت مؤنته.

(ح 700 و 701)

من اشتاق إلى الجنّة، سلا عن الشهوات. (ص 666 ح 928)

من غلب هواه على عقله، ظهرت عليه الفضائح. (ص 675 ح 1036)

من غلب عليه غضبه و شهوته فهو في حيّز البهائم. (ص 680 ح 1095)

من ملك شهوته كملت مروّته و حسنت عاقبته. (ص 681 ح 1108)

من أطاع نفسه في شهوتها، فقد أعانها على هلكتها. (ص 683 ح 1131)

ص:378

من أحب نيل الدرجات العلى فليغلب الهوى. (ص 694 ح 1246)

من لم يداو شهوته بالترك لها لم يزل عليلا. (ص 703 ح 1337)

من عرى عن الهوى عمله حسن أثره في كلّ أمر. (ص 708 ح 1384)

من اتّبع هواه [أعماه و أصمّه]، و أزلّه و أضلّه. (ص 718 ح 1466)

من استقاده هواه استحوذ عليه الشيطان. (ص 721 ح 1495)

من نظر بعين هواه افتتن و جار و عن نهج السبيل زاغ و حار.

(ص 722 ح 1520)

مغلوب (مملوك ف ن) الشهوة، أذّل من مملوك الرقّ-مغلوب الهوى دائم الشقا، مؤبّد الرقّ. (ص 764 ف 80 ح 125 و 126)

نظام الدين مخالفة الهوى و التنزّه عن الدنيا. (ص 776 ف 82 ح 32)

لا يجتمع العقل و الهوى. (ص 836 ف 86 ح 137)

لا تجتمع الشهوة و الحكمة. (ح 139)

يستدلّ على الإيمان بكثرة التقى و ملك الشهوة، و غلبة الهوى.

(ص 864 ف 88 ح 14)

ص:379

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393737342C22426F6F6B4944223A31363732302C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3338302C2253686F77506167654E756D223A22333830222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030332F424B31353931344730303353312F424B3135393134473030335331503338302E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

108- الشيعة

اشارة

و فيه فصلان:

الفصل الأوّل: فضائل الشيعة و الصفح عنهم
الآيات

1- وَ مَنْ يُطِعِ اَللّهَ وَ اَلرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ اَلَّذِينَ أَنْعَمَ اَللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ اَلنَّبِيِّينَ وَ اَلصِّدِّيقِينَ وَ اَلشُّهَداءِ وَ اَلصّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً. (1)

2- وَ مَنْ يَتَوَلَّ اَللّهَ وَ رَسُولَهُ وَ اَلَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اَللّهِ هُمُ اَلْغالِبُونَ. (2)

3- وَ إِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ. (3)

ص:381


1- -النساء:69
2- المائدة:56
3- الصافّات:83
الأخبار

1-عن ميسر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال لي: أ تخلون و تتحدّثون و تقولون ما شئتم؟ فقلت: إي و اللّه إنّا لنخلوا و نتحدّث و نقول ما شئنا، فقال:

أما و اللّه لوددت أنّي معكم في بعض تلك المواطن، أما و اللّه إنّي لاحبّ ريحكم و أرواحكم، و إنّكم على دين اللّه و دين ملائكته فأعينوا بورع و اجتهاد. (1)

بيان:

«تقولون ما شئتم» : أي من فضائلنا و أسرارنا و ذمّ أعادينا و. . .

في المرآة ج 9 ص 86، «لوددت» : أي أحببت أو تمنّيت، و فيه غاية الترغيب فيه و التحريض عليه.

2-عن ابن أبي عمير عن عمرو بن أبي المقدام قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: خرجت أنا و أبي حتّى إذا كنّا بين القبر و المنبر، إذا هو باناس من الشيعة فسلّم عليهم، ثمّ قال: إنّي و اللّه لاحبّ رياحكم و أرواحكم، فأعينوني على ذلك بورع و اجتهاد، و اعلموا أنّ ولايتنا لا تنال إلاّ بالورع و الاجتهاد، و من ائتمّ منكم بعبد فليعمل بعمله.

أنتم شيعة اللّه و أنتم أنصار اللّه، و أنتم السابقون الأوّلون، و السابقون الآخرون، و السابقون في الدنيا و السابقون في الآخرة إلى الجنّة، قد ضمنّا لكم الجنّة بضمان اللّه عزّ و جلّ و ضمان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و اللّه ما على درجة الجنّة أكثر أرواحا منكم، فتنافسوا في فضائل الدرجات، أنتم الطيّبون و نساؤكم الطيّبات، كلّ مؤمنة حوراء عيناء، و كلّ مؤمن صدّيق.

و لقد قال أمير المؤمنين عليه السّلام لقنبر: يا قنبر، أبشر و بشّر و استبشر، فو اللّه

ص:382


1- -الكافي ج 2 ص 149 باب تذاكر الإخوان ح 5

لقد مات رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هو على امّته ساخط إلاّ الشيعة، ألا و إنّ لكلّ شيء عزّا و عزّ الإسلام الشيعة، ألا و إنّ لكلّ شيء دعامة و دعامة الإسلام الشيعة. ألا و إنّ لكلّ شيء ذروة و ذروة الإسلام الشيعة.

ألا و إنّ لكلّ شيء شرفا و شرف الإسلام الشيعة، ألا و إنّ لكلّ شيء سيّدا و سيّد المجالس مجالس الشيعة، ألا و إنّ لكلّ شيء إماما و إمام الأرض أرض تسكنها الشيعة،

و اللّه لو لا ما في الأرض منكم ما رأيت بعين عشبا أبدا، و اللّه لو لا ما في الأرض منكم ما أنعم اللّه على أهل خلافكم، و لا أصابوا الطيّبات، ما لهم في الدنيا و لا لهم في الآخرة من نصيب، كلّ ناصب و إن تعبّد و اجتهد منسوب إلى هذه الآية:

عامِلَةٌ ناصِبَةٌ- تَصْلى ناراً حامِيَةً 1 فكلّ ناصب مجتهد فعمله هباء، شيعتنا ينطقون بنور اللّه (عزّ و جلّ بأمر اللّه ف ن) و من يخالفهم ينطقون بتفلّت.

و اللّه ما من عبد من شيعتنا ينام إلاّ أصعد اللّه عزّ و جلّ روحه إلى السماء فيبارك عليها، فإن كان قد أتى عليها أجلها جعلها في كنوز رحمته و في رياض جنّته و في ظلّ عرشه، و إن كان أجلها متأخّرا بعث بها مع أمنته من الملائكة ليردّوها إلى الجسد الذي خرجت منه لتسكن فيه، و اللّه إنّ حاجّكم و عمّاركم لخاصّة اللّه عزّ و جلّ، و إنّ فقراءكم لأهل الغنى، و إنّ أغنيائكم لأهل القناعة، و إنّكم كلّكم لأهل دعوته و أهل إجابته. (1)

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام مثله، و زاد فيه: ألا و إنّ لكلّ شيء جوهرا و جوهر ولد آدم محمّد صلّى اللّه عليه و آله و نحن و شيعتنا بعدنا، حبّذا شيعتنا ما أقربهم من عرش اللّه عزّ و جلّ، و أحسن صنع اللّه إليهم يوم القيامة.

ص:383


1- الكافي ج 8 ص 212 ح 259( أمالي الصدوق م 91 ح 4 و فضائل الشيعة ص 9 ح 8 و أمالي الطوسي ج 2 ص 332)

و اللّه لو لا أن يتعاظم الناس ذلك أو يدخلهم زهو لسلّمت عليهم الملائكة قبلا، و اللّه ما من عبد من شيعتنا يتلو القرآن في صلاته قائما إلاّ و له بكلّ حرف مائة حسنة، و لا قرأ في صلاته جالسا إلاّ و له بكلّ حرف خمسون حسنة، و لا في غير صلاة إلاّ و له بكلّ حرف عشر حسنات، و إنّ للصامت من شيعتنا لأجر من قرأ القرآن ممّن خالفه.

أنتم و اللّه على فرشكم نيام لكم أجر المجاهدين، و أنتم و اللّه في صلاتكم لكم أجر الصافّين في سبيله، أنتم و اللّه الذين قال اللّه عزّ و جلّ: وَ نَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ (1)إنّما شيعتنا أصحاب الأربعة الأعين: عينان في الرأس و عينان في القلب، ألا و إنّ الخلائق كلّهم كذلك، ألا إنّ اللّه عزّ و جلّ فتح أبصاركم و أعمى أبصارهم. (2)

بيان:

«الشيعة» : قد يكون المراد منها ما يقابل العامّة، و هم من يعتقدون بإمامة الأئمّة عليهم السّلام، و قد يراد منها الكاملون الذين يتّبعون أمير المؤمنين عليه السّلام في أعماله و خصاله كسلمان رحمه اللّه و هم احدان الناس و هم قليل غاية القلّة، و لا يكاد يوجد إلاّ نادرا و لا يجوز تسمية غيرهم بهذا الاسم، و سيأتي في ف 2 أوصافهم و علامهم.

«الرياح» : جمع الريح، أي الطيبة العطرة. «الأرواح» إمّا جمع الروح بالضمّ، أو بالفتح بمعنى النسيم و الراحة. «حوراء عيناء» : أي في الجنّة على صفة الحوريّة في الحسن و الجمال.

«أبشر» : أي خذ هذه البشارة. «بشّر» : أي غيرك. «و استبشر» : أي افرح.

«بتفلّت» : أي يصدر عنهم فلتة من غير تفكّر و رويّة و الأخذ من صادق.

ص:384


1- -الحجر:47
2- الكافي ج 8 ص 214 ح 260

«لأهل الغنى» : أي غنى النفس و الاستغناء عن الخلق بتوكّلهم على ربّهم. «أهل إجابته» : أي دعاكم اللّه إلى دينه و طاعته فأجبتموه إليهما.

«إنّ لكلّ شيء جوهرا. . .» في مجمع البحرين: أي حقيقة، و في المرآة: أي كما أنّ الجواهر ممتازة من سائر أجزاء الأرض بالحسن و البهاء و النفاسة و الندرة، فكذا هم بالنسبة إلى سائر ولد آدم عليه السّلام. «الزهو» : الكبر و الفخر. «قبلا» : أي عيانا و مقابلة. «الغلّ» : العداوة و الشحناء.

3-عن ابن عباس قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام: يا عليّ، شيعتك هم الفائزون يوم القيامة، فمن أهان واحدا منهم فقد أهانك، و من أهانك فقد أهانني، و من أهانني أدخله اللّه نار جهنّم خالدا فيها و بئس المصير.

يا عليّ، أنت منّي و أنا منك، روحك من روحي و طينتك من طينتي، و شيعتك خلقوا من فضل طينتنا، فمن أحبّهم فقد أحبّنا، و من أبغضهم فقد أبغضنا، و من عاداهم فقد عادانا، و من ودّهم فقد ودّنا.

يا عليّ، إنّ شيعتك مغفور لهم على ما كان فيهم من ذنوب و عيوب.

يا عليّ، أنا الشفيع لشيعتك غدا إذا قمت المقام المحمود فبشّرهم بذلك.

يا عليّ، شيعتك شيعة اللّه، و أنصارك أنصار اللّه، و اوليائك أولياء اللّه، و حزبك حزب اللّه.

يا عليّ، سعد من تولاّك و شقي من عاداك.

يا عليّ، لك كنز في الجنّة و أنت ذو قرنيها. (1)

بيان:

في النهاية ج 4 ص 51: في الحديث «أنّه قال لعليّ: إنّ لك بيتا في الجنّة، و إنّك ذو قرنيها» أي طرفي الجنّة و جانبيها.

ص:385


1- -أمالي الصدوق ص 15 م 4 ح 8

4-عن أبي حمزة الثمالي عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: قال سلمان الفارسيّ رحمه اللّه: كنت ذات يوم جالسا عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذ أقبل عليّ بن أبي طالب عليه السّلام فقال له: أ لا أبشّرك يا عليّ؟ قال: بلى يا رسول اللّه، قال: هذا حبيبي جبرئيل يخبرني عن اللّه جلّ جلاله أنّه قد أعطى محبّيك و شيعتك سبع خصال: الرفق عند الموت، و الانس عند الوحشة، و النور عند الظلمة، و الأمن عند الفزع، و القسط عند الميزان، و الجواز على الصراط، و دخول الجنّة قبل سائر الناس من الامم بثمانين عاما. (1)

5-عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

لا تستخفّوا بفقراء شيعة عليّ و عترته من بعده، فإنّ الرجل منهم ليشفع في مثل ربيعة و مضر. (2)

6-عن أبي الحسن الرضا عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: شيعة عليّ هم الفائزون يوم القيامة. (3)

7-عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: إنّ اللّه تبارك و تعالى يبعث اناسا وجوههم من نور، على كراسيّ من نور، عليهم ثياب من نور، في ظلّ العرش بمنزلة الأنبياء و ليسوا بالأنبياء، و بمنزلة الشهداء و ليسوا بالشهداء، فقال رجل: أنا منهم يا رسول اللّه؟ قال: لا، و قال آخر: أنا منهم يا رسول اللّه؟ قال: لا، قيل: من هم يا رسول اللّه؟ قال: فوضع يده على رأس عليّ عليه السّلام و قال: هذا و شيعته. (4)

أقول:

الرجلان في الخبر؛ هما أبو بكر و عمر، كما ورد في أخبار اخر.

ص:386


1- -أمالي الصدوق ص 336 م 54 ح 15
2- أمالي الصدوق ص 307 م 50 ح 16
3- أمالي الصدوق ص 361 م 57 ح 13( العيون ج 2 ص 52 ب 31 ح 201)
4- أمالي الصدوق ص 244 م 42 ح 15

8-عن عليّ بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا كان يوم القيامة وليّنا حساب شيعتنا، فمن كانت مظلمته فيما بينه و بين اللّه عزّ و جلّ حكمنا فيها فأجابنا، و من كانت مظلمته فيما بينه و بين الناس استوهبناها فوهبت لنا، و من كانت مظلمته بينه و بيننا كنّا أحقّ ممّن عفا و صفح. (1)

9-عن الرضا عن آبائه عن الحسين بن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لعليّ: بشّر لشيعتك أنّي الشفيع لهم يوم القيامة، يوم لا تنفع إلاّ شفاعتي. (2)

أقول:

راجع قول الصادق عليه السّلام مع خواصّ أصحابه في ف 1 من باب الإيمان.

10-عن أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : شيعتنا بمنزلة النحل لو يعلم الناس ما في أجوافها لأكلوها. (3)

و قال عليه السّلام: إنّ أهل الجنّة لينظرون إلى منازل شيعتنا كما ينظر الإنسان إلى الكواكب في السماء. (4)

و قال عليه السّلام: إنّ اللّه تبارك و تعالى أطلع إلى الأرض فاختارنا، و اختار لنا شيعة، ينصروننا و يفرحون لفرحنا و يحزنون لحزننا و يبذلون أموالهم و أنفسهم فينا، أولئك منّا و إلينا، ما من الشيعة عبد يقارف أمرا نهيناه عنه فيموت حتّى يبتلى ببليّة تمحّص بها ذنوبه، إمّا في مال و إمّا في ولد و إمّا في نفسه، حتّى يلقى اللّه عزّ و جلّ و ما له ذنب، و إنّه ليبقى عليه الشيء من ذنوبه فيشدّد به عليه عند موته.

الميّت من شيعتنا صدّيق شهيد، صدّق بأمرنا و أحبّ فينا و أبغض فينا يريد

ص:387


1- -العيون ج 2 ص 58 ب 31 ح 213
2- العيون ج 2 ص 67 ح 313
3- الخصال ج 2 ص 625
4- الخصال ج 2 ص 629

بذلك اللّه عزّ و جلّ، مؤمن باللّه و برسوله، قال اللّه عزّ و جلّ: وَ اَلَّذِينَ آمَنُوا بِاللّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ اَلصِّدِّيقُونَ وَ اَلشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَ نُورُهُمْ 1 . (1)

بيان:

محّص اللّه عن فلان ذنوبه: أي نقّصها و طهّره منها.

11-عن أبي حمزة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: أنتم أهل تحيّة اللّه و سلامه، و أنتم أهل أثرة اللّه برحمته، و أهل توفيق اللّه و عصمته، و أهل دعوة اللّه و طاعته، لا حساب عليكم و لا خوف و لا حزن. (2)

بيان:

«أثرة اللّه» : اسم من أثر بمعنى اختاره لنفسه أحسن الأشياء.

12-عنه قال: و سمعت أبا عبد اللّه جعفر بن محمّد عليه السّلام يقول: رفع القلم عن الشيعة بعصمة اللّه و ولايته. (3)

13-عنه قال: و سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّي لأعلم قوما قد غفر اللّه لهم و رضي عنهم و عصمهم و رحمهم، و حفظهم من كلّ سوء، و أيّدهم و هداهم إلى كلّ رشد، و بلغ بهم غاية الإمكان، قيل: من هم يا أبا عبد اللّه؟ قال: اولئك شيعتنا الأبرار، شيعة عليّ. (4)

14-و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: نحن الشهداء على شيعتنا، و شيعتنا شهداء على الناس، و بشهادة شيعتنا يجزون و يعاقبون. (5)

ص:388


1- الخصال ج 2 ص 635
2- فضائل الشيعة للصدوق رحمه اللّه ص 13 ح 13
3- فضائل الشيعة ص 14 ح 14
4- فضائل الشيعة ص 14 ح 15
5- فضائل الشيعة ص 14 ح 16

15-عن معاوية بن عمّار عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه عليهم السّلام قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا كان يوم القيامة يؤتى بأقوام على منابر من نور تتلألأ وجوههم كالقمر ليلة البدر، يغبطهم الأوّلون و الآخرون، ثمّ سكت ثمّ أعاد الكلام ثلاثا، فقال عمر بن خطّاب: هم الشهداء؟ قال: هم الشهداء و ليس هم الشهداء الذين تظنّون، قال: هم الأوصياء؟ قال: هم الأوصياء و ليس هم الأوصياء الذين تظنّون، قال: فمن أهل السماء أو من أهل الأرض؟ قال: هم من أهل الأرض، قال: فأخبرني من هم؟

قال: فأومأ بيده إلى عليّ عليه السّلام فقال: هذا و شيعته، ما يبغضه من قريش إلاّ سفاحيّ، و لا من الأنصار إلاّ يهوديّ، و لا من العرب إلاّ دعيّ و لا من سائر الناس إلاّ شقيّ، يا عمر، كذب من زعم أنّه يحبّني و يبغض عليّا. (1)

بيان:

«السفاحيّ» : الزنيّ (ولد الزنا) . «الدعيّ» : أي المتّهم و المشكوك في نسبه.

16-عن ابن أبي نجران قال: سمعت أبا الحسن عليه السّلام يقول: من عادى شيعتنا فقد عادانا، و من والاهم فقد والانا، لأنّهم منّا، خلقوا من طينتنا، من أحبّهم فهو منّا و من أبغضهم فليس منّا، شيعتنا ينظرون بنور اللّه، و يتقلّبون في رحمة اللّه، و يفوزون بكرامة اللّه، ما من أحد من شيعتنا يمرض إلاّ مرضنا لمرضه، و لا اغتمّ إلاّ اغتممنا لغمّه، و لا يفرح إلاّ فرحنا لفرحه، و لا يغيب عنّا أحد من شيعتنا أين كان في شرق الأرض أو غربها، و من ترك من شيعتنا دينا فهو علينا، و من ترك منهم مالا فهو لورثته.

شيعتنا الذين يقيمون الصلاة، و يؤتون الزكاة، و يحجّون البيت الحرام، و يصومون شهر رمضان، و يوالون أهل البيت، و يتبرّؤن من أعدائهم (من

ص:389


1- -فضائل الشيعة ص 30 ح 25

أعدائنا ف ن) ، اولئك أهل الإيمان و التقى، و أهل الورع و التقوى، و من ردّ عليهم فقد ردّ على اللّه، و من طعن عليهم فقد طعن على اللّه، لأنّهم عباد اللّه حقّا، و أولياؤه صدقا، و اللّه إنّ أحدهم ليشفع في مثل ربيعة و مضر، فيشفّعه اللّه تعالى فيهم لكرامته على اللّه عزّ و جلّ. (1)

17-عن ابن عبّاس قال: سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن قول اللّه عزّ و جلّ:

وَ اَلسّابِقُونَ اَلسّابِقُونَ- أُولئِكَ اَلْمُقَرَّبُونَ- فِي جَنّاتِ اَلنَّعِيمِ. 2 فقال: قال لي جبرئيل: ذلك عليّ و شيعته، هم السابقون إلى الجنّة، المقرّبون من اللّه بكرامته لهم. (2)

18-عن أبي ذرّ رحمه اللّه قال: رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قد ضرب كتف عليّ بن أبي طالب بيده و قال: يا عليّ، من أحبّنا فهو العربيّ، و من أبغضنا فهو العلج، شيعتنا أهل البيوتات و المعادن و الشرف و من كان مولده صحيحا، و ما على ملّة إبراهيم إلاّ نحن و شيعتنا، و سائر الناس منها برآء، إنّ للّه ملائكة يهدمون سيّئات شيعتنا كما يهدم القوم البنيان. (3)

بيان:

«العلج» : أي الكافر، في مجمع البحرين: و العلج: الرجل الضخم من كفّار العجم، و بعضهم يطلقه على الكافر مطلقا، و الجمع علوج و أعلاج.

«أهل البيوتات و المعادن» في البحار ج 68 ص 23: المراد القبائل الشريفة و الأنساب الصحيحة، في القاموس، البيت: الشرف و الشريف، و في النهاية، بيت الرجل: شرفه. . .

ص:390


1- -صفات الشيعة للصدوق رحمه اللّه ص 3 ح 5
2- أمالي الطوسي ج 1 ص 70
3- أمالي الطوسي ج 1 ص 194

19-عن الصادق عليه السّلام قال: شيعتنا جزء منّا، خلقوا من فضل طينتنا، يسوؤهم ما يسوؤنا و يسرّهم ما يسرّنا، فإذا أرادنا أحد فليقصدهم، فإنّهم الذين يوصل منه إلينا. (1)

20-عن أبي الحسن الثالث عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

يا عليّ، إنّ اللّه عزّ و جلّ قد غفر لك و لشيعتك، و لمحبّي شيعتك، و محبّي محبّي شيعتك، فأبشر، فإنّك الأنزع البطين؛ منزوع من الشرك، بطين من العلم. (2)

أقول:

قد مرّ معنى «الأنزع البطين» في باب الحبّ ف 2 ح 50.

21-عن عليّ بن عبد العزيز قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: و اللّه إنّي لاحبّ ريحكم و أرواحكم و رؤيتكم و زيارتكم، و إنّي لعلى دين اللّه و دين ملائكته، فأعينوا على ذلك بورع، أنا في المدينة بمنزلة الشعرة، أتقلقل حتّى أرى الرجل منكم فأستريح إليه. (3)

بيان:

«بمنزلة الشعرة» : أي كشعرة بيضاء مثلا في ثور أسود، و هي كناية عن قلّة الأشباه و الموافقين في المسلك و المذهب. «التقلقل» : أي التحرّك و الاضطراب.

«الاستراحة» : أي الانس و السكون.

22-عن زيد بن أرقم عن الحسين بن عليّ عليهما السّلام قال: ما من شيعتنا إلاّ صدّيق شهيد، قال: قلت: جعلت فداك، أنّى يكون ذلك و عامّتهم يموتون على فراشهم؟ فقال: أما تتلو كتاب اللّه في الحديد: وَ اَلَّذِينَ آمَنُوا بِاللّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ اَلصِّدِّيقُونَ وَ اَلشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ قال: فقلت: كأنّي لم أقرأ هذه الآية

ص:391


1- -أمالي الطوسي ج 1 ص 305
2- أمالي الطوسي ج 1 ص 300- البحار ج 68 ص 101
3- المحاسن ص 163 كتاب الصفوة ب 31 ح 113

من كتاب اللّه عزّ و جلّ قطّ، قال: لو كان الشهداء ليس إلاّ كما تقول لكان الشهداء قليلا. (1)

23-سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السّلام-و أنا جالس-عن قول اللّه عزّ و جلّ:

هَلْ يَسْتَوِي اَلَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ اَلَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا اَلْأَلْبابِ 2 قال:

نحن اَلَّذِينَ يَعْلَمُونَ و عدوّنا اَلَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ و شيعتنا أُولُوا اَلْأَلْبابِ . (2)

24-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه تعالى: اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا اَلصّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ اَلْبَرِيَّةِ 4 قال: هم شيعتنا أهل البيت. (3)

25-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كان أبي يقول: إنّ شيعتنا آخذون بحجزتنا، و نحن آخذون بحجزة نبيّنا، و نبيّنا آخذ بحجزة اللّه. (4)

بيان:

في النهاية ج 1 ص 344: فيه «إنّ الرحم أخذت بحجزة الرحمن» أي اعتصمت به و التجأت إليه مستجيرة. . . و أصل الحجزة: موضع شدّ الإزار، ثمّ قيل للإزار:

حجزة للمجاورة. . . فاستعاره للاعتصام و الالتجاء و التمسّك بالشيء و التعلّق به.

26-عن أبي الربيع الشاميّ قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: بلغني عن عمرو بن إسحق حديث، فقال: اعرضه قال: دخل على أمير المؤمنين عليه السّلام فرأي صفرة في وجهه قال: ما هذه الصفرة؟ فذكر وجعا به، فقال له عليّ عليه السّلام: إنّا لنفرح

ص:392


1- -المحاسن ص 163 ب 32 ح 115
2- المحاسن ص 169 ب 36 ح 134
3- المحاسن ص 171 ح 140
4- المحاسن ص 182 ب 44 ح 179

لفرحكم، و نحزن لحزنكم، و نمرض لمرضكم، و ندعو لكم فتدعون فنؤمّن، قال عمرو: قد عرفت ما قلت، و لكن كيف ندعو فتؤمّن؟ فقال: إنّا سواء علينا البادي و الحاضر، فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: صدق عمرو. (1)

أقول:

قد مرّ نظيره في باب الإيمان ف 1.

27-عن معاوية بن عمّار عن جعفر عن أبيه عن جدّه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، لقد مثّلت لي امّتي في الطين، حتّى رأيت صغيرهم و كبيرهم أرواحا قبل أن يخلق الأجساد، و إنّي مررت بك و بشيعتك فأستغفرت لكم، فقال عليّ: يا نبيّ اللّه، زدني فيهم، قال: نعم يا عليّ، تخرج أنت و شيعتك من قبورهم (قبوركم ف) و وجوهكم كالقمر ليلة البدر، و قد فرّجت عنكم الشدائد، و ذهبت عنكم الأحزان، تستظلّون تحت العرش يخاف الناس و لا تخافون، و يحزن الناس و لا تحزنون، و توضع لكم مائدة و الناس في الحساب. (2)

بيان:

«امّتي في الطين» : المراد عالم الذرّ، قبل خلق الأجساد، حيث كان آدم بين الماء و الطين.

28-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام: إنّ ربّي مثّل لي امّتي في الطين، و علّمني أسمائهم كلّها كما عَلَّمَ آدَمَ اَلْأَسْماءَ كُلَّها فمرّ بي أصحاب الرايات، فأستغفرت لك و لشيعتك يا عليّ، إنّ ربّي وعدني في شيعتك خصلة؛ قلت: و ما هي يا رسول اللّه؟ قال: المغفرة لمن آمن منهم و اتّقى، لا يغادر منهم

ص:393


1- -بصائر الدرجات ص 260 ب 16 من الجزء 5 ح 2
2- بصائر الدرجات ص 84 ب 14 من ج 2 ح 5-فضائل الشيعة ص 32 ح 27

صغيرة و لا كبيرة، و لهم تبدّل سيّئاتهم حسنات. (1)

بيان:

«لا يغادر منهم. . .» : أي لا يترك منهم أحدا.

29-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال لعليّ عليه السّلام: يا عليّ، إنّي سألت اللّه عزّ و جلّ أن لا يحرم شيعتك التوبة حتّى تبلغ نفس أحدهم حنجرته، فأجابني إلى ذلك و ليس ذلك لغيرهم. (2)

30-. . . فلمّا وافى خراسان وجد الذين ردّ عليهم أموالهم ارتدّوا إلى الفطحيّة، و شطيطة على الحقّ، فبلّغها سلامه و أعطاها صرّته و شقّته، فعاشت كما قال عليه السّلام فلمّا توفّيت شطيطة جاء الإمام (موسى بن جعفر عليه السّلام) على بعير له، فلمّا فرغ من تجهيزها ركب بعيره و انثنى نحو البرية و قال: عرّف أصحابك و أقرءهم منّي السّلام و قل لهم: إنّي و من يجري مجراي من الأئمّة لا بدّ لنا من حضور جنائزكم في أيّ بلد كنتم، فاتّقوا اللّه في أنفسكم. (3)

31-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: توضع يوم القيامة منابر حول العرش لشيعتي و شيعة أهل بيتي المخلصين في ولايتنا، و يقول اللّه عزّ و جلّ: هلّم يا عبادي إليّ لأنشر عليكم كرامتي، فقد أوذيتم في الدنيا. (4)

32-عن عليّ عليه السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: مثلي مثل شجرة أنا أصلها، و عليّ فرعها، و الحسن و الحسين ثمرتها، و الشيعة ورقها، فأبى أن يخرج من الطيّب إلاّ الطيّب. (5)

ص:394


1- -بصائر الدرجات ص 85 ح 11
2- البحار ج 27 ص 137 باب ثواب حبّهم ح 138
3- البحار ج 48 ص 75 باب معجزات موسى بن جعفر عليه السّلام في ح 100
4- البحار ج 68 ص 19 باب فضائل الشيعة ح 30
5- البحار ج 68 ص 24 ح 45

33-عن فضيل بن يسار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أنتم و اللّه نور في ظلمات الأرض. (1)

34-عن عبد اللّه بن الوليد قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول و نحن جماعة:

و اللّه إنّي لأحبّ رؤيتكم و أشتاق إلى حديثكم. (2)

35-عن أبي بصير قال: سمعت جعفر بن محمّد عليهما السّلام و هو يقول: نحن أهل بيت الرحمة، و بيت النعمة، و بيت البركة، و نحن في الأرض بنيان و شيعتنا عرى الإسلام، و ما كانت دعوة إبراهيم إلاّ لنا و شيعتنا، و لقد استثنى اللّه إلى يوم القيامة إلى إبليس فقال: إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ 3 . (3)

بيان:

قال رحمه اللّه: «البنيان» : البناء المبنيّ، و المراد بيت الشرف و النبوّة و الإمامة و الكرامة، و لا يبعد أن يكون في الأصل بنيان الإيمان. «عرى الإسلام» : أي يستوثق و يستمسك بهم الإسلام، أو من أراد الصعود إلى الإسلام أو إلى ذروته يتعلّق بهم، و يأخذ منهم. . . و كأنّ المراد بدعوة إبراهيم قوله عليه السّلام: رَبَّنَا اِغْفِرْ لِي وَ لِوالِدَيَّ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ اَلْحِسابُ 5 و يحتمل أن يكون المراد قوله: فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ اَلنّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ 6 و الأوّل أظهر.

36-عن محمّد بن إسحاق قال: سمعت جعفر بن محمّد عليهما السّلام يقول: نحن

ص:395


1- -البحار ج 68 ص 28 ح 54
2- البحار ج 68 ص 29 ح 56
3- البحار ج 68 ص 35 ح 75

خيرة اللّه من خلقه، و شيعتنا خيرة اللّه من امّة نبيّه. (1)

37-عن خيثمة قال: دخلت على أبي جعفر عليه السّلام فقال لي: يا خيثمة، أبلغ موالينا منّا السّلام، و أعلمهم أنّهم لم ينالوا ما عند اللّه إلاّ بالعمل، و قال رسول اللّه: «سلمان منّا أهل البيت» إنّما عنى بمعرفتنا و إقراره بولايتنا و هو قوله تعالى:

خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً عَسَى اَللّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ 2 و عسى من اللّه واجب، و إنّما نزلت في شيعتنا المذنبين. (2)

38-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يأتي يوم القيامة قوم عليهم ثياب من نور، على وجوههم نور، يعرفون بآثار السجود، يتخطّون صفّا بعد صفّ حتّى يصيروا بين يدي العالمين، يغبطهم النبيّون و الملائكة و الشهداء و الصالحون، ثمّ قال: اولئك شيعتنا و عليّ إمامهم (3).

39-عن جابر الجعفي قال: قال محمّد بن عليّ عليهما السّلام: ما من أحد من هذه الامّة يدين بدين إبراهيم غيرنا و شيعتنا. (4)

40-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: و اللّه إنّكم لعلى دين اللّه و دين ملائكته فأعينوني بورع و اجتهاد، فو اللّه ما يقبل اللّه إلاّ منكم، فاتّقوا اللّه و كفّوا ألسنتكم، صلّوا في مساجدهم، فإذا تميّز القوم فتميّزوا. (5)

41-عن ابن أبي يعفور قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّي اخالط الناس فيكثر عجبي من أقوام لا يتولّونكم و يتولّون فلانا و فلانا، لهم أمانة و صدق

ص:396


1- -البحار ج 68 ص 43 ح 88
2- البحار ج 68 ص 55 ح 100
3- البحار ج 68 ص 68 ح 123
4- البحار ج 68 ص 85 باب أنّ الشيعة هم أهل دين اللّه ح 5
5- البحار ج 68 ص 87 ح 13

و وفاء؟ ! و أقوام يتولّونكم ليس لهم تلك الأمانة و لا الوفاء و لا الصدق! قال:

فاستوى أبو عبد اللّه عليه السّلام جالسا و أقبل عليّ كالغضبان.

ثمّ قال: لا دين لمن دان بولاية إمام جائر ليس من اللّه، و لا عتب على من دان بولاية إمام عدل من اللّه، قال: قلت: لا دين لاولئك و لا عتب على هؤلاء؟ ! فقال: نعم، لا دين لاولئك و لا عتب على هؤلاء، ثمّ قال: أما تسمع لقول اللّه:

اَللّهُ وَلِيُّ اَلَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ اَلظُّلُماتِ إِلَى اَلنُّورِ يخرجهم من ظلمات الذنوب إلى نور التوبة و المغفرة، لولايتهم كلّ إمام عادل من اللّه، و قال: وَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ اَلطّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ اَلنُّورِ إِلَى اَلظُّلُماتِ قال: قلت: أ ليس اللّه عنى بها الكفّار حين قال: وَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا ؟

قال: فقال: و أيّ نور للكافر و هو كافر فأخرج منه إلى الظلمات؟ إنّما عنى اللّه بهذا أنّهم كانوا على نور الإسلام، فلمّا أن تولّوا كلّ إمام جائر ليس من اللّه، خرجوا بولايتهم إيّاهم من نور الإسلام إلى ظلمات الكفر، فأوجب لهم النار مع الكفّار، فقال: أُولئِكَ أَصْحابُ اَلنّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ . (1)

42-عن صفوان الجمّال قال: دخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام فقلت: جعلت فداك، سمعتك تقول: شيعتنا في الجنّة و فيهم أقوام مذنبون، يركبون الفواحش، و يأكلون أموال الناس، و يشربون الخمور و يتمتّعون في دنياهم. فقال عليه السّلام: هم في الجنّة، اعلم أنّ المؤمن من شيعتنا لا يخرج من الدنيا حتّى يبتلي بدين أو بسقم أو بفقر، فإن عفي عن هذا كلّه شدّد اللّه عليه في النزع عند خروج روحه حتّى يخرج من الدنيا و لا ذنب عليه.

قلت: فداك أبي و أمّي، فمن يردّ المظالم؟ قال: اللّه عزّ و جلّ يجعل حساب الخلق

ص:397


1- -البحار ج 68 ص 104 باب الصفح عن الشيعة ح 18- الكافي ج 1 ص 307 باب فيمن دان اللّه بغير إمام من اللّه ح 3

إلى محمّد و عليّ عليهما السّلام، فكلّ ما كان على شيعتنا حاسبناهم ممّا كان لنا من الحقّ في أموالهم، و كلّ ما بينه و بين خالقه استوهبناه منه، و لم نزل به حتّى ندخله الجنّة برحمة من اللّه، و شفاعة من محمّد و عليّ عليهما السّلام. (1)

43-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: ما من شيعتنا أحد يقارف أمرا نهيناه عنه فيموت حتّى يبتليه اللّه ببليّة تمحّص بها ذنوبه، إمّا في ماله أو ولده، و إمّا في نفسه حتّى يلقى اللّه محبّنا و ما له ذنب، و إنّه ليبقى عليه شيء من ذنوبه فيشدّد عليه عند موته فتمحّص ذنوبه (2).

44-عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: لمّا خلق اللّه إبراهيم الخليل عليه السّلام كشف اللّه عن بصره، فنظر إلى جانب العرش فرأى نورا، فقال: إلهي و سيّدي ما هذا النور؟ قال: يا إبراهيم، هذا محمّد صفيّي، فقال: إلهي و سيّدي أرى إلى جانبه نورا آخر، فقال: يا إبراهيم، هذا عليّ ناصر ديني. . .

قال: إلهي و سيّدي أرى عدّة أنوار حولهم لا يحصي عدّتهم إلاّ أنت، قال:

يا إبراهيم، هؤلاء شيعتهم و محبّوهم، قال: إلهي و بما يعرفون شيعتهم و محبّوهم؟ قال: بصلاة الإحدى و الخمسين، و الجهر ببسم اللّه الرحمن الرحيم، و القنوت قبل الركوع، و سجدة الشكر، و التختّم باليمين، قال إبراهيم: اللهمّ اجعلني من شيعتهم و محبّيهم، قال: قد جعلتك منهم، فأنزل اللّه فيه وَ إِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ- إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ قال المفضّل بن عمر: إنّ أبا حنيفة لمّا أحسّ بالموت روى هذا الخبر و سجد فقبض في سجدته. (3)

بيان:

«إنّ أبا حنيفة» : الصحيح"إنّ إبراهيم"كما في المصدرين و سفينة البحار ج 1

ص:398


1- -البحار ج 68 ص 114 ح 33
2- البحار ج 68 ص 115 ح 36
3- البحار ج 36 ص 213 باب نصوص اللّه على الأئمّة ح 15

ص 732(شيع) و المستدرك ج 3 ص 287 ب 30 من أحكام الملابس ح 3.

45-في وصيّة الصادق عليه السّلام لابن جندب: يا بن جندب، لو أنّ شيعتنا استقاموا لصافحتهم الملائكة، و لأظلّهم الغمام، و لأشرقوا نهارا، و لأكلوا من فوقهم و من تحت أرجلهم، و لما سألوا اللّه شيئا إلاّ أعطاهم. (1)

46-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: خرجت أنا و أبي ذات يوم فإذا هو باناس من أصحابنا بين المنبر و القبر فسلّم عليهم ثم قال: أما و اللّه إنّي لاحبّ ريحكم و أرواحكم، فأعينوني على ذلك بورع و اجتهاد، من ائتمّ بعبد فليعمل بعمله، و أنتم شيعة آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله و أنتم شرط اللّه، و أنتم أنصار اللّه، و أنتم السابقون الأوّلون و السابقون الآخرون في الدنيا و السابقون في الآخرة إلى الجنّة، قد ضمّنا لكم الجنّة بضمان اللّه و ضمان رسول اللّه و أهل بيته، أنتم الطيّبون و نساؤكم الطيّبات، كلّ مؤمنة (حوراء) و كلّ مؤمن صدّيق.

كم مرّة قد قال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام لقنبر: يا قنبر، أبشر و بشّر و استبشر، و اللّه لقد قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هو ساخط على جميع امّته إلاّ الشيعة، ألا و إنّ لكلّ شيء شرفا و إنّ شرف الدين الشيعة، ألا و إنّ لكلّ شيء عروة و إنّ عروة الدين الشيعة، ألا و إنّ لكلّ شيء إماما و إمام الأرض أرض يسكنها الشيعة، ألا و إنّ لكلّ شيء سيّدا و سيّد المجالس مجالس الشيعة، ألا و إنّ لكلّ شيء شهوة و شهوة الدنيا سكنى شيعتنا فيها. . . (2)

و قد قال أمير المؤمنين عليه السّلام: يخرج أهل ولايتنا من قبورهم يوم القيامة، مشرقة وجوههم، قرّت أعينهم، قد اعطوا الأمان، يخاف الناس و لا يخافون، و يحزن الناس و لا يحزنون، و اللّه ما من عبد منكم يقوم إلى صلاته إلاّ و قد اكتنفته

ص:399


1- -البحار ج 78 ص 280
2- البحار ج 27 ص 108 باب ثواب حبّهم ح 81

الملائكة من خلفه يصلّون عليه و يدعون له حتّى يفرغ من صلاته، ألا و إنّ لكلّ شيء جوهرا و جوهر ولد آدم نحن و شيعتنا.

و زاد في الحديث عيثم بن أسلم، عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: و اللّه لولاكم ما زخرفت الجنّة، و اللّه لولاكم ما خلقت الحور، و اللّه لولاكم ما نزلت قطرة، و اللّه لولاكم ما نبتت حبّة، و اللّه لولاكم ما قرّت عين، و اللّه لا للّه أشدّ حبّا لكم منّي، فأعينونا على ذلك بالورع و الاجتهاد و العمل بطاعته. (1)

بيان:

«أنتم شرط اللّه» في النهاية ج 2 ص 460، شرط السلطان: نخبة أصحابه الذين يقدّمهم على غيرهم من جنده. «أنتم السابقون الأوّلون» : أي في الميثاق.

47-عن أبي حمزة الثماليّ عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ خلقنا من أعلى علّيّين، و خلق قلوب شيعتنا ممّا خلقنا منه، و خلق أبدانهم من دون ذلك، و قلوبهم تهوي إلينا، لأنّها خلقت ممّا خلقنا، ثمّ تلا هذه الآية: كَلاّ إِنَّ كِتابَ اَلْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ- وَ ما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ- كِتابٌ مَرْقُومٌ- يَشْهَدُهُ اَلْمُقَرَّبُونَ 2 .

و خلق عدوّنا من سجّين، و خلق قلوب شيعتهم ممّا خلقهم منه، و أبدانهم من دون ذلك، فقلوبهم تهوي إليهم، لأنّها خلقت ممّا خلقوا منه، ثمّ تلا هذه الآية:

كَلاّ إِنَّ كِتابَ اَلفُجّارِ لَفِي سِجِّينٍ- وَ ما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ- كِتابٌ مَرْقُومٌ-[ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ] 3 . (2)

48-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: خلقنا من علّيّين و خلق أرواحنا من فوق

ص:400


1- -البحار ج 27 ص 110
2- البحار ج 67 ص 127 باب طينة المؤمن ح 32

ذلك، و خلق أرواح شيعتنا من علّيّين، و خلق أجسادهم من دون ذلك، فمن أجل تلك القرابة بيننا و بينهم قلوبهم تحنّ إلينا. (1)

49-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ الكرّوبيّين قوم من شيعتنا من الخلق الأوّل، جعلهم اللّه خلف العرش، لو قسّم نور واحد منهم على أهل الأرض لكفاهم.

ثمّ قال: إنّ موسى عليه السّلام لمّا أن سأل ربّه ما سأل، أمر واحدا من الكرّوبيّين فتجلّى للجبل فجعله دكّا. (2)

ص:401


1- -بصائر الدرجات ص 20 الجزء 1 ب 10 ح 1
2- بصائر الدرجات ص 69 ج 2 آخر ب 6 ح 2(البحار ج 13 ص 224 باب نزول التوراة ح 18)
الفصل الثانيّ: صفات الشيعة
الآيات

1- إِنَّ أَوْلَى اَلنّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اِتَّبَعُوهُ وَ هذَا اَلنَّبِيُّ وَ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ اَللّهُ وَلِيُّ اَلْمُؤْمِنِينَ. (1)

2- . . . فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي. . . (2)

3- وَ إِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ- إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ. (3)

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: شيعتنا هم الشاحبون، الذابلون، الناحلون، الذين إذا جنّهم الليل استقبلوه بحزن. (4)

بيان:

في النهاية ج 2 ص 448، «الشاحب» : المتغيّر اللون و الجسم لعارض من سفر أو

ص:402


1- -آل عمران:68
2- إبراهيم:36
3- الصافّات:83 و 84
4- الكافي ج 2 ص 183 باب المؤمن و علاماته ح 7

مرض و نحوهما. «الذابل» : الذي ذهب نضارته و ماء جلده. «الناحل» : أي مهزول الجسم.

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: شيعتنا أهل الهدى، و أهل التقى، و أهل الخير، و أهل الإيمان، و أهل الفتح و الظفر. (1)

3-عن مفضّل قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إيّاك و السفلة، فإنّما شيعة عليّ من عفّ بطنه و فرجه، و اشتدّ جهاده، و عمل لخالقه، و رجا ثوابه، و خاف عقابه، فإذا رأيت اولئك فاولئك شيعة جعفر. (2)

بيان:

«السفلة» : اسم مصدر، بمعنى الخسّة؛ نقيض العلوة.

4-عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ شيعة عليّ كانوا خمص البطون، ذبل الشفاه، أهل رأفة و علم و حلم، يعرفون بالرهبانيّة، فأعينوا على ما أنتم عليه بالورع و الاجتهاد. (3)

بيان:

«خمص بطنه» : أي ضمر كأنّه لصق بطنه بظهره، كناية عن قلّة الأكل أو كثرة الصوم أو فقرهم. «ذبل الشفاه» : أي جفّت و يبست، كناية عن الصوم أو كثرة التلاوة و الدعاء و الذكر. «يعرفون بالرهبانيّة» : أي بترك زوائد الدنيا و عدم الانهماك في لذّاتها، أو بصلاة الليل كما ورد في الخبر.

5-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: شيعتنا المتباذلون في ولايتنا، المتحابّون في مودّتنا، المتزاورون في إحياء أمرنا، الذين إن غضبوا

ص:403


1- -الكافي ج 2 ص 183 ح 8
2- الكافي ج 2 ص 183 ح 9
3- الكافي ج 2 ص 183 ح 10-و قريب منه ح 20

لم يظلموا، و إن رضوا لم يسرفوا، بركة على من جاوروا، سلم لمن خالطوا. (1)

بيان:

«إن رضوا لم يسرفوا» : أي إن رضوا عن أحد لم يجاوزوا الحدود الشرعيّة بالغلوّ و الإفراط في مدحه أو تفويته سائر وظائفه.

6-عن مهزم الأسدي قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا مهزم، شيعتنا من لا يعدو صوته سمعه و لا شحناؤه بدنه، و لا يمتدح بنا معلنا و لا يجالس لنا عائبا و لا يخاصم لنا قاليا؛ إن لقي مؤمنا أكرمه و إن لقي جاهلا هجره، قلت: جعلت فداك فكيف أصنع بهؤلاء المتشيّعه؟ قال: فيهم التمييز و فيهم التبديل و فيهم التمحيص، تأتي عليهم سنون تفنيهم و طاعون يقتلهم و اختلاف يبدّدهم، شيعتنا من لا يهرّ هرير الكلب، و لا يطمع طمع الغراب، و لا يسأل عدوّنا و إن مات جوعا.

قلت: جعلت فداك فأين أطلب هؤلاء؟ قال: في أطراف الأرض، اولئك الخفيض عيشهم، المنتقلة ديارهم، إن شهدوا لم يعرفوا و إن غابوا لم يفتقدوا، و من الموت لا يجزعون، و في القبور يتزاورون و إن لجأ إليهم ذو حاجة منهم رحموه، لن تختلف قلوبهم و إن اختلف بهم الدار، ثمّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«أنا المدينة و عليّ الباب، و كذب من زعم أنّه يدخل المدينة لا من قبل الباب، و كذب من زعم أنّه يحبّني و يبغض عليّا صلوات اللّه عليه» . (2)

أقول:

بمضمونه في البحار ج 68 ص 164 و في غيبة النعمانيّ ص 107(و في صدره) :

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه دخل عليه بعض أصحابه فقال له: جعلت فداك إنّي و اللّه

ص:404


1- -الكافي ج 2 ص 185 ح 24( صفات الشيعة للصدوق رحمه اللّه ص 13 ح 23)
2- الكافي ج 2 ص 186 ح 27

أحبّك و أحبّ من يحبّك، يا سيّدي، ما أكثر شيعتكم؟ فقال له: اذكرهم فقال: كثير، فقال: تحصيهم؟ فقال: هم أكثر من ذلك، فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أما لو كملت العدّة الموصوفة ثلاثمائة و بضعة عشر كان الذي تريدون و لكن شيعتنا من لا يعدو صوته سمعه، و لا شحناؤه بدنه. . .

بيان: «لا يعدو صوته» : أي لا يتجاوز صوته سمعه الدالّ على لين طبعه أو خضوعه. «و لا شحناؤه بدنه» : أي لا تتجاوز عداوته بدنه أي لا يعادي غيره.

في المرآة: «لا يمتدح بنا معلنا» . . . الامتداح بمعنى المدح أي لا يمدح معلنا لإمامتنا، فإنّه لتركه التقيّة لا يستحقّ المدح، أو يكون الامتداح بمعنى التمدّح كما في بعض النسخ أي لا يطلب المدح و لا يمدح نفسه بسبب قوله بإمامتنا علانية، و ذلك أيضا لترك التقيّة. . . «لا يخاصم لنا قاليا» : أي مبغضا لنا. «إن لقي جاهلا» : كأنّ المراد به غير المؤمن الكامل بقرينة المقابلة. «طاعون يقتلهم» في خبر النعمانيّ: "سيوف تقتلهم".

في المرآة ج 9 ص 269، «فيهم التمييز. . .» : ذكر عليه السّلام امورا توجب خروجهم من الفرقة الناجية أو هلاكهم بالأعمال و الأخلاق الشنيعة في الدنيا و الآخرة:

أحدها، التمييز بين الثابت الراسخ و غيره. . . و ثانيها: التبديل أي تبديل حالهم بحال أخسّ أو تبديلهم بقوم آخرين لا يكونوا أمثالهم. . .

و ثالثها: التمحيص و هو الابتلاء و الاختبار و التخليص، يقال: محّصت الذهب بالنار: إذا خلصته ممّا يشوبه.

و رابعها: السنون و هي الجدب و القحط. . .

و خامسها: الطاعون و هو الموت من الوباء، و سادسها: اختلاف يبدّدهم أي اختلاف بالتدابر و التقاطع و التنازع يبدّدهم و يفرّقهم تفريقا شديدا، تقول:

بدّدت الشيء إذا فرّقته، و التثقيل مبالغة و تكثير.

أقول: في غيبة النعماني ص 298 ب 12 ح 7: عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد

ص:405

اللّه عليه السّلام أنّه سمعه يقول: ويل لطغاة العرب من شرّ قد اقترب، قلت: جعلت فداك كم مع القائم من العرب؟ قال: شيء يسير، فقلت: و اللّه إنّ من يصف هذا الأمر منهم لكثير! فقال: لا بدّ للناس من أن يمحّصوا، و يميّزوا، و يغربلوا و يخرج من الغربال خلق كثير. (البحار ج 52 ص 114) . وردت بهذا المعنى روايات عديدة.

«لا يهرّ هرير الكلب» : أي لا يجزع عند المصائب أو لا يصول على الناس بغير سبب كالكلب. «طمع الغراب» : طمعه معروف يضرب به المثل، فإنّه يذهب إلى فراسخ كثيرة لطلب طعمته. «الخفيض عيشهم» : أي هم خفيفوا المؤنة يكتفون من الدنيا بأقلّها. «إن غابوا لم يفتقدوا» : زاد في الخبر المرويّ عن النعمانيّ: "و إن مرضوا لم يعادوا، و إن خطبوا لم يزوّجوا، و إن ماتوا لم يشهدوا".

في المرآة، «في القبور يتزاورون» : أي أنّهم لشدّة التقيّة و تفرّقهم قلّما يمكنهم زيارة بعضهم لبعض، و إنّما يتزاورون في عالم البرزخ لحسن حالهم و رفاهيّتهم، أو أنّهم مختفون من الناس لا يزارون إلاّ بعد الموت. . . «أنا المدينة. . .» : كأنّ ذكر هذا الخبر لبيان أنّ تلك الصفات إنّما تنفع إذا كانت مع الولاية، أو لبيان لزوم اختيار تلك الصفات فإنّها من أخلاق مولى المؤمنين عليه السّلام، و هو باب مدينة الدين و العلم و الحكمة، فلا بدّ لمن ادّعى الدخول في الدين أن يتّصف بها، أو المراد إذا تمنّى العبد هذه الصفات فلا بدّ له أن يتمسّك و يتوسّل بصاحب الولاية و أن يحبّه و يتابعه حتّى توجد فيه.

7-عن أبي المقدام قال: قال لي أبو جعفر عليه السّلام: يا أبا المقدام، إنّما شيعة عليّ عليه السّلام الشاحبون، الناحلون، الذابلون، ذابلة شفاههم، خميصة بطونهم، متغيّرة ألوانهم، مصفرّة وجوههم، إذا جنّهم الليل اتّخذوا الأرض فراشا، و استقبلوا الأرض بجباههم، كثير سجودهم، كثيرة دموعهم، كثير دعاؤهم، كثير بكاؤهم،

ص:406

يفرح الناس و هم يحزنون. (1)

8-عن المفضّل بن عمر قال: قال الصادق عليه السّلام: كذب من زعم أنّه من شيعتنا و هو متمسّك بعروة غيرنا. (2)

9-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: امتحنوا شيعتنا عند مواقيت الصلوات، كيف محافظتهم عليها؟ و إلى أسرارنا كيف حفظهم لها عند عدوّنا؟ و إلى أموالهم كيف مواساتهم لإخوانهم فيها؟ (3)

10-روي أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام خرج ذات ليلة من المسجد، و كانت ليلة قمراء فأمّ الجبّانة، و لحقه جماعة يقفون أثره، فوقف عليهم ثمّ قال: من أنتم؟ قالوا:

شيعتك يا أمير المؤمنين، فتفرّس في وجوههم ثمّ قال: فما لي لا أرى عليكم سيماء الشيعة؟ قالوا: و ما سيماء الشيعة يا أمير المؤمنين؟ فقال: صفر الوجوه من السهر، عمش العيون من البكاء، حدب الظهور من القيام، خمص البطون من الصيام، ذبل الشفاه من الدعاء، عليهم غبرة الخاشعين. (4)

بيان:

«أمّ الجبّانة» في أمالي الطوسيّ: "أتى الجبّانة"و الجبّانة هي الصحراء. «فتفرّس» : أي نظر و ثبت نظره فيه. «عمش» : جمع أعمش من عمشت عينه: ضعف بصرها مع سيلان دمعها في أكثر الأوقات.

«حدب الظهور» قال رحمه اللّه: الحدب جمع الأحدب و الحدب: خروج الظهر و دخول الصدر و البطن (خميدگى) . «غبرة الخاشعين» : أي ذلّهم و شعثهم و اغبرارهم.

ص:407


1- -الخصال ج 2 ص 444 باب العشرة ح 40(صفات الشيعة ص 10 ح 19)
2- صفات الشيعة ص 3 ح 4
3- البحار ج 68 ص 149 باب صفات الشيعة ح 1
4- البحار ج 68 ص 150 ح 4( الإرشاد ص 114- أمالي الطوسيّ ج 1 ص 219- صفات الشيعة ص 10 ح 20)

11-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّما شيعتنا من أطاع اللّه عزّ و جلّ. (1)

12-دخل سدير الصيرفي على أبي عبد اللّه عليه السّلام و عنده جماعة من أصحابه، فقال: يا سدير، لا تزال شيعتنا مرعيّين محفوظين مستورين معصومين، ما أحسنوا النظر لأنفسهم فيما بينهم و بين خالقهم، و صحّت نيّاتهم لأئمّتهم، و برّوا إخوانهم فعطفوا على ضعيفهم، و تصدّقوا على ذوي الفاقة منهم، إنّا لا نأمر بظلم و لكنّا نأمركم بالورع، الورع الورع، و المواساة المواساة لإخوانكم، فإنّ أولياء اللّه لم يزالوا مستضعفين قليلين منذ خلق اللّه آدم عليه السّلام. (2)

13-عن أبي بصير عن الصادق عليه السّلام قال: شيعتنا أهل الورع و الاجتهاد، و أهل الوفاء و الأمانة، و أهل الزهد و العبادة، أصحاب إحدى و خمسين ركعة في اليوم و الليلة، القائمون بالليل، الصائمون بالنهار، يزكّون أموالهم و يحجّون البيت و يجتنبون كلّ محرّم. (3)

14-قال الرضا عليه السّلام: شيعتنا المسلّمون لأمرنا، الآخذون بقولنا، المخالفون لأعدائنا، فمن لم يكن كذلك فليس منّا. (4)

15-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: و اللّه ما شيعة عليّ عليه السّلام إلاّ من عفّ بطنه و فرجه، و عمل لخالقه، و رجا ثوابه و خاف عقابه. (5)

أقول:

نظيره في صفات الشيعة ص 11 ح 21، و زاد فيه: «فإذا رأيت أولئك فأولئك

ص:408


1- -البحار ج 68 ص 153 ح 7
2- البحار ج 68 ص 153 ح 10
3- البحار ج 68 ص 167 ح 23
4- البحار ج 68 ص 167 ح 24
5- البحار ج 68 ص 168 ح 26

شيعة جعفر» .

16-سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن شيعتهم، فقال: شيعتنا من قدّم ما استحسن و أمسك ما استقبح، و أظهر الجميل، و سارع بالأمر الجليل، رغبة إلى رحمة الجليل، فذاك منّا و إلينا و معنا حيثما كنّا (1).

17-عن حمران بن أعين، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان عليّ بن الحسين عليهما السّلام قاعدا في بيته، إذ قرع قوم عليهم الباب فقال: يا جارية، انظري من بالباب؟ فقالوا: قوم من شيعتك، فوثب عجلا حتّى كاد أن يقع، فلمّا فتح الباب و نظر إليهم رجع فقال: كذبوا فأين السمت في الوجوه؟ أين أثر العبادة؟ أين سيماء السجود؟

إنّما شيعتنا يعرفون بعبادتهم و شعثهم، قد قرحت العبادة منهم الآناف، و دثرت الجباه و المساجد، خمص البطون، ذبل الشفاه، قد هيّجت العبادة وجوههم، و أخلق سهر الليالي و قطع الهواجر جثثهم، المسبّحون إذا سكت الناس، و المصلّون إذا نام الناس، و المحزونون إذا فرح الناس، يعرفون بالزهد، كلامهم الرحمة، و تشاغلهم بالجنّة. (2)

بيان:

«فوثب عجلا» : أي قام بسرعة. في النهاية: «السمت» الهيئة الحسنة. «الآناف» :

جمع الأنف، و قرحها إمّا لكثرة السجود، لأنّها من المساجد المستحبّة، أو لكثرة البكاء. «دثرت الجباه و المساجد» : المراد ورمت الجباه و المساجد و لعلّ الصحيح دبرت الجباه (پينه كرده پيشانى و محل سجده ايشان) . «هيّجت» : يقال: هاج النبت أي يبس و اصفرّ (چهره هاى آنان را درهم كشيده)

ص:409


1- -البحار ج 68 ص 169 ح 29
2- البحار ج 68 ص 169 ح 30

18-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ أحقّ الناس بالورع آل محمّد و شيعتهم كي تقتدي الرعيّة بهم. (1)

أقول:

قد مرّ في باب الجهد و الاجتهاد في العمل، قال أبو جعفر عليه السّلام (في خبر طويل) : يا جابر، أ يكتفي من انتحل التشيّع أن يقول بحبّنا أهل البيت؟ فو اللّه ما شيعتنا إلاّ من اتّقى اللّه و أطاعه. . .

19-و قال رجل للحسن بن عليّ عليهما السّلام: إنّي من شيعتكم، فقال الحسن بن عليّ عليه السّلام: يا عبد اللّه، إن كنت لنا في أوامرنا و زواجرنا مطيعا فقد صدقت، و إن كنت بخلاف ذلك فلا تزد في ذنوبك بدعواك مرتبة شريفة لست من أهلها، لا تقل لنا: أنا من شيعتكم، و لكن قل: أنا من مواليكم و محبّيكم و معادي أعدائكم، و أنت في خير و إلى خير.

و قال رجل للحسين بن عليّ عليهما السّلام: يا بن رسول اللّه، أنا من شيعتكم، قال: اتّق اللّه و لا تدّعينّ شيئا يقول اللّه لك: كذبت و فجرت في دعواك، إنّ شيعتنا من سلمت قلوبهم من كلّ غشّ و غلّ و دغل، و لكن قل: أنا من مواليكم و محبّيكم.

و قال رجل لعليّ بن الحسين عليهما السّلام: يا بن رسول اللّه، أنا من شيعتكم الخلّص، فقال له: يا عبد اللّه، فإذا أنت كإبراهيم الخليل عليه السّلام الذي قال اللّه: وَ إِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ- إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ فإن كان قلبك كقلبه فأنت من شيعتنا، و إن لم يكن قلبك كقلبه و هو طاهر من الغشّ و الغلّ، فأنت من محبّينا و إلاّ فإنّك إن عرفت أنّك بقولك كاذب فيه، إنّك لمبتلى بفالج لا يفارقك إلى الموت أو جذام

ص:410


1- -البحار ج 68 ص 167 ح 21

ليكون كفّارة لكذبك هذا. . . (1)

قال عليه السّلام: و لمّا جعل المأمون إلى عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام ولاية العهد دخل عليه آذنه و قال: إنّ قوما بالباب يستأذنون عليك يقولون: نحن شيعة عليّ، فقال عليه السّلام: أنا مشغول فاصرفهم، فصرفهم فلمّا كان من اليوم الثاني جاؤوا و قالوا كذلك مثلها، فصرفهم إلى أن جاؤوا هكذا يقولون و يصرفهم شهرين، ثمّ أيسوا من الوصول و قالوا للجاجب: قل لمولانا: إنّا شيعة أبيك عليّ بن أبي طالب عليه السّلام و قد شمت بنا أعداؤنا في حجابك لنا، و نحن ننصرف هذه الكرّة و نهرب من بلدنا خجلا و أنفة ممّا لحقنا، و عجزا عن احتمال مضض ما يلحقنا بشماتة الأعداء!

فقال عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام: ائذن لهم ليدخلوا، فدخلوا عليه فسلّموا عليه فلم يردّ عليهم و لم يأذن لهم بالجلوس، فبقوا قياما فقالوا: يا بن رسول اللّه، ما هذا الجفاء العظيم و الاستخفاف بعد هذا الحجاب الصعب؟ أيّ باقية تبقى منّا بعد هذا؟

فقال الرضا عليه السّلام: اقرؤوا وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ 2 ما اقتديت إلاّ بربّي عزّ و جلّ فيكم، و برسول اللّه و بأمير المؤمنين و من بعده من آبائي الطاهرين عليهم السّلام، عتبوا عليكم فاقتديت بهم. قالوا: لماذا يا بن رسول اللّه؟ قال: لدعواكم أنّكم شيعة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام.

ويحكم إنّما شيعته الحسن و الحسين و أبو ذرّ و سلمان و المقداد و عمّار و محمّد بن أبي بكر الذين لم يخالفوا شيئا من أوامره، و لم يركبوا شيئا من فنون زواجره، فأمّا أنتم إذا قلتم إنّكم شيعته، و أنتم في أكثر أعمالكم له مخالفون، مقصّرون في كثير من الفرائض، متهاونون بعظيم حقوق إخوانكم في اللّه، و تتّقون حيث لا يجب

ص:411


1- -البحار ج 68 ص 156 في ح 11

التقيّة، و تتركون التقيّة حيث لا بدّ من التقيّة، فلو قلتم إنّكم موالوه و محبّوه و الموالون لأوليائه و المعادون لأعدائه، لم أنكره من قولكم و لكن هذه مرتبة شريفة ادّعيتموها، إن لم تصدّقوا قولكم بفعلكم هلكتم، إلاّ أن تتدارككم رحمة من ربّكم. . . (1)

أقول:

الخبر طويل عن الإمام العسكريّ عليه السّلام، و فيه أخبار و قصص لم يسع المجال بذكرها، و فيه قصّة عمّار الدهني و قصّة والي بلدة الإمام العسكريّ عليه السّلام.

بيان: «المضض» : أي وجع المصيبة.

20-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ليس من شيعتنا من قال بلسانه و خالفنا في أعمالنا و آثارنا و لكن شيعتنا من وافقنا بلسانه و قلبه، و اتّبع آثارنا و عمل بأعمالنا، اولئك شيعتنا.

و عن أبي زيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ليس من شيعتنا من يكون في مصر يكون فيه آلاف و يكون في المصر أورع منه. (2)

21-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سمعت جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ يقول: لو نشر سلمان و أبو ذرّ رحمهما اللّه لهؤلاء الذين ينتحلون مودّتكم أهل البيت لقالوا: هؤلاء كذّابون، و لو رأى هؤلاء اولئك لقالوا: مجانين. (3)

بيان:

«نشر» يقال: نشر الموتى: حيوا. «ينتحلون» : أي ينتسبون.

22-عن نوف البكاليّ قال: قال لي عليّ عليه السّلام: يا نوف، خلقنا من طينة طيّبة، و خلق شيعتنا من طينتنا، فإذا كان يوم القيامة الحقوا بنا، قال نوف: فقلت:

ص:412


1- -البحار ج 68 ص 157 في ح 11
2- البحار ج 68 ص 164 ح 13
3- البحار ج 68 ص 164 ح 14

صف لي شيعتك يا أمير المؤمنين، فبكى لذكري شيعته و قال:

يا نوف، شيعتي و اللّه الحلماء، العلماء باللّه و دينه، العاملون بطاعته و أمره، المهتدون بحبّه، أنضاء عبادة، أحلاس زهادة، صفر الوجوه من التهجّد، عمش العيون من البكاء، ذبل الشفاه من الذكر، خمص البطون من الطوى، تعرف الربّانيّة في وجوههم و الرهبانيّة في سمتهم، مصابيح كلّ ظلمة و ريحان كلّ قبيل، لا يثنون من المسلمين سلفا، و لا يقفون لهم خلفا، شرورهم مكنونة، و قلوبهم محزونة، و أنفسهم عفيفة، و حوائجهم خفيفة، أنفسهم منهم في عناء، و الناس منهم في راحة، فهم الكاسة الألبّاء، و الخاصة النجباء، فهم الروّاغون فرارا بدينهم، إن شهدوا لم يعرفوا، و إن غابوا لم يفتقدوا، اولئك شيعتي الأطيبون و إخواني الأكرمون، ألا هاه شوقا إليهم. (1)

أقول:

بمضمونه ح 47 في ص 191، و فيه: «قال: قلت: يا أمير المؤمنين، جعلني اللّه فداك، أين أطلب هؤلاء؟ قال: فقال لي: في أطراف الأرض» .

بيان: «الأنضاء» : جمع النضو، و هو المهزول. «أحلاس زهادة» : المراد أنّهم ملازمون للزهد أو ملازمون للبيوت لزهدهم. «الطوى» : أي الجوع. «ريحان كلّ قبيل» : لعزّهم و كرامتهم بين كلّ قبيلة بمنزلة الريحان. «لا يثنون من المسلمين سلفا» : لعلّ المراد أنّهم لا ثاني لهم و هم وحيد في السلف، و لذا لا يثنون قبلهم من المسلمين، و لا يتّبعون بعدهم.

«لا يقفون» : أي لا يتّبعونهم غيرهم من خلفهم. «الروّاغون» : أي يميلون عن الناس و مخالطتهم. «ألا هاه» "ألا"حرف تنبيه و"ها"إمّا اسم فعل بمعنى خذ، أو حكاية عن تنفّس طويل تحسّرا على عدم لقائهم. «شوقا» : أي أشتاق شوقا

ص:413


1- -البحار ج 68 ص 177 ح 34

فيكون مصدر لفعل محذوف.

23-قال مرازم: دخلت المدينة فرأيت جارية في الدار التي نزلتها فعجبتني، فأردت أن أتمتّع منها، فأبت أن تزوّجني نفسها قال: فجئت بعد العتمة، فقرعت الباب فكانت هي التي فتحت لي، فوضعت يدي على صدرها، فبادرتني حتّى دخلت فلمّا أصبحت دخلت على أبي الحسن عليه السّلام فقال: يا مرازم، ليس من شيعتنا من خلا ثمّ لم يرع قلبه. (1)

بيان:

«العتمة» : أي صلاة العشاء أو وقت صلوة العشاء الآخرة

24-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ ممّن ينتحل هذا الأمر لمن هو شرّ من اليهود و النصارى و المجوس و الذين أشركوا. (2)

25-عن محمّد بن عجلان قال: كنت مع أبي عبد اللّه عليه السّلام فدخل رجل فسلّم، فسأله كيف من خلّفت من إخوانك؟ فأحسن الثناء و زكّى و أطرى، فقال:

كيف عيادة أغنيائهم لفقرائهم؟ قال: قليلة، قال: فكيف مواصلة أغنيائهم لفقرائهم في ذات أيديهم؟ فقال: إنّك تذكر أخلاقا ما هي فيمن عندنا، قال:

كيف يزعم هؤلاء أنّهم لنا شيعة. (3)

26-عن ميسّر قال: قال أبو جعفر عليه السّلام: يا ميسّر، أ لا اخبرك بشيعتنا؟ قلت: بلى جعلت فداك قال: إنّهم حصون حصينة و صدور أمينة و أحلام رزينة، ليسوا بالمذاييع البذر، و لا بالجفاة المرائين، رهبان بالليل، اسد بالنهار.

و البذر: القوم الذين لا يكتمون الكلام.

و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ أصحاب عليّ عليه السّلام: كانوا المنظور إليهم في القبائل

ص:414


1- -البحار ج 68 ص 153 ح 9
2- البحار ج 68 ص 166 ح 19
3- البحار ج 68 ص 168 ح 27

و كانوا أصحاب الودايع، مرضيّين عند الناس، سهّار الليل، مصابيح النهار. (1)

27-في مواعظ أمير المؤمنين عليه السّلام قال: . . . شيعتنا هم العارفون باللّه، العاملون بأمر اللّه، أهل الفضائل، الناطقون بالصواب، مأكولهم القوت، و ملبسهم الاقتصاد، و مشيهم التواضع، بخعوا للّه تعالى بطاعته و خضعوا له بعبادته، فمضوا غاضّين أبصارهم عمّا حرّم اللّه عليهم، واقفين أسماعهم على العلم بدينهم، نزلت أنفسهم منهم في البلاء كالذي نزلت منهم في الرخاء، رضوا عن اللّه تعالى بالقضاء.

فلو لا الآجال التي كتب اللّه تعالى لهم لم تستقرّ أرواحهم في أبدانهم طرفة عين، شوقا إلى لقاء اللّه و الثواب، و خوفا من أليم العقاب، عظم الخالق في أنفسهم و صغر ما دونه في أعينهم، فهم و الجنّة كمن رآها، فهم على أرائكها متّكئون، و هم و النار كمن رآها فهم فيها معذّبون

صبروا أيّاما قليلة، فأعقبتهم راحة طويلة، أرادتهم الدنيا فلم يريدوها، و طلبتهم فأعجزوها، أمّا الليل فصافّون أقدامهم، تالّون لأجزاء القرآن يرتّلونه ترتيلا، يعظون أنفسهم بأمثاله، و يستشفون لدائهم بدوائه تارة، و تارة يفترشون جباههم و أنفسهم و ركبهم و أطراف أقدامهم، تجري دموعهم على خدودهم، يمجّدون جبّارا عظيما و يجأرون إليه في فكاك أعناقهم، هذا ليلهم.

و أمّا نهارهم؛ فحلماء علماء بررة أتقياء، براهم خوف بارئهم فهم كالقداح تحسبهم مرضى، و قد خولطوا و ما هم بذلك، بل خامرهم من عظمة ربّهم، و شدّة سلطانه ما طاشت له قلوبهم، و ذهلت منه عقولهم، فإذا اشتاقوا من ذلك بادروا إلى اللّه تعالى بالأعمال الزكيّة، لا يرضون له بالقليل، و لا يستكثرون له الجزيل،

ص:415


1- -البحار ج 68 ص 180 ح 38

فهم لأنفسهم متّهمون، و من أعمالهم مشفقون. . . (1)

أقول:

قد مرّ شرح بعض ألفاظ الحديث في باب الإيمان، و سيأتي بعضه في باب التقوى.

بيان: «بخعوا للّه» يقال: بخع بخوعا بالحقّ: أقرّ به و خضع له.

«طاش» : ذهب عقله.

28-في وصيّة الصادق عليه السّلام لابن جندب: . . . يا ابن جندب، بلّغ معاشر شيعتنا و قل لهم: لا تذهبنّ بكم المذاهب فو اللّه لا تنال ولايتنا إلاّ بالورع و الاجتهاد في الدنيا، و مواساة الإخوان في اللّه، و ليس من شيعتنا من يظلم الناس.

يا ابن جندب، إنّما شيعتنا يعرفون بخصال شتّى: بالسخاء و البذل للإخوان، و بأن يصلّوا الخمسين ليلا و نهارا، شيعتنا لا يهرّون هرير الكلب، و لا يطمعون طمع الغراب، و لا يجاورون لنا عدوّا، و لا يسألون لنا مبغضا و لو ماتوا جوعا، شيعتنا لا يأكلون الجريّ، و لا يمسحون على الخفّين، و يحافظون على الزوال، و لا يشربون مسكرا. قلت: جعلت فداك فأين أطلبهم؟ قال عليه السّلام: على رؤوس الجبال و أطراف المدن، و إذا دخلت مدينة فسل عمّن لا يجاورهم و لا يجاورونه، فذلك مؤمن كما قال اللّه: وَ جاءَ مِنْ أَقْصَا اَلْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى (2)و اللّه لقد كان حبيب النجّار وحده. . . (3)

بيان:

«الجرّي» : سمك طويل أملس و ليس عليه فلوس و قيل: مار ماهى.

29-في مواعظ العسكريّ عليه السّلام، و قال عليه السّلام لشيعته: أوصيكم بتقوى اللّه،

ص:416


1- -البحار ج 78 ص 29
2- يس:20
3- البحار ج 78 ص 281

و الورع في دينكم، و الاجتهاد للّه، و صدق الحديث، و أداء الأمانة إلى من ائتمنكم من برّ أو فاجر، و طول السجود، و حسن الجوار، فبهذا جاء محمّد صلّى اللّه عليه و آله، صلّوا في عشائرهم و اشهدوا جنائزهم و عودوا مرضاهم و أدّوا حقوقهم، فإنّ الرجل منكم إذا ورع في دينه و صدق في حديثه، و أدّى الأمانة و حسن خلقه مع الناس قيل: هذا شيعيّ فيسرّني ذلك.

اتّقوا اللّه و كونوا زينا و لا تكونوا شينا، جرّوا إلينا كلّ مودّة، و ادفعوا عنّا كلّ قبيح، فإنّه ما قيل فينا من حسن فنحن أهله، و ما قيل فينا من سوء فما نحن كذلك. لنا حقّ في كتاب اللّه، و قرابة من رسول اللّه، و تطهير من اللّه، لا يدّعيه أحد غيرنا إلاّ كذّاب. أكثروا ذكر اللّه و ذكر الموت و تلاوة القرآن و الصلاة على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فإنّ الصلاة على رسول اللّه عشر حسنات، احفظوا ما وصيّتكم به، و استودعكم اللّه و أقرأ عليكم السّلام. (1)

بيان:

«صلّوا في عشائرهم» : الضمير يرجع إلى المخالفين أو مطلق الناس، و في بعض نسخ المصدر كلّها بضمير الخطاب.

30-عن موسى بن بكر الواسطي قال: قال لي أبو الحسن عليه السّلام: لو ميّزت شيعتي لم أجدهم (ما وجدتهم ف ن) إلاّ واصفة، و لو امتحنتهم لما وجدتهم إلاّ مرتدّين، و لو تمحّصتهم لما خلص من الألف واحد، و لو غربلتهم غربلة لم يبق منهم إلاّ ما كان لي، إنّهم طال ما اتّكوا على الأرائك، فقالوا: نحن شيعة عليّ، إنّما شيعة عليّ من صدّق قوله فعله. (2)

ص:417


1- -البحار ج 78 ص 372
2- الكافي ج 8 ص 228 ح 290

أقول:

وردت بهذا المعنى روايات عديدة.

بيان: «الأرائك» واحدته الأريكة: السرير و التخت.

ص:418

109- تشييع الجنازة

الأخبار

1-قال أبو جعفر عليه السّلام: كان فيما ناجى به موسى ربّه أن قال: يا ربّ، ما لمن شيّع جنازة؟ قال: اوكّل به ملائكة من ملائكتي، معهم رايات يشيّعونهم من قبورهم إلى محشرهم. (1)

2-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إذا دخل المؤمن قبره نودي: ألا إنّ أوّل حبائك الجنّة، [ألا و إنّ أوّل]حباء من تبعك المغفرة. (2)

بيان:

«الحباء» : العطاء بلا جزاء و لا منّ.

3-عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (في حديث) قال: من شيّع جنازة فله بكلّ خطوة حتّى يرجع مائة ألف ألف حسنة، و يمحا عنه مائة ألف ألف سيّئة، و يرفع له مائة ألف ألف درجة، فإن صلّى عليها شيّعه في جنازته مائة ألف ألف ملك، كلّهم يستغفرون له حتّى يرجع، فإن شهد دفنها و كلّ اللّه به ألف ملك كلّهم يستغفرون له حتّى يبعث من قبره.

ص:419


1- -الوسائل ج 3 ص 142 ب 2 من الدفن ح 2
2- الوسائل ج 3 ص 142 ح 3

و من صلّى على ميّت صلّى عليه جبرئيل و سبعون ألف ملك و غفر له ما تقدّم من ذنبه، و إن أقام عليه حتّى يدفنه و حثا عليه من التراب انقلب من الجنازة و له بكلّ قدم من حيث شيّعها حتّى يرجع إلى منزله قيراط من الأجر؛ و القيراط مثل جبل أحد يكون في ميزانه من الأجر. (1)

بيان:

«القيراط» : نصف عشر من الدينار و المراد هنا قدر من الثواب.

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: المشي خلف الجنازة أفضل من المشي بين يديها. (2)

5-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: مات رجل من الأنصار من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فخرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في جنازته يمشي، فقال له بعض أصحابه: أ لا تركب يا رسول اللّه؟ فقال: إنّي لأكره أن أركب و الملائكة يمشون. (3)

6-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: من حمل جنازة من أربع جوانبها غفر اللّه له أربعين كبيرة. (4)

7-عن أبي حمزة قال: كان عليّ بن الحسين عليهما السّلام إذا رأى جنازة قد أقبلت قال: «الحمد للّه الذي لم يجعلني من السواد المخترم» . (5)

بيان:

«السواد المخترم» : السواد يطلق على الشخص، و على القرية، و المخترم أي الهالك أو المستأصل. في المرآة ج 14 ص 5 و البحار ج 81 ص 266: الظاهر أنّ المراد هنا

ص:420


1- -الوسائل ج 3 ص 143 ح 6
2- الوسائل ج 3 ص 148 ب 4 ح 1
3- الوسائل ج 3 ص 152 ب 6 ح 1
4- الوسائل ج 3 ص 153 ب 7 ح 1
5- الوسائل ج 3 ص 157 ب 9 ح 1-و مثله ح 3 عن أبي جعفر عليه السّلام

الجنس أي لم يجعلني من الجماعة الهالكين، فيكون شكرا لنعمة الحياة. . . أو المراد بالمخترم الهالك بالهلاك المعنويّ، إمّا لأنّ غالب أهل زمانهما عليهما السّلام كانوا منافقين، فلمّا رأيا جنازتهم و علما ما أصابهم من العذاب شكرا اللّه على نعمة الهداية، و إمّا أنّ عند رؤية الموتى ينبغي تذكّر أحوال الآخرة، فينبغي الشكر على ما هو العمدة في حصول السعادات الاخرويّة أعنى الإيمان. و على الأخير لا يختصّ برؤية جنازة المنافق، و إذا كان المراد"بالسواد"القرية، كان المراد القرية الهالكة أهلها بالهلاك المعنويّ، أي جعلني في بلاد المسلمين. . .

و قال الشيخ البهائيّ رحمه اللّه: يمكن أن يراد بالسواد"عامّة الناس"كما هو أحد معاني السواد في اللغة، ليكون المراد: الحمد للّه الذي لم يجعلني من عامّة الناس الذين يموتون على غير بصيرة و لا استعداد للموت.

8-عن أمير المؤمنين عليه السّلام و قد تبع جنازة فسمع رجلا يضحك، فقال عليه السّلام:

كأنّ الموت فيها على غيرنا كتب، و كأنّ الحقّ فيها على غيرنا وجب، و كأنّ الذي نرى من الأموات سفر عمّا قليل إلينا راجعون! نبوّؤهم أجداثهم، و نأكل تراثهم، كأنّا مخلّدون بعدهم، ثمّ نسينا كلّ واعظ و واعظة، و رمينا بكلّ جائحة!

طوبى لمن ذلّ في نفسه، و طاب كسبه، و صلحت سريرته، و حسنت خليقته، و أنفق الفضل من ماله، و أمسك الفضل من لسانه، و عزل عن الناس شرّه، و وسعته السنّة، و لم ينسب إلى بدعة. (1)

بيان:

«الموت فيها» : أي في الدنيا. «نبوّؤهم» : أي ننزلهم. «أجداثهم» : قبورهم.

«التراث» : الميراث.

في النهاية ج 1 ص 311(جوح) ، «الجاحة» : هي الآفة التي تهلك الثمار و الأموال

ص:421


1- -نهج البلاغة ص 1143 ح 118

و تستأصلها، و كلّ مصيبة عظيمة و فتنة مبيرة: جائحة.

9-عن موسى بن سيّار، عن الرضا عليه السّلام (في حديث) أنّه قال: يا موسى بن سيّار، من شيّع جنازة وليّ من أوليائنا خرج من ذنوبه كيوم ولدته امّه لا ذنب عليه. . . (1)

10-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن الرنّة عند المصيبة، و نهى عن النياحة و الاستماع إليها، و نهى عن اتّباع النساء الجنائز. . . (2)

بيان:

«رنّ» الرجل: أي صاح و رفع صوته بالبكاء، و الرنّة أيضا صوت القوس و نحوه.

«النياحة» : المراد النوح بالباطل على الجنائز. «و نهى عن اتّباع النساء» : وردت بهذا المعنى أخبار كثيرة سيأتي بعضها في باب النساء، و المشهور بين الأصحاب كراهة اتّباع النساء الجنائز.

11-عن موسى بن جعفر عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: سر سنتين برّ والديك، سر سنة صل رحمك، سر ميلا عد مريضا، سر ميلين شيّع جنازة. . . (3)

12-عن الصادق عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: عودوا المرضى، و اتّبعوا الجنائز، يذكّركم الآخرة. (4)

13-و كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إذا تبع جنازة غلبته كأبة، و أكثر حديث النفس، و أقلّ الكلام. (5)

ص:422


1- -المستدرك ج 2 ص 294 ب 2 من الدفن ح 2
2- البحار ج 81 ص 257 باب تشييع الجنازة ح 3
3- البحار ج 81 ص 265 ح 22
4- البحار ج 81 ص 266 ح 24
5- البحار ج 81 ص 266 ح 24

بيان:

«غلبته كأبة» : أي استولى على نفسه الشريفة غمّ و انكسار شديد.

14-. . . قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: شارب الخمر إن مرض فلا تعودوه، و إن شهد فلا تقبلوه، و إن ذكر فلا تزكّوه، و إن خطب فلا تزوّجوه، و إن حدّث فلا تصدّقوه، و إن مات فلا تشهدوه. (1)

أقول:

قد مرّ في باب الإيمان: أنّ من حقّ المؤمن على المؤمن إذا مات أن يشيّعه.

ص:423


1- -البحار ج 81 ص 267 ح 25

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393737352C22426F6F6B4944223A31363732302C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3432342C2253686F77506167654E756D223A22343234222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030332F424B31353931344730303353312F424B3135393134473030335331503432342E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

حرف الصاد

110- الصبر

الآيات

1- وَ اِسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ اَلصَّلاةِ وَ إِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلاّ عَلَى اَلْخاشِعِينَ. (1)

2- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اِسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ اَلصَّلاةِ إِنَّ اَللّهَ مَعَ اَلصّابِرِينَ . . .

وَ بَشِّرِ اَلصّابِرِينَ- اَلَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنّا لِلّهِ وَ إِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ- أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ رَحْمَةٌ وَ أُولئِكَ هُمُ اَلْمُهْتَدُونَ. (2)

3- . . . وَ اَلصّابِرِينَ فِي اَلْبَأْساءِ وَ اَلضَّرّاءِ وَ حِينَ اَلْبَأْسِ أُولئِكَ اَلَّذِينَ صَدَقُوا وَ أُولئِكَ هُمُ اَلْمُتَّقُونَ. (3)

4- . . . وَ إِنْ تَصْبِرُوا وَ تَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اَللّهَ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ. (4)

5- بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَ تَتَّقُوا وَ يَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ اَلْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ. (5)

ص:425


1- -البقرة:45
2- البقرة:153 إلى 157
3- البقرة:177
4- آل عمران:120
5- آل عمران:125

6- وَ كَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اَللّهِ وَ ما ضَعُفُوا وَ مَا اِسْتَكانُوا وَ اَللّهُ يُحِبُّ اَلصّابِرِينَ. (1)

7- . . . وَ إِنْ تَصْبِرُوا وَ تَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ اَلْأُمُورِ. (2)

8- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اِصْبِرُوا وَ صابِرُوا وَ رابِطُوا وَ اِتَّقُوا اَللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. (3)

9- . . . رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَ تَوَفَّنا مُسْلِمِينَ. (4)

10- . . . وَ تَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ اَلْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا. . . (5)

11- . . . وَ اِصْبِرُوا إِنَّ اَللّهَ مَعَ اَلصّابِرِينَ. (6)

12- يا أَيُّهَا اَلنَّبِيُّ حَرِّضِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَى اَلْقِتالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ الآيات. (7)

13- . . . إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَ يَصْبِرْ فَإِنَّ اَللّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ اَلْمُحْسِنِينَ. (8)

14- وَ اَلَّذِينَ صَبَرُوا اِبْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَ أَقامُوا اَلصَّلاةَ وَ أَنْفَقُوا مِمّا رَزَقْناهُمْ (إلى قوله تعالى) سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى اَلدّارِ. (9)

ص:426


1- -آل عمران:146
2- آل عمران:186
3- آل عمران:200
4- الأعراف:126 و في البقرة:250، رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَ ثَبِّتْ أَقْدامَنا
5- الأعراف:137
6- الأنفال:46
7- الأنفال:65 و 66
8- يوسف:90
9- الرعد:22 إلى 24

15- . . . وَ لَنَجْزِيَنَّ اَلَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ. (1)

16- وَ إِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَ لَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصّابِرِينَ- وَ اِصْبِرْ وَ ما صَبْرُكَ إِلاّ بِاللّهِ وَ لا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَ لا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمّا يَمْكُرُونَ. (2)

17- وَ اِصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ اَلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَ اَلْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ. . . (3)

18- قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً- وَ كَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً . الآيات. (4)

19- فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ. . . (5)

20- وَ إِسْماعِيلَ وَ إِدْرِيسَ وَ ذَا اَلْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ اَلصّابِرِينَ. (6)

21- . . . نِعْمَ أَجْرُ اَلْعامِلِينَ- اَلَّذِينَ صَبَرُوا وَ عَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ. (7)

22- . . . وَ اِصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ اَلْأُمُورِ. (8)

23- وَ جَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمّا صَبَرُوا وَ كانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ. (9)

24- . . . إِنَّما يُوَفَّى اَلصّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ. (10)

ص:427


1- -النحل:96
2- النحل:126 و 127
3- الكهف:28
4- الكهف:67 إلى 82
5- طه:130 و صدرها في ص:17 و المزّمّل:10
6- الأنبياء:85
7- العنكبوت:58 و 59
8- لقمان:17
9- السجدة:24
10- الزمر:10

25- فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا اَلْعَزْمِ مِنَ اَلرُّسُلِ وَ لا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ. . . (1)

26- فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً. (2)

27- وَ جَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَ حَرِيراً. (3)

28- ثُمَّ كانَ مِنَ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَ تَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ. (4)

29- . . . وَ تَواصَوْا بِالْحَقِّ وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ. (5)

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، فإذا ذهب الرأس ذهب الجسد، كذلك إذا ذهب الصبر ذهب الإيمان (6).

أقول:

وردت بهذا المعنى أخبار اخر، في بعضها: «لا إيمان لمن لا صبر له» و في بعضها:

«الصبر رأس الإيمان» .

بيان: في المفردات، «الصبر» : الإمساك في ضيق، يقال: صبرت الدابّة: حبستها بلا علف، و صبرت فلانا: خلفته خلفة لا خروج له منها، و الصبر حبس النفس على ما يقتضيه العقل و الشرع أو عمّا يقتضيان حبسها عنه، فالصبر لفظ عامّ و ربّما خولف بين أسمائه بحسب اختلاف مواقعه، فإن كان حبس النفس لمصيبة سمّي صبرا لا غير، و يضادّه الجزع، و إن كان في محاربة سمّي شجاعة و يضادّه

ص:428


1- -الأحقاف:35
2- المعارج:5
3- الدهر (الإنسان) :12
4- البلد:17
5- العصر:3
6- الكافي ج 2 ص 71 باب الصبر ح 2

الجبن، و إن كان في نائبة مضجرة سمّي رحب الصدر و يضادّه الضجر، و إن كان في إمساك الكلام سمّي كتمانا و يضادّه المدل، و قد سمّى اللّه تعالى كلّ ذلك صبرا و نبّه عليه بقوله: وَ اَلصّابِرِينَ فِي اَلْبَأْساءِ وَ اَلضَّرّاءِ - وَ اَلصّابِرِينَ عَلى ما أَصابَهُمْ - وَ اَلصّابِرِينَ وَ اَلصّابِراتِ و سمّي الصوم صبرا لكونه كالنوع له. . .

و في المرآة ج 8 ص 120، قال المحقّق الطوسيّ رحمه اللّه: الصبر؛ حبس النفس عن الجزع عند المكروه، و هو يمنع الباطن عن الاضطراب، و اللسان عن الشكاية، و الأعضاء عن الحركات غير المعتادة.

و في جامع السعادات ج 3 ص 280: ضدّ الجزع «الصبر» ، و هو ثبات النفس و عدم اضطرابها في الشدائد و المصائب، بأن تقاوم معها، بحيث لا تخرجها عن سعة الصدر و ما كانت عليه قبل ذلك من السرور و الطمأنينة، فيحبس لسانه عن الشكوى، و أعضاءه عن الحركات الغير المتعارفة. و هذا هو الصبر على المكروه، و ضدّه الجزع. و له أقسام آخر لها أسماء خاصّة تعدّ فضائل اخر: كالصبر في الحرب، و هو من أنواع الشجاعة، و ضدّه الجبن.

و الصبر في كظم الغيظ، و هو الحلم، و ضدّه الغضب. و الصبر على المشاقّ، كالعبادة، و ضدّه الفسق أي الخروج عن العبادات الشرعيّة، و الصبر على شهوة البطن و الفرج من قبائح اللذّات، و هي العفّة. . . و ضدّه الشره. و الصبر عن فضول العيش، و هو الزهد، و ضدّه الحرص. و الصبر في كتمان السرّ، و ضدّه الإذاعة. . .

و يظهر من ذلك: أنّ أكثر أخلاق الإيمان داخل في الصبر، و لذلك لمّا سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن الإيمان، قال: «هو الصبر، لأنّه أكثر أعماله و أشرفها» كما قال: «الحجّ عزم» و قد عرّف مطلق الصبر بأنّه مقاومة النفس مع الهوى، و بعبارة اخرى: أنّه ثبات باعث الدين في مقابلة باعث الهوى.

و في ص 283: الصبر على المكروه، و مشاقّ العبادات، و عن ترك الشهوات، إن كان بيسر و سهولة فهو الصبر حقيقة، و إن كان بتكلّف و تعب فهو التصبّر مجازا،

ص:429

و إذا أدام التقوى و قوى التصديق بما في العاقبة من الحسنى، تيسّر الصبر و لم يكن له تعب و مشقّة. . . و متى تيسّر الصبر و صار ملكة راسخة أورث مقام الرضا، و إذا أدام مقام الرضا أورث مقام المحبّة، و كما أنّ مقام المحبّة أعلى من مقام الرضا، فكذلك مقام الرضا أعلى من مقام الصبر، و لذلك قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «اعبد اللّه على الرضا، فإن لم تستطع ففي الصبر على ما تكره خير كثير» .

قال بعض العارفين: «أهل الصبر على ثلاث مقامات:

الأوّل: ترك الشكوى، و هذه درجة التائبين.

الثانيّ: الرضا بالمقدّر، و هذه درجة الزاهدين.

الثالث: المحبّة لما يصنع به مولاه، و هذه درجة الصدّيقين» .

و كأنّ هذا الانقسام مخصوص بالصبر على المكروه من المصائب و المحن. . .

و في ص 285: الصبر منزل من منازل السالكين، و مقام من مقامات الموحّدين، و به ينسلك العبد في سلك المقرّبين، و يصل إلى جوار ربّ العالمين، و قد أضاف اللّه أكثر الدرجات و الخيرات إليه، و ذكره في نيّف و سبعين موضعا من القرآن، و وصف اللّه الصابرين بأوصاف. . .

أقول: للصبر أقسام اخر: منها، الصبر عن المعصية. منها، الصبر على سوء أخلاق الخلق و تحمّل الأذى منهم. منها، الصبر على إمساك الكلام. منها، الصبر عند النائبة. منها، الصبر على الوحدة و. . . كما يستفاد من الآيات و الأخبار.

2-قال أبو جعفر عليه السّلام: الجنّة محفوفة بالمكاره و الصبر، فمن صبر على المكاره في الدنيا دخل الجنّة، و جهنّم محفوفة باللذّات و الشهوات، فمن أعطى نفسه لذّتها و شهوتها دخل النار. (1)

ص:430


1- -الكافي ج 2 ص 73 ح 7

أقول:

مدلول الخبر متّفق عليه بين الخاصّة و العامّة، و قد مرّ شرحه في باب الجنّة.

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا دخل المؤمن في قبره، كانت الصلاة عن يمينه، و الزكاة عن يساره، و البرّ مطلّ عليه، و يتنحّى الصبر ناحية، فإذا دخل عليه الملكان اللذان يليان مساءلته، قال الصبر للصلاة و الزكاة و البرّ: دونكم صاحبكم، فإن عجزتم عنه فأنا دونه. (1)

بيان:

«مطلّ عليه» : أي مشرف عليه. «دونكم» : اسم فعل بمعنى خذوا.

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: دخل أمير المؤمنين عليه السّلام المسجد، فإذا هو برجل على باب المسجد، كئيب حزين، فقال له أمير المؤمنين عليه السّلام: ما لك؟ قال:

يا أمير المؤمنين، اصبت بأبي و امّي و أخي و أخشى أن أكون قد وجلت، فقال له أمير المؤمنين عليه السّلام: عليك بتقوى اللّه و الصبر، تقدم عليه غدا، و الصبر في الامور بمنزلة الرأس من الجسد، فإذا فارق الرأس الجسد فسد الجسد، و إذا فارق الصبر الامور فسدت الامور. (2)

بيان:

«أصبت بأبي و. . .» : على بناء المجهول، كناية عن موتهم.

في المرآة، «الوجل» : استشعار الخوف، و كأنّ المعنى: أخشى أن يكون حزني بلغ حدّا مذموما شرعا فعبّر عنه بالوجل أو أخشى أن تنشقّ مرارتي من شدّة الألم أو أخشى الوجل الذي يوجب الجنون.

5-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: لمّا حضرت أبي عليّ بن

ص:431


1- -الكافي ج 2 ص 73 ح 8
2- الكافي ج 2 ص 73 ح 9

الحسين عليهما السّلام الوفاة، ضمّني إلى صدره و قال: يا بنيّ، اوصيك بما أوصاني به أبي حين حضرته الوفاة، و بما ذكر أنّ أباه أوصاه به؛ يا بنيّ، اصبر على الحقّ و إن كان مرّا. (1)

6-قال أبو جعفر عليه السّلام: الصبر صبران: صبر على البلاء، حسن جميل، و أفضل الصبرين الورع عن المحارم. (2)

7-عن عليّ عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الصبر ثلاثة: صبر عند المصيبة، و صبر على الطاعة، و صبر عن المعصية، فمن صبر على المصيبة حتّى يردّها بحسن عزائها، كتب اللّه له ثلاثمائة درجة، ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين السماء إلى الأرض. و من صبر على الطاعة كتب اللّه له ستّمائة درجة، ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم الأرض إلى العرش، و من صبر عن المعصية كتب اللّه له تسعمائة درجة ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم الأرض إلى منتهى العرش. (3)

بيان:

«يردّها» : أي المصيبة. «بحسن عزائها» : أي بحسن الصبر اللائق لتلك المصيبة.

«تخوم» في الصحاح، التخم: منتهى كلّ قرية أو أرض و الجمع تخوم.

أقول: قد مرّ أنّ أقسام الصبر أكثر من الثلاثة، فذكر الثلاثة أو غيرها ذكر أهمّ أقسامه.

8-عن أبي حمزة الثمالي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من ابتلي من المؤمنين ببلاء فصبر عليه، كان له مثل أجر ألف شهيد. (4)

ص:432


1- -الكافي ج 2 ص 74 ح 13
2- الكافي ج 2 ص 74 ح 14
3- الكافي ج 2 ص 75 ح 15
4- الكافي ج 2 ص 75 ح 17

9-عن أبي جميلة، عن بعض أصحابه قال: لو لا أنّ الصبر خلق قبل البلاء لتفطّر المؤمن كما تتفطّر البيضة على الصفا. (1)

بيان:

«التفطّر» : التشقّق من الفطر و هو الشقّ. «الصفا» واحدته الصفاة و هي الحجر الصلد الضخم.

10-عن أبي عبد اللّه أو أبي جعفر عليهما السّلام قال: من لا يعدّ الصبر لنوائب الدهر يعجز. (2)

بيان:

في المرآة، «من لا يعدّ الصبر» : أي لم يجعل الصبر ملكة راسخة في نفسه يدفع صولة نزول النوائب و المصائب به يعجز طبعه و نفسه عن مقاومتها و تحمّلها فيهلك بالهلاك الصوريّ و المعنويّ أيضا بالجزع و تفويت الأجر، و ربّما انتهى به إلى الفسق بل الكفر.

11-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّا صبّر و شيعتنا أصبر منّا، قلت: جعلت فداك، كيف صار شيعتكم أصبر منكم؟ قال: لأنّا نصبر على ما نعلم و شيعتنا يصبرون على ما لا يعلمون. (3)

بيان:

«الصبّر» : جمع الصابر. «أصبر منّا» : أي الصبر عليهم أشقّ و أشدّ.

12-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: اِصْبِرُوا وَ صابِرُوا وَ رابِطُوا قال: اصبروا على الفرائض، و صابروا على المصائب، و رابطوا

ص:433


1- -الكافي ج 2 ص 75 ح 20
2- الكافي ج 2 ص 76 ح 24
3- الكافي ج 2 ص 76 ح 25

على الأئمّة عليهم السّلام. (1)

بيان:

«رابطوا. . .» في مجمع البحرين، أصل الرباط: الملازمة و المواظبة على الأمر انتهى.

و المراد هنا ربط النفس على طاعتهم و الانقياد لهم و انتظار فرجهم.

13-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: فصبرت و في العين قذى، و في الحلق شجا. (2)

بيان:

«الشجا» : ما اعترض في الحلق من عظم و نحوه. «القذى» يقال بالفارسيّة:

خاشاك و غبار.

14-و قال عليه السّلام: الصبر صبران: صبر على ما تكره، و صبر عمّا تحبّ. (3)

15-و قال عليه السّلام: اوصيكم بخمس لو ضربتهم إليها آباط الإبل لكانت لذلك أهلا: لا يرجونّ أحد منكم إلاّ ربّه، و لا يخافنّ إلاّ ذنبه، و لا يستحينّ أحد منكم إذا سئل عمّا لا يعلم أن يقول، لا أعلم، و لا يستحينّ أحد إذا لم يعلم الشيء أن يتعلّمه، و عليكم بالصبر فإنّ الصبر من الإيمان كالرأس من الجسد، و لا خير في جسد لا رأس معه، و لا في إيمان لا صبر معه. (4)

بيان:

«ضرب آباط الإبل» : كناية عن شدّ الرحال و حثّ المسير، و الآباط جمع إبط و هو باطن المنكب و الكتف.

16-و قال عليه السّلام: ينزل الصبر على قدر المصيبة، و من ضرب على فخذه

ص:434


1- -الكافي ج 2 ص 66 باب أداء الفرائض ح 3
2- نهج البلاغة ص 46 في خ 3(الشقشقيّة)
3- نهج البلاغة ص 1112 ح 52- الغرر ج 1 ص 79 ف 1 ح 1914
4- نهج البلاغة ص 1123 ح 79

عند مصيبته حبط أجره. (1)

أقول:

الضرب يكون منهيّا عنه، يحبط العمل، إذا كان فيه الشكوى من اللّه أو غيره ممّا نهي عنه.

17-و قال عليه السّلام: لا يعدم الصبور الظفر و إن طال به الزمان. (2)

18-و قال عليه السّلام: من لم ينجه الصبر أهلكه الجزع. (3)

19-و قال عليه السّلام: من صبر صبر الأحرار، و إلاّ سلا سلوّ الأغمار.

و في خبر آخر أنّه عليه السّلام قال للأشعث بن قيس معزّيا: إن صبرت صبر الأكارم، و إلاّ سلوت سلوّ البهائم. (4)

بيان:

«الغمر» جمع أغمار: و هو الجاهل الذي لم يجرّب الامور. «سلا» : سلوا و سلوّا الشيء: نسيه.

20-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّا وجدنا الصبر على طاعة اللّه أيسر من الصبر على عذابه. (5)

أقول:

في تحف العقول ص 157، في مواعظه عليه السّلام قال: أيّها الناس، اتّقوا اللّه، فإنّ الصبر على التقوى أهون من الصبر على عذاب اللّه.

21-أوحى اللّه إلى داود عليه السّلام: تخلّق بأخلاقي، فإنّ من أخلاقي أنّي أنا

ص:435


1- -نهج البلاغة ص 1153 ح 136
2- نهج البلاغة ص 1163 ح 145
3- نهج البلاغة ص 1173 ح 180- الغرر ج 2 ص 640 ف 77 ح 540
4- نهج البلاغة ص 1279 ح 405 و 406
5- إرشاد الديلميّ ص 173 ب 38

الصبور، و الصابر إن مات مع الصبر مات شهيدا، و إن عاش عاش عزيزا. (1)

22-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أيّها الناس، عليكم بالصبر، فإنّه لا دين لمن لا صبر له. (2)

23-و قال عليه السّلام: إنّك إن صبرت جرت عليك المقادير و أنت مأجور، و إن جزعت جرت عليك المقادير و أنت مأزور. (3)

24-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: قال اللّه تعالى: إذا وجّهت إلى عبد من عبيدي مصيبة في بدنه أو ماله أو ولده، ثمّ استقبل ذلك بصبر جميل، أستحييت منه أن أنصب له ميزانا أو أنشر له ديوانا. (4)

25-و سئل محمّد بن عليّ عليهما السّلام عن الصبر، فقال: شيء لا شكوى فيه.

ثمّ قال: و ما في الشكوى من الفرج، و إنّما هو يحزن صديقك و يفرح عدوّك. (5)

26-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ الصبر، و حسن الخلق، و البرّ، و الحلم من أخلاق الأنبياء. (6)

27-عن هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا كان يوم القيامة يقوم عنق من الناس فيأتون باب الجنّة [فيضربونه]، فيقال [لهم]: من أنتم؟ فيقولون: نحن أهل الصبر، فيقال لهم: على ما صبرتم؟ فيقولون: كنّا نصبر على طاعة اللّه، و نصبر عن معاصي اللّه، فيقول اللّه عزّ و جلّ: صدقوا أدخلوهم

ص:436


1- -إرشاد الديلميّ ص 174
2- جامع الأخبار ص 116 ف 71
3- جامع الأخبار ص 116
4- جامع الأخبار ص 116
5- جامع الأخبار ص 116
6- جامع الأخبار ص 116

الجنّة، و هو قول اللّه عزّ و جلّ: إِنَّما يُوَفَّى اَلصّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ . (1)

28-عن جعفر عن أبيه عن عليّ عليهم السّلام قال: لا يذوق المرء من حقيقة الإيمان حتّى يكون فيه ثلاث خصال: الفقه في الدين، و الصبر على المصائب، و حسن التقدير في المعاش. (2)

29-عن عليّ عليه السّلام أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و اله قال: علامة الصابر في ثلاث: أوّلها، أن لا يكسل و الثانية، أن لا يضجر و الثالثة، أن لا يشكو من ربّه عزّ و جلّ، لأنّه إذا كسل فقد ضيّع الحقّ، و إذا ضجر لم يؤدّ الشكر، و إذا شكى من ربّه عزّ و جلّ فقد عصاه. (3)

بيان:

في المصباح، «ضجر» من الشيء: اغتمّ منه و قلق (أي اضطرب) مع كلام منه.

30-سأل النبيّ صلّى اللّه عليه و اله جبرئيل: ما تفسير الصبر؟ قال: تصبر في الضرّاء كما تصبر في السرّاء، و في الفاقة كما تصبر في الغنى، و في البلاء كما تصبر في العافية، فلا يشكو حاله عند المخلوق بما يصيبه من البلاء. (4)

31-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ثلاث من أبواب البرّ: سخاء النفس، و طيب الكلام، و الصبر على الأذى. (5)

32-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كم من صبر ساعة قد أورثت فرحا طويلا،

ص:437


1- -الوسائل ج 15 ص 236 ب 19 من جهاد النفس ح 1(الكافي ج 2 ص 60 باب الطاعة و التقوى ح 4)
2- البحار ج 71 ص 85 باب الصبر ح 29
3- البحار ج 71 ص 86 ح 35
4- البحار ج 71 ص 87 ح 38
5- البحار ج 71 ص 89 ح 41

و كم من لذّة ساعة قد أورثت حزنا طويلا. (1)

33-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ العبد ليكون له عند اللّه الدرجة لا يبلغها بعمله، فيبتليه اللّه في جسده أو يصاب بماله أو يصاب في ولده، فإن هو صبر بلّغه اللّه إيّاها. (2)

34-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما من مؤمن إلاّ و هو مبتلى ببلاء، منتظر به ما هو أشدّ منه، فإن صبر على البليّة التي هو فيها، عافاه اللّه من البلاء الذي ينتظر به، و إن لم يصبر و جزع نزل به من البلاء المنتظر أبدا حتّى يحسن صبره و عزاؤه. (3)

35-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ للنكبات غايات لا بدّ أن ينتهي إليها، فإذا حكم على أحدكم بها فليتطأطأ لها، و يصبر حتّى يجوز، فإنّ إعمال الحيلة فيها عند إقبالها زائد في مكروهها. (4)

بيان:

«ليتطأطأ لها» : أي ليخضع لها.

36-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: بالصبر يتوقّع الفرج، و من يد من قرع الباب يلج. (5)

37-و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الصبر مطيّة لا تكبو، و القناعة سيف لا ينبو.

و قال عليه السّلام: أفضل العبادة الصبر و الصمت و انتظار الفرج.

و قال عليه السّلام: الصبر جنّة من الفاقة.

ص:438


1- -البحار ج 71 ص 91 ح 45
2- البحار ج 71 ص 94 ح 50
3- البحار ج 71 ص 94 ح 51
4- البحار ج 71 ص 95 ح 57
5- البحار ج 71 ص 96 ح 61

و قال عليه السّلام: من ركب مركب الصبر اهتدى إلى ميدان النصر. (1)

38-في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: و التصبّر على المكروه يعصم القلب. (2)

39-في مواعظ عليّ عليه السّلام: الشجاعة صبر ساعة. (3)

أقول:

في نهج البلاغة ص 1089 في ح 3، قال عليه السّلام: الصبر شجاعة.

40-و قال عليه السّلام: الصبر مفتاح الدرك، و النجح عقبى من صبر، و لكلّ طالب حاجة وقت يحرّكه القدر. (4)

بيان:

«النجح» : الفوز و الظفر.

41-و قال عليه السّلام: الصبر على المصيبة مصيبة على الشامت بها. (5)

42-في مواعظ الصادق عليه السّلام: لا ينبغي. . . لمن لم يكن صبورا أن يعدّ كاملا. . . (6)

43-في حديث موسى بن جعفر عليهما السّلام لهشام: . . . يا هشام، الصبر على الوحدة علامة قوّة العقل. . . (7)

يا هشام، اصبر على طاعة اللّه، و اصبر عن معاصي اللّه، فإنّما الدنيا ساعة،

ص:439


1- -البحار ج 71 ص 96 ح 61
2- البحار ج 77 ص 209
3- البحار ج 78 ص 11 في ح 70
4- البحار ج 78 ص 45
5- البحار ج 78 ص 81
6- البحار ج 78 ص 246
7- البحار ج 78 ص 301

فما مضى منها فليس تجد له سرورا و لا حزنا، و ما لم يأت منها فليس تعرفه، فاصبر على تلك الساعة التي أنت فيها فكأنّك قد اغتبطت. (1)

بيان:

«اغتبط» : كان في مسرّة و حسن حال.

44-في مواعظه عليه السّلام قال: المصيبة للصابر واحدة، و للجازع اثنتان. (2)

45-قال الصادق عليه السّلام: الصبر يظهر ما في بواطن العباد من النور و الصفاء، و الجزع يظهر ما في بواطنهم من الظلمة و الوحشة، و الصبر يدّعيه كلّ أحد، و ما يثبت عنده إلاّ المخبتون، و الجزع ينكره كلّ أحد و هو أبين على المنافقين، لأنّ نزول المحنة و المصيبة مخبر عن الصادق و الكاذب.

و تفسير الصبر ما يستمرّ مذاقه، و ما كان عن اضطراب لا يسمّى صبرا، و تفسير الجزع اضطراب القلب و تحزّن الشخص و تغيّر اللون و تغيّر الحال، و كلّ نازلة خلت أوائلها من الإخبات و الإنابة و التضرّع إلى اللّه فصاحبها جزوع غير صابر، و الصبر ما أوّله مرّ و آخره حلو لقوم، و لقوم مرّ أوّله و آخره، فمن دخله من أواخره فقد دخل، و من دخله من أوائله فقد خرج، و من عرف قدر الصبر لا يصبر عمّا منه الصبر.

قال اللّه تعالى في قصّة موسى و الخضر عليهما السّلام: وَ كَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً 3 فمن صبر كرها و لم يشك إلى الخلق و لم يجزع بهتك ستره فهو من العامّ، و نصيبه ما قال اللّه عزّ و جلّ وَ بَشِّرِ اَلصّابِرِينَ أي بالجنّة و المغفرة، و من استقبل البلاء بالرحب و صبر على سكينة و وقار فهو من الخاصّ، و نصيبه

ص:440


1- -البحار ج 78 ص 311
2- البحار ج 78 ص 326

ما قال اللّه تعالى: إِنَّ اَللّهَ مَعَ اَلصّابِرِينَ 1 . (1)

بيان:

«من دخله من أواخره فقد دخل» : أي من نظر إلى حلو عاقبته. «من أوائله» : أي من نظر إلى مرّ أوّله.

46-عن عليّ عليه السّلام قال:

الصبر ملاك. . . (الغرر ج 1 ص 7 ف 1 ح 78)

الصبر مدفعة. . . (ص 11 ح 216)

الصبر ظفر. . . (ص 12 ح 270)

الصبر جنّة الفاقة. . . (ص 16 ح 402)

الصبر يهوّن الفجيعة. . . (ص 21 ح 586)

الصبر عدّة للبلاء. . . (ص 27 ح 807)

الصبر كفيل بالظفر-الصبر عنوان النصر. . . (ح 810 و 811)

الصبر أدفع للبلاء. . . (ح 812)

الصبر يرغم الأعداء. . . (ح 813)

الصبر عدّة الفقر-الصبر أدفع للضرّ. . . (ح 814 و 815)

الصبر عون على كلّ أمر-الصبر أفضل العدد. . . (ح 816 و 817)

الصبر مطيّة لا تكبو. . . (ص 32 ح 992)

الصبر ثمرة الإيمان. . . (ص 25 ح 730)

الصبر يمحّص الرزيّة. . . (ص 24 ح 705)

الصبر أقوى لباس. . . (ص 29 ح 873)

ص:441


1- مصباح الشريعة ص 62 ب 91

الجزع أتعب من الصبر. . . (ص 41 ح 1243)

الصبر أعون شيء على الدهر. . . (ص 44 ح 1295)

الحزم و الفضيلة في الصبر-الصبر خير جنود المؤمن. . . (ح 1296 و 1299)

الصبر ينزل على قدر المصيبة. . . (ص 53 ح 1481)

المصيبة بالصبر أعظم المصائب. . . (ص 40 ح 1216)

الصبر على المصائب من أفضل المواهب. . . (ص 54 ح 1497)

الصبر أوّل لوازم الإيقان. . . (ص 60 ح 1616)

الصبر على النوائب ينيل شرف المراتب. . . (ص 67 ح 1751)

الصبر على البلاء أفضل من العافية في الرخاء. . . (ص 74 ح 1846)

الصبر أحسن حلل الإيمان و أشرف خلائق الإنسان. . . (ح 1915)

الصبر عن الشهوة عفّة و عن الغضب نجدة و عن المعصية ورع. . . (ص 82 ح 1949)

الصبر صبران: صبر في البلاء حسن جميل و أحسن منه الصبر في المحارم. . . (ص 88 ح 2022)

الجزع عند المصيبة يزيدها و الصبر عليها يبيدها. . . (ص 91 ح 2065)

الصبر أن يتحمّل الرجل ما ينوبه و يكظم ما يغضبه. . . (ص 78 ح 1896)

الزم الصبر فإنّ الصبر حلو العاقبة ميمون المغبّة (1). . . (ص 117 ف 2 ح 153)

الزموا الصبر فإنّه دعامة الإيمان و ملاك الامور. . . (ص 136 ف 3 ح 65)

أفضل الصبر عند مرّ الفجيعة. . . (ص 181 ف 8 ح 148)

أفضل الصبر التصبّر. . . (ص 177 ح 69)

أفضل الصبر الصبر عن المحبوب. . . (ص 185 ح 205)

ص:442


1- -المغبّة: عاقبة الشيء

أصل الصبر حسن اليقين باللّه. . . (ص 188 ح 258)

إنّ للمحن غايات لا بدّ من انقضائها، فناهوا (إليها ظ) لها إلى حين انقضائها، فإنّ إعمال الحيلة فيها قبل ذلك زيادة لها. . . (ص 243 ف 9 ح 219)

إنّ للمحن غايات و للغايات نهايات، فاصبروا لها حتّى تبلغ نهاياتها، فالتحرّك لها قبل انقضائها زيادة لها. . . (ح 220)

إن ابتلاكم اللّه بمصيبة فاصبروا. . . (ص 271 ف 10 ح 2)

إنّ تصبروا ففي اللّه من كلّ مصيبة خلف. . . (ص 272 ح 3)

إن صبرت جرى عليك القلم و أنت مأجور. . . (ح 5)

و إن جزعت جرى عليك القدر و أنت مأزور. . . (ح 6)

إن صبرت أدركت بصبرك منازل الأبرار، و إن جزعت أوردك جزعك عذاب النار. . . (ح 7)

إنّك لن تدرك ما تحبّ من ربّك إلاّ بالصبر عمّا تشتهي. . . (ص 286 ف 13 ح 9)

بالمكاره تنال الجنّة. . . (ص 330 ف 18 ح 26)

بالصبر تخفّ المحنة. . . (ح 27)

بالصبر تدرك الرغائب. . . (ص 331 ح 49)

بالصبر تدرك معالي الامور. . . (ص 333 ح 98)

ثواب الصبر يذهب مضض المصيبة. . . (ص 366 ف 25 ح 6)

ثواب المصيبة على قدر الصبر عليها-ثواب الصبر أعلى الثواب. . . (ح 8 و 9)

حسن الصبر طليعة النصر. . . (ص 379 ف 27 ح 56)

حسن الصبر عون على كلّ أمر. . . (ح 57)

حسن الصبر ملاك كلّ أمر. . . (ص 380 ح 60)

حلاوة الظفر تمحو مرارة الصبر. . . (ص 381 ف 28 ح 16)

صبرك على المصيبة يخفّف الرزيّة و يجزل المثوبة. . . (ص 454 ف 44 ح 18)

ص:443

عليك بالصبر فإنّه حصن حصين و عبادة الموقنين. . . (ج 2 ص 482 ف 49 ح 54)

عليك بالصبر فبه يأخذ العاقل و إليه يرجع الجاهل. . . (ح 58)

عليك بلزوم الصبر فبه يأخذ الحازم و إليه يؤول الجازع. . . (ح 63)

ليس شيء أحمد عاقبة، و لا ألذّ مغبّة، و لا أدفع بسوء أدب، و لا أعون على درك مطلب من الصبر. . . (ص 596 ف 73 ح 57)

من انتظر العواقب صبر. . . (ص 618 ف 77 ح 167)

من ادّرع جنّة الصبر هانت عليه النوائب. . . (ص 673 ح 1019)

من تجلبب الصبر و القناعة عزّ و نبل. . . (ص 720 ح 1481)

من صبر على طاعة اللّه و عن معاصيه فهو المجاهد الصبور. . . (ح 1488)

من كنوز الإيمان الصبر على المصائب. . . (ص 728 ف 78 ح 64)

ما أصيب من صبر. . . (ص 736 ف 79 ح 5)

ما خاب من لزم الصبر. . . (ح 7)

ما دفع اللّه سبحانه عن العبد المؤمن شيئا من بلاء الدنيا و عذاب الآخرة إلاّ برضاه بقضائه، و حسن صبره على بلائه. . . (ص 750 ح 218)

نعم الظهير الصبر. . . (ص 772 ف 81 ح 37)

نعم المعونة الصبر على البلاء. . . (ص 773 ح 60)

لا إيمان كالصبر. . . (ص 831 ف 86 ح 42)

لا عثار مع صبر. . . (ص 833 ح 86)

لا عون أفضل من الصبر. . . (ص 840 ح 216)

لا ينعم بنعيم الآخرة إلاّ من صبر على بلاء الدنيا. . . (ص 845 ح 316)

أقول:

مرّ ما يناسب المقام في باب الشكر.

ص:444

111- الصدق

الآيات

1- قالَ اَللّهُ هذا يَوْمُ يَنْفَعُ اَلصّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا اَلْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اَللّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ ذلِكَ اَلْفَوْزُ اَلْعَظِيمُ. (1)

2- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اِتَّقُوا اَللّهَ وَ كُونُوا مَعَ اَلصّادِقِينَ. (2)

3- مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اَللّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً- لِيَجْزِيَ اَللّهُ اَلصّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ. . . (3)

4- وَ اَلَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَ صَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ اَلْمُتَّقُونَ. الآيات. (4)

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ لم يبعث نبيّا إلاّ بصدق

ص:445


1- -المائدة:119
2- التوبة:119
3- الأحزاب:23 و 24
4- الزمر:33 إلى 35

الحديث، و أداء الأمانة إلى البرّ و الفاجر. (1)

بيان:

في المرآة ج 7 ص 272، باب درجات الإيمان: «الصدق» : هو القول المطابق للواقع و يطلق أيضا على مطابقة العمل للقول و الاعتقاد، و على فعل القلب و الجوارح المطابقين للقوانين الشرعيّة و الموازين العقليّة، و منه الصدّيق و هو من حصل له ملكة الصدق في جميع هذه الامور، و لا يصدر منه خلاف المطلوب عقلا و نقلا كما صرّح به المحقّق الطوسي رحمه اللّه في أوصاف الأشراف.

أقول: سيأتي في باب الكذب وجه آخر في معناه.

2-عن إسحاق بن عمّار و غيره، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا تغترّوا بصلاتهم و لا بصيامهم، فإنّ الرجل ربما لهج بالصلاة و الصوم حتّى لو تركه استوحش، و لكن اختبروهم عند صدق الحديث و أداء الأمانة. (2)

بيان:

اللهج بالشيء: الولوع به، و الحرص عليه.

3-عن أبي كهمس قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: عبد اللّه بن أبي يعفور يقرئك السلام، قال: عليك و عليه السّلام، إذا أتيت عبد اللّه فأقرأه السلام و قل له: إنّ جعفر بن محمّد يقول لك: انظر ما بلغ به عليّ عليه السّلام عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فالزمه، فإنّ عليّا عليه السّلام إنّما بلغ ما بلغ به عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله بصدق الحديث و أداء الأمانة. (3)

4-عن الربيع بن سعد قال: قال لي أبو جعفر عليه السّلام: يا ربيع، إنّ الرجل

ص:446


1- -الكافي ج 2 ص 85 باب الصدق ح 1
2- الكافي ج 2 ص 85 ح 2
3- الكافي ج 2 ص 85 ح 5

ليصدق حتّى يكتبه اللّه صدّيقا. (1)

أقول:

ح 9: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ العبد ليصدق حتّى يكتب عند اللّه من الصادقين. . .

بيان: في المرآة ج 8 ص 184، «الصدّيق» مبالغة في الصدق أو التصديق و الإيمان بالرسول قولا و فعلا، قال الطبرسي رحمه اللّه: في قوله تعالى: إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً (2)أي كثير التصديق في امور الدين عن الجبائي، و قيل: صادقا مبالغا في الصدق فيما يخبر عن اللّه.

5-عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كونوا دعاة للناس بالخير بغير ألسنتكم، ليروا منكم الاجتهاد و الصدق و الورع. (3)

6-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من صدق لسانه زكى عمله، و من حسنت نيّته زيد في رزقه، و من حسن برّه بأهل بيته مدّ له في عمره. (4)

بيان:

«زكى عمله» : أي بسبب الصدق يصير عمله زاكيا أي ناميا في الثواب أو طهر عمله من الرياء و غيره.

7-عن زيد بن عليّ عن آبائه عليهم السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله قال: إنّ أقربكم منّي غدا و أوجبكم عليّ شفاعة أصدقكم للحديث، و آداكم للأمانة، و أحسنكم خلقا، و أقربكم من الناس. (5)

8-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله لعليّ عليه السّلام: يا عليّ، أوصيك

ص:447


1- -الكافي ج 2 ص 86 ح 8
2- مريم:41 و 56
3- الكافي ج 2 ص 86 ح 10
4- الكافي ج 2 ص 86 ح 11
5- الوسائل ج 12 ص 163 ب 108 من العشرة ح 8

في نفسك بخصال فاحفظها، ثمّ قال: اللهمّ أعنه، أمّا الاولى، فالصدق لا يخرجنّ من فيك كذبة أبدا، و الثانية؛ الورع لا تجتر أنّ على خيانة أبدا، و الثالثة؛ الخوف من اللّه كأنّك تراه، و الرابعة؛ كثرة البكاء من خشية اللّه عزّ و جلّ، يبني لك بكلّ دمعة بيت في الجنّة، و الخامسة؛ بذل مالك و دمك دون دينك، و السادسة؛ الأخذ بسنّتي في صلاتي و صيامي و صدقتي

أمّا الصلاة فالخمسون ركعة، و أمّا الصوم فثلاثة أيّام في كلّ شهر خميس في أوّله، و أربعاء في وسطه و خميس في آخره، و أمّا الصدقة فجهدك حتّى يقال:

أسرفت و لم تسرف، و عليك بصلاة الليل و عليك بصلاة الليل و عليك بصلاة الليل، و عليك بصلاة الزوال، و عليك بقرائة القرآن على كلّ حال، و عليك برفع يديك في الصلاة و تقليبهما، عليك بالسواك عند كلّ (وضوء و كلّ يه) صلاة.

عليك بمحاسن الأخلاق فاركبها، عليك بمساوئ الأخلاق فاجتنبها، فإن لم تفعل فلا تلومنّ إلاّ نفسك. (1)

بيان:

«دون دينك» : أي عند حفظ دينك. «عليك برفع يديك» : أي في التكبيرات و تقليبهما إلى القبلة.

9-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الصادق على شفا منجاة و كرامة، و الكاذب على شرف مهواة و مهانة. (2)

10-عن أبي جعفر الثانيّ عن آبائه عليهم السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و اله: لا تنظروا إلى كثرة صلاتهم و صومهم، و كثرة الحجّ و المعروف، و طنطنتهم بالليل، و لكن

ص:448


1- -الوسائل ج 15 ص 181 ب 4 من جهاد النفس ح 2-و مثله في الكافي ج 8 ص 79 ح 33 عن الصادق عليه السّلام
2- نهج البلاغة ص 208 في خ 85-الغرر ج 1 ص 44 ف 1 ح 1293 و 1294

انظروا إلى صدق الحديث و أداء الأمانة. (1)

بيان:

«طنطنتهم» : طنطنة الجرس و الطست و الذباب و نحوها: صوته، و المراد صوتهم عند المناجاة و الدعاء و التضرّع في الليل.

11-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : الزموا الصدق فإنّه منجاة. (2)

12-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:

زينة الحديث الصدق. (3)

13-قيل لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: بم يعرف المؤمن؟ قال: بوقاره، و لينه، و صدق حديثه. (4)

14-قال عليّ عليه السّلام: الصدق يهدي إلى البرّ، و البرّ يدعو إلى الجنّة، و ما يزال أحدكم يصدق حتّى لا يبقى في قلبه موضع إبرة من كذب، حتّى يكون عند اللّه صادقا. (5)

15-قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام: أربع من كنّ فيه كمل إسلامه، و محيت ذنوبه، و لقي ربّه و هو عنه راض: وفاء للّه بما يجعل على نفسه للناس، و صدق لسانه مع الناس، و الاستحياء من كلّ قبيح عند اللّه و عند الناس، و حسن خلقه مع أهله. (6)

ص:449


1- -البحار ج 71 ص 9 باب الصدق ح 15
2- البحار ج 71 ص 9 ح 17
3- البحار ج 71 ص 17 ح 34
4- المستدرك ج 8 ص 455 ب 91 من العشرة ح 4
5- المستدرك ج 8 ص 455 ح 7
6- المستدرك ج 8 ص 456 ح 10

16-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الصدق فضيلة. (الغرر ج 1 ص 7 ف 1 ح 102)

الصدق مرفعة. (ص 10 ح 215)

الصدق ينجي. (ص 12 ح 264)

الصدق أمانة اللسان-الصدق أخو العدل. (ص 13 ح 310 و 320)

الصدق لسان الحقّ. (ص 14 ح 329)

الصدق خير القول. (ح 356)

الصادق مكرم جليل-الكاذب مهان ذليل. (ص 15 ح 393 و 394)

الصدق حياة التقوى. (ص 16 ح 408)

الصدق روح الكلام. (ص 17 ح 441)

الصدق لباس الدين. (ص 19 ح 513)

الصدق لباس اليقين. (ص 20 ح 543)

الصدق رأس الدين. (ص 21 ح 570)

الصدق نجاة و كرامة. (ص 25 ح 732)

الصدق أنجح دليل. (ص 27 ح 796)

النجاة مع الصدق. (ص 28 ح 849)

الصدق حقّ صادع. (ص 29 ح 875)

الصدق أشرف رواية. (ص 30 ح 897)

الصدق أفضل رواية. (ص 34 ح 1065)

الصدق خير منبئ-الصدق كمال النبل. (ص 35 ح 1076 و 1098)

الصدق صلاح كلّ شيء-الكذب فساد كلّ شيء. (ص 37 ح 1158 و 1159)

الصدق ينجيك و إن خفته. (ح 1161)

الصدق أشرف خلائق الموقن. (ص 44 ح 1300)

ص:450

الصدق أمانة اللسان و حلية الإيمان. (ص 54 ح 1489)

الصدق مطابقة المنطق للوضع الإلهي. (ص 59 ح 1588)

الكذب زوال المنطق عن الوضع الإلهي. (ح 1589)

الصدق أقوى دعائم الإيمان. (ص 60 ح 1615)

الصدق عماد الإسلام و دعامة الإيمان. (ص 69 ح 1780)

الصدق رأس الإيمان و زين الإنسان. (ص 87 ح 2016)

أربع من أعطيهنّ فقد أعطي خير الدنيا و الآخرة: صدق حديث، و أداء أمانة، و عفّة بطن، و حسن خلق. (ص 102 ح 2164)

الزم الصدق و الأمانة فإنّهما سجيّة الأخيار. (ص 113 ف 2 ح 103)

الزم الصدق و إن خفت ضرّه، فإنّه خير لك من الكذب المرجوّ نفعه.

(ص 115 ح 129)

أسوء الصدق النميمة. (ص 179 ف 8 ح 111)

أقلّ شيء الصدق و الأمانة. (ص 195 ح 346)

إذا أحبّ اللّه عبدا ألهمه الصدق. (ص 318 ف 17 ح 127)

بالصدق تكون النجاة-بالصدق تكمل المروّة. (ص 331 ف 18 ح 42 و 45)

بالصدق و الوفاء تكمل المروءة لأهلها. (ص 335 ح 129)

على الصدق و الأمانة مبنى الإيمان. (ج 2 ص 488 ف 51 ح 27)

عاقبة الصدق نجاة و سلامة. (ص 502 ف 55 ح 49)

ليكن أوثق الناس لديك أنطقهم بالصدق. (ص 586 ف 71 ح 63)

لو تميّزت الأشياء لكان الصدق مع الشجاعة، و كان الجبن مع الكذب.

(ص 605 ف 75 ح 30)

ص:451

لسان الصدق خير للمرء من المال يورثه من لا يحمده.

(ص 608 ف 76 ح 6)

من صدق أصلح ديانته. (ص 617 ف 77 ح 151)

من قال الصدق أنجح. (ص 618 ح 165)

من عرف بالصدق جاز كذبه. (ص 629 ح 364)

من صدّق مقاله زاد جلاله. (ص 650 ح 691)

من صدقت لهجته قويت حجّته. (ص 658 ح 821)

ملاك الإسلام صدق اللسان. (ص 758 ف 80 ح 15)

يبلغ الصادق بصدقه ما يبلغه الكاذب باحتياله. (ص 873 ف 91 ح 1)

يكتسب الصادق بصدقه ثلاثا: حسن الثقة [به]، و المحبّة له، و المهابة منه (عنه ف ن) . (ص 876 ح 29)

أقول:

في البحار (ج 74 ص 230 باب حقوق الإخوان ح 27) عن عبد العظيم الحسنيّ، عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: يا عبد العظيم، أبلغ عنّي أوليائي السلام، و قل لهم أن:

لا تجعلوا للشيطان على أنفسهم سبيلا، و مرهم بالصدق في الحديث، و أداء الأمانة، و مرهم بالسكوت و ترك الجدال فيما لا يعنيهم، و إقبال بعضهم على بعض و المزاورة، فإنّ ذلك قربة إليّ، و لا يشغلوا أنفسهم بتمزيق بعضهم بعضا، فإنّي آليت على نفسي أنّه من فعل ذلك و أسخط وليّا من أوليائي دعوت اللّه ليعذّبه في الدنيا أشدّ العذاب، و كان في الآخرة من الخاسرين.

و عرّفهم أنّ اللّه قد غفر لمحسنهم، و تجاوز عن مسيئهم إلاّ من أشرك بي (به ف ن) أو آذى وليّا من أوليائي أو أضمر له سوء فإنّ اللّه لا يغفر له حتّى يرجع عنه، فإن رجع عنه، و إلاّ نزع روح الإيمان عن قلبه، و خرج عن ولايتي، و لم يكن له نصيب في ولايتنا، و أعوذ باللّه من ذلك.

ص:452

112- الصدقة

الآيات

1- . . . وَ آتَى اَلْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي اَلْقُرْبى وَ اَلْيَتامى وَ اَلْمَساكِينَ وَ اِبْنَ اَلسَّبِيلِ وَ اَلسّائِلِينَ وَ فِي اَلرِّقابِ. . . (1)

2- وَ أَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اَللّهِ. . . (2)

3- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمّا رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَ لا خُلَّةٌ وَ لا شَفاعَةٌ وَ اَلْكافِرُونَ هُمُ اَلظّالِمُونَ. (3)

4- مَثَلُ اَلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اَللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَ اَللّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ وَ اَللّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ- اَلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اَللّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا وَ لا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ- قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَ مَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً . . . إِنْ تُبْدُوا اَلصَّدَقاتِ فَنِعِمّا هِيَ وَ إِنْ تُخْفُوها وَ تُؤْتُوهَا اَلْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَ يُكَفِّرُ عَنْكُمْ

ص:453


1- -البقرة:177
2- البقرة:195
3- البقرة:254

مِنْ سَيِّئاتِكُمْ وَ اَللّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ. (1)

5- لَنْ تَنالُوا اَلْبِرَّ حَتّى تُنْفِقُوا مِمّا تُحِبُّونَ وَ ما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اَللّهَ بِهِ عَلِيمٌ. (2)

6- . . . أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ- اَلَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي اَلسَّرّاءِ وَ اَلضَّرّاءِ. . . (3)

7- إِنَّمَا اَلصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ اَلْمَساكِينِ وَ اَلْعامِلِينَ عَلَيْها وَ اَلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ فِي اَلرِّقابِ وَ اَلْغارِمِينَ وَ فِي سَبِيلِ اَللّهِ وَ اِبْنِ اَلسَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اَللّهِ وَ اَللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ. (4)

8- خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِها . . . أَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اَللّهَ هُوَ يَقْبَلُ اَلتَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَ يَأْخُذُ اَلصَّدَقاتِ وَ أَنَّ اَللّهَ هُوَ اَلتَّوّابُ اَلرَّحِيمُ. (5)

9- . . . وَ أَنْفَقُوا مِمّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَ عَلانِيَةً. . . (6)

10- . . . وَ اَلْمُتَصَدِّقِينَ وَ اَلْمُتَصَدِّقاتِ . . . أَعَدَّ اَللّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَ أَجْراً عَظِيماً. (7)

11- وَ ما لَكُمْ أَلاّ تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اَللّهِ وَ لِلّهِ مِيراثُ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ. . . (8)

12- إِنَّ اَلْمُصَّدِّقِينَ وَ اَلْمُصَّدِّقاتِ وَ أَقْرَضُوا اَللّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعَفُ لَهُمْ وَ لَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ. (9)

ص:454


1- -البقرة:261 إلى 271
2- آل عمران:92
3- آل عمران:133 و 134
4- التوبة:60
5- التوبة:103 و 104
6- الرعد:22
7- الأحزاب:35
8- الحديد:10
9- الحديد:18
الأخبار

1-عن عبد اللّه بن سنان قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: داووا مرضاكم بالصدقة، و ادفعوا البلاء بالدعاء (بالصدقة ف ن) ، و استنزلوا الرزق بالصدقة، فإنّها تفكّ من بين لحي سبعمأة شيطان و ليس شيء أثقل على الشيطان من الصدقة على المؤمن، و هي تقع في يد الربّ تبارك و تعالى قبل أن تقع في يد العبد. (1)

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما أحسن عبد الصدقة في الدنيا إلاّ أحسن اللّه الخلافة على ولده من بعده. و قال: حسن الصدقة يقضي الدين و يخلف على البركة. (2)

بيان:

في المرآة ج 16 ص 125، قال في الدروس: «الصدقة» : هي العطيّة المتبرّع بها من غير نصاب للقربة.

و في مجمع البحرين، الصدقة: ما أعطى الغير به تبرّعا بقصد القربة غير هديّة، فتدخل فيها الزكاة و المنذورات و الكفّارة و أمثالها. . .

و في عدّة الداعي ص 62: الصدقة على خمسة أقسام:

الأوّل: صدقة المال.

الثانيّ: صدقة الجاه و هي الشفاعة، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: «أفضل الصدقة صدقة اللسان، قيل: يا رسول اللّه، و ما صدقة اللسان؟ قال: الشفاعة تفكّ بها الأسير و تحقن بها الدم، و تجرّ بها المعروف إلى أخيك، و تدفع بها الكريهة» ، و قيل: المواساة

ص:455


1- -الكافي ج 4 ص 3 باب فضل الصدقة ح 5
2- الوسائل ج 9 ص 367 ب 1 من الصدقة ح 3

في الجاه و المال عوذة بقائها.

الثالث: صدقة العلم و الرأي و هي المشورة، و عن النبيّ صلّى اللّه عليه و اله: «تصدّقوا على أخيكم بعلم يرشده، و رأي يسدّده» .

الرابع: صدقة اللسان و هي واسطة بين الناس، و السعي فيما يكون سببا لإطفاء النائرة، و إصلاح ذات البين، قال اللّه تعالى: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلاّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ اَلنّاسِ .

الخامس: صدقة العلم، و هي بذله لأهله و نشره على مستحقّه. و عن النبيّ صلّى اللّه عليه و اله:

«من الصدقة أن يتعلّم الرجل العلم و يعلّمه الناس» ، و قال صلّى اللّه عليه و اله: «زكاة العلم تعليمه من لا يعلمه» ، و عن الصادق عليه السّلام: «لكلّ شيء زكاة و زكاة العلم أن يعلّمه أهله» .

3-قال أبو جعفر عليه السّلام: البرّ و الصدقة ينفيان الفقر، و يزيدان في العمر، و يدفعان عن (صاحبهما ف ف) سبعين ميتة السوء. (1)

4-عن أبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: فَأَمّا مَنْ أَعْطى وَ اِتَّقى- وَ صَدَّقَ بِالْحُسْنى بأنّ اللّه يعطي بالواحدة عشرة إلى مائة ألف فما زاد فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى قال: لا يريد شيئا من الخير إلاّ يسّره اللّه له. . . (2)

5-عن زرارة عن الصادق عليه السّلام (في حديث) قال: استنزلوا الرزق بالصدقة، من أيقن بالخلف جاد بالعطيّة، إنّ اللّه ينزل المعونة على قدر المؤونة. (3)

أقول:

بمعناه ما في نهج البلاغة و قد مرّ شرحه في باب السخاء.

6-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال عليّ بن أبي طالب عليه السّلام: تصدّقت

ص:456


1- -الوسائل ج 9 ص 368 ح 4
2- الوسائل ج 9 ص 368 ح 5
3- الوسائل ج 9 ص 370 ح 11

يوما بدينار، فقال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: أما علمت يا عليّ، أنّ صدقة المؤمن لا تخرج من يده حتّى يفكّ عنها من لحي سبعين شيطانا كلّهم يأمره بأن لا يفعل، و ما تقع في يد السائل حتّى تقع في يد الربّ جلّ جلاله، ثمّ تلا هذه الآية:

أَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اَللّهَ هُوَ يَقْبَلُ اَلتَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَ يَأْخُذُ اَلصَّدَقاتِ. . . . (1)

بيان:

«يفكّ» : في النهاية ج 3 ص 466، أصل الفكّ: الفصل بين الشيئين و تخليص بعضهما من بعض.

في المرآة ج 16 ص 126، «في يد الربّ» : كناية عن قبوله تعالى انتهى. و لكنّ المعنى أدقّ من ذلك و يدلّ على ذلك أخبار الباب.

أقول: قد مرّ في باب الشيطان، أنّ إبليس قال لموسى عليه السّلام: و إذا هممت بصدقة فامضها، فإنّه إذا همّ العبد بصدقة كنت صاحبه دون أصحابي، أحول بينه و بينها.

و مرّ عن النبيّ صلّى اللّه عليه و اله: . . . الصوم يسوّد وجه الشيطان و الصدقة تكسر ظهره. . .

7-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: الصدقة جنّة (من النار) . (2)

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: تصدّقوا و لو بصاع من تمر، و لو ببعض صاع، و لو بقبضة و لو ببعض قبضة، و لو بتمرة، و لو بشقّ تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيّبة، فإنّ أحدكم لاقى اللّه فقائل له: ألم أفعل بك؟ ألم أفعل بك؟ ألم أجعلك سميعا بصيرا؟ ألم أجعل لك مالا و ولدا؟ فيقول: بلى، فيقول اللّه تبارك و تعالى: فانظر ما قدّمت لنفسك، قال: فينظر قدّامه و خلفه و عن يمينه و عن شماله فلا يجد شيئا يقي به وجهه من النار. (3)

ص:457


1- -الوسائل ج 9 ص 370 ح 12
2- الوسائل ج 9 ص 371 ح 17
3- الوسائل ج 9 ص 379 ب 7 ح 1

9-عن عليّ عليه السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و اله: كلّ معروف صدقة إلى غنيّ أو فقير، فتصدّقوا و لو بشقّ التمرة، و اتّقوا النار و لو بشقّ التمرة، فإنّ اللّه يربّيها لصاحبها كما يربّي أحدكم فلوّه أو فصيله، حتّى يوفّيه إيّاها يوم القيامة، و حتّى يكون أعظم من الجبل العظيم. (1)

أقول:

ح 8 عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام عنه صلّى اللّه عليه و اله قال: إنّ اللّه ليربّي لأحدكم الصدقة كما يربّي أحدكم ولده، حتّى يلقاه يوم القيامة و هو مثل احد.

بيان: في النهاية ج 3 ص 474 «الفلوّ» : المهر (ولد الفرس) الصغير، و قيل: هو الفطيم من أولاد ذوات الحافر. «الفصيل» ولد الناقة أو البقرة إذا فصل عن امّه.

10-قال الصادق عليه السّلام: باكروا بالصدقة فإنّ البلايا لا تتخطّاها، و من تصدّق بصدقة أوّل النهار دفع اللّه عنه شرّ ما ينزل من السماء في ذلك اليوم، فإن تصدّق أوّل الليل دفع اللّه عنه شرّ ما ينزل من السماء في تلك الليلة. (2)

11-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (في حديث) قال: إنّ صدقة الليل تطفئ غضب الربّ، و تمحو الذنب العظيم، و تهوّن الحساب، و صدقة النهار تثمر المال و تزيد في العمر. (3)

أقول:

في الوسائل ج 9 ص 405 ب 17 عنه عن أبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: إذا طرقكم سائل ذكر بليل فلا تردّوه.

12-عن عمّار الساباطي قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا عمّار، الصدقة و اللّه في السرّ أفضل من الصدقة في العلانية، و كذلك و اللّه العبادة في السرّ أفضل

ص:458


1- -الوسائل ج 9 ص 381 ح 5
2- الوسائل ج 9 ص 385 ب 8 ح 5
3- الوسائل ج 9 ص 393 ب 12 ح 2

منها في العلانية. (1)

13-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: صدقة العلانية تدفع سبعين نوعا من أنواع البلاء، و صدقة السرّ تطفئ غضب الربّ. (2)

14-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: أيّ الصدقة أفضل؟ قال: على ذي الرحم الكاشح. (3)

بيان:

في النهاية ج 4 ص 175، «الكاشح» : العدوّ الذي يضمر عداوته و يطوي عليها كشحه أي باطنه. . .

15-قال الصدوق رحمه اللّه: قال عليه السّلام: لا صدقة و ذو رحم محتاج. (4)

16-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إذا أملقتم فتاجروا اللّه بالصدقة. (5)

17-و قال عليه السّلام: سوسوا إيمانكم بالصدقة، و حصّنوا أموالكم بالزكاة، و ادفعوا أمواج البلاء بالدعاء. (6)

بيان:

«سوسوا» : أمر من السياسة، و هي حفظ الشيء بما يحوطه من غيره.

18-عن الصادق عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: يدفع بالصدقة الداء و الدبيلة، و الغرق و الحرق، و الهدم و الجنون-فعدّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله-إلى سبعين بابا من الشرّ.

ص:459


1- -الوسائل ج 9 ص 395 ب 13 ح 3
2- الوسائل ج 9 ص 396 ح 6
3- الوسائل ج 9 ص 411 ب 20 ح 1
4- الوسائل ج 9 ص 412 ح 4
5- نهج البلاغة ص 1200 ح 250- الغرر ج 1 ص 312 ف 17 ح 47
6- نهج البلاغة ص 1154 ح 138

و في حديثه صلّى اللّه عليه و اله: إنّ امرأة من بني إسرائيل أخذ ولدها الذئب، فأتبعته و معها رغيف تأكل منه، فلقيها سائل فناولته الرغيف، فألقى الذئب ولدها فسمعت قائلا يقول و هي لا تراه: خذي اللقمة بلقمة. (1)

بيان:

«الدبيلة» : الداهية، و داء في الجوف. «بابا من الشرّ» : في الوسائل بدلها: "بابا من السوء".

19-عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما من شيء إلاّ وكّل به ملك، إلاّ الصدقة فإنّها تقع في يد اللّه. (2)

20-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ملعون ملعون من وهب اللّه له مالا فلم يتصدّق منه بشيء، أما سمعت أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و اله قال: صدقة درهم أفضل من صلاة عشر ليال. (3)

21-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: من أعطى درهما في سبيل اللّه، كتب اللّه له سبعمأة حسنة. (4)

22-قال لقمان لابنه: إذا أخطأت خطيئة، فأعط صدقة. (5)

23-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: أمسك لسانك فإنّها صدقة تصدّق بها على نفسك. (6)

ص:460


1- -المستدرك ج 7 ص 153 ب 1 من الصدقة ح 2
2- المستدرك ج 7 ص 155 ح 9
3- المستدرك ج 7 ص 157 ح 15
4- المستدرك ج 7 ص 159 ح 22
5- المستدرك ج 7 ص 159 ح 24
6- البحار ج 71 ص 298 باب السكوت و الكلام ح 71

24-في مفردات كلمات النبيّ صلّى اللّه عليه و اله: ترك الشرّ صدقة. (1)

25-في خبر مناهي النبيّ صلّى اللّه عليه و اله: . . . و من اصطنع إلى أخيه معروفا فامتنّ به أحبط اللّه عليه عمله، و ثبت وزره، و لم يشكر له سعيه. . .

و قال: ألا و من تصدّق بصدقة فله بوزن كلّ درهم مثل جبل احد من نعيم الجنّة، و من مشى بصدقة إلى محتاج كان له كأجر صاحبها من غير أن ينقص من أجره شيء. . . (2)

26-في مواعظ موسى بن جعفر عليه السّلام: عونك للضعيف من أفضل الصدقة. (3)

27-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: كلّ معروف صدقة، و الدالّ على الخير كفاعله، و اللّه يحبّ إغاثة اللهفان. (4)

28-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : أنفقوا ممّا رزقكم اللّه عزّ و جلّ، فإنّ المنفق بمنزلة المجاهد في سبيل اللّه، فمن أيقن بالخلف سخت نفسه بالنفقة. (5)

29-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:

خصلتان لا احبّ أن يشاركني فيهما أحد: وضوئي فإنّه من صلاتي، و صدقتي من يدي إلى يد سائل، فإنّها تقع في يد الرحمن. (6)

30-بإسناد صحيح، قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أنفق و أيقن بالخلف، و اعلم أنّه من لم ينفق في طاعة اللّه ابتلي بأن ينفق في معصية اللّه عزّ و جلّ، و من لم يمش

ص:461


1- -البحار ج 77 ص 162
2- البحار ج 76 ص 336
3- البحار ج 78 ص 326
4- البحار ج 96 ص 119 باب فضل الصدقة ح 20
5- البحار ج 96 ص 120 في ح 22
6- البحار ج 96 ص 128 ح 50

في حاجة وليّ اللّه ابتلي بأن يمشي في حاجة عدوّ اللّه عزّ و جلّ.

و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و اله: من منع ماله من الأخيار اختيارا صرف اللّه ماله إلى الأشرار اضطرارا. (1)

31-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و اله قال: سألت جبرئيل عليه السّلام عن الصدقة؟ فقال: يا محمّد، خمسة أوجه: الواحدة بعشرة، و الواحدة بسبعين، و الواحدة بسبعمأة، و الواحدة بسبعين ألفا، و الواحدة بمأة ألف. فقلت: يا جبرئيل، أخبرني عن الواحدة بعشرة.

فقال: تدفعها إلى رجل صحيح اليدين و الرجلين و العينين، و الواحدة التي بسبعين تدفعها إلى زمن، و التي بسبعمأة تدفعها إلى الوالدين، و التي بسبعين ألفا تدفعها إلى الأموات، و التي بمأة ألف تدفعها إلى طالب العلم. (2)

بيان:

«الزمن» : الذي أصابته الزمانة، و هي عاهة و مرض يدوم زمانا طويلا أو عدم بعض الأعضاء.

32-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و اله أنّه سأل إبليس عن الصدقة، فقال له: يا ملعون، لم تمنع الصدقة؟ فقال: يا محمّد، كأنّ المنشار يوضع على رأسي و ينشر كما ينشر الخشب، فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و اله: لما ذا؟ قال: لأنّ في الصدقة خمس خصال: أوّلها يزيد في الأموال، و ثانيها شفاء للمريض، و ثالثها، تدفع البلاء و رابعها، يمرّون على الصراط كالبرق الخاطف، و خامسها، يدخلون الجنّة بغير حساب و لا عذاب. فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و اله: زادك اللّه عذابا فوق العذاب.

و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و اله: إذا خرجت الصدقة من يد صاحبها، تتكلّم بخمس كلمات:

أوّلها كنت فانيا فاثبتني، و كنت صغيرا فكبّرتني، فكنت عدوّا فاحببتني، و كنت

ص:462


1- -البحار ج 96 ص 130 ح 57
2- الاثنى عشرية ص 205 ب 5 ف 3

تحرسني و الآن أنا أحرسك إلى يوم القيامة. (1)

أقول:

ذكرنا أهمّ الأخبار، و لم نذكر أخبار فضل الصدقة في يوم الجمعة و العرفة و شهر رمضان على سائر الأيّام، و قد مرّ ما يناسب المقام في أبواب الإحسان، المعروف، الزكاة، السخاء و. . .

و في كنز العمّال خ 16246: عن النبيّ (ص) : المعتدي في الصدقة كمانعها.

و خ 16305: عنه (ص) قال: تبسّمك في وجه أخيك صدقة، و أمرك بالمعروف صدقة، و نهيك عن المنكر صدقة، و إرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة، و إماطتك الحجر و الشوك و العظم عن الطريق لك صدقة، و إفراغك من دلوك في دلو أخيك صدقة.

33-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الصدقة كنز. (الغرر ج 1 ص 12 ف 1 ح 262)

الصدقة تقي. (ح 267)

الصدقة أفضل القرب-الصدقة أفضل الحسنات. (ص 14 ح 340 و 346)

الصدقة كنز الموسر. (ص 35 ح 1106)

الصدقة تقي مصارع السوء. (ص 57 ح 1552)

الصدقة في السرّ من أفضل البرّ. (ح 1555)

الصدقة أعظم الربحين. (ص 65 ح 1713)

الصدقة أفضل الذخرين. (ص 66 ح 1719)

الصدقات تستنزل الرحمة. (ص 102 ح 2171)

الصدقة تستدفع البلاء و النقمة. (ص 107 ح 2238)

ص:463


1- -الاثنى عشرية ص 222 الخاتمة من ب 5

استنزلوا الرزق بالصدقة. (ص 131 ف 3 ح 10)

بركة المال في الصدقة. (ص 343 ف 21 ح 5)

ثقّلوا موازينكم بالصدقة. (ص 367 ف 25 ح 19)

خير الصدقة أخفاها. (ص 388 ف 29 ح 30)

سوسوا إيمانكم بالصدقة. (ص 434 ف 39 ح 38)

سوسوا أنفسكم بالورع، و داووا مرضاكم بالصدقة. (ح 39)

صدقة السرّ تكفّر الخطيئة، و صدقة العلانية مثراة في المال.

(ص 456 ف 44 ح 38)

صدقة العلانية تدفع ميتة السوء. (ح 41)

ص:464

113- الصداقة

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عن أمير المؤمنين عليهما السّلام قال: لا عليك أن تصحب ذا العقل و إن لم تحمد كرمه (و إن لم تجد كرمه ف ن) و لكن انتفع بعقله، و احترس من سيّئ أخلاقه، و لا تدعنّ صحبة الكريم و إن لم تنتفع بعقله و لكن انتفع بكرمه بعقلك، و افرر كلّ الفرار من اللئيم الأحمق. (1)

2-عن عبيد اللّه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا تكون الصداقة إلاّ بحدودها، فمن كانت فيه هذه الحدود أو شيء منها فأنسبه إلى الصداقة، و من لم يكن فيه شيء منها فلا تنسبه إلى شيء من الصداقة، فأوّلها؛ أن تكون سريرته و علانيته لك واحدة، و الثاني؛ أن يرى زينك زينه و شينك شينه، و الثالثة؛ أن لا تغيّره عليك ولاية و لا مال، و الرابعة؛ أن لا يمنعك شيئا تناله مقدرته، و الخامسة؛ و هي تجمع هذه الخصال أن لا يسلّمك عند النكبات. (2)

بيان:

«لا يسلّمك. . .» المعنى بالفارسيّة: "تو را در سختيها تنها نگذارد". لاحظ باب

ص:465


1- -الكافي ج 2 ص 466 باب من تجب مصادقته ح 1
2- الكافي ج 2 ص 467 ح 6

الجار. «النكبة» : ما يصيب الإنسان من الحوادث و المصيبة.

3-عن محمّد بن مسلم و أبي حمزة عن أبي عبد اللّه عن أبيه عليهما السّلام قال: قال لي أبي عليّ بن الحسين صلوات اللّه عليهما: يا بنيّ، انظر خمسة فلا تصاحبهم و لا تحادثهم و لا ترافقهم في طريق، فقلت: يا أبت، من هم عرّفنيهم؟ قال: إيّاك و مصاحبة الكذّاب، فإنّه بمنزلة السراب يقرّب لك البعيد و يبعّد لك القريب، و إيّاك و مصاحبة الفاسق، فإنّه بايعك بأكلة أو أقلّ من ذلك، و إيّاك و مصاحبة البخيل، فإنّه يخذلك في ماله أحوج ما تكون إليه، و إيّاك و مصاحبة الأحمق فإنّه يريد أن ينفعك فيضرّك، و إيّاك و مصاحبة القاطع لرحمه، فإنّي وجدته ملعونا في كتاب اللّه عزّ و جلّ في ثلاثة مواضع:

قال اللّه عزّ و جلّ: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي اَلْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ- أُولئِكَ اَلَّذِينَ لَعَنَهُمُ اَللّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَ أَعْمى أَبْصارَهُمْ 1 و قال عزّ و جلّ: وَ اَلَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اَللّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَ يَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اَللّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَ يُفْسِدُونَ فِي اَلْأَرْضِ أُولئِكَ لَهُمُ اَللَّعْنَةُ وَ لَهُمْ سُوءُ اَلدّارِ 2 و قال في البقرة: اَلَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اَللّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَ يَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اَللّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَ يُفْسِدُونَ فِي اَلْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ اَلْخاسِرُونَ 3 . (1)

4-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال: لا تصحبوا أهل البدع و لا تجالسوهم فتصيروا عند الناس كواحد منهم؛ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: المرء على دين خليله و قرينه. (2)

ص:466


1- الكافي ج 2 ص 468 باب من تكره مجالسته ح 7
2- الكافي ج 2 ص 469 ح 10

بيان:

«على دين خليله» في المرآة ج 12 ص 535: الظاهر أنّ المراد أنّه عند الناس على دين خليله أي يتّهم بذلك، فيكون استشهادا بقوله عليه السّلام، و يحتمل أن يكون المراد إفادة مفسدة اخرى بأنّه يسري إليه دين خليله واقعا كما مرّ أنّ صاحب الشرّ يعدي.

5-عن عبيد بن زرارة قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إيّاك و مصادقة الأحمق، فإنّك أسرّ ما تكون من ناحيته أقرب ما يكون إلى مساءتك. (1)

6-قال لقمان لابنه: يا بنيّ، اتّخذ ألف صديق و ألف قليل، و لا تتّخذ عدوّا واحدا و الواحد كثير. (2)

7-عن الرضا عليه السّلام أنّه قال: قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام: إذا رأيتم الرجل قد حسن سمته و هديه، و تماوت في منطقه و تخاضع في حركاته، فرويدا لا يغرّنّكم، فما أكثر من يعجزه تناول الدنيا و ركوب الحرام منها لضعف نيّته و مهانته و جبن قلبه، فنصب الدين فخّا لها، فهو لا يزال يختلّ الناس بظاهره، فإن تمكّن من حرام اقتحمه، و إذا وجدتموه يعفّ عن المال الحرام فرويدا لا يغرّنّكم، فإنّ شهوات الخلق مختلفة، فما أكثر من ينبو عن المال الحرام و إن كثر، و يحمل نفسه على شوهاء قبيحة فيأتي منها محرّما، فإذا وجدتموه يعفّ عن ذلك فرويدا لا يغرّنّكم حتّى تنظروا ما عقده عقله.

فما أكثر من ترك ذلك أجمع، ثمّ لا يرجع إلى عقل متين، فيكون ما يفسده بجهله أكثر ممّا يصلحه بعقله، فإذا وجدتم عقله متينا فرويدا لا يغرّكم حتّى تنظروا أ مع هواه يكون على عقله أم يكون مع عقله على هواه؟ و كيف محبّته

ص:467


1- -الكافي ج 2 ص 469 ح 11
2- الوسائل ج 12 ص 16 ب 7 من العشرة ح 2

للرئاسات الباطلة و زهده فيها؟ فإنّ في الناس من خسر الدنيا و الآخرة يترك الدنيا للدنيا، و يرى أنّ لذّة الرياسة الباطلة أفضل من لذّة الأموال و النعم المباحة المحلّلة، فيترك ذلك أجمع طلبا للرياسة، حتّى إذا قيل له: اتّق اللّه أخذته العزّة بالإثم فحسبه جهنّم و لبئس المهاد، فهو يخبط خبط عشواء يقوده أوّل باطل إلى أبعد غايات الخسارة، و يمدّه ربّه بعد طلبه لما لا يقدر عليه في طغيانه.

فهو يحلّ ما حرّم اللّه، و يحرّم ما أحلّ اللّه، لا يبالي ما فات من دينه إذا سلمت له رياسة التي قد شقي من أجلها، فاولئك الذين غضب اللّه عليهم و لعنهم و أعدّ لهم عذابا مهينا.

و لكنّ الرجل كلّ الرجل نعم الرجل هو الذي جعل هواه تبعا لأمر اللّه، و قواه مبذولة في رضى اللّه، يرى الذلّ مع الحقّ أقرب إلى عزّ الأبد من العزّ في الباطل، و يعلم أنّ قليل ما يحتمله من ضرّائها يؤدّيه إلى دوام النعيم في دار لا تبيد و لا تنفد، و إنّ كثيرا ما يلحقه من سرّائها إن اتّبع هواه يؤدّيه إلى عذاب لا انقطاع له و لا يزول، فذلكم الرجل نعم الرجل، فبه فتمسّكوا، و بسنّته فاقتدوا، و إلى ربّكم فتوسّلوا، فإنّه لا تردّ له دعوة، و لا تخيب له طلبة. (1)

بيان:

«السمت» : الهيئة الحسنة و هيئة أهل الخير. «الهدي» : الطريقة و السيرة.

في النهاية: «تماوت» الرجل: إذا أظهر من نفسه التخافت و التضاعف، من العبادة و الزهد و الصوم. و قال الفيروزآبادي: المتماوت: الناسك المرائي. «تخاضع» : أي أظهر الخضوع في جميع حركاته. «رويدا» : أي أمهل و تأنّ و لا تبادر إلى متابعته.

«مهانته» : أي مذلّته و حقارته. «الفخ» : آلة يصاد بها (دام) .

«يختلّ الناس» : أي يخدعهم. «اقتحمه» : أي دخله مبادرا من غير رويّة. «ينبو

ص:468


1- -احتجاج الطبرسي ج 2 ص 52( البحار ج 2 ص 84)

عن المال الحرام» : أي ينفر عنه و لا يتوجّه إليه. «الشوهاء» : أي المرأة العابسة و القبيحة الوجه، قال في البحار ج 2 ص 86: أي يحمل نفسه على امرأة قبيحة مشوّهة الخلقة فيزني بها و لا يتركها فضلا عن الحسناء. «أخذته العزّة» : أي حملته الأنفة و حميّة الجاهليّة على الإثم لجاجا.

«فهو يخبط خبط عشواء» : قال الجوهريّ: العشواء: الناقة التي لا تبصر أمامها فهي تخبط أي تضرب بيديها كلّ شيء، و ركب فلان العشواء إذا خبط أمره على غير بصيرة انتهى. و الخبط: المشي على غير طريق، و خبط الليل أي سار فيه على غير هدى، و المعنى يتصرّف في الامور على غير بصيرة.

«يمدّه ربّه» : أي يقوّيه، و في البحار: أي بعد أن طلب ما لا يقدر عليه من دعوى الإمامة، و رئاسة الخلق، و إفتاء الناس، فعجز عنها لنقصه و جهله استحقّ منع لطفه تعالى عنه، فصار ذلك سببا لتماديه في طغيانه و ضلاله: «لا تبيد» . أي لا تهلك و لا تفنى.

8-قال الصادق عليه السّلام لبعض أصحابه: من غضب عليك من إخوانك ثلاث مرّات، فلم يقل فيك شرّا، فاتّخذه لنفسك صديقا. (1)

9-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: العافية عشرة أجزاء: تسعة منها الصمت إلاّ بذكر اللّه، و واحدة في ترك مجالسة السفهاء. (2)

10-قال أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: يا بنيّ، . . . إيّاك و مصادقة الأحمق فإنّه يريد أن ينفعك فيضرّك، و إيّاك و مصادقة البخيل فإنّه يقعد عنك أحوج ما تكون إليه، و إيّاك و مصادقة الفاجر فإنّه يبيعك بالتافه، و إيّاك و مصادقة الكذّاب فإنّه كالسراب يقرّب عليك البعيد، و يبعّد عليك القريب. (3)

ص:469


1- -المستدرك ج 8 ص 330 ب 12 من العشرة ح 2
2- المستدرك ج 8 ص 337 ب 16 ح 5
3- نهج البلاغة ص 1104 في ح 37

بيان:

«التافه» : القليل.

11-و قال عليه السّلام: لا يكون الصديق صديقا حتّى يحفظ أخاه في ثلاث:

في نكبته، و غيبته، و وفاته. (1)

12-و قال عليه السّلام: لا تصحب المائق، فإنّه يزيّن لك فعله، و يودّ أن تكون مثله. (2)

بيان:

«المائق» : الأحمق.

13-و قال عليه السّلام: أصدقائك ثلاثة، و أعدائك ثلاثة، فأصدقائك: صديقك، و صديق صديقك، و عدوّ عدوّك، و أعداؤك: عدوّك، و عدوّ صديقك، و صديق عدوّك. (3)

14-قال الصادق عليه السّلام: لا تطلبوا من الدنيا أربعة، فإنّك لا تجدها و أنت لا بدّ لك منها: عالما يستعمل علمه فتبقى بلا عالم، و عملا بغير رياء فتبقى بلا عمل، و طعاما بلا شبهة فتبقى بلا طعام، و صديقا بلا عيب فتبقى بلا صديق. (4)

15-قال موسى عليه السّلام: من قطع قرين السوء فكأنّما عمل بالتوراة. و قال داود عليه السّلام: من منع نفسه عن الشهوات فكأنّما عمل بالزبور. و قال عيسى عليه السّلام:

من رضي بقسمة اللّه فكأنّما عمل بالإنجيل. و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و اله: من حفظ لسانه فكأنّما عمل بالقرآن. (5)

ص:470


1- -نهج البلاغة ص 1150 ح 129
2- نهج البلاغة ص 1228 ح 285
3- نهج البلاغة ص 1229 ح 287
4- جامع الأخبار ص 180 ف 141
5- جامع الأخبار ص 180

16-استوصى رجل أمير المؤمنين عليه السّلام عند خروجه إلى السفر، فقال عليه السّلام:

إن أردت الصاحب فاللّه يكفيك، و إن أردت الرفيق فالكرام الكاتبون تكفيك، و إن أردت المونس فالقرآن يكفيك، و إن أردت العبرة فالدنيا تكفيك، و إن أردت العمل فالعبادة تكفيك، و إن أردت الوعظ فالموت يكفيك، و إن لم يكفك ما ذكرت فالنار يوم القيامة تكفيك. (1)

17-قال (النبيّ) صلّى اللّه عليه و اله: خير الأعمال صحبة الأخيار، و شرّ الأعمال صحبة الفجّار. (2)

18-في موعظة المجتبى عليه السّلام حين شهادته لجنادة: و إذا نازعتك إلى صحبة الرجال حاجة فاصحب من إذا صحبته زانك، و إذا خدمته صانك، و إذا أردت منه معونة أعانك، و إن قلت صدّق قولك، و إن صلت شدّ صولك، و إن مددت يدك بفضل مدّها، و إن بدت عنك ثلمة سدّها، و إن رأى منك حسنة عدّها، و إن سألته أعطاك، و إن سكتّ عنه ابتداك، و إن نزلت إحدى الملمّات به ساءك، من لا تأتيك منه البوائق، و لا يختلف عليك منه الطرائق، و لا يخذلك عند الحقائق، و إن تنازعتما منقسما آثرك. (3)

بيان:

«صانك» : حفظك. «الصول» : السطوة و الاستطالة، يقال: صال على قرنه: إذا سطا عليه و قهره حتّى يذلّ له. «الثلمة» : الخلل الواقع في الحائط و نحوه ثمّ استعمل لمطلق الخلل. «الملّمة» : النازلة الشديدة من نوازل الدنيا. «البوائق» : واحدها البائقة: الشرّ و الداهية.

19-في كلم أمير المؤمنين عليه السّلام: فساد الأخلاق بمعاشرة السفهاء و صلاح

ص:471


1- -جامع الأخبار ص 181
2- جامع الأخبار ص 185
3- البحار ج 44 ص 139

الأخلاق بمنافسة العقلاء، و الخلق أشكال فكلّ يعمل على شاكلته، و الناس إخوان، فمن كانت إخوته في غير ذات اللّه فإنّها تحوز عداوة، و ذلك قوله تعالى:

اَلْأَخِلاّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ اَلْمُتَّقِينَ (1) (2).

20-في مواعظ موسى بن جعفر عليهما السّلام: اجتهدوا في أن يكون زمانكم أربع ساعات: ساعة لمناجات اللّه و ساعة لأمر المعاش، و ساعة لمعاشرة الإخوان و الثقات الذين يعرّفونكم عيوبكم و يخلصون لكم في الباطن، و ساعة تخلون فيها للذّاتكم في غير محرّم، و بهذه الساعة تقدرون على الثلاث ساعات. . . (3)

21-في مواعظ الصادق عليه السّلام: يمتحن الصديق بثلاث خصال، فإن كان مؤاتيا فيها فهو الصديق المصافي و إلاّ كان صديق رخاء لا صديق شدّة: تبتغي منه مالا، أو تأمنه على مال، أو تشاركه في مكروه. (4)

بيان:

«مؤاتيا» : أي موافقا. «المصافي» : أي المخلص في الودّ.

22-في رسالة الحقوق للإمام السجّاد عليه السّلام: و أمّا حقّ الصاحب فأن تصحبه بالتفضّل و الإنصاف، و تكرمه كما يكرمك و لا تدعه يسبق إلى مكرمة، فإن سبق كافأته، و تودّه كما يودّك، و تزجره عمّا يهمّ به من معصية، و كن عليه رحمة و لا تكن عليه عذابا و لا قوّة إلاّ باللّه. (5)

23-قال الصادق عليه السّلام لبعض أصحابه: لا تطلع صديقك من سرّك إلاّ

ص:472


1- -الزخرف:67
2- البحار ج 78 ص 82
3- البحار ج 78 ص 321
4- البحار ج 78 ص 235
5- البحار ج 74 ص 7

على ما لو اطّلع عليه عدوّك لم يضرّك، فإنّ الصديق قد يكون عدوّك يوما مّا. (1)

24-عن غير واحد، أنّ أبا الحسن عليه السّلام سئل عن أفضل عيش الدنيا؟ فقال: سعة المنزل و كثرة المحبّين. (2)

25-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: جمع خير الدنيا و الآخرة في كتمان السرّ و مصادقة الأخيار، و جمع الشرّ في الإذاعة و مؤاخاة الأشرار. (3)

26-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ الذين تراهم لك أصدقاء، إذا بلوتهم وجدتهم على طبقات شتّى: فمنهم كالأسد في عظم الأكل و شدّة الصولة، و منهم كالذئب في المضرّة، و منهم كالكلب في البصبصة، و منهم كالثعلب في الروغان و السرقة، صورهم مختلفة و الحرفة واحدة، ما تصنع غدا إذا تركت فردا وحيدا لا أهل لك و لا ولد إلاّ اللّه ربّ العالمين. (4)

بيان:

«بصبص» الكلب: حرّك ذنبه، و بصبص فلان: تملّق. «الرواغ و الروغان» : المكر و الحيلة.

27-عن سفيان بن عيينة قال: سمعت جعفر بن محمّد عليهما السّلام يقول في مسجد الخيف: إنّما سمّوا إخوانا لنزاهتهم عن الخيانة، و سمّوا أصدقاء لأنّهم تصادقوا حقوق المودّة. (5)

28-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا تسمّ الرجل صديقا سمة معروفة حتّى تختبره بثلاث: تغضبه فتنظر غضبه يخرجه من الحقّ إلى الباطل؟ و عند الدينار و الدرهم

ص:473


1- -البحار ج 74 ص 177 باب فضل الصديق ح 15
2- البحار ج 74 ص 177 ح 16
3- البحار ج 74 ص 178 ح 17
4- البحار ج 74 ص 179 ح 22
5- البحار ج 74 ص 179 ح 26

و حتّى تسافر معه. (1)

29-. . . و قال الصادق عليه السّلام: من لم يرض من صديقه إلاّ بالإيثار على نفسه دام سخطه، و من عاتب على ذنب كثر معتبته. (2)

بيان:

«المعتبة» : أي العتاب و الموجدة و الغضب، يعنى من عاتب و لام أخاه على ذنبه كثر غضبه على أخيه.

30-عن الصادق عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: أسعد الناس من خالط كرام الناس. (3)

31-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و اله: الجليس الصالح خير من الوحدة، و الوحدة خير من جليس السوء. (4)

32-عن الصادق عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: أحكم الناس من فرّ من جهّال الناس. (5)

33-في خبر الشاميّ سئل أمير المؤمنين عليه السّلام: أيّ صاحب شرّ؟ قال:

المزيّن لك معصية اللّه. (6)

34-عن سفيان الثوريّ عن الصادق عليه السّلام قال: لا تصحب الفاجر فيعلّمك من فجوره، ثمّ قال عليه السّلام: أمرني والدي بثلاث و نهاني عن ثلاث: فكان فيما قال لي: يا بنيّ، من يصحب صاحب السوء لا يسلم، و من يدخل مداخل السوء يتّهم،

ص:474


1- -البحار ج 74 ص 180 ح 28
2- البحار ج 74 ص 180 ح 28
3- البحار ج 74 ص 185 باب من ينبغي مجالسته ح 2
4- البحار ج 74 ص 189 آخر ح 18
5- البحار ج 74 ص 190 باب من لا ينبغي مجالسته ح 1
6- البحار ج 74 ص 190 ح 3

و من لا يملك لسانه يندم. . . (1)

35-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و اله: لا خير لك في صحبة من لا يرى لك مثل الذي يرى لنفسه.

. . . و قال الجواد عليه السّلام: إيّاك و مصاحبة الشرير فإنّه كالسيف المسلول يحسن منظره و يقبح أثره. (2)

أقول:

لاحظ ما يناسب المقام في أبواب الأخوّة، المجالسة، الصمت و. . .

36-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الأصدقاء نفس واحدة في جسوم متفرّقة. (الغرر ج 1 ص 92 ف 1 ح 2082)

اصحب أخا التقى و الدين تسلم، و استرشده تغنم. (ص 113 ف 2 ح 111)

اجتنب مصاحبة الكذّاب، فإن اضطررت إليه فلا تصدّقه، و لا تعلمه أنّك تكذّبه، فإنّه ينتقل عن ودّك و لا ينتقل عن طبعه. (ص 122 ح 190)

ابذل لصديقك كلّ المودّة، و لا تبذل له كلّ الطمأنينة، و أعطه من نفسك كلّ المواساة و لا تقصّ إليه بكلّ أسرارك. (ص 129 ح 237)

الصديق الصدوق من نصحك في عيبك و حفظك في غيبك و آثرك على نفسه.

(ص 80 ح 1926)

أسرع الموّدات انقطاعا مودّات الأشرار. (ص 191 ف 8 ح 303)

إنّما سمّي الصديق صديقا لأنّه يصدقك في نفسك و معايبك، فمن فعل ذلك فاستنم إليه فإنّه الصديق. (ص 298 ف 15 ح 19)

ص:475


1- -البحار ج 74 ص 191 ح 7
2- البحار ج 74 ص 198 ح 34

إنّما سمّي الرفيق رفيقا لأنّه يرفقك على صلاح دينك، فهو الرفيق الشفيق.

(ح 20)

خلطة أبناء الدنيا رأس البلوى و فساد التقوى. (ص 396 ف 30 ح 23)

خلطة أبناء الدنيا تشين الدين و تضعف اليقين. (ص 397 ح 35)

خليل المرء دليل عقله، و كلامه برهان فضله. (ص 399 ح 51)

خير الأصحاب أعونهم على الخير و أعملهم بالبرّ و أرفقهم بالمصاحب.

(ص 400 ح 58)

شرط المصاحبة قلّة المخالفة. (ص 451 ف 42 ح 29)

صحبة الأخيار تكتسب الخير، كالريح إذا مرّت بالطيب حملت طيبا.

(ص 454 ف 44 ح 16)

صاحب العقلاء تغنم و أعرض عن الدنيا تسلم. (ص 455 ح 25)

صاحب العقلاء و جالس العلماء و اغلب الهوى ترافق الملأ الأعلى.

(ح 27)

صاحب الحكماء و جالس الحلماء و أعرض عن الدنيا تسكن جنّة المأوى.

(ح 28)

صحبة الأشرار تكسب الشرّ، كالريح إذا مرّت بالنتن حملت نتنا. (ح 29)

صحبة الأحمق عذاب الروح. (ح 31)

صحبة الوليّ اللبيب حياة الروح. (ح 32)

صديق الأحمق معرض للعطب. (ص 457 ح 46)

صديقك من نهاك و عدوّك من أغراك. (ح 47)

عند زوال القدرة يتبيّن الصديق من العدوّ. (ج 2 ص 490 ف 52 ح 15)

عين المحبّ عمية عن معايب المحبوب، و اذنه صماّء عن قبح مساويه.

(ص 500 ف 55 ح 29)

ص:476

في الشدّة يختبر الصديق. (ص 512 ف 58 ح 30)

من صحب الأشرار لم يسلم. (ص 644 ف 77 ح 587)

من بصّرك عيبك و حفظك في غيبك فهو الصديق فاحفظه. (ص 679 ح 1084)

من ساترك عيبك و عابك في غيبك فهو العدوّ فاحذره. (ح 1083)

من ناقش الإخوان قلّ صديقه. (ص 681 ح 1110)

من دعاك إلى الدار الباقية و أعانك على العمل لها، فهو الصديق الشفيق.

(ح 1113)

من اتّخذ أخا من غير اختبار ألجأه الاضطرار إلى مرافقة الأشرار.

(ص 695 ح 1259)

من اتّخذ أخا بعد حسن الاختبار دامت صحبته و تأكّدت مودّته. (ح 1260)

من كانت صحبته في اللّه، كانت صحبته كريمة و مودّته مستقيمة.

(ص 701 ح 1315)

من لم تكن مودّته في اللّه فاحذره، فإنّ مودّته لئيمة و صحبته مشومة.

(ح 1316)

مصاحبة العاقل مأمونة. (ص 760 ف 80 ح 54)

مجالسة الأشرار توجب التلف. (ح 55)

معاشرة الأبرار توجب الشرف. (ح 56)

مصاحبة ذوي الفضائل حياة (القلوب) . (ح 57)

مجالسة السفل تضنّ القلوب. (ح 58)

مواصلة الأفاضل توجب السموّ. (ح 61)

مودّة الأحمق كشجرة النار يأكل بعضها بعضا. (ص 763 ح 116)

مودّة أبناء الدنيا تزول لأدنى عارض يعرض. (ح 117)

ص:477

مودّة الجهّال متغيّرة الأحوال، و شيكة (1)الانتقال. (ص 764 ح 122)

مجالسة أهل الدنيا منساة للإيمان و قائدة إلى طاعة الشيطان.

(ص 767 ح 149)

مودّة العوام تنقطع كانقطاع السحاب، و تنقشع (2)كما تنقشع السراب.

(ص 768 ح 157)

مجالسة الحكماء حيوة العقول و شفاء النفوس. (ح 160)

ص:478


1- -الوشيك: السريع و القريب.
2- يقال: انقشع السحاب: إذا زال و انكشف.

114- المصافحة و المعانقة و الالتزام

الأخبار

1-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ المؤمنين إذا التقيا و تصافحا، أدخل اللّه يده بين أيديهما، فصافح أشدّهما حبّا لصاحبه. (1)

بيان:

«المصافحة» : وضع صفح الكفّ بالكفّ، و إلصاق اليد باليد عند الملاقات كما هو المتعارف في العرف.

و في النهاية ج 3 ص 34: هي مفاعلة من إلصاق صفح الكفّ بالكفّ، و إقبال الوجه على الوجه.

و قال الفيروزآبادي: المصافحة: الأخذ باليد كالتصافح.

2-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ المؤمنين إذا التقيا فتصافحا أدخل اللّه عزّ و جلّ يده بين أيديهما، و أقبل بوجهه على أشدّهما حبّا لصاحبه، فإذا أقبل اللّه عزّ و جلّ بوجهه عليهما تحاتّت عنهما الذنوب كما يتحاتّ الورق من الشجر. (2)

ص:479


1- -الكافي ج 2 ص 144 باب المصافحة ح 2
2- الكافي ج 2 ص 144 ح 3

بيان:

«تحاتّت» : أي تساقط.

3-عن مالك الجهنيّ قال: قال أبو جعفر عليه السّلام: يا مالك، أنتم شيعتنا، [أ]لا ترى أنّك تفرط في أمرنا، إنّه لا يقدر على صفة اللّه، فكما لا يقدر على صفة اللّه كذلك لا يقدر على صفتنا، و كما لا يقدر على صفتنا كذلك لا يقدر على صفة المؤمن، إنّ المؤمن ليلقى المؤمن فيصافحه، فلا يزال اللّه ينظر إليهما و الذنوب تتحاتّ عن وجوههما كما يتحاتّ الورق من الشجر، حتّى يفترقا، فكيف يقدر على صفة من هو كذلك. (1)

4-عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن حدّ المصافحة، فقال: دور نخلة. (2)

5-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: ينبغي للمؤمنين إذا توارى أحدهما عن صاحبه بشجرة ثمّ التقيا أن يتصافحا. (3)

بيان:

توارى عنه: استتر، و وارى الشيء: أخفاه.

6-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: إذا لقي أحدكم أخاه فليسلّم عليه و ليصافحه، فإنّ اللّه عزّ و جلّ أكرم بذلك الملائكة فاصنعوا صنع الملائكة. (4)

بيان:

«أكرم بذلك الملائكة» : أي إذا لقي بعضهم بعضا يسلّمون و يصافحون.

ص:480


1- -الكافي ج 2 ص 144 ح 6 و قريب منه ح 20-و روى البرقيّ رحمه اللّه في المحاسن مثله
2- الكافي ج 2 ص 145 ح 8
3- الكافي ج 2 ص 145 ح 9
4- الكافي ج 2 ص 145 ح 10

7-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: إذا التقيتم فتلاقوا بالتسليم و التصافح، و إذا تفرّقتم فتفرّقوا بالاستغفار. (1)

بيان:

«بالاستغفار» : بأن يقول غفر اللّه لنا و لكم مثلا.

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما صافح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله رجلا قطّ فنزع يده حتّى يكون هو الذي ينزع يده منه. (2)

أقول:

يدلّ الحديث على استحباب عدم نزع اليد قبل نزع الآخر يده.

9-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: تصافحوا فإنّها تذهب بالسخيمة. (3)

بيان:

«السخيمة» : أي الضغينة و الحقد و الموجدة في النفس (كينه) .

10-عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام قالا: أيّما مؤمن خرج إلى أخيه يزوره عارفا بحقّه كتب اللّه له بكلّ خطوة حسنة، و محيت عنه سيّئة، و رفعت له درجة، و إذا طرق الباب فتحت له أبواب السماء، فإذا التقيا و تصافحا و تعانقا أقبل اللّه عليهما بوجهه، ثمّ باهى بهما الملائكة، فيقول: انظروا إلى عبديّ تزاورا و تحابّا فيّ، حقّ عليّ ألاّ اعذّبهما بالنار بعد هذا الموقف، فإذا انصرف شيّعه الملائكة عدد نفسه و خطاه و كلامه، يحفظونه من بلاء الدنيا و بوائق الآخرة إلى مثل تلك الليلة من قابل، فإن مات فيما بينهما اعفي من الحساب، و إن كان

ص:481


1- -الكافي ج 2 ص 145 ح 11
2- الكافي ج 2 ص 146 ح 15-و بمضمونه في الكافي ج 2 ص 492 باب النوادر من العشرة ح 1
3- الكافي ج 2 ص 146 ح 18

المزور يعرف من حقّ الزائر ما عرفه الزائر من حقّ المزور، كان له مثل أجره. (1)

بيان:

في المرآة ج 9 ص 75، قال الجوهريّ: عانقه إذا جعل يديه على عنقه و ضمّه إلى نفسه. . . و كأنّه لا خلاف بيننا في استحباب المعانقة إذا لم يكن فيها غرض باطل أو داعي شهوة أو مظنّة هيجان ذلك، كالمعانقة مع الأمرد و كذا التقبيل، و استحبّ المعانقة جماعة من العامّة أيضا و أبو حنيفة كرّهها. . .

قال الجوهريّ: «الخطوة» : ما بين القدمين و جمع القلّة خطوات و الكثير خطا.

«البائقة» : جمع بوائق و هي الداهية و المصيبة.

«إلى مثل تلك الليلة» : كأنّ ذكر الليلة لأنّهم كثيرا يتزاورون بالليل.

11-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ المؤمنين إذا اعتنقا غمرتهما الرحمة، فإذا التزما لا يريدان بذلك إلاّ وجه اللّه و لا يريدان غرضا من أغراض الدنيا قيل لهما:

مغفورا لكما فاستأنفا. . . (2)

بيان:

في المرآة ج 9 ص 76، الالتزام في اللغة: الاعتناق، و المراد هنا إمّا إدامة الاعتناق طويلا، أو المراد بالاعتناق جعل كلّ منهما يديه في عنق الآخر و بالالتزام ضمّه إلى نفسه و الالتصاق به.

12-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ من تمام التحيّة للمقيم المصافحة، و تمام التسليم على المسافر المعانقة. (3)

13-عن أبي حمزة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أنتم في تصافحكم في مثل

ص:482


1- -الكافي ج 2 ص 147 باب المعانقة ح 1
2- الكافي ج 2 ص 147 ح 2
3- الوسائل ج 12 ص 73 ب 44 من العشرة

اجور المجاهدين. (1)

14-قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّ المؤمن إذا صافح المؤمن تفرّقا من غير ذنب. (2)

15-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: مصافحة المؤمن بألف حسنة. (3)

16-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و اله (في حديث المناهي) قال:

و نهى عن مصافحة الذمّيّ. (4)

17-قال عليّ عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : إذا لقيتم إخوانكم فتصافحوا و أظهروا لهم البشاشة و البشر، تتفرّقوا و ما عليكم من الأوزار قد ذهب، صافح عدوّك و إن كره، فإنّه ممّا أمر اللّه عزّ و جلّ به عباده يقول: اِدْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ اَلسَّيِّئَةَ الآيتين. (5)

18-عن الحسن بن عليّ العسكريّ عن آبائه عليهم السّلام قال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله لمّا جاءه جعفر بن أبي طالب من الحبشة قام إليه و استقبله اثنتي عشرة خطوة، و عانقه و قبّل ما بين عينيه. . . و بكى فرحا برؤيته. (6)

19-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و اله: تحيّاتكم بينكم بالمصافحة. (7)

20-عن ابن بسطام قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام: فأتى رجل فقال:

جعلت فداك، إنّي رجل من أهل الجبل، و ربّما لقيت رجلا من إخواني فالتزمته،

ص:483


1- -الوسائل ج 12 ص 221 ب 126 ح 12
2- الوسائل ج 12 ص 221 ح 13
3- الوسائل ج 12 ص 223 ح 18
4- الوسائل ج 12 ص 225 ب 127 ح 7
5- الوسائل ج 12 ص 225 ح 8
6- الوسائل ج 12 ص 226 ب 128 ح 1
7- البحار ج 76 ص 42 باب المصافحة ح 44

فيعيب عليّ بعض الناس و يقولون: هذه من فعل الأعاجم و أهل الشرك، فقال عليه السّلام: و لم ذاك؟ فقد التزم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله جعفرا و قبّل بين عينيه. (1)

ص:484


1- -البحار ج 76 ص 42 ح 47

115- الإصلاح بين الناس

الآيات

1- وَ لا تَجْعَلُوا اَللّهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَ تَتَّقُوا وَ تُصْلِحُوا بَيْنَ اَلنّاسِ وَ اَللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. (1)

2- لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلاّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ اَلنّاسِ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ اِبْتِغاءَ مَرْضاتِ اَللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً. (2)

3- مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها. . . (3)

4- . . . فَاتَّقُوا اَللّهَ وَ أَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ. . . (4)

5- إِنَّمَا اَلْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَ اِتَّقُوا اَللّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ. (5)

ص:485


1- -البقرة:224
2- النساء:114
3- النساء:85
4- الأنفال:1
5- الحجرات:10
الأخبار

1-عن حبيب الأحول قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: صدقة يحبّها اللّه: إصلاح بين الناس إذا تفاسدوا، و تقارب بينهم إذا تباعدوا. (1)

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لأن أصلح بين اثنين أحبّ إليّ من أن أتصدّق بدينارين. (2)

3-عن مفضّل قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا رأيت بين اثنين من شيعتنا منازعة فافتدها من مالي. (3)

أقول:

في ح 4: إنّ المفضّل صالح بين اثنين بأربعمأة درهم، فدفعها و قال: أما إنّها ليست من مالي. . . فهذا من مال أبي عبد اللّه عليه السّلام.

بيان: فداه من الأسر: إذا استنقذه بمال، و اسم ذلك المال الفدية و هو عرض الأسير، و كأنّ الافتداء هنا مجاز فإنّ المال يدفع المنازعة كما أنّ الدية تدفع بطلب الدم أو كما أنّ الأسير ينقذ بالفداء فكذلك كلّ منهما ينقذ من الآخر بالمال، فالإسناد إلى المنازعة على المجاز. (المرآة ج 9 ص 145)

4-عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: المصلح ليس بكاذب. (4)

بيان:

في المرآة: يعني إذا نقل المصلح كلاما من أحد الجانبين إلى الآخر لم يقله و علم

ص:486


1- -الكافي ج 2 ص 166 باب الإصلاح بين الناس ح 1
2- الكافي ج 2 ص 167 ح 2
3- الكافي ج 2 ص 167 ح 3
4- الكافي ج 2 ص 167 ح 5

رضاه به، أو ذكر فعلا لم يفعله للإصلاح، ليس من الكذب المحرّم بل هو حسن. .

5-في وصيّة أمير المؤمنين للحسنين عليهم السّلام: . . . أوصيكما و جميع ولدي و أهلي و من بلغه كتابي بتقوى اللّه، و نظم أمركم، و صلاح ذات بينكم، فإنّي سمعت جدّكما صلّى اللّه عليه و اله يقول: صلاح ذات البين أفضل من عامّة الصلاة و الصيام. . . (1)

بيان:

«عامّة الصلاة» : أي جميعها، و قال الشيخ الطوسيّ رحمه اللّه في أماليه ج 2 ص 135: إنّ المعنى في ذلك يكون صلاة التطوّع و الصوم.

6-قال الصادق عليه السّلام: من أصلح بين اثنين فهو صديق اللّه في الأرض و [إنّ]اللّه لا يعذّب من هو صديقه. (2)

7-و قال عليه السّلام: أكرم الخلق على اللّه بعد الأنبياء العلماء الناصحون، و المتعلّمون الخاشعون، و المصلح بين الناس في اللّه. (3)

8-و قال عليه السّلام: من أصلح بين الناس أصلح اللّه بينه و بين العباد في الآخرة، و الإصلاح بين الناس من الإحسان، و رأس المال العلم و الصبر، و ذكر الجنّة عبادة، و لا يكون العبد في الأرض مصلحا حتّى يسمّى في السماء مصلحا. (4)

9-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و اله: رحم اللّه عبدا تكلّم فغنم، أو سكت فسلم، إنّ اللسان أملك شيء للإنسان، ألا و إنّ كلام العبد كلّه عليه إلاّ ذكر اللّه، أو أمرا بمعروف أو نهيا عن منكر أو إصلاحا بين الناس و قال اللّه تعالى: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلاّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ اَلنّاسِ . (5)

ص:487


1- -نهج البلاغة ص 977 في ر 47
2- جامع الأخبار ص 185 ف 141
3- جامع الأخبار ص 185
4- جامع الأخبار ص 185
5- جامع الأخبار ص 185

10-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ملعون ملعون رجل يبدؤه أخوه بالصلح فلم يصالحه. (1)

11-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: ما عمل امرؤ عملا بعد إقامة الفرائض خيرا من إصلاح بين الناس، يقول خيرا و ينمي خيرا. (2)

12-بهذا الإسناد قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و اله: إصلاح ذات البين أفضل من عامّة الصلاة و الصوم. (3)

ص:488


1- -البحار ج 74 ص 236 باب حقوق الإخوان ح 35
2- البحار ج 76 ص 43 باب الإصلاح بين الناس ح 1
3- البحار ج 76 ص 43 ح 2

116- الصلاة

اشارة

فيه فصلان

الفصل الأوّل: فضلها و آثارها
الآيات

1- . . . هُدىً لِلْمُتَّقِينَ- اَلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَ يُقِيمُونَ اَلصَّلاةَ وَ مِمّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ. (1)

2- وَ اِسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ اَلصَّلاةِ وَ إِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلاّ عَلَى اَلْخاشِعِينَ. (2)

3- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اِسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ اَلصَّلاةِ إِنَّ اَللّهَ مَعَ اَلصّابِرِينَ. (3)

4- حافِظُوا عَلَى اَلصَّلَواتِ وَ اَلصَّلاةِ اَلْوُسْطى وَ قُومُوا لِلّهِ قانِتِينَ. (4)

ص:489


1- -البقرة:2 و 3
2- البقرة:45
3- البقرة:153
4- البقرة:238

5- فَإِذا قَضَيْتُمُ اَلصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اَللّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اِطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا اَلصَّلاةَ إِنَّ اَلصَّلاةَ كانَتْ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً. (1)

6- . . . وَ اَلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ. (2)

7- وَ اَلْمُؤْمِنُونَ وَ اَلْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ وَ يُقِيمُونَ اَلصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ اَلزَّكاةَ. . . (3)

8- وَ أَقِمِ اَلصَّلاةَ طَرَفَيِ اَلنَّهارِ وَ زُلَفاً مِنَ اَللَّيْلِ إِنَّ اَلْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ اَلسَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذّاكِرِينَ. (4)

9- قُلْ لِعِبادِيَ اَلَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا اَلصَّلاةَ وَ يُنْفِقُوا مِمّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَ عَلانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَ لا خِلالٌ. (5)

10- . . . وَ أَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَ اَلزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا. (6)

11- فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا اَلصَّلاةَ وَ اِتَّبَعُوا اَلشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا. (7)

12- قَدْ أَفْلَحَ اَلْمُؤْمِنُونَ- اَلَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ . . . وَ اَلَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ. (8)

13- هُدىً وَ بُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ- اَلَّذِينَ يُقِيمُونَ اَلصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ اَلزَّكاةَ

ص:490


1- -النساء:103
2- الأنعام:92
3- التوبة:71
4- هود:114
5- إبراهيم:31
6- مريم:31
7- مريم:59
8- المؤمنون:1 و 2 و 9

وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ. (1)

14- . . . وَ أَقِمِ اَلصَّلاةَ إِنَّ اَلصَّلاةَ تَنْهى عَنِ اَلْفَحْشاءِ وَ اَلْمُنْكَرِ وَ لَذِكْرُ اَللّهِ أَكْبَرُ وَ اَللّهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ. (2)

15- هُدىً وَ رَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ- اَلَّذِينَ يُقِيمُونَ اَلصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ اَلزَّكاةَ وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ. (3)

16- يا بُنَيَّ أَقِمِ اَلصَّلاةَ. . . (4)

17- . . . إِنَّما تُنْذِرُ اَلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَ أَقامُوا اَلصَّلاةَ. . . (5)

18- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ اَلْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اَللّهِ وَ ذَرُوا اَلْبَيْعَ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ. (6)

19- إِنَّ اَلْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً . . . إِلاَّ اَلْمُصَلِّينَ- اَلَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ . . . وَ اَلَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ. (7)

20- قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ اَلْمُصَلِّينَ. (8)

21- فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ- اَلَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ. (9)

ص:491


1- -النمل:2 و 3
2- العنكبوت:45
3- لقمان:3 و 4
4- لقمان:17
5- فاطر:18
6- الجمعة:9
7- المعارج:19 و 22 و 23 و 34
8- المدّثّر:43
9- الماعون:4 و 5
الأخبار

1-عن محمّد بن سنان، أنّ أبا الحسن عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام كتب إليه فيما كتب من جواب مسائله: أنّ علّة الصلاة أنّها إقرار بالربوبيّة للّه عزّ و جلّ، و خلع الأنداد، و قيام بين يدي الجبّار جلّ جلاله بالذلّ و المسكنة و الخضوع و الاعتراف، و الطلب للإقالة من سالف الذنوب، و وضع الوجه على الأرض كلّ يوم خمس مرّات إعظاما للّه عزّ و جلّ، و أن يكون ذاكرا غير ناس و لا بطر، و يكون خاشعا متذلّلا راغبا طالبا للزيادة في الدين و الدنيا، مع ما فيه من الانزجار (الايجاب ف ن) و المداومة على ذكر اللّه عزّ و جلّ بالليل و النهار، لئلاّ ينسى العبد سيّده و مدبّره و خالقه، فيبطر و يطغى، و يكون في ذكره لربّه و قيامه بين يديه، زاجرا له عن المعاصي، و مانعا من أنواع الفساد. (1)

بيان:

بطر الحقّ: تكبّر عنه و لم يقبله، و بطر بطرا: طغى بالنعمة أو عندها فصرفها إلى غير وجهها، و بطر النعمة: استخفّ بها جهلا و كبرا فلم يشكرها.

«من الانزجار» : أي عن المعاصي و الفحشاء، و في بعض النسخ: "الإيجاب"و المعنى إيجاب ذكر اللّه.

2-عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ العبد ليرفع له من صلاته نصفها أو ثلثها أو ربعها أو خمسها، و ما يرفع له إلاّ ما أقبل عليه منها بقلبه، و إنّما أمروا بالنوافل لتتمّ لهم بها ما نقصوا من الفريضة. (2)

3-عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّما جعلت النافلة ليتمّ بها ما يفسد

ص:492


1- -العلل ج 2 ص 317 ب 2 ح 2- البحار ج 82 ص 261 ب 2 ح 10
2- العلل ج 2 ص 328 ب 24 ح 2

من الفريضة. (1)

4-عن مسعدة بن صدقة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام، و سئل ما بال الزاني لا تسمّيه كافرا و تارك الصلاة قد تسمّيه كافرا و ما الحجّة في ذلك؟ قال: لأنّ الزاني و ما أشبهه إنّما يعمل ذلك لمكان الشهوة لأنّها تغلبه، و تارك الصلاة لا يتركها إلاّ استخفافا بها، و ذلك لأنّك لا تجد الزاني الذي يأتي المرأة إلاّ و هو مستلذّ لإتيانه إيّاها قاصدا إليها، و كلّ من ترك الصلاة قاصدا لتركها فليس يكون قصده لتركها اللذّة، فإذا انتفت اللذّة وقع الاستخفاف، و إذا وقع الاستخفاف وقع الكفر. . . (2)

5-عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: لو كان على باب دار أحدكم نهر فاغتسل في كلّ يوم منه خمس مرّات، أ كان يبقى في جسده من الدرن شيء؟ قلنا: لا، قال: فإنّ مثل الصلاة كمثل النهر الجاري، كلّما صلّى صلاة كفّرت ما بينهما من الذنوب. (3)

أقول:

في غوالي اللئالي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله قال: إذا كان وقت كلّ فريضة نادى ملك من تحت بطنان العرش؛ أيّها الناس، قوموا إلى نيرانكم التي أو قدتموها على ظهوركم، فاطفئوها بصلاتكم. (الكشكول للشيخ البهائي رحمه اللّه ج 3 ص 390) بيان: «الدرن» : أي الوسخ.

6-عن أبي بصير المرادي قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: صلاة الوسطى صلاة الظهر و هي أوّل صلاة أنزل اللّه على نبيّه صلّى اللّه عليه و اله. (4)

ص:493


1- -العلل ج 2 ص 329 ح 4
2- العلل ج 2 ص 339 ب 37
3- الوسائل ج 4 ص 12 ب 2 من أعداد الفرائض ح 3
4- الوسائل ج 4 ص 22 ب 5 ح 2

7-و عن عليّ عليه السّلام: أنّها الجمعة يوم الجمعة، و الظهر في سائر الأيّام. (1)

8-عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال: لا تتهاون بصلاتك، فإنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و اله قال عند موته: ليس منّي من استخفّ بصلاته، ليس منّي من شرب مسكرا، لا يرد عليّ الحوض، لا و اللّه. (2)

9-عن العيص بن القاسم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: و اللّه إنّه ليأتي على الرجل خمسون سنة و ما قبل اللّه منه صلاة واحدة، فأيّ شيء أشدّ من هذا؟ و اللّه إنّكم لتعرفون من جيرانكم و أصحابكم من لو كان يصلّي لبعضكم ما قبلها منه لاستخفافه بها، إنّ اللّه لا يقبل إلاّ الحسن، فكيف يقبل ما يستخفّ به؟ ! (3)

10-عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: لا ينال شفاعتي من استخفّ بصلاته، لا يرد عليّ الحوض، لا و اللّه. (4)

11-عن أبي بصير قال: دخلت على امّ حميدة اعزّيها بأبي عبد اللّه عليه السّلام، فبكت و بكيت لبكائها، ثمّ قالت: يا أبا محمّد، لو رأيت أبا عبد اللّه عليه السّلام عند الموت لرأيت عجبا، فتح عينيه ثمّ قال: اجمعوا كلّ من بيني و بينه قرابة، قالت: فما تركنا أحدا إلاّ جمعناه، فنظر إليهم ثمّ قال: إنّ شفاعتنا لا تنال مستخفّا بالصلاة. (5)

12-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: الصلاة عمود الدين، مثلها كمثل عمود الفسطاط، إذا ثبت العمود ثبت الأوتاد و الأطناب، و إذا مال العمود و انكسر لم يثبت وتد و لا طنب. (6)

ص:494


1- -الوسائل ج 4 ص 23 ح 4
2- الوسائل ج 4 ص 23 ب 6 ح 1
3- الوسائل ج 4 ص 24 ح 2
4- الوسائل ج 4 ص 26 ح 10
5- الوسائل ج 4 ص 26 ح 11
6- الوسائل ج 4 ص 27 ح 12

13-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: لا تضيّعوا صلاتكم، فإنّ من ضيّع صلاته حشر مع قارون و هامان، و كان حقّا على اللّه أن يدخله النار مع المنافقين، فالويل لمن لم يحافظ على صلاته و أداء سنّته (سنّة نبيّه صلّى اللّه عليه و اله ف ن) . (1)

14-عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: بينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله جالس في المسجد إذ دخل رجل، فقام يصلّي، فلم يتمّ ركوعه و لا سجوده، فقال صلّى اللّه عليه و اله: نقر كنقر الغراب، لئن مات هذا و هكذا صلاته ليموتنّ على غير ديني. (2)

أقول:

بمضمونه عن عليّ عليه السّلام في ب 9 ح 2، و زاد عليه السّلام: إنّ أسرق الناس من سرق صلاته.

15-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: إذا قام العبد المؤمن في صلاته نظر اللّه عزّ و جلّ إليه، أو قال: أقبل اللّه عليه حتّى ينصرف، و أظلّته الرحمة من فوق رأسه إلى أفق السماء، و الملائكة تحفّه من حوله إلى أفق السماء، و وكّل اللّه به ملكا قائما على رأسه يقول له: أيّها المصلّي، لو تعلم من ينظر إليك و من تناجي ما التفتّ و لا زلت من موضعك أبدا. (3)

16-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من قبل اللّه منه صلاة واحدة لم يعذّبه، و من قبل منه حسنة لم يعذّبه. (4)

17-قال الصادق عليه السّلام: أوّل ما يحاسب به العبد الصلاة، فإن قبلت قبل سائر عمله، و إذا ردّت ردّ عليه سائر عمله. (5)

ص:495


1- -الوسائل ج 4 ص 30 ب 7 ح 7
2- الوسائل ج 4 ص 31 ب 8 ح 2
3- الوسائل ج 4 ص 32 ح 5
4- الوسائل ج 4 ص 33 ح 7
5- الوسائل ج 4 ص 34 ح 10

18-عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه الصادق عليه السّلام قال: إذا صلّيت صلاة فريضة فصلّها لوقتها صلاة مودّع يخاف أن لا يعود إليها أبدا، ثمّ اصرف بصرك إلى موضع سجودك، فلو تعلم من عن يمينك و شمالك لأحسنت صلاتك، و اعلم أنّك بين يدي من يراك و لا تراه. (1)

19-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا قام العبد في الصلاة فخفّف صلاته، قال اللّه تبارك و تعالى لملائكته: أما ترون إلى عبدي كأنّه يرى أنّ قضاء حوائجه بيد غيري، أما يعلم أنّ قضاء حوائجه بيدي. (2)

20-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: ما بين المسلم و بين أن يكفر إلاّ ترك الصلاة الفريضة متعمّدا أو يتهاون بها فلا يصلّيها. (3)

21-قال أبو الحسن الرضا عليه السّلام: الصلاة قربان كلّ تقيّ. (4)

بيان:

«القربان» : أي ما يتقرّب به إلى اللّه.

22-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: من صلّى الصلاة لغير وقتها رفعت له سوداء مظلمة، تقول: ضيّعتني ضيّعك اللّه كما ضيّعتني، و أوّل ما يسأل العبد إذا وقف بين يدي اللّه تعالى عن الصلاة، فإن زكت صلاته زكا سائر عمله، و إن لم تزك صلاته لم يزك عمله. (5)

ص:496


1- -الوسائل ج 4 ص 34 ح 11
2- الوسائل ج 4 ص 35 ب 9 ح 1
3- الوسائل ج 4 ص 42 ب 11 ح 6
4- الوسائل ج 4 ص 43 ب 12 ح 1-و مثله في نهج البلاغة ص 1152 في ح 131 عن عليّ عليه السّلام، و في الدعائم ج 1 ص 133 عن الصادق عليه السّلام
5- الوسائل ج 4 ص 110 ب 1 من المواقيت ح 11

أقول:

قد مرّ في باب الشيعة ف 2 عنه عليه السّلام: «امتحنوا شيعتنا عند ثلاث: عند مواقيت الصلوات، كيف محافظتهم عليها. . .» .

23-عن أبي عبد اللّه الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:

لا ينال شفاعتي غدا من أخّر الصلاة المفروضة بعد وقتها. (1)

24-من كلام لأمير المؤمنين عليه السّلام كان يوصي به أصحابه: تعاهدوا أمر الصلاة، و حافظوا عليها، و استكثروا منها، و تقرّبوا بها، فإنّها كانَتْ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً . أ لا تسمعون إلى جواب أهل النار حين سئلوا:

ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ؟ قالُوا: لَمْ نَكُ مِنَ اَلْمُصَلِّينَ .

و إنّها لتحتّ الذنوب حتّ الورق، و تطلقها إطلاق الربق، و شبّهها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله بالحمّة تكون على باب الرجل فهو يغتسل منها في اليوم و الليلة خمس مرّات، فما عسى أن يبقى عليه من الدرن، و قد عرف حقّها رجال من المؤمنين الذين لا تشغلهم عنها زينة متاع، و لا قرّة عين من ولد و لا مال، يقول اللّه سبحانه:

رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اَللّهِ وَ إِقامِ اَلصَّلاةِ وَ إِيتاءِ اَلزَّكاةِ . . . (2)

بيان:

«لتحتّ» : حتّ الورق عن الشجر: سقط.

في النهاية ج 1 ص 445، «الحمّة» : عين ماء حارّ يستشفي بها المرضى.

في البحار ج 82 ص 225، «الربق» : جمع الربقة، و في النهاية ج 2 ص 190، هي في الأصل: عروة في حبل تجعل في عنق البهيمة أو يدها تمسكها انتهى. يعني تطلق الصلاة الذنوب كما تطلق الحبال المعقّدة.

ص:497


1- -الوسائل ج 4 ص 111 ح 13
2- نهج البلاغة ص 643 خ 190- صبحي ص 316 خ 199

25-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و اله لأبي ذرّ رحمه اللّه: . . . يا أبا ذرّ، جعل اللّه جلّ ثناؤه قرّة عيني في الصلاة، و حبّب إليّ الصلاة كما حبّب إلى الجائع الطعام و إلى الظمآن الماء، و إنّ الجائع إذا أكل شبع و إنّ الظمآن إذا شرب روي، و أنا لا أشبع من الصلاة.

يا أبا ذرّ، أيّما رجل تطوّع في يوم و ليلة اثنتي عشر ركعة سوى المكتوبة كان له حقّا واجبا بيت في الجنّة.

يا أبا ذرّ، ما دمت في الصلاة فإنّك تقرع باب الملك الجبّار، و من يكثر قرع باب الملك يفتح له.

يا أبا ذرّ، ما من مؤمن يقوم مصلّيا إلاّ تناثر عليه البرّ ما بينه و بين العرش و وكّل به ملك ينادي: يا ابن آدم، لو تعلم ما لك في الصلاة و من تناجي ما انفتلت.

يا أبا ذرّ، طوبى لأصحاب الألوية يوم القيامة يحملونها فيسبقون الناس إلى الجنّة، ألا و هم السابقون إلى المساجد بالأسحار و غير الأسحار.

يا أبا ذرّ، الصلاة عماد الدين و اللسان أكبر. . . (1)

بيان:

«انفتل» : أي انصرف.

26-في وصيّة أمير المؤمنين عليه السّلام لكميل رحمه اللّه: يا كميل، ليس الشأن أن تصلّي و تصوم و تتصدّق، إنّما الشأن أن تكون الصلاة فعلت بقلب نقيّ و عمل عند اللّه مرضيّ و خشوع سويّ، و ابقاء للجدّ فيها.

يا كميل، عند الركوع و السجود و ما بينهما تبتلّت العروق و المفاصل حتّى تستوفى [ولاء]إلى ما تأتي به من جميع صلواتك.

يا كميل، انظر فيم تصلّي و على ما تصلّي، إن لم تكن من وجهه و حلّه

ص:498


1- -البحار ج 77 ص 79( ج 82 ص 233)

فلا قبول. (1)

27-قال الصادق عليه السّلام: كان عليّ بن الحسين عليهما السّلام إذا قام إلى الصلاة تغيّر لونه، فإذا سجد لم يرفع رأسه حتّى يرفضّ عرقا.

عن الباقر عليه السّلام: كان عليّ بن الحسين عليهما السّلام يصلّي في اليوم و الليلة ألف ركعة و كانت الريح تميله بمنزلة السنبلة، و كانت له خمسمائة نخلة، فكان يصلّي عند كلّ نخلة ركعتين، و كان إذا قام في صلاته غشي لونه لون آخر، و كان قيامه في صلاته قيام العبد الذليل بين يدي الملك الجليل، كانت أعضاؤه ترتعد من خشية اللّه و كان يصلّي صلاة مودّع يرى أنّه لا يصلّي بعدها أبدا.

و روي أنّه كان إذا قام إلى الصلاة تغيّر لونه، و أصابته رعدة و حال أمره، فربما سأله عن حاله من لا يعرف أمره في ذلك، فيقول: إنّي اريد الوقوف بين يدي ملك عظيم، و كان إذا وقف في الصلاة لم يشتغل بغيرها، و لم يسمع شيئا لشغله بالصلاة.

و سقط بعض ولده في بعض الليالي فانكسرت يده، فصاح أهل الدار و أتاهم الجيران، و جيء بالمجبّر فجبّر الصبيّ و هو يصيح من الألم، و كلّ ذلك لا يسمعه فلمّا أصبح رأى الصبيّ يده مربوطة إلى عنقه فقال: ما هذا؟ فأخبروه.

و وقع حريق في بيت هو فيه ساجد، فجعلوا يقولون: يا بن رسول اللّه النار النار، فما رفع رأسه حتّى اطفئت، فقيل له بعد قعوده: ما الذي ألهاك عنها؟ قال:

ألهتني عنها النار الكبرى. (2)

بيان:

«يرفضّ عرقا» : أي يسيل و يجري. «ألهاك عنها» : أي شغلك عنها و تركتها.

ص:499


1- -البحار ج 77 ص 275
2- البحار ج 46 ص 79 باب مكارم أخلاق السجّاد عليه السّلام في ح 75

أقول: في البحار ج 43 ص 331 باب مكارم المجتبى عليه السّلام في ح 1: «و كان إذا قام في صلاته ترتعد فرائصه بين يدي ربّه عزّ و جلّ» .

و الأخبار في خشوع النبيّ و الأئمّة عليهم السّلام كثيرة جدّا، راجع أبواب تاريخهم و البحار ج 84 و غيره.

28-. . . عن النبيّ صلّى اللّه عليه و اله أنّه قال: من لم تنهه صلاته عن الفحشاء و المنكر لم يزدد من اللّه إلاّ بعدا.

و عنه صلّى اللّه عليه و اله قال: لا صلاة لمن لم يطع الصلاة، و طاعة الصلاة أن تنهى عن الفحشاء و المنكر. . .

و روي أنّ فتى من الأنصار كان يصلّي الصلاة مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و يرتكب الفواحش، فوصف ذلك لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله، فقال: إنّ صلاته تنهاه يوما ما، فلم يلبث أن تاب.

و عن جابر قال: قيل لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: إنّ فلانا يصلّي بالنهار و يسرق بالليل، فقال: إنّ صلاته لتردعه.

و روى أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من أحبّ أن يعلم أقبلت صلاته أم لم تقبل، فلينظر هل منعته صلاته عن الفحشاء و المنكر؟ فبقدر ما منعته قبلت منه. (1)

29-. . . في وصيّة الباقر عليه السّلام لجابر الجعفيّ: الصلاة بيت الإخلاص و تنزيه عن الكبر.

و في خطبة فاطمة صلوات اللّه عليها: فرض اللّه الصلاة تنزيها من الكبر. (2)

30-عن الصادق عن أبيه عن عليّ عليهم السّلام قال: إنّ الإنسان إذا كان

ص:500


1- -البحار ج 82 ص 198 ب 1 من الصلاة (مجمع البيان ج 8 ص 285)
2- البحار ج 82 ص 209 ح 19

في الصلاة فإنّ جسده و ثيابه و كلّ شيء حوله يسبّح. (1)

31-عن زكريّا بن آدم عن الرضا عليه السّلام قال: سمعته يقول: الصلاة لها أربعة آلاف باب. (2)

32-عن حمّاد بن عيسى عن الصادق عليه السّلام قال: للصلاة أربعة آلاف حدود.

و في رواية: أربعة آلاف باب. (3)

أقول:

للمصنّف رحمه اللّه شرح ذيل الخبر تركناه لطوله.

33-قيل لعليّ بن الحسين عليهما السّلام: ما أقلّ ولد أبيك؟ قال: أتعجّب كيف ولدت له؟ كان يصلّي في اليوم و الليلة ألف ركعة، فمتى كان يتفرّغ للنساء. (4)

34-. . . قال النبيّ صلّى اللّه عليه و اله: من صلّى ركعتين و لم يحدّث فيهما نفسه بشيء من امور الدنيا غفر اللّه له ذنوبه. (5)

35-. . . عن الحلبيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا كنت في صلاتك فعليك بالخشوع و الإقبال على صلاتك، فإنّ اللّه تعالى يقول: اَلَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ .

. . . و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و اله: إذا قام العبد إلى الصلاة فكان هواه و قلبه إلى اللّه تعالى انصرف كيوم ولدته امّه.

و قال صلّى اللّه عليه و اله: إنّ اللّه مقبل على العبد ما لم يلتفت.

ص:501


1- -البحار ج 82 ص 213 ح 25
2- البحار ج 82 ص 303 ب 4 ح 1
3- البحار ج 82 ص 303 ح 2
4- البحار ج 82 ص 311 ح 17
5- البحار ج 84 ص 249 باب آداب الصلاة ح 41

و قال صلّى اللّه عليه و اله: يمضي على الرجل ستّون سنة أو سبعون ما قبل اللّه منه صلاة واحدة. (1)

36-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و اله: إنّ الرجلين من امّتي يقومان في الصلاة و ركوعهما و سجودهما واحد، و إنّ ما بين صلاتيهما ما بين السماء و الأرض. (2)

37-عن أبي حمزة الثمالي قال: رأيت عليّ بن الحسين عليهما السّلام يصلّي فسقط ردائه من منكبه، فلم يسوّه حتّى فرغ من صلاته، قال: فسألته عن ذلك فقال:

ويحك أ تدري بين يدي من كنت، إنّ العبد لا يقبل منه صلوة إلاّ ما أقبل فيها بقلبه فقلت: جعلت فداك هلكنا، فقال: كلاّ إنّ اللّه يتمّ ذلك بالنوافل. (3)

38-و قد روي عن بعض أزواج النبيّ أنّها قالت: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يحدّثنا و نحدّثه فإذا حضرت (وقت ف ن) الصلاة فكأنّه لم يعرفنا و لم نعرفه، شغلا باللّه عن كلّ شيء. (4)

39-و كان عليّ عليه السّلام إذا حضر وقت الصلاة يتململ و يتزلزل، فيقال له:

مالك يا أمير المؤمنين، فيقول: جاء وقت أمانة عرضها اللّه على السموات و الأرض فأبين أن يحملنها و أشفقن منها. (5)

40-عن ابن مسعود قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول: من تهاون في الصلاة من الرجال و النساء عاقبه اللّه تعالى بثمانية عشر عقوبة؛ ستّة في الدنيا، و ثلاثة عند موته، و ثلاثة في قبره، و ثلاثة في محشره، و ثلاثة عند الصراط، فأمّا التي في الدنيا؛ ذهاب البركة من رزقه، و ذهاب البركة من حياته، و ذهاب النور

ص:502


1- -البحار ج 84 ص 260 ح 59
2- أسرار الصلاة للشهيد الثاني رحمه اللّه ص 6
3- أسرار الصلاة ص 7
4- أسرار الصلاة ص 20 في أسرار الوقت
5- أسرار الصلاة ص 20

من وجهه، و لا حظّ له في الإسلام، و لا يشركه اللّه في دعاء الصالحين، و لا يستجاب دعاءه.

و أمّا التي عند الموت فالأوّل؛ يموت ذليلا و عليه ثقلا كأنّه الجبل، و به ضعفا كأنّه يضرب بالسياط. و الثانية: يموت عطشانا و لو شرب ماء الدنيا لم يرو.

و الثالثة: يموت جائعا و لو أكل طعام الدنيا لم يشبع.

و أمّا التي في قبره؛ فالأوّل: الغمّ الشديد و يظلم عليه قبره، و الثانية: يضيق عليه القبر و يكون معذّبا إلى يوم القيامة، و الثالثة: لا تبشّره الملائكة بالرحمة.

و أمّا التي في المحشر؛ فإنّه يقوم على صورة الحمار و يعطى كتابه بشماله و يحاسبه اللّه حسابا طويلا.

و أمّا التي على الصراط فلا ينظر اللّه إليه و لا يزكّيه و لا يقبل منه صرفا و لا عدلا، و يحاسبه اللّه على الصراط ألف عام ثم يؤمر به إلى النار مع الداخلين و هو قوله تعالى: ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ- قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ اَلْمُصَلِّينَ . (1)

41-عن فاطمة صلوات اللّه عليها، أنّها سألت أباها محمّدا صلّى اللّه عليه و اله فقالت:

يا أبتاه، ما لمن تهاون بصلاته من الرجال و النساء؟ قال: يا فاطمة، من تهاون بصلاته من الرجال و النساء، ابتلاه اللّه بخمسة عشر خصلة، ستّ منها في دار الدنيا، و ثلاث عند موته، و ثلاث في قبره، و ثلاث في القيامة إذا خرج من قبره.

فأمّا اللواتي تصيبه في دار الدنيا: فالاولى، يرفع اللّه البركة من عمره، و يرفع اللّه البركة من رزقه، و يمحو اللّه عزّ و جلّ سيماء الصالحين من وجهه، و كلّ عمل يعمله لا يؤجر عليه، و لا يرتفع دعاؤه إلى السماء، و السادسة ليس له حظّ في دعاء الصالحين.

و أمّا اللواتي تصيبه عند موته: فأولاهنّ، أنّه يموت ذليلا، و الثانية، يموت

ص:503


1- -الاثنى عشريّة ص 86 ب 3 ف 3

جائعا، و الثالثة، يموت عطشانا، فلو سقي من أنهار الدنيا لم يرو عطشه.

و أمّا اللواتي تصيبه في قبره: فأولاهنّ، يوكّل اللّه به ملكا يزعجه في قبره، و الثانية، يضيق عليه قبره، و الثالثة، تكون الظلمة في قبره.

و أمّا اللواتي تصيبه يوم القيامة إذا خرج من قبره: فأولاهنّ، أن يوكّل اللّه به ملكا يسحبه على وجهه و الخلايق ينظرون إليه، و الثانية: يحاسب حسابا شديدا، و الثالثة، لا ينظر اللّه إليه، و لا يزكّيه، و له عذاب أليم. (1)

بيان:

سحبه: جرّه على وجه الأرض.

42-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: من أحسن صلوته حتّى تراها الناس، و أساءها حين يخلو، فتلك استهانة. (2)

43-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و اله: إنّ العبد ليصلّي الصلاة، لا يكتب له سدسها و لا عشرها، و إنّما يكتب للعبد من صلاته ما عقل منها. (3)

44-فقه الرضا عليه السّلام: و انو عند افتتاح الصلاة ذكر اللّه و ذكر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله، و اجعل واحدا من الأئمّة عليهم السّلام نصب عينيك. (4)

45-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: لا يزال الشيطان ذعرا من المؤمن ما حافظ على الصلوات الخمس، فإذا ضيّعهنّ تجرّأ عليه، و أوقعه في العظايم. (5)

ص:504


1- -المستدرك ج 3 ص 23 ب 6 من أعداد الفرائض ح 1
2- المستدرك ج 3 ص 26 ح 7
3- المستدرك ج 3 ص 57 ب 16 ح 6
4- المستدرك ج 4 ص 132 ب 3 من النيّة ح 1
5- العيون ج 2 ص 27 ب 31 ح 21

بيان:

ذعره ذعرا: أفزعه، و ذعر: خاف، و ذعر ذعرا: دهش.

46-و بهذا الإسناد قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: من أدّى فريضة فله عند اللّه دعوة مستجابة. (1)

47-عن إبراهيم الكرخيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: لا يجمع اللّه عزّ و جلّ لمؤمن الورع و الزهد و الإقبال إلى اللّه عزّ و جلّ في الصلاة في الدنيا إلاّ رجوت له الجنّة.

قال: ثمّ قال: و إنّي لاحبّ للرجل منكم المؤمن إذا قام في صلاة فريضة أن يقبل بقلبه إلى اللّه و لا يشغل قلبه بأمر الدنيا، فليس من مؤمن يقبل بقلبه في صلاته إلى اللّه إلاّ أقبل اللّه إليه بوجهه و أقبل بقلوب المؤمنين إليه بالمحبّة له بعد حبّ اللّه عزّ و جلّ إيّاه. (2)

48-قال الصادق عليه السّلام: إذا استقبلت القبلة فآيس من الدنيا و ما فيها و الخلق و ما هم فيه، و فرّغ قلبك عن كلّ شاغل يشغلك عن اللّه تعالى و عاين بسرّك عظمة اللّه عزّ و جلّ، و اذكر وقوفك بين يديه. . . فإذا كبّرت فاستصغر ما بين السموات العلى و الثرى دون كبريائه، فإنّ اللّه تعالى إذا اطّلع على قلب العبد و هو يكبّر و في قلبه عارض عن حقيقة تكبيره، فقال: يا كذّاب، أ تخدعني و عزّتي و جلالي لأحرمنّك حلاوة ذكري و لأحجبنّك عن قربي و المسرّة بمناجاتي. . . (3)

49-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و اله: الصلاة مرضاة اللّه تعالى و حبّ الملائكة و سنّة الأنبياء، و نور المعرفة، و أصل الإيمان، و إجابة الدعاء، و قبول الأعمال، و بركة

ص:505


1- -العيون ج 2 ص 27 ح 22
2- ثواب الأعمال ص 163 باب ثواب الورع و. . .
3- مصباح الشريعة ص 10 ب 13

في الرزق، و راحة في البدن، و سلاح على الأعداء، و كراهة الشيطان، و شفيع بين صاحبها و ملك الموت، و سراج في القبر، و فراش تحت جنبيه، و جواب منكر و نكير، و مونس في السرّاء و الضرّاء، و صاير معه في قبره إلى يوم القيامة. (1)

50-و قال صلّى اللّه عليه و اله: إنّ لكلّ شيء زينة و زينة الإسلام الصلوات الخمس، و لكلّ شيء ركن و ركن المؤمن الصلوات الخمس، و لكلّ شيء سراج و سراج قلب المؤمن الصلوات الخمس، و لكلّ شيء ثمن و ثمن الجنّة الصلوات الخمس، و لكلّ شيء براءة و براءة المؤمن من النار الصلوات الخمس، و لكلّ شيء أمان و أمان المؤمن من القطيعة و الفرقة الصلوات الخمس.

و خير الدنيا و الآخرة في الصلاة، و بها يتبيّن المؤمن من الكافر، و المخلص من المنافق، و هي عماد الدين و ملاذ الجسد، و زين الإسلام، و مناجات الحبيب للحبيب، و قضاء الحاجة، و توبة التائب، و تذكرة المنيّة، و البركة في المال، وسعة الرزق، و نور الوجه و عزّ المؤمن، و استنزال الرحمة، و استجابة الدعوة، و استغفار الملائكة، و رغم الملحدين، و قهر الشياطين، و سرور المؤمن، و كفّارة الذنوب، و حصن المال، و قبول الشهادة، و عمران المساجد، و زين البلد، و التواضع للّه، و نفي الكبر، و استكثار القصور، و مهور حور العين، و غرس الأشجار، و هيبة الفجّار، و نثار الرحمة من اللّه تعالى. (2)

51-عن حفص عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: جاء إبليس لعنه اللّه إلى موسى عليه السّلام و هو يناجي ربّه، فقال له ملك من الملائكة: ويلك ما ترجو منه و هو على هذه الحالة يناجي ربّه، فقال: أرجو منه ما رجوت من أبيه آدم و هو في الجنّة.

ص:506


1- -جامع الأخبار ص 72 ف 33
2- جامع الأخبار ص 72

و كان ممّا ناجى اللّه موسى عليه السّلام: يا موسى، إنّي لا أقبل الصلاة إلاّ لمن تواضع لعظمتي، و ألزم قلبه خوفي، و قطع نهاره بذكري، و لم يبت مصرّا على الخطيئة، و عرف حقّ أوليائي و أحبّائي، فقال موسى: يا ربّ، تعني بأوليائك و أحبّائك إبراهيم و إسحاق و يعقوب؟ قال: هو كذلك إلاّ أنّي أردت بذلك من من أجله خلقت آدم و حوّاء و من أجله خلقت الجنّة و النار،

فقال: و من هو يا ربّ؟ فقال: محمّد أحمد، شققت اسمه من اسمي لأنّي أنا المحمود و هو محمّد، فقال موسى: يا ربّ، اجعلني من امّته، فقال: يا موسى، أنت من امّته إذا عرفته و عرفت منزلته و منزلة أهل بيته، و إنّ مثله و مثل أهل بيته فيمن خلقت كمثل الفردوس في الجنان، لا ينتثر (لا ييبس ف ن) ورقها، و لا يتغيّر طعمها، فمن عرفهم و عرف حقّهم جعلت له عند الجهل علما (حلما ف ن) و عند الظلمة نورا، أجيبنه قبل أن يدعوني و أعطينه قبل أن يسألني.

يا موسى، إذا رأيت الفقر مقبلا فقل: مرحبا بشعار الصالحين، و إذا رأيت الغنى مقبلا فقل: ذنب تعجّلت عقوبته.

يا موسى، إنّ الدنيا دار عقوبة عاقبت فيها آدم عند خطيئته، و جعلتها ملعونة، ملعونة بمن (بما ف ن) فيها إلاّ ما كان فيها لي.

يا موسى، إنّ عبادي الصالحين زهدوا فيها بقدر علمهم بي، و سائرهم من خلقي رغبوا فيها بقدر جهلهم بي، و ما أحد من خلقي عظّمها فقرّت عيناه فيها، و لم يحقّرها إلاّ تمتّع بها.

ثمّ قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إن قدرتم أن لا تعرفوا فافعلوا، و ما عليك إن لم يثن عليك الناس، و ما عليك أن تكون مذموما عند الناس و كنت عند اللّه محمودا، إنّ أمير المؤمنين عليه السّلام كان يقول: لا خير في الدنيا إلاّ لأحد رجلين: رجل يزداد كلّ يوم إحسانا، و رجل يتدارك منيته (سيّئته ف ن) بالتوبة.

و أنّى له بالتوبة! ؟ و اللّه إن سجد حتّى ينقطع عنقه ما قبل اللّه منه إلاّ بولايتنا

ص:507

أهل البيت، ألا و من عرف حقّنا و رجا الثواب فينا رضي بقوته نصف مدّ كلّ يوم، و ما يستر به عورته، و ما أكنّ رأسه و هم في ذلك و اللّه خائفون وجلون. (1)

52-في وصيّة الصادق عليه السّلام لابن جندب (في خبر طويل) : يا بن جندب، قال اللّه جلّ و عزّ في بعض ما أوحى: إنّما أقبل الصلاة ممّن يتواضع لعظمتي، و يكفّ نفسه عن الشهوات من أجلي، و يقطع نهاره بذكري، و لا يتعظّم على خلقي، و يطعم الجائع، و يكسو العاري، و يرحم المصاب، و يؤوي الغريب. . . (2)

أقول:

من شرائط قبول الصلاة الورع، و الولاية لأهل البيت عليهم السّلام، و البرائة من أعدائهم. . .

و من موانع قبول الصلاة عقوق الوالدين، و النظر إليهما نظرا ماقتا، و اغتياب المسلم، و الاستخفاف بالصلاة، و شرب الخمر، و نشوز الزوجة و زوجها ساخط عليها، و منع الزكاة، و إمامة رجل يصلّي بقوم و هم له كارهون.

و حبس البول و الغائط، و إباق العبد من سيّده، و عدم حضور القلب في الصلاة، و الظلم، و جور الحاكم و. . . و الأخبار في ذلك كثيرة، راجع البحار ج 84 و غيره و قد مرّ بعضها في أبواب مختلفة و يأتي بعضها في باب الولاية و. . .

53-عن عليّ عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : ليس عمل أحبّ إلى اللّه عزّ و جلّ من الصلاة، فلا يشغلنّكم عن أوقاتها شيء من امور الدنيا، فإنّ اللّه عزّ و جلّ ذمّ أقواما فقال: اَلَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ يعني أنّهم غافلون، استهانوا بأوقاتها. (3)

ص:508


1- -تفسير القميّ ج 1 ص 242( الاعراف:157) (أمالي الصدوق م 95 ح 2 و البحار ج 13 ص 338)
2- تحف العقول ص 226
3- الخصال ج 2 ص 621

54-و قال عليه السّلام: من أتى الصلاة عارفا بحقّها غفر له. (1)

55-و قال عليه السّلام: إذا قام أحدكم إلى الصلاة فليصلّ صلاة مودّع. (2)

56-و قال عليه السّلام: لو يعلم المصلّي ما يغشاه من جلال اللّه ما سرّه أن يرفع رأسه من سجوده. (3)

57-و قال عليه السّلام: الصلاة صابون الخطايا. (4)

58-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الصلاة حصن من سطوات الشيطان. (الغرر ج 1 ص 107 ف 1 ح 2236)

الصلاة حصن الرحمن و مدحرة الشيطان. (ح 2237)

ص:509


1- -الخصال ج 2 ص 628
2- الخصال ج 2 ص 629
3- الخصال ج 2 ص 632
4- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 20 ص 313
الفصل الثانيّ: صلاة الليل
الآيات

1- وَ مِنَ اَللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً. (1)

2- كانُوا قَلِيلاً مِنَ اَللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ- وَ بِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ. (2)

3- يا أَيُّهَا اَلْمُزَّمِّلُ- قُمِ اَللَّيْلَ إِلاّ قَلِيلاً- نِصْفَهُ أَوِ اُنْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً . . . إِنَّ ناشِئَةَ اَللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَ أَقْوَمُ قِيلاً. . . (3)

4- إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اَللَّيْلِ وَ نِصْفَهُ وَ ثُلُثَهُ وَ طائِفَةٌ مِنَ اَلَّذِينَ مَعَكَ وَ اَللّهُ يُقَدِّرُ اَللَّيْلَ وَ اَلنَّهارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ اَلْقُرْآنِ. . . (4)

الأخبار

1-عن المفضّل بن عمر قال: سمعت الصادق عليه السّلام يقول: كان فيما ناجى اللّه

ص:510


1- -الإسراء:79
2- الذاريات:17 و 18 و في آل عمران:17، و المستغفرين بالأسحار
3- المزّمّل:1 إلى 8
4- المزّمّل:20

عزّ و جلّ به موسى بن عمران أن قال له: يا بن عمران، كذب من زعم أنّه يحبّني فإذا جنّه الليل نام عنّي، أ ليس كلّ محبّ يحبّ خلوة حبيبه؟ ها أنا ذا يا بن عمران، مطّلع على أحبّائي، إذا جنّهم الليل حوّلت أبصارهم من قلوبهم، و مثّلت عقوبتي بين أعينهم، يخاطبوني عن المشاهدة، و يكلّموني عن الحضور.

يا بن عمران، هب لي من قلبك الخشوع و من بدنك الخضوع، و من عينيك الدموع في ظلم الليل، و ادعني فإنّك تجدني قريبا مجيبا. (1)

أقول:

قد مرّ بيان مفردات الحديث في باب الحبّ ف 1.

2-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله لجبرئيل: عظني فقال: يا محمّد، عش ما شئت فإنّك ميّت، و أحبب ما شئت فإنّك مفارقه، و اعمل ما شئت فإنّك ملاقيه، شرف المؤمن صلاته بالليل، و عزّه كفّه عن أعراض الناس. (2)

بيان:

العرض جمع أعراض: اسم لما لا داوم له، متاع الدنيا و حطامها، و المراد استغناءه عن الناس كما ورد في الحديث.

3-عن ابن عباس قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: أشراف امّتي حملة القرآن و أصحاب الليل. (3)

4-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه عن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و اله أنّه قال في وصيّة له: يا عليّ، ثلاث درجات و ثلاث كفّارات، و ثلاث مهلكات و ثلاث منجيات، فأمّا الدرجات: فإسباغ الوضوء في السبرات و انتظار

ص:511


1- -أمالي الصدوق ص 356 م 57 ح 1
2- الخصال ج 1 ص 7 باب الواحد ح 19(و ح 20)
3- الخصال ج 1 ص 7 ح 21

الصلاة بعد الصلاة، و المشي بالليل و النهار إلى الجماعات. و أمّا الكفّارات: فإفشاء السلام، و إطعام الطعام، و التهجّد بالليل و الناس نيام. و أمّا المهلكات: فشحّ مطاع، و هوى متّبع، و إعجاب المرء بنفسه. و أمّا المنجيات: فخوف اللّه في السرّ و العلانية، و القصد في الغنى و الفقر، و كلمة العدل في الرضا و السخط. (1)

بيان:

السبرة جمع سبرات: و هي الغداة الباردة أو شدّة البرد.

5-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان فيما أوصى به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله عليّا عليه السّلام:

. . . يا عليّ، ثلاث فرحات للمؤمن في الدنيا: لقاء الإخوان و الإفطار في الصيام (من الصيام ف ن) و التهجّد من آخر الليل. . . (2)

أقول:

وردت بهذا المعنى أخبار اخر، في بعضها: «إنّ من روح اللّه تعالى ثلاثة: التهجّد بالليل و. . .» . (البحار ج 74 ص 353 ح 27 و ج 87 ص 143 ح 15)

6-عن عليّ بن موسى الرضا عن أبيه عن جدّه عليهم السّلام قال: سئل عليّ بن الحسين عليهما السّلام: ما بال المتهجّدين بالليل من أحسن الناس وجها؟ قال: لأنّهم خلوا باللّه فكساهم اللّه من نوره. (3)

7-عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و اله لعليّ عليه السّلام:

اوصيك في نفسك بخصال فاحفظها، ثمّ قال: اللهمّ أعنه. . . و عليك بصلاة الليل و عليك بصلاة الليل و عليك بصلاة الليل. (4)

8-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عن آبائه عن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام

ص:512


1- -الخصال ج 1 ص 84 باب الثلاثة ح 12(ح 10)
2- الخصال ج 1 ص 124 ح 121
3- العيون ج 1 ص 220 ب 28 ح 28
4- الوسائل ج 4 ص 91 ب 25 من أعداد الفرائض و نوافلها ح 5

قال: قيام الليل مصحّة للبدن، و رضى الربّ، و تمسّك بأخلاق النبيّين، و تعرّض للرحمة. (1)

9-و في رواية يعقوب بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كذب من زعم أنّه يصلّي صلوة الليل و هو يجوع، إنّ صلاة الليل تضمن رزق النهار. (2)

10-و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: من صلّى بالليل حسن وجهه بالنهار. (3)

11-عن جعفر عن أبيه عليهما السّلام قال: إنّ اللّه إذا أراد أن يعذّب أهل الأرض بعذاب قال: لو لا الذين يتحابّون في جلالي، و يعمرون مساجدي، و يستغفرون بالأسحار لأنزلت عذابي. (4)

12-كان عليّ عليه السّلام يوما في حرب صفّين. . . و لم يترك صلاة الليل قطّ حتّى في ليلة الهرير. (5)

بيان:

«ليلة الهرير» : هي الليلة التي وقعت فيها وقعة كانت بين عليّ عليه السّلام و معاوية بصفّين.

13-في توقيع العسكري عليه السّلام إلى عليّ بن بابويه رحمه اللّه: و عليك بصلوة الليل، فإنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و اله أوصى عليّا عليه السّلام، فقال: يا عليّ، عليك بصلاة الليل، و من استخفّ بصلاة الليل فليس منّا، فاعمل بوصيّتي، و آمر جميع شيعتي حتّى يعملوا عليه. . . (6)

14-عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: صلاة الليل كفّارة لما اجترح

ص:513


1- -المحاسن ص 53 ب 61 من ثواب الأعمال ح 79
2- المحاسن ص 53 ب 61 ح 79
3- المحاسن ص 53 ب 61 ح 79
4- المحاسن ص 53 ب 63 ح 81
5- المستدرك ج 3 ص 63 ب 21 من أعداد الفرائض ح 2
6- المستدرك ج 3 ص 64 ح 3

بالنهار. (1)

بيان:

اجترح الشيء: اكتسبه، و اجترح الإثم: ارتكبه، و الجراحة: الإثم.

15-. . . في مناهي النبيّ صلّى اللّه عليه و اله أنّه قال: ما زال جبرئيل يوصيني بقيام الليل حتّى ظننت أنّ خيار امّتي لن يناموا. (2)

16-. . . عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام قال: قام أبو ذرّ رحمه اللّه عند الكعبة فذكر مواعظه إلى أن قال: و صلّ ركعتين في سواد الليل لوحشة القبور. (3)

17-عن أبي الحسن العسكريّ عن آبائه عن الصادق عليهم السّلام في قوله تعالى:

إِنَّ اَلْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ اَلسَّيِّئاتِ. 4 قال: صلاة الليل تذهب بذنوب النهار. (4)

18-عن جابر بن عبد اللّه قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول: ما اتّخذ اللّه إبراهيم خليلا إلاّ لإطعامه الطعام، و صلاته بالليل و الناس نيام. (5)

19-عن زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السّلام: من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فلا يبيتنّ إلاّ بوتر. (6)

بيان:

قال رحمه اللّه ذيل ح 18: أي لا ينقضي ليله و في ذمّته وتر تركها.

20-جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السّلام فقال: يا أمير المؤمنين، إنّي

ص:514


1- -البحار ج 87 ص 136 باب فضل صلاة الليل ح 2
2- البحار ج 87 ص 139 في ح 7
3- البحار ج 87 ص 141 في ح 11
4- البحار ج 87 ص 143 ح 16
5- البحار ج 87 ص 144 ح 18
6- البحار ج 87 ص 145 ح 19

قد حرمت الصلاة بالليل، فقال أمير المؤمنين عليه السّلام: أنت رجل قد قيّدتك ذنوبك. (1)

21-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ الرجل ليكذب الكذبة فيحرم بها صلاة الليل، فإذا حرم بها صلاة الليل حرم بها الرزق. (2)

أقول:

لا منافاة بين الخبرين الأخيرين و الخبر المتقدّم بأنّ صلاة الليل تذهب بذنوب النهار، لأنّ الذنوب مختلفة؛ عظام و غير عظام، فبعض الذنوب مثل الكذب يحرم الرجل صلاة الليل و بعضها لا يحرم صلاة الليل بل الصلاة تكفّرها.

22-عن سليمان الديلمي قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا سليمان، لا تدع قيام الليل فإنّ المغبون من حرم قيام الليل. (3)

23-. . . عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: صلاة الليل تحسّن الوجه و تحسّن الخلق، و تطيّب الريح، و تدرّ الرزق و تقضي الدين، و تذهب بالهمّ و تجلو البصر. (4)

24-عن الفضيل بن يسار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ البيوت التي يصلّي فيها بالليل بتلاوة القرآن، تضيء لأهل السماء كما يضيء نجوم السماء لأهل الأرض. (5)

أقول:

في ح 53؛ قال الرضا عليه السّلام: . . . إنّ البيوت التي يصلّي فيها بالليل يزهر نورها لأهل

ص:515


1- -البحار ج 87 ص 145 ح 19
2- البحار ج 87 ص 146 ح 19
3- البحار ج 87 ص 146 ح 20
4- البحار ج 87 ص 153 ح 31
5- البحار ج 87 ص 153 ح 32

السماء، كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض.

