بحوث فی تحلیل الخمس و عدمه : تقریراً لبحث سماحة آیه الله الحاج السیّد محمد الرجائی دامت أیّامه

اشارة

«بحوث فی تحلیل الخمس و عدمه»

تقریراً لبحث سماحة آیه الله الحاج السیّد محمد الرجائی دامت أیّامه

السیّد قاسم علی احمدی

تعداد صفحات:139ص

موضوع: فقه - خمس

ص: 1

اشارة

ص: 2

بسم الله الرحمن الرحیم و به نستعین

و الصلاة و السلام علی نبیّه محمّد خاتم النبیین و علی آله المعصومین

واللعن الدائم علی أعدائهم أجمعین من الآن إلی یوم الدین

و بعد، فهذه الرسالة من الأبحاث التی ألقاها سیّدنا الاستاذ المحقّق العلامة الفقیه سماحة آیة الله السیّد محمد الرجایی دامت إفاضاته علی جمع من فضلاء و طلاب الحوزة العلمیّة علی مستوی الدراسات العلیا فی قم المقدّسة، و قد کتبتُ ما ذکره فی «أخبار التحلیل» و اعتمدتُه فیه علی ذُکری و ما کتبته منه مختصراً و إشارةً فی الدرس و استفدته منه شفاهاً و لا أدّعی بل لم اکن قادراً علی ضبط جمیع تدقیقاته و تحقیقاته دامت أیّامه، فإنّی لا اُنکر أن یکون قد زلّ قدمی فی ذلک؛ فإنّ الانسان حلیف السهو و النسیان؛ و لکن مع ذلک نذکر شمّة منها و نکتب لبّ مطالبه و أصل مقاصده؛ لینفعنی فی یوم لا ینفع فیه مال و لا بنون.

و المرجوّ من الله تعالی أن یدیم علینا حسن توفیقه بطول بقائه حتّی نتّبعه علماً و عملاً؛ إذ هو رجل العلم و العمل. و علی الله الاتّکال و الاعتماد، و الحمد لله أوّلاً و آخراً.

ص: 3

و أنا العبد العاصی المحتاج إلی ربّی الغنیّ السیّد قاسم علی احمدی بن ابراهیم بن الحسین بن علی غفر الله لهم و عفی عنهم. قم المقدسة، رجب المرجّب 1436 هجریه، 1394 ش.

ص: 4

بسم الله الرحمن الرحیم

و صلّی الله علی سیدنا محمد و آله الطاهرین و لعنة الله علی أعدائهم أجمعین

فی أخبار التحلیل

قال صاحب العروة رحمه الله: إذا انتقل إلى الشخص مال فيه الخمس ممّن لا يعتقد وجوبه كالكافر و نحوه لم يجب عليه إخراجه فإنهم عليهم السلام أباحوا لشيعتهم ذلك سواء كان من ربح تجارة أو غيرها و سواء كان من المناكح و المساكن و المتاجر أو غيرها.

و قال آیة الله السیّد المحقّق الخوئی - رحمه الله - فی تعلیقته علی قوله: «ممّن لا یعتقد وجوب الخمس» بل من مطلق من لا یلتزم بالخمس و لو کان معتقداً به.(1)

الأخبار في هذه المسألة مختلفة كما أنّ الأنظار متشتّتة و متضاربة و لعلّ الأقرب منها ما ذکره صاحب العروة ره و هو المستفاد من الروایات، فلابد من التأمّل فیها. فنقول و منه الاستعانة.

و الأخبار ابتداءً علی طائفتین:

ص: 5


1- - المستند فی شرح العروة: 25/346.

الطائفة الأولی: الأخبار التی تدلّ علی تحلیل الخمس و إباحته للشيعة. و هذه الأخبار علی أقسام:

القسم الأوّل: ما یدلّ علی إباحة الخمس الذی ابتلی به الشیعة من الغنائم التی اُخذت من أیدی الغاصبین لحق الأئمّة الطاهرین علیهم السلام

القسم الثانی: ما یدلّ علی تحلیل الخمس فی زمان خاص أو طائفة خاصّة

القسم الثالث: ما یوهم الإباحة لمطلق الخمس و أنّ الشیعة في حلّ من الخمس، لا يجب عليهم اداؤه اصلاً.

الطائفة الثانیة: الأخبار التی تدلّ على عدم الإباحة مطلقا، (أی ما دلّ علی وجوب أداء الخمس و التکلیف بإخراجه).(1)

تنبیه: قد يقع البحث فى أنّه بعد وجوب الخمس فى الجملة فى غنائم دار الحرب و أخواتها - المبحوثة فی کتاب الخمس - هل يجب الخمس فى حال الغيبة أو لا يجب ذلك؟

ص: 6


1- - أقول: و سیُذکر أیضاً ما قیل: من أنّ المقصود من الأخبار الدالة علی وجوب الخمس هو وجوبه علی المنتقل عنه و المراد من الاخبار الدالة علی عدم وجوبه هو تحلیله علی المنتقل إلیه و استدلّ ببعض الأخبار علی وجه الجمع بینهما علی أنّه شارح و مبیّن للطائفتین.

فنقول: إن كنّا نحن و الآية الشريفة: (وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ الخ) و الروايات الآتیة المصرّحة بوجوب الخمس فى الغنائم و المعدن و اخواتهما، لا بد من أن نقول بوجوب الخمس حال غيبة الإمام عليه السّلام كحال حضوره لاطلاق الادلة. فمَن يدّعى تحليله للشيعة لا بدّ له من إقامة الدليل على مدّعاه كى يخصّص أو يقيّد به عموم وجوب الخمس أو اطلاقه، و لم يحك القول بالتحليل إلا من قليل و هم بين من يدّعى التحليل مطلقاً و بين من يدّعيه فيما لم يكن الأصناف الثلاثة محتاجاً إليه أو من یدّعیه فی سهم الإمام ع فقط.

بل لابدّ من إقامة دلیل قطعیّ أو لا أقلّ من دلیل اطمینانی علی إباحة الخمس؛ لأنّ الخمس ملک للإمام علیه السلام و للسادة و «لا یحلّ مال المسلم إلا بطیب نفسه» و یکفی لجواز التصرّف فی سهم الامام علیه السلام و سهم السادة إحراز طیب نفس الامام علیه السلام؛ لأنّ للإمام علیه السلام الولایة علی بقیّة الأصناف.

و لا یخفی أنّ الدلیل الدال علی تحلیل الخمس ینبغی أن یکون صحیح الأسناد و واضح الدلالة بحیث یعلم صدورها أو لا أقل یطمئنّ بصدورها. فلو اکتفینا بغیرهما فی إثبات المسائل الشرعیة و قلنا بحجیّة الأخبار المظنونة صدورها من المعصومین علیهم السلام

ص: 7

فی اثبات الأحکام الإلهیة، فلا دلیل علی أنّها تکون حجّة فی إثبات حلیّة مال المسلم التی لا بدّ فیه من العلم أو الاطمینان بطیب نفسه.(1)

و بعد هذا التنبیه فنقول بعونه تعالى: أنّه يستدلّ على التحلیل بطائفة من الروايات نذكرها و نذکر مقدار دلالتها و ما فى الاستدلال:

الطائفة الاُولی:

اشارة

الأخبار التی تدلّ علی تحلیل الخمس و إباحته للشيعة. و هذه الأخبار أیضاً علی أقسام:

القسم الأوّل:

اشارة

ما یدلّ علی إباحة الخمس الذی ابتلی به الشیعة من الغنائم التی اُخذت من أیدی الغاصبین لمنصب خلافة الأئمّة الطاهرین علیهم السلام و هو کثیر:

ص: 8


1- - أقول: إنّ أخبار التحلیل تتکفّل حلیّة مال الامام علیه السلام للشیعة و تقول: «إنّ الإمام علیه السلام راض بالتصرّف فی أمواله» فإنّها إخبار عن الموضوع و لا یمکن إثباته بخبر واحد؛ إلا علی مسلک من قال بحجّیته مطلقاً. فالمعتبر فی الموضوعات التعدد الذی یعتبر فی البیّنة. و لو فرض حجّیة أخبار الآحاد فی الموضوعات یشکل الاعتماد علیها فی الموضوعات المهمة - و هو تحلیل جمیع الاخماس فی طول الغیبة – بل لا بدّ فیها من عمل الاصحاب أو التظافر أو القرائن الاُخری، مضافاً إلی عدم عموم لحجّیة البیّنة فی الموضوعات.

الحدیث الاول:

صحیح الفضلاء: روی مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ حَرِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ وَ زُرَارَةَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ كُلِّهِمْ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع هَلَكَ النَّاسُ فِي بُطُونِهِمْ وَ فُرُوجِهِمْ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُؤَدُّوا إِلَيْنَا حَقَّنَا أَلَا وَ إِنَّ شِيعَتَنَا مِنْ ذَلِكَ وَ آبَاءَهُمْ فِي حِلٍّ.(1)

أقول: لا یخفی أنّ تمام النظر فی کلام امیرالمؤمنین علیه السلام بقوله: «هلک الناس...» إلی الوقایع المختلفة و المتشتّتة التی وقعت فی زمانه علیه السلام من غصب الخلافة و فدک و من وقوع الحروب و تحصیل الغنائم من غیرإذنه علیه السلام و أمثال ذلک ممّا لم یؤدّوا فیها حقّنا و أکلوا أموالنا، «فهلک الناس» أی الذین ینتحلون الإسلام؛ لأنّ الکافرین هالکون من جمیع الجهات لا فی خصوص بطونهم و فروجهم أو المراد من الناس غیر الشیعة کما شاع فی الأخبار الکنایة عنهم بالناس و هذا أظهر «ألا أنّ شیعتنا فی ذلک» أی فی هذه الاُمور التی لم یؤدّوا فیها حقّنا فی حِلّ.

ص: 9


1- - الوسائل باب 1 من ابواب الانفال ح1.

و الشاهد علی عدم اطلاق الحدیث: هو ما إذا أخرج المعدِنَ مخالفٌ فی زمن أمیرالمؤمنین علیه السلام هل یشمل الحدیث المذکور مثل هذه الموارد حتی نقول: «ألا و أنّ شیعتنا من ذلک فی حلّ» فلا یجب علی الشیعة خمس المعدِن باعتبار ذیل الحدیث؟ والظاهر أنّ شمول الحدیث لإخراج المعدن من المخالف غیر معلوم. و علی هذا، لا یدلّ علی حلیّة الخمس لمَن علیه الحق من أرباح المکاسب.

و الحاصل، أنّ المستفاد من الحدیث المذکور اُمور:

الأوّل: أنّ الامام علیه السلام قسّمهم إلی قسمین: 1 – المخالفون و الغاصبون و المنکرون لحقّهم علیهم السلام و هم الهالکون. 2 – الذین یعترفون و یعتقدون لحقّهم و حکم فی حقّهم بالحلیة و عدم الهلاکة و هم الشیعة.... فاذا انتقل شیء إلی الشیعة فهم فی حِلّ من هذه الحقوق التی لم یؤدّ المنکرون و المخالفون - علی ما یدلّ علیه ذیل الحدیث – لا من جمیع الحقوق کما هو واضح.

و لا یخفی أن قوله علیه السلام: «لم یؤدّو إلینا حقّنا» یشمل الخلفاء الثلاثة و الغاصبین لحقّهم علیهم السلام ... و لا یشمل ما إذا کان المعطی شیعیّاً أصلاً، کما أنّ المراد من «حقّنا» ما کان جمیعها للإمام علیه السلام إن لم یکن الحرب بإذنه أو خمسها إن کان بإذنه بل یمکن أن یکون أعمّ من الخمس و غیره الشامل للفدک و نحوه، و إن کان یحتمل

ص: 10

عدم إطلاق له بحیث یشمل غیر خمس الغنائم کما أفاده الشیخ الانصاری رحمه الله تعالی بقوله: «إنّ جميع ما دلّ على تحليل الخمس ظاهر في خمس غنائم دار الحرب، الذي انتقل إلى الشيعة من أيدي المخالفين، لأنّه الشائع، وجودا و المغصوب عنهم صلوات اللّه عليهم كما يظهر ذلك من تظلّمهم عليهم السلام و من تعليلهم التحليل بطيب الميلاد إلى غير ذلك من الأمارات الدالّة على إرادة خصوص هذا القسم من لفظ الخمس»(1).

کما أنّ إسم الإشارة فی قوله علیه السلام: «إنّ شیعتنا من ذلک» لا یرجع الی جمیع الحقوق حتّی یشمل المعادن و ما یجب علی نفس الشیعة من خمس الفوائد و المنافع.

الثانی: أنّ الحدیث ینظر إلی الوقایع المختلفة التی وقعت فی زمانه علیه السلام من الغنائم و امثال ذلک ممّا لم یؤدّوا فیها حقّنا، فالمراد من قوله علیه السلام: «لم یؤدّوا» عدم الأداء فیما مضی. و لا یکون التحلیل فیه دائمیّاً و لا ینظر إلی جمیع الازمنة.

الثالث: إنّ الحدیث لو لم نقل بالانصراف إلی الأموال التی وقعت فی أیدی الناس من توابع غصب الخلافة فلا أقلّ من عدم اطلاق له یشمل غیرها حتّی نقول: بتحلیل جمیع ما یجب علی الشیعه... فما ذکره السیّد الخوئی - رحمه الله – بأنّ هذا الحدیث: «من جملة

ص: 11


1- - کتاب الخمس، الشیخ الانصاری: 324.

الأخبار التی یظهر منها إباحة الخمس للشیعة إباحةً مطلقةً بلا قید و لا شرط»(1)لا یصحّ بل القدر المتیقّن هو خصوص الغنائم و نحوها ممّا ینتقل إلیهم من المخالفین.

الرابع: المراد من قوله علیه السلام: «من شیعتنا» جمیع الشیعة المعاصرین له و لمن یأتی بعدهم فی مأکلهم و مشربهم و نکاحهم بل فی جمیع تصرّفاتهم فی حقوقهم علیهم السلام التی لم یؤدّها المخالفون، و لعل المراد بآبائهم: المخالفون الذین تولّد الشیعة منهم، فحلال تصرّفهم فی حقّهم علیهم السلام من مهر النساء و شراء الجواری المسبیّات و ما أکلوا ممّا فیه حقّهم علیهم السلام حتی تطیب ولادة أولادهم. و الظاهر شموله للشیعة إن تولّد منه شیعیّ.

الحدیث الثانی:

صحیح زرارة: روی مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ فِي الْعِلَلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ حَرِيزٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام حَلَّلَهُمْ مِنَ الْخُمُسِ - يَعْنِي الشِّيعَةَ - لِيَطِيبَ مَوْلِدُهُمْ.»(2)

قوله: «یعنی الشیعة» یحتمل أن یکون من کلام الشیخ الصدوق ره أو بعض الرواة.

ص: 12


1- - المستند فی شرح العروة: 25/346.
2- - الوسائل، باب 4 من ابواب الانفال ح 15.

اقول: فی الحدیث احتمالات ثلاثة: الاول: قوله علیه السلام «حلّلهم من الخمس» یعنی حلّلهم من إعطاء الخمس فلا یجب علیهم الخمس مطلقا.

الثانی: حلّلهم من الخمس الذی کان فی ذمّتهم لابتلائهم بما وقع من الغاصبین و الظالمین لحقّ أهل البیت علیهم السلام من أخذهم الأموالَ و الأعیانَ التی متعلقة لحقوق الأئمة علیهم السلام بحیث انتقل منهم إلی الشیعة و کانت ذمّة الشیعه أیضاً مشغولةً لحقوقهم علیهم السلام فحلّلها الإمام علیه السلام للشیعة؛ لئلا یشغل ذمّتهم.

الثالث: المراد أنّ الإمام علیه السلام حلّل للشّیعه و آبائهم الخمسَ لیطیب ولادتهم و أن لا تکونون من الزنا او بالنطفة المنعقدة من الحرام فلا یشمل مطلق الخمس.

و الظاهر أنّ الحدیث ناظر إلی الاحتمال الثانی أو الثالث یعنی حلّل المناکح للشیعه – لا غیر الشیعه - «لیطیب ولادتهم و یکون نطفتهم منعقدة من الحلال» فی زمن أمیرالمؤمنین علیه السلام حین غصبوا خلافةَ ولیّ الله و أخذوا الغنائم و الجواری و امثال ذلک من غیر إذنه، فکان بیع الغنائم و السراری و نکاحهنّ و استیلادهنّ حراماً محرّماً و تصرّفاً منهیّاً عنه. و علی هذا، فلا یرتبط الحدیث بجمیع الازمنة حتی زماننا و لا یرتبط لحلیة الخمس الواجب علی الشیعه کحلیة خمس أرباح المکاسب.

ص: 13

و ان شئت قلت: إن امیرالمؤمنین علیه السلام حلّل الشیعة ولو من المناکح التی کانت فاسدة و باطلة بنحو الکشف الانقلابی الذی یقال فی بحث البیع الفضولی، فاذا زنی شخص وتولّد منه الشیعة فبتحلیل الامام علیه السلام یطیب ولادته بنحو الکشف الانقلابی.

فتحصّل ممّا ذکرناه: أنّه حُلّل لهم من الخمس؛ فی زمن صدر الاسلام و أوائل عصور الائمة علیهم السلام (أی حین غصبوا الخلافة و أخذوا فدکاً ....) لمصالح موقّتة ارتفعت فی أواسط عصورهم صلوات الله علیهم ثمّ رفعوا الید عن التحلیل و أخذوا یطالبون به.

و الشاهد علی أنّ محلّ التحلیل هو الغنائم والجواری و امثال ذلک لا مطلق الخمس فی جمیع موارده بل الشاهد علی أنّ التحلیل لمنتقل الیه یختص بما کانت المنتقل عنه ممّن لا یعتقد الخمس بتاتاً کالمخالف و الکافر و لا یشمل مطلق من لا یخمّس ولو عصیانا مع کونه معتقدا کما ذهب الیه السیّد الخوئی هو ما نذکره من الحدیث التالی و هو:

الحدیث الثالث:

و هو ما فی تفسیر الامام الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْعَسْكَرِيُّ علیه السلام عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلّی الله علیه وآله: قَدْ عَلِمْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَّهُ

ص: 14

سَيَكُونُ بَعْدَكَ مُلْكٌ عَضُوضٌ (1)

وَ جَبْرٌ فَيُسْتَوْلَى عَلَى خُمُسِي (مِنَ السَّبْيِ) وَ الْغَنَائِمِ وَ يَبِيعُونَهُ فَلَا يَحِلُ لِمُشْتَرِيهِ لِأَنَّ نَصِيبِي فِيهِ فَقَدْ وَهَبْتُ نَصِيبِي مِنْهُ لِكُلِّ مَنْ مَلَكَ شَيْئاً مِنْ ذَلِكَ مِنْ شِيعَتِي لِتَحِلَّ لَهُمْ مَنَافِعُهُمْ مِنْ مَأْكَلٍ وَ مَشْرَبٍ وَ لِتَطِيبَ مَوَالِيدُهُمْ وَ لَا يَكُونَ أَوْلَادُهُمْ أَوْلَادَ حَرَامٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّی الله علیه وآله: مَا تَصَدَّقَ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِنْ صَدَقَتِكَ وَ قَدْ تَبِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ فِي فِعْلِكَ أَحَلَّ الشِّيعَةَ كُلَّ مَا كَانَ فِيهِ مِنْ غَنِيمَةٍ وَ بَيْعٍ مِنْ نَصِيبِهِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ شِيعَتِي وَ لَا أُحِلُّهَا أَنَا وَ لَا أَنْتَ لِغَيْرِهِمْ.(2)

أقول: فقوله علیه السلام: « سَيَكُونُ بَعْدَكَ مُلْكٌ عَضُوضٌ وَ جَبْرٌ فَيُسْتَوْلَى عَلَى خُمُسِي مِنَ السَّبْيِ وَ الْغَنَائِمِ وَ يَبِيعُونَهُ فَلَا يَحِلُ لِمُشْتَرِيهِ لِأَنَّ نَصِيبِي فِيهِ فَقَدْ وَهَبْتُ نَصِيبِي مِنْهُ لِكُلِّ مَنْ مَلَكَ شَيْئاً مِنْ ذَلِكَ مِنْ شِيعَتِي» یدلّ علی ثلاثة اُمور: 1- أنّ مصبّ التحلیل و مورده هو الغنائم والفیء و الجواری و امثال ذلک. 2- أنّ التحلیل لمنتقل الیه یختص بما کانت المنتقل عنه ممّن لا یعتقد الخمس کالمخالف و الکافر. 3- أنّ التحلیل فی هذا الحدیث یختصّ بما وقع فی زمن أمیرالمؤمنین علیه السلام حیث کان بیع السراری و نکاحهنّ و استیلادهنّ أمراً رائجاً بین المسلمین و لا یطیب النکاح و الاستیلاد مع کون خمسهنّ لأصحابه و کانت الشیعة یوم ذاک مبتلیة بهذا الامر الرائج بیعاً و نکاحاً و استیلاداً

ص: 15


1- - ملك عضوض- الذي فيه عسف و ظلم( النهاية 3- 253).
2- - الوسائل، باب 4 من ابواب الانفال ح 20.

فأباحوا علیهم السلام حقّهم فیهنّ لتطیب و لادتهم، و لا ربط لها بتحلیل سائر ما یتعلّق به الخمس.

الحدیث الرابع:

عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فِي تَفْسِيرِهِ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام: «إِنَّ فُلَاناً وَ فُلَاناً غَصَبُونَا حَقَّنَا وَ اشْتَرَوْا بِهِ الْإِمَاءَ وَ تَزَوَّجُوا بِهِ النِّسَاءَ أَلَا وَ إِنَّا قَدْ جَعَلْنَا شِيعَتَنَا مِنْ ذَلِكَ فِي حِلٍّ لِتَطِيبَ مَوَالِيدُهُمْ»(1)

أقول: هذا الحدیث یدلّ بوضوح علی ما ذکرناه سابقاً من أنّ تمام النظر فی کلام امیرالمؤمنین علیه السلام إلی الوقایع المختلفة و المتشتّتة التی وقعت فی زمانه علیه السلام من غصب الخلافة و الفدک و أمثال ذلک ممّا لم یؤدّوا فیها حقّنا و أکلوا أموالنا، فهلک الناس فیها إلا أنّ شیعتنا فی ذلک (أی فی هذه الاُمور التی لم یؤدّوا فیها حقّنا) فی حِلّ. فالمقصود من الحلیّة هو هذه الموارد الخاصّة و لا إطلاق فیه. و لو فرضنا أنّه مطلق من هذه الجهة فالحلیّة من جهة طیب الولادة.

