سرشناسه:مويد،علي حيدر
عنوان و نام پديدآور:نثر الدرر في آيات الامام المنتظر عليه السلام / علی حیدر الموید
ناشر:
زبان: عربی
مشخصات : 547ص
موضوع: حضرت مهدی(عج) - علائم ظهور
موضوع: حضرت مهدی(عج) - دولت مهدوی
ص: 1
هوية الكتاب
ص: 2
ص: 3
ص: 4
ص: 5
ص: 6
الحمد للّه ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّدٍ وآله الطاهرين ، واللعن الدائم على أعدائهم ومنكري فضائلهم أجمعين .
والصلاة والسلام على محيي السنن الإمام الحجّة ابن الحسن ، ومنجي العالم من مضلاّت الفتن ، ومخلّص أولياءه من شدائد البليّات والمحن .
أرواحنا لتراب مقدمه الفداء أعني مولاي ومقتداي وولي نعمتي الإمام المهدي المنتظر (صلوات اللّه عليه وعلى آبائه الطاهرين) .
وبعد :
فإنّ ما يعانيه المستضعفون من جور المستكبرين ، وما يتجرّعه الضعفاء من ظلم الأقوياء ليس أمرا طارئا قد حدث في القرن الواحد والعشرين أو القرون التي قبله ، بل لو راجعنا التأريخ ونظرنا في آثار الإنسانية وتاريخها لوجدنا ذلك أمرا ساريا وجاريا منذ أوائل خلقتها ، فها هو القرآن الكريم يحدّثنا عن ظهور قابيل في قبال هابيل ، ونمرود متحدّيا إبراهيم ، وفرعون مكذّبا موسى ، وهكذا شأن نبيّنا صلى الله عليه و آله فقد أُبتلي بكفّار قريش بقيادة أبي لهب ، وأبي جهل وأبي سفيان - لعنهم اللّه تعالى - وكذلك في كلِّ من الأدوار أخذ الأقوياء يحمّلون الضعفاء شتّى أنواع
ص: 7
العبودية والإسترقاق ، فإذا كانت المجتمعات الحضارية ترى لغو بيع وشراء الإنسان بالمال من بوادر تمدّنها وتقدّمها فإنّها في الواقع لم تُغيّر من ذلك إلاّ العناوين ، حيث تشتري المجتمعات بما ترسم لها من ثقافة افسادية وليست ثقافة إستعمارية كما يقولون !
فياترى هل للتناقض الحضاري الموجود من نهاية ؟ وماذا سيكون مصير الإنسانية بعد هذا ؟
وهل للبشرية أن ترى سعادتها وحياتها المثلى ؟ وهل من وميض أملٍ يتأمّل فيه الإنسان الخير والهناء في الحياة ؟
أم كُتِب عليه أن يعيش الحياة المظلمة الحافلة بالمشاكل المادّية والنفسانية تأخذه أمواج البلاء والمحن والأتراح ، ثمّ تغرقه في بحار الجهل والبؤس والحرمان ؟
حاول المفكّرون والعلماء - الشرقيون منهم والغربيون - الإجابة على هذه الأسئلة وغيرها ، فمنهم مَن لا يرى مخرجا للإنسانية ممّا وقع فيه وكأنّه خُلِق للفقر
المدقع والبلاء والجهل وحسب ... .ومنهم مَن يرى العزلة عن المجتمع والرهبانية الطريقة الوحيدة فيخلّص نفسه ولا يُفكّر في نجاة الغير مهما أصابه ... .
وقليلٌ منهم مَن فكّر بعقلٍ سليم ولبٍّ جميل ، ودرس المشاكل ببصيرةٍ صافية ، وببصر ثاقب ، وبشَّر بما بشَّر به الأنبياء والرسل السابقون (بالمدينة الفاضلة) وبالحياة الفضلى السعيدة .
وهذا قد أخبر به الأنبياء والمرسلون الإلهيون (عليهم الصلاة والسلام) أُممهم بالعاقبة الطيّبة للحياة البشرية حيث لا إستضعاف فيها ولا ظلم ولا طبقيّة
ص: 8
يستعيدُ فيها الإنسان المحروم حقّه ويتخلّص من معاناة الفقر والبؤس ويكون قائدا بعد ما كان مقودا بفضل التعاليم والمثل العليا الإلهية :
«وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمْ الْوَارِثِينَ» .
المصلحُ عند الأنبياء :
لقد أخبر الأنبياء السابقون عن ظهور مَن يملك العالم ويحكم الأرض وما فيها العدل والقسط حيث لا ظالم هناك ولا مظلوم ، ولا فقر ولا فقير ، وهاهي كتبهم السماوية من التوراة والإنجيل والزبور وغيرها مشحونة بهذه البشارة لأُمّتها فبعض يُعبّر عنه ب- (الربّ) وبعض ب- (المسيح) وإلى غير ذلك ممّا يطول ذكر .
وعند الإسلام :
حين نراجع كتب السنّة النبوية الشريفة - على إختلاف مذاهب جامعيها - نجدها مملوءة بالأحاديث والأخبار الصحيحة المستفيضة بل المتواترة التي صرّح بها الرسول الأعظم صلى الله عليه و آله عن خروج رجل من عترته الطاهرة في آخر الزمان يملأ الأرض قسطا وعدلاً بعد ما مُلِئت ظلما وجورا .
هذا بالإضافة إلى الكتب الكثيرة التي ألّفوها علماء الإسلام - وهي تفوق ثلاثمائة كتاب وسوف نذكر منها على سبيل المثال ومن أعلام العامّة - منهم :
1 - الأحاديث الواردة في المهدي ؛ للحافظ أبي بكر بن أبي خيثمة النسائي المتوفّى (279ه) .
2 - الملاحم ؛ للحافظ أحمد بن جعفر المعروف بابن المنادي المتوفّى (336) .
ص: 9
3 - كتاب ذكر المهدي ونعوته وحقيقة مخرجه وثبوته ؛ لأبي نُعيم الأصفهاني المتوفّى (430) وله أيضا الأربعون حديثا في المهدي ، ولخّصه السيوطي المتوفّى (911ه) في كتاب أسماه (العرف الوردي في أخبار المهدي) .
4 - البيان في أخبار صاحب الزمان ؛ للحافظ الكنجي الشافعي المقتول لنشر فضائل أهل البيت عليهم السلام في سنة (658) .
5 - عقد الدرر في أخبار المهدي المنتظر ؛ لبدر الدين يوسف الشافعي المتوفّى (685ه) .
6 - كتاب في أخبار المهدي ، للشيخ بدر الدين الحسن بن محمّد الدمشقي النابلسي المتوفّى (772) .
7 - في ذكر المهدي ، للحافظ ابن كثير الدمشقي المتوفّى (774ه) ذكره في كتابه (النهاية في الفتن والملاحم) ص26 ، فقال : أفردتُ في ذكر المهدي جزءا على حدة .
8 - القول المختصر في علامات المهدي المنتظر ؛ لابن حجر الهيثمي الشافعي المتوفّى (973) .
9 - تلخيص البيان في أخبار مهدي الزمان ، للشيخ علي بن حسام المتّقي الهندي المتوفّى (975) .
10 - فرائد الفكر في المهدي المنتظر ؛ للشيخ العلاّمة مرعي بن يوسف الحنبلي المتوفّى (1033) .
وهناك الكثير من الكتب التي أُلّفت حول الحقيقة المهدوية ، ولو أردنا الخوض في هذا المجال لاحتجنا إلى مجلّدٍ ضخم . هذا فضلاً عمّا كتبه علماء
ص: 10
وكتّاب الإمامية الأطهار .
وفي هذه الكتب بحثوا فيها بصورة خاصّة ظهور الرجل من عترة النبي صلى الله عليه و آله في آخر الزمان عند امتلاء الأرض بالظلم والجور ، وتحديد أوصافه النسبية والحسبية وحتّى الجسمية مستلهمين من الأحاديث الصحيحة النبوية المتواترة كالذي رواه أبو داود في سننه : ج4 ، ص154 : بإسناده إلى أبي سعيد الخدري قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلّم : « المهدي منّي ، أجلى الجبهة ، أقنى الأنف يملأ الأرض قسطا وعدلاً كما ملئت جورا وظلما » .
كما روى وصحّح هذا الحديث أئمّة الحديث وعشرات المحقّقين والمؤلّفين في كتبهم ، ومن بينهم علماء الإمامية الأبرار حيث أنّ كتبهم مشحونة بالأحاديث الصحيحة المروية عن طريق أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) مسندة إلى النبي الأعظم (صلّى اللّه عليه وآله) بأنّه حيٌّ مرزوق يعيش في فترة الغيبة
الكبرى يرى الناس فيها ولا يروْنه يرعى شؤونهم وهو واسطة الفيض الإلهي بين الناس وربّهم ، ولولاه (صلوات اللّه عليه) لساختْ الأرض بأهلها ، وبوجوده
(عجّل اللّه فرجه الشريف) ثبتت الأرض ومُسِكتْ السماء .
وهكذا نطق القرآن العزيز بهذه الحقيقية المهدوية في أكثر من عشرات الآيات معلنا إرادة اللّه تعالى التي لا تبديل لها بإنهاء حكومة الشيطان وأتباعه من
البشر وأنْ لابدّ لعباده الصالحين أنْ يرثوا الأرض برمّتها وبجوانبها الأربعة :
«وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الْزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ» .
فيطبّقوا قوانين الإسلام المدوّنة المرسومة لسعادة الإنسان - بل والحيوان وكلّ ما في الأرض - وفيها الغاية القصوى من الحياة .
ص: 11
وفي الواقع أنّ الحديث عن وليِّ نعمتنا الحجّة ابن الحسن (صلوات اللّه عليه) في القرآن الكريم هو حديثٌ شيّق استهوى حملة العلوم والأقلام ، ولم يفت علمائنا الأعلام ، وكتّابنا الأبرار ، فأفردوا له بحوثا طوالاً ، وكتبا كثيرة ،
ومؤلّفات ضخمة حيث تناولوا جوانبه المختلفة (عليه السلام) ضمن محاولات عديدة لمعرفة هذه الشخصية المقدّسة الفذّة ، ودراسة أبعادها وقدراتها ، فأثبتوه شرحا وتحليلاً وإستنباطا وإستنتاجا .
ومن بين هؤلاء الأعلام : المحدّث الجليل السيّد هاشم البحراني المتوفّى (1107ه) في كتابه (المحجّة فيما نزل في القائم الحجّة) وغيره .
ومن أعلام المذهب الشريف المعاصرين حيث خاض في هذا المضمار ، وغاص في بحار القرآن ، فإذا به يستخرج درّةً منه في أحوال صاحب العصر والزمان (عليه السلام) تحت عنوان (المهدي في القرآن) للفقيه الأُصولي آية اللّه العظمى السيّد (صادق الحسيني الشيرازي) (دام ظلّه) .
جمع فيه الآيات القرآنية النازلة في الإمام الثاني عشر المهدي المنتظر (عليه السلام) على ضوء الروايات والأخبار الشريفة الواردة عن أهل بيت العصمة والطهارة (صلوات اللّه عليهم أجمعين) - لأنّهم أدرى بما فيه وهم المعنيون به والمخاطبون به ، وربع من الكتاب نزل فيهم - .
على ترتيب السور والآيات الشريفة ، فجاء بحقّ : (نثرُ الدُّرر في آيات الإمام المنتظر عليه السلام) .
فهذا كان عنوانه فيُغنيك عن معنونه ، فيُشمُّ منه عبق الولاء والإنتماء لمحمّدٍ وآله النجباء (صلوات اللّه عليهم) .
ص: 12
وفي الختام أُوجّه أطيب وأخصّ سلام لمولانا وسيّدنا صاحب الزمان (عليه السلام) ، وأسأل اللّه تعالى أن يمنّ علينا به ويرزقنا رأفته ورحمته وعنايته
ورؤيته ، والحمد للّه ربّ العالمين وأستغفره وأتوب إليه .
الشيخ علي حيدر المؤيّد
الكويت 12 / رجب / 1428
ص: 13
ص: 14
«بِسْمِ اللّه ِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ»
سورة البقرة
روي عن داود الرقي ، عن أبي عبداللّه (عليه السلام) في قول اللّه عزّوجلّ : «هُدىً لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ» قال : من أقرّ بقيام القائم (عليه السلام) أنّه حقّ(1).
وروى أيضا بإسناده عن يحيى بن أبي القاسم قال : سألت الصادق (عليه السلام) عن قول اللّه عزّوجلّ : «الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ» فقال : المتّقون شيعة علي (عليه السلام) والغيب هو الحجّة الغائب(2)-(3).
ص: 15
روى الحافظ سليمان القندوزي (الحنفي) في ينابيع المودّة [ باسناده المذكور ] عن جابر بن عبداللّه الأنصاري قال : دخل جندل بن جنادة بن جبير اليهودي على رسول اللّه (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ ) وسأله عن أشياء ، وإسلم على يد النبي (صلّى اللّه عليه وسلّم) - في حديث طويل إلى أن قال - :
سئل النبي (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ ) عن أوصيائه ، فعدّهم النبي (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ ) له ، إلى أن قال (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ ) :
« ... فبعده ابنه محمّد ، يدعى بالمهدي ، والقائم ، والحجّة ، فيغيب ، ثمّ يخرج ، فإذا خرج يملأ الأرض قسطا وعدلاً كما ملئت جورا وظلما ، طوبى للصابرين في غيبته ، طوبى للمقيمين على محبّتهم ، أُولئك الذين وصفهم اللّه في كتابه وقال :
«هُدىً لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ» إلى آخر الحديث(1).
قال علي بن إبراهيم - رحمه اللّه - عن أبيه ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن جميل بن صالح ، عن المفضّل ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام [ إنّه ] قال : « الم » وكلّ حرف في القرآن منقطعة من حروف اسم اللّه الأعظم الذي يؤلّفه الرسول والإمام عليهما السلام فيدعو به فيجاب .
قال : قلت : قوله : «ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ» ؟ فقال : الكتاب أمير المؤمنين عليه السلام لا شكّ فيه إنّه إمام . «هُدىً لِلْمُتَّقِينَ» ، فالآيتان لشيعتنا هم المتّقون . «الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ» وهو البعث ، والنشور ، وقيام القائم عليه السلام والرجعة ، «وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ» قال : ممّا علّمناهم من القرآن يتلون(2).
ص: 16
ويؤيّده ما رواه أبو جعفر محمّد بن بابويه - رحمه اللّه - بإسناده عن يحيى بن [ أبي ] القاسم قال : سألت الصادق عليه السلام عن قوله اللّه عزّوجلّ : «الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ» فقال : المتّقون هم شيعة علي عليه السلام ، والغيب هو الحجّة الغائب(1)-(2).
روى الصدوق بن بابويه أيضا في كتاب اكمال الدين واتمام النعمة قال : حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل رضي اللّه عنه قال : حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن عمر بن عبدالعزيز عن غير واحد عن داود بن كثير الرقي عن أبي عبداللّه عليه السلام في قول اللّه عزّوجلّ : «هُدىً لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ» قال : من أقرّ بقيام القائم عليه السلام أنّه حقّ(3).
وقال : حدّثنا علي بن أحمد بن موسى رحمه اللّه قال : حدّثنا محمّد بن أبي عبداللّه الكوفي عن موسى بن عمران النخعي عن عمّه الحسين بن يزيد عن علي بن أبي حمزة عن يحيى بن أبي القاسم قال : سألت الصادق جعفر بن محمّد عليه السلام عن قول اللّه عزّوجلّ : «الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ» قال : المتّقون شيعة علي والغيب هو الحجّة الغائب(4)-(5).
ص: 17
«وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللّه ِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْىٌ وَلَهُمْ فِي الاْخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ»
سورة البقرة
«لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْىٌ» : قال قتادة : المراد بالخزي ، أن يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون(1). وقال الزجّاج : المراد به السبي والقتل إن كانوا حربا ، وإعطاء الجزية إن كانوا ذمّة(2). وقال أبو علي : المراد به طردهم عن المساجد(3). وقال السدي : المراد خزيهم إذا قام المهدي وفتح قسطنطنية ، فحينئذ يقتلهم(4)، والكلّ محتمل ، واللفظ بإطلاقه يتناوله(5).
ص: 18
«وَإِذْ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاما قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ»
سورة البقرة
ما رواه الشيخ الصدوق أبو جعفر محمّد ابن بابويه - رحمه اللّه - في كتاب النبوّة بإسناده مرفوعا إلى المفضّل بن عمر ، عن الصادق عليه السلام قال : سألته عن قول اللّه عزّوجلّ : «وَإِذْ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ» ما هذه الكلمات ؟ قال : هي الكلمات التي تلقّاها آدم من ربّه فتاب عليه ، وهو أن قال : ياربّ بحقّ محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلاّ تبت عليَّ فتاب عليه إنّه هو التوّاب الرحيم . قال : فقلت : يابن رسول اللّه فما معنى قوله : «فَأَتَمَّهُنَّ» ؟ قال : أتمهنّ إلى القائم اثني عشر إماما : علي والحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين صلوات اللّه عليهم أجمعين(1)-(2).
ص: 19
«أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَها وَاحِدا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ»
سورة البقرة
وروى العياشي عن الباقر (عليه السلام) أنّها جرت في القائم (عليه السلام)(1).
وقال بعضهم في توجيه الحديث : لعلّ مراده (عليه السلام) بكون الآية : أنّها جارية في قائم آل محمّد ، فكلّ قائم منهم يقول حين موته ذلك لبنيه ، ويجيبونه بما أجابوا به .
ويمكن أن يكون مراده (عليه السلام) جارية في القائم (عليه السلام) ، كون الوصية والتقرير بالقائم (عليه السلام) داخلين في وصيّة يعقوب وتقريره لبنيه ، أي وصّى بنيه وقرّرهم بالقائم (عليه السلام) فيما أوصاه وقرّره .
ص: 20
ويؤيّد هذا التوجيه ما كتبه صاحب نهج الإمامة ، قال : روى صاحب شرح الأخبار بإسناده يرفعه قال : قال أبو جعفر الباقر (عليه السلام) في قوله عزّوجلّ : «
ووصّى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يابني إنّ اللّه اصطفى لكم الدين فلا تموتنّ إلاّ وأنتم مسلمون » بولاية علي (عليه السلام)(1)-(2).
ص: 21
«وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمْ اللّه ُ جَمِيعا إِنَّ اللّه َ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»
سورة البقرة
علي بن إبراهيم : في تفسيره قال : حدّثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن منصور بن يونس ، عن أبي خالد الكابلي قال : قال أبو جعفر عليه السلام : واللّه لكأنّي أنظر إلى القائم عليه السلام وقد أسند ظهره إلى الحجر ، ثمّ ينشد اللّه حقّه ، ثمّ يقول : ياأيّها الناس من يحاجني في اللّه فأنا أولى باللّه ، أيّها الناس من يحاجني
في آدم فأنا أولى بآدم ، [ يا ] أيّها الناس من يحاجني في نوح فأنا أولى بنوح ، أيّها الناس من يحاجني في إبراهيم فأنا أولى بإبراهيم ، أيّها الناس من يحاجني في موسى فأنا أولى بموسى ، أيّها الناس من يحاجني في عيسى فأنا أولى بعيسى ، أيّها الناس من يحاجني في رسول اللّه [ محمّد ] فأنا أولى برسول اللّه [ بمحمّد ] ، أيّها الناس من يحاجني في كتاب اللّه فأنا أولى بكتاب اللّه ، ثمّ ينتهي إلى المقام
فيصلّي ركعتين وينشد اللّه حقّه ، ثمّ قال أبو جعفر عليه السلام : هو واللّه ]المضطرّ في كتاب اللّه في ] قوله : «أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ
ص: 22
خُلَفَاءَ الْأَرْضِ»(1)، فيكون أوّل من يبايعه جبرئيل ، ثمّ الثلاثمائة والثلاثة عشر رجلاً ، فمن كان ابتلي بالمسير وافى [ وافاه ] ، ومن لم يبتل بالمسير فقد من فراشه [ عن فراشه ، وهو قول أمير المؤمنين عليه السلام : هم المفقودون عن فرشهم ] ، وذلك قول اللّه «فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمْ اللّه ُ جَمِيعا»
قال : الخيرات : الولاية ، وقال في موضع آخر : «وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمْ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ»(2)، وهم أصحاب القائم عليه السلام يجتمعون [ واللّه ] إليه في ساعة واحدة ، فإذا جاء إلى البيداء يخرج إليه جيش السفياني ، فيأمر اللّه الأرض فتأخذ أقدامهم ، وهو قوله : «وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلاَ فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ» وقالوا آمنا به (يعني بالقائم من آل محمّد عليه السلام) «وَأَنَّى لَهُمْ التَّنَاوُشُ مِنْ
مَكَانٍ بَعِيدٍ - إلى قوله - وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ» [ يعني ألاّ يعذّبوا ] «كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ» يعني من كان قبلهم من المكذّبين [ الذين ] هلكوا(3).
محمّد بن يعقوب : عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن منصور بن يونس ، عن إسماعيل بن جابر ، عن أبي خالد ، عن أبي عبداللّه [ عن
أبي جعفر ] عليه السلام في قول اللّه عزّوجلّ : «فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ» [ قال : الخيرات : الولاية ، وقوله تبارك وتعالى ] : «أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمْ اللّه ُ جَمِيعا»
يعني أصحاب القائم عليه السلام الثلاثمائة والبضعة عشر [ رجلاً ] ، قال : [ و ]
هم واللّه الأُمّة المعدودة ، قال : يجتمعون واللّه في ساعة واحدة قزع كقزع
ص: 23
الخريف(1).
محمّد بن إبراهيم : المعروف بابن أبي زينب النعماني في كتاب الغيبة : قال : أخبرنا عبدالواحد بن عبداللّه بن يونس ، قال : حدّثنا محمّد بن جعفر القرشي ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن محمّد بن سنان ، [ عن ضريس ] عن أبي خالد الكابلي ، عن علي بن الحسين ، [ أ ] و محمّد بن علي عليهما السلام أنّه قال : الفقداء قوم يفقدون من فرشهم فيصبحون بمكّة ، وهو قول اللّه عزّوجلّ : «أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمْ اللّه ُ جَمِيعا» وهم أصحاب القائم عليه السلام(2).
عنه : قال : أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة ، قال : حدّثنا علي بن الحسين التيملي ، قال : حدّثنا الحسن ومحمّد ابنا علي بن يوسف ، عن سعدان بن مسلم ، عن رجل ، عن المفضّل بن عمر ، قال : قال أبو عبداللّه عليه السلام : إذا أُ
[ و ] ذن الإمام دعا اللّه عزّوجلّ باسمه العبراني فأُتيحت له أصحابه الثلاثمائة و [ ال- ] ثلاثة عشر قزع كقزع الخريف ، [ ف- ] هم أصحاب الألوية ، منهم من يفتقد من ]عن ] فراشه ليلاً فيصبح بمكّة ، ومنهم يرى يسير في السحاب نهارا يعرف باسمه واسم أبيه وحليته ونسبه ، قلت : جعلت فداك أيّهما [ أيّهم ] أعظم إيمانا ؟ قال : الذي يسير في السحاب نهارا ، وهم المفقودون ، وفيهم نزلت هذه الآية : «أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمْ اللّه ُ جَمِيعا»(3).
ص: 24
وعنه : قال : أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد قال : حدّثني أحمد بن يوسف ، قال : حدّثنا إسماعيل بن مهران ، عن الحسن بن علي عن أبيه ، ووهب عن أبي بصير ، عن أبي عبداللّه عليه السلام في قوله : «فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمْ اللّه ُ جَمِيعا» قال : نزلت في القائم عليه السلام وأصحابه ، يجتمعون على غير ميعاد(1).
وعنه : قال : أخبرنا محمّد بن يعقوب الكليني أبو جعفر قال : حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، ومحمّد بن يحيى بن عمران ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، قال وحدّثني علي بن محمّد ، وغيره ، عن سهل بن زياد ، عن الحسن بن محبوب ، قال وحدّثنا عبدالواحد بن عبداللّه الموصلي ، عن أبي علي أحمد بن محمّد أبي ناشر ، عن أحمد بن هلال ، عن الحسن بن محبوب ، قال : حدّثنا عمر بن أبي المقدام ، عن جابر بن يزيد الجعفي قال : قال : أبو جعفر عليه السلام في حديث يذكر فيه علامات القائم إلى أن قال : فيجمع اللّه له أصحابه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً ، ويجمعهم اللّه له على غير ميعاد قزع كقزع الخريف ، وهم ياجابر الآية التي ذكرها [ اللّه ] في كتابه : «أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمْ اللّه ُ جَمِيعا إِنَّ اللّه َ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» [ وهم أصحاب القائم عليه السلام (2)].
عنه : قال : حدّثنا محمّد بن علي ماجيلويه « رضي اللّه عنه » قال : حدّثنا عمّي محمّد بن أبي القاسم عن أحمد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن أبي عبداللّه البرقي [ الكوفي ] ، عن أبيه ، عن محمّد بن سنان ، عن [ ال- ] مفضّل بن عمر قال :
ص: 25
قال أبو عبداللّه عليه السلام : لقد نزلت هذه الآية في المفقودين ]المفتقدين ] من أصحاب القائم عليه السلام قوله عزّوجلّ : «أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمْ اللّه ُ جَمِيعا» إنّهم المفقودون [ ليفتقدون عن ] في فرشهم ليلاً فيصبحون بمكّة ، وبعضهم يسير في السحاب (نهارا) يعرف [ ب- ] اسمه واسم أبيه وحليته ونسبه ، قال : فقلت جعلت فداك أيّهم أعظم إيمانا ؟ قال : الذي يسير في السحاب نهارا(1)-(2).
ص: 26
«وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَىْ ءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنْ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالَّثمَرَاتِ وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ»
سورة البقرة
محمّد بن إبراهيم النعماني المعروف بأبي زينب في « الغيبة » قال : حدّثنا محمّد بن همّام ، قال : حدّثنا عبداللّه بن جعفر الحميري رحمه اللّه قال : حدّثنا أحمد بن هلال ، قال : حدّثنا الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي عبداللّه جعفر بن محمّد عليه السلام قال : إنّ قدّام(1) القائم عليه السلام علامات ، بلوى من اللّه للمؤمنين قلت : وما هي ؟
قال : ذلك قول اللّه عزّوجلّ : «وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَىْ ءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنْ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالَّثمَرَاتِ وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ» قال : « ليبلونّكم » يعني المؤمنين بشيء من الخوف من ملوك بني فلان في آخر سلطانهم ، « والجوع » بغلاء أسعارهم ؛ و « نقص من الأموال » : فساد التجارات وقلّة الفضل فيها ، « والأنفس » موت ذريع(2) ونقص من الثمرات قلّة ريع(3) ما يزرع « وبشّر الصابرين » عند
ص: 27
ذلك بخروج(1) القائم عليه السلام ، ثمّ قال لي : يامحمّد هذا تأويله إنّ اللّه عزّوجلّ يقول : «وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّه ُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ»(2)-(3).
وعنه قال : أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة ، قال : أخبرني أحمد بن يوسف بن يعقوب أبو الحسين الجعفي من كتابه ، قال : حدّثنا إسماعيل بن مهران عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن أبيه ، عن أبي بصير ، قال : قال أبو عبداللّه عليه السلام : لابدّ أن يكون قدّام قيام(4) القائم سنة يجوع فيها الناس ، ويصيبهم خوف شديد من القتل ، ونقص من الأموال والأنفس والثمرات ، فإنّ ذلك في كتاب اللّه المبين ، ثمّ تلا هذه الآية : «وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَىْ ءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنْ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالَّثمَرَاتِ وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ»(5).
ابن بابويه قال : حدّثني أبي رضي اللّه عنه قال : حدّثنا عبداللّه بن جعفر الحميري عن أحمد بن هلال ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي أيّوب الخزّاز ، والعلاء بن رزين ، عن محمّد بن مسلم قال : سمعت أبا عبداللّه عليه السلام يقول : إنّ قدّام قيام القائم عليه السلام علامات تكون من اللّه عزّوجلّ للمؤمنين قلت : وما
ص: 28
هي جعلني اللّه فداك ؟ قال : يقول اللّه عزّوجلّ : «وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ» يعني المؤمنين قبل خروج القائم عليه السلام «بِشَىْ ءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنْ الْأَمْوَالِ
وَالْأَنفُسِ وَالَّثمَرَاتِ وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ» قال : يبلوهم بشيء من الخوف من ملوك بني فلان في آخر سلطانهم ، والجوع بغلاء أسعارهم « ونقص من الأموال » قال : كساد التجارات وقلّة الفضل ، « ونقص من الأنفس » قال : موت ذريع « ونقص من الثمرات » قال : قلّة ريع ما يزرع ، « وبشّر الصابرين » عند ذلك بتعجيل الفرج(1).
ثمّ قال لي : يامحمّد هذا تأويله إنّ اللّه عزّوجلّ يقول : «وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ
اللّه ُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ»(2)-(3).
ورواه أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري قال : أخبرني أبو الحسين محمّد بن هارون ، قال حدّثني أبي رضي اللّه عنه قال : حدّثنا أبو علي محمّد بن همام ، قال : حدّثنا عبداللّه بن جعفر الحميري قال : حدّثنا أحمد بن هلال ، قال : حدّثنا الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب ، وأبي أيّوب الخزّاز ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : إنّ لقيام قائمنا عليه السلام علامات ، بلوى من اللّه للمؤمن قلت : وما هي ؟
قال : ذلك قول اللّه عزّوجلّ : «وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَىْ ءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ»
ص: 29
وساق الحديث إلى آخره(1).
العيّاشي في « تفسيره » باسناده عن الثمالي ، قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول اللّه : «وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَىْ ءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ» قال : ذلك جوع خاصّ وجوع عامّ ، فأمّا بالشام فإنّه عام وأمّا الخاصّ بالكوفة يخصّ ولا يعمّ ولكنّه يخصّ بالكوفة أعداء آل محمّد عليه الصلاة والسلام ، فيهلكهم اللّه بالجوع ، وأمّا الخوف فإنّه عامّ بالشام وذلك الخوف إذا قام القائم عليه السلام ، وأمّا الجوع فقبل قيام القائم عليه السلام ، وذلك قوله : «وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَىْ ءٍ مِنْ
الْخَوْفِ وَالْجُوعِ»(2).
والروايات في علامات القائم عليه السلام كثيرة من أراد الوقوف عليها فعليه « بغيبة » ابن بابويه « وغيبة » محمّد بن إبراهيم النعماني ، و « مسند فاطمة عليها السلام » لأبي جعفر الطبري وغيرهما من الكتب .
ص: 30
«وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ للّه ِِ فَإِنْ انتَهَوْا فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ»
سورة البقرة
عن الحسن بيّاع الهروي يرفعه عن أحدهما عليهماالسلام في قوله : «لاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ» قال : إلاّ على ذرّية قتلة الحسين(1).
عن إبراهيم ، عمّن رواه ، عن أحدهما عليهماالسلام قال : قلت : «فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ» قال : لا يعتدي اللّه على أحد إلاّ على نسل ولد قتلة الحسين عليه السلام(2).
الهمداني ، عن علي ، عن أبيه ، عن الهروي قال : قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام : يابن رسول اللّه ما تقول في حديث روي عن الصادق عليه السلام أنّه قال : إذا خرج القائم قتل ذراري قتلة الحسين عليه السلام بفعال آبائها ؟ فقال عليه السلام : هو كذلك . فقلت : وقول اللّه عزّوجلّ : «وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى»(3) ما معناه ؟ قال : صدق
ص: 31
اللّه في جميع أقواله ولكن ذراري قتلة الحسين يرضون بفعال آبائهم ، ويفتخرون بها ومن رضي شيئا كان كمن أتاه ، ولو أنّ رجلاً قتل بالمشرق فرضي بقتله رجل بالمغرب لكان الراضي عند اللّه عزّوجلّ شريك القاتل . وإنّما يقتلهم القائم عليه السلام إذا خرج لرضاهم بفعل أبائهم . قال : قلت له : بأي شيء يبدأ القائم منكم إذا قام ؟ قال : يبدأ ببني شيبة فيقطع أيديهم لأنّهم سرّاق بيت اللّه عزّوجلّ(1).
ص: 32
«إِنَّ اللّه َ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ»
سورة البقرة
محمّد بن إبراهيم النعماني في الغيبة : حدّثنا علي بن الحسين قال : حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار ، عن محمّد بن حسّان الرازي ، عن محمّد بن علي الكوفي قال : حدّثنا عبدالرحمن بن أبي هاشم ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال :
إنّ أصحاب طالوت ابتلوا بالنهر الذي قال اللّه تعالى : «مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ» وإنّ أصحاب القائم عليه السلام يبتلون بمثل ذلك(1).
ص: 33
«مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّه ِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللّه ُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللّه ُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ»
سورة البقرة
عن المفضّل بن محمّد الجعفي قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن قول اللّه : «كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ» قال : الحبّة ، فاطمة عليها السلام والسبع السنابل ، سبعة من ولدها ، سابعهم قائمهم . قلت : الحسن ، قال : إنّ الحسن إمام من اللّه ، مفترض طاعته ولكن ليس من السنابل السبعة . أوّلهم ، الحسين وآخرهم القائم . فقلت : قوله : «فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ» قال : يولد الرجل منهم في الكوفة مائة من صلبه وليس ذاك إلاّ هؤلاء السبعة(1).
أخرج العام (الشافعي) جمال الدين المقدسي السلمي الدمشقي في كتابه (عقد الدرر) - بسنده المذكور - عن علي بن أبي طالب - كرّم اللّه وجهه - في وصف الإمام (المهدي) عليه السلام قال :
ص: 34
(فيبعث المهدي إلى أُمرائه بسائر الأمصار : بالعدل بين الناس) - إلى أن قال - :
(ويذهب الشرّ ، ويبقى الخير يزرع مدّا يخرج سبعمائة مدّ - كما قال اللّه تعالى - ) .
الحديث(1).
ص: 35
«آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّه ِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ»
سورة البقرة
أخرج العالم الشافعي محمّد بن إبراهيم (الحمويني) بأسانيده المذكورة المتعدّدة ، عن أبي سلمى داعي رسول اللّه صلى الله عليه و آله قال : سمعت رسول اللّه صلى الله عليه و آله يقول : ليلة أُسري بي إلى السماء قال لي الجليل جلّ جلاله : «آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ» .
قلت : «وَالْمُؤْمِنُونَ» .
قال : صدقت يامحمّد .
قال : من خلفت في أُمّتك ؟
قلت : خيرها .
قال : علي بن أبي طالب ؟
قلت : نعم ياربّ .
ص: 36
قال : يامحمّد إنّي اطّلعت إلى الأرض إطّلاعة فاخترتك منها ، وشققت لك اسما من أسمائي ، فلا أُذكر في موضع إلاّ ذكرت معي ، فأنا المحمود ، وأنت محمّد ، ثمّ اطّلعت الثانية فاخترت منها عليا ، وشققت له اسما من أسمائي ، وأنا الأعلى هو علي .
يامحمّد : إنّي خلقتك وخلقت عليا وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة من ولده من شبح نوري ، وعرضت ولايتكم على أهل السماوات وأهل الأرض ، فمن قبلها كان عندي من المؤمنين ، ومن جحدها كان عندي من الكافرين .
يامحمّد : لو أنّ عبدا من عبيدي عبدني حتّى يتقطّع أو يصير كالشنّ البالي ، ثمّ أتاني جاحدا لولايتكم ما غفرت له حتّى يقرّ بولايتكم .
يامحمّد : أتحبّ أن تراهم ؟
قلت : نعم .
فقال لي : التفت عن يمين العرش .
فالتفت ، فإذا بعلي وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين ، ومحمّد بن علي ، وجعفر بن محمّد ، موسى بن جعفر ، وعلي بن موسى ، ومحمّد بن علي ، وعلي بن محمّد ، والحسن بن علي ، والمهدي في ضحضاح من نور قياما يصلّون ، وهو في وسطهم - يعندي المهدي - كأنّه كوكب دري .
قال : يامحمّد هؤلاء الحجج وهو القائد من عترتك ، وعزّتي وجلالي إنّه الحجّة الواجبة لأوليائي ، والمنتقم من أعدائي(1).
ص: 37
وأخرجه بتفاوت يسير في بعض الألفاظ عديد من الأعلام :
(مثل) العلاّمة المجلسي في البحار(1) والطوسي في الغيبة(2) وكذا ورد في
تفسير فرات الكوفي(3) والطرائف(4) والخوارزمي موفّق بن أحمد (الحنفي) في كتاب المقتل(5) والحافظ الحنفي سليمان القندوزي في ينابيعه(6).
نعم إنّ المهدي عليه السلام هو خاتم الأوصياء ، وبه ينتقم اللّه من الأعداء ويفرّج به عن المؤمنين ، وينشر العدل والقسط في الناس(7).
ص: 38
«شَهِدَ اللّه ُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِما بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ»
سورة آل عمران
وفي كتاب كمال الدين وتمام النعمة : بإسناده إلى محمّد بن عثمان العمري (رحمه اللّه) قال : لمّا ولد الخلف المهدي (صلوات اللّه عليه) سطع نور من فوق رأسه إلى عنان السماء ، ثمّ سقط لوجهه ساجدا لربّه تعالى ذكره ، ثمّ رفع رأسه وهو يقول : «شَهِدَ اللّه ُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ» إلى آخر الآية(1).
وقال: حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق عن الحسن بن علي بن زكريا عن عبداللّه بن خليلان عن أبيه عن جدّه عن غياث بن أسيد قال: سمعت محمّد بن عثمان العمري قدّس اللّه روحه يقول: لمّا ولد الخلف المهدي صلوات اللّه عليه سطع نور من فوق رأسه إلى عنان السماء ثمّ سقط لوجهه ساجدا لربّه تعالى ذكره، ثمّ رفع رأسه وهويقول:«شَهِدَ اللّه ُ أَنَّهُ لاَإِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمابِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللّه ِ الاْءِسْلاَمُ» قال وكان مولده يوم الجمعة(2).
ص: 39
«أَفَغَيْرَ دِينِ اللّه ِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعا وَكَرْها وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ»
سورة آل عمران
العياشي : بإسناده عن رفاعة بن موسى ، قال سمعت أبا عبداللّه عليه السلام يقول : «وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعا وَكَرْها» ، قال : إذا قام القائم عليه السلام لا تبقى أرض إلاّ نودي فيها بشهادة أن لا إله إلاّ اللّه وأنّ محمّدا رسول
اللّه صلّى اللّه عليه وآله(1).
عنه : بإسناده عن ابن بكير قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن قوله : «وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعا وَكَرْها» ، قال : أُنزلت في القائم عليه السلام إذا خرج باليهود والنصارى والصابئين والزنادقة وأهل الردّة والكفّار في شرق الأرض وغربها فعرض عليهم الإسلام ، فمن أسلم طوعا أمره بالصلاة والزكاة وما يؤمر به المسلم ويجب للّه عليه ، ومن لم يسلم ضرب عنقه ، حتّى لا يبقى في المشارق والمغارب أحد إلاّ وحّد اللّه .
قلت جعلت فداك : إنّ الخلق أكثر من ذلك .. فقال : إنّ اللّه إذا أردا أمرا قلّل
ص: 40
الكثير وكثّر القليل(1).
وعنه : بإسناده عن عبدالأعلى الحلبي ، عن أبي جعفر عليه السلام في حديث طويل يذكر فيه أمر القائم عليه السلام إذا خرج ، قال : ولا تبقى [ أرض ] في الأرض قرية إلاّ نودي فيها بشهادة أن لا إله إلاّ اللّه [ وحده لا شريك له ] وأنّ محمّدا رسول اللّه وهو قوله [ تعالى ] : «وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعا وَكَرْها وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ» ولا يقبل صاحب هذا الأمر الجزية كما قبلها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، وهو قول اللّه : «وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ للّه ِِ»(2)-(3).
ص: 41
«فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنا وَللّه ِِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللّه َ غَنِىٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ»
سورة آل عمران
وفي كتاب علل الشرائع : بإسناده إلى أبي زهرة بن شبيب بن أنس عن بعض أصحاب أبي عبداللّه (عليه السلام) ، قال : قال أبو عبداللّه (عليه السلام) لأبي
حنيفة : ياأبا حنيفة تعرف كتاب اللّه حقّ معرفته ، وتعرف الناسخ والمنسوخ ؟ قال : نعم ، قال ياأبا حنيفة : لقد ادّعيت علما ، ويلك ما جعل اللّه ذلك إلاّ عند أهل الكتاب الذين أُنزل عليهم ، ويل ولا هو إلاّ عند الخاصّ من ذرّية نبيّنا محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) ، وما أدراك اللّه من كتابه حرفا ، فإن كنت كما تقول : ولست
كما تقول : فأخبرني عن قول اللّه (عزّوجلّ) : «سِيرُوا فِيهَا لَيَالِي وَأَيَّاما آمِنِينَ»(1) أين ذلك من الأرض ؟ قال : أحسبه ما بين مكّة والمدينة ، فالتفت أبو عبداللّه (عليه السلام) ومن كان إلى أصحابه فقال : تعلمون أنّ الناس يقطع عليهم بين المدينة ومكّة ، فتؤخذ أموالهم ، ولا يؤمنون على أنفسهم ويقتلون ؟ قالوا : نعم ، قال :
ص: 42
فسكت أبو حنيفة فقال : ياأبا حنيفة أخبرني عن قول اللّه (عزّوجلّ) : «وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنا» أين ذلك من الأرض ؟ قال : الكعبة ، فقال : أفتعلم أنّ الحجّاج بن يوسف حين وضع المنجنيق على ابن الزبير في الكعبة ، فقتله كان آمنا فيها ؟! قال : فسكت ، فقال أبو بكر الحضرمي : جعلت فداك ، ما الجواب في المسألتين الأوّلتين ؟ فقال : ياأبا بكر «سِيرُوا فِيهَا لَيَالِي وَأَيَّاما آمِنِينَ» فقال : مع قائمنا أهل
البيت . وأمّا قوله «وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنا» فمن بايعه ودخل معه ومسح على يده ودخل في عقدة أصحابه كان آمنا ، والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة(1)-(2).
ص: 43
«إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّه ُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللّه ُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ»
سورة آل عمران
في تفسير العياشي عن زرارة عن أبي عبداللّه عليه السلام في قول اللّه : «تِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ» قال ما زال منذ خلق اللّه آدم دولة للّه ودولة لإبليس ، فأين دولة اللّه أما هو إلاّ قائم واحد(1).
ص: 44
«وَلُِيمَحِّصَ اللّه ُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَأَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمْ اللّه ُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ»
سورة آل عمران
وفي كتاب كمال الدين وتمام النعمة : بإسناده إلى ابن عبّاس قال : قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) : إنّ علي بن أبي طالب (عليه السلام) إمام
أُمّتي وخليفتي عليها من بعدي ، ومن ولده القائم المنتظر الذي يملأ اللّه به الأرض
قسطا وعدلاً كما ملئت جورا وظلما ، والذي بعثني بالحقّ بشيرا ونذيرا إنّ الثابتين على القول به في زمان غيبته لأعزّ من الكبريت الأحمر ، فقام إليه جابر بن عبداللّه
الأنصاري فقال : يارسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) : وللقائم من ولدك غيبة ؟ قال : إي وربّي «وَلُِيمَحِّصَ اللّه ُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ» ياجابر إنّ
هذا الأمر من اللّه وسرّ من سرّ اللّه ، مطويّ عن عباد اللّه ، فإيّاك والشكّ فيه ، فإنّ الشكّ في أمر اللّه (عزّوجلّ) كفر(1)-(2).
ص: 45
«وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللّه َ شَيْئا وَسَيَجْزِي اللّه ُ الشَّاكِرِينَ»
سورة آل عمران
واعلم أنّ فلانا وفلانا من أهل الانقلاب على الأعقاب بعد موت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) - لما رواه محمّد بن يعقوب (رحمه اللّه) ، عن حنّان
بن سدير ، عن أبيه قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) عنهما ؟ فقال : ياأبا الفضل لا تسألني عنهما ، فواللّه ما مات منّا ميّت إلاّ ساخط عليهما ، وما منّا اليوم إلاّ ساخط عليهما يوصي بذلك الكبير منّا الصغير ، لأنّهما ظلمانا حقّنا وضيّعانا فيئنا ، وكانا
أوّل من ركب أعناقنا(1)، وفتقا علينا فتقا في الإسلام لا يسدّ أبدا حتّى يقوم قائمنا ثمّ قال : أما واللّه لقد قد قام قائمنا أو يتكلّم(2) متكلّمنا ، لأبديا من أُمورهما ما كان
ص: 46
يكتم(1)، ولكتما من أُمورهما(2) ما كان يظهر ، واللّه ما أمست من بليّة ولا قضيّة تجري علينا أهل البيت إلاّ هما سبّبا أوّلها ، فعليهما لعنة اللّه والملائكة والناس
ص: 47
«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللّه َ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ»
سورة آل عمران
رواه الشيخ المفيد - رحمه اللّه - في كتاب الغيبة عن رجاله بإسناده عن بريد بن معاوية العجلي ، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى : «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا» قال : اصبروا على أداء الفرائض ، وصابروا عدوّكم ، ورابطوا إمامكم المنتظر(1).
فعلى هذا التأويل يكون المعنى بالذين آمنوا أصحاب القائم المنتظر - عليه وعلى آبائه السلام -(2).
المرابطة : من الجلوس في الثغور وحفظها وسمّي رباطا لربط الخيل فيها ، ... وقد وردت الكثير من الروايات عن فضل الرباط والمرابطين وأنّ المراد الحقيقي من الآية وهو المرابطة على خط المعصومين عليهم السلام لا سيّما الإمامالمنتظر عليه السلام(3).
ص: 48
«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوها فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا»
سورة النساء
محمّد بن إبراهيم النعماني في الغيبة : قال حدّثنا محمّد بن يعقوب الكليني أبو جعفر قال حدّثني [ عن ] علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه ، قال وحدّثني محمّد بن يحيى بن عمران ، عن [ قال حدّثنا ] أحمد بن محمّد بن عيسى ، وحدّثني [ ثنا ] علي بن محمّد وغيره ، عن سهل بن زياد جميعا ، عن الحسن بن محبوب .
وحدّثنا عبدالواحد بن عبداللّه الموصلي ، عن أبي علي أحمد بن محمّد بن ناشر ، عن أحمد بن هلال عن الحسن بن محبوب ، قال حدّثنا [ عن ] عمرو بن أبي المقدام ، عن جابر بن يزيد الجعفي قال :
قال أبو جعفر محمّد بن علي الباقر عليه السلام : ياجابر إلزم الأرض فلا تحرّك يدا ولا رجلاً حتّى ترى علامات أذكرها لك إن أدركتها ، أوّلها اختلاف ولد فلان (بني العبّاس) وما أراك تدرك ذلك ولكن حدّث به من بعدي ، [ و ] منادٍ ينادي من السماء ، ويجيئكم الصوت من ناحية دمشق بالفتح ، وتخسف قرية من
ص: 49
قرى الشام تسمّى الجابية ، وتسقط طائفة من مسجد دمشق ، الأيمن ، ومارقة تمرق من ناحية الترك فيعقبها هرج الروم ، ويستقبل أُخوان الترك حتّى ينزلوا الجزيرة ، وتستقبل مارقة الروم حتّى ينزلوا الرملة ، فتلك السنة ياجابر فيها اختلاف كثير في كلّ ناحية [ أرض ] من ناحية المغرب ، فأوّل أرض تخرب أرض الشام ثم يختلفون عند ذلك على ثلاث رايات ، راية الأصهب ، وراية الأبقع، وراية السفياني ، فيلتقي السفياني بالأبقع فيقتتلون ، فيقتله السفياني ومن معه ]تبعه ] ، ثمّ يقتل الأصهب ، ثمّ لا يكون له همّة إلاّ الإقبال نحو العراق ، ويمرّ جيشه بقرقيسا فيقتتلون بها ، فيقتل من الجبّارين مائة الف ، ويبعث السفياني جيشا إلى الكوفة وعدتهم سبعون الفا فيصيبون من أهل الكوفة قتلاً وصلبا وسبيا ، فبينما هم كذلك إذ أقبلت رايات من نحو خراسان تطوي المنازل طيا حثيثا ومعهم نفر من أصحاب القائم عليه السلام ، و [ ثمّ ] يخرج رجل من موالي أهل الكوفة في ضعفاء فيقتله أمير جيش السفياني بين الحيرة والكوفة ، ويبعث السفياني بعثا إلى المدينة فيفرّ [ فينفر ] المهدي عليه السلام منها إلى مكّة ، فيبلغ ] أمير ] جيش السفياني بأنّ المهدي عليه السلام قد خرج إلى مكّة ، فيبعث جيشا على أثره فلا يدرك حتّى يدخل مكّة خائف يترقّب على سنّة موسى بن عمران عليه السلام .
قال : وينزل [ أمير ] جيش السفياني البيداء فينادي مناد من السماء : يابيداء أبيدي القوم ، فيخسف بهم فلا يفلت منهم إلاّ ثلاثة نفر يحوّل اللّه وجوههم إلى أقفيتهم وهم من كلب ، وفيهم نزلت هذه الآية : «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوها فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا» ...
ص: 50
الآية
، قال : والقائم عليه السلام يومئذ بمكّة قد أسند ظهره إلى البيت الحرام مستجيرا ]به ] فينادي ياأيّها الناس إنّا نستنصر اللّه فمن أجابنا من الناس فإنّا أهل بيت نبيّكم [ محمّد ] ونحن أولى الناس باللّه وبمحمّد صلّى اللّه عليه وآله فمن حاجني في آدم فأنا أولى الناس بآدم عليه السلام ، ومن حاجني في نوح فأنا أولى الناس بنوح عليه السلام ، ومن حاجني في إبراهيم فأنا أولى الناس بإبراهيم عليه السلام ، ومن حاجني في محمّد فأنا أولى الناس بمحمّد صلّى اللّه عليه وآله ، ومن حاجني في النبيين فأنا أولى الناس بالنبيين .
أليس للّه يقول في محكم كتابه : «إِنَّ اللّه َ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ
وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللّه ُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ»(1)، فأنا بقيّة
من آدم وذخيرة من نوح ومصطفى من إبراهيم وصفوة محمّد [ صلوات اللّه عليهم
أجمعين ] ألا ومن حاجني في كتاب اللّه فأنا أولى الناس بكتاب اللّه ، ألا ومن حاجني في سنّة رسول اللّه ، فأنا أولى الناس بسنّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله
وسلّم ، فأنشد اللّه من سمع كلامي اليوم لما بلّغ الشاهد منكم الغائب ، وأسألكم بحقّ اللّه وحقّ رسوله و [ ب- ] حقّي فإنّ لي عليكم حقّ القربى من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم لمّا [ إلاّ ] أعنتمونا ومنعتمونا ممّن يظلمنا فقد أُخفنا وظُلمنا وطردنا من ديارنا وأبنائنا وبغي علينا ودفعنا عن حقّنا ، وافترى أهل الباطل علينا ،
فاللّه اللّه فينا لا تخذلونا وانصرونا ينصركم اللّه .
قال : فيجمع اللّه له أصحابه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً يجمعهم اللّه له على
ص: 51
غير ميعاد قزعا كقزع الخريف وهي ياجابر الآية التي ذكرها [ اللّه ] في كتابه : «أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمْ اللّه ُ جَمِيعا إِنَّ اللّه َ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» فيبايعونه بين الركن والمقام ومعه عهد من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وقد توارث- [ ت- ] -ه الأبناء عن الآباء .
والقائم ياجابر رجل من ولد الحسين يصلح اللّه له أمره في ليلة فما أشكل على الناس من ذلك [ ياجابر ] فلا يشكل عليهم ولادته من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ووراثته العلماء عالما بعد عالم ، فإن أشكل هذا كلّه عليهم فإنّ الصوت من السماء لا يشكل عليهم إذا نودي باسمه واسم أبيه [ وأُمّه (1)]-(2).
تفسير العياشي عن جابر الجعفي قال ، قال أبو جعفر (عليه السلام) في حديث له طويل : ياجابر أوّل الأرض المغرب تخرب أرض الشام يختلفون عند ذلك على رايات ثلاث ، راية الأصهب ، وراية الأبقع ، وراية السفياني ، فيلقى السفياني الأبقع فيقتله ومن معه وراية الأصهب ، ثمّ لا يكون لهم همّ إلاّ الإقبال نحو العراق ومن حبس بقرقيسا(3) فيقتلون بها مائة ألف من الجبّارين ويبعث السفياني جيشا إلى الكوفة وعدتهم سبعون الفا فيصيبون من أهل الكوفة قتلاً وصلبا وسبيا ، فبينا هم كذلك إذ أقبلت رايات من ناحية خراسان تطوي المنازل طيا حثيثا(4) ومعهم نفر من أصحاب القائم عليه يخرج رجل من موالي أهل
ص: 52
الكوفة في ضعفاء فيقتله أمير جيش السفياني بين الحيرة والكوفة ، ويبعث السفياني بعثا إلى المدينة فيفرّ المهدي منها إلى مكّة ، فيبلغ أمير جيش السفياني أنّ المهدي قد خرج من المدينة فيبعث جيشا على أثره فلا يدركه حتّى يدخل مكّة خائفا يترقّب على سنّة موسى بن عمران ، قال : وينزل جيش أمير السفياني البيداء فينادى مناد من السماء يابيدا بيدي بالقوم ، فيخسف بهم البيداء فلا يفلت منهم إلاّ ثلاثة نفر ، يحوّل اللّه وجوههم في أقفيتهم وهم من كلب ، وفيهم أُنزلت «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا على عبدنا يعني القائم عليه السلام مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوها فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا»(1).
ص: 53
«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّه َ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّه ِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّه ِ وَالْيَوْمِ الاْخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً»
سورة النساء
ورد من ولاة الأمر بعد النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم هم الأئمّة الاثنا عشر - صلوات اللّه عليهم - ما نقله الشيخ أبو علي الطبرسي - قدّس اللّه روحه - في كتاب إعلام الورى بأعلام الهدى قال : حدّثنا غير واحد من أصحابنا ، عن محمّد بن همّام ، عن جعفر بن محمّد بن مالك الفزاريّ ، عن الحسن بن محمّد بن سماعة ، عن أحمد بن الحارث ، عن المفضّل بن عمر ، عن يونس بن ظبيان ، عن جابر بن يزيد الجعفيّ قال : سمعت جابر بن عبداللّه الأنصاريّ يقول : لمّا نزلت : «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّه َ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ» قلت : يارسول اللّه قد عرفنا اللّه ورسوله فمن أُولوا الأمر الذين قرن اللّه طاعتهم بطاعتك ؟ فقال صلّى اللّه
عليه وآله وسلّم : هم خلفائي ياجابر وأئمّة المسلمين بعدي ، أوّلهم علي بن أبي طالب ، ثمّ الحسن ، ثمّ الحسين ، ثمّ علي بن الحسين ، ثمّ محمّد بن علي
ص: 54
المعروف في التوراة بالباقر ، وستدركه ياجابر فإذا لقيته فاقرأه منّي السلام ، ثمّ الصادق جعفر بن محمّد ، ثمّ موسى بن جعفر ، ثمّ علي بن موسى ، ثمّ محمّد بن علي ، ثمّ علي بن محمّد ، ثمّ الحسن بن علي ، ثمّ سميّي وكنيّي حجّة اللّه في أرضه
وبقيّته في عباده ابن الحسن بن علي ؛ ذاك الذي يفتح اللّه عزّوجلّ ذكره على يديه مشارق الأرض ومغاربها وذلك الذي يغيب عن شيعته وأوليائه غيبة لا يثبت فيها على القول بإمامته إلاّ من امتحن اللّه قلبه للإيمان .
قال جابر : فقلت : يارسول اللّه فهل يقع لشيعته الانتفاع به في غيبته ؟ فقال صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : إي والذي بعثني بالنبوّة إنّهم ليستضيئون بنوره وينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإن تجلّلها السحاب . ياجابر هذا مكنون سرّ اللّه ومخزون علم اللّه فاكتمه إلاّ عن أهله(1).
ص: 55
«وَمَنْ يُطِعْ اللّه َ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّه ُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقا»
سورة النساء
وذكر علي بن إبراهيم - رحمه اللّه - في تفسيره : إنّ النبيين رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، والصدّيقين أمير المؤمنين ، والشهداء الحسن والحسين ، والصالحين الأئمّة - صلوات اللّه عليهم - و «وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقا» يعني القائم عليه السلام(1).
أخرج الحافظ الحسكاني (الحنفي) عن حذيفة بن اليمان قال : دخلت على النبي (صلّى اللّه عليه وسلّم) ذات يوم وقد نزلت عليه هذه الآية :
«الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّه ُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ
أُوْلَئِكَ رَفِيقا» .
فأقرأنيها ، فقلت يانبي اللّه فداك أبي وأُمّي من هؤلاء ؟ إنّي أجد اللّه بهم
ص: 56
حفيا(1).
قال (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) : ياحذيفة أنا (من النبيين) الذين أنعم اللّه عليهم ، أنا أوّلهم في النبوّة وآخرهم في البعث ، ومن (الصدّيقين) علي بن أبي طالب ، ولمّا بعثني اللّه عزّوجلّ برسالته كان أوّل من صدّق بي ، ثمّ من (الشهداء)
حمزة وجعفر ومن (الصالحين) الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة ، (وحسن أُولئك رفيقا) المهدي في زمانه(2).