25-. . . قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: عليكم بصلاة الليل فإنّها سنّة نبيّكم و مطردة الداء عن أجسادكم.

و يروى إنّ الرجل إذا قام يصلّي أصبح طيّب النفس، و إذا نام حتّى يصبح أصبح ثقيلا موصّما.

و أوحى اللّه إلى موسى عليه السّلام: قم في ظلمة الليل أجعل قبرك روضة من رياض الجنان. (1)

26-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: صلاة الليل سراج لصاحبها في ظلمة القبر. (2)

27-عن الصادق عن أمير المؤمنين عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: صلاة الليل مرضات الربّ، و حبّ الملائكة، و سنّة الأنبياء، و نور المعرفة، و أصل الإيمان، و راحة الأبدان، و كراهية الشيطان، و سلاح على الأعداء، و إجابة للدعاء، و قبول الأعمال، و بركة في الرزق، و شفيع بين صاحبها و بين ملك الموت، و سراج في قبره، و فراش تحت جنبه، و جواب مع منكر و نكير، و مونس و زائر في قبره إلى يوم القيامة.

فإذا كان يوم القيامة كانت الصلاة ظلاّ فوقه، و تاجا على رأسه، و لباسا على بدنه، و نورا يسعى بين يديه، و سترا بينه و بين النار، و حجّة للمؤمن بين يدي اللّه تعالى، و ثقلا في الميزان، و جوازا على الصراط، و مفتاحا للجنّة، لأنّ الصلاة تكبير و تحميد و تسبيح و تمجيد و تقديس و تعظيم و قراءة و دعاء، و إنّ أفضل الأعمال كلّها الصلاة لوقتها. (3)

28-. . . قال الصادق عليه السّلام: ليس من شيعتنا من لم يصلّ صلاة

ص:516


1- -البحار ج 87 ص 155 ح 38
2- البحار ج 87 ص 160 ح 52
3- البحار ج 87 ص 161 ح 52

الليل. (1)

29-قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّ اللّه عزّ و جلّ يحبّ من عباده المؤمنين كلّ دعّاء، فعليكم بالدعاء في السحر إلى طلوع الشمس، فإنّها ساعة تفتح فيها أبواب السماء، و تهبّ الرياح، و تقسم فيها الأرزاق، و تقضى فيها الحوائج العظام. (2)

30-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام في وصيّته: يا عليّ، صلّ من الليل و لو قدر حلب شاة، و بالأسحار فادع، فإنّ عند ذلك لا تردّ دعوة، قال اللّه تبارك و تعالى:

وَ اَلْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ (3).

31-عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام قال: ما من عبد إلاّ و هو يتيقّظ مرّة أو مرّتين في الليل أو مرارا، فإن قام و إلاّ فحج الشيطان، فبال في اذنه، ألا يرى أحدكم إذا كان منه ذاك قام ثقيلا أو كسلان. (4)

بيان:

قال رحمه اللّه: في النهاية، فيه: «أنّه بال قائما ففحّج رجليه» أي فرّقهما و باعد ما بينهما.

و الفحج: تباعد ما بين الفخذين. . . قيل: معناه سخر منه و ظهر عليه حتّى نام عن طاعة اللّه. . . و قال القاضي عياض: لا يعبد كونه على ظاهره و خصّ الاذن لأنّه حاسّة الانتباه انتهى. و قال الشيخ البهائي رحمه اللّه: . . . إنّ البول في الاذن كناية عن تلاعب الشيطان انتهى. و ما ذكرناه أوّلا أنسب انتهى.

32-قال أبو جعفر الباقر عليه السّلام: من أوتر بالمعوّذتين و قل هو اللّه أحد، قيل له: يا عبد اللّه، أبشر فقد قبل اللّه و ترك. (5)

ص:517


1- -البحار ج 87 ص 162 ح 53
2- البحار ج 87 ص 165 باب دعوة المنادي في السحر ح 6
3- البحار ج 87 ص 167 ح 11
4- البحار ج 87 ص 169 باب أصناف الناس في القيام ح 2
5- البحار ج 87 ص 194 باب كيفيّة صلاة الليل ح 1

بيان:

قال رحمه اللّه: الظاهر أنّ المراد بالوتر الركعات الثلاث، كما هو ظاهر أكثر الأخبار، فالمراد إمّا قراءة"المعوّذتين"في الشفع و"التوحيد"في مفردة الوتر، أو قراءة الثلاث في كلّ من الثلاث، و الأوّل أظهر.

أقول: في البحار ج 49 ص 93: في حديث الرضا عليه السّلام في سفره إلى خراسان: ثمّ يقوم فيصلّي ركعتي الشفع يقرء في كلّ ركعة منها (الحمد) مرّة، و قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ ثلاث مرّات، و يقنت في الثانية، ثمّ يقوم فيصلّي الوتر ركعة يقرء فيها (الحمد) و قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ ثلاث مرّات و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اَلْفَلَقِ مرّة واحدة، و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اَلنّاسِ مرّة واحدة.

و لعلّ إطلاق الوتر على الشفع يكون بالقرينة.

33-. . . في الصحيح عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان أبي يقول: قل هو اللّه أحد تعدل ثلث القرآن، و كان يحبّ أن يجمعها في الوتر ليكون القرآن كلّه. (1)

34-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من قال في وتره إذا أوتر: «أستغفر اللّه و أتوب إليه» سبعين مرّة و هو قائم، فواظب على ذلك حتّى يمضي له سنة، كتبه اللّه عنده من المستغفرين بالأسحار، و وجبت له المغفرة من اللّه عزّ و جلّ. (2)

35-. . . عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ:

وَ بِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ قال: كانوا يستغفرون اللّه في آخر الوتر في آخر الليل سبعين مرّة. (3)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر.

ص:518


1- -البحار ج 87 ص 226 ح 39
2- البحار ج 87 ص 205 ح 14
3- البحار ج 87 ص 207 ح 19

36-عن عليّ بن جعفر عن أخيه عليه السّلام قال: سألته عن الرجل يتخوّف أن لا يقوم من الليل، يصلّي صلاة الليل إذا انصرف من العشاء الآخرة؟ و هل يجزيه ذلك أم عليه قضاء؟ قال: لا صلاة حتّى يذهب الثلث الأوّل من الليل، و القضاء بالنهار أفضل من تلك الساعة. (1)

بيان:

قال رحمه اللّه: نقل الفاضلان إجماع علمائنا على أنّ وقت الليل بعد انتصافه، و كذا نقلا الإجماع على أنّ كلّما قرب من الفجر كان أفضل، و إثباتهما بالأخبار لا يخلو من عسر لاختلافهما، و المشهور بين الأصحاب؛ جواز تقديمها على الانتصاف لمسافر يصدّه جدّه، أو شابّ تمنعه رطوبة رأسه عن القيام إليها في وقتها. . .

و أمّا كون القضاء أفضل من التقديم فهو المشهور بين الأصحاب، و قد دلّت عليه روايات اخر.

37-. . . و في الفقيه كان عليّ بن الحسين عليه السّلام يقول العفو ثلاث مائة مرّة في الوتر في السحر.

و الظاهر قراءة العفو بالنصب أي أسأل العفو، و يحتمل الرفع أي العفو مطلوبي أو مسئولي. (2)

38-. . . و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يستغفر في الوتر سبعين مرّة و يقول: «هذا مقام العائذ بك من النار» سبع مرّات.

و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أطولكم قنوتا في الوتر أطولكم راحة يوم القيامة في الموقف. (3)

ص:519


1- -البحار ج 87 ص 206 ح 16
2- البحار ج 87 ص 277 ح 69
3- البحار ج 87 ص 287 ح 79

بيان:

«أطولكم قنوتا في الوتر» : في الفقيه ج 1 باب دعاء قنوت الوتر ح 2، بدلها "أطولكم قنوتا في دار الدنيا".

أقول: في سنن أبي داود ج 1 ص 326 خ 1450، قال رسول اللّه (ص) : رحم اللّه رجلا قام من الليل فصلّى و أيقظ امرأته فصلّت، فإن أبت نضح في وجهها الماء.

رحم اللّه امرأة قامت من الليل فصلّت و أيقظت زوجها، فإن أبى نضحت في وجهه الماء.

ص:520

117- الصلاة على النبيّ و آله عليهم السّلام

اشارة

قال اللّه تعالى: إِنَّ اَللّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى اَلنَّبِيِّ يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً. (1)

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا يزال الدعاء محجوبا حتّى يصلّى على محمّد و آل محمّد. (2)

أقول:

قد مرّ بعض الأخبار في باب الدعاء، و لعلّ السرّ في حجب الدعاء: أنّ النبيّ و آله عليهم السّلام وسائط بين اللّه و بين عباده في قضاء حوائجهم و. . . فلا بدّ من التوسّل بهم في الدعاء، أو لأنّ الصلاة على النبيّ و آله غير محجوبة فإذا ضمّها العبد مع دعائه فالدعاء أيضا غير محجوب لأنّ الكريم يستحيي أن يقبل جزءه و يردّ الآخر.

2-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا ذكر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فأكثروا الصلاة عليه، فإنّه من صلّى على النبيّ صلاة واحدة صلّى اللّه عليه ألف صلاة

ص:521


1- -الأحزاب:56
2- الكافي ج 2 ص 356 باب الصلاة على النبيّ و أهل بيته ح 1

في ألف صفّ من الملائكة، و لم يبق شيء ممّا خلقه اللّه إلاّ صلّى على العبد لصلاة اللّه عليه و صلاة ملائكته، فمن لم يرغب في هذا فهو جاهل مغرور، قد برئ اللّه منه و رسوله و أهل بيته. (1)

3-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

الصلاة عليّ و على أهل بيتي تذهب بالنفاق. (2)

أقول:

ح 13؛ ارفعوا أصواتكم بالصلاة عليّ فإنّها تذهب بالنفاق.

4-عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من قال: «يا ربّ صلّ على محمّد و آل محمّد» مائة مرّة، قضيت له مائة حاجة؛ ثلاثون للدنيا و الباقي للآخرة. (3)

5-عن محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام قال: ما في الميزان شيء أثقل من الصلاة على محمّد و آل محمّد، و إنّ الرجل لتوضع أعماله في الميزان فيميل به (فتميل به ف ن) ، فيخرج الصلاة عليه فيضعها في ميزانه فيرجّح به. (4)

6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا صلّى أحدكم و لم يذكر النبيّ و آله في صلاته يسلك بصلاته غير سبيل الجنّة.

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من ذكرت عنده فلم يصلّ عليّ دخل النار فأبعده اللّه.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: و من ذكرت عنده فنسي الصلاة عليّ خطئ به طريق الجنّة. (5)

7-قال الرضا عليه السّلام (في حديث) : من لم يقدر على ما يكفّر به ذنوبه فليكثر

ص:522


1- -الكافي ج 2 ص 357 ح 6
2- الكافي ج 2 ص 357 ح 8
3- الكافي ج 2 ص 357 ح 9
4- الكافي ج 2 ص 358 ح 15
5- الكافي ج 2 ص 359 ح 19

من الصلاة على محمّد و آل محمّد، فإنّها تهدم الذنوب هدما. (1)

8-عن عبد العظيم الحسنيّ قال: سمعت عليّ بن محمّد العسكريّ عليه السّلام يقول: إنّما اتّخذ اللّه عزّ و جلّ إبراهيم خليلا لكثرة صلاته على محمّد و أهل بيته صلوات اللّه عليهم. (2)

9-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

أنا عند الميزان يوم القيامة، فمن ثقلت سيّئاته على حسناته جئت بالصلاة عليّ حتّى أثقل بها حسناته. (3)

10-عن ابن أبي حمزة عن أبيه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: إِنَّ اَللّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى اَلنَّبِيِّ. . . فقال: الصلاة من اللّه عزّ و جلّ رحمة، و من الملائكة تزكية (بركة) ، و من الناس دعاء، و أمّا قوله عزّ و جلّ: وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً فإنّه يعني التسليم له فيما ورد عنه.

قال: فقلت له: فكيف نصلّي على محمّد و آله؟ قال: تقولون: «صلوات اللّه و صلوات ملائكته و أنبيائه و رسله و جميع خلقه على محمّد و آل محمّد، و السّلام عليه و عليهم و رحمة اللّه و بركاته» قال: فقلت: فما ثواب من صلّى على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بهذه الصلوات؟ قال: الخروج من الذنوب و اللّه كهيئة يوم ولدته امّه. (4)

11-عن إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي عبد اللّه أو أبي جعفر عليهما السّلام قال:

أثقل ما يوضع في الميزان يوم القيامة الصلاة على محمّد و أهل بيته. (5)

12-عن الحسن بن عليّ عن جدّه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: من قال: صلّى اللّه

ص:523


1- -الوسائل ج 7 ص 194 ب 34 من الذكر ح 7
2- الوسائل ج 7 ص 194 ح 9
3- الوسائل ج 7 ص 195 ح 11
4- الوسائل ج 7 ص 196 ب 35 ح 1
5- الوسائل ج 7 ص 197 ح 3

على محمّد و آله، قال اللّه جلّ جلاله: «صلّى اللّه عليك» ، فليكثر من ذلك.

و من قال: صلّى اللّه على محمّد و لم يصلّ على آله لم يجد ريح الجنّة، و ريحها يوجد من مسير خمسمائة عام. (1)

13-عن الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السّلام (في كتابه إلى المأمون) قال: و الصلاة على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله واجبة في كلّ موطن، و عند العطاس، و الذبائح، و غير ذلك. (2)

14-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أجفى الناس رجل ذكرت بين يديه فلم يصلّ عليّ. (3)

15-عن معاوية بن عمّار قال: ذكرت عند أبي عبد اللّه الصادق عليه السّلام بعض الأنبياء فصلّيت عليه، فقال: إذا ذكر أحد من الأنبياء فابدأ بالصلاة على محمّد و آله ثمّ عليه، صلّى اللّه على محمّد و آله و على جميع الأنبياء. (4)

16-عن الرضا عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

من كان آخر كلامه الصلاة عليّ و على عليّ دخل الجنّة. (5)

17-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أكثروا الصلاة عليّ، فإنّ الصلاة عليّ نور في القبر، و نور على الصراط، و نور في الجنّة. (6)

18-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ الشيطان اثنان: شيطان الجنّ، و يبعد ب «لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه العليّ العظيم» و شيطان الإنس، و يبعد بالصلاة على النبيّ و آله. (7)

ص:524


1- -الوسائل ج 7 ص 203 ب 42 ح 6
2- الوسائل ج 7 ص 203 ح 8
3- الوسائل ج 7 ص 207 ح 18
4- الوسائل ج 7 ص 208 ب 43
5- الوسائل ج 7 ص 199 ب 38
6- المستدرك ج 5 ص 332 ب 31 من الذكر ح 8
7- المستدرك ج 5 ص 342 ح 41

19-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من صلّى عليّ مرّة فتح اللّه عليه بابا من العافية.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: من صلّى عليّ مرّة لم يبق له من ذنوبه ذرّة. (1)

20-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من صلّى عليّ في كتابة لم تزل الملائكة تصلّي عليه ما دام ذلك الكتاب مكتوبا إلى يوم القيامة. (2)

أقول:

قال الشهيد رحمه اللّه في المنية ص 159: (في آداب الكتابة) الثاني عشر: . . . و كلّما كتب اسم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كتب بعده الصلاة عليه و آله و السّلام، و يصلّي و يسلّم هو بلسانه أيضا، و لا يختصر الصلاة في الكتاب، و لا يسئم من تكريرها و لو وقعت في السطر مرارا كما يفعل بعض المحرومين المتخلّفين من كتابة"صلعم"أو"صلم"أو"صم"أو "ص"أو"صلسم"فإنّ ذلك خلاف الأولى و المنصوص، بل قال بعض العلماء: أوّل من كتب"صلعم"قطعت يده، و أقلّ ما في الإخلال بإكمالها تقويت الصواب العظيم عليها، فقد ورد عنه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: «من صلّى عليّ في كتاب لم تزل الملائكة تستغفر له ما دام اسمي في ذلك الكتاب» .

21-عن الصباح بن السيابة قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أ لا أعلّمك شيئا يقي اللّه به وجهك من حرّ جهنّم؟ قال: قلت: بلى قال: قل بعد الفجر مائة مرّة:

«اللهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد» يقي اللّه به وجهك من حرّ جهنّم (3).

22-سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن أفضل الأعمال يوم الجمعة؟ فقال: الصلاة على محمّد و آل محمّد مائة مرّة بعد العصر، و ما زدت فهو أفضل. (4)

ص:525


1- -جامع الأخبار ص 59 ف 28
2- جامع الأخبار ص 61
3- جامع الأخبار ص 61
4- جامع الأخبار ص 63

أقول:

قد مرّ بعض الأخبار في باب الجمعة.

23-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا تضربوا أطفالكم على بكائهم، فإنّ بكائهم أربعة أشهر شهادة أن لا إله إلاّ اللّه، و أربعة أشهر الصلاة على النبيّ و آله، و أربعة أشهر الدعاء لوالديه. (1)

24-عن أبي المغيرة قال: سمعت أبا الحسن عليه السّلام يقول: من قال في دبر صلاة الصبح و صلاة المغرب قبل أن يثنّي رجليه أو يكلّم أحدا: «إنّ اللّه و ملائكته يصلّون على النبيّ يا أيّها الذين آمنوا صلّوا عليه و سلّموا تسليما، اللهمّ صلّ على محمّد (النبيّ م) و ذرّيّته» قضى اللّه له مأة حاجة سبعين في الدنيا، و ثلاثين في الآخرة، قال: قلت له: ما معنى صلاة اللّه و صلاة ملائكته و صلاة المؤمنين؟ قال: صلاة اللّه رحمة من اللّه، و صلاة ملائكته تزكية منهم له، و صلاة المؤمنين دعاء منهم له.

و من سرّ آل محمّد في الصلاة على النبيّ و آله؛ «اللهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد في الأوّلين، و صلّ على محمّد و آل محمّد في الآخرين، و صلّ على محمّد و آل محمّد في الملاء الأعلى، و صلّ على محمّد و آل محمّد في المرسلين، اللهمّ أعط محمّدا الوسيلة و الشرف و الفضيلة و الدرجة الكبيرة. اللهمّ إنّي آمنت بمحمّد و لم أره، فلا تحرمني يوم القيامة رؤيته، و ارزقني صحبته، و توفّني على ملّته، و اسقني من حوضه مشربا رويّا سائغا (هنيئا) لا أظمأ بعده أبدا، إنّك على كلّ شيء قدير. اللهمّ كما آمنت بمحمّد و لم أره، فعرّفني في الجنان وجهه، اللهمّ بلّغ روح محمّد عنّي تحيّة كثيرة و سلاما» .

فإنّ من صلّى على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بهذه الصلوات هدمت ذنوبه، و محيت خطاياه،

ص:526


1- -البحار ج 94 ص 55 باب فضل الصلاة على النبيّ و آله عليهم السّلام ح 28

و دام سروره، و استجيب دعاؤه، و اعطي أمله، و بسط له في رزقه، و اعين على عدوّه، و هي له سبب أنواع الخير، و يجعل من رفقاء نبيّه في الجنان الأعلى. يقولهنّ ثلاث مرّات غدوة و ثلاث مرّات عشيّة. (1)

أقول:

روى رحمه اللّه (في ص 85) هذه الصلوات عن جنّة الأمان عن الصادق عليه السّلام باختلاف يسير، و زاد في أوّله: «اللهمّ يا أجود من أعطى، و يا خير من سئل، و يا أرحم من استرحم، اللهمّ صلّ على محمّد و آله في الأوّلين. . .» .

و رواه المحدّث القميّ رحمه اللّه في المفاتيح في أعمال يوم العرفة عن الكفعمي رحمه اللّه و في الباقيات الصالحات عن بعض الكتب المعتبرة.

25-قال الصادق عليه السّلام: من صلّى على النبيّ و آله مرّة واحدة بنيّة و إخلاص من قلبه، قضى اللّه له مائة حاجة، منها ثلاثون للدنيا و سبعون للآخرة.

و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من صلّى عليّ كلّ يوم ثلاث مرّات، و في كلّ ليلة ثلاث مرّات حبّا لي و شوقا إليّ، كان حقّا على اللّه عزّ و جلّ أن يغفر له ذنوبه تلك الليلة و ذلك اليوم.

و عن ابن عبّاس قال: قال لي النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: رأيت في ما يرى النائم عمّي حمزة بن عبد المطّلب و أخي جعفر بن أبي طالب و بين يديهما طبق من نبق فأكلا ساعة، فتحوّل النبق عنبا فأكلا ساعة، فتحوّل العنب لهما رطبا فأكلا ساعة، فدنوت منهما و قلت: بأبي أنتما أيّ الأعمال وجدتما أفضل؟ قالا: فديناك بالآباء و الامّهات وجدنا أفضل الأعمال الصلاة عليك، و سقي الماء، و حبّ عليّ بن أبي طالب. (2)

ص:527


1- -البحار ج 94 ص 58 ح 38
2- البحار ج 94 ص 70 ح 63

بيان:

«النبق» : ثمرة شجر السدر.

أقول: في الزيارة الجامعة: و جعل صلاتنا عليكم و ما خصّنا به من ولايتكم، طيبا لخلقنا، و طهارة لأنفسنا، و تزكية لنا، و كفّارة لذنوبنا.

26-قال أبو جعفر عليه السّلام: من قال في ركوعه و سجوده و قيامه: «اللهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد» كتب اللّه له ذلك بمثل الركوع و السجود و القيام. (1)

27-في أخبار المعراجيّة: أنّ ملكا في السماء الرابعة قال للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله: صلّيت ركعتين في عشرين ألف سنة، كنت خمس ألف سنة في القيام و خمس ألف سنة في الركوع و خمس ألف سنة في السجود و خمس ألف سنة في التشهّد، و هبت ثوابها لامّتك. قال صلّى اللّه عليه و آله: تزعم أنّ امّتي محتاجون إلى ذلك الثواب؟ بعزّة ربّي، إنّ لكلّ واحد من عصاة امّتي إذا صلّى عليّ مرّة من الثواب أكثر من عبادتك هذه. (2)

أقول:

من الصلوات المشهورة: «اللهمّ صلّ على سيّدنا محمّد ما اختلف الملوان، و تعاقب العصران، و كرّ الجديدان و استقبل الفرقدان، و بلّغ روحه و أرواح أهل بيته منّا التحيّة و السّلام (و بارك و سلّم عليه كثيرا)» .

و قال الأردكاني رحمه اللّه في كتابه شرح الصلوات ص 177: هذه الصلوات مشهورة بين العامّة و الخاصّة و تكون معادلا بعشرة آلاف من الصلوات و لها قصّة معروفة لمحمود سبكتكين.

و ممّا يجدر ذكره أنّ هذا الكتاب وحيد في نوعه حيث ألّف خصّيصاء في فضيلة الصلاة على محمّد و آله.

ص:528


1- -ثواب الأعمال ص 56(الوسائل ج 6 ص 326 ب 20 من أبواب الركوع ح 3)
2- لئالي الأخبار ج 3 ص 429

118- الصمت و حفظ اللسان

الآيات

1- لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلاّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ اَلنّاسِ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ اِبْتِغاءَ مَرْضاتِ اَللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً. (1)

2- وَ اَلَّذِينَ هُمْ عَنِ اَللَّغْوِ مُعْرِضُونَ. (2)

3- ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ. (3)

الأخبار

1-عن البزنطي عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: من علامات الفقه الحلم و العلم و الصمت، إنّ الصمت باب من أبواب الحكمة، إنّ الصمت يكسب المحبّة (الجنّة ف ن) ، إنّه دليل على كلّ خير. (4)

ص:529


1- -النساء:114
2- المؤمنون:3
3- ق:18
4- الكافي ج 2 ص 92 باب الصمت ح 1

2-عن أبي حمزة قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: إنّما شيعتنا الخرس. (1)

بيان:

«الخرس» جمع الأخرس: أي هم لا يتكلّمون باللغو و الباطل، و فيما لا يعلمون، و في مقام التقيّة.

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام لمولى له-يقال له: سالم و وضع يده على شفتيه-:

يا سالم، احفظ لسانك تسلم و لا تحمل الناس على رقابنا. (2)

4-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: نجاة المؤمن في حفظ لسانه. (3)

5-عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: كان أبو ذرّ رحمه اللّه يقول:

يا مبتغي العلم، إنّ هذا اللسان مفتاح خير و مفتاح شرّ، فاختم على لسانك كما تختم على ذهبك و ورقك. (4)

بيان:

«مبتغي العلم» : أي طالبه. «الورق» : الفضّة، الدراهم المضروبة.

6-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كان المسيح عليه السّلام يقول: لا تكثروا الكلام في غير ذكر اللّه، فإنّ الذين يكثرون الكلام في غير ذكر اللّه قاسية قلوبهم و لكن لا يعلمون. (5)

أقول:

في أمالي الطوسي ج 1 ص 2: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا تكثروا الكلام بغير ذكر اللّه، فإنّ كثرة الكلام بغير ذكر اللّه تقسو القلب، إنّ أبعد الناس من اللّه القلب القاسي.

ص:530


1- -الكافي ج 2 ص 92 ح 2
2- الكافي ج 2 ص 92 ح 3
3- الكافي ج 2 ص 93 ح 9
4- الكافي ج 2 ص 93 ح 10
5- الكافي ج 2 ص 94 ح 11

7-عن أبي حمزة عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: إنّ لسان ابن آدم يشرف على جميع جوارحه كلّ صباح فيقول: كيف أصبحتم؟ فيقولون: بخير إن تركتنا، و يقولون: اللّه اللّه فينا و يناشدونه و يقولون: إنّما نثاب و نعاقب بك. (1)

8-جاء رجل إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال: يا رسول اللّه، أوصني، فقال: احفظ لسانك قال: يا رسول اللّه، أوصني قال: احفظ لسانك قال: يا رسول اللّه، أوصني قال: احفظ لسانك، ويحك و هل يكبّ الناس على مناخرهم في النار إلاّ حصائد ألسنتهم. (2)

بيان:

في المرآة ج 8 ص 220، «جاء رجل» : في روايات العامّة أنّ الرجل كان معاذ بن جبل. «يكبّ» في القاموس، كبّه: قلبه و صرعه. «المنخر» : الأنف.

«حصائد ألسنتهم» في النهاية ج 1 ص 394: أي ما يقتطعونه من الكلام الذي لا خير فيه، واحدتها حصيدة، تشبيها بما يحصد من الزرع، و تشبيها للسان و ما يقتطعه من القول بحدّ المنجل الذي يحصد به.

9-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من لم يحسب كلامه من عمله كثر خطاياه و حضر عذابه. (3)

بيان:

في المرآة: هذا ردّ على ما يسبق إلى أوهام أكثر الخلق، من الخواصّ و العوام؛ من أنّ الكلام ليس ممّا يترتّب عليه عقاب، فيجترون على أنواع الكلام بلا تأمّل و تفكّر، مع أنّ أكثر أنواع الكفر و المعاصي من جهة اللسان. . .

10-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يعذّب اللّه اللسان

ص:531


1- -الكافي ج 2 ص 94 ح 13
2- الكافي ج 2 ص 94 ح 14
3- الكافي ج 2 ص 94 ح 15

بعذاب لا يعذّب به شيئا من الجوارح، فيقول: أي ربّ، عذّبتني بعذاب لم تعذّب به شيئا، فيقال له: خرجت منك كلمة، فبلغت مشارق الأرض و مغاربها، فسفك بها الدم الحرام و انتهب بها المال الحرام و انتهك بها الفرج الحرام، و عزّتي و جلالي لاعذّبنّك بعذاب لا اعذّب به شيئا من جوارحك. (1)

11-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إن كان في شيء شؤم ففي اللسان. (2)

12-عن الوشّاء قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول: كان الرجل من بني إسرائيل إذا أراد العبادة صمت قبل ذلك عشر سنين. (3)

13-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا يزال العبد المؤمن يكتب محسنا ما دام ساكتا، فإذا تكلّم كتب محسنا أو مسيئا. (4)

14-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أمسك لسانك فإنّها صدقة تتصدّق بها على نفسك، ثمّ قال: و لا يعرف عبد حقيقة الإيمان حتّى يخزن لسانه. (5)

15-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: النوم راحة للجسد، و النطق راحة للروح، و السكوت راحة للعقل. (6)

16-عن الثمالي عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: القول الحسن يثري المال، و ينمي الرزق، و ينسئ في الأجل، و يحبّب إلى الأهل، و يدخل الجنّة. (7)

ص:532


1- -الكافي ج 2 ص 94 ح 16
2- الكافي ج 2 ص 95 ح 17
3- الكافي ج 2 ص 95 ح 18
4- الكافي ج 2 ص 95 ح 21
5- الوسائل ج 12 ص 184 ب 117 من العشرة ح 8
6- الوسائل ج 12 ص 186 ح 15
7- الوسائل ج 12 ص 186 ح 16

17-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام قال: قال داود لسليمان عليهما السّلام:

يا بنيّ، عليك بطول الصمت، فإنّ الندامة على طول الصمت مرّة واحدة خير من الندامة على كثرة الكلام مرّات، يا بنيّ، لو أنّ الكلام كان من فضّة كان ينبغي للصمت أن يكون من ذهب. (1)

18-في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: أي بنيّ، العافية عشرة أجزاء: تسعة منها في الصمت إلاّ بذكر اللّه، و واحد في ترك مجالسة السفهاء. (2)

19-في حديث موسى بن جعفر عليه السّلام لهشام: يا هشام، لكلّ شيء دليل، و دليل العاقل التفكّر، و دليل التفكّر الصمت. (3)

و قال: يا هشام، قلّة المنطق حكم عظيم، فعليكم بالصمت، فإنّه دعة حسنة و قلّة وزر و خفّة من الذنوب. (4)

و قال: يا هشام، المتكلّمون ثلاثة: فرابح و سالم و شاجب، فأمّا الرابح فالذاكر للّه، و أمّا السالم فالساكت، و أمّا الشاجب فالذي يخوض في الباطل. (5)

و قال: يا هشام، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا رأيتم المؤمن صموتا فادنوا منه، فإنّه يلقي الحكمة، و المؤمن قليل الكلام، كثير العمل، و المنافق كثير الكلام، قليل العمل. (6)

بيان:

«الشاجب» : الهالك و كثير الكلام و الهذّاء.

ص:533


1- -الوسائل ج 12 ص 186 ح 17
2- تحف العقول ص 65
3- تحف العقول ص 285
4- تحف العقول ص 290
5- تحف العقول ص 291
6- تحف العقول ص 293

20-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: راحة الإنسان في حبس اللسان.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: حبس اللسان سلامة الإنسان.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: بلاء الإنسان من اللسان. (1)

21-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ضرب اللسان أشدّ من ضرب السنان. (2)

22-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في وصيّته لعليّ عليه السّلام: يا عليّ، من خاف الناس لسانه فهو من أهل النار. (3)

23-روي أنّ نوحا عليه السّلام مرّ على كلب كريه المنظر فقال نوح: ما أقبح هذا الكلب، فجثى الكلب و قال بلسان طلق ذلق: إن كنت لا ترضى بخلق اللّه فحوّلني يا نبيّ اللّه، فتحيّر نوح عليه السّلام و أقبل يلوم نفسه بذلك و ناح على نفسه أربعين سنة حتّى ناداه اللّه تعالى: إلى متى تنوح يا نوح، فقد تبت عليك. (4)

قال رحمه اللّه: فالنبيّ بكى على الزلّة المغفورة على نفسه المعصومة و أنت يا غافل لا تبكي على الكبيرة و على نفسك العاصية.

بيان: «جثى الكلب» : أي جلس على ركبتيه أو قام على أطراف أصابعه.

«قال بلسان طلق ذلق» : أي تكلّم بلسان فصيح بليغ.

24-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مرّ على امرأة و هي تبكي على ولدها، و هي تقول: الحمد للّه مات شهيدا، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: كيف أيّتها المرأة؟ فلعلّه كان يبخل بما لا يضرّه و يقول فيما

ص:534


1- -جامع الأخبار ص 93 ف 52
2- جامع الأخبار ص 93
3- جامع الأخبار ص 93
4- جامع الأخبار ص 93

لا يعنيه. (1)

أقول:

و قريب منه ح 25، و فيه: «لعلّه كان يتكلّم فيما لا يعنيه» .

25-إنّ آدم عليه السّلام لمّا كثر ولده و ولد ولده، كانوا يتحدّثون عنده و هو ساكت، فقالوا: يا أبه، ما لك لا تتكلّم؟ فقال: يا بنيّ إنّ اللّه جلّ جلاله لمّا أخرجني من جواره، عهد إليّ و قال: أقلّ كلامك ترجع إلى جواري. (2)

26-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في حديث صفات المؤمنين: ألسنتهم مسجونة، و قلوبهم (صدورهم م) وعاء لسرّ اللّه، إن وجدوا له أهلا نبذوا إليه نبذا، و إن لم يجدوا له أهلا ألقوا على ألسنتهم أقفالا غيبوا مفاتيحها، و جعلوا على أفواههم أوكية، صلب صلاب أصلب من الجبال لا ينحت منهم شيء، خزّان العلم، و معدن الحلم و الحكم، و تبّاع النبيّين و الصدّيقين و الشهداء و الصالحين، أكياس يحسبهم المنافق خرساء عمياء بلهاء، و ما بالقوم من خرس و لا عمى و لا بله، إنّهم لأكياس فصحاء حلماء حكماء أتقياء بررة صفوة اللّه، أسكنتهم الخشية للّه و أعيتهم ألسنتهم خوفا من اللّه و كتمانا لسرّه. . . (3)

بيان:

وكا: يدلّ على شدّ شيء و شدّة، و منه الوكاء؛ الخيط الذي تشدّ به الصرّة (هميان) و القربة (مشك) و نحوهما و الجمع أوكية.

27-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام قال: جمع الخير كلّه في ثلاث خصال: النظر و السكوت و الكلام، فكلّ نظر ليس فيه اعتبار فهو سهو، و كلّ سكوت ليس فيه فكر فهو غفلة، و كلّ كلام ليس فيه ذكر فهو لغو، فطوبى

ص:535


1- -المستدرك ج 9 ص 26 ب 103 من العشرة ح 2
2- المستدرك ج 9 ص 27 ح 5
3- المستدرك ج 9 ص 26 ح 3

لمن كان نظره عبرا و سكوته فكرا و كلامه ذكرا و بكى على خطيئته، و آمن الناس شرّه. (1)

أقول:

في البحار ج 78 ص 92: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: . . . كلّ قول ليس للّه فيه ذكر فلغو، و كلّ صمت ليس فيه فكر فسهو، و كلّ نظر ليس فيه اعتبار فلهو.

28-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما عبد اللّه بشيء أفضل من الصمت و المشي إلى بيته. (2)

29-عن الرضا عن أبيه عن أبي عبد اللّه عليهم السّلام قال: نجاة المؤمن في حفظ لسانه.

و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من حفظ لسانه ستر اللّه عورته. (3)

30-في حكم المجتبى (ع) : سئل عليه السّلام عن الصمت، فقال: هو ستر العمى، و زين العرض، و فاعله في راحة، و جليسه آمن. (4)

31-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه: . . . يا أبا ذرّ، الجليس الصالح خير من الوحدة، و الوحدة خير من جليس السوء، و إملاء الخير خير من السكوت، و السكوت خير من إملاء الشرّ. . .

يا أبا ذرّ، إنّ اللّه عزّ و جلّ عند لسان كلّ قائل، فليتّق اللّه امرء و ليعلم ما يقول.

يا أبا ذرّ، اترك فضول الكلام، و حسبك من الكلام ما تبلغ به حاجتك.

يا أبا ذرّ، كفى بالمرء كذبا أن يحدّث بكلّ ما يسمع.

يا أبا ذرّ، ما من شيء أحقّ بطول السجن من اللسان. . .

ص:536


1- -البحار ج 71 ص 275 باب السكوت و الكلام ح 2
2- البحار ج 71 ص 278 ح 15
3- البحار ج 71 ص 283 ح 36
4- البحار ج 78 ص 111

يا أبا ذرّ، ما عمل من لم يحفظ لسانه. . .

يا أبا ذرّ، الكلمة الطيّبة صدقة و كلّ خطوة تخطوها إلى الصلاة صدقة. . . (1)

يا أبا ذرّ، أربع لا يصيبهنّ إلاّ مؤمن: الصمت و هو أوّل العبادة، و التواضع للّه سبحانه، و ذكر اللّه تعالى على كلّ حال، و قلّة الشيء يعني قلّة المال.

يا أبا ذرّ، همّ بالحسنة و إن لم تعملها لكيلا تكتب من الغافلين.

يا أبا ذرّ، من ملك ما بين فخذيه و بين لحييه دخل الجنّة، قلت: يا رسول اللّه، إنّا لنؤخذ بما ينطق به ألسنتنا؟ قال يا أبا ذرّ، و هل يكبّ الناس على مناخرهم في النار إلاّ حصائد ألسنتهم، إنّك لا تزال سالما ما سكتّ، فإذا تكلّمت كتب لك أو عليك.

يا أبا ذرّ، [إنّ الرجل يتكلّم بالكلمة من رضوان اللّه جلّ ثناؤه، فيكتب له رضوانه إلى يوم القيامة ما]و إنّ الرجل يتكلّم بالكلمة في المجلس ليضحكهم بها فيهوى في جهنّم ما بين السماء و الأرض.

يا أبا ذرّ، ويل للذي يحدّث فيكذب ليضحك به القوم، ويل له، ويل له، ويل له.

يا أبا ذرّ، من صمت نجا فعليك بالصدق. . . (2)طوبى لمن عمل بعلمه، و أنفق الفضل من ماله، و أمسك الفضل من قوله. (3)

32-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و ليخزن الرجل لسانه، فإنّ هذا اللسان جموح بصاحبه، و اللّه ما أرى عبدا يتّقي تقوى تنفعه حتّى يخزن لسانه، و إنّ لسان المؤمن من وراء قلبه، و إنّ قلب المنافق من وراء لسانه: لأنّ المؤمن إذا أراد أن يتكلّم بكلام تدبّره في نفسه، فإن كان خيرا أبداه و إن كان شرّا واراه، و إنّ

ص:537


1- -البحار ج 77 ص 86
2- البحار ج 77 ص 90
3- البحار ج 77 ص 93

المنافق يتكلّم بما أتى على لسانه لا يدري ما ذا له و ما ذا عليه!

و لقد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «لا يستقيم إيمان عبد حتّى يستقيم قلبه، و لا يستقيم قلبه حتّى يستقيم لسانه» فمن استطاع منكم أن يلقى اللّه سبحانه و هو نقيّ الراحة من دماء المسلمين و أموالهم، سليم اللسان من أعراضهم فليفعل. (1)

بيان:

«الجموح» : من جمح الفرس إذا غلب فارسه فيوشك أن يطرح به في مهلكة فيرديه.

33-و قال لابنه الحسن عليهما السّلام: و تلافيك ما فرط من صمتك أيسر من إدراكك ما فات من منطقك. (2)

34-و قال عليه السّلام: . . . و هانت عليه نفسه من أمّر عليها لسانه. (3)

35-و قال عليه السّلام: لسان العاقل وراء قلبه، و قلب الأحمق وراء لسانه. (4)

36-و قال عليه السّلام: اللسان سبع إن خلّي عنه عقر. (5)

37-و قال عليه السّلام: إذا تمّ العقل نقص الكلام. (6)

38-و قال عليه السّلام: لا خير في الصمت عن الحكم، كما أنّه لا خير في القول بالجهل. (7)

ص:538


1- -نهج البلاغة ص 570 في خ 175
2- نهج البلاغة ص 930 في ر 31
3- نهج البلاغة ص 1088 ح 2
4- نهج البلاغة ص 1106 ح 39
5- نهج البلاغة ص 1114 ح 57
6- نهج البلاغة ص 1116 ح 68- الغرر ج 1 ص 311 ف 17 ح 39
7- نهج البلاغة ص 1171 ح 173

39-و قال عليه السّلام: بكثرة الصمت تكون الهيبة. . . (1)

40-و قال عليه السّلام: كان لي فيما مضى أخ في اللّه. . . و كان أكثر دهره صامتا. . .

و كان إن غلب على الكلام لم يغلب على السكوت، و كان على أن يسمع أحرص منه على أنّ يتكلّم. . . (2)

أقول:

قد مرّ بهذا المعنى حديث طويل عن الحسن بن عليّ عليهما السّلام في باب الاخوّة ف 2.

41-و قال عليه السّلام: . . . و من كثر كلامه كثر خطؤه، و من كثر خطؤه قلّ حياؤه، و من قلّ حياؤه قلّ ورعه، و من قلّ ورعه مات قلبه، و من مات قلبه دخل النار. . . و من علم أنّ كلامه من عمله قلّ كلامه إلاّ فيما يعنيه. (3)

42-و قال عليه السّلام: الكلام في وثاقك ما لم تتكلّم به، فإذا تكلّمت به صرت في وثاقه، فاخزن لسانك كما تخزن ذهبك و ورقك، فربّ كلمة سلبت نعمة و جلبت نقمة. (4)

43-و قال عليه السّلام: لا تقل ما لا تعلم بل لا تقل كلّ ما تعلم، فإنّ اللّه سبحانه قد فرض على جوارحك كلّها فرائض يحتجّ بها عليك يوم القيامة. (5)

44-و قال عليه السّلام: تكلّموا تعرفوا، فإنّ المرء مخبوء تحت لسانه. (6)

بيان:

«المخبوء» : المستور.

ص:539


1- -نهج البلاغة ص 1185 ح 215
2- نهج البلاغة ص 1225 ح 281
3- نهج البلاغة ص 1249 ح 341
4- نهج البلاغة ص 1267 ح 373
5- نهج البلاغة ص 1268 ح 374
6- نهج البلاغة ص 1272 ح 384(و ح 140)

45-قال الصادق عليه السّلام: لا راحة لمؤمن على الحقيقة إلاّ عند لقاء اللّه، و ما سوى ذلك ففي أربعة أشياء: صمت تعرف به حال قلبك و نفسك فيما يكون بينك و بين بارئك، و خلوة تنجو بها من آفات الزمان ظاهرا و باطنا، و جوع تميت به الشهوات و الوساوس، و سهر تنوّر به قلبك و تصفّي به طبعك و تزكّي به روحك. (1)

46-قال الصادق عليه السّلام: الكلام إظهار ما في القلب من الصفا و الكدر و العلم و الجهل، قال أمير المؤمنين عليه السّلام: المرء مخبوء تحت لسانه، فزن كلامك، و اعرضه على العقل و المعرفة، فإن كان للّه و في اللّه فتكلّم به، و إن كان غير ذلك فالسكوت خير منه.

و ليس على الجوارح عبادة أخفّ مؤنة و أفضل منزلة و أعظم قدرا عند اللّه من كلام فيه رضى اللّه عزّ و جلّ و لوجهه، و نشر آلاء اللّه و نعمائه في عباده، أ لا ترى أنّ اللّه لم يجعل فيما بينه و بين رسله معنى يكشف ما أسرّ إليهم من مكنونات علمه و مخزونات وحيه غير الكلام، و كذلك بين الرسل و بين الامم، ثبت بهذا أنّه أفضل الوسائل و ألطف العبادة، و كذلك لا معصية أثقل على العبد و أسرع عقوبة عند اللّه و أشدّها ملامة و أعجلها سآمة (شآمة ف ن) عند الخلق منه.

و اللسان ترجمان الضمير، و صاحب خبر القلب، و به ينكشف ما في سرّ الباطن، و عليه يحاسب الخلق يوم القيامة، و الكلام خمر يسكر العقول ما كان منه لغير اللّه، و ليس شيء أحقّ بطول السجن من اللسان.

قال بعض الحكماء: احفظ لسانك عن خبيث الكلام، و في غيره لا تسكت إن استطعت، فأمّا السكينة (و الصمت ف ن) فهي هيئة حسنة رفيعة من اللّه

ص:540


1- -الاثنى عشريّة ص 170 ب 4 ف 4 صمت و جوع (صوم ب) و سهر و عزلت و ذكرى بدوام ناتمامان جهان را كند اين پنج تمام

عزّ و جلّ لأهلها و هم امناء أسراره في أرضه. (1)

47-قال الصادق عليه السّلام: الصمت شعار المحقّقين بحقائق ما سبق و جفّ القلم به، و هو مفتاح كلّ راحة من الدنيا و الآخرة، و فيه رضى اللّه و تخفيف الحساب و الصون من الخطايا و الزلل، و قد جعله اللّه سترا على الجاهل و زينا للعالم، و معه عزل الهوى و رياضة النفس، و حلاوة العبادة و زوال قسوة القلب، و العفاف و المروّة و الظرف، فاغلق باب لسانك عمّا لك منه بدّ، لا سيّما إذا لم تجد أهلا للكلام، و المساعد في المذاكرة للّه و في اللّه.

و كان ربيع بن خثيم يضع قرطاسا بين يديه فيكتب كلّ ما يتكلّم به، ثمّ يحاسب نفسه في عشيّته ما له و ما عليه، و يقول: آه آه، نجا الصامتون و بقينا، و كان بعض أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يضع الحصاة في فمه، فإذا أراد أن يتكلّم بما علم أنّه للّه و في اللّه و لوجه اللّه أخرجها من فمه. و إنّ كثيرا من الصحابة كانوا يتنفّسون تنفّس الغرقاء، و يتكلّمون شبيه المرضى.

و إنّما سبب هلاك الخلق و نجاتهم الكلام و الصمت، فطوبى لمن رزق معرفة عيب الكلام و صوابه و علم الصمت و فوائده، فإنّ ذلك من أخلاق الأنبياء و شعار الأصفياء، و من علم قدر الكلام أحسن صحبة الصمت، و من أشرف على ما في لطائف الصمت و ائتمنه على خزائنه كان كلامه و صمته كلّه عبادة، و لا يطّلع على عبادته هذه إلاّ الملك الجبّار. (2)

أقول:

حفظ اللسان و الصمت من أهمّ مسائل الأخلاق حيث يرتكب الإنسان باللسان معاصي كثيرة بلا مؤنة، و قيل: إنّ آفات اللسان تبلغ مأتين، بعضها من الكبائر

ص:541


1- -مصباح الشريعة ص 30 ب 46
2- مصباح الشريعة ص 20 ب 27

كالكذب و الغيبة و البهتان و التعيير و السبّ و الفحش و اللعن و الغناء و السخريّة و المدح في غير مورده و الذمّ و المزاح و المراء و النميمة و الحلف كذبا و. . .

و يدلّ على المقام الأخبار الواردة في ذمّ هذه المعاصي لاحظ أبوابها.

و من آفات اللسان فضول الكلام و اللغو.

و في جامع السعادات ج 2 ص 350، اللسان أضرّ الجوارح: اعلم أنّ أكثر ما تقدّم من الرذائل المذكورة في هذا المقام من الكذب و الغيبة، و البهتان، و الشماتة، و السخريّة، و المزاح و غيرها، و في المقام الثالث-يعني التكلّم بما لا يعني و الفضول و الخوض في الباطل-من آفات اللسان و هو أضرّ الجوارح بالإنسان، و أعظمها إهلاكا له، و آفاته أكثر من آفات سائر الأعضاء، و هي و إن كانت من المعاصي الظاهرة، إلاّ أنّها تؤدّي إلى مساوئ الأخلاق و الملكات، إذ الأخلاق إنّما ترسّخ في النفس بتكرير الأعمال، و الأعمال إنّما تصدر من القلب بتوسّط الجوارح. . .

48-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الصمت وقار. (الغرر ج 1 ف 1 ص 8 ح 106)

الصمت منجاة. (ص 9 ح 175)

القلب خازن اللسان. (ص 13 ح 317)

اللسان جموح بصاحبه. (ص 18 ح 473)

الصمت آية الحلم. (ص 19 ح 507)

العاقل من عقل لسانه. (ص 20 ح 557)

اللسان ترجمان العقل. (ص 21 ح 579)

الصمت روضة الفكر. (ح 599)

الصمت وقار و سلامة. (ص 25 ح 734)

السكوت على الأحمق أفضل جوابه. (ص 39 ح 1204)

اللسان سبع إن أطلقته عقر. (ص 42 ح 1264)

ص:542

الصمت بغير تفكّر خرس. (ص 45 ح 1326)

اللسان ميزان الإنسان. (ص 46 ح 1329)

التثبّت في القول يؤمن العثار و الزلل. (ص 49 ح 1404)

الألسن تترجم عمّا تجنّه الضمائر. (ص 50 ح 1418)

الصمت زين العلم و عنوان الحلم. (ص 52 ح 1457)

القول بالحقّ خير من العيّ و الصمت. (ص 54 ح 1502)

العاقل لا يتكلّم إلاّ لحاجته أو لحجّته و لا يشتغل إلاّ بصلاح آخرته.

(ص 68 ح 1760)

الحظّ للإنسان في الاذن لنفسه و في اللسان لغيره. (ص 69 ح 1776)

العاقل إذا سكت فكر، و إذا نطق ذكر، و إذا نظر اعتبر. (ص 74 ح 1837)

الصمت يكسيك الوقار و يكفيك مؤنة الاعتذار. (ص 75 ح 1852)

المرء يوزن بقوله، و يقوّم بفعله، فقل ما يترجّح زنته، و افعل ما تجلّ قيمته.

(ص 76 ح 1871)

الكلام بين خلّتي سوء، هما الإكثار و الإقلال؛ فالإكثار هذر و الإقلال عيّ و حصر. (ح 1877)

اللسان معيار؛ أرجحه العقل و أطاشه الجهل. (ص 85 ح 1991)

الإكثار يزلّ الحكيم و يملّ الحليم، فلا تكثر فتضجر و لا تفرّط فتهن.

(ص 88 ح 2030)

الكلام في وثاقك ما لم تتكلّم به، فإذا تكلّمت به صرت في وثاقه.

(ص 92 ح 2085)

الكلام كالدواء قليله ينفع و كثيره يهلك (قاتل ف ن) .

(ص 105 ح 2206)

اصمت تسلم. (ص 108 ف 2 ح 12)

ص:543

اصمت دهرك يجلّ أمرك-أقلل الكلام تأمن الملام. (ص 110 ح 56 و 60)

اخزن لسانك كما تخزن ذهبك و ورقك. (ص 111 ح 72)

الزم الصمت فأدنى نفعه السلامة. (ص 112 ح 91)

أقلل المقال، و قصّر الآمال، و لا تقل ما يكسبك وزرا، أو ينفّر عنك حرّا.

(ص 114 ح 118)

احفظ رأسك من عثرة لسانك، و ازممه بالنهي و الحزم و التقى و العقل.

(ص 117 ح 145)

الزم الصمت يستنر فكرك. (ص 109 ح 48)

احبس لسانك قبل أن يطيل حبسك و يردي نفسك، فلا شيء أولى بطول سجن من لسان يعدل عن الصواب و يتسرّع إلى الجواب. (ص 125 ح 211)

الزم الصمت يلزمك النجاة و السلامة، و الزم الرضا يلزمك الغنى و الكرامة. (ص 126 ح 221)

احذروا اللسان فإنّه سهم يخطي. (ص 141 ف 4 ح 1)

إيّاك و الهذر فمن كثر كلامه كثرت آثامه. (ص 147 ف 5 ح 7)

إيّاك و فضول الكلام فإنّه يظهر من عيوبك ما بطن، و يحرّك عليك من أعدائك ما سكن. (ص 155 ح 89)

إن كان في الكلام بلاغة ففي الصمت السلامة من العثار. (ص 272 ف 10 ح 9)

إن أحببت سلامة نفسك و ستر معايبك فأقلل كلامك و أكثر صمتك، يتوفّر فكرك و يستنر قلبك و يسلم الناس من يدك. (ص 274 ح 20)

إذا غلبت على الكلام فإيّاك أن تغلب على السكوت. (ص 314 ف 17 ح 87)

إذا تكلّمت بكلمة ملكتك و إن سكتّ عنها ملكتها. (ص 316 ح 110)

بالصمت يكثر الوقار. (ص 329 ف 18 ح 4)

بلاء الإنسان في لسانه. (ص 343 ف 21 ح 7)

ص:544

حدّ السنان يقطع الأوصال، و حدّ اللسان يقطع الآجال.

(ص 382 ف 28 ح 31)

حدّ اللسان أمضى من حدّ السنان. (ح 32)

حفظ اللسان و بذل الإحسان من أفضل فضائل الإنسان. (ح 33)

ربّ كلام كلاّم-ربّ كلام كالحسام. (1). (ص 413 ف 35 ح 5 و 6)

ربّ كلمة سلبت نعمة. (ص 414 ح 15)

ربّ قول أشدّ من صول-ربّ كلام جوابه السكوت. (ص 415 ح 26 و 38)

ربّ نطق أحسن منه الصمت. (ح 39)

ربّ لسان أتى على الإنسان. (ص 416 ح 44)

ربّ سكوت أبلغ من كلام. (ح 56)

ربّ كلام أنفذ من سهام. (ح 57)

زلّة اللسان أشدّ هلاك. (ص 428 ف 37 ح 35)

زلّة اللسان أشدّ من جرح السنان. (ص 427 ح 35)

صمت يعقبك السلامة خير من نطق يعقبك الملامة. (ص 457 ف 44 ح 55)

صمت يكسوك الكرامة خير من قول يكسبك الندامة. (ح 56)

صمت يكسبك الوقار خير من كلام يكسوك العار. (ح 57)

صمت تحمد عاقبته خير من كلام تذّم مغبّته. (ص 458 ح 59)

صمتك حتّى تستنطق أجمل من نطقك حتّى تسكت. (ح 61)

صمت الجاهل ستره. (ح 66)

ضبط اللسان ملك و إطلاقه هلك. (ص 463 ف 45 ح 35)

طعن اللسان أمضّ من طعن السنان. (ج 2 ص 471 ف 47 ح 28)

ص:545


1- -أي السيف القاطع

عليك بلزوم الصمت فإنّه يلزمك السلامة و يؤمنك الندامة.

(ص 81 ف 49 ح 46)

عجبت لمن يتكلّم بما لا ينفعه في دنياه و لا يكتب له أجره في اخراه.

(ص 497 ف 54 ح 35)

عجبت لمن يتكلّم فيما إن حكي عنه ضرّه، و إن لم يحك عنه لم ينفعه.

(ح 36)

فكّر ثمّ تكلّم تسلم من الزلل. (ص 518 ف 59 ح 41)

قلّة الكلام تستر العيوب و تقلّل الذنوب. (ص 537 ف 61 ح 55)

قلّة الكلام تستر العوار و تؤمن العثار. (ح 58)

كلّ إنسان مؤاخذ بجناية لسانه و يده. (ص 546 ف 62 ح 46)

كم من دم سفكه فم. (ص 549 ف 63 ح 8)

كم من إنسان أهلكه لسان. (ص 550 ح 9)

كم من كلمة سلبت نعمة. (ح 20)

كثرة الكلام يملّ الإخوان. (ص 563 ف 66 ح 35)

كثرة الكلام يبسط حواشيه و ينقص معانيه، فلا يرى له أمد و لا ينتفع به أحد.

(ص 564 ح 47)

كن صموتا من غير عيّ، فإنّ الصمت زينة العالم و ستر الجاهل.

(ص 568 ف 67 ح 46)

كلام العاقل قوت، و جواب الجاهل سكوت. (ص 573 ف 69 ح 5)

كلام الرجل ميزان عقله. (ح 15)

كلامك محفوظ عليك مخلّد في صحيفتك، فاجعله فيما يزلفك و إيّاك أن تطلقه فيما يوبقك. (ص 574 ح 27)

ص:546

للإنسان فضيلتان: عقل و منطق، فبالعقل يستفيد و بالمنطق يفيد.

(ص 583 ف 71 ح 39)

من عقل صمت. (ص 615 ف 77 ح 103)

من عذب لسانه كثر إخوانه. (ح 119)

من كثر مقاله سئم. (ص 616 ح 138)

من كثر كلامه زلّ. (ص 619 ح 180)

من كثر كلامه كثر ملامه. (ص 620 ح 207)

من لانت كلمته وجبت محبّته. (ص 625 ح 296)

من كثر كلامه كثر سقطه-من تفقّد مقاله قلّ غلطه. (ص 626 ح 320 و 321)

من حفظ لسانه أكرم نفسه. (ص 628 ح 360)

من كثر كلامه كثر لغطه. (ص 634 ح 438)

من كثر مقاله لم يعدم السقط. (ص 635 ح 461)

من لزم الصمت أمن الملامة. (ح 463)

من علم أنّه مؤاخذ بقوله فليقصر من المقال. (ص 636 ح 469)

من لم يملك لسانه ندم (يندم ف ن) . (ص 639 ح 530)

من سجن لسانه أمن من ندمه. (ص 646 ح 623)

من قلّ كلامه قلّت آثامه-من لزم الصمت أمن المقت.

(ص 653 ح 746 و 744)

من قلّ كلامه بطن عيبه.

(ص 654 ح 752)

من صمت سلم. (ص 721 ح 1502)

من الإيمان حفظ اللسان. (ص 726 ف 78 ح 29)

من عقل الرجل أن لا يتكلّم بكلّ ما أحاط به علمه. (ص 729 ح 78)

ما عقد إيمانه من لم يحفظ لسانه. (ص 744 ف 79 ح 137)

ص:547

لا تتكلّم بكلّ ما تعلم، فكفى بذلك جهلا. (ص 801 ف 85 ح 38)

لا تقلّ (تقل ف ن) ما يثقل وزرك. (ص 804 ح 81)

لا تجر لسانك إلاّ بما يكتب لك أجره و يجمل عنك نشره. (ص 810 ح 154)

لا عبادة كالصمت. (ص 831 ف 86 ح 37)

لا وقار كالصمت. (ص 832 ح 62)

لا حافظ أحفظ من الصمت. (ص 838 ح 184)

لا خازن أفضل من الصمت. (ص 844 ح 294)

لا شيء أعود على الإنسان من حفظ اللسان و بذل الإحسان.

(ص 853 ح 423)

يستدلّ على عقل كلّ امرء بما يجري على لسانه. (ص 863 ف 88 ح 3)

يستدلّ على عقل الرجل بحسن مقاله، و على طهارة أصله بجميل أفعاله.

(ص 864 ح 8)

يستدلّ على نبل الرجل بقلّة مقاله، و على تفضّله بكثرة احتماله.

(ح 9)

أقول:

قد مرّ في باب الصداقة؛ . . . و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و اله: من حفظ لسانه فكأنّما عمل بالقرآن.

ص:548

119- الصوفيّة

اشارة
الأخبار

1-روي عن الصادق عليه السّلام في حال أبي هاشم الكوفيّ: أنّه كان فاسدة العقيدة جدّا، و هو الذي ابتدع مذهبا يقال له: التصوّف، و جعله مفرّا لعقيدته الخبيثة و أكثر الملاحدة و جنّة لعقائدهم. (1)

أقول:

ذكر رحمه اللّه بحثا طويلا في ردّهم.

2-عن الرضا عليه السّلام قال: من ذكر عنده الصوفيّة و لم ينكرهم بلسانه و قلبه فليس منّا، و من أنكرهم فكأنّما جاهد الكفّار بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله. (2)

3-عن البزنطي أنّه قال: قال رجل من أصحابنا للصادق جعفر بن محمّد عليه السّلام: قد ظهر في هذا الزمان قوم يقال لهم: الصوفيّة، فما تقول فيهم؟ قال: عليه السّلام إنّهم أعدائنا، فمن مال إليهم فهو منهم و يحشر معهم، و سيكون أقوام يدّعون حبّنا و يميلون إليهم و يتشبّهون بهم، و يلقّبون أنفسهم بلقبهم و يأوّلون أقوالهم، ألا فمن مال إليهم فليس منّا و إنّا منه براء، و من أنكرهم و ردّ عليهم كان كمن جاهد

ص:549


1- -الأنوار النعمانيّة ج 2 ص 294
2- سفينة البحار ج 2 ص 57( صوف)

الكفّار بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله. (1)

4-عن السيّد المرتضى الرازيّ بسنده عن الحسن العسكريّ عليه السّلام أنّه قال لأبي هاشم الجعفريّ: يا أبا هاشم، سيأتي زمان على الناس وجوههم ضاحكة مستبشرة و قلوبهم مظلمة منكدرة، السنّة فيهم بدعة و البدعة فيهم سنّة، المؤمن بينهم محقّر و الفاسق بينهم موقّر، امراؤهم جائرون، و علمائهم في أبواب الظلمة سائرون، أغنياؤهم يسرقون زاد الفقراء، و أصاغرهم يتقدّمون على الكبراء، كلّ جاهل عندهم خبير، و كلّ محيل عندهم فقير، لا يميّزون بين المخلص و المرتاب، و لا يعرفون الضأن من الذئاب

علمائهم شرار خلق اللّه على وجه الأرض، لأنّهم يميلون إلى الفلسفة و التصوّف، و أيم اللّه إنّهم من أهل العدوان و التحرّف، يبالغون في حبّ مخالفينا، و يضلّون شيعتنا و موالينا، فإن نالوا منصبا لم يشبعوا عن الرشا، و إن خذلوا عبدوا اللّه على الرياء، ألا إنّهم قطّاع طريق المؤمنين (الدين ف ن) و الدعاة إلى نحلة الملحدين، فمن أدركهم فليحذرهم و ليصن دينه و إيمانه.

ثمّ قال: يا أبا هاشم، هذا ما حدّثني أبي عن آبائه عن جعفر بن محمّد عليهم السّلام و هو من أسرارنا فاكتمه إلاّ عن أهله. (2)

5-عنه أيضا بسنده عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب قال: كنت مع الهادي عليّ بن محمّد عليهما السّلام في مسجد النبيّ صلّى اللّه عليه و اله، فأتاه جماعة من أصحابه، منهم أبو هاشم الجعفريّ رحمه اللّه و كان رجلا بليغا و كانت له منزلة عظيمة عنده عليه السّلام. ثمّ دخل المسجد جماعة من الصوفيّة و جلسوا في جانب مستديرا (مستديرين ف ن) و أخذوا بالتهليل.

ص:550


1- -سفينة البحار ج 2 ص 57
2- سفينة البحار ج 2 ص 57

فقال عليه السّلام: لا تلتفتوا إلى هؤلاء الخدّاعين، فإنّهم حلفاء الشياطين و مخرّبوا قواعد الدين، يتزهّدون لراحة الأجسام، و يتهجّدون لتصييد الأنعام. . . فمن ذهب إلى زيارة أحد منهم حيّا أو ميّتا فكأنّما ذهب إلى زيارة الشيطان و عبدة الأوثان، و من أعان أحدا منهم فكأنّما أعان يزيد و معاوية و أبا سفيان.

فقال له رجل من أصحابه عليه السّلام: و إن كان معترفا بحقوقكم؟ قال: فنظر إليه شبه المغضب و قال: دع ذاعنك من اعترف بحقوقنا لم يذهب في عقوقنا، أما تدري أنّهم أخسّ طوائف الصوفيّة، و الصوفيّة كلّهم من مخالفينا و طريقتهم مغايرة لطريقتنا، و إن هم إلاّ نصارى و مجوس هذه الامّة، اولئك الذين يجهدون في إطفاء نور اللّه و اللّه يتمّ نوره و لو كره الكافرون. (1)

6-قال الرضا عليه السّلام: لا يقول بالتصوّف أحد إلاّ لخدعة أو ضلالة أو حماقة، و أمّا من سمّى نفسه صوفيّا للتقيّة فلا إثم عليه.

و في رواية اخرى عنه عليه السّلام بزيادة قوله: و علامته أن يكتفي بالتسمية و لا يقول بشيء من عقائدهم الباطلة. (2)

7-و عن كشكول شيخنا البهائيّ رحمه اللّه، قال النبيّ صلّى اللّه عليه و اله: لا يقوم الساعة على امّتي حتّى يقوم قوم من امّتي اسمهم الصوفيّة، ليسوا منّي و إنّهم يحلقون للذكر و يرفعون أصواتهم، يظنّون أنّهم على طريقتي، بل هم أضلّ من الكفّار، و هم أهل النار لهم شهيق الحمار. . . (3)

ص:551


1- -سفينة البحار ج 2 ص 58
2- سفينة البحار ج 2 ص 58
3- سفينة البحار ج 2 ص 58

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393737372C22426F6F6B4944223A31363732302C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3535322C2253686F77506167654E756D223A22353532222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030332F424B31353931344730303353312F424B3135393134473030335331503535322E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

120- الصوم و شهر رمضان

الآيات

1- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ اَلصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى اَلَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ. الآيات. (1)

2- . . وَ اَلصّائِمِينَ وَ اَلصّائِماتِ. . . (2)

الأخبار

1-عن محمّد بن سنان قال: فيما كتب إليه أبو الحسن الرضا عليه السّلام من جواب مسائله: علّة الصوم لعرفان مسّ الجوع و العطش، ليكون العبد ذليلا مستكينا مأجورا محتسبا صابرا، فيكون ذلك دليلا على شدائد الآخرة، مع ما فيه من الانكسار له عن الشهوات، واعظا له في العاجل دليلا على الآجل، ليعلم شدّة مبلغ ذلك من أهل الفقر و المسكنة في الدنيا و الآخرة. (3)

2-عن هشام بن الحكم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن علّة الصيام؟

ص:553


1- -البقرة:183 إلى 187
2- الأحزاب:35
3- العلل ج 2 ص 378 ب 108 ح 1

قال: العلّة في الصيام ليستوي به الفقير و الغنيّ، و ذلك لأنّ الغنيّ لم يكن ليجد مسّ الجوع فيرحم الفقير، لأنّ الغنيّ كلّما أراد شيئا قدر عليه، فأراد اللّه أن يسوّي بين خلقه، و أن يذيق الغنيّ مسّ الجوع و الألم ليرقّ على الضعيف و يرحم الجائع.

-فأجابني بمثل جواب أبيه-. (1)

أقول:

للصوم فوائد كثيرة، منها التقوى، قال اللّه تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمُ اَلصِّيامُ . . .

لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ و هو من أهمّ فوائد الصوم.

و منها: تثبيت الإخلاص.

قالت فاطمة الزهراء عليها السّلام في الخطبة المشهورة لها: «و الصيام تثبيتا للإخلاص» . (2)

و قال أمير المؤمنين عليه السّلام فرض اللّه. . . الصيام ابتلاء لإخلاص الخلق. (3)

و منها: انكسار الكبر.

قال عليّ عليه السّلام في الخطبة القاصعة: و لكنّ اللّه يختبر عباده بأنواع الشدائد، و يتعبّدهم بأنواع المجاهد، و يبتليهم بضروب المكاره، إخراجا للتكبّر من قلوبهم و إسكانا للتذلّل في نفوسهم. . . و مجاهدة الصيام في الأيّام المفروضات، تسكينا لأطرافهم، و تخشيعا لأبصارهم، و تذليلا لنفوسهم، و تخفيضا لقلوبهم. . . (4)

و منها: انكسار الشهوات و الهوى.

عن أبي الحسن عليه السّلام قال: قال لقمان لابنه: يا بنيّ، صم صياما يقطع شهوتك،

ص:554


1- -العلل ج 2 ص 378 ح 2
2- الاحتجاج ج 1 ص 134
3- نهج البلاغة ص 1197 ح 244- صبحي ح 252
4- نهج البلاغة ص 795 و ص 798 في خ 234-صبحي ص 294 في خ 192

و لا تصم صياما يمنعك من الصلاة، فإنّ الصلاة أعظم عند اللّه من الصوم. (1)

عن أحدهما عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: يا معشر الشباب، عليكم بالباه، فإن لم تستطيعوه فعليكم بالصيام فإنّه وجاؤه. (2)

بيان:

«الباه» : أي الجماع. «الوجاء» في المصباح: و يطلق الوجاء أيضا على رضّ عروق البيضتين حتّى تنفضخا من غير إخراج، فيكون شبيها بالخصاء، لأنّه يكسر الشهوة انتهى. و المراد أنّ الصوم يقلّل الشهوة.

و منها: صحّة البدن.

كما سيأتي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و اله: صوموا تصحّوا.

و منها: التباعد من خطرات الشيطان، قد مرّ في باب الشيطان ح 1 عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: الصوم يسوّد وجهه. . .

و منها: درك الغنيّ مسّ الجوع ليرحم الفقير، كما في ح 1 و 2.

و منها: ذكر جوع القيامة و عطشها، و تدلّ على ذلك أخبار كثيرة.

و منها: فراغ السالك قلبه للعبادة، و نصب النفس للعمل و الاجتهاد ليوم المعاد، إنّ الإمام المجتبى عليه السّلام مرّ بقوم يوم العيد و هم يضحكون، فقال عليه السّلام: إنّ اللّه تعالى جعل شهر رمضان مضمارا لخلقه (3)، يستبقون فيه لطاعته، فسبق أقوام ففازوا، و تخلّف أقوام فخابوا، فالعجب كلّ العجب للضاحك اللاعب في اليوم الذي فاز فيه المسارعون، و خاب فيه المبطلون، أما و اللّه لو كشف الغطاء لاشتغل

ص:555


1- -البحار ج 96 ص 290
2- الوسائل ج 10 ص 410 ب 4 من الصوم المندوب ح 1
3- في مجمع البحرين، المضمار: الموضع الذي تضمّر فيه الخيل، و يكون وقتا للأيّام التي تضمّر فيها، و تضمّر الخيل: أن يظاهر عليها بالعلف حتّى تسمن ثمّ لا تعلف إلاّ قوتا لتخفّ، و ذلك في مدّة أربعين يوما انتهى. و ذلك للسباق و المسابقة.

المحسن بإحسانه، و المسيء عن إساءته. (1)

قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ألا و إنّ اليوم المضمار، و غدا السباق و السبقة الجنّة و الغاية النار. (2)

أقول: و للصوم فوائد اخر سيأتي بعضها في الأخبار.

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: للصائم فرحتان: فرحة عند إفطاره و فرحة عند لقاء ربّه. (3)

4-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: الصائم في عبادة و إن كان [نائما]على فراشه ما لم يغتب مسلما. (4)

بيان:

«على فراشه» : في ثواب الأعمال و المجالس و الفقيه و بعض نسخ الكافي: "و إن كان نائما على فراشه".

5-قال الصادق عليه السّلام: نوم الصائم عبادة، و صمته تسبيح، و عمله متقبّل، و دعاؤه مستجاب. (5)

6-قال عليّ عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: من صام يوما تطوّعا أدخله اللّه عزّ و جلّ الجنّة. (6)

7-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: إنّ للجنّة بابا يدعى الريّان، لا يدخل منه إلاّ

ص:556


1- -جامع السعادات ج 3 ص 380- تحف العقول ص 170
2- نهج البلاغة ص 98 في خ 28
3- الوسائل ج 10 ص 397 ب 1 من الصوم المندوب ح 6
4- الوسائل ج 10 ص 399 ح 12
5- الوسائل ج 10 ص 401 ح 17
6- الوسائل ج 10 ص 401 ح 18

الصائمون. (1)

8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من صام للّه عزّ و جلّ يوما في شدّة الحرّ فأصابه ظمأ، و كلّ اللّه به ألف ملك يمسحون وجهه و يبشّرونه، حتّى إذا أفطر قال اللّه عزّ و جلّ: ما أطيب ريحك و روحك، ملائكتي اشهدوا أنّي قد غفرت له. (2)

9-عن الرضا عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: من صام يوم الجمعة صبرا و احتسابا اعطي ثواب صيام عشرة أيّام غرّ زهر لا تشاكل أيّام الدنيا. (3)

10-عن حمّاد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: صام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله حتّى قيل: ما يفطر، ثمّ أفطر حتّى قيل: ما يصوم، ثمّ صام صوم داود عليه السّلام يوما و يوما لا، ثمّ قبض صلّى اللّه عليه و اله على صيام ثلاثة أيّام في الشهر، و قال: يعدلن صوم الدهر (الشهر ف ن) و يذهبن بوحر الصدر، -و قال حمّاد: الوحر الوسوسة-قال حمّاد:

فقلت: و أيّ الأيّام هي؟

قال: أوّل خميس في الشهر، و أوّل أربعاء بعد العشر منه، و آخر خميس فيه، فقلت: و كيف صارت هذه الأيّام التي تصام؟ فقال: لأنّ من قبلنا من الامم كانوا إذا نزل على أحدهم العذاب نزل في هذه الأيّام، فصام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله هذه الأيّام لأنّها الأيّام المخوفة. (4)

أقول:

«صيام ثلاثة أيّام» : بهذا المعنى أخبار كثيرة في بعضها: «ذلك صوم الدهر» و في ح 2: «أمّا الخميس فيوم تعرض فيه الأعمال، و أمّا الأربعاء فيوم خلقت فيه النار، و أمّا الصوم فجنّة» و في ح 6: «هذا جميع ما جرت به السنّة في الصوم»

ص:557


1- -الوسائل ج 10 ص 404 ح 31
2- الوسائل ج 10 ص 409 ب 3 ح 1
3- الوسائل ج 10 ص 412 ب 5 ح 2
4- الوسائل ج 10 ص 415 ب 7 ح 1

و في ذيله: «أفضل ما جرت به السنّة في التطوّع من الصوم» .

11-عن أبي بصير عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام (في حديث) قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يوما لأصحابه: أيّكم يصوم الدهر؟ فقال سلمان: أنا يا رسول اللّه، فقال رجل لسلمان: رأيتك في أكثر نهارك تأكل، فقال: ليس حيث تذهب، إنّي أصوم الثلاثة في الشهر قال اللّه عزّ و جلّ: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها و أصل شعبان بشهر رمضان، فذلك صوم الدهر، و فيه أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله قال للرجل: أنّى لك بمثل لقمان الحكيم، سله فإنّه ينبّئك. (1)

12-عن الرضا عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله خطبنا ذات يوم فقال: أيّها الناس، إنّه قد أقبل إليكم شهر اللّه بالبركة و الرحمة و المغفرة، شهر هو عند اللّه أفضل الشهور، و أيّامه أفضل الأيّام و لياليه أفضل الليالي، و ساعاته أفضل الساعات، هو شهر دعيتم فيه إلى ضيافة اللّه، و جعلتم فيه من أهل كرامة اللّه، أنفاسكم فيه تسبيح، و نومكم فيه عبادة، و عملكم فيه مقبول، و دعاؤكم فيه مستجاب، فاسألوا اللّه ربّكم بنيّات صادقة و قلوب طاهرة أن يوفّقكم لصيامه و تلاوة كتابه.

فإنّ الشقيّ من حرم غفران اللّه في هذا الشهر العظيم، و اذكروا بجوعكم و عطشكم فيه جوع يوم القيامة و عطشه، و تصدّقوا على فقرائكم و مساكينكم، و وقّروا كباركم، و ارحموا صغاركم، و صلوا أرحامكم، و احفظوا ألسنتكم، و غضّوا عمّا لا يحلّ النظر إليه أبصاركم، و عمّا لا يحلّ الاستماع إليه أسماعكم، و تحنّنوا على أيتام الناس يتحنّن على أيتامكم، و توبوا إلى اللّه من ذنوبكم، و ارفعوا إليه أيديكم بالدعاء في أوقات صلاتكم، فإنّها أفضل الساعات، ينظر اللّه عزّ و جلّ فيها بالرحمة إلى عباده، يجيبهم إذا ناجوه، و يلبّيهم إذا نادوه،

ص:558


1- -الوسائل ج 10 ص 421 ح 12

و يعطيهم إذا سألوه، و يستجيب لهم إذا دعوه.

أيّها الناس، إنّ أنفسكم مرهونة بأعمالكم ففكّوها باستغفاركم، و ظهوركم ثقيلة من أوزاركم فخفّفوا عنها بطول سجودكم، و اعلموا أنّ اللّه أقسم بعزّته أن لا يعذّب المصلّين و الساجدين، و أن لا يروّعهم بالنار يوم يقوم الناس لربّ العالمين.

أيّها الناس، من فطّر منكم صائما مؤمنا في هذا الشهر كان له بذلك عند اللّه عتق نسمة، و مغفرة لما مضى من ذنوبه، قيل: يا رسول اللّه، فليس كلّنا نقدر على ذلك، فقال صلّى اللّه عليه و اله: اتّقوا النار و لو بشقّ تمرة، اتّقوا النار و لو بشربة من ماء.

أيّها الناس، من حسّن منكم في هذا الشهر خلقه كان له جوازا على الصراط يوم تزلّ فيه الأقدام، و من خفّف في هذا الشهر عمّا ملكت يمينه خفّف اللّه عليه حسابه، و من كفّ فيه شرّه كفّ اللّه عنه غضبه يوم يلقاه، و من أكرم فيه يتيما أكرمه اللّه يوم يلقاه.

و من وصل فيه رحمه وصله اللّه برحمته يوم يلقاه، و من قطع فيه رحمه قطع اللّه عنه رحمته يوم يلقاه، و من تطوّع فيه بصلاة كتب اللّه له براءة من النار، و من أدّى فيه فرضا كان له ثواب من أدّى سبعين فريضة فيما سواه من الشهور، و من أكثر فيه من الصلاة عليّ ثقّل اللّه ميزانه يوم تخفّ الموازين، و من تلا فيه آية من القرآن كان له مثل أجر من ختم القرآن في غيره من الشهور.

أيّها الناس، إنّ أبواب الجنان في هذا الشهر مفتّحة فاسألوا ربّكم أن لا يغلقها عنكم، و أبواب النيران مغلقة فاسألوا ربّكم أن لا يفتحها عليكم، و الشياطين مغلولة فاسألوا ربّكم أن لا يسلّطها عليكم، قال أمير المؤمنين عليه السّلام: فقمت فقلت:

يا رسول اللّه، ما أفضل الأعمال في هذا الشهر؟ فقال: يا أبا الحسن، أفضل الأعمال

ص:559

في هذا الشهر الورع عن محارم اللّه. . . (1)

13-عن جابر أنّ أبا جعفر عليه السّلام قال له: يا جابر، من دخل عليه شهر رمضان فصام نهاره، و قام وردا من ليله، و حفظ فرجه و لسانه، و غضّ بصره، و كفّ أذاه خرج من الذنوب كيوم ولدته امّه، قال جابر: قلت له: جعلت فداك، ما أحسن هذا من حديث؟ ! قال: و ما أشدّ هذا من شرط؟ ! (2)

14-كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله إذا دخل شهر رمضان أطلق كلّ أسير و أعطى كلّ سائل. (3)

15-عن هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من لم يغفر له في شهر رمضان لم يغفر له إلى قابل إلاّ أن يشهد عرفة. (4)

16-عن محمّد بن مروان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ للّه عزّ و جلّ في كلّ ليلة من شهر رمضان عتقاء و طلقاء من النار إلاّ من أفطر على مسكر، فإذا كان في آخر ليلة منه أعتق فيها مثل ما أعتق في جميعه. (5)

17-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان عليّ بن الحسين عليهما السّلام إذا كان شهر رمضان لم يتكلّم إلاّ بالدعاء و التسبيح و الاستغفار و التكبير، فإذا أفطر قال:

اللهمّ إن شئت أن تفعل فعلت. (6)

بيان:

«أن تفعل» في المرآة ج 16 ص 250: أي تغفر ذنوبي أو تقبل أعمالي أو تستجيب

ص:560


1- -الوسائل ج 10 ص 313 ب 18 من أحكام شهر رمضان ح 20
2- الوسائل ج 10 ص 303 ح 2
3- الوسائل ج 10 ص 305 ح 5
4- الوسائل ج 10 ص 305 ح 6
5- الوسائل ج 10 ص 306 ح 9
6- الوسائل ج 10 ص 309 ح 12

دعائي أو الجميع أي تفعل بي ما يناسب كرمك وسعة رحمتك.

18-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا سلم شهر رمضان سلمت السنة، قال:

و رأس السنة شهر رمضان. (1)

19-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله إذا دخل العشر الأواخر شدّ المئزر، و اجتنب النساء، و أحيى الليل، و تفرّغ للعبادة. (2)

بيان:

في النهاية ج 1 ص 44: «كان إذا دخل العشر. . . و شدّ المئزر» المئزر: الإزار و كنّى بشدّه عن اعتزال النساء، و قيل: أراد تشميره للعبادة، يقال: شددت لهذا الأمر مئزري، أي تشمّرت له. (المرآة ج 16 ص 426)

20-عن عليّ بن موسى الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:

إنّ شهر رمضان شهر عظيم، يضاعف اللّه فيه الحسنات و يمحو فيه السيّئات و يرفع فيه الدرجات، من تصدّق في هذا الشهر بصدقة غفر اللّه له، و من أحسن فيه إلى ما ملكت يمينه غفر اللّه له، و من حسّن فيه خلقه غفر اللّه له، و من كظم فيه غيظه غفر اللّه له، و من وصل فيه رحمه غفر اللّه له.

ثمّ قال عليه السّلام: إنّ شهركم هذا ليس كالشهور، إنّه إذا أقبل إليكم أقبل بالبركة و الرحمة و إذا أدبر عنكم أدبر بغفران الذنوب، هذا شهر الحسنات فيه مضاعفة، و أعمال الخير فيه مقبولة، من صلّى منكم في هذا الشهر للّه عزّ و جلّ ركعتين يتطوّع بهما غفر اللّه له، ثمّ قال عليه السّلام: إنّ الشقيّ حقّ الشقيّ من خرج عنه هذا الشهر و لم تغفر ذنوبه، فحينئذ يخسر حين يفوز المحسنون بجوائز الربّ الكريم. (3)

21-قال الرضا عليه السّلام: من تصدّق وقت إفطاره على مسكين برغيف غفر

ص:561


1- -الوسائل ج 10 ص 311 ح 15
2- الوسائل ج 10 ص 311 ح 17
3- الوسائل ج 10 ص 312 ح 19

اللّه له ذنبه، و كتب له ثواب عتق رقبة من ولد إسماعيل. (1)

22-عن عليّ بن جعفر عن أبيه عن جدّه عليهم السّلام عن جابر بن عبد اللّه قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: اعطيت امّتي في شهر رمضان خمسا لم تعطها امّة نبيّ قبلي:

إذا كان أوّل يوم منه نظر اللّه إليهم، فإذا نظر اللّه عزّ و جلّ إلى شيء لم يعذّبه بعدها، و خلوف أفواههم حين يمسون أطيب عند اللّه عزّ و جلّ من ريح المسك، تستغفر لهم الملائكة في كلّ يوم و ليلة منه، و يأمر اللّه عزّ و جلّ جنّته فيقول: تزيّني لعبادي المؤمنين فيوشك أن يستريحوا من نصب الدنيا و أذاها إلى جنّتي و كرامتي، فإذا كان آخر ليلة منه غفر اللّه عزّ و جلّ لهم جميعا. (2)

بيان:

«الخلوف» : أي رائحة الفم.

23-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام (في حديث) : رمضان شهر اللّه، استكثروا فيه من التهليل و التكبير و التحميد و التسبيح، و هو ربيع الفقراء، و إنّما جعل الأضحى ليشبع المساكين من اللحم، فأطعموا من فضل ما أنعم اللّه به عليكم على عيالاتكم و جيرانكم، و أحسنوا جوار نعم اللّه عليكم، و واصلوا إخوانكم، و أطعموا الفقراء و المساكين من إخوانكم، فإنّه من فطّر صائما فله مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيئا، و سمّي شهر رمضان شهر العتق، لأنّ للّه فيه كلّ يوم و ليلة ستّمأة عتيق، و في آخره مثل ما أعتق فيما مضى. (3)

24-عن يونس بن [حمّاد]قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: من أفطر يوما من شهر رمضان خرج روح الإيمان منه. (4)

ص:562


1- -الوسائل ج 10 ص 316 ح 26
2- الوسائل ج 10 ص 317 ح 27
3- الوسائل ج 10 ص 318 ح 29
4- الوسائل ج 10 ص 245 ب 1 ح 12

25-عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا صمت فليصم سمعك و بصرك و (شعرك) و جلدك-و عدّد أشياء غير هذا-قال: و لا يكون يوم صومك كيوم فطرك. (1)

أقول:

يستفاد من الأخبار أنّ للصوم درجات و مراتب: الأولى، صوم العموم و هو الكفّ عن مبطلات الصوم مع النيّة، و هذا يفيد سقوط القضاء و الاستخلاص من العذاب.

و الثانية، صوم الخصوص و هو الكفّ المذكور مع كفّ البصر و السمع و اللسان و اليد و الرجل و سائر الجوارح عن المعاصي، و تترتّب عليه المثوبات و الدرجات للصوم و الصائم.

و الثالثة، صوم خاصّ الخاصّ و هو الكفّان المذكوران مع صوم القلب عن غير اللّه تعالى و عن أخلاق الرديّة، و ملخّص الكلام: الكفّ عمّا سواه بالكليّة، و الصوم عن غير اللّه تعالى و هذه درجة تنالها الأنبياء و الأوصياء و الأولياء المقرّبين و الصدّيقين و يترتّب عليها الوصول إلى المشاهدة و اللقاء و الفوز بما لا عين رأت و لا اذن سمعت.

و في الغرر (ج 2 ص 554 ف 64 ح 12) عن عليّ عليه السّلام قال: كيف يجد لذّة العبادة من لا يصوم عن الهوى.

26-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: إنّ أفضل ما توسّل به المتوسّلون إلى اللّه . . . و صوم شهر رمضان فإنّه جنّة من العقاب. . . (2)

27-و قال عليه السّلام: . . . و لكلّ شيء زكاة، و زكاة البدن الصيام. . . (3)

ص:563


1- -الوسائل ج 10 ص 161 ب 11 من آداب الصائم ح 1
2- نهج البلاغة ص 338 في خ 109
3- نهج البلاغة ص 1152 في خ 131(البحار ج 78 ص 60 في ح 138 و ص 208 في ح 77)

28-و قال عليه السّلام: كم من صائم ليس له من صيامه إلاّ الجوع و الظماء، و كم من قائم ليس له من قيامه إلاّ السهر و العناء، حبّذا نوم الأكياس و إفطارهم. 1

29-و قال عليه السّلام: ليس الصوم الإمساك عن المأكل و المشرب، الصوم الإمساك عن كلّ ما يكرهه اللّه سبحانه. 2

30-في حديث المعراج عن اللّه تعالى. . . قال: يا ربّ، ما أوّل العبادة؟ قال: أوّل العبادة الصمت و الصوم، قال: يا ربّ، و ما ميراث الصوم؟ قال: الصوم يورث الحكمة و الحكمة تورث المعرفة، و المعرفة تورث اليقين، فإذا استيقن العبد لا يبالي كيف أصبح، بعسر أم بيسر. . . 3

يا أحمد، إنّ العبد إذا أجاع بطنه و حفظ لسانه علّمته الحكمة و إن كان كافرا تكون حكمته حجّة عليه و وبالا، و إن كان مؤمنا تكون حكمته له نورا و برهانا و شفاء و رحمة، فيعلم ما لم يكن يعلم، و يبصر ما لم يكن يبصر، فأوّل ما أبصره عيوب نفسه حتّى يشتغل عن عيوب غيره، و أبصّره دقائق العلم حتّى لا يدخل عليه الشيطان.

يا أحمد، ليس شيء من العبادة أحبّ إليّ من الصمت و الصوم، فمن صام و لم يحفظ لسانه كان كمن قام و لم يقرأ في صلاته فأعطيه أجر القيام و لم أعطه أجر العابدين. 4

31-عن ابن عبّاس عن النبيّ صلّى اللّه عليه و اله قال: قال اللّه تبارك و تعالى: كلّ عمل

ص:564

ابن آدم هو له غير الصيام هو لي و أنا أجزي به، و الصيام جنّة العبد المؤمن يوم القيامة كما يقي أحدكم سلاحه في الدنيا، و لخلوف فم الصائم أطيب عند اللّه عزّ و جلّ من ريح المسك، و الصائم يفرح بفرحتين: حين يفطر فيطعم و يشرب، و حين يلقاني فأدخله الجنّة. (1)

بيان:

«أجزي به» : يحتمل أن يكون مبنيّا على الفاعل، كما يحتمل أن يكون مبنيّا على المفعول، فالمعنى على الثاني: هو أنّ اللّه عزّ و جلّ نفسه جزاء الصائم يعنى لقاءه و رضوانه.

«هو لي» : في وجه اختصاص الصوم للّه قيل: لأنّ كلّ عبادة يعبد بها اللّه فيه تظاهر بالعمل العبادي و ليس يخفى أمره على الناس، إلاّ الصوم حيث لا تظاهر فيه، لأنّه الكفّ عن المفطرات مع النيّة، و الكفّ نفي العمل، و لا يمكن الاطّلاع عليه إلاّ من قبل نفس الصائم و إظهاره. فلذا فضّل اللّه الصوم على العبادات بأنّه لي و أنا أجزي به. و اجيب عنه بأنّ بعض العبادات مثل التهليل و أعمال القلب خفيّ.

و قيل: حيث إنّ الإنسان ذو بعدين روح و جسم، و الروح روح اللّه حيث يقول تعالى: وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي و هي مقيّدة في سجن البدن و فكاك رقبتها منوط بتقوية الروح و تضعيف النفس الحيوانيّة، و الصوم يتكفّل هذا المهمّ إذ يقوّي الروح بحيث يطلق يوسف الروح من القيود و من جبّ الطبيعة، و صارت حاكمة في مصر البدن، و حيث إنّ الروح هي روح اللّه فكأنّ اللّه صار عزيز مصر البدن، فإذا «الصوم لي» حيث إنّه يطلق الروح و يجعلها أميرا و «أنا أجزى به» أي أنا جزاؤه إذ الجزاء المترتّب على الصوم هو إطلاق الروح و عودها حاكمة و هي ليست إلاّ منه تعالى فكأنّه تعالى جزائه.

ص:565


1- -البحار ج 96 ص 249 باب فضل الصيام ح 14

32-قال أبو الحسن عليه السّلام: دعوة الصائم تستجاب عند إفطاره.

و قال عليه السّلام: إنّ لكلّ صائم دعوة.

. . . و قال عليه السّلام: إنّ للصائم عند إفطاره دعوة لا تردّ.

و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و اله: صوموا تصحّوا. (1)

33-عن جرّاح المدائنيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا أصبحت صائما فليصم سمعك و بصرك من الحرام، و جارحتك و جميع أعضائك من القبيح، ودع عنك الهذي و أذى الخادم، و ليكن عليك وقار الصائم، و الزم ما استطعت من الصمت و السكوت إلاّ عن ذكر اللّه، و لا تجعل يوم صومك كيوم فطرك، و إيّاك و المباشرة و القبل و القهقهة بالضحك، فإنّ اللّه يمقت ذلك.

و عنه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ الصيام ليس من الطعام و الشراب وحده، إنّما للصوم شرط يحتاج أن يحفظ حتّى يتمّ الصوم، و هو صمت الداخل أما تسمع ما قالت مريم بنت عمران: إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ اَلْيَوْمَ إِنْسِيًّا يعني صمتا، فإذا صمتم فاحفظوا ألسنتكم عن الكذب، و غضّوا أبصاركم، و لا تنازعوا و لا تحاسدوا و لا تغتابوا و لا تماروا و لا تكذبوا و لا تباشروا و لا تخالفوا و لا تغاضبوا و لا تسابّوا و لا تشاتموا و لا تفاتروا و لا تجادلوا و لا تتأذّوا و لا تظلموا و لا تسافهوا و لا تضاجروا و لا تغفلوا عن ذكر اللّه و عن الصلاة.

و الزموا الصمت و السكوت و الحلم و الصبر و الصدق، و مجانبة أهل الشرّ، و اجتنبوا قول الزور و الكذب و الفري و الخصومة و ظنّ السوء و الغيبة و النميمة.

و كونوا مشرفين على الآخرة، منتظرين لأيّامكم، منتظرين لما وعدكم اللّه، متزوّدين للقاء اللّه، و عليكم السكينة و الوقار و الخشوع و الخضوع و ذلّ العبيد

ص:566


1- -البحار ج 96 ص 255 ح 33

الخيّف من مولاه خيّرين خائفين راجين مرعوبين مرهوبين راغبين راهبين، قد طهرت القلب من العيوب و تقدّست سرائركم من الخبث، و نظفت الجسم من القاذورات، و تبرّأت إلى اللّه من عداه، و واليت اللّه في صومك بالصمت من جميع الجهات، ممّا قد نهاك اللّه عنه في السرّ و العلانية، و خشيت اللّه حقّ خشيته في سرّك و علانيتك، و وهبت نفسك للّه في أيّام صومك و فرّغت قلبك له، و نصبت نفسك له فيما أمرك و دعاك إليه.

فإذا فعلت ذلك كلّه فأنت صائم للّه بحقيقة صومه، صانع له لما أمرك و كلّما نقصت منها شيئا فيما بيّنت لك، فقد نقص من صومك بمقدار ذلك.

و إنّ أبي عليه السّلام قال: سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله امرأة تسابّ جارية لها و هي صائمة، فدعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله بطعام فقال لها: كلي! فقالت: أنا صائمة يا رسول اللّه، فقال:

كيف تكونين صائمة و قد سببت جاريتك؟ إنّ الصوم ليس من الطعام و الشراب و إنّما جعل اللّه ذلك حجابا عن سواهما من الفواحش من الفعل و القول يفطر الصائم، ما أقلّ الصوّام و أكثر الجوّاع! (1)

34-عن جعفر بن محمّد عليه السّلام أنّه كان يقول لبنيه إذا دخل شهر رمضان:

فاجهدوا أنفسكم فيه، فإنّ فيه تقسم الأرزاق، و توقّت الآجال و يكتب وفد اللّه الذين يفدون عليه، و فيه ليلة القدر التي العمل فيها خير من العمل في ألف شهر. (2)

بيان:

«وفد اللّه» : المراد وفد حجّ بيت اللّه.

أقول: سيأتي ما يناسب المقام في باب ليلة القدر.

ص:567


1- -البحار ج 96 ص 292 باب آداب الصائم ح 16( الوسائل ج 10 ص 165 ب 11 من آداب الصائم ح 12 و 13)
2- البحار ج 96 ص 341 باب وجوب صوم شهر رمضان ح 6(و ص 375 ح 63)

35-عن جابر الأنصاريّ قال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله رقي المنبر فقال: آمين إلى أن رقي الدرجة الأولى، ثمّ رقي الثانية فقال: آمين، ثمّ رقي الدرجة الثالثة فقال: آمين، فقالوا: يا رسول اللّه، قلت آمين ثلاث مرّات! فقال: جائني جبرئيل عليه السّلام فقال: شقي عبد ذكرت عنده فلم يصلّ عليك، فقلت: آمين، ثمّ قال: شقي عبد أدرك شهر رمضان فانسلخ عنه و لم يغفر له، فقلت: آمين، ثمّ قال: شقي عبد أدرك والديه أو أحدهما فلم يدخلا الجنّة (فلم يغفر له-فلم يدخل الجنّة ف ن) ، فقلت:

آمين. (1)

36-قال الصادق عليه السّلام: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و اله: الصوم جنّة من آفات الدنيا و حجاب من عذاب الآخرة، فإذا صمت فانو بصومك كفّ النفس عن الشهوات و قطع الهمّة عن خطوات الشياطين، و أنزل نفسك منزلة المرضى لا تشتهي طعاما و لا شرابا، و توقّع في كلّ لحظة شفاك من مرض الذنوب و طهّر باطنك من كلّ كذب (كدر ف ن) و غفلة و ظلمة يقطعك عن معنى الإخلاص لوجه اللّه، قيل لبعضهم: إنّك ضعيف و إنّ الصيام يضعفك، قال: إنّي اعدّه بشرّ يوم طويل، و الصبر على طاعة اللّه تعالى أهون من الصبر على عذابه

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: قال اللّه تعالى: الصوم لي أنا أجزي به. و الصوم يميت مراد النفس و شهوة الطبع، و فيه صفاء القلب و طهارة الجوارح و عمارة الظاهر و الباطن، و الشكر على النعم و الإحسان إلى الفقراء، و زيادة التضرّع و الخشوع و البكاء و حبل (حبّ ف ن) الالتجاء إلى اللّه تعالى، و سبب انكسار الهمّة و تخفيف السيّئات و تضعيف الحسنات، و فيه من الفوائد ما لا يحصى [و لا يعدّ]و كفى بما ذكرناه منه لمن عقله و وفّق لاستعماله. (2)

ص:568


1- -فضائل الأشهر الثلاثة للصدوق رحمه اللّه ص 114 ح 108
2- مصباح الشريعة ص 15 ب 20

37-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

صيام أيّام البيض من كلّ شهر يرفع الدرجات و يعظّم المثوبات.

(الغرر ج 1 ص 458 ف 44 ح 62)

صيام القلب عن الفكر في الآثام أفضل من صيام البطن عن الطعام. (ح 63)

صوم النفس عن لذّات الدنيا أنفع الصيام. . (ح 64)

صوم الجسد الإمساك عن الأغذية بإرادة و اختيار، خوفا من العقاب، و رغبة في الثواب و الأجر. . . (ص 460 ح 78)

صوم النفس إمساك الحواسّ الخمس عن سائر المآثم، و خلوّ القلب من جميع أسباب الشرّ. . . (ح 79)

صوم القلب خير من صيام اللسان، و صوم اللسان خير من صيام البطن.

(ح 80)

أقول:

الأخبار في فضل الصوم و شهر رمضان كثيرة ذكرنا بعضها.

في بعضها: «لو يعلم العبد ما في رمضان لودّ أن يكون شهر رمضان تمام السنة» .

و في بعضها: «إذا دخل شهر رمضان غلّقت أبواب النار، و فتحت أبواب الجنان، و صفّدت الشياطين» .

و في بعضها: «من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له فأبعده اللّه» .

و في بعضها: «إنّ الشقيّ من حرم غفران اللّه في هذا الشهر العظيم» .

و في بعضها: «إنّما سمّي رمضان لأنّه يرمض الذنوب» .

و في بعضها: «هو شهر أوّله رحمة، و أوسطه مغفرة، و آخره عتق من النار» إلى غير ذلك.

و لاحظ الصحيفة السجّاديّة الدعاء 44 و 45 في فضل شهر رمضان.

ص:569

و الحمد للّه أوّلا و آخرا و ظاهرا و باطنا و صلّى اللّه على سيّدنا محمّد و آله الطاهرين سيّما مولانا المهديّ عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف.

اللهمّ عجّل فرجه و سهّل مخرجه و أيّده بالنصر و انصر ناصريه و ارزقنا رؤيته و أدركنا أيّامه.

ص:570

حرف الزاي

77-الزكوة 3

78-الزنا 13

79-الزواج

الفصل 1: فضله 19

الفصل 2: اختيار الزوج و الزوجة 25

الفصل 3: حقوق الزوج و الزوجة 35

80-الزهد 47

81-الزيارة

الفصل 1: فضل زيارة الحجج المعصومين عليهم السّلام 69

الفصل 2: آداب الزيارة و دخول المشاهد المشرّفة 80

الفصل 3: فضل زيارة الذرّيّة الطاهرة عليهم السّلام 88

الفصل 4: فضل زيارة المؤمنين و الإخوان 91

حرف السين

82-السؤال

الفصل 1: طلب الحوائج و السؤال عن العلم 95

الفصل 2: السؤال بالكفّ و كراهية ردّ السائل 101

83-التسبيح 107

ص:571

84-السجود 115

85-المسجد 123

86-السخاء و الجود 131

87-السفر

الفصل 1: فضله و آدابه 145

الفصل 2: آداب المسافر 150

88-المسكن 155

89-السلاطين و الامراء 163

90-التسليم

الفصل 1: التسليم لأمر اللّه تعالى 177

الفصل 2: التسليم للنبيّ و الأئمّة عليهم السّلام 182

91-التسليم و التحيّة 187

92-الافتتاح بالتسمية 195

93-الأسماء و الألقاب و الكنى 199

94-من سنّ سنّة 205

95-الأخذ بالسنّة 209

96-إكرام السادات 215

97-السواك 223

حرف الشين

98-الشباب و الشيب و العمر 227

99-التوقّف عند الشبهات و الاحتياط في الدين 239

ص:572

100-الشيطان 245

101-الشعر 275

102-الشفاعة

الفصل 1: آيات الشفاعة 281

الفصل 2: إثبات الشفاعة في الأخبار 287

الفصل 3: الشافعين 295

الفصل 4: فيمن تناله الشفاعة و من أذن اللّه له أن يشفع 301

الفصل 5: فيما تثبت الشفاعة من أخبار العامّة 308

الشفاعة في الدنيا 318

الفصل 6: شبهات حول الشفاعة 321

103-الشكر و الكفران 329

104-الشماتة 345

105-الاستشارة و المشورة 347

106-الشهرة و الإخفاء 357

107-الشهوات و الأهواء 365

108-الشيعة الفصل 1: فضائل الشيعة و الصفح عنهم 381

الفصل 2: صفات الشيعة 402

109-تشييع الجنازة 419

ص:573

حرف الصاد

110-الصبر 425

111-الصدق 445

112-الصدقة 453

113-الصداقة 465

114-المصافحة و المعانقة و الالتزام 479

115-الإصلاح بين الناس 485

116-الصلاة

الفصل 1: فضلها و آثارها 489

الفصل 2: صلاة الليل 510

117-الصلاة على النبيّ و آله عليهم السّلام 521

118-الصمت و حفظ اللسان 529

119-الصوفيّة 549

120-الصوم و شهر رمضان 553

ص:574

المجلد 4

اشارة

سرشناسه : اسماعیلی یزدی، عباس، 1332 -

عنوان و نام پديدآور : ینابیع الحکمه/ تالیف عباس الاسماعیلی الیزدی.

مشخصات نشر : قم: مسجد مقدس صاحب الزمان (جمکران)، 1378.

مشخصات ظاهری : 5 ج.

شابک : دوره: 964-6705-47-2 ؛ ج.1: 964-6705-42-1 ؛ ج.2: 964-6705-43-X ؛ ج. 3، چاپ چهارم: 964-6705-44-8 ؛ ج. 4: 964-6705-45-6 ؛ ج. 5: 964-6705-46-4

يادداشت : عربی.

يادداشت : چاپ قبلی: نشر مولود کعبه، 1417ق. = 1375.

يادداشت : ج. 1 - 5 (1427 ق.= 1385).

یادداشت : کتابنامه.

موضوع : قرآن -- فهرست مطالب

موضوع : احادیث شیعه -- فهرست مطالب

شناسه افزوده : مسجد جمکران (قم)

رده بندی کنگره : BP106/الف 5ی 9 1378

رده بندی دیویی : 297/22

شماره کتابشناسی ملی : م 78-25667

ص: 1

اشارة

ینابیع الحکمه

تالیف عباس الاسماعیلی الیزدی.

مسجد مقدس صاحب الزمان (جمکران)، 1378.

ص: 2

بسم الله الرحمن الرحیم

ص: 3

عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ذات يوم و عنده جماعة من أصحابه:

اللهمّ لقّني إخواني-مرّتين-، فقال من حوله من أصحابه: أما نحن إخوانك يا رسول اللّه؟ فقال: لا، إنّكم أصحابي، و إخواني قوم في آخر الزمان آمنوا و لم يروني، لقد عرّفنيهم اللّه بأسمائهم و أسماء آبائهم من قبل أن يخرجهم من أصلاب آبائهم و أرحام أمّهاتهم، لأحدهم أشدّ بقيّة على دينه من خرط القتاد في الليلة الظلماء، أو كالقابض على جمر الغضا، أولئك مصابيح الدجى، ينجّيهم اللّه من كلّ فتنة غبراء مظلمة.

البحار ج 52 ص 123 باب فضل انتظار الفرج ح 8

ص: 4

بسم اللّه الرحمن الرحيم

الحمد للّه الواحد الأحد الذي لا شريك له، الفرد الصمد الذي لا شبيه له، الأوّل الذي لا غاية له، الآخر الباقي الذي لا نهاية له، و الصلاة و السّلام على سيّد الأنبياء و المرسلين محمّد صلّى اللّه عليه و آله و على عترته الطاهرين و الأئمّة المعصومين، و لا سيّما مولانا المهديّ صاحب العصر و الزمان، و إمام الإنس و الجانّ أبي القاسم حجّة بن الحسن العسكريّ عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف و اللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين.

اللهمّ صلّ على السيّد المجتبى و الإمام المرتجى، سبط المصطفى و ابن المرتضى، علم الهدى، الشفيع بن الشفيع، المقتول بالسمّ النقيع، العالم بالفرائض و السنن، صاحب الجود و المنن، كاشف الضرّ و المحن، الإمام بالحقّ المؤتمن، أبي محمّد الحسن صلوات اللّه و سلامه عليه.

ص :1

ص:2

حرف الضاد

121- الضحك و المزاح و الدعابة

الآية

قال اللّه تعالى: فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَ لْيَبْكُوا كَثِيراً جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ. (1)

الأخبار

1-عن الفضل بن أبي قرّة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما من مؤمن إلاّ و فيه دعابة، قلت: و ما الدعابة؟ قال: المزاح. (2)

بيان:

الأخبار في الباب مختلفة؛ في بعضها تمدح الدعابة و في بعضها يذمّ المزاح، و مقتضى الجمع بينها أنّ المؤمن قد يحتاج إلى الدعابة لأنّ المؤمن دائم الفكر، كثير الحزن، بشره في وجهه و حزنه في قلبه، بشرط أن لا يكون فيها إيذاء مؤمن و لا فساد آخر و لا يقول إلاّ حقّا، و لكن المزاح بلا علّة و كذا المزاح عن بعض الجهّال مذموم، حيث فيه إيذاء الناس و مفاسد اخر، كغيبة المؤمن و تحقيره و غير ذلك من المفاسد.

و لا يخفى أنّ ذكر الموت مانع من المزاح المذموم. في نهج البلاغة (ص 200 خ 83) :

ص:3


1- -التوبة:82
2- الكافي ج 2 ص 486 باب الدعابة و الضحك من كتاب العشرة ح 2

عجبا لابن النابغة! (يعني عمرو بن العاص) يزعم لأهل الشام أنّ فيّ دعابة، و أنّي امرؤ تلعابة، اعافس و امارس! لقد قال باطلا، و نطق آثما. . . أما و اللّه إنّي ليمنعني من اللعب ذكر الموت. . .

2-عن يونس الشيبانيّ قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كيف مداعبة بعضكم بعضا؟ قلت: قليل قال: فلا تفعلوا، فإنّ المداعبة من حسن الخلق، و إنّك لتدخل بها السرور على أخيك، و لقد كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يداعب الرجل يريد أن يسرّه. (1)

بيان:

«فلا تفعلوا» : في مكارم الأخلاق ص 21؛ "هلاّ تفعلوا".

و لاحظ في المستدرك (ج 8 ص 407 ب 66 من العشرة) و غيره بعض مزاح النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، كجواب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لقول عجوز من الأنصار: «ادع لي بالجنّة» : إنّ الجنّة لا يدخلها العجوز، فبكت المرءة، فضحك النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و قال: أما سمعت قول اللّه تبارك و تعالى: إِنّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً.

3-عن عبد اللّه بن محمّد الجعفيّ قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: إنّ اللّه عزّ و جلّ يحبّ المداعب في الجماعة بلا رفث. (2)

بيان:

«الرفث» : الفحش من القول.

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إيّاكم و المزاح فإنّه يذهب بماء الوجه. (3)

5-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا أحببت رجلا فلا تمازحه و لا تماره. (4)

ص:4


1- -الكافي ج 2 ص 486 ح 3
2- الكافي ج 2 ص 486 ح 4
3- الكافي ج 2 ص 487 ح 8
4- الكافي ج 2 ص 487 ح 9

6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إيّاكم و المزاح فإنّه يجرّ السخيمة، و يورث الضغينة، و هو السبّ الأصغر. (1)

بيان:

«السخيمة» : الحقد في النفس «الضغينة» : هي الحقد و العداوة و البغضاء.

7-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إيّاكم و المزاح فإنّه يذهب بماء الوجه و مهابة الرجال. (2)

8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا تمار فيذهب بهاؤك، و لا تمازح فيجترأ عليك. (3)

بيان:

«فيجترأ عليك» : و ذلك لسقوط هيبتك المانعة من ذلك.

9-قال أبو الحسن عليه السّلام في وصيّة له لبعض ولده-أو قال: قال أبي لبعض ولده-: إيّاك و المزاح فإنّه يذهب بنور إيمانك و يستخفّ بمروءتك. (4)

10-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ضحك المؤمن تبسّم. (5)

11-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كثرة الضحك تميت القلب.

و قال: كثرة الضحك تميث الدين، كما يميث الماء الملح. (6)

بيان:

«تميث» : أي تذيب.

ص:5


1- -الكافي ج 2 ص 487 ح 12
2- الكافي ج 2 ص 487 ح 16
3- الكافي ج 2 ص 488 ح 17
4- الكافي ج 2 ص 488 ح 19
5- الكافي ج 2 ص 486 ح 5
6- الكافي ج 2 ص 486 ح 6

12-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ من الجهل الضحك من غير عجب، قال: و كان يقول: لا تبدينّ عن واضحة و قد عملت الأعمال الفاضحة، و لا يأمن البيات من عمل السيّئات. (1)

بيان:

في الصحاح، «الواضحة» : الأسنان التي تبدو عند الضحك. «البيات» : أي الحوادث التي جاءت بالليل بغتة من غير أن يعلم، و في النهاية ج 1 ص 170: و تبييت العدوّ: هو أن يقصد في الليل من غير أن يعلم فيؤخذ بغتة، و هو البيات.

13-عن الحلبيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: القهقهة من الشيطان. (2)

14-عن عنبسة العابد قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: كثرة الضحك تذهب بماء الوجه. (3)

15-قال أبو جعفر عليه السّلام: إذا قهقهت فقل حين تفرغ: اللهمّ لا تمقتني. (4)

بيان:

في المصباح: مقته مقتا من باب قتل: أبغضه أشدّ البغض عن أمر قبيح.

أقول: سيأتي في وصف المتّقين: «إن ضحك لم يعل صوته» .

و قد مرّ في باب الزهد: «إنّ الزاهدين في الدنيا تبكي قلوبهم و إن ضحكوا، و يشتدّ حزنهم و إن فرحوا» .

16-في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: إيّاك أن تذكر من الكلام ما يكون مضحكا و إن حكيت ذلك عن غيرك. (5)

ص:6


1- -الكافي ج 2 ص 486 ح 7
2- الكافي ج 2 ص 487 ح 10
3- الكافي ج 2 ص 487 ح 11
4- الكافي ج 2 ص 487 ح 13
5- نهج البلاغة ص 938 في ر 31

أقول:

مرّ في باب الصمت؛ قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه: ويل للذي يحدّث فيكذب ليضحك به القوم، ويل له، ويل له، ويل له.

17-و قال عليه السّلام: ما مزح امرء مزحة إلاّ مجّ من عقله مجّة. (1)

بيان:

مجّ الماء من فيه: رماه، و كأنّ المازح يرمي بعقله و يقذف به في مطارح الضياع.

18-عن الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عن الصادق عليهم السّلام قال: كم ممّن كثر ضحكه لاعبا يكثر يوم القيامة بكاؤه، و كم ممّن كثر بكاؤه على ذنبه خائفا يكثر يوم القيامة في الجنّة سروره و ضحكه. (2)

19-في مواعظ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: المؤمن دعب لعب، و المنافق قطب غضب. (3)

بيان:

«الدعب» : اللاعب و الممازح. «القطب» : العبوس.

20-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ثلاث فيهنّ المقت من اللّه: نوم من غير سهر، و ضحك من غير عجب، و أكل على الشبع. (4)

21-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: كان ضحك النبيّ صلّى اللّه عليه و آله التبسّم، فاجتاز ذات يوم بفتية من الأنصار، و إذا هم يتحدّثون و يضحكون ملء أفواههم، فقال: مه يا هؤلاء، من غرّه منكم أمله و قصّر به في الخير عمله فليطلع القبور، و ليعتبر بالنشور، و اذكروا الموت فإنّه هادم اللذّات. (5)

ص:7


1- -نهج البلاغة ص 1294 ح 442
2- العيون ج 2 ص 3 ب 30 ح 6
3- تحف العقول ص 41
4- الوسائل ج 12 ص 115 ب 82 من العشرة ح 3
5- الوسائل ج 12 ص 119 ب 83 ح 13

أقول:

في الحديث القدسيّ ص 2 السورة 1، قال اللّه: عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح. . . و عجبت لمن أيقن بالقبر كيف يضحك.

22-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام، أنّ داود عليه السّلام قال لسليمان عليه السّلام: يا بنيّ، إيّاك و كثرة الضحك، فإنّ كثرة الضحك تترك الرجل فقيرا يوم القيامة. (1)

23-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه: عجب لمن أيقن بالنار لم يضحك؟ و قال صلّى اللّه عليه و آله: إيّاك و كثرة الضحك فإنّه يميت القلب. (2)

24-عن سلمان رضي اللّه عنه قال: أعجبتني ثلاث و ثلاث أحزنتني، فأمّا اللواتي أعجبتني: فطالب الدنيا و الموت يطلبه، و غافل لا يغفل عنه، و ضاحك ملء فيه، و جهنّم وراء ظهره لم يأته ثقة ببراءته. (3)

25-قال الصادق عليه السّلام: كثرة المزاح تذهب بماء الوجه، و كثرة الضحك تمحو الإيمان محوا. (4)

26-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الضحك هلاك. (5)

أقول:

قد مرّ في باب البكاء ف 1 عن أبي الحسن الأوّل: «كان يحيى بن زكريّا عليه السّلام يبكي و لا يضحك، و كان عيسى بن مريم عليه السّلام يضحك و يبكي، و كان الذي يصنع عيسى عليه السّلام أفضل من الذي كان يصنع يحيى عليه السّلام» .

ص:8


1- -الوسائل ج 12 ص 119 ح 15
2- البحار ج 76 ص 59 باب الدعابة و المزاح ح 6
3- البحار ج 76 ص 59 ح 9
4- البحار ج 76 ص 60 ح 15
5- البحار ج 76 ص 61 ح 18

27-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الإفراط في المزح خرق. (الغرر ج 1 ص 40 ف 1 ح 1228)

المزاح فرقة تتبعها ضغينة. (ص 70 ح 1793)

الكامل من غلب جدّه هزله. (ص 106 ح 2221)

أعقل الناس من غلب جدّه هزله و استظهر على هواه بعقله.

(ص 212 ف 8 ح 531)

آفة الهيبة المزاح. (ص 307 ف 16 ح 29)

خير الضحك التبسّم. (ص 388 ف 29 ح 18)

في السفه و كثرة المزاح الخرق. (ج 2 ص 515 ف 58 ح 82)

غلبة الهزل تبطل عزيمة الجدّ. (ص 508 ف 57 ح 36)

كفى بالمرء جهلا أن يضحك من غير عجب. (ص 558 ف 65 ح 44)

كثرة ضحك الرجل يفسد (تفسد) وقاره. (ص 562 ف 66 ح 18)

كثرة المزاح يسقط (تسقط) الهيبة. (ح 20)

كثرة الضحك يوحش (توحش) الجليس و يشين (تشين) الرئيس.

(ص 563 ح 33)

كثرة المزاح يذهب (تذهب) البهاء و يوجب (توجب) الشحناء. (ح 43)

كثرة الهزل آية الجهل. (ص 564 ح 45)

لكلّ شيء بذر، و بذر العداوة المزاح. (ص 580 ف 70 ح 52)

من مزح استخفّ به. (ص 621 ف 77 ح 219)

من كثر صحكه قلّت هيبته. (ح 225)

من كثر مزاحه استجهل. (ص 622 ح 239)

من كثر ضحكه مات قلبه. (ص 625 ح 302)

من كثر مزاحه استحمق. (ح 305)

ص:9

من كثر هزله استجهل-من كثر ضحكه استرذل. (ص 627 ح 326 و 327)

من كثر مزاحه قلّت هيبته. (ص 634 ح 440)

من كثر باطله لم يتّبع حقّه. (ص 636 ح 480)

من كثر هزله بطل جدّه. (ص 650 ح 697)

من غلب عليه الهزل قلّ عقله. (ص 655 ح 770)

من كثر مزحه قلّ وقاره. (ح 773)

من قلّ عقله كثر هزله. (ص 663 ح 891)

من كثر مزاحه لم يخل من حاقد عليه و مستخفّ به. (ص 696 ح 1268)

من كثر كلامه كثر لغطه و من كثر هزله كثر سخفه. (ص 700 ح 1303)

لا تمازح الشريف فيحقد عليك-لا تلاح الدنيّ فيجتري عليك.

(ص 803 ف 85 ح 71 و 72)

لا تمازحنّ صديقا فيعاديك و لا عدوّا فيؤذيك. (ص 826 ح 258)

لا تكثرنّ الضحك فتذهب هيبتك، و لا المزاح فيستخفّ بك. (ح 259)

ص:10

122- باب في الضيافة

الأخبار

1-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ من الحقوق الواجبات للمسلم (للمؤمن م) أن يجيب (أن تجاب م) دعوته. (1)

2-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أوصي الشاهد من أمّتي و الغائب؛ أن يجيب دعوة المسلم و لو على خمسة أميال، فإنّ ذلك من الدين. (2)

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: هلك بالمرء المسلم أن يستقلّ ما عنده للضيف. (3)

4-عن عبد اللّه بن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: هلك لامرء احتقر لأخيه ما قدّم له، و هلك لامرء احتقر لأخيه ما قدّم إليه. (4)

5-عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا أتاك أخوك فأته

ص:11


1- -الوسائل ج 24 ص 270 ب 16 من آداب المائدة ح 4
2- الوسائل ج 24 ص 269 ح 2
3- الوسائل ج 24 ص 276 ب 21 ح 1
4- الوسائل ج 24 ص 276 ح 2

بما عندك، و إذا دعوته فتكلّف له. (1)

6-عن الرضا عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام أنّه دعاه رجل، فقال له عليّ عليه السّلام: على أن تضمن لي ثلاث خصال: لا تدخل علينا شيئا من خارج (البيت) ، و لا تدّخر عنّا شيئا في البيت، و لا تجحف بالعيال؛ قال: ذلك لك، فأجابه عليّ عليه السّلام إلى ذلك. (2)

7-عن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام أنّ رجلا أتى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال: إنّي أحسن الوضوء، و اقيم الصلاة، و اوتي الزكاة في وقتها، و أقرىء الضيف طيّبة بها نفسي، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما لجهنّم عليك سبيل، إنّ اللّه قد برأك من الشحّ إن كنت كذلك، ثمّ نهى عن التكلّف للضيف بما لا يقدر عليه إلاّ بمشقّة، و ما من ضيف نزل بقوم إلاّ و رزقه معه. (3)

بيان:

قرى الضيف: أضافه و أحسن إليه.

8-عن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا دخل الرجل بلدة فهو ضيف على من بها من إخوانه و أهل دينه، حتّى يرحل عنهم. (4)

9-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الضيف يلطف ليلتين، فإذا كان الليلة الثالثة فهو من أهل البيت يأكل ما أدرك. (5)

10-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

ص:12


1- -الوسائل ج 24 ص 278 ب 22 ح 2
2- الوسائل ج 24 ص 278 ح 3
3- الوسائل ج 24 ص 280 ب 23 ح 2
4- الوسائل ج 24 ص 313 ب 35 ح 1
5- الوسائل ج 24 ص 313 ب 36 ح 1

الضيافة أوّل يوم (حقّ) ، و الثاني و الثالث، و ما كان بعد ذلك فهو (فإنّها م) صدقة تصدّق بها عليه. قال: ثمّ قال صلّى اللّه عليه و آله: لا ينزلنّ أحدكم على أخيه حتّى يوثمه [معه، قيل] : يا رسول اللّه، كيف يوثمه؟ قال: حتّى لا يكون عنده ما ينفق عليه. (1)

بيان:

«يوثمه» : أي يوقعه في التعب و المشقّة و التكلّف في الإنفاق، يقال: و ثم الشيء: كسره و دقّه، و قد يقرء"يؤثمه"من الإثم فيكون تفسيرا باللازم و المعنى: فيوقعه في الإثم.

11-عن ابن أبي يعفور قال: رأيت لأبي عبد اللّه عليه السّلام ضيفا، فقام يوما في بعض الحوائج، فنهاه عن ذلك، و قام بنفسه إلى تلك الحاجة، و قال: نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يستخدم الضيف. (2)

12-نزل بأبي الحسن الرضا عليه السّلام ضيف، و كان جالسا عنده يحدّثه في بعض الليل، فتغيّر السراج، فمدّ الرجل يده إليه ليصلحه، فزبره أبو الحسن عليه السّلام ثمّ بادره بنفسه فأصلحه، ثمّ قال: إنّا قوم لا نستخدم أضيافنا. (3)

بيان:

يقال: زبره عن الأمر: منعه و نهاه عنه.

13-قال أبو جعفر عليه السّلام: من التضعيف ترك المكافاة، و من الجفاء استخدام الضيف، فإذا نزل بكم الضيف فأعينوه، و إذا ارتحل فلا تعينوه، فإنّه من النذالة، و زوّدوه و طيّبوا زاده، فإنّه من السخاء. (4)

بيان:

في المرآة ج 22 ص 93: «من التضعيف» : أي من أسباب أن يعدّه الناس ضعيفا،

ص:13


1- -الوسائل ج 24 ص 314 ح 2
2- الوسائل ج 24 ص 315 ب 37 ح 1
3- الوسائل ج 24 ص 316 ح 3
4- الوسائل ج 24 ص 316 ب 38

أو عدّه صاحب الإحسان ضعيفا أو جعل نفسه ضعيفا. و قال الفيروزآبادي: ضعّفه تضعيفا: عدّه ضعيفا.

14-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ الضيف إذا جاء فنزل بالقوم جاء برزقه معه من السماء، فإذا أكل غفر اللّه لهم بنزوله عليهم. (1)

15-عن جميل وزرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ممّا علّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فاطمة عليها السّلام أن قال (لها) : من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فليكرم ضيفه. (2)

أقول:

ح 2 مثله، إلاّ و فيه: «ممّا علّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عليّا عليه السّلام. . .» .

16-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا أكل مع القوم طعاما، كان أوّل من يضع يده، و آخر من يرفعها؛ ليأكل القوم. (3)

أقول:

في ح 3: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا أتاه الضيف أكل معه، و لم يرفع يده من الخوان حتّى يرفع الضيف.

17-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فليكرم ضيفه، و الضيافة ثلاثة أيّام و لياليهنّ، فما فوق ذلك فهو صدقة و جايزة يوما و ليلة، و لا ينبغي للضيف إذا نزل بقوم أن يملّهم و يملّونه فيخرجهم أو يخرجوه. (4)

18-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ما من مؤمن يسمع بهمس الضيف و فرح بذلك إلاّ غفرت له خطاياه، و إن كانت مطبقة ما بين السماء و الأرض.

ص:14


1- -الوسائل ج 24 ص 317 ب 39 ح 2
2- الوسائل ج 24 ص 318 ب 40 ح 1
3- الوسائل ج 24 ص 320 ب 41 ح 1 و 4
4- جامع الأخبار ص 136 ف 94

و عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: الضيف دليل الجنّة. (1)

بيان:

«الهمس» : الصوت الخفيّ.

19-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ما من مؤمن يحبّ الضيف إلاّ و يقوم من قبره و وجهه كالقمر ليلة البدر، فينظر أهل الجمع فيقولون: ما هذا إلاّ نبيّ مرسل، فيقول ملك: هذا مؤمن يحبّ الضيف و يكرم الضيف، و لا سبيل له إلاّ أن يدخل الجنّة. (2)

20-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إذا أراد اللّه بقوم خيرا أهدي إليهم هديّة، قالوا: و ما تلك الهديّة؟ قال: الضيف ينزل برزقه و يرتحل بذنوب أهل البيت. (3)

21-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ليلة الضيف حقّ واجب على كلّ مسلم و من أصبح إن شاء أخذه و إن شاء تركه، و كلّ بيت لا يدخل فيه الضيف لا تدخله الملائكة. (4)

22-رئي أمير المؤمنين عليه السّلام حزينا فقيل له: ممّ حزنك؟ قال: لسبع أتت لم يضف إلينا ضيف. (5)

23-عن عليّ عليه السّلام قال: كان إبراهيم عليه السّلام أوّل من أضاف الضيف و أوّل من شاب.

و كان عليه السّلام مضيافا و أبا أضياف فكان إذا لم يكونوا عنده خرج يطلبهم. (6)

ص:15


1- -جامع الأخبار ص 136
2- جامع الأخبار ص 136
3- جامع الأخبار ص 136
4- جامع الأخبار ص 136
5- سفينة البحار ج 2 ص 76( ضيف)
6- سفينة البحار ج 2 ص 76

بيان:

«المضياف» : الكثير الضيوف و الأضياف جمع الضيف.

24-. . . قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا خير فيمن لا يقري الضيف. (1)

25-في الغرر عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: البشاشة أحد القراءين.

و قال عليه السّلام: فعل المعروف، و إغاثة الملهوف، و إقراء الضيوف، آلة السيادة.

و قال عليه السّلام: من أفضل المكارم تحمّل المغارم، و إقراء الضيوف. (2)

26-في وصيّة عليّ عليه السّلام عند وفاته: . . . و اللّه اللّه في الضيف، لا ينصرفنّ إلاّ شاكرا لكم. . . (3)

27-عن الرضا عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: من حقّ الضيف أن تمشي معه فتخرجه من حريمك إلى الباب. (4)

28-عن الصادق عن أبيه عليهما السّلام قال: إذا دخل أحدكم على أخيه في رحله فليقعد حيث يأمر صاحب الرحل، فإنّ صاحب الرحل أعرف بعورة بيته من الداخل عليه. (5)

بيان:

«الرحل» : المنزل و المأوى.

29-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أضف بطعامك و شرابك من تحبّه في اللّه تعالى. (6)

ص:16


1- -المستدرك ج 16 ص 242 ب 20 من آداب المائدة ح 4
2- المستدرك ج 16 ص 242 ح 5
3- المستدرك ج 16 ص 260 ب 34 ح 4
4- البحار ج 75 ص 451 باب آداب الضيف ح 1
5- البحار ج 75 ص 451 ح 2
6- البحار ج 75 ص 461 باب فضل إقراء الضيف ح 15

30-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الضيف يأتي القوم برزقه، فإذا ارتحل ارتحل بجميع ذنوبهم. (1)

أقول:

سيأتي ما يناسب المقام في باب الطعام.

ص:17


1- -البحار ج 75 ص 461 ح 17

ص:18

حرف الطاء

123- الطعام و الإطعام

الآيات

1- وَ لا يَحُضُّ عَلى طَعامِ اَلْمِسْكِينِ. (1)

2- وَ لَمْ نَكُ نُطْعِمُ اَلْمِسْكِينَ. (2)

3- وَ يُطْعِمُونَ اَلطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً - إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اَللّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَ لا شُكُوراً. (3)

4- فَلْيَنْظُرِ اَلْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ. (4)

5- وَ لا تَحَاضُّونَ عَلى طَعامِ اَلْمِسْكِينِ. (5)

6- أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ- يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ- أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ. (6)

7- فَذلِكَ اَلَّذِي يَدُعُّ اَلْيَتِيمَ- وَ لا يَحُضُّ عَلى طَعامِ اَلْمِسْكِينِ. (7)

ص:19


1- -الحاقّة:34
2- المدّثّر:44
3- الدهر:8 و 9
4- عبس:24
5- الفجر:18
6- البلد:14 إلى 16
7- الماعون:2 و 3
الأخبار

1-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من أطعم مؤمنا حتّى يشبعه لم يدر أحد من خلق اللّه ما له من الأجر في الآخرة، لا ملك مقّرب و لا نبيّ مرسل إلاّ اللّه ربّ العالمين، ثمّ قال: من موجبات المغفرة إطعام المسلم السغبان، ثمّ تلا قول اللّه عزّ و جلّ: أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ- يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ- أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ. (1)

بيان:

«السغبان» : الجائع، المسغبة و المقربة و المتربة مصادر على وزن مفعلة من سغب إذا جاع و قرب أي قرب في النسب و ترب إذا افتقر و التصق بالتراب، و وصف اليوم بذي مسغبة مجازا باعتبار صاحبه مثل نهاره صائم.

2-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أطعم ثلاثة نفر من المسلمين أطعمه اللّه من ثلاث جنان في ملكوت السموات: الفردوس و جنّة عدن و طوبى، و شجرة تخرج من جنّة عدن، غرسها ربّنا بيده. (2)

3-عن عبيد اللّه الوصّافيّ عن أبي جعفر عليه السّلام قال: لأن اطعم رجلا مسلما أحبّ إليّ من أن اعتق افقا من الناس، قلت: و كم الافق؟ فقال: عشرة آلاف. (3)

4-عن ربعيّ قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من أطعم أخاه في اللّه كان له من الأجر مثل من أطعم فئاما من الناس، قلت: و ما الفئام من الناس؟ قال: مائة ألف من الناس. (4)

ص:20


1- -الكافي ج 2 ص 161 باب إطعام المؤمن ح 6
2- الكافي ج 2 ص 160 ح 3
3- الكافي ج 2 ص 162 ح 10
4- الكافي ج 2 ص 162 ح 11

بيان:

«الفئام» : الجماعة الكثيرة من الناس.

5-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من أطعم مؤمنا موسرا كان له يعدل رقبة من ولد إسماعيل ينقذه من الذبح، و من أطعم مؤمنا محتاجا كان له يعدل مائة رقبة من ولد إسماعيل ينقذها من الذبح. (1)

6-عن زيد الشحّام عن أبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: فَلْيَنْظُرِ اَلْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ قال: قلت: ما طعامه؟ قال: علمه الذي يأخذه، عمّن يأخذه. (2)

7-عن هشام بن سالم قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول لرجل كان يأكل: أما علمت أنّه يعرف حبّ الرجل أخاه بكثرة أكله عنده؟ (3)

8-عنه قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: يعرف حبّ الرجل بأكله من طعام أخيه. (4)

9-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من الإيمان حسن الخلق، و إطعام الطعام. (5)

10-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: خيركم من أطعم الطعام، و أفشى السّلام، و صلّى و الناس نيام. (6)

أقول:

قد مرّ بهذا المعنى في باب الصلاة ف 2.

ص:21


1- -الكافي ج 2 ص 163 ح 19
2- الكافي ج 1 ص 39 باب نوادر العلم ح 8
3- الوسائل ج 24 ص 286 ب 25 من آداب المائدة ح 7
4- الوسائل ج 24 ص 286 ح 8
5- الوسائل ج 24 ص 287 ب 26 ح 2
6- الوسائل ج 24 ص 288 ح 6

11-إنّ رجلا قال: يا رسول اللّه، أيّ الأعمال أفضل؟ فقال صلّى اللّه عليه و آله: إطعام الطعام و إطياب الكلام. (1)

12-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الرزق أسرع إلى من يطعم الطعام من السكّين في السنام. (2)

بيان:

«السنام» : يقال بالفارسيّة: كوهان شتر

أقول: بهذا المعنى أخبار كثيرة، في بعضها: «الخير أسرع إليه» .

13-عن سدير عن أبي جعفر عليه السّلام قال: تعتق كلّ يوم نسمة؟ قلت: لا، قال: كلّ شهر؟ قلت: لا، قال: كلّ سنة؟ قلت: لا، قال: سبحان اللّه! أما تأخذ بيد واحد من شيعتنا، فتدخله إلى بيتك، فتطعمه شبعه، فو اللّه لذلك أفضل من عتق رقبة من ولد إسماعيل. (3)

أقول:

ح 28 مثله، و زاد: «قلت: موسر أو معسر؟ فقال: إنّ الموسر قد يشتهي الطعام» .

بيان: «النسمة» : أي الإنسان و تطلق على المملوك، ذكرا كان أو انثى.

14-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام قال: يا عليّ، لا وليمة إلاّ في خمس: في عرس أو خرس أو عذار، أو وكار، أو ركاز.

فالعرس التزويج، و الخرس النفاس بالولد، و العذار الختان، و الوكار في بناء الدار و شرائها، و الركاز الرجل يقدم من مكّة. (4)

ص:22


1- -الوسائل ج 24 ص 289 ح 9
2- الوسائل ج 24 ص 291 ح 18
3- الوسائل ج 24 ص 293 ح 27
4- الوسائل ج 24 ص 311 ب 33 ح 5

بيان:

«و الركاز. . .» : في ح 2 بدلها؛ "و الإياب"، و هو الرجل يدعو إخوانه إذا آب من غيبته.

15-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: و من أطعم طعاما رياء و سمعة أطعمه اللّه مثله من صديد جهنّم، و جعل ذلك الطعام نارا في بطنه، حتّى يقضي بين الناس. (1)

بيان:

«الصديد» قيل: القيح المختلط بالدم.

16-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: مالي أرى الناس إذا قرّب إليهم الطعام ليلا تكلّفوا إنارة المصابيح، ليبصروا ما يدخلون بطونهم و لا يهتمّون بغذاء النفس بأن ينيروا مصابيح ألبابهم بالعلم، ليسلموا من لواحق الجهالة و الذنوب في اعتقاداتهم و أعمالهم. (2)

17-قال الحسن بن عليّ عليهما السّلام: عجب لمن يتفكّر في مأكوله كيف لا يتفكّر في معقوله؟ ! فيجنّب بطنه ما يؤذيه، و يودع صدره ما يرديه. (3)

18-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: عجبت لمن يحتمي من الطعام مخافة الداء، كيف لا يحتمي من الذنوب مخافة النار! (4)

19-في كلم أمير المؤمنين عليه السّلام: عجبت لأقوام يحتمون الطعام مخافة الأذى، كيف لا يحتمون الذنوب مخافة النار. . . (5)

ص:23


1- -الوسائل ج 24 ص 312 ب 34
2- سفينة البحار ج 2 ص 84( طعم)
3- سفينة البحار ج 2 ص 84
4- البحار ج 73 ص 347 باب الذنوب ح 34-و مثله في البحار ج 62 ص 269 عن الباقر عليه السّلام
5- البحار ج 78 ص 41

20-عن جعفر عن أبيه عليهما السّلام قال: قال رجل لعليّ بن الحسين عليهما السّلام: ما أشدّ بغض قريش لأبيك؟ قال: لأنّه أورد أوّلهم النار و ألزم آخرهم العار، قال: ثمّ جرى ذكر المعاصي فقال: عجبت لمن يحتمي عن الطعام لمضرّته و لا يحتمي من الذنب لمعرّته. (1)

بيان:

«المعرّة» : الإثم و المساءة و الأذى، الجناية، العيب، الأمر القبيح.

21-في وصايا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام: يا عليّ، ثمانية إن اهينوا فلا يلوموا إلاّ أنفسهم: الذاهب إلى مائدة لم يدع إليها، و المتأمّر على ربّ البيت، و طالب الخير من أعدائه، و طالب الفضل من اللئام، و الداخل بين اثنين في سرّ لم يدخلاه فيه، و المستخفّ بالسلطان، و الجالس في مجلس ليس له بأهل، و المقبل بالحديث على من لا يسمع منه. (2)

22-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّما ابتلي يعقوب بيوسف أنّه ذبح كبشا سمينا و رجل من أصحابه يدعى بيوم محتاج لم يجد ما يفطر عليه، فأغفله و لم يطعمه فابتلى بيوسف، و كان بعد ذلك كلّ صباح مناديه ينادي: من لم يكن صائما فليشهد غداء يعقوب، فإذا كان المساء نادى: من كان صائما فليشهد عشاء يعقوب. (3)

23-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: قال اللّه عزّ و جلّ: يابن آدم، مرضت فلم تعدني، قال: يا ربّ، كيف أعودك و أنت ربّ العالمين؟ قال: مرض فلان عبدي فلو عدته لوجدتني عنده، و استسقيتك فلم تسقني؟ فقال: كيف و أنت ربّ العالمين؟ قال: استسقاك عبدي و لو سقيته لوجدت ذلك عندي، و استطعمتك فلم تطعمني؟ قال:

ص:24


1- -البحار ج 78 ص 158 في مواعظ عليّ بن الحسين عليه السّلام
2- البحار ج 75 ص 444 باب من مشى إلى طعام لم يدع إليه ح 1
3- البحار ج 74 ص 367 باب إطعام المؤمن ح 54

كيف و أنت ربّ العالمين؟ قال: استطعمك عبدي فلان و لو أطعمته لوجدت ذلك عندي. (1)

24-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ أهون أهل النار عذابا ابن جذعان، فقيل: يا رسول اللّه، و ما بال ابن جذعان أهون أهل النار عذابا؟ قال: إنّه كان يطعم الطعام. (2)

25-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من أطعم أخاه حلاوة أذهب اللّه عنه مرارة الموت.

و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: قوت الأجساد الطعام، و قوت الأرواح الإطعام. (3)

26-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه قال: يا أبا ذرّ، لا تصاحب إلاّ مؤمنا، و لا يأكل طعامك إلاّ تقيّ و لا تأكل طعام الفاسقين.

يا أبا ذرّ، أطعم طعامك من تحبّه في اللّه، و كل طعام من يحبّك في اللّه عزّ و جلّ. (4)

27-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بأسارى، فقدّم منهم رجلا ليضرب عنقه، فقال له جبرئيل: يا محمّد، ربّك يقرئك السّلام و يقول: إنّ أسيرك هذا يطعم الطعام، و يقري الضيف، و يصبر على النائبة، و يحتمل الحمالات، فقال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ جبرئيل أخبرني عنك عن اللّه بكذا و كذا و قد أعتقتك، فقال له: و إنّ ربّك ليحبّ هذا؟ فقال: نعم، فقال: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه و أنّك رسول اللّه، و الذي بعثك بالحقّ لا رددت عن مالي أحدا أبدا. (5)

ص:25


1- -البحار ج 74 ص 368 ح 56
2- البحار ج 74 ص 368 ح 57
3- البحار ج 75 ص 456 باب آداب الضيف ح 33
4- البحار ج 77 ص 86
5- المحاسن ص 388 ب 1 من المآكل ح 14

28-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الطعام يؤكل على ثلاثة أضرب: مع الإخوان بالسرور، و مع الفقراء بالإيثار و مع أبناء الدنيا بالمروّة. (الغرر ج 1 ص 98 ف 1 ح 2133)

لذّة الكرام في الإطعام و لذّة اللئام في الطعام. (ج 2 ص 610 ف 76 ح 29)

من غرس في نفسه محبّة أنواع الطعام جنى ثمار فنون الأسقام.

(ص 722 ف 77 ح 1517)

ما أكلته راح و ما أطعمته فاح. (ص 747 ف 79 ح 182)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في أبواب الإيمان، الأكل، الحرام، الذنب، و السخاء.

و مرّ أنّ أوّل ما عصى اللّه تعالى لستّ: منها حبّ الطعام.

و مرّ في باب السخاء عن الرضا عليه السّلام: السخيّ يأكل من طعام الناس ليأكلوا من طعامه، و البخيل لا يأكل من طعام الناس لئلاّ يأكلوا من طعامه.

ص:26

124- ذمّ الطمع و مدح غنى النفس و الاستغناء عن الناس

الأخبار

1-عن سعدان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له: ما الذي يثبت الإيمان في العبد؟ قال: الورع، و الذي يخرجه منه؟ قال: الطمع. (1)

بيان:

في المفردات، «الطمع» : نزوع النفس إلى الشىء شهوة له. . . و لمّا كان أكثر الطمع من أجل الهوى قيل: الطمع طبع و الطمع يدنّس الإهاب.

و في المقائيس: (طمع) أصل واحد صحيح يدلّ على رجاء في القلب قويّ للشيء.

و في جامع السعادات ج 2 ص 109، الطمع: هو التوقّع من الناس في أموالهم، و هو أيضا من شعب حبّ الدنيا و من أنواعه، و من الرذائل المهلكة. . .

و الأخبار في ذمّ الطمع كثيرة، و كفى به ذمّا أنّ كلّ طامع يكون ذليلا مهينا عند الناس، و أنّ وثوقه بالناس و اعتماده عليهم أكثر من وثوقه باللّه، إذ لو كان اعتماده على اللّه أكثر من أعتماده على الناس لم يكن نظره إليهم، بل لم يطمع من أحد شيئا

ص:27


1- -الكافي ج 2 ص 242 باب الطمع ح 4

إلاّ من اللّه سبحانه.

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما أقبح بالمؤمن أن تكون له رغبة تذلّه. (1)

3-قال أبو جعفر عليه السّلام: بئس العبد عبد له طمع يقوده، و بئس العبد عبد له رغبة تذلّه. (2)

بيان:

في المرآة ج 10 ص 258: لعلّ المراد بالطمع ما في القلب من حبّ ما في أيدي الناس و أمله، و بالرغبة إظهار ذلك، و السؤال و الطلب من المخلوق يناسب الأوّل، كما أنّ الذلّة تناسب الثاني.

4-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: شرف المؤمن قيام الليل، و عزّه استغناؤه عن الناس. (3)

أقول:

قد مرّ بهذا المعنى في باب الصلاة ف 2 و غيره.

بيان: ضدّ الطمع الاستغناء عن الناس، و هو من الفضائل الموجبة لتقرّب العبد إلى اللّه سبحانه، إذ من استغنى باللّه عن غير اللّه أحبّه اللّه تعالى.

5-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا أراد أحدكم أن لا يسأل ربّه شيئا إلاّ أعطاه فلييأس من الناس كلّهم، و لا يكون له رجاء إلاّ عند اللّه، فإذا علم اللّه عزّ و جلّ ذلك من قلبه لم يسأل اللّه شيئا إلاّ أعطاه. (4)

6-عن الزهريّ عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: رأيت الخير كلّه قد اجتمع في قطع الطمع عمّا في أيدي الناس، و من لم يرج الناس في شيء وردّ أمره إلى اللّه

ص:28


1- -الكافي ج 2 ص 241 ح 1
2- الكافي ج 2 ص 241 ح 2
3- الكافي ج 2 ص 119 باب الاستغناء عن الناس ح 1
4- الكافي ج 2 ص 119 ح 2

عزّ و جلّ في جميع اموره، استجاب اللّه عزّ و جلّ له في كلّ شيء. (1)

بيان:

في المرآة ج 10 ص 258، «الخير كلّه» : لأنّ الطمع يورث الذلّ و الحقارة و الحسد و الحقد و العداوة و الغيبة و الوقيعة و ظهور الفضايح و الظلم و المداهنة و النفاق و الرياء، و الصبر على باطل الخلق، و الإعانة عليه و عدم التوكّل على اللّه و التضرّع إليه و الرضا بقسمته و التسليم لأمره، إلى غير ذلك من المفاسد التي لا تحصى، و قطع الطمع يورث أضداد هذه الامور التي كلّها خيرات.

7-عن عبد الأعلى بن أعين قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: طلب الحوائج إلى الناس استلاب للعزّ، و مذهبة للحياء، و اليأس ممّا في أيدي الناس عزّ للمؤمن في دينه، و الطمع هو الفقر الحاضر. (2)

بيان:

«الاستلاب» : الاختلاس أي يصير سببا لسلب العزّ سريعا.

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: ليجتمع في قلبك الافتقار إلى الناس و الاستغناء عنهم، فيكون افتقارك إليهم في لين كلامك و حسن بشرك، و يكون استغناؤك عنهم في نزاهة عرضك و بقاء عزّك. (3)

بيان:

حيث إنّ الإنسان مدنيّ بالطبع يحتاج بعضهم إلى بعض في التعيّش و البقاء، فيلزم أن يعامل الناس بلين الكلام و البشر و حسن المعاشرة، و مع ذلك ليوطن نفسه على الاستغناء عنهم، و اليأس عمّا في أيديهم، و أن لا يسأل عنهم بل يكون اعتماده على اللّه و توجّهه إليه تعالى.

ص:29


1- -الكافي ج 2 ص 119 ح 3
2- الكافي ج 2 ص 119 ح 4
3- الكافي ج 2 ص 120 ح 7

9-في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: و مرارة اليأس خير من الطلب إلى الناس. (1)

و قال عليه السّلام: ما أقبح الخضوع عند الحاجة، و الجفاء عند الغنى. (2)

10-و قال عليه السّلام: أزرى بنفسه من استشعر الطمع، و رضي بالذلّ من كشف ضرّه، و هانت عليه نفسه من أمرّ عليها لسانه. (3)

بيان:

«أزرى بنفسه» : أي احتقر و استخفّ بها.

11-و قال عليه السّلام: الطمع رقّ مؤبّد. (4)

12-و قال عليه السّلام: أكثر مصارع العقول تحت بروق المطامع. (5)

13-و قال عليه السّلام: الطامع في وثاق الذلّ. (6)

14-و قال عليه السّلام: إنّ الطمع مورد غير مصدر، و ضامن غير وفيّ، و ربّما شرق شارب الماء قبل ريّه. . . (7)

بيان:

«شرق» : أي غصّ (گلوگير شد) .

15-و قال عليه السّلام: الغنى الأكبر اليأس عمّا في أيدي الناس. (8)

ص:30


1- -نهج البلاغة ص 930 في ر 31
2- نهج البلاغة ص 935
3- نهج البلاغة ص 1088 ح 2
4- نهج البلاغة ص 1170 ح 171
5- نهج البلاغة ص 1184 ح 210- الغرر ج 1 ص 195 ف 8 ح 352
6- نهج البلاغة ص 1186 ح 217
7- نهج البلاغة ص 1221 ح 267
8- نهج البلاغة ص 1244 ح 326

16-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: . . . و شعب الطمع أربع: الفرح و المرح و اللجاجة و التكاثر، و الفرح مكروه عند اللّه عزّ و جلّ، و المرح خيلاء، و اللجاجة بلاء لمن اضطرّته إلى حبائل الآثام، و التكاثر لهو و شغل و استبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير، فذلك النفاق و دعائمه و شعبه. (1)

بيان:

مرح الرجل مرحا: اشتدّ فرحه و نشاطه حتّى جاوز القدر، و قيل: تبختر و اختال.

17-عن الصادق عليه السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أفقر الناس الطمع. (2)

18-عن حمّاد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إن أردت أن تقرّ عينك و تنال خير الدنيا و الآخرة، فاقطع الطمع عمّا في أيدي الناس و عدّ نفسك في الموتى و لا تحدّثنّ نفسك أنّك فوق أحد من الناس و اخزن لسانك كما تخزن مالك. (3)

19-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: جاء أبو أيّوب إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال: يا رسول اللّه، أوصني و أقلل لعلّي أن أحفظ قال: أوصيك بخمس: باليأس عمّا في أيدي الناس فإنّه الغنى، و إيّاك و الطمع فإنّه الفقر الحاضر، و صلّ صلاة مودّع، و إيّاك و ما يعتذر منه، و أحبّ لأخيك ما تحبّ لنفسك. (4)

20-عن الصادق عليه السّلام ناقلا عن حكيم: غنى النفس أغنى من البحر. (5)

21-عن ابن سنان قال: سمعت الصادق عليه السّلام يقول: ثلاثة هنّ فخر المؤمن و زينة في الدنيا و الآخرة: الصلاة في آخر الليل، و يأسه ممّا في أيدي الناس، و ولاية

ص:31


1- -البحار ج 72 ص 91 باب الكفر و لوازمه في ح 1
2- البحار ج 73 ص 168 باب الطمع ح 1
3- البحار ج 73 ص 168 ح 3
4- البحار ج 73 ص 168 ح 4
5- البحار ج 75 ص 105 باب غنى النفس. . . ح 1

الإمام من آل محمّد عليهم السّلام. (1)

22-قال رجل للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله: علّمني شيئا إذا أنا فعلته أحبّني اللّه من السماء و أحبّني الناس من الأرض، قال: فقال: ارغب فيما عند اللّه يحبّك اللّه، و ازهد فيما عند الناس يحبّك الناس. (2)

23-في جوامع الكلم أمير المؤمنين عليه السّلام: . . . ما هدم الدين مثل البدع و لا أفسد الرجل مثل الطمع. . . (3)

24-عن أمير المؤمنين عليه السّلام في وصيّته لمحمّد بن الحنفيّة قال: إذا أحببت أن تجمع خير الدنيا و الآخرة فاقطع طمعك ممّا في أيدي الناس. (4)

25-عن الصادق جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام قال: سئل أمير المؤمنين عليه السّلام: ما ثبات الإيمان؟ قال: الورع، فقيل: ما زواله؟ قال: الطمع. (5)

أقول:

راجع الوسائل ج 9 ب 36 من الصدقة أيضا.

26-عن هشام بن الحكم، عن الكاظم عليه السّلام قال: يا هشام، إيّاك و الطمع، و عليك باليأس ممّا في أيدي الناس، و أمت الطمع من المخلوقين، فإنّ الطمع مفتاح للذلّ، و اختلاس العقل، و اختلاف المروّات، و تدنيس العرض، و الذهاب بالعلم، و عليك بالاعتصام بربّك، و التوكّل عليه. (6)

27-عن الصادق عليه السّلام أنّه قال لعبد اللّه بن جندب: شيعتنا لا يهرّون هرير

ص:32


1- -البحار ج 75 ص 107 ح 6
2- البحار ج 75 ص 107 ح 10
3- البحار ج 78 ص 92
4- الوسائل ج 16 ص 24 ب 67 من جهاد النفس ح 5
5- الوسائل ج 16 ص 25 ح 7
6- المستدرك ج 12 ص 68 ب 67 من جهاد النفس ح 5

الكلب، و لا يطمعون طمع الغراب. (1)

أقول:

لاحظ ما بمعناه في باب السؤال، و بيان مفرداته في باب الشيعة.

28-قال الباقر عليه السّلام لجابر الجعفيّ: و اطلب بقاء العزّ بإماتة الطمع، و ادفع ذلّ الطمع بعزّ اليأس، و استجلب عزّ اليأس ببعد الهمّة. (2)

29-عن الصادق عليه السّلام (في حديث) قال: قال لقمان لابنه: فإن أردت أن تجمع عزّ الدنيا، فاقطع طمعك عمّا في أيدي الناس، فإنّما بلغ الأنبياء و الصدّيقون ما بلغوا بقطع طمعهم. (3)

30-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (في حديث) : و إيّاكم و استشعار الطمع، فإنّه يشوب القلب شدّة الحرص، و يختم على القلوب بطابع حبّ الدنيا، و هو مفتاح كلّ سيّئة، و رأس كلّ خطيئة، و سبب إحباط كلّ حسنة. (4)

31-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الطمع رقّ. (الغرر ج 1 ص 9 ف 1 ح 170)

الطمع أوّل الشرّ-الطمع فقر حاضر-اليأس غناء حاضر.

(ص 14 ح 350 و 360 و 361)

العبد حرّ ما قنع-الحرّ عبد ما طمع. (ص 18 ح 467 و 468)

الطمع مذلّة حاضرة. (ص 19 ح 495)

العزّ مع اليأس-الذلّ مع الطمع. (ح 498 و 500)

اليأس يريح النفس. (ص 24 ح 687)

ص:33


1- -المستدرك ج 12 ص 68 ح 6
2- المستدرك ج 12 ص 69 ح 7
3- المستدرك ج 12 ص 69 ح 8
4- المستدرك ج 12 ص 70 ح 12

الطمع رقّ مخلّد. (ص 27 ح 805)

اليأس عتق مجدّد. (ح 806)

اليأس يعزّ الأسير-الطمع يذلّ الأمير. (ص 36 ح 1133 و 1134)

الكفّ عمّا في أيدي الناس عفّة و كبر همّة. (ص 51 ح 1430)

الكفّ عمّا في أيدي الناس أحد السخائين. (ص 62 ح 1643)

المذلّة و المهانة و الشقاء في الطمع و الحرص. (ص 96 ح 2117)

أغنى الناس القانع-أفقر الناس الطامع. (ص 175 ف 8 ح 33 و 34)

أهلك شيء الطمع-أضرّ شيء الطمع (ص 176 ح 51 و 62)

أقبح الشيم الطمع (ص 177 ح 68)

أسوء شيء الطمع (ص 183 ح 169)

أصل الإخلاص اليأس عمّا في أيدي الناس. (ص 188 ح 262)

أصل الشره الطمع و ثمرته الملامة. (ص 189 ح 268)

أزرى بنفسه من استشعر الطمع (ص 192 ح 314)

أوّل الإخلاص اليأس عمّا في أيدي الناس. (ص 205 ح 265)

آفة القضاة الطمع (ص 305 ف 16 ح 22)

ثمرة الطمع الشقاء. (ص 359 ف 23 ح 23)

ثمرة الطمع ذلّ الدنيا و الآخرة. (ص 361 ح 52)

رأس الورع ترك الطمع (ص 412 ف 34 ح 28)

سبب فساد اليقين الطمع. (ص 430 ف 38 ح 4)

سبب فساد الورع الطمع. (ص 432 ح 38)

صلاح النفس قلّة الطمع-صلاح الإيمان الورع و فساده الطمع.

(ص 452 ف 43 ح 6 و 7)

ص:34

عند غرور الآمال و الأطماع تنخدع عقول الجهّال، و تختبر ألباب الرجال. (ج 2 ص 491 ف 52 ح 24)

عبد المطامع مسترقّ لا يجد أبدا العتق. (ص 499 ف 55 ح 14)

غشّ نفسه من شرّبها الطمع (ص 507 ف 57 ح 21)

قليل الطمع يفسد كثير الورع. (ص 543 ف 61 ح 109)

كيف يملك الورع من (يملكه) الطمع. (ص 553 ف 64 ح 1)

من كثر طمعه عظم مصرعه. (ص 647 ف 77 ح 644)

من لزم الطمع عدم الورع. (ح 649)

من قلّ طمعه خفّت على نفسه مؤنته. (ص 683 ح 1134)

من لم ينزّه نفسه عن دناءة المطامع، فقد أذلّ نفسه و هو في الآخرة أذلّ و أخزى. (ص 690 ح 1210)

من طمع ذلّ و تعنّى. (ص 715 ح 1466)

ما الخمر صرفا بأذهب بعقول الرجال من الطمع. (ص 740 ف 79 ح 83)

لا يفسد الدين كالطمع. (ص 835 ف 86 ح 123)

لا يصلح الدين كالورع. (ح 124)

ص:35

ص:36

حرف الظاء

125- الأظفار

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: تقليم الأظفار يمنع الداء الأعظم و يدرّ (يزيد ف ن) الرزق. (1)

2-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّما قصّوا الأظفار لأنّها مقيل الشيطان، و منه يكون النسيان. (2)

بيان:

«مقيل الشيطان» : أي محلّ قيلولته أو استراحته، و الثاني أنسب.

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ أستر و أخفى ما يسلّط الشيطان من ابن آدم أن صار يسكن تحت الأظافير. (3)

4-عن موسى بن بكر أنّه قال للصادق عليه السّلام: إنّ أصحابنا يقولون: إنّما أخذ الشارب و الأظفار يوم الجمعة، فقال: سبحان اللّه، خذها إن شئت في يوم

ص:37


1- -الوسائل ج 2 ص 131 ب 80 من آداب الحمّام ح 1-و مثله في الخصال عن أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة)
2- الوسائل ج 2 ص 132 ح 2
3- الوسائل ج 2 ص 132 ح 3

الجمعة، و إن شئت في سائر الأيّام. (1)

أقول:

لعلّ الراوي زعم عدم جوازه في غير يوم الجمعة فردّه عليه السّلام، و إلاّ: فلا كلام في استحبابه يوم الجمعة كما ورد في الأخبار.

5-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام (في حديث المناهي) قال: نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن تقليم الأظفار بالأسنان، و نهى عن الحجامة يوم الأربعاء و الجمعة. (2)

أقول:

في ح 2: من الوسواس تقليم الأظفار بالأسنان.

6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: من قلّم أظفاره يوم الجمعة لم تسعّف أنامله. (3)

بيان:

«تسعّف» : أي تشقّق، و في بعض النسخ: "تشعّث"بمعنى تفرّق.

7-و عنه عليه السّلام قال: خذ من أظفارك و من شاربك كلّ جمعة، فإذا كانت قصارا فحكّها، فإنّه لا يصيبك جذام و لا برص. (4)

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من قلّم أظفاره يوم السبت و يوم الخميس و أخذ من شاربه عوفي من وجع الأضراس و وجع العينين. (5)

9-عن خلف قال: رآني أبو الحسن عليه السّلام و أنا أشتكي عيني، فقال:

ص:38


1- -الوسائل ج 2 ص 133 ح 6
2- الوسائل ج 2 ص 134 ب 82 ح 1
3- مكارم الأخلاق ص 64 ب 4 ف 1
4- مكارم الأخلاق ص 64
5- مكارم الأخلاق ص 65

ألا أدلّك على شيء إذا فعلته لم تشتك عينك؟ قلت: بلى، قال: خذ من أظفارك في كلّ خميس، قال: ففعلت فلم أشتك عيني. (1)

10-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أراد أن يأمن الفقر و شكاية العين و البرص و الجنون فليقلّم أظفاره يوم الخميس بعد العصر و ليبدأ بخنصره من اليسار. (2)

11-قال الصادق عليه السّلام: احتبس الوحي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقيل له: احتبس الوحي عنك يا رسول اللّه؟ قال: و كيف لا يحتبس عنيّ و أنتم لا تقلّمون أظفاركم و لا تنقون رائحتكم. (3)

12-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (في حديث) : و قلّموا الأظفار و لا تشبّهوا باليهود. (4)

13-. . . قال الصادق عليه السّلام: يدفن الرجل شعره و أظافيره إذا أخذ منها و هي سنّة.

و في كتاب المحاسن: و هي سنّة واجبة. و روي أنّ من السنّة دفن الشعر و الظفر و الدم. (5)

14-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من قلّم أظفاره يوم السبت دفعت عنه (وقعت عليه م) الآكلة في أصابعه، و من قلّم أظفاره يوم الأحد ذهبت البركة منه، و من قلّم أظفاره يوم الاثنين يصير حافظا و كاتبا و قارئا، و من قلّم أظفاره يوم الثلثاء يخاف الهلاك عليه، و من قلّم أظفاره يوم الأربعاء يصير سيّئ الخلق، و من قلّم أظفاره يوم الخميس يخرج منه الداء، و يدخل فيه الشفاء، و من قلّم

ص:39


1- -مكارم الأخلاق ص 65
2- مكارم الأخلاق ص 66
3- مكارم الأخلاق ص 66
4- المستدرك ج 1 ص 414 ب 51 من آداب الحمّام ح 6
5- البحار ج 76 ص 123 باب قصّ الأظفار ح 12

أظفاره يوم الجمعة يزيد في عمره و ماله. . . (1)

ص:40


1- -البحار ج 76 ص 124 ح 13

126- الظلم

الآيات

1- . . . وَ اَللّهُ لا يَهْدِي اَلْقَوْمَ اَلظّالِمِينَ. (1)

2- . . . وَ اَللّهُ لا يُحِبُّ اَلظّالِمِينَ. (2)

3- . . . وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اَللّهُ فَأُولئِكَ هُمُ اَلظّالِمُونَ. (3)

4- . . . إِنَّهُ لا يُفْلِحُ اَلظّالِمُونَ. (4)

5- فَقُطِعَ دابِرُ اَلْقَوْمِ اَلَّذِينَ ظَلَمُوا وَ اَلْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ اَلْعالَمِينَ. (5)

6- قُلْ أَ رَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اَللّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ اَلْقَوْمُ اَلظّالِمُونَ. (6)

7- وَ لَقَدْ أَهْلَكْنَا اَلْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمّا ظَلَمُوا. . . (7)

ص:41


1- -البقرة:258 و مثلها في المائدة:51 و الأنعام:144
2- آل عمران:57 و مثلها في الشورى:40
3- المائدة:45
4- الأنعام:21 و 135 و يوسف:23
5- الأنعام:45
6- الأنعام:47
7- يونس:13

8- . . . فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ اَلظّالِمِينَ. (1)

9- إِنَّ اَللّهَ لا يَظْلِمُ اَلنّاسَ شَيْئاً وَ لكِنَّ اَلنّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ. (2)

10- . . . وَ قِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ اَلظّالِمِينَ. (3)

11- وَ لا تَرْكَنُوا إِلَى اَلَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ اَلنّارُ وَ ما لَكُمْ مِنْ دُونِ اَللّهِ مِنْ أَوْلِياءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ. (4)

12- . . . فَأَوْحى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ اَلظّالِمِينَ. (5)

13- . . . إِنَّ اَلظّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ. (6)

14- . . . وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اَللّهِ لا تُحْصُوها إِنَّ اَلْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفّارٌ. (7)

15- وَ لا تَحْسَبَنَّ اَللّهَ غافِلاً عَمّا يَعْمَلُ اَلظّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ اَلْأَبْصارُ. (8)

16- . . . وَ مَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذاباً كَبِيراً. (9)

17- . . . وَ أَعْتَدْنا لِلظّالِمِينَ عَذاباً أَلِيماً. (10)

18- . . . وَ سَيَعْلَمُ اَلَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ. (11)

ص:42


1- -يونس:39 و القصص:40
2- يونس:44
3- هود:44 و في المؤمنون:41 مثلها
4- هود:113
5- إبراهيم:13
6- إبراهيم:22 و الشورى:21
7- إبراهيم:34
8- إبراهيم:42
9- الفرقان:19
10- الفرقان:37
11- الشعراء:227

19- فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ اَلَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَ لا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ. (1)

20- . . . بَلِ اَلظّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ. (2)

21- . . . يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللّهِ إِنَّ اَلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ. (3)

22- . . . ما لِلظّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَ لا شَفِيعٍ يُطاعُ. (4)

23- . . . وَ اَلظّالِمُونَ ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَ لا نَصِيرٍ. (5)

24- . . . أَلا إِنَّ اَلظّالِمِينَ فِي عَذابٍ مُقِيمٍ. (6)

25- . . . فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ. (7)

26- . . . وَ إِنَّ اَلظّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَ اَللّهُ وَلِيُّ اَلْمُتَّقِينَ. (8)

الأخبار

1-قال أبو جعفر عليه السّلام: الظلم ثلاثة: ظلم يغفره اللّه، و ظلم لا يغفره اللّه، و ظلم لا يدعه اللّه، فأمّا الظلم الذي لا يغفره فالشرك، و أمّا الظلم الذي يغفره فظلم الرجل نفسه فيما بينه و بين اللّه، و أمّا الظلم الذي لا يدعه فالمداينة بين العباد. (9)

ص:43


1- -الروم:57
2- لقمان:11
3- لقمان:13
4- المؤمن:18
5- الشورى:8
6- الشورى:45
7- الزخرف:65
8- الجاثية:19
9- الكافي ج 2 ص 248 باب الظلم ح 1

بيان:

«الظلم» : في المصباح: أصل الظلم وضع الشيء في غير موضعه.

و في المفردات: الظلم عند أهل اللغة و كثير من العلماء وضع الشيء في غير موضعه المختصّ به إمّا بنقصان أو بزيادة، و إمّا بعدول عن وقته أو مكانه. . . و الظلم يقال في مجاوزة الحقّ الذي يجري مجرى نقطة الدائرة، و يقال فيما يكثر و فيما يقلّ من التجاوز، و لهذا يستعمل في الذنب الكبير و في الذنب الصغير. . .

في المرآة ج 10 ص 295: الظلم وضع الشيء في غير موضعه، فالمشرك ظالم لأنّه جعل غير اللّه تعالى شريكا له، و وضع العبادة في غير محلّها، و العاصي ظالم لأنّه وضع المعصية موضع الطاعة. . .

أقول: الظلم إمّا يكون بالمعنى العامّ فيطلق على كلّ ذنب و إثم، فالمذنب ظالم لنفسه لما ذكر، و إمّا بالمعنى الخاصّ و هو التعدّي على الغير و تضييع حقوق الآخرين و هو المقصود بالباب.

و في المرآة: «المداينة بين العباد» : أي المعاملة بينهم كناية عن مطلق حقوق الناس، فإنّها تترتّب على المعاملة بينهم أو المراد به المحاكمة بين العباد في القيامة، فإنّ سببها حقوق الناس، قال الجوهريّ: داينت فلانا إذا عاملته فأعطيت دينا و أخذت بدين، و الدين الجزاء و المكافاة، يقال: دانه دينا أي جازاه.

2-عن شيخ من النخع قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام: إنّي لم أزل واليا منذ زمن الحجّاج إلى يومي هذا، فهل لي من توبة؟ قال: فسكت، ثمّ أعدت عليه، فقال: لا، حتّى تؤدّي إلى كلّ ذي حقّ حقّه. (1)

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما من مظلمة أشدّ من مظلمة لا يجد صاحبها

ص:44


1- -الكافي ج 2 ص 248 ح 3

عليها عونا إلاّ اللّه عزّ و جلّ. (1)

بيان:

قال الجوهريّ و غيره: المظلمة بكسر اللام و الفتح: ما تطلبه عند الظالم و هو اسم ما أخذ منك ظلما.

4-عن أبي حمزة الثماليّ عن أبي جعفر عليه السّلام قال: لمّا حضر عليّ بن الحسين عليهما السّلام الوفاة ضمّني إلى صدره، ثمّ قال: يا بنيّ، أوصيك بما أوصاني به أبي عليه السّلام حين حضرته الوفاة، و بما ذكر أنّ أباه أوصاه به، قال: يا بنيّ، إيّاك و ظلم من لا يجد عليك ناصرا إلاّ اللّه. (2)

5-عن أبي عبد اللّه عن أمير المؤمنين عليهما السّلام قال: من خاف القصاص كفّ عن ظلم الناس. (3)

6-عن إسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من أصبح لا ينوي ظلم أحد غفر اللّه له ما أذنب ذلك اليوم ما لم يسفك دما أو يأكل مال يتيم حراما. (4)

7-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أصبح لا يهمّ بظلم أحد غفر اللّه له ما اجترم. (5)

بيان:

«ما اجترم» : أي ما اكتسب من الجرم و الإثم.

8-عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من ظلم مظلمة اخذ بها

ص:45


1- -الكافي ج 2 ص 249 ح 4
2- الكافي ج 2 ص 249 ح 5
3- الكافي ج 2 ص 249 ح 6
4- الكافي ج 2 ص 249 ح 7
5- الكافي ج 2 ص 249 ح 8(و ح 21)

في نفسه أو في ماله أو في ولده. (1)

9-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: اتّقوا الظلم فإنّه ظلمات يوم القيامة. (2)

10-عن عبد الأعلى قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام مبتدئا: من ظلم سلّط اللّه عليه من يظلمه أو على عقبه أو على عقب عقبه قال: قلت: هو يظلم فيسلّط اللّه على عقبه أو على عقب عقبه؟ فقال: إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: وَ لْيَخْشَ اَلَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اَللّهَ وَ لْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً 3. (3)

11-عن إسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ أوحى إلى نبيّ من أنبيائه في مملكة جبّار من الجبّارين أن ائت هذا الجبّار فقل له: إنّني لم أستعملك على سفك الدماء و اتّخاذ الأموال، و إنّما استعملتك لتكفّ عنّي أصوات المظلومين، فإنّي لم أدع ظلامتهم و إن كانوا كفّارا. (4)

بيان:

في المرآة: «الظلامة» : ما تطلبه عند الظالم و هو اسم ما أخذ منك. . . و قوله: فإنّي لم أدع ظلامتهم: تهديد للجبّار بزوال ملكه، فإنّ الملك يبقى مع الكفر و لا يبقى مع الظلم.

12-عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: من أكل مال أخيه

ص:46


1- -الكافي ج 2 ص 249 ح 9
2- الكافي ج 2 ص 249 ح 10 و 11
3- الكافي ج 2 ص 250 ح 13
4- الكافي ج 2 ص 250 ح 14

ظلما و لم يردّه إليه، أكل جذوة من النار يوم القيامة. (1)

بيان:

في القاموس، «الجذوة» مثلثة: القبسة من النار و الجمرة.

13-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: العامل بالظلم و المعين له و الراضي به شركاء ثلاثتهم. (2)

14-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من عذر ظالما بظلمه سلّط اللّه عليه من يظلمه، فإن دعا لم يستجب له و لم يأجره اللّه على ظلامته. (3)

15-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من ظلم أحدا ففاته فليستغفر اللّه له، فإنّه كفّارة له. (4)

بيان:

«فاته» : أي لم يدركه ليطلب البراءة منه و يرضيه، و يحمل على ما إذا لم يكن حقّا ماليّا و إلاّ وجب عليه الخروج عن عهدته بأن يدفع إلى ورثته مثلا.

16-عن زيد بن عليّ بن الحسين عن أبيه عليه السّلام قال: ما يأخذ المظلوم من دين الظالم أكثر ممّا يأخذ الظالم من دنيا المظلوم. (5)

17-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ اللّه عزّ و جلّ يبغض الغنيّ الظلوم. (6)

18-عن عبد اللّه بن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: من أعان

ص:47


1- -الكافي ج 2 ص 250 ح 15
2- الكافي ج 2 ص 250 ح 16
3- الكافي ج 2 ص 250 ح 18
4- الكافي ج 2 ص 251 ح 20
5- عقاب الأعمال ص 321 باب عقاب من ظلم ح 5
6- عقاب الأعمال ص 322 ح 12

ظالما على مظلوم لم يزل اللّه عليه ساخطا حتّى ينزع عن معونته. (1)

19-عن أبي حمزة عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام (في حديث) قال: إيّاكم و صحبة العاصين و معونة الظالمين. (2)

20-عن أبي بصير قال: سألت أبا جعفر عليه السّلام عن أعمالهم؟ فقال لي: يا أبا محمّد، لا و لا مدّة قلم، إنّ أحدهم (كم ف ن) لا يصيب من دنياهم شيئا إلاّ أصابوا من دينه مثله، أو حتّى يصيبوا من دينه مثله-الوهم من ابن أبي عمير-. (3)

بيان:

«عن أعمالهم» : يعني عن تولّي أعمالهم. «المدّة» : غمس القلم في الدواة مرّة للكتابة.

21-عن يونس بن يعقوب قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا تعنهم على بناء مسجد. (4)

22-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين أعوان الظلمة، و من لاق لهم دواة، أو ربط كيسا، أو مدّ لهم مدّة قلم، فاحشروهم معهم. (5)

أقول:

نحوه ح 16 و زاد فيه؛ قال: فيجتمعون في تابوت من حديد ثمّ يرمى بهم في جهنّم.

بيان: «لاق الدواة» : أي أصلح مدادها. «ربط كيسا» : أي شدّه و أوثقه.

23-قال عليه السّلام: من مشى إلى ظالم ليعينه و هو يعلم أنّه ظالم فقد خرج

ص:48


1- -عقاب الأعمال ص 323 ح 17
2- الوسائل ج 17 ص 177 ب 42 من ما يكتسب به ح 1
3- الوسائل ج 17 ص 179 ح 5
4- الوسائل ج 17 ص 180 ح 8
5- الوسائل ج 17 ص 180 ح 11

من الإسلام. (1)

24-عن صفوان بن مهران الجمّال قال: دخلت على أبي الحسن الأوّل عليه السّلام فقال لي: يا صفوان، كلّ شيء منك حسن جميل ما خلا شيئا واحدا، قلت: جعلت فداك أيّ شيء؟ قال: إكراؤك جمالك من هذا الرجل-يعني هارون-قال: و اللّه ما أكريته أشرا و لا بطرا و لا للصيد و لا للهو، و لكنّي أكريته لهذا الطريق-يعني طريق مكّة-و لا أتولاّه بنفسي، و لكن أبعث معه غلماني.

فقال لي: يا صفوان، أيقع كراؤك عليهم؟ قلت: نعم جعلت فداك، قال: فقال لي: أتحبّ بقاؤهم حتّى يخرج كراؤك؟ قلت: نعم، قال: من أحبّ بقاءهم فهو منهم، و من كان منهم كان ورد النار.

قال صفوان: فذهبت فبعت جمالي عن آخرها، فبلغ ذلك إلى هارون فدعاني فقال لي: يا صفوان، بلغني أنّك بعت جمالك، قلت: نعم قال: و لم؟ قلت: أنا شيخ كبير و إنّ الغلمان لا يفون بالأعمال، فقال: هيهات هيهات، إنّي لأعلم من أشار عليك بهذا، أشار عليك بهذا موسى بن جعفر، قلت: ما لي و لموسى بن جعفر؟ فقال: دع هذا عنك فو اللّه لو لا حسن صحبتك لقتلتك. (2)

أقول:

راجع الوسائل ج 16 ص 52 ب 78 من جهاد النفس أيضا.

25-روي بإسناد صحيح عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: أربعة لا تردّ لهم دعوة و تفتح لهم (لها ف ن) أبواب السماء و تصير إلى العرش: دعاء الوالد لولده، و المظلوم على من ظلمه، و المعتر حتّى يرجع، و الصائم حتّى يفطر. (3)

ص:49


1- -الوسائل ج 17 ص 182 ح 15-و مثله في جامع الأخبار عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله
2- الوسائل ج 17 ص 182 ح 17
3- جامع الأخبار ص 155 ف 116

26-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: الظلم ندامة. (1)

27-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من مشى مع ظالم فقد أجرم. (2)

28-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ألا و إنّ الظلم ثلاثة: فظلم لا يغفر، و ظلم لا يترك، و ظلم مغفور لا يطلب؛ فأمّا الظلم الذي لا يغفر فالشرك باللّه، قال اللّه سبحانه: إِنَّ اَللّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ 3 و أمّا الظلم الذي يغفر فظلم العبد نفسه عند بعض الهنات، و أمّا الظلم الذي لا يترك فظلم العباد بعضهم بعضا. (3)

بيان:

«الهنة» جمع هنات: الشيء اليسير و العمل الحقير، و المراد هنا صغائر الذنوب.

29-و قال عليه السّلام: و اللّه لأن أبيت على حسك السعدان مسهّدا، و اجرّ في الأغلال مصفّدا، أحبّ إليّ من أن ألقى اللّه و رسوله يوم القيامة ظالما لبعض العباد، و غاصبا لشيء من الحطام، و كيف أظلم أحدا لنفس يسرع إلى البلى قفولها، و يطول في الثرى حلولها؟ ! . . . و اللّه لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي اللّه في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلته. . . (4)

بيان:

«الحسك» : الشوك. «السعدان» : نبت ترعاه الإبل له شوك تشبه به حلمة الثدي.

«المسهّد» : من سهّده إذا أسهره. «المصفّد» : أي المقيّد. «قفولها» : أي رجوعها.

«الثرى» : التراب.

ص:50


1- -جامع الأخبار ص 155-و مثله في البحار ج 75 ص 322 عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله
2- جامع الأخبار ص 155
3- نهج البلاغة ص 575 في خ 175
4- نهج البلاغة ص 713 خ 215- صبحي ص 346 خ 224

30-في وصيّة أمير المؤمنين للحسنين عليهم السّلام: كونا للظالم خصما، و للمظلوم عونا. (1)

31-قال في وصيّة لابنه الحسن عليهما السّلام: و لا تظلم كما لا تحبّ أن تظلم. . . (2)

و ظلم الضعيف أفحش الظلم. . . (3)

و لا يكبرنّ عليك ظلم من ظلمك، فإنّه يسعى في مضرّته و نفعك، و ليس جزاء من سرّك أن تسوءه. . . (4)

32-و قال عليه السّلام: للظالم البادي غدا بكفّه عضّة. (5)

أقول:

في ص 1193 ح 233 و قال عليه السّلام: يوم المظلوم على الظالم أشدّ من يوم الظالم على المظلوم.

بيان: «بكفّه عضّة» : أي يعضّ الظالم على يده ندما يوم القيامة، أشار عليه السّلام بقوله تعالى: وَ يَوْمَ يَعَضُّ اَلظّالِمُ عَلى يَدَيْهِ 6.

33-و قال عليه السّلام: للظالم من الرجال ثلاث علامات: يظلم من فوقه بالمعصية، و من دونه بالغلبة، و يظاهر القوم الظلمة. (6)

ص:51


1- -نهج البلاغة ص 977 في ر 47
2- نهج البلاغة ص 921 في ر 31
3- نهج البلاغة ص 931
4- نهج البلاغة ص 933
5- نهج البلاغة ص 1172 ح 177
6- نهج البلاغة ص 1251 ح 342

بيان:

«يظاهر. . .» : أي يعاونهم.

34-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الظلم يطرد النعم، و البغي يجلب النقم. (1)

35-قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّ في جهنّم لجبلا يقال له: الصعداء، و إنّ في الصعداء لواديا يقال له: سقر، و إنّ في سقر لجبّا يقال له: هبهب كلّما كشف غطاء ذلك الجبّ ضجّ أهل النار من حرّه و ذلك منازل الجبّارين. (2)

36-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من خاف ربّه كفّ ظلمه. (3)

37-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ثلاثة إن لم تظلمهم ظلموك: السفلة، و زوجتك، و خادمك. (4)

38-عن حمّاد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال لقمان لابنه: يا بنيّ، للظالم ثلاث علامات: يظلم من فوقه بالمعصية، و من دونه بالغلبة، و يعين الظلمة. . . (5)

39-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أفضل الجهاد من أصبح لا يهمّ بظلم أحد. (6)

40-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إيّاكم و الظلم فإنّه يخرب قلوبكم. (7)

ص:52


1- -مجموعة الأخبار ص 296 ب 171-الغرر ج 1 ص 26 ف 1 ح 760 و 761
2- مجموعة الأخبار ص 299
3- البحار ج 75 ص 309 باب الظلم ح 3
4- البحار ج 75 ص 309 ح 6
5- البحار ج 75 ص 310 ح 8
6- البحار ج 75 ص 314 ح 32-و مثله ص 320 ح 47 عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام عنه صلّى اللّه عليه و آله
7- البحار ج 75 ص 315 ح 34

41-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (في حديث المناهي) : من مدح سلطانا جائرا و تخفّف و تضعضع له طمعا فيه، كان قرينه إلى النار.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: قال اللّه عزّ و جلّ: وَ لا تَرْكَنُوا إِلَى اَلَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ اَلنّارُ.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: من دلّ جائرا على جور كان قرين هامان في جهنّم.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: من تولّى خصومة ظالم أو أعان عليها ثمّ نزل به ملك الموت قال له: أبشر بلعنة اللّه و نار جهنّم و بئس المصير.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: ألا و من علّق سوطا بين يدي سلطان جائر جعل اللّه ذلك السوط يوم القيامة ثعبانا من النار طوله سبعون ذراعا يسلّط عليه في نار جهنّم و بئس المصير.

و نهى صلّى اللّه عليه و آله عن إجابة الفاسقين إلى طعامهم. (1)

42-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال عيسى لبني إسرائيل: لا تعينوا الظالم على ظلمه فيبطل فضلكم. . . (2)

43-عن عليّ بن أبي حمزة قال: كان لي صديق من كتّاب بني اميّة فقال لي: استأذن لي على أبي عبد اللّه عليه السّلام، فأستأذنت له فلمّا دخل سلّم و جلس ثمّ قال: جعلت فداك إنّي كنت في ديوان هؤلاء القوم، فأصبت من دنياهم مالا كثيرا و أغمضت في مطالبه، فقال أبو عبد اللّه: لو لا أنّ بني اميّة وجدوا من يكتب لهم و يجبي لهم الفيء و يقاتل عنهم و يشهد جماعتهم لما سلبونا حقّنا، و لو تركهم الناس و ما في أيديهم ما وجدوا شيئا إلاّ ما وقع في أيديهم.

فقال الفتى: جعلت فداك فهل لي من مخرج منه؟ قال: إن قلت لك تفعل؟ قال: أفعل، قال: اخرج من جميع ما كسبت في دواوينهم، فمن عرفت منهم رددت عليه

ص:53


1- -البحار ج 75 ص 369 باب الركون إلى الظالمين ح 3
2- البحار ج 75 ص 369 ح 7

ماله، و من لم تعرف تصدّقت به، و أنا أضمن لك على اللّه الجنّة، قال: فأطرق الفتى طويلا فقال: قد فعلت جعلت فداك.

قال ابن أبي حمزة: فرجع الفتى معنا إلى الكوفة فما ترك شيئا على وجه الأرض إلاّ خرج منه حتّى ثيابه التي كانت على بدنه، قال: فقسمنا له قسمة و اشترينا له ثيابا و بعثنا له بنفقة، قال: فما أتى عليه أشهر قلائل حتّى مرض فكنّا نعوده، قال: فدخلت عليه يوما و هو في السياق ففتح عينيه ثمّ قال: يا عليّ، وفى لي و اللّه صاحبك، قال: ثمّ مات فولّينا أمره، فخرجت حتّى دخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام فلمّا نظر إليّ قال: يا عليّ، وفينا و اللّه لصاحبك، قال: فقلت: صدقت جعلت فداك، هكذا قال لي و اللّه عند موته. (1)

بيان:

«أطرق الفتى» : أي سكت و لم يتكلّم و أرخى عينيه ينظر إلى الأرض.

«السياق» : الشروع في نزع الروح.

44-في وصيّة أمير المؤمنين عليه السّلام لكميل: يا كميل، إيّاك، إيّاك و التطرّق إلى أبواب الظالمين و الاختلاط بهم و الاكتساب منهم، و إيّاك أن تطيعهم و أن تشهد في مجالسهم بما يسخط اللّه عليك.

يا كميل، إذا اضطررت إلى حضورهم فداوم ذكر اللّه تعالى و التوكّل عليه و استعذ باللّه من شرّهم، و أطرق عنهم و أنكر بقلبك فعلهم، و اجهر بتعظيم اللّه تعالى لتسمعهم فإنّهم يهابوك و تكفي شرّهم. (2)

بيان:

«يهابوك» : هابه: خافه، و هاب الرجل فلانا: و قّره و عظّمه.

ص:54


1- -البحار ج 75 ص 375 ح 31
2- البحار ج 77 ص 271

45-في وصيّة الباقر عليه السّلام لجابر الجعفيّ: أوصيك بخمس: إن ظلمت فلا تظلم، و إن خانوك فلا تخن، و إن كذّبت فلا تغضب، و إن مدحت فلا تفرح، و إن ذممت فلا تجزع، و فكّر فيما قيل فيك. . . (1)

46-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الظالم لئيم. (الغرر ج 1 ص 7 ف 1 ح 75)

الجور هلاك-الجور ممحاة. (ص 12 و 13 ح 275 و 308)

البغي يسلب النعمة-الظلم يجلب النقمة. (ص 17 ح 436 و 437)

الظلم و خيم العاقبة. (ص 18 ح 484)

البغي يزيل النعم. (ص 20 ح 541)

الظلم ألأم الرذائل-الظلم بوار الرعيّة. (ص 28 ح 854 و 857)

الظلم يدمّر الديار-الظلم يردي صاحبه. (ص 36 و 37 ح 1110 و 1143)

البغي سائق إلى الحين. (ص 39 ح 1201)

المؤمن لا يظلم و لا يتأثّم. (ص 50 ح 1424)

البغي يصرع الرجال و يدني الآجال. (ص 56 ح 1531)

الظلم في الدنيا بوار و في الآخرة دمار. (ص 66 ح 1736)

الظلم يزلّ القدم و يسلب النعم و يهلك الامم. (ص 68 ح 1762)

السلطان الجائر و العالم الفاجر أشدّ الناس نكاية. (ص 79 ح 1919)

احذر الحيف و الجور فإنّ الحيف يدعو إلى السيف، و الجور يعود بالجلاء و يعجّل العقوبة و الانتقام. (ص 126 ف 2 ح 220)

اتّقوا البغي، فإنّه يجلب النقم و يسلب النعم و يوجب الغير-أبعدوا عن الظلم، فإنّه أعظم الجرائم و أكبر المآثم. (ص 134 ف 3 ح 46 و 48)

ص:55


1- -البحار ج 78 ص 162

إيّاك و الظلم، فمن ظلم كرهت أيّامه-إيّاك و الظلم، فإنّه يزول عمّن تظلمه و يبقى عليك. (ص 147 ف 5 ح 8 و 13)

إيّاك و البغي، فإنّه يعجّل الصرعة و يحلّ بالعامل به العبر-إيّاك و الظلم، فإنّه أكبر المعاصي، و إنّ الظالم لمعاقب يوم القيامة بظلمه. (ص 149 ح 27 و 35)

إيّاك و الجور، فإنّ الجائر لا يريح رائحة الجنّة. (ص 150 ح 40)

أقبح السير الظلم-أعجل شيء صرعة البغي. (ص 178 ف 8 ح 97 و 100)

أحسن العدل نصرة المظلوم-أنفذ السهام دعوة المظلوم.

(ص 181 ح 150 و 152)

أقبح شيء جور الولاة-أقطع شيء ظلم القضاة. (ص 183 ح 184 و 185)

أقبح الظلم منعك حقوق اللّه. (ص 191 ح 292)

أجور الناس من عدّ جوره عدلا منه. (ص 211 ح 521)

أظلم الناس من سنّ سنن الجور و محا سنن العدل. (ص 213 ح 535)

إنّ أعجل العقوبة عقوبة البغي. (ص 215 ف 9 ح 6)

إنّ أسوء المعاصي مغبّة الغيّ. (ح 7)

إنّ أسرع الشرّ عقابا الظلم. (ح 10)

إنّ القبح في الظلم بقدر الحسن في العدل-إنّ الزهد في ولاية الظالم بقدر الرغبة في ولاية العادل. (ص 220 ح 67 و 72)

إذا حدتك القدرة على ظلم الناس، فاذكر قدرة اللّه سبحانه على عقوبتك، و ذهاب ما أتيت إليهم عنهم و بقاءه عليك. (ص 319 ف 17 ح 135)

بالظلم تزول النعم-بالبغي تجلب النقم. (ص 331 ف 18 ح 52 و 53)

شرّ الناس من يظلم الناس. (ص 443 ف 41 ح 5)

شرّ الامراء من ظلم رعيّته. (ص 445 ح 45)

شرّ الناس من يعين على المظلوم. (ص 447 ح 64)

ص:56

ظلم الضعيف أفحش الظلم-ظلم العباد يفسد المعاد.

(ج 2 ص 475 ف 48 ح 18 و 24)

ظاهر اللّه سبحانه بالعناد من ظلم العباد-ظلم المرء في الدنيا عنوان شقاوته في الآخرة. (ص 476 ح 25 و 26)

من ظلم أفسد أمره-من جار قصم عمره. (ص 615 ف 77 ح 107 و 108)

من ظلم يتيما عقّ أولاده-و من ظلم رعيّته نصر أضداده.

(ص 618 ح 172 و 173)

من جار أهلكه جوره. (ص 619 ح 193)

من ظلم عظمت صرعته. (ص 620 ح 197)

من بغي عجّلت هلكته-من ظلم أوبقه ظلمه. (ح 198 و 204)

من ظلم عباد اللّه كان اللّه خصمه دون عباده-و من يكن اللّه خصمه دحض (1)حجّته و يعذّبه في دنياه و معاده. (ص 644 ح 595 و 596)

من ظلم قصم عمره و دمّر عليه (2)ظلمه. (ص 674 ح 1025)

من أفحش الظلم ظلم الكرام. (ص 726 ف 78 ح 24)

هيهات أن ينجو الظالم من أليم عذاب اللّه سبحانه و عظيم سطواته (3). (ص 794 ح 31)

أقول:

لاحظ ما يناسب المقام في أبواب جهنّم، السلاطين، العدل و. . .

ص:57


1- -دحض حجّته: أي بطلها
2- دمّر عليه: أي أهلكه
3- في المصباح: سطا عليه وسطا به يسطو سطوا و سطوة: قهره و أذلّه و هو البطش بشدّة

ص:58

127- حسن الظنّ باللّه تعالى

الآيات

1- . . . يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ اَلْحَقِّ ظَنَّ اَلْجاهِلِيَّةِ. . . (1)

2- وَ يُعَذِّبَ اَلْمُنافِقِينَ وَ اَلْمُنافِقاتِ وَ اَلْمُشْرِكِينَ وَ اَلْمُشْرِكاتِ اَلظّانِّينَ بِاللّهِ ظَنَّ اَلسَّوْءِ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ اَلسَّوْءِ وَ غَضِبَ اَللّهُ عَلَيْهِمْ وَ لَعَنَهُمْ وَ أَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَ ساءَتْ مَصِيراً. (2)

الأخبار

1-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: قال اللّه تبارك و تعالى: لا يتّكل العاملون [لي] على أعمالهم التي يعملونها لثوابي، فإنّهم لو اجتهدوا و أتعبوا أنفسهم- [و أفنوا] أعمارهم-في عبادتي كانوا مقصّرين غير بالغين في عبادتهم كنه عبادتي فيما يطلبون عندي من كرامتي، و النعيم في جنّاتي، و رفيع الدرجات العلى في جواري، و لكن برحمتي فليثقوا، و فضلي فليرجوا، و إلى حسن الظنّ بي فليطمئنّوا، فإنّ رحمتي عند ذلك تدركهم، و منّي يبلّغهم رضواني،

ص:59


1- -آل عمران:154
2- الفتح:6

و مغفرتي تلبسهم عفوي، فإنّي أنا اللّه الرحمن الرحيم و بذلك تسمّيت. (1)

2-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: وجدنا في كتاب عليّ عليه السّلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال-و هو على منبره-: و الذي لا إله إلاّ هو ما أعطي مؤمن قطّ خير الدنيا و الآخرة إلاّ بحسن ظنّه باللّه و رجائه له، و حسن خلقه، و الكفّ عن اغتياب المؤمنين.

و الذي لا إله إلاّ هو لا يعذّب اللّه مؤمنا بعد التوبة و الاستغفار إلاّ بسوء ظنّه باللّه، و تقصيره من رجائه، و سوء خلقه، و اغتيابه للمؤمنين، و الذي لا إله إلاّ هو، لا يحسن ظنّ عبد مؤمن باللّه إلاّ كان اللّه عند ظنّ عبده المؤمن، لأنّ اللّه كريم، بيده الخيرات، يستحيي أن يكون عبده المؤمن قد أحسن به الظنّ ثمّ يخلف ظنّه و رجاءه، فأحسنوا باللّه الظنّ و ارغبوا إليه. (2)

بيان:

الفرق بين حسن الظنّ و الرجاء هو أنّ الرجاء يحصل بعد إتيان العمل و الرجاء من غير عمل غرور، كما مرّ توضيحه، كما أنّ الحارث يزرع و يرجو حصده، و لكن حسن الظنّ لا يلازم العمل بل و يستحسن للمسيئ أن يحسن الظنّ باللّه تعالى.

3-عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: أحسن الظنّ باللّه، فإنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: أنا عند ظنّ عبدي المؤمن بي، إن خيرا فخيرا و إن شرّا فشرّا. (3)

بيان:

في المرآة ج 8 ص 45: هذا الخبر مرويّ من طرق العامّة أيضا، و قال الخطابي منهم: معناه أنا عند ظنّ عبدي في حسن عمله و سوء عمله، لأنّ من حسن عمله حسن ظنّه و من ساء عمله ساء ظنّه.

ص:60


1- -الكافي ج 2 ص 58 باب حسن الظنّ باللّه ح 1
2- الكافي ج 2 ص 58 ح 2
3- الكافي ج 2 ص 58 ح 3- العيون ج 2 ص 18 ب 30 في ح 44

أقول: الصحيح في معنى الحديث؛ أنا عند ظنّ العبد إذا أحسن العبد ظنّه بي أحسنت إليه و لم أخلف ظنّه، و إذا أساء ظنّه أخذته حسب ظنّه، و يدلّ على ذلك أخبار الباب.

4-عن سفيان بن عيينة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: حسن الظنّ باللّه أن لا ترجو إلاّ اللّه، و لا تخاف إلاّ ذنبك. (1)

بيان:

في المرآة: فيه إشارة إلى أنّ حسن الظنّ باللّه ليس معناه و مقتضاه ترك العمل و الاجتراء على المعاصي اتّكالا على رحمة اللّه، بل معناه أنّه مع العمل لا يتّكل على عمله، و إنّما يرجو قبوله من فضله و كرمه، و يكون خوفه من ذنبه و قصور عمله لا من ربّه، فحسن الظنّ لا ينافي الخوف، بل لا بدّ من الخوف و ضمّه مع الرجاء و حسن الظنّ كما مرّ.

5-في وصيّة عليّ عليه السّلام لمحمّد بن الحنفيّة، قال: و لا يغلبنّ عليك سوء الظنّ باللّه عزّ و جلّ، فإنّه لن يدع بينك و بين خليلك صلحا. (2)

6-عن ابن رئاب قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: يؤتى بعبد يوم القيامة ظالم لنفسه، فيقول اللّه: ألم آمرك بطاعتي؟ ألم أنهك عن معصيتي؟ فيقول: بلى يا ربّ، و لكن غلبت عليّ شهوتي فإنّ تعذّبني فبذنبي لم تظلمني، فيأمر اللّه به إلى النار، فيقول: ما كان هذا ظنّي بك، فيقول: ما كان ظنّك بي؟ قال: كان ظنّي بك أحسن الظنّ، فيأمر اللّه به إلى الجنّة، فيقول اللّه تبارك و تعالى: لقد نفعك حسن ظنّك بي الساعة. (3)

ص:61


1- -الكافي ج 2 ص 58 ح 4
2- الوسائل ج 15 ص 230 ب 16 من جهاد النفس ح 6
3- الوسائل ج 15 ص 232 ح 9

أقول:

وردت بهذا المعنى أخبار عديدة.

7-حدّثني أبي عن ابن أبي عمير عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: حديث يرويه الناس فيمن يؤمر به آخر الناس إلى النار، فقال: أما إنّه ليس كما يقولون، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ آخر عبد يؤمر به إلى النار فإذا أمر به التفت فيقول الجبّار: ردّوه فيردّونه فيقول له: لم التفت إليّ؟ فيقول: يا ربّ، لم يكن ظنّي بك هذا، فيقول: و ما كان ظنّك بي؟ فيقول: يا ربّ، كان ظنّي بك أن تغفر لي خطيئتي، و تسكنني جنّتك.

قال: فيقول الجبّار: يا ملائكتي، لا، و عزّتي و جلالي و آلائي و علوّي و ارتفاع مكاني، ما ظنّ بي عبدي ساعة من خير قطّ، و لو ظنّ بي ساعة من خير ما روّعته بالنار، أجيزوا له كذبه فأدخلوه الجنّة.

ثمّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ليس من عبد يظنّ باللّه خيرا إلاّ كان عند ظنّه به و ذلك قوله: وَ ذلِكُمْ ظَنُّكُمُ اَلَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ اَلْخاسِرِينَ. (1)

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال النبيّ داود عليه السّلام: يا ربّ، ما آمن بك من عرفك فلم يحسن الظنّ بك. (2)

9-قال: و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا يموتنّ أحدكم إلاّ و هو يحسن الظنّ باللّه، فإنّ حسن الظنّ باللّه ثمن الجنّة. (3)

10-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: و رأيت رجلا من امّتي على الصراط يرتعد كما ترتعد السعفة في يوم ريح عاصف، فجاءه حسن ظنّه باللّه فمسكت (فسكّنت ف ن)

ص:62


1- -تفسير القميّ ج 2 ص 264( فصّلت:23)
2- مشكوة الأنوار ص 36 ب 1 ف 8
3- مشكوة الأنوار ص 36

رعدته. . . (1)

بيان:

«السعفة» : جريد النخل.

11-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الثقة باللّه و حسن الظنّ به حصن لا يتحصّن به إلاّ كلّ مؤمن، و التوكّل عليه نجاة من كلّ سوء، و حرز من كلّ عدوّ. (2)

12-و عنه عليه السّلام أنّه قال لأصحابه: إن استطعتم أن يشتدّ خوفكم من اللّه، و يحسن ظنّكم به، فاجمعوا بينهما، فإنّما يكون حسن ظنّ العبد بربّه على قدر خوفه، فإنّ أحسن الناس باللّه ظنّا أشدّهم خوفا، فدعوا الأمانيّ منكم و جدّوا و اجتهدوا، و أدّوا إلى اللّه حقّه، و إلى خلقه، فما مع أحد براءة من النار، و ليس لأحد على اللّه حجّة، و لا بين أحد و بين اللّه قرابة. (3)

13-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ حسن الظنّ باللّه من حسن العبادة. (4)

14-قال أبو جعفر عليه السّلام: يوقف عبد بين يدي اللّه يوم القيامة فيأمر به إلى النار فيقول: لا و عزّتك ما كان هذا ظنّي بك فيقول: ما كان ظنّك بي؟ فيقول: كان ظنّي بك أن تغفر لي، فيقول: قد غفرت لك.

قال أبو جعفر عليه السّلام: أما و اللّه ما ظنّ به في الدنيا طرفة عين، و لو كان ظنّ به طرفة عين ما أوقفه ذلك الموقف لمّا رأى من العفو. (5)

15-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: حبّ الدنيا رأس كلّ خطيئة و رأس العبادة حسن

ص:63


1- -المستدرك ج 11 ص 249 ب 16 من جهاد النفس ح 6
2- المستدرك ج 11 ص 250 ح 7
3- المستدرك ج 11 ص 250 ح 8
4- المستدرك ج 11 ص 252 ح 13
5- البحار ج 70 ص 387 باب الخوف و الرجاء ح 51

الظنّ باللّه تعالى. (1)

16-قال الصادق عليه السّلام: حسن الظنّ أصله من حسن إيمان المرء و سلامة صدره، و علامته أن يرى كلّما نظر إليه بعين الطهارة و الفضل من حيث ركّب فيه و قذف في قلبه من الحياء و الأمانة و الصيانة و الصدق. . .

أوحى اللّه تبارك و تعالى إلى داود عليه السّلام: ذكّر عبادي من آلائي و نعمائي، فإنّهم لم يروا منّي إلاّ الحسن الجميل لئلاّ يظنّوا في الباقي إلاّ مثل الذي سلف منّي إليهم، و حسن الظنّ يدعو إلى حسن العبادة و المغرور يتمادى في المعصية و يتمنّى المغفرة، و لا يكون محسن الظنّ في خلق اللّه إلاّ المطيع له، يرجو ثوابه و يخاف عقابه.

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يحكي عن ربّه: أنا عند حسن ظنّ عبدي بي يا محمّد، فمن زاغ عن وفاء حقيقة موجبات ظنّه بربّه، فقد أعظم الحجّة على نفسه، و كان من المخدوعين في أسر هواه. (2)

17-قال أمير المؤمنين عليه السّلام:

إيّاك أن تسيء الظنّ، فإنّ سوء الظنّ يفسد العبادة و يعظّم الوزر.

(الغرر ج 1 ص 154 ف 5 ح 78)

حسن الظنّ راحة القلب و سلامة الدين. (ص 376 ف 27 ح 14)

حسن ظنّ العبد باللّه على قدر رجائه له. (ص 377 ح 28)

حسن الظنّ من أفضل السجايا و أجزل العطايا. (ص 378 ح 31)

حسن الظنّ أن تخلص العمل و ترجو من اللّه أن يعفو عن الزلل. (ح 33)

من حسن ظنّه حسنت نيّته. (ج 2 ص 617 ف 77 ح 149)

من ساء ظنّه سائت طويّته (3). (ح 150)

ص:64


1- -البحار ج 51 ص 258 باب أخبار المعمّرين ح 7
2- مصباح الشريعة ص 58 ب 85
3- الطويّة: النيّة و الضمير

من حسن ظنّه باللّه سبحانه فاز بالجنّة. (ص 687 ح 1178)

من حسن ظنّه بالدنيا تمكّنت منه المحنة. (ح 1179)

لا دين لسيّىء الظنّ. (ص 832 ف 86 ح 78)

لا إيمان مع سوء الظنّ. (ص 834 ح 100)

ص:65

ص:66

128- حسن الظنّ بالإخوان و قبول العذر عنهم

اشارة
الآيات

1- وَ لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ اَلسَّمْعَ وَ اَلْبَصَرَ وَ اَلْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً. (1)

2- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اِجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ اَلظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ اَلظَّنِّ إِثْمٌ. . . (2)

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام في كلام له: ضع أمر أخيك على أحسنه حتّى يأتيك ما يغلبك منه، و لا تظنّنّ بكلمة خرجت من أخيك سوءا و أنت تجد لها في الخير محملا. (3)

بيان:

قال الشهيد رحمه اللّه في كشف الربية ص 65: اعلم أنّه كما يحرم على الإنسان سوء القول في المؤمن، و أن يحدّث غيره بلسانه بمساوي الغير، كذلك يحرم عليه سوء الظنّ

ص:67


1- -الإسراء:36
2- الحجرات:12
3- الكافي ج 2 ص 269 باب التهمة و سوء الظنّ ح 3

و أن يحدّث نفسه بذلك، و المراد من سوء الظنّ المحرّم عقد القلب و حكمه عليه بالسوء من غير يقين به، و أمّا الخواطر و حديث النفس فهو معفوّ عنه كما أنّ الشكّ أيضا معفوّ عنه، قال اللّه تعالى: اِجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ اَلظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ اَلظَّنِّ إِثْمٌ فليس لك أن تعتقد في غيرك سوءا إلاّ إذا انكشف لك بعيان لا يحتمل التأويل، و ما لم تعلمه ثمّ وقع في قلبك فالشيطان يلقيه إليك، فينبغي أن تكذّبه فإنّه أفسق الفسّاق و قد قال اللّه تعالى: يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فلا يجوز تصديق إبليس.

و من هنا جاء في الشرع؛ أنّ من علمت في فيه رائحة الخمر لا يجوز أن تحكم عليه بشربها و لا تحدّه عليه، لإمكان أن يكون تمضمض به و مجّه أو حمل عليه قهرا، و ذلك أمر ممكن فلا يجوز إساءة الظنّ بالمسلم، و قد قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «إنّ اللّه تعالى حرّم من المسلم دمه و ماله و أن يظنّ به ظنّ السوء» فلا يستباح ظنّ السوء إلاّ بما يستباح به الدم و المال، و هو تيقّن (بعين ف ن) مشاهدة أو بيّنة عادلة أو ما جرى مجراهما من الامور المفيدة لليقين أو الثبوت الشرعي. . .

و طريق معرفة ما يخطر في القلب من ذلك هل هو ظنّ سوء أو اختلاج و شكّ؟ أن تختبر نفسك، فإن كانت قد تغيّرت و نفر قلبك عنه نفورا و استثقلته و فتر عن مراعاته، و تفقّده و إكرامه و الاهتمام بحاله و الاغتمام بسببه غير ما كان أوّلا، فهو أمارة عقد الظنّ، و قد قال صلّى اللّه عليه و آله: «ثلاثة في المؤمن و له منهنّ مخرج، فمخرجه من سوء الظنّ أن لا يحقّقه» أي لا يحقّق في نفسه بعقد و لا فعل، لا في قلب و لا في الجوارح، أمّا في القلب فبتغيّره إلى النفرة و الكراهة، و في الجوارح بالعمل بموجبه. . .

و من ثمرات سوء الظنّ التجسّس، فإنّ القلب لا يقنع بالظنّ و يطلب التحقيق فيشتغل بالتجسّس و هو أيضا منهيّ عنه، قال اللّه تعالى: وَ لا تَجَسَّسُوا و قد نهى اللّه سبحانه في هذه الآية الواحدة عن الغيبة و سوء الظنّ و التجسّس. و معنى

ص:68

التجسّس أن لا يترك عباد اللّه تحت ستر اللّه، فيتوصّل إلى الاطّلاع و هتك الستر، حتّى ينكشف لك ما لو كان مستورا عنك كان أسلم لقلبك و لدينك، فتدبّر ذلك راشدا و باللّه التوفيق انتهى.

في جامع السعادات ج 1 ص 280: . . . و لا ريب في أنّ من حكم بظنّه على غيره بالشرّ، بعثه الشيطان على أن يغتابه أو يتواني في تعظيمه و إكرامه، أو يقصّر فيما يلزمه من القيام بحقوقه، أو ينظر إليه بعين الاحتقار و يرى نفسه خيرا منه، و كلّ ذلك من المهلكات. على أنّ سوء الظنّ بالناس من لوازم خبث الباطن و قذارته، كما أنّ حسن الظنّ من علائم سلامة القلب و طهارته، فكلّ من يسئ الظنّ بالناس و يطلب عيوبهم و عثراتهم فهو خبيث النفس سقيم الفؤاد، و كلّ من يحسن الظنّ بهم و يستر عيوبهم فهو سليم الصدر طيّب الباطن، فالمؤمن يظهر محاسن أخيه و المنافق يطلب مساويه و كلّ إناء يترشّح بما فيه.

و السرّ في خباثة سوء الظنّ و تحريمه و صدوره عن خبث الضمير و إغواء الشيطان: أنّ أسرار القلوب لا يعلمها إلاّ علاّم الغيوب، فليس لأحد أن يعتقد في حقّ غيره سوء إلاّ إذا انكشف له بعيان لا يقبل التأويل، إذ حينئذ لا يمكنه ألاّ يعتقد ما شاهده و علمه، و أمّا ما لم يشاهده و لم يعلمه و لم يسمعه و إنّما وقع في قلبه، فالشيطان ألقاه إليه، فينبغي أن يكذّبه لأنّه أفسق الفسقة. . .

2-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أيّها الناس، من عرف من أخيه و ثيقة دين و سداد طريق فلا يسمعنّ فيه أقاويل الرجال، أما إنّه قد يرمي الرامي و تخطئ السهام، و يحيك الكلام، و باطل ذلك يبور، و اللّه سميع و شهيد، أما إنّه ليس بين الحقّ و الباطل إلاّ أربع أصابع.

فسئل عليه السّلام عن معنى قوله هذا، فجمع أصابعه و وضعها بين أذنه و عينه، ثمّ قال:

ص:69

الباطل أن تقول: سمعت، و الحقّ أن تقول: رأيت. (1)

بيان:

أحاك الكلام فيه: أثّر و عمل. «يبور» : يهلك و يفسد.

3-و قال عليه السّلام: إذا استولى الصلاح على الزمان و أهله ثمّ أساء رجل الظنّ برجل لم تظهر منه خزية (حوبة ف ن) فقد ظلم، و إذا استولى الفساد على الزمان و أهله فأحسن رجل الظنّ برجل فقد غرّر. (2)

بيان:

«الخزية» : البليّة، الخصلة التي يخزى فيها الإنسان «الحوبة» : الإثم.

4-و قال عليه السّلام: ليس من العدل القضاء على الثقة بالظنّ. (3)

5-و قال عليه السّلام: لا تظنّنّ بكلمة خرجت من أحد سوء و أنت تجد لها في الخير محتملا. (4)

6-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سئل أمير المؤمنين عليه السّلام: كم بين الحقّ و الباطل؟ فقال: أربع أصابع. و وضع أمير المؤمنين عليه السّلام يده على اذنه و عينيه فقال: ما رأته عيناك فهو الحقّ و ما سمعته اذناك فأكثره باطل. (5)

7-قال النبيّ صلىّ اللّه عليه و آله: إنّ في المؤمن ثلاث خصال، ليس منها خصلة إلاّ و له منها مخرج: الظنّ، و الطيرة، و الحسد، فمن سلم من الظنّ سلم من الغيبة، و من سلم

ص:70


1- -نهج البلاغة ص 430 خ 141
2- نهج البلاغة ص 1140 ح 110
3- نهج البلاغة ص 1184 ح 211
4- نهج البلاغة ص 1254 ح 352
5- الخصال ج 1 ص 236 باب الأربعة ح 78-و ما بمعناه في الخصال (ج 2 ص 441 باب العشرة ح 33) في جواب المجتبى عليه السّلام للشاميّ

من الغيبة سلم من الزور، و من سلم من الزور سلم من البهتان. (1)

8-و قال صلىّ اللّه عليه و آله: شرّ الناس الظانّون، و شرّ الظانّين المتجسّسون، و شرّ المتجسّسين القوّالون، و شرّ القوّالين الهتّاكون. (2)

9-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: احمل ما سمعت من أخيك على سبعين محملا من محامل الخير، فإن عجزت فاقبل على نفسك و قل: التقصير منك حيث أعيت عليك محامل الخير. (3)

10-قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام لولده: إن شتمك رجل عن يمينك ثمّ تحوّل إليك عن يسارك فاعتذر إليك فاقبل عذره. (4)

11-قال الصادق عليه السّلام: التمسوا لإخوانكم العذر في زلاّتهم و هفوات تقصيراتهم، فإن لم تجدوا لهم العذر في ذلك فاعتقدوا أنّ ذلك لقصوركم عن معرفة وجوه العذر. (5)

12-. . . قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أحسنوا ظنونكم بإخوانكم تغتنموا بها صفاء القلب و نقاء الطبع. . . (6)

13-عن جعفر عن أبيه عليهما السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إيّاكم و الظنّ، فإنّ الظنّ أكذب الكذب. . . (7)

14-قال أبو الحسن الثالث عليه السّلام: إذا كان زمان العدل فيه أغلب من الجور

ص:71


1- -المستدرك ج 9 ص 147 ب 141 من العشرة ح 14
2- المستدرك ج 9 ص 147 ح 15
3- مجموعة الأخبار ص 88 ب 56
4- مجموعة الأخبار ص 88
5- مجموعة الأخبار ص 88
6- مصباح الشريعة ص 59 ب 85
7- البحار ج 75 ص 195 باب التهمة ح 8

فحرام أن تظنّ بأحد سوء حتّى يعلم ذلك منه، و إذا كان زمان الجور فيه أغلب من العدل، فليس لأحد أن يظنّ بأحد خيرا حتّى يبدو ذلك منه. (1)

15-في كلمات النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: احترسوا من الناس بسوء الظنّ. (2)

بيان:

«الاحتراس» : التحفّظ.

16-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: . . . أسوء الناس حالا من لم يثق بأحد لسوء ظنّه، و لم يبق به أحد لسوء فعله. . . (3)

17-في مواعظ الصادق عليه السّلام: خذ من حسن الظنّ بطرف تروح به قلبك و يروح به (و يرخّ به م) أمرك. (4)

18-و قال عليه السّلام: إذا كان الزمان زمان جور، و أهله أهل غدر، فالطمأنينة إلى كلّ أحد عجز (فلا طمأنينة إلى كلّ أحد ف ن) . (5)

19-في مواعظ الجواد عليه السّلام: من لم يرض من أخيه بحسن النيّة لم يرض منه بالعطيّة. (6)

20-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الرجل السوء لا يظنّ بأحد خيرا، لأنّه لا يراه إلاّ بوصف نفسه.

(الغرر ج 1 ص 104 ف 1 ح 2199)

أفضل الورع حسن الظنّ. (ص 184 ف 8 ح 201)

ص:72


1- -البحار ج 75 ص 197 ح 17
2- البحار ج 77 ص 160
3- البحار ج 78 ص 93
4- البحار ج 78 ص 209
5- البحار ج 78 ص 239
6- البحار ج 78 ص 365 و 364

حسن الظنّ راحة القلب و سلامة الدين. (ص 376 ف 27 ح 14)

حسن الظنّ يخفّف الهمّ و ينجّي من تقلّد الإثم. (ص 377 ح 21)

حسن الظنّ من أحسن الشيم و أفضل القسم. (ح 22)

حسن الظنّ من أفضل السجايا و أجزل العطايا. (ص 378 ح 31)

سوء الظنّ بالمحسن شرّ الإثم و أقبح الظلم. (ص 433 ف 39 ح 24)

سوء الظنّ بمن لا يخون من اللؤم. (ح 25)

سوء الظنّ يفسد الامور و يبعث على الشرور. (ح 26)

شرّ الناس من لا يثق بأحد لسوء [ظنّه، و لا يثق به أحد لسوء] فعله. (ص 447 ف 41 ح 76)

من أحسن ظنّه أهمل. (ج 2 ص 611 ف 77 ح 10)

من ساء ظنّه تأمّل. (ح 11)

من حسن ظنّه حسنت نيّته. (ص 617 ح 149)

من ساء ظنّه سائت طويّته. (ح 150)

من ساء ظنّه ساء وهمه. (ص 626 ح 315)

من ظنّ بك خيرا فصدّق ظنّه. (ص 632 ح 411)

من كذّب سوء الظنّ بأخيه، كان ذا عقل صحيح و قلب مستريح. (ص 676 ح 1050)

من حسن ظنّه بالناس جاز منهم المحبّة (حاز منهم المحبّة ف ك)

(ص 687 ح 1180)

من ساءت ظنونه اعتقد الخيانة بمن لا يحومه (لا يخون ف ك) . (ح 1175)

من ساء ظنّه بمن لا يخون حسن ظنّه بما لا يكون. (ح 1176)

من عرّض نفسه للتهمة به، فلا يلومنّ من أساء الظنّ به. (ص 692 ح 1228)

من لم يحسن ظنّه استوحش من كلّ أحد. (ص 712 ح 1422)

ص:73

أقول:

قد مرّ في باب المجالسة عن أمير المؤمنين عليه السّلام: مجالسة الأشرار تورث سوء الظنّ بالأخيار. (البحار ج 74 ص 197)

ص:74

حرف العين

129- العبادة

الآيات

1- إِيّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيّاكَ نَسْتَعِينُ. (1)

2- يا أَيُّهَا اَلنّاسُ اُعْبُدُوا رَبَّكُمُ اَلَّذِي خَلَقَكُمْ وَ اَلَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ. (2)

3- وَ إِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اَللّهَ. . . (3)

4- إِنَّ اَللّهَ رَبِّي وَ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ. (4)

5- قُلْ يا أَهْلَ اَلْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَ بَيْنَكُمْ أَلاّ نَعْبُدَ إِلاَّ اَللّهَ. . . (5)

6- قُلْ أَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اَللّهِ ما لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَ لا نَفْعاً وَ اَللّهُ هُوَ اَلسَّمِيعُ

ص:75


1- -الحمد:5
2- البقرة:21
3- البقرة:83
4- آل عمران:51 و بهذا المعنى في الأنعام:102 و مريم:36 و يونس:3 و الزخرف:64
5- آل عمران:64

اَلْعَلِيمُ. (1)

7- قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ اَلَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اَللّهِ. . . (2)

8- قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَ نُسُكِي وَ مَحْيايَ وَ مَماتِي لِلّهِ رَبِّ اَلْعالَمِينَ. (3)

9- . . . فَقالَ يا قَوْمِ اُعْبُدُوا اَللّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ. . . (4)

10- وَ اُعْبُدْ رَبَّكَ حَتّى يَأْتِيَكَ اَلْيَقِينُ. (5)

11- وَ قَضى رَبُّكَ أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاّ إِيّاهُ وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً. . . (6)

12- . . . فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَ لا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً. (7)

13- رَبُّ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ وَ ما بَيْنَهُما فَاعْبُدْهُ وَ اِصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا. (8)

14- إِنَّنِي أَنَا اَللّهُ لا إِلهَ إِلاّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَ أَقِمِ اَلصَّلاةَ لِذِكْرِي. (9)

15- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اِرْكَعُوا وَ اُسْجُدُوا وَ اُعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَ اِفْعَلُوا اَلْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. (10)

ص:76


1- -المائدة:76 و نظيرها في يونس:18 و مريم:42 و الزمر:66 و الأنبياء:66
2- الأنعام:56
3- الأنعام:162
4- الأعراف:59 و المؤمنون:23 و بهذا المعنى في الأعراف:65 و 73 و 85 و هود:50 و 61 و 84 و الرعد:36 و النحل:36 و المؤمنون:32 و النمل:45 و العنكبوت:16 و 36 و نوح:3
5- الحجر:99
6- الإسراء:23
7- الكهف:110
8- مريم:65
9- طه:14
10- الحجّ:77

16- إِذْ جاءَتْهُمُ اَلرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اَللّهَ. . . (1)

17- وَ ما خَلَقْتُ اَلْجِنَّ وَ اَلْإِنْسَ إِلاّ لِيَعْبُدُونِ. (2)

18- وَ ما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اَللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ اَلدِّينَ. . . (3)

الأخبار

1-عن عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: في التوراة مكتوب: يابن آدم، تفرّغ لعبادتي أملأ قلبك غنى، و لا أكلك إلى طلبك، و عليّ أن أسدّ فاقتك، و أملأ قلبك خوفا منّي، و إن لا تفرّغ لعبادتي أملأ قلبك شغلا بالدنيا ثمّ لا أسدّ فاقتك و أكلك إلى طلبك. (4)

بيان:

«تفرّغ» : أي تخلّى من الشغل، يعني اجعل نفسك و قلبك فارغا عن أشغال الدنيا و شهواتها و علائقها «قلبك غنى» : أي عن الناس «أسدّ» يقال: سدّ الثلمة: ردمها و أصلحها، و سدّ الباب: أغلقه «العبادة» العبوديّة: إظهار التذلّل، و العبادة أبلغ منها لأنّها غاية الخضوع و التذلّل، و لا يستحقّها إلاّ من له غاية الإفضال و هو اللّه، و لهذا قال تعالى: أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاّ إِيّاهُ و بحسب الاصطلاح هي المواظبة على فعل المأمور به، و الفاعل عابد.

و قال المحقّق الطوسيّ في الأخلاق الناصريّة: قال الحكماء: عبادة اللّه ثلاثة أنواع:

الأوّل: ما يجب على الأبدان كالصلاة و الصيام و السعي في المواقف الشريفة لمناجاته جلّ ذكره.

ص:77


1- -فصّلت:14 و بهذا المعنى في الأنبياء:25 و الأحقاف:21
2- الذاريات:56
3- البيّنة:5 و نظيرها في الزمر:2 و 11 و 14
4- الكافي ج 2 ص 67 باب العبادة ح 1

الثاني: ما يجب على النفوس كالاعتقادات الصحيحة من العلم بتوحيد اللّه و ما يستحقّه من الثناء و التمجيد و الفكر فيما أفاضه اللّه سبحانه على العالم من وجوده و حكمته ثمّ الاتّساع في هذه المعارف.

الثالث: ما يجب عند مشاركات الناس في المدن و هي في المعاملات و المزارعات و المناكح و تأدية الأمانات و نصح البعض للبعض بضروب المعاونات و جهاد الأعداء و الذبّ عن الحريم و حماية الحوزة.

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: قال اللّه تبارك و تعالى: يا عبادي الصدّيقين، تنعّموا بعبادتي في الدنيا فإنّكم تتنعّمون بها في الآخرة. (1)

بيان:

في المرآة ج 8 ص 83، «بعبادتي» : الظاهر أنّ الباء صلة فإنّ الصدّيقين و المقرّبين يلتذّون بعبادة ربّهم و يتقوّون بها و هي عندهم أعظم اللذّات الروحانيّة. . .

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أفضل الناس من عشق العبادة، فعانقها و أحبّها بقلبه، و باشرها بجسده، و تفرّغ لها، فهو لا يبالي على ما أصبح من الدنيا، على عسر أم على يسر. (2)

4-قال عيسى بن عبد اللّه لأبي عبد اللّه عليه السّلام: جعلت فداك، ما العبادة؟ قال: حسن النيّة بالطاعة من الوجوه التي يطاع اللّه منها. . . (3)

بيان:

في المرآة، «حسن النيّة. . .» : كأنّ المعنى أنّ العبادة الصحيحة المقبولة هي ما يكون مع النيّة الحسنة الخالصة من شوائب الريا و السمعة و غيرها، مع طاعة أئمّة الحقّ عليهم السّلام و تكون تلك العبادة مأخوذة من الوجوه التي يطاع اللّه منها أي لا تكون

ص:78


1- -الكافي ج 2 ص 68 ح 2
2- الكافي ج 2 ص 68 ح 3
3- الكافي ج 2 ص 68 ح 4

مبتدعة بل تكون مأخوذة عن الدلائل الحقّة و الآثار الصحيحة. . .

5-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ العبّاد ثلاثة: قوم عبدوا اللّه عزّ و جلّ خوفا، فتلك عبادة العبيد، و قوم عبدوا اللّه تبارك و تعالى طلب الثواب، فتلك عبادة الاجراء و قوم عبدوا اللّه عزّ و جلّ حبّا له، فتلك عبادة الأحرار و هي أفضل العبادة. (1)

6-عن أبي حمزة عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: من عمل بما افترض اللّه عليه فهو من أعبد الناس. (2)

7-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ألا إنّ لكلّ عبادة شرّة، ثمّ تصير إلى فترة، فمن صارت شرّة عبادته إلى سنّتي فقد اهتدى، و من خالف سنّتي فقد ضلّ و كان عمله في تباب، أما إنّي اصلّي و أنام و أصوم و أفطر و أضحك و أبكي، فمن رغب عن منهاجي و سنّتي فليس منّي.

و قال: كفى بالموت موعظة، و كفى باليقين غنى، و كفى بالعبادة شغلا. (3)

بيان:

«الشرّة» : النشاط و الرغبة.

«الفترة» : في المصباح: فتر عن العمل فتورا من باب قعد: انكسرت حدّته و لان بعد شدّته. و في النهاية: . . . أصابني على حال فترة. . . أي في حال سكون و تقليل من العبادات و المجاهدات.

«إلى سنّتي» : أي منتهيا إليها أو"إلى"بمعنى"مع"أي لا تدعوه كثرة الرغبة في العبادة إلى ارتكاب البدع بل يعمل بالسنن أو المراد أن يكون ترك الشرّة بالاقتصاد و الإكتفاء بالسنن و ترك بعض التطوّعات.

ص:79


1- -الكافي ج 2 ص 68 ح 5
2- الكافي ج 2 ص 68 ح 7
3- الكافي ج 2 ص 69 باب آخر ح 1

«في تباب» : أي تباب العمل أو صاحبه، و التباب: الخسران و الهلاك و في بعض النسخ: "في تبار"و هو أيضا الهلاك. (المرآة ج 8 ص 107)

8-عن حفض بن البختريّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا تكرّهوا إلى أنفسكم العبادة. (1)

بيان:

حاصله؛ النهي عن الإفراط في التطوّعات بحيث يكرهها النفس.

و جدير بالذكر أنّ الأشخاص مختلفون بحسب الاستعداد و الحالات، فيجب على الإنسان أن يكلّف نفسه على العبادات بقدر وسعه و طاقته.

9-عن أبي بصير عن عبد اللّه عليه السّلام قال: مرّ بي أبي و أنا بالطواف و أنا حدث و قد اجتهدت في العبادة، فرآني و أنا أتصابّ عرقا، فقال لي: يا جعفر، يا بنيّ، إنّ اللّه إذا أحبّ عبدا أدخله الجنّة و رضي عنه باليسير. (2)

بيان:

وردت بهذا المعنى أخبار اخر، و تكون هذه الأحاديث في حقّ الأوحد من العباد الذين أحبّهم اللّه فيحبّونه حيث يبالغون و يشقّون في العبادة شوقا إلى حبيبهم، لا نحن المقصّرين في تكاليفنا، المحرومين عن جنابه و حبّه.

10-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، إنّ هذا الدين متين، فأوغل فيه برفق، و لا تبغّض إلى نفسك عبادة ربّك، فإنّ المنبتّ-يعني المفرط-لا ظهرا أبقى و لا أرضا قطع، فاعمل عمل من يرجو أن يموت هرما، و احذر حذر من يتخوّف أن يموت غدا. (3)

ص:80


1- -الكافي ج 2 ص 70 باب الاقتصاد في العبادة ح 2
2- الكافي ج 2 ص 70 ح 4
3- الكافي ج 2 ص 71 ح 6 و بمدلوله ح 1

بيان:

«فأوغل» : قال في النهاية ج 5 ص 209 ذيل الخبر: الإيغال: السير الشديد. . . و الوغول: الدخول في الشيء، و قد وغل يغل وغولا. يريد سر فيه برفق، و ابلغ الغاية القصوى منه بالرفق، لا على سبيل التهافت و الخرق، و لا تحمل على نفسك و تكلّفها ما لا تطيق فتعجز و تترك الدين و العمل.

و في النهاية ج 1 ص 92: «المنبتّ» : يقال للرجل إذا انقطع به في سفره و عطبت راحلته: قد انبتّ، من البتّ: القطع، و هو مطاوع بتّ، يقال: بتّه و أبتّه، يريد أنّه بقي في طريقه عاجزا عن مقصده لم يقض و طره، و قد أعطب ظهره.

11-قال أبو الحسن موسى عليه السّلام لبعض ولده: يا بنيّ، عليك بالجدّ، لا تخرجنّ نفسك من حدّ التقصير في عبادة اللّه عزّ و جلّ و طاعته، فإنّ اللّه لا يعبد حقّ عبادته. (1)

بيان:

في المرآة: أي عدّ نفسك مقصّرا في طاعة اللّه و إن بذلت الجهد فيها، فإنّ اللّه لا يمكن أن يعبد حقّ عبادته كما قال سيّد البشر: «ما عبدناك حقّ عبادتك» .

أقول: قد مرّ ما يناسب المقام في باب حسن الظنّ باللّه و غيره.

و مرّ في باب الشهرة: قال اللّه عزّ و جلّ: إنّ من أغبط أوليائي عندي عبدا مؤمنا ذا حظّ من صلاح، أحسن عبادة ربّه، و عبد اللّه في السريرة. . .

12-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: المتعبّد على غير فقه كحمار الطاحونة يدور و لا يبرح، و ركعتان من عالم خير من سبعين ركعة من جاهل، لأنّ العالم تأتيه الفتنة، فيخرج منها بعلمه، و تأتي الجاهل فينسفه نسفا، و قليل العمل مع كثير

ص:81


1- -الكافي ج 2 ص 59 باب الاعتراف بالتقصير ح 1

العلم خير من كثير العمل مع قليل العلم و الشكّ و الشبهة. (1)

بيان:

«طاحونة» : يقال بالفارسيّة: آسياب. «لا يبرح» : يقال: برح من مكانه إذا انكشف عنه و فارقه. «فينسفه نسفا» : أي يقلعها من أصلها، من قولهم: نسفت الريح التراب: إذا أقتلعته و فرّقته. (درهم كوبيده مى شود و از بيخ كنده مى شود) .

13-قال عليّ عليه السّلام: العبوديّة خمسة أشياء: خلاء البطن، و قراءة القرآن، و قيام الليل، و التضرّع عند الصبح، و البكاء من خشية اللّه. (2)

14-قال الصادق جعفر بن محمّد عليه السّلام: إنّ الناس يعبدون اللّه عزّ و جلّ على ثلاثة أوجه: فطبقة يعبدونه رغبة في ثوابه، فتلك عبادة الحرصاء، و هو الطمع، و آخرون يعبدونه خوفا من النار، فتلك عبادة العبيد، و هي رهبة، و لكنّي أعبده حبّا له عزّ و جلّ، فتلك عبادة الكرام، و هو الأمن لقوله عزّ و جلّ: وَ هُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ (3)و لقوله عزّ و جلّ: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اَللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اَللّهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ (4)فمن أحبّ اللّه عزّ و جلّ أحبّه اللّه، و من أحبّه اللّه تعالى كان من الآمنين. (5)

بيان:

«الرهبة» : أي الخوف.

ص:82


1- -الاختصاص ص 238(البحار ج 1 ص 208 باب العمل بغير علم ح 10)
2- جامع الأخبار ص 178 ف 141
3- النمل:89
4- آل عمران:31
5- الوسائل ج 1 ص 62 ب 9 من مقدّمة العبادات ح 2(الخصال ج 1 ص 188 باب الثلاثة ح 259)

15-عن عمّار الساباطي قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا عمّار، الصدقة و اللّه في السرّ أفضل من الصدقة في العلانية، و كذلك و اللّه العبادة في السرّ أفضل منها في العلانية. (1)

16-عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان عليّ بن الحسين عليهما السّلام يقول: إنّي لأحبّ أن أداوم على العمل و إن قلّ. (2)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر، في بعضها: فليدم عليه سنة، و ذلك أنّ ليلة القدر يكون فيها.

17-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: قال اللّه تعالى: إنّ من عبادي المؤمنين لمن يجتهد في عبادتي، فيقوم من رقاده و لذيد و ساده، فيجتهد (فيتهجّد) لي الليالي، فيتعب (فتتعب) نفسه في عبادتي، فأضربه بالنعاس الليلة و الليلتين نظرا منّي له، و إبقاء عليه، فينام حتّى يصبح، فيقوم و هو ماقت لنفسه زارىء عليها، و لو أخلّي بينه و بين ما يريد من عبادتي لدخله العجب من ذلك، فيصيّره العجب إلى الفتنة بأعماله، فيأتيه من ذلك ما فيه هلاكه لعجبه بأعماله، و رضاه عن نفسه، حتّى يظنّ أنّه قد فاق العابدين، و جاز في عبادته حدّ التقصير، فيتباعد منّي عند ذلك و هو يظنّ أنّه يتقرّب إليّ. . . (3)

أقول:

ستأتي أخبار أخر في باب العجب.

بيان: «زرى نفسه» : أي عاتبها و عابها.

18-عن محمّد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: كلّ من دان اللّه

ص:83


1- -الوسائل ج 1 ص 77 ب 17 ح 2
2- الوسائل ج 1 ص 94 ب 21 ح 2
3- الوسائل ج 1 ص 98 ب 23 ح 1( الكافي ج 2 ص 50 باب الرضا بالقضاء ح 4)

عزّ و جلّ بعبادة يجهد فيها نفسه و لا إمام له من اللّه، فسعيه غير مقبول، و هو ضالّ متحيّر، و اللّه شانئ لأعماله. . . و إن مات على هذه الحال مات ميتة كفر و نفاق، و اعلم يا محمّد، أنّ أئمّة الجور و أتباعهم لمعزولون عن دين اللّه، قد ضلّوا و أضلّوا، فأعمالهم التي يعملونها كرماد اشتدّت به الريح في يوم عاصف، لا يقدرون ممّا كسبوا على شيء، ذلك هو الضلال البعيد. (1)

أقول:

سيأتي بهذا المضمون أخبار كثيرة في باب الولاية إن شاء اللّه.

19-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أعظم العبادة أجرا أخفاها. (2)

20-. . . قال الباقر عليه السّلام: لا يكون العبد عابدا للّه حقّ عبادته حتّى ينقطع عن الخلق كلّهم إليه، فحينئذ يقول: هذا خالص لي فيقبله بكرمه. (3)

21-في وصيّة أمير المؤمنين عليه السّلام عند وفاته: و اقتصد يا بنيّ، في معيشتك، و اقتصد في عبادتك، و عليك فيها بالأمر الدائم الذي تطيقه. (4)

22-عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: العمل الدائم القليل على اليقين أفضل عند اللّه من العمل الكثير على غير يقين. (5)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر، في بعضها: «لا عبادة إلاّ بيقين» راجع البحار ج 77 ص 171 و غيره.

ص:84


1- -الوسائل ج 1 ص 118 ب 29 ح 1
2- البحار ج 70 ص 251 باب العبادة و الاختفاء فيها ح 1
3- البحار ج 70 ص 111 باب العزلة ح 14
4- البحار ج 71 ص 214 باب الاقتصاد في العبادة ح 9
5- البحار ج 71 ص 214 ح 10

23-في مواعظ السجّاد عليه السّلام: . . . و لا عمل إلاّ بنيّة، و لا عبادة إلاّ بتفقّه. . . (1)

أقول:

بهذا المضمون أخبار اخر، و في تحف العقول ص 144 في حديث عن عليّ عليه السّلام: لا خير في عبادة ليس فيها تفقّه.

24-في كلم أمير المؤمنين عليه السّلام: سكّنوا في أنفسكم معرفة ما تعبدون حتّى ينفعكم ما تحرّكون من الجوارح بعبادة من تعرفون. (2)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة.

25-عن الصادق عليه السّلام: أفضل العبادة العلم باللّه و التواضع له. (3)

26-في حديث المعراج: . . . يا أحمد، إنّ العبادة عشرة أجزاء تسعة منها طلب الحلال، فإذا طيّبت مطعمك و مشربك فأنت في حفظي و كنفي، قال: يا ربّ، ما أوّل العبادة؟ قال: أوّل العبادة الصمت و الصوم. قال: يا ربّ، و ما ميراث الصوم؟ قال: الصوم يورث الحكمة و الحكمة تورث المعرفة، و المعرفة تورث اليقين، فإذا استيقن العبد لا يبالي كيف أصبح، بعسر أم بيسر. . . (4)

يا أحمد، هل تدري متى تكون العبد عابدا؟ قال: لا يا ربّ، قال: إذا اجتمع فيه سبع خصال: ورع يحجزه عن المحارم، و صمت يكفّه عمّا لا يعنيه، و خوف يزداد كلّ يوم من بكائه، و حياء يستحيي منّي في الخلاء، و أكل ما لا بدّ منه

ص:85


1- -البحار ج 78 ص 148 و ص 138
2- البحار ج 78 ص 63
3- البحار ج 78 ص 247
4- البحار ج 77 ص 27

و يبغض الدنيا لبغضي لها، و يحبّ الأخيار لحبّي إيّاهم. (1)

أقول:

سيأتي في باب العلم حديث عنوان البصري عن الصادق عليه السّلام (و فيه) قلت: يا أبا عبد اللّه، ما حقيقة العبودية؟ قال: ثلاثة أشياء: أن لا يرى العبد لنفسه فيما خوّله اللّه ملكا، لأنّ العبيد لا يكون لهم ملك، يرون المال مال اللّه يضعونه حيث أمرهم اللّه به، و لا يدبّر العبد لنفسه تدبيرا، و جملة اشتغاله فيما أمره تعالى به و نهاه عنه.

فإذا لم ير العبد لنفسه فيما خوّله اللّه تعالى ملكا هان عليه الإنفاق فيما أمره اللّه أن ينفق فيه، و إذا فوّض العبد تدبير نفسه على مدبّره هان عليه مصائب الدنيا، و إذا اشتغل العبد بما أمره اللّه تعالى و نهاه لا يتفرّغ منهما إلى المراء و المباهاة مع الناس، فإذا أكرم اللّه العبد بهذه الثلاثة هان عليه الدنيا، و إبليس، و الخلق. . .

(البحار ج 1 ص 225)

27-في خطبة الرضا عليه السّلام في التوحيد: أوّل عبادة اللّه تعالى معرفته، و أصل معرفة اللّه توحيده. (2)

28-فيما كتب أمير المؤمنين عليه السّلام إلى الحارث الهمدانيّ: و خادع نفسك في العبادة، و ارفق بها و لا تقهرها، و خذ عفوها و نشاطها إلاّ ما كان مكتوبا عليك من الفريضة، فإنّه لا بدّ من قضائها و تعاهدها عند محلّها. (3)

29-و قال عليه السّلام: إنّ قوما عبدوا اللّه رغبة فتلك عبادة التجّار، و إنّ قوما عبدوا اللّه رهبة فتلك عبادة العبيد، و إنّ قوما عبدوا اللّه شكرا فتلك عبادة

ص:86


1- -البحار ج 77 ص 30
2- العيون ج 1 ص 124
3- نهج البلاغة ص 1070 في ر 69

الأحرار. (1)

أقول:

و في كلام له عليه السّلام: إلهي ما عبدتك خوفا من عقابك و لا طمعا في ثوابك و لكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك. (البحار ج 41 ص 14 باب عبادته عليه السّلام في ح 4)

30-و قال عليه السّلام: قليل تدوم عليه أرجى من كثير مملول منه. (2)

31-و قال عليه السّلام: قليل مدوم عليه خير من كثير مملول منه. (3)

32-و قال عليه السّلام: السعادة التامّة بالعلم، و السعادة الناقصة بالزهد، و العبادة من غير علم و لا زهادة تعب الجسد. (4)

33-قال الصادق عليه السّلام: العبوديّة جوهرة كنهها الربوبيّة، فما فقد من العبوديّة وجد في الربوبيّة، و ما خفي عن الربوبيّة اصيب في العبوديّة. . . و تفسير العبوديّة بذل الكلّ، و سبب ذلك منع النفس عما تهوي، و حملها على ما تكره، و مفتاح ذلك ترك الراحة و حبّ العزلة، و طريقة الافتقار إلى اللّه تعالى.

قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: اعبد اللّه كأنّك تراه، فإن لم تكن تراه فإنّه يراك، و حروف العبد ثلاثة: (ع-ب-د) فالعين علمه باللّه، و الباء بونه عمّن سواه، و الدال دنوّه من اللّه تعالى بلا كيف و لا حجاب.

و أصول المعاملات تقع على أربعة أوجه: معاملة اللّه تعالى، و معاملة النفس، و معاملة الخلق، و معاملة الدنيا، و كلّ وجه منها منقسم على سبعة أركان.

أمّا أصول معاملة اللّه تعالى فسبعة أشياء: أداء حقّه، و حفظ حدّه، و شكر عطائه، و الرضا بقضائه، و الصبر على بلائه، و تعظيم حرمته، و الشوق إليه.

ص:87


1- -نهج البلاغة ص 1192 ح 229
2- نهج البلاغة ص 1222 ح 270
3- نهج البلاغة ص 1292 ح 436
4- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 20 ص 307

و أصول معاملة النفس سبعة: الجهد، و الخوف، و حمل الأذى، و الرياضة، و طلب الصدق و الإخلاص، و إخراجها من محبوبها، و ربطها في الفقر.

و أصول معاملة الخلق سبعة: الحلم، و العفو، و التواضع، و السخاء، و الشفقة، و النصح، و العدل، و الإنصاف.

و أصول معاملة الدنيا سبعة: الرضا بالدون، و الإيثار بالموجود، و ترك طلب المفقود، و بغض الكثرة، و اختيار الزهد، و معرفة آفاتها، و رفض شهواتها مع رفض الرياسة، فإذا حصلت هذه الخصال في نفس واحدة، فهو من خاصّة اللّه و عباده المقرّبين و أوليائه حقّا.

قال الصادق عليه السّلام: كتاب اللّه تعالى على أربعة أشياء: العبارة، و الإشارة، و اللطائف، و الحقايق، فالعبارة للعوامّ، و الإشارة للخواصّ، و اللطائف للأولياء، و الحقايق للأنبياء عليهم السّلام. (1)

34-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

أوّل العبادة انتظار الفرج بالصبر. (الغرر ج 1 ص 44 ف 1 ح 1304)

العبادة فوز. (ص 7 ح 86)

التفكّر في ملكوت السماوات و الأرض عبادة المخلصين. (ص 72 ح 1817)

العبادة الخالصة أن لا يرجو الرجل إلاّ ربّه و لا يخاف إلاّ ذنبه.