ص: 16


1- - تفسير القمّيّ ج 2 ص 254.

الحدیث الخامس:

صحیح الفضیل: روی الشیخ الطوسی بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ بُرَيْدٍ عَنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَنْ وَجَدَ بَرْدَ حُبِّنَا فِي كَبِدِهِ فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عَلَى أَوَّلِ النِّعَمِ قَالَ قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا أَوَّلُ النِّعَمِ قَالَ طِيبُ الْوِلَادَةِ ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع- قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع لِفَاطِمَةَ ع- أَحِلِّي نَصِيبَكِ مِنَ الْفَيْ ءِ لآِبَاءِ شِيعَتِنَا لِيَطِيبُوا ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّا أَحْلَلْنَا أُمَّهَاتِ شِيعَتِنَا لآِبَائِهِمْ لِيَطِيبُوا.(1)

أقول: الظاهر من هذا الحدیث أنّ محلّ التحلیل هو الغنائم و الفیء و السراری و الجواری... حتی یطیب ولادة أولادهم و لا یکونوا من الزناء و لا یحلّ لهم غیرها کما هو واضح.

الحدیث السادس:

روی الشیخ الطوسی بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ عَمْرٍو الْخَثْعَمِيِّ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُغِيرَةِ النَّصْرِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ ع فَجَلَسْتُ عِنْدَهُ فَإِذَا نَجِيَّةُ قَدِ اسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ فَأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ ثُمَّ قَالَ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ مَسْأَلَةٍ وَ اللَّهِ مَا أُرِيدُ بِهَا إِلَّا فَكَاكَ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ

ص: 17


1- - الوسائل، باب 4 من ابواب الانفال ح 10.

فَكَأَنَّهُ رَقَّ لَهُ فَاسْتَوَى جَالِساً فَقَالَ يَا نَجِيَّةُ سَلْنِي فَلَا تَسْأَلُنِي عَنْ شَيْ ءٍ إِلَّا أَخْبَرْتُكَ بِهِ قَالَ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا تَقُولُ فِي فُلَانٍ وَ فُلَانٍ قَالَ يَا نَجِيَّةُ إِنَّ لَنَا الْخُمُسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَ لَنَا الْأَنْفَالَ وَ لَنَا صَفْوَ الْمَالِ وَ هُمَا وَ اللَّهِ أَوَّلُ مَنْ ظَلَمَنَا حَقَّنَا فِي كِتَابِ اللَّهِ وَ أَوَّلُ مَنْ حَمَلَ النَّاسَ عَلَى رِقَابِنَا وَ دِمَاؤُنَا فِي أَعْنَاقِهِمَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ بِظُلْمِنَا أَهْلَ الْبَيْتِ وَ إِنَ النَّاسَ لَيَتَقَلَّبُونَ فِي حَرَامٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ بِظُلْمِنَا أَهْلَ الْبَيْتِ فَقَالَ نَجِيَّةُ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ هَلَكْنَا وَ رَبِّ الْكَعْبَة... إِلَى أَنْ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّا قَدْ أَحْلَلْنَا ذَلِكَ لِشِيعَتِنَا قَالَ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ يَا نَجِيَّةُ مَا عَلَى فِطْرَةِ إِبْرَاهِيمَ غَيْرُنَا وَ غَيْرُ شِيعَتِنَا.(1)

أقول: هذا الحدیث أیضا ناظر إلی الاُمور المختلفة المتشتّتة التی وقعت فی صدر الاسلام و الحروب التی أخذوا فیها الغنائم و غیر ذلک من غصب فدک و... والناس یتقلّبون و یتصرّفون فی الحرام بالظلم و الغصب علی حقّهم علیهم السلام و الامام علیه السلام حلّل للشیعة التصرّفات التی وقعت حراما. و الحاصل، المراد من قوله علیه السلام: «قد أحللنا ذلک» هو ما ذکره علیه السلام بقوله: «یتقلبون فی حلال و حرام» و لیس المراد من اسم الاشارة هو الخمس. بعبارة اُخری: «قد أحللنا ذلک» ای احللنا ما اختلط من الحلال و الحرام و ما اغتصب... فهذه الروایة کالروایة السابقة لا تدل علی حلیة مطلق

ص: 18


1- - التهذیب: 4/145 ح 27. الوسائل، باب 4 من ابواب الانفال ح 14.

الخمس کما هو واضح.(1)و إن ذکرها السیّد الخوئی رحمه الله فی عداد الأخبار التی تدلّ علی إباحة الخمس للشیعة إباحةً مطلقةً بلا قید و شرط.(2)لأنّ قوله علیه السلام: «أحللنا ذلک» یشیر إلی الظلم و الجور الذی وقع منهم فی العصر الأوّل.

و ممّا یدلّ علی أنّ أخبار التحلیل ناظرة إلی التقلّبات و التصرفات و.... التی وقعت من خلفاء الجورو أتباعهم هو:

الحدیث السابع:

ما رواه الکلینی عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ نَافِعٍ قَالَ: طَلَبْنَا الْإِذْنَ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ

ص: 19


1- - اقول: فالمقصود من اسم الاشارة هو التصرّفات و التقلّبات المحرّمة کالتصرف فی الغنائم و الانفال و الجواری و.... نعم یظهر من المحقق الهمدانی – فی بدو النظر- إرجاع اسم الاشاره إلی الخمس و ان کان فی المآل موافق لما ذُکر. قال فی مصباح الفقیه: 14/264 : «المراد من هذه الروایة بحسب الظاهر تحلیل مطلق حقوقهم من الانفال و الخمس، و لکن المتبادر منها إرادة خمس الغنیمة و نحوه مما استولی علیه أهل الجور لا مطلقا و علی تقدیر ظهورها فی الاطلاق یجب صرفه إلی ذلک جمعا بین الأدلّة.» و لا یخفی أنّ صاحب الوسائل أسقط من الروایة جملة دخیلة فی فهم المراد منها و هی: «فاستقبل الامام علیه السلام القبلة فدعا بدعاء لم أفهم منه شیئا إلا انّا سمعناه فی آخر دعائه و هو یقول: اللهم انا قد احللنا ذلک لشیعتنا...» الامام علیه السلام اشتغل بدعاء لم یسمع الروای دعائه علیه السلام إلا جملته الأخیرة « اللهم انا...» فیمکن اشتمال الدعاء علی أمر و هو دخیل فی معنی الحدیث و فهم المراد من قوله: « إنّا قد أحللنا ذلک....» لم یسمع الراوی ذلک، فالحدیث من هذه الجهة مجملة غیر مبیّنة فلا یمکن الاعتماد علیه فی فهم المراد للاحتمال المذکور.
2- - المستند فی شرح العروة: 25/346 – 347.

أَرْسَلْنَا إِلَيْهِ فَأَرْسَلَ إِلَيْنَا ادْخُلُوا اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ فَدَخَلْتُ أَنَا وَ رَجُلٌ مَعِي. فَقُلْتُ لِلرَّجُلِ: أُحِبُّ أَنْ تَحُلَ (1) بِالْمَسْأَلَةِ، فَقَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ! إِنَّ أَبِي كَانَ مِمَّنْ سَبَاهُ بَنُو أُمَيَّةَ، وَ قَدْ عَلِمْتُ أَنَ بَنِي أُمَيَّةَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يُحَرِّمُوا وَ لَا يُحَلِّلُوا وَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِمَّا فِي أَيْدِيهِمْ قَلِيلٌ وَ لَا كَثِيرٌ وَ إِنَّمَا ذَلِكَ لَكُمْ، فَإِذَا ذَكَرْتُ الَّذِي كُنْتُ فِيهِ دَخَلَنِي مِنْ ذَلِكَ مَا يَكَادُ يُفْسِدُ عَلَيَّ عَقْلِي مَا أَنَا فِيهِ! فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ فِي حِلٍّ مِمَّا كَانَ مِنْ ذَلِكَ وَ كُلُّ مَنْ كَانَ فِي مِثْلِ حَالِكَ مِنْ وَرَائِي فَهُوَ فِي حِلٍّ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: فَقُمْنَا وَ خَرَجْنَا فَسَبَقَنَا مُعَتِّبٌ إِلَى النَّفَرِ الْقُعُودِ الَّذِينَ يَنْتَظِرُونَ إِذْنَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقَالَ لَهُمْ: قَدْ ظَفِرَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ نَافِعٍ بِشَيْ ءٍ مَا ظَفِرَ بِمِثْلِهِ أَحَدٌ قَطُّ، قِيلَ لَهُ: وَ مَا ذَاكَ؟ فَفَسَّرَهُ لَهُمْ. فَقَامَ اثْنَانِ فَدَخَلَا عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقَالَ أَحَدُهُمَا: جُعِلْتُ فِدَاكَ! إِنَّ أَبِي كَانَ مِنْ سَبَايَا بَنِي أُمَيَّةَ وَ قَدْ عَلِمْتُ أَنَ بَنِي أُمَيَّةَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ قَلِيلٌ وَ لَا كَثِيرٌ وَ أَنَا أُحِبُّ أَنْ تَجْعَلَنِي مِنْ ذَلِكَ فِي حِلٍّ، فَقَالَ: وَ ذَلِكَ إِلَيْنَا؟ مَا ذَلِكَ إِلَيْنَا. مَا لَنَا أَنْ نُحِلَّ وَ لَا أَنْ نُحَرِّمَ. فَخَرَجَ الرَّجُلَانِ وَ غَضِبَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِ أَحَدٌ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ إِلَّا بَدَأَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقَالَ: أَ لَا تَعْجَبُونَ مِنْ فُلَانٍ يَجِيئُنِي فَيَسْتَحِلُّنِي مِمَّا صَنَعَتْ بَنُو أُمَيَّةَ كَأَنَّهُ يَرَى أَنَّ ذَلِكَ لَنَا، وَ لَمْ يَنْتَفِعْ أَحَدٌ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ بِقَلِيلٍ وَ لَا كَثِيرٍ إِلَّا الْأَوَّلَيْنِ فَإِنَّهُمَا غَنِيَا بِحَاجَتِهِمَا.(2)

ص: 20


1- - في نسخة: تستاذن( هامش المخطوط).
2- - الوسائل، باب 4 من ابواب الانفال ح 18.

أقول: هذه الروایة أیضا لا تدلّ علی التحلیل المطلق بل المراد منها هو التحلیل الخاص و هو التحلیل فی الغنائم و الحروب و السراری..... و فقرة من الروایة ناظرة الی تحلیل هذه الامور لا الأکثر. فالروایة مرتبطة بما صدرت من الخلفاء الجور من أنحاء التصرّفات و الانتفاعات و التقلبات التی هی محرّمة علیهم. مضافاً إلی أنّها تدلّ علی عدم إسقاط الخمس؛ لأنّه علیه السلام حلّل الخمسَ للشخصین لا مطلقا. و لا یخفی أنّ هذه الروایة لا یرتبط و لا یدلّ علی ما اذا کان هناک مخالف له معدِن و کنز و غوص و لم یؤدّ خمسها... حتّی یفهم منها تحلیل الخمس فیها للشیعة.

الحدیث الثامن:

روی الکلینی عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ إِنَّ بَعْضَ أَصْحَابِنَا يَفْتَرُونَ وَ يَقْذِفُونَ مَنْ خَالَفَهُمْ، فَقَالَ: الْكَفُ عَنْهُمْ أَجْمَلُ، ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا حَمْزَةَ! وَ اللَّهِ إِنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ أَوْلَادُ بَغَايَا مَا خَلَا شِيعَتَنَا. ثُمَّ قَالَ: نَحْنُ أَصْحَابُ الْخُمُسِ (1) وَ قَدْ حَرَّمْنَاهُ عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ مَا خَلَا شِيعَتَنَا. قُلْتُ: كَيْفَ لِي بِالْمَخْرَجِ مِنْ هَذَا؟ فَقَالَ لِي يَا أَبَا حَمْزَةَ كِتَابُ اللَّهِ الْمُنْزَلُ يَدُلُّ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى جَعَلَ لَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ سِهَاماً ثَلَاثَةً فِي جَمِيعِ الْفَيْ ءِ ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَ جَلَ: (وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي

ص: 21


1- - في المصدر زيادة و الفي ء.

الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ)(1)

فَنَحْنُ أَصْحَابُ الْخُمُسِ وَ الْفَيْ ءِ وَ قَدْ حَرَّمْنَاهُ عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ مَا خَلَا شِيعَتَنَا، وَ اللَّهِ يَا أَبَا حَمْزَةَ مَا مِنْ أَرْضٍ تُفْتَحُ وَ لَا خُمُسٍ يُخْمَسُ فَيُضْرَبُ عَلَى شَيْ ءٍ مِنْهُ إِلَّا كَانَ حَرَاماً عَلَى مَنْ يُصِيبُهُ فَرْجاً كَانَ أَوْ مَالًا وَ لَوْ قَدْ ظَهَرَ الْحَقُّ لَقَدْ بِيعَ الرَّجُلُ الْكَرِيمَةُ عَلَيْهِ نَفْسُهُ فِيمَنْ لَا يَزِيدُ(2)

حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ مِنْهُمْ لَيَفْتَدِي بِجَمِيعِ مَالِهِ (3)

وَ يَطْلُبُ النَّجَاةَ لِنَفْسِهِ فَلَا يَصِلُ إِلَى شَيْ ءٍ مِنْ ذَلِكَ وَ قَدْ أَخْرَجُونَا وَ شِيعَتَنَا مِنْ حَقِّنَا ذَلِكَ بِلَا عُذْرٍ وَ لَا حَقٍّ وَ لَا حُجَّةٍ قُلْتُ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: (هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ)(4) قَالَ: إِمَّا مَوْتٌ فِي طَاعَةِ اللَّهِ أَوْ إِدْرَاكُ ظُهُورِ إِمَامٍ وَ نَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِهِمْ مَعَ مَا نَحْنُ فِيهِ مِنَ الشِّدَّةِ أَنْ يُصِيبَهُمُ اللَّهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ قَالَ هُوَ الْمَسْخُ أَوْ بِأَيْدِينَا وَ هُوَ

ص: 22


1- - الأنفال: 40.
2- - قال الفاضل الأسترآبادي: المراد أن ما يؤخذ باسم الخراج أو المقاسمة أو الخمس او الضريبة حرام على آخذيه و لو قد ظهر الحق لقد باع الرجل نفسه العزيزة عليه فيمن لا يريد- بالراء بدون نقطة- و في ذكر« لا» هنا مبالغة لطيفة و في اختيار لفظ بيع من باب التفعيل على باع مبالغة اخرى لطيفة انتهى. أقول: لعله قرأ« الكريمة» بالنصب ليكون مفعولا لبيع و جعل« نفسه» عطف بيان للكريمة أو بدلا عنها. و الأظهر أن يقرأ« بيع» على بناء المجهول فالرجل مرفوع به و« الكريمة عليه نفسه» صفة للرجل أي يبيع الامام أو من باذن له الامام أو من أصحاب الخمس و الخراج و الغنائم المخالف الذي تولد من هذه الأموال مع كونه عزيزا في نفسه كريما و في سوق المراد و لا يزيد أحد على ثمنه لهوانه و حقارتهم عندهم. هذا إذا قرئ بالزاء المعجمة كما في أكثر النسخ و بالمهملة أيضا يؤول الى هذا المعنى.( آت)
3- - أي ليفك من قيد الرقية فلا يتيسر له ذلك اذ لا يقبل الامام منه ذلك.( آت)
4- - التوبة: 52.« تَرَبَّصُونَ» أصله تتربصون حذفت احدى التاءين أي تنتظرون.

الْقَتْلُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ لِنَبِيِّهِ ص قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ وَ التَّرَبُّصُ انْتِظَارُ وُقُوعِ الْبَلَاءِ بِأَعْدَائِهِمْ. (1)

أقول: یعنی حلّلنا سهامنا – حتی سهم السادات – علی الشیعه و إلا یکونون أولاد بغایا و لا یفید لو قلنا حلّلنا علیهم حصّة الإمام فقط. بل جمیع الخمس مالهم علیهم السلام؛ لأنّ الحروب الواقعة لم تکن بإذن الامام علیه السلام و الشیعة آنذاک یؤدّون جمیع الخمس – حتّی سهم السادات – إلی الامام علیه السلام ثمّ هو یعطی إلی السادات. و لم یُر فی القدماء من الاصحاب من یُفتی بأن صاحب المال یؤدّی ینفسه – بلا مراجعة الحاکم الشرعی- حصّةَ السادات إلیهم، مع أنّ السادة فی زمن الأئمّة علیهم السلام کانوا قلیلین و لم یکن مثل عصرنا من کثرة أولاد الرسول صلی الله علیه واله - بحمد الله تعالی -. ولذا أفتی بعض المراجع المعاصر بإعطاء سهم السادة أیضا إلی الحاکم الشرعی (ای المجتهد) ثمّ هو یعطی إلی السادة.

و الحاصل، أنّ قوله علیه السلام: « جَعَلَ لَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ سِهَاماً ثَلَاثَةً » أی هی ملکنا. و إذا کانت ملکاً شخصیّاً للإمام علیه السلام فلابأس بإعطائه جمیع ذلک إلی شخص واحد. و قوله علیه السلام: « وَ قَدْ حَرَّمْنَاهُ عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ مَا خَلَا شِيعَتَنَا» تفصیل بین

ص: 23


1- - الكافي: 8/ 285ح431 ط الاسلامیة، الوسائل، باب 73 باب تحریم القذف حتّی علی المشرکین ح 3.

الشیعة و غیرها فحلّ علی الشیعة و لو کان منتقلاً عنه، خلافاً للسیّد المحقّق الخوئی رحمه الله تعالی.

القسم الثانی:

اشارة

ما یدلّ علی تحلیل الخمس فی زمان خاص أو طائفة خاصّة و هو:

الحدیث التاسع :

ما رواه الشیخ وَ عَنْهُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْقَمَّاطِينَ فَقَالَ جُعِلْتُ فِدَاكَ تَقَعُ فِي أَيْدِينَا الْأَرْبَاحُ وَ الْأَمْوَالُ وَ تِجَارَاتٌ نَعْلَمُ أَنَّ حَقَّكَ فِيهَا ثَابِتٌ وَ أَنَّا عَنْ ذَلِكَ مُقَصِّرُونَ. فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: «مَا أَنْصَفْنَاكُمْ إِنْ كَلَّفْنَاكُمْ ذَلِكَ الْيَوْمَ.»(1)

قال السیّد المحقق الخوئی ره: قد دلت على التحليل بالإضافة إلى الأموال التي تقع في الأيدي، أي تنتقل من الغير بشراء و نحوه و أنه لا يجب على الآخذ و من انتقل إليه إعطاء الخمس، و أنّهم عليهم السلام حلّلوا ذلك لشيعتهم(2).... إنّ المستفاد من نصوص الباب بعد ضم البعض إلى البعض و الجمع بينها انما هو التفصيل بين الخمس الواجب على المكلّف بنفسه ابتداء فلا تحليل، و بين ما انتقل إليه من الغير فلا خمس عليه و إنّما هو

ص: 24


1- - الوسائل، باب 4 من ابواب الانفال ح 6.
2- - المستند فی شرح العروة: 25/352.

في عاتق من انتقل عنه... و إنّما الكلام في أنّ ذلك هل يختصّ بما إذا كان المنتقل عنه ممّن لا يعتقد الخمس بتاتا كالمخالف و الكافر أو يعمّ مطلق من لم يخمس و لو عصياناً مع كونه معتقدا كفسّاق الشيعة؟ المذكور في كلمات الأصحاب رضوان اللّه عليهم هو الأول، حيثّ قيّدوا الحكم بما انتقل ممن لا يعتقد. و لكنا لا نعرف وجها لهذا التقييد بعد ان كانت الروايتان المتقدمتان- صحيحتا يونس بن يعقوب و سالم بن مكرم- مطلقتين من هذه الجهة و هما العمدة في المسألة كما عرفت.(1)

أقول: قول الراوی «تقع فی أیدینا» یعنی أیدی الشیعه أی تقع الأموال من المخالفین فی أیدینا نحن الشیعة. فقوله علیه السلام: «تقع» یحتمل معنیین: الأول: - و هو الظاهر - أن یکون ما وقع فی أیدیهم فیه الخمس قبل وقوعه فی أیدیهم؛ فحال الوقوع فی أیدینا یکون فیها حق الإمام علیه السلام، فلا یشمل الأرباح التی یربحونها بعد وقوع الأموال فی أیدیهم. الثانی: أن یکون المعنی: أنّا نتّجر و نربح فی تجارتنا فالأموال الحاصلة فی أیدینا تکون فیها الخمس، فقال علیه السلام: هذا حلال لکم فی هذا الیوم الضیق علیکم. و علی کلا التقدیرین: فالتحلیل موقّت مخصوص بزمانه علیه السلام.

و قول الإمام علیه السلام: «إن کلّفناکم ذلک الیوم» یعنی لیس من الانصاف إن أخذنا منکم الخمسَ الیوم الذی کانت الشیعة فی الضّیق و المشقّة و التقیّة بحیث لو علم الظلمة و خلفاء الجور بایصالهم الخمس إلینا لشدّدوا علیهم الأمرَ و هو خصوص عصر

ص: 25


1- - المستند فی شرح العروة: 25/353.

الامام الصادق علیه السلام أو العصر الذی لا یکون الامام علیه السلام مبسوط الید إلی زمان ظهور الحجة عجل الله تعالی فرجه الشریف، و لذا حلّلنا علیهم. فالحدیث من هذه الجهة مطلق و لا تفصیل فی تحلیل الشیعة بین المنتقل عنه و المنتقل إلیه و إن فهم منه السیّد الخوئی رحمه الله التفصیل. و لا یخفی أنّ هذا دلیل علی التحلیل الموقت.

و بعد هذا رأیت کلام المجلسی الأول رحمه الله فی الروضة حیث قال: « إن کلّفنا کم الیوم» الذی یقع علیکم الغرامات من الظلمة فلأجل ذلک وهبنا حقّنا لکم.(1)

و قال رحمه الله فی اللوامع ما هذا لفظه: «در این اوقات بر شما تکلیف خمس نمی کنیم و می دانیم که از شما چه چیزها می گیرند. و در آن اوقات خلفاء بنی اُمیه و بنی عباس، زکات و خمس و خراج و مقاسمه را از مردم می گرفتند و والیان ایشان از کسی که احتمال تشیّع داشت، مضاعف می گرفتند».(2)

قال الشیخ الانصاری فی ذیل هذه الروایة: دلّت الرواية على أنّ تجاوزهم عن حقوقهم من جهة الضيق: إمّا لخوف الانتشار. و إمّا لكثرة الظلم على الشيعة في أموالهم.(3)

ص: 26


1- - روضة المتّقین: 3/128.
2- - اللوامع: 5/595.
3- - کتاب الخمس، الشیخ الانصاری: 180.