وفي أُصول الكافي : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن فضّال ، عن الحسين بن علوان الكلبي ، عن علي بن الحزور الغنوي ، عن الأصبغ بن نباتة الحنظلي قال : رأيت أمير المؤمنين (عليه السلام) يوم افتتح البصرة وركب بغلة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ، ثمّ قال : أيّها الناس ألا أُخبركم
بخير الخلق يوم يجمعهم اللّه ؟ فقام إليه أبو أيّوب الأنصاري فقال : بلى ياأمير المؤمنين حدّثنا ، فإنّك كنت تشهد ونغيب ، فقال : إنّ خير خلق اللّه يوم يجمعهم اللّه سبعة من ولد عبدالمطّلب لا ينكر فضلهم إلاّ كافر ولا يجحد بهم إلاّ جاحد ، فقام عمّار بن ياسر (رحمه اللّه) فقال : ياأمير المؤمنين ، سمّهم لنا فلنعرفنّهم فقال : إنّ خير الخلق يوم يجمعهم اللّه ، الرسل ، وإنّ أفضل الرسل محمّد (صلّى اللّه عليه
وآله وسلّم) ، وإنّ أفضل كلّ أُمّة بعد نبيّها ، وصيّ نبيّها حتّى يدركه نبيّ ، ألا وأنّ أفضل الأوصياء وصي محمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ، ألا وأنّ أفضل الخلق
ص: 57
بعد الأوصياء الشهداء ، ألا وأنّ أفضل الشهداء حمزة بن عبدالمطّلب ، وجعفر بن أبي طالب ، له جناحان خضيبان يطير بهما في الجنّة لم ينحل أحد من هذه الأُمّة جناحان غيره ، شيء كرّم اللّه به محمّدا (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وشرّفه ، والسبطان الحسن والحسين (عليهما السلام) ، والمهدي يجعله اللّه من شاء منّا أهل البيت ، ثمّ قرأ هذه الآية : «وَمَنْ يُطِعْ اللّه َ - إلى - وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقا»(1).
ص: 58
ص: 59
«ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنْ اللّه ِ وَكَفَى بِاللّه ِ عَلِيما»
سورة النساء
وفي تفسير فرات بن إبراهيم الكوفي : قال حدّثني عبيد بن كثير معنعنا ، عن أصبغ بن نباتة قال : لمّا هزمنا أهل البصرة جاء علي بن أبي طالب (عليه السلام) حتّى استند إلى حائط من حيطان البصرة واجتمعنا حوله وأمير المؤمنين راكب والناس نزول فيدعوا الرجل باسمه فيأتيه حتّى وافاه بها نحو ستّين شيخا كلّهم قد صفروا اللحى وعقصوها وأكثرهم يومئذ من همدان ، فأخذ أمير المؤمنين في طريق من طرق البصرة ونحن معه وعلينا الدروع والمغافر متقلّدين السيوف متنكّبي الأترسة حتّى انتهى إلى دار قوز فدخلنا فإذا فيها نسوة يبكين فلمّا رأينه صحن صيحة واحدة وقلن : هذا قاتل الأحبّة ، فأسكت عنهم ثمّ قال : أين منزل عائشة فأومؤوا إلى حجرة في الدار فحملنا عليا عن دابته فأنزلناه فدخل عليها فلم أسمع من قول علي شيئا إلاّ أنّ عائشة امرأة كانت عالية الصوت فسمعت كهيئة المعاذير إنّي لم أفعل ، ثمّ خرج علينا أمير المؤمنين (عليه السلام) . فحملنا عليا على دابته فعارضت امرأة من قبل الدار فقال : أين صفيّة ؟ قالت : لبّيك ياأمير المؤمنين ، قال : ألا تكفيني عنّي هؤلاء الكلبات التي يزعمن أنّي قتلت الأحبّة ، لو
قتلت الأحبّة لقتلت من في تلك الدار وأومأ بيده إلى ثلاث حجر في الدار فضربنا
ص: 60
بأيدينا على قوائم السيوف وضربنا بأبصارنا إلى الحجر التي أومأ إليها فواللّه ما بقيت في الدار باكية إلاّ سكتت ولا قائمة إلاّ جلست قلت : ياأبا القاسم فمن كان في تلك الثلاث حجر ؟ قال : أمّا واحدة فكان فيها مروان بن الحكم جريحا ومعه شباب قريش جرحى ، وأمّا الثانية فكان فيها عبداللّه بن زبير ومعه آل الزبير جرحى ، وأمّا الثالثة فكان فيها رئيس أهل البصرة يدور مع عائشة أينما دارت قلت : ياأبا القاسم هؤلاء أصحاب القرحة فهلاّ ملتم عليهم بهذه السيوف قال ابن أخي أمير المؤمنين : كان أعلم منك وسعهم أمانه إنّا لمّا هزمنا القوم نادى مناديه لا
يدفف على جريح ولا يتبع مدبر ومن ألقى سلاحه فهو آمن سنّة يستنّ بها بعد يومكم هذا ثمّ مضى ومضينا معه حتّى انتهينا العسكر فقام إليه ناس من أصحاب النبي (صلّى اللّه عليه وآله) منهم أبو أيّوب الأنصاري وقيس بن سعد وعمّار بن ياسر وزيد بن حارثة وأبو ليلى فقال : ألا أُخبركم بسبعة من أفضل الخلق يوم يجمعهم اللّه تعالى ؟ قال أبو أيّوب : بلى واللّه فأخبرنا ياأمير المؤمنين فإنّك كنت
تشهد ونغيب قال : فإنّ أفضل الخلق يوم يجمعهم اللّه سبعة من بني عبدالمطّلب لا ينكر فضلهم إلاّ كافر ولا يجحد إلاّ جاحد ، قال عمّار بن ياسر (رضي اللّه عنه) : ما
اسمهم ياأمير المؤمنين فلنعرفهم ؟ قال : إنّ أفضل الخلق يوم يجمع اللّه الرسل ، وإنّ من أفضل الرسل محمّدا (عليهم الصلاة والسلام) ثمّ أنّ أفضل كلّ أُمّة بعد نبيّها وصيّ نبيّها حتّى يدركه نبي وأنّ أفضل الأوصياء وصيّ محمّد (عليهما السلام) ثمّ أنّ أفضل الناس بعد الأوصياء الشهداء ، وأنّ أفضل الشهداء جعفر بن أبي طالب (رحمه اللّه) ذا جناحين مع الملائكة لم يحلّ بحليته أحد من الآدميين في الجنّة شيء شرّفه اللّه به والسبطان الحسن والحسين سيّدي شباب أهل الجنّة
ص: 61
من ولدت اباهما والمهدي يجعله اللّه من أحبّ منّا أهل البيت ، ثمّ قال : ابشروا ثلاثة من يطع اللّه والرسول «فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّه ُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقا * ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنْ اللّه ِ وَكَفَى بِاللّه ِ عَلِيما»(1).
وقال : حدّثني الحسين بن علي بن بزيع معنعنا ، عن الأصبغ بن نباتة قال : قال علي بن أبي طالب (عليه السلام) : إنّي أُريد أن أذكر حديثا ، قلت : فما يمنعك ياأمير المؤمنين أن تذكره ؟ فقال : ما قلت هذا إلاّ وأنا أُريد أن أذكره ، ثمّ قال : إذا جمع اللّه الأوّلين والآخرين كان أفضلهم سبعة منّا بني عبدالمطّلب ، الأنبياء أكرم
الخلق ونبيّنا أفضل الأنبياء (عليهم السلام) ثمّ الأوصياء أفضل الأُمم ووصيّه أفضل الأوصياء (عليهم السلام) ثمّ الشهداء أفضل الأُمم بعد الأوصياء وحمزة سيّد الشهداء ، وجعفر ذو الجناحين يطير مع الملائكة لم ينحله اللّه شهيدا قط قبله (رحمة اللّه عليهم أجمعين) «أُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّه ُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقا * ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنْ اللّه ِ وَكَفَى بِاللّه ِ عَلِيما» ثمّ السبطان حسنا وحسينا ، والمهدي (عليهم السلام) والتحية والإكرام ، جعلهم اللّه ممّن يشاء أهل البيت (عليهم السلام)(2).
ص: 62
«أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللّه ِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلاَ أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالاْخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنْ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً»
سورة النساء
محمّد بن يعقوب : عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن سنان ، عن أبي الصباح بن عبدالحميد عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
واللّه للذي صنعه الحسن بن علي عليهما السلام كان خيرا لهذه الأُمّة ممّا طلعت عليه الشمس ، فواللّه لقد نزلت هذه الآية : «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ» ، إنّما هي طاعة الإمام وطلبوا القتال ، «فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقِتَالُ» مع الحسين عليه السلام ، «قَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلاَ
ص: 63
أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعْ الرُّسُلَ» أرادوا تأخير ذلك إلى القائم عليه السلام(1).
العيّاشي في تفسيره : باسناده عن إدريس مولى لعبداللّه بن جعفر عن أبي عبداللّه عليه السلام في تفسير هذه الآية : «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ» مع الحسن «وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقِتَالُ» مع الحسين «قَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلاَ أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ» إلى خروج القائم عليه السلام فإنّ معهم النصر والظفر ، قال اللّه : «قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالاْخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنْ اتَّقَى ...» الآية(2)-(3).
ص: 64
«وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوْ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّه ِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمْ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً»
سورة النساء
في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه اللّه عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث طويل وفيه بعد أن ذكر عليه السلام الحجج قال السائل : من هؤلاء الحجج ؟ قال : هم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ومن حلّ محلّه من أصفياء اللّه
الذين قرنهم اللّه بنفسه ورسوله ، وفرض على العباد من طاعتهم مثل الذي فرض عليهم ميثاقا لنفسه ، وهم ولاة الأمر الذين قال اللّه فيهم : «أَطِيعُوا اللّه َ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ»(1) وقال فيهم : «وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ» قال السائل : ما ذاك الأمر ؟ قال عليه السلام : الذي تنزل به الملائكة في الليلة التي يفرق كلّ أمر حكيم من رزق وأجل وعمل
ص: 65
وحياة وموت وعلم غيب السماوات والأرض ، والمعجزات التي لا تنبغي إلاّ للّه وأصفيائه والسفرة بينه وبين خلقه وهم وجه اللّه الذي قال : «فَأَيْنََما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ
اللّه ِ»(1) هم بقيّة اللّه يعني المهدي عليه السلام الذي يأتي عند انقضاء هذه لنظرة فيملأ الأرض قسطا وعدلاً كما ملئت جورا وظلما ، ومن آياته الغيبة والاكتتام عند عموم الطغيان وحلول الانتقام ، ولو كان هذا الأمر الذي عرفتك بيانه للنبي صلّى اللّه عليه وآله دون غيره لكان الخطاب يدلّ على فعل ماض غير دائم ولا مستقبل ولقال نزلت الملائكة وفرق كلّ أمر حكيم ، ولم يقل : تنزل الملائكة ويفرق كل أمر حكيم(2)-(3).
ص: 66
«إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَانا مَرِيدا»
سورة النساء
عن محمّد بن إسماعيل الرازي عن رجل سمّاه عن أبي عبداللّه عليه السلام قال دخل رجل على أبي عبداللّه عليه السلام فقال : السلام عليك ياأمير المؤمنين ، فقام على قدميه فقال : مه ، هذا اسم لا يصلح إلاّ لأمير المؤمنين عليه السلام سمّاه
به ولم يسمّ به أحد غيره فرضى به إلاّ كان منكوحا ، وإن لم يكن به ابتلي ، وهو قول اللّه في كتابه : «إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَانا مَرِيدا»
قال : قلت : فماذا يدعى به قائمكم ؟ فقال يقال له : السلام عليك يابقية اللّه . السلام
عليك يابن رسول اللّه (1).
ص: 67
«وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ»
سورة النساء
قال الإمام الصادق عليه السلام في بيان شباهة الحجّة بعيسى عليهما السلام : إنّ اليهود والنصارى اتّفقت على أنّه قتل ، فكذّبهم اللّه جلّ ذكره بقوله
عزّوجلّ : «وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ» كذلك غيبة القائم ، فإنّ الأُمّة ستنكرها لطولها ، فمن قائل بغير هدى ، بأنّه لم يولد ، وقائل يقول : إنّه ولد ومات وقائل يكفر بقوله : إنّ حادي عشرنا كان عقيما ، وقائل يمرق بقوله : إنّه يتعدّى إلى
ثالث عشر فصاعدا ، وقائل يعصي اللّه عزّوجلّ بقوله : إنّ روح القائم ينطق في هيكل غيره ... الخبر(1).
ص: 68
«بَلْ رَفَعَهُ اللّه ُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّه ُ عَزِيزا حَكِيما»
سورة النساء
وبإسناده إلى أبان بن تغلب ، عن أبي عبداللّه (عليه السلام) ، حديث طويل يذكر فيه القائم (عليه السلام) . وفيه : فإذا نشر راية رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) انحطّ عليه ثلاثة عشر ألف ملك ، وثلاثة عشر ملكا كلّهم ينتظر القائم (عليه السلام) وهم الذين كانوا مع نوح (عليه السلام) في السفينة والذين كانوا مع إبراهيم الخليل (عليه السلام) حين أُلقي في النار وكانوا - قيل - مع عيسى (عليه السلام) حيث رفع(1).
ص: 69
«وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدا»
سورة النساء
علي بن إبراهيم : قال حدّثني أبي عن القاسم بن محمّد عن سليمان بن داود المنقري ، عن أبي حمزة ، عن شهر بن حوشب قال لي الحجّاج ياشهر آية في كتاب اللّه قد أعيتني ، فقلت : أيّها الأمير أيّة آية هي ؟ فقال : قوله : «وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ» واللّه إنّي لآمر باليهودي والنصراني فيضرب عنقه ، ثمّ أرمقه بعيني فما أراه يحرّك شفتيه حتّى يخمد فقلت : أصلح اللّه الأمير
ليس على ما [ ت- ] أوّلت ، قال : كيف هو ؟
قلت : إنّ عيسى ينزل قبل يوم القيامة إلى الدنيا فلا يبقى أهل ملّة يهودي ولا غيره [ نصراني ] إلاّ آمن به قبل موته ويصلّي خلف المهدي .
قال : ويحك .. أنّى لك هذا ومن أين جئت [ به ] ؟
فقلت : حدّثني به محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام .
فقال : جئت بها واللّه من عين صافية(1)-(2).
ص: 70
«الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ»
سورة المائدة
العياشي : عن عمرو بن شمر ، عن جابر قال : قال أبو جعفر عليه السلام في هذه الآية «الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ» يوم يقوم القائم عليه السلام يئس بنو أُميّة فهم الذين كفروا يئسوا من آل محمّد عليهم السلام(1).
ص: 71
«وَلَقَدْ أَخَذَ اللّه ُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمْ اثْنَىْ عَشَرَ نَقِيبا»
سورة المائدة
روى العلاّمة المحدّث البحراني في (غاية المرام) عن أبي الحسن الفقيه محمّد بن علي بن شاذان في (المناقب المائة من طريق العامّة) بحذف الاسناد ، قالوا : عن ابن عبّاس قال : سمعت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وسلّم) يقول [ في حديث ] :
« من سرّه ليقتدي بي فعليه أن يتوالى ولاية علي بن أبي طالب والأئمّة من ذرّيتي فإنّهم خزّان علمي » .
فقام جابر بن عبداللّه الأنصاري فقال : يارسول اللّه ما عدّة الأئمّة ؟
قال (صلّى اللّه عليه وسلّم) : ياجابر عدّتهم [ إلى أن قال ] :
عدّة نقباء بني اسرائيل ، قال اللّه تعالى :
«وَلَقَدْ أَخَذَ اللّه ُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمْ اثْنَىْ عَشَرَ نَقِيبا» .
فالأئمّة ياجابر اثني عشر إماما أوّلهم علي بن أبي طالب وآخرهم (القائم)(1)-(2).
ص: 72
«وَمِنْ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ»
سورة المائدة
محمّد بن يعقوب : عن علي بن إبراهيم ، عن إسماعيل بن محمّد المكّي ، عن علي بن الحسن ، عن عمرو بن عثمان ، عن الحسين بن خالد ، عن من ذكره ، عن أبي الربيع الشامي قال : قال لي أبو عبداللّه عليه السلام :
لا تشتر من السودان أحدا ، فإن كان فلابدّ فمن النوبة ، فإنّهم من الذين قال اللّه عزّوجلّ : «وَمِنْ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ» [ أما إنّهم ] سيذكرون ذلك الحظ ، وسيخرج مع القائم عليه السلام منّا عصابة منهم ، ولا تنكحوا من ... أحدا فإنّهم جنس من الجن كشف عنهم الغطاء(1)-(2).
ص: 73
«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّه ُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّه ِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لاَئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّه ِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللّه ُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ»
سورة المائدة
محمّد بن إبراهيم : المعروف بابن أبي زينب النعماني في كتاب الغيبة : قال : أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة ، قال : حدّثنا الحسن بن علي [ علي بن الحسن ] بن فضال (قال : حدّثنا محمّد بن عمرو ومحمّد بن الوليد) قال : حدّثنا ]محمّد بن حمزة ومحمّد بن سعيد ، قالا : حدّثنا ] حمّاد بن عثمان ، عن سليمان بن هارون العجلي ، قال : سمعت أبا عبداللّه يقول [ قال : أبو عبداللّه
عليه السلام ] :
إنّ صاحب هذا الأمر محفوظ له [ أصحابه ] ولو ذهب الناس جميعا أتى اللّه بأصحابه ، وهم الذين قال اللّه [ عزّوجلّ ] : «فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاَءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا
ص: 74
قَوْما لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ»(1) وهم الذين قال اللّه [ عزّوجلّ فيهم ] «فَسَوْفَ يَأْتِي اللّه ُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ»(2).
العياشي : باسناده عن سليمان بن هارون قال : قلت له إنّ بعض هؤلاء العجلية يقول : [ العجلة يزعمون ] إنّ سيف رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم عند عبداللّه بن الحسن ! ... .
فقال : واللّه ما رآه ولا أبوه بواحدة من عينيه ، إلاّ أن يكون رآه أبوه عند الحسين عليه السلام وإنّ صاحب هذا الأمر محفوظ له ، فلا تذهبنّ يمينا ولا شمالاً ، فإنّ الأمر واللّه واضح ، واللّه لو أنّ أهل السماء والأرض اجتمعوا على أن
يحولوا هذا الأمر من موضعه الذي وضعه اللّه فيه ما استطاعوا ، ولو أنّ الناس كفروا
جميعا حتّى لا يبقى أحد ، لجاء اللّه لهذا الأمر بأهل يكو [ نو ] ن من أهله ، ثمّ قال : أما تسمع اللّه يقول : «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّه ُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ» حتّى فرغ من الآية ، وقال في آية أُخرى : «فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاَءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْما لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ» ثمّ قال : إنّ [ أهل ] هذه الآية هم أهل تلك الآية(3)-(4).
وعنه قال : أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد ، قال : حدّثنا يحيى(5) بن
ص: 75
زكريا بن شيبان ، قال حدّثنا يوسف بن كليب قال : حدّثنا الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي حمزة الثمالي قال : سمعت أبا جعفر محمّد بن علي عليه السلام يقول : لو خرج قائم آل محمّد عليهم لاسلام لينصره اللّه بالملائكة المسوّمين والمردفين والمنزلين والكروبين يكون جبرئيل أمامه ، وميكائيل عن يمينه ، وإسرافيل عن يساره ، والرعب مسيرة شهر أمامه ، وخلفه ، وعن يمينه وعن شماله ، والملائكة المقرّبون حذائه ، أوّل من(1) بايعه محمّد
رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وعلي عليه السلام الثاني ، ومعه سيف مخترط
يفتح اللّه له الروم ، والصين والترك ، والديلم ، والسند ، والهند ، وكابل شاه والخزر
- ياأبا حمزة لا يقوم القائم عليه السلام إلاّ على خوف شديد وزلزال وفتنة وبلاء يصيب الناس ، وطاعون قبل ذلك ، وسيف قاطع بين العرب ، وإختلاف شديد من الناس ، وتشتّت في دينهم ، وتغيّر في حالهم حتّى يتمنّى المتمنّي الموت صباحا ومساءً من عظم ما يرى من كلب(2) الناس ، وأكل بعضهم بعضا ، وخروجه إذا خرج عند الاياس والقنوط ، فياطوبى لمن أدركه وكان من أنصاره ، والويل كلّ الويل لمن ناواه وخالف أمره وكان من أعدائه .
ثمّ قال : يقوم بأمر جديد ، وكتاب جديد ، وسنّة جديدة ، وقضاء جديد
ص: 76
على العرب شديد ، ليس شأنه إلاّ القتل ، لا يستتيب(1) أحدا ولا [ تأخذه في اللّه لومة لائم (2)].
محمّد بن يعقوب ، باسناده عن إسحاق بن محمّد النخعي ، قال : حدّثني الحسن بن ظريف أنّه سأل أبا محمّد عليه السلام عن قضاء القائم عليه السلام فجاء الجواب إذا قام قضى بعلمه كقضاء داود عليه السلام لا يسأل البيّنة(3).
ص: 77
«يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّه ُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ إِنَّ اللّه َ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ»
سورة المائدة
خطب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله في يوم الغدير خم خطبة رويت بسند متواتر وليس الإسلام حديث بعد حديث بعثه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أكثر تواترا من حديث الغدير فقد رواها أكثر المهاجرين والأنصار والتابعين والرواة رغم أنّ الاتّجاه السياسي يمنع من روايته فقد ألّف العلماء من الكتب المستقلّة في تدقيق نصّه وأسانيده ومنها :
كتاب الاحتجاج للطبرسي (رحمه اللّه) بإسناده إلى محمّد بن علي الباقر (عليهما السلام) أنّه قال : حجّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) من المدينة وقد بلّغ جميع الشرائع قومه غير الحجّ والولاية ، فأتاه جبرئيل (عليه السلام) فقال له : يامحمّد إنّ اللّه عزّوجلّ يقرئك السلام ويقول لك : إنّي لم أقبض نبيّا من أنبيائي
ولا رسولاً من رسلي إلاّ بعد إكمال ديني وتأكيد حجّتي وقد بقي عليك من ذلك فريضتان ممّا يحتاج أن تبلّغهما قومك : فريضة الحجّ ، وفريضة الولاية والخلافة
ص: 78
من بعدك ، فإنّي لم أُخل أرضي من حجّة ولن أخليها أبدا ، فإنّ اللّه يأمرك أن تبلّغ قومك الحجّ وتحجّ ويحجّ معك كلّ من استطاع إليه سبيلاً من أهل الحضر والأطراف والأعراب وتعلّمهم من معالم حجّهم مثل ما علّمتهم من صلاتهم وزكاتهم وصيامهم وتوقفهم من ذلك على مثال الذي أوقفتهم عليه من جميع ما بلّغتهم من الشرائع .
فنادى منادي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) في الناس : ألا أنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يريد الحجّ وأن يعلّمكم من ذلك مثل الذي علّمكم من شرائع دينكم ويوقفكم من ذلك على ما أوقفكم عليه من غيره ، فخرج رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وخرج معه الناس وأصغوا إليه لينظروا ما يصنع فيصنعوا مثله ، فحجّ بهم وبلغ من حجّ مع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) من أهل المدينة
وأهل الأطراف والأعراب سبعين ألف إنسان أو يزيدون على نحو عدد أصحاب موسى (عليه السلام) السبعين ألف الذين أخذ عليهم بيعة هارون (عليه السلام) فنكثوا واتّبعوا العجل والسامري ، وكذلك رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أخذ البيعة لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) بالخلافة على عدد أصحاب موسى (عليه السلام) فنكثوا البيعة واتّبعوا العجل سنّة بسنّة ومثلاً بمثل ، واتّصلت التلبية ما بين مكّة والمدينة . فلمّا وقف بالموقف أتاه جبرئيل (عليه السلام) عن اللّه تعالى فقال : يامحمّد إنّ اللّه عزّوجلّ يقرئك السلام ويقول لك : إنّه قد دنا أجلك ومدّتك وأنا مستقدمك على ما لابدّ منه ولا عنه محيص ، فاعهد عهدك وقدّم وصيّتك وأعمد إلى ما عندك من العلم وميراث علوم الأنبياء من قبلك والسلاح والتابوت وجميع ما عندك من آيات الأنبياء (عليهم السلام) فسلّمها إلى وصيّك
ص: 79
وخليفتك من بعدك حجّتي البالغة على خلقي علي بن أبي طالب (عليه السلام) فأقمه للناس علما وجدّد عهده وميثاقه وبيعته وذكّرهم ما أخذت عليهم من بيعتي وميثاقي الذي واثقتهم به وعهدي الذي عهدت إليهم من ولاية وليّي ومولاهم ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، فإنّي لم أقبض نبيا من الأنبياء إلاّ من بعد إكمال ديني وإتّمام نعمتي بولاية أوليائي ومعاداة أعدائي ، وذلك كمال توحيدي وديني وإتمام نعمتي على خلقي باتّباع وليّي وطاعته وذلك أنّي لا أترك أرضي بغير ولي ولا قيّم ليكون حجّة لي على خلقي ف- «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ» الآية بولاية وليّي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة علي عبدي ووصي نبي والخليفة من بعده وحجّتي البالغة على خلقي ، مقرون طاعته بطاعة محمّد نبيّي ومقرون طاعته مع طاعة محمّد بطاعتي ، من أطاعه فقد أطاعني ومن عصاه فقد عصاني ، جعلته علما بيني وبين خلقي ، من عرفه كان مؤمنا ومن أنكره كان كافرا ومن أشرك ببيعته كان مشركا ومن لقيني بولايته دخل الجنّة ومن لقيني بعداوته دخل النار ، فأقم يامحمّد عليّا علما وخذ عليهم البيعة وجدّد عليهم عهدي وميثاقي لهم الذي واثقتهم عليه فإنّي قابضك إليّ ومستقدمك عليَّ .
فخشي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) من قومه وأهل النفاق والشقاق أن يتفرّقوا ويرجعوا إلى الجاهلية لما عرف من عداوتهم ولما تنطوي عليه أنفسهم لعلي (عليه السلام) من البغضة ، وسأل جبرئيل أن يسأل ربّه العصمة من الناس وانتظر أن يأتيه جبرئيل بالعصمة من الناس من اللّه جلّ اسمه ، فأخّر ذلك إلى أن بلغ مسجد الخيف ، فأتاه جبرئيل (عليه السلام) في مسجد الخيف فأمره أن يعهد عهده ويقيم عليا للناس ولم يأته بالعصمة من اللّه جلّ جلاله الذي أراد حتّى أتى
ص: 80
كراع الغميم بين مكّة والمدينة فأتاه جبرئيل (عليه السلام) وأمره بالذي أتاه به من قبل اللّه ولم يأته بالعصمة فقال : ياجبرئيل إنّي أخشى قومي أن يكذّبوني ولا يقبلوا قولي في علي ، فرحل فلمّا بلغ غدير خم قبل الجحفة بثلاثة أميال أتاه جبرئيل على خمس ساعات مضت من النهار بالزجر والانتهار والعصمة من الناس فقال : يامحمّد إنّ اللّه عزّوجلّ يقرئك السلام ويقول لك : «يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ - في علي - وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّه ُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ» .
وكان أوائلهم قريب من الجحفة فأمره بأن يرد من تقدّم منهم ويحبس من تأخّر عنهم في ذلك المكان ليقيم عليا للناس ويبلّغهم ما أنزل اللّه تعالى في علي (عليه السلام) وأخبره بأنّ اللّه عزّوجلّ قد عصمه من الناس ، فأمر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) عندما جاءته العصمة مناديا ينادي في الناس بالصلاة جامعة ويردّ من تقدّم منهم ويحبس من تأخّر فتنحّى عن يمين الطريق إلى جنب مسجد الغدير أمره بذلك جبرئيل (عليه السلام) عن اللّه عزّوجلّ وفي الموضع سلمات(1) فأمر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أن يقمّ ما تحتهنّ(2) وينصب له أحجار كهيئة المنبر ليشرف على الناس ، فتراجع الناس واحتبس أواخرهم في ذلك المكان لا يزالون ، فقام رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فوق تلك الأحجار ثمّ
حمد اللّه تعالى وأثنى عليه فقال : الحمد للّه الذي علا في توحّده ، ودنا في تفرّده ، وجلّ في سلطانه ، وعظم في أركانه ، وأحاط بكلّ شيء علما وهو في مكانه ،
ص: 81
وقهر جميع الخلق بقدرته وبرهانه مجيدا لم يزل محمودا لا يزال ، بارئ المسموكات(1) وداحي المدحوات وجبّار الأرضين والسماوات ، سبّوح قدّوس ربّ الملائكة والروح ، متفضّل على جميع من برأه ، متطوّل على من أدناه(2) يلحظ كلّ عين والعيون لا تراه ، كريم حليم ذو أناة ، قد وسع كلّ شيء برحمته ومنّ عليهم بنعمته ، لا يعجل بانتقامه ولا يبادر إليهم بما استحقّوا من عذابه ، قذفهم السرائر وعلم الضمائر ، ولم تخف عليه المكنونات ، ولا اشتبهت عليه الخفيات ، له الإحاطة بكلّ شيء ، والغلبة على كلّ شيء ، والقوّة في كلّ شيء ، والقدرة على كلّ شيء ، ليس مثله شيء ، وهو منشئ الشيء حين لا شيء ، دائم قائم بالقسط لا إله إلاّ هو العزيز الحكيم ، جلّ من أن تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير ، لا يلحق أحد وصفه من معاينة ، ولا يجد أحد كيف هو من سرّ وعلانية إلاّ بما دلّ عزّوجلّ على نفسه .
وأشهد بأنّه اللّه الذي ملأ الدهر قدسه ، والذي يغشي الأبد نوره ، والذي ينفذ أمره بلا مشاورة مشير ، ولا معه شريك في تقدير ولا تفاوت في تدبير ، صوّر ما أبدع على غير مثال ، وخلق الخلق بلا معونة من أحد ولا تكلّف ولا احتيال ، أنشأها فكانت وبرأها فبانت ، فهو اللّه الذي لا إله إلاّ هو المتقن الصنعة ، الحسن
الصنيعة ، العدل الذي لا يجور ، والأكرم الذي ترجع إليه الأُمور .
وأشهد أنّه الذي تواضع كلّ شيء لقدرته ، وخضع كلّ شيء لهيبته ، مالك الأملاك ومفلك الأفلاك ، ومسخّر الشمس والقمر كلّ يجري لأجل مسمّى ، يكوّر
ص: 82
الليل على النهار ويكوّر النهار على الليل يطلبه حثيثا ، قاسم كلّ جبّار عنيد ، ومهلك كلّ شيطان مريد ، لم يكن معه ضدّ ولا ندّ ، أحد صمد ، لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد ، إله واحد ، وربّ ماجد ، يشاء فيمضي ، ويريد فيقضي ، ويعلم فيحصي ، ويميت ويحيي ، ويفقر ويغني ، ويضحك ويبكي ، ويدني ويقصي ، ويمنع ويعطي .
له الملك وله الحمد بيده الخير وهو على كلّ شيء قدير ، يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل ، لا إله إلاّ هو العزيز الغفّار ، مستجيب الدعاء ، ومجزل
العطاء ، محصي الأنفاس ، وربّ الجنّة والناس ، لا يشتكل عليه شيء ، ولا يضجره صراخ المستصرخين ، ولا يبرمه إلحاح الملحّين ، العاصم للصالحين ، والموفّق للمفلحين ، ومولى العالمين ، الذين استحقّ من كلّ من خلق أن يشكره ويحمده على السرّاء والضرّاء والشدّة والرخاء ، وأُؤمن به وبملائكته وكتبه ورسله ، أسمع أمره وأطيع وأُبادر إلى كلّ ما يرضاه ، وأستسلم لقضائه رغبة في طاعته وخوفا من عقوبته ، لأنّه اللّه الذي لا يؤمن مكره ولا يخاف جوره ، وأُقرّ له
على نفسي بالعبودية ، وأشهد له بالربوبية ، وأُؤدّي ما أُوحي إليّ حذرا من أن لا أفعل فتحلّ بي منه قارعة لا يدفعها عنّي أحد وإن عظمت حيلته ، لا إله إلاّ هو ، لأنّه
قد أعلمني أنّي إن لم أُبلّغ ما أُنزل إليّ فما بلّغت رسالته وقد ضمن لي تبارك وتعالى العصمة ، وهو الكافي الكريم ، فأوحى إليّ : بسم اللّه الرحمن الرحيم «يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ - في علي - وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّه ُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ» معاشر الناس : ما قصّرت في تبليغ ما أنزله وأنا مبيّن لكم سبب هذه الآية : إنّ جبرئيل (عليه السلام) هبط إليّ مرارا ثلاثا يأمر عن السلام
ص: 83
ربّي وهو السلام أن أقوم في هذا المشهد فأُعلم كلّ أبيض وأسود أنّ علي بن أبي طالب أخي ووصيّي وخليفتي والإمام من بعدي ، الذي محلّه منّي محلّ هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي ، وهو وليّكم بعد اللّه ورسوله ، وقد أنزل اللّه تبارك
وتعالى عليَّ بذلك آية من كتابه «إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللّه ُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ» وعلي بن أبي طالب أقام الصلاة وآتى الزكاة وهو راكع يريد اللّه عزّوجلّ في كلّ حال ، وسألت جبرئيل (عليه السلام) أن يستعفي لي عن تبليغ ذلك إليكم - أيّها الناس - لعلمي بقلّة المتّقين وكثرة المنافقين وإدغال(1) الآثمين وختل(2) المستهزئين بالإسلام الذين وصفهم اللّه في كتابه بأنّهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ويحسبونه هيّنا وهو عند اللّه عظيم ، وكثرة أذاهم لي غير مرّة حتّس سمّوني أُذنا(3)، وزعموا أنّي كذلك لكثرة ملازمته إيّاي وإقبالي عليه حتّى أنزل اللّه عزّوجلّ في ذلك «وَمِنْهُمْ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِىَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ - على الذين يزعمون أنّه أُذُن - خَيْرٍ لَكُمْ» الآية(4)، ولو شئت أن أُسمّي بأسمائهم لسمّيت ، وأن أُومي إليهم بأعيانهم لأومأت ، وأن أدلّ عليهم لدللت ، ولكنّي واللّه في أُمورهم قد تكرّمت ، وكلّ ذلك لا يرضى اللّه
منّي إلاّ أن أُبلّغ ما أُنزل إليّ ، ثمّ تلا (عليه السلام) : «يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ - في علي - وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّه ُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ»
ص: 84
فاعلموا معاشر الناس أنّ اللّه قد نصبه لكم وليا وإماما مفترضا طاعته على المهاجرين والأنصار وعلى التابعين لهم بإحسان وعلى البادي والحاضر وعلى الأعجمي والعربي والحرّ والمملوك والصغير والكبير وعلى الأبيض والأسود وعلى كلّ موحّد ، ماضٍ حكمه جائز قوله نافذ أمره ملعون من خالفه مرحوم من تبعه ومن صدّقه فقد غفر اللّه له ولمن سمع منه وأطاع له .
معاشر الناس إنّه آخر مقام أقومه في هذا المشهد فاسمعوا وأطيعوا وانقادوا لأمر ربّكم ، وإنّ اللّه عزّوجلّ هو ربّكم ووليّكم وإلهكم ، ثمّ من دونه رسوله محمّد
وليّكم القائم المخاطب لكم ، ثمّ من بعدي علي وليّكم وإمامكم بأمر اللّه ربّكم ، ثمّ
الإمامة في ذرّيتي من ولده إلى يوم القيامة إلى يوم تلقون اللّه ورسوله ، لا حلال إلاّ
ما أحلّه اللّه ، ولا حرام إلاّ ما حرّمه اللّه ، عرّفني الحلال والحرام وأنا أفضيت لما علّمني ربّي من كتابه وحلاله وحرامه إليه .
معاشر الناس ما من علم إلاّ وقد أحصاه اللّه فيّ ، وكلّ علم علمته فقد أحصيته في علي إمام المتّقين ، ما من علم إلاّ وقد علّمته عليا وهو الإمام المبين .
معاشر الناس لا تضلّوا عنه ولا تنفروا منه ولا تستنكفوا من ولايته ، فهو الذي يهدي إلى الحقّ ويعمل به ويزهق الباطل وينهى عنه ولا تأخذه في اللّه لومة لائم ، ثمّ إنّه أوّل من آمن باللّه ورسوله ، والذي فدى رسول اللّه بنفسه ، والذي كان مع رسول اللّه ولا أحد يعبد اللّه مع رسوله من الرجال غيره .
معاشر الناس فضّلوه فقد فضّله اللّه ، واقبلوه فقد نصبه اللّه .
معاشر الناس إنّه إمام من اللّه ، ولن يتوب اللّه على أحد أنكر ولايته ، ولن يغفر اللّه له حتما ، على اللّه أن يفعل ذلك بمن خالف أمره فيه وأن يعذّبه عذابا
ص: 85
نكرا أبد الآباد ودهر الدهور ، فاحذروا أن تخالفوه فتصلوا نارا وقودها الناس والحجارة أُعدّت للكافرين .
أيّها الناس بي واللّه بشّر الأوّلون من النبيين والمرسلين ، وأنا خاتم الأنبياء والمرسلين والحجّة على جميع المخلوقين من أهل السماوات والأرضين ، فمن شكّ في ذلك فهو كافر كفر الجاهلية الأُولى ، ومن شكّ في شيء من قولي هذا فقد شكّ في الكلّ منه ، والشاكّ في الكلّ فله النار .
معاشر الناس حباني اللّه بهذه الفضيلة منّا منه عليَّ وإحسانا منه إليَّ ، ولا إله إلاّ هو له الحمد منّي أبد الآبدين ودهر الداهرين على كلّ حال .
معاشر الناس فضّلوا عليا فإنّه أفضل الناس بعدي من ذكر أو أُنثى ، بنا أنزل اللّه الرزق وبقي الخلق ، ملعون ملعون مغضوب مغضوب من ردّ قولي هذا ولم يوافقه ، ألا أنّ جبرئيل خبّرني عن اللّه تعالى بذلك ويقول : من عادى عليا ولم يتولّه فعليه لعنتي وغضبي ، فلتنظر نفس ما قدّمت لغد واتّقوا اللّه أن تخالفوه فتزلّ
قدم بعد ثبوتها إنّ اللّه خبير بما تعملون .
معاشر الناس إنّه جنب اللّه نزل(1) في كتابه «يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللّه ِ» .
معاشر الناس تدبّروا القرآن وافهموا آياته وانظروا إلى محكماته ولا تتّبعوا متشابهه ، فواللّه لن يبيّن لكم زواجره ولا يوضّح لكم تفسيره إلاّ الذي أنا آخذ بيده
ومصعّده إليّ وشائل بعضده ومعلمكم ، ألا من كنت مولاه فهذا علي مولاه ، وهو
ص: 86
علي بن أبي طالب أخي ووصيّي ، وموالاته من اللّه عزّوجلّ أنزلها عليَّ .
معاشر الناس إنّ عليا والطيبين من ولدي هم الثقل الأصغر ، والقرآن هو الثقل الأكبر ، فكلّ واحد منبئ عن صاحبه وموافق له لن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوض ، أُمناء اللّه في خلقه ، وحكّامه في أرضه ، ألا وقد أدّيت ، ألا وقد بلّغت ،
ألا وقد أسمعت ، ألا وقد أوضحت ، ألا وأنّ اللّه عزّوجلّ قال وأنا قلت عن اللّه عزّوجلّ ، ألا إنّه ليس أمير المؤمنين غير أخي هذا ، ولا تحلّ إمرة المؤمنين بعدي لأحد غيره .
ثمّ ضرب بيده إلى عضده فرفعه ، وكان منذ أوّل ما صعد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) شال عليا حتّى صارت رجله مع ركبة رسول اللّه ثمّ قال :
معاشر الناس هذا علي أخي ، ووصيّي ، وواعي علمي ، وخليفتي على أُمّتي ، وعلى تفسير كتاب اللّه عزّوجلّ ، والداعي إليه ، والعامل بما يرضاه ، والمحارب لأعدائه ، والموالي على طاعته ، والناهي عن معصيته ، خليفة رسول اللّه ، وأمير المؤمنين ، والإمام الهادي ، وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين بأمر
اللّه أقول ما يبدّل القول لديّ بأمر ربّي أقول اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه
والعن من أنكره واغضب على من جحد حقّه ، اللهمّ إنّك أنزلت عليَّ أنّ الإمامة لعلي وليّك عند تبياني ذلك ونصبي إيّاه بما أكملت لعبادك من دينهم وأتممت عليهم نعمتك ورضيت لهم الإسلام دينا فقلت : «وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الاْءِسْلاَمِ دِينا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الاْخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ»(1) اللهمّ إنّي أُشهدك إنّي قد بلّغت .
ص: 87
معاشر الناس إنّما اللّه عزّوجلّ أكمل دينكم بإمامته ، فمن لم يأتمّ به وبمن يقوم مقامه من ولدي من صلبه إلى يوم القيامة والعرض على اللّه عزّوجلّ فأُولئك حبطت أعمالهم وفي النار هم خالدون ، لا يخفّف عنهم العذاب ولا هم ينظرون .
معاشر الناس هذا علي أنصركم لي ، وأحقّكم بي ، وأقربكم إليّ ، وأعزّكم عليَّ ، واللّه عزّوجلّ وأنا عنه راضيان ، وما نزلت آية رضى إلاّ فيه ، وما خاطب اللّه
الذين آمنوا إلاّ بدأ به ، ولا نزلت آية مدح في القرآن إلاّ فيه ، ولا شهد اللّه بالجنّة في «هَلْ أَتَى عَلَى الاْءِنسَانِ»(1) إلاّ له ، ولا أنزلها في سواه ، نبيّكم خير نبي ، ووصيّكم خير وصي ، وبنوه خير الأوصياء .
معاشر الناس ذرّية كلّ نبي من صلبه وذرّيتي من صلب علي .
معاشر الناس إنّ إبليس أخرج آدم من الجنّة بالحسد فلا تحسدوه فتحبط أعمالكم وتزلّ أقدامكم ، فإنّ آدم (عليه السلام) أُهبط إلى الأرض بخطيئة واحدة وهو صفوة اللّه عزّوجلّ فكيف بكم وأنتم أنتم ومنكم أعداء اللّه ، ألا أنّه لا يبغض
عليا إلاّ شقي ، ولا يتولّى عليا إلاّ تقي ، ولا يؤمن به إلاّ مؤمن مخلص ، وفي علي واللّه أُنزلت سورة العصر «بِسْمِ اللّه ِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَالْعَصْرِ»(2) إلى آخره .
معاشر الناس قد استشهدت اللّه وبلّغتكم رسالتي «وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ»(3).
ص: 88
معاشر الناس «اتَّقُوا اللّه َ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ»(1).
معاشر الناس آمنوا باللّه ورسوله والنور الذي أُنزل معه من قبل أن نطمس وجوها فنردّها على أدبارها .
معاشر الناس النور من اللّه عزّوجلّ في مسلوك ثمّ في علي (عليه السلام) ثمّ في النسل منه إلى القائم المهدي الذي يأخذ بحقّ اللّه وبكلّ حقّ هو لنا ، لأنّ اللّه
عزّوجلّ قد جعلنا حجّة على المقصّرين والمعاندين والمخالفين والخائنين والآثمين والظالمين من جميع العالمين .
معاشر الناس إنّي أُنذركم أنّي رسول اللّه قد خلت من قبلي الرسل فإن مت أو قتلت انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضرّ اللّه شيئا وسيجزي اللّه الشاكرين ، ألا وأنّ عليا الموصوف بالصبر والشكر ، ثمّ من بعده ولي من صلبه .
معاشر الناس لا تمنّوا على اللّه تعالى إسلامكم فيسخط عليكم ويصيبكم بعذاب من عنده إنّه لبالمرصاد .
معاشر الناس سيكون من بعدي أئمّة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون .
معاشر الناس إنّ اللّه وأنا بريئان منهم .
معاشر الناس إنّهم وأشياعهم وأتباعهم وأنصارهم في الدرك الأسفل من النار ولبئس مثوى المتكبّرين ، ألا إنّهم أصحاب الصحيفة فلينظر أحدكم في
ص: 89
صحيفته ، قال : فذهب على الناس إلاّ شرذمة منهم أمر الصحيفة .
معاشر الناس إنّي أدعها إمامة ووراثة في عقبي إلى يوم القيامة ، وقد بلّغت ما أُمرت بتبليغه حجّة على كلّ حاضر وغائب وعلى كلّ أحد ومن شهد أو لم يشهد ولد أو لم يولد ، فليبلّغ الحاضر الغائب والوالد الولد إلى يوم القيامة وسيجعلونها ملكا واغتصابا ألا لعن اللّه الغاصبين والمغتصبين ، وعندها سنفرغ لكم أيّها الثقلان فيرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران .
معاشر الناس إنّ اللّه عزّوجلّ لم يكن يذركم على ما أنتم عليه حتّى يميّز الخبيث من الطيّب ، وما كان اللّه ليطلعكم على الغيب .
معاشر الناس إنّه ما من قرية إلاّ واللّه ملهكها بتكذيبها ، وكذلك يهلك القرى وهي ظالمة ، كما ذكر اللّه تعالى ، وهذا إمامكم ووليّكم وهو مواعيد اللّه ، واللّه
يصدق ما وعده .
معاشر الناس قد ضلّ قبلكم أكثر الأوّلين ، واللّه لقد أهلك الأوّلين وهو مهلك الآخرين .
معاشر الناس إنّ اللّه قد أمرني ونهاني وقد أمرت عليا ونهيته ، فعلم الأمر والنهي من ربّه عزّوجلّ فاسمعوا لأمره تسلموا ، وأطيعوه تهتدوا ، وانتهوا لنهيه ترشدوا ، وصيروا إلى مراده ولا تتفرّق بكم السبل عن سبيله .
أنا صراط اللّه المستقيم الذي أمركم باتّباعه ، ثمّ علي من بعدي ، ثمّ ولدي من صلبه أئمّة يهدون بالحقّ وبه يعدلون ، ثمّ قرأ (صلّى اللّه عليه وآله) : «الْحَمْدُ للّه ِِ
رَبِّ الْعَالَمِينَ» إلى آخرها وقال : فيّ نزلت وفيهم نزلت ، ولهم عمّت وإيّاهم خصّت ، أُولئك أولياء اللّه لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، ألا أنّ حزب اللّه هم
ص: 90
الغالبون ، ألا أنّ أعداء علي هم أهل الشقاق العادون وإخوان الشياطين الذين يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا .
ألا أنّ أولياءهم المؤمنون الذين ذكرهم اللّه في كتابه فقال عزّوجلّ «لاَ تَجِدُ قَوْما يُؤْمِنُونَ بِاللّه ِ وَالْيَوْمِ الاْخِرِ»(1) الآية ، ألا أنّ أولياءهم الذين وصفهم اللّه عزّوجلّ فقال : «الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمْ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ»(2) ألا أنّ أولياءهم هم الذين يدخلون الجنّة آمنين وتتلقّاهم الملائكة بالتسليم أن طبتم فادخلوها خالدين .
ألا أنّ أولياءهم الذين قال اللّه عزّوجلّ : «يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ»(3).
ألا أنّ أعداءهم الذين يصلون سعيرا .
ألا أنّ أعداءهم الذين يسمعون لجهنّم شهيقا وهي تفور ولها زفير «كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا»(4) الآية .
ألا أنّ أعداءهم الذين قال اللّه عزّوجلّ : «كُلَّمَا أُلْقِىَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ»(5) الآية .
ألا أنّ أولياءهم «الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ»(6).
ص: 91
معاشر الناس شتّان ما بين السعير والجنّة ، عدوّنا من ذمّه اللّه ولعنه ، ووليّنا من أحبّه اللّه ومدحه .
معاشر الناس ألا وأنّي منذر وعلي هاد .
معاشر الناس إنّي نبي وعلي وصيّي ، ألا وأنّ خاتم الأئمّة منّا القائم المهدي (صلوات اللّه عليه) ، ألا أنّه الظاهر على الدين ، ألا أنّه المنتقم من الظالمين ، ألا أنّه فاتح الحصون وهادمها ، ألا أنّه قاتل كلّ قبيلة من أهل الشرك ، ألا أنّه مدرك كلّ ثار
لأولياء اللّه عزّوجلّ ، ألا أنّه ناصر دين اللّه عزّوجلّ ، ألا أنّه الغرّاف من بحر عميق ، ألا أنّه يسمّ كلّ ذي فضل بفضله وكلّ ذي جهل بجهله ، ألا أنّه خيرة اللّه ومختاره ،
ألا أنّه وارث كلّ علم والمحيط به ، ألا أنّه المخبر عن ربّه عزّوجلّ والمنبّه بأمر
إيمانه ، ألا أنّه الرشيد السديد ، ألا أنّه المفوّض إليه ، ألا أنّه قد بشّر به من سلف بين يديه ، ألا أنّه الباقي حجّة ولا حجّة بعده ، ولا حقّ إلاّ معه ، ولا نور إلاّ عنده ، ألا أنّه لا غالب له ولا منصور عليه ، ألا أنّه ولي اللّه في أرضه ، وحكمه في خلقه ، وأمينه في سرّه وعلانيته .
معاشر الناس قد بيّنت لكم وأفهمتكم ، وهذا علي يفهمكم بعدي ، ألا وأنّي عند انقضاء خطبتي أدعوكم إلى مصافقتي على بيعته والإقرار به ثمّ مصافقته من بعدي ، ألا وإنّي قد بايعت اللّه وعلي قد بايعني ، وأنا آخذكم بالبيعة له عن اللّه
عزّوجلّ «فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ»(1).
معاشر الناس : «إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللّه ِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوْ اعْتَمَرَ»(2)
ص: 92
الآية .
معاشر الناس حجّوا البيت ، فما ورده أهل بيت إلاّ استغنوا ، ولا تخلّفوا عنه إلاّ افتقروا .
معاشر الناس ما وقف بالموقف مؤمن إلاّ غفر اللّه له ما سلف من ذنبه إلى وقته ذلك ، فإذا انقضت حجّته استأنف عمله .
معاشر الناس الحجّاج معاونون ونفقاتهم مخلفة ، واللّه لا يضيع أجر المحسنين .
معاشر الناس حجّوا البيت بكمال الدين والتفقّه ، ولا تنصرفوا عن المشاهد إلاّ بتوبة وإقلاع .
معاشر الناس أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة كما أمركم عزّوجلّ ، لئن طال عليكم الأمد فقصرتم أو نسيتم فعلي وليّكم ومبيّن لكم ، الذي نصبه اللّه عزّوجلّ بعدي ، ومن خلفه اللّه منّي ومنه يخبركم بما تسألون عنه ، ويبيّن لكم ما لا تعلمون . ألا أنّ الحلال والحرام أكثر من أن أُحصيهما وأُعرّفهما ، فآمر بالحلال وأنهى عن الحرام في مقام واحد ، فأُمرت أخذ البيعة عليكم(1) والصفقة لكم
بقبول ما جئت به عن اللّه عزّوجلّ في علي أمير المؤمنين والأئمّة من بعده الذين هم منّي ومنه أُمّة قائمة منهم المهدي إلى يوم القياْة الذي يقضي بالحقّ .
معاشر الناس وكلّ حلال دللتكم عليه وكلّ حرام نهيتكم عنه فإنّي لم أرجع عن ذلك ولم أُبدّل ، ألا فاذكروا ذلك واحفظوه وتواصوا به ولا تبدّلوه ولا تغيّروه ،
ص: 93
ألا وإنّي أُجدّد القول : ألا فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وامروا بالمعروف وانهوا عن المنكر ، وأنّ رأس الأمر بالمعروف(1): أن تنهوا إلى قولي وتبلّغوه من لم يحضره وتأمروه بقبوله ، وتنهوه عن مخالفته ، فإنّه أمر من اللّه عزّوجلّ ومنّي ، ولا أمر
بمعروف ولا نهي عن منكر إلاّ مع إمام معصوم .
معاشر الناس : القرآن يعرّفكم أنّ الأئمّة من بعده ولده ، وعرّفتكم أنّه منّي وأنا منه حيث يقول اللّه عزّوجلّ «وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ»(2) وقلت : لن تضلّوا
ما إن تمسّكتم بهما .
معاشر الناس التقوى التقوى إحذروا الساعة كما قال اللّه تعالى : «إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَىْ ءٌ عَظِيمٌ»(3). اذكروا الممات والحساب والموازين والمحاسبة بين يدي ربّ العالمين والثواب والعقاب ، فمن جاء بالحسنة أُثيب ، ومن جاء بالسيّئة فليس له في الجنان نصيب .
معاشر الناس إنّكم أكثر من أن تصافقوني بكّف واحدة ، وأمرني اللّه عزّوجلّ أن آخذ من ألسنتكم الإقرار بما عقدت لعلي من إمرة المؤمنين ومن جاء بعده من الأئمّة منّي ومنه على ما أعلمتكم ، أنّ ذرّيتي من صلبه فقولوا بأجمعكم : إنّا سامعون مطيعون راضون منقادون لما بلّغت عن ربّنا وربّك في أمر علي (صلوات اللّه عليه) وأمر ولده من صلبه من الأئمّة ، نبايعك على ذلك بقلوبنا وأنفسنا وألسنتنا وأيدينا ، على ذلك نحيا ونموت ونبعث ولا نغيّر ولا نبدّل ولا
ص: 94
نشكّ ولا نرتاب ولا نرجع عن عهد ولا نتقض الميثاق ونطيع اللّه ونطيعك وعليا أمير المؤمنين وولده الأئمّة الذين ذكرتهم من ذرّيتك من صلبه بعد الحسن والحسين الذي قد عرّفتكم مكانهما منّي ومحلّهما عندي ومنزلتهما من ربّي عزّوجلّ فقد أدّيت ذلك إليكم وأنّهما سيّدا شباب أهل الجنّة وإنّهما الإمامان بعد أبيهما علي وأنا أبوهما قبله .
وقولوا : أطعنا اللّه بذلك وإيّاك وعليا والحسن والحسين والأئمّة الذين ذكرت عهدا وميثاقا مأخوذا لأمير المؤمنين من قلوبنا وأنفسنا وألسنتنا ومصافقة أيدينا من أدركهما بيده وأقرّ بهما بلسانه لا نبتغي بذلك بدلاً ولا نرى من أنفسنا عنه حولاً أبدا ، أشهدنا اللّه وكفى باللّه شهيدا وأنت علينا به شهيد ، وكلّ من أطاع
ممّن يظهر واستتر وملائكة اللّه وجنوده وعبيده واللّه أكبر من كلّ شهيد .
معاشر الناس ما تقولون فإنّ اللّه يعلم كلّ صوت وخافية كلّ نفس ، فمن اهتدى فلنفسه ومن ضلّ فإنّما يضلّ عليها ، ومن بايع فإنّما يبايع اللّه عزّوجلّ ، يد
اللّه فوق أيديهم .
معاشر الناس فاتّقوا اللّه وبايعوا عليا أمير المؤمنين والحسن والحسين والأئمّة كلمة باقية ، يهلك اللّه من غدر ويرحم اللّه من وفى «فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ
عَلَى نَفْسِهِ»(1) الآية .
معاشر الناس قولوا الذي قلت لكم وسلّموا على علي بإمرة المؤمنين ، وقولوا : « سمعنا وأطعنا غفرانك ربّنا وإليك المصير » وقولوا : الحمد للّه الذي
ص: 95
هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي لولا أن هدانا اللّه .
معاشر الناس إنّ فضائل علي بن أبي طالب عند اللّه عزّوجلّ ، وقد أنزلها عليَّ فيالقرآن أكثرمن أن أُحصيها في مكان واحد، فمن أنبأكم بها وعرفها فصدّقوه .
معاشر الناس من يطع اللّه ورسوله وعليا والأئمّة الذين ذكرتهم فقد فاز فوزا مبينا .
معاشر الناس السابقون إلى مبايعته وموالاته والتسليم عليه بإمرة المؤمنين أُولئك هم الفائزون في جنّات النعيم .
معاشر الناس قولوا ما يرضى اللّه به عنكم من القول « فإن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فلن يضرّ اللّه شيئا » اللهمّ اغفر للمؤمنين والمؤمنات واغضب على الكافرين والكافرات والحمد للّه ربّ العالمين .
فناداه القوم : سمعنا وأطعنا على أمر اللّه وأمر رسوله بقلوبنا وألسنتنا وأيدينا ، وتداكوا على رسول اللّه وعلى علي وصافقوا بأيديهم ، فكان أوّل من صافق رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) الأوّل والثاني والثالث والرابع والخامس وباقي المهاجرين والأنصار وباقي الناس على طبقاتهم وقدر منازلهم إلى أن صلّيت المغرب والعتمة في وقت واحد ، وواصلوا البيعة والمصافقة ثلاثة ورسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يقول كلّما بايع قوم : الحمد للّه الذي فضّلنا على جميع العالمين ، وصارت المصافقة سنّة ورسما وربما يستعملها من ليس له حقّفيها(1)-(2).
ص: 96
«فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ»
سورة الأنعام
علي بن إبراهيم ، قال : حدّثنا جعفر بن أحمد ، قال : حدّثني عبدالكريم بن عبدالرحيم ، عن محمّد بن علي ، عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي حمزة ، قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول اللّه تعالى : «فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ» .
