الامام الحسین بن علی بن ابی طالب من کتاب الحدائق الوردیه

اشارة

الامام الحسین بن علی بن ابی طالب من کتاب الحدائق الوردیه

تأليف سيد علي جمال أشرف

ناشر:

زبان: عربی

مشخصات: 247 ص

موضوع: امام حسین علیه السلام - اولاد حضرت

موضوع: امام حسین علیه السلام - ماجراهای بعد از شهادت

موضوع: امام حسین علیه السلام - جزاء قاتلین حضرت

خیراندیش دیجیتالی : بیادبود مرحوم حاج سید مصطفی سید حنایی

ص: 1

اشارة

ص: 2

بسم اللّه الرحمن الرحيم

ص: 3

ص: 4

المقدمة

بسم اللّه الرحمن الرحيم

الحمد للّه الذي لا إله إلاّ هو الملك الحقّ المبين ، المدبّر بلا وزير ، ولا خلق من عباده يستشير ، الأوّل غير موصوف ، والباقي بعد فناء الخلق ، العظيم الربوبية ، نور السماوات والأرضين وفاطرهما ومبتدعهما ، بغير عمد خلقهما ، فاستقرت الأرضون بأوتادها فوق الماء ، ثم علا ربّنا في السَّماواتِ الْعُلى الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى ، فأنا أشهد بأنّك أنت اللّه ، لا رافع لما وضعت ، ولا واضع لما رفعت ، ولا معزّ لمن أذللت ، ولا مذلّ لمن أعززت ، ولا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت(1) .

اللَّهُمَّ واجْعَلْ شَرَائِفَ صَلَوَاتِك ، وَنَوَامِيَ بَرَكَاتك عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِك وَرَسُولك ، الْخَاتِمِ لِمَا سَبَقَ ، وَالْفَاتِحِ لِمَا انْغَلَقَ ، وَالْمُعْلِنِ الْحَقَّ بِالْحَقِّ ، وَالدَّافِعِ جَيْشَاتِ الأَبَاطِيلِ ، وَالدَّامِغِ صَوْلاتِ الأَضَالِيلِ ، كَمَا حُمِّلَ ، فَاضْطَلَعَ قَائِماً بِأَمْرِكَ ، مُسْتَوْفِزاً فِي مَرْضَاتِك ،َ غَيْرَ نَاكِلٍ عَنْ قُدُمٍ ، وَلا وَاهٍ فِي عَزْمٍ ،

ص: 5


1- بحار الأنوار : 83/332 باب 45 .

وَاعِياً لِوَحْيِكَ ، حَافِظاً لِعَهْدِكَ ، مَاضِياً عَلَى نَفَاذِ أَمْرِكَ ، حَتَّى أَوْرَى قَبَسَ الْقَابِسِ ، وَأَضَاءَ الطَّرِيقَ لِلْخَابِطِ ، وَهُدِيَتْ بِهِ الْقُلُوبُ بَعْدَ خَوْضَاتِ الْفِتَنِ وَالآثَامِ ، وَأَقَامَ بِمُوضِحَاتِ الأَعْلامِ ، وَنَيِّرَاتِ الأَحْكَامِ ، فَهُوَ أَمِينُكَ الْمَأْمُونُ ، وَخَازِنُ عِلْمِكَ الَْمخْزُونِ ، وَ شَهِيدُكَ يَوْمَ الدِّينِ ، وَبَعِيثُكَ بِالْحَقِّ ، وَرَسُولُكَ إِلَى الْخَلْقِ(1) .

اللّهم وضاعف صلواتك ورحمتك وبركاتك على عترة نبيك العترة الضائعة الخائفة المستذلّة ، بقية الشجرة الطيبة الزاكية المباركة ، وأعل - اللّهم - كلمتهم ، وأفلج حجّتهم ، واكشف البلاء واللأواء ، وحنادس الأباطيل والعمى عنهم ، وثبّت قلوب شيعتهم وحزبك على طاعتهم وولايتهم ونصرتهم وموالاتهم ، وأعنهم وامنحهم الصبر على الأذى فيك ، واجعل لهم أياما مشهودة ، وأوقاتا محمودة مسعودة ، توشك فيها فرجهم ، وتوجب فيها تمكينهم ونصرهم ، كما ضمنت لأوليائك في كتابك المنزل ، فإنّك قلت - وقولك الحقّ - : « وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأْرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَُيمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً »(2) .

ص: 6


1- نهج البلاغة : 101 خ 72 .
2- مصباح المتهجد : 785 .

والعن اللّهم أوّل ظالم ظلم حقّ محمد وآل محمد ، وآخر تابع له على ذلك ، اللّهم واهلك من جعل يوم قتل ابن نبيك وخيرتك عيدا ، واستهلّ به فرحا ومرحا ، وخذ آخرهم كما أخذت أولهم ، وأضعف اللّهم العذاب والتنكيل على ظالمي أهل بيت نبيك ، واهلك أشياعهم وقادتهم ، وأبر حماتهم وجماعتهم(1) .

وصلّ اللّهم على الشهيد السعيد ، والسبط الثاني ، والإمام الثالث ، والمبارك ، والتابع لمرضاة اللّه ، المتحقّق بصفات اللّه ، والدليل على ذات اللّه ، أفضل ثقاة اللّه ، المشغول ليلاً ونهارا بطاعة اللّه ، الناصر لأولياء اللّه ، المنتقم من أعداء اللّه ، الإمام المظلوم ، الأسير المحروم ، الشهيد المرحوم ، القتيل المرجوم ، الإمام الشهيد ، الولي الرشيد ، الوصي السديد ، الطريد الفريد ، البطل الشديد ، الطيب الوفي ، الإمام الرضي ، ذو النسب العلي ، المنفق الملي ، أبو عبد اللّه الحسين بن علي عليهماالسلام .

منبع الأئمة ، شافع الأمّة ، سيد شباب أهل الجنة ، وعبرة كلّ مؤمن ومؤمنة ، صاحب المحنة الكبرى ، والواقعة العظمى ، وعبرة المؤمنين في دار البلوى ، ومن كان بالإمامة أحقّ وأولى ، المقتول بكربلاء ، ثاني السيد الحصور يحيى الشهيد ابن النبي زكريا ، الحسين بن علي المرتضى عليهماالسلام .

ص: 7


1- مصباح المتهجد : 785 .

زين المجتهدين ، وسراج المتوكّلين ، مفخر أئمة المهتدين ، وبضعة كبد سيد المرسلين ، نور العترة الفاطمية ، وسراج الأنساب العلوية ، وشرف غرس الأحساب الرضوية ، المقتول بأيدي شرّ البرية ، سبط الأسباط ، وطالب الثأر يوم الصراط ، أكرم العتر ، وأجلّ الأسر ، وأثمر الشجر ، وأزهر البدر ، معظم مكرم موقر ، منظف مطهّر ، أكبر الخلائق في زمانه في النفس ، وأعزّهم في الجنس ، أذكاهم في العرف ، وأوفاهم في العرف ، أطيب العرق ، وأجمل الخلق ، وأحسن الخلق ، قطعة النور ، ولقلب النبي سرور ، المنزّه عن الإفك والزور ، وعلى تحمّل المحن والأذى صبور ، مع القلب المشروح حسور ، مجتبى الملك الغالب ، الحسين بن علي بن أبي طالب(1) . .

الذي حمله ميكائيل ، وناغاه في المهد جبرائيل ، الإمام القتيل ، الذي اسمه مكتوب على سرادق عرش الجليل ، الحسين مصباح الهدى ، وسفينة النجاة ، الشافع في يوم الجزاء ، سيدنا ومولانا سيد الشهداء(2) عليه السلام .

الذي ذكره اللّه في اللوح الأخضر فقال : . . وجعلت حسينا خازن وحيي ، وأكرمته بالشهادة ، وختمت له بالسعادة ، فهو أفضل من استشهد ، وأرفع الشهداء درجة ، جعلت كلمتي التامّة معه ، والحجة البالغة عنده ، وبعترته أثيب وأعاقب(3) . .

ص: 8


1- المناقب : 4/79 .
2- معالي السبطين : 61 .
3- كمال الدين : 2/290 ح1 .

الذي قال فيه جدّه المبعوث رحمة للعالمين صلى الله عليه و آله : حسين منّي وأنا من حسين ، أحبّ اللّه من أحبّ حسينا(1) ، وقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله - وهو الصادق الأمين - : إنّ حبّ علي قذف في قلوب المؤمنين ، فلا يحبّه إلاّ مؤمن ، ولا يبغضه إلاّ منافق ، وإنّ حبّ الحسن والحسين قذف في قلوب المؤمنين والمنافقين والكافرين ، فلا ترى لهم ذاما(2) .

فمن أيّ المخلوقات كان أولئك المردة العتاة ، وأبناء البغايا الرخيصات ، الذين قاتلوه بغضا لأبيه ، وسبوا الفاطميات ، ولم يحفظوا النبي صلى الله عليه و آله في ذراريه .

قال الإمام سيد الساجدين عليه السلام : . . أيّها الناس ، أصبحنا مطرّدين مشرّدين شاسعين عن الأمصار ، كأنّا أولاد ترك وكابل ، من غير جرم اجترمناه ، ولا مكروه ارتكبناه ، ولا ثلمة في الإسلام ثلمناها ، « ما سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الأَْوَّلِينَ » ، « إِنْ هذا إِلاَّ اخْتِلاقٌ » .

فواللّه لو أنّ النبي صلى الله عليه و آله تقدّم في قتالنا كما تقدّم اليهم في الوصاية بنا لما ازدادوا على ما فعلوا بنا ، فإنّا للّه وإنّا اليه راجعون ، من مصيبة ما أعظمها ، وأوجعها ، وأفجعها ، وأكظّها ، وأقطعها ، وأمرّها ، وأفدحها ، فعند اللّه نحتسبه فيما أصابنا ، وما بلغ بنا ، إنّه عزيز ذو انتقام(3) .

ص: 9


1- بحار الأنوار : 45/314 .
2- المناقب : 3/383 ، بحار الأنوار : 43/281 باب 12 .
3- بحار الأنوار : 45/147 .

ولكنّ اللّه لهم بالمرصاد ، فإنّ دمه الزاكي الذي سكن في الخلد ، واقشعرت له أظلّة العرش ، وبكى له جميع الخلائق ، وبكت له السماوات السبع ، والأرضون السبع ، وما فيهنّ ، وما بينهنّ ، ومن يتقلّب في الجنة والنار من خلق ربّنا ، وما يرى وما لا يرى ، سوف لا ولم ولن يسكن لأنّه قتيل اللّه وابن قتيله ، وثار اللّه وابن ثاره ، ووتر اللّه الموتور في السماوات

والأرض(1) حتى « يبعث اللّه قائما يفرج عنها الهمّ والكربات » .

قال الحسين عليه السلام : يا ولدي ، يا علي ، واللّه لا يسكن دمي حتى يبعث اللّه المهدي(2) . .

فذلك قائم آل محمد عليهم السلام يخرج فيقتل بدم الحسين بن علي عليهماالسلام . . وإذا قام - قائمنا - انتقم للّه ولرسوله ولنا أجمعين(3) . .

وقد بشّر بذلك رسول ربّ العالمين صلى الله عليه و آله فقال : لمّا أسري بي إلى السماء أوحى إليّ ربّي - جلّ جلاله - فقال : يا محمد ، إنّي اطلعت على الأرض اطلاعة فاخترتك منها ، فجعلتك نبيا ، وشققت لك من اسمي اسما ، فأنا المحمود وأنت محمد ، ثم اطلعت الثانية فاخترت منها عليا ، وجعلته وصيّك وخليفتك ، وزوج ابنتك ، وأبا ذريّتك ، وشققت له اسما من أسمائي ، فأنا العلي الأعلى ، وهو علي ، وخلقت فاطمة والحسن

ص: 10


1- انظر بحار الأنوار : 98/151 باب 18 .
2- المناقب : 4/93 .
3- بحار الأنوار : 52/376 .

والحسين من نوركما ، ثم عرضت ولايتهم على الملائكة ، فمن قبلها كان عندي من المقرّبين .

يا محمد ، لو أنّ عبدا عبدني حتى ينقطع ، ويصير كالشن البالي ، ثم أتاني جاحدا لولايتهم ، فما أسكنته جنّتي ، ولا أظللته تحت عرشي .

يا محمد ، تحبّ أن تراهم ؟ قلت : نعم يا ربّ ، فقال عزّ وجلّ : ارفع رأسك ، فرفعت رأسي ، وإذا أنا بأنوار علي ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين ، وعلي بن الحسين ، ومحمد بن علي ، وجعفر بن محمد ، وموسى بن جعفر ، وعلي بن موسى ، ومحمد بن علي ، وعلي بن محمد ، والحسن بن علي ، و« م ح م د » بن الحسن القائم في وسطهم ، كأنّه كوكب درّي .

قلت : يا ربّ ، ومن هؤلاء ؟ قال : هؤلاء الأئمة ، وهذا القائم الذي يحلّل حلالي ، ويحرّم حرامي ، وبه أنتقم من أعدائي ، وهو راحة لأوليائي ، وهو الذي يشفي قلوب شيعتك من الظالمين والجاحدين والكافرين ، فيخرج اللاّت والعزى طريين فيحرقهما ، فلفتنة الناس - يومئذ - بهما أشدّ من فتنة العجل والسامري(1) .

وروى عبد اللّه بن سنان قال : دخلت على سيدي أبي عبد اللّه جعفر بن محمد عليهماالسلام في يوم عاشوراء ، فألفيته كاسف اللّون ، ظاهر الحزن ، ودموعه تنحدر من عينيه كاللؤلؤ المتساقط ، فقلت : يا ابن رسول اللّه ، ممّ بكاؤ ؟ لا أبكى اللّه عينيك .

ص: 11


1- كمال الدين : 1/252 باب 23 ح2 ، بحار الأنوار : 52/379 ح185 .

فقال لي : أو في غفلة أنت ؟ أما علمت أنّ الحسين بن علي أصيب في مثل هذا اليوم ؟ !

فقلت : يا سيدي فما قولك في صومه ؟

فقال لي : صمه من غير تبييت ، وأفطره من غير تشميت ، ولا تجعله يوم صوم كملاً ، وليكن إفطارك بعد صلاة العصر بساعة على شربة من ماء ، فإنّه في مثل ذلك الوقت من ذلك اليوم تجلّت الهيجاء عن آل رسول اللّه ، وانكشفت الملحمة عنهم ، وفي الأرض منهم ثلاثون صريعا في مواليهم ، يعزّ على رسول اللّه صلى الله عليه و آله مصرعهم ، ولو كان في الدنيا - يومئذ - حيّا لكان صلى الله عليه و آله هو المعزّى بهم .

قال : وبكى أبو عبد اللّه عليه السلام حتى اخضلّت لحيته بدموعه . . ثم علّمه آداب يوم عاشوراء ، وآداب الزيارة في ذلك اليوم الى أن قال :

ثم قل : اللّهم عذّب الفجرة الذين شاقّوا رسولك ، وحاربوا أولياءك ، وعبدوا غيرك ، واستحلّوا محارمك ، والعن القادة والأتباع ، ومن كان منهم فخب وأوضع معهم ، أو رضي بفعلهم لعنا كثيرا .

اللّهم وعجّل فرج آل محمد ، واجعل صلواتك عليه وعليهم ، واستنقذهم من أيدي المنافقين المضلّين ، والكفرة الجاحدين ، وافتح لهم فتحا يسيرا ، وأتح لهم روحا وفرجا قريبا ، واجعل لهم من لدنك على عدوّك وعدوّهم سلطانا نصيرا . .

اللّهم إنّ كثيرا من الأمّة ناصبت المستحفظين من الأئمة ، وكفرت

ص: 12

بالكلمة ، وعكفت على القادة الظلمة ، وهجرت الكتاب والسنة ، وعدلت عن الحبلين اللّذين أمرت بطاعتهما ، والتمسك بهما ، فأماتت الحقّ ، وجارت عن القصد ، ومالأت الأحزاب ، وحرّفت الكتاب ، وكفرت بالحقّ لمّا جاءها ، وتمسّكت بالباطل لمّا اعترضها ، وضيّعت حقّك ، وأضلّت خلقك ، وقتلت أولاد نبيك ، وخيرة عبادك ، وحملة علمك ، وورثة حكمتك ووحيك .

اللّهم فزلزل أقدام أعدائك ، وأعداء رسولك ، وأهل بيت رسولك ، اللّهم وأخرب ديارهم ، وافلل سلاحهم ، وخالف بين كلمتهم ، وفتّ في أعضادهم ، وأوهن كيدهم ، واضربهم بسيفك القاطع ، وارمهم بحجرك الدامغ ، وطمّهم بالبلاء طمّا ، وقمّهم بالعذاب قمّا ، وعذبهم عذابا نكرا ، وخذهم بالسنين والمثلات التي أهلكت بها أعداءك ، إنّك ذو نقمة من المجرمين .

اللّهم إنّ سنّتك ضائعة ، وأحكامك معطلة ، وعترة نبيك في الأرض هائمة ، اللّهم فأعن الحقّ وأهله ، واقمع الباطل وأهله ، ومنّ علينا بالنجاة ، واهدنا إلى الإيمان ، وعجّل فرجنا ، وانظمه بفرج أوليائك ، واجعلهم لنا ودّا ، واجعلنا لهم وفدا(1) .

ص: 13


1- مصباح المتهجد : 784 ، بحار الأنوار : 98/305 باب 24 .

ص: 14

المؤلّف

مؤلف الكتاب هو : حميد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الوهاب بن عبد الرزاق بن إبراهيم بن أبي القاسم بن علي بن الحسن بن إبراهيم بن محمد بن يزيد بن يعيش المحلي الوادعي الصنعاني الهمداني ، أبو عبد اللّه حسام الدين ، المعروف ب-« القاضي الشهيد » .

مؤرخ فقيه زيدي يماني ، من أهل صنعاء ، كان من كبار أصحاب أحمد بن الحسين القاسمي ، وحضر معه معركة « الحصبات » ، بينه وبين يوسف بن عمر ، فقتل القاضي بها « سنة 652 ه- » ، قتله الأشراف بنو حمزة(1) .

ذكره السيد المرعشي في شرح إحقاق الحقّ في مواضع عديدة : 2/520 وقال عنه : العلامة الجليل صاحب التصانيف الشهيرة في الحديث والتفسير والتاريخ والكلام الشيخ حميد بن أحمد المحلي اليماني . .

مشايخ المؤلّف :

أخذ المؤلّف عن مشايخ كبار ، منهم :

1 - المنصور باللّه عبد اللّه بن حمزة .

ص: 15


1- الأعلام للزركلي : 2/282 .

2 - محمد بن أحمد بن الوليد القرشي .

3 - أحمد بن الحسن الرصاص .

4 - علي بن أحمد الأكوع .

5 - الشيخ عمران بن الحسن الشتوي .

6 - الشيخ عمرو بن جميل النهدي .

7 - الشيخ تاج الدين زيد بن أحمد البيهقي ، القادم إلى اليمن عام عشر وستمائة .

8 - المرتضى بن شراهنك الحسني المرعشي.

تلاميذه:

1 - ولده أحمد حميد .

2 - يحيى بن القاسم الحمزي .

3 - يحيى بن عطية .

4 - عبد اللّه بن زيد العنسي .

مؤلفاته :

خلّف المؤلّف حميد ثروة ضخمة من المؤلفات النفيسة ، منها :

1 - عمدة المسترشدين في أصول الدين ، 3 أجزاء - مكتبة الجامع الكبير .

2 - محاسن الأزهار في فضائل إمام الأبرار .

3 - مناهج الأنظار العاصمة من الأخطار - مكتبة السيد محمد بن محمد المنصور .

4 - الرسالة الكاشفة عن لوازم الإمامة لطالب الأمن في القيامة .

ص: 16

5 - العقد الفريد .

6 - الوسيط المفيد الجامع بين الإيضاح والعقد الفريد - مصور بمكتبة مركز بدر العلمي .

7 - الرد على المجبرة .

8 - الحسام البتار في الرد على القرامطة الكفار .

9 - نصيحة الولاة الهادية إلى النجاة .

10 - الرد على المطرفية .

11 - الثعبان النفاث بهلاك أهل المسائل الثلاث .

وفاته :

قتل المؤلّف في يوم الجمعة 12 رمضان 652 ه- ، وقبره بقرية الرحبة من مديرية السود بمحافظة عمران ، وتبعد عن صنعاء 87 كم شمالاً ، وقد كتبت على قبره قصيدة في رثائه ليحيى شرف الدين .

ويعيش آل حميد في تلك القرية ، وهم حوالي 600 نسمة ويقال : إنّ ذرية المؤلّف تتوزّع على كثير من الجهات في لواء حجة وخولان وبلاد الروس وبني حشيش وريمة ورداع وشرس وصنعاء وتعز وبني مطر ( بيت ردم ) وصعدة وشبام وغيرها(1) .

ص: 17


1- استفدنا في ترجمته من مقدمة محقق الحدائق الدكتور المرتضى بن زيد المحطوري الحسني ، وينظر للمزيد : طبقات الزيدية الكبرى : 1/421 ، أعلام المؤلفين الزيدية : 408 ، مآثر الأبرار ، مطلع البدور ، الحدائق الوردية في مناقب الأئمة الزيدية ، لوامع الأنوار : 2/45 ، تاريخ اليمن الفكري في العصر العباسي : 3/305 ، الأعلام للزركلي : 2/282 .

ص: 18

الكتاب وعملنا فيه

قال العلامة الشيخ آقابزرگ الطهراني فيالذريعة : 6/291 رقم 1562:

الحدائق الوردية في أحوال الأئمة الزيدية ، للفقيه حميد بن أحمد الشهيد المعروف بفقيه الشهيد اليماني ، ذكر فيه تراجم أئمتهم مفصلاً بدأ بأمير المؤمنين عليه السلام ، ثم الحسن السبط عليه السلام ، ثم الحسين الشهيد عليه السلام ، ثم الحسن المثنى ، ثم زيد الشهيد ، ثم ابنه يحيى ، ثم النفس الزكية ، وهكذا إلى متمم الثلاثين من أئمتهم ، وهو الإمام المنصور باللّه عبد اللّه بن حمزة بن سليمان المتوفى ( 614 ) ، فذكر وفاته ومراثيه .

وفي خاتمة الكتاب أورد جملة من مناقب أهل البيت عليهم السلام ، وبعض مثالب بني العباس .

وكذا في ديباجته روى جملة من مناقب العترة عن أمالي يحيى بن الحسين الهاروني ، وعن كتاب « نسب آل أبي طالب » ليحيى بن الحسن العقيقي ، وعن « المناقب » لابن المغازلي ، و« الإفادة » للسيد أبي طالب ، و« نهج البلاغة » للشريف الرضي ، ويروي في أثناء الكتاب عن بعض مشايخه . .

نسخة منه موجودة في حسينية كاشف الغطاء .

ص: 19

فالكتاب كما سمعت يتحدّث عن أئمة الزيدية ، وهم كثير ، وهو مصدر معتمد رجع اليه المؤلفون والمحقّقون ، واحتوى على كتب مهمة من قبيل « تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام » للفضيل ، وروى مناقب عظيمة ، وسير جليلة ، بيد أنّنا أخذنا منه ما يخصّ سيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام ، وقد ذكره المؤلّف تحت عنوان : « الحسين بن علي صلوات اللّه عليهما » .

وقد اعتمدنا في عملنا على نسختين إحداهما مطبوعة طبعة حجرية ، والأخرى طبعة محقّقة اعتمد المحقّق في تقويم نصّ الكتاب على عدّة نسخ مخطوطة ومصوّرات ، رجّح في أحدها أن تكون بخطّ المؤلّف ، وذكر لذلك قرائن وشواهد .

وعمدنا الى النصوص فوثقناها ما وسعنا ذلك ، وأضفنا عليه عناونين داخلية جعلناها بين معقوفتين [ ] .

وأخيرا : نرجو من اللّه السميع العليم أن يتقبّل منّا هذا القليل ، وينفعنا به - ووالدينا - يوم لا ينفع مال ولا بنون ولا خليل ، ولا يحرمنا وأزواجنا وذريّتنا خدمة زين السماوات والأرضين سيد الشهداء الحسين عليه السلام في الدنيا والآخرة ، ويجعل عملنا وحبّنا واعتقادنا فيما يرضيه ويرضي النبي الأمين صلى الله عليه و آله وأمير المؤمنين ، وذريّته الطاهرين المعصومين عليهم السلام ، بحقّ سيدنا ومولانا مهيّج أحزان يوم الطفوف وأخته فاطمة المعصومة عليهماالسلام . .

اللّهم اغفر لنا ولوالدينا ولأزواجنا وذريّتنا وإخواننا المؤمنين ، وعجّل فرج ولي أمرنا ، الطالب بدم جدّه الحسين عليهماالسلام ، آمين ربّ العالمين .

سيد علي السيد جمال أشرف

15/3/1430

ص: 20

الحسين بن علي عليهماالسلام

اشارة

هو أبو عبد اللّه الحسين بن علي عليهماالسلام .

وأمّه : فاطمة ابنة رسول اللّه صلى الله عليه و آله .

وكان بين ولادتها للحسن بن علي عليهماالسلام ، وعلوقها بالحسين عليه السلام

خمسون ليلة .

وولد عليه السلام لخمس ليال خلون من شهر شعبان سنة أربع من الهجرة .

مراسيم الولادة

وأذّن رسول اللّه صلى الله عليه و آله في أذنه عند ولادته بالصلاة ، وعقّ عنه في اليوم السابع ، وحلقت أمّه عليهاالسلام رأسه ، وتصدّقت بوزنه فضة على المساكين ، وسمّاه رسول اللّه صلى الله عليه و آله حسينا(1) .

ص: 21


1- تاج المواليد للطبرسي : 28 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/232 و4/76 ، دلائل الإمامة للطبري : 180 ، المقنعة للمفيد : 467 باب 13 ، الثقات لابن حبان : 3/68 ، الإقبال لابن طاووس : 689 ، اللهوف لابن طاووس : 13 ، المصباح للكفعمي : 543 ، مصباح المتهجد للطوسي : 826 و852 ، الإرشاد للمفيد : 2/27 ، كشف الغمة للأربلي : 2/3 و40 ، مثير الأحزان لابن نم-ا : 16 ، الع-دد القوية : 28 ، اعلام الورى للطبرسي : 214 و256 ، روضة الواعظين للفتال النيسابوري : 1/153 ، الإفادة : 42 ، مقاتل الطالبيين : 78 ، نسب قريش : 57 ، التاريخ الكبير للبخاري : 6/84 ، الجرح والتعديل : 249 ، تاريخ الطبري : 5/347 ، مروج الذهب : 3/348 ، المستدرك للحاكم : 3/176 ، تاريخ بغداد : 1/141 ، تاريخ دمشق : 5/6 ، . . .

رؤيا أم الفضل

وروينا عن أم الفضل ابنة الحارث : أنّها دخلت على رسول اللّه صلى الله عليه و آله فقالت : يا رسول اللّه ، إنّي رأيت حلما منكرا الليلة .

قال : وما هو ؟

قالت : إنّه شديد !

قال : وما هو ؟

قالت : رأيت كأنّ قطعة من جسدك قطعت ووضعت في حجري .

فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله: خيرا رأيت، تلد فاطمة غلاما فيكون في حجرك.

[ قالت : ] فولدت فاطمة الحسين عليهماالسلام ، [ و ] كان في حجري كما قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فدخلت يوما على رسول اللّه صلى الله عليه و آله فوضعته في حجره ، ثم كانت منّي التفاتة ، فإذا عينا رسول اللّه صلى الله عليه و آله تهريقان بالدموع ، فقلت : بأبي وأمّي أنت يا رسول اللّه ، ما لك ؟

قال : أتاني جبريل عليه السلام وأخبر بأنّ أمّتي ستقتل ابني هذا ، وأتاني بتربة من تربته حمراء(1) !

ص: 22


1- المستدرك على الصحيحين للحاكم: 3/176، أمالي أبي طالب : 90، دلائل الإمامة للطبري : 179 ، الإرشاد للمفيد : 2/129 ، الفتوح لابن أعثم : 4/323 ، اعلام الورى للطبرسي : 1/406 ، دلائل النبوة للبيهقي : 6/468 ، مقتل الحسين عليه السلامللخوارزمي : 2/25 ، الفصول المهمة لابن الصباغ : 2/760 .

نزول جبرئيل باسمه من اللّه

وروي أنّ فاطمة عليهاالسلام لمّا ولدت الحسن عليه السلام قالت لعلي عليه السلام : سمّه .

قال علي عليه السلام : وكنت رجلاً محرابا أحبّ أن أسمّيه حربا(1) !!! ثم قلت : ما كنت لأسبق باسمه رسول اللّه صلى الله عليه و آله .

فجاء رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فقيل له : سمّه . فقال : وما كنت لأسبق باسمه ربّي - جلّ وعزّ - .

فأوحى اللّه - تعالى - إلى جبريل عليه السلام : إنّه ولد لمحمد صلى الله عليه و آله ابن ، فاهبط فأقره السلام ، وهنّه وقل له : إنّ عليا منك بمنزلة هارون من موسى ، فسمّه باسم ابن هارون .

فهبط جبريل عليه السلام فهنّاه من اللّه تعالى ، ثم قال : إنّ اللّه يأمرك أن تسمّيه باسم ابن هارون .

فقال : وما كان اسمه ؟

ص: 23


1- هذه الزيادة لم ترد في رواياتنا ، ولا تلتئم مع أدب أمير المؤمنين ومولى المتقين عليه السلامفي تعامله مع النبي صلى الله عليه و آله ومع اللّه - عزّ وجلّ - ، وهو ورسول اللّه - صلّى اللّه عليهما وآلهما - أعرف الخلق باللّه وهما يعلمان أنّ أسماء هذين السبطين تنزل من السماء ، فهما لا يسبقان اللّه في ذلك ، وإرادتهما إرادة اللّه ورضاهما رضا اللّه ، ولا يحبّان إلاّ ما أحبّ اللّه . .

قال : شبّر .

قال : لساني عربي .

قال : فسمّه « الحسن » . فسمّاه « الحسن » .

فلمّا ولد الحسين عليه السلام أوحى اللّه إلى جبريل عليه السلام : قد ولد لمحمد صلى الله عليه و آلهابن ، فاهبط إليه وهنّه وقل له : إنّ عليا منك بمنزلة هارون من موسى ، فسمّه باسم ابن هارون .

فلمّا نزل جبريل عليه السلام وهنّاه وبلّغه الرسالة ، قال : وما كان اسم ابن هارون ؟

قال : شبير .

قال : لساني عربي .

قال : فسمّه « الحسين » . قال : فسمّاه « الحسين(1) » .

صفته عليه السلام

كان يشبه رسول اللّه صلى الله عليه و آله من سرّته إلى قدمه(2) .

وروي أنّه كان شديد البياض حتى كان يهتدى إلى موضعه في الليل المدلهم ، لشدّة بياض وجهه ونحره(3) .

ص: 24


1- مسند زيد : 468 ، عيون أخبار الرضا عليه السلام : 1/28 باب 31 ح 5 ، روضة الواعظين للفتال : 153 ، اعلام الورى للطبرسي : 1/428 .
2- المنمق : 424 ، الوافي بالوفيات للصفدي : 12/262 ، المعجم الكبير للطبراني : 3/95 ، تاريخ دمشق : 14/126 ، معارج الوصول للزرندي : 86 .
3- المناقب لابن شهرآشوب : 3/230 ط النجف ، الإفادة في تاريخ الأئمة : 42 .

ذكر طرف من مناقبه عليه السلام

اشارة

هو عليه السلام ابن محمد المصطفى صلى الله عليه و آله ، وعلي المرتضى عليه السلام ، وفاطمة الزهراء عليهاالسلام ، وخامس أهل الكساء ، الذين شهد بتطهيرهم التنزيل ، وأثنى عليهم الملك الجليل .

قال سبحانه : « إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً »(1) .

فهم المطهّرون من الأدناس ، المفضّلون على جميع الجنّة والناس .

وللّه القائل :

بأبي خمسة هم جنّبوا الرج-

-س كرام وطهّروا تطهيرا

أحمد المصطفى وفاطم أعني

وعليا وشبّرا وشبيرا

من تولاّهم تولاّه ذو العر

ش ولقّاه نضرة وسرورا

وعلى مبغضيهم لعنة الل-

-ه وأصلاهم المليك سعيرا(2)

ص: 25


1- الأحزاب : 33 .
2- نهج الإيمان لابن جبر : 95 ، المناقب لابن المغازلي : 191 .

نعم المطي مطيّكما ونعم الراكبان أنتما

وفي الرواية : أنّ النبي صلى الله عليه و آله حمل الحسن والحسين عليهماالسلام ذات يوم على عاتقه ، وهو يقول : « نعم المطي مطيّكما ، ونعم الراكبان أنتما ، وأبوكما خير منكما(1) » .

وفي ذلك ما يقول الشاعر :

أتى حسنا والحسين الرسو

ل وقد برزا ضحوة يلعبان

فضمّهما وتفدّاهما

وكانا لديه بذاك المكان

ومرّ وتحتهما منكباه

فنعم المطية والراكبان(2)

حديث العوسجة المباركة

وروينا عن عبد اللّه بن عمرو الخزاعي عن هند ابنة الجون قالت :

نزل رسول اللّه صلى الله عليه و آله خيمة أم معبد ، ومعه أصحاب له ، وكان من أمره في الشاة ما قد علمه الناس ، فقال في الخيمة هو وأصحابه حتى أبردوا ، وكان يوما قائظا شديدا حرّه .

فلمّا قام من رقدته دعا بماء ، فغسل يديه فأنقاهما ، ثم مضمض فاه ومجّه إلى عوسجة كانت إلى جانب خيمة خالية .

فلمّا كان من الغد أصبحنا وقد غلظت تلك العوسجة حتى صارت

ص: 26


1- شرح الأخبار للقاضي النعمان : 2/374 ح 734 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/158 ، شواهد التنزيل للحسكاني : 1/455 .
2- المناقب لابن شهرآشوب : 3/158 « له تتمّة » .

أعظم دوحة عادية رأيتها ، وقد شذّب اللّه شوكها ، وساخت عروقها ، واخضرّ ساقها وورقها ، ثم أثمرت بعد ذلك ، وأينعت بثمر أعظم ما يكون من الكمئة في لون الورس المسحوق ، ورائحة العنبر ، وطعم الشهد ، واللّه ما أكل منها جائع إلاّ شبع ، ولا ظمئآن إلاّ روي ، ولا سقيم إلاّ بري ، ولا أكل من ورقها بعير ولا ناقة ولا شاة إلاّ درّ لبنها .

ورأينا النما والبركة في أموالنا منذ نزل رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وأخصبت بلادنا وأمرعت ، فكنّا نسمّي تلك الشجرة « المباركة » ، وكان من ينتابنا من حولنا من البوادي يستشفون بها ، ويتزوّدون من ورقها ، ويحملونها معهم في الأرض والقفار ، فيقوم لهم مقام الطعام والشراب .

فلم نزل كذلك وعلى ذلك حتى أصبحنا ذات يوم وقد تساقط ثمرها ، واصفر ورقها ، فحزنّا لذلك وفزعنا له ، فما كان إلاّ قليلاً حتى جاء نعي رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فإذا هو قد قبض في ذلك اليوم ، فكانت بعد ذلك تثمر دونه في الطعم والعظم والرائحة ، وأقامت على ذلك ثلاثين سنة .

فلمّا كان ذات يوم أصبحنا فإذا بها قد أشوكت من أولها إلى آخرها ، وذهبت نضارة عيدانها ، وتساقط جميع ثمرها ، فما كان إلاّ يسيرا حتى وافانا مقتل أمير المؤمنين عليه السلام ، فما أثمرت بعد ذلك قليلاً ولا كثيرا ، وانقطع ثمرها ، ولم نزل ومن حولنا نأخذ من ورقها ونداوي به مرضانا ، ونستشفي به من أسقامنا ، فأقامت على ذلك مدّة وبرهة طويلة .

ثم أصبحنا وإذا بها يوما قد انبعث من ساقها دم عبيط جار ، وورقها ذابل يقطر ماء كماء اللحم ، فعلمنا أن قد حدث حدث عظيم ، فبتنا

ص: 27

فزعين مهمومين نتوقع الداهية ، فأتانا بعد ذلك قتل الحسين بن علي عليهماالسلام .

ويبست الشجرة وجفّت وكسرتها الرياح والأمطار بعد ذلك ، فذهبت واندرس أصلها .

قال محمد بن سهل - وهو من رواة الحديث - : فلقيت دعبل بن علي الخزاعي بمدينة الرسول صلى الله عليه و آله فحدّثته بهذا الحديث ، فقال حدّثني أبي عن جدّه عن أمّه سعدى بنت مالك الخزاعية : أنّها أدركت تلك الشجرة ، وأكلت من ثمرها على عهد أمير المؤمنين علي عليه السلام .

قال دعبل : فقلت قصيدتي :

زر خير قبر بالعراق يزار

واعص الحمار فمن نهاك حمار

لم لا أزورك يا حسين لك الفدا

نفسي ومن عطفت عليه يزار

ولك المودّة في قلوب ذوي النهى

وعلى عدوّك مقتة ودمار(1)

يأمر اللّه بهم الى الجنة والناس ينظرون

وروينا عن علي عليه السلام عن النبي صلى الله عليه و آله أنّه قال : إذا كان يوم القيامة كنت وولداك على خيل بلق ، متوّجة بالدر والياقوت ، فيأمر اللّه - تعالى - بكم إلى الجنة ، والناس ينظرون(2) .

ص: 28


1- العقد النضيد والدر الفريد للقمي : 109 ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 2/98 ، أمالي أبي طالب : 31 .
2- مسند زيد : 456 ، عيون أخبار الرضا عليه السلام : 1/33 باب 31 ح 37 ، ذخائر العقبى للطبري : 135 ، كنز العمال للهندي : 13/154 رقم 36479 ، جواهر العقدين للسمهودي : 2/219 .

حسين منّي وأنا من حسين

وروينا عنه صلى الله عليه و آله أنّه قال : حسين منّي وأنا من حسين ، أحبّ اللّه من أحبّ حسينا ، حسين سبط من الأسباط(1) .

قول المأمون في مقتل أمير المؤمنين والحسين عليهماالسلام

وروينا بالإسناد عن عمرو بن مسعدة قال : دخلت على المأمون وبين يديه كتاب ينظر فيه ، وعيناه تجريان بالدموع .

قال عمرو : فقلت : يا أمير المؤمنين ! ما في هذا الكتاب الذي أبكاك لا أبكى اللّه عينك ؟

ص: 29


1- كامل الزيارات لابن قولويه : 116 باب 14 ، شرح الأخبار للقاضي النعمان : 3/112 ح 1050 ، الإرشاد للمفيد : 2/127 ، العمدة لابن البطريق : 406 ، ذخائر العقبى للطبري : 133 ، مسند أحمد : 4/172 ، سنن ابن ماجة : 1/51 رقم 145 ، سنن الترمذي : 5/324 رقم 3864 ، المستدرك للحاكم : 3/177 ، المصنف لابن أبي شيبة الكوفي : 7/515 باب 23 رقم 22 ، الأدب المفرد للبخاري : 85 باب 170 رقم 369 ، كتاب ابن حبان : 15/428 ، المعجم الكبير للطبراني : 3/33 رقم 2589 ، نظم درر السمطين للزرندي : 208 ، موارد الظمآن للهيثمي : 7/196 رقم 2240 ، كنز العمال للهندي : 12/120 رقم 34289 . . . الإكمال للتبريزي : 44 ، تاريخ دمشق : 14/149 . . أسد الغابة : 2/19 ، تهذيب الكمال للمزي : 6/402 . . تهذيب التهذيب لابن حجر : 2/499 ، الجوهرة للبري : 40 ، تاريخ الإسلام للذهبي : 5/97 ، الوافي بالوفيات للصفدي : 12/262 ، البداية والنهاية لابن كثير : 8/224 ، إمتاع الأسماع للمقريزي : 6/19 ، اعلام الورى للطبرسي : 1/425 ، مطالب السؤول لابن طلحة : 377 ، الدر النظيم للعاملي : 530 ، كشف الغمة للأربلي : 2/216 . .

قال : يا عمرو ، هذا مقتل أمير المؤمنين علي والحسين بن علي صلوات اللّه عليهما .

فقلت : يا أمير المؤمنين ! إنّ الخاصة والعامة قد كثرت في أمرهما ، فما يقول أمير المؤمنين في أهل الكساء ؟

قال : فتنفس الصعداء ، ثم قال : هيه يا عمرو ، هم - واللّه - آل اللّه ، وعترة المرسل الأوّاه - يعني إبراهيم عليه السلام - وسفينة النجاة ، وبدور ظلام الدجى ، وبحور بغاة الندى ، وغيث كلّ الورى ، وأشبال ليث الدين ، ومبيد المشركين ، وقاصم المعتدين ، وأمير المؤمنين ، وأخي رسول ربّ العالمين ، صلوات اللّه عليه وعليهم أجمعين .

هم - واللّه - المعلنو التقى ، والمسرّو الهدى ، والمعلّمو الجدوى ، والناكبون عن الرّدى ، لا لحظ ولا جحظ ، ولا فظظ غلظ ، وفي كلّ موطن يقظ ، هامات هامات ، وسادات سادات ، غيوث جارات ، وليوث غابات ، أولو الأحساب الوافرة ، والوجوه الزاهرة الناضرة ، ما في عودهم خَوَر ، ولا في زندهم قصر ، ولا في صفوهم كدر .

ثم ذكر الحسن والحسين عليهماالسلام ، فهمل منه دمع العين ، في حلبة الخدّين ، كفيض الغرّتين ، ونظم السمطين ، وهي من القرطين .

ثم قال : هما - واللّه - كبدري دجى ، وشمسي ضحى ، وسيفي لقاء ، ورمحي لواء ، وطودي حجّى ، وكهفي تقى ، وبحري ندى ، وهما ريحانتا رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وثمرتا فؤاده ، والناصرا دين اللّه تعالى ، ولدا بين التحريم

ص: 30

والتحليل ، ودرجا بين التأويل والتنزيل ، رضيعا لبان الدين والإيمان ، والفقه والبرهان ، وحكمة الرحمن ، سيدا شباب أهل الجنة .

ولدتهما البتول الصادقة بنت خير الشباب والكهول ، وسمّاهما الجليل ، وربّاهما الرسول ، وناغاهما جبريل ، فهل لهؤلاء من عديل ؟

بررة أتقياء ، ورثة الأنبياء ، وخزنة الأوصياء ، قتلهم الأدعياء ، وخذلتهم الأشقياء ، ولم ترعَوِ الأمّة من قتل الأئمة ، ولم تحفظ الحرمة ، ولم تحذر النقمة .

ويل لها ما ذا أتت ؟!

بسخط من تعرّضت ؟!

في رضى من سعت ؟!

طلبت دنيا قليل عظيمها ، حقير جسيمها ، ورد المعاد أغفلت ، « إِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ » « وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ » « وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ » ، ولحسابها جمعت ، ويل لها ماذا حرمت ، عن روح الجنان ونعيمها صرفت ، وعن الولدان والحور غيّبت ، وإلى الجحيم صيّرت ، ومن الضريع والزقوم أطعمت ، ومن المهل والصديد والغسلين سقيت ، ومع الشياطين والمنافقين قرنت ، وفي الأغلال والحديد صفّدت ، ويل لها ماذا أتت .

ثم هملت عيناه ، وكثر نحيبه وشهيقه ، فقلت : يا أمير المؤمنين يشفيك ما إليه صار القوم .

ص: 31

فقال : نعم إنّه لشفاء ، ولكنّي أبكي لأشجان وأحزان تحركها الأرحام ، وقال :

لا تقبل التوبة من تائب

إلاّ بحبّ ابن أبي طالب

حبّ علي واجب لازم

في عنق الشاهد والغائب

أخو رسول اللّه حلف الهدى

والأخ لا يعدل بالصاحب

لو جمعا في الفضل يوما لقد

نال أخوه رغبة الراغب

بعد علي حبّ أصحابه

ما أنا بالمزري ولا العائب

إن مال عنه الناس في جانب

ملت إليه الدهر في جانب

جاءت به السنة مقبولة

فلعنة اللّه على الناصب

حبّهم فرض علينا لهم

كمثل حجّ لازم واجب(1)

وصية النبي صلى الله عليه و آله بهما قبل الوفاة

وروينا عن زيد بن علي عن أبيه عن جدّه عن علي عليه السلام قال :

ص: 32


1- في تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي : 320 : ومن أشعار المأمون : لا تقبل التوبة من تائب إلاّ بحبّ ابن أبي طالبأخو رسول اللّه حلف الهدى والأخ فوق الخلّ والصاحبإن جمعا في الفضل يوما فقد فاق أخوه رغبة الراغبفقدّم الهادي في فضله تسلم من اللائم والعائبإن مال ذو النصب الى جانب ملت مع الشيعي في جانبأكون في آل نبي الهدى خير نبي من بني غالبحبّهم فرض نؤدي به كمثل حجّ لازم واجب

لمّا ثقل رسول اللّه صلى الله عليه و آله في مرضه ، والبيت غاصّ بمن فيه قال : ادعوا لي الحسن والحسين عليهماالسلام .

قال : فجعل يلثمهما حتى أغمي عليه ، قال : فجعل علي عليه السلاميرفعهما عن وجه رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، قال : ففتح عينيه ، فقال : دعهما يتمتعان منّي وأتمتّع منهما ، فإنّه سيصيبهما بعدي أثرة .

ثم قال : أيّها الناس ، إنّي خلّفت فيكم كتاب اللّه وسنتي وعترتي أهل بيتي ، فالمضيع لكتاب اللّه كالمضيع لسنتي ، والمضيع لسنتي كالمضيع لعترتي ، أما إنّ ذلك لن يفترقا حتى اللقاء(1) على الحوض(2) .

ص: 33


1- في مسند زيد : « حتى ألقاه » .
2- مسند زيد : 404 ، تنبيه الغافلين لابن كرامة : 43 ، وقد تواتر الحديث عن النبي صلى الله عليه و آله الصادق الأمين بلفظ « كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي » فقط ، ونذكر لذلك بعض المصادر : السرائر لابن إدريس : 2/679 ، كمال الدين للصدوق : 94 ، الإيضاح لابن شاذان : 234 ، شرح الأخبار للقاضي النعمان : 1/105 . . المناقب لابن شهرآشوب : 1/202 ، العمدة لابن البطريق : 83 ، مثير الأحزان لابن نما : 9 ، مجمع الزوائد : 9/162 ، الفائق للزمخشري : 1/150 ، شرح النهج لابن أبي الحديد : 9/133 ، كنز العمال للهندي : 11/187 رقم 949 ، تاريخ اليعقوبي : 2/111 ، الفتوح لابن أعثم : 4/325 ، اللهوف لابن طاووس : 15 ، النهاية لابن الأثير : 3/177 ، الولاية لابن عقدة : 206 ، الانتصار للمرتضى : 80 ، الكافي للحلبي : 97 ، الخلاف للطوسي : 1/27 ، المبسوط للسرخسي : 16/69 ، بصائر الدرجات للصفار : 433 ، دعائم الإسلام للقاضي النعمان : 1/28 ، أمالي الصدوق : 50 ح 686 ، الخصال للصدوق : 65 ح 97 ، عيون أخبار الرضا عليه السلام : 1/34 ح 40 . . معاني الأخبار للصدوق : 90 .. تحف العقول لابن شعبة : 624 ، كفاية الأثر للخزاز : 92 .. روضة الواعظين : 273 ، مسند الإمام الرضا عليه السلام للغازي : 68 . . مناقب أمير المؤمنين عليه السلامللكوفي : 2/98 . . الغيبة للنعماني : 37 ، المسترشد للطبري : 559 . . الإرشاد للمفيد : 1/180 ، مسند أحمد : 3/14 . . المستدرك للحاكم : 3/109 ، مسند ابن الجعد : 397 ، ما روي في الحوض والكوثر لابن مخلد القرطبي : 88 ، كتاب السنة لابن أبي عاصم : 629 . . السنن الكبرى للنسائي : 5/45 . . خصائص أمير المؤمنين للنسائي : 93 ، مسند أبي يعلى : 2/297 . . المعجم الأوسط للطبراني : 3/374 . . المعجم الصغير للطبراني : 1/131 . . تفسير القمي : 1/173 ، تفسير التبيان للطوسي : 9/474 ، تفسير جوامع الجامع : 1/411 ، تفسير الثعلبي : 8/40 ، تفسير السمعاني : 5/329 ، تفسير البغوي : 4/125 ، المحرر الوجيز للأندلسي : 1/36 ، تفسير الرازي : 8/173 ، تفسير البحر المحيط لأبي حيان : 1/117 ، الطبقات الكبرى لابن سعد : 2/194 ، الكامل لابن عدي : 6/67 ، تاريخ دمشق : 42/220 ، سير أعلام النبلاء : 9/365 . . . .

ص: 34

بيعته عليه السلام ومدّة ظهوره وانتصابه بالأمر

اشارة

خرج عليه السلام من المدينة - حين ورد نعي معاوية ، وطُلب بالبيعة ليزيد وامتنع من ذلك - يوم الأحد لليلتين بقيتا من رجب سنة ستين إلى مكة ، ودخلها ليلة الجمعة لثلاث خلون من شعبان(1) .

ووردت عليه كتب أهل الكوفة كتاب بعد كتاب - وهو بمكة - بالبيعة في ذي الحجة من هذه السنة .

ولمّا وافته بيعة أهل الكوفة خرج من مكة سائرا إليها لثمان خلون من ذي الحجة(2) .

خطبته عليه السلام لمّا أراد الخروج الى العراق

وروي أنّه لمّا أراد الخروج إلى العراق(3) خطب أصحابه ، فحمد اللّه

ص: 35


1- تاريخ الطبري: 4/286، الاستيعاب: 1/396، البداية والنهاية لابن كثير: 8/171، اعلام الورى للطبرسي : 1/435 .
2- تاريخ الطبري: 4/186، الإرشاد للمفيد: 2/70، مثير الأحزان لابن نما: 26، الفتوح لابن أعثم : 5/69 ، اعلام الورى للطبرسي : 1/445 ، اللهوف لابن طاووس : 37 .
3- 3 في أكثر المصادر أنّه عليه السلام خطب هذه الخطبة في كربلاء بعد نزول عمر بن سعد - لعنه اللّه - فيها ، وفي بعضها أنّه عليه السلام خطبها في « ذو حسم » ، كما في تاريخ الطبري ومثير الأحزان لابن نما ، وفي اللهوف في « عذيب الهجانات » . .

وأثنى عليه ، ثم قال :

إنّ هذه الدنيا قد تنكّرت وأدبر معروفها ، فلم يبق إلاّ صبابة كصبابة الإناء ، وخسيس عيش كالمرعى ، ألا ترون أنّ الحقّ لا يعمل به ، وأنّ الباطل لا ينهى عنه ، ليرغب المرؤ في لقاء ربّه ، فإنّي لا أرى الموت إلاّ سعادة ، والحياة مع الظالمين إلاّ شقاوة(1)(2) .

فقام إليه زهير من القين العجلي(3) فقال : قد سمعت مقالتك ، هديت ،

ص: 36


1- في أكثر المصادر : « إلاّ برما » ، وفي بعضها : « إلاّ ندما » ، وفي الذخائر : « إلاّ ندامة » .
2- شرح الأخبار للقاضي النعمان : 3/150 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/224 ، مجمع الزوائد للهيثمي : 9/192 ، المعجم الكبير للطبراني : 3/115 رقم 2842 ، تاريخ الإسلام للذهبي : 5/12 ، جواهر المطالب لابن الدمشقي : 2/271 ، تحف العقول لابن شعبة : 245 ، مثير الأحزان لابن نما : 31 ، ذخائر العقبى للطبري : 150 ، تاريخ دمشق : 14/217 ، سير أعلام النبلاء للذهبي : 3/310 ، تاريخ الطبري : 4/305 ، اللهوف لابن طاووس : 47 ، كشف الغمّة للأربلي : 2/242 .
3- يّظهر من عبارة المؤلّف أنّ زهيرا التحق بالركب الحسيني في مكة قبل أن ينزل سيد الشهداء الحسين عليه السلام في « بستان بني عامر » ، وهو يخالف المشهور المتّفق عليه من التحاقه في الطريق على مشارف « زرود » . وزهير بن القين من خيار شيعة أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليهماالسلام ، ورؤوسهم، وقد خرج الى الصحراء متجشما عناء الغربة والتشرّد ، وحرّ الهجير والرمضاء انتظارا لسيد الشهداء عليه السلام، وقد منّ اللّه عليه براية الميمنة في معسكر الحقّ، فقاتل دون الحسين عليه السلامحتى استشهد سعيدا . انظر : كتاب زهير بن القين ، علوي خرج يتلقّى الحسين عليه السلامللسيد علي أشرف .

ولو كانت الدنيا باقية وكنّا فيها مخلّدين ، وكان في الخروج مواساتك ونصرتك ، لاخترنا الخروج منها معك على الإقامة فيها .

فجزّاه الحسين بن علي عليهماالسلام خيرا(1) ، ثم قال :

سأمضي وما بالموت عار على الفتى

إذا ما نوى حقّا وجاهد مسلما

وواسى الرجال الصالحين بنفسه

وفارق مثبورا وحارب مجرما

فإن عشت لم أندم وإن متّ لم ألم

كفى بك داء أن تعيش وترغما(2)

كتابه عليه السلام الى محمد بن الحنفية

فلمّا نزل بستان بني عامر(3) كتب إلى محمد أخيه وأهل بيته : من الحسين بن علي إلى محمد بن علي وأهل بيته(3) :

ص: 37


1- تاريخ الطبري : 4/305 ، اللهوف لابن طاووس : 48 .
2- أمالي الصدوق : 219 مج 30 ، كامل الزيارات لابن قولويه : 194، روضة الواعظين : 180 ، الإرشاد للمفيد : 2/81 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/224 قال : « وأنشد لمّا قصد الطف . . » ، مثير الأحزان لابن نما : 32 ، تاريخ الطبري : 4/305 ، الكامل في التاريخ : 4/49 ، البداية والنهاية لابن كثير : 8/187 ، الفتوح لابن أعثم : 5/79 ، اعلام الورى للطبرسي : 1/451 ، وفي أكثر المصادر أنّه عليه السلامتمثّل بها ردا على الحرّ بن يزيد الرياحي حينما اعترضه في الطريق الى كربلاء .
3- 3 في البدء والتاريخ : 4/91 : بستان بني عامر ، ومن البستان الى مكة ثمانية فراسخ ، أربعة وعشرون ميلاً . وفي فتوح البلدان : 59 : بستان ابن عامر ، لعمر بن عبد اللّه بن معمر بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرّة بن كعب بن لؤي ، ولكن الناس غلطوا فيها ، فقالوا : «بستان ابن عامر»، و«بستان بني عامر»، وإنّما هو «بستان ابن معمر»، وقوم يقولون : نسب الى ابن ع-ام-ر الحض-رمي ، وآخرون يقولون : نسب ال-ى ابن عامر بن كريز ، وذلك ظنّ وترجيم . وذكره في معجم البلدان : 1/414 باسم « بستان ابن معمر » ، وقال : مجتمع النخلتين ، النخلة اليمانية ، والنخلة الشامية ، وهما واديان ، والعامة يسمّونه « بستان ابن عامر » ، وهو غلط . . ثم ذكر ما في فتوح البلدان . .

أما بعد ، فإنّكم إن لحقتم بي استشهدتم ، وإن تخلّفتم عنّي لم تلحقوا النصر ، والسلام(1) .

لقاء الطرمّاح في زبالة

[ لقاء الطرمّاح(2) في زبالة ]

فلمّا وافى زبالة(3) استقبله الطرمّاح الطائي الشاعر ، فقال له الحسين عليه السلام : من أين خرجت(3) ؟

ص: 38


1- تيسير المطالب : 144 ، وفي بصائر الدرجات : 481 باب 9 ح5 ، دلائل الإمامة : 77 ، المناقب لابن شهرآشوب : 4/76 ، اللهوف : 65 ، واللفظ للأول : حدّثنا أيوب بن نوح عن صفوان بن يحيى عن مروان بن إسماعيل عن حمزة بن حمران عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : ذكرنا خروج الحسين عليه السلام وتخلّف ابن الحنفية عنه ، قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : يا حمزة ، إنّي سأحدّثك في هذا الحديث ، ولا تسأل عنه بعد مجلسنا هذا ، إنّ الحسين عليه السلام لمّا فصل متوجها دعا بقرطاس وكتب : بسم اللّه الرحمن الرحيم ، من الحسين بن علي إلى بني هاشم ، أمّا بعد ، فإنّه من ألحق بي منكم استشهد معي ، ومن تخلّف لم يبلغ الفتح ، والسلام . ورواه ابن نما الحلي في مثير الأحزان : 39 عن أبي حمزة الثمالي عن الباقر عليه السلام .
2- لم نجد ماذكره المؤلّف من حوار بين سيدالشهداء عليه السلام وبين الطرماح في مصدر إلاّ في تيسير المطالب، أمّا باقيالمصادر المتوفرة لدينا فقد ذكرت ذلك مع الفرزدق الشاعر ..
3- 3 في معجم البلدان : 3/129 : زُبالَةُ: بضمّ أوّله : منزل معروف بطريق مكّة من الكوفة ، وهي قرية عامرة بها أسواق بين واقصة والثعلبية . وقال أبو عبيد السكوني : زبالة بعد القاع من الكوفة وقبل الشقوق ، فيها حصن وجامع لبني غاضرة من بني أسد . ويوم زبالة : من أيّام العرب ، قالوا : سمّيت « زبالة » بزبلها الماء أي بضبطها له وأخذها منه ، يقال : إن فلانا شديد الزبل للقرب والزمل إذا احتملها ، ويقال: ما في الإناء زبالة أي شيء ، والزّبال : ما تحمله النملة بفيها ، وقال ابن الكلبي : سمّيت « زبالة » باسم « زبالة » بنت مسعر امرأة من العمالقة نزلتها .

قال : من الكوفة .

قال : كيف وجدت أهل الكوفة ؟

قال : يا ابن رسول اللّه ، قلوبهم معك ، وسيوفهم عليك .

فقال له الحسين عليه السلام : صدقت ، الناس عبيد الدنيا ، والدّين لغو(1) على ألسنتهم يحوطونه ما درّت معائشهم، فإذا امتحنوا بالبلاء قلّ الديّانون(2).