و المستفاد من الحدیث اُمور: الاول: أنّ مفاد هذا الحدیث – بالنظر فی کلمة الیوم - تحلیل موقّت بزمان خاصّ أو شخص خاصّ، و یدلّ علی أنّه لو لم یکونوا فی الضیق لکان علیهم الخمس. نعم یمکن استفادة التحلیل المطلق من الحدیث لو أغمضنا عن کلمة «الیوم».

الثانی: یختص بما إذا کان المعطی و المنتقل عنه مخالفاً و منکراً لا شیعیّاً.

الثالث: بل یمکن أن یقال: المستفاد منه وقوع الأرباح و الأموال و تجارات عندنا و حصولها فی أیدینا و لا نظر فیه إلی المعطی و المنتقل عنه و أنّها انتقل من الغیر إلیه و إعطاء منه أم لا؟ و تمام النظر فی الحدیث أنّها حصلت لنا و فی أیدینا مع قطع النظر عن الغیر.

رابعاً: و لیُعلم - بقرینة خارجیّة و داخلیّة - أنّ التحلیل یرجع إلی مجموع الخمس (أی أعم من حصّة الإمام و السّادة) لا إلی حصة الإمام فقط؛ لأنّ الشیعة فی ذاک الحین یؤدّون مجموع السهمین إلی الإمام علیه السلام أو إلی وکلائه.(1)

و لا یخفی أنّ صاحب منتقی الجمان – قد عُدّ عدم صحة الحدیث عنده إلا ما یرویه العدل الإمامی المنصوص علیه بالتوثیق بشهادة عدلین – یقول بصحة هذا الحدیث.

ص: 27


1- - بل یمکن أن یقال: لیس فی الحدیث دلالة واضحة علی المدّعی و هو تحلیل الخمس؛ لأنّه لیس فیه لفظة الخمس و لعلّه ورد فی أموال وصلت إلی السائل و کان فیها أموال لهم علیهم السلام فسئل الإمامَ علیه السلام عمّا یجب علیه بالنسبة إلیها.

الحدیث العاشر:

صحیح ابن مهزیار: روی الشیخ الطوسی بإسناده عن سعد بن عبد الله عن عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ قَالَ: قَرَأْتُ فِي كِتَابٍ لِأَبِي جَعْفَرٍعلیه السلام مِنْ رَجُلٍ يَسْأَلُهُ: أَنْ يَجْعَلَهُ فِي حِلٍّ مِنْ مَأْكَلِهِ وَ مَشْرَبِهِ مِنَ الْخُمُسِ فَكَتَبَ بِخَطِّهِ: «مَنْ أَعْوَزَهُ شَيْ ءٌ مِنْ حَقِّي فَهُوَ فِي حِلٍّ».(1)

أقول: بالتّأمل فی هذه الروایة یفهم منها: أوّلاً: أنّ الامام علیه السلام حَلّل فی حق نفسه لا فی حقّ الإمام الذی بعده و لغیر حقّ نفس أبی جعفر من سائر الأئمة علیهم السلام و فی حال الغیبة مطلقا....

و ثانیاً: أنّه علیه السلام جوّز و فصّل فی عصره و زمانه بین الإعواز و غیره، ولذا أجاب فی جواب السائل: من أعوزه(2)

و لم یتمکّن من إعطاء حقّی فهو له حلال.(3)

ص: 28


1- - الوسائل، باب 4 من ابواب الانفال ح 2.
2- - أعوز الشیء: أی إذا احتاج إلیه فلم یقدر علیه، و لعلّ معنی الإعواز هنا الاحتیاج الشدید. أقول: یمکن أن یقال: هذا الحدیث ظاهر فی تعیین مصرف الخمس و أنّه الفقیر دون غیره و أنّ السؤال عن جواز أخذ الخمس لا عن عدم أدائه، فتأمّل!
3- - قال الشیخ الانصاری رحمه الله بعد هذه الروایة فی کتاب الخمس: «و إمّا لإعسار بعضهم بعد اشتغال ذمّته، كما تدلّ عليه مكاتبة قرأها عليّ بن مهزيار بخطّ أبي جعفر عليه السلام: «من أعوزه شي ء من حقّي فهو في حلّ». (کتاب الخمس: 180.)

فالإمام علیه السلام جعله فی حلّ فی صورة إعوازه عن حق نفسه علیه السلام و هو خاص بالمحتاجین و المعوّزین لا مطلق الشیعة الذی هو محلّ الکلام.

و لا یخفی أنّ المقصود من قوله علیه السلام: «شیء من حقّی فهو فی حِلّ» جمیع الخمس أعمّ من حصّة الإمام علیه السلام و حصّة السادة؛ لأنّهم یدفعونهما إلی الإمام علیه السلام و کان کلا الحقین فی یدهم علیهم السلام، فلا یکون التحلیل المذکور مختصّا بحصّة الإمام علیه السلام بل یشمل کلا السهمین.(1)

الحدیث الحادی عشر:

روی الشیخ الطوسی بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عِلْبَاءٍ الْأَسَدِيِّ فِي حَدِيثٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍعلیه السلام فَقُلْتُ لَهُ: إِنِّي وُلِّيتُ الْبَحْرَيْنَ فَأَصَبْتُ بِهَا مَالًا كَثِيراً وَ اشْتَرَيْتُ مَتَاعاً وَ اشْتَرَيْتُ رَقِيقاً وَ اشْتَرَيْتُ أُمَّهَاتِ أَوْلَادٍ وَ وُلِدَ لِي وَ أَنْفَقْتُ وَ هَذَا خُمُسُ ذَلِكَ الْمَالِ وَ هَؤُلَاءِ أُمَّهَاتُ أَوْلَادِي وَ نِسَائِي قَدْ

ص: 29


1- - اقول: فما ذکره السید الخوئی رحمه الله فی المستند: 25/350: فی توضیح الحدیث بقوله: قد خّص التحلیل فی بعض النصوص بحصّته علیه السلام کما فی صحیح ابن مهزیار «من أعرزه شیء من حقّی فهو فی حلّ» لایتمّ؛ لما تقدّم أنّه یشمل کلا السهمین. نعم ما ذکره بعد ذلک من قوله: « إنّه خاصّ بالمحتاجین و المعوّزین لا مطلق الشیعة الذی هو محل الکلام فهو إجازة لصنف خاصّ» کلام تامّ.

أَتَيْتُكَ بِهِ؟ فَقَالَ: أَمَا إِنَّهُ كُلَّهُ لَنَا وَ قَدْ قَبِلْتُ مَا جِئْتَ بِهِ وَ قَدْ حَلَّلْتُكَ مِنْ أُمَّهَاتِ أَوْلَادِكَ وَ نِسَائِكَ وَ مَا أَنْفَقْتَ وَ ضَمِنْتُ لَكَ - عَلَيَّ وَ عَلَى أَبِي - الْجَنَّةَ.(1)

أقول: لا یخفی أنّ هذه الروایة أیضاً خاصة بشخص معیّن.

القسم الثالث:

اشارة

ما یوهم الإباحة لمطلق الخمس بل ادّعی أنّ طائفة من الأخبار تدلّ علی إباحة الخمس للشيعة إباحةً مطلقةً بلا قيد و لا شرط، و أنّهم في حلّ من الخمس لا يجب عليهم اداؤه اصلاً.و هو:

الحدیث الثانی عشر:

روی الشیخ الطوسی باسناده عن سعد بن عبد الله عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ صَبَّاحٍ الْأَزْرَقِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَحَدِهِمَا علیهما السلام قَالَ: إِنَّ أَشَدَّ مَا فِيهِ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ يَقُومَ صَاحِبُ الْخُمُسِ فَيَقُولَ: يَا رَبِّ خُمُسِي! وَ قَدْ طَيَّبْنَا ذَلِكَ لِشِيعَتِنَا لِتَطِيبَ وِلَادَتُهُمْ وَ لِتَزْكُوَ أَوْلَادُهُمْ (2)»(3)

ص: 30


1- - الوسائل، باب 1 من ابواب الانفال ح 13.
2- - في الكافي: و لتزكو ولادتهم( هامش المخطوط).
3- - الوسائل باب 4 من ابواب الانفال ح 5.

یمکن أن یقال: إنّ هذه الروایة مهمّة؛ لأنّها تدلّ بظاهرها علی ثبوت الخمس و حلیّته مطلقا للشیعة فهی من مطلقات تحلیل الخمس.

و لا یخفی أنّ التعبیر ب« الناس» فی الروایات کنایة عن أهل الخلاف و العامة. فقوله علیه السلام: «إنّ أشدّ النّاس یعنی أهل الخلاف و العامة» و قوله علیه السلام: «قد طیّبناه ذلک» یعنی الخمس الذی یأخذه الشیعة من المخالف و ممّن لا یعتقد بالخمس».

و لا یخفی أنّ المراد بالخمس فی هذا الحدیث هی الغنائم و.... التی أخذها روساء الضلال و الجور مع الاختلاط و أنحاء الانتفاعات و التقلّبات الواقعة علیها بالقهر و الغلبة و بلا وجه شرعی. و نحن « طیبنا ذلک» الاستعمالات و التصرّفات و التکسّبات الموجودة «لشیعتنا» لا کلّ خمس لمن علیه الحق.

و ببیان آخر: المستفاد من الحدیث هو: أنّا طیبنا و حلّلنا لشیعتنا هذا الخمس الذی لم یؤدّ هولاء المخالفون و المنکرون– کغنائم دار الحرب التی أخذوها بلا إذن الامام علیه السلام –. فلو کان معنی الحدیث أعمّ من ذلک فیکون معناه: أنّهم علیهم السلام طیّبوا للشیعة کلّ ما یجب علیهم من الخمس. و القدر المتیقّن من الحدیث ما ذکرناه غیر مرّة و لا یشمل کلّ خمس و لا یکون بنحو التحلیل العام کما هو واضح.

مضافا إلی أنّ کلامه علیه السلام فی ذیل الحدیث: « لتطیب مولدهم» قرینة واضحة علی عدم اطلاق الحدیث لکلّ خمس بل باختصاصه بنوع خمس دون نوع آخر فهی مختصّة بتحلیل ما یرتبط بطیب الولادة. و إن شئت قلتَ: الحدیث یرتبط بما یتعلّق بالمال

ص: 31

من حقّهم قبل الانتقال إلی الشیعی باتّجار أو غیره من أسباب الانتقال و الملک. فالأموال التی وصلت إلی الشیعة من أهل الخلاف و المنکرین و المال المأخوذ ممّن لا یعتقد الخمس فهو حلال له.

فتلخص من مجموع ما ذکرناه: أنّ الحدیث ناظر إلی حلیّة الخمس – الذی یاخذونه یوم القیامه من أهل الخلاف – للشیعة.

الحدیث الثالث عشر:

روی الْعَيَّاشِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ فَيْضِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: «إِنَّ أَشَدَّ مَا فِيهِ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذَا قَامَ صَاحِبُ الْخُمُسِ فَقَالَ يَا رَبِّ خُمُسِي! وَ إِنَّ شِيعَتَنَا مِنْ ذَلِكَ فِي حِلٍّ».

أقول: و تقریبه کالسابق. (1)

الحدیث الرابع عشر:

صحیح ضریس: روی الشیخ الطوسی باسناده عن سعد بن عبد الله عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ الْكَلْبِيِّ عَنْ ضُرَيْسٍ الْكُنَاسِيِّ

ص: 32


1- - الوسائل، باب 4 من ابواب الانفال ح 22. یمکن أن یقال: لا صلة للحدیث بما نحن فیه؛ لأنّه تدلّ علی کون الشیعة فی استراحة و حلّ یوم القیامة، و أمّا منشأ ذلک هل هو حلیّة الخمس علیهم فی الدنیا و لهذا أنّهم فی حلّ فی الآخرة أو لأنّهم أدّوا ما علیهم من حقوق صاحب الخمس و لهذا أنّهم فی حلّ فی الآخرة، فکلیهما محتمل و حینئذ لا یمکن الاستدلال بها علی حلیّة الخمس فی حال الغیبة.

قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: «أَ تَدْرِي مِنْ أَيْنَ دَخَلَ عَلَى النَّاسِ الزِّنَا؟ فَقُلْتُ: لَا أَدْرِي. فَقَالَ: مِنْ قِبَلِ خُمُسِنَا أَهْلَ الْبَيْتِ، إِلَّا لِشِيعَتِنَا الْأَطْيَبِينَ فَإِنَّهُ مُحَلَّلٌ لَهُمْ وَ لِمِيلَادِهِمْ».(1)

أقول: إنّ الظاهر من قوله: «من أین دخل علی الناس الزنا» السؤال عن السبب الذی دخل علی الناس الزنا قهراً و اتفاقاً و بلا التفات منهم لذلک. فیکون الحدیث ظاهراً فی الخمس الثابت فی حق الظلمة الغاصبین لحقوقهم علیهم السلام و ابتلاء الناس بجواریهم و سبایاهم فیقعون فی الزنا قهراً و بلا التفات و علی هذا فلا یرتبط الحدیث بما نحن فیه . فالروایة تقول: دخل الزنا علی الناس من جهة خمسنا. فهولاء النساء المسبیّات و السراری محلّل لشیعتنا فقط و محرّم علی غیرهم. و لا تدلّ علی التحلیل المطلق و لا تقول نحن حلّلنا و طیّبنا لشیعتنا مطلقا.

و لابدّ من التوجّه إلی أنّ الإمام علیه السلام عیّن بالتعلیل الذی ذکره بقوله: «فإنّه محلّل...» أنّ محلّ التحلیل و مصبّها هو هذه الامور ( ای الغنائم و المعادن و الاُساری...) التی لم یؤدّوا خمسها(2)

لا کلّ شیء.(3)

ص: 33


1- - الوسائل، باب 4 من ابواب الانفال ح 3.
2- - و نقول بالفارسیة: «این امور که خمس اش را نداده اند بر شیعیان ما حلال است نه همه چیز.
3- - أقول: و لو سلّم فهی لا تدلّ علی التحلیل مطلقاً بل بالنسبة إلی الفروج بقرینة صدر الحدیث و بیان دخول الزنا علی الناس من قبل الخمس و أنّه محلّل لشیعتنا لعدم وقوعهم فی الزناء و لیطیب ولادتهم.

لشیخنا الانصاری رحمه الله تعالی هنا کلام دقیق ینبغی ذکره، قال ره فی کتاب الخمس: و رواية ضريس الكناسي قال: «قال أبو عبد اللّه عليه السلام: أ تدري من أين دخل [على] الناس الزنا؟ فقلت: لا أدري، فقال: من قبل خمسنا أهل البيت إلّا لشيعتنا الأطيبين، فإنّه محلّل لهم و لميلادهم» فإنّ الظاهر من الخمس هنا أيضا خمس الغنيمة من الجواري المسبيّة، كما لا يخفى على المتأمّل، بل الظاهر من جميع ما كان من هذا القبيل من الأخبار: إرادة الخمس بهذا المعنى، لا خمس المكاسب.

و من هنا يظهر أنّ عنوان المناكح في كلمات الأصحاب لا يشمل الجارية التي هي من جملة مال التجارة إذا تعلّق بها الخمس، فإنّ الظاهر حرمة التصرّف فيها إذا بنى المتصرّف على عدم الضمان و تصرّف فيها كتصرّفه في أمواله، كذلك الجارية التي اشتريت بعين المال الذي تعلّق بعينه الخمس كالمعادن و الغوص و الحلال المختلط، فإنّ الظاهر حرمة وطء تلك الجارية، لعموم ما دلّ على حرمة شراء الخمس، المكنّى به عن مطلق المعاملة به، المستلزم لحرمة ما يحصل بيد الناقل من عوضه.

نعم، ربّما يظهر من بعض الأخبار عموم كلّ جارية تعلّق بها حقّ الإمام عليه السلام، مع أنّ في التعليل بطيب الولادة دلالة عليه، إلّا أن يدّعى انصرافه إلى ما هو الغالب في أمّهات الأولاد، من تملّك الشيعة لهنّ إمّا بالسبي و إمّا بالاشتراء من السابي، و هو الأغلب، و أمّا المنتقلة بإزاء عين مال تعلّق به الخمس، أو ما كان من جملة مال تجارة تعلّق بعينه الخمس فهو في غاية الندرة، و الظاهر عدم شمول الأخبار لمثله، حتّى مثل قوله

ص: 34

عليه السلام: «إنّا أحللنا أمّهات شيعتنا لآبائهم ليطيبوا» بل ربّما يتأمّل في شمولها لما إذا كان السابي شيعيّا، فإنّ الظاهر عدم انصراف الأخبار إليه، لأنّ الغالب هو انتقال السبايا إلى الشيعة بالشراء، و لو فرض حضورهم معهم في الاغتنام فالمنتقل إليه هو الحاصل بعد القسمة، فكأنّه أيضا وصل منهم إليه.

إنّما الكلام فيما لو استقلّ الشيعة بالاغتنام، و لا بعد أن لا يملكوا حينئذ حقّ الإمام عليه السلام، و إن ملكوا حقّه إذا انتقل ما فيه الحقّ إليهم من غيرهم، نظير حرمة تصرّفهم في مكاسبهم و أموالهم التي تعلّق بها الخمس مع حلّية التصرّف فيما ينتقل من ذلك من غيرهم إليهم، و لا ينفع التمسّك بعموم التعليل لأنّه أيضا وارد مورد الغالب، فكأنّ المراد رفع المفسدة الحاصلة من انتشار السبي و الغنائم و عموم ابتلاء الشيعة بهما، و وقوعهم من أجل ذلك في الزنا.

إلّا أن يقال: إنّه لا مانع من أن يكون المراد: رفع خبث الميلاد عن الشيعة من أيّ سبب حصل من الأسباب التي كان بيدهم رفعها، فيحلّ لهم المناكح التي تتعلّق بها حقوقهم من أيّ جهة كان.

ص: 35

إلّا أنّ ما اخترناه أوّلا هو مقتضى الجمع بين أخبار التحليل و بين ما سبق من صحيحة الحلبي: «في الرجل من أصحابنا يكون في لوائهم فيصيب غنيمة؟ قال: يؤدّي خمسنا و يطيب له الباقي»(1)

الحدیث الخامس عشر:

روی الشیخ الطوسی باسناده عن سعد بن عبدالله عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ أَبِي مَسْرُوقٍ عَنِ السِّنْدِيِّ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ الزَّيَّاتِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ كَثِيرٍ الرَّقِّيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «النَّاسُ كُلُّهُمْ يَعِيشُونَ فِي فَضْلِ مَظْلِمَتِنَا إِلَّا أَنَّا أَحْلَلْنَا شِيعَتَنَا مِنْ ذَلِكَ.»(2)

وجه الاستدلال: أنّ هذا الحدیث بحسب ظاهره یدل علی التحلیل المطلق.

أقول: المراد من قوله علیه السلام: «أحللنا شیعتنا من ذلک» یعنی من ذلک المظلمة لا جمیع الخمس. فعیشهم (أی عیش الناس و أهل الخلاف) من مظلمتنا، و المظلمة هو غصب الخلافة؛ فإنّ الشیعة یعیشون معهم و یبتلون بهم ولکن لا یعیشون فی فضل مظلمتنا.

ص: 36


1- - کتاب الخمس، الشیخ الانصاری: 379 – 381.
2- - الوسائل، باب 4 من ابواب الانفال ح 7.

فمفاد الحدیث: أنّ الناس من الآن إلی یوم القیامة یعیشون فی فضل مظلمتنا ولکنّ الشیعة – فقط – لو وصل إلیه أموال من أهل الخلاف و من لا یعتقد بالخمس فهی له حلال. و لا یشمل الحدیث ایصال المال من الشیعة الی الشیعة بل یفصّل بین الشیعة و غیرها، فیحلّ للأول دون الثانی. فالشیعة کلّهم خارجون عنه.(1)

فما ذکره السید الخوئی رحمه الله من أنّه لو انتقل مال من الشیعة الی الشیعة الاُخری فیجب الخمس علی الشیعة المعطی و المنتقل عنه دون المنتقل إلیه و المعطی له فهو ممنوع بل التکلیف و الوجوب یختصّ بما إذا کان المعطی و المنتقل عنه ممّن لا یعتقد بالخمس کالکافر و أهل الخلاف. و الحاصل أنّ الحدیث لا یتکفّل و لا ینظر فیما اذا کانت الشیعة مدیونا للخمس و لا یؤدّی و لا یدلّ علی التحلیل المطلق و حلیة الخمس الواجب علی نفس الشیعة علیهم کحلیة خمس ارباح تجارتهم.

ص: 37


1- - فهذه الروایة أيضا إنّما وردت في الأموال التي كانت هي لهم علیهم السلام و قد غصبها الظالمون فانتقلت منهم إلى غيرهم فانتشرت بين الناس و منهم الشيعة فصحّ أنّ جميع الناس من الشيعة و غيرهم يعيشون فيما بقي من الأموال التي ظلمت الأئمة علیهم السلام بغصبها منهم ممّا وصلت الى الشيعة و الى غيرهم كالسبايا المسبية في الحروب و غيرها من الأموال و لكن الأئمة علیهم السلام حلّلوا شيعتهم ممّا وصلت إليهم بالشراء و غيره فهي ليست ناظرة إلى الأرباح رأسا.

الحدیث السادس عشر:

روی الشیخ الطوسی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ(1)

عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ أَبِي عُمَارَةَ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُغِيرَةِ النَّصْرِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ إِنَّ لَنَا أَمْوَالًا مِنْ غَلَّاتٍ وَ تِجَارَاتٍ وَ نَحْوِ ذَلِكَ وَ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ لَكَ فِيهَا حَقّاً؟ قَالَ فَلِمَ أَحْلَلْنَا إِذاً لِشِيعَتِنَا إِلَّا لِتَطِيبَ وِلَادَتُهُمْ وَ كُلُّ مَنْ وَالَى آبَائِي فَهُوَ فِي حِلٍّ مِمَّا فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ حَقِّنَا فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ.(2)

أقول: قد عدّ صاحب منتقی الجمان هذا الخبر من الصحاح و هو عنده من عُدّل رواته بعدلین.