قال : « أمّا قوله : «فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ» يعني فلمّا تركوا ولاية علي أمير المؤمنين عليه السلام وقد أُمروا بها «فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ» يعني دولتهم في الدنيا ، وما بسط لهم فيها . وأمّا قوله : «حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ» يعني بذلك قيام القائم عليه السلام ، حتّى كأنّهم لم يكن لهم سلطان قطّ ، فذلك قوله «بَغْتَةً» فنزلت بخبره هذه الآية على محمّد صلّى اللّه عليه وآله »(1).
أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري ، قال : حدّثني أبو الحسين محمّد بن
ص: 97
هارون بن موسى ، قال : حدّثني أبي ، قال : حدّثنا أبو علي الحسن بن محمّد النهاوندي ، قال : حدّثنا محمّد بن أحمد القاشاني ، قال : حدّثنا علي بن سيف ، قال : حدّثني أبي ، عن المفضّل بن عمر ، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : « نزلت في بني فلان ثلاث آيات ، قوله عزّوجلّ «حَتَّى إِذَا أَخَذَتْ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارا»(1) يعني القائم
عليه السلام بالسيف «فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ»(2)، وقوله عزّوجلّ : «فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ للّه ِِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» - قال أبو عبداللّه عليه السلام - بالسيف ، وقوله عزّوجلّ : «فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ * لاَ تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ»(3) يعني القائم عليه السلام يسأل بني فلان عن كنوز بني أُميّة(4)-(5).
ص: 98
«وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ
السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنْ الْمُوقِنِينَ»
سورة الأنعام
وفي بصائر الدرجات ، وعنه ، عن محمّد بن المثنّى ، عن أبيه ، عن عثمان بن زيد ، عن جابر بن عبداللّه قال : سألته عن قول اللّه عزّوجلّ : «وَكَذَلِكَ نُرِي
إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ» قال : وكنت مطرقا إلى الأرض فرفع يده إلى فوق ثمّ قال : إرفع رأسك فرفعت رأسي ونظرت إلى السقف قد انفجر حتّى خلص بصري إلى نور ساطع حار بصري منه ثمّ قال : رأى إبراهيم ملكوت السموات والأرض هكذا ، ثمّ قال لي : اطرق فأطرقت ثمّ قال : ارفع رأسك فرفعت رأسي فإذا السقف على حاله ، ثمّ أخذ بيدي وقام وأخرجني من البيت الذي كنت فيه وأدخلني بيتا آخر فخلع الثياب التي كانت عليه ولبس ثيابا غيره ثمّ قال : غضّ بصرك ، فغضضت بصري وقال لي : لا تفتح عينيك ، فلبثت ساعة ثمّ قال لي : أتدري أين أنت ؟ قلت : لا جعلت فداك ، قال : أنت في الظلمة التي سلكها ذو القرنين ، فقلت له : جعلت فداك أتأذن لي أن أفتح عيني فقال : افتحفإنّك لا ترى شيئا ، ففتحت فإذا أنا في ظلمة لا أبصر فيها موضع قدمي ، قال : ثمّ
ص: 99
صار قليلاً ووقف فقال : هل تدري أين أنت ؟ فقلت : لا ، فقال : أنت واقف على عين الحياة التي شرب منها الخضر ، وخرجنا من ذلك العالم إلى عالم آخر فسلكناه فرأيناه كهيئة عالمنا في بنيانه ومساكنه وأهله ، ثمّ خرجنا إلى عالم ثالث كهيئة الأوّل والثاني حتّى وردنا خمسة عوالم قال : ثمّ قال لي : هذه ملكوت الأرض ولم يرها إبراهيم وإنّما رأى ملكوت السماوات وهي إثنا عشر عالما كهيئة ما رأيت كلّما مضى منّا إمام سكن أحد هذه العوالم حتّى يكون آخرهم القائم في عالمنا الذي نحن ساكنوه ، قال : ثمّ قال : غضّ بصرك فغضضت بصري فإذا نحن في البيت الذي خرجنا منه فنزع تلك الثياب ولبس الثياب التي كانت عليه وعدنا إلى مجلسنا فقلت : جعلت فداك كم مضى من النهار ؟ قال : ثلاث ساعات(1).
ص: 100
«فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاَءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْما لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ»
سورة الأنعام
روى الحافظ القندوزي (الحنفي) قال : بإسناده عن جعفر بن محمّد الصادق (رضي اللّه عنه) أنّه قال :
إنّ صاحب هذا الأمر - يعني القائم المهدي - محفوظ ، لو ذهب الناس جميعا أتى اللّه بأصحابه ، قال اللّه فيهم :
«فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاَءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْما لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ»(1).
ص: 101
«وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقا وَعَدْلاً لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ»
سورة الأنعام
أخرج الحافظ سليمان القندوزي (الحنفي) - بسنده المذكور - عن عدّة من المشايخ الثقات ، الذين كانوا مجاورين للإمامين سيّدنا (علي الهادي) وأبي محمّد (الحسن العسكري) ، قالوا : سمعناهما يقولان : إنّ اللّه تبارك وتعالى إذا أراد أن يخلق الإمام أنزل قطرة من ماء الجنّة في ماء المزن فتسقط في ثمار الأرض وبقلتها ، فيأكلها أبو الإمام ، فتكون نطفته منها ، فإذا استقرّت النطفة في الرحم فيمضي لها أربعة أشهر يسمع الصوت وكتب على عضده :
«وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقا وَعَدْلاً لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ» .
فإذا ولد قام بأمر اللّه ، ورفع له عمود من نور ينظر منه الخلائق وأعمالهم وسرائرهم ، والعمود نصب بين عينيه ، حيث تولّى ونظر - الحديث(1).
ص: 102
«قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ»
سورة الأنعام
وردت روايات عديدة عن النبي الأعظم صلّى اللّه عليه وآله وسلّم في التأكيد على أنّ الحجّة البالغة بعده ، هم أهل بيته : أمير المؤمنين ، وفاطمة الزهراء ، والأئمّة من ولدهما عليهم السلام ، ومن تلك الأحاديث هو :
ما أخرجه علي بن محمّد بن شاذان - في كتابه الذي جمع فيه مائة منقبة من طرق العامّة - بسنده عن أبي سليمان راعي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم في
قصّة المعراج ، قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ... فقال اللّه لي : التفت عن يمين العرش ، فالتفت ، فإذا أنا بعلي ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين ، وعلي بن الحسين ، ومحمّد الباقر ، وجعفر الصادق ، وموسى بن جعفر ، وعلي بن موسى ، ومحمّد بن علي ، وعلي بن محمّد ، والحسن بن علي ، والمهدي ، في ضحضاح من نور قيام يصلّون ... .
فقال تبارك وتعالى - يامحمّد : هؤلاء هم الحجج(1)... .
ص: 103
«هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمْ الْمَلاَئِكَةُ أَوْ يَأْتِىَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِىَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْسا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرا قُلْ انتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ»
سورة الأنعام
ابن بابويه : قال حدّثني أبي رضي اللّه عنه ، قال حدّثنا سعد بن عبداللّه ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسين ابن أبي الخطّاب ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب عن أبي عبداللّه عليه السلام أنّه قال : في قول اللّه عزّوجلّ : «يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْسا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ» .
قال : الآيات [ هم ] الأئمّة ، والآية المنتظرة القائم عليه السلام ، فيومئذ لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل قيامه بالسيف ، وإن آمنت بمن تقدّمه من آبائه عليهم السلام(1).
عنه : قال حدّثنا المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي السمرقندي رضي اللّه
ص: 104
عنه قال حدّثنا محمّد بن جعفر بن مسعود وحيدر بن محمّد بن نعيم السمرقندي رحمه اللّه ، جميعا ، عن محمّد بن مسعود العياشي قال حدّثني علي بن محمّد بن شجاع عن محمّد بن عيسى ، عن يونس بن عبدالرحمن ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال : قال : جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام في قول اللّه عزّوجلّ : «يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْسا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرا» يعني خروج القائم عليه السلام المنتظر منّا ثمّ قال : ياأبا بصير : طوبى لشيعة قائمنا المنتظرين لظهوره في غيبته والمطيعين له في ظهوره ]أُولئك ] أولياء اللّه لا خوف عليهم ولا هم يحزنون(1)-(2).
ص: 105
«قُلْ أَغَيْرَ اللّه ِ أَبْغِي رَبّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ»
سورة الأنعام
قال : حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني(1)، قال : حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن عبدالسلام بن صالح الهروي ، قال : قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام : ما تقول في حديث يروى عن الصادق عليه السلام أنّه إذا خرج القائم عليه قتل ذراري قتلة الحسين عليه السلام بفعال آبائهم ؟ فقال عليه السلام : « هو كذلك » . فقلت : وقول اللّه عزّوجلّ : «وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى» ما معناه ؟ قال : « صدق اللّه تعالى في جميع أقواله ، ولكن ذراري قتلة الحسين عليه السلام يرضون بفعال آبائهم ويفتخرون بها ، ومن رضي شيئا كان كمن أتاه ، ولو أنّ رجلاً قتل بالمشرق فرضي بقتله رجل في المغرب لكان الراضي عند اللّه عزّوجلّ شريك القاتل ، وإنّما يقتلهم القائم عليه السلام إذا خرج ، لرضاهم بفعل
ص: 106
آبائهم » . قال : فقلت له : بأي شيء يبدأ القائم عليه السلام منكم ؟ قال : « يبدأ ببني شيبة ، ويقطع أيديهم لأنّهم سرّاق بيت اللّه عزّوجلّ »(1)-(2).
ص: 107
«المص ............»
سورة الأعراف
العياشي : باسناده عن خثيمة عن أبي لبيد المخزومي ، قال : قال أبو جعفر عليه السلام :
ياأبا لبيد : إنّه يملك من ولد العبّاس إثنا عشر يقتل بعد الثامن منهم أربعة ، فتصيب أحدهم الذبحة فتذبحه فئة قصيرة أعمارهم ، قليلة مدّتهم ، خبيثة سيرتهم : منهم الفويسق الملقّب بالهادي والناطق والغاوي .
ياأبا لبيد : إنّ في حروف [ القرآن ] المقطّعة لعلما جمّا ، إنّ اللّه تبارك
وتعالى أنزل : «الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ» فقام محمّد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم حتّى ظهر نوره وثبت كلمته وولد يوم ولد وقد مضى من الألف السابع مائة سنة وثلاث سنين ، ثمّ قال وتبيانه في كتاب اللّه في الحروف المقطّعة إذا عدّدتها من غير تكرار ، وليس من حروف المقطّعة حرف ينقضي [ ال- ] أيّام إلاّ وقائم من بني هاشم عند انقضائه ، ثمّ [ قال ] : الألف واحد واللام ثلاثون ، والميم أربعون والصاد تسعون ، فذلك مائة وإحدى وستّون ، ثمّ كان بدوّ خروج الحسين بن علي عليهما السلام الم اللّه ، فلمّا بلغت مدّته قام قائم ولد العبّاس عند المص ويقوم
ص: 108
«قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّه ِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الاْيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ»
سورة الأعراف
وفي الكافي : محمّد بن يحيى ، عن عبداللّه بن محمّد بن علي بن الحكم ، عن أبان بن عثمان ، عن يحيى بن أبي العلاء ، عن أبي عبداللّه (عليه السلام) قال : بعث أمير المؤمنين (عليه السلام) عبداللّه بن عبّاس إلى ابن الكوا وأصحابه ، وعليه قميص رقيق وحلّة ، فلمّا نظروا إليه قالوا : يابن عبّاس أنت خيرنا في أنفسنا وأنت تلبس هذا اللباس ؟ فقال : وهذا أوّل ما أُخاصمكم فيه «قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّه ِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ» وقال اللّه : «خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ
مَسْجِدٍ»(1).
وعنه (عليه السلام) أنّه قيل له : أصلحك اللّه ذكرت أنّ علي بن أبي طالب كان يلبس الخشن ، يلبس القميص بأربعة دراهم وما أشبه ذلك ، ونرى عليك اللباس الجيّد ؟ فقال له (عليه السلام) : إنّ علي بن أبي طالب (عليه السلام) كان
ص: 111
يلبس ذلك في زمان لا ينكر ، ولو لبس مثل ذلك اليوم لشهّر به ، فخير لباس كلّ زمان لباس أهله غير أنّ قائمنا (عليه السلام) إذا قام لبس لباس علي وسار بسيرته(1)-(2).
ص: 112
«هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ»
سورة الأعراف
علي بن إبراهيم : في تفسيره المنسوب إلى الصادق عليه السلام : قال فهو من الآيات التي تأويلها بعد تنزيلها ، [ قال ] قال : ذلك في [ يوم ] القائم عليه السلام ، ويوم القيامة «يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ» أي تركوه : «قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا» قال : قال هذا يوم القيامة : «أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ» أي بطل عنهم «مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ»(1)-(2).
ص: 113
«قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحا مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَقَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ»
سورة الأعراف
ابن بابويه : قال : حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي اللّه عنه) ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار وسعد بن عبداللّه وعبداللّه بن جعفر الحميري ، قالوا : حدّثنا محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن علي بن أسباط ، عن سيف بن عميرة ، عن زيد الشحّام ، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : إنّ صالحا عليه السلام غاب عن قومه زمانا ، وكان يوم غاب عنهم كهلاً مبدّح البطن ، حسن الجسم ، وافر اللحية ، ورجع خميص البطن خفيف العارضين مجتمعا ، ربعة من الرجال ، فلمّا رجع إلى قومه لم يعرفوه بصورته ، فرجع إليهم وهم على ثلاث طبقات : طبقة جاحدة لا ترجع أبدا ، وأُخرى شاكّة فيه ، وأُخرى على يقين ، فبدأ عليه السلام حيث رجع بطبقة الشكّاك فقال لهم : أنا صالح . فكذّبوه وشتموه وزجروه ، وقالوا : نبرأ إلى اللّه منك ، إنّ صالحا كان في غير صورتك . قال : فأتى
ص: 114
الجحّاد فلم يسمعوا منه القول ، ونفروا منه أشدّ النفور .
ثمّ انطلق إلى الطبقة الثالثة ، وهم أهل اليقين ، فقال لهم : أنا صالح . فقالوا : أخبرنا خبرا لا نشكّ فيه أنّك صالح ، فإنّا لا نمتري أنّ اللّه تبارك وتعالى الخالق
ينقل ويحوّل في أي صورة شاء ، وقد أُخبرنا وتدارسنا فيما بيننا بعلامات القائم إذا جاء ، وإنّما يصحّ عندنا إذا أتانا الخبر من السماء . فقال لهم صالح عليه السلام : أنا صالح الذي أتيتكم بالناقة . فقالوا : صدقت ، وهي التي نتدارس ، فما علامتها ؟ فقال : لها شرب ولكم شرب يوم معلوم . فقالوا : آمنا باللّه وبما جئتنا به . فعند ذلك
قال اللّه تبارك وتعالى : «أَنَّ صَالِحا مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ» فقال أهل اليقين : «إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا» وهم الشُّكّاك والجحّاد : «إِنَّا بِالَّذِي آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ» .
قلت : هل كان فيهم ذلك اليوم عالم ؟ قال : « اللّه أعدل من أن يترك الأرض بلا عالم ، يدلّ على اللّه عزّوجلّ ، ولقد مكث القوم بعد خروج صالح سبعة أيّام لا يعرفون إماما ، غير أنّهم على ما في أيديهم من دين اللّه عزّوجلّ ، كلمتهم واحدة ،
فلمّا ظهر صالح عليه السلام اجتمعوا عليه ، وإنّما مثل القائم عليه السلام مثل صالح عليه السلام »(1).
ص: 115
«وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ»
سورة الأعراف
سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن ابن فضل ، عن سعد الجلاّب ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال الحسين عليه السلام لأصحابه قبل أن يقتل : إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قال لي : يابنيّ إنّك ستساق إلى العراق وهي أرض قد التقى بها النبيّون وأوصياء النبيين وهي أرض تدعى عمورا وإنّك تستشهد بها ويستشهد معك جماعة من أصحابك لا يجدون ألم مس الحديد وتلا : «قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدا وَسَلاَما عَلَى إِبْرَاهِيمَ»(1) يكون الحرب بردا وسلاما عليك وعليهم فابشروا فواللّه لئن قتلونا فإنّا نردّ على نبيّنا . قال : ثمّ أُمكث ما شاء اللّه فأكون أوّل من ينشقّ الأرض عنه فأخرج خرجة يوافق ذلك خرجة أمير المؤمنين وقيام قائمنا وحياة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ثمّ لينزلنّ عليَّ
وفد من السماء من عند اللّه لم ينزلوا قطّ ولينزلنّ إليّ جبرئيل وميكائيل وإسرافيل
وجنود من الملائكة ولينزلنّ محمّد وعلي وأنا وأخي وجميع من منّ اللّه عليه في
ص: 116
حمولات من حمولات الربّ جمال من نور لم يركبها مخلوق ثمّ ليهزّنّ محمّد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم لواءه وليدفعه إلى قائمنا مع سيفه ثمّ إنّا نمكث من بعد
ذلك ما شاء اللّه ثمّ إنّ اللّه يخرج من مسجد الكوفة عينا من دهن وعينا من ماء عينا من لبن ثمّ إنّ أمير المؤمنين يدفع إليّ سيف رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم
ويبعثني إلى المشرق والمغرب فلا آتي على عدوٍّ للّه إلاّ أُهرقت دمه ولا أدع صنما إلاّ أحرقته حتّى أقع إلى الهند فأفتحها وإنّ دانيال و [ يوشع ] يونس يخرجان إلى أمير المؤمنين عليه السلام يقولان : صدق اللّه ورسوله ويبعث معهما إلى البصرة سبعين رجلاً فيقتلون مقاتليهم ويبعث بعثا إلى الروم فيفتح اللّه لهم ثمّ لأقتلنّ كلّ دابة حرّم اللّه لحمها حتّى لا يكون على وجه الأرض إلاّ الطيّب وأعرض على اليهود والنصارى وسائر الملل ولأُخيّرنّهم بين الإسلام والسيف فمن أسلم مننت عليه ومن كره الإسلام أهرق اللّه دمه ولا يبقى رجل من شيعتنا إلاّ أنزل اللّه إليه ملكا يمسح عن وجهه التراب ويعرّفه أزواجه ومنزلته في الجنّة ولا يبقى على وجه الأرض أعمى ولا مقعد ولا مبتلى إلاّ كشف اللّه عنه بلاءه بنا أهل البيت ولينزلنّ البركة من السماء إلى الأرض حتّى أنّ الشجرة لتقصف بما يزيد اللّه فيها من الثمرة ولتأكلنّ ثمرة الشتاء في الصيف وثمرة الصيف في الشتاء وذلك قوله عزّوجلّ : «وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ» ثمّ إنّ اللّه ليهب لشيعتنا كرامة لا يخفى عليهم شيء في الأرض وما كان فيها حتّى أنّ الرجل منهم يريد أن يعلم علم أهل بيته فيخبرهم بعلم ما يعملون(1).
ص: 117
«وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ»
سورة الأعراف
وفي أُصول الكافي بإسناده إلى محمّد بن الفيض ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : كانت عصا موسى (عليه السلام) لآدم (عليه السلام) فصارت إلى شعيب (عليه السلام) ثمّ صارت إلى موسى (عليه السلام) وأنّها لعندنا وانّ عهدي بها آنفا ، وهي خضراء كهيئتها حين انتزعت من شجرتها ، وإنّها لتنطق إذا استنطقت ، أُعدّت لقائمنا يصنع بها ما كان يصنع موسى ، وأنّها لتروّع وتلقف ما يأفكون وتصنع ما تؤمر به ، إنّها حيث أقبلت تلقف ما يأفكون يفتح لها شعبتان إحداهما في الأرض والأُخرى في السقف وبينهما أربعون ذراعا تلقف ما يأفكون(1)-(2).
ص: 118
«قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّه ِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ للّه ِِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ»
سورة الأعراف
محمّد بن يعقوب : باسناده عن أحمد بن محمّد [ بن عيسى ] ، عن ان محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن أبي خالد الكابلي ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
وجدنا في كتاب علي صلوات اللّه عليه : «إِنَّ الْأَرْضَ للّه ِِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ» أنا وأهل بيتي الذين أورثنا [ اللّه ] الأرض ، ونحن المتّقون ، والأرض كلّها لنا ، فمن أحيا أرضا من المسلمين فليعمرها ، وليؤدّ خراجها إلى الإمام من أهل بيتي ، وله ما أكل منها ، [ فإن تركها أو أخرجها ، وأخذها رجل من المسلمين من بعده ، فعمرها وأحياها ، فهو أحقّ بها من الذي تركها ، يؤدّي خراجها إلى الإمام من أهل بيتي ، وله ما يأكل منها ] حتّى يظهر القائم عليه السلام من أهل بيتي بالسيف فيحويها ويمنعها منهم ويخرجهم كما حواها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ومنعها ، إلاّ ما كان في أيدي شيعتنا ،
ص: 119
يقاطعهم على ما في أيديهم ، ويترك الأرض في أيديهم(1).
عن الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن علي بن أسباط ، عن صالح بن حمزة ، عن أبيه ، عن أبي بكر الحضرمي ، قال : لمّا حمل أبو جعفر عليه السلام إلى الشام إلى هشام بن عبدالملك وصار ببابه ، قال لأصحابه ومن كان بحضرته من بني أُميّة وغيرهم : إذا رأيتموني قد وبّخت محمّد بن علي ثمّ رأيتموني قد سكت فليقبل عليه كلّ رجل منكم فليوبّخه .
ثمّ أمر أن يؤذن له ، فلمّا دخل عليه أبو جعفر عليه السلام قال بيده السلام عليكم ، فعمّهم جميعا بالسلام ، ثمّ جلس ، فازداد هشام عليه حنقا بتركه السلام عليه بالخلافة ، وجلوسه بغير إذن ، فأقبل يوبّخه ويقول فيما يقول له : يامحمّد بن علي ، لا يزال الرجل منكم قد شقّ عصا المسلمين ، ودعا إلى نفسه ، وزعم أنّه الإمام سفها وقلّة علم . ووبّخه بما أراد أن يوبّخه ، فلمّا سكت أقبل عليه القوم رجل بعد رجل يوبّخه حتّى انقضى آخرهم ، فلمّا سكت القوم نهض عليه السلام قائما ثمّ قال : « أيّها الناس ، أين تذهبون ؟ وأين يراد بكم ؟ بنا هدى اللّه أوّلكم ، وبنا يختم آخركم ، فإن يكن لكم ملك معجّل ، فإنّ لنا ملكا مؤجّلاً ، وليس بعد ملكنا ملك ، لأنّا أهل العاقبة ، يقول اللّه عزّوجلّ : «وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ» » .
فأمر به إلى الحبس فلمّا صار إلى الحبس ، تكلّم فلم يبق في الحبس رجل إلاّ ترشّفه وحنّ إليه ، فجاء صاحب الحبس إلى هشام فقال : ياأمير المؤمنين ، إنّي خائف عليك من أهل الشام أن يحولوا بينك وبين مجلسك هذا . ثمّ أخبره بخبره ،
ص: 120
فأمر به فحمل على البريد هو وأصحابه ليردّوا إلى المدينة ، وأمر أن لا يخرج لهم بالأسواق ، وحال بينهم وبين الطعام والشراب ، فساروا ثلاثا لا يجدون طعاما ولا شرابا ، حتّى انتهوا إلى باب مدين ، فأُغلق باب المدينة دونهم ، فشكا أصحابه الجوع والعطش . قال : فصعد جبلاً يشرف عليهم فقال بأعلى صوته : « ياأهل المدينة الظالم أهلها ، أنا بقيّة اللّه ، يقول اللّه : «بَقِيَّةُ اللّه ِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ» »(1).
قال : وكان فيهم شيخ كبير ، فأتاهم فقال لهم : ياقوم ، هذه واللّه دعوة شعيب النبي ، واللّه لئن لم تخرجوا إلى هذا الرجل بالأسواق لتؤخذنّ من فوقكم ومن تحت أرجلكم فصدّقوني في هذه المرّة ، وكذّبوني فيما تستأنفون ، فإنّي ناصح لكم . قال : فبادروا فأخرجوا إلى محمّد بن علي وأصحابه بالأسواق . قال : فبلغ هشام بن عبدالملك خبر الشيخ ، فبعث إليه فحمله ، فلم يدر ما صنع به(2).
العياشي : عن عمّار الساباطي ، قال : سمعت أبا عبداللّه عليه السلام يقول : «إِنَّ الْأَرْضَ للّه ِِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ» ، قال : « فما كان للّه فهو لرسوله ، وما كان لرسوله فهو للإمام بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم »(3).
ص: 121
«وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَالَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِىَّ الْأُمِّىَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالاْءِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ»
سورة الأعراف
رواه الشيخ محمّد بن يعقوب - رحمه اللّه - عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن حمّاد بن عثمان ، عن أبي عبيدة الحذّاء قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن الاستطاعة فأجابني بجواب ، فلمّا انتهى قال عليه السلام : بطاعة الإمام الرحمة التي يقول اللّه : «وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ» يقول : علم الإمام ،
ص: 122
وسع علمه الذي هو من علمه كلّ شيء وهم شيعتنا . ثمّ قال : «فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ» يعني ولاية الإمام وطاعته . ثمّ قال : «الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالاْءِنجِيلِ» يعني النبي والوصي والقائم «يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ (إذا قام) وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِ» والمنكر من أنكر فضل الإمام وجحده «وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ» أخذ العلم من أهله «وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ» والخبائث قول من خالف «وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ» وهي الذنوب التي كانوا فيها قبل معرفتهم فضل الإمام «وَالْأَغْلاَلَ (الآثام) الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ» والأغلال ما كانوا يقولون ممّا لم يكونوا أُمروا به من ترك فضل الإمام ، فلمّا عرفوا فضل الإمام وضع عنهم إصرهم ، والإصر الذنب وهي الآصار . ثمّ نسبهم فقال : «الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ» يعني بالنبي «وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ» وهو أمير المؤمنين والأئمّة عليهم السلام «أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ»(1).
ص: 123
«وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ»
سورة الأعراف
أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري في كتابه : قال حدّثني أبو عبداللّه الحسين بن عبداللّه الخرقي قال [ حدّثنا أبو محمّد هارون بن موسى ، قال حدّثني أبو علي محمّد بن همام ] ، قال حدّثنا جعفر بن محمّد بن مالك ، قال حدّثنا إسحاق بن محمّد الصيرفي ، عن إسحاق [ محمّد ] بن إبراهيم الغزالي ، قال حدّثني عمران الزعفراني ، عن المفضّل بن عمر ، قال :
قال أبو عبداللّه عليه السلام : إذا ظهر القائم من ظهر هذا البيت بعث اللّه معه سبعة وعشرين رجلاً ، منهم أربعة عشر رجلاً من قوم موسى ، وهم الذين قال [ اللّه تعالى ] : «وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ» وأصحاب الكهف سبعة ، والمقداد ، وجابر الأنصاري ، ومؤمن [ آل ] فرعون ، ويوشع بن نون وصي موسى(1).
وفي روضة الواعظين : قال الصادق عليه السلام : يخرج القائم عليه السلام من ظهر الكعبة مع سبعة وعشرون رجلاً ، خمسة عشر من قوم موسى عليه
ص: 124
السلام الذين كانوا يهدون بالحقّ وبه يعدلون ، وسبعة من الكهف ، ويوشع بن نون ، وسلمان ، وأبو دجانة الأنصاري ، والمقداد ، ومالك الأشتر ، فيكونون بين يديه أنصارا أو حكّاما(1).
والذي رواه العياشي في تفسيره : باسناده عن المفضّل بن عمر ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال :
إذا قام قائم آل محمّد عليه السلام استخرج من ظهر الكعبة سبعة وعشرين رجلاً ، خمسة عشر من قوم موسى الذين يقضون بالحقّ وبه يعدلون ، وسبعة من أصحاب الكهف ، ويوشع وصي موسى ، ومؤمن آل فرعون ، وسلمان الفارسي ، وأبا دجانة الأنصاري ، ومالك الأشتر(2)-(3).
ص: 125
«وَقَطَّعْنَاهُمْ اثْنَتَىْ عَشْرَةَ أَسْبَاطا أُمَما وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذْ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنْ اضْرِب بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمْ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ»
سورة الأعراف
محمّد بن يعقوب : عن محمّد بن يحيى عن محمّد بن الحسين ، عن موسى بن سعدان ، عن عبداللّه بن القاسم ، عن أبي سعيد الخراساني ، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : « قال أبو جعفر عليه السلام : إنّ القائم إذا قام بمكّة وأراد أن يتوجّه إلى الكوفة نادى مناديه : ألا لا يحمل أحد منكم طعاما ولا شرابا . ويحمل حجر موسى بن عمران عليه السلام وهو وقر بعير ، فلا ينزل منزلاً إلاّ انبعثت عين منه ، فمن كان جائعا شبع ، ومن كان ظامئا روي ، فهو زادهم حتّى
ص: 126
ينزلوا النجف من ظهر الكوفة »(1).
وعنه : عن أحمد بن إدريس ، عن عمران بن موسى ، عن موسى بن جعفر البغدادي ، عن علي بن أسباط ، عن محمّد بن فضيل ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : سمعته يقول : « ألواح موسى عليه السلام عندنا ، وعصا موسى عندنا ، ونحن ورثة النبيين »(2).
ص: 127
«وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَأَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَوَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الاْيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ»
سورة الأعراف
محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن علي بن الحكم ، عن داود العجلي ، عن زرارة ، عن حمران ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : إنّ اللّه تبارك وتعالى حيث خلق الخلق خلق ماءً عذبا وماءً مالحا فامتزج الماءان فأخذ طينا من أديم الأرض فعركه عركا شديدا فقال لأصحاب اليمين وهم كالذر يدبّون : إلى الجنّة بسلام ، وقال لأصحاب الشام : إلى النار ولا أُبالي ثمّ قال «أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ» ثمّ أخذ الميثاق على النبين فقال : ألست بربّكم فإنّ هذا محمّد رسولي وأنّ هذا علي أمير المؤمنين ؟
ص: 128
قالوا : بلى فثبتت لهم النبوّة ، وأخذ الميثاق على أُولي العزم : إنّي ربّكم ومحمّد رسولي وعلي أمير المؤمنين وأوصياؤه من بعده ولاة أمري وخزّان علمي (عليهم السلام) وأنّ المهدي به أنتصر لديني وأظهر به دولتي وأنتقم به من أعدائي وأُعبد به طوعا وكرها ، قالوا : أقررنا به ياربّ وشهدنا ، ولم يجحد آدم ولم يعزم ، فثبتت العزيمة لهؤلاء الخمسة في المهدي ولم يكن لآدم عزم على الإقرار به وهو قوله عزّوجلّ : «وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِىَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْما» قال : إنّما هو : فترك ، ثمّ أمرنا نارا فأُجّجت فقال لأصحاب الشمال : أُدخلوها ، فهابوها ، فقال لأصحاب اليمين : أُدخلوها : فدخلوها فكانت عليهم بردا وسلاما ، فقال أصحاب الشمال : ياربّ أقلنا ، فقال : قد أقلتكم إذهبوا فادخلوها فهابوها فثمَّ ثبتت الطاعة
محمّد بن يحيى وغيره ، عن [ محمّد بن ] أحمد ، عن موسى بن عمر ، عن ابن سنان ، عن أبي سعيد القمّاط ، عن بكير بن أعين قال : سألت أبا عبداللّه (عليه السلام) : لأي علّة وضع الحجر في الركن الذي هو فيه ولم يوضع في غيره ؟ ولأيّ علّة يقبّل ؟ ولأي علّة أُخرج من الجنّة ووضع ميثاق العباد والعهد فيه ولم يوضع في غيره ؟ وكيف السبب في ذلك ؟ تخبرني جعلني اللّه فداك فإنّ تفكّري فيه لعجب ، قال : فقال : سألت وأعضلت واستقصيت فافهم الجواب وفرّغ قلبك واصغ سمعك أُخبرك إن شاء اللّه ، إنّ اللّه تبارك وتعالى وضع الحجر الأسود وهي جوهرة أُخرجت من الجنّة إلى آدم (عليه السلام) فوضعت في ذلك الركن لعلّة
ص: 129
الميثاق وذلك أنّه لمّا أُخذ من بني آدم من ظهورهم ذرّيتهم حين أخذ اللّه عليهم الميثاق في ذلك المكان تراءى لهم ومن ذلك المكان يهبط الطير على القائم (عليه السلام) فأوّل من يبايعه ذلك الطير وهو - واللّه - جبرئيل (عليه السلام) وإلى ذلك المقام يسند القائم ظهره وهو الحجّة والدليل على القائم وهو الشاهد لمن وافى في ذلك المكان والشاهد على من أدّى إليه الميثاق والعهد الذي أخذ اللّه عزّوجلّ على العباد ، فأمّا القبلة والاستلام فلعلّة العهد تجديدا لذلك العهد والميثاق وتجديدا للبيعة ليؤدّوا العهد الذي أخذ اللّه عليهم في الميثاق فيأتوه في كلّ سنة ويؤدّوا إليه ذلك العهد والأمانة التي أخذ اللّه عليهم ، ألا ترى أنّك تقول أمانتي
أدّيتها وميثاق تعاهدته لتشهد لي بالموافاة واللّه ما يؤدّي ذلك أحد غير شيعتنا ، ولا
حفظ ذلك العهد والميثاق أحد غير شيعتنا ، وإنّهم ليأتوه فيعرفهم ويصدّقهم ويأتيه غيرهم فينكرهم ويكذّبهم وذلك أنّه لم يحفظ ذلك غيركم ، فلكم واللّه يشهد وعليهم واللّه يشهد بالخفر والجحود والكفر و [ هو ] الحجّة البالغة من اللّه عليهم يوم القيامة يجيء وله لسان ناطق وعينان في صورته الأُولى يعرفه الخلق ولا ينكره ، يشهد إن وافاه وجدّد العهد والميثاق عنده بحفظ العهد والميثاق وأداء الأمانة ، ويشهد على كلّ من أنكر وجحد ونسي الميثاق بالكفر والإنكار ، فأمّا علّة ما أخرجه اللّه من الجنّة فهل تدري ما كان الحجر ؟ قلت : لا ، قال : كان ملكا من عظماء الملائكة عند اللّه فلمّا أخذ اللّه من الملائكة الميثاق كان أوّل من آمن به
وأقرّ ذلك الملك فاتّخذه اللّه أمينا على جميع خلقه فألقمه الميثاق وأودعه عنده واستعبد الخلق أن يجدّدوا عنده في كلّ سنة الإقرار بالميثاق والعهد الذي أخذ اللّه
عزّوجلّ عليهم ، ثمّ جعله اللّه مع آدم في الجنّة يذكّره الميثاق ويجدّد عنده الإقرار
ص: 130
في كلّ سنة ، فلمّا عصى آدم وأُخرج من الجنّة أنساه اللّه العهد والميثاق الذي أخذ اللّه عليه وعلى ولده لمحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) ولوصيّه (عليه السلام) وجعله تائها حيرانا ، فلمّا تاب اللّه على آدم حوّل ذلك الملك في صورة درّة فرماه من الجنّة إلى آدم وهو بأرض الهند فلمّا نظر إليه آنس إليه وهو لا يعرفه بأكثر من أنّه جوهر وأنطقه اللّه عزّوجلّ فقال له : ياآدم تعرفني ؟ قال : لا ، قال : أجل استحوذ
عليك الشيطان فأنساك ذكر ربّك ، ثمّ تحوّل إلى صورته التي كان مع آدم في الجنّة فقال لآدم : أين العهد والميثاق ، فوثب آدم إليه وذكر الميثاق وبكى وخضع [ له ]
وقبّله وجدّد الإقرار بالعهد والميثاق ، ثمّ حوّله اللّه عزّوجلّ إلى جوهرة الحجر درّة صافية تضيء ، فحمله آدم (صلّى اللّه عليه وآله) على عاتقه إجلالاً له وتعظيما فكان إذا أعيا حمله عنه جبرئيل (عليه السلام) حتّى وافى مكّة ، فما زال يأنس به بمكّة ويجدّد الإقرار له كلّ يوم وليلة ، ثمّ إنّ اللّه عزّوجلّ لمّا بنى الكعبة
وضع الحجر في ذلك المكان لأنّه تبارك وتعالى حين أخذ الميثاق من ولد آدم أخذه في ذلك المكان ، وفي ذلك المكان ألقم اللّه الملك الميثاق ولذلك وضع في ذلك الركن ونحّي آدم من مكان البيت إلى الصفا وحوّاء إلى المروة ووضع الحجر في ذلك الركن ، فلمّا نظر آدم من الصفا وقد وضع الحجر في الركن كبّر اللّه وهلّله ومجّده فلذلك جرت السنّة بالتكبير واستقبال الركن الذي فيه الحجر من الصفا فإنّ اللّه أودعه الميثاق والعهد دون غيره من الملائكة لأنّ اللّه عزّوجلّ لمّا أخذ
الميثاق [ له ] بالربوبية ولمحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) بالنبوّة ولعلي (عليه السلام) بالوصيّة اصطكّت فرائض الملائكة ، فأوّل من أسرع إلى الإقرار ذلك الملك ولم يكن فيهم أشدّ حبّا لمحمّد وآل محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) منه فلذلك اختاره اللّه
ص: 131
من بينهم وألقمه الميثاق ، وهو يجيء يوم القيامة وله لسان ناطق وعين ناظرة ليشهد لكلّ من وافاه إلى ذلك المكان وحفظ الميثاق(1)-(2).
روى الشيخ محمّد بن يعقوب (رحمه اللّه) ، عن محمّد بن يحيى ، عن جعفر بن محمّد بإسناده إلى عمر بن أبي نصر ، عن أبي عبداللّه (عليه السلام) أنّه قال وقد سأله رجل عن القائم (عليه السلام) يسلّم عليه بإمرة المؤمنين ؟ قال : لا ذاك اسم سمّى اللّه به أمير المؤمنين ولم يسمّ به أحد قبله ولا يتسمّى به أحد بعده ، قال : قلت : فكيف يسلّم على القائم (عليه السلام) ؟ قال : يقولون : السلام عليك يابقية اللّه قال : ثمّ قرأ «بَقِيَّتُ اللّه ِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ»(3)-(4).
ص: 132
«يَسْأَلُونَكَ عَنْ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِىٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللّه ِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ»
سورة الأعراف
1 - الحسين بن حمدان الحضيني ، في كتابه ، وكتابه مذكور في كتب الرجال ، حدّثني محمّد بن إسماعيل ، وعلي بن عبداللّه الحسنيان(1)، عن أبي شعيب محمّد بن نصير ، عن عمر بن الفرات ، عن محمّد بن المفضّل ، عن المفضّل بن عمر ، قال : سألت سيّدي أبا عبداللّه جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام : هل للمأمول المنتظر المهدي عليه السلام من وقت موقّت يعلمه الناس ؟
قال الصادق عليه السلام : حاش للّه أن يوقّت له وقتا(2).
قال قلت : مولاي ولِمَ ذاك ؟
قال : لأنّه هو الساعة التي قال اللّه تعالى : «يَسْأَلُونَكَ عَنْ السَّاعَةِ أَيَّانَ
ص: 133
مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِىٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللّه ِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ» وقوله : «عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ»(1) ولم يقل إنّها عند أحد دونه ، وقوله : «فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا
جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ»(2)، وقوله : «اقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ»(3) وقوله : «وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ * يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلاَ إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ»(4).
قلت : يامولاي ما معنى يمارون ؟
قال : يقولون : متى ولد ؟ ومن رآه وأين هو ؟ وأين يكون ؟ ومتى يظهر ؟ كلّ ذلك استعجالاً لأمره وشكّا في قضائه ، ودخولاً في قدرته ، أُولئك الذين خسروا أنفسهم في الدنيا والآخرة وإنّ للكافرين لشرّ مآب(5).
في عيون الأخبار عن الرضا عليه السلام قال : ولقد حدّثني أبي عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السلام أنّ النبي صلّى اللّه عليه وآله قيل له : يارسول اللّه متى يخرج القائم من ذرّيتك ؟ فقال : مثله مثل الساعة «لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً» والحديث طويل أخذنا منه موضع
ص: 134
الحاجة .
قال الإمام الرضا عليه السلام : أنّ النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قيل له : يارسول اللّه متى يخرج القائم من ذرّيتك ؟ فقال صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : مثله
مثل الساعة التي «لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً»(1).
ص: 135
«وَيُرِيدُ اللّه ُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ»
سورة الأنفال
العياشي : عن جابر قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن تفسير هذه الآية في قوله اللّه عزّوجلّ «يُرِيدُ اللّه ُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ» قال أبو جعفر عليه السلام : تفسيرها في الباطن يريد اللّه فإنّه شيء يريده ولم يفعله بعد ، وأمّا قوله «يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ» فإنّه يعني يحقّ حقّ آل محمّد ، وأمّا قوله : «بِكَلِمَاتِهِ» قال : كلماته في الباطن ، علي هو كلمة اللّه في الباطن ، وأمّا قوله : «وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ» فهم بنو أُميّة ، هم الكافرون يقطع اللّه دابرهم(1).
وقوله (فإنّه شيء يريده ولم يفعله بعد) إشارة إلى الإمام المنتظر عليه السلام .
وهكذا (يحقّ حقّ آل محمّد) .
ص: 136
«لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الُْمجْرِمُونَ»
سورة الأنفال
وعن جابر عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال : وأمّا قوله «لِيُحِقَّ الْحَقَّ» فإنّه يعني ليحقّ حقّ آل محمّد حين يقوم القائم عليه السلام ، وأمّا قوله : «وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ» يعني القائم فإذا قام أبطل باطل بني أُميّة(1).
ص: 137
«وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ للّه ِِ»
سورة الأنفال
محمّد بن يعقوب : عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أُذينة ، عن محمّد بن مسلم ، قال قلت لأبي جعفر عليه السلام : قول اللّه عزّ ذكره : «وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ للّه ِِ» .
فقال : لم يجيء تأويل هذه الآية بعد ، إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم رخص لهم لحاجته وحاجة أصحابه فلو جاء تأويلها لم يقبل منهم ، ولكنّهم يقتلون حتّى يوحّد [ وا ] اللّه عزّوجلّ ، وحتّى لا يكون شرك(1).
العياشي : باسناده عن عبدالأعلى الحلبي قال :
قال أبو جعفر عليه السلام : يكون لصاحب هذا الأمر غيبة في بعض [ هذه ] الشعاب ، ثمّ أومأ بيده إلى ناحية ذي طوى ، حتّى إذا كان قبل خروجه بليلتين انتهى المولى الذي يكون بين يديه حتّى يلقى بعض أصحابه فيقول : كم أنتم ههنا ؟ فيقولون : نحو من أربعين رجلاً ، فيقول : كيف أنتم لو قد رأيتم صاحبكم ؟ فيقولون : واللّه لو يأوي بنا الجبال لآويناها معه ، ثمّ يأتيهم من
ص: 138
القابل-
[ -ة ] فيقول : [ لهم ] أشيروا إلى ذوي شأنكم [ أسنانكم ] وأخياركم عشرة ]عشيرة ] ، فيشيرون له [ إليهم ] ، فينطلق بهم حتّى يأتون صاحبهم ، ويعدهم إلى الليلة التي تليها .
ثمّ قال أبو جعفر عليه السلام : [ واللّه ] لكأنّي أنظر إليه وقد أسند ظهره إلى الحجر ، ثمّ ينشد اللّه حقّه ، ثمّ يقول : ياأيّها الناس من يحاجني في اللّه فأنا أولى [ الناس ] باللّه ، ومن يحاجني في آدم ، فأنا أولى [ الناس ] بآدم عليه السلام ، ياأيّها الناس من يحاجني في نوح ، فأنا أولى بنوح عليه السلام ، ياأيّها الناس من يحاجني في إبراهيم ، فأنا أولى بإبراهيم عليه السلام ، ياأيّها الناس من حاجني في موسى ، فأنا أولى الناس بموسى عليه السلام ، ياأيّها الناس من يحاجني في عيسى ، فأنا أولى الناس بعيسى عليه السلام ، ياأيّها الناس من يحاجني في محمّد ، فأنا أولى الناس بمحمّد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، ياأيّها الناس من يحاجني في كتاب اللّه ، فأنا أولى الناس بكتاب اللّه .
ثمّ ينتهي إلى المقام فيصلّي عنده ركعتين ثمّ ينشد اللّه حقّه .
قال أبو جعفر عليه السلام : هو واللّه المضطرّ في كتاب اللّه ، وهو قول اللّه : «أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ»(1) وجبرئيل على الميزاب في صورة طائر أبيض ، فيكون أوّل خلق اللّه يبايعه جبرئيل ، ويبايعه الثلاثمائة والبضعة عشر رجلاً .
قال : قال أبو جعفر عليه السلام : فمن ابتلى في المسير وافاه في تلك
ص: 139
الساعة ، ومن لم يبتل بالمسير فُقِد عن فراشه ثمّ قال : هو واللّه قول علي بن أبي طالب عليه السلام : « المفقودون عن فرشهم » وهو قول اللّه : «فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمْ اللّه ُ جَمِيعا»(1) أصحاب القائم عليه السلام الثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً ، قال هم واللّه الأُمّة المعدودة التي قال اللّه في كتابه : «وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمْ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ»(2) قال يجمعون في ساعة واحدة قزع كقزع الخريف ، فيصبح بمكّة فيدعو الناس إلى كتاب اللّه وسنّة نبيّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، فيجيبه نفر يسير ، ويستعل على مكّة ثمّ يسير ، فيبلغه أنّه قد قتل عامله فيرجع إليهم فيقتل المقاتلة لا يزيد على ذلك شيئا ، يعني السبي .
ثمّ ينطلق فيدعو الناس إلى كتاب اللّه وسنّة نبيّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم والولاية لعلي بن أبي طالب عليه السلام ، والبراءة من عدوّه ، ولا يسمّي أحدا حتّى ينتهي إلى البيداء ، فيخرج إليه جيش السفياني فيأمر اللّه الأرض فتأخذهم من تحت أقدامهم ، وهو قول اللّه : «وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلاَ فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ * وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ» يعني بقائم آل محمّد «وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ»(3) يعني بقائم آل محمّد عليه السلام إلى آخر السورة ، فلا يبقى منهم إلاّ رجلان يقال لهما وتر ووتير [ ه ] من مراد ، وجوههما في أقفيتهما يمشيان القهقرى ، يخبران الناس بما قفل بأصحابهما ، ثمّ يدخل المدينة فتغيب عنهم عند ذلك قريش ، وهو قول علي بن أبي طالب عليه السلام : واللّه لوددت أنّ عندنا [ لودّت قريش أنّ عندها ] موقفا
ص: 140
واحدا جزر جزور بكلّما ملكت وكلّما طلعت عليه الشمس أو غربت ، ثمّ يحدث حدثا فإذا هو فعل ذلك قالت قريش اخرجوا بنا إلى هذه الطاغية ، فواللّه [ ان ] لو كان محمّد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ما فعل ولو كان علويا ما فعل ، ولو كان فاطميا ما فعل ، فيمنحه اللّه أكتافهم فيقتل المقاتلة ويسبي الذرية .
ثمّ ينطلق حتّى ينزل الشقرة(1) فيلقاهم حتّى قتلوا عامله [ فيبلغه أنّهم قد قتلوا عامله ] ، فيرجع إليهم فيقتلهم مقتلة ليس قتل الحرّة(2) إليها بشيء ، ثمّ ينطلق يدعو الناس إلى كتاب اللّه وسنّة نبيّه والولاية لعلي بن أبي طالب عليه السلام والبراءة من عدوّه حتّى إذا بلغ التغلبية قام إليه رجل من صلب أبيه وهو من أشدّ الناس ببدنه وأشجعهم بقلبه ما خلا صاحب هذا الأمر فيقول : ياهذا ما تصنع ؟ فواللّه إنّك لتجفل الناس اجفال(3) النعم . أفبعهد من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أم بماذا ؟ ... فيقول المولى الذي ولى البيعة : واللّه لتسكتنّ أو لأضربنّ الذي فيه عيناك ، فيقول له القائم عليه السلام : اسكت يافلان : إي واللّه إنّ معي عهدا من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، هات لي يافلان العيبة والطبقة والزنفليجة ، فيأتيه بها فيقريه العهد من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، فيقول : جعلني اللّه فداك ! اعطني رأسك أُقبّله ، فيعطيه رأسه فيقبّله بين عينيه ، ثمّ
ص: 141
يقول : جعلني اللّه فداك جدّد لنا بيعة ، فيجدّد لهم بيعته .
قال أبو جعفر عليه السلام : لكأنّي أنظر إليهم مصعدين من نجف الكوفة ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً ، كأنّ قلوبهم زبر الحديد ، جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره ، يسير الرعب أمامه شهرا وخلفه شهرا ، أمدّه اللّه بخمسة آلاف من الملائكة مسوّمين حتّى إذا صعد النجف قال لأصحابه : تعبّدوا ليلتكم هذه ، فيبيتون بين راكع وساجد يتضرّعون إلى اللّه ، حتّى إذا أصبح قال : خذوا بنا طريق النخيلة ، وعلى الكوفة جند مجنّد ، قلت : جند مجنّد ؟ قال إي واللّه حتّى ينتهي إلى مسجد إبراهيم عليه السلام بالنخيلة فيصلّي ركعتين فيخرج إليهم من كان بالكوفة من مرجئيها(1) وغيرهم من جيش السفياني فيقول لأصحابه استطردوا لهم ، ثمّ يقول كرّوا عليهم ، قال أبو جعفر عليه السلام : ولا يجوز واللّه الخندق منهم مخبر .
ثمّ يدخل الكوفة فلا يبقى مؤمن إلاّ كان فيها أو حنّ إليها ، وهو قول أمير المؤمنين عليه السلام ، ثمّ يقول لأصحابه سيروا إلى هذا الطاغية فيدعوه إلى كتاب اللّه وسنّة نبيّه ، فيعطيه السفياني من البيعة مسلّما ، فيقول له كلب وهم أخواله : ما
ص: 142
هذا ما صنعت واللّه ما نبايعك على هذا أبدا ، فيقول ما أصنع ، فيقولون أستقتله ، فيستقتله ثمّ يقول له القائم عليه السلام : خذ حذرك فإنّي أدّيت إليك وأنا مقاتلك ،
فيصبح فيق- [ -ا ] تلهم ، فيمنحه اللّه أكتافهم ويأتي [ ويؤخذ ] السفياني أسيرا فينطلق به ويذبحه بيده ، ثمّ يرسل جريد خيل إلى الروم فيستحضرون بقيّة بني أُميّة ، فإذا انتهوا إلى الروم قالوا : اخرجوا إلينا أهل ملّتنا عندكم ، فيأبون ويقولون
واللّه لا نفعل ، فتقول الجريدة : واللّه لو أُمرنا لقاتلناكم ، ثمّ ينطلقون إلى صاحبهم
فيعرضون ذلك عليه ، فيقول : انطلقوا فاخرجوا إليهم أصحابهم ، فإنّ هؤلاء قد أتوا بسلطان [ عظيم ] ، وهو قول اللّه : «فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ * لاَ تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ»(1) قال : يعني
الكنوز التي كنتم تكنزون ، «قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ * فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدا خَامِدِينَ»(2) لا يبقى منهم مخبر .
ثمّ يرجع إلى الكوفة فيبعث الثلاثمائة والبضعة عشر رجلاً إلى الآفاق كلّها ، فيمسح بين أكتافهم وعلى صدورهم فلا يتعايون في قضاء ، ولا تبقى [ أرض ]
في الأرض قرية إلاّ نودي فيها شهادة أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له وأنّ محمّدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، وهو قوله : «وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعا وَكَرْها وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ»(3) ولا يقبل صاحب هذا الأمر الجزية كما قبلها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، وهو قول اللّه : «وَقَاتِلُوهُمْ
ص: 143
حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ للّه ِِ» .
قال أبو جعفر عليه السلام : يقاتلون واللّه حتّى يوحّد اللّه ولا يشرك به شيئا وحتّى تخرج العجوز الضعيفة من المشرق تريد المغرب ولا ينهاها أحد ، ويخرج اللّه من الأرض بذرها ، وينزل من السماء قطرها ، ويخرج الناس خراجهم على رقابهم إلى المهدي عليه السلام ، ويوسّع اللّه على شيعتنا ، ولولا ما ينجز لهم من السعادة لبغوا فتنة [ فبينا ] صاحب هذا الأمر قد حكم ببعض الأحكام ، وتكلّم ببعض السنن إذ خرجت [ خارجة ] من المسجد يريدون الخروج عليه ، فيقول لأصحابه انطلقوا فتلحقوا بهم في التمارين فيأتون بهم أُسرى ليأمر بهم فيذبحون ، وهو آخر خارجة تخرج على قائم آل محمّد عليه السلام(1)-(2).
ص: 144
«وَأَذَانٌ مِنْ اللّه ِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ»
سورة التوبة
العياشي : عن جابر ، عن [ جعفر بن محمّد ] وأبي جعفر عليهما السلام في قوله عزّوجلّ «وَأَذَانٌ مِنْ اللّه ِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ» قال : خروج القائم عليه السلام وأذان دعوته إلى نفسه(1).
ص: 145
«وَقَالَتْ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّه ِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّه ِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمْ اللّه ُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ»
سورة التوبة
عن يزيد بن عبدالملك ، عن أبي عبداللّه (عليه السلام) أنّه قال : لم يغضب للّه شيء كغضب الطلح والسدر ، أنّ الطلح كان كالأترج والسدر كالبطيخ ، فلمّا قالت اليهود : يد اللّه مغلولة ، نقصتا حملهما فصغر فصار له عجم ، واشتدّ العجم ، فلمّا أن قالت النصارى : المسيح ابن اللّه ، أذعرتا فخرج لهما هذا الشوك ونقصتا حملهما وصار النبق إلى هذا الحمل ، وذهب حمل الطلح ، فلا يحمل حتّى يقوم قائمنا [ أن تقوم الساعة ] . ثمّ قال : من سقى طلحة أو سدرة فكأنّما سقى مؤمنا من ظما(1)-(2). وقال العلاّمة المجلسي رحمه الله : قيل الطلح شجر الموز وقيل أُمّ غيلان وقيل كلّ شجر عظيم كثير الشوك ، والخبر ينفي الأوّل ، ويمكن أن يكون غضبهمامجازا عن ظهور الغضب فيهما وكفى ذلك في شرفهما(3).
ص: 146
«يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللّه ِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّه ُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ»
سورة التوبة
بإسناده إلى الصادق (عليه السلام) حديث طويل يقول فيه (عليه السلام) ، وقد ذكر شقّ فرعون بطون الحوامل في طلب موسى (عليه السلام) : كذلك بنو أُميّة وبنو العبّاس لما أن وقفوا على أنّ زوال ملك الأُمراء والجبابرة منهم على يده
القائم (عليه السلام) ناصبونا العداوة ، ووضعوا سيوفهم في قتل أهل بيت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وإبادة نسله ، طمعا منهم في الوصول إلى قتل القائم ، فأبى اللّه أن يكشف أمره لواحد من الظلمة إلاّ أن يتمّ نوره ولو كره المشركون(1)-(2).
ص: 147
«هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ»
سورة التوبة
وفي كتاب كمال الدين وتمام النعمة بإسناده إلى أبي بصير قال : قال أبو عبداللّه (عليه السلام) في هذه الآية فقال : واللّه ما نزل تأويلها بعد ، ولا ينزل
تأويلها حتّى يخرج القائم (عليه السلام) ، فإذا خرج القائم لم يبق كافر باللّه العظيم
ولا مشرك بالإمام إلاّ كره خروجه حتّى لو كان كافرا أو مشركا في بطن صخرة لقالت : يامؤمن في بطني كافر فاكسرني واقتله(1).
وبإسناده إلى سليط قال : قال الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) : منّا إثنا عشر مهديا ، أوّلهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، وآخرهم التاسع من ولدي ، وهو القائم بالحقّ ، يحيي اللّه الأرض بعد موتها ، ويظهر [ به ] الدين الحقّ ولو كره المشركون(2). والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة .
ص: 148
وبإسناده إلى محمّد بن مسلم الثقفي قال : سمعت أبا جعفر محمّد بن علي (عليهما السلام) يقول : القائم منّا منصور بالرعب ، مؤيّد بالنصر ، تطوى له الأرض ، وتظهر له الكنوز ، ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب ، ويظهر اللّه (عزّوجلّ) به دينه على الدين كلّه ولو كره المشركون ، فلا يبقى في الأرض خراب إلاّ عمّر ، وينزل روح اللّه عيسى بن مريم (عليه السلام) فيصلّي خلفه(1) والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة .
وفي أُصول الكافي : علي بن محمّد ، عن بعض أصحابنا ، عن ابن محبوب ، عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي الحسن الماضي (عليه السلام) قال : قلت : «هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ» ؟ قال : هو الذي أمر رسوله بالولاية لوصيّه ، والولاية هي دين الحقّ . قلت : «لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ» ؟ قال : يظهره على جميع الأديان عند قيام القائم ، قال : يقول اللّه : «وَاللّه ُ مُتِمُّ نُورِهِ» ولاية القائم «وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ» بولاية علي . قلت هذا تنزيل ؟ قال : نعم أمّا هذا الحرف فتنزيل ، وأمّا غيره فتأويل(2) والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة(3).