النزول في كربلاء

فلمّا وافى كربلاء(3) قال : في أيّ موضع نحن ؟

ص: 39


1- في تيسير المطالب وغيره من المصادر : « لعق » بدل « لغو » .
2- تيسير المطالب في أمالي أبي طالب : 144 ، كشف الغمة للأربلي : 2/242 ، تحف العقول لابن شعبة : 245 .
3- لمّا كانت كربلاء هي أمّ لعدّة قرى تحيط بها ، فقد أطلقت أسماء تلك القرى مجازا على كربلاء ، وإنّ بعض أسماء هذه القرى عامة واسعة ، وبعضها أسماء خاصة لمنطقة محدودة ضيقة . ومن تلك الأسماء : الطفّ أو الطفوف : الطفّ في اللغة ما أشرف من أرض العرب على ريف العراق ، وإنّما سمّي طفّا لأنّه دنا من الريف من قولهم: خذ ما طفا لك واستطف أي ما دنا وأمكن معجم البلدان للحموي : 6/52 وكانت قرى الطفّ قبل الفتح الإسلامي ضياعا لكبار العجم . . . نينوى : وتقع شرقي كربلاء ، وهي سلسلة تلول أثرية تمتد من جنوب سدّة الهندية حتى مصب نهر العلقمي في الأهوار ، وتعرف بتلول نينوى ، وكانت إذ ذاك قرية عامرة زاهرة بالعلوم والمعارف في عهد الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهماالسلام . . وكان اسم كربلاء يطلق على نينوى ، واسم هذه على تلك على حدّ سواء . . النواويس : وهي الآن مقابر ، مفردها ناووس على وزن فاعول ، واللفظة من الدخيل ، وهذه القطعة واقعة شرقي كربلاء ممّا يلي بحيرة السليمانية في محل يقال له : « براز علي » وزان ذهاب ، وتتصل بنهر الحسينية ، وتوجد في هذه القطعة الآثار المؤيدة بصحة موقعها ووجودها كالتلال والروابي والمرتفعات ، ويستخرج أحيانا منها توابيت الخزف ، وفي داخلها طريق ضيق للغاية ، ويوجد في قعره تراب أصفر اللون . . وذكر بعضهم أنّ النواويس التي وردت في عرض كلام الحسين عليه السلام واقعة ممّا يلي قبر الحرّ بن يزيد الرياحي ، وعرف بعضهم كربلاء بأنّه مجاور لقبر ابن حمزة على النهر المشهور بنهر الحلّة القريب من الوادي العتيق . . . والنواويس مقابر النصارى كما في حواشي الكفعمي ، وسمعنا أنّها في المكان الذي فيه مزار الحرّ الرياحي من شهداء الطف ، وهو فيما بين الغرب وشمال البلد . وهذا القول هو الرأي السائد لدى المؤرخين ، فقالوا : إنّ النواويس مقابر النصارى الذين سكنوا كربلاء قبل دخول المسلمين ، وقد ذكرها الحسين عليه السلام في إحدى خطبه لمّا توجه الى الكوفة فقال : « كأنّي بأوصالي تقطّعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء . . » . وكانت هذه البقاع من بابل الى الكوفة والحيرة فالى أطراف خليج فارس آهلة بقبائل عربية ، وكانت بعضها تدين بالمسيحية على مذهب النساطرة ( انظر : العرب قبل الإسلام لجرجي زيدان : 187 ) . العقر : قال ياقوت الحموي : العقر بفتح أوله وسكون ثانيه ، منها عقر بابل قرب كربلاء من الكوفة . . الغاضرية : ذكرها ياقوت الحموي : قال : « الغاضرية بعد الألف ضاد معجمة منسوبة الى غاضرة من بني أسد ، وهي قرية من نواحي الكوفة قريبة من كربلاء ( معجم البلدان : 6/261 ) . وجاء في « مدينة الحسين عليه السلام » : الغاضريات نسبة الى غاضرة ، وكلمة غاضرة هي اسم لامرأة من بني عامر ، وهم بطن من بني أسد ، كانوا يسكنون هذه الأراضي التي تقع اليوم شمال الهيابي التي فيها مصانع الآجر ، وتبعد عن كربلاء أقلّ من نصف كيلومتر » . وكانت قرية عامرة كبيرة تمتد على ضفة الفرات في شمال كربلاء الى شمالها الشرقي ، أي على طريق بغداد القديم . روي أنّ الحسين عليه السلام اشترى النواحي التي فيها قبره من أهل نينوى والغاضرية بستين ألف درهم وتصدّق بها عليهم وشرط أن يرشدوا الى قبره ويضيّفوا من زاره ثلاثة أيام . وقال الصادق عليه السلام : حرم الحسين عليه السلام الذي اشتراه أربعة أميال في أربعة أميال ، فهو حلال لولده ومواليه حرام على غيرهم ممّن خالفهم وفيه البركة . وكان الطريق بين الغاضرية وكربلاء بضعة أمتار حيث الآن حرم أبي الفضل العباس عليه السلام ، لأنّه قتل بطريق الغاضرية على المسناة ( انظر : الإرشاد للمفيد : 210 ) بجانب الفرات ، وكانت المسناة مبنية بالآجر من النوع الكبير الذي يوجد أحيانا تحت الأرض في كربلاء وأطرافها . وكلّ مظاهر الثروة والنعمة والرخاء كانت بادية على الغاضرية وجارتها نينوى بنخيلها الكثير وأشجارها الباسقة ، وكان يسكن هاتين الضيعتين كبار الملاكين من أصحاب الأطيان والأراضي الكبيرة الى مسافة بعيدة من أطراف كربلاء ، لأنّ الحسين عليه السلام بعد نزوله كربلاء في أوائل العشرة الأولى من مح-رم الح-رام عام 61من الهجرة اشترى من أهل الغاضرية ونينوى مساحة كبيرة من الأراضي الواقعة أطراف هذه البقعة كانت تبلغ مساحتها من حيث المجموع أربعة أميال في أربعة أميال بستين ألف درهم ، ثم تصدّق عليهم بتلك الأراضي الواسعة شرط أن يقوم أهلها بإرشاد الزائرين الى قبره الشريف ، وأن يقوموا بضيافتهم ثلاثة أيام غير أنّهم لم يفوا بهذا الشرط من القيام بإرشاد الزوّار وضيافتهم ، فسقط حقّهم فيها ، وبقيت تلك الأراضي المشتراة منهم ملكا للحسين عليه السلامولولده من بعده كما كان الحال قبل التصدّق بها عليهم بذلك الشرط ( انظر جغرافية كربلاء القديمة وبقاعها للدكتور جواد الكليدار : 12 ) . قصر مقاتل : يقع هذا القصر في جنوب حصن الأخيضر ، قال ياقوت : « قصر مقاتل قصر كان بين عين التمر والشام » وقال السكوني : هو قرب القطقطانة وسلام ثم القريات ، وهو منسوب الى مقاتل بن حسان بن ثعلبة بن أوس . . وأخبار هذا القصر - أي مقاتل - كثيرة في كتب الأدب والتاريخ . الحائر أو الحير : وهو اسم من أسماء كربلاء العديدة كانت تعرف به منذ العصر الأول ، فكان يطلق تارة على المدينة وأخرى على القبر المطهر على حد سواء كما يستدل ذلك من أقوال المؤرخين وأهل اللغة ، فالأراضي المنخفضة المحيطة بالروضة المطهرة وقف حولها الماء وحار عنه القبر لمّا أجراه قائد المتوكل « الديزج » ليطمس آثار معالم القبر ويعفي أثره عام 236 ه- ، وقد أحيط هذا الاسم بحرمة وتقديس وأنيطت به أعمال وأحكام شرعية وتعبدية فيها البركة وقبول الدعاء والقربة الى اللّه تعالى ، وفي هذه القدسية وردت عن الأئمة عليهم السلام روايات كثيرة . ثم توسع معنى الحائر فصار يطلق على البناء الذي يحيط بالقبر . . . شط الفرات أو شاطى ء الفرات : كانت كربلاء تعرف حينا بشط الفرات وآخر بشاطى ء الفرات ، لأنّها واقعة على طرف البرية في جهة وعلى جانب الفرات من جهة أخرى ، وهو الفرات الذي يمرّ بها ، وكثيرا ما ورد ذكر كربلاء بأحد هذين الاسمين في كتب الحديث والتاريخ . . ولأرض كربلاء أسماء سمّيت بعد مقتل الحسين عليه السلام أبرزها «مشهدالحسين عليه السلام». وسمّيت كربلاء بأرض ما بين النهرين لوقوعها بين الخندق ونهر العلقمي . . نقلناه باختصار عن الدكتور سلمان آل طعمة في كتابه تاريخ مرقد الحسين عليه السلاموالعباس عليه السلام : 21 - 29 .

ص: 40

ص: 41

ص: 42

قالوا : بكربلاء .

قال : كرب - واللّه - وبلاء ، هاهنا مناخ ركابنا ، ومهراق دمائنا .

ثم أقبل في جوف الليل يتمثّل ويقول :

يا دهر أفّ لك من خليل

كم لك بالإشراق والأصيل

من ميّت وصاحب قتيل

والدهر لا يقنع بالبديل

وكلّ حيّ سالك السبيل

فقالت له أخته زينب عليهاالسلام : لعلك تخبرنا بأنّك تغصب نفسك ؟ فقال عليه السلام : لو ترك القطا لنام(1) .

ص: 43


1- تيسير المطالب في أمالي أبي طالب : 144 ، مثير الأحزان لابن نما : 35 ، الفتوح لابن أعثم : 5/84 ، اللهوف لابن طاووس : 49 . وذكرت مصادر أخرى أنّ سيد الشهداء عليه السلام أنشد الأبيات وجاءته أخته بنت أمير المؤمنين ، وكلّمته ليلة العاشر من المحرم - أي في الليلة التي استشهد الإمام في صبيحتها - كما ورد في : الأمالي للصدوق : 221 مج 30 ، روضة الواعظين للفتال : 184 ، مقاتل الطالبيين لأبي الفرج : 75 ، الإرشاد للمفيد : 2/93 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/249 ، تاريخ اليعقوبي : 2/244 ، تاريخ الطبري : 4/319 ، البداية والنهاية لابن كثير : 8/191 ، اعلام الورى للطبرسي : 1/156 ، جواهر المطالب لابن الدمشقي : 2/283 ، سبل الهدى والرشاد للشامي : 11/77 .

لقاء الفرزدق الشاعر

وفي بعض أخباره عليه السلام : أنّه لمّا بلغ بستان بني عامر لقي الفرزدق بن غالب الشاعر ، فقال : أين تريد يا ابن رسول اللّه ؟ ما أعجلك عن الموسم ؟ وذلك يوم التروية .

فقال عليه السلام : لو لم أعجل لأخذت أخذا ، فأخبرني يا فرزدق الخبر ؟

قال : تركت الناس قلوبهم معك وسيوفهم مع بني أمية .

قال : صدقني الخبر(1) .

لقاء عبد اللّه بن مطيع العدوي

ثم مرّ الحسين عليه السلام حتى إذا كان مكانه الذي كان فيه من بستان بني

ص: 44


1- تذكرة الخواص : 217 . وفي الأغاني لأبي الفرج : 21/257 والأخبار الطوال للدينوري : 245 وتاريخ دمشق : 50/286 ومعجم البلدان للحموي : 3/412 وتاريخ الطبري : 4/290 والكامل في التاريخ لابن الأثير : 4/40 وغيرها من المصادر أنّ لقاء الفرزدق بسيد الشهداء عليه السلامكان في « الصفاح » . وفي الإرشاد للمفيد : 2/67 ومثير الأحزان لابن نما : 28 واعلام الورى للطبرسي : 1/445 : « حين دخل الفرزدق الحرم » . وفيالمناقب لابن شهرآشوب: 3/245 وسير أعلام النبلاء: 3/304 في «ذات عرق». وفي الفتوح لابن أعثم : 5/71 وكشف الغمة للأربلي : 2/253 في « الشقوق » . وفي اللهوف لابن طاووس : 45 بعد أن خرج من « زبالة » . وفي كشف الغمة للأربلي : 2/241 « منصرف الفرزدق من الكوفة » . وأطلقت بعض المصادر من دون تحديد موضع معين .

عامر بمرحلة أو مرحلتين لقي عبد اللّه بن مطيع العدوي ، فقال له : أين تريد يا ابن رسول اللّه ؟

قال : أريد الكوفة ، فإنّ أهلها كتبوا إليّ .

قال : فإنّي أنشدك يا ابن رسول اللّه بالبيت الحرام والبلد الحرام والشهر الحرام أن تعرض نفسك لبني مروان(1) ! فو اللّه لئن عرّضت نفسك لهم ليقتلنّك .

قال : فمضى على وجهه(2) عليه السلام .

خطبته عليه السلام قبل النهوض للعدو

وروينا عن زيد بن علي عن أبيه عليهم السلام : أنّ الحسين بن علي عليهماالسلام

خطب أصحابه ، فحمد اللّه وأثنى عليه ، ثم قال :

ص: 45


1- هكذا في النسخ ، وفي المصادر : « لبني أمية » ، ولا يخفى أنّ الملك يومذاك كان ما يزال في البيت السفياني الأموي وإنّما انتقل الى البيت المرواني الأموي بعد شهادة الحسين عليه السلام .
2- الإرشاد للمفيد : 2/72 ، الكامل في التاريخ : 4/41 ، تاريخ الطبري : 4/297 ، الأخبار الطوال للدينوري : 246 ، وفيها جميعا أنّه التقى الإمام عليه السلام في الحاجر أو بعد الحاجر ويبدو أنّه التقاه مرتين كما ورد ذلك في كتاب مع الركب الحسيني عليه السلام : 3/199 : حيث قال معلّقا على هذا اللقاء : « كان هذا هو اللقاء الثاني لعبد اللّه بن مطيع العدوي مع الإمام عليه السلام إذ كان اللقاء الأول بينهما بين المدينة ومكة ، عند بئر لهذا العدوي كان يحفره آنذاك . . » راجع : تاريخ ابن عساكر/ ترجمة الإمام الحسين عليه السلام : 222 رقم 203 ، وانظر : الفتوح لابن أعثم : 5/36 - 37 ، والأخبار الطوال : 228 - 229 .

أيّها الناس ، خطّ الموت على بني آدم كخط القلادة على جيد الفتاة ، ما أولعني بالشوق إلى أسلافي اشتياق يعقوب عليه السلام إلى يوسف عليه السلاموأخيه ، وإنّ لي مصرعا أنا لاقيه ، كأنّي أنظر إلى أوصالي تقطّعها وحوش الفلوات غبرا وعفرا ، قد ملأت منّي أكراشها ، رضى اللّه رضانا أهل البيت ، نصبر على بلائه ، ليوفّينا أجور الصابرين ، لن تشذّ عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم حرمته وعترته ، ولن تفارقه أعضاؤه ، وهي مجموعة في حظيرة القدس ، تقرّ بهم عينه ، وتنجز لهم عدته .

من كان فينا باذلاً مهجته فليرحل ، فإنّي راحل غدا إن شاء اللّه تعالى(1) ، ثم نهض إلى عدوه(2) .

رسل أهل الكوفة وإرسال مسلم عليه السلام

وقد كان عليه السلام لمّا أتته رسل أهل الكوفة ، وقالوا : قد حبسنا أنفسنا عليك ، ولسنا نحضر الجمعة مع الوالي ، فاقدم إلينا .

فبعث عليه السلام إلى مسلم بن عقيل(3) عليهماالسلام ابن عمّه ، فقال له : سر إلى الكوفة فانظر ما كتبوا به إليّ ، فإن كان حقّا خرجت إليهم .

ص: 46


1- تيسير المطالب في أمالي أبي طالب : 282 رقم 259 ، معارج الوصول للزرندي : 94 ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 2/5 ، مثير الأحزان لابن نما : 29 ، كشف الغمة للأربلي : 2/239 ، اللهوف لابن طاووس : 38 .
2- يبدو أنّ المراد من النهوض هنا القيام وانطلاق الحركة لا مباشرة القتال في كربلاء .
3- تعبير المؤلّف : « بعث الى مسلم » يوحي أنّ مسلما عليه السلام لم يكن مع الحسين عليه السلام ، والحال أنّ مسلما عليه السلام خرج مع سيد الشهداء عليه السلام من المدينة وكان ملازما له .

خروج مسلم عليه السلام الى الكوفة

فخرج مسلم عليه السلام حتى أتى المدينة ، فأخذ منها دليلين فمرّا به في البرية فأصابهم عطش ، فمات أحد الدليلين ، فكتب مسلم عليه السلام إلى الحسين عليه السلام

يستعفيه ، فكتب إليه الحسين عليه السلام أن امض إلى الكوفة(1) .

ص: 47


1- نص القصة وردت قصة تطير مسلم عليه السلام واستعفائه في تاريخ الطبري والإرشاد للمفيد والأخبار الطوال للدينوري والفتوح لابن أعثم ، وقد اتفقت رواية الطبري والمفيد في كلّ التفاصيل تقريبا ، واختلفت رواية الآخرين في بعض التفاصيل : رواية الطبري والشيخ المفيد : روى الطبري في تاريخه : 4/263 والشيخ المفيد في الإرشاد : 2/39 ، واللفظ للطبري : . . ثم دعا - يعني الحسين عليه السلام - مسلم بن عقيل فسرحه مع قيس بن مسهر الصيداوي وعمارة بن عبيد السلولي وعبد الرحمن بن عبد اللّه بن الكدن الأرحبي ، فأمره بتقوى اللّه وكتمان أمره واللطف ، فإن رأى الناس مجتمعين مستوثقين عجل إليه بذلك، فأقبل مسلم حتى أتى المدينة ، فصلّى في مسجد رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وودّع من أحبّ من أهله . ثم استأجر دليلين من قيس فأقبلا به فضلاّ الطريق وجارا وأصابهم عطش شديد ، وقال الدليلان : هذا الطريق حتى ينتهى إلى الماء ، وقد كادوا أن يموتوا عطشا . فكتب مسلم بن عقيل مع قيس بن مسهر الصيداوي إلى حسين ، وذلك بالمضيق من بطن الخبيت : أمّا بعد : فإنّي أقبلت من المدينة معي دليلان لي ، فجارا عن الطريق وضلاّ ، واشتدّ علينا العطش ، فلم يلبثا أن ماتا وأقبلنا حتى انتهينا إلى الماء فلم ننج إلاّ بحشاشة أنفسنا ، وذلك الماء بمكان يدعى المضيق من بطن الخبيت ، وقد تطيّرت من وجهي هذا ، فإن رأيت أعفيتني منه ، وبعثت غيري ، والسلام . فكتب إليه حسين : أمّا بعد : فقد خشيت ألا يكون حملك على الكتاب إلى في الاستعفاء من الوجه الذي وجهتك له إلا الجبن فامض لوجهك الذي وجهتك له والسلام عليك . فقال مسلم لمن قرأ الكتاب : هذا ما لست أتخوّفه على نفسي . رواية ابن أعثم : وروى ابن أعثم في كتاب الفتوح : 5/32 - 33 قال : فخرج مسلم بن عقيل من مكة نحو المدينة مستخفيا لئلا يعلم به أحد من بني أمية ، فلمّا دخل المدينة بدأ بمسجد رسول اللّه صلى الله عليه و آله فصلّى فيه ركعتين ، ثم أقبل في جوف الليل حتى ودّع من أحبّ من أهل بيته ، ثم إنّه استأجر دليلين من قيس عيلان يدلاّنه على الطريق ويصحبانه إلى الكوفة على غير الجادة . قال : فخرج به الدليلان من المدينة ليلاً وسارا ، فغلطا الطريق وجارا عن القصد واشتد بهما العطش فماتا جميعا عطشا . قال : وكتب مسلم بن عقيل - رحمه اللّه - إلى الحسين : بسم اللّه الرحمن الرحيم ، للحسين بن علي من مسلم بن عقيل : أمّا بعد : فإنّي خرجت من المدينة مع الدليلين استأجرتهما فضلاّ عن الطريق وماتا عطشا ، ثم إنّا صرنا إلى الماء بعد ذلك ، وكدنا أن نهلك ، فنجونا بحشاشة أنفسنا ، وأخبرك يا بن بنت رسول اللّه إنّا أصبنا الماء بموضع يقال له « المضيق » ، وقد تطيّرت من وجهي هذا الذي وجّهتني به ، فرأيك في إعفائي منه ، والسلام . قال : فلمّا قرأ كتاب مسلم بن عقيل - رحمه اللّه - علم أنّه قد تشاءم وتطيّر من موت الدليلين وأنّه جزع . فكتب إليه [ الحسين عليه السلام ] : بسم اللّه الرحمن الرحيم ، من الحسين بن علي إلى مسلم بن عقيل ، أمّا بعد : فإنّي خشيت أن لا يكون حملك على الكتاب إليّ والاستعفاء من وجهك هذا الذي أنت فيه إلاّ الجبن والفشل ، فامض لما أمرت به ، والسلام عليك ورحمة اللّه وبركاته . فلمّا ورد الكتاب على مسلم بن عقيل كأنّه وجد من ذلك في نفسه، ثم قال: واللّه لقد نسبني أبو عبداللّه الحسين إلى الجبن والفشل، وهذا شيء لم أعرفه من نفسي أبدا. رواية الدينوري وروى الدينوري ت 282 في الأخبار الطوال : 230 قال : وقد كان مسلم بن عقيل خرج معه من المدينة إلى مكة ، فقال له الحسين عليه السلام : يا ابن عم ، قد رأيت أن تسير إلى الكوفة ، فتنظر ما اجتمع عليه رأي أهلها ، فإن كانوا على ما أتتني به كتبهم ، فعجل علي بكتابك لأسرع القدوم عليك ، وإن تكن الأخرى ، فعجل الانصراف . فخرج مسلم على طريق المدينة ليلمّ بأهله ، ثم استأجر دليلين من قيس ، وسار ، فضلاّ ذات ليلة ، فأصبحا ، وقد تاها ، واشتد عليهما العطش والحر ، فانقطعا ، فلم يستطيعا المشي ، فقالا لمسلم عليه السلام : عليك بهذا السمت ، فالزمه لعلك أن تنجو ، فتركهما مسلم ومن معه من خدمه بحشاشة الأنفس حتى أفضوا إلى طريق فلزموه ، حتى وردوا الماء ، فأقام مسلم بذلك الماء . وكتب إلى الحسين مع رسول استأجره من أهل ذلك الماء ، يخبره خبره ، وخبر الدليلين ، وما من الجهد ، ويعلمه أنّه قد تطيّر من الوجه الذي توجه له ، ويسأله أن يعفيه ويوجه غيره ، ويخبره أنّه مقيم بمنزله ذلك من بطن الحربث . فسار الرسول حتى وافى مكة ، وأوصل الكتاب إلى الحسين ، فقرأه وكتب في جوابه : أمّا بعد : فقد ظننت أنّ الجبن قد قصر بك عمّا وجهتك به ، فامض لما أمرتك ، فإنّي غير معفيك ، والسلام . يمكن أن تناقش هذه القصة من خلال عدة نقاط : النقطة الأولى : معرفتنا بمسلم وبسيد الشهداء عليهماالسلام تنزه المؤمن عن الطيرة إن مسلم بن عقيل عليهماالسلام من فقهاء آل محمد صلى الله عليه و آله ، وحاملي القرآن ، ولم نر موضعا واحدا ف-ي الق-رآن نسب اللّه فيه التطيّر لمؤمن قط ، وإنّما كان المتطيّرون ف-ي القرآن - دائما - هم أعداء الأنبياء ، « قالُوا إِنّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ » ، وقال حكاية عن قوم صالح : « قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ » ، وقال حكاية عن قوم فرعون : « وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ » . . . وقد ورد عن طرق العامة في الطيرة عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله : الطيرة من الجبت . ( تفسير البغوي : 2/9 ) . وعنه صلى الله عليه و آله : الطيرة شرك . ( السيرة الحلبية : 1/91 ) . وعنه صلى الله عليه و آله : الطيرة شرك ، وما منّا من يتطيّر ( محاضرات الراغب : 1/182 ، مسلم عليه السلامللمقرم : 68 عن نهاية ابن الأثير : 3/58 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : 4/430 ) . وعنه صلى الله عليه و آله : ومن استقسم أو تكهن أو تطير طيرة تردّه عن سفره لم ينظر الى الدرجات العلى يوم القيامة . ( محاضرات الراغب : 1/182 ، مجمع الزوائد : 5/118 ، كنز العمال : 6/744 رقم 17655 ، تفسير الثعلبي : 4/16 ، تفسير البغوي : 2/10 ، تفسير الرازي : 11/136 ، تاريخ دمشق : 18/98 ) . وعنه صلى الله عليه و آله : من أرجعته الطيرة عن حاجة فقد أشرك . ( السيرة الحلبية : 1/91 ) . وعنه صلى الله عليه و آله : إذا تطيّرت فامض . ( محاضرات الراغب : 1/182 ) . وقد اتفقوا أنّ النبي صلى الله عليه و آله كان لا يتطيّر . . ( تاريخ دمشق : 79/89 ، ربيع الأبرار للزمخشري : 4/192 ) . وورد عن طريق أهل البيت عليهم السلام : عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و آله : كَفَّارَةُ الطِّيَرَةِ التَّوَكُّلُ . ( الكافي : 8/198 ح236 ) . وَكَتَبَ بَعْضُ الْبَغْدَادِيِّينَ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ الثَّانِي يَسْأَلُهُ عَنِ الْخُرُوجِ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ لا يَدُورُ فَكَتَبَ) مَنْ خَرَجَ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ لا يَدُورُ خِلافاً عَلَى أَهْلِ الطِّيَرَةِ وُقِيَ مِنْ كُلِّ آفَةٍ وَعُوفِيَ مِنْ كُلِّ عَاهَةٍ وَقَضَى اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - لَهُ حَاجَتَهُ . ( من لا يحضره الفقيه : 2/266 ح2393 ) . عَنِ النَّبِي صلى الله عليه و آله قَالَ : إِذَا تَطَيَّرْتَ فَامْضِ وَإِذَا ظَنَنْتَ فَلا تَقْضِ ( وسائل الشيعة : 11/363 ) . فَإِذَا تَطَيَّرَ أَحَدُكُمْ فَلْيَمْضِ عَلَى طِيَرَتِهِ وَلْيَذْكُرِ اللَّهَ . ( وسائل الشيعة : 10/28 باب 25 ) . قال النبي صلى الله عليه و آله : أوحى اللّه - عزّ وجل - إلى داود عليه السلام : يا داود ، كما لا تضيق الشمس على من جلس فيها كذلك لا تضيق رحمتي على من دخل فيها ، وكما لا تضرّ الطيرة من لا يتطيّر منها كذلك لا ينجو من الفتنة المتطيرون . ( الأمالي للصدوق : 305 مج 50 ح 12 ) . الخيرة في ترك الطيرة . ( شرح نهج البلاغة : 2/283 ح 245 ) . اجتنب خمسا : الحسد والطيرة والبغي وسوء الظن والنميمة . ( عوالي اللآلي : 1/289 ح 144 ) . وَقَالَ عليه السلام : الْعَيْنُ حَقٌّ وَالرُّقَى حَقٌّ وَالسِّحْرُ حَقٌّ وَالْفَأْلُ حَقٌّ وَالطِّيَرَةُ لَيْسَتْ بِحَقٍّ وَالْعَدْوَى لَيْسَتْ بِحَقٍّ وَالطِّيبُ نُشْرَةٌ وَالْعَسَلُ نُشْرَةٌ وَالرُّكُوبُ نُشْرَةٌ وَالنَّظَرُ إِلَى الْخُضْرَةِ نُشْرَةٌ . ( نهج البلاغة : 546 ح 400 ) . وقال أمير المؤمنين عليه السلام : ما منّا أهل البيت من يتطير ( بحار الأنوار : 42/278 ) . فهل يخفى على مسلم بن عقيل عليهماالسلام المفضّل عند الحسين عليه السلام وثقته وصهر أمير المؤمنين عليه السلام الذي نشأ في بيته هذه الأخبار والروايات . قال السيد المقرم رحمه الله : إذاً فما حدّث به ابن جرير الطبري من تطيّر مسلم عليه السلام لمّا مات الدليلان عطشا لا واقع له ، فإنّ من يقرء سيرة مسلم عليه السلام يعرف أنّه ذلك الرجل العظيم السائر على نصوص القانون الإلهي المستنير بما جاء به حامل الدعوة مشرّفهم الرسول صلى الله عليه و آله من المعارف ومكارم الأخلاق . . . . فكيف يتأخر عمّا أفادته الأحاديث الكثيرة من نفي الطيرة التي لم تزل أنديتهم تلهج بها صباحا ومساءا ، وهم المقيّضون لما يراد من العباد من أعمال الخير وتبعيدهم عن خطة الخسف والهوان ، فهل والحالة هذه يجوّز العلم والوجدان نسب-ة التطيّ-ر الى رسول الحسين عليه السلام وخليفته في حاضرة الكوفة ليكون مرشدا ومهذبا ورادعا للأمّة عمّا لا يتّفق مع قدس الشريعة . ولئن غاضبنا ابن جرير على عدم معرفته بما حواه هذا البيت المنيع من رجالات الإصلاح ، فلسنا نسالمه على هذه البادرة التي نسبها الى مسلم عليه السلام الذي لم يعرف منزلته ، ولا مقدار عمله وما يتوخّاه من أسمى الغايات ، وقد فاته أنّ الرواة أرادوا شيئا كشف المستقبل عن تفكّك قياسه . نعم كان مسلم عليه السلام يتفأل كما كان النبي صلى الله عليه و آله وأبناؤه الهداة يتفألون ، وذلك لمّا ارتحل من ذلك الماء أشرف على رجل يرمي ظبيا ، فصرعه ، فسرّه التفأل بقتل عدوه ( مسلم عليه السلامللمقرم : 77 ) . روى الطبري والمفيد وابن أعثم تفاؤل مسلم عليه السلام فقالوا : فأقبل كما هو حتى مر بماء لطي فنزل بهم ثم ارتحل منه فإذا رجل يرمي الصيد ، فنظر إليه قد رمى ظبيا حين أشرف له فصرعه ، فقال مسلم : يقتل عدونا إن شاء اللّه . ( الطبري في تاريخه : 4/263 والشيخ المفيد في الإرشاد : 2/39 ، وكتاب الفتوح لابن أعثم الكوفي : 5/3 ) . ثم قال السيد المقرم رحمه الله : فتلك الجملة التي جاء بها الرواة وسجّلها ابن جرير للحطّ من مقام ابن عقيل الرفيع متفكّكة الأطراف ، واضحة الخلل ، كيف ؟ وأهل البيت ومن استضاء بأنوار تعاليمهم لا يعبأون بالطيرة ، ولا يقيمون لها وزنا . وليس العجب من ابن جرير إذا سجّلها ليشوّه بها مقام شهيد الكوفة كما هي عادته في رجالات هذا البيت ، ولكن العجب كيف خفيت على بعض أهل النظر والتدقيق حتى سجّلها في كتابه مع أنّه لم يزل يلهج بالطعن في أمثالها ، ويحكم بأنّها من وضع آل الزبير ومن حذا حذوهم . ( مسلم عليه السلام للمقرم : 79 ) . شجاعة مسلم عليه السلام لم يعرف الجبن الى بيوت آل أبي طالب سبيلاً ، والشجاعة من شيمهم التي جبلوا عليها و« لو ولد أبو طالب العرب كلّهم لكانوا شجعانا » ، فالشجاعة معرّقة فيهم كبارا وصغارا ، رجالاً ونساءا ، وقد سمعنا بموقف أم هاني بنت أبي طالب يوم أخذت بيد أمير المؤمنين عليه السلام ، وموقف ابن الحسن الزكي عليه السلام - وقيل : ابن الحسين الشهيد عليه السلام - وهو في الأسر يوم طلب منه يزيد - لعنه اللّه - أن يصارع خالدا ، فقال : أعطه سكينا وأعطني سكينا ، فإمّا أن أقتله فألحقه بجدّه أو يقتلني فيلحقني بجدّي وأبي ، وقد سجّلت كربلاء بطولات أولاد مسلم وعقيل وآل أبي طالب عليهم السلام ما لم يعرفه التاريخ في غيرهم قط . قال السيد المقرم رحمه الله : فإنّ المتأمل في « صكّ الولاية » الذي كتبه سيد الشهداء لمسلم بن عقيل عليهماالسلام لا يفوته الإذعان بما يحمله من الثبات والطمأنينة ورباطة الجأش ، وإنّه لا يهاب الموت ، وهل يعدو بآل أبي طالب إلاّ القتل الذي لهم عادة وكرامتهم من اللّه الشهادة ، ولو كان مسلم هيّابا في الحروب ، لما أقدم سيد الشهداء عليه السلام على تشريفه بالنيابة الخاصة عنه التي يلزمها كلّ ذلك . ( مسلم عليه السلامللمقرم : 79 ) . قال البلاذري يصف مسلم بن عقيل عليهماالسلام : إنّه أشجع بني عقيل وأرجلهم ( أنساب الأشراف : 2/334 ) ، وأضاف الشيخ باقر القرشي : بل هو أشجع هاشمي عرفه التاريخ بعد أئمة أهل البيت عليهم السلام ( مسلم عليه السلام للقرشي : 118 ) . ومن نماذج شجاعته أنّه كان أحد رجال ميمنة جيش أمير المؤمنين عليه السلام في صفين ، الحرب الطاحنة التي شارك فيها فرسان العراق والشام وأبطالهم . ولم نسمع غريبا يتّهم آل أبي طالب بالجبن ، فكيف يتّهم الحسين عليه السلام - وحاشاه - مسلما ، وهو الإمام الذي يرى دماءه تجري في عروق ابن عمّه مسلم عليه السلام صاحب ميمنة أبيه في صفين ! وسفيره الى الكوفة الذي بعثه لوحده ليواجه كلّ تلك الجموع ، ويأمر بالقيام معه ومبايعته ونصره ! قال ابن أعثم في الفتوح : فإن كنتم على ما قدمت به رسلكم وقرأت في كتبكم ، فقوموا مع ابن عمّي وبايعوه وانصروه ولا تخذلوه . . . . . ( كتاب الفتوح لابن أعثم : 5/30 ) . معرفة مسلم عليه السلام أنّه قادم على الشهادة إنّ المتطيّر هو من لم يعلم ما يرد عليه ، وإنّما يستكشف ذلك من تلك الأشياء المعروفة عند العرب أنّها سبب لورود الشرّ ( مسلم عليه السلام للمقرم : 72 ) . ومسلم بن عقيل عليهماالسلام يعلم تماما بما هو قادم عليه ، عارف بالمهمة التي تحمل مسؤوليتها ، ونافذ البصيرة في ما أناط به سيد الشهداء عليه السلام ، وهو يعرف الحسين عليه السلام ، ويعرف لماذا خرج السبط المبشّر بالشهادة . روى ابن أعثم في الفتوح والخوارزمي في المقتل قالا : ثم طوى الكتاب وختمه ودعا مسلم بن عقيل - رحمه الله- فدفع إليه الكتاب وقال له : إنّي موجهك إلى أهل الكوفة ، وهذه كتبهم إليّ ، وسيقضي اللّه من أمرك ما يحبّ ويرضى ، وأنا أرجو أن أكون أنا وأنت في درجة الشهداء ، فامض على بركة اللّه حتى تدخل الكوفة .. (كتاب الفتوح لابن أعثم : 5/31 ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي: 1/169). نجد في هذا النص : أولاً : إن الحسين عليه السلام قد أخبره أنّ اللّه سيقضي من أمره ما يحبّ ويرضى . فهل يتردّد من يعتقد بإمامة الحسين عليه السلام - فضلاً عن مسلم بن عقيل عليهماالسلام - في الإقدام بعد أن أخبره سيد الشهداء عليه السلام بأنّ اللّه سيقضي له من أمره ما يحبّ ويرضى؟!! ثانيا : لقد بشّره الحسين عليه السلام بشارة خاصة بالشهادة ، وأخبره بها غير ما يعرفه مسلم عليه السلام- كباقي بني هاشم حينما قال لهم سيد الشهداء عليه السلام : من لحق بي استشهد - فقال له : أنا أرجو أن أكون أنا وأنت في درجة الشهداء . فهو - إذن - عارف عالم بما أقدم عليه ، فلا يحتاج الى التطيّر واستكشاف المستقبل ، ومعرفة ما يقدم عليه من خير أو شرّ . ثم إنّ المقدم على الشهادة ، والعازم على الموت في محبّة سيد الشهداء عليه السلام ودفاعا عن دين سيد الأنبياء صلى الله عليه و آله لا يخاف . ثالثا : قال الحسين عليه السلام : فامض على بركة اللّه حتى تدخل الكوفة ، وسواء كان هذا دعاءا أو إخبارا ، فهو ممّا تسكن اليه نفس المؤمن ويطمئن له قلبه ، ولا يعتريه أيّ شكّ أو تشاؤم أو تردّد بعده ، ولا يجتمع التطيّر مع التفاؤل والبركة المنثورة من فم أبي عبد اللّه الحسين عليه السلام على طول طريقه « حتى يدخل الكوفة » . خصال لا تليق بثقة الحسين عليه السلام ذكرنا في أكثر من موضع أنّ الميزان في تقييم الرجال إنّما هو الحقّ ، ولا يعرف الحقّ بالرجال ، وإنّما « اعرف الحقّ تعرف أهله » ، والحقّ الذي لا مرية فيه إنّما هو الإمام المعصوم ، فإذا وردنا تقييم منه في أيّ شيء ، فهو الميزان ، وعليه المعول ، وقد سمعنا الحسين عليه السلام يوثّق مسلما في زمان ومكان في غاية الخطورة والأهمية ، توثيقا دقيقا ، يرسم للمتأمّل معالم شخصيته رسما واضحا ، يأبى الالتفاف عليه ، والمواربة فيه ، والمراوغة في ردّه ، ويخرس كلّ ناعق ، ويكمّ فم كلّ متأفك ، فهو الثقة عند سبط الرسول ، وسيد الشهداء وقرّة عين الزهراء البتول عليهم السلام ، والمبرز بالفضل عند إمام العصر ، وهو الذي أمر الإمام المفترض الطاعة أهل الكوفة أن يبايعوه كما نصّ على ذلك ابن أعثم في الفتوح . فما دام هو في هذه المنزلة من حجّة اللّه ، وأعرف الخلق بالخلق ، فلا يتطرّق اليه الشكّ ، ولا تقترب منه الشبهات ، ولا يقال في حقّه ما يفيده المؤرخ من صفات لا تليق بالمؤمن العادي فضلاً عن حفيد أبي طالب عليه السلام ، الذي يعد من مفاخر البشرية ، وسروات الهاشميين ، وأبطال الطالبيين ، والفقيه العالم بالدنيا والدين مسلم بن عقيل صلوات اللّه عليه وعلى آله أجمعين . أدب الحسين عليه السلام في التعامل مع الأعداء فضلاً عن الإخوة ما سمعناه في التاريخ من تعامل سيد الشهداء وإمام الصبر والحياء الحسين بن علي سيد الأوصياء عليهماالسلام ، مع أعدائه من الأدب وإقامة الحجة والحياء والصبر ، ما يعجز الإنسان عن وصفه ، وحقّ له أن يعجز ، ولا ضرورة الى نقل نم-اذج م-ن ذلك للتدليل عليه ، فهو ممّا لا شكّ فيه ، وهل يشكّ فيه بشر ، فضلاً عن المسلم ، وناهيك عن المؤمن ، ولكن نكتفي هنا بذكر نموذج واحد فقط حيث كان سيد الشهداء عليه السلامالمكروب على الرمضاء ، وقد قتل القوم أنصاره وأهل بيته ، وهو يستغيث فلا يغاث ، وهو مع ذلك يطلب شربة من ماء فلا يسقى ، فحالوا بينه وبين رحله ، فصاح عليه السلام : « ويلكم يا شيعة آل أبي سفيان ، إن لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون المعاد ، فكونوا أحرارا في دنياكم هذه وارجعوا إلى أحسابكم إن كنتم عربا كما تزعمون » . قال : فناداه الشمر - لعنه اللّه - : ما تقول يا ابن فاطمة ؟ فقال : إنّي أقول : أنا الذي أقاتلكم وتقاتلونني والنساء ليس عليهن جناح . . . . » ( اللهوف للسيد ابن طاووس :71 ) . ونحن لسنا في مقام التفصيل ، ولكن في نظرة سريعة يذوب الإنسان أمام هذا الأدب الرفيع والخطاب الذي يخلب اللّبّ ويأسر القلب ، كيف يخاطب سيد الشهداء عليه السلاموإمام الحياء أعداءه ، ويحاججهم وهم يقاتلونه ويهجمون على عرضه !! « إن لم يكن لكم دين . . . كونوا أحرارا في دنياكم هذه وارجعوا الى أحسابكم . . . » لم يتّهمهم بجبن أو خسّة أو لؤم أو وحشية أو ما شاكل . . . صراحة ، وإنّما يذكّرهم بما يزعمون . . ويلزمهم بما يلتزمون . . . ومن يخاطب عدوّه الذي يباشر قتاله ، ويهجم على أهله وعياله ، ويصبر ويتحمل هذا الموقف الذي لا يصبر فيه سواه ، في ساعة كان فيها غريبا عطشانا كئيبا مكروبا ، بماذا يخاطب إذن ابن عمّه وأخاه وثقته والمبرز بالفضل عنده ؟ وهو في مكة بين أهله وفي سعة من أمره ؟ النقطة الثانية : الارتباك في النقل الذين خرجوا مع مسلم عليه السلام ذكرالطبري والشيخ المفيد: أنّ الحسين عليه السلام دعا مسلما عليه السلام وسرّحه مع قيس بن مسهر الصيداوي ، وعمارة بن عبيد السلولي ، وعبد الرحمن بن عبد اللّه الأرحبي . وأضاف السماوي في إبصار العين : 85 بعد ذكر هؤلاء : وجماعة من الرسل . أمّا الدينوري فلم يذكر في البداية إلاّ مسلما عليه السلام وحده ، وأنّ الحسين عليه السلام دعاه وأرسله « فخرج على طريق المدينة ليلمّ بأهله ، ثم استأجر دليلين » . . . ولم يرد ذكر لغيرهما مع مسلم عليه السلام في كلام الدينوري إلاّ بعد أن يترك مسلم عليه السلام الدليلين يعالجان الموت عطشا فيقول : « فتركهما مسلم ومن معه من خدمه!! » . أمّا ابن أعثم فإنّه لم يصرح بوجود أحد مع مسلم عليه السلام سوى الدليلين ، بل يفيد أنّ مسلما إنّما أخرجهما معه ليكونا دليلين وصاحبين في نفس الوقت ، « ثم أقبل في جوف الليل حتى ودّع من أحبّ من أهل بيته ، ثم إنّه استأجر دليلين من قيس عيلان يدلانه على الطريق ويصحبانه الى الكوفة . . . » . ثم يقول في رسالة مسلم عليه السلام : « فإنّي خرجت من المدينة مع الدليلين استأجرتهما فضلا عن الطريق وماتا عطشا » ، فهو الى هنا ينقل بضمير المفرد ، ثم يقول على لسان مسلم عليه السلام في رسالته : « ثم إنّا صرنا الى الماء بعد ذلك وكدنا أن نهلك فنجونا بحشاشة أنفسنا ، وأخبرك يابن رسول اللّه إنّا أصبنا الماء . .» ، فيروي النجاة وإصابة الماء بصيغة الجمع ، وكأنّه مع جماعة وليس وحده ، فيما كان قبل قليل يفيد أنّه وحده ، ثم يرجع في باقي الرسالة الى ضمير المفرد أيضا . الموضع الذي كتب منه الرسالة : اختلفوا في اسم الموضع الذي كتب فيه الرسالة ، فقال الشيخ المفيد : « بالمضيق » ، ثم ذكر في نصّ رسالة مسلم عليه السلام : « بالمضيق من بطن الخبت » . وقال الطبري : « بالمضيق من بطن الخبيت » . وقال الدينوري : « بطن الحربث » ، وفي نسخة : « الحريث » . أمّا ابن أعثم فلم يذكر الموضع في سرد الحدث ، ولكنّه ذكر في الرسالة على لسان مسلم عليه السلام« أنّا أصبنا الماء بموضع يقال له : المضيق » . الرسول الذي حمل رسالة مسلم عليه السلام ذكر الطبري والشيخ المفيد أنّ مسلما كتب الى الحسين عليه السلام مع قيس بن مسهر الصيداوي . وذكر الدينوري أنّه « كتب الى الحسين عليه السلام مع رسول استأجره من أهل ذلك الماء » ... فيما أغفل ابن أعثم الحديث عن الرسول وقال : « قال : وكتب مسلم بن عقيل » ... اختلفوا في أمر الدليلين وغلطهما وعطشهما وموتهما . . . قال المفيد : فضلاّ وأصابهم عطش شديد ، فعجزا عن السير ، فأومئا له الى سنن الطريق بعد أن لاح لهما ذلك ، فسلك مسلم عليه السلام ذلك الطريق ومات الدليلان عطشا . وقد صرح الشيخ المفيد هنا أنّهما أشارا الى سنن الطريق بعد أن لاح لهما ذلك ، ثم سلك مسلم عليه السلام الطريق ، ثم ذكر أنّهما ماتا . فيما قال الطبري : فضلاّ الطريق وجارا وأصابهم عطش شديد وقال الدليلان : هذا الطريق حتى ينتهي الى الماء ، وقد كادوا يموتوا عطشا . فهو لم يصرح بموتهما وإنّما يترك الأمر الى رسالة مسلم عليه السلام حيث يذكر فيه ذلك . وقال الدينوري : فضلاّ ذات ليلة فأصبحا وقد تاها ، واشتدّ عليهما العطش والحر ، فانقطعا ، فلم يستطيعا المشي ، فقالا لمسلم عليه السلام : عليك بهذا السمت فالزمه لعلّك أن تنجو ، فتركهما مسلم عليه السلام بذلك الماء ومن معه من خدمه بحشاشة الأنفس حتى أفضوا الى الطريق فلزموه ، حتى وردوا الماء . . والدينوري يصرح بعجزهما عن المسير ، ويفيد أنّ مسلما تركهما على حالهما من العطش والعجز واستمر بمسيره مع خدمه !! وأنّهما أشارا عليه أن يسلك سمتا لعلّه ينجو ، فهما لم يعرفا الطريق أكيدا كما أفاد الطبري في قولهما : « هذا الطريق حتى ينتهي الى الماء » . أمّا ابن أعثم فإنّه صرح بموتهما وسارع الى إنشاء رسالة مسلم عليه السلام دون أن يذكر شيئا عن كيفية نجاته ومن معه ، ولم يشر الى أنّ الدليلين قد أرشداه الى الطريق ، فقال : فغلطا الطريق وجارا عن القصد واشتدّ بهما العطش فماتا جميعا عطشا . . » . نصّ رسالة الحسين عليه السلام : قال الطبري والشيخ المفيد : فقد خشيت أن لا يكون حملك على الكتاب إليّ في الاستعفاء من الوجه الذي وجهتك له إلاّ الجبن ، فامض لوجهك الذي وجهتك له ، والسلام . وقال ابن أعثم : بسم اللّه الرحمن الرحيم ، من الحسين بن علي الى مسلم بن عقيل ، أمّا بعد : فإنّي خشيت أن لا يكون حملك على الكتاب إليّ والاستعفاء من وجهك هذا الذي أنت فيه إلاّ الجبن والفشل ، فامض لما أمرت به ، والسلام عليك ورحمة اللّه وبركاته . . . وقال الدينوري : أمّا بعد : فقد ظننت أنّ الجبن قد قصر بك عمّا وجهتك به ، فامض لما أمرتك ، فإنّي غير معفيك ، والسلام . . . ولا يقال : أنّ مضمون الكتاب واحد ، وإن اختلفت الألفاظ ، فإنّ في بعض المضامين إضافات مهمة وخطيرة للغاية ، كما نلاحظ ذلك في نسبة الفشل في عبارة ابن أعثم ، وتحقق الظن «فقد ظننت» وتحقيق أنّه قد قصر به الجبن « قد قصر » والتصريح برفض الحسين عليه السلامبعد تقريره الجبن !! أن يعفيه « فإنّي غير معفيك » في عبارة الدينوري ... . من قرأ رسالة الحسين على مسلم عليه السلام قال الطبري : فقال مسلم لمن قرأ الكتاب : هذا ما لست أتخوفه . . وتفيد عبارته أنّ ثمة رجلاً - كأن يكون الرسول نفسه - قد قرأ الرسالة على مسلم بن عقيل عليهماالسلام ، فلمّا سمع مسلم عليه السلام الكتاب أجاب موجها خطابه الى قارئ الكتاب : هذا ما لست أتخوفه على نفسي . . وقال الشيخ المفيد : فلمّا قرأ مسلم الكتاب قال : أما هذا فلست أتخوفه . . . وهنا قرأ مسلم عليه السلام الكتاب بنفسه ، ثم قال ما قال ، كأنّه يحدّث نفسه ويجيب الحسين عليه السلامبغض النظر عن الحاضرين عنده . وقال ابن أعثم : فلمّا ورد الكتاب على مسلم بن عقيل كأنّه وجد من ذلك في نفسه ، ثم قال : واللّه لقد نسبني أبو عبد اللّه الحسين الى الجبن والفشل .. . جواب مسلم بن عقيل عليهماالسلام قال الطبري : هذا ما لست أتخوفه على نفسي . . وقال الشيخ المفيد : أمّا هذا فلست أتخوفه على نفسي . . . وقال ابن أعثم : واللّه لقد نسبني أبو عبد اللّه الحسين الى الجبن والفشل ، وهذا شيء لم أعرفه من نفسي أبدا . . . أما الدينوري - وهو أقدمهم جميعا - فلم يذكر جوابا لمسلم عليه السلام ، ولم يشر الى أي تعليق صدر عنه في ردّ كتاب الحسين عليه السلام !! النقطة الثالثة : مناقشة المتن نفسه أولاً : لماذا أخذ معه دليلين ولم يكتف بدليل واحد أول ما يواجه القارئ لهذه القصة هو الوقوف عند استئجار مسلم بن عقيل عليهماالسلام دليلين اثنين ، ولم يكتف بدليل واحد ، مع ملاحظة أنّه كان يسير مستخفيا ، وتعدّد الدليل يفضي بالتالي الى تعرضه لخطر الانكشاف ، لتراكم احتمال تسرب المعلومات من جهة ، ولكثرة العدد المتحرك في الصحراء المفتوحة من جهة أخرى . هذا بالاضافة الى كفاية الدليل الواحد ، فما المسوغ لاصطحاب الدليل الثاني ؟ ! ثانيا : كيف أشار الدليلان على الطريق وهما قد ضلاّ أفاد الطبري أنّ الدليلين أشارا الى مسلم عليه السلام ومن معه وقالا : هذا الطريق حتى ينتهى إلى الماء ، فهما - إذن - يعرفان الطريق المؤدية الى الماء ، ويعرفان موقعهم في تلك الصحراء . ثالثا : كيف ترك مسلم عليه السلام الدليلين يموتان لم ينصّ الدينوري على موت الدليلين ، وإنّما قال : فلم يستطيعا المشي . . . فتركهما مسلم ومن معه من خدمه . قال السيد المقرم : وحيث أنّه لم يسعه حملهما للتوصل الى النجاة لأنّهما على وشك الهلاك ، وغاية ما وضح للدليلين العلائم المفضية الى الطريق - لا الطريق نفسه ! - ولم تكن المسافة بينهم وبين الماء معلومة ، وليس لهما طاقة على ال-رك-وب بأنفسهما ولا مردفين مع آخر ، وبقاء مسلم عليه السلام معهما الى منتهى الأمر يفضي الى هلاكه ومن معه ، فكان الواجب المؤكد التحفظ على النفوس المحترمة بالمسير لادراك الماء ، فلذلك تركهما في المكان . وقال في الهامش تعليقا على ما قاله في المتن : استنبطنا ذلك ممّا يحمله مسلم عليه السلاممن القدسية التي تمنعه من ترك الأولى فضلاً عمّا يراد من الدين ، بل ما تقتضيه الإنسانية . ( مسلم عليه السلام للمقرم : 64 ) . والمفروض أنّ المسافة بين الموضع الذي ترك فيه الدليلين وموضع الماء لم يكن بعيدا جدّا حتى استطاع أن يصل له مسلم عليه السلام ومن معه من خدمه ! بحشاشة الأنفس وينجو ، فلماذا لم يرجع مسلم عليه السلام اليهما بالماء أو يرسله لهما ، فينقذهما ويأخذهما معه مرّة ثانية ، ثم لا يتطيّرّ!! أو يكون قد تحرّى وأدّى ما عليه من مقتضيات الشرع والإنسانية !! وهو مسلم بن عقيل عليهماالسلام الجواد ابن الجواد ، والشهم ابن الشهم ، والكريم ابن الكرام ، والمقدّس ابن المقدّس . رابعا : موت الدليلين معا يفترض في الدليل أنّه يجوب الصحراء ، ويعرف مواضع الماء والكلاء فيها ، وأنّه قد اعتاد على العطش والصبر والتحمل والحيلة في الحصول على الماء إذا كظّه الظمأ ، وقد حدّثنا التاريخ بالكثير من قصص العرب في معالجة العطش في الصحاري والقفار التي اعتادوها واستوطنوها ، فكيف مات من بين تلك الجماعة الدليلان دون غيرهم؟ ثم مات الدليلان معا!!! الدليلان فقط . . . خامسا : قد سار مسلم الطريق قبلاً إنّ مسلم بن عقيل عليهماالسلام لم يكن غريبا على تلك الطرق، فقد خرج من المدينة الى الكوفة وبالعكس، كماخرج الى صفين وغيرها مع عمّه أميرالمؤمنين عليه السلام، فماضرورة الدليل؟ لكن قد يقال : إنّه كان يريد أن يتنكب الطريق ، فيقال : سادسا : ماهي الحاجة الى الدليل مع وجود قيس معه كان معه عليه السلام قيس بن مسهر وهاني وعمارة وغيرهما من رسل أهل الك-وف-ة الذين جاؤوا من قبل ، وكان قيس قد ذهب ورجع في هذا الطريق أكثر من مرّة يحمل من والى الحسين عليه السلامرسائل أهل الكوفة ، ثم إنّ قيسا حمل الرسالة من والى مسلم عليه السلام ، وهو في المضيق ، فكيف لم يضلّ الطريق؟! وقد تردّد قيس في حمل الكتب من والى الحسين عليه السلام على الأقل ست مرّات ، فقد بعثه أهل الكوفة الى الحسين عليه السلام ، ثم بعثه الحسين عليه السلام مع مسلم عليه السلام ، ثم بعثه مسلم عليه السلام- على هذا الخبر - الى الحسين عليه السلام ، ثم بعثه الحسين عليه السلام الى مسلم عليه السلام ردّا على كتابه من المضيق ، ثم بعثه مسلم عليه السلام الى الحسين عليه السلام ، ثم بعثه الحسين عليه السلام الى أهل الكوفة ، فقبض عليه واستشهد . ( انظر إبصار العين : 125 ترجمة قيس ) . فهو قد تردّد في هذا الطريق ست مرات على الأقل حاملاً معه رسائل خطيرة يساوي اكتشافها من قبل السلطان موته ألبتة ، فلابد أنّه كان يتحرّى الحيطة والحذر وتنكب الطريق . ومع وجود قيس وغيره ، فما الحاجة الى استئجار الدليلين؟! سابعا : رسالة مسلم عليه السلام قالوا: فكتب مسلم بن عقيل مع قيس بن مسهر الصيداوي إلى حسين ، وذلك بالمضيق من بطن الخبيت : أمّا بعد : فإنّي أقبلت من المدينة معي دليلان لي ، فجارا عن الطريق وضلاّ ، واشتدّ علينا العطش ، فلم يلبثا أن ماتا وأقبلنا حتى انتهينا إلى الماء فلم ننج إلاّ بحشاشة أنفسنا ، وذلك الماء بمكان يدعى المضيق من بطن الخبيت ، وقد تطيّرت من وجهي هذا ، فإن رأيت أعفيتني منه ، وبعثت غيري ، والسلام . قال السيد المقرم : وهنا نستفيد منزلة عالية لمسلم عليه السلام في التقوى والورع في أمر الدين ، وأنّه لا يتخطّى رأي حجّة الوقت في حلّه ومرتحله ، وإنّما كتب الى إمامه بهذه الحادثة ، لأنّه احتمل أن يكون هذا الحادث يغير رأي الإمام ، فتوقف عن المسير ليرى ما عنده ، ويكون على بصيرة في إنفاذ أمره . ولمّا قرأ السبط الشهيد عليه السلام كتاب مسلم عليه السلام أمره بالمسير الى مقصده تعريف-ا بأنّ هذه الأحوال لا تغيّر ما عزم عليه من إجابة طلب الكوفيين ، وقد ملاؤا الأجواء هتافا بأنّهم لا إمام لهم غيره ينتظرونه ليقيم ودّهم ، فلو لم يجبهم تكون لهم الحجة عليه يوم نصب الموازين ، والإمام المنصوب من قبل اللّه - تعالى - لا يعمل عملاً يسبب اللوم عليه . ( مسلم عليه السلامللمقرم : 64 ) . ربما قيل للسيد رحمه الله بكلّ خضوع وأدب : إنّ هذا التبرير المذكور يحمل في طياته تسويغ وقوع التطيّر من مسلم عليه السلام في الوقت الذي نفاه السيد عنه نفيا باتّا ، وذلك أنّ مسلم عليه السلام قد اتخذ موقفا وتوقف عن المسير لحادث موت الدليلين ، فهو - إذن - قد امتنع عن المضي لمجرد وقوع هذا الحادث ، وليست الطيرة شيئا آخر غير هذا . هذا ، بالإضافة الى أنّ مسلما كان نافذ البصيرة عالما بما أقدم عليه ، والقضية قضية مواريث الأنبياء ودين ربّ الأرض والسماء ، وقضية سيقدّم لها سيد الشهداء عليه السلامخيرة أنصاره وأهل بيته وفلذات كبده ، والأعظم من ذلك كلّه نفسه المقدّسة ، ومن كان في مقام مسلم عليه السلام ومنزلته وفقهه ، بل لو كان دون ذلك - فضلاً عن مولانا مسلم عليه السلام - لما توقّف في أمر عظيم يعلم مداه لمجرد موت « دليلين عطشا » . هل يتوقف ثقة الحسين عليه السلام والمبرز بالفضل عند الحسين عليه السلام في مثل هذه القضية العادية المألوفة في ذلك الزمان !! ثامنا : رسالة الحسين عليه السلام قالوا : فكتب إليه حسين : أمّا بعد : فقد خشيت ألا يكون حملك على الكتاب إليّ في الاستعفاء من الوجه الذي وجهتك له إلاّ الجبن ، فامض لوجهك الذي وجهتك له ، والسلام عليك . وقال الدينوري : فامض لما أمرتك فإنّي غير معفيك ، والسلام . أولاً : لماذا أصرّ الحسين عليه السلام على إرسال مسلم عليه السلام ؟ قد يقال هنا بالإضافة الى ما مرّ من مناقشة متن الرسالة المنس-وب-ة للم-ول-ى سيد الشهداء عليه السلام : إذا كان الحسين عليه السلام قد قرر جبن مسلم عليه السلام وفشل-ه عل-ى رواي-ة اب-ن أعث-م - وتعالى الحسين ومسلم عليهماالسلام عن ذلك علوا كبيرا - فلماذا يأبى الحسين عليه السلام ويأمره بالمضي ، ويؤكد له أنّه غير معفيه . فإمّا أن يقال : إنّ الحسين عليه السلام يعرف مسلما عليه السلام ، وأنّه لا يمكن أن ينسب الى الجبن والفشل ، وعليه فلابد له أن يستمر في مهمته بشجاعته وبسالته المعهودة . وهو خلاف ما نصّت عليه الرسالة . وإمّا أن يقال : إنّ الحسين عليه السلام - والعياذ باللّه - يصرّ على أن يكون ممثله في الكوفة « جبانا فاشلاً » للقيام بالمهمة الصعبة ، وبهذا يريد ناسج القصة أن يقرر فشل حركة مسلم عليه السلامومواقفه في الكوفة مسبقا ، وقد خاب سعي من افترى . ثانيا : نسبة الفشل والجزع لمسلم؟! تخرّص ابن أعثم على سيد الشهداء وقرّر للحسين عليه السلام موقفا إذ قال قبل أن يروي جواب الحسين عليه السلام على كتاب مسلم عليه السلام : فلمّا قرأ كتاب مسلم بن عقيل - رحمه اللّه - علم أنّه قد تشاءم وتطيّر من موت الدليلين ، وأنّه جزع !!! وهنا أضاف ابن أعثم الى « الجبن » و« الفشل » و« التطيّر » « الجزع » أيضا ، وحاشا مثل مسلم بن عقيل عليهماالسلام أن يجزع ، وقد وقف في الكوفة وقبلها في صفين موقفا « شيب لهوله رأس الرضيع »! ثالثا : إنّ مسلما عليه السلام وجد في نفسه من ذلك! ذكر ابن أعثم : أنّ مسلما لمّا قرأ كتاب الحسين عليه السلام ، « كأنّه وجد من ذلك في نفسه » . . وهذا ما يريد الراوي المشبوه أن يقرّره لنا : أنّ ثمّة موجدة وحزازة بين الحسين عليه السلاموابن عمّه وصهره وثقته ، ولو راجعنا نصوص الطف التي صاغها لنا المؤرخون المغرضون لوجدناه تؤكد بشدّة على هذه القضية، وتضرب بعنف على هذا الوتر ، تريد أن توحي - وتصرح أحيانا - أنّ معسكر الحسين عليه السلاممتفكّك العرى ، غير متماسك ، ويحاول أن يشكّك في مواقفهم وثقتهم بإمامهم ، وثقة بعضهم ببعض ( انظر : كتاب زهير بن القين علوي خرج يتلقى الحسين عليه السلام - دواعي قيس بن عزرة من وراء اتهام زهير بالتعثمن ) . ويكفي في ذلك قراءة قصة شراء معاوية أم مسلم بن عقيل عليه السلام . . وإلاّ فما معنى أن يجد مسلم عليه السلام في نفسه ؟ هل يعني أنّ مسلما عليه السلام قد وجد في نفسه على الحسين عليه السلام ، لأنّه اتهمه بالتطيّر والجبن ، فهذا نصّ الكتاب المنسوب الى مسلم عليه السلام ، فلماذا يجد في نفسه ممّا كتبه بنفسه حسب قصة الراوي ؟ أو أنّ المراد وجد من ذلك في نفسه ، أي أنّه وجد ممّا ينسب اليه في نفسه ، وأنّه أحسّ بعد أن قرأ كتاب الحسين عليه السلام أنّه فعل ما لا ينبغي أن يفعله ، فوجد في نفسه من ذلك - أي من فعله - فهذا ما لا يمكن تصوره ، فكيف لم يحصل ذلك لمسلم عليه السلام خلال فترة ذهاب الرسول وإيابه ، ولم يلتفت في مدّة تتجاوز العشرة أيام ، وبقي في هذه الفترة كلّها مصرّا على موقفه وتطيّره!! حتى قرأ كتاب الحسين عليه السلام ؟ وعلى كلّ حال ، فإنّ هذه العبارة المنسوبة لمسلم عليه السلام في كلّ ألفاظها ، وما نسب لسيد الشهداء عليه السلام في كتابه اليه ، يقرر أنّ مسلما عليه السلام قد تحامل على نفسه ، وأقدم على ما أقدم عليه ، وهو غير مقتنع بتاتا ، وإنّما حمله على ذلك النخوة ، وإثارة الحفيظة ، وأنّ الدافع إنّما هو إثبات شجاعته ، وأنّه لم يجبن ولم يفشل ، تماما كما يحاولون إلصاق نفس هذه القضية بهاني بن عروة . ونحن نشهد أنّه لم يهن ولم ينكل ، بل إنّه أقدم على بصيرة من أمره مقتديا بالصالحين ، ومتبعا للنبيين ، ومطيعا لسيد الشهداء عليه السلام وسبط سيد المرسلين صلى الله عليه و آله ، فصلّى اللّه عليه وعلى أهل بيته أجمعين . رابعا : نفي مسلم عليه السلام لما نسبه اليه الحسين عليه السلام ! ذكر ابن أعثم تعليق مسلم بن عقيل عليهماالسلام على كتاب الحسين عليه السلام فقال : قال : واللّه لقد نسبني أبو عبد اللّه الحسين الى الجبن والفشل ، وهذا شيء لم أعرفه من نفسي أبدا . . وكذا هي عبارة الآخرين : أمّا هذا فلست أتخوفه على نفسي . . . نسمع في تعبير ابن أعثم يمينا يحلف به مسلم عليه السلام ، ويقول : « واللّه » ، تعالى مسلم عليه السلامعن ذلك ، كيف يقسم على نية الحسين عليه السلام ، ويقسم أنّه عليه السلام قد نسب له الجبن والفشل ، وهو شيء لا يعرفه من نفسه أبدا . . نفي قاطع مؤبد « لا أعرفه من نفسي أبدا » ، فكيف نسبه الحسين عليه السلام الى ما لا يعرفه هو من نفسه ، والإمام في عقيدة مسلم بن عقيل عليهماالسلامتماما كما في عقيدة كلّ شيعي موالي ، يعلم واقع الأمور ، ويعلم ما في قلوب العباد ، بعلم الإمامة من عند اللّه . فلو أنّ نسبة الحسين عليه السلام كانت حقّا ، فليس لمسلم عليه السلام ولا غيره أن ينفيها نفيا قاطعا ، بل بأيّ نوع من أنواع النفي ، وهذا ما نقطع أنّ مسلما عليه السلام كان يدين اللّه به ، كما ندين اللّه به نحن . وإذا كان ما اعتقده مسلم عليه السلام من عدم وجود هذه النسبة فيه أبدا ألبتة ، فلا ينسب ذلك للحسين عليه السلام بوجه ، لأنّ الحسين عليه السلام إمام ، ولا ينسب للعباد ما ليس فيهم . على أنّ الحسين عليه السلام يعرف مسلم بن عقيل عليهماالسلام معرفة قريبة ، بغض النظر عن علم الإمامة ومعرفة الإمام، فهو ابن عمّه وصهره والمقاتل القديم في عسكر أبيه، ودماء آل أبي طالب تجري في عروقه ، وقد قرّر قبل ذلك بأيام أنّه ثقته والمفضل عنده وأخوه !! النقطة الرابعة : مناقشة إمكان وقوع ذلك إذا وردت الرواية عن أهل البيت عليهم السلام بطرق أصحابهم ، فلا نقاش في الإمكان وعدمه، لأنّ ما فعله المعصوم حاكم على العقل العادي ، وعلى المؤمن أن يسلّم له ، وهذا مفروغ عنه . لكن ورود الموقف من خلال روايات التاريخ المشحون بالعداء والشحناء ، والكذب والافتراء على رجال الحقّ يدعونا للريب فيه والتأمّل ، والمراجعة والتفكير أكثر من مرّة قبل قبوله أو ردّه . ونحن نردّ التاريخ ونحاكمه بناءا على ما ورد عن أهل البيت عليهم السلام ، فهم الميزان في القبول أو الردّ في كلّ الأمور ، وقد عرفنا مسلم بن عقيل عليهماالسلام الذي عرّفه لنا الحسين عليه السلام في « صك الولاية » ورسالته الى أهل الكوفة ، فما وافق كلام سيد الشهداء عليه السلام قبلناه ، وما عارضه فلا وزن له ولا تأثير . وبناءا على هذا : أولاً : لا يتصور صدور ذلك من مسلم عليه السلام قد عرفنا - ممّا مرّ - مسلم بن عقيل عليهماالسلام وشجاعته ومعرفته بما أقدم عليه ، ونفوذ بصيرته وصلابة إيمانه ، فلا يمكن تصور الجبن والفشل والتطيّر وصدور الاستعفاء منه لمجرد « عارض من المألوف أن يصيب كثيرا من المسافرين في تلك الأيام » . ( مع الركب : 2/50 ) . « ترى هل تخشى الموت نفس مطمئنة بالسعادة . . وهل تتطيّر من لقاء الموت نفس مشتاقة الى لقاء اللّه ولقاء رسوله صلى الله عليه و آله والأحبة الماضين من أهل البيت عليهم السلام ؟! وهل فارقت الطمأنينة نفس ملسم عليه السلام لحظة ما ؟! وهذه سيرته في الكوفة تشهد له بثبات وطمأنينة المستيقن من أمره لا يفوقه في مستوى ثباته إلاّ الإمام المعصوم عليه السلام » ( مع الركب : 2/50 ) . ونجد في هذه الرسالة اتهاما لمسلم عليه السلام بالجبن « وهو مناقض لتوثيقه له من أنّه ثقته والمبرز بالفضل من أهل بيته » ( مسلم عليه السلام للقرشي : 118 ) . ثانيا : لا يتصور صدور ذلك من سيد الشهداء عليه السلام قد سمعنا ما قاله سيد الشهداء عليه السلام في ابن عمّه وثقته والمفضل عنده ، فلا يتصور أن يتهمه بالجبن والفشل والعياذ باللّه . واتهام « مسلم بالجبن يتنافى مع سيرته ، فقد أبدى من الشجاعة ما يبهر العقول ، وقد استقبل الموت بثغر باسم ، ولم يخضع لأولئك السفكة المجرمين » ( مسلم عليه السلامللقرشي : 118 ) . ثالثا : لا وجود لمضيق الخبت بين المدينة والعراق قال الشيخ باقر القرشي - حفظه اللّه - : « إنّ مضيق الخبت الذي بعث منه مسلم برسالة الى الإمام الحسين عليه السلام يقع ما بين مكة والمدينة حسب ما نصّ عليه الحموي ( معجم البلدان : 2/343 ) ، ولم يكن هناك موضع يسمّى بهذا الاسم يقع بين المدينة والعراق ، وقد نصت الرواي-ة عل-ى أنّه استأج-ر دليلي-ن م-ن المدينة ، وخرجوا الى العراق فضلّ الدليلان وتوفّيا في الطريق » ( مسلم عليه السلامللقرشي : 117 ) . رابعا : لايجتمع ذهاب الرسول وعودته مع مدّة سفر مسلم عليه السلام قد يقال بوجود هذا الموضع بين المدينة والعراق ، وأنّ عدم ذكر الحموي له لا يدلّ على عدم وجوده ، ولكن مع هذا لا تستقيم القصة ، وذلك : الف : إنّ الخبر نصّ على أنّ مسلما عليه السلام قد استأجر الدليلين من المدينة ، ومن المعلوم أنّ الحسين عليه السلام كان يومها في مكة . باء : ذكر الدينوري أنّه استأجر دليلين من قيس ، وسار ، فضلاّ ذات ليلة . . وفي هذا التعبير إشارة الى أنّهم قد ساروا ليال وأياما « وفي ذات ليلة » ضلّوا عن الطريق ، فهم قد ساروا مسافة غير قليلة بعيدا عن المدينة . جيم : مقتضى رسالة الاستعفاء وطلب توجيه الغير للقيام بالمهمة أنّ مسلما لم يتحرّك من مكانه بالمضيق انتظارا للجواب ، لانّه متطيّر من وجهه ذاك - حسب القصة - ولا يريد الاستمرار بالسفر ، وهذا ما نصّ عليه الدينوري فقال : ويخبره أنّه مقيم بمنزله من بطن الحريث . دال : لو افترضنا أنّ المسافة هي من المدينة الى مكة فحسب دون احتساب المسافة بين المضيق والمدينة - وهي مسافة غير قليلة كما سمعت في المقدمات السابقة - فإنّ السفر من المدينة الى مكة لإيصال الرسالة ، ثم السفر من مكة الى المدينة - فضلاً عن المضيق - يستوعب زمانا لا يقلّ عن عشرة أيّام ، وحسب ما ذكرناه في « جيم » فإنّ مسلم عليه السلام كان ينتظر في نفس الموضع الذي كتب منه للحسين عليه السلام . قال الشيخ باقر القرشي : « إنّ سفر مسلم عليه السلام من مكة الى الع-راق م-ع م-روره بالمدينة وتوديعه الى أهله قد حدده المؤرخون بعشرين يوما، وهي أسرع مدّة يقطعها المسافر، فإذا استثنينا مدّة سفر رسول مسلم من ذلك المكان ورجوعه اليه - وهي تساوي عشرة أيام على الأقل - فيكون مجموع المدّة في سفر مسلم عشرة أيام ، ويستحيل أن يقطع الطريق من مكة الى الكوفة بعشرة أيام » ( مسلم عليه السلام للقرشي : 118 ) . وأخيرا : قال الشيخ باقر شريف القرشي : إنّ هذا الحديث من المفتريات التي وضعت للحطّ من قيمة هذا القائد العظيم الذي هو من مفاخر الأمّة . . .( مسلم عليه السلام للقرشي : 118 ) . وقال الشيخ نجم الدين الطبسي : إنّ من يراجع ترجمة حياة مسلم بن عقيل - على اختصارها في الكتب - وله معرفة بالعرف العربي آنذاك عامة ، وبالشمائل الهاشمية خاصة ، لا يتردّد في أنّ هذه القصة مختلقة ، وأنّها من وضع أعداء أهل البيت عليهم السلاملتشويه صورة وسمعة هذا السفير العظيم ( مع الركب الحسيني :2/49 ) . وقال أيضا : إنّ أصل الرسالة والجواب لا صحّة لهما ، والظن قوي في أنّ الحادثة أيضا لا صحة لها . ولكن مع كلّ ما مرّ من مناقشات ، وما قاله المحقّقون في هذا المجال ، إذا كان لابد من قبول الخبر والرسائل المتبادلة بين الحسين وسفيره عليهماالسلام ، فلنقل : إنّ مسلما كتب الى الحسين عليه السلام بما حدث في الطريق من موت الدليلين باعتباره يرى ضرورة إطلاع الإمام عليه السلام على كلّ تفاصيل السفر ، وكلّ ما يفعله من صيغرة أو كبيرة ، لأنّه الثقة والمعتمد والرائد ، فلابد له أن يخبر الإمام عليه السلام بكلّ شيء ، فقرأ سيد الشهداء عليه السلام رسالته ثم أمره بالمضي قدما ، دون أن يكون مسلم عليه السلام قد تطيّر أو يكون الحسين عليه السلام قد اتهمه بالجبن . كما يظهر ذلك من كلام السيد المقرم في أنّه يقبل أصل وقوع الحادثة إلاّ أنّه ينكر ما ورد فيها من نسبة التطيّر والجبن لمسلم عليه السلام ، ويقول : إنّ هذا بالخصوص هو من زيادة الوضاعين ، والموضوعات المختلقة التي لا صحة له-ا بت-ات-ا ، بعد أن أفاد أنّ كتاب مسلم للحسين عليهماالسلامكان استخبارا واستكشافا للتكليف بعد حصول الحادثة لئلا يتخطّى رأي حجّة الوقت في حلّه ومرتحله . . . مسلم عليه السلام للمقرم : 64 ، فقال : لقد تجلّى ممّا ذكرناه من رفع الطيرة في الشريعة الافتراء على ابن عقيل في كتابه الى الحسين عليه السلام : « إنّي تطيّرت من هذا الوجه ، فإن رأيت أن تعفيني وتبعث غيري » ، فكتب اليه الحسين عليه السلام : أمّا بعد : فقد خشيت ألاّ يكون حملك على هذا إلاّ الجبن فامض لوجهك الذي وجهتك له . ( انظر : مسلم عليه السلام للمقرم : 63 - 79 ) .