قوله علیه السلام: «قد علمت أنّ لک فیها حقّاً» یحتمل أن یکون المراد من الحق غیر الخمس. کما یحتمل أن یکون المراد منه هو الخمس أو الاعمّ من ذلک. و علی فرض أن یکون المراد منه الخمس فلعلّ الظاهر من الخبر: أنّ الأئمّة علیهم السلام طیّبوا کلّ خمس یقع بأیدی الشیعة من المخالفین الذین لا یعتقدون الخمس لا خصوص الخمس الذی کان فی الغنائم التی غنمها الظالمون و الغاصبون لحقّ أمیرالمؤمنین علیه السلام و أئمّة الطاهرین علیهم السلام، هذا الذی ذکرناه – أی تحلیل الخمس المنتقل من المخالفین إلی

ص: 38


1- - في المصدر: سعد بن عبد اللّه.
2- - الوسائل، باب 4 من ابواب الانفال ح 9.

الشیعة – هو القدر المتیقّن من هذا الخبر، و إن کان یحتمل الأعمّ من المنتقل من المخالفین و من الشیعة إلی الشیعة فی خصوص ما یوجب انعقاد نطفتهم من الحلال. علی أی تقدیر، فاحتمال تحلیل الخمس مطلقا فغیر ظاهر من الحدیث.

فظاهر هذه الروایة أیضاً ورودها فی تحلیل خصوص ما کان من أموالهم علیهم السلام دائراً بین أیدی الناس من السبایا و غیر ذلک فلا دلالة فیها علی التحلیل المطلق.

و ببیان آخر: مفاد قوله علیه السلام: «أنّا حلّلنا لهم لأجل طیب ولادتهم» أنّ التحلیل یرتبط بالغلات و التجارات... الموجودة عند جمیع الشیعة الآن – الحاضر منهم و الغائب – و فیها حقوقهم علیهم السلام؛ لتطیب ولادتهم. و کأنّ الامام علیه السلام یقول: کلّ ما کان حلّله أمیرالمؤمنین علیه السلام فنحن حلّلناه؛ لئلا یتولّد نطفة الشیعه من حرام. فإنّه علیه السلام: لم یقل: «حلال» بل قال«أحللنا» سابقا فالحدیث یرتبط

ص: 39

بزمن الخاص و الماضی.(1)

و علی هذا فما ذکره السیّد الخوئی رحمه الله من استفادة الاطلاق من الحدیث(2)

فممنوع.

الحدیث السابع عشر:

روی الصدوق فی كِتَابِ إِكْمَالِ الدِّينِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِصَامٍ الْكُلَيْنِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيِّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ يَعْقُوبَ فِيمَا وَرَدَ عَلَيْهِ مِنَ التَّوْقِيعَاتِ بِخَطِّ صَاحِبِ الزَّمَانِ علیه السلام: «أَمَّا مَا سَأَلْتَ عَنْهُ مِنْ أَمْرِ الْمُنْكِرِينَ لِي - إِلَى أَنْ قَالَ - وَ أَمَّا الْمُتَلَبِّسُونَ بِأَمْوَالِنَا فَمَنِ اسْتَحَلَّ مِنْهَا شَيْئاً فَأَكَلَهُ فَإِنَّمَا يَأْكُلُ النِّيرَانَ. وَ أَمَّا الْخُمُسُ فَقَدْ أُبِيحَ لِشِيعَتِنَا وَ جُعِلُوا مِنْهُ فِي حِلٍّ إِلَى أَنْ يَظْهَرَ أَمْرُنَا لِتَطِيبَ وِلَادَتُهُمْ وَ لَا تَخْبُثَ».(3)

أقول: إنّ الروایة وردت فی جواب أسئلة إسحاق بن یعقوب و لا نعلم أنّ سؤاله ماذا حتّی یکون الجواب ناظراً إلیه و لم یصل إلینا أسئلته. و واضح أنّ الجواب دائماً ینظر إلی

ص: 40


1- - أقول: یحتمل أن یکون المراد من الحق هو الخمس المتعلّق بتلک الأموال قبل انتقالها إلی السائل فیصیر حینئذ من باب ما ینتقل ممّن لا یعتقد الخمس و لا ربط له بالمقام. مع احتمال حصر التحلیل فی طیب الولادة و هو المراد من المناکح و هو الذی یلزم أن یبلغ الشاهد الغائب و علی هذا فاستفادة الاطلاق من الحدیث فممنوع.
2- - المستند فی شرح العروة: 25/348. «حیث قال: فلا یمکن الاخذ باطلاق هذه النصوص جزماً.»
3- - الوسائل، باب 4 من ابواب الانفال ح 16.

السؤال فلعلّه سأله عن الغنائم و المناکح و اشباههما و أجابه بالإباحة فهی من هذه الجهة مبهمة مجملة لا یصح الرکون إلیها.

و مع غضّ النظر عن هذا الإشکال نقول: إنّ قوله علیه السلام فی ذیل الحدیث: «لتطیب ولادتهم» یوجب التخصیص فی إطلاق الخمس المذکور فی الروایة فیکون ناظرا إلی خصوص تحلیل المناکح و استفادة غیر المناکح مشکل.(1)

ص: 41


1- - أقول: و نذکر بعض أجوبة اُخری حتی یظهر منها الجواب عن کثیر من أخبار التحلیل: اولاً: فإنّه - مع الغض عن ضعف سنده و عن راوى هذه الرواية (و هو الشيخ الصدوق و الشیخ الكلينى ره الواقع في السند) حیث لم يروياه في آثارهما المعروفة اعنى كتاب من لا يحضر و الكافى بل الكتب الاربعة - على تقدير دلالتها لا تصحّ للمعارضة مع الاخبار الدالّة على لزوم إيصال الخمس إلى أهله. و ثانیاً: لو تمّ سنده، كان اعراض المشهور كافيا في اسقاطه عن الحجية، و لو سلّم فلا شک فی أنّه مخالف لظاهر الکتاب و موافق للعامة. و ثالثاً: هذه الروایة كالصريح في النظر الى نفس ما حلّله الائمة السابقون (ع) و تواطئوا عليه، و لهذا عبّر عنه بصيغة المبني للمجهول (أی: اُبیح) و أنّه أمر مفروغ عنه. و رابعاً: إنّ الحدیث ظاهر أنّ التحليل يختص بالأموال التي انتقلت إلى الشيعة من المنكرين فيكون لهم المهنى و عليهم الوزر. و خامساً: هذا الحدیث معارض في مورده ببعض ما ورد في المقام ممّا يدلّ على أخذ الخمس من ناحية صاحب الزمان (روحى فداه) مثل ما رواه الراوندى في الخرائج و قد ورد فيه: «ان العمرى وكيل الناحية المقدسة اخذ الخمس من بعض مواليه.» و في نفس الباب توقيعان آخران عن صاحب الزمان عليه السّلام يدلان على انكاره عليه السّلام أشدّ الانكار فعل من استحلّ من أمواله شيئا. نعم لم يصرّح فيهما بمال الخمس. و لكن قد يقال: إن الاخماس من اوضح مصاديق امواله، فلو كانت مباحة لا بد من التصريح فيهما بالاباحة، و تخصيص هذه الروايات المعارضة بزمن غيبة الصغرى، و اباحة الخمس بالغيبة الكبرى دعوى بلا دليل. و سادساً: انه لا يثبت اذن الامام عليه السّلام الذى هو من الموضوعات الخارجية كإذن سائر الناس في التصرف في اموالهم بمثل هذا التوقيع؛ لأنّ الخبر الواحد على فرض صحة سنده انما يعتبر في الاحكام، و اما الموضوعات فالمعتبر فيها التعدد الذى يعتبر في البينة. و مع ذلك يشكل الاعتماد على هذا الحديث في المقام، و لو فرض صحة اسناده يشكل الاعتماد عليه في الموضوعات الهامة، بل لا بد فيها من التظافر او عمل الاصحاب او غير ذلك من القرائن، و من الواضح ان تحليل جميع الاخماس في طول الغيبة الكبرى من تلك الموضوعات الهامّة التى لا يمكن الركون فيها الى خبر واحد حاله كما عرفت.

قال الشیخ المفید رحمه الله فی المقنعة: «إعلم أرشدک الله أنّ ما قدّمته فی هذا الباب من الرخصة فی تناول الخمس و التصرّف فیه إنّما ورد فی المناکح خاصّة للعلّة التی سلف ذکرها فی الآثار عن الأئمّة علیهم السلام «لتطیب ولادة شیعتهم» و لم یرد فی الأموال. و ما أخّرته عن المتقدّم ممّا جاء فی التشدید فی الخمس و الاستبداد به فهو یختص فی الأموال».(1)

الحدیث الثامن عشر:

روی الشیخ الطوسی بإسناده عن سعد بن عبد الله عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَائِذٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ سَالِمِ بْنِ مُكْرَمٍ وَ هُوَ أَبُو خَدِيجَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قَالَ رَجُلٌ وَ أَنَا حَاضِرٌ: حَلِّلْ لِيَ الْفُرُوجَ! فَفَزِعَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: لَيْسَ يَسْأَلُكَ أَنْ يَعْتَرِضَ الطَّرِيقَ إِنَّمَا يَسْأَلُكَ خَادِماً يَشْتَرِيهَا أَوِ امْرَأَةً يَتَزَوَّجُهَا أَوْ مِيرَاثاً يُصِيبُهُ أَوْ تِجَارَةً أَوْ شَيْئاً أُعْطِيَهُ، فَقَالَ: هَذَا لِشِيعَتِنَا حَلَالٌ الشَّاهِدِ مِنْهُمْ وَ الْغَائِبِ وَ الْمَيِّتِ مِنْهُمْ وَ الْحَيِّ وَ مَا يُولَدُ مِنْهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَهُوَ لَهُمْ حَلَالٌ. أَمَا وَ اللَّهِ! لَا يَحِلُّ إِلَّا لِمَنْ أَحْلَلْنَا لَهُ وَ لَا وَ اللَّهِ مَا أَعْطَيْنَا أَحَداً ذِمَّةً وَ لَا لِأَحَدٍ عِنْدَنَا مِيثَاقٌ.»(2)

ص: 42


1- - المقنعة: 267.
2- - الوسائل، باب 4 من ابواب الانفال ح 4.

أقول: فی السند «أبوخدیجة» و هو ثقة عند النجاشی(1)

و ضعیف عند الشیخ(2).

و قال فی معجم رجال الحدیث فی مقام تصحیح الرجل: أنّ الشیخ زعم أنّ أباخدیجة هو سالم بن أبی سلمة الکندی السجستانی فضعّفه.(3)

أقول: و فیه أنّه إدّعاء بلا دلیل، فربّما یذکر الشیخ رحمه الله رجلاً لم یذکره النجاشی و بالعکس. فأیّ مانع من تکنیة الأب و الإبن بکنیة واحدة، و قد ذکر الشیخ ره هنا فی التهذیب عن أبی سلمة سالم بن مکرّم و هو أبوخدیجة، و هذا الکلام من الشیخ یدلّ علی أنّه یعرف أنّ سالم بن مکرّم یکنّی بکنیتین....(4)

و الرواية ظاهرة فى أنّ معرضية وقوع بعض حقّهم بأحد الأسباب و أنّ ما يقع تحت يده من الغير متعلّقاً لحقّهم عليهم السّلام أوجبت سؤال السائل عنه عليه السّلام و طلبه الحلية عنه عليه السّلام. فتدلّ علی جواز المناكح في الجواري التي لم يؤدّ خمسها إن كانت بإذنه عليه السلام أو قلنا بأنّ الحرب الواقعة بغير إذن الإمام عليه السلام و كذا المشتراة من مال غير مخمّس، صونا لأولاد الشيعة أن يكونوا أولاد حرام نحو أولاد غيرهم،

ص: 43


1- - رجال النجاشی: 188 برقم: 501.
2- - الفهرست للشیخ الطوسی: 226 برقم: 337.
3- - معجم رجال الحدیث: 8/27.
4- - أقول: لابدّ من التأمّل و الفحص فیما ذکر حتی یظهر ما هو الحق فی ذلک.

فحلّ عليه السّلام لشيعته و هذا غير مرتبط بما نحن فيه و هو حلیة الخمس الواجب علی الشیعة.

فهذا الحدیث ینظر إلی ما کان محلّاً لابتلائهم و دلّ علی التحلیل فی الأموال التی تنتقل إلیه من الغیر بشراء و نحوه و أنّه لا یجب علی الآخذ و من انتقل إلیه إعطاء الخمس. و لا یمکن الأخذ بهذه العمومات علی نحو یشمل کلّ شیء حتّی نقول : لو كان في يد المخالف شي ء من هذه الأنفال يجوز أن يستنقذ منه ذلك بأنواع الأخذ مثل الخدعة و السرقة و القهر إذا أمكنه لأنّه غصب في أيديهم، فیحلّ لنا!

و السیّد الخوئی رحمه الله جعل هذه الروایة و روایة یونس بن یعقوب وجهاً للجمع و تفصیلاً بین من انتقل إلیه و من انتقل عنه، فقال بوجوب الخمس علی المنتقل عنه و إن کان شیعیّا فاسقاً ممتنعا عن الخمس. و هذا غیر تامّ؛ لأنّ خبر یونس بن یعقوب تحلیل موقّت حیث قال علیه السلام: «ما أنصفناکم إن کلّفناکم ذلک الیوم» مع أن قوله علیه السلام فی خبر یونس بن بعقوب: «تقع فی أیدینا الأموال» ظاهر فی إرادة الشیعة. فلفظة «أیدینا» یعنی نحن الشیعة تقع فی أیدینا الأموال من غیر الشیعة؛ إذ لو کان المراد شخصه لقال: تقع فی یدی.

و أمّا هذا الخبر فلیس فی السؤال و الجواب لفظة الخمس و لعلّه وصل إلیه مال فیه أموال لهم علیهم السلام فسئل عنها؛ فإنّ السائل لمّا رأی ما وقع فی أیدی الناس من

ص: 44

الأموال المحرّمة التی حصلت من الغنائم التی أخذوها و سائر المحرّمات التی تعارفت بین غیر الشیعة و انتقلت نسلاً بعد نسل و تبقی محلّ الابتلاء للنسل الآتی و تنتقل إلی أبدالها فی طول المدّة فتکون الاموال التی تصل إلی الشیعة إلی یوم القیامة مشتملة علی الحرام، سأل الامام علیه السلام عن تحلیل ذلک، و أجاب علیه السلام بأنّ هذه المعاملات حلال للشیعة. نعم إطلاقه شامل لما إذا کان حرمة المذکورات من ناحیة وجود حقّ الإمام علیه السلام، و لا إطلاق له یشمل ما لو عُلم وجود خمس الإمام فی المال المأخوذ من الشیعة.

و الامام علیه السلام قال بصریح کلامه: «هذا لشیعتنا حلال» ولو کان هو المعطی و من انتقل عنه المال.(1) فالمستفاد من مجموع الخبر أنّ الامام علیه السلام فصّل بین الشیعة و بین غیرهم فحلّل للشیعة دون غیرهم. و هذا لا یلائم القول بأنّه لو تعلّق الخمس بعین المال عند الشیعة کمعدن أو غوص أو کنز و استخرجه و لم یخمّسه عاصیاً فباعه إلی شیعة آخر، أنّ خمسه حلال للمشتری و یکون فی ذمّة البایع؛ لأنّ البایع أیضاً من الشیعة. فإطلاق تحلیله للشیعة یشمل الموجودین و المعدومین سواء کان بایعاً أو مشتریاً أو غیرهما. و لیس فی الخبر أنّه لو باع الشیعة ما فیه الخمس أو وهبه، انتقل الخمس إلی الثمن أو صار ذمة الواهب مشغولة.

ص: 45


1- - نعم قد یستشکل بأنّ ترک الاستفصال یفید العموم إلا أن نقول: وضوح معلومیّة التفصیل فی الحدیث بین الشیعة و المخالف یرفع الإشکال فی البین.

أضف إلی ذلک، أنّه هل یمکن حمل کلامه علیه السلام فی صحیحة الفضلاء الّتی تقدّم سابقا: «ألا و انّ شیعتنا من ذلک فی حلّ» علی المنتقل إلیه من الشیعة دون المنتقل عنه و لوکان شیعیّاً معتقدا فاسقا ممتنعاً عن الخمس.

و الحاصل، أنّ المفهوم منها هو: وجوب الخمس علی المنتقل عنه إن کان مخالفا منکراً دون ما إذا کان مقرّا معتقداً فاسقا ممتنعاً من الخمس. و علی هذا فلو اشتریتَ مالاً متعلّقا للخمس من شیعیّ فیکون البیع بالنسبة إلی مقدار الخمس فضولیّاً و لا معنی لحلیّته بالنسبة الی المشتری و المنتقل الیه دون البایع و المنتقل عنه فیما کان شیعیا کما ذهب الیه السید الخوئی رحمه الله.(1)

و علی هذا، فلو استخرج شیعیّ معدِناً و باع قبل إخراج الخمس فالبیع فضولی بالنسبة إلی الخمس.....

و لذا قال الشیخ الاعظم رحمه الله: «ظاهر هذه الأخبار: اختصاصها بالمال المنتقل ممّن لا يعتقد الخمس كالمخالف، و أمّا من لا يخمّس مع اعتقاده، ففي جواز الشراء منه إشكال،

ص: 46


1- - و قد اُجیب عنها: بأنّ هذه الروایة مختصة بمورد الفروج- و ان عمت مورد ثبوت الخمس على نفس الشخص من ذلك المورد- و ذلك لان السؤال عن تحليل الفروج، و التفصيل المذكور توضيحا للسؤال و ان كان في نفسه عاما لغير الجواري التي تكون متعلقة للخمس بكل شي ء، الا انه بقرينة كونه توضيحا للسؤال عن تحليل الفروج يظهر في اختصاصه بالجواري و يكون بيان الانحاء وقوع الجارية تحت اليد و التصرف. و لو ابيت عن الالتزام بذلك، فلا أقل من الاجمال الموجب لعدم صحة الاعتماد على الرواية.

أقربه: عدم الجواز، لعمومات حرمة شراء الخمس قبل وصول حقّهم عليهم السلام، و صريح الروضة كظاهر المحكيّ عن السرائر الجواز».(1)

الحدیث التاسع عشر:

روی الکلینی عن مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ حُكَيْمٍ مُؤَذِّنِ بْنِ عِيسَى قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: (وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى) فَقَالَ أَبُوعَبْدِ اللَّهِ علیه السلام بِمِرْفَقَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ ثُمَّ أَشَارَ بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ: «هِيَ وَ اللَّهِ الْإِفَادَةُ يَوْماً بِيَوْمٍ إِلَّا أَنَّ أَبِي جَعَلَ شِيعَتَهُ فِي حِلٍّ لِيَزْكُوا»(2).

أقول: فی السند محمّد بن سنان و فیه بحث، و حکیم، إمامی لم یرد فی حقّه فی کتب الرجال، توثیق و مدح.

و دلالته علی التحلیل المطلق غیر ظاهر؛ لأنّه فیه احتمالات:

ص: 47


1- - کتاب الخمس، الشیخ الانصاری: 383.
2- - الوسائل باب 4 من ابواب قسمة الخمس ح 8.

الأوّل: أن یکون المراد أنّ الغنیمة المذکورة فی الآیه و هی غنائم دار الحرب - حیث کانت بعد وفات النبیّ صلّی الله علیه وآله فی أیدی الناس و لم یخمّسوها - فهی الإفادات التی تحصل منها یوماً بیوم، و هذا الاحتمال وجیه و غیر بعید.

الثانی: أن تکون الغنیمة المذکورة فی الآیة الکریمة عبارة عن مطلق الإفادة من دون إخراج المؤونة فیکون التحلیل للشیعة راجعاً إلی مقدار المؤونة و یجب علیهم إخراج الخمس بعد مؤونة سنتهم. و هذا الاحتمال بعید.

الثالث: أن یکون التحلیل راجعاً إلی کلّ إفادة من المؤونة و غیرها، إلا أنّ قوله علیه السلام: «شیعته» ربّما یدلّ علی خصوص زمانه.

الحدیث العشرون:

مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ: قَالَ أَبُوعَبْدِ اللَّهِ علیه السلام:«عَلَى كُلِّ امْرِئٍ غَنِمَ أَوِ اكْتَسَبَ الْخُمُسُ مِمَّا أَصَابَ لِفَاطِمَةَ علیها السلام وَ لِمَنْ يَلِي أَمْرَهَا مِنْ بَعْدِهَا مِنْ ذُرِّيَّتِهَا الْحُجَجِ عَلَى النَّاسِ فَذَاكَ لَهُمْ خَاصَّةً يَضَعُونَهُ حَيْثُ شَاءُوا وَ حُرِّمَ عَلَيْهِمُ الصَّدَقَةُ حَتَّى الْخَيَّاطُ يَخِيطُ قَمِيصاً بِخَمْسَةِ دَوَانِيقَ فَلَنَا مِنْهُ دَانِقٌ إِلَّا مَنْ أَحْلَلْنَاهُ مِنْ شِيعَتِنَا لِتَطِيبَ

ص: 48

لَهُمْ بِهِ الْوِلَادَةُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَيْ ءٍ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْظَمَ مِنَ الزِّنَا إِنَّهُ لَيَقُومُ صَاحِبُ الْخُمُسِ فَيَقُولُ يَا رَبِّ سَلْ هَؤُلَاءِ بِمَا أُبِيحُوا(1)(2)

أقول: قوله علیه السلام: «غنم» أی فاز بالشیء من غیر مشقّة أو بلا بدل، لا خصوص ما یغنم فی الحرب فیشمل جمیع الاستفادات التی تحصل بغیر اکتساب.

و قوله علیه السلام: «أو اکتسب» أی ما حصل له بالکسب من تجارة أو إجارة و نحوهما و یکون المراد ممّا غنم و اکتسب جمیع الأموال التی یصل إلی المرء.

قوله علیه السلام: «لفاطمة علیها السلام و لذرّیتها الحجج» ظاهر الخبر أنّ جمیع خمس ما غنم و اکتسب لفاطمة و ذرّیتها الحسن و الحسین و أولاده علیهم السلام فی زمان صیرورتهم حججاً. و أمّا قبلها فجمیعها لفاطمة علیها السلام، و لعلّه غیر الخمس المصطلح؛ فإنّه للرسول صلّی الله علیه وآله و لذی القربی، أو ذکرت علیها السلام لأنّها إحدی مصادیق ذی القربی، و لعلّ المراد: فاطمة علیها السلام و ذرّیتها الحجج و من یکون من توابعهم من سائر السادة.

ص: 49


1- - في الاستبصار: نكحوا ( هامش المخطوط).
2- - الوسائل باب 8 من ابواب ما یجب فیه الخمس ح 8.

و قوله علیه السلام: «من شیعتنا» بیان لقوله: «من أحللناه» لأنّهم أحلّوا جمیع شیعتهم؛ لا خصوص الشیعة المعاصرین لأبی عبدالله علیه السلام، فلعلّه یظهر من مجموع الخبر تحلیلهم الخمس مطلقا فی جمیع الأزمان و لکنّ القدر المتیقّن ما یرجع إلی طیب الولادة.