ابن بابويه : قال : حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل « رضي اللّه عنه » قال :
ص: 149
حدّثنا علي بن الحسين السعد آبادي ، عن أحمد بن أبي عبداللّه البرقي ، عن أبيه عن [ محمّد ] بن أبي عمير ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال :
العياشي : باسناده عن سماعة ، عن أبي عبداللّه عليه السلام : «هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ»
قال
: إذا خرج القائم عليه السلام لم يبق مشرك باللّه العظيم ولا كافر إلاّ كره خروجه(1).
محمّد بن العبّاس : قال حدّثنا أحمد بن هوذة ، عن إسحاق بن إبراهيم ، عن عبداللّه بن حمّاد ، عن أبي بصير قال سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن قول اللّه
عزّوجلّ في كتابه : «هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ» .
فقال : واللّه ما نزل تأويلها بعد :
قلت جعلت فداك : ومتى ينزل تأويلها ؟
قال : حتّى يقوم القائم عليه السلام إن شاء اللّه تعالى ، فإذا خرج القائم عليه السلام لم يبق كافر ولا مشرك إلاّ كره خروجه ، حتّى لو أنّ كافرا أو مشركا في بطن صخرة لقالت الصخرة : يامؤمن في بطني كافر أو مشرك فاقتله ، فجيئه فيقتله(2).
عنه : عن أحمد بن إدريس ، عن عبداللّه بن محمّد ، عن صفوان بن يحيى ، عن يعقوب بن شعيب ، عن عمران بن ميثم ، عن عباية بن ربعي ، أنّه سمع أمير المؤمنين عليه السلام يقول : «هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ
ص: 150
عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ» أظهر ذلك بعد ؟ كلاّ والذي نفسي بيده حتّى لا تبقى قرية إلاّ و نودي فيها بشهادة أن لا إله إلاّ اللّه ، وأنّ محمّدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بكرة وعشيا(1).
عنه ، قال حدّثنا يوسف بن يعقوب ، عن محمّد بن أبي بكر المقري ، عن نعيم بن سليمان ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن ابن عبّاس في قوله عزّوجلّ : «لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ» قال :
لا يكون ذلك حتّى لا يبقى يهودي ولا نصراني ولا صاحب ملّة إلاّ (صار إلى)(2) الإسلام ، حتّى تأمن الشاة والذئب والبقرة و (الأسد) والإنسان والحيّة [ و ] حتّى لا تقرض الفأرة جرابا ، وحتّى توضع الجزية ويكسر الصليب ويقتل الخنزير و (هو) قوله تعالى : «لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ» وذلك يكون عند قيام القائم عليه السلام .
محمّد بن يعقوب : عن علي بن محمّد ، عن بعض أصحابنا ، عن ابن محبوب ، عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي الحسن الماضي عليه السلام : قلت : «هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ» .
قال : هو أمر اللّه ورسوله هو الذي أمر رسوله بالولاية لوصيّه ، والولاية هي دين الحقّ : قلت : «لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ» ؟ قال يظهره على جميع الأديان عند قيام القائم عليه السلام(3).
ص: 151
أبو علي الطبرسي : قال أبو جعفر عليه السلام : إنّ ذلك يكون عند خروج المهدي من آل محمّد صلوات اللّه عليه ، فلا يبقى أحد إلاّ أقرّ بمحمّد صلّى اللّه
عليه وآله وسلّم(1).
علي بن إبراهيم : في تفسيره في الآية أنّها نزلت في القائم من آل محمّد عليه السلام ، وهو الذي ذكرناه ممّا تأويله بعد تنزيله(2).
العياشي : باسناده عن أبي المقدام عن أبي جعفر عليه السلام في قول اللّه : «لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ» يكون أن لا يبقى أحد إلاّ أقرّ بمحمّد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم(3)-(4).
ص: 152
«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرا مِنْ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللّه ِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّه ِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ»
سورة التوبة
وفي الكافي : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن سنان ، عن معاذ بن كثير قال : سمعت أبا عبداللّه (عليه السلام) يقول : موسّع على شيعتنا أن ينفقوا ممّا في أيديهم بالمعروف ، فإذا قام قائمنا حرّم على كلّ ذي كنز كنزه حتّى يأتيه به فيستعين به على عدوّه ، وهو قول اللّه تعالى : «وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ» إلى قوله : «فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ»(1).
عنه : باسناده عن الحسين بن علوان ، عن من ذكره عن أبي عبداللّه عليه السلام قال :
إنّ المؤمن إذا كان عنده من ذلك شيء ينفقه على عياله ما شاء ، ثمّ إذا قام
ص: 153
القائم عليه السلام [ ف- ] يحمل إليه ما عنده ممّا بقي من ذلك يستعين به على أمره ، فقد أدّى ما يجب عليه(1)-(2).
ص: 154
«إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللّه ِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرا فِي كِتَابِ اللّه ِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللّه َ مَعَ الْمُتَّقِينَ»
سورة التوبة
محمّد بن إبراهيم النعماني في الغيبة : قال : أخبرنا علي بن الحسين ، قال حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار ، قال حدّثنا محمّد بن الحسن الرازي ، عن محمّد بن علي الكوفي ، عن إبراهيم بن محمّد بن يوسف ، عن محمّد بن عيسى ، [ عن عبدالرزّاق ] عن محمّد بن سنان ، عن فضيل الرسّان ، عن أبي حمزة الثمالي قال : كنت عند أبي جعفر محمّد بن علي الباقر عليهما السلام ذات يوم ، فلمّا تفرّق من كان عنده قال لي :
ياأبا حمزة : من المحتوم الذي لا تبديل له عند اللّه قيام قائمنا عليه السلام ، فمن شكّ فيما أقول لقي اللّه وهو به كافر ، وهو له جاحد ، ثمّ قال : بأبي أنت وأُمّي
المسمّى باسمي ، والمكنّى بكنيتي ، السابع من بعدي ، بأبي من يملأ الأرض قسطا
ص: 155
وعدلاً كما ملئت ظلما وجورا ، ثمّ قال : ياأبا حمزة من أدركه فلم يسلم له ما سلم لمحمّد وعلي صلوات اللّه عليهما ، فقد حرّم [ اللّه ] عليه الجنّة ومأواه النار وبئس مثوى الظالمين ، وأوضح من هذا بحمد اللّه وأنور وأبين وأزهر [ أظهر ] لمن هداه اللّه وأحسن إليه ، قول اللّه عزّوجلّ في محكم كتابه : «إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللّه ِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرا فِي كِتَابِ اللّه ِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ» ، ومعرفة الشهور : المحرّم وصفر والمحرّم ، [ و ]
لا يكون دينا قيّما ، لأنّ اليهود والنصارى والمجوس وسائر الملل والناس جميعا من الموافقين والمخالفين يعرفون هذه الشهور ويعدّونها بأسمائها ، وإنّما هم الأئمّة [ و ] القوّامون بدين اللّه عزّوجلّ ، والمحرّم منها أمير المؤمنين علي عليه السلام الذي اشتقّ [ اللّه تعالى ] له إسما من اسمه العلي ، كما اشتقّ لرسول اللّه [ لرسوله ] صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، اسما من اسمه المحمود ، وثلاثة من ولده [ أسماهم علي ] علي بن الحسين وعلي بن موسى وعلي بن محمّد : فصار [ ل- ]
هذا الاسم المشتقّ من اسم اللّه جلّ وعزّ حرمة به ، وصلوات اللّه على محمّد وآله المكرّمين المحترمين [ به (1)].
عنه : قال أخبرنا سلامة بن محمّد ، قال حدّثنا أبو الحسن علي بن عمر المعروف بالحاجي ، قال : حدّثنا القاسم بن حمزة العلوي العبّاسي الرازي قال : حدّثنا جعفر بن محمّد الحسني ، قال : حدّثني [ ثنا ] عبيد بن كثير ، قال : حدّثنا [
أبو ] أحمد بن موسى الأسدي ، عن داود بن كثير [ الرقي ] قال : دخلت على
ص: 156
أبي عبداللّه جعفر بن محمّد عليهما السلام بالمدينة .
قال [ لي ] ما الذي أبطأ بك عنّا ياداود ؟ فقلت حاجة عرضت بالكوفة ، فقال من خلفت بها ؟ [ ف- ] قلت جعلت فداك : خلفت [ بها ] عمّك زيدا ، تركته راكبا على فرس متقلّدا مصحفا [ سيفا ] ينادي بأعلى صوته سلوني سلوني قبل أن تفقدوني ، فبين جوانحي علم جمّ ، قد عرفت الناسخ من المنسوخ ، والمثاني والقرآن العظيم ، وإنّي العلم بين اللّه وبينكم .
فقال [ عليه السلام لي ] : ياداود لقد ذهبت بك المذاهب ، ثمّ نادى ياسماعة بن مهران ، اتيني بسلّة الرطب [ فأتاه بسلّة فيها رطب ] فتناول منها رطبة فأكلها ، واستخرج النواة من فيه ، فغرسها في الأرض ، ففلقت وأنبتت وأطلعت وأغدقت ، فضرب بيده إلى بسرة من غدق فشقّها واستخرج منها رقّا أبيض ، ففضّه ودفعه إليّ وقال اقرأه فقرأته فإذا فيه سطران [ السطر ] الأوّل : لا إله إلاّ اللّه ، محمّد رسول اللّه ، والثاني : «إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللّه ِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرا فِي كِتَابِ اللّه ِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ» أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، الحسن بن علي ، الحسين بن علي ، علي بن الحسين ، محمّد بن علي ، جعفر بن محمّد ، موسى بن جعفر ، علي بن موسى ، محمّد بن علي ، علي بن محمّد ، الحسن بن علي ، الخلف الحجّة .
ثمّ قال ياداود : أتدري متى كتب هذا في هذا ؟ قلت اللّه أعلم ورسوله وأنتم ، قال : قبل أن يخلق اللّه آدم بألفي عام(1).
ص: 157
الشيخ الطوسي في الغيبة : رواه بحذف الاسناد عن جابر الجعفي قال :
سألت أبا جعفر عليه السلام عن تأويل قول اللّه عزّوجلّ «إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللّه ِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرا فِي كِتَابِ اللّه ِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ» ، فقال : فتنفّس سيّدي الصعداء ثمّ قال :
ياجابر : أمّا السنة فهو جدّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، وشهورها اثنا عشر شهرا فهو أمير المؤمنين عليه السلام [ و ] اليّ وإلى ابني جعفر
وابنه موسى وابنه علي وابنه محمّد وابنه علي وإلى ابنه الحسن وإلى ابنه محمّد الهادي المهدي عليهم السلام ، اثنا عشر إماما حجج اللّه على [ في ] خلقه ، وأُمناؤه على وحيه وعلمه ، والأربعة الحرم الذين هم الدين القيّم ، أربعة منهم يخرجون باسم واحد ، على أمير المؤمنين ، وأبي علي بن الحسين ، وعلي بن موسى ، وعلي بن محمّد عليهم السلام ، فالإقرار بهؤلاء «ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ
تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ» أي قولوا بهنّ [ بهم ] جميعا تهتدوا(1).
الشيخ شرف الدين النجفي في تأويل الآيات الباهرة في العترة الطاهرة : عن المقلّد بن غالب الحسني [ بن الحسن ] « رحمه اللّه » عن رجاله باسناد متّصل إلى عبداللّه بن سنان الأسدي ، عن جعفر بن محمّد عليه السلام [ قال ] :
قال : أبي يعني محمّدا الباقر عليه السلام لجابر بن عبداللّه : لي إليك حاجة اخلوا فيها ، فلمّا خلا به قال : ياجابر : أخبرني عن اللوح الذي رأيته عند أُمّي
ص: 158
فاطمة الزهراء سلام اللّه عليها ، فقال [ جابر ] : أشهد باللّه لقد دخلت على سيّدتي فاطمة الزهراء لأُهنّيها بولدها الحسين عليه السلام ، فإذا بيدها لوح أخضر من زمردّدة خضراء فيه كتابة أنور من الشمس وأطيب رائحة من المسك الأذفر ، فقلت ما هذا اللوح يابنت رسول اللّه ، فقالت : هذا لوح أنزله اللّه تعالى على أبي
وقال لي احفظيه ، ففعلت ، فإذا فيه اسم أبي وبعلي واسم ابنيّ والأوصياء من بعد ولدي الحسين ، فسألتها أن تدفعه إليّ لأنسخه ، ففعلت . فقال له أبي عليه السلام : ما فعلت بنسختك ؟ فقال : هي عندي ، فقال : فهل لك أن تعارضني عليها ؟ قال : فمضى جابر إلى منزله فأتاه بقطعة جلد أحمر ، فقال له : أُنظر في صحيفتك حتّى أقرأها عليك ، فكان في صحيفته :
بسم اللّه الرحمن الرحيم هذا كتاب من اللّه العزيز الحكيم [ العليم ] أنزله
الروح الأمين على محمّد خاتم النبيين ، يامحمّد «إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللّه ِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرا فِي كِتَابِ اللّه ِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ» يامحمّد عظّم أسمائي واشكر نعمائي ، ولا تجحد آلائي ، ولا ترج سواي ، ولا تخشى غيري ، فإنّه من يرجو سوائي ويخشى غيري أُعذّبه عذابا لا أُعذّبه أحدا من العالمين ، يامحمّد إنّي اصطفيتك على الأنبياء ، واصطفيت وصيّك [ عليا ] على الأوصياء جعلت الحسن غيبة علمي بعد انقضاء مدّة أبيه ، والحسين خير أولاد الأوّلين والآخرين فيه ثبتت الإمامة العقب بعد العقب وعلي بن الحسين زين العابدين ، والباقر العلم الداعي إلى سبيلي على منهاج الحقّ ، وجعفر الصادق في القول والعمل ، تلبس من بعده فتنة صمّاء فالويل كلّ الويل لمن كذّب عترة نبيي وخيرة خلقي ، وموسى كاظم الغيظ ، وعلي
ص: 159
الرضا يقتله عفريت كافر يدفن بالمدينة التي بناها العبد الصالح إلى جنب شرّ خلق اللّه ، ومحمّد الهادي شبيه جدّه الميمون ، وعلي الهادي [ الداعي ] إلى سبيلي والذابّ عن حرمي والقائم في رعيّتي ، والحسن الأغر يخرج منه ذو الاسمين خلف محمّد يخرج في آخر الزمان وعلى رأسه غمامة تظلّه عن الشمس ، وينادي مناد بلسان فصيح يسمعه الثقلان ومن بين الخافقين « هذا المهدي من آل محمّد » فيملأ الأرض عدلاً كما ملئت جورا(1).
العياشي : بإسناده عن زرارة قال : قال أبو جعفر عليه السلام :
«قَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً» حتّى لا يكون شرك فتنة
«وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ للّه ِِ»(2) فقال : لا لم يجيء تأويل هذه الآية ، ولو قد قام قائمنا بعدُ سيرى من يدركه ما يكون من تأويل هذه الآية ، وليبلغن دين محمّد ما بلغ الليل حتّى لا يكون مشرك على ظهر الأرض كما قال اللّه (3)-(4).
ص: 160
«وَقُلْ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللّه ُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ...»
سورة التوبة
تأويله ، وهو ما رواه الشيخ محمّد بن يعقوب - رحمه اللّه - عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن محمّد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن عبدالحميد الطائي ، عن يعقوب بن شعيب قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن قول اللّه عزّوجلّ : «وَقُلْ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللّه ُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ» قال : هم الأئمّة عليهم السلام(1).
وذكر أبو علي الطبرسي - رحمه اللّه - قال : وروى أصحابنا : أنّ أعمال الأُمّة تعرّض على النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم كلّ اثنين وخميس فيعرفها ، وكذلك تعرض على أئمّة الهدى عليهم السلام فيعرفونها ؛ وهم المعنيّون بقوله تعالى : «وَالْمُؤْمِنُونَ»(2).
إذا عرفت ذلك فاعلم أنّ في هذا الأوان تعرض أعمال الخلائق على الخلف الحجّة صاحب الزمان صلّى اللّه عليه وعلى آبائه ما كرّ الجديدان ومااطّرد الخافقان .
ص: 161
«وَيَقُولُونَ لَوْلاَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ للّه ِِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنْ الْمُنْتَظِرِينَ»
سورة يونس
ابن بابويه : قال حدّثنا علي بن أحمد [ بن محمّد ] الدقّاق رضي اللّه عنه ، قال : حدّثنا محمّد بن أبي عبداللّه الكوفي ، قال حدّثنا موسى بن عمران النخعي ، عن عمّه الحسين بن يزيد ، عن علي بن أبي حمزة ، عن يحيى بن القاسم ، قال :
سألت الصادق عليه السلام عن قول اللّه عزّوجلّ «الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ»(1)، فقال : المتّقون شيعة علي عليه السلام ، والغيب [ ف- ] هو الحجّة القائم [ الغائب ] وشاهد ذلك قول اللّه
عزّوجلّ : «وَيَقُولُونَ لَوْلاَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ للّه ِِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي
مَعَكُمْ مِنْ الْمُنْتَظِرِينَ»(2)-(3).
ص: 162
«حَتَّى إِذَا أَخَذَتْ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا
وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارا ...»
سورة يونس
أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري : قال : أخبرني أبو الحسين محمّد بن هارون بن موسى ، عن أبيه ، قال حدّثنا أبو علي الحسن بن علي النهاوندي ، قال حدّثنا محمّد بن أحمد القاشاني ، قال حدّثنا علي بن سيف ، قال حدّثني أبي ، عن المفضّل بن عمر ، عن أبي عبداللّه عليه السلام :
قال : نزلت في بني فلان ثلاث آيات : قوله عزّوجلّ : «حَتَّى إِذَا أَخَذَتْ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارا»
يعني القائم بالسيف «فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ» .
وقوله عزّوجلّ : «فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ للّه ِِ رَبِّ الْعَالَمِينَ»(1) قال أبو عبداللّه عليه السلام بالسيف .
وقوله عزّوجلّ : «فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ * لاَ تَرْكُضُوا
ص: 163
وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ»(1) يعني القائم عليه السلام يسأل بني فلان عن) كنوز بني أُميّة(2)-(3).
ص: 164
«قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلْ اللّه ُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لاَ يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ»
سورة يونس
محمّد بن يعقوب : عن أبي علي الأشعري ، عن محمّد بن عبدالجبّار ، عن ابن فضّال والحجال ، جميعا عن ثعلبة بن ميمون عن عبدالرحمن بن مسلمة الجريري قال :
قلت لأبي عبداللّه عليه السلام يوبّخونا ويكذّبونا إنّا نقول : [ إنّ ] صيحتين تكونان ، يقولون : من أين تعرف المحقّة من المبطلة إذا كانتا ؟ قال : فماذا تردّون عليهم ؟ قلت : ما نردّ عليهم شيئا ، قال : قولوا : يصدق بها إذا كانت من [ كان ] يؤمن بها من قبل ، إنّ اللّه عزّوجلّ يقول : «أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لاَ يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ»(1).
محمّد بن يعقوب : عن أبي علي الأشعري ، عن محمّد ، عن ابن فضّال والحجّال ، عن داود بن فرقد قال : سمع رجل من العجلية هذا الحديث : قوله
ص: 165
ينادي منادٍ إلاّ أنّ فلان بن فلان وشيعته هم الفائزون أوّل النهار ، وينادي [ منادٍ ] آخر النهار إلاّ أنّ عثمان وشيعته هم الفائزون [ وينادي أوّل النهار منادي آخر النهار ] ، فقال الرجل : فما يدرينا اي- [ -ما ] الصادق من الكاذب ؟ فقال : يصدق [ عليها ] من كان يؤمن بها قبل أن ينادي ، إنّ اللّه عزّوجلّ يقول : «أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لاَ يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ»(1).
ابن بابويه : قال : حدّثنا محمّد بن الحسن [ بن أحمد ] بن الوليد [ رضي اللّه عنه ] قال : حدّثنا الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن الحارث بن المغيرة البصري ، عن ميمون البان قال :
كنت عند أبي عبداللّه [ أبي جعفر ] عليه السلام في فسطاطه فرفع جانب الفسطاط فقال : إنّ أمرنا لو قد كان لكان أبين من هذه الشمس المضيئة ، ثمّ قال : ينادي منادٍ من السماء فلان بن فلان هو الإمام باسمه ، وينادي إبليس [ لعنه اللّه ] من الأرض [ كما ] نادى برسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ليلة العقبة(2).
عنه قال : حدّثنا أبي رضي اللّه عنه قال : حدّثنا [ سعد بن عبداللّه قال : حدّثنا ] محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن جعفر بن بشير ، عن هشام بن سالم ، عن زرارة ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : ينادي مناد (من السماء) باسم
القائم عليه السلام ، قلت : خاصّ أو عام ؟ قال : عام يسمع كلّ قوم بلسانهم ، قلت : فمن يخالف القائم عليه السلام وقد نودي باسمه ؟ قال : لا يدعهم إبليس
ص: 166
حتّى ينادي ]في آخر الليل ] ويشكّك الناس(1).
وعنه قال : حدّثنا محمّد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنه ، عن [ عمّه ] محمّد بن أبي القاسم ، عن محمّد بن علي الكوفي ، عن أبيه ، عن أبي المغرا ، عن المعلّى بن خنيس ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : صوت جبرئيل من السماء ، وصوت إبليس من الأرض ، فاتّبعوا الصوت الأوّل ، وإيّاكم والأخير أن تفتتنوا به(2)-(3).
ص: 167
«وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللّه ُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ »
سورة يونس
علي بن إبراهيم : في قوله تعالى : «وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ» إلى قوله : «وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ»(1) إنّه محكم . ثمّ قال : «وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ»
يامحمّد «بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ» من الرجعة وقيام القائم عليه السلام «أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ»
من قبل ذلك «فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللّه ُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ»(2)-(3).
ص: 168
«أَلاَ إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللّه ِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَالَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الاْخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّه ِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ»
سورة يونس
وفي كمال الدين وتمام النعمة بإسناده إلى أبي بصير قال : قال الصادق عليه السلام : ياأبا بصير طوبى لشيعة قائمنا المنتظرين لظهوره في غيبته ، والمطيعين له في ظهوره ، أُولئك أولياء اللّه ، إلى قوله «وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ»(1).
وفي أُصول الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن حمّاد بن عثمان ، عن أبي عبيدة الحذّاء ، عن أبي عبداللّه عليه السلام أنّه قال
في قوله تعالى : «لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الاْخِرَةِ» يبشّرهم بقيام القائم
وبظهوره وبقتل أعدائهم ، وبالنجاة في الآخرة والورود على محمّد صلّى اللّه عليه وآله الصادقين على الحوض(2). والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة(3).
ص: 169
«وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمْ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُون»
سورة هود
محمّد بن إبراهيم النعماني قال : أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد قال : حدّثنا حميد بن زياد قال : حدّثنا علي بن الصباح قال : حدّثنا [ أبو علي الحسن بن محمّد الحضرمي قال : حدّثنا ] جعفر بن محمّد ، عن إبراهيم بن عبدالحميد ، عن إسحاق بن عبدالعزيز ، عن أبي عبداللّه عليه السلام في قوله : «وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمْ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ» قال : العذاب خروج القائم عليه السلام والأُمّة المعدودة أهل بدر وأصحابه(1).
علي بن إبراهيم : قال : أخبرنا أحمد بن إدريس قال : حدّثنا أحمد بن محمّد ، عن علي بن الحكم ، عن سيف ، عن حسّان ، عن هشام بن عمّار ، عن أبيه ، وكان من أصحاب علي عليه السلام ، عن علي صلوات اللّه عليه في قوله [
تعالى ] : «وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمْ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ» قال :
ص: 170
الأُمّة المعدودة أصحاب القائم الثلاثمائة والبضعة عشر(1).
علي بن إبراهيم قال : حدّثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن منصور بن يونس ، عن أبي خالد الكابلي قال : قال أبو جعفر عليه السلام : واللّه لكأنّي أنظر إلى القائم عليه السلام وقد أسند ظهره إلى الحجر ، ثمّ ينشد اللّه حقّه ، ثمّ يقول : ياأيّها الناس من يحاجني في اللّه ، فأنا أولى باللّه ، أيّها الناس من يحاجني في آدم ، فأنا أولى بآدم ، ياأيّها الناس من يحاجني في نوح ، فأنا أولى بنوح : أيّها الناس من
يحاجني في إبراهيم ، فأنا أولى بإبراهيم ، أيّها الناس من يحاجني في موسى ، فأنا أولى بموسى ، أيّها الناس من يحاجني في عيسى ، فأنا أولى الناس بعيسى ، أيّها الناس من يحاجني في [ رسول اللّه ] فأنا أولى [ برسول اللّه (2)] صلوات اللّه
عليهم أجمعين أيّها الناس من يحاجني في كتاب اللّه ، فأنا أولى بكتاب اللّه ، ثمّ
ينتهي إلى المقام فيصلّي ركعتين وينشد اللّه حقّه .
ثمّ قال أبو جعفر عليه السلام : هو واللّه [ المضطر في كتاب اللّه ] في قوله : «أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ»(3) فيكون
أوّل من بيايعه جبرائيل ثمّ الثلاثمائة والثلاثة عشر رجلاً ، فمن كان ابتلى بالمسير
وافاه ، ومن لم يبتل بالمسير فُقِد من [ عن ] فراشه ، وهو قول أمير المؤمنين عليه السلام : هم المفقودون من [ عن ] فرشهم ، وذلك قول اللّه عزّوجلّ : «فَاسْتَبِقُوا
ص: 171
الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمْ اللّه ُ جَمِيعا»(1) قال : الخيرات الولاية .
وقال في موضع آخر : «وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمْ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ» وهم أصحاب القائم عليه السلام يجتمعون [ واللّه ] إليه في ساعة واحدة فإذا جاء إلى البيداء يخرج إليه جيش السفياني ، فيأمر اللّه الأرض فتأخذ أقدامهم ، وهو قوله : «وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلاَ فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ * وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ»(2) يعني بالقائم من آل محمّد عليهم السلام «وَأَنَّى لَهُمْ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ»(3) [ إلى قوله ] : «وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ» [ يعني ] «كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ»(4) يعني من كان قبلهم من المكذّبين هلكوا(5).
العياشي : باسناده عن أبان بن مسافر ، عن أبي عبداللّه عليه السلام في قول اللّه : «وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمْ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ» يعني عدّة كعدّة بدر : «لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفا عَنْهُمْ» قال العذاب(6).
عنه : باسناده عن عبدالأعلى الحلبي قال : قال أبو جعفر عليه السلام : أصحاب القائم عليه السلام الثلاثمائة والبضعة عشر رجلاً هم واللّه الأُمّة المعدودة
التي قال في كتابه : «وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمْ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ» قال : يجتمعون له
ص: 172
في ساعة واحدة قزعا كقزع الخريف(1).
وعنه : بإسناده عن الحسين ، عن الخراز ، عن أبي عبداللّه عليه السلام : «وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمْ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ» قال هو القائم وأصحابه(2).
أبو علي الطبرسي : في مجمع البيان قيل إنّ الأُمّة المعدودة هم أصحاب المهدي في آخر الزمان ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً كعدّة أهل بدر يجتمعون في ساعة واحدة كما يجتمع قزع الخريف ، قال : وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبداللّه عليهما السلام(3).
قال شرف الدين النجفي : ويؤيّده ما رواه محمّد بن جمهور عن حمّاد بن عيسى عن حريز قال : روى بعض أصحابنا عن أبي عبداللّه عليه السلام في قوله تعالى : «وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمْ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ» ، قال : العذاب هو القائم عليه السلام وهو عذاب على أعدائه ، والأُمّة المعدودة هم الذين يقومون معه بعدد أهل بدر(4).
علي بن إبراهيم : في تفسيره المنسوب إلى الصادق عليه السلام في قوله تعالى : «وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمْ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ» قال : قال إنّ متعنّاهم في هذه الدنيا إلى خروج القائم عليه السلام فنردّهم ونعذّبهم ليقولنّ ما يحبسه أن يقولوا أن لا يقوم [ أي يقولون أمّا لا يقوم ] القائم عليه السلام ولا يخرج على حدّ
ص: 173
الاستهزاء ، فقال اللّه : «أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون»(1)-(2).
ص: 174
«أُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ»
سورة هود
هم الشاكّون في الإمام المهدي عجّل اللّه فرجه الشريف .
روى الحافظ القندوزي (الحنفي) باسناده عن المفضّل بن عمر أنّه قال : قلت للصادق جعفر بن محمّد (رضي اللّه عنه) - وساق حديثا عن (القائم) المهدي - إلى أن قال : قال الصادق :
يقولون [ يعني : الشكّاكون في الإمام المهدي عليه السلام ] :
متى ولد ؟ ومن رآه ؟ وأين هو ؟ ومتى يظهر ؟
كلّ ذلك شكّا في قضائه وقدرته .
[ ثمّ تلا قوله تعالى ] :
«أُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ» .
في الدنيا والآخرة(1).
وآخرٌ بينهما خاسرٌ
قد خسر الدنيا مع الآخرة
ص: 175
«وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللّه ِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌوَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَىَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلاَ تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ»
سورة هود
وفي كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى أبان بن تغلب ، عن أبي عبداللّه (عليه السلام) حديث طويل يذكر فيه القائم (عليه السلام) وفيه : فإذا نشر راية رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ينحط إليه ثلاثة عشر ألف ملك ينصرون القائم (عليه السلام) ، وهم الذين كانوا مع نوح (عليه السلام) في السفينة(1)-(2).
ص: 176
«قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ»
سورة هود
العياشي : باسناده : عن صالح بن سعيد ، عن أبي عبداللّه عليه السلام في قول اللّه : «لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ» قال : قوّة القائم عليه السلام ، والركن الشديد الثلاثمائة وثلاثة عشر أصحابه(1).
ابن بابويه : باسناده : عن أبي بصير قال : قال أبو عبداللّه عليه السلام : ما كان قول لوط عليه السلام لقومه : «لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ» إلاّ تمنّيا لقوّة القائم عليه السلام ، ولا الركن [ ذكر ] إلاّ شدّة أصحابه ، فإنّ الرجل منهم ليعطي قوّة أربعين رجلاً ، وإنّ قلبه لأشدّ من زبر الحديد ، ولو مرّوا بجبال الحديد
لتدكدكت [ لقلعوها ] ، ولا يكفون سيوفهم حتّى يرضى اللّه عزّوجلّ(2)-(3).
ص: 177
«بَقِيَّةُ اللّه ِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ»
سورة هود
وروى الشيخ محمّد بن يعقوب - رحمه اللّه - عن محمّد بن يحيى ، عن جعفر بن محمّد بإسناده إلى عمر بن زاهر ، عن أبي عبداللّه عليه السلام أنّه قال - وقد سأله رجل عن القائم عليه السلام يسلّم عليه بإمرة المؤمنين - قال : لا ، ذاك
اسم سمّى اللّه به أمير المؤمنين عليه السلام ولم يسمّ به أحد قبله ولا يتسمّى به بعده إلاّكافر . قال : قلت : فكيف يسلّم على القائم عليه السلام ؟ قال : تقول : السلام عليك يابقيّة اللّه . ثمّ قرأ : «بَقِيَّةُ اللّه ِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ»(1).
وفي كتاب كمال الدين وتمام النعمة : حدّثنا علي بن عبداللّه الورّاق ، قال : حدّثنا سعد بن عبداللّه ، عن أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعري قال : خرج أبو محمّد الحسن بن علي (عليهما السلام) علينا وعلى عاتقه غلام كأنّ وجهه القمر ليلة البدر من أبناء ثلاث سنين ، فقال : ياأحمد بن إسحاق لولا كرامتك على اللّه (عزّوجلّ) وعلى حججه ما عرضت عليك ابني هذا ، إنّه سمع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ، إلى أن قال : فنطق الغلام (عليه السلام) بلسان عربي فصيح ، فقال :
ص: 178
أنا بقية اللّه في أرضه ، والمنتقم من أعدائه فلا تطلب أثرا بعد عين(1)، والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة .
وبإسناده إلى محمّد بن مسلم الثقفي ، عن أبي جعفر محمّد بن علي الباقر (عليه السلام) ، حديث طويل يذكر فيه القائم (عليه السلام) فإذا خرج أسند ظهره إلى الكعبة واجتمع إليه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً ، وأوّل ما ينطق به هذه الآية «بَقِيَّةُ اللّه ِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ» ثمّ يقول : أنا بقية اللّه ، وحجّته ، وخليفته عليكم ، فلا يسلّم عليه مسلم إلاّ قال : السلام عليك يابقية اللّه في أرضه(2).
وفي كتاب الاحتجاج للطبرسي ، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ، حديث طويل يقول فيه (عليه السلام) وقد ذكر الحجج : هم بقية اللّه يعني المهدي (عليه السلام) الذي يأتي بعد انقضاء هذه النظرة ، فيملأ الأرض قسطا وعدلاً كما ملئت ظلما وجورا(3)-(4).
ص: 179
«وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ»
سورة هود
محمّد بن يعقوب : عن علي بن محمّد ، عن علي بن العبّاس ، عن الحسن بن عبدالرحمن عن عاصم بن حميد ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عزّوجلّ : «وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ» قال :
اختلفوا كما اختلفت هذه الأُمّة في الكتاب ، وسيختلفون في الكتاب الذي مع القائم عليه السلام الذي يأتيهم به حتّى ينكره ناس كثير فيقدّمهم فيضرب أعناقهم(1).
ص: 180
«قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ قَالُوا أَئِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللّه ُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللّه َ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ»
سورة يوسف
وفي كتاب [ كمال ] الدين وتمام النعمة بإسناده إلى سدير قال : سمعت أبا عبداللّه (عليه السلام) يقول : إنّ في القائم (عليه السلام) شبه من يوسف (عليه السلام) ، قلت : كأنّك تذكر خبره أو غيبته ، فقال لي : أتنكر من ذلك هذه الأُمّة أشباه الخنازير أنّ إخوة يوسف كانوا أسباطا أولاد لأنبياء تاجروا يوسف وبايعوه وهم إخوته وهو أخوهم فلم يعرفوه حتّى قال لهم : أنا يوسف وهذا أخي فما تنكر هذه الأُمّة أن يكون اللّه (عزّوجلّ) في وقت من الأوقات يريد أن « يبيّن » حجّته لقد كان يوسف (عليه السلام) ملك مصر وكان بينه وبين والده مسيرة ثمانية عشر يوما فلو أراد اللّه (عزّوجلّ) أن يعرّفه [ مكانه ] لقدر على ذلك ، واللّه لقد سار يعقوب وولده عند البشارة مسيرة تسعة أيّام من بدوهم إلى مصر فما تنكر هذه [ الأُمّة ] أن يكون اللّه (عزّوجلّ) يفعل [ بحجّته ] ما فعل بيوسف أن
ص: 181
يسير فيما بينهم ويمشي في أسواقهم ويطأ بسطهم وهم لا يعرفونه حتّى يأذن اللّه (عزّوجلّ) [ له ] أن يعرّفهم نفسه كما أذن ليوسف حتّى قال لهم : «هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ * قَالُوا أَئِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذَا أَخِي ... »(1)-(2).
ص: 182
«وَلَمَّا فَصَلَتْ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلاَ أَنْ تُفَنِّدُونِ»
سورة يوسف
حدّثنا محمّد بن علي ماجيلويه رحمه اللّه قال : حدّثنا محمّد بن يحيى عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن إسماعيل(1) عن أبي إسماعيل السرّاج(2)، عن
بشر بن جعفر(3)، عن المفضّل بن عمر عن أبي عبداللّه الصادق عليه السلام قال : سمعته يقول : أتدري ما كان قميص يوسف عليه السلام ؟ قال : قلت : لا قال : إنّ إبراهيم عليه السلام لمّا أُوقدت له النار نزل إليه جبرئيل عليه السلام بالقميص(4) وألبسه إيّاه فلم يضرّ معه حرّ ولا برد ، فلمّا حضرته الوفاة جعله في تميمة(5) وعلّقه على إسحاق عليه السلام ، وعلّقه إسحاق على يعقوب عليه السلام فلمّا
ص: 183
ولد له يوسف عليه السلام علّقه عليه ، وكان في عضده حتّى كان من أمره ما كان ، فلمّا أخرجه يوسف عليه السلام بمصر من التميمة وجد يعقوب عليه السلام ريحه وهو قوله عزّوجلّ حكاية عنه : «إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلاَ أَنْ تُفَنِّدُونِ» فهو ذلك القميص الذي أُنزل من الجنّة .
قلت : جعلت فداك فإلى من صار هذا القميص ؟
قال : إلى أهله وهو مع قائمنا عليه السلام إذا خرج ، ثمّ قال : كلّ نبي ورث علما أو غيره فقد انتهى إلى آل محمّد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم(1).
ص: 184
«حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا»
سورة يوسف
محمّد بن جرير الطبري : في باب وجوب معرفة القائم عليه السلام وأنّه لابدّ أن يكون من كتابه مسند فاطمة عليها السلام :
بإسناده عن أبي علي النهاوندي قال : حدّثنا القاشاني [ يعني محمّد بن أحمد القاشاني ] قال : حدّثنا محمّد بن سليمان قال : حدّثنا علي بن سيف قال : حدّثني أبي ، عن المفضّل بن عمر ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فشكى إليه طول دولة الجور ، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : واللّه (لا يكون) ما تأملون حتّى يهلك المبطلون ويضمحل الجاهلون ويأمن المتّقون وقليل ما يكون حتّى لا يكون لأحدكم موضع قدمه ، وحتّى تكونوا على الناس أهون من الميتة عند صاحبها ، فبينا أنتم كذلك إذ جاء نصر اللّه والفتح ،
وهو قول ربّي عزّوجلّ في كتابه : «حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا»(1)-(2).
ص: 185
«إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ»
سورة الرعد
الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد وفضالة بن أيّوب ، عن موسى بن بكر ، عن الفضيل قال : سألت أبا عبداللّه (عليه السلام) عن قول اللّه (عزّوجلّ) : «وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ» .
فقال(1): كلّ إمام هاد للقرن(2) الذي هو فيهم(3).
الكافي : الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن الحسن بن علي الوشّاء قال : سمعت الرضا (عليه السلام) يقول : إنّ أبا عبداللّه (عليه السلام) قال : إنّ الحجّة لا تقوم للّه (عزّوجلّ) على خلقه إلاّ بإمام حتّى(4) يعرف(5).
الكافي : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن البرقي ، عن خلف بن حمّاد ، عن أبان بن تغلب قال : قال أبو عبداللّه (عليه السلام) : الحجّة قبل الخلق
ص: 186
ومع الخلق وبعد الخلق(1).
الكافي : الحسين بن محمّد الأشعري ، عن معلّى بن محمّد ، عن محمّد بن جمهور ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن سعدان ، عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبداللّه (عليه السلام) : «إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ» .
فقال : رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) المنذر وعلي الهادي ، ياأبا محمّد هل من هاد اليوم ؟
قلت : بلى جعلت فداك ما زال منكم هاد بعد هاد حتّى دفعت إليك .
فقال : رحمك اللّه ياأبا محمّد لو كانت إذا نزلت آية على رجل ثمّ مات ذلك الرجل ماتت الآية مات الكتاب ، ولكنّه حي يجري فيمن بقي كما جرى فيمن مضى(2).
تفسير القمي : حدّثني أبي ، عن حمّاد ، عن أبي بصير ، عن أبي عبداللّه (عليه السلام) قال : المنذر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ، والهادي أمير المؤمنين (عليه السلام) وبعده الأئمّة (عليهم السلام) وهو قوله : «وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ»
أي في كلّ زمان إمام هاد مبيّن ، وهو ردّ على من ينكر أنّ في كلّ عصر وزمان إماما ، وأنّه لا تخلو الأرض من حجّة ، كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : لا تخلو الأرض من إمام قائم بحجّة اللّه ، إمّا ظاهر مشهور ، وإمّا خائف مقهور(3) لئلاّ
ص: 187
تبطل حجج اللّه وبيّناته(1).
قال : حدّثنا علي بن الحسن بن محمّد ، قال : حدّثنا عتبة بن عبداللّه الحمصي بمكّة قراءة عليه سنة ثمانين وثلاثمائة ، قال : حدّثنا علي بن موسى الغطفاني ، قال : حدّثنا أحمد بن يوسف الحمصي ، قال : حدّثني محمّد بن عكاشة ، قال : حدّثنا حسين بن زيد بن علي ، قال : حدّثنا عبداللّه بن الحسن ، عن أبيه ، عن الحسن عليه السلام ، قال « خطب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم يوما ، فقال بعدما حمد اللّه وأثنى عليه : معاشر الناس ، كأنّي أُدعى فأُجيب ، وإنّي
تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا ،
فتعلّموا منهم ، ولا تعلّموهم فإنّهم أعلم منكم ، لا تخلو الأرض منهم ، ولو خلت إذن لساخت بأهلها . ثمّ قال عليه السلام : اللهمّ إنّي أعلم أنّ العلم لا يبيد ولا ينقطع، وأنّك لا تخلي الأرض من حجّة لك على خلقك ، ظاهر ليس بالمطاع ، أو خائف مغمور كي لا تبطل حجّتك ، ولا يضلّ أولياؤك بعد إذ هديتهم ، أُولئك الأقلّون عددا ، الأعظمون قدرا عند اللّه . فلمّا نزل عن منبره قلت له : يارسول اللّه ، أما أنت الحجّة على الخلق كلّهم ؟ قال : ياحسن ، إنّ اللّه يقول : «إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ» فأنا المنذر ، وعلي الهادي .
قلت : يارسول اللّه ، فقولك : إنّ الأرض لا تخلو من حجّة ؟ قال : نعم ، علي هو الإمام والحجّة بعدي ؛ وأنت الإمام والحجّة بعده ؛ والحسين الإمام والحجّة والخليفة بعدك ؛ ولقد نبّأني اللطيف الخبير أنّه يخرج من صلب الحسين ولد يقال
ص: 188
له علي سميّ جدّه علي ، فإذا مضى الحسين قام بالأمر بعده علي ابنه ، وهو الإمام والحجّة بعد أبيه ؛ ويخرج اللّه من صلب علي ولدا سميّي ، وأشبه الناس بي علمه علمي ، وحكمه حكمي ، وهو الإمام والحجّة بعد أبيه ؛ ويخرج اللّه تعالى من صلب محمّد مولودا يقال له جعفر ، أصدق الناس قولاً وفعلاً ، وهو الإمام والحجّة بعد أبيه ؛ ويخرج اللّه تعالى من صلب جعفر مولودا يقال له موسى ، سميّي موسى بن عمران عليه السلام ، أشدّ الناس تعبّدا ، فهو الإمام والحجّة بعد أبيه ، ويخرج اللّه تعالى من صلب موسى ولدا يقال له علي ، معدن علم اللّه ، وموضع حكمه ، وهو الإمام والحجّة بعد أبيه ؛ ويخرج اللّه من صلب علي مولودا يقال له محمّد ، فهو الإمام والحجّة بعد أبيه ؛ ويخرج اللّه تعالى من صلب محمّد ولدا يقال له علي ، فهو الإمام والحجّة بعد أبيه ؛ ويخرج اللّه تعالى من صلب علي مولودا يقال له الحسن ، فهو الإمام والحجّة بعد أبيه ؛ ويخرج اللّه تعالى من صلب الحسن الحجّة القائم إمام شيعته ، ومنقذ أوليائه ، يغيب حتّى لا يرى ، فيرجع عن أمره قوم ، ويثبت عليه آخرون «وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ»(1) ولو لم يكن من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل اللّه عزّوجلّ ذلك اليوم حتّى يخرج قائمنا ، فيملأ الأرض قسطا وعدلاً ، كما ملئت ظلما وجورا ، فلا تخلو الأرض منكم ، أعطاكم اللّه علمي وفهمي ، ولقد دعوت اللّه تبارك وتعالى أن يجعل العلم والفقه في عقبي وعقب عقبي وزرعي وزرع زرعي »(2)-(3).
ص: 189
«وَهُ-وَ شَدِي-دُ الْمِحَالِ»
سورة الرعد
محمّد بن إبراهيم النعماني في الغيبة : أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد قال : حدّثنا علي بن الحسن التيملي من كتابه في رجب سنة سبع وسبعين ومأتين قال : حدّثنا محمّد بن عمر بن يزيد بيّاع السابري ، ومحمّد بن الوليد بن خالد الخزّاز جميعا قالا : حدّثنا حمّاد بن عثمان ، عن عبداللّه بن سنان : قال حدّثني محمّد بن إبراهيم بن أبي البلاد ، قال : حدّثنا أبي ، عن أبيه ، عن الأصبغ بن نباتة
قال :
سمعت عليا عليه السلام يقول : « إنّ بين يدي القائم عليه السلا سنين خدّاعة ، يكذب فيها الصادق ، ويصدق فيها الكاذب ، ويقرب فيها الماحل » وفي حديث : وينطق فيها الرويبضة ، فقلت : وما الرويبضة وما الماحل ؟ قال : أو ما تقرؤون القرآن قوله «وَهُوَ شَدِيدُ الِْمحَالِ» قال : يريد المكر ، فقلت وما المحال ؟ قال : يريد المكّار(1).
ص: 190
«الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ»
سورة الرعد
ابن بابويه : قال : حدّثنا المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي رضي اللّه عنه ، قال : حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود ، عن أبيه محمّد بن مسعود العياشي ، عن جعفر بن أحمد ، عن العمركي البوفكيّ ، عن الحسن بن علي بن فضّال ، عن مروان بن مسلم ، عن أبي بصير ، قال : قال الصادق عليه السلام : « طوبى لمن تمسّك بأمرنا في غيبة قائمنا ، فلم يزغ قلبه بعد الهداية » .
فقلت له : جعلت فداك ، وما طوبى ؟ قال : « شجرة في الجنّة ، أصلها في دار علي بن أبي طالب عليه السلام ، وليس من مؤمن إلاّ وفي داره غصن من أغصانها ، وذلك قول اللّه عزّوجلّ : «طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ» »(1)-(2).
ص: 191
«أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُوا للّه ِِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنْ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنْ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلْ اللّه ُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ»
سورة الرعد
وفي أُصول الكافي : علي بن محمّد مرسلاً عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال : قال : اعلم علّمك اللّه الخير أنّ اللّه (تبارك وتعالى) قديم إلى أن قال : وهو قائم ليس على معنى انتصاب وقيام على ساق في كبد كما قامت الأشياء ، ولكن قائم يخبر أنّه حافظ كقول الرجل : القائم بأمرنا فلان ، واللّه هو القائم على
كلّ نفس بما كسبت ، والقائم أيضا في كلام الناس : الباقي ، والقائم أيضا يخبر عن الكفاية كقولك للرجل : قم بأمر [ بني ] فلان أي أكفهم ، والقائم منّا قائم على ساقفقد جمعنا الاسم ولم نجمع المعنى(1)-(2).
ص: 192
«وَذَكِّرْهُ-مْ بِ-أَيَّ-امِ اللّه ِ .......»
سورة إبراهيم
ذكر علي بن إبراهيم - رحمه اللّه - في تفسيره أنّه روي في الحديث أنّ أيّام اللّه ثلاثة : يوم القائم - عليه أفضل الصلاة والسلام - ويوم الموت ويوم القيامة(1).
ابن بابويه : قال حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار رضي اللّه عنه قال : حدّثنا سعد بن عبداللّه قال : حدّثني يعقوب بن يزيد ، عن محمّد بن الحسن الميثمي ، عن مثنّى الحنّاط قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : أيّام اللّه عزّوجلّ ثلاثة : يوم يقوم القائم عليه السلام ، ويوم الكرة ، ويوم القيامة(2).
وعن أبي عبداللّه عليه السلام يقول : أيّام اللّه ثلاثة : يوم يقوم القائم ، ويوم الكرّة ، ويوم القيامة(3).
ص: 193
«رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعْ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ»
سورة إبراهيم
عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : واللّه الذي صنعه الحسن بن علي عليه السلام كان خيرا لهذه الأُمّة ممّا طلعت عليه الشمس ، واللّه لفيه نزلت هذه الآية «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ» إنّما هي طاعة الإمام فطلبوا القتال «فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقِتَالُ» مع الحسين «قَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلاَ أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ»(1) وقوله «رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعْ الرُّسُلَ» أرادوا تأخير ذلك إلى القائم عليه السلام(2).
ص: 194
«وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ»
سورة إبراهيم
العياشي : باسناده عن سعد بن عمر ، عن غير واحد ممّن حضر أبا عبداللّه ، ورجل يقول قد ثبت دار صالح ودار عيسى بن علي ذكر دور العبّاسيين فقال رجل : أراناها اللّه خرابا أو خربها بأيدينا ، فقال له أبو عبداللّه عليه السلام : لا تقل هكذا ، بل يكون مساكن القائم وأصحابه ، أما سمعت اللّه عزّوجلّ يقول : «وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ»(1).
ص: 195
«وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ»
سورة إبراهيم
العياشي : باسناده عن جميل بن درّاج ، قال : سمعت أبا عبداللّه عليه السلام يقول : «وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ» وإنّ مكر بني العبّاس بالقائم عليه السلام لتزول منه قلوب الرجال(1).
الشيخ في مجالسه قال : أخبرنا الحسين بن إبراهيم القزويني قال : أخبرنا [
حدّثنا ] أبو عبداللّه محمّد بن وهبان قال : حدّثنا أبو القاسم علي بن حبشي قال : حدّثنا أبو الفضل العبّاس بن محمّد بن الحسين قال : حدّثنا أبي قال : حدّثنا صفوان بن يحيى ، عن الحسين بن أبي غندر عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبداللّه عليه السلام يقول : اتّقوا اللّه وعليكم بالطاعة لأئمّتكم ، قولوا ما يقولون واصمتوا
عمّا صمتوا ، فإنّكم في سلطان من قال اللّه تعالى : «وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ» (يعني بذلك ولد العبّاس) فاتّقوا اللّه فإنّكم في هدنة(2) [ هذه ] صلوا في
ص: 196
عشائرهم واشهدوا جنائزهم وأدّوا الأمانة إليهم وعليكم بحجّ هذا البيت فادمنوه ، فإنّ في ادمانكم الحجّ دفع مكاره الدنيا عنكم ، وأهوال يوم القيامة(1)-(2).
ص: 197
«قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ»
سورة الحجر
في كتاب معاني الأخبار ، بإسناده إلى عبدالعظيم بن عبداللّه الحسني قال : سمعت أبا الحسن علي بن محمّد العسكري (عليه السلام) يقول : معنى الرجيم أنّه مرجوم باللعن . مطرود من الخير ، لا يذكره مؤمن إلاّ لعنه ، وأنّ في علم اللّه
السابق إذا خرج القائم (عليه السلام) لا يبقى مؤمن في زمانه إلاّ رجمه بالحجارة كما كان قبل ذلك مرجوما باللعن(1)-(2).
ص: 198
«قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ فَإِنَّكَ مِنْ الْمُنْظَرِينَإِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ»
سورة الحجر
أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري : قال : أخبرني أبو الحسن علي قال : حدّثني [ ثنا ] أبو جعفر قال : حدّثنا المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي قال : حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود ، عن أبيه ، عن علي بن الحسن بن فضّال قال : حدّثني [ ثنا ] العبّاس بن عامر ، عن وهب بن جميع مولى إسحاق بن عمّار قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن إبليس قوله : «رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنْ الْمُنْظَرِينَ * إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ» أي يوم هو ؟ قال ياوهب
أتحسب أنّه يوم يبعث اللّه تعالى الناس ؟ [ لا ] ولكن اللّه عزّوجلّ أنظره إلى يوم يبعث اللّه عزّوجلّ قائمنا ، فإذا بعث اللّه عزّوجلّ قائمنا فيأخذ بناصيته ويضرب عنقه فذلك يوم الوقت المعلوم(1).
أخرج العالم الشافعي محمّد بن إبراهيم (الحمويني) باسناده المذكور عن الحسن بن خالد ، قال : قال علي بن موسى الرضا - رضي اللّه عنه - [ في حديث ] :
ص: 199
« إلى يوم الوقت المعلوم ، وهو يوم خروج قائمنا » .
فقيل له : ياابن رسول اللّه ومن القائم منكم أهل البيت ؟
قال : الرابع من ولدي ابن سيّدة الإماء يطهّر اللّه به الأرض من كلّ جور ويقدّسها من كلّ جرم وظلم ، الحديث(1).
ص: 200
«إِنَّ فِي ذَلِكَ لاَيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ
وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ»
سورة الحجر
وفي روضة الواعظين بعد أن ذكر الصادق (عليه السلام) وروى عنه حديثا ، وقال (عليه السلام) : إذا قام قائم آل محمّد (عليه السلام) حكم بين الناس بحكم داود لا يحتاج إلى بيّنة يلهمه اللّه تعالى فيحكم بعلمه ويخبر كلّ قوم بما استبطنوه
ويعرف وليّه من عدوّه بالتوسّم قال اللّه (عزّوجلّ) : «إِنَّ فِي ذَلِكَ لاَيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ * وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ»(1).
وفي كتاب كمال الدين وتمام النعمة بإسناده إلى أبان بن تغلب قال : قال أبو عبداللّه (عليه السلام) : إذا قام القائم (عليه السلام) لم يقم بين يديه أحد من خلق
الرحمن إلاّ عرفه صالح هو أو طالح ، وفيه آية للمتوسّمين وهي السبيل المقيم(2)-(3).
وعن إبراهيم بن هاشم بن سليمان الديلمي عن معاوية الدهني عن أبي
ص: 201
عبداللّه عليه السلام في حديث في قوله تعالى «إِنَّ فِي ذَلِكَ لاَيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ»
قال : ذاك لو قد قام قائمنا أعطاه اللّه السيماء فيأمر بالكافر فيأخذ بالنواصي والأقدام ، ثمّ يحيط (يخبط) بالسيف خيطا (خبطا)(1).
ص: 202
«وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعا مِنْ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ»
سورة الحجر
العياشي : باسناده عن يونس بن عبدالرحمن ، عن من رفعه قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن قول اللّه : «وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعا مِنْ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ» ، قال : إنّ ظاهرها الحمد ، وباطنها ولد الولد ، والسابع منها القائم عليه السلام(1).
عنه : باسناده عن القاسم بن عروة ، عن أبي جعفر عليه السلام في قول اللّه عزّوجلّ : «وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعا مِنْ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ» قال : سبعة من الأئمّة
[ أئمّة ] والقائم عليه السلام .
وعنه : بإسناده قال حسّان العابد [ العامري ] : سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول اللّه : «وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعا مِنْ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ» قال : ليس هكذا تنزيلها ، إنّما هي : «وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعا مِنْ الْمَثَانِي» نحن هم : «وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ»
ولد الولد .
ص: 203
وعنه : باسناده عن سماعة قال : قال أبو الحسن عليه السلام : «وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعا مِنْ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ» [ قال ] لم يعط الأنبياء إلاّ محمّدا صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، وهم السبعة الأئمّة الذين يدور عليهم الفلك ، والقرآن العظيم محمّد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم .
ص: 204
«أَتَى أَمْرُ اللّه ِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ»
سورة النحل
ابن بابويه : قال : حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي اللّه عنه قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن أبان بن تغلب قال : قال أبو عبداللّه عليه السلام [ إنّ ] أوّل من يبايع القائم عليه السلام جبرئيل عليه السلام ينزل في صورة طير أبيض فيبايعه ثمّ يضع رجلاً على بيت اللّه الحرام ورجلاً على بيت المقدس ، ثمّ ينادي بصوت ذلق [ طلق تسمعه ] يسمع الخلائق : «أَتَى أَمْرُ اللّه ِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ»(1).
ورواه العياشي : باسناده عن أبان بن تغلب ، عن أبي عبداللّه عليه السلام : إنّ أوّل من يبايع القائم عليه السلام جبرائيل عليه السلام ينزل عليه في صورة طير أبيض فيبايعه ، وساق الحديث إلى آخره(2).
محمّد بن إبراهيم النعماني : في الغيبة قال : أخبرنا علي بن أحمد ، عن
ص: 205
عب-
[ -ي- ] -داللّه بن موسى [ العلوي ] قال حدّثنا [ عن ] علي بن الحسين ، عن
علي بن حسّان ، عن عبدالرحمن بن كثير ، عن أبي عبداللّه عليه السلام في قول اللّه
عزّوجلّ : «أَتَى أَمْرُ اللّه ِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ» ، قال : هو أمرنا أمر اللّه عزّوجلّ فلا يستعجل به ، يؤيّده بثلاثة أجناد [ ب- ] -الملائكة و [ ب- ] -المؤمنين و [ ب- ] -الرعب وخروجه كخروج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، وذلك قوله عزّوجلّ : «كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ»(1)-(2).
أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري : قال : أخبرني أبو المفضّل محمّد بن عبداللّه قال : أخبرنا محمّد بن همام قال : أخبرنا جعفر بن محمّد بن مالك قال : حدّثنا علي بن يونس الخزاز ، عن إسماعيل بن عمر ، عن [ بن ] أبان ، عن أبيه ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : إذا أراد اللّه قيام القائم عليه السلام بعث جبرائيل
في صورة طائر أبيض فيضع إحدى رجليه على الكعبة والأُخرى على بيت المقدس ثمّ ينادي بأعلى صوته : «أَتَى أَمْرُ اللّه ِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ» قال : فيحضر القائم
عليه السلام فيصلّي عند مقام إبراهيم عليه السلام ركعتين ثمّ ينصرف وحواليه أصحابه وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً ، إنّ فيهم لمن يسري من فراشه ليلاً فيخرج ومعه الحجر فيلقيه فتعشب الأرض(3)-(4).