(ص 99 ح 2150)

أفضل العبادة سهر العيون بذكر اللّه سبحانه. (ص 193 ف 8 ح 327)

أفضل العبادة الزهادة. (ص 176 ح 44)

أفضل العبادة غلبة العادة. (ص 176 ح 45)

أفضل العبادة الفكر. (ص 177 ح 79)

ص:88


1- -مصباح الشريعة ص 66 ب 100

أفضل العبادة عفّة البطن و الفرج (ص 185 ح 208)

أعلى العبادة إخلاص العمل. (ص 208 ح 489)

إذا أحبّ اللّه عبدا ألهمه حسن العبادة (ص 315 ف 17 ح 90)

ثمرة العلم العبادة (ص 359 ف 23 ح 14)

خادع نفسك عن العبادة، و ارفق بها و خذ عفوها و نشاطها إلاّ ما كان مكتوبا من الفريضة فإنّه لا بدّ من أدائها. (ص 396 ف 30 ح 27)

ربّ متنسّك و لا دين له. (ص 417 ف 35 ح 73)

زين العبادة الخشوع. (ص 426 ف 37 ح 25)

غضّ الطرف عن محارم اللّه أفضل العبادة (ج 2 ص 509 ف 57 ح 47)

في الانفراد لعبادة اللّه كنوز الأرباح. (ص 514 ف 58 ح 62)

كيف يجد لذّة العبادة من لا يصوم عن الهوى. (ص 554 ف 64 ح 12)

ما تقرّب متقرّب بمثل عبادة اللّه. (ص 738 ف 79 ح 38)

لا عبادة كالتفكّر. (ص 829 ف 86 ح 13)

لا عبادة كالصمت. (ص 831 ح 37)

أقول:

ذكرنا أهمّ الأخبار، و قد مرّ بعضها في أبواب الجهد و الاجتهاد في العمل، الشيعة، الإيمان، و الحرام، و فيه: أنّ العبادة مع أكل الحرام كالبناء على الرمل، و قيل: على الماء.

و سيأتي بعضها في أبواب العجب، الورع، التقوى، النيّة و. . .

و الأخبار في كثرة عبادة المعصومين عليهم السّلام كثيرة راجع البحار (أبواب تاريخهم) و غيره.

ص:89

ص:90

130- العجب و الإدلال

الآيات

1- قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً- اَلَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي اَلْحَياةِ اَلدُّنْيا وَ هُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً. الآيات. (1)

2- أَ فَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اَللّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ. . . (2)

3- . . . هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ اَلْأَرْضِ وَ إِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اِتَّقى. (3)

الأخبار

1-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ اللّه علم أنّ الذنب خير للمؤمن من العجب و لو لا ذلك ما ابتلي مؤمن بذنب أبدا. (4)

ص:91


1- -الكهف:103 إلى 106
2- فاطر:8
3- النجم:32
4- الكافي ج 2 ص 236 باب العجب ح 1

بيان:

في المرآة ج 10 ص 218: العجب: استعظام العمل الصالح و استكثاره، و الابتهاج له و الإدلال به، و أن يرى نفسه خارجا عن حدّ التقصير، و أمّا السرور به مع التواضع له تعالى و الشكر له على التوفيق لذلك، و طلب الاستزادة منه فهو حسن ممدوح. . .

و الخبر يدلّ على أنّ العجب أشدّ من الذنب أي من ذنوب الجوارح، فإنّ العجب ذنب القلب، و ذلك لأنّ الذنب يزول بالتوبة و يكفّر بالطاعات، و العجب صفة نفسانيّة يشكل إزالتها، و يفسد الطاعات و يهبطها عن درجة القبول، و للعجب آفات كثيرة؛ فإنّه يدعو إلى الكبر كما عرفت، و مفاسد الكبر ما عرفت بعضها، و أيضا العجب يدعو إلى نسيان الذنوب و إهمالها. . .

و المعجب يغترّ بنفسه و بربّه و يأمن مكر اللّه و عذابه، و يظنّ أنّه عند اللّه بمكان و أنّ له على اللّه منّة و حقّا بأعماله التي هي نعمة من نعمه و عطيّة من عطاياه، ثمّ إنّ إعجابه بنفسه و رأيه و علمه و عقله يمنعه من الاستفادة و الاستشارة و السؤال، فيستنكف من سؤال من هو أعلم منه، و ربّما يعجب بالرأي الخطاء الذي خطر له فيصرّ عليه و آفات العجب أكثر من أن تحصى انتهى.

و في جامع السعادات ج 1 ص 321: العجب و هو استعظام نفسه لأجل ما يرى لها من صفة كمال، سواء كانت له تلك الصفة في الواقع أم لا، و سواء كانت صفة كمال في نفس الأمر أم لا، و قيل: «هو إعظام النعمة و الركون إليها مع نسيان إضافتها إلى المنعم» و هو قريب ممّا ذكر، و لا يعتبر في مفهومه رؤية نفسه فوق الغير في هذا الكمال و هذه النعمة، و بذلك يمتاز عن الكبر. . .

و الحاصل؛ أنّ العجب مجرّد إعظام النفس لأجل كمال أو نعمة، و إعظام نفس الكمال و النعمة مع الركون و نسيان إضافتهما إلى اللّه، فإن لم يكن معه ركون و كان خائفا على زوال النعمة مشفقا على تكدّرها أو سلبها بالمرّة، أو كان فرحه بها

ص:92

من حيث إنّها من اللّه من دون إضافتها إلى نفسه لم يكن معجبا. . .

أقول: في دعاء مكارم الأخلاق: «و عبّدني لك و لا تفسد عبادتي بالعجب» .

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من دخله العجب هلك. (1)

3-عن عليّ بن سويد عن أبي الحسن عليه السّلام قال: سألته عن العجب الذي يفسد العمل، فقال: العجب درجات منها، أن يزيّن للعبد سوء عمله فيراه حسنا، فيعجبه و يحسب أنّه يحسن صنعا. و منها، أن يؤمن العبد بربّه فيمنّ على اللّه عزّ و جلّ، و للّه عليه فيه المنّ. (2)

أقول:

أبو الحسن يحتمل الأوّل و الثانيّ عليهما السّلام لرواية ابن سويد عنهما، و في البحار ج 78 ص 336 عن الرضا عليه السّلام مثله.

4-عن إسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أتى عالم عابدا فقال له: كيف صلاتك؟ فقال: مثلي يسأل عن صلاته؟ و أنا أعبد اللّه منذ كذا و كذا، قال: فكيف بكاؤك؟ قال: أبكي حتّى تجري دموعي، فقال له العالم: فإنّ ضحكك و أنت خائف أفضل من بكائك و أنت مدلّ، إنّ المدلّ لا يصعد من عمله شيء. (3)

بيان:

«المدلّ» : أي المنبسط المسرور الذي لا خوف له من التقصير في العمل، فمهما انعقد في نفس المعجب أنّ له على اللّه حقّا، و عنده بمكان، و استبعد أن يجري عليه مكروه، و كان متوقّعا منه كرامة لعمله، سمّي ذلك إدلالا بالعمل، فكأنّه يرى لنفسه على اللّه دالّة، و الإدلال وراء العجب و فوقه، فلا مدلّ إلاّ و هو معجب و ربّ معجب لا يكون مدلاّ، إذ العجب مجرّد الاستعظام و نسيان الإضافة إلى اللّه، من دون توقّع

ص:93


1- -الكافي ج 2 ص 236 ح 2
2- الكافي ج 2 ص 236 ح 3
3- الكافي ج 2 ص 236 ح 5

جزاء على عمله، و الإدلال لا يتمّ إلاّ مع توقّع جزاء، فالمدلّ يتوقّع إجابة دعوته و يستنكر ردّها بباطنه، و يتعجّب من ردّها، و هو من مقدّمات الكبر و أسبابه.

5-عن أحدهما عليهما السّلام قال: دخل رجلان المسجد أحدهما عابد و الآخر فاسق، فخرجا من المسجد و الفاسق صدّيق، و العابد فاسق، و ذلك أنّه يدخل العابد المسجد مدلاّ بعبادته يدلّ بها فتكون فكرته في ذلك، و تكون فكرة الفاسق في التندّم على فسقه، و يستغفر اللّه عزّ و جلّ ممّا صنع من الذنوب. (1)

6-عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: الرجل يعمل العمل و هو خائف مشفق ثمّ يعمل شيئا من البرّ فيدخله شبه العجب به. فقال: هو في حاله الاولى و هو خائف أحسن حالا منه في حال عجبه. (2)

7-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: بينما موسى عليه السّلام جالسا إذ أقبل إبليس و عليه برنس ذو ألوان، فلمّا دنا من موسى عليه السّلام خلع البرنس و قام إلى موسى فسلّم عليه، فقال له موسى: من أنت؟ فقال: أنا إبليس، قال: أنت فلا قرّب اللّه دارك، قال: إنّي إنّما جئت لاسلّم عليك لمكانك من اللّه، قال: فقال له موسى عليه السّلام: فما هذا البرنس؟ قال: به أختطف قلوب بني آدم، فقال موسى: فأخبرني بالذنب الذي إذا أذنبه ابن آدم استحوذت عليه؟ قال: إذا أعجبته نفسه، و استكثر عمله، و صغر في عينه ذنبه.

و قال: قال اللّه عزّ و جلّ لداود عليه السّلام: يا داود، بشّر المذنبين و أنذر الصدّيقين قال: كيف أبشّر المذنبين و أنذر الصدّيقين؟ قال: يا داود، بشّر المذنبين أنّي أقبل التوبة و أعفو عن الذنب، و أنذر الصدّيقين ألاّ يعجبوا بأعمالهم، فإنّه ليس عبد أنصبه للحساب إلاّ هلك. (3)

ص:94


1- -الكافي ج 2 ص 237 ح 6
2- الكافي ج 2 ص 237 ح 7-و قريب منه ح 4
3- الكافي ج 2 ص 237 ح 8

بيان:

قد مرّ صدر الحديث عن أمالي المفيد مع بيان مفرداته في باب الشيطان.

8-عن الحسن بن الجهم قال: سمعت أبا الحسن عليه السّلام يقول: إنّ رجلا في بني إسرائيل عبد اللّه أربعين سنة ثمّ قرّب قربانا فلم يقبل منه، فقال لنفسه: ما أتيت إلاّ منك و ما الذنب إلاّ لك، قال: فأوحى اللّه تبارك و تعالى إليه: ذمّك لنفسك أفضل من عبادتك أربعين سنة. (1)

9-عن الفضل بن يونس قال: قال أبو الحسن عليه السّلام: أكثر من أن تقول: «اللهمّ لا تجعلني من المعارين، و لا تخرجني من التقصير» . قال: قلت: أمّا المعارون فقد عرفت أنّ الرجل يعار الدين ثمّ يخرج منه، فما معنى لا تخرجني من التقصير؟ فقال: كلّ عمل تريد به اللّه عزّ و جلّ فكن فيه مقصّرا عند نفسك، فإنّ الناس كلّهم في أعمالهم فيما بينهم و بين اللّه مقصّرون إلاّ من عصمه اللّه عزّ و جلّ. (2)

بيان:

«المعارين» : مأخوذ من العارية، أي من الذين جعل الإيمان عارية في قلوبهم بمعنى أنّه غير ثابت و لا مستقرّ.

10-قال أبو جعفر عليه السّلام: ثلاث قاصمات الظهر: رجل استكثر عمله و نسي ذنوبه و أعجب برأيه. (3)

11-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال إبليس لعنة اللّه عليه لجنوده: إذا استمكنت من ابن آدم في ثلاث لم ابال ما عمل فإنّه غير مقبول منه: إذا استكثر عمله و نسي ذنبه و دخله العجب. (4)

ص:95


1- -الكافي ج 2 ص 59 باب الاعتراف بالتقصير ح 3
2- الكافي ج 2 ص 59 ح 4
3- الخصال ج 1 ص 111 باب الثلاثة ح 85
4- الخصال ج 1 ص 112 ح 86

12-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إعجاب المرء بنفسه دليل على ضعف عقله. (1)

13-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السّلام في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأمير المؤمنين عليه السّلام قال: لا مال أعود من العقل، و لا وحدة أوحش من العجب. . . (2)

14-عن الثماليّ عن أحدهما عليهما السّلام قال: إنّ اللّه تعالى يقول: إنّ من عبادي لمن يسألني الشيء من طاعتي، لاحبّه فأصرف ذلك عنه لكيلا يعجبه عمله. (3)

15-عن معاوية بن وهب قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: آفة الدين الحسد و العجب و الفخر. (4)

16-عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال داود النبيّ عليه السّلام: لأعبدنّ اللّه اليوم عبادة و لأقرأنّ قراءة لم أفعل مثلها قطّ، فدخل محرابه ففعل، فلمّا فرغ من صلاته إذا هو بضفدع في المحراب، فقال له: يا داود، أعجبك اليوم ما فعلت من عبادتك و قراءتك؟ فقال: نعم، فقال: لا يعجبنّك فإنّي اسبّح اللّه في كلّ ليلة ألف تسبيحة يتشعّب لي مع كلّ تسبيحة ثلاثة آلاف تحميدة، و إنّي لأكون في قعر الماء فيصوّت الطير في الهواء فأحسبه جائعا فأطفو له على الماء ليأكلني و ما لي ذنب. (5)

بيان:

«الضفدع» : يقال بالفارسيّة: قورباغه.

«فأطفو له» : طفا طفوا أي علا فوق الماء و ظهر عليه.

ص:96


1- -الوسائل ج 1 ص 100 ب 23 من مقدّمة العبادات ح 6
2- الوسائل ج 1 ص 103 ح 14
3- الوسائل ج 1 ص 105 ح 20
4- الوسائل ج 15 ص 366 ب 55 من جهاد النفس ح 5
5- البحار ج 71 ص 230 باب ترك العجب ح 7

17-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام في وصيّته لابنه محمّد بن الحنفيّة: إيّاك و العجب، و سوء الخلق، و قلّة الصبر، فإنّه لا يستقيم لك على هذه الخصال الثلاث صاحب، و لا يزال لك عليها من الناس مجانب. . . (1)

18-قال الصادق عليه السّلام: لا جهل أضرّ من العجب؟ ! (2)

19-قال الصادق عليه السّلام: إن كان الممرّ على الصراط فالعجب لماذا؟ ! (3)

20-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من لا يعرف لأحد الفضل فهو المعجب برأيه. (4)

21-قال أبو الحسن الثالث عليه السّلام: من رضي عن نفسه كثر الساخطون عليه. (5)

22-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ثلاث مهلكات: شحّ مطاع، و هوى متّبع، و إعجاب المرء بنفسه، و هو محبط للعمل، و هو داعية المقت من اللّه سبحانه. (6)

أقول:

مرّ في باب الصلاة ف 2 عنه صلّى اللّه عليه و آله: و أمّا المهلكات: فشحّ مطاع، و هوى متّبع، و إعجاب المرء بنفسه.

23-و قال المسيح عليه السّلام: يا معشر الحواريّين، كم من سراج أطفأته الريح، و كم من عابد أفسده العجب. (7)

ص:97


1- -البحار ج 72 ص 315 باب استكثار الطاعة ح 16
2- البحار ج 72 ص 315 ح 19
3- البحار ج 72 ص 314 ح 10
4- البحار ج 72 ص 316 ح 23
5- البحار ج 72 ص 316 ح 24
6- البحار ج 72 ص 321 ح 37
7- البحار ج 72 ص 322

24-قال الصادق عليه السّلام: العجب صارف عن طلب العلم، داع إلى الغمط و الجهل. (1)

بيان:

غمط الناس: استحقرهم، و غمط النعمة: لم يشكرها، و الحقّ: جحده.

25-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: و تصعد الحفظة بعمل العبد يزهر كالكوكب الدرّيّ في السماء، له دويّ بالتسبيح، و الصوم و الحجّ، فيمرّ به إلى ملك السماء الرابعة، فيقول له: قف فاضرب بهذا العمل وجه صاحبه و بطنه، أنا ملك العجب، إنّه كان يعجب بنفسه، و إنّه عمل و أدخل نفسه العجب، أمرني ربّي أن لا أدع عمله يتجاوزني إلى غيري فأضرب به وجه صاحبه. . . (2)

26-في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: . . . و أوحش الوحشة العجب. . . (3)

27-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: . . . و لا وحدة أوحش من العجب. . . (4)

28-و قال عليه السّلام: سيّئة تسوءك خير عند اللّه من حسنة تعجبك. (5)

29-و قال عليه السّلام: الإعجاب يمنع من الازدياد. (6)

30-و قال عليه السّلام: عجب المرء بنفسه أحد حسّاد عقله. (7)

31-في وصيّة الباقر عليه السّلام لجابر الجعفيّ: . . . يا جابر، استكثر لنفسك من اللّه

ص:98


1- -المستدرك ج 1 ص 140 ب 21 من مقدّمة العبادات ح 15
2- المستدرك ج 1 ص 141 ح 17
3- نهج البلاغة ص 1104 ح 37
4- نهج البلاغة ص 1139 في ح 109
5- نهج البلاغة ص 1110 ح 43
6- نهج البلاغة ص 1167 ح 158
7- نهج البلاغة ص 1182 ح 203

قليل الرزق تخلّصا إلى الشكر، و استقلل من نفسك كثير الطاعة للّه، إزراء على النفس و تعرّضا للعفو. . . و سدّ سبيل العجب بمعرفة النفس. . . (1)

بيان:

«إزراء» : أزرى على النفس: عابها و عاتبها، و يحتمل أن يكون"ازدراء": من باب الافتعال أي احتقارا و استخفافا.

32-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من أعجب بنفسه هلك، و من أعجب برأيه هلك، و إنّ عيسى بن مريم عليه السّلام قال: داويت المرضى فشفيتهم بإذن اللّه، و أبرأت الأكمه و الأبرص بإذن اللّه، و عالجت الموتى فأحييتهم بإذن اللّه، و عالجت الأحمق فلم أقدر على إصلاحه، فقيل: يا روح اللّه، و ما الأحمق؟ قال: المعجب برأيه و نفسه، الذي يرى الفضل كلّه له لا عليه، و يوجب الحقّ كلّه لنفسه و لا يوجب عليها حقّا، فذلك الأحمق الذي لا حيلة في مداواته. (2)

33-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ لمّا بشّر إبراهيم عليه السّلام بالخلّة، أوحى إلى جبرئيل: يا جبرئيل، أدرك إبراهيم لا يهلك. (3)

34-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال اللّه عزّ و جلّ: إنّ من عبادي المؤمنين لمن يسألني الشيء من العبادة، فأصرفه عنه مخافة الإعجاب بنفسه، و إنّ من عبادي المومنين لمن لا يصلحه إلاّ الفقر و لو صرفته إلى الغنى لهلك. (4)

35-قال الصادق عليه السّلام: العجب كلّ العجب ممّن يعجب بعمله و هو لا يدري بم يختم له، فمن أعجب بنفسه و فعله فقد ضلّ عن منهج الرشاد و ادّعى ما ليس له، و المدّعي من غير حقّ كاذب و إن خفي دعواه و طال دهره، فإنّ أوّل

ص:99


1- -تحف العقول ص 207
2- الاختصاص ص 215(البحار ج 72 ص 320)
3- مشكوة الأنوار ص 312 ب 8 ف 4
4- مشكوة الأنوار ص 312

ما يفعل بالمعجب نزع ما أعجب به، ليعلم أنّه عاجز حقير و يشهد على نفسه لتكون الحجّة أوكد عليه كما فعل بإبليس، و العجب نبات حبّته الكفر، و أرضه النفاق، و ماؤه البغي، و أغصانه الجهل، و ورقه الضلالة، و ثمرته اللعنة و الخلود في النار، فمن اختار العجب فقد بذر الكفر و زرع النفاق، فلا بدّ من أن يثمر بأن يصير إلى النار. (1)

36-عن عليّ عليه السّلام قال: أعسر العيوب صلاحا العجب و اللجاجة. (2)

37-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

العجب هلاك. (الغرر ج 1 ص 6 ف 1 ح 65)

العجب رأس الجهل-العجب يوجب العثار. (ص 18 ح 469 و 487)

العجب عنوان الحماقة. (ص 22 ح 608)

الإعجاب يمنع الازدياد. (ص 23 ح 651)

العجب أضرّ قرين. (ح 652)

الإعجاب ضدّ الصواب. (ص 25 ح 723)

العجب يفسد العقل. (ص 26 ح 776)

العجب بالحسنة يحبطها. (ص 31 ح 945)

العجب رأس الحماقة-العجب آفة الشرف. (ص 32 ح 981 و 983)

العجب يظهر النقيصة. (ح 997)

المعجب لا عقل له. (ص 34 ح 1051)

إيّاك أن ترضى عن نفسك، فيكثر الساخط عليك. (ص 147 ف 5 ح 12)

ص:100


1- -مصباح الشريعة ص 27 ب 40
2- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 20 ص 322

إيّاك و الإعجاب و حبّ الإطراء فإنّ ذلك من أوثق فرص الشيطان. (ص 150 ح 42)

إيّاك و الثقة بنفسك فإنّ ذلك من أكبر مصائد الشيطان. (ح 46)

إيّاك أن تعجب بنفسك فيظهر عليك النقص و الشنئان. (ص 151 ح 47)

آفة اللبّ العجب (ص 308 ف 16 ح 42)

إذا أردت أن تعظم محاسنك عند الناس فلا تعظم في عينك.

(ص 318 ف 17 ح 122)

إذا زاد عجبك بما أنت فيه من سلطانك فحدثت لك ابّهة (1)أو مخيلة، فانظر إلى عظم ملك اللّه و قدرته ممّا لا تقدر عليه من نفسك، فإنّ ذلك يليّن من جماحك (2)و يكفّ من غربك (3)و يفيء إليك بما عزب (4)عنك من عقلك. (ص 328 ح 196)

بالرضا عن النفس تظهر السوءات و العيوب. (ص 338 ف 18 ح 179)

ثمرة العجب البغضاء. (ص 359 ف 23 ح 20)

رضاك عن نفسك من فساد عقلك. (ص 422 ف 36 ح 29)

رضاء العبد عن نفسه مقرون بسخط ربّه. (ص 424 ح 57)

رضاء العبد عن نفسه برهان سخافة عقله. (ح 58)

شرّ الامور الرضا عن النفس. (ص 446 ف 41 ح 51)

من عظّم نفسه حقّر. (ص 620 ف 77 ح 215)

ص:101


1- -الأبّهة: النخوة، و الكبر، و العظمة و البهاء. و المخيلة: المظنّة.
2- «جمح الرجل» : إذا ركب هواه و أسرع إلى الشيء فلم يمكن ردّه فهو جموح تشبيها له بالجموح من الخيل
3- الغرب: الحدّة
4- عزب: بعد و غاب و خفي

من أعجب بنفسه سخر به. (ص 621 ح 220)

من أعجب برأيه ضلّ. (ص 627 ح 332)

من أعجب برأيه أهلكه العجز. (ص 642 ح 563)

من سخط على نفسه أرضاه ربّه. (ح 564)

من رضي عن نفسه أسخط ربّه. (ح 565)

من أعجب بفعله اصيب بعقله. (ص 652 ح 721)

من أعجبه قوله فقد غرب عقله. (ح 723)

من كثر إعجابه قلّ صوابه. (ح 724)

من أعجب بعمله أحبط أجره. (ح 660 ح 848)

من كان عند نفسه عظيما كان عند اللّه حقيرا. (ص 668 ح 946)

من أعجب بحسن حالته قصّر عن حسن حليته. (ص 677 ح 1063)

من ترك العجب و التواني لم ينزل به مكروه. (ص 684 ح 1142)

من اغترّ بنفسه سلّمته إلى المعاطب. (ص 685 ح 1149)

من رضي عن نفسه ظهرت عليه المعايب. (ح 1150)

ما حقّر نفسه إلاّ عاقل. (ج 2 ص 737 ف 79 ح 17)

ما نقّص نفسه إلاّ كامل. (ح 18)

ما أعجب برأيه إلاّ جاهل-ما أضرّ المحاسن كالعجب. (ح 19 و 20)

هلك من رضي عن نفسه و وثق بما تسوّله (1)له.

(ص 792 ف 84 ح 15)

ص:102


1- -تسوّل: تزيّن

131- العدل

الآيات

1- إِنَّ اَللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا اَلْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَ إِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ اَلنّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اَللّهَ نِعِمّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اَللّهَ كانَ سَمِيعاً بَصِيراً. (1)

2- وَ لَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ اَلنِّساءِ وَ لَوْ حَرَصْتُمْ. . . (2)

3- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلّهِ وَ لَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ اَلْوالِدَيْنِ وَ اَلْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللّهُ أَوْلى بِهِما فَلا تَتَّبِعُوا اَلْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا وَ إِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اَللّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً. (3)

4- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوّامِينَ لِلّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ وَ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلاّ تَعْدِلُوا اِعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَ اِتَّقُوا اَللّهَ إِنَّ اَللّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ. (4)

5- . . . وَ إِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَ لَوْ كانَ ذا قُرْبى وَ بِعَهْدِ اَللّهِ أَوْفُوا ذلِكُمْ وَصّاكُمْ بِهِ

ص:103


1- -النساء:58
2- النساء:129
3- النساء:135
4- المائدة:8

لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ. (1)

6- إِنَّ اَللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ اَلْإِحْسانِ وَ إِيتاءِ ذِي اَلْقُرْبى وَ يَنْهى عَنِ اَلْفَحْشاءِ وَ اَلْمُنْكَرِ وَ اَلْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ. (2)

الأخبار

1-عن ابن أبي يعفور قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: بم تعرف عدالة الرجل بين المسلمين حتّى تقبل شهادته لهم و عليهم؟ فقال: أن تعرفوه بالستر و العفاف، و كفّ البطن و الفرج و اليد و اللسان، و يعرف باجتناب الكبائر التي أوعد اللّه عليها النار من شرب الخمر، و الزنا، و الربا، و عقوق الوالدين، و الفرار من الزحف، و غير ذلك، و الدلالة على ذلك كلّه أن يكون ساترا لجميع عيوبه، حتّى يحرم على المسلمين ما وراء ذلك من عثراته و عيوبه و تفتيش ما وراء ذلك، و يجب عليهم تزكيته و إظهار عدالته في الناس.

و يكون منه التعاهد للصلوات الخمس إذا واظب عليهنّ، و حفظ مواقيتهنّ بحضور جماعة من المسلمين، و أن لا يتخلّف عن جماعتهم في مصلاّهم إلاّ من علّة، فإذا كان كذلك لازما لمصلاّه عند حضور الصلوات الخمس، فإذا سئل عنه في قبيلته و محلّته قالوا: ما رأينا منه إلاّ خيرا، مواظبا على الصلوات، متعاهدا لأوقاتها في مصلاّه، فإنّ ذلك يجيز شهادته و عدالته بين المسلمين. . . (3)

بيان:

«العدالة» : في المصباح، العدل: القصد في الامور و هو خلاف الجور.

و في الصحاح، العدل: خلاف الجور.

ص:104


1- -الأنعام:152
2- النحل:90
3- الوسائل ج 27 ص 391 ب 41 من الشهادات ح 1

و في المقائيس، (عدل) : أصلان صحيحان، لكنّهما متقابلان كالمتضادّين: أحدهما يدلّ على استواء، و الآخر يدلّ على إعوجاج. فالأوّل العدل من الناس: المرضيّ المستويّ الطريقة. يقال: هذا عدل. . . و العدل: نقيض الجور.

و في مجمع البحرين، العدل: خلاف الجور. . . و لغة هو التسوية بين الشيئين. . . و العدل: القصد في الامور. . . و العادل: الواضع كلّ شيء موضعه. . .

أقول: العدل قد يستعمل في الأخبار مقابل الجور، كأكثر أخبار الغرر عن أمير المؤمنين عليه السّلام.

و قد تستعمل العدالة مقابل الفسق، كهذا الحديث و هو المراد في اصطلاح الفقهاء، و يبحث عنها في الفقه، و قد اختلفوا في معناها؛ ففي كلام أكثرهم أنّها عبارة عن ملكة باعثة على ملازمة التقوى؛ بإتيان الواجبات و ترك المحرّمات.

و في كلام بعضهم أنّه لم تثبت للعدالة حقيقة شرعيّة و لا متشرّعية، و إنّما هي بمعناها اللغوي أعني الاستقامة و عدم الانحراف، حيث قد تستند إلى الامور المحسوسة، فيقال: هذا الجدار عدل أو مستقيم مثلا، و قد تستند إلى الامور غير المحسوسة، فيقال مثلا: عقيدة فلان أو فهمه مستقيمة، و قد تستند إلى الذوات فيقال: زيد عادل، و معناه أنّه مستقيم في جادة الشرع، و أنّه مستقيم في الخروج عن عهدة التكاليف المتوجّهة إليه.

و قد يكون المراد بها العدالة الأخلاقيّة، و هي الاعتدال في جميع الامور و إليه أشار أمير المؤمنين عليه السّلام بقوله في نهج البلاغة (ص 211 في خ 86) : «قد ألزم نفسه العدل، فكان أوّل عدله نفي الهوى عن نفسه، يصف الحقّ و يعمل به» : و لا يخفى أنّ للعدالة مراتبا و هذه المرتبة لا ينالها إلاّ الأفذاذ الكاملين من المؤمنين.

2-عن الرضا عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من عامل الناس فلم يظلمهم، و حدّثهم فلم يكذبهم، و وعدهم فلم يخلفهم، فهو

ص:105

ممّن كملت مروّته و ظهرت عدالته، و وجبت اخوّته، و حرمت غيبته. (1)

3-عن أمير المؤمنين عليه السّلام في قوله: مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ اَلشُّهَداءِ. (2)قال: ممّن ترضون دينه و أمانته و صلاحه و عفّته و تيقّظه فيما يشهد به و تحصيله و تمييزه، فما كلّ صالح مميّزا، و لا محصّلا، و لا كلّ محصّل مميّز صالح. (3)

4-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّ أبا جعفر عليه السّلام قال: لا تقبل شهادة سابق الحاجّ، لأنّه قتل راحلته، و أفنى زاده، و أتعب نفسه، و استخفّ بصلاته، قلت: فالمكاري و الجمّال و الملاّح؟ فقال: و ما بأس بهم تقبل شهادتهم إذا كانوا صلحاء. (4)

أقول:

الأخبار فيمن لا تقبل شهادته كثيرة.

و لاحظ أيضا ما يناسب المقام في الوسائل ج 8 ب 11 من صلاة الجماعة و البحار و المستدرك.

5-عن الصادق عليه السّلام، أنّه سئل عن صفة العدل من الرجل، فقال: إذا غضّ طرفه من المحارم، و لسانه عن المآثم، و كفّه عن المظالم. (5)

6-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام: يا عليّ، ما كرهته لنفسك فاكره لغيرك، و ما أحببته لنفسك فأحببه لأخيك، تكن عادلا في حكمك، مقسطا في عدلك، محبّا في أهل السماء، مودودا في صدور أهل الأرض. (6)

ص:106


1- -الوسائل ج 27 ص 396 ح 15
2- البقرة:282
3- الوسائل ج 27 ص 399 ح 23
4- الوسائل ج 27 ص 381 ب 34 ح 1
5- المستدرك ج 11 ص 317 ب 37 من جهاد النفس ح 3
6- تحف العقول ص 19

أقول:

بهذا المضمون أخبار اخر، و في البحار ج 77 ص 173، عنه صلّى اللّه عليه و آله: من عفّ عن محارم اللّه كان عابدا. . . و من صاحب الناس بالذي يحبّ أن يصاحبوه كان عدلا.

7-عن الأصبغ قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الإيمان على أربع دعائم: على الصبر و اليقين و العدل و الجهاد. . . و العدل على أربع شعب: على غائص الفهم، و غمرة العلم، و زهرة الحكمة، و روضة الحلم، فمن فهم فسّر جمل العلم، و من علم شرح غرائب الحكم، و من كان حليما (حكيما ف ن) لم يفرّط في أمر يلبّسه في الناس. . . (1)

بيان:

«غائص الفهم» : من الغوص و هو الدخول تحت الماء لإخراج اللؤلؤ و غيره، و هنا كأنّه يغور في شيء فيطّلع على ما هو عليه كمن يغوص على الدرّ و اللؤلؤ.

«غمرة العلم» : أي كثرته و في نهج البلاغة"غور العلم"أي سرّه و باطنه.

«زهرة الحكمة» الزهرة: البهجة و الغضارة، و بالضمّ: الحسن.

8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ من أشدّ الناس عذابا يوم القيامة من وصف عدلا و عمل بغيره. (2)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر مرّ بعضها في باب الحسرات.

9-عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: العدل أحلى من الماء يصيبه الظمآن، ما أوسع العدل إذا عدل فيه و إن قلّ. (3)

ص:107


1- -الخصال ج 1 ص 231 باب الأربعة ح 74(نهج البلاغة ص 1100 ح 30)
2- الكافي ج 2 ص 227 باب من وصف عدلا و عمل بغيره ح 2
3- الكافي ج 2 ص 118 باب الإنصاف و العدل ح 11

بيان:

«عدل فيه» : في الضمير وجوه ذكرها في المرآة ج 8 ص 348، منها، راجع إلى الأمر أي ما أوسع العدل إذا عدل في أمر و إن قلّ ذلك الأمر.

10-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: اتّقوا اللّه و اعدلوا، فإنّكم تعيبون على قوم لا يعدلون. (1)

11-عن معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: العدل أحلى من الشهد، و ألين من الزبد، و أطيب ريحا من المسك. (2)

بيان:

«الشهد» : العسل.

12-و سئل أمير المؤمنين عليه السّلام: أيّما أفضل: العدل أو الجود؟ فقال عليه السّلام: العدل يضع الامور مواضعها، و الجود يخرجها من جهتها، و العدل سائس عامّ، و الجود عارض خاصّ، فالعدل أشرفهما و أفضلهما. (3)

13-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الملك يبقى بالعدل مع الكفر، و لا يبقى بالجور مع الإيمان. (4)

14-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: عدل ساعة خير من عبادة ستّين سنة، قيام ليلها و صيام نهارها، و جور ساعة في حكم أشدّ و أعظم عند اللّه من معاصي ستّين سنة. (5)

15-و قال صلّى اللّه عليه و آله: إنّ أهون الخلق عند اللّه من ولي أمر المسلمين

ص:108


1- -الكافي ج 2 ص 118 ح 14
2- الكافي ج 2 ص 118 ح 15
3- نهج البلاغة ص 1290 ح 429
4- جامع الأخبار ص 119 ف 75
5- جامع الأخبار ص 154 ف 116

فلم يعدل. (1)

16-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أفضل ما منّ اللّه به سبحانه على عباده؛ علم و عقل و ملك و عدل.

و قال عليه السّلام: عدل السلطان حيوة الرعيّة و صلاح البريّة. (2)

17-عن الصادق عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أعدل الناس من رضي للناس ما يرضى لنفسه، و كره لهم من يكره لنفسه. (3)

18-قال الرضا عليه السّلام: استعمال العدل و الإحسان مؤذن بدوام النعمة. (4)

19-عن أبي مالك قال: قلت لعليّ بن الحسين عليهما السّلام: أخبرني بجميع شرائع الدين، قال: قول الحقّ، و الحكم بالعدل، و الوفاء بالعهد. (5)

20-فيما أوصى به أمير المؤمنين عليه السّلام عند وفاته: اوصيك بالعدل في الرضا و الغضب. (6)

21-عن محمّد الحلبيّ أنّه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: اِعْلَمُوا أَنَّ اَللّهَ يُحْيِ اَلْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها (7)قال: العدل بعد الجور. (8)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في أبواب السلاطين، الظلم و. . .

ص:109


1- -جامع الأخبار ص 154
2- مجموعة الأخبار ص 297 ب 171
3- البحار ج 75 ص 25 باب الإنصاف و العدل ح 1
4- البحار ج 75 ص 26 ح 9
5- البحار ج 75 ص 26 ح 10
6- البحار ج 75 ص 27 ح 12
7- الحديد:17
8- البحار ج 75 ص 353 باب أحوال الملوك ح 64

22-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

العدل مألوف. (الغرر ج 1 ص 5 ف 1 ح 9)

العدل حياة. (ص 13 ح 307)

الجور ممحاة-العدل فضيلة الإنسان. (ح 308 و 309)

العدل حياة الأحكام. (ص 17 ح 440)

العدل يصلح البريّة. (ص 20 ح 551)

العدل فوز و كرامة. (ص 25 ح 735)

العدل أغنى الغنى. (ح 736)

العدل قوام الرعيّة-العدل فضيلة السلطان. (ص 26 ح 749 و 753)

العدل نظام الإمرة-العدل قوام البريّة. (ص 28 ح 824 و 856)

العدل أقوى أساس. (ص 30 ح 913)

العدل أفضل سجيّة. (ص 33 ح 1020)

إمام عادل خير من مطر وابل. (ص 56 ح 1528)

العدل أفضل السياستين-الجور أحد المدمّرين. (ص 64 ح 1696 و 1697)

العدل رأس الإيمان و جماع الإحسان. (ص 66 ح 1733)

العدل قوام الرعيّة و جمال الولاة. (ص 84 ح 1975)

العدل أنّك إذا ظلمت أنصفت، و الفضل أنّك إذا قدرت عفوت.

(ص 100 ح 2153)

اعدل تحكم. (ص 108 ف 2 ح 4)

اعدل تملك-اعدل فيما ولّيت، اشكر اللّه فيما أوليت. (ص 109 ح 29 و 41)

استعن على العدل بحسن النيّة في الرعيّة، و قلّة الطمع، و كثرة الورع.

(ص 121 ح 183)

أحسن العدل نصرة المظلوم. (ص 181 ف 8 ح 150)

ص:110

أعدل الخلق أقضاهم بالحقّ. (ص 184 ح 188)

أعدل السيرة أن تعامل الناس بما تحبّ أن يعاملوك به. (ص 195 ح 348)

أعدل الناس من أنصف من ظلمه. (ص 196 ح 362)

أجور الناس من ظلم من أنصفه. (ح 363)

أعدل الناس من أنصف عن قوّة، و أعظمهم حلما من حلم عن قدرة.

(ص 201 ح 417)

إنّ العدل ميزان اللّه سبحانه الذي وضعه في الخلق و نصبه لإقامة الحقّ، فلا تخالفه في ميزانه، و لا تعارضه في سلطانه. (ص 222 ف 9 ح 88)

بالعدل تتضاعف البركات. (ص 330 ف 18 ح 33)

بالعدل تصلح الرعيّة. (ص 331 ح 37)

جعل اللّه سبحانه العدل قوام الأنام، و تنزيها من المظالم و الآثام، و تسنية للإسلام. (ص 374 ف 26 ح 73)

سياسة العدل ثلاث: لين في حزم، و استقصاء في عدل، و إفضال في قصد.

(ص 434 ف 39 ح 43)

شيئان لا يوزن ثوابهما: العفو و العدل (ص 449 ف 42 ح 15)

غاية العدل أن يعدل المرء في نفسه (ج 2 ص 504 ف 56 ح 23)

في العدل الاقتداء بسنّة اللّه و ثبات الدول. (ص 513 ف 58 ح 54)

في العدل الإحسان. (ح 40)

في العدل اصلاح البريّة-في الجور هلاك الرعيّة. (ح 49 و 50)

في العدل سعة، و من ضاق عليه فالجور أضيق. (ص 515 ح 80)

من عمل بالعدل حصّن اللّه ملكه. (ص 677 ف 77 ح 1060)

ما عمّرت البلدان بمثل العدل (ص 741 ف 79 ح 91)

لا عدل أنفع من ردّ المظالم. (ص 851 ف 86 ح 404)

ص:111

ص:112

132- عرض الأعمال

الآيات

1- . . . وَ سَيَرَى اَللّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ اَلْغَيْبِ وَ اَلشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. (1)

2- وَ قُلِ اِعْمَلُوا فَسَيَرَى اَللّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ اَلْمُؤْمِنُونَ وَ سَتُرَدُّونَ إِلى عالِمِ اَلْغَيْبِ وَ اَلشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. (2)

الأخبار

1-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: تعرض الأعمال على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أعمال العباد كلّ صباح أبرارها و فجارها فاحذروها، و هو قول اللّه تعالى: اِعْمَلُوا فَسَيَرَى اَللّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ و سكت. (3)

بيان:

«أبرارها و فجارها» : بدل تفصيل لأعمال العباد، و الضمير فيهما يرجع

ص:113


1- -التوبة:94
2- التوبة:105
3- الكافي ج 1 ص 171 باب عرض الأعمال ح 1

إلى الأعمال، و الأبرار جمع برّ بمعنى صالح الأعمال، و فجار كسلام: اسم مصدر من الفجور بمعنى طالح الأعمال.

2-عن يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: اِعْمَلُوا فَسَيَرَى اَللّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ اَلْمُؤْمِنُونَ قال: هم الأئمّة. (1)

3-عن سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: ما لكم تسوؤون رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله؟ ! فقال رجل: كيف نسوؤه؟ فقال: أما تعلمون أنّ أعمالكم تعرض عليه، فإذا رأى فيها معصية ساءه ذلك، فلا تسوؤوا رسول اللّه و سرّوه. (2)

بيان:

يقال: ساءه إذا أحزنه و فعل به ما يكره.

4-عن عبد اللّه بن أبان الزيّات و كان مكينا عند الرضا عليه السّلام قال: قلت للرضا عليه السّلام: ادع اللّه لي و لأهل بيتي، فقال: أولست أفعل؟ و اللّه إنّ أعمالكم لتعرض عليّ في كلّ يوم و ليلة، قال: فاستعظمت ذلك، فقال لي: أما تقرء كتاب اللّه عزّ و جلّ: وَ قُلِ اِعْمَلُوا فَسَيَرَى اَللّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ اَلْمُؤْمِنُونَ؟ قال: هو و اللّه عليّ بن أبي طالب عليه السّلام. (3)

بيان:

في المرآة: إنّما خصّ عليه السّلام عليّا بالذكر لأنّه المصداق حين الخطاب، أو لأنّه الأصل و العمدة و الفرد الأعظم.

5-عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّ أبا الخطّاب كان يقول: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله تعرض عليه أعمال امّته كلّ خميس، فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ليس هكذا، و لكن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله تعرض عليه أعمال امّته كلّ صباح أبرارها

ص:114


1- -الكافي ج 1 ص 171 ح 2
2- الكافي ج 1 ص 171 ح 3
3- الكافي ج 1 ص 171 ح 4

و فجارها، فاحذروا، و هو قول اللّه عزّ و جلّ: وَ قُلِ اِعْمَلُوا فَسَيَرَى اَللّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ اَلْمُؤْمِنُونَ و سكت، قال أبو بصير: إنّما عنى الأئمّة عليهم السّلام. (1)

6-عن سدير عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هو في نفر من أصحابه: إنّ مقامي بين أظهركم خير لكم، و إنّ مفارقتي إيّاكم خير لكم. . . أمّا مقامي بين أظهركم خير لكم فإنّ اللّه يقول: وَ ما كانَ اَللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ وَ ما كانَ اَللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ يعني: يعذّبهم بالسيف، و أمّا مفارقتي إيّاكم خير لكم، فإنّ أعمالكم تعرض عليّ كلّ اثنين و خميس، فما كان من حسن حمدت اللّه عليه، و ما كان من سيّئ استغفرت لكم. (2)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر، راجع بصائر الدرجات ص 444 ب 13 من الجزء 9.

7-عن داود الرقّي قال: كنت جالسا عند أبي عبد اللّه عليه السّلام إذ قال مبتدئا من قبل نفسه: يا داود، لقد عرضت عليّ أعمالكم يوم الخميس، فرأيت فيما عرض عليّ من عملك صلتك لابن عمّك فلان فسرّني ذلك، إنّي علمت أنّ صلتك له أسرع لفناء عمره و قطع أجله.

قال داود: و كان لي ابن عمّ معاندا ناصبيّا خبيثا بلغني عنه و عن عياله سوء حال، فصككت له نفقة قبل خروجي إلى مكّة، فلمّا صرت في المدينة أخبرني أبو عبد اللّه عليه السّلام بذلك. (3)

بيان:

«صككت» الصكّ: الكتاب الذي يكتب للعطايا و الأرزاق، و في المصباح: الصكّ: الكتاب الذي يكتب في المعاملات و الأقادير.

ص:115


1- -الوسائل ج 16 ص 109 ب 101 من جهاد النفس ح 9
2- الوسائل ج 16 ص 110 ح 13
3- الوسائل ج 16 ص 111 ح 15

8-قال عليّ بن موسى بن طاووس رحمه اللّه في رسالة «محاسبة النفس» : رأيت و رويت في عدّة روايات متّفقات أنّ يوم الاثنين و يوم الخميس تعرض فيهما الأعمال على اللّه و على رسوله و على الأئمّة عليهم السّلام.

ثمّ إنّه روى في ذلك أحاديث كثيرة من كتاب"التبيان"للشيخ رحمه اللّه. و من كتاب ابن عقدة و من كتاب"الدلائل"للحميري و من كتاب محمّد بن العبّاس. . . و من كتاب محمّد بن عمران. (1)

9-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ أعمال امّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله تعرض على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في كلّ خميس، فيستحيي أحدكم من رسول اللّه أن تعرض عليه القبيح. (2)

10-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: تعرض أعمال الناس كلّ جمعة مرّتين؛ يوم الاثنين و يوم الخميس، فيغفر لكلّ عبد مؤمن إلاّ من كانت بينه و بين أخيه شحناء، فيقال: اتركوا هذين حتّى يصطلحا. (3)

بيان:

«الشحناء» : العداوة و البغضاء، و شحنت عليه أي حقدت و أظهرت العداوة.

11-عن ابن اذينة قال: كنت عند أبي أبي عبد اللّه عليه السّلام، فقلت له: جعلت فداك قوله عزّ و جلّ: وَ قُلِ اِعْمَلُوا فَسَيَرَى اَللّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ اَلْمُؤْمِنُونَ قال: إيّانا عني. (4)

12-عن بريد العجليّ قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه: قُلِ اِعْمَلُوا فَسَيَرَى اَللّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ اَلْمُؤْمِنُونَ فقال: ما من مؤمن يموت و لا كافر

ص:116


1- -الوسائل ج 16 ص 112 ح 16
2- بصائر الدرجات ص 425 ب 4 من الجزء 9 ح 12
3- المستدرك ج 12 ص 165 ب 100 من جهاد النفس ح 11
4- البحار ج 23 ص 339 باب عرض الأعمال ح 10

يوضع في قبره حتّى يعرض عمله على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و عليّ عليه السّلام، فهلمّ جرّا إلى آخر من فرض اللّه طاعته (على العباد م) .

و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: وَ اَلْمُؤْمِنُونَ هم الأئمّة عليهم السّلام. (1)

13-كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصوم الاثنين و الخميس، فقيل له: لم ذلك؟ فقال صلّى اللّه عليه و آله: إنّ الأعمال ترفع في كلّ اثنين و خميس، فأحبّ أن ترفع عملي و أنا صائم. (2)

14-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: آخر خميس في الشهر ترفع فيه أعمال الشهر. (3)

أقول:

ذكرنا أهمّ الأخبار، و أمّا الكلام في حلّ اختلافها فنقول: إنّ الروايات طائفتان: مفاد الأولى: عرض الأعمال في كلّ صباح و مساء، و مفاد الثانية: عرض الأعمال في الأوقات المخصوصة، ففي أكثرها عشيّ الخميس و الاثنين و لا يمكن تقييد الأولى بالثانية خصوصا مع ردّ الإمام الصادق عليه السّلام أبا الخطّاب في الخبر المرويّ عن الوسائل ج 16 ص 109

و الحقّ عندي أنّ المراد بالطائفة الأولى: علمهم بأعمال الناس و توجّههم إلى أعمالهم في كلّ صباح و مساء، خصوصا عند مجيىء الملائكة في الصباح و المساء، حيث إنّ لكلّ إنسان ملكين يكتبان الأعمال.

و بالطائفة الثانية: أنّ من شئون الأئمّة عليهم السّلام و امورهم الخاصّة هو عرض الأعمال في كلّ اسبوع مرّتين: يوم الاثنين و يوم الخميس.

ص:117


1- -البحار ج 23 ص 351 ح 67
2- البحار ج 5 ص 329 باب أنّ الملائكة يكتبون أعمال العباد ح 29
3- البحار ج 5 ص 329 ح 33

ص:118

133- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر

الآيات

1- أَ تَأْمُرُونَ اَلنّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَ أَنْتُمْ تَتْلُونَ اَلْكِتابَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ. (1)

2- وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى اَلْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ وَ أُولئِكَ هُمُ اَلْمُفْلِحُونَ. (2)

3- كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ تَنْهَوْنَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ. . . (3)

4- يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ اَلْيَوْمِ اَلْآخِرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ وَ يُسارِعُونَ فِي اَلْخَيْراتِ وَ أُولئِكَ مِنَ اَلصّالِحِينَ. (4)

5- . . . فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَ عِظْهُمْ وَ قُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً. (5)

6- كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ. (6)

7- اَلْمُنافِقُونَ وَ اَلْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَ يَنْهَوْنَ

ص:119


1- -البقرة:44
2- آل عمران:104
3- آل عمران:110
4- آل عمران:114
5- النساء:63
6- المائدة:79

عَنِ اَلْمَعْرُوفِ. . . (1)

8- وَ اَلْمُؤْمِنُونَ وَ اَلْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ. . . (2)

9- اِذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى- فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى. (3)

10- يا بُنَيَّ أَقِمِ اَلصَّلاةَ وَ أْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَ اِنْهَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ وَ اِصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ اَلْأُمُورِ. (4)

11- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا اَلنّاسُ وَ اَلْحِجارَةُ. . . (5)

الأخبار

1-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لا تزال امّتي بخير ما أمروا بالمعروف و نهوا عن المنكر، و تعاونوا على البرّ و التقوى، فإذا لم يفعلوا ذلك نزعت منهم البركات، و سلّط بعضهم على بعض، و لم يكن لهم ناصر في الأرض و لا في السماء. (6)

2-عن بكر بن محمّد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: أيّها الناس مروا بالمعروف و انهو عن المنكر، فإنّ الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر لم يقرّبا أجلا و لم يباعدا رزقا. (7)

ص:120


1- -التوبة:67
2- التوبة:71
3- طه:43 و 44
4- لقمان:17
5- التحريم:6
6- الوسائل ج 16 ص 123 ب 1 من الأمر و النهي ح 18
7- الوسائل ج 16 ص 125 ح 24

3-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: . . . من ترك إنكار المنكر بقلبه و لسانه و يده فهو ميّت بين الأحياء. (1)

4-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: رأيت ليلة اسري بي إلى السماء قوما تقرض شفاههم بمقاريض من نار، ثمّ ترمى، فقلت: يا جبرئيل، من هؤلاء؟ فقال: خطباء امّتك، يأمرون الناس بالبرّ و ينسون أنفسهم و هم يتلون الكتاب أ فلا يعقلون. (2)

5-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: يكون في آخر الزمان قوم يتبع فيهم قوم مراؤون يتقرّؤون و يتنسّكون حدثاء سفهاء، لا يوجبون أمرا بمعروف و لا نهيا عن منكر إلاّ إذا أمنوا الضرر، يطلبون لأنفسهم الرخص و المعاذير، يتبعون زلاّة العلماء و فساد عملهم، يقبلون على الصلاة و الصيام و ما لا يكلّمهم في نفس و لا مال، و لو أضرّت الصلاة بسائر ما يعملون بأموالهم و أبدانهم لرفضوها كما رفضوا أسمى الفرائض و أشرفها:

إنّ الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فريضة عظيمة بها تقام الفرائض، هنالك يتمّ غضب اللّه عزّ و جلّ عليهم فيعمّهم بعقابه، فيهلك الأبرار في دار الفجّار و الصغار في دار الكبار؛ إنّ الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر سبيل الأنبياء و منهاج الصلحاء، فريضة عظيمة بها تقام الفرائض، و تأمن المذاهب، و تحلّ المكاسب، و تردّ المظالم و تعمر الأرض و ينتصف من الأعداء و يستقيم الأمر، فأنكروا بقلوبكم، و ألفظوا بألسنتكم، و صكّوا بها جباههم و لا تخافوا في اللّه لومة لائم، فإن اتّعظوا و إلى الحقّ رجعوا فلا سبيل عليهم إِنَّمَا اَلسَّبِيلُ عَلَى اَلَّذِينَ يَظْلِمُونَ اَلنّاسَ وَ يَبْغُونَ فِي اَلْأَرْضِ بِغَيْرِ اَلْحَقِّ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ. (3)هنالك فجاهدوهم بأبدانكم و أبغضوهم بقلوبكم غير طالبين سلطانا و لا باغين مالا

ص:121


1- -الوسائل ج 16 ص 132 ب 3 ح 4
2- الوسائل ج 16 ص 151 ب 10 ح 11
3- الشورى:42

و لا مريدين بظلم ظفرا حتّى يفيئوا إلى أمر اللّه و يمضوا على طاعته.

قال: و أوحى اللّه عزّ و جلّ إلى شعيب النبيّ عليه السّلام: أنّي معذّب من قومك مائة ألف، أربعين ألفا من شرارهم و ستّين ألفا من خيارهم، فقال عليه السّلام: يا ربّ، هؤلاء الأشرار فما بال الأخيار؟ فأوحى اللّه عزّ و جلّ إليه: داهنوا أهل المعاصي و لم يغضبوا الغضبي. (1)

بيان:

«يتقرّؤون» : أي يتعبّدون و يتزهّدون يقال: تقرّأ الرجل إذا تنسّك، و التنسّك: التعبّد، فالعطف تفسيري. «ما لا يكلّمهم» : من الكلم بمعنى الجرح، أي لا يضرّهم (الوافي و المرآة) «أسمى الفرائض» : أي أعلاها.

في المرآة ج 18 ص 400، «تأمن المذاهب» : أي مسالك الدين من بدع المبطلين، أو الطرق الظاهرة، أو الأعمّ منهما «يستقيم الأمر» : أي أمر الدين و الدنيا «الصكّ» : الضرب الشديد. «هنالك» : أي حين لم يتّعظوا و لم يرجعوا إلى الحقّ «البغي» : الطلب. «داهنوا» : أي تركوا نصيحتهم و لم يتعرّضوا لهم و لم يمنعوهم من قبائحهم.

6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أمرنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن نلقى أهل المعاصي بوجوه مكفهرّة. (2)

أقول:

رواه الشيخ رحمه اللّه في التهذيب (ج 6 ص 176 ح 356) إلاّ أنّه قال: أدنى الإنكار أن يلقى أهل المعاصي بوجوه مكفهرّة.

و الوجه المكفهرّ أي العابس، في قبال المنبسط.

7-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر خلقان

ص:122


1- -الكافي ج 5 ص 55 باب الأمر بالمعروف من ك الجهاد ح 1
2- الكافي ج 5 ص 58 ح 10

من خلق اللّه، فمن نصرهما أعزّه اللّه و من خذلهما خذله اللّه. (1)

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه عزّ و جلّ ليبغض المؤمن الضعيف الذي لا دين له، فقيل له: و ما المؤمن الذي لا دين له؟ قال: الذي لا ينهى عن المنكر. (2)

9-عن مسعدة بن صدقة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول، و سئل عن الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر أ واجب هو على الامّة جميعا؟ فقال: لا، فقيل له: و لم؟ قال: إنّما هو على القويّ المطاع، العالم بالمعروف من المنكر، لا على الضعيف الذي لا يهتدي سبيلا إلى أيّ من أيّ يقول من الحقّ إلى الباطل، و الدليل على ذلك كتاب اللّه عزّ و جلّ قوله: وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى اَلْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ.

فهذا خاصّ غير عامّ، كما قال اللّه عزّ و جلّ: وَ مِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ. (3)و لم يقل: على امّة موسى، و لا على كلّ قومه و هم يومئذ امم مختلفة، و الامّة واحدة فصاعدا كما قال اللّه عزّ و جلّ: إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلّهِ 4 يقول: مطيعا للّه عزّ و جلّ و ليس على من يعلم ذلك في هذه الهدنة من حرج إذا كان لا قوّة له و لا عذر و لا طاعة.

قال مسعدة: و سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: و سئل عن الحديث الذي جاء عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله «إنّ أفضل الجهاد كلمة عدل عند إمام جائر» ما معناه؟ قال: هذا على أن يأمره بعد معرفته و هو مع ذلك يقبل منه و إلاّ فلا. (4)

ص:123


1- -الكافي ج 5 ص 59 ح 11
2- الكافي ج 5 ص 59 ح 15
3- الأعراف:159
4- الكافي ج 5 ص 59 ح 16

بيان:

«أيّ من أيّ. . .» : أي لا يعلم الحقّ و الباطل، و يدعون الناس من الحقّ إلى الباطل «الهدنة» : الصلح و المراد هنا زمان صلحنا مع أهل البغي.

«و لا عذر» : و الأصوب كما في التهذيب"و لا عدد"بضمّ العين جمع عدّة أو بالفتح.

10-عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ويل لقوم لا يدينون اللّه بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر. (1)

11-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: كيف بكم إذا فسدت نساؤكم و فسق شبابكم و لم تأمروا بالمعروف و لم تنهوا عن المنكر! فقيل له: و يكون ذلك يا رسول اللّه؟ فقال: نعم و شرّ من ذلك كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر و نهيتم عن المعروف، فقيل له: يا رسول اللّه، و يكون ذلك؟ قال: نعم و شرّ من ذلك، كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكرا و المنكر معروفا. (2)

أقول:

في نهج البلاغة (ص 448 في خ 147) : «إنّه سيأتي عليكم من بعدي زمان ليس فيه شيء أخفى من الحقّ. . . و لا في البلاد شيء أنكر من المعروف و لا أعرف من المنكر» .

12-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: حسب المؤمن غيرا إذا رأى منكرا أن يعلم اللّه عزّ و جلّ من قلبه إنكاره. (3)

بيان:

في المرآة، «غيرا» : أي غيرة و أنفة عن محارم اللّه، من قولهم غار على امرأته غيرا و غيرة أو تغييرا للمنكر، فإنّه يكفي مع العجز إرادة التغيير في وقت الإمكان

ص:124


1- -الكافي ج 5 ص 56 ح 4
2- الكافي ج 5 ص 59 ح 14
3- الكافي ج 5 ص 60 باب إنكار المنكر بالقلب ح 1

و تغيير حبّه و الرضا به عن القلب. . .

13-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّما يؤمر بالمعروف و ينهى عن المنكر مؤمن فيتّعظ أو جاهل فيتعلّم، و أمّا صاحب سوط أو سيف فلا. (1)

14-عن مفضّل بن يزيد، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال لي: يا مفضّل، من تعرّض لسلطان جائر فأصابته بليّة لم يؤجر عليها و لم يرزق الصبر عليها. (2)

15-عن أبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: فَلَمّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ (3)قال: كانوا ثلاثة أصناف: صنف ائتمروا و أمروا فنجوا، و صنف ائتمروا و لم يأمروا فمسخوا ذرّا، و صنف لم يأتمروا و لم يأمروا فهلكوا. (4)

16-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّما يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر من كانت فيه ثلاث خصال: عامل بما يأمر به و تارك لما ينهى عنه، عادل فيما يأمر، عادل فيما ينهى، رفيق فيما يأمر، و رفيق فيما ينهى. (5)

17-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه تبارك و تعالى ليبغض المؤمن الضعيف الذي لا زبر له؛ و قال: هو الذي لا ينهى عن المنكر.

قال رحمه اللّه: وجدت بخطّ البرقيّ رحمه اللّه أنّ الزبر هو العقل. . . (6)

18-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ستكون فتن لا يستطيع المؤمن أن يغيّر فيها بيد و لا لسان، فقال عليّ بن أبي طالب عليه السّلام: يا رسول اللّه، و فيهم يومئذ مؤمنون؟ قال:

ص:125


1- -الكافي ج 5 ص 60 ح 2
2- الكافي ج 5 ص 60 ح 3
3- الأعراف:165
4- الخصال ج 1 ص 100 باب الثلاثة ح 54
5- الخصال ص 109 ح 79
6- معاني الأخبار ص 326 باب معنى الزبر

نعم، قال: فينقص ذلك من إيمانهم شيئا؟ قال: لا، إلاّ كما ينقص القطر من الصفا، إنّهم يكرهونه بقلوبهم. (1)

بيان:

«القطر» : المطر. «الصفا» : الحجر الصلد الضخم. «كما ينقص. . .» : لعلّ المراد أنّ بمرور الزمان ينقص إيمانهم إلاّ أن يكرهونه بقلوبهم فلا ينقص من إيمانهم.

19-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و انهو غيركم عن المنكر و تناهوا عنه، فإنّما امرتم بالنهي بعد التناهي. (2)

20-و قال عليه السّلام: لعن اللّه الآمرين بالمعروف التاركين له، و الناهين عن المنكر العاملين به. (3)

21-و قال عليه السّلام: فإنّ اللّه سبحانه لم يلعن القرن الماضي بين أيديكم إلاّ لتركهم الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، فلعن اللّه السفهاء لركوب المعاصي، و الحلماء لترك التناهي. (4)

أقول:

«الحلماء» : في البحار بدلها: "الحكماء".

22-و قال في وصيّته لابنه الحسن عليهما السّلام: و امر بالمعروف تكن من أهله، و أنكر المنكر بيدك و لسانك، و باين من فعله بجهدك، و جاهد في اللّه حقّ جهاده، و لا تأخذك في اللّه لومة لائم. (5)

23-و قال في وصيّته للحسنين عليهم السّلام: لا تتركوا الأمر بالمعروف و النهي

ص:126


1- -أمالي الطوسي ج 2 ص 88
2- نهج البلاغة ص 312 في خ 104
3- نهج البلاغة ص 401 في خ 129
4- نهج البلاغة ص 808 في خ 234-صبحي ص 299 في خ 192
5- نهج البلاغة ص 910 في ر 31

عن المنكر فيولّى عليكم أشراركم، ثمّ تدعون فلا يستجاب لكم. (1)

أقول:

في البحار ج 100 ص 77: عن الصادق عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام مثله و لكن فيه: «فلا يستجاب لكم دعاؤكم» .

24-و قال عليه السّلام في معنى الجهاد: فمن أمر بالمعروف شدّ ظهور المؤمنين، و من نهى عن المنكر أرغم انوف المنافقين. (2)

25-. . . و قال عليه السّلام: أيّها المؤمنون، إنّه من رأى عدوانا يعمل به و منكرا يدعى إليه فأنكره بقلبه فقد سلم و برئ، و من أنكره بلسانه فقد اجر و هو أفضل من صاحبه، و من أنكره بالسيف لتكون كلمة اللّه هي العليا و كلمة الظالمين هي السفلى فذلك الذي أصاب سبيل الهدى و قام على الطريق، و نوّر في قلبه اليقين. (3)

26-و قال عليه السّلام في كلام آخر له يجري هذا المجرى: فمنهم المنكر للمنكر بيده و لسانه و قلبه، فذلك المستكمل لخصال الخير، و منهم المنكر بلسانه و قلبه و التارك بيده فذلك متمسّك بخصلتين من خصال الخير، و مضيّع خصلة، و منهم المنكر بقلبه و التارك بيده و لسانه فذلك الذي ضيّع أشرف الخصلتين من الثلاث و تمسّك بواحدة، و منهم تارك لإنكار المنكر بلسانه و قلبه و يده فذلك ميّت الأحياء.

و ما أعمال البرّ كلّها و الجهاد في سبيل اللّه عند الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر إلاّ كنفثة في بحر لجّيّ، و إنّ الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر لا يقرّبان من أجل، و لا ينقصان من رزق، و أفضل من ذلك كلّه كلمة عدل عند إمام

ص:127


1- -نهج البلاغة ص 978 في ر 47
2- نهج البلاغة ص 1100 في ح 30-الغرر ج 2 ص 644 ف 77 ح 593 و 594
3- نهج البلاغة ص 1262 ح 365

جائر. (1)

بيان:

«النّفثة» : يراد ما يمازج النفس من الريق عند النفخ (آب دهان انداختن) .

«لجّيّ» : كثير الموج.

27-عن أبي جحيفة قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: إنّ أوّل ما تغلبون عليه من الجهاد الجهاد بأيديكم ثمّ بألسنتكم ثمّ بقلوبكم، فمن لم يعرف بقلبه معروفا و لم ينكر منكرا قلب فجعل أعلاه أسفله و أسفله أعلاه. (2)

28-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ألا أخبركم عن أقوام ليسوا بأنبياء و لا شهداء، يغبطهم الناس يوم القيامة (3)بمنازلهم من اللّه عزّ و جلّ، على منابر من نور؟ قيل: من هم يا رسول اللّه؟ قال: هم الذين يحبّبون عباد اللّه إلى اللّه، و يحبّبون اللّه إلى عباده، قلنا: هذا حبّبوا اللّه إلى عباده، فكيف يحبّبون عباد اللّه إلى اللّه؟ قال: يأمرونهم بما يحبّ اللّه، و ينهونهم عمّا يكره اللّه، فإذا أطاعوهم أحبّهم اللّه. (4)

29-عن محمّد بن عرفة قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا تركت امتّي الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فليؤذن بوقاع من اللّه جلّ اسمه. (5)

بيان:

الأذان: الإعلام.

في مجمع البحرين، «الواقعة» : النازلة الشديدة و الجمع وقاع و وقائع.

ص:128


1- -نهج البلاغة ص 1263 ح 366
2- نهج البلاغة ص 1264 ح 367
3- في المصدر: يغبطهم يوم القيامة الأنبياء و الشهداء.
4- المستدرك ج 12 ص 182 ب 1 من الأمر و النهي ح 19
5- البحار ج 100 ص 78 باب وجوب الأمر بالمعروف ح 33

30-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما أقرّ قوم بالمنكر بين أظهرهم لا يغيّرونه إلاّ اوشك أن يعمّهم اللّه عزّ و جلّ بعقاب من عنده. (1)

31-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ المعصية إذا عمل بها العبد سرّا لم تضرّ إلاّ عاملها، و إذا عمل بها علانية و لم يغيّر (و لم يعيّر م) عليه أضرّت العامّة.

قال جعفر بن محمّد عليهما السّلام: و ذلك أنّه يذلّ بعمله دين اللّه و يقتدي به أهل عداوة اللّه. (2)

32-بهذا الإسناد قال: قال عليّ عليه السّلام: أيّها الناس، إنّ اللّه عزّ و جلّ لا يعذّب العامّة بذنب الخاصّة إذا عملت الخاصّة بالمنكر سرّا من غير أن تعلم العامّة، فإذا عملت الخاصّة بالمنكر جهارا فلم يغيّر (فلم يعيّر م) ذلك العامّة استوجب الفريقان العقوبة من اللّه عزّ و جلّ.

و قال: لا يحضرنّ أحدكم رجلا يضربه سلطان جائر ظلما و عدوانا و لا مقتولا و لا مظلوما إذا لم ينصره، لأنّ نصرة المؤمن على المؤمن فريضة واجبة إذا هو حضره، و العافية أوسع ما لم تلزمك الحجّة الحاضرة. قال: و لمّا جعل التفضّل (وقع التقصير م) في بني إسرائيل جعل الرجل منهم يرى أخاه على الذنب فينهاه فلا ينتهي فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله و جليسه و شريبه حتّى ضرب اللّه عزّ و جلّ قلوب بعضهم ببعض و نزل فيه (فيهم م) القرآن حيث يقول عزّ و جلّ: لُعِنَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَ عِيسَى اِبْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَ كانُوا يَعْتَدُونَ- كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ. . . 3. (3)

ص:129


1- -البحار ج 100 ص 78 ح 34
2- البحار ج 100 ص 78 ح 35( عقاب الأعمال ص 310 باب عقاب من أقرّ بالمنكر ح 2)
3- البحار ج 100 ص 78 ح 36( عقاب الأعمال ص 310 ح 3)

33-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله: كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ قال: أما إنّهم لم يكونوا يدخلون مداخلهم و لا يجلسون مجالسهم، و لكن كانوا إذا لقوهم ضحكوا في وجوههم و أنسوا بهم. (1)

34-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّ رجلا من خثعم جاء إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال له: أخبرني ما أفضل الأعمال؟ فقال: الإيمان باللّه، قال: ثمّ ما ذا؟ قال: صلة الرحم، قال: ثمّ ما ذا؟ فقال: الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر. (2)

35-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لا يزال الناس بخير ما أمروا بالمعروف و نهوا عن المنكر، و تعاونوا على البرّ، فإذا لم يفعلوا ذلك نزعت عنهم البركات، و سلّط بعضهم على بعض، و لم يكن لهم ناصر في الأرض و لا في السماء. (3)

36-عن الثماليّ عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سمعته يقول: أما إنّه ليس من سنة أقلّ مطرا من سنة، و لكن اللّه يضعه حيث يشاء، إنّ اللّه جلّ جلاله إذا عمل قوم بالمعاصي صرف عنهم ما كان قدّر لهم من المطر في تلك السنة إلى غيرهم، و إلى الفيافي و البحار و الجبال. . . و إذا لم يأمروا بمعروف و لم ينهوا عن منكر و لم يتّبعوا الأخيار من أهل بيتي سلّط اللّه عليهم شرارهم، فيدعو عند ذلك خيارهم فلا يستجاب لهم. (4)

أقول:

قد مرّ تمام الحديث في باب الذنب.

37-قال الصادق عليه السّلام: من لم ينسلخ عن هواجسه و لم يتخلّص من آفات نفسه و شهواتها و لم يهزم الشيطان و لم يدخل في كنف اللّه (و توحيده ف ن)

ص:130


1- -البحار ج 100 ص 85 ح 56
2- البحار ج 100 ص 81 ح 40
3- البحار ج 100 ص 94 ح 95
4- البحار ج 100 ص 72 ح 5

و أمان عصمته لا يصلح له الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، لأنّه إذا لم يكن بهذه الصفة فكلّما أظهر أمرا يكون حجّة عليه و لا ينتفع الناس به. قال اللّه تعالى: أَ تَأْمُرُونَ اَلنّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ و يقال له: يا خائن، أتطالب خلقي بما خنت به نفسك و أرخيت عنه عنانك.

روي أنّ ثعلبة الأسديّ سأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن هذه الآية: يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اِهْتَدَيْتُمْ (1)فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: و امر بالمعروف و انه عن المنكر و الصبر على ما أصابك حتّى إذا رأيت شحّا مطاعا و هوى متّبعا و إعجاب كلّ ذي رأي برأيه، فعليك بنفسك و دع عنك أمر العامّة.

و صاحب الأمر بالمعروف يحتاج إلى أن يكون عالما بالحلال و الحرام، فارغا من خاصّة نفسه ممّا يأمرهم به و ينهاهم عنه، ناصحا للخلق رحيما لهم رفيقا بهم، داعيا لهم باللطف و حسن البيان، عارفا بتفاوت أخلاقهم، لينزّل كلاّ منزلته، بصيرا بمكر النفس و مكائد الشيطان، صابرا على ما يلحقه، لا يكافئهم بها و لا يشكو منهم و لا يستعمل الحميّة، و لا يغتاظ لنفسه، مجرّدا نيّته للّه مستعينا به و مبتغيا لوجهه، فإن خالفوه و جفوه صبر، و إن وافقوه و قبلوا منه شكر، مفوّضا أمره إلى اللّه ناظرا إلى عيبه. (2)

بيان:

هجس الشيء في صدره: خطر بباله أو هو أن يحدّث نفسه في صدره مثل الوسواس، و الهاجس جمع هواجس: ما وقع في قلبك و بالك.

«أرخيت عنه» : يقال: أرخى زمام الناقة: خلاف جذبه.

ص:131


1- -المائدة:105
2- مصباح الشريعة ص 42 ب 64

38-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الأمر بالمعروف أفضل أعمال الخلق. (الغرر ج 1 ص 86 ف 1 ح 1998)

إنّ الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر لا يقرّبان من أجل، و لا ينقصان من رزق، لكن يضاعفان الثواب و يعظمان الأجر، و أفضل منهما كلمة عدل عند إمام جائر. (ص 253 ف 9 ح 272)

إنّي لأرفع نفسي عن (أن ظ) أنهى الناس عمّا لست أنتهي عنه أو آمرهم بما لا أسبقهم إليه بعملي أو أرضى منهم بما لا يرضي ربّي. (ص 283 ف 12 ح 9)

إنّي لا أحثّكم على طاعة إلاّ و أسبقكم إليها، و لا أنهاكم عن معصية إلاّ و أتناهى قبلكم عنها. (ح 10)

إذا رأى أحدكم المنكر و لم يستطع أن ينكره بيده و لسانه و أنكره بقلبه و علم اللّه صدق ذلك منه فقد أنكره. (ص 325 ف 17 ح 180)

غاية الدين الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و إقامة الحدود.

(ج 2 ص 505 ف 56 ح 28)

قوام الشريعة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و إقامة الحدود.

(ص 541 ف 61 ح 104)

كفى بالمرء غواية أن يأمر الناس بما لا يأتمر به، و ينهاهم عمّا لا ينتهي عنه.

(ص 560 ف 65 ح 64)

كفى بالمرء جهلا أن ينكر على الناس ما يأتي مثله. (ح 65)

كن آمرا بالمعروف و عاملا به، و لا تكن ممّن يأمر به و ينأى عنه فتبوء بإثمه و تتعرّض لمقت ربّه. (ص 569 ف 67 ح 58)

من كنّ فيه ثلاث سلمت له الدنيا و الآخرة: يأمر بالمعروف و يأتمر به، و ينهى عن المنكر و ينتهي عنه، و يحافظ على حدود اللّه جلّ و علا.

(ص 711 ف 77 ح 1414)

ص:132

134- العزلة عن شرار الخلق و الأنس باللّه تعالى

الآيات

1- وَ إِذِ اِعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَ ما يَعْبُدُونَ إِلاَّ اَللّهَ فَأْوُوا إِلَى اَلْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَ يُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقاً. (1)

2- وَ أَعْتَزِلُكُمْ وَ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اَللّهِ وَ أَدْعُوا رَبِّي عَسى أَلاّ أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا- فَلَمَّا اِعْتَزَلَهُمْ وَ ما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اَللّهِ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ وَ كُلاًّ جَعَلْنا نَبِيًّا. (2)

الأخبار

1-في حديث موسى بن جعفر عليهما السّلام لهشام: يا هشام، الصبر على الوحدة علامة قوّة العقل، فمن عقل عن اللّه اعتزل أهل الدنيا و الراغبين فيها، و رغب فيما عند اللّه، و كان اللّه انسه في الوحشة، و صاحبه في الوحدة، و غناه في العيلة، و معزّه

ص:133


1- -الكهف:16
2- مريم:48 و 49

من غير عشيرة. (1)

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال له رجل: جعلت فداك، رجل عرف هذا الأمر، لزم بيته و لم يتعرّف إلى أحد من إخوانه؟ قال: فقال: كيف يتفقّه هذا في دينه؟ ! (2)

بيان:

في المرآة ج 1 ص 102، «لم يتعرّف إلى أحد» : أي اعتزل الناس و لم يخالطهم أو لم يسأل عنهم انتهى.

«كيف يتفقّه هذا في دينه» نهي في بعض الأخبار ترك الجماعات و الرهبانيّة و ترك التفقّه و ترك حقوق الإخوان و. . . و في بعضها أمروا عليهم السّلام بالعزلة عن الناس، فالجمع بينها يقتضي أوّلا، أنّ لزوم البيت و العزلة ممدوح مع الإتيان بالحقوق و الواجبات الشرعيّة، كالتفقّه في الدين، و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و ارشاد الضالّ، و معاونة الضعيف و نصرة المظلوم.

و ثانيا، أنّ الناس مختلفون بحسب الأحوال و الأزمان و الأمكنة، فينبغي أن ينظر العبد إلى حاله و خليطه و إلى باعث مخالطته. فالمراد بالعزلة العزلة عن أهل الدنيا الذين يشغلون الإنسان عن ذكر اللّه، لا أهل الآخرة من العلماء و العقلاء و العرفاء الذين يكتسب من أخلاقهم و يستفيد من علومهم و أحوالهم و يتوصّل إلى الأجر و الثواب بمخالطتهم. كما يشهد لذلك قول موسى بن جعفر عليه السّلام لهشام الذي قد مرّ. و لا يخفى أنّ أصل العزلة و أهمّها العزلة بالقلب، كما ورد في الأخبار (3)؛ «فصاحبهم ببدنه و لم يصاحبهم بقلبه» .

فالمؤمن شخصه مع الخلق و قلبه و توجّهه مع اللّه و إلى اللّه، و لكن في أوائل سلوكه

ص:134


1- -الكافي ج 1 ص 13 ك العقل في ح 12
2- الكافي ج 1 ص 24 باب فرض العلم ح 9
3- المستدرك ج 11 ص 386

و مجاهدته يحتاج إلى عزلة شخصه أيضا في أكثر الأوقات.

3-عن حفص بن غياث عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال: إن قدرتم أن لا تعرفوا فافعلوا، و ما عليك أن لم يثن الناس عليك، و ما عليك أن تكون مذموما عند الناس إذا كنت عند اللّه محمودا. . . إن قدرت على أن لا تخرج من بيتك فافعل، فإنّ عليك في خروجك أن لا تغتاب و لا تكذب و لا تحسد و لا ترائي و لا تتصنّع و لا تداهن، ثمّ قال: نعم صومعة المسلم بيته، يكفّ فيه بصره و لسانه و نفسه و فرجه. . . (1)

4-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في حديث) : طوبى لمن لزم بيته، و أكل كسرته، و بكى على خطيئته، و كان من نفسه في تعب، و الناس منه في راحة. (2)

5-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: ثلاث منجيات: تكفّ لسانك، و تبكي على خطيئتك، و يسعك بيتك. (3)

أقول:

في الخصال ج 1 ص 85 باب الثلاثة في ح 13 عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله مثله، إلاّ و فيه: «و تلزم بيتك» .

و قد مرّ في باب البكاء ف 1، عن عليّ عليه السّلام قال: قال عيسى عليه السّلام: «طوبى لمن كان صمته فكرا، و نظره عبرا، و وسعه بيته، و بكى على خطيئته و سلم الناس من يده و لسانه» و مرّ فيه أيضا شرح الحديث.

6-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: يا أيّها الناس، طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس، و طوبى لمن لزم بيته، و أكل قوته، و اشتغل بطاعة ربّه، و بكى

ص:135


1- -الوسائل ج 15 ص 354 ب 51 من جهاد النفس ح 1
2- الوسائل ج 15 ص 355 ح 5
3- الوسائل ج 15 ص 355 ح 6

على خطيئته، فكان من نفسه في شغل، و الناس منه في راحة. (1)

7-في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: أي بنيّ، . . . و من تفكّر اعتبر، و من اعتبر اعتزل، و من اعتزل سلم. . . أي بنيّ، العافية عشرة أجزاء: تسعة منها في الصمت إلاّ بذكر اللّه و واحد في ترك مجالسة السفهاء. . . (2)

8-في حكم الرضا عليه السّلام: يأتي على الناس زمان تكون العافية فيه عشرة أجزاء: تسعة منها في اعتزل الناس و واحد في الصمت. (3)

9-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أيّها الناس، إنّ الطمع فقر، و اليأس غنى، و القناعة راحة، و العزلة عبادة، و العمل كنز، و الدنيا معدن. . . (4)

10-عن سفيان الثوريّ قال: قصدت جعفر بن محمّد عليهما السّلام، فأذن لي بالدخول، فوجدته في سرداب ينزل اثنى عشر مرقاة، فقلت: يابن رسول اللّه، أنت في هذا المكان مع حاجة الناس إليك، فقال: يا سفيان، فسد الزمان، و تنكّر الإخوان، و تقلّب الأعيان، فاتّخذنا الوحدة سكنا. . . (5)

11-قال الصادق جعفر بن محمّد عليهما السّلام: إنّ اللّه تبارك و تعالى أوحى إلى داود عليه السّلام: مالي أراك وحدانا؟ قال: هجرت الناس و هجروني فيك، قال: فما لي أراك ساكتا؟ قال: خشيتك أسكتتني، قال: فما لي أراك نصبا؟ قال: حبّك أنصبني، قال: فما لي أراك فقيرا و قد أفدتك؟ قال: القيام بحقّك أفقرني، قال: فما لي أراك متذلّلا؟ قال: عظيم جلالك الذي لا يوصف ذلّلني، و حقّ ذلك لك يا سيّدي، قال اللّه جلّ جلاله: فأبشر بالفضل منّي فلك ما تحبّ يوم تلقاني، خالط الناس

ص:136


1- -نهج البلاغة ص 576 في خ 175
2- تحف العقول ص 65
3- تحف العقول ص 329
4- سفينة البحار ج 2 ص 186( عزل)
5- إرشاد القلوب ص 131 ب 25

و خالفهم بأخلاقهم و زايلهم في أعمالهم تنل ما تريد منّي يوم القيامة. (1)

أقول:

قد مرّ بهذا المعنى في باب الشهرة و فيه: عنه عليه السّلام قال: طوبى لعبد نومة، عرف الناس فصاحبهم ببدنه، و لم يصاحبهم في أعمالهم بقلبه، فعرفوه في الظاهر، و عرفهم في الباطن.

بيان: «أراك نصبا» : لعلّ المعنى؛ ما لي أراك مجدّا مجتهدا في العبادة متعبا نفسك فيها «أفدتك» : أي أعطيتك. «زايلهم في أعمالهم» : أي باينهم و فارقهم في أعمالهم الرديّة و أفعالهم الرذيلة.

12-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: يأتي على الناس زمان يغيب عنهم إمامهم، فيا طوبى للثابتين على أمرنا في ذلك الزمان. . . قال جابر: فقلت: يابن رسول اللّه، فما أفضل ما يستعمله المؤمن في ذلك الزمان؟ قال: حفظ اللسان و لزوم البيت. (2)

13-قال الصادق عليه السّلام: إنّ اللّه جلّ و عزّ أوحى إلى نبيّ من أنبياء بني إسرائيل: إن أحببت أن تلقاني غدا في حظيرة القدس؛ فكن في الدنيا وحيدا غريبا مهموما محزونا مستوحشا من الناس، بمنزلة الطير الواحد الذي يطير في الأرض القفار، و يأكل من رؤوس الأشجار، و يشرب من ماء العيون، فإذا كان الليل أوى وحده، و لم يأو مع الطيور، استأنس بربّه، و استوحش من الطيور. (3)

بيان:

«الأرض القفار» : أي الأرض التي لا ماء فيها و لا ناس و لا كلأ.

ص:137


1- -أمالي الصدوق ص 196 م 36 ح 1
2- البحار ج 52 ص 145 باب فضل انتظار الفرج ح 66
3- البحار ج 70 ص 108 باب العزلة ح 1( أمالي الصدوق ص 198 م 36 ح 4)

14-قال أبو محمّد عليه السّلام: من آنس باللّه استوحش من الناس. (1)

أقول:

زاد في لئالي الأخبار (ج 1 ص 168) : «و علامة الانس باللّه الوحشة من الناس» .

15-عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: خالط الناس تخبرهم و متى تخبرهم تقلهم. (2)

أقول:

في نهج البلاغة (ص 1289 ح 426) عن أمير المؤمنين عليه السّلام: اخبر تقله.

بيان: يقال: قلاه يقليه إذا أبغضه و الهاء في «تقله» للسكت. و المعنى: خالط الناس و عاشرهم، فإذا اختبرتهم و جرّبتهم، عرفتهم حقيقة المعرفة، فتكشف لك مساويهم و سوء أخلاقهم فتبغضهم و تتركهم.

16-و عن أبي محمّد العسكريّ عليه السّلام قال: الوحشة من الناس على قدر الفطنة بهم. (3)

أقول:

قد مرّ في باب العبادة عن الباقر عليه السّلام: لا يكون العبد عابدا للّه حقّ عبادته حتّى ينقطع عن الخلق كلّهم إليه، فحينئذ يقول: هذا خالص لي فيقبله بكرمه.

17-عن الوليد بن صبيح قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: لو لا الموضع الذي وضعني اللّه فيه، لسرّني أن أكون على رأس جبل، لا أعرف الناس و لا يعرفوني، حتّى يأتيني الموت. (4)

18-عن عبد الواحد قال: قال لي أبو جعفر عليه السّلام: يا عبد الواحد،

ص:138


1- -البحار ج 70 ص 110 ح 11-و مثله في الغرر ج 2 ص 635 ف 77 ح 467
2- البحار ج 70 ص 111 في ح 14
3- البحار ج 70 ص 111 في ح 14
4- المستدرك ج 11 ص 384 ب 51 من جهاد النفس ح 4

ما يضرّك-أو ما يضرّ رجلا-إذا كان على الحقّ، ما قال له الناس، و لو قالوا مجنون، و ما يضرّه لو كان على رأس جبل يعبد اللّه حتّى يجيئه الموت! (1)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر، في بعضها: «ما يضرّ من كان على هذا الأمر» .

و مرّ في باب الإيمان ف 1: «يقول اللّه: . . . و جعلت له من إيمانه انسا لا يحتاج فيه إلى أحد» .

19-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أحبّ الناس إليّ منزلة رجل يؤمن باللّه و رسوله، و يقيم الصلاة، و يؤتي الزكاة، و يعمر ماله، و يحفظ دينه، و يعتزل الناس. (2)

20-عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: العزلة عبادة إذا قلّ العتب على الرجل قعوده في بيته. (3)

21-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: يأتي على الناس زمان تكون العافية (فيه) عشرة أجزاء، تسعة منها في اعتزال الناس، و واحدة في الصمت. (4)

22-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: [كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول:] يأتي على الناس زمان يكون فيه أحسنهم حالا من كان جالسا في بيته. (5)

23-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في حديث) : و طلبت الراحة فما وجدت إلاّ بترك مخالطة الناس، لقوام عيش الدنيا، اتركوا الدنيا و مخالطة الناس، تستريحوا في الدارين، و تأمنوا من العذاب. . . (6)

ص:139


1- -المستدرك ج 11 ص 384 ح 5
2- المستدرك ج 11 ص 387 ح 14
3- المستدرك ج 11 ص 388 ح 20
4- المستدرك ج 11 ص 388 ح 21- البحار ج 70 ص 109 باب العزلة ح 7
5- المستدرك ج 11 ص 388 ح 22
6- المستدرك ج 11 ص 389 ح 24

24-عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال لعقبة بن عامر الجهنيّ، لّما سأله عن طريق النجاة، فقال له: أمسك عليك لسانك، و ليسعك بيتك، و ابك على خطيئتك. (1)

25-قال الصادق عليه السّلام: صاحب العزلة متحصّن بحصن اللّه تعالى و متحرّس بحراسته، فيا طوبى لمن تفرّد به سرّا و علانية، و هو يحتاج إلى عشرة خصال: علم الحقّ و الباطل، و تحبّب الفقر، و اختيار الشدّة، و الزهد، و اغتنام الخلوة، و النظر في العواقب، و رؤية التقصير في العبادة مع بذل المجهود، و ترك العجب، و كثرة الذكر بلا غفلة، فإنّ الغفلة مصطاد الشيطان، و رأس كلّ بليّة و سبب كلّ حجاب، و خلوة البيت عمّا لا يحتاج إليه في الوقت.

قال عيسى بن مريم عليهما السّلام: اخزن لسانك لعمارة قلبك و ليسعك بيتك، و احذر من الرياء و فضول معاشك، و استحي من ربّك، و ابك على خطيئتك، و فرّ من الناس فرارك من الأسد و الأفعي، فإنّهم كانوا دواء فصاروا اليوم داء، ثمّ الق اللّه متى شئت.

قال ربيع بن خثيم: إن استطعت أن تكون اليوم في موضع لا تعرف و لا تعرف فافعل، و في العزلة صيانة الجوارح، و فراغ القلب، و سلامة العيش، و كسر سلاح الشيطان، و المجانبة من كلّ سوء، و راحة القلب، و ما من نبيّ و لا وصيّ إلاّ و اختار العزلة في زمانه، إمّا في ابتدائه و إمّا في انتهائه. (2)

26-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

السلامة بالتفرّد. (الغرر ج 1 ص 15 ف 1 ح 380)

الراحة في الزهد. (ح 381)

ص:140


1- -المستدرك ج 11 ص 391 ح 29( صحّحنا الحديث على ما في المصدر)
2- مصباح الشريعة ص 18 ب 24

الانفراد راحة المتعبّدين. (ص 24 ح 712)

العزلة حسن (حصن ف ن) التقوى. (ص 37 ح 1152)

العزلة أفضل شيم الأكياس. (ص 52 ح 1454)

إذا رأيت اللّه سبحانه (يؤنسك بخلقه و) يوحشك (من ذكره) فقد أبغضك. (ص 313 ف 17 ح 68)

ثمرة الانس باللّه الاستيحاش من الناس. (ص 360 ف 23 ح 40)

[سلامة الدين في اعتزال الناس] . (1)

في الانفراد لعبادة اللّه كنوز الأرباح-في اعتزل أبناء الدنيا جماع الصلاح.

(ج 2 ص 514 ف 58 ح 62 و 63)

قلّة الخلطة تصون الدين، و تريح من مقارنة الأشرار. (ص 537 ف 61 ح 59)

كيف يأنس باللّه من لا يستوحش من الخلق؟ ! (ص 555 ف 64 ح 30)

كثرة المعارف محنة، و خلطة الناس فتنة. (ص 563 ف 66 ح 41)

من اعتزل سلم-من اختبر اعتزل. (ص 611 ف 77 ح 5 و 9)

من اعتزل حسنت زهادته. (ص 617 ح 154)

من عرف الناس تفرّد. (ص 619 ح 189)

من اعتزل سلم ورعه. (ص 627 ح 328)

من انفرد كفي الأحزان. (ص 628 ح 347)

من خالط الناس ناله مكرهم-من اعتزل الناس سلم من شرّهم.

(ص 637 ح 495 و 496)

من انفرد عن الناس صان دينه. (ص 645 ح 608)

من انفرد عن الناس آنس باللّه سبحانه. (ص 670 ح 981)

ص:141


1- -الطبعة الحجريّة ص 221

ملازمة الخلوة دأب الصلحاء. (ص 759 ف 80 ح 46)

مداومة الوحدة أسلم من خلطة الناس. (ص 761 ح 84)

نعم العبادة العزلة. (ص 771 ف 81 ح 13)

ينبغي لمن أراد إصلاح نفسه و إحراز دينه أن يجتنب مخالطة (أبناء) الدنيا. (ص 862 ف 87 ح 30)

أقول:

قد مرّ في باب التزويج عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ليأتينّ على الناس زمان لا يسلم لذي دين دينه إلاّ من يفرّ من شاهق إلى شاهق، و من جحر إلى جحر كالثعلب بأشباله. . .

ص:142

135- العصبيّة و الفخر و الحميّة

الآيات

1- إِذْ جَعَلَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ اَلْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ اَلْجاهِلِيَّةِ. . . (1)

2- اِعْلَمُوا أَنَّمَا اَلْحَياةُ اَلدُّنْيا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ وَ زِينَةٌ وَ تَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَ تَكاثُرٌ فِي اَلْأَمْوالِ وَ اَلْأَوْلادِ. . . (2)

3- . . . وَ اَللّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ. (3)

الأخبار

1-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من تعصّب أو تعصّب له فقد خلع ربقة الإيمان من عنقه. (4)

بيان:

في النهاية ج 2 ص 190، الربقة في الأصل: عروة في حبل تجعل في عنق البهيمة أو

ص:143


1- -الفتح:26
2- الحديد:20
3- الحديد:23
4- الكافي ج 2 ص 232 باب العصبيّة ح 1-و مثله ح 2 عنه عليه السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله

يدها تمسكها، فاستعارها للإسلام، يعني ما يشدّ به المسلم نفسه من عرى الإسلام: أي حدوده و أحكامه و أوامره و نواهيه. و تجمع الربقة على ربق. . .

«من تعصّب» في النهاية ج 3 ص 245، و فيه: «العصبيّ من يعين قومه على الظلم» العصبيّ: هو الذي يغضب لعصبته و يحامى عنهم، و العصبة: الأقارب من جهة الأب، لأنّهم يعصّبونه و يعتصب بهم: أي يحيطون به و يشتدّ بهم. و منه الحديث: «ليس منّا من دعا إلى عصبيّة، أو قاتل عصبيّة» العصبيّة و التعصّب: المحاماة و المدافعة.

و في المرآة ج 10 ص 174: التعصّب المذموم في الأخبار هو أن يحمى قومه أو عشيرته أو أصحابه في الظلم و الباطل، أو يلج في مذهب باطل، أو مسألة باطلة، لكونه دينه أو دين آبائه أو عشيرته، و لا يكون طالبا للحقّ بل ينصر ما لم يعلم أنّه حقّ أو باطل للغلبة على الخصوم، أو لإظهار تدرّبه في العلوم أو اختار مذهبا ثمّ ظهر له خطاؤه، فلا يرجع عنه لئلا ينسب إلى الجهل أو الضلال، فهذه كلّها عصبيّة باطلة مهلكة توجب خلع ربقة الإيمان، و قريب منه الحميّة، قال سبحانه: إِذْ جَعَلَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ اَلْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ اَلْجاهِلِيَّةِ.

قال الطبرسيّ رحمه اللّه: الحميّة: الأنفة و الإنكار يقال: فلان ذو حميّة منكرة إذا كان ذا غضب و أنفة، أي حميت قلوبهم بالغضب كعادة آبائهم في الجاهليّة أن لا يذعنوا لأحد و لا ينقادوا له.

و قال الراغب: عبّر عن القوّة الغضبيّة إذا ثارت و كثرت بالحميّة، فقيل: حميت على فلان أي غضبت عليه انتهى.

و أمّا التعصّب في دين الحقّ و الرسوخ فيه و الحماية عنه، و كذا في المسائل اليقينيّة و الأعمال الدينيّة أو حماية أهله و عشيرته بدفع الظلم عنهم، فليس من العصبيّة و الحميّة المذمومة، بل بعضها واجب.

ثمّ إنّ هذا الذمّ و الوعيد في المتعصّب ظاهر، و أمّا المتعصّب له فلا بدّ من تقييده

ص:144

بما إذا كان هو الباعث له و الراضي به، و إلاّ فلا إثم عليه. و خلع ربقة الإيمان إمّا كناية عن خروجه من الإيمان رأسا للمبالغة أو عن إطاعة الإيمان للإخلال بشريعة عظيمة من شرايعه، أو المعنى خلع ربقة من ربق الإيمان التي ألزمها الإيمان عليه من عنقه.

و في جامع السعادات ج 1 ص 366، العصبيّة: و هي السعي في حماية نفسه أو ماله إليه نسبة من الدين، و الأرقاب، و العشائر، و أهل البلد، قولا أو فعلا، فإن كان ما يحميه و يدفع عنه السوء ممّا يلزم حفظه و حمايته، و كانت حمايته بالحقّ من دون خروج من الإنصاف و الوقوع في ما لا يجوز شرعا، فهو الغيرة الممدوحة التي هي من فضائل قوّة الغضب كما مرّ، و إن كان ممّا لا يلزم حمايته، أو كانت حمايته بالباطل، بأن يخرج عن الإنصاف و ارتكب ما يحرم شرعا، فهو التعصّب المذموم، و هو من رداءة قوّة الغضب. . . و الغالب إطلاق العصبيّة في الأخبار على التعصّب المذموم، و لذا ورد بها الذمّ.

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من كان في قلبه حبّة من خردل من عصبيّة، بعثه اللّه يوم القيامة مع أعراب الجاهليّة. (1)

3-عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من تعصّب عصبه اللّه بعصابة من نار. (2)

بيان:

«العصابة» كلّ ما يعصّب به الرأس أو العمامة.

4-قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام: لم يدخل الجنّة حميّة غير حميّة حمزة بن عبد المطّلب-و ذلك حين أسلم-غضبا للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله في حديث السّلا الذي القي

ص:145


1- -الكافي ج 2 ص 233 ح 3
2- الكافي ج 2 ص 233 ح 4

على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله. (1)

بيان:

«السّلى» : الجلدة التي فيها الولد من المواشي ألقاها المشركون (لعنهم اللّه) على رأسه صلّى اللّه عليه و آله حين وجدوه في السجود فأخذت حمزة عليه السّلام الحميّة له فأسلم.

5-عن داود بن فرقد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ الملائكة كانوا يحسبون أنّ إبليس منهم و كان في علم اللّه أنّه ليس منهم، فاستخرج ما في نفسه بالحميّة و الغضب فقال: خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ 2. (2)

6-عن الزهريّ قال: سئل عليّ بن الحسين عليهما السّلام عن العصبيّة، فقال: العصبيّة التي يأثم عليها صاحبها أن يرى الرجل شرار قومه خيرا من خيار قوم آخرين، و ليس من العصبيّة أن يحبّ الرجل قومه، و لكن من العصبيّة أن يعين قومه على الظلم. (3)

7-عن أبي حمزة الثمالي قال: قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام: عجبا للمتكبّر الفخور، الذي كان بالأمس نطفة ثمّ هو غدا جيفة. (4)

بيان:

في المصباح: فخرت به فخرا من باب نفع و افتخرت مثله و الاسم الفخار بالفتح: و هو المباهاة بالمكارم و المناقب من حسب و نسب و غير ذلك إمّا في المتكلّم أو في آبائه.

و في جامع السعادات ج 1 ص 363: الافتخار أي المباهاة باللسان بما توهّمه كمالا،

ص:146


1- -الكافي ج 2 ص 233 ح 5
2- الكافي ج 2 ص 233 ح 6
3- الكافي ج 2 ص 233 ح 7
4- الكافي ج 2 ص 247 باب الفخر و الكبر ح 1

و الغالب كون المباهاة بالامور الخارجة عن ذاته، و هو بعض أصناف التكبّر-كما اشير إليه-فكلّ ما ورد في ذمّه يدلّ على ذمّه، و الأسباب الباعثة عليه هي أسباب التكبّر، و قد تقدّم أنّ شيئا منها لا يصلح لأن يكون منشأ للافتخار، فهو ناش من محض الجهل و السفاهة.

و في المفردات، الفخر: المباهاة في الأشياء الخارجة عن الإنسان كالمال و الجاه.

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: آفة الحسب الافتخار و العجب. (1)

أقول:

ح 6 مثله، و لكن ليس فيه كلمة"العجب".

بيان: في المرآة ج 10 ص 286، الحسب: الشرف و المجد الحاصل من جهة الآباء و قد يطلق على الشرافة الحاصلة من الأفعال الحسنة و الأخلاق الكريمة، و إن لم تكن من جهة الآباء. . .

9-قال أبو جعفر عليه السّلام: عجبا للمختال الفخور، و إنّما خلق من نطفة ثمّ يعود جيفة، و هو فيما بين ذلك لا يدري ما يصنع به. (2)

10-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رجل فقال: يا رسول اللّه، أنا فلان بن فلان حتّى عدّ تسعة، فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أما إنّك عاشرهم في النار. (3)

أقول:

قد مرّ في باب العجب: «آفة الدين الحسد و العجب و الفخر» و في باب السلاطين: «إنّ اللّه عزّ و جلّ يعذّب ستّة بستّة: العرب بالعصبيّة. . .» .

ص:147


1- -الكافي ج 2 ص 247 ح 2
2- الكافي ج 2 ص 247 ح 4
3- الكافي ج 2 ص 247 ح 5

11-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ثلاث إذا كنّ في الرجل (في المرء م) فلا تتحرّج أن تقول إنّها في جهنّم: البذاء و الخيلاء و الفخر. (1)

بيان:

«التحرّج» : تجنّب الإثم. «الخيلاء» : الكبر و العجب.

12-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من وضع شيئا للمفاخرة حشره اللّه يوم القيامة أسود. (2)

13-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ما لابن آدم و الفخر، أوّله نطفة، و آخره جيفة، لا يرزق نفسه، و لا يدفع حتفة. (3)

بيان:

«الحتف» : الموت.

14-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الرجل ليعجبه شراك نعله فيدخل في هذه الآية: تِلْكَ اَلدّارُ اَلْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي اَلْأَرْضِ وَ لا فَساداً. . . . (4)

15-عن موسى بن جعفر عن آبائه عن الحسين بن عليّ عليهم السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أهلك الناس اثنان: خوف الفقر، و طلب الفخر. (5)

16-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يتعوّذ في كلّ يوم من ستّ [خصال] : من الشكّ، و الشرك، و الحميّة، و الغضب،

ص:148


1- -الوسائل ج 15 ص 383 ب 59 من جهاد النفس ح 15
2- الوسائل ج 16 ص 44 ب 75 ح 9
3- نهج البلاغة ص 1294 ح 445
4- نور الثقلين ج 4 ص 144 ح 123( القصص:83)
5- الخصال ج 1 ص 68 باب الاثنين ح 102

و البغي، و الحسد. (1)

17-عن الصادق جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه عليهم السّلام قال: وقع بين سلمان الفارسيّ رحمه اللّه و بين رجل كلام و خصومة، فقال له الرجل: من أنت يا سلمان؟ فقال سلمان: أمّا أوّلي و أوّلك فنطفة قذرة، و أمّا آخري و آخرك فجيفة منتنة، فإذا كان يوم القيامة و وضعت الموازين، فمن ثقل ميزانه فهو الكريم، و من خفّ ميزانه فهو اللئيم. (2)

18-عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال: كنت عند الرضا عليه السّلام فأمسيت عنده قال: فقلت: أنصرف؟ فقال لي: لا تنصرف فقد أمسيت قال: فأقمت عنده قال: فقال لجاريته: هاتي مضرّبتي و وسادتي فأفرش لأحمد في ذلك البيت.

قال: فلمّا صرت في البيت دخلني شيء فجعل يخطر ببالي: من مثلي في بيت وليّ اللّه، و على مهاده! فناداني يا أحمد، إنّ أمير المؤمنين عليه السّلام عاد صعصعة بن صوحان فقال: يا صعصعة بن صوحان، لا تجعل عيادتي إيّاك فخرا على قومك، و تواضع للّه يرفعك. (3)

بيان:

«المضرّبة» يقال بالفارسيّة: رختخواب.

19-قال الباقر عليه السّلام: صعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله المنبر يوم فتح مكّة، فقال: أيّها الناس، إنّ اللّه قد أذهب عنكم نخوة الجاهليّة و تفاخرها بآبائها، ألا إنّكم من آدم و آدم من طين، ألا إنّ خير عباد اللّه عبد اتّقاه. (4)

ص:149


1- -الخصال ج 1 ص 329 باب الستّة ح 24
2- البحار ج 22 ص 355 باب كيفيّة إسلام سلمان رحمه اللّه ح 1
3- البحار ج 73 ص 293 باب العصبيّة ح 23
4- جامع السعادات ج 1 ص 363( الافتخار)

20-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: إن كنتم لا محالة متعصّبين فتعصّبوا لنصرة الحقّ و إغاثة الملهوف. (الغرر ج 1 ص 277 ف 10 ح 33)

ص:150

136- العفّة

الأخبار

1-عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: ما عبد اللّه بشيء أفضل من عفّة بطن و فرج. (1)

بيان:

في المصباح: عفّ عن الشيء يعفّ. . . امتنع عنه، و في القاموس: عفّ عفّا و عفافا و عفافة بفتحهنّ و عفّة بالكسر فهو عفّ و عفيف: كفّ عمّا لا يحلّ و لا يجمل كاستعفّ و تعفّف.

و في المفردات: العفّة، حصول حالة للنفس تمتنع بها عن غلبة الشهوة، و المتعفّف المتاطي لذلك بضرب من الممارسة و القهر، و أصله الاقتصار على تناول الشيء القليل الجاري مجرى العفافة، و العفّة أي البقيّة من الشيء، أو مجرى العفعف و هو ثمر الأراك، و الاستعفاف طلب العفّة.

و في جامع السعادات ج 2 ص 16: «العفّة» هو انقياد قوّة الشهوة للعقل في الإقدام على ما يأمرها به من المأكل و المنكح كمّا و كيفا، و الاجتناب عمّا ينهاها عنه، و هو الاعتدال الممدوح عقلا و شرعا، و طرفاه من الإفراط و التفريط مذمومان. . .

ص:151


1- -الكافي ج 2 ص 64 باب العفّة ح 1

و في المرآة ج 8 ص 66: العفّة، في الأصل الكفّ. . . و تطلق في الأخبار غالبا على عفّة البطن و الفرج و كفّهما عن مشتهياتهما المحرّمة، بل المشتبهة و المكروهة أيضا من المأكولات و المشروبات و المنكوحات، بل من مقدّماتهما من تحصيل الأموال المحرّمة لذلك و من القبلة و اللمس و النظر إلى المحرّم، و يدلّ على أنّ ترك المحرّمات من العبادات و كونهما من أفضل العبادات [و كون العفّتين من أفضل العبادات] لكونهما أشقّهما.

2-عن سدير قال: قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّ أفضل العبادة عفّة البطن و الفرج. (1)

3-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: ما من عبادة أفضل عند اللّه من عفّة بطن و فرج. (2)

4-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: أفضل العبادة العفاف. (3)

5-عن أبي بصير قال: قال رجل لأبي جعفر عليه السّلام: إنّي ضعيف العمل قليل الصيام، و لكنّي أرجو أن لا آكل إلاّ حلالا، قال: فقال له: أيّ الاجتهاد أفضل من عفّة بطن و فرج. (4)

6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أكثر ما تلج به امّتي النار الأجوفان: البطن و الفرج. (5)

ص:152


1- -الكافي ج 2 ص 64 ح 2-و مثله في الغرر ج 1 ص 185 ف 8 ح 208
2- الكافي ج 2 ص 65 ح 8 و 7
3- الكافي ج 2 ص 64 ح 3
4- الكافي ج 2 ص 64 ح 4
5- الكافي ج 2 ص 64 ح 5

بيان:

«تلج» أي تدخل.

7-و بإسناده قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ثلاث أخافهنّ على امّتي من بعدي: الضلالة بعد المعرفة، و مضلاّت الفتن، و شهوة البطن و الفرج. (1)

8-في وصيّة أمير المؤمنين عليه السّلام لمحمّد بن الحنفيّة قال: و من لم يعط نفسه شهوتها أصاب رشده. (2)

9-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من ضمن لي اثنتين ضمنت له على اللّه الجنّة: من ضمن لي ما بين لحييه و ما بين رجليه ضمنت له على اللّه الجنّة، يعني: ضمن لي لسانه و فرجه. (3)

10-عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه الصادق عليه السّلام يقول: من كفّ أذاه عن جاره أقاله اللّه عثرته يوم القيامة، و من عفّ بطنه و فرجه كان في الجنّة ملكا محبورا، و من أعتق نسمة مؤمنة بني له بيت في الجنّة. (4)

بيان:

في المصباح: حبرت الشيء حبرا من باب قتل: زيّنته و فرّحته و الحبر بالكسر: اسم منه فهو محبور.

11-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: و من قدر على امرأة أو جارية حراما فتركها مخافة اللّه، حرّم اللّه عليه النار و آمنه من الفزع الأكبر و أدخله الجنّة، فإن أصابها حراما حرّم اللّه عليه الجنّة و أدخله النار. (5)

ص:153


1- -الكافي ج 2 ص 65 ح 6
2- الوسائل ج 15 ص 250 ب 22 من جهاد النفس ح 9
3- الوسائل ج 15 ص 250 ح 10
4- الوسائل ج 15 ص 251 ح 11
5- الوسائل ج 15 ص 251 ح 12

12-عن المفضّل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّما شيعة جعفر من عفّ بطنه و فرجه و اشتدّ جهاده و عمل لخالقه و رجا ثوابه و خاف عقابه، فإذا رأيت اولئك فاولئك شيعة جعفر. (1)

13-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: . . . و عفّته (أي الرجل) على قدر غيرته. (2)

14-و قال عليه السّلام: ما المجاهد الشهيد في سبيل اللّه بأعظم أجرا ممّن قدر فعفّ، لكاد العفيف أن يكون ملكا من الملائكة. (3)

15-عن الثمالي عن أبي جعفر عليه السّلام قال: عليكم بالورع، فإنّه ليس شيء أحبّ إلى اللّه من الورع، و عفّة بطن و فرج. (4)

16-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: برّوا آبائكم يبرّكم أبناءكم، و عفّوا عن نساء الناس تعفّ نساؤكم. (5)

17-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أوّل من يدخل الجنّة شهيد و عبد مملوك أحسن عبادة ربّه و نصح لسيّده، و رجل عفيف متعفّف ذو عبادة. (6)

بيان:

في المرآة ج 8 ص 208 باب الحلم: «المتعفّف» إمّا تأكيد"للعفيف"أو العفيف عن المحرّمات و المتعفّف عن المكروهات. . . أو العفيف في البطن المتعفّف في الفرج، أو العفيف عن الحرام المتعفّف عن السؤال. . . أو العفيف خلقا المتعفّف تكلّفا. . .

ص:154


1- -الوسائل ج 15 ص 251 ح 13
2- نهج البلاغة ص 1110 ح 44
3- نهج البلاغة ص 1303 ح 466
4- المستدرك ج 11 ص 275 ب 22 من جهاد النفس ح 8
5- البحار ج 71 ص 270 باب العفاف ح 10
6- البحار ج 71 ص 272 ح 17

و لعلّ هذا أنسب. . .

18-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أتى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أعرابيّ، فقال له: أوصني يا رسول اللّه، فقال: نعم اوصيك بحفظ ما بين رجليك. (1)

19-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أوصيكم بحفظ ما بين رجليك و ما بين لحييك. (2)

20-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

العفاف زهادة. (الغرر ج 1 ص 6 ف 1 ح 53)

العفّة أفضل الفتوّة. (ص 21 ح 582)

العفاف أفضل شيمة. (ص 22 ح 617)

العفّة شيمة الأكياس. (ص 26 ح 779)

النزاهة آية العفّة. (ص 29 ح 881)

العفّة رأس كلّ خير. (ص 40 ح 1212)

[أهل] العفاف أشرف الأشراف. (ص 57 ح 1548)

العفاف يصون النفس و ينزّهها عن الدنايا. (ص 87 ح 2012)

العفّة تضعف الشهوة. (ص 102 ح 2170)

ألا و إنّ القناعة و غلبة الشهوة من أكبر العفاف. (ص 161 ف 6 ح 10)

أصل المروّة الحياء، و ثمرتها العفّة. (ص 190 ف 8 ح 280)

إذا أراد اللّه بعبد خيرا أعفّ بطنه عن الطعام و فرجه عن الحرام.

(ص 320 ف 17 ح 142)

بالعفاف تزكو الأعمال. (ص 332 ف 18 ح 60)

ص:155


1- -البحار ج 71 ص 274 ح 21
2- البحار ج 71 ص 274 ح 22

تاج الرجل عفافه و زينته انصافه. (ص 348 ف 22 ح 35)

ثمرة العفّة الصيانة (ص 358 ف 23 ح 9)

دليل غيرة الرجل عفّته. (ص 401 ف 31 ح 4)

زكاة الجمال العفاف. (ص 425 ف 37 ح 5)

سبب العفّة الحياء-سبب القناعة العفاف. (ص 431 ف 38 ح 18 و 22)

عليك بالعفّة فإنّها نعم القرين. (ج 2 ص 478 ف 49 ح 19)

عليك بالعفاف و القنوع فمن أخذ به خفّت عليه المؤن. (ص 480 ح 38)

عليك بالعفاف، فإنّه أفضل شيم الأشراف. (ح 42)

عليكم بلزوم العفّة و الأمانة، فإنّهما أشرف ما أسررتم، و أحسن ما أعلنتم، و أفضل ما ادّخرتم. (ص 484 ف 50 ح 7)

على قدر العفّة تكون القناعة-على قدر الحياء تكون العفّة.

(ص 487 ف 51 ح 8 و 10)

لم يتحلّ بالعفّة من اشتهى ما لا يجد. (ص 600 ف 74 ح 21)

من عقل عفّ. (ص 611 ف 77 ح 8)

من عفّ خفّ وزره، و عظم عند اللّه قدره. (ص 667 ح 934)

من عفّت أطرافه حسنت أوصافه. (ص 708 ح 1388)

من التحف العفّة و القناعة خالفه الغرّ. (ص 720 ح 1483)

ما زنا عفيف. (ص 743 ف 79 ح 133)

لا فاقة مع عفاف. (ص 834 ف 86 ح 105)

لا تكمل المكارم إلاّ بالعفاف و الإيثار. (ص 845 ح 309)

يستدلّ على عقل الرجل بالعفّة و القناعة. (ص 863 ف 88 ح 2)

أقول: لاحظ أبواب الإيمان، الأكل، حسن الخلق، الحياء، الحلم، الزنا، الشهوة، الشيعة، الورع و. . . أيضا.

ص:156

137- العقل

الآيات

1- إِنَّ فِي خَلْقِ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ . . . وَ تَصْرِيفِ اَلرِّياحِ وَ اَلسَّحابِ اَلْمُسَخَّرِ بَيْنَ اَلسَّماءِ وَ اَلْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ. (1)

2- كَذلِكَ يُبَيِّنُ اَللّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ. (2)

3- . . . وَ ما يَذَّكَّرُ إِلاّ أُولُوا اَلْأَلْبابِ. (3)

4- إِنَّ فِي خَلْقِ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ وَ اِخْتِلافِ اَللَّيْلِ وَ اَلنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي اَلْأَلْبابِ- اَلَّذِينَ يَذْكُرُونَ اَللّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى جُنُوبِهِمْ وَ يَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ اَلنّارِ. (4)

5- . . . وَ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ. (5)

ص:157


1- -البقرة:164 و بمدلولها في النحل:12 و المؤمنون:80 و الجاثية:13
2- البقرة:242 و بمضمونها في البقرة:73 و آل عمران:118 و النور:61 و الحديد:17
3- البقرة:269 و نظيرها في الرعد:19 و آل عمران:7 و إبراهيم:52 و الزمر:21
4- آل عمران:190 و 191
5- المائدة:103 و بمعناها في المائدة:58 و العنكبوت:63 و الحجرات:4

6- . . . وَ اَلدّارُ اَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ. (1)

7- إِنَّ شَرَّ اَلدَّوَابِّ عِنْدَ اَللّهِ اَلصُّمُّ اَلْبُكْمُ اَلَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ. (2)

8- . . . وَ يَجْعَلُ اَلرِّجْسَ عَلَى اَلَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ. (3)

9- إِنّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ. (4)

10- أَ فَلَمْ يَسِيرُوا فِي اَلْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها فَإِنَّها لا تَعْمَى اَلْأَبْصارُ وَ لكِنْ تَعْمَى اَلْقُلُوبُ اَلَّتِي فِي اَلصُّدُورِ. (5)

11- . . . تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَ قُلُوبُهُمْ شَتّى ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ. (6)

12- وَ قالُوا لَوْ كُنّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ما كُنّا فِي أَصْحابِ اَلسَّعِيرِ. (7)

الأخبار

1-عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: لمّا خلق اللّه العقل استنطقه، ثمّ قال له: أقبل فأقبل. ثمّ قال له: أدبر فأدبر. ثمّ قال: و عزّتي و جلالي، ما خلقت خلقا هو أحبّ إليّ منك، و لا أكملتك إلاّ فيمن أحبّ، أما إنّي إيّاك آمر، و إيّاك أنهى، و إيّاك أعاقب، و إيّاك أثيب. (8)

ص:158


1- -الأعراف:169 و بمضمونها في الأنعام:32 و يوسف:109
2- الأنفال:22
3- يونس:100
4- يوسف:2 و بمدلولها في الأنبياء:10 و الزخرف:3
5- الحجّ:46
6- الحشر:14
7- الملك:10
8- الكافي ج 1 ص 8 ك العقل ح 1

بيان:

في المصباح: عقلت البعير عقلا. . . و عقلت الشيء عقلا من باب ضرب أيضا تدبّرته، و عقل يعقل من باب تعب لغة، ثمّ أطلق العقل الذي هو مصدر على الحجا و اللبّ، و لهذا قال بعض الناس: العقل غريزة يتهيّأ بها الإنسان إلى فهم الخطاب. . .

و في المفردات: العقل، يقال للقوّة المتهيّئة لقبول العلم، و يقال للعلم الذي يستفيده الإنسان بتلك القوّة عقل، و لهذا قال أمير المؤمنين عليه السّلام: العقل عقلان: مطبوع و مسموع. . . و أصل العقل الإمساك و الاستمساك كعقل البعير بالعقال. . .

و في مجمع البحرين: العاقل هو الذي يحبس نفسه و يردّها عن هواها، و من هذا قولهم: اعتقل لسان فلان إذا حبس و منع من الكلام، و منه عقلت البعير. . .

أقول: سيأتي في الأخبار بيان حقيقة العقل و علائمه.

و قال العلاّمة المجلسي رحمه اللّه في المرآة ج 1 ص 25 و البحار ج 1 ص 99، ما ملخّصه: إنّ العقل هو تعقّل الأشياء و فهمها في أصل اللغة، و اصطلح على أمور:

الأوّل: هو قوّة إدراك الخير و الشرّ و التمييز بينهما، و العقل بهذا المعنى مناط التكليف و الثواب و العقاب.

الثاني: ملكة و حالة في النفس تدعو إلى اختيار الخيرات و المنافع، و اجتناب الشرور و المضارّ، و بها تقوّى النفس على زجر الدواعي الشهوانيّة و الغضبيّة و الوساوس الشيطانيّة، و هل هذا هو الكامل من الأوّل أم هو صفة اخرى و حالة مغايرة للاولى؟ كلّ منهما محتمل.

الثالث: القوّة التي يستعملها الناس في نظام امور معاشهم، فإن وافقت قانون الشرع و استعملت فيما استحسنه الشارع تسمّى بعقل المعاش، و هو ممدوح في الأخبار، و إذا استعملت في الامور الباطلة و الحيل الفاسدة تسمّى بالنكراء و الشيطنة في لسان الشرع.

ص:159

الرابع: مراتب استعداد النفس لتحصيل النظريّات و قربها و بعدها عن ذلك، و أثبتوا لها مراتب أربعا سمّوها بالعقل الهيولائيّ، و العقل بالملكة، و العقل بالفعل، و العقل المستفاد.

الخامس: النفس الناطقة الإنسانيّة التي بها يتميّز عن سائر البهائم.

السادس: ما ذهب إليه الفلاسفة و أثبتوه بزعمهم: من جوهر مجرّد قديم لا تعلّق له بالمادّة ذاتا و لا فعلا، و القول به كما ذكروه مستلزم لإنكار كثير من ضروريّات الدين من حدوث العالم و غيره.

فإذا عرفت ما مهّدناه فاعلم أنّ الأخبار الواردة في هذه الأبواب أكثرها ظاهرة في المعنيين الأوّلين، الذي مآلهما إلى واحد، و في الثاني منهما أكثر و أظهر، و في بعض الأخبار يطلق العقل على نفس العلم النافع المورث للنجاة، المستلزم لحصول السعادات؛

فأمّا أخبار استنطاق العقل و إقباله و إدباره، فيمكن حملها على أحد المعاني الاربعة المذكورة أوّلا، أو ما يشملها جميعا، و حينئذ يحتمل أن يكون الخلق بمعنى التقدير، كما ورد في اللغة، أو يكون المراد بالخلق الخلق في النفس و اتّصاف النفس بها، و يكون سائر ما ذكر فيها من الاستنطاق و الإقبال و الإدبار و غيرها استعارة تمثيليّة، لبيان أنّ مدار التكاليف و الكمالات و الترقّيات على العقل.

2-عن الأصبغ عن عليّ عليه السّلام قال: هبط جبرئيل عليه السّلام على آدم عليه السّلام فقال: يا آدم، إنّي أمرت أن أخيّرك واحدة من ثلاث فاخترها ودع اثنتين. فقال له آدم: يا جبرئيل، و ما الثلاث؟ فقال: العقل و الحياء و الدين. فقال آدم: إنّي قد اخترت العقل. فقال جبرئيل للحياء و الدين: انصرفا و دعاه، فقالا: يا جبرئيل، إنّا امرنا أن نكون مع العقل حيث كان، قال: فشأنكما و عرج. (1)

ص:160


1- -الكافي ج 1 ص 8 ح 2

بيان:

«فشأنكما» الشأن: الأمر و الحال أي ألزما شأنكما أو شأنكما معكما.

3-عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له: ما العقل؟ قال: ما عبد به الرحمن و اكتسب به الجنان، قال: قلت: [فما] الذي كان في معاوية؟ فقال: تلك النكراء، تلك الشيطنة، و هي شبيهة بالعقل و ليست بالعقل. (1)

بيان:

«النكراء» : الدهاء و الفطنة، و هي جودة الرأي و حسن الفهم، و إذا استعملت في مشتهيات جنود الجهل، يقال لها الشيطنة.

4-عن الحسن بن الجهم قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول: صديق كلّ امرء عقله، و عدوّه جهله. (2)

5-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من كان عاقلا كان له دين، و من كان له دين دخل الجنّة. (3)

6-قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّما يداقّ اللّه العباد في الحساب يوم القيامة على قدر ما آتاهم من العقول في الدنيا. (4)

7-عن سليمان الديلميّ قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: فلان من عبادته و دينه و فضله! فقال: كيف عقله؟ قلت: لا أدري، فقال: إنّ الثواب على قدر العقل، إنّ رجلا من بني إسرائيل كان يعبد اللّه في جزيرة (إلى آخر قصّته و فيه) قال العابد: ليس لربّنا بهيمة، فلو كان له حمار رعيناه في هذا الموضع. . . (5)

ص:161


1- -الكافي ج 1 ص 8 ح 3
2- الكافي ج 1 ص 8 ح 4
3- الكافي ج 1 ص 9 ح 6
4- الكافي ج 1 ص 9 ح 7
5- الكافي ج 1 ص 9 ح 8

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا بلغكم عن رجل حسن حال، فانظروا في حسن عقله، فإنّما يجازى بعقله. (1)

9-عن عبد اللّه بن سنان قال: ذكرت لأبي عبد اللّه عليه السّلام رجلا مبتلى بالوضوء و الصلاة و قلت: هو رجل عاقل. فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: و أيّ عقل له و هو يطيع الشيطان؟ فقلت له: و كيف يطيع الشيطان؟ فقال: سله هذا الذي يأتيه من أيّ شيء هو؟ فإنّه يقول لك: من عمل الشيطان. (2)

10-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما قسّم اللّه للعباد شيئا أفضل من العقل، فنوم العاقل أفضل من سهر الجاهل، و إقامة العاقل أفضل من شخوص الجاهل، و لا بعث اللّه نبيّا و لا رسولا حتّى يستكمل العقل، و يكون عقله أفضل من جميع عقول امّته، و ما يضمر النبيّ في نفسه أفضل من اجتهاد المجتهدين، و ما أدّى العبد فرائض اللّه حتّى عقل عنه، و لا بلغ جميع العابدين في فضل عبادتهم ما بلغ العاقل، و العقلاء هم اولوا الألباب الذين قال اللّه تعالى: وَ ما يَذَّكَّرُ إِلاّ أُولُوا اَلْأَلْبابِ 3. 4

بيان:

«شخوص الجاهل» : أي خروجه من بلده و مسافرته إلى البلاد، طلبا لمرضاته تعالى كالجهاد و الحجّ و التحصيل و غيرها. «ما يضمر النبيّ في نفسه» : أي من النيّات الصحيحة و العقائد اليقينيّة و التفكّرات الكاملة و غيرها و"ما"تكون الموصولة. «الألباب» لبّ كلّ شيء: خالصه، و لبّ الجوز و اللوز ما في جوفه،

ص:162


1- -الكافي ج 1 ص 9 ح 9
2- الكافي ج 1 ص 10 ح 10

و اللبّ العقل، سمّي بذلك لأنّه حقيقة الإنسان و ما عداه كأنّه قشر.

11-عن هشام بن الحكم قال: قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السّلام: يا هشام، إنّ اللّه تبارك و تعالى بشّر أهل العقل و الفهم في كتابه. . .

يا هشام، إنّ لقمان قال لابنه: تواضع للحقّ تكن أعقل الناس، و إنّ الكيّس لدى الحقّ يسير. يا بنيّ، إنّ الدنيا بحر عميق، قد غرق فيها عالم كثير، فلتكن سفينتك فيها تقوى اللّه، و حشوها الإيمان، و شراعها التوكّل، و قيّمها العقل، و دليلها العلم، و سكّانها الصبر.

يا هشام، إنّ لكلّ شيء دليلا و دليل العقل التفكّر، و دليل التفكّر الصمت، و لكلّ شيء مطيّة و مطيّة العقل التواضع، و كفى بك جهلا أن تركب ما نهيت عنه. (1)

يا هشام، ما بعث اللّه أنبياءه و رسله إلى عباده إلاّ ليعقلوا عن اللّه، فأحسنهم استجابة أحسنهم معرفة، و أعلمهم بأمر اللّه أحسنهم عقلا، و أكملهم عقلا أرفعهم درجة في الدنيا و الآخرة.

يا هشام، إنّ اللّه على الناس حجّتين: حجّة ظاهرة و حجّة باطنة؛ فأمّا الظاهرة فالرسل و الأنبياء و الأئمّة عليهم السّلام، و أمّا الباطنة فالعقول.

يا هشام، إنّ العاقل الذي لا يشغل الحلال شكره، و لا يغلب الحرام صبره.

يا هشام، من سلّط ثلاثا على ثلاث فكأنّما أعان على هدم عقله: من أظلم نور تفكّره بطول أمله، و محا طرائف حكمته بفضول كلامه، و أطفأ نور عبرته بشهوات نفسه، فكأنّما أعان هواه على هدم عقله، و من هدم عقله أفسد عليه دينه و دنياه.

يا هشام، كيف يزكو عند اللّه عملك و أنت قد شغلت قلبك عن أمر ربّك

ص:163


1- -و زاد في تحف العقول: يا هشام، لو كان في يدك جوزة و قال الناس [في يدك] لؤلؤة ما كان ينفعك و أنت تعلم أنّها جوزة، و لو كان في يدك لؤلؤة و قال الناس إنّها جوزة ما ضرّك و أنت تعلم أنّها لؤلؤة.

و أطعت هواك على غلبة عقلك.

يا هشام، الصبر على الوحدة علامة قوّة العقل، فمن عقل عن اللّه اعتزل أهل الدنيا و الراغبين فيها، و رغب فيما عند اللّه، و كان اللّه انسه في الوحشة، و صاحبه في الوحدة، و غناه في العيلة، و معزّه من غير عشيرة.

يا هشام، نصب الحقّ لطاعة اللّه، و لا نجاة إلاّ بالطاعة، و الطاعة بالعلم و العلم بالتعلّم، و التعلّم بالعقل يعتقد، و لا علم إلاّ من عالم ربّانيّ، و معرفة العلم بالعقل.

يا هشام، قليل العمل من العالم مقبول مضاعف، و كثير العمل من أهل الهوى و الجهل مردود.

يا هشام، إنّ العاقل رضي بالدون من الدنيا مع الحكمة، و لم يرض بالدون من الحكمة مع الدنيا، فلذلك ربحت تجارتهم. (1)

يا هشام، إنّ العقلاء تركوا فضول الدنيا، فكيف الذنوب، و ترك الدنيا من الفضل، و ترك الذنوب من الفرض.

يا هشام، إنّ العاقل نظر إلى الدنيا و إلى أهلها، فعلم أنّها لا تنال إلاّ بالمشقّة، و نظر إلى الآخرة، فعلم أنّها لا تنال إلاّ بالمشقّة، فطلب بالمشقّة أبقاهما.

يا هشام، إنّ العقلاء زهدوا في الدنيا و رغبوا في الآخرة، لأنّهم علموا أنّ الدنيا طالبة مطلوبة و الآخرة طالبة و مطلوبة، فمن طلب الآخرة طلبته الدنيا حتّى يستوفي منها رزقه، و من طلب الدنيا طلبته الآخرة فيأتيه الموت، فيفسد عليه دنياه و آخرته.

يا هشام، من أراد الغنى بلا مال، و راحة القلب من الحسد، و السلامة في الدين، فليتضرّع إلى اللّه عزّ و جلّ في مسألته بأن يكمّل عقله، فمن عقل قنع بما يكفيه،

ص:164


1- -و زاد في تحف العقول: يا هشام، إن كان يغنيك ما يكفيك فأدنى ما في الدنيا يكفيك. و إن كان لا يغنيك ما يكفيك فليس شيء من الدنيا يغنيك

و من قنع بما يكفيه استغنى، و من لم يقنع بما يكفيه لم يدرك الغنى أبدا.

يا هشام، إنّ اللّه حكى عن قوم صالحين؛ أنّهم قالوا: رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَ هَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ اَلْوَهّابُ حين علموا أنّ القلوب تزيغ و تعود إلى عماها و رداها، إنّه لم يخف اللّه من لم يعقل عن اللّه، و من لم يعقل عن اللّه لم يعقد قلبه على معرفة ثابتة يبصرها و يجد حقيقتها في قلبه، و لا يكون أحد كذلك إلاّ من كان قوله لفعله مصدّقا، و سرّه لعلانيته موافقا، لأنّ اللّه تبارك اسمه لم يدلّ على الباطن الخفيّ من العقل إلاّ بظاهر منه، و ناطق عنه.

يا هشام، كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: ما عبد اللّه بشيء أفضل من العقل؛ و ما تمّ عقل امرء حتّى يكون فيه خصال شتّى: الكفر و الشرّ منه مأمونان، و الرشد و الخير منه مأمولان، و فضل ماله مبذول، و فضل قوله مكفوف، و نصيبه من الدنيا القوت، لا يشبع من العلم دهره، الذلّ أحبّ إليه مع اللّه من العزّ مع غيره، و التواضع أحبّ إليه من الشرف، يستكثر قليل المعروف من غيره، و يستقلّ كثير المعروف من نفسه، و يرى الناس كلّهم خيرا منه، و أنّه شرّهم في نفسه، و هو تمام الأمر. (1)

يا هشام، إنّ العاقل لا يكذب و إن كان فيه هواه. يا هشام، لا دين لمن لا مروّة له، و لا مروّة لمن لا عقل له، و إنّ أعظم الناس قدرا الذي لا يرى الدنيا لنفسه خطرا، أما إنّ أبدانكم ليس لها ثمن إلاّ الجنّة فلا تبيعوها بغيرها.

يا هشام، إنّ أمير المؤمنين عليه السّلام كان يقول: إنّ من علامة العاقل أن يكون فيه ثلاث خصال: يجيب إذا سئل، و ينطق إذا عجز القوم عن الكلام، و يشير بالرأي

ص:165


1- -و زاد في تحف العقول: يا هشام، من صدق لسانه زكى عمله، و من حسنت نيّته زيد في رزقه، و من حسن برّه بإخوانه و أهله مدّ في عمره. يا هشام، لا تمنحوا الجهّال الحكمة فتظلموها، و لا تمنعوها أهلها فتظلموهم. يا هشام، كما تركوا لكم الحكمة فاتركوا لهم الدنيا.

الذي يكون فيه صلاح أهله، فمن لم يكن فيه من هذه الخصال الثلاث شيء فهو أحمق.

إنّ أمير المؤمنين عليه السّلام قال: لا يجلس في صدر المجلس إلاّ رجل فيه هذه الخصال الثلاث أو واحدة منهنّ، فمن لم يكن فيه شيء منهنّ فجلس فهو أحمق.

و قال الحسن بن عليّ عليهما السّلام: إذا طلبتم الحوائج فاطلبوها من أهلها، قيل: يابن رسول اللّه، و من أهلها؟ قال: الذين قصّ اللّه في كتابه و ذكرهم، فقال: إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا اَلْأَلْبابِ قال: هم أولوا العقول.

و قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام: مجالسة الصالحين داعية إلى الصلاح، و آداب العلماء زيادة في العقل، و طاعة ولاة العدل تمام العزّ، و إستثمار المال تمام المروّة و إرشاد المستشير قضاء لحقّ النعمة، و كفّ الأذى من كمال العقل، و فيه راحة البدن عاجلا و آجلا. يا هشام، إنّ العاقل لا يحدّث من يخاف تكذيبه، و لا يسأل من يخاف منعه، و لا يعد ما لا يقدر عليه، و لا يرجو ما يعنّف برجائه، و لا يقدم على ما يخاف فوته بالعجز عنه. (1)

بيان:

«تواضع للحقّ» : أي للّه تعالى بالإقرار به و الإطاعة و الانقياد له، أو للأمر الحقّ بأن تقرّبه و تذعن له. . . «الكيّس. . .» : يحتمل أن يكون بالتشديد أي ذو الكياسة عند ظهور الحقّ بإعمال الكياسة و الإقرار بالحقّ قليل. «حشوها» : أي ما يحشى فيها و تملأ منها (آنچه درون كشتى گذاشته مى شود) . «الشراع» يقال بالفارسيّة: بادبان. «القيّم» : أي مدبّر أمر السفينة.

«الدليل» : المعلّم. «السكّان» : ذنب السفينة. «المطيّة» : الدابّة المركوبة التي تمطو في سيرها أي تسرع. «طرائف» الطريف: الأمر الجديد المستغرب، الذي فيه نفاسة

ص:166


1- -الكافي ج 1 ص 10 ح 12-و رواه ابن شعبة رحمه اللّه في تحف العقول مع اختلاف و زيادة

«كيف يزكو» : الزكاة تكون بمعنى النموّ و بمعنى الطهارة و هنا يحتمل كلاهما.

«فمن عقل عن اللّه» : أي حصل له معرفة ذاته و صفاته و أحكامه و شرايعه، أو أعطاه اللّه العقل، أو علم الامور بعلم ينتهي إلى اللّه. . .

«غناه» : أي مغنيه، أو كما أنّ أهل الدنيا غناهم بالمال، هو غناه باللّه و قربه و مناجاته. «العيلة» : الفقر. «العشيرة» : القبيلة و الرهط.

«نصب الحقّ» : أي إنّما نصب اللّه الحقّ و الدين بإرسال الرسل و إنزال الكتب ليطاع في أوامره و نواهيه «بالعقل يعتقد» أي يشتدّ و يستحكم، أو من الاعتقاد بمعنى التصديق و الإذعان. «الدنيا طالبة مطلوبة» : أي الدنيا طالبة للمرء لأن يوصل إليه ما عندها من الرزق المقدّر، و مطلوبة يطلبها الحريص طلبا للزيادة، و الآخرة طالبة تطلبه لتوصل إليه أجله المقدّر، و مطلوبة يطلبها الطالب للسعادات الاخرويّة بالأعمال الصالحة. . . «الزيغ» : الميل و العدول عن الحقّ. «رداها» الردى: الهلاك و الضلال. «المروّة» : الإنسانيّة، و كمال الرجوليّة، و هي الصفة الجامعة لمكارم الأخلاق و محاسن الآداب.

«الخطر» : القدر و المنزلة. «فهو أحمق» : أي عديم الفهم، ناقص التمييز بين الحسن و القبيح. «استثمار المال. . .» : أي استنمائه بالتجارة و المكاسب دليل تمام الإنسانيّة و موجب له أيضا لأنّه لا يحتاج إلى غيره و يتمكّن من أن يأتي بما يليق به «ما يعنّف» التعنيف: اللوم و التعيير بعنف، و ترك الرفق و الغلظة.

(المرآة ج 1 ص 55)

12-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: العقل غطاء ستير، و الفضل جمال ظاهر؛ فاستر خلل خلقك بفضلك و قاتل هواك بعقلك، تسلم لك المودّة و تظهر لك المحبّة. (1)

ص:167


1- -الكافي ج 1 ص 15 ح 13

بيان:

«الغطاء» : ما يستتر به. «الستير» : إمّا بمعنى الساتر أو بمعنى المستور، و يؤيّد الأوّل ما في نهج البلاغة: "الحلم غطاء ساتر".

«الفضل» : ما يعدّ من المحاسن و المحامد أو خصوص الإحسان إلى الخلق.

13-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما كلّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله العباد بكنه عقله قطّ و قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّا معاشر الأنبياء امرنا أن نكلّم الناس على قدر عقولهم. (1)

14-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أكمل الناس عقلا أحسنهم خلقا. (2)

15-قال أبو جعفر عليه السّلام: إذا قام قائمنا وضع اللّه يده على رؤوس العباد، فجمع بها عقولهم و كملت به أحلامهم. (3)

بيان:

«الحلم» جمع أحلام: و هو العقل أي زاد اللّه في عقولهم و أكمل شعورهم بقدرته.

16-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: حجّة اللّه على العباد النبيّ، و الحجّة فيما بين العباد و بين اللّه العقل. (4)

17-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: دعامة الإنسان العقل، و العقل منه الفطنة و الفهم و الحفظ و العلم، و بالعقل يكمل و هو دليله و مبصره و مفتاح أمره، فإذا كان تأييد عقله من النور كان عالما حافظا ذاكرا فطنا فهما، فعلم بذلك كيف و لم و حيث، و عرف من نصحه و من غشّه، فإذا عرف ذلك عرف مجراه و موصوله و مفصوله، و أخلص الوحدانيّة للّه، و الإقرار بالطاعة، فإذا فعل ذلك كان

ص:168


1- -الكافي ج 1 ص 18 ح 15
2- الكافي ج 1 ص 18 ح 17
3- الكافي ج 1 ص 19 ح 21
4- الكافي ج 1 ص 19 ح 22

مستدركا لما فات، و واردا على ما هو آت، يعرف ما هو فيه، و لأيّ شيء هو ههنا، و من أين يأتيه، و إلى ما هو صائر؛ و ذلك كلّه من تأييد العقل. (1)

بيان:

في المرآة: «دعامة الإنسان» الدعامة: عماد البيت، و المراد أنّ قيام أمر الإنسان و نظام حاله بالعقل. . . «فعلم بذلك كيف» : أي كيفيّة الأعمال و الأخلاق أو كيفيّة السلوك إلى الآخرة، و الوصول إلى الدرجات العالية أو حقائق الأشياء «لم» : أي علّة الأشياء السالفة و غايتها، أو علل وجودها و ما يؤدّي إليها كعلّة الأخلاق الحسنة فإنّه إذا عرفها يجتنبها. . .

«و حيث» : أي يعلم مواضع الامور فيضعها فيها. . . «موصوله و مفصوله» أي ما ينبغي الوصل معه من الأشخاص و الأعمال و الأخلاق و ما ينبغي أن يفصل عنه من جميع ذلك.

18-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: العقل دليل المؤمن. (2)

19-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، لا فقر أشدّ من الجهل، و لا مال أعود من العقل. (3)

بيان:

«أعود» أنفع، من العائدة و هي المنفعة، أي بالعقل ينال من المنافع و الخيرات ما لا ينال بالمال، و بالجهل يفوته ما لا يفوته بالفقر.

20-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا رأيتم الرجل كثير الصلاة و كثير الصيام فلا تباهوا به حتّى تنظروا كيف عقله. (4)

ص:169


1- -الكافي ج 1 ص 19 ح 23
2- الكافي ج 1 ص 19 ح 24
3- الكافي ج 1 ص 20 ح 25
4- الكافي ج 1 ص 20 ح 28

بيان:

«فلا تباهوا» من المباهات بمعنى المفاخرة، و قيل: يحتمل أن يكون من المهموز فخفّف، أي لا تؤانسوا به حتّى تنظروا كيف عقله، قال الجوهريّ: بهأت بالرجل و بهئت به بالفتح و الكسر: أنست به.

21-عن مفضّل بن عمر عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: يا مفضّل، لا يفلح من لا يعقل، و لا يعقل من لا يعلم، و سوف ينجب من يفهم، و يظفر من يحلم، و العلم جنّة، و الصدق عزّ، و الجهل ذلّ، و الفهم مجد، و الجود نجح، و حسن الخلق مجلبة للمودّة، و العالم بزمانه لا تهجم عليه اللوابس، و الحزم مساءة الظنّ، و بين المرء و الحكمة نعمة؛ العالم، و الجاهل شقيّ بينهما.

و اللّه وليّ من عرفه و عدوّ من تكلّفه، و العاقل غفور و الجاهل ختور، و إن شئت أن تكرم فلن، و إن شئت أن تهان فاخشن، و من كرم أصله لان قلبه، و من خشن عنصره غلظ كبده، و من فرّط تورّط، و من خاف العاقبة تثبّت عن التوغّل فيما لا يعلم، و من هجم على أمر بغير علم جدع أنف نفسه، و من لم يعلم لم يفهم، و من لن يفهم لم يسلم، و من لم يسلم لم يكرم، و من لم يكرم يهضم، و من يهضم كان ألوم، و من كان كذلك كان أحرى أن يندم. (1)

بيان:

«سوف ينجب» النجيب: الفاضل النفيس في نوعه. «اللوابس» : الامور المشتبهة.

«ختور» قال الفيروز آبادي: الختر؛ الغدر و الخديعة، و خترت نفسه: خبثت و فسدت. «التوغّل» : الدخول في الأمر بالاستعجال من غير رويّة. «جدع أنف نفسه» : أي جهل نفسه ذليلا غاية الذلّ، و الجدع قطع الأنف. «من لم يكرم يهضم» على البناء للمفعول أي يكسر عزّه و بهاؤه، و يهان أو يترك مع نفسه و يوكل أمره

ص:170


1- -الكافي ج 1 ص 20 ح 29

إليه، أو يظلم.

22-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من استحكمت لي فيه خصلة من خصال الخير، احتملته عليها، و اغتفرت فقد ما سواها، و لا أغتفر فقد عقل و لا دين، لأنّ مفارقة الدين مفارقة الأمن، فلا يتهنّأ بحياة مع مخافة، و فقد العقل فقد الحياة، و لا يقاس إلاّ بالأموات. (1)

بيان:

«من استحكمت» أي أثبتت و صارت بحكم الممارسة ملكة راسخة له. «احتملته عليها» أي قبلته كائنا على هذه الخصلة، و تجاوزت عن فقد ما سواها من خصال الخير، و ارتضيت حاله هذه له.

23-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ليس بين الإيمان و الكفر إلاّ قلّة العقل. قيل: و كيف ذاك يابن رسول اللّه؟ قال: إنّ العبد يرفع رغبته إلى مخلوق، فلو أخلص نيّته للّه، لأتاه الذي يريد في أسرع من ذلك. (2)

بيان:

مثّل عليه السّلام لقليل العقل مثلا يدلّ على أنّ قلّة الإيمان لقلّة العقل «رغبته» أي مرغوبه و مطلوبه و حاجته، فالمؤمن الكامل لا يتوكّل و لا يعتمد و لا يرفع مطلوبه إلاّ إلى اللّه عزّ و جلّ بعقله و كماله.

24-في بعض نسخ الكافي: عن الحسن بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث طويل: إنّ أوّل الامور و مبدأها و قوّتها و عمارتها التي لا ينتفع بشيء إلاّ به، العقل الذي جعله اللّه زينة لخلقه و نورا لهم، فبالعقل عرف العباد خالقهم، و أنّهم مخلوقون، و أنّه المدبّر لهم، و أنّهم المدبّرون، و أنّه الباقي و هم الفانون،

ص:171


1- -الكافي ج 1 ص 21 ح 30
2- الكافي ج 1 ص 21 ح 33

و استدلّوا بعقولهم على ما رأوا من خلقه، من سمائه و أرضه، و شمسه و قمره، و ليله و نهاره، أنّ له و لهم خالقا و مدبّرا لم يزل و لا يزول، و عرفوا به الحسن من القبيح، و أنّ الظلمة في الجهل، و أنّ النور في العلم، فهذا ما دلّهم عليه العقل.

قيل له: فهل يكتفي العباد بالعقل دون غيره؟ قال: إنّ العاقل، لدلالة عقله الذي جعله اللّه قوامه و زينته و هدايته، علم أنّ اللّه هو الحقّ، و أنّه هو ربّه، و علم أنّ لخالقه محبّة، و أنّ له كراهية، و أنّ له طاعة، و أنّ له معصية، فلم يجد عقله يدلّه على ذلك، و علم أنّه لا يوصل إليه إلاّ بالعلم و طلبه، و أنّه لا ينتفع بعقله، إن لم يصب ذلك بعلمه، فوجب على العاقل طلب العلم و الأدب الذي لا قوام له إلاّ به. (1)

25-عن عبد اللّه بن مسكان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لم يقسّم بين العباد أقلّ من خمس: اليقين و القنوع و الصبر و الشكر و الذي يكمل له هذا كلّه العقل. (2)

26-قال أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: يا بنيّ، احفظ عنّي أربعا و أربعا لا يضرّك ما عملت معهنّ: إنّ أغنى الغنى العقل، و أكبر الفقر الحمق، و أوحش الوحشة العجب، و أكرم الحسب حسن الخلق. . . (3)

و قال عليه السّلام: لا غنى كالعقل، و لا فقر كالجهل، و لا ميراث كالأدب، و لا ظهيرة كالمشاورة. (4)

27-و قال عليه السّلام: لا مال أعود من العقل، و لا وحدة أوحش من العجب، و لا عقل كالتدبير. . . (5)

ص:172


1- -الكافي ج 1 ص 22
2- الخصال ج 1 ص 285 باب الخمسة ح 36
3- نهج البلاغة ص 1104 ح 37
4- نهج البلاغة ص 1112 ح 51
5- نهج البلاغة ص 1139 ح 109

28-و قيل له عليه السّلام: صف لنا العاقل، فقال: هو الذي يضع الشيء مواضعه، فقيل: فصف لنا الجاهل، فقال: قد فعلت. (1)

29-و قال عليه السّلام: ما استودع اللّه امرء عقلا إلاّ ليستنقذه به يوما مّا. (2)

30-و قال عليه السّلام: كفاك من عقلك ما أوضح لك سبل غيّك من رشدك. (3)

31-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: العقل نور في القلب يفرّق به بين الحقّ و الباطل. (4)

32-قال عليّ عليه السّلام: العقل عقلان: مطبوع و مسموع، و لا ينفع مسموع إذا لم يك مطبوع، كما لا تنفع الشمس وضوء العين ممنوع. (5)

33-قال أبو الدرداء: قال لي النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يا عويمر، ازدد عقلا تزدد من اللّه قربا، قلت: بأبي و أمّي و من لي بالعقل؟ قال: اجتنب محارم اللّه تعالى و أدّ فرائض اللّه تكن عاقلا.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، للعاقل ثلاث علامات: الاستهانة بالدنيا، و احتمال الجفا، و الصبر على الشدائد، و للأحمق ثلاث علامات: التهاون في فرائض اللّه، و الاستهزاء بعباد اللّه، و كثرة الكلام في غير ذكر اللّه. (6)

34-قال الصادق عليه السّلام: العقل أوّله العلم، و أوسطه النيّة، و آخره الإخلاص. (7)

ص:173


1- -نهج البلاغة ص 1191 ح 227
2- نهج البلاغة ص 1277 ح 399
3- نهج البلاغة ص 1284 ح 413
4- إرشاد القلوب ص 276 ب 53
5- مجموعة الأخبار ص 10 ب 1
6- مجموعة الأخبار ص 10
7- مجموعة الأخبار ص 10

35-. . . قال شمعون للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أخبرني عن العقل ما هو، و كيف هو، و ما يتشعّب منه و ما لا يتشعّب، و صف لي طوائفه كلّها؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ العقل عقال من الجهل و النفس مثل أخبث الدوابّ، فإن لم تعقل حارث، فالعقل عقال من الجهل، و إنّ اللّه خلق العقل فقال له: أقبل، فأقبل و قال له: أدبر فأدبر، فقال اللّه تبارك و تعالى: و عزّتي و جلالي، ما خلقت خلقا أعظم منك و لا أطوع منك، بك أبدء و بك اعيد، لك الثواب و عليك العقاب، فتشعّب من العقل الحلم، و من الحلم العلم، و من العلم الرشد، و من الرشد العفاف، و من العفاف الصيانة، و من الصيانة الحياء، و من الحياء الرزانة، و من الرزانة المداومة على الخير، و من المداومة على الخير كراهيّة الشرّ، و من كراهيّة الشرّ طاعة الناصح، فهذه عشرة أصناف من أنواع الخير، و لكلّ واحد من هذه العشرة الأصناف عشرة أنواع. . . (1)

بيان:

في البحار ج 1 ص 124: «بك أبدء و بك اعيد» أي بك خلقت الخلق و أبدأتهم.

و بك اعيدهم للجزاء. . . «الرشد» : الاهتداء و الاستقامة على طريق الحقّ مع تصلّب فيه «العفاف» : منع النفس عن المحرّمات «الصيانة» : منعها عن الشبهات و المكروهات، فلذا تتفرّع على العفاف، و بالصيانة ترتفع الغواشي و الأغطية عن عين القلب فيرى الحقّ حقا، و الباطل باطلا، فيستحيي من ارتكاب المعاصي، و إذا استحكم فيه الحياء تحصّل له «الرزانة» أي عدم الانزعاج عن المحرّكات الشهوانيّة و الغضبيّة، و عدم التزلزل بالفتن. . .

36-من كلام النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في العلم و العقل و الجهل: . . . و العقل يلهمه اللّه السعداء، و يحرمه الأشقياء، و صفة العاقل أن يحلم عمّن جهل عليه، و يتجاوز

ص:174


1- -تحف العقول ص 19

عمّن ظلمه، و يتواضع لمن هو دونه، و يسابق من فوقه في طلب البرّ، و إذا أراد أن يتكلّم تدبّر، فإن كان خيرا تكلّم فغنم و إن كان شرّا سكت فسلم، و إذا عرضت له فتنة استعصم باللّه و أمسك يده و لسانه، و إذا رأى فضيلة انتهز بها، لا يفارقه الحياء، و لا يبدو منه الحرص، فتلك عشرة خصال يعرف بها العاقل. . . (1)

بيان:

«انتهز بها» النهزة: الفرصة، و انتهزتها أي اغتنمتها يعني إذا رأى فضيلة اغتنم الفرصة بالمبادرة إليها.

37-في مواعظ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: رأس العقل بعد الإيمان باللّه مداراة الناس في غير ترك حقّ، و من سعادة المرء خفّة لحيته. (2)

38-في مواعظ الرضا عليه السّلام: لا يتمّ عقل امرء مسلم حتّى تكون فيه عشر خصال: الخير منه مأمول، و الشرّ منه مأمون، يستكثر قليل الخير من غيره، و يستقلّ كثير الخير من نفسه، لا يسأم من طلب الحوائج إليه، و لا يملّ من طلب العلم طول دهره، الفقر في اللّه أحبّ إليه من الغنى، و الذلّ في اللّه أحبّ إليه من العزّ في عدوّه، و الخمول أشهى إليه من الشهرة.

ثمّ قال عليه السّلام: العاشرة و ما العاشرة، قيل له: ما هي؟ قال عليه السّلام: لا يرى أحدا إلاّ قال: هو خير منّي و أتقى، إنّما الناس رجلان: رجل خير منه و أتقى و رجل شرّ منه و أدنى، فإذا لقي الذي شرّ منه و أدنى قال: لعلّ خير هذا باطن و هو خير له، و خيري ظاهر و هو شرّ لي، و إذا رأى الذي هو خير منه و أتقى تواضع له ليلحق به، فإذا فعل ذلك فقد علا مجده و طاب خيره و حسن ذكره و ساد أهل زمانه. (3)

ص:175


1- -تحف العقول ص 27
2- تحف العقول ص 35
3- تحف العقول ص 326-و روى الصدوق ما بمعناه في الخصال ج 2 ص 433 ب 10 ح 17 عن أبي جعفر عليه السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و الطوسيّ في أماليه ج 1 ص 152 عن الصادق عليه السّلام

بيان:

«لا يسأم» : أي لا يضجر و لا يملّ. «المجد» : نيل الشرف و الكرم.

أقول: قد مرّ في باب الشهوة قول عليّ عليه السّلام: «. . . فمن غلب عقله شهوته فهو خير من الملائكة، و من غلبت شهوته عقله فهو شرّ من البهائم» .

39-قال الصادق عليه السّلام: العاقل من كان ذلولا عند إجابة الحقّ، منصفا بقوله (متّصفا بقوله ف ن) ، جموحا عند الباطل، خصيما بقوله، يترك دنياه و لا يترك دينه؛ و دليل العاقل (العقل ف ن) شيئان: صدق القول و صواب الفعل، و العاقل لا يحدّث بما ينكره العقول، و لا يتعرّض للتهمة، و لا يدع مداراة من ابتلى به، و يكون العلم دليله في أعماله، و الحلم رفيقه في أحواله، و المعرفة يقينه في مذاهبه (تعينه في مذاهبه ف ب) و الهوى عدوّ العقل، و مخالف الحقّ، و قرين الباطل، و قوّة الهوى من الشهوات، و أصل علامات الشهوة (الهوى ف ن) من أكل الحرام، و الغفلة عن الفرائض، و الاستهانة بالسنن، و الخوض في الملاهي. (1)

بيان:

«خصيما بقوله» قال الفيروزآبادي: رجل خصم: مجادل. «من ابتلى به» : أي بمعاشرته و خلطته و مصاحبته. (راجع البحار ج 1 ص 130)

40-عن الصادق جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه عن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام قال: عقول النساء في جمالهنّ، و جمال الرجال في عقولهم. (2)

41-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما خلق اللّه عزّ و جلّ شيئا أبغض إليه من الأحمق، لأنّه سلبه أحبّ الأشياء إليه و هو عقله. (3)

42-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من كان عاقلا كان له دين، و من كان له دين

ص:176


1- -مصباح الشريعة ص 26 ب 38
2- البحار ج 1 ص 82 باب فضل العقل ح 1
3- البحار ج 1 ص 89 ح 16

دخل الجنّة. (1)

43-عن أبي محمّد عليه السّلام قال: قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام: من لم يكن عقله أكمل ما فيه، كان هلاكه من أيسر ما فيه. (2)

44-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: قوام المرء عقله، و لا دين لمن لا عقل له. (3)

45-قال الصادق عليه السّلام: إذا أراد اللّه أن يزيل من عبد نعمة كان أوّل ما يغيّر منه عقله. (4)

46-قال أبو محمّد العسكريّ عليه السّلام: لو عقل أهل الدنيا خربت. (5)

47-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لكلّ شيء آلة و عدّة و آلة المؤمن و عدّته العقل، و لكلّ شيء مطيّة و مطيّة المرء العقل، و لكلّ شيء غاية و غاية العبادة العقل، و لكلّ قوم راع و راعي العابدين العقل، و لكلّ تاجر بضاعة و بضاعة المجتهدين العقل، و لكلّ خراب عمارة و عمارة الآخرة العقل، و لكلّ سفر فسطاط يلجؤون إليه و فسطاط المسلمين العقل. (6)

بيان:

«البضاعة» يقال بالفارسيّة: سرمايه.

48-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لا عدّة أنفع من العقل، و لا عدّو أضرّ من الجهل. (7)

ص:177


1- -البحار ج 1 ص 91 ح 20
2- البحار ج 1 ص 94 ح 26
3- البحار ج 1 ص 94 ح 29
4- البحار ج 1 ص 94 ح 30
5- البحار ج 1 ص 95 ح 38
6- البحار ج 1 ص 95 ح 44
7- البحار ج 1 ص 95 ح 45

49-و قال عليه السّلام: من لم يكن أكثر ما فيه عقله كان بأكثر ما فيه قتله. (1)

50-و قال عليه السّلام: الجمال في اللسان، و الكمال في العقل، و لا يزال العقل و الحمق يتغالبان على الرجل إلى ثماني عشرة سنة، فإذا بلغها غلب عليه أكثرهما فيه. (2)

51-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: سيّد الأعمال في الدارين العقل، و لكلّ شيء دعامة و دعامة المؤمن عقله، فبقدر عقله تكون عبادته لربّه. (3)

52-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: خلق اللّه العقل فقال له: أدبر فأدبر، ثمّ قال له: أقبل فأقبل، ثمّ قال: ما خلقت خلقا أحبّ إليّ منك، فأعطى اللّه محمّدا صلّى اللّه عليه و آله تسعة و تسعين جزءا، ثمّ قسّم بين العباد جزء واحدا. (4)

53-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: قسّم العقل على ثلاثة أجزاء فمن كانت فيه كمل عقله، و من لم تكن فيه فلا عقل له: حسن المعرفة باللّه عزّ و جلّ، و حسن الطاعة له، و حسن الصبر على أمره. (5)

أقول:

في تحف العقول ص 44: قسّم اللّه العقل. . .

54-عن موسى بن جعفر عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه خلق العقل من نور مخزون مكنون في سابق علمه الذي لم يطّلع عليه نبيّ مرسل و لا ملك مقرّب، فجعل العلم نفسه، و الفهم روحه، و الزهد رأسه، و الحياء عينيه، و الحكمة لسانه، و الرأفة همّه، و الرحمة قلبه، ثمّ حشاه و قوّاه بعشرة

ص:178


1- -البحار ج 1 ص 95 ح 48
2- البحار ج 1 ص 96 ح 49
3- البحار ج 1 ص 96 ح 52
4- البحار ج 1 ص 97 باب حقيقة العقل ح 6
5- البحار ج 1 ص 106 باب علامات العقل ح 1

أشياء: باليقين و الإيمان و الصدق و السكينة و الإخلاص و الرفق و العطيّة و القنوع و التسليم و الشكر؛ ثمّ قال عزّ و جلّ: أدبر فأدبر، ثمّ قال له: أقبل فأقبل، ثمّ قال له: تكلّم فقال: الحمد للّه الذي ليس له ضدّ و لا ندّ. . . (1)

55-سئل الحسن بن عليّ عليهما السّلام عن العقل، قال: التجرّع للغصّة و مداهنة الأعداء.

في روضة الواعظين عن أمير المؤمنين عليه السّلام مثله و زاد فيه: و مداراة الأصدقاء. (2)

بيان:

قال رحمه اللّه في ص 116: الغصّة: ما يعترض في الحلق و تعسر إساغته، و يطلق مجازا على الشدائد التي يشقّ على الإنسان تحمّلها و هو المراد هنا، و تجرّعه كناية عن تحمّله و عدم القيام بالانتقام به و تداركه حتّى تنال الفرصة. . .

قال رحمه اللّه ذيل الحديث: «المداهنة» : إظهار خلاف ما تضمر و هو قريب من معنى المداراة.

56-روي أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قيل له: ما العقل؟ قال: العمل بطاعة اللّه، و إنّ العمّال بطاعة اللّه هم العقلاء. (3)

57-قال الصادق عليه السّلام: كمال العقل في ثلاث: التواضع للّه، و حسن اليقين، و الصمت إلاّ من خير. (4)

58-و قال عليه السّلام: يزيد عقل الرجل بعد الأربعين إلى خمسين و ستّين، ثمّ ينقص عقله بعد ذلك. (5)

ص:179


1- -البحار ج 1 ص 107 ح 3
2- البحار ج 1 ص 130 ح 13
3- البحار ج 1 ص 131 ح 20
4- البحار ج 1 ص 131 ح 25
5- البحار ج 1 ص 131 ح 27

59-و قال عليه السّلام: لا يلسع العاقل من جحر مرّتين. (1)

60-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: العاقل من رفض الباطل. (2)

61-قال الصادق عليه السّلام: كثرة النظر في العلم يفتح العقل. (3)

62-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ العاقل من أطاع اللّه و إن كان ذميم المنظر حقير الخطر، و إنّ الجاهل من عصى اللّه و إن كان جميل المنظر عظيم الخطر، أفضل الناس أعقل الناس. (4)

63-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: فساد الأخلاق معاشرة السفهاء، و صلاح الأخلاق معاشرة العقلاء. (5)

64-و قال عليه السّلام: العاقل من وعظته التجارب. (6)

65-و قال عليه السّلام: من ترك الاستماع عن ذوي العقول مات عقله. (7)

66-و قال عليه السّلام: من جانب هواه صحّ عقله. (8)

67-و قال عليه السّلام: همّة العقل ترك الذنوب و إصلاح العيوب. (9)

68-في وصيّة الباقر عليه السّلام لجابر الجعفيّ: و لا عقل كمخالفة الهوى. . .

ص:180


1- -البحار ج 1 ص 132 ح 29
2- البحار ج 1 ص 159 ح 31
3- البحار ج 1 ص 159 ح 32
4- البحار ج 1 ص 160 ح 39
5- البحار ج 1 ص 160 ح 45
6- البحار ج 1 ص 160 ح 46- الغرر ج 1 ص 41 ف 1 ح 1233
7- البحار ج 1 ص 160 ح 48
8- البحار ج 1 ص 160 ح 49
9- البحار ج 1 ص 161 ح 53

و لا مصيبة كعدم العقل، و لا عدم عقل كقلّة اليقين. (1)

69-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: للجنّة مأة درجة، تسعة و تسعون منها لأهل العقل، و واحدة لسائر الناس. (2)

70-عن عليّ عليه السّلام قال: لقد سبق إلى جنّات عدن أقوام ما كانوا أكثر الناس صلاة و لا صياما و لا حجّا و لا اعتمارا، و لكن عقلوا عن اللّه أمره، فحسنت طاعتهم و صحّ ورعهم و كمل يقينهم، ففاقوا غيرهم بالحظوة و رفيع المنزلة. (3)

أقول:

لاحظ ما يناسب المقام في أبواب الأدب، الجهل، الحلم، الشهوة، الصمت، العجب، العلم و. . .

71-قال أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

العقل شفاء. (الغرر ج 1 ص 12 ف 1 ح 260)

الإنسان بعقله. (ح 289)

العقل رسول الحقّ. (ص 13 ح 326)

العاقل يألف مثله. (ص 15 ح 378)

الجاهل يميل إلى شكله. (ح 379)

العقل مصلح كلّ أمر. (ص 18 ح 458)

العاقل لا ينخدع (4). (ح 482)

العاقل عدوّ شهوته-الجاهل عبد شهوته. (ص 19 ح 503 و 504)

ص:181


1- -البحار ج 78 ص 164
2- الاثنى عشريّة ص 68 ب 2 ف 12
3- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 20 ص 270
4- گول نمى خورد

العقل داعي الفهم-العقل أقوى أساس. (ح 528 و 530)

العقل أفضل مرجوّ-الجهل أنكى عدوّ. (ص 20 ح 534 و 535)

العقل يصلح الرويّة-العاقل من عقل لسانه. (ح 550 و 557)

العاقل يطلب الكمال. (ص 22 ح 630)

الجاهل يطلب المال. (ح 631)

العقل ينبوع الخير. (ص 24 ح 708)

العاقل يضع نفسه فيرتفع-الجاهل يرفع نفسه فيتّضع. (ص 25 ح 728 و 729)

العقل أحسن حلية-العقل يوجب الحذر. (ص 29 ح 863 و 864)

الجهل يجلب الغرر-العقل مركب العلم. (ح 865 و 866)

العقل حسام قاطع-العقل سلاح كلّ أمر. (ح 874 و 886)

العاقل مهموم مغموم. (ص 33 ح 1002)

العقل أشرف مزيّة. (ح 1019)

العقل حفظ التجارب. (ص 25 ح 724)

الهوى ضدّ العقل-الحلم تمام العقل. (ص 35 ح 1071 و 1097)

العاقل من أمات شهوته. (ص 41 ح 1239)

العاقل يعتمد على عمله. (ص 43 ح 1285)

الجاهل يعتمد على أمله. (ح 1486)

العقل منزّه عن المنكر آمر بالمعروف. (ص 44 ح 1297)

العقل حيث كان آلف مألوف. (ح 1298)

العقل شجرة ثمرها السخاء و الحياء. (ح 1301)

العاقل من بذل نداه (1)-العقل زين لمن رزقه. (ص 45 ح 1309 و 1323)

ص:182


1- -الندى: الجود و الفضل

العاقل من اتّعظ بغيره. (ص 46 ح 1330)

العقل في الغربة قربة-الحمق في الوطن غربة. (ح 1338 و 1339)

العقل رقيّ إلى علّيّين. (ص 48 ح 1373)

الدين لا يصلحه إلاّ العقل. (ص 49 ح 1389)

العاقل من صدّقت أقواله أفعاله. (ص 51 ح 1429)

العاقل من يزهد فيما يرغب فيه الجاهل. (ص 57 ح 1560)

العاقل من تغمّد الذنوب بالغفران. (ص 63 ح 1676)

العقل غريزة تزيد بالعلم و التجارب. (ص 67 ح 1746)

العاقل من هجر شهوته و باع دنياه بآخرته. (ص 68 ح 1756)

العاقل لا يتكلّم إلاّ لحاجته، أو لحجّته، و لا يشتغل إلاّ بصلاح آخرته.

(ح 1760)

العاقل من تورّع عن الذنوب و تنزّه من العيوب. (ح 1765)

العاقل من عقل لسانه إلاّ عن ذكر اللّه. (ص 69 ح 1770)

العاقل إذا سكت فكر، و إذا نطق ذكر، و إذا نظر اعتبر. (ص 74 ح 1837)

العاقل من زهد في دنيا دنيّة فانية، و رغب في جنّة سنيّة خالدة عالية.

(ص 78 ح 1890)

العاقل من وضع الأشياء مواضعها، و الجاهل ضدّ ذلك. (ص 81 ح 1933)

العاقل إذا علم عمل، و إذا عمل أخلص، و إذا أخلص اعتزل.

(ص 83 ح 1958)

العاقل يجتهد في عمله و يقصّر من أمله. (ص 85 ح 1987)

الجاهل يعتمد على أمله و يقصّر من عمله. (ح 1988)

العاقل يتقاضى نفسه بما يجب عليه، و لا يتقاضى لنفسه بما يجب له.

(ص 92 ح 2089)

ص:183

العقل صاحب جيش الرحمن، و الهوى قائد جيش الشيطان، و النفس متجاذبة بينهما، فأيّهما غلب كانت في حيّزه. (ص 96 ح 2121)

العقل و الشهوة ضدّان، و مؤيّد العقل العلم، و مزيّن الشهوة الهوى، و النفس متنازعة بينهما، فأيّهما قهر كانت في جانبه. (ح 2122)

العقل أنّك تقتصد فلا تسرف، و تعد فلا تخلف، و إذا غضبت حلمت.

(ص 99 ح 2152)

العقل أن تقول ما تعرف و تعمل بما تنطق. (ص 102 ح 2163)

العاقل من لا يضيع له نفسا فيما لا ينفعه و لا يقتني ما لا يصحبه.

(ص 103 ح 2187)

العاقل من سلّم إلى القضاء و عمل بالحزم. (ص 106 ح 2219)

العقل صديق محمود. (ص 107 ح 2241)

أغنى الغنى العقل. (ص 174 ف 8 ح 14)

أعقل الناس من أطاع العقلاء. (ص 175 ح 32)

أفضل النعم العقل. (ص 176 ح 53)

أعقل الناس أحياهم. (ص 177 ح 72)

أوّل العقل التودّد. (ص 178 ح 95)

أعقل الناس محسن خائف. (ص 179 ح 109)

أعقل الناس أعذرهم للناس. (ص 182 ح 161)

أسعد الناس العاقل المؤمن. (ح 163)

أفضل العقل مجانبة اللهو. (ص 183 ح 175)

أصل العقل الفكر و ثمرته السلامة. (ص 189 ح 267)

أعقل الناس أشدّهم مداراة للناس. (ح 276)

أعقل الناس أطوعهم للّه سبحانه. (ص 193 ح 325)

ص:184

أعقل الناس من كان بعيبه بصيرا و عن عيب غيره ضريرا (1).

(ص 200 ح 409)

أفضل الناس عقلا أحسنهم تقديرا لمعاشه و أشدّهم اهتماما بإصلاح معاده.

(ص 210 ح 515)

أفضل حظّ الرجل عقله، إن ذلّ أعزّه، و إن سقط رفعه، و إن ضلّ أرشده و إن تكلّم سدّده. (ص 212 ح 529)

أعقل الناس من ذلّ للحقّ فأعطاه من نفسه و عزّ بالحقّ فلم يهن إقامته و حسن العمل به. (ح 530)

أعقل الناس أنظرهم في العواقب. (ص 213 ح 542)

إنّ العاقل من نظر في يومه لغده، و سعى في فكاك نفسه، و عمل لما لا بدّ له منه و لا محيص له عنه. (ص 238 ف 9 ح 194)

إنّ أفضل الناس عند اللّه من أحيا عقله، و أمات شهوته، و أتعب نفسه لصلاح آخرته. (ص 240 ح 203)

إذا تمّ العقل نقص الكلام. (ص 311 ف 17 ح 39)

إذا قلّت العقول كثر الفضول. (ص 313 ح 70)

إذا كمل العقل نقصت الشهوة. (ص 314 ح 80)

إذا أراد اللّه سبحانه إزالة نعمة عن عبد كان أوّل ما يغيّر منه عقله، و أشدّ شيء عليه فقده. (ص 321 ح 151)

بالعقل يستخرج غور الحكمة. (ص 330 ف 18 ح 30)

بالعقل تنال الخيرات. (ح 34)

ص:185


1- -الضرير: الأعمى

بالعقول تنال ذروة العلوم. (ص 333 ح 97)

بالعقل كمال النفس-بالعقل صلاح كلّ أمر. (ص 336 ح 140 و 142)

ثمرة العقل الاستقامة. (ص 358 ف 23 ح 4)

ثمرة العقل لزوم الحقّ. (ص 359 ح 16)

ثمرة العقل صحبة الأخيار. (ح 20)

ثمرة العقل مداراة الناس. (ص 360 ح 41)

ثمرة العقل مقت الدنيا و قمع الهوى. (ص 361 ح 66)

ثلاث يمتحن بها عقول الرجال هنّ؛ المال و الولاية و المصيبة.

(ص 363 ف 24 ح 7)

خير المواهب العقل. (ص 387 ف 29 ح 1)

ستّة تختبر بها عقول الرجال: المصاحبة، و المعاملة، و الولاية، و العزل، و الغنى و الفقر. (ص 435 ح 51)

ستّة تختبر بها عقول الناس: الحلم عند الغضب، و القصد عند الرغب، و الصبر عند الرهب، و تقوى اللّه في كلّ حال، و حسن المداراة، و قلّة المماراة.

(ص 436 ف 39 ح 59)

صلاح البريّة العقل. (ص 452 ف 43 ح 12)

صديق كلّ امرء عقله و عدوّه جهله. (ص 456 ف 44 ح 44)

ضالّة العاقل الحكمة، فهو أحقّ بها حيث كانت. (ص 461 ف 45 ح 5)

ضياع العقول في طلب الفضول. (ح 10)

ضلال العقل يبعد من الرشاد و يفسد المعاد. (ح 12)

ضادّوا الهوى بالعقل. (ص 462 ح 25)

ضلال العقل أشدّ ضلّة، و ذلّة الجهل أعظم ذلّة. (ص 463 ح 41)

على قدر العقل يكون الدين. (ج 2 ص 487 ف 51 ح 12)

ص:186

عند الحيرة تستكشف عقول الرجال. (ص 489 ف 52 ح 8)

عند بديهة المقال تختبر عقول الرجال. (ص 490 ح 22)

عند كثرة العثار تختبر عقول الرجال. (ص 491 ح 23)

عند غرور الآمال و الأطماع تنخدع عقول الجهّال و تختبر ألباب الرجال.

(ح 24)

عقل المرء نظامه، و أدبه قوامه، و صدقه إمامه، و شكره تمامه.

(ص 502 ف 55 ح 51)

عنوان فضيلة المرء عقله و حسن خلقه. (ص 503 ح 59)

غاية العقل الاعتراف بالجهل. (ص 505 ف 56 ح 30)

غاية الفضائل العقل. (ح 31)

قيمة كلّ امرء عقله. (ص 537 ف 61 ح 51)

قبيح عاقل خير من حسن جاهل. (ص 539 ح 75)

قطيعة العاقل لك بعد نفاد الحيلة فيك. (ح 76)

كسب العقل كفّ الأذى. (ص 572 ف 69 ح 1)

كلام العاقل قوت و جواب الجاهل سكوت. (ص 573 ح 5)

كيفيّة الفعل تدلّ على حسن العقل (كيفيّة العقل ف ن) فأحسن له الاختبار و أكثر عليه الاستظهار. (ح 7)

كسب العقل الاعتبار و الاستظهار، و كسب الجهل الغفلة و الاغترار.

(ح 8)

كلام الرجل ميزان عقله-كمال المرء عقله و قيمته فضله. (ح 15 و 16)

كمال الإنسان العقل. (ص 574 ح 25)

كتاب الرجل عنوان عقله و برهان فضله. (ص 575 ح 41)

لكلّ شيء غاية، و غاية المرء عقله. (ص 578 ف 70 ح 36)

ص:187

لو عقل أهل الدنيا لخربت الدنيا. (ص 603 ف 75 ح 7)

من زاد علمه على عقله كان وبالا عليه. (ص 667 ف 77 ح 938)

ما آمن المؤمن حتّى عقل. (ص 741 ف 79 ح 101)

ما قسّم اللّه سبحانه بين عباده شيئا أفضل من العقل. (ص 745 ح 153)

لا عقل كالتدبير. (ص 829 ف 86 ح 11)

لا فقر لعاقل-لا غناء لجاهل. (ص 830 ح 15 و 16)

لا غناء كالعقل-لا فقر كالجهل. (ص 831 ح 38 و 39)

لا عقل مع شهوة. (ص 833 ح 93)

لا عقل مع هوى-لا يثوب العقل مع اللعب. (ص 834 ح 107 و 110)

لا يلقى العاقل مغرورا. (ص 835 ح 129)

لا يجتمع العقل مع الهوى. (ص 836 ح 137)

لا مال أعود من العقل. (ص 838 ح 182)

لا فقر أشدّ من الجهل. (ح 183)

لا نعمة أفضل من العقل-لا مصيبة أشدّ من الجهل. (ص 841 ح 235 و 236)

لا عقل لمن يتجاوز حدّه و قدره. (ح 240)

لا خير في عقل لا يقاربه حلم. (ص 844 ح 306)

لا دين لمن لا عقل له-لا عقل لمن لا أدب له. (ص 846 ح 332 و 333)

يستدلّ على عقل الرجل بالعفّة و القناعة. (ص 863 ف 88 ح 2)

يستدلّ على عقل كلّ امرء بما يجري على لسانه. (ح 3)

يستدلّ على العاقل بأربع: بالحزم و الاستظهار و قلّة الاغترار و تحصين الأسرار. (ح 5)

يستدلّ على عقل الرجل بكثرة وقاره، و حسن احتماله و على كرم أصله بجميل أفعاله. (ص 865 ح 20)

ص:188

138- العلم

اشارة

فيه فصول

الفصل الأوّل: فضله و وجوبه
الآيات

1- وَ عَلَّمَ آدَمَ اَلْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى اَلْمَلائِكَةِ الآيات. (1)

2- . . . وَ لكِنَّ أَكْثَرَ اَلنّاسِ لا يَعْلَمُونَ. (2)

3- . . . وَ نُفَصِّلُ اَلْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ. (3)

4- وَ ما كانَ اَلْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا

ص:189


1- -البقرة:31 إلى 33
2- الأعراف:187، يوسف:21 و 40، الروم:6 و 30، سبأ:28 و 36، غافر:57، الجاثية:26 و نظيرها في يونس:55، النحل:75 و 101، النمل:61، القصص:13 و 57، لقمان:25، الزمر:29، الدخان:39، الإسراء:85
3- التوبة:11 و بهذا المعنى في يونس:5 و النمل:52

فِي اَلدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ. (1)

5- . . . نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ وَ فَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ. (2)

6- أَ فَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ اَلْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا اَلْأَلْبابِ. (3)

7- . . . وَ قُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً. (4)

8- . . . فَسْئَلُوا أَهْلَ اَلذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ. (5)

9- أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اَللَّيْلِ ساجِداً وَ قائِماً يَحْذَرُ اَلْآخِرَةَ وَ يَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي اَلَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ اَلَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا اَلْأَلْبابِ. (6)

10- اَلرَّحْمنُ- عَلَّمَ اَلْقُرْآنَ- خَلَقَ اَلْإِنْسانَ- عَلَّمَهُ اَلْبَيانَ. (7)

11- . . . يَرْفَعِ اَللّهُ اَلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ اَلَّذِينَ أُوتُوا اَلْعِلْمَ دَرَجاتٍ وَ اَللّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ. (8)

12- اِقْرَأْ وَ رَبُّكَ اَلْأَكْرَمُ- اَلَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ- عَلَّمَ اَلْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ. (9)

ص:190


1- -التوبة:122
2- يوسف:76
3- الرعد:19
4- طه:114
5- الأنبياء:7
6- الزمر:9
7- الرحمن:1 إلى 4
8- المجادلة:11
9- العلق:3 إلى 5
الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: طلب العلم فريضة على كلّ مسلم، ألا إنّ اللّه يحبّ بغاة العلم. (1)

بيان:

في الوافي: «طلب العلم فريضة» هو العلم الذي يستكمل به الإنسان بحسب نشأته الاخرويّة، و يحتاج إليه في معرفة نفسه و معرفة ربّه و معرفة أنبيائه و رسله و حججه و آياته و اليوم الآخر، و معرفة العمل بما يسعده و يقرّبه إلى اللّه، و بما يشقيه و يبعّد عنه. . . «البغاة» واحدها باغ: طالب.

2-عن عليّ بن أبي حمزة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: تفقّهوا في الدين، فإنّه من لم يتفقّه منكم في الدين فهو أعرابيّ، إنّ اللّه يقول في كتابه: لِيَتَفَقَّهُوا فِي اَلدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ. (2)

بيان:

«تفقّهوا. . .» في النهاية: الفقه في الأصل الفهم. و في المصباح: الفقه: فهم الشيء. و في المقائيس: (فقه) . . . يدلّ على إدراك الشيء و العلم به. . . و كلّ علم بشيء فهو فقه.

في الوافي: أي حصّلوا لأنفسكم البصيرة في علم الدين، و الفقه أكثر ما يستعمل في القرآن و الحديث يكون بهذا المعنى، و الفقيه هو صاحب هذه البصيرة، و علم الدين هو العلم الاخرويّ الكماليّ الذي أشرنا إليه آنفا، و يدخل فيه معرفة آفات النفس و مفسدات الأعمال، و الإحاطة بحقارة الدنيا و التطلّع إلى نعيم الآخرة،

ص:191


1- -الكافي ج 1 ص 23 باب فرض العلم ح 1
2- الكافي ج 1 ص 23 ح 6

و استيلاء الخوف على القلب، كما يدلّ عليه قوله سبحانه: وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ و معرفة مهمّات الحلال و الحرام و شرايع الأحكام على ما جاء به النبيّ، و بلّغ عنه أهل البيت عليهم السّلام في محكماتهم دون ما يستنبط من المتشابهات يستكثر به المسائل و التفريعات كما اصطلح عليه القوم اليوم.

«أعرابيّ» منسوب إلى الأعراب و هم سكّان البوادي و المراد به أنّه عامّي جاهل بأمر الدين.

3-عن مفضّل بن عمر قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: عليكم بالتفقّه في دين اللّه و لا تكونوا أعرابا، فإنّه من لم يتفقّه في دين اللّه لم ينظر اللّه إليه يوم القيامة، و لم يزكّ له عملا. (1)

بيان:

«لم يزكّ له عملا» التزكية: الثناء و المدح، و المعنى؛ لم يقبل له عملا، لأنّ قبول العمل لازم لتزكيته عن شوائب النقصان، و يحتمل أن يكون من الزكاة بمعنى النموّ.

4-عن أبان بن تغلب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لوددت أنّ أصحابي ضربت رؤوسهم بالسياط حتّى يتفقّهوا. (2)

5-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ العلماء ورثة الأنبياء، و ذاك أنّ الأنبياء لم يورّثوا درهما و لا دينارا، و إنّما أورثوا أحاديث من أحاديثهم، فمن أخذ بشيء منها فقد أخذ حظّا وافرا، فانظروا علمكم هذا عمّن تأخذونه؟ فإنّ فينا أهل البيت في كلّ خلف عدولا ينفون عنه تحريف الغالين، و انتحال المبطلين، و تأويل الجاهلين. (3)

ص:192


1- -الكافي ج 1 ص 24 ح 7
2- الكافي ج 1 ص 24 ح 8
3- الكافي ج 1 ص 24 باب صفة العلم ح 2

بيان:

قال الجوهريّ: الخلف: القرن. «الانتحال» : أن يدّعي لنفسه ما لغيره.

(لاحظ شرح الحديث بطوله في المرآة و الوافي)

6-عن حمّاد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا أراد اللّه بعبد خيرا فقّهه في الدين. (1)

7-قال أبو جعفر عليه السّلام: الكمال كلّ الكمال: التفقّه في الدين، و الصبر على النائبة، و تقدير المعيشة. (2)

بيان:

في النهاية، «النائبة» و هي ما ينوب الإنسان: أي ينزل به من المهمّات و الحوادث «تقدير المعيشة» أي ترك الإسراف و التقتير و لزوم الوسط.

8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: العلماء أمناء، و الأتقياء حصون، و الأوصياء سادة.

و في رواية اخرى: العلماء منار، و الأتقياء حصون، و الأوصياء سادة. (3)

بيان:

«الأتقياء حصون» أي بهم يدفع اللّه العذاب عن الامّة، أو بهم يدفعون الفساد بمشاهدة أحوالهم و أقوالهم «السيّد» جمع سادة: الجليل العظيم الذي له الفضل على غيره، و هو الرئيس الذي يعظّم و يطاع «منار» هي موضع النور و علم الطريق.

9-عن بشير الدهّان قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا خير فيمن لا يتفقّه من أصحابنا. يا بشير، إنّ الرجل منهم إذا لم يستغن بفقهه احتاج إليهم، فإذا

ص:193


1- -الكافي ج 1 ص 25 ح 3
2- الكافي ج 1 ص 25 ح 4
3- الكافي ج 1 ص 25 ح 5

احتاج إليهم أدخلوه في باب ضلالتهم و هو لا يعلم. (1)

10-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: عالم ينتفع بعلمه أفضل من سبعين ألف عابد. (2)

11-عن معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل راوية لحديثكم يبثّ ذلك في الناس و يشدّده في قلوبهم و قلوب شيعتكم، و لعلّ عابدا من شيعتكم ليست له هذه الرواية، أيّهما أفضل؟ قال: الراوية لحديثنا يشدّد به قلوب شيعتنا أفضل من ألف عابد. (3)

بيان:

«الراوية» : كثير الرواية، و التاء للمبالغة. «يبثّ» : أي ينشر.

12-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك اللّه به طريقا إلى الجنّة، و إنّ الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا به، و إنّه يستغفر لطالب العلم من في السماء و من في الأرض حتّى الحوت في البحر، و فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر النجوم ليلة البدر، و إنّ العلماء ورثة الأنبياء، إنّ الأنبياء لم يورّثوا دينارا و لا درهما و لكن ورّثوا العلم، فمن أخذ منه أخذ بحظّ وافر. (4)

13-قال أبو جعفر عليه السّلام: من علّم باب هدى فله مثل أجر من عمل به، و لا ينقص اولئك من اجورهم شيئا. و من علّم باب ضلال كان عليه مثل أوزار من عمل به، و لا ينقص اولئك من أوزارهم شيئا. (5)

ص:194


1- -الكافي ج 1 ص 25 ح 6
2- الكافي ج 1 ص 25 ح 8
3- الكافي ج 1 ص 25 ح 9
4- الكافي ج 1 ص 26 باب ثواب العالم ح 1
5- الكافي ج 1 ص 27 ح 4

14-عن أبي حمزة عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: لو يعلم الناس ما في طلب العلم لطلبوه و لو بسفك المهج و خوض اللجج، إنّ اللّه تبارك و تعالى أوحى إلى دانيال: أنّ أمقت عبيدي إليّ، الجاهل المستخفّ بحقّ أهل العلم، التارك للاقتداء بهم، و أنّ أحبّ عبيدي إليّ، التقيّ الطالب للثواب الجزيل، اللازم للعلماء، التابع للحلماء، القابل عن الحكماء. (1)

بيان:

«المهجة» : جمع مهج و هي الدم، أو دم القلب خاصّة. «اللجّة» : جمع لجج و هي معظم الماء. «القابل عن الحكماء» : أي الآخذ عن أهل الحكمة، أخذ رواية أو دراية.

و قد مرّ معنى الحكمة في بابها.

15-عن حفص بن غياث قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: من تعلّم العلم و عمل به و علّم للّه، دعي في ملكوت السماوات عظيما فقيل: تعلّم للّه و عمل للّه و علّم للّه. (2)

16-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما من أحد يموت من المؤمنين أحبّ إلى إبليس من موت فقيه. (3)

17-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا مات المؤمن الفقيه، ثلم في الإسلام ثلمة لا يسدّها شيء. (4)

بيان:

في المرآة، «الثلمة» : فرجة المكسور و المهدوم. و في مجمع البحرين: الخلل الواقع في الحائط و غيره.

ص:195


1- -الكافي ج 1 ص 27 ح 5
2- الكافي ج 1 ص 27 ح 6
3- الكافي ج 1 ص 29 باب فقد العلماء ح 1
4- الكافي ج 1 ص 30 ح 2

18-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: افّ لرجل لا يفرّغ نفسه في كلّ جمعة لأمر دينه فيتعاهده و يسأل عن دينه.

و في رواية اخرى: لكلّ مسلم. (1)

بيان:

«افّ» تنوينه للتكثير، و قيل للتنكير، و هو كلمة تكرّه و تضجّر.

«كلّ جمعة» الجمعة إمّا بسكون الميم فهي بمعنى الاسبوع (2)أو بضمّها فهي يوم الجمعة، و الأنسب هنا هو الأوّل، أي لا يفرّغ نفسه في كلّ اسبوع يوما لأمر دينه و إلاّ ليقال: يوم الجمعة «يتعاهده» في المرآة: الضمير إمّا راجع إلى اليوم أو إلى الدين، و على الأوّل المراد بتعاهده الإتيان بالصلاة و الوظائف المقرّرة فيه، و من جملتها تعلّم المسائل. . .

أقول: حيث قلنا إنّ الجمعة بمعنى الاسبوع: الضمير راجع إلى أمر الدين لا محالة.

19-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: زكاة العلم أن تعلّمه عباد اللّه. (3)

20-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قام عيسى بن مريم عليه السّلام خطيبا في بني إسرائيل فقال: يا بني إسرائيل، لا تحدّثوا الجهّال بالحكمة فتظلموها، و لا تمنعوها أهلها فتظلموهم. (4)

21-عن طلحة بن زيد قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: العامل على غير بصيرة كالسائر على غير الطريق، لا يزيده سرعة السير إلاّ بعدا. (5)

22-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من عمل على غير

ص:196


1- -الكافي ج 1 ص 32 باب سؤال العالم ح 5
2- المصباح المنير ص 150
3- الكافي ج 1 ص 33 باب بذل العلم ح 3
4- الكافي ج 1 ص 33 ح 4
5- الكافي ج 1 ص 34 باب من عمل بغير علم ح 1

علم كان ما يفسد أكثر ممّا يصلح. (1)

23-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ما من عالم أو متعلّم يمرّ بقرية من قرى المسلمين، أو بلدة من بلاد المسلمين، و لم يأكل من طعامهم و لم يشرب من شرابهم، و دخل من جانب و خرج من جانب آخر إلاّ رفع اللّه تعالى عذاب قبورهم أربعين يوما. (2)

24-و من كلام أمير المؤمنين عليه السّلام لكميل، قال كميل بن زياد: أخذ بيدي أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام فأخرجني إلى الجبّان فلمّا أصحر تنفّس الصعداء ثمّ قال:

يا كميل بن زياد، إنّ هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها، فاحفظ عنّي ما أقول لك: الناس ثلاثة: فعالم ربّانيّ، و متعلّم على سبيل نجاة، و همج رعاع، أتباع كلّ ناعق يميلون مع كلّ ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، و لم يلجأوا إلى ركن وثيق.

يا كميل، العلم خير من المال، العلم يحرسك و أنت تحرس المال، و المال تنقصه النفقة، و العلم يزكو على الإنفاق، و صنيع المال يزول بزواله.

يا كميل بن زياد، معرفة العلم دين يدان به، به يكسب الإنسان الطاعة في حياته، و جميل الأحدوثة بعد وفاته. و العلم حاكم، و المال محكوم عليه.

يا كميل بن زياد، هلك خزّان الأموال و هم أحياء، و العلماء باقون ما بقي الدهر: أعيانهم مفقودة و أمثالهم في القلوب موجودة، ها إنّ ههنا لعلما جمّا -و أشار بيده إلى صدره-لو أصبت له حملة، بلى أصبت لقنا غير مأمون عليه، مستعملا آلة الدين للدنيا، و مستظهرا بنعم اللّه على عباده و بحججه

ص:197


1- -الكافي ج 1 ص 35 ح 3
2- جامع الأخبار ص 179 ف 141

على أوليائه. . . (1)

بيان:

«الجبّان» : الصحراء. «أصحر» : أي بلغ الصحراء. «أوعاها» : أي أحفظها للعلم و أجمعها. «عالم ربّانيّ» : منسوب إلى الربّ بزيادة الألف و النون على خلاف القياس قال الجوهريّ: الربّانيّ: المتألّه العارف باللّه تعالى. قال في الكشّاف: هو شديد التمسّك بدين اللّه تعالى و طاعته. و قال في مجمع البيان: هو الذي يربّ أمر الناس بتدبيره و إصلاحه إيّاه. «الهمج» واحدته همجة: و هي ذباب صغير كالبعوض، و لعلّ المراد هنا الحمقى من الناس. «الرعاع» : الأحداث الطغام (اوباش) من العوامّ و السفلة و أمثالهم.

«ناعق» النعيق: صوت الراعي بغنمه، و يقال لصوت الغراب أيضا، و المراد أنّهم لعدم ثباتهم و تزلزلهم في أمر الدين يتّبعون كلّ داع، «جميل الأحدوثة» ما يتحدّث به الناس من الثناء و الكلام الجميل أي بعد موتهم أيضا باقون بذكرهم الجميل، و الأحدوثة مفرد الأحاديث. «أمثالهم. . .» : لعلّ الأمثال جمع مثل، و المراد هنا؛ حكمهم و مواعظهم محفوظة عند أهلها يعملون بها، و يحتمل أن يكون المراد بأمثالهم أشباحهم و صورهم في قلوب محبّيهم و المهتدين بهم موجودة. «جمّا» : أي كثيرا. «لقنا» : أي من يفهم بسرعة من اللقانة و هي حسن الفهم.

(البحار ج 1 ص 189)

25-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: سيأتي زمان على الناس يفرّون من العلماء كما يفرّ الغنم من الذئب، ابتلاهم اللّه تعالى بثلاثة أشياء: الأوّل، يرفع البركة من أموالهم، و الثاني، سلّط اللّه عليهم سلطانا جائرا، و الثالث، يخرجون من الدنيا بلا إيمان. (2)

ص:198


1- -نهج البلاغة ص 1155 ح 139
2- سفينة البحار ج 2 ص 220( علم)

26-و قال صلّى اللّه عليه و آله: سيأتي زمان على امّتي لا يعرفون العلماء إلاّ بثوب حسن، و لا يعرفون القرآن إلاّ بصوت حسن، و لا يعبدون اللّه إلاّ في شهر رمضان، إذا كان كذلك سلّط اللّه عليهم سلطانا لا علم له، و لا حلم له، و لا رحم له. (1)

27-في مواعظ عليّ عليه السّلام: عليكم بالعلم، فإنّه صلة بين الإخوان، و دالّ على المروّة، و تحفة في المجالس، و صاحب في السفر، و مونس في الغربة، و إنّ اللّه تعالى يحبّ المؤمن العالم الفقيه، الزاهد الخاشع، الحييّ العليم، الحسن الخلق، المقتصد المنصف. (2)

28-قال أمير المؤمنين عليه السّلام في خطبة: و لا كنز أنفع من العلم. (3)

29-عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام، أنّه كان إذا جاءه طالب علم قال: مرحبا بوصيّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، ثم يقول: إنّ طالب العلم إذا خرج من منزله لم يضع رجله على رطب و لا يابس من الأرض إلاّ سبّحت له إلى الأرضين السابعة. (4)

30-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من خرج من بيته يطلب علما شيّعه سبعون ألف ملك يستغفرون له. (5)

31-عن الرضا عن آبائه عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: طلب العلم فريضة على كلّ مسلم، فاطلبوا العلم من مظانّه، و اقتبسوه من أهله، فإنّ تعليمه للّه حسنة، و طلبه عبادة، و المذاكرة به تسبيح، و العمل به جهاد، و تعليمه من لا يعلمه صدقة، و بذله لأهله قربة إلى اللّه تعالى، لأنّه معالم الحلال و الحرام، و منار سبل الجنّة، و المونس في الوحشة،

ص:199


1- -سفينة البحار ج 2 ص 220
2- البحار ج 78 ص 6
3- البحار ج 1 ص 165 ب 1 من العلم ح 3
4- البحار ج 1 ص 168 ح 16
5- البحار ج 1 ص 170 ح 21

و الصاحب في الغربة و الوحدة، و المحدّث في الخلوة، و الدليل على السرّاء و الضرّاء، و السلاح على الأعداء، و الزين عند الأخلاّء، يرفع اللّه به أقواما فيجعلهم في الخير قادة تقتبس آثارهم، و يهتدى بفعالهم، و ينتهى إلى رأيهم، و ترغب الملائكة في خلّتهم، و بأجنحتها تمسحهم، و في صلاتها تبارك عليهم، يستغفر لهم كلّ رطب و يابس حتّى حيتان البحر و هوامّه، و سباع البرّ و أنعامه.

إنّ العلم حياة القلوب من الجهل، و ضياء الأبصار من الظلمة، و قوّة الأبدان من الضعف، يبلغ بالعبد منازل الأخيار، و مجالس الأبرار، و الدرجات العلى في الدنيا و الآخرة، الذكر فيه يعدل بالصيام، و مدارسته بالقيام، به يطاع الربّ و يعبد، و به توصل الأرحام، و به يعرف الحلال و الحرام، العلم أمام العمل و العمل تابعه، يلهمه السعداء، و يحرمه الأشقياء، فطوبى لمن لم يحرمه اللّه منه حظّه. (1)

بيان:

«الهامّة» جمع هوامّ: ما كان له سمّ كالحيّة، و قد تطلق الهوامّ على ما لا يقتل من الحشرات.

32-عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: العالم بين الجهّال كالحيّ بين الأموات، و إنّ طالب العلم ليستغفر له كلّ شيء حتّى حيتان البحر و هوامّه، و سباع البرّ و أنعامه، فاطلبوا العلم فإنّه السبب بينكم و بين اللّه عزّ و جلّ، و إنّ طلب العلم فريضة على كلّ مسلم. (2)

33-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: طلب العلم فريضة في كلّ حال. (3)

أقول:

قال رحمه اللّه ذيل ح 29: هذه الأخبار تدلّ على وجوب طلب العلم، و لا شكّ

ص:200


1- -البحار ج 1 ص 171 ح 24
2- البحار ج 1 ص 172 ح 25
3- البحار ج 1 ص 172 ح 27

في وجوب طلب القدر الضروريّ من معرفة اللّه و صفاته، و سائر اصول الدين، و معرفة العبادات و شرائطها و المناهي و لو بالأخذ عن عالم عينا، و الأشهر بين الأصحاب أنّ تحصيل أزيد من ذلك إمّا من الواجبات الكفائيّة أو من المستحبّات.

34-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من خرج من بيته ليلتمس بابا من العلم لينتفع به و يعلّمه غيره كتب اللّه له بكلّ خطوة عبادة ألف سنة صيامها و قيامها، و حفّته الملائكة بأجنحتها و صلّى عليه طيور السماء، و حيتان البحر، و دوابّ البرّ، و أنزله اللّه منزلة سبعين صدّيقا، و كان خيرا له من أن كانت الدنيا كلّها له فجعلها في الآخرة. (1)

35-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من أحبّ أن ينظر إلى عتقاء اللّه من النار فلينظر إلى المتعلّمين، فو الذي نفسي بيده ما من متعلّم يختلف إلى باب العالم إلاّ كتب اللّه له بكلّ قدم عبادة سنة، و بنى اللّه بكلّ قدم مدينة في الجنّة و يمشي على الأرض و هي تستغفر له، و يمسي و يصبح مغفورا له، و شهدت الملائكة أنّهم عتقاء اللّه من النار. (2)

36-و قال صلّى اللّه عليه و آله: نوم مع علم خير من صلاة مع جهل. (3)

37-قال الصادق عليه السّلام: تلاقوا و تحادثوا العلم، فإنّ بالحديث تجلى القلوب الرائنة، و بالحديث إحياء أمرنا، فرحم اللّه من أحيا أمرنا. (4)

أقول:

قد مرّ ما بمعناه في باب الحديث. و «الرين» : الطبع و الدنس، الحجاب الكثيف.

ص:201


1- -البحار ج 1 ص 177 ح 57
2- البحار ج 1 ص 184 ح 95
3- البحار ج 1 ص 185 ح 102
4- البحار ج 1 ص 202 ب 4 ح 14

38-عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: النظر في وجه العالم حبا له عبادة. (1)

39-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: حديث في حلال و حرام تأخذه من صادق خير من الدنيا و ما فيها من ذهب أو فضّة. (2)

40-عن محمّد قال: قال أبو عبد اللّه و أبو جعفر عليهما السّلام: لو أتيت بشابّ من شباب الشيعة لا يتفقّه لأدّبته، قال: و كان أبو جعفر عليه السّلام يقول: تفقّهوا و إلاّ فأنتم أعراب. (3)

41-قال الجواد عليه السّلام: التفقّه ثمن لكلّ غال و سلّم إلى كلّ عال. (4)

42-قال أبو عبد اللّه الصادق عليه السّلام: إذا كان يوم القيامة جمع اللّه عزّ و جلّ الناس في صعيد واحد، و وضعت الموازين، فتوزن دماء الشهداء مع مداد العلماء، فيرجّح مداد العلماء على دماء الشهداء. (5)

43-عن أبي محمّد عليه السّلام قال: قال عليّ بن محمّد عليهما السّلام: لو لا من يبقى بعد غيبة قائمنا عليه السّلام من العلماء الداعين إليه، و الدالّين عليه و الذابّين عن دينه بحجج اللّه، و المنقذين لضعفاء عباد اللّه من شباك إبليس و مردته و من فخاخ النواصب لما بقي أحد إلاّ ارتدّ عن دين اللّه، و لكنّهم الذين يمسكون أزمّة قلوب ضعفاء الشيعة، كما يمسك صاحب السفينة سكّانها، اولئك هم الأفضلون عند اللّه عزّ و جلّ. (6)

ص:202


1- -البحار ج 1 ص 205 ب 4 ح 29
2- البحار ج 1 ص 214 ب 6 ح 13
3- البحار ج 1 ص 214 ح 16
4- البحار ج 1 ص 218 ح 41
5- البحار ج 2 ص 14 ب 8 ح 26( أمالي الصدوق م 32 ح 1)
6- البحار ج 2 ص 6 ح 12

بيان:

قال رحمه اللّه: «الذبّ» الدفع. «الشباك» : جمع الشبكة التي يصاد بها. «المردة» : المتمرّدون العاصون. «الفخّ» : المصيدة (آلة يصاد بها) . «الأزمّة» : جمع زمام، يقال بالفارسيّة: مهار.

44-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا كان يوم القيامة بعث اللّه عزّ و جلّ العالم و العابد، فإذا وقفا بين يدي اللّه عزّ و جلّ قيل للعابد: انطلق إلى الجنّة، و قيل للعالم: قف تشفع للناس بحسن تأديبك لهم. (1)

45-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: علماء امّتي كأنبياء بني إسرائيل. (2)

46-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ساعة من عالم يتّكئ على فراشه ينظر في عمله خير من عبادة العابد سبعين عاما. (3)

47-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إذا مات الإنسان انقطع عمله إلاّ من ثلاث: علم ينتفع به، أو صدقة تجري له، أو ولد صالح يدعو له. (4)

48-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، إذا أتى على المؤمن أربعون صباحا و لم يجلس العلماء قسا قلبه و جرء على الكبائر. (5)

49-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

العلم بالفهم. (الغرر ج 1 ص 6 ف 1 ح 56)

الفهم بالفطنة-الفطنة بالبصيرة. (ح 57 و 58)

العلم كنز. (ص 7 ح 85)

ص:203


1- -البحار ج 2 ص 16 ح 36
2- البحار ج 2 ص 22 ح 67
3- البحار ج 2 ص 23 ح 71
4- البحار ج 2 ص 23 ح 70
5- لئالي الأخبار ج 1 ص 6

العلم عزّ. (ص 8 ح 122)

العلم دليل. (ص 9 ح 167)

العلم ينجيك. (ص 10 ح 196)

العلم حياة. (ص 11 ح 234)

العلم مجلّة-العلم حرز. (ص 12 ح 257 و 276)

العلم زين الحسب. (ص 14 ح 337)

العلم أفضل شرف. (ص 20 ح 536)

العلماء حكّام على الناس. (ح 559)

العلم مصباح العقل. (ص 21 ح 589)

العلم خير دليل-العلم أعظم كنز. (ص 23 ح 642 و 671)

العلم حياة و شفاء-الجهل داء و عياء. (ص 25 ح 738 و 739)

العلم أجلّ بضاعة. (ح 743)

العلم أعلى فوز. (ص 26 ح 781)

العلم أفضل قنية (1). (ص 29 ح 862)

العلم مركب الحلم. (ح 867)

العلم أصل كلّ خير-الجهل أصل كلّ شرّ. (ح 868 و 869)

العلم عنوان العقل-العلم لقاح المعرفة. (ح 878 و 880)

العلم ينجد الفكر-العلم نعم الدليل. (ح 882 و 887)

العلم قائد الحلم-العلم أفضل هداية. (ح 891 و 896)

العلوم نزهة الادباء. (ص 34 ح 1036)

العلم قاتل الجهل. (ص 35 ح 1072)

ص:204


1- -القنية بفتح القاف و كسرها: ما اكتسب

العلم داعي الفهم-العلم لا ينتهي. (ح 1074 و 1096)

العالم حيّ و إن كان ميّتا. (ص 37 ح 1167)

العالم من عرف قدره-العالم ينظر بقلبه و خاطره. (ص 43 ح 1283 و 1287)

العلم زين الأغنياء، و غنى الفقراء. (ص 58 ح 1563)

العامل بالعلم كالسائر على الطريق الواضح. (ح 1572)

العلم يهدي إلى الحقّ. (ص 60 ح 1617)

العلم مصباح العقل و ينبوع الفضل. (ح 1619)

العمل بغير علم ضلال-العلم كنز عظيم لا يفنى. (ص 61 ح 1622 و 1623)

العلم إحدى الحياتين. (ص 62 ح 1656)

العلم وراثة كريمة، و نعمة عميمة. (ص 64 ح 1680)

العلم أفضل الأنيسين. (ح 1694)

العلم باللّه أفضل العلمين. (ص 65 ح 1714)

العلماء غرباء لكثرة الجهّال. (ص 67 ح 1748)

العلم ينجي من الارتباك (1)و الحيرة. (ح 1754)

العلم يدلّ على العقل، فمن علم عقل. (ص 68 ح 1763)

العلم محيي النفس، و منير العقل، و مميت الجهل. (ح 1764)

العقل و العلم مقرونان في قرن، لا يفترقان و لا يتباينان. (ص 71 ح 1809)

العلم يرشدك إلى ما أمرك به، و الزهد يسهل لك الطريق إليه.

(ص 75 ح 1860)

العلماء أطهر الناس أخلاقا و أقلّهم في المطامع أعراقا. (ص 98 ح 2130)

العالم حيّ بين الموتى-الجاهل ميّت بين الأحياء. (ح 2139 و 2140)

ص:205


1- -ارتبك في الأمر: وقع فيه و لم يكد يخلص منه

أعون الأشياء على تزكية العقل التعليم. (ص 201 ف 8 ح 421)

إذا رأيت عالما فكن له خادما. (ص 313 ف 17 ح 71)

إذا أراد اللّه بعبد خيرا فقّهه في الدين، و ألهمه اليقين. (ص 322 ح 159)

ثمرة العلم معرفة اللّه. (ص 358 ف 23 ح 1)

ثمرة العلم العبادة. (ص 359 ح 14)

ثمرة العلم إخلاص العمل. (ص 361 ح 55)

غاية الفضائل العلم (ج 2 ص 505 ف 56 ح 34)

قيمة كلّ امرء ما يعلم. (ص 536 ف 61 ح 40)

من وقّر عالما فقد وقّر ربّه. (ص 675 ف 77 ح 1042)

لا شرف كالعلم (ص 831 ف 86 ح 50)

لا ينفع العلم بغير توفيق-لا خير في عمل بغير علم. (ص 841 ح 243 و 246)

لا يدرك العلم براحة الجسم. (ح 247)

لا نيّة لمن لا علم له-لا علم لمن لا بصيرة له. (ص 846 ح 336 و 337)

لا هداية لمن لا علم له. (ص 847 ح 349)

ص:206

الفصل الثانيّ: معنى العلم و أقسامه و من ينبغي أن يؤخذ منه
الأخبار

1-عن أبي الحسن موسى عليه السّلام قال: دخل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله المسجد فإذا جماعة قد أطافوا برجل فقال: ما هذا؟ فقيل: علاّمة، فقال: و ما العلاّمة؟ فقالوا له: أعلم الناس بأنساب العرب و وقائعها، و أيّام الجاهليّة، و الأشعار [و] العربيّة، قال: فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ذاك علم لا يضرّ من جهله، و لا ينفع من علمه، ثمّ قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّما العلم ثلاثة: آية محكمة، أو فريضة عادلة، أو سنّة قائمة، و ما خلاهنّ فهو فضل. (1)

بيان:

«ما العلاّمة؟» : أي ما حقيقة علمه الذي به اتّصف بكونه علاّمة؟ «العلم ثلاثة. . .» في الوافي: كأنّ الآية المحكمة إشارة إلى أصول العقائد، فإنّ براهينها الآيات المحكمات من العالم أو من القرآن. . . و الفريضة العادلة؛ إشارة إلى علوم الأخلاق. . . و السنّة القائمة إشارة إلى شرايع الأحكام و مسائل الحلال و الحرام. . .

2-عن جميل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: يغدو الناس على ثلاثة أصناف: عالم و متعلّم و غثاء، فنحن العلماء، و شيعتنا المتعلّمون، و سائر

ص:207


1- -الكافي ج 1 ص 24 باب صفة العلم ح 1

الناس غثاء. (1)

بيان:

في مجمع البحرين، «الغثاء» : ما يجييء فوق السيل ممّا يحمل من الزبد و الوسخ و غيره، (ثمّ قال ذيل الحديث:) يريد أراذل الناس و أسقاطهم، شبّههم بذلك لدناءة قدرهم و خفّة أحلامهم.

3-عن زيد الشحّام عن أبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: فَلْيَنْظُرِ اَلْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ (2)قال: قلت: ما طعامه؟ قال: علمه الذي يأخذه، عمّن يأخذه. (3)

4-عن سفيان بن عيينة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: وجدت علم الناس كلّه في أربع: أوّلها أن تعرف ربّك، و الثاني، أن تعرف ما صنع بك، و الثالث، أن تعرف ما أراد منك، و الرابع أن تعرف ما يخرجك من دينك. (4)

5-عن زرارة قال: كنت عند أبي جعفر عليه السّلام فقال له رجل من أهل الكوفة يسأله عن قول أمير المؤمنين عليه السّلام: «سلوني عمّا شئتم فلا تسألوني عن شيء إلاّ أنبأتكم به» قال: إنّه ليس أحد عنده علم شيء إلاّ خرج من عند أمير المؤمنين عليه السّلام، فليذهب الناس حيث شاؤوا، فو اللّه ليس الأمر إلاّ من ههنا -و أشار بيده إلى بيته- (5)

6-قال أبو جعفر عليه السّلام لسلمة بن كهيل و الحكم بن عتيبة: شرّقا و غرّبا،

ص:208


1- -الكافي ج 1 ص 26 باب أصناف الناس ح 4
2- عبس:24
3- الكافي ج 1 ص 39 باب النوادر من العلم ح 8
4- الكافي ج 1 ص 40 ح 11
5- الكافي ج 1 ص 329 كتاب الحجّة باب أنّه ليس شيء من الحقّ في يد الناس. . . ح 2

فلا تجدان علما صحيحا إلاّ شيئا خرج من عندنا أهل البيت. (1)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة، راجع البحار و بصائر الدرجات و. . .

7-سئل أمير المؤمنين عليه السّلام عن العلم، فقال: أربع كلمات: أن تعبد اللّه بقدر حاجتك إليه، و أن تعصيه بقدر صبرك على النار، و أن تعمل لدنياك بقدر عمرك فيها، و أن تعمل لآخرتك بقدر بقائك فيها.

و قال عليّ عليه السّلام: العلوم أربعة؛ علم ينفع، و علم يشفع، و علم يرفع، و علم يضع، فأمّا الذي ينفع علم الشريعة، و أمّا الذي يشفع علم القرآن، و أمّا الذي يرفع فالنحو، و أمّا الذي يضع فعلم النجوم. (2)

8-عن داود بن فرقد قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: أنتم أفقه الناس إذا عرفتم معاني كلامنا، إنّ الكلمة لتنصرف على وجوه، فلو شاء إنسان لصرف كلامه كيف شاء و لا يكذب. (3)

9-عن موسى بن جعفر عليه السّلام قال: لا تجلسوا عند كلّ عالم إلاّ عالم يدعوكم من الخمس إلى الخمس: من الشكّ إلى اليقين، و من الكبر إلى التواضع، و من الرياء إلى الإخلاص، و من العداوة إلى النصيحة، و من الرغبة إلى الزهد. (4)

10-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أفضل العبادة العلم باللّه. (5)

11-عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

ص:209


1- -الكافي ج 1 ص 329 ح 3
2- الاثنى عشرية ص 163 ب 4 ف 3
3- معاني الأخبار ص 1 ب 1 ح 1
4- البحار ج 1 ص 205 ب 4 من العلم ح 28
5- البحار ج 1 ص 215 ب 6 ح 21

من انهمك في طلب النحو سلب الخشوع. (1)

أقول:

في كنز العمّال خ 7922 عنه (ص) : من انهمك في طلب العربيّة سلب الخشوع.

بيان: «انهمك» في الأمر: جدّ فيه و لجّ.

12-قال الحسن بن عليّ عليهما السّلام: عجب لمن يتفكّر في مأكوله، كيف لا يتفكّر في معقوله؟ ! فيجنّب بطنه ما يؤذيه، و يودع صدره ما يرديه. (2)

أقول:

مرّ بهذا المعنى في باب الطعام.

13-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: العلم علمان: علم الأديان و علم الأبدان. (3)

14-عن زرارة و محمّد بن مسلم و بريد قالوا: قال رجل لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّ لي ابنا قد احبّ أن يسألك عن حلال و حرام لا يسألك عمّا لا يعنيه، قال: فقال: و هل يسأل الناس عن شيء أفضل من الحلال و الحرام؟ (4)

15-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: العلوم أربعة: الفقه للأديان، و الطبّ للأبدان، و النحو للسان، و النجوم لمعرفة الأزمان. (5)

16-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: العلم أكثر من أن يحصى فخذ من كلّ شيء أحسنه. (6)

17-قال الصادق عليه السّلام: العلم أصل كلّ حال سنيّ، و منتهى كلّ منزلة

ص:210


1- -البحار ج 1 ص 218 ح 37
2- البحار ج 1 ص 218 ح 43
3- البحار ج 1 ص 220 ح 52
4- البحار ج 1 ص 213 ح 9
5- البحار ج 1 ص 218 ح 42
6- البحار ج 1 ص 219 ح 50

رفيعة، لذلك قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: طلب العلم فريضة على كلّ مسلم و مسلمة، أي علم التقوى و اليقين.

و قال عليّ عليه السّلام: اطلبوا العلم و لو بالصين، و هو علم معرفة النفس، و فيه معرفة الربّ عزّ و جلّ. (1)

بيان:

قال رحمه اللّه: «علم التقوى» هو العلم بالأوامر و النواهي و التكاليف التي يتّقى بها من عذاب اللّه، و «علم اليقين» علم ما يتعلّق من المعارف بأصول الدين، و يحتمل أن يكون علم التقوى أعمّ منهما و يكون اليقين معطوفا على العلم و تفسيرا له، أي العلم المأمور به هو اليقين.

18-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: العلم علمان: علم على اللسان فذلك حجّة على ابن آدم، و علم في القلب فذلك العلم النافع. (2)

19-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: اللهمّ ارحم خلفائي-ثلاث مرّات-قيل له: يا رسول اللّه، و من خلفاؤك؟ قال: الذين يأتون من بعدي و يروون أحاديثي و سنّتي فيسلّمونها الناس من بعدي. (3)

أقول:

في ح 3، قيل: يا رسول اللّه، و من خلفاؤك؟ قال: الذين يتّبعون حديثي و سنّتي ثمّ يعلّمونها امّتي.

20-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال لي: يا جابر، و اللّه لحديث تصيبه من صادق في حلال و حرام خير لك ممّا طلعت عليه الشمس حتّى

ص:211


1- -البحار ج 2 ص 31 ب 9 ح 20 و 21
2- البحار ج 2 ص 33 ح 26
3- البحار ج 2 ص 144 ب 19 ح 4

تغرب. (1)

21-قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّ حديثنا يحيي القلوب، و قال: منفعته في الدين أشدّ على الشيطان من عبادة سبعين ألف عابد. (2)

22-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من تعلّم حديثين اثنين ينفع بهما نفسه أو يعلّمهما غيره فينتفع بهما كان خيرا من عبادة ستّين سنة. (3)

23-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

العلم أكثر من أن يحاط به فخذوا من كلّ علم أحسنه.

(الغرر ج 1 ص 74 ف 1 ح 1843)

ألزم العلم بك ما دلّك على صلاح دينك و أبان لك عن فساده.

(ص 210 ف 8 ح 512)

خير العلم ما أصلحت به رشادك، و شرّه ما أفسدت به معادك.

(ص 392 ف 29 ح 75)

رأس العلم التمييز بين الأخلاق، و إظهار محمودها و قمع مذمومها.

(ص 413 ف 34 ح 44)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في الفصل الأوّل و أبواب الحديث، المجالسة، الصداقة و. . . و سيأتي في حديث عنوان البصريّ في ف 4 عن الصادق عليه السّلام: «ليس العلم بالتعلّم، إنّما هو نور يقع في قلب من يريد اللّه تعالى أن يهديه» .

و في باب التقيّة في حديث عليّ بن الحسين عليهما السّلام: «إنّما صار سلمان من العلماء لأنّه امرء منّا أهل البيت، فلذلك نسبه إلينا» .

ص:212


1- -البحار ج 2 ص 146 ح 15
2- البحار ج 2 ص 151 ح 29
3- البحار ج 2 ص 152 ح 44
الفصل الثالث: العمل بالعلم
الآية

قال اللّه تعالى: يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ- كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اَللّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ. (1)

الأخبار

1-عن سليم بن قيس قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: العلماء رجلان: رجل عالم آخذ بعلمه فهذا ناج، و عالم تارك لعلمه فهذا هالك، و إنّ أهل النار ليتأذّون من ريح العالم التارك لعلمه، و إنّ أشدّ أهل النار ندامة و حسرة رجل دعا عبدا إلى اللّه فاستجاب له و قبل منه فأطاع اللّه فأدخله اللّه الجنّة، و أدخل الداعي النار بتركه علمه، و اتّباعه الهوى و طول الأمل، أمّا اتّباع الهوى فيصدّ عن الحقّ و طول الأمل ينسي الآخرة. (2)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في أبواب الحسرة، العدل و. . .

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: العلم مقرون إلى العمل، فمن علم عمل،

ص:213


1- -الصفّ:2 و 3
2- الكافي ج 1 ص 35 باب استعمال العلم ح 1

و من عمل علم، و العلم يهتف بالعمل فإن أجابه و إلاّ ارتحل عنه. (1)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر، راجع البحار ج 2 ب 9 و غيره.

بيان: «العلم» : المراد بالعلم هنا نور يجعله اللّه في قلب من يشاء لا العلوم المتداولة بين الناس فإنّهم يزدادون العلم بلا عمل.

«يهتف» : يصيح و يدعو صاحبه أي العلم طالب للعمل، و يدعو الشخص إليه فإن لم يعمل بما هو مطلوب العلم و مقتضاه فارقه.

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ العالم إذا لم يعمل بعلمه، زلّت موعظته عن القلوب كما يزلّ المطر عن الصفا. (2)

4-جاء رجل إلى عليّ بن الحسين عليهما السّلام فسأله عن مسائل فأجاب، ثمّ عاد ليسأل عن مثلها، فقال عليّ بن الحسين عليه السّلام: مكتوب في الإنجيل: لا تطلبوا علم ما لا تعلمون و لمّا تعملوا بما علمتم، فإنّ العلم إذا لم يعمل به لم يزدد صاحبه إلاّ كفرا، و لم يزدد من اللّه إلاّ بعدا. (3)

بيان:

«و لمّا تعملوا» الواو للحال، و في الوافي: أي لا تسألوا عن المجهول و الحال أنّكم لم تعملوا بعد بالمعلوم.

5-قال أمير المؤمنين عليه السّلام في خطبة له: أيّها الناس، إذا علمتم فاعملوا بما عملتم لعلّكم تهتدون، إنّ العالم العامل بغيره كالجاهل الحائر الذي لا يستفيق عن جهله، بل قد رأيت أنّ الحجّة عليه أعظم، و الحسرة أدوم على هذا العالم المنسلخ من علمه منها على هذا الجاهل المتحيّر في جهله، و كلاهما حائر بائر،

ص:214


1- -الكافي ج 1 ص 35 ح 2( نهج البلاغة ص 1256 ح 358)
2- الكافي ج 1 ص 35 ح 3
3- الكافي ج 1 ص 35 ح 4

لا ترتابوا فتشكّوا، و لا تشكّوا فتكفروا، و لا ترخّصوا لأنفسكم فتدهنوا، و لا تدهنوا في الحقّ فتخسروا، و إنّ من الحقّ أن تفقّهوا، و من الفقه أن لا تغترّوا، و إنّ أنصحكم لنفسه أطوعكم لربّه، و أغشّكم لنفسه أعصاكم لربّه، و من يطع اللّه يأمن و يستبشر، و من يعص اللّه يخب و يندم. (1)

بيان:

«بغيره» : أي بغير علمه. «الحائر» : من حار يحار أي تحيّر في أمره و لم يكن له مخرج «لا يستفيق» : أي لا يستيقظ عن جهله و لا يتنبّه. «البائر» : أي الهالك.

«المنسلخ» يقال: انسلخ من ثيابه إذا تجرّد.

في المرآة ج 1 ص 145: «لا ترخّصوا لأنفسكم» أي لا تسهلوا لأنفسكم أمر الإطاعة و العصيان و لا تخفّفوا عليها من الحقوق، فتقعوا في المداهنة في أمر الدين و المساهلة في باب الحقّ و اليقين، فتكونوا من الخاسرين، أو لا ترخّصوا لأنفسكم في ارتكاب المكروهات و ترك المسنونات، و التوسّع في المباحات فإنّها طرق إلى المحرّمات، و يؤيّده بعض الروايات.

6-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السّلام قال: جاء رجل إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال: يا رسول اللّه، ما العلم؟ قال: الإنصات قال: ثمّ مه؟ قال: الاستماع، قال: ثمّ مه؟ قال: الحفظ، قال: ثمّ مه؟ قال: العمل به، قال: ثمّ مه يا رسول اللّه؟ قال: نشره. (2)

بيان:

«الإنصات» : أي السكوت عند الاستماع.

7-قال الصادق عليه السّلام: قطع ظهري اثنان: عالم متهتّك، و جاهل متنسّك،

ص:215


1- -الكافي ج 1 ص 36 ح 6
2- الكافي ج 1 ص 38 باب نوادر العلم ح 4

هذا يصدّ الناس عن علمه بتهتّكه، و هذا يصدّ الناس عن نسكه بجهله. (1)

أقول:

سيأتي نحوه عن أمير المؤمنين عليه السّلام في ف 5.

بيان: «عالم متهتّك» هتك الستر: جذبه فقطعه من موضعه، و تهتّك فلان: افتضح، و رجل متهتّك أي لا يبالي أن يهتك ستره «المتنسّك» المتعبّد المجتهد في العبادة. و صدّ الجاهل عن نسكه لأنّ الناس لمّا يرون من جهله لا يتّبعونه على نسكه.

و في حديث أمير المؤمنين عليه السّلام: «فالجاهل يغشّ الناس بتنسّكه» و المعنى أنّه لمّا يرون أعماله و نسكه رائقة، يتّبعونه في تلك النسك و الأعمال، فيحسبون أنّ الدين هو هذه، فبذلك يصدّهم الجاهل عن حقيقة الدين.

8-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أوحى اللّه إلى بعض أنبيائه: قل للذين يتفقّهون لغير الدين، و يتعلّمون لغير العمل، و يطلبون الدنيا لغير الآخرة، يلبسون للناس مسوك الكباش و قلوبهم كقلوب الذئاب، ألسنتهم أحلى من العسل و أعمالهم أمرّ من الصّبر: إيّاي يخادعون؟ و بي يستهزؤون؟ لاتيحنّ لهم فتنة تذر الحكيم حيرانا. (2)

أقول:

قد مرّ ما بمعناه مع شرحه في باب حبّ الدنيا.

بيان: «مسوك» جمع المسك و هي الجلد.

«لأتيحنّ» يقال: تاح له: قدّر له و تهيّأ، و أتاحه: هيّأه و قدّره.

9-عن أبي الحسن الرضا عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام أنّه قال: الدنيا كلّها جهل إلاّ مواضع العلم، و العلم كلّه حجّة إلاّ ما عمل به، و العمل

ص:216


1- -البحار ج 1 ص 208 ب 5 من العلم ح 8
2- البحار ج 1 ص 224 ب 7 ح 15( عدّة الداعي ص 70)

كلّه رياء إلاّ ما كان مخلصا، و الإخلاص على خطر حتّى ينظر العبد بما يختم له. (1)

10-عن ابن زياد قال: سمعت جعفر بن محمّد عليهما السّلام-و قد سئل عن قوله تعالى: قُلْ فَلِلّهِ اَلْحُجَّةُ اَلْبالِغَةُ (2)-فقال: إنّ اللّه تعالى يقول للعبد يوم القيامة: عبدي أكنت عالما؟ فإن قال: نعم قال له: أ فلا عملت بما علمت؟ و إن قال: كنت جاهلا، قال له: أ فلا تعلّمت حتّى تعمل؟ فيخصم فتلك الحجّة البالغة. (3)

بيان:

قال رحمه اللّه: فيخصم على البناء للمفعول، يقال: خاصمه فخصمه أي غلبه.

11-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من عمل بما علم كفي ما لم يعلم. (4)

بيان:

قال رحمه اللّه: «كفي ما لم يعلم» أي علّمه اللّه بلا تعب.

12-عن المفضّل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ الحسرة و الندامة و الويل كلّه لمن لم ينتفع بما أبصر، و من لم يدر الأمر الذي هو عليه مقيم أنفع هو له أم ضرر؟ قال: قلت: فبما يعرف الناجي؟ قال: من كان فعله لقوله موافقا، فأثبت له الشهادة بالنجاة، و من لم يكن فعله لقوله موافقا فإنّما ذلك مستودع. (5)

13-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: نعوذ باللّه من علم لا ينفع، و هو العلم الذي يضادّ العمل بالإخلاص، و اعلم أنّ قليل العلم يحتاج إلى كثير العمل، لأنّ علم ساعة يلزم صاحبه استعماله طول عمره.

ص:217


1- -البحار ج 2 ص 29 ب 9 من العلم ح 9
2- الأنعام:149
3- البحار ج 2 ص 29 ح 10
4- البحار ج 2 ص 30 ح 14
5- البحار ج 2 ص 30 ح 17

قال عيسى عليه السّلام: رأيت حجرا مكتوبا عليه: قلّبني، فقلّبته فإذا على باطنه: من لا يعمل بما يعلم مشوم عليه طلب ما لا يعلم، و مردود عليه ما علم.

أوحى اللّه تبارك و تعالى إلى داود عليه السّلام: أنّ أهون ما أنا صانع بعالم غير عامل بعلمه أشدّ من سبعين عقوبة؛ أن أخرج من قلبه حلاوة ذكري. . . (1)

14-و قال صلّى اللّه عليه و آله: العلم الذي لا يعمل به كالكنز الذي لا ينفق منه، أتعب صاحبه نفسه في جمعه و لم يصل إلى نفعه. (2)

15-و قال صلّى اللّه عليه و آله: مثل الذي يعلم الخير و لا يعمل به مثل السراج يضيئ للناس و يحرق نفسه. (3)

16-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: كلّ علم وبال على صاحبه إلاّ من عمل به. (4)

17-و قال صلّى اللّه عليه و آله: أشدّ الناس عذابا يوم القيامة، عالم لم ينفعه علمه. (5)

18-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لابن مسعود: يابن مسعود، من تعلّم العلم و لم يعمل بما فيه حشره اللّه يوم القيامة أعمى، و من تعلّم العلم رياء و سمعة يريد به الدنيا، نزع اللّه بركته و ضيّق عليه معيشته و وكله اللّه إلى نفسه، و من وكله إلى نفسه فقد هلك. . . (6)

19-في وصايا الباقر عليه السّلام: من عمل بما يعلم علّمه اللّه ما لم يعلم. (7)

ص:218


1- -البحار ج 2 ص 32 ح 23 و 24 و 25
2- البحار ج 2 ص 37 ح 55
3- البحار ج 2 ص 38 ح 56
4- البحار ج 2 ص 38 ح 63
5- البحار ج 2 ص 38 ح 64
6- البحار ج 77 ص 102
7- البحار ج 78 ص 189

أقول:

قد مرّ في باب العقل في حديث موسى بن جعفر عليهما السّلام لهشام: يا هشام، نصب الحقّ لطاعة اللّه، و لا نجاة إلاّ بالطاعة، و الطاعة بالعلم، و العلم بالتعلّم، و التعلّم بالعقل يعتقد، و لا علم إلاّ من عالم ربّاني، و معرفة العلم بالعقل.

20-قال عليّ عليه السّلام: ختمت التوراة بخمس كلمات، فأنا أحبّ أن أطالعها في صبيحة كلّ يوم: الأوّل، العالم الذي لا يعمل بعلمه فهو و إبليس سواء، و الثاني، سلطان لا يعدل برعيّته فهو و فرعون سواء، و الثالث، فقير يتذلّل لغنيّ طمعا في ماله فهو و الكلب سواء، و الرابع، غنيّ لا ينتفع بماله فهو و الآجر سواء و الخامس، امرأة تخرج من بيتها بغير ضرورة هي و الأمة سواء. (1)

21-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

العلم بالعمل. (الغرر ج 1 ص 12 ف 1 ح 293)

العلم كثير و العمل قليل. (ص 42 ح 1268)

العلم رشد لمن عمل به. (ص 45 ح 1324)

العلم كلّه حجّة إلاّ ما عمل به. (ص 51 ح 1441)

العمل كلّه هباء إلاّ ما اخلص فيه. (ح 1442)

العلم بغير عمل وبال-العمل بغير علم ضلال. (ص 61 ح 1621 و 1622)

العالم من شهدت بصحّة أقواله أفعاله. (ص 67 ح 1740)

العالم مقرون بالعمل، فمن علم عمل. (ص 83 ح 1965)

العلم يهتف بالعمل فإن أجابه و إلاّ ارتحل. (ص 84 ح 1966)

العمل بالعلم من تمام النعمة. (ص 91 ح 2074)

أنفع العلم ما عمل به. (ص 178 ف 8 ح 105)

ص:219


1- -الاثنى عشرية ص 206 ب 5 ف 4

أفضل العمل ما اخلص فيه. (ح 106)

أشدّ الناس ندما عند الموت العلماء غير العاملين. (ص 197 ح 374)

إنّما زهّد الناس في طلب العلم كثرة ما يرون من قلّة عمل من عمل بما علم. (ص 300 ف 15 ح 36)

إذا رمتم (شئتم ف ن) الانتفاع بالعلم، فاعملوا به، و أكثروا الفكر في معانيه، تعه القلوب. (ص 327 ف 17 ح 186)

تارك العمل بالعلم غير واثق بثواب العمل. (ص 349 ف 22 ح 51)

ثمرة العلم العمل به-ثمرة العمل الأجر عليه. (ص 360 ف 23 ح 38 و 39)

ثمرة العلم إخلاص العمل. (ص 361 ح 55)

على العالم أن يعمل بما علم، ثمّ يطلب تعلّم ما لم يعلم.

(ج 2 ص 488 ف 51 ح 25)

علم المنافق في لسانه. (ص 498 ف 55 ح 3)

علم المؤمن في عمله. (ح 4)

علم بلا عمل كشجر بلا ثمر-علم بلا عمل كقوس بلا وتر. (ح 5 و 6)

علم لا ينفع كدواء لا ينجع. (ح 7)

غاية العلم حسن العمل. (ص 504 ف 56 ح 12)

من تعلّم العلم للعمل به لم يوحشه فساده (كساده ف ن) .

(ص 644 ف 77 ح 589)

من عمل بالعلم بلغ بغيته من العلم و مراده (ح 590)

من لم يعمل بالعلم كان حجّة عليه و وبالا. (ص 700 ح 1307)

ما علم من لم يعمل بعلمه. (ص 739 ف 79 ح 60)

ما زكى العلم بمثل العمل به. (ص 742 ح 117)

لا خير في العمل إلاّ مع العلم (ص 843 ف 86 ح 271)

ص:220

لا يترك العلم بالعلم إلاّ من شكّ في الثواب عليه. (ص 854 ح 432)

لا يعمل بالعلم إلاّ من أيقن بفضل الأجر. (ح 433)

ص:221

الفصل الرابع: صفة العلم و العلماء
الآية

قال اللّه تعالى: وَ مِنَ اَلنّاسِ وَ اَلدَّوَابِّ وَ اَلْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ كَذلِكَ إِنَّما يَخْشَى اَللّهَ مِنْ عِبادِهِ اَلْعُلَماءُ إِنَّ اَللّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ. (1)

الأخبار

1-عن معاوية بن وهب قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: اطلبوا العلم، و تزيّنوا معه بالحلم و الوقار، و تواضعوا لمن تعلّمونه العلم، و تواضعوا لمن طلبتم منه العلم، و لا تكونوا علماء جبّارين فيذهب باطلكم بحقّكم. (2)

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: إِنَّما يَخْشَى اَللّهَ مِنْ عِبادِهِ اَلْعُلَماءُ قال: يعني بالعلماء من صدّق فعله قوله، و من لم يصدّق فعله قوله فليس بعالم. (3)

3-عن الحلبيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ألا اخبركم بالفقيه حقّ الفقيه؟ من لم يقنّط الناس من رحمة اللّه، و لم يؤمّنهم

ص:222


1- -فاطر:28
2- الكافي ج 1 ص 28 باب صفة العلماء ح 1
3- الكافي ج 1 ص 28 ح 2

من عذاب اللّه، و لم يرخّص لهم في معاصي اللّه، و لم يترك القرآن رغبة عنه إلى غيره.

ألا لا خير في علم ليس فيه تفهّم، ألا لا خير في قراءة ليس فيها تدبّر، ألا لا خير في عبادة ليس فيها تفكّر. . . (1)

4-قال الرضا عليه السّلام: إنّ من علامات الفقه (الفقيه ف ن) الحلم و الصمت. (2)

5-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لا يكون السفه و الغرّة في قلب العالم. (3)

بيان:

«الغرّة» : الغفلة، و في بعض النسخ: "العزّة"و هي التكبّر.

6-عن معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: يا طالب العلم، إنّ للعالم ثلاث علامات: العلم و الحلم و الصمت، و للمتكلّف ثلاث علامات: ينازع من فوقه بالمعصية، و يظلم من دونه بالغلبة، و يظاهر الظلمة. (4)

بيان:

«المتكلّف» : المراد من يدّعي العلم تكلّفا. «يظاهر الظلمة» : أي يعاونهم بالفتاوى الفاسدة، و التوجيهات لأعمالهم الباطلة و. . .

7-عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: يا طالب العلم، إنّ العلم ذو فضائل كثيرة: فرأسه التواضع، و عينه البراءة من الحسد، و اذنه الفهم، و لسانه الصدق، و حفظه الفحص، و قلبه حسن النيّة، و عقله معرفة الأشياء و الأمور، و يده الرحمة، و رجله زيارة العلماء، و همّته

ص:223


1- -الكافي ج 1 ص 28 ح 3
2- الكافي ج 1 ص 28 ح 4
3- الكافي ج 1 ص 28 ح 5
4- الكافي ج 1 ص 29 ح 7

السلامة، و حكمته الورع، و مستقرّه النجاة، و قائده العافية، و مركبه الوفاء، و سلاحه لين الكلمة (الكلام ف ن) ، و سيفه الرضا، و قوسه المداراة، و جيشه محاورة العلماء، و ماله الأدب، و ذخيرته اجتناب الذنوب، و زاده المعروف، و ماؤه الموادعة، و دليله الهدى، و رفيقه محبّة الأخيار. (1)

بيان:

«محاورة العلماء» : مكالمتهم و مجاورتهم. «المال» : البضاعة التي يتّجر بها «الذخيرة» : ما يحرز لوقت الحاجة. «ماؤه الموادعة» الماء: الرونق، و وادعه موادعة: تاركه العداوة أي صالحه و سالمه، و في بعض النسخ: "و مأواه الموادعة"، و في مجمع البحرين: لعلّ المراد المباحثة و المذاكرة و المناظرة، لأنّ جميع ذلك حفظ للعلم، و ضبطه بعض المعاصرين"و ماءه الموادعة"و هو تصحيف. «دليله الهدى» أي ما يدلّه و يرشده إلى الحقّ و النجاة الهدى أي هدى اللّه.

«محبّة الأخيار» : في تحف العقول: "صحبة الأخيار".

8-عن حمّاد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: نعم وزير الإيمان العلم، و نعم وزير العلم الحلم، و نعم وزير الحلم الرفق، و نعم وزير الرفق الصبر. (2)

9-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: طلبة العلم ثلاثة فاعرفهم بأعيانهم و صفاتهم: صنف يطلبه للجهل و المراء، و صنف يطلبه للاستطالة و الختل، و صنف يطلبه للفقه و العقل، فصاحب الجهل و المراء موذ ممار، متعرّض للمقال في أندية الرجال بتذاكر العلم و صفة الحلم، قد تسربل بالخشوع و تخلّى من الورع، فدقّ اللّه من هذا خيشومه، و قطع منه حيزومه.

ص:224


1- -الكافي ج 1 ص 38 باب النوادر من العلم ح 2
2- الكافي ج 1 ص 38 ح 3

و صاحب الاستطالة و الختل، ذو خبّ و ملق، يستطيل على مثله من أشباهه، و يتواضع للأغنياء من دونه، فهو لحلوائهم هاضم، و لدينه حاطم، فأعمى اللّه على هذا خبره، و قطع من آثار العلماء أثره.

و صاحب الفقه و العقل ذو كآبة و حزن و سهر، قد تحنّك في برنسه، و قام الليل في حندسه، يعمل و يخشى وجلا داعيا مشفقا، مقبلا على شأنه، عارفا بأهل زمانه، مستوحشا من أوثق إخوانه، فشدّ اللّه من هذا أركانه، و أعطاه يوم القيامة أمانه. (1)

بيان:

«الاستطالة» : العلوّ و الترفّع. «الختل» : الخداع. «أندية الرجال» : جمع النادي أي مجتمع القوم و مجلسهم. «تسربل بالخشوع» : من السربال و هو القميص أي أظهر الخشوع للتشبّه بالخاشعين، و التزييّ بزيّهم، مع خلوّه عنه لخلوّه من الورع اللازم له. «الخيشوم» : أعلى الأنف، و المراد بدقّ الخيشوم: إذلاله و إبطال أمره، و رفع الانتظام عن أحواله و أفعاله. «الحيزوم» : وسط الصدر، و هو ما استدار بالظهر و البطن. . .

«الخبّ» : الخدعة و الخبث و الغشّ. «الملق» : المداهنة و الملاينة باللسان و الإعطاء باللسان ما ليس في القلب.

و المراد بحلوائهم ما يمنحه الأغنياء من دنياهم، و الحطم: الكسر المؤدّي إلى الفساد يعني يأكل من مطعوماتهم و أموالهم فيحطم دينه و يهدم إيمانه و يقينه. «خبره» بضمّ الخاء أي علمه، أو بالتحريك دعاء عليه بالاستيصال و الفناء، بحيث لا يبقى خبر بين الناس «أثره» المراد هنا ما يبقى من آثار علمه بين الناس، أو دعاء عليه

ص:225


1- -الكافي ج 1 ص 39 ح 5-و مثله في المجالس و الخصال ج 1 ص 194 باب الثلاثة ح 269 عن أمير المؤمنين عليه السّلام

بالموت، و الأوّل أظهر «الكآبة» سوء الحال و الانكسار من شدّة الهمّ و الحزن.

«البرنس» : قلنسوة طويلة كان يلبسها النسّاك و العبّاد في صدر الإسلام «في حندسه» : في ظلمته. «مشفقا» : أي من الانتهاء إلى الضلال أو مشفقا على الناس، متعطّفا عليهم بهدايتهم. «مقبلا على شأنه» : أي على إصلاح نفسه، و تهذيب باطنه. (راجع المرآة ج 1 ص 159)

10-عن حمّاد بن عيسى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال لقمان لابنه: للعالم ثلاث علامات: العلم باللّه، و بما يحبّ، و ما يكره. . . (1)

أقول:

تمام الحديث في الخصال ص 121 باب الثلاثة ح 113، و فيه: فكن يا حمّاد، طالبا للعلم في آناء الليل و أطراف النهار. . .

11-عن عنوان البصريّ-و كان شيخا كبيرا قد أتى عليه أربع و تسعون سنة-قال: كنت أختلف إلى مالك بن أنس سنين، فلمّا قدم جعفر الصادق عليه السّلام المدينة اختلفت إليه، و أحببت أن آخذ عنه كما أخذت عن مالك، فقال لي يوما: إنّي رجل مطلوب و مع ذلك لي أوراد في كلّ ساعة من آناء الليل و النهار، فلا تشغلني عن وردي، و خذ عن مالك، و اختلف إليه كما كنت تختلف إليه.

فاغتممت من ذلك، و خرجت من عنده و قلت في نفسي: لو تفرّس فيّ خيرا لما زجرني عن الاختلاف إليه و الأخذ عنه، فدخلت مسجد الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّمت عليه، ثمّ رجعت من الغد إلى الروضة و صلّيت فيها ركعتين، و قلت: أسألك يا أللّه يا أللّه أن تعطف عليّ قلب جعفر و ترزقني من علمه ما أهتدي به إلى صراطك المستقيم، و رجعت إلى داري مغتمّا و لم أختلف إلى مالك بن أنس، لما اشرب

ص:226


1- -البحار ج 1 ص 210 ب 6 من العلم ح 2

قلبي من حبّ جعفر، فما خرجت من داري إلاّ إلى الصلاة المكتوبة حتّى عيل صبري، فلمّا ضاق صدري تنعّلت و تردّيت و قصدت جعفرا و كان بعد ما صلّيت العصر، فلمّا حضرت باب داره استأذنت عليه، فخرج خادم له فقال: ما جاجتك؟ فقلت: السّلام على الشريف، فقال: هو قائم في مصلاّه، فجلست بحذاء بابه فما لبثت إلاّ يسيرا إذ خرج خادم فقال: ادخل على بركة اللّه.

فدخلت و سلّمت عليه، فردّ السّلام و قال: اجلس غفر اللّه لك، فجلست فأطرق مليّا، ثمّ رفع رأسه، و قال: أبو من؟ قلت: أبو عبد اللّه، قال: ثبّت اللّه كنيتك و وفّقك يا أبا عبد اللّه، ما مسألتك؟ فقلت في نفسي: لو لم يكن من زيارته و التسليم غير هذا الدعاء لكان كثيرا، ثمّ رفع رأسه ثمّ قال: ما مسألتك؟ فقلت: سألت اللّه أن يعطف قلبك عليّ و يرزقني من علمك، و أرجو أنّ اللّه تعالى أجابني في الشريف ما سألته.