قوله علیه السلام: «هؤلاء» أی الإماء، کما احتمله الشیخ الانصاری رحمه الله؛ و لکنّ ینافیه قوله: «اُبیحوا» لأنّه جمع المذکّر، و یحتمل إرجاعه إلی أولادهم. مضافاً إلی ما فی السند من عبد الله بن القاسم الحضرمی الذی فیه کلام.(1)

الحدیث الحادی و العشرون:

روی الکلینی عن مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ كَثِيرٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِاللَّهِ علیه السلام يَقُولُ: مُوَسَّعٌ عَلَى شِيعَتِنَا أَنْ يُنْفِقُوا مِمَّا فِي أَيْدِيهِمْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا قَامَ قَائِمُنَا حَرَّمَ عَلَى كُلِ ذِي كَنْزٍ كَنْزَهُ حَتَّى يَأْتِيَهُ بِهِ فَيَسْتَعِينَ بِهِ عَلَى عَدُوِّهِ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: (وَ الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ)(2)

ص: 50


1- - فلاحظ معجم رجال الحدیث: 10/284 – 285.
2- - الوسائل باب 4 من ابواب الانفال ح 11. أقول: هذه الروایة غیر دالة علی تحلیل الخمس بالمرّة بل مقتضاها أجنبیّ عن ذلک کما هو ظاهر.

الحدیث الثانی و العشرون:

روی مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ صَالِحِ بْنِ حَمْزَةَ عَنْ أَبَانِ بْنِ مُصْعَبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ ظَبْيَانَ أَوِ الْمُعَلَّى بْنِ خُنَيْسٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: مَا لَكُمْ مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ؟ فَتَبَسَّمَ ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ جَبْرَئِيلَ وَ أَمَرَهُ أَنْ يَخْرِقَ بِإِبْهَامِهِ ثَمَانِيَةَ أَنْهَارٍ فِي الْأَرْضِ مِنْهَا سَيْحَانُ وَ جَيْحَانُ وَ هُوَ نَهَرُ بَلْخٍ وَ الْخشوعُ وَ هُوَ نَهَرُ الشَّاشِ وَ مِهْرَانُ وَ هُوَ نَهَرُ الْهِنْدِ وَ نِيلُ مِصْرَ وَ دِجْلَةُ وَ الْفُرَاتُ فَمَا سَقَتْ أَوْ أَسْقَتْ (1) فَهُوَ لَنَا وَ مَا كَانَ لَنَا فَهُوَ لِشِيعَتِنَا وَ لَيْسَ لِعَدُوِّنَا مِنْهُ شَيْ ءٌ إِلَّا مَا غَصَبَ عَلَيْهِ وَ إِنَّ وَلِيَّنَا لَفِي أَوْسَعَ فِيمَا بَيْنَ ذِهْ إِلَى ذِهْ يَعْنِي بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا الْمَغْصُوبِينَ عَلَيْهَا خالِصَةً لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ(2) بِلَا غَصْبٍ»(3).

ص: 51


1- - في المصدر: استقت.
2- - الأعراف: 32.
3- - الوسائل باب 4 من ابواب الانفال ح 17. أقول: هذه الروایة بقرينة أنّ الملكية الثابتة لهم بهذه الرواية ملكيّة تشريفيّة (فخريّة) لتعلّقها بالأرض و المياه، و نحن نعلم بأنّهم لم يكونوا يعاملون الناس معاملة الملاك للمياه كلّها و الأرض، فالتحليل لابدّ أن يحمل على معنى آخر يتناسب مع سنخ الملكية فلا يرتبط بما نرومه من التحليل المالكي او نحوه المجوز للتصرف. کما أفاده بعض المحققین من الأعلام رحمه الله.

الحدیث الثالث و العشرون:

روی الکلینی عن مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: رَأَيْتُ مِسْمَعاً بِالْمَدِينَةِ(1) وَ قَدْ كَانَ حَمَلَ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع تِلْكَ السَّنَةَ مَالًا فَرَدَّهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقُلْتُ لَهُ: لِمَ رَدَّ عَلَيْكَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَالَ الَّذِي حَمَلْتَهُ إِلَيْهِ؟ قَالَ: فَقَالَ: لِي إِنِّي قُلْتُ لَهُ حِينَ حَمَلْتُ إِلَيْهِ الْمَالَ إِنِّي كُنْتُ وُلِّيتُ الْبَحْرَيْنَ الْغَوْصَ فَأَصَبْتُ أَرْبَعَمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَ قَدْ جِئْتُكَ بِخُمُسِهَا بِثَمَانِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَ كَرِهْتُ أَنْ أَحْبِسَهَا عَنْكَ وَ أَنْ أَعْرِضَ لَهَا وَ هِيَ حَقُّكَ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فِي أَمْوَالِنَا. فَقَالَ: أَ وَ مَا لَنَا مِنَ الْأَرْضِ وَ مَا أَخْرَجَ اللَّهُ مِنْهَا إِلَّا الْخُمُسُ؟ يَا أَبَا سَيَّارٍ إِنَّ الْأَرْضَ كُلَّهَا لَنَا. فَمَا أَخْرَجَ اللَّهُ مِنْهَا مِنْ شَيْ ءٍ فَهُوَ لَنَا. فَقُلْتُ لَهُ: وَ أَنَا أَحْمِلُ إِلَيْكَ الْمَالَ كُلَّهُ فَقَالَ يَا أَبَا سَيَّارٍ قَدْ طَيَّبْنَاهُ لَكَ وَ أَحْلَلْنَاكَ مِنْهُ فَضُمَّ إِلَيْكَ مَالَكَ وَ كُلُّ مَا فِي أَيْدِي شِيعَتِنَا مِنَ الْأَرْضِ فَهُمْ فِيهِ مُحَلَّلُونَ حَتَّى يَقُومَ قَائِمُنَا فَيَجْبِيَهُمْ طَسْقَ (2) مَا كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ وَ يَتْرُكَ الْأَرْضَ فِي أَيْدِيهِمْ وَ أَمَّا مَا كَانَ فِي أَيْدِي غَيْرِهِمْ فَإِنَّ كَسْبَهُمْ مِنَ الْأَرْضِ حَرَامٌ عَلَيْهِمْ حَتَّى يَقُومَ قَائِمُنَا فَيَأْخُذَ الْأَرْضَ مِنْ أَيْدِيهِمْ وَ يُخْرِجَهُمْ صَغَرَةً: قَالَ عُمَرُ بْنُ يَزِيدَ فَقَالَ لِي أَبُوسَيَّارٍ: مَا أَرَى أَحَداً مِنْ أَصْحَابِ الضِّيَاعَ وَ لَا مِمَّنْ يَلِي الْأَعْمَالَ يَأْكُلُ حَلَالًا غَيْرِي إِلَّا مَنْ طَيَّبُوا لَهُ ذَلِكَ.(3)

ص: 52


1- - يعني مسمع بن عبد الملك.
2- - الجباية أخذ الخراج و الطسق الوظيفة من الخراج.
3- - الکافی: 1/408، الوسائل باب 4 من ابواب الانفال ح 12.

هذه الروایة عام لا یختص بشخص خاص.(1)

الحدیث الرابع و العشرون:

رجال الكشي مُحَمَّدُ بْنُ مَسْعُودٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ فَارِسٍ عَنِ ابْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ شِهَابِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: إِنَّ عِلْبَاءَ الْأَسَدِيَّ وُلِّيَ الْبَحْرَيْنَ فَأَفَادَ سَبْعَمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ وَ دَوَابَّ وَ رَقِيقاً قَالَ فَحَمَلَ ذَلِكَ كُلَّهُ حَتَّى وَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع ثُمَّ قَالَ إِنِّي وُلِّيتُ الْبَحْرَيْنَ لِبَنِي أُمَيَّةَ وَ أَفَدْتُ كَذَا وَ كَذَا وَ قَدْ حَمَلْتُهُ كُلَّهُ إِلَيْكَ وَ عَلِمْتُ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَمْ يَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْئاً وَ أَنَّهُ كُلَّهُ لَكَ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع هَاتِهِ قَالَ فَوَضَعَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ لَهُ قَدْ قَبِلْنَا مِنْكَ وَ وَهَبْنَاهُ لَكَ وَ أَحْلَلْنَاكَ مِنْهُ وَ ضَمِنَّا لَكَ عَلَى اللَّهِ الْجَنَّةَ(2).

ص: 53


1- - أقول: يحتمل – کما احتمله صاحب الوسائل رحمه الله تعالی- كون الأرض الّتي حلّ عليه السّلام لشيعته ارضا خاصة الّتي ولّيها أو أرض الأنفال، و علی هذا لا تدلّ الرواية على حلية مطلق الخمس للشيعة و المحتملُ كونه متولّيا على الغوص من قبل حاكم الجور. فما وقع فى يده هو ما يأخذ من الغوّاصين - كما يدلّ عليه رواية التاسع عشر و العشرین من الباب الرابع فی الوسائل - ورد فى إباحة حصة الإمام عليه السّلام من ابواب الأنفال و ما يختص بالامام. مضافاً إلی أنّها لا تدل على تحليل الخمس بقول مطلق، فإن المحلّل فيها لمطلق الشيعة هو الأرض، و تحليل الخمس للسياري تحليل شخصي، كما هو ظاهر قوله عليه السلام «قد طيّبنا لك و حلّلناك منه فَضُم إلیک مالَك»، فلا دلالة لها على تحليل الخمس مطلقا لمطلق الشيعة کما اُفید.
2- - رجال الكشّيّ: 175. أقول: قوله علیه السلام: «قد قبلنا منک و وهبناه لک» نص صريح في أنه عليه السّلام قد قبل ذلك منه و قبضه أولا، ثم من بعد القبول و القبض و هب له ما قبله منه و قبضه، فهذا تنصيص على عدم سقوط حصة الامام من الخمس في أبواب المناكح و المساكن و المتاجر. و یحتمل أن یقال: قوله علیه السلام: «و أحللناك منه» و الاحادیث الکثیرة التی وردت بلفظة الاحلال و الاباحة و ما في معناهما، انما مفاد ذلك مجرد اباحة التصرف قبل اخراج الخمس، لا سقوط حصة الامام من الخمس في أبواب المناكح و المساكن و المتاجر في زمان الغيبة، كما قد أعلن بالتصريح به الشيخ في كتابيه التهذيب و الاستبصار و شيخه الشيخ المفيد في كتبه. (لاحظ: تعلیقات المیرداماد: 2/454)

الحدیث الخامس و العشرون:

روی الشیخ الطوسی بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عِلْبَاءٍ الْأَسَدِيِّ فِي حَدِيثٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام فَقُلْتُ لَهُ: إِنِّي وُلِّيتُ الْبَحْرَيْنَ فَأَصَبْتُ بِهَا مَالًا كَثِيراً وَ اشْتَرَيْتُ مَتَاعاً وَ اشْتَرَيْتُ رَقِيقاً وَ اشْتَرَيْتُ أُمَّهَاتِ أَوْلَادٍ وَ وُلِدَ لِي وَ أَنْفَقْتُ وَ هَذَا خُمُسُ ذَلِكَ الْمَالِ وَ هَؤُلَاءِ أُمَّهَاتُ أَوْلَادِي وَ نِسَائِي قَدْ أَتَيْتُكَ بِهِ؟ فَقَالَ: أَمَا إِنَّهُ كُلَّهُ لَنَا وَ قَدْ قَبِلْتُ مَا جِئْتَ بِهِ وَ قَدْ حَلَّلْتُكَ مِنْ أُمَّهَاتِ أَوْلَادِكَ وَ نِسَائِكَ وَ مَا أَنْفَقْتَ وَ ضَمِنْتُ لَكَ عَلَيَّ وَ عَلَى أَبِي الْجَنَّةَ.(1)

ص: 54


1- - الوسائل، باب 1 من الانفال حدیث 13. أقول: هذا الحديث قد عدّه في الوافي في باب الأحاديث الدالة على تحليل الخمس. و قد یجاب: أنّ هذه الرواية كالصريحة في اختصاص التحليل بخصوص تلك السبايا و الأموال دون غيرها حيث قبل أبوجعفر عليه السّلام ما جاء به الراوي من خمس أمواله التي أصابها بعد ما أعلمه بأنّ كلّ ماله لهم عليهم السّلام ثمّ حلّله من أمهات أولاده و نسائه و ما أنفق في ذلك و ضمن له على نفسه بل على أبيه الجنة. أو فقل: إنّ الحدیث ليس بظاهر في التحلیل بل ربّما ظهر في خلاف ذلك، فإنّ ظاهر قوله: «قبلت ما جئت به» هو أخذ ما جاء به من الخمس و حلّه من الباقي حيث أنه أخبره أن الكل له. و یحتمل أن یقال: إنّ هذه الرواية ربما كانت مبتنيةً على أنّ البحرين كانت من الأنفال؛ لكون أرضه مما انجلى أهلها، و كان حكم الأنفال في زمن الإمام أنّه لو تصرّف فيه متصرّف بإذن الإمام كان خمسه للإمام، و إذا كان بغير إذن الإمام فالجميع للإمام.... والبحث هنا فی تحلیل مطلق ما فیه الخمس من أرباح المکاسب و غیره. مع أنّها واردة في مورد شخصي خاص، فلا يمكن أن يستفاد منها التحليل العام.

أقول: یستفاد من الأخبار أنّ کلّ الخمس لهم علیه السلام و هم یقسّمون بین المستحقّین. و الروایات التی ذکرت فیها تحلیل الخمس فطائفة منها ترتبط بالغنائم التی أخذها خلفاء الجور و أنّهم علیهم السلام حلّلوا ذلک لشیعتهم. و طائفة منها.... و بمراجعة الأخبار یظهر أنّه ارتفع التحلیل بعد زمان الامام الصادق و الکاظم علیهما السلام و حکموا بأنّه لا یشتری من الخمس شیئاً حتی یؤدّی حقّنا، فلاحظ.

فتحصّل من مجموع ما ذکرناه إلی هنا:

أنّ أخبار التحلیل علی اقسام: 1- قسم منها یرتبط بتحلیل الغنائم إلی یوم القیامة، فحلّلوا الأئمّة للشیعة الأموالَ و الغنائم التی کانت هی لهم علیهم السلام و قد غصبها الظالمون فانتقلت منهم إلی غیرهم فانتشرت بین الناس و منهم الشیعة و کانت سبباً لهلاک الناس.

2- و قسم منها یختصّ بالتحلیل علی زمان معیّن أو مدّة معیّنة فحلّ لجمیع الشیعة.

3- و قسم منها یرتبط بالتحلیل علی أشخاص معیّن.

4- و قسم منها یتکفّل لبیان التحلیل لمن لا یقدر علی أداء الخمس و کان محتاجاً و مدیوناً.

ص: 55

5- و بعضها تدلّ علی التحلیل الأبدی للشیعة – حتّی فی زماننا - إذا انتقل إلیه مال بشراء و نحوه ممّن لا یعتقد الخمس.

6- و بعضها مختصّة بتحلیل ما یرتبط بطیب الولادة و حلیّة النطفة من الشیعة إلی یوم القیامة.

7 - و قسم منها یرتبط بتحلیل أموال معیّن و قسم خاصّ من الخمس، کالخمس الثابت فی حق الظلمة الغاصبین لحقوقهم.... فأخبار التحلیل یحمل علی هذا الاختلاط و التقلّبات و التصرّفات الواقعة علی غیر جهة شرعیة. فلیس فیها ما یدلّ علی التحلیل المطلق.(1)

و لا یخفی أنّ أخبار التحلیل التی تتکفّل حلیّة مال الامام علیه السلام للشیعة لیس کأخبار التکلیف التی یعتمد فیها علی الأخبار الآحاد. فإنّ روایات التحلیل تقول: «إنّ الامام علیه السلام یرضی بالتصرّف فی ماله» فلابدّ من إقامة دلیل معتبر علی رضایة

ص: 56


1- - حتّی نقول: هل تصلح هذه الأخبار لمعارضة الأخبار الدالة علی وجوب أداء الخمس؟ و علی تقدیر التعارض ما هو الوظیفة مع کون أخبار التحلیل معرضاً عنه و مخالفاً للکتاب و موافقاً للعامة العمیاء.

الامام علیه السلام؛ فإنّها إخبار عن الموضوع و لا یمکن إثباتها بخبر واحد، فإنّه تحلیل الامام بالنسبة إلی حقه علیه السلام.(1)

الطائفة الثانیة:

اشارة

ما تدلّ على عدم الإباحة مطلقا. (أی الروایات الدالة علی وجوب أداء الخمس أو عدم جواز التصرف فیه).(2)

الحدیث الاول:

مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ فِي بَصَائِرِ الدَّرَجَاتِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: «قَرَأْتُ عَلَيْهِ آيَةَ الْخُمُسِ فَقَالَ مَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ لِرَسُولِهِ- وَ مَا كَانَ

ص: 57


1- - و قد صرّح به غير واحد من الاعاظم منهم المحقق الهمدانى في مصباح الفقيه عند التكلم في خمس الارباح: و حاصله: ان الخبر الواحد على فرض صحة سنده انما يعتبر في الاحكام، و اما الموضوعات فالمعتبر فيها التعدد الذى يعتبر في البينة. و مع ذلك يشكل الاعتماد على هذا الحديث في المقام.... و هذا کلّه بعد فرض الدلیل علی حجیّة البیّنة مطلقا.
2- - أقول: هذه الأخبار هو على نحوين: النحو الاول: ما ليس لسانه لسان نفي الحلية بل لسانه لسان وجوب اداء الخمس و التكليف باخراجه و نحوه، مما لا يتلاءم مع تحليل الخمس له و جواز عدم ادائه. توضیح ذلک: أنّ من أدلّة الخمس و أخباره ما لسانه لسان تعلق الخمس بالعين و اشتغال المال بالخمس، فهذا لا ينافي اخبار التحليل الدالة على انه لا يجب اداء هذا الحق الذي اشتغلت به العين، كما لا يخفى. و من أدلّته و أخباره ما لسانه بمفاد التكليف باداء الخمس و نحوه، فانه يتنافى مع اخبار التحليل الدالة على عدم وجوب الاداء. النحو الثاني: ما لسانه لسان نفي التحليل و عدم جواز التصرف بالخمس لمن عليه الحق. أمّا النحو الأوّل: فنذکر فی المتن نصّ بعض هذه الروايات، و نذکر فی وجهها بعض ما قیل و اُفید.

لِرَسُولِهِ فَهُوَ لَنَا ثُمَّ قَالَ وَ اللَّهِ لَقَدْ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَرْزَاقَهُمْ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ جَعَلُوا لِرَبِّهِمْ وَاحِداً وَ أَكَلُوا أَرْبَعَةً أَحِلَّاءَ ثُمَّ قَالَ هَذَا مِنْ حَدِيثِنَا صَعْبٌ مُسْتَصْعَبٌ لَا يَعْمَلُ بِهِ وَ لَا يَصْبِرُ عَلَيْهِ إِلَّا مُمْتَحَنٌ قَلْبُهُ لِلْإِيمَانِ.»(1)

الحدیث الثانی:

روی الکلینی عن مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام يَقُولُ: «إِنِّي لآَخُذُ مِنْ أَحَدِكُمُ الدِّرْهَمَ وَ إِنِّي لَمِنْ أَكْثَرِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَالًا مَا أُرِيدُ بِذَلِكَ إِلَّا أَنْ تُطَهَّرُوا».(2)

الحدیث الثالث:

روی الشیخ الطوسی بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ عَنِ الْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِي الرَّجُلِ مِنْ أَصْحَابِنَا يَكُونُ فِي أَوَانِهِمْ فَيَكُونُ مَعَهُمْ فَيُصِيبُ غَنِيمَةً، قَالَ: «يُؤَدِّي خُمُسَنَا وَ يَطِيبُ لَهُ».(3)

ص: 58


1- - الوسائل، باب 1 من ابواب ما یجب فیه الخمس، ح6. أقول: لا یخفی أنّ هذا التعبیر: « صَعْبٌ مُسْتَصْعَبٌ لَا يَعْمَلُ بِهِ وَ لَا يَصْبِرُ عَلَيْهِ» ظاهر فی أنّ صعوبة الخمس و عدم امكان الصبر عليه باعتبار التكليف بأدائه لا باعتبار الاعتقاد بوجوبه فقط، فلو كان الخمس محللا لم يكن من الصعب المستصعب و الذي لا يصبر عليه الا ممتحن قلبه للايمان، اذ لا يكون هناك الا الاعتقاد.
2- - الوسائل، باب 1 من ابواب ما یجب فیه الخمس، ح3. أقول: إنّها ظاهرة في تعارف الاخذ و لزوم العطاء و ان لم يكن الامام فقيراً و هو لا يتلاءم مع ثبوت التحليل، كما لا يخفى.
3- - الوسائل، باب 2 من ابواب ما یجب فیه الخمس، ح8. أقول: إنّها ظاهرة في وجوب الاداء كما هو شأن كلّ جملة خبرية واردة في مقام البعث و الطلب.

الحدیث الرابع:

روی الکلینی عن عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْمِقْدَامِ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ حَضِيرَةَ الْأَزْدِيِ قَالَ: وَجَدَ رَجُلٌ رِكَازاً(1)

عَلَى عَهْدِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام.... َفلَمَّا قَصَّ أَبِي عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام أَمْرَهُ قَالَ لِصَاحِبِ الرِّكَازِ: «أَدِّ خُمُسَ مَا أَخَذْتَ فَإِنَّ الْخُمُسَ عَلَيْكَ...»(2)

الحدیث الخامس:

روی الکلینی عن عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ يَزِيدَ(3) قَالَ: كَتَبْتُ جُعِلْتُ لَكَ الْفِدَاءَ تُعَلِّمُنِي مَا الْفَائِدَةُ وَ مَا حَدُّهَا رَأْيَكَ أَبْقَاكَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ تَمُنَّ عَلَيَّ بِبَيَانِ

ص: 59


1- - الركاز ككتاب بمعنى المركوز اي المدفون و اختلف أهل العراق و أهل الحجار في معناه فقال أهل العراق: الركاز المعادن كلها. و قال أهل الحجاز: الركاز المال المدفون خاصّة ممّا كنزه بنو أدم قبل الإسلام و القولان يحتملهما أهل اللغة لان كلا منهما مركوز في الأرض أي ثابت.( مجمع البحرين)
2- - الوسائل، باب 6 من ابواب ما یجب فیه الخمس، ح1. أقول: و ظهورها في لزوم الاداء بعد تعلق الخمس لا ينكر.
3- -في بعض النسخ[ عن يزيد].