ص: 206
وروى الشيخ المفيد (رحمه اللّه) في كتاب الغيبة بإسناده عن عبدالرحمن بن كثير ، عن أبي عبداللّه (عليه السلام) في هذه الآية قال : هو أمرنا ، يعني قيام
قائمنا آل محمّد ، أمرنا اللّه أن لا نستعجل به ، فيؤيّده إذا أتى ثلاثة جنود : الملائكة والمؤمنون والرعب ، وخروجه (عليه السلام) كخروج رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) من مكّة وهو قوله : «كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ»(1)-(2).
ص: 207
«الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمْ الْمَلاَئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمْ الْمَلاَئِكَةُ أَوْ يَأْتِىَ أَمْرُ رَبِّكَ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا ظَلَمَهُمْ اللّه ُ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَفَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونوَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللّه ُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلاَّ الْبَلاَغُ الْمُبِينُوَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنْ اُعْبُدُوا اللّه َ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللّه ُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلاَلَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ
ص: 208
كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ»
سورة النحل
وقال علي بن إبراهيم : ثمّ ذكر المؤمنين فقال : «الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمْ الْمَلاَئِكَةُ
طَيِّبِينَ» قوله : «طَيِّبِينَ» قال : هم المؤمنون الذين طابت مواليدهم في الدنيا . ثمّ قال : قوله : «هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمْ الْمَلاَئِكَةُ أَوْ يَأْتِىَ أَمْرُ رَبِّكَ» من العذاب والموت ، وخروج القائم عليه السلام «كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا ظَلَمَهُمْ اللّه ُ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ» ، وقوله : «فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون» من العذاب في الرجعة . ثمّ قال : قوله : «وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللّه ُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلاَّ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ» فإنّه محكم ثمّ قال : قوله : «وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنْ اُعْبُدُوا اللّه َ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ» يعني الأصنام «فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللّه ُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلاَلَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ» أي أُنظروا في أخبار من هلك من قبل(1).
محمّد بن يعقوب : عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن حمّاد بن عيسى ، عن الحسين بن المختار ، عن أبي بصير ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : « كلّ راية ترفع قبل قيام القائم ، فصاحبها
طاغوت يعبد من دون اللّه عزّوجلّ »(2)-(3).
ص: 209
«وَأَقْسَمُوا بِاللّه ِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ اللّه ُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْدا عَلَيْهِ حَقّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ»
سورة النحل
محمّد بن يعقوب : باسناده عن سهل ، عن محمّد ، عن أبيه ، عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام قوله تبارك وتعالى : «وَأَقْسَمُوا بِاللّه ِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ اللّه ُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْدا عَلَيْهِ حَقّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ» قال : فقال لي : ياأبا بصير ما تقول في هذه الآية ؟ قال قلت : إنّ المشركين يزعمون ويحلفون لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أنّ اللّه لا يبعث الموتى . قال : فقال : تبّا لمن قال هذا سلهم هل كان المشركون يحلفون باللّه أم باللات والعزّى ؟
قال قلت : جعلت فداك فأوجدنيه ، قال فقال لي : ياأبا بصير : لو قام قائمنا بعث اللّه
إليه قوما من شيعتنا قباع(1) سيوفهم على عواتقهم فيبلغ ذلك قوما من شيعتنا لم يموتوا فيقولون بعث فلان وفلان من قبورهم وهم مع القائم عليه السلام فيبلغ ذلك قوما من عدوّنا ، فيقولون يامعشر الشيعة ما أكذبكم ؟ هذه دولتكم وأنتم تقولون فيها الكذب ، لا واللّه ما عاش هؤلاء ولا يعيشون إلى يوم القيامة ، قال :
ص: 210
فحكى اللّه قولهم فقال : «وَأَقْسَمُوا بِاللّه ِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ اللّه ُ مَنْ يَمُوتُ»(1).
عنه : باسناده عن أبي عبداللّه صالح بن ميثم قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول اللّه تعالى : «وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعا وَكَرْها»(2) قال : ذلك حين يقول علي عليه السلام أنا أولى الناس بهذه الآية : «وَأَقْسَمُوا بِاللّه ِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ اللّه ُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْدا عَلَيْهِ حَقّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ * لِيُبَيِّنَ لَهُمْ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ»(3).
وعنه : باسناده عن سيرين قال : كنت عند أبي عبداللّه عليه السلام إذ قال : ما يقول الناس في هذه الآية «وَأَقْسَمُوا بِاللّه ِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ اللّه ُ مَنْ يَمُوتُ» ؟
قال : يقولون لا قيامة ولا بعث ولا نشور ، فقال : كذبوا واللّه إنّما ذلك إذا قام القائم
عليه السلام وكرّ معه المكرون ، فقال أهل خلافكم : قد ظهرت دولتكم يامعشر الشيعة ، وهذا من كذبكم تقولون رجع فلان وفلان وفلان ، لا واللّه لا يبعث اللّه من
يموت ، ألا ترى أنّه قال [ إنّهم قالوا ] : «وَأَقْسَمُوا بِاللّه ِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ» كان المشركون أشدّ تعظيما باللات والعزّى من أن يقسموا بغيرها ، فقال اللّه عزّوجلّ : «بَلَى وَعْدا عَلَيْهِ حَقّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ * لِيُبَيِّنَ لَهُمْ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ * إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَىْ ءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ»(4).
ص: 211
أبو جعفر محمّد بن جرير : قال : أخبرني أبو الحسن علي بن عبداللّه هبة اللّه قال : حدّثنا أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي قال : حدّثنا أبي عن سعد بن عبداللّه قال : حدّثنا يعقوب بن يزيد قال : حدّثنا محمّد بن أبي عمير ، عن عمر بن أُذينة عن فضيل بن يسار قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : إن خرج السفياني ما تأمرني ؟ قال إذا كان ذلك كتبت إليك ، قلت : أعلمني آية كتابك [ كيف أعلم أنّه كتابك ] ، قال اكتب إليك بعلامة كذا وكذا وقرأ آية من القرآن . قال : [ ف- ] قلت لفضيل : ما تلك الآية ؟ قال : ما حدّثت بها أحدا غير بريد العجلي . قال زرارة أنا أُحدّثك بها هي : «وَأَقْسَمُوا بِاللّه ِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ اللّه ُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْدا عَلَيْهِ حَقّا» قال فسكت الفضيل ولم يقل لا ولا نعم(1).
ص: 212
«أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللّه ُ بِهِمْ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمْ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ»
سورة النحل
العياشي : باسناده عن إبراهيم بن عمر ، عن من سمع أبا جعفر عليه السلام يقول : إنّ عهد نبي اللّه صار عند علي بن الحسين عليه السلام ، ثمّ صار عند محمّد بن علي عليه السلام ثمّ يفعل اللّه ما يشاء ، فألزم هؤلاء فإذا خرج رجل منهم معه ثلاثمائة رجل ومعه راية رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم عامدا إلى المدينة
حتّى يمرّ بالبيداء فيقول هذا مكان القوم الذين خسف بهم ، وهي الآية التي قال اللّه عزّوجلّ : «أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللّه ُ بِهِمْ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمْ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ»(1).
عنه : باسناده عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر عليه السلام في حديث طويل قال له : وإيّاك وشداد من آل محمّد عليهم السلام فإنّ لآل محمّد على راية ولغيرهم على راية ، فالزم هؤلاء أبدا ، وإيّاك ومن ذكرت لك فإذا خرج رجل منهم
ص: 213
معه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً ومعه راية رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله عامدا إلى المدينة حتّى يمرّ بالبيداء حتّى يقول هذا مكان القوم الذين يخسف بهم وهي الآية التي قال اللّه عزّوجلّ : «أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللّه ُ بِهِمْ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمْ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ» .
وعنه : باسناده عن سنان ، عن أبي عبداللّه عليه السلام سئل عن قول اللّه عزّوجلّ : «أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللّه ُ بِهِمْ الْأَرْضَ» ، قال : هم أعداء اللّه وهم يمسخون ويقذفون ويسيحون في الأرض .
ص: 214
«فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّه ِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ»
سورة النحل
وفي كتاب معاني الأخبار ، بإسناده إلى عبدالعظيم بن عبداللّه الحسني قال : سمعت أبا الحسن علي بن محمّد العسكري (عليهما السلام) يقول : معنى الرجيم أنّه مرجوم باللعن ، مطرود من مواضع الخير ، لا يذكره مؤمن إلاّ لعنه وأنّ في علم اللّه السابق إذا خرج القائم (عليه السلام) لا يبقى مؤمن في زمانه إلاّ رجمه بالحجارة كما كان قبل ذلك مرجوما باللعن(1)-(2).
ص: 215
«سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ»
سورة الإسراء
الشيخ الصدوق رحمه اللّه في علل الشرائع : بإسناده إلى ابن عبّاس قال : دخلت عائشة على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وهو يقبّل فاطمة فقالت له : أتحبّها يارسول اللّه ؟
قال : أما واللّه لو علمت حبّي لها لأزددت لها حبّا ، إنّه لمّا عرج بي إلى السماء الرابعة أذّن جبرائيل وأقام ميكائيل ثمّ قيل لي : أذّن ياممّد ، فقلت : أتقدّم
وأنت بحضرتي ياجبرائيل ؟
قال : نعم إنّ اللّه (عزّوجلّ) فضّل أنبياءه المرسلين على ملائكته المقرّبين وفضّلك أنت خاصّة .
فدنوت فصلّيت بأهل السماء الرابعة ، ثمّ التفت عن يميني فإذا أنا بإبراهيم عليه السلام في روضة من رياض الجنّة وقد اكتنفها جماعة من الملائكة .
ثمّ إنّي صرت إلى السماء الخامسة ، ومنها إلى السماء السادسة فنوديت :
ص: 216
يامحمّد نعم الأب أبوك إبراهيم ، ونعم الأخ أخوك علي .
فلمّا صرت إلى الحجب أخذ جبرائيل عليه السلام بيدي فأدخلني الجنّة فإذا أنا بشجرة من نور في أصلها ملكان يطويان الحلل والحلي ، فقلت : حبيبي جبرائيل لمن هذه الشجرة ؟
قال : هذه لأخيك علي بن أبي طالب عليه السلام وهذان الملكان يطويان له الحلي والحلل إلى يوم القيامة .
ثمّ تقدّمت أمامي فإذا أنا برطب ألين من الزبد وأطيب رائحة من المسك وأحلى من العسل فأخذت رطبة فأكلتها فتحوّلت الرطبة نطفة في صلبي ، فلمّا أن هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة ، ففاطمة حوراء إنسية فإذا اشتقت إلى الجنّة شممت رائحة فاطمة عليها السلام(1).
وفي كتاب عيون أخبار الرضا عليه السلام : (حدّثنا) محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني قال : حدّثنا محمّد بن همام قال : حدّثنا أحمد بن بندار قال : حدّثنا أحمد بن هلال ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن المفضّل عمر ، عن الصادق جعفر بن محمّد ، عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السلام قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : لمّا أُسري بي إلى السماء أوحى إليّ ربّي جلّ جلاله فقال : يامحمّد إنّي اطّلعت إلى الأرض إطّلاعة فاخترتك منها فجعلتك نبيا وشققت لك من اسمي اسما ، فأنا المحمود وأنت محمّد .
ثمّ اطّلعت الثانية فاخترت منها عليا وجعلته وصيا وخليفتك وزوج ابنتك
ص: 217
وأبا ذرّيتك ، وشققت له اسما من أسمائي فأنا العلي الأعلى وهو علي ، وجعلت فاطمة والحسن والحسين من نوركما ، ثمّ عرضت ولايتهم على الملائكة فمن قبلها كان عندي من المقرّبين .
يامحمّد لو أنّ عبدا عبدني حتّى ينقطع ويصير كالشن البالي ثمّ أتاني جاحدا لولايتهم ما أسكنته جنّتي ولا أظللته تحت عرشي .
يامحمّد ، أتحبّ أن تراهم ؟
قلت : نعم ياربّي .
فقال عزّوجلّ : ارفع رأسك .
فرفعت رأسي فإذا أنا بأنوار علي وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمّد بن علي وجعفر بن محمّد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمّد بن علي وعلي بن محمّد والحسن بن علي والحجّة بن الحسن القائم في وسطهم كأنّه كوكب درّي ، قلت : ياربّ من هؤلاء ؟
قال : هؤلاء الأئمّة وهذا القائم الذي يحلّل حلالي ويحرّم حرامي ، وبه أنتقم من أعدائي ، وهو راحة لأوليائي ، وهو الذي يشفي قلوب شيعتك من الظالمين والجاحدين والكافرين فيخرج اللات والعزّى طريين فيحرقهما ، فلفتنة الناس بهما يومئذ أشدّ من فتنة العجل والسامري(1).
وباسناده إلى عبدالسلام بن صالح الهروي عن علي بن موسى الرضا عليه السلام عن آبائه عن علي عليهم السلام عن النبي صلّى اللّه عليه وآله حديث طويل
ص: 218
يقول في آخره : وأنّه لمّا عرج بي إلى السماء أذّن جبرئيل مثنى مثنى ، ثمّ قال : تقدّم يامحمّد ؛ فقلت : ياجبرئيل أتقدّم عليك ؟ قال : نعم ؛ لأنّ اللّه تبارك وتعالى
فضّل أنبيائه على ملائكته أجمعين ؛ وفضّلك خاصّة ، فتقدّمت وصلّيت بهم ولا فخر فلمّا انتهيت إلى حجب النور قال لي جبرئيل : تقدّم يامحمّد إنّ هذا انتهاء حدّي الذي وضعه اللّه لي في هذا المكان ، فإن تجاوزته احترقت أجنحتي لتعدّي حدود ربّي جلّ جلاله ؛ فزجّ بي زجّة(1) في النور حتّى انتهيت إلى حياء ما شاء اللّه عزّوجلّ في ملكوته ، فنوديت : يامحمّد أنت عبدي وأنا ربّك فإيّاي فاعبد وعليَّ فتوكّل فإنّك نوري في عبادي ، ورسولي إلى خلقي ، وحجّتي في بريتي ، لمن تبعك خلقت جنّتي ، ولمن عصاك وخالفك خلقت ناري ، ولأوصيائك أوجبت كرامتي ، ولشيعتك أوجبت ثوابي ، فقلت : ياربّ ومن أوصيائي ؟ فنوديت يامحمّد أوصيائك المكتوبون على ساق العرش فنظرت وأنا بين يدي ربّي إلى ساق العرش فرأيت اثنى عشر نورا في كلّ نور سطر أخضر ، مكتوب عليه اسم كلّ وصي من أوصيائي ، أوّلهم علي بن أبي طالب وآخرهم مهدي أُمّتي ، فقلت ياربّ أهؤلاء أوصيائي من بعدي ؟ فنوديت : يامحمّد هؤلاء أوليائي وأحبّائي وأصفيائي وحججي بعدك على بريّتي ؛ وهم أوصيائك وخلفائك وخير خلقي بعدك ، وعزّتي وجلالي لأُظهرنّ بهم ديني ولأُعلين بهم كلمتي ولأُطهّرنّ الأرض بآخرهم من أعدائي ولأُملّكنّه مشارق الأرض ومغاربها ولأُسخّرنّن له الرياح ولأُذلّلنّ له الرقاب الصعاب ، ولأرقينّه في الأسباب ، ولأنصرنّه بجندي ، ولأمدنّه
ص: 219
بملائكتي ، حتّى تعلو دعوتي ويجمع الخلق على توحيدي ، ثمّ لأُديمنّ ملكه ولأُداولنّ الأيّام بين أوليائي إلى يوم القيامة(1).
بإسناده عن عبداللّه بن عبّاس ، قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : « لّما عرج بي إلى السماء السابعة ، ومنها إلى سدرة المنتهى ، ومن السدرة إلى حجب النور ، ناداني ربّي جلّ جلاله : يامحمّد ، أنت عبدي وأنا ربّك فلي فاخضع وإيّاي فاعبد وعليَّ فتوكّل وبي فثق ، فإنّي قد رضيت بك عبدا وحبيبا ورسولاً ونبيّا ، وبأخيك علي خليفة وبابا ، فهو حجّتي على عبادي وإمام خلقي ، وبه يعرف أوليائي من أعدائي ، وبه يميّز حزب الشيطان من حزبي ، وبه يقام ديني وتحفظ حدودي وتنفّذ أحكامي ، وبك وبه وبالأئمّة من ولده أرحم عبادي وإمائي ، وبالقائم منكم أعمر أرضي بتسبيحي وتهليلي وتقديسي وتكبيري وتحميدي ، وبه أُطهّر الأرض من أعدائي وأُورثها أوليائي ، وبه أجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمتي العليا ، وبه أُحيي عبادي وبلادي بعلمي به ، وله أُظهر الكنوز والذخائر بمشيئتي ، وإيّاه أُظهر على الأسرار والضمائر بإرادتي ، وأمدّه بملائكتي ، لتؤيّده على إنفاذ أمري ، وإعلاء ديني ، ذلك وليّي حقّا ، ومهديّ عبادي صدقا »(2)-(3).
ص: 220
«وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّا كَبِيرافَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاَهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدا مَفْعُولاًثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمْ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرا»
سورة الإسراء
محمّد بن يعقوب : عن عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمّد بن الحسن بن شمون ، عن عبداللّه بن عبدالرحمن الأصمّ ، عن عبداللّه بن القاسم البطل ، عن أبي عبداللّه عليه السلام في قوله تعالى : «وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ» قال : قتل علي بن أبي طالب وطعن الحسن عليهما السلام ، «وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّا كَبِيرا» قال : قتل الحسين عليه السلام ، «فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاَهُمَا» فإذا جاء نصر دم الحسين عليه السلام ، «بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلاَلَ الدِّيَارِ» قوم يبعثهم اللّه قبل خروج القائم عليه
ص: 221
السلام فلا يدعون وترا لآل محمّد إلاّ قتلوه ، «وَكَانَ وَعْدا مَفْعُولاً» خروج القائم عليه السلام ، «ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمْ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ» خروج الحسين عليه السلام في سبعين من أصحابه عليهم [ ال- ] -بيض المذهب لكلّ بيضة وجهان المؤدّون إلى الناس أنّ هذا الحسين عليه السلام قد خرج [ حتّى ] لا يشكّ المؤمنون ]فيه [ وأنّه ليس بدجّال ولا شيطان والحجّة القائم عليه السلام بين أظهركم فإذا استقرّت المعرفة في قلوب المؤمنين أنّه الحسين عليه السلام جاء الحجّة الموت ، فيكون الذي يغسله ويكفّنه ويحنّطه ويلحده في حفرته الحسين ] بن علي ] عليهما السلام ولا يلي الوصي إلاّالوصي(1).
أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه : في كامل الزيارات قال : حدّثني محمّد بن جعفر القرشي الرزّاز قال : حدّثني محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن موسى بن سعدان الحنّاط ، عن عبداللّه بن قاسم الحضرمي ، عن صالح بن سهل ، عن أبي عبداللّه عليه السلام في قول اللّه عزّوجلّ : «وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ» قال : قتل أمير المؤمنين عليه السلام وطعن الحسن بن علي عليه السلام ، «وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّا كَبِيرا» قال : قتل الحسين بن علي عليهما السلام «فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاَهُمَا» قال : إذا جاء نصر الحسين عليه السلام ، «بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلاَلَ الدِّيَارِ» قوما يبعثهم اللّه قبل قيام القائم عليه السلام لا يدعون وترا لآل محمّد إلاّ أخذوه ، «وَكَانَ وَعْدا مَفْعُولاً»(2).
ص: 222
عنه : قال حدّثني محمّد بن جعفر الكوفي الرزّاز ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن صالح بن سهل ، عن أبي عبداللّه عليه السلام في قول اللّه تبارك وتعالى : «وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ»
قال : قتل علي عليه السلام وطعن الحسن عليه السلام ، «وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّا كَبِيرا» قال : قتل الحسين عليه السلام(1).
العياشي : باسناده عن صالح بن سهل ، عن أبي عبداللّه عليه السلام في قوله : «وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ» قتل علي وطعن الحسن عليهما السلام ، «وَلَتَعْلُنَّ
عُلُوّا كَبِيرا» قتل الحسين ، «فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاَهُمَا» فإذا جاء نصر دم الحسين عليه السلام ، «بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلاَلَ الدِّيَارِ» قوم يبعثهم اللّه قبل خروج القائم عليه السلام لا يدعون وترا لآل محمّد عليهم السلام إلاّ [ أ ] حرقوه وكان وعدا مفعولاً [ قبل ]
قيام القائم عليه السلام ، «ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمْ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرا» خروج الحسين عليه السلام في الكرّة في سبعين رجلاً من أصحابه الذين قتلوا معه عليهم البيض المذهّب لكلّ بيضة وجهان المؤدّي إلى الناس إنّ الحسين قد خرج في أصحابه حتّى لا يشكّ فيه المؤمنون وأنّه ليس بدجّال ولا شيطان إلاّ أنّ الإمام الذي بين أظهر الناس يومئذ فإذا استقرّ عند المؤمن
أنّه الحسين عليه السلام لا يشكّون فيه وبلّغ عن الحسين الحجّة القائم عليهما السلام بين [ أظهر ] الناس وصدّقه المؤمنون بذلك جاء الحجّة الموت فيكون
ص: 223
الذي غسله وكفّنه وحنّطه وإيلاجه [ في ] حفرته الحسين ولا يلي الوصي إلاّ الوصي ، وزاد إبراهيم [ في حديثه ] ثمّ يملكهم الحسين حتّى يقع حاجباه على عينيه(1).
عنه : باسناده عن حمران ، عن أبي جعفر عليه السلام [ قال ] : كان يقول : [ يقرأ ] «بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ» ثمّ قال : هو القائم وأصحابه أُولي بأس شديد(2).
أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري : في مسند فاطمة عليها السلام قال : روى أبو عبداللّه محمّد بن سهل الجلودي قال : حدّثنا أبو الحسين [ أبو الخير ]
أحمد بن محمّد بن جعفر الطاري [ الطائي ] الكوفي في مسجد أبي إبراهيم موسى بن جعفر عليهما السلام قال : حدّثنا محمّد بن الحسن بن يحيى الحارثي قال : حدّثنا علي بن إبراهيم بن مهزيار الأهوازي قال : خرجت في بعض السنين حاجّا إذ دخلت المدينة وأقمت بها أيّاما أسأل وأستبحث عن صاحب الزمان عليه السلام ، فما عرفت له خبرا ولا وقعت لي عليه عين فاغتممت غمّا شديدا وخشيت أن يفوتني ما أملته من طلب صاحب الزمان عليه السلام ، فخرجت حتّى أتيت مكّة فقضيت حجّتي وأقمت [ اعتمرت ] بها اسبوعا كلّ ذلك أطلب ، فبينا أنا أُفكّر إذ انكشف لي باب الكعبة فإذا أنا بإنسان كأنّه غصن بان متزر ببردة متّشح(3) بأُخرى قد كشف عطف بردته على عاتقه فارتاح قلبي وبادرت لقصده ،
ص: 224
فانثنى عليَّ [ إليَّ ] وقال : من أين الرجل ؟ قلت من العراق ، قال : من أي العراق ؟ قلت : من الأهواز ، فقال : أتعرف أين الخصيب [ الحضين ] ؟ قلت : نعم ، قال رحمه اللّه : فما كان أطول ليلته أعظم [ أكثر ] نيله ، واغزر دمعته ، قال : فأين المهزيار ؟ قلت : أنا هو ، قال : حيّاك اللّه بالسلام أبا الحسن ثمّ صافحني وعانقني
وقال : ياأبا الحسن ما فعلت العلامة التي بينك وبين الماضي أبي محمّد نضّر اللّه وجهه ؟ قلت : معي وأدخلت يدي إلى جيبي وأخرجت خاتما عليه محمّد وعلي ، فلمّا قرأه استعبر حتّى بلّ طمره الذي [ كان ] على يده ، وقال : يرحمك
اللّه أبا محمّد أنّك زين الأُمّة شرّفك اللّه بالإمامة وتوّجك بتاج العلم والمعرفة ، فإنّا إليكم صائرون ، ثمّ صافحني وعانقني ثمّ قال : ما الذي تريد ياأبا الحسن ؟ قلت : الإمام المحجوب عن العالم ، قال : وما هو محجوب عنكم ولكن حجبه سوء أعمالكم ، قم سر إلى رحلك وكن على أهبّة من لقائه فإذا انحطّت الجوزاء وأزهرت نجوم السماء فها أنا لك بين الركن والصفا ، فطابت نفسي وتيقّنت أنّ اللّه فضّلني .
فما زلت أرقب الوقت حتّى حان وخرجت إلى مطيتي واستويت على ظهرها [ رحلي ] فإذا أنا بصاحبي ينادي : إليّ ياأبا الحسن ، فخرجت فلحقت به ، فحيّاني بالسلام وقال : سر بنا ياأخ فما زال يهبط واديا ويرقى [ في ] ذروة جبل إلى أن علقنا على الطائف فقال : ياأبا الحسن انزل بنا نصلّي باقي صلاة الليل ، فنزل فصلّى بنا الفجر ركعتين ، قلت : فالركعتين الأوّلتين ؟ قال : هما من صلاة الليل وأوتر فيهما والقنوت ، وكلّ صلاة جائزة ، وقال : سر بنا ياأخ فلم يزل يهبط واديا ويرقى ذروة جبل حتّى أشرفنا على وادٍ عظيم مثل الكافور فأمدّ عيني فإذا
ص: 225
بيت من الشعر يتوقّد نورا ، قال : [ المح ] هل ترى شيئا ؟ قلت : أرى بيتا من الشعر ، فقال الأمل والحظ في الوادي واتّبعت الأثر حتّى إذا صرنا بوسط الوادي نزل عن راحلته وخلاّها ونزلت من مطيّتي وقال لي دعها ، قلت : فإن تاهت ؟ قال : إنّ هذا واد لا يدخله إلاّ مؤمن ولا يخرج منه إلاّ مؤمن ، ثمّ سبقني ودخل الخبا وخرج إليّ مسرعا وقال : ابشر فقد أذّن لك بالدخول . فدخلت فإذا [ ال- ] -بيت يسطع من جانبه النور ، فسلّمت عليه بالإمامة ، فقال : ياأبا الحسن كنّا نتوقّعك ليلاً
ونهارا فما الذي أبطأ بك علينا ؟ قلت : ياسيّدي لم أجد من يدلّني إلى الآن ، قال لي لم تجد أحدا يدلّك ، ثمّ نكت باصبعه في الأرض ثمّ قال :
لا ولكنّكم كثّرتم الأموال ، وتجبّرتم على ضعفاء المؤمنين ، وقطعتم الرحم الذي بينكم فأي عذر لكم [ الآن ] ، فقلت : التوبة ، والتوبة ، الاقالة ، الاقالة .
[ ثمّ قال ] : يابن المهزيار لولا استغفار بعضكم لبعض لهلك من عليها إلاّ خواصّ الشيعة التي تشبه أقوالهم أفعالهم ثمّ قال : يابن المهزيار ومدّ يده ، ألا أُنبئك بالخبر ، إنّه إذا قعد الصبي وتحرّك المغربي وسار العماني وبويع السفياني يؤذن لي اللّه فأخرج بين الصفا والمروة في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً سواء ، فأجيء إلى الكوفة وأهدم مسجدها وأبنيه على بنائه الأوّل وأهدم ما حوله من بناء الجبابرة وأحجّ بالناس حجّة الإسلام وأجيء إلى يثرب فأهدم الحجرة وأُخرج من بها وهما طريّان فآمر بهما تجاه البقيع وآمر بخشبتين يصلبان عليهما فتورق من تحتهما ، فيفتتن الناس بهما أشدّ من الفتنة الأُولى ، فينادي مناد من السماء ياسماء
أبيدي وياأرض خذي ، فيومئذ لا يبقى على وجه الأرض إلاّ مؤمن قد أخلص قلبه للإيمان قلت : ياسيّدي ما يكون بعد ذلك ؟ قال : الكرّة الكرّة الرجعة ، ثمّ تلا هذه
ص: 226
الآية : «ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمْ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ
ص: 227
«إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لاَِنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الاْخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرا إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرا كَبِيرا»
سورة الإسراء
في تفسير علي بن إبراهيم متّصلاً بآخر تفسيره المتقدّم أعني قوله : وسبوا نساء آل محمّد «إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لاَِنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الاْخِرَةِ» يعني القائم صلوات اللّه عليه وأصحابه «لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ» يعني يسودّ وجوههم «وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ» يعني رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وأصحابه وأمير المؤمنين صلوات اللّه عليه «وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرا» أي يعلو عليكم فيقتلوكم ؛ ثمّ عطف على آل محمّد عليه وعليهم السلام فقال : «عَسَى
ص: 228
رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ» أي ينصركم على عدوّكم ثمّ خاطب بني أُميّة فقال «وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا» يعني إن عدتم بالسفياني عدنا بالقائم من آل محمّد صلوات اللّه عليهم «وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرا» أي حبسا يحصرون فيها ، ثمّ قال عزّوجلّ : «إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي» أي يبيّن «لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ» يعني آل محمّد صلوات اللّه عليهم «الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرا كَبِيرا»(1).
ص: 229
«وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابا يَلْقَاهُ مَنشُورا»
سورة الإسراء
قال : حدّثنا محمّد بن علي بن حاتم النوفلي المعروف بالكرماني ، قال : حدّثنا أبو العبّاس أحمد بن عيسى الوشّاء البغدادي ، قال : حدّثنا أحمد بن طاهر ، قال : حدّثنا محمّد بن بحر بن سهل الشيباني ، قال : أخبرنا علي بن الحارث ، عن سعيد بن منصور الجواشيّ ، قال : أخبرنا أحمد بن علي البديلي ، قال : أخبرني أبي ، عن سدير الصيرفي ، قال : دخلت أنا والمفضّل بن عمر ، وأبو بصير ، وأبان بن تغلب ، على مولانا أبي عبداللّه جعفر بن محمّد عليهم السلام ، فرأيناه جالسا على التراب ، وعليه مسح خيبري مطوّق ، بلا جيب ، مقصّر الكمّين(1)، وهو
يبكي بكاء الواله الثكلى ، ذات الكبد الحرّى ، قد نال الحزن من وجنتيه ، وشاع التغيّر في عارضيه ، وبلّت الدموع محجريه(2)، وهو يقول : « سيّدي ، غيبتك نفت
ص: 230
رُقادي ، وضيّقت عليَّ مهادي ، وابتزّت(1) منّي راحة فؤادي ، سيّدي ، غيبتك وصلت مصابي بفجائع الأبد ، وفقد الواحد بعد الواحد يفني الجمع والعدد ، فما أُحسّ بدمعة ترقأ(2) من عيني ، وأنين يفتر من صدري ، من دوارج الرزايا ، وسوالف البلايا ، إلاّ مثّل بعيني عن غوابر أعظمها وأفظعها ، وبواقي أشدّها وأنكرها ، ونوائب مخلوطة بغضبك ، ونوازل معجونة بسخطك » .
قال سدير : استطارت عقولنا ولها ، وتصدّعت قلوبنا جزعا ، من ذلك الخطب الهائل ، والحادث الغائل ، وظننّا أنّه سمّت لمكروهة قارعة ، أو حلّت به من الدهر بائقة ، فقلنا : لا أبكى اللّه - يابن خير الورى - عينيك ، من أيّة حادثة
تستنزف(3) دمعتك ، وتستمطر عبرتك ، أيّة حالة حتمت عليك هذا المأتم ! قال : فزفر الصادق عليه السلام زفرة انتفخ منها جوفه ، واشتدّ منها خوفه ، وقال : « ويلكم ، نظرت في كتاب الجفر صبيحة هذا اليوم ، وهو الكتاب المشتمل على علم المنايا والبلايا ، وعلم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة ، الذي خصّ اللّه به
محمّدا والأئمّة من بعده عليهم السلام ، وتأمّلت فيه مولد غائبنا وغيبته ، وإبطاءه ،
وطول عمره ، وبلوى المؤمنين في ذلك الزمان ، وتولّد الشكوك في قلوبهم من طول غيبته ، وارتداد أكثرهم عن دينهم ، وخلعهم ربقة الإسلام من أعناقهم ، التي
ص: 231
قال اللّه جلّ ذكره : «وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ»(1) يعني الولاية ، فأخذتني الرقّة ، واستولت عليَّ الأحزان » .
فقلنا : يابن رسول اللّه ، كرّمنا وفضّلنا بإشراكك إيّانا في بعض ما أنت تعلمه من علم ذلك . قال : « إنّ اللّه تبارك وتعالى أدار للقائم منّا ثلاثة ، أدارها في ثلاثة من الرسل : قدّر مولده تقدير مولد ، موسى عليه السلام ، وقدّر غيبته تقدير غيبة عيسى عليه السلام ، وقدّر إبطاءه تقدير إبطاء نوح عليه السلام ، وجعل من بعد ذلك عمر العبد الصالح - أعني الخضر عليه السلام - دليلاً على عمره » . فقلنا : اكشف لنا - يابن رسول اللّه - عن وجوه هذه المعاني .
قال عليه السلام : « أمّا مولد موسى عليه السلام ، فإنّ فرعون لمّا وقف على أنّ زوال ملكه على يده ، أمر بإحضار الكهنة ، فدلّوه على نسبه ، وأنّه يكون من بني إسرائيل ، ولم يزل يأمر أصحابه بشقّ بطون الحوامل من نساء بني إسرائيل ، حتّى قتل في طلبه نيفا وعشرين ألف مولود ، وتعذّر عليه الوصول إلى قتل موسى عليه السلام بحفظ اللّه تبارك وتعالى إيّاه ، وكذلك بنو أُميّة ، وبنو العبّاس ، لمّا
وقفوا على أنّ زوال ملكهم ملك الأُمراء والجبابرة منهم على يد القائم منّا ، ناصبونا
العداوة ، ووضعوا سيوفهم في قتل آل الرسول عليه السلام ، وإبادة نسله ، طمعا منهم في الوصول إلى قتل القائم ، ويأبى اللّه عزّوجلّ أن يكشف أمره لواحد من الظلمة ، إلاّ أن يتمّ نوره ولو كره المشركون .
وأمّا غيبة عيسى عليه السلام ، فإنّ اليهود والنصارى اتّفقت على أنّه قتل ،
ص: 232
فكذّبهم اللّه عزّ ذكره بقوله : «وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ»(1)، كذلك غيبة القائم عليه السلام ، فإنّ الأُمّة ستنكرها لطولها ، فمن قائل بغير هدى : إنّه لم يولد ؛ وقائل يقول : إنّه ولد ومات ؛ وقائل يكفر ، بقوله : إنّ حادي عشرنا كان عقيما ، وقائل يمرق ، بقوله : إنّه يتعدّى إلى ثلاثة عشر ، وصاعدا ، وقائل يعصي اللّه عزّوجلّ ، بقوله : إنّ روح القائم تنطق في هيكل غيره(2) إلى آخر الحديث .
ص: 233
«وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّه ُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوما فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانا فَلاَ يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورا»
سورة الإسراء
أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه : في كامل الزيارات قال : حدّثني محمّد بن الحسن بن أحمد ، عن محمّد بن الحسن الصفّار ، عن العبّاس بن معروف ، عن محمّد بن سنان ، عن رجل قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن قوله تعالى : «وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّه ُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوما فَقَدْ جَعَلْنَا
لِوَلِيِّهِ سُلْطَانا فَلاَ يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورا» قال : ذلك قائم آل [ بيت ] محمّد عليهم السلام يخرج فيقتل بدم الحسين عليه السلام ، فلو قتل أهل الأرض لم يكن مسرفا ، وقوله : «فَلاَ يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ» أي لم يكن ليصنع شيئا فيكون مسرفا ، ثمّ قال أبو عبداللّه عليه السلام : يقتل واللّه ذراري قتلة الحسين عليه السلام
لفعال آبائهم [ بفعال آبائها (1)].
ابن بابويه : قال : حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي اللّه عنه
ص: 234
قال
: حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه ، عن عبدالسلام بن صالح الهروي قال : قلت لأبي الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام يابن رسول اللّه ما تقول في حديث روي عن الصادق عليه السلام أنّه قال : إذا قام [ خرج ] القائم عليه السلام قتل ذراري قتلة الحسين عليه السلام بفعال آبائهم فقال عليه السلام : هو كذلك ، فقلت فقول اللّه عزّوجلّ : «وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى»(1)، ما معناه ؟ فقال : صدق اللّه في جميع أقواله ولكن ذراري قتلة الحسين يرضون بفعال آبائهم ويفتخرون بها ، ومن رضي شيئا [ كان ] كمن أتاه ، ولو أنّ رجلاً قتل في المشرق فرضي بقتله رجل في المغرب لكان الراضي عند اللّه عزّوجلّ شريك القاتل ، فإنّما يقتلهم القائم عليه السلام إذا خرج لرضاهم بفعل آبائهم ، قال : فقلت له بأي شيء يبدأ القائم منكم [ إذا قام ] ؟ قال : يبدأ ببني شيبة فيقطع أيديهم لأنّهم سرّاق بيت اللّه عزّوجلّ(2).
محمّد بن يعقوب : عن علي بن محمّد بن صالح ، عن الحجال ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : سألته عن قول اللّه عزّوجلّ : «وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوما فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانا فَلاَ يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ» قال : نزلت في الحسين عليه السلام لو قتل أهل الأرض به ما كان مسرفا(3).
علي بن إبراهيم : عن أبيه ، عن عثمان بن سعيد ، عن المفضّل بن صالح ،
ص: 235
عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام في قول اللّه عزّوجلّ : «وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوما فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانا فَلاَ يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورا» قال : نزلت في قتل الحسين عليه السلام(1).
العياشي : باسناده عن سلام بن المستنير ، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله : «وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوما فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانا فَلاَ يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ
مَنصُورا» قال : هو الحسين بن علي عليه السلام قتل مظلوما ونحن أولياؤه والقائم عليه السلام منّا إذا قام طلب بثأر الحسين عليه السلام فيقتل حتّى يقال قد أسرف في القتل ، قال : المسمّى المقتول الحسين عليه السلام ، ووليّه القائم عليه السلام ،
والإسراف في القتل أن يقتل غير قاتله ، «إِنَّهُ كَانَ مَنصُورا» فإنّه لا يذهب من الدنيا حتّى ينتصر رجل من آل الرسول [ رسول اللّه ] صلّى اللّه عليه وآله وسلّم يملأ الأرض قسطا وعدلاً كما ملئت جورا وظلما(2).
عنه : باسناده عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : نزلت هذه الآية في الحسين عليه السلام : «وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوما فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانا فَلاَ يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ» قاتل الحسين «إِنَّهُ كَانَ مَنصُورا» قال الحسين عليه السلام(3).
وعنه : باسناده عن حمران ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : قلت له : يابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم زعم ولد الحسن عليه السلام أنّ القائم منهم
وأنّهم أصحاب الأمر ، ويزعم ولد [ ابن ] الحنفية مثل ذلك ، فقال : رحم اللّه عمّي
ص: 236
الحسن عليه السلام لقد غمد [ الحسن ] أربعين ألف سيف حين أُصيب أمير المؤمنين عليه السلام ، وأسلمها إلى معاوية ومحمّد بن علي سبعين ألف سيف قاتله ، لو خطر عليهم خطر ما خرجوا منها حتّى يموتوا جميعا ، وخرج الحسين صلوات اللّه عليه فعرض نفسه على اللّه في سبعين رجلاً من أحقّ بدمه منّا ، نحن واللّه أصحاب الأمر ، وفينا القائم عليه السلام ، ومنّا السفّاح والمنصور ، وقد قال
اللّه : «وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوما فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانا» نحن أولياء الحسين بن علي عليهما السلام وعلى دينه(1).
شرف الدين النجفي قال : روى بعض الثقات باسناده [ روى الرجال الثقات باسنادهم ] ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : سألته عن قول اللّه عزّوجلّ : «وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوما فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانا فَلاَ يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورا» قال : نزلت في الحسين عليه السلام ، لو قتل وليّه أهل الأرض [ به ] ما كان مسرفا ، ووليّه القائم عليه السلام(2)-(3).
ص: 237
«وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالاْخِرَةِ حِجَابا مَسْتُورا»
سورة الإسراء
محمّد بن يحيى عن محمّد بن الحسين عن عبدالرحمن بن أبي هاشم عن سالم بن سلمة قال : قرأ رجل على أبي عبداللّه عليه السلام وأنا أسمع ، حروفا من القرآن ليس على ما يقرؤها الناس ؛ فقال أبو عبداللّه عليه السلام : كفّ عن هذه القراءة اقرأ كما يقرأ الناس حتّى يقوم القائم عليه السلام ، فإذا قام القائم قرأ كتاب
اللّه عزّوجلّ على حده ، وأخرج المصحف الذي كتبه علي عليه السلام ، وقال : أخرجه علي عليه السلام إلى الناس حين فرغ منه وكتبه فقال لهم : هذا كتاب اللّه عزّوجلّ كما أنزله اللّه على محمّد صلّى اللّه عليه وآله قد جمعته من اللوحين ، فقالوا : هو ذا عندنا مصحف جامع فيه القرآن لا حاجة لنا فيه ، فقال : أما واللّه ما
ترونه بعد يومكم هذا أبدا ، إنّما كان عليَّ أن أُخبركم حين جمعته لتقرأوه(1).
ص: 238
«يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِىَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً»
سورة الإسراء
علي بن محمّد عن سهل بن زياد عن محمّد بن الحسن بن شمون عن عبداللّه بن عبدالرحمن عن عبداللّه بن القاسم بن البطل عن عبداللّه بن سنان قال :
قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : «يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ» قال : إمامهم الذي بين أظهرهم وهو قائم أهل زمانه(1).
ص: 239
«وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقا»
سورة الإسراء
محمّد بن يعقوب : عن علي بن محمّد ، عن علي بن العبّاس ، عن الحسن بن عبدالرحمن ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عزّوجلّ : «وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقا» قال : إذا قام القائم عليه السلام ذهب دولة الباطل(1).
في الخرائج والجرائح عن حكيمة خبر طويل وفيه ولمّا ولد القائم عليه السلام كان نظيفا مفروغا منه ، وعلى ذراعه الأيمن مكتوب : «وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقا»(2)-(3).
ص: 240
«ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَىُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدا»
سورة الكهف
وفي روضة الواعظين للفتّال النيسابوري : قال الصادق (عليه السلام) : يخرج مع القائم (عليه السلام) من ظهر الكعبة سبعة وعشرون رجلاً ، خمسة عشر من قوم موسى الذين كانوا يهدون بالحقّ وبه يعدلون وسبعة من أهل الكهف ويوشع بن نون وسلمان وأبو دجانة الأنصاري ومقداد ومالك الأشتر فيكونون بين يديه أنصارا وحكّاما(1)-(2).
ص: 241
«وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاَثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعا»
سورة الكهف
العياشي : عن جابر ، قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : « واللّه ، ليملكنّ رجل منّا أهل البيت الأرض بعد موته ثلاثمائة سنة ويزداد تسعا » . قال : قلت : ومتى ذلك ؟ قال : « بعد موت القائم » . قال : قلت : وكم يقوم القائم في عالمه حتّى يموت ؟ قال : « تسع عشرة سنة ، من يوم قيامه إلى يوم موته » . قال : قلت : فيكون بعد موته هرج ؟ قال : « نعم ، خمسين سنة قال ثمّ يخرج المنتصر إلى الدنيا فيطلب بدمه ودم أصحابه ، فيقتل ويسبي حتّى يقال : لو كان هذا من ذرّية الأنبياء ما قتل الناس كلّ هذا القتل ؛ فيجتمع الناس عليه أبيضهم وأسودهم فيكثرون عليه حتّى يلجئوه إلى حرم اللّه ، فإذا اشتدّ البلاء عليه مات المنتصر وخرج السفّاح إلى الدنيا غضبا للمنتصر ، فيقتل كلّ عدوّ لنا جائر ويملك الأرض كلّها ، فيصلح اللّه له أمره ، ويعيش ثلاثمائة سنة ويزداد تسعا » . ثمّ قال أبو جعفر
عليه السلام : « ياجابر ، وهل تدري من المنتصر والسفّاح ؟ ياجابر ، المنتصر الحسين ، والسفّاح أمير المؤمنين صلوات اللّه عليهما »(1).
ص: 242
محمّد بن إبراهيم النعماني ، قال : أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة ، قال : حدّثنا محمّد بن المفضّل بن إبراهيم بن قيس بن رمّانة الأشعري ، وسعدان بن إسحاق بن سعيد ، وأحمد بن الحسين بن عبدالملك الزيّات ، ومحمّد بن أحمد بن الحسن القطواني ، عن الحسن بن محبوب ، عن عمرو بن ثابت ، عن جابر بن يزيد الجعفي ، قال : سمعت أبا جعفر محمّد بن علي عليه السلام يقول : « واللّه ، ليملكنّ رجل منّا أهل البيت ثلاثمائة سنة ويزداد تسعا » .
قال فقلت له : ومت يكون ذلك ؟ فقال : « بعد موت القائم عليه السلام » . قلت له : وكم يقوم القائم عليه السلام في عالمه حتّى يموت ؟ فقال : « تسع عشرة سنة من يوم قيامه إلى يوم موته »(1)-(2).
ص: 243
«وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لاَِحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاكِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئا ...»
سورة الكهف
هذا تأويله ظاهر وباطن . فالظاهر ظاهر ، وأمّا الباطن فهو ما ذكره محمّد بن العبّاس - رحمه اللّه - قال : حدّثنا الحسين بن عامر ، عن محمّد بن الحسين ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن أبان بن عثمان ، عن القاسم بن عوف ، عن أبي عبداللّه عليه السلام في قول اللّه عزّوجلّ : «وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لاَِحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعا * كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئا» قال : هما [ علي ] ورجل آخر .
معنى هذا التأويل [ غير ] ظاهر وهو يحتاج إلى بيان حال هذين الرجلين وإن لم نذكر الآيات المتعلّقة بهما إلى قوله : « منتصرا » . وبيان ذلك : أنّ حال علي
عليه السلام لا يحتاج إلى بيان . وأمّا البحث عن الرجل الآخر وهو عدوّه ، قال اللّه
تعالى : «وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً» هذا المثل فيهما ، فقوله تعالى : «جَعَلْنَا لاَِحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ» وهما عبارة عن الدنيا فجنّة منهما له في حياته ، والأُخرى للتابعين له بعد
ص: 244
وفاته ، لأنّه كافر والدنيا سجن المؤمن وجنّة الكافر . وإنّما جعل الجنّتين له لأنّه هو الذي أنشأها وغرس أشجارها وأجرى أنهارها وأخرج أثمارها ، وذلك على سبيل المجاز إذ [ ا ] جعلنا الجنّة هي الدنيا ، ومعنى ذلك أنّ الدنيا استوثقت له ولأتباعه ليتمتّعوا بها حتّى حين . ثمّ قال تعالى : «فَقَالَ» أي صاحب الجنّة «لِصَاحِبِهِ» وهو علي عليه السلام «أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالاً» أي دنيا وسلطانا «وَأَعَزُّ نَفَرا» أي عشيرة وأعوانا «وَدَخَلَ جَنَّتَهُ» أي دخل في دنياه وانغمر فيها وابتهج بها وركن إليها «وَهُوَ
ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ» بقوله وفعله ؛ ولم يكفه ذلك حتّى «قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدا»
أي جنّته ودنياه . ثمّ كشف عن اعتقاده فقال «وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي» كما تزعمون أنتم مردّا إلى اللّه «لَأَجِدَنَّ خَيْرا مِنْهَا»أي من جنّته «مُنقَلَبا * قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ» وهو علي عليه السلام «وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً * لَكِنَّا هُوَ اللّه ُ رَبِّي»معنى ذلك أنّك إن كفرت أنت بربّك فإنّي أنا أقول : هو اللّه ربّي وخالقي ورازقي «وَلاَ أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدا» .
ثمّ دلّه على ما كان أولى لو قاله فقال له : «وَلَوْلاَ إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ
اللّه ُ» كان في جميع أُموري «لاَ قُوَّةَ» لي عليها «إِلاَّ بِاللّه ِ» . ثمّ إنّه عليه السلام رجّع القول إلى نفسه فقال له : «إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالاً وَوَلَدا» أي فقيرا محتاجا إلى اللّه ومع ذلك «فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِي خَيْرا مِنْ جَنَّتِكَ» ودنياك في الدنيا بقيام ولدي القائم دولة وملكا وسلطانا ، وفي الآخرة حكما وشفاعة وجنانا ومن اللّه رضوانا «وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا» أي على جنّتك «حُسْبَانا مِنْ السَّمَاءِ» أي عذابا ونيرانا فتحرقها أو سيفا من سيوف القائم فيمحقها «فَتُصْبِحَ صَعِيدا» أي أرضا لا نبات فيها «زَلَقا» أي يزلق الماشي عليها «وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ» التي أثمرتها جنّته يعني
ص: 245
ذهبت دنياه وسلطانه «فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا» من دينه ودنياه وآخرته وعشيرته «وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدا * وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ» ولا عشيرة «يَنصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللّه ِ وَمَا كَانَ مُنتَصِرا» .
ثمّ إنّه سبحانه لمّا أبان حال علي عليه السلام وحال عدوّه بأنّه وإن كان له في الدنيا دولة وولاية من الشيطان فإنّ لعلي عليه السلام الولاية في الدنيا والآخرة
من الرحمن ؛ وولاية الشيطان ذاهبة وولاية الرحمن ثابتة ، وذلك قوله تعالى : «هُنَالِكَ الْوَلاَيَةُ للّه ِِ الْحَقِّ» ورد أنّها ولاية علي عليه السلام وهو ما رواه محمّد بن العبّاس - رحمه اللّه - عن محمّد بن همّام ، عن عبداللّه بن جعفر الحضرمي ، عن محمّد بن عبدالحميد ، عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : قلت له : قوله تعالى : «هُنَالِكَ الْوَلاَيَةُ للّه ِِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابا وَخَيْرٌ عُقْبا» قال : هي ولاية علي عليه السلام .
«هُوَ خَيْرٌ ثَوَابا وَخَيْرٌ عُقْبا»(1) أي عاقبة من ولاية عدوّه صاحب الجنّة الذي حرّم اللّه عليه الجنّة . فللّه على ذلك الفضل والمنّة ، والصلاة والسلام على محمّد
وآله الطيّبين ، واللعنة والعذاب على أعدائهم من الجنّة والناس أجمعين .
ويؤيّده ما رواه الشيخ محمّد بن يعقوب - رحمه اللّه - عن الحسين بن محمّد ، عن المعلّى بن محمّد ، عن محمّد بن أُرومة ، عن علي بن حسّان ، عن عبدالرحمن بن كثير ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : سألته عن قوله تعالى : «هُنَالِكَ الْوَلاَيَةُ للّه ِِ الْحَقِّ» فقال : ولاية أمير المؤمنين عليه السلام(2)-(3).
ص: 246
ومعنى قوله «هُنَالِكَ الْوَلاَيَةُ للّه ِِ» يعني الولاية لأمير المؤمنين عليه السلام وهي الولاية للّه ، لأنّه قد جاء في الدعاء : « من والاكم فقد والى اللّه ، ومن تبرّأ منكم فقد تبرّأ من اللّه » . جعلنا اللّه وإيّاك والمؤمنين من الموالين لمحمّد وآله الطيبين ، ومن المتبرّئين من أعدائهم الظالمين إنّه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين .
ص: 247
«وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراإِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبا»
سورة الكهف
وفي الاختصاص للشيخ المفيد عن محمّد بن هارون ، عن أبي يحيى سهيل بن زياد الواسطي ، عمّن حدّثه ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : « إنّ اللّه
تبارك وتعالى خيّر ذا القرنين في السحابتين : الذلول ، والصعب ، فاختار الذلول ، وهو ما ليس فيه برق ولا رعد ، ولو اختار الصعب لم يكن له ذلك لأنّ اللّه ادّخره للقائم عليه السلام »(1)-(2).
ص: 248
«حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْما قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنا»
سورة الكهف
وبإسناده إلى جابر بن عبداللّه الأنصاري قال : سمعت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يقول : إنّ ذا القرنين كان عبدا صالحا جعله اللّه (عزّوجلّ) حجّة على عباده ، فدعا قومه إلى اللّه (عزّوجلّ) وأمرهم بتقواه فضربوه على قرنه فغاب عنهم زمانا حتّى قيل مات أو هلك بأي واد سلك ، ثمّ ظهر ورجع إلى قومه فضربوه على قرنه الآخر ، وفيكم من هو على سنّته ، وإنّ اللّه (عزّوجلّ) مكّن لذي القرنين في الأرض وجعل له من كلّ شيء سببا ، وبلغ المغرب والمشرق ، وأنّ اللّه (عزّوجلّ) سيجري سنّته في القائم من ولدي فيبلّغه مشرق الأرض وغربها حتّى لا يبقى منهلاً ولا موضعا فيها من سهل أو جبل وطئه [ ذو القرنين إلاّ وطئه ] ويظهر اللّه (عزّوجلّ) [ له ] كنوز الأرض ومعادنها ، وينصره بالرعب ، ويملأ الأرض [ به ]
عدلاً وقسطا كما ملئت جورا وظلما(1)-(2).
ص: 249
«فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ»
سورة مريم
عن جابر الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام يقول : الزم الأرض لا تحركنّ يدك ولا رجلك أبدا حتّى ترى علامات أذكرها لك في سنة ، وترى مناديا ينادي بدمشق ، وخسف بقرية من قراها ، ويسقط طائفة من مسجدها ، فإذا رأيت الترك جازوها فأقبلت الترك حتّى نزلت الجزيرة وأقبلت الروم حتّى نزلت الرملة ، وهي سنة اختلاف في كلّ أرض من أرض العرب ، وإنّ أهل الشام يختلفون عند ذلك على ثلاث رايات الأصهب والأبقع والسفياني ، مع بني ذنب الحمار مضر ، ومع السفياني أخواله من كلب فيظهر السفياني ومن معه على بني ذنب الحمار حتّى يقتلوا قتلاً ، لم يقتله شيء قطّ ويحضر رجل بدمشق فيقتل هو ومن معه قتلاً لم يقتله شيء قطّ وهو من بني ذنب الحمار ، وهي الآية التي يقول اللّه تبارك وتعالى «فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ»ويظهر السفياني ومن معه حتّى لا يكون له همّة إلاّ آل محمّد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وشيعتهم ، فيبعث بعثا إلى الكوفة ، فيصاب بأُناس من شيعة آل محمّد بالكوفة قتلاً وصلبا وتقبل راية من خراسان حتّى تنزل ساحل الدجلة يخرج رجل من الموالي ضعيف ومن تبعه ، فيصاب بظهر الكوفة ، ويبعث بعثا إلى المدينة فيقتل
ص: 250
بها رجلاً ويهرب المهدي والمنصور منها ، ويؤخذ آل محمّد صغيرهم وكبيرهم لا يترك منهم أحد إلاّ حبس ويخرج الجيش في طلب الرجلين ويخرج المهدي منها على سنّة موسى خائفا يترقّب حتّى يقدم مكّة وتقبل الجيش حتّى إذا نزلوا البيداء وهو جيش الهملات خسف بهم فلا يفلت منهم إلاّ مخبر فيقوم القائم بين الركن والمقام فيصلّي وينصرف ومعه وزيره ، فيقول : ياأيّها الناس إنّا نستنصر اللّه على من ظلمنا وسلب حقّنا من يحاجنا في اللّه فإنّا أولى باللّه ومن يحاجنّا في آدم فإنّا
أولى الناس بآدم ، ومن حاجّنا في نوح فإنّا أولى الناس بنوح ، ومن حاجنّا في إبراهيم فإنّا أولى الناس بإبراهيم ، ومن حاجنّا بمحمّد فإنّا أولى الناس بمحمّد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، ومن حاجّنا في النبيين فنحن أولى الناس بالنبيين ومن
حاجّنا في كتاب اللّه فنحن أولى الناس بكتاب اللّه ، إنّا نشهد وكلّ مسلم اليوم أنّا قد ظلمنا وطردنا وبغي علينا وأخرجنا من ديارنا وأموالنا وأهالينا وقهرنا ، إلاّ إنّا نستنصر اللّه اليوم وكلّ مسلم ويجيء واللّه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً فيهم خمسون امرأة يجتمعون بمكّة على غير ميعاد قزعا كقزع الخريف(1) يتبع
بعضهم بعضا وهي الآية التي قال اللّه «أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمْ اللّه ُ جَمِيعا إِنَّ اللّه َ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»(2) فيقول رجل من آل محمّد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وهي القرية الظالمة أهلها ثمّ يخرج من مكّة هو ومن معه الثلاثمائة وبضعة عشر
ص: 251
يبايعونه بين الركن والمقام ، ومعه عهد نبي اللّه ورايته وسلاحه ووزيره معه ، فينادي المنادي بمكّة باسمه وأمره من السماء حتّى يسمعه أهل الأرض كلّهم اسمه اسم نبي ، ما أشكل عليكم فلم يشكل عليكم عهد نبي اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ورايته وسلاحه والنفس الزكية من ولد الحسين ، فإن أشكل عليكم هذا فلا يشكل عليكم الصوت من السماء باسمه وأمره وإيّاك وشذاذ من آل محمّد ؛ فإنّ لآل محمّد وعلي راية ولغيرهم رايات ، فالزم الأرض ولا تتّبع منهم رجلاً أبدا حتّى ترى رجلاً من ولد الحسين ، معه عهد نبي اللّه ورايته وسلاحه فإنّ عهد نبي اللّه صار عند علي بن الحسين ، ثمّ صار عند محمّد بن علي ويفعل اللّه ما يشاء فالزم هؤلاء أبدا وإيّاك ومن ذكرت لك ، فإذا خرج رجل منهم معه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً ومعه راية رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم عامدا إلى المدينة حتّى يمرّ بالبيداء ، حتّى يقول هكذا(1) مكان القوم الذين يخسف بهم وهي الآية التي قال اللّه «أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللّه ُ بِهِمْ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمْ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ»(2) فإذا قدم المدينة أخرج محمّد بن الشجري على سنة يوسف ثمّ يأتي الكوفة فيطيل بها المكث ما شاء اللّه أن يمكث حتّى يظهر عليها . ثمّ يسير حتّى يأتي العذراء(3) هو ومن معه وقد لحق به ناس كثير والسفياني يومئذ بوادي الرملة ، حتّى إذا التقوا وهم يوم الأبدال يخرج أُناس كانوا مع السفياني من شيعة
ص: 252
آل محمّد ؛ ويخرج ناس كانوا مع آل محمّد إلى السفياني فهم من شيعته حتّى يلحقوا بهم ويخرج كلّ ناس إلى رايتهم وهو يوم الإبدال .