ص: 48

ص: 49

ص: 50

ص: 51

ص: 52

ص: 53

ص: 54

ص: 55

ص: 56

ص: 57

ص: 58

ص: 59

ص: 60

ص: 61

ص: 62

ص: 63

ص: 64

ص: 65

ص: 66

ص: 67

ص: 68

ص: 69

ص: 70

فخرج حتى قدمها ، فنزل على رجل من أهلها يقال له « عوسجة(1) » .

فلمّا تحدّث أهل الكوفة بمقدمه دنوا إليه ، فبايعه منهم اثنا عشر ألفا .

مجيء ابن زياد الى الكوفة

فقام رجل ممّن يهوى يزيد إلى النعمان ، فقال له : إنّك لضعيف أو متضعّف قد فسّد البلاد ، فقال النعمان : أكون ضعيفا في طاعة اللّه - عزّ وجلّ - أحبّ إليّ من أن أكون قويّا في معصية اللّه ، وما كنت لأهتك سترا ستره اللّه - عزّ وجلّ - .

فكتب بقوله إلى يزيد بن معاوية ، فدعى يزيد مولى له يقال له : « سرجون » ، قد كان يستشيره فأخبره الخبر ، فقال له : أكنت قابلاً من معاوية لو كان حيّا ؟ قال : نعم ، قال : فاقبل منّي إنّه ليس للكوفة إلاّ عبيد اللّه بن زياد ، فولّها إياه .

ص: 71


1- الظاهر أنّه يقصد مسلم بن عوسجة رضوان اللّه عليه ، والمشهور أنّه نزل على المختار رحمه الله .

وكان يزيد عليه ساخطا ، وقد كان همّ بعزله ، وكان على البصرة ، فكتب إليه برضاه ، وأنّه قد ولاّه الكوفة مع البصرة ، وكتب إليه أن يطلب مسلم بن عقيل عليهماالسلام فيقتله إن وجده .

فأقبل عبيد اللّه في وجوه أهل البصرة حتى قدم الكوفة متلثّما ، فلا يمرّ على مجلس من مجالسهم فيسلّم عليهم إلاّ وقالوا : وعليك السلام يا ابن بنت رسول اللّه ، وهم يظنون أنّه الحسين بن علي عليهماالسلام ! حتى نزل بالقصر .

قصة معقل

فدعى مولى له فأعطاه ثلاثة آلاف درهم ، فقال له : اذهب حتى تسأل عن الرجل الذي يبايع أهل الكوفة ، فأعلمه أنّك رجل من أهل حمص جئت لهذا الأمر ، وهذا مال فادفعه إليه ليقوى به .

فخرج الرجل فلم يزل يتلطّف ويرفق حتى دلّ على شيخ يلي البيعة ، فلقيه فأخبره الخبر .

فقال له الشيخ : لقد سرّني لقاؤك إياي ، ولقد ساءني ، فأمّا ما سرّني من ذلك فما هداك اللّه - عزّ وجلّ - له ، وأمّا ما ساءني فإنّ أمرنا لم يستحكم بعد .

فأدخله على مسلم عليه السلام فأخذ منه المال وبايعه ، ورجع إلى عبيد اللّه فأخبره(1) .

ص: 72


1- انظر قصة « معقل » في تاريخ الطبري : 5/363 . وهي قصة لا ينبغي الركون اليها - فيما أحسب - بعد التأمل فيها ، ولايمكن القول بها - على مايبدو - بحال، بعد معرفتنا برجال الحسين عليه السلام ، من أمثال مسلم بن عوسجة ومسلم بن عقيل عليهماالسلام . قال الشيخ باقر القرشي - حفظه اللّه - في كتابه « حياة الشهيد الخالد مسلم بن عقيل » : 113 : « اختار الإمام عليه السلام في سفارته ثقته ، وكبير أهل بيته ، والمبرّز بالفضل فيهم مسلم بن عقيل ، وهو من أفذاذ الرجال ، ومن أمهر الساسة ، وأكثرهم قابلية على مواجهة الظروف ، والصمود أمام الأحداث » . وأمّا مسلم بن عوسجة الشيخ الكبير الطاعن في السن ، وصاحب السوابق في الحرب والقتال ومقارعة الأبطال ، كما شهد له الأعداء يوم عاشوراء . فإنّهما أذكى وأنبل وأدقّ وأكثر حذرا من أن يخدعهما ابن زياد أو معقل ، وقد قضى كلّ منهما عمرا مديدا في ممارسة التقية والحيطة وصدّ اختراق التجسس في عهد معاوية ومن سبقه . ثم ما هي الحاجة لمعقل الجاسوس الواحد ، إذا كان الغرض معرفة مكان مسلم فقط ، مع كلّ ما تمحّلته القصة من زيف ، والكوفة كلّها تعرف جيدا مكان مسلم بن عقيل عليهماالسلام ، فقد بايعه في الكوفة أكثر من ثلاثين ألفا - على رواية العقد الفريد وجواهر المطالب وغيرهما - وأقلّ ما ذكر في ذلك اثني عشر ألفا ، وكان مسلم بن عقيل عليهماالسلام قد جمع حوله في الدور أربعة آلاف سيف ، وكلّ هؤلاء كانوا يعرفون بشكل من الأشكال مكانه عليه السلام . قال الشيخ القرشي - حفظه اللّه - : « ومضى مسلم الى دار هاني الزعيم العربي !! الكبير ، فاستقبله بحفاوة بالغة ، ورحّب به ترحيبا حارا ، وصارت داره مركزا لنشاط مسلم السياسي ، ومحلاً لاجتماع الشيعة عنده » . ثم قال - حفظه اللّه - : « وعلى أيّ حال ، فقد استقرّ في دار هاني واتخذها مقرّا للثورة ، وقد احتف به هاني ، ودعا القبائل لمبايعته ، فبايعه في منزله !! ثمانية عشر ألفا . . » الأخبار الطوال للدينوري : 214 . فما الضرورة لاختلاق جاسوس يدعى «معقل»، ليخترق الثورة! بهذه الصورة الفجة !! سيما إذا عرفنا أنّ مسلما عليه السلام إنّما اختار بيت هانيء ولجأ اليه لأنّه كان كما يقول الشيخ القرشي - حفظه اللّه - في الكتاب المذكور : 132 : « سيد المصر ، وزعيم مراد ، وعنده من القوة ما يضمن حماية الثورة ، والتغلّب على الأحداث ، فكان - فيما يقول المؤرخون - إذا ركب يركب معه أربعة آلاف دارع وثمانية آلاف راجل ، وإذا أجابته أحلافه من كندة وغيرها كان في ثلاثين ألف دارع . . . » ( الفتوح لابن أعثم : 5/67 ) . ولكن سماحة الشيخ القرشي - حفظه اللّه - سجّل في الكتاب المذكور : 141 وفي كتابه الإمام الحسين عليه السلام : 2/369 بعض المؤاخذات على أعضاء الثورة فقال : « والذي يواجه أعضاء الثورة من المؤاخذات ما يلي : أولاً : إنّ معقلاً من أهل الشام الذين عرفوا بالبغض والكراهية لأهل البيت عليهم السلام ، والولاء لبني أمية ، والتفاني في حبّهم ، فما معنى الركون اليه ؟ ثانيا : إنّ اللازم التريّث حينما أعطى المال لمسلم بن عوسجة وهو يبكي ، فما معنى بكائه أو تباكيه ؟ أليس ذلك ممّا يوجب الريب في شأنه ؟ ثالثا : إنّه حينما اتصل به كان أول داخل وآخر خارج ، فما معنى هذا الاستمرار والمكث الطويل في مقرّ القيادة العامة ؟ أليس ذلك ممّا يوجب الشكّ في أمره ؟ لقد كان الأولى بالقوم ! التحّرز منه ، ولكنّ القوم ! قد خدعتهم المظاهر المزيّفة !!! ومن الحقّ أنّ هذا الجاسوس كان ماهرا في صناعته ، خبيرا فيما انتدب اليه . . » . وهذه المؤاخذات !! ومؤاخذات أخرى كثيرة يمكن أن تسجّل على القصة هي بنفسها - في الحقيقة - إشكالات تسقط الخبر ، وتدعونا الى طرحه بشجاعة وجرأة ، بعد أن عرفنا أنّ ثقة الحسين عليه السلاموالخبير بالمجتمع الكوفي والمحارب القديم مسلم بن عقيل عليهماالسلام ، وكذا مسلم بن عوسجة الشيخ الكبير وإرشيف التجارب المرّة مع أعداء أهل البيت عليهم السلام ، الذي لو لم يكن محاربا مقاتلاً مجربا في ساحات العمل والقتال ومعرفة الأعداء ، ولو لم يكن التسديد الإلهي حليفه لاكتفى بتجارب السنين الطويلة التي عاشها مع ابن زياد وأبيه وأسيادهم . التصديق بمضمون هذه القصة يؤدي بالتالي الى التشكيك في حنكة المسلمَين ، وأنّهما قد استغفلا و«خدعا !»، والاعتقاد بحذق ابن زياد ومعقل، فطرح الخبر أولى من قبول هذه النتيجة ، لأنّ الميزان عندنا معرفتنا بهذين السيفين من سيوف الحسين عليه السلام ، وما ورد فيهما عن الأئمة المعصومين عليهم السلام ، لا ما نقله لنا المؤرخ . ولا ندري كيف نتوجس نحن ونرتاب في موقف « معقل » ، ولا يلتفت اليها مسلم بن عوسجة ، ومسلم بن عقيل عليهماالسلام وهما في خضم المعركة ؟! قال الشيخ محمد جواد الطبسي - حفظه اللّه - في كتابه وقائع الطريق من مكة الى الكوفة ( الجزء الثالث من موسوعة مع الركب الحسيني ) : 3/96 : « . . . لكن في حضوره يوميا عند مسلم بن عقيل عليه السلام ، ودخوله عليه في أوّل الناس ، وخروجه عنه آخرهم ، فيكون نهاره كلّه عنده ، ما يدعو الى الريبة والشك فيه ، فلماذا لم يرتب ولم يشك فيه مسلم عليه السلاموأصحابه ؟! إنّ في هذا ما يدعو الى الاستغراب والحيرة فعلاً ! » . ولاداعي للاستغراب والحيرة والبحث عن التبريرات والتأويلات مادمنا نعرف مسلم بن عقيل ومسلم بن عوسجة ، فلانخضع للخبر ، وهو لم يرو عن أهل البيت عليهم السلام ، لأنّنا « نعلم - كما يقول الشيخ في كتابه - أنّ مسلم بن عقيل ومسلم بن عوسجة وأصحابهما هم من أهل الخبرة الإجتماعية والسياسية والعسكرية ، فلا يسعنا أن نتعرّض باللوم عليهم أو أن نتهمهم بالسذاجة !! بل علينا أن نتأدب بين يدي تلك الشخصيات الإسلامية الفذّة ، وأن ننزّه ساحاتهم المقدّسة عن كلّ ما لا يليق بها ، وأن نقف عند حدود معرفتنا التأريخية القاصرة لا نتعدّاها الى استنتاجات واتهامات غير صائبة ولا لائقة ...» !! وكيف يمكن قبول الحدث وردّ لوازمه التي لا تنفك عنه ؟ ! أو ليس من الأحرى بنا أن نقول : إنّ المؤرخ الذي عاش في بلاط السلطان وعمل على إقناع التاريخ بما أملاه عليه ، قد خدعنا بقصته المزيفة ؟ بدلاً من أن نسلّم باستغفال المسلمَين ، والحال علينا أن نرفض كلّ ما يمسّ قدسية أصحاب الحسين عليه السلامأو يشكّك في مواقفهم . أو ليس من الأحرى أن نقول : إنّ المؤرخ العامل ضمن المخطط الإعلامي الدقيق لأعداء أهل البيت عليهم السلام كان ماهرا في صناعته ، وخبيرا فيما انتدب اليه من تنميق أكذوبته ؟ علينا أن نفهم قصة مسلم بن عقيل عليهماالسلام ضمن الصورة الكبيرة التي جهد الأمويون على رسمها ، في تشويه صورة أمير المؤمنين وأولاده الطاهرين عليهم السلام وأصحابهم الغرّ الميامين ، وتقديمهم الى التاريخ باعتبارهم لا يعرفون من السياسة والتعامل الاجتماعي شيئا ، فيما يرسم لنا آل أمية وأذنابهم في صور مضلّلة كأنّهم دهات السياسة وعفاريت التاريخ ؟ وقد استهدف مسلم بن عقيل عليهماالسلام استهدافا خاصا من قبل الأمويين ، فلو قرأته في تاريخهم تجده رجلاً خائفا متلددا مختفيا يطارده ابن زياد وهو في « الخزانة » ، و« بيت المخدع في بيت هاني » ، وكأنّ زمام المباردة بيد ابن زياد ومسلم عليه السلام هو المطارد الخائف . وليس الأمر كذلك ، بل كان ثقة الحسين عليه السلام وحفيد أبي طالب عليه السلام - الذي لو ولد العرب كلّهم لكانوا شجعانا - بيده زمام المبادرة ، وتقدير الأمور ، ولم يكن الدعي ابن الدعي بأكثر حنكة وحذقا من رجال الحسين عليه السلام . وكيف كان ، فإنّ الحرب وإن كانت تستتبع حرب المعلومات والتجسس ، ويعدّ التجسس قديما وحديثا من أهم أركان المعارك والحروب ، فليكن لابن زياد جواسيس كما كان لمسلم بن عقيل جواسيس على القصر ، ولا حزازة في أن تخترق الجيوش والحركات ، ولكن أن تخترق بهذه الصورة الفجة التي تشين برجال الحسين عليه السلام فهذا ما لا يمكن المصير اليه . ونحن لا نريد مناقشة القصة هنا ، ولمناقشتها مفصلاً موضع آخر .

ص: 73

ص: 74

تحوّل مسلم عليه السلام الى منزل هاني

وتحوّل مسلم بن عقيل عليهماالسلام حين قدم عبيد اللّه من الدار التي كان فيها إلى منزل هاني بن عروة المرادي .

ص: 75

كتاب مسلم الى الحسين عليهماالسلام

وكتب مسلم بن عقيل عليهماالسلام إلى الحسين عليه السلام يخبره ببيعة اثني عشر ألفا من أهل الكوفة ، ويأمره بالقدوم .

حبس هاني بن عروة

قال : وقال عبيد اللّه لوجوه أهل الكوفة : ما بال هاني بن عروة لم يأتني فيمن أتاني ؟!

قال : فخرج إليه محمد بن الأشعث ، وأناس منهم ، فأتوه وهو على باب داره ، فقال له : إنّ الأمير قد استبطأك فانطلق إليه .

فلم يزالوا به حتى ركب معهم ، فدخلوا به على عبيد اللّه ، وعنده شريح القاضي ، فلمّا نظر إليه قال لشريح : أتتك بحائن رجلاه .

فلمّا سلّم عليه قال له : يا هاني ، أين مسلم ؟

قال : ما أدري .

فأمر عبيد اللّه صاحب الدراهم ، فخرج إليه .

فلمّا رآه قطع به ، قال : أصلح اللّه الأمير ، واللّه ما دعوته إلى منزلي ، ولكنّه جاء فطرح نفسه عليّ ! .

قال : ائتني به .

قال : واللّه ، لو كان تحت قدميّ ما رفعتهما عنه .

قال : أدنوه إليّ .

ص: 76

فأدنوه فضربه بالقضيب فشجّه على حاجبه ، وأهوى هاني إلى سيف شرطي ليستلّه ، فدفع عن ذلك ، وقال له : قد أحلّ اللّه دمك ، وأمر به فحبس في جانب القصر .

وخرج الخبر إلى مدحج ، فإذا على باب القصر جلبة سمعها عبيد اللّه بن زياد ، فقال : ما هذا ؟

فقالوا : مدحج .

فقال لشريح : اخرج إليهم فأعلمهم أنّي إنّما حبسته لأسائله ، وبعث عينا إليه من مواليه يسمع ما يقول .

فمرّ شريح بهانئ ، فقال هانئ : يا شريح اتق اللّه ، فإنّه قاتلي .

فخرج شريح حتى قام على باب القصر ، فقال : لا بأس عليه ، إنّما حبسه الأمير ليسائله ، فقالوا : صدق ، ليس على صاحبكم بأس ، فتفرّقوا !

خروج مسلم عليه السلام بجيشه الى القصر

وأتى مسلم عليه السلام الخبر ، فنادى بشعاره ، فاجتمع إليه أربعة الآف(1) من أهل الكوفة ، فقدّم مقدّمه ، وهيّأ ميمنة وميسرة ، وسار في القلب إلى عبيد اللّه .

وبعث عبيد اللّه إلى وجوه أهل الكوفة ، فجمعهم عنده في القصر .

ص: 77


1- كذا في البداية والنهاية : 8/166 وتاريخ الطبري ، وفي تهذيب المزي : « أربعون ألفا » ، وكذا في سير أعلام النبلاء والإصابة وتهذيب التهذيب .

فلمّا سار إليه مسلم عليه السلام ، فانتهى إلى باب القصر أشرفوا من فوقه على عشائرهم ، فجعلوا يكلّمونهم ويردونهم .

فجعل أصحاب مسلم عليه السلام يتسلّلون حتى أمسى في خمسمائة ، فلمّا اختلط الظلام ذهب أولئك أيضا .

شهادة مسلم عليه السلام وهاني

فلمّا رأى مسلم عليه السلام أنّه قد بقي وحده تردّد في الطرق ، فأتى بابا ، فنزل عليه ، فخرجت إليه امرأة ، فقال لها : اسقيني ماءا ، فسقته ، ثم دخلت فمكثت ما شاء اللّه .

ثم خرجت ، فإذا هو على الباب ، قالت : يا عبد اللّه ، إنّ مجلسك مجلس ريبة فقم .

فقال : أنا مسلم بن عقيل ، فهل عندك مأوى ؟

قالت : نعم ، ادخل .

وكان ابنها مولى لمحمد بن الأشعث ، فلمّا علم به الغلام انطلق فأخبره ، فانطلق محمد إلى عبيد اللّه فأخبره ، فبعث عبيد اللّه عمرو بن حريث المخزومي صاحب شرطته إليه ومعه محمد .

فلم يعلم مسلم عليه السلام حتى أحيط بالدار ، فلمّا رأى ذلك مسلم عليه السلام خرج إليهم بسيفه فقاتلهم ، فأعطاه محمد الأمان ، فأمكن من يده(1) !!

ص: 78


1- وردت في ذلك روايتان إحداهما رواها الطبري ومن تابعه ، وهي تفيد ما ذكره المؤلّف في المتن، وهي لاتتفق مع شهامة حفيد أبي طالب وأخي الحسين عليه السلام وابن عمّه ، ولا تنسجم مع إباء آل أبي طالب وثبات المؤمن الموقن التائق الى الشهادة ولقاء الأحبّة ، والأخرى ما رواه ابن أعثم في الفتوح وابن شهرآشوب في المناقب والسيد ابن طاووس في اللهوف ، في كتاب الفتوح : 5/ 54 : قال : فناداه محمد بن الأشعث وقال : ويحك يا بن عقيل ! إنّك لا تكذب ولا تغرّ ، القوم ليسوا بقاتليك ، فلا تقتل نفسك . قال : فلم يلتفت مسلم بن عقيل - رحمه اللّه - إلى كلام ابن الأشعث ، وجعل يقاتل حتى أثخن بالجراح ، وضعف عن القتال ، وتكاثروا عليه ، فجعلوا يرمونه بالنبل والحجارة ، فقال مسلم : ويلكم ! ما لكم ترمونني بالحجارة كما ترمى الكفار ! وأنا من أهل بيت الأنبياء الأبرار ، ويلكم ! أما ترعون حقّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله وذريته . قال:ثم حمل عليهم على ضعفه فكسرهم وفرقهم فيالدروب،ثم رجع وأسند ظهره إلى باب دار هناك، فرجع القوم إليه، فصاح بهم محمدبن الأشعث: ذروه حتى أكلّمه بما يريد. قال : ثم دنا منه ابن الأشعث حتى وقف قبالته وقال : ويلك يا بن عقيل ! لا تقتل نفسك ، أنت آمن ودمك في عنقي . فقال له مسلم : أتظنّ يا بن الأشعث أنّي أعطي بيدي أبدا ، وأنا أقدر على القتال ! لا واللّه لا كان ذلك أبدا ! ثم حمل عليه حتى ألحقه بأصحابه ، ثم رجع موضعه فوقف وقال : اللّهم ! إنّ العطش قد بلغ منّي . قال : فلم يجسر أحد أن يسقيه الماء ولا قرب منه ، فأقبل ابن الأشعث على أصحابه وقال : ويلكم ! إنّ هذا لهو العار والفشل أن تجزعوا من رجل واحد هذا الجزع ، احملوا عليه بأجمعكم حملة واحدة . قال : فحملوا عليه وحمل عليهم ، فقصده من أهل الكوفة رجل يقال له « بكير بن حمران الأحمري » فاختلفا بضربتين ، فضربه بكير ضربة على شفته العليا ، وضربه مسلم بن عقيل ضربة ، فسقط إلى الأرض قتيلاً . قال : فطعن من ورائه طعنة ، فسقط إلى الأرض ، فأخذ أسيرا ، ثم أخذ فرسه وسلاحه .. . وفي مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب : 3/244 : فضربوه بالسهام والأحجار حتى عيى واستند حائطا ، فقال : مالكم ترموني بالأحجار كما ترمى الكفار ، وأنا من أهل بيت الأنبياء الأبرار ، لا ترعون حقّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله في ذرّيته ، فقال ابن الأشعث : لا تقتل نفسك وأنت في ذمّتي ، قال : أؤر وبي طاقة ! لا واللّه لا يكون ذلك أبدا ، وحمل عليه ، فهرب منه ، فقال مسلم : اللّهم إنّ العطش قد بلغ منّي ، فحملوا عليه من كلّ جانب ، فضربه بكير بن حمران الأحمري على شفته العليا ، وضربه مسلم في جوفه فقتله ، وطعن من خلفه ، فسقط من فرسه ، فأسر . . وفي اللهوف للسيد ابن طاووس : 35 : فنادوا إليه إنّه لا يكذب ولا يغرّ ، فلم يلتفت إلى ذلك ، وتكاثروا عليه بعد أن أثخن بالجراح ، فطعنه رجل من خلفه ، فخرّ إلى الأرض ، فأخذ أسيرا . .

ص: 79

فجاء به إلى عبيد اللّه بن زياد ، فأمر به ، فأصعد إلى أعلى القصر ، فضربت عنقه ، وألقى جثته إلى الناس .

وأمر بهاني ، فسحب إلى الكناسة ، فصلب هناك .

وقال شاعرهم :

فإن كنت لا تدرين ما الموت

فانظري إلى هانئ بالسوق وابن عقيل

أصابهما أمر الأمير فأصبحا

أحاديث من يسعى بكلّ سبيل

أيركب أسماء الهماليج آمنا

وقد طلبته مذحج بقتيل

اعتراض الحرّ

وأقبل الحسين عليه السلام بكتاب مسلم عليه السلام إليه حتى إذا كان بينه وبين القادسية ثلاثة أميال لقيه الحرّ بن يزيد التميمي ، فقال له : أين تريد ؟

قال : أريد هذا المصر .

ص: 80

قال له : ارجع فإنّي لم أدع لك خلفي خيرا أرجوه .

فهمّ أن يرجع(1) ، وكان معه إخوة مسلم بن عقيل عليهماالسلام ، فقالوا : واللّه لا نرجع حتى نصيب بثأرنا أو نقتل .

فقال : لا خير في الحياة بعدكم .

ص: 81


1- إنّ سيد الشهداء الحسين عليه السلام خرج من المدينة عازما على الشهادة هو ومن معه من أهل بيته وأصحابه ، وقد أكّد ذلك في أكثر من موقف وموطن ، وخطبة وكتاب ، ولم تكن شهادة مسلم عليه السلام وبقية رسله - رضوان اللّه عليهم - سببا لرجوعه ولا إقدامه ، قال الشيخ محمد جواد الطبسي في « مع الركب الحسيني : 3/218 » : فالإمام عليه السلام لم يعلل في أيّ موقع أو نصّ إصراره على التوجه الى الكوفة بطلب الثأر لمسلم عليه السلام ، بل كان يعلّل ذلك في أكثر من موقع ونصّ بحجة رسائل أهل الكوفة وببيعتهم ، بل حتى رسائل أهل الكوفة كانت سببا في مجموعة أسباب وقعت في طول السبب الرئيس لقيامه عليه السلام ، وهو إنقاذ الإسلام المحمدي الخالص من يد النفاق الأموية وتحريفاتها . ها هو الإمام عليه السلام يوجه مسلم بن عقيل الى الكوفة ويبشره بالشهادة فيقول : « إنّي موجهك الى أهل الكوفة ، وهذه كتبهم اليّ ، وسيقضي اللّه من أمرك ما يحبّ ويرضى ، وأنا أرجو أن أكون أنا وأنت في درجة الشهداء . . » . الفتوح : 5/53 . ويقول للفرزدق : « رحم اللّه مسلما ، فلقد صار الى روح اللّه وجنته ورضوانه ، أما إنّه قد قضى ما عليه وبقي ما علينا . . » . ( اللهوف : 32 ) . وقد روى الطبري في موضع آخر - 4/305 - كلاما يعارض كلامه هذا حينما أجاب الحسين عليه السلامالحرّ قائلاً : أفبالموت تخوفني ؟! وهل يعدو بكم الخطب أن تقتلوني ما أدري ما أقول لك ؟ ولكن أقول كما قال أخو الأوس لابن عمّه ، ولقيه وهو يريد نصرة رسول اللّه صلى الله عليه و آلهفقال له : أين تذهب ، فإنّك مقتول ، فقال : سأمضي وما بالموت عار على الفتى إذا مانوى حقّا وجاهد مسلماوآسى الرجال الصالحين بنفسه وفارق مثبورا يغشّ ويرغما

النزول في كربلاء

فسار ، فلقيه أول خيل عبيد اللّه بن زياد ، فلمّا رأى ذلك عدل إلى كربلاء ، وأسند ظهره إلى قصب(1) أو خلاف(2) لا يقاتل إلاّ من وجه واحد ، فنزل وضرب أبنيته .

وكان أصحابه خمسة وأربعين فارسا ، ونحوا من مائة راجل .

وكان عمر بن سعد بن أبي وقاص قد ولاّه عبيد اللّه بن زياد ، وعهد إليه عهدا ، فقال : اكفني هذا الرجل .

فقال : اعفني ، فأبى أن يعفيه .

قال : فأنظرني الليلة .

فأخّره فنظر في أمره ، فلمّا أصبح غدا عليه راضيا بما أمره به ، فتوجه عمر بن سعد إلى الحسين بن علي عليه السلام .

فلمّا أتاه ، قال له الحسين عليه السلام : اختر واحدة من ثلاث : إمّا أن تدعوني فألحق بالثغور ، وإمّا أن تدعوني فأذهب إلى يزيد ، وإمّا أن تدعوني فأنصرف من حيث جئت ، فقبل ذلك عمر بن سعد(3) .

ص: 82


1- في التهذيب : « قصباء حتى . . » ، وفي سير أعلام النبلاء : « قصيما حتى » ، وفي تهذيب التهذيب : « قضبا حتى » ، وفي تاريخ الطبري : « قصباء وخلا كيلا يقاتل » .
2- الخِلافُ : الصَّفْصافُ ، وهو بأَرض العرب كثير ، ويسمى السَّوْجَرَ ، وهو شجر عِظام ، وأَصنافُه كثيرة ، وكلّها خَوّارٌ خَفيفٌ . لسان العرب .
3- روى الطبري في تاريخه : 4/313 : عن عقبة بن سمعان قال : صحبت حسينا ، فخرجت معه من المدينة إلى مكة، ومن مكة إلى العراق، ولم أفارقه حتى قتل، وليس من مخاطبته الناس كلمة بالمدينة ، ولا بمكة ، ولا في الطريق ، ولا بالعراق ، ولا في عسكر إلى يوم مقتله إلاّ وقد سمعتها ، لا واللّه ما أعطاهم ما يتذاكر الناس ، وما يزعمون من أن يضع يده في يد يزيد بن معاوية ، ولا أن يسيّروه إلى ثغر من ثغور المسلمين ، ولكنّه قال : دعوني فلأذهب في هذه الأرض العريضة حتى ننظر ما يصير أمر الناس . .

فكتب إلى عبيد اللّه بن زياد ، فكتب إليه عبيد اللّه : لا ولا كرامة حتى يضع يده في يدي .

فقال الحسين بن علي عليهماالسلام : لا - واللّه - لا يكون ذلك أبدا(1) .

ص: 83


1- تهذيب الكمال للمزي : 6/422 - 428 ، الإصابة : 2/69 ، تهذيب التهذيب لابن حجر : 2/301 ، تاريخ الطبري : 4/258 وما بعدها ، سير أعلام النبلاء : 3/307 .

ص: 84

أولاده عليه السلام

علي الأكبر عليه السلام

علي الأكبر(1) ، في قول العقيقي ، وكثير من الطالبية ، وهو الأصغر(2) في قول الكلبي ومصعب بن الزبير ، وكثير من أهل النسب .

وله العقب . ولد لسنتين بقيتا من خلافة عثمان(3) .

وروى عن جدّه أمير المؤمنين(4) عليهماالسلام .

ص: 85


1- شرح الأخبار للقاضي النعمان : 3/152 ، اعلام الورى للطبرسي : 1/478 .
2- الطبقات الكبرى لابن سعد : 5/211 ، تاريخ دمشق لابن عساكر : 41/362 ، تهذيب الكمال للمزي : 20/384 ، الجوهرة في نسب الإمام علي عليه السلام للبري : 45 ، تاريخ اليعقوبي : 2/246 .
3- سرّ السلسلة العلوية للبخاري : 31 ، في الكافي للكليني : 1/466 : ولد علي بن الحسين عليه السلام في سنة 38 ، وكذا في تهذيب الأحكام للطوسي : 6/77 وروضة الواعظين للفتال : 201 ، الهداية الكبرى للخصيبي : 213 ، دلائل الإمامة للطبري : 191 ، الإرشاد للمفيد : 2/137 ، تاريخ الأئمة لابن خشاب : 22 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/310 ، اعلام الورى للطبرسي : 1/256 ، وفي مقاتل الطالبيين لأبي الفرج : 53 : ولد في خلافة عثمان .
4- مقاتل الطالبيين لأبي الفرج : 53 .

عبد اللّه بن الحسين عليهماالسلام

وعبد اللّه بن الحسين ، قتل مع أبيه بالطفّ ، جاءته نشابة ، وهو في حجر أبيه فقتلته(1) ، وأمّهما واحدة .

علي الأصغر عليه السلام

وعلي الأصغر(2) في قول العقيقي وكثير من الطالبية .

لا عقب له(3) ، قتل مع أبيه .

ص: 86


1- مقاتل الطالبيين : 59 قال : وأمّه الرباب بنت امرى ء القيس بن عدي بن أوس بن جابر بن كعب بن عليم بن جناب بن كلب . . شرح الأخبار للقاضي النعمان : 3/187 ، الإرشاد للمفيد : 2/135 ، تاج المواليد للطبرسي : 35 ، سرّ السلسلة العلوية للبخاري : 30 ، الدرّ النظيم للعاملي : 575 ، كشف الغمّة للأربلي : 2/249 ، معارج الوصول للزرندي : 97 .
2- شرح الأخبار للقاضي النعمان : 3/152 ، اعلام الورى للطبرسي : 1/478 ، كشف الغمة : 2/249 .
3- روي في كامل الزيارات : 239 في زيارة الشهيد ابن الشهيد علي الأكبر عليه السلام : . . سلام اللّه وسلام ملائكته المقربين وأنبيائه المرسلين وعباده الصالحين عليك يا مولاي وابن مولاي ورحمة اللّه وبركاته صلّى اللّه عليك وعلى عترتك وأهل بيتك وآبائك وأبنائك وأمهاتك الأخيار الأبرار الذين أذهب اللّه عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا السلام عليك يا ابن رسول اللّه وابن أمير المؤمنين وابن الحسين بن علي ورحمة اللّه وبركاته . وروى الكليني في الكافي : 5/361 ح 1 : عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا عليه السلام قَالَ : سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ وَيَتَزَوَّجُ أُمَّ وَلَدِ أَبِيهَا فَقَالَ لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ فَقُلْتُ لَهُ بَلَغَنَا عَنْ أَبِيكَ أَنَّ عَلِ-يَّ بْ-نَ الْحُسَيْنِ عليهماالسلام تَزَوَّجَ ابْنَةَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عليهماالسلام وَأُمَّ وَلَدِ الْحَسَنِ وَذَلِكَ أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِنَا سَأَلَنِي أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْهَا فَقَالَ لَيْسَ هَكَذَا إِنَّمَا تَزَوَّجَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عليهماالسلام ابْنَةَ الْحَسَنِ وَأُمَّ وَلَدٍ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ الْمَقْتُولِ عِنْدَكُمْ . فَكَتَبَ بِذَلِكَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فَعَابَ عَلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عليهماالسلام فَكَتَبَ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْجَوَابَ فَلَمَّا قَرَأَ الْكِتَابَ قَالَ إِنَّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ عليهماالسلام يَضَعُ نَفْسَهُ وَإِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُهُ . وفي هذين النصّين الشريفين تصريح بأنّ لعلي بن الحسين عليهماالسلام الشهيد ولد ، ففي الزيارة صلّى على أبنائه ، وفي رواية الكافي « أم ولد لعلي بن الحسين عليهماالسلامالمقتول » ومن الواضح أنّ الأمة لا تسمّى أم ولد إلاّ إذا ولدت لسيدها .

وهو الأكبر(1) في قول من ذكرنا من أهل النسب .

وأمّه : ليلى ابنة أبي مرّة بن عروة بن مسعود الثقفية(2) .

ص: 87


1- مقاتل الطالبيين : 52 ، دلائل الإمامة للطبري : 181 ، سرّ السلسلة العلوية للبخاري : 30 ، تاريخ مواليد الأئمة لابن خشاب : 21 ، رجال الطوسي : 102 ، التمهيد لابن عبدالبر : 9/156 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/231 ، ذخائر العقبى للطبري : 151 ، الطبقات الكبرى لابن سعد : 5/211 ، الأخبار الطوال : 256 ، تاريخ دمشق لابن عساكر : 41/263 ، تهذيب الكمال للمزي : 20/384 ، سير أعلام النبلاء : 3/321 ، الجوهرة في النسب للبري : 45 ، المجدي في أنساب الطالبيين : 91 ، تاريخ اليعقوبي : 2/246 ، المنتخب من ذيل المذيل للطبري : 24 ، تاريخ الطبري : 4/340 ، التنيبه والأشراف للمسعودي : 263 ، الكامل في التاريخ : 4/74 ، تاريخ الإسلام للذهبي : 6/432 ، الوافي بالوفيات للصفدي : 5/231 ، كشف الغمة للأربلي : 2/248 .
2- تاريخ دمشق : 41/362 ، نهاية الارب : 20/455 ، السرائر لابن إدريس : 1/654 ، الدروس للعاملي : 2/25 ، الإرشاد للمفيد : 2/106 ، الاختصاص للمفيد : 82 ، التمهيد لابن عبد البر : 9/156 ، تاريخ دمشق : 41/362 ، تاريخ الطبري : 8/201 ، اعلام الورى : 1/478 ، الدر النظيم للعاملي : 555 ، كشف الغمة للأربلي : 2/249 .

وأمّها : ميمونة ابنة أبي سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس(1) ، ولهذا ناداه رجل من أهل الشام حين برز للقتال بين يدي أبيه صلوات اللّه عليه ، وقال له : إنّ لك رحما بأمير المؤمنين ، يعني يزيد ، وهو يريد رحم ميمونة ابنة أبي سفيان ، فإن شئت أمّناك !

فقال له : ويلكم لقرابة رسول اللّه صلى الله عليه و آله أحقّ أن ترعى !

وقاتل حتى قتل(2) .

جعفر

وجعفر درج صغيرا ، وأمّه بلويّة من بلي بن قضاعة(3) .

إبراهيم ومحمد

وذكر بعض أهل النسب إبراهيم ، ومحمدا ، وليس يعرفهما الطالبيون .

ص: 88


1- سرّ السلسلة العلوية للبخاري : 30 ، مقاتل الطالبيين : 52 ، رجال الطوسي : 102 ، تاريخ خليفة بن خياط : 179 ، تاريخ الطبري : 4/358 ، الكامل في التاريخ : 4/92 ، الفصول المهمة لابن الصباغ : 844 ، نسب قريش للزبيري : 1/21 .
2- سرّ السلسلة العلوية للبخاري : 30 ، نسب قريش للزبيري : 1/21 .
3- ترجمة الإمام الحسين عليه السلام من طبقات ابن سعد : 18 ، الإرشاد للمفيد : 2/135 ، تاج المواليد للطبرسي : 35 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/231 ، اعلام الورى : 1/478 ، الدر النظيم للعاملي : 575 ، كشف الغمة للأربلي : 2/249 ، الفصول المهمة لابن الصباغ : 2/852 .

العقب من ولد الحسين عليه السلام

والعقب من ولد الحسين عليه السلام لواحد ، وهو : علي بن الحسين(1) الأكبر في قول الطالبية ، والأصغر في قول كثير من أهل النسب .

بنات الحسين عليه السلام

اشارة

ومن البنات :

فاطمة

فاطمة ، وأمّها أم إسحاق ابنة طلحة بن عبيد اللّه (2) ، عقبها في ولد الحسن بن الحسن عليهماالسلام ، وفي ولد عبد اللّه بن عمرو بن عثمان الملقّب بالمطرف .

ص: 89


1- سرّ السلسلة العلوية للبخاري : 47 ، تهذيب الكمال للمزي : 20/384 ، المنتخب من ذيل المذيل للطبري : 24 ، الدر النظيم للعاملي : 592 ، كشف الغمة للأربلي : 2/303 ، العدد القوية : 317 ، ترجمة الإمام الحسين عليه السلام من طبقات ابن سعد : 18 ، عمدة الطالب : 194 .
2- الإرشاد للفيد : 2/137 ، تاج المواليد للطبرسي : 35 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/231 ، اعلام الورى : 1/478 ، الدر النظيم للعاملي : 575 ، كشف الغمة للأربلي : 2/250 ، الفصول المهمة لابن الصباغ : 2/852 ، المعارف لابن قتيبة : 200 و233 ، ترجمة الإمام الحسين عليه السلام من طبقات ابن سعد : 18 ، الطبقات الكبرى : 5/319 ، تاريخ دمشق : 70/16 ، تهذيب التهذيب : 12/392 ، المحبر للبغدادي : 404 .

وأمّها الجربا ، وسمّيت « الجربا » ، لأنّه كان لا يجلس معها أحد لجمالها وحسنها ، فلمّا تحامى النساء الجلوس معها شبّهت بالناقة الجرباء التي يحمي صاحب الإبل إبله عنها(1) ، وهي الجربا ابنة قسامة بن رومان

من طي(2) .

سكينة

وسكينة ، واسمها : آمنة .

وأمّها : الرباب ابنة امرئ القيس بن عدي بن أوس(3) .

وسكينة انقرض عقبها إلاّ من ولد عبد اللّه بن عثمان بن عبد اللّه بن حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى ، فإنّها ولدت له عثمان الملقّب ب-« قرين » ، وحكيما ، وربيحة .

ص: 90


1- الأغاني : 21/78 ، مقاتل الطالبيين : 122 .
2- الأغاني : 21/78 .
3- الأغاني : 21/78 ، مقاتل الطالبيين : 122 .

مقتله عليه السلام وموضع قبره وما يتّصل بذلك

إخبار النبي صلى الله عليه و آله بمقتله عليه السلام

روينا عن النبي صلى الله عليه و آله أنّه قال : يقتل ابني الحسين بظهر الكوفة ، الويل لقاتله وخاذله ، ومن ترك نصرته .

وعنه صلى الله عليه و آله أنّه قال : تحشر ابنتي فاطمة ، ومعها ثياب مصبوغة بدم ، فتعلّق بقائمة من قوائم العرش وتقول : يا عدل ، يا جبار ، احكم بيني وبين قاتل ولدي ، قال صلى الله عليه و آله : فيحكم لابنتي وربّ الكعبة(1) .

وروينا من أمالي السيد المرشد باللّه أبي عبد اللّه يحيى بن الحسين الحسني عليه السلام يرفعه إلى عبد اللّه بن عمرو بن العاص أنّ معاذ بن جبل أخبره ، قال :

خرج علينا رسول اللّه صلى الله عليه و آله متغيّر اللّون فقال : أنا محمد ، أوتيت فواتح الكلام وخواتمه ، فأطيعوني ما دمت بين أظهركم ، فإذا ذهب بي فعليكم

ص: 91


1- مسند زيد : 460 ، عيون أخبار الرضا عليه السلام : 1/12 ح 21 ، كشف الغمة للأربلي : 3/62 ، جواهر العقدين للسمهودي : 2/333 ، فردوس الأخبار للديلمي : 5/468 ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 1/52 .

بكتاب اللّه - عزّ وجلّ - أحلّوا حلاله وحرّموا حرامه ، أتتكم الموتة ، أتتكم الروح والراحة ، كتاب من اللّه سبق ، أتتكم فتن كقطع الليل المظلم ، كلّما ذهب رسل جاء رسل ، تناسخت النبوة فصارت ملكا ، رحم اللّه من أخذها بحقّها ، وخرج منها كما دخلها .

أمسك - يا معاذ - وأحص .

قال : فلمّا بلغت خمسة ، قال : يزيد ! لا بارك اللّه في يزيد .

ثم ذرفت عيناه صلى الله عليه و آله ، ثم قال صلى الله عليه و آله : نعي إليّ الحسين وأتيت بترتبه ،

وأخبرت بقاتله ، والذي نفسي بيده ، لا يقتل بين ظهراني قوم لا يمنعونه إلاّ خالف اللّه بين صدورهم وقلوبهم ، وسلّط عليهم شرارهم ، وألبسهم شيعا .

ثم قال : واها لفراخ آل محمد من خليفة مستخلف مترف يقتل خلفي وخلف الخلف ، أمسك يا معاذ .

فلمّا بلغت عشرة ، قال : الوليد اسم فرعون هادم شرائع الإسلام ، يبوء بدمه رجل من أهل بيته ، يسأل اللّه سيفه فلا غماد له(1) ، واختلاف الناس ، فكانوا هكذا ، وشبك بين أصابعه .

ثم قال : بعد العشرين ومائة موت سريع ، وقتل ذريع ، وفيه هلاكهم ، ويلي عليهم رجل من ولد العباس(2) .

ص: 92


1- في نسخة : « يسأل اللّه ولا عماد له » ، وفي المعجم وغيره : «يسل اللّه سيفه ولا غماد له » .
2- المعجم الكبير للطبراني : 3/120 و20/38 ، مجمع الزوائد : 9/190 ، كنز العمال للهندي : 11/166 رقم 31061 ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 1/161 .