ذَلِكَ لِكَيْلَا أَكُونَ مُقِيماً عَلَى حَرَامٍ لَا صَلَاةَ لِي وَ لَا صَوْمَ. فَكَتَبَ: «الْفَائِدَةُ مِمَّا يُفِيدُ إِلَيْكَ فِي تِجَارَةٍ مِنْ رِبْحِهَا وَ حَرْثٍ بَعْدَ الْغَرَامِ أَوْ جَائِزَةٍ».(1)

الحدیث السادس:

مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ بُهْلُولٍ عَنْ أَبِي هَمَّامٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ رَجُلًا أَتَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! إِنِّي أَصَبْتُ مَالًا لَا أَعْرِفُ حَلَالَهُ مِنْ حَرَامِهِ. فَقَالَ لَهُ: أَخْرِجِ الْخُمُسَ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ رَضِيَ مِنْ الْمَالِ بِالْخُمُسِ وَ اجْتَنِبْ مَا كَانَ صَاحِبُهُ يُعْلَمُ.»(2).

الحدیث السابع:

روی الشیخ الطوسی بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُصَدِّقِ بْنِ صَدَقَةَ عَنْ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ

ص: 60


1- - الوسائل، باب 8 من ابواب ما یجب فیه الخمس، ح7. أقول: هذا بناء على ان المسئول عنه الفائدة التي تكون موضوعا للخمس، فإنّ الخمس لو كان محلّلا لم يلزم من جهل موضوعه و حدّه، الاقامةُ على الحرام، كما هو واضح. و لا يخفى أنّها تدلّ علی عموم الحکم لمطلق الفائدة، بعد فرض کون الفائدة هی موضوع الخمس؛ إذ لم یعرف أخذها فی موضوع حکم فی الشرع غیر الخمس و بعد الالتزام بما هو مقتضی التسالم من عدم الفرق بین الجائزة و الهدیة و الهبة فإذا ثبت الحکم فی الجائزة کما هو مقتضی الروایة فهو یثبت فی نظائرها للجزم بعدم الفصل و عدم الفرق.
2- - الوسائل، باب 10 من ابواب ما یجب فیه الخمس، ح1.

عَمَلِ السُّلْطَانِ يَخْرُجُ فِيهِ الرَّجُلُ، قَالَ: «لَا إِلَّا أَنْ لَا يَقْدِرَ عَلَى شَيْ ءٍ يَأْكُلُ وَ لَا يَشْرَبُ وَ لَا يَقْدِرُ عَلَى حِيلَةٍ فَإِنْ فَعَلَ فَصَارَ فِي يَدِهِ شَيْ ءٌ فَلْيَبْعَثْ بِخُمُسِهِ إِلَى أَهْلِ الْبَيْتِ.»(1)

الحدیث الثامن:

مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام فَقَالَ: يَا أَمِيرَالْمُؤْمِنِينَ! أَصَبْتُ مَالًا أَغْمَضْتُ فِيهِ أَ فَلِي تَوْبَةٌ؟ قَالَ: ائْتِنِي بِخُمُسِهِ، فَأَتَاهُ بِخُمُسِهِ. فَقَالَ: هُوَ لَكَ إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا تَابَ تَابَ مَالُهُ مَعَهُ»(2).

الحدیث التاسع:

الحدیث التاسع:(3) روی الکلینی عن سَهْلٌ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدٍ الطَّبَرِيُّ قَالَ: كَتَبَ رَجُلٌ مِنْ تُجَّارِ فَارِسَ مِنْ بَعْضِ مَوَالِي أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام يَسْأَلُهُ الْإِذْنَ فِي الْخُمُسِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ كَرِيمٌ ضَمِنَ عَلَى الْعَمَلِ الثَّوَابَ ... لَا يَحِلُ مَالٌ إِلَّا مِنْ وَجْهٍ أَحَلَّهُ اللَّهُ وَ إِنَّ الْخُمُسَ عَوْنُنَا عَلَى دِينِنَا وَ

ص: 61


1- - الوسائل، باب 10 من ابواب ما یجب فیه الخمس، ح2.
2- - الوسائل، باب 10 من ابواب ما یجب فیه الخمس، ح3. أقول: قوله علیه السلام: «هو لک يعني المال الباقي». و بالجملة، فظهور هذه الروايات في عدم ثبوت التحليل و لزوم الاداء على الشخص نفسه لا ريب فيه.
3- - النحو الثاني: ما لسانه لسان نفي التحليل و عدم جواز التصرف بالخمس لمن عليه الحق. نذکر في إثبات ما نحن بصدده ثلاثة أحادیث فی المتن.

عَلَى عِيَالاتِنَا وَ عَلَى مَوَالِينَا... فَلَا تَزْوُوهُ عَنَّا وَ لَا تَحْرِمُوا أَنْفُسَكُمْ دُعَاءَنَا مَا قَدَرْتُمْ عَلَيْهِ فَإِنَّ إِخْرَاجَهُ مِفْتَاحُ رِزْقِكُمْ وَ تَمْحِيصُ ذُنُوبِكُمْ وَ مَا تَمْهَدُونَ لِأَنْفُسِكُمْ لِيَوْمِ فَاقَتِكُمْ وَ الْمُسْلِمُ مَنْ يَفِي لِلَّهِ بِمَا عَهِدَ إِلَيْهِ وَ لَيْسَ الْمُسْلِمُ مَنْ أَجَابَ بِاللِّسَانِ وَ خَالَفَ بِالْقَلْبِ وَ السَّلَامُ.....»(1)

الحدیث العاشر:

روی الکلینی بإِسْنَادِه عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: قَدِمَ قَوْمٌ مِنْ خُرَاسَانَ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَاعلیه السلام فَسَأَلُوهُ أَنْ يَجْعَلَهُمْ فِي حِلٍّ مِنَ الْخُمُسِ فَقَالَ: «مَا أَمْحَلَ هَذَا تُمْحِضُونَّا الْمَوَدَّةَ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَ تَزْوُونَ عَنَّا حَقّاً جَعَلَهُ اللَّهُ لَنَا وَ جَعَلَنَا لَهُ (2)

لَا نَجْعَلُ لَا نَجْعَلُ لَا نَجْعَلُ لِأَحَدٍ مِنْكُمْ فِي حِلٍّ»(3).

ص: 62


1- - الوسائل، باب 3 من ابواب الانفال و ما یختصّ بالامام علیه السلام ح 2. أقول: هذه الروایة نصّ فی عدم التحلیل بل یظهر منها عدم إمکان تحلیل الخمس لتوقّف حفظ الدین و عیالاتهم و موالیهم إلیه. و إن شئت قلت: فإنّها ظاهرة في لزوم أداء الخمس و موضوعها إن لم يكن خصوص من ثبت في حقّه الخمس فهو القدر المتيقن من السؤال و الجواب. فتقدم على اخبار التحليل لشمولها المورد بالاطلاق، و هي أضعف ظهورا من هذه الرواية في المورد المزبور کما اُفید.
2- - في نسخة زيادة- و هو الخمس( هامش المخطوط).
3- - الوسائل، باب 3 من ابواب الانفال و ما یختصّ بالامام علیه السلام ح3.

الحدیث الحادی عشر:

سَعِيدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ الرَّاوَنْدِيُّ فِي الْخَرَائِجِ وَ الْجَرَائِحِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْمُسْتَرِقِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمْدَانَ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْحُسَيْنِ فِي حَدِيثٍ عَنْ صَاحِبِ الزَّمَانِ علیه السلام: «أَنَّهُ رَآهُ وَ تَحْتَهُ ع بَغْلَةٌ شَهْبَاءُ.... فَقَالَ يَا حُسَيْنُ كَمْ تَرْزَأُ(1)

عَلَى النَّاحِيَةِ وَ لِمَ تَمْنَعُ أَصْحَابِي عَنْ خُمُسِ مَالِكَ ثُمَّ قَالَ إِذَا مَضَيْتَ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي تُرِيدُهُ تَدْخُلُهُ عَفْواً وَ كَسَبْتَ مَا كَسَبْتَ تَحْمِلُ خُمُسَهُ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ قَالَ فَقُلْتُ السَّمْعَ وَ الطَّاعَةَ ثُمَّ ذَكَرَ فِي آخِرِهِ أَنَّ الْعَمْرِيَّ أَتَاهُ وَ أَخَذَ خُمُسَ مَالِهِ بَعْدَ مَا أَخْبَرَهُ بِمَا كَانَ»(2).

و من الأخبار الظاهرة فی نفی التحلیل:

الحدیث الثانی عشر:

مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنِ الرِّضَا ع قَالَ: سُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ: (وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ

ص: 63


1- - رزأه- نقصه.( القاموس المحيط- رزأ- 1- 16).
2- - الوسائل، باب 3 من ابواب الانفال و ما یختصّ بالامام علیه السلام ح9. إنّ هذه الروايات الثلاثة ظاهرة في لزوم اداء الخمس و موضوعها ان لم يكن خصوص من ثبت في حقه الخمس- كما هو ظاهرها- فهو القدر المتيقن من السؤال و الجواب. فتقدم على أخبار التحليل، لأنّ ظهورها في المورد أضعف من ظهور مجموع هذه الروايات و ما تقدّم من النحو الاول، لانه بالاطلاق. و بذلك تتقيّد أخبار التحليل بغير صورة ثبوت الحق على الشخص نفسه بلا كلام، فإنّه مقتضى الجمع الدلالي کما اُفید.

خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى) فَقِيلَ لَهُ: فَمَا كَانَ لِلَّهِ فَلِمَنْ هُوَ؟ فَقَالَ: لِرَسُولِ اللَّهِ صلّی الله علیه و آله وَ مَا كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ ص فَهُوَ لِلْإِمَامِ. فَقِيلَ لَهُ: أَ فَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ صِنْفٌ مِنَ الْأَصْنَافِ أَكْثَرَ وَ صِنْفٌ أَقَلَّ مَا يُصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ: ذَاكَ إِلَى الْإِمَامِ أَ رَأَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ ص كَيْفَ يَصْنَعُ أَ لَيْسَ إِنَّمَا كَانَ يُعْطِي عَلَى مَا يَرَى كَذَلِكَ الْإِمَامُ.(1)

الحدیث الثالث عشر:

مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ كَتَبَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي علیه السلام أَخْبِرْنِي عَنِ الْخُمُسِ أَ عَلَى جَمِيعِ مَا يَسْتَفِيدُ الرَّجُلُ مِنْ قَلِيلٍ وَ كَثِيرٍ مِنْ جَمِيعِ الضُّرُوبِ وَ عَلَى الصُّنَّاعِ وَ كَيْفَ ذَلِكَ؟ فَكَتَبَ بِخَطِّهِ الْخُمُسُ بَعْدَ الْمَئُونَةِ.(2)

ص: 64


1- - الوسائل، باب 2 من ابواب قسمة الخمس ح 1.
2- - الوسائل، باب 8 من ابواب ما یجب فیه الخمس ح1. أقول: لا إشکال فی دلالتها علی ثبوت الخمس فی الفائدة فی الجملة من جهة ظهور سؤال السائل فی المفروغیة عن ثبوته فیها و کون التردید فی ثبوته فی القلیل و الکثیر، و لکنّه لا یستفاد العموم لجمیع أنواع الفائدة لعدم الاطلاق من هذه الجهة فی کلامه. و لعلّ الظاهر کون السؤال عن العموم من جهة المقدار و أنّه هل یفرّق بین القلیل و الکثیر فی ثبوت الخمس فی الفائدة، و القرینة علی ذلک هو تفسیر السائل الموصول فی قوله: «ما یستفید» بقوله: «من قلیل و کثیر» فإنّ الظاهر منه أنّ النظر فی السؤال هو جهة الکثرة و القلة، فتأمّل!.

الحدیث الرابع عشر:

مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي نَصْرٍ قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍعلیه السلام: الْخُمُسُ أُخْرِجُهُ قَبْلَ الْمَئُونَةِ أَوْ بَعْدَ الْمَئُونَةِ؟ فَكَتَبَ بَعْدَ الْمَئُونَةِ.(1)

الحدیث الخامس عشر:

مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْهَمَذَانِيِّ أَنَّ فِي تَوْقِيعَاتِ الرِّضَا علیه السلام إِلَيْهِ: أَنَّ الْخُمُسَ بَعْدَ الْمَئُونَةِ.(2)

الحدیث السادس عشر:

روی الشیخ الطوسی بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ جَمِيعاً عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ قَالَ كَتَبَ إِلَيْهِ أَبُو جَعْفَرٍ ع وَ قَرَأْتُ أَنَا كِتَابَهُ إِلَيْهِ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ قَالَ:.... ِإنَّ مَوَالِيَّ أَسْأَلُ اللَّهَ صَلَاحَهُمْ أَوْ بَعْضَهُمْ قَصَّرُوا فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ فَعَلِمْتُ ذَلِكَ فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُطَهِّرَهُمْ وَ أُزَكِّيَهُمْ بِمَا فَعَلْتُ مِنْ أَمْرِ الْخُمُسِ فِي عَامِي هَذَا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِها...)(3).... فَأَمَّا الْغَنَائِمُ وَ

ص: 65


1- - الوسائل باب 12 من ابواب ما یجب فیه الخمس ح 1.
2- - الوسائل باب 12 من ابواب ما یجب فیه الخمس ح2.
3- - التوبة 9.

الْفَوَائِدُ فَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِمْ فِي كُلِّ عَامٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ- وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَ ما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ وَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ)(1) فَالْغَنَائِمُ وَ الْفَوَائِدُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَهِيَ الْغَنِيمَةُ يَغْنَمُهَا الْمَرْءُ وَ الْفَائِدَةُ يُفِيدُهَا وَ الْجَائِزَةُ مِنَ الْإِنْسَانِ لِلْإِنْسَانِ الَّتِي لَهَا خَطَرٌ وَ الْمِيرَاثُ الَّذِي لَا يُحْتَسَبُ مِنْ غَيْرِ أَبٍ وَ لَا ابْنٍ وَ مِثْلُ عَدُوٍّ يُصْطَلَمُ فَيُؤْخَذُ مَالُهُ وَ مِثْلُ مَالٍ يُؤْخَذُ لَا يُعْرَفُ لَهُ صَاحِبٌ وَ مَا صَارَ إِلَى مَوَالِيَّ مِنْ أَمْوَالِ الْخُرَّمِيَّةِ(2)

الْفَسَقَةِ فَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ أَمْوَالًا عِظَاماً صَارَتْ إِلَى قَوْمٍ مِنْ مَوَالِيَّ فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ شَيْ ءٌ مِنْ ذَلِكَ فَلْيُوصِلْ إِلَى وَكِيلِي وَ مَنْ كَانَ نَائِياً بَعِيدَ الشُّقَّةِ فَلْيَتَعَمَّدْ لِإِيصَالِهِ وَ لَوْ بَعْدَ حِينٍ...(3)

أقول: هذه الروایة صحیحة السند و دلالتها واضحة لا إجمال فیها.

ص: 66


1- - الأنفال 8- 41.
2- - الخرمية: هم أصحاب التناسخ و الاباحة ( القاموس- خرم- 4- 104. هامش المخطوط).
3- - الوسائل، باب 8 من ابواب ما یجب فیه الخمس ح 5.

الحدیث السابع عشر:

روی الشیخ الطوسی باسناده عن سعد بن عبدالله عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ شُجَاعٍ النَّيْسَابُورِيِ (1) أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا الْحَسَنِ الثَّالِثَ علیه السلام: عَنْ رَجُلٍ أَصَابَ مِنْ ضَيْعَتِهِ مِنَ الْحِنْطَةِ مأة کرّ(2)

مَا يُزَكَّى فَأُخِذَ مِنْهُ الْعُشْرُ عَشَرَةَ أَكْرَارٍ وَ ذَهَبَ مِنْهُ بِسَبَبِ عِمَارَةِ الضَّيْعَةِ ثَلَاثُونَ كُرّاً وَ بَقِيَ فِي يَدِهِ سِتُّونَ كُرّاً مَا الَّذِي يَجِبُ لَكَ مِنْ ذَلِكَ وَ هَلْ يَجِبُ لِأَصْحَابِهِ مِنْ ذَلِكَ عَلَيْهِ شَيْ ءٌ فَوَقَّعَ علیه السلام: لِي مِنْهُ الْخُمُسُ مِمَّا يَفْضُلُ مِنْ مَئُونَتِهِ.(3)

الحدیث الثامن عشر:

روی الشیخ الطوسی بِإِسْنَادِهِ عَنِ الرَّيَّانِ بْنِ الصَّلْتِ قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ علیه السلام: مَا الَّذِي يَجِبُ عَلَيَ يَا مَوْلَايَ فِي غَلَّةِ رَحَى أَرْضٍ فِي قَطِيعَةٍ لِي وَ فِي ثَمَنِ سَمَكٍ وَ

ص: 67


1- - في نسخة- علي بن محمّد بن شجاع النيسابوريّ( هامش المخطوط).
2- - اضاف في التهذيب هنا قوله: «مائة كر» و كذا في الاستبصار، لكن لم يرد فيه قوله-( ما يزكى).
3- - الوسائل باب 8 من ابواب ما یجب فیه الخمس ح 2. أقول: لا یخفی فی دلالتها على ثبوت الخمس، الا أن موضوعها مختص بغلة الضيعة، فلا تشمل الرواية مطلق الفائدة. و قیل: باحتمال عدم ثبوت الخمس في الغلة بعنوان الفائدة لاحتمال كون الضيعة خراجية و احتمال ثبوت الخمس في الاراضي الخراجية، و حيث انه لم يدفع فيستوفى من غلاتها الخمس و جعل ذلك بدلًا عن خمس رقبة الأرض. فان مجرد احتمال ذلك كاف في نفي الدلالة على المدعى لعدم الجزم حينئذ بان ثبوت الخمس في الغلة بعنوان الفائدة، اذ لم يصرح فيها بذلك. فتدبر.

بَرْدِيٍّ وَ قَصَبٍ أَبِيعُهُ مِنْ أَجَمَةِ هَذِهِ الْقَطِيعَةِ؟ فَكَتَبَ: يَجِبُ عَلَيْكَ فِيهِ الْخُمُسُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. (1)

الحدیث التاسع عشر:

مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُفِيدُ فِي الْمُقْنِعَةِ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: كُلُّ شَيْ ءٍ قُوتِلَ عَلَيْهِ عَلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ ص فَإِنَّ لَنَا خُمُسَهُ وَ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنَ الْخُمُسِ شَيْئاً حَتَّى يَصِلَ إِلَيْنَا نَصِيبُنَا.(2)

الحدیث العشرون:

مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: عَلَى كُلِّ امْرِئٍ غَنِمَ أَوِ اكْتَسَبَ الْخُمُسُ مِمَّا أَصَابَ لِفَاطِمَةَ علیها السلام وَ لِمَنْ يَلِي أَمْرَهَا مِنْ بَعْدِهَا مِنْ ذُرِّيَّتِهَا الْحُجَجِ عَلَى النَّاسِ فَذَاكَ لَهُمْ خَاصَّةً يَضَعُونَهُ حَيْثُ شَاءُوا وَ حُرِّمَ عَلَيْهِمُ الصَّدَقَةُ حَتَّى الْخَيَّاطُ يَخِيطُ قَمِيصاً بِخَمْسَةِ دَوَانِيقَ فَلَنَا مِنْهُ دَانِقٌ إِلَّا مَنْ أَحْلَلْنَاهُ مِنْ شِيعَتِنَا لِتَطِيبَ

ص: 68


1- - الوسائل باب 8 من ابواب ما یجب فیه الخمس ح9. أقول: الروایة ظاهرة في ثبوت الخمس الا أن موضوعها خصوص الغلة و ثمن المبيع، فلا تشمل مطلق الفوائد.
2- - الوسائل، باب 3 من ابواب الانفال ح 10.

لَهُمْ بِهِ الْوِلَادَةُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَيْ ءٍ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْظَمَ مِنَ الزِّنَا إِنَّهُ لَيَقُومُ صَاحِبُ الْخُمُسِ فَيَقُولُ يَا رَبِّ سَلْ هَؤُلَاءِ بِمَا أُبِيحُوا(1).(2)

الحدیث الواحد و العشرون:

روی الشیخ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَلِيِّ بْنُ رَاشِدٍ، قُلْتُ لَهُ: أَمَرْتَنِي بِالْقِيَامِ بِأَمْرِكَ وَ أَخْذِ حَقِّكَ فَأَعْلَمْتُ مَوَالِيَكَ بِذَلِكَ، فَقَالَ لِي بَعْضُهُمْ: وَ أَيُّ شَيْ ءٍ حَقُّهُ؟ فَلَمْ أَدْرِ مَا أُجِيبُهُ؟ فَقَالَ يَجِبُ عَلَيْهِمُ الْخُمُسُ، فَقُلْتُ: فَفِي أَيِّ شَيْ ءٍ؟ فَقَالَ: فِي أَمْتِعَتِهِمْ وَ صَنَائِعِهِمْ (3) قُلْتُ: وَ التَّاجِرُ عَلَيْهِ وَ الصَّانِعُ بِيَدِهِ؟ فَقَالَ إِذَا أَمْكَنَهُمْ بَعْدَ مَئُونَتِهِمْ.(4)

الحدیث الثانی و العشرون:

روی الکلینی عن علی بن ابراهیم عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنِ الْعَبْدِ الصَّالِحِ ع قَالَ: الْخُمُسُ مِنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ مِنَ الْغَنَائِمِ وَ الْغَوْصِ وَ مِنَ الْكُنُوزِ وَ مِنَ

ص: 69


1- - في الاستبصار- نكحوا( هامش المخطوط).
2- - الوسائل، باب 8 من ابواب ما یجب فیه الخمس ح 8. أقول: فدلالتها علی وجوب الخمس واضح و لكن موضوعها خصوص الغنيمة و الاكتساب، فلا تشمل مطلق الفائدة.
3- - في نسخة: و ضياعهم( هامش المخطوط).
4- - الوسائل، باب 8 من ابواب ما یجب فیه الخمس ح 3. أقول: هذه الروایة تدلّ على وجوب الخمس ، و لكنها لا تدل على ثبوته في مطلق الفوائد، بل في خصوص ارباح التجارات و الصناعات.