قال أمير المؤمنين عليه السلام : ويقتل يومئذ السفياني ومن معه حتّى لا يترك منهم مخبر والخائب يومئذ من خاب من غنيمة كلب ، ثمّ يقبل إلى الكوفة فيكون منزله بها ، فلا يترك عبدا مسلما إلاّ اشتراه وأعتقه ، ولا غارما إلاّ قضى دينه ، ولا مظلمة لأحد من الناس إلاّ ردّها ، ولا يقتل منهم عبد إلاّ أدّى ثمنه دية مسلّمة إلى أهلها ولا يقتل قتيل إلاّ قضى عنه دينه وألحق عياله في العطاء حتّى يملأ الأرض قسطا وعدلاً كما ملئت ظلما وجورا وعدوانا ، ويسكنه هو وأهل بيته الرحبة والرحبة إنّما كانت مسكن نوح وهي أرض طيّبة ولا يسكن رجل من آل محمّد عليه السلام ولا يقتل إلاّ بأرض طيّبة زاكية فهم الأوصياء الطيّبون(1).
عن أبي سمينة عن مولى لأبي الحسن قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن قوله : «أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمْ اللّه ُ جَمِيعا»(2) قال : وذلك واللّه أن لو قد قام قائمنا يجمع اللّه إليه شيعتنا من جميع البلدان(3).
ص: 253
«وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّه ِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلاَّ أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيّا فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّه ِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلاًّ جَعَلْنَا نَبِيّا وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيّا»
سورة مريم
ابن بابويه ، قال : حدّثني أبي ومحمّد بن الحسن رضي اللّه عنهما ، قالا : حدّثنا سعد بن عبداللّه ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي بصير ، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : « كان أبو إبراهيم منجّما لنمرود بن كنعان ، وكان نمرود لا يصدر إلاّ عن رأيه ، فنظر في النجوم ليلة من الليالي ، فأصبح ، فقال : لقد رأيت في ليلتي هذه عجبا ، فقال له نمرود : وما هو ؟ فقال : رأيت مولودا يولد في أرضنا هذه ، فيكون هلاكنا على يديه ، ولا يلبث إلاّ قليلاً حتّى يحمل به . فعجب من ذلك نمرود ، وقال : هل حملت به النساء ؟ فقال : لا ، وكان فيما أُوتي به من العلم أنّه سيحرق بالنار ، ولم يكن أُوتي
أنّ اللّه تعالى سينجيه - قال - فحجب النساء عن الرجال ، فلم يترك امرأة إلاّ جعلت
ص: 254
بالمدينة ، حتّى لا يخلص إليهنّ الرجال » .
قال : « وباشر أبو إبراهيم امرأته فحملت به ، فظنّ أنّه صاحبه ، فأرسل إلى النساء من القوابل لا يكون في البطن شيء إلاّ علمن به ، فنظرن إلى أُمّ إبراهيم ، فألزم اللّه تبارك وتعالى ذكره ما في الرحم الظهر ، فقلن : ما نرى شيئا في بطنها .
فلمّا وضعت أُمّ إبراهيم به ، أراد أبوه أن يذهب به إلى نمرود ، فقالت له امرأته : لا
تذهب بابنك إلى نمرود فيقتله ، دعني أذهب به إلى بعض الغيران ، أجعله فيه حتّى يأتي عليه أجله ، ولا تكون أنت تقتل ابنك ، فقال لها : فاذهبي به فذهبت به إلى غار ، ثمّ أرضعته ، ثمّ جعلت على باب الغار صخرة ، ثمّ انصرفت عنه ، فجعل اللّه عزّوجلّ رزقه في إبهامه ، فجعل يمصّها فيشرب لبنا ، وجعل يشبّ في اليوم كما يشبّ غيره في الجمعة ، ويشبّ في الجمعة كما يشبّ غيره في الشهر ، ويشبّ في الشهر كما يشب غيره في السنة ، فمكث ما شاء اللّه أن يمكث .
ثمّ إنّ أُمّه قالت لأبيه : لو أذنت لي أن أذهب إلى ذلك الصبي فأراه ، فعلت ، قال : فافعلي . فأتت الغار ، فإذا هي بإبراهيم عليه السلام ، وإذا عيناه تزهران كأنّهما
سراجان ، فأخذته وضمّته إلى صدرها ، وأرضعته ، ثمّ انصرفت عنه ، فسألها أبوه ، عن الصبي ، فقالت له : قد واريته في التراب ، فمكثت تعتلّ وتخرج في الحاجة وتذهب إلى إبراهيم عليه السلام ، فتضمّه إليها ، وترضعه ثمّ تنصرف .
فلمّا تحرّك أتته أُمّه كما كانت تأتيه ، وصنعت كما كانت تصنع ، فلمّا أردات الانصراف أخذ بثوبها ، فقالت له : ما لك ؟ فقال لها : اذهبي بي معك ، فقالت له : حتّى استأمر أباك ، فلم يزل إبراهيم عليه السلام في الغيبة مخفيا لشخصه ، كاتما لأمره حتّى ظهر فصدع بأمر اللّه تعالى ذكره ، وأظهر اللّه تعالى قدرته فيه ، ثمّ غاب
ص: 255
عليه السلام الغيبة الثانية ، وذلك حين نفاه الطاغوت عن المصر ، فقال : «وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّه ِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلاَّ أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيّا» قال اللّه جلّ ذكره «فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّه ِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلّا جَعَلْنَا نَبِيّا * وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيّا» يعني به علي بن أبي طالب عليه السلام ، لأنّ إبراهيم عليه السلام كان قد دعا اللّه عزّوجلّ
أن يجعل له لسان صدق في الآخرين ، فجعل اللّه تبارك وتعالى له ولإسحاق ويعقوب لسان صدق عليا ، فأخبر علي عليه السلام بأنّ القائم عليه السلام هو الحادي عشر من ولده ، وأنّه المهدي الذي يملأ الأرض قسطا وعدلاً كما ملئت جورا وظلما ، وأنّه تكون له غيبة وحيرة يضلّ فيها أقوام ، ويهتدي فيها آخرون ، وأنّ هذا كائن كما هو مخلوق »(1).
ص: 256
«وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَىُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَاما وَأَحْسَنُ نَدِيّا وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثا وَرِئْيا قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلاَلَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدّا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانا وَأَضْعَفُ جُندا وَيَزِيدُ اللّه ُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابا وَخَيْرٌ مَرَدّا أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَدا أَاطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمْ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدا كَلاَّ سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنْ الْعَذَابِ مَدّا وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدا وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللّه ِ آلِهَةً
ص: 257
لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزّا كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّا أَلَمْ تَرَى أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّا فَلاَ تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدّا يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدا وَنَسُوقُ الُْمجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدا لاَ يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَنْ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدا وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدا لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئا إِدّا تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّا أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَانِ وَلَدا وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَانِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدا إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدا لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّا وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدا إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمْ الرَّحْمَنُ وُدّا»
سورة مريم
ص: 258
محمّد بن يعقوب : عن محمّد بن يحيى ، عن سلمة بن الخطّاب ، عن الحسن بن عبدالرحمن ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، في قول اللّه عزّوجلّ : «وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَىُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَاما وَأَحْسَنُ نَدِيّا» . قال : « كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم دعا قريشا إلى ولايتنا ، فنفروا وأنكروا ، «قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا» من قريش «لِلَّذِينَ آمَنُوا» ، الذين أقرّوا لأمير المؤمنين عليه السلام ولنا أهل البيت «أَىُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَاما وَأَحْسَنُ نَدِيّا» ، تعبيرا منهم ، فقال اللّه ردّا عليهم : «وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ» من الأُمم السالفة «هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثا وَرِئْيا» » .
قلت : قوله «قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلاَلَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدّا» ؟ قال : « كلّهم كانوا في الضلالة لا يؤمنون بولاية أمير المؤمنين عليه السلام ، ولا بولايتنا ، فكانوا
ضالّين مضلّين ، فيمدّ لهم في ضلالتهم وطغيانهم حتّى يموتوا ، فيصيّرهم شرّا مكانا وأضعف جندا » . قلت : قوله «حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا
السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانا وَأَضْعَفُ جُندا» ؟ قال : « أمّا قوله «حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ» فهو خروج القائم عليه السلام ، والساعة ، فسيعلمون ذلك اليوم ، وما نزل بهم من اللّه على يدي وليّه ، فذلك قوله : «مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانا» يعني عند القائم عليه السلام «وَأَضْعَفُ جُندا» » .
قلت : قوله «وَيَزِيدُ اللّه ُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً» ؟ قال : « يزيدهم ذلك اليوم هدى على هدى ، باتّباعهم القائم عليه السلام حيث لا يجحدونه ، ولا ينكرونه » . قلت : قوله تعالى «لاَ يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَنْ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدا» ؟ قال : « إلاّ من دان اللّه بولاية أمير المؤمنين عليه السلام ، والأئمّة من بعده ، فهو العبد عند
ص: 259
اللّه » . قلت : قوله «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمْ الرَّحْمَنُ وُدّا» ؟ قال : « ولاية أمير المؤمنين عليه السلام هي الودّ الذي قال اللّه تعالى » . قلت : قوله «فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْما لُدّا» ؟ قال : « إنّما يسّره اللّه على لسانه حين أقام أمير المؤمنين عليه السلام علما ، فبشّر به المؤمنين ، وأنذر به
الكافرين ، وهم الذين ذكرهم اللّه في كتابه لدّا ، أي كفّارا »(1)-(2).
ص: 260
«إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى»
سورة طه
روى صاحب تفسير (البرهان) عن العالم الحنفي (الشيباني) أنّه روى عن الباقر والصادق (رضي اللّه عنهما) أنّهما قالا :
إنّ فرعون وهامان هنا شخصان من جبابرة قريش يحييهما اللّه تعالى عند قيام (القائم) من آل محمّد في آخر الزمان ، فينتقم منهما بما أسلفا(1).
ص: 261
«قُلْنَا لاَ تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى»
سورة طه
ما رواه الشيخ محمّد بن بابويه - رحمه اللّه - في أماليه عن رجاله عن معمّر بن راشد قال : سمعت أبا عبداللّه الصادق عليه السلام يقول : أتى يهودي [ إلى ]
النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فقام بين يديه وجعل يحدّ النظر إليه ، فقال : يايهودي ما حاجتك ؟ قال : أنت أفضل أم موسى بن عمران النبي الذي كلّمه اللّه وأنزل عليه التوراة والعصا ، وفلق له البحر ، وظلّله الغمام ؟ فقال له النبي صلّى اللّه
عليه وآله وسلّم : إنّه يكره للعبد أن يزكّي نفسه ولكن أقول : إنّ آدم لمّا أصاب الخطيئة كانت توبته : اللهمّ إنّي أسألك بحقّ محمّد وآل محمّد لمّا غفرت لي ، فغفرها اللّه له ؛ وإنّ نوحا لمّا ركب السفينة وخاف الغرق قال : اللهمّ إنّي أسألك
بحقّ محمّد وآل محمّد لمّا نجّيتني من الغرق ، فنجّاه اللّه منه ؛ وإنّ إبراهيم لمّا أُلقي في النار قال : اللهمّ إنّي أسألك بحقّ محمّد وآل محمّد لمّا نجّيتني من النار ، فنجّاه
اللّه منها فجعلها [ اللّه ] عليه بردا وسلاما ؛ وإنّ موسى لمّا ألقى عصاه وأوجس في نفسه خيفة قال : اللهمّ إنّي أسألك بحقّ محمّد وآل محمّد لمّا آمنتني ، فقال اللّه
جلّ جلاله : «لاَ تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى» يايهودي لو أدركني موسى ثمّ لم يؤمن بي وبنبوّتي ما نفعه إيمانه شيئا ، ولا نفعته النبوّة ؛ يايهودي ومن ذرّيتي المهدي إذا
ص: 262
خرج نزل عيسى بن مريم لنصرته وقدّمه وصلّى خلفه(1).
وهذا يدلّ على أنّ القائم عليه السلام أفضل من عيسى عليه السلام .
ص: 263
«وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنا عَرَبِيّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنْ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرا»
سورة طه
علي بن إبراهيم : في تفسيره المنسوب إلى الصادق عليه السلام : وأمّا قوله : «أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرا» يعني ما يحدث من أمر القائم عليه السلام والسفياني(1).
ص: 265
«وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِىَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْما»
سورة طه
روى الشيخ محمّد بن يعقوب - رحمه اللّه - عن أحمد بن محمّد ، عن علي بن الحكم ، عن مفضّل بن صالح ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام في قول اللّه عزّوجلّ : «وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِىَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْما» قال : عهد إليه في محمّد والأئمّة من بعده فترك ولم يكن له عزم أنّهم هكذا . وإنّما سمّي أُولوا العزم أُولي العزم لأنّه عهد إليهم في محمّد والأوصياء من بعده وفي المهدي وسيرته فأجمع عزمهم على أنّ ذلك كذلك والإقرار به(1).
وروى أيضا عن الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن جعفر بن محمّد بن عبيداللّه (2)، عن محمّد بن عيسى القمّي ، عن محمّد بن سليمان ، عن عبداللّه بن سنان ، عن أبي عبداللّه عليه السلام في قوله عزّوجلّ : «وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ (كلمات في محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة من ذرّيتهم) فَنَسِىَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْما» هكذا واللّه نزلت على محمّد صلّى اللّه عليه
ص: 266
وآله وسلّم(1).
ويؤيّده ما رواه الشيخ المفيد - رحمه اللّه - بإسناده عن رجاله إلى حمران بن أعين ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : أخذ اللّه الميثاق على النبيّين فقال : «أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى»(2) وأنّ هذا محمّد رسولي وأنّ عليا أمير المؤمنين ؟ قالوا : بلى . فثبتت لهم النبوّة ، ثمّ أخذ الميثاق على أُولي العزم أنّي ربّكم ومحمّد رسولي وعلي أمير المؤمنين والأوصياء من بعده ولاة أمري وخزّان علمي وأنّ المهدي أنتصر به لديني وأظهر به دولتي وأنتقم به من أعدائي وأُعبد به طوعا وكرها ؟ قالوا : أقررنا ياربّنا وشهدنا ؛ ولم يجحد آدم ولم يقرّ ، فثبتت العزيمة لهؤلاء الخمسة في المهدي عليه السلام ولم يكن لآدم عزيمة على الإقرار وهو قول اللّه تبارك وتعالى : «وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِىَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْما»(3)-(4).
محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد عن علي بن الحكم عن داود العجلي عن زرارة عن حمران عن أبي جعفر عليه السلام قال : إنّ اللّه تبارك وتعالى حيث خلق الخلق خلق ماءً عذبا وماءً مالحا أُجاجا(5) فامتزج الماءان فأخذ طينا من أدم الأرض فعركه عركا شديدا(6) فقال لأصحاب اليمين وهم كالذرّ يدبّون : إلى الجنّة بسلام وقال لأصحاب الشمال : إلى النار ولا أُبالي ، ثمّ قال : «أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا
ص: 267
بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ»(1) ثمّ أخذ الميثاق على النبيين فقال : ألست بربّكم وإنّ هذا محمّد رسولي وإنّ هذا علي أمير المؤمنين ؟ فقالوا : بلى ، فثبتت لهم النبوّة ، وأخذ الميثاق على أُولي العزم إنّني ربّكم ومحمّد
رسولي وعلي أمير المؤمنين ، وأوصيائه من بعده ولاة أمري وخزّان علمي عليهم السلام ، وإنّ المهدي أنتصر به لديني وأظهر به دولتي . وأنتقم به من أعدائي وأبعد به طوعا وكرها ؟ قالوا : أقررنا ياربّ وشهدنا ولم يجحد آدم ولم يقرّ ؛ فثبتت العزيمة لهؤلاء الخمسة في المهدي ولم يكن لآدم عزم على الإقرار به ، وهو قوله عزّوجلّ : «وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِىَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْما» قال : إنّما هو فترك ، ثمّ أمر نارا فأُجّجت فقال لأصحاب الشمال : ادخلوها فهابوها ، وقال لأصحاب اليمين : ادخلوها فدخلوها فكانت عليهم بردا وسلاما فقال أصحاب الشمال : ياربّ أقلنا فقال : قد أقلتكم اذهبوا فادخلوها ، فهابوها فثمّ ثبتت الطاعة
والولاية والمعصية .
وفي كتاب علل الشرائع : أبي (رحمه اللّه) ، عن سعد بن عبداللّه ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن المفضّل بن صالح ، عن جابر بن يزيد ، عن أبي جعفر (عليه السلام) في هذه الآية قال : عهد إليه في محمّد والأئمّة من بعده ، فترك ولم يكن له عزم فيهم أنّهم هكذا ، وإنّما سمّوا أُولوا العزم لأنّهم
عُهد إليهم في محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) والأوصياء من بعده والمهدي وسيرته ،فأجمع عزمهم أنّ ذلك كذلك والإقرار به(2)-(3).
ص: 268
«وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرا قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الاْخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى»
سورة طه
الكافي : محمّد بن يحيى ، عن سلمة بن الخطّاب ، عن الحسين بن عبدالرحمن ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبداللّه (عليه السلام) في قول اللّه (عزّوجلّ) : «وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكا»؟
قال : يعني به ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) .
قلت : «وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى» ؟
قال : يعني أعمى البصر في الآخرة أعمى القلب في الدنيا عن ولاية أمير المؤمنين .
ص: 269
قال : وهو متحيّر في القيامة يقول : «لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا» قال : الآيات : الأئمّة (عليهم السلام) «فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى» يعني تركتها وكذلك اليوم تترك في النار كما تركت الأئمّة (عليهم السلام) ، فلم تطع أمرهم ولم تسمع قولهم .
قلت : «وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الاْخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى» ؟
قال : يعني من أشرك بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) غيره ولم يؤمن بآيات ربّه وترك الأئمّة معاندة فلم يتّبع آثارهم ولم يتولّهم .
قلت : «اللّه ُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ»(1)؟
قال : ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) .
قلت : «مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الاْخِرَةِ» ؟
قال : معرفة أمير المؤمنين (عليه السلام) والأئمّة «نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ» قال : نزيده منها ، قال : يستوفي نصيبه من دولتهم «وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤِهِ
مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الاْخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ»(2)؟ قال : ليس له في دولة الحقّ مع القائم نصيب(3).
ص: 270
«فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى»
سورة طه
وقال : حدّثنا أحمد بن القاسم عن أحمد بن محمّد السياري عن محمّد بن خالد البرقي عن علي بن أسباط عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبداللّه عليه السلام في قوله تعالى : «فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ» يامحمّد من تكذيبهم إيّاك ، فإنّي منتقم منهم برجل منك وهو قائمي الذي سلّطته على دماء الظلمة(1).
ص: 271
«قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِىِّ وَمَنْ اهْتَدَى»
سورة طه
قال علي بن إبراهيم - رحمه اللّه - : روى النضر بن سويد ، عن القاسم بن سليمان ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عزّوجلّ : «قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ - إلى قوله - وَمَنْ اهْتَدَى» قال : إلى ولايتنا(1).
قال محمّد بن العبّاس - رحمه اللّه - : حدّثنا علي بن عبداللّه بن راشد ، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي ، عن إبراهيم بن محمّد بن ميمون ، عن عبدالكريم بن يعقوب ، عن جابر قال : سئل محمّد بن علي الباقر عليهما السلام عن قول اللّه عزّوجلّ : «فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِىِّ وَمَنْ اهْتَدَى» قال : اهتدى إلى ولايتنا .
وقال أيضا : حدّثنا علي بن عبداللّه ، عن إبراهيم بن محمّد ، عن إسماعيل بن بشّار ، عن علي بن جعفر الحضرمي ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله : «فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِىِّ وَمَنْ اهْتَدَى» قال : علي صاحب
ص: 272
الصراط السويّ و «مَنْ اهْتَدَى» أي إلى ولايتنا أهل البيت .
وقال أيضا : حدّثنا محمّد بن همام ، عن محمّد بن إسماعيل العلوي ، عن عيسى بن داود النجّار ، عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) قال : سألت أبي عن قول اللّه (عزّوجلّ) : «فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِىِّ وَمَنْ
اهْتَدَى» قال : الصراط السويّ هو القائم ، والهدى من اهتدى إلى طاعته ، ومثلها في كتاب اللّه (عزّوجلّ) : «وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحا ثُمَّ اهْتَدَى»(1) قال : إلى ولايتنا(2)-(3).
ص: 273
«وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْما آخَرِينَفَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَلاَ تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَقَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدا خَامِدِينَ»
سورة الأنبياء
محمّد بن يعقوب : عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن فضّال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن بدر بن خليل الأسدي ، قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : في قول اللّه عزّوجلّ : «فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ * لاَ تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ» قال : إذا قام القائم عليه السلام وبعث إلى بني أُميّة بالشام هربوا إلى الروم ، فيقول لهم الروم لا ندخلنّكم حتّى تتنصّروا(1)، فيعلّقون في أعناقهم الصليب ويدخلونهم ، فإذا نزل بحضرتهم
ص: 274
أصحاب القائم عليه السلام طلبوا الأمان والصلح فيقول أصحاب القائم لا نفعل حتّى تدفعوا إلينا من قبلكم [ منّا ] ، قال : فيدفعونهم إليهم فذلك قوله : «لاَ تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ» قال : يسألونهم
الكنوز وهم أعلم بها ، قال : فيقولون : «يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ * فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدا خَامِدِينَ»(1).
محمّد بن العبّاس : قال : حدّثنا علي بن عبداللّه بن أسد ، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي ، عن إسماعيل بن بشّار ، عن علي بن جعفر الحضرمي ، عن جابر قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول اللّه عزّوجلّ : «فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ» قال ذلك عند قيام القائم عليه السلام(2).
علي بن إبراهيم : قال : حدّثنا محمّد بن جعفر ، قال : حدّثنا عبداللّه بن محمّد ، عن أبي داود ، عن سليمان بن سفيان ، عن ثعلبة ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عزّوجلّ «فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا» يعني بني أُميّة إذا أحسّوا بالقائم من آل محمّد عليهم السلام «إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ * لاَ تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا
إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ» يعني الكنوز التي كنزوها .
قال عليه السلام : فيدخل بنو أُميّة إلى الروم إذا طلبهم القائم عليه السلام ثمّ يخرجهم من الروم ويطالبهم بالكنوز التي كنزوها(3).
عنه : قال : حدّثنا الحسين بن أحمد ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس بن
ص: 275
منصور ، عن إسماعيل بن جابر ، عن أبي عبداللّه عليه السلام في قول اللّه عزّوجلّ : «فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا» [ قال : خروج القائم عليه السلام ] «إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ» قال : الكنوز التي كانوا يكنزون ، «قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ * فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدا [ بالسيف ] خَامِدِينَ» لا يبقى منهم عين تطرف(1).
العياشي : بإسناده عن عبدالأعلى الحلبي ، قال : قال أبو جعفر عليه السلام في حديث يذكر فيه خروج القائم عليه السلام قال في الحديث : لكأنّي أنظر إليهم (يعني القائم عليه السلام وأصحابه) مصعدين من نجف الكوفة ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً كأنّ في قلوبهم زبر الحديد ، جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره يسير الرعب أمامه شهرا وخلفه شهرا أمدّه اللّه بخمسة آلاف من الملائكة مسوّمين .
حتّى إذا صعد النجف قال لأصحابه : تعبّدوا ليلتكم هذه ، فيبيتون بين راكع وساجد يتضرّعون إلى اللّه حتّى إذا أصبح قال : خذوا بنا طريق النخيلة ، وعلى الكوفة خندق مخندق [ جند مجنّد ] ، قلت : خندق مخندق [ جند مجنّد ] قال : إي واللّه ، حتّى ينتهي إلى مسجد إبراهيم عليه السلام بالنخيلة فيصلّي ركعتين فيخرج إليه من كان بالكوفة من مرجئها وغيرهم من جيش السفياني ، فيقول لأصحابه : استطردوا لهم ، ثمّ يقول كرّوا عليهم .
قال أبو جعفر عليه السلام : ولا يجوز واللّه الخندق منهم مخبر ، ثمّ يدخل الكوفة ولا يبقى مؤمن إلاّ كان فيها أو حنّ إليها ، وهو قول أمير المؤمنين عليه
ص: 276
السلام ، ثمّ يقول لأصحابه سيروا إلى هذه الطاغية فيدعوه إلى كتاب اللّه وسنّة نبيّه عليه الصلاة والسلام ، فيعطيه السفياني من البيعة مسلّما ، فيقول له كلب وهم أخواله : [ ما ] هذا ما صنعت ؟ واللّه ما نبايعك على هذا أبدا ، فيقول : ما أصنع ؟ فيقولون : استقبله فيستقبله ، [ ثمّ يقول له القائم عليه السلام : خذ حذرك فإنّني أدّيت إليك وأنا مقاتلك ، فيصبح فيقاتلهم ] فيمنحه اللّه أكتافهم ، ويأتي [ يأخذ ] السفياني أسيرا فينطلق به ويذبحه بيده .
ثمّ يرسل جريدة خيل إلى الروم فيستحذرون [ فيستحضرون ] بقية بني أُميّة ، فإذا انتهوا إلى الروم قالوا : اخرجوا إلينا أهل ملّتنا عندكم ، فيأبون ويقولون : واللّه لا نفعل ، فتقول الجريدة : واللّه لو أُمرنا لقاتلناكم ، ثمّ ينطلقون إلى صاحبهم
فيعرضون ذلك عليه فيقول : انطلقوا فاخرجوا إليهم أصحابهم فإنّ هؤلاء قد أتوا بسلطان [ عظيم ] وهو قول اللّه : «فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ * لاَ تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ» قال : يعني الكنوز التي كنتم تكنزون ، «قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ * فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدا خَامِدِينَ» لا يبقى منهم مخبر(1)-(2).
ص: 277
«قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدا وَسَلاَما عَلَى إِبْرَاهِيمَ»
سورة الأنبياء
وفي كتاب كمال الدين وتمام النعمة : بإسناده إلى أبان بن تغلب ، عن أبي عبداللّه حديث طويل يذكر فيه القائم (عليه السلام) .
وفيه : إذا نشر راية رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) انحطّ عليه ثلاثة عشر ألف ملك وثلاثة عشر ملكا كلّهم ينظرون القائم (عليه السلام) ، وهم الذين كانوا مع نوح (عليه السلام) في السفينة ، والذين كانوا مع إبراهيم (عليه السلام) حيث أُلقي في النار(1).
وفي أُصول الكافي : إسحاق قال : حدّثني الحسن بن ظريف قال : اختلج في صدري مسألتان أردت الكتاب فيهما إلى أبي محمّد فكتبت أسأله عن القائم إذا قام بما يقضي وأين مجلسه الذي يقضي فيه بين الناس ؟ وأردت أن أسأله عن شيء لحمى الربع فأغفلت خبر الحمى فجاء الجواب :
سألت عن القائم وإذا قام قضى بين الناس بعلمه كقضاء داود (عليه السلام) . لا يسأل البيّنة .
ص: 278
وكنت أردت أن تسأل لحمّى الربع فأنسيت فاكتب في ورقة وعلّقه على المحموم ، فإنّه يبرئ بإذن اللّه إن شاء اللّه «قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدا وَسَلاَما عَلَى إِبْرَاهِيمَ» فعلّقنا عليه ما ذكر أبو محمّد (عليه السلام) فأفاق(1)-(2).
ص: 279
«وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الْزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ»
سورة الأنبياء
علي بن إبراهيم : في تفسيره المنسوب إلى الصادق عليه السلام في معنى الآية قال : قال : الكتب كلّها ذكر اللّه ، «أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ» قال : القائم عليه السلام وأصحابه(1).
محمّد بن العبّاس : قال حدّثنا : أحمد بن محمّد بن أحمد بن الحسن [ عن أبيه ] عن الحسين بن محمّد بن عبداللّه بن الحسن عن أبيه ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : قوله عزّوجلّ : «أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ» هم أصحاب المهدي عليه السلام آخر الزمان(2).
الطبرسي : قال أبو جعفر عليه السلام : هم أصحاب المهدي في آخر الزمان(3)-(4).
ص: 280
«وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ»
سورة الأنبياء
وفي كتاب علل الشرائع : بإسناده إلى عبدالرحمن القصير قال : قال لي أبو جعفر (عليه السلام) : أما لو قام قائمنا ردّت الحميراء حتّى يجلدها الحدّ ، [ و ] حتّى ينتقم لابنة محمّد فاطمة (عليها السلام) منها ، قلت : جعلت فداك ولم يجلدها ؟ قال : لفريتها على أُمّ إبراهيم ، قلت : فكيف أخّره اللّه للقائم ؟ فقال : لأنّ اللّه (تبارك وتعالى) بعث محمّدا (صلّى اللّه عليه وآله) رحمة وبعث القائم (عليه السلام) نقمة(1)-(2).
ص: 281
«وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لاَ رَيْبَ فِيهَا»
سورة الحجّ
روى الفقيه الشافعي عبدالرحمن بن أبي بكر (السيوطي) في تفسيره عن أبي داود - في سننه - عن أبي سعيد الخدري (رضي اللّه عنه) قال : قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وسلّم) :
« لا تقوم الساعة حتّى يملك الأرض (المهدي) منّي ، أجلى الجبهة ، أقنى الأنف ، يملأ الأرض قسطا وعدلاً ، كما ملئت قبله ظلما وجورا ، يكون سبع سنين »(1).
قال : وأخرج أحمد [ ابن حنبل ] عن أبي سعيد الخدري (رضي اللّه عنه) قال : قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وسلّم) :
« أُبشّركم بالمهدي يبعثه اللّه في أُمّتي على اختلاف من الزمان وزلازل ، فيملأ الأرض قسطا وعدلاً كما ملئت جورا وظلما ، ويرضى عنه ساكنوا السماء وساكنوا الأرض ، ليقسم المال صحاحا » فقال له رجل : ما صحاحا ؟ قال (صلّى اللّه عليه وآله) : « بالسوية بين الناس ويملأ قلوب أُمّة محمّد غنى ، ويسعهم عدله ، حتّى يأمر مناد ينادي يقول : من كانت له في مال حاجة ؟ فما يقوم من المسلمين
ص: 282
إلاّ رجل واحد ، فيقول ائت السادن - يعني الخازن - فقل له : إنّ « المهدي » يأمرك أن تعطيني مالاً ، فيقول له : احث حتّى إذا جعله في حجره وأبرزه ندم ، فيقول : كنت أجشع أُمّة محمّد نفسا إذ عجز عنّي ما وسعهم .
قال (صلّى اللّه عليه وآله) : فيردّ فلا يقبل منه .
فيقال له : إنّا لا نأخذ شيئا أعطيناه(1).
ص: 283
«أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللّه َ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ»
سورة الحجّ
محمّد بن العبّاس : قال : حدّثنا الحسين بن أحمد المكّي [ المالكي ] عن محمّد بن عيسى ، عن يونس عن مثنّى الحنّاط ، عن عبداللّه بن عجلان ، عن أبي جعفر عليه السلام في قول اللّه عزّوجلّ : «أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللّه َ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ» قال في القائم عليه السلام وأصحابه(1).
علي بن إبراهيم : قال : حدّثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن مسكان : عن أبي عبداللّه عليه السلام في قوله : «أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللّه َ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ» قال : [ إنّ ] العامّة يقولون نزلت في رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله لمّا أخرجته قريش من مكّة ، وإنّما هو القائم عليه السلام [ هي للقائم ] إذا خرج يطلب بدم الحسين عليه السلام ، وهو قوله : نحن أولياؤكم في الدم وطلبالدية [ أولياء الدم وطلاّب الدية (2)]-(3).
ص: 284
«الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ وَللّه ِِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ»
سورة الحجّ
محمّد بن العبّاس : قال : حدّثنا محمّد بن الحسين بن حميد ، عن جعفر بن عبداللّه الكوفي عن كثير بن عياش ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عزّوجلّ : «الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ وَللّه ِِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ» قال : هذه لآل محمّد المهدي عليه السلام وأصحابه يملّكهم اللّه مشارق الأرض ومغاربها ويظهر الدين ، ويميت اللّه عزّوجلّ به وبأصحابه البدع والباطل كما أمات السفهة الحقّ حتّى لا يرى أثر من الظلم ، «وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ وَللّه ِِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ»(1).
ص: 285
«... وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ»
سورة الحجّ
قال محمّد بن العبّاس - رحمه اللّه - : حدّثنا الحسين بن عامر ، عن محمّد بن الحسين ، عن الربيع بن [ محمّد عن (1)] صالح بن سهل قال : سمعت أبا عبداللّه عليه السلام يقول : قوله تعالى : «وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ» أمير المؤمنين القصر
المشيّد ، والبئر المعطّلة فاطمة وولديها معطّلون من الملك .
وروى الشيخ محمّد بن يعقوب - رحمه اللّه - عن محمّد بن الحسن ، عن سهل بن زياد ، عن موسى بن القاسم البجليّ ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه السلام في قوله عزّوجلّ : «وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ» قال : البئر المعطّلة الإمام الصامت ، والقصر المشيّد الإمام الناطق(2).
وروى أبو عبداللّه الحسين بن جبير - رحمه اللّه - في كتابه نخب المناقب حديثا يرفعه إلى الصادق عليه السلام في تفسير قوله تعالى : «وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ» أنّه قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : [ أنا ] القصر المشيّد ، والبئر المعطّلة علي عليه السلام .
وقال علي بن إبراهيم - رحمه اللّه - : قوله تعالى : «وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ
ص: 286
مَشِيدٍ» هذا مثل لآل محمّد ، للإمام القائم دلّ على غيبته ؛ فالبئر المعطّلة الإمام وهو معطّل لا يقتبس منه العلم . وأحسن ما قيل في هذا التأويل :
بئر معطّلة وقصر مشرف
مثل لآل محمّد مستطرف
فالقصر مجدهم الذي لا يرتقى
والبئر علمهم الذي لا ينزف(1)
ص: 287
«وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللّه ُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْما عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ»
سورة الحجّ
وفي إرشاد المفيد (رحمه اللّه) : عن أبي بصير ، عن أبي جعفر (عليه السلام) حديث طويل وفيه قال (عليه السلام) :
إذا قام القائم (عليه السلام) سار إلى الكوفة فهدم فيها أربع مساجد ولم يبق مسجد على وجه الأرض له شرف إلاّ هدّمها وجعلها جمّا ، ووسّع الطريق الأعظم ، وكسّر كلّ جناح خارج في الطريق ، وأبطل الكنف والميازيب إلى الطرقات ولا يترك بدعة إلاّ أزالها ولا سنّة إلاّ أقامها ، ويفتح قسطنطنية والصين وجبال الديلم ، فيمكث على ذلك سبع سنين مقدار كلّ سنة عشر سنين من سنيكم هذه ، تمّ يفعل اللّه ما يشاء .
قال : قلت : جعلت فداك فكيف تطول السنون ؟
قال : يأمر اللّه تعالى الفلك باللبوث ، وقلة الحركة فتطول الأيّام لذلك والسنون .
قال : [ قلت ] له : إنّهم يقولون : إنّ الفلك إن تغيّر فسد ؟
ص: 288
قال : ذلك قول الزنادقة ، فأمّا المسلمون فلا سبيل لهم إلى ذلك ، وقد شقّ اللّه القمر لنبيّه (صلّى اللّه عليه وآله) وردّ الشمس من قبله ليوشع بن نون ، وأخبر
بطول يوم القيامة وأنّه كألف سنة ممّا تعدّون(1)-(2).
ص: 289
«ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللّه ُ إِنَّ اللّه َ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ»
سورة الحجّ
وفي تفسير علي بن إبراهيم : وأمّا قوله (عزّوجلّ) : «ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ
مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِىَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللّه ُ» فهو رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) لمّا أخرجته قريش من مكّة ، وهرب منهم إلى الغار وطلبوه ليقتلوه ، فعاقبهم اللّه تعالى يوم بدر ، وقتل عتبة وشيبة والوليد وأبو جهل وحنظلة بن أبي سفيان وغيرهم ، فلمّا قبض رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) طلب يزيد بدمائهم فقتل الحسين وآل محمّد (صلوات اللّه عليهم) بغيا وعدوانا وظلما وهو قول يزيد حين تمثّل بهذا الشعر :
ليت أشياخي ببدر شهدوا
جزع الخزرج من وقع الأسل
لأهلّوا واستهلّوا فرحا
ثمّ قالوا يايزيد لا تشل
لست من خندق إن لم أنتقم
من بني أحمد ما كان فعل
قد قتلنا القوم من سادتهم
وعدلناه ببدر فاعتدل
وكذاك الشيخ أوصاني به
ما تبعت الشيخ فيما قد سأل
وقال يزيد (لعنه اللّه) :
يقول والرأس مطروح يقلّبه
ياليت أشياخنا الماضون بالحضر
ص: 290
حتّى يقيسوا قياسا لو يقاس به
أيّام بدر لكان الوزن بالقدر
فقال اللّه (تبارك وتعالى) : «وَمَنْ عَاقَبَ» يعني رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) «بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ» يعني الحسين (عليه السلام) أرادوا أن يقتلوه «ثُمَّ بُغِىَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللّه ُ» يعني بالقائم (صلوات اللّه عليه) من ولده(1)-(2).
روى الحافظ القندوزي (الحنفي) بإسناده قال عن سلام بن المستنير عن الصادق (رضي اللّه عنه) في قوله تعالى : «وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِىَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللّه ُ إِنَّ اللّه َ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ» قال :
إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وسلّم) لمّا أخرجته قريش من مكّة وهرب منهم إلى الغار وطلبوه ليقتلوه فعوقب ، ثمّ في (بدر) عاقب لأنّه قتل عتبة بن ربيعة ، وشيبة بن ربيعة ، والوليد بن عتبة ، وحنظلة بن أبي سفيان ، وأبا جهل ، وغيرهم ، فلمّا قبض رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وسلّم) بغى عليه ابن هند بنت عتبة
بن ربيعة [ يعني : معاوية بن أبي سفيان ] بخروجه عن طاعة أمير المؤمنين ، وبقتل ابنه يزيد الحسين بغيا وعدوانا ، ثمّ قال تعالى :
«لَيَنصُرَنَّهُ اللّه ُ» .
يعني : بالقائم المهدي من ولده(3).
ص: 291
«وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ»
سورة الحجّ
روى العلاّمة البحراني ، عن أبي الحسن الفقيه محمّد بن أحمد بن شاذان - من طريق العامّة بحذف الإسناد عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وسلّم) : حدّثني جبريل عن ربّ العزّة جلّ جلاله أنّه قال :
« من علم أن لا إله إلاّ أنا وحدي ، وأنّ محمّدا عبدي ورسولي ، وأنّ علي بن أبي طالب خليفتي ، وأنّ الأئمّة من ولده حججي أدخلته الجنّة برحمتي ، ونجّيته من النار بعفوي » .
إلى أن قال الراوي : فقام جابر بن عبداللّه الأنصاري ، فقال : يارسول اللّه ومن الأئمّة من ولد علي بن أبي طالب ؟
قال (صلّى اللّه عليه وسلّم) : الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة ، ثمّ سيّد العابدين في زمانه علي بن الحسين ، ثمّ الباقر محمّد بن علي ، وستدركه ياجابر - فإذا أدركته فاقرأه منّي السلام - ثمّ الصادق جعفر بن محمّد ، ثمّ الكاظم موسى بن جعفر ، ثمّ الرضا علي بن موسى ، ثمّ التقي محمّد بن علي ، ثمّ النقي علي بن محمّد ، ثمّ الزكي الحسن العسكري ، ثمّ ابنه (القائم) بالحقّ (مهدي) أُمّتي الذي يملأ الأرض قسطا وعدلاً كما ملئت ظلما وجورا ، هؤلاء ياجابر خلفائي ،
ص: 292
وأوصيائي ، وأولادي ، وعترتي ، من أطاعهم فقد أطاعني ، ومن عصاهم فقد عصاني ، ومن أنكرهم أو أنكر واحدا منهم فقد أنكرني (وبهم يمسك اللّه السماء أن تقع على الأرض) وبهم يحفظ اللّه الأرض من أن تميد بأهلها(1).
ص: 293
«فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءَلُونَ»
سورة المؤمنون
أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري : قال : أخبرني أبو الحسين ، عن أبيه ، عن ابن همام قال : حدّثنا سعدان بن مسلم ، عن جهم [ جرهم ] بن أبي جهمة [ جهنة ] قال : سمعت أبا الحسن موسى عليه السلام يقول : إنّ اللّه تبارك وتعالى خلق الأرواح قبل الأجساد [ الأبدان ] بألفي عام ، ثمّ خلق الأبدان بعد ذلك ، فما تعارف منها في السماء تعارف في الأرض ، وما تناكر منها في السماء تناكر في الأرض ، فإذا قام القائم عليه السلام ورث الأخ في الدين ولم يورث الأخ في الولادة ، وذلك قول اللّه عزّوجلّ في كتابه : «قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ» «فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءَلُونَ»(1)-(2).
ص: 294
«تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ»
سورة المؤمنون
محمّد بن إبراهيم النعماني في غيبته : بإسناده عن كعب الأحبار ، أنّه قال : إذا كان يوم القيامة ، حشر الناس على أربعة أصناف صنف ركبان ، وصنف على أقدامهم يمشون ، وصنف مكبّون ، وصنف على وجوههم ، صمّ بكم عمي فهم لا يعقلون ، ولا يتكلّمون ، ولا يؤذن لهم فيعتذرون ، أُولئك الذين تلفح وجوههم النار ، وهم فيها كالحون . فقيل له : ياكعب ، من هؤلاء الذين يحشرون على وجوههم ، وهذه الحالة حالهم ؟ فقال كعب : أُولئك الذين كانوا على الضلال والارتداد والنكث ، فبئس ما قدّمت لهم أنفسهم إذا لقوا اللّه بحرب خليفتهم ، ووصي نبيّهم ، وعالمهم ، وسيّدهم ، وفاضلهم ، وحامل اللواء ، ووليّ الحوض ، المرتجى والرجا دون هذا العالم ، وهو العلم الذي لا يجهل ، والمحجّة التي من زال عنها عطب ، وفي النار هوى ، ذلك علي وربّ الكعبة ، أعلمهم علما ، وأقدمهم سلما ، وأوفرهم حلما ، عجبا ممّن قدّم على علي عليه السلام غيره .
ومن نسل علي عليه السلام القائم المهدي الذي يبدّل الأرض غير الأرض وبه يحتجّ عيسى بن مريم عليه السلام على نصارى الروم والصين ، إنّ القائم المهدي من نسل علي عليه السلام أشبه الناس بعيسى بن مريم عليه السلام خلقا
ص: 295
وخُلقا وسمتا وهيبة ، يعطيه اللّه عزّوجلّ ما أُعطي الأنبياء ، ويزيده ويفضّله ، إنّ القائم عليه السلام من ولد علي عليه السلام ، له غيبة كغيبة يوسف ، ورجعة كرجعة عيسى بن مريم ، ثمّ يظهر بعد غيبته مع طلوع النجم الأحمر وخراب الزوراء ، وهي الري ، وخسف المزورّة ، وهي بغداد وخروج السفياني ، وحرب ولد العبّاس مع فتيان أرمينية وآذربيجان ، تلك حرب يقتل فيها أُلوف وأُلوف ، كلّ يقبض على سيف محلّى ، تخفق عليه رايات سود ، تلك حرب يشوبها الموت الأحمر والطاعون الأغبر(1)-(2).
ص: 296
«اللّه ُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّىٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لاَ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِى ءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللّه ُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ»
سورة النور
روي عن جابر بن عبداللّه الأنصاري : قال : دخلت إلى مسجد الكوفة وأمير المؤمنين صلوات اللّه وسلامه عليه يكتب باصبعه ويتبسّم ، فقلت له : ياأمير المؤمنين ما الذي يضحكك ؟ فقال : عجبت لمن يقرأ هذه الآية ولم يعرفها حقّ معرفتها ، فقلت له : وأي آية ياأمير المؤمنين ؟ فقال : قوله تعالى : «اللّه ُ نُورُ
السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ» المشكاة محمّد صلّى اللّه عليه وآله ، «فِيهَا مِصْبَاحٌ» أنا المصباح ، «فِي زُجَاجَةٍ» الزجاجة الحسن والحسين «كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ
دُرِّىٌّ» وهو علي بن الحسين ، «يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ» محمّد بن علي ، «زَيْتُونِةٍ» جعفر بن محمّد : «لاَ شَرْقِيَّةٍ» موسى بن جعفر «وَلاَ غَرْبِيَّةٍ» علي بن موسى [ الرضا ] «يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِى ءُ» محمّد بن علي «وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ» علي
ص: 297
بن محمّد «نُورٌ عَلَى نُورٍ» الحسن بن علي «يَهْدِي اللّه ُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ» القائم المهدي عليهم السلام ، «وَيَضْرِبُ اللّه ُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللّه ُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ»(1).
ص: 298
«لاَ تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللّه َ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ»
سورة النور
وفي كتاب كمال الدين وتمام النعمة : باسناده إلى عبداللّه بن عجلان قال : ذكرنا خروج القائم (عليه السلام) عند أبي عبداللّه (عليه السلام) فقلت له : وكيف لنا نعلم ذلك ؟ فقال : يصبح أحدكم وتحت رأسه صحيفة عليها مكتوب طاعة معروفة(1)-(2).
ص: 299
«وَعَدَ اللّه ُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَُيمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنا لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئا ...»
سورة النور
محمّد بن إبراهيم النعماني في الغيبة : قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة ، قال : حدّثني [ ثنا ] أحمد بن يوسف بن يعقوب الجعفي من كتابه ، قال: حدّثنا إسماعيل بن مروان [ مهران ] ، قال : حدّثنا علي بن أبي حمزة ، عن أبيه ووهيب ، عن أبي بصير ، عن أبي عبداللّه عليه السلام في [ معنى ] قوله : «وَعَدَ اللّه ُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَُيمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنا يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئا» قال : [ نزلت في ] القائم وأصحابه(1).
محمّد بن العبّاس : عن الحسين [ الحسن ] بن محمّد عن معلّى بن محمّد ،
ص: 300
عن الوشا ، عن عبداللّه بن سنان قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن قول اللّه عزّوجلّ : «وَعَدَ اللّه ُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ» قال : نزلت في علي بن أبي طالب والأئمّة من ولده عليهم السلام ، «وَلَُيمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنا يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئا» قال : عنى به ظهور القائم عليه السلام(1).
عنه : قال حدّثنا علي بن عبداللّه ، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي ، عن الحسن بن الحسين عن سفين بن إبراهيم ، عن عمر [ و ] بن هاشم ، عن إسحاق بن عبداللّه بن [ عن ] علي بن الحسين عليه السلام في قول اللّه عزّوجلّ : «فَوَرَبِّ
السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ»(2) قال : قوله : «إِنَّهُ لَحَقٌّ» قيام القائم عليه السلام وفيه نزلت هذه الآية «وَعَدَ اللّه ُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَُيمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنا»(3).
ابن بابويه : قال حدّثنا أبو المفضّل محمّد بن عبداللّه بن [ أبي ] المطّلب
الشيباني رحمه اللّه ، قال : حدّثنا أبو مزاحم موسى بن عبداللّه بن يحيى بن خاقان
المقري ببغداد ، قال : حدّثنا أبو بكر محمّد بن عبداللّه بن إبراهيم الشافعي قال :
حدّثنا محمّد بن حمّاد بن هامان الدبّاغ أبو جعفر ، قال : حدّثنا عيسى بن إبراهيم :
ص: 301
قال : حدّثنا الحرث بن تيهان قال : حدّثنا عتبة بن يقظان ، عن أبي سعيد ، عن مكحول ، عن وائلة بن الأصقع بن قرضاب ، عن جابر بن عبداللّه الأنصاري ، قال : دخل جندل بن جنادة بن حيير على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله فقال :
يارسول اللّه أخبرني عمّا ليس للّه وعمّا ليس عند اللّه وعمّا لا يعلمه اللّه ؟
فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله : أمّا ما ليس للّه ، فليس للّه شريك ، وما ليس عند اللّه فليس عند اللّه ظلم للعباد ، وأمّا ما لا يعلمه اللّه ، فذلك قولكم يامعشر اليهود إنّ عزير بن اللّه واللّه لا يعلم له ولدا ، فقال جندل : أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وأنّك محمّد رسول اللّه حقّا ، ثمّ قال : يارسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله : إنّي رأيت البارحة في النوم موسى بن عمران عليه السلام فقال لي : ياجندل أسلم على يد محمّد واستمسك بالأوصياء من بعده ، فقلت أسلمت ورزقني اللّه ذلك ، فأخبرني عن الأوصياء بعدك لأتمسّك بهم ؟.
فقال : ياجابر أوصيائي من بعدي بعدد نقباء بني اسرائيل ، فقال : يارسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله أنّهم كانوا اثني عشر ، هكذا وجدناهم في التوراة ، قال : نعم الأئمّة بعدي اثنا عشر ، فقال : يارسول اللّه كلّهم في زمن واحد ؟ قال : لا ولكن خلف بعد خلف وأنّك لن تدرك منهم إلاّ ثلاثة : أوّلهم سيّد الأوصياء بعدي أبو الأئمّة علي بن أبي طالب عليه السلام ، ثمّ ابناه الحسن والحسين عليهما السلام ، فاستمسك بهم من بعدي ولا يغرنّك جهل الجاهلين ، فإذا كانت وقت ولادة ابنه علي بن الحسين سيّد العابدين عليه السلام يقضي اللّه عليك ويكون آخر زادك من الدنيا شربة من لبن تشربه .
ص: 302
فقال : يارسول اللّه هكذا وجدت في التوراة اليايقظوا شبرا وشبيرا ، فلم أعرف أسماؤهم فكم بعد الحسين من الأوصياء وما أسماؤهم ؟
فقال : تسعة من صلب الحسين والمهدي منهم ، فإذا انقضت مدّة الحسين عليه السلام قام بالأمر من بعده على ابنه ويلقّب زين العابدين عليه السلام ، فإذا انقضت مدّة علي قام بالأمر من بعده محمّد [ ابنه ] ويدعى بالباقر عليه السلام ، فإذا انقضت مدّة محمّد قام بالأمر بعده ابنه جعفر يدعى بالصادق عليه السلام ، فإذا انقضت مدّة جعفر قام بالأمر ابنه موسى ويدعى بالكاظم عليه السلام ، ثمّ إذا انقضت مدّة موسى قام بالأمر من بعده علي ابنه يدعى بالرضا عليه السلام ، فإذا انقضت مدّة علي قام بالأمر بعده محمّد ابنه يدعى بالزكي عليه السلام ، فإذا انقضت مدّة محمّد قام بالأمر بعده ابنه علي يدعى بالنقي عليه السلام ، فإذا انقضت مدّة علي قام بالأمر من بعده ابنه الحسن يدعى بالأمين عليه السلام ، ثمّ يغيب عنهم إمامهم .
قال : يارسول اللّه هو الحسن يغيب عنهم ؟ قال : لا ، ولكن ابنه ، قال : يارسول اللّه فما اسمه ؟ قال : لا يسمّى حتّى يظهر ، فقال جندل : يارسول اللّه وجدنا ذكرهم في التوراة وقد بشّرنا موسى بن عمران عليه السلام بك وبالأوصياء من ذرّيتك ، ثمّ تلا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله : «وَعَدَ اللّه ُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَُيمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنا» .
فقال جندل : يارسول اللّه فما خوفهم ؟ قال : ياجندل في زمن كلّ واحد
ص: 303
منهم سلطان يعيّره ويؤذيه فإذا عجّل اللّه خروج قائمنا يملأ الأرض قسطا وعدلاً كما ملئت جورا وظلما ، ثمّ قال صلّى اللّه عليه وآله : طوبى للصابرين في غيبته ، طوبى للمقيمين على محبّتهم ، أُولئك من وصفهم اللّه في كتابه فقال : «الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ»(1) ثمّ قال : «أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللّه ِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ اللّه ِ هُمْ الْمُفْلِحُونَ»(2).
قال ابن الأصقع : ثمّ عاش جندل إلى أيّام الحسين بن علي عليه السلام ثمّ خرج إلى الطائف فحدّثني نعيم بن [ أبي ] قيس قال : دخلت عليه بالطائف وهو عليل ثمّ دعا بشربة من لبن ، فقال : هكذا عهد لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله
وسلّم أن يكون آخر زادي من الدنيا شربة من لبن ، ثمّ مات ودفن بالطائف بالموضع المعروف بالكورا رحمه اللّه (3).
أبو علي الطبرسي : قال : اختلف في الآية ، وذكر الأقوال ، إلى أن قال : والمروي عن أهل البيت عليهم السلام أنّها في المهدي [ من آل محمّد ] عليهم السلام ، ثمّ قال وروى :
العياشي : باسناده عن علي بن الحسين عليهما السلام أنّه قرأ الآية [
وقال ] : هم واللّه شيعتنا أهل البيت ، يفعل [ اللّه ] ذلك بهم على يد [ ي ] رجل منّا وهو مهدي هذه الأُمّة ، وهو الذي قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله : لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل اللّه ذلك اليوم حتّى يأتي [ يلي ] رجل من عترتي
ص: 304
اسمه اسمي يملأ الأرض عدلاً وقسطا كما ملئت ظلما وجورا(1)-(2).
ثمّ قال الطبرسي : وروي مثل ذلك عن أبي جعفر وأبي عبداللّه عليهما السلام(3)-(4).
ص: 305
«بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرا»
سورة الفرقان
محمّد بن إبراهيم النعماني : في كتاب الغيبة قال : حدّثنا عبدالواحد بن عبداللّه قال : أخبرنا [ حدّثنا ] محمّد بن جعفر القرشي ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن عمر بن مروان [ أبان ] الكلبي ، عن أبي الصامت
قال : قال أبو عبداللّه جعفر بن محمّد عليه السلام : الليل اثنتا عشرة ساعة ، [ والنهار اثنتا عشرة ساعة ] والشهور اثنا عشر شهرا ، والأئمّة اثنا عشر إماما ، والنقباء اثنا عشر نقيبا ، وإنّ عليا عليه السلام ساعة من اثني عشرة ساعة ، وهو قول
اللّه عزّوجلّ : «بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرا»(1).
عنه : قال : أخبرنا عبدالواحد بن عبداللّه بن يونس الموصلي قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن رياح الزهري قال : حدّثنا أحمد بن علي الحميري قال : حدّثني [ ثنا ] الحسن بن أيّوب ، عن عبدالكريم بن عمرو الخثعمي عن المفضّل بن عمر قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : [ ما معنى ] قول اللّه عزّوجلّ : «بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرا» [ ف- ] قال لي إنّ اللّه خلق السنة
ص: 306
اثني عشر شهرا وجعل الليل اثنتي عشرة ساعة ، [ وجعل النهار اثني عشرة ساعة ] ومنّا اثنى عشر محدّثا ، وكان أمير المؤمنين عليه السلام ساعة من تلك الساعات(1).
علي بن إبراهيم : قال : حدّثنا أحمد بن علي قال : حدّثني الحسين بن أحمد ، عن أحمد بن هلال ، عن عمر [ و ] الكلبي ، عن أبي الصامت : قال : قال أبو عبداللّه عليه السلام : إنّ الليل والنهار اثنتا عشرة ساعة ، وإنّ علي بن أبي طالب
عليه السلام أشرف ساعة من اثنتي عشرة ساعة ، وهو قول اللّه تعالى : «بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرا»(2)-(3).