وروينا عنه صلى الله عليه و آله أنّه قال : قاتل الحسين في تابوت من نار عليه نصف عذاب أهل النار ، قد شدّت يداه ورجلاه بسلاسل من نار ، منكّس في النار ، حتى يقع في قعر جهنم ، وله ريح يتعوّذ أهل النار إلى ربّهم من شدّة ريح نتنه ، وفيها خالد ذائق العذاب الأليم ، لا يفتر عنهم ساعة ، ويسقى من حميم جهنم ، الويل لهم من عذاب اللّه (1) - عزّ وجلّ - .

وروينا عن عائشة قالت : دخل الحسين بن علي عليهماالسلام على رسول اللّه صلى الله عليه و آله وهو يوحى إليه ، فنزل على رسول اللّه صلى الله عليه و آله وهو منكبّ ، ولعب على ظهره ، فقال جبريل لرسول اللّه صلى الله عليه و آله : أتحبّه يا محمد ؟

قال : يا جبريل ، ومالي لا أحبّ ابني !

قال : فإنّ أمّتك ستقتله من بعدك .

فمدّ جبريل يده ، فأتاه بتربة بيضاء ، فقال : في هذه الأرض يقتل ابنك ، واسمها « الطفّ » .

فلمّا ذهب جبريل عليه السلام من عند رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، خرج رسول اللّه صلى الله عليه و آله والتربة في يده ، وهو يبكي ، فقال : يا عائشة ، إنّ جبريل أخبرني أن الحسين ابني مقتول في أرض الطف ، وأنّ أمّتي ستفتتن بعدي .

ثم خرج إلى أصحابه ، ومنهم علي عليه السلام ، وأبوبكر ، وعمر ، وحذيفة ، وعمار ، وأبوذر ، وهو يبكي ، فقالوا : ما يبكيك يا رسول اللّه ؟

ص: 93


1- مسند زيد : 470 ، عيون أخبار الرضا عليه السلام : 1/51 ح 172 ، تأويل الآيات : 2/768 ح 14 ، المناقب لابن المغازلي : 66 رقم 95 ، مودّة القربى للهمداني : 34 ، فرائد السمطين : 2/264 رقم 532 ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 2/83 .

قال : أخبرني جبريل : أنّ ابني الحسين يقتل بعدي بأرض الطف ، وجاءني بهذه التربة ، فأخبرني جبريل عليه السلام : أنّ فيها مضجعه(1) .

خطبة الحسين عليه السلام يوم عاشوراء

ولمّا اضطر عليه السلام إلى محاربة القوم وعبّأ عمر بن سعد أصحابه لمحاربة الحسين عليه السلام ، ورتّبهم مراتبهم ، وأقام الرايات في مواضعها ، وعبّأ أصحاب الميمنة والميسرة ، وقال لأصحاب القلب : اثبتوا .

وأحاطوا بالحسين عليه السلام من كلّ جانب حتى جعلوه في مثل الحلقة .

فخرج عليه السلام حتى أتى الناس ، فاستنصتهم فأبوا أن ينصتوا ، حتى قال لهم :

ويلكم ، ما عليكم أن تنصتوا لي فتسمعوا قولي ، فإنّي إنّما أدعوكم إلى سبيل الرشاد ، فمن أطاعني كان من المهتدين والمرشدين ، ومن عصاني كان من المهلكين ، وكلّكم عاص لأمري ، غير مستمع قولي ، فقد انجزلت عطياتكم من الحرام ، وملئت بطونكم من الحرام ، فطبع على قلوبكم .

ويلكم ألا تنصتون ؟ ألا تستمعون ؟

فتلاوم أصحاب عمر بن سعد بينهم ، وقالوا : أنصتوا له ، فأنصتوا .

فقام الحسين عليه السلام فيهم ، فحمد اللّه وأثنى عليه ، وصلّى على النبي صلى الله عليه و آله ، ثم قال :

ص: 94


1- المعجم الكبير للطبراني : 3/107 رقم 2814 ، مجمع الزوائد : 9/187 ، اعلام النبوة للماوردي : 182 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/213 .

تبا لكم أيّتها الجماعة وترحا ، أفحين استصرختمونا ولهين متحيّرين ، فأصرخناكم موجزين مستعدّين ، سللتم علينا سيفا في رقابنا ! وحششتم علينا نار الفتن ، جناها عدوّكم وعدوّنا ، فأصبحتم إلبا على أوليائكم ، ويدا عليهم لأعدائكم ، لغير عدل أفشوه فيكم ، ولا أمل أصبح لكم فيهم ، إلاّ الحرام من الدنيا أنالوكم ، وخسيس عيش طعمتم فيه ، من غير حدث كان منّا ، ولا رأي تفيّل(1) .

فهلاّ لكم الويلات ، تجهّمتمونا والسيف لم يشهر ، والجأش طامن ، والرأي لم يستخف ، ولكن أسرعتم إلينا كطيرة الذباب ، وتداعيتم كتداعي الفراش ، فقبحا لكم ، فإنّما أنتم من طواغيت الأمّة ، وشذّاذ الأحزاب ، ونبذة الكتاب ، ونفثة الشيطان ، وعصبة الآثام ، ومحرّفي الكتاب ، ومطفئي السنن ، وقتلة أولاد الأنبياء ، ومبيري عترة الأوصياء ، وملحقي العهار بالنسب ، ومؤذي المؤمنين ، وصراح أئمة المستهزئين « الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ » ، وأنتم ابن حرب وأشياعه تعتمدون ، وإيانا تحاربون .

أجل - واللّه - خذل فيكم معروف ، وشجت عليه عروقكم ، وتوارثته أصولكم وفروعكم ، وثبتت عليه قلوبكم ، وغشيت صدوركم ، فكنتم أخبث شيء ، سخى للناصب(2) ، وأكلة للغاصب ، ألا لعنة اللّه على الناكثين ، الذين ينقضون الأيمان بعد توكيدها ، وقد جعلتم اللّه عليكم كفيلاً ، وأنتم - واللّه - هم .

ص: 95


1- تفيّل رأيه : أخطأ وضعف .
2- في البحار : « سنخا للناصب » .

ألا إنّ الدعيّ ابن الدعيّ قد ركّز بين اثنتين : بين القتلة والذلّة ، وهيهات منّا أخذ الدنية ، أبى اللّه ذلك ورسوله والمؤمنون ، وجدود طابت ، وحجور طهرت ، وأنوف حميّة ، ونفوس أبية ، لا تؤثر مصارع اللئام على مصارع الكرام ، ألا قد أعذرت وأنذرت .

ألا إنّي زاحف بهذه الأسرة ، على قلّة العتاد ، وخذلة الأصحاب .

ثم أنشأ يقول :

فإن نهزم فهزّامون قدما

وإن نهزم فغير مهزّمينا

ألا ثم لا تلبثون بعدها إلاّ كريثما تركب الفرس حتى تدور بكم الرحى ، عهدا عهده إليّ أبي ، « فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ ثُمَّ » كيدون جميعا « وَلا تُنْظِرُونِ » ، « إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ ما مِنْ دَابَّةٍ إِلاّ هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ » .

اللّهم احبس عنهم قطر السماء ، وابعث عليهم سنين كسنيّ يوسف ، وسلّط عليهم غلام ثقيف يسقيهم كأسا مرّة ، فلا يدع فيهم أحدا إلاّ قتله بقتلة ، وضربه بضربة ، ينتقم لي ولأوليائي وأهل بيتي وأشياعي منهم ، فإنّهم غرّونا وكذبونا وخذلونا ، وأنت « رَبَّنا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا وَإِلَيْكَ أَنَبْنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ » .

الحسين عليه السلام يدعو عمر بن سعد

ثم قال : أين عمر بن سعد ؟ ادعوا لي عمر .

فدعي له ، وكان كارها لا يحبّ أن يأتيه ، فقال : يا عمر ، أنت تقتلني ؟

ص: 96

تزعم أن يولّيك الدعيّ ابن الدعيّ بلادَي الريّ وجرجان ، واللّه لا تتهنأ بذلك أبدا ، عهدا معهودا ، فاصنع ما أنت صانع ، فإنّك لا تفرح بعدي بدنيا ولا آخرة ، ولكأنّي برأسك على قصبة قد نصبت بالكوفة تتراماه الصبيان ، ويتّخذونه غرضا بينهم .

فاغتاظ عمر بن سعد من كلامه ، ثم صرف بوجهه عنه ، ونادى بأصحابه : ما تنتظرون به ، احملوا بأجمعكم إنّما هي أكلة واحدة .

ص: 97

ص: 98

بدء القتال

ثم إنّ الحسين عليه السلام دعا بفرس رسول اللّه صلى الله عليه و آله المرتجز ، فركبه وعبّأ أصحابه .

وزحف إليهم عمر بن سعد لعنه اللّه ، ونادى غلامه دريدا : قدّم رايتك ، ثم وضع سهمه في كبد قوسه ، ثم رمى وقال : اشهدوا لي عند الأمير - يعني عبيد اللّه بن زياد لعنه اللّه وإياهم - أنّي أول من رماه .

فرمى أصحابه كلّهم بأجمعهم في أثره رشقة واحدة ، فما بقي أحد من أصحاب الحسين عليه السلام إلاّ أصابه من رميهم سهم(1) .

ثم قاتل عليه السلام هو وأهل بيته وأصحابه حتى قتلوا كلّهم ، وفيهم بضعة عشر شابا من أهل بيته .

ص: 99


1- تيسير المطالب في أمالي أبي طالب : 149 - 152 ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 2/6 - 8 .

ص: 100

شهداء الطف

سيد الشهداء الحسين بن علي عليهماالسلام

فقتل الحسين بن علي عليهماالسلام سنان بن أنس النخعي(1) .

ص: 101


1- مثير الأحزان لابن نما : 57 ، ذخائر العقبى للطبري : 146 ، مجمع الزوائد : 9/194 ، المعجم الكبير للطبراني : 3/117 رقم 2852 ، الاستيعاب لابن عبد البر : 1/393 ، الثقات لابن حبان : 2/390 ، تاريخ دمشق : 14/249 ، أسد الغابة لابن الأثير : 2/21 ، الجوهرة في نسب الإمام علي عليه السلام للبري : 44 ، المنتخب من ذيل المذيل للطبري : 25 ، تاريخ الطبري : 4/358 ، الكامل في التاريخ لابن الأثير : 4/91 ، كشف الغمة للأربلي : 2/265 ، الفصول المهمة لابن الصباغ : 2/842 ، مقاتل الطالبيين : 79 ، نظم درر السمطين للزرندي : 216 ، الإكمال في أسماء الرجال للتبريزي : 44 ، جواهر المطالب لابن الدمشقي : 2/270 . ذكرت هذه المصادر وغيرها أنّ الذي ولي مقتل سيد الشهداء عليه السلام هو سنان - لعنه اللّه - ، وذكرت هذه المصادر نفسها وغيرها أيضا أنّ الذي ولي ذلك هو شمر بن ذي الجوشن - لعنه اللّه - كما ورد - بالإضافة الى ما ذكرنا - في : معارج الوصول للزرندي : 95 ، الإرشاد للمفيد : 2/112 ، الإصابة لابن حجر : 6/276 ، تاريخ دمشق : 23/190 ، صبح الأعشى : 13/234 ، روضة الواعظين للفتال : 189 ، تاج المواليد للطبرسي : 31 ، عمدة الطالب : 192 ، عمدة القاري للعيني : 16/240 ، تاريخ خليفة بن خياط : 179 . وأكثر كتب الشيعة على ذلك ، وهو المشهور عندهم ، وهو الوارد في زيارة الناحية المقدّسة ، فيكون هو المعتمد .

وأجهز عليه خولي بن يزيد الأصبحي من حمير(1) .

العباس بن علي عليهماالسلام

والعباس بن علي بن أبي طالب عليهم السلام .

وأمّه : أم البنين بنت حزام بن خالد بن ربيعة بن الوحيد العامري .

قتله زيد بن رقاد الجنبي بسهم .

ولمّا ظفر به الشيعة بالكوفة نصبوه غرضا ورموه حتى لم يبق قدر الدرهم من جسده إلاّ وفيه سهم .

وحكيم بن طفيل الطائي السّنبسي ، وكلاهما ابتلي في بدنه(2) .

جعفر بن علي عليهماالسلام

وجعفر بن علي بن أبي طالب .

ص: 102


1- الوافي بالوفيات للصفدي : 12/265 ، عمدة الطالب : 192 ، مجمع الزوائد للهيثمي : 9/194 ، المعجم الكبير للطبراني : 3/117 رقم 2852 ، الاستيعاب لابن عبد البر : 1/393 ، نظم درر السمطين للزرندي : 216 ، الإكمال في أسماء الرجال للتبريزي : 44 ، تاريخ دمشق : 14/252 ، أسد الغابة : 2/21 ، معارج الوصول للزرندي : 95 ، جواهر المطالب لابن الدمشقي : 2/270 ، ترجمة الإمام الحسين عليه السلاممن طبقات ابن سعد : 75 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/258 .
2- ذوب النظار لابن نما : 119 ، إقبال الأعمال لابن طاووس : 3/74 ، تاريخ الطبري : 4/358 و533 ، مقاتل الطالبيين : 56 ، ترجمة الإمام الحسين عليه السلام من طبقات ابن سعد : 75 ، الإرشاد للمفيد : 2/108 .

وأمّه أيضا أم البنين بنت حزام .

قتله هانئ بن ثبيت الحضرمي(1) .

عبد اللّه بن علي عليهماالسلام

وعبد اللّه بن علي .

وأمّه أيضا أم البنين .

رماه خولي بن يزيد الأصبحي بسهم ، وأجهز عليه رجل من بني تميم بن أبان بن دارم(2) .

ص: 103


1- مقاتل الطالبيين : 54 ، شرح الأخبار للقاضي النعمان : 185 ، الإرشاد للمفيد : 2/125 ، الاختصاص للمفيد : 82 ، تاج المواليد للطبرسي : 19 ، العمدة لابن البطريق : 30 ، ذخائر العقبى للطبري : 117 ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 2/29 ، مجمع الزوائد : 9/197 ، المعجم الكبير للطبراني : 3/103 رقم 2803 ، الطبقات الكبرى لابن سعد : 3/20 ، تاريخ خليفة بن خياط : 178 ، الأخبار الطوال للدينوري : 257 ، أنساب الأشراف : 70 تحقيق المحمودي ، الجوهرة في النسب للبري : 58 ، المجدي للعلوي : 15 ، تارخ اليعقوبي : 2/213 ، تاريخ الطبري : 4/118 ، التنبيه والأشراف للمسعودي : 258 ، الكامل في التاريخ لابن الأثير : 4/92 ، الإمامة والسياسة لابن قتيبة : 2/6 ، الفتوح لابن أعثم : 5/113 ، اعلام الورى : 1/395 ، كشف الغمة : 2/67 ، العدد القوية للحلّي : 242 ، الفصول المهمة لابن الصباغ : 2/843 ، جواهر المطالب لابن الدمشقي : 2/277 . . .
2- مقاتل الطالبيين : 54 ، شرح الأخبار للقاضي النعمان : 185 ، الإرشاد للمفيد : 2/125 ، الاختصاص للمفيد : 82 ، تاج المواليد للطبرسي : 19 ، العمدة لابن البطريق : 30 ، ذخائر العقبى للطبري : 117 ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 2/29 ، مجمع الزوائد : 9/197 ، المعجم الكبير للطبراني : 3/103 رقم 2803 ، الطبقات الكبرى لابن سعد : 3/20 ، تاريخ خليفة بن خياط : 178 ، الأخبار الطوال للدينوري : 257 ، أنساب الأشراف : 70 تحقيق المحمودي ، الجوهرة في النسب للبري : 58 ، المجدي للعلوي : 15 ، تارخ اليعقوبي : 2/213 ، تاريخ الطبري : 4/118 ، التنبيه والأشراف للمسعودي : 258 ، الكامل في التاريخ لابن الأثير : 4/92 ، الإمامة والسياسة لابن قتيبة : 2/6 ، الفتوح لابن أعثم : 5/113 ، اعلام الورى : 1/395 ، كشف الغمة : 2/67 ، العدد القوية للحلّي : 242 ، الفصول المهمة لابن الصباغ : 2/843 ، جواهر المطالب لابن الدمشقي : 2/277 . . .

محمد بن علي عليهماالسلام

ومحمد بن علي بن أبي طالب الأصغر ، قتله رجل من بني أبان بن دارم(1) .

وليس بقاتل عبد اللّه بن علي ، وأمّه أم ولد .

أبو بكر بن علي عليهماالسلام

وأبو بكر بن علي بن أبي طالب .

ص: 104


1- تاريخ الطبري : 4/118 و343 و358 ، الكامل في التاريخ لابن الأثير : 4/76 و94 ، المزار لابن المشهدي : 489 « زيارة الناحية » ، الإقبال لابن طاووس : 3/75 « زيارة الناحية » ، الفصول المهمة لابن الصباغ : 2/844 ، ترجمة الإمام الحسين عليه السلاممن طبقات ابن سعد : 76 ، مناقب أمير المؤمنين عليه السلام للكوفي : 2/49 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/259 ، الطبقات الكبرى لابن سعد : 3/20 ، الاختصاص للمفيد : 82 ، وفي الإرشاد للمفيد : 2/354 قال : « ومحمد الأصغر المكنّى أبا بكر . . » ، وكذا قال الطبرسي في تاج المواليد : 19 ، والعمدة لابن البطريق : 30 ، اعلام الورى : 1/397 ، كشف الغمة للأربلي : 2/67 .

وأمّه : ليلى بنت مسعود بن خالد بن مالك بن ربعي بن سلمى بن جندل بن نهشل بن دارم التميمي(1) .

عثمان بن علي عليهماالسلام

وعثمان بن علي .

وأمّه : أم البنين بنت حزام ، أخو العباس(2) ، وجعفر وعلي ابني علي لأمّهم .

علي الأكبر عليه السلام

وعلي بن الحسين الأكبر عليهماالسلام .

وأمّه : ليلى بنت مرّة بن عروة بن مسعود بن معتب الثقفي .

وأمّها : ميمونة بنت أبي سفيان بن حرب .

قتله مرّة بن منقذ بن النعمان الكندي(3) .

ص: 105


1- تاريخ الطبري : 4/358 ، الكامل في التاريخ : 4/92 ، الفصول المهمة لابن الصباغ : 2/844 ، ترجمة الإمام الحسين عليه السلام من طبقات ابن سعد : 76 ، مناقب أمير المؤمنين عليه السلام للكوفي : 2/48 ، مقاتل الطالبيين : 56 ، الاختصاص للمفيد : 82 ، مجمع الزوائد : 9/197 ، المعجم الكبير للطبراني : 3/103 ، رجال الطوسي : 106 ، رجال ابن داود : 215 ، الطبقات الكبرى لابن سعد : 3/19 ، الفتوح لابن أعثم : 5/112 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/255 .
2- ذكره من ذكر اخوانه من أمّ البنين عليهاالسلام .
3- تاريخ الطبري : 4/358 ، الكامل في التاريخ : 4/92 ، الفصول المهمة لابن الصباغ : 2/844 ، ترجمة الإمام الحسين عليه السلام من طبقات ابن سعد : 76 .

وكان يحمل عليهم ويقول :

أنا علي بن الحسين بن علي

نحن وبيت اللّه أولى بالنبي(1)

حتى قتل صلّى اللّه عليه .

عبد اللّه بن الحسين عليهماالسلام

وعبد اللّه بن الحسين(2) .

وأمّه : الرباب بنت امرئ القيس بن عدي بن أوس بن جابر بن كعب بن عكيم(3) الكلبي(4) .

ص: 106


1- أمالي الصدوق : 226 مج 30 ، روضة الواعظين : 188 ، مقاتل الطالبيين : 76 ، الإرشاد للمفيد : 2/106 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/257 ، المزار لابن المشهدي : 478 « زيارة الناحية » ، مثير الأحزان لابن نما : 51 ، الإقبال لابن طاووس : 3/73 « زيارة الناحية » ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 2/30 ، الفتوح لابن أعثم : 5/114 ، سير أعلام النبلاء للذهبي : 3/302 ، البداية والنهاية لابن كثير : 8/201 ، اعلام الورى : 1/464 ، ترجمة الإمام الحسين عليه السلام من طبقات ابن سعد : 73 ، مروج الذهب للمسعودي : 3/71 ، شرح الأخبار للقاضي النعمان : 3/153 ، سرّ السلسلة العلوية للبخاري : 30 ، المجدي للعلوي : 91 ، الكامل في التاريخ : 4/74 ، معارج الوصول للزرندي : 97 ، جواهر المطالب لابن الدمشقي : 2/287 .
2- نقل المؤلّف أسماء الشهداء عن « تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل بن الزبير » ، ووجدنا نسخة الكتاب في مجلة تراثنا ج 2 وسنرجع الى هذه النسخة فيما يأتي إن شاء اللّه .
3- في نسخة : « حكيم » .
4- مقاتل الطالبيين : 59 ، الاختصاص للمفيد : 83 ، مجمع الزوائد : 9/197، المعجم الكبير للطبراني: 3/103، رجال الطوسي: 102، تاريخ خليفة بن خياط: 179، تاريخ الطبري : 4/359 ، الكامل في التاريخ : 4/92 ، الفصول المهمة لابن الصباغ : 2/845 ، جمع الفوائد : 2/218 ، ترجمة الإمام الحسين عليه السلام من طبقات ابن سعد : 18 ، الإقبال لابن طاووس : 3/74 « زيارة الناحية » .

قتله حرملة بن الكاهن الأسدي الوالبي .

ولد والحسين بن علي عليهماالسلام في الحرب(1)

فاتی به و هو قاعده فاخذه فی

ص: 107


1- في مقاتل الطالبيين: 60: وكان عبداللّه بن الحسين يوم قتل صغيرا .. ثم روى عن حميد بن مسلم أنّه قال : دعا الحسين عليه السلام بغلام فأقعده في حجره فرماه عقبة بن بشر فذبحه .. ثم روى عمن شهد الحسين عليه السلام قال : كان معه ابنه الصغير فجاء سهم فوقع في نحره .. وفي شرح الأخبار للقاضي النعمان : 3/177 : وكان عبد اللّه - يومئذ - صغيرا وكان في حجر أبيه الحسين عليه السلام فجاءه سهم فذبحه . . وفي تاج المواليد للطبرسي : 35 : وعبد اللّه بن الحسين عليهماالسلام قتل مع أبيه صغيرا قد جاءه سهم وهو في حجر أبيه فذبحه . . وفي سرّ السلسلة العلوية للبخاري : 30 : وعبد اللّه بن الحسين بن علي عليهم السلام قتل في حجر أبيه عليه السلام وهو صبي رضيع ، أصابه سهم من رجل من بني أسد فاضطرب ومات . وفي الإرشاد للمفيد : 2/135 : وعبد اللّه بن الحسين عليهماالسلام قتل مع أبيه صغيرا . . وفي مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 2/32 : تقدّم الحسين عليه السلام الى باب الخيمة وقال : ناولوني عليا الطفل حتى أودعه فناولوه الصبي . . وفي إبصار العين للسماوي : 54 : عبد اللّه الحسين عليهماالسلام ولد في المدينة ، وقيل : في الطف ، ولم يصحّ . وفي مقتل أبيمخنف - النسخة المشهورة - : 129 ومعالي السبطين للحائري: 1/417 وأسرار الشهادة : 402 وذريعة النجاة : 130 وغيرها : كان « له من العمر ستة أشهر » . وهذه النصوص وغيرها تفيد أنّ عبد اللّه الرضيع ابن الحسين عليه السلام لم يكن هو المولود في كربلاء ، ولكن ثمة نصوص أخرى تفيد أنّ للحسين عليه السلام رضيعا آخر ولد في كربلاء فجيء به الى سيد الشهداء عليه السلام ليحنكه ويقيم له السنة ، فأذن في أذنه وجعل يحنكه فأتاه سهم فوقع في حلق الطفل الوليد فذبحه . . ففي تاريخ اليعقوبي : 2/245 : ثم تقدّموا رجلاً رجلاً ، حتى بقي وحده ما معه أحد من أهله ولا ولده ولا أقاربه ، فإنّه لواقف على فرسه إذ أتي بمولود قد ولد له في تلك الساعة، فأذن في أذنه، وجعل يحنّكه، إذ أتاه سهم، فوقع في حلق الصبي فذبحه، فنزع الحسين عليه السلامالسهم من حلقه، وجعل يلطّخه بدمه، ويقول: واللّه لأنت أكرم على اللّه من الناقة ، ولمحمد أكرم على اللّه من صالح ! ثم أتى فوضعه مع ولده وبني أخيه . . قال السيد حيدر الحلي رحمه الله كما ورد في ديوانه : 1/33 في قصيدة طويلة : ومنعطف أهوى لتقبيل طفله فقبّل منه قبله السهم منحرا لقد ولدا في ساعة هو والردى ومن قبله في نحره السهم كبرا وفي تاريخ الطبري : 4/342 والكامل في التاريخ لابن الأثير : 4/75 ومعالم المدرستين للسيد مرتضى العسكري : 3/131 واللفظ للأول : قال أبو مخنف : قال عقبة بن بشير الأسدي : قال لي أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين : إنّ لنا فيكم يا بني أسد دما ! قال : قلت : فما ذنبي أنا في ذلك ؟ رحمك اللّه يا أبا جعفر ، وما ذلك ؟ قال : أتى الحسين عليه السلام بصبي له ، فهو في حجره إذ رماه أحدكم - يا بني أسد - بسهم فذبحه ، فتلقى الحسين عليه السلام دمه ، فلمّا ملأ كفيه صبّه في الأرض ، ثم قال : ربّ إن تك حبست عنّا النصر من السماء ، فاجعل ذلك لما هو خير ، وانتقم لنا من هؤلاء الظالمين. قال : ورمى عبد اللّه بن عقبة الغنوي أبا بكر بن الحسين بن علي عليهم السلام بسهم فقتله ، فلذلك يقول الشاعر ، وهو ابن أبي عقب : وعند غني قطرة من دمائنا وفي أسد أخرى تعدّ وتذكر وذهب بعضهم الى أنّ أولاد الحسين عليه السلام الرضّع الذين استشهدوا في كربلاء ثلاثة ، أحدهم كان عمره سنة ، والثاني كان عمره ستة أشهر ، والثالث هو المولود في كربلاء .

حجره ، ولبّاه بريقه ، وسمّاه عبد اللَّه ، فبينا هو كذلك إذ رماه حرملة بن الكاهن بسهم فنحره ، فأخذ الحسين عليه السلام دمه فجمعه ورمى به نحو السماء ، فما وقعت منه قطرة إلى الأرض .

ص: 108

قال فضيل : وحدّثني أبو الورد أنّه سمع أبا جعفر عليه السلام يقول : لو وقعت منه إلى الأرض قطرة لنزل العذاب .

وهو الذي يقول فيه الشاعر :

وعند غنيّ قطرة من دمائنا

وفي أسد أخرى تعدّ وتذكر(1)

علي بن الحسين السجاد عليه السلام

وكان علي بن الحسين عليه السلام عليلاً ، وارتثّ - يومئذٍ - وقد حضر بعض القتال ، فدفع اللَّه عنه ، وأخذ مع النساء ، هو ومحمد بن عمرو بن الحسن ، والحسن بن الحسن(2)(3) بن علي بن أبي طالب عليهم السلام .

ص: 109


1- 105. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام : 150 ، اللهوف لابن طاووس : 69 .
2- 106. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام : 2/150 .
3- 107.قال المؤلّف في ترجمة الحسن بن الحسن : 1/235 : هو أبو محمد الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، وأمّه : خولة بنت منظور بن سيّار الفزاري . . . وكان عليه السلام مشهوراً فضله ، ظاهراً نبله ، يحكي في أفعاله مناسبه العالية ، وكانت له مواقف عظيمة بين يدي عمّه الحسين بن علي عليهما السلام في كربلاء ، وكان فارساً ، وله يومئذٍ عشرون سنة ، وقتل تسعة عشر من جنود الضلال ، وأصابته ثماني عشرة جراحة حتى ارتثّ ووقع في وسط القتلى ، فحمله خاله أسامة بن خارجة الفزاري ، وردّه إلى الكوفة وداوى جراحه ، وبقي عنده ثلاثة أشهر حتى عوفي وسلم ، وانصرف إلى المدينة . . . وقال أيضاً : لمّا ولّي الوليد بن عبد الملك اشتد طلبه للحسن بن الحسن عليهما السلام حتى دسّ إليه من سقاه السمّ ، فمات وحمل إلى المدينة ميتاً على أعناق الرجال . وتوفي وهو ابن ثمان وثلاثين سنة . ر؛ وقيل : سبع وثلاثين . ودفن عليه السلام بالبقيع . وفي الرواية : أنّ امرأته فاطمة بنت الحسين عليهم السلام ضربت فسطاطاً على قبره ، وأقامت سنة ، وكانت تقوم الليل ، وتصوم النهار ، وكانت تشبّه بالحور العين من جمالها . فلمّا كان رأس السنة قوّضت الفسطاط وقالت لمواليها : اذهبوا حتى يظلم الليل قليلاً . فلمّا أظلم سمعت صوتاً بالبقيع : هل وجدوا ما فقدوا ؟ فأجابه آخر : بل يئسوا فانقلبوا . روى ذلك السيد أبو الحسين يحيى بن الحسن الحسيني ، وفي رواية أخرى : أنّها لمّا قوّضت الفسطاط تمثّلت بقول الشاعر : إلى الحول ثم اسمُ السلام عليكما ومن يبك حولاً كاملاً فقد اعتذر وقال في ذكر أولاده : محمد ، وبه كان يكنّى ، وأمّه : رملة بنت سعيد بن عمرو بن نفيل . وعبد اللَّه . وإبراهيم . وحسن . وزينب . وأم كلثوم . وهؤلاء أمّهم فاطمة بنت الحسين بن علي أبي طالب عليهم السلام . وفي الرواية : أنّ الحسن بن الحسن لمّا خطب إلى عمّه الحسين عليه السلام ، وسأله أن يزوّجه إحدى ابنتيه . فقال له الحسين عليه السلام : اختر أحبّهما إليك ؟ فاستحيى من عمّه الحسين عليه السلام ولم يحر جواباً . فقال له الحسين عليه السلام : قد اخترت لك ابنتي فاطمة ، فهي أكثرهما شبهاً بأمّي فاطمة بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله ، فزوّجه إياها . . . ومن أولاده عليه السلام : جعفر . وداود . وفاطمة . ومليكة . وأم القاسم . أمّهم : أم ولد .

ص: 110

أبو بكر بن الحسن عليهما السلام

وقتل أبو بكر بن الحسن بن علي .

وأمّه : أم ولد .

قتله عبد اللَّه بن عقبة الغنوي(1) .

عبد اللَّه بن الحسن عليهما السلام

وعبد اللَّه بن الحسن بن علي .

وأمّه أم ولد .

رماه حرملة بن الكاهن الأسدي بسهم فقتله(2) .

ص: 111


1- 108. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/150 ، مقاتل الطالبيين : 57 ، الإرشاد للمفيد : 2/109 ، الإقبال لابن طاووس : 3/75 « الناحية » ، المزار لابن المشهدي : 489 « الناحية : السلام على أبي بكر بن الحسن الزكي الولي المرمي بالسهم الدري لعن اللَّه قاتله عبد اللَّه بن عقبة الغنوي » ، تاريخ الطبري : 4/359 ، الأخبار الطوال للدينوري : 257 ، اعلام الورى : 1/466 ، الفصول المهمة لابن الصباغ : 2/845 ، شرح الأخبار للقاضي النعمان : 3/178 ، مثير الأحزان لابن نما : 50 ، الدر النظيم للعاملي : 556 .
2- 109. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام : 2/150 ، مقاتل الطالبيين : 58 ، شرح الأخبار للقاضي النعمان : 3/180 ، المزار لابن المشهدي : 490 « الناحية : السلام على عبد اللَّه بن الحسن بن علي الزكي ولعن اللَّه قاتله وراميه حرملة بن كاهل الأسدي » ، مثير الأحزان لابن نما : 55 ، الإقبال لابن طاووس : 3/75 « الناحية » ، اللهوف لابن طاووس : 72 ، تاريخ الطبري : 4/359 ، الثقات لابن حبان : 2/309 .

القاسم بن الحسن عليهما السلام

والقاسم بن الحسن بن علي .

وأمّه : أم ولد .

قتله عمرو بن سعيد بن نفيل الأزدي(1) .

عون بن عبد اللَّه بن جعفر

وعون بن عبد اللَّه بن جعفر بن أبي طالب .

وأمّه : جمانة بنت المسيب بن نجبة بن ربيعة بن رباح الفزاري .

قتله عبد اللَّه بن قطنة الطائي النبهاني(2) .

ص: 112


1- 110. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/150 ، مقاتل الطالبيين : 58 ، شرح الأخبار للقاضي النعمان: 3/179، المزار لابن المشهدي: 490 « الناحية : السلام على القاسم بن الحسن بن علي المضروب هامته المسلوب لامته حين نادى الحسين عمّه فجلى عليه عمّه كالصقر وهو يفحص برجله التراب والحسين يقول : بعداً لقوم قتلوك ومن خصمهم يوم القيامة جدّك وأبوك ثم قال: عزّ واللَّه على عمّك أن تدعوه فلايجيبك أو يجيبك وأنت قتيل جديل فلا ينفعك هذا واللَّه يوم كثر واتره وقلّ ناصره جعلني اللَّه معكما يوم جمعكما وبوأني مبوأكما ولعن اللَّه قاتلك عمر بن سعد بن نفيل الأزدي وأصلاه جحيما وأعدّ له عذاباً أليماً » ، الإقبال لابن طاووس : 3/75 « الناحية » ، تاريخ الطبري : 4/359 ، الكامل في التاريخ : 4/75 ، الثقات لابن حبان : 2/309 .
2- 111. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/150 ، الإرشاد للمفيد : 2/107 ، الاختصاص للمفيد : 83 ، المزار لابن المشهدي : 490 « الناحية: السلام على عون بن عبد اللَّه بن جعفر الطيار في الجنان حليف الإيمان ومنازل الأقران الناصح للرحمن التالي للمثاني والقرآن لعن اللَّه قاتله عبد اللَّه بن قطبة آل نبهاني»، مثير الأحزان ر؛ لابن نما : 50 ، الإقبال لابن طاووس : 3/75 « الناحية » ، مجمع الزوائد : 9/197 ، المعجم الكبير للطبراني : 3/103 رقم 2804 ، رجال الطوسي : 102 ، الكامل في التاريخ : 4/92 ، خلاصة الأقوال للحلي : 223 ، رجال ابن داود : 148 ، الثقات لابن حبان : 2/309 ، تاريخ الطبري : 4/359 ، اعلام الورى : 1/465 ، الدر النظيم : 555 ، الفصول المهمة لابن الصباغ : 2/846 ، ترجمة الإمام الحسين عليه السلام من طبقات ابن سعد : 76 . وفي مقاتل الطالبيين : 60 : «أمّه زينب العقيلة بنت أميرالمؤمنين عليه السلام» وهو المشهور .

محمد بن عبد اللَّه بن جعفر

ومحمد بن عبد اللَّه بن جعفر بن أبي طالب .

وأمّه : الخوصاء بنت حصفة بن ثقيف بن ربيعة بن عابد بن الحارث بن تيم اللَّه بن ثعلبة بن بكر بن وائل .

قتله عامر بن نهشل التميمي(1) .

موقف عبد اللَّه بن جعفر

قال : ولمّا أتى أهل المدينة مصابهم ، دخل الناس على عبد اللَّه بن جعفر يعزّونه، فدخل عليه بعض مواليه، فقال:هذا مالقينا، ودخل علينا من حسين!

ص: 113


1- 112. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/151 ، مقاتل الطالبيين : 60 ، الإرشاد للمفيد : 2/107 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/254 ، المزار لابن المشهدي : 491 « الناحية : السلام على محمد بن عبد اللَّه بن جعفر الشاهد مكان أبيه والتالي لأخيه وواقيه ببدنه ، لعن اللَّه قاتله عامر بن نهشل التيمي » ، تاريخ الطبري : 4/359 ، الكامل في التاريخ : 4/92 ، اعلام الورى : 1/465 ، الفصول المهمة لابن الصباغ : 2/846 ، ترجمة الإمام الحسين عليه السلام من طبقات ابن سعد : 76 .

قال : فخذفه عبد اللَّه بن جعفر بنعله ! وقال : يا ابن اللخناء ، أللحسين تقول هذا ؟! واللَّه لو شهدته ما فارقته حتى أقتل معه ، واللَّه ما شحّي بنفسي عنهما ، وعزاني عن المصاب إلّا أنّهما أصيبا مع أخي ، وكبيري ، وابن عمّي ، مواسين له ، ومضاربين معه .

ثم أقبل على جلسائه ، فقال : الحمد للَّه على كلّ محبوب ومكروه ، أعزز عليّ بمصرع أبي عبد اللَّه ، ثم أعزز عليّ أن لا أكون آسيته بنفسي ، الحمد للَّه على كلّ حال قد آساه ولديّ(1) .

جعفر بن عقيل عليهما السلام

وجعفر بن عقيل بن أبي طالب .

أمّه : أم البنين بنت الثغر بن عامر بن هصان الكلابي .

قتله عبد اللَّه بن عروة الخثعمي(2) .

ص: 114


1- 113. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل: 2/151، الإرشاد للمفيد :2/124، جواهر المطالب لابن الدمشقي : 2/296 ، تاريخ الطبري : 4/357 ، الكامل في التاريخ : 4/89 ، كشف الغمة للأربلي : 2/280 .
2- 114. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/151 ، مقاتل الطالبيين : 61 ، مجمع الزوائد : 9/197 ، المعجم الكبير للطبراني : 3/103 ، الثقات لابن حبان : 2/311 ، تاريخ الطبري : 4/359 ، الكامل في التاريخ : 4/92 ، الفتوح لابن أعثم : 5/111 ، الفصول المهمة لابن الصباغ : 2/847 ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 2/26 . في بعض المصادر : أمّه « أم البنين بنت الشقر » ، وفي بعضها : « الشفر » .

عبد الرحمن بن عقيل عليهما السلام

وعبد الرحمن بن عقيل بن أبي طالب .

أمّه : أم ولد .

قتله عثمان بن خالد بن أسير الجهني، وبشير بن حوط الهمداني القايضي ، اشتركا في قتله(1) .

عبد اللَّه بن عقيل عليهما السلام

وعبد اللَّه بن عقيل بن أبي طالب .

وأمّه : أم ولد .

رماه عمرو بن صبيح الصدائي فقتله(2) .

ص: 115


1- 115. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/151 ، شرح الأخبار للقاضي النعمان : 3/195 ، المزار لابن المشهدي : 491 « الناحية : السلام على عبد الرحمن بن عقيل ولعن اللَّه قاتله وراميه عمر بن أسد الجهني » ، الإقبال لابن طاووس : 3/76 « الناحية » ، ترجمة الإمام الحسين عليه السلام من طبقات ابن سعد : 76 ، مقاتل الطالبيين : 61 ، الإرشاد للمفيد : 2/107 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/254 ، مثير الأحزان لابن نما : 50 ، نظم درر السمطين للزرندي : 218 ، الأخبار الطوال للدينوري : 257 ، تاريخ الطبري : 4/359 ، الكامل في التاريخ : 4/92 ، تاريخ ابن خلدون : 3/25 ، الفتوح لابن أعثم : 5/111 ، الفصول المهمة لابن الصباغ : 2/847 ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 2/26 .
2- 116. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/151 ، تاريخ الطبري : 4/359 ، الكامل في التاريخ : 4/92 ، الفصول المهمة لابن الصباغ : 2/847 ، الثقات لابن حبان : 2/309 .

مسلم بن عقيل عليهما السلام

ومسلم بن عقيل بن أبي طالب قتل بالكوفة .

وأمّه : جبلة أم ولد(1)(2) .