الْمَعَادِنِ وَ الْمَلَّاحَةِ يُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ هَذِهِ الصُّنُوفِ الْخُمُسُ فَيُجْعَلُ لِمَنْ جَعَلَهُ اللَّهُ لَهُ وَ تُقْسَمُ الْأَرْبَعَةُ الْأَخْمَاسِ بَيْنَ مَنْ قَاتَلَ عَلَيْهِ وَ وَلِيَ ذَلِكَ وَ يُقْسَمُ بَيْنَهُمُ الْخُمُسُ عَلَى سِتَّةِ أَسْهُمٍ سَهْمٌ لِلَّهِ وَ سَهْمٌ لِرَسُولِ اللَّهِ ص- وَ سَهْمٌ لِذِي الْقُرْبَى وَ سَهْمٌ لِلْيَتَامَى وَ سَهْمٌ لِلْمَسَاكِينِ وَ سَهْمٌ لِأَبْنَاءِ السَّبِيلِ فَسَهْمُ اللَّهِ وَ سَهْمُ رَسُولِ اللَّهِ- لِأُولِي الْأَمْرِ مِنْ بَعْدِ رَسُولِ اللَّهِ وِرَاثَةً وَ لَهُ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ سَهْمَانِ وِرَاثَةً وَ سَهْمٌ مَقْسُومٌ لَهُ مِنَ اللَّهِ وَ لَهُ نِصْفُ الْخُمُسِ كَمَلًا وَ نِصْفُ الْخُمُسِ الْبَاقِي بَيْنَ أَهْلِ بَيْتِهِ فَسَهْمٌ لِيَتَامَاهُمْ وَ سَهْمٌ لِمَسَاكِينِهِمْ وَ سَهْمٌ لِأَبْنَاءِ سَبِيلِهِمْ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ عَلَى الْكِتَابِ وَ السُّنَّةِ...»(1)

الحدیث الثالث و العشرون:

مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ سَمَاعَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ ع عَنِ الْخُمُسِ؟ فَقَالَ: فِي كُلِّ مَا أَفَادَ النَّاسُ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ.(2)

ص: 70


1- - الوسائل، باب 1 من ابواب قسمة الخمس ح 8.
2- - الوسائل، باب 8 من ابواب ما یجب فیه الخمس ح 6. أقول: هی تدلّ على ثبوت الخمس في الفائدة في الجملة، لكنها لا تدل على التعميم لمطلق الفائدة، لانه و ان ورد فيها التعبير «بكل ما أفاد» و لكنه بقرينة قوله: «من قليل أو كثير» يكون الظاهر كون الملحوظ في التعميم خصوص جهة القلة و الكثرة دون جهة الانواع و الاصناف و لا الاعم كما لا يخفى.

الحدیث الرابع و العشرون:

مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ فِي الْمَجَالِسِ وَ عُيُونِ الْأَخْبَارِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ شَاذَوَيْهِ وَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْرُورٍ جَمِيعاً عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الرَّيَّانِ بْنِ الصَّلْتِ عَنِ الرِّضَا ع فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ قَالَ: وَ أَمَّا الثَّامِنَةُ فَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ: (وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى)(1)

فَقَرَنَ سَهْمَ ذِي الْقُرْبَى مَعَ سَهْمِهِ وَ سَهْمِ رَسُولِ اللَّهِ ص إِلَى أَنْ قَالَ فَبَدَأَ بِنَفْسِهِ ثُمَ (2) بِرَسُولِهِ ثُمَّ بِذِي الْقُرْبَى فَكُلُّ مَا كَانَ مِنَ الْفَيْ ءِ وَ الْغَنِيمَةِ وَ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا رَضِيَهُ لِنَفْسِهِ فَرَضِيَهُ لَهُم....»(3)

الحدیث الخامس و العشرون:

مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: قُلْتُ لَهُ (4) مَا أَيْسَرُ مَا يَدْخُلُ بِهِ الْعَبْدُ النَّارَ قَالَ مِنْ أَكْلٍ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ دِرْهَماً وَ نَحْنُ الْيَتِيمُ.(5)

ص: 71


1- - الأنفال 8- 41.
2- - في العيون زيادة- ثنى( هامش المخطوط).
3- - الوسائل، باب 1 من أبواب قسمة الخمس ح 10.
4- - في المصدر: قلت لأبي جعفر( عليه السلام) أصلحك اللّه.
5- - الوسائل، باب 2 من ابواب الانفال ح 5.

الحدیث السادس و العشرون:

مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ (1) عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ الْبَخْتَرِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: «خُذْ مَالَ النَّاصِبِ حَيْثُمَا وَجَدْتَهُ وَ ادْفَعْ (2)

إِلَيْنَا الْخُمُسَ.(3)

الحدیث السابع و العشرون:

مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ علیه السلام عَمَّا أَخْرَجَ الْمَعْدِنُ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ هَلْ فِيهِ شَيْ ءٌ؟ قَالَ لَيْسَ فِيهِ شَيْ ءٌ حَتَّى يَبْلُغَ مَا يَكُونُ فِي مِثْلِهِ الزَّكَاةُ عِشْرِينَ دِينَاراً.(4)

الحدیث الثامن و العشرون:

روی الصدوق فِي الْمُقْنِعِ قَالَ: رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَيْرٍ: أَنَّ الْخُمُسَ عَلَى خَمْسَةِ أَشْيَاءَ الْكُنُوزِ وَ الْمَعَادِنِ وَ الْغَوْصِ وَ الْغَنِيمَةِ وَ نَسِيَ ابْنُ أَبِي عُمَيْرٍ الْخَامِسَةَ.(5)

ص: 72


1- - في نسخة- الحسين بن سعيد( هامش المخطوط) و كذلك المصدر.
2- - في نسخة: و ابعث( هامش المخطوط).
3- - الوسائل، باب 2 من ابواب ما یجب فیه الخمس ح 6.
4- - الوسائل، باب 4 من ابواب ما یجب فیه الخمس ح 1.
5- - الوسائل، باب 2 من ابواب ما یجب فیه الخمس ح2.

روی الشیخ بِإِسْنَادِهِ عَنْ الْعَبْدِ الصَّالِحِ أَبِي الْحَسَنِ الْأَوَّلِ علیه السلام قَالَ: الْخُمُسُ مِنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ مِنَ الْغَنَائِمِ وَ مِنَ الْغَوْصِ وَ الْكُنُوزِ وَ مِنَ الْمَعَادِنِ وَ الْمَلَّاحَةِ.(1)

الحدیث التاسع و العشرون:

روی الصدوق بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَمَّا يَجِبُ فِيهِ الْخُمُسُ مِنَ الْكَنْزِ فَقَالَ مَا يَجِبُ الزَّكَاةُ فِي مِثْلِهِ فَفِيهِ الْخُمُسُ.(2)

الحدیث الثلاثون:

روی مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ: سُئِلَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ علیهما السلام عَمَّا يُخْرَجُ مِنَ الْبَحْرِ مِنَ اللُّؤْلُؤِ وَ الْيَاقُوتِ وَ الزَّبَرْجَدِ وَ عَنْ مَعَادِنِ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ هَلْ فِيهَا زَكَاةٌ؟ فَقَالَ: إِذَا بَلَغَ قِيمَتُهُ دِينَاراً فَفِيهِ الْخُمُسُ. (3)

ص: 73


1- - الوسائل باب 2 من ابواب ما یجب فیه الخمس ح 9.
2- - الوسائل، باب 5 من ابواب ما یجب فیه الخمس ح 2.
3- - الوسائل، باب 7 من ابواب ما یجب فیه الخمس ح 2.

الحدیث الواحد و الثلاثون:

روی الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ شُعْبَةَ فِي تُحَفِ الْعُقُولِ عَنِ الرِّضَا علیه السلام فِي كِتَابِهِ إِلَى الْمَأْمُونِ قَالَ: وَ الْخُمُسُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ مَرَّةً وَاحِدَةً.(1)

الحدیث الثانی و الثلاثون:

روی الشیخ الطوسی باسناده عن علی بن مهزیار قَالَ: كَتَبَ إِلَيْهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمَذَانِيُ: أَقْرَأَنِي عَلِيٌّ كِتَابَ أَبِيكَ فِيمَا أَوْجَبَهُ عَلَى أَصْحَابِ الضِّيَاعِ: أَنَّهُ أَوْجَبَ عَلَيْهِمْ نِصْفَ السُّدُسِ بَعْدَ الْمَئُونَةِ وَ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى مَنْ لَمْ تَقُمْ ضَيْعَتُهُ بِمَئُونَتِهِ نِصْفُ السُّدُسِ وَ لَا غَيْرُ ذَلِكَ فَاخْتَلَفَ مَنْ قِبَلَنَا فِي ذَلِكَ، فَقَالُوا: يَجِبُ عَلَى الضِّيَاعِ الْخُمُسُ بَعْدَ الْمَئُونَةِ مَئُونَةِ الضَّيْعَةِ وَ خَرَاجِهَا، لَا مَئُونَةِ الرَّجُلِ وَ عِيَالِهِ. فَكَتَبَ - وَ قَرَأَهُ عَلِيُّ بْنُ مَهْزِيَارَ: - عَلَيْهِ الْخُمُسُ بَعْدَ مَئُونَتِهِ وَ مَئُونَةِ عِيَالِهِ وَ بَعْدَ خَرَاجِ السُّلْطَانِ.(2)

ص: 74


1- - الوسائل، باب 2 من ابواب ما یجب فیه الخمس ح 13.
2- - الوسائل، باب 8 من ابواب ما یجب فیه الخمس ح4. أقول: هي ظاهرة في ثبوت الخمس في الضيعة. قیل: يحتمل ان يكون ثبوته فيها استيفاء للخمس الثابت في رقبة الأرض لاحتمال ارادة الضيعة الخراجية، و يمكن تأييد ذلك بقوله عليه السلام «و خراج السلطان» فانه يمكن ان يستظهر منه كون الموضوع الأرض الخراجية، فلا يكون الخمس الثابت بعنوان الفائدة.

الحدیث الثالث و الثلاثون:

مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ فِي آخِرِ السَّرَائِرِ نَقْلًا مِنْ كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هِلَالٍ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَتَبْتُ إِلَيْهِ فِي الرَّجُلِ يُهْدِي إِلَيْهِ مَوْلَاهُ وَ الْمُنْقَطِعُ إِلَيْهِ هَدِيَّةً تَبْلُغُ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ هَلْ عَلَيْهِ فِيهَا الْخُمُسُ؟ فَكَتَبَ علیه السلام: الْخُمُسُ فِي ذَلِكَ. وَ عَنِ الرَّجُلِ يَكُونُ فِي دَارِهِ الْبُسْتَانُ فِيهِ الْفَاكِهَةُ يَأْكُلُهُ الْعِيَالُ إِنَّمَا يَبِيعُ مِنْهُ الشَّيْ ءَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ خَمْسِينَ دِرْهَماً هَلْ عَلَيْهِ الْخُمُسُ؟ فَكَتَبَ أَمَّا مَا أُكِلَ فَلَا وَ أَمَّا الْبَيْعُ فَنَعَمْ هُوَ كَسَائِرِ الضِّيَاعِ.(1)

الحدیث الرابع و الثلاثون:

روی الشیخ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبَانٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعلیه السلام قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «مَنِ اشْتَرَى شَيْئاً مِنَ الْخُمُسِ لَمْ يَعْذِرْهُ اللَّهُ اشْتَرَى مَا لَا يَحِلُّ لَهُ»(2).

قوله علیه السلام: «اشتری شیئاً من الخمس» یشمل جمیع أنواع الخمس و کلَّ شیء متعلّقاً بالخمس.

ص: 75


1- - الوسائل، باب 8 من أبواب ما یجب فیه الخمس، ح10. أقول: هذه الروایة – مع الغضّ عن ضعف السند - تدلّ على ثبوت الخمس في ثمن المبيع من البستان و الهدية من المولى و المنقطع اليه. قیل: یحتمل ارادة البستان الخراجية أيضاً، فحینئذ لا تدل على المدعى. فتأمل!
2- - الوسائل باب 3 من ابواب الانفال ح 6.

و أمّا ما استدلّ به صاحب الوسائل و جمع آخر لوجوب الخمس - بما رواه مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي علیه السلام إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلٍ - وَ كَانَ يَتَوَلَّى لَهُ الْوَقْفَ بِقُمَ- فَقَالَ يَا سَيِّدِي! اجْعَلْنِي مِنْ عَشَرَةِ آلَافٍ (1)

فِي حِلّ فَإِنِّي قَدْ أَنْفَقْتُهَا. «فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ فِي حِلٍّ، فَلَمَّا خَرَجَ صَالِحٌ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍعلیه السلام أَحَدُهُمْ يَثِبُ عَلَى أَمْوَالِ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَيْتَامِهِمْ وَ مَسَاكِينِهِمْ وَ أَبْنَاءِ سَبِيلِهِمْ فَيَأْخُذُهُ ثُمَّ يَجِي ءُ فَيَقُولُ اجْعَلْنِي فِي حِلٍّ أَ تَرَاهُ ظَنَّ أَنِّي أَقُولُ: لَا أَفْعَلُ وَ اللَّهِ لَيَسْأَلَنَّهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْ ذَلِكَ سُؤَالًا حَثِيثاً»(2)-

و إن کان صحیح السند إلا أنّه لا صلة له بالخمس و لا أقلّ کونه للخمس غیر معلوم بل مرتبطة بالوقف.(3)

أقول: من لاحظ هذه الأخبار الکثیرة یری أنّ الائمة المتقدّم و المتأخّر عن الصادقین علیهما السلام حکموا بوجوب الخمس و أمروهم بذلک و ارتفع التحلیل بعدهما؛ لأن أخبار التحلیل جلّها - لو لا کلّها – صدر عن الصادقین علیهما السلام. و سَأَلُوا عن

ص: 76


1- - في التهذيب زيادة درهم( هامش المخطوط).
2- - الوسائل، باب 3 من ابواب الانفال ح 1.
3- - لعلّ الظاهر أنّه كان ممّن يتقى عليه السلام منه بقرينة حكمه عليه السلام بالتحليل في وجهه و التّصريح بخلافه بعد خروجه و حينئذ فلا يعارض الأخبار الدالة على التحليل للشّيعة. و قد یجاب: أنّ الاستدلال به على أصل الوجوب مبنيّ على كون المراد من «أموال آل محمّد وأيتامهم وحقّهم» هو الخمس و أنّه كان من الأرباح، و لا ظهور له في واحد منهما، فضلا عن كليهما؛ لاحتمال كون الوقف الذي كان الصالح متوليا عليه من قبله (عليه السلام) وقفا خاصّا لآل محمّد فلا ربط له حينئذ بباب الخمس أصلا، و على تقدير كونه خمسا لم يعلم أنّه خمس أرباح المكاسب أو غيره.

الرضا علیه السلام أن یجعلهم فی حلّ الخمس فأجاب ثلاثة مرّات «لا نجل لا نجعل لا نجعل أحداً منکم فی حلّ»(1) و هذا الحدیث نصّ فی نفی التحلیل. نعم حَلّل مولانا جوادُ الأئمة علیه السلام لشخص محتاج بقوله: «مَنْ أَعْوَزَهُ شَيْ ءٌ مِنْ حَقِّي فَهُوَ فِي حِل»(2) و التوقیع الشریف وردت فی جواب أسئلة إسحاق بن یعقوب و لا نعلم أنّ سؤاله ماذا حتّی یکون الجواب ناظراً إلیه و لم یصل إلینا أسئلته. مع أنّ القدر المتیقّن من أخبار التحلیل هو ما ذکره الشیخ رحمه الله حیث قال: « فإنّ الظاهر من الخمس هنا- أيضا- خمس الغنيمة من الجواري المسبيّة، كما لا يخفى على المتأمّل، بل الظاهر من جميع ما كان من هذا القبيل من الأخبار: إرادة الخمس بهذا المعنى، لا خمس المكاسب»(3)

و قد ذکرنا فیما تقدّم أن قِسم من أخبار تحلیل الأئمة علیهم السلام لشیعتهم ناظر إلی اختلاط الحرام و الحلال و غصب حقوقهم علیهم السلام و إهلاک الناس بذلک فحلّ لشیعتهم فی هذه الصورة لو وقع حقّهم فی أیدیهم. و لعلّه أشیر إلی ما ذکرناه سابقاً ما روی فی بحار الانوار عَنْ كِتَابِ الْعُدَدِ الْقَوِيَّةِ لِعَلِيِّ بْنِ يُوسُفَ أَخِ الْعَلَّامَةِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرِ بْنِ رُسْتُمَ الشِّيعِيِّ قَالَ: لَمَّا وَرَدَ سَبْيُ الْفُرْسِ (4)

أَرَادَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بَيْعَ

ص: 77


1- - الوسائل باب 3 من ابواب الانفال ح 3.
2- - الوسائل، باب 4 من ابواب الانفال ح 2.
3- - کتاب الخمس: 379.
4- - في المصدر زيادة: الى المدينة.

النِّسَاءِ وَ أَنْ يَجْعَلَ الرِّجَالَ عَبِيدَ الْعَرَبِ. فَقَالَ لَهُ أَمِيرُالْمُؤْمِنِينَ علیه السلام: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّی الله علیه وآله قَالَ: أَكْرِمُوا كَرِيمَ كُلِّ قَوْمٍ قَالَ عُمَرُ: قَدْ سَمِعْتُهُ (1)

يَقُولُ إِذَا أَتَاكُمْ كَرِيمُ قَوْمٍ فَأَكْرِمُوهُ فَإِنْ خَالَفَكُمْ فَخَالِفُوهُ.(2)

فَقَالَ لَهُ أَمِيرُالْمُؤْمِنِينَ ع: هَؤُلَاءِ قَوْمٌ قَدْ أَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَ رَغِبُوا فِي الْإِسْلَامِ وَ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِي (3)

فِيهِمْ ذُرِّيَّةٌ وَ أَنَا أُشْهِدُ اللَّهَ وَ أُشْهِدُكُمْ أَنِّي أَعْتَقْتُ نَصِيبِي مِنْهُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى. فَقَالَ جَمِيعُ بَنِي هَاشِمٍ: قَدْ وَهَبْنَا حَقَّنَا أَيْضاً لَكَ. فَقَالَ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ إِنَّي قَدْ أَعْتَقْتُ مَا وَهَبُونِي لِوَجْهِ اللَّهِ. فَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ: قَدْ وَهَبْنَا حَقَّنَا لَكَ يَا أَخَا رَسُولِ اللَّهِ ص. فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْهَدُ أَنَّهُمْ قَدْ وَهَبُوا لِي حَقَّهُمْ وَ قَبِلْتُهُ وَ أُشْهِدُكَ أَنِّي قَدْ أَعْتَقْتُهُمْ لِوَجْهِكَ. فَقَالَ عُمَرُ: لِمَ نَقَضْتَ عَلَيَّ عَزْمِي فِي الْأَعَاجِمِ وَ مَا الَّذِي رَغِبَكَ عَنْ رَأْيِي فِيهِمْ. فَأَعَادَ عَلَيْهِ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص فِي إِكْرَامِ الْكُرَمَاءِ فَقَالَ عُمَرُ: قَدْ وَهَبْتُ لِلَّهِ وَ لَكَ يَا أَبَا الْحَسَنِ مَا يَخُصُّنِي وَ سَائِرَ مَا لَمْ يُوهَبْ لَكَ فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع اللَّهُمَّ اشْهَدْ عَلَى مَا قَالُوهُ وَ عَلَى عِتْقِي إِيَّاهُمْ الْخَبَرَ».(4)

و لعلّ المقصود من هذا الحدیث أیضا ما تقدّم من الاختلاط بین الامور و الأخذ و الاعطاء من غیر جهة شرعی.

ص: 78


1- - في الحجرية: سمعت، و ما أثبتناه من المصدر.
2- - فخالفوه: ليس في المصدر.
3- - في الحجرية: لهم، و ما أثبتناه من المصدر.
4- - بحار الأنوار: 104/ 199 ح 21 عن العدد القويّة ص 10.

و علی فرض التعارض بین الطائفتین (أی الاخبار التحلیل - لو وجدنا فیها اطلاقاً - و الاخبار الدالة علی وجوب أداء الخمس) لا بدّ أن نأخذ بالقول المتأخر بمقتضی القاعدة و الأخبار.(1)

و قد وردت عن الائمة المتأخرّة عن الصادقین علیهما السلام الروایات الکثیرة الدالة علی وجوب أداء الخمس و هی قرینة واضحة علی حمل أخبار التحلیل علی المحامل المذکورة مع أنّا لم نجد روایة مطلقة علی تحلیل الخمس علی الشیعة و علی فرض وجودها لا بدّ من إرجاع علمها إلی أهلها؛ لکثرة ما یدلّ علی وجوب الخمس و عدم التحلیل. نعم الأخبار المطلقة الدالة علی وجوب الخمس قد خصّص فی بعض الموارد کما هو واضح ممّا ذکرناه.

مضافاً إلی أنّه یستفاد من ظاهر بعض الأخبار کلّ الخمس ملک لهم علیهم السلام و هم یقسّمون بین المستحقّین و صراحة بعض الأخبار تدلّ علی أنّ سهم الإمام علیه السلام ملک له و یختار فیه ما یشاء فإنّه ولیّ أمر المسلمین قد یحلّل لشخص خاص و قد یحلّل لزمان خاصّ، لأنّ أمر تحليل الخمس بيدهم علیهم السلام فيجوز استثناء بعض الأفراد و بعض الأزمان عن عموم التحليل. فإذا کان ملکاً شخصیّاً لمولانا الحجة علیه السلام یُصرف فی زمان الغیبة فیما یُعلم بحصول رضایته علیه السلام.

ص: 79


1- - فلاحظ منهاج الاصول:2/373.

فتلخّص ممّا ذکرناه: أنّه یمکن الجمع بین هذه الأخبار - مع قطع النظر عن وجوب الأخذ بما صدر عن المعصوم المتأخّر لو تعارض الأخبار- بوجوه، أشار إلی بعضها الشیخ الانصاری رحمه الله فی کلامه(1)

کما سنذکر کلامه عن قریب:

الأوّل: أن یراد من بعض الأخبار ما یقع فی أیدی الشیعة من جهة المعاملة مع من لا یعتقد الخمس.

الثانی: أن یراد من بعضها تحلیل ما یرتبط بطیب الولادة و حلیّة النطفة من الشیعة إلی یوم القیامة.

الثالث: أن یکون التحلیل للشیعة فی زمان خاصّ لأجل التقیّة؛ لأنّهم إذا بعثوا بأموالهم إلی الأئمة علیهم السلام اشتهر ذلک بین المخالفین و یصیر ذلک سبباً لإیذاء الشیعة.

الرابع: التحلیل لهم فی زمان خاصّ لضیق الأمر علی الشیعة و أخذ المخالفین منهم الأموال بالعناوین المختلفة.