فقال: يا أبا عبد اللّه، ليس العلم بالتعلّم، إنّما هو نور يقع في قلب من يريد اللّه تبارك و تعالى أن يهديه، فإن أردت العلم فاطلب أوّلا في نفسك حقيقة العبوديّة، و اطلب العلم باستعماله، و استفهم اللّه يفهمك. قلت: يا شريف فقال: قل: يا أبا عبد اللّه.

قلت: يا أبا عبد اللّه، ما حقيقة العبوديّة؟ قال: ثلاثة أشياء: أن لا يرى العبد لنفسه فيما خوّله للّه ملكا، لأنّ العبيد لا يكون لهم ملك يرون المال مال اللّه يضعونه حيث أمرهم اللّه به، و لا يدبّر العبد لنفسه تدبيرا، و جملة اشتغاله فيما أمره تعالى به و نهاه عنه.

فإذا لم ير العبد لنفسه فيما خوّله اللّه تعالى ملكا هان عليه الإنفاق فيما أمره اللّه تعالى أن ينفق فيه، و إذا فوّض العبد تدبير نفسه على مدبّره هان عليه مصائب الدنيا، و إذا اشتغل العبد بما أمره اللّه تعالى و نهاه لا يتفرّغ منهما إلى المراء و المباهاة مع الناس، فإذا أكرم اللّه العبد بهذه الثلاثة هان عليه الدنيا، و إبليس،

ص:227

و الخلق، و لا يطلب الدنيا تكاثرا و تفاخرا، و لا يطلب ما عند الناس عزّا و علوّا، و لا يدع أيّامه باطلا، فهذا أوّل درجة التقى، قال اللّه تبارك و تعالى: تِلْكَ اَلدّارُ اَلْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي اَلْأَرْضِ وَ لا فَساداً وَ اَلْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (1).

قلت: يا أبا عبد اللّه، أوصني قال: أوصيك بتسعة أشياء فإنّها وصيّتي لمريدي الطريق إلى اللّه تعالى، و اللّه أسأل أن يوفّقك لإستعماله، ثلاثة منها في رياضة النفس، و ثلاثة منها في الحلم، و ثلاثة منها في العلم، فاحفظها و إيّاك و التهاون بها.

قال عنوان: ففرّغت قلبي له، فقال: أمّا اللواتي في الرياضة: فإيّاك أن تأكل ما لا تشتهيه فإنّه يورث الحماقة و البله، و لا تأكل إلاّ عند الجوع، و إذا أكلت فكل حلالا و سمّ اللّه، و اذكر حديث الرسول صلّى اللّه عليه و آله: ما ملأ آدميّ وعاءا شرّا من بطنه، فإن كان و لا بدّ فثلث لطعامه و ثلث لشرابه و ثلث لنفسه.

و أمّا اللواتي في الحلم: فمن قال لك: إن قلت واحدة سمعت عشرا فقل: إن قلت عشرا لم تسمع واحدة، و من شتمك فقل له: إن كنت صادقا فيما تقول فأسأل اللّه أن يغفر لي، و إن كنت كاذبا فيما تقول فاللّه أسأل أن يغفر لك، و من وعدك بالخنى فعده بالنصيحة و الرعاء.

و أمّا اللواتي في العلم فاسأل العلماء ما جهلت، و إيّاك أن تسألهم تعنّتا و تجربة، و إيّاك أن تعمل برأيك شيئا، و خذ بالاحتياط في جميع ما تجد إليه سبيلا، و اهرب من الفتيا هربك من الأسد، و لا تجعل رقبتك للناس جسرا.

قم عنّي يا أبا عبد اللّه، فقد نصحت لك و لا تفسد عليّ وردي، فإنّي امرؤ ضنين بنفسي، و السّلام على من اتّبع الهدى. (2)

ص:228


1- -القصص:83
2- البحار ج 1 ص 224 ب 7 ح 17

بيان:

اختلف إلى المكان: تردّد أي جاء مرّة بعد اخرى.

«عيل صبري» في مجمع البحرين (عيل) : على صيغة المجهول من عال: إذا غلب. . .

و قيل: رفع، من قولهم: عالت الفريضة إذا ارتفعت. «تنعّلت» : أي لبست النعل «تردّيت» : أي لبست الرداء. «المليّ» : الطويل من الزمان. «خوّله اللّه» : أي أعطاه اللّه إيّاه. «الخنى» : الفحش في الكلام.

«تعنّتا» في القاموس: العنت. . . دخول المشقّة على الإنسان، و جاءه متعنّتا أي طالبا زلّته انتهى. و تعنّته في السؤال: سأله على جهة التلبيس عليه.

12-في مواعظ أمير المؤمنين عليه السّلام: من تواضع للمتعلّمين و ذلّ للعلماء ساد بعلمه، فالعلم يرفع الوضيع، و تركه يضع الرفيع، و رأس العلم التواضع، و بصره البراءة من الحسد، و سمعه الفهم، و لسانه الصدق، و قلبه حسن النيّة، و عقله معرفة أسباب الامور.

و من ثمراته التقوى، و اجتناب الهوى، و اتّباع الهدى، و مجانبة الذنوب و مودّة الإخوان و الاستماع من العلماء، و القبول منهم، و من ثمراته ترك الانتقام عند القدرة و استقباح مقارفة الباطل، و استحسان متابعة الحقّ، و قول الصدق، و التجافي عن سرور في غفلة، و عن فعل ما يعقّب ندامة.

و العلم يزيد العاقل عقلا و يورث متعلّمه صفات حمد، فيجعل الحليم أميرا، و ذا المشورة وزيرا، و يقمع الحرص، و يخلع المكر، و يميت البخل، و يجعل مطلق الوحش مأسورا، و بعيد السداد قريبا. (1)

بيان:

«المقارفة» : قارفه أي قاربه. «المأسور» : من الإسارة.

ص:229


1- -البحار ج 78 ص 6 ح 57

13-أوحى اللّه تعالى إلى داود عليه السّلام: يا داود، إنّي وضعت خمسة في خمسة، و الناس يطلبونها في خمسة غيرها، فلا يجدونها: وضعت العلم في الجوع و الجهد و هم يطلبونها في الشبع و الراحة فلا يجدونه، و وضعت العزّ في طاعتي و هم يطلبونها في خدمة السلطان فلا يجدونه، و وضعت الغنى في القناعة و هم يطلبونه في كثرة المال فلا يجدونه، و وضعت رضائي في سخط النفس و هم يطلبونه في رضى النفس فلا يجدونه، و وضعت الراحة في الجنّة و هم يطلبونها في الدنيا فلا يجدونها. (1)

14-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: . . . و آخر تسمّى عالما و ليس به، فاقتبس جهائل من جهّال، و أضاليل من ضلاّل، و نصب للناس أشراكا من حبائل غرور، و قول زور، قد حمل الكتاب على آرائه، و عطف الحقّ على أهوائه، يؤمّن الناس من العظائم، و يهوّن كبير الجرائم، يقول: أقف عند الشبهات و فيها وقع، و يقول: أعتزل البدع و بينها اضطجع، فالصورة صورة إنسان، و القلب قلب حيوان، لا يعرف باب الهدى فيتّبعه، و لا باب العمى فيصدّ عنه، فذلك ميّت الأحياء. . . (2)

بيان:

تسمّى إلى القوم: انتسب إليهم. «عطف الحقّ» : أي حمل الحقّ على رغباته و أهوائه.

15-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

العالم كلّ العالم من لم يمنع العباد الرجاء لرحمة اللّه، و لم يؤمّنهم مكر اللّه.

(الغرر ج 1 ص 75 ف 1 ح 1863)

ص:230


1- -عدّة الداعي ص 166 في ب 4
2- نهج البلاغة ص 214 في خ 86

العلم علمان: مطبوع و مسموع، و لا ينفع المطبوع إذا لم يك مسموع.

(ص 97 ح 2124)

أعلم الناس من لم يزل الشكّ يقينه. (ص 197 ف 8 ح 384)

إنّما العالم من دعاه علمه إلى الورع و التقى، و الزهد في عالم الفناء، و التولّه بجنّة المأوى. (ص 303 ف 15 ح 51)

إذا تفقّه الرفيع تواضع-إذا تفقّه الوضيع ترفّع. (ص 314 ح 74 و 75)

إذا زاد علم الرجل زاد أدبه و تضاعفت خشيته من ربّه.

(ص 328 ف 17 ح 201)

جمال العلم نشره، و ثمرته العمل به، و صيانته وضعه في أهله.

(ص 370 ف 26 ح 38)

ربّ علم أدّى إلى مضلّتك. (ص 418 ف 35 ح 85)

غاية العلم الخوف من اللّه سبحانه. (ج 2 ص 505 ف 56 ح 32)

غاية العلم السكينة و الحلم (ح 35)

كلّ علم لا يؤيّده عقل مضلّة. (ص 546 ف 62 ح 43)

لن يثمر العلم حتّى يقارنه الحلم. (ص 590 ف 72 ح 9)

نعم قرين العلم الحلم. (ص 771 ف 81 ح 23)

لا شيء أحسن من عقل مع علم، و علم مع حلم، و حلم مع قدرة.

(ص 858 ف 86 ح 473)

لا يكون العالم عالما حتّى لا يحسد من فوقه، و لا يحتقر من دونه، و لا يأخذ على علمه شيئا من حطام الدنيا. (ح 485)

يحتاج العلم إلى الحلم و يحتاج الحلم إلى الكظم.

(ص 874 ف 91 ح 16)

ص:231

الفصل الخامس: ما يجب على العالم من إصلاح عيوبه
الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من أراد الحديث لمنفعة الدنيا لم يكن له في الآخرة نصيب، و من أراد به خير الآخرة أعطاه اللّه خير الدنيا و الآخرة. (1)

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا رأيتم العالم محبّا لدنياه فاتّهموه على دينكم، فإنّ كلّ محبّ لشيء يحوط ما أحبّ.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: أوحى اللّه إلى داود عليه السّلام: لا تجعل بيني و بينك عالما مفتونا بالدنيا، فيصدّك عن طريق محبّتي، فإنّ اولئك قطّاع طريق عبادي المريدين، إنّ أدنى ما أنا صانع بهم أن أنزع حلاوة مناجاتي عن قلوبهم. (2)

بيان:

«فاتّهموه على دينكم» : أي لا تعتمدوا على فتاويهم و قضاياهم في الدين و لا تسألوهم عن شيء من المسائل.

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الفقهاء أمناء الرسل ما لم يدخلوا في الدنيا، قيل: يا رسول اللّه، و ما دخولهم في الدنيا؟ قال: اتّباع

ص:232


1- -الكافي ج 1 ص 37 باب المستأكل بعلمه ح 2
2- الكافي ج 1 ص 37 ح 4

السلطان، فإذا فعلوا ذلك فاحذروهم على دينكم. (1)

4-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: من طلب العلم ليباهي به العلماء، أو يماري به السفهاء، أو يصرف به وجوه الناس إليه، فليتبوّء مقعده من النار، إنّ الرئاسة لا تصلح إلاّ لأهلها. (2)

5-عن حفص بن غياث عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال: يا حفص، يغفر للجاهل سبعون ذنبا قبل أن يغفر للعالم ذنب واحد. (3)

6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال عيسى بن مريم عليه السّلام: ويل للعلماء السوء كيف تلظّى عليهم النار؟ ! (4)

بيان:

«تلظّى» : أي تتلهّب و تشتعل.

7-عن جميل بن درّاج قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إذا بلغت النفس ههنا-و أشار بيده إلى حلقه-لم يكن للعالم توبة، ثمّ قرأ: إِنَّمَا اَلتَّوْبَةُ عَلَى اَللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ اَلسُّوءَ بِجَهالَةٍ (5). (6)

8-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: قصم ظهري رجلان من الدنيا: رجل عليم اللسان فاسق، و رجل جاهل القلب ناسك، هذا يصدّ بلسانه عن فسقه، و هذا ينسكه عن جهله، فاتّقوا الفاسق من العلماء و الجاهل من المتعبّدين، اولئك فتنة كلّ مفتون، فإنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: يا عليّ، هلاك امّتي على يدي كلّ

ص:233


1- -الكافي ج 1 ص 37 ح 5
2- الكافي ج 1 ص 37 ح 6
3- الكافي ج 1 ص 37 باب لزوم الحجّة على العالم ح 1
4- الكافي ج 1 ص 37 ح 2
5- النساء:17
6- الكافي ج 1 ص 37 ح 3

منافق عليم اللسان. (1)

9-عن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من طلب العلم للّه لم يصب منه بابا إلاّ ازداد في نفسه ذلاّ، و في الناس تواضعا، و للّه خوفا، و في الدين اجتهادا، و ذلك الذي ينتفع بالعلم فليتعلّمه.

و من طلب العلم للدنيا و المنزلة عند الناس و الحظوة عند السلطان لم يصب منه بابا إلاّ ازداد في نفسه عظمة، و على الناس استطالة، و باللّه اغترارا، و من الدين جفاءا، فذلك الذي لا ينتفع بالعلم فليكفّ و ليمسك عن الحجّة على نفسه، و الندامة و الخزي يوم القيامة. (2)

بيان:

«الحظوة» : أي المكانة و المنزلة عند الناس «الجفاء» : أي البعد.

10-عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أحبّ الدنيا ذهب خوف الآخرة من قلبه، و ما آتى اللّه عبدا علما فازداد للدنيا حبّا إلاّ ازداد من اللّه تعالى بعدا و ازداد اللّه تعالى عليه غضبا. (3)

11-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: صنفان من امّتي إذا صلحا صلحت امّتي، و إذا فسدا فسدت امّتي: قيل: يا رسول اللّه، و من هما؟ قال: الفقهاء و الامراء. (4)

12-قال الصادق عليه السّلام: من احتاج الناس إليه ليتفقّههم في دينهم فيسألهم الاجرة، كان حقيقا على اللّه تعالى أن يدخله نار جهنّم. (5)

ص:234


1- -مشكوة الأنوار ص 135 ب 3 ف 8
2- البحار ج 2 ص 34 ب 9 من العلم ح 33
3- البحار ج 2 ص 36 ح 39
4- البحار ج 2 ص 49 ب 11 ح 10
5- البحار ج 2 ص 78 ب 13 ح 68

13-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ من العلماء من يحبّ أن يخزن علمه و لا يؤخذ عنه، فذاك في الدرك الأوّل من النار. و من العلماء من إذا وعظ أنف و إذا وعظ عنف، فذاك في الدرك الثاني من النار. و من العلماء من يرى أن يضع العلم عند ذوي الثروة و الشرف و لا يرى له في المساكين وضعا، فذلك في الدرك الثالث من النار.

و من العلماء من يذهب في علمه مذهب الجبابرة و السلاطين فإن ردّ عليه شيء من قوله أو قصّر في شيء من أمره غضب، فذاك في الدرك الرابع من النار.

و من العلماء من يطلب أحاديث اليهود و النصارى ليغزر به علمه و يكثر به حديثه، فذاك في الدرك الخامس من النار.

و من العلماء من يضع نفسه للفتيا و يقول: سلوني و لعلّه لا يصيب حرفا واحدا و اللّه لا يحبّ المتكلّفين، فذاك في الدرك السادس من النار. و من العلماء من يتّخذ علمه مروءة و عقلا، فذاك في الدرك السابع من النار. (1)

بيان:

قال رحمه اللّه: «أنف» أي استكبر عن قبول الوعظ «عنف» أي جاوز الحدّ، و العنف ضدّ الرفق «أو قصّر. . .» على المجهول من باب التفعيل أي إن وقع التقصير من أحد في شيء من أمره كإكرامه و الإحسان إليه غضب «ليغزر» أي ليكثر «مروءة و عقلا» أي يطلب العلم و يبذله ليعدّه الناس من أهل المروءة و العقل.

14-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: سيأتي على امّتي زمان لا يبقى من القرآن إلاّ رسمه، و لا من الإسلام إلاّ اسمه، يسمّون به و هم أبعد الناس منه، مساجدهم عامرة و هي خراب من الهدى، فقهاء ذلك

ص:235


1- -البحار ج 2 ص 108 ب 15 ح 11

الزمان شرّ فقهاء تحت ظلّ السماء، منهم خرجت الفتنة و إليهم تعود. (1)

15-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: قصم ظهري عالم متهتّك، و جاهل متنسّك، فالجاهل يغشّ الناس بتنسّكه، و العالم يغرّهم بتهتّكه. (2)

16-قال أبو جعفر عليه السّلام: من أفتى الناس بغير علم و لا هدى من اللّه لعنته ملائكة الرحمة و ملائكة العذاب، و لحقه وزر من عمل بفتياه. (3)

17-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أشدّ الناس عذابا يوم القيامة رجل قتل نبيّا أو قتله نبيّ، أو رجل يضلّ الناس بغير علم، أو مصوّر يصوّر التماثيل. (4)

18-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لابن مسعود: يابن مسعود، من تعلّم العلم يريد به الدنيا و آثر عليه حبّ الدنيا و زينتها استوجب سخط اللّه عليه و كان في الدرك الأسفل من النار مع اليهود و النصارى الذين نبذوا كتاب اللّه تعالى، قال اللّه تعالى: فَلَمّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اَللّهِ عَلَى اَلْكافِرِينَ (5).

يابن مسعود، من تعلّم القرآن للدنيا و زينتها حرّم اللّه عليه الجنّة.

يابن مسعود، من تعلّم العلم و لم يعمل بما فيه حشره اللّه يوم القيامة أعمى، و من تعلّم العلم رياء و سمعة يريد به الدنيا نزع اللّه بركته و ضيّق عليه معيشته و وكله اللّه إلى نفسه، و من وكله إلى نفسه فقد هلك، قال اللّه تعالى: فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَ لا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً (6). (7)

ص:236


1- -البحار ج 2 ص 109 ح 14
2- البحار ج 2 ص 111 ح 25
3- البحار ج 2 ص 118 ب 16 ح 23
4- البحار ج 2 ص 123 ح 49
5- البقرة:89
6- الكهف:110
7- البحار ج 77 ص 101

19-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: قصم ظهري رجلان من امّتي: عالم فاسق، و زاهد جاهل، فالزهد بلا علم باطل، و العلم بلا زهد عاطل. (1)

20-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه تعالى وضع أربعا في أربع: بركة العلم في تعظيم الاستاد، و بقاء الإيمان في تعظيم اللّه، و لذّة العيش في برّ الوالدين، و النجاة من النار في ترك إيذاء الخلق. (2)

21-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

أمقت العباد إلى اللّه سبحانه الفقير المزهوّ (3)، و الشيخ الزاني، و العالم الفاجر. (الغرر ج 1 ص 194 ف 8 ح 338)

أبغض العباد إلى اللّه سبحانه العالم المتجبّر. (ح 342)

أعظم الناس وزرا العلماء المفرطون. (ص 197 ح 373)

آفة العلماء حبّ الرياسة. (ص 305 ف 16 ح 16)

آفة العامّة العالم الفاجر. (ص 307 ح 38)

آفة الفقهاء عدم الصيانة. (ص 308 ح 49)

ربّ عالم قتله عمله (علمه ف ن) (ص 415 ف 35 ح 34)

ربّ مدّع للعلم ليس بعالم. (ص 418 ح 89)

ربّ عالم غير منتفع. (ص 419 ح 95)

زلّة العالم تفسد العوالم. (ص 426 ف 37 ح 28)

زلّة العالم كانكسار السفينة تغرق و تغرق معها غيرها. (ح 30)

زلّة العالم كبيرة الجناية. (ص 427 ح 39)

لو أنّ أهل العلم حملوه بحقّه لأحبّهم اللّه تعالى و ملائكته، و لكنّهم حملوه لطلب

ص:237


1- -لئالي الأخبار ج 2 ص 282
2- الاثنى عشريّة ص 157 ب 4 ف 2
3- أي المتكبّر

الدنيا فمقّتهم اللّه تعالى و هانوا عليه. (ج 2 ص 604 ف 75 ح 14)

ما قصم ظهري إلاّ رجلان: عالم متهتّك و جاهل متنسّك، هذا ينفر عن حقّه بتهتّكه، و هذا يدعو إلى الباطل بتنسّكه. (ص 750 ف 79 ح 213)

وقود النار يوم القيامة كلّ بخيل بماله على الفقراء، و كلّ عالم باع الدين بالدنيا. (ص 786 ف 83 ح 67)

لا زلّة أشدّ من زلّة العالم. (ص 841 ف 86 ح 237)

ص:238

139- المعاد

الآيات

1- كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللّهِ وَ كُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ. (1)

2- أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَ هِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنّى يُحْيِي هذِهِ اَللّهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اَللّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ . . . - وَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ اَلْمَوْتى قالَ أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَ لكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ اَلطَّيْرِ. . . (2)

3- . . . لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ اَلْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ. . . (3)

4- . . . كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ. (4)

5- وَ هُوَ اَلَّذِي يُرْسِلُ اَلرِّياحَ بُشْراً . . . فَأَنْزَلْنا بِهِ اَلْماءَ فَأَخْرَجْنا بِهِ مِنْ كُلِّ اَلثَّمَراتِ كَذلِكَ نُخْرِجُ اَلْمَوْتى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ. (5)

ص:239


1- -البقرة:28
2- البقرة:259 و 260
3- النساء:87 و الأنعام:12
4- الأعراف:29
5- الأعراف:57

6- وَ اَلَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَ لِقاءِ اَلْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاّ ما كانُوا يَعْمَلُونَ. (1)

7- . . . ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ اَلْغَيْبِ وَ اَلشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. (2)

8- إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اَللّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَؤُا اَلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا اَلصّالِحاتِ بِالْقِسْطِ وَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ. . . (3)

9- إِلَى اَللّهِ مَرْجِعُكُمْ وَ هُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. (4)

10- وَ لا تَحْسَبَنَّ اَللّهَ غافِلاً عَمّا يَعْمَلُ اَلظّالِمُونَ . . . لِيَجْزِيَ اَللّهُ كُلَّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ إِنَّ اَللّهَ سَرِيعُ اَلْحِسابِ. (5)

11- وَ لِلّهِ غَيْبُ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ وَ ما أَمْرُ اَلسّاعَةِ إِلاّ كَلَمْحِ اَلْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اَللّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. (6)

12- ذلِكَ جَزاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآياتِنا وَ قالُوا أَ إِذا كُنّا عِظاماً وَ رُفاتاً أَ إِنّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّ اَللّهَ اَلَّذِي خَلَقَ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضَ قادِرٌ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَ جَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى اَلظّالِمُونَ إِلاّ كُفُوراً. (7)

13- وَ يَقُولُ اَلْإِنْسانُ أَ إِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا- أَ وَ لا يَذْكُرُ اَلْإِنْسانُ أَنّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَ لَمْ يَكُ شَيْئاً. (8)

ص:240


1- -الأعراف:147
2- التوبة:94 و الجمعة:8
3- يونس:4
4- هود:4
5- إبراهيم:42 إلى 51
6- النحل:77
7- الإسراء:98 و 99
8- مريم:66 و 67

14- مِنْها خَلَقْناكُمْ وَ فِيها نُعِيدُكُمْ وَ مِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى. (1)

15- يَوْمَ نَطْوِي اَلسَّماءَ كَطَيِّ اَلسِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنّا كُنّا فاعِلِينَ. (2)

16- يا أَيُّهَا اَلنّاسُ اِتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ اَلسّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ- يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمّا أَرْضَعَتْ وَ تَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَ تَرَى اَلنّاسَ سُكارى وَ ما هُمْ بِسُكارى وَ لكِنَّ عَذابَ اَللّهِ شَدِيدٌ -. . . يا أَيُّهَا اَلنّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ اَلْبَعْثِ فَإِنّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ . . . وَ أَنَّ اَلسّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَ أَنَّ اَللّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي اَلْقُبُورِ. (3)

17- أَ وَ لَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اَللّهُ اَلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ. الآيات (4)

18- يُخْرِجُ اَلْحَيَّ مِنَ اَلْمَيِّتِ وَ يُخْرِجُ اَلْمَيِّتَ مِنَ اَلْحَيِّ وَ يُحْيِ اَلْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَ كَذلِكَ تُخْرَجُونَ. . . (5)

19- وَ هُوَ اَلَّذِي يَبْدَؤُا اَلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَ هُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ. . . (6)

20- . . . ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ- يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي اَلسَّماواتِ أَوْ فِي اَلْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اَللّهُ إِنَّ اَللّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ. (7)

21- وَ اَللّهُ اَلَّذِي أَرْسَلَ اَلرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ

ص:241


1- -طه:55
2- الأنبياء:104
3- الحجّ:1 إلى 7
4- العنكبوت:19 إلى 21
5- الروم:19 و 20
6- الروم:27
7- لقمان:15 و 16

اَلْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كَذلِكَ اَلنُّشُورُ. (1)

22- وَ ضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَ نَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ اَلْعِظامَ وَ هِيَ رَمِيمٌ - قُلْ يُحْيِيهَا اَلَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ هُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ. الآيات. (2)

23- . . . ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ اَلصُّدُورِ. (3)

24- . . . لِيُنْذِرَ يَوْمَ اَلتَّلاقِ- يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ لا يَخْفى عَلَى اَللّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ اَلْمُلْكُ اَلْيَوْمَ لِلّهِ اَلْواحِدِ اَلْقَهّارِ- اَلْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ لا ظُلْمَ اَلْيَوْمَ إِنَّ اَللّهَ سَرِيعُ اَلْحِسابِ الآيات. (4)

25- . . . وَ تُنْذِرَ يَوْمَ اَلْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي اَلْجَنَّةِ وَ فَرِيقٌ فِي اَلسَّعِيرِ. (5)

26- أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّ اَللّهَ اَلَّذِي خَلَقَ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضَ وَ لَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ اَلْمَوْتى بَلى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. (6)

27- . . . فَقالَ اَلْكافِرُونَ هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ . . . أَ فَعَيِينا بِالْخَلْقِ اَلْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ. (7)

28- وَ اَلذّارِياتِ ذَرْواً. الآيات. (8)

ص:242


1- -فاطر:9
2- يس:78 إلى 81
3- الزمر:7
4- المؤمن:15 إلى 21
5- الشورى:7
6- الأحقاف:33
7- ق:2 إلى 15
8- الذاريات:1 إلى 14

29- إِذا وَقَعَتِ اَلْواقِعَةُ. الآيات. (1)

30- وَ كانُوا يَقُولُونَ أَ إِذا مِتْنا وَ كُنّا تُراباً وَ عِظاماً أَ إِنّا لَمَبْعُوثُونَ. الآيات. (2)

31- زَعَمَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى وَ رَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ وَ ذلِكَ عَلَى اَللّهِ يَسِيرٌ . . . يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ اَلْجَمْعِ ذلِكَ يَوْمُ اَلتَّغابُنِ. . . (3)

32- فَإِذا نُفِخَ فِي اَلصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ. الآيات. (4)

33- يَوْمَ تَكُونُ اَلسَّماءُ كَالْمُهْلِ- وَ تَكُونُ اَلْجِبالُ كَالْعِهْنِ. الآيات. (5)

34- يَوْمَ تَرْجُفُ اَلْأَرْضُ وَ اَلْجِبالُ وَ كانَتِ اَلْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلاً. (6)

35- لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ اَلْقِيامَةِ. الآيات. (7)

36- أَ يَحْسَبُ اَلْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً. الآيات. (8)

37- وَ اَلْمُرْسَلاتِ عُرْفاً- فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً. الآيات. (9)

38- وَ اَلنّازِعاتِ غَرْقاً. الآيات. (10)

39- فَإِذا جاءَتِ اَلصَّاخَّةُ. الآيات. (11)

ص:243


1- -الواقعة:1 إلى 6
2- الواقعة:47 إلى 50
3- التغابن:7 إلى 9
4- الحاقّة:13 إلى 37
5- المعارج:8 إلى 18
6- المزّمّل:14
7- القيامة:1 إلى 15
8- القيامة:36 إلى 40
9- المرسلات:1 إلى 15
10- النازعات:1 إلى 14
11- عبس:33 إلى 42

40- إِذَا اَلشَّمْسُ كُوِّرَتْ. الآيات. (1)

41- إِذَا اَلسَّماءُ اِنْفَطَرَتْ. الآيات. (2)

42- أَ لا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ- لِيَوْمٍ عَظِيمٍ. الآيات. (3)

43- إِذَا اَلسَّماءُ اِنْشَقَّتْ. الآيات. (4)

44- وَ اَلسَّماءِ ذاتِ اَلْبُرُوجِ- وَ اَلْيَوْمِ اَلْمَوْعُودِ- وَ شاهِدٍ وَ مَشْهُودٍ. (5)

45- إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ- يَوْمَ تُبْلَى اَلسَّرائِرُ- فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَ لا ناصِرٍ. (6)

46- فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ- أَ لَيْسَ اَللّهُ بِأَحْكَمِ اَلْحاكِمِينَ. (7)

47- إِذا زُلْزِلَتِ اَلْأَرْضُ زِلْزالَها. الآيات. (8)

48- اَلْقارِعَةُ- مَا اَلْقارِعَةُ. الآيات. (9). (10)

ص:244


1- -التكوير:1 إلى 14
2- سورة الانفطار
3- المطفّفين:4 إلى 13 و 34 إلى 36
4- الانشقاق:1 إلى 16
5- البروج:1 إلى 3
6- الطارق:8 إلى 10
7- التين:7 و 8
8- سورة الزلزلة
9- سورة القارعة
10- قال في المحجّة البيضاء ج 8 ص 331: . . . فيا أيّها القاري الغافل، إنّما حظّك من قراءتك أن تجمع و تحرّك به اللسان و لو كنت متفكّرا فيما تقرأه لكنت جديرا بأن تنشقّ مرارتك بما شاب من هوله شعر سيّد البشر، و إذا قنعت بحركة اللسان فقد حرمت ثمرة القرآن، فالقيامة أحد ما ذكر فيه (في القرآن) ، و قد وصف اللّه بعض دواهيها و أكثر من أساميها لتقف بكثرة أساميها على كثرة معانيها فليس المقصود تكرير الأسامي و الألقاب بل الغرض تنبيه اولى الألباب، فتحت كلّ اسم من أسماء القيامة سرّ، و في كلّ نعت من نعوتها معنى فاحرص على معرفة معانيها،

ص:245

أقول:

الآيات كثيرة جدّا تبلغ ألف آية.

و اعلم أنّ اللّه تعالى قد أكثر ذكر المعاد في القرآن بطرق عديدة و سبل سديدة لصعوبته على الأفهام و كثرة ما فيه من الشبه و الأوهام، فتارة حكم تعالى بأنّه كائن لا محالة من دون ذكر دليل، بل إنّه يجب الإذعان به و التصديق، كما في قوله: أَنَّ اَللّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي اَلْقُبُورِ و قوله: وَ اَلْمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اَللّهُ و نحو ذلك.

و تارة ذكره اللّه مشفوعا بالقسم، لكثرة الشبه و الاشتباه فيه، مثل قوله: قُلْ بَلى وَ رَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ.

و تارة أثبت اللّه المعاد مستدلاّ بكونه قادر على كلّ شيء، و على امور تشبه الحشر و النشر، فلا يستبعد قدرته تعالى على الحشر و النشر، كقوله: أَ فَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ - أَ أَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ اَلْخالِقُونَ و قوله: يا أَيُّهَا اَلنّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ اَلْبَعْثِ فَإِنّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ. . . و قوله: فَلْيَنْظُرِ اَلْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ - خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ- يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ اَلصُّلْبِ وَ اَلتَّرائِبِ- إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ.

و تارة بيّن قدرته تعالى على المعاد بذكره مرتّبا على ذكر المبدء، إشارة إلى أنّ القادر على الإيجاد قادر على الإعادة، مثل قوله في البقرة: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللّهِ وَ كُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ و قوله في الروم: وَ هُوَ اَلَّذِي يَبْدَؤُا اَلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَ هُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ و قوله في يس: قُلْ يُحْيِيهَا اَلَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ.

و تارة استدلّ تعالى على البعث و الحشر من جهة وجوب المجازاة و إثابة المحسن و تعذيب العاصي و تمييز أحدهما عن الآخر، ليتمّ عدل اللّه و حكمته في العباد،

ص:246

إذ لو لا الحساب و العقاب و الجزاء و الثواب، للزم الجور، و بطل العدل، و ضاعت الحقوق عن أربابها، و لم يبق فرق بين إحسان المحسن و إساءة المسيء، بل لكان النفع ضررا و الضرر نفعا، فإنّ الخير و الإحسان في أغلب الأزمان يوجب المشقّة و المضرّة، و نقصان القوّة و المال، و فوات اللذّة بحسب الدنيا، و الشرّ و الإساءة على خلاف ذلك بحسبها، فلا بدّ من نشأة اخرى تقع فيها المجازاة على أعمال الناس و الانتقام للمظلومين من الظالمين، و إيصال ذوي الحقوق إلى حقوقهم.

قال تعالى في يونس: إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اَللّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَؤُا اَلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا اَلصّالِحاتِ بِالْقِسْطِ و قال تعالى في طه: إِنَّ اَلسّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى و قال تعالى في النجم: لِيَجْزِيَ اَلَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَ يَجْزِيَ اَلَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى و قال في ص: أَمْ نَجْعَلُ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا اَلصّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي اَلْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ اَلْمُتَّقِينَ كَالْفُجّارِ.

و تارة استدلّ تعالى بإحياء الموتى في الدنيا على صحّة الحشر و النشر في الاخرى، كما في خلق آدم ابتداء من غير مادّة لأب و أمّ، منها قوله في البقرة: فَقُلْنا اِضْرِبُوهُ بِبَعْضِها كَذلِكَ يُحْيِ اَللّهُ اَلْمَوْتى و منها في قصّة الخليل و قوله: رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ اَلْمَوْتى و منها في قصّة عزير: أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَ هِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنّى يُحْيِي هذِهِ اَللّهُ بَعْدَ مَوْتِها و منها في قصّة أصحاب الكهف.

و تارة استدلّ تعالى بإحياء الأرض بعد موتها مثل قوله في الروم: وَ يُحْيِ اَلْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَ كَذلِكَ تُخْرَجُونَ و قوله في فاطر: فَأَحْيَيْنا بِهِ اَلْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كَذلِكَ اَلنُّشُورُ.

إلى غير ذلك من الآيات، ثمّ إنّ المنكرين للحشر؛ منهم من لم يذكر فيه دليلا و اكتفى بالاستبعاد، و هم الأكثرون و يدلّ عليه قوله تعالى: أَ إِنّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ و مَنْ يُحْيِ اَلْعِظامَ وَ هِيَ رَمِيمٌ فبدأ أوّلا بإبطال استبعادهم بقوله: وَ نَسِيَ خَلْقَهُ ثم قال: قُلْ يُحْيِيهَا اَلَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ.

ص:247

إلى غير ذلك من الآيات، ثمّ إنّ المنكرين للحشر؛ منهم من لم يذكر فيه دليلا و اكتفى بالاستبعاد، و هم الأكثرون و يدلّ عليه قوله تعالى: أَ إِنّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ و مَنْ يُحْيِ اَلْعِظامَ وَ هِيَ رَمِيمٌ فبدأ أوّلا بإبطال استبعادهم بقوله: وَ نَسِيَ خَلْقَهُ ثم قال: قُلْ يُحْيِيهَا اَلَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ.

الأخبار

1-عن عليّ عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا يؤمن عبد حتّى يؤمن بأربعة: حتّى يشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، و أنّي رسول اللّه، بعثني بالحقّ، و حتّى يؤمن بالبعث بعد الموت، و حتّى يؤمن بالقدر. (1)

بيان:

قال المظفّر رحمه اللّه في عقائد الإماميّة ص 163: نعتقد أنّ اللّه تعالى يبعث الناس بعد الموت في خلق جديد في اليوم الموعود به عباده، فيثيب المطيعين و يعذّب العاصين، و هذا أمر على جملته و ما عليه من البساطة في العقيدة اتّفقت عليه الشرائع السماويّة و الفلاسفة، و لا محيص للمسلم من الاعتراف به، عقيدة قرآنيّة جاء بها نبيّنا الأكرم صلّى اللّه عليه و آله، فإنّ من يعتقد باللّه اعتقادا قاطعا و يعتقد كذلك بمحمّد رسولا منه أرسله بالهدى و دين الحقّ، لا بدّ أن يؤمن بما أخبر به القرآن الكريم من البعث و الثواب و العقاب و الجنّة و النعيم و النار و الجحيم، و قد صرّح القرآن بذلك و لمح إليه بما يقرب من ألف آية كريمة.

و إذا تطرّق الشكّ في ذلك إلى شخص فليس إلاّ لشكّ يخالجه في صاحب الرسالة أو وجود خالق الكائنات أو قدرته، بل ليس إلاّ لشكّ يعتريه في أصل الأديان كلّها و في صحّة الشرائع جميعها انتهى.

أقول: إنّ المعاد يطلق على ثلاثة معاني: أحدها المعنى المصدريّ من العود، و هو الرجوع إلى مكان. و ثانيها و ثالثها، مكان العود و زمانه و مآل الكلّ واحد،

ص:


1- -الخصال ج 1 ص 198 باب الأربعة ح 8

و هو جسمانيّ و روحانيّ، فالجسمانيّ عبارة عن أنّ اللّه تعالى يعيد أبداننا بعد موتها، و الروحانيّ عبارة عن بقاء الروح بعد مفارقة البدن، فيرجع إلى البدن في القيامة.

و قال العلاّمة المجلسيّ رحمه اللّه في البحار ج 7 ص 47: اعلم أنّ القول بالمعاد الجسمانيّ ممّا اتّفق عليه جميع الملّيّين و هو من ضروريّات الدين، و منكره خارج عن عداد المسلمين، و الآيات الكريمة في ذلك ناصّة لا يعقل تأويلها، و الأخبار فيه متواترة لا يمكن ردّها و لا الطعن فيها، و قد نفاه أكثر ملاحدة الفلاسفة تمسّكا بامتناع إعادة المعدوم و لم يقيموا دليلا عليه، بل تمسّكوا تارة بإدّعاء البداهة، و اخرى بشبهات واهية لا يخفى ضعفها على من نظر فيها بعين البصيرة و اليقين، و ترك تقليد الملحدين من المتفلسفين. . .

و في عقائد الإماميّة ص 164: و بعد هذا، فالمعاد الجسمانيّ بالخصوص، ضرورة من ضروريّات الدين الإسلامي، دلّ صريح القرآن الكريم عليها أَ يَحْسَبُ اَلْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ وَ إِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَ إِذا كُنّا تُراباً أَ إِنّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أَ فَعَيِينا بِالْخَلْقِ اَلْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ.

و ما المعاد الجسمانيّ على إجماله إلاّ إعادة الإنسان في يوم البعث و النشور ببدنه بعد الخراب، و إرجاعه إلى هيئته الأولى بعد أن يصبح رميما، و لا يجب الاعتقاد في تفصيلات المعاد الجسمانيّ أكثر من هذه العقيدة على بساطتها التي نادى بها القرآن، و أكثر ممّا يتبعها من الحساب و الصراط و الميزان و الجنّة و النار و الثواب و العقاب بمقدار ما جاءت به التفصيلات القرآنيّة. . .

2-قال أبو جعفر عليه السّلام: أيّام اللّه عزّ و جلّ ثلاثة: يوم يقوم القائم، و يوم الكرّة، و يوم القيامة. (1)

ص:249


1- -الخصال ج 1 ص 108 باب الثلاثة ح 75

بيان:

«الكرّة» : الرجعة.

3-في حديث الصادق عليه السّلام لابن أبي العوجاء: فقال: إن يكن الأمر على ما يقول هؤلاء-و هو على ما يقولون-يعني أهل الطواف-فقد سلموا و عطبتم، و إن يكن الأمر على ما تقولون-و ليس كما تقولون-فقد استويتم و هم. فقلت له: يرحمك اللّه و أيّ شيء نقول و أيّ شيء يقولون؟ ما قولي و قولهم إلاّ واحدا. فقال: و كيف يكون قولك و قولهم واحدا و هم يقولون؟ إنّ لهم معادا و ثوابا و عقابا، و يدينون بأنّ في السماء إلها و أنّها عمران، و أنتم تزعمون أنّ السماء خراب ليس فيها أحد؟ (1)

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: . . . فحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا عليها، فإنّ للقيامة خمسين موقفا كلّ موقف مقداره ألف سنة، ثمّ تلا: فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمّا تَعُدُّونَ (2). (3)

أقول:

في البحار ج 7 ص 126 مثله، و فيه تلا هذه الآية: فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4).

5-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و ذلك يوم يجمع اللّه فيه الأوّلين و الآخرين لنقاش الحساب و جزاء الأعمال، خضوعا قياما، قد ألجمهم العرق، و رجفت بهم الأرض، فأحسنهم حالا من وجد لقدميه موضعا، و لنفسه متّسعا. (5)

ص:250


1- -الكافي ج 1 ص 59 باب حدوث العالم في ح 2
2- السجدة:5
3- الكافي ج 8 ص 143 في ح 108
4- المعارج:4
5- نهج البلاغة ص 300 خ 101

أقول:

قد مرّ بيان بعض مفرداته في باب الحساب.

6-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: ما خلقتم للفناء، بل خلقتم للبقاء، و إنّما تنقلون من دار إلى دار. (1)

7-عن هشام بن الحكم، أنّ الزنديق قال للصادق عليه السّلام: أنّى للروح بالبعث و البدن قد بلي و الأعضاء قد تفرّقت؟ فعضو في بلدة تأكلها سباعها، و عضو باخرى تمزّقه هوامّها، و عضو قد صار ترابا بني به مع الطين حائط! قال: إنّ الذي أنشأه من غير شيء و صوّره على غير مثال كان سبق إليه، قادر أن يعيده كما بدأه. . . (2)

8-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: كان فيما وعظ به لقمان عليه السّلام ابنه أن قال: يا بنيّ، إن تك في شكّ من الموت فارفع عن نفسك النوم و لن تستطيع ذلك، و إن كنت في شكّ من البعث فارفع عن نفسك الانتباه و لن تستطيع ذلك، فإنّك إذا فكّرت في هذا علمت أنّ نفسك بيد غيرك، و إنّما النوم بمنزلة الموت، و إنّما اليقظة بعد النوم بمنزلة البعث بعد الموت. (3)

9-عن الثمالي عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: عجبت للمتكبّر الفخور كان أمس نطفة و هو غدا جيفة! و العجب كلّ العجب لمن شكّ في اللّه و هو يرى الخلق! و العجب كلّ العجب لمن أنكر الموت و هو يرى من يموت كلّ يوم و ليلة! و العجب كلّ العجب لمن أنكر النشأة الأخرى و هو يرى الأولى! و العجب كلّ العجب لعامر دار الفناء و يترك دار البقاء. (4)

ص:251


1- -البحار ج 6 ص 249 باب البرزخ في ح 87
2- البحار ج 7 ص 37 باب إثبات الحشر ح 5
3- البحار ج 7 ص 42 ح 13
4- البحار ج 7 ص 42 ح 14

10-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يا بني عبد المطّلب، إنّ الرائد لا يكذب أهله، و الذي بعثني بالحقّ لتموتنّ كما تنامون، و لتبعثنّ كما تستيقظون، و ما بعد الموت دار إلاّ جنّة أو نار، و خلق جميع الخلق و بعثهم على اللّه عزّ و جلّ كخلق نفس واحدة و بعثها؛ قال اللّه تعالى: ما خَلْقُكُمْ وَ لا بَعْثُكُمْ إِلاّ كَنَفْسٍ واحِدَةٍ. (1)

بيان:

في أقرب الموارد، «الرائد» : الرسول الذي يرسله القوم لينظر لهم مكانا ينزلون فيه، و منه قولهم: "الرائد لا يكذب أهله"أي لا يكذب عليهم في صفة المكان الذي يصفه لهم لأنّ المصلحة مشتركة بينه و بينهم.

11-في كتاب كتبه أمير المؤمنين عليه السّلام إلى أهل مصر مع محمّد بن أبي بكر: يا عباد اللّه، إنّ بعد البعث ما هو أشدّ من القبر، يوم يشيب فيه الصغير، و يسكر فيه الكبير، و يسقط فيه الجنين، و تذهل كلّ مرضعة عمّا أرضعت، يوم عبوس قمطرير، يوم كان شرّه مستطيرا.

إنّ فزع ذلك اليوم ليرهّب الملائكة الذين لا ذنب لهم، و ترعد (ترعب م) منه السبع الشداد، و الجبال الأوتاد، و الأرض المهاد، و تنشقّ السماء، فهي يومئذ واهية، و تتغيّر فكأنّها وردة كالدهان، و تكون الجبال سرابا مهيلا، بعد ما كانت صمّا صلابا.

و ينفخ في الصور فيفزع من في السماوات و (من في) الأرض إلاّ من شاء اللّه، فكيف من عصى بالسمع و البصر و اللسان و اليد و الرجل و الفرج و البطن إن لم يغفر اللّه له و يرحمه من ذلك اليوم؟ لأنّه يصير إلى غيره إلى نار قعرها بعيد، و حرّها شديد، و شرابها صديد، و عذابها جديد، و مقامعها حديد، لا يغيّر (لا يفتّر م) عذابها و لا يموت ساكنها، دار ليس فيها رحمة، و لا تسمع لأهلها

ص:252


1- -البحار ج 7 ص 47 ح 31

دعوة. . . (1)

بيان:

«كان شرّه» أي شدائده. «مستطيرا» أي فاشيا منتشرا غاية الانتشار.

«وردة كالدهان» في مجمع البحرين (ورد) : أي حمراء. . . و الدهان جمع دهن.

«و تكون الجبال سرابا» في مجمع البحرين (سرب) : أي أزيلت عن أماكنها فكانت كالسراب يظنّ أنّها جبال و ليست إيّاها «المهيل» قيل: أي الرمل السائل، من الهيل، و المعنى؛ أنّ الجبال تنقلع من اصولها فتصير بعد صلابتها كالرمل السائل.

12-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أرض القيامة نار ما خلا ظلّ المؤمن، فإنّ صدقته تظلّه. (2)

13-عن أبي بصير عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، أنا أوّل من ينفض التراب عن رأسه و أنت معي، ثمّ سائر الخلق. يا عليّ، أنت و شيعتك على الحوض تسقون من أحببتم و تمنعون من كرهتم، و أنتم الآمنون يوم الفزع الأكبر في ظلّ العرش، يفزع الناس و لا تفزعون، و يحزن الناس و لا تحزنون، فيكم نزلت هذه الآية: إِنَّ اَلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا اَلْحُسْنى . . . تُوعَدُونَ (3)يا عليّ، أنت و شيعتك تطلبون في الموقف و أنتم في الجنان تتنعّمون. . . (4)

14-عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول لعليّ:

ص:253


1- -البحار ج 7 ص 103 باب صفة المحشر ح 16
2- البحار ج 7 ص 120 ح 57( ص 291 ب 15 ح 2)
3- الأنبياء:101 إلى 103
4- البحار ج 7 ص 179 باب أحوال المتّقين ح 16

يا عليّ، أبشر و بشّر فليس على شيعتك حسرة عند الموت، (1)و لا وحشة في القبور، و لا حزن يوم النشور، و لكأنيّ بهم يخرجون من جدث القبور ينفضون التراب عن رؤوسهم و لحاهم، يقولون: اَلْحَمْدُ لِلّهِ اَلَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا اَلْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ- اَلَّذِي أَحَلَّنا دارَ اَلْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ وَ لا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ. (2). (3)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة، قد مرّ بعضها في باب الشيعة و غيره.

15-عن صفوان قال: سمعت أبا الحسن عليه السّلام يقول: إلينا إياب هذا الخلق، و علينا حسابهم. (4)

16-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من آثر الدنيا على الآخرة حشره اللّه يوم القيامة أعمى. (5)

17-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أربع من كنّ فيه أمن يوم الفزع الأكبر: إذا أعطي شيئا قال: الحمد للّه، و إذا أذنب ذنبا قال: أستغفر اللّه، و إذا أصابته مصيبة قال: إِنّا لِلّهِ وَ إِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ، و إن كانت له حاجة سأل ربّه، و إذا خاف شيئا لجأ إلى ربّه. (6)

أقول:

لاحظ ما يناسب المقام في أبواب الإيمان، البكاء، البرزخ، الجنّة، جهنّم،

ص:254


1- -في المصدر: فليس لشيعتك كرب عند الموت
2- فاطر:34 و 35
3- البحار ج 7 ص 198 ح 73
4- البحار ج 7 ص 202 ح 88
5- البحار ج 7 ص 218 ح 127
6- الاثنى عشريّة ص 158 ب 4 ف 2

الحبّ ف 2، الحساب، الشفاعة، الشيعة، الرجعة، الموت و. . .

18-عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال:

الآخرة فوز السعداء. (الغرر ج 1 ص 25 ف 1 ح 745)

التقوى ذخيرة معاد. (ص 28 ح 846)

الجهل يفسد المعاد. (ص 30 ح 898)

الأعمال في الدنيا تجارة الآخرة. (ص 47 ح 1354)

اشتغالك بإصلاح معادك ينجيك من عذاب النار. (ص 55 ح 1521)

الحازم من ترك الدنيا للآخرة. (ح 1524)

الرابح من باع العاجلة بالآجلة. (ص 56 ح 1525)

الرابح من باع الدنيا بالآخرة، و استبدل بالآجلة عن العاجلة.

(ص 78 ح 1901)

الحازم من لم يشغله غرور دنياه عن العمل لاخراه. (ص 86 ح 2005)

المغبون من شغل بالدنيا، وفاته حظّه من الآخرة. (ص 88 ح 2031)

اجعل همّك وجدّك لآخرتك. (ص 110 ف 2 ح 65)

اجعل همّك لمعادك تصلح. (ص 112 ح 85)

استفرغ جهدك لمعادك يصلح مثواك، و لا تبع آخرتك بدنياك.

(ص 121 ح 186)

أفضل الناس عقلا أحسنهم تقديرا لمعاشه و أشدّهم اهتماما بإصلاح معاده. (ص 210 ف 8 ح 515)

إنّ من الشقاء إفساد المعاد. (ص 216 ف 9 ح 24)

إنّك مخلوق للآخرة فاعمل لها-إنّك لن تخلق للدنيا فازهد فيها و أعرض عنها. (ص 288 ف 13 ح 24 و 25)

إنّك إن عملت للآخرة فاز قدحك. (ح 30)

ص:255

إنّك إن عملت للدنيا خسرت صفقتك. (ح 31)

إنّكم إنّما خلقتم للآخرة لا للدنيا و للبقاء لا للفناء. (ص 292 ف 14 ح 24)

إنّما خلقتم للبقاء لا للفناء و إنّكم في دار بلغة و منزل قلعة.

(ص 297 ف 15 ح 4)

ثواب الآخرة ينسي مشقّة الدنيا. (ص 366 ف 25 ح 7)

خير الاستعداد ما أصلح المعاد. (ص 391 ف 29 ح 64)

دار البقاء محلّ الصدّقين و موطن الأبرار و الصالحين.

(ص 403 ف 31 ح 26)

دعاكم اللّه سبحانه إلى دار البقاء و قرارة الخلود و النعماء و مجاورة الأنبياء و السعداء فعصيتم و أعرضتم-دعتكم الدنيا إلى قرارة الشقاء و محل الفناء و أنواع البلاء و العناء فأطعتم و بادرتم و أسرعتم. (ح 28 و 29)

ذكر الآخرة دواء و شفاء-ذكر الدنيا أدوء الأدواء.

(ص 405 ف 32 ح 17 و 18)

سعادة الرجل في إحراز دينه و العمل لآخرته. (ص 437 ف 39 ح 73)

شيمة ذوي الألباب و النهى الإقبال على دار البقاء و الإعراض عن دار الفناء و التولّه بجنّة المأوى. (ص 451 ف 42 ح 37)

صلاح المعاد بحسن العمل. (ص 452 ف 43 ح 10)

طوبى لمن ذكر المعاد فاستكثر من الزاد. (ج 2 ص 466 ف 46 ح 18)

طوبى لمن أحسن إلى العباد و تزوّد للمعاد. (ح 19)

عجبت لمن أنكر النشأة الآخرة و هو يرى النشأة الأولى.

(ص 493 ف 54 ح 3)

عجبت لعامر دار الفناء و تارك دار البقاء. (ح 4)

ص:256

عجبت لمن عرف ربّه كيف لا يسعى لدار المقام (البقاء ف ن) .

(ص 495 ح 17)

كيف يعمل للآخرة المشغول بالدنيا. (ص 553 ف 64 ح 3)

كيف يزهد في الدنيا من لا يعرف قدر الآخرة. (ص 554 ح 14)

كن في الدنيا ببدنك و في الآخرة بقلبك و عملك. (ص 566 ف 67 ح 33)

كذب من ادّعى اليقين بالباقي و هو مواصل للفاني. (ص 574 ف 69 ح 18)

ليس بمؤمن من لم يهتمّ بإصلاح معاده. (ص 598 ف 73 ح 80)

من أيقن بالجزاء أحسن. (ص 629 ف 77 ح 373)

من عمل للمعاد ظفر بالسداد. (ص 631 ح 389)

من ابتاع آخرته بدنياه ربحهما. (ص 643 ح 581)

من باع آخرته بدنياه خسرهما. (ح 582)

من أيقن بالآخرة لم يحرص على الدنيا. (ص 645 ح 601)

من عمّر دار إقامته فهو العاقل. (ص 647 ح 643)

من فسد دينه فسد معاده. (ص 649 ح 671)

من أصلح المعاد ظفر بالسداد. (ص 651 ح 709)

من أيقن بالمعاد استكثر الزاد. (ح 710)

من سرّه الفساد سائه المعاد. (ح 712)

من رضي بالدنيا فاتته الآخرة. (ص 652 ح 717)

من آمن بالآخرة أعرض عن الدنيا. (ص 654 ح 762)

من أيقن بما يبقى زهد فيما يفنى. (ح 763)

من حرص على الآخرة ملك. (ص 656 ح 782)

من جعل كلّ همّه لآخرته ظفر بالمأمول. (ص 660 ح 849)

من أحبّ الدار الباقية لهي عن اللذّات. (ص 666 ح 930)

ص:257

من خاف العقاب انصرف عن السيّئات. (ص 669 ح 966)

من أيقن بالآخرة سلا عن الدنيا. (ص 672 ح 1002)

من أيقن بالمجازاة لم يؤثر غير الحسنى. (ح 1003)

من قوى دينه أيقن بالجزاء و رضي مواقع القضاء. (ص 674 ح 1029)

من أكثر من ذكر الآخرة قلّت معصيته. (ص 681 ح 1107)

من كانت الآخرة همّته بلغ من الخير غاية امنيّته. (ص 693 ح 1241)

من أحبّ فوز الآخرة فعليه بالتقوى. (ص 694 ح 1245)

من لم يوقن بالجزاء أفسد الشكّ يقينه. (ص 699 ح 1299)

من لم يؤثر الآخرة على الدنيا فلا عقل له. (ح 1301)

من لم يعمل للآخرة لم ينل أمله. (ص 702 ح 1332)

من الشفاء إفساد المعاد. (ص 726 ف 78 ح 28)

ما أخسر من ليس له في الآخرة نصيب. (ص 746 ف 79 ح 172)

لا يشغلنّك عن العمل للآخرة شغل فإنّ المدّة قصيرة. (ص 808 ف 85 ح 137)

لا ينفع الإيمان للآخرة مع الرغبة في الدنيا. (ص 850 ف 86 ح 393)

لا يؤمن بالمعاد من لم يتحرّج عن ظلم العباد. (ص 852 ح 409)

ص:258

140- ذمّ تتبّع عيوب الناس

الآية

قال اللّه تعالى: إِنَّ اَلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ اَلْفاحِشَةُ فِي اَلَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي اَلدُّنْيا وَ اَلْآخِرَةِ وَ اَللّهُ يَعْلَمُ وَ أَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ. (1)

الأخبار

1-عن زرارة عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام قالا: أقرب ما يكون العبد إلى الكفر أن يواخي الرجل على الدين فيحصي عليه عثراته و زلاّته ليعنّفه بها يوما ما. (2)

بيان:

«التعنيف» : التعيير و اللوم.

«العثرة» : الزلّة و الخطيئة، الكبوة في المشي و لعلّ المراد هنا الزلّة.

2-عن إسحاق بن عمّار قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا معشر من أسلم بلسانه و لم يخلص الإيمان إلى قلبه، لا تذمّوا المسلمين و لا تتبّعوا عوراتهم، فإنّه من تتبّع عوراتهم تتّبع اللّه عورته، و من تتبّع اللّه تعالى

ص:259


1- -النور:19
2- الكافي ج 2 ص 264 باب من طلب عثرات المؤمنين ح 1

عورته يفضحه و لو في بيته. (1)

بيان:

«خلص إلى المكان» : وصل. «لا تتبّعوا» : من باب التفعّل بحذف إحدى التائين، في المصباح، تتبّعت أحواله: تطلّبتها شيئا بعد شيء في مهلة. و المراد بتتبّع اللّه سبحانه عورته منع لطفه و كشف ستره، و منع الملائكة عن ستر ذنوبه و عيوبه فهو يفتضح في السماء و الأرض. . . (المرآة ج 10 ص 401 و البحار ج 75 ص 218)

«عوراتهم» العورة: كلّ أمر قبيح يستره الإنسان أنفة أو حياءا.

«و لو في بيته» : لعلّ المراد يفضحه و لو عند أهل بيته.

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أبعد ما يكون العبد من اللّه أن يكون الرجل يواخي لرجل و هو يحفظ عليه زلاّته ليعيّره بها يوما ما. (2)

4-عن أبي حمزة الثماليّ عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ أسرع الخير ثوابا البرّ، و إنّ أسرع الشرّ عقوبة البغي، و كفى بالمرء عيبا أن يبصر من الناس ما يعمى عنه من نفسه، أو يعيّر الناس بما لا يستطيع تركه، أو يؤذي جليسه بما لا يعنيه. (3)

5-عن أبي حمزة قال: سمعت عليّ بن الحسين عليهما السّلام يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: كفى بالمرء عيبا أن يبصر من الناس ما يعمى عليه من نفسه، و أن يؤذي جليسه بما لا يعنيه. (4)

6-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ثلاث خصال من كنّ فيه أو واحدة منهنّ كان في ظلّ عرش اللّه يوم لا ظلّ إلاّ ظلّه: رجل أعطى الناس من نفسه ما هو سائلهم، و رجل لم يقدّم رجلا و لم يؤخّر رجلا حتّى يعلم أنّ ذلك

ص:260


1- -الكافي ج 2 ص 264 ح 2
2- الكافي ج 2 ص 265 ح 7
3- الكافي ج 2 ص 333 باب من يعيب الناس ح 1
4- الكافي ج 2 ص 333 ح 2

للّه رضا، و رجل لم يعب أخاه المسلم بعيب حتّى ينفي ذلك العيب عن نفسه، فإنّه لا ينفي منها عيبا إلاّ بدا له عيب، و كفى بالمرء شغلا بنفسه عن الناس. (1)

7-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سمعت جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ يقول: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مرّ بنا ذات يوم فوقف و سلّم ثمّ قال: ما لي أرى حبّ الدنيا قد غلب على كثير من الناس. . . طوبى لمن شغله خوف اللّه عزّ و جلّ عن خوف الناس، طوبى لمن منعه عيبه عن عيوب المؤمنين من إخوانه. . . (2)

8-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: كان بالمدينة أقوام لهم عيوب فسكتوا عن عيوب الناس، فأسكت اللّه عن عيوبهم الناس فماتوا و لا عيوب لهم عند الناس، و كان بالمدينة أقوام لا عيوب لهم فتكلّموا في عيوب الناس، فأظهر اللّه لهم عيوبا لم يزالوا يعرفون بها إلى أن ماتوا. (3)

9-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و أيم اللّه لئن لم يكن عصاه في الكبير و عصاه في الصغير لجرأته على عيب الناس أكبر. يا عبد اللّه، لا تعجل في عيب أحد بذنبه فعلّه مغفور له، و لا تأمن على نفسك صغير معصية فلعلّك معذّب عليه، فليكفف من علم منكم عيب غيره لما يعلم من عيب نفسه، و ليكن الشكر شاغلا له على معافاته ممّا ابتلي به غيره. (4)

10-و قال عليه السّلام: يا أيّها الناس، طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس، و طوبى لمن لزم بيته، و أكل قوته، و اشتغل بطاعة ربّه، و بكى على خطيئته، فكان من نفسه في شغل، و الناس منه في راحة. (5)

ص:261


1- -الوسائل ج 15 ص 288 ب 36 من جهاد النفس ح 1
2- الوسائل ج 15 ص 289 ح 2
3- الوسائل ج 15 ص 292 ح 10( أمالي الطوسي ج 1 ص 42)
4- نهج البلاغة ص 429 في خ 140
5- نهج البلاغة ص 576 في خ 175

11-و قال عليه السّلام: من نظر في عيب نفسه اشتغل عن عيب غيره. . . و من نظر في عيوب الناس فأنكرها ثمّ رضيها لنفسه فذلك الأحمق بعينه. . . (1)

12-و قال عليه السّلام: أكبر العيب أن تعيب ما فيك مثله. (2)

13-عن الصادق عليه السّلام أنّه قال: قال عيسى بن مريم عليه السّلام: طوبى لمن جعل بصره في قلبه، و لم يجعل بصره في عينه، لا تنظروا في عيوب الناس كالأرباب، و انظروا في عيوبكم كهيئة العبد، إنّما الناس رجلان: مبتلى و معافى، فارحموا المبتلى، و احمدوا اللّه على العافية. (3)

14-قال أمير المؤمنين عليه السّلام في وصيّة للحسين عليه السّلام: و اعلم-أي بنيّ-أنّه من أبصر عيب نفسه شغل عن عيب غيره. . . أي بنيّ، من نظر في عيوب الناس و رضي لنفسه بها فذاك الأحمق بعينه. (4)

15-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا رأيتم العبد متفقّدا لذنوب الناس ناسيا لذنوبه، فاعلموا أنّه قد مكر به. (5)

16-قال الصادق عليه السّلام: إنّ للّه تبارك و تعالى على عبده المؤمن أربعين جنّة فمن أذنب ذنبا كبيرا رفع عنه جنّة، فإذا عاب أخاه المؤمن بشيء يعلمه منه انكشفت تلك الجنن عنه، و يبقى مهتك الستر، فيفتضح في السماء على ألسنة الملائكة و في الأرض على ألسنة الناس، و لا يرتكب ذنبا إلاّ ذكروه، و يقول الملائكة الموكّلون به: يا ربّنا، قد بقي عبدك مهتك الستر و قد أمرتنا بحفظه؟ فيقول عزّ و جلّ: ملائكتي، لو أردت بهذا العبد خيرا ما فضحته، فارفعوا أجنحتكم عنه،

ص:262


1- -نهج البلاغة ص 1249 ح 341
2- نهج البلاغة ص 1252 ح 345
3- المستدرك ج 11 ص 313 ب 36 من جهاد النفس ح 3
4- المستدرك ج 11 ص 313 ح 4
5- البحار ج 75 ص 215 باب تتبّع عيوب الناس ح 14

فو عزّتي لا يؤول بعدها إلى خير أبدا. (1)

17-عن هشام عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من قال في مؤمن ما رأت عيناه، و سمعت أذناه كان من الذين قال اللّه: إِنَّ اَلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ اَلْفاحِشَةُ فِي اَلَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي اَلدُّنْيا وَ اَلْآخِرَةِ. (2)

18-في جوامع كلم عليّ عليه السّلام: . . . جهل المرء بعيوبه من أكبر ذنوبه. . . (3)

19-عن أمير المؤمنين عليه السّلام: أيّها الناس، طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس، و تواضع من غير منقصة، و جالس أهل الفقه و الرحمة، و خالط أهل الذلّ و المسكنة، و أنفق مالا جمعه في غير معصية. . . (4)

20-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

اشتغالك بمعايب نفسك يكفيك العار. (الغرر ج 1 ص 55 ف 1 ح 1520)

استر عورة أخيك لما تعلمه فيك. (ص 110 ف 2 ح 67)

أمقت الناس العيّاب. (ص 177 ف 8 ح 81)

أفضل الناس من شغلته معايبه عن عيوب الناس. (ص 188 ح 264)

أكبر العيب أن تعيب غيرك بما هو فيك. (ص 194 ح 345)

أعقل الناس من كان بعيبه بصيرا و عن عيب غيره ضريرا. (ص 200 ح 409)

تتبّع العورات من أعظم السوآت-تتبّع العيوب من أقبح العيوب، و شرّ السيّئات. (ص 357 ف 22 ح 118 و 119)

شرّ الناس من كان متتبّعا لعيوب الناس، عميّا عن معايبه.

(ص 447 ف 41 ح 67)

ص:263


1- -البحار ج 75 ص 216 ح 17
2- البحار ج 75 ص 213 ح 2
3- البحار ج 78 ص 91
4- البحار ج 1 ص 199 ب 4 من العلم ح 4

عجبت لمن ينكر عيوب الناس، و نفسه أكثر شيء معابا و لا يبصرها.

(ج 2 ص 495 ف 54 ح 19)

كفى بالمرء شغلا بمعايبه عن معايب الناس. (ص 558 ف 65 ح 48)

كفى بالمرء غباوة أن ينظر من عيوب الناس إلى ما خفي عليه من عيوبه.

(ص 559 ح 55)

كفى بالمرء جهلا أن يجهل عيوب نفسه، و يطعن على الناس بما لا يستطيع التحوّل عنه. (ص 560 ح 63)

ليكفّ من علم منكم من عيب غيره لما يعرف من عيب نفسه.

(ص 583 ف 71 ح 45)

ليكن أبغض الناس إليك و أبعدهم منك أطلبهم لمعائب الناس.

(ص 586 ح 65)

من تتبّع عيوب الناس كشف عيوبه. (ص 647 ف 77 ح 639)

من أبصر عيب نفسه لم يعب أحدا. (ص 652 ح 720)

من بحث عن عيوب الناس فليبدء بنفسه. (ص 659 ح 828)

من أبصر زلّته صغرت عنده زلّة غيره. (ص 680 ح 1092)

من تتبّع عورات الناس كشف اللّه عورته-من تتبّع خفيّات العيوب حرّمه اللّه سبحانه مودّات القلوب. (ص 683 ح 1133 و 1137)

من عمي عن زلّته استعظم زلّة غيره. (ص 684 ح 1141)

من أنكر عيوب الناس و رضيها لنفسه فذلك الأحمق.

(ص 689 ح 1204)

من وبّخ نفسه على العيوب ارتدعت عن كثرة الذنوب.

(ص 696 ح 1264)

ص:264

من حاسب نفسه وقف على عيوبه و أحاط بذنوبه، فاستقال الذنوب و أصلح العيوب. (ح 1265)

من شغل نفسه بغير نفسه فقد تحيّر في الظلمات، و ارتبك في الهلكات.

(ص 706 ح 1371)

من أشدّ عيوب المرء أن تخفى عليه عيوبه. (ص 727 ف 78 ح 42)

معرفة المرء بعيوبه أنفع المعارف. (ص 766 ف 80 ح 138)

ص:265

ص:266

حرف الغين

141- الغضب

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الغضب يفسد الإيمان كما يفسد الخلّ العسل. (1)

بيان:

«الغضب» : هو كيفيّة نفسانيّة موجبة لحركة الروح من الداخل إلى الخارج للغلبة، و إنّه من المهلكات العظيمة، و ربّما أدّى إلى الشقاوة الأبديّة، من القتل و القطع، و لذا قيل: "إنّه جنون دفعيّ"و عند الغضب يستر العقل و يضعف، و لذا لا يؤثّر في صاحبه الوعظ و النصيحة، بل قد تزيده الموعظة غلظة و شدّة.

و ممّا يلزم الغضب من الآثار المهلكة؛ انطلاق اللسان بالشتم و السبّ، و إظهار السوء و الشماتة، و إفشاء الأسرار و هتك الأستار، و السخريّة و الاستهزاء و التحقير، و منع الحقوق، و توثّب الأعضاء بالضرب و الجرح و القتل، و تألّم القلب بالحقد و الحسد و العداوة و البغض، و ممّا تلزمه؛ الندامة بعد زواله، و عداوة الأصدقاء، و شماتة الأعداء، و تغيّر المزاج، و تألّم الروح، و سقم البدن، و مكافاة العاجل و عقوبة الآجل، إلى غير ذلك ممّا لا يحصى.

ص:267


1- -الكافي ج 2 ص 229 باب الغضب ح 1

ثمّ إنّ الناس في هذه القوّة على إفراط و تفريط و اعتدال، فالإفراط أن تغلب هذه الصفة حتّى يخرج عن طاعة العقل و الشرع، و لا تبقى له فكرة و بصيرة، و التفريط أن يفقد هذه القوّة أو تضعف بحيث لا تغضب عمّا ينبغي الغضب عليه شرعا و عقلا، و الاعتدال أن يصدر فيما ينبغي و لا يصدر في ما لا ينبغي، بحيث لا يخرج عن سياسة الشرع و العقل، و يكون تابعا لهما في الغضب و عدمه.

و علاج الغضب التفكّر فيما ورد في ذمّ الغضب، و مدح كظم الغيظ، و الحلم و العفو، و أن يجلس من فوره إذا كان قائما، و ذلك مجرّب، كما أنّ من جلس عند حملة الكلب وجده ساكتا لا يحوم حوله، و الوضوء بالماء البارد، و شربه بالجلوس.

و قال بعض: أمر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أن تقول عند الغضب: «أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم» و كان صلّى اللّه عليه و آله إذا غضبت عائشة أخذ بأنفها و قال: يا عويش، قولي «اللهمّ ربّ النبيّ محمّد، اغفر لي ذنبي و اذهب غيظ قلبي و أجرني من مضلاّت الفتن» و غير ذلك ممّا يأتي في الأخبار.

2-ذكر الغضب عند أبي جعفر عليه السّلام فقال: إنّ الرجل ليغضب فما يرضى أبدا حتّى يدخل النار، فأيّما رجل غضب على قوم و هو قائم فليجلس من فوره ذلك، فإنّه سيذهب عنه رجز الشيطان، و أيّما رجل غضب على ذي رحم فليدن منه فليمسّه، فإنّ الرحم إذا مسّت سكنت. (1)

بيان:

في المفردات، «الفور» : شدّة الغليان و يقال ذلك في النار نفسها إذا هاجت، و في القدر، و في الغضب. . . و يقال: فعلت كذا من فوري أي في غليان الحال، و قيل: سكون الأمر.

«رجز الشيطان» في النهاية ج 2 ص 200: الرجز: العذاب و الإثم و الذنب، و رجز

ص:268


1- -الكافي ج 2 ص 229 ح 2( أمالى الصدوق رحمه اللّه ص 340 م 54 ح 25)

الشيطان: وساوسه.

3-عن داود بن فرقد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الغضب مفتاح كلّ شرّ. (1)

4-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعت أبي عليه السّلام يقول: أتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رجل بدويّ فقال: إنّي أسكن البادية فعلّمني جوامع الكلام، فقال: آمرك أن لا تغضب، فأعاد عليه الأعرابيّ المسألة ثلاث مرّات حتّى رجع الرجل إلى نفسه، فقال: لا أسأل عن شيء بعد هذا، ما أمرني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلاّ بالخير.

قال: و كان أبي يقول: أيّ شيء أشدّ من الغضب، إنّ الرجل ليغضب فيقتل النفس التي حرّم اللّه و يقذف المحصنة. (2)

5-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من كفّ غضبه ستر اللّه عورته. (3)

بيان:

«عورته» : عيوبه و ذنوبه فلا يفضحه بها في الدنيا و الآخرة، و لعلّ عند الغضب تبدو المساوي و تظهر العيوب فإذا كفّ يستر عنه.

6-قال أبو جعفر عليه السّلام: مكتوب في التوراة فيما ناجى اللّه عزّ و جلّ به موسى عليه السّلام: يا موسى، أمسك غضبك عمّن ملّكتك عليه أكفّ عنك غضبي. (4)

7-عن إسحاق بن عمّار قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ في التوراة مكتوبا: يابن آدم، اذكرني حين تغضب أذكرك عند غضبي، فلا أمحقك فيمن أمحق، و إذا ظلمت بمظلمة فارض بانتصاري لك، فإنّ انتصاري لك خير

ص:269


1- -الكافي ج 2 ص 229 ح 3( الخصال ج 1 ص 7 باب الواحد ح 22) -و مثله في تحف العقول ص 362 عن الحسن العسكريّ عليه السّلام
2- الكافي ج 2 ص 229 ح 4-و بمضمونه ح 5 و 11
3- الكافي ج 2 ص 229 ح 6
4- الكافي ج 2 ص 229 ح 7

من انتصارك لنفسك. (1)

بيان:

في المرآة ج 10 ص 151، «فلا أمحقك» : المحق هنا إبطال عمله و تعذيبه و محو ذكره أو إحراقه. في القاموس، محقه كمنعه: أبطله و محاه. . . و في النهاية: المحق؛ النقص و المحو و الإبطال. «الانتصار» : الانتقام.

8-عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ هذا الغضب جمرة من الشيطان توقد في قلب ابن آدم، و إنّ أحدكم إذا غضب احمرّت عيناه و انتفخت أوداجه و دخل الشيطان فيه، فإذا خاف أحدكم ذلك من نفسه فليلزم الأرض، فإنّ رجز الشيطان ليذهب عنه عند ذلك. (2)

بيان:

«أوداجه» أي عروقه.

9-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الغضب ممحقة لقلب الحكيم.

و قال: من لم يملك غضبه لم يملك عقله. (3)

10-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: من كفّ غضبه عن الناس كفّ اللّه عنه عذاب يوم القيامة. (4)

11-عن صفوان الجمّال عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّما المؤمن، الذي إذا غضب لم يخرجه غضبه من حقّ، و إذا رضي لم يدخله رضاه في باطل، و إذا قدر لم يأخذ أكثر ممّا له (من ماله ف ن) . (5)

ص:270


1- -الكافي ج 2 ص 230 ح 10
2- الكافي ج 2 ص 230 ح 12
3- الكافي ج 2 ص 231 ح 13
4- الكافي ج 2 ص 231 ح 15
5- الكافي ج 2 ص 183 باب المؤمن و علاماته ح 11

بيان:

«لم يخرجه غضبه من حقّ» : بأن يحكم على من غضب عليه بغير حقّ أو يظلمه أو يكتم شهادة له عنده و غير ذلك. «إذا رضي» : أي عن أحد. «في باطل» : بأن يشهد له زورا أو يحكم له باطلا أو يحميه في باطل و أشباه ذلك.

12-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أربعة جواهر تزيلها أربعة: أمّا الجواهر؛ فالعقل، و الدين، و الحياء، و العمل الصالح. أمّا الغضب فيزيل العقل، و أمّا الحسد فيزيل الدين، و أمّا الطمع فيزيل الحياء، و أمّا الغيبة فيزيل العمل الصالح. (1)

13-فيما كتب أمير المؤمنين عليه السّلام إلى الحارث الهمدانيّ: . . . و اكظم الغيظ و تجاوز عند المقدرة، و احلم عند الغضب. . .

و قال عليه السّلام: و احذر الغضب فإنّه جند عظيم من جنود إبليس. (2)

14-عن عبد العظيم الحسنيّ عن أبي جعفر الثاني عن أبيه عليهما السّلام قال: دخل موسى بن جعفر عليه السّلام على هارون الرشيد و قد استخفّه الغضب على رجل، فقال له: إنّما تغضب للّه عزّ و جلّ، فلا تغضب له بأكثر ممّا غضب لنفسه. (3)

15-سئل أمير المؤمنين عليه السّلام: من أحلم الناس؟ قال: الذي لا يغضب. (4)

16-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رجل للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يا رسول اللّه، علّمني عملا لا يحال بينه و بين الجنّة، قال: لا تغضب و لا تسأل الناس شيئا، و ارض للناس ما ترضى لنفسك. . . (5)

17-قال الصادق عليه السّلام: لو قال أحدكم إذا غضب: «أعوذ باللّه

ص:271


1- -الاثنى عشرية ص 158 ب 4 ف 2
2- نهج البلاغة ص 1067 و ص 1070 ر 69
3- البحار ج 73 ص 262 باب ذمّ الغضب ح 1
4- البحار ج 73 ص 263 ح 3
5- البحار ج 73 ص 264 ح 8

من الشيطان الرجيم» ذهب عنه غضبه. (1)

18-و قال رجل يا رسول اللّه، أوصني فقال صلّى اللّه عليه و آله: أوصيك أن لا تغضب، و قال: إذا غضب أحدكم فليتوضّأ. (2)

19-. . . عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: شدّة الغضب تغيّر المنطق، و تقطع مادّة الحجّة، و تفرّق الفهم. (3)

أقول:

لاحظ ما يناسب المقام في أبواب الحلم، الشيطان، كظم الغيظ و. . .

و مرّ في باب العصبيّة؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يتعوّذ في كلّ يوم من ستّ: من الشّك، و الشرك، و الحميّة، و الغضب، و البغي، و الحسد.

20-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام: يا عليّ، لا تغضب فإذا غضبت فاقعد و تفكّر في قدرة الربّ على العباد و حلمه عنهم، و إذا قيل لك: اتّق اللّه فانبذ غضبك و راجع حلمك. (4)

21-في وصيّة الباقر عليه السّلام لجابر الجعفيّ: و لا قوّة كردّ الغضب. (5)

22-في مواعظ الصادق عليه السّلام: ليس لإبليس جند أشدّ من النساء و الغضب. (6)

23-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: قال الحواريّون لعيسى عليه السّلام: أيّ الأشياء أشدّ؟ قال: أشدّ الأشياء غضب اللّه عزّ و جلّ، قالوا: بما نتّقي غضب اللّه؟ قال:

ص:272


1- -البحار ج 95 ص 339 باب ما يسكن الغضب ح 2
2- البحار ج 95 ص 339 ح 2
3- البحار ج 71 ص 428 باب الحلم ح 78
4- البحار ج 77 ص 69
5- البحار ج 78 ص 165
6- البحار ج 78 ص 246

بأن لا تغضبوا، قالوا: و ما بدء الغضب؟ قال: الكبر و التجبّر و محقرة الناس. (1)

24-قال الصادق عليه السّلام: كان أبي محمّد عليه السّلام يقول: أيّ شيء أشدّ من الغضب! إنّ الرجل إذا غضب يقتل النفس، و يقذف المحصنة. (2)

25-قال نوح عليه السّلام لإبليس: فأخبرني متى تكون أقدر على ابن آدم؟ قال: عند الغضب. (3)

26-قال الهادي عليه السّلام: الغضب على من لا تملك عجز، و على من تملك لؤم. (4)

27-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ألا و من حفظ نفسه عند الغضب، فهو كالمجاهد في سبيل اللّه. (5)

28-في حديث، أنّ إبليس قال لموسى عليه السّلام: و إيّاك و الغضب، و إذا غضبت فقل: «لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه العليّ العظيم» يسكن غضبك. (6)

29-نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن الأدب عند الغضب. (7)

30-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ليس الشديد بالصرعة، إنّما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب. (8)

31-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: وجبت محبّة اللّه عزّ و جلّ على من أغضب

ص:273


1- -الوسائل ج 15 ص 362 ب 53 من جهاد النفس ح 15
2- المستدرك ج 12 ص 8 ب 53 من جهاد النفس ح 8
3- المستدرك ج 12 ص 10 ح 15
4- المستدرك ج 12 ص 11 ح 18
5- المستدرك ج 12 ص 14 ح 21
6- المستدرك ج 12 ص 15 ب 54 ح 4
7- مشكوة الأنوار ص 307 ب 8 ف 1
8- مشكوة الأنوار ص 308

فحلم. (1)

32-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الغضب مركب الطيش. (الغرر ج 1 ص 29 ف 1 ح 858)

الغضب نار القلوب. (ص 33 ح 1008)

الغضب شرّ، إن أطعته دمّر. (ص 42 ح 1265)

الغضب عدوّ فلا تملّكه نفسك. (ص 48 ح 1385)

الغضب يفسد الألباب، و يبعد من الصواب. (ص 49 ح 1401)

الغضب يردي صاحبه و يبدي معايبه. (ص 67 ح 1738)

الحلم عند شدّة الغضب، يؤمن غضب الجبّار-الغضب نار موقدة، من كظمه أطفأها، و من أطلقه كان أوّل محترق بها. (ص 71 ح 1802 و 1812)

الحلم يطفئ نار الغضب، و الحدّة تؤجّج إحراقه. (ص 92 ح 2086)

الغضب يثير كوامن الحقد. (ص 103 ح 2188)

إيّاك و الغضب، فأوّله جنون، و آخره ندم. (ص 147 ف 5 ح 5)

أفضل الملك ملك الغضب. (ص 177 ف 8 ح 76)

أقدر الناس على الصواب من لم يغضب. (ص 186 ح 221)

أعظم الناس سلطانا على نفسه من قمع غضبه، و أمات شهوته.

(ص 202 ح 433)

أعدى عدوّ للمرء غضبه و شهوته، فمن ملكهما علت درجته و بلغ غايته.

(ص 203 ح 443)

إنّكم إن أطعتم سورة الغضب، أوردتكم موارد العطب. (ص 293 ف 14 ح 36)

ص:274


1- -مشكوة الأنوار ص 309

بئس القرين الغضب، يبدئ المعايب، و يدني الشرّ، و يباعد الخير.

(ص 342 ف 20 ح 34)

تجرّع غصص الحلم، يطفئ نار الغضب. (ص 348 ف 22 ح 27)

ثلاث مهلكات: طاعة النساء و طاعة الغضب و طاعة الشهوة.

(ص 363 ف 24 ح 8)

رأس الفضائل ملك الغضب و إماتة الشهوة. (ص 411 ف 34 ح 16)

طاعة الغضب ندم و طغيان. (ج 2 ص 472 ف 47 ح 42)

ظفر بالشيطان من غلب غضبه، [ظفر الشيطان بمن ملكه غضبه] .

(ص 475 ف 48 ح 13)

عقوبة الغضوب و الحقود و الحسود تبدأ بأنفسهم. (ص 501 ف 55 ح 41)

ليس لإبليس وهق (1)أعظم من الغضب و النساء- [ليس منّا من لم يملك غضبه] . (ص 595 ف 73 ح 43)

من أطلق غضبه تعجّل حتفه. (ص 625 ف 77 ح 303)

من غلب عليه غضبه و شهوته، فهو في حيّز البهائم. (ص 680 ح 1095)

من طبايع الجهّال التسرّع إلى الغضب في كلّ حال. (ص 731 ف 78 ح 102)

لا أدب مع غضب. (ص 833 ف 86 ح 96)

ص:275


1- -الوهق: حبل في طرفه انشوطة يطرح في عنق الدابّة حتّى تؤخذ (كمند)

ص:276

142- الاستغفار

الآيات

1- وَ اَلَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اَللّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَ مَنْ يَغْفِرُ اَلذُّنُوبَ إِلاَّ اَللّهُ وَ لَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَ هُمْ يَعْلَمُونَ. (1)

2- . . . وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اَللّهَ وَ اِسْتَغْفَرَ لَهُمُ اَلرَّسُولُ لَوَجَدُوا اَللّهَ تَوّاباً رَحِيماً. (2)

3- وَ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اَللّهَ يَجِدِ اَللّهَ غَفُوراً رَحِيماً. (3)

4- وَ ما كانَ اَللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ وَ ما كانَ اَللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ. (4)

5- وَ أَنِ اِسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَ يُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ. . . (5)

6- وَ يا قَوْمِ اِسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ اَلسَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وَ يَزِدْكُمْ

ص:277


1- -آل عمران:135
2- النساء:64
3- النساء:110
4- الأنفال:33
5- هود:3

قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ وَ لا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ. (1)

7- قالُوا يا أَبانَا اِسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنّا كُنّا خاطِئِينَ - قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ اَلْغَفُورُ اَلرَّحِيمُ. (2)

8- فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ اَللّهُ وَ اِسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ اَلْمُؤْمِناتِ وَ اَللّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَ مَثْواكُمْ. (3)

9- فَقُلْتُ اِسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفّاراً- يُرْسِلِ اَلسَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً- وَ يُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ وَ يَجْعَلْ لَكُمْ جَنّاتٍ وَ يَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً. (4)

10- . . . وَ اِسْتَغْفِرُوا اَللّهَ إِنَّ اَللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. (5)

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: خير الدعاء الاستغفار. (6)

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا أكثر العبد من الاستغفار رفعت صحيفته و هي يتلألأ. (7)

3-قال الرضا عليه السّلام: مثل الاستغفار مثل ورق على شجرة تحرّك فيتناثر،

ص:278


1- -هود:52
2- يوسف:97 و 98
3- محمّد صلّى اللّه عليه و آله:19
4- نوح:10 إلى 12
5- المزّمّل:20 و بمعناها في النساء:106 و هود:61 و 90 و النمل:46 و النصر:4
6- الكافي ج 2 ص 365 باب الاستغفار ح 1
7- الكافي ج 2 ص 366 ح 2

و المستغفر من ذنب و يفعله كالمستهزئ بربّه. (1)

4-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لا يقوم من مجلس و إنّ خفّ حتّى يستغفر اللّه عزّ و جلّ خمسا و عشرين مرّة. (2)

5-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الاستغفار و قول: لا إله إلاّ اللّه، خير العبادة. قال اللّه العزيز الجبّار: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ اَللّهُ وَ اِسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ. (3)

6-عن زرارة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ العبد إذا أذنب ذنبا اجّل من غدوة إلى الليل، فإن استغفر اللّه لم يكتب عليه. (4)

7-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: العبد المؤمن إذا أذنب ذنبا أجّله اللّه سبع ساعات، فإن استغفر اللّه لم يكتب عليه شيء، و إن مضت الساعات و لم يستغفر كتبت عليه سيّئة، و إنّ المؤمن ليذكر ذنبه بعد عشرين سنة حتّى يستغفر ربّه فيغفر له، و إنّ الكافر لينساه من ساعته. (5)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في باب التوبة.

8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما من مؤمن يقارف في يومه و ليلته أربعين كبيرة فيقول و هو نادم: «أستغفر اللّه الذي لا إله إلاّ هو الحيّ القيّوم بديع السموات و الأرض ذو الجلال و الإكرام و أسأله أن يصلّي على محمّد و آل محمّد و أن يتوب عليّ» إلاّ غفرها اللّه عزّ و جلّ له، و لا خير فيمن يقارف في يوم أكثر من أربعين

ص:279


1- -الكافي ج 2 ص 366 ح 3
2- الكافي ج 2 ص 366 ح 4
3- الكافي ج 2 ص 366 ح 6
4- الكافي ج 2 ص 317 باب الاستغفار من الذنب ح 1
5- الكافي ج 2 ص 317 ح 3

كبيرة. (1)

بيان:

في النهاية ج 4 ص 45، يقال: قرف الذنب و اقترفه: إذا عمله، و قارف الذنب و غيره إذا داناه و لا صقه.

9-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أنعم اللّه عزّ و جلّ عليه نعمة فليحمد اللّه، و من استبطأ الرزق فليستغفر اللّه، و من حزنه أمر فليقل: «لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه» . (2)

10-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الاستغفار يزيد في الرزق. (3)

11-عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: عليك بالاستغفار فإنّه المنجاة.

و قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من كثر همومه فليكثر من الاستغفار. (4)

12-و قال صلّى اللّه عليه و آله: ألا أخبركم بداءكم من دواءكم؟ قلنا: بلى يا رسول اللّه، قال: داءكم الذنوب و دواؤكم الاستغفار. (5)

13-. . . قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ من أجمع الدعاء الاستغفار. (6)

14-و عن محمّد بن الريّان قال: كتبت إلى أبي الحسن الثالث عليه السّلام أسأله أن يعلّمني دعاء للشدائد و النوازل و المهمّات و أن يخصّني كما خصّ آباؤه مواليهم،

ص:280


1- -الكافي ج 2 ص 318 ح 7
2- البحار ج 93 ص 277 باب الاستغفار ح 2
3- البحار ج 93 ص 277 ح 4
4- البحار ج 93 ص 283 ح 28
5- البحار ج 93 ص 282 في ح 23
6- البحار ج 93 ص 283 ح 30

فكتب إليّ: ألزم الاستغفار. (1)

15-و عن إسماعيل بن سهيل قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السّلام: علّمني دعاء إذا أنا قلته كنت معكم في الدنيا و الآخرة فكتب: أكثر تلاوة إِنّا أَنْزَلْناهُ، و أرطب شفتيك بالاستغفار. (2)

16-و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من لزم الاستغفار جعل اللّه له من كلّ همّ فرجا و من كلّ ضيق مخرجا و يرزقه من حيث لا يحتسب. (3)

17-. . . قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ للقلوب صداء كصداء النحاس، فاجلوها بالاستغفار. (4)

بيان:

«للقلوب صداء» : أي يركبها الرين و الدنس بمباشرة المعاصي.

18-قال عليّ عليه السّلام: الاستغفار مع الإصرار ذنوب مجدّدة. (5)

أقول:

قد مرّ في باب التوبة في حديث الرضا عليه السّلام: من استغفر اللّه بلسانه و لم يندم قلبه فقد استهزء بنفسه.

19-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: عجبت لمن يقنط و معه الاستغفار. (6)

20-و حكى عنه أبو جعفر الباقر عليهما السّلام: أنّه قال: كان في الأرض أمانان من عذاب اللّه و قد رفع أحدهما فدونكم الآخر فتمسّكوا به: أمّا الأمان الذي

ص:281


1- -البحار ج 93 ص 283 ح 30
2- البحار ج 93 ص 284 ح 30
3- البحار ج 93 ص 284 ح 30
4- البحار ج 93 ص 284 ح 32
5- البحار ج 78 ص 63
6- نهج البلاغة ص 1124 ح 84

رفع فهو رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و أمّا الأمان الباقي فالاستغفار، قال اللّه تعالى: وَ ما كانَ اَللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ وَ ما كانَ اَللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ. (1)

21-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من قال: «أستغفر اللّه» مائة مرّة حين ينام بات و قد تحاتّ الذنوب كما يتحاتّ الورق من الشجر و يصبح و ليس عليه ذنب. (2)

22-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: طوبى لمن وجد في صحيفة عمله يوم القيامة تحت كلّ ذنب أستغفر اللّه. (3)

23-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه عليهم السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: من استغفر اللّه بعد العصر سبعين مرّة، غفر اللّه له ذنوب سبعين سنة. (4)

24-عن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لكلّ داء دواء، و دواء الذنوب الاستغفار. (5)

25-عن عليّ بن موسى الرضا عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام أنّه قال: تعطّروا بالاستغفار لا تفضحنّكم روائح الذنوب. (6)

26-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: إنّ اللّه جلّ جلاله إذا رأى أهل قرية قد أسرفوا في المعاصي و فيها ثلاثة نفر من المؤمنين، ناداهم جلّ جلاله: يا أهل معصيتي، لو لا من فيكم من المؤمنين المتحابّين بجلالي، العامرين بصلاتهم أرضي و مساجدي و المستغفرين بالأسحار

ص:282


1- -نهج البلاغة ص 1125 ح 85
2- جامع الأخبار ص 56 ف 26
3- جامع الأخبار ص 56( البحار ج 93 ص 280)
4- جامع الأخبار ص 57
5- الوسائل ج 16 ص 68 ب 85 من جهاد النفس ح 11
6- الوسائل ج 16 ص 70 ح 17

خوفا منّي، لأنزلت بكم عذابي ثمّ لا أبالي. (1)

أقول:

قد مرّ نحوه في باب المسجد، و فيه: «لو لا الذين يتحابّون فيّ، و يعمرون مساجدي، و يستغفرون بالأسحار، لو لا هم لأنزلت عليهم عذابي» .

و مرّ ما يدلّ على المقام في باب الصلاة ف 2.

27-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ادفعوا أبواب البلايا بالاستغفار. (2)

28-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أكثروا من الاستغفار في بيوتكم، و في مجالسكم، و على موائدكم، و في أسواقكم، و في طرقكم، و أينما كنتم، فإنّكم لا تدرون متى تنزل المغفرة. (3)

29-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ الذنوب لتشوب أهلها لتحرقنّهم، لا يطفئها شيء إلاّ الاستغفار. (4)

30-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ثلاثة معصومون من إبليس و جنوده: الذاكرون للّه، و الباكون من خشية اللّه، و المستغفرون بالأسحار. (5)

31-في مهج الدعوات قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من لحقته شدّة أو نكبة أو ضيق، فقال ثلاثين ألف مرّة: «أستغفر اللّه و أتوب إليه» إلاّ فرّج اللّه تعالى عنه.

قال الراوي: هذا خبر صحيح و قد جرّب. (6)

ص:283


1- -الوسائل ج 16 ص 92 ب 94 ح 2
2- المستدرك ج 5 ص 318 ب 21 من الذكر ح 9
3- المستدرك ج 5 ص 319 ح 13
4- المستدرك ج 12 ص 119 ب 85 من جهاد النفس ح 3
5- المستدرك ج 12 ص 146 ب 93 ح 5
6- المستدرك ج 12 ص 143 ب 91 ح 3

32-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من استغفر اللّه بعد صلاة العصر سبعين مرّة غفر اللّه له سبعمأة ذنب. (1)

أقول:

و زاد في ح 1: «فإن لم يكن له فلأبيه، فإن لم يكن لأبيه فلامّه، فإن لم يكن لامّه فلأخيه، فإن لم يكن لأخيه فلاخته، فإن لم يكن لأخته فللأقرب فالأقرب» .

33-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الاستغفار يمحو الأوزار. (الغرر ج 1 ص 16 ف 1 ح 397)

الاستغفار أعظم جزاء و أسرع مثوبة. (ص 56 ح 1533)

الذنوب الداء، و الدواء الاستغفار، و الشفاء أن لا تعود. (ص 79 ح 1913)

سلاح المؤمن الاستغفار. (ص 433 ف 39 ح 13)

لا شفيع أنجح من الاستغفار. (ج 2 ص 840 ف 86 ح 221)

ص:284


1- -الوسائل ج 6 ص 482 ب 27 من التعقيب ح 2

143- الغناء

الآيات

1- . . . فَاجْتَنِبُوا اَلرِّجْسَ مِنَ اَلْأَوْثانِ وَ اِجْتَنِبُوا قَوْلَ اَلزُّورِ. (1)

2- وَ مِنَ اَلنّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ اَلْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اَللّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَ يَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ. (2)

3- وَ اَلَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ اَلزُّورَ وَ إِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً. (3)

الأخبار

1-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: بيت الغناء لا تؤمن فيه الفجيعة، و لا تجاب فيه الدعوة، و لا يدخله الملك. (4)

بيان:

في القاموس، «الغناء» ككساء من الصوت: ما طرّب به.

ص:285


1- -الحجّ:30
2- لقمان:6
3- الفرقان:72
4- الوسائل ج 17 ص 303 ب 99 من ما يكتسب به ح 1

و في مجمع البحرين: الغناء ككساء: الصوت المشتمل على الترجيع المطرب أو ما يسمّى بالعرف غناء و إن لم يطرب، سواء كان في شعر أو قرآن أو غيرهما و استثنى منه الحدو للإبل. و قيل: فعله للمرأة في الأعراس مع عدم الباطل انتهى.

و قال الشيخ الأنصاريّ رحمه اللّه في المكاسب المحرّمة: الثالثة عشرة؛ الغناء لا خلاف في حرمته في الجملة، و الأخبار بها مستفيضة و ادّعى في الإيضاح تواترها، منها: ما ورد مستفيضا في تفسير قول الزور في قوله تعالى: وَ اِجْتَنِبُوا قَوْلَ اَلزُّورِ. . . منها: ما ورد مستفيضا في تفسير لهو الحديث. . . و منها: ما ورد في تفسير الزور في قوله تعالى: وَ اَلَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ اَلزُّورَ. . .

و بالجملة فالمحرّم هو ما كان من لحون أهل الفسوق و المعاصي التي ورد النهي عن قرائة القرآن بها، سواء كان مساويا للغناء أو أعمّ أو أخصّ، مع أنّ الظاهر أن ليس الغناء إلاّ هو و إن اختلف فيه عبارات الفقهاء و اللغويّين، فعن المصباح: أنّ الغناء الصوت، و عن آخر: أنّه مدّ الصوت. . . و الأحسن من الكلّ ما تقدّم من الصحاح و يقرب منه المحكيّ عن المشهور بين الفقهاء من أنّه مدّ الصوت المشتمل على الترجيع المطرب، و الطرب على ما في الصحاح: خفّة يعتري الإنسان لشدّة حزن أو سرور. . .

2-عن زيد الشحّام قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قوله عزّ و جلّ: وَ اِجْتَنِبُوا قَوْلَ اَلزُّورِ قال: قول الزور؛ الغناء. (1)

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله عزّ و جلّ: لا يَشْهَدُونَ اَلزُّورَ قال: الغناء. (2)

4-عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سمعته يقول: الغناء ممّا

ص:286


1- -الوسائل ج 17 ص 303 ح 2
2- الوسائل ج 17 ص 304 ح 3

وعد اللّه عليه النار، و تلا هذه الآية: وَ مِنَ اَلنّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ اَلْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اَللّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَ يَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ. (1)

بيان:

«ممّا وعد اللّه عليه النار» : أي يكون من الكبائر.

5-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سئل عن الغناء و أنا حاضر، فقال: لا تدخلوا بيوتا اللّه معرض عن أهلها. (2)

6-عن الحسن بن هارون قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: الغناء مجلس لا ينظر اللّه إلى أهله، و هو ممّا قال اللّه عزّ و جلّ: وَ مِنَ اَلنّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ اَلْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اَللّهِ. (3)

7-قال الصادق عليه السّلام: شرّ الأصوات الغناء. (4)

8-عن الحسن بن هارون قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: الغناء يورث النفاق، و يعقّب الفقر. (5)

9-عن هشام عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله تعالى: فَاجْتَنِبُوا اَلرِّجْسَ مِنَ اَلْأَوْثانِ وَ اِجْتَنِبُوا قَوْلَ اَلزُّورِ قال: الرجس من الأوثان؛ الشطرنج، و قول الزور؛ الغناء. (6)

10-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: المغنّية ملعونة، ملعون من أكل كسبها. (7)

ص:287


1- -الوسائل ج 17 ص 304 ح 6
2- الوسائل ج 17 ص 306 ح 12
3- الوسائل ج 17 ص 307 ح 16
4- الوسائل ج 17 ص 309 ح 22
5- الوسائل ج 17 ص 309 ح 23
6- الوسائل ج 17 ص 310 ح 26
7- الوسائل ج 17 ص 121 ب 15 ح 4

11-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سأله رجل عن بيع الجواري المغنّيات، فقال: شراؤهنّ و بيعهنّ حرام، و تعليمهنّ كفر، و استماعهنّ نفاق. (1)

12-قال الريّان بن الصلت: سألت الرضا عليه السّلام يوما بخراسان: فقلت: يا سيّدي، إنّ إبراهيم بن هاشم العباسيّ حكى عنك أنّك رخّصت له في استماع الغناء، فقال: كذب الزنديق، إنّما سألني عن ذلك، فقلت له: إنّ رجلا سأل أبا جعفر عليه السّلام عن ذلك، فقال له أبا جعفر عليه السّلام: إذا ميّز اللّه بين الحقّ و الباطل فأين يكون الغناء؟ فقال: مع الباطل، فقال له أبو جعفر عليه السّلام: قد قضيت. (2)

13-عن جابر عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: كان إبليس أوّل من ناح، و أوّل من تغنّى، و أوّل من حدا، قال: لمّا أكل آدم من الشجرة تغنّى. . . (3)

14-عن أبي بصير قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام فقال له رجل: بأبي و أمّي، إنّي أدخل كنيفا لي، و لي جيران و عندهم جوار يتغنّين و يضربن بالعود، فربّما أطلت الجلوس استماعا منّي لهنّ، فقال: لا تفعل.

فقال الرجل: و اللّه ما هو شيء آتيه برجلي إنّما هو سماع أسمعه باذني، فقال له: أنت أما سمعت اللّه (يقول م) : إِنَّ اَلسَّمْعَ وَ اَلْبَصَرَ وَ اَلْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً (4)؟ قال: بلى و اللّه، فكأنّي لم أسمع هذه الآية قطّ من كتاب اللّه من عجميّ و لا من عربيّ، لا جرم إنّي لا أعود إن شاء اللّه، و إنّي أستغفر اللّه.

فقال له: قم فاغتسل و صلّ ما بدالك، فإنّك كنت مقيما على أمر عظيم ما كان أسوأ حالك لو متّ على ذلك! احمد اللّه و سله التوبة من كلّ ما يكره، إنّه لا يكره

ص:288


1- -الوسائل ج 17 ص 124 ب 16 ح 7
2- العيون ج 2 ص 14 ب 30 ح 32
3- البحار ج 6 ص 33 باب التوبة ح 44
4- الإسراء:36

إلاّ [كلّ] القبيح، و القبيح دعه لأهله فإنّ لكلّ أهلا. (1)

15-عن حمّاد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن قَوْلَ اَلزُّورِ قال: منه قول الرجل للّذي يغنّي: أحسنت. (2)

16-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: الغناء رقية الزنا. (3)

بيان:

«الرقية» : هي أن يستعان بها للحصول على أمر من قوى غير الطبيعيّة مثل العوذة.

ص:289


1- -البحار ج 6 ص 34 ح 48
2- البحار ج 79 ص 245 باب الغناء ح 21
3- البحار ج 79 ص 247 ح 26

ص:290

144- الغيبة

الآيات

1- لا يُحِبُّ اَللّهُ اَلْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ اَلْقَوْلِ إِلاّ مَنْ ظُلِمَ وَ كانَ اَللّهُ سَمِيعاً عَلِيماً. (1)

2- إِنَّ اَلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ اَلْفاحِشَةُ فِي اَلَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي اَلدُّنْيا وَ اَلْآخِرَةِ وَ اَللّهُ يَعْلَمُ وَ أَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ. (2)

3- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اِجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ اَلظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ اَلظَّنِّ إِثْمٌ وَ لا تَجَسَّسُوا وَ لا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَ اِتَّقُوا اَللّهَ إِنَّ اَللّهَ تَوّابٌ رَحِيمٌ. (3)

4- وَ لا تُطِعْ كُلَّ حَلاّفٍ مَهِينٍ- هَمّازٍ مَشّاءٍ بِنَمِيمٍ. (4)

5- وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ. الآيات. (5)

ص:291


1- -النساء:148
2- النور:19
3- الحجرات:12
4- القلم:10 و 11
5- الهمزة:1
الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الغيبة أسرع في دين الرجل المسلم من الأكلة في جوفه.

قال: و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الجلوس في المسجد انتظار الصلاة عبادة ما لم يحدث، قيل: يا رسول اللّه، و ما يحدث؟ قال: الاغتياب. (1)

بيان:

في المرآة ج 10 ص 406، «الأكلة» كفرحة: داء في العضو يأتكل منه كما في القاموس و غيره، و قد يقرء بمدّ الهمزة على وزن فاعلة أي العلّة التي تأكل اللحم و الأوّل أوفق باللغة. . . (خوره-جذام) .

«الغيبة» في المصباح: اغتابه اغتيابا إذا ذكره بما يكره من العيوب و هو حقّ و الاسم الغيبة، فإن كان باطلا فهو الغيبة في بهت.

و في القاموس، غابه: عابه و ذكره بما فيه من السوء كاغتابه.

و في المرآة، قال الجوهريّ: اغتابه اغتيابا إذا وقع فيه، و الاسم الغيبة، و هو أن يتكلّم خلف إنسان مستور بما يغمّه لو سمعه، فإن كان صدقا سمّي غيبة، و إن كان كذبا سمّي بهتانا، أقول: هذا بحسب اللغة و أمّا بحسب عرف الشرع فهو ذكر الإنسان المعيّن أو من هو بحكمه في غيبته بما يكره نسبته إليه و هو حاصل فيه، و يعدّ نقصا في العرف، بقصد الانتقاص و الذمّ قولا أو إشارة أو كناية، تعريضا أو تصريحا، فلا غيبة في غير معيّن كواحد مبهم غير محصور كأحد أهل البلد. . .

أقول: و قريب منه قول الشهيد الثاني رحمه اللّه في كشف الريبة ص 51.

و في جامع السعادات ج 2 ص 303، الغيبة: و هي أن يذكر الغير بما يكرهه لو بلغه،

ص:292


1- -الكافي ج 2 ص 266 باب الغيبة ح 1

سواء كان ذلك بنقص في بدنه أو في أخلاقه أو في أقواله، أو في أفعاله المتعلّقة بدينه أو دنياه، بل و إن كان بنقص في ثوبه أو داره أو دابّته. و الدليل على هذا التعميم-بعد إجماع الامّة على أنّ من ذكر غيره بما يكرهه إذا سمعه فهو مغتاب-ما روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: «هل تدري ما الغيبة؟ قالوا: اللّه و رسوله أعلم قال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل له: أ رأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، و إن لم يكن فيه فقد بهته» .

و ما روي: «أنّه ذكر رجل عنده، فقالوا: ما أعجزه! فقال صلّى اللّه عليه و آله: اغتبتم أخاكم، قالوا: يا رسول اللّه: قلنا ما فيه، قال: إن قلتم ما ليس فيه فقد بهتموه» و ما روي عن عائشة قالت: «دخلت علينا امرأة، فلمّا ولّت، أو مأت بيدي أنّها قصيرة، فقال صلّى اللّه عليه و آله: اغتبتيها» . . .

و قال رحمه اللّه (ص 305) : و الحاصل أنّ الاجماع و الأخبار متطابقان على أنّ حقيقة الغيبة هو أن يذكر الغير بما يكرهه إذا سمعه، سواء كان ذلك بنقص في نفسه أو بدنه، أو في دينه أو دنياه، أو فيما يتعلّق به من الأشياء. . .

اعلم أنّ الغيبة لا تنحصر باللسان، بل كلّ ما يفهم نقصان الغير، و يعرّف ما يكرهه فهو غيبة، سواء كان بالقول أو الفعل، أو التصريح أو التعريض أو بالإشارة و الإيماء، أو بالغمز و الرمز، أو بالكتابة و الحركة. . .

أقول: أمّا الأخبار ففي بعضها: «أنّ الغيبة ذكرك أخاك بما يكره» و هذا المعنى مطابق للإجماع و اللغة. و في بعضها: «أنّ الغيبة الكشف عمّا ستره اللّه» ، فلا بدّ أن تحمل على الأولى، لأنّ إظهار العيب المستور غالبا يكره الغير، مضافا إلى قول اللغويّين و الإجماع المنقول عن النراقي رحمه اللّه و الشهرة عن الشهيد رحمه اللّه (في كشف الريبة) و غيره.

فالغيبة هي أن يذكر الإنسان غيره بما فيه من العيب بما يكرهه إذا سمعه. و أمّا كشف المستور إذا لم يكره الغير فحرام أيضا لا لكونه غيبة بل لكونه كشفا

ص:293

عن عورة المؤمن، أو كونه إشاعة الفاحشة، أو لأنّ فيه مهانة المؤمن و سقوطه عن أعين الناس، أو غير ذلك ممّا ورد ذمّه في الأخبار.

و لا يخفى أنّ الغيبة حرام بالأدلة الأربعة كما عن الشيخ الأنصاريّ رحمه اللّه في المكاسب و غيره و أنّها كبيرة موبقة.

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من قال في مومن ما رأته عيناه و سمعته أذناه فهو من الذين قال اللّه عزّ و جلّ: إِنَّ اَلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ اَلْفاحِشَةُ فِي اَلَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ. (1)

3-عن داود بن سرحان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الغيبة، قال: هو أن تقول لأخيك في دينه ما لم يفعل، و تبثّ عليه أمرا قد ستره اللّه عليه لم يقم عليه فيه حدّ. (2)

بيان:

«ما لم يفعل» : يعني ما لا يكون باختياره كالعيوب الخلقيّة، و ذلك لفرق الغيبة عن البهتان.

4-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سئل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله؛ ما كفّارة الاغتياب؟ قال: تستغفر اللّه لمن اغتبته كلّما ذكرته. (3)

بيان:

اعلم أنّ مقتضى كون الغيبة من حقوق الناس توقّف رفعها-بعد التوبة و الندم للخروج عن حقّ اللّه-على إسقاط صاحبها حقّه و الاستحلال منه، و أمّا كونها من حقوق الناس فلأنّه ظلم على المغتاب، و للأخبار الواردة في أنّ من حقوق المؤمن على المؤمن أن لا يغتابه، و ورد: أنّ حرمة عرضه كحرمة دمه و ماله، و أمّا

ص:294


1- -الكافي ج 2 ص 266 ح 2
2- الكافي ج 2 ص 266 ح 3
3- الكافي ج 2 ص 266 ح 4

توقّف رفعها على إيراء ذي الحقّ فمعلوم.

و أمّا الأخبار ففي بعضها: أنّ الغيبة لا يغفر حتّى يغفر صاحبها، و في بعضها: أن يستغفر له، و العلماء خصّوا الأوّل-جمعا بين الروايات-بما إذا يمكن إعلام المغتاب و لا يكون في إعلامه و استرضاءه مظنّة العداوة و الفتنة، و إلاّ فليكثر له الدعاء و الاستغفار من دون أن يخبره بها.

و يستحبّ للمعتذر إليه قبول العذر و الإحلال استحبابا مؤكّدا و يدلّ على ذلك أخبار كثيرة. (لاحظ كشف الريبة ص 111 ف 5 في كفّارة الغيبة)

5-قال أبو الحسن عليه السّلام: من ذكر رجلا من خلفه بما هو فيه ممّا عرفه الناس لم يغتبه، و من ذكره من خلفه بما هو فيه ممّا لا يعرفه الناس اغتابه، و من ذكره بما ليس فيه فقد بهته. (1)

6-عن عبد الرحمان بن سيّابة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: الغيبة أن تقول في أخيك ما ستره اللّه عليه، و أمّا الأمر الظاهر فيه مثلّ الحدّة و العجلة فلا، و البهتان أن تقول فيه ما ليس فيه. (2)

بيان:

«الحدّة» : ما يعتري الإنسان من الغضب و النزق.

«العجلة» : السرعة و المبادرة في الامور من غير تأمّل.

7-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه قال: يا أبا ذرّ، إيّاك و الغيبة فإنّ الغيبة أشدّ من الزنا، قلت: يا رسول اللّه، و لم ذاك بأبي أنت و امّي؟ قال: لأنّ الرجل يزني فيتوب إلى اللّه فيتوب اللّه عليه، و الغيبة لا تغفر حتّى يغفرها صاحبها.

يا أبا ذرّ، سباب المسلم فسوق، و قتاله كفر، و أكل لحمه من معاصي اللّه،

ص:295


1- -الكافي ج 2 ص 266 ح 6
2- الكافي ج 2 ص 267 ح 7

و حرمة ماله كحرمة دمه، قلت: يا رسول اللّه، و ما الغيبة؟ قال: ذكرك أخاك بما يكرهه، قلت: يا رسول اللّه، فإن كان فيه ذاك الذي يذكر به؟ قال: اعلم [أنّك] إذا ذكرته بما هو فيه فقد اغتبته، و إذا ذكرته بما ليس فيه فقد بهّته.

يا أبا ذرّ، من ذبّ عن أخيه المسلم الغيبة كان حقّا على اللّه عزّ و جلّ أن يعتقه من النار.

يا أبا ذرّ، من اغتيب عنده أخوه المسلم و هو يستطيع نصره فنصره، نصره اللّه عزّ و جلّ في الدنيا و الآخرة، فإن خذله و هو يستطيع نصره خذله اللّه في الدنيا و الآخرة. (1)

8-قال الصادق جعفر بن محمّد عليه السّلام: إذا جاهر الفاسق بفسقه فلا حرمة له و لا غيبة. (2)

بيان:

قد جوّز العلماء الغيبة في موارد منها: المتجاهر بالفسق فيجوز اغتيابه في العيب المتجاهر به، إذا كان فيها نفع كترك الفاسق المعصية أو غير ذلك، و إلاّ لا يجوز لئلاّ يعتاد العبد بالغيبة، و لئلاّ تشيع الفاحشة و الفسق و الإثم و لئلاّ يجتري الفاسق على المعصية و غير ذلك.

منها: تظلّم المظلوم من الظالم.

منها: قصد حسم مادّة فساد المغتاب عن الناس كالمبتدع الذي يخاف إضلاله للناس.

منها: النصيحة للمستشير

منها: الاستفتاء بأن يقول للمفتي: ظلمني فلان في حقّي فكيف الطريق إلى الخلاص

ص:296


1- -أمالي الطوسي ج 2 ص 150( البحار ج 77 ص 91)
2- أمالي الصدوق ص 39 م 10 ح 7

و نحوه.

منها: شكاية المظلوم عند القاضي.

منها: الجرح و التعديل للشاهد و الراوي.

منها: ذكر المبتدعة و تصانيفهم الفاسدة و آرائهم المضلّة، و القدح في مقالة باطلة و إن دلّ على نقصان قائلها.

منها: دفع الضرر عن المغتاب.

منها: قصد ردع المغتاب عن المنكر إلى غير ذلك من الموارد.

و الضابط في الرخصة وجود المصلحة الغالبة على مفسدة هتك احترام المؤمن، و بالجملة فالتحرّز عنها أولى لتتّسم النفس بالأخلاق الفاضلة، و لأنّ النفس مائلة إلى الشرور، و قد يخفى علينا حيلها لحبّ أو بغض؛ فيرى أنّه لم يغتب و قد وقع في أعظمها.

يا أخي، أخوك دينك فاحتط لدينك، و طوبى لمن شغل عيبه عن عيوب الناس و باللّه اعتصمنا في الامور.

9-عن الصادق عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من مدح أخاه المؤمن في وجهه و اغتابه من ورائه فقد انقطع ما بينهما من العصمة. (1)

10-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: المؤمن من ائتمنه المؤمنون على أنفسهم و أموالهم، و المسلم من سلم المسلمون من يده و لسانه، و المهاجر من هجر السيّئات و ترك ما حرّم اللّه، و المؤمن حرام على المؤمن أن يظلمه أو يخذله أو يغتابه أو يدفعه دفعة. (2)

ص:297


1- -أمالي الصدوق ص 581 م 85 ح 21
2- الوسائل ج 12 ص 278 ب 152 من العشرة ح 1-و قد مرّ ما بمضمونه في باب الإيمان.

11-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام (في حديث المناهي) أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عن الغيبة و الاستماع إليها، و نهى عن النميمة و الاستماع إليها، و قال: لا يدخل الجنّة قتّات-يعني: نمّاما-.

و نهى عن المحادثة التي تدعو إلى غير اللّه، و نهى عن الغيبة و قال: من اغتاب امرءا مسلما بطل صومه، و نقض وضوءه، و جاء يوم القيامة يفوح من فيه رائحة أنتن من الجيفة يتأذّى به أهل الموقف، و إن مات قبل أن يتوب مات مستحلاّ لما حرّم اللّه عزّ و جلّ.

ألا و من تطوّل على أخيه في غيبة سمعها فيه في مجلس فردّها عنه ردّ اللّه عنه ألف باب من الشرّ في الدنيا و الآخرة، فإن هو لم يردّها و هو قادر على ردّها كان عليه كوزر من اغتابه سبعين مرّة. (1)

12-قال الصادق جعفر بن محمّد عليه السّلام: إنّ من الغيبة أن تقول في أخيك ما ستره اللّه عليه، و إنّ من البهتان أن تقول في أخيك ما ليس فيه. (2)

13-. . . قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إيّاكم و الغيبة، فإنّ الغيبة أشدّ من الزنا. (3)

14-في مواعظ الحسين عليه السّلام، و قال عليه السّلام لرجل اغتاب عنده رجلا: يا هذا، كفّ عن الغيبة فإنّها إدام كلاب النار. (4)

15-قال الصادق عليه السّلام: . . . فمن لم تره بعينك يرتكب ذنبا أو لم يشهد عليه بذلك شاهدان، فهو من أهل العدالة و الستر، و شهادته مقبولة، و إن كان في نفسه مذنبا، و من اغتابه بما فيه فهو خارج عن ولاية اللّه عزّ و جلّ، داخل في ولاية الشيطان.

ص:298


1- -الوسائل ج 12 ص 282 ح 13
2- الوسائل ج 12 ص 282 ح 14
3- الوسائل ج 12 ص 284 ح 18
4- تحف العقول ص 176

و لقد حدّثني أبي عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: من اغتاب مؤمنا بما فيه لم يجمع اللّه بينهما في الجنّة أبدا، و من اغتاب مؤمنا بما ليس فيه انقطعت العصمة بينهما، و كان المغتاب في النار خالدا فيها، و بئس المصير. (1)

16-عن نوف البكاليّ عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: اجتنب الغيبة فإنّها إدام كلاب النار.

ثمّ قال عليه السّلام: يا نوف، كذب من زعم أنّه ولد من حلال و هو يأكل لحوم الناس بالغيبة. . . (2)

17-قال الرضا عليه السّلام: من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له. (3)

18-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ترك الغيبة أحبّ إلى اللّه عزّ و جلّ من عشرة ألاف ركعة تطوّعا. (4)

19-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من اغتاب مسلما أو مسلمة لم يقبل اللّه صلاته و لا صيامه أربعين يوما و ليلة، إلاّ أن يغفر له صاحبه.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: من اغتاب مسلما في شهر رمضان لم يؤجر على صيامه. (5)

20-و عن سعيد بن جبير عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: يؤتى بأحد يوم القيامة يوقف بين يدي اللّه و يدفع إليه كتابه فلا يرى حسناته، فيقول: إلهي ليس هذا كتابي فإنّي لا أرى فيها طاعتي، فيقال له: إنّ ربّك لا يضلّ و لا ينسى، ذهب عملك باغتياب الناس، ثمّ يؤتى بآخر و يدفع إليه كتابه فيرى فيها طاعات كثيرة فيقول: إلهي ما هذا كتابي، فإنّي ما عملت هذه الطاعات، فيقال: لأنّ فلانا

ص:299


1- -البحار ج 75 ص 248 باب الغيبة ح 12
2- البحار ج 75 ص 248 ح 13
3- البحار ج 75 ص 260 ح 59
4- البحار ج 75 ص 261 ح 66
5- البحار ج 75 ص 258 ح 53

اغتابك فدفعت حسناته إليك. (1)

21-و قال صلّى اللّه عليه و آله: ما عمر مجلس بالغيبة إلاّ خرب من الدين، فنزّهوا أسماعكم من استماع الغيبة، فإنّ القائل و المستمع لها شريكان في الإثم. (2)

22-و قال صلّى اللّه عليه و آله: عذاب القبر من النميمة و الغيبة و الكذب. (3)

أقول:

قد مرّ في باب الغضب عنه صلّى اللّه عليه و آله: أربعة جواهر تزيلها أربعة: . . . و أمّا الغيبة فيزيل العمل الصالح.

23-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الغيبة جهد العاجز. (4)

24-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من اغتاب مؤمنا فكأنّما قتل نفسا متعمّدا. (5)

25-إنّ اللّه تعالى قال لموسى عليه السّلام: من مات تائبا من الغيبة فهو آخر من يدخل الجنّة. و من مات مصرّا عليها فهو أوّل من يدخل النار. (6)

26-و قال صلّى اللّه عليه و آله: رأيت ليلة الإسراء رجالا تقرض شفاههم بمقاريض من نار، قيل: من هم؟ قال: الذين يغتابون الناس. (7)

27-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لا غيبة لثلاثة (لثلاث ف ن) : سلطان جائر، و فاسق معلن، و صاحب بدعة. (8)

ص:300


1- -البحار ج 75 ص 259 ح 53
2- البحار ج 75 ص 259 ح 53
3- البحار ج 75 ص 259 ح 53
4- نهج البلاغة ص 1297 ح 453- الغرر ج 1 ص 36 ف 1 ح 1115
5- المستدرك ج 9 ص 125 ب 132 من العشرة ح 48
6- المستدرك ج 9 ص 126 ح 50
7- المستدرك ج 9 ص 126 ح 51
8- المستدرك ج 9 ص 128 ب 134 ح 1

28-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ الغيبة حرام على كلّ مسلم، و إنّ الغيبة لتأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب. (1)

29-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إيّاكم و الغيبة، فإنّها شبيهة بالكفر و اعلموا أنّ القذف و الغيبة يهدمان عمل مأة سنة. (2)

30-قال الصادق عليه السّلام: إنّك إن اغتبت فبلغ المغتاب فاستحلّ عنه، و إن لم يبلغه فاستغفر اللّه. (3)

31-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ثلاث ليس عليهم غيبة: من جهر بفسقه، و من جار في حكمه، و من خالف قوله فعله. (4)

بيان:

ليس عليهم غيبة في خصوص الأعمال المشار إليها في الحديث.

32-و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: الغيبة على أربعة أوجه: الأوّل ينجرّ إلى الكفر، و الثاني إلى النفاق، و الثالث إلى المعصية، و الرابع إلى المباح. أمّا أنّ الغيبة ينجرّ إلى الكفر؛ من اغتاب مسلما قيل له: لم تغتب قال: ليس هذا بغيبة، فهو كفر. و أمّا أنّه ينجرّ إلى النفاق؛ من اغتاب مسلما و لم يذكر اسمه و المستمعون يعرفونه. و أمّا أنّه ينجرّ إلى المعصية؛ من اغتاب مسلما بشيء إذا سمع يسيء. و أمّا أنّه ينجرّ إلى المباح؛ فغيبة الأمير الفاسق الجائر و الفاجر. (5)

33-أتى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رجل فقال: يا رسول اللّه، إنّي لا أصوم إلاّ شهر رمضان لا أزيد عليه، و لا أصلّي إلاّ الخمس لا أزيد عليها، و ليس للّه عندي

ص:301


1- -مجموعة الأخبار ص 217 ب 127
2- مجموعة الأخبار ص 217
3- مجموعة الأخبار ص 218
4- الاثنى عشريّة ص 92 ب 3 ف 5
5- الاثنى عشريّة ص 158 ب 4 ف 2

صدقة و لا حجّ و لا تطوّع، أنا أين إذا متّ؟ قال: معي في الجنّة إذا حفظت لسانك من اثنين: الغيبة و الكذب، و قلبك من اثنين: الغلّ و الحسد، و نظرك من اثنين: ترك النظر إلى ما حرّم اللّه، و لا تؤذي مسلما دخلت معي في الجنّة. (1)

34-قال الصادق عليه السّلام: الغيبة حرام على كلّ مسلم، مأثوم صاحبها في كلّ حال، و صفة الغيبة؛ أن تذكر أحدا بما ليس هو عند اللّه عيب، و تذّم ما تحمده أهل العلم فيه. . . و وجوه الغيبة تقع بذكر عيب في الخلق و الخلق و العقل و الفعل و المعاملة و المذهب و الجهل و أشباهه.

و أصل الغيبة متنوّع بعشرة أنواع: شفاء غيظ، و مساعدة قوم، و تهمة، و تصديق خبر بلا كشفه، و سوء ظنّ، و حسد، و سخريّة، و تعجّب، و تبرّم، و تزيّن، فإن أردت السلامة فاذكر الخالق لا المخلوق، فيصير لك مكان الغيبة عبرة، و مكان الإثم ثوابا. (2)

بيان:

«بعشرة أنواع» : إنّ الأسباب الباعثة على الغيبة كثيرة و هذه أهمّها و منها: الغضب و الحقد و اللعب و الهزل و المطايبة و الافتخار و المباهاة، و قد ينسب إلى الآخر شيئا من القبائح فيريد أن يبرّأ نفسه منه، أو ليمهّد بذلك عذر نفسه في فعله، و قد يكون لمرافقة الأقران و الأحباب، و مساعدتهم على الكلام، فيساعدهم على إظهار عيوب المؤمنين.

و اعلم أنّه كما لا تجوز الغيبة كذلك يجب أن لا يفعل ما يوجب غيبته، لئلاّ يكون معاونا على الإثم، و لذا قالوا: رحم اللّه من جبّ غيبة الناس عن نفسه.

ص:302


1- -الاثنى عشريّة ص 39 ب 2 ف 3
2- مصباح الشريعة ص 32 ب 49

35-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الغيبة شرّ الإفك. (الغرر ج 1 ص 20 ف 1 ح 539)

الغيبة آية المنافق. (ص 31 ح 949)

الغيبة قوت كلاب النار. (ص 38 ح 1187)

السامع للغيبة كالمغتاب. (ص 40 ح 1215)

العاقل من صان لسانه عن الغيبة. (ص 84 ح 1976)

إيّاك و الغيبة فإنّها تمقّتك إلى اللّه و الناس و تحبط أجرك.

(ص 146 ف 5 ح 2)

إيّاك أن تجعل مركبك لسانك في غيبة إخوانك أو تقول ما يصير عليك حجّة و في الإسائة إليك علّة. (ص 156 ح 94)

ألأم الناس المغتاب. (ص 177 ف 8 ح 83)

أبغض الخلائق إلى اللّه المغتاب. (ص 192 ح 306)

من نقل إليك نقل عنك. (ج 2 ص 715 ف 77 ح 1470)

من أقبح اللوم غيبة الأخيار. (ص 728 ف 78 ح 62)

لا تعوّد نفسك الغيبة، فإنّ معتادها عظيم الجرم. (ص 810 ف 85 ح 149)

يسير الغيبة إفك. (ص 866 ف 89 ح 3)

ص:303

ص:304

145- الغيرة

الأخبار

1-عن عبد اللّه بن مسكان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ خصّ رسله بمكارم الأخلاق، فامتحنوا أنفسكم، فإن كانت فيكم فاحمدوا اللّه، و اعلموا أنّ ذلك من خير، و إن لا تكن فيكم فاسألوا اللّه و ارغبوا إليه فيها، قال: فذكر [ها] عشرة: اليقين، و القناعة، و الصبر، و الشكر، و الحلم، و حسن الخلق، و السخاء، و الغيرة، و الشجاعة، و المروءة.

قال: و روى بعضهم بعد هذه الخصال العشرة و زاد فيها: الصدق، و أداء الأمانة. (1)

بيان:

قال في المرآة ج 7 ص 348: «الغيرة» : الحميّة في الدين و ترك المسامحة فيما يرى في نسائه و حرمه من القبايح، لا تغيّر الطبع بالباطل و الحميّة فيه، و القتل و الضرب بالظنّ من غير ثبوت شيء عليه شرعا و أمثال ذلك.

و قال رحمه اللّه في ج 20 ص 375: قيل: الغيرة؛ عبارة عن تغيّر القلب و هيجان الحفيظة بسبب هتك الحريم.

ص:305


1- -الكافي ج 2 ص 46 باب المكارم ح 2-و نظيره ح 3

و في جامع السعادات ج 1 ص 264: عدم الغيرة و الحميّة، و هو الإهمال في محافظة ما يلزم محافظته؛ من الدين، و العرض، و الأولاد، و الأموال، و هو من نتائج صغر النفس و ضعفها، و من المهلكات العظيمة، و ربما يؤدّي إلى الدياثة و القيادة. . . و ضدّه (الغيرة و الحميّة) و هو السعي في محافظة ما يلزم محافظته، و هو من نتائج الشجاعة و كبر النفس و قوّتها، و هي شرائف الملكات، و بها تتحقّق الرجوليّة و الفحليّة، و الفاقد لها غير معدود من الرجال. . .

2-قال أبو جعفر عليه السّلام: أتي النبيّ صلّى اللّه عليه و آله باسارى، فأمر بقتلهم و خلّى رجلا من بينهم، فقال الرجل: يا نبيّ اللّه، كيف أطلقت عنّي من بينهم؟ فقال: أخبرني جبرئيل عن اللّه جلّ جلاله أنّ فيك خمس خصال يحبّها اللّه و رسوله: الغيرة الشديدة على حرمك، و السخاء، و حسن الخلق، و صدق اللسان، و الشجاعة، فلمّا سمعها الرجل أسلم و حسن إسلامه و قاتل مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قتالا شديدا حتّى استشهد. (1)

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ليس الغيرة إلاّ للرجال، فأمّا النساء فإنّما ذلك منهنّ حسد. و الغيرة للرجال و لذلك حرّم (اللّه) على النساء إلاّ زوجها و أحلّ للرجل أربعا، فإنّ اللّه أكرم من أن يبتليهنّ بالغيرة و يحلّ للرجل معها ثلاثا. (2)

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ اللّه غيور يحبّ كلّ غيور و من غيرته حرّم الفواحش ظاهرها و باطنها. (3)

5-عن عبد اللّه بن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إذا لم يغر الرجل فهو منكوس القلب. (4)

ص:306


1- -الخصال ج 1 ص 282 باب الخمسة ح 28
2- الوسائل ج 20 ص 152 ب 77 من مقدّمات النكاح ح 1
3- الوسائل ج 20 ص 153 ح 2
4- الوسائل ج 20 ص 153 ح 3

6-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا اغير الرجل في أهله أو بعض مناكحه من مملوكه فلم يغر و لم يغيّر، بعث اللّه إليه طائرا يقال له: القفندر حتّى يسقط على عارضة بابه، ثمّ يمهله أربعين يوما، ثمّ يهتف به: إنّ اللّه غيور يحبّ كلّ غيور، فإن هو غار و غيّر فأنكر ذلك و إلاّ طار حتّى يسقط على رأسه فيخفق بجناحيه (على عينيه م) ثمّ يطير عنه فينزع اللّه بعد ذلك منه روح الإيمان و تسمّيه الملائكة الديّوث. (1)

بيان:

«العارضة» : الخشبة العليا التي يدور فيها الباب. «فيخفق» أخفق الطائر: ضرب بجناحيه.

7-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: كان أبي إبراهيم عليه السّلام غيورا و أنا أغير منه، و أرغم اللّه أنف من لا يغار من المؤمنين. (2)

أقول:

في مشكوة الأنوار ص 236 ب 5 ف 6: عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان إبراهيم غيورا و إذا خرج من منزله أغلق بابه و أخذ مفاتيحه.

و في سفينة البحار ج 2 ص 338(غير) : إنّ موسى عليه السّلام كان رجلا غيورا لا يصحب الرفقة لئلاّ ترى امرأته.

8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ شيطانا يقال له: القفندر، إذا ضرب في منزل الرجل أربعين صباحا بالبربط و دخل عليه الرجال، وضع ذلك الشيطان كلّ عضو منه على مثله من صاحب البيت، ثمّ نفخ فيه نفخة، فلا يغار بعد هذا حتّى تؤتى نساؤه فلا يغار. (3)

ص:307


1- -الوسائل ج 20 ص 153 ح 4
2- الوسائل ج 20 ص 154 ح 7
3- الوسائل ج 20 ص 153 ح 5

9-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: غيرة النساء الحسد، و الحسد هو أصل الكفر، إنّ النساء إذا غرن غضبن و إذا غضبن كفرن إلاّ المسلمات منهنّ. (1)

10-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: يا أهل العراق، نبئّت أنّ نساءكم يدافعن الرجال في الطريق، أما تستحيون؟

و روى البرقيّ في المحاسن مثله و زاد: «و قال: لعن اللّه من لا يغار» . (2)

أقول:

«يدافعن الرجال» في المحاسن ص 115: "يوافقن الرجال".

11-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أما تستحيون و لا تغارون، نساءكم يخرجن إلى الأسواق و يزاحمن العلوج. (3)

بيان:

«العلوج» كفّار العجم و يطلق في الأحاديث على غير الشيعة.

12-في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: و إيّاك و التغاير في غير موضع غيرة، فإنّ ذلك يدعو الصحيحة إلى السقم، و البريئة إلى الريب. (4)

13-قال عليه السّلام: قدر الرجل على قدر همّته. . . و عفّته على قدر غيرته. (5)

14-و قال عليه السّلام: غيرة المرأة كفر، و غيرة الرجل إيمان. (6)

15-و قال عليه السّلام: ما زنى غيور قطّ. (7)

ص:308


1- -الوسائل ج 20 ص 156 ب 78 ح 3
2- الوسائل ج 20 ص 235 ب 132 ح 1
3- الوسائل ج 20 ص 235 ح 2
4- نهج البلاغة ص 939 في ر 31
5- نهج البلاغة ص 1110 ح 44
6- نهج البلاغة ص 1144 ح 119
7- نهج البلاغة ص 1232 ح 297

16-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من الغيرة غيرة يبغضها اللّه و رسوله، و هي غيرة الرجل على أهله من غير ريبة. (1)

17-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لا تكثر الغيرة على أهلك فترمى بالسوء من أجلك. (2)

18-قال الرضا عليه السّلام: في الديك الأبيض خمس خصال من خصال الأنبياء: معرفته بأوقات الصلاة، و الغيرة، و السخاء، و الشجاعة، و كثرة الطروقة. (3)

19-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الغيرة من الإيمان، و البذاء من النفاق. (4)

20-في مواعظ الصادق عليه السّلام: إنّ المرء يحتاج في منزله و عياله إلى ثلاث خلال يتكلّفها و إن لم يكن في طبعه ذلك: معاشرة جميلة، وسعة بتقدير، و غيرة بتحصّن. (5)

بيان:

الخلّة: الخصلة و الجمع خلال.

21-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

دليل غيرة الرجل عفّته. (الغرر ج 1 ص 401 ف 31 ح 4)

على قدر الهمّة تكون الحميّة. (ج 2 ص 487 ف 51 ح 3)

على قدر الحميّة تكون الغيرة. (ح 4)

ص:309


1- -جامع السعادات ج 1 ص 269
2- جامع السعادات ج 1 ص 269
3- البحار ج 71 ص 342 باب الغيرة و الشجاعة ح 1
4- البحار ج 71 ص 342 ح 2
5- البحار ج 78 ص 236

غيرة الرجال إيمان-غيرة المرئة عدوان. (ص 506 ف 57 ح 3 و 4)

غيرة الرجل على قدر أنفته (1). (ح 5)

غيرة المؤمن باللّه سبحانه. (ح 15)

ص:310


1- -الأنفة: عزّة النفس

حرف الفاء

146- الفحش و السباب و البذاء

الآيات

1- وَ إِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ . . . وَ قُولُوا لِلنّاسِ حُسْناً. . . (1)

2- وَ لا تَسُبُّوا اَلَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اَللّهِ فَيَسُبُّوا اَللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ. . . (2)

الأخبار

1-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ أبغض خلق اللّه عبد اتّقى الناس لسانه. (3)

2-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ من علامات شرك الشيطان الذي لا يشكّ فيه أن يكون فحّاشا، لا يبالي ما قال و لا ما قيل فيه. (4)

بيان:

في المرآة ج 10 ص 270، الفحّاش: من يبالغ في الفحش و يعتاد به، و هو القول السيّئ.

ص:311


1- -البقرة:83
2- الأنعام:108
3- الكافي ج 2 ص 243 باب السفة ح 4
4- الكافي ج 2 ص 243 باب البذاء ح 1

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا رأيتم الرجل لا يبالي ما قال و لا ما قيل له فإنّه لغيّة أو شرك شيطان. (1)

بيان:

ولد غيّة أي ولد زنا، و هي كلمة تقال في الشتم كما يقال هو لزنية في مقابلة فلان لرشدة.

4-عن سليم بن قيس عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه حرّم الجنّة على كلّ فحّاش بذيّ؛ قليل الحياء لا يبالي ما قال و لا ما قيل له، فإنّك إن فتّشته لم تجده إلاّ لغيّة أو شرك شيطان، فقيل: يا رسول اللّه، و في الناس شرك شيطان؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أما تقرأ قول اللّه عزّ و جلّ: وَ شارِكْهُمْ فِي اَلْأَمْوالِ وَ اَلْأَوْلادِ (2).

قال: و سأل رجل فقيها: هل في الناس من لا يبالي ما قيل له؟ قال: من تعرّض للناس يشتمهم و هو يعلم أنّهم لا يتركونه، فذلك الذي لا يبالي ما قال و لا ما قيل فيه. (3)

بيان:

«البذيّ» من البذاء: الفحش.

5-قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّ اللّه يبغض الفاحش المتفحّش. (4)

بيان:

في النهاية ج 3 ص 415، «الفاحش» : ذو الفحش في كلامه و فعاله، و المتفحّش: الذي يتكلّف ذلك و يتعمّده. و في المرآة: يحتمل أن يكون المراد بالمتفحّش المتسبّب

ص:312


1- -الكافي ج 2 ص 243 ح 2
2- الإسراء:64
3- الكافي ج 2 ص 244 ح 3
4- الكافي ج 2 ص 244 ح 4

لفحش غيره له، أو القابل له الذي لا يبالي به كما مرّ.

6-عن سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ من شرّ عباد اللّه من تكره مجالسته لفحشه. (1)

7-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ الفحش و البذاء و السلاطة من النفاق. (2)

بيان:

«السلاطة» : القهر، و الصخب و حدّة اللسان و شدّته، من السلط و هو طويل اللسان، (زبان درازى) .

8-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه يبغض الفاحش البذيّ و السائل الملحف. (3)

9-عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لعائشة: يا عائشة، إنّ الفحش لو كان ممثّلا لكان مثال سوء. (4)

10-عن أحمد بن محمّد عن بعض رجاله قال: قال: من فحّش على أخيه المسلم نزع اللّه منه بركة رزقه، و وكله إلى نفسه، و أفسد عليه معيشته. (5)

11-عن سماعة قال: دخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام فقال لي مبتدئا: يا سماعة، ما هذا الذي كان بينك و بين جمّالك؟ إيّاك أن تكون فحّاشا أو صخّابا أو لعّانا، فقلت: و اللّه لقد كان ذلك إنّه ظلمني، فقال: إن كان ظلمك لقد أربيت عليه، إنّ هذا ليس من فعالي و لا آمر به شيعتي، استغفر ربّك و لا تعد، قلت:

ص:313


1- -الكافي ج 2 ص 245 ح 8
2- الكافي ج 2 ص 245 ح 10
3- الكافي ج 2 ص 245 ح 11
4- الكافي ج 2 ص 245 ح 12
5- الكافي ج 2 ص 245 ح 13

أستغفر اللّه و لا أعود. (1)

بيان:

«صخّابا» الصخب: شدّة الصوت و الضجّة، و اضطراب الأصوات للخصام.

«أربيت عليه» أي زدت عليه، يعني أنّك بفعلك ظلمته أكثر ممّا كان ظلمك.

12-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: سباب المؤمن كالمشرف على الهلكة. (2)

بيان:

في المرآة ج 11 ص 4: السباب إمّا بكسر السين و تخفيف الباء مصدر، أو بفتح السين و تشديد الباء صيغة مبالغة. . . و السبّ: الشتم و هو بحسب اللغة يشمل القذف أيضا و لا يبعد شمول أكثر هذه الأخبار أيضا له. و في اصطلاح الفقهاء هو السبّ الذي لم يكن قذفا بالزنا و نحوه كقولك: يا شارب الخمر، أو يا آكل الربا، أو يا ملعون، أو يا خائن، أو يا حمار، أو يا كلب، أو يا خنزير، أو يا فاسق، أو يا فاجر، و أمثال ذلك ممّا يتضمّن استخفافا أو إهانة. . .

13-عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: سباب المؤمن فسوق، و قتاله كفر، و أكل لحمه معصية، و حرمة ماله كحرمة دمه. (3)

14-عن أبي الحسن موسى عليه السّلام في رجلين يتسابّان قال: البادي منهما أظلم، و وزره و وزر صاحبه عليه، ما لم يعتذر إلى المظلوم. (4)

بيان:

في المرآة، «ما لم يعتذر إلى المظلوم» : يدلّ على أنّه إذا اعتذر إلى صاحبه و عفى عنه

ص:314


1- -الكافي ج 2 ص 245 ح 14
2- الكافي ج 2 ص 268 باب السباب ح 1
3- الكافي ج 2 ص 268 ح 2
4- الكافي ج 2 ص 268 ح 4

سقط عنه الوزر بالأصالة و بالسببيّة و التعزير أو الحدّ أيضا. . .

أقول: روى رحمه اللّه في باب السفة ح 3 مثله، و لكن فيه: «ما لم يتعدّ المظلوم» لا حظ بيانه في المرآة ج 10 ص 264 أيضا.

15-عن الثمالي قال سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: إنّ اللعنة إذا خرجت من فيّ صاحبها تردّدت بينهما فإن وجدت مساغا و إلاّ رجعت على صاحبها. (1)

16-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام قال: يا عليّ، أفضل الجهاد من أصبح لا يهمّ بظلم أحد.

يا عليّ، من خاف الناس لسانه فهو من أهل النار.

يا عليّ، شرّ الناس من أكرمه الناس اتّقاء فحشه و شرّه.

يا عليّ، شرّ الناس من باع آخرته بدنياه و شرّ منه من باع آخرته بدنيا غيره. (2)

17-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من سبّ مؤمنا أو مؤمنة بما ليس فيهما، بعثه اللّه في طينة الخبال، حتّى يأتي بالمخرج [ممّا قال] . (3)

18-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من طعن في مؤمن بشطر كلمة حرّم اللّه عليه ريح الجنّة، و إنّ ريحها ليوجد من مسيرة خمسمأة عام. (4)

19-في مواعظ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أبعدكم بي شبها البخيل البذيّ الفاحش. (5)

20-عن أمير المؤمنين عليه السّلام-و قد سمع قوما من أصحابه يسبّون أهل الشام أيّام حربهم بصفّين-: إنّي أكره لكم أن تكونوا سبّابين، و لكنّكم لو وصفتم أعمالهم،

ص:315


1- -الكافي ج 2 ص 268 ح 7-و مثله ح 6
2- الوسائل ج 16 ص 34 ب 71 من جهاد النفس ح 11
3- المستدرك ج 9 ص 136 ب 138 من العشرة ح 2
4- المستدرك ج 9 ص 140 ب 139 ح 5
5- تحف العقول ص 37

و ذكرتم حالهم، كان أصوب في القول، و أبلغ في العذر. . . (1)

21-و في رواية أنّ رجلا سبّ رجلا في مجلس رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هو ساكت لم يردّ عليه، ثمّ شرع بردّه و جوابه، فقام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قال: كان ملك يجيبه من قبلك، و لمّا أخذت أنت في جوابه، ذهب و جاء الشيطان، و لم أكن أجلس مجلسا فيه الشيطان. (2)

أقول:

قد مرّ في باب الحلم؛ سمع أمير المؤمنين عليه السّلام رجلا يشتم قنبرا و قد رام قنبر أن يردّ عليه، فناداه أمير المؤمنين عليه السّلام: مهلا يا قنبر، دع شاتمك مهانا، ترضى الرحمن و تسخط الشيطان، و تعاقب عدوّك. . .

22-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا تسبّوا الرياح فإنّها مأمورة، و لا تسبّوا الجبال و لا الساعات و لا الأيّام و لا الليالي، فتأثموا و ترجع عليكم. (3)

23-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من سبّ نبيّا من الأنبياء فاقتلوه، و من سبّ وصيّا فقد سبّ نبيّا. (4)

أقول:

الأخبار في ارتداد من سبّهم عليهم السّلام و لزوم قتله كثيرة.

24-عن جابر عن أبي جعفر الباقر عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: وَ قُولُوا لِلنّاسِ حُسْناً قال: قولوا للناس أحسن ما تحبّون أن يقال لكم، فإنّ اللّه عزّ و جلّ يبغض اللعّان السبّاب الطعّان على المؤمنين، الفاحش المتفحّش السائل

ص:316


1- -نهج البلاغة ص 659 خ 197- صبحي ص 323 خ 206
2- مجموعة الأخبار ص 74 ب 47
3- البحار ج 60 ص 9 باب الرياح ح 8
4- البحار ج 79 ص 221 باب حدّ المرتدّ ح 5

الملحف، و يحبّ الحييّ الحليم العفيف المتعفّف. (1)

25-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الفحش و التفحّش ليسا من الإسلام. (الغرر ج 1 ص 57 ف 1 ح 1545)

احذر فحش القول و الكذب، فإنّهما يزريان بالقائل. (ص 143 ف 4 ح 30)

أسفه السفهاء المتبجّح (2)بفحش الكلام. (ص 197 ف 8 ح 375)

إنّ الفحش و التفحّش ليسا من خلائق الإسلام. (ص 218 ف 9 ح 46)

سنّة اللئام قبح الكلام. (ص 432 ف 39 ح 2)

سخف (سوء ف ن) المنطق يزري بالبهاء و المروّة. (ص 437 ح 70)

سوء المنطق يزري بالقدر و يفسد الاخوّة. (ح 71)

من قلّ عقله ساء خطابه. (ج 2 ص 627 ف 77 ح 340)

من صحبه الحياء في قوله زايله الخناء في فعله. (ص 676 ح 1051)

ما [أ] فحش كريم قطّ. (ص 737 ف 79 ح 26)

ما أفحش حليم. (ص 743 ح 130)

ما تسابّ اثنان إلاّ غلب ألأمهما. (ص 744 ح 150)

ص:317


1- -أمالي الصدوق ص 254 م 44 ح 4
2- أي المسرور

ص:318

147- الفقر

الآيات

1- اَلشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ اَلْفَقْرَ وَ يَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ وَ اَللّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَ فَضْلاً وَ اَللّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ. (1)

2- لِلْفُقَراءِ اَلَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اَللّهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي اَلْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ اَلْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ اَلتَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ لا يَسْئَلُونَ اَلنّاسَ إِلْحافاً وَ ما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اَللّهَ بِهِ عَلِيمٌ. (2)

3- إِنَّمَا اَلصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ اَلْمَساكِينِ. . . (3)

4- وَ اِصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ اَلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَ اَلْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَ لا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ اَلْحَياةِ اَلدُّنْيا. . . (4)

5- . . . فَكُلُوا مِنْها وَ أَطْعِمُوا اَلْبائِسَ اَلْفَقِيرَ. (5)

ص:319


1- -البقرة:268
2- البقرة:273
3- التوبة:60
4- الكهف:28
5- الحجّ:28

6- وَ أَنْكِحُوا اَلْأَيامى مِنْكُمْ وَ اَلصّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَ إِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اَللّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ اَللّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ. (1)

7- . . . رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ. (2)

8- يا أَيُّهَا اَلنّاسُ أَنْتُمُ اَلْفُقَراءُ إِلَى اَللّهِ وَ اَللّهُ هُوَ اَلْغَنِيُّ اَلْحَمِيدُ. (3)

9- . . . وَ مَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَ اَللّهُ اَلْغَنِيُّ وَ أَنْتُمُ اَلْفُقَراءُ. . . (4)

10- وَ أَمّا إِذا مَا اِبْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ. (5)

الأخبار
اشارة

1-عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ فقراء المسلمين (المؤمنين ف ن) يتقلّبون في رياض الجنّة قبل أغنيائهم بأربعين خريفا، ثمّ قال: سأضرب لك مثل ذلك، إنّما مثل ذلك مثل سفينتين مرّ بهما على عاشر، فنظر في إحداهما فلم ير فيها شيئا، فقال: أسربوها، و نظر في الاخرى فإذا هي موقورة فقال: احبسوها. (6)

بيان:

قال في النهاية ج 2 ص 24: فيه «فقراء أمّتي يدخلون الجنّة قبل أغنيائهم بأربعين خريفا» «الخريف» : الزمان المعروف من فصول السنة ما بين الصيف و الشتاء، و يريد به أربعين سنة، لأنّ الخريف لا يكون في السنة إلاّ مرّة واحدة، فإذا انقضى

ص:320


1- -النور:32
2- القصص:24
3- فاطر:15
4- محمّد صلّى اللّه عليه و آله:38
5- الفجر:16
6- الكافي ج 2 ص 201 باب فضل فقراء المسلمين ح 1

أربعون خريفا فقد مضت أربعون سنة.

أقول: في رواية معاني الأخبار: الخريف سبعون سنة. و في بعض الروايات: أنّه ألف عام، و العالم ألف سنة. و لعلّ في تمثيل الإمام عليه السّلام أشارة إلى أنّ علّة تأخّر الأغنياء عن الفقراء بهذه المدّة الطويلة، هو الوقوف عند الميزان حتّى يخرجوا عن عهدة الحساب و السؤال عن مكسب المال و مخرجه، و إن كان من وجه الحلال.

«العاشر» و العشّار من يأخذ العشر على الطريق «أسربوها» أي أرسلوها و خلّوها تذهب «موقورة» في القاموس: الوقر بالكسر: الحمل الثقيل أو أعمّ.

«الفقر» ضدّ الغنى و الفقير ج فقراء: المحتاج.

أقول: الأخبار الواردة في الفقر مختلفة غايتها و لكن ليست بمتعارضة حيث كلّ منها يشير إلى معنى من معاني الفقر، و أمّا المعاني فها هي:

الأوّل: قد يراد بالفقر افتقار الناس في وجودهم إلى اللّه تعالى، و هو أمر تكوينيّ، و ذلك عامّ يشمل جميع الكون و ما فيها، فكلّ إنسان فقير إلى اللّه كما أنّ كلّ موجود يحتاج في وجوده و بقائه إليه تعالى و هو المراد في قوله تعالى: يا أَيُّهَا اَلنّاسُ أَنْتُمُ اَلْفُقَراءُ إِلَى اَللّهِ.

الثاني: و تارة يراد به حالة في الإنسان يدرك و يعلم أنّه في كلّ اموره يحتاج إلى ربّه، و لا يصل شيء إليه و لا يرفع عنه بشيء إلاّ بعد تقديره و إرادته، حتّى الجرعة من الماء، و هذا المقام لا يحصل عليه إلاّ الكمّلين من المؤمنين و الأولياء، و هو ناشئ من إدراك الإنسان و شهوده حقيقة الاحتياج إليه تعالى في الوجود أي الفقر بالمعنى الأوّل و لعلّه المراد في قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «الفقر فخري و به أفتخر» و به أشار صلّى اللّه عليه و آله بقوله: «اللهمّ أغنني بالافتقار إليك، و لا تفقرني بالاستغناء عنك» . و قوله تعالى حكاية عن موسى عليه السّلام: رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ.

الثالث: و اخرى يراد به احتياج الإنسان إلى بني نوعه و افتقار بعضهم إلى بعض،

ص:321

حيث إنّ الإنسان مدنيّ بالطبع و يحتاج في امور معاشه إلى آخرين، و بهذا المعنى ما مرّ عن أمير المؤمنين عليه السّلام في باب الطمع حيث يقول: «ليجتمع في قلبك الافتقار إلى الناس و الاستغناء عنهم» .

الرابع: و طورا يقصد به استعمال الزهد و ترك الترفّه و التنعّم، بمعنى أنّ المؤمن يكون قليل المؤنة و يكتفي من الدنيا بمقدار يحتاج و يضطرّ إليه، و لا يدّخر أكثر من قوته، تواضعا للّه تعالى و تعفّفا و استغناء عن الدنيا و ما فيها، كي يسلم من خطراتها و مهالكها، و هو المراد في كثير من الأخبار الواردة في فضل الفقر و الفقراء كما مرّ بعضها في باب الزهد، و هو أيضا مقام لا يناله إلاّ الأندر فالأندر من الأنبياء و الأولياء و المؤمنين الكاملين، إذ أكثر الناس راغبون في جمع المال و يحبّونه حبّا جمّا و إن كانوا فقراء، بحيث يهرعون إليه لو وجدوا إليه سبيلا و لو بشقّ الأنفس، و إنّما تركوا الدنيا لعجزهم منها.

الخامس: كما قد يراد به الفقر بالمعنى المصطلح أي فقد المال و عدم ما يحتاج إليه، و الفقر بهذا المعنى يتفاوت بتفاوت الأشخاص و تفاوت شؤونهم، فبالفقر ينال المؤمن الدرجات العالية و المثوبات الأخرويّة، إذ يصبر على ما آتاه اللّه و يتعفّف، كما أنّه في راحة من الحساب في الموقف و يدخل الجنّة قبل الأغنياء، كما أنّه يسلم من خطرات الدنيا و حبائل الشيطان و الطغيان و فوائد اخرى، سيمرّ عليك أخبارها.

و هو المراد في كثير من الأخبار الواردة في فضل الفقر و الفقراء، كقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «الفقر خزانة من خزانن اللّه، أو كرامة من اللّه، أو شيء لا يعطيه إلاّ نبيّا مرسلا، أو مؤمنا كريما على اللّه تعالى» . و قول عليّ عليه السّلام: «من أحبّنا أهل البيت فليستعدّ للفقر جلبابا» و عن الصادق عليه السّلام: «كلّما ازداد إيمانا ازداد ضيقا في معيشته» . و غير ذلك.

و أمّا أكثر الناس فلا يصبرون على الفقر و لا يطيقونه و يوجب كفرهم لضعف يقينهم، كما ورد في الخبر «كاد الفقر أن يكون كفرا» و مشهور بين الناس «المعاش

ص:322

ثمّ المعاد» و هو المراد في كثير من الأخبار الواردة في ذمّ الفقر.

السادس: فقر النفس أي عدم غناء النفس و هو فقر مذموم، و مرّت الأخبار في باب الطمع و غيره، فبهذا المعنى قد يكون الغنيّ بالمال فقيرا و هكذا عكسه.

السابع: قد يعبّر في الأخبار عن بعض الأوصاف المذمومة بالفقر كالحرص و الطمع كقوله عليه السّلام: «الطمع فقر حاضر» كما يستفاد أنّ ضدّ هذه الأوصاف المذمومة يكون غنى كقوله عليه السّلام: «أغنى الغنى القناعة» لاحظ أبواب القناعة و الكفاف و الحرص و الطمع. . .

الثامن: الفقر الثقافيّ و هو عبارة عن الفقر في الدين، و فقد العقل و العلم، و هو مذموم، و الأخبار في ذلك كثيرة، مرّ بعضها في أبواب الدين، العقل، العلم و. . .

كقوله عليه السّلام: «لا غنى كالعقل و لا فقر كالجهل» و قوله عليه السّلام: «الفقر الموت الأحمر قال: أي الفقر من الدين» .

فتبيّن ممّا ذكر حلّ اختلاف الأخبار في باب الفقر.

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: المصائب منح من اللّه، و الفقر مخزون عند اللّه. (1)

بيان:

«المنحة» : جمع منح و هي العطيّة. «الفقر مخزون» : أي ثواب الفقر مخزون عند اللّه لا يعطيه إلاّ في الآخرة لعظمته، و إنّ الدنيا لا يصلح أن يكون عوضا عنه، أو الفقر عطيّة مخزونة عند اللّه عزيزة لا تعطيه إلاّ من خصّه بمزيد العناية، كما يأتي عن مولانا أمير المؤمنين و الصادق عليهما السّلام، و الفقير هنا من لا يجد إلاّ القوت من التعفّف.

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، إنّ اللّه جعل الفقر أمانة عند خلقه، فمن ستره أعطاه اللّه مثل أجر الصائم القائم، و من أفشاه

ص:323


1- -الكافي ج 2 ص 201 ح 2

إلى من يقدر على قضاء حاجته فلم يفعل فقد قتله؛ أما إنّه ما قتله بسيف و لا رمح و لكنّه قتله بما نكى من قلبه. (1)

بيان:

في مجمع البحرين، نكيت في العدوّ نكاية من باب رمى: إذا أكثرت فيهم الجراح و القتل. . .

4-عن مفضّل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كلّما ازداد العبد إيمانا ازداد ضيقا في معيشته. (2)

5-و قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لو لا إلحاح المؤمنين على اللّه في طلب الرزق لنقلهم من الحال التي هم فيها إلى حال أضيق منها. (3)

6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ليس لمصاص شيعتنا في دولة الباطل إلاّ القوت، شرّقوا إن شئتم أو غرّبوا لن ترزقوا إلاّ القوت. (4)

بيان:

المصاص: خالص كلّ شيء.

7-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما كان من ولد آدم مؤمن إلاّ فقيرا و لا كافر إلاّ غنيّا حتّى جاء إبراهيم عليه السّلام فقال: رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا 5 فصيّر اللّه في هؤلاء أموالا و حاجة، و في هؤلاء أموالا و حاجة. (5)

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: جاء رجل موسر إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نقيّ

ص:324


1- -الكافي ج 2 ص 201 ح 3
2- الكافي ج 2 ص 201 ح 4
3- الكافي ج 2 ص 201 ح 5-و نظيره ح 16
4- الكافي ج 2 ص 202 ح 7
5- الكافي ج 2 ص 202 ح 10

الثوب، فجلس إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فجاء رجل معسر درن الثوب، فجلس إلى جنب الموسر، فقبض الموسر ثيابه من تحت فخذيه، فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أخفت أن يمسّك من فقره شيء؟ قال: لا، قال: فخفت أن يصيبه من غناك شيء؟ قال: لا، قال: فخفت أن يوسّخ ثيابك؟ قال: لا، قال: فما حملك على ما صنعت؟ فقال: يا رسول اللّه، إنّ لي قرينا يزيّن لي كلّ قبيح و يقبّح لي كلّ حسن، و قد جعلت له نصف مالي، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله للمعسر: أتقبل؟ قال: لا، فقال له الرجل: و لم؟ قال: أخاف أن يدخلني ما دخلك. (1)

بيان:

«إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله» قال الشيخ البهائي رحمه اللّه: "إلى"إمّا بمعنى مع، أو بمعنى عند.

«درن الثوب» صفة مشبّهة من الدرن و هو الوسخ «إنّ لي قرينا» أي إنّ لي شيطانا، أو المراد النفس الأمّارة أو الأعمّ منهما.

9-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: في مناجاة موسى عليه السّلام: يا موسى، إذا رأيت الفقر مقبلا فقل: مرحبا بشعار الصالحين، و إذا رأيت الغنى مقبلا فقل: ذنب عجّلت عقوبته. (2)

10-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: طوبى للمساكين بالصبر، و هم الذين يرون ملكوت السماوات و الأرض. (3)

أقول:

ليس المراد بالمساكين الفقراء و المساكين الذين يتكدّون للمعاش، بل هم الأنبياء و الأوصياء و من يقرب منهم من الأولياء و المؤمنين، و أنّ لرؤية ملكوت السماوات و الأرض مراتب يحصل لكلّ صنف منهم مرتبة تليق بهم.

ص:325


1- -الكافي ج 2 ص 202 ح 11
2- الكافي ج 2 ص 203 ح 12
3- الكافي ج 2 ص 203 ح 13

11-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يا معشر المساكين، طيبوا نفسا، و أعطوا اللّه الرضا من قلوبكم، يثبكم اللّه عزّ و جلّ على فقركم، فإن لم تفعلوا فلا ثواب لكم. (1)

12-عن هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا كان يوم القيامة قام عنق من الناس حتّى يأتوا باب الجنّة، فيضربوا باب الجنّة، فيقال لهم: من أنتم؟ فيقولون: نحن الفقراء، فيقال لهم: أ قبل الحساب؟ فيقولون: ما أعطيتمونا شيئا تحاسبونا عليه، فيقول اللّه عزّ و جلّ: صدقوا، ادخلوا الجنّة. (2)

13-عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الفقر أزين للمؤمن من العذار على خدّ الفرس. (3)

أقول:

في البحار ج 72 ص 52 باب الفقر: عن أبي عبد اللّه عليه السّلام مثله، و زاد فيه: «و إنّ آخر الأنبياء دخولا إلى الجنّة سليمان، و ذلك لما اعطي من الدنيا» .

بيان: «العذار» في النهاية ج 3 ص 198: العذاران من الفرس كالعارضين من وجه الإنسان، ثمّ سمّي السير الذي يكون عليه من اللجام عذارا باسم موضعه.

و في المرآة: يمكن أن يقال لتكميل التشبيه: أنّ الفقر يمنع الإنسان من الطغيان كما يمنع اللجام الفرس عن العصيان.

14-قال أمير المؤمنين عليه السّلام لابنه الحسن عليه السّلام: يا بنيّ، احفظ عنّي أربعا و أربعا لا يضرّك ما عملت معهنّ: إنّ أغنى الغنى العقل، و أكبر الفقر الحمق. . . (4)

ص:326


1- -الكافي ج 2 ص 203 ح 14
2- الكافي ج 2 ص 204 ح 19
3- الكافي ج 2 ص 204 ح 22
4- نهج البلاغة ص 1104 ح 37

15-و قال عليه السّلام: لا غنى كالعقل، و لا فقر كالجهل. . . (1)

أقول:

في تحف العقول ص 142، عنه عليه السّلام: لا غنى مثل العقل، و لا فقر أشدّ من الجهل.

16-و قال عليه السّلام: الغنى في الغربة وطن، و الفقر في الوطن غربة. (2)

17-و قال عليه السّلام: العفاف زينة الفقر، و الشكر زينة الغنى. (3)

18-و قال عليه السّلام: . . . الفقر يخرس الفطن عن حجّته، و المقلّ غريب في بلدته. . . (4)

بيان:

«يخرس» أخرسه: جعله أخرس و هو منعقد اللسان عن الكلام «المقلّ» الفقير.

19-و قال عليه السّلام: الفقر الموت الأكبر. (5)

20-و قال عليه السّلام لابنه محمّد بن الحنفيّة: يا بنيّ، إنّي أخاف عليك الفقر فاستعذ باللّه منه، فإنّ الفقر منقصة للدين، مدهشة للعقل، داعية للمقت. (6)

بيان:

«المدهشة» دهش و دهش دهشا: تحيّر و ذهل عقله.

21-و قال عليه السّلام: ألا و إنّ من البلاء الفاقة، و أشدّ من الفاقة مرض البدن، و أشدّ من مرض البدن مرض القلب، ألا و إنّ من النعم سعة المال، و أفضل

ص:327


1- -نهج البلاغة ص 1112 ح 51
2- نهج البلاغة ص 1113 ح 53
3- نهج البلاغة ص 1116 ح 65 و ص 1246 ح 333
4- نهج البلاغة ص 1089 في ح 3
5- نهج البلاغة ص 1166 ح 154-و مثله في الخصال في ح الأربعمائة
6- نهج البلاغة ص 1238 ح 311

من سعة المال صحّة البدن، و أفضل من صحّة البدن تقوى القلب. (1)

22-و قال عليه السّلام: ما أحسن تواضع الأغنياء للفقراء طلبا لما عند اللّه! و أحسن منه تيه الفقراء على الأغنياء اتّكالا على اللّه. (2)

بيان:

تاه تيها: تكبّر.

23-و قال عليه السّلام: الغنى و الفقر بعد العرض على اللّه. (3)

أقول:

في البحار ج 78 ص 55، عنه عليه السّلام: ألا و إنّه لا فقر بعد الجنّة، و لا غنى بعد النار.

24-و قال عليه السّلام: إنّ اللّه سبحانه فرض في أموال الأغنياء أقوات الفقراء، فما جاع فقير إلاّ بما منع غنيّ، و اللّه-تعالى جدّه-سائلهم عن ذلك. (4)

بيان:

«تعالى جدّه» : أي علا جلاله و عظمته.

25-قال الصادق جعفر بن محمّد عليه السّلام: إذا كان يوم القيامة وقف عبدان مؤمنان للحساب، كلاهما من أهل الجنّة، فقير في الدنيا و غنيّ في الدنيا، فيقول الفقير: يا ربّ، على ما اوقف؟ فو عزّتك إنّك لتعلم أنّك لم تولّني ولاية فأعدل فيها أو أجور، و لم ترزقني مالا فاؤدّي منه حقّا أو أمنع، و لا كان رزقي يأتيني منها إلاّ كفافا على ما علمت و قدّرت لي، فيقول اللّه جلّ جلاله: صدق عبدي خلّوا عنه يدخل الجنّة.

و يبقى الآخر حتّى يسيل منه العرق ما لو شربه أربعون بعيرا لكفاها ثمّ يدخل

ص:328


1- -نهج البلاغة ص 1270 ح 381
2- نهج البلاغة ص 1277 ح 398
3- نهج البلاغة ص 1295 ح 446
4- نهج البلاغة ص 1242 ح 320

الجنّة. فيقول له الفقير: ما حسبك؟ فيقول: طول الحساب، ما زال الشيء يجيئني بعد الشيء يغفر لي، ثمّ أسأل عن شيء آخر، حتّى تغمّدني اللّه عزّ و جلّ منه برحمته، و ألحقني بالتائبين، فمن أنت؟ فيقول: أنا الفقير الذي كنت معك آنفا، فيقول: لقد غيّرك النعيم بعدي. (1)

26-سئل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ما الفقر؟ فقال صلّى اللّه عليه و آله: خزانة من خزائن اللّه تعالى، قيل ثانيا: ما الفقر يا رسول اللّه؟ فقال: كرامة من اللّه، قيل ثالثا: ما الفقر؟ فقال صلّى اللّه عليه و آله: شيء لا يعطيه اللّه إلاّ نبيّا مرسلا أو مؤمنا كريما على اللّه تعالى. (2)

27-و قال صلّى اللّه عليه و آله: الفقر أشدّ من القتل. (3)

28-و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أوحى اللّه تعالى إلى إبراهيم عليه السّلام: خلقتك و ابتليتك بنار نمرود، فلو ابتليتك بالفقر و رفعت عنك الصبر، فما تصنع؟ قال إبراهيم: يا ربّ، الفقر أشدّ إليّ من نار نمرود، قال اللّه تعالى: فبعزّتي و جلالي، ما خلقت في السماء و الأرض أشدّ من الفقر، قال: يا ربّ، من أطعم جائعا فما جزاؤه؟ قال: جزاؤه الغفران و إن كانت ذنوبه تملأ ما بين السماء و الأرض. (4)

29-و قال صلّى اللّه عليه و آله: و لو لا رحمة ربّي على فقراء امّتي كاد الفقر يكون كفرا. . . (5)

30-قال أمير المؤمنين للحسن عليهما السّلام: لا تلم إنسانا يطلب قوته، فمن عدم قوته كثر خطاياه. يا بنيّ، الفقير حقير لا يسمع كلامه و لا يعرف مقامه، لو كان الفقير صادقا يسمّونه كاذبا، و لو كان زاهدا يسمّونه جاهلا.

ص:329


1- -أمالي الصدوق ص 360 م 57 ح 11
2- جامع الأخبار ص 109 ف 67
3- جامع الأخبار ص 109
4- جامع الأخبار ص 109
5- جامع الأخبار ص 109

يا بنيّ، من ابتلي بالفقر فقد ابتلي بأربع خصال: بالضعف في يقينه، و النقصان في عقله، و الرقّة في دينه، و قلّة الحياء في وجهه. فنعوذ باللّه من الفقر. (1)

بيان:

«الرقّة في دينه» : كناية عن الضعف في دينه.

31-و قال عليّ عليه السّلام: الفقر مخزون عند اللّه بمنزلة الشهادة يؤتيه من يشاء. (2)

32-و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: الفقر الموت الأكبر. (3)

33-و قال صلّى اللّه عليه و آله: الفقراء ملوك أهل الجنّة، و الناس كلّهم مشتاقون إلى الجنّة، و الجنّة مشتاقة إلى الفقراء.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: الفقر فخري.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: الفقر شين عند الناس، و زين عند اللّه يوم القيامة. (4)

34-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: عشرون خصلة تورث الفقر: أوّله القيام من الفراش للبول عريانا، و الأكل جنبا، و ترك غسل اليدين عند الأكل، و إهانة الكسرة من الخبز، و إحراق الثوم و البصل، و القعود على أسكفّة البيت، و كنس البيت بالليل و بالثوب، و غسل الأعضاء في موضع الاستنجاء، و مسح الأعضاء المغسولة بالذيل و الكمّ، و وضع القصاع و الأواني غير مغسولة، و وضع أواني الماء غير مغطّاة الرؤوس، و ترك بيوت العنكبوت في المنزل، و الاستخفاف بالصلاة، و تعجيل الخروج من المسجد، و البكور إلى السوق، و تأخير الرجوع عنه إلى العشاء، و شراء الخبز من الفقراء، و اللعن على الأولاء، و الكذب، و خياطة الثوب

ص:330


1- -جامع الأخبار ص 110
2- جامع الأخبار ص 110
3- جامع الأخبار ص 111
4- جامع الأخبار ص 111

على البدن، و إطفاء السراج بالنفس.

و في خبر آخر: و البول في الحمّام، و الأكل على الجشاء، و التخلّل بالطرفاء، و النوم بين العشائين، و النوم قبل طلوع الشمس، و ردّ السائل الذكر بالليل، و كثرة الاستماع إلى الغناء، و اعتياد الكذب، و ترك التقدير في المعيشة، و التمشّط من قيام، و اليمين الفاجرة، و قطيعة الرحم. . . و من سبّح اللّه في كلّ يوم ثلاثين مرّة يزيد في الرزق، و دفع اللّه عزّ و جلّ عنه سبعين نوعا من البلاء أيسرها الفقر. (1)

بيان:

«الطرفاء» : شجر و له أصناف، منه الأثل (درخت گز) .

أقول:

روى المجلسيّ رحمه اللّه نظيره في البحار (ج 76 ص 317 باب ما يورث الفقر و الغنى ح 6) مع زيادة، و فيه: «الفقر من خمسة و عشرين شيئا: . . . و دعوة الوالدين باسمهما، و التخلّل بكلّ خشب، و تغسيل اليدين بالطين، و القعود على عتبة الباب، و ترك القصارة. . . و الأكل نائما. . . و دعاء السوء على الوالدين. . . و قصّ الأظفار بالأسنان.

و من موجبات الفقر:

ارتكاب الذنب، لاحظ باب الذنب ف 2.

و منها: إجارة الإنسان نفسه:

عن المفضّل بن عمر قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: من آجر نفسه فقد حظر على نفسه الرزق. (2)

و منها: الإسراف، لاحظ باب التبذير و الإسراف.

ص:331


1- -جامع الأخبار ص 124 ف 82
2- الكافي ج 5 ص 90 باب كراهية إجارة الرجل نفسه ح 1

و منها: إظهار الفقر و التباؤس، و يأتي في الباب ما يدلّ على ذلك.

و منها: الاستيكال بالأئمّة عليهم السّلام؛

عن عليّ بن الحسين عليه السّلام أنّه قال (في حديث) : و إيّاك أن تستأكل بنا فيزيدك اللّه فقرا. (1)

و منها: ترك السؤال من فضل اللّه تعالى، كما قد سبق في باب الدعاء ف 1 قول الصادق عليه السّلام: من لم يسأل اللّه عزّ و جلّ من فضله فقد افتقر.

و منها: التبذير، و قد مرّ في باب الإسراف عن الغرر: «التبذير عنوان الفاقة» .

و منها: ترك صلاة الليل، لاحظ بابها.

و منها: التضييق على العيال؛

عن موسى بن جعفر عليهما السّلام قال: إنّ عيال الرجل أسراؤه فمن أنعم اللّه عليه نعمة فليوسّع على أسرائه، فإن لم يفعل أوشك أن تزول النعمة. (2)

و منها: ترك قضاء حوائج الناس؛

و من كلمات أمير المؤمنين عليه السّلام: سبب زوال اليسار منع المحتاج. (3)

و منها: ترك الحجّ، راجع بابه.

و منها: التكسّب بالحرام؛

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (في حديث) : و من كسب مالا من غير حلّه، أفقره اللّه تعالى. (4)

و منها: ترك قراءة القرآن؛

عن الرضا عليه السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: اجعلوا لبيوتكم نصيبا من القرآن، فإنّ

ص:332


1- -البحار ج 2 ص 162 باب آداب الرواية في ح 22
2- البحار ج 104 ص 69 باب فضل التوسعة على العيال ح 1
3- الغرر ج 1 ص 431 ف 38 ح 17
4- المستدرك ج 13 ص 63 باب 1 ممّا يكتسب به ح 1

البيت إذا قرء فيه يسّر على أهله و كثر خيره، و كان سكّانه في زيادة، و إذا لم يقرأ فيه القرآن ضيّق على أهله، و قلّ خيره، و كان سكّانه في نقصان. (1)

و منها: ترك النهي عن المنكر؛

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أيّما ناش نشأ في قوم ثمّ لم يؤدّب على معصية، فإنّ اللّه عزّ و جلّ أوّل ما يعاقبهم فيه أن ينقص من أرزاقهم. (2)

و منها: التكلّم بما لا يعنيه؛

من التوراة؛ . . . يابن آدم، إذا وجدت قساوة في قلبك و سقما في جسمك و نقيصة في مالك و حريمة في رزقك، فاعلم أنّك قد تكلّمت فيما لا يعنيك. (3)

و منها: الجماع وجه الشمس يورث فقر الولد، لاحظ بابه في وصايا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام

و منها: الحكم بغير ما أنزل اللّه تعالى؛

قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: خمس بخمس، قيل: يا رسول اللّه، ما خمس بخمس؟ قال: ما نقض قوم العهد إلاّ سلّط اللّه عليهم عدوّهم، و ما حكموا بغير ما أنزل اللّه إلاّ فشا فيهم الفقر. . . (4)

و منها: الخيانة؛

عن جعفر عن أبيه عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الأمانة تجلب الغناء، و الخيانة تجلب الفقر. (5)

ص:333


1- -البحار ج 92 ص 200 باب فضل قراءة القرآن في ح 17
2- البحار ج 100 ص 78 باب وجوب الأمر بالمعروف ح 32
3- الكشكول للشيخ البهائي رحمه اللّه ج 2 ص 290
4- الاثنى عشريّة ص 202 ب 5 ف 2
5- البحار ج 75 ص 114 باب أداء الأمانة ح 6

و منها: الدعاء على الولد؛

عن الصادق عليه السّلام قال: أيّما رجل دعا على ولده أورثه الفقر. (1)

و منها: الزنا، لاحظ بابه.

و منها: السؤال، راجع الفصل الثاني من بابه.

و منها: قطع الرحم، انظر بابه،

و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: . . . إنّ أهل البيت ليجتمعون و يتواسون و هم فجرة فيرزقهم اللّه عزّ و جلّ، و إنّ أهل البيت ليتفرّقون و يقطع بعضهم بعضا، فيحرمهم اللّه و هم أتقياء. (2)

و منها: كفران النعم، لاحظ باب الشكر و الكفران.

و من كلمات أمير المؤمنين عليه السّلام: سبب زوال النعم الكفران. (3)

و منها: الكسل و العجز؛

قال عليّ عليه السّلام: إنّ الأشياء لمّا ازدوجت ازدوج الكسل و العجز فنتج منهما الفقر. (4)

و منها: نيّة الذنب؛

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ المؤمن لينوي الذنب فيحرم رزقه. (5)

و منها: ترك القمامة في البيت؛

عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: ترك نسج العنكبوت في البيت يورث الفقر،

ص:334


1- -البحار ج 104 ص 99 باب فضل الأولاد ح 77
2- البحار ج 74 ص 137 باب صلة الرحم ح 107
3- الغرر ج 1 ص 430 ف 38 ح 8
4- البحار ج 78 ص 59 ب 16 ح 136
5- البحار ج 71 ص 247 باب تضاعف الحسنات ح 6

و ترك القمامة في البيت يورث الفقر، و قال عليه السّلام: كسح الفناء يزيد في الرزق. (1)

و منها أيضا ما روي: الاتكاء على أحد زوجي الباب، و الكتابة بالقلم المعقود، و الامتشاط بالمشط المنكسر، و التعمّم قاعدا، و التسرول قائما، و التهاون في الأمور، و. . .

و ممّا ينفى الفقر:

الاقتصاد في المعيشة، لاحظ باب ذمّ التبذير و مدح الاقتصاد.

و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ضمنت لمن اقتصد أن لا يفتقر. (2)

و منها: أكل ما يسقط من الخوان؛

قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام: كل ما وقع تحت مائدتك فإنّه ينفي عنك الفقر، و هو مهور الحور العين، و من أكله حشى قلبه علما و حلما و إيمانا و نورا. (3)

و منها: إسراج السراج قبل غروب الشمس؛

قال الرضا عليه السّلام: إسراج السراج قبل مغيب الشمس ينفي الفقر و يزيد في الرزق. (4)

و منها: إكثار الحوقلة؛

عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: . . . و من ألحّ عليه الفقر فليكثر من قول: «لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه» ينفي اللّه عنه الفقر. (5)

ص:335


1- -البحار ج 76 ص 176 باب كنس الدار ح 6
2- البحار ج 71 ص 346 باب الاقتصاد و ذمّ الإسراف ح 9
3- البحار ج 66 ص 431 باب أكل الكسرة في ح 15
4- المستدرك ج 3 ص 457 باب 9 من أحكام المساكن في ح 2
5- البحار ج 93 ص 190 باب الكلمات الأربع. . . ح 27-و في الغرر ج 2 ص 708 ف 77 ح 1393 مع زيادة: العليّ العظيم

و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: من قال: «لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه» مأة مرّة في كلّ يوم لم يصبه فقر أبدا. (1)

و منها: البرّ و الصدقة، راجع باب الصدقة، و مرّ هنا قول أبي جعفر عليه السّلام: البرّ و الصدقة ينفيان الفقر، و. . .

و منها: البرّ بالوالدين و صلة الرحم؛

عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: من يضمن لي برّ الوالدين و صلة الرحم، أضمن له كثرة المال و زيادة العمر و المحبّة في العشيرة. (2)

و منها أيضا: التختّم بالعقيق و بالياقوت و الزمرّد و الفيروزج و الزبرجد، و التعصّي، و تقليم الأظفار و قصّ الشارب خصوصا يوم الجمعة، غسل الرأس بالخطمي، و كتابة «ما شاء اللّه» على الخاتم. و الوضوء قبل الطعام و بعده، و التنوير، و كنس البيت، و السّلام على الأهل حين الدخول إلى المنزل، و التسمية باسم محمّد و أحمد و عليّ، و. . . و إدمان الحجّ و العمرة، و التمشّط، و تسريح اللحى عقيب كلّ وضوء، و قراءة بعض السور كالواقعة و. . . و بعض الأدعية كدعاء العشرات و التمسّح بماء الورد و. . .

لاحظ باب الرزق و الخصال ج 2 ص 504 باب الستّة عشر ح 2 أيضا.

35-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال اللّه عزّ و جلّ: إنّ من عبادي المؤمنين لعبادا لا يصلح لهم أمر دينهم إلاّ بالفاقة و المسكنة و السقم في أبدانهم. (3)

36-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الفقر الموت الأحمر، فقلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: الفقر من الدينار و الدرهم؟ فقال عليه السّلام: لا، و لكن من الدين. (4)

ص:336


1- -البحار ج 87 ص 10 باب ما ينبغي أن يقرأ كلّ يوم في ح 17
2- المستدرك ج 15 ص 176 ب 68 من أحكام الأولاد ح 12
3- مشكوة الأنوار ص 296 ب 7 ف 6
4- البحار ج 72 ص 5 باب الفقر ح 3

37-في مناهي النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: ألا و من استخفّ بفقير مسلم فقد استخفّ بحقّ اللّه، و اللّه يستخفّ به يوم القيامة، إلاّ أن يتوب.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: من أكرم فقيرا مسلما لقي اللّه يوم القيامة و هو عنه راض. (1)

38-قال الرضا عليه السّلام: من لقي فقيرا مسلما، فسلّم عليه خلاف سلامه على الغنيّ، لقي اللّه عزّ و جلّ يوم القيامة و هو عليه غضبان. (2)

39-عن ابن نباتة قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السّلام فقال: إنّي لأدين اللّه بولايتك، و إنّي لأحبّك في السرّ كما احبّك في العلانية، فقال له: صدقت طينتك من تلك الطينة، و على ولايتنا اخذ ميثاقك، و إنّ روحك من أرواح المؤمنين، فاتّخذ للفقر جلبابا، فو الذي نفسي بيده لقد سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: إنّ الفقر إلى محبّينا أسرع من السيل من أعلى الوادي إلى أسفله. (3)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر، و في نهج البلاغة (ص 1138 في ح 108 و صبحي ص 488 ح 112) قال عليه السّلام: «من أحبّنا أهل البيت فليستعدّ للفقر جلبابا» .

و في النهاية ج 1 ص 283(آخر الحديث) ، الجلباب: الإزار و الرداء. . . كنّى به عن الصبر، لأنّه يستر الفقر كما يستر الجلباب البدن، و قيل: إنّما كنّى بالجلباب عن اشتماله بالفقر: أي فليلبس إزار الفقر. . .

40-عن عباد بن صهيب قال: سمعت جعفر بن محمّد عليه السّلام يقول: قال اللّه تعالى: لو لا أنّني أستحيي من عبدي المؤمن ما تركت له خرقة يتوارى بها، إلاّ أنّ العبد إذا تكامل فيه الإيمان ابتليته في قوته، فإن جزع رددت عليه قوته،

ص:337


1- -البحار ج 72 ص 37 باب فضل الفقر ح 30
2- البحار ج 72 ص 38 ح 31
3- البحار ج 72 ص 43 ح 50

و إن صبر باهيت به ملائكتي، فذاك الذي تشير إليه الملائكة بالأصابع. (1)

41-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من استذلّ مؤمنا لقلّة ذات يده، شهّره اللّه يوم القيامة على رؤوس الخلائق لا محالة. (2)

42-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: قال اللّه: إنّي لم اغني الغنيّ لكرامة به عليّ، و لم افقر الفقير لهوان به عليّ، و هو ممّا ابتليت به الأغنياء بالفقراء، و لو لا الفقراء لم يستوجب الأغنياء الجنّة. (3)

43-قال أبو الحسن موسى عليه السّلام: إنّ الأنبياء و أولاد الأنبياء و أتباع الأنبياء خصّوا بثلاث خصال: السقم في الأبدان، و خوف السلطان، و الفقر. (4)

44-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لو لا ثلاثة في ابن آدم ما طأطأ رأسه شيء: المرض، و الموت، و الفقر، و كلّهنّ فيه و إنّه لمعهنّ لوثّاب. (5)

بيان:

«ما طأطأ» : أي ما خفض.

45-قال لقمان لابنه: اعلم أي بنيّ، إنّي قد ذقت الصبر و أنواع المرّ فلم أر أمرّ من الفقر، فإن افتقرت يوما فاجعل فقرك بينك و بين اللّه، و لا تحدّث الناس بفقرك، فتهون عليهم، ثمّ سل في الناس هل من أحد دعا اللّه فلم يجبه؟ أو سأله فلم يعطه؟ (6)

ص:338


1- -البحار ج 72 ص 50 ح 61
2- البحار ج 72 ص 50 ح 63
3- البحار ج 72 ص 51 ح 67
4- البحار ج 72 ص 46 ح 57
5- البحار ج 72 ص 53 ح 82( الخصال ج 1 ص 113 باب الثلاثة ح 89)
6- البحار ج 72 ص 53 ح 84

أقول:

عن عليّ عليه السّلام قال: من أظهر فقره أذلّ قدره.

(الغرر ج 2 ص 664 ف 77 ح 894)

46-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الفقر خير للمؤمن من حسد الجيران، و جور السلطان، و تملّق الإخوان. (1)

47-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: الفقر فخري و به أفتخر. (2)

48-و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: اطّلعت على الجنّة فوجدت أكثر أهلها الفقراء و المساكين، و إذا ليس فيها أحد أقلّ من الأغنياء و النساء. (3)

49-. . . قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الفقر فقران: فقر الدنيا و فقر الآخرة، ففقر الدنيا غنى الآخرة، و غنى الدنيا فقر الآخرة و ذلك الهلاك. (4)

50-. . . قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الفقر فقر القلب.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: الفقر راحة. (5)

51-. . . شكا رجل إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام عن الفقر، فقال: أذّن كلّما سمعت الأذان كما يؤذّن المؤذّنون. (6)

52-و عنه عن آبائه عليهم السّلام قال: من لم يسأل اللّه من فضله افتقر. (7)

ص:339


1- -البحار ج 72 ص 54 ح 85
2- البحار ج 72 ص 55
3- البحار ج 72 ص 55
4- البحار ج 72 ص 47 ح 57
5- البحار ج 72 ص 56 ح 86
6- البحار ج 76 ص 316 باب ما يورث الفقر ح 6
7- البحار ج 76 ص 316 ح 6

53-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من تفاقر افتقر. (1)

54-عن منصور بزرج قال: قلت لأبي عبد اللّه الصادق عليه السّلام: ما أكثر ما أسمع منك سيّدي ذكر سلمان الفارسيّ فقال: لا تقل سلمان الفارسيّ، و لكن قل: سلمان المحمّديّ، أتدري ما كثرة ذكري له؟ قلت: لا، قال: لثلاث خلال: إحداها، ايثاره هوى أمير المؤمنين عليه السّلام على هوى نفسه، و الثانية: حبّه الفقراء و اختياره إيّاهم على أهل الثروة و العدد، و الثالثة: حبّه للعلم و العلماء، إنّ سلمان كان عبدا صالحا حنيفا مسلما و ما كان من المشركين. (2)

55-في خبر المعراج: يا أحمد، إنّ المحبّة للّه هي المحبّة للفقراء و التقرّب إليهم. قال: يا ربّ، و من الفقراء؟ قال: الذين رضوا بالقليل، و صبروا على الجوع، و شكروا على الرخاء، و لم يشكوا جوعهم و لا ظمأهم، و لم يكذبوا بألسنتهم، و لم يغضبوا على ربّهم، و لم يغتمّوا على ما فاتهم، و لم يفرحوا بما آتاهم.

يا أحمد، محبّتي محبّة للفقراء، فادن الفقراء و قرّب مجلسهم منك أدنك، و بعّد الأغنياء و بعّد مجلسهم منك، فإنّ الفقراء أحبّائي. (3)

56-عن أبي ذرّ رحمه اللّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لرجل و هو يوصيه: أقلل من الشهوات يسهل عليك الفقر، و أقلل من الذنوب يسهل عليك الموت، و قدّم مالك أمامك يسرّك اللحاق به. . . (4)

57-و فيما سأل أمير المؤمنين ابنه الحسن عليهما السّلام: . . . قيل: فما الفقر؟ قال: شره النفس إلى كلّ شيء. . . (5)

ص:340


1- -البحار ج 76 ص 316 ح 6
2- البحار ج 22 ص 327 باب فضائل سلمان ح 33( أمالي الطوسيّ ج 1 ص 133)
3- البحار ج 77 ص 23
4- البحار ج 77 ص 189 من مفردات كلماته صلّى اللّه عليه و آله
5- البحار ج 78 ص 103 باب مواعظ المجتبى عليه السّلام ح 2

أقول:

في معاني الأخبار ص 232 باب معنى الفقر: فيما سأل عنه عليّ بن أبي طالب ابنه الحسن عليهما السّلام أنّه قال له: ما الفقر؟ قال: الحرص و الشره.

58-في وصيّة الباقر عليه السّلام لجابر الجعفيّ: و لا فقر كفقر القلب، و لا غنى كغنى النفس. (1)

59-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و قد فقد رجلا، فقال: ما أبطأ بك عنّا؟ فقال: السقم و العيال، فقال: ألا أعلّمك بكلمات تدعو بهنّ، يذهب اللّه عنك السقم و ينفي عنك الفقر؟ تقول: «لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه العليّ العظيم، توكّلت على الحيّ الذي لا يموت، الحمد للّه الذي لم يتّخذ ولدا و لم يكن له شريك في الملك، و لم يكن له وليّ من الذلّ و كبّره تكبيرا» . (2)

و في أمالي المفيد ص 134 م 27 ح 2: مثله و فيه؛ فقال: السقم و الفقر و ليس فيه «العليّ العظيم»

أقول:

في سفينة البحار ج 2 ص 380، من كتب على خاتمه: «ما شاء اللّه لا قوّة إلاّ باللّه أستغفر اللّه» أمن من الفقر المدقّع.

و قد مرّ في باب الحكمة: «سائلوا العلماء، و خالطوا الحكماء، و جالسوا الفقراء» .

و في باب السلاطين: «أربعة من قواصم الظهر: . . . و فقر لا يجد صاحبه له مداويا، و جار سوء في دار مقام» .

و في باب العصبيّة: عن أمير المؤمنين عليه السّلام: «أهلك الناس اثنان: خوف الفقر، و طلب الفخر» .

ص:341


1- -البحار ج 78 ص 164
2- البحار ج 95 ص 11 باب العوذات الجامعة لجميع الأمراض ح 14

و في باب الشيعة: عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «لا تستخفّوا بفقراء شيعة عليّ و عترته من بعده، فإنّ الرجل منهم ليشفع في مثل ربيعة و مضر» .

و في باب الحسد: عنه صلّى اللّه عليه و آله: «كاد الفقر أن يكون كفرا. . .» .

و قد مرّ بعض الأخبار في باب الزكاة: منها قول الصادق عليه السّلام: «إنّما وضعت الزكاة اختبارا للأغنياء و معونة للفقراء. . . و إنّ الناس ما افتقروا و لا احتاجوا و لا جاعوا و لا عروا إلاّ بذنوب الأغنياء. . .» .

60-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الفقر زينة الإيمان. (الغرر ج 1 ص 13 ف 1 ح 316)

القبر خير من الفقر. (ص 17 ح 446)

إظهار التباؤس يجلب الفقر. (ص 38 ح 1184)

الغنى و الفقر يكشفان جواهر الرجال و أوصافها. (ص 39 ح 1198)

الفقر مع الدين الموت الأحمر. (ص 47 ح 1355)

الفقر [من] الدين الشقاء الأكبر. (ح 1356)

الفقير في الوطن ممتهن-الفقر في الوطن غربة. (ص 52 ح 1461 و 1464)

الغنى باللّه أعظم الغنى. (ص 74 ح 1841)

الغنى بغير اللّه أعظم الفقر و الشقاء. (ح 1842)

الفقير الراضي ناج من حبائل إبليس، و الغنيّ واقع في حبائله.

(ص 82 ح 1951)

الصبر على الفقر مع العزّ أجمل من الغنى مع الذلّ. (ص 89 ح 2044)

الفقر صلاح المؤمن، و مريحه من حسد الجيران، و تملّق الإخوان، و تسلّط السلطان. (ص 94 ح 2099)

أفقر الفقر الحمق. (ص 175 ف 8 ح 20)

أكبر البلاء فقر النفس. (ص 180 ح 138)

ص:342

إنّ الفقر مذلّة للنفس، مدهشة للعقل، جالب للهموم. (ص 218 ف 9 ح 52)

حبّ الفقر يكسب الورع. (ص 380 ف 28 ح 7)

درهم الفقير أزكى عند اللّه من دينار الغنيّ. (ص 402 ف 31 ح 22)

ربّ غنى أذلّ من فقد-ربّ فقد أعزّ من أسد. (ص 414 ف 35 ح 17 و 18)

ربّ غنيّ أفقر من فقير. (ص 416 ح 59)

ربّ فقر عاد بالغنى الباقي. (ص 417 ح 60)

ربّ غنى أورث الفقر الباقي. (ح 61)

ضرورات الفقر تبعث على فظيع الأمر. (ص 461 ف 45 ح 3)

ضرر الفقر أحمد من أشر الغنى. (ح 13)

فقر النفس شرّ الفقر. (ج 2 ص 516 ف 59 ح 20)

فقر الأحمق لا يغنيه المال. (ص 517 ح 22)

قليل يحمد مغبّته خير من كثير يضرّ عاقبته. (ص 535 ف 61 ح 30)

قليل يفتقر إليه خير من كثير يستغنى عنه. (ص 536 ح 32)

قليل يكفي خير من كثير يطغى-قليل ينجي خير من كثير يردي.

(ح 38 و 39)

من أحبّ السلامة فليؤثر الفقر، و من أحبّ الراحة فليؤثر الزهد في الدنيا.

(ص 698 ف 77 ح 1285)

ملوك الدنيا و الآخرة الفقراء الراضون. (ص 763 ف 80 ح 105)

ص:343

ص:344

148- التفكّر

الآيات

1- . . . كَذلِكَ يُبَيِّنُ اَللّهُ لَكُمُ اَلْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ. (1)

2- إِنَّ فِي خَلْقِ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ وَ اِخْتِلافِ اَللَّيْلِ وَ اَلنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي اَلْأَلْبابِ- اَلَّذِينَ يَذْكُرُونَ اَللّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى جُنُوبِهِمْ وَ يَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ اَلنّارِ. (2)

3- . . . قُلْ هَلْ يَسْتَوِي اَلْأَعْمى وَ اَلْبَصِيرُ أَ فَلا تَتَفَكَّرُونَ. (3)

4- . . . فَاقْصُصِ اَلْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ. (4)

5- يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ اَلزَّرْعَ وَ اَلزَّيْتُونَ وَ اَلنَّخِيلَ وَ اَلْأَعْنابَ وَ مِنْ كُلِّ اَلثَّمَراتِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ. (5)

6- بِالْبَيِّناتِ وَ اَلزُّبُرِ وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ اَلذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَ لَعَلَّهُمْ

ص:345


1- -البقرة:219-266 و بمدلولها في يونس:24 و النحل:69 و الزمر:42
2- آل عمران:190 و 191
3- الأنعام:50
4- الأعراف:176
5- النحل:11

يَتَفَكَّرُونَ. (1)

7- أَ وَ لَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ ما خَلَقَ اَللّهُ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما إِلاّ بِالْحَقِّ وَ أَجَلٍ مُسَمًّى وَ إِنَّ كَثِيراً مِنَ اَلنّاسِ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ لَكافِرُونَ. (2)

8- وَ مِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَ جَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَ رَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ. (3)

9- قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلّهِ مَثْنى وَ فُرادى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ. (4)

10- وَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي اَلسَّماواتِ وَ ما فِي اَلْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ. (5)

11- . . . وَ تِلْكَ اَلْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ. (6)

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عن أمير المؤمنين عليهما السّلام. . . و كان يقول: التفكّر حياة قلب البصير، كما يمشي الماشي في الظلمات بالنور بحسن التخلّص و قلّة التربّص. (7)

ص:346


1- -النحل:44
2- الروم:8
3- الروم:21
4- سبأ:46 و بهذا المعنى في الأعراف:184
5- الجاثية:13
6- الحشر:21
7- الكافي ج 1 ص 21 كتاب العقل ح 34-و نظيره في البحار ج 92 ص 17 باب فضل القرآن ح 17 عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله

بيان:

«بحسن التخلّص» النجاة من الوقوع في الورطة و الباطل. و في الوافي «قلّة التربّص» أي سرعة الوصول إلى المطلوب «التفكّر» في المفردات، الفكرة: قوّة مطرقة للعلم إلى المعلوم، و التفكّر جولان تلك القوّة بحسب نظر العقل و ذلك للإنسان دون الحيوان، و لا يقال إلاّ فيما يمكن أن يحصل له صورة في القلب و لهذا روي «تفكّروا في آلاء اللّه و لا تفكّروا في اللّه، إذ كان اللّه، منزّها أن يوصف بصورة» .

و في المرآة ج 7 ص 338، التفكّر: إعمال الفكر فيما يفيد العلم به قوّة الإيمان و اليقين، و الزهد في الدنيا و الرغبة في الآخرة. . . و قال المحقّق الطوسيّ رحمه اللّه: التفكّر سير الباطن من المبادي إلى المقاصد، و هو قريب من النظر و لا يرتقي أحد من النقص إلى الكمال إلاّ بهذا السير و مباديه؛ الآفاق و الأنفس، بأن يتفكّر في أجزاء العالم و ذرّاته و في الأجرام العلويّة من الأفلاك و الكواكب و حركاتها. . . و في أجزاء الإنسان و أعضائه من العظام و العضلات و العصبات و العروق و غيرها ممّا لا يحصى كثرة، و يستدلّ بها و بما فيها من المصالح و المنافع و الحكم و التغيير على كمال الصانع و عظمته و علمه و قدرته، و عدم ثبات ما سواه.

و بالجملة التفكّر فيما ذكر و نحوه من حيث الخلق و الحكمة و المصالح أثره العلم بوجود الصانع و قدرته و حكمته، و من حيث تغييره و انقلابه و فنائه بعد وجوده، أثره الانقطاع منه و التوجّه بالكلّيّة إلى الخالق الحقّ، و من هذا القبيل التفكّر في أحوال الماضين و انقطاع أيديهم عن الدنيا و ما فيها، و رجوعهم إلى دار الآخرة، فإنّه يوجب قطع المحبّة عن غير اللّه و الانقطاع إليه بالتقوى و الطاعة، و لذا أمر بهما بعد الأمر بالتفكّر.

و يمكن تعميم التفكّر بحيث يشمل التفكّر في معاني الآيات القرآنيّة و الأخبار النبويّة و الآثار المرويّة عن الأئمّة عليهم السّلام، و المسائل الدينيّة و الأحكام الشرعيّة و بالجملة كلّما أمر الشارع الصادع بالخوض فيه و العلم به.

ص:347

و قال في ج 1 ص 96: يطلق التفكّر غالبا في الأحاديث على التفكّر و الاعتبار بأحوال الدنيا و فنائها و دنائتها و زوال لذّاتها، و ما يوجب الزهد في الدنيا و ترك مشتهياتها و التوجّه إلى تحصيل الآخرة و تحصيل سعاداتها، و هذا التفكّر يحيي قلب البصير و يزهّده في الدنيا، و ينوّر له طريق الوصول إلى الآخرة، فيتخلّص من فتن الدنيا و آفاتها و مضلاّت الفتن و مشتبهاتها، و يسعى بقدمي الإخلاص و اليقين إلى أعلى منازل المقرّبين.

أقول: للتفكّر مراتب كثيرة بعضها فوق بعض، و ذلك باختلاف مقامات المتفكّرين و نوع الفكر، و لذا اختلفت الروايات في فضيلة التفكّر.

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: نبّه بالتفكّر قلبك، و جاف عن الليل جنبك و اتّق اللّه ربّك. (1)

بيان:

«نبّه» : التنبيه أي الإيقاظ عن النوم و الغفلة. «جاف عن الليل» الجفا: البعد، و جاف عنه كذا أي باعده عنه، و المراد القيام بالليل للعبادة.

3-عن الحسن الصيقل قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عمّا يروي الناس أنّ تفكّر ساعة خير من قيام ليلة، قلت: كيف يتفكّر؟ قال: يمرّ بالخربة أو بالدار فيقول: أين ساكنوك، و أين بانوك؟ ما بالك لا تتكلّمين! (2)

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أفضل العبادة إدمان التفكّر في اللّه و في قدرته. (3)

بيان:

«الإدمان» : المواظبة و المداومة.

«في قدرته» كأنّه عطف تفسيري لقوله: "في اللّه"، فإنّ التفكّر في ذات اللّه و كنه

ص:348


1- -الكافي ج 2 ص 45 باب التفكّر ح 1
2- الكافي ج 2 ص 45 ح 2
3- الكافي ج 2 ص 45 ح 3

صفاته ممنوع كما ورد في الأخبار، لأنّه يورث الحيرة و الدهش و اضطراب العقل.

5-عن معمّر بن خلاّد قال: سمعت أبا الحسن الرضا عليه السّلام يقول: ليس العبادة كثرة الصلاة و الصوم، إنّما العبادة التفكّر في أمر اللّه عزّ و جلّ. (1)

6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: [إنّ] التفكّر يدعو إلى البرّ و العمل به. (2)

أقول:

قد مرّ في باب العقل في حديث موسى بن جعفر عليهما السّلام لهشام: . . . يا هشام، إنّ لكلّ شيء دليلا و دليل العقل التفكّر، و دليل التفكّر الصمت. . .

يا هشام، من سلّط ثلاثا على ثلاث فكأنّما أعان على هدم عقله: من أظلم نور تفكّره بطول أمله، و محا طرائف حكمته بفضول كلامه، و أطفأ نور عبرته بشهوات نفسه، فكأنّما أعان هواه على هدم عقله، و من هدم عقله أفسد عليه دينه و دنياه. . .

7-في مواعظ الحسن العسكريّ عليه السّلام: ليست العبادة كثرة الصيام و الصلاة، و إنّما العبادة كثرة التفكّر في أمر اللّه. (3)

8-في مواعظ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أوصاني ربّي بتسع: . . . و أن يكون صمتي فكرا، و منطقي ذكرا، و نظري عبرا. (4)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر، قد مرّ بعضها في باب الصمت؛ منها: طوبى لمن كان سكوته فكرا. منها: كلّ صمت ليس فيه فكر فسهو. منها: كلّ سكوت ليس فيه فكر فهو

ص:349


1- -الكافي ج 2 ص 45 ح 4
2- الكافي ج 2 ص 45 ح 5
3- تحف العقول ص 362
4- تحف العقول ص 31

غفلة.

9-عن بريد العجليّ قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على أصحابه فقال: ما جمعكم؟ قال: اجتمعنا نذكر ربّنا و نتفكّر في عظمته، فقال: لن تدركوا التفكّر في عظمته. (1)

10-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: دعوا التفكّر في اللّه، فإنّ التفكّر في اللّه لا يزيد إلاّ تيها، لأنّ اللّه تبارك و تعالى لا تدركه الأبصار و لا تبلغه الأخبار. (2)

بيان:

«تيها» : أي تحيّرا و ضلالا.

11-عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إيّاكم و التفكّر في اللّه، و لكن إذا أردتم أن تنظروا إلى عظمة اللّه فانظروا إلى عظم خلقه. (3)

12-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كان أكثر عبادة أبي ذرّ رحمه اللّه خصلتين: التفكّر و الاعتبار. (4)

13-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه: . . . و على العاقل ما لم يكن مغلوبا على عقله أن يكون له ساعات: ساعة يناجي فيها ربّه عزّ و جلّ، و ساعة يحاسب نفسه، و ساعة يتفكّر فيما صنع اللّه عزّ و جلّ إليه، و ساعة يخلو فيها بحظّ نفسه من الحلال، فإنّ هذه الساعة عون لتلك الساعات و استجمام للقلوب. . . (5)

بيان:

«الاستجمام» : التفريح.

ص:350


1- -توحيد الصدوق ص 455 ب 67 ح 4
2- توحيد الصدوق ص 457 ح 13
3- توحيد الصدوق ص 458 ح 20
4- الخصال ج 1 ص 42 باب الاثنين ح 33
5- الخصال ج 2 ص 525 باب العشرين ح 13

14-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: فاتّقوا اللّه-عباد اللّه-تقيّة ذي لبّ شغل التفكّر قلبه. (1)

15-و قال عليه السّلام: فإنّما البصير من سمع فتفكّر، و نظر فأبصر، و انتفع بالعبر. (2)

16-و قال عليه السّلام: رحم اللّه امرء تفكّر فاعتبر، و اعتبر فأبصر. (3)

17-و قال عليه السّلام: و لا علم كالتفكّر. (4)

18-و قال عليه السّلام: الفكر مرآة صافية، و الاعتبار منذر ناصح، و كفى أدبا لنفسك تجنّبك ما كرهته لغيرك. (5)

أقول:

نظيره في المستدرك ج 11 ص 186 ب 5 ح 13، و زاد فيه: من تفكّر اعتبر، و من اعتبر اعتزل، و من اعتزل سلم من العجب.

19-و كان لقمان يطيل الجلوس وحده، فكان يمرّ به مولاه فيقول: يا لقمان، إنّك تديم الجلوس وحدك، فلو جلست مع الناس كان آنس لك، فيقول لقمان: إنّ طول الوحدة أفهم للفكرة، و طول الفكرة دليل على (طريق م) الجنّة. (6)

أقول:

قد مرّ في باب الحكمة في خبر طويل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: أما و اللّه ما اوتي لقمان الحكمة بحسب و لا مال و لا أهل و لا بسط في جسم و لا جمال، و لكنّه كان رجلا

ص:351


1- -نهج البلاغة ص 192 في خ 82
2- نهج البلاغة ص 473 في خ 152
3- نهج البلاغة ص 302 في خ 102
4- نهج البلاغة ص 1139 في ح 109
5- نهج البلاغة ص 1256 ح 357- صبحي ص 538 ح 365
6- المستدرك ج 11 ص 186 ب 5 من جهاد النفس ح 12

قويّا في أمر اللّه، متورّعا في اللّه، ساكتا سكينا، عميق النظر، طويل الفكر، حديد النظر، مستغن بالعبر. . .

20-قال أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: لا عبادة كالتفكّر في صنعة اللّه عزّ و جلّ. (1)

21-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: تفكّر ساعة خير من عبادة سنة إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا اَلْأَلْبابِ. (2)

بيان:

قيل: لأنّ الفكر يوصلك إلى اللّه تعالى، و العبادة توصلك إلى ثواب اللّه، و أنّ الفكر عمل القلب، و الطاعة عمل الجوارح.

أقول: لأنّ تفكّر ساعة تصل العبد إلى الحياة الأبديّة.

22-في مواعظ المجتبى عليه السّلام: عليكم بالفكر فإنّه حياة قلب البصير، و مفاتيح أبواب الحكمة. (3)

23-قال الصادق عليه السّلام: اعتبر بما مضى من الدنيا، هل ما بقي على أحد، أو هل أحد فيها باق من الشريف و الوضيع و الغنيّ و الفقير و المولى و العبد فكذالك ما لم يأت منها بما مضى أشبه من الماء بالماء، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: كفى بالموت واعظا، و بالعقل دليلا، و بالتقوى زادا، و بالعبادة شغلا، و باللّه مونسا، و بالقرآن بيانا. . .

و الفكرة مرآت الحسنات، و كفّارة السيّئات، و ضياء القلب، و فسحة للخلق، و إصابة في إصلاح المعاد، و اطّلاع على العواقب، و استزادة في العلم، و هي خصلة لا يعبد اللّه بمثلها.

ص:352


1- -البحار ج 71 ص 324 باب التفكّر و الاعتبار ح 11
2- البحار ج 71 ص 327 ح 22
3- البحار ج 78 ص 115

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: فكرة ساعة خير من عبادة سنة، و لا ينال منزلة التفكّر إلاّ من قد خصّه اللّه تعالى بنور المعرفة و التوحيد. (1)

24-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الفكر يهدي. (الغرر ج 1 ص 6 ف 1 ح 37)

الفكر عبادة. (ح 52)

الفكر ينير اللبّ. (ص 16 ح 423)

الفكر يهدي إلى الرشاد. (ص 24 ح 699)

الفكر نزهة المتّقين. (ص 25 ح 716)

الفكر يفيد الحكمة. (ص 30 ح 928)

الفكر مرآة صافية-الفكر جلاء العقول. (ص 32 ح 969 و 978)

التفكّر في آلاء اللّه نعم العبادة. (ص 39 ح 1191)

الفكر في غير الحكمة هوس. (ص 45 ح 1325)

الفكر في الخير يدعو إلى العمل به. (ص 51 ح 1437)

الفكر في العواقب ينجي من المعاطب. (ص 54 ح 1498)

الفكر في العواقب يؤمن مكروه النوائب. (ص 60 ح 1609)

التفكّر في ملكوت السماوات و الأرض عبادة المخلصين. (ص 72 ح 1817)

الفكر في الأمر قبل ملابسته يؤمن الزلل. (ص 78 ح 1894)

الفكر يوجب الاعتبار و يؤمن العثار و يثمر الاستظهار.

(ص 99 ح 2145)

أفكر تفق-أفكر تستبصر. (ص 108 ف 2 ح 6 و 15)

أفضل العبادة الفكر. (ص 177 ف 8 ح 79)

ص:353


1- -مصباح الشريعة ص 20 ب 26

إذا قدّمت الفكر في أفعالك حسنت عواقبك و فعالك. (ص 319 ف 17 ح 131)

بالفكر تصلح الرويّة. (ص 331 ف 18 ح 38)

بتكرار الفكر ينجاب الشك. (ص 333 ح 93)

بالفكر تنجلي غياهب الامور. (ص 336 ح 144)

تفكّر قبل أن تعزم، و تشاور قبل أن تقدم، و تدبّر قبل أن تهجم.

(ص 353 ف 22 ح 83)

تفكّرك يفيدك الاستبصار و يكسبك الأعتبار. (ص 357 ح 112)

طول الفكر يحمد العواقب و يستدرك فساد الامور.

(ج 2 ص 470 ف 47 ح 20)

عليك بالفكر فإنّه رشد من الضلال، و مصلح الأعمال. (ص 481 ف 49 ح 52)

فكر العاقل هداية-فكر الجاهل غواية (1). (ص 516 ف 59 ح 3 و 4)

فكر ساعة قصيرة خير من عبادة طويلة. (ح 10)

فكرك يهديك إلى الرشاد و يحدوك إلى إصلاح المعاد. (ح 17)

فكر المرء مرآة تريه حسن عمله من قبحه. (ح 19)

فكرك في الطاعة يحدوك إلى العمل بها. (ص 518 ح 39)

فكرك في المعصية يحدوك على الوقوع فيها. (ح 40)

فكّر ثمّ تكلّم تسلم من الزلل. (ح 41)

كلّ يوم يفيدك عبرا إن أصحبته فكرا. (ص 547 ف 62 ح 74)

من طال فكره حسن نظره. (ص 615 ف 77 ح 115)

من كثرت فكرته حسنت عاقبته. (ص 630 ح 382)

من طالت فكرته حسنت بصيرته. (ص 648 ح 663)

ص:354


1- -أي الهلاكة

من فكّر قبل العمل كثر صوابه. (ص 650 ح 684)

من ضعفت فكرته قويت غرّته. (ص 651 ح 702)

من قلّ أكله صفا فكره. (ص 657 ح 803)

من تفكّر في ذات اللّه سبحانه ألحد. (ص 658 ح 826)

من تفكّر في آلاء اللّه سبحانه وفّق. (ص 660 ح 841)

من تفكّر في ذات اللّه سبحانه تزندق. (ح 842)

من كثر فكره في اللذّات غلبت عليه. (ص 664 ح 901)

من كثر فكره في المعاصي دعته إليها. (ح 898)

من فكّر أبصر العواقب. (ص 665 ح 914)

من عمّر قلبه بدوام الفكر حسنت أفعاله في السرّ و الجهر. (ص 690 ح 1211)

من تفكّر في عظمة اللّه أبلس (1). (ص 721 ح 1505)

ما زلّ من أحسن الفكر. (ص 736 ف 79 ح 6)

لا تخل نفسك من فكر يزيدك حكمة و عبرة يفيدك عصمة.

(ص 810 ف 85 ح 156)

لا عبادة كالتفكّر. (ص 829 ف 86 ح 13)

لا رشد كالفكر. (ص 830 ح 27)

لا بصيرة لمن لا فكر له-لا فكر لمن لا اعتبار له. (ص 846 ح 338 و 339)

لا اعتبار لمن لا ازدجار له. (ح 340)

لا ازدجار لمن لا اقلاع له. (ح 341)

أقول:

في القطرة (للمستنبط رحمه اللّه) ج 1 ص 338: حكى الزمخشريّ في ربيع الأبرار:

ص:355


1- -أي يئس

قال: قرب إلى عليّ بن الحسين عليه السّلام طهوره في وقت ورده فوضع يده في الإناء ليتوضّأ، ثمّ رفع رأسه فنظر إلى السماء و القمر و الكواكب فجعل يفكّر في خلقها حتّى أصبح و أذّن المؤذّن و يده في الإناء.

ص:356

149- تفويض الأمور إلى اللّه تعالى

الآيات

1- قُلْ مَنْ ذَا اَلَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اَللّهِ إِنْ أَرادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَ لا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اَللّهِ وَلِيًّا وَ لا نَصِيراً. (1)

2- . . . وَ أُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اَللّهِ إِنَّ اَللّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ- فَوَقاهُ اَللّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا. . . (2)

3- . . . أَلا إِلَى اَللّهِ تَصِيرُ اَلْأُمُورُ. (3)

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الإيمان أربعة أركان: الرضا بقضاء اللّه، و التوكّل على اللّه، و تفويض الأمر إلى اللّه، و التسليم لأمر اللّه. (4)

ص:357


1- -الأحزاب:17
2- المؤمن:44 و 45
3- الشورى:53
4- الكافي ج 2 ص 47 باب المكارم ح 5-و نظيره في ص 39 باب خصال المؤمن ح 2

بيان:

في النهاية ج 3 ص 479: في حديث الدعاء «فوّضت أمري إليك» أي رددته، يقال: فوّض إليه الأمر تفويضا إذا ردّه إليه و جعله الحاكم فيه.

أقول: التفويض: عبارة عن ترك الاعتراض في الأمور الواردة عليه، و حوالتها بأسرها إلى اللّه تعالى، مع قطع تعلّقه عنها و ردّ الأمور بالكلّيّة إليه، بحيث يرى قدرته مضمحلّة في جنب قدرته تعالى، و إرادته معدومة عند إرادته تعالى، و يرى أنّه لا اختيار له، و بتعبير بعض الأكابر كالميّت بين يدي الغسّال لا تكون له إرادة و لا اختيار بل الامور موكولة إلى الغير، بل جعل اللّه تعالى قلبه في هذه المرتبة محلاّ لمشيّته تعالى.

و بالجملة التفويض اسم تجتمع فيه معاني العبوديّة، و هو فوق الرضا و التسليم و التوكّل، بل هو آخر منازل اليقين و أقصى الدرجات العالية و يكون أشرف الفضائل الخلقيّة و أفضل الكمالات النفسانيّة، و هو الكبريت الأحمر الذي لا يظفر به إلاّ الأوحد من الأولياء و أعاظم العرفاء و المؤمنين الكاملين، فهم أركان الأرض مخفيّون عن أهلها و مشهورون عند أهل السماء، و لا يكاد يوجد في العبد إلاّ بعد النيل إلى المراتب العالية و بعد المجاهدات الدائمة و التوفيقات الإلهيّة، و لا ينبغي لنا ادّعاء هذا المقام و إن ادّعاه بعض، فليس إلاّ الدعوى و الخيالات الموهومة بل و كذا سائر المقامات العالية كالزهد و الصبر و التوكّل و الرضا و التسليم فلا يكاد يوجد إلاّ في المؤمنين الكاملين.

2-عن يونس قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السّلام عن الإيمان و الإسلام، فقال: قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّما هو الإسلام، و الإيمان فوقه بدرجة، و التقوى فوق الإيمان بدرجة، و اليقين فوق التقوى بدرجة، و لم يقسم بين الناس شيء أقلّ من اليقين، قال: قلت: فأيّ شيء اليقين؟ قال: التوكّل على اللّه، و التسليم للّه، و الرضا بقضاء اللّه، و التفويض إلى اللّه. قلت: فما تفسير ذلك؟ قال: هكذا قال

ص:358

أبو جعفر عليه السّلام. (1)

بيان:

في المرآة: «إنّما هو الإسلام» كأنّ الضمير راجع إلى الدين لقوله تعالى: إِنَّ اَلدِّينَ عِنْدَ اَللّهِ اَلْإِسْلامُ. . .

3-عن أبي حمزة عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: «اللهمّ منّ عليّ بالتوكّل عليك، و التفويض إليك، و الرضا بقدرك، و التسليم لأمرك، حتّى لا احبّ تعجيل ما أخّرت، و لا تأخير ما عجّلت، يا ربّ العالمين» . (2)

أقول:

لاحظ ما يناسب المقام في أبواب الرضا، التسليم، التوكّل، و اليقين.

4-قال الصادق عليه السّلام: عجبت لمن فزع من أربع كيف لا يفزع إلى أربع. . . و عجبت لمن مكر به كيف لا يفزع إلى قوله: وَ أُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اَللّهِ إِنَّ اَللّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ فإنّي سمعت اللّه عزّ و جلّ يقول بعقبها: فَوَقاهُ اَللّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا. . . (3)

بيان:

يقال: فزع منه: خاف. و فزع إليه: استغاثه و لجأ إليه.

5-عن البزنطي قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول: الإيمان أربعة أركان: التوكّل على اللّه عزّ و جلّ، و الرضا بقضائه، و التسليم لأمر اللّه، و التفويض إلى اللّه. قال عبد صالح: «و أفوّض أمري إلى اللّه» فوقاه اللّه سيّئات ما مكروا. (4)

ص:359


1- -الكافي ج 2 ص 43 باب فضل الإيمان على الإسلام ح 5
2- الكافي ج 2 ص 422 باب دعوات موجزات. . . ح 14
3- أمالي الصدوق ص 6 م 2 ح 2
4- البحار ج 71 ص 135 باب التوكّل ح 13

6-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا يكمل عبد الإيمان باللّه حتّى يكون فيه خمس خصال: التوكّل على اللّه، و التفويض إلى اللّه، و التسليم لأمر اللّه، و الرضا بقضاء اللّه، و الصبر على بلاء اللّه، إنّه من أحبّ في اللّه، و أبغض في اللّه، و أعطى للّه، و منع للّه، فقد استكمل الإيمان. (1)

7-في وصيّة الباقر عليه السّلام لجابر الجعفيّ: . . . و سدّ سبيل العجب بمعرفة النفس، و تخلّص إلى راحة النفس بصحّة التفويض. . . (2)

8-قال الصادق عليه السّلام: المفوّض أمره إلى اللّه تعالى في راحة الأبد، و العيش الدائم الرغد، و المفوّض حقّا هو الفاني عن كلّ همّة دون اللّه تعالى، كما قال أمير المؤمنين عليه السّلام:

رضيت بما قسّم اللّه لي و فوّضت أمري إلى خالقي

كما أحسن اللّه فيما مضى كذلك يحسن فيما بقي

و قال اللّه عزّ و جلّ في مؤمن آل فرعون: وَ أُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اَللّهِ إِنَّ اَللّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ- فَوَقاهُ اَللّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا وَ حاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ اَلْعَذابِ.

و التفويض خمسة أحرف، لكلّ حرف منها حكم، فمن أتى بأحكامه فقد أتى به. «التاء» من تركه التدبير في الدنيا، و «الفاء» من فناء كلّ همّة غير اللّه، و «الواو» من وفاء العهد و تصديق الوعد، و «الياء» اليأس من نفسك و اليقين بربّك، و «الضاد» من الضمير الصافي للّه و الضرورة إليه، و المفوّض لا يصبح إلاّ سالما من جميع الآفات، و لا يمسي إلاّ معافا بدينه (بدنه ف ن) . (3)

9-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: من فوّض أمره إلى اللّه سدّده.

(الغرر ج 2 ص 632 ف 77 ح 415)

ص:360


1- -البحار ج 77 ص 179 في مفردات كلماته صلّى اللّه عليه و آله
2- البحار ج 78 ص 164
3- مصباح الشريعة ص 59 ب 86

حرف القاف

150- القبر و آداب زيارة أهل القبور

الأخبار

1-قال الرضا عليه السّلام: ما من عبد [مؤمن] زار قبر مؤمن فقرأ عنده إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ اَلْقَدْرِ سبع مرّات إلاّ غفر اللّه له و لصاحب القبر. (1)

2-قال الرضا عليه السّلام: من أتى قبر أخيه المؤمن ثمّ وضع يده على القبر و قرء إِنّا أَنْزَلْناهُ سبع مرّات أمن يوم الفزع الأكبر. (2)

أقول:

ح 4 مثله، و زاد فيه: «فاستقبل القبلة» .

3-عن إسحق بن عمّار عن أبي الحسن عليه السّلام قال: قلت له: المؤمن يعلم بمن يزور قبره؟ قال: نعم، و لا يزال مستأنسا به ما زال عنده، فإذا قام و انصرف من قبره دخله من انصرافه عن قبره وحشة. (3)

4-عن عبد اللّه بن سنان قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: كيف أسلّم على أهل القبور؟ قال: نعم، تقول «السّلام على أهل الديار من المؤمنين

ص:361


1- -الفقيه ج 1 ص 181 ح 541
2- كامل الزيارات ص 319 ب 105 ح 3
3- كامل الزيارات ص 321 ح 8

و المسلمين، أنتم لنا فرط و نحن إن شاء اللّه بكم لاحقون» . (1)

بيان:

«الفرط» : أي المتقدّم.

5-عن جرّاح المدايني قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام كيف التسليم على أهل القبور؟ قال: تقول: «السّلام على أهل الديار من المؤمنين و المسلمين، رحم اللّه المستقدمين منكم و المستأخرين و إنّا إن شاء اللّه بكم لاحقون» . (2)

6-عن عبد اللّه بن سليمان عن الباقر عليه السّلام قال: سألته عن زيارة القبور، قال: إذا كان يوم الجمعة فزرهم، فإنّه من كان منهم في ضيق وسّع عليه ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، يعلمون بمن أتاهم في كلّ يوم، فإذا طلعت الشمس كانوا سدى؛ قلت: فيعلمون بمن أتاهم فيفرحون به؟ قال: نعم و يستوحشون له إذا انصرف عنهم. (3)

بيان:

المعنى أنّ يوم الجمعة مثل طلوع الفجر إلى طلوع الشمس في سائر الأيّام حيث يعلمون بمن أتاهم. قال رحمه اللّه: «السدى» بالضمّ و يفتح: المهمل. . . و قوله: «ما بين طلوع الفجر» استيناف كلام، أي في كلّ يوم يطّلعون على زوّارهم في ذلك الوقت. . .

7-عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رشّ الماء على القبر، قال: يتجافى عنه العذاب ما دام الندى في التراب. (4)

8-عن عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: نصلّي عن الميّت؟ قال:

ص:362


1- -كامل الزيارات ص 321 ح 9
2- كامل الزيارات ص 321 ح 11
3- البحار ج 6 ص 256 باب البرزخ ح 88
4- البحار ج 82 ص 23 باب الدفن ح 10

نعم، حتّى أنّه ليكون في ضيق فيوسّع اللّه عليه ذلك الضيق، ثمّ يؤتى فيقال له: خفّف عنك هذا الضيق بصلاة فلان أخيك عنك، قال: فقلت له: فأشرك بين رجلين في ركعتين؟ قال: نعم.

قال: و قال عليه السّلام: إنّ الميّت ليفرح بالترحّم عليه و الاستغفار له، كما يفرح الحيّ بالهديّة تهدى إليه. (1)

9-قال الصادق عليه السّلام: يدخل على الميّت في قبره الصلاة و الصوم و الحجّ و الصدقة و البرّ و الدعاء، و يكتب أجره للذي يفعله و للميّت. (2)

10-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: و من دخل المقابر و قرء سورء «يس» خفّف اللّه عنهم يومئذ، و كان له بعدد من فيها حسنات. (3)

11-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا تصدّق الرجل بنيّة الميّت أمر اللّه جبرئيل أن يحمل إلى قبره سبعين ألف ملك، في يد كلّ ملك طبق فيحملون إلى قبره، و يقولون: السّلام عليك يا وليّ اللّه، هذه هديّة فلان بن فلان إليك، فيتلألأ قبره، و أعطاه اللّه ألف مدينة في الجنّة و زوّجه ألف حوراء، و ألبسه ألف حلّة، و قضى له ألف حاجة.

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا قرء المؤمن «آية الكرسيّ» و جعل ثواب قراءته لأهل القبور، جعل اللّه تعالى له من كلّ حرف ملكا يسبّح له إلى يوم القيامة. (4)

12-. . . و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: زوروا قبور موتاكم و سلّموا عليهم، فإنّ لكم فيهم عبرة. (5)

ص:363


1- -البحار ج 82 ص 62 باب استحباب الصلاة عن الميّت ح 1
2- البحار ج 82 ص 62 ح 2
3- البحار ج 82 ص 63 ح 3
4- البحار ج 82 ص 63 ح 7
5- البحار ج 82 ص 64 ح 8

13-. . . و قال ابن عباس: إنّ رجلا ضرب حباءه على قبر و لم يعلم أنّه قبر، فقرء تَبارَكَ اَلَّذِي بِيَدِهِ اَلْمُلْكُ فسمع صائحا يقول: هي المنجية، فذكر ذلك النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال: هي المنجية من عذاب القبر. (1)

بيان:

«الخباء» : الخيمة.

14-. . . قال الباقر عليه السّلام: إنّ الرجل يكون بارّا بوالديه و هما حيّان، فإذا لم يستغفر لهما كتب عاقّا لهما، و إنّ الرجل ليكون عاقّا لهما في حياتهما، فإذا ماتا أكثر الاستغفار لهما فكتب بارّا. (2)

15-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا زرتم موتاكم قبل طلوع الشمس سمعوا و أجابوكم، و إذا زرتموهم بعد طلوع الشمس سمعوا و لم يجيبوكم. (3)

16-. . . و هذا دعا عليّ عليه السّلام لأهل القبور: « بسم اللّه الرحمن الرحيم السّلام على أهل لا إله إلاّ اللّه، من أهل لا إله إلاّ اللّه، يا أهل لا إله إلاّ اللّه، بحقّ لا إله إلاّ اللّه، كيف وجدتم قول لا إله إلاّ اللّه، من لا إله إلاّ اللّه، يا لا إله إلاّ اللّه، بحقّ لا إله إلاّ اللّه، اغفر لمن قال لا إله إلاّ اللّه، و احشرنا في زمرة من قال: لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه، عليّ وليّ اللّه» .

فقال عليّ عليه السّلام: إنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: من قرء هذا الدعاء أعطاه اللّه سبحانه و تعالى ثواب خمسين سنة، و كفّر عنه سيّئات خمسين سنة و لأبويه أيضا. (4)

17-و قال أمير المؤمنين عليه السّلام-و قد رجع من صفّين فأشرف على القبور

ص:364


1- -البحار ج 82 ص 64 ح 8
2- البحار ج 82 ص 65 ح 9
3- البحار ج 102 ص 297 باب زيارة المؤمنين ح 11
4- البحار ج 102 ص 301 ح 31

بظاهر الكوفة-: يا أهل الديار الموحشة، و المحالّ المقفرة، و القبور المظلمة، يا أهل التربة، يا أهل الغربة، يا أهل الوحدة، يا أهل الوحشة، أنتم لنا فرط سابق، و نحن لكم تبع لاحق، أمّا الدور فقد سكنت، و أمّا الأزواج فقد نكحت، و أمّا الأموال فقد قسمت، هذا خبر ما عندنا فما خبر ما عندكم؟

ثمّ التفت إلى أصحابه فقال: أما لو اذن لهم في الكلام لأخبروكم؛ أنّ خير الزاد التقوى. (1)

18-عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: زوروا موتاكم فإنّهم يفرحون بزيارتكم، و ليطلب أحدكم حاجته عند قبر أبيه و عند قبر امّه بما يدعو لهما.

و روى الصدوق رحمه اللّه عنه عليه السّلام (في ح الأربعمأة) مثله، إلاّ أنّه قال: بعد ما يدعو لهما. (2)

19-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في حديث في فضل آية الكرسيّ، قال: و من قرءها و جعل ثوابها لأهل القبور، غفر اللّه ذنوبهم، إلاّ أن يكون عشّارا. (3)

20-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ما من أحد يقول عند قبر ميّت إذا دفن (ثلاث مرّات م) : «اللهمّ إنّي أسألك بحقّ محمّد و آل محمّد، أن لا تعذّب هذا الميّت» إلاّ رفع اللّه عنه العذاب إلى يوم ينفخ في الصور. (4)

21-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ما من أحد يقول عند قبر ميّت ثلاث مرّات: «اللهمّ إنّي أسألك بحقّ محمّد و آل محمّد، ألاّ تعذّب هذا الميّت» إلاّ دفع اللّه عنه العذاب

ص:365


1- -نهج البلاغة ص 1147 ح 125
2- الوسائل ج 3 ص 223 ب 54 من الدفن ح 5
3- المستدرك ج 2 ص 341 ب 32 من الدفن ح 7
4- المستدرك ج 2 ص 372 ب 49 ح 1

إلى يوم القيامة. (1)

22-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: اهدوا لموتاكم، فقلنا: يا رسول اللّه، و ما هديّة الأموات؟ قال: الصدقة و الدعاء.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: إنّ أرواح المؤمنين تأتي كلّ جمعة إلى السماء الدنيا بحذاء دورهم و بيوتهم ينادي كلّ واحد منهم بصوت حزين باكين: يا أهلي، و يا ولدي، و يا أبي، و يا أمّي، و أقربائي، اعطفوا علينا يرحمكم اللّه بالذي كان في أيدينا، و الويل و الحساب علينا و المنفعة لغيرنا، و ينادي كلّ واحد منهم إلى أقربائه: اعطفوا علينا بدرهم أو برغيف أو بكسوة، يكسوكم اللّه من لباس الجنّة.

ثمّ بكى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و بكينا معه، فلم يستطيع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أن يتكلّم من كثرة بكائه، ثمّ قال: اولئك إخوانكم في الدين، فصاروا ترابا رميما بعد السرور و النعيم، فينادون بالويل و الثبور على أنفسهم يقولون: يا ويلنا لو أنفقنا ما كان في أيدينا في طاعة اللّه و رضائه ما كنّا نحتاج إليكم، فيرجعون بحسرة و ندامة و ينادون: أسرعوا صدقة الأموات. (2)

23-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ما تصدّقت لميّت، فيأخذها ملك في طبق من نور ساطع ضوؤها، يبلغ سبع سماوات، ثمّ يقوم على شفير الخندق (القبر) فينادي: السّلام عليكم يا أهل القبور، أهلكم أهدى إليكم بهذه الهديّة، فيأخذها و يدخل بها في قبره، فيوسّع عليه مضاجعه.

فقال صلّى اللّه عليه و آله: ألا من أعطف لميّت بصدقة فله عند اللّه من الأجر مثل احد، و يكون يوم القيامة في ظلّ عرش اللّه يوم لا ظلّ إلاّ ظلّ العرش، و حيّ و ميّت نجى بهذه الصدقة. (3)

ص:366


1- -المستدرك ج 2 ص 373 ح 6
2- جامع الأخبار ص 169 ف 134
3- جامع الأخبار ص 169

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في باب البرزخ.

ص:367

ص:368

151- التقبيل

الأخبار

1-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ لكم لنورا تعرفون به في الدنيا، حتّى أنّ أحدكم إذا لقي أخاه قبّله في موضع النور من جبهته. (1)

بيان:

«تعرفون به» أي تعرفهم بذلك الملائكة و النبيّ و الأئمّة عليهم السّلام و بعض الكمّل من المؤمنين.

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا يقبّل رأس أحد و لا يده إلاّ [يد] رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أو من اريد به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله. (2)

بيان:

«أو من اريد به» المراد الأئمّة عليهم السّلام إجماعا كما يستفاد من الحديث الآتي، حيث إنّ تعظيمهم تعظيما لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و مودّتهم مودّة له، و يحتمل شمول الحكم للسادات الصالحين ممّن ينتسبون إليه صلّى اللّه عليه و آله فإنّ تعظيمهم تعظيما لذوي القربى الذين أمرنا بمودّتهم، و كذلك العلماء الربّانيّون باعتبار أنّهم حملة علم

ص:369


1- -الكافي ج 2 ص 148 باب التقبيل ح 1
2- الكافي ج 2 ص 148 ح 2

رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أهل بيته عليهم السّلام و الذابّين عن الإسلام.

3-عن عليّ بن مزيد قال: دخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام، فتناولت يده فقبّلتها، فقال: أما إنّها لا تصلح إلاّ لنبيّ أو وصيّ نبيّ. (1)

أقول:

قد مرّ في باب المصافحة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قبّل ما بين عيني جعفر رحمه اللّه.

4-عن عليّ بن جعفر عن أبي الحسن عليه السّلام قال: من قبّل للرحم ذا قرابة فليس عليه شيء، و قبلة الأخ على الخدّ، و قبلة الإمام بين عينيه. (2)

5-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ليس القبلة على الفم إلاّ للزوجة [أ] و الولد الصغير. (3)

6-عليّ بن جعفر (في كتابه) عن أخيه قال: سألته عن الرجل أيصلح له أن يقبّل الرجل أو المرأة؟ قال: الأخ و الابن و الأخت و الابنة و نحو ذلك فلا بأس. (4)

أقول:

«أو المرأة» : في البحار ج 10 ص 280 أو"المرأة تقبّل المرأة؟ ".

7-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من قبّل غلاما من شهوة ألجمه اللّه يوم القيامة بلجام من نار. (5)

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: جاء رجل إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال: ما قبّلت صبيّا لي قطّ، فلمّا ولّى قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: هذا رجل عندي أنّه من أهل

ص:370


1- -الكافي ج 2 ص 148 ح 3
2- الكافي ج 2 ص 148 ح 5
3- الكافي ج 2 ص 148 ح 6
4- الوسائل ج 12 ص 235 ب 133 من العشرة ح 8
5- الوسائل ج 20 ص 340 ب 21 من النكاح المحرّم ح 1

النار. (1)

أقول:

في ح 4، قال صلّى اللّه عليه و آله-في جواب من قال: إنّ لي عشرة من الولد ما قبّلت أحدا منهم-: من لا يرحم لا يرحم.

9-قال عليه السّلام: أكثروا من قبلة أولادكم، فإنّ لكم بكلّ قبلة درجة في الجنّة مسيرة خمسائة عام. (2)

10-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، أنّه نظر إلى رجل له ابنان فقبّل أحدهما و ترك الآخر، فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: فهلاّ ساويت بينهما. (3)

11-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: قبلة الولد رحمة، و قبلة المرأة شهوة، و قبلة الوالدين عبادة، و قبلة الرجل أخاه دين.

و زاد عنه الحسن البصريّ: و قبلة الإمام العادل طاعة. (4)

12-قال الصادق عليه السّلام: إذا بلغت الجارية ستّ سنين فلا تقبّلها، و الغلام لا تقبّله المرأة إذا جاوز سبع سنين. (5)

13-في مواعظ المجتبى، قال عليه السّلام: إذا لقي أحدكم أخاه فليقبّل موضع النور من جبهته. (6)

14-عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا قبّل أحدكم ذات محرم قد حاضت: اخته أو عمّته أو خالته فليقبّل بين عينيها

ص:371


1- -الوسائل ج 21 ص 484 ب 89 من أحكام الأولاد ح 1
2- الوسائل ج 21 ص 485 ح 3-و مثله في مكارم الأخلاق عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله
3- مكارم الأخلاق ص 220 ب 8 ف 6
4- مكارم الأخلاق ص 220
5- مكارم الأخلاق ص 223
6- البحار ج 78 ص 110

و رأسها، و ليكفّ عن خدّها و عن فيها. (1)

15-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من قبّل غلاما بشهوة عذّبه اللّه ألف عام في النار، و من جامعه لم يجد ريح الجنّة و ريحها يوجد من مسيرة خمسمأة عام، إلاّ أن يتوب.

و قال عليه السّلام: من قبّل غلاما بشهوة ألجمه اللّه بلجام من نار، و لعنته ملائكة السموات و الأرض، و ملائكة الرحمة و الغضب، و يهيّئ له جهنّم.

و في حديث: قال: كأنّه زنى بامّه سبعين مرّة. (2)

ص:372


1- -البحار ج 76 ص 42 باب المصافحة ح 43
2- مجموعة الأخبار ص 103 ب 63

152- قتل النفس

الآيات

1- . . . وَ لا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اَللّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً- وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْواناً وَ ظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً وَ كانَ ذلِكَ عَلَى اَللّهِ يَسِيراً. (1)

2- وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاّ خَطَأً وَ مَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَ دِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ . . . - وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَ غَضِبَ اَللّهُ عَلَيْهِ وَ لَعَنَهُ وَ أَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً. (2)

3- لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ . . . مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي اَلْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ اَلنّاسَ جَمِيعاً وَ مَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا اَلنّاسَ جَمِيعاً. . . (3)

4- . . . وَ لا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَ إِيّاهُمْ وَ لا تَقْرَبُوا اَلْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ وَ لا تَقْتُلُوا اَلنَّفْسَ اَلَّتِي حَرَّمَ اَللّهُ إِلاّ بِالْحَقِّ ذلِكُمْ

ص:373


1- -النساء:29 و 30
2- النساء:92 و 93
3- المائدة:28 إلى 32

وَصّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ. (1)

5- وَ إِذَا اَلْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ- بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ. (2)

الأخبار

1-عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي اَلْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ اَلنّاسَ جَمِيعاً قال: له في النار مقعد، لو قتل الناس جميعا لم يرد إلاّ (إلى) ذلك المقعد. (3)

أقول:

ح 2 عن حمران عنه عليه السّلام: . . . قال: قلت: كيف كأنّما قتل الناس جميعا، فإنّما قتل واحدا؟ فقال: يوضع في موضع من جهنّم إليه ينتهى شدّة عذاب أهلها، لو قتل الناس جميعا لكان إنّما يدخل ذلك المكان، قلت: فإنّه قتل آخر؟ قال: يضاعف عليه.

2-عن الثماليّ عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا يغرّنّكم رحب الذراعين بالدم، فإنّ له عند اللّه قاتلا لا يموت، قالوا: يا رسول اللّه، و ما قاتل لا يموت؟ فقال: النار. (4)

بيان:

الرحب: الواسع، و رحب الذراع: أي واسع القدرة و القوّة.

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما

ص:374


1- -الأنعام:151 و بمدلولها في الإسراء:31 إلى 33
2- التكوير:8 و 9
3- الوسائل ج 29 ص 9 ب 1 من القصاص في النفس ح 1
4- الوسائل ج 29 ص 11 ح 4

حراما، قال: و لا يوفّق قاتل المؤمن متعمّدا للتوبة. (1)

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا يدخل الجنّة سافك للدم، و لا شارب الخمر، و لا مشّاء بنميم. (2)

5-فيما كتب الرضا عليه السّلام إلى محمّد بن سنان: حرّم اللّه قتل النفس لعلّة فساد الخلق في تحليله لو أحلّ، و فنائهم، و فساد التدبير. (3)

6-عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ الرجل ليأتي يوم القيامة و معه قدر محجمة من دم، فيقول: و اللّه ما قتلت و لا شركت في دم، فيقال: بلى ذكرت عبدي فلانا فترقّى ذلك حتّى قتل فأصابك من دمه. (4)

7-عن أبي حمزة عن أحدهما عليهما السّلام قال: أتي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقيل له: يا رسول اللّه، قتيل في جهينة، فقام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يمشي حتّى انتهى إلى مسجدهم، قال: و تسامع الناس فأتوه فقال: من قتل ذا؟ قالوا: يا رسول اللّه، ما ندري، فقال: قتيل بين المسلمين لا يدرى من قتله؟ ! و الذي بعثني بالحقّ، لو أنّ أهل السماء و الأرض شركوا في دم امرئ مسلم و رضوا به لأكبّهم اللّه على مناخرهم في النار؛ أو قال: على وجوههم. (5)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر.

بيان: «جهينة» هي قبيلة من العرب.

8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من أعان على مؤمن بشطر كلمة جاء يوم القيامة

ص:375


1- -الوسائل ج 29 ص 13 ح 8
2- الوسائل ج 29 ص 13 ح 9
3- الوسائل ج 29 ص 14 ح 11
4- الوسائل ج 29 ص 17 ب 2 ح 1
5- الوسائل ج 29 ص 17 ح 2

مكتوب بين عينيه: آيس من رحمة اللّه.

رواه في عقاب الأعمال إلاّ أنّه قال: "على قتل مؤمن". (1)

9-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في رجل قتل رجلا مؤمنا: يقال له: مت أيّ ميتة شئت: إن شئت يهوديّا، و إن شئت نصرانيّا، و إن شئت مجوسيّا. (2)

أقول:

قد مرّ في باب الفحش: أنّ سباب المؤمن فسوق، و قتاله كفر.