ص: 116


1- 117. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/151 .
2- 118.ممّا يطول فيه العتب على المؤرخ أنّه اهتم بسفاسف الأمور ، والأنذال والأوباش وأهمل العظماء الذين رسموا التاريخ وحدّدوا معالمه ، من أمثال مسلم بن عقيل عليهما السلام الذي مثل أدقّ وأهمّ فترة في تاريخ البشرية ، واختطت حركته أكبر منعطف غيّر مسيرة خطي التوحيد والضلال . وقد وردت روايتان في تحديد هوية أم مسلم بن عقيل عليهما السلام : أحدهما رواها المدائني عن معاوية . والأخرى رواها ابن قتيبة في المعارف . الرواية الأولى : معاوية يشتري أم مسلم لعقيل روى المدائني قال : قال معاوية يوماً لعقيل بن أبي طالب : هل من حاجة فأقضيها لك ؟ قال : نعم ، جارية عرضت عليّ وأبى أصحابها أن يبيعوها إلّا بأربعين ألفاً . فأحبّ معاوية أن يمازحه ، فقال : وما تصنع بجارية قيمتها أربعون ألفاً وأنت أعمى تجتزئ بجارية قيمتها خمسون درهماً ؟! قال : أرجو أن أطأها فتلد لي غلاماً إذا أغضبته يضرب عنقك بالسيف . فضحك معاوية وقال : مازحناك يا أبا يزيد ، وأمر فابتيعت له الجارية التي أولد منها مسلماً . فلمّا أتت على مسلم ثماني عشرة سنة - وقد مات عقيل أبوه - قال لمعاوية : يا أمير المؤمنين! إنّ لي أرضاً بمكان كذا من المدينة ، وأنّي أعطيت بها مائة ألف ، وقد أحببت أن أبيعك إياها ، فادفع إليّ ثمنها . فأمر معاوية بقبض الأرض ودفع الثمن إليه . ر؛ فبلغ ذلك الحسين عليه السلام ، فكتب إلى معاوية : أمّا بعد ، فإنّك غررت غلاماً!! من بني هاشم ، فابتعت منه أرضاً لا يملكها!! ، فاقبض من الغلام ما دفعته إليه واردد إلينا أرضنا . فبعث معاوية إلى مسلم فأخبره ذلك ، وأقرأه كتاب الحسين عليه السلام ، وقال : اردد علينا مالنا وخذ أرضك ، فإنّك بعت ما لا تملك . فقال مسلم : أمّا دون أن أضرب رأسك بالسيف فلا . فاستلقى معاوية ضاحكاً يضرب برجليه ، فقال : يا بنى ، هذا واللَّه كلام قاله لي أبوك حين ابتعت له أمّك!! . ثم كتب إلى الحسين عليه السلام فقال : إنّي قد رددت عليكم الأرض ، وسوغت مسلماً ما أخذ . فقال الحسين عليه السلام : أبيتم يا آل أبي سفيان إلّا كرماً .( شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : 11/251 ، إبصار العين للسماوي : 78 ) . وقال أبو الفرج في مقاتله : 52 : مسلم بن عقيل ، وهو أول من قتل من أصحاب الحسين بن علي عليهما السلام . . وأمّه أم ولد يقال لها « علية » ، وكان عقيل اشتراها من الشام ، فولدت له مسلماً ، ولا عقب له . وهاتان الروايتان ترجع إحدهما الى الأخرى ومؤداهما أنّ عقيل اشتراها من الشام . مناقشة الرواية الأولى ويمكن أن تناقش رواية المدائني التي تناسب أن تكون من نسج القصاصين الذين راجت بضاعتهم في العصر الأموي بإسناد خاص من السلطة : أولاً : السند لم يذكر ابن أبي الحديد وغيره أو المدائني سنداً لما رواه ، فالقصة ساقطة بهذا الاعتبار ، وغاية ما يقال فيها أنّها قصة وردت في كتب التاريخ على لسان من « لا يعدو عن أن يكون مؤرخاً ، لا يتثبت فيما ينقله ، ولا يتحقّق من صحّته في كثير من الأحيان . . » ( دراسات في التاريخ لجعفر مرتضى : 207 ) . ر؛ فهي منقطعة الإسناد وطرح رجال الحديث ممّا يحطّ من قيمته لما فيه من الجهالة بمعرفة أحوال أولئك المتروكين والتدليس الشائن (الشهيد مسلم عليه السلام للسيد المقرم : 37) . أمّا المدائني : المدائني ( 135 - 225 ه 752 - 840 م ) علي بن محمد بن عبد اللَّه ، أبو الحسن المدائني : راوية مؤرخ ، كثير التصانيف ، من أهل البصرة . سكن المدائن ، ثم انتقل إلى بغداد فلم يزل بها إلى أن توفي . أورد ابن النديم أسماء نيف ومائتي كتاب من مصنفاته في المغازي ، والسيرة النبوية ، وأخبار النساء ، وتاريخ الخلفاء ، وتاريخ الوقائع والفتوح ، والجاهليين ، والشعراء ، والبلدان ( الأعلام للزركلي : 4/323 ) . وقد ضعّفه ابن عدي في الكامل والذهبي في الاعتدال وابن حجر في لسان الميزان ، فقالوا واللفظ للأول : علي بن محمد بن عبد اللَّه بن أبي سيف أبو الحسن المدائني مولى عبد الرحمن بن سمرة ، ليس بالقوي في الحديث ، وهو صاحب أخبار . . معروف بالأخبار وأقلّ ما له من الروايات المسندة ( الكامل لا بن عدي : 5/213 رقم 1366 ، ميزان الاعتدال للذهبي : 3/153 رقم 5921 ، لسان الميزان لابن حجر : 4/253 رقم 689 ) . وروى الذهبي في سير أعلام النبلاء عن أحمد بن أبي خيثمة قال : كان أبي ، ومصعب الزبيري ، ويحيى بن معين يجلسون بالعشيات على باب مصعب ، فمرّ رجل ليلة على حمار فاره ، وبزّة حسنة ، فسلّم ، وخصّ بمسألته يحيى بن معين ، فقال له يحيى : يا أبا الحسن ، إلى أين ؟ قال : إلى هذا الكريم الذي يملأ كمّي دنانير ودراهم ، إسحاق بن إبراهيم الموصلي . . فسألت أبي : من هذا ؟ قال : هذا المدائني . . . . وقيل له في مرضه : ما تشتهي ؟ قال : أشتهي أن أعيش ( سير أعلام النبلاء للذهبي : 10/401 ) . ر؛ وقال عنه ابن حجر في لسان الميزان : لم أره في ثقات ابن حبان (لسان الميزان لابن حجر : 4/253 ) . وقال عنه ابن النديم : مات المدائني سنة خمس وعشرين ومائتين وله ثلاث وتسعون سنة ، في منزل إسحاق بن إبراهيم الموصلي ، وكان منقطعا إليه ( الشهيد مسلم عليه السلام للمقرم : 38 ) . فلا يوثق والحال هذه برجل يشتهي أن يعيش ! ويلهث وراء من يملأ كمّه دنانير ودراهم ، ويدين بالولاء لبني أمية ، وينتمي اليهم من جهة ولائه لآل عبد شمس ، فهو أموي المذهب ، أموي الانتماء ، فلا يركن الى ما ينقله مهما تكثرت في الجوامع وأمهات المصادر ، بعد أن وضح لنا أنّه حائد عن كلّ من ناوأ معاوية ( فهرست ابن النديم : 113 ) وأنّ الشواهد تؤكد على تحيّزه وممالأته لأعداء أهل البيت عليهم السلام ( دراسات في التاريخ والإسلام للعاملي : 207 ) . ثانياً : مناقشة المتن أولاً : الميزان في قبول قول المؤرخ لا ينبغي الخضوع للتاريخ الملوث الذي كتبه المؤرخ المأجور الذي يكتب على أنغام رنين الدراهم والدنانير إلّا إذا كان منسجماً مع الموقف المعصوم ، أو لا يعارضه على الأقلّ . فنحن لا نقبل ما يرويه لنا التاريخ في أشخاص عرفناهم من خلال تقييم أهل البيت الذين أذهب اللَّه عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً ، وإنّما نعرض كلّما نسمعه على كلامهم ومواقفهم ، فما وافقها قبلناه ، وما خالفها ضربنا به عرض الجدار ، ولا كرامة . ثانياً : اهتمام الأمويين بتقديم صورة مفتعلة لهم ولخصومهم إنّ الحرب التي حمل رايتها الأمويون ومن سلّطهم على رقاب المسلمين لم تنته بعد منذ أن بادروا الى مواجهة خاتم النبيين والى يوم الناس هذا ، وستبقى حتى ظهور المنقذ الأعظم والطالب بدم الحسين عليه السلام ، والآخذ بذحول الأنبياء والأوصياء والشهداء . ر؛ ولم تكن الحرب المفتوحة هذه تنحصر في صورة أو مشهد أو موقف معين ، كما أنّها لم تنحصر في زمن من الأزمان منذ أن سقط هابيل مضرجاً بدمه . وقد امتاز الأمويون عبر التاريخ بالإعلام القوي ، والحرب النفسية ، والتسلل الماكر الى قلوب الناس وأفكارهم ، وتغذيتهم بالسموم الفتّاكة ذات المنظر الخدّاع ، وقد اشتهر كلامهم على الألسن « للَّه جنود من عسل » . وكانت حربهم الإعلامية مع سيد الشهداء عليه السلام قوية ماكرة تتّسم بالخبث والشيطنة بحيث صوّرت سبط النبي وريحانة الرسول وسيد شباب أهل الجنة للمغرر بهم من السذج في صورة الخارجي وأبدت سكان سرادق العزّ من مخدرات الرسالة وعقائل الوحي في مشهد السبايا . . . وقد جهد الأمويون في تشويه صورة أمير المؤمنين وأولاده الطاهرين وأصحابهم الغرّ الميامين - عليهم صلوات ربّ العالمين - ، وتقديمهم الى التاريخ باعتبارهم لا يعرفون من السياسة والتعامل الاجتماعي شيئاً ، فيما يرسم لنا آل أمية وأذنابهم في صور مضلّلة كأنّهم دهات السياسة وعفاريت التاريخ ؟ فإذا كان هذا دأبهم مع المعصومين الأبرار الذين شهد لهم الكتاب والسنة بالطهارة والعصمة والقدس ، فما ظنّك بأنصارهم والمدافعين عنهم والمحامين عن حريمهم . . . وربما اضطر العدو - أحياناً - الى ما يخاله نيلاً من أصحاب الأئمة عموماً ، وأنصار سيد الشهداء عليه السلام خصوصاً ، لأنّه لا يجد في الإمام مغمزاً ولا مهمزاً ، فيحاول الاقتراب من حريمه من خلال التعرّض لأقرب الشخصيات منه ، والسعي في تهديم الأركان التي بنيت عليه أسس معسكرات الهدى . وقد استهدف مسلم بن عقيل عليهما السلام استهدافاً خاصاً من قبل الأمويين لأسباب معروفة. كما جهد الأمويون في تقديم مسوخهم في صور مزيفة خدّاعة كخضراء الدمن ، وهذا ما تجده واضحاً في صياغة هذه القصة . فإنّ المتأمل في هذه المحاورة الواقعة بين عقيل ومعاوية في أمر الجارية يظهر له مغزى المدائني ، فإنّه أراد أن يسجّل صحيفة من حلم معاوية وأناته وكرمه ر؛ مع المسّ في الذوات المقدسة من آل الرسول الأطهر ، وقد فاته أنّ المستقبل يكشف عن نواياه . (الشهيد مسلم للمقرم : 38) . قال السيد جعفر مرتضى العاملي - حفظه اللَّه - : فلعل سبب افتعال تلك الرواية ممّا لا يحتاج الى مزيد بيان بعد أن كانت الرواية نفسها صريحة في ذلك كلّ الصراحة ، وذلك لأنّها تتضمن : أولاً : النصّ على كرم معاوية وحلمه ، لأنّه اشترى لعقيل الجارية بعدما أسمعه عقيل الكلام الجارح لمجرد أنّ معاوية كان قد أحبّ ممازحته . كما أنّه قد صفح عن جرأة مسلم وتهديداته له ، وأحسن اليه بأن سوّغه المائة ألف ، وردّ عليه الأرض . . . وكلّ هذا ولا شكّ كرم عظيم وحلم رجل وفيّ كريم ، ولا سيما إذا اعترف بذلك له ولكلّ آل أبي سفيان مثل الإمام الحسين بن علي !!! ثانياً : الرواية تنسب في مقابل ذلك إلى الإمام الحسين - وحاشاه - أنّه يلقي التهم جزافاً بلا مبرر ظاهر ، بل مبنية على الحدس والتخمين المخالف للواقع ، وذلك ينافي ما يقال عنه أنّه ممّن أذهب اللَّه عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً . هذا عدا عن أنّ الرواية تتهم مسلماً - جلّ عن ذلك - بالاحتيال ، حيث يبيع أرضاً ليست له ، ثم إنّ الحسين عليه السلام يجعل هذا المحتال بالذات ممثلاً له ونائباً عنه ! ويصفه بأنّه أخاه ، وثقته من أهل بيته !! هؤلاء هم أصحاب الحسين عليه السلام وثقاته محتالون دجّالون !!! ثالثاً : الرواية تظهر أنّ آل أبي طالب - سواء في ذلك عقيل أو مسلم - أو الحسين عليه السلام أو غيرهم . . هم أهل فظاظة وعدوان . . وأمّا آل أبي سفيان وعلى رأسهم معاوية الذي حارب علياً ، وسنّ لعنه على المنابر ، وقتل ولده الحسن ، وفعل غير ذلك ر؛ من الأفاعيل ، فهم - باعتراف الحسين نفسه - أهل حلم وكرم وصفح حتى بالنسبة لأعدى أعدائهم الذين ما فتئوا يواجهونهم بقوارع القول ، وقواذع الكلام ، وهم في المقابل يوسعونهم صفحاً وحلماً وكرماً . . . ومعنى ذلك أنّ الأمويين إذا ما قسوا في وقت ما على آل أبي طالب أو لعنوا علياً والحسن والحسين وغيرهم على المنابر . . فلابد وأنّ آل أبي طالب أنفسهم قد اضطروهم لذلك ، وألجأوهم اليه ، لأنّهم دائماً هم المعتدون ولمثل ذلك العقاب مستحقّون . أي أنّ السوء ليس في معاوية والأمويين . . . . وقد أوضحت الرواية كيف واجه عقيل والحسين ومسلم معاوية بتلك القسوة . . . وكيف كان معاوية بهم جميعاً رفيقاً وبالكرم والصفح عنهم حقيقاً حتى لقد اضطر الحسين لأن يعلن رأياً في آل أبي سفيان يخالف رأيه ورأي الهاشميين المعروف فيهم . . وعليه فلابد وأن يكون قتل مسلم والحسين فيما بعد على يد يزيد ولد معاوية إنّما هو بما جنته أيديهما ! لا ظلماً لهما واعتداءاً عليهما كما يصوّره الهاشميون ومن يتشيع لهم . .( دراسات في التاريخ والإسلام للعاملي : 216 - 217 ) . ثالثاً : توظيف المدائني للحطّ من أهل البيت ورفع الأمويين لقد عرفنا المدائني قبل قليل وسمعنا شهادة الرجاليين والمؤرخين فيه ، فهو المكثر من خلق الأحاديث الرافعة للبيت الأموي ، والواضعة من قدر رجالات بيت الوحي والنبوة ، وإنّها لشنشنة مضى عليها الأولون نعرفها من منافسة عبد شمس أخاه هاشماً مطعم الطير والوحوش ، ومنافسة حرب بن أمية عبد المطلب الذي كفأ عليه إناءه واستعبده عشر سنين ، ومنافسة أبي سفيان للرسول الأعظم الذي منّ عليه يوم الفتح وأطلق له ، جاهد ونافس ابن آكلة الأكباد أمير المؤمنين عليه السلام الذي اصطفاه النبي صلى الله عليه وآله يوم المؤاخاة بالأخوة ، ومنحه الخلافة الإلهية إذ قال له : أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبي بعدي . . .( الشهيد مسلم عليه السلام للمقرم : 38 ) . ر؛ رابعاً : النيل من مسلم عليه السلام وزعزعة الثقة بينه وبين الحسين عليه السلام تحاول القصة أن تعرض مسلماً في صورة غلام غرّ لا يحسن أي شي ء ، خفيف الوزن لا يميز المواقف ولا يعرف الكلام ولا يقيّم الأشخاص ، بحيث يتكلّم كالأطفال بين يدي السلطان ، ولهذا يقابله معاوية بضحكة ماجنة ، ويستلقي على قفاه يفحص بيديه ورجليه متصنعاً متكلفاً ، وكأنّه يحاول أن يبدو أمام جرأت مسلم عليه السلام متماسكاً يتعامل مع الهجوم القوي على جبار عنيد طاغي بشكل يعرض فيه خصمه خفيفاً غرّاً لا قيمة له ولا وزن ، فهو غلام حدث غرّ من أب أعمى وأم جارية مملوكة لمعاوية تفضّل بها معاوية على أبيه ، فكأنّه أراد أن يذكره بإحسانه عليه وعلى أبيه ، وأنّه صاحب الأيادي البيضاء الكريمة ، والمتفوّق عليه في مكارم الأخلاق والسبق الى السخاء والجود والكرم ، بل هو صاحب ولائه في واقع الأمر . وقد انكشف ما يضمره معاوية من سوء نية وخبث طويّة في قصته هذه ، فهو يريد أن يقول لمسلم عليه السلام : إنّ أباك كان على خلاف مع عمّك وقد فارقه وهو عليه ساخط والتجأ إلينا ، وأنّ الحسين عليه السلام وقف منه موقفاً غير محمود ، ووصفه بصفات لا ترتاح اليها النفس ، محاولاً في ذلك أن يعرض مسلماً عليه السلام مرتبكاً منهزماً داخلياً ناظراً الى الحسين عليه السلام بعين الريبة والتوجّس ، لأنّ الحسين وآباء الحسين عليهم السلام قد أسخطوا أباه حتى ألجأوه الى معاوية فاستجدى منه أمّه ، وبذلك يفرّق بين مسلم وبين علي وآل علي عليهم السلام . خامساً : التشكيك في اختيار الحسين عليه السلام مؤدى قصة المدائني أن لا يزيد عمر مسلم بن عقيل عليهما السلام عن « 28 سنة » يوم شهادته ، وبهذا تحاول القصة أن تصوّر رائد الحسين عليه السلام شاباً قليل التجربة ، فتخلص الى أنّ سيد الشهداء عليه السلام إنّما كان يعتمد في خروجه على أمثال مسلم عليه السلام الشاب ، فيسري التشكيك باختيارات الحسين عليه السلام وقراراته . وغفل الأمويون وعمّالهم أنّ بني هاشم لا يقاسون بأحد - على فرض صحة مؤدى قوله في عمر مسلم عليه السلام - . ر؛ ثم إنّ الميزان عندنا ليس العمر ، ولا التقييم الأموي ، وإنّما الاختيار الإلهي المعصوم ، فإنّ مسلماً عليه السلام الذي « يجده سيد الشهداء عليه السلام قابلاً لأهلية الولاية على أعظم حاضرة في العراق - الكوفة - فيحبوه بالنيابة الخاصة في الديانات والمدنيات ، لابد وأن يكون أعظم رجل في العقل والدين والأخلاق حتى لا يقع الغمز والطعن فيمن يمثّل موقف الإمامة بأنّه ارتكب دنية أو جاء برذيلة ، أو فعل محرماً أو بدت منه رعونة ، ولو في أمسه الدابر ، فينتكث فتله وتتلاشى مقدرته . على أنّ تلكم الأحوال لو كان من الجائز صدورها منه في الماضي لجاز عودها اليه أيام ولايته ، فينتقض الغرض من إرساله مهذباً ومؤدباً وقامعاً للريب والشبهات ، وزاجراً عمّا يأباه الدين والإنسانية » . فالميزان ليس ما تصوره قصة المدائني ، وإنّما ما يقرّره الإمام المعصوم ، « فالإمام أبو عبد اللَّه لم يشرّف أحداً بالولاية إلّا وهو يعلم بأنّه يمضي كالحديدة المحماة ، وإنّا لا نشكّ في أنّ سيد الشهداء عليه السلام لم يرسل مسلماً عليه السلام والياً من قبله ، ويزيّنه بتلك الرتبة العظيمة ، ثم يشفع ذلك بتشريف الأخوة له التي هي أخوة العلم والدين ، وأنّه ثقته من أهل بيته إلّا وهو يعلم بأنّه في كلّ أدوار حياته منذ نشأته الى حين تأهله لهذه الزعامة الكبرى رجل العلم والتقى ، رجل العقل والسياسة ، رجل الأخلاق والإيمان » ( الشهيد مسلم للمقرم : 41 ) . وهذا كاف لرفض القصة من رأس ، لأنّ خيرة خيرة اللَّه لا يصدر منه ما نسبته اليه القصة . سادساً : عدم انسجام الحكاية مع تاريخ وفاته اختلف المؤرخون في تاريخ وفاة عقيل على أقوال ، والقصة لا تنسجم معها جميعاً . القول الأول : ذهب الصفدي وابن كثير وسبط ابن الجوزي وغيرهم الى أنّه توفي سنة خمسين للهجرة . ( نكت الهميان للصفدي : 201 ، البداية والنهاية لابن كثير : 8/47 ، تذكرة الخواص لابن الجوزي : 11 ) . ر؛ فيكون عمر مسلم عليه السلام يوم شهادته ثمان وعشرون سنة ، وتكون ولادته سنة اثنتين وثلاثين . ويردّ هذا أمور : الأول : أنّ عقيلاً لم يكن أعمى في تلك السنة ، بل ابتلي بالعمى بعد سنة 39 . ثانياً : أنّ هذا « لا يلتئم مع ما ذكره ابن شهرآشوب الحافظ الثبت الثقة بنصّ الفريقين من الشيعة والسنة ( المناقب : 2/260 ) فإنّه يقول : جعل أمير المؤمنين على ميمنته في صفين الحسن والحسين وعبد اللَّه بن جعفر ومسلم بن عقيل ، وعلى الميسرة محمد بن الحنفية ومحمد بن أبي بكر وهاشم بن عتبة المرقال . ومن المعلوم أنّ من يجعله أمير المؤمنين في صفّ أولاد عمّيه البالغين نحواً من خمس وثلاثين سنة ، لابد وأن يقاربهم في السن ، كما قرن بين ابن الحنفية ومحمد بن أبي بكر ، وهما متقاربان في السن ، فإنّ محمد بن الحنفية ولد سنة 16 ، وله يوم صفين إحدى وعشرون سنة ، ومحمد بن أبي بكر ولد عام حجة الوداع بذي الحليفة أو بالشجرة حين توجّه رسول اللَّه صلى الله عليه وآله للحج وقتل سنة 38 ، وله يوم صفين 37 سنة . وحينئذ لا أقلّ أن يقدّر عمر مسلم بن عقيل عليهما السلام بالثلاثين أو الثمان وعشرين ، وتكون ولادته إمّا سنة سبع أو تسع ، وله يوم شهادته أكثر من خمسين سنة . وعلى هذا التقدير في ولادته أين ولاية معاوية في الشام ؟ وأين مسير عقيل اليه ؟ بل أين إسلام معاوية ، فإنّه أسلم بعد سنة تسع قبل وفاة النبي صلى الله عليه وآله بأشهر . ( الشهيد مسلم للمقرم : 40 ) . القول الثاني : قال ابن حجر : إنّ عقيلاً مات سنة ستين ( الشيهد مسلم : 38 عن تقريب التهذيب - لكهنو : 336 ، الإصابة : 2/494 ) وتنصّ الحكاية أنّ قصة البيع وقعت بعد وفاة عقيل ، وكان عمر مسلم ثمان عشرة سنة ، فيكون عمره يوم شهادته ر؛ 18 سنة أيضاً ، وهو ما لم يقل به أحد ، وهو « لا يتفق مع ما أثبته المؤرخون من تزويجه بثلاث نساء أو أكثر ، وأنّ له أولاداً خمسة وبنتاً ، فإنّه وإن لم يكن من المحال في هذه المدّة القصيرة التي هي عبارة عن ثلاث سنين بعد بلوغه أن يتزوّج من ثلاث نساء ، ويستولد هذا العدد لكن العادة المطّردة تأباه . ( الشهيد مسلم للمقرم : 39 ) . القول الثالث : وهو أصحّ الأقوال ( انظر : دراسات وبحوث للعاملي : 221 ) قال ابن حجر في الإصابة وتهذيب التهذيب : قلت : في تاريخ البخاري الأصغر بسند صحيح : أنّه مات في أول خلافة يزيد بن معاوية . .( الإصابة : 4/439 ، تهذيب التهذيب : 7/227 ) . وحينئذ لايمكن أن تصحّ الحكاية، وتستعصي على الترميم والتماسك لما تتضمنه من تهافت يسقطها عن القبول، فإنّ الحكاية تنصّ على أنّ أوامر البيع صدرت من مسلم عليه السلام لمعاوية ! بعد وفاة عقيل ، فيما كان معاوية هالكاً قبله ، فكيف يذهب مسلم عليه السلام الى معاوية وقد مات ، وكيف يكتب الحسين عليه السلام لمعاوية وهو يتوغّل في سجين . سابعاً : اختلف المؤرخون في عمر مسلم بن عقيل عليهما السلام ، والحكاية لا تنسجم مع أيّ تقدير منها ، وقد مرّ الكلام عن التقديرات المذكورة فيه إلّا تقدير واحد ، وهو أن تكون ولادته في أوائل الهجرة ، ويؤيده ما نصّ عليه الواقدي من اشتراك مسلم بن عقيل عليهما السلام في فتح « بهنسا » أيام ملك عمر بن الخطاب « فأن يخرج في صفّ المجاهدين أيام ابن الخطاب لابد وأن يبلغ - على الأقلّ - عشرين سنة ، وحينئذ تكون ولادته في أوائل الهجرة ، وكان معاوية يومئذ راسباً في بحر الشرك والضلال عابداً للأوثان » متخبطاً بالأوحال . ثامناً : تناقض القصة في توقيت ذهاب عقيل الى معاوية أولاً : ثبت عند المحقّقين بضرس قاطع أنّ عقيلاً لم يذهب الى معاوية في حياة أمير المؤمنين علي عليه السلام أبداً ، قال ابن أبي الحديد في شرح النهج : ر؛ فأمّا عقيل فالصحيح الذي اجتمع ثقات الرواة عليه أنّه لم يجتمع مع معاوية إلّا بعد وفاة أمير المؤمنين عليه السلام . ( شرح النهج : 10/250 ) . وجزم بذلك السيد علي خان في الدرجات الرفيعة ، والسيد جعفر مرتضى العاملي في دراسات وبحوث في التاريخ ( دراسات وبحوث في التاريخ والإسلام : 1/183 وما بعدها ) وقد ناقش الأمر نقاشاً وافياً ، وقوّاه السيد المقرم في كتاب الشهيد مسلم عليه السلام وقال : وهو الذي يقوى في النظر بعد ملاحظة مجموع ما يؤثر عنه في هذا الباب ، وعليه تكون وفادته كوفود غيره من الرجال المرضيين عند أهل البيت الى معاوية في تلك الظروف القاسية بعد أن اضطرتهم اليه الحاجة وساقهم وجه الحيلة في الإبقاء على النفس والكفّ من بوادر الرجل ، فلا هم بملومين بشي ء من ذلك ، ولا يحطّ من كرامتهم عند الملأ الديني ، فإنّ للتقية أحكاماً لا تنقض ولا يلام المضطر على أمر اضطر اليه . .( الشهيد مسلم للمقرم : 24 ) . ثانياً : نصت الحكاية أنّ عقيلاً كان أعمى يوم وفادته ، ومن المعلوم أنّ عقيلاً ابتلي بالعمى أواخر أيام أمير المؤمنين عليه السلام ، كما صرّح به بعض المؤرخين مثل المسعودي في التنبيه والأشراف ( التنبيه والأشراف للمسعودي : 256 ) والطبري ( تاريخ الطبري : 4/52 ) نقلاً عن الواقدي ، وحدّده السيد جعفر مرتضى العاملي بسنة 39 فقال : إنّ بصره قد كفّ بعد واقعة بعد واقعة الضحاك بن قيس التي كانت في سنة 39 ، إذ قد جاء في رسالته لأخيه . . قوله : « فعرفت المنكر في وجوههم » - وغيرها من العبارات - وهذا يدلّ على أنّه لم يكن قد عمي بعد . . . ( دراسات وبحوث في التاريخ والإسلام : 194 ) . ثالثاً : يلزم ممّا ذكرنا في النقطة الأولى والثانية أن تكون أحداث هذه القصة بعد شهادة أمير المؤمنين عليه السلام أي بعد سنة 40 ، فيكون عمر مسلم بن عقيل عليهما السلام يوم شهادته أقلّ من عشرين سنة ، ولا قائل بذلك بتاتاً . ر؛ تاسعاً : ويلزم ممّا ذكرنا في النقطة الخامسة أن يكون سيد الشهداء عليه السلام قد عبّر خلال فترة وجيزة عن مسلم عليه السلام تعبيرين متناقضين تماماً ، فهو يعبّر عنه على حدّ زعم معاوية : أنّه غلام غرّ باع ما لا يملك ، ثم عاد ليرسله مهذباً ومؤدباً وقامعاً للريب والشبهات ورائداً للحقّ وأخذ البيعة لزين الأرض والسماوات ، فيعبّر عنه في رسالته الى أهل الكوفة أنّه أخاه وثقته من أهل بيته ، ويأمر المسلمين بإطاعته والامتثال لأمره ، وهذا ما لا يمكن تصوّره في كلام المعصوم ، وقد ثبت الثاني ، فيبطل الأول . عاشراً : ويلزم ممّا ذكرنا في النقطة الخامسة أيضاً أن يكون أطفال مسلم عليه السلام تتراوح أعمارهم بين الخامسة وما دون ذلك يوم عاشوراء ، والحال أنّ مواقفهم وأراجيزهم وعدد قتلاهم يأبى ذلك تماماً . كما أنّ صلاة الطفلين الصغيرين الذين ذبحا على شاطي ء الفرات تؤكد أنّهما كانا مميزين على الأقلّ . والظاهر أنّ مسلماً كان أكبر إخوانه ، فيلزم أن يكون باقي إخوانه صبيان صغار في طفّ كربلاء ، فكيف تنسجم أعمارهم مع مواقفهم وأراجيزهم ، وما ورد عنهم في زيارة الناحية المقدسة . الحادي عشر : تبدو لغة الاستهزاء والسخرية بعقيل لائحة واضحة في صياغة القصة ، للتعبير عن الاستخفاف والامتهان والنيل من هذا البطل الضرغام من رجال عترة خير الأنام ، وفيها تركيز لما يروّج له الأمويون من شبق بني هاشم ، كما يروى عن معاوية أنّه قال لعقيل يوماً : ما أبين الشبق في رجالكم يا بني هاشم ؟!! فقال له عقيل : لكنّه في نسائكم يا بني أمية أبين !!! ( أنساب الأشراف للبلاذري :70 ) . وقال مروان للإمام الحسن عليه السلام : إنّ فيكم - يا بني هاشم - خصلة سوء ! قال : ر؛ وما هي ؟ قال : الغلمة ! قال : أجل ، نزعت الغلمة من نسائنا ووضعت في رجالنا ، ونزعت الغلمة من رجالكم ووضعت في نسائكم ، فما قام لأموية إلّا هاشمي ! . . ( العقد الفريد : 4/105 ) . وإلّا « فإنّ طلب عقيل من معاوية قضاء هذه الحاجة بالذات غير مألوف ، ولا سيما من شيخ قد طعن في السنّ جداً . . حتى أنّه قد يناهز الثمانين أو يزيد . . ذلك السنّ الذي تعزف فيه النفس عن النساء ، إن لم يكن عن عجز وضعف ، فعن ترفّع وإباء . . ويزيد الأمر غرابة هنا أنّ عقيلاً - حسب ما يدعون - قد أولد هذه الجارية ستة أطفال رغم كبر سنّه وشيخوخته . . « قالَتْ يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْ ءٌ عَجِيبٌ » . « قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا » ( دراسات وبحوث في التاريخ والإسلام : 206 ) . الثاني عشر : وتطالعنا لغة الاستهزاء بعقيل ، وعاقبة بالإمام أمير المؤمنين عليه السلام من خلال فصول هذه الحكاية البائسة حينما يقارن معاوية بين الثمن الذي ذكره عقيل للجارية وثمن الجارية التي يقترحها معاوية له ليكتفي بها ، فيطلب عقيل جارية بأربعين ألفاً ، ويقول له معاوية : تكفيك جارية بخمسين ، فيما نجد الرقمين متباعدين غاية التباعد ، وغير متصوّرين في ثمن الجارية ، فلا يتصوّر جارية بخمسين ، ولا بأربعين ألف ، على أنّ الحكاية لا تعيّن الثمن بالدينار ولا الدرهم !! قال السيد العاملي - حفظه اللَّه - : وتنصّ الرواية على أنّ ثمن الجارية كان أربعين ألفاً !! وهو أمر غريب ، فإنّ أثمان الجواري ، وإن كانت قد ارتفعت في أواخر العهد الأموي ، وأوائل العهد العباسي ، إلّا أنّها لم تكن في الصدر الأول الذي يفترض لهذه الرواية ، وهو عهد الخلفاء الأربعة الأول بهذه المثابة . . ويتضح ذلك بالمقارنة بين ما افترضه معاوية ثمناً لجارية ، وهو خمسون درهماً ، وبين ما افترضه عقيل ، وهو أربعون ألفاً ، فمهما ترقّت ر؛ الخمسون فإنّها لن تصل الى ربع أو ثلث ذلك المبلغ العظيم ، أربعين ألفاً . . مهما جمعت من الميزات ، وحوت من الخصائص . . وقد اشترى معاذ بن عفراء خمسة جواري بألف وخمسمأة درهم . . ( صفة الصفوة : 1/188 ، حياة الصحابة : 2/318 ) . وتواتر النقل بأنّ علياً عليه السلام لم يترك سوى سبعمأة درهم ادّخرها ليشتري بها خادماً لأهله . . أضف الى ذلك كلّه أنّ النقود كانت في تلك الفترة قليلة ، الأمر الذي يجعل لها قيمة كبيرة ، والقليل منها يكفي للشي ء الكثير . . ولا سيما مع ملاحظة كثرة الرقيق آنئذ ، لأنّه كان عهد الفتوحات ، وكانوا قد كثروا بحيث خاف معاوية منهم ، فأراد أن يقتل منهم شطراً ، فنهاه الأحنف عن ذلك . . ( دراسات وبحوث في التاريخ والإسلام : 208 ) . الثالث عشر : يلاحظ أنّ الحكاية لا تصرّح بالموضع الذي جرت فيه أحداثها ، فيحتمل فيها احتمالان : الإحتمال الأول : أن تكون في الشام يحتمل أن تكون أحداث القصة جرت في الشام ، « ويؤيد أنّ مسلماً قد سافر الى الشام لبيع الأرض لمعاوية رسالة الحسين التي تقول الرواية أنّه قد أرسلها الى معاوية في خصوص هذا الأمر ( دراسات وبحوث للعاملي : 208 ) ، وربما يستأنس لذلك بسياق القصة الدالّة على ذلك بوجه عام . ويرد ذلك : أولاً : لم يذكر التاريخ بحال وفود مسلم بن عقيل عليهما السلام على معاوية ، ولم يذكر له سفراً الى الشام إلّا عندما أرسل سليل البغايا ابن زياد رأسه المقدّس الى الشام ليصلب هناك . ر؛ ثانياً : « إذا كان معاوية بالشام ومسلم عليه السلام يسكن المدينة طبعاً ، فلماذا يتجشّم مسلم عناء السفر الى الشام ليبيعها الى معاوية بنفس ذلك الثمن الذي كان بإمكانه أن يحصل عليه في المدينة ؟! ( دراسات وبحوث للعاملي : 208 ) . « فإنّ كلّ أحد يعدّ اتخاذ هذه الطريقة سفهاً ، وحاشا - داعية السبط - أن يرتكب خطّة لا يصادق عليها العقل ، ويكون مرمى لسهام اللوم إلّا أن يكون قد تزلّف الى معاوية ببيعه الأرض، والشمم الهاشمي الذي انحنت عليه أضالعه يأباه له ، كيف ، وهو يشاهد دماءهم الطاهرة ودماء من شايعهم تقطر من سيفه وأنديتهم تلهج بانحرافه عن خطّة سلفه الطيب، وغدره بالإمام الحسن عليه السلام تدرسه ناشئة هذا البيت كلّ يوم (الشهيد مسلم للمقرم: 39). فناسج الحكاية إمّا أن يكون في غاية الغباء ، وإمّا يقصد - والعياذ باللَّه - نسبة السوقية الرخيصة والالتواء لمسلم عليه السلام النجيب الطاهر ، فيعرضه في صورة من يريد تمرير بضاعته بالكذب والادّعاء ، وجلّ مولانا الصادق البرّ الأمين عن ذلك . الإحتمال الثاني : أن تكون في المدينة إذا كان البيع قد تمّ في المدينة ، فيجاب : أولاً : لم يذكر لنا التاريخ - في غير هذه الحكاية - أنّ مسلماً عليه السلام التقى معاوية لا في المدينة ولا في غيرها . ثانياً : نصّت الحكاية أنّ مسلماً قال لمعاوية أنّه أعطي بالأرض مائة ألف ، ثم باعها بنفس الثمن من معاوية ، « فلماذا يرغب مسلم في بيع الأرض لمعاوية بالذات ، ولم لم يبعها الى ذلك الذي أعطاه بها نفس الثمن » ( دراسات وبحوث للعاملي : 208 ) . ربما كان المقصود : إمّا نسبة الكذب الى مسلم عليه السلام رائد سيد الشهداء عليه السلام ، أو محاولة الإشارة الى أنّ مسلماً عليه السلام على سرّ أبيه - وجلّ عقيل عن ذلك - يتولّى معاوية ويطمع في دنياه ، ويردّ عليه جميل التفضّل عليه بثمن أمّه !! ر؛ فيكون - عاقبة - مسلم عليه السلام أقرب الى معاوية وآل أبي سفيان منه الى سيد الشهداء وآل أبي طالب عليهم السلام !! الرابع عشر : لا يبدو في القصة أنّ ثمة معاملة بيع وشراء تمت بين معاوية الطاغي العجوز وبين مسلم عليه السلام الشاب ، وإنّما أمر مسلم عليه السلام بالشراء ودفع الثمن ، وأطاع معاوية بدون أي اعتراض أو مساومة ، أو سؤال عن مساحتها وسبيل امتلاكها ، وهو لا زال شاباً في الثامنة عشر من العمر . الخامس عشر : إنّ القصة نسبة لخامس أصحاب الكساء ، وسيد الشهداء عليه السلام الذي نصّ الكتاب على طهارته وعصمته أمور لا يمكن تصوّرها في المعصوم : أولاً : إنّ الحسين عليه السلام في هذه القصة يكتب الى معاوية : فإنّك غررت غلاماً من بني هاشم فابتعت منه أرضاً . . فيما نصّت القصة قبل ذلك أنّ معاوية كان يستلم الأوامر من فوق - حسب تعبير مسلم عليه السلام الوارد في الرواية - وأنّه أرغم على شراء الأرض بالثمن المذكور ، فلماذا إذن يقول له الإمام الحسين عليه السلام - وهو العالم - إنّك غررت وهو لم يغر ؟ هذا ما لا يكون . ثانياً : تعرض القصة نمطاً من الخطاب لا يتصوّر صدوره من معدن الأخلاق والكرم ، ويتناقض عمّا هو ثابت من تقييم سيد الشهداء عليه السلام لمسلم بن عقيل عليهما السلام ، فالقصة تحكي تعبيره عنه بالغلام الغر ، وأنّه باع ما لا يملك ، وغيرها من التهم التي تنسبها - زوراً وبهتاناً - الى زين السماوات والأرض . ثالثاً : نسب المدائني في آخر قصته قولاً لأبي الضيم أبي عبداللَّه الحسين عليه السلام وهو قوله: ر؛ « أبيتم يا آل أبي سفيان إلّا كرماً » ، ويبدو أنّ هذا القول هو عقدة القصة وذروتها ، وهو ما يريد تسويقه الأمويون من جهتين : الجهة الأولى : عرض الأمويين في صورة الكرماء الحلماء من ذوي الحسب والأخلاق الحميدة ، والمواقف النبيلة . الجهة الثانية : عرض الحسين وآل أبي طالب عليهم السلام في الصورة التي يريد الأمويون عرضها ممّا لا نجسر على التصريح به ، وذلك باعتراف الحسين عليه السلام حسب هذه القصة . وكذب هذه الفرية ممّا لا يحتاج الى تدليل بلحاظ كلا الجهتين : أمّا الجهة الأولى : فما ثبت في التاريخ من خسة الحسب والنسب ودناءة الخلق والسلوك ، وخبث السريرة وشرارة الطبع ، وأنّى تكون المكارم في أولاد البغايا ، وذراري رافعات الرايات ، وتكفي مراجعة سريعة للتاريخ للجزم بذلك . وأمّا الجهة الثانية : فلو لم يكن في هذه القصة إلّا نسبة هذا القول الى أبي الضيم لكان كافياً في دحضها وعدم التصديق بها ، فهذه الأكذوبة لوحدها دليل قاطع وبرهان ساطع على زيف ما حدّث به المدائني . فمتى مدح سيد شباب أهل الجنة بؤرة الظلم والشيطنة ، وهل ثمّة من تخفى عليه شهامة أبي الضيم أبي عبد اللَّه الحسين عليه السلام الذي تضمّن روح أبيه بين جنبيه ، ومتى رضخ في قول أو فعل للطلقاء والأدعياء ؟ أوليس هو القائل لمعاوية في كتاب له : أمّا بعد : فقد بلغني كتابك ، تذكر أنّه قد بلغك عنّي أمور أنت لي عنها راغب ، وأنا لغيرها عندك جدير، فإنّ الحسنات لايهدي لها ولايردّ إليها إلّا اللَّه، وأمّا ما ذكرت أنّه انتهى إليك عنّي، فإنّه إنّما رقاه إليك الملاقون المشاؤون بالنميم، وماأريد لك حرباً ولا عليك خلافاً، وأيم اللَّه ،إنّي لخائف للَّه في ترك ذلك ، وما أظن اللَّه راضياً بترك ذلك ، ولا عاذراً بدون الاعذار فيه إليك، وفي أوليائك القاسطين الملحدين حزب الظلمة وأولياءالشياطين. ر؛ ألست القاتل حجر بن عدي أخا كندة ، والمصلّين العابدين الذين كانوا ينكرون الظلم ويستعظمون البدع ولا يخافون في اللَّه لومة لائم ؟ ثم قتلتهم ظلماً وعدواناً من بعد ما كنت أعطيتهم الأيمان المغلظة والمواثيق المؤكدة لا تأخذهم بحدث كان بينك وبينهم ولا بإحنة تجدها في نفسك . أو لست قاتل عمرو بن الحمق صاحب رسول اللَّه - صلّى اللَّه عليه وآله - العبد الصالح الذي أبلته العبادة فنحل جسمه وصفرت لونه ؟ بعد ما آمنته وأعطيته من عهود اللَّه ومواثيقه ما لو أعطيته طائراً لنزل إليك من رأس الجبل ، ثم قتلته جرأة على ربّك واستخفافاً بذلك العهد . أو لست المدّعي زياد بن سمية المولود على فراش عبيد ثقيف ؟ فزعمت أنّه ابن أبيك ، وقد قال رسول اللَّه - صلّى اللَّه عليه وآله - : الولد للفراش وللعاهر الحجر ، فتركت سنة رسول اللَّه - صلّى اللَّه عليه وآله - تعمّداً ، وتبعت هواك بغير هدى من اللَّه . ثم سلّطته على العراقين ، يقطع أيدي المسلمين وأرجلهم ، ويسمل أعينهم ، ويصلبهم على جذوع النخل كأنّك لست من هذه الأمّة وليسوا منك . أو لست صاحب الحضرميين الذين كتب فيهم ابن سمية أنّهم كانوا على دين علي عليه السلام ؟ فكتبت إليه أن اقتل كلّ من كان على دين علي ، فقتلهم ومثّلهم ، ودين علي - عليه السلام - سرّ اللَّه الذي كان يضرب عليه أباك ويضربك ، وبه جلست مجلسك الذي جلست ، ولولا ذلك لكان شرفك وشرف أبيك الرحلتين . وقلت فيما قلت : « انظر لنفسك ولدينك ولأمّة محمد واتق شقّ عصا هذه الأمة ، وأن تردّهم إلى فتنة » ، وإنّي لا أعلم فتنة أعظم على هذه الأمّة من ولايتك عليها ، ولا أعظم نظراً لنفسي ولديني ولأمّة محمد صلّى اللَّه عليه وآله وعلينا أفضل من أن أجاهدك ، فإن فعلت فإنّه قربة إلى اللَّه ، وإن تركته فإنّي أستغفر اللَّه لديني وأسأله توفيقه لإرشاد أمري . وقلت فيما قلت : « إنّي إن أنكرتك تنكرني وإن أكدك تكدني » ، فكدني ما بدا لك ، فإنّي أرجو أن لا يضرّني كيدك فيّ ، وأن لا يكون عليّ أحد أضرّ منه على نفسك ، على أنّك قد ركبت بجهلك تحرصت عليّ نقض عهدك . ر؛ ولعمري ما وفيت بشرط ، ولقد نقضت عهدك بقتلك هؤلاء النفر الذين قتلتهم بعد الصلح والأيمان والعهود والمواثيق ، فقتلتهم من غير أن يكونوا قاتلوا وقتلوا ، ولم تفعل ذلك بهم إلّا لذكرهم فضلنا وتعظيمهم حقّنا ، فقتلتهم مخافة أمر لعلك لو لم تقتلهم متّ قبل أن يفعلوا ، أو ماتوا قبل أن يدركوا . فأبشر - يا معاوية - بالقصاص ، واستيقن بالحساب ، واعلم أنّ للَّه تعالى كتاباً لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلّا أحصاها ، وليس اللَّه بناس لأخذك بالظنّة وقتلك أوليائه على التهم ، ونقل أوليائه من دورهم إلى دار الغربة ، وأخذك للناس ببيعة ابنك ، غلام حدث يشرب الخمر ، ويلعب بالكلاب ، لا أعلمك إلّا وقد خسرت نفسك وتبرت دينك وغششت رعيتك، وأخرجت أمانتك، وسمعت مقالة السفيه الجاهل، وأخفت الورع التقي لأجلهم، والسلام ( اختيار معرفة الرجال للطوسي : 1/252 ح 99 ، بحار الأنوار : 44/213 ) . ويبدو من الكتاب أنّه في نفس الفترة التي زعمت القصة أنّ الحسين عليه السلام أرسل فيها الكتاب المزعوم الذي ينسب مدح آل أبي سفيان الى أبي الضيم الحسين عليه السلام . فالكتاب الأخير الذي تفيض منه روح الحسين عليه السلام ويتعطّر بأنفاسه المقدّسة كان بعد قتل حجر وباقي الشيعة ، وبعد أخذ البيعة ليزيد « غلام حدث يشرب الخمر ، ويلعب بالكلاب » ، وكانت الرسالة المزعومة في أواخر أيام معاوية أو بعد هلاكه !!! كما مرّ معنا سابقاً . فكأنّ الكتاب المزعوم ردّ وتعويض منسوج للردّ على « غلام حدث يشرب الخمر ، ويلعب بالكلاب » ، ولمّا لم يكن معاوية قادراً على النيل من الحسين عليه السلام ، وهو القائل تعقيباً على كتاب الحسين عليه السلام الأخير : « وما عيست أن أعيب حسيناً ، واللَّه ما أرى للعيب فيه موضعاً » ، فما يمنعه - وهو لايعرف الورع بتاتاً - أن ينسج حكاية ينال فيها من عمود من أهمّ أعمدة القيام الحسيني ، ورائد الركب الفاتح في تاريخ البشرية . فما نسبه المدائني لسيد الحفاظ والشهامة ، وإمام الغيارى ، ومعدن الكرامة ، وسيد شباب أهل الجنة ، لا يدع مجالاً لعاقل في إسقاط هذه الأكذوبة الى هوة البطلان ، لأنّها كلمة « لا يهيج بها هاشمي ذو شمم ، نعم يأبى للهاشمي إباؤه وشهامته ، ر؛ يأبى له حفاظته ووجدانه ، بل يأبى لأيّ مؤمن إيمانه وعلمه أن يعترف لابن آكلة الأكباد بتلك المأثرة البالغة حدّها ، وهو يعلم أنّ ابن هند المقعي على أنقاض الخلافة الإسلامية خلواً من أيّ حنكة ، وإنّما أدعم باطله المحض بالتحلّم - المفتعل الزائف - والمحاباة والتزلّف يوهم بها الرعرعة من الناس بأنّ هذه الأناة هي الكافلة لأهلية الخلافة ( الشهيد مسلم للمقرم : 42 ) . السادس عشر : تأبى الشيم الهاشمية والشمم العلوية والإباء الطالبي لمسلم عليه السلام ، وهو النجيب الأبي الغيور ، أن يسكت ويتعامل ببرود مع ما واجهه به معاوية - حسب القصة المزعومة - فيستهزء من عقيل ويقول « ما تصنع بجارية . . وأنت أعمى . . » ، ثم يستلقي على قفاه يفحص بيديه ورجليه ضاحكاً من مسلم عليه السلام مستخفّاً به ، وغيرها من موارد الاستخفاف والاستهزاء التي أشرنا الى بعضها فيما مضى ، ثم يسكت مسلم بن عقيل بن أبي طالب عليهم السلام !!! السابع عشر : لم يترك ابن زياد فرية لم يواجه بها مسلم بن عقيل عليهما السلام ، ونسب له أمامه في قصر الإمارة كلّ خسيسة عرفت في آل زياد وآل أبي سفيان ، وردّه البطل الهاشمي وأسكته ، ودحض مزاعمه ، ولم نسمع فيما واجهه بها هذه القضية ، وقد قضى مسلم عليه السلام وأوصى في مجلس ابن زياد بقضاء دين عليه « 700 درهم » ، فلماذا يضطر ابن زياد الى اختلاق الفرية بعد الفرية على مسلم عليه السلام وبيده - لو كان للقصة نصيب من الصحة - وثيقة تنسب الابتزاز والاحتيال - وحاشاه - لمسلم عليه السلام ، فكان المفروض به أن يذكرها له لو كانت ! * * * الرواية الثانية : كانت أمّه نبطية اكتنف النصّ الثاني غموض وإجمال شديد ، بيد أنّ التأمل فيه يكشف عن أمور مهمة ، قال ابن قتيبة في المعارف : ر؛ وولد عقيل مسلماً وعبد اللَّه ومحمداً ورملة وعبيد اللَّه لأم ولد ، وقال بعضهم : كانت أم مسلم بن عقيل نبطية من « آل فرزندا » ( المعارف لابن قتيبة : 204 ) . من هم النبط ؟ في كتاب العين: النبط والنبيط: كالحبش والحبيش في التقدير، سموا به، لأنّهم أول من استنبط الأرض، والنسبة إليهم: نبطي، وهم قوم ينزلون سواد العراق، والجمع: الأنباط . وفي اللسان : والنَّبِيطُ والنَبطُ كالحَبِيشِ والحَبَشِ في التقدير : جِيلٌ يَنْزِلُون السواد ، وفي المحكم : ينزلون سواد العراق ، وهم الأَنْباطُ ،النَّسَبُ إِليهم نَبَطِيٌّ ، وفي الصحاح : ينزلون بالبَطائِح بين العِراقين . وفي الحديث : لا تَنَبَّطُوا في المدائن أَي لا تَشَبَّهوا بالنَّبط في سكناها واتخاذ العَقارِ والمِلْك . وفي حديث ابن عباس : نحن مَعاشِر قُريْش من النَّبط من أَهل كُوثَى رَبّاً، قيل: إِن إِبراهيم الخليل ولد بها، وكان النَّبطُ سكّانَها؛ ومنه حديث عمرو بن مَعْدِيكَرِب: سأَله عُمر عن سَعْد بن أَبي وقّاص ، فقال : أَعرابيٌّ في حِبْوتِه ، نَبَطِيٌّ في جِبْوتِه ؛ أَراد أَنّه في جِبايةِ الخَراج وعِمارة الأَرضين كالنَّبط حِذقاً بها ومَهارة فيها لأَنهم كانُوا سُكَّانَ العِراقِ وأَرْبابَها . وفي مجمع البحرين : والنبط قوم ينزلون البطائح بين العراقين ، الجمع أنباط كسبب وأسباب ، والنبطية منسوبة إليهم ، قيل : إنهم عرب استعجموا أو عجم استعربوا . وفي المجمع : النبط بفتحتين والنبط بفتح فكسر تحتية : قوم من العرب دخلوا في العجم والروم ، وذلك لمعرفتهم بإنباط الماء ، أي استخراجه لكثرة فلاحتهم . فهم قوم نزلوا سواد العراق ، سواء كانوا من العرب دخلوا العجم والروم أو أنّهم من العجم واستعربوا ، فهم عاقبة من العرب . وقد ذهب السيد المقرم رحمه الله الى أنّ أم مسلم بن عقيل عليهما السلام كانت عربية حرّة ، واحتمل أن يكون عقيل قد خطبها من أهلها في بعض مواسم الوقوف في الديار المقدّسة . وذهب الكمره اى في الجزء الخاص بمسلم بن عقيل عليهما السلام من كتابه « عنصر شجاعت » : الى أنّها كانت حرّة فارسية . ر؛ وكيف كان فإنّ التعريف بأنّها كانت من « آل فلان » لم يعهد في الإماء ، بل إنّ الظاهر أنّ التعريف ب« آل فلان » يفيد الإهتمام بالأسرة ، والتنويه على أهمية الانتماء ، فالنسب الخامل لا يشار اليه ب« آل فلان » عادة ، ولا يتحمّل أحد مسؤولية الإشارة والإشادة به . وحاشا لعقيل العالم بالأنساب والخبير بالناس أن يتزوج إلّا من امرأة تلد له الفحول والفرسان الذين كان يعدّهم لابن أخيه الحسين عليه السلام ليكون رجاله في طفّ كربلاء ، ولا يدع لعدو - موتور - في نسب أولاده مهمز ولا مغمز .

ص: 117

ص: 118

ص: 119

ص: 120

ص: 121

ص: 122

ص: 123

ص: 124

ص: 125

ص: 126

ص: 127

ص: 128

ص: 129

ص: 130

ص: 131

ص: 132

ص: 133

ص: 134

ص: 135

ص: 136

ص: 137

عبد اللَّه بن مسلم عليهما السلام

وعبد اللَّه بن مسلم بن عقيل .

وأمّه : رقية بنت علي بن أبي طالب عليهما السلام ، وأمّها : أم ولد .

قتله عمرو بن صبيح الصدائي ، ويقال : بل قتله أسيد بن مالك الحضرمي(1) .

ص: 138


1- 119. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/151 ، مقاتل الطالبيين : 62 ، أمالي الصدوق : 225 مج 30 ، روضة الواعظين للفتال : 188 ، مروج الذهب للمسعودي : 3/92 ، الفتوح لابن أعثم : 5/110 ، شرح الأخبار للقاضي النعمان : 3/195 ، الإرشاد للمفيد : 2/107 ، الاختصاص للمفيد : 83 ، المزار لابن المشهدي : 491 « الناحية : السلام على القتيل ابن القتيل عبد اللَّه بن مسلم بن عقيل ولعن اللَّه راميه عمرو بن صبيح الصيداوي » ، الإقبال لابن طاووس : 3/76 « الناحية » ، نظم درر السمطين للزرندي: 218، رجال الطوسي: 103، خلاصة الأقوال للحلّي: 192، رجال ابن داود : 124 ، تاريخ خليفة بن خياط : 179 ، الأخبار الطوال للدينوري : 257 ، الثقات لابن حبان : 2/311 ، تاريخ الطبري : 4/341 و534 ، الكامل في التاريخ : 4/93 ، البداية والنهاية لابن كثير : 8/201 و206، تاريخ ابن خلدون: 3/26، اعلام الورى : 1/465 ، الدر النظيم العاملي : 555 ، الفصول المهمة لابن الصباغ : 2/847 ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 2/26 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/259 .

محمد بن أبي سعيد

ومحمد بن أبي سعيد بن عقيل بن أبي طالب .

وأمّه : أم ولد .

قتله أبو زهير الأزدي ، ولقيط بن ياسر الجهني ، اشتركا فيه(1) .

سليمان مولى الحسين عليه السلام

وقتل سليمان مولى الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام .

قتله سليمان بن عوف الحضرمي(2) .

ص: 139


1- 120. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/151 ، الإرشاد للمفيد : 2/126 ، الاختصاص للمفيد : 83 ، تاج المواليد للطبرسي : 32 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/259 ، المزار لابن المشهدي : 491 « الناحية : السلام على محمد بن أبي سعيد بن عقيل ولعن اللَّه قاتله لقيط بن ياسر الجهني»، الإقبال لابن طاووس: 3/76 «الناحية»، رجال الطوسي : 105 ، الطبقات الكبرى لابن سعد : 8/465 ، الثقات لابن حبان : 2/309 ، تاريخ الطبري : 4/359 ، التنبيه والأشراف للمسعودي : 263 ، الكامل في التاريخ : 4/93 ، البداية والنهاية : 8/206 ، اعلام الورى : 1/477 ، الفصول المهمة لابن الصباغ : 2/847 ، ترجمة الإمام الحسين عليه السلام من طبقات ابن سعد : 77 .
2- 121. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/152 ، المزار لابن المشهدي : 491 « الناحية » ، تاريخ الطبري : 4/359 ، الإقبال لابن طاووس : 3/76 « الناحية : السلام على سليمان مولى الحسين بن أمير المؤمنين ولعن اللَّه قاتله سليمان بن عوف الحضرمي » ، رجال الطوسي : 101 ، الكامل في التاريخ : 4/93 ، الفتوح لابن أعثم : 5/37 ، رجال ابن داود : 106 ، الثقات لابن حبان : 2/310 ( مولى الحسن عليه السلام ) ، الفصول المهمة لابن الصباغ : 2/848 ، ترجمة الإمام الحسين عليه السلام من طبقات ابن سعد : 77 ، الاختصاص للمفيد : 83 ، المعجم الكبير للطبراني : 3/103 .

منجح مولى الحسن عليه السلام

وقتل منجح مولى الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام .

قتله حسان بن بكر الحنظلي(1) .

قارب الدئلي مولى الحسين عليه السلام

وقتل قارب الدئلي مولى الحسين بن علي(2) عليهما السلام .

الحارث بن النبهان

وقتل الحارث بن نبهان مولى حمزة بن عبد المطلب أسد اللَّه وأسد رسوله(3) صلى الله عليه وآله .

عبد اللَّه بن يقطر

وقتل عبد اللَّه بن يقطر رضيع(4) الحسين بن علي عليهما السلام بالكوفة ،

ص: 140


1- 122. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/152 ، المزار لابن المشهدي : 491 « الناحية » ، الإقبال لابن طاووس : 3/76 « الناحية » ، رجال الطوسي : 105 ، رجال ابن داود: 192، تاريخ الطبري: 4/359، الكامل في التاريخ: 4/93، الاختصاص : 83، الثقات لابن حبان : 2/310 ، ترجمة الإمام الحسين عليه السلام من طبقات ابن سعد : 77 .
2- 123. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/152 ، المزار لابن المشهدي : 491 ، الإقبال لابن طاووس : 3/76 « الناحية » .
3- 124. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/152 .
4- 125. قال العلامة السماوي في إبصار العين في أنصار الحسين عليه السلام : 69 : عبد اللَّه بن يقطر الحميري « رضيع الحسين عليه السلام » ، كانت أمّه حاضنة للحسين عليه السلام كأمّ قيس بن ر؛ ذريح للحسن عليه السلام ، ولم يكن رضع عندها ، ولكنّه يسمّى رضيعاً له لحضانة أمّه له ، وأمّ الفضل بن العباس لبابة كانت مربية للحسين عليه السلام ولم ترضعه أيضاً ، كما صحّ في الأخبار أنّه لم يرضع من غير أمّه فاطمة صلوات اللَّه عليها وإبهام رسول اللَّه صلى الله عليه وآله تارة وريقه تارة أخرى .

رمي به من فوق القصر فتكسّر ، فقام إليه عبد الملك بن عمير اللخمي فقتله واحتزّ رأسه(1) .

شهداء من بني أسد

وقتل من بني أسد بن خزيمة(2) :

حبيب بن مظاهر ، قتله بديل بن صريم العقفاني ، وكان يأخذ البيعة للحسين بن علي(3) عليهما السلام .

ص: 141


1- 126. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/152 ، روضة الواعظين للفتال : 177 ، الإرشاد للمفيد : 2/70 ، المعجم الكبير للطبراني : 3/103 ، تاريخ الطبري : 4/359 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/243 ، الإقبال لابن طاووس : 3/346 ، رجال الطوسي : 103 ، خلاصة الأقوال للحلّي : 192 ، رجال ابن داود : 125 ، الثقات لابن حبان : 2/310 ، سير أعلام النبلاء للذهبي : 3/299 ، الإصابة لابن حجر : 5/8 ، تاريخ الطبري : 4/300 ، الكامل في التاريخ : 4/42 ، البداية والنهاية : 8/182 ، اعلام الورى : 1/446 ، الفصول المهمة لابن الصباغ : 2/806 ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 1/229 ، ترجمة الإمام الحسين عليه السلام من طبقات ابن سعد : 77 ، الاختصاص للمفيد : 83 .
2- 127. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/152 .
3- 128. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/152 ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 2/19 ، تاريخ الطبري : 4/334 ، روضة الواعظين للفتال : 186 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/252 ، المزار لابن المشهدي : 493 « الناحية » ، مثير الأحزان ر؛ لابن نما : 46 ، الإقبال لابن طاووس : 3/78 « الناحية » ، إختيار معرفة الرجال : 1/292 ، تاريخ الطبري : 4/335 ، الفتوح لابن أعثم : 5/107 ، أمالي الصدوق : 224 مج 30 ، البداية والنهاية : 8/198 .

وأنس بن الحارث ، وكانت له صحبة من رسول اللَّه(1) صلى الله عليه وآله .

وقيس بن مسهّر الصيداوي(2) .

وسليمان بن ربيعة(3) .

ص: 142


1- 129. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/152 ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 2/18 ، التاريخ الكبير للبخاري : 2/30 ، الجرح والتعديل للرازي : 2/287 ، الثقات لابن حبان : 4/49 ، تاريخ دمشق : 14/223 ، أسد الغابة : 1/132 ، المناقب لابن شهرآشوب : 1/122 و3/232 و351 ، مثير الأحزان لابن نما : 46 ، رجال الطوسي : 21 ، خلاصة الأقوال للحلّي : 75 ، رجال ابن داود : 52 ، الإكمال في أسماء الرجال للتبريزي : 45 ، الإصابة : 1/270 ، الوافي بالوفيات للصفدي : 9/239 ، البداية والنهاية : 8/217 ، إمتاع الأسماع للمقريزي : 12/240 ، سبل الهدى والرشاد للشامي : 11/75 ، أمالي الصدوق : 224 ، روضة الواعظين للفتال : 187 .
2- 130. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/152 ، روضة الواعظين للفتال : 177 ، الإرشاد للمفيد : 2/70 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/245 ، المزار لابن المشهدي : 493 « الناحية » ، مثير الأحزان لابن نما : 30 ، الإقبال لابن طاووس : 3/78 « الناحية » ، رجال الطوسي : 104 ، رجال ابن داود : 155 ، الأخبار الطوال للدينوري : 246 ، الثقات لابن حبان : 2/307 ، إكمال الكمال لابن ماكولا : 1/349 ، اللباب في تهذيب الأنساب لابن الأثير : 3/325 ، تاريخ الطبري : 4/297 ، الكامل في التاريخ : 4/41 ، البداية والنهاية : 8/181 ، الفتوح لابن أعثم : 5/82 ، اعلام الورى : 1/446 ، اللهوف لابن طاووس : 46 ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 1/235 .
3- 131. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/152 .

ومسلم بن عوسجة السعدي من بني سعد بن ثعلبة ، قتله مسلم بن عبد اللَّه وعبيد اللَّه بن أبي خشكارة(1) .

شهداء من بني غفار

وقتل من بني غفار(2) :

ص: 143


1- 132. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/152 ، الإرشاد للمفيد : 2/103 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/251 ، المزار لابن المشهدي : 491 « الناحية : السلام على مسلم بن عوسجة الأسدي القائل للحسين وقد أذن له في الإنصراف : أنحن نخلّي عنك وبم نعتذر الى اللَّه من أداء حقّك ولا واللَّه حتى أكسر في صدورهم رمحي وأضربهم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي ولا أفارقك ولو لم يكن معي سلاح أقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة ثم لم أفارقك حتى أموت معك وكنت أول من شرى نفسه وأول شهيد من شهداء اللَّه قضى نحبه ففزت وربّ الكعبة ، شكر اللَّه لك استقدامك ومواساتك إمامك إذ مشى اليك وأنت صريع فقال : يرحمك اللَّه يا مسلم بن عوسجة وقرأ « فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً » لعن اللَّه المشتركين في قتلك عبد اللَّه الضبابي وعبد اللَّه بن خشكارة البجلي » ، الإقبال لابن طاووس : 3/76 ، مثير الأحزان لابن نما : 47 ، رجال الطوسي : 105 ، رجال ابن داود : 188 ، تاريخ الطبري : 4/331 ، الكامل التاريخ : 4/67 ، البداية والنهاية : 8/197 ، الفتوح لابن أعثم : 5/105 ، اعلام الورى : 1/463 ، اللهوف لابن طاووس : 63 ، جواهر المطالب لابن الدمشقي : 2/286 .
2- 133. في مجمع البحرين للطريحي : 3/321 : بنو غفار - ككتاب - من كنانة رهط أبي ذر الغفاري . وفي معجم قبائل العرب لكحالة : 3/890 : غفار بن مليل : بطن من كنانة ، من العدنانية ، وهم : بنو غفار بن مليل بن ضمرة بن بكر بن عبد مناف بن كنانة بن خزيمة بن مدركة - عمرو - بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان ، كانوا حول مكة . ر؛ ومن مياههم « بدر » . ومن أوديتهم « ودان » . وقد قاتلوا مع رسول اللَّه في غزوة حنين ، وعددهم ألف . . وفي تاريخ المدينة لابن شبة النميري : 1/260 : نزل بنو غفار بن مليل بن ضمرة بن بكر - بن عبد مناف بن كنانة - القطيعة التي قطع لها النبي صلى الله عليه وآله ، وهي ما بين دار كثير بن الصلت التي تعرف بدار الحجارة بالسوق إلى زقاق ابن حبين إلى دار أبي سبرة التي صارت لخالد مولى عبيد اللَّه بن عيسى بن موسى إلى منازل آل الماجشون بن أبي سلمة . ولبني غفار مسجد في هذه الخطة خارجاً من منزل أبي رهم بن الحصين الغفاري ، صلّى فيه النبي صلى الله عليه وآله . . ونزل سائر بني غفار محلّتهم بالمدينة ، وهي السائلة من جبل جهينة إلى بطحان ، ما بين خطّ دار كثير بن الصلت ببطحان إلى بني غفار . .

مسلم(1) بن مليل بن ضمرة(2) .

وعبد اللَّه وعبد الرحمن ابنا قيس بن أبي غرزة(3) .

ص: 144


1- 134. في نسخة « وقتل من بني غفار بن مسلم بن مليل ، عبد اللَّه . . » ، والظاهر أنّه « وقتل من بني غفار بن مليل . . » ، ولم نجد فيما فحصنا مسلم بن مليل بن ضمرة في شهداء الطف ، ثم إنّه لا يصحّ ذلك لفارق الزمن ، ويؤيده عدم وجود « الواو » في النسخة الأخرى المتوفرة عندنا قبل عبد اللَّه .
2- 135.تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/152 وفيه : « وقتل من بني غفار بن مليل بن ضمرة : عبد اللَّه وعبيد اللَّه ابنا قيس بن أبي عروة » .
3- 136. مثير الأحزان لابن نما : 43 ، روضة الواعظين للفتال : 187 ، أمالي الصدوق : 224 ، مقتل الإمام الحسين عليه السلام للخوارزمي : 2/23 ، تاريخ الطبري : 4/337 ، البداية والنهاية لابن كثير : 8/200 ، الكامل في التاريخ لابن الأثير : 4/72 ، وفي بعضها : « عروة » بدل « غرزة » ، وفي بعضها : « عزرة » . قال الطبري وغيره ممّن ذكرنا : فلما رأى أصحاب الحسين أنّهم قد كثروا وأنّهم لا يقدرون على أن يمنعوا حسيناً ولا أنفسهم ، تنافسوا في أن يقتلوا بين يديه ، ر؛ فجاءه عبد اللَّه وعبد الرحمن ابنا عزرة الغفاريان ، فقالا : يا أبا عبد اللَّه عليك السلام ، حازنا العدو إليك ، فأحببنا أن نقتل بين يديك نمنعك وندفع عنك . قال : مرحباً بكما ، ادنوا منّي ، فدنوا منه ، فجعلا يقاتلان قريباً منه ، وأحدهما يقول : قد علمت حقّاً بنو غفار وخندف بعد بني نزار لنضربنّ معشر الفجار بكلّ عضب صارم بتار يا قوم ذودوا عن بني الأحرار بالمشرفي والقنا الخطار

وجون [ بن حوي (1)] مولى لأبي ذر الغفاري(2) .

ص: 145


1- 137. في إحدى النسختين : « وجون مولى أبي ذر » ، وفي النسخة الأخرى : « وحوي مولى أبي ذر » .
2- 138.مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 2/19 ، مثير الأحزان لابن نما : 47 ، إقبال الأعمال لابن طاووس : 3/78 « الناحية » ، المزار لابن المشهدي : 493 « الناحية » ، رجال الطوسي : 99 ، رجال ابن داود : 67 ، اللهوف لابن طاووس : 64 ، وفي إبصار العين في أنصار الحسين لمحمد السماوي : 176 - 177 : كان جون منضمّاً إلى أهل البيت عليهم السلام بعد أبي ذر ، فكان مع الحسن عليه السلام ، ثم مع الحسين عليه السلام ، وصحبه في سفره من المدينة إلى مكة ، ثم إلى العراق . قال السيد رضي الدين الداودي : فلمّا نشب القتال وقف أمام الحسين عليه السلام يستأذنه في القتال ، فقال له الحسين عليه السلام : يا جون أنت في إذن منّي ، فإنّما تبعتنا طلباً للعافية فلا تبتل بطريقتنا ، فوقع جون على قدمي أبي عبد اللَّه عليه السلام يقبّلهما ويقول : يا بن رسول اللَّه ، أنا في الرخاء ألحس قصاعكم ، وفي الشدّة أخذلكم ؟! إنّ ريحي لنتن ، وإنّ حسبي للئيم ، وإنّ لوني لأسود ، فتنفّس عليّ في الجنة ليطيب ريحي ويشرف حسبي ، ويبيضّ لوني ، لا - واللَّه - لا أفارقكم حتى يختلط هذا الدم الأسود مع دمائكم . فأذن له الحسين عليه السلام ، فبرز وهو يقول : كيف ترى الفجار ضرب الأسود بالمشرفي والقنا المسدّد يذبّ عن آل النبي أحمد ر؛ ثم قاتل حتى قتل . وقال محمد بن أبي طالب في تسلية المجالس : 2/292 : فوقف عليه الحسين عليه السلام وقال : اللّهم بيّض وجهه ، وطيّب ريحه ، واحشره مع الأبرار ، وعرّف بينه وبين محمد وآل محمد . وروى علماؤنا عن الباقر عليه السلام عن أبيه زين العابدين عليه السلام أنّ بني أسد الذين حضروا المعركة ليدفنوا القتلى وجدوا جوناً بعد أيام تفوح منه رائحة المسك . وفي جون أقول : خليليّ ماذا في ثرى الطف فانظرا أجونة طيب تبعث المسك أم جون ومن ذا الذي يدعو الحسين لأجله أذلك جون أم قرابته عون لئن كان عبداً قبلها فلقد زكا النجار وطاب الريح وازدهر اللون

شهداء من بني تميم

قتل من بني تميم(1) :

الحرّ بن يزيد ، وكان لحق بالحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام بعد(2) .

ص: 146


1- 139. انظر مجمع قبائل العرب لكحالة : 1/125 وما بعدها .
2- 140. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/153 ، أمالي الصدوق : 223 مج 30 ، روضة الواعظين للفتال : 186 ، شرح الأخبار للقاضي النعمان : 3/151 ، الإرشاد للمفيد : 2/99 ، المزار لابن المشهدي : 493 « الناحية » ، مثير الأحزان لابن نما : 43 ، الإقبال لابن طاووس : 3/78 « الناحية » ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 2/9 ، درر السمط في خبر السبط : 100 ، رجال الطوسي : 100 ، الأخبار الطوال للدينوري : 256 ، اكمال الكمال لابن ماكولا : 2/93 ، مروج الذهب للمسعودي : 5/142 ، تاريخ الطبري : 4/325 و330 - 336 ، الكامل في التاريخ : 4/60 و71 ، البداية والنهاية : 8/195 وما بعدها ، الفتوح لابن أعثم : 5/101 ، اعلام الورى : 1/460 ، الدر النظيم للعاملي : 553 ، اللهوف لابن طاووس : 61 . .

وشبيب بن عبد اللَّه من بني نفيل بن دارم(1) .

شهداء من بني سعد بن بكر

وقتل من بني سعد بن بكر(2) :

الحجاج بن بدر(3) .

ص: 147


1- 141. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/153 ، المزار لابن المشهدي : 493 « الناحية » ، الإقبال لابن طاووس : 3/78 ، رجال الطوسي : 101 ، وفيها جميعاً عدا الأول : « النهشلي » .
2- 142. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/153 .
3- 143. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام/ مجلة تراثنا : 153/2 ، وفي إبصار العين في أنصار الحسين عليه السلام للسماوي : 212 : الحجاج بن بدر التميمي السعدي ، كان الحجاج بصرياً من بني سعد بن تميم ، جاء بكتاب مسعود بن عمرو إلى الحسين عليه السلام ، فبقي معه ، وقتل بين يديه . قال السيد الداودي : إنّ الحسين عليه السلام كتب إلى المنذر بن الجارود العبدي ، وإلى يزيد بن مسعود النهشلي ، وإلى الأحنف بن قيس ، وغيرهم من رؤساء الأخماس والأشراف ، فأمّا الأحنف فكتب إلى الحسين عليه السلام يصبّره ويرجّيه ، وأمّا المنذر فأخذ الرسول إلى ابن زياد فقتله . وأمّا مسعود ، فجمع قومه بني تميم وبني حنظلة وبني سعد وبني عامر ، وخطبهم فقال : يا بني تميم ، كيف ترون موضعي فيكم وحسبي منكم ؟ قالوا : بخ بخ ، أنت - واللَّه - فقرة الظهر ورأس الفخر ، حللت في الشرف وسطاً ، وتقدّمت فيه فرطاً . قال : فإنّي قد جمعتكم لأمر أريد أن أشاوركم فيه ، وأستعين بكم عليه . فقالوا له : إنّا - واللَّه - نمنحك النصيحة ، ونجهد لك الرأي ، فقل حتى نسمع . فقال : إنّ معاوية قد مات فأهون به - واللَّه - هالكاً ومفقوداً ، ألا وإنّه قد انكسر باب الجور والإثم ، وتضعضعت أركان الظلم، وقد كان أحدث بيعة عقد بها أمراً ر؛ ظنّ أنّه قد أحكمه ، وهيهات الذي أراد ، اجتهد - واللَّه - ففشل ، وشاور فخذل ، وقد قام يزيد شارب الخمور ، ورأس الفجور يدعي الخلافة على المسلمين ، ويتأمر عليهم بغير رضا منهم مع قصر حلم وقلّة علم لا يعرف من الحقّ موطئ قدمه ، فأقسم - باللَّه - قسماً مبروراً لجهاده على الدين أفضل من جهاد المشركين ، وهذا الحسين بن علي أمير المؤمنين وابن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله ذو الشرف الأصيل والرأي الأثيل ، له فضل لا يوصف ، وعلم لا ينزف ، هو أولى بهذا الأمر لسابقته وسنّه وقدمه وقرابته ، يعطف على الصغير ويحنو على الكبير ، فأكرم به راعي رعية ، وإمام قوم وجبت للَّه به الحجة ، وبلغت به الموعظة فلا تعشوا عن نور الحقّ ولا تسكعوا في وهد الباطل ، فقد كان صخر بن قيس يعني الأحنف انخزل بكم بوم الجمل فاغسلوها بخروجكم إلى ابن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله ونصرته ، واللَّه لا يقصر أحد عن نصرته إلّا أورثه اللَّه الذلّ في ولده ، والقلّة في عشيرته ، وها أنا ذا قد لبست للحرب لامتها ، وأدرعت لها بدرعها ، من لم يقتل يمت ، ومن يهرب لم يفت ، فأحسنوا - رحمكم اللَّه - ردّ الجواب . فقالت بنو حنظلة : يا أبا خالد ، نحن نبل كنانتك ، وفرسان عشيرتك ، إن رميت بنا أصبت ، وإن غزوت بنا فتحت ، لا تخوض غمرة إلّا خضناها ، ولا تلقى - واللَّه - شدّة إلّا لقيناها ، ننصرك بأسيافنا ، ونقيك بأبداننا إذا شئت . وقالت بنو أسد : أبا خالد ، إنّ أبغض الأشياء إلينا خلافك والخروج من رأيك ، وقد كان صخر بن قيس أمرنا بترك القتال فحمدنا ما أمرنا به ، وبقي عزّنا فينا ! فأمهلنا نراجع المشورة ونأتك برأينا ! وقالت بنو عامر : نحن بنو أبيك وحلفاؤك ، لا نرضى إن غضبت ، ولا نوطن إن ضعنت ، فادعنا نجبك ، وأمرنا نطعك ، والأمر إليك إذا شئت . فالتفت إلى بني سعد وقال : واللَّه - يا بني سعد - لئن فعلتموها لا رفع اللَّه السيف عنكم أبداً ، ولا زال فيكم سيفكم . ثم كتب إلى الحسين عليه السلام - قال بعض أهل المقاتل مع الحجاج بن بدر السعدي - : أمّا بعد : فقد وصل إليّ كتابك ، وفهمت ما ندبتني إليه ودعوتني له من الأخذ ر؛ بحظّي من طاعتك ، والفوز بنصيبي من نصرتك ، وإنّ اللَّه لم يخل الأرض من عامل عليها بخير ، ودليل على سبيل نجاة ، وأنتم حجّة اللَّه على خلقه ، ووديعته في أرضه ، تفرعتم من زيتونة أحمدية هو أصلها ، وأنتم فرعها ، فأقدم سعدت بأسعد طائر ، فقد ذلّلت لك أعناق بني تميم ، وتركتهم أشدّ تتابعاً في طاعتك من الإبل الظماء لورود الماء يوم خمسها ، وقد ذلّلت لك بني سعد ، وغسلت درن قلوبها بماء سحابة مزن حين استهل برقها فلمع . ثم أرسل الكتاب مع الحجاج ، وكان متهيأ للمسير إلى الحسين عليه السلام بعد ما سار إليه جماعة من العبديين ، فجاؤوا إليه عليه السلام بالطف . فلمّا قرأ الكتاب قال: ما لك! آمنك اللَّه من الخوف ، وأعزّك وأرواك يوم العطش الأكبر. وبقي الحجاج معه حتى قتل بين يديه . قال صاحب الحدائق : قتل مبارزة بعد الظهر . وقال غيره : قتل في الحملة الأولى قبل الظهر . . .