وهكذا صاحب الزمان عليه السلام ساعة من تلك الساعات .
ص: 307
«الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَانِ وَكَانَ يَوْما عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرا»
سورة الفرقان
ما رواه محمّد بن العبّاس - رحمه اللّه - قال : حدّثنا محمّد بن الحسن بن علي ، عن أبيه الحسن ، عن أبيه علي بن أسباط(1) قال : روى أصحابنا في قول اللّه عزّوجلّ : «الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَانِ» قال : إنّ الملك للرحمن اليوم وقبل اليوم وبعد اليوم ولكن إذا قام القائم عليه السلام لم يعبد [ وا ] إلاّ اللّه عزّوجلّ(2)-(3).
ص: 308
«وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنْ الْمَاءِ بَشَرا فَجَعَلَهُ نَسَبا وَصِهْرا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرا»
سورة الفرقان
علي بن محمّد بن مخلد الجعفي معنعنا ، عن ابن عبّاس رضي اللّه عنه في قول اللّه تعالى : «وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنْ الْمَاءِ بَشَرا فَجَعَلَهُ نَسَبا وَصِهْرا» قال : خلق اللّه نطفة مكنونة فجعلها في صلب آدم ثمّ نقلها من صلب آدم إلى صلب شيث ومن صلب شيث إلى صلب أنوش ومن صلب أنوش إلى صلب قينان حتّى توارثتها كرام الأصلاب وفي مطهّرات الأرحام حتّى جعلها اللّه في صلب عبدالمطّلب ثمّ قسمها نصفين فألقى نصفها إلى صلب عبداللّه ونصفها إلى صلب أبي طالب وهي سلالة فولد من عبداللّه محمّدا ومن أبي طالب عليا عليهما الصلاة والسلام فذلك قول اللّه تعالى : «وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنْ الْمَاءِ بَشَرا فَجَعَلَهُ نَسَبا
وَصِهْرا» وزوّج فاطمة بنت محمّد [ عليا ] فعلي محمّد ومحمّد من علي والحسن والحسين وفاطمة نسب وعلي الصهر(1).
ابن عبّاس وابن مسعود وجابر والبرّاء وأنس وأُمّ سلمة والسدي وابن سيرين والباقر عليه السلام في قوله تعالى : «وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنْ الْمَاءِ بَشَرا فَجَعَلَهُ
ص: 309
نَسَبا وَصِهْرا» قالوا : هو محمّد وعلي والحسن والحسين عليهم السلام «وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرا» ؛القائم في آخر الزمان لأنّه لم يجتمع نسب وسبب في الصحابة والقرابة إلاّ له(1).
ص: 310
«وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنا وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَما»
سورة الفرقان
عن محمّد بن القاسم بن عبيد معنعنا :
عن أبي عبداللّه [ عليه السلام ] قوله [ تبارك ] تعالى : «الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنا» إلى قوله «حَسُنَتْ مُسْتَقَرّا وَمُقَاما» [ ثلاث عشر آية ]قال : هم الأوصياء يمشون على الأرض هونا فإذا قام القائم عرفوا كلّ ناصب [ نصب ] عليه فإن أقرّ بالإسلام وهو [ وهي ] الولاية وإلاّ ضربت عنقه أو أقرّ بالجزية فأدّاها كما يؤدّي [ يؤدّون ] أهل الذمّة(1).
ص: 311
«طسم تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ»
سورة الشعراء
محمّد بن إبراهيم النعماني ، قال : أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد ، قال : حدّثنا علي بن الحسن(1)، عن أبيه ، عن أحمد بن عمر الحلبي(2)، عن الحسين
بن موسى ، عن فضيل(3) بن محمّد مولى محمّد بن راشد البجلي ، عن أبي عبداللّه عليه السلام أنّه قال : أما إنّ النداء الأوّل من السماء باسم القائم في كتاب اللّه بيّن ، فقلت : فأين هو أصلحك اللّه ؟
فقال : في «طسم * تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ» قوله : «إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنْ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ»(4) قال : إذا سمعوا الصوت أصبحوا
ص: 312
«إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنْ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ»
سورة الشعراء
محمّد بن يعقوب : عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن أبي أيّوب الخزاز عن عمر بن حنظلة قال : سمعت أبا عبداللّه عليه السلام يقول : خمس علامات قبل قيام القائم عليه السلام الصيحة ، والسفياني ، والخسف ، وقتل النفس الزكية ، واليماني ، فقلت : جعلت فداك [ ف- ] إن خرج أهل بيتك قبل هذه العلامات ، أنخرج معه ؟ قال : لا .
قال : فلمّا كان من الغد تلوت هذه الآية : «إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنْ السَّمَاءِ
آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ» فقلت له أهي الصيحة ؟ فقال : أما لو كانت خضعت أعناق أعداء اللّه عزّوجلّ(1).
علي بن إبراهيم : عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام ، عن أبي عبداللّه عليه السلام [ قال ] : تخضع رقابهم ، يعني بني أُميّة ، وهي الصيحة من السماء باسم صاحب الأمر عليه السلام(2).
ص: 314
عنه : قال : أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد قال : حدّثنا علي بن الحسن [ الحسين ] التيملي قال : حدّثنا عمرو بن عثمان ، عن الحسن بن محبوب ، عن عبداللّه بن سنان قال : كنت عند أبي عبداللّه عليه السلام فسمعت رجلاً من همدان يقول [ له ] : إنّ هؤلاء العامّة يعيّرونا ويقولون [ لنا ] إنّكم تزعمون إنّ مناديا ينادي [ من السماء ] باسم صاحب هذا الأمر ، وكان متّكيا فغضب وجلس ثمّ قال : لا ترووه عنّي وارووه عن أبي ولا حرج عليكم في ذلك ، أشهد أنّي [ قد ] سمعت أبي عليه السلام يقول واللّه إنّ ذلك في كتاب اللّه عزّوجلّ لبيّن حيث يقول «إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنْ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ» ولا يبقى في الأرض يومئذ أحد إلاّ خضع وذلّت رقبته [ لها ] فيؤمن أهل الأرض إذا سمعوا الصوت من السماء : إلاّ أنّ الحقّ في علي بن أبي طالب عليه السلام وشيعته .
فإذا كان من الغد صعد إبليس في الهواء حتّى يتوارى عن أهل الأرض ثمّ ينادي إلاّ أنّ الحقّ في عثمان بن عفّان [ وشيعته ] فإنّه قتل مظلوما فاطلبوا بدمه ، قال عليه السلام : فيثبت اللّه الذين آمنوا بالقول الثابت على الحقّ ، وهو النداء الأوّل ويرتاب يومئذ الذين في قلوبهم مرض ، والمرض واللّه عداوتنا ، فعند ذلك يتبرّؤون منّا ويتناولونا ويقولون إنّ المنادي الأوّل سحر من سحر أهل هذا البيت ثمّ تلا أبو عبداللّه عليه السلام [ قول اللّه عزّوجلّ ] : «وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا
وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ»(1)-(2).
وعنه : قال : أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد قال : حدّثنا محمّد بن
ص: 315
المفضّل [ الفضل ] بن إبراهيم بن قيس قال : حدّثنا الحسن بن علي بن فضّال ، قال : حدّثنا ثعلبة بن ميمون ، عن معمّر بن يحيى ، عن داود الدجاجي ، عن أبي جعفر محمّد بن علي عليهما السلام قال : سئل أمير المؤمنين عليه السلام عن قول اللّه عزّوجلّ : «فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ»(1) فقال : انتظروا الفرج في [ من ] ثلاث
، فقيل وما [ هنّ ؟ فقال ، اختلاف أهل الشام بينهم ، والرايات السود من خراسان والفزعة في شهر رمضان ، فقيل : وما ] الفزعة في شهر رمضان ؟ فقال : أوما سمعتم قول اللّه عزّوجلّ [ في القرآن ] : «إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنْ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ» هي أنّ [ آية ] تخرج الفتاة من خدرها وتوقظ النائم وتفزع اليقظان(2).
محمّد بن العبّاس : قال : حدّثنا أحمد بن الحسن بن علي قال : حدّثنا أبي ، عن أبيه ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن حنان بن سدير ، [ عن أبي بصير ] عن أبي جعفر عليه السلام قال : سألته عن قول اللّه عزّوجلّ «إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنْ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ» قال : نزلت في قائم آل محمّد عليه السلام ينادي باسمه من السماء(3).
عنه : قال : حدّثنا علي بن عبداللّه بن أسد ، عن إبراهيم بن محمّد [ عن أحمد ] بن معمّر الأسدي ، عن محمّد بن فضيل ، عن الكلبي ، عن أبي صباح ، عن ابن عبّاس في قوله عزّوجلّ : «إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنْ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ» قال : هي [ وهذه ] نزلت فينا وفي بني أُميّة [ يكون ] لنا
ص: 316
دولة تذلّ أعناقهم لنا بعد صعوبة و [ هوان ] بعد عزّ(1).
وعنه : قال : حدّثنا الحسين بن محمّد [ أحمد ] ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : سألته عن قول اللّه عزّوجلّ : «إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنْ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ» قال : تخضع لها رقاب بني أُميّة ، قال : ذلك بارز الشمس ، قال : وذلك علي بن أبي طالب عليه السلام يبرز عن [ عند ] زوال الشمس وتركد الشمس على رؤوس الناس ساعة حتّى يبرز وجهه ويعرف الناس حسبه ونسبه .
ثمّ قال : إنّ بني أُميّة ليختبي الرجل منهم إلى جنب شجرة فتقول خلفي رجل من بني أُميّة فاقتلوه(2).
وعنه : قال : حدّثنا الحسين بن أحمد ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، قال : حدّثنا صفوان بن يحيى ، عن أبي عثمان ، عن معلّى بن خنيس ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام انتظروا الفرج في ثلاث ،
قيل : وما هي ؟
قال : اختلاف أهل الشام [ فيما ] بينهم ، والرايات السود من خراسان ، والفزعة في شهر رمضان ، فقيل له : وما الفزعة في شهر رمضان ؟ قال : أما سمعتم قول اللّه عزّوجلّ في القرآن «إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنْ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ» قال : إنّه تخرج الفتاة من خدرها ، ويستيقظ النائم ، ويفزع اليقظان(3).
ص: 317
«فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْما وَجَعَلَنِي مِنْ الْمُرْسَلِينَ»
سورة الشعراء
محمّد بن إبراهيم النعماني في « الغيبة » قال : أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد ، قال : حدّثنا القاسم بن محمّد بن الحسين ، قال : حدّثنا عبيس بن هشام ، عن عبداللّه بن جبلة ، عن أحمد بن نضر عن مفضّل بن عمر ، عن أبي عبداللّه عليه السلام أنّه قال : لصاحب هذا الأمر غيبة يقول فيها «فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ
فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْما وَجَعَلَنِي مِنْ الْمُرْسَلِينَ»(1).
وعنه قال : أخبرنا محمّد بن همام ، قال : حدّثني جعفر بن محمّد بن مالك ، قال : حدّثني الحسن بن محمّد بن سماعة ، قال : حدّثني أحمد بن الحارث الأنماطي ، عن المفضّل بن عمر ، عن أبي جعفر عليه السلام أنّه قال : إذا قام القائم
عليه السلام تلا هذه الآية «فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ»(2).
وعنه قال : أخبرنا عبدالواحد بن عبداللّه بن يونس(3)، قال : أخبرنا أحمد
ص: 318
بن محمّد بن رياح(1)، قال : حدّثنا أحمد بن علي الخمري(2) عن الحسن(3) بن أيّوب ، عن عبدالكريم بن عمرو الخثعمي ، عن أحمد بن الحارث ، عن المفضّل بن عمر ، قال : سمعته يقول يعني أبا عبداللّه عليه السلام : قال أبو جعفر محمّد بن
علي الباقر عليه السلام : إذا قام القائم قال : «فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْما وَجَعَلَنِي مِنْ الْمُرْسَلِينَ»(4).
شرف الدين النجفي في كتاب « تأويل الآيات الباهرة في فضائل العترة » قال : قال الشيخ المفيد رحمه اللّه في كتاب « الغيبة » باسناده عن رجاله ، عن المفضّل بن عمر عن أبي عبداللّه عليه السلام أنّه قال : إذا قام القائم عليه السلام تلا هذه الآية مخاطبا للناس : «فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْما وَجَعَلَنِي
ص: 319
وفي كتاب اكمال الدين وتمام النعمة : باسناده إلى المفضّل بن عمرو ، عن أبي عبداللّه جعفر بن محمّد الصادق ، عن أبيه محمّد (عليهما السلام) قال : إذا قام
القائم (عليه السلام) قال : «فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْما وَجَعَلَنِي مِنْ الْمُرْسَلِينَ»(3). يعني خاتم الأوصياء يعني خاتم النبيين (صلّى اللّه عليهم أجمعين) صلاة دائمة في كلّ عصر وكلّ حين متواترة إلى يوم الدين(4).
ص: 320
«أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ»
سورة الشعراء
قال محمّد بن العبّاس - رحمه اللّه - : حدّثنا الحسين بن أحمد ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن صفوان بن يحيى ، عن أبي عثمان ، عن معلّى بن خنيس ، عن أبي عبداللّه عليه السلام في قوله عزّوجلّ : «أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ» قال : خروج القائم عليه السلام «مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ» قال : هم بنو أُميّة الذين متّعوا في دنياهم(1)-(2)-(3).
ص: 321
«إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللّه َ كَثِيرا وَانتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَىَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ»
سورة الشعراء
ابن بابويه : قال : حدّثني محمّد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنه قال : حدّثنا علي بن إبراهيم عن أبيه ، عن علي بن معبد ، عن الحسين بن خالد ، عن علي بن موسى الرضا عليه السلام ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله : من أحبّ أن يتمسّك بديني ويركب سفينة النجاة بعدي ، فليقتد بعلي بن أبي طالب عليه السلام وليعاد عدوّه وليوال وليّه ، فإنّه خليفتي ووصيّي وخليفتي على أُمّتي في حياتي وبعد وفاتي ، وهو أمير (إمام) كلّ مسلم ، وأمير كلّ مؤمن بعدي ، قوله قولي ، وأمره أمري ونهيه نهيي ، وتابعه تابعي ، وناصره ناصري ، وخاذله خاذلي .
ثمّ قال صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : من فارق عليا بعدي لم يرني ولم أره يوم القيامة ، ومن خالف عليا حرّم اللّه عليه الجنّة وجعل مأواه النار [ وبئس المصير ] ، ومن خذل عليا خذله اللّه يوم يعرض عليه ومن نصر عليا نصره اللّه يوم يلقاه ،
ص: 322
ولقّنه حجّته عند المنازلة [ المساءلة ] .
ثمّ قال صلوات اللّه عليه وآله : (و) الحسن والحسين إماما أُمّتي بعد أبيهما ، وسيّدا شباب أهل الجنّة ، وأُمّهما سيّدة نساء العالمين ، وأبوهما سيّد الوصيين ، ومن ولد الحسين تسعة أئمّة تاسعهم القائم عليه السلام من ولدي ، طاعتهم طاعتي ومعصيتهم معصيتي ، إلى اللّه أشكو المنكرين لفضلهم والمضيّعين لحقّهم [ لحرمتهم ] بعدي ، وكفى باللّه وليا ، وكفى باللّه نصيرا [ وناصرا ] لعترتي وأئمّة أُمّتي ومنتقما من الجاحدين لحقّهم ، «وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَىَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ»(1)-(2).
إنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله يشير في هذه الرواية إلى عدد أوصيائه من بعده ووجوب طاعتهم على الناس ، ويعرّف أوّلهم بعلي بن أبي طالب عليه السلام وآخرهم بالمهدي
عجّل اللّه فرجه الشريف .
ص: 323
«أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللّه ِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ»
سورة النمل
محمّد بن العبّاس : عن حميد [ أحمد ] بن زياد ، عن الحسين بن محمّد بن سماعة ، عن إبراهيم بن عبدالحميد ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : إنّ القائم عليه السلام إذا خرج دخل المسجد الحرام فيستقبل القبلة [ الكعبة ] ويجعل ظهره إلى المقام ثمّ يصلّي ركعتين ثمّ يقوم فيقول :
ياأيّها الناس أنا أولى الناس بآدم عليه السلام ، ياأيّها الناس أنا أولى الناس بإبراهيم عليه السلام ، ياأيّها الناس أنا أولى الناس بإسماعيل عليه السلام ، ياأيّها
الناس أنا أولى الناس بمحمّد صلّى اللّه عليه وآله ، ثمّ يرفع يديه إلى السماء ويدعو
ويتضرّع حتّى يقع على وجهه ، وهو قول اللّه عزّوجلّ : «أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا
دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللّه ِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ»(1).
عنه : بالإسناد عن (إبراهيم) بن عبدالحميد ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر [ أبي عبداللّه ] عليه السلام في قول اللّه عزّوجلّ : «أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا
ص: 324
دَعَاهُ» قال : هذه (الآية) نزلت في القائم من آل محمّد عليهم السلام إذا خرج تعمّم وصلّى عند المقام وتضرّع إلى ربّه فلا تُرد له راية(1).
علي بن إبراهيم : قال : حدّثني أبي عن الحسن بن علي بن فضال ، عن صالح بن عقبة ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : نزلت في القائم من آل محمّد عليهم السلام ، هو واللّه المضطرّ إذا صلّى في المقام ركعتين ودعا إلى اللّه فأجابه
ويكشف السوء ويجعله خليفة في الأرض(2).
محمّد بن إبراهيم النعماني : قال : أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد قال : حدّثني محمّد بن علي التيملي عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، وحدّثني غير واحد عن منصور بن يونس بن بزرج ، عن إسماعيل بن جابر ، عن أبي جعفر محمّد بن علي عليهما السلام أنّه قال : يكون لصاحب هذا الأمر غيبة في بعض هذه الشعاب - وأومى بيده إلى ناحية ذي طوى - حتّى إذا كان قبل خروجه انتهى [ أتى ] المولى الذي معه حتّى يلقى بعض أصحابه فيقول : كم أنتم ههنا ؟ فيقولون ]فيقول ] نحو من أربعين رجلاً ، فيقول : كيف أنتم إذا [ لو ] رأيتم صاحبكم ؟ فيقولون : واللّه لو نادى [ بنا ] الجبال لناويناها معه ، ثمّ يأتيهم من القابلة فيقول : أشيروا إلى رؤسائكم وأخياركم عشرة ، فيشيرون له إليهم ، فينطلق بهم حتّى يلقوا صاحبهم ويعدهم الليلة التي تليها .
ثمّ قال أبو جعفر عليه السلام : واللّه لكأنّي أنظر إليه وقد أسند ظهره إلى الحجر فينشد اللّه حقّه ، ثمّ يقول : ياأيّها الناس من يحاجني في اللّه فأنا أولى الناس
ص: 325
باللّه ، ياأيّها الناس من يحاجني في آدم فأنا أولى الناس بآدم عليه السلام ، أيّها الناس من يحاجني في نوح فأنا أولى الناس بنوح عليه السلام ، أيّها الناس من يحاجني في إبراهيم فأنا أولى الناس بإبراهيم عليه السلام ، أيّها الناس من يحاجني في موسى فأنا أولى الناس بموسى عليه السلام ، أيّها الناس من يحاجني بعيسى [ في عيسى ] فأنا أولى الناس بعيسى عليه السلام ، أيّها الناس من يحاجني في محمّد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فأنا أولى الناس بمحمّد ، أيّها الناس من يحاجني في كتاب اللّه فأنا أولى الناس بكتاب اللّه ، ثمّ ينتهي إلى المقام فيصلّي عنده ركعتين وينشد اللّه حقّه .
ثمّ قال أبو جعفر عليه السلام : وهو واللّه المضطرّ الذي يقول اللّه [ فيه ] «أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ» فيه نزلت(1).
علي بن إبراهيم : قال : حدّثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن منصور بن يونس ، عن أبي خالد الكابلي قال : قال أبو جعفر عليه السلام : واللّه لكأنّي أنظر إلى القائم عليه السلام وقد أسند ظهره إلى الحجر ، ثمّ ينشد اللّه حقّه ، ثمّ يقول : ياأيّها الناس من يحاجني في اللّه فأنا أولى باللّه ، أيّها الناس من يحاجني في آدم
فأنا أولى بآدم عليه السلام ، (يا) أيّها الناس من يحاجني في نوح فأنا أولى بنوح عليه السلام ، أيّها الناس من يحاجني في إبراهيم فأنا أولى بإبراهيم عليه السلام ، ياأيّها الناس من يحاجني في موسى فأنا أولى بموسى عليه السلام ، أيّها الناس من
ص: 326
يحاجني في عيسى فأنا أولى بعيسى عليه السلام أيّها الناس من يحاجني في رسول اللّه [ محمّد ] فأنا أولى برسول اللّه [ بمحمّد ] صلّى اللّه عليه وآله ، أيّها الناس من يحاجني في كتاب اللّه فأنا أولى بكتاب اللّه ، ثمّ ينتهي إلى المقام فيصلّي
ركعتين وينشد اللّه حقّه .
ثمّ قال أبو جعفر عليه السلام : هو واللّه [ المضطرّ في كتاب اللّه ] في قوله : «أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ» فيكون أوّل من يبايعه جبريل ثمّ الثلاثمائة والثلاثة عشر رجلاً فمن كان ابتلي بالمسير وافى [ وافاه ] ومن لم يبتل بالمسير فُقِدَ من فراشه ، وهو قول أمير المؤمنين عليه السلام : « هم المفقودون من [ عن ] فرشهم » [ و ] ذلك قول اللّه : «فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمْ اللّه ُ جَمِيعا»(1) [ قال ] : الخيرات الولاية .
وقال في موضع آخر : «وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمْ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ»(2) وهم [
واللّه ] أصحاب القائم عليه السلام يجتمعون [ واللّه ] إليه في ساعة واحدة ، فإذا جاء إلى البيداء يخرج إليه جيش السفياني فيأمر اللّه الأرض فتأخذ أقدامهم وهو قوله : «وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلاَ فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ * وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ» يعني بالقائم من آل محمّد عليهم السلام «وَأَنَّى لَهُمْ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ»(3) ] إلى قوله ] : «وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ» [ يعني ] ألاّ يعذّبوا «كَمَا
ص: 327
«وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنْ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لاَ يُوقِنُونَ»
سورة النمل
قال محمّد بن العبّاس - رحمه اللّه - : حدّثنا جعفر بن محمّد الحلبي ، عن عبداللّه بن محمّد الزيّات ، عن محمّد بن عبدالحميد ، عن مفضّل بن صالح ، عن جابر بن يزيد ، عن أبي عبداللّه الجدلي قال : دخلت على علي عليه السلام يوما فقال : أنا دابّة الأرض .
وقال : حدّثنا علي بن أحمد بن حاتم ، عن إسماعيل بن إسحاق الراشدي ، عن خالد بن مخلّد ، عن عبدالكريم بن يعقوب الجعفي ، عن جابر بن يزيد ، عن أبي عبداللّه الجدلي قال : دخلت على علي بن أبي طالب عليه السلام فقال : ألا أُحدّثك ثلاثا قبل أن يدخل عليَّ وعليك داخل ؟ قلت : بلى . قال : أنا عبداللّه ، وأنا
دابّة الأرض صدقها وعدلها ، وأخو نبيّها . ألا أُخبرك بأنف المهدي وعينيه(1)؟ قال : قلت : بلى . قال : فضرب بيده إلى صدره وقال : أنا .
وقال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن الحسن الفقيه ، عن أحمد بن عبيد بن
ص: 329
ناصح ، عن الحسين بن علوان ، عن سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة قال : دخلت على أمير المؤمنين عليه السلام وهو يأكل خبزا وخلاًّ وزيتا . فقلت : ياأمير المؤمنين قال اللّه عزّوجلّ : «وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنْ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لاَ يُوقِنُونَ» فما هذه الدابّة ؟ قال : هي دابّة تأكل خبزا وخلاًّ وزيتا .
وقال أيضا : حدّثنا الحسن بن أحمد ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس بن عبدالرحمن ، عن سماعة بن مهران ، عن المفضّل بن مزيد ، عن الأصبغ بن نباتة قال : قال لي معاوية : يامعشر الشيعة تزعمون أنّ عليا دابّة الأرض ؟ فقلت : نحن نقول ، واليهود يقولون . قال : فأرسل إلى رأس الجالوت فقال له : [ كيف ] -
ويحك - تجدون دابّة الأرض عندكم مكتوبة ؟ فقال : نعم . فقال : فما هي ؟ أتدري ما اسمها ؟ قال : نعم ، اسمها إيليا . قال : فالتفت إليّ فقال : ويحك ياأصبغ ما أقرب إيليا من عليا(1).
وقال علي بن إبراهيم - رحمه اللّه - : وأمّا قوله «وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنْ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لاَ يُوقِنُونَ» فإنّه روي في الخبر أنّها نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام . فروي [ في الخبر ] أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم انتهى إلى أمير المؤمنين عليه السلام وهو راقد في
المسجد قد جمع رملاً ووضع رأسه عليه ، فحرّكه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم برجله وقال : قم يادابّة الأرض(2). فقال رجل من أصحابه : يارسول اللّه
ص: 330
أيسمّي بعضنا بعضا بهذا الاسم ؟ فقال : لا ، واللّه ما هي إلاّ له خاصّة ، وهو الدابّة التي ذكرها اللّه في كتابه ، وهو قوله عزّوجلّ : «وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنْ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لاَ يُوقِنُونَ» . ثمّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : ياعلي إذا كان آخر الزمان أخرجك اللّه في أحسن صورة ومعك ميسم فتسم به أعداءك(1). فليس هذا الاسم إلاّ لعلي .
وهذا التأويل : يدلّ على أنّ أمير المؤمنين عليه السلام يرجع إلى الدنيا إمّا عند ظهور القائم عليه السلام أو قبله أو بعده . وقد ورد بذلك أخبار ودلّت عليه آثار ؛ ويدلّ على الرجعة وصحّتها قوله سبحانه(2).
ص: 331
«وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ»
سورة النمل
قال أبو علي الطبرسي - قدّس اللّه روحه - : قوله « يوزعون » أي يدفعون .
وقيل : يحبس أوّلهم على آخرهم . واستدلّ بهذه الآية على صحّة الرجعة من ذهب إلى ذلك من الإمامية بأن قال : إنّ دخول « من » في الكلام يوجب التبعيض فدلّ ذلك على أنّ اليوم المشار إليه في الآية يحشر فيه قوم دون قوم ؛ وليس ذلك صفة يوم القيامة الذي يقول فيه سبحانه : «وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدا»(1).
وقد تظاهرت الأخبار عن أئمّة الهدى من آل محمّد عليهم السلام : إنّ اللّه تعالى سيعيد عند قيام المهدي عليه السلام قوما ممّن تقدّم موتهم من أوليائه وشيعته ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته ويبتهجوا بظهور دولته ؛ ويعيد قوما من أعدائه لينتقم منهم وينالوا بعض ما يستحقّونه من العقاب في القتل على أيدي شيعته [ أ ] و الذلّ والخزي لما يشاهدون من علوّ كلمته .
ولا يشكّ عاقل أنّ هذا مقدور اللّه تعالى غير مستحيل في نفسه ؛ وقد فعل
ص: 332
اللّه ذلك في الأُمم الخالية ونطق القرآن ]بذلك ] في عدّة مواضع مثل قصّة عزير وغيره على ما فسّرناه .
وصحّ عن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : سيكون في أُمّتي كلّ ما كان في بني إسرائيل حذوا النعل بالنعل والقذّة بالقذّة(1) حتّى لو أنّ أحدهم دخل جحر ضبّ لدخلتموه(2) هذا لفظه .
وقال علي بن إبراهيم - رحمه اللّه - : وأمّا قوله : «وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ
فَوْجا» فإنّها نزلت في الرجعة .
فقال رجل لأبي عبداللّه عليه السلام : إنّ العامّة يزعمون أنّ هذا يوم القيامة .
فقال أبو عبداللّه عليه السلام : كذبوا ، إنّما ذلك في الرجعة .
وأمّا آية القيامة قوله تعالى : «وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدا» . فأين هذا من قوله : «وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجا» لأنّ اللّه لا يردّ إلى الدنيا إلاّ من محض الإيمان محضا أو محض الكفر محضا . وكذلك كلّ قرية أهلكها اللّه بعذاب لا ترجع إلى الدنيا لأنّ اللّه قال : «وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ»(3).
وروى عن أبيه ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن عمر بن أُذينة ، عن الطيّار ، عن أبي عبداللّه عليه السلام في قول اللّه عزّوجلّ : «وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجا»
ص: 333
قال : ليس أحد من المؤمنين قتل إلاّ سيرجع حتّى يموت ، ولا أحد من المؤمنين مات إلاّ يرجع حتّى يقتل .
وهذه أدلّة واضحة وأقاويل راجحة على صحّة الرجعة ، واللّه أعلم بالصواب ومنه المبدأ و [ إليه ] المآب(1).
ص: 334
«وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمْ الْوَارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ»
سورة القصص
محمّد بن الحسن الشيباني : في كشف البيان قال : روي عن الباقر والصادق عليهما السلام أنّ فرعون وهامان ههنا شخصان من جبابرة قريش يحييهما اللّه تعالى عند قيام القائم من آل محمّد عليه السلام في آخر الزمان فينتقم منهما بما أسلفا .
أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري : في مسند فاطمة عليها السلام قال : أخبرنا أبو المفضّل قال : حدّثني علي بن الحسين المنقري الكوفي قال : حدّثني أحمد بن زيد الدهان ، عن المحول [ مكحول ] بن إبراهيم ، عن رشدم [ رستم ] بن عبداللّه بن خالد المخزومي ، عن سليمان الأعمش ، عن محمّد بن خلف الطاهري ، عن زازان ، عن سلمان ، قال : قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله : إنّ اللّه تبارك وتعالى لم يبعث نبيا ولا رسولاً إلاّ جعل له اثنى عشر نقيبا ، فقلت
ص: 335
يارسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله : لقد عرفت هذا من أهل الكتابين ، فقال (ياسلمان) هل علمت من نقبائي (ومن) الاثنا عشر الذين اختارهم اللّه للأُمّة من بعدي ؟ فقلت : اللّه ورسوله أعلم ، فقال : ياسلمان خلقني اللّه من صفوة نوره ودعاني فأطعته وخلق من نوري عليا عليه السلام ودعاه فأطاعه وخلق (منّي) ومن نور علي فاطمة عليها السلام فدعاها فأطاعته ، وخلق منّي ومن علي وفاطمة الحسن عليه السلام فدعاه فأطاعه وخلق منّي ومن علي وفاطمة الحسين عليه السلام فدعاه فأطاعه .
ثمّ سمّانا بخمسة أسماء من أسمائه ، فاللّه المحمود وأنا محمّد ، واللّه العلي فهذا علي ، واللّه الفاطر فهذه فاطمة ، واللّه [ ذو ] الإحسان وهذا الحسن ، واللّه المحسن وهذا الحسين ، ثمّ خلق منّا ومن نور الحسين تسعة أئمّة فدعاهم فأطاعوه قبل أن خلق اللّه [ يخلق ] سماءً مبنية ولا أرضا مدحية ولا ملكا ولا بشرا (دوننا) نورا [ وكنّا ] نسبّح اللّه و [ ثمّ ] نسمع [ له ] ونطيع .
[ قال سلمان ] : فقلت : يارسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله بأبي أنت وأُمّي فما لمن عرف هؤلاء ؟ فقال ياسلمان : من عرفهم حقّ معرفتهم واقتدى بهم ووالى وليّهم وتبرّأ من عدوّهم فهو واللّه منّا يرد حيث نرد ويسكن حيث نسكن فقلت : يارسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله فهل يمكن إيمان بهم بغير معرفة بأسمائهم وأنسابهم ؟ فقال : لا [ ياسلمان ] ، فقلت : يارسول اللّه فأنّى لي بهم وقد عرفت إلى الحسين عليه السلام ؟ قال : ثمّ سيّد العابدين علي بن الحسين عليه السلام ثمّ ابنه محمّد بن علي عليه السلام باقر علم الأوّلين والآخرين من النبيين والمرسلين ، ثمّ [ ابنه ] جعفر بن محمّد لسان اللّه الصادق عليه السلام ثمّ [ ابنه
ص: 336
]موسى بن جعفر عليه السلام الكاظم غيظه في سبيل اللّه عزّوجلّ [ صبرا في اللّه ] ، ثمّ [ ابنه ]علي بن موسى الرضا لأمر اللّه عليه السلام ، ثمّ [ ابنه ] محمّد بن علي عليه السلام المختار من خلق اللّه ، ثمّ [ ابنه ] علي بن محمّد الهادي إلى اللّه ، ثمّ الحسن بن علي عليه السلام الصامت الأمين لسرّ اللّه ، ثمّ ابنه محمّد بن الحسن الهادي المهدي الناطق القائم بحقّ اللّه [ بأمر اللّه ] عليه السلام .
ثمّ قال صلّى اللّه عليه وآله : ياسلمان إنّك مدركه ومن كان مثلك ومن تولاّه بحقيقة المعرفة .
قال سلمان : فشكرت اللّه كثيرا ثمّ قلت : يارسول اللّه وإنّي مؤجّل إلى عهده ؟ قال : ياسلمان اقرأ [ فقرأ قوله تعالى ] : «فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاَهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدا مَفْعُولاً * ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمْ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرا»(1) قال
سلمان : فاشتدّ بكائي وشوقي ثمّ قلت : يارسول اللّه أبعهد منك ؟ فقال : إي واللّه
الذي أرسل محمّدا [ أرسلني ] بالحقّ منّي ومن علي وفاطمة والحسن والحسين والتسعة ، وكلّ من هو منّا [ ومعنا ] ومضام فينا ، إي واللّه ياسلمان ليحضرنّ إبليس [ له ] وجنوده ، وكلّ من محض الإيمان محضا ومحض الكفر محضا حتّى يؤخذ بالقصاص والأوتار والأثوار ولا يظلم ربّك أحدا ، ويحقّق [ وذلك ] تأويل هذه الآية : «وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمْ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا
ص: 337
يَحْذَرُونَ» .
قال سلمان : فقمت من بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وما يبالي سلمان متى لقي الموت أو الموت لقاه [ فقمت من بين يديه وما أُبالي لقيت الموت أو لقيني (1)]-(2).
وفي كتاب كمال الدين وتمام النعمة : باسناده إلى حكيمة قالت : لمّا كان اليوم السابع من مولد القائم (عليه السلام) جئت إلى أبي محمّد (عليه السلام) فسلّمت عليه وجلست فقال : هلمّي إليّ ابني ، فجئت بسيّدي (عليه السلام) وهو في الخرقة ، ففعل به كفعلته الأُولى ، ثمّ أدلى لسانه في فيه كأنّما يغذّيه لبنا وعسلاً ، ثمّ قال : تكلّم يابني ، فقال : أشهد أن لا إله إلاّ اللّه ، وثنّى بالصلاة على محمّد وعلى أمير المؤمنين وعلى الأئمّة الطاهرين (صلوات اللّه عليهم أجمعين) حتّى وقف على أبيه (عليه السلام) ثمّ تلا هذه الآية : «بِسْمِ اللّه ِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمْ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ»(3). والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة .
وفي كتاب الغيبة لشيخ الطائفة (نوّر اللّه مرقده) : باسناده إلى حكيمة حديث طويل يذكر فيه مولد القائم (عليه السلام) يقول فيه : وقد ذكرت أمر القائم (عليه السلام) وجلست منها حيث تقعد المرأة من المرأة للولادة ، فقبضت على كفّي
ص: 338
وغمرته غمرة شديدة ، ثمّ أنّت أنّة وتشهّدت ونظرت تحتها فإذا أنا بولي اللّه متلقّيا الأرض بمساجده ، فأخذت بكتفيه وأجلسته في حجري وإذا هو نظيف مفروغ منه ، فناداني أبو محمّد (عليه السلام) ياعمّة هلمّي فأتيني بابني ، فأتيته به فتناوله
وأخرج لسانه فمسحه على عينيه ففتحها ، ثمّ أدخله في فيه فحنّكه ، ثمّ أدخله في أُذنيه وأجلسه في راحته اليسرى ، فاستوى ولي اللّه جالسا فمسح يده على رأسه وقال : يابني انطق بقدرة اللّه ، فاستعاذ وليّ اللّه من الشيطان الرجيم واستفتح :
«بِسْمِ اللّه ِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمْ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ» وصلّى على رسول اللّه وأمير المؤمنين والأئمّة (عليهم السلام) واحدا واحدا حتّى انتهى إلى أبيه ، فناولنيه أبو محمّد (عليه السلام) وقال : ياعمّة ردّيه إلى أُمّه حتّى تقرّ عينها ولا تحزن ، ولتعلم أنّ وعد اللّه
حقّ ولكن أكثر الناس لا يعلمون(1)-(2).
ص: 339
«فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَىْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلاَ تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللّه ِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ»
سورة القصص
وقال : حدّثنا الحسين بن أحمد بن إدريس عن محمّد بن إسماعيل عن محمّد بن إبراهيم عن محمّد بن عبداللّه عن حكيمة بنت محمّد بن علي بن موسى عليه السلام في حديث ولادة القائم عليه السلام قالت : فأقبلت أقرأ عليها أي على نرجس وقلت لها : ما حالك ؟ قالت : ظهر الأمر الذي أخبرك به مولاي ، فأقبلت أقرأ عليها كما أمرني فأجابني الجنين من بطنها يقرأ كما أقرأ وسلّم عليَّ ، قالت حكيمة : ففزعت لمّا سمعت فصاح بي أبو محمّد عليه السلام : لا تعجبي من أمر اللّه إنّ اللّه ينطقنا بالحكمة صغارا ، ويجعلنا حجّة في أرضه كبارا ، فلم يستتم الكلام حتّى غيّبت عنّي نرجس فلم أرها كأنّه ضرب بيني وبينها حجاب ، فعدوت نحو أبي محمّد عليه السلام وأنا صارخة ، فقال لي : ارجعي ياعمّة فإنّك ستجدينها في مكانها قالت : فرجعت فلم ألبث أن كشف الحجاب الذي بيني وبينها ، وإذا أنا بها وعليها من أثر النور ما غشى بصري ، وإذا أنا بالصبي ساجدا على وجهه ، جاثيا على ركبتيه ، رافعا سبّابتيه نحو السماء وهو يقول : أشهد أن لا
ص: 340
إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له ، وأنّ محمّدا رسول اللّه وإنّ أبي أمير المؤمنين ، ثمّ عدّ إماما إماما إلى أن بلغ نفسه ، فقال : اللهمّ انجز لي ما وعدتني وأتمم لي أمري ، وثبّت وطأتي ، واملأ الأرض بي عدلاً وقسطا ، فصاح بي أبو محمّد عليه السلام ، فقال : ياعمّة تناوليه وهاتيه ، فتناولته وأتيت به نحوه ، فلمّا صرت بين يدي أبيه وهو على يدي سلّم على أبيه ، فتناوله الحسن عليه السلام منّي والطير ترفرف على رأسه فصاح بطير منها فقال له : احمله واحفظه وردّه إلينا في كلّ أربعين يوما ، فتناوله الطير وطار به في جوّ السماء واتّبعه سائر الطير ، فسمعت أبا محمّد
عليه السلام يقول : استودعك الذي استودعت أُمّ موسى ، فبكت نرجس فقال لها : اسكتي فإنّ الرضاع محرّم عليه إلاّ من ثدييك وسيعاد إليك كما ردّ موسى إلى أُمّه ، وذلك قوله تعالى «فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَىْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلاَ تَحْزَنَ» قالت حكيمة : فقلت : ما هذا الطائر ؟ قال : هذا روح القدس الموكّل بالأئمّة (عليهم السلام) يوفّقهم ويسدّدهم ويزيّنهم بالعلم ، قالت حكيمة : فلمّا كان بعد أربعين يوما ردّ الغلام ووجّه إلى ابن أخي ، فدعاني فدخلت عليه ، فإذا أنا بالصبي يمشي بين يديه ، فقلت : سيّدي هذا ابن سنتين فتبسّم عليه السلام ثمّ قال : إنّ أولاد الأنبياء
والأوصياء إذا كانوا أئمّة ينشأون بخلاف ما ينشؤوا غيرهم ، وإنّ الصبي منّا إذا أتى
عليه شهر كان كمن يأتي عليه سنة ، وإنّ الصبي منّا ليتكلّم في بطن أُمّه ويقرأ القرآن ويعبد ربّه عزّوجلّ ، وعند الرضاع تطيعه الملائكة وتنزل عليه صباحا ومساءً ، قالت حكيمة : فلم أزل أرى ذلك الصبي في كلّ أربعين يوما إلى أن رأيته رجلاً قبل مضى أبي محمّد عليه السلام بأيّام قلائل فلم أعرفه فقلت لابن أخي عليه السلام : من هذا الذي تأمرني أن أجلس بين يديه ؟ فقال ابن نرجس وهو
ص: 341
خليفتي من بعدي ، وعن قليل تفقدوني فاسمعي له وأطيعي ، قالت حكيمة : فمضى أبو محمّد عليه السلام بعد ذلك بأيّام قلائل وافترق الناس كما ترى ، وواللّه إنّي لا أراه صباحا ومساءً وإنّه لينبئني عمّا تسألوني عنّه فأخبركم ، وواللّه إنّي لأُريد أن أسأله عن الشيء فيبدأني به ، وإنّه ليرد عليّ الأمر فيخرج إليّ جوابه من ساعته من غير مسألتي ، وقد أخبرني البارحة بمجيئك إليّ ، وأمرني أن أخبر بالحقّ ، قال محمّد بن عبداللّه : فواللّه لقد أخبرتني حكيمة بأشياء لم يطلع عليها أحد إلاّ اللّه
عزّوجلّ ، فعلمت إنّ ذلك صدق وعدل من اللّه عزّوجلّ ، وإنّ اللّه قد أطلعه على ما
لم يطلع عليه أحدا من خلقه(1).
ص: 342
«قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَىَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَةَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللّه ُ مِنْ الصَّالِحِينَ»
سورة القصص
وبإسناده إلى عبداللّه بن سنان ، عن أبي عبداللّه (عليه السلام) قال : سمعته يقول في القائم (عليه السلام) : سنّة من موسى بن عمران ، فقلت : وما سنّته من موسى بن عمران ؟ قال : خفاء مولده ، وغيبته عن قومه ، فقلت : وكم غاب موسى عن أهله ؟ قال : ثمانية وعشرين سنة(1)-(2).
ص: 343
«وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمْ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ»
سورة القصص
تأويله : قال محمّد بن العبّاس - رحمه اللّه - : حدّثنا الحسين بن أحمد ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن عمر بن أُذينة ، عن حمران ، عن أبي عبداللّه عليه السلام في قول اللّه عزّوجلّ : «وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمْ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ» قال : إمام بعد إمام .
ويؤيّده ما رواه الشيخ محمّد بن يعقوب - رحمه اللّه - عن الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن محمّد بن جمهور ، عن حمّاد بن عيسى ، عن عبداللّه بن جندب قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام(1) عن قول اللّه عزّوجلّ : «وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمْ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ» قال : إماما إلى إمام(2).
أي : جعله متّصلاً إمام إلى إمام إلى القائم المنتظر عليه السلام .
ص: 344
«تِلْكَ الدَّارُ الاْخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّا فِي الْأَرْضِ وَلاَ فَسَادا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ»
سورة القصص
عن علي بن الحكم عن سفيان الجريري عن أبي صادق عن أبي جعفر عليه السلام قال : دولتنا آخر الدول ، ولن يبقى أهل بيت لهم دولة إلاّ ملكوا قبلنا لئلاّ
يقولوا إذا رأوا سيرتنا : إذا ملكنا سرنا مثل سيرة هؤلاء ، وهو قول اللّه عزّوجلّ «وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ»(1).
وآخر الدول إشارة إلى دولة الإمام المهدي عليه السلام .
ص: 345
«وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللّه ِ فَإِذَا أُوذِىَ فِي اللّه ِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللّه ِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللّه ُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ وَلَيَعْلَمَنَّ اللّه ُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَوَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ»
سورة العنكبوت
وفي تفسير علي بن إبراهيم : «مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللّه ِ فَإِنَّ أَجَلَ اللّه ِ لاَتٍ»(1) قال : من أحبّ لقاء اللّه جاءه الأجل «وَمَنْ جَاهَدَ» [ أمال ] نفسه عن اللذّات والشهوات والمعاصي «فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللّه َ لَغَنِىٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ»(2) «وَوَصَّيْنَا
ص: 346
الاْءِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنا»(1) قال : هما اللذان ولداه . وأمّا قوله (عزّوجلّ) : «وَمِنْ
النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللّه ِ فَإِذَا أُوذِىَ فِي اللّه ِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللّه ِ» قال : إذا آذاه إنسان أو أصابه ضرّ أو فاقة أو خوف من الظالمين ليدخل معهم في دينهم ، فرأى أنّ ما يفعلونه هو مثل عذاب اللّه الذي لا ينقطع «وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ
لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللّه ُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ» وقوله (عزّوجلّ) : «وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ» قال : كان الكفّار يقولون للمؤمنين : كونوا معنا ، فإنّ الذي تخافون أنتم ليس بشيء ، فإن كان حقّا نتحمّل نحن ذنوبكم ، فيعذّبهم اللّه (عزّوجلّ) مرّتين : مرّة بذنوبهم ومرّة بذنوب غيرهم(2)-(3).
شمول الآية الكريمة لصاحب الأمر عليه السلام وجريانها فيه ، من باب أنّ ظهوره عن غيبته ، من أوضح مصاديق النصر من عند اللّه .
ص: 347
«بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلاَّ الظَّالِمُونَ»
سورة العنكبوت
قال محمّد بن العبّاس - رحمه اللّه - : حدّثنا علي بن سليمان الزراري ، عن محمّد بن خالد الطيالسي ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عزّوجلّ : «بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ» فقلت له : أنتم هم ؟ فقال أبو جعفر عليه السلام : من عسى أن يكونوا ونحن الراسخون في العلم ؟!
وقال أيضا : حدّثنا محمّد بن جعفر الزراري ، عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن عمر بن أُذينة ، عن بريد بن معاوية قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : قوله عزّوجلّ : «بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا
الْعِلْمَ» ؟ قال : إيّانا عنى .
وقال أيضا : حدّثنا أحمد بن القاسم الهمداني ، عن أحمد بن محمّد السيّاري ، عن محمّد بن خالد البرقي ، عن علي بن أسباط قال : سأل رجل أبا عبداللّه عليه السلام عن قوله عزّوجلّ : «بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ
ص: 348
أُوتُوا الْعِلْمَ» قال : نحن هم . فقال الرجل : جعلت فداك متى يقوم القائم ؟ قال : كلّنا قائم بأمر اللّه عزّوجلّ واحد بعد واحد حتّى يجيء صاحب السيف ، فإذا جاء صاحب السيف جاء أمر غير هذا .
وقال أيضا : حدّثنا أحمد بن هوذة الباهلي ، عن إبراهيم بن إسحاق ، عن عبداللّه بن حمّاد ، عن عبدالعزيز العبدي قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن
قول اللّه عزّوجلّ : «بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ» قال : هم الأئمّة من آل محمّد . صلوات اللّه عليهم أجمعين باقية دائمة في كلّ حين(1).
ص: 349
«الم غُلِبَتْ الرُّومُ فِي أَدْنَى
الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ للّه ِِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللّه ِ يَنصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ»
سورة الروم
وفي تأويل الآيات الظاهرة : قال محمّد بن العبّاس (رحمه اللّه) : حدّثنا الحسن بن محمّد بن الجمهور العمي ، عن أبيه ، عن جعفر بن بشير الوشا ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبداللّه (عليه السلام) قال : سألته عن تفسير «الم * غُلِبَتْ الرُّومُ» هم بنو أُميّة وإنّما أنزلها اللّه عزّوجلّ : «الم * غُلِبَتْ الرُّومُ (بنو أُميّة) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ للّه ِِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللّه ِ»عند قيام القائم (عليه السلام)(1)-(2).
ص: 350
روى الحافظ القندوزي (الحنفي) باسناده عن أبي بصير عن جعفر الصادق (رضي اللّه عنه) في قوله تعالى :
«وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللّه ِ» .
قال : عند قيام القائم يفرح المؤمنون بنصر اللّه (1).
وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال ، قوله عزّوجلّ : «الم * غُلِبَتْ الرُّومُ» هي فينا وفي بني أُميّة(2).
ص: 351
«وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ»
سورة السجدة
قال محمّد بن العبّاس : حدّثنا علي بن حاتم ، عن حسن بن محمّد بن عبدالواحد ، عن حفص بن عمر بن سالم ، عن محمّد بن حسين بن عجلان ، عن مفضّل بن عمر قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن قول اللّه عزّوجلّ : «وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ» قال : الأدنى غلاء السعر ، والأكبر المهدي بالسيف .
وقال أيضا : حدّثنا الحسين بن أحمد عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن مفضّل بن صالح ، عن زيد ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : العذاب الأدنى دابّة الأرض . وقد تقدّم تأويل دابّة الأرض وأنّها أمير المؤمنين عليه السلام(1).
ص: 352
«وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَقُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لاَ يَنفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلاَ هُمْ يُنْظَرُونَفَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنتَظِرُونَ»
سورة السجدة
قال محمّد بن عبّاس - رحمه اللّه - : حدّثنا الحسين بن عامر ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن محمّد بن سنان ، عن ابن درّاج قال : سمعت أبا عبداللّه عليه السلام يقول في قول اللّه عزّوجلّ : «قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لاَ يَنفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلاَ هُمْ يُنْظَرُونَ» قال : يوم الفتح يوم تفتح الدنيا على القائم ، لا ينفع أحدا تقرّب بالإيمان ما لم يكن قبل ذلك مؤمنا وبهذا الفتح موقنا ، فذلك الذي ينفعه إيمانه ، ويعظم عند اللّه قدره وشأنه ، وتزخرف له يوم البعث جنانه ، وتحجب عنه [ فيه ] نيرانه . وهذا أجر الموالين لأمير المؤمنين ولذرّيته الطيّبين صلوات اللّه عليهم أجمعين(1)-(2).
ص: 353
«إِنَّمَا يُرِيدُ اللّه ُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرا»
سورة الأحزاب
عن علي بن الحسين بن محمّد ، قال : حدّثنا هارون بن موسى التلعكبري ، قال : حدّثنا عيسى بن موسى الهاشمي بسرّ من رأى ، قال : حدّثني أبي ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن الحسين بن علي ، عن علي عليهم السلام ، قال : « دخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم في بيت أُمّ سلمة ، وقد نزلت عليه هذه الآية : «إِنَّمَا يُرِيدُ اللّه ُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرا»فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : ياعلي ، هذه الآية نزلت فيك ، وفي سبطيّ ، والأئمّة من
ولدك . فقلت : يارسول اللّه ، وكم الأئمّة بعدك ؟ قال : أنت - ياعلي - ثمّ ابناك :
الحسن ، والحسين ، وبعد الحسين علي ابنه ، وبعد علي محمّد ابنه ، وبعد محمّد جعفر ابنه ، وبعد جعفر موسى ابنه ، وبعد موسى علي ابنه ، وبعد علي محمّد ابنه ، وبعد محمّد علي ابنه ، وبعد علي الحسن ابنه ، والحجّة من ولد الحسين ؛ هكذا وجدت أسماءهم مكتوبة على ساق العرش ، فسألت اللّه تعالى عن ذلك ، فقال : يامحمّد ، هم الأئمّة بعدك ، مطهّرون معصومون وأعداؤهم ملعونون »(1).
ص: 354
إنّ في هذا الحديث الشريف والأحاديث المتواترة الواردة ذيل هذه الآية الكريمة (آية التطهير) دلالة كافية وإشارة وافية على عظمة وحرمة وشرف وفضيلة المعصومون الأربعة عشر عليهم السلام ، وأيضا دالّة على أنّ المراد من التطهير : العصمة ، والمراد من المطهّرين : محمّد وآل محمّد صلوات اللّه عليهم وسلامه اجمعين ، وهم الخمسة الطيّبة أصحاب الكساء الموجودون عند نزول الآية : رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وعلي وفاطمة وابناهما الحسن والحسين عليهم السلام والأئمّة التسعة من ذرّية الحسين عليهم السلام الذين نصّ عليهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وصرّح بشمول آية التطهير لهم ، أوّلهم علي
بن الحسين السجّاد عليه السلام وآخرهم المهدي المنتظر عجّل اللّه فرجه الشريف الذي يملأ الأرض قسطا وعدلاً بعد ما ملئت ظلما وجورا .
النتيجة : أنّ هؤلاء الأربعة عشر هم وحدهم المعصومون من بين كلّ الأُمّة ، والمطهّرون من كلّ نقص وعيب ، وعن كلّ خطأ وزلل ، وعلى الأُمّة ولايتهم وإطاعتهم ، فإنّ إطاعتهم إطاعة اللّه تعالى .
ص: 355
«وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرىً ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِي وَأَيَّاما آمِنِينَ»
سورة سبأ
ابن بابويه : باسناده عن أبي عبداللّه عليه السلام في حديث في معنى الآية قال : ياأبا بكر «سِيرُوا فِيهَا لَيَالِي وَأَيَّاما آمِنِينَ» فقال : مع قائمنا أهل البيت عليهم السلام(1).
الشيخ الطوسي : في الغيبة قال : روى محمّد بن عبداللّه بن جعفر الحميري ، عن أبيه ، عن محمّد بن صالح الهمداني قال : كتبت إلى صاحب الزمان عليه السلام أنّ أهل بيتي يؤذونني [ ني ] ويقرعوني بالحديث الذي روي عن آبائك عليهم السلام أنّهم قالوا : خدّامنا وقوّامنا شرار خلق اللّه . فكتب : ويحكم ما تقرؤون ما قال اللّه تعالى : «وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرىً ظَاهِرَةً»
فنحن واللّه القرى التي بارك (اللّه) فيها وأنتم القرى الظاهرة(2).
ص: 356
«وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلاَ فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍوَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمْ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍوَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ»
سورة سبأ
محمّد بن إبراهيم النعماني : في الغيبة عن علي بن أحمد ، عن عبد [ عبيد ] اللّه بن موسى [ العلوي ] بن العبّاس ، عن عبداللّه بن محمّد قال : حدّثنا محمّد بن خالد ، عن الحسن بن المبارك ، عن أبي إسحاق الهمداني عن الحرث [ الحراث ] عن علي أمير المؤمنين عليه السلام [ أنّه ] قال :
المهدي أقبل جعد بخدّه خال يكون مبدأه من قبل المشرق ، [ و ] فإذا كان ذلك خرج السفياني فيملك قدر حمل امرأة تسعة أشهر يخرج بالشام فيقاد [
فينقاد ] له [ أهل ] الشام إلاّ طوائف [ من ال- ] -مقيمين على الحقّ يعصمهم اللّه
ص: 357
عن [ من ] الخروج معه ، ويأتي المدينة بجيش جرّار حتّى إذا انتهى إلى بيداء المدينة خسف [ اللّه به ، وذلك قول اللّه عزّوجلّ في كتابه ] : «وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلاَ فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ»(1).
علي بن إبراهيم : قال : حدّثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن منصور بن يونس ، عن أبي خالد الكابلي قال : قال أبو جعفر عليه السلام : واللّه لكأنّي أنظر إلى القائم عليه السلام وقد أسند ظهره إلى الحجر ثمّ ينشد اللّه حقّه ، ثمّ يقول :
ياأيّها الناس من يحاجني في اللّه فأنا أولى باللّه ، أيّها الناس من يحاجني في آدم
عليه السلام فأنا أولى بآدم ، أيّها الناس من يحاجني في نوح فأنا أولى بنوح عليه السلام ، أيّها الناس من يحاجني في إبراهيم فأنا أولى بإبراهيم عليه السلام ، أيّها
الناس من يحاجني في موسى فأنا أولى بموسى عليه السلام ، أيّها الناس من يحاجني في عيسى فأنا أولى الناس بعيسى عليه السلام ، أيّها الناس من يحاجني في رسول اللّه [ محمّد ] فأنا أولى برسول اللّه [ بمحمّد ] صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أيّها الناس من يحاجني في كتاب اللّه فأنا أولى بكتاب اللّه ، ثمّ ينتهي إلى المقام
فيصلّي ركعتين وينشد اللّه حقّه .
ثمّ قال أبو جعفر عليه السلام : هو واللّه [ المضطرّ في كتاب اللّه ] في قوله : «أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ»(2) فيكون
أوّل من يبايعه جبرائيل ثمّ الثلاثمائة والثلاثة عشر رجلاً ، فمن كان ابتلي بالمسير
وافى [ وافاه ] ومن لم يبتل بالمسير فقد عن فراشه ، وهو قول أمير المؤمنين عليه
ص: 358
السلام : هم المفقودون عن فرشهم ، وذلك قول اللّه : «فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمْ اللّه ُ جَمِيعا»(1) قال : الخيرات الولاية : وقال في موضع آخر : «وَلَئِنْ
أَخَّرْنَا عَنْهُمْ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ»(2) وهم [ واللّه ] أصحاب القائم عليه السلام
يجتمعون [ واللّه ] إليه في ساعة واحدة .