10-قال أبو جعفر عليه السّلام (في حديث) : إنّ المؤمن يبتلى بكلّ بليّة و يموت بكلّ ميتة إلاّ أنّه لا يقتل نفسه. (3)

11-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ في جهنّم واديا يقال له: سعيرا، إذا فتح ذلك الوادي ضجّت النيران منه، أعدّه اللّه تعالى للقتّالين. (4)

12-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ما عجّت الأرض إلى ربّها كعجّتها من دم حرام يسفك عليها. (5)

13-عن عبد العظيم الحسني عن أبي جعفر الثاني عن أبيه عن جدّه عن الصادق عليهم السّلام قال: قتل النفس من الكبائر لأنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَ غَضِبَ اَللّهُ عَلَيْهِ وَ لَعَنَهُ وَ أَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً. (6)

ص:376


1- -الوسائل ج 29 ص 18 ح 4
2- الوسائل ج 29 ص 19 ب 3 ح 1
3- الوسائل ج 29 ص 24 ب 5 ح 3
4- المستدرك ج 18 ص 205 ب 1 من القصاص في النفس ح 1
5- المستدرك ج 18 ص 207 ح 11
6- البحار ج 104 ص 371 باب عقوبة قتل النفس ح 6

14-عن سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه أو أبي الحسن عليهما السّلام قال: سألت أحدهما عمّن قتل مؤمنا هل له توبة؟ قال: لا حتّى يؤدّي ديته إلى أهله، و يعتق رقبة مؤمنة، و يصوم شهرين متتابعين، و يستغفر ربّه و يتضرّع إليه، فأرجو أن يتاب عليه إذا هو فعل ذلك، قلت: إن لم يكن له ما يؤدّي ديته؟ قال: يسأل المسلمين حتّى يؤدّي ديته إلى أهله. (1)

15-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لزوال الدنيا أيسر على اللّه من قتل المؤمن. (2)

16-و قال صلّى اللّه عليه و آله: أوّل ما يقضى يوم القيامة الدماء. (3)

17-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لو أنّ رجلا قتل بالمشرق و آخر رضي به في المغرب كان كمن قتله و شرك في دمه. (4)

18-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

سفك الدماء بغير حقّها، يدعو إلى حلول النقمة، و زوال النعمة.

(الغرر ج 1 ص 437 ف 39 ح 78)

من أعان على [قتل] مؤمن فقد برئ من الإسلام.

(ج 2 ص 722 ف 77 ح 1518)

ص:377


1- -البحار ج 104 ص 379 ح 55
2- البحار ج 104 ص 382 ح 69
3- البحار ج 104 ص 382 ح 71
4- البحار ج 104 ص 384 باب من أعان على قتل مؤمن ح 6

ص:378

153- ليلة القدر

الآيات

1- يُنَزِّلُ اَلْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ أَنَا فَاتَّقُونِ. (1)

2- حم- وَ اَلْكِتابِ اَلْمُبِينِ- إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنّا كُنّا مُنْذِرِينَ- فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ- أَمْراً مِنْ عِنْدِنا إِنّا كُنّا مُرْسِلِينَ. (2)

3- إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ اَلْقَدْرِ. الآيات (3)

الأخبار

1-عن حسّان بن مهران عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن ليلة القدر، فقال: التمسها [في] ليلة إحدى و عشرين أو ليلة ثلاث و عشرين. (4)

بيان:

«ليلة القدر» : اختلف في أنّه لم سمّيت الليلة بليلة القدر؟ قيل: لأنّها ليلة يقدّر اللّه فيها ما يكون في السنة، و القدر بمعنى التقدير. و قيل: هو بمعنى الخطر و المنزلة، لأنّ

ص:379


1- -النحل:2
2- الدخان:1 إلى 5
3- سورة القدر
4- الكافي ج 4 ص 156 باب ليلة القدر ح 1

من أحياها صار ذا قدر، أو لأنّ للطاعات فيها قدرا عظيما.

(المرآة ج 16 ص 380)

ثمّ اختلف في أنّها أيّ ليلة؟ أمّا أخبارنا فمتظافرة في انحصارها في الليالي الثلاثة من شهر رمضان؛ ليلة تسع عشرة، و ليلة إحدى و عشرين، و ليلة ثلاث و عشرين، و كثير منها يدلّ على الاثنتين الأخيرتين كهذا الخبر، و ورد كثير من الأخبار في تعيين ليلة ثلاث و عشرين.

و يظهر من بعضها أنّ كلاّ منها ليلة القدر لمدخليّتها في التقدير، فالتقدير في ليلة تسع عشرة، و الإبرام في ليلة إحدى و عشرين، و الإمضاء في ليلة ثلاث و عشرين، و كانت الليلتان المتقدّمتان تمهيدا لليلة القدر و هي ليلة ثلاث و عشرين.

و قال الصدوق رحمه اللّه في الخصال ج 2 ص 519 باب العشرين ذيل ح 7: اتّفق مشايخنا على أنّها ليلة ثلاث و عشرين من شهر رمضان، و الغسل فيها من أوّل الليل، و هو يجزي إلى آخره.

2-عن عليّ بن أبي حمزة قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام فقال له أبو بصير: جعلت فداك، الليلة التي يرجى فيها ما يرجى (أيّ ليلة هي) ؟ فقال: في إحدى و عشرين أو ثلاث و عشرين، قال: فإن لم أقو على كلتيهما؟ فقال: ما أيسر ليلتين فيما تطلب! قلت: فربّما رأينا الهلال عندنا و جاءنا من يخبرنا بخلاف ذلك من أرض اخرى؟ فقال: ما أيسر أربع ليال تطلبها فيها! قلت: جعلت فداك، ليلة ثلاث و عشرين ليلة الجهنيّ؟ فقال: إنّ ذلك ليقال، قلت: جعلت فداك إنّ سليمان بن خالد روى في تسع عشرة يكتب وفد الحاجّ،

فقال لي: يا أبا محمّد، وفد الحاجّ يكتب في ليلة القدر و المنايا و البلايا و الأرزاق، و ما يكون إلى مثلها في قابل، فاطلبها في ليلة إحدى و عشرين و ثلاث و عشرين، وصلّ في كلّ واحدة منهما مائة ركعة، و أحيهما إن استطعت إلى النور و اغتسل فيهما.

ص:380

قال: قلت: فإن لم أقدر على ذلك و أنا قائم؟ قال: فصلّ و أنت جالس، قلت: فإن لم أستطع؟ قال: فعلى فراشك، لا عليك أن تكتحل أوّل الليل بشيء من النوم، إنّ أبواب السماء تفتح في رمضان، و تصفّد الشياطين، و تقبل أعمال المؤمنين؛ نعم الشهر (شهر) رمضان كان يسمّى على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله المرزوق. (1)

بيان:

«ليلة الجهنيّ» : في الفقيه و غيره اسم الجهنيّ عبد اللّه بن أنيس الأنصاريّ جاء إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و قال: منزلي ناء عن المدينة و إنّ لي إبلا و غنما و غلمة، و أحبّ أن تأمرني بليلة أدخل فيها من شهر رمضان، فقال صلّى اللّه عليه و آله: أنزل ليلة ثلاث و عشرين، فإذا كانت ليلة ثلاث و عشرين دخل بإبله و غنمه و أهله و ولده و غلمته، فبات تلك اللية بالمدينة فإذا أصبح خرج بمن دخل معه، فرجع إلى مكانه، فلذلك شهّر في العرف بليلة الجهنيّ هكذا ورد في الأخبار.

في الوافي، «وفد الحاجّ» : هم القادمون إلى مكّة للحجّ فإنّ في تلك الليلة تكتب أسماء من قدّر أن يحجّ في تلك السنة.

«إلى النور» قال رحمه اللّه: كناية عن انفجار الصبح بالفلق. «المنايا» : واحدته المنيّة، و هي الموت. «لا عليك» : أي لا بأس. «تكتحل من النوم» : الاكتحال بالنوم كناية عن القليل منه. «تصفّد» في القاموس، صفده: شدّه و أوثقه، كأصفده و صفّده.

3-عن محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام قال: سألته عن علامة ليلة القدر، فقال: علامتها أن تطيب ريحها و إن كانت في برد دفئت و إن كانت في حرّ بردت فطابت، قال: و سئل عن ليلة القدر؟ فقال: تنزل فيها الملائكة و الكتبة إلى السماء الدنيا فتكتبون ما يكون في أمر السنة و ما يصيب العباد و أمره عنده

ص:381


1- -الكافي ج 4 ص 156 ح 2

موقوف له، و فيه المشيئة، فيقدّم منه ما يشاء، و يؤخّر منه ما يشاء، و يمحو و يثبت و عنده أمّ الكتاب. (1)

بيان:

«دفئت» الدفء: السخونة و الحرارة.

4-عن حمران أنّه سأل أبا جعفر عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ قال: نعم ليلة القدر، و هي في كلّ سنة في شهر رمضان في العشر الأواخر، فلم ينزل القرآن إلاّ في ليلة القدر، قال اللّه عزّ و جلّ: فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ قال: يقدّر في ليلة القدر كلّ شيء يكون في تلك السنة إلى مثلها من قابل؛ خير و شرّ، و طاعة و معصية، و مولود و أجل أو رزق، فما قدّر في تلك السنة و قضى فهو المحتوم و للّه عزّ و جلّ فيه المشيّة.

قال: قلت: لَيْلَةُ اَلْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ أيّ شيء عني بذلك؟ فقال: العمل الصالح فيها من الصلاة و الزكاة و أنواع الخير خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر؛ و لو لا ما يضاعف اللّه تبارك و تعالى للمؤمنين ما بلغوا، و لكنّ اللّه يضاعف لهم الحسنات بحبّنا. (2)

بيان:

في المرآة: «ما بلغوا» أي غاية الفضل و الثواب.

5-إنّ رجلا سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن ليلة القدر، فقال: أخبرني عن ليلة القدر كانت أو تكون في كلّ عام؟ فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لو رفعت ليلة القدر لرفع القرآن. (3)

ص:382


1- -الكافي ج 4 ص 157 ح 3
2- الكافي ج 4 ص 157 ح 6
3- الكافي ج 4 ص 158 ح 7

بيان:

في المرآة: «لرفع القرآن» أي تبقى ليلة القدر إلى انقضاء التكليف الذي علامته رفع القرآن إلى السماء، و يحتمل أن يكون المعنى رفع حكم القرآن و مدلوله، أي لو ذهبت ليلة القدر بطل حكم القرآن حيث يدلّ على استمراره فإنّ قوله تعالى: تَنَزَّلُ اَلْمَلائِكَةُ وَ اَلرُّوحُ فِيها يدلّ على الاستمرار التجدّدي. . .

ثمّ اعلم أنّه لا خلاف بين الإماميّة في استمرار ليلة القدر و بقائها، و إليه ذهب أكثر العامّة، و ذهب شاذّ منهم إلى أنّها كانت مختصّة بزمن الرسول صلّى اللّه عليه و آله و بعد وفاته رفعت.

6-عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: التقدير في ليلة تسع عشرة، و الإبرام في ليلة إحدى و عشرين، و الإمضاء في ليلة ثلاث و عشرين. (1)

بيان:

أبرمته إبراما أي أحكمته، و المراد تدبير امور العالم على ما تقتضيه حكمته البالغة من الإبقاء و الإفناء و الإعزاز و الإذلال و غير ذلك.

7-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ليلة القدر هي أوّل السنة و هي آخرها. (2)

بيان:

في المرآة: قال الوالد رحمه اللّه: الظاهر أنّ الأوّليّة باعتبار التقدير أي أوّل السنة التي يقدّر فيها الامور ليلة القدر، و الآخريّة باعتبار المجاورة، فإنّ ما قدّر في السنة الماضية انتهى إليها. . . أو يكون أوّل السنة باعتبار تقدير ما يكون في السنة الآتية، و آخر السنة المقدّر فيها الأمور.

أقول: في حديث آخر عنه عليه السّلام قال: رأس السنة ليلة القدر، يكتب فيها ما يكون

ص:383


1- -الكافي ج 4 ص 159 ح 9
2- الكافي ج 4 ص 160 ح 11

من السنة إلى السنة. (الوسائل ج 10 ص 353 ب 31 من أحكام شهر رمضان ح 8)

8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: رأى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في منامه بني اميّة يصعدون على منبره من بعده، و يضلّون الناس عن الصراط القهقرى، فأصبح كئيبا حزينا، قال: فهبط عليه جبرئيل عليه السّلام. . . و أنزل عليه: إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ اَلْقَدْرِ الآيات جعل اللّه عزّ و جلّ ليلة القدر لنبيّه صلّى اللّه عليه و آله خيرا من ألف شهر ملك بني اميّة. (1)

بيان:

في الوافي ج 2 كتاب الصيام ص 56 ب 59: قد حوسب مدّة ملك بني اميّة فكان ألف شهر من دون زيادة يوم و لا نقصان يوم. . .

9-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: في ليلة تسع عشرة من شهر رمضان التقدير، و في ليلة إحدى و عشرين القضاء، و في ليلة ثلاث و عشرين إبرام ما يكون في السنة إلى مثلها، للّه جلّ ثناؤه يفعل ما يشاء في خلقه. (2)

10-محمّد بن عيسى بإسناده عن الصالحين عليه السّلام قال: تكرّر في ليلة ثلاث و عشرين من شهر رمضان هذا الدعاء ساجدا و قائما و قاعدا و على كلّ حال، و في الشهر كلّه و كيف أمكنك، و متى حضرك من دهرك، تقول بعد تحميد اللّه تبارك و تعالى و الصلاة على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «اللهمّ كن لوليّك فلان بن فلان في هذه الساعة و في كلّ ساعة وليّا و حافظا و ناصرا و دليلا و قائدا و عونا [و عينا] حتّى تسكنه أرضك طوعا و تمتّعه فيها طويلا» . (3)

11-عن سفيان بن السمط قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: الليالي التي يرجى فيها من شهر رمضان؟ فقال: تسع عشرة، و إحدى و عشرين، و ثلاث و عشرين، قلت: فإن أخذت إنسانا الفترة أو علّة، ما المعتمد عليه من ذلك؟

ص:384


1- -الكافي ج 4 ص 159 ح 10
2- الكافي ج 4 ص 160 ح 12
3- الكافي ج 4 ص 162 باب الدعاء في العشر الأواخر ح 4

فقال: ثلاث و عشرين. (1)

أقول:

في ح 9: . . . فإن لم تقدر على إحيائها فلا يفوتك إحياء ليلة ثلاث و عشرين، تصلّي فيها مأة ركعة. . .

بيان: «الفترة» : الإنكسار و الضعف.

12-عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عن آبائه عن أبي جعفر الباقر عليهم السّلام قال: من أحيى ليلة القدر غفرت له ذنوبه و لو كانت عدد نجوم السماء و مثاقيل الجبال و مكاييل البحار. (2)

13-عن ابن أبي عمير عن موسى بن جعفر عليهما السّلام قال: من اغتسل ليلة القدر و أحياها إلى طلوع الفجر خرج من ذنوبه. (3)

14-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ليلة القدر في كلّ سنة، و يومها مثل ليلتها. (4)

15-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لو قرأ رجل ليلة ثلاث و عشرين من شهر رمضان إِنّا أَنْزَلْناهُ ألف مرّة؛ لأصبح و هو شديد اليقين بالاعتراف بما يختصّ فينا، و ما ذلك إلاّ لشيء عاينه في نومه. (5)

16-. . . كان أبو عبد اللّه عليه السّلام مريضا مدنفا، فأمر فاخرج إلى مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فكان فيه حتّى أصبح ليلة ثلاث و عشرين من شهر رمضان. (6)

ص:385


1- -الوسائل ج 10 ص 357 ب 32 من أحكام شهر رمضان ح 8
2- الوسائل ج 10 ص 358 ح 10
3- الوسائل ج 10 ص 358 ح 11
4- الوسائل ج 10 ص 359 ح 15
5- الوسائل ج 10 ص 362 ب 33 ح 2
6- البحار ج 97 ص 4 باب ليلة القدر ح 4

بيان:

في مجمع البحرين، «المدنف» : أي المثقل في المرض، من الدنف: و هو المرض الملازم.

17-. . . قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ ليلة الثالث و العشرين من شهر رمضان هي ليلة الجهنيّ، فيها يفرق كلّ أمر حكيم، و فيها تثبت البلايا و المنايا و الآجال و الأرزاق و القضايا، و جميع ما يحدث اللّه فيها إلى مثلها من الحول، فطوبى لعبد أحياها راكعا و ساجدا و مثّل خطاياه بين عينيه و يبكي عليها، فإذا فعل ذلك رجوت أن لا يخيب إن شاء اللّه. . . (1)

18-قيل لأمير المؤمنين عليه السّلام: أخبرنا عن ليلة القدر؟ قال: ما أخلو من أن أكون أعلمها فأستر علمها، و لست أشكّ أنّ اللّه إنّما يسترها عنكم نظرا لكم، لأنّكم لو أعلمكموها عملتم فيها و تركتم غيرها، و أرجو أن لا تخطئكم إن شاء اللّه. (2)

19-. . . عن عليّ عليه السّلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يطوي فراشه، و يشدّ مئزره في العشر الأواخر من شهر رمضان، و كان يوقظ أهله ليلة ثلاث و عشرين، و كان يرشّ وجوه النيام بالماء في تلك الليلة.

و كانت فاطمة عليهما السّلام لا تدع أحدا من أهلها ينام تلك الليلة، و تداويهم بقلّة الطعام، و تتأهّب لها من النهار، و تقول: محروم من حرم خيرها. (3)

بيان:

في النهاية ج 1 ص 44، «كان إذا دخل العشر الأواخر أيقظ أهله و شدّ المئزر» المئزر: الإزار، و كنّى بشدّه عن اعتزال النساء، و قيل: أراد تشميره للعبادة، يقال: شددت لهذا الأمر مئزري أي تشمّرت له.

ص:386


1- -البحار ج 97 ص 4 ح 5
2- البحار ج 97 ص 5 ح 6
3- البحار ج 97 ص 10 ح 12

20-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: صبيحة يوم ليلة القدر مثل ليلة القدر، فاعمل و اجتهد. (1)

21-. . . قيل لأبي جعفر عليه السّلام: تعرفون ليلة القدر؟ فقال: و كيف لا نعرف و الملائكة يطوفون بنا فيها. (2)

22-عن أبي جعفر الثاني عليه السّلام أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام قال لابن عبّاس: إنّ ليلة القدر في كلّ سنة، و إنّه يتنزّل في تلك الليلة أمر السنة، و لذلك الأمر ولاة بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فقال ابن عبّاس: من هم؟ قال: أنا و أحد عشر من صلبي أئمّة محدّثون.

و بهذا الإسناد قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لأصحابه: آمنوا بليلة القدر، إنّها تكون لعليّ بن أبي طالب عليه السّلام و ولده الأحد عشر من بعدي. (3)

23-عن ابن نباتة عن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام قال: قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، أتدري ما معنى ليلة القدر؟ فقلت: لا يا رسول اللّه، فقال: إنّ اللّه تبارك و تعالى قدّر فيها ما هو كائن إلى يوم القيامة، فكان فيما قدّر عزّ و جلّ ولايتك و ولاية الأئمّة من ولدك إلى يوم القيامة. (4)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة.

24-عن داود بن فرقد قال: سألته عن قول اللّه عزّ و جلّ: إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ اَلْقَدْرِ- وَ ما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ اَلْقَدْرِ قال: نزل فيها ما يكون من السنة إلى السنة من موت أو مولود، قلت له: إلى من؟ فقال: إلى من عسى أن يكون؟

ص:387


1- -البحار ج 97 ص 11 ح 16
2- البحار ج 97 ص 14 ح 23( تفسير القميّ ج 2 ص 432)
3- البحار ج 97 ص 15 ح 25 و 26
4- البحار ج 97 ص 18 ح 38

إنّ الناس في تلك الليلة في صلاة و دعاء و مسألة، و صاحب هذا الأمر في شغل، تنزّل الملائكة إليه بامور السنة من غروب الشمس إلى طلوعها من كلّ أمر سلام هي له إلى أن يطلع الفجر. (1)

أقول:

و الأخبار في نزول الملائكة و الروح على صاحب الأمر، يعني الإمام عليه السّلام في ليلة القدر كثيرة، راجع البحار و بصائر الدرجات و. . .

25-قيل للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إن أنا أدركت ليلة القدر فما أسأل ربّي؟ قال صلّى اللّه عليه و آله: العافية. (2)

أقول:

أي العافية في الدين و الدنيا و البدن.

26-عن بعض أزواج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، أنّها قالت: يا رسول اللّه، إن أدركت ليلة القدر، فما أقول؟ قال: قولي: اللهمّ إنّك عفوّ، تحبّ العفو، فاعف عنّي» . (3)

27-عن معلّى بن خنيس عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا كان ليلة القدر كتب اللّه فيها ما يكون، قال: ثمّ يريني به، قال: قلت: إلى من؟ قال: إلى من ترى يا أحمق. (4)

بيان:

«يا أحمق» في ح 7: "يا عاجز، أو قال: يا ضعيف". «يريني به» في البحار: "يرمي به".

أقول: قد مرّ ما يناسب المقام في باب الصوم.

28-في كتاب كنز اليواقيت-لأبي الفضل بن محمّد الهروي-عن

ص:388


1- -البحار ج 97 ص 22 ح 49
2- المستدرك ج 7 ص 458 ب 22 من أحكام شهر رمضان ح 12
3- المستدرك ج 7 ص 461 ح 17
4- بصائر الدرجات ص 221 ج 5 ب 3 ح 8

النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: قال موسى عليه السّلام: إلهي أريد قربك، قال: قربي لمن يستيقظ (استيقظ ف ن) ليلة القدر.

قال: إلهي أريد رحمتك، قال: رحمتي لمن رحم المساكين ليلة القدر.

قال: إلهي أريد الجواز على الصراط، قال: ذلك لمن تصدّق بصدقة في ليلة القدر.

قال: إلهي أريد من أشجار الجنّة و ثمارها، قال: ذلك لمن سبّح تسبيحة في ليلة القدر.

قال: إلهي أريد النجاة، قال: النجاة من النار؟ قال: نعم، قال: ذلك لمن استغفر في ليلة القدر.

قال: إلهي أريد رضاك، قال: رضائي لمن صلّى ركعتين في ليلة القدر. (1)

ص:389


1- -إقبال الأعمال ص 186

ص:390

154- القرآن

الآيات

1- الم- ذلِكَ اَلْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ. (1)

2- وَ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ. الآيات. (2)

3- وَ لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ آياتٍ بَيِّناتٍ وَ ما يَكْفُرُ بِها إِلاَّ اَلْفاسِقُونَ. (3)

4- اَلَّذِينَ آتَيْناهُمُ اَلْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَ مَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولئِكَ هُمُ اَلْخاسِرُونَ. (4)

5- هُوَ اَلَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ اَلْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ اَلْكِتابِ وَ أُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا اَلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ اِبْتِغاءَ اَلْفِتْنَةِ وَ اِبْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اَللّهُ وَ اَلرّاسِخُونَ فِي اَلْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَ ما يَذَّكَّرُ إِلاّ أُولُوا اَلْأَلْبابِ. (5)

ص:391


1- -البقرة:1 و 2
2- البقرة:23 و 24
3- البقرة:99
4- البقرة:121
5- آل عمران:7

6- هذا بَيانٌ لِلنّاسِ وَ هُدىً وَ مَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ. (1)

7- أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ اَلْقُرْآنَ وَ لَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اَللّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اِخْتِلافاً كَثِيراً. (2)

8- يا أَيُّهَا اَلنّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً. (3)

9- . . . قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اَللّهِ نُورٌ وَ كِتابٌ مُبِينٌ- يَهْدِي بِهِ اَللّهُ مَنِ اِتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ اَلسَّلامِ وَ يُخْرِجُهُمْ مِنَ اَلظُّلُماتِ إِلَى اَلنُّورِ بِإِذْنِهِ وَ يَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ. (4)

10- . . . وَ أُوحِيَ إِلَيَّ هذَا اَلْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَ مَنْ بَلَغَ. . . (5)

11- وَ هذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَ اِتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ. (6)

12- المص- كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَ ذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ- اِتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَ لا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ. (7)

13- وَ اَلَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ وَ أَقامُوا اَلصَّلاةَ إِنّا لا نُضِيعُ أَجْرَ اَلْمُصْلِحِينَ. (8)

14- وَ إِذا قُرِئَ اَلْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَ أَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ. (9)

ص:392


1- -آل عمران:138
2- النساء:82
3- النساء:174
4- المائدة:15 و 16
5- الأنعام:19
6- الأنعام:155
7- الأعراف:1 إلى 3
8- الأعراف:170
9- الأعراف:204

15- يا أَيُّهَا اَلنّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ شِفاءٌ لِما فِي اَلصُّدُورِ وَ هُدىً وَ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ. (1)

16- أَمْ يَقُولُونَ اِفْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ. الآيات. (2)

17- الر كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ اَلنّاسَ مِنَ اَلظُّلُماتِ إِلَى اَلنُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلى صِراطِ اَلْعَزِيزِ اَلْحَمِيدِ. (3)

18- إِنّا نَحْنُ نَزَّلْنَا اَلذِّكْرَ وَ إِنّا لَهُ لَحافِظُونَ. (4)

19- . . . وَ نَزَّلْنا عَلَيْكَ اَلْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَ هُدىً وَ رَحْمَةً وَ بُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ. (5)

20- فَإِذا قَرَأْتَ اَلْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ اَلشَّيْطانِ اَلرَّجِيمِ. (6)

21- وَ نُنَزِّلُ مِنَ اَلْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ لا يَزِيدُ اَلظّالِمِينَ إِلاّ خَساراً. (7)

22- قُلْ لَئِنِ اِجْتَمَعَتِ اَلْإِنْسُ وَ اَلْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا اَلْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَ لَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً- وَ لَقَدْ صَرَّفْنا لِلنّاسِ فِي هذَا اَلْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبى أَكْثَرُ اَلنّاسِ إِلاّ كُفُوراً. (8)

ص:393


1- -يونس:57
2- هود:13 و 14
3- إبراهيم:1
4- الحجر:9
5- النحل:89
6- النحل:98
7- الإسراء:82
8- الإسراء:88 و 89

23- كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَ لِيَتَذَكَّرَ أُولُوا اَلْأَلْبابِ. (1)

24- لا يَأْتِيهِ اَلْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ. (2)

25- أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ اَلْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها. (3)

26- إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ- فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ- لا يَمَسُّهُ إِلاَّ اَلْمُطَهَّرُونَ- تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ اَلْعالَمِينَ. (4)

27- لَوْ أَنْزَلْنا هذَا اَلْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اَللّهِ. . . (5)

28- . . . وَ رَتِّلِ اَلْقُرْآنَ تَرْتِيلاً. (6)

29- . . . فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ اَلْقُرْآنِ . . . فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ. . . (7)

الأخبار

1-عن سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ العزيز الجبّار أنزل عليكم كتابه و هو الصادق البارّ، فيه خبركم و خبر من قبلكم، و خبر من بعدكم، و خبر السماء و الأرض، و لو أتاكم من يخبركم عن ذلك لتعجّبتم. (8)

ص:394


1- -ص:29
2- فصّلت:42
3- محمّد صلّى اللّه عليه و آله:24
4- الواقعة:77 إلى 80
5- الحشر:21
6- المزّمّل:4
7- المزّمّل:20
8- الكافي ج 2 ص 438 كتاب فضل القرآن ح 3

2-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أيّها الناس، إنّكم في دار هدنة، و أنتم على ظهر سفر، و السير بكم سريع، و قد رأيتم الليل و النهار و الشمس و القمر يبليان كلّ جديد، و يقرّبان كلّ بعيد، و يأتيان بكلّ موعود، فأعدّوا الجهاز (الجهاد ف ن) لبعد المجاز.

قال: فقام المقداد بن الأسود فقال: يا رسول اللّه، و ما دار الهدنة؟ قال: دار بلاغ و انقطاع، فإذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن، فإنّه شافع مشفّع و ماحل مصدّق، و من جعله أمامه قاده إلى الجنّة، و من جعله خلفه ساقه إلى النار، و هو الدليل يدلّ على خير سبيل، و هو كتاب فيه تفصيل و بيان و تحصيل، و هو الفصل ليس بالهزل، و له ظهر و بطن، فظاهره حكم و باطنه علم، ظاهره أنيق، و باطنه عميق. . . (1)

بيان:

«الهدنة» : الصلح، الدعة و السكون، و لعلّ الهدنة كناية عن المهلة التي تعطى للإنسان في الدنيا عمره ليتزوّد فيها بما ينفعه في آخرته.

«البلاغ» : اسم لما يتبلّغ و يتوصّل به إلى الشيء المطلوب. «الانقطاع» : الانفصال عن الدنيا إلى الآخرة بالموت. «الماحل» : أي الذي يسعى بصاحبه إلى اللّه تعالى إذا لم يتبع ما فيه، من قولهم: "محل بفلان"إذا سعى به إلى السلطان و قيل: معناه خصم مجادل. «الأنيق» : الحسن المعجب.

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ هذا القرآن فيه منار الهدى، و مصابيح الدجى، فليجل جال بصره، و يفتح للضياء نظره، فإنّ التفكّر حياة قلب البصير، كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور. (2)

ص:395


1- -الكافي ج 2 ص 438 ح 2
2- الكافي ج 2 ص 438 ح 5

بيان:

«الدجى» : الظلمة.

4-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السّلام قال: شكا رجل إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله وجعا في صدره، فقال صلّى اللّه عليه و آله: استشف بالقرآن، فإنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: وَ شِفاءٌ لِما فِي اَلصُّدُورِ. (1)

5-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا و اللّه لا يرجع الأمر و الخلافة إلى آل أبي بكر و عمر أبدا، و لا إلى بني اميّة أبدا، و لا في ولد طلحة و الزبير أبدا، و ذلك أنّهم نبذوا القرآن و أبطلوا السنن و عطّلوا الأحكام، و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: القرآن هدى من الضلالة، و تبيان من العمى، و استقالة من العثرة، و نور من الظلمة، و ضياء من الأحداث، و عصمة من الهلكة، و رشد من الغواية، و بيان من الفتن، و بلاغ من الدنيا إلى الآخرة، و فيه كمال دينكم، و ما عدل أحد عن القرآن إلاّ إلى النار. (2)

بيان:

«نبذوا» أي نقضوا، و أصل النبذ: الطرح. «الأحداث» أي البدع.

«الغواية» : هي خلاف الرشد، و الغيّ: الضلال، و الانهماك في الباطل.

6-عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ القرآن زاجر و آمر؛ يأمر بالجنّة و يزجر عن النار. (3)

7-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: يجيئ القرآن يوم القيامة في أحسن منظور إليه صورة، فيمرّ بالمسلمين فيقولون: هذا الرجل منّا، فيجاوزهم إلى النبيّين فيقولون: هو منّا، فيجاوزهم إلى الملائكة المقرّبين فيقولون: هو منّا، حتّى

ص:396


1- -الكافي ج 2 ص 439 ح 7
2- الكافي ج 2 ص 439 ح 8
3- الكافي ج 2 ص 439 ح 9

ينتهي إلى ربّ العزّة عزّ و جلّ فيقول: يا ربّ، فلان بن فلان أظمأت هواجره، و أسهرت ليله في دار الدنيا، و فلان بن فلان لم أظمأ هواجره و لم أسهر ليله، فيقول تبارك و تعالى: أدخلهم الجنّة على منازلهم فيقوم فيتّبعونه، فيقول للمؤمن: اقرأ و ارقه، قال: فيقرأ و يرقى حتّى يبلغ كلّ رجل منهم منزلته التي هي له فينزلها. (1)

بيان:

«ارقه» يقال: رقى الجبل أي صعد، و ارقه أي اصعد، و الهاء للوقف، و المعنى: اصعد درجات الجنّة.

8-عن الزهريّ عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: لو مات من بين المشرق و المغرب لما استوحشت بعد أن يكون القرآن معي.

و كان عليه السّلام إذا قرأ مالِكِ يَوْمِ اَلدِّينِ يكررّها حتّى كاد أن يموت. (2)

9-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ أهل القرآن في أعلى درجة من الآدميّين ما خلا النبيّين و المرسلين، فلا تستضعفوا أهل القرآن حقوقهم، فإنّ لهم من اللّه العزيز الجبّار لمكانا عليّا. (3)

10-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الحافظ للقرآن العامل به مع السفرة الكرام البررة. (4)

بيان:

قال في النهاية: «السفرة» هم الملائكة، جمع سافر و هو الكاتب لأنّه يبيّن الشيء، و منه: بِأَيْدِي سَفَرَةٍ.

ص:397


1- -الكافي ج 2 ص 439 ح 11
2- الكافي ج 2 ص 440 ح 13
3- الكافي ج 2 ص 441 باب فضل حامل القرآن ح 1
4- الكافي ج 2 ص 441 ح 2

قال النوويّ: هو جمع سافر بمعنى رسول يريد أنّه يكون في الآخرة رفيقا لهم في منازله أو هو عامل بعملهم. . .

«الكرام البررة» هم الملائكة المطيعون المطهّرون من الذنوب و المآثم.

11-عن معاوية بن عمّار قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: من قرأ القرآن فهو غنيّ و لا فقر بعده و إلاّ ما به غنى. (1)

بيان:

«و إلاّ ما به غنى» أي إن لم يكن قرأ القرآن فليس هو بغنيّ، و الغير لا يغنيه منه شيئا، أو إن لم يرض بغنى القرآن فلا يحصل له بعده غنى، لأنّ في القرآن من المواعظ ما إذا اتّعظ به استغنى عن غير اللّه في كلّ ما يحتاج إليه.

12-عن حفص قال: سمعت موسى بن جعفر عليهما السّلام يقول لرجل: أتحبّ البقاء في الدنيا؟ فقال: نعم، فقال: و لم؟ قال: لقراءة قل هو اللّه أحد، فسكت عنه فقال له بعد ساعة: يا حفص، من مات من أوليائنا و شيعتنا و لم يحسن القرآن علّم في قبره ليرفع اللّه به من درجته، فإنّ درجات الجنّة على قدر آيات القرآن، يقال له: اقرأ وارق، فيقرأ ثمّ يرقى.

قال حفص: فما رأيت أحدا أشدّ خوفا على نفسه من موسى بن جعفر عليهما السّلام و لا أرجا الناس منه و كانت قراءته حزنا، فإذا قرأ فكأنّه يخاطب إنسانا. (2)

13-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: حملة القرآن عرفاء أهل الجنّة، و المجتهدون قوّاد أهل الجنّة، و الرسل سادة أهل الجنّة. (3)

بيان:

«عرفاء أهل الجنّة» : رؤسائهم.

ص:398


1- -الكافي ج 2 ص 443 ح 8
2- الكافي ج 2 ص 443 ح 10
3- الكافي ج 2 ص 443 ح 11

14-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: القرآن عهد اللّه إلى خلقه، فقد ينبغي للمرء المسلم أن ينظر في عهده و أن يقرأ منه في كلّ يوم خمسين آية. (1)

15-عن الزهريّ قال: سمعت عليّ بن الحسين عليهما السّلام يقول: آيات القرآن خزائن، فكلّما فتحت خزانة ينبغي لك أن تنظر ما فيها. (2)

16-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: نوّروا بيوتكم بتلاوة القرآن، و لا تتّخذوها قبورا كما فعلت اليهود و النصارى، صلّوا في الكنائس و البيع و عطّلوا بيوتهم، فإنّ البيت إذا كثر فيه تلاوة القرآن كثر خيره، و اتّسع أهله، و أضاء لأهل السماء كما تضيئ نجوم السماء لأهل الدنيا. (3)

بيان:

«لا تتّخذوها قبورا» : يعني لا تتّخذوها مهجورة من التلاوة، و هو من التمثيل البديع لأنّه شبّه النائم بالميّت و شبّه البيت الذي لا تلاوة فيه بالقبر الذي لا تتأتى العبادة من ساكنه. و يمكن أن يكون تشبيه البيت بالقبر في معنى الظلمة، بل هو الظاهر.

17-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: البيت الذي يقرأ فيه القرآن و يذكر اللّه عزّ و جلّ فيه، تكثر بركته، و تحضره الملائكة، و تهجره الشياطين، و يضيئ لأهل السماء كما تضيئ الكواكب لأهل الأرض، و إنّ البيت الذي لا يقرأ فيه القرآن و لا يذكر اللّه عزّ و جلّ فيه، تقلّ بركته و تهجره الملائكة، و تحضره الشياطين. (4)

18-عن بشر بن غالب الأسديّ عن الحسين بن عليّ عليهما السّلام قال: من قرأ

ص:399


1- -الكافي ج 2 ص 446 باب في قرائته ح 1
2- الكافي ج 2 ص 446 ح 2
3- الكافي ج 2 ص 446 باب البيوت التي يقرأ فيها القرآن ح 1
4- الكافي ج 2 ص 446 ح 3

آية من كتاب اللّه عزّ و جلّ في صلاته قائما يكتب له بكلّ حرف مائة حسنة، فإذا قرأها في غير صلاة كتب اللّه له بكلّ حرف عشر حسنات، و إن استمع القرآن كتب اللّه له بكلّ حرف حسنة، و إن ختم القرآن ليلا صلّت عليه الملائكة حتّى يصبح، و إن ختمه نهارا صلّت عليه الحفظة حتّى يمسي، و كانت له دعوة مجابة، و كان خيرا له ممّا بين السماء إلى الأرض، قلت: هذا لمن قرأ القرآن فمن لم يقرأ؟ قال: يا أخا بني أسد، إنّ اللّه جواد ماجد كريم، إذا قرأ ما معه أعطاه اللّه ذلك. (1)

19-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من قرأ عشر آيات في ليلة لم يكتب من الغافلين، و من قرء خمسين آية كتب من الذاكرين، و من قرأ مائة آية كتب من القانتين، و من قرأ مائتي آية كتب من الخاشعين، و من قرأ ثلاث مائة آية كتب من الفائزين، و من قرأ خمسمائة آية كتب من المجتهدين، و من قرأ ألف آية كتب له قنطار من تبر (من برّ ف ن) -القنطار خمسة عشر ألف مثقال من ذهب و المثقال أربعة و عشرون قيراطا-أصغرها مثل جبل أحد، و أكبرها ما بين السماء إلى الأرض. (2)

بيان:

«التبر» : واحدته تبرة: ما كان من الذهب غير مضروب أو غير مصوغ.

«البرّ» : الطاعة و العطيّة.

20-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من قرء القرآن في المصحف متّع ببصره، و خفّف عن والديه و إن كانا كافرين. (3)

بيان:

«خفّف» أي العذاب، كما صرّح به في ح 4.

ص:400


1- -الكافي ج 2 ص 447 باب ثواب قراءة القرآن ح 3
2- الكافي ج 2 ص 448 ح 5
3- الكافي ج 2 ص 449 باب قراءة القرآن في المصحف ح 1

21-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ثلاثة يشكون إلى اللّه عزّ و جلّ: مسجد خراب لا يصلّي فيه أهله، و عالم بين جهّال، و مصحف معلّق قد وقع عليه الغبار لا يقرأ فيه. (1)

22-عن إسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له: جعلت فداك، إنّي أحفظ القرآن على ظهر قلبي فأقرأه على ظهر قلبي أفضل أو أنظر في المصحف؟ قال: فقال لي: بل اقرأه و انظر في المصحف فهو أفضل، أما علمت أنّ النظر في المصحف عبادة. (2)

23-عن عبد اللّه بن سليمان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: وَ رَتِّلِ اَلْقُرْآنَ تَرْتِيلاً، قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: بيّنه تبيانا و لا تهذّه هذّ الشعر، و لا تنثره نثر الرمل، و لكن أفزعوا قلوبكم القاسية، و لا يكن همّ أحدكم آخر السورة. (3)

بيان:

«لا تهذّه. . .» في الوافي، الهذّ: سرعة القراءة، أي لا تسرع فيه كما تسرع في قراءة الشعر، و لا تفرّق كلماته بحيث لا تجتمع كذرّات الرمل. . .

و في مجمع البحرين، الهذّ: سرعة القطع، ثمّ استعير لسرعة القرائة. . . و المعنى: لا تسرعوا بقرائة القرآن كما تسرعون في قرائة الشعر، و لا تفرّقوا بعضه عن بعض و تنثروه كنثر الرمل، و لكن بيّنوه و رتّلوه ترتيلا. و قال: نثرت الشيء نثرا: رميت به متفرّقا.

24-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ القرآن نزل بالحزن فاقرؤوه بالحزن. (4)

ص:401


1- -الكافي ج 2 ص 449 ح 3
2- الكافي ج 2 ص 449 ح 5
3- الكافي ج 2 ص 449 باب ترتيل القرآن بالصوت الحسن ح 1
4- الكافي ج 2 ص 449 ح 2

25-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: اقرؤوا القرآن بألحان العرب و أصواتها، و إيّاكم و لحون أهل الفسق (الفسوق ف ن) و أهل الكبائر، فإنّه سيجيئ من بعدي أقوام يرجّعون القرآن ترجيع الغناء و النوح و الرهبانيّة، لا يجوز تراقيهم، قلوبهم مقلوبة، و قلوب من يعجبه شأنهم. (1)

بيان:

في الصحاح، ترجيع الصوت: ترديده في الحلق كقراءة أصحاب الألحان.

«لا يجوز تراقيهم» في النهاية ج 1 ص 187، التراقي: جمع ترقوة. . . و المعنى أنّ قرائتهم لا يرفعها اللّه و لا يقبلها، فكأنّها لم تتجاوز حلوقهم. . .

26-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان عليّ بن الحسين عليه السّلام أحسن الناس صوتا بالقرآن، و كان السقّاؤون يمرّون فيقفون ببابه يسمعون قراءته.

و كان أبو جعفر عليه السّلام أحسن الناس صوتا. (2)

27-قال أبو جعفر عليه السّلام: قرّاء القرآن ثلاثة: رجل قرأ القرآن فاتّخذه بضاعة، و استدرّ به الملوك و استطال به على الناس، و رجل قرأ القرآن فحفظ حروفه و ضيّع حدوده، و أقامه إقامة القدح، فلا كثّر اللّه هؤلاء من حملة القرآن، و رجل قرأ القرآن فوضع دواء القرآن على داء قلبه، فأسهر به ليله و أظمأ به نهاره، و قام به في مساجده، و تجافى به عن فراشه، فباولئك يدفع اللّه العزير الجبّار البلاء، و باولئك يديل اللّه عزّ و جلّ من الأعداء، و باولئك ينزّل اللّه عزّ و جلّ الغيث من السماء، فو اللّه لهؤلاء في قرّاء القرآن أعزّ من الكبريت الأحمر. (3)

بيان:

«استدرّ» : أي استجلب. «إقامة القدح» في الوافي: يعني نبذوه وراء ظهره فإنّ

ص:402


1- -الكافي ج 2 ص 450 ح 3
2- الكافي ج 2 ص 451 ح 11
3- الكافي ج 2 ص 459 باب النوادر ح 1( أمالي الصدوق م 36 ح 15)

الراكب يعلّق قدحه من خلفه. «يديل اللّه» الإدالة: الغلبة.

28-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: لكلّ شيء ربيع و ربيع القرآن شهر رمضان. (1)

29-عن زيد الشحّام قال: دخل قتادة بن دعامة على أبي جعفر عليه السّلام فقال: يا قتادة، أنت فقيه أهل البصرة؟ فقال: هكذا يزعمون، فقال أبو جعفر عليه السّلام: بلغني أنّك تفسّر القرآن؟ فقال له قتادة: نعم، فقال له أبو جعفر عليه السّلام: بعلم تفسّره أم بجهل؟ قال: لا، بعلم، فقال له أبو جعفر عليه السّلام: فإن كنت تفسّره بعلم فأنت أنت و أنا أسألك، قال قتادة: سل، قال: أخبرني عن قول اللّه عزّ و جلّ في سبأ: وَ قَدَّرْنا فِيهَا اَلسَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَ أَيّاماً آمِنِينَ (2).

فقال قتادة: ذلك من خرج من بيته بزاد حلال و راحلة و كراء حلال يريد هذا البيت كان آمنا حتّى يرجع إلى أهله. فقال أبو جعفر عليه السّلام: نشدتك اللّه يا قتادة، هل تعلم أنّه قد يخرج الرجل من بيته بزاد حلال و راحلة و كراء حلال يريد هذا البيت فيقطع عليه الطريق فتذهب نفقته و يضرب مع ذلك ضربة فيها اجتياحه؟ قال قتادة: اللهمّ نعم.

فقال أبو جعفر عليه السّلام: ويحك يا قتادة، إن كنت إنّما فسّرت القرآن من تلقاء نفسك فقد هلكت و أهلكت، و إن كنت قد أخذته من الرجال فقد هلكت و أهلكت، ويحك يا قتادة، ذلك من خرج من بيته بزاد و راحلة و كراء حلال يروم هذا البيت عارفا بحقّنا يهوانا قلبه، كما قال اللّه عزّ و جلّ: فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ اَلنّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ (3)و لم يعن البيت فيقول: إليه، فنحن و اللّه دعوة إبراهيم عليه السّلام التي من هوانا قلبه قبلت حجّته و إلاّ فلا، يا قتادة، فإذا كان كذلك

ص:403


1- -الكافي ج 2 ص 461 ح 10
2- سبأ:18
3- إبراهيم:37

كان آمنا من عذاب جهنّم يوم القيامة.

قال قتادة: لا جرم و اللّه لا فسّرتها إلاّ هكذا، فقال أبو جعفر عليه السّلام: ويحك يا قتادة، إنّما يعرف القرآن من خوطب به. (1)

بيان:

«قتادة» هو من مشاهير محدّثي العامّة و مفسّريهم. «الاجتياح» : الإهلاك «و لم يعن البيت» : أي لا يتوهّم أنّ المراد ميل القلوب إلى البيت و إلاّ لقال: إليه، بل كان مراد إبراهيم أن يجعل اللّه ذرّيته الذين أسكنهم عند البيت أنبياء و خلفاء يهوي قلوب الناس، فالحجّ وسيلة للوصول إليهم.

30-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا سلمان، عليك بقراءة القرآن، فإنّ قرائته كفّارة الذنوب، و سترة من النار، و أمان من العذاب. . . (2)

31-و قال صلّى اللّه عليه و آله: فضل القرآن على سائر الكلام كفضل اللّه على خلقه. (3)

32-و قال عليه السّلام: إن أردتم عيش السعداء، و موت الشهداء، و النجاة يوم الحسرة، و الظلّ يوم الحرور، و الهدى يوم الضلالة، فادرسوا القرآن، فإنّه كلام الرحمن و حرز من الشيطان، و رجحان في الميزان. (4)

33-عن عليّ عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: قراءة القرآن في الصلاة أفضل من قراءة القرآن في غير الصلاة، و قراءة القرآن في غير الصلاة أفضل من ذكر اللّه تعالى، و ذكر اللّه تعالى أفضل من الصدقة، و الصدقة أفضل من الصيام، و الصيام جنّة من النار. (5)

ص:404


1- -الكافي ج 8 ص 311 ح 485
2- جامع الأخبار ص 39 ف 21
3- جامع الأخبار ص 40
4- جامع الأخبار ص 41
5- جامع الأخبار ص 41

34-و قال عليه السّلام: اقرؤا القرآن و استظهروه، فإنّ اللّه تعالى لا يعذّب قلبا وعاء القرآن.

و قال عليه السّلام: من استظهر القرآن و حفظه، و أحلّ حلاله، و حرّم حرامه، أدخله اللّه تعالى به الجنّة، و شفّعه في عشرة من أهل بيته كلّهم قد وجبت له النار. (1)

35-و قال عليه السّلام: ليكن كلّ كلامكم ذكر اللّه و قراءة القرآن، فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله سئل أيّ الأعمال أفضل عند اللّه؟ قال: قراءة القرآن و أنت تموت و لسانك رطب من ذكر اللّه تعالى. (2)

36-و قال عليّ عليه السّلام: من قرأ كلّ يوم مائة آية من المصحف بترتيل و خشوع و سكون كتب اللّه له من الثواب بمقدار ما يعمله جميع أهل الأرض، و من قرأ مائتي آية كتب اللّه له من الثواب بمقدار ما يعمله أهل السماء و أهل الأرض. (3)

37-قال الحسين بن عليّ عليهما السّلام: كتاب اللّه عزّ و جلّ على أربعة أشياء: على العبارة، و الإشارة، و اللطائف، و الحقائق؛ فالعبارة للعوام، و الإشارة للخواصّ، و اللطائف للأولياء، و الحقائق للأنبياء. (4)

38-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ربّ تالي القرآن و القرآن يلعنه. (5)

39-عن أبي عبد اللّه عن أبيه عليهما السّلام قال: ما ضرب الرجل القرآن بعضه

ص:405


1- -جامع الأخبار ص 41-و مثله في صحيح الترمذيّ عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، كما مرّ في باب الشفاعة.
2- جامع الأخبار ص 41
3- جامع الأخبار ص 41
4- جامع الأخبار ص 41-و مثله في البحار ج 92 ص 103 عن الصادق عليه السّلام
5- جامع الأخبار ص 48 ف 23

على بعض إلاّ كفر. (1)

40-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من فسّر القرآن برأيه فأصاب لم يؤجر فإن أخطأ كان إثمه عليه. (2)

41-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: كتاب ربّكم: مبيّنا حلاله و حرامه، و فرائضه و فضائله، و ناسخه و منسوخه، و رخصه و عزائمه، و خاصّه و عامّه، و عبره و أمثاله، و مرسله و محدوده، و محكمه و متشابهه، مفسّرا جمله، و مبيّنا غوامضه. (3)

42-و قال عليه السّلام: و اللّه سبحانه يقول: ما فَرَّطْنا فِي اَلْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ و قال: تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ و ذكر أنّ الكتاب يصدّق بعضه بعضا، و أنّه لا اختلاف فيه، فقال سبحانه: وَ لَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اَللّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اِخْتِلافاً كَثِيراً و إنّ القرآن ظاهره أنيق، و باطنه عميق، لا تفنى عجائبه، و لا تنقضي غرائبه، و لا تكشف الظلمات إلاّ به. (4)

43-و قال عليه السّلام: و تعلّموا القرآن فإنّه أحسن الحديث، و تفقّهوا فيه فإنّه ربيع القلوب، و استشفوا بنوره فإنّه شفاء الصدور، و أحسنوا تلاوته فإنّه أنفع القصص. (5)

44-و قال عليه السّلام: . . . و كتاب اللّه بين أظهركم ناطق لا يعيى لسانه، و بيت لا تهدم أركانه، و عزّ لا تهزم أعوانه. . . كتاب اللّه تبصرون به، و تنطقون به، و تسمعون به، و ينطق بعضه ببعض، و يشهد بعضه على بعض، و لا يختلف في اللّه

ص:406


1- -جامع الأخبار ص 48( البحار ج 92 ص 39 ب 4 من القرآن)
2- جامع الأخبار ص 49
3- نهج البلاغة ص 35 في خ 1
4- نهج البلاغة ص 74 في خ 18
5- نهج البلاغة ص 339 في خ 109

و لا يخالف بصاحبه عن اللّه. . . (1)

بيان:

«لا يعيى» عيّ بأمره و عن أمره: عجز عنه، و عيّ في النطق: حصر.

45-و قال عليه السّلام: و عليكم بكتاب اللّه؛ فإنّه الحبل المتين، و النور المبين، و الشفاء النافع، و الريّ الناقع، و العصمة للمتمسّك، و النجاة للمتعلّق، لا يعوجّ فيقام، و لا يزيغ فيستعتب، و لا تخلقه كثرة الردّ و ولوج السمع، من قال به صدق و من عمل به سبق. (2)

بيان:

«الريّ» : روي ريّا من الماء: شرب و شبع. «الناقع» نقع العطش: أزاله. «لا يزيغ» زاغ زيغا: مال و اعوجّ، و الزيغ: الميل عن الحقّ. «يستعتب» : أي يطلب منه العتبى حتّى يرضى.

«كثرة الردّ» كثرة ترديده على الألسنة بالقراءة. «لا تخلقه» : المعنى بالفارسيّة: او را كهنه نمى گرداند. «ولوج السمع» : دخول الآذان و المسامع.

46-و قال عليه السّلام: و اعلموا أنّ هذا القرآن هو الناصح الذي لا يغشّ، و الهادي الذي لا يضلّ، و المحدّث الذي لا يكذب، و ما جالس هذا القرآن أحد إلاّ قام عنه بزيادة أو نقصان: زيادة في هدى، و نقصان من عمى، و اعلموا أنّه ليس على أحد بعد القرآن من فاقة، و لا لأحد قبل القرآن من غنى، فاستشفوه من أدوائكم، و استعينوا به على لأوائكم، فإنّ فيه شفاء من أكبر الداء، و هو الكفر و النفاق و الغيّ و الضلال، فأسألوا اللّه به، و توجّهوا إليه بحبّه، و لا تسألوا به خلقه، إنّه ما توجّه العباد إلى اللّه بمثله.

ص:407


1- -نهج البلاغة ص 412 في خ 133
2- نهج البلاغة ص 490 في خ 155

و اعلموا أنّه شافع و مشفّع، و قائل و مصدّق، و أنّه من شفع له القرآن يوم القيامة شفّع فيه، و من محل به القرآن يوم القيامة صدّق عليه، فإنّه ينادي مناد يوم القيامة: «ألا إنّ كلّ حارث مبتلى في حرثه و عاقبة عمله غير حرثة القرآن» فكونوا من حرثته و أتباعه، و استدلّوه على ربّكم، و استنصحوه على أنفسكم، و اتّهموا عليه أراءكم و استغشّوا فيه أهواءكم. . . (1)

و إنّ اللّه سبحانه لم يعظ أحدا بمثل هذا القرآن، فإنّه حبل اللّه المتين، و سببه الأمين، و فيه ربيع القلب، و ينابيع العلم، و ما للقلب جلاء غيره، مع أنّه قد ذهب المتذكّرون، و بقي الناسون أو المتناسون. . . (2)

بيان:

«لأوائكم» اللأواء: الشدّة. «و اتّهموا عليه آرائكم» : أي إذا كان آرائكم مخالفا للقرآن فاتّهموا أراءكم. «استغشّوا فيه أهواءكم» : أي ظنّوا فيها الغشّ و ارجعوا إلى القرآن.

47-و قال عليه السّلام: فالقرآن آمر زاجر، و صامت ناطق، حجّة اللّه على خلقه، أخذ عليه ميثاقهم، و ارتهن عليه أنفسهم، أتمّ نوره، و أكمل به دينه. (3)

بيان:

«و ارتهن عليه أنفسهم» : أي حبس نفوسهم و جعلها رهنا على الوفاء بميثاقهم.

48-و قال عليه السّلام: ثمّ أنزل عليه الكتاب نورا لا تطفأ مصابيحه، و سراجا لا يخبو توقّده، و بحرا لا يدرك قعره، و منهاجا لا يضلّ نهجه، و شعاعا لا يظلم ضوؤه، و فرقانا لا يخمد برهانه، و تبيانا لا تهدم أركانه، و شفاء لا تخشى أسقامه،

ص:408


1- -نهج البلاغة ص 566 في خ 175
2- نهج البلاغة ص 573
3- نهج البلاغة ص 601 في خ 182

و عزّا لا تهزم أنصاره، و حقّا لا تخذل أعوانه، فهو معدن الإيمان و بحبوحته، و ينابيع العلم و بحوره، و رياض العدل و غدرانه، و أثافيّ الإسلام و بنيانه، و أودية الحقّ و غيطانه، و بحر لا ينزفه المستنزفون، و عيون لا ينضبها الماتحون، و مناهل لا يغيضها الواردون، و منازل لا يضلّ نهجها المسافرون، و أعلام لا يعمى عنها السائرون، و آكام لا يجوز عنها القاصدون.

جعله اللّه ريّا لعطش العلماء، و ربيعا لقلوب الفقهاء، و محاجّ لطرق الصلحاء، و دواء ليس بعده داء، و نورا ليس معه ظلمة، و حبلا وثيقا عروته، و معقلا منيعا ذروته، و عزّا لمن تولاّه، و سلما لمن دخله، و هدى لمن ائتمّ به، و عذرا لمن انتحله، و برهانا لمن تكلّم به، و شاهدا لمن خاصم به، و فلجا لمن حاجّ به، و حاملا لمن حمله، و مطيّة لمن أعمله، و آية لمن توسّم، و جنّة لمن استلأم، و علما لمن وعى، و حديثا لمن روى، و حكما لمن قضى. (1)

بيان:

«لا يخبو» خبت النار: انطفأت. «توقّد» توقّدت النار: اشتعلت. «المنهاج» : الطريق الواسع. «لا يضلّ نهجه» النهج هنا السلوك أي لا يكون من سلوكه إضلال «لا يخمد» خمدت النار: سكن لهبها و لم يطفأ جمرها. «بحبوحته» : وسطه.

«بحور» : جمع البحر. «الغدران» جمع غدير: و هو القطعة من الماء يغادرها السيل «الأثافيّ» جمع أثفيّة: الحجر يوضع عليه القدر، و المراد: عليه قام الإسلام.

«الغيطان» : جمع غاط أو غوط و هو المطمئنّ من الأرض. «لا ينزفه» يقال: نزف ماء البئر أي نزحه و استخرجه.

«لا ينضبها» : لا ينقصها. «الماتحون» : جمع الماتح أي نازع الماء من الحوض.

«المناهل» : مواضع الشرب من النهر. «لا يغيضها» : من غاض الماء أي لا ينقصها.

ص:409


1- -نهج البلاغة ص 641 في خ 189-صبحي ص 315 خ 198

«الأكمة» : ج أكم و جج آكام: و هو الموضع الذي يكون أشدّ ارتفاعا ممّا حوله، دون الجبل (تپه) .

«لا يجوز عنها» : لا يقطعها و لا يتجاوزها. «المحجّة» جمع محاجّ: و هي جادّة الطريق أي وسطه. «المعقل» : الملجأ. «المنيع» : العزيز الشديد الذي لا يقدر عليه، و حصن منيع: يتعذّر الوصول إليه.

«استلأم» : أي لبس اللأمة و هي الدرع أو جميع أدوات الحرب، أي إنّ من جعل القرآن لأمة حربه لمدافعة الشبه كان القرآن وقاية له.

49-و قال عليه السّلام: و من قرأ القرآن فمات فدخل النار فهو كان ممّن يتّخذ آيات اللّه هزوا. (1)

50-و قال عليه السّلام: في القرآن نبأ ما قبلكم، و خبر ما بعدكم، و حكم ما بينكم. (2)

أقول:

سيأتي في باب الولد عنه عليه السّلام: و حقّ الولد على الوالد أن يحسّن اسمه، و يحسّن أدبه، و يعلّمه القرآن.

51-عن عليّ عليه السّلام: أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: خياركم من تعلّم القرآن و علّمه. (3)

52-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أهل القرآن هم أهل اللّه و خاصّته.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: أفضل العبادة قرائة القرآن. (4)

53-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من قرأ القرآن فكأنّما أدرجت النبوّة بين جنبيه إلاّ

ص:410


1- -نهج البلاغة ص 1187 في ح 219-صبحي ص 508 ح 228
2- نهج البلاغة ص 1235 ح 305
3- الوسائل ج 6 ص 167 ب 1 من قراءة القرآن ح 6
4- الوسائل ج 6 ص 168 ح 9 و 10

أنّه لا يوحى إليه. (1)

54-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من لم يستشف بالقرآن فلا شفاه اللّه. (2)

55-عن أبي إبراهيم عليه السّلام أنّه قال: من استكفى بآية من القرآن من المشرق إلى المغرب كفى إذا كان بيقين. (3)

56-و قال العالم عليه السّلام: في القرآن شفاء من كلّ داء. (4)

57-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّي تارك فيكم الثقلين: كتاب اللّه و عترتي أهل بيتي، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض. (5)

58-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام قال: أتيت جابر بن عبد اللّه فقلت: أخبرنا عن حجّة الوداع، فذكر حديثا طويلا ثمّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي: كتاب اللّه عزّ و جلّ: و عترتي أهل بيتي، ثمّ قال: اللهمّ اشهد-ثلاثا-. (6)

أقول:

حديث الثقلين متواترة عند الخاصّة و العامّة، نقلنا في المقدّمة بعض مصادره.

59-قال موسى الرازيّ: ذكر الرضا عليه السّلام يوما القرآن، فعظّم الحجّة فيه و الآية المعجزة في نظمه، فقال: هو حبل اللّه المتين، و عروته الوثقى، و طريقته المثلى، المؤدّي إلى الجنّة، و المنجي من النار، لا يخلق من الأزمنة، و لا يغثّ على الألسنة، لأنّه لم يجعل لزمان دون زمان، بل جعل دليل البرهان، و حجّة

ص:411


1- -الوسائل ج 6 ص 191 ب 11 ح 18
2- مكارم الأخلاق ص 363 ب 11 ف 2
3- مكارم الأخلاق ص 363
4- مكارم الأخلاق ص 363
5- البحار ج 23 ص 133 باب فضائل أهل البيت ح 69
6- البحار ج 23 ص 133 ح 70

على كلّ إنسان، لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد. (1)

بيان:

«الطريقة المثلى» : هي تأنيث الأمثل أي الأفضل، و في مجمع البحرين، قوله تعالى: أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً أي أعدلهم قولا عند نفسه. «لا يغثّ» : المعنى أنّ القرآن لا يبلى و لا يرغب عنه، و لا يملّ منه بتكرار القراءة و الاستماع.

60-عن الرضا عن أبيه عليهما السّلام قال: إنّ رجلا سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام: ما بال القرآن لا يزداد على النشر و الدرس إلاّ غضاضة؟ فقال: لأنّ اللّه تبارك و تعالى لم يجعله لزمان دون زمان، و لا لناس دون ناس، فهو في كلّ زمان جديد، و عند كلّ قوم غضّ إلى يوم القيامة. (2)

61-. . . قال الصادق عليه السّلام: لقد تجلّى اللّه لخلقه في كلامه، و لكنّهم لا يبصرون. (3)

62-عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: ليس أبعد من عقول الرجال من القرآن. (4)

63-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من قال في القرآن بغير علم فليتبوّء مقعده من النار. (5)

ص:412


1- -البحار ج 92 ص 14 ب 1 من القرآن ح 6
2- البحار ج 92 ص 15 ح 8-و مثله في أمالي الطوسيّ ج 2 ص 193 عن أبي الحسن الثالث عليه السّلام
3- البحار ج 92 ص 107 ب 9 ح 2
4- البحار ج 92 ص 111 ب 10 ح 14
5- البحار ج 92 ص 111 ح 20

64-و قال صلّى اللّه عليه و آله: من تكلّم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ. (1)

65-و قال صلّى اللّه عليه و آله: من قال في القرآن بغير ما علم، جاء يوم القيامة ملجما بلجام من نار. (2)

66-و قال صلّى اللّه عليه و آله: أكثر ما أخاف على امّتي من بعدي رجل يناول القرآن يضعه على غير مواضعه. (3)

67-عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: عرضت عليّ الذنوب، فلم اصب أعظم من رجل حمّل القرآن ثمّ تركه. (4)

68-قال الصادق عليه السّلام: عليكم بمكارم الأخلاق، فإنّ اللّه عزّ و جلّ يحبّها، و إيّاكم و مذامّ الأفعال، فإنّ اللّه عزّ و جلّ يبغضها، و عليكم بتلاوة القرآن، فإنّ درجات الجنّة على عدد آيات القرآن، فإذا كان يوم القيامة يقال لقارئ القرآن: اقرأ و ارق، فكلّما قرأ آية رقا درجة. . . (5)

69-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه قال: عليك بتلاوة القرآن، و ذكر اللّه كثيرا، فإنّه ذكر لك في السماء، و نور لك في الأرض. (6)

70-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: قال اللّه تبارك و تعالى: من شغله قراءة القرآن عن دعائي و مسألتي أعطيته أفضل ثواب الشاكرين. (7)

71-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: ليس شيء على الشيطان

ص:413


1- -البحار ج 92 ص 111 ح 20
2- البحار ج 92 ص 111 ح 20
3- البحار ج 92 ص 111 ح 20
4- البحار ج 92 ص 189 ب 20 ح 14
5- البحار ج 92 ص 197 ب 23 ح 4
6- البحار ج 92 ص 198 ح 7
7- البحار ج 92 ص 200 في ح 17

أشدّ من القراءة في المصحف نظرا، و المصحف في البيت يطرد الشيطان. (1)

72-قال الحسن بن عليّ عليهما السّلام: من قرأ القرآن كانت له دعوة مجابة، إمّا معجّلة و إمّا مؤجّلة. (2)

73-. . . قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا مررت بآية فيها ذكر الجنّة فاسأل اللّه الجنّة، و إذا مررت بآية فيها ذكر النار فتعوّذ من النار. (3)

74-قال الصادق عليه السّلام: من قرء القرآن و لم يخضع للّه و لم يرقّ قلبه و لا ينشئ حزنا و وجلا في سرّه، فقد استهان بعظم شأن اللّه تعالى و خسر خسرانا مبينا، فقارئ القرآن محتاج إلى ثلاثة أشياء: قلب خاشع، و بدن فارغ، و موضع خال، فإذا خشع للّه قلبه فرّ منه الشيطان الرجيم، قال اللّه تعالى: فَإِذا قَرَأْتَ اَلْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ اَلشَّيْطانِ اَلرَّجِيمِ فإذا تفرّغ نفسه من الأسباب تجرّد قلبه للقرائة و لا يعترضه عارض فيحرمه بركة نور القرآن و فوائده.

فإذا اتّخذ مجلسا خاليا و اعتزل عن الخلق بعد أن أتى بالخصلتين: خضوع القلب و فراغ البدن، استأنس روحه و سرّه باللّه عزّ و جلّ، و وجد حلاوة مخاطبات اللّه عزّ و جلّ عباده الصالحين، و علم لطفه بهم و مقام اختصاصه لهم بفنون كراماته و بدايع إشاراته، فإن شرب كأسا من هذا المشرب حينئذ لا يختار على ذلك الحال حالا و [لا] على ذلك الوقت وقتا، بل يؤثره على كلّ طاعة و عبادة، لأنّ فيه المناجات مع الربّ بلا واسطة.

فانظر كيف تقرء كتاب ربّك و منشور ولايتك و كيف تجيب أوامره و تجتنب نواهيه، و كيف تمتثل حدوده، فإنّه كتاب عزيز: لا يَأْتِيهِ اَلْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ

ص:414


1- -البحار ج 92 ص 201 ح 18
2- البحار ج 92 ص 204 في ح 31
3- البحار ج 92 ص 216 ب 26 ح 20-و بمضمونه في ح 3 عن الرضا عليه السّلام

وَ لا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (1)فرتّله ترتيلا، وقف عند وعده و وعيده، و تفكّر في أمثاله و مواعظه، و احذر أن تقع من إقامتك حروفه في إضاعة حدوده. (2)

75-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

أهل القرآن أهل اللّه و خاصّته. (الغرر ج 1 ص 55 ف 1 ح 1506)

أحسنوا تلاوة القرآن فإنّه أحسن القصص، و استشفوا به فإنّه شفاء الصدور، و اتّبعوا النور الذي لا يطفى، و الوجه الذي لا يبلى، و استسلموا و سلّموا لأمره، فإنّكم لن تضلّوا مع التسليم. (ص 136 ف 3 ح 66)

تدبّروا آيات القرآن و اعتبروا به فإنّه أبلغ العبر. (ص 348 ف 22 ح 33)

لقاح الإيمان تلاوة القرآن. (ج 2 ص 610 ف 76 ح 24)

من آنس بتلاوة القرآن لم توحشه مفارقة الإخوان.

(ص 683 ف 77 ح 1128)

من اتّخذ قول اللّه سبحانه (القرآن ف ن) دليلا، هدي إلى التي هي أقوم.

(ص 685 ح 1151)

لا تستشفينّ بغير القرآن فإنّه من كلّ داء شفاء.

(ص 811 ف 85 ح 165)

أقول:

قد مرّ في باب السفر: . . . فأمّا مروّة الحضر؛ فتلاوة القرآن و حضور المساجد، و صحبة أهل الخير و النظر في الفقه.

ص:415


1- -فصّلت:42
2- مصباح الشريعة ص 11 ب 14

ص:416

155- القرض و الدين

الآيات

1- مَنْ ذَا اَلَّذِي يُقْرِضُ اَللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً وَ اَللّهُ يَقْبِضُ وَ يَبْصُطُ وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ. (1)

2- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ. . . (2)

3- . . . وَ قالَ اَللّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ اَلصَّلاةَ . . . وَ أَقْرَضْتُمُ اَللّهَ قَرْضاً حَسَناً لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ لَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا اَلْأَنْهارُ. . . (3)

4- مَنْ ذَا اَلَّذِي يُقْرِضُ اَللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَ لَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ. (4)

5- إِنَّ اَلْمُصَّدِّقِينَ وَ اَلْمُصَّدِّقاتِ وَ أَقْرَضُوا اَللّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعَفُ لَهُمْ وَ لَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ. (5)

ص:417


1- -البقرة:245
2- البقرة:282
3- المائدة:12
4- الحديد:11
5- الحديد:18

6- إِنْ تُقْرِضُوا اَللّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعِفْهُ لَكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ وَ اَللّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ. (1)

7- . . . وَ أَقِيمُوا اَلصَّلاةَ وَ آتُوا اَلزَّكاةَ وَ أَقْرِضُوا اَللّهَ قَرْضاً حَسَناً. . . (2)

الأخبار

1-عن جابر عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أقرض مؤمنا قرضا ينتظر به ميسوره كان ماله في زكاة، و كان هو في صلاة من الملائكة حتّى يؤديّه إليه. (3)

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما من مسلم أقرض مسلما قرضا يريد به وجه اللّه إلاّ حسب اللّه له أجره بحساب الصدقة حتّى يرجع إليه. (4)

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: القرض الواحد بثمانية عشر، و إن مات احتسب بها من الزكاة. (5)

4-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إيّاكم و الدين فإنّه شين الدين. (6)

5-قال عليّ عليه السّلام: إيّاكم و الدين، فإنّه مذلّة بالنهار و مهمّة بالليل، و قضاء في الدنيا و قضاء في الآخرة.

و روى الكلينيّ رحمه اللّه عن أبي عبد اللّه عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام مثله. (7)

ص:418


1- -التغابن:17
2- المزّمّل:20
3- ثواب الأعمال ص 166 باب ثواب من أقرض المؤمن ح 1
4- ثواب الأعمال ص 166 ح 2
5- ثواب الأعمال ص 167 ح 3
6- الوسائل ج 18 ص 315 ب 1 من الدين ح 2
7- الوسائل ج 18 ص 316 ح 4

بيان:

همّ الأمر فلانا همّا و مهمّة: أقلقه و أحزنه.

6-عن أبي سعيد الخدريّ قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: أعوذ باللّه من الكفر و الدين، قيل: يا رسول اللّه، أتعدل الدين بالكفر؟ قال: نعم. (1)

7-عن أبي موسى قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: جعلت فداك، يستقرض الرجل و يحجّ؟ قال: نعم، قلت: يستقرض و يتزوّج؟ قال: نعم إنّه ينتظر رزق اللّه غدوة و عشيّة. (2)

8-عن سدير عن أبي جعفر عليه السّلام قال: كلّ ذنب يكفّره القتل في سبيل اللّه إلاّ الدين، لا كفّارة له إلاّ أداؤه، أو يقضي صاحبه، أو يعفو الذي له الحقّ. (3)

بيان:

«أو يقضي صاحبه» : أي وصيّه أو وليّه و وارثه أو المتبرّع.

9-عن بشّار عن أبي جعفر عليه السّلام قال: أوّل قطرة من دم الشهيد كفّارة لذنوبه إلاّ الدين، فإنّ كفّارته قضاؤه. (4)

10-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من استدان دينا فلم ينو قضاؤه كان بمنزلة السارق. (5)

11-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لأن أقرض قرضا أحبّ إليّ من أن أتصدّق بمثله.

و كان يقول: من أقرض قرضا و ضرب له أجلا فلم يؤت به عند ذلك

ص:419


1- -الوسائل ج 18 ص 317 ح 6
2- الوسائل ج 18 ص 323 ب 3
3- الوسائل ج 18 ص 324 ب 4 ح 1
4- الوسائل ج 18 ص 326 ح 5
5- الوسائل ج 18 ص 328 ب 5 ح 2

الأجل، كان له من الثواب في كلّ يوم يتأخّر عن ذلك الأجل بمثل صدقة دينار واحد في كلّ يوم. (1)

12-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (في حديث) : و من أقرض أخاه المسلم كان له بكلّ درهم أقرضه وزن جبل أحد من جبال رضوى و طور سيناء حسنات، و إن رفق به في طلبه تعدّى (جاز ف ن) به على الصراط كالبرق الخاطف اللامع بغير حساب و لا عذاب، و من شكا إليه أخوه المسلم فلم يقرضه حرّم اللّه عزّ و جلّ عليه الجنّة يوم يجزي المحسنين. (2)

13-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (في حديث المناهي) : و من مطل على ذي حقّ حقّه و هو يقدر على أداء حقّه، فعليه كلّ يوم خطيئة عشّار. (3)

بيان:

«المطل» : التسويف و التعلّل في أداء الحقّ، و تأخيره من وقت إلى وقت.

14-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أربعة لا تستجاب لهم دعوة: أحدهم رجل كان له مال فأدانه بغير بيّنة، يقول اللّه عزّ و جلّ: ألم آمرك بالشهادة. (4)

15-عن حمّاد بن عثمان قال: دخل رجل على أبي عبد اللّه عليه السّلام فشكى إليه رجلا من أصحابه فلم يلبث أن جاء المشكوّ، فقال له أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما لفلان يشكوك؟ فقال: يشكوني أنّي استقضيت منه حقّي.

قال: فجلس أبو عبد اللّه عليه السّلام مغضبا ثمّ قال: كأنّك إذا استقضيت حقّك لم تسئ، أرأيتك ما حكى اللّه عزّ و جلّ وَ يَخافُونَ سُوءَ اَلْحِسابِ (5)أترى أنّهم

ص:420


1- -الوسائل ج 18 ص 329 ب 6 ح 1
2- الوسائل ج 18 ص 331 ح 5
3- الوسائل ج 18 ص 333 ب 8 ح 2
4- الوسائل ج 18 ص 338 ب 10 ح 1
5- الرعد:21

(إنّما ف ن) خافوا اللّه أن يجور عليهم؟ لا و اللّه ما خافوا إلاّ الاستقضاء فسمّاه اللّه عزّ و جلّ سوء الحساب، فمن استقضى فقد أساء. (1)

أقول:

قد مرّ في باب الحساب نحوه عن تفسير القميّ و فيه: "خافوا الاستقصاء"و في المرآة ج 19 ص 54: قوله «استقضيت» بالضاد المعجمة أي طلبت منه القضاء، و في بعض النسخ القديمة: بالصاد المهملة في الموضعين، أي بلغت الغاية في الطلب.

16-عن إبراهيم بن عبد الحميد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّ لعبد الرحمن بن سيّابة دينا على رجل قد مات و كلّمناه على أن يحلّله فأبى، قال: ويحه، أما يعلم أنّ له بكلّ درهم عشرة دراهم إذا حلّله، فإن لم يحلّله فإنّما له درهم بدل درهم. (2)

17-عن معاوية بن عمّار قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أراد أن يظلّه اللّه في ظلّ عرشه يوم لا ظلّ إلاّ ظلّه فلينظر معسرا أو ليدع له من حقّه. (3)

أقول:

نظيره ح 1، و زاد فيه: «ليس لمسلم أن يعسر مسلما» .

18-عن سالم الحنّاط عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قلت له: أيجزي الولد الوالد؟ قال: لا، إلاّ في خصلتين: يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه أو يكون عليه دين فيقضيه عنه. (4)

19-عن معاوية بن وهب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: بلغنا أنّ رجلا

ص:421


1- -الوسائل ج 18 ص 348 ب 16 ح 1
2- الوسائل ج 18 ص 363 ب 23 ح 1
3- الوسائل ج 18 ص 367 ب 25 ح 4
4- الوسائل ج 18 ص 372 ب 30 ح 2

من الأنصار مات و عليه دين، فلم يصلّ عليه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و قال: لا تصلّون على صاحبكم حتّى يقضى عنه الدين. فقال: ذلك حقّ قال: ثمّ قال: إنّما فعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ذلك ليتعاطوا الحقّ، و يؤدّي بعضهم إلى بعض، و لئلاّ يستخفّوا بالدين، قدمات رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و عليه دين، و مات عليّ عليه السّلام و عليه دين، و مات الحسن عليه السّلام و عليه دين، و قتل الحسين عليه السّلام و عليه دين. (1)

20-قال الصادق عليه السّلام: على باب الجنّة مكتوب: القرض بثمانية عشر، و الصدقة بعشرة، و ذلك أنّ القرض لا يكون إلاّ لمحتاج، و الصدقة ربّما وقعت في يد غير محتاج. (2)

أقول:

في ح 4: لأنّ القرض يصل إلى من لا يضع (يضيّع ف ن) نفسه لأخذ الصدقة.

21-عن سدير عن أبي جعفر عليه السّلام قال: يبعث اللّه قوما من تحت العرش يوم القيامة وجوههم من نور، و لباسهم من نور، و رياشهم من نور، جلوس على كراسيّ من نور، قال: فيشرف اللّه لهم على الخلق فيقولون: هؤلاء الأنبياء، فينادي مناد من تحت العرش: هؤلاء ليسوا بأنبياء، قال: فيقولون: هؤلاء شهداء، قال: فينادي مناد من تحت العرش: ليس هؤلاء شهداء، و لكن هؤلاء قوم ييسّرون على المؤمنين، و ينظرون المعسر حتّى ييسر. (3)

22-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: خفّفوا الدين، فإنّ في خفّة الدين زيادة العمر. (4)

23-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من سرّه أن يقيه

ص:422


1- -العلل ج 2 ص 590 باب نوادر العلل ح 37
2- المستدرك ج 12 ص 364 ب 11 من فعل المعروف ح 3(تفسير القميّ ج 2 ص 350)
3- المستدرك ج 12 ص 365 ب 12 ح 1
4- البحار ج 103 ص 145 ب 2 من الدين ح 21

من نفحات جهنّم فلينظر معسرا أو ليدع له من حقّه. (1)

ص:423


1- -البحار ج 103 ص 151 ب 4 ح 13

ص:424

156- القلب

الآيات

1- خَتَمَ اَللّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَ عَلى سَمْعِهِمْ وَ عَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ. (1)

2- فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اَللّهُ مَرَضاً وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ. (2)

3- ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَ إِنَّ مِنَ اَلْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ اَلْأَنْهارُ وَ إِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ اَلْماءُ وَ إِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اَللّهِ وَ مَا اَللّهُ بِغافِلٍ عَمّا تَعْمَلُونَ. (3)

4- . . . فَأَمَّا اَلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ اِبْتِغاءَ اَلْفِتْنَةِ وَ اِبْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ. . . (4)

5- رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَ هَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ

ص:425


1- -البقرة:7
2- البقرة:10
3- البقرة:74
4- آل عمران:7

اَلْوَهّابُ. (1)

6- فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنّاهُمْ وَ جَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً يُحَرِّفُونَ اَلْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ. . . (2)

7- وَ لَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ اَلْجِنِّ وَ اَلْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَ لَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَ لَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ اَلْغافِلُونَ. (3)

8- . . . وَ اِعْلَمُوا أَنَّ اَللّهَ يَحُولُ بَيْنَ اَلْمَرْءِ وَ قَلْبِهِ وَ أَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ. (4)

9- اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ تَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اَللّهِ أَلا بِذِكْرِ اَللّهِ تَطْمَئِنُّ اَلْقُلُوبُ. (5)

10- . . . وَ لا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَ اِتَّبَعَ هَواهُ وَ كانَ أَمْرُهُ فُرُطاً. (6)

11- . . . وَ بَشِّرِ اَلْمُخْبِتِينَ- اَلَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اَللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ. . . (7)

12- أَ فَلَمْ يَسِيرُوا فِي اَلْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها فَإِنَّها لا تَعْمَى اَلْأَبْصارُ وَ لكِنْ تَعْمَى اَلْقُلُوبُ اَلَّتِي فِي اَلصُّدُورِ. (8)

13- لِيَجْعَلَ ما يُلْقِي اَلشَّيْطانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَ اَلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَ إِنَّ اَلظّالِمِينَ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ. (9)

ص:426


1- -آل عمران:8
2- المائدة:13
3- الأعراف:179
4- الأنفال:24
5- الرعد:28
6- الكهف:28
7- الحجّ:33 و 34
8- الحجّ:46
9- الحجّ:53

14- يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَ لا بَنُونَ- إِلاّ مَنْ أَتَى اَللّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ. (1)

15- ما جَعَلَ اَللّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ. . . (2)

16- . . . وَ اَللّهُ يَعْلَمُ ما فِي قُلُوبِكُمْ وَ كانَ اَللّهُ عَلِيماً حَلِيماً. (3)

17- وَ إِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ- إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ. (4)

18- أَ فَمَنْ شَرَحَ اَللّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اَللّهِ أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ. الآيات (5)

19- أَ فَرَأَيْتَ مَنِ اِتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَ أَضَلَّهُ اَللّهُ عَلى عِلْمٍ وَ خَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَ قَلْبِهِ وَ جَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اَللّهِ أَ فَلا تَذَكَّرُونَ. (6)

20- هُوَ اَلَّذِي أَنْزَلَ اَلسَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ اَلْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ. . . (7)

21- إِنَّ اَلَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اَللّهِ أُولئِكَ اَلَّذِينَ اِمْتَحَنَ اَللّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَ أَجْرٌ عَظِيمٌ. (8)

22- مَنْ خَشِيَ اَلرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ وَ جاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ. (9)

23- أَ لَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اَللّهِ وَ ما نَزَلَ مِنَ اَلْحَقِّ

ص:427


1- -الشعراء:88 و 89
2- الأحزاب:4
3- الأحزاب:51
4- الصافّات:83 و 84
5- الزمر:22 و 23
6- الجاثية:23
7- الفتح:4
8- الحجرات:3
9- ق:33

وَ لا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا اَلْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ اَلْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ. (1)

24- . . . فَلَمّا زاغُوا أَزاغَ اَللّهُ قُلُوبَهُمْ. . . (2)

25- ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلاّ بِإِذْنِ اَللّهِ وَ مَنْ يُؤْمِنْ بِاللّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَ اَللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ. (3)

الأخبار

1-قال الصادق عليه السّلام: القلب حرم اللّه فلا تسكن حرم اللّه غير اللّه. (4)

2-و قال عليه السّلام: يابن آدم، علّق قلبك باللّه و لا تعلّقه بخلقه، فإنّك إن علّقته بربّك خدموك، و إن علّقته بخلقه خذلوك. (5)

3-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لا تميتوا القلب بكثرة الطعام و الشراب، فإنّ القلوب كالزرع إذا كثر الماء أتلف الزرع. (6)

4-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إيّاكم و فضول المطعم فإنّه يسمّ القلب بالقسوة. (7)

5-عن حمّاد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما من قلب إلاّ و له اذنان، على إحداهما ملك مرشد و على الاخرى شيطان مفتّن، هذا يأمره و هذا يزجره، الشيطان يأمره بالمعاصي و الملك يزجره عنها، و هو قول اللّه عزّ و جلّ:

ص:428


1- -الحديد:16
2- الصفّ:5
3- التغابن:11
4- جامع الأخبار ص 185 ف 141
5- جامع الأخبار ص 185
6- جامع الأخبار ص 183
7- عدّة الداعيّ ص 104 في ب 2

عَنِ اَلْيَمِينِ وَ عَنِ اَلشِّمالِ قَعِيدٌ- ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ. (1). (2)

6-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ للقلب اذنين، فإذا همّ العبد بذنب قال له روح الإيمان: لا تفعل، و قال له الشيطان: افعل، و إذا كان على بطنها نزع منه روح الإيمان. (3)

7-عن أبان بن تغلب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما من مؤمن إلاّ و لقلبه أذنان في جوفه: اذن ينفث فيها الوسواس الخنّاس، و اذن ينفث فيها الملك، فيؤيّد اللّه المؤمن بالملك، فذلك قوله: وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ 4. (4)

8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كان أبي عليه السّلام يقول: ما من شيء أفسد للقلب من خطيئة، إنّ القلب ليواقع الخطيئة فما تزال به حتّى تغلب عليه فيصيّر أعلاه أسفله. (5)

9-عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: ما من عبد إلاّ و في قلبه نكتة بيضاء، فإذا أذنب ذنبا خرج في النكتة نكتة سوداء، فإن تاب ذهب ذلك السواد و إن تمادى في الذنوب زاد ذلك السواد حتّى يغطّي البياض، فإذا غطّى البياض لم يرجع صاحبه إلى خير أبدا و هو قول اللّه عزّ و جلّ: كَلاّ بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ 7. (6)

ص:429


1- -ق:17 و 18
2- الكافي ج 2 ص 205 باب أنّ للقلب اذنين ح 1
3- الكافي ج 2 ص 205 ح 2
4- الكافي ج 2 ص 205 ح 3
5- الكافي ج 2 ص 206 باب الذنوب ح 1
6- الكافي ج 2 ص 209 ح 20

أقول:

«لم يرجع صاحبه إلى خير أبدا» : في ح 13 بدلها: "فلا يفلح بعدها أبدا".

10-عن ابن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: من تعلّق قلبه بالدنيا تعلّق قلبه بثلاث خصال: همّ لا يفنى و أمل لا يدرك و رجاء لا ينال. (1)

11-فيما ناجى اللّه عزّ و جلّ به موسى عليه السّلام: يا موسى، لا تطوّل في الدنيا أملك فيقسو قلبك و القاسي القلب منّي بعيد. (2)

بيان:

قساوة القلب: غلظته و صلابته و شدّته و عدم خشوعه و تأثّره و عدم قبوله المواعظ و الحقّ و. . .

12-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما زاد خشوع الجسد على ما في القلب فهو عندنا نفاق. (3)

13-عن عليّ بن جعفر عن أبي الحسن موسى عليه السّلام قال: إنّ اللّه خلق قلوب المؤمنين مطويّة مبهمة على الإيمان، فإذا أراد استنارة (استنارة ف ن) ما فيها نضحها بالحكمة، و زرعها بالعلم، و زارعها و القيّم عليها ربّ العالمين. (4)

بيان:

«مطويّة» طوى على الأمر: أخفاه، و يقال: «الغيّ في طيّ قلبه» أي في ضمن قلبه، و قال في المرآة ج 11 ص 252: استعار الطيّ هنا لكمون الإيمان فيها، كناية عن استعدادها لكمال الإيمان و أنّه لا يعلم ذلك غير خالقها، كالثوب المطويّ أو الكتاب المطويّ لا يعلم ما فيهما غير من طواهما.

ص:430


1- -الكافي ج 2 ص 241 باب حبّ الدنيا ح 17
2- الكافي ج 2 ص 248 باب القسوة ح 1
3- الكافي ج 2 ص 291 باب صفة النفاق ح 6
4- الكافي ج 2 ص 307 باب سهو القلب ح 3-و بمدلوله ح 7 عن أبي عبد اللّه عليه السّلام

«نضحها بالحكمة» النضح: رشاش الماء و نحوه، و في ح 7: "فتحها بالحكمة"و قال في المرآة: كأنّ المراد بالحكمة؛ العلوم اللدنيّة و الإفاضات الربّانيّة، و بالعلم ما يكتسبه الإنسان بالتفكّر و النظر و الأخذ من الكتاب و السنّة.

14-عن عمرو عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال لنا ذات يوم: تجد الرجل لا يخطئ بلام و لا واو خطيبا مصقعا و لقلبه أشدّ ظلمة من الليل المظلم، و تجد الرجل لا يستطيع يعبّر عمّا في قلبه بلسانه، و قلبه يزهر كما يزهر المصباح. (1)

بيان:

«المصقع» : البليغ أو العالي الصوت.

15-قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّ القلوب أربعة: قلب فيه نفاق و إيمان، و قلب منكوس، و قلب مطبوع، و قلب أزهر أجرد-فقلت: ما الأزهر؟ قال: فيه كهيئة السراج-فأمّا المطبوع فقلب المنافق، و أمّا الأزهر فقلب المؤمن، إن أعطاه شكر و إن ابتلاه صبر، و أمّا المنكوس فقلب المشرك، ثمّ قرأ هذه الآية: أَ فَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (2)فأمّا القلب الذي فيه إيمان و نفاق فهم قوم كانوا بالطائف فإن أدرك أحدهم أجله على نفاقه هلك و إن أدركه على إيمانه نجا. (3)

بيان:

«الأزهر» : الأبيض المستنير. «الأجرد» : الذي ليس على بدنه شعر، و المراد: الذي ليس فيه غلّ و لا غشّ، فهو على أصل الفطرة. «المطبوع» الطبع: الختم، و ختم القلب عبارة عن حالة في القلب بحيث لا يؤثّر فيه الحقّ و سببه منع اللّه عزّ و جلّ ألطافه حين إعراض العبد عنه تعالى، و في النهاية: الطبع بالسكون: الختم،

ص:431


1- -الكافي ج 2 ص 308 باب في ظلمة قلب المنافق ح 1
2- الملك:22
3- الكافي ج 2 ص 309 ح 2

و بالتحريك: الدنس، و أصله من الوسخ و الدنس يغشيان السيف، يقال: طبع السيف يطبع طبعا. ثمّ استعمل فيما يشبه ذلك من الأوزار و الآثام و غيرهما من المقابح.

«المنكوس» : أي المقلوب المكبوب لا يستقرّ فيه شيء من الحقّ و الإيمان.

16-عن الثمالي عن أبي جعفر عليه السّلام قال: القلوب ثلاثة: قلب منكوس لا يعي شيئا من الخير، و هو قلب الكافر. و قلب فيه نكتة سوداء فالخير و الشرّ فيه يعتلجان فأيّهما كانت منه غلب عليه. و قلب مفتوح فيه مصابيح تزهر، و لا يطفأ نوره إلى يوم القيامة و هو قلب المؤمن. (1)

بيان:

في المرآة ج 11 ص 260: «القلوب ثلاثة» هذا لا ينافي ما مرّ أنّ القلوب أربعة، فإنّ قوله: «و قلب فيه نكتة سوداء» يشمل قسمين منها، و هما قلب فيه نفاق و إيمان، و قلب المنافق، و في القاموس، وعاه يعيه: حفظه و جمعه كأوعاه، و قال: اعتلجوا اتّخذوا صراعا و قتالا و الأمواج التطمت.

أقول: في البحار ج 70 ص 53: عن الصادق عليه السّلام عن حكيم أنّه قال: قلب الكافر أقسى من الحجر.

17-عن سلام بن المستنير قال: كنت عند أبي جعفر عليه السّلام فدخل عليه حمران بن أعين و سأله عن أشياء، فلمّا همّ حمران بالقيام قال لأبي جعفر عليه السّلام: اخبرك-أطال اللّه بقاءك لنا و أمتعنا بك-أنّا نأتيك فما نخرج من عندك حتّى ترقّ قلوبنا و تسلوا أنفسنا عن الدنيا، و يهون علينا ما في أيدي الناس من هذه الأموال، ثمّ نخرج من عندك فإذا صرنا مع الناس و التجّار أحببنا الدنيا؟ قال: فقال أبو جعفر عليه السّلام: إنّما هي القلوب مرّة تصعب و مرّة تسهل.

ص:432


1- -الكافي ج 2 ص 309 ح 3

ثمّ قال أبو جعفر عليه السّلام: أما إنّ أصحاب محمّد صلّى اللّه عليه و آله قالوا: يا رسول اللّه، نخاف علينا النفاق، قال: فقال: و لم تخافون ذلك؟ قالوا: إذا كنّا عندك فذكّرتنا و رغّبتنا، و جلنا و نسينا الدنيا و زهدنا حتّى كأنّا نعاين الآخرة و الجنّة و النار و نحن عندك، فإذا خرجنا من عندك و دخلنا هذه البيوت و شممنا الأولاد و رأينا العيال و الأهل، يكاد أن نحوّل عن الحال التي كنّا عليها عندك و حتّى كأنّا لم نكن على شيء، أفتخاف علينا أن يكون ذلك نفاقا؟

فقال لهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: كلاّ إنّ هذه خطوات الشيطان فيرغّبكم في الدنيا، و اللّه لو تدومون على الحالة التي وصفتم أنفسكم بها لصافحتكم الملائكة و مشيتم على الماء. . . (1)

بيان:

«تسلو. . .» : أي ننساها، يقال: سلاه و سلا عنه: نسيه «شممنا. . .» الشمّ: القرب و الدنوّ، و كأنّ المراد هنا الالتذاذ بقربهم و النظر إليهم تشبيها لهم بالرياحين.

18-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إيّاكم و المراء و الخصومة، فإنّهما يمرضان القلوب على الإخوان و ينبت عليهما النفاق. (2)

19-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ثلاثة مجالستهم تميت القلب: الجلوس مع الأنذال، و الحديث مع النساء، و الجلوس مع الأغنياء. (3)

بيان:

«النذل» : الخسيس من الناس و المحتقر في جميع أحواله و الجمع الأنذال.

20-في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: أحي قلبك بالموعظة،

ص:433


1- -الكافي ج 2 ص 309 باب تنقّل أحوال القلب ح 1
2- الكافي ج 2 ص 227 باب المراء ح 1
3- الكافي ج 2 ص 469 باب من تكره مجالسته ح 8

و أمته بالزهادة، و قوّه باليقين، و نوّره بالحكمة، و ذلّله بذكر الموت، و قرّره بالفناء، و بصّره فجائع الدنيا، و حذّره صولة الدهر، و فحش تقلّب الليالي و الأيّام، و أعرض عليه أخبار الماضين، و ذكّره بما أصاب من كان قبلك من الأوّلين، و سر في ديارهم و آثارهم. . . (1)

و إنّما قلب الحدث كالأرض الخالية: ما ألقي فيها من شيء قبلته، فبادرتك بالأدب قبل أن يقسو قلبك، و يشتغل لبّك، لتستقبل بجدّ رأيك من الأمر ما قد كفاك أهل التجارب بغيته و تجربته. . . (2)

21-و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ هذه القلوب تملّ كما تملّ الأبدان، فابتغوا لها طرائف الحكم. (3)

22-و قال عليه السّلام: لقد علّق بنياط هذا الإنسان بضعة هي أعجب ما فيه، و ذلك القلب، و له موادّ من الحكمة و أضداد من خلافها: فإن سنح له الرجاء أذلّه الطمع، و إن هاج به الطمع أهلكه الحرص، و إن ملكه اليأس قتله الأسف، و إن عرض له الغضب اشتدّ به الغيظ، و إن أسعده الرضا نسي التحفّظ، و إن غاله الخوف شغله الحذر، و إن اتّسع له الأمن استلبته الغرّة، و إن أصابته مصيبة فضحه الجزع، و إن أفاد مالا أطغاه الغنى، و إن عضّته الفاقة شغله البلاء، و إن جهده الجوع قعدت به الضعف، و إن أفرط به الشبع كظّته البطنة، فكلّ تقصير به مضرّ، و كلّ إفراط له مفسد. (4)

بيان:

«النياط» : عرق معلّق به القلب. «البضعة» : القطعة من اللحم، و المراد بها هنا

ص:434


1- -نهج البلاغة ص 909 في ر 31
2- نهج البلاغة ص 912
3- نهج البلاغة ص 1127 ح 89 و ص 1176 ح 188- الغرر ج 1 ص 234 ف 9 ح 173
4- نهج البلاغة ص 1136 ح 105

القلب. «سنخ» : بدا و ظهر. «التحفّظ» المراد هنا: التوقّي و التحرّز من المضرّات «غاله» : أي أهلكه و أخذه من حيث لا يدري. «الغرّة» : أي الغفلة. «عضّته» : لزمته. «جهده» : أي أعياه و أتبعه. «كظّته» : أي كربته و آلمته. «البطنة» : الامتلاء المفرط من الأكل. (صبحي ص 487 ح 108)

23-و قال عليه السّلام: إنّ للقلوب شهوة و إقبالا و إدبارا؛ فأتوها من قبل شهوتها و إقبالها، فإنّ القلب إذا أكره عمي. (1)

24-و قال عليه السّلام: إنّ للقلوب إقبالا و إدبارا، فإذا أقبلت فاحملوها على النوافل، و إذا أدبرت فاقتصروا بها على الفرائض. (2)

25-و قال عليه السّلام: ألا و إنّ من البلاء الفاقة، و أشدّ من الفاقة مرض البدن، و أشدّ من مرض البدن مرض القلب، ألا و إنّ من النعم سعة المال، و أفضل من سعة المال صحّة البدن، و أفضل من صحّة البدن تقوى القلب. (3)

26-قال الصادق عليه السّلام: ما أنعم اللّه عزّ و جلّ على عبد أجلّ من أن لا يكون في قلبه مع اللّه عزّ و جلّ غيره. (4)

27-قال الباقر عليه السّلام: ما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب. (5)

28-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في حديث) : و إنّ كثرة المال مفسدة للدين، مقساة للقلب (للقلوب م) . (6)

29-عن أبي جعفر عليه السّلام أنّه قال لجابر: و إيّاك و الغفلة، ففيها تكون قساوة

ص:435


1- -نهج البلاغة ص 1175 ح 184- الغرر ج 1 ص 250 ف 9 ح 255
2- نهج البلاغة ص 1235 ح 304- الغرر ج 1 ص 251 ف 9 ح 257
3- نهج البلاغة ص 1270 ح 381- صبحي ص 544 ح 388
4- عدّة الداعيّ ص 219 ب 4( في علاج الرياء)
5- المستدرك ج 12 ص 93 ب 76 من جهاد النفس ح 1
6- المستدرك ج 12 ص 93 ح 2

القلب. (1)

30-روي أنّ رجلا شكى إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قساوة قلبه، فقال: إذا أردت أن يلين قلبك، فأطعم المسكين، و امسح رأس اليتيم. (2)

31-قال لقمان لابنه: يا بنيّ، جالس العلماء و زاحمهم بركبتيك، فإنّ اللّه عزّ و جلّ يحيي القلوب بنور الحكمة كما يحيي الأرض من ماء السماء. (3)

32-قال الصادق عليه السّلام: القصد إلى اللّه بالقلوب أبلغ من القصد إليه بالبدن، و حركات القلوب أبلغ من حركات الأعمال. (4)

33-قال الصادق عليه السّلام: إعراب القلوب على أربعة أنواع: رفع و فتح و خفض و وقف، فرفع القلب في ذكر اللّه تعالى، و فتح القلب في الرضا عن اللّه، و خفض القلب في الاشتغال بغير اللّه، و وقف القلب في الغفلة عن اللّه. . . (5)

34-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، خمسة تميت القلب: كثرة الأكل، و كثرة النوم، و كثرة الضحك، و كثرة همّ القلب، و أكل الحرام يطرد الإيمان. (6)

35-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أربع يفسدن القلب و ينبتن النفاق في القلب كما ينبت الماء الشجر: استماع اللهو، و البذاء، و إتيان باب السلطان، و طلب الصيد.

و عنه صلّى اللّه عليه و آله قال: يا عليّ، ثلاث يقسين القلب: استماع اللهو، و طلب الصيد، و إتيان باب السلطان. (7)

ص:436


1- -المستدرك ج 12 ص 93 ح 3
2- مشكوة الأنوار ص 167 ب 3 ف 16
3- مشكوة الأنوار ص 256 ب 6 ف 3( البحار ج 1 ص 204)
4- مشكوة الأنوار ص 257
5- مصباح الشريعة ص 3 ب 2
6- مجموعة الأخبار ص 131 ب 81
7- مجموعة الأخبار ص 301 ب 172

36-عن الصادق عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: شرّ العمى عمى القلب. (1)

37-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام يقول لرجل: اعلم يا فلان، إنّ منزلة القلب من الجسد بمنزلة الإمام من الناس، الواجب الطاعة عليهم، ألا ترى أنّ جميع جوارح الجسد شرط للقلب، و تراجمة له، مؤدّية عنه: الاذنان و العينان و الأنف و الفم و اليدان و الرجلان و الفرج، فإنّ القلب إذا همّ بالنظر فتح الرجل عينيه. . .

فهذه كلّها مؤديّة عن القلب بالتحريك، و كذلك ينبغي للإمام أن يطاع للأمر منه. (2)

38-عن عليّ بن جعفر عن أخيه عن أبيه عليهم السّلام قال: أوحى اللّه عزّ و جلّ إلى موسى عليه السّلام: يا موسى، لا تفرح بكثرة المال، و لا تدع ذكري على كلّ حال، فإنّ كثرة المال تنسي الذنوب، و إنّ ترك ذكري يقسي القلوب. (3)

39-عن ابن نباته قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ما جفّت الدموع إلاّ لقسوة القلوب، و ما قست القلوب إلاّ لكثرة الذنوب. (4)

40-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّما شيعتنا أصحاب الأربعة الأعين: عين في الرأس، و عين في القلب، ألا و الخلائق كلّهم كذلك، ألا و إنّ اللّه فتح أبصاركم و أعمى أبصارهم. (5)

أقول:

في الخصال ج 1 ص 240 باب الأربعة ح 90: قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام

ص:437


1- -البحار ج 70 ص 51 باب القلب ح 7
2- البحار ج 70 ص 52 ح 14
3- البحار ج 70 ص 55 ح 23
4- البحار ج 70 ص 55 ح 24
5- البحار ج 70 ص 58 ح 35

(في حديث) : ألا إنّ للعبد أربع أعين: عينان يبصر بهما أمر دينه و دنياه، و عينان يبصر بهما أمر آخرته، فإذا أراد اللّه بعبد خيرا فتح له العينين اللتين في قلبه، فأبصر بهما الغيب في أمر آخرته، و إذا أراد به غير ذلك ترك القلب بما فيه.

41-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ناجى داود ربّه فقال: إلهي، لكلّ ملك خزانة فأين خزانتك؟ قال جلّ جلاله: لي خزانة أعظم من العرش، و أوسع من الكرسيّ، و أطيب من الجنّة، و أزين من الملكوت؛ أرضها المعرفة، و سماؤها الإيمان، و شمسها الشوق، و قمرها المحبّة، و نجومها الخواطر، و سحابها العقل، و مطرها الرحمة، و أثمارها الطاعة، و ثمرها الحكمة، و لها أربعة أبواب: العلم، و الحلم، و الصبر، و الرضا، ألا و هي القلب. (1)

42-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: قلب المؤمن أجرد، فيه سراج يزهر، و قلب الكافر أسود منكوس.

و قال سفيان بن عيينة: سألت الصادق عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: إِلاّ مَنْ أَتَى اَللّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ قال: السليم الذي يلقى ربّه و ليس فيه أحد سواه، و قال: و كلّ قلب فيه شكّ أو شرك فهو ساقط، و إنّما أرادوا الزهد في الدنيا لتفرغ قلوبهم للآخرة. (2)

43-و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لو لا أنّ الشياطين يحومون على قلوب بني آدم لنظروا إلى الملكوت. (3)

بيان:

«يحومون» : أي يطوفون.

44-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: على كلّ قلب جاثم من الشيطان، فإذا ذكر اسم اللّه

ص:438


1- -البحار ج 70 ص 59 ح 37
2- البحار ج 70 ص 59 ح 39
3- البحار ج 70 ص 59 ح 39

خنس و ذاب، و إذا ترك ذكر اللّه التقمه الشيطان فجذبه و أغواه و استزلّه و أطغاه. (1)

بيان:

«جثم» : أي لزم مكانه فلم يبرح، فهو جاثم. «خنس» : أي رجع و تأخّر.

45-في وصيّة الباقر عليه السّلام لجابر الجعفيّ: و اطلب راحة البدن بإجمام القلب، و تخلّص إلى إجمام القلب بقلّة الخطأ، و تعرّض لرقّة القلب بكثرة الذكر في الخلوات، و استجلب نور القلب بدوام الحزن. . . و إيّاك و الغفلة ففيها تكون تكون قساوة القلب. . . و اعلم أنّه لا علم كطلب السلامة، و لا سلامة كسلامة القلب. . . و لا فقر كفقر القلب. . . (2)

بيان:

«إجمام القلب» الجمام: الراحة، و أجمّ الفؤاد: أراحه.

46-في حديث موسى بن جعفر عليه السّلام لهشام: . . . يا هشام، إنّ المسيح عليه السّلام قال للحواريّين: . . . و اجعلوا قلوبكم بيوتا للتقوى، و لا تجعلوا قلوبكم مأوى للشهوات. . . فإنّ اللّه يحيي القلوب الميتة بنور الحكمة كما يحيي الأرض الميتة بوابل المطر. . . (3)

بيان:

«الوابل» : المطر الشديد الضخم القطر.

47-في مواعظ الجواد عليه السّلام: القصد إلى اللّه تعالى بالقلوب أبلغ من إتعاب الجوارح بالأعمال. (4)

ص:439


1- -البحار ج 70 ص 61 ح 42
2- البحار ج 78 ص 164
3- البحار ج 78 ص 308
4- البحار ج 78 ص 364 في ح 4

48-في مواعظ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: تفرغوا من هموم الدنيا ما استطعتم، فإنّه من أقبل على اللّه تعالى بقلبه جعل اللّه قلوب العباد منقادة إليه بالودّ و الرحمة، و كان اللّه إليه بكلّ خير أسرع. (1)

49-و قد وردت الرواية الصحيحة أنّه لما نزلت هذه الآية: فَمَنْ يُرِدِ اَللّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ. . . (2)سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن شرح الصدر ما هو؟ فقال: نور يقذفه اللّه في قلب المؤمن، فينشرح له صدره و ينفسح، قالوا: فهل لذلك من أمارة يعرف بها؟ قال صلّى اللّه عليه و آله: نعم، الإنابة إلى دار الخلود، و التجافي عن دار الغرور، و الاستعداد للموت قبل نزول الموت. (3)

50-عن الفضيل بن يسار قال: قال لي أبو جعفر عليه السّلام: يا فضيل، إنّ حديثنا يحيي القلوب. (4)

51-عن النعمان بن بشير قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: في الإنسان مضغة إذا هي سلمت و صحّت سلم بها سائر الجسد، فإذا سقمت سقم بها سائر الجسد و فسد، و هي القلب. (5)

52-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا طاب قلب المرء طاب جسده، و إذا خبث القلب خبث الجسد. (6)

53-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: القلب ثلاثة أنواع: قلب مشغول بالدنيا، و قلب مشغول بالعقبى، و قلب مشغول بالمولى، أمّا القلب المشغول بالدنيا فله الشدّة

ص:440


1- -البحار ج 77 ص 168
2- الأنعام:125
3- مجمع البيان ج 4 ص 363-و بمدلوله في البحار ج 77 ص 95 في وصيّته صلّى اللّه عليه و آله لابن مسعود
4- الخصال ج 1 ص 22 باب الواحد ح 76
5- الخصال ج 1 ص 31 ح 109
6- الخصال ج 1 ص 31 ح 110

و البلاء، و أمّا القلب المشغول بالعقبى فله الدرجات العلى، و أمّا القلب المشغول بالمولى فله الدنيا و العقبى و المولى. (1)

54-و ممّا أوصى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عليّا عليه السّلام: فقال: يا عليّ، خمسة تميت القلب: كثرة الأكل، و كثرة النوم، و كثرة الضحك، و كثرة همّ القلب، و أكل الحرام يطرد الإيمان.

يا عليّ، خمسة تقسّي القلب و إذا قسّى القلب كفر الإنسان و هو: الذنب على الذنب، و الأكل على الشبع، و ظلم الناس، و تأخير الصلوة، و الأكل و الشرب بالشمال. . . و خمسة تنوّر القلب: كثرة قراءة قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ، و قلّة الأكل، و مجالسة العلماء، و الصلاة في الليل، و المشي في المساجد.

يا عليّ، و خمسة تجلو القلب و تذهب القساوة: مجالسة العالم (العلماء ف ن) و مسح رأس اليتيم، و كثرة الاستغفار بالأسحار، و السهر الكثير، و الصوم. . . (2)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في أبواب الحكمة، الحديث، الحرص، البكاء ف 1، الخشوع، الذنب، الزهد، الظلم، السخاء و. . .

و مرّ في باب التفكّر؛ «أنّ التفكّر حياة قلب البصير» .

و في باب الصمت؛ «من قلّ ورعه مات قلبه، و من مات قلبه دخل النار» .

و في باب الاستغفار؛ «إنّ للقلوب صداء كصداء النحاس، فاجعلوها بالاستغفار» .

و في باب أهل الدين، دعاء الغريق: «يا اللّه يا رحمن يا رحيم، يا مقلّب القلوب ثبّت قلبي على دينك» .

ص:441


1- -الاثنى عشريّة ص 91 ب 3 ف 4
2- الاثنى عشريّة ص 203 ب 5 ف 3

55-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

أصل صلاح القلب إشتغاله بذكر اللّه. (الغرر ج 1 ص 188 ف 8 ح 257)

أفضل القلوب قلب حشي بالفهم. (ح 252)

أصل قوّة القلب التوكّل على اللّه. (ح 256)

إنّ هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها للخير. (ص 220 ف 9 ح 73)

إذا أحبّ اللّه عبدا رزقه قلبا سليما و خلقا قويما. (ص 320 ف 17 ح 139)

شرّ ما ألقي في القلب الغلول. (ص 444 ف 41 ح 25)

شرّ القلوب الشاكّ في إيمانه. (ص 477 ح 72)

عمارة القلوب في معاشرة ذوي العقول. (ج 2 ص 500 ف 55 ح 28)

قلوب العباد الطاهرة مواضع نظر اللّه سبحانه و تعالى، فمن طهّر قلبه نظر اللّه إليه. (ص 538 ف 61 ح 65)

لقاء أهل المعرفة عمارة القلوب و مستفاد الحكمة. (ص 610 ف 76 ح 26)

لا خير في قلب لا يخشع و عين لا تدمع، و علم لا ينفع.

(ص 858 ف 86 ح 477)

من ذكر اللّه سبحانه أحيى اللّه قلبه، و نوّر عقله. (ص 690 ف 77 ح 1215)

من سكّن قلبه العلم باللّه سبحانه سكّنه الغنى عن خلق اللّه.

(ص 693 ح 1235)

ص:442

157- القمار

الآيات

1- يَسْئَلُونَكَ عَنِ اَلْخَمْرِ وَ اَلْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَ مَنافِعُ لِلنّاسِ وَ إِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما. . . (1)

2- حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ اَلْمَيْتَةُ وَ اَلدَّمُ وَ لَحْمُ اَلْخِنْزِيرِ . . . وَ أَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ. . . (2)

3- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا اَلْخَمْرُ وَ اَلْمَيْسِرُ وَ اَلْأَنْصابُ وَ اَلْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ اَلشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّما يُرِيدُ اَلشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ اَلْعَداوَةَ وَ اَلْبَغْضاءَ فِي اَلْخَمْرِ وَ اَلْمَيْسِرِ وَ يَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اَللّهِ وَ عَنِ اَلصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ. (3)

4- . . . فَاجْتَنِبُوا اَلرِّجْسَ مِنَ اَلْأَوْثانِ وَ اِجْتَنِبُوا قَوْلَ اَلزُّورِ. (4)

ص:443


1- -البقرة:219
2- المائدة:3
3- المائدة:90 و 91
4- الحجّ:30
الأخبار

1-عن زياد بن عيسى قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قوله عزّ و جلّ: وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ (1)فقال: كانت قريش تقامر الرجل بأهله و ماله، فنهاهم اللّه عزّ و جلّ عن ذلك. (2)

أقول:

في ح 8: «قال: يعني بذلك القمار» ، و في ح 14 «قال: ذلك القمار» .

2-عن الوشّاء عن أبي الحسن عليه السّلام قال: سمعته يقول: الميسر هو القمار. (3)

3-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: لمّا أنزل اللّه على رسوله صلّى اللّه عليه و آله إِنَّمَا اَلْخَمْرُ وَ اَلْمَيْسِرُ. . . قيل: يا رسول اللّه، ما الميسر؟ فقال: كلّ ما تقومر به حتّى الكعاب و الجوز. قيل: فما الأنصاب؟ قال: ما ذبحوا لآلهتهم. قيل: فما الأزلام؟ قال: قداحهم التي يستقسمون بها. (4)

بيان:

«الكعاب» واحده كعب، و المعنى: العظم الذي يلعب به.

4-عن إسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: الصبيان يلعبون بالجوز و البيض و يقامرون، فقال: لا تأكل منه فإنّه حرام. (5)

5-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان ينهى عن الجوز يجيء به الصبيان

ص:444


1- -البقرة:188
2- الوسائل ج 17 ص 164 ب 35 من ما يكتسب به ح 1-و بمضمونه ح 9
3- الوسائل ج 17 ص 165 ح 3-و مثله ح 10 عن الرضا عليه السّلام
4- الوسائل ج 17 ص 165 ح 4
5- الوسائل ج 17 ص 166 ح 7

من القمار أن يؤكل، و قال: هو سحت. (1)

6-قال الرضا عليه السّلام: إنّ الشطرنج، و النرد، و أربعة عشر، و كلّ ما قومر عليه منها، فهو ميسر. (2)

7-عن عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ للّه عزّ و جلّ في كلّ ليلة من شهر رمضان عتقاء من النار إلاّ من أفطر على مسكر، أو مشاحن، أو صاحب شاهين، قلت: و أيّ شيء صاحب الشاهين؟ قال: الشطرنج. (3)

بيان:

«شاهين» : إنّما سمّي الشطرنج شاهين لأنّ في كلّ طرف من طرفي الشطرنج قطعة تسمّى ب"شاه و وزير".

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه سئل عن الشطرنج؟ فقال: دعوا المجوسيّة لأهلها لعنها اللّه. (4)

9-عن عبد الواحد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن اللعب بالشطرنج، فقال: إنّ المؤمن لمشغول عن اللعب. (5)

10-عن زيد الشحّام قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: فَاجْتَنِبُوا اَلرِّجْسَ مِنَ اَلْأَوْثانِ وَ اِجْتَنِبُوا قَوْلَ اَلزُّورِ قال: الرجس من الأوثان؛ الشطرنج، و قول الزور؛ الغناء. (6)

11-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام (في حديث المناهي) قال: نهى رسول

ص:445


1- -الوسائل ج 17 ص 166 ح 6
2- الوسائل ج 17 ص 167 ح 11
3- الوسائل ج 17 ص 319 ب 102 ح 4
4- الوسائل ج 17 ص 319 ح 7
5- الوسائل ج 17 ص 321 ح 11
6- الوسائل ج 17 ص 318 ح 1 و ح 3

اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن اللعب بالنرد و الشطرنج و الكوبة و العرطبة، و هي الطنبور و العود، و نهى عن بيع النرد. (1)

12-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ملعون من لعب بالاستريق-يعني الشطرنج- و الناظر إليه كآكل لحم الخنزير. (2)

13-عن الرضا عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: كلّ ما ألهى عن ذكر اللّه فهو من الميسر. (3)

14-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: بيع الشطرنج حرام، و أكل ثمنه سحت، و اتّخاذها كفر، و اللعب بها شرك، و السّلام على اللاهيّ بها معصية و كبيرة موبقة، و الخائض يده فيها كالخائض يده في لحم الخنزير، لا صلاة له حتّى يغسل يده كما يغسلها من مسّ لحم الخنزير، و الناظر إليها كالناظر في فرج امّه.

و اللاهي بها و الناظر إليها في حال ما يلهى بها، و السّلام على اللاهي بها في حالته تلك، في الإثم سواء.

و من جلس على اللعب بها فقد تبوّء مقعده في النار، و كان عيشه ذلك حسرة عليه في القيامة، و إيّاك و مجالسة اللاهي المغرور بلعبها، فإنّه من المجالس التي باء أهلها بسخط من اللّه، يتوقّعونه في كلّ ساعة فيعمّك معهم. (4)

15-. . . عن الفضل بن شاذان قال: سمعنا الرضا عليه السّلام يقول: لمّا حمل رأس الحسين بن عليّ عليهما السّلام إلى الشام أمر يزيد بن معاوية لعنه اللّه فوضع و نصب عليه مائدة، فأقبل هو و أصحابه يأكلون و يشربون الفقّاع، فلمّا فرغوا أمر

ص:446


1- -الوسائل ج 17 ص 325 ب 104 ح 6
2- المستدرك ج 13 ص 223 ب 82 من ما يكتسب به ح 1
3- البحار ج 79 ص 230 باب القمار ح 3
4- البحار ج 79 ص 234 ح 13

بالرأس فوضع في طست تحت سريره، و بسط عليه رقعة الشطرنج، و جلس يزيد لعنه اللّه يلعب بالشطرنج فيذكر الحسين و أباه و جدّه عليهم السّلام و يستهزئ بذكرهم، فمتى قمر صاحبه تناول الفقّاع فشربه ثلاث مرّات، ثمّ صبّ فضله على ما يلي الطست من الأرض.

فمن كان من شيعتنا فليتورّع عن شرب الفقّاع، و اللعب بالشطرنج، فليذكر الحسين عليه السّلام و ليلعن يزيد و آل زياد: يمحو اللّه عزّ و جلّ بذلك ذنوبه، و لو كانت كعدد النجوم. (1)

بيان:

قمره: أي غلبه في القمار.

ص:447


1- -البحار ج 79 ص 237 ح 23( العيون ج 2 ص 21 ب 30 ح 50)

ص:448

158- القناعة

الأخبار

1-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من رضي من اللّه باليسير من المعاش، رضي اللّه منه باليسير من العمل. (1)

2-قال أبو الحسن الرضا عليه السّلام: من لم يقنعه من الرزق إلاّ الكثير، لم يكفه من العمل إلاّ الكثير، و من كفاه من الرزق القليل فإنّه يكفيه من العمل القليل. (2)

3-عن أبي حمزة عن أبي جعفر أو أبي عبد اللّه عليهما السّلام قال: من قنع بما رزقه اللّه فهو من أغنى الناس. (3)

بيان:

في مجمع البحرين، «القناعة» : الرضا بالقسم، و منه القانع و هو الذي يقنع بما يصيبه من الدنيا و إن كان قليلا، و يشكر على اليسير.

و في الصحاح، القناعة: الرضا بالقسم.

و في المقائيس ج 5 ص 32: (قنع) أصلان صحيحان، أحدهما يدلّ على الإقبال

ص:449


1- -الكافي ج 2 ص 111 باب القناعة ح 3
2- الكافي ج 2 ص 112 ح 5
3- الكافي ج 2 ص 112 ح 9

على الشيء، ثمّ تختلف معانيه مع اتّفاق القياس. . . و يقولون: قنع قناعة إذا رضي، و سمّيت قناعة لأنّه يقبل على الشيء الذي له راضيا.

و في جامع السعادات ج 2 ص 104: ضدّ الحرص القناعة، و هي ملكة للنفس توجب الاكتفاء بقدر الحاجة و الضرورة من المال، من دون سعي و تعب في طلب الزائد عنه، و هي صفة فاضلة يتوقّف عليها كسب سائر الفضائل، و عدمها يؤدّي يالعبد إلى مساويء الأخلاق و الرذائل، و هي المظنّة للوصول إلى المقصد و أعظم الوسائل لتحصيل سعادة الأبد،

إذ من قنع بقدر الضرورة من المطعم و الملبس، و يقتصر على أقلّه قدرا أو أخسّه نوعا، و يرد أمله إلى يومه أو إلى شهره، و لا يشغل قلبه بالزائد عن ذلك، كان فارغ البال مجتمع الهمّ، فيتمكّن من الاشتغال بأمر الدين و سلوك طريق الآخرة، و من فاتته القناعة، و تدنّس بالحرص و الطمع و طول الأمل، و خاض في غمرات الدنيا، تفرّق قلبه و تشتّت أمره، فكيف يمكنه التشمّر لتحصيل أمر الدين و الوصول إلى درجات المتّقين؟ و لذلك ورد في مدح القناعة ما ورد من الأخبار. . .

4-شكى رجل إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه يطلب فيصيب و لا يقنع، و تنازعه نفسه إلى ما هو أكثر منه، و قال: علّمني شيئا أنتفع به، فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إن كان ما يكفيك يغنيك، فأدنى ما فيها يغنيك، و إن كان ما يكفيك لا يغنيك فكلّ ما فيها لا يغنيك. (1)

5-قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام: من قنع بما قسم اللّه له فهو من أغنى الناس. (2)

ص:450


1- -الكافي ج 2 ص 113 ح 10-و بمضمونه ح 11 عن أمير المؤمنين 7-و سيأتي نحوه في باب الكفاف.
2- مشكوة الأنوار ص 130 ب 3 ف 7

6-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أغنى الغنى القناعة. (1)

7-و قال عليه السّلام لرجل يعظه: اقنع بما قسم اللّه لك، و لا تنظر إلى ما عند غيرك، و لا تتمنّ ما لست نايله، فإنّه من قنع شبع، و من لم يقنع لم يشبع، و خذ حظّك من آخرتك. (2)

8-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: القناعة مال لا ينفد.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: القناعة كنز لا يفنى. (3)

9-عن عبد العظيم الحسنيّ عن محمّد بن عليّ عن أبيه الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه الصادق عن أبيه عن جدّه عليهم السّلام قال: . . . و دعا سلمان أبا ذرّ رحمه اللّه ذات يوم إلى ضيافة، فقدم إليه من جرابه كسرة يابسة، و بلّها من ركوته، فقال أبو ذرّ: ما أطيب هذا الخبز لو كان معه ملح، فقام سلمان و خرج و رهن ركوته بملح و حمله إليه، فجعل أبو ذرّ يأكل ذلك الخبز و يذر عليه ذلك الملح، و يقول: «الحمد للّه الذي رزقنا هذه القناعة» فقال سلمان: لو كانت قناعة لم تكن ركوتي مرهونة. (4)

بيان:

«الجراب» : وعاء من جلد. «الركوة» : إناء صغير من جلد يشرب فيه الماء.

أقول: قد مرّ في باب الغيرة: إنّ اللّه عزّ و جلّ خصّ رسله بمكارم الأخلاق. . . فذكرها عشرة: اليقين و القناعة. . .

و في باب العقل: لم يقسم بين العباد أقلّ من خمس: اليقين و القنوع و الصبر و الشكر و. . .

ص:451


1- -مشكوة الأنوار ص 130
2- مشكوة الأنوار ص 130
3- مشكوة الأنوار ص 132
4- العيون ج 2 ص 53 ب 31 ح 203

10-عن الصادق جعفر بن محمّد عليه السّلام قال: . . . و خمس من لم تكن له فيه لم يتهنّ بالعيش: الصحّة، و الأمن، و الغنى، و القناعة، و الأنيس الموافق. (1)

بيان:

«لم يتهنّ» : أصلها لم يتهنّأ، أبدلت الهمزة ياء، ثمّ حذفت بالجازم.

11-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: القناعة مال لا ينفد. (2)

12-و قال عليه السّلام: كفى بالقناعة ملكا، و بحسن الخلق نعيما. (3)

13-و سئل عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً فقال: هي القناعة. (4)

14-و قال عليه السّلام: . . . و لا كنز أغنى من القناعة. . . (5)

15-في كلمات النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: و اقنع بما أوتيته يخفّ عليك الحساب. (6)

16-في مواعظ الحسين عليه السّلام: . . . و القنوع راحة الأبدان. . . (7)

17-عن هشام بن سالم قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول لحمران: يا حمران، انظر إلى من هو دونك، و لا تنظر إلى من هو فوقك في المقدرة، فإنّ ذلك أقنع لك بما قسّم لك، و أحرى أن تستوجب الزيادة من ربّك. . . و لا مال أنفع

ص:452


1- -أمالي الصدوق ص 291 م 48 ح 15
2- نهج البلاغة ص 1113 ح 54 و ص 1303 ح 467-و قال السيّد الرضيّ رحمه اللّه: قد روي هذا الكلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله
3- نهج البلاغة ص 1188 ح 220
4- نهج البلاغة ص 1188 ح 221
5- نهج البلاغة ص 1260 في ح 363
6- البحار ج 77 ص 189( في ح 37 أعلام الدين)
7- البحار ج 78 ص 128

من القنوع باليسير المجزي، و لا جهل أضرّ من العجب. (1)

18-في مواعظ الرضا عليه السّلام: و سئل عليه السّلام عن القناعة، فقال: القناعة تجتمع إلى صيانة النفس و عزّ القدر، و طرح مؤن (مؤونة ف ن) الاستكثار، و التعبّد لأهل الدنيا، و لا يسلك طريق القناعة إلاّ رجلان: إمّا متعبّد (متعلّل ف ن) يريد أجر الآخرة، أو كريم متنزّه عن لئام الناس. (2)

19-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: كن ورعا تكن أعبد الناس، و كن قانعا تكن أشكر الناس، و أحبّ للناس ما تحبّ لنفسك تكن مؤمنا. (3)

20-إنّ أمير المؤمنين عليه السّلام اجتاز بقصّاب و عنده لحم سمين، فقال: يا أمير المؤمنين، هذا لحم سمين اشتر منه فقال: ليس الثمن حاضرا فقال: أنا أصبر يا أمير المؤمنين، فقال عليه السّلام له: أنا أصبر عن اللحم، و إنّ اللّه سبحانه وضع خمسة في خمسة: العزّ في الطاعة، و الذلّ في المعصية، و الحكمة في خلوّ البطن، و الهيبة في صلاة الليل، و الغنى في القناعة. (4)

21-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: قرأت التوراة و الإنجيل و الزبور و الفرقان، و اخترت من كلّ كتاب كلمة؛ فمن التوراة: من صمت نجا، و من الإنجيل: من قنع شبع، و من الزبور: من ترك الشهوات سلم من الآفات، و من الفرقان: وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اَللّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ. (5)

22-قال الصادق عليه السّلام: لو حلف القانع بتملّكه على الدارين لصدّقه اللّه عزّ و جلّ بذلك و لأبرّه، لعظم شأن مرتبة القناعة، ثمّ كيف لا يقنع العبد بما قسّم اللّه

ص:453


1- -البحار ج 78 ص 198 في مواعظ الصادق عليه السّلام
2- البحار ج 78 ص 349
3- جامع السعادات ج 2 ص 104
4- مجموعة الأخبار ص 155 ب 94
5- الاثنى عشرية ص 165 ب 4 ف 3

له و هو يقول: نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي اَلْحَياةِ اَلدُّنْيا (1)فمن أذعن و صدّقه بما شاء، و لما شاء بلا غفلة، و أيقن بربوبيّته أضاف تولية الأقسام إلى نفسه بلا سبب، و من قنع بالمقسوم استراح من الهمّ و الكرب و التعب، و كلّما نقص من القناعة زاد في الرغبة. . . (2)

بيان:

«أبرّه» : أبرّ اليمين أي أمضاه.

23-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

القناعة تغني. (الغرر ج 1 ص 6 ف 1 ح 40)

القناعة عزّ. (ص 7 ح 87)

القناعة عفاف. (ص 10 ح 205)

القناعة أبقى عزّ-المستريح من الناس القانع. (ص 23 ح 670 و 675)

القناعة علامة الأتقياء. (ص 24 ح 678)

القنوع عنوان الرضا. (ص 27 ح 809)

القناعة سيف لا ينبو. (ص 32 ح 990)

القانع غنيّ و إن جاع و عرى. (ص 52 ح 1446)

انتقم من حرصك بالقنوع كما تنتقم من عدوّك بالقصاص.

(ص 114 ف 2 ح 115)

اقنعوا بالقليل من دنياكم لسلامة دينكم، فإنّ المؤمن البلغة اليسيرة من الدنيا تقنعه. (ص 137 ف 3 ح 71)

أغنى الناس القانع. (ص 175 ف 8 ح 33)

ص:454


1- -الزخرف:32
2- مصباح الشريعة ص 21 ب 29

أطيب العيش القناعة. (ص 180 ح 137)

أهنأ الأقسام القناعة و صحّة الأجسام. (ص 186 ح 220)

أعون شيء على صلاح النفس القناعة. (ص 196 ح 367)

أغنى الناس الراضي بقسم اللّه سبحانه. (ص 199 ح 403)

أنعم الناس عيشا من منحه اللّه تعالى القناعة و أصلح له زوجه.

(ص 205 ح 469)

إنّ في القنوع لغناء. (ص 215 ف 9 ح 3)

إذا طلبت الغنى فاطلبه بالقناعة. (ص 314 ف 17 ح 83)

إذا أراد اللّه بعبد خيرا ألهمه القناعة، و أصلح له زوجه. (ص 320 ح 141)

إذا أراد اللّه بعبد خيرا ألهمه القناعة، فاكتفى بالكفاف و اكتسى بالعفاف.

(ص 322 ح 163)

بالقناعة يكون العزّ. (ص 332 ف 18 ح 66)

ثمرة القناعة الغناء. (ص 359 ف 23 ح 13)

ثمرة القناعة الإجمال في المكتسب و العزوف (1)عن الطلب. (ص 360 ح 47)

ثمرة العفّة القناعة. (ص 361 ح 50)

ثمرة القناعة العزّ. (ح 57)

عليك بالقنوع فلا شيء للفاقة أدفع منه. (ج 2 ص 478 ف 49 ح 15)

على قدر العفّة تكون القناعة (ص 487 ف 51 ح 8)

غناء الفقير قناعته. (ص 506 ف 57 ح 6)

غناء العاقل بحكمته، و عزّه بقناعته. (ص 509 ح 42)

لن توجد القناعة حتّى يفقد الحرص. (ص 590 ف 72 ح 22)

ص:455


1- -عزفت نفسه عن الشيء: زهدت فيه، يقال: «هو عزوف عن اللهو» إذا لم يشتهه

من قنع شبع. (ص 613 ف 77 ح 66)

من عقل قنع-من قنع بقسمته استراح. (ص 614 ح 82 و 95)

من قنع لم يغتمّ. (ص 616 ح 129)

من قنع حسنت عبادته. (ص 617 ح 153)

من قنع قلّ طمعه. (ص 627 ح 329)

من قنع بقسم اللّه استغنى-من لم يقنع بما قدر له تعنّى.

(ص 632 ح 409 و 410)

من عدم القناعة لم يغنه المال. (ص 635 ح 455)

من قنع برزق اللّه سبحانه استغنى عن الخلق. (ص 655 ح 775)

من وهب له القناعة صانته. (ح 776)

من قنع كفي مذلّة الطلب. (ص 656 ح 792)

من قنعت نفسه أعانته على النزاهة و العفاف. (ص 672 ح 1000)

من اقتنع بالكفاف أدّاه إلى العفاف. (ص 678 ح 1073)

من رضي بقسم اللّه سبحانه لم يحزن على ما فاته. (ص 697 ح 1271)

من أكرم الخلق التحلّي بالقناعة. (ص 732 ف 78 ح 110)

من عزّ النفس لزوم القناعة. (ص 736 ح 165)

لا كنز كالقناعة. (ص 830 ف 86 ح 23)

لا قناعة مع شره. (ص 833 ح 92)

لا يذهب الفاقة مثل الرضا و القنوع. (ص 856 ح 452)

ص:456

حرف الكاف

159- الكبر

الآيات

1- وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اُسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاّ إِبْلِيسَ أَبى وَ اِسْتَكْبَرَ وَ كانَ مِنَ اَلْكافِرِينَ. (1)

2- . . . إِنَّ اَللّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالاً فَخُوراً. (2)

3- . . . وَ مَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبادَتِهِ وَ يَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً -. . . وَ أَمَّا اَلَّذِينَ اِسْتَنْكَفُوا وَ اِسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذاباً أَلِيماً وَ لا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اَللّهِ وَلِيًّا وَ لا نَصِيراً. (3)

4- قالَ فَاهْبِطْ مِنْها فَما يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيها فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ اَلصّاغِرِينَ. (4)

5- وَ اَلَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَ اِسْتَكْبَرُوا عَنْها أُولئِكَ أَصْحابُ اَلنّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ . . . إِنَّ اَلَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَ اِسْتَكْبَرُوا عَنْها لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ اَلسَّماءِ

ص:457


1- -البقرة:34 و بمدلولها في ص:74 و 75
2- النساء:36
3- النساء:172 و 173
4- الأعراف:13

وَ لا يَدْخُلُونَ اَلْجَنَّةَ حَتّى يَلِجَ اَلْجَمَلُ فِي سَمِّ اَلْخِياطِ وَ كَذلِكَ نَجْزِي اَلْمُجْرِمِينَ- لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ وَ مِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ وَ كَذلِكَ نَجْزِي اَلظّالِمِينَ. (1)

6- سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ اَلَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي اَلْأَرْضِ بِغَيْرِ اَلْحَقِّ وَ إِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها وَ إِنْ يَرَوْا سَبِيلَ اَلرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَ إِنْ يَرَوْا سَبِيلَ اَلغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَ كانُوا عَنْها غافِلِينَ. (2)

7- إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَ هُمْ مُسْتَكْبِرُونَ - لا جَرَمَ أَنَّ اَللّهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَ ما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ اَلْمُسْتَكْبِرِينَ. (3)

8- فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَلَبِئْسَ مَثْوَى اَلْمُتَكَبِّرِينَ. (4)

9- وَ لا تَمْشِ فِي اَلْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ اَلْأَرْضَ وَ لَنْ تَبْلُغَ اَلْجِبالَ طُولاً. (5)

10- وَ لا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنّاسِ وَ لا تَمْشِ فِي اَلْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اَللّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ. (6)

11- . . . كَذلِكَ يَطْبَعُ اَللّهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبّارٍ. (7)

12- إِنَّ اَلَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اَللّهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلاّ كِبْرٌ ما هُمْ بِبالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ هُوَ اَلسَّمِيعُ اَلْبَصِيرُ. (8)

ص:458


1- -الأعراف:36 إلى 41
2- الأعراف:146
3- النحل:22 و 23
4- النحل:29 و بمدلولها في الزمر:60 و 72 و المؤمن:76
5- الإسراء:37
6- لقمان:18
7- المؤمن:35
8- المؤمن:56

13- . . . إِنَّ اَلَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ. (1)

الأخبار

1-عن حكيم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن أدنى الإلحاد، فقال: إنّ الكبر أدناه. (2)

بيان:

ألحد فلان: مال عن الحقّ، و قد ينجرّ الإلحاد إلى الشرك باللّه أو إنكاره.

«الكبر» في المفردات: الكبر و التكبّر و الاستكبار تتقارب، فالكبر الحالة التي يتخصّص بها الإنسان من إعجابه بنفسه، و ذلك أن يرى الإنسان نفسه أكبر من غيره، و أعظم التكبّر التكبّر على اللّه بالامتناع من قبول الحقّ و الإذعان له بالعبادة. . .

و في جامع السعادات ج 1 ص 344، الكبر: و قد عرفت أنّه الركون إلى رؤية النفس فوق الغير، و بعبارة أوضح: هو عزّة و تعظيم يوجب رؤية النفس فوق الغير و اعتقاد المزيّة و الرجحان عليه، فهو يستدعي متكبّرا عليه، و به ينفصل عن العجب، إذ العجب مجرّد استعظام النفس من دون اعتبار رؤيتها فوق الغير، فالعجب سبب الكبر و الكبر من نتائجه.

ثمّ الكبر-أي العزّة الموجبة لرؤية النفس فوق الغير-هو خلق الباطن يقتضي أعمالا في الظاهر هي ثمراته، و تسمّى تلك الأعمال الظاهرة الصادرة منه تكبّرا، و لذا من تعزّز و رأى نفسه باطنا فوق الغير، من دون صدور فعل على جوارحه يقال له: «كبر» ، و إذا ظهرت الأعمال يقال له: «تكبّر» . و هذه الأعمال الظاهرة التي

ص:459


1- -المؤمن:60
2- الكافي ج 2 ص 233 باب الكبر ح 1

هي ثمرات خلق الكبر أفعال و أقوال توجب تحقير الغير و الازراء به، كالترفّع عن مؤاكلته و مجالسته، و الاستنكاف عن مرافقته و مصاحبته، و ابعاده عن نفسه، و إبائه عن الجلوس بجنبه، و انتظاره أن يسلّم عليه، و توقّعه أن يقوم ماثلا بين يديه، و الاستنكاف من قبول وعظه، و تعنيفه في إرشاده و نصحه، و تقدّمه عليه في المحافل و الطرقات، و عدم الالتفات إليه في المحاورات، و توقّع التقديم عليه في كلّ ما يدلّ على التعظيم عرفا. و بالجملة الأعمال الصادرة عن الكبر كثيرة، و لا حاجة إلى احصائها، لكونها مشهورة معروفة و من جملتها الاختيال في المشي و جرّ الثياب. . .

و في المرآة ج 10 ص 185: . . . فهذا هو الكبر و آفته عظيمة و فيه يهلك الخواصّ و العوامّ، و كيف لا تعظم آفته و قد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «لا يدخل الجنّة من كان في قلبه ذرّة من كبر» .

و إنّما صار حجابا عن الجنّة لأنّه يحول بين العبد و بين أخلاق المؤمنين كلّها، و تلك الأخلاق هي أبواب الجنّة، و الكبر و عزّ النفس تغلق تلك الأبواب كلّها، لأنّه مع تلك الحالة لا يقدر على حبّه للمؤمنين ما يحبّ لنفسه، و لا على التواضع و هو رأس أخلاق المتّقين، و لا على كظم الغيظ و لا على ترك الحقد، و لا على الصدق و لا على ترك الحسد و الغضب، و لا على النصح اللطيف و لا على قبوله، و لا يسلم من الازراء بالناس و اغتيابهم، فما من خلق ذميم إلاّ و صاحب الكبر و العزّ مضطرّ إليه ليحفظ به عزّه، و ما من خلق محمود إلاّ و هو عاجز عنه خوفا من أن يفوته عزّه، فعن هذا لم يدخل الجنّة.

و شرّ أنواع الكبر ما يمنع من استفادة العلم و قبول الحقّ و الانقياد له و فيه وردت الآيات التي فيها ذمّ المتكبّرين كقوله سبحانه: وَ كُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ 1و أمثالها كثيرة و لذلك ذكر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله جحود الحقّ في حدّ الكبر، و الكشف عن حقيقته و قال: «من سفّه الحقّ و غمص الناس» .

ص:460

و شرّ أنواع الكبر ما يمنع من استفادة العلم و قبول الحقّ و الانقياد له و فيه وردت الآيات التي فيها ذمّ المتكبّرين كقوله سبحانه: وَ كُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ (1)و أمثالها كثيرة و لذلك ذكر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله جحود الحقّ في حدّ الكبر، و الكشف عن حقيقته و قال: «من سفّه الحقّ و غمص الناس» .

ثمّ اعلم أنّ المتكبّر عليه هو اللّه أو رسله أو ساير الخلق، فهو بهذه الجهة ثلاثة أقسام:

الأوّل: التكبّر على اللّه، و هو أفحش أنواعه و لا مثار له إلاّ الجهل المحض و الطغيان، مثل ما كان لنمرود و فرعون.

الثاني: التكبّر على الرسل و الأوصياء عليهم السّلام كقولهم: أَ نُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا (2)وَ لَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ (3)و قالوا: لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْنَا اَلْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا لَقَدِ اِسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَ عَتَوْا عُتُوًّا كَبِيراً (4)و هذا قريب من التكبّر على اللّه و إن كان دونه، و لكنّه تكبّر عن قبول أمر اللّه.

الثالث: التكبّر على العباد، و ذلك بأن يستعظم نفسه، و يستحقر غيره فتأبى نفسه عن الانقياد لهم، و تدعوه إلى الترفّع عليهم، فيزدريهم و يستصغرهم و يأنف عن مساواتهم، و هذا و إن كان دون الأوّل و الثاني فهو أيضا عظيم من وجهين: أحدهما؛ أنّ الكبر و العزّة و العظمة لا يليق إلاّ بالمالك القادر، فأمّا العبد الضعيف الذليل المملوك العاجز الذي لا يقدر على شيء فمن أين يليق به الكبر؟ ! فمهما تكبّر العبد فقد نازع اللّه تعالى في صفة لا تليق إلاّ بجلاله. . . و الوجه الثاني؛ أنّه يدعو إلى مخالفة اللّه تعالى في أوامره، لأنّ المتكبّر إذا سمع الحقّ من عبد من عباد اللّه استنكف عن قبوله، و يشمئزّ بجحده. . . (البحار ج 73 ص 193)

ص:


1- -الأنعام:93
2- المؤمنون:47
3- المؤمنون:34
4- الفرقان:21

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أبو جعفر عليه السّلام: العزّ رداء اللّه، و الكبر إزاره، فمن تناول شيئا منه أكبّه اللّه في جهنّم. (1)

بيان:

«الإزار» و «الرداء» : هما استعارتان للصفة التي هي العزّة و العظمة، و في النهاية ج 1 ص 44: شبّههما بالإزار و الرداء لأنّ المتّصف بهما يشملانه كما يشمل الرداء الإنسان؛ و لأنّه لا يشاركه في إزاره و ردائه أحد، فكذلك اللّه تعالى لا ينبغي أن يشركه فيهما أحد.

«أكبّه اللّه» في المصباح: كببت زيدا كبّا: ألقيته على وجهه.

3-عن زرارة عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام قالا: لا يدخل الجنّة من في قلبه مثقال ذرّة من كبر. (2)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر، و زاد عليه السّلام في ح 7: . . . فقال: ليس حيث تذهب، إنّما أعني الجحود، إنّما هو الجحود.

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الكبر أن تغمص الناس و تسفه الحقّ. (3)

بيان:

«تغمص الناس» : أي تحقّرهم. «تسفه الحقّ» : أي تستخفّ و تجهل به.

5-عن عبد الأعلى بن أعين عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ أعظم الكبر غمص الخلق و سفه الحقّ، قال: قلت: و ما غمص الخلق و سفه الحقّ؟ قال: يجهل الحقّ و يطعن على أهله، فمن فعل ذلك فقد نازع اللّه

ص:462


1- -الكافي ج 2 ص 234 ح 3
2- الكافي ج 2 ص 234 ح 6
3- الكافي ج 2 ص 234 ح 8

عزّ و جلّ رداءه. (1)

بيان:

المراد بالناس و الخلق (في الحديثين) : إمّا مطلق الناس أو الحجج و الأئمّة عليهم السّلام كما ورد في الأخبار أنهم الناس. (المرآة)

6-عن ابن بكير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ في جهنّم لواديا للمتكبّرين يقال له: سقر؛ شكا إلى اللّه عزّ و جلّ شدّة حرّه و سأله أن يأذن له أن يتنفّس، فتنفّس فأحرق جهنّم. (2)

بيان:

في المرآة: يظهر من الآيات أن المراد بالمتكبّرين في الخبر من تكبّر على اللّه و لم يؤمن به و بأنبيائه و حججه عليهم السّلام.

7-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ المتكبّرين يجعلون في صور الذّرّ؛ يتوطّأهم الناس حتّى يفرغ اللّه من الحساب. (3)

بيان:

توطّأ فلانا برجله: داسه (او را پايمال كرد) .

8-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ثلاثة لا يكلّمهم اللّه و لا ينظر إليهم يوم القيامة و لا يزكّيهم و لهم عذاب أليم: شيخ زان، و ملك جبّار، و مقلّ مختال. (4)

بيان:

«المقلّ» : أي الفقير. «المختال» : المعجب بنفسه المتكبّر، و في المفردات، الخيلاء:

ص:463


1- -الكافي ج 2 ص 234 ح 9-و نظيره ح 12
2- الكافي ج 2 ص 234 ح 10
3- الكافي ج 2 ص 235 ح 11
4- الكافي ج 2 ص 235 ح 14

التكبّر عن تخيّل فضيلة تراءت للإنسان من نفسه.

9-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ يوسف عليه السّلام لمّا قدم عليه الشيخ يعقوب عليه السّلام دخله عزّ الملك، فلم ينزل إليه، فهبط جبرئيل عليه السّلام فقال: يا يوسف، ابسط راحتك فخرج منها نور ساطع، فصار في جوّ السماء، فقال يوسف: يا جبرئيل، ما هذا النور الذي خرج من راحتي؟ فقال: نزعت النبوّة من عقبك عقوبة لما لم تنزل إلى الشيخ يعقوب، فلا يكون من عقبك نبيّ. (1)

بيان:

في المرآة: النزول إمّا عن الدابّة أو عن السرير و كلاهما مرويّان، و ينبغي حمله على أنّ ما دخله لم يكن تكبّرا و تحقيرا لوالده، لكون الأنبياء منزّهين عن أمثال ذلك، بل راعى فيه المصلحة لحفظ عزّته عند عامّة الناس لتمكّنه من سياسة الخلق و ترويج الدين. . . «الراحة» باطن الكف.

10-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما من أحد يتيه إلاّ من ذلّة يجدها في نفسه.

و في حديث آخر: عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما من رجل تكبّر أو تجبّر إلاّ لذلّة وجدها في نفسه. (2)

بيان:

في النهاية ج 1 ص 203(تيه) : «إنّك امرؤ تائه» أي متكبّر أو ضالّ متحيّر. . . و قد تاه يتيه تيها: إذا تحيّر و ضلّ، و إذا تكبّر.

أقول: قد مرّ في باب حبّ الدنيا: أوّل ما عصي اللّه به الكبر، معصية إبليس حين أبى و استكبر و كان من الكافرين. . .

11-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الحمد للّه الذي لبس العزّ و الكبرياء،

ص:464


1- -الكافي ج 2 ص 235 ح 15
2- الكافي ج 2 ص 236 ح 17

و اختارهما لنفسه دون خلقه، و جعلهما حمى و حرما على غيره، و اصطفاهما لجلاله، و جعل اللعنة على من نازعه فيهما من عباده، ثمّ اختبر بذلك ملائكته المقرّبين، ليميّز المتواضعين منهم من المستكبرين، فقال سبحانه و هو العالم بمضمرات القلوب و محجوبات الغيوب: إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ- فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ- فَسَجَدَ اَلْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ- إِلاّ إِبْلِيسَ (1)اعترضته الحميّة، فافتخر على آدم بخلقه، و تعصّب عليه لأصله، فعدوّ اللّه إمام المتعصّبين، و سلف المستكبرين. . .

ألا ترون كيف صغّره اللّه بتكبّره، و وضعه اللّه بترفّعه؟ فجعله في الدنيا مدحورا، و أعدّ له في الآخرة سعيرا. . .

فاعتبروا بما كان من فعل اللّه بإبليس، إذ أحبط عمله الطويل، و جهده الجهيد -و كان قد عبد اللّه ستّة ألاف سنة لا يدرى أمن سني الدنيا أن من سني الآخرة-عن كبر ساعة واحدة، فمن ذا بعد إبليس يسلم على اللّه بمثل معصيته؟ كلاّ! ما كان اللّه سبحانه ليدخل الجنّة بشرا بأمر أخرج به منها ملكا، إنّ حكمه في أهل السماء و أهل الأرض لواحد، و ما بين اللّه و بين أحد من خلقه هوادة في إباحة حمى حرّمه على العالمين. . . (2)

بيان:

«الهوادة» : اللين و الرخصة.

12-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه قال: يا أبا ذرّ، من مات و في قلبه مثقال ذرّة من كبر لم يجد رائحة الجنّة إلاّ أن يتوب قبل ذلك، فقال: يا رسول اللّه، إنّي ليعجبني الجمال حتّى وددت أن علاقة سوطي و قبال نعلي حسن، فهل يرهب

ص:465


1- -ص:71 إلى 74
2- نهج البلاغة ص 776 خ 234 « القاصعة» -صبحي ص 285 خ 192

على ذلك؟ قال: كيف تجد قلبك؟ قال: أجده عارفا للحقّ مطمئنّا إليه، قال: ليس ذلك بالكبر و لكنّ الكبر أن تترك الحقّ و تتجاوزه إلى غيره، و تنظر إلى الناس، و لا ترى أنّ أحدا عرضه كعرضك و لا دمه كدمك.

يا أبا ذرّ، أكثر من يدخل النار المستكبرون. فقال رجل: و هل ينجو من الكبر أحد يا رسول اللّه؟ قال: نعم من لبس الصوف و ركب الحمار و حلب العنز (الشاة م) و جالس المساكين.

يا أبا ذرّ، من حمل بضاعته فقد برئ من الكبر، يعني ما يشتري من السوق.

يا أبا ذرّ، من جرّ ثوبه خيلاء لم ينظر اللّه عزّ و جلّ إليه يوم القيامة.

يا أبا ذرّ، أزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه و لا جناح عليه فيما بينه و بين كعبيه.

يا أبا ذرّ، من رفع ذيله، و خصف نعله، و عفّر وجهه، فقد برئ من الكبر. (1)

بيان:

«خصف نعله» : المعنى بالفارسيّة: كفش خود را وصله بزند.

13-في وصايا الباقر عليه السّلام: ما دخل قلب امرء شيء من الكبر إلاّ نقص من عقله مثل ما دخله من ذلك، قلّ ذلك أو كثر. (2)

أقول:

في الاثنى عشريّة ص 241 في الخاتمة من ب 6: قيل: إنّ آدم عليه السّلام كان جالسا في موضع، فأتاه ستّة أشخاص و جلسوا عنده؛ ثلاثة عن يمينه و ثلاثة عن يساره، ثلاثة منها بيض و ثلاثة منها سود، و قال آدم لواحد من البيض: من أنت؟ فقال: أنا العقل، فقال: أين مقامك؟ فقال: في الدماغ، فقال للثاني: من أنت؟ فقال: أنا الشفقة، فقال: أين مقامك؟ فقال: في القلب، فقال للثالث: من أنت؟ فقال: أنا

ص:466


1- -البحار ج 77 ص 92
2- البحار ج 78 ص 186 ح 16

الحياء، فقال: أين مقامك؟ فقال: في العين.

ثمّ رجع إلى يساره فقال لواحدة من السود: من أنت؟ قال: أنا الكبر، فقال: أين مقامك؟ قال: في الدماغ، قال: هل يكون العقل فيه؟ فقال: إذا دخلت يخرج العقل، فقال للثاني: من أنت؟ قال: أنا الحسد، فقال: أين مقامك؟ قال: القلب، قال: هل يكون [ال] شفقة فيه؟ قال: إذا دخلت تخرج الشفقة، ثمّ قال للثالث: من أنت؟ قال: أنا الطمع، فقال: أين مقامك؟ قال: في العين، قال: هل يكون الحياء فيه؟ قال: إذا دخلت يخرج الحياء.

14-عن حفص بن غياث عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: و من ذهب أنّ له على الآخر فضلا فهو من المستكبرين، فقلت: إنّما يرى أنّ له عليه فضلا بالعافية إذا رآه مرتكبا للمعاصي، فقال: هيهات هيهات فلعلّه أن يكون غفر له ما أتى و أنت موقوف محاسب، أما تلوت قصّة سحرة موسى عليه السّلام. . . (1)

15-عن الصادق عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أمقت الناس المتكبّر.

و عنه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من يستكبر يضعه اللّه. (2)

16-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من رقّع جيبه، و خصف نعله، و حمل سلعته، فقد أمن من الكبر. (3)

بيان:

«رقّع جيبه» : المعنى بالفارسيّة: پيراهنش را وصله زند. «السلعة» : المتاع.

17-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: عجبت لابن آدم أوّله نطفة، و آخره جيفة، و هو قائم بينهما وعاء للغائط، ثمّ يتكبّر. (4)

ص:467


1- -البحار ج 73 ص 226 باب الكبر ح 18
2- البحار ج 73 ص 231 ح 23
3- البحار ج 73 ص 233 ح 30
4- البحار ج 73 ص 234 ح 33

18-قال أبو جعفر عليه السّلام: الكبر مطايا النار. (1)

بيان:

«المطيّة» جمع مطايا: و هي المركوب.

19-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أكثر أهل جهنّم المتكبّرون. (2)

20-قال الصادق عليه السّلام: الجهل في ثلاث: الكبر، و شدّة المراء، و الجهل باللّه، فاولئك هم الخاسرون. (3)

أقول:

لاحظ أبواب جهنّم، اللبس، التواضع و. . .

21-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

التكبّر يضع الرفيع. (الغرر ج 1 ص 14 ف 1 ح 362)

التواضع يرفع الوضيع. (ح 363)

التواضع ينشر الفضيلة-التكبّر يظهر الرذيلة. (ص 21 ح 575 و 576)

الكبر شرّ العيوب. (ص 22 ح 611)

التكبّر عين الحماقة. (ص 31 ح 939)

التعزّز بالتكبّر ذلّ-التكبّر بالدنيا قلّ. (ص 34 ح 1044 و 1045)

التواضع سلّم الشرف-التكبّر أسّ التلف. (ص 35 ح 1093 و 1094)

الكبر مصيدة إبليس العظمى (ص 38 ح 1175)

الكبر داع إلى التقحّم في الذنوب. (ص 59 ح 1600)

الكبر يساور القلوب مساورة السموم القاتلة. (ص 88 ح 2032)

احذر الكبر فإنّه رأس الطغيان، و معصية الرحمان. (ص 143 ف 4 ح 32)

ص:468


1- -عقاب الأعمال ص 265 باب عقاب المتكبّرين ح 6
2- عقاب الأعمال ص 265 ح 9
3- المستدرك ج 12 ص 28 ب 58 من جهاد النفس ح 8

إيّاك و الكبر فإنّه أعظم الذنوب، و ألأم العيوب، و هو حلية إبليس.

(ص 148 ف 5 ح 22)

أقبح الخلق التكبّر. (ص 177 ف 8 ح 70)

إنّك إن تواضعت رفعك اللّه-إنّك إن تكبّرت وضعك اللّه.

(ص 287 ف 13 ح 15 و 16)

آفة الشرف الكبر. (ص 304 ف 16 ح 5)

ثمرة الكبر المسبّة. (ص 359 ف 23 ح 28)

شرّ الخلائق (الأخلاق ف ن) الكبر. (ص 446 ف 41 ح 54)

شرّ آفات العقل الكبر. (ص 448 ح 80)

كلّ متكبّر حقير. (ج 2 ص 545 ف 62 ح 12)

ليس للمتكبّر صديق. (ص 593 ف 73 ح 14)

لو رخّص اللّه سبحانه في الكبر لأحد من الخلق لرخّص فيه لأنبيائه، لكنّه كرّه إليهم التكابر، و رضي لهم التواضع. (ص 606 ف 75 ح 34)

من تكبّر حقّر. (ص 612 ف 77 ح 29)

من تكبّر مقت-من تكبّر في سلطانه صغر. (ص 615 ح 104 و 117)

من تكبّر على الناس ذلّ. (ص 627 ح 334)

من لبس الكبر و السرف خلع الفضل و الشرف. (ص 678 ح 1074)

من أقبح الكبر تكبّر الرجل على ذي رحمه و أبناء جنسه.

(ص 730 ف 78 ح 92)

ما تكبّر إلاّ وضيع-ما تواضع إلاّ رفيع. (ص 737 ف 79 ح 15 و 16)

ما اجتلب المقت بمثل الكبر. (ص 738 ح 47)

لا يتعلّم من يتكبّر. (ص 836 ف 86 ح 150)

ص:469

ص:470

160- الكتمان و الإذاعة

الآية

قال اللّه تعالى: وَ إِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ اَلْأَمْنِ أَوِ اَلْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ. . . (1)

الأخبار

1-عن أبي حمزة عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: وددت و اللّه أنّي افتديت خصلتين في الشيعة لنا ببعض لحم ساعدي: النزق و قلّة الكتمان. (2)

بيان:

«وددت» : أحببت. «النزق» : الطيش و الخفّة عند الغضب (سبكى و شتاب نمودن هنگام غضب) .

«الكتمان» يقال: كتم السرّ أي أخفاه، و المراد: إخفاء أحاديث الأئمّة و أسرارهم عن المخالفين و كتمان أسرارهم و غوامض أخبارهم عمّن لا يحتمله عقله، و ربّما يراد به كتمان أسرار الناس بعضهم عن بعض.

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أمر الناس بخصلتين فضيّعوهما فصاروا منهما

ص:471


1- -النساء:83
2- الكافي ج 2 ص 175 باب الكتمان ح 1( الخصال ج 1 ص 44 باب الأثنين ح 40)

على غير شيء: الصبر و الكتمان. (1)

بيان:

«فصاروا منهما» : أي بسببهما، يعني بسبب تضييعهما. «على غير شيء» : أي من الدين، أو ضيّعوهما بحيث لم يبق في أيديهم شيء من الصبر و الكتمان.

3-عن سليمان بن خالد قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا سليمان، إنّكم على دين من كتمه أعزّه اللّه و من أذاعه أذلّه اللّه. (2)

بيان:

«الإذاعة» يقال: ذاع الخبر أي انتشر، و أذاعه أي أفشاه، و المراد: إفشاء أسرار الأئمّة عليهم السّلام عند المخالفين، فيصير مفسدة و ضررا على الأئمّة و على شيعتهم و إفشاء بعض غوامض العلوم التي لا تدركها عقول عامّة الخلق، و ربما يراد بها إذاعة أسرار الناس بعضهم إلى بعض.

4-عن عبد اللّه بن بكير عن رجل عن أبي جعفر عليه السّلام قال: دخلنا عليه جماعة، فقلنا: يابن رسول اللّه، إنّا نريد العراق فأوصنا، فقال أبو جعفر عليه السّلام: ليقوّ شديدكم ضعيفكم و ليعد غنيّكم على فقيركم، و لا تبثّوا سرّنا و لا تذيعوا أمرنا، و إذا جاءكم عنّا حديث فوجدتم عليه شاهدا أو شاهدين من كتاب اللّه فخذوا به و إلاّ فقفوا عنده، ثمّ ردّوه إلينا حتّى يستبين لكم.

و اعملوا أنّ المنتظر لهذا الأمر له مثل أجر الصائم القائم، و من أدرك قائمنا فخرج معه فقتل عدوّنا كان له مثل أجر عشرين شهيدا، و من قتل مع قائمنا كان له مثل أجر خمسة و عشرين شهيدا. (3)

ص:472


1- -الكافي ج 2 ص 176 ح 2
2- الكافي ج 2 ص 176 ح 3
3- الكافي ج 2 ص 176 ح 4

بيان:

في المرآة ج 9 ص 187، «ليقوّ شديدكم» : أي بالإغاثة و الإعانة و رفع الظلم، أو بالتقوية في الدين و رفع الشبهه عنهم. «ليعد. . .» أي ليصلهم و ليحسن إليهم، يقال: عاده بمعروفه أي أفضل، و الاسم العائدة، و هي المعروف و الصلة.

5-عن عبد الأعلى قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّه ليس من احتمال أمرنا التصديق له و القبول فقطّ، من احتمال أمرنا ستره و صيانته من غير أهله، فأقرئهم السّلام و قل لهم: رحم اللّه عبدا اجترّ مودّة الناس إلى نفسه، حدّثوهم بما يعرفون، و استروا عنهم ما ينكرون.

ثمّ قال: و اللّه ما الناصب لنا حربا بأشدّ علينا مؤونة من الناطق علينا بما نكره، فإذا عرفتم من عبد إذاعة فامشوا إليه و ردّوه عنها، فإن قبل منكم و إلاّ فتحمّلوا عليه بمن يثقل عليه و يسمع منه. . . (1)

بيان:

«اجترّ» الجرّ: الجذب كالاجترار

6-عن أبي عبيدة الحذّاء قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: و اللّه إنّ أحبّ أصحابي إليّ أورعهم و أفقههم و أكتمهم لحديثنا، و إنّ أسوأهم عندي حالا و أمقتهم للّذي إذا سمع الحديث ينسب إلينا و يروى عنّا فلم يقبله، اشمأزّ منه و جحده، و كفّر من دان به، و هو لا يدري لعلّ الحديث من عندنا خرج و إلينا أسند، فيكون بذلك خارجا عن ولايتنا. (2)

بيان:

في القاموس، الشمز: نفور النفس ممّا تكره. . . و اشمأزّ: انقبض و اقشعرّ أو ذعر،

ص:473


1- -الكافي ج 2 ص 176 ح 5
2- الكافي ج 2 ص 177 ح 7

و الشيء: كرهه، و المشمئزّ: النافر الكاره و المذعور.

7-عن معلّى بن خنيس قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا معلّى، اكتم أمرنا و لا تذعه، فإنّه من كتم أمرنا و لم يذعه أعزّه اللّه به في الدنيا، و جعله نورا بين عينيه في الآخرة، يقوده إلى الجنّة.

يا معلّى، من أذاع أمرنا و لم يكتمه أذلّه اللّه به في الدنيا، و نزع النور من بين عينيه في الآخرة، و جعله ظلمة تقوده إلى النار.

يا معلّى، إنّ التقيّة من ديني و دين آبائي، و لا دين لمن لا تقيّة له.

يا معلّى، إنّ اللّه يحبّ أن يعبد في السرّ كما يحبّ أن يعبد في العلانية.

يا معلّى، إنّ المذيع لأمرنا كالجاحد له. (1)

بيان:

في المرآة: كأنّه عليه السّلام كان يخاف على المعلّى القتل، لما يرى من حرصه على الإذاعة، و لذلك أكثر من نصيحته بذلك و مع ذلك لم تنجع نصيحته فيه و إنّه قد قتل بسبب ذلك.

8-عن البزنطي قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السّلام عن مسألة فأبى و أمسك، ثمّ قال: لو أعطيناكم كلّما تريدون كان شرّا لكم و اخذ برقبة صاحب هذا الأمر، قال أبو جعفر عليه السّلام: ولاية اللّه أسرّها إلى جبرئيل عليه السّلام و أسرّها جبرئيل إلى محمّد صلّى اللّه عليه و آله، و أسرّها محمّد إلى عليّ عليه السّلام، و أسرّها عليّ إلى من شاء اللّه، ثمّ أنتم تذيعون ذلك، من الذي أمسك حرفا سمعه؟ قال أبو جعفر عليه السّلام: في حكمة آل داود: ينبغي للمسلم أن يكون مالكا لنفسه، مقبلا على شأنه، عارفا بأهل زمانه، فاتّقوا اللّه و لا تذيعوا حديثنا. . . (2)

ص:474


1- -الكافي ج 2 ص 177 ح 8
2- الكافي ج 2 ص 178 ح 10

9-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كفّوا ألسنتكم و الزموا بيوتكم، فإنّه لا يصيبكم أمر تخصّون به أبدا و لا تزال الزيديّة لكم وقاء أبدا. (1)

بيان:

«الزيديّة» : أتباع زيد بن عليّ بن الحسين عليه السّلام، و هم الذين لا يلتزمون بالتقيّة و يدعون الناس إلى القيام بالسيف كما ورد في حديث.

10-عن عثمان بن عيسى عن أبي الحسن عليه السّلام قال: إن كان في يدك هذه شيء فإن استطعت أن لا تعلم هذه فافعل؛ قال: و كان عنده إنسان فتذاكروا الإذاعة، فقال: احفظ لسانك تعزّ، و لا تمكّن الناس من قياد رقبتك فتذلّ. (2)

بيان:

في المرآة، «القياد» : حبل تقاد به الدابّة، و تمكين الناس من القياد، كناية عن تسليط المخالفين على الإنسان بسبب ترك التقيّة و إفشاء الأسرار عندهم.

11-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ أمرنا مستور مقنّع بالميثاق، فمن هتك علينا أذلّه اللّه. (3)

بيان:

في المرآة، «مقنّع» : أي مستور و أصله القناع «بالميثاق» أي بالعهد الذي أخذ اللّه رسوله و الأئمّة عليهم السّلام أن يكتموه عن غير أهله.

12-عن عيسى بن أبي منصور قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: نفس المهموم لنا المغتمّ لظلمنا تسبيح، و همّه لأمرنا عبادة، و كتمانه لسرّنا جهاد في سبيل اللّه.

ص:475


1- -الكافي ج 2 ص 178 ح 13
2- الكافي ج 2 ص 179 ح 14
3- الكافي ج 2 ص 179 ح 15

قال لي محمّد بن سعيد: اكتب هذا بالذهب، فما كتبت شيئا أحسن منه. (1)

13-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من أذاع علينا حديثنا فهو بمنزلة من جحدنا حقّنا. (2)

14-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما قتلنا من أذاع حديثنا قتل خطأ و لكن قتلنا قتل عمد. (3)

15-عن إسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، و تلا هذه الآية: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اَللّهِ وَ يَقْتُلُونَ اَلنَّبِيِّينَ بِغَيْرِ اَلْحَقِّ. . . (4)قال: و اللّه ما قتلوهم بأيديهم، و لا ضربوهم بأسيافهم، و لكنّهم سمعوا أحاديثهم فأذاعوها فاخذوا عليها فقتلوا فصار قتلا و اعتداء و معصية. (5)

16-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: وَ يَقْتُلُونَ اَلْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ (6)فقال: أما و اللّه ما قتلوهم بأسيافهم و لكن أذاعوا سرّهم و أفشوا عليهم فقتلوا. (7)

17-عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من أذاع علينا حديثنا سلبه اللّه الإيمان. (8)

ص:476


1- -الكافي ج 2 ص 179 ح 16
2- الكافي ج 2 ص 274 باب الإذاعة ح 2
3- الكافي ج 2 ص 275 ح 4
4- البقرة:61
5- الكافي ج 2 ص 275 ح 6
6- آل عمران:112
7- الكافي ج 2 ص 275 ح 7
8- الكافي ج 2 ص 275 ح 3

18-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: مذيع السرّ شاكّ؛ و قائله عند غير أهله كافر، و من تمسّك بالعروة الوثقى فهو ناج، قلت: و ما هو؟ قال: التسليم. (1)

19-عن أبي خالد الكابلي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ جعل الدين دولتين: دولة آدم-و هي دولة اللّه-و دولة إبليس؛ فإذا أراد اللّه أن يعبد علانية كانت دولة آدم، و إذا أراد اللّه أن يعبد في السرّ كانت دولة إبليس، و المذيع لما أراد اللّه ستره مارق من الدين. (2)

بيان:

«مارق من الدين» : خارج عنه غير عامل بمقتضاه.

20-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من استفتح نهاره بإذاعة سرّنا، سلّط اللّه عليه حرّ الحديد، و ضيق المحابس. (3)

21-في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: و لا تودع سرّك إلاّ عند كلّ ثقة، و لا تلفظ إلاّ بما يتعارفون به الناس، و لا تخالطهم إلاّ بما يفعلون، فاحذر كلّ الحذر و كن فردا وحيدا. (4)

22-في جوامع كلم عليّ عليه السّلام: الصمت حكم، و السكوت سلامة، و الكتمان طرف من السعادة. (5)

23-عن الباقر عن أبيه عن جدّه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام قال: من كتم سرّه كانت الخيرة بيده، و كلّ حديث جاوز اثنين فشا. (6)

ص:477


1- -الكافي ج 2 ص 276 ح 10
2- الكافي ج 2 ص 276 ح 11
3- الكافي ج 2 ص 276 ح 12
4- البحار ج 77 ص 237
5- البحار ج 78 ص 63
6- البحار ج 75 ص 68 باب فضل كتمان السرّ ح 1

24-عن أبان بن تغلب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كتمان سرّنا جهاد في سبيل اللّه. (1)

25-عن عليّ بن جعفر عن أخيه عليه السّلام قال: ثلاثة يستظلّون بظلّ عرش اللّه يوم لا ظلّ إلاّ ظلّه: رجل زوّج أخاه المسلم، أو أخدمه، أو كتم له سرّا. (2)

26-قال الصادق عليه السّلام لبعض أصحابه: لا تطلع صديقك من سرّك إلاّ على ما لو اطّلع عليه عدوّك لم يضرّك، فإنّ الصديق قد يكون عدوّك يوما ما. (3)

27-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: جمع خير الدنيا و الآخرة في كتمان السرّ و مصادقة الأخيار، و جمع الشرّ في الإذاعة و مواخاة الأشرار. (4)

28-قال الصادق عليه السّلام: سرّك من دمك، فلا يجرينّ من غير أوداجك. (5)

29-قال الصادق عليه السّلام: صدرك أوسع لسرّك. (6)

30-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أربعة يذهبن ضياعا: مودّة تمنحها من لا وفاء له، و معروف عند من لا يشكر له، و علم عند من لا استماع له، و سرّ تودعه عند من لا حصانة له. (7)

31-عن داود الرقّيّ و مفضّل و فضيل (في حديث) قالوا: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا تذيعوا أمرنا و لا تحدّثوا به إلاّ أهله، فإنّ المذيع علينا أمرنا أشدّ علينا

ص:478


1- -البحار ج 75 ص 70 ح 7
2- البحار ج 75 ص 70 ح 10
3- البحار ج 75 ص 71 ح 12
4- البحار ج 75 ص 71 ح 14
5- البحار ج 75 ص 71 ح 15
6- البحار ج 75 ص 71 ح 17
7- الخصال ج 1 ص 264 باب الأربعة ح 144

مؤونة من عدوّنا، انصرفوا رحمكم اللّه و لا تذيعوا سرّنا. (1)

32-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: صدر العاقل صندوق سرّه. . . (2)

33-و قال عليه السّلام: الظفر بالحزم، و الحزم بإجالة الرأي، و الرأي بتحصين الأسرار. (3)

34-و قال عليه السّلام: من كتم سرّه كانت الخيرة بيده. (4)

أقول:

قد مرّ في باب الإيمان عن الرضا عليه السّلام: لا يكون المؤمن مؤمنا حتّى يكون فيه ثلاث خصال: سنّة من ربّه، و سنّة من نبيّه، و سنّة من وليّه، فأمّا السنّة من ربّه؛ فكتمان سرّه. . .

35-في وصيّة الصادق عليه السّلام لابن النعمان-مؤمن الطاق-(في خبر طويل) : ثمّ قال: المذيع علينا سرّنا كالشاهر بسيفه علينا، رحم اللّه عبدا سمع بمكنون علمنا فدفنه تحت قدميه. . . يابن النعمان، إنّي لأحدّث الرجل منكم بحديث فيتحدّث به عنّي، فأستحلّ بذلك لعنته و البراءة منه، فإنّ أبي كان يقول: «و أيّ شيء أقرّ للعين من التقيّة، إنّ التقيّة جنّة المؤمن، و لو لا التقيّة ما عبد اللّه» . . .

يابن النعمان، إنّ المذيع ليس كقاتلنا بسيفه بل هو أعظم وزرا، بل هو أعظم وزرا، بل هو أعظم وزرا. . .

يابن النعمان، إنّ العالم لا يقدر أن يخبرك بكلّ ما يعلم، لأنّه سرّ اللّه الذى أسرّه إلى جبرئيل عليه السّلام و أسرّه جبرئيل إلى محمّد صلّى اللّه عليه و آله و أسرّه محمّد صلّى اللّه عليه و آله إلى عليّ عليه السّلام و أسرّه عليّ عليه السّلام إلى الحسن عليه السّلام. . . فلا تعجلوا، فو اللّه لقد قرب هذا الأمر ثلاث

ص:479


1- -الوسائل ج 16 ص 252 ب 34 من الأمر و النهي ح 19
2- نهج البلاغة ص 1090 ح 5
3- نهج البلاغة ص 1110 ح 45
4- نهج البلاغة ص 1166 ح 153- الغرر ج 2 ص 638 ف 77 ح 506

مرّات فأذعتموه، فأخّره اللّه و اللّه ما لكم سرّ إلاّ و عدوّكم أعلم به منكم.

يابن النعمان، ابق على نفسك فقد عصيتني لا تدع سرّي، فإنّ المغيرة بن سعد كذب على أبي، و أذاع سرّه، فأذاقه اللّه حرّ الحديد، و إنّ أبا الخطّاب كذب عليّ و أذاع سرّي، فأذاقه اللّه حرّ الحديد. و من كتم أمرنا زيّنه اللّه به في الدنيا و الآخرة، و أعطاه حظّه و وقاه حرّ الحديد و ضيق المحابس. . . (1)

36-قال الصادق عليه السّلام: الاستقصاء فرقة، الانتقاد عداوة، قلّة الصبر فضيحة، إفشاء السرّ سقوط، السخاء فطنة، اللوم تغافل. (2)

37-عن عليّ عليه السّلام قال:

انفرد بسرّك و لا تودعه حازما فيزّل و لا جاهلا فيخون.

(الغرر ج 1 ص 112 ف 2 ح 83)

ثلاث لا يستودعن سرّا: المرأة و النّمام و الأحمق. (ص 362 ف 24 ح 5)

سرّك سرور إن كتمته و إن أذعته كان ثبورك. (ص 436 ف 39 ح 65)

سرّك أسيرك فإن أفشيته صرت أسيره. (ص 437 ح 80)

كن بأسرارك بخيلا و لا تذع سرّا أودعته فإنّ الإذاعة خيانة.

(ج 2 ص 568 ف 67 ح 44)

كلّما كثر خزّان الأسرار كثر ضيّاعها. (ص 570 ف 68 ح 3)

من أسرّ إلى غير ثقة فقد ضيّع سرّه. (ص 643 ف 77 ح 583)

من ضعف عن حفظ سرّه لم يقو لسرّ غيره. (ص 697 ح 1279)

من حصّن سرّه منك فقد اتّهمك. (ص 716 ح 1475)

من أقبح الغدر إذاعة السرّ. (ص 725 ف 78 ح 13)

ص:480


1- -تحف العقول ص 227
2- تحف العقول ص 232

ما لمت أحدا على إذاعة سرّي إذ كنت به أضيق منه. (ص 756 ف 79 ح 263)

لا تودعنّ سرّك من لا أمانة له. (ص 800 ف 85 ح 17)

لا تثق بمن يذيع سرّك. (ص 803 ح 60)

لا تطّلع زوجك و عبدك على سرّك فيسترقّانك. (ح 62)

لا تسرّ إلى الجاهل شيئا لا يطيق كتمانه. (ص 807 ح 116)

لا تكونوا مساييح (1)و لا مذاييع (2). (ص 827 ح 272)

لا حزم لمن لا يسع سرّه صدره. (ص 841 ف 86 ح 239)

لا يسلم من أذاع سرّه. (ص 842 ح 251)

أقول:

سيأتي ما يناسب المقام في باب التقيّة.

ص:481


1- -جمع المسياح: من يسيح بالشرّ و النميمة و ينشرهما
2- جمع المذياع: الذي لا يكتم سرّا

ص:482

161- الكذب

الآيات

1- . . . وَ مِنَ اَلَّذِينَ هادُوا سَمّاعُونَ لِلْكَذِبِ. . . الآيات. (1)

2- وَ يَجْعَلُونَ لِلّهِ ما يَكْرَهُونَ وَ تَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ اَلْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ اَلْحُسْنى لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ اَلنّارَ وَ أَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ. (2)

3- هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ اَلشَّياطِينُ- تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفّاكٍ أَثِيمٍ- يُلْقُونَ اَلسَّمْعَ وَ أَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ. (3)

4- . . . إِنَّ اَللّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفّارٌ. (4)

5- فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اَللّهِ وَ كَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ أَ لَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ. (5)

ص:483


1- -المائدة:41 و 42
2- النحل:62
3- الشعراء:221 إلى 223
4- الزمر:3
5- الزمر:32

6- . . . إِنَّ اَللّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذّابٌ. (1)

7- وَيْلٌ لِكُلِّ أَفّاكٍ أَثِيمٍ. (2)

8- إِذا جاءَكَ اَلْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اَللّهِ وَ اَللّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَ اَللّهُ يَشْهَدُ إِنَّ اَلْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ. (3)

الأخبار

1-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: كان عليّ بن الحسين عليهما السّلام يقول لولده: اتّقوا الكذب، الصغير منه و الكبير في كلّ جدّ و هزل؛ فإنّ الرجل إذا كذب في الصغير اجترى على الكبير، أما علمتم أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: ما يزال العبد يصدق حتّى يكتبه اللّه صدّيقا، و ما يزال يكذب حتّى يكتبه اللّه كذّابا. (4)

بيان:

في المصباح: «الكذب» هو الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو، سواء فيه العمد و الخطأ. . .

و في المرآة ج 10 ص 325، الكذب: الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو عليه، سواء طابق الإعتقاد أم لا على المشهور، و قيل: الصدق مطابقة الاعتقاد، و الكذب خلافه، و قيل: الصدق مطابقة الواقع و الاعتقاد معا، و الكلام فيه يطول و لا ريب في أنّ الكذب من أعظم المعاصي، و أعظم أفراده و أشنعها الكذب على اللّه و على رسوله و على الأئمّة عليهم السّلام.

و في جامع السعادات ج 2 ص 328: الكذب و هو إمّا في القول، أي الإخبار

ص:484


1- -المؤمن:28
2- الجاثية:7
3- المنافقون:1
4- الكافي ج 2 ص 253 باب الكذب ح 2

عن الأشياء على خلاف ما هي عليه، و صدوره إمّا عن العداوة أو الحسد أو الغضب، فيكون من رذائل قوّة الغضب، أو من حبّ المال و الطمع، أو الاعتياد الحاصل من مخالطة أهل الكذب، فيكون من رذائل قوّة الشهوة. أو في النيّة و الإرادة، و هو عدم تمحيضها باللّه، بأن لا يكون اللّه سبحانه بانفراده باعث طاعاته و حركاته. . .

و إمّا في العزم، أي الجزم على الخير. . . و إمّا في الوفاء بالعزم، فإنّ النفس قد تسخو بالعزم في الحال، لعدم مشقّة في الوعد. . .

و إمّا في الأعمال، و هو أن تدلّ أعماله الظاهرة على أمر في باطنه لا يتّصف هو به أي لا يكون باطنه مثل ظاهره. . .

ص 330: و إمّا في مقامات الدين، كالكذب في الخوف و الرجاء، و الزهد و التقوى، و الحبّ و التعظيم، و التوكّل و التسليم، و غير ذلك من الفضائل الخلقيّة. . .

أقول: تدلّ على هذا التعميم أخبار كثيرة.

2-عن أبي النعمان قال: قال أبو جعفر عليه السّلام: يا أبا النعمان، لا تكذب علينا كذبة فتسلب الحنيفيّة، و لا تطلبنّ أن تكون رأسا فتكون ذنبا، و لا تستأكل الناس بنا فتفتقر؛ فإنّك موقوف لا محالة و مسئول، فإن صدقت صدّقناك، و إن كذبت كذّبناك. (1)

بيان:

«كذبة» أي كذبة واحدة فكيف بالأكثر. «الحنيفيّة» أي الملّة المحمّديّة المائلة عن الضلالة إلى الاستقامة، أو من الشدّة إلى السهولة، و أصل الحنيف: الميل. «أن تكون رأسا. . .» قد مرّ بيانها في باب الرئاسة.

3-عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ جعل للشرّ

ص:485


1- -الكافي ج 2 ص 253 ح 1

أقفالا، و جعل مفاتيح تلك الأقفال الشراب، و الكذب شرّ من الشراب. (1)

4-قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّ الكذب هو خراب الإيمان. (2)

بيان:

الحمل على المبالغة أي هو سبب خراب الإيمان.

5-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الكذب على اللّه و على رسوله صلّى اللّه عليه و آله من الكبائر. (3)

أقول:

في الوسائل ج 15 ص 327 ب 46 ح 25 عنه عليه السّلام مثله، و زاد: «و على الأوصياء عليهم السّلام» .

و لا يخفى أنّ مطلق الكذب من الكبائر، كما مرّ في باب الذنب عن الرضا عليه السّلام، و لكنّ الكذب على اللّه و على رسوله و الأئمّة عليهم السّلام كان من أكبرها و أعظمها و أشنعها.

6-عن معاوية بن وهب قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ آية الكذّاب بأن يخبرك خبر السماء و الأرض، و المشرق و المغرب، فإذا سألته عن حرام اللّه و حلاله لم يكن عنده شيء. (4)

7-عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ الكذبة لتفطّر الصائم! قلت: و أيّنا لا يكون ذلك منه؟ ! قال: ليس حيث ذهبت، إنّما ذلك الكذب على اللّه و على رسوله و على الأئمّة صلوات اللّه عليه و عليهم. (5)

8-عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: لا يجد عبد طعم

ص:486


1- -الكافي ج 2 ص 254 ح 3
2- الكافي ج 2 ص 254 ح 4
3- الكافي ج 2 ص 254 ح 5
4- الكافي ج 2 ص 254 ح 8
5- الكافي ج 2 ص 254 ح 9

الإيمان حتّى يترك الكذب هزله و جدّه. (1)

9-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ينبغي للرجل المسلم أن يجتنب مواخاة الكذّاب، فإنّه يكذب حتّى يجيئ بالصدق فلا يصدّق. (2)

10-عن عبيد بن زرارة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ ممّا أعان اللّه به على الكذّابين النسيان. (3)

11-عن عيسى بن حسّان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: كلّ كذب مسئول عنه صاحبه يوما إلاّ كذبا في ثلاثة: رجل كائد في حربه فهو موضوع عنه، أو رجل أصلح بين اثنين يلقى هذا بغير ما يلقى به هذا، يريد بذلك الإصلاح ما بينهما، أو رجل وعد أهله شيئا و هو لا يريد أن يتمّ لهم. (4)

بيان:

في المرآة: اعلم أنّ مضمون الحديث متّفق عليه بين الخاصّة و العامّة. . .

12-عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: المصلح ليس بكذّاب. (5)

أقول:

قد مرّ شرحه في باب الإصلاح بين الناس.

13-كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: إيّاكم و الكذب؛ فإنّ كلّ راج طالب و كلّ خائف هارب. (6)

ص:487


1- -الكافي ج 2 ص 255 ح 11
2- الكافي ج 2 ص 255 ح 14
3- الكافي ج 2 ص 255 ح 15
4- الكافي ج 2 ص 256 ح 18
5- الكافي ج 2 ص 256 ح 19
6- الكافي ج 2 ص 256 ح 21

بيان:

أي لا تكذبوا في ادّعاكم الرجاء و الخوف من اللّه سبحانه، و ذلك لأنّ كلّ راج طالب لما يرجو، ساع في أسبابه، و كلّ خائف هارب ممّا يخاف منه، مجتنب ممّا يفرّ به منه، و أنتم لستم كذلك. و هذا مثل قوله عليه السّلام في نهج البلاغة (ص 505 في خ 159) : يدّعي بزعمه أنّه يرجو اللّه! كذب و العظيم! ما باله لا يتبيّن رجاؤه في عمله؟ ! فكلّ من رجا عرف رجاؤه في عمله. . .

لاحظ باب الخوف و الرجاء أيضا.

14-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أربع من كنّ فيه فهو منافق و إن كانت فيه واحدة منهنّ كانت فيه خصلة من النفاق حتّى يدعها: من إذا حدّث كذب، و إذا وعد أخلف، و إذا عاهد غدر، و إذا خاصم فجر. (1)

15-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و شرّ القول الكذب. (2)

16-و قال عليه السّلام: جانبوا الكذب فإنّه مجانب للإيمان، الصادق على شفا منجاة و كرامة، و الكاذب على شرف مهواة و مهانة. (3)

17-فيما كتب أمير المؤمنين عليه السّلام إلى الحارث الهمدانيّ: و لا تحدّث الناس بكلّ ما سمعت به فكفى بذلك كذبا. (4)

18-قال الصادق عليه السّلام: كفى بالمرء كذبا أن يحدّث بكلّ ما سمع. (5)

19-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في حجّة الوداع: قد كثرت عليّ الكذّابة و ستكثر، فمن كذب عليّ متعمّدا فليتبوّء مقعده من النار، فإذا أتاكم الحديث

ص:488


1- -الخصال ج 1 ص 254 باب الأربعة ح 129
2- نهج البلاغة ص 200 في خ 83
3- نهج البلاغة ص 208 في خ 85
4- نهج البلاغة ص 1067 في ر 69
5- سفينة البحار ج 2 ص 474( كذب)

فاعرضوه على كتاب اللّه و سنّتي، فما وافق كتاب اللّه فخذوا به، و ما خالف كتاب اللّه و سنّتي فلا تأخذوا به. (1)

أقول:

الأخبار في ذمّ الكذب على النبيّ و الأئمّة عليهم السّلام كثيرة. راجع الوسائل و غيره.

20-في مواعظ عليّ عليه السّلام: . . . و تحفّظوا من الكذب، فإنّه من أدنى الأخلاق قدرا، و هو نوع عن الفحش و ضرب من الدناءة. . . (2)

21-قال الرضا عليه السّلام: إنّ الرجل ليصدق على أخيه فيناله عنت من صدقه، فيكون كذّابا عند اللّه، و إنّ الرجل ليكذب على أخيه يريد به نفعه فيكون عند اللّه صادقا. (3)

22-و روي أنّ رجلا قال للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أنا يا رسول اللّه، أستسر بخلال أربع: الزنا و شرب الخمر و السرق و الكذب، فأيتهنّ شئت تركتها لك؟ قال صلّى اللّه عليه و آله: دع الكذب، فلمّا ولي همّ بالزنا، فقال: يسألني، فإن جحدت نقضت ما جعلت له، و إن أقررت حدّدت، ثمّ همّ بالسرق، ثمّ بشرب الخمر، ففكّر في مثل ذلك، فرجع إليه، فقال: قد أخذت على السبيل كلّه فقد تركتهنّ أجمع. (4)

23-قال رجل لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا رسول اللّه، دلّني على عمل أتقرّب به إلى اللّه، فقال: لا تكذب، فكان ذلك سببا لاجتنابه كلّ معصية للّه، لأنّه لم يقصد وجها من وجوه المعاصي إلاّ وجد فيه كذبا أو ما يدعو إلى الكذب، فزال عنه ذلك من وجوه المعاصي. (5)

ص:489


1- -سفينة البحار ج 2 ص 474
2- تحف العقول ص 161
3- الوسائل ج 12 ص 255 ب 141 من العشرة ح 10
4- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 6 ص 357 ذيل خ 85
5- المستدرك ج 9 ص 85 من العشرة ح 8

24-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من أعظم الخطايا اللسان الكذوب. (1)

25-و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ المؤمن ينطبع على كلّ شيء، إلاّ على الكذب و الخيانة. (2)

26-و قال صلّى اللّه عليه و آله: و اجتنبوا الكذب و إن رأيتم فيه النجاة، فإنّ فيه الهلكة. (3)

27-و قال صلّى اللّه عليه و آله: إنّ العبد إذا كذب تباعد منه الملك من نتن ما جاء منه. (4)

28-جاء رجل إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال: يا رسول اللّه، ما عمل أهل النار؟ قال: الكذب، إذا كذب العبد فجر، و إذا فجر كفر، و إذا كفر دخل النار. (5)

29-عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: إيّاكم و الكذب، فإنّ الكذب يهدي إلى الفجور، و الفجور يهدي إلى النار. (6)

30-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه قال: يا أبا ذرّ، ويل للذي يحدّث فيكذب ليضحك به القوم ويل له ويل له ويل له.

يا أبا ذرّ، من صمت نجا، فعليك بالصدق، و لا تخرجنّ من فيك كذبة أبدا، قلت: يا رسول اللّه، فما توبة الرجل الذي يكذب متعمّدا؟ فقال: الاستغفار، و صلوات الخمس، تغسل ذلك. (7)

ص:490


1- -المستدرك ج 9 ص 85 ب 120 ح 7
2- المستدرك ج 9 ص 88 ح 23
3- المستدرك ج 9 ص 88 ح 25
4- المستدرك ج 9 ص 89 ح 27
5- المستدرك ج 9 ص 89 ح 29
6- المستدرك ج 9 ص 86 ح 14
7- البحار ج 77 ص 90

31-عن الصادق عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أقلّ الناس مروّة من كان كاذبا. (1)

32-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لا سوء أسوء من الكذب. (2)

33-قال عليّ عليه السّلام: لا يصلح من الكذب جدّ و لا هزل، و لا أن يعد أحدكم صبيّته ثمّ لا يفي له، إنّ الكذب يهدي إلى الفجور، و الفجور يهدي إلى النار، و ما يزال أحدكم يكذب حتّى يقال: كذب و فجر، و ما يزال أحدكم يكذب حتّى لا يبقى في قلبه موضع إبرة صدق، فيسمّى عند اللّه كذّابا. (3)

34-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: اعتياد الكذب يورث الفقر. (4)

35-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الصدق أمانة، و الكذب خيانة. (5)

36-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لا يكذب الكاذب إلاّ من مهانة نفسه، و أصل السخريّة الطمأنينة إلى أهل الكذب. (6)

37-عن أبي محمّد العسكريّ عليه السّلام قال: جعلت الخبائث في بيت و جعل مفتاحه الكذب. (7)

38-. . . قال الصادق عليه السّلام: الكذب مذموم إلاّ في أمرين: دفع شرّ الظلمة، و إصلاح ذات البين. (8)

ص:491


1- -البحار ج 72 ص 259 باب الكذب ح 21
2- البحار ج 72 ص 259 ح 23
3- البحار ج 72 ص 259 ح 24
4- البحار ج 72 ص 261 ح 36
5- البحار ج 72 ص 261 ح 37
6- البحار ج 72 ص 262 ح 45
7- البحار ج 72 ص 263 ح 46
8- البحار ج 72 ص 263 ح 48

39-في مواعظ أمير المؤمنين عليه السّلام: لا تحدّث من غير ثقة فتكون كذّابا. . . (1)

40-عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يكون المؤمن جبانا؟ قال: نعم، قيل: و يكون بخيلا؟ قال: نعم، قيل: و يكون كذّابا؟ قال: لا. (2)

41-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لا تلقّنوا الكذب فتكذبوا، فإنّ بني يعقوب لم يعلموا أنّ الذئب يأكل الإنسان حتّى لقّنهم أبوهم. (3)

42-عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا كذب العبد كذبة تباعد الملك منه مسيرة ميل من نتن ما جاء به. (4)

43-عن عليّ عليه السّلام قال:

الكذب فضّاح. (الغرر ج 1 ص 8 ف 1 ح 121)

الخرس خير من الكذب. (ص 14 ح 336)

الكاذب مهان ذليل. (ص 15 ح 394)

الكذب عيب فاضح. (ص 22 ح 605)

الكذب مهانة و خيانة. (ص 25 ح 733)

الكذب يزري بالإنسان-الكذب يوجب الوقيعة. (ص 27 ح 792 و 797)

الكذب شين الأخلاق. (ص 33 ح 1013)

الكذب يرديك و إن أمنته-الكذب فساد كلّ شيء. (ص 37 ح 1162 و 1159)

الكذب يؤدّي إلى النفاق. (ص 40 ح 1225)

الكاذب على شفا مهواة و مهانة. (ص 44 ح 1294)

ص:492


1- -البحار ج 78 ص 10
2- المحاسن ص 118 كتاب العقاب ب 59 ح 126
3- نور الثقلين ج 2 ص 415 (يوسف) خ 21
4- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 6 ص 357 ذيل خ 85

الكذب و الخيانة ليسا من أخلاق الكرام. (ص 57 ح 1544)

الكذب زوال المنطق عن الوضع الإلهيّ. (ص 59 ح 1589)

الكذب في العاجلة عار، و في الآجلة عذاب النار. (ص 67 ح 1737)

الكذّاب متّهم في قوله و إن قويت حجّته و صدقت لهجته. (ص 76 ح 1872)

الخلال المنتجة للشرّ الكذب، و البخل، و الجور، و الجهل. (ص 88 ح 2027)

الكذّاب و الميّت سواء فإنّ فضيلة الحيّ على الميّت الثقة به فإذا لم يوثق بكلامه بطلت حياته. (ص 97 ح 2126)

أقبح الخلائق (1)الكذب. (ص 175 ف 8 ح 26)

أقبح شيء الإفك. (ص 176 ح 48)

أقلّ شيء الصدق و الأمانة. (ص 195 ح 346)

أكبر شيء الكذب و الخيانة. (ح 347)

أبعد الناس من الصلاح، الكذوب، و ذو الوجه الوقاح. (ص 209 ح 509)

ثمرة الكذب المهانة في الدنيا و العذاب في الآخرة.

(ص 361 ف 23 ح 53)

جانبوا الكذب، فإنّه مجانب الإيمان. (ص 369 ف 26 ح 24)

شرّ الأخلاق الكذب و النفاق. (ص 443 ف 41 ح 18)

شرّ الشيم الكذب. (ص 446 ح 56)

علّة الكذب شرّ علّة و زلّة المتوقّي أشدّ زلّة. (ج 2 ص 501 ف 55 ح 35)

عاقبة الكذب ملامة و ندامة. (ص 502 ح 48)

كثرة كذب المرء يفسد بهائه. (ص 562 ف 66 ح 19)

كثرة الكذب يفسد الدين و يعظّم الوزر. (ص 563 ح 40)

ص:493


1- -جمع الخليقة و هي الطبيعة و السجيّة

كذب السفير يولد الفساد و يفوت المراد و يبطل الحزم و ينقص العزم.

(ص 575 ف 69 ح 40)

ليس الكذب من خلائق الإسلام. (ص 593 ف 73 ح 10)

من كذب أفسد مروّته. (ص 617 ف 77 ح 152)

من كثر كذبه لم يصدّق. (ص 625 ح 306)

من عرف بالكذب لم يقبل صدقه. (ص 629 ح 365)

من كثر كذبه قلّ بهاءه. (ص 632 ح 420)

من عرف بالكذب قلّت الثقة به. (ص 692 ح 1227)

ما كذب عاقل و لا زنا مؤمن. (ص 740 ف 79 ح 78)

ما أقبح الكذب بذوي الفضل. (ص 741 ح 99)

لا حياء لكذّاب. (ص 829 ف 86 ح 4)

لا تجتمع الكذب و المروّة. (ص 836 ح 146)

لا شيمة أقبح من الكذب. (ص 839 ح 198)

يكتسب الكاذب بكذبه [ثلاثا] سخط اللّه سبحانه عليه، و استهانة الناس به، و مقت الملائكة له. (ص 876 ف 91 ح 30)

أقول:

قد مرّ في باب الحرص أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال لعليّ عليه السّلام: «يا عليّ، أنهاك عن ثلاث خصال عظام: الحسد و الحرص و الكذب» .

و في باب العقل: في حديث موسى بن جعفر عليه السّلام لهشام: «يا هشام، إنّ العاقل لا يكذب و إن كان فيه هواه» .

و في باب الصلاة ف 2: «إنّ الرجل ليكذب الكذبة فيحرم بها صلاة الليل، فإذا حرم بها صلاة الليل حرم بها الرزق» .

ص:494

162- كظم الغيظ و العفو

الآيات

1- . . . فَاعْفُوا وَ اِصْفَحُوا حَتّى يَأْتِيَ اَللّهُ بِأَمْرِهِ. . . (1)

2- . . . وَ اَلْكاظِمِينَ اَلْغَيْظَ وَ اَلْعافِينَ عَنِ اَلنّاسِ وَ اَللّهُ يُحِبُّ اَلْمُحْسِنِينَ. (2)

3- . . . فَاعْفُ عَنْهُمْ وَ اِصْفَحْ إِنَّ اَللّهَ يُحِبُّ اَلْمُحْسِنِينَ. (3)

4- خُذِ اَلْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ وَ أَعْرِضْ عَنِ اَلْجاهِلِينَ. (4)

5- . . . وَ لْيَعْفُوا وَ لْيَصْفَحُوا أَ لا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اَللّهُ لَكُمْ وَ اَللّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ. (5)

6- . . . وَ إِنْ تَعْفُوا وَ تَصْفَحُوا وَ تَغْفِرُوا فَإِنَّ اَللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. (6)

7- وَ اِصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَ اُهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً. (7)

ص:495


1- -البقرة:109
2- آل عمران:134
3- المائدة:13
4- الأعراف:199
5- النور:22
6- التغابن:14
7- المزّمّل:10
الأخبار

1-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في خطبته: ألا اخبركم بخير خلائق الدنيا و الآخرة؟ العفو عمّن ظلمك، و تصل من قطعك، و الإحسان إلى من أساء إليك، و إعطاء من حرمك. (1)

بيان:

في المرآة ج 8 ص 192: الخلايق جمع الخليقة و هي الطبيعة، و المراد هنا الملكات النفسانيّة الراسخة أي خير الصفات النافعة في الدنيا و الآخرة.

«العفو» هو الصفح عن الذنب و ترك العقوبة، ضدّ الانتقام.

و في المفردات: . . . و عفوت عنه: قصدت إزالة ذنبه صارفا عنه، فالمفعول في الحقيقة متروك، و عن متعلّق بمضمر، فالعفو هو التجافي عن الذنب.

2-عن حمران بن أعين عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ثلاث من مكارم الدنيا و الآخرة: تعفو عمّن ظلمك، و تصل من قطعك، و تحلم إذا جهل عليك. (2)

3-عن أبي حمزة الثمالي عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: سمعته يقول: إذا كان يوم القيامة جمع اللّه تبارك و تعالى الأوّلين و الآخرين في صعيد واحد، ثمّ ينادي مناد: أين أهل الفضل؟ قال: فيقوم عنق من الناس فتلقّاهم الملائكة، فيقولون: و ما كان فضلكم؟ فيقولون: كنّا نصل من قطعنا، و نعطي من حرمنا، و نعفو عمّن ظلمنا، قال: فيقال لهم: صدقتم ادخلوا الجنّة. (3)

ص:496


1- -الكافي ج 2 ص 87 باب العفو ح 1-و نحوه ح 2
2- الكافي ج 2 ص 88 ح 3
3- الكافي ج 2 ص 88 ح 4

بيان:

في القاموس: «العنق» بالضمّ و بضمّتين: . . . الجماعة من الناس و الرؤساء.

4-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: عليكم بالعفو، فإنّ العفو لا يزيد العبد إلاّ عزّا، فتعافوا يعزّكم اللّه. (1)

بيان:

في المرآة، «لا يزيد العبد إلاّ عزّا» : أي في الدنيا ردّا على ما يسوّل الشيطان للإنسان بأنّ ترك الانتقام يوجب المذلّة بين الناس، و جرأتهم عليه، و ليس كذلك، بل يصير سببا لرفعة قدره، و علوّ أمره عند الناس، لا سيّما إذا عفا مع القدرة، و ترك العفو ينجرّ إلى المعارضات و المجادلات و المرافعة إلى الحكّام، أو إلى إثارة الفتن الموجبة لتلف النفوس و الأموال، و كلّ ذلك مورث للمذلّة، و العزّة الأخرويّة ظاهرة كما مرّ، و التعافي؛ عفو كلّ عن صاحبه.

5-عن حمران عن أبي جعفر عليه السّلام قال: الندامة على العفو أفضل و أيسر من الندامة على العقوبة. (2)

6-عن ابن فضّال قال: سمعت أبا الحسن (الرضا) عليه السّلام يقول: ما التقت فئتان قطّ إلاّ نصر أعظمهما عفوا. (3)

7-عن زيد الشحّام عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: نعم الجرعة الغيظ لمن صبر عليها، فإنّ عظيم الأجر لمن عظيم البلاء، و ما أحبّ اللّه قوما إلاّ ابتلاهم. (4)

8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كظم الغيظ عن العدوّ في دولاتهم تقيّة حزم لمن أخذ به، و تحرّز من التعرّض للبلاء في الدنيا، و معاندة الأعداء في دولاتهم

ص:497


1- -الكافي ج 2 ص 88 ح 5
2- الكافي ج 2 ص 88 ح 6
3- الكافي ج 2 ص 88 ح 8
4- الكافي ج 2 ص 89 باب كظم الغيظ ح 2

و مماظّتهم في غير تقيّة ترك أمر اللّه، فجاملوا الناس يسمن (يسمّى ف ن) ذلك لكم عندهم و لا تعادوهم فتحملوهم على رقابكم فتذلّوا. (1)

بيان:

في النهاية ج 4 ص 178، «كظم الغيظ» : تجرّعه و احتمال سببه و الصبر عليه.

و في مجمع البحرين (كظم) ، كظم غيظه كظما: إذا تجرّعه و حبسه، و هو قادر على إمضائه. و الكظيم: الحابس غيظه.

«المماظّة» : شدّة المنازعة و المخاصمة، مع طول اللزوم.

9-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما من عبد كظم غيظا إلاّ زاده اللّه عزّ و جلّ عزّا في الدنيا و الآخرة، و قد قال اللّه عزّ و جلّ: وَ اَلْكاظِمِينَ اَلْغَيْظَ وَ اَلْعافِينَ عَنِ اَلنّاسِ وَ اَللّهُ يُحِبُّ اَلْمُحْسِنِينَ، و أثابه اللّه مكان غيظه ذلك. (2)

10-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من كظم غيظا و لو شاء أن يمضيه أمضاه، أملأ اللّه قلبه يوم القيامة رضاه. (3)

11-قال أبو جعفر عليه السّلام: من كظم غيظا و هو يقدر على إمضائه، حشا اللّه قلبه أمنا و إيمانا يوم القيامة. (4)

بيان:

«حشا اللّه قلبه» : أي ملأه.

12-عن أبي حمزة عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أحبّ السبيل إلى اللّه عزّ و جلّ جرعتان: جرعة غيظ تردّها بحلم، و جرعة مصيبة

ص:498


1- -الكافي ج 2 ص 89 ح 4
2- الكافي ج 2 ص 89 ح 5
3- الكافي ج 2 ص 90 ح 6
4- الكافي ج 2 ص 90 ح 7

تردّها بصبر. (1)

بيان:

الفرق بين الكظم و الصبر: أنّ الكظم فيما يقدر على الانتقام، و الصبر فيما لا يقدر عليه، كنزول البلاء و المصيبة.

13-قال عبد الرزّاق: جعلت جارية لعليّ بن الحسين عليهما السّلام تسكب الماء عليه و هو يتوضّأ للصلاة، فسقط الإبريق من يد الجارية على وجهه فشجّه، فرفع عليّ بن الحسين عليه السّلام رأسه إليها، فقالت الجاريّه: إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: وَ اَلْكاظِمِينَ اَلْغَيْظَ فقال لها: قد كظمت غيظي، قالت: وَ اَلْعافِينَ عَنِ اَلنّاسِ قال: قد عفى اللّه عنك، قالت: وَ اَللّهُ يُحِبُّ اَلْمُحْسِنِينَ قال: اذهبي فأنت حرّة. (2)

بيان:

«فشجّه» شجّ الرأس: جرحه و كسره.

14-من ألفاظ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: عفو الملك أبقى للملك. (3)

15-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (في حديث المناهي) قال: و من كظم غيظا و هو يقدر على إنفاذه و حلم عنه، أعطاه اللّه أجر شهيد. (4)

16-قال ربيع بن عبد الرحمن: كان و اللّه موسى بن جعفر عليهما السّلام من المتوسّمين، يعلم من يقف عليه بعد موته و يجحد الإمام بعد إمامته، و كان يكظم غيظه عليهم، و لا يبدي لهم ما يعرفه منهم فسمّي الكاظم لذلك. (5)

ص:499


1- -الكافي ج 2 ص 90 ح 9
2- أمالي الصدوق ص 201 م 36 ح 12
3- الوسائل ج 12 ص 170 ب 112 من العشرة ح 5
4- الوسائل ج 12 ص 178 ب 114 ح 12
5- الوسائل ج 12 ص 178 ح 13( العلل ج 1 ص 235 ب 170)

بيان:

في مجمع البحرين، «المتوسّم» : المتفرّس المتأمّل المتثبّت في نظره، حتّى يعرف حقيقة سمت الشيء.

17-إنّ الحسن بن عليّ عليهما السّلام كان جالسا مع جمع من الأشراف على طعام، فجاء غلامه بطعام حارّ فحبس الفرش رجله، فصبّ الطعام على وجهه و رأسه دفعة، فنظر إلى الغلام نظر تأديب لا نظر تعذيب، فقال الغلام: إنّ اللّه يقول: وَ اَلْكاظِمِينَ اَلْغَيْظَ فقال له: قد كظمت غيظي، قال: وَ اَلْعافِينَ عَنِ اَلنّاسِ قال: قد عفى اللّه عنك، قال: وَ اَللّهُ يُحِبُّ اَلْمُحْسِنِينَ قال: اذهب فأنت حرّ لوجه اللّه، و عليّ معيشتك، فتعجّب من حلمه الحاضرون و قالوا: اللّه أعلم حيث يجعل رسالته. (1)

18-قال عليّ عليه السّلام: العفو تاج المكارم. (2)

19-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إذا قدرت على عدوّك فاجعل العفو عنه شكرا للقدرة عليه. (3)

20-و قال عليه السّلام: و العفو زكاة الظفر. (4)

21-و قال عليه السّلام: أولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة. (5)

22-و كان عليه السّلام يقول: متى أشفي غيظي إذا غضبت؟ أحين أعجز عن الانتقام فيقال لي: لو صبرت، أم حين أقدر عليه فيقال لي: لو عفوت؟ (6)

ص:500


1- -مجموعة الأخبار ص 78 ب 49
2- مجموعة الأخبار ص 73 ب 46-الغرر ج 1 ص 21 ف 1 ح 573
3- نهج البلاغة ص 1092 ح 10
4- نهج البلاغة ص 1181 في ح 202-الغرر ج 1 ص 16 ف 1 ح 412
5- نهج البلاغة ص 1112 ح 49- الغرر ج 1 ص 187 ف 8 ح 234
6- نهج البلاغة ص 1175 ح 185

23-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ثلاث من كنّ فيه استكمل خصال الإيمان: من صبر على الظلم، و كظم غيظه و احتسب، و عفا و غفر، كان ممّن يدخله اللّه عزّ و جلّ الجنّة بغير حساب، و يشفّعه في مثل ربيعة و مضر. (1)

24-عن الرضا عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: عليكم بمكارم الأخلاق، فإنّ اللّه عزّ و جلّ بعثني بها، و إنّ من مكارم الأخلاق أن يعفو الرجل عمّن ظلمه، و يعطي من حرمه، و يصل من قطعه، و أن يعود من لا يعوده. (2)

25-عن الثمالي عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة، و أحزم الناس أكظمهم للغيظ. (3)

26-في مواعظ أمير المؤمنين عليه السّلام: العفو يفسد من اللئيم بقدر إصلاحه من الكريم. (4)

27-عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال للحسين عليه السّلام: يا بنيّ، ما الحلم؟ قال: كظم الغيظ و ملك النفس. (5)

أقول:

إنّ في كظم الغيظ نوع من التحلّم و تكلّف للحلم، فإذا واظب عليه صار معتادا، و تحدث فيه بعد ذلك صفة الحلم، بحيث لا يهيجه الغيظ حتّى يحتاج إلى كظمه، فيكون الحلم أولى و أفضل من كظم الغيظ.

28-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ثلاثة يرزقون مرافقة الأنبياء: رجل يدفع إليه

ص:501


1- -البحار ج 71 ص 417 باب الحلم و العفو ح 44
2- البحار ج 71 ص 420 ح 53
3- البحار ج 71 ص 420 ح 55
4- البحار ج 77 ص 421
5- المستدرك ج 9 ص 11 ب 97 من العشرة ح 1

قاتل وليّه ليقتله فعفى عنه، و رجل عنده أمانة لو يشاء لخانها فيردّها إلى من ائتمنه عليها، و رجل كظم غيظه عن أخيه ابتغاء وجه اللّه. (1)

29-عن سلمان الفارسيّ رحمه اللّه قال: من كظم غيظه سلم، و من لم يكظمه ندم. (2)

30-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: في ليلة المعراج رأيت غرفا في أعلى الجنّة، فقلت: لمن هي؟ قال: للكاظمين الغيظ، و للعافين عن الناس، و للمحسنين. (3)

31-قال الصادق عليه السّلام: العفو عند القدرة من سنن المرسلين و أسرار المتّقين، و تفسير العفو أن لا تلزم صاحبك فيما أجرم ظاهرا، و تنسى من الأصل ما اصبت منه باطنا، و تزيد على الإختيارات إحسانا، و لن يجد إلى ذلك سبيلا إلاّ من قد عفى اللّه عنه و غفر له ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر عنه، و زيّنه بكرامته و ألبسه من نور بهائه، لأنّ العفو و الغفران صفتان من صفات اللّه تعالى أودعهما في أسرار أصفيائه ليتخلّقوا مع الخلق بأخلاق خالقهم و جاعلهم.

لذلك قال اللّه عزّ و جلّ: وَ لْيَعْفُوا وَ لْيَصْفَحُوا أَ لا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اَللّهُ لَكُمْ وَ اَللّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ و من لا يعفو عن بشر مثله، كيف يرجو عفو ملك جبّار؟ . . . (4)

32-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

العفو أفضل الإحسان. (الغرر ج 1 ص 22 ف 1 ح 637)

الكظم ثمرة الحلم. (ص 28 ح 820)

العفو زين القدرة-العفو يوجب المجد. (ح 823 و 825)

العفو زكاة القدرة. (ص 32 ح 967)

ص:502


1- -المستدرك ج 9 ص 12 ح 7
2- المستدرك ج 9 ص 12 ح 8
3- المستدرك ج 9 ص 14 ح 15
4- مصباح الشريعة ص 39 ب 60

العفو أحسن الانتصار. (ص 36 ح 1141)

الكاظم من أمات أضغانه. (ص 37 ح 1155)

العفو أعظم الفضيلتين. (ص 63 ح 1666)

المروّة؛ العدل في الإمرة، و العفو مع القدرة، و المواساة مع العسرة.

(ص 98 ح 2134)

أحسن الجود عفو بعد مقدرة. (ص 181 ف 8 ح 145)

أحسن أفعال المقتدر العفو (ص 183 ح 174)

أفضل الناس من كظم غيظه و حلم عن قدرة. (ص 190 ح 283)

أحسن من استيفاء حقّك العفو عنه. (ص 191 ح 299)

أحسن العفو ما كان عن قدرة. (ص 196 ح 360)

بالكظم يكون الحلم. (ص 331 ف 18 ح 40)

بالعفو تستنزل الرحمة. (ص 336 ح 139)

تجاوز عن الزلل و أقل العثرات، ترفع لك الدرجات.

(ص 356 ف 22 ح 104)

رأس الحلم الكظم. (ص 411 ف 34 ح 13)

شرّ الناس من لا يعفو عن الهفوة (1)و لا يستر العورة.

(ص 446 ف 41 ح 63)

شيئان لا يوزن ثوابهما: العفو و العدل. (ص 449 ف 42 ح 15)

طوبى لمن كظم غيظه و لم يطلقه و عصى إمرة نفسه فلم تهلكه.

(ج 2 ص 466 ف 46 ح 17)

عند كمال القدرة تظهر فضيلة العفو (ص 490 ف 52 ح 16)

ص:503


1- -أي الزّلة

قلّة العفو أقبح العيوب و التسرّع إلى الانتقام أعظم الذنوب.

(ص 537 ف 61 ح 54)

كن جميل العفو إذا قدرت، عاملا بالعدل إذا ملكت. (ص 566 ف 67 ح 31)

كن عفوّا في قدرتك، جوادا في عسرتك، مؤثرا مع فاقتك، تكمل لك الفضائل.

(ص 568 ح 48)

من عفى عن الجرائم فقد أخذ بجوامع الفضل. (ص 659 ف 77 ح 838)

من لم يحسن العفو أساء بالانتقام. (ص 699 ح 1297)

نصف العاقل احتمال و نصفه تغافل. (ص 775 ف 82 ح 19)

ص:504

163- الكفاف

الأخبار

1-عن أبي عبيدة الحذّاء قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: قال اللّه عزّ و جلّ: إنّ من أغبظ أوليائي عندي رجلا خفيف الحال، ذا حظّ من صلاة، أحسن عبادة ربّه بالغيب، و كان غامضا في الناس، جعل رزقه كفافا، فصبر عليه، عجّلت منيّته، فقلّ تراثه و قلّت بواكيه. (1)

أقول:

مرّ الحديث مع بيانه في باب الشهرة.

بيان: «جعل رزقه كفافا» أي بقدر الحاجة و الضرورة و بقدر ما يكفّه عن السؤال. في المصباح: و قوته كفاف بالفتح: أي مقدار حاجته من غير زيادة و لا نقص، سمّي بذلك لأنّه يكفّ عن سؤال الناس و يغني عنهم. و في النهاية ج 4 ص 191: الكفاف: هو الذي لا يفضل عن الشيء، و يكون بقدر الحاجة إليه.

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: طوبى لمن أسلم و كان عيشه كفافا. (2)

ص:505


1- -الكافي ج 2 ص 113 باب الكفاف ح 1
2- الكافي ج 2 ص 113 ح 2

أقول:

و زاد في نوادر الراونديّ: "و قوله سدادا".

و في المستدرك ج 15 ص 231 ب 10 من النفقات ح 12 عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: طوبى لمن هدي للإسلام، و كان عيشه كفافا و قنع.

بيان: في اللسان: «العيش» المطعم و المشرب و ما تكون به الحياة.

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: اللهمّ ارزق محمّدا و آل محمّد، و من أحبّ محمّدا و آل محمّد، العفاف و الكفاف و ارزق من أبغض محمّدا و آل محمّد المال و الولد. (1)

أقول:

لاحظ بهذا المعنى في أمالي الطوسيّ و غيره، و مضمون الحديث مروي عن العامّة أيضا.

بيان: في المرآة ج 8 ص 329، «العفاف» : عفّة البطن و الفرج، أو التعفّف عن السؤال من الخلق أو الأعمّ.

4-عن عليّ بن الحسين عليه السّلام قال: مرّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله براعي إبل فبعث يستسقيه، فقال: أمّا ما في ضروعها فصبوح الحيّ، و أمّا ما في آنيتنا فغبوقهم، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: اللهمّ أكثر ماله و ولده.

ثمّ مرّ براعي غنم فبعث إليه يستسقيه فحلب له ما في ضروعها، و أكفأ ما في إنائه في إناء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و بعث إليه بشاة و قال: هذا ما عندنا و إن أحببت أن نزيدك زدناك؟ قال: فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: اللهمّ ارزقه الكفاف.

فقال له بعض أصحابه: يا رسول اللّه، دعوت للذي ردّك بدعاء عامّتنا نحبّه، و دعوت للذي أسعفك بحاجتك بدعاء كلّنا نكره؟ ! فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ

ص:506


1- -الكافي ج 2 ص 113 ح 3

ما قلّ و كفى خير ممّا كثر و ألهى، اللهمّ ارزق محمّدا و آل محمّد الكفاف. (1)

بيان:

«الصبوح» : شرب الغداة أو ما حلب أوّل النهار. «الغبوق» : الشرب بالعشيّ أو ما حلب آخر النهار «أكفأ الإناء» أماله و قلبه ليصبّ ما فيه «أسعفك» أسعفه بحاجته: إذا قضيها له «ألهى» أي أشغل عن اللّه و عن عبادته «الحيّ» هي قبيلة.

5-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: يحزن عبدي المؤمن إن قتّرت عليه و ذلك أقرب له منّي، و يفرح عبدي المؤمن إن وسّعت عليه و ذلك أبعد له منّي. (2)

بيان:

«قتّرت عليه» التقتير: التضييق.

6-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كان أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه يقول: ابن آدم، إن كنت تريد من الدنيا ما يكفيك، فإنّ أيسر ما فيها يكفيك، و إن كنت إنّما تريد ما لا يكفيك، فإنّ كلّ ما فيها لا يكفيك. (3)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في باب القناعة و. . .

7-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: . . . و الدنيا دار مني لها الفناء، و لأهلها منها الجلاء، و هي حلوة خضراء، و قد عجلت للطالب، و التبست بقلب الناظر، فارتحلوا منها بأحسن ما بحضرتكم من الزاد، و لا تسألوا فيها فوق الكفاف، و لا تطلبوا منها أكثر من البلاغ. (4)

ص:507


1- -الكافي ج 2 ص 113 ح 4
2- الكافي ج 2 ص 114 ح 5
3- الكافي ج 2 ص 112 باب القناعة ح 6
4- نهج البلاغة ص 132 خ 45

بيان:

«مني لها» : على بناء المجهول أي قدّر لها. «الجلاء» : الخروج من الأوطان. «البلاغ» : ما يتبلّغ به.

8-. . . عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: طوبى لمن رزق الكفاف ثمّ صبر عليه. (1)

9-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه قال: يا أبا ذرّ، إنّ الدنيا مشغلة للقلوب و الأبدان، و إنّ اللّه تبارك و تعالى سائلنا عمّا نعّمنا في حلاله فكيف بما نعّمنا في حرامه.

يا أبا ذرّ، إنّي قد دعوت اللّه جلّ ثناؤه أن يجعل رزق من يحبّني الكفاف و أن يعطي من يبغضني كثرة المال و الولد. (2)

10-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام قال: يا عليّ، ما أحد من الأوّلين و الآخرين إلاّ و هو يتمنّى يوم القيامة أنّه لم يعط من الدنيا إلاّ قوتا. (3)

11-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الرضا بالكفاف يؤدّي إلى العفاف. (الغرر ج 1 ص 57 ف 1 ح 1549)

إذا أراد اللّه بعبد خيرا ألهمه القناعة، فاكتفى بالكفاف، و اكتسى بالعفاف.

(ص 322 ف 17 ح 163)

من أكثر ذكر الموت رضي من الدنيا بالكفاف.

(ج 2 ص 672 ف 77 ح 999)

من قنعت نفسه أعانته على النزاهة (4)و العفاف. (ح 1000)

ص:508


1- -البحار ج 72 ص 68 باب الغنا و الكفاف ح 29
2- البحار ج 77 ص 83
3- البحار ج 77 ص 54
4- أي البعد عن السوء

و الحمد للّه أوّلا و آخرا و ظاهرا و باطنا و صلّى اللّه على سيّدنا محمّد و آله الطاهرين سيّما مولانا المهديّ عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف.

اللهمّ عجّل فرجه و سهّل مخرجه و أيّده بالنصر و انصر ناصريه و ارزقنا رؤيته و أدركنا أيّامه.

ص:509

ص:510

فهرس

حرف الضاد

121-الضحك و المزاح و الدعابة 3

122-الضيافة 11

حرف الطاء

123-الطعام و الإطعام 19

124-ذمّ الطمع و مدح غنى النفس و الاستغناء عن الناس 27

حرف الظاء

125-الأظفار 37

126-الظلم 41

127-حسن الظنّ باللّه تعالى 59

128-حسن الظنّ بالإخوان و قبول العذر عنهم 67

حرف العين

129-العبادة 75

ص:511

130-العجب و الإدلال 91

131-العدل 103

132-عرض الأعمال 113

133-الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر 119

134-العزلة عن شرار الخلق و الأنس باللّه تعالى 133

135-العصبيّة و الفخر و الحميّة 143

136-العفّة 151

137-العقل 157

138-العلم

الفصل 1: فضله و وجوبه 189

الفصل 2: معنى العلم و أقسامه و من ينبغي أن يؤخذ منه 207

الفصل 3: العمل بالعلم 213

الفصل 4: صفة العلم و العلماء 222

الفصل 5: ما يجب على العالم من إصلاح عيوبه 232

139-المعاد 239

140-ذمّ تتبّع عيوب الناس 259

حرف الغين

141-الغضب 267

142-الاستغفار 277

143-الغناء 285

144-الغيبة 291

ص:512

145-الغيرة 305

حرف الفاء

146-الفحش و السباب و البذاء 311

147-الفقر 319

148-التفكّر 345

149-تفويض الأمور إلى اللّه تعالى 357

حرف القاف

150-القبر و آداب زيارة أهل القبور 361

151-التقبيل 369

152-قتل النفس 373

153-ليلة القدر 379

154-القرآن 391

155-القرض و الدين 417

156-القلب 425

157-القمار 443

158-القناعة 449

ص:513

حرف الكاف

159-الكبر 457

160-الكتمان و الإذاعة 471

161-الكذب 483

162-كظم الغيظ و العفو 495

163-الكفاف 505

ص:514

المجلد 5

اشارة

سرشناسه : اسماعیلی یزدی، عباس، 1332 -

عنوان و نام پديدآور : ینابیع الحکمه/ تالیف عباس الاسماعیلی الیزدی.

مشخصات نشر : قم: مسجد مقدس صاحب الزمان (جمکران)، 1378.

مشخصات ظاهری : 5 ج.

شابک : دوره: 964-6705-47-2 ؛ ج.1: 964-6705-42-1 ؛ ج.2: 964-6705-43-X ؛ ج. 3، چاپ چهارم: 964-6705-44-8 ؛ ج. 4: 964-6705-45-6 ؛ ج. 5: 964-6705-46-4

يادداشت : عربی.

يادداشت : چاپ قبلی: نشر مولود کعبه، 1417ق. = 1375.

يادداشت : ج. 1 - 5 (1427 ق.= 1385).

یادداشت : کتابنامه.

موضوع : قرآن -- فهرست مطالب

موضوع : احادیث شیعه -- فهرست مطالب

شناسه افزوده : مسجد جمکران (قم)

رده بندی کنگره : BP106/الف 5ی 9 1378

رده بندی دیویی : 297/22

شماره کتابشناسی ملی : م 78-25667

ص: 1

اشارة

بسم الله الرحمن الرحیم

ص: 2

فی الحدیث القدسی:

یابن آدم انا غنی لاافتقر اطعنی فیما امرتک اجعلک غنیا لاتفتقر.

یابن آدم ، خلقتک للبقاء انا حی لا اموت اطعنی فیما امرتک به وانته عما نهیتک عنه اجعلک مثلی حیا لاتموت.

یابن آدم انا اقول لشیء کن فیکون اطعنی فیما امرتک به اجعلک مثلی تقول لشیء کن فیکون.

عده الداعی ص 291 - قر] العیون للفیض رحمه الله ص 473

ص: 3

بسم اللّه الرحمن الرحيم

الحمد للّه الواحد الأحد، الفرد الصمد، الحيّ القادر، العليم الحكيم، الذي ليس كمثله شيء و هو السميع البصير، و الصلاة و السلام على النبيّ الأمّي، العربيّ الهاشميّ القرشيّ، العبد المؤيّد و الرسول المسدّد، المصطفى الأمجد، المحمود الأحمد، حبيب إله العالمين، و على آله الطاهرين و ذرّيّته المعصومين.

الذين أذهب اللّه عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا، و لا سيّما مولانا المهديّ صاحب العصر و الزمان أبي القاسم حجّة بن الحسن العسكريّ عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف.

اللهمّ صلّ و سلّم على السيّد الزاهد و الإمام العابد، الراكع الساجد، وليّ الملك الماجد، و قتيل العبرات، و صاحب المحنة و الكرب و البلاء، الشهيد المظلوم، سبط رسول الثقلين، مولانا و مولى الكونين، الإمام بالحقّ أبي عبد اللّه الحسين صلوات اللّه و سلامه عليه.

ص :1

ص:2

حرف اللام

164- اللبس و الملابس

الآيات

1- يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَ رِيشاً وَ لِباسُ اَلتَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ ذلِكَ مِنْ آياتِ اَللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ . (1)

2- يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ. . . (2)

3- وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ . (3)

الأخبار

1-عن الحلبيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ثلاثة أشياء لا يحاسب اللّه عليها.

المومن: طعام يأكله، و ثوب يلبسه، و زوجة صالحة تعاونه و تحصن فرجه. (4)

2-عن أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) قال: غسل الثياب يذهب الهمّ

ص:3


1- -الأعراف:26
2- الأعراف:31
3- المدّثّر:4
4- الخصال ج 1 ص 80 باب الثلاثة ح 2

و الحزن و هو طهور للصلاة. (1)

و قال عليه السّلام: البسوا ثياب القطن، فإنّها لباس رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هو لباسنا، و لم نكن نلبس الشعر و الصوف إلاّ من علّة، و قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ جميل يحبّ الجمال، و يحبّ أن يرى أثر نعمته على عبده. (2)

و قال عليه السّلام: لا تلبسوا السواد فإنّه لباس فرعون. (3)

و قال عليه السّلام: تشمير الثياب طهور لها، قال اللّه تبارك و تعالى: وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ أي فشمّر. (4)

و قال عليه السّلام: عليكم بالصفيق من الثياب، فإنّه من رقّ ثوبه رقّ دينه، لا يقومنّ أحدكم بين يدي الربّ جلّ جلاله و عليه ثوب يشفّ. (5)

و قال عليه السّلام: إذا كسى اللّه عزّ و جلّ مؤمنا ثوبا جديدا فليتوضّأ و ليصلّ ركعتين يقرء فيهما أمّ الكتاب و آية الكرسيّ و قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ و إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ اَلْقَدْرِ، ثمّ ليحمد اللّه الذي ستر عورته و زيّنه في الناس، و ليكثر من قول «لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه العليّ العظيم» فإنّه لا يعصي اللّه فيه، و له بكلّ سلك فيه ملك يقدّس له و يستغفر له و يترحّم عليه. (6)

و قال عليه السّلام: ليس للرجل أن يكشف ثيابه عن فخذه و يجلس بين قوم. (7)

ص:4


1- -الخصال ج 2 ص 612
2- الخصال ج 2 ص 613
3- الخصال ج 2 ص 615
4- الخصال ج 2 ص 622
5- الخصال ج 2 ص 623
6- الخصال ج 2 ص 624
7- الخصال ج 2 ص 630

بيان:

«تشمير الثياب» : رفعها و عدم جرّها و المعنى تقصير الثياب.

«الصفيق من الثياب» : ما كان نسجه كثيفا (ضخيم) .

3-عن سفيان الثوري قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: أن تروي أنّ علىّ بن أبي طالب عليه السّلام كان يلبس الخشن و أنت تلبس القوهيّ و المرويّ! قال: ويحك إنّ عليّ بن أبي طالب كان في زمان ضيق، فإذا اتّسع الزمان فأبرار الزمان أولى به. (1)

أقول:

في الكافي ج 1 ص 340 باب سيرة الإمام في نفسه. . . ح 4 عن حمّاد بن عثمان قال:

حضرت أبا عبد اللّه عليه السّلام و قال له رجل: أصلحك اللّه، ذكرت أنّ عليّ بن أبي طالب عليه السّلام كان يلبس الخشن، يلبس القميص بأربعة دراهم و ما أشبه ذلك، و نرى عليك اللباس الجديد (الجيّد ف ن) فقال له: إنّ عليّ بن أبي طالب عليه السّلام كان يلبس ذلك في زمان لا ينكر [عليه]، و لو لبس مثل ذلك اليوم شهّر به، فخير لباس كلّ زمان لباس أهله، غير أنّ قائمنا أهل البيت عليهم السّلام إذا قام لبس ثياب عليّ عليه السّلام و سار بسيرة عليّ عليه السّلام. (الكافي ج 6 ص 444 باب اللباس ح 15)

4-عن إسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: يكون للمؤمن عشرة أقمصة؟ قال: نعم، قلت: عشرين؟ قال: نعم، و ليس ذلك من السرف، إنّما السرف أن تجعل ثوب صونك ثوب بذلتك. (2)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر، في بعضها: «. . . و لكنّ السرف أن تلبس ثوب صونك

ص:5


1- -مكارم الأخلاق ص 97 ب 6 ف 1
2- مكارم الأخلاق ص 98

في المكان القذر» ، و معلوم أنّ مجرّد كثرة الثوب لا يكون من السرف إذا احتاج إلى جميعها، و أمّا الذي اشتهر اليوم بين الناس من أنّ لهم ثياب فاخرات متعدّده، يلبسونها في مدّة قليلة، ثمّ يطرحونها و يشترون ثيابا اخر، فهذا مذموم، لأنّه من الكبر و التفاخر و الشهرة في لبس الثياب، بل يكون من السرف، و سيأتي في الأحاديث ما يدلّ على ذلك.

«ثياب الصون» التي تلبس للتجمّل و صيانة البدن من البرد و الحرّ و «البذلة» الثوب الرثّ الخلق و ثوب الخدمة و ما يلبس كلّ يوم. يقال: بذل الثوب و ابتذله أي لبسه في أوقات الشغل و الخدمة و الامتهان.

5-عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في ثوب يلبسه: «اللهمّ اجعله ثوب يمن و بركة، اللهمّ ارزقني فيه شكر نعمتك و حسن عبادتك و العمل بطاعتك، الحمد للّه الذي رزقني ما أستر به عورتي و أتجمّل به في الناس» . (1)

أقول:

الأخبار في الدعاء عند لبس الثوب كثيرة راجع الوسائل و غيره.

6-عن الصادق عن عليّ عليهما السّلام قال: لبس الأنبياء القميص قبل السراويل.

و في رواية قال: لا تلبسه من قيام، و لا مستقبل القبلة و لا الإنسان. (2)

7-قال الصادق عليه السّلام: اغتمّ أمير المؤمنين عليه السّلام يوما فقال: من أين أتيت؟

فما أعلم أنيّ جلست على عتبة باب، و لا شققت بين غنم، و لا لبست سراويلي من قيام، و لا مسحت يدي و وجهي بذيلي. (3)

8-عن إسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أدنى الإسراف هراقة

ص:6


1- -مكارم الأخلاق ص 99
2- مكارم الأخلاق ص 101
3- مكارم الأخلاق ص 101

فضل الإناء، و ابتذال ثوب الصون، و إلقاء النوى. (1)

9-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ليس من ثيابكم شيء أحسن من البياض، فالبسوه و كفّنوا فيه موتاكم. (2)

10-عن عبد اللّه بن سليمان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ عليّ بن الحسين عليه السّلام كان رجلا صردا و كان يشتري الثوب الخزّ بألف درهم أو خمسمأة درهم، فإذا خرج الشتاء باعه و تصدّق بثمنه و لم يكن يصنع ذلك بشيء من ثيابه غير الخزّ. (3)

بيان:

في مجمع البحرين، في الحديث: «كان عليّ الحسين عليه السّلام رجلا صردا لا تدفئه فراء الحجاز» الصرد: من يجد البرد سريعا. . . و يقال أيضا للقويّ على البرد، فهو من الأضداد. . .

11-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ ريح الجنّة ليوجد من مسيرة ألف عام و لا يجدها جارّ إزاره خيلاء، إنّما الكبرياء للّه ربّ العالمين. (4)

أقول:

الأخبار في ذمّ جرّ الثوب تكبّرا، و إسبال الثوب، و الاختيال، و التبختر كثيرة، قد مرّ بعضها في باب الكبر و غيره.

12-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ عليّ بن الحسين عليهما السّلام خرج في ثياب حسان، فرجع مسرعا يقول: يا جارية، ردّي عليّ ثيابي، فقد مشيت في ثيابي

ص:7


1- -مكارم الأخلاق ص 103 ف 2
2- مكارم الأخلاق ص 104 ف 3
3- مكارم الأخلاق ص 106 ف 4
4- مكارم الأخلاق ص 109 ف 5

هذه فكأنّي لست عليّ بن الحسين، و كان إذا مشى كأنّ الطير على رأسه لا يسبق يمينه شماله. (1)

13-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ الجسد إذا لبس الثوب اللين طغى. (2)

14-عن الأصبغ قال: خرجنا مع عليّ عليه السّلام حتّى آتينا التّمارين. . . ثمّ مضى حتى آتى البزّازين فساوم رجلا بثوبين و معه قنبر، فقال: بعني ثوبين، فقال الرجل: ما عندي يا أمير المؤمنين، فانصرف حتّى أتى غلاما، فقال: بعني ثوبين، فماكسه الغلام حتّى اتّفقا على سبعة دراهم، ثوب بأربعة دراهم و ثوب بثلاثة دراهم.

فقال لغلامه قنبر: اختر أحد الثوبين، فاختار الذي بأربعة و لبس هو الذي بثلاثة و قال: «الحمد للّه الذي كساني ما أواري به عورتي و أتجمّل به في خلقه» ثمّ أتى المسجد الأكبر فكوّم كومة من حصباء فاستلقى عليه، فجاء أبو الغلام، فقال:

إنّ ابني لم يعرفك و هذان درهمان ربحهما عليك فخذهما، فقال عليّ عليه السّلام: ما كنت لأفعل، ماكسته و ماكسني و اتّفقنا على رضى. (3)

بيان:

المماكسة في البيع: انتقاص الثمن و استحطاطه «كوّم» التراب: جمعه و جعله كوما، و الكومة: القطعة المتجمّعة المرتفعة من التراب و نحوه.

15-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ اللّه يبغض شهرة اللباس. (4)

16-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السّلام قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يزجر

ص:8


1- -مكارم الأخلاق ص 111
2- مكارم الأخلاق ص 111
3- مكارم الأخلاق ص 111
4- مكارم الأخلاق ص 116 ف 6

الرجل يتشبّه بالنساء، و ينهى المرأة أن تتشبّه بالرجال في لباسها. (1)

17-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: تختّموا بالعقيق، فإنّه أوّل جبل أقرّ للّه عزّ و جلّ بالربوبيّة، و لمحمّد صلّى اللّه عليه و آله بالنبوّة و لعليّ عليه السّلام بالوصيّة، و هو الجبل الذي كلّم اللّه عزّ و جلّ عليه موسى تكليما، و المتختّم به إذا صلّى صلاته علا على المتختّم بغيره من ألوان الجواهر أربعين درجة. (2)

أقول:

الأخبار في فضل التختّم بالعقيق كثيرة، في بعضها: «تختّموا بالعقيق فإنّه لا يصيب أحدكم غمّ ما دام عليه» . و في بعضها: «من تختّم بالعقيق ختم اللّه له بالأمن و الإيمان» .

و كذا التختّم بالفيروزج؛ في بعضها: «ما افتقر كفّ يتختّم بالفيروزج» .

و في الوسائل ج 7 ص 144 ب 66 من الدعاء: «قال اللّه: إنّي لأستحيي من عبد يرفع يده و فيها خاتم فيروزج فأردّها خائبة» .

18-عن حمّاد بن عثمان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول (في حديث) : خير لباس كلّ زمان لباس أهله. (3)

19-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أوحى اللّه إلى إبراهيم: أنّ الأرض قد شكت إليّ الحياء من رؤية عورتك، فاجعل بينك و بينها حجابا، فجعل شيئا هو أكبر من الثياب من دون السراويل فلبسه فكان إلى ركبتيه. (4)

20-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السّلام أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام كان لا ينخل له الدقيق، و كان يقول: لا تزال هذه الأمّة بخير ما لم يلبسوا لباس العجم و يطعموا

ص:9


1- -مكارم الأخلاق ص 118
2- مكارم الأخلاق ص 87 ب 5 ف 5
3- الوسائل ج 5 ص 8 ب 2 من الملابس ح 2
4- الوسائل ج 5 ص 23 ب 11

أطعمة العجم، فإذا فعلوا ذلك ضربهم اللّه بالذلّ. (1)

بيان:

نخل الدقيق: غربله و أزال نخالته.

21-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من لبس السراويل من قعود وقي وجع الخاصرة. (2)

22-في مواعظ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من أكل ما يشتهي و لبس ما يشتهي و ركب ما يشتهي، لم ينظر اللّه إليه حتّى ينزع أو يترك. (3)

23-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و لقد دخل موسى بن عمران و معه أخوه هارون عليهما السّلام على فرعون و عليهما مدارع الصوف و بأيديهما العصيّ. (4)

أقول:

الأخبار في زهد الأنبياء و الأئمّة عليهم السّلام في ألبستهم كثيرة راجع البحار و غيره.

24-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه قال: يا أبا ذرّ، من كان له قميصان فليلبس أحدهما و ليلبس الآخر أخاه.

يا أبا ذرّ، سيكون ناس من امّتي يولدون في النعيم و يغذون به، همّتهم ألوان الطعام و الشراب و يمدحون بالقول، اولئك شرار امّتي.

يا أبا ذرّ، من ترك لبس الجمال و هو يقدر عليه تواضعا للّه عزّ و جلّ فقد كساه حلّة الكرامة. . .

يا أبا ذرّ، البس الخشن من اللباس و الصفيق من الثياب؛ لئلاّ يجد الفخر فيك مسلكا.

ص:10


1- -الوسائل ج 5 ص 27 ب 14 ح 4
2- الوسائل ج 5 ص 108 ب 68 ح 1
3- تحف العقول ص 33
4- نهج البلاغة ص 790 في خ 234(القاصعة)

يا أبا ذرّ، يكون في آخر الزمان قوم يلبسون الصوف في صيفهم و شتائهم، يرون أنّ لهم الفضل بذلك على غيرهم، اولئك تلعنهم ملائكة السموات و الأرض. (1)

25-عن أبي الحسن الثالث عن آبائه عن الصادق عليهم السّلام قال: إنّ اللّه يحبّ الجمال و التجمّل، و يكره البؤس و التباؤس، فإنّ اللّه عزّ و جلّ إذا أنعم على عبد نعمة أحبّ أن يرى عليه أثرها، قيل: و كيف ذلك؟ قال عليه السّلام: ينظّف ثوبه، و يطيّب ريحه، و يحسّن داره، و يكنس أفنيته، حتّى أنّ السراج قبل مغيب الشمس ينفي الفقر و يزيد في الرزق. (2)

26-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: كنت قاعدا في البقيع مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في يوم دجن و مطر، إذ مرّت امرأة على حمار، فوقع يد الحمار في وهدة، فسقطت المرأة، فأعرض النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فقالوا: يا رسول اللّه، إنّها متسرولة، قال: اللهمّ اغفر للمتسرولات-ثلاثا-أيّها الناس، اتّخذوا السراويلات، فإنّها من أستر ثيابكم، و حصّنوا بها نسائكم إذا خرجن. (3)

بيان:

«الدجن» : الغيم المطبّق المظلم، المطر الكثير، و في اللسان: ظلّ الغيم في اليوم المطير.

«الوهدة» : الأرض المنخفضة، الحفرة في الأرض (زمين گود-شكاف در زمين) .

27-أوحى اللّه إلى نبيّ، أن قل لقومك: لا تطعموا مطاعم أعدائي، و لا تشربوا مشارب أعدائي، و لا تركبوا مراكب أعدائي، و لا تلبسوا ملابس أعدائي، و لا تسكنوا مساكن أعدائي، فتكونوا أعدائي، كما كان أولئك أعدائي. (4)

ص:11


1- -البحار ج 77 ص 92
2- البحار ج 79 ص 300 باب التجمّل ح 8
3- المستدرك ج 3 ص 244 ب 7 من الملابس
4- المستدرك ج 3 ص 248 ب 10 ح 4

28-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ الحمرة من زينة الشيطان، و الشيطان يحبّ الحمرة. . . (1)

29-روى الطريحيّ في المنتخب و غيره مرسلا: أنّ يزيد لعنه اللّه استدعى بحرم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فقال لهنّ: أيّما أحبّ إليكنّ: المقام عندي أو الرجوع إلى المدينة، و لكم الجائزة السنيّة؟ قالوا: نحبّ أوّلا أن ننوح على الحسين عليه السّلام، قال: افعلوا ما بدا لكم، ثمّ اخليت لهنّ الحجر و البيوت في دمشق، فلم تبق هاشميّة و لا قرشيّة، إلاّ و لبست السواد على الحسين عليه السّلام، و ندبوه على ما نقل سبعة أيّام. . . (2)

و فيه و نقل: أنّ سكينة بنت الحسين عليه السّلام قالت: يا يزيد، رأيت البارحة رؤيا و ذكرت الرؤيا. . . فإذا بخمس نسوة قد عظّم اللّه خلقتهنّ، و زاد في نورهنّ، و بينهنّ امرأة عظيمة الخلقة ناشرة شعرها، و عليها ثياب سود، و بيدها قميص مضمّخ بالدم (إلى أن ذكرت) أنّها كانت فاطمة الزهراء عليها السّلام. (3)

و ورد في كامل الزيارات ص 67 ب 21 في ح 3(في خبر) : أنّ ملكا من ملائكة الفردوس الأعلى نزل على البحر، و نشر أجنحته عليها، ثمّ صاح صيحة و قال:

يا أهل البحار، البسوا أثواب الحزن، فإنّ فرخ الرسول مذبوح.