ص: 148

شهداء من بني تغلب

وقتل من بني تغلب(1) :

قاسط وكردوس ابنا زهير بن الحارث(2) .

ص: 149


1- 144. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/153 .
2- 145. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام : 2/153 ، المزار لابن المشهدي : 494 « الناحية » ، الإقبال لابن طاووس : 3/78 « الناحية » ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/260 ، رجال الطوسي : 104 . وفي إبصار العين في أنصار الحسين عليه السلام للسماوي : 200 : قاسط بن زهير بن الحرث التغلبي ، وأخوه كردوس بن زهير بن الحرث التغلبي ، وأخوه مقسط بن زهير بن الحرث التغلبي ، كان هؤلاء الثلاثة من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام ، ومن المجاهدين بين يديه في حروبه ، صحبوه أولاً ، ثم صحبوا الحسن عليه السلام، ثم بقوا في الكوفة، ر؛ ولهم ذكر في الحروب ، ولا سيما صفين . ولمّا ورد الحسين عليه السلام كربلاء خرجوا إليه ، فجاؤوه ليلاً ، وقتلوا بين يديه . قال السروي : قتل في الحملة الأولى .

وكنانة بن عتيق(1) .

والضرغامة بن مالك(2) .

شهداء من بني قيس بن ثعلبة

وقتل من بني قيس بن ثعلبة(3) :

ص: 150


1- 146. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/153 ، المزار لابن المشهدي : 494 « الناحية » ، الإقبال لابن طاووس : 3/78 « الناحية » ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/260 ، رجال الطوسي : 104 . وفي إبصار العين في أنصار الحسين عليه السلام للسماوي : 199 : كنانة بن عتيق التغلبي ، كان كنانة بطلاً من أبطال الكوفة ، وعابداً من عبّادها ، وقارئاً من قرّائها ، جاء إلى الحسين عليه السلام في الطفّ ، وقتل بين يديه . قال السروي : قتل في الحملة الأولى ، وقال غيره : قتل مبارزة في ما بين الحملة الأولى والظهر .
2- 147. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/153 ، المزار لابن المشهدي : 494 « الناحية » ، الإقبال لابن طاووس : 3/78 « الناحية » ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/260 ، رجال الطوسي : 101 . وفي إبصار العين في أنصار الحسين عليه السلام للسماوي : 199 : الضرغامة بن مالك التغلبي ، كان كاسمه ضرغاماً ، وكان من الشيعة ، وممّن بايع مسلماً ، فلمّا خذل خرج فيمن خرج مع ابن سعد ، ومال إلى الحسين عليه السلام فقاتل معه ، وقتل بين يديه مبارزة بعد صلاة الظهر ، رضي اللَّه عنه .
3- 148. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/153 .

خولي بن مالك(1) .

وعمرو بن ضبيعة(2) .

ص: 151


1- 149. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل/ مجلة تراثنا : 2/153 ، كذا وفي المصادر « جوين » ، المزار لابن المشهدي : 494 « الناحية » ، رجال الطوسي : 99 ، الإقبال لابن طاووس : 3/78 وفيه : « حوي » . وفي إبصار العين في أنصار الحسين عليه السلام للسماوي : 194 : جوين بن مالك بن قيس بن ثعلبة التيمي ، كان جوين نازلاً في بني تيم ، فخرج معهم إلى حرب الحسين عليه السلام ، وكان من الشيعة ، فلمّا ردّت الشروط على الحسين عليه السلام ، مال معه فيمن مال ، ورحلوا إلى الحسين عليه السلام ليلاً ، وقتل بين يديه . قال السروي : وقتل في الحملة الأولى ، وصحّف اسمه بسيف ، ونسبه بالنمري . وفي أنصار الحسين عليه السلام لشمس الدين : 81 رقم 12 : جوين بن مالك الضبعي ، ذكره الشيخ في عداد أصحاب الحسين عليه السلام ، ولم ينصّ على مقتله ، وذكر في الزيارة في عداد الشهداء تارة بهذا الاسم ، وأخرى باسم « حوي بن مالك الضبعي » وقع الخلط عند البعض بينه وبين جون مولى أبي ذر ، ذكر أيضاً في الرجبية إلّا أنّه ورد فيها بعنوان « جوير بن مالك » . ونرجح أنّه جوين بن مالك الضبعي ، وأنّه صحّف تارة باسم حوي ، وأخري باسم جوير . ذكر أنّه كان من جنود عمر بن سعد ، ثم تحوّل إلى الحسين عليه السلام ، وقاتل معه ، وقتل في الحملة الأولى . الضبعي : ضبع بن وبرة ، بطن من القحطانية « يمن ، عرب الجنوب » .
2- 150. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل/ مجلة تراثنا : 2/153 ، الإقبال لابن طاووس : 3/78 وفيه : « عمر بن ضبيعة الضبعي » . وفي إبصار العين في أنصار الحسين عليه السلام للسماوي : 194 : عمرو بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة الضبعي التيمي ، كان عمر فارساً مقداماً خرج مع ابن سعد ، ثم دخل في أنصار الحسين عليه السلام فيمن دخل . ر؛ قال السروي : قتل في الحملة الأولى . وفي أنصار الحسين عليه السلام لشمس الدين : 103 رقم 56 : عمرو بن ضبيعة الضبعي ، ذكره الشيخ ، وابن شهرآشوب في عداد قتلى الحملة الأولى « عمر بن مشيعة » مصحفاً ، والزيارة ، وفي الرجبية : « ضبيعة بن عمر » مقلوباً . ضبع بن وبرة ، بطن من قضاعة من القحطانية « يمن ، عرب الجنوب » .

شهداء من بني عبد القيس - البصرة

وقتل من بني عبد القيس - من أهل البصرة - :

يزيد بن ثبيط(1) .

ص: 152


1- 151. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/153 ، تاريخ الطبري : 4/263 ، الكامل في التاريخ : 4/21 ، رجال الطوسي : 106 وفيها جمعياً عدا الأول : « نبيط » . وفي أنصار الحسين عليه السلام لشمس الدين : 112 : يزيد بن نبيط « ثبيت العبدي » ، ذكره الطبري ، وصحّف في الزيارة : « يزيد بن ثبيت القيسي » ، وذكر في الرجبية باسم « بدر بن رقيط » ، وذكره سيدنا الأستاذ باسم « بدر بن رقيد » ( معجم رجال الحديث : 3/266 ) قدم إلى الحسين عليه السلام مع ولديه عبد اللَّه وعبيد اللَّه من البصرة إلى مكة ، بعد أن وصل كتاب الحسين عليه السلام إلى أشرافها ، كان منضوياً في جماعة شيعية في البصرة . العبدي : من عبد القيس « عرب الشمال » . وفي إبصار العين في أنصار الحسين عليه السلام للسماوي : 189 - 191 : يزيد بن ثبيط ( ثبيط : بالثاء المثلثة والباء المفردة والياء المثناة تحت والطاء المهملة علم مصغّر ، ويمضى في بعض الكتب ثبيث ونبيط ، وهما تصحيف ) العبدي - عبد قيس - البصري ، وابناه عبد اللَّه بن يزيد بن ثبيط العبدي البصري ، وعبيد اللَّه بن يزيد بن ثبيط العبدي البصري . كان يزيد من الشيعة ، ومن أصحاب أبي الأسود ، وكان شريفاً في قومه . ر؛ قال أبو جعفر الطبري : كانت مارية ابنة منقذ العبدية تتشيع ، وكانت دارها مألفاً للشيعة يتحدّثون فيه ، وقد كان ابن زياد بلغه إقبال الحسين عليه السلام ومكاتبة أهل العراق له ، فأمر عامله أن يضع المناظر ويأخذ الطريق ! فأجمع يزيد بن ثبيط على الخروج إلى الحسين عليه السلام ، وكان له بنون عشرة ، فدعاهم إلى الخروج معه ، وقال : أيّكم يخرج معي متقدماً ؟ فانتدب له اثنان عبداللَّه وعبيداللَّه . فقال لأصحابه في بيت تلك المرأة : إنّي قد أزمعت على الخروج ، وأنا خارج ، فمن يخرج معي ؟ فقالوا له : إنّا نخاف أصحاب ابن زياد . فقال : إنّي - واللَّه - أن لو قد استوت أخفافها بالجدد لهان عليّ طلب من طلبني . ثم خرج وابناه ، وصحبه عامر ، ومولاه ، وسيف بن مالك ، والأدهم ابن أمية ، وقوى في الطريق حتى انتهى إلى الحسين عليه السلام وهو بالأبطح من مكة ، فاستراح في رحله ، ثم خرج إلى الحسين عليه السلام إلى منزله . وبلغ الحسين عليه السلام مجيئه ، فجعل يطلبه حتى جاء إلى رحله ، فقيل له : قد خرج إلى منزلك ، فجلس في رحله ينتظره . وأقبل يزيد لمّا لم يجد الحسين عليه السلام في منزله ، وسمع أنّه ذهب إليه راجعاً على أثره ، فلمّا رأى الحسين عليه السلام في رحله قال : « قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا » ، السلام عليك يا بن رسول اللَّه ، ثم سلّم عليه وجلس إليه ، وأخبره بالذي جاء له ، فدعا له الحسين عليه السلام بخير . ثم ضمّ رحله إلى رحله ، وما زال معه حتى قتل بين يديه في الطف مبارزة ، وقتل ابناه في الحملة الأولى ، كما ذكره السروي . وفي رثائه ورثاء ولديه يقول ولده عامر بن يزيد : يا فرو قومي فاندبي خير البرية في القبور وابكي الشهيد بعبرة من فيض دمع ذي درور ر؛ وارث الحسين مع التفجع والتأوه والزفير قتلوا الحرام من الأئمة في الحرام من الشهور وابكى يزيد مجدلاً وابنيه في حرّ الهجير متزمّلين دماؤهم تجري على لبب النحور يا لهف نفسي لم تفز معهم بجنات وحور في أبيات كما ذكر ذلك أبو العباس الحميري وغيره من المؤرخين .

ص: 153

وابناه عبد اللَّه وعبيد اللَّه .

وعامر بن مسلم(1)(2) .

وسالم مولاه(3) .

ص: 154


1- 152. في اللباب في تهذيب الأنساب لابن الأثير الجزري : 2/359 : قال هشام الكلبي : منهم عامر بن مسلم بن قيس بن سلمة بن طريف بن أبان بن سلمة بن جارية بن فهم بن بكر بن عبلة بن أنمار بن مبشر بن عميرة قتل مع الحسين بن علي عليهما السلام .
2- 153.تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل: 2/153 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/260 ، المزار لابن المشهدي : 494 « الناحية » ، الإقبال لابن طاووس : 3/78 «الناحية»، رجال الطوسي: 103، خلاصة الأقوال للحلّي: 379، رجال ابن داود : 252.
3- 154. سالم مولى عامر بن مسلم العبدي ، كان عامر من الشيعة في البصرة ، فخرج هو ومولاه سالم مع يزيد إلى الحسين عليه السلام ، وانضم إليه ، حتى وصلوا كربلا ، وكان القتال فقتلا بين يديه . قال في المناقب وفي الحدائق : قتلا في الحملة الأولى . ( إبصار العين في أنصار الحسين عليه السلام للسماوي : 191 ) . تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/153 ، المزار لابن المشهدي : 494 « الناحية » ، الإقبال لابن طاووس : 3/78 « الناحية » .

وسيف بن مالك(1) .

والأدهم بن أمية(2) .

شهداء من الأنصار

وقتل من الأنصار :

عمرو بن قرظة(3) .

وعبد الرحمن بن عبد ربّ من بني سالم بن الخزرج ، وكان أمير المؤمنين عليه السلام ربّاه وعلّمه القرآن(4) .

ص: 155


1- 155. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/153 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/260 ، المزار لابن المشهدي : 494 « الناحية » ، الإقبال لابن طاووس : 3/78 « الناحية » ، رجال الطوسي : 101 .
2- 156. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل/مجلة تراثنا : 2/153 . وفي إبصار العين في أنصار الحسين عليه السلام للسماوي : 192 : الأدهم بن أمية العبدي البصري كان الأدهم من الشيعة البصرية الذين يجتمعون عند مارية ، وخرج إلى الحسين عليه السلام مع يزيد . قال صاحب الحدائق : قتل مع الحسين عليه السلام ، ولم يذكر غير ذلك . وقال غيره : قتل في الحملة الأولى مع من قتل من أصحاب الحسين عليه السلام .
3- 157. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/153 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/253 ، المزار لابن المشهدي : 493 « الناحية » ، الإقبال لابن طاووس : 3/78 « الناحية » ، الكامل في التاريخ : 4/67 ، اللهوف لابن طاووس : 46 ، مثير الأحزان لابن نما : 45 ، تاريخ الطبري : 4/330 .
4- 158. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/153 ، رجال الطوسي : 103 . وفي إبصار العين في أنصار الحسين عليه السلام للسماوي : 157 : ر؛ عبد الرحمن بن عبد ربّ الأنصاري الخزرجي ، كان صحابياً ، له ترجمة ورواية ، وكان من مخلصي أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام . قال ابن عقدة : حدّثنا محمد بن إسماعيل بن إسحاق الراشدي عن محمد بن جعفر النميري عن علي بن الحسن العبدي عن الأصبغ بن بناتة قال : نشد علي عليه السلام الناس في الرحبة من سمع النبي صلى الله عليه وآله قال يوم غدير خم ما قال إلّا قام ، ولا يقوم إلاّ من سمع رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يقول ، فقام بضعة عشر رجلاً فيهم : أبو أيوب الأنصاري ، وأبو عمرة بن عمرو بن محصن ، وأبو زينب ، وسهل بن حنيف ، وخزيمة بن ثابت ، وعبد اللَّه بن ثابت ، وحبشي بن جنادة السلولي ، وعبيد بن عازب ، والنعمان بن عجلان الأنصاري ، وثابت بن وديعة الأنصاري ، و أبو فضالة الأنصاري ، وعبد الرحمن بن عبد ربّ الأنصاري ، فقالوا : نشهد أنّا سمعنا رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يقول : ألا إنّ اللَّه - عزّ وجلّ - وليي وأنا ولي المؤمنين ، ألا فمن كنت مولاه فعلي مولاه ، اللّهم وال من والاه وعاد من عاداه ، وأحبّ من أحبّه وابغض من أبغضه ، وأعن من أعانه . وذكر في أسد الغابة ذلك ، وكرره في مواضع الذين قاموا من الصحابة . وقال في الحدائق : وكان علي بن أبي طالب عليه السلام هو الذي علم عبد الرحمن هذا القرآن وربّاه . وكان عبد الرحمن جاء معه فيمن جاء من مكة ، وقتل بين يديه في الحملة الأولى . وقال السروي : إنّه قاتل وقتل رضي اللَّه عنه .

ونعيم بن العجلان الأنصاري(1) .

وعمران بن كعب الأنصاري(2) .

ص: 156


1- 159. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/153 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/260 ، المزار لابن المشهدي : 493 « الناحية » ، الإقبال لابن طاووس : 3/77 « الناحية » ، رجال الطوسي : 106 .
2- 160. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/153 ، المزار لابن المشهدي : 493 « الناحية » ، الإقبال لابن طاووس : 3/77 « الناحية وفيه : عمر بن أبي كعب الأنصاري » ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/260 ، رجال الطوسي : 103 .

وسعد بن الحارث .

وأخوه [ أبو ] الحتوف بن الحارث .

وكانا من المحكّمة ، فلمّا سمعا أصوات النساء والصبيان من آل رسول اللَّه صلى الله عليه وآله حكما ، ثم حملا بأسيافهما ، فقاتلا مع الحسين عليه السلام حتى قتلا ، وقد أصابا في أصحاب عمر بن سعد ثلاثة نفر(1) .

ص: 157


1- 161. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/153 ، وفي أعيان الشيعة للأمين : 2/319 : عن الحدائق الوردية في أئمة الزيدية : أنّه كان مع أخيه سعد في الكوفة ، ورأيهما رأي الخوارج ، فخرجا مع عمر بن سعد لحرب الحسين عليه السلام ، فلمّا كان اليوم العاشر وقتل أصحاب الحسين عليه السلام ، وجعل الحسين عليه السلام ينادي : ألا ناصر فينصرنا ، فسمعته النساء والأطفال ، فتصارخن وسمع سعد وأخوه أبو الحتوف النداء من الحسين عليه السلام ، والصراخ من عياله ، قالا : إنّا نقول : لا حكم الّا للَّه ، ولا طاعة لمن عصاه ، وهذا الحسين عليه السلام ابن بنت نبينا محمد - صلّى اللَّه عليه وآله وسلم - ونحن نرجو شفاعة جدّه يوم القيامة ، فكيف نقاتله وهو بهذا الحال لا ناصر له ولا معين !! فمالا بسيفهما مع الحسين عليه السلام على أعدائه ، وجعلا يقاتلان قريباً منه حتى قتلا جمعاً ، وجرحا آخر ، ثم قتلا معاً في مكان واحد ، وختم لهما بالسعادة الأبدية بعد ما كانا من المحكمة ، وإنّما الأمور بخواتيمها . وفي إبصار العين في أنصار الحسين عليه السلام للسماوي : 159 : سعد بن الحرث الأنصاري العجلاني وأخوه أبو الحتوف بن الحرث الأنصاري العجلاني ، كانا من أهل الكوفة ومن المحكمة ، فخرجا مع عمر بن سعد إلى قتال الحسين عليه السلام . قال صاحب الحدائق : فلمّا كان اليوم العاشر ، وقتل أصحاب الحسين عليه السلام ، فجعل الحسين ينادي : « ألا ناصر فينصرنا » ، فسمعته النساء والأطفال ، فتصارخن وسمع سعد وأخوه أبو الحتوف النداء من الحسين عليه السلام والصراخ من عياله ، فمالا بسيفيهما مع الحسين عليه السلام على أعدائه، فجعلا يقاتلان حتى قتلا جماعة وجرحا آخرين، ثم قتلا معاً.

شهداء من بني الحارث بن كعب

وقتل من بني الحارث بن كعب(1) :

الضباب بن عامر(2) .

شهداء من خثعم

وقتل من خثعم(3) :

عبد اللَّه بن بشير الأكلة(4) .

وسويد بن عمرو بن أبي المطاوع ، قتله هانئ ابن ثبيت الحضرمي(5) .

ص: 158


1- 162.( - 3) تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/154 .
2- 163.
3- 164.
4- 165. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/154 . وفي إبصار العين في أنصار الحسين عليه السلام للسماوي : 170 : عبد اللَّه بن بشر الخثعمي ، هو عبد اللَّه بن بشر بن ربيعة بن عمرو بن منارة بن قمير بن عامر بن رائسة بن مالك بن واهب بن جليحة بن كلب بن ربيعة بن عفرس بن خلف بن أقبل بن أنمار ، الأنماري الخثعمي . كان عبد اللَّه بن بشر الخثعمي من مشاهير الكماة الحماة للحقائق ، وله ولأبيه ذكر في المغازي والحروب . قال ابن الكلبي : بشر بن ربيعة الخثعمي ، هو صاحب الخطّة بالكوفة التي يقال لها « جبانة بشر » ، وهو القائل يوم القادسية : أنخت بباب القادسية ناقتي وسعد بن وقاص عليّ أمير وكان ولده عبد اللَّه ممّن خرج مع عسكر ابن سعد ، ثم صار إلى الحسين عليه السلام فيمن صار إليه أيام المهادنة . قال صاحب الحدائق وغيره : إنّ عبد اللَّه بن بشر قتل في الحملة الأولى قبل الظهر .
5- 166. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل: 2/154، مثير الأحزان لابن نما: 49. ر؛ وفي تاريخ الطبري: 4/346 : قال أبومخنف: حدّثني زهير بن عبدالرحمن الخثعمي أنّ سويد بن عمرو بن أبي المطاع كان صرع، فأثخن، فوقع بين القتلى مثخناً، فسمعهم يقولون: قتل الحسين عليه السلام ، فوجد فاقة ، فإذا معه سكين وقد أخذ سيفه، فقاتلهم بسكينه ساعة ، ثم إنّه قتل ، قتله عروة بن بطار التغلبي وزيد بن رقاد الجنبي ، وكان آخر قتيل . وفي اللهوف لابن طاووس : 66 : قال الراوي : وتقدّم سويد بن عمر بن أبي المطاع ، وكان شريفاً كثير الصلاة ، فقاتل قتال الأسد الباسل ، وبالغ في الصبر على الخطب النازل ، حتى سقط بين القتلى وقد أثخن بالجراح ، فلم يزل كذلك وليس به حراك ، حتى سمعهم يقولون : قتل الحسين عليه السلام ، فتحامل وأخرج سكيناً من خفّه ، وجعل يقاتلهم بها حتى قتل رضوان اللَّه عليه .

وقتل بكر بن حي التيمي(1) من بني تيم اللَّه بن ثعلبة(2) .

وجابر بن الحجّاج مولى عامر بن نهشل من بني تيم اللَّه(3) .

ومسعود بن الحجاج .

وابنه عبد الرحمن بن مسعود(4) .

ص: 159


1- 167. في نسخة : « التيملي » .
2- 168.تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/154 . وفي إبصار العين للسماوي : 194 : بكر بن حي بن تيم اللَّه بن ثعلبة التيمي ، كان بكر ممّن خرج مع ابن سعد إلى حرب الحسين عليه السلام ، حتى إذا قامت الحرب على ساق مال مع الحسين عليه السلام على ابن سعد ، فقتل بين يدي الحسين عليه السلام بعد الحملة الأولى ، ذكره صاحب الحدائق وغيره . وذكر الطبري في تاريخه : 4/332 وابن الأثير في الكامل : 4/68 : بكير بن حي التيمي من تيم اللَّه بن ثعلبة في عسكر العدو ، وأنّه اشترك مع هاني بن ثبيت في قتل عبد اللَّه بن عمير الكلبي - رضوان اللَّه عليه - ، والظاهر أنّه غير بكر بن حي التيمي هذا .
3- 169. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/154 .
4- 170. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل: 2/154، المناقب لابن شهرآشوب: ر؛ 3/260 ، المزار لابن المشهدي : 494 « الناحية » ، الإقبال لابن طاووس : 3/79 « الناحية » ، رجال الطوسي : 105 .

شهداء من عيذ اللَّه

وقتل من عيّذ اللَّه :

مجمع بن عبد اللَّه(1) .

وعائذ بن مجمع(2) .

شهداء من طي

وقتل من طي :

عمّار(3) بن حسان بن شريح بن سعد بن حارثة بن لام(4) .

ص: 160


1- 171. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/154 ، المزار لابن المشهدي : 494 « الناحية » ، تاريخ الطبري : 4/340 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/260 .
2- 172. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/154 .
3- 173. في نسخة : « عامر » .
4- 174.تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/154 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/260 ، الإقبال لابن طاووس : 3/79 « الناحية » ، رجال الطوسي : 103 ، رجال النجاشي : 100 ، إيضاح الاشتباه للحلّي : 111 . وفي إبصار العين في أنصار الحسين عليه السلام للسماوي :197 - 198 : عمار بن حسان الطائي ، هو عمار بن حسان بن شريح بن سعد بن حارثة بن لام بن عمرو بن ظريف بن عمرو بن ثمامة بن ذهل بن جذعان بن سعد بن طي ، الطائي . كان عمار من الشيعة المخلصين في الولاء ، ومن الشجعان المعروفين ، وكان أبوه حسان ممّن صحب أمير المؤمنين عليه السلام وقاتل بين يديه في حرب الجمل وحرب صفين ، فقتل بها . ر؛ وكان عمار صحب الحسين عليه السلام من مكة ، ولازمه حتى قتل بين يديه . قال السروي : قتل في الحملة الأولى . ومن أحفاد عمار عبد اللَّه بن أحمد بن عامر بن سليمان بن صالح بن وهب بن عمار هذا ، أحد علمائنا ورواتنا ، صاحب كتاب قضايا أمير المؤمنين عليه السلام يرويها عن أبيه عن الرضا عليه السلام . وفي أنصار الحسين عليه السلام لشمس الدين : 95 رقم 37 : عامر بن حسان بن شريح الطائي ، ذكره النجاشي في ترجمة حفيده « أحمد بن عامر » ، وصرّح بأنّه « هو الذي قتل مع الحسين بن علي عليهما السلام بكربلاء » . وذكر مصحّفاً باسم « عمار بن حسان بن شريح الطائي » عند الشيح ، وذكر في الزيارة والرجبية ، وذكره ابن شهرآشوب في عداد الذين قتلوا في الحملة الأولى ، صحب الحسين عليه السلام من مكة . . ( طائي : يمن ، عرب الجنوب ) لا نعرف عنه شيئاً آخر .

وأمية ابن سعد(1) .

شهداء من مراد

وقتل من مراد(2) :

نافع بن هلال الجملي ، وكان من أصحاب أمير المؤمنين صلوات اللَّه عليه(3) .

ص: 161


1- 175. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/154 . في إبصار العين في أنصار الحسين عليه السلام للسماوي : 198 : أمية بن سعد الطائي ، كان أمية من أصحاب أميرالمؤمنين عليه السلام، تابعياً نازلاً في الكوفة ، سمع بقدوم الحسين عليه السلام إلى كربلاء ، فخرج إليه أيام المهادنة ، وقتل بين يديه . قال صاحب الحدائق : قتل في أول الحرب ، يعني في الحملة الأولى .
2- 176. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/154 .
3- 177. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل: 2/154، الإرشاد للمفيد: 2/103، ر؛ المناقب لابن شهرآشوب: 3/252، المزار لابن المشهدي: 493 «الناحية»، مثير الأحزان لابن نما: 45، الإقبال لابن طاووس: 3/78 «الناحية»، رجال الطوسي: 106، رجال ابن داود : 195 ، الأخبار الطوال للدينوري : 255 ، تاريخ الطبري : 4/331 ، الكامل في التاريخ : 4/71 ، الفتوح لابن أعثم : 5/109 ، اعلام الورى : 1/462 .

وجنادة بن الحارث السلماني(1) .

وغلامه ابن واضح الرومي(2) .

ص: 162


1- 178. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/154 ، المزار لابن المشهدي : 494 « الناحية وفيها : حيان بن الحارث السلماني » ، الإقبال لابن طاووس : 3/79 ، تاريخ الطبري : 4/340 وفيه : « جابر » . وفي أنصار الحسين عليه السلام لشمس الدين : 78 رقم 7 : جابر بن الحارث السلماني : هكذا ورد اسمه عند الطبري ، وذكره الشيخ الطوسي مصحّفاً « جنادة بن الحرث السلماني » ، وكذلك عند السيد الأمين . وعدّه سيدنا الأستاذ - يعني السيد الخوئي رحمه الله - بعنوان جنادة تبعاً للشيخ ( معجم الرجال : 4/166 ) ، وذكر : « حيان بن الحارث السلماني الأزدي » بعنوان مستقل ( معجم رجال الحديث : 6/308 ) . وذكر اسمه في الزيارة مصحفاً ب« حباب بن الحارث السلماني الأزدي » ، وفي النسخة الأخرى « حيان . . » . وفي الرجبية نسخة البحار : « حيان بن الحارث » ، وفي نسخة الإقبال : « حسان بن الحارث » ، ولعل الجميع واحد . وعند ابن شهرآشوب : « حباب بن الحارث » في عداد قتلى الحملة الأولى . من شخصيات الشيعة في الكوفة ، اشترك في حركة مسلم بن عقيل عليهما السلام ، وتوجه إلى الحسين عليه السلام . . مع جماعة ، والتقوا مع الحسين عليه السلام قبيل وصوله إلى كربلاء ، فأراد الحر بن يزيد الرياحي منعهم من اللحاق بالحسين عليه السلام ، ولم يفلح في منعهم . . . السلماني ، من مراد ، ثم مذحج . ( يمن ، عرب الجنوب ) ، لا نعرف عنه شيئاً آخر .
2- 179. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/154 . ر؛ وفي إبصار العين في أنصار الحسين عليه السلام للسماوي : 144 : واضح التركي مولى الحرث المذحجي السلماني كان واضح غلاماً تركياً شجاعاً قارئاً ، وكان للحرث السلماني ، فجاء مع جنادة بن الحرث للحسين عليه السلام ، كما ذكره صاحب الحدائق الوردية . والذي أظنّ : أنّ واضحاً هذا هو الذي ذكر أهل المقاتل أنّه برز يوم العاشر إلى الأعداء فجعل يقاتلهم راجلاً بسيفه ، وهو يقول : البحر من ضربي وطعني يصطلي والجوّ من عثير نقعي يمتلي إذا حسامي في يميني ينجلي ينشقّ قلب الحاسد المبجلي قالوا : ولمّا قتل استغاث ، فانقض عليه الحسين عليه السلام واعتنقه وهو يجود بنفسه ، فقال : من مثلي وابن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله واضع خدّه على خدّي ، ثم فاضت نفسه رضي اللَّه عنه ( المناقب : 4/104 ) . وفي مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 2/24 : كان الغلام التركي من موالي الحسين عليه السلام قارئاً للقرآن عارفاً بالعربية ، وقد وضع الحسين عليه السلام خدّه على خدّه حين صرع ، فتبسم .

شهداء من بني شيبان

وقتل من بني شيبان بن ثعلبة(1) :

جبلة بن علي(2) .

ص: 163


1- 180. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/154 .
2- 181. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل:2/154، المناقب لابن شهرآشوب: 3/260، المزار لابن المشهدي : 494 « الناحية » ، الإقبال لابن طاووس : 3/79 « الناحية » . وفي إبصارالعين للسماوي: 215: جبلة بن علي الشيباني، كان جبلة شجاعاً من شجعان أهل الكوفة ، قام مع مسلم أولاً ، ثم جاء إلى الحسين عليه السلام ثانياً ، ذكره جملة أهل السير . قال صاحب الحدائق : إنّه قتل في الطف مع الحسين عليه السلام . وقال السروي : قتل في الحملة الأولى .

شهداء من بني حنيفة

وقتل من بني حنيفة(1) :

سعيد بن عبيد اللَّه(2) .

ص: 164


1- 182. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/154 .
2- 183. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/154 ، المزار لابن المشهدي : 492 « الناحية : السلام على سعيد بن عبد اللَّه الحنفي ، القائل للحسين عليه السلام وقد أذن له في الانصراف : لا واللَّه لا نخليك حتى يعلم اللَّه أنّا قد حفظنا غيبة رسول اللَّه - صلّى اللَّه عليه وآله - فيك ، واللَّه لو أعلم أنّي أقتل ثم أحرق ثم أذرى ، يفعل ذلك بي سبعين مرّة ، ما فارقتك حتى ألقى حمامي دونك ، وكيف لا أفعل ذلك ، وإنّما هي موتة أو قتلة واحدة ، ثم هي الكرامة التي لا انقضاء لها أبداً ، فقد لقيت حمامك ، وواسيت إمامك ، ولقيت من اللَّه الكرامة في دار المقامة ، حشرنا اللَّه معكم في المستشهدين ، ورزقنا مرافقتكم في أعلى عليين » ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/252 ، مثير الأحزان لابن نما : 48 ، اللهوف لابن طاووس : 108 ، الإقبال لابن طاووس : 3/344 ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 1/195 و2/20 ، رجال الطوسي : 101 . وفي إبصار العين في أنصار الحسين عليه السلام للسماوي : 216 - 218 : سعيد بن عبد اللَّه الحنفي ، كان سعيد من وجوه الشيعة بالكوفة وذوي الشجاعة والعبادة فيهم . قال أهل السير : لمّا ورد نعي معاوية إلى الكوفة اجتمعت الشيعة فكتبوا إلى الحسين عليه السلام أولاً مع عبد اللَّه بن وائل وعبد اللَّه بن سبع ، وثانياً مع قيس بن مسهر وعبد الرحمن بن عبد اللَّه ، وثالثاً مع سعيد بن عبد اللَّه الحنفي وهاني بن هاني . وكان كتاب سعيد من شبث بن ربعي وحجار بن أبجر ويزيد بن الحرث ويزيد بن رويم وعزرة بن قيس وعمرو بن الحجاج ومحمد بن عمير ، وصورة الكتاب : بسم اللَّه الرحمن الرحيم ، أمّا بعد ، فقد اخضر الجناب وأينعت الثمار ، وطمت الجمام ، فإذا شئت فاقدم على جند لك مجند . ر؛ فأعاد الحسين عليه السلام سعيداً وهانياً من مكة ، وكتب إلى الذين ذكرنا كتاباً صورته : بسم اللَّه الرحمن الرحيم ، أمّا بعد ، فإنّ سعيداً وهانياً قدما عليّ بكتبكم ، وكانا آخر من قدم عليّ من رسلكم ، وقد فهمت كلّ الذي اقتصصتم وذكرتم ، ومقالة جلّكم : أنّه ليس علينا إمام ، فأقبل لعل اللَّه أن يجمعنا بك على الهدى والحقّ ، وقد بعثت إليكم أخي وابن عمّي وثقتي من أهل بيتي ، مسلم بن عقيل وأمرته أن يكتب إليّ بحالكم وأمركم ورأيكم ، فإن بعث إليّ أنّه قد أجمع رأي ملئكم وذوي الفضل والحجا منكم على مثل ما قدمت به عليّ رسلكم ، وقرأت في كتبكم ، أقدم وشيكاً إن شاء اللَّه . فلعمري ما الإمام إلّا العامل بالكتاب والآخذ بالقسط والدائن بالحقّ والحابس نفسه على ذات اللَّه ، والسلام . ثم أرسلهما قبل مسلم ، وسرّح مسلماً بعدهما مع قيس وعبد الرحمن . . قال أبو جعفر : لمّا حضر مسلم بالكوفة ونزل دار المختار خطب الناس عابس ثم حبيب .. ثم قام سعيد بعدهما ، فحلف أنّه موطّن نفسه على نصرة الحسين عليه السلام ، فاد له بنفسه . ثم بعثه مسلم بكتاب إلى الحسين عليه السلام ، فبقي مع الحسين عليه السلام حتى قتل معه . وقال أبو مخنف : خطب الحسين عليه السلام أصحابه في الليلة العاشرة من المحرم فقال في خطبته : « وهذا الليل قد غشيكم . . » الخ . فقام أهله أولاً . . ثم قام سعيد بن عبد اللَّه فقال : واللَّه لا نخليك حتى يعلم اللَّه أنّا قد حفظنا نبيه محمداً - صلّى اللَّه عليه وآله - فيك ، واللَّه لو علمت أنّي أقتل ثم أحيى ثم أحرق حيّاً ثم أذر يفعل بي ذلك سبعين مرّة ما فارقتك حتى ألقى حمامي دونك ، فكيف لا أفعل ذلك ، وإنّما هي قتلة واحدة ، ثم هي الكرامة التي لا انقضاء لها أبداً ، وقام بعده زهير . . وروى أبو مخنف : أنّه لمّا صلّى الحسين عليه السلام الظهر صلاة الخوف ، ثم اقتتلوا بعد الظهر ، فاشتد القتال ، ولمّا قرب الأعداء من الحسين عليه السلام وهو قائم بمكانه ، استقدم سعيد الحنفي أمام الحسين عليه السلام فاستهدف لهم يرمونه بالنبل يميناً وشمالاً ، ر؛ وهو قائم بين يدي الحسين عليه السلام يقيه السهام طوراً بوجهه ، وطوراً بصدره ، وطوراً بيديه ، وطوراً بجنبيه ، فلم يكد يصل إلى الحسين عليه السلام شي ء من ذلك حتى سقط الحنفي إلى الأرض ، وهو يقول : اللّهم العنهم لعن عاد وثمود ، الّلهم أبلغ نبيك عنّي السلام ، وأبلغه ما لقيت من ألم الجراح ، فإنّي أردت ثوابك في نصرة نبيك ، ثم التفت إلى الحسين عليه السلام فقال : أوفيت يا بن رسول اللَّه ؟ ! قال : نعم ، أنت أمامي في الجنة ، ثم فاضت نفسه النفيسة . وفيه يقول البدي : سعيد بن عبد اللَّه لا تنسينه ولا الحرّ إذ آسى زهيراً على قسر فلو وقفت صمّ الجبال مكانهم لمارت على صهل ودكّت على وعر فمن قائم يستعرض النبل وجهه ومن مقدّم يلقى الأسنة بالصدر

ص: 165

شهداء من الجوان

وقتل من جوان(1) :

جندب بن حجير بن جندب(2) .

ص: 166


1- 184. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/154 في نسخة : « خولان » ، وفي نسخة : « جواب » .
2- 185. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/155 ، وفيه : « جندب بن حجير وابنه حجير بن جندب » ، الإقبال لابن طاووس : 3/346 ، رجال الطوسي : 100 . وفي أنصار الحسين عليه السلام لشمس الدين :80 : جندب بن حجير الخولاني : ذكره الشيخ دون أن ينصّ على مقتله ، وذكر في الزيارة « جندب بن حجر الخولاني » ، وذكر في الرجبية « جند بن حجير » ، وبهذا العنوان ورد عند سيدنا الأستاذ « معجم الرجال : 4/173 » ، وذكره السيد الأمين . خولان : بطن من كهلان ، من القحطانية ( يمن ، عرب الجنوب ) . لا نعرف عنه شيئاً آخر . وفي إبصار العين في أنصار الحسين عليه السلام للسماوي : 174 بعد ذكر ترجمته : وقال صاحب الحدائق : إنّه قتل هو وولده حجير بن جندب في أول القتال .

شهداء من صداء

وقتل من صداء(1) :

عمر بن خالد الصدائي(2) .

وسعد مولاه(3) .

شهداء من كلب

وقتل من كلب(4) :

ص: 167


1- 186. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/155 .
2- 187. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/155 ، المزار لابن المشهدي : 494 «الناحية»، الإقبال لابن طاووس: 3/79 «الناحية» ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 2/24، اللهوف لابن طاووس: 65، تاريخ الطبري: 4/340، الكامل في التاريخ: 4/74. وفي أنصار الحسين عليه السلام لشمس الدين : 102 - 103 : عمر بن خالد الصيداوي : ذكره الطبري ، وذكر في الزيارة ، وبحار الأنوار ، والخوارزمي ، وفي الرجبية « عمرو بن خلف » ، ويحتمل أنّه تصحيف خالد . بنو الصيداء بطن من أسد ، من العدنانية « عرب الشمال » . وفي مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ثم جاء إليه عمرو بن خالد الصيداوي ، فقال : السلام عليك يا أبا عبد اللَّه ! قد هممت أن ألحق بأصحابي ، وكرهت أن أتخلّف فأراك وحيداً من أهلك قتيلاً ، قال له الحسين عليه السلام : تقدّم فإنّا لاحقون بك عن ساعة ، فتقدّم وقاتل قتالاً شديداً حتى قتل .
3- 188. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/155 ، المزار لابن المشهدي : 494 « الناحية » ، الإقبال لابن طاووس : 3/79 « الناحية » ، وفيها « سعيد » ، تاريخ الطبري : 4/340 ، الكامل في التاريخ : 4/74 .
4- 189. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/155 .

عبد اللَّه بن عمرو بن عياش بن عبد قيس(1) .

وأسلم مولى لهم(2) .

شهداء من كندة

وقتل من كندة(3) :

الحارث بن امرئ القيس(4) .

ص: 168


1- 190. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/155 .
2- 191. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام/ مجلة تراثنا : 2/155 ، رجال الطوسي : 99 . وفي الإقبال : 3/79 وبحار الأنوار : 45/72 والعوالم للبحراني : 340 « الناحية : السلام على سالم مولى بني المدينة الكلبي » . وفي أنصار الحسين عليه السلام لشمس الدين : 89 : سالم مولى بني المدنية الكلبي : ذكر في الزيارة . بنو المدنية بطن من كلب بن وبرة ، من القحطانية ( يمن ، عرب الجنوب ) . مولى ، لا نعرف عنه شيئاً . وفي إبصار العين في أنصار الحسين عليه السلام للسماوي : 182 : سالم بن عمرو مولى بني المدينة الكلبي ، كان سالم مولى لبني المدينة ، وهم بطن من كلب ، كوفياً من الشيعة ، خرج إلى الحسين عليه السلام أيام المهادنة ، فانضم إلى أصحابه . قال في الحدائق : وما زال معه حتى قتل . وقال السروي : قتل في أول حملة مع من قتل من أصحاب الحسين عليه السلام . وله في القائميات ذكر وسلام .
3- 192. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/155 .
4- 193. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/155 . وفي إبصار العين في أنصار الحسين عليه السلام للسماوي : 173 : الحارث بن امرء القيس الكندي ، كان الحارث من الشجعان العباد ، وله ذكر ر؛ في المغازي ، وكان خرج في عسكر ابن سعد ، فلمّا ردّوا على الحسين عليه السلام كلامه مال معه ، وقاتل وقتل . قال صاحب الحدائق : إنّه قتل في الحملة الأولى .

ويزيد بن بدر بن المهاصر(1) .

ص: 169


1- 194. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/155 ، تاريخ الطبري : 4/339 ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 2/17 . وفي أنصار الحسين عليه السلام لشمس الدين : 111 : يزيد بن زياد بن مهاصر أبو الشعشاء الكندي : ذكره الطبري ، وابن شهرآشوب ، والخوارزمي ، والزيارة ، وفيها « ابن المظاهر » صحّفته بعض المصادر ، فقالت : « ابن مهاجر » . اضطرب فيه كلام الطبري ، فمرّة قال عنه : إنّه تحوّل إلى الحسين من معسكر ابن زياد بعدما رفضوا عروض الحسين ، ومرّة قال عنه : إنّه خرج إلى الحسين من الكوفة قبل أن يلاقيه الحر ، وكذلك اضطرب فيه كلام السيد الأمين . . كوفي ، ( يمن ، عرب الجنوب ) . وفي إبصار العين في أنصار الحسين عليه السلام للسماوي : 171 : يزيد بن زياد بن مهاصر أبو الشعثاء الكندي البهدلي ، كان يزيد رجلاً شريفاً شجاعاً فاتكاً ، فخرج إلى الحسين عليه السلام من الكوفة من قبل أن يتصل به الحر . قال أبو مخنف : لمّا كاتب الحرّ ابن زياد في أمر الحسين عليه السلام وجعل يسايره ، جاء إلى الحر رسول ابن زياد مالك بن النسر البدي ، ثم الكندي ، فجاء به الحر وبكتابه إلى الحسين . . ، فقال يزيد : أمالك بن النسر أنت ؟ قال : نعم ، فقال له : ثكلتك أمّك ، ماذا جئت به ؟ قال : وما جئت به ؟ أطعت إمامي ، ووفيت ببيعتي ! فقال له أبو الشعثاء : عصيت ربّك وأطعت إمامك في هلاك نفسك ، كسبت العار والنار ، ألم تسمع قول اللَّه تعالى : « وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ » فهرأ مالك . وروى أبو مخنف : أنّ أبا الشعثاء قاتل فارساً ، فلمّا عقرت فرسه جثا على ركبتيه بين يدي الحسين ، فرمى بمائة سهم ما سقط منها إلّا خمسة أسهم ، وكان رامياً ، وكان كلّما رمى قال : ر؛ أنا ابن بهدله فرسان العرجله فيقول الحسين عليه السلام : اللّهم سدّد رميته ، واجعل ثوابه الجنة ، فلمّا نفدت سهامه قام ، فقال : ما سقط منها إلّا خمسة أسهم ، ثم حمل على القوم بسيفه ، وقال : أنا يزيد وأبي مهاصر كأنّني ليث بغيل خادر يا ربّ إنّي للحسين ناصر ولابن سعد تارك وهاجر فلم يزل يقاتل حتى قتل رضوان اللَّه عليه . وفيه يقول الكميت الأسدي : ومال أبو الشعثاء أشعث دامياً وإنّ أبا حجل قتيل مجحل المزار لابن المشهدي : 494 « الناحية : يزيد بن زياد بن مظاهر الكندي » ، وفي الإقبال : 3/79 « الناحية : يزيد بن زياد بن المهاجر الكندي » ، وفي البحار : 45/72 والعوالم للبحراني : 339 « الناحية : يزيد بن زياد بن مهاصر الكندي » .

وزاهر صاحب عمرو بن الحمق ، وكان صحبه حين طلبه معاوية(1) .

ص: 170


1- 195. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/155 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/260 ، الإقبال لابن طاووس : 3/79 « الناحية » ، رجال الطوسي : 101 . وفي أنصار الحسين عليه السلام لشمس الدين : 86 : زاهر مولى عمرو بن الحمق الخزاعي : ذكره الشيخ ، وابن شهرآشوب في عداد قتلى الحملة الأولى ، وذكر في الرجبية ، وذكر في الزيارة في إحدى نسختيها مصحّفاً « زاهد مولى عمرو بن الحمق الخزاعي » ، وذكر في النسخة الأخرى « زاهر » . ذكره سيدنا الأستاذ « معجم رجال الحديث : 7/215 » وقال نقلاً عن النجاشي في ترجمة محمد بن سنان : أنّ زهراً هذا هو جدّ محمد بن سنان ، وهو من أصحاب الإمامين موسى الكاظم وعلي بن موسى الرضا عليهما السلام . . وقد ذكر في المصادر خطأ باسم « زاهر بن عمرو الكندي » ، من الكوفة ، من شخصيات الكوفة ، شيخ كبير السن ، من موالي كندة .

شهداء من قيس بجيلة

وقتل من قيس بجيلة(1) :

كثير بن عبد اللَّه الشعبي(2) .

ص: 171


1- 196. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/155 .
2- 197. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلامللفضيل : 2/155 . وروى المفيد في الإرشاد : 2/84 : أنّ ابن سعد أرسل الى الحسين عليه السلام يسأله عن سبب نزوله في كربلاء فقال : فعرض ذلك على الرؤساء الذين كاتبوه ، فكلّهم أبى ذلك وكرهه ، فقام إليه كثير بن عبد اللَّه الشعبي ، وكان فارساً شجاعاً لا يردّ وجهه شي ء ، فقال : أنا أذهب إليه ، وواللَّه لئن شئت لأفتكن به ، فقال له عمر : ما أريد أن تفتك به ، ولكن ائته فسله ما الذي جاء بك ؟ فأقبل كثير إليه ، فلمّا رآه أبو ثمامة الصائدي قال للحسين عليه السلام : أصلحك اللَّه يا أبا عبد اللَّه ، قد جاءك شرّ أهل الأرض ، وأجرؤهم على دم ، وأفتكهم ، وقام إليه فقال له : ضع سيفك ، قال : لا ولا كرامة ، إنّما أنا رسول ، فإن سمعتم منّي بلّغتكم ما أرسلت به إليكم ، وإن أبيتم انصرفت عنكم ، قال : فإنّي آخذ بقائم سيفك ، ثم تكلّم بحاجتك ، قال : لا واللَّه لا تمسه ، فقال له : أخبرني بما جئت به وأنا أبلّغه عنك ، ولا أدعك تدنو منه فإنّك فاجر ، فاستبا وانصرف إلى عمر بن سعد فأخبره الخبر . . وذكره الطبري - وغيره - في تاريخه في مواضع : 4/323 و4/336 و4/339 وهو يروي خروج زهير بن القين وخطبته « قال أبو مخنف : فحدّثني علي بن حنظلة بن أسعد الشامي عن رجل من قومه شهد مقتل الحسين عليه السلام حين قتل يقال له « كثير بن عبد اللَّه الشعبي » قال : لمّا زحفنا قبل الحسين عليه السلام خرج إلينا زهير بن القين على فرس له ذنوب شاك في السلاح . . وذكروه شريكاً للمهاجر بن أوس في قتل زهير بن القين . وذكروه في عسكر ابن سعد ممّن تبع الضحاك بن عبد اللَّه المشرقي لمّا فرّ من معسكر الحسين عليه السلام قال الضحاك : « . . واتبعني منهم خمسة عشر رجلاً حتى ر؛ انتهيت إلى شفية قرية قريبة من شاطي ء الفرات ، فلمّا لحقوني عطفت عليهم ، فعرفني كثير بن عبد اللَّه الشعبي وأيوب بن مشرح الخيواني . . » . هذا ، وقد يكون الاسم مشتركاً ، واللَّه العالم .

ومهاجر بن أوس(1) .

وابن عمّه سلمان بن مضارب(2) .

وقتل النعمان بن عمرو(3) .

ص: 172


1- 198. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/155 . ذكره المؤرخون في عسكر ابن سعد ، وهو الذي التفت الى الحرّ في لحظاته الأخيرة في معسكر الضلال ، وسأله عن الرعدة التي اعترته ، ثم ذكروه شريكاً لكثير بن عبد اللَّه الشعبي في قتل زهير بن القين صاحب ميمنة سيد الشهداء الحسين عليه السلام ، وربما كان الاسم مشتركاً ، واللَّه العالم .
2- 199. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/155 ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 2/20 . وفي أنصار الحسين عليه السلام لشمس الدين : 118 : سلمان بن مضارب البجلي : ذكره الخوارزمي وقال عنه : إنّه ابن عمّ زهير بن القين ، وذكر أنّه مال إلى معسكر الحسين عليه السلام مع ابن عمّه زهير قبيل الوصول إلى كربلاء . وذكره سيدنا الأستاذ ولم يذكر له مصدراً « معجم رجال الحديث : 8/186 » . البجلي ، من بجيلة ( يمن ، عرب الجنوب ) . وفي أبصار العين في أنصار الحسين عليه السلام للسماوي: 169: سلمان بن مضارب بن قيس الأنماري البجلي ، كان سلمان ابن عمّ زهير لحّاً ، فإنّ القين أخو مضارب ، وأبوهما قيس . . . قال صاحب الحدائق : إنّ سلمان قتل فيمن قتل بعد صلاة الظهر ، فكأنّه قتل قبل زهير .
3- 200. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/155 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/260 ، رجال الطوسي : 106 . ر؛ وفي إبصار العين في أنصار الحسين عليه السلام للسماوي: 187: النعمان بن عمرو الأزدي الراسبي وأخوه الحلاس بن عمرو الأزدي الراسبي، كان النعمان والحلاس ابنا عمرو الراسبيان من أهل الكوفة، وكانا من أصحاب أميرالمؤمنين عليه السلام ، وكان الحلاس على شرطته بالكوفة. قال صاحب الحدائق : خرجا مع عمر بن سعد ، فلمّا ردّ ابن سعد الشروط جاءا إلى الحسين عليه السلام ليلاً فيمن جاء ، وما زالا معه حتى قتلا بين يديه . وقال السروي : قتلا في الحملة الأولى .

والجلاس بن عمرو الراسبيين(1) .

شهداء من حرقة جهينة

وقتل من حرقة(2) جهينة :

مجمع بن زياد(3) .

ص: 173


1- 201. تسمية من قتل مع الحسين للفضيل : 2/155 . وفي أنصار الحسين عليه السلام لشمس الدين : 85 : الحلاس بن عمرو الراسبي : ذكره ابن شهرآشوب في عداد قتلى الحملة الأولى، وذكره الشيخ مصحفاً: «الحلاش»، ولم يشر إلى مقتله ، وفي الرجبية : « حلاس بن عمرو » ، وبهذا العنوان ذكره سيدنا الأستاذ « معجم الرجال : 4/144 » ، وفي معجم الرجال : 6/189 ذكر سيدنا الأستاذ : « حلاس بن عمرو الهجري » ، والظاهر أنّه يعتبر رجلاً آخر غير حلاس بن عمرو ، والظاهر عندنا اتحادهما ، والهجري نسبة إلى هجر في اليمن لا ينافي النسبة إلى راسب . ذكر أنّه كان على شرطة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في الكوفة ، وأنّه وأخاه النعمان كانا مع عمر بن سعد ثم تحولا إلى معسكر الحسين . . الراسبي : راسب بن مالك بطن من شنوءه ، من الأزد من القحطانية ، كوفي ( يمن ، عرب الجنوب ) .
2- 202. كذا في النسخ ، وفي التسمية : « خرقة » .
3- 203. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/155 . ر؛ قال النمازي في مستدركات علم رجال الحديث : 6/350 : مجمع بن زياد بن عمرو الجهني : شهد بدراً وأحداً ، ثم فاز بالشهادة في يوم عاشوراء . وفي إبصار العين للسماوي : 201 : مجمع بن زياد بن عمرو الجهني ، كان مجمع بن زياد في منازل جهينة حول المدينة ، فلمّا مرّ الحسين عليه السلام بهم تبعه فيمن تبعه من الأعراب ، ولمّا انفضوا من حوله أقام معه ، وقتل بين يديه في كربلاء ، كما ذكره صاحب الحدائق وغيره .

وعبّاد بن أبي المهاجر الجهني(1) .

وعقبة بن الصلت(2) .

شهداء من الأزد

وقتل من الأزد(3) :

مسلم بن كثير(4) .

ص: 174


1- 204. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/155 . قال السماوي في إبصار العين : 201 : عباد بن المهاجر بن أبي المهاجر الجهني ، كان عباد أيضاً فيمن تبع الحسين عليه السلام من مياه جهينة . قال صاحب الحدائق الوردية : وقتل معه في الطف رضي اللَّه عنه .
2- 205. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/155 . قال السماوي في إبصار العين : 202 : عقبة بن الصلت الجهني ، كان عقبة ممّن تبع الحسين عليه السلام من منازل جهينة ، ولازمه ولم ينفض فيمن انفض . قال صاحب الحدائق : وقتل معه في الطف .
3- 206. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/155 .
4- 207. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/156 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/260 ، رجال الطوسي : 105 . ر؛ وفي أنصار الحسين عليه السلام لشمس الدين : 108 : مسلم بن كثير الأزدي الأعرج : ذكره الشيخ ، وابن شهرآشوب في عداد قتلى الحملة الأولى ، وورد ذكره في الزيارة مصحّفاً « أسلم بن كثير الأزدي » ، وورد في الرجبية « سليمان بن كثير » ، ونرجّح اتحاده مع « مسلم بن كثير الأزدي الأعرج » . أزدي : ( يمن ، عرب الجنوب ) . وقال النمازي في مستدركات علم رجال الحديث : 7/ 415 : مسلم بن كثير الأعرج : من أصحاب الرسول وأمير المؤمنين صلوات اللَّه عليهما ، وتشرف بشهادة الطفّ في الحملة الأولى . قال العلامة المامقاني : وزاده على شرف الشهادة شرف تخصيصه بالتسليم عليه في زيارة الناحية المقدسة . أقول : والعجب أنّه عنونه مثل ما عنونّا ، وأعطاه شرف التسليم مع أنّه في الزيارة الناحية المذكورة في البحار : السلام على أسلم بن كثير الأزدي الأعرج ، وليس فيه اسم من « مسلم » . وقال السيد الخوئي في معجم رجال الحديث : 19/ 167 : مسلم بن كثير الأعرج : من أصحاب الحسين عليه السلام ، رجال الشيخ ، وعده ابن شهرآشوب من المقتولين في الحملة الأولى . . وقد نسب التسليم إليه في زيارتي الناحية والرجبية ، ولكنّه غير موجود في نسخة المجلسي ، وإنّما الموجود في زيارة الناحية المقدّسة « أسلم بن كثير » ، كما تقدم ، وفي الزيارة الرجبية « مسلم بن كناد » . وفي إبصار العين للسماوي : 185 : مسلم بن كثير الأعرج الأزدي أزد شنؤة الكوفي ، كان تابعياً كوفياً ، صحب أمير المؤمنين عليه السلام ، وأصيبت رجله في بعض حروبه . قال أهل السير : إنّه خرج إلى الحسين عليه السلام من الكوفة ، فوافاه لدن نزوله في كربلاء . وقال السروي : إنّه قتل في الحملة الأولى .

والقاسم بن بشر(1) .

ص: 175


1- 208. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل/ مجلة تراثنا : 2/156 ، وفي إبصار العين للسماوي: 186: القاسم بن حبيب بن أبي بشر الأزدي، كان القاسم فارساً ر؛ من الشيعة الكوفيين ، خرج مع ابن سعد ، فلمّا صار في كربلاء مال إلى الحسين عليه السلام أيام المهادنة ، وما زال معه حتى قتل بين يديه في الحملة الأولى . وفي أنصار الحسين عليه السلام لمحمد مهدي شمس الدين : 106 : قاسم بن حبيب الأزدي : ذكر في الزيارة ، وذكره الشيخ ، وفي الرجبية « قاسم بن حبيب » كما ورد فيها « القاسم بن الحارث الكاهلي » ، ويحتمل أن يكون تكراراً مصحفاً للاسم الأول ( يمن ، عرب الجنوب ) . وورد باسم « قاسم بن حبيب الأزدي في المزار لابن المشهدي : 494 « الناحية » ، والإقبال لابن طاووس : 3/79 « الناحية » .

وزهير بن سليم(1) .

ومولى لأهل شنوءة يدعى : « رافعاً(2) » .

شهداء من همدان

وقتل من همدان(3) :

أبو ثمامة عمر بن عبد اللَّه الصائدي ، وكان من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام ، قتله قيس بن عبد اللَّه(4) .