فإذا جاء إلى البيداء يخرج إليه جيش السفياني فيأمر اللّه الأرض فتأخذ أقدامهم وهو قوله : «وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلاَ فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ * وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ» يعني بالقائم من آل محمّد عليهم السلام ، «وَأَنَّى لَهُمْ التَّنَاوُشُ مِنْ
مَكَانٍ بَعِيدٍ» إلى قوله : «وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ» [ يعني ] أن لا يعذّبوا «كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ» يعني من كان قبلهم من المكذّبين هلكوا(3).
ثمّ قال علي بن إبراهيم : وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله : «وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا» [ قال ] : من الصوت وذلك الصوت من السماء ، (وفي قوله) : «وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ» قال : من تحت أقدامهم خسف بهم(4).
ثمّ قال : أخبرنا الحسين بن محمّد ، عن المعلّى بن محمّد بن جمهور ، عن ابن محبوب ، عن أبي حمزة قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن قوله : «وَأَنَّى لَهُمْ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ» قال : إنّهم طلبوا الهدى من حيث لا ينال وقد كان
ص: 359
لهم مبذولاً من حيث يناله(1).
العياشي : باسناده عن عبدالأعلى الحلبي قال : قال أبو جعفر عليه السلام يكون لصاحب هذا الأمر غيبة ، وذكر حديثا طويلاً يتضمّن غيبة صاحب الأمر عليه السلام وظهوره إلى أن قال عليه السلام :
فيدعوا الناس (يعني القائم عليه السلام) إلى كتاب اللّه وسنّة نبيّه عليه وآله السلام والولاية لعلي بن أبي طالب عليه السلام والبراءة من عدوّه ، ولا يسمّى أحدا حتّى ينتهي إلى البيداء فيخرج إليه جيش السفياني فيأمر اللّه الأرض فتأخذهم من تحت أقدامه ، وهو قول اللّه عزّوجلّ : «وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلاَ فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ * وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ» يعني بقائم آل محمّد « وقد كفروا به » يعني بقائم آل محمّد ، إلى آخر السورة ، فلا يبقى منهم إلاّ رجلان يقال لهما وتر ووتير من مراد ، وجوههما في أقفيتهما يمشيان القهقرى فيخبران الناس بما فعل بأصحابهما(2).
محمّد بن العبّاس : قال : حدّثنا محمّد بن الحسن بن علي بن الصباح المدايني ، عن الحسن بن محمّد بن شعيب عن موسى بن عمر بن يزيد [ زيد ] ، عن ابن أبي عمير ، عن منصور بن يونس ، عن إسماعيل بن جابر ، عن أبي خالد الكابلي ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : يخرج القائم عليه السلام فيسير حتّى يمرّ بمر [ وٍ ] فيبلغه أنّ عامله [ قد ] قتل ، فيرجع [ إليهم ] فيقتل المقاتلة ولا يزيد
ص: 360
على ذلك شيئا .
ثمّ ينطلق فيدعو الناس حتّى ينتهي إلى البيداء ، فيخرج جيش السفياني [ جيشان للسفياني ] فيأمر اللّه عزّوجلّ الأرض أن تأخذ بأقدامهم ، وهو قوله عزّوجلّ : «وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلاَ فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ * وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ» يعني بقيام القائم عليه السلام «وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ» يعني بقيام القائم عليه
السلام من آل محمّد عليهم السلام ويقذفون بالغيب من مكان بعيد «وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ»(1)-(2).
ص: 361
«قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ»
سورة يس
رواه الشيخ محمّد بن يعقوب - رحمه اللّه - عن الحسين بن محمّد ومحمّد بن يحيى . جميعا ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي سلمة(1)، عن الحسن بن شاذان الواسطي قال : كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام أشكو جفاء أهل واسط وجهلهم عليَّ(2)، وكانت عاصبة من العثمانية تؤذيني .
فوقّع بخطّه : إنّ اللّه قد أخذ ميثاق أوليائه على الصبر في دولة الباطل ، فاصبر لحكم ربّك . فلو قد قام سيّد الخلق لقالوا : «يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ»(3). ويعني بسيّد الخلق القائم عليه السلام(4).
ص: 362
«فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ»
سورة يس
عن محمّد بن زيد الكوفي ، عن الصادق عليه السلام قال عليه السلام : يأتي إلى القائم عليه السلام حين يظهر رجل من أصفهان ، ويطلب منه معجزة إبراهيم خليل الرحمن ، فيأمر عليه السلام أن توقد نار عظيمة ، ويقرأ قوله تعالى : «فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ» ثمّ يدخل في النار ، ثمّ يخرج منها سالما ، فينكر الرجل لعنة اللّه تعالى عليه ، ويقول هذا سحر .
فيأمر القائم عليه السلام النار فتأخذه وتحرقه فيحترق ويقول هذا جزاء من أنكر صاحب الزمان وحجّة الرحمن صلوات اللّه وسلامه عليه(1).
ص: 363
«وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لاَءِبْرَاهِيمَ»
سورة الصافات
ما رواه الشيخ محمّد بن الحسين - رحمه اللّه - عن محمّد بن وهبان ، عن أبي جعفر محمّد بن علي بن رحيم ، عن العبّاس بن محمّد قال : حدّثني أبي ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة قال : حدّثني أبي ، عن أبي بصير يحيى بن القاسم قال : سأل جابر بن يزيد الجعفي جعفر بن محمّد الصادق عليهما السلام عن تفسير هذه الآية : «وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لاَءِبْرَاهِيمَ» فقال عليه السلام : إنّ اللّه سبحانه لمّا خلق إبراهيم كشف له عن بصره فنظر فرأى نورا إلى جنب العرش ، فقال : إلهي ما هذا النور ؟ فقيل له : هذا نور محمّد صفوتي من خلقي . ورأى نورا إلى جنبه ، فقال : إلهي وما هذا النور ؟ فقيل له : هذا نور علي بن أبي طالب عليه السلام ناصر ديني . ورأى إلى جنبهم(1) ثلاثة أنوار ، فقال : إلهي وما هذه الأنوار ؟ فقيل له : هذا نور فاطمة فطمت محبّيها من النار ، ونور ولديها الحسن والحسين . فقال : إلهي وأرى تسعة أنوار قد أحدقوا بهم . قيل : ياإبراهيم هؤلاء الأئمّة من ولد علي وفاطمة ، فقال إبراهيم : إلهي بحقّ هؤلاء الخمسة إلاّ عرّفتني من التسعة . قيل : ياإبراهيم أوّلهم علي بن الحسين ، وابنه محمّد ، وابنه جعفر ، وابنه موسى ، وابنه
ص: 364
علي ، وابنه محمّد ، وابنه علي ، وابنه الحسن ، والحجّة القائم ابنه . فقال إبراهيم : إلهي وسيّدي أرى أنوارا قد أحدقوا بهم لا يحصي عددهم إلاّ أنت . قيل : ياإبراهيم هؤلاء شيعتهم شيعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام . فقال إبراهيم : وبما تعرف شيعته ؟ قال : بصلاة إحدى وخمسين ، والجهر ببسم اللّه الرحمن الرحيم ، والقنوت قبل الركوع ، والتختّم في اليمين . فعند ذلك قال إبراهيم : اللهمّ اجعلني من شيعة أمير المؤمنين . قال : فأخبر اللّه تعالى في كتابه
فقال : «وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لاَءِبْرَاهِيمَ»(1).
ص: 365
«فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌوَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍوَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ»
سورة الصافات
وفي كتاب كمال الدين وتمام النعمة : بإسناده إلى محمّد بن مسلم الثقفي الطحّان قال : دخلت على أبي جعفر (عليه السلام) وأنا أُريد أن أسأله عن القائم من آل محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) فقال مبتدئا : يامحمّد إنّ في القائم من أهل بيت
محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) سنّة من خمسة من الرسل : يونس بن متّى ويوسف بن يعقوب وموسى وعيسى ومحمّد (صلوات اللّه عليهم) ، فأمّا سنّة من يونس بن متّى فرجوعه من غيبته وهو شاب بعد كبر السن(1) والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة .
ص: 366
«يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعْ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللّه ِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللّه ِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ»
سورة ص
وفي أُصول الكافي : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن عمير ، عن منصور ، عن فضيل الأعور ، عن أبي عبيدة الحذّاء ، عن أبي عبداللّه (عليه السلام) أنّه قال : ياأبا عبيدة إذا قام قائم آل محمّد (عليه السلام) حكم بحكم داود وسليمان لا يسأل بيّنة(1) والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة .
ص: 367
«هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ»
سورة ص
بصائر الدرجات : حدثنا يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن منصور ، عن فضيل الأعور ، عن أبي عبيدة الحذّاء قال : كنّا زمان أبي جعفر (عليه السلام) حين مضى (عليه السلام) نردّد كالغنم لا راعي لها ، فلقينا سالم بن أبي حفصة فقال : ياأبا عبيدة من إمامك ؟
قلت : أئمّتي آل محمّد (عليهم السلام) .
فقال : هلكت وأهلكت ، أما سمعت أنا وأنت أبا جعفر (عليه السلام) وهو يقول : من مات ليس له إمام مات ميتة جاهلية ؟
قلت : بلى لعمري لقد كان ذلك .
ثمّ بعد ذلك بثلاث أو نحوها دخلنا على أبي عبداللّه (عليه السلام) فرزق اللّه لنا المعرفة فدخلت عليه فقلت له : لقيت سالما فقال لي : كذا وكذا ، وقلت له :
كذا وكذا .
فقال أبو عبداللّه (عليه السلام) : ياويل لسالم ، ثلاث مرّات ، أما يدري سالم ما منزلة الإمام ؟ الإمام أعظم ممّا يذهب إليه سالم والناس أجمعون .
ياأبا عبيدة إنّه لم يمت منّا ميّت حتّى يخلف من بعده من يعمل بمثل
ص: 368
عمله
، ويسير بمثل سيرته ، ويدعو إلى مثل الذي دعا إليه .
ياأبا عبيدة إنّه لم يمنع اللّه ما أعطى داود أن أُعطي سليمان أفضل ممّا أُعطي داود ، ثمّ قال : «هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ» .
قال : قلت : ما أعطاه اللّه جعلت فداك ؟
قال : نعم ياأبا عبيدة إنّه إذا قام قائم آل محمّد حكم بحكم داود وسليمان لا يسأل الناس بيّنة(1).
ص: 369
«قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ»
سورة ص
ابن بابويه ، قال : حدّثنا محمّد بن أحمد الشيباني رضي اللّه عنهما ، قال : حدّثنا محمّد بن أبي عبداللّه الكوفي ، قال : حدّثنا سهل بن زياد ، عن عبدالعظيم بن عبداللّه الحسني ، قال سمعت أبا الحسن علي بن محمّد العسكري عليه السلام يقول : « معنى الرجيم أنّه مرجوم باللعن ، مطرود من مواضع الخير ، لا يذكره مؤمن إلاّ لعنه ، وإنّ في علم اللّه السابق أنّه إذا خرج القائم عليه السلام لا يبقى
مؤمن في زمانه إلاّ رجمه بالحجارة كما كان قبل ذلك مرجوما باللعن »(1)-(2).
ص: 370
«قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ فَإِنَّكَ مِنْ الْمُنْظَرِينَإِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ»
سورة ص
أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري في « مسند فاطمة عليها السلام » قال : أخبرني أبو الحسن(1) علي ، قال : حدّثني أبو جعفر(2)، قال : حدّثني المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي ، قال : حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود ، عن أبيه ، عن علي بن الحسن بن فضّال ، قال : حدّثني العبّاس بن عامر ، عن وهب(3) بن جميع
ص: 371
مولى إسحاق بن عمّار قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن إبليس قوله : «رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنْ الْمُنْظَرِينَ * إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ»
أي يوم هو ؟ قال : ياوهب أتحسب أنّه يوم يبعث اللّه تعالى الناس ؟ لا ولكنّ اللّه عزّوجلّ أنظره إلى يوم يبعث اللّه عزّوجلّ قائمنا ، فإذا بعث اللّه عزّوجلّ قائمنا فيأخذ بناصيته ويضرب عنقه ، فذلك اليوم هو الوقت المعلوم(1).
وعنه قال : أخبرني أبو الحسين محمّد بن هارون قال : حدّثني أبي ، قال : حدّثنا أبو علي الحسن بن محمّد النهاوندي ، قال : حدّثنا محمّد بن علي بن عبدالكريم ، قال : حدّثنا أبو طالب عبداللّه بن الصلت ، قال : حدّثنا محمّد بن علي
بن عبداللّه الحنّاط ، عن المفضّل بن عمر ، عن أبي عبداللّه عليه السلام في حديث يذكر فيه حال المؤمن إذا قام القائم عليه السلام ، إلى أن قال : ولا يكون لإبليس هيكل يسكن فيه ، والهيكل البدن(2)-(3).
ص: 372
«قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُتَكَلِّفِينَإِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ»
سورة ص
رواه الشيخ محمّد بن يعقوب - رحمه اللّه - عن علي بن محمّد ، عن علي بن العبّاس ، عن الحسن بن عبدالرحمن ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عزّوجلّ : «قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُتَكَلِّفِينَ * إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ * وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ» قال : ذاك أمير المؤمنين عليه السلام . «وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ» قال : عند خروج القائم عليه السلام(1).
يعني إنّ «ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ» أمير المؤمنين عليه السلام . «نَبَأَهُ» أي خبره وشأنه وفضله وأنّه حجّة اللّه هو وولده المعصومون على العالمين إذا قام القائم من ولده بالسيف ، أي ذلك الأوان تعلمون نبأه بالمشاهدة والعيان .
ص: 373
«وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللّه ِ لَهُمْ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ»
سورة الزمر
وفي أُصول الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن حمّاد بن عثمان ، عن أبي عبيدة الحذّاء ، عن أبي عبداللّه (عليه السلام) حديث طويل يقول فيه (عليه السلام) بعد أن ذكر فضل الإمام فقال : «الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ» يعني بالإمام «وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ»(1) يعني المعترفين به ، ثمّ نسبهم فقال : «الَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا» والجبت والطاغوت فلان وفلان والعبادة طاعة الناس لهم ، ثمّ قال : «أَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ»(2) ثمّ جزاهم فقال : «لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الاْخِرَةِ» والإمام يبشّرهم بقيام القائم وبظهوره وبقتل أعدائهم وبالنجاة فيالآخرة والورود على محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) الصادقين على الحوض(3)-(4).
ص: 374
«أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللّه ِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنْ السَّاخِرِينَ»
سورة الزمر
أخرج الحافظ (الحنفي) سليمان القندوزي قال :
وعن علي بن سويد عن موسى الكاظم (رضي اللّه عليه) ، في [ تفسير ] هذه الآية :
«أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللّه ِ» .
قال : جنب اللّه أمير المؤمنين علي ، وكذلك من بعده من الأوصياء بالمكان الرفيع إلى أن ينتهي الأمر إلى آخرهم المهدي(1).
ص: 375
«وَأَشْرَقَتْ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِى ءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِىَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ»
سورة الزمر
علي بن إبراهيم : قال : حدّثنا محمّد بن أبي عبداللّه قال : حدّثنا جعفر بن محمّد قال : حدّثنا القاسم بن الربيع قال : حدّثنا صيّاح المدايني قال : حدّثنا المفضّل بن عمر أنّه سمع أبا عبداللّه عليه السلام يقول في قوله : «وَأَشْرَقَتْ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا» قال : ربّ الأرض يعني إمام الأرض ، قلت : فإذا خرج يكون ماذا ؟ قال : إذا يستغني الناس عن ضوء الشمس ونور القمر ويجتزون بنور الإمام(1).
أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري : قال : أخبرني أبو الحسين محمّد بن هارون بن موسى قال : حدّثني أبي قال : حدّثنا [ حدّثني ] أبو علي محمّد بن همام
قال : حدّثنا [ أبو ] عبداللّه بن جعفر بن محمّد الحميري قال : حدّثنا أحمد بن ميثم قال : حدّثنا سليمان بن صالح قال : حدّثنا أبو الهيثم القصّاب ، عن المفضّل بن عمر الجعفي قال : سمعت أبا عبداللّه عليه السلام يقول :
ص: 376
إنّ قائمنا إذا قام أشرقت الأرض بنور ربّها واستغنى العباد عن ضوء الشمس وصار الليل والنهار واحد . [ وذهبت الظلمة ] وعاش الرجل في زمانه ألف سنة يولد له في كلّ سنة غلام لا يولد له جارية ، يكسوه الثوب فيطول عليه كلّما طال ، ويكون [ يتلوّن ] عليه أي لون شاء(1).
ص: 377
«النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّا وَعَشِيّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ»
سورة غافر
عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمّد بن الحسن بن شمّون ، عن [ عبداللّه بن ] عبدالرحمان ، عن عبداللّه بن القاسم ، عن أبي بكر الحضرمي قال : قلت لأبي جعفر (عليه السلام) : أصلحك اللّه من المسؤولون في قبورهم ؟ قال : من محض الإيمان ومن محض الكفر ، قال : قلت : فبقيّة هذا الخلق ؟ قال : يلهى واللّه عنهم وما يعبأ بهم ، قال : قلت : وعمّ يسألون ؟ قال : عن الحجّة القائم
بين أظهركم ، فيقال للمؤمن : ما تقول في فلان ابن فلان ؟ فيقول : ذلك إمامي ، فيقال له : نم أنام اللّه عينك ، ويفتح له باب من الجنّة ، وما يزال يتحفه من روحها
إلى يوم القيامة ، ويقال للكافر : ما تقول في فلان ابن فلان ؟ [ قال ] : فيقول : قد سمعت به وما أدري ما هو ، قال : فيقال له : لا دريت ، قال : ويفتح له باب من النارفلا يزال يتحفه من حرّها إلى يوم القيامة(1)-(2).
ص: 378
«فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحا صَرْصَرا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْىِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الاْخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لاَ يُنْصَرُونَ»
سورة فصّلت
محمّد بن إبراهيم النعماني : في الغيبة قال : أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد قال : حدّثنا علي بن الحسين التيملي ، عن علي بن مهران [ مهزيار ] عن حمّاد بن عيسى ، عن الحسين بن مختار ، عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : قوله [ قول اللّه ] عزّوجلّ : «عَذَابَ الْخِزْىِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا» ما هو ]
عذاب خزي الدنيا ] ؟ فقال : وأي خزي أخزى ياأبا بصير من أن يكون الرجل في بيته وحجلته [ حجاله ] على [ ا ] خوانه وسط عياله ، إن شقّ أهله الجيوب عليه وصرخوا ، فيقول الناس ما هذا ؟ فيقال مسخ فلان الساعة ، فقلت : قبل قيام القائم عليه السلام أو بعده ؟ فقال : لا ، بل قبله(1)-(2).
ص: 380
«وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى»
سورة فصّلت
شرف الدين النجفي : قال : روى علي بن محمّد ، عن أبي جميلة ، عن الحلبي ، ورواه [ أيضا ] علي بن الحكم ، عن أبان بن عثمان ، عن الفضل بن العبّاس ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : قوله : «كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا»(1) قال : ثمود رهط من الشيعة ، فإنّ اللّه سبحانه يقول : «وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ» فهو السيف إذا قام القائم عليه السلام(2)-(3).
ص: 381
«وَلاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِىٌّ حَمِيمٌوَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ»
سورة فصّلت
وفي شرح الآيات الباهرة : قال محمّد بن العبّاس (رحمه اللّه) : حدّثنا الحسين بن أحمد المالكي ، قال : حدّثنا محمّد بن عيسى ، عن يونس بن عبدالرحمان ، عن سورة بن كليب ، عن أبي عبداللّه (عليه السلام) قال :
لمّا نزلت هذه الآية على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) : «وَلاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِىٌّ حَمِيمٌ» .
فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) : أُمرت بالتقيّة ، فسار بها عشرا حتّى أُمر أن يصدع بما أُمر ، وأمر بها علي فسار بها حتّى أُمر أن يصدع بها ، ثمّ أمر الأئمّة (عليهم السلام) بعضهم بعضا فساروا بها .
ص: 382
«مَا يُقَالُ لَكَ إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ»
سورة فصّلت
ابن بابويه قال : حدّثني أبي رحمه اللّه قال : حدّثنا سعد بن عبداللّه ، قال : حدّثني محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبي عبداللّه عليه السلام في حديث طويل قال فيه : فظهر عيسى عليه السلام في ولادته معلنا لدلائله مظهرا لشخصه شاهرا لبراهينه غير مخفٍ لنفسه لأنّ زمانه كان زمان إمكان ظهور الحجّة كذلك .
ثمّ كان له من بعده أوصياء حججا مستعلنين ومستخفين إلى وقت ظهور نبيّنا صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فقال اللّه عزّوجلّ له في الكتاب : «مَا يُقَالُ لَكَ إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ» ثمّ قال عزّوجلّ : «سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا»(1) فكان ممّا قيل له ولزم من سنّته على إيجاب سنن من تقدّمه من الرسل إقامة الأوصياء له كإقامة من تقدّمه لأوصيائهم ، فأقام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أوصياءه كذلك ، وأخبر بكون المهدي عليه السلام خاتم الأئمّة عليهم
ص: 384
السلام وأنّه يملأ الأرض عدلاً وقسطا كما ملئت ظلما وجورا فنقلت الأُمّة بأجمعها عنه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وأنّ عيسى عليه السلام ينزل في وقت ظهوره فيصلّي خلفه(1)-(2).
ص: 385
«وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِىَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ»
سورة فصّلت
وفي شرح الآيات الباهرة : محمّد بن يعقوب (رحمه اللّه) ، [ عن علي بن محمّد ] ، عن علي بن العبّاس ، عن الحسن بن عبدالرحمان ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله (عزّوجلّ) : «وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ» قال : اختلفوا كما اختلف هذه الأُمّة في الكتاب ]وسيختلفون في الكتاب ] الذي مع القائم (عليه السلام) لما يأتيهم به حتّى ينكره ناس كثير ، فيقدّمهم فيضرب أعناقهم(1)-(2).
ص: 386
«سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الاْفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ»
سورة فصّلت
وفي روضة الكافي : سهل بن زياد ، عن ابن فضّال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن الطيّار ، عن أبي عبداللّه (عليه السلام) في قول اللّه (عزّوجلّ) : «سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الاْفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ» قال : خسف ومسخ وقذف ، قال : قلت له : «حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ» قال : دع ذا ذاك قيام القائم(1).
أبو علي الأشعري ، عن محمّد بن عبدالجبّار ، عن الحسن بن علي ، [ عن علي ] بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبداللّه (عليه السلام) قال : سألته عن قول اللّه (تبارك وتعالى) : «سَنُرِيهِمْ
آيَاتِنَا فِي الاْفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ» قال : نريهم في أنفسهم المسخ ونريهم في الآفاق انتقاص الآفاق عليهم فيرون قدرة اللّه (عزّوجلّ) في أنفسهم وفي الآفاق ، قلت : «حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ» قال : خروج القائم هو الحقّ [ من ] عند اللّه (عزّوجلّ) يراه الخلق لابدّ
ص: 387
منه(1).
وفي إرشاد المفيد (رحمه اللّه) : علي بن أبي حمزة ، عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) في قوله : «سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الاْفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ» قال : الفتن في الآفاق والمسخ في أعداء الحقّ(2).
وفي تأويل الآيات الظاهرة : قال محمّد بن العبّاس (رحمه اللّه) : حدّثنا جعفر بن محمّد بن مالك ، عن القاسم بن إسماعيل الأنباري ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن أبيه ، عن إبراهيم ، عن أبي عبداللّه (عليه السلام) في قوله (عزّوجلّ) : «سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الاْفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ»
قال : (في الآفاق) انتقاص الأطراف عليهم «وَفِي أَنْفُسِهِمْ» بالمسخ «حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ» أي أنّه القائم (عليه السلام)(3)-(4).
ص: 388
«حمعسق»
سورة الشورى
قال محمّد بن العبّاس - رحمه اللّه - : حدّثنا علي بن عبداللّه بن أسد ، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي ، عن يوسف بن كليب المسعودي ، عن عمرو بن عبدالغفّار الفقيمي ، عن محمّد بن الحكم بن المختار ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عبّاس قال : «حم» اسم من أسماء اللّه عزّوجلّ ، و «عسق» علم علي تفسير كلّ جماعة ونفاق كلّ فرقة . تأويل آخر : بحذف الإسناد يرفعه إلى محمّد بن جمهور ، عن السكونيّ ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : «حم» حميم ، و « عين » عذاب ، و « سين » سنون كسني يوسف ، و « قاف » قذف وخسف ومسخ يكون في آخر الزمان بالسفياني وأصحابه وناس من كلب ثلاثون ألف [ ألف ] يخرجون معه ، وذلك حين يخرج القائم عليه السلام بمكّة وهو مهدي هذه الأُمّة(1). حدّثنا سلمان بن سماعة عن عبداللّه بن القاسم عن يحيى بن ميسرة الخثعمي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال سمعته يقول : حم عسق عدد سنين القائم صلوات اللّه عليه وقاف جبل محيط بالدنيا من زمرة خضراء فخضرة السماء من ذلك الجبل وعلم كلّ شيء في عسق(2).
ص: 389
«وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلاَ إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ»
سورة الشورى
الحسين بن حمدان الحضيني : قال : حدّثنا محمّد بن إسماعيل وعلي بن عبداللّه الحسنيان ، عن أبي شعيب محمّد بن بصير ، عن عمر بن الوان ، عن محمّد بن الفضل ، عن المفضّل بن عمر قال : سألت سيّدي أبا عبداللّه الصادق عليه السلام : هل للمأمول المنتظر المهدي عليه السلام وقت مؤقّت تعلمه الناس ؟ فقال حاش للّه أن يوقّت له وقتا ، قال : قلت مولاي ولِمَ ذلك ؟ قال : لأنّه الساعة
التي قال اللّه تعالى : «يَسْأَلُونَكَ عَنْ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِىٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللّه ِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ»(1) قوله وعنده
ص: 390
علم ولم يقل عن أحد دونه ، وقوله : «فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ»(1) وقوله : «اقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ
الْقَمَرُ»(2) وقوله : «وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ * يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلاَ إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ» قلت : يامولاي ما معنى يمارون ؟ قال : يقولون متى ولد ؟ ومن رآه ؟ وأين هو ؟ ومتى يظهر ؟ كلّ ذلك استعجالاً لأمره وشكّا في قضائه وقدرته ، أُولئك الذين خسروا أنفسهم في الدنيا والآخرة وإنّ للكافرين لشرّ مآب .
قال المفضّل : يامولاي فلا توقّت له وقتا ؟ قال : يامفضّل لا توقّت فإنّ من وقّت لمهدينا وقتا فقد شارك اللّه في علمه وادّعى أنّه أظهره على علمه وسرّه(3).
ص: 391
«اللّه ُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِىُّ العَزِيزُمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الاْخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الاْخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ»
سورة الشورى
محمّد بن يعقوب : عن محمّد بن يحيى ، عن مسلمة بن الخطّاب ، عن الحسن [ الحسين ] بن عبدالرحمن ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : قلت : «اللّه ُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ» قال : ولاية
أمير المؤمنين عليه السلام ، قلت : «مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الاْخِرَةِ» قال : معرفة أمير المؤمنين والأئمّة عليهم السلام «نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ» قال : نزيده منها ، قال : يستوفي نصيبه من دولتهم «وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الاْخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ» قال : ليس له في دولة الحقّ مع القائم عليه السلام نصيب(1)-(2).
عن أبي عبداللّه عليه السلام : ليس له في دولة الحقّ مع القائم نصيب(3).
ص: 392
«أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللّه ُ وَلَوْلاَ كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِىَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ»
سورة الشورى
وفي روضة الكافي : علي بن محمّد ، عن علي بن العبّاس ، عن الحسن بن عبدالرحمان ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله (عزّوجلّ) : «وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ»(1) قال : اختلفوا كما اختلفت هذه الأُمّة في الكتاب ، وسيختلفون في الكتاب الذي مع القائم الذي يأتيهم به حتّى ينكره ناس كثير فيقدّمهم فيضرب أعناقهم ، وأمّا قوله : «وَلَوْلاَ كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِىَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ» قال : لولا ما تقدّم فيهم من اللّه (عزّوجلّ) ما أبقى القائم منهم أحدا(2)-(3).
ص: 393
«أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللّه ِ كَذِبا فَإِنْ يَشَأْ اللّه ُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللّه ُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ»
سورة الشورى
وفي تفسير علي بن إبراهيم : حدّثني أبي ، عن ابن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن محمّد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول : في قول اللّه (عزّوجلّ) : «قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى»(1) يعني في أهل بيته ، قال : جاءت الأنصار إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فقالوا : إنّا قد آوينا ونصرنا فخذ طائفة من أموالنا فاستعن بها على ما نابك، فأنزل اللّه (عزّوجلّ) : «قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرا» يعني على النبوّة «إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى» أي في أهل بيته ، ثمّ قال : ألا ترى أنّ الرجل يكون له صديق وفي نفس ذلك الرجل شيء على أهل بيته فلم يسلم صدره ، فأراد اللّه (عزّوجلّ) أن لا يكون في نفس رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) شيء على أُمّته ، ففرض اللّه عليهم المودّة
في القربى ، فإن أخذوا أخذوا مفروضا ، وإن تركوا تركوا مفروضا ، قال : فانصرفوا
ص: 394
من عنده وبعضهم يقول : عرضنا عليه أموالنا ، فقال : قاتلوا عن أهل بيتي من بعدي ، وقالت طائفة ما قال هذا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وجحدوه ، وقالوا : كما حكى اللّه (عزّوجلّ) : «أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللّه ِ كَذِبا» فقال اللّه
(عزّوجلّ) : «فَإِنْ يَشَأْ اللّه ُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ» قال : لو افتريت « وَيَمْحُ اللّه ُ الْبَاطِلَ»
يعني يبطله «وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ» يعني [ بالنبي صلّى اللّه عليه وآله و ] بالأئمّة
والقائم من آل محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) «إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ»(1)-(2).
ص: 395
«وَلَمَنْ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ»
سورة الشورى
محمّد بن العبّاس : قال : حدّثنا علي بن عبداللّه ، عن إبراهيم بن محمّد ، عن علي بن هلال الأخمسي ، عن الحسن بن وهب ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عزّوجلّ : «وَلَمَنْ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ
مِنْ سَبِيلٍ» قال : ذلك القائم عليه السلام إذا قام انتصر من بني أُميّة ومن المكذّبين والنصّاب(1). علي بن إبراهيم : قال : أخبرنا [ حدّثنا ] أحمد بن جعفر [ جعفر بن أحمد ]قال : حدّثنا عبدالكريم بن عبدالرحيم ، عن محمّد بن علي ، عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : سمعته يقول: «وَلَمَنْ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ» يعني القائم عليه السلام وأصحابه ، «فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ» والقائم إذا قام انتصر من بني أُميّة ومن المكذّبين والنصّاب هو وأصحابه ، وهو قول اللّه تبارك وتعالى : «إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَوَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ»(2)-(3).
ص: 396
«وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنْ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِىٍّ وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلاَ إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ»
سورة الشورى
قال محمّد بن العبّاس - رحمه اللّه - : حدّثنا أحمد بن القاسم ، عن أحمد بن محمّد السيّاري ، عن البرقي ، عن محمّد بن أسلم ، عن أيّوب البزاز ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر بن يزيد ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : قوله عزّوجلّ : «خَاشِعِينَ مِنْ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِىٍّ» يعني إلى القائم عليه السلام(1)-(2).
ص: 397
«وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ»
سورة الزخرف
ابن بابويه : عن محمّد بن عبداللّه الشيباني رحمه اللّه قال : حدّثنا أبو عبداللّه جعفر بن محمّد بن جعفر بن الحسن العلوي قال : حدّثني أبو نصر أحمد بن عبدالمنعم الصيداوي قال : حدّثني عمرو بن شمر الجعفري ، عن جابر بن يزيد الجعفي ، عن أبي جعفر محمّد بن علي الباقر عليهما السلام ، قال : قلت له : يابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ، إنّ قوما يقولون إنّ اللّه تبارك وتعالى جعل الأئمّة
في عقب ولد الحسن دون الحسين ، قال : كذبوا واللّه أو لم يسمعوا إنّ اللّه تعالى ذكره يقول : «وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ» فهل جعلها إلاّ في عقب الحسين عليه السلام .
فقال عليه السلام : ياجابر إنّ الأئمّة هم الذين نصّ عليهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله بالإمامة وهم الذين قال رسول اللّه : لمّا أُسري بي إلى السماء وجدت
أسماءهم مكتوبة على ساق العرش بالنور اثنى عشر اسما منهم علي وسبطاه وعلي ومحمّد وجعفر وموسى وعلي ومحمّد وعلي والحسن والحجّة القائم عليهم السلام فهذه الأئمّة من أهل بيت الصفوة والطهارة ، واللّه ما يدّعيه أحد غيرنا
إلاّ حشره اللّه تبارك وتعالى مع إبليس وجنوده ، ثمّ تنفّس عليه السلام فقال : لا
ص: 398
رعى اللّه حقّ هذه الأُمّة فإنّها لم ترع حقّ نبيّها [ أما ] واللّه لو تركوا الحقّ على أهله لما اختلف في اللّه اثنان ، ثمّ أنشأ عليه السلام يقول :
إنّ اليهود لحبّهم لنبيّهم
أمنوا بوائق حادث الأزمان
وذووا الصليب بحبّ عيسى أصبحوا
يمشون رهوا في قرى نجران
والمؤمنون بحبّ آل محمّد
يرمون في الآفاق بالنيران
قلت : ياسيّدي أليس هذا الأمر لكم ؟ قال : نعم ، قلت : فلِمَ قعدتم عن حقّكم ودعواكم وقد قال اللّه تبارك وتعالى : «وَجَاهِدُوا فِي اللّه ِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ»(1) فما بال أمير المؤمنين عليه السلام قعد عن حقّه ؟ قال : فقال عليه السلام : حيث لم يجد ناصرا ، ألم تسمع اللّه يقول في قصّة لوط عليه السلام ، قال : «لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ»(2) ويقول حكاية عن نوح عليه السلام : «فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ»(3) ويقول في قصّة موسى عليه السلام : «إِنِّي لاَ أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ»(4) فإذا كان النبي هكذا ، فالوصي أعذر .
ياجابر : مثل الإمام مثل الكعبة تؤتى ولا تأتي(5).
عنه قال : حدّثنا أبو عبداللّه أحمد بن محمّد بن عبداللّه الجوهري قال :
ص: 399
حدّثنا عبدالصمد بن علي بن محمّد بن مكرم قال : حدّثنا الطيالسي أبو الوليد ، عن أبي زياد عبداللّه بن ذكوان : عن أبيه ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة قال : سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله عن قوله عزّوجلّ : «وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ» .
قال صلّى اللّه عليه وآله : جعل الأئمّة في عقب الحسين يخرج من صلبه تسعة من الأئمّة ومنهم مهدي هذه الأُمّة ، ثمّ قال : لو أنّ رجلاً ضعن بين الركن والمقام ثمّ لقي اللّه مبغضا لأهل بيتي دخل النار(1)-(2).
وعنه قال : حدّثنا محمّد بن [ محمّد بن ] عاصم الكليني [ رضي اللّه عنه ]
قال : حدّثنا محمّد بن يعقوب [ الكليني ] قال : حدّثنا القاسم بن العلا قال : حدّثني [ ثنا ] إسماعيل بن علي القزويني قال : حدّثني علي بن إسماعيل ، عن عاصم بن حميد الخيّاط ، عن محمّد بن قيس ، عن ثابت الثمالي ، عن علي بن الحسين [ بن علي بن أبي طالب أنّه ] قال :
فينا نزلت هذه الآية : «وَأُوْلُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّه ِ»(3)
وفينا نزلت هذه الآية : «وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ» والإمامة في عقب الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام إلى يوم القيامة ، فإنّ للغائب [ للقائم عليه السلام ] منّا غيبتين إحديهما أطول من الأُخرى أمّا الأُولى فستّة أيّام أو ستّة أشهر
أو ست سنين ، وأمّا الأُخرى فيطول أمدها حتّى يرجع عن هذا الأمر أكثر من يقول
ص: 400
به ، فلا يثبت عليه إلاّ من قوي يقينه وصحّت معرفته ولم يجد في نفسه حرجا ممّا قضينا وسلّم لنا أهل البيت(1)-(2).
ص: 401
«وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلاَ تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ»
سورة الزخرف
وفي تأويل الآيات الظاهرة : قال أبو علي الطبرسي (رحمه اللّه) : إنّ هاء الضمير في « أنّه » يعود إلى عيسى أي أنّ نزوله علم للساعة أي من اشتراطها يعلم به قربها ، وذلك عند ظهور القائم (عليه السلام)(1).
وروى جابر بن عبداللّه قال : سمعت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يقول : ينزل عيسى بن مريم فيقول له أميرهم - يعني القائم (عليه السلام) - : صلّ بنا ، فيقول : لا إنّ بعضكم على بعض أُمراء تكرمة من اللّه لهذه الأُمّة ، أورده مسلم في
الصحيح(2).
وفي حديث آخر : كيف أنتم إذا نزل فيكم ابن مريم وإمامكم منكم - يعني به المهدي (عليه السلام)(3).
وجاء في تفسير أهل البيت : إنّ الضمير في « أنّه » يعود إلى علي (عليه
ص: 402
السلام) لما روي بحذف الإسناد عن زرارة بن أعين قال : سألت أبا عبداللّه (عليه السلام) عن قول اللّه : «وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ» قال : عنى بذلك عليا (عليه السلام) ، وقال : قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) : ياعلي أنت علم هذه الأُمّة ، فمن
تبعك نجى ، ومن تخلّف عنك هلك وهوى . ولا منافاة في اختلاف التأويل بين علي (عليه السلام) وعيسى (عليه السلام) في أن يكون واحد منهما علما للساعة لما تقدّم من أنّ مثل علي (عليه السلام) في هذه الأُمّة مثل عيسى في بني اسرائيل ، وإنّ عيسى ينزل عند قيام القائم (عليه السلام) وكلاهما علم الساعة ، وإذا كان القائم (عليه السلام) علما للساعة ، وهو ابن أمير المؤمنين ، فصحّ أن يكون أبوه علما للساعة وهو المطلوب وجاء في تأويل الساعة أنّها ساعة ظهور القائم (عليه السلام)(1)-(2).
ص: 403
«هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ»
سورة الزخرف
قال محمّد بن العبّاس : حدّثنا علي بن عبداللّه بن أسد ، عن إبراهيم بن محمّد ، عن إسماعيل بن بشّار ، عن علي بن جعفر الحضرمي ، عن زرارة بن أعين قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول اللّه عزّوجلّ : «هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ
أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً» قال : هي ساعة القائم تأتيهم بغتة(1)-(2).
ص: 404
«إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَفِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ»
سورة الدخان
وفي تفسير علي بن إبراهيم : «إِنَّا أَنزَلْنَاهُ» يعني القرآن «فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ»
وهي ليلة القدر أنزل اللّه القرآن فيها إلى بيت المعمور جملة واحدة ، ثمّ نزل من البيت المعمور على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) في طول عشرين سنة «فِيهَا يُفْرَقُ» أي في ليلة القدر «كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ» أي يقدّر اللّه كلّ أمر من الحقّ والباطل ، وما يكون في تلك السنة ، وله فيه البداء والمشيئة ، يقدّم ما يشاء ويؤخّر ما يشاء من الآجال والأرزاق والبلايا والأعراض والأمراض ، ويزيد فيه ما يشاء وينقص ما يشاء ، ويلقيه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) إلى علي ويلقيه علي (عليه السلام)
إلى الأئمّة حتّى ينتهي ذلك إلى صاحب الزمان ، ويشترط له ما فيه البداء والمشيئة والتقديم والتأخير(1)-(2).
وفي الاحتجاج للطبرسي (رحمه اللّه) : عن أمير المؤمنين (عليه السلام) حديث طويل وفيه : بعد أن ذكر الحجج قال السائل : من هؤلاء الحجج . قال : هم
ص: 405
رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ومن حلّ محلّه من أصفياء اللّه الذين قرنهم اللّه بنفسه ، وبرسوله ، وفرض على العباد من طاعتهم مثل الذي فرض عليهم منها لنفسه ، وهم ولاة الأمر الذين قال اللّه فيهم : «أَطِيعُوا اللّه َ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ»(1) وقال فيهم : «وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ»(2)، قال السائل : ما ذلك الأمر ؟ [ قال : ] الذي تنزل به الملائكة في الليلة التي يفرق فيها كلّ أمر حكيم من خلق ورزق وآجل وعمل وحياة وموت وعلم غيب السماوات والأرض والمعجزات التي لا تنبغي إلاّ للّه وأصفيائه والسفرة بينه وبين خلقه ، وهم وجه اللّه الذي قال : «فَأَيْنََما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّه ِ»(3) وهم بقية اللّه - يعني المهدي (عليه السلام) - الذي يأتي عند انقضاء هذه النظرة فيملأ الأرض قسطا وعدلاً كما ملئت جورا وظلما ، ومن آياته الغيب والاكتتام ، عند عموم الطغيان وحلول الانتقام ، ولو كان هذا الأمر الذي عرفتك بيانه للنبي دون غيره لكان الخطاب يدلّ على فعل ماض غير دائم ولا مستقبل ، ولقال نزلت الملائكة وفرق كلّ أمر حكيم ، ولم يقل : « تنزل الملائكة » « ويفرق كلّ أمر حكيم »(4)-(5).
ص: 406
«قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ اللّه ِ لِيَجْزِىَ قَوْما بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ»
سورة الجاثية
ذكر علي بن إبراهيم - رحمه اللّه - في قوله تعالى : «قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا
لِلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ اللّه ِ لِيَجْزِىَ قَوْما بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ» أي قل لأئمّة العدل لا تدعوا على أئمّة الجور حتّى يكون اللّه هو الذي ينتقم لهم منهم .
قال : روي أنّ الإمام علي بن الحسين عليهما السلام أراد أن يضرب غلاما له فقرأ : «قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ اللّه ِ» فوضع السوط من يده .
فبكى الغلام ، فقال له : ما يبكيك ؟
قال : [ وكيف لا أبكي ] وإنّي عندك يامولاي ممّن لا يرجون أيّام اللّه !
فقال له : أنت ممّن يرجو أيّام اللّه .
قال : نعم يامولاي !
فقال عليه السلام : لا أُحبّ أن أملك من يرجو أيّام اللّه ، قم فأت قبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وقل : اللهمّ اغفر لعلي بن الحسين خطيئته يوم
ص: 407
الدين
؛ وأنت حرّ لوجه اللّه (1).
وروي عن أبي عبداللّه عليه السلام أنّه قال : أيّام اللّه المرجوّة ثلاثة : [ أيّام ] : يوم قيام القائم ، ويوم الكرّة(2)، ويوم القيامة(3).
ص: 408
«قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعا مِنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلاَ بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَىَّ وَمَا أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ»
سورة الأحقاف
في قرب الاسناد للحميري أحمد بن محمّد بن عيسى عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال : سمعت الرضا عليه السلام يقول : يزعم ابن أبي حمزة أنّ جعفرا زعم أنّ القائم أبي وما علم جعفر بما يحدث من أمر اللّه ؟ فواللّه لقد قال اللّه تبارك وتعالى يحكي لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله : «مَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلاَ بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَىَّ»(1).
ص: 409
«فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنْ الرُّسُلِ وَلاَ تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلاَغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ»
سورة الأحقاف
في علل الشرائع : عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول اللّه [ عزّوجلّ ] : «وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِىَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْما»(1) قال : عهد إليه في محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) والأئمّة من بعده فترك ولم يكن له عزم فيهم أنّهم هكذا ، وإنّما سمّي أُولوا العزم لأنّهم عهد إليهم في محمّد والأوصياء من بعده والمهدي وسيرته ، فأجمع عرفهم كذلك وأقرّوا(2)-(3).
ص: 410
«وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ»
سورة محمّد
تأويل الآيات الظاهرة : روى محمّد بن العبّاس مرفوعا ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد بن عيسى ، عن محمّد الحلبي قال : قرأ أبو عبداللّه (عليه السلام) : «فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ» وسلّطتم وملكتم «أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ»
ثمّ قال : نزلت هذه الآية في بني عمّنا بني العبّاس وبني أُميّة ، ثمّ قرأ : «أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللّه ُ فَأَصَمَّهُمْ» عن الدين «وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ»(1) عن الوصي ، ثمّ قرأ : «إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ» بعد ولاية علي «مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ»(2) ثمّ قرأ : «وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا» بولاية علي «زَادَهُمْ هُدىً» حيث عرّفهم الأئمّة من بعده والقائم «وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ» أي ثواب تقواهم أمانا من النار(3).
ص: 411
«فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ»
سورة محمّد
روى السيوطي (الشافعي) في تفسير هذه الآية عن الترمذي ، ونعيم بن حمّاد ، عن أبي هريرة قال : قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وسلّم) .
« ينزل بأُمّتي في آخر الزمان بلاء شديد من سلطانهم ، حتّى تضيق عليهم الأرض ، فيبعث اللّه رجلاً من عترتي فيملأ الأرض قسطا وعدلاً كما ملئت ظلما وجورا ، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض الخ »(1).
وفي حديث ابن ماجة والحاكم عن توبان ، عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وسلّم) :
« فإنّه خليفة اللّه المهدي »(2).
قال السيوطيى : وأخرج مسلم [ في صحيحه ] والحاكم [ في مستدركه ]
عن أبي هريرة أنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وسلّم) قال : هل سمعتم بمدينة
ص: 412
جانب منها في البرّ ، وجانب منها في البحر ؟ فقالوا : نعم يارسول اللّه ، قال : لا تقوم الساعة حتّى يغزوها سبعون ألفا من بني إسحاق ، حتّى إذا جاءوها نزلوا فلم يقاتلوا بسلاح ولم يرموا بسهم فيقولون « لا إله إلاّ اللّه واللّه أكبر » فيسقط أحد
جانبيها ، ثمّ يقولون الثانية « لا إله إلاّ اللّه واللّه أكبر » . فيسقط جانبها الآخر ، ثمّ يقولون الثالثة « لا إله إلاّ اللّه واللّه أكبر » فيفرج لهم فيدخلوها [ إلى أن قال ] :
قال الحاكم : « يقال : إنّ هذه المدينة هي القسطنطينية صحّ أنّ فتحها مع قيام الساعة »(1).
ص: 413
«يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللّه ِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللّه َ عَلِيمٌ خَبِيرٌ»
سورة الحجرات
روى المحدّث البحراني بإسناده عن سلمان الفارسي رحمه اللّه قال :
دخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم في مرضه الذي قبض فيه ، فجلست بين يديه وسألته عمّا يجد وقمت لأخرج ، فقال لي : اجلس ياسلمان فيستشهدك اللّه عزّوجلّ أمرا إنّه لمن خير الأُمور .
فجلست فبينا أنا كذلك إذ دخل عليه رجال من أهل بيته ، ورجال من أصحابه ، ودخلت فاطمة ابنته فيمن دخل ، فلمّا رأت ما برسول اللّه صلّى اللّه عليه
وآله وسلّم من الضعف خنقتها العبرة ، حتّى فاض دمعها على خدّها ، فأبصر ذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فقال : ما يبكيك يابنية أقرّ اللّه عينك ولا
أبكاك ؟
قالت : وكيف لا أبكي وأنا أرى ما بك من الضعف .
قال لها : يافاطمة توكّلي على اللّه ، واصبري كما صبر آبائك من الأنبياء وأُمّهاتك من أزواجهم ، ألا أُبشّرك يافاطمة ؟
ص: 414
قالت : بلى يانبي اللّه ، أو قالت : ياأبه .
قال : أما علمت أنّ اللّه تعالى اختار أباك فجعله نبيا ، وبعثه إلى كافّة الخلق رسولاً ، ثمّ اختار عليا فأمرني فزوّجتك إيّاه ، واتّخذته بأمر ربّي وزيرا ووصيا ، يافاطمة إنّ عليا أعظم المسلمين على المسلمين بعدي حقّا ، وأقدمهم سلما وأعظمهم علما ، وأحلمهم حلما ، وأثبتهم في الميزان قدرا .
فاستبشرت فاطمة عليها السلام فأقبل عليها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، فقال صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : هل سررتك يافاطمة ؟
قالت : نعم ياأبه .
قال : أفلا أزيدك في بعلك وابن عمّك من مزيد الخير وفواضله ؟
قالت : بلى يانبي اللّه .
قال : إنّ عليا عليه السلام أوّل من آمن باللّه عزّوجلّ ورسوله من هذه الأُمّة ، وهو وخديجة أُمّك أوّل من وازراني على ما جئته به ، يافاطمة إنّ عليا أخي وصفيّي وأبو ولدي ، إنّ عليا أعطى خصالاً من الخير لا يعطها أحد قبلي ولا يعطها أحد بعده ، فأحسني عزاك واعلمي أنّ أباك لاحق باللّه عزّوجلّ .
قالت : ياأبة قد سررتني وأحزنتني .
قال : كذلك ، يابنية أُمور الدنيا يشوب سرورها حزنها ، وصفوها كدرها ، أفلا أزيدك يابنية ؟
قالت : بلى يارسول اللّه .
قال : إنّ اللّه تعالى خلق الخلق فجعلهم قسمين ، فجعلني وعليا في خيرها
ص: 415
قسما ، وذلك قوله عزّوجلّ «وَأَصْحَابُ الَْيمِينِ مَا أَصْحَابُ الَْيمِينِ»(1).
ثمّ جعل القسمين قبائل فجعلنا في خيرها قبيلة ، وذلك قوله عزّوجلّ : «وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللّه ِ أَتْقَاكُمْ» .
ثمّ جعل القبائل بيوتا وجعلنا في خيرها بيتا في قوله سبحانه : «إِنَّمَا يُرِيدُ اللّه ُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرا»(2).
ثمّ إنّ اللّه تعالى اختارني من أهل بيتي ، واختار عليا والحسن والحسين واختارك ، فأنا سيّد ولد آدم ، وعلي سيّد العرب ، وأنت سيّدة النساء ، والحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة ، ومن ذرّيتك المهدي يملأ الأرض عدلاً كما ملئت من قبله جورا(3).
ص: 416
«هُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْىَ مَعْكُوفا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلاَ رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللّه ُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابا أَلِيما»
سورة الفتح
ابن بابويه : قال : حدّثنا المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي رحمه اللّه قال : حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود ، عن أبيه ، عن علي بن محمّد ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن محبوب ، عن إبراهيم الكرخي قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام ، وقال له رجل :
أصلحك اللّه ألم يكن علي عليه السلام قويّا في دين اللّه [ عزّوجلّ ] ؟ قال : بلى ، فقال : [ ف- ] -كيف ظهر عليه القوم ، وكيف لم يدفعهم ، وما منعه [ يمنعه ]
من ذلك ؟
ص: 417
قال عليه السلام : آية في كتاب اللّه عزّوجلّ منعته ، قال : قلت : وأيّة آية [ هي ] ؟ قال : قوله عزّوجلّ : «لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابا أَلِيما» إنّه كان للّه عزّوجلّ ودايع مؤمنون في أصلاب قوم كافرين ومنافقين ، فلم يكن علي عليه السلام ليقتل الآباء حتّى تخرج الودايع ، فلمّا خرجت الودائع ظهر على من ظهر فقاتله ، وكذلك قائمنا أهل البيت لن يظهر أبدا حتّى تظهر ودايع اللّه عزّوجلّ فإذا ظهرت ، ظهر على من ظهر [ يظهر ] فقتله(1).
علي بن إبراهيم : قال : حدّثنا أحمد بن علي قال : حدّثنا الحسين بن عبداللّه السعدي قال : حدّثنا الحسن بن موسى الخشّاب ، عن عبداللّه بن الحسن [ الحسين ] عن بعض أصحابه ، عن فلان الكرخي قال : قال رجل لأبي عبداللّه عليه السلام : ألم يكن علي عليه السلام قويا في بدنه ، قويا بأمر [ في أمر ] اللّه ؟ . قال أبو عبداللّه عليه السلام : بلى ، قال [ له ] : فما منعه أن يدفعه أو يمتنع ؟
قال عليه السلام : سألت فافهم الجواب ، منع عليا من ذلك آية من كتاب اللّه ، فقال : وأي آية ؟ فقرأ : «لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابا أَلِيما» أنّه كان للّه ودايع مؤمنين في أصلاب قوم كافرين ومنافقين ، فلم يكن علي عليه السلام ليقتل الآباء حتّى تخرج الودائع ، فلمّا خرج ظهر من ظهر وقتله .
وكذلك قائمنا أهل البيت لن [ لم ] يظهر أبدا حتّى تخرج ودايع اللّه ، فإذا خرجت ظهر على من ظهر فيقتله(2).
ص: 418
«هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللّه ِ شَهِيدا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللّه ِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعا سُجَّدا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللّه ِ وَرِضْوَانا سِيَماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الاْءِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمْ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللّه ُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرا عَظِيما»
سورة الفتح
بيان تأويله مجملاً ومفصّلاً : فقوله «لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ» وهو دين الإسلام المفضّل على سائر الأديان بالحجّة والبرهان والغلبة والقهر والسلطان في جميع البلدان ، ولا يكون ذلك إلاّ في ولاية دولة القائم صاحب الزمان صلّى اللّه
ص: 419
عليه وعلى آبائه في كلّ عصر وأوان «وَكَفَى بِاللّه ِ شَهِيدا» بذلك . ثمّ بيّن سبحانه من الرسل المرسل إلى الإنس والجان فقال «مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللّه ِ» ثمّ أثنى على أصحابه الذين معه على دينه ونبّه على فضلهم فقال «وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ» أي يلقون الكفّار بالشدّة والغلظة والبأس الشديد والسيف الجديد «رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ» أي أنّ المؤمنين يظهرون التراحم والمودّة بينهم حتّى بلغ من تراحمهم أنّ المؤمن إذا رأى المؤمن صافحه وعانقه ، ومثل ذلك قوله تعالى «أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ»(1). وقوله «تَرَاهُمْ رُكَّعا سُجَّدا» أخبر اللّه سبحانه عن كثرة صلواتهم ومداومتهم عليها «يَبْتَغُونَ» بذلك «فَضْلاً مِنْ اللّه ِ وَرِضْوَانا» أي يلتمسون زيادة فضل في الدنيا ورضوانا في الآخرة . وقوله «سِيَماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ» أي علاماتهم في جباههم «مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ» قيل : إنّه يكون في الدنيا مثل ركب المعزى ، وفي الآخرة يكون موضع سجودهم كالقمر ليلة البدر . وقوله «ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الاْءِنْجِيلِ»(2). وقوله «كَزَرْعٍ
أَخْرَجَ شَطْأَهُ» أي فراخه(3) «فَآزَرَهُ» أي الفرخ آزر الزرع أي قوّاه «فَاسْتَغْلَظَ»أي غلظ الزرع بفراخه «فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ» أي قام على ساقه(4) أي أُصوله وبلغ الغاية في الاستواء «يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ» الذين زرعوه زرعه «لِيَغِيظَ بِهِمْ الْكُفَّارَ»وهذا
ص: 420
مثل ضربه اللّه سبحانه لمحمّد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وشطأه كناية عن المؤمنين حيث كانوا في ضعف وقلّة كما يكون أوّل الزرع دقيقا ثمّ يغلظ ويقوى ويتلاحق بعضه ببعض ، وكذلك المؤمنون قوّى بعضهم بعضا حتّى استغلظوا واستووا «لِيَغِيظَ بِهِمْ الْكُفَّارَ» أي إنّما كثّرهم اللّه وقوّاهم ليكونوا غيظا للكافرين(1).
وفي تفسير علي بن إبراهيم : وقوله : «هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ ...» الآية وهو الإمام الذي يظهره اللّه على الدين كلّه فيملأ الأرض قسطا وعدلاً كما ملئت ظلما وجورا(2)-(3).
ص: 421
«وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِي مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍيَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ»
سورة ق
علي بن إبراهيم : في تفسيره المنسوب إلى الصادق عليه السلام قال : قال ينادي المنادي صيحة القائم واسم أبيه عليهما السلام ، قوله : «يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ» قال : باسم القائم عليه السلام من السماء ، (و) ذلك يوم الخروج(1)-(2).
ص: 422
«وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ »
سورة الذرايات
قال : وروى إبراهيم بن سلمة بن أحمد بن مالك الفزاري عن حيدر بن محمّد الفزاري عن عبّاد بن يعقوب عن نصر بن مزاحم عن محمّد بن مروان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عبّاس في قوله تعالى : «وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا
تُوعَدُونَ» قال : هو خروج المهدي عليه السلام(1).
محمّد بن العبّاس رحمه اللّه : قال : حدّثنا علي بن عبداللّه ، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي ، عن الحسن بن الحسين ، عن سفين بن إبراهيم ، عن عمرو بن هاشم ، عن إسحاق بن عبداللّه ؛ عن علي (بن الحسين) عليه السلام في قول اللّه عزّوجلّ : «فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ» قال : قوله «إِنَّهُ
لَحَقٌّ» [ هو ] قيام القائم عليه السلام ، وفيه نزلت : «وَعَدَ اللّه ُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَُيمَكِّنَنَّ
ص: 423
لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنا»(1).
الشيخ الطوسي في الغيبة : قال : أخبرنا الشريف أبو محمّد المحمّدي رحمه اللّه ، عن محمّد بن علي بن تمام ، عن الحسين بن محمّد القطعي ، عن علي بن أحمد بن حاتم البزّار ، ع