قلت: و في هذه الأخبار و القصص إشارة أو دلالة على عدم كراهة لبس السواد، أو رجحانه حزنا على أبي عبد اللّه عليه السّلام، كما عليه سيرة كثير في أيّام حزنه و ماتمه. . . (4)

ص:12


1- -المستدرك ج 3 ص 253 ب 13 ح 6
2- المستدرك ج 3 ص 327 ب 48 ح 31( رواه في البحار ج 45 ص 196 عن بعض مؤلّفات أصحابنا أيضا)
3- المستدرك ج 3 ص 327 ح 32( رواه في البحار ج 45 ص 195 أيضا)
4- المستدرك ج 3 ص 327 ح 33

30-عن عمر بن عليّ بن الحسين قال: لمّا قتل الحسين بن عليّ عليه السّلام لبس نساء بني هاشم السواد و المسوح، و كنّ لا يشتكين من حرّ و لا برد، و كان عليّ بن الحسين عليه السّلام يعمل لهنّ الطعام للمأتم. (1)

أقول:

وجه الدلالة على عدم الكراهة أو الرجحان هو لبسهنّ ذلك بمحضره عليه السّلام و عدم منعهنّ عنه، مضافا إلى وجود الصدّيقة الصغرى زينب الكبرى عليها السّلام بينهنّ، فإنّه لا يقصر فعلها عن فعل المعصوم، لكونها تالية له في المقامات العالية و الدرجات السامية التي قال في حقّها الإمام السجّاد عليه السّلام في الحديث المعروف مخاطبا لها:

«يا عمّة. . . و أنت بحمد اللّه عالمة غير معلّمة، فهمة غير مفهّمة» . (2)

فكيف يخفى على مثلها مع تلك الجلالة و عظم الشأن و القدر و النبالة تلك الكراهة الشديدة.

قال الفقيه المحدّث البحراني رحمه اللّه في الحدائق (ج 7 ص 118) :

ثمّ أقول: لا يبعد استثناء لبس السواد في مأتم الحسين عليه السّلام من هذه الأخبار لما استفاضت به الأخبار من الأمر بإظهار شعائر الأحزان، و يؤيّده ما رواه شيخنا المجلسيّ قدّس سرّه عن البرقيّ في كتاب المحاسن أنّه روى عن عمر بن زين العابدين عليه السّلام. . .

ثمّ ذكر رحمه اللّه الحديث المتقدّم.

و في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 16 ص 22 ب 31، قال المدائني: لمّا توفّي عليّ (ع) خرج عبد اللّه بن العبّاس إلى الناس فقال: إنّ أمير المؤمنين (ع) توفّى و قد ترك خلفا فإن أحببتم خرج إليكم و إن كرهتم فلا أحد على أحد، فبكى الناس و قالوا: بل يخرج إلينا، فخرج الحسن (ع) فخطبهم. . . و كان خرج إليهم

ص:13


1- -البحار ج 45 ص 188 ب 39 ح 33 و ج 82 ص 84
2- الاحتجاج ج 2 ص 31- البحار ج 45 ص 164

و عليه ثياب سود.

31-قال الصادق عليه السّلام: أزين اللباس للمؤمن لباس التقوى و أنعمه الإيمان، قال اللّه تعالى: وَ لِباسُ اَلتَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ و أمّا اللباس الظاهر فنعمة من اللّه تعالى تستر بها عورات بني آدم، و هي كرامة أكرم اللّه بها ذرّيّة آدم عليه السّلام ما لم يكرم بها غيرهم، و هي للمؤمنين آلة لأداء ما افترض اللّه عليهم. و خير لباسك ما لا يشغلك عن اللّه عزّ و جلّ، بل يقرّبك من ذكره و شكره و طاعته، و لا يحملك على العجب و الرياء و التزيين و التفاخر و الخيلاء، فإنّها من آفات الدين و مورثة القسوة في القلب.

فإذا لبست ثوبك فاذكر ستر اللّه عليك ذنوبك برحمته، و البس باطنك [بالصدق]كما ألبست ظاهرك بثوبك، و ليكن باطنك من الصدق في ستر الهيبة (الرهبة ف ن) ، و ظاهرك في ستر الطاعة. . . (1)

ص:14


1- -مصباح الشريعة ص 6 ب 7

165- اللحية و الشارب

الأخبار

1-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما زاد على القبضة ففي النار، يعني اللحية. (1)

2-عن عليّ بن جعفر عن أخيه أبي الحسن عليه السّلام قال: سألته عن قصّ الشارب أمن السنّة؟ قال: نعم. (2)

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا يطوّلنّ أحدكم شاربه، فإنّ الشيطان يتّخذه مخبأ يستتر به. (3)

بيان:

خبأ الشيء: ستره و أخفاه، و المخبأ أي موضع الاختفاء.

4-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: حفّوا الشوارب، و اعفوا اللحى، و لا تشبّهوا باليهود. (4)

ص:15


1- -الوسائل ج 2 ص 113 ب 65 من آداب الحمّام ح 1
2- الوسائل ج 2 ص 114 ب 66 ح 1
3- الوسائل ج 2 ص 114 ح 3
4- الوسائل ج 2 ص 116 ب 67 ح 1

أقول:

ح 3 مثله، و لكن فيه: «و لا تشبّهوا بالمجوس» .

بيان: يقال: حفا حفوا شاربه: بالغ في أخذه، في قصّه. و أعفى الشعر: تركه حتّى يكثر و يطول. «اللحى» بكسر اللام و ضمّها: جمع اللحية.

5-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ المجوس جزّوا لحاهم، و وفّروا شواربهم و إنّا نحن نجزّ الشوارب، و نعفي اللحى، و هي الفطرة. (1)

بيان:

جزّ الصوف: قطعه و جزّ الشعر: قصّه.

6-قال الصادق عليه السّلام: أخذ الشارب من الجمعة إلى الجمعة أمان من الجذام. (2)

7-و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من لم يأخذ شاربه فليس منّا. (3)

8-قال أبو جعفر عليه السّلام: أحفوا الشوارب فإنّ اميّة لا تحفي شواربها. (4)

9-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

حلق اللحية من المثلة، و من مثّل فعليه لعنة اللّه. (5)

10-عن الحسن بن عليّ عليهما السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: عشر خصال عملها قوم لوط بها أهلكوا، و تزيدها أمّتي بخلّة: إتيان الرجال. . . و قصّ اللحية و طول الشارب. (6)

ص:16


1- -الوسائل ج 2 ص 116 ح 2
2- مكارم الأخلاق ص 67 ب 4 ف 2
3- مكارم الأخلاق ص 67
4- المستدرك ج 1 ص 406 ب 39 من آداب الحمّام ح 4
5- المستدرك ج 1 ص 406 ب 40 ح 1
6- المستدرك ج 1 ص 407 ح 3

11-عن الصادق عليه السّلام في توحيد المفضّل: طلوع الشعر في الوجه عزّ الرجل الذي يخرج به من حدّ الصبيّ و شبه النساء. (1)

12-فيما أجاب الرضا عليه السّلام لصبّاح بن نصر و عمران الصابي عن مسائلهما أنّهما قالا: فما بال الرجل يلتحي دون المرئة؟ قال: زيّن اللّه الرجال باللحى، و جعلها فضلا يستدلّ بها على الرجال من النساء. (2)

13-عن أبي كهمش قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: علّمني دعاء أستنزل به الرزق، فقال لي: خذ من شاربك و أظفارك، و ليكن ذلك في يوم الجمعة. (3)

أقول:

تدلّ أيضا على ذمّ حلق اللحية طوائف من الأخبار: منها ما يدلّ على وجوب الدية في إزالة شعر اللحية، و ما يدلّ على تحريم المشاكلة لأعداء الدين و سلوك طريقتهم، كما يستفاد من أخبار ذمّ تشبّه الرجال بالنساء.

ص:17


1- -سفينة البحار ج 2 ص 508( لحى)
2- سفينة البحار ج 2 ص 508
3- البحار ج 76 ص 110 باب اللحية ح 5

ص:18

166- اللواط و المساحقة

الآيات

1- وَ لُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَ تَأْتُونَ اَلْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ اَلْعالَمِينَ - إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ اَلرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ اَلنِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ . (1)

2- وَ لُوطاً آتَيْناهُ حُكْماً وَ عِلْماً وَ نَجَّيْناهُ مِنَ اَلْقَرْيَةِ اَلَّتِي كانَتْ تَعْمَلُ اَلْخَبائِثَ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فاسِقِينَ . (2)

3- أَ تَأْتُونَ اَلذُّكْرانَ مِنَ اَلْعالَمِينَ - وَ تَذَرُونَ ما خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ . الآيات. (3)

4- وَ لُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَ تَأْتُونَ اَلْفاحِشَةَ وَ أَنْتُمْ تُبْصِرُونَ - أَ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ اَلرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ اَلنِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ . (4)

5- وَ لُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ اَلْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ

ص:19


1- -الأعراف:80 و 81
2- الأنبياء:74
3- الشعراء:165 إلى 174
4- النمل:54 و 55

مِنَ اَلْعالَمِينَ - أَ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ اَلرِّجالَ وَ تَقْطَعُونَ اَلسَّبِيلَ . الآيات. (1)

الأخبار

1-عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: ثلاثة لا يكلّمهم اللّه يوم القيامة و لا ينظر إليهم و لا يزكّيهم و لهم عذاب أليم: الناتف شيبه، و الناكح نفسه، و المنكوح في دبره. (2)

2-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أربع خصال لا تكون في مؤمن: لا يكون مجنونا، و لا يسأل عن أبواب الناس، و لا يولد من الزنا، و لا ينكح في دبره. (3)

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من جامع غلاما جاء يوم القيامة جنبا لا ينقيه ماء الدنيا، و غضب اللّه عليه و لعنه و أعدّ له جهنّم و ساءت مصيرا. ثمّ قال: إنّ الذكر يركب الذكر فيهتزّ العرش لذلك. . . (4)

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: حرمة الدبر أعظم من حرمة الفرج، و إنّ اللّه أهلك امّة لحرمة الدبر، و لم يهلك أحدا لحرمة الفرج. (5)

5-في جواب الرضا عليه السّلام لمحمّد بن سنان: و علّة تحريم الذكران للذكران و الاناث للاناث لما ركّب في الاناث و ما طبع عليه الذكران، و لما في إتيان الذكران للذكران و الاناث للاناث من انقطاع النسل، و فساد التدبير، و خراب الدنيا. (6)

ص:20


1- -العنكبوت:28 إلى 34
2- الخصال ج 1 ص 106 باب الثلاثة ح 68
3- الخصال ج 1 ص 229 باب الأربعة ح 68
4- الوسائل ج 20 ص 329 ب 17 من النكاح المحرّم ح 1
5- الوسائل ج 20 ص 329 ح 2
6- الوسائل ج 20 ص 331 ح 8

6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لمّا عمل قوم لوط ما عملوا، بكت الأرض إلى ربّها حتّى بلغت دموعها إلى السماء، و بكت السماء حتّى بلغت دموعها العرش، فأوحى اللّه إلى السماء أن احصبيهم، و أوحى إلى الأرض أن اخسفي بهم. (1)

بيان:

في مجمع البحرين (حصب) : الحصباء: صغار الحصى، و في حديث قوم لوط:

«فأوحى اللّه إلى السماء أن احصبيهم» أي ارميهم بالحصباء، واحدها حصبة.

7-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (في حديث) أنّ زنديقا قال له: لم حرّم اللّه الزنا؟ قال: لما فيه من الفساد و ذهاب المواريث، و انقطاع الأنساب، لا تعلم المرأة في الزنا من أحبلها، و لا المولود يعلم من أبوه، و لا أرحام موصولة، و لا قرابة معروفة، قال: فلم حرّم اللّه اللواط؟ قال: من أجل أنّه لو كان إتيان الغلام حلالا لأستغنى الرجال عن النساء، و كان فيه قطع النسل، و تعطيل الفروج، و كان في إجازة ذلك فساد كثير. (2)

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (في حديث) قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: و إنّ الرجل ليؤتى في حقبه فيحسبه اللّه على جسر جهنّم حتّى يفرغ اللّه من حساب الخلائق، ثمّ يؤمر به إلى جهنّم، فيعذّب بطبقاتها طبقة طبقة حتّى يرد إلى أسفلها و لا يخرج منها. (3)

9-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: اللواط ما دون الدبر و الدبر هو الكفر. (4)

ص:21


1- -الوسائل ج 20 ص 332 ح 10
2- الوسائل ج 20 ص 332 ح 12
3- الوسائل ج 20 ص 333 ب 18 ح 1
4- الوسائل ج 20 ص 339 ب 20 ح 2

10-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من قبّل غلاما من شهوة ألجمه اللّه يوم القيامة بلجام من نار. (1)

11-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إيّاكم و أولاد الأغنياء و الملوك المرد، فإنّ فتنتهم أشدّ من فتنة العذاري في خدورهنّ. (2)

12-عن بشير النبّال قال: رأيت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام رجلا فقال له:

ما تقول في اللواتي مع اللواتي؟ فقال: لا اخبرك حتّى تحلف لتحدّثنّ بما أحدّثك النساء، قال: فحلف له، فقال: هما في النار عليهما سبعون حلّة من نار، فوق تلك الحلل جلد جاف غليظ من نار، عليهما نطاقان من نار و تاجان من نار فوق تلك الحلل، و خفّان من نار و هما في النار. (3)

13-سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السّلام أو أبا إبراهيم عليه السّلام عن المرأة تساحق المرأة و كان متّكئا فجلس و قال: ملعونة ملعونة الراكبة و المركوبة، و ملعونة حتّى تخرج من أثوابها، فإنّ اللّه و ملائكته و أولياءه يلعنونها، و أنا و من بقي في أصلاب الرجال و أرحام النساء، فهو و اللّه الزنا الأكبر، و لا و اللّه ما لهنّ توبة، قاتل اللّه لا قيس بنت إبليس ما ذا جاءت به.

فقال الرجل: هذا ما جاء به أهل العراق فقال: و اللّه لقد كان على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قبل أن يكون العراق، و فيهنّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لعن اللّه المتشبّهات بالرجال من النساء و لعن اللّه المتشبّهين من الرجال بالنساء. (4)

14-قال أبو جعفر عليه السّلام: المرأتان إذا وجدتا في لحاف واحد مجرّدتين

ص:22


1- -الوسائل ج 20 ص 340 ب 21 ح 1
2- الوسائل ج 20 ص 340 ح 2
3- الوسائل ج 20 ص 345 ب 24 ح 4
4- الوسائل ج 20 ص 345 ح 5

جلّدت كلّ واحدة منهما مأة جلدة. (1)

15-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ أخوف ما أخاف على امّتي عمل قوم لوط، فلترتقب امّتي العذاب إذا تكافى الرجال بالرجال و النساء بالنساء. (2)

16-عن عليّ عليه السّلام قال: السحق في النساء بمنزلة اللواط في الرجال. (3)

17-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لا يجد ريح الجنّة زنوق و هو المخنّث. (4)

بيان:

في مجمع البحرين، «المخنّث» : هو من يوطى في دبره، لما فيه من الانخناث و هو التكسّر و التثنّي و يقال: هو من الخنثى.

18-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل لعب بغلام، قال: إذا اوقب لم تحلّ له اخته أبدا.

و قال عليه السّلام: لو كان ينبغي لأحد أن يرجم مرّتين لرجم اللوطيّ مرّتين.

و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: اللواط ما دون الدبر فهو لوطي و الدبر فهو الكفر باللّه. (5)

أقول:

لاحظ ما يناسب المقام في بابي التقبيل و النظر.

ص:23


1- -الوسائل ج 20 ص 349 ب 25 ح 2
2- المستدرك ج 14 ص 347 ب 15 من نكاح المحرّم ح 14
3- المستدرك ج 14 ص 353 ب 20 ح 1
4- البحار ج 79 ص 67 باب تحريم اللواط ح 10
5- المحاسن ص 112 ب 50 من عقاب الأعمال ح 104

ص:24

حرف الميم

167- المرض و العافية

الأخبار

1-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: نعمتان مكفورتان: الأمن و العافية. (1)

بيان:

«مكفورتان» أي مستورتان عن الناس، لا يعرفون قدرهما أو لا يشكرهما الناس لغفلتهم عن عظم شأنهما.

2-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: خصلتان كثير من الناس مفتون فيهما: الصحّة و الفراغ. (2)

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: نعمتان مفتون فيهما كثير من الناس: الفراغ و الصحّة. (3)

بيان:

«مفتون. . .» أي مختبرون امتحنهم اللّه بهما و ابتلاهم ليرى كيف شكرهم فيهما، أو افتتنوا و وقعوا في الضلال و الإثم بهما. (البحار ج 81 ص 171)

ص:25


1- -الخصال ج 1 ص 34 باب الاثنين ح 5
2- الخصال ج 1 ص 34 ح 6
3- الخصال ج 1 ص 34 ح 7

3-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إذا أحبّ اللّه عبدا نظر إليه، فإذا نظر إليه أتحفه من ثلاثة بواحدة: إمّا صداع، و إمّا حمّى، و إمّا رمد. (1)

بيان:

«الصداع» : وجع الرأس. «الرمد» : هيجان العين و كلّ ما يؤلم العين.

4-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه عن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لسلمان الفارسيّ رحمه اللّه: يا سلمان، إنّ لك في علّتك إذا اعتللت ثلاث خصال: أنت من اللّه تبارك و تعالى بذكر، و دعاؤك فيها مستجاب، و لا تدع العلّة عليك ذنبا إلاّ حطّته، متّعك اللّه بالعافية إلى انقضاء أجلك. (2)

5-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: خمس خصال من فقد واحدة منهنّ لم يزل ناقص العيش، زائل العقل، مشغول القلب: فأوّلها؛ صحّة البدن، و الثانية؛ الأمن، و الثالثة؛ السعة في الرزق، و الرابعة؛ الأنيس الموافق-قلت: و ما الأنيس الموافق؟ قال: الزوجة الصالحة، و الولد الصالح، و الخليط الصالح-و الخامسة و هي تجمع هذه الخصال؛ الدعة. (3)

بيان:

«الدعة» : السكون و قلّة الأشغال. . . و يحتمل أن يكون المراد عدم المنازعة و المخاصمة. (البحار ج 81 ص 171)

6-عن الأصبغ بن نباتة قال: قال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب للحسن ابنه عليهما السّلام: يا بنيّ، أ لا اعلّمك أربع خصال تستغني بها عن الطبّ؟ فقال:

بلى يا أمير المؤمنين، قال: لا تجلس على الطعام إلاّ و أنت جائع، و لا تقم على الطعام إلاّ و أنت تشتهيه، و جوّد المضغ، و إذا نمت فاعرض نفسك على الخلاء،

ص:26


1- -الخصال ج 1 ص 13 باب الواحد ح 45
2- الخصال ج 1 ص 170 باب الثلاثة ح 224
3- الخصال ج 1 ص 284 باب الخمسة ح 34

فإذا استعملت هذا استغنيت عن الطبّ (عن الطبيب ف ن) . (1)

7-عن الزهريّ قال: سمعت عليّ بن الحسين زين العابدين عليه السّلام يقول:

حمّى ليلة كفّارة سنة، و ذلك لأنّ ألمها يبقى في الجسد سنة. (2)

8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: حمّى ليلة كفّارة لما قبلها و لما بعدها. (3)

9-عن أبي عبد الرحمن عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: من اشتكى ليلة فقبلها بقبولها و أدّى إلى اللّه شكرها، كانت له كفّارة ستّين سنة، قال:

قلت: و ما معنى قبلها بقبولها؟ قال: صبر على ما كان فيها. (4)

أقول:

نظيره في الكافي ج 3 ص 116 ح 5، و فيه: كعبادة ستّين سنة، و زاد في آخره:

و لا يخبر بما كان فيها، فإذا أصبح حمد اللّه على ما كان.

10-قال الرضا عليه السّلام: المرض للمؤمن تطهير و رحمة، و للكافر تعذيب و لعنة، و إنّ المرض لا يزال بالمؤمن حتّى لا يكون عليه ذنب. (5)

11-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: صداع ليلة تحطّ كلّ خطيئة إلاّ الكبائر. (6)

12-عن أبي إبراهيم موسى بن جعفر عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

للمريض أربع خصال: يرفع عنه القلم، و يأمر اللّه الملك يكتب له كلّ فضل كان يعمله في صحّته، و يتتبّع مرضه كلّ عضو في جسده فيستخرج ذنوبه منه، فإن

ص:27


1- -الخصال ج 1 ص 228 باب الأربعة ح 67
2- ثواب الأعمال ص 229 باب ثواب حمّى ليلة ح 1
3- ثواب الأعمال ص 229 ح 2
4- ثواب الأعمال ص 229 باب ثواب من اشتكى ليلة
5- ثواب الأعمال ص 229 باب ثواب المرض
6- ثواب الأعمال ص 230 باب ثواب صداع ليلة

مات مات مغفورا له، و إن عاش عاش مغفورا له. (1)

13-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من عاد مريضا في اللّه لم يسأل المريض للعائد شيئا إلاّ استجاب اللّه له. (2)

14-عن أمير المؤمنين عليه السّلام في المرض يصيب الصبيّ قال: كفّارة لوالديه. (3)

15-قال أبو جعفر عليه السّلام: سهر ليلة من مرض أفضل من عبادة سنة. (4)

16-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: حمّى ليلة تعدل عبادة سنة، و حمّى ليلتين تعدل عبادة سنتين، و حمّى ثلاث ليال تعدل عبادة سبعين سنة، قال:

قلت: فإن لم يبلغ سبعين سنة؟ قال: فلأبيه و لأمّه، قال: قلت: فإن لم يبلغا؟ قال:

فلقرابته، قال: قلت: فإن لم يبلغ قرابته؟ قال: فجيرانه. (5)

17-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام قال:

يا عليّ، أنين المؤمن تسبيح، و صياحه تهليل، و نومه على الفراش عبادة، و تقلّبه من جنب إلى جنب جهاد في سبيل اللّه، فإن عوفي مشى في الناس و ما عليه من ذنب. (6)

بيان:

«الأنين» : الصوت من ألم أو مرض.

في المرآة ج 13 ص 266: يمكن أن يكون اختلاف الثواب (أي ثواب المريض)

ص:28


1- -ثواب الأعمال ص 230 باب ثواب المريض ح 1
2- ثواب الأعمال ص 230 ح 3
3- ثواب الأعمال ص 230 باب ثواب مرض الصبي ّ
4- الوسائل ج 2 ص 398 ب 1 من الاحتضار ح 3
5- الوسائل ج 2 ص 400 ح 10
6- الوسائل ج 2 ص 400 ح 11

باختلاف الأمراض أو الأشخاص أو مراتب الصبر و الرضا.

18-عن الصادق جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (في حديث المناهي) : من مرض يوما و ليلة فلم يشك إلى عوّاده بعثه اللّه يوم القيامة مع خليله إبراهيم خليل الرحمن حتّى يجوز الصراط كالبرق اللامع. (1)

بيان:

«العوّاد» : جمع العائد.

19-قال أبو الحسن عليه السّلام: ليس من دواء إلاّ و يهيّج داء، و ليس شيء أنفع في البدن من إمساك اليد إلاّ عمّا يحتاج إليه (2).

20-عن بكر بن صالح قال: سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر عليه السّلام، و هو يقول: ادفعوا معالجة الأطبّاء ما اندفع الداء عنكم، فإنّه بمنزلة البناء قليله يجرّ إلى كثيره. (3)

21-عن فضيل بن يسار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من عاد مريضا شيّعه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتّى يرجع إلى منزله. (4)

22-عن موسى بن جعفر عن آبائه عليه السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: يعيّر اللّه عزّ و جلّ عبدا من عباده يوم القيامة فيقول: عبدي، ما منعك إذا مرضت أن تعودني؟ فيقول: سبحانك سبحانك أنت ربّ العباد، لا تألم و لا تمرض، فيقول:

مرض أخوك المؤمن فلم تعده، و عزّتي و جلالي لو عدته لوجدتني عنده، ثمّ لتكفّلت بحوائجك فقضيتها لك، و ذلك من كرامة عبدي المؤمن و أنا الرحمن

ص:29


1- -الوسائل ج 2 ص 407 ب 3 ح 8
2- الوسائل ج 2 ص 408 ب 4 ح 1
3- الوسائل ج 2 ص 409 ح 4
4- الوسائل ج 2 ص 415 ب 10 ح 2

الرحيم. (1)

أقول:

الأخبار في فضل العيادة كثيرة، في بعضها: «إنّ من أعظم العوّاد أجرا عند اللّه لمن إذا عاد أخاه خفّف الجلوس، إلاّ أن يكون المريض يحبّ ذلك. . .» . و في بعضها:

«. . . مع أحدكم تفّاحة أو سفرجلة. . .» و في بعضها: «و من سعى لمريض في حاجة قضاها أو لم يقضها خرج من ذنوبه كيوم ولدته امّه» . و في بعضها: «العيادة بعد ثلاثة أيّام، و ليس على النساء عيادة» . و في بعضها: «من عاد مريضا فإنّه يخوض في الرحمة» .

(راجع الوسائل و البحار)

23-عن موسى بن جعفر عليهما السّلام أنّ رجلا شكا إليه: إنّني في عشرة نفر من العيال كلّهم مريض، فقال له موسى عليه السّلام: داوهم بالصدقة، فليس شيء أسرع إجابة من الصدقة، و لا أجدى منفعة للمريض من الصدقة. (2)

أقول:

الأخبار في فضل الصدقة للمريض كثيرة، قد مرّ بعضها في باب الصدقة، و منها قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «داووا مرضاكم بالصدقة» .

24-عن هشام بن إبراهيم أنّه شكا إلى أبي الحسن الرضا عليه السّلام سقمه، و أنّه لا يولد له ولد، فأمره أن يرفع صوته بالأذان في منزله، قال: ففعلت، فأذهب اللّه عنّي سقمي و كثر ولدي. (3)

25-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أما إنّه ليس من عرق يضرب و لا نكبة و لا صداع و لا مرض إلاّ بذنب، و ذلك قوله عزّ و جلّ في كتابه: وَ ما أَصابَكُمْ

ص:30


1- -الوسائل ج 2 ص 417 ح 10
2- الوسائل ج 2 ص 433 ب 22 ح 4
3- الوسائل ج 5 ص 412 ب 18 من الأذان ح 1

مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ (1)ثمّ قال: و ما يعفو اللّه أكثر ممّا يأخذ به. (2)

26-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: تداووا؛ فإنّ اللّه عزّ و جلّ لم ينزل داء إلاّ و أنزل له شفاء. (3)

27-و قال صلّى اللّه عليه و آله: تجنّب الدواء ما احتمل بدنك الداء، فإذا لم يحتمل الداء فالدواء. (4)

28-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ نبيّا من الأنبياء مرض فقال:

لا أتداوى حتّى يكون الذي أمرضني هو الذي يشفيني، فأوحى اللّه عزّ و جلّ:

لا أشفيك حتّى تتداوى، فإنّ الشفاء منّي و الدواء منّي، فجعل يتداوى فأتى الشفاء. (5)

29-قال الرضا عليه السّلام: لو أنّ الناس قصّروا في الطعام لاستقامت أبدانهم. (6)

أقول:

مرّ ما يناسب المقام في باب الأكل.

و عن أمير المؤمنين عليه السّلام: لا يجتمع الجوع و المرض.

(الغرر ج 2 ص 836 ف 86 ح 135)

ص:31


1- -الشورى:30
2- مكارم الأخلاق ص 357 ب 11 ف 1
3- مكارم الأخلاق ص 362
4- مكارم الأخلاق ص 362
5- مكارم الأخلاق ص 362
6- مكارم الأخلاق ص 362

30-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من لم يستشف بالقرآن فلا شفاه اللّه. (1)

31-قال العالم عليه السّلام: في القرآن شفاء من كلّ داء.

و عن العالم عليه السّلام أنّه قال: من نالته علّة فليقرأ عليها أمّ الكتاب-سبع مرّات- فإن سكنت و إلاّ فليقرأها سبعين مرّة، فإنّها تسكن. (2)

32-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لو قرأت (اَلْحَمْدُ) على ميّت سبعين مرّة ثمّ رددت فيه الروح ما كان عجبا. (3)

33-قال الباقر عليه السّلام: إذا كانت بك علّة تتخوّف على نفسك منها، فاقرء «سورة الأنعام» ، فإنّه لا ينالك من تلك العلّة ما تكره. (4)

أقول:

الأخبار في الاستشفاء بالسور و آيات القرآن و الأدعية كثيرة لا مجال لذكرها.

34-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

السقم يمحو الذنوب.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: ساعات الوجع يذهبن ساعات الخطايا.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: ساعات الهموم ساعات الكفّارات، و لا يزال الهمّ بالمؤمن حتّى يدعه و ما له من ذنب. (5)

35-قال الصادق جعفر بن محمّد عليه السّلام: العافية نعمة خفيّة، إذا وجدت نسيت، و إذا فقدت ذكرت.

ص:32


1- -مكارم الأخلاق ص 363 ف 2
2- مكارم الأخلاق ص 363
3- مكارم الأخلاق ص 363
4- مكارم الأخلاق ص 363
5- البحار ج 67 ص 244 باب شدّة ابتلاء المؤمن ح 83

و قال الصادق عليه السّلام: العافية نعمة يعجز الشكر عنها. (1)

36-. . . قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : ليس من داء إلاّ و هو من داخل الجوف إلاّ الجراحة و الحمّى، فإنّهما يردان ورودا. (2)

37-فيما أوحى اللّه إلى داود عليه السّلام: ربّما أمرضت العبد فقلّت صلاته و خدمته، و لصوته إذا دعاني في كربته أحبّ إليّ من صلاة المصلّين. (3)

38-. . . عن العالم عليه السّلام أنّه قال: لكلّ داء دواء، فسئل عن ذلك، فقال:

لكلّ داء دعاء، فإذا ألهم المريض الدعاء فقد أذن اللّه في شفائه. (4)

39-. . . قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، ليس على النساء جمعة، و لا عيادة مريض، و لا اتّباع جنازة.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: سر ميلا عد مريضا، سر ميلين شيّع جنازة. (5)

40-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من ظهرت صحّته على سقمه فيعالج نفسه بشيء فمات، فأنا إلى اللّه بريء منه. (6)

41-قال الصادق عليه السّلام: من ظهرت صحّته على سقمه فشرب الدواء فقد أعان على نفسه. (7)

42-عن معاوية بن عمّار قال: سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن دواء عجن بالخمر يكتحل منها؟ فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما جعل اللّه عزّ و جلّ في حرام

ص:33


1- -البحار ج 81 ص 172 باب فضل العافية و المرض ح 5
2- البحار ج 81 ص 178 ح 19
3- البحار ج 81 ص 192 ح 50
4- البحار ج 81 ص 212 باب آداب المريض ح 30
5- البحار ج 81 ص 224 باب ثواب عيادة المريض ح 32
6- البحار ج 62 ص 64 باب أنّه لم سمّي الطبيب طبيبا ح 5
7- البحار ج 62 ص 65 ح 8

شفاء. (1)

أقول:

الأخبار في النهي عن التداوي بالحرام خصوصا بالمسكر كثيرة.

43-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لا ينبغي للعبد أن يثق بخصلتين: العافية و الغنى، بينا تراه معافى إذ سقم، و بينا تراه غنيّا إذ افتقر. (2)

44-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يكتب أنين المريض حسنات ما صبر، فإن جزع كتب هلوعا لا أجر له. (3)

45-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ الرجل ليكون له الدرجة عند اللّه لا يبلغها بعمله، يبتلى ببلاء في جسمه فيبلغها بذلك.

و عنه صلّى اللّه عليه و آله قال: عجبت للمؤمن و جزعه من السقم، و لو علم ما له في السقم لأحبّ أن لا يزال سقيما حتّى يلقى ربّه عزّ و جلّ. (4)

46-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ المسلم إذا ضعف من الكبر، يأمر اللّه الملك أن يكتب له في حاله تلك ما كان يعمل و هو شابّ نشيط مجتمع، و مثل ذلك إذا مرض، وكّل اللّه به ملكا يكتب له في سقمه ما كان يعمل من الخير في صحّته. (5)

47-عن أمير المؤمنين عليه السّلام:

المرض حبس البدن. (الغرر ج 1 ص 17 ف 1 ح 424)

التجوّع أدوء الدواء-الشبع يكثر الأدواء. (ص 31 ح 953 و 954)

العافية أهنأ النعم. (ص 33 ح 1016)

ص:34


1- -البحار ج 62 ص 90 باب التداوي بالحرام ح 20
2- نهج البلاغة ص 1285 ح 418
3- المستدرك ج 2 ص 52 ب 1 من الاحتضار ح 4
4- المستدرك ج 2 ص 56 ح 18 و 19
5- المستدرك ج 2 ص 56 ح 16

الصحّة أفضل النعم. (ص 35 ح 1092)

العافية أشرف اللباسين. (ص 64 ح 1693)

العوافي إذا دامت جهلت و إذا فقدت عرفت. (ص 80 ح 1930)

أوفر القسم صحّة الجسم. (ص 180 ف 8 ح 133)

بالعافية توجد لذّة الحياة. (ص 330 ف 18 ح 29)

بالصحّة تستكمل اللذّة. (ص 331 ح 50)

بصحّة المزاج توجد لذّة الطعم. (ص 334 ح 111)

ثوب العافية أهنأ الملابس. (ص 366 ف 25 ح 3)

ربّ دواء جلب داء-ربّ داء انقلب شفاء. (ص 415 ف 35 ح 40 و 41)

ربّما كان الدواء داء-ربّما كان الداء شفاء. (ص 419 ح 102 و 103)

كيف يغترّ بسلامة جسم معرض للآفات؟ ! (ج 2 ص 554 ف 64 ح 11)

لكلّ حيّ داء. (ص 577 ف 70 ح 10)

لكلّ علّة دواء. (ح 11)

من كتم الأطبّاء مرضه خان بدنه. (ص 663 ف 77 ح 883)

من كتم مكنون دائه عجز طبيبه عن شفائه. (ص 668 ح 949)

من اقتصد في أكله كثرت صحّته و صلحت فكرته. (ص 684 ح 1140)

من لم يتحمّل مرارة الدواء دام ألمه. (ص 721 ح 1507)

من غرس في نفسه محبّة أنواع الطعام جنى ثمار فنون الأسقام.

(ص 722 ح 1517)

لا يجتمع الصحّة و النهم. (ص 836 ف 86 ح 136)

لا تنال الصحّة إلاّ بالحمية (1). (ص 837 ح 169)

ص:35


1- -الحمية: اسم من حمى المريض إذا منعه عمّا يضّره

أقول:

قد مرّت أخبار عديدة ممّا يناسب المقام في باب الأكل ف 1 و 2.

ص:36

168- المشي

الآيات

1- وَ لا تَمْشِ فِي اَلْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ اَلْأَرْضَ وَ لَنْ تَبْلُغَ اَلْجِبالَ طُولاً- كُلُّ ذلِكَ كانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً . (1)

2- وَ عِبادُ اَلرَّحْمنِ اَلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى اَلْأَرْضِ هَوْناً. . . (2)

3- فَجاءَتْهُ إِحْداهُما تَمْشِي عَلَى اِسْتِحْياءٍ. . . (3)

4- وَ لا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنّاسِ وَ لا تَمْشِ فِي اَلْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اَللّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ- وَ اِقْصِدْ فِي مَشْيِكَ. . . (4)

ص:37


1- -الإسراء:37 و 38
2- الفرقان:63
3- القصص:25
4- لقمان:18 و 19
الأخبار

1-قال أبو الحسن عليه السّلام: سرعة المشي تذهب ببهاء المؤمن. (1)

2-عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

ليس للنساء سراة الطريق و لكن جنباه، يعني بالسراة وسطه. (2)

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من مشى على الأرض اختيالا لعنته الأرض و من تحتها و من فوقها. (3)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في باب الكبر.

بيان: قال المظاهري في أحسن اللغة ص 88: الاختيال و التبختر: مشية الرجل المتكبّر و المرئة المعجبة بجمالها و كمالها.

4-عن بشير النبّال قال: كنّا مع أبي جعفر عليه السّلام في المسجد إذ مرّ علينا أسود و هو ينزع في مشيته، فقال أبو جعفر عليه السّلام: إنّه لجبّار، قلت: إنّه سائل، قال: إنّه جبّار.

و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كان عليّ بن الحسين عليهما السّلام يمشي مشية كأنّ على رأسه الطير، لا يسبق يمينه شماله. (4)

بيان:

في النهاية ج 3 ص 150، في صفة الصحابة: «كأنّما على رؤوسهم الطير» وصفهم

ص:38


1- -البحار ج 76 ص 302 باب آداب المشي ح 5-و مثله في مكارم الأخلاق ( ص 257 ب 9 ف 6) عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام
2- البحار ج 76 ص 302 ح 6
3- البحار ج 76 ص 303 ح 8
4- البحار ج 76 ص 303 ح 11

بالسكون و الوقار، و أنّهم لم يكن فيهم طيش و لا خفّة، لأنّ الطير لا تكاد تقع إلاّ على شيء ساكن.

5-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: جاءت المشاة إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فشكوا إليه الإعياء فقال: عليكم بالنسلان؛ ففعلوا فذهب عنهم الإعياء، فكأنّما نشطوا من عقال. (1)

أقول:

ح 4 عن أبي عبد اللّه عليه السّلام مثله، إلاّ أنّه قال: «عليكم بالنسلان فإنّه يذهب بالإعياء و يقطع الطريق» .

بيان: في مجمع البحرين (نسل) : النسلان: و هو مقاربة الخطوة مع الإسراع كمشي الذئب ينسل و يعسل. «الإعياء» التعب و الكلّ في المشي.

6-قال أمير المؤمنين عليه السّلام لابنه محمّد بن الحنفيّة: و فرض على الرجلين أن تنقلهما في طاعته، و أن لا تمشي بها مشية عاص، فقال عزّ و جلّ: وَ لا تَمْشِ فِي اَلْأَرْضِ مَرَحاً. . . . (2)

أقول:

قد مرّ في باب الإيمان ف 2: إنّ اللّه فرض الإيمان على جوارح ابن آدم. . . و فرض على الرجلين أن لا يمشي بهما إلى شيء من معاصي اللّه، و فرض عليهما المشي إلى ما يرضى اللّه عزّ و جلّ فقال: وَ لا تَمْشِ فِي اَلْأَرْضِ مَرَحاً. . .

7- اَلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى اَلْأَرْضِ هَوْناً قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: هو الرجل يمشي بسجيّته التي جبل عليها لا يتكلّف و لا يتبختر. (3)

8-قال الصادق عليه السّلام: إن كنت عاقلا (عارفا ف ن) فقدّم العزيمة الصحيحة و النيّة الصادقة، في حين قصدك إلى أيّ مكان أردت، و انه النفس من التخطّي

ص:39


1- -الوسائل ج 11 ص 439 ب 51 من آداب السفر ح 3
2- نور الثقلين ج 3 ص 167( الإسراء:37) ح 218
3- نور الثقلين ج 4 ص 26( الفرقان:63) ح 89

إلى محذور، و كن متفكّرا في مشيتك (في مشيك ف ن) و معتبرا بعجايب صنع اللّه تعالى أينما بلغت، و لا تكن مستهزءا و لا متبخترا في مشيتك (في مشيك) و غضّ بصرك عمّا لا يليق بالدين، و اذكر اللّه كثيرا-فإنّه قد جاء في الخبر أنّ المواضع التي يذكر اللّه فيها و عليها تشهد بذلك عند اللّه يوم القيامة و تستغفر لهم إلى أن يدخلهم اللّه الجنّة-و لا تكثرنّ الكلام مع الناس في الطريق فإنّ فيه سوء الأدب.

و أكثر الطرق مراصد الشيطان و متجرته فلا تأمن كيده، و اجعل ذهابك و مجيئك في طاعة اللّه و السعي في رضاه، فإنّ حركاتك كلّها مكتوبة في صحيفتك، قال اللّه تعالى: يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ . (1)و قال اللّه عزّ و جلّ أيضا: وَ كُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ (2). (3)

بيان:

رصده: رقبه، قعد له على طريقه ليوقع به، و المرصد جمع مراصد: المكان الذي يرصد فيه أي يرقب فيه (كمينگاه) .

ص:40


1- -النور:24
2- الإسراء:13
3- مصباح الشريعة ص 28 ب 43

169- المكر و الخديعة و الغدر و الغشّ

الآيات

1- . . . وَ يَمْكُرُونَ وَ يَمْكُرُ اَللّهُ وَ اَللّهُ خَيْرُ اَلْماكِرِينَ . (1)

2- وَ مَكَرُوا مَكْراً وَ مَكَرْنا مَكْراً وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ - فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنّا دَمَّرْناهُمْ وَ قَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ . (2)

3- . . . وَ اَلَّذِينَ يَمْكُرُونَ اَلسَّيِّئاتِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَ مَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ . (3)

4- اِسْتِكْباراً فِي اَلْأَرْضِ وَ مَكْرَ اَلسَّيِّئِ وَ لا يَحِيقُ اَلْمَكْرُ اَلسَّيِّئُ إِلاّ بِأَهْلِهِ. . . (4)

5- وَ مَكَرُوا مَكْراً كُبّاراً . (5)

الأخبار

1-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لو لا أنّ المكر و الخديعة في النار لكنت أمكر

ص:41


1- -الأنفال:30
2- النمل:50 و 51
3- فاطر:10
4- فاطر:43
5- نوح:22

الناس. (1)

بيان:

كأنّه عليه السّلام إنّما قال ذلك لأنّ الناس كانوا ينسبون معاوية إلى الدهاء و العقل، لما كانوا يرون من إصابة حيل معاوية، المبنيّة على الكذب و المكر و الغدر، فبيّن عليه السّلام أنّه أعرف بتلك الحيل منه، و لكنّها لمّا كانت مخالفة لأمر اللّه و نهيه، فلذا لا يستعملها.

في القاموس، «المكر» : الخديعة، و في النهاية ج 4 ص 349: أصل المكر الخداع.

و في المفردات، المكر: صرف الغير عمّا يقصده بحيلة و ذلك ضربان: مكر محمود و ذلك أن يتحرّى بذلك فعل جميل و على ذلك قال: وَ اَللّهُ خَيْرُ اَلْماكِرِينَ و مذموم و هو أن يتحرّى به فعل قبيح، قال: وَ لا يَحِيقُ اَلْمَكْرُ اَلسَّيِّئُ إِلاّ بِأَهْلِهِ. . . و قال بعضهم: من مكر اللّه إمهال العبد و تمكينه من أعراض الدنيا، و لذلك قال أمير المؤمنين (عليه السّلام) : من وسّع عليه دنياه و لم يعلم أنّه مكر به، فهو مخدوع عن عقله.

«الخديعة» في القاموس: خدعه كمنعه خدعا و يكسر: ختله و أراد به المكروه من حيث لا يعلم، و الاسم الخديعة. و في المفردات، الخداع: إنزال الغير عمّا هو بصدده بأمر يبديه على خلاف ما يخفيه.

و في المرآة ج 10 ص 319: ربّما يفرّق بينهما (المكر و الخديعة) حيث اجتمعا بأن يراد بالمكر احتيال النفس و استعمال الرأي فيما يراد فعله ممّا لا ينبغي، و إرادة إظهار غيره، و صرف الفكر في كيفيّته، و بالخديعة إبراز ذلك في الوجود و إجراؤه على من يريد.

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يجيء كلّ غادر يوم

ص:42


1- -الكافي ج 2 ص 252 باب المكر و الغدر ح 1

القيامة بإمام مائل شدقه، حتّى يدخل النار، و يجيء كلّ ناكث بيعة إمام أجذم حتّى يدخل النار. (1)

بيان:

في المرآة: في القاموس، «الغدر» : ضدّ الوفاء. . . أقول: يطلق الغدر غالبا على نقض العهد و البيعة، و إرادة إيصال السوء إلى الغير بالحيلة بسبب خفيّ، و قوله: «بإمام» متعلّق بغادر، و المراد بالإمام إمام الحقّ، و يحتمل أن يكون"الباء"بمعنى"مع" و يكون متعلّقا بالمجيء، فالمراد بالإمام إمام الضلالة كما قال بعض الأفاضل انتهى.

في المصباح: «الشدق» بالفتح و الكسر: جانب الفم. «الناكث» : ناقض البيعة و العهد «الأجذم» . في النهاية: هو مقطوع اليد، من الجذم: القطع، و لعلّ ذلك لأنّ البيعة إنّما كانت تتمّ بصفق اليد على يد الإمام.

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ليس منّا من ماكر مسلما. (2)

4-عن الأصبغ قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام ذات يوم و هو يخطب على المنبر بالكوفة: يا أيّها الناس، لو لا كراهية الغدر كنت من أدهى الناس، ألا إنّ لكلّ غدرة فجرة، و لكلّ فجرة كفرة، ألا و إنّ الغدر و الفجور و الخيانة في النار. (3)

بيان:

«أدهى الناس» في المرآة: في القاموس، الدهى و الدهاء: النكر و جودة الرأي و الإرب. . . و الدهيّ كغنيّ: العاقل انتهى. و كأنّ المراد هنا طلب الدنيا بالحيلة و استعمال الرأي في غير المشروع، ممّا يوجب الوصول إلى المطالب الدنيويّة و تحصيلها، و طالبها على هذا النحو يسمّى داهيا و داهية للمبالغة، و هو مستلزم

ص:43


1- -الكافي ج 2 ص 252 ح 2
2- الكافي ج 2 ص 252 ح 3
3- الكافي ج 2 ص 253 ح 6

للغدر بمعنى نقض العهد و ترك الوفاء. «الفجرة» قال رحمه اللّه: أي اتّساع في الشرّ و انبعاث في المعاصي، أو كذب أو موجب للفساد أو عدول عن الحقّ. . .

و في شرح ابن أبي الحديد: الغدرة على فعلة: الكثير الغدر، و الفجرة و الكفرة: الكثير الفجور و الكفر.

5-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ليس منّا من غشّ مسلما أو ضرّه أو ماكره. (1)

بيان:

في المصباح: غشّه غشّا. . . لم ينصحه و زيّن له غير المصلحة، و لبن مغشوش:

مخلوط بالماء. و في مجمع البحرين، المغشوش: الغير الخالص. . . من قوله غشّه:

لم يمحّضه النصح و أظهر له خلاف ما أضمر، و الغشّ بالكسر: اسم منه.

6-عن أبي الحسن الرضا عن أبيه عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من كان مسلما فلا يمكر و لا يخدع، فإنّي سمعت جبرئيل عليه السّلام يقول:

إنّ المكر و الخديعة في النار.

ثمّ قال عليه السّلام: ليس منّا من غشّ مسلما، و ليس منّا من خان مسلما. . . (2)

7-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ الوفاء توأم الصدق، و لا أعلم جنّة أوقى منه، و لا يغدر من علم كيف المرجع. و لقد أصبحنا في زمان قد اتّخذ أكثر أهله الغدر كيسا، و نسبهم أهل الجهل فيه إلى حسن الحيلة، ما لهم؟ قاتلهم اللّه! قد يرى الحوّل القلّب وجه الحيلة و دونه مانع من أمر اللّه و نهيه فيدعها رأى عين بعد القدرة عليها، و ينتهز فرصتها من لا حريجة له في الدين. (3)

ص:44


1- -العيون ج 2 ص 28 ب 31 ح 26
2- العيون ج 2 ص 50 ح 194
3- نهج البلاغة ص 126 خ 41

بيان:

«الحوّل القلّب» : هو البصير بتحويل الأمور و تقليبها.

«من لا حريجة له» : الحريجة أي التحرّج و التحرّز من الآثام، و قيل: أي التقوى، و المراد معاوية و عمرو بن العاص و المغيرة و أضرابهم.

8-و قال عليه السّلام: و اللّه ما معاوية بأدهى منّي، و لكنّه يغدر و يفجر، و لو لا كراهية الغدر لكنت من أدهى الناس، و لكن كلّ غدرة فجرة، و كلّ فجرة كفرة، و لكلّ غادر لواء يعرف به يوم القيامة، و اللّه ما استغفل بالمكيدة، و لا استغمز بالشديدة. (1)

بيان:

«لا استغمز» : أي لا أستضعف بالقوّة الشديدة، و المعنى: لا يضعّفني شديد القوّة، و الغمز: الرجل الضعيف.

9-قال الصادق عليه السّلام: إن كان العرض على اللّه عزّ و جلّ حقّا فالمكر لما ذا؟ (2)

10-في مناهي النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: من غشّ مسلما في شراء أو بيع فليس منّا، و يحشر يوم القيامة مع اليهود، لأنّهم أغشّ الخلق للمسلمين.

و قال عليه السّلام: من بات و في قلبه غشّ لأخيه المسلم، بات في سخط اللّه، و أصبح كذلك حتّى يتوب. (3)

أقول:

و فيه؛ قال صلّى اللّه عليه و آله: «و من غشّ أخاه المسلم نزع اللّه عنه بركة رزقه، و أفسد عليه معيشته، و وكله إلى نفسه» . (البحار ج 76 ص 365)

ص:45


1- -نهج البلاغة ص 648 خ 191- صبحي ص 318 خ 200
2- البحار ج 75 ص 284 باب المكر و الخديعة ح 1
3- البحار ج 75 ص 284 ح 3

11-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : المؤمن لا يغشّ أخاه و لا يخونه و لا يخذله و لا يتّهمه و لا يقول له: أنا منك بريء. (1)

12-عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ليس منّا من غشّنا. (2)

13-عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: ملعون من غشّ مسلما، أو غرّه، أو ماكره. (3)

14-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

المكر لوم. (الغرر ج 1 ص 9 ف 1 ح 145)

الخديعة شؤم. (ح 146)

الغدر شيمة اللئام. (ص 14 ح 344)

الغشّ سجيّة المردة. (ص 18 ح 476)

الغشّ يكسب المسبّة. (ص 23 ح 666)

الغدر يضاعف السيّئات-المكر سجيّة اللئام. (ص 24 ح 694 و 695)

الغشّ شرّ المكر. (ص 27 ح 790)

المكر بمن ائتمنك كفر. (ص 39 ح 1209)

الغشّ من أخلاق اللئام. (ص 46 ح 1346)

المكور شيطان في صورة إنسان. (ص 54 ح 1503)

الحرّيّة منزّهة من الغلّ و المكر. (ص 55 ح 1522)

المروءة بريّة من الخناء و الغدر. (ح 1523)

الوفاء لأهل الغدر غدر عند اللّه سبحانه. (ص 60 ح 1606)

الغدر لأهل الغدر وفاء عند اللّه سبحانه. (ح 1607)

ص:46


1- -البحار ج 75 ص 285 ح 4
2- الوسائل ج 17 ص 279 ب 86 من ما يكتسب به ح 1
3- المستدرك ج 13 ص 202 ب 69 من ما يكتسب به ح 5

الغشوش لسانه حلو و قلبه مرّ. (ح 1611)

المكر و الغلّ مجانبا الإيمان. (ص 61 ح 1627)

الغدر أقبح الخيانتين. (ص 66 ح 1730)

الغدر بكلّ أحد قبيح و هو بذوي القدرة و السلطان أقبح. (ص 77 ح 1886)

الغدر يعظّم الوزر و يزري بالقدر. (ص 105 ح 2215)

إيّاك و الخديعة فإنّ الخديعة من خلق اللئيم. (ص 153 ف 5 ح 73)

إيّاك و المكر فإنّ المكر لخلق ذميم. (ص 154 ح 74)

أفظع الغشّ غشّ الأئمّة. (ص 179 ف 8 ح 112)

أقبح الغدر إذاعة السرّ. (ص 183 ح 179)

إنّ الحازم من لا يغترّ بالخدع. (ص 218 ف 9 ح 47)

إنّ أغشّ الناس أغشّهم لنفسه و أعصاهم لربّه. (ص 229 ح 140)

آفة الذكاء المكر. (ص 304 ف 16 ح 6)

جانبوا الغدر فإنّه مجانب القرآن. (ص 370 ف 26 ح 25)

رأس الحكمة تجنّب الخدع. (ص 412 ف 34 ح 27)

شرّ الناس من يغشّ الناس. (ص 443 ف 41 ح 6)

غرّ عقله من أتبعه الخدع. (ج 2 ص 507 ف 57 ح 22)

من غدر شانه غدره. (ص 619 ف 77 ح 191)

من مكر حاق به مكره. (ح 192)

من غشّ مستشيره سلب تدبيره. (ص 650 ح 688)

من مكر بالناس ردّ اللّه سبحانه مكره في عنقه. (ص 686 ح 1170)

من غشّ الناس في دينهم فإنّه معاند للّه سبحانه و لرسوله. (ص 692 ح 1230)

من غشّ نفسه كان أغشّ لغيره. (ص 707 ح 1379)

من علامة الشقاء غشّ الصديق. (ص 727 ف 78 ح 48)

ص:47

من علامات اللوم الغدر بالمواثيق. (ح 49)

لا أمانة لمكور-لا إيمان لغدور. (ص 829 ف 86 ح 7 و 8)

لا دين لخدّاع. (ص 843 ح 286)

ص:48

170- الموت

اشارة

فيه فصلان

الفصل الأوّل: ما يتعلّق بالموت
الآيات

1- . . . قُلْ فَادْرَؤُا عَنْ أَنْفُسِكُمُ اَلْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ . (1)

2- أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ اَلْمَوْتُ وَ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ. . . (2)

3- هُوَ يُحيِي وَ يُمِيتُ وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ . (3)

4- . . . وَ لكِنْ أَعْبُدُ اَللّهَ اَلَّذِي يَتَوَفّاكُمْ. . . (4)

ص:49


1- -آل عمران:168
2- النساء:78
3- يونس:56
4- يونس:104

5- وَ اَللّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفّاكُمْ. . . (1)

6- كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ اَلْمَوْتِ وَ نَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَ اَلْخَيْرِ فِتْنَةً وَ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ . (2)

7- قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ اَلْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ اَلْمَوْتِ أَوِ اَلْقَتْلِ وَ إِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلاّ قَلِيلاً . (3)

8- اَللّهُ يَتَوَفَّى اَلْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَ اَلَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها فَيُمْسِكُ اَلَّتِي قَضى عَلَيْهَا اَلْمَوْتَ وَ يُرْسِلُ اَلْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ . (4)

9- وَ جاءَتْ سَكْرَةُ اَلْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ . (5)

10- نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ اَلْمَوْتَ وَ ما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ . الآيات. (6)

11- وَ أَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ اَلْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَ أَكُنْ مِنَ اَلصّالِحِينَ . (7)

12- اَلَّذِي خَلَقَ اَلْمَوْتَ وَ اَلْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَ هُوَ اَلْعَزِيزُ اَلْغَفُورُ . (8)

13- قُلْ إِنَّ اَلْمَوْتَ اَلَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ اَلْغَيْبِ وَ اَلشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ . (9)

ص:50


1- -النحل:70
2- الأنبياء:35 و بمدلولها في آل عمران:185 و العنكبوت:57
3- الأحزاب:16
4- الزمر:42
5- ق:19
6- الواقعة:60
7- المنافقين:10
8- الملك:2
9- الجمعة:8

14- يا أَيَّتُهَا اَلنَّفْسُ اَلْمُطْمَئِنَّةُ - اِرْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً - فَادْخُلِي فِي عِبادِي- وَ اُدْخُلِي جَنَّتِي . (1)

15- وَ أَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَ أَبْكى - وَ أَنَّهُ هُوَ أَماتَ وَ أَحْيا . (2)

(الآيات بهذا المعنى كثيرة)

الأخبار

1-قال أبو جعفر عليه السّلام: كان الناس يعتبطون اعتباطا، فلمّا كان زمان إبراهيم عليه السّلام قال: يا ربّ، اجعل للموت علّة يؤجر بها الميّت و يسلّي بها عن المصاب، قال: فأنزل اللّه عزّ و جلّ الموم و هو البرسام، ثمّ أنزل بعده الداء. (3)

بيان:

«الاعتباط» : إدراك الموت بلا علّة. «البرسام» : علّة يهذى فيها. «بعده الداء» : أي سائر الأمراض.

2-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ موت الفجأة تخفيف عن المؤمن و أخذة أسف عن الكافر. (4)

أقول:

قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، موت الفجأة راحة المؤمن و حسرة الكافر.

(البحار ج 77 ص 54)

بيان: «أخذة أسف» : أي أخذة توجب تأسّفه، و يمكن أن يقرء بكسر السين أي

ص:51


1- -الفجر:27 إلى 30
2- النجم:43 و 44
3- الكافي ج 3 ص 111 باب علل الموت ح 1 و 2
4- الكافي ج 3 ص 112 ح 5

أخذة غضب أو غضبان، يقال: أسف يأسف أسفا فهو أسف إذا غضب.

(المرآة ج 13 ص 260)

3-قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّ المؤمن يبتلى بكلّ بليّة و يموت بكلّ ميتة إلاّ أنّه لا يقتل نفسه. (1)

4-عن سدير الصير فيّ قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: جعلت فداك يا بن رسول اللّه، هل يكره المؤمن على قبض روحه؟ قال: لا و اللّه إنّه إذا أتاه ملك الموت لقبض روحه جزع عند ذلك فيقول له ملك الموت: يا وليّ اللّه، لا تجزع فو الذي بعث محمّدا صلّى اللّه عليه و آله لأنا أبرّ بك و أشفق عليك من والد رحيم لو حضرك، افتح عينك فانظر، قال: و يمثّل له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أمير المؤمنين و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمّة من ذرّيتهم عليهم السّلام.

فيقال له: هذا رسول اللّه و أمير المؤمنين و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمّة عليهم السّلام رفقاؤك، قال: فيفتح عينه فينظر فينادي روحه مناد من قبل ربّ العزّة: فيقول:

يا أَيَّتُهَا اَلنَّفْسُ اَلْمُطْمَئِنَّةُ إلى محمّد و أهل بيته اِرْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً بالولاية مَرْضِيَّةً بالثواب فَادْخُلِي فِي عِبادِي يعني محمّدا و أهل بيته وَ اُدْخُلِي جَنَّتِي فما شيء أحبّ إليه من استلال روحه و اللحوق بالمنادي. (2)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة.

بيان: في القاموس، السلّ: انتزاعك الشيء و إخراجه في رفق كالاستلال.

5-عن عبد الرحيم قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام: حدّثني صالح بن ميثم عن عباية الأسديّ أنّه سمع عليّا عليه السّلام يقول: و اللّه لا يبغضني عبد أبدا يموت

ص:52


1- -الكافي ج 3 ص 112 ح 8
2- الكافي ج 3 ص 127 باب أنّ المؤمن لا يكره على قبض روحه ح 2

على بغضي إلاّ رآني عند موته حيث يكره، و لا يحبّني عبد أبدا فيموت على حبّي إلاّ رآني عند موته حيث يحبّ. فقال أبو جعفر عليه السّلام: نعم و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله باليمين. (1)

6-عن عبد الحميد بن عواض قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إذا بلغت نفس أحدكم هذه قيل له: أمّا ما كنت تحذر من همّ الدنيا و حزنها فقد أمنت منه، و يقال له: رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و عليّ عليه السّلام و فاطمة عليها السّلام أمامك. (2)

7-عن أبي حمزة قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: إنّ آية المؤمن إذا حضره الموت يبيّاض وجهه أشدّ من بياض لونه و يرشح جبينه و يسيل من عينيه كهيئة الدموع، فيكون ذلك خروج نفسه، و إنّ الكافر تخرج نفسه سلاّ من شدقه كزبد البعير أو كما تخرج نفس البعير. (3)

8-عن محمّد بن حنظلة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: جعلت فداك، حديث سمعته من بعض شيعتك و مواليك يرويه عن أبيك، قال: و ما هو؟ قلت:

زعموا أنّه كان يقول: أغبط ما يكون امرء بما نحن عليه إذا كانت النفس في هذه، فقال: نعم، إذا كان ذلك أتاه نبيّ اللّه و أتاه عليّ و أتاه جبرئيل و أتاه ملك الموت عليهم السّلام فيقول ذلك الملك لعليّ عليه السّلام: يا عليّ، إنّ فلانا كان مواليا لك و لأهل بيتك، فيقول: نعم كان يتولاّنا و يتبرّء من عدوّنا، فيقول ذلك نبيّ اللّه لجبرئيل، فيرفع ذلك جبرئيل إلى اللّه عزّ و جلّ. (4)

بيان:

«ذلك الملك» : أي ملك الموت. «فيرفع ذلك» : أي هذا الكلام أو روح المؤمن.

ص:53


1- -الكافي ج 3 ص 132 باب ما يعاين المؤمن و الكافر ح 5
2- الكافي ج 3 ص 134 ح 10
3- الكافي ج 3 ص 134 ح 11
4- الكافي ج 3 ص 134 ح 13

9-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ أمير المؤمنين عليه السّلام اشتكى عينه فعاده النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فإذا هو يصيح، فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أ جزعا أم وجعا؟ فقال: يا رسول اللّه، ما وجعت وجعا قطّ أشدّ منه، فقال: يا عليّ، إنّ ملك الموت إذا نزل لقبض روح الكافر نزل معه سفّود من نار، فينزع روحه به فتصيح جهنّم، فاستوى عليّ عليه السّلام جالسا، فقال: يا رسول اللّه، أعد عليّ حديثك فلقد أنساني وجعي ما قلت، ثمّ قال:

هل يصيب ذلك أحدا من أمّتك؟ قال: نعم، حاكم جائر، و آكل مال اليتيم ظلما، و شاهد زور. (1)

بيان:

في القاموس: السفّود بالتشديد كتنّور: حديدة التي يشوى بها اللحم (سيخ كباب) .

10-قال أبو جعفر عليه السّلام: مناد ينادي في كلّ يوم: ابن آدم لد للموت و اجمع للفناء و ابن للخراب. (2)

11-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ عيسى بن مريم جاء إلى قبر يحيى بن زكريّا عليه السّلام و كان سأل ربّه أن يحييه له، فدعاه فأجابه و خرج إليه من القبر، فقال له:

ما تريد منّي؟ فقال له: أريد أن تؤنسني كما كنت في الدنيا، فقال له: يا عيسى، ما سكنت عنّي حرارة الموت (مرارة الموت ف ن) و أنت تريد أن تعيدني إلى الدنيا و تعود عليّ حرارة الموت، فتركه فعاد إلى قبره. (3)

12-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ قوما فيما مضى قالوا لنبيّ لهم: ادع لنا ربّك يرفع عنّا الموت، فدعا لهم فرفع اللّه عنهم الموت فكثروا حتّى ضاقت عليهم المنازل و كثر النسل، و يصبح الرجل يطعم أباه و جدّه و امّه و جدّ جدّه، و يوضّيهم و يتعاهدهم فشغلوا عن طلب المعاش، فقالوا: سل لنا ربّك أن يردّنا إلى حالنا

ص:54


1- -الكافي ج 3 ص 253 باب النوادر من الجنائز ح 10
2- الكافي ج 3 ص 255 ح 19-و نظيره في نهج البلاغة ص 1150 ح 127
3- الكافي ج 3 ص 260 ح 37

التي كنّا عليها، فسأل نبيّهم ربّه فردّهم إلى حالهم. (1)

بيان:

في المرآة ج 14 ص 263، «يوضّيهم» : أي يذهب بهم إلى الخلاء و ينجّيهم و يغسلهم.

13-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من أشراط الساعة أن يفشو الفالج، و موت الفجأة. (2)

بيان:

«الأشراط» : العلامات.

14-عن محمّد بن عليّ عن أبيه الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عليه السّلام قال:

قيل للصادق عليه السّلام: صف لنا الموت، فقال: للمؤمن كأطيب ريح يشمّه فينعس لطيبه و ينقطع التعب و الألم كلّه عنه، و للكافر كلسع الأفاعي و لدغ العقارب أو أشدّ.

قيل: فإنّ قوما يقولون: إنّه أشدّ من نشر بالمناشير، و قرض بالمقاريض، و رضخ بالأحجار، و تدوير قطب الأرحية في الأحداق، قال: فهو كذلك هو على بعض الكافرين و الفاجرين، أ لا ترون منهم من يعاين تلك الشدائد فذاكم الذي هو أشدّ من هذا إلاّ من عذاب الآخرة فهذا أشدّ من عذاب الدنيا. . . (3)

بيان:

«ينعس» : أي تأخذه فترة في حواسّه فقارب النوم. «المناشير» : ج المنشار يقال بالفارسيّة: ارّه. «رضخ بالأحجار» يقال: رضخ الحصى: كسره، و المراد هنا ضرب الرؤس بالأحجار.

15-عن الجواد عن آبائه عليهم السّلام قال: قيل لأمير المؤمنين عليه السّلام: صف لنا

ص:55


1- -الكافي ج 3 ص 260 ح 36
2- الكافي ج 3 ص 261 ح 39
3- معاني الأخبار ص 272 باب معنى الموت ح 1

الموت، فقال: على الخبير سقطتم، هو أحد ثلاثة امور يرد عليه: إمّا بشارة بنعيم الأبد، و إمّا بشارة بعذاب الأبد، و إمّا تحزين و تهويل و أمره مبهم لا يدري من أيّ الفرق هو.

فأمّا وليّنا المطيع لأمرنا فهو المبشّر بنعيم الأبد، و أمّا عدوّنا المخالف علينا فهو المبشّر بعذاب الأبد، و أمّا المبهم أمره الذي لا يدري ما حاله فهو المؤمن المسرف على نفسه لا يدري ما يؤول إليه حاله، يأتيه الخبر مبهما مخوفا، ثمّ لن يسوّيه اللّه عزّ و جلّ بأعدائنا، لكن يخرجه من النار بشفاعتنا، فاعملوا و أطيعوا، لا تتّكلوا و لا تستصغروا عقوبة اللّه عزّ و جلّ، فإنّ من المسرفين من لا تلحقه شفاعتنا إلاّ بعد عذاب ثلاثمائة ألف سنة. (1)

16-و سئل الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام: ما الموت الذي جهلوه؟ قال: أعظم سرور يرد على المؤمنين إذا نقلوا عن دار النكد إلى نعيم الأبد، و أعظم ثبور يرد على الكافرين إذا نقلوا عن جنّتهم إلى نار لا تبيد و لا تنفد.

و قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام: لمّا اشتدّ الأمر بالحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام نظر إليه من كان معه فإذا هو بخلافهم، لأنّهم كلّما اشتدّ الأمر تغيّرت ألوانهم و ارتعدت فرائصهم و وجلت قلوبهم، و كان الحسين عليه السّلام و بعض من معه من خصائصه تشرق ألوانهم و تهدىء جوارحهم و تسكن نفوسهم، فقال بعضهم لبعض: انظروا لا يبالي بالموت!

فقال لهم الحسين عليه السّلام: صبرا بني الكرام، فما الموت إلاّ قنطرة تعبر بكم عن البؤس و الضرّاء إلى الجنان الواسعة و النعيم الدائم، فأيّكم يكره أن ينتقل من سجن إلى قصر، و ما هو لأعدائكم إلاّ كمن ينتقل من قصر إلى سجن و عذاب.

ص:56


1- -معاني الأخبار ص 273 ح 2

إنّ أبي حدّثني عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ الدنيا سجن المؤمن و جنّة الكافر، و الموت جسر هؤلاء إلى جنّاتهم و جسر هؤلاء إلى جحيمهم، ما كذبت و لا كذبت. (1)

بيان:

«النكد» : الشدّة و العسر. «الثبور» : الهلاك.

17-و قال محمّد بن عليّ عليهما السّلام: قيل لعليّ بن الحسين عليهما السّلام: ما الموت؟ قال:

للمؤمن كنزع ثياب و سخة قملة، و فكّ قيود و أغلال ثقيلة، و الاستبدال بأفخر الثياب و أطيبها روائح و أوطئ المراكب، و آنس المنازل، و للكافر كخلع ثياب فاخرة، و النقل عن منازل أنيسة، و الاستبدال بأوسخ الثياب و أخشنها، و أوحش المنازل و أعظم العذاب. (2)

و قيل لمحمّد بن عليّ عليهما السّلام: ما الموت؟ قال: هو النوم الذي يأتيكم كلّ ليلة، إلاّ أنّه طويل مدّته لا ينتبه منه إلاّ يوم القيامة، فمن رأى في نومه من أصناف الفرح ما لا يقادر قدره، و من أصناف الأهوال ما لا يقادر قدره؟ فكيف حال فرح في النوم و وجل فيه؟ هذا هو الموت فاستعدّوا له. (3)

18-عن الحسن بن عليّ عن أبيه عن محمّد بن عليّ عن أبيه عليهم السّلام قال:

دخل موسى بن جعفر عليهما السّلام على رجل قد غرق في سكرات الموت و هو لا يجيب داعيا، فقالوا له: يا بن رسول اللّه، وددنا لو عرفنا كيف الموت و كيف حال صاحبنا؟ فقال: الموت هو المصفّاة يصفّي المؤمنين من ذنوبهم، فيكون آخر ألم يصيبهم كفّارة آخر وزر بقي عليهم، و يصفّي الكافرين من حسناتهم، فيكون آخر لذّة أو راحة تلحقهم و هو آخر ثواب حسنة تكون لهم.

ص:57


1- -معاني الأخبار ص 274 ح 3
2- معاني الأخبار ص 274 ح 4
3- معاني الأخبار ص 275 ح 5

و أمّا صاحبكم هذا فقد نخل من الذنوب نخلا، و صفّى من الآثام تصفية، و خلّص حتّى نقي كما ينقى الثوب من الوسخ، و صلح لمعاشرتنا أهل البيت في دارنا دار الأبد. (1)

بيان:

«نخل الدقيق» : غربله و أزال نخالته، و نخل الشيء: اختاره و صفّاه.

19-و بهذا الإسناد، عن عليّ بن محمّد عليه السّلام قال: قيل لمحمّد بن عليّ بن موسى عليهم السّلام: ما بال هؤلاء المسلمين يكرهون الموت؟ قال: لأنّهم جهلوه فكرهوه، و لو عرفوه و كانوا من أولياء اللّه عزّ و جلّ لأحبّوه، و لعلموا أنّ الآخرة خير لهم من الدنيا.

ثمّ قال عليه السّلام: يا أبا عبد اللّه، ما بال الصبيّ و المجنون يمتنع من الدواء المنقّي لبدنه و النافي للألم عنه؟ قال: لجهلهم بنفع الدواء، قال: و الذي بعث محمّدا بالحقّ نبيّا، إنّ من استعدّ للموت حقّ الاستعداد فهو أنفع له من هذا الدواء لهذا المتعالج، أما إنّهم لو عرفوا ما يؤدّي إليه الموت من النعيم لاستدعوه و أحبّوه أشدّ ما يستدعي العاقل الحازم الدواء لدفع الآفات و اجتلاب السلامات. (2)

20-و بهذا الإسناد، عن الحسن بن عليّ عليه السّلام قال: دخل عليّ بن محمّد عليهما السّلام على مريض من أصحابه و هو يبكي و يجزع من الموت، فقال له: يا عبد اللّه، تخاف من الموت لأنّك لا تعرفه، أ رأيتك إذا اتّسخت و تقذّرت و تأذّيت من كثرة القذر و الوسخ عليك، و أصابك قروح و جرب، و علمت أنّ الغسل في حمّام يزيل ذلك كلّه، أما تريد أن تدخله فتغسل ذلك عنك؟ أو تكره أن تدخله فيبقى ذلك عليك؟ قال: بلى يا بن رسول اللّه، قال: فذاك الموت هو ذلك الحمّام و هو آخر

ص:58


1- -معاني الأخبار ص 275 ح 6
2- معاني الأخبار ص 276 ح 8

ما بقي عليك من تمحيص ذنوبك و تنقيتك من سيّئاتك، فإذا أنت وردت عليه و جاوزته فقد نجوت من كلّ غمّ و همّ و أذى، و وصلت إلى كلّ سرور و فرح، فسكن الرجل و استسلم و نشط و غمض عين نفسه و مضى لسبيله. (1)

21-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ الموت طالب حثيث، لا يفوته المقيم، و لا يعجزه الهارب، إنّ أكرم الموت القتل، و الذي نفس ابن أبي طالب بيده لألف ضربة بالسيف أهون عليّ من ميتة على الفراش في غير طاعة اللّه. (2)

بيان:

«الحثيث» : السريع.

22-و قال عليه السّلام: فلو أنّ أحدا يجد إلى البقاء سلّما أو إلى دفع الموت سبيلا لكان ذلك سليمان بن داود عليه السّلام الذي سخّر له ملك الجنّ و الإنس مع النبوّة و عظيم الزلفة، فلمّا استوفى طعمته، و استكمل مدّته، رمته قسيّ الفناء بنبال الموت، و أصبحت الديار منه خالية، و المساكن معطّلة، و ورثها قوم آخرون، و إنّ لكم في القرون السالفة لعبرة؛ أين العمالقة و أبناء العمالقة، أين الفراعنة و أبناء الفراعنة. . . (3)

بيان:

«الطعمة» : أي ما يؤكل، و المراد الرزق المقسوم. «قسيّ» : ج القوس (كمان) .

«النبل» ج نبال: السهام (تير) .

23-و قال عليه السّلام: و إنّ للموت لغمرات هي أفظع من أن تستغرق بصفة، أو تعتدل على عقول أهل الدنيا. (4)

ص:59


1- -معاني الأخبار ص 276 ح 9
2- نهج البلاغة ص 380 في خ 122
3- نهج البلاغة ص 593 في خ 181
4- نهج البلاغة ص 702 في خ 212-صبحي ص 341 خ 221

بيان:

«الغمرات» : المكاره و الشدائد، يريد بها هنا سكرات الموت.

24-و قال عليه السّلام: إذا كنت في إدبار و الموت في إقبال فما أسرع الملتقى. (1)

25-و قال عليه السّلام: نفس المرء خطاه إلى أجله. (2)

26-و قال عليه السّلام: الرحيل و شيك. (3)

بيان:

«الوشيك» : القريب.

27-و قال عليه السّلام: إنّ مع كلّ إنسان ملكين يحفظانه، فإذا جاء القدر خلّيا بينه و بينه، و إنّ الأجل جنّة حصينة. (4)

28-فيما كتب أمير المؤمنين عليه السّلام إلى محمّد بن أبي بكر رحمه اللّه: و أنتم طرداء الموت، إن أقمتم له أخذكم، و إن فررتم منه أدرككم، و هو ألزم لكم من ظلّكم، الموت معقود بنواصيكم و الدنيا تطوى من خلفكم. (5)

29-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لو لا ثلاثة في ابن آدم ما طأطأ رأسه شيء: المرض، و الموت، و الفقر، و كلّهنّ فيه و إنّه لمعهنّ وثّاب. (6)

30-قال إبراهيم الخليل عليه السّلام لملك الموت: هل تستطيع أن تريني صورتك التي تقبض فيها روح الفاجر؟ قال: لا تطيق ذلك، قال: بلى، قال: فأعرض عنّي؛ فأعرض عنه ثمّ التفت، فإذا هو برجل أسود، قائم الشعر، منتن الريح، أسود

ص:60


1- -نهج البلاغة ص 1098 ح 28
2- نهج البلاغة ص 1117 ح 71
3- نهج البلاغة ص 1172 ح 178
4- نهج البلاغة ص 1178 ح 192
5- نهج البلاغة ص 887 في ر 27
6- البحار ج 6 ص 118 باب حكمة الموت ح 5

الثياب، يخرج من فيه و مناخره لهيب النار و الدخان؛ فغشي على إبراهيم ثمّ أفاق، فقال: لو لم يلق الفاجر عند موته إلاّ صورة وجهك لكان حسبه. (1)

31-سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن ملك الموت، يقال: الأرض بين يديه كالقصعة يمدّ يده منها حيث يشاء؟ فقال: نعم. (2)

32-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما يموت موال لنا مبغض لأعدائنا إلاّ و يحضره رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أمير المؤمنين و الحسن و الحسين عليهم السّلام فيرونه و يبشّرونه، و إن كان غير موال لنا يراهم بحيث يسوؤه، و الدليل على ذلك قول أمير المؤمنين عليه السّلام لحارث الهمدانيّ:

يا حار همدان من يمت يرني من مؤمن أو منافق قبلا. (3)

33-قال الحارث الأعور: أتيت أمير المؤمنين عليه السّلام ذات يوم نصف النهار فقال: ما جاء بك؟ قلت: حبّك و اللّه، قال: إن كنت صادقا لتراني في ثلاث مواطن: حيث تبلغ نفسك هذه-و أومأ بيده إلى حنجرته-و عند الصراط، و عند الحوض. (4)

34-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لو أنّ البهائم يعلمون من الموت ما تعلمون أنتم، ما أكلتم منها سمينا. (5)

35-عن الرقّي عن الصادق عليه السّلام قال: من أحبّ أن يخفّف اللّه عزّ و جلّ عنه سكرات الموت، فليكن لقرابته وصولا، و بوالديه بارّا، فإذا كان كذلك هوّن

ص:61


1- -البحار ج 6 ص 143 باب ملك الموت ح 8
2- البحار ج 6 ص 144 ح 12( الكافي ج 3 ص 256)
3- البحار ج 6 ص 180 باب ما يعاين المؤمن ح 8
4- البحار ج 6 ص 195 ح 46
5- البحار ج 6 ص 132 باب حبّ لقاء اللّه ح 31

اللّه عليه سكرات الموت، و لم يصبه في حياته فقر أبدا. (1)

36-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الموت ريحانة المؤمن. (2)

قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: تحفة المؤمن الموت. (3)

37-. . . قال أمير المؤمنين عليه السّلام: موت الأبرار راحة لأنفسهم، و موت الفجّار راحة للعالم. (4)

38-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: شيئان يكرههما ابن آدم: يكره الموت و الموت راحة للمؤمن من الفتنة، و يكره قلّة المال و قلّة المال أقلّ للحساب. (5)

39-عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: بين العبد و بين الجنّة مأتا ألف هول، أهونهنّ الموت، و تسعون ألف ضربة بالسيف أهون من جذبة من جذبات الموت، فمن قال هذه العشر كلمات، كفاه اللّه من تلك الأهوال كلّها بفضله و رحمته:

«بسم اللّه الرحمن الرحيم، أعددت لكلّ هول ألقاه في الدنيا و الآخرة لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه، و لكلّ همّ و غمّ ما شاء اللّه، و لكلّ نعمة الحمد للّه، و لكلّ شدّة و رخاء الشكر للّه، و لكلّ ذنب أستغفر اللّه، و لكلّ أعجوبة سبحان اللّه، و لكلّ ضيق حسبي اللّه، و لكلّ مصيبة إنّا للّه [و إنّا إليه راجعون]، و لكلّ قضاء و قدر توكّلت على اللّه، و لكلّ طاعة و معصية لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه العليّ العظيم» . (6)

ص:62


1- -البحار ج 74 ص 66 باب برّ الوالدين ح 33
2- البحار ج 82 ص 168 باب النوادر ح 3 و ص 179 ح 23
3- البحار ج 82 ص 171 ح 6
4- البحار ج 82 ص 181 ح 28
5- الخصال ج 1 ص 74 باب الاثنين ح 115
6- المخلاة للشيخ البهائي رحمه اللّه ص 172

أقول:

نقله الكفعميّ رحمه اللّه في المصباح (ص 82) و البلد الأمين و عنه المجلسيّ رحمه اللّه في البحار (ج 87 ص 5 ب 47 ح 8) و المحدّث القميّ رحمه اللّه في الباقيات الصالحات، و سفينة البحار (قبر) مع اختلاف يسير، و في صدره: من قال هذه الكلمات في كلّ يوم عشرا غفر اللّه تعالى له أربعة آلاف كبيرة، و وقاه من شرّ الموت و ضغطة القبر و النشور و الحساب، و الأهوال كلّها، و هو مأة [ألف]هول أهونها الموت، و وقي من شرّ إبليس و جنوده، و قضي دينه و كشف همّه و غمّه و فرّج كربه.

40-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الموت مريح. (الغرر ج 1 ص 10 ف 1 ح 198)

الموت فوت. (ص 13 ح 300)

الموت باب الآخرة-الموت رقيب غافل. (ص 15 ح 371 و 369)

الموت مفارقة دار الفناء، و ارتحال إلى دار البقاء. (ص 54 ح 1495)

الموت ألزم لكم من ظلّكم و أملك بكم من أنفسكم. (ص 85 ح 1982)

ازهد في الدنيا و اعزف عنها، و إيّاك أن ينزل بك الموت و أنت آبق من ربّك في طلبها فتشقى. (ص 120 ف 2 ح 174)

أفضل تحفة المؤمن الموت. (ص 213 ف 8 ح 540)

أشدّ من الموت ما يتمنّى الخلاص منه بالموت. (ح 541)

إنّ في الموت لراحة لمن كان عبد شهوته و أسير أهويته، لأنّه كلّما طالت حياته كثرت سيّئاته و عظمت على نفسه جناياته. (ص 243 ف 9 ح 217)

إنّ الموت لهادم لذّاتكم و مباعد طلباتكم و مفرّق جماعاتكم، قد أعلقتكم حبائله و أقصدتكم مقاتله. (ص 246 ح 233)

إنّ الموت لزائر غير محبوب، و واتر غير مطلوب، و قرن غير مغلوب.

(ص 250 ح 252)

ص:63

إنّك طريد الموت الذي لا ينجو هاربه و لا بدّ أنّه مدركه. (ص 286 ف 13 ح 7)

إنّك لن يغني عنك بعد الموت إلاّ صالح عمل قدّمته، فتزوّد من صالح العمل.

(ص 288 ح 29)

إنّك من ورائك طالبا حثيثا من الموت فلا تغفل. (ح 28)

شوّقوا أنفسكم إلى نعيم الجنّة تحبّوا الموت و تمقتوا الحياة.

(ص 450 ف 42 ح 25)

غائب الموت أحقّ منتظر و أقرب قادم. (ج 2 ص 509 ف 57 ح 49)

في الموت غبطة أو ندامة-في كلّ نفس فوت. (ص 511 ب 58 ح 7 و 11)

في كلّ وقت موت. (ح 12)

في كلّ لحظة أجل. (ح 13)

في الموت راحة السعداء-في الدنيا راحة الأشقياء. (ص 514 ح 60 و 61)

كيف يسلم من الموت طالبه. (ص 553 ف 64 ح 8)

من رأى الموت بعين يقينه رأه قريبا. (ص 645 ف 77 ح 603)

ما أقرب الحيوة من الموت. (ص 738 ف 79 ح 35)

ما أقرب الحيّ من الميّت، للحاقه به. (ص 744 ح 146)

موت الولد قاصمة الظهر-موت الولد صدع في الكبد-موت الأخ قصّ الجناح و اليد. (ص 763 ف 80 ح 110 إلى 112)

لا قادم أقرب من الموت. (ص 838 ف 86 ح 185)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في باب البرزخ.

ص:64

الفصل الثاني: ذكر الموت و الاستعداد له
الآيات

1- قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ اَلدّارُ اَلْآخِرَةُ عِنْدَ اَللّهِ خالِصَةً مِنْ دُونِ اَلنّاسِ فَتَمَنَّوُا اَلْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ - وَ لَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَ اَللّهُ عَلِيمٌ بِالظّالِمِينَ . (1)

2- إِنَّ اَلَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا وَ رَضُوا بِالْحَياةِ اَلدُّنْيا وَ اِطْمَأَنُّوا بِها وَ اَلَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ - أُولئِكَ مَأْواهُمُ اَلنّارُ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ . (2)

أقول:

الآيات في لقاء اللّه كثيرة راجع المعجم المفهرس.

3- قُلْ يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ هادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلّهِ مِنْ دُونِ اَلنّاسِ فَتَمَنَّوُا اَلْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ - وَ لا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَ اَللّهُ عَلِيمٌ بِالظّالِمِينَ - قُلْ إِنَّ اَلْمَوْتَ اَلَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ اَلْغَيْبِ وَ اَلشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ . (3)

ص:65


1- -البقرة:94 و 95
2- يونس:7 و 8
3- الجمعة:6 إلى 8
الأخبار

1-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: جاء رجل إلى أبي ذرّ رحمه اللّه فقال: يا أبا ذرّ، ما لنا نكره الموت؟ فقال: لأنّكم عمّرتم الدنيا و أخربتم الآخرة، فتكرهون أن تنقلوا من عمران إلى خراب، فقال له: فكيف ترى قدومنا على اللّه؟ فقال: أمّا المحسن منكم فكالغائب يقدم على أهله، و أمّا المسيئ منكم فكالآبق يردّ على مولاه، قال: فكيف ترى حالنا عند اللّه؟ قال: اعرضوا أعمالكم على الكتاب، إنّ اللّه يقول: إِنَّ اَلْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ - وَ إِنَّ اَلْفُجّارَ لَفِي جَحِيمٍ (1)قال: فقال الرجل: فأين رحمة اللّه؟ قال: رَحْمَتَ اَللّهِ قَرِيبٌ مِنَ اَلْمُحْسِنِينَ (2). (3)

2-عن الحسن العسكريّ عن آبائه عليهم السّلام قال: قيل لأمير المؤمنين عليه السّلام:

ما الاستعداد للموت؟ قال: أداء الفرائض و اجتناب المحارم و الاشتمال على المكارم، ثمّ لا يبالي أن وقع على الموت أو الموت وقع عليه، و اللّه لا يبالي ابن أبي طالب أن وقع على الموت أو الموت وقع عليه. (4)

3-عن الرضا عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أكثروا من ذكر هادم اللذّات. (5)

4-عن الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عليهم السّلام قال: رأى الصادق عليه السّلام رجلا قد اشتدّ جزعه على ولده، فقال: يا هذا، جزعت للمصيبة الصغرى و غفلت

ص:66


1- -الانفطار 13 و 14
2- الأعراف:56
3- الكافي ج 2 ص 331 باب محاسبة العمل ح 20
4- العيون ج 1 ص 232 ب 28 ح 55( أمالي الصدوق ص 110 م 23 ح 8)
5- العيون ج 2 ص 69 ب 31 ح 325

عن المصيبة الكبرى؟ ! و لو كنت لما صار إليه ولدك مستعدّا لما اشتدّ عليه جزعك، فمصابك بتركك الاستعداد أعظم من مصابك بولدك. (1)

5-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أفضل الزهد في الدنيا ذكر الموت، و أفضل العبادة ذكر الموت، و أفضل التفكّر ذكر الموت، فمن أثقله ذكر الموت وجد قبره روضة من رياض الجنّة. (2)

6-عن عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام عن الصادق عليه السّلام قال: وجد لوح تحت حائط مدينة من المدائن فيه مكتوب: «لا إله إلاّ اللّه محمّد رسول اللّه، عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح، و عجبت لمن أيقن بالنار كيف يضحك، و عجبت لمن أيقن بالقدر كيف يحزن، و عجبت لمن اختبر الدنيا و تقلّبها [بأهلها]كيف يطمئنّ إليها، و عجبت لمن أيقن بالحساب كيف يذنب» . (3)

7-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أو لستم ترون أهل الدنيا يمسون و يصبحون على أحوال شتّى: فميّت يبكى و آخر يعزّى، و صريع مبتلى، و عائد يعود، و آخر بنفسه يجود، و طالب للدنيا و الموت يطلبه، و غافل و ليس بمغفول عنه، و على أثر الماضي ما يمضي الباقي! !

ألا فاذكروا هادم اللذّات، و منغّص الشهوات، و قاطع الأمنيّات، عند المساورة للأعمال القبيحة، و استعينوا اللّه على أداء واجب حقّه، و ما لا يحصى من أعداد نعمه و إحسانه. (4)

بيان:

«بنفسه يجود» : أي إذا قارب موته كأنّه يسخو بها و يسلّمها إلى خالقها.

ص:67


1- -العيون ج 2 ص 5 ب 30 ح 10
2- جامع الأخبار ص 165 ف 131
3- جامع الأخبار ص 131 ف 89
4- نهج البلاغة ص 292 في خ 98

«صريع مبتلى» : الصريع، فعيل بمعنى المفعول أي المصروع على الأرض و الساقط عليها، لأنّ المرض يغلب على الإنسان حتّى يصرعه. «المساورة» : ساوره مساورة أي واثبه أو وثب عليه، كأنّه يرى العمل القبيح-لبعده عن ملاءمة الطبع الإنساني بالفطرة الإلهيّة-ينفر من مقترفه كما ينفر الوحش، فلا يصل إليه المغبون إلاّ بالوثبة عليه.

8-و قال عليه السّلام: فإنّ الموت هادم لذّاتكم، و مكدّر شهواتكم، و مباعد طيّاتكم. . . فعليكم بالجدّ و الاجتهاد، و التأهّب و الاستعداد، و التزوّد في منزل الزاد، و لا تغرّنّكم الحياة الدنيا كما غرّت من كان قبلكم من الامم الماضية، و القرون الخالية. (1)

بيان:

«الطيّة» : الضمير و النيّة، الحاجة و قيل: أي منزل السفر، و المراد أنّ السفر يباعد رحيل القوم.

9-و قال عليه السّلام: و أوصيكم بذكر الموت و إقلال الغفلة عنه، و كيف غفلتكم عمّا ليس يغفلكم، و طمعكم فيمن ليس يمهلكم؟ ! فكفى واعظا بموتى عاينتموهم، حملوا إلى قبورهم غير راكبين، و أنزلوا فيها غير نازلين، فكأنّهم لم يكونوا للدنيا عمّارا، و كأنّ الآخرة لم تزل لهم دارا. (2)

10-و قال عليه السّلام: و عجبت لمن نسي الموت و هو يرى من يموت. (3)

11-و قال عليه السّلام: أيّها الناس، اتّقوا اللّه الذي إن قلتم سمع، و إن أضمرتم علم، و بادروا الموت الذي إن هربتم منه أدرككم، و إن أقمتم أخذكم،

ص:68


1- -نهج البلاغة ص 723 في خ 221-صبحي ص 351 في خ 230
2- نهج البلاغة ص 758 في خ 230-صبحي ص 278 في خ 188
3- نهج البلاغة ص 1145 في ح 121-الغرر ج 2 ص 493 ف 54 ح 5

و إن نسيتموه ذكركم. (1)

12-في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: و أنّك طريد الموت الذي لا ينجو منه هاربه، و لا يفوته طالبه، و لا بدّ أنّه مدركه، فكن منه على حذر أن يدركك و أنت على حال سيّئة قد كنت تحدّث نفسك منها بالتوبة، فيحول بينك و بين ذلك، فإذا أنت قد أهلكت نفسك.

يا بنيّ، أكثر من ذكر الموت و ذكر ما تهجم عليه، و تفضي بعد الموت إليه، حتّى يأتيك و قد أخذت منه حذرك و شددت له أزرك، و لا يأتيك بغتة فيبهرك. (2)

بيان:

«الحذر» : الاحتراز و الاحتراس. «الأزر» : الظهر. «يبهرك» : يغلبك على أمرك.

13-و قال عليه السّلام: من ارتقب الموت سارع في الخيرات. (3)

14-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (في حديث) : أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: من أكثر ذكر الموت أحبّه اللّه. (4)

15-قيل: يا رسول اللّه، هل يحشر مع الشهداء أحد؟ قال: نعم، من يذكر الموت بين اليوم و الليلة عشرين مرّة. (5)

16-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أ تدرون من أكيسكم؟ قالوا: لا يا رسول اللّه، قال:

أكثركم للموت ذاكرا، و أحسنكم استعدادا له، فقالوا: و ما علامته يا رسول اللّه؟ قال: التجافي عن دار الغرور، و الإنابة إلى دار الخلود، و التزوّد لسكنى القبور،

ص:69


1- -نهج البلاغة ص 1178 ح 194
2- نهج البلاغة ص 926 في ر 31-صبحي ص 400
3- نهج البلاغة ص 1099 في ح 30
4- الوسائل ج 2 ص 434 ب 23 من الاحتضار ح 2
5- المستدرك ج 2 ص 104 ب 17 من الاحتضار ح 19

و التأهّب ليوم النشور. (1)

بيان:

قال رحمه اللّه في صدر الباب: إنّه من جعل الموت نصب عينيه زهّده في الدنيا، و هوّن عليه المصائب، و رغّبه في فعل الخير، و حثّه على التوبة، و قيّده عن الفتك، و قطعه عن بسط الأمل في الدنيا، و قلّ أن يعود يفرح قلبه بشيء من الدنيا، و ما أنعم اللّه تعالى على عبد بنعمة أعظم من أن يجعل الدار الآخرة نصب عينيه، و لهذا منّ اللّه على إبراهيم و ذرّيّته عليهم السّلام بقوله تعالى: إِنّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى اَلدّارِ (2). . .

17-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من علم أنّ الموت مصدره، و القبر مورده، و بين يدي اللّه موقفه، و جوارحه شهيدة له، طالت حسرته، و كثرت عبرته، و دامت فكرته. (3)

18-عن أبي عبيدة قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام: جعلت فداك حدّثني بما أنتفع به، فقال: يا أبا عبيدة، ما أكثر ذكر الموت إنسان إلاّ زهد في الدنيا. (4)

19-و قال (أبو جعفر عليه السّلام) : إذا استحقّت ولاية الشيطان و الشقاوة جاء الأمل بين العينين و ذهب الأجل وراء الظهر. (5)

20-عن الصادق عن أبيه عليهما السّلام قال: أتى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رجل فقال: مالي لا أحبّ الموت؟ فقال له: أ لك مال؟ قال: نعم، قال: فقدّمته؟ قال: لا، قال: فمن ثمّ

ص:70


1- -ارشاد القلوب ص 58 ب 12
2- ص:46
3- إرشاد القلوب ص 58
4- البحار ج 6 ص 126 باب حبّ لقاء اللّه ح 3
5- البحار ج 6 ص 126 ح 5

لا تحبّ الموت. (1)

21-عن جعفر بن محمّد عليهما السّلام قال: كان للحسن بن عليّ بن أبي طالب عليهما السّلام صديق و كان ماجنا فتباطأ عليه أيّاما فجاءه يوما، فقال له الحسن عليه السّلام:

كيف أصبحت؟ فقال: يا بن رسول اللّه، أصبحت بخلاف ما أحبّ و يحبّ اللّه و يحبّ الشيطان، فضحك الحسن عليه السّلام ثمّ قال: و كيف ذاك؟ قال: لأنّ اللّه عزّ و جلّ يحبّ أن أطيعه و لا اعصيه و لست كذلك، و الشيطان يحبّ أن أعصي اللّه و لا أطيعه و لست كذلك، و أنا أحبّ أن لا أموت و لست كذلك.

فقام إليه رجل فقال: يا بن رسول اللّه، ما بالنا نكره الموت و لا نحبّه؟ قال:

فقال الحسن عليه السّلام: إنّكم أخربتم آخرتكم و عمّرتم دنياكم، فأنتم تكرهون النقلة من العمران إلى الخراب. (2)

بيان:

«الماجن» : في أقرب الموارد، مجن الرجل مجونا: كان لا يبالي قولا و فعلا أي هزل، ضدّ جدّ فهو ماجن. «تباطأ» الرجل: تأخّر مجيئه.

22-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : أكثروا ذكر الموت، و يوم خروجكم من القبور، و قيامكم بين يدي اللّه عزّ و جلّ تهوّن عليكم المصائب. (3)

23-فيما كتب أمير المؤمنين عليه السّلام لمحمّد بن أبي بكر: عباد اللّه، إنّ الموت ليس منه فوت، فاحذروا قبل وقوعه، و أعدّوا له عدّته، فإنّكم طرد الموت، إن أقمتم له أخذكم و إن فررتم منه أدرككم، و هو ألزم لكم من ظلّكم، الموت معقود بنواصيكم، و الدنيا تطوى خلفكم، فأكثروا ذكر الموت عند ما تنازعكم

ص:71


1- -البحار ج 6 ص 127 ح 9
2- البحار ج 6 ص 129 ح 18
3- البحار ج 6 ص 132 ح 26

إليه أنفسكم من الشهوات، و كفى بالموت واعظا؛

و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كثيرا ما يوصي أصحابه بذكر الموت فيقول: أكثروا ذكر الموت، فإنّه هادم اللذّات، حائل بينكم و بين الشهوات. (1)

24-عن الصادق عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أكيس الناس من كان أشدّ ذكرا للموت. (2)

أقول:

زاد في ح 6: «و أشدّهم استعدادا له» .

25-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: بقيّة عمر المرء لا قيمة له، يدرك بها ما قد فات، و يحيي ما مات. (3)

26-. . . قيل لزين العابدين عليه السّلام: ما خير ما يموت عليه العبد؟ قال:

أن يكون قد فرغ من أبنيته و دوره و قصوره، قيل: و كيف ذلك؟ قال: أن يكون من ذنوبه تائبا و على الخيرات مقيما، يرد على اللّه حبيبا كريما. (4)

27-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: ما أنزل الموت حقّ منزلته من عدّ غدا من أجله. (5)

28-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من عدّ غدا من أجله فقد أساء صحبة الموت. (6)

29-. . . عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه أوصى رجلا من الأنصار فقال: أوصيك بذكر الموت فإنّه يسلّيك عن أمر الدنيا.

ص:72


1- -البحار ج 6 ص 132 ح 30( أمالي الطوسي ج 1 ص 27)
2- البحار ج 6 ص 130 ح 21
3- البحار ج 6 ص 138 ح 46
4- البحار ج 71 ص 267 باب الاستعداد للموت ح 17
5- البحار ج 73 ص 166 باب الحرص ح 28
6- البحار ج 77 ص 155 باب مفردات كلمات النبي ّ صلّى اللّه عليه و آله

و عنه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: أكثروا من ذكر هادم اللذّات، فقيل: يا رسول اللّه، فما هادم اللذّات؟ قال: الموت، فإنّ أكيس المؤمنين أكثرهم ذكرا للموت، و أشدّهم له استعدادا. (1)

30-عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: و اقلل من الذنوب يسهل عليك الموت، و قدّم ما لك أمامك يسرّك اللحاق به. (2)

31-في مفردات كلمات النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من اشتاق إلى الجنّة سلا عن الشهوات. . . و من ارتقب الموت سارع في الخيرات. (3)

32-في مواعظ موسى بن جعفر عليهما السّلام، سمع عليه السّلام رجلا يتمنّى الموت فقال له: هل بينك و بين اللّه قرابة يحاميك لها؟ قال: لا، قال: فهل لك حسنات قدّمتها تزيد على سيّئاتك؟ قال: لا، قال: فأنت إذا تتمنّى هلاك الأبد. (4)

33-جاء رجل إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال له: أ تأذن لي أن أتمنّى الموت؟ فقال صلّى اللّه عليه و آله: الموت شيء لا بدّ منه، و سفر طويل ينبغي لمن أراده أن يرفع عشر هدايا، فقال: و ما هي؟ قال صلّى اللّه عليه و آله: هديّة عزرائيل، و هديّة القبر، و هديّة منكر و نكير، و هديّة الميزان، و هديّة الصراط، و هديّة مالك، و هديّة رضوان، و هديّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و هديّة جبرئيل، و هديّة اللّه تعالى.

أمّا هديّة عزرائيل فأربعة أشياء: رضاء الخصماء، و قضاء الفوائت، و الشوق إلى اللّه، و التمنّي للموت. و هديّة القبر أربعة أشياء: ترك النميمة، و استبراؤه من البول، و قراءة القرآن، و صلاة الليل، و هديّة منكر و نكير أربعة أشياء: صدق اللسان، و ترك الغيبة، و قول الحقّ، و التواضع لكلّ أحد، و هديّة الميزان أربعة

ص:73


1- -البحار ج 82 ص 167 باب النوادر ح 3
2- البحار ج 77 ص 189 في ح 37
3- البحار ج 77 ص 173
4- البحار ج 78 ص 327

أشياء: كظم الغيظ، و ورع صادق، و المشي إلى الجماعات، و التداعي إلى المغفرات.

و هديّة الصراط أربعة أشياء: إخلاص العمل، و حسن الخلق، و كثرة ذكر اللّه، و احتمال الأذى، و هديّة مالك أربعة أشياء: البكاء من خشية اللّه، و صدقة السرّ، و ترك المعاصي، و برّ الوالدين، و هديّة رضوان أربعة أشياء: الصبر على المكاره، و الشكر على نعمه، و إنفاق المال في طاعته، و حفظ الأمانة في الوقف.

و هديّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أربعة أشياء: محبّته، و الاقتداء بسنّته، و محبّة أهل بيته، و حفظ اللسان عن الفحشاء، و هديّة جبرئيل أربعة أشياء: قلّة الأكل، و قلّة النوم، و مداومة الحمد، و هديّة اللّه تعالى أربعة أشياء: الأمر بالمعروف، و النهي عن المنكر، و النصيحة للخلق، و الرحمة على كلّ أحد. (1)

بيان:

«هديّة عزرائيل» : لعلّ بهذه الخصال يحصل رفقه حين أخذ الروح، أو بها تحصل الراحة عند الموت. «هديّة القبر» : بهذه الخصال ترفع عذاب القبر و ضغطته.

«هديّة منكر و نكير» : بهذه الخصال ترفع سؤالهما أو تسهّله. «هديّة الميزان» : بها يحصل ثقله. «هديّة الصراط» : أي بها يسهل المرور عليه. «هديّة المالك» : أي إنّها تطفئ النار و توجب عدم الدخول في جهنّم.

«هديّة رضوان» : إنّها توجب الدخول في الجنّة. «هديّة النبي صلّى اللّه عليه و آله» : أي بها ينال قربه و شفاعته. «هديّة جبرئيل» : لعلّ بها يشبه به و توجب التزكية و خروج الإنسان عن الطبيعة كما مرّ في باب الأكل: صنف يشبّهون بالملائكة. . .

«هديّة اللّه» : أي إنّها توجب قربه إليه تعالى. «التداعي إلى المغفرات» : أي دعوة الناس إليها. «النصيحة للخلق» : أي إرشادهم إلى مصالحهم.

34-قال الصادق عليه السّلام: ذكر الموت يميت الشهوات في النفس، و يقطع

ص:74


1- -الاثنى عشرية ص 325 ب 10 ف 1

منابت الغفلة، و يقوّي القلب بمواعد اللّه، و يرقّ الطبع و يكسر أعلام الهوى و يطفئ نار الحرص و يحقّر الدنيا، و هو معنى ما قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: فكر ساعة خير من عبادة سنة، و ذلك عند ما يحلّ أطناب خيام الدنيا و يشدّها في الآخرة، و لا يشكّ بنزول الرحمة عند ذكر الموت بهذه الصفة، و من لا يعتبر بالموت و قلّة حيلته و كثرة عجزه و طول مقامه في القبر، و تحيّره في القيامة فلا خير فيه.

قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «اذكروا هادم اللذّات، قيل: و ما هو يا رسول اللّه؟ فقال:

الموت» فما ذكره عبد على الحقيقة في سعة إلاّ ضاقت عليه الدنيا، و لا في شدّة إلاّ اتّسعت عليه، و الموت أوّل منزل من منازل الآخرة، و آخر منزل من منازل الدنيا، فطوبى لمن اكرم عند النزول بأوّلها، و طوبى لمن أحسن مشايعته في آخرها، و الموت أقرب الأشياء من بني آدم و هو يعدّه أبعد! فما أجرأ الإنسان على نفسه! و ما أضعفه من خلق! و في الموت نجاة المخلصين و هلاك المجرمين، و لذلك اشتاق من اشتاق إلى الموت و كره من كره.

قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «من أحبّ لقاء اللّه أحبّ اللّه لقاؤه، و من كره لقاء اللّه كره اللّه لقاءه» . (1)

بيان:

«و ذلك» : أي فكر ساعة الذي هو خير من عبادة سنة. «ما يحلّ الأطناب» : حلّ أطناب خيام الدنيا كناية عن قطع العلائق عنها و عن شهواتها، و كذا شدّها في الآخرة عبارة عن جعل ما يأخذه و يدعه لتحصيل الآخرة.

(البحار ج 6 ص 134)

35-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

ازهد في الدنيا و اعزف عنها، و إيّاك أن ينزل بك الموت و أنت آبق من ربّك

ص:75


1- -مصباح الشريعة ص 57 ب 83

في طلبها فتشقى. (الغرر ج 1 ص 120 ف 2 ح 174)

أدم ذكر الموت، و ذكر ما تقدم عليه بعد الموت، و لا تتمنّ الموت إلاّ بشرط وثيق. (ح 178)

استعدّوا للموت فقد أظلّكم. (ص 131 ف 3 ح 14)

أسمعوا دعوة الموت آذانكم قبل أن يدعى بكم. (ح 15)

استعدّوا ليوم تشخص فيه الأبصار، و تتدلّه لهوله العقول، و تتبلّد البصائر.

(ص 140 ح 95)

اذكروا هادم اللذّات، و منغّص الشهوات، و داعي الشتات. (ح 97)

احذر الموت و أحسن له الاستعداد، تسعد بمنقلبك. (ص 144 ف 4 ح 36)

أكثر الناس أملا أقلّهم للموت ذكرا. (ص 186 ف 8 ح 227)

إنّ ذهاب الذاهبين لعبرة للقوم المتخلّفين. (ص 219 ف 9 ح 59)

إنّ المرء إذا هلك، قال الناس: ما ترك، و قالت الملائكة: ما قدّم، للّه آباؤكم، فقدّموا بعضا يكن لكم ذخرا، و لا تخلّفوا كلاّ فيكون عليكم كلاّ.

(ص 237 ح 191)

إنّ العاقل ينبغي أن يحذر الموت في هذه الدار و يحسن له التأهّب (1)، قبل أن يصل إلى دار يتمنّى فيها الموت فلا يجده. (ص 246 ح 235)

إنّك لن يغني عنك بعد الموت إلاّ صالح عمل قدّمته فتزوّد من صالح العمل.

(ص 288 ف 13 ح 29)

إذا كان هجوم الموت لا يؤمن، فمن العجز ترك التأهّب له.

(ص 317 ف 17 ح 119)

ص:76


1- -أي التهيّوء

تارك التأهّب للموت و اغتنام المهل غافل عن هجوم الأجل.

(ص 349 ف 22 ح 52)

ترحّلوا فقد جدّ بكم، و استعدّوا للموت فقد أظلّكم. (ص 350 ح 53)

ذكر الموت يهوّن أسباب الدنيا. (ص 405 ف 32 ح 19)

عجبت لغافل و الموت حثيث خلفه. (ج 2 ص 493 ف 54 ح 2)

عجبت لمن يرى أنّه ينقص كلّ يوم في نفسه و عمره و هو لا يتأهّب للموت.

(ص 494 ح 6)

كيف تنسي الموت و آثاره يذكّرك. (ص 554 ف 64 ح 17)

ما أنزل الموت منزله من عدّ غدا من أجله. (ص 746 ف 79 ح 177)

ما أنفع الموت لمن أشعر الإيمان و التقوى قلبه. (ص 747 ح 186)

من ترقّب الموت سارع إلى الخيرات. (ص 666 ف 77 ح 927)

من أكثر من ذكر الموت نجا من خداع الدنيا. (ص 660 ح 845)

من صوّر الموت بين عينيه هان أمر الدنيا عليه. (ص 667 ح 941)

من أكثر ذكر الموت رضي من الدنيا بالكفاف. (ص 672 ح 999)

من أكثر من ذكر الموت قلّت في الدنيا رغبته. (ص 681 ح 1104)

من استعدّ لسفره قرّ عينا بحضره. (ص 721 ح 1509)

ص:77

ص:78

171- حبّ المال

الآيات

1- وَ اِعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَ أَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَ أَنَّ اَللّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ . (1)

2- . . . وَ اَلَّذِينَ يَكْنِزُونَ اَلذَّهَبَ وَ اَلْفِضَّةَ وَ لا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اَللّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ - يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَ جُنُوبُهُمْ وَ ظُهُورُهُمْ هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ . (2)

3- فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَ لا أَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اَللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها فِي اَلْحَياةِ اَلدُّنْيا وَ تَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَ هُمْ كافِرُونَ . (3)

4- اَلْمالُ وَ اَلْبَنُونَ زِينَةُ اَلْحَياةِ اَلدُّنْيا وَ اَلْباقِياتُ اَلصّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَ خَيْرٌ أَمَلاً . (4)

5- أَ يَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَ بَنِينَ - نُسارِعُ لَهُمْ فِي اَلْخَيْراتِ

ص:79


1- -الأنفال:28 و بمدلولها في التغابن:15
2- التوبة:34 و 35
3- التوبة:55
4- الكهف:46

بَلْ لا يَشْعُرُونَ . (1)

6- إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى فَبَغى عَلَيْهِمْ وَ آتَيْناهُ مِنَ اَلْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي اَلْقُوَّةِ . الآيات. (2)

7- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَ لا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اَللّهِ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ اَلْخاسِرُونَ . (3)

8- وَ تُحِبُّونَ اَلْمالَ حُبًّا جَمًّا . (4)

9- وَ إِنَّهُ لِحُبِّ اَلْخَيْرِ لَشَدِيدٌ . (5)

10- وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ - اَلَّذِي جَمَعَ مالاً وَ عَدَّدَهُ - يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ . الآيات (6)

الأخبار

1-شكى رجل إلى أمير المؤمنين عليه السّلام الحاجة، فقال له: اعلم أنّ كلّ شيء تصيبه من الدنيا فوق قوتك، فإنّما أنت فيه خازن لغيرك. (7)

بيان:

في عدّة الداعي ص 95: اعلم أنّ جامع المال و الساعي له مغبون الصفقة و مدخول العقل، و لنبيّن ذلك في وجوه:

ص:80


1- -المؤمنون:55 و 56
2- القصص:76 إلى 83
3- المنافقون:9
4- الفجر:20
5- العاديات:8
6- الهمزة:1 إلى 3
7- الخصال ج 1 ص 16 باب الواحد ح 58

الأوّل: ظلمه لنفسه بحمله عليها همّا قد كفيته، فإنّ محمل المال ثقيل و الهمّ به طويل، فصاحبه إن كان في الملأ شغله الفكر فيه، و إن كان وحيدا ارقته حراسته.

قال بعض العلماء: اختار الفقراء ثلاثة: اليقين، و فراغ القلب، و خفّة الحساب، اختار الأغنياء ثلاثة: تعب النفس، و شغل القلب و شدّة الحساب.

الثاني: شغل باطنه ببسط آماله فيه و فيما يصنع به، و كيف ينميه و يحفظه من لصّ أو ظالم، و كيف تنعم به، إذ لو لم يكن له فيه أمل لم يجمعه، ثمّ يخترمه أجله و يبطله آماله و يورث أهواله. قال عيسى عليه السّلام: ويل لصاحب الدنيا كيف يموت و يتركها و يأمنها و تغرّه وثيق بها و تخذله.

الثالث: إنّ جمع مال الدنيا يولد الأمل، و يورث ظلمة القلب، و يخرج حلاوة العبادات و هي من المهلكات. قال عيسى عليه السّلام: بحقّ أقول لكم: كما ينظر المريض إلى الطعام فلا يلتذّ به من شدّة الوجع كذلك صاحب الدنيا لا يلتذّ بالعبادة، و لا يجد حلاوتها مع ما يجد من حلاوة الدنيا. . .

الرابع: وقوعه في عكس مراده و مقصوده، فإنّما سعى و حصل المال ليستريح به فزاده في همّه و تعبه، و عاد ما يحاذر عليه من الأسود الضارية و الكلاب العاوية. . .

الخامس: إنّه اشتريها بعمره و هو أنفس منها عاجلا و آجلا، فإنّه لو قيل للعاقل:

تبيع عمرك بملك الدنيا و ما فيها لأبى و لم يقبل ذلك، بل عند معاينة ملك الموت و تجليه لقبض روحه لو تقبّل منه المفادات و المصالحة على يوم واحد يبقى فيه و يستدرك ما فاته بجميع ماله لافتدى به. . .

و في جامع السعادات ج 2 ص 52: إنّ المال مثل حيّة فيها سمّ و ترياق، فغوائله سمّه و فوائده ترياقه، فمن عرفهما أمكنه أن يحترز من شرّه و يستدرّ منه خيره.

و لبيان ذلك نقول: إنّ غوائله إمّا دنيويّة أو دينيّة: و الدنيويّة: هي ما يقاسيه أرباب الأموال؛ من الخوف، و الحزن، و الهمّ، و الغمّ، و تفرّق الخاطر، و سوء العيش، و التعب في كسب الأموال و حفظها، و دفع الحسّاد و كيد الظالمين، و غير ذلك.

ص:81

و الدينيّة؛ ثلاثة أنواع:

أوّلها: أداؤه إلى المعصية، إذ المال من الوسائل إلى المعاصي، و نوع من القدرة المحرّكة لداعيتها، فإذا استشعرها الإنسان من نفسه انبعثت الداعية، و اقتحم في المعاصي و ارتكب أنواع الفجور. . .

و ثانيها: أداؤه إلى التنعّم في المباحات، فإنّ الغالب أنّ صاحب المال يتنعّم بالدنيا و يمرّن عليه نفسه، فيصير التنعّم محبوبا عنده مألوفا، بحيث لا يصبر عنه و يجرّه البعض منه إلى البعض، و إذا اشتدّ ألفه به و صار عادة له، ربما لم يقدر عليه من الحلال، فيقتحم في الشبهات و يخوض في المحرّمات: من الخيانة، و الظلم، و الغصب، و الرياء، و الكذب، و النفاق، و المداهنة، و سائر الأخلاق المهلكة، و الأشغال الرديّة، لينتظم أمر دنياه و يتيسّر له تنعّمه. . .

و ثالثها: و هو الذي لا ينفكّ عنه أحد من أرباب الأموال، و هو أنّه يلهيه إصلاح ماله و حفظه عن ذكر اللّه تعالى، و كلّ ما يشغل العبد عن اللّه تعالى فهو خسران و وبال. . .

أقول: قد مرّ في باب العلم ف 1 عن عليّ عليه السّلام: هلك خزّان الأموال و هم أحياء. . .

(نهج البلاغة ص 1156 ح 139)

2-عن جميل بن درّاج عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما بلا اللّه العباد بشيء أشدّ عليهم من إخراج الدرهم. (1)

3-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الدينار و الدرهم أهلكا من كان قبلكم و هما مهلكاكم. (2)

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: منهومان لا يشبعان: منهوم علم و منهوم مال. (3)

ص:82


1- -الخصال ج 1 ص 8 ص 27
2- الخصال ج 1 ص 43 باب الاثنين ح 37(الكافي ج 2 ص 238 باب حبّ الدنيا ح 6)
3- الخصال ج 1 ص 53 ح 69

بيان:

«المنهوم» : المولع بالشيء لا يشبع منه.

5-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يهرم ابن آدم و يشبّ منه اثنان: الحرص على المال، و الحرص على العمر. (1)

6-عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: الفتن ثلاث: حبّ النساء و هو سيف الشيطان، و شرب الخمر و هو فخّ الشيطان، و حبّ الدينار و الدرهم و هو سهم الشيطان، فمن أحبّ النساء لم ينتفع بعيشه، و من أحبّ الأشربة حرمت عليه الجنّة، و من أحبّ الدينار و الدرهم فهو عبد الدنيا.

و قال: قال عيسى بن مريم عليه السّلام: الدينار داء الدين، و العالم طبيب الدين، فإذا رأيتم الطبيب يجرّ الداء إلى نفسه فاتّهموه، و اعلموا أنّه غير ناصح لغيره. (2)

7-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ملعون ملعون من أكمه و أعمى عن ولاية أهل بيتي، ملعون ملعون من عبد الدينار و الدرهم، ملعون ملعون من نكح بهيمة. (3)

بيان:

كمه كمها: عمي أو صار أعشى، و الأكمه: الأعمى.

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: يقول إبليس: ما أعياني في ابن آدم فلن يعييني منه واحدة من ثلاث: أخذ مال من غير حلّه، أو منعه من حقّه، أو وضعه في غير وجهه. (4)

بيان:

«ما أعياني» أي ما أعجزني.

ص:83


1- -الخصال ج 1 ص 73 ح 112
2- الخصال ج 1 ص 113 باب الثلاثة ح 91
3- الخصال ج 1 ص 129 ح 132
4- الخصال ج 1 ص 132 ح 141

9-عن هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من كسب مالا من غير حلّ سلّط اللّه عليه البناء و الماء و الطين. (1)

10-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّما أتخوّف على أمّتي من بعدي ثلاث خصال:

أن يتأوّلوا القرآن على غير تأويله، أو يتّبعوا زلّة العالم، أو يظهر فيهم المال حتّى يطغوا و يبطروا، و سأنبّئكم المخرج من ذلك: أمّا القرآن فاعملوا بمحكمه و آمنوا بمتشابهه، و أمّا العالم فانتظروا فيئته و لا تتّبعوا زلّته، و أمّا المال فإنّ المخرج منه شكر النعمة و أداء حقّه. (2)

بيان:

«فانتظروا فيئته» : أي فانتظروا رجوعه عن الزلّة إلى الحقّ و الاستقامة.

11-عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول:

لا يجتمع المال إلاّ بخصال خمس: ببخل شديد، و أمل طويل، و حرص غالب، و قطيعة الرحم، و إيثار الدنيا على الآخرة. (3)

12-عن أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : السكر أربع سكرات: سكر الشراب، و سكر المال، و سكر النوم، و سكر الملك. (4)

أقول:

قد مرّ في باب الحبّ ف 2، عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتّى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، و عن شبابه فيما أبلاه، و عن ماله من أين اكتسبه و فيما أنفقه، و عن حبّنا أهل البيت» . (الخصال ص 253 باب الأربعة ح 125) 13-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ الشيطان يدير ابن آدم في كلّ شيء فإذا

ص:84


1- -الخصال ج 1 ص 159 ح 205
2- الخصال ج 1 ص 164 ح 216
3- الخصال ج 1 ص 282 باب الخمسة ح 29
4- الخصال ج 2 ص 636(معاني الأخبار ص 347 باب معنى أنواع السكر)

أعياه جثم له عند المال فأخذ برقبته. (1)

بيان:

«جثم له» أي لزم مكانه فلم يبرح «فإذا أعياه» أي إذا رفض الإنسان طاعة الشيطان و أعجزه و أعياه، ترصّد له و اختفى عند المال، فإذا أتى المال أخذ برقبته فأوقعه فيه بالحرام أو الشبهة، و الحاصل أنّ المال من أعظم مصائد الشيطان، إذ قلّ من لم يفتتن به عند تيسّره له. (راجع المرآة ج 10 ص 229)

14-عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: ما ذئبان ضاريان في غنم ليس لها راع، هذا في أوّلها و هذا في آخرها بأسرع فيها من حبّ المال و الشرف في دين المؤمن. (2)

أقول:

في ح 2: «. . . بأفسد فيها من حبّ المال و الشرف في دين المسلم» .

بيان: «أسرع فيها» : أي في القتل و الإفناء. «الضاري» : السبع الذي اعتاد بالصيد و إهلاكه.

15-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أتاني ملك، فقال: يا محمّد، إنّ ربّك عزّ و جلّ يقرئك السلام و يقول: إن شئت جعلت لك بطحاء مكة ذهبا، قال: فرفع رأسه إلى السماء و قال: يا ربّ، أشبع يوما فأحمدك و أجوع يوما فأسألك. (3)

بيان:

«البطحاء» : مسيل وادي مكّة، و هو مسيل واسع فيه دقاق الحصى.

16-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من اكتسب مالا من غير حلّه، كان رادّه

ص:85


1- -الكافي ج 2 ص 238 باب حبّ الدنيا ح 4
2- الكافي ج 2 ص 238 ح 3
3- العيون ج 2 ص 29 ب 31 ح 36

إلى النار.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: قال اللّه عزّ و جلّ: من لم يبال من أيّ باب اكتسب الدينار و الدرهم، لم أبال يوم القيامة من أيّ أبواب النار أدخلته. (1)

17-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: المال مادّة الشهوات. (2)

18-و قال عليه السّلام: يا بن آدم، ما كسبت فوق قوتك فأنت فيه خازن لغيرك. (3)

19-و قال عليه السّلام: أنا يعسوب المؤمنين، و المال يعسوب الفجّار.

و معنى ذلك: أنّ المؤمنين يتّبعوني، و الفجّار يتّبعون المال كما يتّبع النحل يعسوبها، و هو رئيسها. (4)

20-و قال عليه السّلام: إنّ اللّه سبحانه فرض في أموال الأغنياء أقوات الفقراء، فما جاع فقير إلاّ بما منع غنيّ، و اللّه تعالى جدّه سائلهم عن ذلك. (5)

21-و قال عليه السّلام: لكلّ امرئ في ماله شريكان: الوارث و الحوادث. (6)

22-و قال عليه السّلام: إنّ أعظم الحسرات يوم القيامة حسرة رجل كسب مالا في غير طاعة اللّه، فورثه رجل فأنفقه في طاعة اللّه سبحانه، فدخل به الجنّة و دخل الأوّل به النار. (7)

ص:86


1- -الاختصاص للمفيد رحمه اللّه ص 242
2- نهج البلاغة ص 1113 ح 55- الغرر ج 1 ص 22 ف 1 ح 626
3- نهج البلاغة ص 1175 ح 183
4- نهج البلاغة ص 1236 ح 308
5- نهج البلاغة ص 1242 ح 320
6- نهج البلاغة ص 1245 ح 329
7- نهج البلاغة ص 1286 ح 421

أقول:

راجع باب الحسرات، و قد مرّ في باب القلب: «يا موسى، لا تفرح بكثرة المال. . .

فإنّ كثرة المال تنسي الذنوب» .

23-في حديث الصادق عليه السّلام: و طلبت فراغ القلب فوجدته في قلّة المال. (1)

24-عن أبي جعفر عليه السّلام أنّه ذكر عنده رجل فقال: إنّ الرجل إذا أصاب مالا من حرام لم يقبل منه حجّ و لا عمرة و لا صلة رحم، حتّى إنّه يفسد فيه الفرج. (2)

25-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لا يكتسب العبد مالا حراما فيتصدّق منه فيوجر عليه، و لا ينفق منه فيبارك اللّه له فيه، و لا يتركه خلف ظهره إلاّ كان رادّه (زاده ف ن) إلى النار. (3)

26-قال الصادق عليه السّلام: إن كان الحساب حقّا فالجمع لماذا؟ (4)

27-عن ابن عبّاس قال: إنّ أوّل درهم و دينار ضربا في الأرض نظر إليهما إبليس، فلمّا عاينهما أخذهما فوضعهما على عينيه، ثمّ ضمّهما إلى صدره، ثمّ صرخ صرخة ثمّ ضمّهما إلى صدره، ثمّ قال: أنتما قرّة عيني و ثمرة فؤادي، ما ابالي من بني آدم إذا أحبّوكما أن لا يعبدوا وثنا، حسبي من بني آدم أن يحبّوكما. (5)

28-عن أبي عبد اللّه عن أبيه عليهما السّلام أنّه سئل عن الدنانير و الدراهم، و ما على الناس فيها، فقال أبو جعفر عليه السّلام: هي خواتيم اللّه في أرضه، جعلها اللّه

ص:87


1- -المستدرك ج 12 ص 174 ب 101 من جهاد النفس في ح 19
2- أمالي الطوسي ج 2 ص 293
3- عدّة الداعي ص 93
4- البحار ج 73 ص 137 باب حبّ المال ح 1
5- البحار ج 73 ص 137 ح 3

مصحّة لخلقه، و بها يستقيم شؤونهم و مطالبهم، فمن أكثر له منها فقام بحقّ اللّه تعالى فيها، و أدّى زكاتها، فذاك الذي طابت و خلصت له، و من أكثر له منها فبخل بها، و لم يؤدّ حقّ اللّه فيها، و اتّخذ منها الآنية، فذاك الذي حقّ عليه وعيد اللّه عزّ و جلّ في كتابه، يقول اللّه تعالى: يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَ جُنُوبُهُمْ وَ ظُهُورُهُمْ هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ . (1)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر، في بعضها: «كلّ مال يؤدّى زكاته فليس بكنز، و إن كان تحت سبع أرضين، و كلّ مال لا تؤدّى زكاته فهو كنز و إن كان فوق الأرض» .

29-كان فيما سأل يهوديّ أمير المؤمنين عليه السّلام: لم سمّي الدرهم درهما و الدينار دينارا؟ فقال عليه السّلام: إنّما سمّي الدرهم درهما لأنّه دار همّ من جمعه و لم ينفقه في طاعة اللّه أورثه النار، و إنّما سمّي الدينار دينارا لأنّه دار النار من جمعه و لم ينفقه في طاعة اللّه أورثه النار. فقال اليهوديّ: صدقت يا أمير المؤمنين. (2)

30-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يكون امّتي في الدنيا على ثلاثة أطباق: أمّا الطبق الأوّل: فلا يحبّون جمع المال و ادّخاره، و لا يسعون في اقتنائه و احتكاره، و إنّما رضاهم من الدنيا سدّ جوعة و ستر عورة، و غناهم فيها ما بلغ بهم الآخرة، فاولئك الآمنون الذين لا خوف عليهم و لا هم يحزنون.

و أمّا الطبق الثاني: فإنّهم يحبّون جمع المال من أطيب وجوهه و أحسن سبيله، يصلون به أرحامهم و يبرّون به إخوانهم و يواسون به فقرائهم، و لعضّ أحدهم

ص:88


1- -البحار ج 73 ص 138 ح 7
2- البحار ج 73 ص 140 ح 14

على الرضيف أيسر عليه من أن يكتسب درهما من غير حلّه، أو يمنعه من حقّه أن يكون له خازنا إلى حين موته، فاولئك الذين إن نوقشوا عذّبوا و إن عفي عنهم سلموا.

و أمّا الطبق الثالث: فإنّهم يحبّون جمع المال ممّا حلّ و حرم، و منعه ممّا افترض و وجب، إن أنفقوه أنفقوه إسرافا و بدارا و إن أمسكوه أمسكوه بخلا و احتكارا، اولئك الذين ملكت الدنيا زمام قلوبهم حتّى أوردتهم النار بذنوبهم. (1)

بيان:

«اقتنائه» : قنا و اقتنى المال: جمعه و اتّخذه لنفسه لا للتجارة. «عضّ» على الشيء:

أمسكه بأسنانه. «الرضيف» : الحجارة المحماة على النار.

31-عن عيسى بن موسى عن الصادق عليه السّلام قال: يا عيسى، المال مال اللّه عزّ و جلّ، جعله ودائع عند خلقه و أمرهم أن يأكلوا منه قصدا و يشربوا منه قصدا، و يلبسوا منه قصدا، و ينكحوا منه قصدا، و يركبوا منه قصدا، و يعودوا بما سوى ذلك على فقراء المؤمنين، فمن تعدّى ذلك كان ما أكله حراما، و ما شرب منه حراما و ما لبسه منه حراما، و ما نكحه منه حراما، و ما ركبه منه حراما. (2)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في أبواب الحرام، الحساب، الدنيا، الحسرات، الشيطان، الفقر، القناعة و الكفاف.

32-في وصيّة أمير المؤمنين عليه السّلام لكميل رحمه اللّه: يا كميل، البركة في مال من آتى الزكاة، و واسى المؤمنين، و وصل الأقربين. (3)

33-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: سيأتي زمان على امّتي يحبّون خمسا و ينسون خمسا:

ص:89


1- -البحار ج 77 ص 186 ح 29 من أعلام الدين
2- البحار ج 103 ص 16 باب الحثّ في طلب الحلال ح 74
3- تحف العقول ص 120

يحبّون الدنيا و ينسون الآخرة، و يحبّون المال و ينسون الحساب، و يحبّون النساء و ينسون الحور، و يحبّون القصور و ينسون القبور، و يحبّون النفس و ينسون الربّ، اولئك بريئون منّي و أنا بريء منهم. (1)

34-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: حبّ المال و الشرف ينبتان النفاق، كما ينبت الماء البقل. (2)

35-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أخلاّء ابن آدم ثلاثة: واحد يتبعه إلى قبض روحه و هو ماله، و واحد يتبعه إلى قبره و هو أهله، و واحد يتبعه إلى محشره و هو عمله. (3)

36-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: نعم المال الصالح للرجل الصالح. (4)

37-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

المال حساب. (الغرر ج 1 ص 11 ف 1 ح 231)

المال عارية. (ص 13 ح 303)

المال نهب الحوادث-المال سلوة (5)الوارث. (ص 17 ح 430 و 431)

المال يقوّي غير الأيّد. (ص 19 ح 516)

المال يقوّي الآمال. (ص 22 ح 628)

العاقل يطلب الكمال-الجاهل يطلب المال. (ح 630 و 631)

المال يبدي جواهر الرجال و خلائقها. (ص 39 ح 1199)

المال يفسد المآل و يوسّع الآمال. (ص 53 ح 1466)

ص:90


1- -الاثنى عشرية ص 202 ب 5 ف 2
2- جامع السعادات ج 2 ص 48
3- جامع السعادات ج 2 ص 48
4- جامع السعادات ج 2 ص 51
5- أي النعمة، و الرفاهيّة

المال للفتن سبب و للحوادث سلب. (ص 54 ح 1486)

المال داعية التعب، و مطيّة النصب. (ح 1487)

المال لا ينفعك حتّى يفارقك. (ح 1490)

المال يكرم صاحبه في الدنيا، و يهينه عند اللّه سبحانه. (ص 75 ح 1861)

المال يرفع صاحبه في الدنيا و يضعه في الآخرة. (ص 79 ح 1906)

المال و بال على صاحبه إلاّ ما قدّم منه. (ص 84 ح 1978)

المال فتنة النفس و نهب الرزايا. (ص 87 ح 2011)

استعيذوا باللّه من سكرة الغنى، فإنّ له سكرة بعيدة الإفاقة.

(ص 138 ف 3 ح 77)

أفضل المال ما استرقّ به الأحرار. (ص 180 ف 8 ح 125)

أفضل الأموال ما استرقّ به الرجال. (ح 127)

أزكى المال ما اكتسب من حلّه. (ح 128)

أنفع المال ما قضي به الفرض. (ص 185 ح 213)

أزكى المال ما اشتري به الآخرة. (ح 214)

أطيب المال ما اكتسب من حلّه. (ص 186 ح 224)

أفضل الأموال أحسنها أثرا عليك. (ص 193 ح 323)

أفضل المال ما قضيت به الحقوق. (ص 201 ح 424)

إنّ إعطاء هذا المال قنية (1)و إنّ إمساكه فتنة. (ص 215 ف 9 ح 16)

إنّ إنفاق هذا المال في طاعة اللّه أعظم نعمة و إنفاقه في معصية اللّه أعظم محنة.

(ص 216 ح 17)

إنّ مالك لحامدك في حياتك و لذامّك بعد وفاتك. (ص 222 ح 89)

ص:91


1- -بكسر القاف أو ضمّها: ما اكتسب من المال، أصل المال

إنّ المرء على ما قدّم قادم، و على ما خلّف نادم. (ص 228 ح 130)

إنّ خير المال ما أكسب ثناء و شكرا و أوجب ثوابا و أجرا. (ص 238 ح 196)

إنّ خير المال ما أورثك ذخرا و ذكرا، و أكسبك حمدا و أجرا.

(ص 244 ح 224)

إذا أحبّ اللّه عبدا بغّض إليه المال و قصّر منه الآمال.

(ص 319 ف 17 ح 136)

إذا أراد اللّه بعبد شرّا حبّب إليه المال و بسط منه الآمال. (ح 137)

بركوب الأهوال تكتسب الأموال. (ص 332 ف 18 ح 78)

ثروة المال تردي [و تطغي]و تفني. (ص 367 ف 25 ح 22)

حبّ المال يفسد المآل. (ص 380 ف 28 ح 8)

حبّ المال يقوّي الآمال، و يفسد الأعمال. (ح 9)

حبّ المال يوهن الدين و يفسد اليقين. (ص 381 ح 10)

شرّ الأموال ما أكسب المذامّ. (ص 442 ف 41 ح 2)

شرّ الأموال مال لم يغن عن صاحبه. (ص 443 ح 11)

شرّ الأموال مال لم ينفق في سبيل اللّه منه، و لم تؤدّ زكاته. (ح 12)

شرّ الأموال ما لم يخرج منه حقّ اللّه سبحانه. (ص 445 ح 39)

كثرة المال يفسد القلوب و ينسي الذنوب. (ج 2 ص 562 ف 66 ح 28)

لن ينجو من الموت غنيّ لكثرة ماله. (ص 591 ف 72 ح 29)

من اكتسب مالا من غير حلّه أضرّ بآخرته. (ص 662 ح 871)

من جمع المال لينفع به الناس أطاعوه، و من جمعه لنفسه أضاعوه.

(ص 665 ف 77 ح 913)

من كرم عليه المال، هانت عليه الرجال. (ص 670 ح 973)

من بذل ماله استرقّ الرقاب. (ح 976)

ص:92

من اكتسب مالا في غير حلّه، يصرفه في غير حقّه. (ص 691 ح 1222)

لا تصرف مالك في المعاصي فتقدم على ربّك بلا عمل.

(ص 817 ف 85 ح 209)

لا يجمع المال إلاّ الحرص، و الحريص شقيّ مذموم. (ص 851 ف 86 ح 405)

لا يبقي المال إلاّ البخل، و البخيل معاقب ملوم. (ح 406)

ينبغي للعاقل أن يحترس من سكر المال، و سكر القدرة، و سكر العلم، و سكر المدح، و سكر الشباب، فإنّ لكلّ ذلك رياح خبيثة، تسلب العقل، و تستخفّ الوقار. (ص 862 ف 87 ح 27)

ص:93

ص:94

172- الماء

اشارة

فيه فصلان

الفصل الأوّل: شرب الماء
الآيات

1- . . . وَ يُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ اَلسَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَ يُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ اَلشَّيْطانِ وَ لِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَ يُثَبِّتَ بِهِ اَلْأَقْدامَ . (1)

2- . . . وَ جَعَلْنا مِنَ اَلْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَ فَلا يُؤْمِنُونَ . (2)

3- . . . وَ أَنْزَلْنا مِنَ اَلسَّماءِ ماءً طَهُوراً- لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً وَ نُسْقِيَهُ مِمّا خَلَقْنا أَنْعاماً وَ أَناسِيَّ كَثِيراً . (3)

ص:95


1- -الأنفال:11
2- الأنبياء:30
3- الفرقان:48 و 49

4- وَ نَزَّلْنا مِنَ اَلسَّماءِ ماءً مُبارَكاً فَأَنْبَتْنا بِهِ جَنّاتٍ وَ حَبَّ اَلْحَصِيدِ . (1)

5- أَ فَرَأَيْتُمُ اَلْماءَ اَلَّذِي تَشْرَبُونَ - أَ أَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ اَلْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ اَلْمُنْزِلُونَ - لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً فَلَوْ لا تَشْكُرُونَ . (2)

الأخبار

1-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الماء سيّد الشراب في الدنيا و الآخرة. (3)

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا تكثر من شرب الماء، فإنّه مادّة لكلّ داء. (4)

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا يشرب أحدكم الماء حتّى يشتهيه، فإذا اشتهاه فليقلّ منه.

و في حديث آخر: لو أنّ الناس أقلّوا من شرب الماء لاستقامت أبدانهم. (5)

4-عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من أقلّ شرب الماء صحّ بدنه. (6)

5-قال: شرب الماء على أثر الدسم يهيّج الداء. (7)

بيان:

«الدسم» : يقال بالفارسيّة: چربى.

ص:96


1- -ق:9
2- الواقعة:68 إلى 70
3- الوسائل ج 25 ص 233 ب 1 من الأشربة المباحة ح 3
4- الوسائل ج 25 ص 238 ب 6 ح 2
5- الوسائل ج 25 ص 238 ح 3 و 4
6- الوسائل ج 25 ص 239 ح 5
7- الوسائل ج 25 ص 239 ح 7

6-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: شرب الماء من قيام بالنهار أقوى و أصحّ للبدن. (1)

7-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: شرب الماء بالنهار يمرئ الطعام، و شرب الماء بالليل من قيام يورث الماء الأصفر. (2)

8-عن سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يشرب بالنفس الواحد؟ قال: يكره ذلك، و ذاك شرب الهيم، قلت: و ما الهيم؟ قال:

الإبل. (3)

9-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السّلام يكره النفس الواحد في الشرب، و قال: ثلاثة أنفاس أو اثنتين. (4)

10-عن عبد اللّه بن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ الرجل ليشرب الشربة فيدخله اللّه بها الجنّة، قلت: و كيف ذاك يا بن رسول اللّه؟ قال: إنّ الرجل ليشرب الماء فيقطعه، ثمّ ينحّي الماء و هو يشتهيه، فيحمد اللّه، ثمّ يعود فيه فيشرب، ثمّ ينحّيه و هو يشتهيه، فيحمد اللّه عزّ و جلّ، ثمّ يعود فيشرب، فيوجب اللّه عزّ و جلّ له بذلك الجنّة. (5)

أقول:

بهذا المعنى ح 3 و 4، و قال في ح 3: «إنّه ليأخذ الإناء فيضعه على فيه و يسمّي ثمّ يشرب. . .» .

11-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: اذكر اسم اللّه على الطعام و الشراب، فإذا

ص:97


1- -الوسائل ج 25 ص 239 ب 7 ح 1
2- الوسائل ج 25 ص 240 ح 2
3- الوسائل ج 25 ص 245 ب 9 ح 1
4- الوسائل ج 25 ص 247 ح 12
5- الوسائل ج 25 ص 249 ب 10 ح 1

فرغت فقل: الحمد للّه الذي يطعم و لا يطعم. (1)

12-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ماء زمزم دواء ممّا شرب له. (2)

13-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أما إنّ أهل الكوفة لو حنّكوا أولادهم بماء الفرات لكانوا شيعة لنا. (3)

14-عن داود الرقّي قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام إذا استقى الماء، فلمّا شربه رأيته قد استعبر و اغرورقت عيناه بدموعه.

ثمّ قال لي: يا داود، لعن اللّه قاتل الحسين عليه السّلام [فما أنغص ذكر الحسين عليه السّلام للعيش، إنّي ما شربت ماء باردا إلاّ ذكرت الحسين عليه السّلام]و ما من عبد شرب الماء، فذكر الحسين عليه السّلام و أهل بيته، و لعن قاتله إلاّ كتب اللّه عزّ و جلّ له مائة ألف حسنة، و حطّ عنه مائة ألف سيّئة، و رفع له مائة ألف درجة، و كأنّما أعتق مائة ألف نسمة، و حشرة اللّه يوم القيامة ثلج الفؤاد [أبلج الوجه]. (4)

بيان:

«ثلج الفؤاد» : أي مطمئنّ القلب، في النهاية ج 1 ص 219: يقال: ثلجت نفسي بالأمر. . . إذا اطمأنّت إليه و سكنت، و ثبت فيها و وثقت به.

15-في الرسالة الذهبيّة للرضا عليه السّلام: و من أراد أن لا تؤذيه معدته فلا يشرب على (بين م) طعامه ماء حتّى يفرغ، و من فعل ذلك رطب بدنه، و ضعفت معدته، و لم تأخذ العروق قوّة الطعام، فإنّه يصير في المعدة فجّا إذا صبّ

ص:98


1- -الوسائل ج 25 ص 252 ح 7
2- الوسائل ج 25 ص 260 ب 16 ح 2
3- الوسائل ج 25 ص 268 ب 23 ح 5
4- الوسائل ج 25 ص 272 ب 27 ح 1( كامل الزيارات ص 106 ب 34- أمالي الصدوق م 29 ح 7- الكافي ج 6 ص 391 باب النوادر من الأشربة ح 6)

الماء على الطعام أوّلا فأوّلا. (1)

بيان:

«رطب» بضمّ الطاء و كسرها: ندي و صار ناعما. «الفجّ» من كلّ شيء: ما لم ينضج (نپخته) .

16-روى الكفعميّ رحمه اللّه عن سكينة بنت الحسين عليه السّلام قالت: لمّا قتل الحسين عليه السّلام اعتنقته فأغمي عليّ فسمعته يقول:

شيعتي ما إن شربتم (ماء) عذب فاذكروني

أو سمعتم بغريب أو شهيد فاندبوني

الخبر. (2)

أقول:

في لئالي الأخبار ج 2 ص 332: نقل في حديقة الشيعة (ص 508) : أنّه جرى الكلام في محضر أحد الأئمّة عليهم السّلام في فضل ليلة من الليالي المتبركة، و ثواب إحيائها، و أجر الأعمال الواقعة فيها؛ فقال رجل من الحاضرين: آه إنّي كنت غافلا فيها، و تأسّف على فوات إحيائها و القيام بأعمال الحسنة فيها، فقال له الإمام عليه السّلام: أنت كنت في الليلة أفضل عملا و أكثر أجرا من كلّ أحد لما شربت الماء فيها و ذكرت الحسين عليه السّلام و لعنت على ظالميه. (و تبرّئت منهم م) .

17-. . . قال الصادق عليه السّلام: الماء البادر يطفئ الحرارة، و يسكنّ الصفراء، و يذيب الطعام في المعدة، و يذهب بالحمّى. (3)

18-و عنه عليه السّلام قال: الماء المغليّ ينفع من كلّ شيء و لا يضرّ من شيء. (4)

ص:99


1- -المستدرك ج 17 ص 7 ب 4 من الأشربة المباحة ح 2
2- المستدرك ج 17 ص 26 ب 22
3- البحار ج 66 ص 450 باب فضل الماء ح 16
4- البحار ج 66 ص 451

19-و عنه عليه السّلام قال: إذا دخل أحدكم الحمّام فليشرب ثلاثة أكفّ ماء حارّ، فإنّه يزيد في بهاء الوجه، و يذهب بالألم من البدن. (1)

20-و قال الرضا عليه السّلام: الماء المسخّن إذا غليته سبع غليات و قلبته من إناء إلى إناء فهو يذهب بالحمّى و ينزل القوّة في الساقين و القدمين. (2)

21-عن ابن أبي طيفور المتطبّب قال: نهيت أبا الحسن الماضي عليه السّلام عن شرب الماء، قال: و ما بأس بالماء، و هو يدير الطعام في المعدة، و يسكن الغضب، و يزيد في اللبّ، و يطفئ المرار. (3)

بيان:

«يدير الطعام في المعدة» : كأنّه كناية عن سرعة الهضم، و في مكارم الأخلاق:

"يذيب الطعام"و هو أظهر.

22-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن الاستشفاء بالعيون الحارّة التي تكون في الجبال التي توجد منها رائحة الكبريت، فإنّها من فوح جهنّم. (4)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر في الكافي و غيره.

بيان: في النهاية ج 3 ص 477، «من فوح جهنّم» : أي شدّة غليانها و حرّها، و يروى بالياء. «الكبريت» يقال بالفارسيّة: گوگرد.

ص:100


1- -البحار ج 66 ص 451
2- البحار ج 66 ص 451
3- البحار ج 66 ص 456 ح 42
4- البحار ج 66 ص 480 باب النهي عن الاستشفاء بالمياه الحارّة ح 2
الفصل الثاني: سقي الماء
الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أوّل ما يبدأ به في الآخرة صدقة الماء-يعني: في الأجر-. (1)

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أفضل الصدقة إبراد كبد حرّى. (2)

3-عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من سقى الماء في موضع يوجد فيه الماء كان كمن أعتق رقبة، و من سقى الماء في موضع لا يوجد فيه الماء كان كمن أحيى نفسا، و من أحيى نفسا فكأنّما أحيى الناس جميعا. (3)

4-قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّ اللّه تبارك و تعالى يحبّ إبراد الكبد الحرّى، و من سقى كبدا حرّى من بهيمة أو غيرها أظلّه اللّه (في ظلّ عرشه) يوم لا ظلّ إلاّ ظلّه. (4)

5-عن أبي حمزة الثمالي عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: من أطعم مؤمنا

ص:101


1- -الوسائل ج 9 ص 472 ب 49 من الصدقة ح 1
2- الوسائل ج 9 ص 472 ح 2
3- الوسائل ج 9 ص 473 ح 3
4- الوسائل ج 9 ص 473 ح 5

من جوع أطعمه اللّه من ثمار الجنّة، و من سقى مؤمنا من ظمأ سقاه اللّه من الرحيق المختوم، و من كسا مؤمنا كساه اللّه من الثياب الخضر. (1)

6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من سقى مؤمنا شربة من ماء من حيث يقدر على الماء أعطاه اللّه بكلّ شربة سبعين ألف حسنة، و إن سقاه من حيث لا يقدر على الماء فكأنّما أعتق عشر رقاب من ولد إسماعيل. (2)

7-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أفضل الصدقة سقي الماء. (3)

8-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من سقى أخاه المسلم شربة سقاه اللّه من شراب الجنّة، و أعطاه بكلّ قطرة منها قنطارا في الجنّة. (4)

9-. . . و عن ابن عبّاس قال: قال لي النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: رأيت فيما يرى النائم عمّي حمزة بن عبد المطلّب و أخي جعفر بن أبي طالب، فقلت لهما: بأبي أنتما أيّ الأعمال وجدتما أفضل؟ قالا: فديناك بالآباء و الامّهات وجدنا أفضل الأعمال؛ الصلاة عليك، و سقي الماء، و حبّ عليّ بن أبي طالب عليه السّلام. (5)

10-عن الصادق عن أبيه عليهما السّلام قال: إنّ أوّل ما يبدء به يوم القيامة صدقة الماء. (6)

ص:102


1- -الوسائل ج 9 ص 474 ح 7
2- الوسائل ج 25 ص 253 ب 11 من الأشربة المباحة ح 2
3- المستدرك ج 7 ص 250 ب 45 من الصدقة ح 1
4- المستدرك ج 7 ص 253 ح 10
5- البحار ج 96 ص 172 ب 19 من الزكاة ح 6
6- البحار ج 96 ص 173 ح 13

حرف النون

173- النبوّة

الآيات

1- رَبَّنا وَ اِبْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ وَ يُعَلِّمُهُمُ اَلْكِتابَ وَ اَلْحِكْمَةَ وَ يُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ اَلْعَزِيزُ اَلْحَكِيمُ . (1)

2- قُولُوا آمَنّا بِاللّهِ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَ ما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ وَ اَلْأَسْباطِ وَ ما أُوتِيَ مُوسى وَ عِيسى وَ ما أُوتِيَ اَلنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَ نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ - فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اِهْتَدَوْا وَ إِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اَللّهُ وَ هُوَ اَلسَّمِيعُ اَلْعَلِيمُ - صِبْغَةَ اَللّهِ وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اَللّهِ صِبْغَةً وَ نَحْنُ لَهُ عابِدُونَ . (2)

3- كانَ اَلنّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اَللّهُ اَلنَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَ مُنْذِرِينَ وَ أَنْزَلَ مَعَهُمُ اَلْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ اَلنّاسِ فِيمَا اِخْتَلَفُوا فِيهِ. . . (3)

4- لَقَدْ مَنَّ اَللّهُ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَ يُزَكِّيهِمْ وَ يُعَلِّمُهُمُ اَلْكِتابَ وَ اَلْحِكْمَةَ وَ إِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ . (4)

ص:103


1- -البقرة:129 و بمضمونها في البقرة:151 و النساء:113 و المائدة:110 و الزخرف:63
2- البقرة:136 إلى 138 و مثلها في آل عمران:84
3- البقرة:213
4- آل عمران:164

5- إِنّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَ اَلنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ . . . - رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَ مُنْذِرِينَ لِئَلاّ يَكُونَ لِلنّاسِ عَلَى اَللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ اَلرُّسُلِ وَ كانَ اَللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً . (1)

6- يا أَهْلَ اَلْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ اَلْكِتابِ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اَللّهِ نُورٌ وَ كِتابٌ مُبِينٌ - يَهْدِي بِهِ اَللّهُ مَنِ اِتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ اَلسَّلامِ وَ يُخْرِجُهُمْ مِنَ اَلظُّلُماتِ إِلَى اَلنُّورِ بِإِذْنِهِ وَ يَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ . (2)

7- وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنا . الآيات. (3)

8- اَلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ اَلرَّسُولَ اَلنَّبِيَّ اَلْأُمِّيَّ اَلَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي اَلتَّوْراةِ وَ اَلْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهاهُمْ عَنِ اَلْمُنْكَرِ وَ يُحِلُّ لَهُمُ اَلطَّيِّباتِ وَ يُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ اَلْخَبائِثَ وَ يَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَ اَلْأَغْلالَ اَلَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَ عَزَّرُوهُ وَ نَصَرُوهُ وَ اِتَّبَعُوا اَلنُّورَ اَلَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ اَلْمُفْلِحُونَ . الآيات. (4)

9- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اِسْتَجِيبُوا لِلّهِ وَ لِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ. . . (5)

10- وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ اَلظُّلُماتِ إِلَى اَلنُّورِ وَ ذَكِّرْهُمْ بِأَيّامِ اَللّهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبّارٍ شَكُورٍ . (6)

11- وَ لَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اُعْبُدُوا اَللّهَ وَ اِجْتَنِبُوا اَلطّاغُوتَ. . . (7)

ص:104


1- -النساء:163 إلى 165
2- المائدة:15 و 16
3- الأنعام:84 إلى 90
4- الأعراف:157
5- الأنفال:24
6- إبراهيم:5
7- النحل:36

12- وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلاّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ اَلذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ - بِالْبَيِّناتِ وَ اَلزُّبُرِ وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ اَلذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ . (1)

13- . . . وَ لَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ اَلنَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ وَ آتَيْنا داوُدَ زَبُوراً . (2)

14- وَ ما نُرْسِلُ اَلْمُرْسَلِينَ إِلاّ مُبَشِّرِينَ وَ مُنْذِرِينَ. . . (3)

15- إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ . (4)

16- يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اَللّهِ وَ آمِنُوا بِهِ . . . فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا اَلْعَزْمِ مِنَ اَلرُّسُلِ. . . (5)

17- لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَ أَنْزَلْنا مَعَهُمُ اَلْكِتابَ وَ اَلْمِيزانَ لِيَقُومَ اَلنّاسُ بِالْقِسْطِ. . . (6)

18- هُوَ اَلَّذِي بَعَثَ فِي اَلْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَ يُزَكِّيهِمْ وَ يُعَلِّمُهُمُ اَلْكِتابَ وَ اَلْحِكْمَةَ وَ إِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ . (7)

ص:105


1- -النحل:43 و 44
2- الإسراء:55
3- الكهف:56
4- الشعراء:107 و 125 و 143 و 162 و 178، و الدخان:18 و نظيرها في الأعراف:68
5- الأحقاف:31 إلى 35
6- الحديد:25
7- الجمعة:2
الأخبار

قد مرّ ما يناسب المقام في باب الإمامة من الاضطرار إلى الحجّة و لزوم العصمة و. . .

1-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الحمد للّه المتحجّب بالنور دون خلقه. . . و ابتعث فيهم النبيّين، مبشّرين و منذرين، ليهلك من هلك عن بيّنة و يحيى من حىّ عن بيّنة، و ليعقل العباد عن ربّهم ما جهلوا و عرفوه بربوبيّته بعد ما أنكروا، و يوحّدوه بالإلهيّة بعد ما عندوا. (1)

بيان:

قال المظفّر رحمه اللّه (في عقائد الإماميّة ص 73) : نعتقد أنّ النبوّة وظيفة إلهيّة و سفارة ربّانيّة، يجعلها اللّه تعالى لمن ينتجبه و يختاره من عباده الصالحين و أوليائه الكاملين في إنسانيّتهم، فيرسلهم إلى سائر الناس لغاية إرشادهم إلى ما فيه منافعهم و مصالحهم في الدنيا و الآخرة، و لغرض تنزيههم و تزكيتهم من درن مساوئ الأخلاق، و مفاسد العادات، و تعليمهم الحكمة و المعرفة، و بيان طرق السعادة و الخير، لتبلغ الإنسانيّة كمالها اللائق بها، فترتفع إلى درجاتها الرفيعة في الدارين: دار الدنيا و دار الآخرة.

و نعتقد أنّ قاعدة اللطف توجب أن يبعث الخالق اللطيف بعباده رسله لهداية البشر. . . كما نعتقد أنّه تعالى لم يجعل للناس حقّ تعيين النبيّ أو ترشيحه أو انتخابه. . .

(النبوّة لطف) : إنّ الإنسان مخلوق غريب الأطوار، معقّد التركيب في تكوينه

ص:106


1- -العلل ج 1 ص 119 ب 99 ح 1

و في طبيعته و في نفسيّته و في عقله، بل في شخصيّة كلّ فرد من أفراده، و قد اجتمعت فيه نوازع الفساد من جهة و بواعث الخير و الصلاح من جهة اخرى، فمن جهة قد جبل على العواطف و الغرائز من حبّ النفس و الهوى و الأثرة و إطاعة الشهوات، و فطر على حبّ التغلّب و الاستطالة و الاستيلاء على ما سواه، و التكالب على الحياة الدنيا. . .

و من الجهة الثانية، خلق اللّه تعالى فيه عقلا هاديا يرشده إلى الصلاح و مواطن الخير، و ضميرا وازعا يردعه عن المنكرات و الظلم و يؤنّبه على فعل ما هو قبيح و مذموم.

و لا يزال الخصام الداخلي في النفس الإنسانيّة مستعرا بين العاطفة و العقل، فمن يتغلّب عقله على عاطفته كان من الأعلين مقاما و الراشدين في إنسانيّتهم و الكاملين في روحانيّتهم، و من تقهره عاطفته كان من الأخسرين منزلة. . .

على أنّ الإنسان لقصوره و عدم اطّلاعه على جميع الحقائق و أسرار الأشياء المحيطة به و المنبثقة من نفسه، لا يستطيع أن يعرف بنفسه كلّ ما يضرّه و ينفعه، و لا كلّ ما يسعده و يشقيه، لا فيما يتعلّق بخاصّة نفسه، و لا فيما يتعلّق بالنوع الإنسانيّ و مجتمعه و محيطه. . .

و على هذا فالإنسان في أشدّ الحاجة ليبلغ درجات السعادة إلى من ينصب له الطريق اللاحب و النهج الواضح إلى الرشاد و اتّباع الهدى، لتقوّى بذلك جنود العقل. . . و أكثر ما تشتدّ حاجته إلى من يأخذ بيده إلى الخير و الصلاح عند ما تخادعه العاطفة و تراوغه-و كثيرا ما تفعل-فتزيّن له أعماله و تحسّن لنفسه انحرافاتها، إذ تريه ما هو حسن قبيحا أو ما هو قبيح حسنا، و تلبّس على العقل طريقه إلى الصلاح و السعادة و النعيم، في وقت ليس له تلك المعرفة التي تميّز له كلّ ما هو حسن و نافع، و كلّ ما هو قبيح و ضارّ، و كلّ واحد منّا صريع لهذه المعركة من حيث يدري و لا يدري إلاّ من عصمه اللّه.

ص:107

و لأجل هذا يعسر على الإنسان المتمدّن المثقّف فضلا عن الوحشيّ الجاهل أن يصل بنفسه إلى جميع طرق الخير و الصلاح، و معرفة جميع ما ينفعه و يضرّه في دنياه و آخرته فيما يتعلّق بخاصّة نفسه أو بمجتمعه و محيطه، مهما تعاضد مع غيره من أبناء نوعه ممن هو على شاكلته و تكاشف معهم، و مهما أقام بالاشتراك معهم المؤتمرات و المجالس و الاستشارات.

فوجب أن يبعث اللّه تعالى في الناس رحمة لهم و لطفا بهم: رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَ يُزَكِّيهِمْ وَ يُعَلِّمُهُمُ اَلْكِتابَ وَ اَلْحِكْمَةَ و ينذرهم عمّا فيه فسادهم و يبشّرهم بما فيه صلاحهم و سعادتهم. . .

قال رحمه اللّه في ص 80: و نعتقد أنّ النبيّ كما يجب أن يكون معصوما يجب أن يكون متّصفا بأكمل الصفات الخلقيّة و العقليّة و أفضلها؛ من نحو الشجاعة و السياسة و التدبير و الصبر و الفطنة و الذكاء، حتّى لا يدانيه بشر سواه فيها، لأنّه لو لا ذلك لما صحّ أن تكون له الرئاسة العامّة على جميع الخلق و لا قوّة إدارة العالم كلّه.

كما يجب أن يكون طاهر المولد، أمينا صادقا منزّها عن الرذائل قبل بعثته أيضا، لكي تطمئنّ إليه القلوب و تركن إليه النفوس، بل لكي يستحقّ هذا المقام الإلهيّ العظيم.

2-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه سأله رجل فقال: لأيّ شيء بعث اللّه الأنبياء و الرسل إلى الناس؟ فقال: لئلاّ يكون للناس على اللّه حجّة من بعد الرسل، و لئلاّ يقولوا: ما جائنا من بشير و لا نذير و ليكون حجّة اللّه عليهم، أ لا تسمع اللّه عزّ و جلّ يقول حكاية عن خزنة جهنّم و احتجاجهم على أهل النار بالأنبياء و الرسل: أَ لَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ- قالُوا بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنا وَ قُلْنا ما نَزَّلَ اَللّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلاّ فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ (1). 2

ص:108


1- -الملك:8 و 9

3-عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: لأيّ علّة أعطى اللّه عزّ و جلّ أنبيائه و رسله و أعطاكم المعجزة؟ فقال: ليكون دليلا على صدق من أتى به، و المعجزة علامة للّه لا يعطيها إلاّ أنبيائه و رسله و حججه ليعرف به صدق الصادق من كذب الكاذب. (1)

بيان:

«المعجزة» في عقائد الإماميّة ص 77: نعتقد أنّه تعالى إذ ينصب لخلقه هاديا و رسولا لا بدّ أن يعرفّهم بشخصه و يرشدهم إليه بالخصوص على وجه التعيين، و ذلك منحصر بأن ينصب على رسالته دليلا و حجّة يقيمها لهم، إتماما للطف و استكمالا للرحمة، و ذلك الدليل لا بدّ أن يكون من نوع لا يصدر إلاّ من خالق الكائنات و مدبّر الموجودات (أي فوق مستوى مقدور البشر) فيجريه على يدي ذلك الرسول الهادي ليكون معرّفا به و مرشدا إليه، و ذلك الدليل هو المسمّى بالمعجز أو المعجزة، لأنّه يكون على وجه يعجز البشر عن مجاراته و الإتيان بمثله. . .

4-قال أبو الحسن الرضا عليه السّلام: إنّما سمّي أولوا العزم أولي العزم لأنّهم كانوا أصحاب العزائم و الشرايع، و ذلك أنّ كلّ نبيّ كان بعد نوح عليه السّلام كان على شريعته و منهاجه، و تابعا لكتابه إلى زمان إبراهيم الخليل عليه السّلام، و كلّ نبيّ كان في إيّام إبراهيم و بعده كان على شريعة إبراهيم و منهاجه، و تابعا لكتابه إلى زمن موسى عليه السّلام، و كلّ نبيّ كان في زمن موسى عليه السّلام و بعده كان على شريعة موسى و منهاجه و تابعا لكتابه إلى أيّام عيسى عليه السّلام، و كلّ نبيّ كان في أيّام عيسى و بعده كان على منهاج عيسى و شريعته و تابعا لكتابه إلى زمن نبيّنا محمّد صلّى اللّه عليه

ص:109


1- العلل ج 1 ص 122 ب 100

و آله و عليهم، فهؤلاء الخمسة هم أولوا العزم و هم أفضل الأنبياء و الرسل، و شريعة محمّد صلّى اللّه عليه و آله لا تنسخ إلى يوم القيامة و لا نبيّ بعده إلى يوم القيامة، فمن ادّعى بعد نبيّنا أو أتى القرآن بكتاب فدمه مباح لكلّ من سمع ذلك منه. (1)

5-قال أبو جعفر عليه السّلام: أولوا العزم من الرسل خمسة: نوح و إبراهيم و موسى و عيسى و محمّد صلوات اللّه عليهم. (2)

6-في سؤال أبي ذرّ رحمه اللّه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله. . . قلت: يا رسول اللّه، كم النبيّون؟ قال: مائة ألف و أربعة و عشرون ألف نبيّ، قلت: كم المرسلون منهم؟ قال: ثلاثمائة و ثلاث عشر. . . قلت: يا رسول اللّه، كم أنزل اللّه من كتاب؟ قال:

مائة كتاب و أربعة كتب؛ أنزل اللّه على شيث خمسين صحيفة، و على إدريس ثلاثين صحيفة و على إبراهيم عشرين صحيفة، و أنزل التوراة و الإنجيل و الزبور و الفرقان. . . (3)

7-عن عليّ بن موسى عن آبائه عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: خلق اللّه عزّ و جلّ مائة ألف نبيّ و أربعة و عشرين ألف نبيّ، أنا أكرمهم على اللّه و لا فخر، و خلق اللّه عزّ و جلّ مائة ألف وصيّ و أربعة و عشرين ألف وصيّ، فعليّ عليه السّلام أكرمهم على اللّه و أفضلهم. (4)

8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الأنبياء و المرسلون على أربع طبقات: فنبيّ منبّأ في نفسه لا يعدو غيرها، و نبيّ يرى في النوم و يسمع الصوت و لا يعاينه في اليقظة، و لم يبعث إلى أحد و عليه إمام، مثل ما كان إبراهيم على لوط، و نبيّ يرى في منامه و يسمع الصوت و يعاين الملك، و قد ارسل إلى طائفة قلّوا أو كثروا، كيونس.

ص:110


1- -العلل ج 1 ص 122 ب 101 ح 2
2- الخصال ج 1 ص 300 باب الخمسة ح 73
3- الخصال ج 2 ص 524 باب العشرين ح 13
4- الخصال ج 2 ص 641 باب ما بعد الألف ح 18(و 19)

قال اللّه ليونس: وَ أَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (1)قال: يزيدون ثلاثين ألفا و عليه إمام، و الذي يرى في نومه و يسمع الصوت و يعاين في اليقظة و هو إمام مثل أولي العزم، و قد كان إبراهيم عليه السّلام نبيّا و ليس بإمام حتّى قال اللّه: إِنِّي جاعِلُكَ لِلنّاسِ إِماماً قالَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي فقال اللّه: لا يَنالُ عَهْدِي اَلظّالِمِينَ (2)من عبد صنما أو وثنا لا يكون إماما. (3)

أقول:

لاحظ باب الفرق بين الرسول و النبيّ و المحدّث في الكافي ج 1 ص 134.

بيان: «أو يزيدون» . . . قيل: إنّه لمّا كان إرسال يونس إلى قومه أمرا مستمرّا و كان قومه في بعض أوقات الإرسال مأة ألف و زادوا بالتوالد في بعض الأوقات إلى أن صاروا مأة و ثلاثين ألفا استعمل"أو". . . و لم يذكر قدر الزيادة إشارة إلى أنّه في كلّ وقت من أوقات الزيادة غير ما في الأوقات الأخرى، فبيّن عليه السّلام أنّ منتهى الزيادة ثلاثون ألفا. . . (المرآة ج 2 ص 282)

9-عن ابن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: سادة النبيّين و المرسلين خمسة و هم أولوا العزم من الرسل و عليهم دارت الرحى: نوح و إبراهيم و موسى و عيسى و محمّد صلّى اللّه عليه و آله و على جميع الأنبياء. (4)

بيان:

«دارت الرحى» : أي رحى النبوّة و الرسالة و الشريعة و الدين، و سائر الأنبياء تابعون لهم.

10-في حديث موسى بن جعفر عليه السّلام لهشام في العقل: يا هشام، ما بعث اللّه

ص:111


1- -الصافّات:147
2- البقرة:124
3- الكافي ج 1 ص 133 باب طبقات الأنبياء ح 1
4- الكافي ج 1 ص 134 ح 3

أنبيائه و رسله إلى عباده إلاّ ليعقلوا عن اللّه، فأحسنهم استجابة أحسنهم معرفة، و أعلمهم بأمر اللّه أحسنهم عقلا، و أكملهم عقلا أرفعهم درجة في الدنيا و الآخرة.

يا هشام، إنّ للّه على الناس حجّتين: حجة ظاهرة و حجّة باطنة؛ فأمّا الظاهرة فالرسل و الأنبياء و الأئمّة عليهم السّلام، و أمّا الباطنة فالعقول. (1)

بيان:

في المرآة: «ليعقلوا عن اللّه» : ضمير الجمع راجع إلى العباد، و إرجاعه إلى الأنبياء بعيد، أي ليعلموا علوم الدين أصولا و فروعا عنه تعالى بتوسّط الأنبياء و الأوصياء عليهم السّلام، فالعقل هنا بمعنى العلم، أو لتصير عقولهم كاملة بحسب الكسب بهداية اللّه تعالى، و التفريع بالأوّل أنسب.

أقول: في ح 11: عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: . . . و لا بعث اللّه نبيّا و لا رسولا حتّى يستكمل العقل، و يكون عقله أفضل من جميع عقول امّته، و ما يضمر النبيّ في نفسه أفضل من اجتهاد المجتهدين. . .

11-قال ابن السكّيت لأبي الحسن عليه السّلام: لماذا بعث اللّه موسى بن عمران عليه السّلام بالعصا و يده البيضاء و آلة السحر؟ و بعث عيسى عليه السّلام بآلة الطبّ؟ و بعث محمّدا صلّى اللّه عليه و آله بالكلام و الخطب؟ فقال أبو الحسن عليه السّلام: إنّ اللّه لمّا بعث موسى عليه السّلام كان الغالب على أهل عصره السحر، فأتاهم من عند اللّه بما لم يكن في وسعهم مثله، و ما أبطل به سحرهم، و أثبت به الحجّة عليهم.

و إنّ اللّه بعث عيسى عليه السّلام في وقت (قد) ظهرت فيه الزمانات، و احتاج الناس إلى الطبّ، فأتاهم من عند اللّه بما لم يكن عندهم مثله، و بما أحيا لهم الموتى، و أبرء الأكمه و الأبرص بإذن اللّه، و أثبت به الحجّة عليهم.

و إنّ اللّه بعث محمّدا صلّى اللّه عليه و آله في وقت كان الغالب على أهل عصره الخطب و الكلام

ص:112


1- -الكافي ج 1 ص 13 ك العقل ح 12

-و أظنّه قال: الشعر-فأتاهم من عند اللّه من مواعظه و حكمه ما أبطل به قولهم، و أثبت به الحجّة عليهم، قال: فقال ابن السكّيت: تاللّه ما رأيت مثلك قطّ، فما الحجّة على الخلق اليوم؟ قال: فقال عليه السّلام: العقل، يعرف به الصادق على اللّه فيصدّقه، و الكاذب على اللّه فيكذّبه، قال: فقال ابن السكّيت: هذا و اللّه هو الجواب. (1)

بيان:

«الزمانات» : الأمراض المزمنة و الآفات. . .

لا بدّ أن تناسب معجزة كلّ نبيّ ما يشتهر في عصره من العلوم و الفنون، و معجزة نبيّنا صلّى اللّه عليه و آله الخالدة هي القرآن الكريم، و نعتقد أنّ القرآن هو الوحي الإلهيّ المنزّل من اللّه تعالى على لسان نبيّه الأكرم، فيه تبيان كلّ شيء، و هو معجزته الخالدة التي أعجزت البشر عن مجاراتها في البلاغة و الفصاحة و فيما احتوى من حقائق و معارف عالية، لا يعتريه التبديل و التغيير و التحريف.

و من دلائل إعجازه أنّه كلّما تقدّم الزمن و تقدّمت العلوم و الفنون، فهو باق على طراوته و حلاوته و على سموّ مقاصده و أفكاره، و لا يظهر فيه خطأ في نظريّة علمية ثابتة، على العكس من كتب العلماء.

12-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما كلّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله العباد بكنه عقله قطّ.

و قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّا معاشر الأنبياء امرنا أن نكلّم الناس على قدر عقولهم. (2)

بيان:

كنه الشيء: نهايته أو حقيقته.

ص:113


1- -الكافي ج 1 ص 18 ح 20-و مثله في العلل و العيون عن الرضا عليه السّلام
2- الكافي ج 1 ص 18 ح 15

13-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و اصطفى سبحانه من ولده (أي آدم) أنبياء أخذ على الوحي ميثاقهم، و على تبليغ الرسالة أمانتهم، لما بدّل أكثر خلقه عهد اللّه إليهم، فجهلوا حقّه، و اتّخذوا الأنداد معه، و احتالتهم الشياطين عن معرفته، و اقتطعتهم عن عبادته، فبعث فيهم رسله، و واتر إليهم أنبيائه، ليستأدوهم ميثاق فطرته، و يذكّروهم منسيّ نعمته، و يحتجّوا عليهم بالتبليغ، و يثيروا لهم دفائن العقول، و يروهم الآيات المقدّرة:

من سقف فوقهم مرفوع، و مهاد تحتهم موضوع، و معايش تحييهم، و آجال تفنيهم، و أوصاب تهرمهم و أحداث تتابع عليهم، و لم يخل سبحانه خلقه من نبيّ مرسل، أو كتاب منزل، أو حجّة لازمة، أو محجّة قائمة، رسل لا تقصّر بهم قلّة عددهم، و لا كثرة المكذّبين لهم: من سابق سمّي له من بعده، أو غابر عرّفه من قبله. . . (1)

بيان:

«الأنداد» : الأمثال، و أراد المعبودين من دونه سبحانه. «و احتالتهم» احتال: أتى بالحيلة و استعملت، و في صبحي: بالجيم أي صرفتهم عن قصدهم. «واتر إليهم أنبياءه» : أرسلهم و بين كلّ نبيّ و من بعده فترة. «ليستادوهم» : ليطلبوا الأداء.

«الأوصاب» ج الوصب: المرض و الوجع الدائم و نحول الجسم، و قد يطلق على التعب و الفتور في البدن. «المحجّة» : الطريق القويمة الواضحة. «الغابر» : أي الماضي أو الباقي (يكون من الأضداد) .

14-و قال عليه السّلام: فبعث اللّه محمّدا صلّى اللّه عليه و آله بالحقّ ليخرج عباده من عبادة الأوثان إلى عبادته، و من طاعة الشيطان إلى طاعته، بقرآن قد بيّنه و أحكمه ليعلم العباد ربّهم إذ جهلوه، و ليقرّوا به بعد إذ جحدوه، و ليثبتوه بعد إذ أنكروه،

ص:114


1- -نهج البلاغة ص 33 في خ 1

فتجلّى لهم سبحانه في كتابه من غير أن يكونوا رأوه بما أراهم من قدرته، و خوّفهم من سطوته، و كيف محق من محق بالمثلاث، و احتصد من احتضد بالنّقمات. . . (1)

بيان:

«المثلات» : العقوبات.

15-و قال عليه السّلام: . . . و بعث إلى الجنّ و الإنس رسله، ليكشفوا لهم عن غطائها، و ليحذّروهم من ضرّائها، و ليضربوا لهم أمثالها، و ليبصّروهم عيوبها، و ليهجموا عليهم بمعتبر من تصرّف مصاحّها و أسقامها، و حلالها و حرامها، و ما أعدّ اللّه سبحانه للمطيعين منهم و العصاة من جنّة و نار و كرامة و هوان. . . (2)

بيان:

«ليهجموا» هجم عليه: دخل غفلة. «المعتبر» مصدر ميمي: الاعتبار و الاتّعاظ «التصرّف» و المراد هنا التبدّل. «المصاحّ» : جمع مصحّة بمعنى الصحّة و العافية.

16-و قال عليه السّلام: إنّ أولى الناس بالأنبياء أعلمهم (أعملهم ف ك) بما جاؤوا به، ثمّ تلا عليه السّلام: إِنَّ أَوْلَى اَلنّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اِتَّبَعُوهُ وَ هذَا اَلنَّبِيُّ وَ اَلَّذِينَ آمَنُوا (3)ثمّ قال: إنّ وليّ محمّد صلّى اللّه عليه و آله من أطاع اللّه و إن بعدت لحمته، و إنّ عدوّ محمّد من عصى اللّه و إن قربت قرابته. (4)

بيان:

«لحمته» : نسبه.

ص:115


1- -نهج البلاغة ص 446 خ 147
2- نهج البلاغة ص 600 في خ 182
3- آل عمران:68
4- نهج البلاغة ص 1129 ح 92

17-عن أبي الحسن موسى عليه السّلام قال: إنّ الأنبياء و أولاد الأنبياء و أتباع الأنبياء خصّوا بثلاث خصال: السقم في الأبدان، و خوف السلطان، و الفقر. (1)

18-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ اللّه عزّ و جلّ لم يبعث نبيّا إلاّ بصدق الحديث، و أداء الأمانة إلى البرّ و الفاجر. (2)

19-قال أبو الحسن عليه السّلام: من أخلاق الأنبياء التنظّف و التطيّب و حلق الشعر و كثرة الطروقة. (3)

20-في مواعظ الصادق عليه السّلام: أربعة من أخلاق الأنبياء: البرّ، و السخاء، و الصبر على النائبة، و القيام بحقّ المؤمن. (4)

21-قال الصادق عليه السّلام: إنّ اللّه عزّ و جلّ مكّن أنبيائه من خزائن لطفه و كرمه و رحمته، و علّمهم من مخزون علمه، و أفردهم من جميع الخلايق لنفسه، فلا يشبه أحوالهم و أخلاقهم أحدا من الخلائق أجمعين، إذ جعلهم وسائل سائر الخلق إليه، و جعل حبّهم و طاعتهم سبب رضاه، و خلافهم و إنكارهم سبب سخطه، و أمر كلّ قوم و فئة باتّباع ملّة رسولهم.

ثمّ أبى أن يقبل طاعة أحد إلاّ بطاعتهم و تمجيدهم و معرفة (حقّهم) و تبجيلهم و حرمتهم و وقارهم و تعظيمهم و جاههم عند اللّه تعالى، فعظّم جميع أنبياء اللّه و لا تنزّلهم منزلة أحد ممّن دونهم و لا تتصرّف بعقلك في مقاماتهم و أحوالهم و أخلاقهم إلاّ ببيان محكم من عند اللّه، و إجماع أهل البصائر بدلايل يتحقّق بها فضائلهم و مراتبهم، و أنّى بالوصول إلى حقيقة ما لهم عند اللّه تعالى! فإن قابلت أقوالهم و أفعالهم بمن دونهم من الناس أجمعين فقد أسأت صحبتهم و أنكرت

ص:116


1- -البحار ج 11 ص 59 باب معنى النبوّة ح 66
2- البحار ج 11 ص 67 باب نقش خواتيمهم و. . . ح 21
3- البحار ج 11 ص 66 ح 13
4- البحار ج 78 ص 260

معرفتهم و جهلت خصوصيّتهم باللّه و سقطت عن درجة حقائق الإيمان و المعرفة فإيّاك ثمّ إيّاك. (1)

22-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

أقرب الناس من الأنبياء عليهم السّلام أعملهم بما امروا به.

(الغرر ج 1 ص 186 ف 8 ح 231)

أشبه الناس بأنبياء اللّه أقولهم للحقّ، و أصبرهم على العمل به.

(ص 195 ح 349)

ما أعظم فوز من اقتفى أثر النبيّين! . . . (ج 2 ص 742 ف 79 ح 105)

أقول:

قد مرّ في باب مكارم الأخلاق، قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّما بعثت لأتمّم مكارم الأخلاق.

ص:117


1- -مصباح الشريعة ص 45 ب 68

ص:118

174- النساء

الآيات

1- اَلرِّجالُ قَوّامُونَ عَلَى اَلنِّساءِ بِما فَضَّلَ اَللّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَ بِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ. . . (1)

2- وَ مَنْ يَعْمَلْ مِنَ اَلصّالِحاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ اَلْجَنَّةَ وَ لا يُظْلَمُونَ نَقِيراً . (2)

3- وَ لَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ اَلنِّساءِ وَ لَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ اَلْمَيْلِ. . . (3)

4- . . . إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ . (4)

5- مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَ لَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ . (5)

6- وَ قُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَ يَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَ لا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاّ ما ظَهَرَ مِنْها وَ لْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ وَ لا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاّ

ص:119


1- -النساء:34
2- النساء:124
3- النساء:129
4- يوسف:28
5- النحل:97

لِبُعُولَتِهِنَّ. . . (1)

7- وَ اَلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَ ذُرِّيّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَ اِجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً . (2)

8- يا نِساءَ اَلنَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ اَلنِّساءِ إِنِ اِتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ اَلَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَ قُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً- وَ قَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَ لا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ اَلْجاهِلِيَّةِ اَلْأُولى. . . (3)

9- يا أَيُّهَا اَلنَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَ بَناتِكَ وَ نِساءِ اَلْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَ كانَ اَللّهُ غَفُوراً رَحِيماً . (4)

10- . . . وَ مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ اَلْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ . (5)

11- يا أَيُّهَا اَلنَّبِيُّ إِذا جاءَكَ اَلْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللّهِ شَيْئاً وَ لا يَسْرِقْنَ وَ لا يَزْنِينَ وَ لا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَ لا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَ أَرْجُلِهِنَّ وَ لا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبايِعْهُنَّ وَ اِسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اَللّهَ إِنَّ اَللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ . (6)

12- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَ أَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَ إِنْ تَعْفُوا وَ تَصْفَحُوا وَ تَغْفِرُوا فَإِنَّ اَللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ . (7)

ص:120


1- -النور:31
2- الفرقان:74
3- الأحزاب:32 و 33
4- الأحزاب:59
5- المؤمن:40
6- الممتحنة:12
7- التغابن:14

13- ضَرَبَ اَللّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَتَ نُوحٍ وَ اِمْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اَللّهِ شَيْئاً وَ قِيلَ اُدْخُلاَ اَلنّارَ مَعَ اَلدّاخِلِينَ - وَ ضَرَبَ اَللّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قالَتْ رَبِّ اِبْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي اَلْجَنَّةِ وَ نَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَ عَمَلِهِ وَ نَجِّنِي مِنَ اَلْقَوْمِ اَلظّالِمِينَ - وَ مَرْيَمَ اِبْنَتَ عِمْرانَ اَلَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا وَ صَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها وَ كُتُبِهِ وَ كانَتْ مِنَ اَلْقانِتِينَ . (1)

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أوصاني جبرئيل عليه السّلام بالمرأة حتّى ظننت أنّه لا ينبغي طلاقها إلاّ من فاحشة مبيّنة. (2)

2-عن الأصبغ قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: كتب اللّه الجهاد على الرجال و النساء، فجهاد الرجل بذل ماله و نفسه حتّى يقتل في سبيل اللّه، و جهاد المرأة أن تصبر على ما ترى من أذى زوجها و غيرته. و في حديث آخر: جهاد المرأة حسن التبعّل. (3)

3-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه: يا أبا ذرّ، إنّ اللّه تعالى بعث عيسى بن مريم بالرهبانيّة، و بعثت بالحنيفيّة السمحة، و حبّبت إليّ النساء و الطيب، و جعلت في الصلاة قرّة عيني. (4)

بيان:

«الحنيفيّة» : المستقيمة، المائلة عن الباطل إلى الحقّ. «السمحة» : أي السهلة التي

ص:121


1- -التحريم:9 إلى 12
2- الكافي ج 5 ص 512 باب حقّ المرأة على الزوج ح 6( عدّة الداعي ص 81 في ب 2)
3- الكافي ج 5 ص 9 باب جهاد الرجل و المرأة
4- أمالي الطوسي ج 2 ص 141

لا ضيق فيها و لا حرج.

4-عن فاطمة بنت الحسين عليه السّلام عن جدّها عليّ بن أبي طالب عليه السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: النساء عيّ و عورات، فاستروا عيّهنّ بالسكوت، و عورتهنّ بالبيوت. (1)

بيان:

«النساء عيّ» في القاموس: عيّ بالأمر. . . لم يهتد لوجه مراده أو عجز عنه و لم يطق إحكامه، و عيي في المنطق كرضي عيّا بالكسر: حصر، و أعيى الماشي: كلّ.

و في المرآة ج 20 ص 373: العيّ: العجز عن البيان، أي لا يمكنهنّ التكلّم بما ينبغي في أكثر المواطن، فاسعوا في سكوتهنّ لئلاّ يظهر منهنّ ما تكرهونه. . .

«العورات» : كلّ شيء يستره الإنسان أنفة أو حياء فهو عورة و الجمع عورات.

5-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أربعة مفسدة للقلوب: الخلوة بالنساء، و الاستماع منهنّ، و الأخذ برأيهنّ، و مجالسة الموتى، فقيل: يا رسول اللّه، و ما مجالسة الموتى؟ قال: مجالسة كلّ ضالّ عن الإيمان، و جائر عن الأحكام. (2)

6-من كلام لأمير المؤمنين عليه السّلام بعد فراغه من حرب الجمل في ذمّ النساء:

معاشر الناس، إنّ النساء نواقص الإيمان، نواقص الحظوظ، نواقص العقول؛ فأمّا نقصان إيمانهنّ فقعودهنّ عن الصلاة و الصيام في أيّام حيضهنّ، و أمّا نقصان عقولهنّ فشهادة امرأتين كشهادة الرجل الواحد، و أمّا نقصان حظوظهنّ فمواريثهنّ على الأنصاف من مواريث الرجال، فاتّقوا شرار النساء، و كونوا من خيارهنّ على حذر، و لا تطيعوهنّ في المعروف حتّى لا يطمعن في المنكر. (3)

7-و قال في وصيّته لابنه الحسن عليهما السّلام: و إيّاك و مشاورة النساء، فإنّ

ص:122


1- -أمالي الطوسي ج 2 ص 197
2- أمالي الطوسي ج 1 ص 81
3- نهج البلاغة ص 179 خ 79

رأيهنّ إلى أفن، و عزمهنّ إلى وهن، و اكفف عليهنّ من أبصارهنّ بحجابك إيّاهنّ، فإنّ شدّة الحجاب أبقى عليهنّ، و ليس خروجهنّ بأشدّ من إدخالك من لا يوثق به عليهنّ، و إن استطعت أن لا يعرفن غيرك فافعل.

و لا تملّك المرأة من أمرها ما جاوز نفسها، فإنّ المرأة ريحانة و ليست بقهرمانة، و لا تعد بكرامتها نفسها، و لا تطمعها في أن تشفع بغيرها، و إيّاك و التغاير في غير موضع غيرة، فإنّ ذلك يدعو الصحيحة إلى السقم، و البريئة إلى الريب. (1)

أقول:

زاد في كنز الفوائد للكراجكيّ: و إن رأيت منهنّ ريبة فعجّل النكير، و أقلّ الغضب عليهنّ إلاّ في عيب أو ذنب. (البحار ج 103 ص 253)

بيان: «الأفن» : النقص. «الوهن» : الضعف. «لا تعد» : أي لا تجاوز بإكرامها نفسها فتكرم غيرها بشفاعتها. «و ليس بخروجهنّ. . .» : أي دخول من لا يوثق بأمانته على النساء مثل خروجهنّ إلى مختلط الناس، و لا فرق بينهما و كلاهما في الفساد سواء.

8-و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: . . . و جهاد المرأة حسن التبعّل. (2)

بيان:

«حسن التبعّل» : أي حسن العشرة و حسن صحبة المرأة مع بعلها و اطاعتها.

9-و قال عليه السّلام: خيار خصال النساء شرار خصال الرجال: الزهو، و الجبن، و البخل، فإذا كانت المرأة مزهوّة لم تمكّن من نفسها، و إذا كانت بخيلة حفظت مالها و مال بعلها، و إذا كانت جبانة فرقت من كلّ شيء يعرض لها. (3)

ص:123


1- -نهج البلاغة ص 938 في ر 31
2- نهج البلاغة ص 1152 في ح 131
3- نهج البلاغة ص 1190 ح 226

بيان:

«الزهو» : الكبر. «المزهوّة» أي المتكبّرة.

10-و قال عليه السّلام: المرأة شرّ كلّها، و شرّ ما فيها أنّه لا بدّ منها. (1)

11-و قال عليه السّلام: المرأة عقرب حلوة اللسبة. (2)

بيان:

«اللسبة» أي اللسعة (گزيدن) .

12-و قال عليه السّلام: و إنّ النساء همّهنّ زينة الحياة الدنيا و الفساد فيها. (3)

13-عن الصادق جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه عن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام قال: عقول النساء في جمالهنّ، و جمال الرجال في عقولهم. (4)

14-عن أبي جعفر الباقر عن أبيه عن جدّه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام قال: . . . و اتّقوا شرار النساء و كونوا من خيارهنّ على حذر، إن أمرنكم بالمعروف فخالفوهنّ كيلا يطمعن منكم في المنكر. (5)

15-عن الصادق عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (في حديث المناهي) : و نهى أن تخرج المرأة من بيتها بغير إذن زوجها، فإن خرجت لعنها كلّ ملك في السماء، و كلّ شيء تمرّ عليه من الجنّ و الإنس، حتّى ترجع إلى بيتها، و نهى أن تتزيّن المرأة لغير زوجها، فإن فعلت كان حقّا على اللّه عزّ و جلّ أن يحرقها بالنار.

و نهى أن تتكلّم المرأة عند غير زوجها و غير ذي محرم منها أكثر من خمس

ص:124


1- -نهج البلاغة ص 1192 ح 230
2- نهج البلاغة ص 1114 ح 58
3- نهج البلاغة ص 475 في خ 152
4- أمالي الصدوق ص 228 م 40 ح 9
5- أمالي الصدوق ص 304 م 50 ح 8

كلمات ممّا لا بدّ منه، و نهى أن تباشر المرأة المرأة ليس بينهما ثوب، و نهى أن تحدّث المرأة المرأة ممّا تخلو به مع زوجها. . . (1)

و قال صلّى اللّه عليه و آله: أيّما امرأة آذت زوجها بلسانها لم يقبل اللّه منها صرفا و لا عدلا و لا حسنة من عملها حتّى ترضيه، و إن صامت نهارها، و قامت ليلها، و أعتقت الرقاب، و حملت على جياد الخيل في سبيل اللّه، و كانت أوّل من يرد النار، و كذلك الرجل إذا كان لها ظالما. (2)

بيان:

«صرفا و لا عدلا» في مجمع البحرين (صرف) : أي توبة و فدية، أو نافلة و فريضة.

16-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ اللّه تبارك و تعالى جعل الشهوة عشرة أجزاء، تسعة منها في النساء و واحدة في الرجال، و لو لا ما جعل اللّه عزّ و جلّ فيهنّ من أجزاء الحياء على قدر أجزاء الشهوة لكان لكلّ رجل تسع نسوة متعلّقات به. (3)

17-قال الصادق عليه السّلام: الحياء على عشرة أجزاء، تسعة في النساء و واحدة في الرجال، فإذا حاضت الجارية ذهب جزء من حيائها، فإذا تزوّجت ذهب جزء، فإذا افترعت ذهب جزء، فإذا ولدت ذهب جزء و بقي لها خمسة أجزاء فإن فجرت ذهب حياؤها كلّه، و إن عفّت بقي لها خمسة أجزاء. (4)

بيان:

«الافتراع» : إزالة البكارة.

18-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام قال: إنّ اللّه تبارك و تعالى جعل

ص:125


1- -أمالي الصدوق ص 423 م 66 في ح 1(البحار ج 76 ص 329)
2- أمالي الصدوق ص 429( البحار ج 76 ص 334)
3- الخصال ج 2 ص 438 باب العشرة ح 28
4- الخصال ج 2 ص 438 ح 29

للمرأة صبر عشرة رجال، فإذا حملت زادها قوّة [صبر]عشرة رجال اخرى. (1)

أقول:

في ح 32: «فإذا هاجت كان لها قوّة عشرة رجال» .

19-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه عن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال في وصيّته له: يا عليّ، ليس على النساء جمعة و لا جماعة، و لا أذان، و لا إقامة، و لا عيادة مريض، و لا اتّباع جنازة، و لا هرولة بين الصفا و المروة، و لا استلام الحجر، و لا حلق، و لا تولّى القضاء، و لا تستشار، و لا تذبح إلاّ عند الضرورة، و لا تجهر بالتلبية، و لا تقيم عند قبر، و لا تسمع الخطبة، و لا تتولّى التزويج، و لا تخرج من بيت زوجها إلاّ بإذنه، فإن خرجت بغير إذنه لعنها اللّه و جبرئيل و ميكائيل، و لا تعطي من بيت زوجها شيئا إلاّ بإذنه، و لا تبيت و زوجها عليها ساخط و إن كان ظالما لها. (2)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة رواها أصحابنا رحمه اللّه،

و لاحظ الخصال ج 2 ص 585 باب السبعين ح 12، و فيه ثلاث و سبعون خصلة في آداب النساء و الفرق بين أحكامهنّ و أحكام الرجال.

20-عن ابن عباس قال: حججنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حجّة الوداع فأخذ بحلقة باب الكعبة، ثمّ أقبل علينا بوجهه فقال: . . . إنّ من أشراط القيامة إضاعة الصلوات، و اتّباع الشهوات، و الميل إلى الأهواء، و تعظيم أصحاب المال. . .

يا سلمان، فعندها تكون إمارة النساء، و مشاورة الإماء، و قعود الصبيان

ص:126


1- -الخصال ج 2 ص 439 ح 31
2- الخصال ج 2 ص 511 باب التسعة عشر ح 2

على المنابر. . . يا سلمان، و عندها تشارك المرأة زوجها في التجارة. . .

يا سلمان، و عندها يكتفي الرجال بالرجال، و النساء بالنساء، و يغار على الغلمان كما يغار على الجارية في بيت أهلها، و تشبّه الرجال بالنساء و النساء بالرجال، و لتركبنّ ذوات الفروج السروج، فعليهنّ من أمّتي لعنة اللّه. . . (1)

بيان:

«السروج» : ليس السروج مختصّا بالخيل فقطّ، فقد أطلق هذا اللفظ على مطلق الدابّة، فينطبق تماما على النساء اللواتي يسقن السيّارة.

21-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ المرأة خلقت من الرجل و إنّما همّتها في الرجال فأحبّوا نساءكم، و إنّ الرجل خلق من الأرض فإنّما همّته في الأرض. (2)

22-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أيّة امرأة تطيّبت ثمّ خرجت من بيتها فهي تلعن حتّى ترجع إلى بيتها متى رجعت. (3)

23-عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

اضربوا النساء على تعليم الخير. (4)

24-عن زيد بن عليّ عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

لعن اللّه المتشبّهين من الرجال بالنساء، و المتشبّهات من النساء بالرجال. (5)

25-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما أظنّ رجلا يزداد في الإيمان خيرا إلاّ

ص:127


1- -تفسير القميّ رحمه اللّه ج 2 ص 303( سورة محمّد صلّى اللّه عليه و آله)
2- البحار ج 103 ص 226 ب 2 من النكاح ح 16
3- البحار ج 103 ص 247 ب 4 ح 27
4- البحار ج 103 ص 249 ح 39
5- البحار ج 103 ص 258 ب 5 ح 6

ازداد حبّا للنساء. (1)

26-عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: سمعته يقول: يظهر في آخر الزمان و اقتراب الساعة، و هو شرّ الأزمنة، نسوة كاشفات عاريات متبرّجات، من الدين خارجات، في الفتن داخلات، مائلات إلى الشهوات، مسرعات إلى اللذّات، مستحلاّت المحرّمات، في جهنّم خالدات.

قال: و قال عليه السّلام: لو لا النساء لعبد اللّه حقّا حقّا. (2)

27-عن حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: مثل المرأة المؤمنة مثل الشامة في الثور الأسود. (3)

أقول:

قد مرّ في باب الإيمان ف 5: «المؤمنة أعزّ من المؤمن. . .» .

بيان: «الشامة» : علامة تخالف البدن الذي هي فيه، و يقال لها الخال أيضا.

28-عن عليّ عليه السّلام قال: كنّا عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال: أخبروني أيّ شيء خير للنساء؟ فعيينا بذلك كلّنا حتّى تفرّقنا، فرجعت إلى فاطمة عليها السّلام فأخبرتها بالذي قال لنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و ليس أحد منّا علمه و لا عرفه، فقالت: و لكنّي أعرفه: «خير للنساء أن لا يرين الرجال و لا يراهنّ الرجال» ، فرجعت إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقلت: يا رسول اللّه، سألتنا أيّ شيء خير للنساء؟ خير لهنّ أن لا يرين الرجال و لا يراهنّ الرجال، فقال: من أخبرك، فلم تعلمه و أنت عندي؟ فقلت: فاطمة، فأعجب ذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قال: إنّ فاطمة بضعة منّي. (4)

29-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا تنزلوا النساء

ص:128


1- -الوسائل ج 20 ص 21 ب 3 من مقدّمات النكاح ح 1
2- الوسائل ج 20 ص 35 ب 7 ح 5 و 6
3- الوسائل ج 20 ص 41 ب 9 ح 11
4- الوسائل ج 20 ص 67 ب 24 ح 7

الغرف، و لا تعلّموهنّ الكتابة، و علّموهنّ المغزل و سورة النور. (1)

بيان:

في المرآة ج 21 ص 85، «لا تنزلوا. . .» : أي لا يجعل الغرف منزلا و مسكنا لها، لئلاّ تتراءى الرجال، و لا تطّلع عليهم.

«سورة النور» قال رحمه اللّه: لما فيها من الترغيب إلى سترهنّ و عفافهنّ و ما يجري هذا المجرى، و النهي عن تعليم سورة يوسف لما فيها من ذكر تعشّقهنّ و حبّهنّ للرجال انتهى. «المغزل» غزل الصوف: مدّه و فتله خيطانا.

30-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لا تعلّموا نساءكم سورة يوسف و لا تقرؤوهنّ إيّاها، فإنّ فيها الفتن، و علّموهنّ سورة النور فإنّ فيها المواعظ. (2)

31-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ألهموهنّ حبّ عليّ عليه السّلام و ذروهنّ بلها. (3)

32-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لا تحملوا الفروج على السروج فتهيّجوهنّ للفجور. (4)

33-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ذكر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله النساء فقال: اعصوهنّ في المعروف قبل أن يأمرنكم بالمنكر، و تعوّذوا باللّه من شرارهنّ، و كونوا من خيارهنّ على حذر. (5)

34-شكى رجل من أصحاب أمير المؤمنين عليه السّلام نساءه فقام عليه السّلام خطيبا فقال: معاشر الناس، لا تطيعوا النساء على حال، و لا تأمنوهنّ على مال،

ص:129


1- -الوسائل ج 20 ص 176 ب 92 ح 1
2- الوسائل ج 20 ص 177 ح 2
3- الوسائل ج 20 ص 177 ح 3
4- الوسائل ج 20 ص 178 ب 93 ح 2
5- الوسائل ج 20 ص 178 ب 94 ح 1

و لا تذروهنّ يدبّرن أمر العيال، فإنّهنّ إن تركن و ما أردن أوردن المهالك، و عدون أمر المالك، فإنّا وجدناهنّ لا ورع لهنّ عند حاجتهنّ، و لا صبر لهنّ عند شهوتهنّ.

التبرّج (البذخ في الأمالي و العلل) لهنّ لازم و إن كبرن، و العجب لهنّ لا حق و إن عجزن، رضاهنّ في فروجهنّ، لا يشكرن الكثير إذا منعن القليل، ينسين الخير و يحفظن الشرّ، يتهافتن بالبهتان و يتمادين في الطغيان، و يتصدّين الشيطان، فداروهنّ على كلّ حال، و أحسنوا لهنّ المقال، لعلّهنّ يحسنّ الفعال. (1)

35-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: طاعة المرأة ندامة. (2)

36-عن الحكم بن مسكين قال: حدّثتني سعيدة و منّة أختا محمّد بن أبي عمير قالتا: دخلنا على أبي عبد اللّه عليه السّلام، فقلنا: تعود المرأة أخاها؟ قال: نعم، قلنا: تصافحه؟ قال: من وراء الثوب، قالت احداهما: إنّ أختي هذه تعود إخوتها، قال: إذا عدت إخوتك فلا تلبسي المصبغة. (3)

أقول:

يدلّ الحديث على الكراهة، جمعا بينه و بين مفهوم ما ورد عنه عليه السّلام: لا يحلّ للرجل أن يصافح المرأة إلاّ امرأة يحرم عليه أن يتزوّجها؛ أخت أو بنت أو عمّة. . .

(الوسائل ج 20 ص 208 ب 115 ح 2)

37-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لا تبدؤوا النساء بالسلام، و لا تدعوهنّ إلى الطعام، فإنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: النساء عيّ و عورة، فاستروا عيّهنّ بالسكوت و استروا عوراتهنّ بالبيوت. (4)

ص:130


1- -الوسائل ج 20 ص 180 ح 7
2- الوسائل ج 20 ص 181 ب 95 ح 2
3- الوسائل ج 20 ص 209 ب 116
4- الوسائل ج 20 ص 234 ب 131 ح 1

38-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يسلّم على النساء و يرددن عليه، و كان أمير المؤمنين عليه السّلام يسلّم على النساء و كان يكره أن يسلّم على الشابّة منهنّ و يقول: أتخوّف أن يعجبني صوتها فيدخل عليّ أكثر ممّا طلبت من الأجر.

و رواه الصدوق رحمه اللّه ثمّ قال: إنّما قال ذلك لغيره و إن عبّر عن نفسه، و أراد بذلك أيضا التخوّف من أن يظنّ به ظانّ أنّه يعجبه صوتها فيكفر (قال: و لكلام الأئمّة عليهم السّلام مخارج و وجوه لا يعقلها إلاّ العالمون) . (1)

39-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: يا أهل العراق، نبّئت أنّ نساءكم يدافعن الرجال في الطريق، أما تستحون؟ .

و رواه البرقيّ رحمه اللّه في المحاسن مثله و زاد: و قال: لعن اللّه من لا يغار.

و قال الكلينيّ رحمه اللّه: في حديث آخر؛ أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام قال: أما تستحيون و لا تغارون نساءكم يخرجن إلى الأسواق و يزاحمن العلوج. (2)

40-عن يونس بن يعقوب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن خروج النساء في العيدين و الجمعة، فقال: لا، إلاّ امرأة مسنّة. (3)

41-و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: صلاة المرئة وحدها في بيتها كفضل صلاتها في الجامع خمسا و عشرين درجة. (4)

42-و قال عليه السّلام: مروا نساؤكم بالغزل، فإنّه خير لهنّ و أزين. (5)

ص:131


1- -الوسائل ج 20 ص 234 ح 3
2- الوسائل ج 20 ص 235 ب 132 ح 1 و 2
3- الوسائل ج 20 ص 238 ب 136 ح 2
4- مكارم الأخلاق ص 233 ب 8 ف 10
5- مكارم الأخلاق ص 238

أقول:

لاحظ ما يناسب المقام في أبواب الزواج ف 2 و 3، الاستشارة، الغيرة، الغضب، النظر و. . .

و مرّ في باب جهنّم حديث النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ليلة المعراج في عذاب النساء.

43-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

النساء أعظم الفتنتين. (الغرر ج 1 ص 66 ف 1 ح 1720)

المرئة شرّ كلّها، و شرّ منها أنّه لا بدّ منها. (ص 79 ح 1908)

إيّاك و كثرة الوله بالنساء و الاغترار بلذّات الدنيا، فإنّ الوله بالنساء ممتحن و الغريّ باللذّات ممتهن (1). (ص 156 ف 5 ح 90)

إن رأيت من نسائك ريبة فاجعل لهنّ النكير على الكبير و الصغير، و إيّاك أن تكرّر العتب، فإنّ ذلك يغري بالذنب و يهوّن العتب. (ص 278 ف 10 ح 42)

إنّما المرأة لعبة فمن اتّخذها فليغطّها. (ص 298 ف 15 ح 22)

ستّة لا يمارون: الفقيه، و الرئيس، و الدنيّ، و البذيّ، و المرءة، و الصبيّ.

(ص 438 ف 39 ح 84)

صيانة المرئة أنعم لحالها و أدوم لجمالها. (ص 454 ف 44 ح 10)

طاعة النساء تزري بالنبلاء و تردي العقلاء. (ج 2 ص 472 ف 47 ح 36)

طاعة النساء شيمة الحمقى. (ح 39)

لا تكثرنّ الخلوة بالنساء فيمللنك و تمللهنّ، و استبق من نفسك و عقلك بالإبطاء عنهنّ. (ص 826 ف 85 ح 262)

لا تحملوا النساء أثقالكم و استغنوا عنهنّ ما استطعتم، فإنّهنّ يكثرن الامتنان و يكفرن الإحسان. (ح 263)

ص:132


1- -أي المحتقر و المبتذل

175- النصيحة و الاهتمام في امور المسلمين

الأخبار

1-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من يضمن لي خمسا أضمن له الجنّة، قيل: و ما هي يا رسول اللّه، قال: النصيحة للّه عزّ و جلّ، و النصيحة لرسوله، و النصيحة لكتاب اللّه، و النصيحة لدين اللّه، و النصيحة لجماعة المسلمين. (1)

بيان:

في النهاية ج 5 ص 63: «النصيحة» : كلمة يعبّر بها عن جملة هي إرادة الخير للمنصوح له، و ليس يمكن أن يعبّر هذا المعنى بكلمة واحدة تجمع معناه غيرها.

و أصل النصح في اللغة: الخلوص. يقال: نصحته و نصحت له. و معنى نصيحة اللّه:

صحّة الاعتقاد في وحدانيّته، و إخلاص النيّة في عبادته.

و النصيحة لكتاب اللّه: هو التصديق به و العمل بما فيه، و نصيحة رسوله: التصديق بنبوّته و رسالته، و الانقياد لما أمر به و نهى عنه.

و نصيحة الأئمّة: أن يطيعهم في الحقّ. . . و نصيحة عامّة المسلمين: إرشادهم إلى مصالحهم انتهى.

ص:133


1- -الخصال ج 1 ص 294 باب الخمسة ح 60

«لجماعة المسلمين» : في بعض الأخبار بدلها"و النصيحة لأئمّة المسلمين"و المعنى:

التصديق بإمامتهم و خلافتهم من عند اللّه تعالى و الانقياد لهم.

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أصبح لا يهتمّ بأمور المسلمين فليس بمسلم. (1)

بيان:

في المرآة ج 9 ص 1: «لا يهتمّ. . .» أي لا يعزم على القيام بها، و لا يقوم بها مع القدرة عليه. . .

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أنسك الناس نسكا أنصحهم جيبا و أسلمهم قلبا لجميع المسلمين. (2)

بيان:

في النهاية ج 5 ص 48: النسك و النسك: الطاعة و العبادة، و كلّ ما تقرّب به إلى اللّه، و النسك: ما أمرت به الشريعة، و الورع: ما نهت عنه. «الجيب» : الصدر و القلب.

و في الصحاح: رجل ناصح الجيب أي نقيّ القلب، و في القاموس: رجل ناصح الجيب: لا غشّ فيه. «أسلمهم قلبا» أي من الحقد و الحسد و العداوة و. . .

4-عن سفيان بن عيينة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: عليك بالنصح للّه في خلقه، فلن تلقاه بعمل أفضل منه. (3)

بيان:

النصح للخلق أي إعانتهم و هدايتهم و كفّ الأذى عنهم، و ترك الحسد و الغشّ لهم، و الذبّ عنهم في أعراضهم، و دفع الضرر عنهم، و جلب النفع إليهم و غير ذلك.

5-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: من أصبح لا يهتمّ بامور

ص:134


1- -الكافي ج 2 ص 131 باب الاهتمام بأمور المسلمين ح 1-و بمدلوله ح 4
2- الكافي ج 2 ص 131 ح 2
3- الكافي ج 2 ص 131 ح 3

المسلمين فليس منهم، و من سمع رجلا ينادي: يا للمسلمين فلم يجبه فليس بمسلم. (1)

6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الخلق عيال اللّه، فأحبّ الخلق إلى اللّه من نفع عيال اللّه، و أدخل على أهل بيت سرورا. (2)

7-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أحبّ الناس إلى اللّه؟ قال: أنفع الناس للناس. (3)

8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: يجب للمومن على المؤمن أن يناصحه. (4)

9-عن معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: يجب للمؤمن على المؤمن النصيحة له في المشهد و المغيب. (5)

10-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لينصح الرجل منكم أخاه كنصيحته لنفسه. (6)

11-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ أعظم الناس منزلة عند اللّه يوم القيامة أمشاهم في أرضه بالنصيحة لخلقه. (7)

12-في خبر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لشمعون: و أمّا علامة الناصح فأربعة: يقضي بالحقّ و يعطي الحقّ من نفسه و يرضى للناس ما يرضاه لنفسه و لا يعتدي

ص:135


1- -الكافي ج 2 ص 131 ح 5
2- الكافي ج 2 ص 131 ح 6
3- الكافي ج 2 ص 131 ح 7
4- الكافي ج 2 ص 166 باب نصيحة المؤمن ح 1
5- الكافي ج 2 ص 166 ح 2-و بمضمونه ح 3 عن أبي جعفر عليه السّلام
6- الكافي ج 2 ص 166 ح 4
7- الكافي ج 2 ص 166 ح 5

على أحد. (1)

13-في مواعظ الجواد عليه السّلام: المؤمن يحتاج إلى توفيق من اللّه، و واعظ من نفسه، و قبول ممّن ينصحه. (2)

14-قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّ المؤمن لتردّ عليه الحاجة لأخيه فلا تكون عنده، فيهتمّ بها قلبه، فيدخله اللّه تبارك و تعالى بهمّه الجنّة. (3)

15-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

الخلق كلّهم عيال اللّه، فأحبّهم إلى اللّه عزّ و جلّ أنفعهم لعياله. (4)

16-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الدين نصيحة، قيل: لمن يا رسول اللّه؟ قال: للّه و لرسوله [و لكتابه]و لأئمّة [في]الدين و لجماعة المسلمين. (5)

17-عن سماعة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: أيّما مؤمن مشى في حاجة أخيه فلم يناصحه، فقد خان اللّه و رسوله. (6)

أقول:

الأخبار بهذا المعنى كثيرة، في بعضها: «فإن لم يناصحهم فقد حارب اللّه و رسوله» و زاد في بعضها: «من مشى لإمرء مسلم في حاجة فنصحه فيها، كتب اللّه له بكلّ خطوة حسنة» لاحظ الوسائل و المستدرك.

18-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ أحبّ عباد اللّه إلى اللّه تعالى، أنفعهم لعباده،

ص:136


1- -تحف العقول ص 22
2- تحف العقول ص 337
3- الوسائل ج 16 ص 337 ب 18 من فعل المعروف ح 4
4- الوسائل ج 16 ص 344 ب 22 ح 9
5- الوسائل ج 16 ص 382 ب 35 ح 7( أمالي الطوسي ج 1 ص 82)
6- الوسائل ج 16 ص 383 ب 36 ح 2

و أوفاهم بعهده. (1)

19-و عنه صلّى اللّه عليه و آله قال: خصلتان و ليس فوقهما خير منهما: الإيمان باللّه، و النفع لعباد اللّه.

قال: و خصلتان ليس فوقها شرّ: الشرك باللّه، و الإضرار لعباد اللّه. (2)

20-في الغرر عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: ليكن أحبّ الناس إليك و أحظاهم لديك، أكثرهم سعيا في منافع الناس. (3)

21-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ثلاثة رفع اللّه عنهم العذاب يوم القيامة:

الراضي بقضاء اللّه، و الناصح للمسلمين، و الدالّ على الخير. (4)

22-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: عباد اللّه، إنّ أنصح الناس لنفسه أطوعهم لربّه، و إنّ أغشّهم لنفسه أعصاهم لربّه. (5)

23-و قال عليه السّلام: أمّا بعد: فإنّ معصية الناصح الشفيق العالم المجرّب تورث الحيرة و تعقب الندامة. (6)

24-و قال عليه السّلام: و لكن من واجب حقوق اللّه على العباد النصيحة بمبلغ جهدهم، و التعاون على إقامة الحقّ بينهم. (7)

أقول:

لاحظ الخطبة 34 و 35 و 117 و 175 و 147-و الرسالة 31 و 53 و 69 و الحكمة

ص:137


1- -المستدرك ج 12 ص 390 ب 22 من فعل المعروف ح 9
2- المستدرك ج 12 ص 390 ح 10
3- المستدرك ج 12 ص 391 ح 16
4- المستدرك ج 12 ص 431 ح 6
5- نهج البلاغة ص 208 في خ 85
6- نهج البلاغة ص 116 في خ 35
7- نهج البلاغة ص 684 في خ 207

116 أيضا.

25-عن ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال اللّه عزّ و جلّ: الخلق عيالي فأحبّهم إليّ ألطفهم بهم، و أسعاهم في حوائجهم. (1)

26-قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام: كثرة النصح تدعو إلى التهمة. (2)

27-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال: خمس من خمسة محال: النصيحة من الحاسد محال. . . (3)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في أبواب الأخوّة، الإيمان و. . .

و مرّ؛ أنّ خير الناس من انتفع به الناس.

28-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

النصح يثمر المحبّة. (الغرر ج 1 ص 23 ف 1 ح 665)

الغشّ يكسب المسبّة. (ح 666)

النصيحة تثمر الودّ. (ص 29 ح 894)

النصيحة من أخلاق الكرام-الغشّ من أخلاق اللئام.

(ص 46 ح 1345 و 1346)

المؤمن غريزته النصح و سجيّته الكظم. (ص 47 ح 1352)

أشفق الناس عليك أعونهم لك على صلاح نفسك و أنصحهم لك في دينك.

(ص 214 ف 8 ح 548)

إنّ أنصح الناس أنصحهم لنفسه و أطوعهم لربّه-إنّ أغشّ الناس أغشّهم لنفسه و أعصاهم لربّه. (ص 229 ف 9 ح 139 و 140)

ص:138


1- -البحار ج 74 ص 336 باب قضاء حاجة المؤمنين ح 114
2- البحار ج 75 ص 66 باب النصيحة للمسلمين ح 7
3- الخصال ج 1 ص 269 باب الخمسة ح 5

خير الإخوان أنصحهم و شرّهم أغشّهم. (ص 391 ف 29 ح 68)

طوبى لمن أطاع ناصحا يهديه و تجنّب غاويا يرديه. (ج 2 ص 465 ف 46 ح 9)

كيف ينصح غيره من يغشّ نفسه. (ص 555 ف 64 ح 27)

كيف ينتفع بالنصيحة من يلتذّ بالفضيحة. (ح 34)

ليكن أحبّ الناس إليك المشفق الناصح. (ص 587 ف 71 ح 73)

من خالف النصح هلك. (ص 614 ف 77 ح 101)

من بصّرك عيبك فقد نصحك. (ص 616 ح 123)

من نصحك فقد أنجدك. (ح 125)

من غشّ نفسه لم ينصح غيره. (ص 628 ح 363)

من استغشّ النصيح استحسن القبيح. (ص 634 ح 449)

من نصح في العمل نصحته المجازاة. (ص 650 ح 685)

من قبل النصيحة سلم من الفضيحة-من عصى نصيحه نصر ضدّه.

(ح 687 و 696)

من استنصح اللّه حاز التوفيق. (ص 658 ح 817)

من أقبل على النصيح أعرض عن القبيح-من استغنى عن النصيح غشيه القبيح. (ص 673 ح 1020 و 1021)

من أعرض عن نصيحة الناصح أحرق بمكيدة الكاشح-من تاجرك بالنصح فقد أجزل لك الربح. (ص 675 ح 1035 و 1037)

من أكبر التوفيق الأخذ بالنصيحة. (ص 727 ف 78 ح 55)

من أحسن النصيحة الإبانة عن القبيحة. (ح 56)

ما أخلص المودّة من لم ينصح. (ص 743 ف 79 ح 128)

مرارة النصح أنفع من حلاوة الغشّ. (ص 761 ف 80 ح 87)

ص:139

مناصحك شفيق عليك، محسن إليك، ناظر في عواقبك، مستدرك فوارطك، ففي طاعته رشادك، و في مخالفته فسادك. (ص 765 ح 128)

لا تنتصح ممّن فاته العقل، و لا تثق بمن خانه الأصل، فإنّ من فاته العقل يغشّ من حيث ينصح، و من خانه الأصل يفسد من حيث يصلح.

(ص 824 ف 85 ح 247)

لا واعظ أبلغ من النصح. (ص 838 ف 86 ح 186)

لا خير في قوم ليسوا بناصحين و لا يحبّون الناصحين. (ص 855 ح 447)

لا ينصح اللئيم أحدا إلاّ عن رغبة أو رهبة، فإذا زالت الرغبة و الرهبة عاد إلى جوهره. (ص 858 ح 474)

ص:140

176- الإنصاف

الأخبار

1-عن أبي حمزة الثمالي عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول في آخر خطبته: طوبى لمن طاب خلقه، و طهرت سجيّته، و صلحت سريرته، و حسنت علانيته، و أنفق الفضل من ماله، و أمسك الفضل من قوله، و أنصف الناس من نفسه. (1)

بيان:

«طاب خلقه» : بضمّ الخاء أي تخلّق بالأخلاق الحسنة، و يحتمل الفتح أيضا.

«طهرت سجيّته» : أي طبيعته من الأخلاق الرذيلة، فعلى الأوّل يكون تأكيدا لما سبق. و في النهاية ج 2 ص 345، و فيه: «أنّه (عليّ عليه السّلام) كان خلقه سجيّة» أي طبيعة من غير تكلّف، و في المصباح، السجيّة: الغريزة، و الجمع سجايا.

«صلحت سريرته» السرّ: ما يكتم كالسريرة، فالمعنى يكون باطنه طاهر و يخلو عن الرذائل. «حسنت علانيته» : أي يكون ظاهر أمره موافقا للآداب الشرعيّة.

في المرآة ج 8 ص 340، «أنصف الناس من نفسه» : أي كان حكما و حاكما

ص:141


1- -الكافي ج 2 ص 116 باب الإنصاف و العدل ح 1

على نفسه فيما كان بينه و بين الناس، و رضي لهم ما رضي لنفسه، و كره لهم ما كره لنفسه، و كأنّ كلمة"من"للتعليل، أي كان إنصافه الناس بسبب نفسه لا بانتصاف حاكم غيره، و في المصباح: أنصفت الرجل إنصافا: عاملته بالعدل و القسط و الاسم النصفة بفتحتين لأنّك أعطيته من الحقّ ما تستحقّه لنفسك انتهى.

أقول: إنّ الإنصاف غير العدل، لكن ينشأ من العدل أي إذا كان المرء عادلا أنصف من نفسه، و يكلّف نفسه على إظهار ما هو الحقّ و العمل به، و لو بالمشقّة الشديدة، إلى أن يصير ذلك عادة له و سيأتي في الأحاديث: أعدل الناس من رضي للناس ما يرضى لنفسه.

و يكون ضدّ الإنصاف العصبيّة في حماية نفسه و سائر ما يتعلّق به و كتمان الحقّ و الانحراف عنه

2-عن معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من يضمن لي أربعة بأربعة أبيات في الجنّة، أنفق و لا تخف فقرا، و أفش السلام في العالم، و اترك المراء و إن كنت محقّا، و أنصف الناس من نفسك. (1)

3-عن جارود أبي المنذر قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: سيّد الأعمال ثلاثة: إنصاف الناس من نفسك حتّى لا ترضى بشيء إلاّ رضيت لهم مثله، و مواساتك الأخ في المال، و ذكر اللّه على كلّ حال، ليس «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر» فقطّ، و لكن إذا ورد عليك شيء أمر اللّه عزّ و جلّ به أخذت به، أو إذا ورد عليك شيء نهى اللّه عزّ و جلّ عنه تركته. (2)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة جدّا، في بعضها: «أشدّ ما فرض اللّه على خلقه»

ص:142


1- -الكافي ج 2 ص 116 ح 2
2- الكافي ج 2 ص 116 ح 3

و في بعضها: «ما ابتلى المؤمن بشيء أشدّ عليه» ، و قد مرّ بعضها في باب الذكر و غيره. (راجع الوسائل و البحار)

بيان: واسى الرجل مواساة أي عاونه و في النهاية ج 1 ص 50(أسا) : المواساة:

المشاركة و المساهمة في المعاش و الرزق، و أصلها الهمزة فقلبت واوا تخفيفا.

4-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال: أمير المؤمنين عليه السّلام في كلام له: ألا إنّه من ينصف الناس من نفسه لم يزده اللّه إلاّ عزّا. (1)

5-عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ثلاثة هم أقرب الخلق إلى اللّه عزّ و جلّ يوم القيامة حتّى يفرغ من الحساب: رجل لم تدعه قدرة في حال غضبه إلى أن يحيف على من تحت يده، و رجل مشى بين اثنين فلم يمل مع أحدهما على الآخر بشعيرة، و رجل قال بالحقّ فيما له و عليه. (2)

6-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من أنصف الناس من نفسه رضي به حكما لغيره. (3)

7-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من واسى الفقير من ماله، و أنصف الناس من نفسه، فذلك المؤمن حقّا. (4)

8-قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّ للّه جنّة لا يدخلها إلاّ ثلاثة: أحدهم من حكم في نفسه بالحقّ. (5)

9-في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: يا بنيّ، اجعل نفسك ميزانا فيما بينك و بين غيرك، فأحبب لغيرك ما تحبّ لنفسك، و اكره له ما تكره لها،

ص:143


1- -الكافي ج 2 ص 116 ح 4
2- الكافي ج 2 ص 116 ح 5
3- الكافي ج 2 ص 118 ح 12
4- الكافي ج 2 ص 118 ح 17
5- الكافي ج 2 ص 119 ح 19

و لا تظلم كما لا تحبّ أن تظلم، و أحسن كما تحبّ أن يحسن إليك، و استقبح من نفسك ما تستقبح من غيرك، و ارض من الناس بما ترضاه لهم من نفسك، و لا تقل ما لا تعلم و إنّ قلّ ما تعلم، و لا تقل ما لا تحبّ أن يقال لك. (1)

10-و قال عليه السّلام: أنصف اللّه و أنصف الناس من نفسك و من خاصّة أهلك و من لك فيه هوى من رعيّتك، فإنّك إن لا تفعل تظلم، و من ظلم عباد اللّه كان اللّه خصمه دون عباده، و من خاصمه اللّه أدحض حجّته، و كان للّه حربا حتّى ينزع و يتوب. (2)

بيان:

«أدحض حجّته» : أي أبطلها. «حتّى ينزع» : أي يقلع عن ظلمه.

11-و قال عليه السّلام في قوله عزّ و جلّ: إِنَّ اَللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ اَلْإِحْسانِ:

العدل: الإنصاف، و الإحسان: التفضّل. (3)

أقول:

في البحار ج 78 ص 165 في وصايا الباقر عليه السّلام: «و لا عدل كالإنصاف» .

12-و قال عليه السّلام: بكثرة الصمت تكون الهيبة، و بالنصفة يكثر المواصلون. . . (4)

13-عن ابن مسعود عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: أنصف الناس من نفسك، و أنصح الامّة و ارحمهم، فإذا كنت كذلك و غضب اللّه على أهل بلدة و أنت فيها، و أراد أن ينزل عليهم العذاب، نظر إليك فرحمهم بك، يقول اللّه تعالى: وَ ما كانَ

ص:144


1- -نهج البلاغة ص 921 في ر 31
2- نهج البلاغة ص 995 في عهده إلى مالك رحمه اللّه في ر 53
3- نهج البلاغة ص 1188 ح 223
4- نهج البلاغة ص 1185 ح 215

رَبُّكَ لِيُهْلِكَ اَلْقُرى بِظُلْمٍ وَ أَهْلُها مُصْلِحُونَ (1). (2)

14-قال أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السّلام (في حديث) : و خافوا اللّه عزّ و جلّ في السرّ، حتّى تعطوا من أنفسكم النصف. (3)

15-عن الصادق عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أعدل الناس من رضي للناس ما يرضى لنفسه، و كره لهم ما يكره لنفسه. (4)

16-في خبر الشاميّ قال أمير المؤمنين عليه السّلام: يا شيخ، ارض للناس ما ترضى لنفسك، و آت إلى الناس ما تحبّ أن يؤتى إليك. (5)

17-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أحبّوا للناس ما تحبّون لأنفسكم. (6)

18-قال الصادق عليه السّلام: ليس من الإنصاف مطالبة الإخوان بالإنصاف. (7)

19-عن الرضا عن آبائه عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: قال رجل للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله: علّمني عملا لا يحال بينه و بين الجنّة، قال: لا تغضب، و لا تسأل الناس شيئا، و ارض للناس ما ترضى لنفسك. (8)

20-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الإنصاف راحة. (الغرر ج 1 ص 5 ف 1 ح 29)

ص:145


1- -هود:117
2- المستدرك ج 11 ص 310 ب 34 من جهاد النفس ح 8
3- المستدرك ج 11 ص 309 ح 5
4- البحار ج 75 ص 25 باب الإنصاف ح 1
5- البحار ج 75 ص 25 ح 2
6- البحار ج 75 ص 25 ح 3
7- البحار ج 75 ص 27 ح 14
8- البحار ج 75 ص 27 ح 15

الإنصاف عنوان النبل. (ص 13 ح 319)

الإنصاف أفضل الفضائل. (ص 28 ح 855)

الإنصاف زين الإمرة. (ص 32 ح 966)

الإنصاف أفضل الشيم. (ص 33 ح 1014)

الإنصاف يستديم المحبّة. (ص 36 ح 1118)

الإنصاف يؤلّف القلوب. (ص 38 ح 1173)

المؤمن ينصف من لا ينصفه. (ص 52 ح 1451)

الإنصاف يرفع الخلاف و يوجب الإئتلاف. (ص 64 ح 1681)

الإنصاف من النفس كالعدل في الإمرة. (ص 84 ح 1972)

ارض للناس ما ترضاه لنفسك تكن مسلما. (ص 113 ف 2 ح 106)

أنصف الناس من نفسك و أهلك و خاصّتك و من لك فيه هوى، و اعدل في العدوّ و الصديق. (ص 120 ح 179)

أنصف من نفسك قبل أن ينتصف منك، فإنّ ذلك أجلّ لقدرك و أجدر برضا ربّك. (ص 128 ح 230)

أعدل السيرة أن تعامل الناس بما تحبّ أن يعاملوك به. [أجور السيرة أن تنتصف من الناس و لا تعاملهم به]. (ص 195 ف 8 ح 348)

أعدل الناس من أنصف من ظلمه-أجور الناس من ظلم من أنصفه.

(ص 196 ح 362 و 363)

أعدل الناس من أنصف عن قوّة، و أعظمهم حلما من حلم عن قدرة.

(ص 201 ح 417)

أنصف الناس من أنصف من نفسه بغير حاكم عليه. (ص 211 ح 520)

إنّ أعظم المثوبة مثوبة الإنصاف. (ص 215 ف 9 ح 12)

إنّ أفضل الإيمان إنصاف المرء من نفسه. (ص 219 ح 63)

ص:146

إنّ من العدل أن تنصف في الحكم، و تجتنب الظلم. (ص 220 ح 65)

إنّ من فضل الرجل أن ينصف من نفسه و يحسن إلى من أساء إليه.

(ص 224 ح 105)

إنّك إن أنصفت من نفسك أزلفك (1)اللّه سبحانه. (ص 287 ف 13 ح 17)

تاج الرجل عفافه، و زينته إنصافه. (ص 348 ف 22 ح 35)

ثلاثة لا ينتصفون من ثلاثة [أبدا]: العاقل من الأحمق، و البرّ من الفاجر، و الكريم من اللئيم. (ص 364 ف 24 ح 17)

زكاة القدرة الإنصاف. (ص 425 ف 37 ح 4)

عامل سائر الناس بالإنصاف، و عامل المؤمنين بالإيثار.

(ج 2 ص 503 ف 55 ح 58)

من عدم إنصافه لم يصحب. (ص 635 ف 77 ح 459)

من منع الإنصاف سلبه الإمكان. (ص 653 ح 735)

من كثر إنصافه تشاهدت النفوس بتعديله. (ص 654 ح 749)

من تحلّى بالإنصاف بلغ مراتب الأشراف-من لم ينصف المظلوم من الظالم عظمت آثامه. (ص 678 ح 1072 و 1077)

مع الإنصاف تدوم الأخوّة. (ص 758 ف 80 ح 24)

نظام الدين خصلتان: إنصافك من نفسك، و مواساة إخوانك.

(ص 777 ف 82 ح 34)

لا ينتصف البرّ من الفاجر-لا ينتصف عالم من جاهل-لا ينتصف الكريم من اللئيم. (ص 844 ف 86 ح 296 و 297 و 299)

لا ينتصف من سفيه قطّ إلاّ بالحلم عنه. (ص 855 ح 442)

ص:147


1- -أزلفه: قربه و أدناه

ص:148

177- النظر

الآيات

1- . . . وَ جَعَلَ لَكُمُ اَلسَّمْعَ وَ اَلْأَبْصارَ وَ اَلْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ . (1)

2- وَ لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ اَلسَّمْعَ وَ اَلْبَصَرَ وَ اَلْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً . (2)

3- قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَ يَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ إِنَّ اَللّهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ - وَ قُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَ يَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ. . . (3)

4- . . . وَ جَعَلَ لَكُمُ اَلسَّمْعَ وَ اَلْأَبْصارَ وَ اَلْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ . (4)

الأخبار

1-عن عقبة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: النظرة سهم من سهام

ص:149


1- -النحل:78
2- الإسراء:36
3- النور:30 و 31
4- السجدة:9 و الملك:23

إبليس مسموم، و كم من نظرة أورثت حسرة طويلة. (1)

2-عن أبي جميلة عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام قالا: ما من أحد إلاّ و هو يصيب حظّا من الزنا، فزنا العينين النظر، وزنا الفم القبلة، وزنا اليدين اللمس، صدّق الفرج ذلك أو كذّب. (2)

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: النظرة سهم من سهام إبليس مسموم، من تركها للّه عزّ و جلّ لا لغيره أعقبه اللّه أمنا و إيمانا يجد طعمه. (3)

4-عن الكاهليّ قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: النظرة بعد النظرة تزرع في القلب الشهوة و كفى بها لصاحبها فتنة. (4)

5-و قال عليه السّلام: أوّل نظرة لك، و الثانية عليك و لا لك، و الثالثة فيها الهلاك. (5)

6-قال الصادق عليه السّلام: من نظر إلى امرأة فرفع بصره إلى السماء أو غمّض بصره، لم يرتدّ إليه بصره حتّى يزوّجه اللّه من الحور العين.

و في خبر آخر: لم يرتدّ إليه طرفه حتّى يعقّبه اللّه إيمانا يجد طعمه. (6)

بيان:

غمّض عينه: أطبق جفنيها.

7-عن محمّد بن سنان عن الرضا عليه السّلام فيما كتبه إليه من جواب مسائله:

و حرّم النظر إلى شعور النساء المحجوبات بالأزواج و إلى غيرهنّ من النساء،

ص:150


1- -الوسائل ج 20 ص 190 ب 104 من مقدّمات النكاح ح 1
2- الوسائل ج 20 ص 191 ح 2
3- الوسائل ج 20 ص 192 ح 5
4- الوسائل ج 20 ص 192 ح 6
5- الوسائل ج 20 ص 193 ح 8
6- الوسائل ج 20 ص 193 ح 9 و 10

لما فيه من تهييج الرجال و ما يدعوا إليه التهييج من الفساد، و الدخول فيما لا يحلّ و لا يجمل، و كذلك ما أشبه الشعور. . . (1)

8-قال عليّ عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : لكم أوّل نظرة إلى المرأة، فلا تتبعوها نظرة اخرى و احذروا الفتنة. (2)

9-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من اطلع في بيت جاره فنظر إلى عورة رجل أو شعر امرأة أو شيء من جسدها، كان حقّا على اللّه أن يدخله النار مع المنافقين الذين كانوا يتّبعون عورات النساء في الدنيا، و لا يخرج من الدنيا حتّى يفضحه اللّه، و يبدي للناس عورته في الآخرة، و من ملأ عينيه من امرأة حراما حشاهما اللّه يوم القيامة بمسامير من نار، و حشاهما نارا حتّى يقضي بين الناس، ثمّ يؤمر به إلى النار. (3)

10-عن هشام و حفص و حمّاد بن عثمان كلّهم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

ما يأمن الذين ينظرون في أدبار النساء أن ينظر بذلك في نسائهم. (4)

أقول:

و ح 4 عنه عليه السّلام: «أما يخشى الذين ينظرون في أدبار النساء أن يبتلوا بذلك في نسائهم؟ !» .

11-استأذن ابن أمّ مكتوم على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و عنده عايشة و حفصة فقال لهما: قوما فادخلا البيت، فقالتا: إنّه أعمى، فقال: إن لم يركما فإنّكما تريانه. (5)

ص:151


1- -الوسائل ج 20 ص 193 ح 12
2- الوسائل ج 20 ص 194 ح 15
3- الوسائل ج 20 ص 194 ح 16
4- الوسائل ج 20 ص 199 ب 108 ح 1
5- الوسائل ج 20 ص 232 ب 129 ح 1

أقول

بمدلوله ح 4، و فيه قال صلّى اللّه عليه و آله (لامّ سلمة و ميمونة) : احتجبا، فقلنا: يا رسول اللّه، أ ليس أعمى لا يبصرنا؟ قال: أ فعميا و ان أنتما؟ أ لستما تبصرانه؟

12-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّ فاطمة قالت له في حديث: خير للنساء أن لا يرين الرجال، و لا يراهنّ الرجال، فقال صلّى اللّه عليه و آله: فاطمة منّي. (1)

أقول:

قد مرّ نظيره في باب النساء.

13-في خبر المناهي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: و نهى أن ينظر الرجل إلى عورة أخيه المسلم. و قال: من تأمّل عورة أخيه المسلم لعنه سبعون ألف ملك. . .

و قال صلّى اللّه عليه و آله: من ملأ عينه من حرام ملأ اللّه عينه يوم القيامة من النار إلاّ أن يتوب و يرجع. (2)

14-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : ليس في البدن شيء أقلّ شكرا من العين، فلا تعطوها سؤلها فتشغلكم عن ذكر اللّه عزّ و جلّ. (3)

أقول:

قد مرّ في باب الذكر عنه عليه السّلام: «كلّ نظر ليس فيه اعتبار فهو سهو» .

15-عن موسى بن جعفر عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: استأذن أعمى على فاطمة عليها السّلام فحجبته، فقال لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لم حجبته و هو لا يراك؟ فقالت عليها السّلام: إن لم يكن يراني فأنا أراه و هو يشمّ الريح. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أشهد أنّك بضعة منّي. (4)

ص:152


1- -الوسائل ج 20 ص 232 ح 3
2- البحار ج 104 ص 32 باب من يحلّ النظر إليه و من لا يحلّ ح 2
3- البحار ج 104 ص 35 ح 20
4- البحار ج 104 ص 38 ح 36

16-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من أطلق ناظره أتعب حاضره، من تتابعت لحظاته دامت حسراته. (1)

17-عن صفوان بن يحيى عن أبي الحسن عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ:

يا أَبَتِ اِسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اِسْتَأْجَرْتَ اَلْقَوِيُّ اَلْأَمِينُ (2)قال: قال لها شعيب:

يا بنيّة، هذا قويّ قد عرفته بدفع الصخرة، الأمين من أين عرفته؟ قالت: يا أبت، إنّي مشيت قدّامه فقال: امشي من خلفي فإن ضللت فأرشديني إلى الطريق، فإنّا قوم لا ننظر في أدبار النساء. (3)

18-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: النظر إلى العالم عبادة، و النظر إلى الإمام المقسط عبادة، و النظر إلى الوالدين برأفة و رحمة عبادة، و النظر إلى الأخ تودّه في اللّه عزّ و جلّ عبادة. (4)

أقول:

ورد في أخبار كثيرة: «النظر إلى عليّ بن أبي طالب عليه السّلام عبادة» روتها الخاصّة و العامّة. (راجع البحار ج 74 ص 73-و ج 92 ص 199-و ج 99 ص 60)

19-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: النظر في ثلاثة أشياء عبادة: النظر في وجه الوالدين، و في المصحف، و في البحر. (5)

20-في حديث النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: . . . و إيّاكم و فضول النظر فإنّه يبذر الهوى، و يولّد الغفلة. . . (6)

ص:153


1- -البحار ج 104 ص 38 ح 33
2- القصص:26
3- البحار ج 13 ص 32 باب أحوال موسى ح 5
4- البحار ج 74 ص 73 باب برّ الوالدين ح 59
5- البحار ج 10 ص 368
6- البحار ج 72 ص 199

21-في خطبة الوسيلة عن أمير المؤمنين عليه السّلام: و عمي البصر خير من كثير من النظر. (1)

و قال عليه السّلام: من أطلق طرفه كثر أسفه. (2)

22-في وصيّة الصادق عليه السّلام لابن جندب قال: إنّ عيسى بن مريم عليه السّلام قال لأصحابه: . . . إيّاكم و النظرة، فإنّها تزرع في القلب الشهوة، و كفى بها لصاحبها فتنة، طوبى لمن جعل بصره في قلبه و لم يجعل بصره في عينه. . . (3)

23-روي أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام كان جالسا في أصحابه، فمرّت بهم امرأة جميلة، فرمقها القوم بأبصارهم، فقال عليه السّلام: إنّ أبصار هذه الفحول طوامح، و إنّ ذلك سبب هبابها، فإذا نظر أحدكم إلى امرأة تعجبه فليلامس أهله، فإنّما هي امرأة كامرأة. . . (4)

أقول:

و قال عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : إذا رأى أحدكم امرأة تعجبه فليأت أهله فإنّ عند أهله مثل ما رأى، و لا يجعلنّ للشيطان إلى قلبه سبيلا و ليصرف بصره عنها، فإن لم تكن له زوجة فليصلّ ركعتين، و يحمد اللّه كثيرا و يصلّي على النبيّ و آله، ثمّ ليسأل اللّه من فضله فإنّه يبيح له برأفته ما يغنيه. (الخصال ج 2 ص 637)

بيان: «رمقها» : أطال النظر إليها «طوامح» طمح بصره إلى الشيء: ارتفع، و طمح ببصره نحو الشيء: استشرف له «هبابها» المراد هيجان الفحول لملامسة الأنثى، يقال: هبّت الرياح: هاجت و تحرّكت.

ص:154


1- -البحار ج 77 ص 286- الغرر ج 2 ص 499 ف 55 ح 22
2- البحار ج 77 ص 288- الغرر ج 2 ص 625 ف 77 ح 304
3- البحار ج 78 ص 284
4- نهج البلاغة ص 1283 ح 412

24-من نظر إلى غلام أمرد بشهوة كأنّما قتل عليّا عليه السّلام ستّين مرّة. (1)

25-قال الصادق عليه السّلام: ما اغتنم (ما اعتصم ف ن) أحد بمثل ما اغتنم (ما اعتصم ف ن) بغضّ البصر، لأنّ البصر لا يغضّ عن محارم اللّه إلاّ و قد سبق إلى قلبه مشاهدة العظمة و الجلال.

سئل أمير المؤمنين عليه السّلام: بما ذا يستعان على غضّ البصر؟ فقال: بالخمود تحت سلطان المطّلع على سرّك. و العين جاسوس القلب و بريد العقل، فغضّ بصرك عمّا لا يليق بدينك و يكرهه قلبك و ينكره عقلك.

قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: غضّوا أبصاركم ترون العجائب. قال اللّه تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَ يَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ .

و قال عيسى بن مريم عليهما السّلام للحواريّين: «إيّاكم و النظر إلى المحذورات فإنّها بذر الشهوات و نبات الفسق» . قال يحيى بن زكريّا عليه السّلام: «الموت أحبّ إليّ من نظرة بغير واجب» .

و قال عبد اللّه بن مسعود رحمه اللّه لرجل نظر إلى امرأة قد عادها في مرضها:

«لو ذهبت عيناك لكان خيرا من عيادة مريضك» و لا تتوفّى عين نصيبها من نظر إلى محذور إلاّ و قد انعقد عقدة على قلبه من المنية، و لا تنحلّ إلاّ باحدى الحالين:

إمّا ببكاء الحسرة و الندامة بتوبة صادقة، و إما بأخذ نصيبه ممّا تمنّى و نظر إليه، فآخذ الحظّ من غير توبة مصيره إلى النار، و أمّا التائب الباكي بالحسرة و الندامة عن ذلك فمأويه الجنّة و منقلبه الرضوان. (2)

أقول:

قد مرّ في باب البكاء ف 1: كلّ عين باكية يوم القيامة إلاّ ثلاثة: عين غضّت

ص:155


1- -مجموعة الأخبار ص 104 ب 63
2- مصباح الشريعة ص 28 ب 42

عن محارم اللّه. . .

26-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: أربعة تفسد الصوم و أعمال الخير: الغيبة و الكذب و النميمة و النظر إلى الأجنبي. (1)

27-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

العين رائد القلب. (الغرر ج 1 ص 16 ف 1 ح 420)

العين بريد القلب. (ح 422)

العيون طلائع (2)القلوب. (ص 18 ح 459)

الحياء غضّ الطرف. (ص 19 ح 517)

العيون مصائد الشيطان. (ص 32 ح 993)

اللحظ رائد الفتن. (ص 35 ح 1089)

إذا أبصرت العين الشهوة عمي القلب عن العاقبة. (ص 315 ف 17 ح 89)

ذهاب النظر خير من النظر إلى ما يوجب الفتنة. (ص 405 ف 32 ح 23)

ربّ صبابة (3)غرست من لحظة. (ص 416 ف 35 ح 49)

كم من صبابة اكتسبت من لحظة-كم من نظرة جلبت حسرة.

(ج 2 ص 550 ف 63 ح 19 و 21)

من غضّ طرفه أراح قلبه-من أطلق طرفه جلب حتفه-من غضّ طرفه قلّ أسفه و أمن تلفه. (ص 715 ف 77 ح 1459 و 1461 و 1462)

نعم الورع غضّ الطرف. (ص 772 ف 81 ح 35)

نعم صارف الشهوات غضّ الأبصار. (ح 44)

ص:156


1- -الاثنى عشرية ص 157 ب 4 ف 2
2- الطليعة ج طلائع: من يبعث قدّام الجيش ليطّلع على أحوال العدوّ
3- الصبابة: لوعة العشق و حرارته

178- انتظار الفرج

الآيات

1- . . . فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ اَلْمُنْتَظِرِينَ . (1)

2- . . . فَقُلْ إِنَّمَا اَلْغَيْبُ لِلّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ اَلْمُنْتَظِرِينَ . (2)

3- فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلاّ مِثْلَ أَيّامِ اَلَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ اَلْمُنْتَظِرِينَ . (3)

4- . . . وَ اِرْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ . (4)

الأخبار

1-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أفضل العبادة انتظار الفرج. (5)

ص:157


1- -الأعراف:71
2- يونس:20
3- يونس:102
4- هود:93
5- كمال الدين ج 1 ص 404 ب 26 ح 6

2-عن أبي خالد الكابليّ عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام. . . قال: ثمّ تمتدّ الغيبة بوليّ اللّه الثاني عشر من أوصياء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و الأئمّة بعده عليهم السّلام.