ص: 176


1- 209. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/156 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/260 ، المزار لابن المشهدي : 494 « الناحية » ، الإقبال لابن طاووس : 3/79 « الناحية » .
2- 210. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/156 . قال السماوي في إبصار العين : 185 : رافع بن عبد اللَّه مولى مسلم الأزدي كان رافع خرج إلى الحسين عليه السلام مع مولاه مسلم المذكور قبله ، وحضر القتال ، فقتل .
3- 211. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/156 .
4- 212. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/156 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/253 ، تاريخ الطبري : 4/334 و336 ، البداية والنهاية : 8/199 . ر؛ وفي أنصار الحسين عليه السلام لشمس الدين : 104 : عمر بن عبد اللَّه « أبو ثمامة » الصائدي : الزيارة ، والطبري ، وابن شهرآشوب ، الرجبية ، وورد في رجال الشيخ « عمرو بن ثمامة » مصحّفاً ، وعند الخوارزمي « أبو ثمامة الصيداوي » مصحّفاً ، وكذلك في بحار الأنوار . . . صائد : بطن من همدان ( يمن ، عرب الجنوب ) . وفي إبصار العين للسماوي : 119 - 120 : أبو ثمامة عمرو الصائدي ، هو عمرو بن عبد اللَّه بن كعب الصائد بن شرحبيل بن شراحيل بن عمرو بن جشم بن حاشد بن جشم بن حيزون بن عوف بن همدان ، أبو ثمامة الهمداني الصائدي - . كان أبو ثمامة تابعياً ، وكان من فرسان العرب ووجوه الشيعة ، ومن أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام الذين شهدوا معه مشاهده ، ثم صحب الحسين عليه السلام بعده ، وبقي في الكوفة ، فلمّا توفي معاوية كاتب الحسين عليه السلام ، ولمّا جاء مسلم بن عقيل إلى الكوفة قام معه ، وصار يقبض الأموال من الشيعة بأمر مسلم ، فيشتري بها السلاح ، وكان بصيراً بذلك . ولمّا دخل عبيد اللَّه الكوفة وثار الشيعة بوجهه ، وجّهه مسلم فيمن وجهه ، وعقد له على ربع تميم وهمدان . . فحصروا عبيد اللَّه في قصره ، ولمّا تفرّق عن مسلم الناس بالتخذيل اختفى أبو ثمامة ، فاشتد طلب ابن زياد له ، فخرج إلى الحسين عليه السلام ومعه نافع بن هلال الجملي ، فلقياه في الطريق وأتيا معه . قال الطبري : 4/334 : ولمّا نزل الحسين كربلاء ونزلها عمر بن سعد ، بعث إلى الحسين عليه السلام كثير بن عبد اللَّه الشعبي - وكان فاتكاً - فقال له : إذهب إلى الحسين وسله ما الذي جاء به ؟ قال : أسأله ، فإن شئت فتكت به ، فقال : ما أريد أن تفتك به ، ولكن أريد أن تسأله . فأقبل إلى الحسين عليه السلام ، فلمّا رآه أبو ثمامة الصائدي قال للحسين عليه السلام : أصلحك اللَّه أبا عبد اللَّه ، قد جاءك شرّ أهل الأرض وأجرأهم على دم وأفتكهم ، ثم قام إليه ، وقال : ضع سيفك ، قال : لا واللَّه ولا كرامة ، إنّما أنا رسول ، فإن سمعتم منّي أبلغتكم ر؛ ما أرسلت به إليكم ، وإن أبيتم انصرفت عنكم ، فقال له أبو ثمامة : فإنّي آخذ بقائم سيفك ، ثم تكلّم بحاجتك ، قال : لا واللَّه ولا تمسّه ، فقال له : فأخبرني بماذا جئت ؟ وأنا أبلغه عنك ، ولا أدعك تدنو منه ، فإنّك فاجر . قال : فاستبا ، ثم رجع كثير إلى عمر فأخبره الخبر . . . وروى الطبري : 4/334 قال : إنّ أبا ثمامة لمّا رأى الشمس يوم عاشوراء زالت وأنّ الحرب قائمة قال للحسين عليه السلام : يا أبا عبد اللَّه ، نفسي لنفسك الفداء ، إنّي أرى هؤلاء قد اقتربوا منك ، ولا واللَّه لا تقتل حتى أقتل دونك إن شاء اللَّه ، وأحبّ أن ألقى اللَّه ربّي وقد صلّيت هذه الصلاة التي دنا وقتها ، فرفع الحسين عليه السلام رأسه ثم قال : ذكرت الصلاة ، جعلك اللَّه من المصلّين الذاكرين ، نعم ، هذا أول وقتها . . . وفي تاريخ الطبري أيضاً : 4/336 : ثم إنّ أبا ثمامة قال للحسين عليه السلام - وقد صلّى - : يا أبا عبد اللَّه إنّي قد هممت أن ألحق بأصحابي ، وكرهت أن أتخلّف وأراك وحيداً من أهلك قتيلاً ، فقال له الحسين عليه السلام : تقدّم فإنّا لاحقون بك عن ساعة ، فتقدّم فقاتل حتى أثخن بالجراحات ، فقتله قيس بن عبد اللَّه الصائدي ابن عمّ له ، كان له عدوّاً .

ص: 177

ويزيد بن حضير المشرفي(1) .

ص: 178


1- 213. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/156 ، في نسخة : « بريد بن حضير المشرقي » ، وفي التسمية للفضيل : « يزيد بن عبد اللَّه المشرقي » ، وربما كان المقصود هو برير بن خضير المعروف وقد ورد اسمه في المصادر . قال السماوي في إبصار العين في أنصار الحسين عليه السلام : 121 : برير بن خضير الهمداني المشرقي ، وبنو مشرق بطن من همدان . وفي أنصار الحسين عليه السلام لشمس الدين : 76 : برير بن خضير الهمداني : ذكره الطبري ، وابن شهرآشوب ، وابن طاووس ، والمجلسي في بحار الأنوار مصحّفاً « بدير بن حفير » ، وورد ذكره في الرجبية . وقد أورد سيدنا الأستاذ : 3/289 : « برير بن الحصين » ، وأسنده إلى الرجبية ، والظاهر أنّ نسخة السيد مصحّفة : « خضير » « حصين » .

وحنظلة بن أسعد الشبامي(1)(2) .

وعبد الرحمن بن عبد اللَّه الأرحبي(3)(4) .

وعمار بن أبي سلامة الدالاني(5) .

ص: 179


1- 214. الشبامي : شبام بطن من همدان .
2- 215.تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/156 ، المزار لابن المشهدي : 494 « الناحية » ، الإقبال لابن طاووس : 3/79 « الناحية » ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 2/24 ، رجال الطوسي : 100 ، مثير الأحزان لابن نما : 48 ، تاريخ الطبري : 4/337 ، الكامل في التاريخ : 4/72 ، اللهوف لابن طاووس : 65 .
3- 216. قال السماوي في إبصار العين : 131 : هو عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن الكدن بن أرحب بن دعام بن مالك بن معاوية بن صعب بن رومان بن بكير الهمداني الأرحبي ، وبنو أرحب بطن من همدان . .
4- 217.تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/156 ، المزار لابن المشهدي : 494 « الناحية » ، الإقبال لابن طاووس : 3/79 « الناحية : عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن الكدر الأرحبي » ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/260 ، رجال الطوسي : 103 ، وقد ورد اسمه في المصادر رسولاً من أهل الكوفة الى الحسين عليه السلام وسرّحه الحسين عليه السلام الى أهل الكوفة مع مسلم بن عقيل عليهما السلام وقيس بن مسهر الصيداوي وعمارة السلولي ..
5- 218. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/156 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/260 ، رجال الطوسي : 103 ، المزار لابن المشهدي : 495 « الناحية : الهمداني » ، الإقبال لابن طاووس : 3/79 « الناحية : الهمداني » ، وفيها جميعاً : «ابن أبي سلامة». وفي إبصار العين للسماوي : 133 : عمار الدالاني ، هو عمار بن أبي سلامة بن عبد اللَّه بن عمران بن رأس بن دالان ، أبو سلامة الهمداني الدالاني . وفي أنصار الحسين عليه السلام لشمس الدين : 101 : عمار بن أبي سلامة الدالاني : ذكره ابن شهرآشوب في عداد قتلى الحملة الأولى ، والزيارة إلّا أنّ فيها « الهمداني » . دالان : بطن من همدان من القحطانية ( يمن ، عرب الجنوب ) كانوا يسكنون الكوفة .

وعابس بن أبي شبيب الشاكري الدالاني ، وهم يسمّون : فتيان الصبّاح من وادعة(1) .

وشوذب مولى شاكر ، كان متقدّماً في الشيعة(2) .

وسيف بن الحارث بن سريع(3) .

ص: 180


1- 219. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/156 ، الإرشاد للمفيد : 2/106 ، المزار لابن المشهدي : 495 « الناحية » ، الإقبال لابن طاووس : 3/79 « الناحية » ، مثير الأحزان لابن نما : 49 ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 2/22 ، رجال الطوسي : 103 ، تاريخ الطبري : 4/338 ، الكامل في التاريخ : 4/73 ، البداية والنهاية : 8/200 . وفي إبصار العين للسماوي : 126 : عابس بن أبي شبيب الشاكري ، هو عابس بن أبي شبيب بن شاكر بن ربيعة بن مالك بن صعب بن معاوية بن كثير بن مالك بن جشم بن حاشد الهمداني الشاكري ، وبنو شاكر بطن من همدان . كان عابس من رجال الشيعة ، رئيساً شجاعاً خطيباً ناسكاً متهجداً ، وكانت بنو شاكر من المخلصين بولاء أمير المؤمنين عليه السلام ، وفيهم يقول عليه السلام يوم صفين : لو تمّت عدّتهم ألفاً لعبد اللَّه حقّ عبادته ، وكانوا من شجعان العرب وحماتهم ، وكانوا يلقّبون « فتيان الصباح » ، فنزلوا في بني وادعة من همدان ، فقيل لها « فتيان الصباح » ، وقيل لعابس : « الشاكري والوادعي » .
2- 220. ذكره كلّ من ذكر عابس المذكور آنفاً . وفي إبصار العين في أنصار الحسين عليه السلام للسماوي : 129 : قال صاحب الحدائق الوردية : وكان شوذب يجلس للشيعة فيأتونه للحديث ، وكان وجهاً فيهم .
3- 221. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/156 ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 2/24 ، الكامل في التاريخ : 4/72 . قال شمس الدين في أنصار الحسين عليه السلام : 92 : سيف بن الحارث بن سريع الجابري : ذكره الطبري ، والخوارزمي ، وذكر في الزيارة مصحفاً : « شبيب بن الحارث » ، وفي الرجبية : « سيف بن الحارث » . ر؛ يأتي ذكر ابن عمّه وأخيه لأمّه « مالك بن عبد بن سريع » . الجابري : من بني جابر ، بطن من همدان ، من كهلان ( يمن ، عرب الجنوب ) يبدو أنّه من الشبان . وفي تاريخ الطبري : 4/337 : قال : وجاء الفتيان الجابريان « سيف بن الحارث بن سريع ومالك بن عبد بن سريع » ، وهما ابنا عمّ وأخوان لأم ، فأتيا حسيناً ، فدنوا منه وهما يبكيان ، فقال : أي ابني أخي ما يبكيكما ، فواللَّه إنّي لأرجو أن تكونا عن ساعة قريري عين ، قالا : جعلنا اللَّه فداك ، لا واللَّه ما على أنفسنا نبكي ، ولكنّا نبكي عليك ، نراك قد أحيط بك ، ولا نقدر على أن نمنعك ، فقال : جزاكما اللَّه يا ابني أخي بوجدكما من ذلك ، ومواساتكما إيّاي بأنفسكما أحسن جزاء المتقين . . فهما في ذلك إذ تقدّم حنظلة بن أسعد يعظ القوم ، فوعظ وقاتل فقتل ، فاستقدما يتسابقان إلى القوم ويلتفتان إلى الحسين عليه السلام فيقولان : السلام عليك يا بن رسول اللَّه ، ويقول الحسين عليه السلام : وعليكما السلام ورحمة اللَّه وبركاته ، ثم جعلا يقاتلان جميعاً ، وإنّ أحدهما ليحمي ظهر صاحبه حتى قتلا .

ومالك بن عبد اللَّه بن سريع(1) .

وهمام بن سلمة القانصي(2) .

ارتثّ من همدان

وأرتثّ من همدان(3) :

سوار بن حمير الجابري ، فمات لستة أشهر من جراحته(4) .

ص: 181


1- 222. ذكره من ذكر أخاه لأمّه الآنف الذكر .
2- 223. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/156 .
3- 224. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/156 .
4- 225. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/156 ، المزار لابن المشهدي : 495 « الناحية » ، الإقبال لابن طاووس : 3/80 « الناحية » . ر؛ قال السماوي في إبصار العين : 135 : سوار بن منعم بن حابس بن أبي عمير بن نهم الهمداني النهدي ، كان سوار ممّن أتى إلى الحسين عليه السلام أيام الهدنة ، وقاتل في الحملة الأولى ، فجرح وصرع . قال في الحدائق الوردية : قاتل سوار حتى إذا صرع أتي به أسيراً إلى عمر بن سعد ، فأراد قتله ، فشفع فيه قومه ، وبقي عندهم جريحاً حتى توفي على رأس ستة أشهر . وقال بعض المؤرخين : إنّه بقي أسيراً حتى توفي ، وإنّما كانت شفاعة قومه للدفع عن قتله ، ويشهد له ما ذكر في القائميات من قوله عليه السلام : « السلام على الجريح المأسور سوار بن أبي عمير النهمي » على أنّه يمكن حمل العبارة على أسره في أول الأمر . وقال شمس الدين في أنصار الحسين عليه السلام : 91 : سوار بن منعم بن حابس الهمداني النهمي : ذكره الشيخ ، وابن شهرآشوب في عداد قتلى الحملة الأولى ، وصحفه هكذا : « سوار بن أبي عمير النهمي » ، وذكر في الزيارة باسم « سوار بن أبي حمير النهمي » . وذكر سيدنا الأستاذ - يعني السيد الخوئي - : « سوار بن أبي عمير وسوار بن المنعم : معجم رجال الحديث : 8/322 » وعدّهما رجلين ، والظاهر الاتحاد ، والتعدّد جاء من قبل التصحيف في الأصول . أتي به أسيراً إلى عمر بن سعد ، وتوفي متأثراً بجراحه بعد ستة أشهر . النهمي : نهم بن عمرو ، بطن من همدان ، من القحطانية ( يمن ، عرب الجنوب ) .

وعمرو بن عبد اللَّه الجندعي ، مات من جراحة كانت به على رأس سنة(1) .

ص: 182


1- 226. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/156 ، المزار لابن المشهدي : 495 « الناحية » ، الإقبال لابن طاووس : 3/80 « الناحية » ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/260 . وفي إبصار العين للسماوي : 136 : عمرو بن عبد اللَّه الهمداني الجندعي ، وبنو جندع بطن من همدان . ر؛ كان عمرو الجندعي ممّن أتى إلى الحسين عليه السلام أيام المهادنة في الطف، وبقي معه . قال في الحدائق : إنّه قاتل مع الحسين عليه السلام ، فوقع صريعاً مرتثاً بالجراحات ، قد وقعت ضربة على رأسه بلغت منه ، فاحتمله قومه ، وبقي مريضاً من الضربة صريع فراش سنة كاملة ، ثم توفي على رأس السنة ، رضي اللَّه عنه . ويشهد له ما ذكر في القائميات من قوله عليه السلام : « السلام على الجريح المرتث عمرو الجندعي » .

وقتل هاني بن عروة المرادي بالكوفة ، قتله عبيد اللَّه بن زياد(1) .

شهداء من حضرموت

وقتل من حضرموت :

بشير بن عمرو(2) .

ص: 183


1- 227. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/156 ، الإرشاد للمفيد : 2/64 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/245 ، مثير الأحزان لابن نما : 26 ، الطبقات الكبرى لابن سعد : 4/42 ، الإخبار الطوال للدينوري : 238 ، تارخ اليعقوبي : 2/243 ، الثقات لابن حبان : 2/309 ، تهذيب الكمال للمزي : 6/426 ، تاريخ الطبري : 4/284 ، الكامل في التاريخ : 4/36 ، تاريخ الإسلام للذهبي : 4/171 ، البداية والنهاية : 8/182 ، الفتوح لابن أعثم : 5/61 ، اعلام الورى : 1/444 ، هذا وقد اقترن اسمه باسم سيد الشهداء الحسين عليه السلام ورائده وثقته وابن عمّه وسفيره مسلم بن عقيل عليهما السلام فذكر في جميع المصادر التي ذكرتهما .
2- 228. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/156 ، تاريخ الطبري : 4/339 ، وفي إقبال ابن طاووس : 3/77 في زيارة الناحية المقدسة : السلام على بشر بن عمر الحضرمي ، شكر اللَّه لك قولك للحسين وقد أذن لك في الانصراف : أكلتني إذن السباع حيّاً إن فارقتك وأسأل عنك الركبان ، وأخذلك مع قلّة الأعوان ، لا يكون هذا أبداً . ر؛ وفي أنصار الحسين عليه السلام لشمس الدين : 77 : بشير بن عمرو الحضرمي : ذكره الطبري ، أحد آخر رجلين بقيا من أصحاب الحسين عليه السلام قبل أن يقع القتل في بني هاشم ، والآخر هو « سويد بن عمرو بن أبي المطاع » . وذكر في الرجبية ، وذكر في الزيارة مصحّفاً « بشر بن عمر الحضرمي » . وعند السيد الأمين « بشر بن عبد اللَّه الحضرمي » . وذكره سيدنا الأستاذ مردّداً بين بشر وبشير ، ومن المؤكد أنّه هو « محمد بن بشير الحضرمي » الذي ورد ذكره عند السيد ابن طاووس بقرينة ذكره لقصة ابنه ، وقد وردت القصة في الزيارة مقرونة باسم بشر أو بشير على اختلاف النسخ . الحضرمي : من حضرموت ، قبيلة من القحطانية ، وبها عرفت مقاطعة حضرموت ، أو من بني الحضرمي ، فخذ من الظبي ، من يافع ، إحدى قبائل اليمن . وكان عداد بشير هذا في كندة ، وهي قبيلة يمنية أيضاً ( يمن ، عرب الجنوب ) . لا نعرف عنه شيئاً آخر . وقال السماوي في الإبصار : 173 : بشر بن عمرو بن الأحدوث الحضرمي الكندي ، كان بشر من حضرموت وعداده في كندة ، وكان تابعياً ، وله أولاد معروفون بالمغازي . وكان بشر ممّن جاء إلى الحسين عليه السلام أيام المهادنة . وقال السيد الداودي : لمّا كان اليوم العاشر من المحرم ووقع القتال ، قيل لبشر وهو في تلك الحال : إنّ ابنك عمراً قد أسر في ثغر الري ، فقال : عند اللَّه أحتسبه ونفسي ما كنت أحبّ أن يؤسر وأن أبقى بعده . فسمع الحسين عليه السلام مقالته ، فقال له : رحمك اللَّه ، أنت في حلّ من بيعتي ، فاذهب واعمل في فكاك ابنك ، فقال له : أكلتني السباع حيّاً إن أنا فارقتك يا أبا عبد اللَّه ، فقال له : فأعط ابنك محمداً ، وكان معه هذه الأثواب البرود يستعين بها في فكاك أخيه ، وأعطاه خمسة أثواب قيمتها ألف دينار . وقال السروي : إنّه قتل في الحملة الأولى .

ص: 184

قعنب بن عمر النمري

[ قعنب بن عمر النمري](1)

شهادة الهفهاف الراسبي

وخرج الهفهاف بن المهنّد الراسبي من البصرة حين سمع بخروج الحسين عليه السلام ، فسار حتى انتهى إلى العسكر بعد قتله ، فدخل عسكر عمر بن سعد ، ثم انتضى سيفه ، وقال :

يا أيّها الجند المجنّد

أنا الهفهاف بن المهند

أبغي عيال محمد

ثم شدّ فيهم .

قال علي بن الحسين عليهما السلام : فما رأى الناس منذ بعث اللَّه محمداً صلى الله عليه وآله فارساً بعد علي بن أبي طالب عليه السلام مثله ، قتل بيده ما قتل ، فتداعوا عليه ، فأقبل خمسة نفر فاحتوشوه حتى قتلوه رحمه اللَّه(2) .

ص: 185


1- 229. لم نجده في النسختين المتوفرتين لدينا من الحدائق . وفي إبصار العين في أنصار الحسين عليه السلام للسماوي : 215 : قعنب بن عمر النمري ، كان قعنب رجلاً بصرياً من الشيعة الذين بالبصرة ، جاء مع الحجاج السعدي إلى الحسين عليه السلام ، وانضم إليه ، وقاتل في الطف بين يديه حتى قتل . ذكره صاحب الحدائق . ( وأرجع محقّق الكتاب كلام المؤلّف الى الحدائق : 122 ) . قال : وله في القائميات ذكر وسلام .
2- 230. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/156 . وقال النمازي في مستدركات علم رجال الحديث : 8/ 162 : هفهاف بن مهند الراسبي البصري : من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام ، فارس شجاع من الشيعة ر؛ المخلصين في محبّة أهل البيت عليهم السلام ، وشهد حروب أمير المؤمنين عليه السلام ، وله ذكر في المغازي والحروب ، ثم بعد شهادة أمير المؤمنين عليه السلام انضم إلى الحسن المجتبى والحسين الشهيد - صلوات اللَّه عليهما - . وكان بالبصرة ، فلمّا سمع حركة الحسين عليه السلام من مكة إلى العراق خرج من البصرة إلى كربلاء ، فوصل إلى الحسين عليه السلام وقد قتل ، فقاتل قتالاً شديداً أعداء اللَّه حتى قتلوه رضوان اللَّه عليه . وقال التستري في قاموس الرجال : 10/572 : الهفهاف بن المهند الراسبي البصري ، قال : ذكر في السير أنّ أمير المؤمنين عليه السلام أمّره في صفين على أزد البصرة ، وأنّه لمّا بلغه خروج الحسين عليه السلام انتضى سيفه فقاتل حتى قتل .

ص: 186

بعد الشهادة

جراحات الحسين عليه السلام وإصاباته

وروي عن جعفر بن محمد الصادق عليه السلام : أنّه وجد في الحسين بن علي عليهما السلام ثلاث وثلاثون طعنة ، وأربع وأربعون ضربة .

ووجد في جبّة خزّ دكناء(1) كانت على الحسين عليه السلام مائة خرق ، وبضعة عشر خرقاً ، ما بين رمية وطعنة وضربة(2) .

وعن الشعبي : وجد في ثوب الحسين عليه السلام مائة خرق ، وبضعة عشر خرقاً من الضرب والطعن والرماح والسهام(3) .

ص: 187


1- 231. الكافي : 6/452 ح 9 ، مجمع الزوائد : 9/193 ، المعجم الكبير للطبراني : 3/115 ، تاريخ دمشق : 14/252 ، سير أعلام النبلاء للذهبي : 3/302 .
2- 232. دلائل الإمامة : 178 ، مثير الأحزان لابن نما : 58 ، تاريخ الطبري : 4/346 ، الكامل في التاريخ : 4/79 ، الدر النظيم : 572 ، اللهوف : 76 ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 2/37 ، أمالي الطوسي : 677 مج 37 ح 10 ، شرح الأخبار للقاضي النعمان : 3/164 ح 1092 .
3- 233. شرح الأخبار للقاضي النعمان : 3/164 ح 1093 .

وروي عن بعضهم أنّه قال : لم يضرب أحد في الإسلام منذ كان أكثر من ضرب الحسين عليه السلام ، وجد به : مائة وعشرون ضربة بسيف ورمية ، وخذف بحجر .

رضّ جثّته عليه السلام المقدّسة بالخيل

ولمّا فرغوا من قتله عليه السلام احتزوا رأسه ، وكان الذي احتزّه خولي بن أنس بن يزيد(1) .

وأجروا الخيل بعد ذلك على جثّته الكريمة حتى تقطعت .

وقال عمر بن سعد : هكذا أمرنا عبيد اللَّه بن زياد أن نصنع به(2) .

فانظر إلى عظيم ما أتوه ، وفحش ما ارتكبوه ، فقاتلهم اللَّه أنّى يؤفكون ، والبهيمة تحرم المثلة بها عند جميع المسلمين ، فكيف بسبط النبوة وثمر الوصية ، وسيد شباب أهل الجنة ، سلام اللَّه عليه وصلواته ورضوانه ؟!

ص: 188


1- 234. في شرح الأخبار للقاضي النعمان : 3/155 : « وأجهز خولي بن يزيد الأصبحي بن حمير ، واحتز رأسه » ، وكذا في تاريخ دمشق : 14/252 وأسد الغابة : 2/21 ، وقد ذكرنا فيما سبق أنّ الذي تولّى قتل سيد الشهداء الحسين عليه السلام هو شمر بن ذي الجوشن أو سنان بن أنس ، وأنّ المشهور المعروف عند الشيعة - أولياء الحسين عليه السلام - هو الأول ، أمّا خولي بن يزيد فقد تولى حمله الى الدعي ابن الدعي عبيد اللَّه بن زياد ، كما هو المعروف ، انظر : مقاتل الطالبيين : 79 .
2- 235. روضة الواعظين للفتال : 183 ، الإرشاد للمفيد : 2/88 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/247 ، بحار الأنوار للمجلسي : 44/390 ، العوالم للبحراني : 241 ، الكامل في التاريخ : 4/55 ، الفتوح لابن أعثم : 5/93 ، اعلام الورى : 1/453 ، جواهر المطالب لابن الدمشقي : 2/280 ، المواعظ والاعتبار : 1/427 ، تاريخ الطبري : 4/314 .

سلب الحسين عليه السلام

وأخذ سراويل الحسين عليه السلام يحيى بن كعب(1) ، فكانتا يداه تقطران دماً إذا أشتى ، وإذا أصاف يبستا ، وعادتا كأنّهما عود يابس(2) .

وأخذ قطيفته قيس بن الأشعث بن قيس ، وكان يقال له : قيس القطيفة(3) .

وأخذ برنسه مالك بن بشير الكندي ، وكان من خزّ ، فأتى به أهله ، فقالت امرأته بنت عبد اللَّه بن الحارث : أسلب الحسين عليه السلام يدخل بيتي ؟ أخرجه عنّي ، فلم يزل محتاجاً حتى مات(4) .

ص: 189


1- 236. الإرشاد للمفيد : 2/112 ، اعلام الورى : 1/469 « أبجر بن كعب » ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/215 ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 2/37 « بحير بن عمرو الجرمي ، وتسرول به فصار مقعداً » ، الفتوح لابن أعثم : 5/119 « يحيى بن عمرو الحرمي ، فلبسه فصار زمناً مقعداً من رجليه » ، اللهوف لابن طاووس : 76 « بحر بن كعب التيمي ، فروي أنّه صار زمناً مقعداً من رجليه » ، ترجمة الإمام الحسين عليه السلام من طبقات ابن سعد : 78 « بحر الملعون ابن كعب التميمي ، فتركه مجرداً » ، تاريخ الطبري : 4/346 ، الكامل في التاريخ : 4/78 « بحر بن كعب » .
2- 237. شرح الأخبار للقاضي النعمان : 3/165 ح 1094 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/214 ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 2/38 .
3- 238. شرح الأخبار للقاضي النعمان : 3/165 ، مثير الأحزان لابن نما : 57 ، تاريخ الطبري : 4/346 ، الكامل في التاريخ : 4/78 ، ترجمة الإمام الحسين عليه السلام من طبقات ابن سعد : 78 ، اللهوف لابن طاووس : 76 .
4- 239. شرح الأخبار للقاضي النعمان : 3/165 ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 2/34 ، مثير الأحزان لابن نما : 57 ، ترجمة الإمام الحسين عليه السلام من طبقات ابن سعد : 78 .

وأخذ عمامته جابر بن يزيد الأودي ، فاعتمّ بها فصار مجذوماً(1) .

وأخذ درعه مالك بن بشر الكندي ، فلبسه فصار معتوهاً(2) .

ارتفاع غبرة شديدة سوداء

وارتفعت غبرة شديدة سوداء ، فظن القوم أنّ العذاب قد أتاهم ، ثم انجلت عنهم(3) .

سلب العيال وحرق الخيام

وأقبل شمر بن ذي الجوشن إلى الخيام ، وأمر بسلب كلّ ما مع النساء ، فأخذوا كلّ ما في الخيمة ، حتى أخذوا قرطاً في أذن أم كلثوم ، وخرموا أذنها .

وفرغ القوم من القسمة ، وضربوا فيها بالنار(4) .

وعن ابن قتيبة : انتهب الناس ورساً من عسكر الحسين عليه السلام يوم قتل ، فما طلت به امرأة إلّا برصت(5) ، وكذلك رواه سيّار .

ص: 190


1- 240. ترجمة الإمام الحسين عليه السلام من طبقات ابن سعد : 78 ، مثير الأحزان لابن نما : 57 ، الفتوح لابن أعثم : 5/119 ، اللهوف لابن طاووس : 76 ، الإرشاد للمفيد : 2/112 « وأخذ عمامته أخنس بن مرثد » ، اعلام الورى : 1/469 .
2- 241. الفتوح لابن أعثم : 119 .
3- 242. الفتوح لابن أعثم : 5/119 ، اللهوف : 75 ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 2/37 .
4- 243. الفتوح لابن أعثم : 5/120 ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 2/38 .
5- 244. شرح الأخبار للقاضي النعمان : 3/166 ح 1098 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/214 ، العقد الفريد لابن عبد ربّه : 5/133 ، عيون الأخبار لابن قتيبة ر؛ الدينوري : 1/312 ، ثاقب المناقب لابن حمزة : 337 ح 281 ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 2/90 ، جواهر المطالب لابن الدمشقي : 2/274 .

حمل الرأس المقدّس الى ابن زياد

وأرسل عمر بن سعد بالرأس مع رجل يقال له : بشر بن مالك إلى ابن زياد ، فوضعه بين يديه ، وهو يقول :

أوقر ركابي فضة وذهبا

أنا قتلت الملك المحجبا

قتلت خير الناس أمّا وأبا

فغضب ابن زياد فقدّمه وضرب عنقه ، وقال : إن كان كما قلت ، فلم قتلته(1) ؟

موقف أنس

ولمّا جي ء برأس الحسين بن علي عليهما السلام إلى ابن زياد جعل يقول [ ويضرب ] بقضيب في أنفه : ما رأيت مثل هذا حسناً .

فقال أنس : أما إنّه كان أشبههم برسول اللَّه(2) صلى الله عليه وآله .

ص: 191


1- 245. الفتوح لابن أعثم : 5/120 ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 2/40 ، مطالب السؤول : 403 ، كشف الغمة للأربلي : 2/262 .
2- 246. سنن الترمذي : 5/325 رقم 3867 ، ذخائر العقبى للطبري : 128 ، فتح الباري لابن حجر : 7/75 ، عمدة القاري للعيني : 16/241 ، كتاب ابن حبان : 15/429 ، المعجم الكبير للطبراني : 3/125 ، موارد الظمآن للهيثمي : 7/201 ، تاريخ دمشق : 14/126 ، تهذيب الكمال للمزي : 6/400 ، البداية النهاية لابن كثير : 8/161 ، فضائل الصحابة لأحمد : 2/783 .

موقف أبي برزة

وروي : أنّ ابن زياد أرسل إلى أبي برزة ، فجرى بينهما كلام .

ثم قال عبيد اللَّه ابن زياد : كيف ترى شأني وشأن الحسين عليه السلام يوم القيامة ؟

فقال : اللَّه أعلم ، وما علمي بذلك !

قال : إنّما أسألك عن رأيك .

قال : إن سألتني عن رأيي ، فإنّ حسيناً يشفع له محمد صلى الله عليه وآله يوم القيامة ، ويشفع لك زياد .

قال : اخرج ، فلولا ما فعلت لك لضربت عنقك ، حتى إذ بلغ باب الدار قال : ردّوه ، فقال : لئن لم تغد عليّ وتروح لأضربن عنقك(1) .

اضطرام وجه ابن زياد ناراً

وروي عن حاجب عبيد اللَّه قال : دخلت القصر خلف عبيد اللَّه بن زياد حين قتل الحسين عليه السلام ، فاضطرم وجهه ناراً ! فقال هكذا بكمّه على وجهه ، فقال : هل رأيت ؟ قلت : نعم ، فأمرني أن أكتم(2) .

ص: 192


1- 247. مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 2/44 ، بغية الطالب في تاريخ حلب لابن جرادة : 2/2633 .
2- 248. المعجم الكبير للطبراني : 3/112 رقم 2831 ، مجمع الزوائد للهيثمي : 9/196 ، تاريخ دمشق : 37/451 ، ترجمة الإمام الحسين عليه السلام من طبقات ابن سعد : 89 رقم 318 ، الملاحم والفتن لابن طاووس : 335 ، الكامل في التاريخ : 4/265 ، البداية والنهاية : 8/314 .

مطرت السماء دماً

وروى السيد أبو الحسين يحيى بن الحسين الحسيني عليهم السلام بإسناده عن خالد بن يزيد عن أم سليم خالة له ، قالت : لمّا قتل الحسين بن علي عليهما السلام مطرت السماء مطراً كالدم على البيوت والحيطان .

فبلغني أنّه كان بالبصرة والكوفة والشام وخراسان حتى كنّا لا نشكّ أنّه سينزل العذاب(1) .

وروى أيضاً عن عمرو بن زياد قال : أصبحت جبّانتنا يوم قتل الحسين عليه السلام ملآنة دماً(2) .

ارتفاع الحمرة في أفق السماء

وروى أيضاً بإسناده عن محمد بن سيرين قال : لم تر هذه الحمرة في أفق السماء حتى قتل الحسين(3) عليه السلام .

ص: 193


1- 249. شرح الأخبار للقاضي النعمان : 3/166 ح 1099 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/212 ، تهذيب الكمال للمزي : 6/433 ، ذخائر العقبى للطبري : 145 ، تاريخ دمشق : 14/229 ، تاريخ الإسلام للذهبي : 5/16 ، سبل الهدى والرشاد : 11/80 .
2- 250. شرح الأخبار للقاضي النعمان : 3/166 ح 1101 وفيه : « جبانا » ، والظاهر أنّه من « الجبّ » بمعنى البئر .
3- 251. الإرشاد للمفيد : 2/132 ، كنز العمال للهندي : 13/673 رقم 37722 ، شرح الأخبار للقاضي النعمان : 3/167 ح 1103 ، اعلام الورى : 1/429 ، الدر النظيم للعاملي : 567 ، ترجمة الإمام الحسين عليه السلام من طبقات ابن سعد : 91 رقم 326 ، مناقب أميرالمؤمنين عليه السلام للكوفي: 2/266 ح 730، المناقب لابن شهرآشوب: ر؛ 3/212 ، العمدة لابن البطريق : 405 ، الصراط المستقيم : 3/124 ، نظم درر السمطين للزرندي : 221 ، تفسير الثعلبي : 8/353 ، تفسير القرطبي : 16/141 ، تاريخ دمشق : 14/228 ، سير أعلام النبلاء للذهبي : 3/312 ، تاريخ الإسلام للذهبي : 5/15 ، كشف الغمة للأربلي : 2/218 ، معارج الوصول للزرندي : 98 ، الصواعق المحرقة : 194 ، جواهر العقدين للسمهودي : 2/328 ، تذكرة الخواص لابن الجوزي : 283 . . .

وروى أيضاً بإسناده عن الأسود بن قيس قال : كنت ليالي قتل الحسين بن علي عليهما السلام ابن عشرين سنة ، فارتفعت حمرة من قبل المشرق ، وحمرة من قبل المغرب ، فكانتا تلتقيان في كبد السماء أشهراً(1) .

ص: 194


1- 252. شرح الأخبار للقاضي النعمان : 3/167 ح 1104 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/212 ، تاريخ دمشق : 14/227 ، سير أعلام النبلاء للذهبي : 3/312 ، تاريخ الإسلام للذهبي : 5/15 ، ترجمة الإمام الحسين عليه السلام من طبقات ابن سعد : 91 رقم 328 .

ما جرى على أهل البيت عليهم السلام في السبي

أهل البيت عليهم السلام في الكوفة

أهل البيت في مجلس ابن زياد

ولمّا فرغ القوم من قتل الحسين عليه السلام وأصحابه رضي اللَّه عنهم ، ساقوا حرم رسول اللَّه صلى الله عليه وآله كما تساق السبايا حتى بلغوا الكوفة .

وخرج الناس يبكون ، وجعل علي بن الحسين عليهما السلام - وهو مريض - يقول : هؤلاء يبكون من أجلنا ، فمن قتلنا(1) ؟!

فلمّا دخلوا على ابن زياد قعدت زينب عليها السلام ناحية ، فسأل من هي ؟

قيل : زينب بنت علي عليهما السلام .

فقال ابن زياد : الحمد للَّه الذي فضحكم ، وكذّب أحدوثتكم .

فقالت زينب عليها السلام : الحمد للَّه الذي أكرمنا بنبيه محمد صلى الله عليه وآله ، وطهّرنا تطهيراً ، وإنّما يفتضح الفاسق الفاجر .

ص: 195


1- 253. الفتوح لابن أعثم : 5/120 ، مطالب السؤول : 403 ، كشف الغمة للأربلي : 2/263 ، الفصول المهمة لابن الصباغ : 2/830 ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 2/40 .

فقال ابن زياد : كيف رأيت صنع اللَّه بأخيك وأهل بيتك ؟

فقالت : ما رأيت إلّا جميلاً ، وسيجمع اللَّه بينك وبينهم فتتخاصمون ، فانظر لمن الفلج - يومئذٍ - هبلتك أمّك يا ابن مرجانة .

فغضب وهمّ بها ، فنهاه عمرو بن حريث وقال : إنّها امرأة(1) .

ثم التفت إلى علي بن الحسين عليهما السلام ، فقال : من أنت ؟

قال : علي بن الحسين .

قال : أو لم يقتل اللَّه عليّ بن الحسين ؟

قال : ذلك أخي أكبر منّي قتلتموه ، وإنّ له منكم مطلباً يوم القيامة .

قال ابن زياد : نحن لم نقتله ، ولكن اللَّه قتله !

ص: 196


1- 254. الفتوح لابن أعثم : 5/122 ، اللهوف لابن طاووس : 94 ، الإرشاد للمفيد : 2/115 ، مثير الأحزان لابن نما : 70 ، تاريخ الطبري : 4/349 ، أمالي الصدوق : 229 مج 31 ، روضة الواعظين للفتال : 190 ، الكامل في التاريخ : 4/81 ، البداية والنهاية : 8/210 ، اعلام الورى : 1/471 ، كشف الغمة للأربلي : 2/275 ، جواهر المطالب لابن الدمشقي : 2/292 .

فقال علي بن الحسين عليهما السلام : « اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها . . . » الآية(1) .

ثم أمر لينظر هل أدرك !!! فقيل : نعم ، فأمر أن تضرب عنقه ، فتعلّقت به زينب عليها السلام عمّته ، وقالت : يا ابن زياد ، لم يبق لنا غيره ، فإن كنت تقتله فاقتلنا معه .

فقال علي بن الحسين عليهما السلام : يا ابن زياد ، أبالقتل تهدّدني ؟! أما علمت أن القتل لنا عادة ، وكرامتنا الشهادة ؟

ثم قال : أخرجوهم(2) .

شهادة عبد اللَّه بن عفيف الأزدي

وخرج إلى المسجد ، فخطب وأبلغ في ذم آل أبي طالب ، ومدح آل أبي سفيان ، وكان من كلامه :

الحمد للَّه الذي أظهر الحقّ وأهله ، ونصر أمير المؤمنين وأشياعه ، وقتل الكذّاب ابن الكذّاب الحسين بن علي .

فوثب عبد اللَّه بن عفيف الأزدي ، وكان من خيار الشيعة ، وكانت ذهبت إحدى عينيه يوم الجمل ، والأخرى يوم صفين ، وكان يلزم المسجد ، فقال : يا ابن مرجانة ، إنّ الكذّاب وابن الكذّاب أنت وأبوك ، ومن استعملك وأبوه ، يا عدو اللَّه ، أتقتل أولاد النبيين ، وتتكلّم بمثل هذا على منابر المسلمين ، تقتل الذريّة الطاهرة ، وتزعم أنّك مسلم ؟! وا غوثاه ! أين أولاد المهاجرين والأنصار ؟ ألا ينتقمون من اللعين ابن اللعين ؟

ص: 197


1- 255. الزمر : 42 .
2- 256. الفتوح لابن أعثم : 5/123 ، تاريخ الطبري : 4/350 ، الكامل في التاريخ : 4/82 ، البداية والنهاية : 8/211 ، اعلام الورى : 1/472 ، كشف الغمة للأربلي : 2/278 ، جواهر المطالب لابن الدمشقي : 2/292 ، اللهوف لابن طاووس : 94 ، الإرشاد للمفيد : 2/116 ، مثير الأحزان لابن نما : 72 ، الدر النظيم : 561 .

فغضب ابن زياد ، وأمر بأخذه ، فتخلّصه أشراف الأزد وهرّب ، ورجع ابن زياد إلى منزله ، وبعث بجماعة حتى أخذوا عبد اللَّه بن عفيف ، وقتله(1) .

هاتف في الجبانة

وروى السيد أبو الحسين يحيى بن الحسين الحسيني بإسناده عن أبي جرثومة العكلي عن أبيه قال : لمّا قتل الحسين بن علي عليهما السلام ، سمعت منادياً ينادي في الجبانة :

أيّها القوم قاتلون حسيناً

أبشروا بالعذاب والتنكيل

كلّ أهل السماء يدعو عليكم

من نبيّ وملك ورسول

قد لعنتم على لسان ابن دا

ود وموسى وحامل الإنجيل(2)

ص: 198


1- 257. الفتوح لابن أعثم : 5/124 - 126 ، تاريخ الطبري : 4/351 وما بعدها ، الكامل في التاريخ : 4/83 وما بعدها ، جواهر المطالب لابن الدمشقي : 2/292 ، اللهوف لابن طاووس : 96 ، الإرشاد للمفيد : 2/117 ، مثير الأحزان لابن نما : 72 ، البداية والنهاية : 8/208 ، كشف الغمة للأربلي : 2/279 .
2- 258. شرح الأخبار للقاضي النعمان : 3/168 ح 1109 ، الهواتف لابن أبي الدنيا : 87 رقم 117 ، تاريخ الطبري : 4/358 ، كامل الزيارات لابن قولويه : 196 باب 29 ح 94 ، روضة الواعظين للفتال : 193 ، الإرشاد للمفيد : 2/125 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/219 ، مثير الأحزان لابن نما : 86 ، نظم درر السمطين للزرندي : 217 ، تاريخ دمشق : 14/240 ، الكامل في التاريخ : 4/90 ، البداية والنهاية : 8/216 ، الفتوح لابن أعثم : 5/134 ، اللهوف لابن طاووس : 99 ، كشف الغمة للأربلي : 2/281 ، سبل الهدى والرشاد للشامي : 11/76 .

أهل البيت عليهم السلام في الشام

الرؤوس المقدّسة والسبايا في مجلس يزيد

وبعث ابن زياد - لعنه اللَّه - بالحرم والرؤوس مع زحر بن قيس ، وشمر بن ذي الجوشن إلى يزيد لعنه اللَّه ، فدخلوا عليه ، وبلّغوا الكتاب .

فأطرق ساعة ، ثم قال : لقد كنت أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين ، أما - واللَّه - لو سار إليّ لعفوت عنه(1) ، ولكن قبّح اللَّه ابن مرجانة(2) .

ص: 199


1- 259. كذب الخبيث اللعين وأثم ، وهو يعلم أنّ الحسين عليه السلام يحمل بين جنبيه روح سيد النبيين وسيد الوصيين ، فهو لا ولن يسير اليه ، وما فعل ابن مرجانة ما فعل إلّا بأمره ، وهذه كتب التاريخ تشهد عليه في كتابه الى والي المدينة والى ابن زياد يطلب فيه رأس سيد الشهداء عليه السلام ، وهذه الفرية إمّا أن تكون من نسج المؤرخ السلطاني ، وإمّا أن يكون يزيد قد اضطر الى قولته هذه لمعالجة الموقف سياسياً ، بعد أنّ زلزل الدم الذي سكن الخلد واقشعرت له أظلّة العرش وخطبة فخر المخدرات وزين العابدين عليهما السلام كيانهم .
2- 260.الأخبار الطوال للدينوري : 261 ، تاريخ دمشق : 18/445 ، تاريخ الطبري : 4/351 ، الوافي بالوفيات للصفدي : 14/127 ، البداية والنهاية : 8/208 ، الفتوح لابن أعثم : 5/127 ، اعلام الورى : 1/473 ، الفصول المهمة لابن الصباغ : 2/831 ، ترجمة الإمام الحسين عليه السلام من طبقات ابن سعد : 81 .

وكان عبد الرحمن بن الحكم قاعداً في مجلسه ، فجعل يقول :

لهام بجنب الطفّ أدنى قرابة

من ابن زياد العبد ذي الحسب الوغل

سمية أمسى نسلها عدد الحصى

وبنت رسول اللَّه ليس لها نسل(1)

وضع رأس الحسين عليه السلام بين يديه ، فجعل ينظر إليه ويقول :

نفلّق هاماً من أناس أعزّة

علينا وهم كانوا أعقّ وأظلما(2)

رجل يستوهب بنتاً من آل البيت عليهم السلام !

وروي أنّه لمّا جهزهم ابن زياد إلى يزيد ، فخرجوا بهم ، اجتمع أهل الكوفة ونساء همدان حين خرج بهم ، فجعلوا يبكون ، فقال علي بن الحسين عليهما السلام : هذا أنتم تبكون ! فأخبروني من قتلنا(3) ؟!

ص: 200


1- 261. المعجم الكبير للطبراني : 3/116 ، مجمع الزوائد : 9/198 ، تاريخ دمشق : 34/316 ، تاريخ الطبري : 4/352 ، تاريخ الإسلام للذهبي : 5/18 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/260 ، الكامل في التاريخ : 4/90 ، فوات الوفيات للكتبي : 1/623 ، البداية والنهاية : 8/209 ، جواهر المطالب لابن الدمشقي : 2/294 .
2- 262. مقاتل الطالبيين : 80 ، شرح الأخبار للقاضي النعمان : 3/158 ، الإرشاد للمفيد : 2/119 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/260 ، مثير الأحزان لابن نما : 79 ، مجمع الزوائد : 9/193 ، المعجم الكبير للطبراني : 3/116 ، الأخبار الطوال للدينوري : 261 ، تاريخ دمشق : 70/15 ، تهذيب الكمال للمزي : 6/428 ، سير أعلام النبلاء للذهبي : 3/309 ، الأنساب للسمعاني : 3/476 ، تاريخ الإسلام للذهبي : 5/18 ، الوافي بالوفيات للصفدي : 12/264 ، البداية والنهاية : 6/260 ، الفتوح لابن أعثم : 5/128 ، اعلام الورى : 1/474 ، جواهر المطالب لابن الدمشقي : 2/271 .
3- 263. تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/157 .

فلمّا أتي بهم دمشق ، وقدموا على يزيد - لعنه اللَّه - جمع من كان بحضرته من أهل الشام ، ثم دخلوا عليه فهنّوه بالفتح !

فقام رجل منهم أزرق أحمر ، ونظر إلى وصيفة من بناتهم ، فقال : يا أمير المؤمنين هب لي هذه !

فقالت زينب عليها السلام : لا - واللَّه - ولا كرامة لك ولا له إلّا أن تخرج من دين اللَّه - عزّ وجلّ - .

فأعادها الأزرق ، فقال له يزيد : كفّ(1) .

يزيد يقرع ثنايا الحسين عليه السلام وأبو برزة يعترض !

ولمّا وضع رأس الحسين بن علي عليهما السلام ، في طست جعل ينكت ثناياه بمخصرة في يده وهو يقول :

ليت أشياخي ببدر شهدوا

جزع الخزرج من وقع الأسل

فأهلّوا واستهلّوا فرحاً

ثم قالوا يا يزيد لا تشل

لست من شيخيّ إن لم أنتقم

من بني أحمد ما كان فعل(2)

ص: 201


1- 264. تاريخ الطبري : 4/293 ، تهذيب الكمال للمزي : 6/429 ، تهذيب التهذيب لابن حجر : 2/304 ، مقاتل الطالبيين : 80 ، سير أعلام النبلاء للذهبي : 3/310 ، جواهر المطالب لابن الدمشقي : 2/295 .
2- 265. مقاتل الطالبيين : 80 ، الاحتجاج للطبرسي : 2/34 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/261 ، روضة الواعظين للفتال : 191 ، الخرائج : 2/580 ، بلاغات النساء لابن طيفور : 21 ، مثير الأحزان لابن نما : 80 ، الفتوح لابن أعثم : 5/129 ، اللهوف لابن طاووس : 105 ، تفسير القمي : 2/86، البداية والنهاية: 8/209، ر؛ جواهر المطالب لابن الدمشقي : 2/199 ، أمالي الصدوق : 231 مج 31 ، المسترشد للطبري : 510 ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 2/58 .

ولمّا رآه أبو برزة ينكت بالقضيب ، قال له : ارفع قضيبك ، فو اللَّه لربما رأيت فا رسول اللَّه صلى الله عليه وآله على فيه يلثمه(1) .

خطبة زينب عليها السلام في مجلس يزيد

ثم قامت زينب عليها السلام ابنة علي عليه السلام ، وأمّها فاطمة بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله ، فقالت :

الحمد للَّه ربّ العالمين ، وصلّى اللَّه على سيد المرسلين ، صدق اللَّه العظيم كذلك يقول : « ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَكانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ »(2) .

أظننت - يا يزيد - حين أخذت علينا أقطار الأرض ، وآفاق السماء ، وأصبحنا نساق كما تساق الأسرى ، أنّ بنا على اللَّه هوانا ، وبك عليه كرامة ؟! وأنّ ذلك لعظم خطرك عنده ، فشمخت بأنفك ، ونظرت في عطفك ، جذلان مسروراً ، حين رأيت الدنيا مستوسقة ، والأمور متّسقة ،

ص: 202


1- 266. تاريخ الطبري : 4/293 ، البداية والنهاية : 8/209 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/261 ، تاريخ دمشق : 62/85 و68/95 ، أسد الغابة لابن الأثير : 5/20 ، تهذيب الكمال للمزي : 6/429 ، سير أعلام النبلاء للذهبي : 3/309 ، الكامل في التاريخ : 4/85 ، الفتوح لابن أعثم : 5/129 ، اللهوف لابن طاووس : 104 ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 2/57 .
2- 267. الروم : 10 .

وحين صفا لك ملكنا وسلطاننا ، فمهلاً مهلاً ، أنسيت قول اللَّه تعالى : « وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ »(1) .

أمن العدل - يا ابن الطلقاء - تخديرك حرائرك وإمائك ، وسوقك بنات رسول اللَّه صلى الله عليه وآله سبايا ؟! قد هتكت ستورهن ، وأبديت وجوههنّ ، يحدى بهنّ من بلد إلى بلد، يستشرفهن أهل المنازل، ويتصفح وجوههنّ القريب والبعيد ، والدنيّ والشريف ، وليس معهنّ من رجالهم وليّ ، ولا من حماتهم حيّ ؟! وكيف يترجى مراقبة من لفظ فوه أكباد السعداء ، ونبت لحمه بدماء الشهداء ؟! وكيف يستبطى ء في بغضنا أهل البيت من نظر إلينا بالسيف والسنان ، والإحن والأضغان ، ثم يقول غير متأثّم ولا مستعظم :

فأهلّوا واستهلّوا فرحاً

ثم قالوا يا يزيد لا تشل

منتحياً على ثنايا أبي عبد اللَّه سيد شباب أهل الجنة تنكتها بمخصرتك ، وكيف لا تقول ذلك ، وقد نكأت القرحة ، واستأصلت الشأفة ، بإراقتك دماء ذرية آل محمد صلى الله عليه وآله ، ونجوم الأرض من آل عبد المطلب ، وتهتف بأشياخك ، زعمت تناديهم ، ولتردنّ وشيكاً موردهم ، ولتودّنّ أنّك شللت وبكمت ، ولم تكن قلت ما قلت .

اللّهم خذ بحقّنا ، وانتقم من ظالمنا ، وأحلل غضبك بمن سفك دمائنا ، وقتل حماتنا .

ص: 203


1- 268. آل عمران : 178 .

فو اللَّه ، ما فريت إلّا جلدك ، ولا حززت إلّا لحمك ، وسترد على رسول اللَّه صلى الله عليه وآله بما تحمّلت من سفك دماء ذريّته ، وانتهكت من عترته في حرمته ولحمته ، وليخاصمنك حيث يجمع اللَّه شملهم ، ويلمّ شعثهم ، ويأخذ لهم بحقّهم ، « وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ » الآية .

وحسبك باللَّه حاكماً ، ومحمد خصيماً ، وبجبريل ظهيراً ، وسيعلم من بوّأ لك وأمكنك من رقاب المسلمين أن « بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً » ، وأنّكم « شَرٌّ مَكاناً وَأَضْعَفُ جُنْداً » .

ولئن جرّت عليّ الدواهي مخاطبتك ، على أنّي أستصغر قدرك ، لكن العيون عبرى ، والصدور حرّى .

ألا فالعجب كلّ العجب لقتل حزب اللَّه النّجباء بحزب الشيطان الطلقاء ، فتلك الأيدي تنطف من دمائنا ، والأفواه تتحلّب من لحومنا ، وتلك الجثث الطواهر الزواكي تنتابها العواسل ، وتعفوها الذئاب .

ولئن اتخذتنا مغنماً لتجدنّنا وشيكاً مغرماً ، حيث لا تجد إلّا ما قدّمت يداك « وَما رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ » ، فإلى اللَّه المشتكى ، وعليه المعوّل .

فكد كيدك ، واسع سعيك ، وناصب جهدك ، فو اللَّه لا تمحو ذكرنا ، ولا تميت وحينا ، ولا تدرك أمرنا ، ولا ترحض عنّك عارنا ، وهل رأيك إلّا فند ، وأيامك إلّا عدد ، وشملك إلّا بدد ، يوم ينادي المنادي : « أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ » .

ص: 204

والحمد للَّه الذي ختم لأوليائه بالسعادة والمغفرة ، وأسأل اللَّه أن يكمّل لهم الثواب ، ويحسن علينا الخلافة ، إنّه رحيم ودود ، و « حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ » .

فقال يزيد لعنه اللَّه :

يا صيحة تلعن من صوائح

ما أهون الموت على النوائح(1)

شيخ من الشاميين مع الإمام السجاد

وفي الأخبار : أنّهم لمّا أقيموا على باب المسجد بدمشق ، فإذا شيخ قال : الحمد للَّه الذي قتلكم وأراح البلاد من رجالكم .

فقال علي بن الحسين عليهما السلام : يا شيخ ، هل قرأت القرآن ؟

قال : نعم .

قال : هل تعرف هذه الآية : « قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى »(2) ؟ فنحن القربى يا شيخ .

هل قرأت : « وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ »(3) ؟ فنحن ذاك .

هل قرآت : « إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ »(4) ؟ فنحن أهل البيت الذي خصّنا بالطهارة .

ص: 205


1- 269. مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 2/64 ، الاحتجاج للطبرسي : 2/35 ، مثير الأحزان لابن نما: 80، بلاغات النساء لابن طيفور: 21، اللهوف لابن طاووس: 105 .
2- 270. الشورى : 23 .
3- 271. الإسراء : 26 .
4- 272. الأحزاب : 33 .

قال : فبقي الشيخ ساعة ساكتاً ، ثم بكى ، وقال : اللّهم إنّي أتوب إليك من بغض هؤلاء ، اللّهم إنّي أبرأ إليك من بغض علي ومحمد وآل محمد(1) صلى الله عليه وآله .

حبر من اليهود في مجلس يزيد

وأدخلوا على يزيد وبين يديه حبر من اليهود ، فقال - بعد ما تكلّم علي بن الحسين عليهما السلام - : من هذا ؟

قال : هو ابن صاحب هذا الرأس .

قال : ومن صاحب هذا الرأس ؟

قال : الحسين بن علي ، وأمّه فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وآله .

قال الحبر : يا سبحان اللَّه ! فهذا ابن بنت نبيكم قتلتموه بهذه السرعة ! بئس ما خلفتموه في ذريّته ، واللَّه لو ترك فينا موسى بن عمران سبطاً لظننّا أنّا كنّا نعبده ، وأنتم فارقكم نبيكم بالأمس ، فوثبتم على ابن بنته فقتلتموه !

فأمر يزيد فأخرج وهرّب ، فقام وهو يقول : إن شئتم فاضربوني أو فاقتلوني ، إنّي أجد في التوراة : أنّه من قتل ذريّة نبي لا يزال ملعوناً أبداً ما بقي ، فإذا مات يصليه اللَّه نار جهنم(2) .

ص: 206


1- 273. الفتوح لابن أعثم : 5/130 ، اللهوف لابن طاووس : 102 ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 2/61 ، تفسير فرات : 153 ح 191 ، أمالي الصدوق : 230 مج 31 ، روضة الواعظين للفتال : 191 ، العمدة لابن البطريق : 51 ، تفسير الثعلبي : 8/311 ، تفسير ابن كثير : 4/121 ، فضل آل البيت للمقريزي : 123 ، الصواعق المحرقة : 170 ، الاحتجاج للطبرسي : 2/33 .
2- 274. الفتوح لابن أعثم : 5/132 ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 2/71 .

خطبة السجاد عليه السلام في مجلس يزيد

ثم استأذن علي بن الحسين عليهما السلام في الخطبة فأبى ، فما زالوا به حتى أذن ، فصعد المنبر ، فحمد اللَّه ، وأبكى الناس ، ثم قال :

من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني أعرّفه بنفسي ، أنا ابن مكة ومنى ، أنا ابن زمزم والصفا ، أنا ابن من حمل الركن بأطراف الرّدى ، أنا ابن خير من انتعل واحتفى ، أنا ابن خير من طاف وسعى ، أنا ابن خير من حجّ ولبّى ، أنا ابن من حمل على البراق في الهوا ، أنا ابن من أسري به إلى المسجد الأقصى ، أنا ابن من بلغ به جبريل إلى السدرة المنتهى ، أنا ابن محمد المصطفى ، أنا ابن علي المرتضى ، أنا ابن فاطمة الزهراء .

فلم يزل يقول حتى ضجّ المسجد بالبكاء ، وأمر يزيد - لعنه اللَّه - فأقام المؤذن وقطع عليه .

فلمّا قال المؤذن : « أشهد أن لا إله إلّا اللَّه » ، قال علي بن الحسين عليهما السلام : شهد بها شعري وبشري ولحمي ودمي .

فلمّا قال : « أشهد أنّ محمداً رسول اللَّه » التفت إلى يزيد وقال : هذا جدّي أو جدّك ؟ فإن زعمت أنّه جدّك كذبت وكفرت ، وإن زعمت أنّه جدّي فلم قتلت عترته(1) ؟!