يا أبا خالد، إنّ أهل زمان غيبته القائلين بإمامته و المنتظرين لظهوره أفضل من أهل كلّ زمان، لأنّ اللّه تبارك و تعالى أعطاهم من العقول و الأفهام و المعرفة ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة، و جعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالسيف، اولئك المخلصون حقّا و شيعتنا صدقا، و الدعاة إلى دين اللّه عزّ و جلّ سرّا و جهرا.

. . . و قال عليه السّلام: انتظار الفرج من أفضل العمل (من أعظم الفرج ف ن) . (1)

3-عن المفضّل بن عمر عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أقرب ما يكون العباد من اللّه عزّ و جلّ، و أرضى ما يكون عنهم إذا افتقدوا حجّة اللّه عزّ و جلّ، فلم يظهر لهم و لم يعلموا بمكانه، و هم في ذلك يعلمون أنّه لم تبطل حجج اللّه عنهم و بيّناته، فعندها فتوقّعوا الفرج صباحا و مساءا، و إنّ أشدّ ما يكون غضب اللّه تعالى على أعدائه إذا افتقدوا حجّة اللّه فلم يظهر لهم، و قد علم أنّ أوليائه لا يرتابون، و لو علم أنّهم يرتابون لما غيّب عنهم حجّة اللّه طرفة عين، و لا يكون ذلك إلاّ على رأس شرار الناس. (2)

بيان:

«على رأس. . .» : أي لا يكون إلاّ في زمن كان رئيسهم و من يكون رأس أمورهم من شرار الناس.

4-عن المفضّل بن عمر قال: سمعت الصادق عليه السّلام يقول: من مات منتظرا لهذا الأمر كان كمن كان مع القائم في فسطاطه، لا بل كان كالضارب بين يدي

ص:158


1- -كمال الدين ج 1 ص 437 ب 31 ح 2
2- كمال الدين ج 2 ص 7 ب 34 ح 10

رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالسيف. (1)

5-قال محمّد بن عليّ الجواد عليه السّلام لعبد العظيم: . . . و إنّ اللّه تبارك و تعالى ليصلح له أمره في ليلة، كما أصلح أمر كليمه موسى عليه السّلام إذ ذهب يقتبس لأهله نارا فرجع و هو رسول نبيّ.

ثمّ قال عليه السّلام: أفضل أعمال شيعتنا انتظار الفرج. (2)

6-في حديث الحسن العسكريّ عليه السّلام لأحمد بن إسحق: . . . و اللّه ليغيبنّ غيبة لا ينجو فيها من الهلكة إلاّ من ثبّته اللّه عزّ و جلّ على القول بإمامته، و وفّقه فيها للدعاء بتعجيل فرجه. . . (3)

7-عن أبي الحسن الرضا عن آبائه عليهم السّلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: أفضل أعمال امّتي انتظار الفرج من اللّه عزّ و جلّ. (4)

8-عن البزنطي عن الرضا عليه السّلام قال: ما أحسن الصبر و انتظار الفرج، أما سمعت قول اللّه عزّ و جلّ: وَ اِرْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ اَلْمُنْتَظِرِينَ فعليكم بالصبر، فإنّه إنّما يجيء الفرج على اليأس، و قد كان الذين من قبلكم أصبر منكم. (5)

9-عن أبي بصير و محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام قال: المنتظر لأمرنا كالمتشحّط بدمه في سبيل اللّه. (6)

ص:159


1- -كمال الدين ج 2 ص 7 ح 11
2- كمال الدين ج 2 ص 49 ب 36 ح 1
3- كمال الدين ج 2 ص 55 ب 38 ح 1
4- كمال الدين ج 2 ص 357 ب 59 ح 3
5- كمال الدين ج 2 ص 358 ح 5
6- كمال الدين ج 2 ص 358 ح 6

بيان:

في مجمع البحرين، «المتشحّط» : أي المقتول المضطرب المتمرّغ بدمه في سبيل اللّه، من قولهم: «يتشحّط بدمه» أي يتخبّط فيه و يضطرب و يتمرّغ.

10-في توقيع صاحب الزمان عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف: و أمّا وجه الانتفاع بي في غيبتي فكالانتفاع بالشمس إذا غيّبتها عن الأبصار السحاب، و إنّي لأمان لأهل الأرض كما أنّ النجوم أمان لأهل السماء، فأغلقوا باب السؤال عمّا لا يعنيكم، و لا تكلّفوا علم ما قد كفيتم، و أكثروا الدعاء بتعجيل الفرج، فإنّ ذلك فرجكم، و السلام عليك يا إسحق بن يعقوب و على من اتّبع الهدى. (1)

11-في خبر الأعمش قال الصادق عليه السّلام: من دين الأئمّة الورع و العفّة و الصلاح. . . و انتظار الفرج بالصبر. (2)

12-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : انتظروا الفرج و لا تيأسوا من روح اللّه، فإنّ أحبّ الأعمال إلى اللّه عزّ و جلّ؛ انتظار الفرج.

. . . و قال عليه السّلام: الآخذ بأمرنا معنا غدا في حظيرة القدس، و المنتظر لأمرنا كالمتشحّط بدمه في سبيل اللّه. (3)

13-عن محمّد بن الفضيل عن الرضا عليه السّلام قال: سألته عن شيء من الفرج، فقال: أ ليس انتظار الفرج من الفرج؟ إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول:

فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ اَلْمُنْتَظِرِينَ (4). (5)

14-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام قال: أفضل عبادة

ص:160


1- -كمال الدين ج 2 ص 162 ب 49 ح 4
2- البحار ج 52 ص 122 باب فضل انتظار الفرج ح 1
3- البحار ج 52 ص 123 ح 7
4- الأعراف:71 و يونس:20 و 102
5- البحار ج 52 ص 128 ح 22

المؤمن انتظار فرج اللّه. (1)

15-عن الفضل بن أبي قرّة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: أوحى اللّه إلى إبراهيم أنّه سيولد لك، فقال لسارة، فقالت: أَ أَلِدُ وَ أَنَا عَجُوزٌ (2)فأوحى اللّه إليه: أنّها ستلد و يعذّب أولادها أربعمائة سنّة بردّها الكلام عليّ، قال: فلمّا طال على بني إسرائيل العذاب ضجّوا و بكوا إلى اللّه أربعين صباحا، فأوحى اللّه إلى موسى و هارون أن يخلّصهم من فرعون، فحطّ عنهم سبعين و مائة سنة.

قال: فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: هكذا أنتم لو فعلتم لفرّج اللّه عنّا، فأمّا إذا لم تكونوا فإنّ الأمر ينتهي إلى منتهاه. (3)

16-عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: جعلت فداك متى الفرج؟ فقال: يا أبا بصير، أنت ممّن يريد الدنيا؟ من عرف هذا الأمر فقد فرج عنه بانتظاره. (4)

17-في مواعظ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أفضل جهاد أمّتي انتظار الفرج. (5)

18-في حكم موسى بن جعفر عليه السّلام: . . . و أفضل العبادة بعد المعرفة انتظار الفرج. . . (6)

19-في توقيع الحسن العسكريّ عليه السّلام لابن بابويه رحمه اللّه: . . . و عليك بالصبر و انتظار الفرج، فإنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: أفضل أعمال أمّتي انتظار الفرج، و لا تزال

ص:161


1- -البحار ج 52 ص 131 ح 33
2- هود:72
3- البحار ج 52 ص 131 ح 34( تفسير العياشي ج 2 ص 154)
4- البحار ج 52 ص 142 ح 54
5- تحف العقول ص 33
6- تحف العقول ص 297

شيعتنا في حزن حتّى يظهر ولدي. . . (1)

20-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

أوّل العبادة انتظار الفرج بالصبر. (الغرر ج 1 ص 44 ف 1 ح 1304)

أقول:

ذكرنا أهمّ الأخبار في الباب، و لاحظ كتاب «مكيال المكارم» فإنّه من أحسن الكتب في هذا الفنّ.

ص:162


1- -منتخب الأثر ص 234 ف 2 ب 21 ح 2

179- النفاق

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ثلاث من كنّ فيه كان منافقا و إن صام و صلّى و زعم أنّه مسلم: من إذا ائتمن خان، و إذا حدّث كذب، و إذا وعد أخلف. . . (1)

بيان:

في مجمع البحرين، «المنافق» : هو الذي يخفى الكفر و يظهر غيره، من النفق و هو السرب في الأرض أي يستتر بالإسلام كما يستتر في السرب (الحفرة) و قيل:

من نافق اليربوع (موش صحرائى) إذا دخل نافقائه، فإذا طلب من النافقاء خرج من القاصعاء و هما حجرتا اليربوع. . . و النفاق بالكسر: فعل المنافق.

و في جامع السعادات ج 2 ص 423، النفاق: هو مخالفة السرّ و العلن، سواء كان في الإيمان أو في الطاعات أو في المعاشرات مع الناس، و سواء قصد به طلب الجاه و المال أم لا. . .

أقول: اعلم أنّه كما يطلق المؤمن و المسلم على معان، فكذلك يطلق المنافق على معان: منها؛ أن يظهر الإسلام و يبطن الكفر، و هو المعنى المشهور و الآيات في ذمّهم

ص:163


1- -الكافي ج 2 ص 221 باب أصول الكفر و أركانه ح 8

كثيرة و يكون عذابهم أشدّ من الكفّار، و ليس مرادنا في الباب هذا المعنى، و لا يخفى أنّ أكثر الآيات الواردة في ذمّ المنافقين يكون بهذا المعنى، و لذا لم نذكر الآيات، و ورد في نهج البلاغة (ص 620 خ 185) خطبة في ذمّهم.

و قد يطلق المنافق على من يدّعي الإيمان و لم يعمل بمقتضاه و لم يتّصف بالصفات التي ينبغي أن يكون المؤمن عليها و يكون باطنه مخالفا لظاهره، مقابل المؤمن الكامل، و هذا هو مرادنا في الباب، و بهذا المعنى ورد أكثر الأخبار في ذمّ النفاق و المنافق.

و منها؛ أن يظهر الحبّ و يكون في الباطن عدوّا، أو يظهر الصلاح و يكون في الباطن فاسقا، و قد ذكر هذا المعنى العلاّمة المجلسيّ رحمه اللّه في البحار ج 72 ص 109 و لعلّه داخل في المعنى الثاني.

2-عن أبي حمزة عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: قال: إنّ المنافق ينهى و لا ينتهي، و يأمر بما لا يأتي، و إذا قام إلى الصلاة اعترض-قلت: يا بن رسول اللّه، و ما الاعتراض؟ قال: الالتفات-و إذا ركع ربض، يمسي و همّه العشاء و هو مفطر، و يصبح و همّه النوم و لم يسهر، إن حدّثك كذبك، و إن ائتمنته خانك، و إن غبت اغتابك، و إن وعدك أخلفك. (1)

أقول:

ح 4 مثله، و زاد فيه: إذا ركع ربض، و إذا سجد نقر، و إذا جلس شغر.

و رواه ابن شعبة رحمه اللّه في تحف العقول ص 202 عنه عليه السّلام، و ذكر عليه السّلام بعده أوصاف المؤمن.

بيان: «ربض» : الربض للدابّة مثل بروك الإبل (شتر زانو بزمين زد كه بخوابد) أي ركع كربض الدابّة، و في المرآة ج 11 ص 172: هنا إمّا كناية عن إدلاء رأسه و عدم

ص:164


1- -الكافي ج 2 ص 291 باب صفة النفاق ح 3

استواء ظهره، أو عن أنّه يسقط نفسه على الأرض قبل أن يرفع رأسه من الركوع كاسقاط الغنم نفسه عند ربوضه. «إذا سجد نقر» : أي نقر كنقر الغراب يريد تخفيف السجود و أنّه لا يمكث فيه إلاّ قدر وضع الغراب منقاره فيما يريد أكله.

«شغر» : أي أقعى كإقعاء الكلب، أي رفع رجليه كما يرفع الكلب إحدى رجليه ليبول، و في بعض النسخ: "شفّر"من التشفير بمعنى النقص. «العشاء» : الطعام الذي يتعشّى به.

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما زاد خشوع الجسد على ما في القلب فهو عندنا نفاق. (1)

4-عن عبد اللّه بن مسعود عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: أربع من كنّ فيه فهو منافق و إن كانت فيه واحدة منهنّ كانت فيه خصلة من النفاق حتّى يدعها:

من إذا حدّث كذب، و إذا وعد أخلف، و إذا عاهد غدر، و إذا خاصم فجر. (2)

5-عن عباد بن صهيب قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: لا يجمع اللّه لمنافق و لا فاسق حسن السمت، و الفقه، و حسن الخلق أبدا. (3)

بيان:

«حسن السمت» : هيئة أهل الخير، من السكينة و الوقار و حسن السيرة و استقامة المنظر و الهيبة.

6-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و إنّ لسان المؤمن من وراء قلبه، و إنّ قلب المنافق من وراء لسانه. . . (4)

ص:165


1- -الكافي ج 2 ص 291 ح 6
2- الخصال ج 1 ص 254 باب الأربعة ح 129
3- الخصال ج 1 ص 127 باب الثلاثة ح 126
4- نهج البلاغة ص 570 في خ 175

أقول:

لاحظ تمام الخبر في باب الصمت.

7-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ لا أتخوّف على أمّتي مؤمنا و لا مشركا، فأمّا المؤمن فيحجزه إيمانه، و أمّا المشرك فيقمعه كفره، و لكن أتخوّف عليكم منافقا عليم اللسان، يقول ما تعرفون و يعمل ما تنكرون. (1)

بيان:

«المشرك» : في نزهة الناظر ص 12 بدلها في موضعين"الكافر".

8-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

خلّتان لا تجتمعان في منافق: فقه في الإسلام و حسن سمت في الوجه. (2)

9-قال الصادق عليه السّلام: أربع من علامات النفاق: قساوة القلب، و جمود العين، و الإصرار على الذنب، و الحرص على الدنيا. (3)

10-عن جعفر عن أبيه عليهم السّلام أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: . . . و للمنافق ثلاث علامات: إذا حدّث كذب، و إذا وعد أخلف، و إذ ائتمن خان. (4)

11-عن حمّاد بن عيسى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال لقمان لابنه: يا بنيّ، لكلّ شيء علامة يعرف بها و يشهد عليها. . . و للمنافق ثلاث علامات: يخالف لسانه قلبه، و قلبه فعله، و علانيته سريرته. . . (5)

12-في جوامع كلم أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ المؤمن إذا نظر اعتبر. . .

و المنافق إذا نظر لها، و إذا سكت سها، و إذا تكلّم لغا، و إذا استغنى طغا، و إذا

ص:166


1- -البحار ج 2 ص 110 ب 15 من العلم ح 20
2- البحار ج 72 ص 176 باب النفاق ح 2
3- البحار ج 72 ص 176 ح 4
4- البحار ج 72 ص 205 باب شرار الناس و صفات المنافق ح 6
5- البحار ج 72 ص 206 ح 7

أصابته شدّة ضغا، فهو قريب السخط بعيد الرضى، يسخط على اللّه اليسير، و لا يرضيه الكثير، ينوي كثيرا من الشرّ و يعمل بطائفة منه، و يتلهّف على ما فاته من الشرّ كيف لم يعمل به. (1)

بيان:

«لها» : أي لعب. «سها» : غفل و نسي و ذهب قلبه إلى غيره. «لغا» : أي خطأ و تكلّم من غير تفكّر و رويّة. «ضغا» : أي تذلّل و ضعف. «يتلهّف. . .» : أي حزن عليه و تحسّر.

13-عن أبي الحسن عليه السّلام قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما أنزل اللّه سبحانه و تعالى آية في المنافقين إلاّ و هي فيمن ينتحل التشيّع. (2)

14-عن ابن أبي يعفور قال: سمعت الصادق عليه السّلام يقول: قال أبو جعفر عليه السّلام:

من كان ظاهره أرجح من باطنه خفّ ميزانه. (3)

15-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ارفعوا أصواتكم بالصلاة عليّ فإنّها تذهب بالنفاق. (4)

16-و بهذا الإسناد قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الصلاة عليّ و على أهل بيتي تذهب بالنفاق. (5)

17-عن سلمان و أبو ذرّ رحمه اللّه عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال: من كان ظاهره في ولايتي أكثر من باطنه خفّت موازينه. . . (6)

ص:167


1- -البحار ج 78 ص 50
2- البحار ج 68 ص 166 باب صفات الشيعة ح 20
3- الوسائل ج 1 ص 68 ب 11 من مقدّمة العبادات ح 15
4- الوسائل ج 7 ص 192 ب 34 من الذكر ح 2
5- الوسائل ج 7 ص 193 ح 3
6- مشارق الأنوار ص 160

18-في حديث النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لشمعون: و أمّا علامة المنافق فأربعة: فاجر دخله، يخالف لسانه قلبه، و قوله فعله، و سريرته علانيته، فويل للمنافق من النار. (1)

19-قال الصادق عليه السّلام: المنافق قد رضي ببعده عن رحمة اللّه تعالى، لأنّه يأتي بأعماله الظاهرة شبيها بالشريعة، و هو لاه و لاغ و باغ بالقلب عن حقّها مستهزئ فيها، و علامة النفاق قلّة المبالات بالكذب و الخيانة و الوقاحة، و الدعوى بلا معنى، و استخانة العين، و السفه، و الغلظ، و قلّة الحياء، و استصغار المعاصي، و استيضاع أرباب الدين، و استخفاف المصائب في الدين، و الكبر و حبّ المدح، و الحسد، و إيثار الدنيا على الآخرة، و الشرّ على الخير، و الحثّ على النميمة، و حبّ اللهو، و معونة أهل الفسق و البغي، و التخلّف عن الخيرات، و تنقّص أهلها، و استحسان ما يفعله من سوء، و استقباح ما يفعله غيره من حسن، و أمثال ذلك كثيرة. . .

و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: المنافق من إذا وعد أخلف، و إذا فعل أساء، و إذا قال كذب، و إذا ائتمن خان، و إذا رزق طاش، و إذا منع عاش

و قال صلّى اللّه عليه و آله أيضا: من خالفت سريرته علانيته فهو منافق، كائنا من كان، و حيث كان، و في أيّ زمن كان، و على أيّ رتبة كان. (2)

بيان:

«الوقاحة» : قلّة الحياء.

«استخانة العين» : في مجمع البحرين، سخنة العين: نقيض قرّتها، و أسخن اللّه عينه:

أبكاه.

ص:168


1- -تحف العقول ص 23
2- مصباح الشريعة ص 25 ب 37

أقول: قد مرّ في باب الحياء: «أنّ الفحش و البذاء و السلاطة من النفاق» .

20-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

النفاق أخو الشرك. (الغرر ج 1 ص 27 ف 1 ح 787)

النفاق توأم الكفر. (ح 789)

النفاق يفسد الإيمان. (ح 791)

الغيبة آية المنافق. (ص 31 ح 949)

النفاق مبنيّ على المين (1). (ص 39 ح 1200)

الكذب يؤدّي إلى النفاق. (ص 40 ح 1225)

الإيمان بريء من النفاق. (ص 43 ح 1291)

المنافق مكوّر مضرّ مرتاب. (ص 46 ح 1335)

النفاق من أثافيّ الذلّ. (ص 53 ح 1477)

المنافق لسانه يسرّ و قلبه يضرّ. (ص 60 ح 1612)

المنافق قوله جميل و فعله الداء الدخيل (2). (ح 1614)

الحكمة لا تحلّ قلب المنافق إلاّ و هي على ارتحال. (ص 82 ح 1944)

المنافق لنفسه مداهن و على الناس طاعن. (ص 88 ح 2029)

المنافق مريب. (ص 10 ح 201)

الخيانة رأس النفاق. (ص 33 ح 1012)

المنافق وقح غبيّ (3)متملّق شقيّ. (ص 76 ح 1876)

أظهر الناس نفاقا من أمر بالطاعة و لم يعمل بها، و نهى عن المعصية و لم ينته عنها. (ص 198 ف 8 ح 390)

ص:169


1- -أي الكذب
2- أي داخل في أعماق البدن
3- أي الجاهل و القليل الفطنة

أشدّ الناس نفاقا من أمر بالطاعة و لم يعمل بها، و نهى عن المعصية و لم ينته عنها. (ص 207 ح 482)

إنّي أخاف عليكم كلّ عليم اللسان منافق الجنان، يقول ما تعلمون و يفعل ما تنكرون. (ص 284 ف 12 ح 12)

بالكذب يتزيّن أهل النفاق. (ص 331 ف 18 ح 43)

تجنّبوا البخل و النفاق فهما من أذمّ الأخلاق. (ص 353 ف 22 ح 78)

علم المنافق في لسانه-علم المؤمن في عمله. (ج 2 ص 498 ف 55 ح 3 و 4)

كثرة الوفاق نفاق-كثرة الخلاف شقاق. (ص 561 ف 66 ح 4 و 5)

نفاق المرء من ذلّ يجده في نفسه. (ص 777 ف 82 ح 39)

ورع المنافق لا يظهر إلاّ في لسانه. (ص 786 ف 83 ح 71)

ص:170

180- النميمة و السعاية

الآيات

1- . . . وَ مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها. . . (1)

2- وَ لا تُطِعْ كُلَّ حَلاّفٍ مَهِينٍ - هَمّازٍ مَشّاءٍ بِنَمِيمٍ - مَنّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ - عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ . (2)

أقول:

الزنيم: هو ولد الزنا، قال الشهيد رحمه اللّه في كشف الريبة ص 83 و النراقي رحمه اللّه في جامع السعادات ج 2 ص 284: يستفاد من الآية؛ أنّ كلّ من يمشي بالنميمة فهو ولد الزنا.

3- وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ . (3)

الأخبار

1-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

أ لا أنبّئكم بشراركم؟ قالوا: بلى يا رسول اللّه، قال: المشّاؤون بالنميمة، المفرّقون

ص:171


1- -النساء:85
2- القلم:10 إلى 13
3- الهمزة:1

بين الأحبّة، الباغون للبراء المعايب. (1)

بيان:

«المشّاؤون» : مشى يمشي فهو ماش و يكنّى بالمشي عن النميمة و رجل مشّاء بالتشديد للمبالغة و التكثير. «الباغون» البغي: الطلب «البراء» ككرام و كفقهاء جمع البريء و هو ضدّ المذنب و المتّهم.

في النهاية ج 5 ص 120، «النميمة» : هي نقل الحديث من قوم إلى قوم، على جهة الإفساد و الشرّ. . .

و في المصباح: نمّ الرجل الحديث نمّا: سعى به ليوقع فتنة أو وحشة. . . و الاسم النميمة و النميم أيضا.

و في المفردات، النمّ: إظهار الحديث بالوشاية، و النميمة: الوشاية. . . و أصل النميمة:

الهمس و الحركة الخفيفة، و منه"أسكت اللّه نامّته"أي ما ينمّ عليه من حركته.

و في أقرب الموارد ج 2 ص 1348، نمّ الحديث: أظهره بالوشاية و رفعه على وجه الإشاعة و الإفساد.

أقول: إنّ النمينة تطلق في الأكثر على من ينمّ قول الغير إلى المقول فيه، كأن يقال:

فلان تكلّم فيك بكذا و كذا، و ليست مخصوصة بالقول، بل تطلق النميمة على ما هو أعمّ منه، بل على كشف ما يكره كشفه، سواء كان الكشف بالقول أو بالكتابة أو بالرمز و الإيماء، و سواء كان المنقول من الأعمال أو من الأقوال، و حينئذ فكلّ ما يرى من أحوال الناس و لم يرضوا بإفشائه، فإذاعته نميمة.

ثمّ الباعث على النميمة يكون غالبا إرادة السوء بالمحكيّ عنه، أو إظهار الحبّ للمحكيّ له، أو التفريح بالحديث، أو الخوض في الفضول، أو إفساد بين الناس أو

ص:172


1- -الكافي ج 2 ص 274 باب النميمة ح 1-و بمدلوله ح 3، و روى الصدوق رحمه اللّه نظيره في الخصال ج 1 ص 182 باب الثلاثة في ح 249

غيره، و ألحق الشهيد رحمه اللّه النميمة بالغيبة.

و يلزم على من تحمل إليه النميمة ستّة أمور:

الأوّل؛ أن لا يصدّقه، لأنّ النّمام فاسق و الفاسق مردود الشهادة، قال اللّه تعالى:

إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا. . .

الثاني؛ أن ينهاه عن ذلك و ينصحه و يقبّح له فعله.

الثالث؛ أن يبغضه في اللّه، لكونه مبغوضا عنده تعالى.

الرابع؛ أن لا يظنّ بأخيه السوء بمجرّد قوله، لقوله تعالى: اِجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ اَلظَّنِّ .

الخامس؛ أن لا يحمل عمله على التجسّس و البحث لتحقيق ما حكي له، لقوله تعالى: وَ لا تَجَسَّسُوا .

السادس؛ أن لا يرضى لنفسه ما نهى عنه النمّام، فلا يحكى نميمته، فيقول: فلان قد حكى كذا و كذا، فيكون به نمّاما و مغتابا.

و من عرف حقيقة النميمة يعلم أنّ النمّام شرّ الناس و أخبثهم، كيف و هو لا ينفكّ من الكذب، و الغيبة، و الغدر، و الخيانة، و الغلّ، و الحسد، و النفاق، و الإفساد بين الناس، و الخديعة، و السعي في قطع ما أمر اللّه به أن يوصل، و غير ذلك.

(راجع جامع السعادات ج 2 ص 287 و كشف الريبة ص 83)

2-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: محرّمة الجنّة على القتّاتين المشّائين بالنميمة. (1)

بيان:

«القتّاتين» : في النهاية ج 4 ص 11، فيه: «لا يدخل الجنّة قتّات» هو النمّام. يقال:

قتّ الحديث يقتّه إذا زوّره و هيّأه و سوّاه. و قيل: النمّام: الذي يكون مع القوم يتحدّثون فينمّ عليهم. و القتّات: الذي يتسمّع على القوم و هم لا يعلمون ثمّ ينمّ.

ص:173


1- -الكافي ج 2 ص 274 ح 2

و القسّاس: الذي يسأل عن الأخبار ثمّ ينمّها.

3-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه قال: يا أبا ذرّ، لا يدخل الجنّة القتّات، قلت: يا رسول اللّه، ما القتّات؟ قال: النمّام.

يا أبا ذرّ، صاحب النميمة لا يستريح من عذاب اللّه في الآخرة.

يا أبا ذرّ، من كان ذا وجهين و لسانين في الدنيا فهو ذو وجهين في النار.

يا أبا ذرّ، المجالس بالأمانة و إفشاؤك سرّ أخيك خيانة فاجتنب ذلك و اجتنب مجلس العثرة. (1)

4-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في خطبة له: و من مشى في نميمة بين اثنين سلّط اللّه عليه في قبره نارا تحرقه إلى يوم القيامة، و إذا خرج من قبره سلّط اللّه عليه تنّينا أسود ينهش لحمه حتّى يدخل النار. (2)

5-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أربعة يزيد عذابهم على عذاب أهل النار: . . . و رجل اغتاب الناس، و مشى بالنميمة، فهو يأكل في النار لحمه. (3)

6-قال الصادق عليه السّلام: بينا موسى بن عمران عليه السّلام يناجي ربّه عزّ و جلّ إذ رأى رجلا تحت ظلّ عرش اللّه عزّ و جلّ، فقال: يا ربّ، من هذا الذي قد أظلّه عرشك؟ فقال: هذا كان بارّا بوالديه و لم يمش بالنميمة. (4)

7-عن عبد العظيم الحسنيّ عن أبي جعفر الثاني عن آبائه عليهم السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لمّا أسري بي رأيت امرأة رأسها رأس خنزير، و بدنها بدن الحمار، و عليها ألف ألف لون من العذاب فسئل ما كان عملها؟ فقال: إنّها كانت نمّامة

ص:174


1- -الوسائل ج 12 ص 307 ب 164 من العشرة ح 4
2- الوسائل ج 12 ص 308 ح 6
3- المستدرك ج 9 ص 151 ب 144 من العشرة ح 8
4- البحار ج 75 ص 263 باب النميمة و السعاية ح 2

كذّابة. (1)

8-عن الصادق عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: شرّ الناس المثلّث، قيل: يا رسول اللّه، و ما المثلّث؟ قال: الذي يسعى بأخيه إلى السلطان، فيهلك نفسه و يهلك أخاه و يهلك السلطان. (2)

بيان:

في جامع السعادات ج 2 ص 289: «السعاية» هي النميمة بشرط كون المحكيّ له من يخاف جانبه، كالسلاطين و الأمراء و الحكماء و الرؤساء و أمثالهم، فهي أشدّ أنواع النميمة إثما و معصية، و هي أيضا تكون من العداوة و من حبّ المال و طمعه، فتكون من رداءة القوّتين و خباثتهما، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «الساعي بالناس إلى الناس لغير رشدة» يعني ليس ولد حلال. و ذكرت السعاة عند بعض الأكابر، فقال: ما ظنّك بقوم يحمد الصدق من كلّ طبقة إلاّ منهم.

9-رفع رجل إلى أمير المؤمنين عليه السّلام كتابا فيه سعاية، فنظر إليه أمير المؤمنين عليه السّلام ثمّ قال: يا هذا، إن كنت صادقا مقتناك، و إن كنت كاذبا عاقبناك، و إن أحسنت القيلة أقلناك، قال: بل تقيلني يا أمير المؤمنين. (3)

10-في مواعظ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، احذر الغيبة و النميمة، فإنّ الغيبة تفطر، و النميمة توجب عذاب القبر. (4)

أقول:

قد مرّ في باب البرزخ: أنّ عذاب القبر يكون من النميمة، و البول، و عزب الرجل عن أهله.

ص:175


1- -البحار ج 75 ص 264 ح 7
2- البحار ج 75 ص 266 ح 16
3- البحار ج 75 ص 266 ح 13
4- البحار ج 77 ص 69

11-في كتاب الصادق عليه السّلام إلى النجاشي: إيّاك و السعاة و أهل النمائم، فلا يلتزقنّ بك أحد منهم، و لا يراك اللّه يوما و لا ليلة و أنت تقبل منهم صرفا و لا عدلا، فيسخط اللّه عليك و يهتك سترك. (1)

12-في حديث الصادق عليه السّلام لمّا سأله الزنديق عن السحر، . . . قال: و إنّ من أكبر السحر النميمة! يفرّق بها بين المتحابّين، و يجلب العداوة على المتصافيين، و يسفك بها الدماء، و يهدم بها الدور، و يكشف بها الستور، و النمّام أشرّ من وطئ على الأرض بقدم! . . . (2)

أقول:

و لاحظ خبر سعاية عليّ بن إسماعيل أو محمّد بن إسماعيل لمولانا الكاظم عليه السّلام في البحار ج 48 ص 232 ب 9 ح 38 و ص 239 ح 48.

13-و روي أنّ موسى استسقى لبني إسرائيل حين أصابهم قحط، فأوحى اللّه تعالى إليه: أنّي لا أستجيب لك و لا لمن معك و فيكم نمّام قد أصرّ على النميمة، فقال موسى عليه السّلام: من هو يا ربّ، حتّى نخرجه من بيننا؟ فقال اللّه:

يا موسى، أنهاكم عن النميمة و أكون نمّاما، فتابوا بأجمعهم فسقوا. (3)

14-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ثلاثة لا يدخلون الجنّة: السفّاك للدم، و شارب الخمر، و مشّاء بنميمة. (4)

أقول:

إنّ الأخبار في عدم دخول النمّام الجنّة كثيرة، في بعضها: «أربعة لا يدخلون الجنّة منها النمّام» و في بعضها: «حرّمت الجنّة على النمّام» و في بعضها: «لمّا خلق اللّه الجنّة

ص:176


1- -البحار ج 77 ص 192 و (ج 78 ص 272)
2- البحار ج 63 ص 21 باب تأثير السحر ح 14( الاحتجاج ج 2 ص 82)
3- كشف الريبة ص 85
4- الخصال ج 1 ص 180 باب الثلاثة ح 244

قال لها: تكلّميني، قالت: سعد من دخلني، قال اللّه: لا يسكن فيك ثمانية: منها قتّات و هو النمّام» إلى غير ذلك، و قد مرّ بعضها في باب الجنّة.

15-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه عن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام، أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: يا عليّ، كفر باللّه العظيم من هذه الأمّة عشرة: القتّات، . . .

و الساعي في الفتنة. . . (1)

16-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الهمّاز مذموم مجروح. (الغرر ج 1 ص 17 ف 1 ح 427)

النميمة شيمة المارق. (ص 31 ح 950)

النميمة ذنب لا ينسى. (ص 50 ح 1421)

الساعي كاذب لمن سعى إليه، ظالم لمن سعى عليه. (ص 75 ح 1858)

النميمة شرّ رواية ف ك) .

أكذب السعاية و النميمة، باطلة كانت أو صحيحة. (ص 125 ف 2 ح 216)

إيّاك و النميمة، فإنّها تزرع الضغينة، و تبعّد عن اللّه و الناس.

(ص 149 ف 5 ح 33)

أسوء الصدق النميمة. (ص 179 ف 8 ح 111)

بئس السعي التفرقة بين الأليفين. (ص 342 ف 20 ح 29)

شرّ الناس من سعى بالإخوان و نسي الإحسان. (ص 445 ف 41 ح 41)

لا تعجلنّ إلى صديق واش و إن تشبّه بالناصحين، فإنّ الساعي ظالم لمن سعى به، غاش لمن سعى إليه. (ج 2 ص 812 ف 85 ح 176)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في باب النظر.

ص:177


1- -الخصال ج 2 ص 450 باب العشرة ح 56

ص:178

181- النوم

اشارة

فيه فصلان:

الفصل الأوّل: النوم و آدابه
الأخبار

1-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام: . . . يا عليّ، ثلاثة يتخوّف منهنّ الجنون:

التغوّط بين القبور، و المشي في خفّ واحد، و الرجل ينام وحده. . . (1)

2-عن أبي الحسن عليه السّلام قال: لعن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ثلاثة: الآكل زاده وحده، و الراكب في الفلاة وحده، و النائم في بيت وحده. (2)

3-عن عليّ بن موسى الرضا عن آبائه عن الحسين بن عليّ عليهم السّلام قال:

كان عليّ بن أبي طالب عليه السّلام بالكوفة في الجامع، إذ قام إليه رجل من أهل الشام فسأله عن مسائل، فكان فيما سأله أن قال له: أخبرني عن النوم على كم وجه

ص:179


1- -الخصال ج 1 ص 125 باب الثلاثة ح 122
2- الخصال ج 1 ص 93 ح 38

هو؟ فقال: النوم على أربعة أوجه: الأنبياء عليهم السّلام تنام على أقفيتهم مستلقين، و أعينهم لا تنام متوقّعة لوحي اللّه عزّ و جلّ، و المؤمن ينام على يمينه مستقبل القبلة، و الملوك و أبناؤها تنام على شمائلها ليستمرئوا ما يأكلون، و إبليس و إخوانه و كلّ مجنون و ذو عاهة ينام على وجهه منبطحا. (1)

بيان:

«مستلقين» : استلقى الرجل أي نام على قفاه. «ذو عاهة» : ذو آفة. «المنبطح» بطحه: أي ألقاه على وجهه، و انبطح الرجل: أي انطرح على وجهه.

أقول: قد مرّ في بابي الأكل و المرض؛ قول أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: أربع خصال تستغني بها عن الطبّ: . . . و إذا نمت فاعرض نفسك على الخلاء.

و مرّ في باب الزنا عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ما عجّت الأرض إلى ربّها عزّ و جلّ كعجيجها من ثلاث: . . . أو النوم عليها قبل طلوع الشمس.

4-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

إنّ اللّه عزّ و جلّ كره لكم أيّتها الأمّة أربعا و عشرين خصلة، و نهاكم عنها: . . .

و كره النوم قبل العشاء الآخرة، و كره الحديث بعد العشاء الآخرة. . . و كره النوم في سطح ليس بمحجّر، و قال: من نام على سطح غير ذي محجّر فقد برئت منه الذمّة، و كره أن ينام الرجل في بيت وحده. . . (2)

أقول:

لاحظ تمام الحديث في باب الجماع.

5-عن أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) قال: إذا أراد أحدكم النوم فليضع يده اليمنى تحت خدّه الأيمن و ليقل: «بسم اللّه وضعت جنبي للّه على ملّة

ص:180


1- -الخصال ج 1 ص 262 باب الأربعة ح 140
2- الخصال ج 2 ص 520 باب العشرين ح 9

إبراهيم و دين محمّد و ولاية من افترض اللّه طاعته، ما شاء اللّه كان و ما لم يشأ لم يكن» فمن قال ذلك عند منامه حفظ من اللصّ و المغير و الهدم، و استغفرت له الملائكة.

من قرأ: قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ حين يأخذ مضجعه و كلّ اللّه عزّ و جلّ به خمسين ألف ملك يحرسونه ليلته.

و إذا أراد أحدكم النوم فلا يضعنّ جنبه على الأرض حتّى يقول: «أعيذ نفسي و ديني و أهلي و ولدي و مالي و خواتيم عملي، و ما رزقني ربّي و خوّلني، بعزّة اللّه، و عظمة اللّه، و جبروت اللّه، و سلطان اللّه، و رحمة اللّه، و رأفة اللّه، و غفران اللّه، و قوّة اللّه، و قدرة اللّه، و جلال اللّه، و بصنع اللّه، و أركان اللّه، و بجمع اللّه، و برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و بقدرة اللّه على ما يشاء، من شرّ السامّة و الهامّة، و من شرّ الجنّ و الإنس، و من شرّ ما يدبّ في الأرض و ما يخرج منها، و من شرّ ما ينزل من السماء و ما يعرج فيها، و من شرّ كلّ دابّة أنت آخذ بناصيتها، إنّ ربّي على صراط مستقيم، و هو على كلّ شيء قدير، و لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه العليّ العظيم» فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يعوّذ بها الحسن و الحسين عليهما السّلام و بذلك أمرنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله. (1)

و قال عليه السّلام: لا ينام المسلم و هو جنب، و لا ينام إلاّ على طهور، فإن لم يجد الماء فليتيمّم بالصعيد، فإنّ روح المؤمن ترفع إلى اللّه تبارك و تعالى فيقبلها و يبارك عليها، فإن كان أجلها قد حضر جعلها في كنوز رحمته، و إن لم يكن أجلها قد حضر بعث بها مع أمنائه من ملائكته فيردّونها في جسدها. (2)

6-قال الصادق عليه السّلام: فما سأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أصحابه: فأيّكم يحيي

ص:181


1- -الخصال ج 2 ص 631
2- الخصال ج 2 ص 613

الليل؟ قال سلمان رحمه اللّه أنا.

و قال سلمان: في ردّ من اعترض عليه: و لكنّي سمعت حبيبي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: «من بات على طهر فكأنّما أحيى الليل كلّه» فأنا أبيت على طهر. (1)

7-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من بات على وضوء بات و فراشه مسجده، فإن تخفّف و صلّى ثمّ ذكر اللّه لم يسأل اللّه شيئا إلاّ أعطاه. (2)

8-قال الصادق عليه السّلام: من تطهّر ثمّ أوى إلى فراشه بات و فراشه كمسجده، فإن ذكر أنّه على غير وضوء فليتيمّم من دثاره كائنا ما كان، فإن فعل ذلك لم يزل في الصلاة و ذكر اللّه عزّ و جلّ. (3)

9-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من نام على الوضوء إن أدركه الموت في ليله فهو عند اللّه شهيد. (4)

10-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: النوم بين العشائين يورث الفقر، و النوم قبل طلوع الشمس يورث الفقر. (5)

11-عن الصادق عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: النوم من أوّل النهار خرق، و القائلة نعمة، و النوم بعد العصر حمق، و بين العشائين يحرم الرزق. (6)

بيان:

«الخرق» : ضعف العقل و البلادة.

12-. . . و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا أويت إلى فراشك فانظر ما سلكت

ص:182


1- -أمالي الصدوق ص 33 م 9 ح 5 و معاني الأخبار ص 222 باب معنى قول سلمان رحمه اللّه
2- البحار ج 76 ص 182 باب فضل الطهارة عند النوم ح 4
3- البحار ج 76 ص 182 ح 6
4- البحار ج 76 ص 183 ح 7
5- البحار ج 76 ص 184 باب الأوقات المكروهة للنوم ح 2
6- البحار ج 76 ص 185 ح 6

في بطنك، و ما كسبت في يومك، و اذكر أنّك ميّت و أنّ لك معادا. (1)

13-عن عليّ عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من قرء: قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ حين يأخذ مضجعه غفر اللّه له ذنوب خمسين سنة.

و في ثواب الأعمال مثله، إلاّ أنّ فيه: من قرء قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ مأة مرّة حين يأخذ. (2)

14-قال الصادق عليه السّلام: من قال حين يأوي إلى فراشه: «لا إله إلاّ اللّه» مائة مرّة، بنى اللّه له بيتا في الجنّة، و من استغفر اللّه حين يأوي إلى فراشه مأة مرّة، تحاتّت ذنوبه كما يسقط ورق الشجر. (3)

15-. . . و عن الصادق عليه السّلام قال: من قرء (يس) في ليلته قبل أن ينام وكّل اللّه به ألف ملك يحفظونه من كلّ شيطان رجيم و من كلّ آفة. (4)

16-و عن الباقر عليه السّلام قال: من قرء (اَلْواقِعَةُ) كلّ ليلة قبل أن ينام لقي اللّه عزّ و جلّ و وجهه كالقمر ليلة البدر. (5)

أقول:

في مجمع البيان: في حديث ابن مسعود قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من قرأ سورة الواقعة كلّ ليلة لم تصبه فاقة أبدا.

17-و عنه عليه السّلام قال: من قرء المسبّحات كلّها قبل أن ينام لم يمت حتّى يدرك القائم، و إن مات كان في جوار النبيّ صلّى اللّه عليه و آله. (6)

ص:183


1- -البحار ج 76 ص 190 باب أنواع النوم ح 21
2- البحار ج 76 ص 192 باب القراءة و الدعاء عند النوم ح 2
3- البحار ج 76 ص 192 ح 3
4- البحار ج 76 ص 200 ح 14
5- البحار ج 76 ص 200 ح 14
6- البحار ج 76 ص 201 ح 14

18-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من أوى إلى فراشه فقرأ: قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ إحدى عشر مرّة حفظه اللّه في داره و دويرات حوله. (1)

19-. . . عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: من قرأ قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ إحدى عشر مرّة حين يأوى إلى فراشه غفر له ذنبه، و شفّع في جيرانه، فإن قرأها مأة مرّة غفر ذنبه فيما يستقبل خمسين سنة. (2)

20-. . . كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يقرء آية الكرسيّ عند منامه و يقول: أتاني جبرئيل فقال: يا محمّد، إنّ عفريتا من الجنّ يكيدك في منامك فعليك بآية الكرسيّ.

و عن أبي جعفر عليه السّلام قال: ما استيقظ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من نوم قطّ إلاّ خرّ للّه عزّ و جلّ ساجدا. (3)

21-. . . عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: دعاني النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال: يا عليّ، إذا أخذت مضجعك فعليك بالاستغفار، و الصلاة عليّ، و قل: «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر و لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه العليّ العظيم» و أكثر من قراءة قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ فإنّها نور القرآن، و عليك بقراءة آية الكرسيّ، فإنّ في كلّ حرف منها ألف بركة و ألف رحمة. (4)

22-عن أبي الحسن الرضا عن أبيه عليهما السّلام قال: لم يقل أحد قطّ إذا أراد أن ينام: إِنَّ اَللّهَ يُمْسِكُ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَ لَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً (5)فسقط عليه البيت. 6

ص:184


1- -البحار ج 76 ص 201 ح 15
2- البحار ج 76 ص 205 ح 23
3- البحار ج 76 ص 202 ح 19
4- البحار ج 76 ص 220 ح 31
5- فاطر:41

23-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من قال حين يأوي إلى فراشه: «أستغفر اللّه الذي لا إله إلاّ هو الحيّ القيّوم و أتوب إليه» ثلاث مرّات، غفر اللّه ذنوبه، و إن كان مثل زبد البحر و إن كانت عدد ورق الشجر، و إن كانت عدد رمل عالج، و إن كانت عدد أيّام الدنيا. (1)

24-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من بات على تسبيح فاطمة عليها السّلام كان من الذاكرين اللّه كثيرا و الذاكرات. (2)

25-عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا خفت الجنابة فقل في فراشك: «اللهمّ إنّي أعوذ بك من الاحتلام، و من سوء الأحلام، و من أن يتلاعب بي الشيطان في اليقظة و المنام» . (3)

26-قال أبو جعفر عليه السّلام: من قال هذه الكلمات فأنا ضامن أن لا يصيبه عقرب و لا هامّة حتّى يصبح: «أعوذ بكلمات اللّه التامّات، التي لا يجاوزهنّ برّ و لا فاجر، من شرّ ما ذرأ و من شرّ ما برأ، و من شرّ كلّ دابّة هو آخذ بناصيتها إنّ ربّي على صراط مستقيم» . (4)

27-عن محمّد بن مسلم عن أحدهما عليه السّلام قال: سألته عن النوم بعد الغداة، فقال: إنّ الرزق يبسط تلك الساعة، فأنا أكره أن ينام الرجل تلك الساعة. (5)

28-قال الصادق عليه السّلام: نومة الغداة مشؤومة، تطرد الرزق و تصفر اللون،

ص:185


1- البحار ج 76 ص 204 ح 22
2- الوسائل ج 6 ص 447 ب 11 من التعقيب ح 4(مجمع البيان ج 8 ص 354)
3- الوسائل ج 6 ص 448 ب 12 ح 4
4- الوسائل ج 6 ص 449 ح 5
5- الوسائل ج 6 ص 496 ب 36 ح 1

و تقبّحه و تغيّره، و هو نوم كلّ مشوم، إنّ اللّه تعالى يقسّم الأرزاق ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، فإيّاكم و تلك النومة.

قال: و كان المنّ و السلوى ينزل على بني إسرائيل ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، فمن نام تلك الساعة لم ينزل نصيبه، و كان إذا انتبه فلا يرى نصيبه احتاج إلى السؤال و الطلب. (1)

29-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: [إذا كان]يتفزّع يقول عند النوم: «لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، له الملك يحيي و يميت، و يميت و يحيي و هو حيّ لا يموت» -عشر مرّات-و يسبّح تسبيح الزهراء عليها السّلام، فإنّه يزول ذلك. (2)

أقول:

نظيره في الوسائل (ج 6 ص 450) ، و لكن زاد بعد قوله: «له الملك» "و له الحمد"، و بعد قوله: «حيّ لا يموت» "بيده الخير و له اختلاف الليل و النهار و هو على كلّ شيء قدير"عشر مرّات.

30-و روي: من أصابه فزع عند منامه فليقرء إذا أوى إلى فراشه المعوّذتين و آية الكرسيّ. (3)

31-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: النوم على سبعة أوجه: نوم الغفلة فهو الذي في مجلس الذكر، و نوم الشقاوة فهو الذي وقت الصبح، و نوم العقوبة فهو النوم الذي وقت الصلاة، و نوم اللعنة و هو الذي بعد صلاة الفجر، و نوم الراحة فهو النوم عند استواء النهار، و نوم الرخصة فهو نوم بعد العشاء، و نوم الحسرة فهو النوم ليلة الجمعة. (4)

ص:186


1- -الوسائل ج 6 ص 496 ح 3 و 4
2- المستدرك ج 5 ص 45 ب 10 من التعقيب ح 13
3- سفينة البحار ج 2 ص 625
4- الاثنى عشرية ص 246 ب 7 ف 2

32-قال الصادق عليه السّلام: نم نوم المعتبرين (المتعبّدين ف ن) ، و لا تنم نومة الغافلين، فإنّ المعتبرين (المتعبّدين ف ن) من الأكياس ينامون استراحة و لا ينامون استبطارا.

قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: تنام عيناي و لا ينام قلبي، و انو بنومك تخفيف مؤنتك على الملائكة، و اعزل (و اعتزال ف ن) النفس عن شهواتها و اختبر بها نفسك، و كن ذا معرفة بأنّك عاجز ضعيف لا تقدر على شيء من حركاتك و سكونك إلاّ بحكم اللّه و تقديره، و إنّ النوم أخ الموت و استدلّ بها لى الموت. . .

و كثرة النوم يتولّد من كثرة الشرب، و كثرة الشرب يتولّد من كثرة الشبع، و هما يثقلان النفس عن الطاعة، و يقسيان القلب عن التفكّر و الخشوع، و اجعل كلّ نومك آخر عهدك من الدنيا، و اذكر اللّه بقلبك و لسانك و خف اطّلاعه على سرّك، مستعينا به في القيام إلى الصلاة إذا انتبهت، فإنّ الشيطان يقول لك: نم فإنّ لك بعد ليلا طويلا، يريد تفويت وقت مناجاتك و عرض حالك على ربّك، و لا تغفل عن الاستغفار بالأسحار فإنّ للقانتين فيه أشواقا. (1)

33-عن الزهراء عليها السّلام أنّها قالت: دخل عليّ أبي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و إنّي قد افترشت الفراش و أردت أن أنام، فقال: يا فاطمة، لا تنامي حتّى تعملي أربعة أشياء: حتّى تختمي القرآن، و تجعلي الأنبياء شفعاءك، و تجعلي المؤمنين راضين عنك، و تعملي حجّة و عمرة، و دخل في الصلاة، فتوقّفت على فراشي حتّى أتمّ الصلاة.

فقلت: يا رسول اللّه، أمرتني بأربعة أشياء لا أقدر في هذه الساعة أن أفعلها، فتبسّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قال: إذا قرأت قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ ثلاث مرّات فكأنّك قد ختمت القرآن، و إذا صلّيت عليّ و على الأنبياء من قبلي فقد صرنا لك شفعاء

ص:187


1- -مصباح الشريعة ص 29 ب 44

يوم القيامة، و إذا استغفرت للمؤمنين، فكلّهم راضون عنك، و إذا قلت: «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر» فقد حججت و اعتمرت. (1)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في أبواب الرؤياء، الذكر، و التسبيح.

و مرّ في باب الإيمان: علامات المؤمن أربعة: . . . و نومه كنوم الغرقى.

و جدير بالذكر أنّ ممّن استقصى هذا الباب و يسبر غوره هو المحدّث النوري رحمه اللّه في كتابه"دار السلام فيما يتعلّق بالرؤيا و المنام".

ص:188


1- -خلاصة الأذكار للفيض رحمه اللّه ص 70
الفصل الثاني: السهر و كثرة النوم
الأخبار

1-عن جابر بن عبد اللّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: قالت امّ سليمان بن داود لسليمان عليه السّلام: إيّاك و كثرة النوم بالليل، فإنّ كثرة النوم بالليل تدع الرجل فقيرا يوم القيامة. (1)

بيان:

«تدع. . .» : أي يتركه فقيرا.

2-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: [لا سهر]بعد العشاء الآخرة إلاّ لأحد رجلين:

مصلّ أو مسافر. (2)

3-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا سهر إلاّ في ثلاث: متهجّد بالقرآن، أو في طلب العلم، أو عروس تهدى إلى زوجها. (3)

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ثلاث (خصال ف ن) فيهنّ المقت من اللّه

ص:189


1- -الخصال ج 1 ص 28 باب الواحد ح 99
2- الخصال ج 1 ص 78 باب الاثنين ح 125
3- الخصال ج 1 ص 112 باب الثلاثة ح 88

عزّ و جلّ: نوم من غير سهر، و ضحك من غير عجب، و أكل على الشبع. (1)

5-قال أبو جعفر عليه السّلام: قال موسى عليه السّلام: يا ربّ، أيّ عبادك أبغض إليك؟ قال: جيفة بالليل، بطّال بالنهار. (2)

بيان:

يقال: بطل بطالة فهو بطّال: أي تعطّل و تفرّغ من العمل.

6-عن عليّ بن أبي حمزة عن أبي الحسن عليه السّلام قال: لا تعوّد عينيك كثرة النوم، فإنّها أقلّ شيء في الجسد شكرا. (3)

7-قال الصادق عليه السّلام: إنّ اللّه يبغض كثرة النوم، و كثرة الفراغ.

و قال أيضا: كثرة النوم مذهبة للدين و الدنيا. (4)

8-عن الصادق عن أبيه عليهما السّلام قال: لا بأس بالسهر في الفقه. (5)

9-. . . قال أبو الحسن الثالث عليه السّلام في بعض مواعظه: السهر ألذّ للمنام، و الجوع يزيد في طيب الطعام، يريد به الحثّ على قيام الليل و صيام النهار. (6)

أقول:

لاحظ أبواب الجمعة، الشيعة، التقوى، اليقين و. . . أيضا.

و مرّ في باب البكاء ف 1: كلّ عين باكية يوم القيامة إلاّ ثلاثة: . . . عين سهرت في طاعة اللّه. . .

و في باب الدنيا: أوّل ما عصي اللّه به ستّ خصال: . . . و حبّ النوم و حبّ الراحة

ص:190


1- -الخصال ج 1 ص 89 ح 25
2- البحار ج 76 ص 180 باب ذمّ كثرة النوم ح 8
3- البحار ج 76 ص 180 ح 9
4- البحار ج 76 ص 180 ح 10
5- البحار ج 76 ص 178 باب ما ينبغي السهر فيه ح 1
6- البحار ج 87 ص 172 باب أصناف الناس في القيام ح 5

و في باب حبّ المال: السكر أربع سكرات: . . . و سكر النوم. . .

و في باب الحبّ ف 1: يا بن عمران، كذب من زعم أنّه يحبّني فإذا جنّه الليل نام عنّي، أ ليس كلّ محبّ يحبّ خلوة حبيبه؟ . . .

و في باب المرض: قال أبو جعفر عليه السّلام: سهر ليلة من مرض أفضل من عبادة سنة.

10-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

السهر روضة المشتاقين. (الغرر ج 1 ص 25 ف 1 ح 717)

السهر إحدى الحياتين. (ص 66 ح 1724)

أسهروا عيونكم، و ضمّروا بطونكم، و خذوا من أجسادكم، تجودوا بها على أنفسكم. (ص 132 ف 3 ح 20)

أفضل العبادة سهر العيون بذكر اللّه سبحانه. (ص 193 ف 8 ح 327)

بئس الغريم النوم يفني قصير العمر، و يفوّت كثير الأجر.

(ص 342 ف 20 ح 33)

سهر الليل شعار المتّقين، و شيمة المشتاقين. (ص 436 ف 39 ح 60)

سهر العيون بذكر اللّه خلصان العارفين و حلوان المقرّبين. (ح 61)

سهر الليل في طاعة اللّه ربيع الأولياء، و روضة السعداء. (ح 62)

سهر الليل بذكر اللّه سبحانه غنيمة الأولياء، و سجيّة الأتقياء. (ح 63)

سهر العيون بذكر اللّه سبحانه فرصة السعداء، و نزهة الأولياء (1).

(ص 439 ح 92)

من كثر في ليله نومه فاته من العمل ما لا يستدركه في يومه.

(ج 2 ص 686 ف 77 ح 1165)

ص:191


1- -أي تفرّجهم

ص:192

182- النيّة

اشارة

قال اللّه تعالى: قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدى سَبِيلاً . (1)

الأخبار

1-عن أبي حمزة عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: لا عمل إلاّ بنيّة. (2)

بيان:

في المصباح، نويته أنويه: قصدته و الاسم النيّة. . . ثمّ خصّت النيّة في غالب الاستعمال بعزم القلب على أمر من الامور. . .

أقول: قد يراد بالنيّة في الأخبار السريرة و الباطن.

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: نيّة المؤمن خير من عمله، و نيّة الكافر شرّ من عمله؛ و كلّ عامل يعمل على نيّته. (3)

بيان:

في المرآة ج 8 ص 92: هذا الحديث من الأخبار المشهورة بين الخاصّة و العامّة

ص:193


1- -الإسراء:84
2- الكافي ج 2 ص 69 باب النيّة ح 1
3- الكافي ج 2 ص 69 ح 2

و قد قيل فيه وجوه، ثمّ ذكر رحمه اللّه اثنا عشر وجها في كلّها نظر، فراجع المصدر.

أقول: الحقّ أنّ النيّة هي التي يشكّل عمل الإنسان، حيث من الواضح إنّ بين الملكات و الأحوال النفسانيّة و بين الأعمال رابطة خاصّة، فلذا لا يتساوي عمل الشجاع و الجبان إذا حضرا موقفا هائلا، و لا عمل الجواد الكريم و البخيل اللئيم في موارد الإنفاق و هكذا، فكلّ مؤمن و كافر يعمل على نيّاتهم و سرائرهم و تنشأ الأعمال على ما في قلوبهم، و إن لم تكن في قلب المؤمن نيّة خير لم يصر مؤمنا و كذا إن لم تكن في قلب الكافر نيّة شرّ لم يصر كافرا.

فالمدار في الكمال و النقص و الردّ و القبول هو النيّة، فتكون النيّة خير من العمل و العمل يتشكّل على طبق النيّة، فإذا كانت النيّة تشكّل العمل فلا عمل إلاّ بالنيّة كما في ح 1، و من هنا يعلم قوله صلّى اللّه عليه و آله: «إنّما الأعمال بالنيّات» و قوله تعالى: قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ فعلى هذا تكون نيّة المؤمن خير من عمله و نيّة الكافر شرّ من عمله.

و ليعلم أنّ مراتب الأعمال و كذا الأشخاص بمراتب نيّاتهم، فيلزم تصحيحها بإخراج حبّ الدنيا و الرياء و السمعة و غيرها من القلب، حتّى يوجد في القلب حقيقة الإيمان و الإخلاص، و إن كان تصحيح النيّة من أشقّ الأعمال و أحمزها و يحتاج إلى الرياضات الشاقّة الشرعيّة و التفكّرات الصحيحة و المجاهدات الكثيرة، فإنّ القلب سلطان البدن فإن صحّ يتبعه سائر الجوارح.

3-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ العبد المؤمن الفقير ليقول:

يا ربّ، ارزقني حتّى أفعل كذا و كذا من البرّ و وجوه الخير، فإذا علم اللّه عزّ و جلّ ذلك منه بصدق نيّة، كتب اللّه له من الأجر مثل ما يكتب له لو عمله، إنّ اللّه واسع كريم. (1)

ص:194


1- -الكافي ج 2 ص 69 ح 3

4-عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن حدّ العبادة التي إذا فعلها فاعلها كان مؤدّيا؟ فقال: حسن النيّة بالطاعة. (1)

5-عن أبي هاشم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّما خلّد أهل النار في النار لأنّ نيّاتهم كانت في الدنيا أن لو خلّدوا فيها أن يعصوا اللّه أبدا؛ و إنّما خلّد أهل الجنّة في الجنّة لأنّ نيّاتهم كانت في الدنيا أن لو بقوا فيها أن يطيعوا اللّه أبدا؛ فبالنيّات خلّد هؤلاء و هؤلاء، ثمّ تلا قوله تعالى: قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ قال: على نيّته. (2)

بيان:

قد مرّ ما يناسب المقام في ح 2 و توضيح هذا الخبر أنّ بالنيّة الحسنة تكسب الطينة الطيّبة و الصفات الحسنة و الملكات الفاضلة، و أنّ الإنسان يحشر مع ملكاته، و بصفاته الحسنة يهيّئ نفسه للإتيان بالأعمال الحسنة و الأفعال الجميلة، مضافا إلى أنّه لم يكن مانع لقبول عمله من قبل نفسه فيستحقّ بذلك الخلود في الجنّة.

و أمّا الكافر فبالنيّة الخبيثة و الشرّ يكتسب الصفات الخبيثة و الملكات الرديئة، فيحشر مع ملكاته في القيامة، و بصفاته الخبيثة يهيّئ نفسه للإتيان بالأعمال السيّئة و الشرور، و أيضا تكون أعماله مردودة لخبث نيّته و عدم إيمانه فيستحقّ الخلود في النار.

6-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّما الأعمال بالنيّات، و إنّما لامرء ما نوى. (3)

أقول:

مضمون الحديث مشهور بين العامّة و الخاصّة.

ص:195


1- -الكافي ج 2 ص 69 ح 4
2- الكافي ج 2 ص 69 ح 5( العلل ج 2 ص 523 ب 299)
3- الوسائل ج 6 ص 5 ب 1 من النيّة ح 2

7-عن جعفر عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

لا قول إلاّ بعمل، و لا قول و عمل إلاّ بنيّة، و لا قول و عمل و نيّة إلاّ بإصابة السنّة. (1)

أقول:

في ب 6 ح 13: سأل عيسى بن عبد اللّه القمّي أبا عبد اللّه عليه السّلام: ما العبادة؟ فقال:

حسن النيّة بالطاعة من الوجه الذي يطاع اللّه منه.

و في حديث آخر قال: حسن النيّة بالطاعة من الوجه الذي امر به.

بيان: يعني يلزم في العبادة الحسن الفاعليّ أي حسن النيّة، و الحسن الفعليّ أي كان العمل ممّا امر به.

8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ اللّه يحشر الناس على نيّاتهم يوم القيامة. (2)

9-عن أبي ذرّ رحمه اللّه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في وصيّة له، قال: يا أبا ذرّ، ليكن لك في كلّ شيء نيّة، حتّى في النوم و الأكل. (3)

10-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ المؤمن ليهمّ بالحسنة و لا يعمل بها فتكتب له حسنة، و إن هو عملها كتبت له عشر حسنات، و إنّ المؤمن ليهمّ بالسيّئة أن يعملها فلا يعملها فلا تكتب عليه. (4)

11-عن زيد الشحّام قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّي سمعتك تقول: نيّة المؤمن خير من عمله، فكيف تكون النيّة خيرا من العمل؟ قال: لأنّ العمل ربما كان رياء للمخلوقين، و النيّة خالصة لربّ العالمين، فيعطي عزّ و جلّ على النيّة ما لا يعطي على العمل.

ص:196


1- -الوسائل ج 1 ص 47 ب 5 من مقدّمة العبادات ح 2
2- الوسائل ج 1 ص 48 ح 5
3- الوسائل ج 1 ص 48 ح 8
4- الوسائل ج 1 ص 51 ب 6 ح 7

قال: و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ العبد لينوي من نهاره أن يصلّي بالليل فتغلبه عينه فينام، فيثبت اللّه له صلاته، و يكتب نفسه تسبيحا، و يجعل نومه عليه صدقة. (1)

12-عن أبي جعفر عليه السّلام أنّه كان يقول: نيّة المؤمن أفضل من عمله، و ذلك لأنّه ينوي من الخير ما لا يدركه، و نيّة الكافر شرّ من عمله، و ذلك لأنّ الكافر ينوي الشرّ و يأمل من الشرّ ما لا يدركه. (2)

13-عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من صدق لسانه زكا عمله، و من حسنت نيّته زاد اللّه في رزقه، و من حسن برّه بأهله زاد اللّه في عمره. (3)

14-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه قال: يا أبا ذرّ، همّ بالحسنة و إن لم تعملها لكي لا تكتب من الغافلين. (4)

15-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ المؤمن لينوي الذنب فيحرم رزقه. (5)

16-عن الفضيل عن الصادق عليه السّلام قال: ما ضعف بدن عمّا قويت عليه النيّة. (6)

17-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّما قدّر اللّه عون العباد على قدر نيّاتهم، فمن صحّت نيّته تمّ عون اللّه له، و من قصرت نيّته قصر عنه العون بقدر الذي

ص:197


1- -الوسائل ج 1 ص 53 ح 15 و ص 54 ح 16( العلل ج 2 ص 524 ب 301)
2- الوسائل ج 1 ص 54 ح 17
3- الوسائل ج 1 ص 55 ح 19
4- الوسائل ج 1 ص 56 ح 24
5- الوسائل ج 1 ص 58 ب 7 ح 4
6- البحار ج 70 ص 205 باب النيّة و شرائطها ح 14

قصر. (1)

18-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّما الأعمال بالنيّات، و إنّما لكلّ امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى اللّه و رسوله فهجرته إلى اللّه و رسوله، و من كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوّجها فهجرته إلى ما هاجر إليه. (2)

19-عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أغزى عليّا في سريّة و أمر المسلمين أن ينتدبوا معه في سريّته، فقال رجل من الأنصار لأخ له:

اغز بنا في سريّة عليّ، لعلّنا نصيب خادما أو دابّة أو شيئا نتبلّغ به، فبلغ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قوله فقال: إنّما الأعمال بالنيّات و لكلّ امرء ما نوى، فمن غزا ابتغاء ما عند اللّه عزّ و جلّ فقد وقع أجره على اللّه عزّ و جلّ، و من غزا يريد عرض الدنيا أو نوى عقالا لم يكن له إلاّ ما نوى. (3)

20-في وصايا الباقر عليه السّلام: إذا علم اللّه تعالى حسن نيّة من أحد اكتنفه بالعصمة. (4)

21-في حديث موسى بن جعفر عليهما السّلام لهشام: يا هشام، . . . و كما لا يقوم الجسد إلاّ بالنفس الحيّة فكذلك لا يقوم الدين إلاّ بالنيّة الصادقة، و لا تثبت النيّة الصادقة إلاّ بالعقل. (5)

22-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من كانت نيّته الدنيا فرّق اللّه عليه أمره، و جعل الفقر بين عينيه، و لم يأته من الدنيا إلاّ ما كتب له، و من كانت نيّته الآخرة جمع اللّه

ص:198


1- -البحار ج 70 ص 211 ح 34
2- البحار ج 70 ص 211 ح 35
3- البحار ج 70 ص 212 ح 38
4- البحار ج 78 ص 188
5- البحار ج 78 ص 312

شمله، و جعل غناه في قلبه، و أتته الدنيا و هي راغمة. (1)

بيان:

«شمله» : أي ما تشتتّ من أمره.

23-قال الصادق عليه السّلام: صاحب النيّة الصادقة صاحب القلب السليم، لأنّ سلامة القلب من هواجس المحذورات بتخليص النيّة للّه في الامور كلّها، قال اللّه تعالى: يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَ لا بَنُونَ - إِلاّ مَنْ أَتَى اَللّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (2).

و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «نيّة المؤمن خير من عمله» و قال صلّى اللّه عليه و آله: «إنّما الأعمال بالنيّات، و لكلّ امرئ ما نوى» .

فلا بدّ للعبد من خالص النيّة في كلّ حركة و سكون، لأنّه إذا لم يكن بهذا المعنى يكون غافلا، و الغافلون قد وصفهم اللّه تعالى فقال: إِنْ هُمْ إِلاّ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً (3)و قال أُولئِكَ هُمُ اَلْغافِلُونَ (4). ثمّ النيّة تبدو من القلب على قدر صفاء المعرفة و تختلف على حسب اختلاف الإيمان (الأوقات ف ن) في معنى قوّته و ضعفه، و صاحب النيّة الخالصة نفسه و هواه معه مقهورتان تحت سلطان تعظيم اللّه تعالى و الحياء منه، و هو من طبعه و شهوته و منيته، نفسه منه في تعب و الناس منه في راحة. (5)

24-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الأعمال ثمار النيّات. (الغرر ج 1 ص 14 ف 1 ح 345)

النيّة أساس العمل. (ص 35 ح 1082)

ص:199


1- -مجمع البيان ج 9 ص 27(الشورى:20) -(البحار ج 70 ص 225)
2- الشعراء:88 و 89
3- الفرقان:44
4- الأعراف:179
5- مصباح الشريعة ص 4 ب 4

إحسان النيّة يوجب المثوبة. (ص 45 ح 1312)

النيّة الصالحة أحد العملين. (ص 62 ح 1655)

إذا فسدت النيّة وقعت البليّة. (ص 312 ف 17 ح 49)

بحسن النيّات تنجح المطالب. (ص 338 ف 18 ح 172)

تخليص النيّة من الفساد أشدّ على العاملين من طول الاجتهاد.

(ص 352 ف 22 ح 71)

جميل النيّة سبب لبلوغ الامنيّة. (ص 372 ف 26 ح 50)

حسن النيّة جمال السرائر. (ص 376 ف 27 ح 4)

حسن النيّة من سلامة الطويّة. (ح 15)

ربّ عمل أفسدته النيّة. (ص 415 ف 35 ح 29)

ربّ نيّة أنفع من عمل. (ح 31)

سوء النيّة داء دفين. (ص 433 ف 39 ح 19)

صلاح العمل بصلاح النيّة. (ص 452 ف 43 ح 1)

صلاح السرائر برهان صحّة البصائر. (ص 453 ح 16)

صلاح الظواهر عنوان صحّة الضمائر. (ح 17)

صحّة الضمائر من أفضل الذخائر. (ف 44 ح 3)

على قدر قوّة الدين يكون خلوص النيّة. (ص 488 ف 51 ح 21)

على قدر النيّة تكون من اللّه العطيّة. (ح 22)

عند فساد النيّة ترتفع البركة. (ج 2 ص 491 ف 52 ح 30)

عوّد نفسك حسن النيّة و جميل القصد، تدرك في مساعيك النجاح.

(ص 492 ف 53 ح 8)

قدر الرجل على قدر همّته، و علمه (عمله ف ن) على قدر نيّته.

(ص 536 ف 61 ح 31)

ص:200

لو خلصت النيّات لزكت الأعمال. (ص 603 ف 75 ح 11)

لا عمل لمن لا نيّة له. (ص 846 ف 86 ح 334)

لا يكمل صالح العمل إلاّ بصالح النيّة. (ص 848 ح 363)

من أساء النيّة منع الأمنيّة. (ص 648 ف 77 ح 656)

من أخلص النيّة تنزّه عن الدنيّة. (ص 656 ح 788)

من لم يقدّم إخلاص النيّة في الطاعات لم يظفر بالمثوبات. (ص 702 ح 1324)

من حسنت [نيّته كثرت]مثوبته و طابت عيشته [و]وجبت مودّته.

(ص 712 ح 1431)

من حسنت نيّته أمدّه التوفيق. (ص 720 ح 1484)

ما أعطى اللّه سبحانه العبد شيئا من خير الدنيا و الآخرة إلاّ بحسن خلقه و حسن نيّته. (ص 750 ف 79 ح 217)

ص:201

ص:202

حرف الهاء

183- الهجران

اشارة

قال اللّه تعالى: وَ اِصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَ اُهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً . (1)

الأخبار

1-عن المفضّل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا يفترق رجلان على الهجران إلاّ استوجب أحدهما البراءة و اللعنة، و ربّما استحقّ ذلك كلاهما، فقال له معتّب:

جعلني اللّه فداك، هذا الظالم فما بال المظلوم؟ قال: لأنّه لا يدعو أخاه إلى صلته و لا يتغامس له عن كلامه، سمعت أبي يقول: إذا تنازع اثنان فعازّ أحدهما الآخر فليرجع المظلوم إلى صاحبه حتّى يقول لصاحبه: أي أخي أنا الظالم، حتّى يقطع الهجران بينه و بين صاحبه، فإنّ اللّه تبارك و تعالى حكم عدل يأخذ للمظلوم من الظالم. (2)

بيان:

في المرآة ج 10 ص 359، «معتّب» : كان من خيار موالي الصادق عليه السّلام، بل خيرهم كما روي فيه. «و لا يتغامس» قال رحمه اللّه في أكثر النسخ بالغين المعجمة، و الظاهر أنّه

ص:203


1- -المزّمّل:10
2- الكافي ج 2 ص 257 باب الهجرة ح 1

بالمهملة كما في بعضها، قال في القاموس: تعامس: تغافل، و عليّ: تعامى عليّ، و يمكن التكلّف في المعجمة بما يرجع إلى ذلك. . . و في النهاية ج 3 ص 299:

العمس: أن تري أنّك لا تعرف الأمر، و أنت به عارف. و يروى بالغين المعجمة انتهى.

«فعازّ» في الوافي، عازّه: أي غالبه انتهى. و في بعض النسخ: "فعال"باللام المخفّفة، في القاموس: عال أي جار و مال عن الحقّ، و الشيء فلانا: غلبه و ثقل عليه و أهمّه انتهى. «أنا الظالم» كأنّه من المعاريض للمصلحة.

«الهجران» في المصباح: هجرته هجرا من باب قتل [تركته و رفضته فهو مهجور، و هجرت الإنسان]قطعته و الاسم الهجران. و في المفردات: الهجر و الهجران: مفارقة الإنسان غيره إمّا بالبدن أو باللسان أو باللقب. . . و قوله تعالى: إِنَّ قَوْمِي اِتَّخَذُوا هذَا اَلْقُرْآنَ مَهْجُوراً فهذا هجر بالقلب أو بالقلب و اللسان و قوله:

وَ اُهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً يحتمل الثلاثة. . .

أقول: الهجر و الهجران: خلاف الوصل، و هو مذموم، و كثيرا ما يكون من نتائج العداوة و الحقد و الحسد و الغضب و البخل، فلا يجوز إعماله، و هو من ذمائم الأفعال، فيجب على كلّ طالب للنجاة الأبديّة أن يتأمّل في أخبار الباب، ثمّ يتذكّر ثواب أضداد تلك الصفة و فوائدها، أعنى التألّف و التواصل و التزاور بين الإخوة، و لو حصل الهجران فليكلّف الإنسان نفسه إلى المواصلة و زيارة أخيه و تألّفه، حتّى يغلب على الشيطان و نفسه الأمّارة بالسوء.

2-عن هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

لا هجرة فوق ثلاث. (1)

ص:204


1- -الكافي ج 2 ص 257 ح 2

بيان:

«فوق ثلاث» في المرآة: . . . و أمّا الهجر في الثلاث فظاهره أنّه معفوّ عنه، و سببه أنّ البشر لا يخلو عن غضب و سوء خلق فسومح في تلك المدّة. . . و هذه الأخبار مختصّة بغير أهل البدع و الأهواء و المصرّين على المعاصي، لأنّ هجرهم مطلوب و هو من أقسام النهي عن المنكر.

3-عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يصرم ذوي قرابته ممّن لا يعرف الحقّ، قال: لا ينبغي له أن يصرمه. (1)

بيان:

«الصرم» : القطع أي يهجره رأسا، و قد مرّ أنّه لا يجوز قطع الرحم و لو كان الرحم كافرا، لاحظ باب الرحم.

4-عن داود بن كثير عن أبي عبد اللّه عن أبيه عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أيّما مسلمين تهاجرا فمكثا ثلاثا لا يصطلحان إلاّ كانا خارجين من الإسلام، و لم يكن بينهما ولاية، فأيّهما سبق إلى كلام أخيه، كان السابق إلى الجنّة يوم الحساب. (2)

5-عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ الشيطان يغري بين المؤمنين ما لم يرجع أحدهم عن دينه؛ فإذا فعلوا ذلك استلقا على قفاه و تمدّد، ثمّ قال: فزت، فرحم اللّه امرء ألّف بين وليّين لنا، يا معشر المؤمنين، تألّفوا و تعاطفوا. (3)

بيان:

«يغري» : في القاموس، أغرى بينهم العداوة: ألقاها، كأنّه ألزقها بهم.

«التمدّد» : الاستراحة، كناية عن فراغه من عمله في التفريق بين المؤمنين.

ص:205


1- -الكافي ج 2 ص 258 ح 3
2- الكافي ج 2 ص 258 ح 5
3- الكافي ج 2 ص 258 ح 6

6-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا يزال إبليس فرحا ما اهتجر المسلمان؛ فإذا التقيا اصطكّت ركبتاه و تخلّعت أوصاله و نادى: يا ويله، ما لقي من الثبور. (1)

بيان:

«اصطكاك الركبتين» : اضطرابهما و تأثير أحدهما في الآخر. «التخلّع» : التفكّك «الأوصال» : المفاصل أو مجتمع العظام. «الثبور» : الهلاك.

7-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (في حديث المناهي) قال:

و نهى عن الهجران، فمن كان لا بدّ فاعلا فلا يهجر أخاه أكثر من ثلاثة أيّام، فمن كان هاجرا (مهاجرا ف ن) لأخيه أكثر من ذلك كانت النار أولى به. (2)

8-قال أبو جعفر عليه السّلام: ما من مؤمنين اهتجرا فوق ثلاث إلاّ و برئت منهما في الثالثة، قيل: هذا حال الظالم فما بال المظلوم؟ فقال: ما بال المظلوم لا يصير إلى الظالم فيقول: أنا الظالم، حتّى يصطلحا. (3)

9-في الاحتجاج: عن أمير المؤمنين عليه السّلام (في حديث طويل بعد ذكر المنافقين) قال:

و ما زال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يتألّفهم و يقرّبهم و يجلسهم عن يمينه و شماله، حتّى أذن اللّه عزّ و جلّ له في إبعادهم بقوله: وَ اُهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً . (4)

أقول:

تجوز الهجرة في موارد؛ كهجران من أهل البدع، و المصرّين على المعاصي.

و سيأتي في باب الوالدين؛ أنّ عليّ بن الحسين عليهما السّلام لم يكلّم رجلا كان اتّكى على ذراع أبيه.

ص:206


1- -الكافي ج 2 ص 258 ح 7
2- الوسائل ج 12 ص 262 ب 144 من العشرة ح 8
3- الوسائل ج 12 ص 263 ح 10
4- نور الثقلين ج 5 ص 450 ح 30

10-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: المؤمن هديّة اللّه عزّ و جلّ إلى أخيه المؤمن، فإن سرّه و وصله فقد قبل من اللّه عزّ و جلّ هديّته، و إن قطعه و هجره فقد ردّ على اللّه عزّ و جلّ هديّته. (1)

11-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: في أوّل ليلة من شهر رمضان يغلّ المردة من الشياطين، و يغفر في كلّ ليلة سبعين ألفا، فإذا كان في ليلة القدر غفر اللّه بمثل ما غفر في رجب و شعبان و شهر رمضان إلى ذلك اليوم، إلاّ رجل بينه و بين أخيه شحناء، فيقول اللّه عزّ و جلّ: أنظروا هؤلاء حتّى يصطلحوا. (2)

12-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه قال: يا أبا ذرّ، تعرض أعمال أهل الدنيا على اللّه من الجمعة إلى الجمعة في يومين: الاثنين و الخميس، فيغفر لكلّ عبد مؤمن إلاّ عبدا كان بينه و بين أخيه شحناء، فقال: اتركوا عمل هذين حتّى يصطلحا.

يا أبا ذرّ، إيّاك و هجران أخيك فإنّ العمل لا يتقبّل من الهجران.

يا أبا ذرّ، أنهاك عن الهجران و إن كنت لا بدّ فاعلا فلا تهجره فوق ثلاثة أيّام [كملا]فمن مات فيها مهاجرا لأخيه كانت النار أولى به. (3)

أقول:

قد مرّ ما يدلّ على المقام في باب الحقد و. . .

ص:207


1- -المستدرك ج 9 ص 97 ب 124 من العشرة ح 2
2- البحار ج 75 ص 188 باب الهجران ح 11( العيون ج 2 ص 70 ب 31 ح 331)
3- البحار ج 77 ص 91

ص:208

حرف الواو

184- التوحيد و معرفة اللّه

اشارة

الآيات و الأخبار في التوحيد و جوامع التوحيد و المعرفة و إثبات الصانع و. . .

كثيرة جدّا، نذكر بعض الأخبار فقطّ فراجع البحار و غيره.

الأخبار

1-عن محمّد بن عبد اللّه الخراسانيّ خادم الرضا عليه السّلام قال: دخل رجل من الزنادقة على أبي الحسن عليه السّلام و عنده جماعة، فقال أبو الحسن عليه السّلام: أيّها الرجل أ رأيت إن كان القول قولكم-و ليس هو كما تقولون-ألسنا و إيّاكم شرعا سواء، لا يضرّنا ما صلّينا و صمنا و زكّينا و أقررنا؟ فسكت الرجل؛ ثمّ قال أبو الحسن عليه السّلام: و إن كان القول قولنا-و هو قولنا-أ لستم قد هلكتم و نجونا؟ . . . (1)

2-عن عاصم بن حميد قال: سئل عليّ بن الحسين عليهما السّلام عن التوحيد، فقال: إنّ اللّه عزّ و جلّ علم أنّه يكون في آخر الزمان أقوام متعمّقون، فأنزل اللّه تعالى: قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ و الآيات من سورة الحديد إلى قوله: وَ هُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ

ص:209


1- -الكافي ج 1 ص 61 باب حدوث العالم ح 3

اَلصُّدُورِ فمن رام وراء ذلك فقد هلك. (1)

3-عن أبي حمزة عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: قال: لو اجتمع أهل السماء و الأرض أن يصفوا اللّه بعظمته لم يقدروا. (2)

4-عن بريد العجليّ قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: بنا عبد اللّه، و بنا عرف اللّه، و بنا و حدّ اللّه تبارك و تعالى و محمّد حجاب اللّه تبارك و تعالى. (3)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة.

بيان: في المرآة ج 2 ص 121، «محمّد حجاب اللّه» : أي واسطة بين اللّه و بين خلقه، كما أنّه لا يمكن الوصول إلى المحجوب إلاّ بالوصول إلى الحجاب، فكذلك هو بالنسبة إلى جميع خلقه لا يمكنهم الوصول إلى اللّه سبحانه و إلى رحمته إلاّ بالتوصّل به.

و قيل: المراد أنّه صلّى اللّه عليه و آله النور المشرق منه سبحانه، و أقرب شيء منه، كما قال صلّى اللّه عليه و آله:

«أوّل ما خلق اللّه نوري» و منه الحجاب لنور الشمس، أو المراد أنّه النور المشرق منه سبحانه و لتوسّطه بينه و بين النفوس النوريّة يكون حجابا له سبحانه، لأنّه بالوصول إليه و غلبة نوره على أنوارهم يعجز كلّ منها عن إدراك ما فوقه.

5-عن محمّد بن حكيم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: المعرفة من صنع من هي؟ قال: من صنع اللّه، ليس للعباد فيها صنع. (4)

6-عن جميل بن درّاج عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لو يعلم الناس ما في فضل معرفة اللّه عزّ و جلّ ما مدّوا أعينهم إلى ما متّع اللّه به الأعداء:

من زهرة الحياة الدنيا و نعيمها، و كانت دنياهم أقلّ عندهم ممّا يطؤونه بأرجلهم،

ص:210


1- -الكافي ج 1 ص 72 باب النسبة ح 3
2- الكافي ج 1 ص 79 باب النهي عن الصفة بغير ما وصف به نفسه تعالى ح 4
3- الكافي ج 1 ص 113 باب النوادر من التوحيد ح 10
4- الكافي ج 1 ص 124 باب البيان و التعريف ح 2

و لنعموا بمعرفة اللّه جلّ و عزّ و تلذّذوا بها تلذّذ من لم يزل في روضات الجنان مع أولياء اللّه.

إنّ معرفة اللّه عزّ و جلّ أنس من كلّ وحشة، و صاحب من كلّ وحدة، و نور من كلّ ظلمة، و قوّة من كلّ ضعف، و شفاء من كلّ سقم.

ثمّ قال عليه السّلام: و قد كان قبلكم قوم يقتلون و يحرقون و ينشرون بالمناشير و تضيق عليهم الأرض برحبها فما يردّهم عمّا هم عليه شيء ممّا هم فيه، من غير ترة و تروا من فعل ذلك بهم و لا أذى بل ما نقموا منهم إلاّ أن يؤمنوا باللّه العزيز الحميد، فاسألوا ربّكم درجاتهم و اصبروا على نوائب دهركم تدركوا سعيهم. (1)

بيان:

«عمّا هم عليه» : أي من دينهم الحقّ. «من غير ترة» : أي مكروه أو جناية أصابوا منهم.

7-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ اللّه تبارك و تعالى حرّم أجساد الموحّدين على النار. (2)

8-لمّا وافى أبو الحسن الرضا عليه السّلام بنيسابور، و أراد أن يخرج منها إلى المأمون، اجتمع إليه أصحاب الحديث، فقالوا له: يا بن رسول اللّه، ترحل عنّا و لا تحدّثنا (و لم تحدّثنا ف ن) بحديث فنستفيده منك؟ و كان قد قعد في العمارية.

فأطلع رأسه و قال: سمعت أبي موسى بن جعفر يقول: سمعت أبي جعفر بن محمّد يقول: سمعت أبي محمّد بن عليّ يقول: سمعت أبي عليّ بن الحسين يقول:

سمعت أبي الحسين بن عليّ بن أبي طالب يقول: سمعت أبي أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب يقول: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: سمعت جبرئيل يقول: سمعت اللّه

ص:211


1- -الكافي ج 8 ص 247 ح 347
2- توحيد الصدوق ص 20 ب 1 ح 7

جلّ جلاله يقول: «لا إله إلاّ اللّه حصني فمن دخل حصني أمن من عذابي» .

قال: فلمّا مرّت الراحلة نادانا: بشروطها و أنا من شروطها.

قال مصنّف هذا الكتاب: «من شروطها» : الإقرار للرضا عليه السّلام بأنّه إمام من قبل اللّه عزّ و جلّ على العباد، مفترض الطاعة عليهم. (1)

أقول:

الحديث مشهور رواه أصحابنا رحمه اللّه بطرق عديدة.

بيان: «من شروطها» أي أساس التوحيد الولاية لأهل البيت عليهم السّلام، و لا ينفع الإقرار باللّه بدون الإقرار بالولاية، و حيث إنّ أكثر أهل النيسابور في زمانه عليه السّلام كانوا من المخالفين، أشار عليه السّلام إلى لزوم قبول الولاية.

9-عن عليّ بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: التوحيد نصف الدين، و استنزلوا الرزق بالصدقة. (2)

بيان:

لعلّ المراد أنّ التوحيد نصف الدين، و النصف الآخر العمل بما اقتضاه التوحيد.

«و استنزلوا. . .» تنبيه على أنّ همّ الرزق لا يشغلكم عن الدين و تحصيل معارفه، فإنّه مقسوم بينكم يصل إليكم من رازقكم، فإن قدر عليكم فاستنزلوه بالصدقة و الإنفاق، كما قال تعالى: وَ مَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمّا آتاهُ اَللّهُ .

10-عن أبي جعفر الباقر عن أبيه عن جدّه عليهم السّلام أنّه قال: إنّ رجلا قام إلى أمير المؤمنين عليه السّلام فقال: يا أمير المؤمنين، بما ذا عرفت ربّك؟ قال: بفسخ العزم و نقض الهمّ، لمّا هممت فحيل بيني و بين همّي، و عزمت فخالف القضاء عزمي علمت أنّ المدبّر غيري.

ص:212


1- -توحيد الصدوق ص 25 ح 23
2- توحيد الصدوق ص 68 ب 2 ح 24

قال: فبما ذا شكرت نعماءه؟ قال: نظرت إلى بلاء قد صرفه عنّي و أبلى به غيري، فعلمت أنّه قد أنعم عليّ فشكرته. قال: فلما ذا أحببت لقاءه؟ قال: لمّا رأيته قد اختار لي دين ملائكته و رسله و أنبيائه علمت أنّ الذي أكرمني بهذا ليس ينساني فأحببت لقاءه. (1)

11-عن هشام بن سالم قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام فقيل له: بما عرفت ربّك؟ قال: بفسخ العزم و نقض الهمّ، عزمت ففسخ عزمي، و هممت فنقض همّي. (2)

12-عن محمّد الحلبيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: فِطْرَتَ اَللّهِ اَلَّتِي فَطَرَ اَلنّاسَ عَلَيْها قال: فطرهم على التوحيد. (3)

13-سئل أمير المؤمنين عليه السّلام عن إثبات الصانع فقال: البعرة تدلّ على البعير، و الروثة تدلّ على الحمير، و آثار القدم تدلّ على المسير، فهيكل علويّ بهذه اللطافة و مركز سفليّ بهذه الكثافة كيف لا يدلاّن على اللطيف الخبير! (4)

14-قال عليه السّلام: بصنع اللّه يستدلّ عليه، و بالعقول تعتقد معرفته، و بالتفكّر تثبت حجّته، معروف بالدلالات، مشهور (مشهود ف ن) بالبيّنات. (5)

15-و سئل أمير المؤمنين عليه السّلام: ما الدليل على إثبات الصانع؟ قال: ثلاثة أشياء: تحويل الحال، و ضعف الأركان، و نقض الهمّة. (6)

ص:213


1- -توحيد الصدوق ص 288 ب 41 ح 6
2- توحيد الصدوق ص 289 ح 8
3- توحيد الصدوق ص 329 ب 53 ح 5
4- جامع الأخبار ص 4 ف 1
5- جامع الأخبار ص 4
6- جامع الأخبار ص 6 ف 2

16-عن هشام بن الحكم أنّه قال: من سؤال الزنديق الذي أتى أبا عبد اللّه عليه السّلام أن قال: ما الدليل على صانع العالم؟ فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: وجود الأفاعيل التي دلّت على أنّ صانعها صنعها، أ لا ترى أنّك إذا نظرت إلى بناء مشيّد مبنيّ، علمت أنّ له بانيا و إن كنت لم تر الباني و لم تشاهده. . . (1)

17-و روي أنّ الصادق عليه السّلام قال لابن أبي العوجا: إن يكن الأمر كما تقول-و ليس كما تقول-نجونا و نجوت، و إن يكن الأمر كما نقول-و هو كما نقول-نجونا و هلكت. (2)

18-و سئل أمير المؤمنين عليه السّلام عن التوحيد و العدل؛ فقال: التوحيد أن لا تتوهّمه، و العدل أن لا تتّهمه. (3)

بيان:

«لا تتوهّمه» : أي لا تصوّره بوهمك، فكلّ موهوم محدود و مخلوق، و اللّه تعالى لا يحدّ بوهم. «لا تتّهمه» : أي لا تتّهمه في أفعاله، بأن يظنّ عدم الحكمة فيها و أن ينسب إلى اللّه ما لا يناسبه.

أقول: الخطب و الحكم حول التوحيد في نهج البلاغة كثيرة.

19-في مواعظ الباقر عليه السّلام: لا يقبل عمل إلاّ بمعرفة، و لا معرفة إلاّ بعمل، و من عرف دلّته معرفته على العمل، و من لم يعرف فلا عمل له. (4)

20-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: التوحيد ثمن الجنّة. . . (5)

ص:214


1- -الاحتجاج ج 2 ص 69
2- الاحتجاج ج 2 ص 75
3- نهج البلاغة ص 1301 ح 462- صبحي ح 470
4- تحف العقول ص 215
5- البحار ج 3 ص 3 ب 1 من التوحيد ح 3

21-عن محمّد بن سماعة قال: سأل بعض أصحابنا الصادق عليه السّلام فقال له:

أخبرني أيّ الأعمال أفضل؟ قال: توحيدك لربّك، قال: فما أعظم الذنوب؟ قال:

تشبيهك لخالقك. (1)

22-عن معتّب مولى أبي عبد اللّه عليه السّلام عنه عن أبيه عليهما السّلام قال: جاء أعرابيّ إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال: يا رسول اللّه، هل للجنّة من ثمن؟ قال: نعم، قال: ما ثمنها؟ قال: لا إله إلاّ اللّه، يقولها العبد مخلصا بها، قال: و ما إخلاصها؟ قال: العمل بما بعثت به في حقّه و حبّ أهل بيتي.

قال: فداك أبي و أمّي، و إنّ حبّ أهل البيت لمن حقّها؟ قال: إنّ حبّهم لأعظم حقّها. (2)

23-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أفضلكم إيمانا أفضلكم معرفة. (3)

24-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: كلّ مولود يولد على الفطرة حتّى يكون أبواه يهوّدانه و ينصّرانه. (4)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر روتها العامّة و الخاصّة.

25-عن ابن عبّاس قال: جاء أعرابيّ إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال: يا رسول اللّه، علّمني من غرائب العلم، قال: ما صنعت في رأس العلم حتّى تسأل عن غرائبه؟ قال الرجل: ما رأس العلم يا رسول اللّه؟ قال: معرفة اللّه حقّ معرفته.

قال الأعرابيّ: و ما معرفة اللّه حقّ معرفته؟ قال: تعرفه بلا مثل و لا شبه و لا ندّ، و أنّه واحد أحد ظاهر باطن أوّل آخر، لا كفو له و لا نظير، فذلك حقّ

ص:215


1- -البحار ج 3 ص 8 ح 18
2- البحار ج 3 ص 13 ح 30
3- البحار ج 3 ص 14 ح 37
4- البحار ج 3 ص 281 ب 11 ح 22

معرفته. (1)

بيان:

«الندّ» : المثل.

26-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: اعرفوا اللّه باللّه، و الرسول بالرسالة، و أولي الأمر بالمعروف و العدل و الإحسان. (2)

27-عن الحسن بن عليّ بن محمّد عليهم السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: بِسْمِ اَللّهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ فقال: اللّه هو الذي يتألّه إليه عند الحوائج و الشدائد كلّ مخلوق عند انقطاع الرجاء من كلّ من دونه و تقطّع الأسباب من جميع من سواه، تقول:

بسم اللّه أي أستعين على أموري كلّها باللّه الذي لا تحقّ العبادة إلاّ له، المغيث، إذا استغيث، و المجيب إذا دعي.

و هو ما قال رجل للصادق عليه السّلام: يا بن رسول اللّه، دلّني على اللّه ما هو؟ فقد أكثر عليّ المجادلون و حيّروني، فقال له: يا عبد اللّه، هل ركبت سفينة قطّ؟ قال:

نعم، قال: فهل كسرت بك حيث لا سفينة تنجيك، و لا سباحة تغنيك؟ قال: نعم، قال: فهل تعلّق قلبك هنالك أنّ شيئا من الأشياء قادر على أن يخلّصك من ورطتك؟ قال: نعم، قال الصادق عليه السّلام: فذلك الشيء هو اللّه القادر على الإنجاء حيث لا منجي، و على الإغاثة حيث لا مغيث. (3)

بيان:

«يتألّه إليه» قال الفيروزآبادي: أله إليه: فزع و لاذ، و ألهه: أجاره و آمنه.

28-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما خلق اللّه خلقا أصغر من البعوض و الجرجس أصغر من البعوض، و الذي يسمّونه الولغ أصغر من الجرجس،

ص:216


1- -البحار ج 3 ص 269 ب 10 ح 4
2- البحار ج 3 ص 270 ح 7
3- البحار ج 3 ص 41 ب 3 ح 16

و ما في الفيل شيء إلاّ و فيه مثله، و فضّل على الفيل بالجناحين. (1)

بيان:

«الجرجس» : البعوض الصغار. «الولغ» قال رحمه اللّه: هنا بالغين المعجمة و في الكافي بالمهملة، و هما غير مذكورين فيما عندنا من كتب اللغة، و الظاهر أنّه أيضا صنف من البعوض.

29-دخل على أبي جعفر الباقر عليه السّلام رجل من الخوارج فقال: يا أبا جعفر، أيّ شيء تعبد؟ قال: اللّه، قال: رأيته؟ قال: لم تره العيون بمشاهدة العيان، و رأته القلوب بحقائق الإيمان، لا يعرف بالقياس، و لا يدرك بالحواسّ، و لا يشبه بالناس، موصوف بالآيات، معروف بالعلامات، لا يجور في حكمه، ذلك اللّه لا إله إلاّ هو.

قال: فخرج الرجل و هو يقول: اللّه أعلم حيث يجعل رسالته. (2)

30-عن الأصبغ (في حديث) قال: قام إليه رجل يقال له: ذعلب فقال:

يا أمير المؤمنين، هل رأيت ربّك؟ فقال: ويلك يا ذعلب، لم أكن بالذي أعبد ربّا لم أره.

قال: فكيف رأيته؟ صفه لنا، قال: ويلك لم تره العيون بمشاهدة الأبصار، و لكن رأته القلوب بحقائق الإيمان، ويلك يا ذعلب، إنّ ربّي لا يوصف بالبعد و لا بالحركة و لا بالسكون و لا بالقيام قيام انتصاب و لا بجيئة و لا بذهاب، لطيف اللطافة لا يوصف باللطف، عظيم العظمة لا يوصف بالعظم، كبير الكبرياء لا يوصف بالكبر، جليل الجلالة لا يوصف بالغلظ، رؤوف الرحمة لا يوصف بالرقّة، مؤمن لا بعبادة، مدرك لا بمجسّة، قائل لا بلفظ، هو في الأشياء على غير ممازجة، خارج منها على غير مباينة، فوق كلّ شيء و لا يقال شيء فوقه، أمام

ص:217


1- -البحار ج 3 ص 44 ح 19
2- البحار ج 4 ص 26 باب نفي الرؤية ح 1( الكافي ج 1 ص 75 باب إبطال الرؤية ح 5)

كلّ شيء و لا يقال له أمام، داخل في الأشياء لا كشيء في شيء داخل، و خارج منها لا كشيء من شيء خارج. فخرّ ذعلب مغشيّا عليه. . . (1)

31-قال الصادق عليه السّلام: العارف شخصه مع الخلق و قلبه مع اللّه، لو سهى قلبه عن اللّه طرفة عين لمات شوقا إليه، و العارف أمين ودائع اللّه، و كنز أسراره و معدن أنواره، و دليل رحمته على خلقه، و مطيّة علومه و ميزان فضله و عدله، قد غني عن الخلق و المراد و الدنيا، فلا مونس له سوى اللّه، و لا نطق و لا إشارة و لا نفس إلاّ باللّه و من اللّه و مع اللّه، فهو في رياض قدسه متردّد، و من لطائف فضله إليه متزوّد، و المعرفة أصل فرعه الإيمان. (2)

32-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الإيمان نجاة. (الغرر ج 1 ص 11 ف 1 ح 235)

الإيمان واضح الولائج (3). (ص 19 ح 512)

المعرفة نور القلب-التوحيد حياة النفس. (ص 21 ح 591 و 593)

المعرفة الفوز بالقدس. (ح 595)

المعرفة برهان الفضل. (ص 29 ح 879)

الإيمان أعلى غاية. (ص 30 ح 900)

الإيمان شهاب لا يخبو. (ص 32 ح 991)

المعرفة دهش (4)و الخلوّ منها عطش. (ص 61 ح 1635)

الإيمان أفضل الأمانتين. (ص 65 ح 1706)

العلم أوّل دليل و المعرفة آخر نهاية. (ص 92 ح 2084)

ص:218


1- -البحار ج 4 ص 27 ح 2-و بمدلوله في نهج البلاغة ص 582 خ 178
2- مصباح الشريعة ص 64 ب 95
3- أي البواطن و الأسرار
4- أي التحيّر

إنّ للا إله إلاّ اللّه شروطا و إنّي و ذرّيّتي من شروطها. (ص 224 ف 9 ح 103)

ثمرة العلم معرفة اللّه-ثمرة الإيمان الفوز عند اللّه. (ص 358 ف 23 ح 1 و 2)

ثمرة المعرفة العزوف (1)عن دار الدنيا. (ص 361 ح 63)

ثمرة الإيمان الرغبة في دار البقاء. (ح 64)

عجبت لمن عرف اللّه كيف لا يشتدّ خوفه. (ج 2 ص 494 ف 54 ح 14)

عجبت لمن عرف ربّه كيف لا يسعى لدار المقام. (ص 495 ح 17)

عرف اللّه سبحانه بفسخ العزائم، و حلّ العقود، و كشف البليّة عمّن أخلص النيّة. (ص 500 ف 55 ح 30)

غاية الدين الإيمان. (ص 503 ف 56 ح 1)

غاية المعرفة الخشية. (ص 504 ح 14)

من عرف كفّ. (ص 611 ف 77 ح 7)

من عرف نفسه فقد عرف ربّه. (ص 625 ح 301)

من عرف اللّه كملت معرفته. (ص 628 ح 354)

من آمن باللّه لجأ إليه. (ص 632 ح 413)

من عرف اللّه توحّد. (ص 619 ح 187)

من وحّد اللّه سبحانه لم يشبّهه بالخلق. (ص 671 ح 986)

من عرف اللّه سبحانه لم يشق أبدا. (ص 699 ح 1292)

من صحّت معرفته انصرفت عن العالم الفاني نفسه و همّته. (ص 716 ح 1479)

معرفة اللّه سبحانه أعلى المعارف. (ص 767 ف 80 ح 150)

هو اللّه الذي تشهد له أعلام الوجود على قلب ذوي الجحود.

(ص 794 ف 84 ح 33)

ص:219


1- -أي الزهد و الكراهة

يسير المعرفة يوجب الزهد في الدنيا. (ص 866 ف 89 ح 9)

أقول:

قال الإمام السجّاد عليه السّلام في دعاء أبي حمزة: «بك عرفتك و أنت دللتني عليك، و دعوتني إليك، و لو لا أنت لم أدر ما أنت. . . و أنّ الراحل إليك قريب المسافة، و أنّك لا تحتجب عن خلقك إلاّ أن تحجبهم الأعمال دونك. . . يا غفّار، بنورك اهتدينا. . .» .

و في دعاء العرفة للحسين عليه السّلام: «كيف يستدلّ عليك بما هو في وجوده مفتقر إليك، أ يكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتّى يكون هو المظهر لك، متى غبت حتّى تحتاج إلى دليل يدلّ عليك و متى بعدت حتّى تكون الآثار هي التي توصل إليك، عميت عين لا تراك عليها رقيبا، و خسرت صفقة عبد لم تجعل له من حبّك نصيبا.

إلهي أمرت بالرجوع إلى الآثار فارجعني إليك بكسوة الأنوار و هداية الاستبصار حتّى أرجع إليك منها كما دخلت إليك منها مصون السرّ عن النظر إليها و مرفوع الهمّة عن الاعتماد عليها، إنّك على كلّ شيء قدير.

إلهي هذا ذلّي ظاهر بين يديك و هذا حالي لا يخفى عليك، منك أطلب الوصول إليك، و بك أستدلّ عليك، فاهدني بنورك إليك، و أقمني بصدق العبوديّة بين يديك. . . أنت الذي أشرقت الأنوار في قلوب أوليائك حتّى عرفوك و وحّدوك، و أنت الذي أزلت الأغيار عن قلوب أحبّائك حتّى لم يحبّوا سواك و لم يلجئوا إلى غيرك. . .» .

ص:220

185- الورع

الأخبار

1-عن عمرو بن سعيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له: إنّي لا ألقاك إلاّ في السنين، فأخبرني بشيء آخذ به، فقال: أوصيك بتقوى اللّه و الورع و الاجتهاد، و اعلم أنّه لا ينفع اجتهاد لا ورع فيه. (1)

بيان:

«الاجتهاد» : بذل الجهد في فعل الطاعات و تحمّل المشقّة في العبادة.

قال في النهاية ج 5 ص 174، «الورع» في الأصل: الكفّ عن المحارم و التحرّج منه، يقال: ورع الرجل يرع بالكسر فيهما، ورعا، ورعة فهو ورع، و تورّع من كذا، ثمّ استعير للكفّ عن المباح و الحلال.

و في مجمع البحرين، الورع في الأصل: الكفّ عن المحارم و التحرّج منها. . . ثمّ استعمل في الكفّ المطلق، قال بعض شرّاح الحديث: هو أقسام: فمنه؛ ما يخرج المكلّف عن الفسق و هو الموجب لقبول الشهادة و يسمّى"ورع التائبين"، و منه؛ ما يخرج به عن الشبهات، فإنّ من رتع حول الحمى يوشك أن يدخل فيه و يسمّى "ورع الصالحين"، و منه؛ ترك الحلال الذي يتخوّف انجراره إلى المحرّم و يسمّى

ص:221


1- -الكافي ج 2 ص 62 باب الورع ح 1

"ورع المتّقين"، و عليه حمل قوله صلّى اللّه عليه و آله: «لا يكون الرجل من المتّقين حتّى يدع ما لا بأس به مخافة أن يكون فيه بأس» و مثل «يترك الكلام عن الغير مخافة الوقوع في الغيبة» و منه؛ الإعراض عن غير اللّه خوفا من ضياع ساعة من العمر فيما لا فائدة فيه و يسمّى"ورع الصدّيقين".

2-عن حديد بن حكيم قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: اتّقوا اللّه و صونوا دينكم بالورع. (1)

بيان:

في المرآة ج 8 ص 59: يدلّ على أنّ ترك الورع عن المحرّمات يصيّر الإيمان بمعرض الضياع و الزوال، فإنّ فعل الطاعات و ترك المعاصي حصون للإيمان من أن يذهب به الشيطان.

3-عن يزيد بن خليفة قال: وعظنا أبو عبد اللّه عليه السّلام فأمر و زهّد، ثمّ قال:

عليكم بالورع، فإنّه لا ينال ما عند اللّه إلاّ بالورع. (2)

4-عن فضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ أشدّ العبادة الورع. (3)

5-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال اللّه عزّ و جلّ: ابن آدم اجتنب ما حرّمت عليك، تكن من أورع الناس. (4)

6-عن حفص بن غياث قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الورع من الناس؛ فقال: الذي يتورّع عن محارم اللّه عزّ و جلّ. (5)

7-عن أبي أسامة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: عليك بتقوى اللّه

ص:222


1- -الكافي ج 2 ص 62 ح 2
2- الكافي ج 2 ص 62 ح 3
3- الكافي ج 2 ص 62 ح 5
4- الكافي ج 2 ص 62 ح 7
5- الكافي ج 2 ص 63 ح 8

و الورع و الاجتهاد، و صدق الحديث، و أداء الأمانة، و حسن الخلق، و حسن الجوار، و كونوا دعاة إلى أنفسكم بغير ألسنتكم، و كونوا زينا و لا تكونوا شينا، و عليكم بطول الركوع و السجود؛ فإنّ أحدكم إذا طال (أطال ف ن) الركوع و السجود هتف إبليس من خلفه و قال: يا ويله أطاع و عصيت و سجد و أبيت. (1)

بيان:

«حسن الجوار» : لكلّ من جاوره و صاحبه و لجار بيته. «لا تكونوا شينا» أي عيبا و عارا علينا. «الهتف» : أي الصوت و هتف بي هاتف: صاح.

«يا ويله» : في النهاية ج 5 ص 236، الويل: الحزن و الهلاك و المشقّة من العذاب، و كلّ من وقع في هلكة دعا بالويل. . . و أضاف الويل إلى ضمير الغائب حملا على المعنى و عدل عن حكاية قول إبليس"يا ويلي"كراهة أن يضيف الويل إلى نفسه انتهى.

و قيل: الضمير راجع إلى الساجد و دعا إبليس له بالعذاب و الويل.

8-عن أبي زيد قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام فدخل عيسى بن عبد اللّه القمّي فرحّب به و قرّب من مجلسه، ثمّ قال: يا عيسى بن عبد اللّه، ليس منّا -و لا كرامة-من كان في مصر فيه مأة ألف أو يزيدون و كان في ذلك المصر أحد أورع منه. (2)

بيان:

فرحّب به أي قال له: مرحبا.

9-قال أبو جعفر عليه السّلام: أعينونا بالورع، فإنّه من لقي اللّه عزّ و جلّ منكم بالورع كان له عند اللّه فرجا، و إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: مَنْ يُطِعِ اَللّهَ وَ اَلرَّسُولَ (3)

ص:223


1- -الكافي ج 2 ص 63 ح 9
2- الكافي ج 2 ص 63 ح 10
3- في التنزيل العزيز: وَ مَنْ يُطِعِ اَللّهَ وَ اَلرَّسُولَ

فَأُولئِكَ مَعَ اَلَّذِينَ أَنْعَمَ اَللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ اَلنَّبِيِّينَ وَ اَلصِّدِّيقِينَ وَ اَلشُّهَداءِ وَ اَلصّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً (1)فمنّا النبيّ و منّا الصدّيق و الشهداء و الصالحون. (2)

10-عن أبي الحسن الأوّل عليه السّلام قال: كثيرا ما كنت أسمع أبي يقول: ليس من شيعتنا من لا تتحدّث المخدّرات بورعه في خدورهنّ، و ليس من أوليائنا من هو في قرية فيها عشرة ألاف رجل فيهم من خلق اللّه أورع منه. (3)

بيان:

«المخدّرات» : النساء المستورات، و المعنى اشتهر ورعه بحيث تتحدّث النساء المستورات بورعه في بيوتهنّ.

11-إنّ رجلا سأل عليّ بن الحسين عليهما السّلام عن الزهد، فقال: عشرة أشياء؛ فأعلى درجة الزهد أدنى درجة الورع، و أعلى درجة الورع أدنى درجة اليقين، و أعلى درجة اليقين أدنى درجة الرضا. . . (4)

بيان:

معنى الحديث أنّ الرجل لا يكون ورعا حتّى يكون زاهدا، و لا يكون موقنا حتّى يكون ورعا، و لا يكون راضيا إلاّ أن يكون موقنا، فالزهد ينجرّ إلى الورع و الورع إلى اليقين و اليقين إلى الرضا.

12-عن خيثمة قال: دخلت على أبي جعفر عليه السّلام أودّعه فقال: يا خيثمة، أبلغ من ترى من موالينا السلام، و أوصهم بتقوى اللّه العظيم، و أن يعود غنيّهم على فقيرهم، و قويّهم على ضعيفهم، و أن يشهد حيّهم جنازة ميّتهم، و أن يتلاقوا في بيوتهم، فإنّ لقيا بعضهم بعضا حياة لأمرنا، رحم اللّه عبدا أحيا أمرنا.

ص:224


1- -النساء:69
2- الكافي ج 2 ص 63 ح 12
3- الكافي ج 2 ص 64 ح 15
4- الكافي ج 2 ص 104 باب ذمّ الدنيا ح 4

يا خيثمة، أبلغ موالينا أنّا لا نغني عنهم من اللّه شيئا إلاّ بعمل، و أنّهم لن ينالوا ولايتنا إلاّ بالورع، و إنّ أشدّ الناس حسرة يوم القيامة من وصف عدلا ثمّ خالفه إلى غيره. (1)

بيان:

«لا نغني» يقال: أغنى عنه أي أجزأه و كفاه «لقيا» : اسم من اللقاء، و يحتمل"لقيّا" بالتشديد من لقيه لقاء و لقيّا.

13-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الإسلام عريان فلباسه الحياء، و زينته الوفاء (الوقار ف ن) ، و مروءته العمل الصالح، و عماده الورع، و لكلّ شيء أساس و أساس الإسلام حبّنا أهل البيت. (2)

14-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال لي: يا جابر، أ يكتفي من ينتحل التشيّع أن يقول بحبّنا أهل البيت. . . و ما تنال ولايتنا إلاّ بالعمل و الورع. (3)

15-عن عليّ بن محمّد عن آبائه عن الصادق عليهم السّلام أنّه قال: عليكم بالورع، فإنّه الدين الذي نلازمه و ندين اللّه تعالى به و نريده ممّن يوالينا، لا تتعبونا بالشفاعة. (4)

16-عن فضيل بن عياض عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له: من الورع من الناس؟ فقال: الذي يتورّع عن محارم اللّه، و يجتنب هؤلاء، و إذا لم يتّق الشبهات وقع في الحرام و هو لا يعرفه، و إذا رأى المنكر و لم ينكره و هو يقوى عليه، فقد أحبّ أن يعصى اللّه، و من أحبّ أن يعصى اللّه فقد بارز اللّه بالعداوة،

ص:225


1- -الكافي ج 2 ص 140 باب زيارة الإخوان ح 2
2- الوسائل ج 15 ص 184 ب 4 من جهاد النفس ح 6
3- الوسائل ج 15 ص 234 ب 18 ح 3
4- الوسائل ج 15 ص 248 ب 21 ح 21

و من أحبّ بقاء الظالمين فقد أحبّ أن يعصى اللّه، إنّ اللّه تبارك و تعالى حمد نفسه على هلاك الظلمة فقال: فَقُطِعَ دابِرُ اَلْقَوْمِ اَلَّذِينَ ظَلَمُوا وَ اَلْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ اَلْعالَمِينَ . (1). (2)

أقول:

«يجتنب هؤلاء» : في تفسير القمّي بدلها: "يجتنب الشبهات".

17-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أورع الناس من وقف عند الشبهة، أعبد الناس من أقام الفرائض، أزهد الناس من ترك الحرام، أشدّ الناس اجتهادا من ترك الذنوب. (3)

18-فيما أوصى به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عليّا عليه السّلام قال: يا عليّ، ثلاث من لم تكن فيه لم يقم له عمل: ورع يحجزه عن معاصي اللّه عزّ و جلّ، و خلق يداري به الناس، و حلم يردّ به جهل الجاهل. (4)

19-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: كفّ عن محارم اللّه تكن أورع الناس. (5)

20-عن الصادق عن آبائه عن الحسين بن عليّ عليهم السّلام قال: سئل أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه: ما ثبات الإيمان؟ فقال: الورع، فقيل له: ما زواله؟ قال: الطمع. (6)

21-في خطبة الوسيلة: لا معقل أحرز من الورع. (7)

ص:226


1- -الأنعام:45
2- البحار ج 70 ص 303 باب الورع ح 15( تفسير القميّ ج 1 ص 200 الأنعام)
3- البحار ج 70 ص 305 ح 25 و مثله في تحف العقول ص 363 عن الحسن العسكريّ عليه السّلام
4- البحار ج 70 ص 305 ح 21
5- البحار ج 70 ص 305 ح 22
6- البحار ج 70 ص 305 ح 23
7- البحار ج 70 ص 305 ح 24

22-سئل أمير المؤمنين عليه السّلام: أيّ الأعمال أفضل عند اللّه؟ قال: التسليم و الورع. (1)

أقول:

قد مرّ في باب الصوم، ما سأل أمير المؤمنين عليه السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حين خطبته:

ما أفضل الأعمال في هذا الشهر؟ فقال صلّى اللّه عليه و آله: يا أبا الحسن، أفضل الأعمال في هذا الشهر الورع عن محارم اللّه.

23-قال الصادق عليه السّلام: أم و اللّه إنّكم لعلى دين اللّه و ملائكته، فأعينونا على ذلك بورع و اجتهاد، عليكم بالصلاة و العبادة، عليكم بالورع. (2)

24-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: اتّقوا اللّه، اتّقوا اللّه، عليكم بالورع و صدق الحديث، و أداء الأمانة، و عفّة البطن و الفرج، تكونوا معنا في الرفيع الأعلى. (3)

25-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : من أحبّنا فليعمل بعملنا و ليستعن بالورع، فإنّه أفضل ما يستعان به في أمر الدنيا و الآخرة. (4)

أقول:

قد مرّ ما يدلّ على المقام في باب الحبّ ف 2.

26-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: شكر كلّ نعمة الورع عمّا حرّم اللّه. (5)

27-عن إبراهيم الكرخي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: لا يجمع اللّه عزّ و جلّ لمؤمن الورع و الزهد في الدنيا إلاّ رجوت له الجنّة. (6)

ص:227


1- -البحار ج 70 ص 304 ح 17
2- البحار ج 70 ص 306 ح 27
3- البحار ج 70 ص 306 ح 28
4- البحار ج 70 ص 306 ح 30
5- البحار ج 70 ص 307 ح 31
6- البحار ج 70 ص 307 ح 32

28-عن أبي جميلة عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: أيّها الناس، لا خير في دين لا تفقّه فيه، و لا خير في دنيا لا تدبير فيها، و لا خير في نسك لا ورع فيه. (1)

29-عن زيد بن عليّ عن أبيه عليه السّلام قال: الورع نظام العبادة، فإذا انقطع الورع ذهبت الديانة، كما أنّه إذا انقطع السلك اتّبعه النظام. (2)

بيان:

«السلك» : الخيط ينظم فيه الخرز و نحوه (خرزة: مهره و دانه سوراخ شده) .

30-و قال عليه السّلام: و اعلم أنّكم لو صلّيتم حتّى تكونوا كالحنايا، و صمتم حتّى تكونوا كالأوتار ما نفعكم ذلك إلاّ بورع حاجز. (3)

بيان:

في النهاية ج 1 ص 454، «لو صلّيتم حتّى تكونوا كالحنايا» : هي جمع حنيّة، أو حنيّ، و هما القوس، فعيل بمعنى مفعول؛ لأنّها محنيّة أي معطوفة.

«الوتر» : جمع أوتار و هو شرعة القوس و معلّقها.

31-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و الورع جنّة. (4)

32-و قال عليه السّلام: . . . و لا معقل أحسن من الورع. . . (5)

33-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا أبا ذرّ، أصل الدين الورع، و رأسه الطاعة، يا أبا ذرّ، كن ورعا تكن أعبد الناس، و خير دينكم الورع. (6)

34-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: خرجت أنا و أبي ذات يوم إلى المسجد، فإذا

ص:228


1- -البحار ج 70 ص 307 ح 34
2- البحار ج 70 ص 308 ح 37
3- عدّة الداعي ص 284 ب 6-و بمضمونه في البحار ج 84 ص 258 عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله
4- نهج البلاغة ص 1089 في ح 3-الغرر ج 1 ص 9 ف 1 ح 163
5- نهج البلاغة ص 1260 في ح 363
6- المستدرك ج 11 ص 270 ب 21 من جهاد النفس ح 10

هو باناس من أصحابه بين القبر و المنبر، قال: فدنا منهم و سلّم عليهم، و قال:

و اللّه إنّي لاحبّ ريحكم و أرواحكم، فأعينونا على ذلك بورع و اجتهاد، و اعلموا أنّ ولايتنا لا تنال إلاّ بالورع و الاجتهاد، و من ائتمّ منكم بقوم (بإمام ف ن) فيعمل بعملهم (بعمله ف ن) . . . (1)

35-عن أمير المؤمنين عليه السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (في خبر المعراج) قال:

يا أحمد، عليك بالورع، فإنّ الورع رأس الدين، و وسط الدين، و آخر الدين، إنّ الورع يقرّب العبد إلى اللّه عزّ و جلّ.

يا أحمد، إنّ الورع كالشنوف بين الحليّ، و الخبز بين الطعام، إنّ الورع رأس الإيمان (زين المؤمن م) ، و عماد الدين، و إنّ الورع مثله كمثل السفينة، كما أنّ من في البحر لا ينجو إلاّ بالسفينة، و كذلك لا يقدر الزاهد أن ينجو من الدنيا إلاّ بالورع.

يا أحمد، إنّ الورع يفتح على العبد أبواب العبادة، فيكرم به العبد عند الخلق، و يصل به إلى اللّه عزّ و جلّ. . . (2)

بيان:

«الشنف» جمع شنوف: الحلية التي تلبس بالاذن.

36-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من لم يتورّع في دين اللّه تعالى، ابتلاه اللّه بثلاث خصال: إمّا أن يميته شابّا، أو يوقعه في خدمة السلطان، أو يسكنه في الرساتيق. (3)

37-قال الصادق عليه السّلام: أغلق أبواب جوارحك عمّا يقع ضرره إلى قلبك، و يذهب بوجاهتك عند اللّه، و يعقّب الحسرة و الندامة يوم القيامة، و الحياء عمّا اجترحت من السيّئات، و المتورّع يحتاج إلى ثلاثة أصول: الصفح عن عثرات

ص:229


1- -المستدرك ج 11 ص 272 ح 16
2- المستدرك ج 11 ص 273 ح 20
3- المستدرك ج 11 ص 274 ح 21

الخلق أجمع، و ترك خطيئته (خوضه ف ب) فيهم، و استواء المدح و الذمّ.

و أصل الورع دوام محاسبة النفس، و صدق المقاولة، و صفاء المعاملة، و الخروج من كلّ شبهة، و رفض كلّ عيبة و ريبة، و مفارقة جميع ما لا يعنيه، و ترك فتح أبواب لا يدري كيف يغلقها، و لا يجالس من يشكل عليه الواضح، و لا يصاحب مستخفّ الدين، و لا يعارض من العلم ما لا يحتمل قلبه، و لا يتفهّمه من قائله، و يقطع عمّن يقطعه عن اللّه عزّ و جلّ. (1)

38-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الورع اجتناب. (الغرر ج 1 ص 8 ف 1 ح 112)

الورع أفضل لباس-الورع خير قرين. (ص 20 ح 531 و 548)

الورع شعار الأتقياء. (ص 23 ح 644)

الورع جنّة من السيّئات. (ص 26 ح 771)

الورع مصباح نجاح. (ص 27 ح 800)

الورع ثمرة العفاف. (ص 33 ح 1033)

الورع شيمة الفقهاء. (ص 34 ح 1037)

الورع أساس التقوى. (ص 37 ح 1149)

الورع يحجز عن ارتكاب المحارم. (ص 53 ح 1474)

الورع من تنزّهت نفسه و شرفت خلاله (2). (ص 67 ح 1741)

الورع يصلح الدين و يصون النفس و يزيّن المروّة. (ص 77 ح 1889)

الورع الوقوف عند الشبهة. (ص 103 ح 2185)

أحسن اللباس الورع. (ص 177 ف 8 ح 67)

ص:230


1- -مصباح الشريعة ص 23 ب 33
2- أي خصاله

أكيسكم أورعكم. (ص 174 ح 10)

أملك شيء الورع-أنفع شيء الورع. (ص 176 ح 52 و 61)

أحسن شيء الورع. (ص 182 ح 167)

أفضل الورع حسن الظنّ. (ص 184 ح 201)

أصل الورع تجنّب الآثام و التنزّه عن الحرام. (ص 189 ح 271)

أصل الورع تجنّب الشهوات. (ص 192 ح 312)

أفسد دينه من تعرّى عن الورع. (ح 315)

أورع الناس أنزههم عن المطالب. (ص 213 ح 543)

إنّما الورع التطهير عن المعاصي. (ص 297 ف 15 ح 13)

إنّما الورع التحرّي في المكاسب و الكفّ عن المطالب. (ص 299 ح 29)

آفة الورع قلّة القناعة. (ص 305 ف 16 ح 21)

آفة العدول قلّة الورع. (ص 306 ح 23)

بالورع يكون التنزّه عن الدنايا. (ص 334 ف 18 ح 102)

بصدق الورع يحصن الدين. (ح 105)

بالورع يتزكّى المؤمن. (ص 337 ح 156)

ثمرة الورع صلاح النفس و الدين. (ص 360 ف 23 ح 49)

جمال المؤمن ورعه. (ص 370 ف 26 ح 31)

خير أعوان الدين الورع. (ص 388 ف 29 ح 26)

دليل دين المرء ورعه-دليل ورع المرء نزاهته. (ص 401 ف 31 ح 3 و 5)

دلالة حسن الورع عزوف النفس عن مذلّة الطمع. (ص 402 ح 21)

رأس الورع غضّ الطرف. (ص 412 ف 34 ح 20)

رأس الورع ترك الطمع. (ح 28)

سبب صلاح الدين الورع. (ص 430 ف 38 ح 3)

ص:231

سبب الورع قوّة الدين. (ص 431 ح 30)

سبب صلاح النفس الورع. (ص 432 ح 37)

شيئان لا يوازنهما عمل؛ حسن الورع و الإحسان إلى المؤمنين.

(ص 449 ف 42 ح 17)

صلاح الإيمان الورع، و فساده الطمع. (ص 452 ف 43 ح 7)

عليك بالورع فإنّه خير صيانة. (ج 2 ص 479 ف 49 ح 28)

عليك بالورع فإنّه عون الدين و شيمة المخلصين. (ص 482 ح 53)

عليك بالورع و إيّاك و غرور الطمع، فإنّه و خيم المرابع. (ح 62)

من قلّ حيائه قلّ ورعه. (ص 647 ف 77 ح 645)

من قلّ ورعه مات قلبه. (ح 646)

من مات قلبه دخل النار. (ح 647)

من لزم الطمع عدم الورع. (ح 649)

من زاد ورعه نقص إثمه. (ص 649 ح 675)

من أحبّنا فليعمل بعملنا و ليتجلبب الورع. (ص 658 ح 822)

من تعرّى بالورع ادّرع جلباب العار. (ص 661 ح 856)

من لوازم الورع التنزّه عن الآثام. (ص 730 ف 78 ح 89)

من أفضل الورع أن لا تبدي في خلوتك ما تستحيي من إظهاره في علانيتك.

(ح 95)

من أفضل الورع اجتناب المحرّمات. (ص 733 ح 126)

ملاك الدين الورع. (ص 757 ف 80 ح 7)

ملاك الورع الكفّ عن المحارم. (ص 758 ح 16)

مع الورع يثمر العمل. (ح 27)

ورع الرجل على قدر دينه. (ص 780 ف 83 ح 5)

ص:232

ورع يعزّ خير من طمع يذلّ. (ص 781 ح 17)

ورع المرء ينزّهه عن كلّ دنيّة. (ح 19)

ورع المؤمن يظهر في علمه. (ص 786 ح 70)

ورع المنافق لا يظهر إلاّ في لسانه. (ح 71)

لا ورع كالكفّ. (ص 830 ف 86 ح 18)

لا نزاهة كالتورّع-لا ورع مع غيّ (1). (ص 832 ح 58 و 76)

لا ورع كتجنّب الآثام. (ص 834 ح 114)

لا يصلح الدين كالورع. (ص 835 ح 124)

لا يجتمع الورع و الطمع. (ص 836 ح 142)

لا معقل أحرز من الورع. (ص 839 ح 208)

لا يزكو العلم بغير ورع. (ص 842 ح 252)

لا صيانة لمن لا ورع له. (ص 847 ح 346)

لا ورع أنفع من تجنّب المحارم. (ص 851 ح 403)

لا ورع أنفع من ترك المحارم و تجنّب الآثام. (ص 853 ح 417)

لا ينفع زهد من لم يتخلّ عن الطمع و يتحلّ بالورع. (ح 420)

لا خير في عمل إلاّ مع اليقين و الورع. (ص 858 ح 478)

يفسد الطمع الورع، و الفجور التقوى. (ص 874 ف 91 ح 7)

ص:233


1- -أي الضلالة

ص:234

186- الوسوسة

الآيات

1- فَوَسْوَسَ لَهُمَا اَلشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما. . . (1)

2- فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ اَلشَّيْطانُ قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ اَلْخُلْدِ وَ مُلْكٍ لا يَبْلى . (2)

3- وَ لَقَدْ خَلَقْنَا اَلْإِنْسانَ وَ نَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ اَلْوَرِيدِ . (3)

4- قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اَلنّاسِ - مَلِكِ اَلنّاسِ - إِلهِ اَلنّاسِ - مِنْ شَرِّ اَلْوَسْواسِ اَلْخَنّاسِ - اَلَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ اَلنّاسِ - مِنَ اَلْجِنَّةِ وَ اَلنّاسِ . (4)

الأخبار

1-عن محمّد بن حمران قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الوسوسة

ص:235


1- -الأعراف:20
2- طه:120
3- ق:16
4- سورة الناس

و إن كثرت؛ فقال: لا شيء فيها، تقول: لا إله إلاّ اللّه. (1)

2-عن جميل بن درّاج عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له: إنّه يقع في قلبي أمر عظيم، فقال: قل: لا إله إلاّ اللّه. قال جميل: فكلّما وقع في قلبي شيء قلت: لا إله إلاّ اللّه، فيذهب عنّي. (2)

بيان:

للوسوسة معان ستأتي، و المراد بها في هذين الخبرين ما يخطر بالقلب من أصول الدين بحيث يخاف منها.

3-عن حمّاد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أتى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رجل فقال: يا نبيّ اللّه، الغالب عليّ الدين و وسوسة الصدر، فقال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قل:

«توكّلت على الحيّ الذي لا يموت، و الحمد للّه الذي لم يتّخذ صاحبة و لا ولدا و لم يكن له شريك في الملك، و لم يكن له وليّ من الذلّ و كبّره تكبيرا» قال: فصبر الرجل ما شاء اللّه، ثمّ مرّ على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فهتف به فقال: ما صنعت؟ فقال: أدمنت ما قلت لي يا رسول اللّه، فقضى اللّه ديني، و أذهب وسوسة صدري. (3)

4-عن عبد اللّه بن سنان قال: ذكرت لأبي عبد اللّه عليه السّلام رجلا مبتلى بالوضوء و الصلاة و قلت: هو رجل عاقل، فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: و أيّ عقل له و هو يطيع الشيطان؟ فقلت له: و كيف يطيع الشيطان؟ فقال: سله هذا الذي يأتيه من أيّ شيء هو؟ فإنّه يقول لك: من عمل الشيطان. (4)

5-قال الصادق عليه السّلام: من كثر عليه السهو في الصلاة فليقل إذا دخل الخلاء: «بسم اللّه و باللّه، أعوذ باللّه من الرجس النجس، الخبيث المخبث، الشيطان

ص:236


1- -الكافي ج 2 ص 310 باب الوسوسة ح 1
2- الكافي ج 2 ص 310 ح 2
3- الكافي ج 2 ص 403 باب الدعاء للدين ح 2-و بمدلوله ح 3
4- الكافي ج 1 ص 9 كتاب العقل ح 10

الرجيم» . (1)

6-عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه الصادق عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ آدم شكا إلى اللّه ما يلقى من حديث النفس و الحزن، فنزل عليه جبرئيل عليه السّلام فقال له: يا آدم، قل: «لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه» فقالها، فذهب عنه الوسوسة و الحزن. (2)

7-عن زرارة و أبي بصير جميعا قالا: قلنا له: الرجل يشكّ كثيرا في صلاته حتّى لا يدري، كم صلّى و لا ما بقي عليه؟ قال: يعيد، قلنا: فإنّه يكثر عليه ذلك، كلّما أعاد شكّ؟ قال: يمضي في شكّه، ثمّ قال: لا تعوّدوا الخبيث من أنفسكم نقض الصلاة فتطمعوه، فإنّ الشيطان خبيث معتاد لما عوّد، فليمض أحدكم في الوهم و لا يكثرنّ نقض الصلاة، فإنّه إذا فعل ذلك مرّات لم يعد إليه الشكّ، قال زرارة: ثمّ قال: إنّما يريد الخبيث أن يطاع، فإذا عصي لم يعد إلى أحدكم. (3)

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أتى رجل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال: يا رسول اللّه، أشكو إليك ما ألقي من الوسوسة في صلاتي حتّى لا أدري ما صلّيت من زيادة أو نقصان، فقال: إذا دخلت في الصلاة فاطعن فخذك الأيسر باصبعك اليمنى المسبّحة ثمّ قل: «بسم اللّه و باللّه توكّلت على اللّه، أعوذ باللّه السميع العليم من الشيطان الرجيم» فإنّك تنحره و تطرده. (4)

9-عن حمّاد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: صام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حتّى قيل: ما يفطر. . . ثمّ قبض عليه السّلام على صيام ثلاثة أيّام في الشهر و قال: يعدلن صوم

ص:237


1- -الوسائل ج 1 ص 308 ب 5 من الخلوة ح 8
2- الوسائل ج 7 ص 217 ب 47 من الذكر ح 1
3- الوسائل ج 8 ص 228 ب 16 من الخلل ح 2
4- الوسائل ج 8 ص 249 ب 31 ح 1

الدهر، و يذهبن بوحر الصدر، و قال حمّاد: (فقلت: و ما) الوحر (؟ فقال:) الوسوسة. قال حمّاد: فقلت: و أيّ الأيّام هي؟ قال: أوّل خميس في الشهر، و أوّل أربعاء بعد العشر منه، و آخر خميس فيه. . . (1)

10-في العقد الحسيني قال: إنّ بعض الصحابة شكا إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الوسوسة، فقال: يا رسول اللّه، إنّ الشيطان قد حال بيني و بين صلواتي، يلبّسها عليّ، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ذلك شيطان يقال له: خنزب، فإذا أحسست به فتعوّذ باللّه منه، و اتفل عن يسارك ثلاثا، قال: ففعلت ذلك فأذهب اللّه عنّي.

قال: و رويت عن ابن عبّاس أنّه شكا إليه بعضهم الوسوسة، فقال:

إذا وجدت في قلبك شيئا، فقل: «هو الأوّل و الآخر و الظاهر و الباطن و هو بكلّ شيء عليم» . (2)

11-في وصيّة أمير المؤمنين عليه السّلام لكميل رحمه اللّه: يا كميل، إذا وسوس الشيطان في صدرك فقل: «أعوذ باللّه القويّ من الشيطان الغويّ، و أعوذ بمحمّد الرضيّ من شرّ ما قدّر و قضى، و أعوذ بإله الناس من شرّ الجنّة و الناس أجمعين» و سلّم تكف مؤونة إبليس و الشياطين معه، و لو أنّهم كلّهم أبالسة مثله.

يا كميل، إنّ لهم خدعا و شقاشق و زخازف و وساوس و خيلاء على كلّ أحد قدر منزلته في الطاعة و المعصية، فبحسب ذلك يستولون عليه بالغلبة. (3)

أقول:

في المستدرك ج 6 ص 426: يوجد في بعض نسخ النهج، و فيه: و أعوذ بإله الطيّبين من شرّ الخ و بعد قوله: «أجمعين» و عظّم اللّه و صلّ على محمّد و آله تكف الخ.

بيان: المراد بالوسوسة في الحديث إغواء الشيطان و إضلاله. «الشقاشق» : جمع

ص:238


1- -الوسائل ج 10 ص 415 ب 7 من الصوم المندوب ح 1
2- المستدرك ج 6 ص 425 ب 27 من الخلل ح 3
3- البحار ج 77 ص 273

شقشقة و هي شيء يخرجه البعير من فيه إذا هاج.

12-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: كلوا الرمّان، فليست منه حبّة تقع في المعدة إلاّ أنارت القلب، و أخرجت الشيطان أربعين يوما. (1)

13-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يغسل رأسه بالسدر، و يقول: اغسلوا رؤوسكم بورق السدر و نقّوا، فإنّه قدّسه كلّ ملك مقرّب و كلّ نبيّ مرسل، و من غسل رأسه بورق السدر صرف اللّه عنه وسوسة الشيطان سبعين يوما، و من صرف اللّه عنه وسوسة الشيطان سبعين يوما لم يعص اللّه و من لم يعص دخل الجنّة. (2)

14-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: عليكم بالسواك، فإنّه يذهب وسوسة الصدر. (3)

15-عن ابن عبّاس قال: لمّا أن بعث اللّه عيسى عليه السّلام تعرّض له الشيطان فوسوسه، فقال عيسى عليه السّلام: «سبحان اللّه ملأ سمواته و أرضه و مداد كلماته، و زنة عرشه، و رضا نفسه» قال: فلمّا سمع إبليس ذلك ذهب على وجهه لا يملك من نفسه شيئا حتّى وقع في اللجّة الخضراء. (4)

أقول:

لاحظ تمام الحديث في البحار ج 14 ص 270.

16-في مكارم الأخلاق لوسوسة القلب يقول: فَإِذا قَرَأْتَ اَلْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ اَلشَّيْطانِ اَلرَّجِيمِ و يقرأ المعوّذتين.

ص:239


1- -البحار ج 66 ص 154 باب فضل الرمّان ح 1
2- البحار ج 76 ص 87 باب غسل الرأس بالخطمي و غيره ح 6
3- البحار ج 76 ص 139 باب السواك ح 52
4- البحار ج 95 ص 136 باب الدعاء لدفع وساوس الشيطان ح 2

و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إذا وسوس الشيطان لأحدكم فليتعوّذ باللّه، و ليقل بلسانه و قلبه: «آمنت باللّه و رسله مخلصا له الدين» . (1)

17-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ الشيطان اثنان: شيطان الجنّ، و يبعد ب «لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه العليّ العظيم» ، و شيطان الإنس و يبعد ب «الصلاة على النبيّ و آله» . (2)

18-عن حريز بن عبد اللّه عن أبي عبد اللّه الصادق عليه السّلام قال: قلت: يا بن رسول اللّه، إنّي أجد بلابل في صدري، و وساوس في فؤادي حتّى لربّما قطع صلاتي، و شوّش عليّ قراءتي، قال: و أين أنت من عوذة أمير المؤمنين عليه السّلام، قلت:

يا بن رسول اللّه علّمني.

قال: إذا أحسست بشيء من ذلك، فضع يدك عليه، و قل: «بسم اللّه و باللّه اللهمّ مننت عليّ بالإيمان، و أودعتني القرآن، و رزقتني صيام شهر رمضان، فامنن عليّ بالرحمة و الرضوان، و الرأفة و الغفران، و تمام ما أوليتني من النعم و الإحسان، يا حنّان يا منّان، يا دائم يا رحمن، سبحانك و ليس لي أحد سواك، سبحانك أعوذ بك بعد هذه الكرامات من الهوان، و أسألك أن تجلّي عن قلبي الأحزان» تقولها ثلاثا، فإنّك تعافى منها بعون اللّه تعالى، ثمّ تصلّي على النبيّ و السلام عليهم و رحمة اللّه. (3)

بيان:

قال رحمه اللّه: «فضع يدك عليه» : أي على الفؤاد كما يظهر من الخبر الآتي أيضا، و لمّا كان الصدر محلاّ للفؤاد فينبغي وضع اليد على الصدر.

19-عن عبد اللّه بن سنان قال: شكى رجل إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام كثرة

ص:240


1- -البحار ج 95 ص 136 ح 3
2- البحار ج 95 ص 136 ح 4
3- البحار ج 95 ص 137 باب الدعاء لوساوس الصدر ح 1

التمنّي و الوسوسة، فقال: أمرّ يدك على صدرك، ثمّ قل: «بسم اللّه و باللّه، محمّد رسول اللّه، و لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه العليّ العظيم، اللهمّ امسح عنّي ما أحذر» ثمّ أمرّ يدك على بطنك و قل ثلاث مرّات، فإنّ اللّه تعالى يمسح عنك و يصرف، قال الرجل: فكنت كثيرا ما أقطع صلاتي ممّا يفسد عليّ التمنّي و الوسوسة، ففعلت ما أمرني به سيّدي و مولاي ثلاث مرّات، فصرف اللّه عنّي و عوفيت منه، فلم أحسّ به بعد ذلك. (1)

20-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام قال: يا عليّ، ثلاثة من الوسواس: أكل الطين، و تقليم الأظفار بالأسنان، و أكل اللحية. (2)

21-قال الصادق عليه السّلام: لا يتمكّن الشيطان بالوسوسة من العبد إلاّ و قد أعرض عن ذكر اللّه و استهان بأمره، و سكن إلى نهيه، و نسي اطّلاعه على سرّه، فالوسوسة ما تكون من خارج القلب بإشارة معرفة العقل (3)و مجاورة الطبع، و أمّا إذا تمكّن في القلب فذلك غيّ و ضلالة و كفر، و اللّه عزّ و جلّ دعا عباده بلطف دعوته و عرّفهم عداوة إبليس، فقال تعالى: إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ و قال: إِنَّ اَلشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا (4).

فكن معه كالغريب مع كلب الراعي يفزع إلى صاحبه في صرفه عنه، كذلك إذا أتاك الشيطان موسوسا ليضلّك عن سبيل الحقّ، و ينسيك ذكر اللّه، فاستعذ منه بربّك و ربّه، فإنّه يؤيّد الحقّ على الباطل، و ينصر المظلوم بقوله عزّ و جلّ: إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (5)و لن يقدر على هذا

ص:241


1- -البحار ج 95 ص 138 ح 3
2- الخصال ج 1 ص 126 باب الثلاثة ح 122
3- و في نسخة: بإشارة القلب
4- فاطر:6
5- النحل:99

و معرفة إتيانه و مذاهب وسوسته، إلاّ بداوم المراقبة و الاستقامة على بساط الخدمة، و هيبة المطّلع و كثرة الذكر، و أمّا المهمل لأوقاته فهو صيد الشيطان لا محالة. . . (1)

أقول:

قد مرّ بعض معاني الوسوسة، و قد يراد بالوسوسة إغواء الشيطان و إضلاله للإنسان بحيث يصير منشأ للمعصية و ترك أوامر اللّه و الإتيان بالمحرّمات، و هذا المعنى هو المراد في بعض الآيات و الأحاديث المذكورة في الباب و منها حديث مصباح الشريعة.

و يمكن دفع الوسوسة بهذا المعنى بالتوكّل على اللّه و الاعتصام به، قال اللّه تعالى:

إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ و تدفع أيضا بدوام المراقبة و الاستقامة و كثرة الذكر و إدمانه، قال اللّه تعالى: إِنَّ اَلَّذِينَ اِتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ اَلشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا. . . (2).

كما أنّ الغفلة يوجب تسلّط الشيطان على العبد، قال اللّه تعالى: وَ مَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ اَلرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (3)

و تدفع أيضا بالنظر و التفكّر في عواقب المعصية، من العذاب الاخرويّ، و المصائب الدنيويّة، و قد مرّ ما يدلّ على المقام في بابي الذنب و الشيطان.

و قد يراد بها المرض المشهور، و الذي يوجب الشكّ في صحّة أعماله و الإعادة ثمّ الإعادة، و هي مرض مهلك حيث توجب بعد الموسوس عن اللّه تعالى، و سوء الظنّ به تعالى و بأوليائه، كما ينجرّ إلى كسالة الإنسان في العبادة بل الاشمئزاز منها.

ص:242


1- -مصباح الشريعة ص 26 ب 39
2- الأعراف:201
3- الزخرف:36

و أيضا يسبّب أمراضا جسميّة و خيمة، و بالأخير يسبّب هذا المرض بعواقبه الوخيمة ضنك المعيشة و التضيّق على الموسوس و يؤدّي إلى قتله نفسه و الكفر باللّه و. . .

و العمدة في الباب هو معالجة هذا المرض. و لا شكّ في أنّ المعالجة متوقّف على معرفة ماهيّة المرض، أيّ مرض كان، و حيث إنّ الوسواس ناشئ عن إلقاء الشيطان و إصراره على وسوسة الإنسان حتّى يطيعه فيما أمره، تبيّن دواؤه، و هو مخالفة الإنسان المبتلى هذه الوساوس الملقاة من الشيطان، و طرده و رجمه كرارا و على التوالي، و هذا أمر مجرّب كما أكّدت عليه الأخبار أيضا، و لكن يجب على الموسوس الاستعاذة و التضرّع باللّه، و التوسّل بذيل أوليائه، و قرائة الأدعيّة و التعويذات المأثورة حتّى يوفّق في الطرد و المخالفة و إلاّ كان أمرا صعبا مستصعبا.

هذا، و يؤيّده في هذا السبيل أن يحدّث نفسه بأنّ اللّه تعالى يطلب منه هذه الصلاة الباطلة بزعمه مثلا أو هذا الوضوء الباطل بزعمه، كما أفتى به بعض المراجع عند رجوع بعض مقلّديهم المبتلى بالوسواس.

و بالجملة يجب على العبد مخالفة الشيطان و التثبّت في جادّة الشرع، دون أيّ إفراط و تفريط، و لو كان في حكم واحد مثل الطهارة، فإن قال الشارع بطهارة شيء أطاعه و لا يكرّر العمل حتّى للاحتياط حذرا من وقوعه في حبل الشيطان.

و في الختام ينبغي ذكر فتوى مرجع التشيّع آية اللّه البروجردي رحمه اللّه في جواب من استفتى عنه حكم عبادة الموسوس، قال رحمه اللّه: عبادة الموسوس باطلة و هو مخلّد في النار. (1)

ص:243


1- -و ها هي عين الفتوى بسمه تعالى كسى كه از حقير تقليد مى كند و مبتلى بوسوسه است خواه در طهارت و نجاست وسوسه داشته باشد، يا در وضوء و غسل، يا در نيّت نماز و تكبيرة الإحرام و قرائت حمد و سوره

و به يفتي بعض المراجع المعاصرين. و ليذكر أنّ أصل الاستفتاء و الجواب عنه موجود عند أحد العلماء.

و نقل آية اللّه حسين شب زنده دار عن فقيه العصر السيّد الگلپايگاني رحمه اللّه أنّه قال:

إنّ الموسوس فاسق. (1)

ص:244


1- و هذا نفس المكتوب: بسم اللّه الرحمن الرحيم از حضرت آية اللّه گلپايگانى-قدّس سرّه-شنيدم كه؛ وسواسى فاسق است هرچند وسوسه او در طهارت و نجاست باشد چون در روايت دارد: «هو يطيع الشيطان» . . .

187- التواضع

الآيات

1- . . . فَسَوْفَ يَأْتِي اَللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى اَلْكافِرِينَ. . . (1)

2- . . . وَ اِخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ . (2)

3- وَ عِبادُ اَلرَّحْمنِ اَلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى اَلْأَرْضِ هَوْناً وَ إِذا خاطَبَهُمُ اَلْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً . (3)

4- وَ اِخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اِتَّبَعَكَ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ . (4)

الأخبار

1-عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: إنّ

ص:245


1- -المائدة:54
2- الحجر:88
3- الفرقان:63
4- الشعراء:215

في السماء ملكين موكّلين بالعباد، فمن تواضع للّه رفعاه و من تكبّر وضعاه. (1)

بيان:

في المرآة ج 8 ص 252، التواضع: ترك التكبّر و التذلّل للّه و لرسوله و لأولي الأمر و للمؤمنين و عدم حبّ الرفعة و الاستيلاء. . .

و في جامع السعادات ج 1 ص 358: قد أشير إلى أنّ ضدّ الكبر التواضع، و هو انكسار للنفس، يمنعها من أن يرى لذاتها مزيّة على الغير، و تلزمه أفعال و أقوال موجبة لاستعظام الغير و إكرامه، و المواظبة عليها أقوى معالجة لإزالة الكبر.

أقول: أصل التواضع أن يكون للّه تعالى من إجلاله و هيبته و عظمته، و إظهار الخشوع و الذلّ و الافتقار إليه عند ملاحظة عظمته و عند تجدّد نعمه تعالى، ثمّ لأنبيائه و الأوصياء و الأولياء ثمّ للمؤمنين، و من أهمّ التواضع التواضع للحقّ، فالمؤمن يتواضع للحقّ و إن كان عليه، و الكافر يتكبّر على الحقّ و إن كان له.

و لا بدّ أن يكون التواضع للّه تعالى لا لغيره، فإن تواضع للناس فليكن للّه تعالى، فلا يتواضع للغنيّ لغنائه مثلا أو لذي القدرة لقدرته إلى غير ذلك، و ينبغي ألاّ يتواضع للمتكبّرين، إذا الانكسار و التذلّل لمن يتكبّر مع كونه من المذلّة المذمومة يوجب إضلال هذا المتكبّر، و لذا قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إذا رأيتم المتكبّرين فتكبّروا عليهم، فإنّ ذلك لهم مذلّة و صغار.

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أفطر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عشيّة خميس في مسجد قبا، فقال: هل من شراب؟ فأتاه اوس بن خوليّ الأنصاريّ بعسّ مخيض بعسل، فلمّا وضعه على فيه نحّاه، ثمّ قال: شرابان يكتفى بأحدهما من صاحبه، لا أشربه و لا أحرّمه و لكن أتواضع للّه، فإنّ من تواضع للّه رفعه اللّه، و من تكبّر خفضه اللّه، و من اقتصد في معيشته رزقه اللّه، و من بذّر حرمه اللّه، و من أكثر ذكر الموت أحبّه

ص:246


1- -الكافي ج 2 ص 99 باب التواضع ح 2

اللّه. (1)

أقول:

ح 4 مثله، و قال: من أكثر ذكر اللّه أظلّه اللّه في جنّته.

بيان: «بعسّ مخيض بعسل» : في المحاسن و كتاب الزهد: "بعسّ من لبن مخيض بعسل. " «العسّ» ج عساس: القدح أو الإناء الكبير. «مخيض بعسل» : أي ممزوج به. «من اقتصد. . .» : أشار صلّى اللّه عليه و آله بأنّ ترك الأطعمة و الأشربة اللذيذة مطلوب للتواضع و للاقتصاد في المعيشة.

3-عن محمّد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يذكر أنّه أتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ملك فقال: إنّ اللّه عزّ و جلّ يخيّرك أن تكون عبدا رسولا متواضعا أو ملكا رسولا، قال: فنظر إلى جبرئيل، و أومأ بيده أن تواضع، فقال: عبدا متواضعا رسولا، فقال الرسول: مع أنّه لا ينقصك ممّا عند ربّك شيئا، قال: و معه مفاتيح خزائن الأرض. (2)

بيان:

«فنظر إلى جبرئيل» : كان هذا أيضا من تواضعه صلّى اللّه عليه و آله. «فقال الرسول» : أي الملك «قال: و معه مفاتيح» : أي قال أبو جعفر عليه السّلام: و مع الملك المفاتيح.

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من التواضع أن ترضى بالمجلس دون المجلس، و أن تسلّم على من تلقى، و أن تترك المراء و إن كنت محقّا، و أن لا تحبّ أن تحمد على التقوى. (3)

5-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ من التواضع أن يجلس الرجل دون

ص:247


1- -الكافي ج 2 ص 99 ح 3
2- الكافي ج 2 ص 99 ح 5
3- الكافي ج 2 ص 100 ح 6

شرفه. (1)

6-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أوحى اللّه عزّ و جلّ إلى موسى عليه السّلام أن يا موسى، أ تدري لم اصطفيتك بكلامي دون خلقي؟ قال: يا ربّ، و لم ذاك؟ قال: فأوحى اللّه تبارك و تعالى إليه أن يا موسى، إنّي قلبت عبادي ظهرا لبطن، فلم أجد فيهم أحدا أذلّ لي نفسا منك، يا موسى، إنّك إذا صلّيت وضعت خدّك على التراب -أو قال: على الأرض-. (2)

أقول:

في حديث آخر، قال: يا موسى، إنّي اطّلعت على خلقي اطّلاعة فلم أر في خلقي شيئا أشدّ تواضعا منك. (البحار ج 75 ص 123 ب 51 في ح 16)

بيان: «قلبت عبادي» : أي اختبرتهم بملاحظة ظواهرهم و بواطنهم.

و في المصباح: قلبت الأمر ظهرا لبطن: اختبرته.

7-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: فيما أوحى اللّه عزّ و جلّ إلى داود عليه السّلام:

يا داود، كما أنّ أقرب الناس من اللّه المتواضعون، كذلك أبعد الناس من اللّه المتكبّرون. (3)

8-عن الحسن بن الجهم عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: قال: التواضع أن تعطي الناس ما تحبّ أن تعطاه.

و في حديث آخر قال: قلت: و ما حدّ التواضع الذي إذا فعله العبد كان متواضعا؟ فقال: التواضع درجات، منها؛ أن يعرف المرء قدر نفسه فينزلها منزلتها بقلب سليم، لا يحبّ أن يأتي إلى أحد إلاّ مثل ما يؤتى إليه، إن رأى سيّئة

ص:248


1- -الكافي ج 2 ص 100 ح 9
2- الكافي ج 2 ص 100 ح 7
3- الكافي ج 2 ص 101 ح 11

درأها بالحسنة، كاظم الغيظ عاف عن الناس، و اللّه يحبّ المحسنين. (1)

بيان:

في المرآة، «درأها» : أي دفعها. «بالحسنة» : أي بالخصلة أو المداراة أو الموعظة الحسنة، إشارة إلى قوله تعالى: وَ يَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ اَلسَّيِّئَةَ (2)

9-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام قال:

يا عليّ، و اللّه لو أنّ الوضيع في قعر بئر لبعث اللّه عزّ و جلّ إليه ريحا ترفعه فوق الأخيار في دولة الأشرار. (3)

10-قال عيسى بن مريم عليه السّلام للحواريّين: لي إليكم حاجة اقضوها لي، فقالوا: قضيت حاجتك يا روح اللّه، فقام فغسّل أقدامهم، فقالوا: كنّا أحقّ بهذا منك، فقال: إنّ أحقّ الناس بالخدمة العالم، إنّما تواضعت هكذا لكيما تتواضعوا بعدي في الناس كتواضعي لكم، ثمّ قال عيسى عليه السّلام: بالتواضع تعمر الحكمة لا بالتكبّر، و كذلك في السهل ينبت الزرع لا في الجبل. (4)

11-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ما أحسن تواضع الأغنياء للفقراء طلبا لما عند اللّه! و أحسن منه تيه الفقراء على الأغنياء اتّكالا على اللّه. (5)

بيان:

تاه أي تكبّر.

12-و قال عليه السّلام: و من أتى غنيّا فتواضع له لغناه ذهب ثلثا دينه. (6)

ص:249


1- -الكافي ج 2 ص 101 ح 13
2- الرعد:22
3- الوسائل ج 15 ص 274 ب 28 من جهاد النفس ح 7
4- الوسائل ج 15 ص 276 ب 30 ح 2
5- نهج البلاغة ص 1277 ح 398
6- نهج البلاغة ص 1187 في ح 219

13-و قال عليه السّلام: و بالتواضع تتمّ النعمة. (1)

14-و قال عليه السّلام: و لا حسب كالتواضع. (2)

أقول:

لاحظ الخطبة القاصعة، و هي تتضمّن ذمّ إبليس لعنه اللّه على استكباره.

(نهج البلاغة ص 775 خ 234-صبحي ص 285 خ 192)

15-قال الصادق عليه السّلام: كمال العقل في ثلاثة: التواضع للّه، و حسن اليقين، و الصمت إلاّ من خير. (3)

16-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لأصحابه: ما لي لا أرى عليكم حلاوة العبادة! قالوا: و ما حلاوة العبادة؟ قال: التواضع. (4)

17-و قال صلّى اللّه عليه و آله: أربع لا يعطيهنّ اللّه إلاّ من يحبّه: الصمت و هو أوّل العبادة، و التوكّل على اللّه، و التواضع، و الزهد في الدنيا. (5)

18-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا رأيتم المتواضعين من امّتي فتواضعوا لهم، و إذا رأيتم المتكبّرين فتكبّروا عليهم، فإنّ ذلك لهم مذلّة و صغار. (6)

19-عن المفضّل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لمّا نزلت هذه الآية: لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ. . . (7)قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: . . . و من أتى ذا ميسرة

ص:250


1- -نهج البلاغة ص 1185 في ح 215
2- نهج البلاغة ص 1139 في ح 109
3- المستدرك ج 11 ص 296 ب 28 من جهاد النفس ح 3
4- جامع السعادات ج 1 ص 359
5- جامع السعادات ج 1 ص 359
6- جامع السعادات ج 1 ص 363
7- الحجر:88

فتخشّع له طلب ما في يديه، ذهب ثلثا دينه. . . (1)

20-في وصيّة أمير المؤمنين عليه السّلام عند موته: عليك بالتواضع، فإنّه من أعظم العبادة. (2)

21-. . . قال أمير المؤمنين عليه السّلام: التواضع يكسبك السلامة.

و قال عليه السّلام: زينة الشريف التواضع. (3)

22-(في رجال الكشّيّ) قال أبو النصر: سألت عبد اللّه بن محمّد بن خالد عن محمّد بن مسلم، فقال: كان رجلا شريفا موسرا، فقال له أبو جعفر عليه السّلام:

تواضع يا محمّد، فلمّا انصرف إلى الكوفة أخذ قوصرّة من تمر مع الميزان و جلس على باب مسجد الجامع و صار ينادي عليه، فأتاه قومه فقالوا له: فضحتنا، فقال:

إنّ مولاي أمرني بأمر فلن اخالفه، و لن أبرح حتّى أفرغ من بيع ما في هذه القوصرّة، فقال له قومه: إذا أبيت إلاّ أن تشتغل ببيع و شراء فاقعد في الطحّانين، فهيّأ رحى و جملا و جعل يطحن. (4)

بيان:

«القوصرّة» : وعاء من قصب يجعل فيه التمر و نحوه.

23-في حديث موسى بن جعفر عليهما السّلام لهشام: يا هشام، إنّ لقمان قال لابنه:

تواضع للحقّ تكن أعقل الناس. (5)

و قال عليه السّلام: يا هشام، إنّ الزرع ينبت في السهل و لا ينبت في الصفا، فكذلك الحكمة تعمر في قلب المتواضع، و لا تعمر في قلب المتكبّر الجبّار، لأنّ اللّه جعل

ص:251


1- -البحار ج 73 ص 89 باب حبّ الدنيا ح 58
2- البحار ج 75 ص 119 باب التواضع ح 5
3- البحار ج 75 ص 120 ح 11
4- البحار ج 75 ص 121 ح 13
5- البحار ج 78 ص 299

التواضع آلة العقل، و جعل التكبّر من آلة الجهل، ألم تعلم أنّ من شمخ إلى السقف برأسه شجّه و من خفض رأسه استظلّ تحته و أكنّه، و كذلك من لم يتواضع للّه خفضه اللّه، و من تواضع للّه رفعه. (1)

بيان:

«شمخ» : علا و رفع. «شجّه» : كسره و جرحه.

24-قال الصادق عليه السّلام: التواضع أصل كلّ شرف نفيس و مرتبة رفيعة، و لو كان للتواضع لغة يفهمها الخلق، لنطق عن حقايق ما في مخفيّات العواقب.

و التواضع ما يكون للّه و في اللّه و ما سواه مكر، و من تواضع للّه شرّفه اللّه على كثير من عباده، سئل بعضهم عن التواضع قال: هو أنّ يخضع للحقّ و ينقاد له، و لو سمعه من صبيّ، و كثير من أنواع الكبر يمنع من استفادة العلم و قبوله و الانقياد له. . .

و أصل التواضع من جلال اللّه و هيبته و عظمته و ليس للّه عزّ و جلّ عبادة يرضاها و يقبلها إلاّ و بابها التواضع، و لا يعرف ما في معنى حقيقة التواضع إلاّ المقرّبون من عباده المتّصلين بوحدانيّته، قال اللّه عزّ و جلّ: وَ عِبادُ اَلرَّحْمنِ اَلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى اَلْأَرْضِ هَوْناً وَ إِذا خاطَبَهُمُ اَلْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً . و قد أمر اللّه عزّ و جلّ أعزّ خلقه و سيّد بريّته محمّدا صلّى اللّه عليه و آله بالتواضع، فقال عزّ و جلّ: وَ اِخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اِتَّبَعَكَ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ .

و التواضع مزرعة الخشوع و الخضوع و الخشية و الحياء، و إنّهنّ لا يتبيّن (لا يأتين ف ن) إلاّ منها [و فيها]و لا يسلّم الشرف التامّ الحقيقيّ إلاّ للمتواضع في ذات اللّه تعالى. (2)

ص:252


1- -البحار ج 78 ص 312
2- مصباح الشريعة ص 38 ف 58

25-عن عليّ عليه السّلام قال:

التواضع يرفع. (الغرر ج 1 ص 5 ف 1 ح 19)

التكبّر يضع. (ح 20)

التكبّر يضع الرفيع-التواضع يرفع الوضيع. (ص 14 ح 362 و 363)

التواضع ينشر الفضيلة. (ص 21 ح 575)

التواضع ثمرة العلم. (ص 27 ح 819)

التواضع زكاة الشرف. (ص 32 ح 982)

التواضع أشرف السؤدد. (ص 33 ح 1027)

التواضع سلّم الشرف. (ص 35 ح 1093)

التواضع من مصائد الشرف. (ص 57 ح 1542)

التواضع أفضل الشرفين. (ص 64 ح 1684)

التواضع رأس العقل و التكبّر رأس الجهل. (ص 102 ح 2166)

أعظم الشرف التواضع. (ص 177 ف 8 ح 73)

أجلّ الناس من وضع نفسه. (ص 185 ح 210)

أشرف الخلائق التواضع و الحلم و لين الجانب. (ص 199 ح 399)

إذا تفقّه الرفيع تواضع. (ص 314 ف 17 ح 74)

بالتواضع تكون الرفعة. (ص 329 ف 18 ح 2)

بالتواضع تزان الرفعة. (ص 330 ح 15)

بكثرة التواضع يستدلّ على تكامل الشرف. (ص 334 ح 109)

بخفض الجناح تنتظم الأمور. (ص 335 ح 124)

تواضع للّه يرفعك-تواضع المرء يرفعه. (ص 347 ف 22 ح 6 و 14)

تمام الشرف التواضع. (ح 20)

ص:253

تواضعوا لمن تتعلّمون منه العلم و لمن تعلّمونه، و لا تكونوا من جبابرة العلماء فلا يقوم جهلكم بعلمكم. (ص 353 ح 81)

تواضع الشريف يدعو إلى كرامته. (ص 358 ح 120)

ثمرة التواضع المحبّة-ثمرة الكبر المسبّة. (ص 359 ف 23 ح 27 و 28)

ثلاثة يوجبن المحبّة: الدين و التواضع و السخاء. (ص 364 ف 24 ح 21)

من تواضع رفع. (ج 2 ص 612 ف 77 ح 38)

من حقّر نفسه عظّم. (ص 613 ح 51)

من تواضع عظّمه اللّه سبحانه و رفعه. (ص 657 ح 813)

ما تكبّر إلاّ وضيع-ما تواضع إلاّ رفيع. (ص 737 ف 79 ح 15 و 16)

ما حقّر نفسه إلاّ عاقل-ما نقّص نفسه إلاّ كامل. (ح 17 و 18)

ما اكتسب الشرف بمثل التواضع. (ص 738 ح 45)

ما تواضع أحد إلاّ زاده اللّه تعالى جلالة. (ص 744 ح 141)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في أبواب الكبر، الزهد، اللبس و. . .

ص:254

188- الموعظة

اشارة

حيث إنّ آيات الباب كثيرة جدّا و قد مرّ أكثرها في الأبواب السابقة لم نذكرها هنا.

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قيل لأمير المؤمنين عليه السّلام: عظنا و أوجز، فقال:

الدنيا حلالها حساب و حرامها عقاب، و أنّى لكم بالروح و لمّا تأسّوا بسنّة نبيّكم، تطلبون ما يطغيكم و لا ترضون ما يكفيكم. (1)

أقول:

قد مرّ في باب الورع عن الكافي: في حديث الصادق عليه السّلام: و كونوا دعاة إلى أنفسكم بغير ألسنتكم.

بيان: في المفردات، الوعظ: زجر مقترن بتخويف، قال الخليل: هو التذكير بالخير فيما يرقّ له القلب، و العظة و الموعظة الاسم.

و في مجمع البحرين، الموعظة: عبارة عن الوصيّة بالتقوى، و الحثّ على الطاعات، و التحذير عن المعاصي و الاغترار بالدنيا و زخارفها، و نحو ذلك، و الوعظ: النصح

ص:255


1- -الكافي ج 2 ص 332 باب محاسبة العمل ح 23

و التذكير بالعواقب، تقول: وعظته وعظا و عظة فاتّعظ أي قبل الموعظة.

أقول: قد تكون الموعظة في الآيات و الأخبار بمعنى العبرة، و الاعتبار من الامم السالفة و التخويف بسوء العاقبة.

2-في مواعظ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: مالي أرى حبّ الدنيا قد غلب على كثير من الناس، حتّى كأنّ الموت في هذه الدنيا على غيرهم كتب، و كأنّ الحقّ في هذه الدنيا على غيرهم وجب، و حتّى كأنّ ما يسمعون من خبر الأموات قبلهم عندهم كسبيل قوم سفر عمّا قليل إليهم راجعون، تبوّئونهم أجداثهم و تأكلون تراثهم، و أنتم مخلّدون بعدهم، هيهات هيهات، أما يتّعظ آخرهم بأوّلهم، لقد جهلوا و نسوا كلّ موعظة في كتاب اللّه و آمنوا شرّ كلّ عاقبة سوء. . . (1)

3-و قال صلّى اللّه عليه و آله: كفى بالموت واعظا. . . (2)

4-في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: أحي قلبك بالموعظة و موّته بالزهد. (3)

و قال عليه السّلام: و لا تكوننّ ممّن لا ينتفع من العظة إلاّ بما لزمه، فإنّ العاقل ينتفع بالأدب و البهائم لا تتّعظ إلاّ بالضرب. (4)

و قال عليه السّلام: و العاقل من وعظته التجارب. (5)

5-و في مواعظه عليه السّلام: . . . و السعيد من وعظ بغيره. . .

و قال عليه السّلام: . . . و الموعظة كهف لمن لجأ إليها. (6)

ص:256


1- -تحف العقول ص 28
2- تحف العقول ص 30
3- تحف العقول ص 52
4- تحف العقول ص 61
5- تحف العقول ص 62
6- تحف العقول ص 153

6-في مواعظ السجّاد عليه السّلام: ابن آدم، إنّك لا تزال بخير ما كان لك واعظ من نفسك، و ما كانت المحاسبة من همّك، و ما كان الخوف لك شعارا، و الحذر (1)لك دثارا.

ابن آدم، إنّك ميّت و مبعوث و موقوف بين يدي اللّه جلّ و عزّ فأعدّ له جوابا. (2)

7-في مواعظ الباقر عليه السّلام: من لم يجعل اللّه له من نفسه واعظا، فإنّ مواعظ الناس لن تغني عنه شيئا. (3)

8-في حديث موسى بن جعفر عليهما السّلام لهشام: و خذ موعظتك من الدهر و أهله، فإنّ الدهر طويلة قصيرة، فاعمل كأنّك ترى ثواب عملك لتكون أطمع في ذلك، و اعقل عن اللّه، و انظر في تصرّف الدهر و أحواله، فإنّ ما هو آت من الدنيا كما ولّى منها، فاعتبر بها. (4)

9-في مواعظ الجواد عليه السّلام: المؤمن يحتاج إلى توفيق من اللّه، و واعظ من نفسه، و قبول ممّن ينصحه. (5)

10-في مواعظ الهادي عليه السّلام: قال عليه السّلام لبعض مواليه: عاتب فلانا و قل له:

إنّ اللّه إذا أراد بعبد خيرا إذا عوتب قبل. (6)

11-في مواعظ الحسن العسكريّ عليه السّلام: من وعظ أخاه سرّا فقد زانه،

ص:257


1- -الصحيح: «و الحزن لك دثارا» ، كما في أمالي المفيد و أمالي الطوسي ج 1 ص 114
2- تحف العقول ص 202
3- تحف العقول ص 214
4- تحف العقول ص 288
5- تحف العقول ص 337
6- تحف العقول ص 356

و من وعظه علانية فقد شانه. (1)

12-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و اعلموا أنّه من لم يعن على نفسه حتّى يكون له منها واعظ و زاجر لم يكن له من غيرها زاجر و لا واعظ. (2)

13-و قال عليه السّلام: فاتّعظوا بالعبر، و اعتبروا بالغير، و انتفعوا بالنذر. (3)

14-و قال عليه السّلام: انتفعوا ببيان اللّه، و اتّعظوا بمواعظ اللّه، و أقبلوا نصيحة اللّه. . . (4)

أقول:

في البحار ج 77 ص 116 في حديث النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أصدق القول و أبلغ الموعظة و أحسن القصص كتاب اللّه. (لاحظ باب القرآن)

15-و قال عليه السّلام: ألا إنّ أبصر الأبصار ما نفذ في الخير طرفه، ألا إنّ أسمع الأسماع ما وعى التذكير و قبله.

أيّها الناس، استصبحوا من شعلة مصباح واعظ متّعظ. . . (5)

16-و قال عليه السّلام: أ لستم في مساكن من كان قبلكم أطول أعمارا. . .

و اتّعظوا فيها بالذين قالوا: مَنْ أَشَدُّ مِنّا قُوَّةً (6)حملوا إلى قبورهم فلا يدعون ركبانا. . . (7)

ص:258


1- -تحف العقول ص 364
2- نهج البلاغة ص 225 في خ 89
3- نهج البلاغة ص 496 في خ 156
4- نهج البلاغة ص 566 خ 175
5- نهج البلاغة ص 311 في خ 104
6- فصّلت:15
7- نهج البلاغة ص 344 في خ 110

أقول:

بهذا المعنى في نهج البلاغة جملات كثيرة.

17-و قال عليه السّلام: . . . و من كان له من نفسه واعظ كان عليه من اللّه حافظ. (1)

أقول:

في البحار ج 41 ص 133 عنه عليه السّلام (في خبر طويل) قال: ألا و إنّه من لم يكن له من نفسه واعظ لم يكن له من اللّه حافظ.

18-و قال عليه السّلام و قد سمع رجلا يذمّ الدنيا: . . . إنّ الدنيا دار صدق لمن صدقها، و دار عافية لمن فهم عنها، و دار غنى لمن تزوّد منها، و دار موعظة لمن اتّعظ بها. . . (2)

19-و قال عليه السّلام لرجل سأله أن يعظه: لا تكن ممّن يرجو الآخرة بغير عمل، و يرجّي التوبة بطول الأمل، يقول في الدنيا بقول الزاهدين، و يعمل فيها بعمل الراغبين، إن أعطي منها لم يشبع، و إن منع منها لم يقنع، يعجز عن شكر ما اوتي، و يبتغي الزيادة فيما بقي، ينهى و لا ينتهي، و يأمر بما لا يأتي.

يحبّ الصالحين و لا يعمل عملهم و يبغض المذنبين و هو أحدهم، يكره الموت لكثرة ذنوبه، و يقيم على ما يكره الموت له، إن سقم ظلّ نادما، و إن صحّ أمن لاهيا، يعجب بنفسه إذا عوفي، و يقنط إذا ابتلي، إن أصابه بلاء دعا مضطرّا، و إن ناله رخاء أعرض مغترّا، تغلبه نفسه على ما يظنّ، و لا يغلبها على ما يستيقن، يخاف على غيره بأدنى من ذنبه، و يرجو لنفسه بأكثر من عمله، إن استغنى بطر و فتن، و إن افتقر قنط و وهن، يقصّر إذا عمل، و يبالغ إذا سأل،

ص:259


1- -نهج البلاغة ص 1126 ح 86
2- نهج البلاغة ص 1148 ح 126

إن عرضت له شهوة أسلف المعصية، و سوّف التوبة، و إن عرته محنة انفرج عن شرائط الملّة، يصف العبرة و لا يعتبر، و يبالغ في الموعظة و لا يتّعظ، فهو بالقول مدلّ، و من العمل مقلّ، ينافس فيما يفنى، و يسامح فيما يبقى، يرى الغنم مغرما و الغرم مغنما، يخشى الموت و لا يبادر الفوت.

يستعظم من معصية غيره ما يستقلّ أكثر منه من نفسه، و يستكثر من طاعته ما يحقره من طاعة غيره، فهو على الناس طاعن، و لنفسه مداهن، اللغو مع الأغنياء أحبّ إليه من الذكر مع الفقراء، يحكم على غيره لنفسه، و لا يحكم عليها لغيره، و يرشد غيره و يغوي نفسه، فهو يطاع و يعصي و يستوفي و لا يوفي، و يخشى الخلق في غير ربّه، و لا يخشى ربّه في خلقه.

قال رحمه اللّه: و لو لم يكن في هذا الكتاب إلاّ هذا الكلام لكفى به موعظة ناجعة، و حكمة بالغة، و بصيرة لمبصر، و عبرة لناظر مفكّر. (1)

بيان:

«أسلف» : قدم. «عرته محنة» : عرضت له مصيبة و نزلت به. «انفرج عنها» : أي انخلع و بعد. «مدلّ» يقال: أدلّ على أقرانه، أي استعلى عليهم.

20-و قال عليه السّلام: بينكم و بين الموعظة حجاب من [الغفلة و]الغرّة. (2)

بيان:

«الغرّة» : الغفلة.

21-و قال عليه السّلام: لم يذهب من مالك ما وعظك. (3)

22-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: مررت ليلة اسري بي على اناس تقرض شفاههم بمقاريض من نار، فقلت: من هؤلاء يا جبرئيل؟ فقال: هؤلاء خطباء

ص:260


1- -نهج البلاغة ص 1159 ح 142
2- نهج البلاغة ص 1223 ح 274- الغرر ج 1 ص 345 ف 21 ح 29
3- نهج البلاغة ص 1176 ح 187

من أهل الدنيا، ممّن كانوا يأمرون الناس بالبرّ و ينسون أنفسهم. (1)

23-عن المفضّل عن الصادق عليه السّلام قال: من لم يكن له واعظ من قلبه، و زاجر من نفسه، و لم يكن له قرين مرشد استمكن عدوّه من عنقه. (2)

24-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: . . . اتّعظ بغيرك و لا تكن متّعظا بك. . . (3)

25-عن الصادق عليه السّلام قال: . . . بينا موسى بن عمران يعظ أصحابه إذ قام رجل فشقّ قميصه، فأوحى اللّه عزّ و جلّ إليه: يا موسى، قل له: لا تشقّ قميصك و لكن اشرح لي عن قلبك. . . (4)

26-كتب هارون الرشيد إلى أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السّلام: عظني و أوجز، فكتب إليه: ما من شيء تراه عينيك إلاّ و فيه موعظة. (5)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في أبواب الأدب، العلم، الحسرات و. . .

و مرّ في باب الأخوّة ف 2 عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أحبّ إخواني إليّ من أهدى إليّ عيوبي.

27-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

المواعظ حيات القلوب. (الغرر ج 1 ص 15 ف 1 ح 373)

الاعتبار يثمر العصمة. (ص 30 ح 929)

الموعظة نصيحة شافية. (ص 32 ح 968)

ص:261


1- -البحار ج 72 ص 223 باب من وصف عدلا ثمّ خالفه ( مجمع البيان ج 1 ص 98 البقرة:44)
2- البحار ج 74 ص 187 باب من ينبغي مجالسته ح 8
3- البحار ج 78 ص 91
4- البحار ج 78 ص 226
5- البحار ج 78 ص 319 ح 2

الاعتبار يفيد الرشاد. (ص 35 ح 1079)

المواعظ كهف لمن وعاها. (ص 37 ح 1169)

المواعظ شفاء لمن عمل بها. (ص 40 ح 1213)

العاقل من وعظته التجارب. (ص 41 ح 1233)

الوعظ النافع ما ردع. (ص 42 ح 1261)

العاقل من اتّعظ بغيره. (ص 46 ح 1330)

المواعظ صقال النفوس و جلاء القلوب. (ص 49 ح 1399)

المؤمن إذا وعظ ازدجر، و إذا حذّر حذر، و إذا عبّر اعتبر، و إذا ذكّر ذكر، و إذا ظلم غفر. (ص 93 ح 2098)

أنفع المواعظ ما ردع. (ص 183 ف 8 ح 170)

أبلغ العظات الاعتبار بمصارع الأموات. (ص 191 ح 302)

أبلغ العظات النظر إلى مصارع الأموات، و الاعتبار بمصائر الآباء و الأمّهات.

(ص 213 ح 536)

أبلغ ناصح لك الدنيا، لو انتصحت بما تريك من تغاير الحالات و تؤذنك به من البين و الشتات. (ح 537)

إنّ في كلّ شيء موعظة و عبرة لذوي اللبّ و الاعتبار. (ص 222 ف 9 ح 84)

إنّ الوعظ الذي لا يمجّه سمع و لا يعدله نفع: ما سكت عنه لسان القول، و نطق به لسان الفعل. (ص 232 ح 162)

إنّ الغاية القيامة، و كفى بذلك واعظا لمن عقل، و معتبرا لمن جهل، و بعد ذلك ما تعلمون من هول المطّلع و روعات الفزع و استكاك الأسماع و اختلاف الأضلاع و ضيق الأرماس و شدّة الإبلاس. (ص 250 ح 254)

إذا أحبّ اللّه عبدا وعظه بالعبر. (ص 312 ف 17 ح 59)

بالمواعظ تنجلي الغفلة. (ص 330 ف 18 ح 13)

ص:262

ثمرة الوعظ الانتباه. (ص 358 ف 23 ح 3)

خير المواعظ ما ردع. (ص 387 ف 29 ح 6)

خير ما جرّبت ما وعظك. (ص 388 ح 15)

ربّ آمر غير مؤتمر-ربّ زاجر غير مزدجر. (ص 419 ف 35 ح 92 و 93)

ربّ واعظ غير مرتدع. (ح 94)

غير منتفع بالعظات قلب متعلّق بالشهوات. (ص 507 ف 57 ح 26)

في تصاريف الدنيا اعتبار. (ج 2 ص 511 ف 58 ح 9)

في كلّ نظرة عبرة. (ص 512 ح 15)

في كلّ تجربة موعظة-في كلّ اعتبار استبصار. (ح 16 و 17)

في المواعظ جلاء الصدور. (ص 514 ح 67)

في تعاقب الأيّام معتبر للأنام. (ص 515 ح 77)

فطنة المواعظ تدعو إلى الحذر. (ص 518 ف 59 ح 37)

فاتّعظوا بالعبر، و انتفعوا بالنذر. (ح 38)

فتفكّروا أيّها الناس، و تبصّروا و اعتبروا، و اتّعظوا، و تزوّدوا للآخرة، تسعدوا. (ص 520 ح 62)

فيا لها مواعظ شافية لو صادفت قلوبا زاكية و أسماعا واعية و آراء عازمة.

(ح 63)

قد نصح من وعظ. (ص 529 ف 60 ح 59)

قد تيقّظ من اتّعظ-قد اعتبر بالباقي من اعتبر بالماضي. (ح 60 و 64)

كفى عظة لذوي الألباب ما جرّبوا. (ص 559 ف 65 ح 52)

للكيّس في كلّ شيء اتّعاظ. (ص 581 ف 71 ح 21)

من وعظك فلا توحشه. (ص 619 ف 77 ح 186)

من وعظك أحسن إليك. (ص 624 ح 279)

ص:263

من كثر اعتباره قلّ عثاره. (ص 631 ح 401)

من اتّعظ بالعبر ارتدع. (ص 648 ح 651)

من لم يتّعظ بالناس وعظ اللّه الناس به. (ص 696 ح 1269)

من فهم مواعظ الزمان لم يسكن إلى حسن الظنّ بالأيّام. (ص 697 ح 1276)

من لم يكن أملك شيء به عقله لم ينتفع بموعظة. (ص 702 ح 1330)

من لم يعنه اللّه سبحانه على نفسه لم ينتفع بموعظة واعظ. (ص 704 ح 1348)

من لم يعتبر بغير الدنيا و صروفها لم ينجع فيه المواعظ. (ح 1349)

نعم الهديّة الموعظة. (ص 770 ف 81 ح 5)

ص:264

189- الوفاء بالوعد و العهد

الآيات

1- أَ وَ كُلَّما عاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ . (1)

2- . . . وَ اَلْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا. . . (2)

3- وَ اُذْكُرْ فِي اَلْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ اَلْوَعْدِ وَ كانَ رَسُولاً نَبِيًّا . (3)

4- قَدْ أَفْلَحَ اَلْمُؤْمِنُونَ . . . وَ اَلَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَ عَهْدِهِمْ راعُونَ . (4)

5- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ - كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اَللّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ . (5)

6- وَ اَلَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَ عَهْدِهِمْ راعُونَ . (6)

ص:265


1- -البقرة:100
2- البقرة:177
3- مريم:54
4- المؤمنون:1 و 8
5- الصفّ:2 و 3
6- المعارج:32
الأخبار

1-عن هشام بن سالم قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: عدة المؤمن أخاه نذر لا كفّارة له، فمن أخلف فبخلف اللّه بدأ و لمقته تعرّض، و ذلك قوله:

يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ - كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اَللّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ . (1)

بيان:

في المرآة ج 11 ص 22: «نذر» : أي كالنذر في جعله على نفسه أو في لزوم الوفاء به و هو أظهر، و عدم الكفّارة: الظاهر أنّه للتغليظ كاليمين الغموس (أي الكاذبة) أو للتخفيف و هو بعيد. «لمقته» : أي غضبه سبحانه.

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من كان يومن باللّه و اليوم الآخر فليف إذا وعد. (2)

3-عن يزيد الصائغ قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل على هذا الأمر، إن حدّث كذب، و إن وعد أخلف، و إن ائتمن خان. ما منزلته؟ قال: هي أدنى المنازل من الكفر و ليس بكافر. (3)

4-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

ثلاث من كنّ فيه كان منافقا و إن صام و صلّى و زعم أنّه مسلم: من إذا ائتمن خان، و إذا حدّث كذب، و إذا وعد أخلف. . . (4)

ص:266


1- -الكافي ج 2 ص 270 باب خلف الوعد ح 1
2- الكافي ج 2 ص 270 ح 2
3- الكافي ج 2 ص 220 باب أصول الكفر ح 5
4- الكافي ج 2 ص 221 ح 8

أقول:

قد مرّ بهذا المعنى في باب النفاق.

5-قال أبو جعفر عليه السّلام: ثلاث لم يجعل اللّه عزّ و جلّ لأحد فيهنّ رخصة:

أداء الأمانة إلى البرّ و الفاجر، و الوفاء بالعهد للبرّ و الفاجر، و برّ الوالدين برّين كانا أو فاجرين. (1)

6-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّما سمّي إسماعيل صادق الوعد لأنّه وعد رجلا في مكان فانتظره في ذلك المكان سنة، فسمّاه اللّه عزّ و جلّ صادق الوعد.

ثمّ قال: إنّ الرجل أتاه بعد ذلك فقال له إسماعيل: ما زلت منتظرا لك. (2)

7-عن أبي مالك قال: قلت لعليّ بن الحسين عليهما السّلام: أخبرني بجميع شرايع الدين، قال: قول الحقّ، و الحكم بالعدل، و الوفاء بالعهد. (3)

بيان:

«الوفاء بالعهد» في المرآة ج 7 ص 273، الوفاء: هو العمل بعهود اللّه تعالى من التكاليف الشرعيّة و ما عاهد اللّه تعالى عليه و ألزم على نفسه من الطاعات، و الوفاء ببيعة النبيّ و الأئمّة عليهم السّلام، و الوفاء بعهود الخلق ما لم تكن في معصية.

8-عن الرضا عن أبيه عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

من عامل الناس فلم يظلمهم، و حدّثهم فلم يكذبهم، و وعدهم فلم يخلفهم، فهو ممّن كملت مروءته، و ظهرت عدالته، و وجبت اخوّته، و حرمت غيبته. (4)

9-قال أبو جعفر عليه السّلام: أربعة أسرع شيء عقوبة: رجل أحسنت إليه

ص:267


1- -الكافي ج 2 ص 129 باب البرّ بالوالدين ح 15-و بمدلوله في الخصال ج 1 ص 123 و ص 128 باب الثلاثة ح 118 و 129
2- الكافي ج 2 ص 86 باب الصدق ح 7
3- الخصال ج 1 ص 113 باب الثلاثة ح 90
4- الخصال ج 1 ص 208 باب الأربعة ح 28(العيون ج 2 ص 29 ب 31 ح 34)

و يكافيك بالإحسان إليه إساءة، و رجل لا تبغي عليه و هو يبغي عليك، و رجل عاهدته على أمر، فمن أمرك الوفاء له و من أمره الغدر بك، و رجل يصل قرابته و يقطعونه. (1)

10-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عن عليّ بن الحسين عليهم السّلام قال: أربع من كنّ فيه كمل إسلامه و محصت عنه ذنوبه و لقي ربّه عزّ و جلّ و هو عنه راض:

من وفى للّه عزّ و جلّ بما يجعل على نفسه للناس، و صدّق لسانه مع الناس، و استحيى من كلّ قبيح عند اللّه و عند الناس، و حسن خلقه مع أهله. (2)

بيان:

«محصت عنه» يقال: محص اللّه عن فلان ذنوبه أي نقصها و طهّره منها.

11-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: تقبّلوا لي بستّ أتقبّل لكم بالجنّة: إذا حدّثتم فلا تكذبوا، و إذا وعدتم فلا تخلفوا، و إذا ائتمنتم فلا تخونوا، و غضّوا أبصاركم، و احفظوا فروجكم، و كفّوا أيديكم و ألسنتكم. (3)

12-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أقربكم غدا منّي في الموقف أصدقكم للحديث، و أدّاكم للأمانة، و أوفاكم بالعهد، و أحسنكم خلقا، و أقربكم من الناس. (4)

13-عن عبد اللّه بن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وعد رجلا إلى صخرة، فقال: أنا لك ههنا حتّى تأتي، قال: فاشتدّت الشمس عليه، فقال أصحابه: يا رسول اللّه، لو أنّك تحوّلت إلى الظلّ، قال:

ص:268


1- -الخصال ج 1 ص 230 ح 71-و نظيره ح 72 في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام
2- الخصال ج 1 ص 222 ح 50
3- الخصال ج 1 ص 321 باب الستّة ح 5
4- البحار ج 75 ص 94 باب لزوم الوفاء بالوعد ح 12

قد وعدته إلى ههنا و إن لم يجئ كان منه المحشر. (1)

14-عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

لا دين لمن لا عهد له. (2)

15-قال الرضا عليه السّلام: إنّا أهل بيت نرى ما وعدنا علينا دينا، كما صنع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله. (3)

16-في مواعظ الحسن بن عليّ عليهما السّلام: الوعد مرض في الجود، و الإنجاز دواؤه. (4)

أقول:

سيأتي عن الغرر: «الوعد مرض و البرء إنجازه» و المعنى أنّ كثرة الوعدة تكون مرضا و دواؤه يوجد في الوفاء، فإذا و فى بوعده و رأى صعوبة الوفاء فلا يعد.

17-في مواعظ الصادق عليه السّلام قال عليه السّلام للمفضّل: أوصيك بستّ خصال تبلّغهنّ شيعتي: . . . و لا تعدنّ أخاك وعدا ليس في يدك وفاؤه. (5)

18-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ الوفاء توأم الصدق، و لا أعلم جنّة أوقى منه، و لا يغدر من علم كيف المرجع. و لقد أصبحنا في زمان قد اتّخذ أكثر أهله الغدر كيسا، و نسبهم أهل الجهل فيه إلى حسن الحيلة، ما لهم؟ قاتلهم اللّه! . . . (6)

19-في عهده عليه السّلام إلى مالك: و إيّاك و المنّ على رعيّتك بإحسانك،

ص:269


1- -البحار ج 75 ص 95 ح 13
2- البحار ج 75 ص 96 ح 20
3- البحار ج 75 ص 97 ح 22
4- البحار ج 78 ص 113
5- البحار ج 78 ص 250
6- نهج البلاغة ص 126 خ 41

أو التزيّد فيما كان من فعلك، أو أن تعدهم فتتبع موعدك بخلفك، فإنّ المنّ يبطل الإحسان، و التزيّد يذهب بنور الحقّ، و الخلف يوجب المقت عند اللّه و الناس، قال اللّه تعالى: كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اَللّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ . (1)

بيان:

«التزيّد» : إظهار الزيادة في الأعمال عن الواقع منها في معرض الافتخار.

20-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الوفاء توأم الصدق. (الغرر ج 1 ص 13 ف 1 ح 325)

المروّة إنجاز الوعد. (ص 29 ح 895)

الوعد مرض و البرء إنجازه. (ص 38 ح 1177)

الوفاء عنوان وفور الدين و قوّة الأمانة. (ص 53 ح 1469)

الكريم إذا وعد وفى، و إذا تواعد عفى. (ص 58 ح 1565)

اللئيم إذا قدر أفحش و إذا وعد أخلف. (ح 1566)

الوعد أحد الرقّين-إنجاز الوعد أحد العتقين. (ص 64 ح 1687 و 1688)

أصل الدين أداء الأمانة و الوفاء بالعهود. (ص 70 ح 1788)

الوفاء توأم الأمانة و زين الأخوّة. (ص 77 ح 1887)

العقل أنّك تقتصد فلا تسرف، و تعد فلا تخلف، و إذا غضبت حلمت.

(ص 99 ح 2152)

النبل (2)التحلّي بالجود و الوفاء بالعهود. (ص 103 ح 2175)

أفضل الأمانة الوفاء بالعهد. (ص 184 ف 8 ح 192)

أفضل الصدق الوفاء بالعهود. (ح 194)

ص:270


1- -نهج البلاغة ص 1031 في ر 53-صبحي ص 444
2- أي الفضل و النجابة

أحسن الصدق الوفاء بالعهد. (ص 209 ح 501)

إنّ حسن العهد من الإيمان. (ص 215 ف 9 ح 4)

إنّ الوفاء توأم الصدق، و ما أعرف جنّة أوقى منه. (ص 228 ح 134)

إنّ العهود قلائد في الأعناق إلى يوم القيامة، فمن وصلها وصله اللّه فمن نقضها خذله اللّه، و من استخفّ بها خاصمته إلى الذي أكّدها و أخذ خلقه بحفظها.

(ص 254 ح 274)

آفة العهد قلّة الرعاية. (ص 307 ف 16 ح 32)

آفة الوفاء الغدر. (ص 308 ح 46)

بالصدق و الوفاء تكمل المروءة لأهلها. (ص 335 ف 18 ح 129)

بحسن الوفاء يعرف الأبرار. (ص 337 ح 153)

سنّة الكرام الوفاء بالعهود. (ص 432 ف 39 ح 7)

من وفى بعهده أعرب (1)عن كرمه. (ج 2 ص 646 ف 77 ح 624)

من حفظ عهده كان وفيّا. (ح 629)

من الكرم الوفاء بالذمم. (ص 725 ف 78 ح 19)

من المروّة أن تقصد فلا تسرف و تعد فلا تخلف. (ص 734 ح 140)

من أشرف الشيم الوفاء بالذمم. (ح 142)

من أفضل الإسلام الوفاء بالذمام. (ح 147)

ما أنجز الوعد من مطل به. (ص 740 ف 79 ح 81)

ما أيقن باللّه سبحانه من لم يرع عهوده و ذممه. (ص 743 ح 125)

ملاك الوعد إنجازه. (ص 757 ف 80 ح 5)

وعد الكريم نقد و تعجيل. (ص 780 ف 83 ح 1)

ص:271


1- -أعرب الشيء: أبانه

وعد اللئيم تسويف و تعليل (تعطيل ف ك) . (ح 2)

لا تثقنّ بعهد من لا دين له. (ص 800 ف 85 ح 14)

لا تعد ما تعجز عن الوفاء. (ص 801 ح 28)

لا تضمن ما لا تقدر على الوفاء به. (ح 29)

لا تعتمد على مودّة من لا يوفي بعهده. (ص 805 ح 98)

لا تغدرنّ بعهدك و لا تحقرنّ ذمّتك و لا تختل عدوّك، فقد جعل اللّه سبحانه عهده و ذمّته أمنا له. (ص 818 ح 218)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في بابي الشيطان و المكر.

ص:272

190- التقوى

اشارة

فيه فصلان:

الفصل الأوّل: فضلها
الآيات

1- . . . وَ اِتَّقُوا اَللّهَ وَ اِعْلَمُوا أَنَّ اَللّهَ مَعَ اَلْمُتَّقِينَ . (1)

2- . . . وَ تَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ اَلزّادِ اَلتَّقْوى وَ اِتَّقُونِ يا أُولِي اَلْأَلْبابِ . (2)

3- وَ إِذا قِيلَ لَهُ اِتَّقِ اَللّهَ أَخَذَتْهُ اَلْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَ لَبِئْسَ اَلْمِهادُ . (3)

4- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اِتَّقُوا اَللّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَ لا تَمُوتُنَّ إِلاّ وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ . (4)

5- . . . وَ إِنْ تَصْبِرُوا وَ تَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اَللّهَ بِما يَعْمَلُونَ

ص:273


1- -البقرة:194 و نظيرها في التوبة:123
2- البقرة:197
3- البقرة:206
4- آل عمران:102

مُحِيطٌ . (1)

6- . . . وَ إِنْ تُؤْمِنُوا وَ تَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ . (2)

7- . . . وَ إِنْ تَصْبِرُوا وَ تَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ اَلْأُمُورِ . (3)

8- لكِنِ اَلَّذِينَ اِتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا اَلْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اَللّهِ وَ ما عِنْدَ اَللّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ . (4)

9- . . . إِنَّما يَتَقَبَّلُ اَللّهُ مِنَ اَلْمُتَّقِينَ . (5)

10- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اِتَّقُوا اَللّهَ وَ اِبْتَغُوا إِلَيْهِ اَلْوَسِيلَةَ وَ جاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ . (6)

11- . . . وَ لِباسُ اَلتَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ، ذلِكَ مِنْ آياتِ اَللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ . (7)

12- وَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ اَلْقُرى آمَنُوا وَ اِتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ اَلسَّماءِ وَ اَلْأَرْضِ وَ لكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ . (8)

13- قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اِسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَ اِصْبِرُوا إِنَّ اَلْأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ اَلْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ . (9)

14- إِنَّ اَلَّذِينَ اِتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ اَلشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ

ص:274


1- -آل عمران:120
2- آل عمران:179
3- آل عمران:186
4- آل عمران:198
5- المائدة:27
6- المائدة:35
7- الأعراف:26
8- الأعراف:96
9- الأعراف:128

مُبْصِرُونَ . (1)

15- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اَللّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً وَ يُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ وَ اَللّهُ ذُو اَلْفَضْلِ اَلْعَظِيمِ . (2)

16- اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ كانُوا يَتَّقُونَ - لَهُمُ اَلْبُشْرى فِي اَلْحَياةِ اَلدُّنْيا وَ فِي اَلْآخِرَةِ. . . (3)

17- مَثَلُ اَلْجَنَّةِ اَلَّتِي وُعِدَ اَلْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا اَلْأَنْهارُ أُكُلُها دائِمٌ وَ ظِلُّها تِلْكَ عُقْبَى اَلَّذِينَ اِتَّقَوْا وَ عُقْبَى اَلْكافِرِينَ اَلنّارُ . (4)

18- إِنَّ اَللّهَ مَعَ اَلَّذِينَ اِتَّقَوْا وَ اَلَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ . (5)

19- وَ إِنْ مِنْكُمْ إِلاّ وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا- ثُمَّ نُنَجِّي اَلَّذِينَ اِتَّقَوْا وَ نَذَرُ اَلظّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا . (6)

20- يَوْمَ نَحْشُرُ اَلْمُتَّقِينَ إِلَى اَلرَّحْمنِ وَفْداً- وَ نَسُوقُ اَلْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً . (7)

21- وَ اَلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَ ذُرِّيّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَ اِجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً . (8)

22- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اِتَّقُوا اَللّهَ وَ قُولُوا قَوْلاً سَدِيداً- يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ

ص:275


1- -الأعراف:201
2- الأنفال:29
3- يونس:63 و 64
4- الرعد:35
5- النحل:128
6- مريم:71 و 72
7- مريم:85 و 86
8- الفرقان:74

وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَ مَنْ يُطِعِ اَللّهَ وَ رَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً . (1)

23- هذا ذِكْرٌ وَ إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ - جَنّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ اَلْأَبْوابُ . (2)

24- إِنَّ اَلْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ - فِي جَنّاتٍ وَ عُيُونٍ . (3)

25- . . . وَ اَللّهُ وَلِيُّ اَلْمُتَّقِينَ . (4)

26- مَثَلُ اَلْجَنَّةِ اَلَّتِي وُعِدَ اَلْمُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَ أَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ . . . وَ اَلَّذِينَ اِهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَ آتاهُمْ تَقْواهُمْ . (5)

27- يا أَيُّهَا اَلنّاسُ إِنّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَ أُنْثى وَ جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اَللّهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اَللّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ . (6)

28- إِنَّ اَلْمُتَّقِينَ فِي جَنّاتٍ وَ نَهَرٍ- فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ . (7)

29- فَاتَّقُوا اَللّهَ مَا اِسْتَطَعْتُمْ وَ اِسْمَعُوا وَ أَطِيعُوا وَ أَنْفِقُوا خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ. . . (8)

30- . . . وَ مَنْ يَتَّقِ اَللّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً- وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ . . .

وَ مَنْ يَتَّقِ اَللّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً -. . . وَ مَنْ يَتَّقِ اَللّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَ يُعْظِمْ لَهُ أَجْراً . (9)

ص:276


1- -الأحزاب:70 و 71
2- ص:49 و 50
3- الدخان:51 و 52
4- الجاثية:19
5- محمّد صلّى اللّه عليه و آله:15 إلى 17
6- الحجرات:13
7- القمر:54 و 55
8- التغابن:16
9- الطلاق:2 إلى 5

31- إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً- حَدائِقَ وَ أَعْناباً . الآيات. (1)

أقول:

اعلم أنّ الآيات حول التقوى كثيرة، ذكرنا شطرا منها، و أنّ جميع خيرات الدنيا و الآخرة جمعت في كلمة واحدة و هي التقوى؛ ها هو القرآن، كم من خير و ثواب و سعادة و كرامة أدارها القرآن مدار التقوى، نذكر عدّة منها:

1-الفرقان: إِنْ تَتَّقُوا اَللّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً وَ يُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ .

2-خير الزاد: فَإِنَّ خَيْرَ اَلزّادِ اَلتَّقْوى .

3-الثناء عليها: وَ إِنْ تَصْبِرُوا وَ تَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ اَلْأُمُورِ .

4-الحفظ و الحراسة من الأعداء و الماكرين: وَ إِنْ تَصْبِرُوا وَ تَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً .

5-التأييد و النصر: إِنَّ اَللّهَ مَعَ اَلَّذِينَ اِتَّقَوْا .

6-النجاة من النار: ثُمَّ نُنَجِّي اَلَّذِينَ اِتَّقَوْا .

7-الخلود في الجنّة: أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ .

8-النجاة من الشدائد و الرزق الحلال: وَ مَنْ يَتَّقِ اَللّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً- وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ .

9-غفران الذنب: وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ .

10-إصلاح العمل: يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اِتَّقُوا اَللّهَ وَ قُولُوا قَوْلاً سَدِيداً- يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ .

11-محبّة اللّه تعالى: فَإِنَّ اَللّهَ يُحِبُّ اَلْمُتَّقِينَ .

12-الإكرام و الإعزاز: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اَللّهِ أَتْقاكُمْ .

ص:277


1- -النبأ:31 إلى 36

13-قبول الأعمال: إِنَّما يَتَقَبَّلُ اَللّهُ مِنَ اَلْمُتَّقِينَ .

14-البشارة عند الموت: اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ كانُوا يَتَّقُونَ - لَهُمُ اَلْبُشْرى فِي اَلْحَياةِ اَلدُّنْيا وَ فِي اَلْآخِرَةِ .

15-نزول البركات: لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ اَلسَّماءِ وَ اَلْأَرْضِ .

16-تيسير الحساب: وَ ما عَلَى اَلَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ .

و لأجل الحصول على تلك الخصال قال اللّه تعالى: . . . وَ لَقَدْ وَصَّيْنَا اَلَّذِينَ أُوتُوا اَلْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَ إِيّاكُمْ أَنِ اِتَّقُوا اَللّهَ. . . (1).

الأخبار

1-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: كان أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه يقول: لا يقلّ عمل مع تقوى و كيف يقلّ ما يتقبّل. (2)

بيان:

«التقوى» : قال في المصباح: وقاه اللّه السوء يقيه وقاية بالكسر: حفظه. . . و التقيّة و التقوى اسم منه، و التاء مبدلة من واو، و الأصل و قوى. . .

و قال في المفردات: الوقاية: حفظ الشيء ممّا يؤذيه و يضرّه. . . و التقوى: جعل النفس في وقاية ممّا يخاف، هذا تحقيقه، ثمّ يسمّى الخوف تارة تقوى، و التقوى خوفا حسب تسمية مقتضى الشيء بمقتضيه و المقتضي بمقتضاه، و صار التقوى في تعارف الشرع: حفظ النفس عمّا يؤثم، و ذلك بترك المحظور، و يتمّ ذلك بترك بعض المباحات، لما روي: «الحلال بيّن، و الحرام بيّن، و من رتع حول الحمى فحقيق أن يقع فيه» . . .

ص:278


1- -النساء:131
2- الكافي ج 2 ص 61 باب الطاعة و التقوى ح 5

و في المرآة ج 7 ص 325 و البحار ج 70 ص 136 باب اليقين، «التقوى» :

من الوقاية و هي في اللغة فرط الصيانة، و في العرف صيانة النفس عمّا يضرّها في الآخرة، و قصرها على ما ينفعها فيها، و لها ثلاث مراتب: الأولى؛ وقاية النفس عن العذاب المخلّد، بتصحيح العقائد الإيمانيّة، و الثانية؛ التجنّب عن كلّ ما يؤثم من فعل أو ترك و هو المعروف عند أهل الشرع، و الثالثة؛ التوقّي عن كلّ ما يشغل القلب عن الحقّ، و هذه درجة الخواصّ، بل خاصّ الخاصّ.

و في سفينة البحار ج 2 ص 678: حكي عن بعض الناسكين أنّه قال له رجل: صف لنا التقوى؟ فقال: إذا دخلت أرضا فيها شوك كيف كنت تعمل؟ فقال: أتوقّى و أتحرّز، قال: فافعل في الدنيا كذلك، فهي التقوى.

أقول: و هذا مأخوذ من كلام أمير المؤمنين عليه السّلام فإنّه قال: اجعل الدنيا شوكا و انظر أين تضع قدمك منها. . . (الإثنى عشرية ص 434 ب 12 ف 7)

و في عدّة الداعي ص 293: اعلم أنّ التقوى شطران: شطر الاكتساب و شطر الاجتناب، و الاكتساب فعل الطاعات، و الاجتناب ترك المنهيات، و شطر الاجتناب أسلم و أصلح للعبد و أهمّ عليه من شطر الاكتساب، لأنّ الاجتناب يفيد مع حصوله، و يزكو معه ما يحصل من شطر الاكتساب و إنّ قلّ. . . و شطر الاكتساب لا ينفع مع تضييع شطر الاجتناب. . .

أقول: بهذا يفرق بين الورع و التقوى، لأنّ الورع كفّ عن المحرّمات و الشبهات فقطّ كما مرّ في بابه، و أمّا التقوى كفّ و اكتساب للطاعات و الفضائل و الدرجات و المقامات، و يدّل على ذلك أخبار الباب.

فما قيل: من أنّ التقوى و الورع مترادفان لا يكون صحيحا.

و معلوم أنّ التقوى أمر قلبيّ، و تظهر آثاره في الأعمال كما يدلّ عليه الأخبار.

و لا يخفى أنّ التقوى كما قيل يحصل بأحد امور ثلاثة: الخوف و الرجاء و الحبّ، قال اللّه تعالى: وَ فِي اَلْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ وَ مَغْفِرَةٌ مِنَ اَللّهِ وَ رِضْوانٌ وَ مَا اَلْحَياةُ

ص:279

اَلدُّنْيا إِلاّ مَتاعُ اَلْغُرُورِ (1).

فعلى المؤمن أن يتنبّه لحقيقة الدنيا و هي أنّها متاع الغرور، و عليه أن لا يجعلها غاية لأعماله، و أن يعلم أنّ له ورائها دارا فيها ينال غاية أعماله؛ و هي عذاب شديد للسيّئات يجب أن يخافه، و مغفرة من اللّه يجب أن يرجوها، و طباع الناس مختلفة، فبعضهم و هو الغالب يغلب على نفسه الخوف و يساق بذلك إلى عبادته تعالى خوفا من عذابه.

و بعضهم يغلب على نفسه الرجاء و كلّما فكّر فيما وعده اللّه من النعمة و الكرامة زاد رجاءه و بالغ في التقوى و الالتزام بالأعمال الصالحة.

و طائفة ثالثة و هم العلماء باللّه لا يعبدون خوفا من عقابه و لا طمعا في ثوابه و إنّما يعبدونه لأنّه أهل للعبادة، و ذلك لأنّهم عرفوه بما يليق به من الأسماء الحسنى و الصفات العليا، فهم يعبدون اللّه و لا يريدون إلاّ وجهه و لا يلتفتون فيها إلى عقاب يخوّفهم و لا إلى ثواب يرجيهم.

2-عن مفضّل بن عمر قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام فذكرنا الأعمال فقلت أنا: ما أضعف عملي، فقال: مه، استغفر اللّه، ثمّ قال لي: إنّ قليل العمل مع التقوى خير من كثير العمل بلا تقوى، قلت: كيف يكون كثير بلا تقوى؟ قال:

نعم مثل الرجل يطعم طعامه و يرفق جيرانه و يوطّئ رحله، فإذا ارتفع له الباب من الحرام دخل فيه، فهذا العمل بلا تقوى، و يكون الآخر ليس عنده فإذا ارتفع له الباب من الحرام لم يدخل فيه. (2)

بيان:

«يوطّئ رحله» : كناية عن كثرة الضيافة و قضاء حوائج الناس بكثرة الواردين

ص:280


1- -الحديد:20
2- الكافي ج 2 ص 61 ح 7

إلى منزله.

3-عن يعقوب بن شعيب قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: ما نقل اللّه عزّ و جلّ عبدا من ذلّ المعاصي إلى عزّ التقوى، إلاّ أغناه من غير مال، و أعزّه من غير عشيرة، و آنسه من غير بشر. (1)

4-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أيّما عبد أقبل قبل ما يحبّ اللّه عزّ و جلّ أقبل اللّه قبل ما يحبّ، و من اعتصم باللّه عصمه اللّه، و من أقبل اللّه قبله و عصمه لم يبال لو سقطت السماء على الأرض، أو كانت نازلة نزلت على أهل الأرض فشملتهم بليّة، كان في حزب اللّه بالتقوى من كلّ بليّة، أ ليس اللّه عزّ و جلّ يقول: إِنَّ اَلْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ (2)؟ (3)

بيان:

«أقبل قبل» في القاموس: أقبل قبلك: أقصد قصدك. . . و لي قبله: أي عنده انتهى.

و المراد إقبال العبد نحو ما يحبّه اللّه، و كون ذلك مقصوده دائما.

«في حزب اللّه» الصحيح كما في العدّة ص 288: "في حرز اللّه".

5-كتب أبو جعفر عليه السّلام إلى سعد الخير: بسم اللّه الرحمن الرحيم، أمّا بعد، فإنّي أوصيك بتقوى اللّه، فإنّ فيها السلامة من التلف، و الغنيمة في المنقلب، إنّ اللّه عزّ و جلّ يقي (نفى ف ن) بالتقوى عن العبد ما عزب عنه عقله، و يجلي بالتقوى عنه عماه و جهله، و بالتقوى نجا نوح و من معه في السفينة، و صالح و من معه من الصاعقة، و بالتقوى فاز الصابرون، و نجت تلك العصب من المهالك، و لهم إخوان على تلك الطريقة يلتمسون تلك الفضيلة. . . (4)

ص:281


1- -الكافي ج 2 ص 61 ح 8
2- الدخان:51
3- الكافي ج 2 ص 53 باب التفويض إلى اللّه ح 4
4- الكافي ج 8 ص 52 ح 16

بيان:

«عزب عنه عقله» : أي بعد عن إدراكه. في المرآة، «العصب» : جمع عصبة، و هي من الرجال و الخيل و الطير ما بين العشرة إلى الأربعين.

6-قال عليه السّلام: أصل الدين الورع، كن ورعا تكن أعبد الناس، كن بالعمل بالتقوى أشدّ اهتماما منك بالعمل بغيره، فإنّه لا يقلّ عمل بالتقوى و كيف يقلّ عمل يتقبّل؟ لقول اللّه عزّ و جلّ: إِنَّما يَتَقَبَّلُ اَللّهُ مِنَ اَلْمُتَّقِينَ فكان التقوى مدار قبول العمل. (1)

7-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في جوابه إلى رجل من أصحابه: أمّا بعد؛ فإنّي أوصيك بتقوى اللّه عزّ و جلّ، فإنّ اللّه قد ضمن لمن اتّقاه أن يحوله عمّا يكره إلى ما يحبّ، و يرزقه من حيث لا يحتسب، إنّ اللّه عزّ و جلّ لا يخدع عن جنبه (جنّته ب) ، و لا ينال ما عنده إلاّ بطاعته. (2)

8-عن الرضا عن آبائه عن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام قال: سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما أكثر ما يدخل به الجنّة؟ قال: تقوى اللّه و حسن الخلق. (3)

9-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في حديث) : ليس لأحد على أحد فضل إلاّ بالتقوى، ألا و إنّ للمتّقين عند اللّه أفضل الثواب و أحسن الجزاء و المآب. (4)

10-عن عبد اللّه بن مسعود عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: يا بن مسعود، اتّق اللّه في السرّ و العلانية، و البرّ و البحر، و الليل و النهار، فإنّه يقول: ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ. . . (5). 6

ص:282


1- -عدّة الداعي ص 284
2- عدّة الداعي ص 287
3- الوسائل ج 12 ص 153 ب 104 من العشرة ح 23
4- المستدرك ج 11 ص 265 ب 20 من جهاد النفس ح 10
5- المجادلة:7

11-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: التقوى إجلال اللّه، و توقير المؤمنين. . .

و عنه صلّى اللّه عليه و آله قال: إنّي لأعرف آية، لو أخذ بها الناس لكفاهم، ثمّ قرء:

وَ مَنْ يَتَّقِ اَللّهَ و قال: إنّما سمّي المتّقون المتّقين، لتركهم عمّا لا بأس به حذرا ممّا به البأس. (1)

12-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: اعلموا عباد اللّه؛ أنّ التقوى دار حصن عزيز، و الفجور دار حصن ذليل، لا يمنع أهله، و لا يحرز من لجأ إليه، ألا و بالتقوى تقطع حمة الخطايا، و باليقين تدرك الغاية القصوى. (2)

بيان:

«الحمة» في الأصل: إبرة الزنبور و العقرب و نحوها تلسع بها، و المراد هنا سطوة الخطايا على النفس.

13-و قال عليه السّلام: و اعلموا أنّه من يتّق اللّه يجعل له مخرجا من الفتن، و نورا من الظلم، و يخلّده فيما اشتهت نفسه، و ينزله منزلة الكرامة عنده، في دار اصطنعها لنفسه: ظلّها عرشه، و نورها بهجته، و زوّارها ملائكته، و رفقاؤها رسله. (3)

14-و قال عليه السّلام: أوصيكم عباد اللّه بتقوى اللّه، فإنّها الزّمام و القوام، فتمسّكوا بوثائقها، و اعتصموا بحقائقها، تؤل بكم إلى أكنان الدعة، و أوطان السعة، و معاقل الحرز، و منازل العزّ، في يوم تشخص فيه الأبصار. (4)

بيان:

«الكنّ» : جمع أكنان: ما يستكنّ به. «الدعة» : سعة العيش. «المعاقل» : الحصون.

ص:283


1- المستدرك ج 11 ص 267 ح 18
2- نهج البلاغة ص 494 في خ 156
3- نهج البلاغة ص 602 في خ 182
4- نهج البلاغة ص 629 في خ 186-صبحي ص 309 خ 195

«الحرز» : الحفظ.

15-و قال عليه السّلام: أمّا بعد، فأوصيكم بتقوى اللّه الذي ابتدء خلقكم، و إليه يكون معادكم، و به نجاح طلبتكم، و إليه منتهى رغبتكم، و نحوه قصد سبيلكم، و إليه مرامي مفزعكم، فإنّ تقوى اللّه دواء داء قلوبكم، و بصر عمى أفئدتكم، و شفاء مرض أجسادكم، و صلاح فساد صدوركم، و طهور دنس أنفسكم، و جلاء غشاء أبصاركم، و أمن فزع جأشكم، و ضياء سواد ظلمتكم. (1)

بيان:

«إليه مرامي مفزعكم» : أي إليه ملجأ خوفكم. «الغشاء» : الغطاء. «الجأش» :

ما يضطرب في القلب عند الفزع، أو التهيّب، أو توقّع المكروه.

16-و قال عليه السّلام: فإنّ تقوى اللّه مفتاح سداد، و ذخيرة معاد، و عتق من كلّ ملكة، و نجاة من كلّ هلكة، بها ينجح الطالب، و ينجو الهارب، و تنال الرغائب. . . (2)

17-و قال عليه السّلام: أوصيكم-عباد اللّه-بتقوى اللّه، فإنّها حقّ اللّه عليكم، و الموجبة على اللّه حقّكم، و أن تستعينوا عليها باللّه، و تستعينوا بها على اللّه، فإنّ التقوى في اليوم الحرز و الجنّة، و في غد الطريق إلى الجنّة، مسلكها واضح، و سالكها رابح، و مستودعها حافظ. (3)

18-في عهده إلى محمّد بن أبي بكر: . . . و اعلموا-عباد اللّه-أنّ المتّقين ذهبوا بعاجل الدنيا و آجل الآخرة، فشاركوا أهل الدنيا في دنياهم، و لم يشاركهم أهل الدنيا في آخرتهم، سكنوا الدنيا بأفضل ما سكنت، و أكلوها بأفضل ما اكلت، فحظوا من الدنيا بما حظي به المترفون، و أخذوا منها ما أخذه الجبابرة

ص:284


1- -نهج البلاغة ص 635 في خ 189-صبحي ص 312 خ 198
2- نهج البلاغة ص 723 خ 221- صبحي ص 351 خ 230
3- نهج البلاغة ص 770 في خ 233-صبحي ص 284 خ 191

المتكبّرون، ثمّ انقلبوا عنها بالزاد المبلّغ، و المتجر الرابح: أصابوا لذّة زهد الدنيا في دنياهم، و تيقّنوا أنّهم جيران اللّه غدا في آخرتهم، لا تردّ لهم دعوة، و لا ينقص لهم نصيب من لذّة. . . (1)

أقول:

لاحظ تمام الحديث في أمالي الطوسيّ ج 1 ص 24، و فيه: شاركوا أهل الدنيا في دنياهم، فأكلوا معهم من طيّبات ما يأكلون، و شربوا من طيّبات ما يشربون، و لبسوا من أفضل ما يلبسون، و سكنوا من أفضل ما يسكنون، و تزوّجوا من أفضل ما يتزوّجون، و ركبوا من أفضل ما يركبون. . .

بيان: كأنّه أشار عليه السّلام أنّ التقوى لا تضرّ بدنياهم، فإنّ أهل التقوى متنعّمون بأفضل ما في الدنيا و الآخرة و أمّا غيرهم فحظّهم في الدنيا الحرص و الطمع و الأمل و الشغل الكثير و. . . و ما لهم في الآخرة من نصيب و لهم عذاب أليم.

19-و قال عليه السّلام: اتّق اللّه بعض التقى و إن قلّ، و اجعل بينك و بين اللّه سترا و إن رقّ. (2)

20-و قال عليه السّلام: التقى رئيس الأخلاق. (3)

21-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لكلّ شيء معدن، و معدن التقوى قلوب العارفين. (4)

22-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه قال: يا أبا ذرّ، كن بالعمل بالتقوى أشدّ اهتماما منك بالعمل، فإنّه لا يقلّ عمل بالتقوى، و كيف يقلّ عمل يتقبّل؟ يقول اللّه عزّ و جلّ: إِنَّما يَتَقَبَّلُ اَللّهُ مِنَ اَلْمُتَّقِينَ .

يا أبا ذرّ، لا يكون الرجل من المتّقين حتّى يحاسب نفسه أشدّ من محاسبة

ص:285


1- -نهج البلاغة ص 886 في ر 27
2- نهج البلاغة ص 1194 ح 234
3- نهج البلاغة ص 1278 ح 402-و نظيره في الغرر ج 1 ص 27 ف 1 ح 801
4- مشكوة الأنوار ص 256 ب 6 ف 3

الشريك شريكه، فيعلم من أين مطعمه و من أين مشربه و من أين ملبسه، أ من حلّ ذلك أم من حرام.

يا أبا ذرّ، من لم يبال من أين اكتسب المال لم يبال اللّه عزّ و جلّ من أين أدخله النار.

يا أبا ذرّ، من سّره أن يكون أكرم الناس فليتّق اللّه عزّ و جلّ.

يا أبا ذرّ، إنّ أحبّكم إلى اللّه جلّ ثناؤه أكثركم ذكرا له، و أكرمكم عند اللّه عزّ و جلّ أتقيكم له، و أنجاكم من عذاب اللّه أشدّكم له خوفا.

يا أبا ذرّ، إنّ المتّقين الذين يتّقون [اللّه عزّ و جلّ]من الشيء الذي لا يتّقي منه خوفا من الدخول في الشبهة. . . (1)

يا أبا ذرّ، إنّ اللّه تبارك و تعالى لا ينظر إلى صوركم و لا إلى أموالكم (أقوالكم ف ن) و لكن ينظر إلى قلوبكم و أعمالكم.

يا أبا ذرّ، التقوى ههنا، التقوى ههنا-و أشار إلى صدره-. (2)

و قال عليه السّلام: يا أبا ذرّ، اتّق اللّه و لا تري الناس أنّك تخشى اللّه فيكرموك و قلبك فاجر. (3)

23-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من اتّقى اللّه عاش قويّا و سار في بلاد عدوّه آمنا. (4)

24-. . . قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لو أنّ السموات و الأرض كانتا رتقا على عبد ثمّ اتّقى اللّه، لجعل اللّه له منهما فرجا و مخرجا. (5)

25-و سئل الصادق عليه السّلام عن تفسير التقوى فقال: أن لا يفقدك اللّه حيث

ص:286


1- -البحار ج 77 ص 88
2- البحار ج 77 ص 90
3- البحار ج 77 ص 83
4- البحار ج 70 ص 283 باب الطاعة و التقوى ح 5
5- البحار ج 70 ص 285 ح 8

أمرك و لا يراك حيث نهاك. (1)

26-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: القيامة عرس المتّقين. (2)

27-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه: عليك بتقوى اللّه فإنّه رأس الأمر كلّه. (3)

28-عن إسحاق بن موسى عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: المتّقون سادة، و الفقهاء قادة، و الجلوس إليهم عبادة. (4)

29-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أحبّ أن يكون أكرم الناس فليتّق اللّه، و من أحبّ أن يكون أتقى الناس فليتوكّل على اللّه. . . (5)

30-عن الثمالي عن أبي جعفر عليه السّلام قال: يبعث اللّه يوم القيامة قوما بين أيديهم نور كالقباطيّ، ثمّ يقال له: كن هباء منثورا، ثمّ قال: أما و اللّه يا أبا حمزة، إنّهم كانوا يصومون و يصلّون، و لكن كانوا إذا عرض لهم شيء من الحرام أخذوه، و إذا ذكر لهم شيء من فضل أمير المؤمنين عليه السّلام أنكروه. و قال: و الهباء المنثور هو الذي تراه يدخل البيت في الكوّة من شعاع الشمس. (6)

بيان:

«القبطيّة» : ج القباطيّ: ثياب من كتّان منسوبة إلى القبط.

و في المصباح، الكوّة تفتح و تضمّ: الثقبة في الحائط.

31-عن عليّ عليه السّلام و قد سئل عن التقوى؟ فقال عليه السّلام: هو أنّه لو وضع

ص:287


1- -البحار ج 70 ص 285 ح 8
2- البحار ج 70 ص 288 ح 18
3- البحار ج 70 ص 289 ح 21
4- البحار ج 70 ص 290 ح 25
5- البحار ج 70 ص 291 ح 30
6- البحار ج 70 ص 293 ح 35

عملك على طبق و لم يجعل عليه غطاء، و طيف به على أهل الدنيا لما كان فيه شيء تستحيي منه. (1)

32-قال الصادق عليه السّلام: اتّق اللّه و كن حيث شئت و من أيّ قوم شئت، فإنّه لا خلاف لأحد في التقوى، و التقوى محبوب عند كلّ فريق، و فيه اجتماع كلّ خير و رشد، و هو ميزان كلّ علم و حكمة، و أساس كلّ طاعة مقبولة، و التقوى ماء ينفجر من عين المعرفة باللّه تعالى، يحتاج إليه كلّ فنّ من العلم و هو لا يحتاج إلاّ إلى تصحيح المعرفة بالخمود تحت هيبة اللّه تعالى و سلطانه، و مزيد التقوى يكون من أصل اطّلاع اللّه عزّ و جلّ على سرّ العبد بلطفه، فهذا أصل كلّ حقّ.

و أمّا الباطل فهو ما يقطعك عن اللّه، متّفق عليه أيضا عند كلّ فريق، فاجتنب عنه و أفرد سرّك للّه تعالى بلا علاقة. . . (2)

33-قال الصادق عليه السّلام: التقوى على ثلاثة أوجه: تقوى باللّه و هو ترك الحلال فضلا عن الشبهة، و هو تقوى خاصّ الخاصّ، و تقوى من اللّه تعالى و هو ترك الشبهات فضلا عن الحرام و هو تقوى الخاصّ، و تقوى من خوف النار و العقاب و هو ترك الحرام و هو تقوى العامّ. . .

و تفسير التقوى؛ ترك ما ليس بأخذه بأس حذرا ممّا به البأس، و هو في الحقيقة طاعة بلا عصيان و ذكر بلا نسيان و علم بلا جهل مقبول غير مردود. (3)

34-عن عليّ عليه السّلام قال: مخّ الإيمان التقوى و الورع، و هما من أفعال القلوب. . . (4)

ص:288


1- -الاثنى عشرية ص 434 ب 12 ف 7
2- مصباح الشريعة ص 44 ب 67
3- مصباح الشريعة ص 56 ب 82
4- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 20 ص 347

أقول:

قد مرّ في باب القبر عن أمير المؤمنين عليه السّلام: . . . أما لو أذن لهم (أي أهل القبور) في الكلام لأخبروكم؛ أنّ خير الزاد التقوى.

و قد مرّ في باب الدنيا فيما كتب أمير المؤمنين عليه السّلام إلى بعض أصحابه: فإنّ من اتّقى اللّه عزّ و قوي و شبع و روي و رفع عقله عن أهل الدنيا، فبدنه مع أهل الدنيا و قلبه و عقله معاين الآخرة.

35-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

التقوى اجتناب. (الغرر ج 1 ص 11 ف 1 ح 237)

التقوى خير زاد. (ص 20 ح 545)

التقوى أزكى زراعة. (ص 23 ح 664)

التقوى رأس الحسنات. (ص 26 ح 772)

التقوى حصن حصين. (ص 27 ح 804)

التقوى ذخيرة معاد. (ص 28 ح 846)

التقوى أقوى أساس. (ص 29 ح 872)

التقوى مفتاح الصلاح. (ص 32 ح 984)

التقوى حصن المؤمن. (ص 35 ح 1088)

التقوى حرز لمن عمل بها. (ص 38 ح 1171)

الورع أساس التقوى. (ص 37 ح 1149)

التقوى حصن حصين لمن لجأ إليه. (ص 59 ح 1594)

التقوى جماع التنزّه و العفاف. (ص 64 ح 1682)

التقوى ثمرة الدين و أمارة اليقين. (ص 67 ح 1743)

المتّقي من اتّقى الذنوب، و المتنزّه من تنزّه عن العيوب. (ص 78 ح 1893)

الكيس تقوى اللّه سبحانه، و تجنّب المحارم، و إصلاح المعاد. (ص 81 ح 1941)

ص:289

التقوى ظاهره شرف الدنيا و باطنه شرف الآخرة. (ص 87 ح 2013)

التقوى آكد سبب بينك و بين اللّه إن أخذت به، و جنّة من عذاب أليم.

(ص 94 ح 2101)

التقوى لا عوض عنه و لا خلف فيه. (ص 103 ح 2176)

التقوى أن يتّقي المرء كلّما يؤثمه. (ح 2186)

أشعر قلبك التقوى، و خالف الهوى، تغلب الشيطان. (ص 115 ف 2 ح 132)

اتّقوا اللّه الذي إن قلتم سمع، و إن أضمرتم علم. (ص 132 ح 29)

اتّقوا اللّه تقيّة من سمع فخشع، و اقترف فاعترف، و علم فوجل، و حاذر فبادر، و عمل فأحسن. (ص 137 ف 3 ح 69)

اتّقوا اللّه تقيّة من دعي فأجاب، و تاب فأناب، و حذّر فحذر، و عبر فاعتبر، و خاف فأمن. (ح 70)

الجأوا إلى التقوى فإنّه جنّة منيعة، من لجأ إليها حصّنته، و من اعتصم بها عصمته. (ح 75)

اعتصموا بتقوى اللّه فإنّ لها حبلا وثيقا عروته، و معقلا منيعا ذروته.

(ص 138 ح 76)

أوقى جنّة التقى. (ص 176 ف 8 ح 64)

أمنع حصون الدين التقوى. (ص 180 ح 124)

إنّ التقوى عصمة لك في حياتك و زلفى لك بعد مماتك. (ص 222 ف 9 ح 90)

إنّ تقوى اللّه سبحانه هي الزاد و المعاذ (المعاد ف ن) ؛ زاد مبلّغ، و معاذ منجح، دعا إليها أسمع داع، و وعاها خير واع، فأسمع داعيها و فاز واعيها.

(ص 247 ح 240)

إنّ تقوى اللّه عمارة الدين، و عماد اليقين، و إنّها لمفتاح و صلاح، و مصباح نجاح. (ص 249 ح 247)

ص:290

إنّ التقوى منتهى رضا اللّه من عباده، و حاجته من خلقه، فاتّقوا اللّه الذي إن أسررتم علمه و إن أعلنتم كتبه. (ص 248 ح 244)

إنّ من فارق التقوى أغري باللذّات و الشهوات، و وقع في تيه السيّئات، و لزمه كثير التبعات. (ح 249)

بالتقوى قرنت العصمة-بالتقوى تزكو الأعمال.

(ص 336 ف 18 ح 138 و 149)

سادة أهل الجنّة الأتقياء الأبرار. (ص 435 ف 39 ح 50)

صفتان لا يقبل اللّه سبحانه الأعمال إلاّ بها: التقى و الإخلاص.

(ص 460 ف 45 ح 77)

عليك بالتقى فإنّه خلق الأنبياء. (ج 2 ص 478 ف 49 ح 6)

عليك بالتقوى فإنّه شرف النسب. (ح 17)

عليكم بلزوم اليقين و التقوى، فإنّهما يبلّغانكم جنّة المأوى.

(ص 485 ف 50 ح 14)

عليكم بالتقوى فإنّه خير زاد و أحرز عتاد (1). (ص 486 ح 16)

للمتّقي هدى في رشاد، و تحرّج عن فساد، و حرص في إصلاح معاد.

(ص 583 ف 71 ح 40)

من اتّقى اللّه وقاه. (ص 619 ف 77 ح 182)

من اتّقى ربّه كان كريما. (ص 646 ح 627)

من عمل بطاعة اللّه ملك. (ص 651 ح 713)

من أشعر قلبه التقوى فاز عمله. (ص 666 ح 931)

ص:291


1- -أي ما أعدّ لامر ما

من اتّقى اللّه سبحانه جعل له من كلّ همّ فرجا و من كلّ ضيق مخرجا.

(ص 688 ح 1185)

من تذلّل لأبناء الدنيا تعرّى من لباس التقوى. (ص 690 ح 1208)

من أحبّ فوز الآخرة فعليه بالتقوى. (ص 694 ح 1245)

من تعرّى عن لباس التقوى لم يستتر بشيء من أسباب الدنيا.

(ص 698 ح 1284)

من تسربل أثواب التقى لم يبل سرباله. (ص 705 ح 1357)

من لم يتّق وجوه الرجال لم يتّق اللّه سبحانه. (ص 711 ح 1418)

من اتّقى اللّه فاز و غني. (ص 654 ح 756)

متّقيّ الشرّ كفاعل الخير. (ص 761 ف 80 ح 77)

متّقيّ المعصية كعامل البرّ. (ح 78)

ملوك الجنّة الأتقياء المخلصون. (ص 763 ح 106)

هدي من أشعر قلبه التقوى. (ص 791 ف 84 ح 2)

لا زاد كالتقوى. (ص 831 ف 86 ح 52)

لا تفسد التقوى إلاّ غلبة الشهوة. (ص 837 ح 170)

لا تقوى كالكفّ عن المحارم. (ح 175)

لا يقلّ عمل من تقوى و كيف يقلّ ما يتقبّل. (ص 848 ح 369)

لا ينفع الإيمان بغير تقوى. (ص 850 ح 392)

لا يهلك على التقوى سنخ أصل، و لا يظمأ عليها زرع. (ص 853 ح 419)

لا شرف أعلى من التقوى. (ص 857 ح 467)

يستدلّ على دين الرجل بحسن تقواه و صدق ورعه.

(ص 863 ف 88 ح 6)

ص:292

الفصل الثاني: صفات المتّقين
الآيات

1- الم - ذلِكَ اَلْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ - اَلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَ يُقِيمُونَ اَلصَّلاةَ وَ مِمّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ - وَ اَلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَ ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ - أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَ أُولئِكَ هُمُ اَلْمُفْلِحُونَ . (1)

2- . . . وَ لكِنَّ اَلْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ. . . وَ أُولئِكَ هُمُ اَلْمُتَّقُونَ . (2)

3- وَ سارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُهَا اَلسَّماواتُ وَ اَلْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ - اَلَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي اَلسَّرّاءِ وَ اَلضَّرّاءِ وَ اَلْكاظِمِينَ اَلْغَيْظَ وَ اَلْعافِينَ عَنِ اَلنّاسِ وَ اَللّهُ يُحِبُّ اَلْمُحْسِنِينَ. . . وَ مَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ . (3)

4- إِنَّ اَلَّذِينَ اِتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ اَلشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ . (4)

ص:293


1- -البقرة:1 إلى 5
2- البقرة:177
3- آل عمران:133 إلى 138
4- الأعراف:201

5- وَ اَلَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَ صَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ اَلْمُتَّقُونَ . الآيات (1)

6- إِنَّ اَلْمُتَّقِينَ فِي جَنّاتٍ وَ عُيُونٍ - آخِذِينَ ما آتاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُحْسِنِينَ - كانُوا قَلِيلاً مِنَ اَللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ - وَ بِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ - وَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسّائِلِ وَ اَلْمَحْرُومِ . (2)

الأخبار

1-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: فاتّقوا اللّه-عباد اللّه-تقيّة ذي لبّ شغل التفكّر قلبه، و أنصب الخوف بدنه، و أسهر التهجّد غرار نومه، و أظمأ الرجاء هواجر يومه، و ظلف الزهد شهواته، و أوجف الذكر بلسانه، و قدّم الخوف لأمانه. . . (3)

بيان:

«أنصب» : أي أتعب. «غرار نومه» : قليل نومه أي أزال قيامه بالليل نومه القليل «الهاجرة» : جمع هواجر، و هي نصف النهار عند اشتداد الحرّ و المراد أنّه في الليل قائم و في النهار صائم. «ظلف» : أي منع. «أوجف الذكر بلسانه» : أي أسرع، كأنّ الذكر لشدّة تحريكه اللسان موجف به كما توجف الناقة براكبها.

2-و قال عليه السّلام: أوصيكم-عباد اللّه-بتقوى اللّه التي هي الزاد، و بها المعاذ، زاد مبلّغ و معاذ منجح، دعا إليها أسمع داع و وعاها خير واع، فأسمع داعيها و فاز واعيها،

عباد اللّه، إنّ تقوى اللّه حمت أولياء اللّه محارمه، و ألزمت قلوبهم مخافته، حتّى أسهرت لياليهم، و أظمأت هواجرهم، فأخذوا الراحة بالنصب، و الريّ بالظمأ،

ص:294


1- -الزمر:33 إلى 35
2- الذاريات:15 إلى 19
3- نهج البلاغة ص 192 في خ 82-صبحي ص 111 في خ 83

و استقربوا الأجل، فبادروا العمل، و كذّبوا الأمل، فلاحظوا الأجل. (1)

بيان:

«المعاذ» : الملجأ. «أسمع داع» : المراد به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله. «وعاها» : أي حفظها و فهمها. «حمت» : أي منعت. «الريّ» : ضدّ العطش.

3-روي أنّ صاحبا لأمير المؤمنين عليه السّلام يقال له: همّام-كان رجلا عابدا-فقال له: يا أمير المؤمنين، صف لي المتّقين حتّى كأنّي أنظر إليهم، فتثاقل عليه السّلام عن جوابه، ثمّ قال: يا همّام، اتّق اللّه و أحسن ف إِنَّ اَللّهَ مَعَ اَلَّذِينَ اِتَّقَوْا وَ اَلَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ فلم يقنع همّام بهذا القول حتّى عزم عليه، فحمد اللّه و أثنى عليه و صلّى على النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) ثمّ قال عليه السّلام:

أمّا بعد، فإنّ اللّه سبحانه و تعالى خلق الخلق حين خلقهم غنيّا عن طاعتهم، آمنا من معصيتهم، لأنّه لا تضرّه معصية من عصاه، و لا تنفعه طاعة من أطاعه، فقسم بينهم معايشهم، و وضعهم من الدنيا مواضعهم.

فالمتّقون فيها هم أهل الفضائل: منطقهم الصواب، و ملبسهم الاقتصاد، و مشيهم التواضع، غضّوا أبصارهم عمّا حرّم اللّه عليهم، و وقفوا أسماعهم على العلم النافع لهم، نزلت أنفسهم منهم في البلاء كالتي نزلت في الرخاء، و لو لا الأجل الذي كتب اللّه عليهم لم تستقرّ أرواحهم في أجسادهم طرفة عين شوقا إلى الثواب و خوفا من العقاب.

عظم الخالق في أنفسهم فصغر ما دونه في أعينهم، فهم و الجنّة كمن قد رأها، فهم فيها منعّمون، و هم و النار كمن قد رآها فهم فيها معذّبون، قلوبهم محزونة، و شرورهم مأمونة، و أجسادهم نحيفة، و حاجاتهم خفيفة، و أنفسهم عفيفة، صبروا أيّاما قصيرة أعقبتهم راحة طويلة، تجارة مربحة يسرّها لهم ربّهم،

ص:295


1- -نهج البلاغة ص 353 في خ 113

أرادتهم الدنيا فلم يريدوها، و أسرتهم ففدوا أنفسهم منها.

أمّا الليل فصافّون أقدامهم، تالين لأجزاء القرآن؛ يرتّلونه ترتيلا، يحزّنون به أنفسهم، و يستثيرون به دواء دائهم، فإذا مرّوا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعا، و تطلّعت نفوسهم إليها شوقا، و ظنّوا أنّها نصب أعينهم، و إذا مرّوا بآية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم، و ظنّوا أنّ زفير جهنّم و شهيقها في أصول آذانهم، فهم حانون على أوساطهم، مفترشون لجباههم و أكفّهم و ركبهم و أطراف أقدامهم، يطلبون إلى اللّه تعالى في فكاك رقابهم.

و أمّا النهار فحلماء علماء أبرار أتقياء، قد براهم الخوف برى القداح، ينظر إليهم الناظر فيحسبهم مرضى و ما بالقوم من مرض، و يقول: لقد خولطوا و لقد خالطهم أمر عظيم؛ لا يرضون من أعمالهم القليل، و لا يستكثرون الكثير، فهم لأنفسهم متّهمون، و من أعمالهم مشفقون، إذا زكّي أحد منهم خاف ممّا يقال له، فيقول: أنا أعلم بنفسي من غيري، و ربّي أعلم بي منّي بنفسي، اللهمّ لا تؤاخذني بما يقولون، و اجعلني أفضل ممّا يظنّون، و اغفر لي ما لا يعلمون.

فمن علامة أحدهم: أنّك ترى له قوّة في دين، و حزما في لين، و إيمانا في يقين، و حرصا في علم، و علما في حلم، و قصدا في غنى، و خشوعا في عبادة، و تجمّلا في فاقة، و صبرا في شدّة، و طلبا في حلال، و نشاطا في هدى، و تحرّجا عن طمع، يعمل الأعمال الصالحة و هو على وجل، يمسي و همّه الشكر، و يصبح و همّه الذكر، يبيت حذرا و يصبح فرحا؛ حذرا لما حذر من الغفلة، و فرحا بما أصاب من الفضل و الرحمة، إن استصعبت عليه نفسه فيما تكره لم يعطها سؤلها فيما تحبّ، قرّة عينه فيما لا يزول، و زهادته فيما لا يبقى.

يمزج الحلم بالعلم، و القول بالعمل، تراه قريبا أمله، قليلا زلله، خاشعا قلبه، قانعة نفسه، منزورا أكله، سهلا أمره، حريزا دينه، ميّتة شهوته، مكظوما غيظه، الخير منه مأمول، و الشرّ منه مأمون، إن كان في الغافلين كتب في الذاكرين،

ص:296

و إن كان في الذاكرين لم يكتب من الغافلين، يعفو عمّن ظلمه، و يعطي من حرمه، و يصل من قطعه، بعيدا فحشه، ليّنا قوله، غائبا منكره، حاضرا معروفه، مقبلا خيره، مدبرا شرّه، في الزلازل وقور، و في المكاره صبور، و في الرخاء شكور.

لا يحيف على من يبغض، و لا يأثم فيمن يحبّ، يعترف بالحقّ قبل أن يشهد عليه، لا يضيّع ما استحفظ، و لا ينسى ما ذكّر، و لا ينابز بالألقاب، و لا يضارّ بالجار، و لا يشمت بالمصائب، و لا يدخل في الباطل، و لا يخرج من الحقّ، إن صمت لم يغمّه صمته، و إن ضحك لم يعل صوته، و إن بغي عليه صبر حتّى يكون اللّه هو الذي ينتقم له، نفسه منه في عناء و الناس منه في راحة، أتعب نفسه لآخرته، و أراح الناس من نفسه، بعده عمّن تباعد عنه زهد و نزاهة، و دنوّه ممّن دنا منه لين و رحمة، ليس تباعده بكبر و عظمة، و لا دنوّه بمكر و خديعة.

قال: فصعق همّام صعقة كانت نفسه فيها، فقال أمير المؤمنين عليه السّلام: أما و اللّه لقد كنت أخافها عليه، ثمّ قال: هكذا تصنع المواعظ البالغة بأهلها.

فقال له قائل: فما بالك يا أمير المؤمنين؟ فقال عليه السّلام: ويحك، إنّ لكلّ أجل وقتا لا يعدوه، و سببا لا يتجاوزه، فمهلا لا تعد لمثلها فإنّما نفث الشيطان على لسانك. (1)

بيان:

قد مرّ بيان بعض ألفاظ الحديث في بابي الإيمان ف 3 و الشيعة ف 2.

«حتّى عزم عليه» : أقسم عليه، أي الإمام عليه السّلام. «وضعهم من الدنيا مواضعهم» :

المراد بمواضع الخلق مراتبهم، و هي إشارة إلى الدرجات الدنيويّة كالغنى و الفقر، و الصحّة و المرض، أو الدينيّة لاختلاف استعدادهم و قابليّاتهم في العلم و العمل، أو الأعم منهما و هو الأظهر. «ملبسهم الاقتصاد» الملبس: ما يلبس أي يكون

ص:297


1- -نهج البلاغة ص 611 خ 184( شرح ابن أبي الحديد ج 10 ص 132 خ 186 و صبحي ص 303 خ 193)

ملبسهم اقتصاد أي توسّط بين الإفراط و التفريط، و يمكن أن يكون المراد؛ أنّ الاقتصاد في الأقوال و الأفعال، صار شعارا لهم، محيطا بهم، كاللباس للإنسان.

«مشيهم التواضع» : أي لا يمشون مشي المتكبّرين، و يمكن أن يكون المراد أنّ سيرتهم و سلوكم بين الخلق بالتواضع. «الرخاء» : سعة العيش. «قلوبهم محزونة» :

للأمور الأخرويّة و الخوف من العقاب و. . . «أجسادهم نحيفة» : أي مهزولة لكثرة الخوف و الحزن و العبادة من الصيام و السهر و. . . «حاجاتهم خفيفة» : لقلّة رغبتهم في الدنيا و ترك الهوى و قصر الأمل.