ص: 207


1- 275. الفتوح لابن أعثم : 5/133 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/178 ، الاحتجاج للطبرسي : 2/39 ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 2/70 .

توجه ركب السبايا الى المدينة

ثم جهّزهم وحملهم إلى المدينة ، فلمّا دخلوها خرجت امرأة من بنات عبد المطلب ناشرة شعرها ، واضعة كمّها على رأسها ، فتلقّتهم وهي تقول :

ماذا تقولون إن قال النبي لكم * ماذا فعلتم وأنتم آخر الأمم

بعترتي وبأهلي بعد مفتقدي * منهم أسارى وقتلى ضرّجوا بدم

ما كان هذا جزائي إن نصحت لكم * أن تخلفوني بسوء في ذوي رحمي(1)

ص: 208


1- 276. تاريخ الطبري : 4/293 ، البداية والنهاية : 6/260 ، مثير الأحزان لابن نما : 75 ، تهذيب الكمال للمزي : 6/429 ، تهذيب التهذيب لابن حجر : 2/305 ، الأنساب للسمعاني : 3/476 .

جزاء قتلة سيد الشهداء عليه السلام في الدنيا

حرملة بن كاهل الأسدي

وروينا في الأخبار بالإسناد الصحيح : أنّه لمّا أخذ رأس الحسين بن علي عليهما السلام ، ورؤوس أهل بيته وأصحابه - رحمهم اللَّه - أقبلت الخيل شماطيط معها الرؤوس ، وأقبل رجل من أنضر الناس لوناً ، وأحسنهم وجهاً على فرس أدهم ، قد علّق في لباب فرسه رأس غلام أمرد ! كأنّ وجهه قمر ليلة البدر ، فإذا هو قد أطال الخيط الذي فيه الرأس ، والفرس تمرح ، فإذا رفع رأسه لحق الرأس بحرانه ، فإذا طأطأ رأسه صكّ الرأس الأرض .

فسألت ، فقيل : هذا حرملة بن كاهل الأسدي لعنه اللَّه ، وهذا رأس العباس بن علي عليهما السلام .

فمكث بعد ذلك ما شاء اللَّه ، ثم رأيت حرملة ووجهه أسود كأنّما أدخل النار ثم أخرج .

فقلت له : يا عمّاه ، لقد رأيتك في اليوم الذي جئت فيه برأس العباس عليه السلام ، وإنّك لأنضر العرب وجهاً !

ص: 209

فقال : يا ابن أخي ، ورأيتني ؟

قلت : نعم .

قال : فإنّي - واللَّه - منذ جئت بذلك الرأس ما من ليلة آوي فيها إلى فراشي إلّا وملكان يأتيان فيأخذان بضبعي ثم ينتهيان بي إلى نار تأجج ، فيدفعاني فيها وأنا أنكص عنها ، فتسفعني كما ترى .

قال : وكانت عنده امرأة من بني تميم ، فسألتها عن ذلك .

فقالت : أمّا إذا أفشى على نفسه فلا يبعد اللَّه غيره ، واللَّه ما يوقظني إلّا صياحه ، كأنّه مجنون(1) .

عمرو بن الحجاج الزبيدي

ولمّا قامت الشيعة بطلب ثأر الحسين عليه السلام مع المختار بن أبي عبيد ، وأوعبت في قتل من حضر الوقعة ، وكان في جملتهم عمرو بن الحجاج الزبيدي ، فهرب خوفاً على نفسه ، فلمّا توسّط البادية ابتلعته الأرض هو وراحلته(2) .

جزاء من سبّ الحسين عليه السلام

وروينا عن قرة قال : سمعت أبا رجاء يقول : لا تسبوا عليّا ولا أهل

ص: 210


1- 277. تذكرة الخواص لابن الجوزي : 253 ، ثواب الأعمال للصدوق : 219 ، مقاتل الطالبيين : 79 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/216 .
2- 278. تاريخ الطبري : 4/524 ، الكامل في التاريخ : 4/236 .

هذا البيت ، إنّ جاراً لنا من بني الهجيم قدم من الكوفة ، فقال : ألم تروا إلى هذا الفاسق ابن الفاسق ، إنّ اللَّه قد قتله - يعني الحسين بن علي عليهما السلام - ، فرماه اللَّه بكوكبين في عينيه فطمس اللَّه بصره(1) .

ما رفع حجر إلّا وجد تحته دم عبيط

وعن الزهري قال : لمّا قتل الحسين بن علي عليهما السلام لم يرفع حجر إلّا وجد تحته دم عبيط(2) .

ص: 211


1- 279. فضائل الصاحبة لأحمد : 2/574 ، المعجم الكبير للطبراني : 3/112 رقم 2830 ، مجمع الزوائد : 9/196 ، نظم درر السمطين : 221 ، تاريخ دمشق : 14/232 ، تهذيب الكمال للمزي : 6/436 ، أنساب الأشراف للبلاذري : 3/211 ، سير أعلام النبلاء للذهبي : 3/313 ، تاريخ الإسلام للذهبي : 5/16 ، سبل الهدى والرشاد للشامي : 11/80 ، الثاقب في المناقب لابن حمزة : 336 ح 280 ، ذخائر العقبى للطبري : 145 ، الدر النظيم للعاملي : 569 ، جواهر العقدين للسمهودي : 2/332 .
2- 280. المعجم الكبير للطبراني : 3/113 ، تهذيب الكمال للمزي : 6/434 ، سير أعلام النبلاء للذهبي : 3/314 ، تهذيب التهذيب : 2/305 ، تاريخ الإسلام : 5/16 ، نظم درر السمطين للزرندي : 221 ، تاريخ دمشق : 14/226 ، البداية والنهاية : 8/219 ، إمتاع الأسماع للمقريزي : 12/242 ، الصواعق المحرقة : 194 ، دلائل الإمامة : 178 ، تذكرة الخواص لابن الجوزي : 246 ، معارج الوصول للزرندي : 99 ، أنساب الأشراف للبلاذري : 3/209 ، مناقب أمير المؤمنين عليه السلام للكوفي : 2/266 ، الثاقب في المناقب لابن حمزة : 337 ، تفسير ابن كثير : 4/154 ، الوافي بالوفيات للصفدي : 12/265 ، الدر النظيم للعاملي : 568 ، اعلام الورى : 1/430 ، ترجمة الإمام الحسين عليه السلام من طبقات ابن سعد : 90 .

أعان على قتل الحسين عليه السلام فأخذته النار

وروينا عن قطنة بن العكي قال : كنّا في قرية قريباً من قبر الحسين بن علي عليهما السلام ، فقلنا : ما بقي ممّن أعان على قتل الحسين عليه السلام أحد إلّا قد أصابته بلية .

فقال رجل : أنا - واللَّه - ممّن أعان على قتله ما أصابني شي ء .

فسوّى السراج ، فأخذت النار في إصبعه ، فأدخلها في فيه ، وخرج هارباً إلى الفرات فطرح نفسه ، فجعل يرتمس والنار فوق رأسه ، فإذا خرج أخذته النار حتى مات(1) .

جزاء من كثّر السواد على الحسين عليه السلام

وروينا بالإسناد عن ابن المغازلي الشافعي يرفعه بإسناده عن أبي النضر الحضرمي ، قال : رأيت رجلاً سمج العمى ، فسألته عن سبب ذهاب بصره ؟

فقال : كنت فيمن حضر عسكر عمر بن سعد ، فلمّا جاء الليل رقدت ، فرأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله في المنام وبين يديه طست فيها دم ، وريشة في الدم ،

ص: 212


1- 281. تاريخ دمشق : 14/232 ، الثاقب في المناقب لابن حمزة : 335 ، نظم درر السمطين للزرندي : 221 ، تهذيب الكمال للمزي : 6/437 ، الصواعق المحرقة : 195 ، ثواب الأعمال للصدوق : 218 ، شرح الأخبار للقاضي النعمان : 3/172 ، مثير الأحزان لابن نما : 88 ، أمالي الطوسي : 163 ح 269 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/216 ، بشارة المصطفى للطبري : 427 ، تذكرة الخواص لابن الجوزي : 253 .

وهو يؤتى بأصحاب عمر بن سعد ، فيأخذ الريشة فيخطّ بها أعينهم ، وأتي بي ، فقلت : يا رسول اللَّه : واللَّه ، ما ضربت بسيف ، ولا طعنت برمح ، ولا رميت بسهم .

فقال : أفلم تكثّر عدونا ؟

فأدخل إصبعيه في الدم - السبابة والوسطى - وأهوى بها إلى عيني ، فأصبحت وقد ذهب بصري(1) .

تاريخ شهادته ومدفنه

وكان قتل الحسين بن علي عليهما السلام في يوم عاشوراء ، وهو يوم الجمعة من المحرم سنة إحدى وستين ، وهو ابن ست وخمسين(2) .

وكانت مدّة ظهوره وانتصابه للأمر إلى قتله عليه السلام شهراً واحداً ويومين(3) .

ص: 213


1- 282. تاريخ دمشق : 14/259 ، بغية الطالب في تاريخ حلب لابن جرادة : 6/2642 ، شرح الأخبار للقاضي النعمان : 3/171 ح 1120 ، مثير الأحزان لابن نما : 62 ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 2/104 ، اللهوف لابن طاووس : 81 ، كشف الغمة للأربلي : 2/269 ، جواهر العقدين للسمهودي : 2/331 ، المناقب للمغازلي : 319 .
2- 283. تاريخ دمشق : 14/252 ، تهذيب الكمال للمزي : 6/445 ، جواهر المطالب لابن الدمشقي : 2/270 ، صفة الصفوة لابن الجوزي : 1/762 .
3- 284. قام الإمام الحسين عليه السلام بالإمامة منذ اللحظة التي استشهد فيها السبط الأكبر الحسن المجتبى عليه السلام الى شهادته ، وهي مدّة انتصابه للأمر ، أمّا ما ذكره المؤلّف فهو حسب عقيدته ومذهبه .

ودفن جسده في كربلاء ، ورأسه في الشام ، وعليهما مشهدان مزوران(1) .

إخراج سليمان بن عبد الملك الرأس المقدّس

وترك بنوا أمية رأسه عليه السلام في خزائنهم ، فأقام فيها إلى أيام سليمان بن عبد الملك ، فأمر بإخراجه وتكفينه وتعظيمه ، فرأى النبي صلى الله عليه وآله في منامه يبرّه ويلاطفه ، فسأل الحسن « يعني البصري » .

فقال : لعلّك فعلت إلى أهله معروفاً ، فأخبره بما كان منه(2) .

ص: 214


1- 285. اختلفوا في موضع دفن الرأس المقدّس ، فمنهم من ذكر أنّه دفن في الشام ، كما في البداية والنهاية : 13/249 ، والثقات لابن حبان : 3/69 ، وغيرهما ، وفي رواياتنا أنّه أرجع الى كربلاء ودفن مع الجسد الشريف ، أو أنّه دفن في النجف الأشرف عند أمير المؤمنين عليه السلام أو قريباً منه ، انظر : بحار الأنوار للمجلسي : 45/145 .
2- 286. المناقب لابن شهرآشوب : 3/220 ، نظم درر السمطين للزرندي : 226 .

زيارة جابر

اشارة

وروينا عن عطية العوفي قال : خرجت مع جابر بن عبد اللَّه الأنصاري ، زائري قبر الحسين عليه السلام ، فلمّا وردنا كربلاء دنا جابر من شاطى ء الفرات فاغتسل ، ثم ائتزر بإزار ، ثم ارتدى بآخر ، ثم فتح صرّة فيها سعد فنثره على بدنه ، ثم لم يخط خطوة إلّا ذكر اللَّه - تعالى - حتى دنا من القبر ، قال : المسنيه ، فألمسته ، فخرّ مغشياً على القبر ، فرششت عليه شيئاً من الماء .

فلمّا أفاق قال : يا حسين ، يا حسين ، يا حسين - ثلاثا - .

ثم قال : حبيب لا يجيب حبيبه .

ثم قال : أنّى لك بالجواب ؟ وقد شخبت أوداجك على أشباحك ، وفرّق بين بدنك ورأسك ، فأشهد أنّك ابن خير النبيين ، وابن سيد الوصيين ، وابن حليف التقوى ، وسليل الهدى ، وخامس أصحاب الكساء ، وابن سيد النقباء ، وابن فاطمة سيدة النساء .

وما بالك ألّا تكون هكذا ؟ وقد غذّتك كفّ محمد سيد النبيين ، وربّيت في حجور المتقين ، وأرضعت من ثدي الإيمان ، وفطمت بالإسلام ، فطبت

ص: 215

حيّاً وطبت ميتاً ، غير أنّ قلوب المؤمنين غير طيبة لفراقك ، ولا شاكّة في الخير لك ، فعليك سلام اللَّه ورضوانه ، فأشهد أنّك مضيت على ما مضى عليه يحيى بن زكريا .

قال عطية : ثم جال ببصره حول القبر ، ثم قال : السلام عليكم أيّتها الأرواح الطيبة التي بفناء الحسين عليه السلام ، وأناخت برحله ، أشهد أنّكم أقمتم الصلاة ، وآتيتم الزكاة ، وأمرتم بالمعروف ، ونهيتم عن المنكر ، وعبدتم اللَّه حقّ عبادته حتى أتاكم اليقين .

والذي بعث محمداً صلى الله عليه وآله بالحقّ ، لقد شاركناكم فيما دخلتم فيه .

قال عطية : فقلت لجابر بن عبد اللَّه : وكيف ولم تهبط وادياً ، ولم تعل جبلاً ، ولم تضرب بسيف ؟ والقوم قد فرّق بين رؤوسهم وأبدانهم ، فأوتمت الأولاد ، وأرملت الأزواج .

فقال لي : يا عطية ، سمعت حبيبي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يقول : من أحبّ قوماً حشر معهم ، ومن أحبّ عمل قوم أشرك في عملهم ، احدرني نحو أبيات كوفان .

قال : فلمّا صرنا في بعض الطريق ، قال لي : يا عطية ، هل أوصيك ؟ وما أظنني بعد هذه السفرة ألاقيك ! أحبب محبّ آل محمد صلى الله عليه وآله ما أحبّهم ، وابغض مبغض آل محمد صلى الله عليه وآله ما أبغضهم ، وإن كان صوّاماً قوّاماً(1) .

ص: 216


1- 287. تيسير المطالب في أمالي أبي طالب : 146 رقم 113 ، تنبيه الغافلين لابن كرامة : 90 ، بشارة المصطفى للطبري : 125 ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 2/167 .

ما جرى على قبر سيد الشهداء عليه السلام

إجراء الماء على القبر

وروينا عن هشام بن محمد قال : لمّا أجري الماء على قبر الحسين بن علي عليهما السلام ، نضب بعد الأربعين يوماً ، وامتحى أثر القبر .

جاء أعرابي من بني أسد ، فجعل يأخذ قبضة قبضة ويشمّه حتى وقع على قبر الحسين عليه السلام فشمّه وبكى ، وقال : بأبي وأمّي ، ما كان أطيبك وأطيب تربتك ميتاً !

ثم أنشأ وجعل يقول :

أرادوا ليخفوا قبره عن عداوة * فطيب تراب القبر دلّ على القبر(1)

وكان إجراء الماء على قبر الحسين بن علي عليهما السلام أوّلاً في أيام بني أمية .

ص: 217


1- 288. تاريخ دمشق : 14/245 ، تهذيب الكمال للمزي : 6/444 ، سير أعلام النبلاء للذهبي : 3/317 ، البداية والنهاية : 8/222 ، الدر النظيم للعاملي : 572 ، جواهر المطالب لابن الدمشقي : 2/300 ، كفاية الطالب : 441 .

المتوكّل يجري الماء على القبر ويمنع زيارته

ثم أجرى الماء عليه المتوكّل العباسي ، وكان السبب في ذلك على ما رواه أبو الفرج الإصفهاني في مقاتل الطالبين : أنّه بعث إلى مغنّية فعرّف أنّها غائبة ، وكانت قد زارت قبر الحسين عليه السلام ، وبلغها خبره ، فأسرعت الرجوع ، وبعثت إليه بجارية من جواريها كان يألفها ، فقال لها : أين كنتم ؟

قالت : حجّت مولاتي وأخرجتنا معها ، وكان ذلك في شعبان ، فقال : إلى أين حججتم في شعبان ؟

فقالت : إلى قبر الحسين عليه السلام .

فاستطير غضباً ، وأمر بمولاتها فحبست ، واصطفى أملاكها ، وبعث برجل من أصحابه كان يهودياً يقال له : « الديزج » ، فأسلمه إلى قبر الحسين عليه السلام ، فأمر بكرب قبره ومحوه ، وإخراب كلّما حوله .

فمضى لذلك ، وهدم البناء ، وكرب حوله نحواً من مائتي جريب ، فلمّا بلغ القبر لم يتقدّم إليه ، فأحضر قوماً من اليهود فكربوه ، وأجروا الماء حوله .

ووكّل به مسالح ، بين كلّ مسلحتين ميل(1) ، لا يزوره زائر إلاّ أخذ ، ووجه به إليه(2) .

ص: 218


1- 289. الميل مدّ البصر ، وكلّ ثلاثة أميال فرسخ .
2- 290. مقاتل الطالبيين : 395 « أيام المتوكل » .

زيارة محمد بن الحسين الأشناني

قال الشيخ أبو الفرج : فحدّثني محمد بن الحسين الأشناني ، قال : بعد عهدي بالزيارة في تلك الأيام خوفاً ، ثم عملت على المخاطرة بنفسي فيها ، فساعدني رجل من العطّارين على ذلك .

فخرجنا زائرين ، نكمن النهار ونسير الليل ، حتى أتينا نواحي الغاضرية ، وخرجنا منها نصف الليل ، فصرنا بين مسلحتين ، وقد ناموا حتى أتينا القبر ، فخفي علينا ، فجعلنا نشمّه ونتحرّى جهته ، حتى أتينا وقد قلع الصندوق الذي كان حوليه وأحرق ، وأجرى عليه الماء ، فانخسف موضع اللبن ، فصار كالخندق ، فزرناه وأكببنا عليه ، فشممت منه رائحة ما شممت مثلها لشي ء من الطيب .

فقلت للعطار الذي كان معي : أيّ رائحة هذه ؟

فقال : واللَّه ما شممت مثلها قطّ من الطيب .

فودّعناه ، وجعلنا حول القبر علامات في عدّة مواضع .

فلمّا قتل المتوكّل اجمتعنا مع جماعة من الطالبيين والشيعة حتى صرنا إلى القبر ، فأخرجنا تلك العلامات وأعدناه إلى ما كان عليه(1) .

عمارة المشهد الحسيني

ثم لمّا قام الداعي إلى اللَّه محمد بن زيد الحسني عليه السلام أمر بعمارة المشهدين : مشهد أمير المؤمنين ، ومشهد الحسين - عليهما الصلاة والسلام - .

ص: 219


1- 291. مقاتل الطالبيين : 396 « أيام المتوكل » .

وقيل : إنّه أنفق في عمارتهما عشرين ألف درهم .

وبلغ عضد الدولة الغاية في تعظيمهما وعمارتهما والأوقاف عليهما ، وكان يزور كلّ سنة(1) .

ص: 220


1- 292. المناقب لابن شهرآشوب : 3/92 ، الكامل في التاريخ : 5/516 ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 2/48 .

المراثي

مولى بني العباس يعيّرهم على قبيح أفعاليهم

ولقد عيّر بني العباس ، ونعى عليهم قبيح أفعالهم في تخريب قبر الحسين بن علي عليهما السلام مولاهم أبو الحسين علي بن العباس الرومي حيث يقول :

فلم يقنعوا حتى استثارت قبورهم * كلابهم منها بهيم وديزج

وهي قصيدة طويلة يذكر فيها فضل أهل البيت ومثالب بني العباس ، ونحن نذكرها كاملة إن شاء اللَّه - تعالى - في آخر هذا الكتاب(1) .

ص: 221


1- 293. مقاتل الطالبيين : 428 : وهي : أمامك فانظر أي تهيجك تتهج * طريقان شتى مستقيم وأعوج ألا أيهذا الناس طال ضريركم * بآل رسول اللَّه فاخشوا أو ارتجوا أكل أوان للنبي محمد * قتيل زكي بالدماء مضرج تبيعون فيه الدين شرّ أئمة * فللَّه دين اللَّه قد كاد يمرج لقد الحجوكم في حبائل فتنة * وللمحجوكم في الحبائل الحج بني المصطفى كم يأكل الناس شلوكم * لبلواكم عما قليل مفرج أما فيهم راع لحق نبيه * ولا خائف من ربه يتحرج لقد عمهوا ما انزل اللَّه فيكم * كأنّ كتاب اللَّه فيهم ممجمج ألا خاب من أنساه منكم نصيبه * متاع من الدنيا قليل وزبرج أبعد المكنى بالحسين شهيدكم * تضاء مصابيح السماء فتسرج لنا وعلينا ، لا عليه ولا له * تسجسج أسراب الدموع وتنشج وكيف نبكي فائزاً عند ربّه * له في جنان الخلد عيش مخرفج فإن لا يكن حيّاً لدينا فإنّه * لدى اللَّه حي في الجنان مزوج وقد نال في الدنيا سناء وصية * وقام مقاما لم يقمه مزلج شوى ما أصابت أسهم الدهر بعده * هوى ماهوى أو مات بالرمل بحزج وكنّا نرجيه لكشف عماية * بأمثاله أمثالها تتبلج فساهمنا ذو العرش في ابن نبيه * ففاز به واللَّه أعلى وافلج مضى ومضى الفراط من أهل بيته * يوم بهم ورد المنية منهج فأصبحت لأهم ابسئوني بذكره * كما قال قبلي في البسوء مؤرج ولا هو نساني أساي عليهم بلى هاجه والشجو للشجو أهيج أبيت إذا نام الخلي كأنّما تبطن أجفاني سيال وعوسج أيحيى العلا لهفي لذكراك لهفه يباشر مكواها الفؤاد فينضج أحين تراءتك العيون جلاءها واقذاءها أضحت مراثيك تنسج بنفسي وإن فات الفداء بك الردى محاسنك اللاتي تمخ فتنهج لمن تستجد الأرض بعدك زينة فتصبح في أثوابها تتبرج سلام وريحان وروح ورحمة عليك وممدود من الظل سجسج ولا برح القاع الذي أنت جاره يرف عليه الأقحوان المفلج ويا أسفي ألا ترد تحية سوى أرج من طيب رمسك يأرج ر؛ ألا إنّما ناح الحمائم بعدما ثويت وكانت قبل ذلك تهزج أذم إليك العين إنّ دموعها تداعي بنار الحزن حين توهج وأحمدها لو كفكفت من غروبها عليك وخلت لاعج الحزن يلعج وليس البكا أن تسفح العين إنّما أحر البكاءين البكاء المولج أتمنعني عيني عليك بعبرة وأنت لأذيال الروامس مدرج فإن إلى أن يدفن القلب داءه ليقتلني الداء الدفين لاحوج عفاء على دار ظعنت لغيرها فليس بها للصالحين معرج ألا أيّها المستبشرون بيومه أظلّت عليكم غمّة لا تفرج أكلكم أمسى اطمأن مهاده بأن رسول اللَّه في القبر مزعج فلا تشمتوا وليخسأ المرء منكم بوجه كأن اللون منه اليرندج فلو شهد الهيجا بقلب أبيكم غداة التقى الجمعان والخيل تمعج لاعطى يد العاني أو أرمد هارباً كما أرمد بالقاع الظليم المهيج ولكنّه ما زال يغشى بنحره شبا الحرب حتى قال ذوالجهل أهوج وحاشا له من تلكم غير أنّه أبى خطه الأمر التي هي أسمج وأين به عن ذاك لا أين إنّه إليه بعرقيه الزكيين محرج كدأب علي في المواطن قبله أبي حسن والغصن من حيث يخرج كأنّي به كالليث يحمي عرينه وأشباله لا يزدهيه المهجهج كأنّي أراه والرماح تنوشه شوارع كالاشطان تدلّى وتخلج كأنّي أراه إذ هوى عن جواده وعفر بالترب الجبين المشجج فحب به جسماً إلى الأرض إذ هوى وحب بها روحاً إلى اللَّه تعرج أأرديتم يحيى ولم يطو ايطل طراداً ولم يدبر من الخيل منسج تأتت لكم فيه منى السوء هينة وذاك لكم بالغي أغرى والهج ر؛ تمدون في طغيانكم وضلالكم ويستدرج المغرور منكم فيدرج اجنوا بني العباس من شنآنكم وشدّوا على ما في العياب واشرجوا وخلوا ولاة السوء منكم وغيهم فأحر بهم أن يغرقوا حيث لججوا نظار لكم أن يرجع الحقّ راجع إلى أهله يوماً فتشجوا كما شجوا على حين لا عذري لمعتذريكم ولا لكم من حجة اللَّه مخرج فلا تلقحوا الآن الضغائن بينكم وبينهم إن اللواقح تنتج غررتم إذا صدقتم أن حالة تدوم لكم والدهر لونان اخرج لعل لهم في منطوى الغيث ثائراً سيسمو لكم والصبح في الليل مولج بمجر تضيق الأرض من زفراته له زجل ينفي الوحوش وهزمج إذا شيم بالأبصار أبرق بيضه بوارق لا يسطيعهن المحمج توامضه شمس الضحى فكأنّما يرى البحر في اعراضه يتموج له وقدة بين السماء وبينه تلم به الطير العوافي فتهرج إذا كرّ في أعراضه الطرف أعرضت حراج تحار العين فيها فتحرج يؤيده ركنان ثبتان رجلة وخيل كإرسال الجراد واوثج عليها رجال كالليوث بسالة بأمثالهم بثنى الابي فيعنج تدانوا فما للنفع فيهم خصاصة تنفسه عن خيلهم حين ترهج فلوا حصبتهم بالفضاء سحابة لظلّ عليهم حصبها يتدحرج كأنّ الزجاج اللهذميات فيهم فتيل بأطراف الرديني مسرج يود الذي لاقوه أن سلاحه هنالك خلخال عليه ودملج فيدرك ثار اللَّه أنصار دينه وللَّه أوس آخرون وخزرج وتظعن خوف السبي بعد إقامة ظعائن لم يضرب عليهن هودج ويقضي إمام الحقّ فيكم قضاءه تماماً وما كلّ الحوامل تخدج ر؛ وقد كان في يحيى مذمر خطة وناتجها لو كان في الأمر منتج هنالكم يشفي تبيغ جهلكم إذا ظلّت الأعناق بالسيف تودج محضتكم نصحي وإنّي بعدها لاعنق فيما ساءكم واهملج مه لا تعادوا غرّة البغي بينكم كما يتعادى شعلة النار عرفج أفي الحقّ أن يمسوا خماصاً وأنتم يكاد أخوكم بطنه يتبعج تمشون مختالين في حجراتكم ثقال الخطا أكفالكم تترجرج وليدهم بادي الطوى ووليدكم من الريف ريان العظام خدلج تذودونهم عن حوضهم بسيوفكم ويشرع فيه أرتبيل وابلج فقد ألجمتهم خيفة القتل عنكم وبالقوم جاج في الحيازم حوج بنفسي الألى كظتهم حسراتكم فقد علزوا قبل الممات وحشرجوا ولم تقنعوا حتى استثارت قبورهم كلابكم منها بهيم وديزج وعيرتموهم بالسواد ولم يزل من العرب الامحاص أخضر أدعج ولكنّكم زرق يزين وجوهكم بنى الروم ألوان من الروم نعج لئن لم تكن بالهاشميين عاهة لما شكلكم تاللَّه إلّا المعلهج بآية ألا يبرح المرء منكم يكب على حر الجبين فيعفج يبيت إذا الصهباء روت مشاشه يساوره علج من الروم أعلج فيطعنه في سبة السوء طعنة يقوم لها من تحته وهو أفحج لذاك بني العباس يصبر مثلكم ويصبر للموت الكمي المدجج فهل عاهة إلّا كهذي وإنّكم لأكذب مسؤول عن الحقّ يلهج فلا تجلسوا وسط المجالس حسّراً ولا تركبوا إلّا ركائب تحدج أبى اللَّه إلّا أن يطيبوا وتخبثوا وأن يسبقوا بالصالحات ويفلجوا وإن كنتم منهم وكان أبوكم أباهم فإن الصفو بالرنق يمزج ر؛ أروني امرأ منهم يزن بأبنة ولا تنطقوا البهتان والحقّ أبلج لعمري لقد أغرى القلوب ابن طاهر ببغضائكم ما دامت الريح تنأج سعى لكم مسعاة سوء ذميمة سعى مثلها مستكره الرجل أعرج فلن تعدموا ما حنت النيب فتنة تحش كما حشي الحريق المؤجج وقد بدأت لو تزجرون بريحها بوائجها من كلّ أوب تبوج بني مصعب ما للنبي وأهله عدو سواكم أفصحوا أو فلجلجوا دماء بني عباسكم وعليهم لكم كدماء الترك والروم تهرج يلي سفكها العوران والعرج منكم وغوغاءكم جهلاً بذلك تبهج وما بكم أن تنصروا أولياءكم ولكن هنات في الصدور تأجج ولو أمكنتكم في الفريقين فرصة لقد أظهرت أشياء تلوي وتحنج إذن لاستقدتم منهما وتر فارس وإن ولياكم فالوشائج أوشج أبى أن تحبّوهم يد الدهر ذكركم ليالي لا ينفك منكم متوج وإنّي على الإسلام منكم لخائف بوائق شتى بابها الآن مرتج وفي الحزم أن يستدرك الناس أمركم وحبلهم مستحكم العقد مدمج نظار فإنّ اللَّه طالب وتره بني مصعب لن يسبق اللَّه مدلج لعل قلوباً قد أطلتم غليلها ستظفر منكم بالشفاء فتثلج

ص: 222

ص: 223

ص: 224

ص: 225

رثاء سليمان بن قتة

ولسليمان بن قتة يرثي الحسين بن علي عليهما السلام :

فإنّ قتيل الطف من آل هاشم * أذلّ رقاباً من قريش فذلّت

فإن تتبعوه عائذ البيت تصبحوا * كعاد تعمّت عن هداها فضلّت

مررت على أبيات آل محمد * فألفيتها أمثالها حيث حلّت

وكانوا لنا غنماً فأمسوا رزية * لقد عظمت تلك الرزايا وجلّت

ص: 226

فلا يبعد اللَّه الديار وأهلها * وإن أصبحت منهم برغمي تخلّت

إذا افتقرت قيس جبرنا فقيرها * وتقتلنا قيس إذا النعل زلّت

وعند غني قطرة من دمائنا * سنجزيهم يوماً بها حيث حلّت

ألم تر أنّ الأرض أضحت مريضة * لفقد حسين والبلاد اقشعرت(1)

رثاء أبي الأسود الدؤلي

ولأبي الأسود الدؤلي :

أقول وزادني جزعاً وغيظا * أزال اللَّه ملك بني زياد

وأبعدهم كما غدروا وخانوا * كما بعدت ثمود وقوم عاد

ولا رجعت ركابهم إليهم * إذا قفّت إلى يوم التناد(2)

رثاء عوف بن عبد اللَّه

وأنشد عوف بن عبد اللَّه بن الأحمر قصيدة طويلة يحرّض فيها الشيعة على القيام على قتلة الحسين بن علي عليهما السلام ويرثيه فيها ، أولها :

ص: 227


1- 294. الاستيعاب لابن عبد البر : 1/394 ، نظم درر السمطين للزرندي : 226 ، تاريخ دمشق : 14/259 ، تهذيب الكمال للمزي : 6/447 ، سير أعلام النبلاء للذهبي : 3/218 ، تاريخ الإسلام للذهبي : 5/108 ، الوافي بالوفيات : 12/266 ، جواهر المطالب لابن الدمشقي : 2/306 ، جواهر العقدين للسمهودي : 2/333 ، ترجمة الإمام الحسين عليه السلام من طبقات ابن سعد : 92 .
2- 295. المعجم الكبير للطبراني : 3/118 رقم 2853 ، نظم درر السمطين للزرندي : 225 ، تاريخ دمشق : 37/451 .

صحوت وودّعت الصبا والغوانيا * وقلت لأصحابي أجيبوا المناديا

وقولوا له إذ قام يدعو إلى الهدى * وقتل العدا لبيك لبيك داعيا

وقودوا إلى الأعداء كلّ طمرّة * عيوف وقودوا السابحات المذاكيا

وسيروا إلى القوم المخلّين حسبة * وهزّوا الحراب نحوهم والعواليا

ألسنا بأصحاب الخريبة والأولى * قتلنا بها التيمي حران باغيا

ونحن سمونا لابن هند بجحفل * كركن دبا ترجى إليه الدواهيا

فلمّا التقينا بيّن الضرب أيّنا * بصفين كان الأضرع المتفاديا

دلفنا فأفلينا صدورهم بها * غداة إذ زرقاً ظماء صواديا

وملنا رجالاً بالسيوف عليهم * نشقّ بها هاماتهم والتراقيا

فذدناهم من كلّ وجه وجانب * وحزناهم حوز الرّعاء المتاليا

زويناهم حتى أزلنا صفوفهم * فلم نر إلّا مستخفّا وكابيا

وحتى ظللت ما أرى من معقل * وأصبحت القتلى جميعاً ورائيا

وحتى أعاذوا بالمصاحف واتقوا * بها وقعات يختطفن المحاميا

فدع ذكر ذا لا تيأسن من ثوابه * وتب واعن للرحمن إن كنت عانيا

ألا وانع خير الناس جدّاً ووالداً * حسيناً لأهل الدين إن كنت ناعيا

ليبك حسيناً كلّ ما ذرّ شارق * وعند غسوق الليل من كان باكيا

ليبك حسيناً من رعى الدين والتقى * وكان لتضعيف المثوبة راجيا

ليبك حسيناً كلّ غان ويائس * وأرملة لم تعدم الدهر لاحيا

ليبك حسيناً مملق ذو خصاصة * عديم وأيتام تشكى المواليا

لحا اللَّه قوماً أشخصوه وغرورا * فلم ير يوم البأس منهم محاميا

ولا موفياً بالوعد إذ حمّس الوغى * ولا زاجراً عنه المضلّين ناهيا

ص: 228

ولا قائلاً لا تقتلوه فتسحتوا * ومن يقتل الزاكين يلقى المخازيا

فلم يك إلّا ناكثاً أو مقاتلاً * وذا فجرة يسعى عليه معاديا

سوى عصبة لم يعظم القتل عندهم * يشبّهها الراؤن أسداً ضواريا

وقوه بأيديهم وحرّ وجوههم * وباعوا الذي يفنى بما كان باقيا

وأضحى حسين للرماح درية * فغودر مسلوباً لدى الطفّ ثاويا

قتيلاً كأن لم يغن بالناس ليلة * جزى اللَّه قوماً أسلموه الجوازيا

فيا ليتني إذ ذاك كنت شهدته * فضاربت عنه الشانئين الأعاديا

ودافعت عنه ما استطعت مجاهداً * وأعملت سيفي فيهم وسنانيا

ولكن قعدت في معاشر ثبّطوا * وكان قعودي ضلّة من ضلاليا

فما تنسني الأيام من نكباتها * فإنّي لن ألفى له الدهر ناسيا

ويا ليتني غودرت فيمن أجابه * وكنت له من مفظع القتل فاديا

ويا ليتني أخطرت عنه بأسرتي * وأهلي وخلاني جميعاً وماليا

سقى اللَّه قبراً ضمّن المجد والتقى * بغربيّة الطف الغمام الغواديا

فتى حين سيم الخسف لم يقبل التي * تذلّ العزيز أو تجرّ المخازيا

ولكن مضى لم يملأ الموت نحره * فبورك مهدياً شهيداً وهاديا

ولو أن صدّيقاً تزيل وفاته * حصون البلاد والجبال الرواسيا

لزالت جبال الأرض من عظم فقده * وأضحى له الحصن المجصص خاويا

وقد كسفت شمس الضحى لمصابه * وأضحت له الأفاق حمراً بواديا

فيا أمّة تاهت وضلّت عن الهدى * أنيبوا فأرضوا الواحد المتعاليا

وتوبوا إلى التوّاب من سوء صنعكم * وإلّا تتوبوا تلقوا اللَّه عاتيا

وكونوا شراة بالسيوف وبالقنا * تفوزوا وقدماً فاز من كان شاريا

ص: 229

وفتيان صدق دون آل نبيهم * أصيبوا وهم كانوا الولاة الأدانيا

وإخواننا الأولى إذا الليل جنّهم * تلوا طول الفرقان ثم المثانيا

أصابهم أهل الشناءة والعدى * فحتى متى لا نبعث الجيش غازيا

وحتى متى لا أعتلي بمهنّد * قذال ابن وقّاص وأدرك ثأريا

وإنّي زعيم إن تراخت منيتي * بيوم لهم منّا يشيب النواصيا(1)

مجموع من قتل بسبب الحسين عليه السلام

وذلك أيام التوابين من الشيعة على خذلان الحسين عليه السلام ، وهم عشرة آلاف رجل تقدّموا من البصرة والكوفة والمدائن حتى لقوا جنود بني أمية ، وقتلوا منهم أُلوفاً كثيرة ، وقتلوا - رحمهم اللَّه - بعين الوردة .

وجميع من أحصي من القتلى بسبب الحسين بن علي عليهما السلام في الأيام المروانية إلى سبعين ألفاً مع التوابين والمختار وابن الأشعث .

وروى السيد أبو الحسين يحيى بن الحسن العقيقي الحسيني رحمه الله بإسناده عن ابن عباس قال : أوحى اللَّه إلى نبيه صلى الله عليه وآله فيما أوحى إليه : إنّي قتلت بدم يحيى بن زكريا سبعين ألفاً ، وأنّي أقتل بدم الحسين بن بنتك سبعين ألفاً وسبعين ألفاً(2) .

ص: 230


1- 296. الفتوح لابن أعثم : 6/211 .
2- 297. شرح الأخبار للقاضي النعمان: 3/168 ح 1112، المناقب لابن شهرآشوب: 3/234 ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 2/96 ، المستدرك للحاكم : 2/290 و592 و3/178، كنز العمال للهندي: 12/127 رقم 34320، تفسير القرطبي: ر؛ 10/219 ، الدر المنثور : 4/264 ، الصواعق المحرقة : 3/31 ، تاريخ دمشق : 14/225 و64/216 ، تهذيب الكمال للمزي : 6/431 ، تذكرة الحفاظ للذهبي : 1/77 ، ميزان الاعتدال للذهبي : 3/368 ، تهذيب التهذيب لابن حجر : 2/305 ، البداية والنهاية : 8/219 ، إمتاع الأسماع للمقريزي : 12/274 ، اعلام الورى : 1/429 ، قصص الراوندي : 221 ، كشف الغمة للأربلي : 2/274 ، كشف اليقين للحلّي : 306 ، سبل الهدى والرشاد للشامي : 11/81 ، تذكرة الخواص لابن الجوزي : 280 ، البغية لابن العديم : 6/2596 .

نوح الجن

وروى بإسناده أيضاً عن بعضهم : أنّه سمع جنّية تنوح على الحسين عليه السلام وهي تقول :

أبكي ابن فاطمة الذي * من موته شاب الشعر

ولقتله زلزلتم * ولقتله كسف القمر(1)

***

وكان أهل المدينة يسمعون نوح الجن على الحسين بن علي عليهما السلام حين أصيب ، وجنّية تقول :

ألا يا عين فاحتفلي بجهدي * ومن يبكي على الشهداء بعدي

على رهط تقودهم المنايا * إلى متجبّر في ملك عبد(2)

ص: 231


1- 298. شرح الأخبار للقاضي النعمان : 3/168 ح 1108 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/219 ، كامل الزيارات لابن قولويه : 195 ح 275 .
2- 299. شرح الأخبار للقاضي النعمان : 3/167 ح 1107 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3/219 ، مجمع الزوائد : 9/199 ، أمالي الصدوق : 203 مج 29 ح 218 ، روضة الواعظين للفتال : 170 ، تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل : 2/157 ، ر؛ كامل الزيارات لابن قولويه : 189 باب 29 ح 268 ، مثير الأحزان لابن نما : 87 ، الهواتف لابن أبي الدنيا : 87 رقم 119 ، المعجم الكبير للطبراني : 3/122 ، تاريخ دمشق : 14/241 ، تهذيب الكمال للمزي : 6/441 ، سبل الهدى والرشاد للشامي : 11/76 .

وكان من نوحهم عليه عليه السلام :

مسح الرسول جبينه * فله بريق في الخدود

أبواه من عليا قري * -ش جدّه خير الجدود(1)

زحفوا إليه بجمعهم * وأولئكم شرّ الجنود

قتلوا تقيّاً زاكياً * لا أسكنوا دار الخلود(2)

***

ومن ذلك قول بعضهم :

ستبكيك نساء الجنّ

يبكين شجيات

ويخمشن وجوهاً كالد

نانير نقيات

ص: 232


1- 300. كامل الزيارات لابن قولويه : 192 باب 29 ح 270 ، المعجم الكبير للطبراني : 3/121 ، مجمع الزوائد : 9/199 ، تهذيب الكمال للمزي : 6/441 ، سير أعلام النبلاء للذهبي : 3/317 ، تاريخ الإسلام للذهبي : 5/18 ، الدر النظيم للعاملي : 569 ، اللهوف لابن طاووس : 114 ، كشف الغمة للأربلي : 2/268 ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 2/96 ، تذكرة الخواص لابن الجوزي : 269 ، كفاية الطالب : 443 ، معارج الوصول للزرندي : 99 .
2- 301. مناقب أمير المؤمنين عليه السلام للكوفي : 2/229 ح 693 ، نظم درر السمطين للزرندي : 223 ، تاريخ دمشق : 14/242 ، البداية والنهاية : 8/218 ، جواهر المطالب لابن الدمشقي : 2/297 ، سبل الهدى والرشاد للشامي : 11/75 ، تذكرة الخواص : 242 .

ويلبسن ثياب السو

د بعد العصيبات(1)(2)

* * *

رثاء الكميت

وللكميت بن زيد(3) من قصيدة ، ذكر فيها الحسين عليه السلام فقال :

ومن أعظم الأحداث كانت مصيبة * علينا قتيل الأدعياء الملحّب

قتيل بجنب الطف من آل هاشم * فيالك لحم ليس عنه مذبّب

ومنعفر الخدين من آل هاشم * ألا حبّذا ذاك الجبين المترّب

صريع كأنّ الولّه النكد حوله * يطفن به شمّ العرانين ربرب(4)

* * *

ص: 233


1- 302. في المصادر : « القصيبات » .
2- 303.تذكرة الخواص لابن الجوزي : 242 ، مثير الأحزان لابن نما : 87 .
3- 304. الكميت بن زيد بن خنس الأسدي ( 60 - 126 ه ) أبو المستهل : شاعر الهاشميين ، من أهل الكوفة ، اشتهر في العصر الأموي ، وكان عالماً بآداب العرب ولغاتها وأخبارها وأنسابها ، ثقة في علمه ، منحازاً إلى بني هاشم ، كثير المدح لهم . وهو من أصحاب الملحمات ، أشهر شعره « الهاشميات » ، وهي عدّة قصائد في مدح الهاشميين ، ترجمت إلى الألمانية ، ويقال : إنّ شعره أكثر من خمسة آلاف بيت . قال أبو عبيدة : لو لم يكن لبني أسد منقبة غير الكميت ، لكفاهم . وقال أبو عكرمة الضبي : لولا شعر الكميت لم يكن للغة ترجمان . اجتمعت فيه خصال لم تجتمع في شاعر : كان خطيب بني أسد ، وفقيه الشيعة ، وكان فارساً شجاعاً ، سخياً ، رامياً لم يكن في قومه أرمى منه . . ( الأعلام للزركلي : 5/233 ) .
4- 305. القصائد الهاشميات « الروضة المختارة » : 42 .

وله من أخرى ، وذكر فيها الحسين بن علي عليهما السلام وأهله ، فقال :

وشجو لنفسي لم أنسه * بمعركة الطفّ فالمجنب

كأنّ خدودهم الواضحا * ت بين المجرّ إلى المسحب

صفائح بيض جلتها القيو * ن ممّا تخيرن من يثرب(1)

* * *

وله قصائد الهاشميات خمسمائة وبضعة وسبعون بيتاً يذكر فيها الحسين عليه السلام ، وقتله ، ولم يجسر أحد من شعراء الشيعة يرثيه خيفة من بني أمية إلّا الكميت ، وأبو دهبل وهب الجمحي(2) ، وكثّير بن كثير السهمي .

رثاء محمد بن عبد اللَّه الجعفري

ولأبي طالب محمد بن عبد اللَّه الجعفري :

لي نفس تحبّ في اللَّه والل*ه حسيناً ولا تحبّ يزيدا

يا ابن أكّالة الكبود لقد ان*ضجت من لابسي الكساء الكبودا

أيّ هول ركبت عذّبك الرح*من في ناره عذاباً شديدا

لهف نفسي على يزيد وأشيا*ع يزيد ضلّوا ضلالاً بعيدا

ص: 234


1- 306. القصائد الهاشميات « الروضة المختارة » : 77 .
2- 307. أبو دهبل الجمحي ( ت 63 ه ) : وهب بن زمعة بن أسد ، من أشراف بني جمح بن لؤي بن غالب ، من قريش : أحد الشعراء العشاق المشهورين ، من أهل مكة . قال المرتضى : هو « من شعراء قريش ، وممّن جمع إلى الطبع التجويد » . في شعره رقّة وجزالة ، وله « ديوان شعر » من رواية الزبير بن بكار ، وكان صالحاً ، وتوفي بعليب ، وفي معجم البلدان : عليب ، موضع بتهامة . . ( الأعلام للزركلي : 8/125 ) .

يا أبا عبد اللَّه يا بن رسول ال*له يا أكرم البرية عودا

ليتني كنت يوم كنت فأمسي*فيك في كربلا قتيلاً شهيدا

رثاء منصور بن سلمة

ولمنصور بن سلمة بن الزبرقان النمري(1) :

شاء من الناس راتع هامل * يعلّلون الناس بالباطل

تقتل ذريّة النبي وير * جون دخول الجنان للقاتل

ويلك يا قاتل الحسين لقد * بؤت بحمل يميل بالحامل

ص: 235


1- 308. منصور بن سلمة بن الزبرقان بن شريك بن مطعم الكبش الرخم ابن مالك النمري من النمر بن قاسط من نزار ، هكذا نسبه المرزباني في تلخيص أخبار شعراء الشيعة . وفي أنساب السمعاني هكذا: أبوالفضل منصور بن سلمة بن الزبرقان بن شريك بن مطعم الكبش الرخم بن مالك بن سعد بن عامر الضحيان بن سعد بن الخزرج بن تيم اللَّه بن النمر بن قاسط بن وهب بن أقصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار الشاعر . قال السمعاني : وقيل : هو منصور بن الزبرقان بن سلمة النمري . ثم قال : وإنّما سمّي جدّه الأعلى عامر الضحيان ، لأنّه كان سيد قومه وحاكمهم ، فكان يجلس لهم إذا أضحى النهار ، فسمّي الضحيان . وسمّي جدّ منصور مطعم الكبش الرخم ، لأنّه أطعم ناساً نزلوا به ونحر لهم ، ثم رفع رأسه فإذا هو برخم تحوم حول أضيافه ، فأمر بأن يذبح لهن كبش ، ويرمى به لهن ، ففعل ذلك ونزلت عليه فمزقته ، فسمّي مطعم الكبش الرخم . ذكره ابن شهرآشوب في معالم العلماء في شعراء الشيعة المتّقين ، لأنّه قال : هم أربع طبقات : المجاهرون والمقتصدون والمتّقون والمتكلّفون ، وقد أمر هارون العباسي بنبش قبره . قال المرزباني : كان عربي الألفاظ جيد الشعر . (انظر : أعيان الشيعة : 10/138 ) .

أيّ حباء حبوت أحمد في

حفرته من حرارة الثاكل

بأيّ وجه تلقى النبي وقد

دخلت في قتله مع القاتل

تعال فاطلب غدا شفاعته

أولا فرد حوضه مع الناهل

ما الشك عندي في حال قاتله

ولا أراني أشكّ في الخاذل

نفسي فداء الحسين حين غدا

إلى المنايا غدو لا قافل

ذلك يوم أنحى بشفرته

على سنام الإسلام والكاهل

يا عاذلي إنّني أحبّ بني أح

-مد فالترب في فم العاذل

كم ميّت منهمو بغصته

مغترب القبر بالعرا نازل

ما انتحبت حوله قرابته

عند مقاساة يومه الباسل

أذكر منهم ومن أصابهم

فيمنع الصلب سلوة الذاهل

مظلومة والنبي والدها

تدير أرجاء مقلة حافل

ألا مصاليت يغضبون لها

بسلّة البيض والقنا الذابل

قد ذقت ما أنتم عليه فما

رجعت من دينكم إلى طائل

من دينكم جفوة النبي وما ال

-جافي لآل النبي كالواصل(1)

ص: 236


1- 309. مقاتل الطالبيين : 347 ، أمالي المرتضى : 4/187 ، تاريخ بغداد : 13/69 . قال ابن حجر في لسان الميزان : 6/95 : يكنى أبا الفضل كان شيعياً جدّاً ، ذكره ابن المعتز في معجم الشعراء ، وأنشد له من قصيدة طويلة في أهل البيت ، ثم ذكر أبياتاً من هذه القصيدة . وقال السمعاني في الأنساب بعد أن روى قصة هذه الأبيات : 5/526 : فغضب الرشيد من ذلك غضباً شديداً ، وقال للفضل بن الربيع : أحضره الساعة ، فبعث الفضل في ذلك ، فوجده قد توفي ، فأمر بنبشه ليحرقه ، فلم يزل الفضل يلطف له حتى كفّ عنه .

رثاء الشريف الرضي

وقال الشريف الرضي محمد بن الحسين الحسيني عليه السلام :

ولقد حبست على الديار عصابة

مضمومة الأيدي إلى أكبادها

حسرى تجاذب بالبكاء عيونها

وتعطّ بالزفرات من أبرادها

وقفوا بها حتى كأنّ مطيّهم

كانت قوائمهن من أوتادها

هل تطلبون من النواظر بعدكم

شيئاً سوى عبراتها وسهادها

شغل العيون عن البكاء بكاؤنا

لبكاء فاطمة على أولادها

أترى درت أنّ الحسين طريدة

لقنا بني الطرداء عند ولادها

كانت مآتم بالعراق تعدّها

أموية بالشام من أعيادها

ما راقبت غضب النبي وقد غدا

زرع النبي مظنّة لحصادها

جعلت رسول اللَّه من خصمائها

فلبئس ما ذخرت ليوم معادها

نسل النبي على صعاب مطيّها

ودم النبي على رؤوس صعادها

والهفتاه لعصبة علويّة

تبعت أمية بعد عزّ قيادها

جعلت عران الذلّ في آنافها

وعلاط وسم الضيم في أجيادها

استأثرت بالأمر من غيّابها

وقضت بما شاءت على شهادها

طلبت تراث الجاهلية عندها

وشفت قديم الغلّ من أحقادها

زعمت بأنّ الدين سوّغ قتلها

أو ليس هذا الدين عن أجدادها

اللَّه سابقكم إلى أرواحها

وكسبتم الآثام في أجسادها

أخذت بأطراف الفخار فعاذر

أن يصبح الثقلان من حسادها

ص: 237

تروي مناقب فضلها أعداؤها

أبداً وتسنده إلى أضدادها

قف بي ولو لوث الإزار وإنّما

هي مهجة علق الهوى بفؤادها

القفر من أوراقها والطير من

طرّاقها والوحش من عوّادها

يا عترة اللَّه اغضبي لنبيه

وتزحزحي بالبيض عن أغمادها

بالطفّ حيث غدا مراق دمائها

ومناخ أينقها ليوم جلادها

هذا المقال وما بلغت وإنّما

هي حلبة خلعوا عذار جوادها

أأقول جادكم الربيع وأنتم

في كلّ منزلة ربيع بلادها

أغنى ضياء الشمس عن أوصافها

بضيائها وحلالها وبعادها(1)

* * *

ص: 238


1- 310. المناقب لابن شهرآشوب : 3/268 .

الفهرست

المقدّمة5

الكتاب وعملنا فيه19

الحسين بن علي عليهما السلام21

مراسيم الولادة21

رؤيا أم الفضل22

نزول جبرئيل باسمه من اللَّه23

صفته عليه السلام24

ذكر طرف من مناقبه عليه السلام25

نعم المطي مطيّكما ونعم الراكبان أنتما26

حديث العوسجة المباركة26

يأمر اللَّه بهم الى الجنة والناس ينظرون28

حسين منّي وأنا من حسين29

قول المأمون في مقتل أمير المؤمنين والحسين عليهما السلام29

وصية النبي صلى الله عليه وآله بهما قبل الوفاة32

ص: 239

بيعته عليه السلام ومدّة ظهوره وانتصابه بالأمر35

خطبته عليه السلام لمّا أراد الخروج الى العراق35

كتابه عليه السلام الى محمد بن الحنفية37

لقاء الطرمّاح في زبالة38

النزول في كربلاء39

لقاء الفرزدق الشاعر44

لقاء عبد اللَّه بن مطيع العدوي45

خطبته عليه السلام قبل النهوض للعدو46

رسل أهل الكوفة وإرسال مسلم عليه السلام46

خروج مسلم عليه السلام الى الكوفة47

مجي ء ابن زياد الى الكوفة70

قصة معقل71

تحوّل مسلم عليه السلام الى منزل هاني76

كتاب مسلم الى الحسين عليهما السلام76

حبس هاني بن عروة76

خروج مسلم عليه السلام بجيشه الى القصر77

شهادة مسلم عليه السلام وهاني78

اعتراض الحرّ81

النزول في كربلاء82

ص: 240

أولاده عليه السلام85

علي الأكبر عليه السلام85

عبد اللَّه بن الحسين عليهما السلام86

علي الأصغر عليه السلام86

جعفر88

إبراهيم ومحمد88

العقب من ولد الحسين عليه السلام89

بنات الحسين عليه السلام89

فاطمة89

سكينة90

مقتله عليه السلام وموضع قبره وما يتّصل بذلك91

إخبار النبي صلى الله عليه وآله بمقتله عليه السلام91

خطبة الحسين عليه السلام يوم عاشوراء94

الحسين عليه السلام يدعو عمر بن سعد96

بدء القتال99

شهداء الطف101

سيد الشهداء الحسين بن علي عليهما السلام101

العباس بن علي عليهما السلام102

جعفر بن علي عليهما السلام102

ص: 241

عبد اللَّه بن علي عليهما السلام103

محمد بن علي عليهما السلام104

أبو بكر بن علي عليهما السلام104

عثمان بن علي عليهما السلام105

علي الأكبر عليه السلام105

عبد اللَّه بن الحسين عليهما السلام106

علي بن الحسين السجاد عليه السلام109

أبو بكر بن الحسن عليهما السلام111

عبد اللَّه بن الحسن عليهما السلام111

القاسم بن الحسن عليهما السلام112

عون بن عبد اللَّه بن جعفر112

محمد بن عبد اللَّه بن جعفر113

موقف عبد اللَّه بن جعفر113

جعفر بن عقيل عليهما السلام114

عبد الرحمن بن عقيل عليهما السلام115

عبد اللَّه بن عقيل عليهما السلام115

مسلم بن عقيل عليهما السلام116

عبد اللَّه بن مسلم عليهما السلام138

محمد بن أبي سعيد139

ص: 242

سليمان مولى الحسين عليه السلام139

منجح مولى الحسن عليه السلام140

قارب الدئلي مولى الحسين عليه السلام140

الحارث بن النبهان140

عبد اللَّه بن يقطر140

شهداء من بني أسد141

شهداء من بني غفار143

شهداء من بني تميم146

شهداء من بني سعد بن بكر147

شهداء من بني تغلب149

شهداء من بني قيس بن ثعلبة150

شهداء من بني عبد القيس - البصرة152

شهداء من الأنصار155

شهداء من بني الحارث بن كعب158

شهداء من خثعم158

شهداء من عيذ اللَّه160

شهداء من طي160

شهداء من مراد161

شهداء من بني شيبان163

ص: 243

شهداء من بني حنيفة164

شهداء من الجوان166

شهداء من صداء167

شهداء من كلب167

شهداء من كندة168

شهداء من قيس بجيلة171

شهداء من حرقة جهينة173

شهداء من الأزد174

شهداء من همدان176

ارتثّ من همدان181

شهداء من حضرموت183

قعنب بن عمر النمري185

شهادة الهفهاف الراسبي185

بعد الشهادة187

جراحات الحسين عليه السلام وإصاباته187

رضّ جثّته عليه السلام المقدّسة بالخيل188

سلب الحسين عليه السلام189

ارتفاع غبرة شديدة سوداء190

سلب العيال وحرق الخيام190

ص: 244

حمل الرأس المقدّس الى ابن زياد191

موقف أنس191

موقف أبي برزة192

اضطرام وجه ابن زياد ناراً192

مطرت السماء دماً193

ارتفاع الحمرة في أفق السماء193

ما جرى على أهل البيت عليهم السلام في السبي195

أهل البيت عليهم السلام في الكوفة195

أهل البيت في مجلس ابن زياد195

شهادة عبد اللَّه بن عفيف الأزدي197

هاتف في الجبانة198

أهل البيت عليهم السلام في الشام199

الرؤوس المقدّسة والسبايا في مجلس يزيد199

رجل يستوهب بنتاً من آل البيت عليهم السلام !200

يزيد يقرع ثنايا الحسين عليه السلام وأبو برزة يعترض !201

خطبة زينب عليها السلام في مجلس يزيد202

شيخ من الشاميين مع الإمام السجاد205

حبر من اليهود في مجلس يزيد206

خطبة السجاد عليه السلام في مجلس يزيد207

ص: 245

توجه ركب السبايا الى المدينة208

جزاء قتلة سيد الشهداء عليه السلام في الدنيا209

حرملة بن كاهل الأسدي209

عمرو بن الحجاج الزبيدي210

جزاء من سبّ الحسين عليه السلام210

ما رفع حجر إلّا وجد تحته دم عبيط211

أعان على قتل الحسين عليه السلام فأخذته النار212

جزاء من كثّر السواد على الحسين عليه السلام212

تاريخ شهادته ومدفنه213

إخراج سليمان بن عبد الملك الرأس المقدّس214

زيارة جابر215

ما جرى على قبر سيد الشهداء عليه السلام217

إجراء الماء على القبر217

المتوكّل يجري الماء على القبر ويمنع زيارته218

زيارة محمد بن الحسين الأشناني219

عمارة المشهد الحسيني219

المراثي221

مولى بني العباس يعيّرهم على قبيح أفعاليهم221

رثاء سليمان بن قتة226

ص: 246

رثاء أبي الأسود الدؤلي227

رثاء عوف بن عبد اللَّه227

مجموع من قتل بسبب الحسين عليه السلام230

نوح الجن231

رثاء الكميت233

رثاء محمد بن عبد اللَّه الجعفري234

رثاء منصور بن سلمة235

رثاء الشريف الرضي237

الفهرست239

ص: 247

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.