«أنفسهم عفيفة» : أي من السؤال عن الناس، و العفّة كثيرا ما يستعمل في الأخبار في كفّ البطن و الفرج، و ربما يستعمل في كفّ النفس عن المحرّمات بل عن الشبهات و المكروهات، و قد يستعمل في كفّ السؤال عن الناس و الكلّ محتمل و الأخير أظهر.

«أسرتهم ففدوا أنفسهم منها» أسره كضربه: أي شدّه و حبسه، و الفدية: زخارف الدنيا و ملاذها التي سلّموها إلى الدنيا بالترك و الإعراض عنها، فأمّا أسرها إيّاهم فلأنّ أرواح الأولياء قدسيّة و حيث مقامها في الجسد و عالم الناسوت على خلاف مقتضى فطرتها، فهي غريبة أسيرة، إذ ليس للروح أدنى تناسب مع التراب، و لذا كانت و لا تزال تتمنّى و تتهيّأ للسفر الحقيقي و تزيل المثبّطات، و ترفعها من البين، و ذلك فداؤها.

«يستثيرون به» يقال: ثار الغبار: إذا سطح و هاج، و أثار الغبار و استثاره: هيّجه، و المراد أنّهم يداوون بآيات القرآن داءهم، و يطلبون منه دوائهم بالتذكّر و التدبّر فيه، «تطلّعت نفوسهم» قيل: أي كادت تطلع شموس نفوسهم من أفق عوالم أبدانهم، فتصعد إلى العالم العلويّ، شوقا إلى ما وعدوا به في تلك الآيات. . . «ظنّوا أنّها» : الظنّ هنا بمعنى اليقين أي أيقنوا أنّ الجنّة معدّة لهم. «زفير جهنّم» زفير النار:

صوت توقّدها. «الشهيق» : الصوت و الانين الشديد المرتفع، و كونهما في"أصول

ص:298

الآذان"كناية عن تمكّنهما في الآذان. «حانون على أوساطهم» : حنى ظهره يحنيه أي عطفه، و هو وصف لحال ركوعهم. «مفترشون» : وصف لحال سجودهم.

«قد برأهم الخوف» : كناية عن نحافة البدن و ضعف الجسد.

«لأنفسهم متّهمون» : و المراد أنّهم يظنّون بأنفسهم التقصير. «مشفقون» الإشفاق:

الخوف أي لأعمالهم خائفون، أمّا من الحسنات فلاحتمال عدم القبول، و أمّا من السيّئات فلاحتمال عدم قبول توبتهم. «إذا زكّي أحدهم» التزكية: المدح «حزما في لين» : كأنّ المعنى أنّه لا يصير حزمه سببا لخشونته، بل مع الحزم يداري الخلق و يلاينهم.

«التجمّل في فاقة» التجمّل: التزيّن، و التكلّف بالجميل و إظهاره، يعني مع فقرهم يظهرون الغنى. «صبرا في شدّة» : أي الصبر على شدّة الفقر، أو العبادة، أو المصائب أو الأعمّ. «استصعبت عليه نفسه» الصعب: نقيض الذلول، و استصعبت على فلان دابّته: أي صعبت، و المراد لم تطعه نفسه في مكروهاتها.

«سؤلها فيما تحبّ» : أي لم يطاوع النفس فيما تريده. «قرّة عينه فيما لا يزول» : أي فيما عند اللّه و الدار الآخرة. «فيما لا يبقى» : الدنيا و زخارفها. «قريبا أمله» : أي أمله قصير. «منزورا أكله» المنزور: القليل، و الأكل: الحظّ من الدنيا، و في بعض النسخ:

"أكله"بالفتح أي لا يمتلئ من الطعام. «حريزا دينه» : حريز أي حصين، و حرزه أي حفظه و المراد عدم إهماله في أمر دينه، و عدم تطرّق الخلل فيه. «مقبلا خيره مدبرا شرّه» : يمكن أن يراد بالإقبال الازدياد، و بالإدبار الانتقاص أي لا يزال يسعى فيزداد خيره و ينتقص شرّه.

«في الزلازل وقور» : أي لا يضطرب في الشدائد، الوقور: فعول من الوقار و هو الحلم و الرزانة. «لا يأثم فيمن يحبّ» : المراد بالإثم: الميل عن الحقّ و الغرض أنّه لا يترك الحقّ للعداوة و المحبّة. «لا يضيّع ما استحفظ» : أي ما أودع عنده من الأسرار و الأموال و غير ذلك، و يحتمل شموله لما استحفظه اللّه من دينه و كتابه.

ص:299

«لا ينابز بالألقاب» : المنابزة و التنابز: التعاير و التداعي بالألقاب، من النبز بمعنى اللقب، و قيل: كثر استعماله فيما كان ذمّا. «بعده عمّن تباعد عنه زهد و نزاهة» النزاهة: التباعد عن كلّ قذر و مكروه، و إنّما كان تباعده زهدا و نزاهة، لأنّه إنّما يرغب عن أهل الدنيا و أهل الباطل. «صعق. . . كانت نفسه فيها» : يحتمل أن يراد بالصعقة: الصيحة، و يراد بكون «نفسه فيها» خروج روحه بخروجها.

يكفينا في الفصل هذا الحديث الشريف و فيه زهاء ثمانين خصالا للمتّقين.

(لاحظ شرح الخطبة في البحار ج 67 ص 317 و غيره)

4-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: فمن أشعر التقوى قلبه برّز مهله، و فاز عمله، فاهتبلوا هبلها، و اعملوا للجنّة عملها. (1)

بيان:

«برّز» يقال: برّز الرجل على أقرانه أي فاقهم. «مهله» المهل: التقدّم في الخير، أي فاق تقدّمه إلى الخير. «فاهتبلوا هبلها» الضمير في هبلها راجع إلى التقوى، و يقال:

"اهتبل هبلك"أي عليك بشأنك، فالمعنى اطلب التقوى كما هو شأنه.

5-و قال عليه السّلام: و اللّه ما أرى عبدا يتّقي تقوى تنفعه حتّى يخزن لسانه. (2)

6-و قال عليه السّلام: . . . و لا يستطيع أن يتّقي اللّه من خاصم. (3)

أقول:

الأخبار في فضل التقوى و أوصاف المتّقين في نهج البلاغة كثيرة ذكرنا بعضها.

7-قال عليّ عليه السّلام: العقل شجرة أصلها التقى، و فرعها الحياء، و ثمرتها الورع، فالتقوى تدعو إلى خصال ثلاث: إلى الفقه في الدين، و الزهد في الدنيا، و الانقطاع إلى اللّه تعالى، و الحياء يدعو إلى ثلاث خصال: إلى اليقين، و حسن

ص:300


1- -نهج البلاغة ص 410 في خ 132
2- نهج البلاغة ص 570 في خ 175
3- نهج البلاغة ص 1230 ح 290

الخلق، و التواضع، و الورع يدعو إلى خصال ثلاث: إلى صدق اللسان، و المسارعة إلى البرّ، و ترك الشبهات. (1)

8-عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السّلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: إنّ لأهل التقوى علامات يعرفون بها: صدق الحديث، و أداء الأمانة، و وفاء بالعهد، و قلّة العجز و البخل، و صلة الأرحام، و رحمة الضعفاء، و قلّة المؤاتاة للنساء، و بذل المعروف، و حسن الخلق، و سعة الحلم، و اتّباع العلم فيما يقرّب إلى اللّه، طوبى لهم و حسن مآب. . . (2)

أقول:

قد مرّ في باب الدين عن الكافي ج 2 ص 187 باب المؤمن و علاماته مثله، و فيه:

«إنّ لأهل الدين علامات» .

9-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا عليّ بن عبد العزيز، لا يغرّنّك بكاؤهم، فإنّ التقوى في القلب. (3)

10-عن أمير المؤمنين عليه السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: أتقى الناس من قال الحقّ فيما له و عليه. (4)

11-عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ:

اِتَّقُوا اَللّهَ حَقَّ تُقاتِهِ، قال: يطاع فلا يعصى، و يذكر فلا ينسى، و يشكر فلا يكفر. (5)

ص:301


1- -الاثنى عشرية ص 99 ب 3 ف 7
2- البحار ج 70 ص 282 باب الطاعة و التقوى ح 2
3- البحار ج 70 ص 283 ح 4
4- البحار ج 70 ص 288 ح 15
5- البحار ج 70 ص 291 ح 31

12-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

المتّقون قلوبهم محزونة، و شرورهم مأمونة. (الغرر ج 1 ص 49 ف 1 ح 1394)

المتّقي قانع متنزّه متعفّف. (ص 53 ح 1472)

المتّقون أنفسهم عفيفة، و حوائجهم خفيفة، و خيراتهم مأمولة، و شرورهم مأمونة. (ص 82 ح 1953)

المتّقون أنفسهم قانعة، و شهواتهم ميّتة، و وجوههم مستبشرة، و قلوبهم محزونة. (ح 1954)

المتّقون أعمالهم زاكية، و أعينهم باكية، و قلوبهم وجلة. (ص 85 ح 1986)

المتّقي ميتة شهوته، مكظوم غيظه، في الرخاء شكور، و في المكاره صبور.

(ص 87 ح 2020)

حرام على كلّ قلب متولّه بالدنيا أن يسكنه التقوى. (ص 383 ف 28 ح 38)

رأس التقوى ترك الشهوة. (ص 411 ف 34 ح 15)

للمتّقي ثلاث علامات: إخلاص العمل، و قصر الأمل، و اغتنام المهل.

(ج 2 ص 585 ف 71 ح 54)

ملاك التقى رفض الدنيا. (ص 757 ف 80 ح 9)

عند حضور الشهوات و اللذّات يتبيّن ورع الأتقياء. (ص 491 ف 52 ح 26)

من ملك شهوته كان تقيّا. (ص 646 ف 77 ح 628)

ص:302

191- التقيّة

الآيات

1- لا يَتَّخِذِ اَلْمُؤْمِنُونَ اَلْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اَللّهِ فِي شَيْءٍ إِلاّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً وَ يُحَذِّرُكُمُ اَللّهُ نَفْسَهُ وَ إِلَى اَللّهِ اَلْمَصِيرُ . (1)

2- مَنْ كَفَرَ بِاللّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلاّ مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ. . . (2)

3-(في قصّة أصحاب الكهف) . . . وَ لْيَتَلَطَّفْ وَ لا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً . (3)

4- فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي اَلنُّجُومِ - فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ . (4)

5- وَ قالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ. . . (5)

الأخبار

1-عن هشام بن سالم و غيره عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ:

ص:303


1- -آل عمران:28
2- النحل:106
3- الكهف:19
4- الصافّات:88 و 89
5- المؤمن:28

أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا (1)قال: بما صبروا على التقيّة وَ يَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ اَلسَّيِّئَةَ قال: الحسنة التقيّة، و السيّئة الإذاعة. (2)

بيان:

قال الشيخ المفيد رحمه اللّه في تصحيح الاعتقاد ص 66: «التقيّة» : ستر الاعتقاد و مكاتمة المخالفين و ترك مظاهرتهم بما يعقّب ضررا في الدين و الدنيا.

و في المرآة ج 9 ص 183 ذيل ح 18: قال الشهيد رحمه اللّه في قواعده: التقيّة مجاملة الناس بما يعرفون و ترك ما ينكرون، و قد دلّ عليها الكتاب و السنّة. . .

ثمّ قال رحمه اللّه: التقيّة تنقسم بانقسام الأحكام الخمسة: فالواجب إذا علم أو ظنّ نزول الضرر بتركها به أو ببعض المؤمنين، و المستحبّ إذا كان لا يخاف ضررا عاجلا أو يخاف ضررا سهلا أو كان تقيّة في المستحبّ كالترتيب في تسبيح الزهراء عليها السّلام و ترك بعض فصول الأذان، و المكروه التقيّة في المستحبّ حيث لا ضرر عاجلا و لا آجلا، و يخاف منه الالتباس على عوام المذهب، و الحرام التقيّة حيث يؤمن الضرر عاجلا و آجلا أو في قتل مسلم، و المباح التقيّة في بعض المباحات التي ترجّحها العامّة و لا يصل بتركها ضرر.

و قال الشيخ الأنصاريّ رحمه اللّه في رسالته في التقيّة (المكاسب ص 320) : التقيّة، اسم لاتّقى يتّقي، و التاء بدل عن الواو كما في التهمة و التخمة، و المراد هنا: التحفّظ عن ضرر الغير بموافقته في قول أو فعل مخالف للحقّ. و الكلام تارة يقع في حكمها التكليفيّ و أخرى في حكمها الوضعيّ. . .

أمّا الكلام في حكمها التكليفيّ فهو أنّ التقيّة تنقسم إلى الأحكام الخمسة: فالواجب منها ما كان لدفع الضرر الواجب فعلا و أمثلته كثيرة، و المستحبّ ما كان فيه

ص:304


1- -القصص:54
2- الكافي ج 2 ص 172 باب التقيّة ح 1

التحرّز عن معارض الضرر، بأن يكون تركه مفضيا تدريجا إلى حصول الضرر، كترك المداراة مع العامّة و هجرهم في المعاشرة في بلادهم، فإنّه ينجرّ غالبا إلى حصول المباينة الموجب لتضرّره منهم، و المباح ما كان التحرّز عن الضرر و فعله مساويا في نظر الشارع، كالتقيّة في إظهار كلمة الكفر على ما ذكره جمع من الأصحاب، و يدلّ عليه الخبر الوارد في رجلين (1)أخذا بالكوفة و أمرا بسبّ أمير المؤمنين عليه السّلام، و المكروه ما كان تركها و تحمّل الضرر أولى من فعله كما ذكر ذلك بعضهم في إظهار كلمة الكفر، و أنّ الأولى تركها ممّن يقتدي به الناس إعلاء لكلمة الإسلام، و المراد بالمكروه حينئذ ما يكون ضدّه أفضل، و المحرّم منه ما كان في الدماء. . .

أقول: الروايات في الباب كثيرة جدّا تبلغ حدّ التواتر، لا يسعنا ذكر تمامها، فالمهمّ عرفان موارد التقيّة و كيفيّة استعمالها، و كثرة الأخبار يعرب عن أهمّيّة الموضوع، كيف و إنّ صيانة الإنسان و الإخوان، و صلاح الأمّة، و حفظ أولياء الدين منوطة بالتقيّة.

2-عن أبي عمر الأعجميّ قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا أبا عمر، إنّ تسعة أعشار الدين في التقيّة، و لا دين لمن لا تقيّة له، و التقيّة في كلّ شيء إلاّ في النبيذ و المسح على الخفّين. (2)

ص:305


1- -في هداية الطالب للشهيديّ رحمه اللّه ص 630: يعني به خبر عبد اللّه بن عطا قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام: رجلان من أهل الكوفة أخذا، فقيل لهما: ابرءا عن أمير المؤمنين عليه السّلام، فبرء واحد منهما و أبى الآخر، فخلّي سبيل الذي برء، و قتل الآخر، فقال: أمّا الذي برء فرجل فقيه في دينه، و أمّا الذي لم يبرء فرجل تعجّل إلى الجنّة. لا يخفى أنّ مورده البراءة عنه لا سبّه عليه السّلام و الأخبار المشتملة على السبّ؛ قد أمر في جميعها بسبّه عليه السّلام لاجل التقيّة، و أمّا البراءة عنه عليه السّلام فالأخبار فيها مختلفة. . .
2- الكافي ج 2 ص 172 ح 2

3-عن أبي بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: التقيّة من دين اللّه، قلت:

من دين اللّه؟ قال: إي و اللّه من دين اللّه، و لقد قال يوسف عليه السّلام: أَيَّتُهَا اَلْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ و اللّه ما كانوا سرقوا شيئا، و لقد قال إبراهيم عليه السّلام: إِنِّي سَقِيمٌ و اللّه ما كان سقيما. (1)

بيان:

في المرآة ج 9 ص 167: «من دين اللّه» أي من دين اللّه الذي أمر عباده بالتمسّك به في كلّ ملّة، لأنّ أكثر الخلق في كلّ عصر لمّا كانوا من أهل البدع شرع اللّه التقيّة في الأقوال و الأفعال و السكوت عن الحقّ لخلّص عباده عند الخوف، حفظا لنفوسهم و دمائهم و أعراضهم و أموالهم و إبقاءا لدينه الحقّ، و لو لا التقيّة بطل دينه بالكلّيّة، و انقرض أهله، لاستيلاء أهل الجور، و التقيّة إنّما هي في الأعمال لا العقائد لأنّها من الأسرار التي لا يعلمها إلاّ علاّم الغيوب.

4-عن حبيب بن بشير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: سمعت أبي يقول:

لا و اللّه ما على وجه الأرض شيء أحبّ إليّ من التقيّة، يا حبيب، إنّه من كانت له تقيّة رفعه اللّه، يا حبيب، من لم تكن له تقيّة وضعه اللّه. يا حبيب، إنّ الناس إنّما هم في هدنة، فلو قد كان ذلك كان هذا. (2)

بيان:

«الهدنة» : الصلح و المسالمة و الموادعة بين المسلمين و غيرهم، و المراد بالناس إمّا المخالفون أو الأعمّ منهم و غيرهم. «فلو قد كان ذلك» : أي ظهور القائم عليه السلام و عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف. «كان هذا» : أي ترك التقيّة.

5-عن عبد اللّه بن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: اتّقوا على دينكم

ص:306


1- -الكافي ج 2 ص 172 ح 3
2- الكافي ج 2 ص 172 ح 4

فاحجبوه بالتقيّة، فإنّه لا إيمان لمن لا تقيّة له، إنّما أنتم في الناس كالنحل في الطير، لو أنّ الطير تعلم ما في أجواف النحل ما بقي منها شيء إلاّ أكلته، و لو أنّ الناس علموا ما في أجوافكم: أنّكم تحبّونا أهل البيت لأكلوكم بألسنتهم، و لنحلوكم في السرّ و العلانية، رحم اللّه عبدا منكم كان على ولايتنا. (1)

بيان:

في الوافي: «نحلوكم» أي سبّوكم.

6-عن هشام الكنديّ قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إيّاكم أن تعملوا عملا يعيّرونا به، فإنّ ولد السوء يعيّر والده بعمله، كونوا لمن انقطعتم إليه زينا و لا تكونوا عليه شينا، صلّوا في عشائرهم، و عودوا مرضاهم، و اشهدوا جنائزهم، و لا يسبقونكم إلى شيء من الخير فأنتم أولى به منهم، و اللّه ما عبد اللّه بشيء أحبّ إليه من الخبء، قلت: و ما الخبء؟ قال: التقيّة. (2)

بيان:

«صلّوا» من الصلاة أي صلّوا معهم، و يمكن بالتخفيف من الصلّة أي صلوا في عشائرهم. «عشائرهم» : الضمائر راجعة إلى المخالفين بقرينة المقام، و في بعض النسخ: "عشايركم". «الخبء» : الإخفاء و الستر.

7-عن معمّر بن خلاّد قال: سألت أبا الحسن عليه السّلام عن القيام للولاة، فقال:

قال أبو جعفر عليه السّلام: التقيّة من ديني و دين آبائي، و لا إيمان لمن لا تقيّة له. (3)

8-عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: التقيّة في كلّ ضرورة و صاحبها أعلم بها حين تنزل به. (4)

ص:307


1- -الكافي ج 2 ص 172 ح 5
2- الكافي ج 2 ص 174 ح 11
3- الكافي ج 2 ص 174 ح 12
4- الكافي ج 2 ص 174 ح 13

9-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: [كان]أبي عليه السّلام يقول: و أيّ شيء أقرّ لعيني من التقيّة؛ إنّ التقيّة جنّة المؤمن. (1)

10-عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّما جعلت التقيّة ليحقن بها الدم، فإذا بلغ الدم فليس تقيّة. (2)

11-عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كلّما تقارب هذا الأمر كان أشدّ للتقيّة. (3)

بيان:

«هذا الأمر» : أي ظهور القائم عليه السلام و عجّل اللّه فرجه الشريف.

12-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: التقيّة ترس اللّه بينه و بين خلقه. (4)

13-عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السّلام قال: خالطوهم بالبرّانيّة، و خالفوهم بالجوّانيّة، إذا كانت الإمرة صبيانيّة. (5)

بيان:

أراد بالبرّانيّة العلانية، و بالجوّانيّة السرّ و هي منسوب إلى جوّ البيت و هو داخله.

«الإمرة صبيانيّة» : أي كون الأمير صبيّا أو مثله في قلّة العقل و السفاهة.

14-عن عبد اللّه بن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: التقيّة ترس المؤمن، و التقيّة حرز المؤمن، و لا إيمان لمن لا تقيّة له. إنّ العبد ليقع إليه الحديث من حديثنا فيدين اللّه عزّ و جلّ به فيما بينه و بينه، فيكون له عزّا في الدنيا و نورا في الآخرة، و إنّ العبد ليقع إليه الحديث من حديثنا فيذيعه، فيكون له ذلاّ

ص:308


1- -الكافي ج 2 ص 174 ح 14
2- الكافي ج 2 ص 174 ح 16
3- الكافي ج 2 ص 175 ح 17
4- الكافي ج 2 ص 175 ح 19
5- الكافي ج 2 ص 175 ح 20

في الدنيا و ينزع اللّه عزّ و جلّ ذلك النور منه. (1)

15-. . . ثمّ قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: خالطوا الأبرار سرّا، و خالطوا الفجّار جهارا، و لا تميلوا عليهم فيظلموكم، فإنّه سيأتي عليكم زمان لا ينجو فيه من ذوي الدين إلاّ من ظنّوا أنّه أبله، و صبّر نفسه على أن يقال له: إنّه أبله لا عقل له. (2)

16-قال عليّ بن محمّد عليهما السّلام لداود الصرميّ: يا داود، لو قلت: إنّ تارك التقيّة كتارك الصلاة لكنت صادقا. (3)

17-قال الرضا عليه السّلام: لا دين لمن لا ورع له، و لا إيمان لمن لا تقيّة له، و إنّ أكرمكم عند اللّه أعملكم بالتقيّة، قيل: يا بن رسول اللّه، إلى متى؟ قال: إلى قيام القائم، فمن ترك التقيّة قبل خروج قائمنا فليس منّا. . . (4)

18-عن عليّ بن محمّد عن آبائه عن الصادق عليهم السّلام قال: ليس منّا من لم يلزم التقيّة، و يصوننا عن سفلة الرعيّة. (5)

19-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: رحم اللّه عبدا اجترّ مودّة الناس إلى نفسه فحدّثهم بما يعرفون، و ترك ما ينكرون. (6)

20-عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ مثل أبي طالب مثل أصحاب الكهف؛ أسرّوا الإيمان و أظهروا الشرك، فآتاهم اللّه أجرهم مرّتين. (7)

ص:309


1- -الكافي ج 2 ص 175 ح 23
2- الكافي ج 2 ص 96 باب المدارة ح 5
3- الوسائل ج 16 ص 211 ب 24 من الأمر و النهي ح 27
4- الوسائل ج 16 ص 211 ح 26
5- الوسائل ج 16 ص 212 ح 28
6- الوسائل ج 16 ص 220 ب 26 ح 4
7- الوسائل ج 16 ص 225 ب 29 ح 1

21-قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام: يغفر اللّه للمؤمن كلّ ذنب، و يطهّره منه في الدنيا و الآخرة ما خلا ذنبين: ترك التقيّة، و تضييع حقوق الإخوان. (1)

22-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: مثل مؤمن لا تقيّة له كمثل جسد لا رأس له، و مثل مؤمن لا يرعى حقوق إخوانه المؤمنين كمثل من حواسّه كلّها صحيحة و هو لا يتأمّل بعقله و لا يبصر بعينه و لا يسمع بأذنه. . . (2)

23-قال محمّد بن عليّ الباقر عليهما السّلام: أشرف أخلاق الأئمّة و الفاضلين من شيعتنا: استعمال التقيّة، و أخذ النفس بحقوق الإخوان. (3)

24-عن جعفر عن أبيه عليهما السّلام قال: ذكرت التقيّة يوما عند عليّ بن الحسين عليهما السّلام، فقال: و اللّه لو علم أبو ذرّ ما في قلب سلمان لقتله، و لقد آخى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بينهما فما ظنّكم بسائر الخلق.

إنّ علم العالم صعب مستصعب، لا يحتمله إلاّ نبيّ مرسل أو ملك مقرّب، أو عبد مؤمن امتحن اللّه قلبه للإيمان، قال: و إنّما صار سلمان من العلماء لأنّه امرء منّا أهل البيت عليهم السّلام فلذلك نسبه (نسبته ف ن) إلينا. (4)

بيان:

في الحديث نكتتان مهمّتان: الأولى؛ و هي أمر زعم الأكثر خلافه و يعتقدون بأنّ التقيّة تنحصر في التقيّة عن المخالفين و الأعداء، و لكنّك ترى الإمام عليه السّلام يقول بوجوب التقيّة و وجودها حتّى بين أبي ذرّ و سلمان-مع أخوّتهما و عظم شأن أبي ذرّ-فضلا عن سائر المؤمنين.

ص:310


1- -الوسائل ج 16 ص 223 ب 28 ح 6
2- جامع الأخبار ص 94 ف 53
3- جامع الأخبار ص 95
4- بصائر الدرجات ص 25 الجزء الأوّل ب 11 ح 21(الكافي ج 1 ص 331 باب أنّ حديثهم صعب مستصعب ح 2)

و السرّ في ذلك أنّ القلوب أوعية، فضّل اللّه بعضها في الاستيعاب و القابليّة دون بعض، فيتحمّل بعضها أسرارا لا يطيقها البعض الآخر، فتجب مراعاة حال الأفراد بكتمان أسرار الأئمّة التي تكون فوق تحمّلهم و لو كانوا من المؤمنين. هذا و أمّا التقيّة من المخالفين فأمر يذعن بها كلّ ذيّ لبّ و لا يحتاج إلى الإصرار و الإبرام بهذا المقدار الوارد في الأخبار.

الثانية: لا يليق امرؤ أن يتّصف بكونه عالما عند الأئمّة بعد انتسابه إليهم، بل بعد أن صار منهم أهل البيت، إذا فما ظنّك بأكثر علماء هذا الزمان البعداء عن فناء أهل البيت عليهم السّلام و التاركين لعلومهم، المستغرقين في الظلمات و الضلال.

25-قال الحسن بن عليّ عليهما السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ الأنبياء إنّما فضّلهم اللّه على خلقه أجمعين بشدّة مداراتهم لأعداء دين اللّه، و حسن تقيّتهم لأجل إخوانهم في اللّه. (1)

26-عن الرضا عليه السّلام أنّه سئل: ما العقل؟ قال: التجرّع للغصّة، و مداهنة الأعداء، و مداراة الأصدقاء. (2)

بيان:

داهنه أي أظهر له خلاف ما يضمر.

27-قال الصادق عليه السّلام: اطلب السلامة أينما كنت، و في أيّ حال كنت، لدينك و قلبك و عواقب أمورك من اللّه عزّ و جلّ، فليس من طلبها وجدها، فكيف من تعرّض للبلاء و سلك مسالك ضدّ السلامة و خالف أصولها، بل رأى السلامة تلفا و التلف سلامة؟ و السلامة قد عزلت من الخلق في كلّ عصر خاصّة في هذا الزمان، و سبيل وجودها في احتمال جفاء الخلايق و أذيّتهم، و الصبر عند

ص:311


1- -المستدرك ج 12 ص 262 ب 27 من الأمر و النهي ح 3
2- البحار ج 75 ص 393 باب التقيّة ح 3

الرزايا، و خفّة المؤن، و الفرار من الأشياء التي تلزمك رعايتها؛ و القناعة بالأقلّ من الميسور، فإن لم تتمكّن (لم تكن ف ن) فالعزلة، فإن لم تقدر فالصمت و ليس كالعزلة، فإن لم تستطع فالكلام بما ينفعك و لا يضرّك و ليس كالصمت.

فإن لم تجد السبيل إليه فالانقلاب في الأسفار من بلد إلى بلد، و طرح النفس في بوادي (براري ف ن) التلف، بسرّ صاف، و قلب خاشع، و بدن صابر، قال اللّه تعالى: إِنَّ اَلَّذِينَ تَوَفّاهُمُ اَلْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي اَلْأَرْضِ قالُوا أَ لَمْ تَكُنْ أَرْضُ اَللّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها (1)و انتهز مغنم عباد اللّه الصالحين، و لا تنافس الأشكال، و لا تنازع الأضداد، و من قال لك:

أنا، فقل: أنت، و لا تدّع شيئا و إن أحاط به علمك، و تحقّقت به معرفتك، و لا تكشف سرّك إلاّ لمن هو أشرف منك في الدين فتجد الشرف، فإن فعلت ذلك أصبت السلامة و بقيت مع اللّه عزّ و جلّ بلا علاقة. (2)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في بابي الكتمان و الرفق.

ص:312


1- -النساء:97
2- مصباح الشريعة ص 18 ب 23

192- التوكّل و الاعتصام باللّه تعالى

الآيات

1- . . . وَ مَنْ يَعْتَصِمْ بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ . (1)

2- وَ عَلَى اَللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ اَلْمُؤْمِنُونَ . (2)

3- . . . فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اَللّهِ إِنَّ اَللّهَ يُحِبُّ اَلْمُتَوَكِّلِينَ - إِنْ يَنْصُرْكُمُ اَللّهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَ إِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا اَلَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَ عَلَى اَللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ اَلْمُؤْمِنُونَ . (3)

4- . . . فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَ تَوَكَّلْ عَلَى اَللّهِ وَ كَفى بِاللّهِ وَكِيلاً . (4)

5- . . . وَ عَلَى اَللّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ . (5)

6- إِنَّمَا اَلْمُؤْمِنُونَ اَلَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اَللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَ إِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ

ص:313


1- -آل عمران:101
2- آل عمران:122 و المائدة:11 و التوبة:51 و المجادلة:10 و التغابن:13
3- آل عمران:159 و 160
4- النساء:81
5- المائدة:23

زادَتْهُمْ إِيماناً وَ عَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ . (1)

7- وَ قالَ مُوسى يا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ - فَقالُوا عَلَى اَللّهِ تَوَكَّلْنا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ اَلظّالِمِينَ . (2)

8- إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اَللّهِ رَبِّي وَ رَبِّكُمْ ما مِنْ دَابَّةٍ إِلاّ هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ . (3)

9- وَ لِلّهِ غَيْبُ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُ اَلْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَ تَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَ ما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمّا تَعْمَلُونَ . (4)

10- وَ قالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ ناجٍ مِنْهُمَا اُذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْساهُ اَلشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي اَلسِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ . (5)

11- . . . وَ عَلَى اَللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ اَلْمُؤْمِنُونَ - وَ ما لَنا أَلاّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اَللّهِ وَ قَدْ هَدانا سُبُلَنا وَ لَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا وَ عَلَى اَللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ اَلْمُتَوَكِّلُونَ . (6)

12- اَلَّذِينَ صَبَرُوا وَ عَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ . (7)

13- وَ آتَيْنا مُوسَى اَلْكِتابَ وَ جَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ أَلاّ تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلاً . (8)

ص:314


1- -الأنفال:2
2- يونس:84 و 85
3- هود:56
4- هود:123
5- يوسف:42
6- إبراهيم:11 و 12
7- النحل:42
8- الإسراء:2

14- إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ وَ كَفى بِرَبِّكَ وَكِيلاً . (1)

15- . . . وَ اِعْتَصِمُوا بِاللّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ اَلْمَوْلى وَ نِعْمَ اَلنَّصِيرُ . (2)

16- أَ رَأَيْتَ مَنِ اِتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أَ فَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً . (3)

17- وَ تَوَكَّلْ عَلَى اَلْحَيِّ اَلَّذِي لا يَمُوتُ وَ سَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَ كَفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً . (4)

18- وَ تَوَكَّلْ عَلَى اَلْعَزِيزِ اَلرَّحِيمِ - اَلَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ - وَ تَقَلُّبَكَ فِي اَلسّاجِدِينَ - إِنَّهُ هُوَ اَلسَّمِيعُ اَلْعَلِيمُ . (5)

19- فَتَوَكَّلْ عَلَى اَللّهِ إِنَّكَ عَلَى اَلْحَقِّ اَلْمُبِينِ . (6)

20- وَ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا اَلصّالِحاتِ. . . - اَلَّذِينَ صَبَرُوا وَ عَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ . (7)

21- وَ تَوَكَّلْ عَلَى اَللّهِ وَ كَفى بِاللّهِ وَكِيلاً . (8)

22- أَ لَيْسَ اَللّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ وَ يُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ . الآيات. (9)

23- . . . وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اَللّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اَللّهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اَللّهُ لِكُلِّ

ص:315


1- -الإسراء:65
2- الحجّ:78
3- الفرقان:43
4- الفرقان:58
5- الشعراء:217 إلى 220
6- النمل:79
7- العنكبوت:58 و 59
8- الأحزاب:3 و 48
9- الزمر:36

شَيْءٍ قَدْراً . (1)

الأخبار

1-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ الغنى و العزّ يجولان، فإذا ظفرا بموضع التوكّل أوطنا. (2)

بيان:

«يجولان» : أي يسيران و يتحرّكان لطلب الموطن.

«التوكّل» : في المصباح، وكلت الأمر إليه: . . . فوضّته إليه و اكتفيت به. . . و توكّل على اللّه: اعتمد عليه و وثق به و اتّكل عليه في أمره كذلك.

و في النهاية ج 5 ص 221 قد تكرر ذكر التوكّل في الحديث، يقال: توكّل بالأمر، إذا ضمن القيام به، و وكلت أمري إلى فلان: أي ألجاته إليه و اعتمدت فيه عليه، و وكّل فلان فلانا، إذا استكفاه أمره ثقة بكفايته، أو عجزا عن القيام بأمر نفسه.

و في أقرب الموارد ج 2 ص 1482، توكّل على اللّه: استسلم إليه و اعتمد عليه و وثق به، و توكّل في الأمر: أظهر العجز و اعتمد على الغير، و عند أهل الحقيقة التوكّل: هو الثقة بما عند اللّه، و اليأس ممّا في أيدي الناس.

و في مجمع البحرين: الأصل في التوكّل: إظهار العجز و الإعياء، و الاسم التكلان، و التوكّل على اللّه: انقطاع العبد إليه في جميع ما يأمله من المخلوقين. و قيل: ترك السعي فيما لا يسعه قدرة البشر فيأتي بالسبب و لا يحسب أنّ المسبّب منه، كحديث «اعقل و توكّل» .

ص:316


1- -الطلاق:3
2- الكافي ج 2 ص 53 باب التفويض إلى اللّه ح 3

و في جامع السعادات ج 3 ص 218، التوكّل: اعتماد القلب في جميع الأمور على اللّه، و بعبارة اخرى: حوالة العبد جميع اموره على اللّه، و بعبارة اخرى: هو التبرّي من كلّ حول و قوّة، و الاعتماد على حول اللّه و قوّته، و هو موقوف على أن يعتقد اعتقادا جازما بأنّه لا فاعل إلاّ اللّه، و أنّه لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه، و أنّ له تمام العلم و القدرة على كفاية العباد.

ثمّ تمام العطف و العناية و الرحمة بجملة العباد و الآحاد، و أنّه ليس وراء منتهى قدرته قدرة، و لا وراء منتهى علمه علم، و لا وراء منتهى عنايته عناية، فمن اعتقد ذلك اتّكل قلبه لا محالة على اللّه وحده، و لم يلتفت إلى غيره، و لا إلى نفسه أصلا، و من لم يجد ذلك من نفسه، فسببه إمّا ضعف اليقين، أو ضعف القلب و مرضه، باستيلاء الجبن عليه و انزعاجه بسبب الأوهام الغالبة عليه. . .

ص 220: التوكّل منزل من منازل السالكين و مقام من مقامات الموحّدين، بل هو أفضل درجات الموقنين، و لذا ورد في مدحه و فضله و في الترغيب فيه ما ورد من الكتاب و السنّة. . .

و في المرآة ج 7 ص 293 في باب خصال المؤمن: التوكّل على اللّه أي الاعتماد عليه في جميع الأمور و المهمّات، و قطع النظر عن الأسباب الظاهرة و إن كان يجب التوسّل بها ظاهرا، لكن من كمل يقينه باللّه و أنّه القادر على كلّ شيء و أنّه المسبّب للأسباب لا يعتمد عليها بل على مسبّبها.

و قال رحمه اللّه في ج 8 ص 21: ثمّ إنّ التوكّل ليس معناه ترك السعي في الأمور الضروريّة، و عدم الحذر عن الأمور المحذورة بالكلّيّة، بل لا بدّ من التوسّل بالوسائل و الأسباب على ما ورد في الشريعة من غير حرص و مبالغة فيه، و مع ذلك لا يعتمد على سعيه و ما يحصله من الأسباب، بل يعتمد على مسبّب الأسباب.

قال المحقّق الطوسيّ رحمه اللّه في أوصاف الأشراف: المراد بالتوكّل أن يكل العبد جميع

ص:317

ما يصدر عنه و يرد عليه إلى اللّه تعالى، لعلمه بأنّه أقوى و أقدر، و يصنع ما قدر عليه على وجه أحسن و أكمل، ثمّ يرضى بما فعل و هو مع ذلك يسعى و يجتهد فيما وكّله اللّه إليه، و يعدّ نفسه و عمله و قدرته و إرادته من الأسباب و الشروط المخصّصة لتعلّق قدرته تعالى و إرادته بما صنعه بالنسبة إليه، و من ذلك يظهر معنى:

«لا جبر و لا تفويض بل أمر بين أمرين» انتهى.

أقول: قيل: لا بدّ للوكيل أن يكون له أربعة أوصاف:

ألف: أن يكون عالما فيما وكّل.

ب: أن يكون أمينا.

ج: أن يكون قادرا بما وكّل.

د: أن يكون له رحيما و شفيقا و عطوفا، و كلّ ذلك موجود في اللّه تعالى بالنحو الأكمل، فينبغي للعاقل أن يتوكّل على اللّه في اموره و يعتصم به لا بغيره.

2-عن عليّ بن سويد عن أبي الحسن الأوّل عليه السّلام قال: سألته عن قول اللّه عزّ و جلّ: وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اَللّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ، فقال: التوكّل على اللّه درجات؛ منها أن تتوكّل على اللّه في امورك كلّها، فما فعل بك كنت عنه راضيا، تعلم أنّه لا يألوك خيرا و فضلا، و تعلم أنّ الحكم في ذلك له، فتوكّل على اللّه بتفويض ذلك إليه، وثق به فيها و في غيرها. (1)

بيان:

«لا يألوك» : في المرآة، الألو: التقصير، و إذا عدّى إلى مفعولين ضمن معنى المنع. . .

«فيها» : أي في أمورك كلّها. «و في غيرها» : أي في أمور غيرك من عشائرك و أتباعك و غيرهم.

«التوكّل على اللّه درجات» في جامع السعادات ج 3 ص 223: للتوكّل في الضعف

ص:318


1- -الكافي ج 2 ص 53 ح 5

و القوّة ثلاث درجات: الأولى، أن يكون حاله في حقّ اللّه و الثقة بعنايته و كفالته كحاله بالثقة بالوكيل، و هذه أضعف الدرجات، و يكثر وقوعها و يدوم مدّة مديدة. . .

الثانية، أن يكون حاله مع اللّه كحال الطفل مع امّه، فإنّه لا يعرف غيرها، و لا يفزع إلاّ إليها، و لا يعتمد إلاّ عليها، فإن رآها تعلّق في كلّ حال بذيلها، و إن ورد عليه أمر في غيبتها كان أوّل سابق لسانه يا امّاه.

و الفرق بين هذا و سابقه؛ أنّ هذا متوكّل قد فنى في موكّله عن توكّله، أي ليس يلتفت قلبه إلى التوكّل، بل التفاته إنّما هو إلى المتوكّل عليه فقط، فلا مجال في قلبه لغير المتوكّل عليه، و أمّا الأوّل فتوكّل بالكسب و التكلّف، و ليس فانيا عن توكّله، أي له التفات إلى توكّله، و ذلك شغل صارف عن ملاحظة المتوكّل عليه وحده، و هذا أقلّ وقوعا و دواما من الأوّل، إذ حصوله إنّما هو للخواصّ، و غاية دوامه أن يدوم يوما أو يومين، و ينافي التدبيرات، إلاّ تدبير الفزع إلى اللّه بالدعاء و الابتهال، كتدبير الطفل في التعلّق بامّه فقطّ.

الثالثة، و هي أعلى الدرجات، أن يكون بين يدي اللّه في حركاته و سكناته مثل الميّت بين يدي الغاسل، بأن يرى نفسه ميّتا، و تحرّكه القدرة الأزليّة كما يحرّك الغاسل الميّت، و هو الذي قويت نفسه، و نال الدرجة الثالثة من التوحيد.

و الفرق بينه و بين الثاني؛ أنّ الثاني لا يترك الدعاء و التضرّع كما أنّ الصبيّ يفزع إلى امّه، و يصيح و يتعلّق بذيلها و يعدو خلفها، و هذا ربما يترك الدعاء و السؤال ثقة بكرمه و عنايته، فهذا مثال صبيّ علم أنّه إن لم يرص بامّه فالأمّ تطلبه، و إن لم يتعلّق بذيلها فهي تحمله، و إن لم يسأل اللبن فهي تسقيه.

و من هذا القسم توكّل إبراهيم الخليل عليه السّلام لمّا وضع في المنجنيق ليرمى به إلى النار، و أشار إليه روح الأمين بسؤال النجاة و الاستخلاص من اللّه سبحانه، فقال:

«حسبي من سؤالي علمه بحالي» و هذا نادر الوقوع، عزيز الوجود، فهو مرتبة

ص:319

الصدّيقين، و إذا وجد فدوامه لا يزيد على صفرة الوجل، أو حمرة الخجل، و هو ينافي التدبيرات ما دام باقيا، إذ يكون صاحبه كالمبهموت.

ثمّ توكّل العبد على اللّه قد يكون في جميع اموره، و قد يكون في بعضها، و تختلف درجات ذلك بحسب كثرة الأمور المتوكّل فيها و قلّتها. . .

3-عن معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من أعطي ثلاثا لم يمنع ثلاثا: من اعطي الدعاء اعطي الإجابة، و من اعطي الشكر اعطي الزيادة، و من اعطي التوكّل اعطي الكفاية، ثمّ قال: أ تلوت كتاب اللّه عزّ و جلّ:

وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اَللّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ و قال: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ (1)و قال:

اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ (2). (3)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في أبواب التفويض، الرضا، التقوى، و القناعة عن الكافي و غيره.

4-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال: قال إبليس: خمسة [أشياء]ليس لي فيهنّ حيلة، و سائر الناس في قبضتي: من اعتصم باللّه عن نيّة صادقة و اتّكل عليه في جميع اموره، و من كثر تسبيحه في ليله و نهاره، و من رضي لأخيه المؤمن بما يرضاه لنفسه، و من لم يجزع على المصيبة حين تصيبه، و من رضي بما قسم اللّه له و لم يهتمّ لرزقه. (4)

5-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ليس شيء إلاّ و له حدّ، قلت:

جعلت فداك، فما حدّ التوكّل؟ قال: اليقين، قلت: فما حدّ اليقين؟ قال: أن لا تخاف

ص:320


1- -إبراهيم:7
2- المؤمن:60
3- الكافي ج 2 ص 53 ح 6
4- الخصال ج 1 ص 285 باب الخمسة ح 37

مع اللّه شيئا. (1)

أقول:

سيأتي شرح الحديث في باب اليقين.

6-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لمّا أمر الملك فحبس يوسف في السجن ألهمه اللّه علم تأويل الرؤيا، فكان يعبّر لأهل السجن رؤياهم، و إنّ فتيين ادخلا معه السجن يوم حبسه، فلمّا باتا أصبحا فقالا له: إنّا رأينا رؤيا فعبّرها لنا، فقال:

و ما رأيتما؟ فقال أحدهما: إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ اَلطَّيْرُ مِنْهُ و قال الآخر: رأيت إنّي أسقي الملك خمرا، ففسّر لهما رؤياهما على ما في الكتاب، ثمّ قال للذي ظنّ أنّه ناج منهما: اُذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ .

قال: و لم يفزع يوسف في حاله إلى اللّه فيدعوه، فلذلك قال اللّه: فَأَنْساهُ اَلشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي اَلسِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ قال: فأوحى اللّه إلى يوسف في ساعته تلك: يا يوسف، من أراك الرؤيا التي رأيتها؟ قال: أنت يا ربّي، قال:

فمن حبّبك إلى أبيك؟ قال: أنت يا ربّي، قال: فمن وجّه السيّارة إليك؟ قال: أنت يا ربّي، قال: فمن علّمك الدعاء الذي دعوت به حتّى جعل لك من الجبّ فرجا؟ قال: أنت يا ربّي، قال: فمن جعل لك من كيد المرأة مخرجا؟ قال: أنت يا ربّي، قال:

فمن أنطق لسان الصبيّ بعذرك؟ قال: أنت يا ربّي قال: فمن صرف كيد امرأة العزيز و النسوة؟ قال: أنت يا ربّي، قال: فمن ألهمك تأويل الرؤيا؟ قال: أنت يا ربّي.

قال: فكيف استغثت بغيري و لم تستغث بي و تسألني أن أخرجك من السجن، و استغثت و أمّلت عبدا من عبادي ليذكرك إلى مخلوق من خلقي في قبضتي، و لم تفزع إليّ؟ ! البث في السجن بذنبك بضع سنين بإرسالك عبدا

ص:321


1- -الوسائل ج 15 ص 202 ب 7 من جهاد النفس ح 4

إلى عبد. (1)

7-عن الصادق عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: كن لما لا ترجو أرجي منك لما ترجو، فإنّ موسى بن عمران عليه السّلام خرج يقتبس لأهله نارا فكلّمه اللّه عزّ و جلّ فرجع نبيّا، و خرج ملكة سبأ فأسلمت مع سليمان عليه السّلام، و خرج سحرة فرعون يطلبون العزّة لفرعون فرجعوا مؤمنين. (2)

8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا تدع طلب الرزق من حلّه، فإنّه عون لك

ص:322


1- -البحار ج 12 ص 301 باب قصص يعقوب و يوسف ح 100 أقول: في البحار ج 13 ص 130 باب بعثة موسى على فرعون ح 34 عن إبراهيم بن محمّد الهمداني قال: قلت للرضا عليه السّلام: لأيّ علّة أغرق اللّه فرعون و قد آمن به و أقرّ بتوحيده؟ قال: لأنّه آمن عند رؤية البأس، و الإيمان عند رؤية البأس غير مقبول. . . و لعلّة أخرى أغرقه اللّه عزّ و جلّ و هي أنّه استغاث بموسى لمّا أدركه الغرق و لم يستغث باللّه، فأوحى اللّه عزّ و جلّ إليه: يا موسى، لم تغث فرعون لأنّك لم تخلقه و لو استغاث بي لأغثته. و في ص 257 باب قصّة قارون في ح 4: . . . فقال موسى: يا بني إسرائيل، إنّ اللّه تعالى قد بعثني إلى قارون كما بعثني إلى فرعون، فمن كان معه فليثبت مكانه، و من كان معي فليعتزل، فاعتزلوا قارون و لم يبق معه إلاّ رجلان، ثمّ قال موسى عليه السّلام: يا أرض، خذيهم، فأخذتهم إلى كعابهم، ثمّ قال: يا أرض، خذيهم، فأخذتهم إلى ركبهم، ثمّ قال: يا أرض، خذيهم، فأخذتهم إلى حقوهم، ثمّ قال: يا أرض، خذيهم، فأخذتهم إلى أعناقهم، و قارون و أصحابه في كلّ ذلك يتضرّعون إلى موسى عليه السّلام و يناشده قارون باللّه و الرحم، حتّى روي في بعض الأخبار أنّه ناشده سبعين مرّة، و موسى في جميع ذلك لا يلتفت إليه لشدّة غضبه، ثمّ قال: يا أرض، خذيهم فانطبقت عليهم الأرض، فأوحى اللّه سبحانه إلى موسى: يا موسى، ما أفظّك! استغاثوا بك سبعين مرّة فلم ترحمهم و لم تغثهم، أما و عزّتي و جلالي لو إيّاي دعوني مرّة واحدة لوجدوني قريبا مجيبا.
2- البحار ج 71 ص 134 باب التوكّل ح 9

على دينك، و اعقل راحلتك و توكّل. (1)

9-في مواعظ الباقر عليه السّلام: يا جابر، من [هذا]الذي سأل اللّه فلم يعطه؟ أو توكّل عليه فلم يكفه؟ أو وثق به فلم ينجه؟ (2)

10-سأل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عن جبرئيل: ما التوكّل على اللّه عزّ و جلّ؟ فقال:

العلم بأنّ المخلوق لا يضرّ و لا ينفع، و لا يعطي و لا يمنع، و استعمال اليأس من الخلق، فإذا كان العبد كذلك لم يعمل لأحد سوى اللّه، و لم يرج و لم يخف سوى اللّه، و لم يطمع في أحد سوى اللّه، فهذا هو التوكّل. . . (3)

11-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله: وَ ما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاّ وَ هُمْ مُشْرِكُونَ (4)قال: هو قول الرجل لو لا فلان لهلكت، و لو لا فلان لأصبت كذا و كذا، و لو لا فلان لضاع عيالي، أ لا ترى أنّه قد جعل شريكا في ملكه يرزقه و يدفع عنه؟ قال: قلت: فيقول: لو لا أنّ اللّه منّ عليّ بفلان لهلكت، قال: نعم لا بأس بهذا. (5)

12-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لو أنّكم تتوكّلون على اللّه حقّ توكّله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا و تروح بطانا. (6)

13-و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أحبّ أن يكون أقوى الناس فليتوكّل على اللّه. (7)

ص:323


1- -البحار ج 71 ص 137 ح 20
2- البحار ج 71 ص 138 ح 21
3- البحار ج 71 ص 138 ح 23
4- يوسف:106
5- البحار ج 71 ص 150 ح 49
6- البحار ج 71 ص 151 ح 51
7- البحار ج 71 ص 151 ح 51

14-و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من وثق باللّه أراه السرور، و من توكّل عليه كفاه الأمور. (1)

15-و قال الباقر عليه السّلام: من توكّل على اللّه لا يغلب، و من اعتصم باللّه لا يهزم. (2)

16-عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: يقول اللّه عزّ و جلّ: ما من مخلوق يعتصم بمخلوق دوني إلاّ قطعت به أسباب السموات و أسباب الأرض من دونه، فإن سألني لم أعطه و إن دعاني لم أجبه، و ما من مخلوق يعتصم بي دون خلقي إلاّ ضمّنت السموات و الأرض رزقه، فإن دعاني أجبته و إن سألني أعطيته، و إن استغفرني غفرت له. (3)

17-. . . و قال الجواد عليه السّلام: كيف يضيع من اللّه كافله؟ و كيف ينجو من اللّه طالبه؟ و من انقطع إلى غير اللّه وكله اللّه إليه. (4)

18-أمر نمرود بجمع الحطب في سواد الكوفة عند نهر كوثا من قرية قطنانا و أوقد النار، فعجزوا عن رمي إبراهيم فعمل لهم إبليس المنجنيق فرمي به، فتلقّاه جبرئيل في الهواء، فقال: هل لك من حاجة؟ فقال: أمّا إليك فلا، حسبي اللّه و نعم الوكيل، فاستقبله ميكائيل، فقال: إن أردت أخمدت النار فإنّ خزائن الأمطار و المياه بيدي، فقال: لا أريد، و أتاه ملك الريح، فقال: لو شئت طيّرت النار، قال: لا أريد، فقال: جبرئيل فاسأل اللّه! فقال: حسبي من سؤالي علمه بحالي. (5)

ص:324


1- -البحار ج 71 ص 151 ح 51
2- البحار ج 71 ص 151 ح 51
3- البحار ج 71 ص 155 ح 68
4- البحار ج 71 ص 155 ح 69
5- البحار ج 71 ص 155 ح 70

19-. . . قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أوحي اللّه تبارك و تعالى إلى داود عليه السّلام أنّه ما اعتصم بي عبد من عبادي دون أحد من خلقي عرفت ذلك من نيّته ثمّ تكيده السموات و الأرض و من فيهنّ إلاّ جعلت له المخرج من بينهنّ، و ما اعتصم عبد من عبادي بأحد من خلقي عرفت ذلك من نيّته إلاّ قطعت أسباب السموات من بين يديه و أسخت الأرض من تحته، و لم أبال في أيّ واد تهالك. (1)

20-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: و من التوكّل أن لا تخاف مع اللّه غيره. (2)

21-في جوامع كلم أمير المؤمنين عليه السّلام قال: من وثق باللّه أراه السرور، و من توكّل عليه كفاه الأمور، و الثقة باللّه حصن لا يتحصّن فيه إلاّ مؤمن أمين، و التوكّل على اللّه نجاة من كلّ سوء و حرز من كلّ عدوّ. . . (3)

22-قال (النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ظ) : من انقطع إلى اللّه كفاه اللّه مؤنته و رزقه من حيث لا يحتسب، و من انقطع إلى الدنيا و كله إليها. (4)

23-. . . و رأى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قوما لا يزرعون، قال: ما أنتم؟ قالوا: نحن المتوكّلون، قال: لا بل أنتم المتّكلون. (5)

24-و قال صلّى اللّه عليه و آله: لا تتّكل إلى غير اللّه فيكلك اللّه إليه، و لا تعمل لغير اللّه فيجعل ثوابك عليه. (6)

25-عن أمير المؤمنين عليه السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (في خبر المعراج) أنّه قال:

يا ربّ، أيّ الأعمال أفضل؟ فقال اللّه عزّ و جلّ: يا أحمد، ليس شيء أفضل عندي

ص:325


1- -البحار ج 71 ص 157 ح 75
2- البحار ج 71 ص 158
3- البحار ج 78 ص 79
4- مشكوة الأنوار ص 18 ب 1 ف 4
5- المستدرك ج 11 ص 217 ب 11 من جهاد النفس ح 11
6- المستدرك ج 11 ص 217 ح 12

من التوكّل عليّ و الرضا بما قسمت. (1)

26-عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه مرّ يوما على قوم، فرآهم أصحّاء جالسين في زاوية المسجد، فقال عليه السّلام: من أنتم؟ قالوا: نحن المتوكّلون، قال عليه السّلام: لا بل أنتم المتأكّلة، فإن كنتم متوكّلين فما بلغ بكم توكّلكم؟ قالوا: إذا وجدنا أكلنا، و إذا فقدنا صبرنا، قال عليه السّلام: هكذا تفعل الكلاب عندنا، قالوا: فما نفعل؟ قال: كما نفعل، قالوا:

كيف تفعل؟ قال عليه السّلام: إذا وجدنا بذلنا، و إذا فقدنا شكرنا. (2)

27-دخل الأعرابيّ إلى مسجد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال: اعقلت ناقتك؟ قال: لا، قد توكّلت على اللّه، قال: اعقلها و توكّل [على اللّه]. (3)

28-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

التوكّل كفاية. (الغرر ج 1 ص 7 ف 1 ح 94)

التوكّل خير عماد. (ص 20 ح 547)

التوكّل حصن الحكمة. (ص 21 ح 597)

التوكّل أفضل عمل. (ص 23 ح 656)

التوكّل من قوّة اليقين. (ص 25 ح 747)

التوكّل كفاية شريفة لمن اعتمد إليه. (ص 59 ح 1595)

التوكّل التبريّ من الحول و القوّة، و انتظار ما يأتي به القدر. (ص 81 ح 1938)

أصل قوّة القلب التوكّل على اللّه. (ص 188 ف 8 ح 256)

أقوى الناس إيمانا أكثرهم توكّلا على اللّه سبحانه. (ص 193 ح 328)

إنّ حسن التوكّل لمن صدق الإيقان. (ص 215 ف 9 ح 5)

بحسن التوكّل يستدلّ على حسن الإيقان. (ص 334 ف 18 ح 108)

ص:326


1- -المستدرك ج 11 ص 220 ح 18
2- المستدرك ج 11 ص 220 ح 20
3- ارشاد القلوب ص 165 ب 35

توكّل على اللّه سبحانه، فإنّه قد تكفّل بكفاية المتوكّلين عليه.

(ص 349 ف 22 ح 44)

حسن توكّل العبد على اللّه سبحانه على قدر يقينه به. (ص 377 ف 27 ح 29)

حسبك من توكّلك أن لا ترى لرزقك مجريا إلاّ اللّه سبحانه.

(ص 382 ف 28 ح 29)

صلاح العبادة التوكّل. (ص 452 ف 43 ح 11)

عليك بالاعتصام باللّه في كلّ امورك، فإنّها عصمة من كلّ شيء.

(ج 2 ص 481 ف 49 ح 45)

في التوكّل حقيقة الإيقان. (ص 513 ف 58 ح 42)

ليس لمتوكّل عناء. (ص 593 ف 73 ح 1)

ينبغي لمن رضي بقضاء اللّه سبحانه أن يتوكّل عليه. (ص 860 ف 87 ح 15)

من توكّل لم يهتمّ. (ص 616 ف 77 ح 130)

من وثق باللّه غني-من توكّل على اللّه كفي. (ص 618 ح 168 و 169)

من توكّل على اللّه كفاه-من اعتصم باللّه نجّاه. (ص 619 ح 183 و 184)

من اعتصم باللّه لم يضرّه شيطان. (ص 630 ح 380)

من وثق باللّه توكّل عليه. (ص 632 ح 414)

من توكّل على اللّه غني عن عباده. (ص 644 ح 599)

من وثق باللّه صان يقينه. (ص 645 ح 607)

من اعتصم باللّه عزّ مطلبه. (ص 649 ح 668)

من توكّل على اللّه سبحانه كفى و استغنى. (ص 655 ح 764)

من انقطع إلى غير اللّه سبحانه و تعالى شقي و تعنّى. (ح 765)

من وثق بقسم اللّه لم يتّهمه في الرزق. (ص 671 ح 987)

ص:327

من توكّل على اللّه سبحانه أضائت له الشبهات، و كفي المؤنات و أمن التبعات.

(ص 701 ح 1323)

من توكّل على اللّه هانت له الصعاب، و تسهّلت عليه الأسباب، و تبوّء الخفض (1)و الكرامة. (ص 706 ح 1366)

ص:328


1- -أي الراحة و السكون، يقال: هو في خفض من العيش أي في سعة و راحة

193- الوالدين

الآيات

1- وَ إِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اَللّهَ وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً. . . (1)

2- قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً. . . (2)

3- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ وَ إِخْوانَكُمْ أَوْلِياءَ إِنِ اِسْتَحَبُّوا اَلْكُفْرَ عَلَى اَلْإِيمانِ . الآيات. (3)

4- وَ قَضى رَبُّكَ أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاّ إِيّاهُ وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ اَلْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَ لا تَنْهَرْهُما وَ قُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً- وَ اِخْفِضْ لَهُما جَناحَ اَلذُّلِّ مِنَ اَلرَّحْمَةِ وَ قُلْ رَبِّ اِرْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً . (4)

ص:329


1- -البقرة:83
2- الأنعام:151
3- التوبة:23 و 24
4- الإسراء:23 و 24

5- يا يَحْيى خُذِ اَلْكِتابَ بِقُوَّةٍ. . . - وَ بَرًّا بِوالِدَيْهِ وَ لَمْ يَكُنْ جَبّاراً عَصِيًّا . (1)

6-(حاكيا عن عيسى) وَ بَرًّا بِوالِدَتِي وَ لَمْ يَجْعَلْنِي جَبّاراً شَقِيًّا . (2)

7- وَ وَصَّيْنَا اَلْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً وَ إِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ . (3)

8- وَ وَصَّيْنَا اَلْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ وَ فِصالُهُ فِي عامَيْنِ أَنِ اُشْكُرْ لِي وَ لِوالِدَيْكَ إِلَيَّ اَلْمَصِيرُ- وَ إِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَ صاحِبْهُما فِي اَلدُّنْيا مَعْرُوفاً وَ اِتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ . (4)

9- وَ وَصَّيْنَا اَلْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً. . . (5)

الأخبار

1-عن محمّد بن مروان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ رجلا أتى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال: يا رسول اللّه، أوصني، فقال: لا تشرك باللّه شيئا و إن حرّقت بالنار و عذّبت إلاّ و قلبك مطمئنّ بالإيمان، و والديك فأطعهما و برّهما حيّين كانا أو ميّتين، و إن أمراك أن تخرج من أهلك و مالك فافعل، فإنّ ذلك من الإيمان. (6)

بيان:

«إلاّ و قلبك مطمئنّ بالإيمان» لعلّ المراد: إلاّ إذا خفت التحريق أو التعذيب فتتكلّم

ص:330


1- -مريم:12 إلى 14
2- مريم:32
3- العنكبوت:8
4- لقمان:14 و 15
5- الأحقاف:15
6- الكافي ج 2 ص 126 باب البرّ بالوالدين ح 2

تقيّة خلاف عقيدتك و قلبك مطمئنّ بالإيمان كما قال اللّه تعالى في قصّة عمّار:

إِلاّ مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ .

«برّهما» : بصيغة الأمر من باب علم و نصر يقال: برّ يبرّ فهو بارّ، و البرّ: الإحسان.

و في المرآة ج 8 ص 389، قال الطبرسيّ رحمه اللّه: البرّ أصله من السعة و منه البرّ خلاف البحر، و الفرق بين البرّ و الخير أنّ البرّ هو النفع الواصل إلى الغير ابتداء مع القصد إلى ذلك، و الخير يكون خيرا و إن وقع عن سهو، و ضدّ البرّ العقوق و ضدّ الخير الشرّ «مالك» أي بهبته.

2-عن منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت: أيّ الأعمال أفضل؟ قال: الصلاة لوقتها، و برّ الوالدين، و الجهاد في سبيل اللّه عزّ و جلّ. (1)

3-عن أبي الحسن موسى عليه السّلام قال: سأل رجل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما حقّ الوالد على ولده؟ قال: لا يسمّيه باسمه، و لا يمشي بين يديه، و لا يجلس قبله، و لا يستسبّ له. (2)

بيان:

«لا يستسبّ له» : أي لا يفعل ما يصير سببا لسبّ الناس لأبيه.

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما يمنع الرجل منكم أن يبرّ والديه حيّين و ميّتين؛ يصلّي عنهما، و يتصدّق عنهما، و يحجّ عنهما، و يصوم عنهما، فيكون الذي صنع لهما، و له مثل ذلك فيزيده اللّه عزّ و جلّ ببرّه و صلته خيرا كثيرا. (3)

5-عن معمّر بن خلاّد قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السّلام: أدعو لوالديّ إذا كانا لا يعرفان الحقّ؟ قال: ادع لهما و تصدّق عنهما، و إن كان حيّين لا يعرفان

ص:331


1- -الكافي ج 2 ص 127 ح 4
2- الكافي ج 2 ص 127 ح 5
3- الكافي ج 2 ص 127 ح 7

الحقّ فدارهما، فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: إنّ اللّه بعثني بالرحمة لا بالعقوق. (1)

بيان:

يدلّ الحديث على جواز الدعاء و التصدّق للوالدين المخالفين للحقّ بعد موتهما، و لزوم المداراة لهما في حياتهما، على أنّ برّ الوالدين لا يتوقّف على الإسلام لقوله تعالى: وَ وَصَّيْنَا اَلْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ. . . وَ إِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَ صاحِبْهُما فِي اَلدُّنْيا مَعْرُوفاً و هي نصّ في البرّ لهما إذا كانا مشركين، و فيها دلالة على مخالفتهما إذا أمرا بالمعصية. هذا و لكن تخصيص الخبر بما إذا لم يكونا ناصبيين معلنيين لعداوة أهل البيت عليهم السّلام ممّا لا تأمّل فيه، حيث إنّهما مهدورا الدم.

6-عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: جاء رجل إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال: يا رسول اللّه، من أبرّ؟ قال: أمّك، قال: ثمّ من؟ قال: أمّك، قال: ثمّ من؟ قال: أمّك، قال ثمّ من؟ قال: أباك. (2)

7-عن جابر عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أتى رجل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال:

يا رسول اللّه، إنّي راغب في الجهاد نشيط، قال: فقال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: فجاهد في سبيل اللّه، فإنّك إن تقتل تكن حيّا عند اللّه ترزق، و إن تمت فقد وقع أجرك على اللّه، و إن رجعت رجعت من الذنوب كما ولدت.

قال: يا رسول اللّه، إنّ لي والدين كبيرين يزعمان أنّهما يأنسان بي و يكرهان خروجي، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: فقرّ مع والديك، فو الذي نفسي بيده لأنسهما بك يوما و ليلة خير من جهاد سنة. (3)

ص:332


1- -الكافي ج 2 ص 127 ح 8
2- الكافي ج 2 ص 127 ح 9
3- الكافي ج 2 ص 128 ح 10

بيان:

«فقرّ» : فعل أمر من القرار.

8-عن زكريّا بن إبراهيم قال: كنت نصرانيّا فأسلمت و حججت، فدخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام فقلت: إنّي كنت على النصرانيّة و إنّي أسلمت، فقال:

و أيّ شيء رأيت في الإسلام؟ قلت: قول اللّه عزّ و جلّ: ما كُنْتَ تَدْرِي مَا اَلْكِتابُ وَ لاَ اَلْإِيمانُ وَ لكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ (1)فقال: لقد هداك اللّه.

ثمّ قال: اللهمّ اهده-ثلاثا-، سل عمّا شئت يا بنيّ، فقلت: إنّ أبي و أمّي على النصرانيّة و أهل بيتي، و أمّي مكفوفة البصر فأكون معهم و آكل في آنيتهم؟ فقال: يأكلون لحم الخنزير؟ فقلت: لا و لا يمسّونه، فقال: لا بأس، فانظر امّك فبرّها، فإذا ماتت فلا تكلها إلى غيرك، كن أنت الذي تقوم بشأنها، و لا تخبرنّ أحدا أنّك أتيتني حتّى تأتيني بمنى إن شاء اللّه، قال: فأتيته بمنى و الناس حوله كأنّه معلّم صبيان، هذا يسأله و هذا يسأله.

فلمّا قدمت الكوفة ألطفت لأمّي و كنت اطعمها و أفلّي ثوبها و رأسها و أخدمها، فقالت لي: يا بنيّ، ما كنت تصنع بي هذا و أنت على ديني، فما الذي أراى منك منذ هاجرت فدخلت في الحنيفيّة؟ فقلت: رجل من ولد نبيّنا أمرني بهذا، فقالت: هذا الرجل هو نبيّ؟ فقلت: لا و لكنّه ابن نبيّ.

فقالت: يا بنيّ، إنّ هذا نبيّ إنّ هذه وصايا الأنبياء، فقلت: يا امّه، إنّه ليس يكون بعد نبيّنا نبيّ و لكنّه ابنه، فقالت: يا بنيّ، دينك خير دين اعرضه عليّ، فعرضته عليها فدخلت في الإسلام و علّمتها، فصلّت الظهر و العصر و المغرب و العشاء الآخرة، ثمّ عرض لها عارض في الليل، فقالت: يا بنيّ، أعد عليّ

ص:333


1- -الشورى:52

ما علّمتني فأعدته عليها، فأقرّت به و ماتت، فلمّا أصبحت كان المسلمون الذين غسّلوها، و كنت أنا الذي صلّيت عليها و نزلت في قبرها. (1)

بيان:

«فإذا ماتت. . .» : معجزة له عليه السّلام لأنّه كان يعلم بأنّ أمّه سوف تسلم و تموت فوصّى عليه السّلام بأوامر. «أفلّي ثوبها» في القاموس: فلى رأسه يفليه: بحثه عن القمل، كفلاّه.

9-عن إبراهيم بن شعيب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّ أبي قد كبر جدّا و ضعف فنحن نحمله إذا أراد الحاجة، فقال: إن استطعت أن تلي ذلك منه فافعل، و لقّمه بيدك فإنّه جنّة لك غدا. (2)

بيان:

«أن تلي ذلك» : أي بنفسك. «فإنّه جنّة» : أي وقاية لك من النار.

10-قال أبو جعفر عليه السّلام: ثلاث لم يجعل اللّه عزّ و جلّ لأحد فيهنّ رخصة:

أداء الأمانة إلى البرّ و الفاجر، و الوفاء بالعهد للبرّ و الفاجر، و برّ الوالدين برّين كانا أو فاجرين. (3)

11-عن سدير قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام: هل يجزي الولد والده؟ فقال:

ليس له جزاء إلاّ في خصلتين: يكون الوالد مملوكا فيشتريه ابنه فيعتقه، أو يكون عليه دين فيقضيه عنه. (4)

12-عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ العبد ليكون بارّا بوالديه في حياتهما، ثمّ يموتان، فلا يقضي عنهما ديونهما، و لا يستغفر لهما فيكتبه اللّه عاقّا، و إنّه ليكون عاقّا لهما في حياتهما غير بارّ بهما، فإذا ماتا قضى دينهما،

ص:334


1- -الكافي ج 2 ص 128 ح 11
2- الكافي ج 2 ص 129 ح 13
3- الكافي ج 2 ص 129 ح 15
4- الكافي ج 2 ص 130 ح 19

و استغفر لهما، فيكتبه اللّه عزّ و جلّ بارّا. (1)

13-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أدنى العقوق أفّ، و لو علم اللّه عزّ و جلّ شيئا أهون منه لنهى عنه. (2)

بيان:

في المرآة ج 10 ص 371: المراد بعقوق الوالدين ترك الأدب لهما و الإتيان بما يؤذيهما قولا و فعلا، و مخالفتهما في أغراضهما الجائزة عقلا و نقلا، و قد عدّ من الكبائر، و دلّ على حرمته الكتاب و السنّة و أجمع عليها الخاصّة و العامّة.

و في النهاية ج 3 ص 277، يقال: عقّ والده يعقّه عقوقا فهو عاقّ: إذا آذاه و عصاه و خرج عليه. و هو ضدّ البرّ به، و أصله من العقّ: الشقّ و القطع.

14-عن أبي الحسن عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: كن بارّا و اقتصر على الجنّة، و إن كنت عاقّا [فظّا]فاقتصر على النار. (3)

بيان:

«اقتصر على الجنّة» : أي اكتف بها.

15-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من نظر إلى أبويه نظر ماقت و هما ظالمان له لم يقبل اللّه له صلاة. (4)

بيان:

«المقت» : البغض.

16-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا كان يوم القيامة كشف غطاء من أغطية الجنّة، فوجد ريحها من كانت له روح من مسيرة خمسمائة عام إلاّ صنف واحد،

ص:335


1- -الكافي ج 2 ص 130 ح 21
2- الكافي ج 2 ص 260 باب العقوق ح 1
3- الكافي ج 2 ص 260 ح 2
4- الكافي ج 2 ص 260 ح 5

قلت: من هم؟ قال: العاقّ لوالديه. (1)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر لاحظ باب الجنّة و غيره.

17-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لو علم اللّه شيئا أدنى من افّ لنهى عنه، و هو من أدنى العقوق، و من العقوق أن ينظر الرجل إلى والديه فيحدّ النظر إليهما. (2)

18-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ أبي نظر إلى رجل و معه ابنه يمشي و الابن متّكئ على ذراع الأب، قال: فما كلّمه أبي عليه السّلام مقتا له حتّى فارق الدنيا. (3)

أقول:

قد مرّ في باب الكبر: نزعت النبوّة من عقب يوسف عقوبة لما لم ينزل ليعقوب عن مركبه.

(راجع الكافي ج 2 ص 235 باب الكبر ح 15-و العلل ج 1 ص 55 ب 47)

19-عن محمّد بن سنان أنّ الرضا عليه السّلام كتب إليه: حرّم اللّه عقوق الوالدين لما فيه من الخروج من التوفيق لطاعة اللّه تعالى، و التوقير للوالدين، و تجنّب كفر النعمة، و إبطال الشكر، و ما يدعو من ذلك إلى قلّة النسل و انقطاعه، لما في العقوق من قلّة توقير الوالدين، و العرفان بحقّهما، و قطع الأرحام، و الزهد من الوالدين في الولد، و ترك التربية، لعلّة ترك الولد برّهما. (4)

20-عن عبد العظيم الحسنيّ عن محمّد بن عليّ عن أبيه عن جدّه عليهم السّلام قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: عقوق الوالدين من الكبائر لأنّ اللّه تعالى جعل

ص:336


1- -الكافي ج 2 ص 260 ح 3
2- الكافي ج 2 ص 261 ح 7
3- الكافي ج 2 ص 261 ح 8
4- العلل ج 2 ص 479 ب 229 ح 1( الوسائل ج 21 ص 502 ب 104 من أحكام الأولاد ح 9)

العاقّ عصيّا شقيّا. (1)

أقول:

أشار عليه السّلام إلى الآية 14 و 32 من سورة مريم.

21-في مواعظ الحسن العسكريّ عليه السّلام قال: جرأة الولد على والده في صغره تدعو إلى العقوق في كبره. (2)

22-في رسالة عليّ بن الحسين عليهما السّلام في الحقوق: فحقّ أمّك أن تعلم أنّها حملتك حيث لا يحمل أحد أحدا، و أطعمتك من ثمرة قلبها ما لا يطعم أحد أحدا، و أنّها وقتك بسمعها و بصرها و يدها و رجلها و شعرها و بشرها و جميع جوارحها، مستبشرة بذلك، فرحة موبلة، محتملة لما فيه مكروهها و ألمها و ثقلها و غمّها، حتّى دفعتها عنك يد القدرة و أخرجتك إلى الأرض.

فرضيت أن تشبع و تجوع هي، و تكسوك و تعرى، و ترويك و تظمأ، و تظلّك و تضحى، و تنعّمك ببؤسها، و تلذّذك بالنوم بأرقّها، و كان بطنها لك وعاء، و حجرها لك حواء، و ثديها لك سقاء، و نفسها لك وقاء، تباشر حرّ الدنيا و بردها لك و دونك، فتشكرها على قدر ذلك و لا تقدر عليه إلاّ بعون اللّه و توفيقه.

و أمّا حقّ أبيك فتعلم أنّه أصلك و أنّك فرعه، و أنّك لولاه لم تكن، فمهما رأيت في نفسك ممّا يعجبك فاعلم أنّ أباك أصل النعمة عليك فيه، و احمد اللّه و اشكره على قدر ذلك، و لا قوّة إلاّ باللّه. (3)

بيان:

«وقتك» : من الوقاية أي حفظتك و سترتك.

23-في حكم الصادق عليه السّلام (نثر الدرر) : و يجب للوالدين على الولد ثلاثة

ص:337


1- -العلل ج 2 ص 479 ح 2
2- تحف العقول ص 363
3- تحف العقول ص 189

أشياء: شكرهما على كلّ حال، و طاعتهما فيما يأمرانه و ينهيانه عنه في غير معصية اللّه، و نصيحتهما في السرّ و العلانية. و تجب للولد على والده ثلاث خصال: اختياره لوالدته، و تحسين اسمه، و المبالغة في تأديبه. (1)

24-قيل لعليّ بن الحسين عليهما السّلام: أنت أبرّ الناس بأمّك و لا نراك تأكل معها، قال: أخاف أن تسبق يدي إلى ما سبقت عينها إليه فأكون قد عققتها. (2)

25-و سئل الصادق عليه السّلام: لم أيتم اللّه نبيّه محمّد صلّى اللّه عليه و آله؟ قال: لئلاّ يكون لأحد عليه منّة. (3)

26-جاء رجل إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و قال: يا رسول اللّه، لم أترك شيئا من القبيح إلاّ و قد فعلته، فهل لي من توبة؟ فقال له: هل بقي من والديك أحد؟ فقال:

نعم أبي، فقال صلّى اللّه عليه و آله: اذهب و أبرره، فلمّا ولّى، قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لو كانت امّه. (4)

27-و قال عليه السّلام: من سرّه أن يمدّ له في عمره و يبسط له في رزقه، فليصل أبويه، فإنّ صلتهما من طاعة اللّه. (5)

28-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: رقودك على السرير إلى جنب والديك في برّهما أفضل من جهادك بالسيف في سبيل اللّه. (6)

29-و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، رضى اللّه كلّه في رضاء الوالدين، و سخط اللّه في سخطهما.

و قال: يقال للعاقّ: اعمل ما شئت فإنّي لا أغفر لك و يقال للبارّ: اعمل

ص:338


1- -تحف العقول ص 238( البحار ج 78 ص 236)
2- مكارم الأخلاق ص 221 ب 8 ف 6
3- مكارم الأخلاق ص 221
4- عدّة الداعي ص 76 في ب 2
5- عدّة الداعي ص 76
6- جامع الأخبار ص 83 ف 40

ما شئت فإنّي سأغفر لك. (1)

30-و قال صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، رأيت على باب الجنّة مكتوبا؛ أنت محرّمة على كلّ بخيل و مراء و عاقّ و نمّام. (2)

31-قال الصادق عليه السّلام: برّوا آباءكم يبرّكم أبناؤكم، و عفّوا عن نساء الناس تعفّ نساؤكم. (3)

32-عن الرقّي عن الصادق عليه السّلام قال: من أحبّ أن يخفّف اللّه عزّ و جلّ عنه سكرات الموت، فليكن لقرابته وصولا، و بوالديه بارّا، فإذا كان كذلك، هوّن اللّه عليه سكرات الموت، و لم يصبه في حياته فقر أبدا. (4)

33-عن أبي الحسن الثالث عن آبائه عن الصادق عليهم السّلام قال: ثلاث دعوات لا يحجبن عن اللّه تعالى: دعاء الوالد لولده إذا برّه، و دعوته عليه إذا عقّه، و دعاء المظلوم على ظالمه، و دعاؤه لمن انتصر له منه، و رجل مؤمن دعا لأخ له مؤمن واساه فينا، و دعاؤه عليه إذا لم يواسه مع القدرة عليه و اضطرار أخيه إليه. (5)

34-عن ابن عبّاس قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما ولد بارّ نظر إلى أبويه برحمة إلاّ كان له بكلّ نظرة حجّة مبرورة، فقالوا: يا رسول اللّه، و إن نظر في كلّ يوم مائة نظرة؟ قال: نعم، اللّه أكبر و أطيب. (6)

ص:339


1- -جامع الأخبار ص 83
2- جامع الأخبار ص 84
3- البحار ج 74 ص 65 باب برّ الوالدين ح 31
4- البحار ج 74 ص 66 ح 33
5- البحار ج 74 ص 72 ح 57
6- البحار ج 74 ص 73 ح 58

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة، مرّ بعضها في باب النظر.

35-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ثلاثة من الذنوب تعجّل عقوبتها و لا تؤخّر إلى الآخرة: عقوق الوالدين، و البغي على الناس، و كفر الإحسان. (1)

36-عن سعيد بن يسار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حضر شابّا عند وفاته فقال له: قل: «لا إله إلاّ اللّه» ، قال: فاعتقل لسانه مرارا فقال:

لامرأة عند رأسه: هل لهذا امّ؟ قالت: نعم أنا امّه، قال: أ فساخطة أنت عليه؟ قالت: نعم، ما كلّمته منذ ستّ حجج، قال لها: ارضي عنه قالت: رضي اللّه عنه برضاك يا رسول اللّه.

فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: قل: «لا إله إلاّ اللّه» قال: فقالها. فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:

ما ترى؟ فقال: أرى رجلا أسود قبيح المنظر و سخ الثياب منتن الريح قد وليني الساعة فأخذ بكظمي.

فقال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: قل «يا من يقبل اليسير و يعفو عن الكثير اقبل منّي اليسير و اعف عنّي الكثير إنّك أنت الغفور الرحيم» فقالها الشابّ، فقال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:

انظر ما ترى؟ قال: أرى رجلا أبيض اللون، حسن الوجه، طيّب الريح حسن الثياب، قد وليني و أرى الأسود قد تولّى عنّي، قال: أعد فأعاد، قال: ما ترى؟ قال: لست أرى الأسود، و أرى الأبيض قد وليني، ثم طفا على تلك الحال. (2)

بيان:

«فأخذ بكظمي» الكظم: الحلق و مخرج النفس، يقال: أخذ بكظمه: أي كربه و غمّه.

ص:340


1- -البحار ج 74 ص 74 ح 64
2- البحار ج 74 ص 75 ح 67

«طفا» : أي مات.

37-. . . عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

إيّاكم و دعوة الوالد، فإنّها ترفع فوق السحاب حتّى ينظر اللّه تعالى إليها، فيقول اللّه تعالى: ارفعوها إليّ حتى أستجيب له، فإيّاكم و دعوة الوالد، فإنّها أحدّ من السيف. (1)

38-. . . عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: سيّد الأبرار يوم القيامة رجل برّ والديه بعد موتهما. (2)

39-عن البزنطي قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول: إنّ رجلا من بني إسرائيل قتل قرابة له، ثمّ أخذه فطرحه على طريق أفضل سبط من أسباط بني إسرائيل، ثمّ جاء يطلب بدمه، فقالوا لموسى عليه السّلام: إنّ سبط آل فلان قتلوا فلانا فأخبرنا من قتله؟ قال: ائتوني ببقرة. . . فطلبوها فوجدوها عند فتى من بني إسرائيل فقال:

لا أبيعها إلاّ بملء مسكها ذهبا، فجاؤا إلى موسى عليه السّلام فقالوا له ذلك، فقال:

اشتروها، فاشتروها و جاؤوا بها، فأمر بذبحها ثمّ أمر أن يضربوا الميّت بذنبها، فلمّا فعلوا ذلك حيي المقتول، و قال: يا رسول اللّه، إنّ ابن عمّي قتلني، دون من يدّعي عليه قتلي، فعلموا بذلك قاتله.

فقال لرسول اللّه موسى عليه السّلام بعض أصحابه: إنّ هذه البقرة لها نبأ، فقال:

و ما هو؟ قال: إنّ فتى من بني إسرائيل كان بارّا بأبيه و إنّه اشترى تبيعا فجاء إلى أبيه فرأى أنّ الأقاليد تحت رأسه، فكره أن يوقظه فترك ذلك البيع، فاستيقظ أبوه فأخبره فقال: أحسنت خذ هذه البقرة فهي لك عوضا لما فاتك، قال: فقال رسول اللّه موسى عليه السّلام: انظروا إلى البرّ ما بلغ بأهله. (3)

ص:341


1- -البحار ج 74 ص 83 ح 94
2- البحار ج 74 ص 86 ح 100
3- البحار ج 74 ص 68 ح 41

بيان:

«مسكها» المسك: الجلد، سمّي بذلك لأنّه يمسك فيه الشيء إذا جعل سقاء.

40-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : من أحزن والديه فقد عقّهما. (1)

41-عن أبي جميلة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: كان في بني إسرائيل عابد يقال له: جريح و كان يتعبّد في صومعة، فجاءته امّه و هو يصلّي فدعته فلم يجبها فانصرفت، ثمّ أتته و دعته فلم يلتفت إليها فانصرفت ثمّ أتته و دعته فلم يجبها و لم يكلّمها فانصرفت و هي تقول: أسأل إله بني إسرائيل أن يخذلك.

فلمّا كان من الغد جائت فاجرة و قعدت عند صومعته قد أخذها الطلق فادّعت أنّ الولد من جريح، ففشا في بني إسرائيل أنّ من كان يلوم الناس على الزنا قد زنى و أمر الملك بصلبه، فأقبلت امّه إليه فلطم وجهها، فقال لها: اسكتي إنّما هذا لدعوتك.

فقال الناس لمّا سمعوا ذلك منه: و كيف لنا بذلك؟ قال: هاتوا الصبيّ فجاؤوا به فأخذه فقال: من أبوك: فقال: فلان الراعي لبني فلان، فأكذب اللّه الذين قالوا ما قالوا في جريح، فحلف جريح ألاّ يفارق امّه يخدمها. (2)

بيان:

«الطلق» : وجع الولادة.

42-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: بين الأنبياء و البارّ درجة، و بين العاقّ و الفراعنة دركة. (3)

43-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من يضمن لي برّ الوالدين و صلة الرحم، أضمن له

ص:342


1- -البحار ج 74 ص 72 ح 53
2- البحار ج 74 ص 75 ح 68
3- المستدرك ج 15 ص 176 ب 68 من أحكام الأولاد ح 14

كثرة المال، و زيادة العمر، و المحبّة في العشيرة. (1)

44-في الغرر عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: برّ الوالدين أكبر فريضة.

و قال عليه السّلام: برّوا آبائكم يبرّكم أبناءكم.

و قال عليه السّلام: من برّ والديه برّه ولده. (2)

45-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: الجنّة تحت أقدام الأمّهات.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: تحت أقدام الأمّهات روضة من رياض الجنّة. (3)

46-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: و ليعمل العاقّ ما شاء أن يعمل فلن يدخل الجنّة.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: أكبر الكبائر؛ الشرك باللّه، و عقوق الوالدين. (4)

47-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ثلاثة لا يحجبون عن النار: العاقّ لوالديه، و المدمن للخمر، و المانّ بعطائه، قيل: يا رسول اللّه، و ما عقوق الوالدين؟ قال: يأمران فلا يطيعهما، و يسألانه فيحرمهما، و إذا رآهما لم يعظّمهما بحقّ ما يلزمه لهما. . . (5)

48-و في الحديث عنه صلّى اللّه عليه و آله، قيل: يا رسول اللّه، ما حقّ الوالد؟ قال:

أن تطيعه ما عاش، فقيل: ما حقّ الوالدة؟ فقال: هيهات هيهات، لو أنّه عدد رمل عالج، و قطر المطر أيّام الدنيا، قام بين يديها، ما عدل ذلك يوم حملته في بطنها. (6)

49-في الغرر عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: قم من مجلسك لأبيك و معلّمك و لو كنت أميرا. (7)

ص:343


1- -المستدرك ج 15 ص 176 ح 12
2- المستدرك ج 15 ص 178 ح 21
3- المستدرك ج 15 ص 180 ب 70 ح 4
4- المستدرك ج 15 ص 193 ب 75 ح 19
5- المستدرك ج 15 ص 193 ح 23
6- المستدرك ج 15 ص 203 ب 77 ح 19
7- المستدرك ج 15 ص 203 ح 20

50-قال الباقر عليه السّلام: سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أعظم حقّا على الرجل؟ قال: والداه. (1)

51-قال الصادق عليه السّلام: برّ الوالدين من حسن معرفة العبد باللّه، إذ لا عبادة أسرع بلوغا لصاحبها إلى رضا اللّه من برّ الوالدين المؤمنين لوجه اللّه تعالى، لأنّ حقّ الوالدين مشتقّ من حقّ اللّه تعالى، إذا كانا على منهاج الدين و السنّة، و لا يكونان يمنعان الولد من طاعة اللّه إلى معصيته (إلى طاعتهما ف ن) ، و من اليقين إلى الشكّ، و من الزهد إلى الدنيا، و لا يدعوانه إلى خلاف ذلك، فإذا كانا كذلك فمعصيتهما طاعة و طاعتهما معصية، قال اللّه تعالى: وَ إِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَ صاحِبْهُما فِي اَلدُّنْيا مَعْرُوفاً وَ اِتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ .

و أمّا في باب المصاحبة (العشرة ف ن) فقاربهما، و ارفق بهما، و احتمل أذاهما، بحقّ (نحو ف ن) ما احتملا عنك في حال صغرك، و لا تضيّق عليهما فيما قد وسّع اللّه عليك من المأكول و الملبوس، و لا تحوّل وجهك (بوجهك ف ن) عنهما، و لا ترفع صوتك فوق صوتهما، فإنّ تعظيمهما من أمر اللّه، و قل لهما بأحسن القول، و الطف بهما، فإنّ اللّه لا يضيع أجر المحسنين. (2)

أقول:

ستأتي جملة من حقوقهما في باب الولد إن شاء اللّه.

ص:344


1- -مشكوة الأنوار ص 158 ب 3 ف 14
2- مصباح الشريعة ص 48 ب 72

194- الولد

الآيات

1- وَ اَلْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ اَلرَّضاعَةَ وَ عَلَى اَلْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَ كِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاّ وُسْعَها لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها وَ لا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ. . . (1)

2- . . . وَ لا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَ إِيّاهُمْ. . . (2)

3- وَ اِعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَ أَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَ أَنَّ اَللّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ . (3)

4- وَ إِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَ هُوَ كَظِيمٌ . (4)

5- اَلْمالُ وَ اَلْبَنُونَ زِينَةُ اَلْحَياةِ اَلدُّنْيا وَ اَلْباقِياتُ اَلصّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَ خَيْرٌ أَمَلاً . (5)

6- وَ ما أَمْوالُكُمْ وَ لا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى إِلاّ مَنْ آمَنَ وَ عَمِلَ

ص:345


1- -البقرة:233
2- الأنعام:151 و بمدلولها في الإسراء:31
3- الأنفال:28
4- النحل:58
5- الكهف:46

صالِحاً فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ اَلضِّعْفِ بِما عَمِلُوا وَ هُمْ فِي اَلْغُرُفاتِ آمِنُونَ . (1)

7- اِعْلَمُوا أَنَّمَا اَلْحَياةُ اَلدُّنْيا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ وَ زِينَةٌ وَ تَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَ تَكاثُرٌ فِي اَلْأَمْوالِ وَ اَلْأَوْلادِ. . . (2)

8- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَ لا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اَللّهِ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ اَلْخاسِرُونَ . (3)

9- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَ أَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَ إِنْ تَعْفُوا وَ تَصْفَحُوا وَ تَغْفِرُوا فَإِنَّ اَللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ - إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَ أَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَ اَللّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ . (4)

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الولد الصالح ريحانة من اللّه قسّمها بين عباده، و إنّ ريحانتي من الدنيا الحسن و الحسين عليهما السّلام، سمّيتهما باسم سبطين من بني إسرائيل: شبّرا و شبيرا. (5)

بيان:

في النهاية ج 2 ص 288: «إنّكم لمن ريحان اللّه» يعني الأولاد، الريحان: يطلق على الرحمة و الرزق و الراحة، و بالرزق سمّي الولد ريحانا.

و في مجمع البحرين (ريح) ، في الحديث: «الحسن و الحسين ريحانتان» يعني أشمّهما و أقبّلهما، لأنّ الأولاد يشمّون و يقبّلون، فكأنّهم من جملة الرياحين.

ص:346


1- -سبأ:37
2- الحديد:20
3- المنافقون:9
4- التغابن:14 و 15
5- الوسائل ج 21 ص 358 ب 2 من أحكام الأولاد ح 1

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: مرّ عيسى بن مريم عليه السّلام بقبر يعذّب صاحبه، ثمّ مرّ به من قابل فإذا هو لا يعذّب، فقال: يا ربّ، مررت بهذا القبر عام أوّل و هو يعذّب، و مررت به العام فإذا هو ليس يعذّب؟

فأوحى اللّه إليه: أنّه أدرك له ولد صالح فأصلح طريقا، و آوى يتيما، فلهذا غفرت له بما عمل (فعل ف ن) ابنه.

ثمّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ميراث اللّه عزّ و جلّ من عبده المؤمن ولد يعبده من بعده، ثمّ تلا أبو عبد اللّه عليه السّلام آية زكريّا: ربّ فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا- يَرِثُنِي وَ يَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَ اِجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (1). (2)

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ اللّه ليرحم الرجل لشدّة حبّه لولده. (3)

4-قال أبو الحسن عليه السّلام: أوّل ما يبرّ الرجل ولده أن يسمّيه باسم حسن، فليحسن أحدكم اسم ولده. (4)

5-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام قال:

يا عليّ، حقّ الولد على والده؛ أن يحسن اسمه و أدبه، و يضعه موضعا صالحا، و حقّ الوالد على ولده؛ أن لا يسمّيه باسمه، و لا يمشي بين يديه، و لا يجلس أمامه، و لا يدخل معه الحمّام.

يا عليّ، لعن اللّه والدين حملا ولدهما على عقوقهما.

يا عليّ، يلزم الوالدين من عقوق ولدهما ما يلزم الولد لهما من عقوقهما.

يا عليّ، رحم اللّه والدين حملا ولدهما على برّهما.

ص:347


1- -مريم:5 و 6
2- الوسائل ج 21 ص 359 ح 5
3- الوسائل ج 21 ص 359 ح 7
4- الوسائل ج 21 ص 388 ب 22 ح 1

يا عليّ، من أحزن والديه فقد عقّهما. (1)

6-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: دع ابنك يلعب سبع سنين، و ألزمه نفسك سبع سنين، فإن أفلح و إلاّ فإنّه من لا خير فيه. (2)

7-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الغلام يلعب سبع سنين، و يتعلّم الكتاب سبع سنين، و يتعلّم الحلال و الحرام سبع سنين. (3)

8-قال الصادق عليه السّلام: دع ابنك يلعب سبع سنين، و يؤدّب سبع سنين، و ألزمه نفسك سبع سنين، فإن أفلح و إلاّ فلا خير فيه. (4)

9-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: يربّى (يرفّ) الصبيّ سبعا و يؤدّب سبعا و يستخدم سبعا، و منتهى طوله في ثلاث و عشرين سنة، و عقله في خمس و ثلاثين، و ما كان بعد ذلك فبالتجارب. (5)

بيان:

«رفّه» : خدمه و أحسن إليه.

10-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: بادروا أحداثكم بالحديث قبل أن تسبقكم إليهم المرجئة. (6)

بيان:

«بادروا أحداثكم» : في بعض النسخ: "أولادكم"، في الوافي و المرآة ج 21 ص 82:

أي علّموهم في بدو شبابهم و عند بلوغهم، التميز من الحديث ما يهتدون به

ص:348


1- -الوسائل ج 21 ص 389 ح 4
2- الوسائل ج 21 ص 473 ب 82 ح 1
3- الوسائل ج 21 ص 474 ب 83 ح 1
4- الوسائل ج 21 ص 475 ح 4
5- الوسائل ج 21 ص 475 ح 5
6- الوسائل ج 21 ص 476 ب 84 ح 1

إلى معرفة الأئمّة عليهم السّلام، و مذهب التشيّع، قبل أن يغويهم المخالفون، و يدخلوهم في ضلالتهم، و يتعسّر بعد ذلك صرفهم عنه.

و قد مرّ معنى المرجئة في باب الحديث.

11-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالناس الظهر فخفّف في الركعتين الأخيرتين فلمّا انصرف، قال الناس: هل حدث في الصلاة شيء؟ قال: و ما ذاك؟ قالوا: خفّفت في الركعتين الأخيرتين، فقال لهم: أو ما سمعتم صراخ الصبيّ. (1)

12-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (في حديث) قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: حقّ الولد على والده إذا كان ذكرا أن يستفره امّه، و يستحسن اسمه، و يعلّمه كتاب اللّه، و يطهّره، و يعلّمه السباحة، و إذا كانت انثى أن يستفره امّها، و يستحسن اسمها، و يعلّمها سورة النور، و لا يعلّمها سورة يوسف، و لا ينزلها الغرف، و يعجّل سراحها إلى بيت زوجها. (2)

بيان:

قد مرّ آخر الحديث مع بيانه في باب النساء.

«يستفره امّه» : أي يستكرم امّه فلا يدعو لأمّه بالسبّ و اللعن و الفحش، و في الوافي و المرآة: أي يستكرمها و يجعلها فارهة كريمة الأصل، و هذا من باب النظر إلى العواقب. «يطهّره» : التطهير أي الختان. «سراحها» السراح: الإرسال، فالمعنى:

يعجّل إرسالها إلى بيت زوجها سريعا سهلا.

13-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: رحم اللّه من أعان ولده على برّه، قال: قلت: كيف يعينه على برّه؟ قال: يقبل ميسوره و يتجاوز

ص:349


1- -الوسائل ج 21 ص 480 ب 86 ح 3
2- الوسائل ج 21 ص 481 ح 7

عن معسوره و لا يرهقه و لا يخرق به، و ليس بينه و بين أن يدخل في حدّ من حدود الكفر إلاّ أن يدخل في عقوق أو قطيعة رحم.

ثمّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الجنّة طيّبة، طيّبها اللّه و طيّب ريحها، يوجد ريحها من مسيرة ألفي عام، و لا يجد ريح الجنّة عاقّ و لا قاطع رحم و لا مرخي الإزار خيلاء. (1)

بيان:

في الوافي و المرآة ج 21 ص 87: «لا يرهقه» أي لا يسفه عليه و لا يظلمه، من الرهق محرّكة، أو لا يحمّل عليه ما لا يطيقه من الإرهاق، يقال: لا يرهقني لا أرهقك اللّه أي لا أعسرك اللّه.

«الخرق» بالضمّ و التحريك: ضدّ الرفق. «الإرخاء» : الإرسال.

«الخيلاء» : التكبّر عن تخيّل فضيلة تراءت للإنسان من نفسه.

14-قال عليه السّلام: من حقّ الولد على والده ثلاثة: يحسّن اسمه، و يعلّمه الكتابة، و يزوّجه إذا بلغ. (2)

15-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أحبّوا الصبيان و ارحموهم، و إذا وعدتموهم شيئا ففوا لهم، فإنّهم لا يرون (لا يدرون م) إلاّ أنّكم ترزقونهم. (3)

أقول:

نظيره ح 5، و زاد في آخره: «إنّ اللّه عزّ و جلّ ليس يغضب لشيء كغضبه للنساء و الصبيان» .

16-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: جاء رجل إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال: ما قبّلت

ص:350


1- -الوسائل ج 21 ص 481 ح 8
2- الوسائل ج 21 ص 482 ح 9
3- الوسائل ج 21 ص 483 ب 88 ح 3

صبيّا قطّ، فلمّا ولّى قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: هذا رجل عندي أنّه من أهل النار. (1)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في باب التقبيل.

17-نظر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى رجل له ابنان، فقبّل أحدهما و ترك الآخر، فقال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: فهلاّ واسيت بينهما. (2)

18-أتى رجل عند النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فأخبر بمولود أصابه فتغيّر وجه الرجل، فقال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ما لك؟ فقال: خير، فقال: قل، قال: خرجت و المرأة تمخض، فأخبرت أنّها ولدت جارية، فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: الأرض تقلّها، و السماء تظلّها، و اللّه يرزقها، و هي ريحانة تشمّها.

ثمّ أقبل على أصحابه فقال: من كانت له ابنة فهو مفدوح، و من كانت له ابنتان فوا غوثاه باللّه، و من كانت له ثلاث وضع عنه الجهاد و كلّ مكروه، و من كانت له أربع فيا عباد اللّه أعينوه، يا عباد اللّه أقرضوه، يا عباد اللّه ارحموه. (3)

أقول:

قد مرّ ما بمضمونه في باب الأسماء و الألقاب و هو حديث السكونيّ.

بيان: في المرآة ج 21 ص 13، «تقلّها» : أي تحملها. «مفدوح» قال رحمه اللّه: أي ذو تعب و ثقل و صعوبة، من قولهم: فدحه الدين أي أثقله.

و في الفقيه بدلها: "مقروح"أي مقروح القلب.

19-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: دعاء الوالد لولده كدعاء النبيّ لأمّته. (4)

20-قال الصادق عليه السّلام: البنات حسنات، و البنون نعمة، فالحسنات يثاب

ص:351


1- -الوسائل ج 21 ص 484 ب 89 ح 1
2- الوسائل ج 21 ص 487 ب 91 ح 3
3- الوسائل ج 21 ص 363 ب 5 ح 2
4- مشكوة الأنوار ص 162 ب 3 ف 14

عليها، و النعمة يسأل عنها. (1)

21-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: اعدلوا بين أولادكم [في السرّ]كما تحبّون أن يعدلوا بينكم في البرّ و اللطف. (2)

22-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يلزم الوالدين من عقوق الولد ما يلزم الولد لهما من العقوق. (3)

23-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أكرموا أولادكم و أحسنوا أدبهم يغفر لكم. (4)

24-في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام قال: و إنّما قلب الحدث كالأرض الخالية: ما ألقي فيها من شيء قبلته، فبادرتك بالأدب قبل أن يقسو قلبك، و يشتغل لبّك، لتستقبل بجدّ رأيك من الأمر ما قد كفاك أهل التجارب بغيته و تجربته. (5)

بيان:

«جدّ رأيك» : أي محقّقه و ثابته (صبحي) «بغيته» يقال: كفاه بغية الشيء: أغناه عن طلبه.

25-و قال عليه السّلام لبعض أصحابه: لا تجعلنّ أكثر شغلك بأهلك و ولدك: فإن يكن أهلك و ولدك أولياء اللّه، فإنّ اللّه لا يضيع أولياءه، و إن يكونوا أعداء اللّه فما همّك و شغلك بأعداء اللّه؟ ! (6)

26-و قال عليه السّلام: إنّ للولد على الوالد حقّا، و إنّ للوالد على الولد حقّا،

ص:352


1- -مكارم الأخلاق ص 219 ب 8 ف 6
2- مكارم الأخلاق ص 220
3- مكارم الأخلاق ص 220
4- مكارم الأخلاق ص 222
5- نهج البلاغة ص 912 في ر 31
6- نهج البلاغة ص 1251 ح 344

فحقّ الوالد على الولد؛ أن يطيعه في كلّ شيء إلاّ في معصية اللّه سبحانه، و حقّ الولد على الوالد؛ أن يحسّن اسمه، و يحسّن أدبه، و يعلّمه القرآن. (1)

أقول:

قد مرّ في باب الأسماء أخبار عديدة في تسمية الولد باسم حسن.

27-في رسالة السجّاد عليه السّلام في الحقوق: و أمّا حقّ ولدك؛ فتعلم أنّه منك و مضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره و شرّه، و أنّك مسئول عمّا ولّيته من حسن الأدب، و الدلالة على ربّه و المعونة له على طاعته فيك و في نفسه، فمثاب على ذلك و معاقب، فاعمل في أمره عمل المتزيّن بحسن أثره عليه في عاجل الدنيا، المعذر إلى ربّه فيما بينك و بينه بحسن القيام عليه، و الأخذ له منه، و لا قوّة إلاّ باللّه. (2)

28-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أولادنا أكبادنا؛ صغراؤهم أمراؤنا، و كبراؤهم أعداؤنا، فإن عاشوا فتنونا، و إن ماتوا حزنونا. (3)

29-و قال صلّى اللّه عليه و آله: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلاّ عن ثلاث: ولد صالح يدعو له، و علم ينتفع بعده، و صدقة جارية. (4)

30-روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أنّه نظر إلى بعض الأطفال، فقال: ويل لأولاد آخر الزمان من آبائهم، فقيل: يا رسول اللّه، من آبائهم المشركين؟ فقال: لا، من آبائهم المؤمنين، لا يعلّمونهم شيئا من الفرائض، و إذا تعلّموا أولادهم منعوهم، و رضوا عنهم بعرض يسير من الدنيا، فأنا منهم بريء و هم منّي براء. (5)

ص:353


1- -نهج البلاغة ص 1274 ح 391
2- تحف العقول ص 189
3- جامع الأخبار ص 105 ف 62
4- جامع الأخبار ص 105
5- جامع الأخبار ص 106

بيان:

«العرض» : اسم لما لا دوام له، المتاع، حطام الدنيا.

31-عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا نظر الوالد إلى ولده فسرّه، كان للوالد عتق نسمة، قيل:

يا رسول اللّه، و إن نظر ستّين و ثلاثمائة نظرة؟ قال: اللّه أكبر. (1)

32-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: رحم اللّه عبدا أعان ولده على برّه بالإحسان إليه، و التألّف له، و تعليمه و تأديبه. (2)

بيان:

«تألّفه» : تكلّف الفته و داراه، و منه: «لو تألّف وحشيّا لألف» .

33-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: نظر الوالد إلى ولده حبّا له عبادة. (3)

34-كان لعليّ بن أبي طالب عليه السّلام ابن و بنت، فقبّل الابن بين يدي البنت، فقالت: أ تحبّه يا أبة؟ قال: بلى، قالت: ظننت أنّك لا تحبّ أحدا من دون اللّه، فبكى ثمّ قال: الحبّ للّه، و الشفقة للأولاد. (4)

أقول:

في المستدرك ج 15 ص 215 ب 79 ح 16: مجموعة الشهيد رحمه اللّه قيل: لمّا كان العبّاس و زينب-ولدي عليّ عليهم السّلام-صغيرين، قال عليّ عليه السّلام للعبّاس: قل: واحد، فقال: واحد، فقال: قل: اثنان، قال: أستحيي أن أقول باللسان الذي قلت واحد، اثنان، فقبّل عليّ عليه السّلام عينيه، ثمّ التفت إلى زينب، و كانت على يساره و العبّاس

ص:354


1- -المستدرك ج 15 ص 169 ب 63 من أحكام الأولاد ح 6
2- المستدرك ج 15 ص 169 ح 9
3- المستدرك ج 15 ص 170 ب 64 ح 2
4- المستدرك ج 15 ص 171 ب 65

عن يمينه، فقالت: يا أبتاه أ تحبّنا؟ قال: نعم يا بنيّ، أولادنا أكبادنا، فقالت: يا أبتاه حبّان لا يجتمعان في قلب المؤمن: حبّ اللّه و حبّ الأولاد، و إن كان لا بدّ فالشفقة لنا و الحبّ للّه خالصا، فازداد عليّ عليه السّلام بهما حبّا. و قيل: بل القائل الحسين عليه السّلام.

(المقتل للخوارزمي ج 1 ص 122 ف 6)

35-عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: مروا صبيانكم بالصلاة إذا كانوا أبناء سبع سنين، و اضربوهم إذا كانوا أبناء سبع سنين، و فرّقوا بينهم في المضاجع إذا كانوا أبناء عشر سنين. (1)

بيان:

«عشر سنين» : في بعض الأخبار؛ "فرّقوا بينهم في المضاجع إذا كانوا سبع سنين".

36-قال بعضهم: شكوت إلى أبي الحسن موسى عليه السّلام ابنا لي، فقال:

لا تضربه و اهجره و لا تطل. (2)

37-قال الصادق عليه السّلام: أيّما رجل دعا على ولده أورثه الفقر.

و قال عليه السّلام: من تمنّى موت البنات حرم أجرهنّ و لقي اللّه تعالى عاصيا. (3)

38-عن هشام بن سالم عن الصادق جعفر بن محمّد عليه السّلام قال: ليس يتبع الرجل بعد موته من الأجر إلاّ ثلاث خصال: صدقة أجراها في حياته فهي تجري بعد موته، و سنّة هدى سنّها فهي تعمل بها بعد موته، و ولد صالح يستغفر له. (4)

39-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الولد الصالح أجمل الذكرين. . . . (الغرر ج 1 ص 65 ف 1 ح 1704)

أشدّ المصائب سوء الخلف. . . . (ص 180 ف 8 ح 135)

ص:355


1- -البحار ج 104 ص 98 باب فضل الأولاد ح 65
2- البحار ج 104 ص 99 ح 74
3- البحار ج 104 ص 99 ح 77 و 78
4- البحار ج 104 ص 99 ح 80

شرّ الأولاد العاقّ. (ص 443 ف 41 ح 17)

فقد الولد محرق الكبد. (ج 2 ص 516 ف 59 ح 15)

من العقوق إضاعة الحقوق. (ص 724 ف 78 ح 2)

ولد السوء يهدم الشرف، و يشين السلف. (ص 780 ف 83 ح 3)

ولد السوء يعزّ (يعرّ ف ن) السلف و يفسد الخلف. (ح 4)

ولد عقوق محنة و شوم. (ح 10)

ص:356

195- الولاية

اشارة

فيه فصلان:

الفصل الأوّل: لزوم ولاية أهل البيت عليهم السّلام
الآيات

1- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اَللّهَ وَ أَطِيعُوا اَلرَّسُولَ وَ أُولِي اَلْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اَللّهِ وَ اَلرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ اَلْيَوْمِ اَلْآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَ أَحْسَنُ تَأْوِيلاً . (1)

2- إِنَّما وَلِيُّكُمُ اَللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ اَلَّذِينَ آمَنُوا اَلَّذِينَ يُقِيمُونَ اَلصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ اَلزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ . (2)

3- يا أَيُّهَا اَلرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ

ص:357


1- -النساء:59
2- المائدة:55

وَ اَللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ اَلنّاسِ إِنَّ اَللّهَ لا يَهْدِي اَلْقَوْمَ اَلْكافِرِينَ . (1)

4- اَلنَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ. . . (2)

5- إِنّا عَرَضْنَا اَلْأَمانَةَ عَلَى اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ وَ اَلْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها وَ حَمَلَهَا اَلْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً . (3)

الأخبار

1-عن فضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السّلام قال: بني الإسلام على خمس:

على الصلاة، و الزكاة، و الصوم، و الحجّ، و الولاية، و لم يناد بشيء كما نودي بالولاية، فأخذ الناس بأربع و تركوا هذه-يعني الولاية- (4)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة.

بيان: في الوافي و المرآة ج 7 ص 101: «الولاية» بالفتح بمعنى المحبّة و المودّة. . .

و بالكسر: تولّي الأمر، و مالكيّة التصرّف فيها و هو المراد بها هيهنا.

أقول: الولاية: كلمة جامعة متضمّنة معنى المحبّة و المعرفة و التبعيّة و الحكومة و تولّي الأمور و مالكيّة التصرّف فيها و ساير ما لا بدّ منه، و هي على قسمين:

الولاية التشريعيّة، و التكوينيّة و يدلّ على ذلك أخبار كثيرة.

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أبو جعفر عليه السّلام: دخل أبو عبد اللّه الجدليّ على أمير المؤمنين عليه السّلام فقال: يا أبا عبد اللّه، أ لا اخبرك بقول اللّه عزّ و جلّ:

مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَ هُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ - وَ مَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ

ص:358


1- -المائدة:67
2- الأحزاب:6
3- الأحزاب:72
4- الكافي ج 2 ص 15 باب دعائم الإسلام ح 3

فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي اَلنّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاّ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (1)قال: بلى يا أمير المؤمنين، جعلت فداك فقال: الحسنة معرفة الولاية و حبّنا أهل البيت، و السيّئة إنكار الولاية و بغضنا أهل البيت، ثمّ قرء عليه هذه الآية. (2)

3-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أحبّ أن يحيى حياة تشبه حياة الأنبياء، و يموت ميتة تشبه ميتة الشهداء، و يسكن الجنان التي غرسها الرحمن، فليتولّ عليّا و ليوال وليّه، و ليقتد بالأئمّة من بعده، فإنّهم عترتي خلقوا من طينتي، اللهمّ ارزقهم فهمي و علمي، و ويل للمخالفين لهم من امّتي، اللهمّ لا تنلهم شفاعتي. (3)

أقول:

بهذا المضمون أخبار اخر.

4-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال اللّه تبارك و تعالى: لأعذّبنّ كلّ رعيّة في الإسلام دانت بولاية كلّ إمام جائر ليس من اللّه، و إن كانت الرعيّة في أعمالها برّة تقيّة، و لأعفونّ عن كلّ رعيّة في الإسلام دانت بولاية كلّ إمام عادل من اللّه و إن كانت الرعيّة في أنفسها ظالمة مسيئة. (4)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة.

5-عن أبي الحسن عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ (5)، قال:

ص:359


1- -النمل:89 و 90
2- الكافي ج 1 ص 142 باب معرفة الإمام ح 14
3- الكافي ج 1 ص 162 باب ما فرض اللّه و رسوله من الكون مع الأئمّة عليهم السّلام ح 3
4- الكافي ج 1 ص 307 باب فيمن دان اللّه عزّ و جلّ بغير إمام من اللّه ح 4
5- الدهر:7

يوفون بالنذر الذي أخذ عليهم من ولايتنا. (1)

6-عن أبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: وَ لَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا اَلتَّوْراةَ وَ اَلْإِنْجِيلَ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ (2)قال: الولاية. (3)

7-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: وَ مَنْ يُطِعِ اَللّهَ وَ رَسُولَهُ في ولاية عليّ و ولاية الأئمّة من بعده فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً (4)هكذا نزلت. (5)

8-عن الثمالي عن أبي جعفر عليه السّلام قال: أوحى اللّه إلى نبيّه صلّى اللّه عليه و آله:

فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (6)قال: إنّك على ولاية عليّ و عليّ هو الصراط المستقيم. (7)

9-عن عبد اللّه بن كثير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله تعالى: عَمَّ يَتَساءَلُونَ - عَنِ اَلنَّبَإِ اَلْعَظِيمِ قال: النبأ العظيم الولاية، و سألته عن قوله:

هُنالِكَ اَلْوَلايَةُ لِلّهِ اَلْحَقِّ (8)قال: ولاية أمير المؤمنين عليه السّلام. (9)

10-عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله تعالى: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ

ص:360


1- -الكافي ج 1 ص 341 باب فيه نكت من التنزيل في الولاية ح 5
2- المائدة:66
3- الكافي ج 1 ص 342 ح 6
4- الأحزاب:71
5- الكافي ج 1 ص 342 ح 8
6- الزخرف:43
7- الكافي ج 1 ص 345 ح 24
8- الكهف:44
9- الكافي ج 1 ص 346 ح 34

حَنِيفاً (1)قال: هي الولاية. (2)

11-عن أبي حمزة قال: سألت أبا جعفر عليه السّلام عن قول اللّه تعالى: قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ (3)فقال: إنّما أعظكم بولاية عليّ عليه السّلام هي الواحدة التي قال اللّه تبارك و تعالى: إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ . (4)

12-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله عزّ و جلّ: صِبْغَةَ اَللّهِ وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اَللّهِ صِبْغَةً (5)قال: صبغ المؤمنين بالولاية في الميثاق. (6)

13-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله عزّ و جلّ: رَبِّ اِغْفِرْ لِي وَ لِوالِدَيَّ وَ لِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً (7)يعني الولاية، من دخل في الولاية دخل في بيت الأنبياء عليهم السّلام، و قوله: إِنَّما يُرِيدُ اَللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ اَلرِّجْسَ أَهْلَ اَلْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (8)يعني الأئمّة عليهم السّلام و ولايتهم، من دخل فيها دخل في بيت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله. (9)

14-عن محمّد بن الفضيل عن الرضا عليه السّلام قال: قلت: قُلْ بِفَضْلِ اَللّهِ وَ بِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمّا يَجْمَعُونَ (10)قال: بولاية محمّد

ص:361


1- -الروم:30
2- الكافي ج 1 ص 346 ح 35
3- سبأ:46
4- الكافي ج 1 ص 347 ح 41
5- البقرة:138
6- الكافي ج 1 ص 350 ح 53
7- نوح:28
8- الأحزاب:33
9- الكافي ج 1 ص 350 ح 54
10- يونس:58

و آل محمّد عليهم السّلام هو خير ممّا يجمع هؤلاء من دنياهم. (1)

15-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله تعالى: وَ لَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَ إِلَى اَلَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ (2)قال: يعني إنّ أشركت في الولاية غيره، بَلِ اَللّهَ فَاعْبُدْ وَ كُنْ مِنَ اَلشّاكِرِينَ: يعني بل اللّه فاعبد بالطاعة و كن من الشاكرين أن عضدتك بأخيك و ابن عمّك. (3)

16-عن عمّار الأسديّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: إِلَيْهِ يَصْعَدُ اَلْكَلِمُ اَلطَّيِّبُ وَ اَلْعَمَلُ اَلصّالِحُ يَرْفَعُهُ (4)قال: ولايتنا أهل البيت- و أهوى بيده إلى صدره-فمن لم يتولّنا لم يرفع اللّه له عملا. (5)

17-عن سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه جلّ و عزّ: وَ أَوْفُوا بِعَهْدِي قال: بولاية أمير المؤمنين عليه السّلام أُوفِ بِعَهْدِكُمْ (6)أوف لكم بالجنّة. (7)

أقول:

روى رحمه اللّه أخبارا أخر في تأويل الآيات بالولاية في هذا الباب فراجع المصدر.

18-كان أبو جعفر عليه السّلام يقول: إنّ اللّه أخذ ميثاق شيعتنا بالولاية و هم ذرّ، يوم أخذ الميثاق على الذرّ و الإقرار له بالربوبيّة و لمحمّد صلّى اللّه عليه و آله بالنبوّة. (8)

ص:362


1- -الكافي ج 1 ص 350 ح 55
2- الزمر:65
3- الكافي ج 1 ص 353 ح 76
4- فاطر:10
5- الكافي ج 1 ص 356 ح 85
6- البقرة:40
7- الكافي ج 1 ص 357 ح 89
8- الكافي ج 1 ص 362 باب فيه نتف و جوامع من الرواية في الولاية ح 1

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر.

بيان: قال الجوهريّ: الذرّ: جمع ذرّة و هي أصغر النمل.

و في المرآة ج 5 ص 160: شبّههم بالذرّ لصغر الأجزاء التي تعلّقت بها الأرواح عند الميثاق، و ذلك عند كونهم في صلب آدم أو بعد إخراجهم منه. . .

19-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ولايتنا ولاية اللّه التي لم يبعث نبيّا قطّ إلاّ بها. (1)

20-عن عبد الأعلى قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: ما من نبيّ جاء قطّ إلاّ بمعرفة حقّنا و تفضيلنا على من سوانا. (2)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في أبواب الحديث، الحبّ ف 2، أهل الدين، الشيعة، الورع و. . .

21-عن محمّد بن الفضيل عن أبي الحسن عليه السّلام قال: ولاية عليّ مكتوبة في جميع صحف الأنبياء، و لن يبعث اللّه نبيّا إلاّ بنبوّة محمّد و ولاية وصيّة عليّ عليهما السّلام. (3)

22-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما تكاملت النبوّة لنبيّ في الأظلّة حتّى عرضت عليه ولايتي و ولاية أهل بيتي، و مثّلوا له، فأقرّوا بطاعتهم و ولايتهم. (4)

23-عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: ما من نبيّ نبّئ

ص:363


1- -الكافي ج 1 ص 362 ح 3( أمالي الطوسي ج 2 ص 283) و رواه غير واحد من أصحابنا رحمهم اللّه.
2- الكافي ج 1 ص 362 ح 4
3- بصائر الدرجات ص 72 الجزء 2 ب 8 ح 1
4- بصائر الدرجات ص 73 ح 7

و لا من رسول أرسل إلاّ بولايتنا و بفضلنا عمّن سوانا. (1)

24-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: عرج بالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلى السماء مائة و عشرين مرّة، ما من مرّة إلاّ و قد أوصى اللّه (فيها) النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بولاية عليّ و الأئمّة من بعده أكثر ممّا أوصاه بالفرائض. (2)

25-عن جميل و الحسن بن راشد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه تبارك و تعالى: أَ لَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ قال: فقال: بولاية أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام. (3)

26-عن أبي يوسف البزّاز قال: تلا علينا أبو عبد اللّه عليه السّلام هذه الآية:

فَاذْكُرُوا آلاءَ اَللّهِ (4)قال: أ تدري ما ألاء اللّه؟ قلت: لا، قال: هي أعظم نعم اللّه على خلقه، و هو ولايتنا. (5)

27-عن أبي الصباح الكناني عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سمعته يقول: و اللّه إنّ في السماء لسبعين صنفا (صفّا ف ن) من الملائكة، لو اجتمع عليهم أهل الأرض كلّهم يحصون عدد كلّ صنف منهم ما أحصوهم، و إنّهم ليدينون بولايتنا. (6)

28-عن حمّاد بن عيسى قال: سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السّلام فقال: الملائكة أكثر أو بنو آدم، فقال: و الذي نفسي بيده لملائكة اللّه في السموات أكثر من عدد

ص:364


1- -بصائر الدرجات ص 74 ب 9 ح 2 و 5
2- بصائر الدرجات ص 79 باب النوادر ح 10-و رواه الصدوق رحمه اللّه في الخصال ج 2 ص 600 باب المائة ح 3
3- بصائر الدرجات ص 72 ب 8 ح 3
4- الأعراف:74
5- بصائر الدرجات ص 81 ب 12 ح 3( الكافي ج 1 ص 169 باب أنّ النعمة التي ذكرها اللّه في كتابه الأئمّة ح 3)
6- بصائر الدرجات ص 67 ب 6 ح 1-و نظيره ح 4-و مثله في الكافي ج 1 ص 362 في باب جوامع من الرواية في الولاية ح 5

التراب، و ما في السماء موضع قدم إلاّ و فيه ملك يقدّس له و يسبّح، و لا في الأرض شجرة و لا مثل غرزة إلاّ و فيها ملك موكّل بها، يأتي اللّه كلّ يوم بعملها، و اللّه أعلم بها، و ما منهم أحد إلاّ و يتقرّب إلى اللّه في كلّ يوم بولايتنا أهل البيت، و يستغفر لمحبّينا، و يلعن أعدائنا و يسأل اللّه أن يرسل عليهم من العذاب إرسالا. (1)

بيان:

«غرزة» الغرز: نبات صغير، و الغرز: العود المغروز بالأرض، و في بعض النسخ:

"عوذة"أو"عودة"و في نسخة اخرى: "و لا مدر".

29-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ اللّه عرض ولايتي على أهل السموات و على أهل الأرض، أقرّبها من أقرّ و أنكرها من أنكر، أنكرها يونس فحسبه اللّه في بطن الحوت حتّى أقرّبها. (2)

30-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه تبارك و تعالى: إِنّا عَرَضْنَا اَلْأَمانَةَ عَلَى اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ وَ اَلْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ (3)قال:

الولاية أبين أن يحملنها كفرا بها و عنادا، وَ حَمَلَهَا اَلْإِنْسانُ و الإنسان الذي حملها أبو فلان. (4)

31-عن محمّد الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ اللّه عرض ولايتنا على أهل الأمصار فلم يقبلها إلاّ أهل الكوفة. (5)

32-عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ ولايتنا عرض

ص:365


1- -بصائر الدرجات ص 68 ح 9-و مثله في تفسير القميّ رحمه اللّه ج 2 ص 255( سورة المؤمن)
2- بصائر الدرجات ص 75 ب 10 ح 1
3- الأحزاب:72
4- بصائر الدرجات ص 76 ح 3-و بمدلوله في الكافي ج 1 ص 341 ح 2
5- بصائر الدرجات ص 76 باب النوادر ح 1

على السموات و الأرض و الجبال و الأمصار ما قبلها قبول أهل الكوفة. (1)

بيان:

يستفاد من هذا الحديث اختلاف الدرجات في قبول الولاية، فيكون مفسّرا لذي قبله و ما يكون بمضمونه.

33-قال الصادق عليه السّلام: ولايتي لآبائي أحبّ إليّ من نسبي، ولايتي لهم تنفعني من غير نسب، و نسبي لا ينفعني بغير ولاية. (2)

34-قال الصادق عليه السّلام: ولايتي لعليّ بن أبي طالب عليه السّلام أحبّ إليّ من ولادتي منه، لأنّ ولايتي لعليّ بن أبي طالب فرض، و ولادتي منه فضل. (3)

35-قال الرضا عليه السّلام: إذا كان يوم القيامة زفّت أربعة أيّام إلى اللّه، كما تزّف العروس إلى خدرها، قيل: ما هذه الأيّام؟ قال: يوم الأضحى، و يوم الفطر، و يوم الجمعة و يوم الغدير. . .

و في يوم الغدير عرض اللّه الولاية على أهل السموات السبع، فسبق إليها أهل السماء السابعة، فزيّن بها العرش، ثمّ سبق إليها أهل السماء الرابعة فزيّنها بالبيت المعمور، ثمّ سبق إليها أهل السماء الدنيا فزيّنها بالكواكب، ثمّ عرضها على الأرضين فسبقت إليها مكّة فزيّنها بالكعبة، ثمّ سبقت إليها المدينة فزيّنها بالمصطفى محمّد صلّى اللّه عليه و آله، ثمّ سبقت إليها الكوفة فزيّنها بأمير المؤمنين عليه السّلام.

و عرضها على الجبال فأوّل جبل أقرّ بذلك ثلاثة أجبل (أجبال ف ن) : العقيق، و جبل الفيروزج، و جبل الياقوت، فصارت هذه الجبال جبالهنّ و أفضل الجواهر، ثمّ سبقت إليها جبال اخر فصارت معادن الذهب و الفضّة، و ما لم يقرّ بذلك و لم يقبل صارت لا تنبت شيئا.

ص:366


1- -بصائر الدرجات ص 77 ح 4
2- مشكوة الأنوار ص 332 ب 10
3- البحار ج 39 ص 299 ب 87 ح 107

و عرضت في ذلك اليوم على المياه، فما قبل منها صار عذبا و ما أنكر صار ملحا اجاجا، و عرضها في ذلك اليوم على النبات، فما قبله صار حلوا طيّبا، و ما لم يقبل صار مرّا، ثمّ عرضها في ذلك اليوم على الطير، فما قبلها صار فصيحا مصوّتا و ما أنكرها صار أخرس مثل اللكن (ألكن بحار) .

و مثل المؤمنين في قبولهم ولاء أمير المؤمنين في يوم غدير خم كمثل الملائكة في سجودهم لآدم، و مثل من أبى ولاية أمير المؤمنين في يوم الغدير مثل إبليس، و في هذا اليوم أنزلت هذه الآية: اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ و ما بعث اللّه نبيّا إلاّ و كان يوم بعثه مثل يوم الغدير عنده، و عرّف حرمته إذ نصب لأمّته وصيّا و خليفة من بعده في ذلك اليوم. (1)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة راجع البحار ج 27 ص 280 و غيره.

36-و من هذا الباب ما رواه سلمان و أبو ذرّ عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال: من كان ظاهره في ولايتي أكثر من باطنه خفّت موازينه. يا سلمان، لا يكمل المؤمن إيمانه حتّى يعرفني بالنورانيّة، و إذا عرفني بذلك فهو مؤمن، امتحن اللّه قلبه للإيمان، و شرح صدره للإسلام، و صار عارفا بدينه مستبصرا، و من قصر عن ذلك فهو شاكّ مرتاب.

يا سلمان و يا جندب، إنّ معرفتي بالنورانيّة معرفة اللّه، و معرفة اللّه معرفتي، و هو الدين الخالص بقول اللّه سبحانه: «و ما امروا إلاّ بالتوحيد» و هو الإخلاص، و قوله: حُنَفاءَ و هو الإقرار بنبوّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله، و هو الدين الحنيف، و قوله: «و يقيم الصلاة» و هي ولايتي، فمن والاني فقد أقام الصلاة، و هو صعب مستصعب، «و يؤتي الزكاة» و هو الإقرار بالأئمّة، و ذلك دين اللّه القيّم،

ص:367


1- -إقبال الأعمال للسيّد رحمه اللّه ص 464(البحار ج 27 ص 262)

شهد القرآن أنّ الدين القيّم الإخلاص بالتوحيد، و الإقرار بالنبوّة و الولاية، فمن جاء بهذا فقد أتى بالدين.

يا سلمان و يا جندب، المؤمن الممتحن الذي لم يرد عليه شيء من أمرنا، إلاّ شرح اللّه صدره لقبوله، و لم يشكّ و لم يرتاب، و من قال: لم و كيف فقد كفر، فسلّموا اللّه أمره، فنحن أمر اللّه. . . (1)

37-عن المفضّل بن عمر قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ اللّه تبارك و تعالى توحّد بملكه فعرّف عباده نفسه، ثمّ فوّض إليهم أمره، و أباح لهم جنّته، فمن أراد اللّه أن يطهّر قلبه من الجنّ و الإنس عرّفه ولايتنا، و من أراد أن يطمس على قلبه أمسك عنه معرفتنا.

ثمّ قال: يا مفضّل، و اللّه ما استوجب آدم أن يخلقه اللّه بيده، و ينفخ فيه من روحه إلاّ بولاية عليّ عليه السّلام، و ما كلّم اللّه موسى تكليما إلاّ بولاية عليّ عليه السّلام، و لا أقام عيسى بن مريم آية للعالمين إلاّ بالخضوع لعليّ عليه السّلام. ثمّ قال: أجمل الأمر ما استأهل خلق من اللّه النظر إليه إلاّ بالعبوديّة لنا. (2)

38-عن عبد الرحمن بن كثير قال: حججت مع أبي عبد اللّه عليه السّلام فإنّي معه في بعض الطريق إذ صعد على جبل فنظر إلى الناس، فقال: ما أكثر الضجيج؟ فقال له داود بن كثير الرقّيّ: يا بن رسول اللّه، هل يستجيب اللّه دعاء الجمع الذي أرى؟ فقال: ويحك يا أبا سليمان، إنّ اللّه لا يغفر أن يشرك به، إنّ الجاحد لولاية عليّ عليه السّلام كعابد وثن.

فقلت له: جعلت فداك هل تعرفون محبّيكم من مبغضيكم؟ فقال: ويحك يا أبا سليمان، إنّه ليس من عبد يولد إلاّ كتب بين عينيه مؤمن أو كافر، و إنّ الرجل

ص:368


1- -مشارق الأنوار ص 160-و في البحار ج 26 ص 1 مثله مع اختلاف في بعض الألفاظ
2- الاختصاص للمفيد رحمه اللّه ص 244

ليدخل إلينا، يتولاّنا و يتبرّء من عدوّنا، فيرى مكتوبا بين عينيه مؤمن، قال اللّه عزّ و جلّ: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ، فنحن نعرف عدوّنا من وليّنا. (1)

أقول:

قد مرّ ما بمعناه مع بيان بعض مفرداته في باب الحجّ.

39-عن أبي حمزة الثمالي قال: دخلت على أبي جعفر عليه السّلام و هو جالس على الباب الذي إلى المسجد و هو ينظر إلى الناس يطوفون، فقال: يا أبا حمزة، بما امروا هؤلاء؟ قال: فلم أدر ما أرد عليه، قال: إنّما امروا أن يطوّفوا بهذه الأحجار ثمّ يأتونا فيعلمونا ولايتهم. (2)

40-عن الفضيل عن أبي جعفر عليه السّلام قال: نظر إلى الناس يطوفون حول الكعبة، فقال: هكذا كانوا يطوفون في الجاهليّة! إنّما أمروا أن يطوفوا بها ثمّ ينفروا إلينا، فيعلمونا ولايتهم و مودّتهم، و يعرضوا علينا نصرتهم، ثمّ قرء هذه الآية:

فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ اَلنّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ (3). (4)

41-عن أبي الربيع الشاميّ قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اِسْتَجِيبُوا لِلّهِ وَ لِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ قال:

نزلت في ولاية عليّ عليه السّلام. (5)

42-عن عبد الرحمن بن سالم عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله: وَ اِتَّقُوا فِتْنَةً

ص:369


1- -الاختصاص ص 296
2- العلل ج 2 ص 406 ب 142 ح 8
3- إبراهيم:37
4- الكافي ج 1 ص 323 باب أنّ الواجب على الناس بعد ما يقضون مناسكهم أن يأتو الإمام. . . ح 1
5- نور الثقلين ج 2 ص 141 ح 50( الأنفال:24)

لا تُصِيبَنَّ اَلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً قال: أصابت الناس فتنة بعد ما قبض اللّه نبيّه حتّى تركوا عليّا و بايعوا غيره، و هي الفتنة التي فتنوا فيها، و قد أمرهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله باتباع عليّ و الأوصياء من آل محمّد عليهم السّلام. (1)

43-عن سدير قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام و هو داخل و أنا خارج و أخذ بيدي، ثمّ استقبل البيت فقال: يا سدير، إنّما أمر الناس أن يأتوا هذه الأحجار فيطوفوا بها، ثمّ يأتونا فيعلمونا ولايتهم لنا، و هو قول اللّه: وَ إِنِّي لَغَفّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اِهْتَدى -ثمّ أومى بيده إلى صدره-إلى ولايتنا. . . (2)

44-قال أبو جعفر عليه السّلام: ثُمَّ اِهْتَدى إلى ولايتنا أهل البيت، فو اللّه لو أنّ رجلا عبد اللّه عمره ما بين الركن و المقام ثمّ مات و لم يجئ بولايتنا لأكبّه اللّه في النار على وجهه.

رواه الحاكم أبو القاسم الحسكاني بإسناده، و أورده العيّاشي في تفسيره بعدّة طرق. (3)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر لاحظ البحار ج 24 ص 148 و 149 و غيره.

45-عن زيد الشحّام قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ وليّ عليّ إن تزلّ به قدم ثبتت اخرى. (4)

46-عن ابن عبّاس عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: ولاية عليّ بن أبي طالب ولاية اللّه، و حبّه عبادة اللّه، و اتّباعه فريضة اللّه، و أوليائه أولياء اللّه، و أعداءه أعداء اللّه، و حربه حرب اللّه، و سلمه سلم اللّه عزّ و جلّ. (5)

ص:370


1- -نور الثقلين ج 2 ص 142 ح 58
2- نور الثقلين ج 3 ص 386( طه:82) ح 92(الكافي ج 1 ص 323 ح 3)
3- نور الثقلين ج 3 ص 387 ح 95( مجمع البيان ج 7 ص 23)
4- المحاسن ص 158 ب 25 من الصفوة و النور
5- أمالي الصدوق ص 32 م 9 ح 3

47-عن المفضّل بن عمر عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما السّلام قال: بني الإسلام على خمس دعائم: على الصلاة، و الزكاة، و الصوم، و الحجّ، و ولاية أمير المؤمنين و الأئمّة من ولده عليهم السّلام. (1)

48-عن ابن عبّاس عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: ولايتي و ولاية أهل بيتي أمان من النار. (2)

49-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من منّ اللّه عليه بمعرفة أهل بيتي و ولايتهم فقد جمع اللّه له الخير كلّه. (3)

50-عن أبي بصير عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما السّلام قال: من أقام فرائض اللّه، و اجتنب محارم اللّه، و أحسن الولاية لأهل بيت نبيّ اللّه، و تبرّأ من أعداء اللّه عزّ و جلّ، فليدخل من أيّ أبواب الجنّة الثمانية شاء. (4)

51-قال الصادق جعفر بن محمّد عليهما السّلام: نزلت هاتان الآيتان في أهل ولايتنا و أهل عداوتنا: فَأَمّا إِنْ كانَ مِنَ اَلْمُقَرَّبِينَ - فَرَوْحٌ وَ رَيْحانٌ يعني في قبره، وَ جَنَّةُ نَعِيمٍ يعني في الآخرة، وَ أَمّا إِنْ كانَ مِنَ اَلْمُكَذِّبِينَ اَلضّالِّينَ - فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ يعني في قبره، وَ تَصْلِيَةُ جَحِيمٍ يعني في الآخرة. (5)

52-عن محمّد بن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: نزل جبرئيل على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال: يا محمّد، السلام يقرئك السلام، و يقول: خلقت السموات السبع و ما فيهنّ و الأرضين السبع و من عليهنّ، و ما خلقت موضعا أعظم من الركن و المقام، و لو أنّ عبدا دعاني هناك منذ خلقت السموات

ص:371


1- -أمالي الصدوق ص 268 م 45 ح 14
2- أمالي الصدوق ص 474 م 72 ح 8( البحار ج 27 ص 88)
3- أمالي الصدوق ص 474 م 72 ح 9( البحار ج 27 ص 88)
4- أمالي الصدوق ص 474 م 72 ح 10( البحار ج 27 ص 88)
5- أمالي الصدوق ص 474 ح 11

و الأرضين، ثمّ لقيني جاحدا لولاية عليّ عليه السّلام لأكببته في سقر. (1)

53-عن عبد اللّه بن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه الصادق عليه السّلام يقول:

ثلاثة هنّ فخر المؤمن و زينته في الدنيا و الآخرة: الصلاة في آخر الليل، و يأسه ممّا في أيدي الناس، و ولاية الإمام من آل محمّد عليهم السّلام. (2)

54-عن ابن عبّاس عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: قال اللّه جلّ جلاله:

لو اجتمع الناس كلّهم على ولاية عليّ عليه السّلام ما خلقت النار. (3)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة روتها الخاصّة و العامّة، راجع البحار ج 39(ص 246 باب أنّ حبّه إيمان و بغضه كفر) و غيره.

55-عن سدير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول أمير المؤمنين عليه السّلام:

«إنّ أمرنا صعب مستصعب لا يقرّ به إلاّ ملك مقرّب، أو نبيّ مرسل، أو عبد امتحن اللّه قلبه للإيمان» فقال: إنّ من الملائكة مقرّبين و غير مقرّبين، و من الأنبياء مرسلين و غير مرسلين، و من المؤمنين ممتحنين و غير ممتحنين، فعرض أمركم هذا على الملائكة فلم يقرّ به إلاّ المقرّبون، و عرض على الأنبياء فلم يقرّ به إلاّ المرسلون، و عرض على المؤمنين فلم يقرّ به إلاّ الممتحنون، قال: ثمّ قال لي: مرّ في حديثك. (4)

بيان:

«صعب مستصعب» : هذا وصف لبيان صعوبة الأمر، و قال الفيروزآبادي:

الصعب: العسر و الابّي. . . و استصعب الأمر: صار صعبا، و استصعب الشيء:

ص:372


1- -أمالي الصدوق ص 484 م 73 ح 12
2- أمالي الصدوق ص 544 م 81 ح 8
3- أمالي الصدوق ص 657 م 94 ح 7
4- البحار ج 2 ص 184 باب أنّ حديثهم صعب ح 7

وجده صعبا، لازم متعدّ.

و في المرآة ج 4 ص 312، «المستصعب» : مبالغة في الصعب، أو الصعب ما يكون صعبا في نفسه و المستصعب ما يعدّه الناس صعبا.

«لا يقرّ به» : إنّ الولاية ذو مراتب و لا ينال المرتبة الكاملة منها إلاّ من ذكروه، بل يظهر من بعض الأخبار ما هو أعلى من ذلك، فلا ينافي ما في بعض الأخبار من إقرار الملائكة و الأنبياء كلّهم بالولاية.

56-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ أمرنا صعب مستصعب على الكافرين، لا يقرّ بأمرنا إلاّ نبيّ مرسل، أو ملك مقرّب، أو عبد مؤمن امتحن اللّه قلبه للإيمان. (1)

57-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ أمرنا صعب مستصعب لا يحتمله إلاّ من كتب اللّه في قلبه الإيمان. (2)

بيان:

«لا يحتمله» الاحتمال: مطاوعة الحمل، و معناه التحمّل و القبول مع الإيمان به.

58-عن سليم بن قيس عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: إنّ أمرنا أهل البيت صعب مستصعب لا يعرفه و لا يقرّ به إلاّ ملك مقرّب، أو نبيّ مرسل، أو مؤمن نجيب امتحن اللّه قلبه للإيمان. (3)

أقول:

الأخبار بهذا المعنى كثيرة جدّا، راجع بصائر الدرجات ص 20 إلى 29 و الكافي و البحار ج 2 ص 182 منها؛ قول السجّاد عليه السّلام: و اللّه لو علم أبو ذرّ ما في قلب سلمان لقتله.

ص:373


1- -البحار ج 2 ص 191 ح 30
2- البحار ج 2 ص 195 ح 41
3- البحار ج 2 ص 196 ح 45

و منها؛ قول الباقر عليه السّلام: يا أبا حمزة، أ لا ترى أنّه اختار لأمرنا من الملائكة المقرّبين، و من النبيّين المرسلين، و من المؤمنين الممتحنين.

و قوله عليه السّلام: إنّ أمرنا هذا مستور مقنّع بالميثاق، من هتكه أذلّه اللّه.

و قوله عليه السّلام: إنّ حديث آل محمّد صعب مستصعب، ثقيل مقنّع أجرد ذكوان، لا يحتمله إلاّ ملك مقرّب، أو نبيّ مرسل، أو عبد امتحن اللّه قلبه للإيمان، أو مدينة حصينة، فإذا قام قائمنا (عجّل اللّه تعالى فرجه) نطق و صدّقه القرآن.

منها قول الصادق عليه السّلام: خالطوا الناس ممّا يعرفون، و دعوهم ممّا ينكرونه، و لا تحملوا على أنفسكم و علينا، إنّ أمرنا صعب مستصعب.

و قوله عليه السّلام لأبي الصامت: إنّ حديثنا صعب مستصعب، شريف كريم ذكوان ذكيّ و عر، لا يحتمله ملك مقرّب و لا نبيّ مرسل و لا مؤمن ممتحن، قلت: فمن يحتمله جعلت فداك؟ قال: من شئنا يا أبا الصامت.

و قوله عليه السّلام: إنّ أمرنا سرّ في سرّ، و سرّ مستسرّ، و سرّ لا يفيد إلاّ سرّ، و سرّ على سرّ، و سرّ مقنّع بسرّ.

و قد مرّ بعضها في أبواب الحديث، التقيّة و. . .

59-عن بريد العجلّي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ:

وَ أَنْ لَوِ اِسْتَقامُوا عَلَى اَلطَّرِيقَةِ (1)قال: يعني على الولاية لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً قال: لأذقناهم علما كثيرا يتعلّمونه من الأئمّة عليهم السّلام، قلت: قوله: لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ قال: إنّما هؤلاء يفتنهم فيه، يعني المنافقين. (2)

60-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: وَ بَشِّرِ اَلَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ (3)قال: ولاية أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه. 4

ص:374


1- -الجنّ:16
2- البحار ج 24 ص 29 باب في أنّ الاستقامة هي الولاية ح 7
3- يونس:2

أقول:

قال عليه السّلام في ح 1: هو رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و الأئمّة عليهم السّلام.

61-عن الباقر عليه السّلام في قوله تعالى: وَ أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَ باطِنَةً (1)قال: النعمة الظاهرة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و ما جاء به من معرفته و توحيده، و أمّا النعمة الباطنة فولايتنا أهل البيت و عقد مودّتنا. (2)

62-عن عبد اللّه بن نجيح قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: ما معنى قوله تعالى: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ اَلنَّعِيمِ (3)قال: النعيم الذي أنعم اللّه به عليكم من ولايتنا، و حبّ محمّد و آل محمّد عليهم السّلام. (4)

أقول:

ح 6، تفسير القميّ رحمه اللّه ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ اَلنَّعِيمِ أي عن الولاية، و الدليل على ذلك قوله: وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ (5)قال: عن الولاية.

63-عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام و حمران عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله تعالى: لَوْ لا فَضْلُ اَللّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ (6)قال: فضل اللّه رسوله، و رحمته ولاية الأئمّة عليهم السّلام. (7)

64-عن الفضيل عن أبي جعفر عليه السّلام إِنَّ هذَا اَلْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ

ص:375


1- لقمان:20
2- البحار ج 24 ص 54 باب أنّهم نعمة اللّه ح 16
3- التكاثر:8
4- البحار ج 24 ص 56 ح 27
5- الصافّات:24
6- النساء:83
7- البحار ج 24 ص 60 ح 39 و ص 62 ح 46

أَقْوَمُ (1)قال: يهدي إلى الولاية. (2)

65-عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اُدْخُلُوا فِي اَلسِّلْمِ كَافَّةً وَ لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ اَلشَّيْطانِ (3)قال: أ تدري ما السلم؟ قال: قلت: أنت أعلم، قال: ولاية عليّ و الأئمّة الأوصياء من بعده عليهم السّلام.

قال خُطُواتِ اَلشَّيْطانِ و اللّه ولاية فلان و فلان. (4)

66-عن مالك بن عبد اللّه قال: قلت لمولاي الرضا عليه السّلام: قوله تعالى:

وَ أَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ اَلتَّقْوى وَ كانُوا أَحَقَّ بِها وَ أَهْلَها (5)قال: هي ولاية أمير المؤمنين عليه السّلام. (6)

67-عن حفص عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله تعالى: وَ اَلَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ (7)قال: ما الذي أتوا؟ أتوا و اللّه الطاعة مع المحبّة و الولاية، و هم مع ذلك خائفون، ليس خوفهم خوف شكّ و لكنّهم خافوا أن يكونوا مقصّرين في طاعتنا و ولايتنا. (8)

68-عن الرضا عليه السّلام قال: أخبرني أبي عن أبيه عن جدّه أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام أخذ بطّيخة ليأكلها فوجدها مرّة فرمى بها و قال: بعدا و سحقا، فقيل:

يا أمير المؤمنين، و ما هذه البطّيخة، فقال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه تبارك و تعالى

ص:376


1- -الإسراء:9
2- البحار ج 24 ص 145 باب أنّهم الهداية ح 13
3- البقرة:208
4- البحار ج 24 ص 159 باب أنّ السلم الولاية ح 1
5- الفتح:26
6- البحار ج 24 ص 180 باب أنّهم كلمات اللّه ح 13
7- المؤمنون:60
8- البحار ج 24 ص 402 باب جوامع تأويل. . . ح 132

أخذ عقد موّدتنا على كلّ حيوان و نبت، فما قبل الميثاق كان عذبا طيّبا و ما لم يقبل الميثاق كان مالحا زعاقا. (1)

أقول:

في ح 6: فالتفت إليّ أمير المؤمنين عليه السّلام فقال: يا قنبر، إنّ اللّه تبارك و تعالى عرض ولايتنا على أهل السموات و أهل الأرض، من الجنّ و الإنس، و الثمر و غير ذلك، فما قبل منه ولايتنا طاب و طهر و عذب، و ما لم يقبل منه خبث وردي و نتن.

بيان: «الزعاق» الماء المرّ الغليظ الذي لا يطاق شربه.

69-من مناقب الخوارزمي عن جابر الأنصاريّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه تعالى لمّا خلق السموات و الأرض دعاهنّ فأجبنه، فعرض عليهنّ نبوّتي و ولاية عليّ بن أبي طالب فقبلناهما، ثمّ خلق الخلق و فوّض إلينا أمر الدين، فالسعيد من سعد بنا، و الشقيّ من شقي بنا، نحن المحلّلون لحلاله و المحرّمون لحرامه. (2)

70-عن عليّ بن موسى الرضا، عن موسى بن جعفر، عن جعفر بن محمّد، عن محمّد بن عليّ، عن عليّ بن الحسين، عن الحسين بن عليّ، عن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام، عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، عن جبرئيل، عن ميكائيل، عن إسرافيل، عن اللوح، عن القلم، قال: يقول اللّه عزّ و جلّ: ولاية عليّ بن أبي طالب حصني فمن دخل حصني أمن من عذابي. (3)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة.

أقول: لم نذكر حديث الغدير و المنزلة و أمثالهما لاستيفاء أبحاثها في كتاب الغدير

ص:377


1- -البحار ج 27 ص 280 باب ما أقرّ من الجمادات و النباتات بولايتهم ح 3
2- البحار ج 27 ص 284 ح 8
3- البحار ج 39 ص 246 باب أنّ حبّه إيمان ح 1

لمؤلّفه العلاّمة الأميني رحمه اللّه و غيره من الكتب.

و جدير بالذكر أنّ الأخبار في تأويل الآيات بالولاية كثيرة جدّا، و من أراد المزيد فليلاحظ كتاب «تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة» لمؤلّفه المفسّر الكبير السيّد شرف الدين عليّ الحسيني.

ص:378

الفصل الثاني: بطلان العبادة دون قبول ولايتهم عليهم السّلام
الأخبار

1-عن المعلّى بن خنيس قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا معلّى، لو أنّ عبدا عبد اللّه مائة عام بين الركن و المقام، يصوم النهار و يقوم الليل حتّى يسقط حاجباه على عينيه و تلتقى تراقيه هرما جاهلا لحقّنا لم يكن له ثواب. (1)

بيان:

في البحار ج 27 ص 177، «التراقي» : العظام المتّصلة بالحلق من الصدر، و التقاؤها كناية عن نهاية الذبول و الدقّة و التجفّف.

2-عن أبي حمزة قال: قال لنا عليّ بن الحسين عليهما السّلام: أيّ البقاع أفضل؟ فقلت: اللّه و رسوله و ابن رسوله أعلم، قال: إنّ أفضل البقاع ما بين الركن و المقام، و لو أنّ رجلا عمّر ما عمّر نوح عليه السّلام في قومه-ألف سنة إلاّ خمسين عاما-يصوم النهار و يقوم الليل في ذلك المقام (المكان ف ن) ثمّ لقي اللّه عزّ و جلّ بغير ولايتنا لم ينتفع بذلك شيئا. (2)

3-عن ميسر قال: كنت عند أبي جعفر عليه السّلام و عنده في الفسطاط نحو

ص:379


1- -عقاب الأعمال ص 2(ص 243) باب عقاب من جهل حقّ أهل البيت عليهم السّلام ح 1
2- عقاب الأعمال ص 2 ح 2

من خمسين رجلا، فجلس بعد سكوت منّا طويلا، فقال: ما لكم لعلّكم ترون أنّي نبيّ اللّه؟ و اللّه ما أنا كذلك، و لكن لي قرابة من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و ولادة، فمن وصلنا وصله اللّه، و من أحبّنا أحبّه اللّه عزّ و جلّ و من حرمنا حرمه اللّه.

أ تدرون أيّ البقاع أفضل عند اللّه منزلة؟ فلم يتكلّم أحد منّا، فكان هو الرادّ على نفسه، فقال: ذلك مكّة الحرام التي رضيها اللّه لنفسه حرما، و جعل بيته فيها، ثمّ قال: أ تدرون أيّ البقاع أفضل فيها عند اللّه حرمة؟ فلم يتكلّم أحد منّا، فكان هو الرادّ على نفسه، فقال: ذاك المسجد الحرام، ثمّ قال: أ تدرون أيّ بقعة في المسجد الحرام أعظم عند اللّه حرمة؟ فلم يتكلّم أحد منّا فكان هو الرادّ على نفسه، قال: ذاك ما بين الركن الأسود و المقام و باب الكعبة، و ذلك حطيم إسماعيل عليه السّلام، ذاك الذي كان يزوّد فيه غنيماته و يصلّي فيه.

و اللّه لو أنّ عبدا صفّ قدميه في ذلك المكان؛ قام الليل مصلّيا حتّى يجيئه النهار، و صام النهار حتّى يجيئه الليل و لم يعرف حقّنا و حرمتنا أهل البيت لم يقبل اللّه منه شيئا أبدا. (1)

4-عن محمّد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: كلّ من دان اللّه عزّ و جلّ بعبادة يجهد فيها نفسه و لا إمام له من اللّه، فسعيه غير مقبول، و هو ضالّ متحيّر، و اللّه شانئ لأعماله، و مثله كمثل شاة ضلّت عن راعيها و قطيعها، فهجمت ذاهبة و جائية يومها. . . و كذلك و اللّه يا محمّد، من أصبح من هذه الأمّة لا إمام له من اللّه عزّ و جلّ ظاهر عادل، أصبح ضالاّ تائها، و إن مات على هذه الحالة مات ميتة كفر و نفاق.

و اعلم يا محمّد، أنّ ائمّة الجور و أتباعهم لمعزولون عن دين اللّه، قد ضلّوا و أضلّوا، فأعمالهم التي يعملونها كَرَمادٍ اِشْتَدَّتْ بِهِ اَلرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ

ص:380


1- -عقاب الأعمال ص 2 ح 3

لا يَقْدِرُونَ مِمّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ، ذلِكَ هُوَ اَلضَّلالُ اَلْبَعِيدُ (1). (2)

بيان:

«شانئ لأعماله» : أي مبغض لأعماله بمعنى غير مقبولة عند اللّه.

5-عن جابر قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: إنّما يعرف اللّه عزّ و جلّ و يعبده من عرف اللّه و عرف إمامه منّا أهل البيت، و من لا يعرف اللّه عزّ و جلّ و لا يعرف الإمام منّا أهل البيت، فإنّما يعرف و يعبد غير اللّه، هكذا و اللّه ضلالا. (3)

6-عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام (في حديث) قال: ذروة الأمر، و سنامه، و مفتاحه، و باب الأشياء، و رضا الرحمن، الطاعة للإمام بعد معرفته، أما لو أنّ رجلا قام ليله، و صام نهاره، و تصدّق بجميع ماله، و حجّ جميع دهره، و لم يعرف ولاية وليّ اللّه فيواليه، و يكون جميع أعماله بدلالته إليه، ما كان له على اللّه حقّ في ثوابه، و لا كان من أهل الإيمان. (4)

7-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام (في حديث) : من لم يأت اللّه عزّ و جلّ يوم القيامة بما أنتم عليه لم تقبل منه حسنة، و لم يتجاوز له عن سيّئة. (5)

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (في حديث) قال: و اللّه لو أنّ إبليس سجد للّه بعد المعصية و التكبّر عمر الدنيا ما نفعه ذلك، و لا قبله اللّه عزّ و جلّ، ما لم يسجد لآدم كما أمره اللّه عزّ و جلّ أن يسجد له، و كذلك هذه الأمّة العاصية، المفتونة بعد نبيّها صلّى اللّه عليه و آله، و بعد تركهم الإمام الذي نصبه نبيّهم صلّى اللّه عليه و آله لهم، فلن يقبل اللّه لهم عملا،

ص:381


1- -إبراهيم:18
2- الكافي ج 1 ص 140 باب معرفة الإمام ح 8
3- الكافي ج 1 ص 139 ح 4
4- الوسائل ج 1 ص 119 ب 29 من مقدّمة العبادات ح 2
5- الوسائل ج 1 ص 119 ح 3

و لن يرفع لهم حسنة، حتّى يأتوا اللّه من حيث أمرهم، و يتولّوا الإمام الذي امروا بولايته، و يدخلوا من الباب الذي فتحه اللّه و رسوله لهم. (1)

أقول:

قد مرّ بهذا المعنى في باب الأخذ بالسنّة.

9-عن معاذ بن كثير أنّه قال لأبي عبد اللّه عليه السّلام (في حديث) : إنّ أهل الموقف لكثير، فقال: غثاء يأتي به الموج من كلّ مكان، لا و اللّه، ما الحجّ إلاّ لكم، لا و اللّه، ما يتقبّل اللّه إلاّ منكم. (2)

10-عن عبّاد بن زياد قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا عبّاد، ما على ملّة إبراهيم أحد غيركم؛ و ما يقبل اللّه إلاّ منكم، و لا يغفر الذنوب إلاّ لكم. (3)

11-عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: قام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فحمد اللّه و أثنى عليه، ثمّ قال: ما بال أقوام إذا ذكر عندهم آل إبراهيم و آل عمران فرحوا و استبشروا، و إذا ذكر عندهم آل محمّد اشمأزّت قلوبهم، و الذي نفس محمّد (صلّى اللّه عليه و آله) بيده، لو أنّ عبدا جاء يوم القيامة بعمل سبعين نبيّا، ما قبل اللّه ذلك منه حتّى يلقى اللّه بولايتي و ولاية أهل بيتي. (4)

12-عن عمّار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ أوّل من يسأل العبد عنه إذا وقف بين يدي اللّه جلّ جلاله، عن الصلوات المفروضات، و عن الزكاة المفروضة، و عن الصيام المفروض، و عن الحجّ المفروض، و عن ولايتنا أهل البيت، فإن أقرّ بولايتنا ثمّ مات عليها قبلت منه صلاته،

ص:382


1- -الوسائل ج 1 ص 119 ح 5
2- الوسائل ج 1 ص 121 ح 9
3- الوسائل ج 1 ص 121 ح 11
4- المستدرك ج 1 ص 150 ب 27 من مقدّمة العبادات ح 3 و 4(أمالي الطوسي ج 1 ص 140)

و صومه، و زكاته، و حجّه، و إن لم يقرّ بولايتنا بين يدي اللّه جلّ جلاله، لم يقبل اللّه عزّ و جلّ منه شيئا من أعماله. (1)

13-عن الصادق عليه السّلام قال: إنّ عليّا عليه السّلام كان يقول: لا خير في الدنيا إلاّ لأحد رجلين: رجل يزداد كلّ يوم إحسانا، و رجل يتدارك سيّئته بالتوبة؟ ! و أنّى له بالتوبة؟ ! و اللّه لو سجد حتّى ينقطع عنقه ما قبل اللّه منه إلاّ بولايتنا أهل البيت. (2)

14-عن ابن مسكان عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السّلام قال: مرّ موسى بن عمران برجل رافعا يديه إلى السماء يدعو، فانطلق موسى في حاجته فغاب عنه سبعة أيّام، ثمّ رجع إليه و هو رافع يديه يدعو و يتضرّع و يسأل حاجته، فأوحى اللّه إليه: يا موسى، لو دعاني حتّى يسقط لسانه ما استجبت له حتّى يأتيني من الباب الذي أمرته به. (3)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر.

15-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لو أنّ عبدا عبد اللّه ألف عام، ثمّ ذبح كما يذبح الكبش، ثمّ أتى اللّه ببغضنا أهل البيت لردّ اللّه عليه عمله. (4)

16-عن الصادق عن أبيه عن جدّه عليهم السّلام قال: مرّ أمير المؤمنين عليه السّلام في مسجد الكوفة و قنبر معه، فرأى رجلا قائما يصلّي، فقال: يا أمير المؤمنين، ما رأيت رجلا أحسن صلاة من هذا.

ص:383


1- -المستدرك ج 1 ص 152 ح 11
2- المستدرك ج 1 ص 152 ح 12 و 13( الخصال ج 1 ص 41 باب الاثنين ح 29)
3- المستدرك ج 1 ص 157 ح 21
4- المستدرك ج 1 ص 161 ح 36

فقال أمير المؤمنين عليه السّلام: مه يا قنبر، فو اللّه لرجل على يقين من ولايتنا أهل البيت خير ممّن له عبادة ألف سنة، و لو أنّ عبدا عبد اللّه ألف سنة لا يقبل اللّه منه حتّى يعرف ولايتنا أهل البيت، و لو أنّ عبدا عبد اللّه ألف سنة و جاء بعمل اثنين و سبعين نبيّا ما يقبل اللّه منه حتّى يعرف ولايتنا أهل البيت، و إلاّ أكبّه اللّه على منخريه في نار جهنّم. (1)

17-قال أبو الحسن الرضا عليه السّلام: لا يقبل اللّه عملا لعبد إلاّ بولايتنا، فمن لم يوالنا كان من أهل هذه الآية: وَ قَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً (2). (3)

18-عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها (4)قال: هي للمسلمين عامّة، و الحسنة الولاية، فمن عمل من حسنة كتبت (كتب اللّه ف ن) له عشرا، فإن لم تكن له ولاية رفع عنه بما عمل من حسنته في الدنيا و ما له في الآخرة من خلاق. (5)

بيان:

«الخلاق» : الحظّ و النصيب.

19-عن الحسين بن عليّ عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ألزموا مودّتنا أهل البيت، فإنّه من لقي اللّه يوم القيامة و هو يودّنا دخل الجنّة بشفاعتنا، و الذي نفسي بيده لا ينفع عبدا عمله إلاّ بمعرفة حقّنا. (6)

ص:384


1- -المستدرك ج 1 ص 168 ح 48
2- الفرقان:23
3- المستدرك ج 1 ص 175 ح 65
4- الأنعام:160
5- البحار ج 27 ص 168 باب أنّه لا تقبل الأعمال إلاّ بالولاية ح 6
6- البحار ج 27 ص 170 ح 10

20-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أمّتي أمّتي، إذا اختلف الناس بعدي و صاروا فرقة فرقة، فاجتهدوا في طلب الدين الحقّ حتّى تكونوا مع أهل الحقّ، فإنّ المعصية في دين الحقّ تغفر، و الطاعة في دين الباطل لا تقبل. (1)

أقول:

الأخبار في هذا الفصل كثيرة جدّا، راجع البحار و المستدرك و. . .

ص:385


1- -البحار ج 27 ص 197 ح 58

ص:386

196- أولياء اللّه

الآيات

1- أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اَللّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ . (1)

2- قُلْ يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ هادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلّهِ مِنْ دُونِ اَلنّاسِ فَتَمَنَّوُا اَلْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ . (2)

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

من عرف اللّه و عظّمه منع فاه من الكلام، و بطنه من الطعام، و عنا نفسه بالصيام و القيام، قالوا: بآبائنا و أمّهاتنا يا رسول اللّه، هؤلاء أولياء اللّه؟

قال: إنّ أولياء اللّه سكتوا فكان سكوتهم فكرا، و تكلّموا فكان كلامهم ذكرا، و نظروا فكان نظرهم عبرة، و نطقوا فكان نطقهم حكمة، و مشوا فكان مشيهم بين الناس بركة، لو لا الآجال التي قد كتبت عليهم لم تستقرّ أرواحهم في أجسادهم،

ص:387


1- -يونس:62
2- الجمعة:6

خوفا من العذاب و شوقا إلى الثواب. (1)

بيان:

في المرآة: فما في المجالس أظهر سندا و متنا.

«أولياء اللّه» : في مجمع البحرين (ولى) ، قال بعض المحقّقين: طريقة الأولياء مبنيّة على مجاهدات نفسانيّة، و إزالة عوائق بدنيّة، و توجّه نحو طلب الكمال الذي يسمّى بالسلوك، و من جملة تلك المجاهدات التوبة، و هي الرجوع عن المعصية، و الإنابة و هي الرجوع إلى اللّه تعالى و الإقبال عليه، و الإخلاص و هو أنّ جميع ما يفعله السالك و يقوله يكون تقرّبا إلى اللّه تعالى وحده لا يشوبه شيء، و الزهد في الدنيا، و إيثار الفقر، و ليس المراد به عدم المال بل عدم الرغبة في القنيات الدنيويّة، و الرياضة و الحزن على ما فات، و الخوف على ما لم يأت، و الرجاء، و الصبر، و الشكر، و نحو ذلك من الكمالات.

و في إرشاد القلوب ص 199 ب 45: الوليّ كلّ الوليّ من توالت أقواله و أفعاله على موافقة الكتاب و السنّة، و من كان هكذا تولّى اللّه سيّئاته باللطف في كلّ اموره، و حرسه في غيبته و حضوره، و حفظه في أهله و ولده و ولد ولده و في جيرانه . . . و الوليّ ريحانة اللّه في أرضه يشمّها المؤمنون و يشتاق إليها الصالحون.

و علامة الوليّ ثلاثة أشياء: شغله باللّه، و همّه للّه، و فراره إلى اللّه، و إذا أراد اللّه أن يوالي عبدا فتح على لسانه ذكره و على قلبه فكره، فإذا تلذّذ بالذكر فتح له باب القرب، ثمّ فتح عليه باب الأنس به، و الوحشة من خلقه، فأجلسه على كرسيّ الولاية، و عامله بأسباب العناية، و أورثه دار الكرامة، و كشف عن قلبه و بصره غشاوة العماية، فأصبح ينظر بنور اللّه، و رفع عنه حزن الرزق، و خوف العدوّ من حيث يحلّ التوكّل في قلبه و الرضا بقسمه، و لهذا قال اللّه تعالى: أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ

ص:388


1- -أمالي الصدوق ص 303 م 50 ح 7( الكافي ج 2 ص 186 باب المؤمن و علاماته ح 25)

اَللّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ و أمن من أهوال يوم القيامة و نار جهنّم.

2-عن أبي عبيدة الحذّاء قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: قال اللّه عزّ و جلّ: إنّ من أغبط أوليائي عندي رجلا خفيف الحال، ذا حظّ من صلاة، أحسن عبادة ربّه بالغيب، و كان غامضا في الناس، جعل رزقه كفافا، فصبر عليه، عجّلت منيّته فقلّ تراثه و قلّت بواكيه. (1)

أقول:

قد مرّ شرحه في باب الشهرة.

3-عن المفضّل بن عمر عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين الصدود لأوليائي، فيقوم قوم ليس على وجوههم لحم؛ فيقال:

هؤلاء الذين آذوا المؤمنين و نصبوا لهم، و عاندوهم، و عنّفوهم في دينهم، ثمّ يؤمر بهم إلى جهنّم. (2)

بيان:

«أين الصدود» : في بعض النسخ و الوافي: "أين المؤذون". «نصبوا» : نصبت لفلان نصبا إذا عاديته. «عنّفوهم» التعنيف: التعيير و اللوم.

أقول: بهذا المعنى أخبار اخر قد مرّ بعضها في باب الإيمان.

4-عن معاوية عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لقد أسرى ربّي بي فأوحى إليّ من وراء الحجاب ما أوحى، و شافهني إلى أن قال لي:

يا محمّد، من أذلّ لي وليّا فقد أرصدني بالمحاربة، و من حاربني حاربته، قلت:

يا ربّ، و من وليّك هذا؟ فقد علمت أنّ من حاربك حاربته، قال لي: ذاك من أخذت ميثاقه لك و لوصيّك و لذرّيّتكما بالولاية. (3)

ص:389


1- -الكافي ج 2 ص 113 باب الكفاف ح 1-و بمدلوله ح 6
2- الكافي ج 2 ص 262 باب من آذى المسلمين ح 2
3- الكافي ج 2 ص 263 ح 10

بيان:

«أرصدني» في الوافي، الإرصاد: المراقبة و الإعداد للشيء.

و في النهاية ج 2 ص 226 يقال: رصدته إذا قعدت له على طريقه تترقّبه، و أرصدت له العقوبة إذا أعددتها له، و حقيقته جعلتها على طريقه كالمترقّبة له.

5-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ أولياء اللّه هم الذين نظروا إلى باطن الدنيا إذا نظر الناس إلى ظاهرها، و اشتغلوا بآجلها إذا اشتغل الناس بعاجلها، فأماتوا منها ما خشوا أن يميتهم، و تركوا منها ما علموا أنّه سيتركهم، و رأوا استكثار غيرهم منها استقلالا، و دركهم لها فوتا، أعداء ما سالم الناس، و سلم ما عادى الناس، بهم علم الكتاب و به علموا، و بهم قام الكتاب و به قاموا، لا يرون مرجوّا فوق ما يرجون، و لا مخوفا فوق ما يخافون. (1)

بيان:

«باطن الدنيا» : ما خفي عن أعين الناس من مضارّها و وخامة عاقبتها، للراغبين إليها، و المراد بظاهرها شهواتها التي تغرّ أكثر الناس عن التوجّه إلى باطنها.

«بآجلها» : أي ما يأتي من نعيم الآخرة بعدها أو ما يظهر ثمرتها في الآجل من المعارف و الطاعات. «ما سالم الناس» : ما مالوا إليه من متاع الدنيا و زينتها «ما عادى الناس» : ما رفضوه من العلوم و العبادات، و الرغبة في الآخر.

«و به علموا» : أي بالكتاب علموا فضلهم و شرف منزلتهم و صفاتهم.

«و بهم قام الكتاب» : أي بهم صارت أحكامه قائمة في الخلق معمولا بها.

«و به قاموا» : أي بالكتاب ارتفعت منزلتهم، و فازوا بالزلفى بالعمل بما فيه.

(البحار ج 69 ص 320)

«لا يرون مرجوّا. . .» : لعلّ المعنى ليس الرجاء و الخوف في ظاهرهم أكثر

ص:390


1- -نهج البلاغة ص 1287 ح 424

من باطنهم فلم يكن ظاهرم أرجح من باطنهم، أو المعنى لا يكون لهم الرجاء و الخوف الكاذب، كما أشار بقوله عليه السّلام في خ 159: يدّعي بزعمه أنّه يرجو اللّه! كذب و العظيم، ما باله لا يتبيّن رجاؤه في عمله! فكلّ من رجا عرف رجاؤه في عمله إلاّ رجاء اللّه فإنّه مدخول، و كلّ خوف محقّق إلاّ خوف اللّه فإنّه معلول.

6-في وصيّة الباقر عليه السّلام لجابر الجعفيّ: و اعلم بأنّك لا تكون لنا وليّا حتّى لو اجتمع عليك أهل مصرك و قالوا: إنّك رجل سوء لم يحزنك ذلك، و لو قالوا:

إنّك رجل صالح لم يسرّك ذلك، و لكن اعرض نفسك على كتاب اللّه، فإن كنت سالكا سبيله، زاهدا في تزهيده، راغبا في ترغيبه، خائفا من تخويفه، فاثبت و أبشر، فإنّه لا يضرّك ما قيل فيك، و إن كنت مبائنا للقرآن فما ذا الذي يغرّك من نفسك. (1)

7-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أوحى اللّه تعالى إلى موسى: يا موسى، من كان ظاهره أزين من باطنه فهو عدوّي حقّا، و من كان ظاهره و باطنه سواء فهو مؤمن حقّا، و من كان باطنه أزين من ظاهره فهو وليّي حقّا. (2)

8-عن أبي بصير عن الصادق عليه السّلام: . . . ثمّ قال عليه السّلام: يا أبا بصير، طوبى لشيعة قائمنا المنتظرين لظهوره في غيبته، و المطيعين له في ظهوره، أولئك أولياء اللّه الذين لا خوف عليهم و لا هم يحزنون. (3)

9-عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام قال: إنّ اللّه تبارك و تعالى أخفى أربعة في أربعة: أخفى رضاه في طاعته، فلا تستصغرنّ شيئا من طاعته فربّما وافق رضاه و أنت لا تعلم، و أخفى سخطه

ص:391


1- -تحف العقول ص 206
2- جامع الأخبار ص 185 ف 141
3- البحار ج 52 ص 149 باب فضل انتظار الفرج ح 76

في معصيته، فلا تستصغرنّ شيئا من معصيته، فربّما وافق سخطه و أنت لا تعلم، و أخفى إجابته في دعوته، فلا تستصغرنّ شيئا من دعائه فربّما وافق إجابته و أنت لا تعلم، و أخفى وليّه في عباده، فلا تستصغرنّ عبدا من عبيد اللّه فربّما يكون وليّه و أنت لا تعلم. (1)

10-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إِنَّ أَوْلِياءَ اَللّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ ثمّ قال: تدرون من أولياء اللّه؟ قالوا: من هم يا أمير المؤمنين؟ فقال:

هم نحن و أتباعنا، فمن تبعنا من بعدنا طوبى لنا و طوبى لهم أفضل من طوبى لنا.

قال: يا أمير المؤمنين، ما شأن طوبى لهم أفضل من طوبى لنا؟ ألسنا نحن و هم على أمر؟ قال: لا، لأنّهم حملوا ما لم تحملوا عليه، و أطاقوا ما لم تطيقوا. (2)

11-عن بريد العجليّ عن أبي جعفر عليه السّلام قال: وجدنا في كتاب عليّ بن الحسين عليهما السّلام: أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اَللّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ إذا أدّوا فرائض اللّه، و أخذوا سنن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و تورّعوا محارم اللّه، و زهدوا في عاجل زهرة الدنيا، و رغبوا فيما عند اللّه، و اكتسبوا الطيّب من رزق اللّه لوجه اللّه لا يريدون به التفاخر و التكاثر، ثمّ أنفقوا فيما يلزمهم من حقوق واجبة، فأولئك الذين بارك اللّه لهم فيما اكتسبوا، و يثابون على ما قدّموا لآخرتهم. (3)

12-عن ابن عبّاس قال: سئل أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، عن قوله تعالى: أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اَللّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ فقيل له: من هؤلاء الأولياء؟ فقال أمير المؤمنين عليه السّلام: هم قوم أخلصوا اللّه تعالى في عبادته، و نظروا إلى باطن الدنيا حين نظر الناس إلى ظاهرها، فعرفوا آجلها حين غرّ الناس سواهم بعاجلها، فتركوا منها ما علموا أنّه سيتركهم، و أماتوا منها

ص:392


1- -البحار ج 69 ص 274 باب صفات خيار العباد ح 7
2- البحار ج 69 ص 277 ح 10
3- البحار ج 69 ص 277 ح 11

ما علموا أنّه سيميتهم. . . (1)

13-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا ولد وليّ اللّه خرج إبليس (لعنه اللّه) فصرخ صرخة يفزع لها شياطينه قال: فقالت له: يا سيّدنا، ما لك صرخت هذه الصرخة؟ قال: فقال: ولد وليّ اللّه، قال: فقالوا: و ما عليك من ذلك؟ قال: إنّه إن عاش حتّى يبلغ مبلغ الرجال هدى اللّه به قوما كثيرا، قال: فقالوا له: أو لا تأذن لنا فنقتله؟ قال: لا، فيقولون له: و لم و أنت تكرهه؟ قال: لأنّ بقاءنا بأولياء اللّه، فإذا لم يكن للّه في الأرض من وليّ قامت القيامة فصرنا إلى النار، فما لنا نتعجّل إلى النار؟ (2)

14-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ثلاث خصال من صفة أولياء اللّه: الثقة باللّه في كلّ شيء، و الغنا به عن كلّ شيء، و الافتقار إليه في كلّ شيء. (3)

أقول:

قد مرّ في باب السخاء عنه صلّى اللّه عليه و آله: ما جبل وليّ اللّه إلاّ على السخاء.

و في باب الشيعة ف 2 في حديث الصادق عليه السّلام لسدير: فإنّ أولياء اللّه لم يزالوا مستضعفين قليلين منذ خلق اللّه آدم عليه السّلام.

15-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: أ تدرون ما غمّي؟ و في أيّ شيء تفكّري؟ و إلى أيّ شيء أشتاق؟ قال أصحابه: لا، يا رسول اللّه، ما علمنا بهذه من شيء، أخبرنا بغمّك و تفكّرك و تشوّقك.

قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أخبركم إن شاء اللّه، ثمّ تنفّس، و قال: هاه شوقا إلى إخواني من بعدي، فقال أبو ذرّ: يا رسول اللّه، ألسنا إخوانك؟

قال: لا، أنتم أصحابي، و إخواني يجيئون من بعدي، شأنهم شأن الأنبياء قوم

ص:393


1- -البحار ج 69 ص 319 ح 35( أمالي المفيد ص 52 م 10 ح 2)
2- البحار ج 63 ص 249 باب إبليس ح 108( العلل ج 2 ص 577 ب 385 ح 1)
3- البحار ج 103 ص 20 باب الإجمال في الطلب ح 2

يفرّون من الآباء و الامّهات، و من الأخوة و الأخوات، و من القرابات كلّهم، ابتغاء مرضات اللّه، يتركون المال للّه، و يذلّون أنفسهم بالتواضع للّه، لا يرغبون في الشهوات و فضول الدنيا، مجتمعون في بيت من بيوت اللّه، كأنّهم غرباء، محزونين لخوف النار و حبّ الجنّة، فمن يعلم قدرهم عند اللّه؟ ! ليس بينهم قرابة و لا مال يعطون بها، بعضهم لبعض أشفق من الابن على الوالد، و من الوالد على الولد و من الأخ على الأخ.

هاه شوقا إليهم، يفرغون أنفسهم من كدّ الدنيا و نعيمها بنجاة أنفسهم من عذاب الأبد، و دخول الجنّة لمرضات اللّه.

و اعلم يا أبا ذرّ، إنّ للواحد منهم أجر سبعين بدريّا.

يا أبا ذرّ، واحد منهم أكرم على اللّه من كلّ شيء خلق اللّه على وجه الأرض.

يا أبا ذرّ، قلوبهم إلى اللّه و عملهم للّه، لو مرض أحدهم، له فضل عبادة ألف سنة؛ صيام نهارها و قيام ليلها.

و إن شئت حتّى أزيدك يا أبا ذرّ؟ قال: نعم يا رسول اللّه، زدني.

قال: لو أنّ أحدا منهم مات فكأنّما مات من في السماء الدنيا من فضله على اللّه.

و إن شئت أزيدك؟ قال: نعم يا رسول اللّه، زدني.

قال: يا أبا ذرّ، لو أنّ أحدهم تؤذيه قملة في ثيابه فله عند اللّه أجر أربعين حجّة و أربعين عمرة، و أربعين غزوة، و عتق أربعين نسمة من ولد إسماعيل عليه السّلام، و يدخل واحد منهم اثني عشر ألفا في شفاعته.

[قال:]فقلت: سبحان اللّه، و قالوا مثل قولي سبحان اللّه، ما أرحمه بخلقه و ألطفه و أكرمه على خلقه!

فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أ تعجبون من قولي؟ و إن شئتم حتّى أزيدكم؟

قال أبو ذرّ: نعم يا رسول اللّه، زدنا.

فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يا أبا ذرّ، لو أنّ أحدا منهم اشتهى شهوة من شهوات الدنيا

ص:394

فيصبر و لا يطلبها (لا يطالبها ف ن) كان له من الأجر بذكر أهله، ثمّ يغتمّ و يتنفّس كتب اللّه له بكلّ نفس ألفي ألف حسنة، و محا عنه ألفي ألف سيّئة، و رفع له ألفي ألف درجة.

و إن شئت حتّى أزيدك يا أبا ذرّ؟ قال: حبيبي رسول اللّه، زدني.

قال: لو أنّ أحدا منهم يصبر مع أصحابه لا يقطعهم و يصبر في مثل جوعهم و مثل غمّهم كان له من الأجر كأجر سبعين ممّن غرا معي غزوة تبوك.

و إن شئت حتّى أزيدك؟ قال: نعم يا رسول اللّه، زدنا.

قال: لو أنّ أحدا منهم وضع جبينه على الأرض ثمّ يقول: «آه» فتبكي ملائكة السماوات السبع لرحمتهم عليه.

قال اللّه تعالى: يا ملائكتي، ما لكم تبكون؟ فيقولون: يا إلهنا و سيّدنا، و كيف لا نبكي و وليّك على الأرض يقول في وجعه: «آه» فيقول اللّه: يا ملائكتي، اشهدوا أنتم أنّي راض عن عبدي بالذي يصبر في الشدّة و لا يطلب الراحة.

فتقول الملائكة: يا إلهنا و سيّدنا، لا تضرّ الشدّة بعبدك و وليّك بعد أن تقول هذا القول.

فيقول اللّه: يا ملائكتي، إنّ وليّي عندي كمثل نبيّ من أنبيائي، و لو دعاني وليّي و شفّع في خلقي شفّعته في أكثر من سبعين ألفا، و لعبدي و وليّي في جنّتي ما يتمنّى.

يا ملائكتي، و عزّتي و جلالي لأنا أرحم بوليّي، و أنا خير له من المال للتاجر و الكسب للكاسب، و في الآخرة لا يعذب وليّي، و لا خوف عليه.

ثمّ قال رسول اللّه: طوبى لهم يا أبا ذرّ، لو أنّ أحدا منهم يصلّي ركعتين في أصحابه أفضل عند اللّه من رجل يعبد اللّه في جبل لبنان عمر نوح.

و إن شئت حتّى أزيدك يا أبا ذرّ؟ [قال: نعم يا رسول اللّه، قال:]

لو أنّ أحدا منهم يسبّح تسبيحة خير له من أن يصير له جبال الدنيا ذهبا، و نظرة إلى واحد منهم أحبّ إليّ من نظرة إلى بيت اللّه الحرام.

ص:395

و لو أنّ أحدا منهم يموت في شدّة بين أصحابه له أجر مقتول بين الركن و المقام، و له أجر من يموت في حرم اللّه، و من مات في حرم اللّه آمنه اللّه من الفزع الأكبر و أدخله الجنّة.

و إن شئت حتّى أزيدك يا أبا ذرّ؟ قال: نعم يا رسول اللّه.

قال: يجلس إليهم قوم مقصّرون مثقلون من الذنوب فلا يقومون من عندهم حتّى ينظر إليهم فيرحمهم و يغفر لهم ذنوبهم لكرامتهم على اللّه.

ثمّ قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: المقصّر منهم أفضل عند اللّه من ألف مجتهد من غيرهم.

يا أبا ذرّ، ضحكهم عبادة، و فرحهم تسبيح، و نومهم صدقة، و أنفاسهم جهاد، و ينظر اللّه إليهم في كلّ يوم ثلاث مرّات.

يا أبا ذرّ، إنّي إليهم لمشتاق. (ثمّ غمّض عينيه، و بكى شوقا) .

ثمّ قال: اللهمّ احفظهم و انصرهم على من خالف عليهم و لا تخذلهم، و أقرّ عيني بهم يوم القيامة أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اَللّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ. . . (1)

16-قال الصادق عليه السّلام: العبوديّة جوهرة كنهها الربوبيّة. . . و أصول المعاملات تقع على أربعة أوجه: معاملة اللّه تعالى، و معاملة النفس، و معاملة الخلق، و معاملة الدنيا، و كلّ وجه منها منقسم على سبعة أركان.

أمّا أصول معاملة اللّه تعالى فسبعة أشياء: أداء حقّه، و حفظ حدّه، و شكر عطائه، و الرضا بقضائه، و الصبر على بلائه، و تعظيم حرمته، و الشوق إليه.

و أصول معاملة النفس سبعة: الجهد، و الخوف، و حمل الأذى، و الرياضة، و طلب الصدق، و الإخلاص، و إخراجها من محبوبها، و ربطها في الفقر.

و أصول معاملة الخلق سبعة: الحلم، و العفو، و التواضع، و السخاء، و الشفقة، و النصح، و العدل، و الإنصاف.

ص:396


1- -التحصين لابن فهد الحليّ رحمه اللّه ص 23 ح 40

و أصول معاملة الدنيا سبعة: الرضا بالدون، و الإيثار بالموجود، و ترك طلب المفقود، و بغض الكثرة، و اختيار الزهد، و معرفة آفاتها، و رفض شهواتها، مع رفض الرياسة، فإذا حصلت هذه الخصال في نفس واحدة، فهو من خاصّة اللّه و عباده المقرّبين و أوليائه حقّا.

قال الصادق عليه السّلام: كتاب اللّه تعالى على أربعة أشياء: العبارة، و الإشارة، و اللطائف، و الحقائق، فالعبارة للعوام، و الإشارة للخواصّ، و اللطائف للأولياء، و الحقائق للأنبياء عليهم السّلام. (1)

بيان:

«ربطها» : في مجمع البحرين، الربط على القلب: تسديده و تقويته. . . و أصل الرباط:

الملازمة و المواظبة على الأمر. . . و يقال للمصاب: «ربط على قلبه بالصبر» أي ألهمه.

17-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

إن أولياء اللّه تعالى كلّ مستقرب أجله، مكذّب أمله، كثير عمله، قليل زلله.

(الغرر ج 1 ص 234 ف 9 ح 176)

إنّ أولياء اللّه تعالى لأكثر الناس له ذكرا، و أدومهم له شكرا، و أعظمهم على بلائه صبرا. (ص 238 ح 195)

ص:397


1- -مصباح الشريعة ص 66 ب 100

ص:398

197- التهمة و البهتان

الآيات

1- وَ مَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ اِحْتَمَلَ بُهْتاناً وَ إِثْماً مُبِيناً . (1)

2- لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ اَلْمُؤْمِنُونَ. . . - وَ لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ ما يَكُونُ لَنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا سُبْحانَكَ هذا بُهْتانٌ عَظِيمٌ . (2)

3- إِنَّ اَلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ اَلْفاحِشَةُ فِي اَلَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي اَلدُّنْيا وَ اَلْآخِرَةِ وَ اَللّهُ يَعْلَمُ وَ أَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ . (3)

4- يا أَيُّهَا اَلنَّبِيُّ إِذا جاءَكَ اَلْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلى أَنْ . . . وَ لا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَ أَرْجُلِهِنَّ. . . (4)

الأخبار

1-عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من بهت مؤمنا أو مؤمنة

ص:399


1- -النساء:112
2- النور:12 إلى 16
3- النور:19
4- الممتحنة:12

بما ليس فيه، بعثه اللّه في طينة خبال حتّى يخرج ممّا قال، قلت: و ما طينة الخبال؟ قال: صديد يخرج من فروج المومسات. (1)

بيان:

«الخبال» في النهاية ج 2 ص 8، جاء تفسيره في الحديث: أنّ الخبال عصارة أهل النار، و الخبال في الأصل: الفساد، و يكون في الأفعال و الأبدان و العقول.

«الصديد» : القيح مختلط بالدم. «المومسة» : جمع مومسات و هي الفاجرة.

«بهت» في النهاية ج 1 ص 165: وَ لا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ هو الباطل الذي يتحيّر منه، و هو من البهت التحيّر. . . و البهت: الكذب و الافتراء.

و في المصباح: و بهت. . . دهش و تحيّر، فبهت بالبناء للمفعول: قذفها بالباطل و افترى عليها الكذب و الاسم البهتان. . .

أقول: إنّ البهتان أن تقول في أخيك المسلم ما لم يكن فيه، فإن كان ذلك في غيبته كان كذبا و غيبة و إن كان بحضوره كان أشدّ أنواع الكذب، فيكون البهتان أشدّ إثما من الغيبة و الكذب. و قد مرّ في باب الغيبة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: الغيبة أن تقول في أخيك ما ستره اللّه عليه. . . و البهتان أن تقول فيه ما ليس فيه.

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا اتّهم المؤمن أخاه انماث الإيمان من قلبه كما ينماث الملح في الماء. (2)

بيان:

في المصباح (وهم) ، اتّهمته بكذا: ظننته به. . . و الاسم التهمة.

و في مجمع البحرين، يقال: تهمته أي ظننت فيه ما نسب إليه.

أقول: يقال: اتّهمه بكذا أي أدخل عليه نسبة ظنّ أنّها فيه، و اتّهم فلان أي وقعت

ص:400


1- -الكافي ج 2 ص 266 باب الغيبة ح 5
2- الكافي ج 2 ص 269 باب التهمة ح 1

عليه التهمة، فتبيّن الفرق بين التهمة و البهتان، حيث إنّ البهتان هو إدخال نسبة على المرء عن كذب و عمد و هي ليست فيه، مع أنّ التهمة إدخال النسبة عليه مع الظنّ بأنّها فيه، فإذا نسب الزنا إلي زيد كذبا و زورا فهو البهتان، و أمّا إذا تكلّم زيد مع امرأة فظنّ أحد فيه ظنّ السوء أو سمع ذلك من آخر ثمّ قال: زيد يراود امرأة فهو من التهمة، فسلّط الضوء على أنّ البهتان كذب محض عمدا و لكن التهمة ناشئة من سوء الظنّ.

و جدير بالذكر وردت أخبار كثيرة تمنع عن الورود في مواضع التهمة و مداخل السوء التي توجب سوء الظنّ بالإنسان.

3-عن عمر بن يزيد قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: من اتّهم أخاه في دينه فلا حرمة بينهما، و من عامل أخاه بمثل ما عامل به الناس فهو بريء ممّا ينتحل. (1)

بيان:

«فلا حرمة بينهما» : المراد انقطعت علاقة الأخوّة، و زالت الرابطة الدينيّة و الولاية بينهما. «ممّا ينتحل» : أي ممّا ينتسب إليه من الدين و التشيّع.

4-عن حفص بن غياث عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا رأيتم العالم محبّا لدنياه فاتّهموه على دينكم، فإنّ كلّ محبّ لشيء يحوط ما أحبّ. . . (2)

أقول:

قد مرّ تمام الحديث في باب العلم.

5-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: . . . و من دخل مداخل السوء اتّهم. . . (3)

6-و قال عليه السّلام: من وضع نفسه مواضع التهمة فلا يلومنّ من أساء به

ص:401


1- -الكافي ج 2 ص 269 ح 2
2- الكافي ج 1 ص 37 باب المستأكل بعلمه ح 4
3- نهج البلاغة ص 1249 في ح 341

الظنّ. (1)

7-روي أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يكلّم زوجته صفيّة بنت حيّ ابن أخطب، فمرّ به رجل من الأنصار، فدعاه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قال: يا فلان، هذه زوجتي صفيّة، فقال: يا رسول اللّه، أ فنظنّ بك إلاّ خيرا؟ قال: إنّ الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فخشيت أن يدخل عليك. (2)

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من عرض نفسه للتهمة فلا يلومنّ من أساء به الظنّ، و من كتم سرّه كانت الخيرة في يده. (3)

9-قال الصادق جعفر بن محمّد عليهما السّلام: من دخل موضعا من مواضع التهمة فاتّهم فلا يلومنّ إلاّ نفسه. (4)

10-في وصيّة أمير المؤمنين عليه السّلام لولده الحسن عليه السّلام قال: و إيّاك و مواطن التهمة، و المجلس المظنون به السوء، فإنّ قرين السوء يغرّ جليسه. (5)

11-قال الصادق جعفر بن محمّد عليه السّلام: إنّ من الغيبة أن تقول في أخيك ما ستره اللّه عليه، و إنّ من البهتان أن تقول في أخيك ما ليس فيه. (6)

12-عن عبد اللّه بن سنان قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الغيبة أن تقول في أخيك ما قد ستره اللّه عليه، فأمّا إذا قلت ما ليس فيه فذلك قول اللّه عزّ و جلّ:

فَقَدِ اِحْتَمَلَ بُهْتاناً وَ إِثْماً مُبِيناً . (7)

ص:402


1- -نهج البلاغة ص 1165 ح 151
2- جامع السعادات ج 1 ص 282( في سوء الظنّ)
3- الوسائل ج 12 ص 36 ب 19 من العشرة ح 1
4- الوسائل ج 12 ص 36 ح 2
5- الوسائل ج 12 ص 37 ح 4
6- الوسائل ج 12 ص 282 ب 152 ح 14
7- الوسائل ج 12 ص 286 ح 22

13-عن الصادق عليه السّلام قال: قال لي أبي: يا بنيّ، من يصحب صاحب السوء لا يسلم، و من يدخل مداخل السوء يتّهم، و من لا يملك لسانه يندم. (1)

14-عن الثمالي عن الصادق عليه السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أولى الناس بالتهمة من جالس أهل التهمة. (2)

15-في جوامع البزنطي عن أبي الحسن عن أبي عبد اللّه عليهما السّلام قال: اتّقوا مواضع الريب، و لا يقفنّ أحدكم مع امّه في الطريق، فإنّه ليس كلّ أحد يعرفها. (3)

16-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ليس لك أن تأتمن من غشّك، و لا تتّهم من ائتمنت. (4)

17-عن الصادق عليه السّلام ناقلا عن حكيم: البهتان على البريّ أثقل من الجبال الراسيات. (5)

18-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من بهت مؤمنا أو مؤمنة، أو قال فيه ما ليس فيه، أقامه اللّه تعالى يوم القيامة على تلّ من نار، حتّى يخرج ممّا قاله فيه. (6)

19-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر، فلا يقفنّ مواقف التهمة. (7)

20-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ في المؤمن ثلاث خصال، ليس منها خصلة إلاّ و له

ص:403


1- -البحار ج 75 ص 90 باب التحرز عن مواضع التهمة ح 1
2- البحار ج 75 ص 90 ح 3
3- البحار ج 75 ص 91 ح 7
4- البحار ج 75 ص 194 باب التهمة و البهتان ح 1
5- البحار ج 75 ص 194 ح 3
6- البحار ج 75 ص 194 ح 5
7- المستدرك ج 8 ص 340 ب 18 من العشرة ح 5

منها مخرج: الظنّ، و الطيرة، و الحسد، فمن سلم من الظنّ سلم من الغيبة، و من سلم من الغيبة سلم من الزور، و من سلم من الزور سلم من البهتان. (1)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في باب الإيمان و. . .

ص:404


1- -المستدرك ج 9 ص 147 ب 141 ح 14

حرف الياء

198- اليأس

الآيات

1- وَ لَئِنْ أَذَقْنَا اَلْإِنْسانَ مِنّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْناها مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُسٌ كَفُورٌ . (1)

2- يا بَنِيَّ اِذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَ أَخِيهِ وَ لا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اَللّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اَللّهِ إِلاَّ اَلْقَوْمُ اَلْكافِرُونَ . (2)

3- قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنَ اَلْقانِطِينَ - قالَ وَ مَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ اَلضّالُّونَ . (3)

4- وَ إِذا أَنْعَمْنا عَلَى اَلْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَ نَأى بِجانِبِهِ وَ إِذا مَسَّهُ اَلشَّرُّ كانَ يَؤُساً . (4)

5- وَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اَللّهِ وَ لِقائِهِ أُولئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ . (5)

6- وَ إِذا أَذَقْنَا اَلنّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِها وَ إِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا

ص:405


1- -هود:9
2- يوسف:87
3- الحجر:55 و 56
4- الإسراء:83
5- العنكبوت:23

هُمْ يَقْنَطُونَ . (1)

7- قُلْ يا عِبادِيَ اَلَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اَللّهِ إِنَّ اَللّهَ يَغْفِرُ اَلذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ اَلْغَفُورُ اَلرَّحِيمُ . (2)

8- لا يَسْأَمُ اَلْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ اَلْخَيْرِ وَ إِنْ مَسَّهُ اَلشَّرُّ فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ . (3)

الأخبار

1-عن عبد اللّه بن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ من الكبائر عقوق الوالدين، و اليأس من روح اللّه، و الأمن لمكر اللّه.

و قد روي: أنّ أكبر الكبائر الشرك باللّه. (4)

بيان:

في المرآة ج 10 ص 14، «روح اللّه» : أي من رحمته الواسعة المريحة من الشدائد.

و قال رحمه اللّه في ص 25: في النهاية، الرحمة: إعطاء المحبوب، و الروح: دفع الشرّ و المكروه.

2-عن مسعدة بن صدقة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: الكبائر؛ القنوط من رحمة اللّه، و اليأس من روح اللّه، و الأمن من مكر اللّه. . . (5)

بيان:

في النهاية ج 4 ص 113: قد تكرّر ذكر"القنوط"في الحديث، و هو أشدّ اليأس من الشيء.

ص:406


1- -الروم:36
2- الزمر:53
3- فصّلت:49
4- الكافي ج 2 ص 212 باب الكبائر ح 4
5- الكافي ج 2 ص 213 ح 10

3-عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عن أمير المؤمنين عليهما السّلام قال: أ لا أخبركم بالفقيه حقّ الفقيه؟ من لم يقنّط الناس من رحمة اللّه و لم يؤمّنهم من عذاب اللّه، و لم يرخّص لهم في معاصي اللّه، و لم يترك القرآن رغبة عنه إلى غيره. . . (1)

4-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: عجبت لمن يقنط و معه الاستغفار. (2)

5-و قال عليه السّلام: الفقيه كلّ الفقيه من لم يقنّط الناس من رحمة اللّه، و لم يؤيسهم من روح اللّه، و لم يؤمنهم من مكر اللّه. (3)

6-قال الصادق جعفر بن محمّد عليه السّلام: إذا كان يوم القيامة نشر اللّه تبارك و تعالى رحمته حتّى يطمع إبليس في رحمته. (4)

7-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا كان يوم القيامة تجلّى اللّه عزّ و جلّ لعبده المؤمن، فيوقفه على ذنوبه ذنبا ذنبا، ثمّ يغفر اللّه له، لا يطلع اللّه على ذلك ملكا مقرّبا و لا نبيّا مرسلا، و يستر عليه ما يكره أن يقف عليه أحد، ثمّ يقول لسيّئاته: كوني حسنات. (5)

8-في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: و في القنوط التفريط. (6)

9-في وصيّته للحسين عليهما السّلام: أي بنيّ، لا تؤيس مذنبا، فكم من عاكف على ذنبه ختم له بخير، و كم من مقبل على عمله مفسد في آخر عمره، صائر إلى النار، نعوذ باللّه منها.

ص:407


1- -الكافي ج 1 ص 28 باب صفة العلماء ح 3
2- نهج البلاغة ص 1124 ح 84
3- نهج البلاغة ص 1126 ح 87
4- البحار ج 7 ص 287 باب ما يظهر من رحمته في القيامة ح 1( أمالي الصدوق ص 205 م 37 ح 2)
5- البحار ج 7 ص 287 ح 2
6- البحار ج 77 ص 213

أي بنيّ، كم من عاص نجا، و كم من عامل هوى. (1)

بيان:

عكف على الأمر: لزمه مواظبا. «هوى» : هلك.

10-عن الصادق عليه السّلام ناقلا عن حكيم: اليأس من روح اللّه أشدّ بردا من الزمهرير. (2)

بيان:

«الزمهرير» : شدّة البرد.

11-عن جندب الغفّاريّ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: إنّ رجلا قال يوما:

و اللّه لا يغفر اللّه لفلان، قال اللّه عزّ و جلّ: من ذا الذي تألّى عليّ أن لا أغفر لفلان، فإنّي قد غفرت لفلان و أحبطت عمل المتألّي بقوله: لا يغفر اللّه لفلان. (3)

بيان:

«تألّى عليّ» : أي حكم عليّ و حلف، يقال: آلى إيلاءا و تألّى أي حلف و أقسم.

12-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يبعث اللّه المقنّطين يوم القيامة مغلبة وجوههم، يعني غلبة السواد على البياض، فيقال لهم: هؤلاء المقنّطون من رحمة اللّه تعالى. (4)

13-عن صفوان الجمّال قال: صلّيت خلف أبي عبد اللّه عليه السّلام فأطرق ثمّ قال: اللهمّ لا تقنطني من رحمتك، ثمّ جهر فقال: وَ مَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ اَلضّالُّونَ . (5)

ص:408


1- -البحار ج 77 ح 241
2- البحار ج 72 ص 338 باب اليأس من روح اللّه ح 1
3- البحار ج 72 ص 338 ح 2
4- البحار ج 72 ص 338 ح 3
5- نور الثقلين ج 3 ص 22 ح 76( الحجر)

14-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (في حديث) : قال اللّه: يا بن آدم، بإحساني إليك قويت على طاعتي، و بسوء ظنّك بي قنطت من رحمتي. (1)

15-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام (في حديث) : إنّ اللّه عزّ و جلّ بعث نبيّا من أنبيائه إلى قومه، فأوحى إليه أن قل لقومك: إنّ رحمتي سبقت غضبي فلا تقنطوا من رحمتي، فإنّه لا يتعاظم عندي ذنب أغفره. (2)

16-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

أعظم البلاء انقطاع الرجاء. (الغرر ج 1 ص 175 ف 8 ح 31)

قتل القنوط صاحبه. (ج 2 ص 535 ف 61 ح 19)

ص:409


1- -نور الثقلين ج 3 ص 22 ح 77
2- نور الثقلين ج 4 ص 491 ح 74( الزمر)

ص:410

199- اليتيم

الآيات

1- وَ إِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اَللّهَ وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَ ذِي اَلْقُرْبى وَ اَلْيَتامى وَ اَلْمَساكِينِ. . . (1)

2- . . . وَ لكِنَّ اَلْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَ اَلْيَوْمِ اَلْآخِرِ وَ اَلْمَلائِكَةِ وَ اَلْكِتابِ وَ اَلنَّبِيِّينَ وَ آتَى اَلْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي اَلْقُرْبى وَ اَلْيَتامى وَ اَلْمَساكِينَ. . . (2)

3- . . . وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ اَلْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَ إِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ. . . (3)

4- وَ آتُوا اَلْيَتامى أَمْوالَهُمْ وَ لا تَتَبَدَّلُوا اَلْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً- وَ إِنْ خِفْتُمْ أَلاّ تُقْسِطُوا فِي اَلْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ اَلنِّساءِ مَثْنى وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ. . . - وَ اِبْتَلُوا اَلْيَتامى حَتّى إِذا بَلَغُوا اَلنِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ. . . - إِنَّ اَلَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ

ص:411


1- -البقرة:83
2- البقرة:177
3- البقرة:220

اَلْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَ سَيَصْلَوْنَ سَعِيراً . (1)

5- . . . وَ أَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى بِالْقِسْطِ وَ ما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اَللّهَ كانَ بِهِ عَلِيماً . (2)

6- وَ لا تَقْرَبُوا مالَ اَلْيَتِيمِ إِلاّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ. . . (3)

7- وَ يُطْعِمُونَ اَلطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً . (4)

8- كَلاّ بَلْ لا تُكْرِمُونَ اَلْيَتِيمَ - وَ لا تَحَاضُّونَ عَلى طَعامِ اَلْمِسْكِينِ . (5)

9- أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ - يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ . (6)

10- فَأَمَّا اَلْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ . (7)

11- فَذلِكَ اَلَّذِي يَدُعُّ اَلْيَتِيمَ . (8)

الأخبار

1-عن غياث بن إبراهيم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام:

أدّب اليتيم ممّا تؤدّب منه ولدك، و اضربه ممّا تضرب منه ولدك. (9)

ص:412


1- -النساء:2 إلى 10
2- النساء:127
3- الأنعام:152( الإسراء:34)
4- الإنسان:8
5- الفجر:17 و 18
6- البلد:14 و 15
7- الضحى:9
8- الماعون:2
9- الوسائل ج 21 ص 478 ب 85 من أحكام الأولاد ح 1

بيان:

قال الجوهريّ: اليتيم في الناس من قبل الأب و في البهائم من قبل الأمّ.

2-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: شرّ المآكل أكل مال اليتيم ظلما. (1)

3-قال الصادق عليه السّلام: إنّ آكل مال اليتيم يخلفه و بال ذلك في الدنيا و الآخرة، أمّا في الدنيا فإنّ اللّه تعالى يقول: وَ لْيَخْشَ اَلَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اَللّهَ و أمّا في الآخرة فإنّ اللّه عزّ و جلّ يقول:

إِنَّ اَلَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ اَلْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَ سَيَصْلَوْنَ سَعِيراً . (2)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة، في ح 6: إنّ في كتاب عليّ عليه السّلام: إنّ آكل مال اليتيم سيدركه و بال ذلك في عقبه من بعده في الدنيا، و يلحقه و بال ذلك في الآخرة. . .

4-عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

لمّا أسري بي إلى السماء رأيت قوما تقذف في أجوافهم النار، و تخرج من أدبارهم، فقلت: من هؤلاء يا جبرئيل؟ فقال: هؤلاء الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما. (3)

أقول:

الأخبار في ذمّ أكل مال اليتيم ظلما كثيرة جدّا، و قد مرّ أنّه من الكبائر.

بيان: «ظلما» : إشارة إلى ما في الأخبار من جواز أكل مال اليتيم إذا كان له نفعا بأن يطعمه عوضه أو غير ذلك، و من جواز تصرّف الوليّ و القيّم في ماله بالمعروف بأن يأخذ منه الأجرة مع الحاجة إليها.

ص:413


1- -الوسائل ج 17 ص 245 ب 70 من ما يكتسب به ح 3
2- الوسائل ج 17 ص 245 ح 4
3- الوسائل ج 17 ص 248 ح 8

5-في وصيّة أمير المؤمنين للحسنين عليهم السّلام: اللّه اللّه في الأيتام، فلا تغبّوا أفواههم، و لا يضيعوا بحضرتكم. (1)

بيان:

«فلا تغبّوا» يقال: أغبّ القوم: جاءهم يوما و ترك يوما، و المراد صلوا أفواههم بالإطعام و لا تقطعوه عنها.

6-عن أبي محمّد الحسن العسكريّ قال: حدّثني أبي عن آبائه عليهم السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: أشدّ من يتم اليتيم الذي انقطع من امّه و أبيه، يتم يتيم انقطع عن إمامه، و لا يقدر على الوصول إليه، و لا يدري كيف حكمه فيما يبتلي به من شرائع دينه، ألا فمن كان من شيعتنا عالما بعلومنا، و هذا الجاهل بشريعتنا المنقطع عن مشاهدتنا يتيم في حجره، ألا فمن هداه و أرشده و علّمه شريعتنا كان معنا في الرفيق الأعلى. (2)

بيان:

«الرفيق الأعلى» : في النهاية ج 2 ص 246، فيه: «و ألحقني بالرفيق الأعلى» الرفيق: جماعة الأنبياء الذين يسكنون أعلى علّيّين. . .

7-و عنه عليه السّلام قال: قال [الحسن]بن عليّ عليهما السّلام: فضل كافل يتيم آل محمّد، المنقطع عن مواليه، الناشب في رتبة الجهل، يخرجه من جهله، و يوضع له ما اشتبه عليه، على فضل كافل يتيم يطعمه و يسقيه كفضل الشمس على السها. (3)

بيان:

«الناشب» : الواقع فيما لا مخلص له منه. «السها» : كوكب خفيّ من بنات نعش الصغرى.

ص:414


1- -نهج البلاغة ص 977 في ر 47
2- الاحتجاج ج 1 ص 7( البحار ج 2 ص 2)
3- الاحتجاج ج 1 ص 7

8-عنه عليه السّلام قال: قال موسى بن جعفر عليهما السّلام: فقيه واحد ينقذ يتيما من أيتامنا المنقطعين عنّا و عن مشاهدتنا بتعليم ما هو محتاج إليه أشدّ على إبليس من ألف عابد. . . (1)

9-في كلمات النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: كن لليتيم كالأب الرحيم، و اعلم أنّك تزرع كذلك تحصد. (2)

10-عن الصادق عن أبيه عليهما السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من كفل يتيما و كفل نفقته كنت أنا و هو في الجنّة كهاتين، و قرن بين أصبعيه المسبّحة و الوسطى. (3)

11-عن الثماليّ عن أبي جعفر عليه السّلام قال: أربع من كنّ فيه بنى اللّه له بيتا في الجنّة: من آوى اليتيم، و رحم الضعيف، و أشفق على والديه، و رفق بمملوكه. (4)

12-عن أبي ذرّ، أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: يا أبا ذرّ، إنّي أحبّ لك ما أحبّ لنفسي إنّي أراك ضعيفا، فلا تأمّرنّ على اثنين، و لا تولّينّ مال يتيم. (5)

بيان:

«فلا تأمّرنّ» : يقال: تأمّر فلان أي تسلّط و صار أميرا.

13-عن غياث بن إبراهيم عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ما من مؤمن و لا مؤمنة يضع يده على رأس يتيم ترحّما له، إلاّ كتب اللّه له بكلّ شعرة مرّت يده عليها حسنة. (6)

14-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما من عبد يمسح يده على رأس يتيم رحمة له،

ص:415


1- -الاحتجاج ج 1 ص 8( البحار ج 2 ص 5)
2- البحار ج 77 ص 173
3- البحار ج 75 ص 3 باب العشرة مع اليتامى ح 4
4- البحار ج 75 ص 4 ح 6
5- البحار ج 75 ص 4 ح 7
6- البحار ج 75 ص 4 ح 9

إلاّ أعطاه اللّه بكلّ شعرة نورا يوم القيامة. (1)

15-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أنكر منكم قساوة قلبه فليدن يتيما فيلاطفه، و ليمسح رأسه يلين قلبه بإذن اللّه، إنّ لليتيم حقّا.

و قال في حديث آخر: يقعده على خوانه، و يمسح رأسه يلين قلبه، فإنّه إذا فعل ذلك لان قلبه بإذن اللّه عزّ و جلّ. (2)

16-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اليتيم إذا بكى اهتزّ له العرش، فيقول الربّ تبارك و تعالى: من هذا الذي أبكى عبدي الذي سلبته أبويه في صغره؟ فو عزّتي و جلالي لا يسكته أحد إلاّ أوجبت له الجنّة. (3)

17-في الغرر عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: من ظلم يتيما عقّ أولاده. (4)

بيان:

قد مرّ ذيل ح 3: «إنّ أكل مال اليتيم سيدركه وبال ذلك في عقبه من بعده في الدنيا» .

و في ح 9 عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «و اعلم أنّك تزرع كذلك تحصد» .

و في نهج البلاغة ص 1215 ح 256: «أحسنوا في عقب غيركم تحفظوا في عقبكم» .

فيكون جزاء الظلم لليتيم ترك البرّ و عقوق أولاده في الدنيا.

18-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إذا بكى اليتيم في الأرض يقول اللّه: من أبكى عبدي و أنا غيّبت أباه في التراب؟ ! فو عزّتي و جلالي أنّ من أرضاه بشطر كلمة أدخلته الجنّة. (5)

ص:416


1- -البحار ج 75 ص 5 ح 10
2- البحار ج 75 ص 5 ح 11
3- البحار ج 75 ص 5 ح 12
4- المستدرك ج 13 ص 193 ب 58 من ما يكتسب به ح 12
5- المستدرك ج 15 ص 153 ب 44 من أحكام الأولاد ح 2

أقول:

قد مرّ في باب الولد، أنّ عيسى بن مريم عليه السّلام مرّ بقبر يعذّب صاحبه ثمّ مرّ به من قابل فإذا هو لا يعذّب. . . فأوحى اللّه إليه: أنّه أدرك له ولد صالح فأصلح طريقا، و آوى يتيما، فلهذا غفر اللّه له بما عمل ابنه.

ص:417

ص:418

200- اليقين

الآيات

1- . . . هُدىً لِلْمُتَّقِينَ. . . وَ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ . (1)

2- . . . قَدْ بَيَّنَّا اَلْآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ . (2)

3- . . . يُدَبِّرُ اَلْأَمْرَ يُفَصِّلُ اَلْآياتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ . (3)

4- وَ اُعْبُدْ رَبَّكَ حَتّى يَأْتِيَكَ اَلْيَقِينُ . (4)

5- هُدىً وَ بُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ - اَلَّذِينَ يُقِيمُونَ اَلصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ اَلزَّكاةَ وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ . (5)

6- هُدىً وَ رَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ. . . وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ . (6)

7- وَ جَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمّا صَبَرُوا وَ كانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ . (7)

ص:419


1- -البقرة:1 إلى 4
2- البقرة:118
3- الرعد:2
4- الحجر:99
5- النمل:2 و 3
6- لقمان:3 و 4
7- السجدة:24

8- وَ فِي خَلْقِكُمْ وَ ما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ آياتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ . (1)

9- وَ فِي اَلْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ - وَ فِي أَنْفُسِكُمْ أَ فَلا تُبْصِرُونَ . (2)

10- كَلاّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ اَلْيَقِينِ - لَتَرَوُنَّ اَلْجَحِيمَ - ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ اَلْيَقِينِ . (3)

الأخبار

1-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ليس شيء إلاّ و له حدّ، قال:

قلت: جعلت فداك فما حدّ التوكّل؟ قال: اليقين، قلت: فما حدّ اليقين؟ قال:

أن لا تخاف مع اللّه شيئا. (4)

بيان:

«فما حدّ التوكّل» في المرآة ج 7 ص 355: المراد بالحدّ هنا إمّا علامته أو تعريفه أو نهايته، فعلى الأوّل؛ المعنى أنّ علامة التوكّل اليقين، و على الثاني؛ تعريف له بلازمه، و على الثالث؛ المعنى أنّ التوكّل ينتهي إلى اليقين. . . و كذا الفقرة الثانية تحتمل الوجوه المذكورة.

و في المرآة ج 7 ص 354: قال المحقّق الطوسيّ رحمه اللّه في أوصاف الأشراف: "اليقين":

اعتقاد جازم مطابق ثابت لا يمكن زواله، و هو في الحقيقة مؤلّف من علمين: العلم بالمعلوم، و العلم بأنّ خلاف ذلك العلم محال، و له مراتب، علم اليقين و عين اليقين و حقّ اليقين.

و قال رحمه اللّه في ص 330 و البحار ج 70 ص 141: اعلم أنّ أوائل درجات الإيمان تصديقات مشوبة بالشكوك و الشبه، على اختلاف مراتبها، و يمكن معها الشرك

ص:420


1- -الجاثية:4
2- الذاريات:20 و 21
3- التكاثر:5 إلى 7
4- الكافي ج 2 ص 47 باب فضل اليقين ح 1

وَ ما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاّ وَ هُمْ مُشْرِكُونَ (1)و عنها يعبّر بالإسلام في الأكثر قالَتِ اَلْأَعْرابُ آمَنّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَ لكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا. . . .

و أواسطها تصديقات لا يشوبها شكّ و لا شبهة اَلَّذِينَ آمَنُوا بِاللّهِ وَ رَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا (2)و أكثر إطلاق الإيمان عليها خاصّة إِنَّمَا اَلْمُؤْمِنُونَ اَلَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اَللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَ إِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَ عَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (3).

و أواخرها تصديقات كذلك مع كشف و شهود و ذوق و عيان و محبّة كاملة للّه سبحانه، و شوق تامّ إلى حضرته المقدّسة يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى اَلْكافِرِينَ. . . (4). . .

و لليقين ثلاث مراتب: علم اليقين، و عين اليقين، و حقّ اليقين كَلاّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ اَلْيَقِينِ - لَتَرَوُنَّ اَلْجَحِيمَ - ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ اَلْيَقِينِ إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ اَلْيَقِينِ (5)و الفرق بينها إنّما ينكشف بمثال، فعلم اليقين بالنار مثلا هو مشاهدة المرئيّات بتوسّط نورها، و عين اليقين بها هو معاينة جرمها، و حقّ اليقين بها الاحتراق فيها، و انمحاء الهويّة بها، و الصيرورة نارا صرفا، و ليس وراء هذا غاية و لا هو قابل للزيادة، لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا انتهى.

أقول: لا يخفى أنّ أكثر المحقّقين ذكروا هذه المراتب لليقين، و بالجملة اليقين أشرف الفضائل و أهمّها، و أفضل الكمالات النفسانيّة و أعظمها، و هو الكبريت الأحمر الذي لا يناله إلاّ الأوحد من الأكابر، و من وصل إليه فاز بالرتبة القصوى

ص:421


1- -يوسف:106
2- الحجرات:15
3- الأنفال:2
4- المائدة:54
5- الواقعة:95

و السعادة العظمى.

و لا يخفى أنّه لا يحصل بمجرّد الفكر و الاستدلال بل يتوقّف حصوله على الرياضة الشرعيّة و المجاهدة، و تصفية النفس عن كدورات ذمائم الأخلاق. و قد قلنا كرارا أنّ أفضل الوسائل و أقرب الطرق للوصول إلى الحقائق التضرّع إلى اللّه تعالى، و التوسّل بأوليائه و الأئمّة المعصومين عليهم السّلام.

و التحقيق أنّ الصفات الحسنة كالتوكّل و الرضا و التسليم و التفويض من مراتب اليقين و درجاته و ثمراته، فإذا حصل اليقين باللّه تعالى في النفس، يحصل التوكّل و الاعتماد عليه في الأمور، و لا يكون اتّكاله في مقاصده إلاّ عليه، فيتبرّء عن كلّ حول و قوّة سوى حول اللّه و قوّته، و يعلم أنّ ما يرد عليه منه تعالى، و ما قدّر له و عليه من الخير و الشرّ سيساق إليه، فتستوي عنده حالة الوجود و العدم، و الزيادة و النقصان، و المدح و الذمّ، و الفقر و الغنى، و الصحّة و المرض و. . . فيوجد في النفس الرضا و التسليم له تعالى في جميع الأمور، و يرى أنّه مسبّب الأسباب، فلا يلتفت إلى الوسائط، بل يراها مسخّرة تحت حكمه، فيكون في جميع الأحوال خاضعا للّه خاشعا منه، معرضا عن جميع ما عداه، مفرّغا قلبه عمّا سواه، منصرفا بفكره إلى جناب قدسه، مستغرقا في لجّة حبّة و أنسه و يحصل في النفس مقام التفويض و ردّ الأمور بالكلّيّة إليه و يدلّ على ذلك كلّه أخبار الباب.

2-عن أبي ولاّد و عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من صحّة يقين المرء المسلم أن لا يرضي الناس بسخط اللّه، و لا يلومهم على ما لم يؤته اللّه، فإنّ الرزق لا يسوقه حرص حريص، و لا يردّه كراهية كاره؛ و لو أنّ أحدكم فرّ من رزقه كما يفرّ من الموت لأدركه رزقه كما يدركه الموت.

ثمّ قال: إنّ اللّه بعدله و قسطه جعل الروح و الراحة في اليقين و الرضا، و جعل

ص:422

الهمّ و الحزن في الشكّ و السخط. (1)

3-عن هشام بن سالم قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ العمل الدائم القليل على اليقين، أفضل عند اللّه من العمل الكثير على غير يقين. (2)

4-عن زيد الشحّام عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّ أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه جلس إلى حائط مائل يقضي بين الناس، فقال بعضهم: لا تقعد تحت هذا الحائط، فإنّه معور، فقال أمير المؤمنين عليه السّلام: حرس امرء أجله، فلمّا قام سقط الحائط.

قال: و كان أمير المؤمنين عليه السّلام ممّا يفعل هذا و أشباهه، و هذا اليقين. (3)

بيان:

في المرآة، «فإنّه معور» : على بناء الفاعل من باب الإفعال أي ذو شقّ و خلل يخاف منه، أو على بناء المفعول من التفعيل أو الإفعال أي ذو عيب. قال في النهاية:

العوار بالفتح: العيب و قد يضمّ. . . «حرس امرء» يقال: حرسه أي حفظه، و في الوافي «حرس امرء أجله» : يعني أنّ أجل المرء حارسه عن الآفات حتّى يدركه انتهى.

و في نهج البلاغة (ص 1232 ح 298) : «كفى بالأجل حارسا» .

فيكون امرء منصوب على المفعوليّة و أجله مرفوع على الفاعليّة، و هذا ممّا استعمل فيه النكرة في سياق الإثبات للعموم.

5-عن صفوان الجمّال قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ:

وَ أَمَّا اَلْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي اَلْمَدِينَةِ وَ كانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما (4)فقال: أما إنّه ما كان ذهبا و لا فضّة و إنّما كان أربع كلمات «لا إله إلاّ أنا، من أيقن بالموت

ص:423


1- -الكافي ج 2 ص 47 ح 2
2- الكافي ج 2 ص 47 ح 3
3- الكافي ج 2 ص 48 ح 5
4- الكهف:82

لم يضحك سنّه، و من أيقن بالحساب لم يفرح قلبه، و من أيقن بالقدر لم يخش إلاّ اللّه» . (1)

6-عن جابر قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا أخا جعف، إنّ الإيمان أفضل من الإسلام، و إنّ اليقين أفضل من الإيمان، و ما من شيء أعزّ من اليقين. (2)

بيان:

«أعزّ» : أي أقلّ وجودا.

7-عن يونس قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السّلام عن الإيمان و الإسلام، فقال: قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّما هو الإسلام، و الإيمان فوقه بدرجة، و التقوى فوق الإيمان بدرجة، و اليقين فوق التقوى بدرجة، و لم يقسّم بين الناس شيء أقلّ من اليقين، قال: قلت: فأيّ شيء اليقين؟ قال: التوكّل على اللّه، و التسليم للّه، و الرضا بقضاء اللّه، و التفويض إلى اللّه، قلت: فما تفسير ذلك؟ قال: هكذا قال أبو جعفر عليه السّلام. (3)

أقول:

قد مرّ في باب العقل: لم يقسّم بين العباد أقلّ من الخمس: اليقين و. . .

بيان: «إنّما هو الإسلام» كأنّ الضمير راجع إلى الدين، لقوله تعالى: إِنَّ اَلدِّينَ عِنْدَ اَللّهِ اَلْإِسْلامُ .

8-عن إسحاق بن عمّار قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صلّى بالناس الصبح، فنظر إلى شابّ في المسجد و هو يخفق و يهوي برأسه، مصفرّا لونه قد نحف جسمه و غارت عيناه في رأسه، فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: كيف

ص:424


1- -الكافي ج 2 ص 48 ح 6
2- الكافي ج 2 ص 43 باب فضل الإيمان على الإسلام ح 1
3- الكافي ج 2 ص 43 ح 5

أصبحت يا فلان؟ قال: أصبحت يا رسول اللّه، موقنا، فعجب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من قوله، و قال: إنّ لكلّ يقين حقيقة، فما حقيقة يقينك؟

فقال: إنّ يقيني يا رسول اللّه، هو الذي أحزنني و أسهر ليلي و أظمأ هواجري، فعزفت نفسي عن الدنيا و ما فيها، حتّى كأنّي أنظر إلى عرش ربّي و قد نصب للحساب، و حشر الخلائق لذلك و أنا فيهم، و كأنّي أنظر إلى أهل الجنّة يتنعّمون في الجنّة و يتعارفون و على الأرائك متّكئون، و كأنّي أنظر إلى أهل النار و هم فيها معذّبون مصطرخون، و كأنّي الآن أسمع زفير النار يدور في مسامعي.

فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لأصحابه: هذا عبد نوّر اللّه قلبه بالإيمان. ثمّ قال له: الزم ما أنت عليه، فقال الشابّ: ادع اللّه لي يا رسول اللّه، أن أرزق الشهادة معك، فدعا له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فلم يلبث أن خرج في بعض غزوات النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فاستشهد بعد تسعة نفر و كان هو العاشر. (1)

أقول:

بمدلوله ح 3: و اسم الشابّ فيه: حارثة بن مالك بن النعمان الأنصاريّ.

و فيه فقال صلّى اللّه عليه و آله: اللهمّ ارزق حارثة الشهادة، فلم يلبث إلاّ أيّاما حتّى بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله سريّة فبعثه فيها، فقاتل فقتل تسعة-أو ثمانية-ثمّ قتل.

و في رواية القاسم بن بريد عن أبي بصير: استشهد مع جعفر بن أبي طالب بعد تسعة نفر و كان هو العاشر.

بيان: و العجب انكار الحديث و رميه إلى المتصوّفة ممّن لا يعبأ بهم! نعم، إنّ الناس أعداء ما جهلوا.

«يخفق» : أي ينعس. «يهوي برأسه» : ينحطّ رأسه للنعاس. «فعزفت» : عزفت نفسي عنه أي زهدت فيه. «مصطرخون» الاصطراخ: الاستغاثة.

ص:425


1- -الكافي ج 2 ص 44 باب حقيقة الإيمان ح 2

«مسامعي» : في القاموس، المسمع كمنبر: الأذن كالسامعة و الجمع مسامع.

أقول: قد مرّ في باب مكارم الأخلاق عن الكافي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: أنّ اللّه عزّ و جلّ خصّ رسله بمكارم الأخلاق. . . فذكرها عشرة: اليقين و. . .

و مرّ في باب البخل عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: «إنّ صلاح أوّل هذه الأمّة بالزهد و اليقين، و هلاك آخرها بالشحّ و الأمل» .

9-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال عليّ عليه السّلام في خطبة له: الإيمان على أربع دعائم: على الصبر، و اليقين، و العدل، و التوحيد. (1)

10-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: كفى باليقين غنى، و بالعبادة شغلا. (2)

11-سأل أمير المؤمنين عليه السّلام الحسن و الحسين عليهما السّلام فقال لهما: ما بين الإيمان و اليقين؟ فسكتا، فقال للحسن: أجب يا أبا محمّد، قال: بينهما شبر، قال: و كيف ذاك؟ قال: لأنّ الإيمان ما سمعناه بآذاننا و صدّقناه بقلوبنا، و اليقين ما أبصرناه بأعيننا، و استدللنا به على ما غاب عنّا. (3)

12-في خبر شمعون عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: و أما علامة الموقن فستّة: أيقن باللّه حقّا فآمن به، و أيقن بأنّ الموت حقّ فحذره، و أيقن بأنّ البعث حقّ فخاف الفضيحة، و أيقن بأنّ الجنّة حقّ فاشتاق إليها، و أيقن بأنّ النار حقّ فظهر سعيه للنجاة منها، و أيقن بأنّ الحساب حقّ فحاسب نفسه. (4)

13-في مواعظ عليّ بن الحسين عليه السّلام: الرضى بمكروه القضاء أرفع

ص:426


1- -مشكوة الأنوار ص 11 ب 1 ف 3
2- مشكوة الأنوار ص 13
3- مشكوة الأنوار ص 15
4- تحف العقول ص 22

درجات اليقين. (1)

14-في حكم موسى بن جعفر عليه السّلام و قال: سألته عن اليقين، فقال عليه السّلام:

يتوكّل على اللّه، و يسلم للّه، و يرضى بقضاء اللّه، و يفوّض إلى اللّه. (2)

15-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و باليقين تدرك الغاية القصوى. (3)

16-في وصيّته لابنه الحسن عليهما السّلام: اطرح عنك واردات الهموم بعزائم الصبر و حسن اليقين. (4)

17-و سئل عليه السّلام عن الإيمان، فقال: الإيمان على أربع دعائم: على الصبر، و اليقين، و العدل، و الجهاد. . . و اليقين منها على أربع شعب: على تبصرة الفطنة، و تأوّل الحكمة، و موعظة العبرة، و سنّة الأوّلين، فمن تبصّر في الفطنة تبيّنت له الحكمة، و من تبيّنت له الحكمة عرف العبرة، و من عرف العبرة فكأنّما كان في الأوّلين. . . (5)

بيان:

«تأوّل الحكمة» : أي الوصول إلى دقائقها. «سنّة الأوّلين» : أي طريقتهم و سيرتهم.

18-و قد سمع عليه السّلام رجلا من الحروريّة يتهجّد و يقرأ، فقال عليه السّلام: نوم على يقين خير من صلاة في شكّ. (6)

بيان:

«الحروريّة» : الخوارج، لأنّهم خرجوا على أمير المؤمنين عليه السّلام في موضع حروراء

ص:427


1- -تحف العقول ص 200
2- تحف العقول ص 301
3- نهج البلاغة ص 494 في خ 156
4- نهج البلاغة ص 935 في ر 31-صبحي ص 404
5- نهج البلاغة ص 1099 ح 30
6- نهج البلاغة ص 1130 ح 93

بقرب من الكوفة.

19-و قال عليه السّلام: لأنسبنّ الإسلام نسبة لم ينسبها أحد قبلي: الإسلام هو التسليم، و التسليم هو اليقين، و اليقين هو التصديق، و التصديق هو الإقرار، و الإقرار هو الأداء، و الأداء هو العمل. (1)

20-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام: يا عليّ، و اعلم أنّ أعجب الناس إيمانا و أعظمهم يقينا، قوم يكونون في آخر الزمان، لم يلحقوا النبيّ، و حجب عنهم الحجّة، فآمنوا بسواد على بياض. (2)

21-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: خير ما القي في القلب اليقين. (3)

22-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: قلت لجبرئيل: ما تفسير اليقين؟ قال: المؤمن يعمل للّه كأنّه يراه فإن لم يكن يرى اللّه فإنّ اللّه يراه، و أن يعلم يقينا أنّ ما أصابه لم يكن ليخطئه، و أنّ ما أخطأه لم يكن ليصيبه. . . (4)

23-عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه: لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ اَلْيَقِينِ قال: المعاينة. (5)

24-قال أمير المؤمنين عليه السّلام في خطبة له: أيّها الناس، سلوا اللّه اليقين، و ارغبوا إليه في العافية، فإنّ أجلّ النعمة العافية، و خير ما دام في القلب اليقين، و المغبون من غبن دينه، و المغبوط من غبط يقينه.

ص:428


1- -نهج البلاغة ص 1144 ح 120
2- البحار ج 52 ص 125 باب فضل انتظار الفرج خ 12( كمال الدين ج 1 ص 405 ب 26 ح 7)
3- البحار ج 70 ص 173 باب اليقين ح 25
4- البحار ج 70 ص 173 ح 27
5- البحار ج 70 ص 176 ح 31

قال: و كان عليّ بن الحسين عليه السّلام يطيل القعود بعد المغرب يسأل اللّه اليقين. (1)

25-عن عبد اللّه بن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: الإيمان في القلب و اليقين خطرات. (2)

26-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أقلّ ما اوتيتم اليقين، و عزيمة الصبر، و من أوتي حظّه منهما لم يبال ما فاته من صيام النهار و قيام الليل.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: اليقين الإيمان كلّه. (3)

27-و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ما آدميّ إلاّ و له ذنوب، و لكن من كانت غريزته العقل، و سجيّته اليقين، لم تضرّه الذنوب، لأنّه كلّما أذنب ذنبا، تاب و استغفر، و ندم فتكفّر ذنوبه، و يبقى له فضل يدخل به الجنّة. (4)

28-و في وصيّة لقمان لابنه: قال: يا بنيّ، لا يستطاع العمل إلاّ باليقين، و لا يعمل المرء إلاّ بقدر يقينه، و لا يقصر عامل حتّى ينقص يقينه. (5)

29-قال الصادق عليه السّلام: اليقين يوصل العبد إلى كلّ حال سنيّ و مقام عجيب، كذلك أخبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن عظم شأن اليقين حين ذكر عنده أنّ عيسى عليه السّلام كان يمشي على الماء، فقال صلّى اللّه عليه و آله: لو زاد يقينه لمشى على الهواء، فدلّ بهذا على أنّ الأنبياء مع جلالة محلّهم من اللّه كان تفاضلهم (كانت تتفاضل ف ن) على حقيقة اليقين لا غير، و لا نهاية بزيادة اليقين على الأبد.

و المؤمنون أيضا متفاوتون في قوّة اليقين و ضعفه، فمن قوي منهم يقينه فعلامته التبرّي من الحول و القوّة إلاّ باللّه، و الاستقامة على أمر اللّه و عبادته ظاهرا

ص:429


1- -البحار ج 70 ص 176 ح 33( تحف العقول ص 146)
2- البحار ج 70 ص 178 ح 38 و ح 49
3- جامع السعادات ج 1 ص 119
4- جامع السعادات ج 1 ص 119
5- جامع السعادات ج 1 ص 119

و باطنا قد استوت عنده حالتا العدم و الوجود، و الزيادة و النقصان، و المدح و الذمّ، و العزّ و الذلّ، لأنّه يرى كلّها من عين واحدة.

و من ضعف يقينه تعلّق بالأسباب و رخّص لنفسه بذلك، و اتّبع العادات و أقاويل الناس بغير حقيقة، و السعي في أمر الدنيا و جمعها و إمساكها، مقرّا باللسان أنّه لا مانع و لا معطي إلاّ اللّه، و أنّ العبد لا يصيب إلاّ ما رزق و قسّم له، و الجهد لا يزيد في الرزق و ينكر ذلك بفعله و قلبه.

قال اللّه تعالى: يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَ اَللّهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ (1). . . (2)

بيان:

«السنيّ» : الرفيع.

30-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال عليّ عليه السّلام: اعلموا أنّه لا يصغر ما ضرّ يوم القيامة، و لا يصغر ما ينفع يوم القيامة، فكونوا فيما أخبركم اللّه كمن عاين. (3)

31-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول (في حديث) : لا عبادة إلاّ بيقين. (4)

32-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

اليقين عبادة. (الغرر ج 1 ص 6 ف 1 ح 49)

اليقين نور. (ص 7 ح 89)

اليقين عنوان الإيمان. (ص 16 ح 405)

اليقين أفضل الزهادة-اليقين عماد الإيمان. (ص 17 ح 445 و 452)

ص:430


1- -آل عمران:167
2- مصباح الشريعة ص 59 ب 87
3- المستدرك ج 11 ص 195 ب 7 من جهاد النفس ح 5
4- المستدرك ج 11 ص 196 ح 8

الصبر ثمرة اليقين. (ص 18 ح 465)

الزهد ثمرة اليقين. (ص 19 ح 514)

الصدق لباس اليقين. (ص 20 ح 543)

الزهد أساس اليقين. (ص 21 ح 569)

الشوق شيمة الموقنين. (ص 24 ح 714)

الفكر نزهة المتّقين. (ص 25 ح 716)

التوكّل من قوّة اليقين. (ح 747)

الحرص يفسد الإيقان-الرضا ثمرة اليقين. (ص 26 ح 774 و 778)

اليقين يثمر الزهد-اليقين يرفع الشكّ. (ص 29 ح 893 و 876)

اليقين رأس الدين-الإخلاص ثمرة اليقين. (ص 30 ح 902 و 903)

اليقين أفضل عبادة-اليقين جلباب الأكياس. (ح 906 و 912)

الجدل في الدين يفسد اليقين. (ص 40 ح 1221)

المغبوط من قوي يقينه. (ص 46 ح 1332)

الإيمان شجرة أصلها اليقين، و فرعها التقى، و نورها الحياء، و ثمرها السخاء.

(ص 71 ح 1811)

الموقن أشدّ الناس حزنا على نفسه. (ص 88 ح 2033)

الصبر أوّل لوازم الإيقان. (ص 60 ح 1616)

أيقن تفلح. (ص 108 ف 2 ح 18)

أفضل الدين اليقين. (ص 175 ف 8 ح 40)

أفضل الإيمان حسن الإيقان. (ص 182 ح 165)

إنّ المؤمن يرى يقينه في عمله، و إنّ المنافق يرى شكّه في عمله.

(ص 234 ف 9 ح 175)

آفة اليقين الشكّ. (ص 304 ف 16 ح 2)

ص:431

إذا أراد اللّه بعبد خيرا فقّهه في الدين، و ألهمه اليقين.

(ص 322 ف 17 ح 159)

باليقين تتمّ العبادة. (ص 330 ف 18 ح 21)

ثبات الدين بقوّة اليقين. (ص 367 ف 25 ح 17)

ثمرة الدين قوّة اليقين. (ص 360 ف 23 ح 48)

سبب فساد اليقين الطمع. (ص 430 ف 38 ح 4)

سلاح الموقن الصبر على البلاء، و الشكر في الرخاء. (ص 432 ف 39 ح 11)

شيئان هما ملاك الدين: الصدق و اليقين. (ص 449 ف 42 ح 16)

طاعة الحرص تفسد اليقين. (ج 2 ص 469 ف 47 ح 4)

عليك بلزوم اليقين و تجنّب الشكّ، فليس للمرء شيء أهلك لدينه من غلبة الشكّ على يقينه. (ص 483 ف 49 ح 65)

عليكم بلزوم الدين و التقوى و اليقين، فهنّ أحسن الحسنات، و بهنّ تنال رفيع الدرجات. (ص 484 ف 50 ح 6)

عليكم بلزوم اليقين و التقوى، فإنّهما يبلّغانكم جنّة المأوى.

(ص 485 ح 14)

على قدر الدين يكون قوّة اليقين. (ص 487 ف 51 ح 14)

غاية اليقين الإخلاص-غاية الإخلاص الخلاص. (ص 503 ف 56 ح 2 و 3)

قوّ إيمانك باليقين، فإنّه أفضل الدين. (ص 540 ف 61 ح 85)

كفى باليقين عبادة. (ص 558 ف 65 ح 35)

ما أيقن باللّه سبحانه من لم يرع عهوده و ذممه. (ص 743 ف 79 ح 125)

ما أعظم سعادة من بوشر (يؤثر ف ن) قلبه ببرد اليقين. (ص 742 ح 104)

ما غدر من أيقن بالمرجع. (ص 744 ح 139)

لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا. (ص 603 ف 75 ح 1)

ص:432

لو صحّ يقينك لما استبدلت الباقي بالفاني، و لا بعت السنيّ بالدنيّ.

(ص 604 ح 21)

لا إيمان لمن لا يقين له. (ص 847 ف 86 ح 345)

لا يعمل بالعلم إلاّ من أيقن بفضل الأجر فيه. (ص 854 ح 433)

نظام المروّة حسن الأخوّة، و نظام الدين حسن اليقين. (ص 776 ف 82 ح 27)

يستدلّ على اليقين بقصر الأمل، و إخلاص العمل، و الزهد في الدنيا.

(ص 864 ف 88 ح 15)

يسير الشكّ يفسد اليقين. (ص 866 ف 89 ح 4)

يفسد اليقين الشكّ و غلبة الهوى. (ص 873 ف 91 ح 6)

يحتاج الإسلام إلى الإيمان، و يحتاج الإيمان إلى الإيقان، و يحتاج العلم إلى العمل. (ص 874 ح 13)

من أيقن أحسن. (ص 611 ف 77 ح 2)

من أيقن أفلح. (ص 613 ح 67)

من أيقن ينجو. (ص 614 ح 78)

من يستيقن يعمل جاهدا. (ص 627 ح 343)

من أيقن بالجزاء أحسن. (ص 629 ح 373)

من كثر حرصه قلّ يقينه. (ص 628 ح 351)

من يؤمن يزدد يقينا. (ص 627 ح 342)

من قوي يقينه لم يرتب. (ص 635 ح 458)

من أيقن بالآخرة لم يحرص على الدنيا-من وثق باللّه صان يقينه.

(ص 645 ح 601 و 607)

من أيقن بالمعاد استكثر من الزاد. (ص 651 ح 710)

من حسن يقينه حسنت عبادته. (ص 655 ح 777)

ص:433

من أيقن بما يبقى، زهد فيما يفنى. (ص 654 ح 763)

من رضي بالمقدور قوي يقينه. (ص 657 ح 808)

من أيقن بالآخرة سلا عن الدنيا. (ص 672 ح 1002)

من أيقن بالمجازاة لم يؤثر غير الحسنى. (ح 1003)

من صحّ يقينه زهد في المراء. (ص 675 ح 1047)

من لم يوقن بالجزاء أفسد الشكّ يقينه. (ص 699 ح 1299)

من لم يوقن قلبه لم يطعه عمله. (ص 702 ح 1331)

وَ آخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ اَلْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ اَلْعالَمِينَ و الحمد للّه أوّلا و آخرا و ظاهرا و باطنا. اللهمّ احملنا في سفن نجاتك، و متّعنا بلذيذ مناجاتك، و أوردنا حياض حبّك، و أذقنا حلاوة ودّك و قربك، و اجعل جهادنا فيك، و همّنا في طاعتك، و أخلص نيّاتنا في معاملتك، فإنّا بك و لك، و لا وسيلة لنا إليك إلاّ أنت، إلهي اجعلني من المصطفين الأخيار و ألحقني بالصالحين الأبرار.

اللهمّ صلّ على سيّدنا محمّد و آله الطيّبين و اجعلنا معهم في الدنيا و الآخرة، و صلّ على مولانا صاحب الزمان، القائم بالحقّ، و الداعي إلى الصدق، و أمان اللّه و حجّة اللّه، الغالب بأمر اللّه، إمام السرّ و العلن، دافع الكرب و المحن، صاحب العصر و الزمان، و خليفة الرحمن، و إمان الإنس و الجانّ الأب الرؤف و مولانا المظلوم عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف.

اللهمّ عجّل فرجه و سهّل مخرجه، و أيّده بالنصر، و انصر ناصريه، و ارزقنا رؤيته و أدركنا أيّامه.

20 جمادى الآخرة 1414 يوم مولد سيّدة النسوان فاطمة الزهراء عليها السّلام

ص:434

الفهرس

حرف اللام

164-اللبس و الملابس 3

165-اللحية و الشارب 15

166-اللواط و المساحقة 19

حرف الميم

167-المرض و العافية 25

168-المشي 37

169-المكر و الخديعة و الغدر و الغشّ 41

170-الموت

الفصل 1: ما يتعلّق بالموت 49

الفصل 2: ذكر الموت و الاستعداد له 65

171-حبّ المال 79

172-الماء

الفصل 1: شرب الماء 95

الفصل 2: سقي الماء 101

ص:435

حرف النون

173-النبوّة 103

174-النساء 119

175-النصيحة و الاهتمام في امور المسلمين 133

176-الإنصاف 141

177-النظر 149

178-انتظار الفرج 157

179-النفاق 163

180-النميمة و السعاية 171

181-النوم

الفصل 1: النوم و آدابه 179

الفصل 2: السهر و كثرة النوم 189

182-النيّة 193

حرف الهاء

183-الهجران 203

ص:436

حرف الواو

184-التوحيد و معرفة اللّه 209

185-الورع 221

186-الوسوسة 235

187-التواضع 245

188-الموعظة 255

189-الوفاء بالوعد و العهد 265

190-التقوى

الفصل 1: فضلها 273

الفصل 2: صفات المتّقين 293

191-التقيّة 303

192-التوكّل و الاعتصام باللّه تعالى 313

193-الوالدين 329

194-الولد 345

195-الولاية

الفصل 1: لزوم ولاية أهل البيت عليهم السّلام 357

الفصل 2: بطلان العبادة دون قبول ولايتهم عليهم السّلام 379

196-أولياء اللّه 387

197-التهمة و البهتان 399

ص:437

حرف الياء

198-اليأس 405

199-اليتيم 411

200-اليقين 419

ص:438

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.