الخامس: أن یکون التحلیل خاصّاً بالأموال المحرّمة التی حصلت بأیدی الناس من جهة غصب الخلافة عن امیرالمؤمنین علیه السلام.

السادس: أن یراد ما یقع فی أیدیهم من الأنفال المختصّة بالإمام علیه السلام.(2)

ص: 80


1- - کتاب الخمس، الشیخ الانصاری: 176 – 177.
2- - أقول: إذا وقفت علی الطائفتین من الروايات فنقول فی الجواب عن الطائفة الأولی المتوهمة دلالتها على تحليل الخمس فى حال الغيبة بوجوه: الأول: إذا تأمّلنا و نظرنا فی الروايات المستدلّة بها فى تحليل الخمس و ما فيها من الاشكال من حيث الدلالة أو السند لرأینا أنّا لو كنّا و هذه الروايات و لم يكن لنا شي ء آخر، لا بدّ أن نقول: بعدم دلالتها على المدّعى كما ذُکر ذلک فى ذيل كلّ رواية من الروايات و قلنا بعدم ربطه بالمقام (یعنی عدم وجود دليل على تحليل الخمس من قبلهم عليهم السّلام). و إن شئتَ قلتَ: إنّه لا دلالة لشي ء من هذه الروايات بنحو واضح على تحليل مطلق الخمس حتى خمس أرباح المكاسب الثابت في حق من بيده المال فعلا. و إنما هي ما بين مجملة الدلالة و ما يختص بتحليل ما يرجع الى تطييب الولادة، و ما يختص بتحليل نحو خاص من الخمس، كخمس الغنيمة، و ما یختصّ بتحلیل الأموال التی انتقلت إلی الشیعه من الغاصبین لحقوقهم و أموالهم علیهم السلام و المنکرین لخُمسهم فتکون ناظراً إلى نفس ما حلّله الائمة السابقون (ع) و تواطئوا عليه، فيكون لهم المهنى و عليهم الوزر. و لو أغمضنا عمّا ذکرناه فنقول: القدر المتيقن من تحليل خمس الارباح تحليل ما يرتبط بطيب الولادة من المآكل و المشارب و الفروج، إن قلنا بأنّ المراد من طيب الولادة نقاؤها و عدم خبثها، الأعم من عدم الزنا و عدم النطفة المنعقدة من الحرام. و الا- فلو قلنا بان المراد منه خصوص الولادة الشرعية لا بطريق الزنا- فيختصّ التحليل بالفروج، و لا دليل في البين على أكثر ممّا ذکرناه. مع أنّه یمکن أن یقال: ظاهر الحلية و الاباحة من الاخبار المذكورة هو الحلية و الاباحة المالكية بمعنى أنّ الإمام المعصوم المالك له، أباح للشيعة و ليس المراد الاباحة الشرعية بمعنى انّه بمقتضى شارعيته أباح للشيعة. و بعد ما كانت الاباحةُ الاباحةَ المالكيةَ تكون الشبهة موضوعية و لا بد من البينة فى الموضوعات و لا يكتفى فيها بالخبر الواحد كما يكتفى بها فى الشبهة الحكمية. إن قلت: بعد ورد الروايات الکثیرة الدالة عليها فقد حصلت البينة. قلتُ: إنّ الروايات و إن كانت كثيرةً لكنّ غايتها وثاقةُ بعض أسانيدها لا عدالة كلّ من فى طرقها و فى البينة لا بد من العدالة. (کما فی المستمسک: ج9/579) و لکنّه ممنوع بعد القول بحجية الخبر الواحد من باب الوثوق و الاطمينان و بناء العقلاء فى هذه الصورة فمع حصول الاطمينان بالصدور يثبت به الحلية المالية؛ لأنّ الاطمينان حجة من أىّ سبب حصل کما ذهب إلیه القوم فی البحث الاصول. فتأمّل! الثانی: لو التزمنا بظهور هذه الاخبار في التحليل مطلقا، فلا بد من رفع اليد عن هذا الظهور بالنسبة الى الخمس الثابت على من بيده المال فعلا و من في مقام الاداء: الف) لمنافاة التحليل بقول مطلق للحكمة الظاهرة من تشريعه و هي فقر فقراء السادة و انعاشهم و اعانتهم في معيشتهم. ب) و لاستلزام التحليل بقولٍ مطلقٍ لغويةَ تشريع الخمس و جعله، في الشريعة على أرباح المكاسب، اذ المخالف لا يعتقد بوجوبه و الموالي لا يؤدّي لأجل التحليل، فلا يتحقق امتثاله. و ارتفاع کلا المحذورین یتحقّق بالقول بنفی تحلیل الخمس الثابت علی من کان المال بیده. الثالث: بل نقول: إنّ هذه الأخبار المستدلّة بها فی تحلیل الخمس لا مقتضى للحجية لها؛ لانّها ممّا أعرض الاصحاب عنها فنكشف من إعراضهم وجود الريب فى صدورها. فتأمّل! و إن شئتَ قلتَ: عدم فهم الاصحاب منها التحليل بقول مطلق؛ فإنّه موهن لظهورها لو سُلّم الظهور. فهذه الوجوه يوجب الجزم بعدم إرادة تحليل الخمس بقول مطلق لو سلّم ظهورها فيه و خروج مورد ثبوت الخمس في حق الشخص نفسه بلا ارتياب. الرابع: و لو تنزّلنا عن ذلك و التزمنا بظهورها في العموم بلا مناقشة فنقول: إنّها معارضة بمثلها من الاخبار الکثیرة الّتي تدلّ بظاهرها بل بنصوصیة بعضها على عدم تحليل الخمس کما تقدّم بعضها. مضافاً إلى إطلاق الأخبار الدالة على وجوب الخمس بالاسباب الخاصة؛ فإنّها تدلّ علی الوجوب مع تعليله. الخامس: و لو قلنا بالتعارض البدوی بینهما فیجمع بینهما، فقیل: بحمل الطائفة الدالة على الحلية على زمان الحضور و الطائفة الدالة على عدم الحلية على حال الغيبة. و فیه: أنّ بعض الاخبار الدالة علی الحلیّة قابل لهذا الحمل لا کلّها، فلاحظ. مضافاً إلى أنّ ما ذُكر فى بعض الأخبار من حكمة عدم الحلية؛ - صوناً لحفظ عرضهم و عيالهم و دینهم و مواليهم - لا يساعد بهذا الجمع. و قیل: حمل الطائفة الاولى على حليّة خصوص الخمس الّذي يقع تحت أيدى الشيعة من قِبَل الغاصبين من باب ابتلائهم بهم و بمعاملاتهم و بما فى أيديهم - کما تقدّم مفصّلاً - و حمل الطائفة الثانية على خصوص الخمس الواجب على الشخص من الاسباب الخاصة من ربح تجارته و غير ذلك من الاسباب الموجبة للخمس. فهذا الجمع ليس ببعيد و يمكن القول به فی کثیر من الأخبار المذکورة؛ إذ قد یراد من بعضها ما یقع من الانفال المختصّة بالامام علیه السلام و من بعضها..... کما تقدّم فی کلام الشیخ رحمه الله و تبعه سیّدنا الاستاذ دام ظلّه. السادس: و إن أبيت عن الحمل المذکور و وقع و استقرّ التعارض بينهما، فنقول: بانّه لا بد من اخذ الطائفة الثانية و ترك الطائفة الاولى لأنّ الترجيح مع هذه الطائفة؛ لأنّ اوّل المرجحات هو الشهرة و هى مع الطائفة الثانية الدالة علی عدم التحلیل – لو قلنا بأنّ الشهرة الفتوائية مرجّحة فی مقام التعارض -؛ لأنّ المشهور القريب بالاتفاق قائلون بعدم حليته حال الغيبة. و لو لم نقل بمرجّحیّة الشهرة الفتوائیّة فتصل النوبة – بعد الشهرة – إلی موافقة الکتاب فما دلّ علی عدم التحلیل، موافق للکتاب و ما دلّ علی التحلیل مخالف له، ثمّ بعد ذلک تصل النوبة إلی مخالفة العامة و لا شکّ أنّ الطائفة الثانیة الدالة على عدم التحليل، مخالف لهم. فتحصل من جمیع ذلک انّ الحق بين القول بالتحليل و بين عدم تحليل الخمس هو القول الثانى. ثمّ بعد ما يجب أداء نصف الخمس الّذي هو حال الغيبة للامام و لم يبح لشيعته کما تقدّم آنفاً فعلى هذا يقع الكلام فى الاحتمالات الباقية غير احتمال التحليل و هى: «وجوب دفن الخمس و کنزه حتی یظهر مولانا الحجة ع و یخرجه و یتصرف فیه بما یشاء» أو «عزله و إیداعه و الوصیة به عند الموت لأنّ هذا مال معلوم مالکه» أو «وجوب الاقتصار و صرف سهمه علیه السلام فی الأصناف الثلاثة الیتامی و المساکین و ابن السبیل» أو «إجراء حکم المجهول مالکه علی سهمه علیه السلام حال الغیبة» أو « وجوب صرفه فیما یحرز رضاه علیه السلام.....» فقد تقدّم البحث فی هذه الاحتمالات فی رسالة أرباح المکاسب و قلنا ما هو موافق للتحقیق فلاحظ. «والحمد لله ربّ العالمین»

أقول: فلاحظ کلمات الشیخ رحمه الله فانّه بعد نقل الروایات الدالة علی تحلیل الخمس قال: إلى غير ذلك ممّا دلّ على تحليل ما في يد الشيعة، المحتمل لمحامل كثيرة: مثل أن يراد من بعضها: ما يقع بأيدي الشيعة من جهة المعاملة مع من لا يخمّس. و من بعضها: ما يقع من الأنفال المختصّة بالإمام عليه السلام. و من بعضها: خصوص التحليل للشيعة في زمان خاصّ: الف) إمّا للتقية و عدم التمكّن من إقامة الوكلاء بجباية الأخماس لهم من المناكح و نحوها، كما يومئ إليه التعليل بطيب الولادة في أكثرها، و صرّح به في رواية ابن محبوب عن ضريس الكناسي، قال: «قال أبو عبد اللّه عليه السلام: أ تدري من أين دخل [على] الناس الزنا؟ فقلت: لا أدري، فقال: من قبل خمسنا أهل البيت، إلّا شيعتنا الأطيبين، فإنّه محلّل لهم و لميلادهم» و رواية الفضيل قال: «قال أبو عبد اللّه عليه السلام: إنّا أحللنا أمّهات شيعتنا لآبائهم ليطيبوا» إلى غير ذلك ممّا سيجي ء في حلّ المناكح و المتاجر و المساكن.

ص: 81

ب) و إمّا لضيق الأمر على الشيعة من جهة نصب المخالفين لهم العداوة و الظلم بأخذ الخمس منهم ممّا كان مذهبهم وجوب الخمس فيه، كما يظهر ممّا يأتي من الأخبار، كما يومئ إليه إطلاق بعض الأخبار، القول بسقوط الخمس من غير تفصيل بين أقسامه. و يؤيّده: ما ورد من كراهة الإمام عليه السلام انتشار إيصال زكوات الفطر إليه، مع أنّه لمساكين غير السادة، فكيف الخمس المختصّ به و بقبيلة.

و بالجملة، فإنّ الناظر فيها بعين التأمّل- بعد ملاحظة ما دلّ على تشديدهم عليهم السلام في أمر الخمس و عدم التجاوز عنه- يفهم ورودها على أحد المحامل المذكورة.(1)

(إلی أن قال: بعد نقل الاخبار الدالة علی وجوب الخمس): و العجب ممّن يلاحظ هذه الأخبار منضمّة إلى تلك الفتاوى و دعاوي الإجماع المعتضدة بظاهر الكتاب و بالأصل كيف يجترئ بالحكم بالعفو عن خمس هذا القسم، سيّما مع ما ورد من أنّ الخمس لبني هاشم عوض الصدقات المحرّمة عليهم، فإنّ تحليل هذا القسم من الخمس مع كثرة موارده في جنب باقي أقسام الخمس يقرب من تحريم الصدقة عليهم بغير عوض. و منه يظهر أيضا ضعف اختصاص هذا القسم بالإمام، فإنّه عليه السلام و إن كان يعولهم من ماله إلّا أنّ ظاهر التعويض كون الحقّ لجميع بني هاشم أعزّهم اللّه تعالى.(2)

ص: 82


1- - کتاب الخمس، الشیخ الانصاری: 176 – 177.
2- - کتاب الخمس: 183.

أقول: فلاحظ کلمات الشیخ رحمه الله فانّه بعد نقل الروایات الدالة علی تحلیل الخمس قال: إلى غير ذلك ممّا دلّ على تحليل ما في يد الشيعة، المحتمل لمحامل كثيرة: مثل أن يراد من بعضها: ما يقع بأيدي الشيعة من جهة المعاملة مع من لا يخمّس. و من بعضها: ما يقع من الأنفال المختصّة بالإمام عليه السلام. و من بعضها: خصوص التحليل للشيعة في زمان خاصّ: الف) إمّا للتقية و عدم التمكّن من إقامة الوكلاء بجباية الأخماس لهم من المناكح و نحوها، كما يومئ إليه التعليل بطيب الولادة في أكثرها، و صرّح به في رواية ابن محبوب عن ضريس الكناسي، قال: «قال أبو عبد اللّه عليه السلام: أ تدري من أين دخل [على] الناس الزنا؟ فقلت: لا أدري، فقال: من قبل خمسنا أهل البيت، إلّا شيعتنا الأطيبين، فإنّه محلّل لهم و لميلادهم» و رواية الفضيل قال: «قال أبو عبد اللّه عليه السلام: إنّا أحللنا أمّهات شيعتنا لآبائهم ليطيبوا» إلى غير ذلك ممّا سيجي ء في حلّ المناكح و المتاجر و المساكن.

ص: 83

ب) و إمّا لضيق الأمر على الشيعة من جهة نصب المخالفين لهم العداوة و الظلم بأخذ الخمس منهم ممّا كان مذهبهم وجوب الخمس فيه، كما يظهر ممّا يأتي من الأخبار، كما يومئ إليه إطلاق بعض الأخبار، القول بسقوط الخمس من غير تفصيل بين أقسامه. و يؤيّده: ما ورد من كراهة الإمام عليه السلام انتشار إيصال زكوات الفطر إليه، مع أنّه لمساكين غير السادة، فكيف الخمس المختصّ به و بقبيلة.

و بالجملة، فإنّ الناظر فيها بعين التأمّل- بعد ملاحظة ما دلّ على تشديدهم عليهم السلام في أمر الخمس و عدم التجاوز عنه- يفهم ورودها على أحد المحامل المذكورة.(1)

(إلی أن قال: بعد نقل الاخبار الدالة علی وجوب الخمس): و العجب ممّن يلاحظ هذه الأخبار منضمّة إلى تلك الفتاوى و دعاوي الإجماع المعتضدة بظاهر الكتاب و بالأصل كيف يجترئ بالحكم بالعفو عن خمس هذا القسم، سيّما مع ما ورد من أنّ الخمس لبني هاشم عوض الصدقات المحرّمة عليهم، فإنّ تحليل هذا القسم من الخمس مع كثرة موارده في جنب باقي أقسام الخمس يقرب من تحريم الصدقة عليهم بغير عوض. و منه يظهر أيضا ضعف اختصاص هذا القسم بالإمام، فإنّه عليه السلام و إن كان يعولهم من ماله إلّا أنّ ظاهر التعويض كون الحقّ لجميع بني هاشم أعزّهم اللّه تعالى.(2)

ص: 84


1- - کتاب الخمس، الشیخ الانصاری: 176 – 177.
2- - کتاب الخمس: 183.

نقل الأقوال

قد ذكر المحقق (قده) للجمع بینها أقوالا خمسة: أحدها: إباحة الخمس كله. ثانيها: وجوب حفظه كله و الإيصاء به. ثالثها: دفنه كله و جعله كنزا يخرجه صاحب الأمر عجل اللّه تعالى فرجه عند ظهوره. رابعها: صرف نصفه في الأصناف الثلاثة من السادة و حفظ النصف الآخر المختص به و الإيصاء به أو دفنه. خامسها: صرف هذا النصف المختص به في الأصناف الثلاثة.

و هناك أقوال أخر: منها: ما ذکره الشیخ المفید رحمه الله فی المقنعة، قال: بأنّ التحلیل راجع إلی الإماء و وجوب الخمس إلی سائر الأموال، و قد تقدم کلامه رحمه الله تعالی.(1)

و منها: ما عن ابن حمزة من قوله: «و الصحيح عندي أنه يقسم نصيبه على مواليه العارفين بحقه من أهل الفقر و الصلاح و السداد».

و منها: ما عن المجلسي (قده) من أن أخبار التحليل ناظرة إلى جواز التصرف في المال الذي فيه الخمس قبل إخراج الخمس، بأن يضمن الخمس في ذمته.

أقول: لمناقشة الأقوال التي ذكرها المحقّق (قده) و غیره، مجال واسع کما یظهر بما تقدّم.

ص: 85


1- - المقنعة: 267.

منها: ما اختاره صاحب المدارک و قال: «و الأصح إباحة ما يتعلق بالإمام من ذلك» و مراده إباحة سهمه (ع) و وجوب سهم السادة و إيصاله إليهم. و قد اختار هذا القول صاحب (الحدائق)،(1) و هو الذي أراده المحدث الكاشاني في (الوافي) حيث قال: «و أما في مثل هذا الزمان، حيث لا يمكن الوصول إليهم فيسقط حقهم رأسا دون السهام الباقية، لوجود مستحقيها ..». و قال في (المفاتيح): «و الأصح عندي سقوط ما يختص به، لتحليلهم ذلك لشيعتهم...» و حاصلها: تحلیل خصوص سهم الإمام علیه السلام.

و فیه: أنّه مخالف للنصوص الکثیرة الظاهرة فی تحلیله بتمامه، لأنّ ظواهر الأخبار تدلّ علی حلیّة جمیع الخمس لا خصوص سهم الامام علیه السلام. لاسیّما أنّ مقتضى التعليل بطيب الولادة الوارد في بعض نصوص التحليل، تعلّق الحلّيّة بتمام الخمس، لعدم تحقّق الطيب بدون ذلك كما لا يخفى. و الحاصل، أنّ ما ذکره لا یفید لطهارة المولد، لوجود سهم السادة فی الأموال، و الغایة من التحلیل هی طیب الولادة.

منها: ما ذکره صاحب الوسائل حیث قال: باب إباحة حصّة الإمام من الخمس للشیعة مع تعذّر ایصالها إلیه و عدم احتیاج السادات و جواز تصرّف الشیعة فی الانفال و الفیء و سائر حقوق الإمام مع الحاجة و تعذّر الایصال.(2)

و مفاد کلامه رحمه الله: صرف حصّة

ص: 86


1- - الحدائق: 12/451.
2- - باب 4 من ابواب الانفال.

الأصناف الثلاثة إليهم. و أما حصّة الإمام عليه السلام فيجب إيصالها إلي الإمام إن أمكن كما هو كذلك في زمن الحضور، و إلا كما في عصر الغيبة و نحوه فتصرف في الأصناف الثلاثة مع احتياجهم و إلا فتباح للشيعة.

أقول: لیس فی أخبار التحلیل «تعذّر الایصال» الذی قیّده صاحب الوسائل بل هی إمّا إباحة مطلقة و حلیّة تمام الخمس حتّی سهم السادات أو.... فما ذکره رحمه الله لا دلیل له.

و منها: ما يظهر من الشيخ صاحب المعالم في كتابه (منتقى الجمان)(1)

من اختصاص التحليل بخصوص خمس الأرباح، فإن كله للإمام (ع) لا يشترك فيه سائر الأصناف، و أما سائر ما فيه الخمس فهو مشترك بينهم و بين الأصناف الثلاثة.

و یلاحظ علیه أنّ صحیحة الریان بن الصلت حیث قال: «كَتَبْتُ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ ع مَا الَّذِي يَجِبُ عَلَيَّ يَا مَوْلَايَ فِي غَلَّةِ رَحَى أَرْضٍ فِي قَطِيعَةٍ لِي وَ فِي ثَمَنِ سَمَكٍ وَ بَرْدِيٍ وَ قَصَبٍ أَبِيعُهُ مِنْ أَجَمَةِ هَذِهِ الْقَطِيعَةِ فَكَتَبَ يَجِبُ عَلَيْكَ فِيهِ الْخُمُسُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى»(2) وردت فی أرباح المکاسب فکیف یقول فی أرباح المکاسب ما قال. مع أنّ بالتامّل إلی ما ذکرناه یظهر ما یرد علیه.

ص: 87


1- - منتقى الجمان في الأحاديث الصحاح و الحسان ج 2، ص 145.
2- - الوسائل باب 8 من ابواب ما یجب فیه الخمس ح 9.

و منها: قد ذهب بعضهم إلی سقوط الخمس بتمام أقسامه بالتحلیل، لاطلاق بعض النصوص، کصحیح الفضلاء عن أبی جعفر علیه السلام قال امیرالمؤمنین علیه السلام: «هَلَكَ النَّاسُ فِي بُطُونِهِمْ وَ فُرُوجِهِمْ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُؤَدُّوا إِلَيْنَا حَقَّنَا أَلَا وَ إِنَّ شِيعَتَنَا مِنْ ذَلِكَ وَ آبَاءَهُمْ فِي حِلٍّ»(1)و صحيح زرارة عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعلیه السلام أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام حَلَّلَهُمْ مِنَ الْخُمُسِ يَعْنِي الشِّيعَةَ لِيَطِيبَ مَوْلِدُهُمْ. (2) موثق الحارث بن المغیرة عن أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام:... قَالَ: يَا نَجِيَّةُ! إِنَّ لَنَا الْخُمُسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَ لَنَا الْأَنْفَالَ وَ لَنَا صَفْوَ الْمَالِ وَ هُمَا وَ اللَّهِ أَوَّلُ مَنْ ظَلَمَنَا حَقَّنَا فِي كِتَابِ اللَّهِ... اللَّهُمَّ إِنَّا قَدْ أَحْلَلْنَا ذَلِكَ لِشِيعَتِنَا.(3)

و فیه: أنّ ذلک لایلائم مع أدلّة ثبوت الخمس و لا سیّما ما تضمّن المطالبة به، و نصب الوکلاء لأخذه و التشدید فی أمره و عدم إسقاطه من النصوص الکثیرة جدّاً.(4) کما لا یلائم حکمة تشریع الخمس من سدّ خلّة بنی هاشم و تعویضهم عن الزکاة المحرّمة علیهم. و لأجل هذا لا بدّ من حمل مطلقات التحلیل علی بعض أقسام الخمس أو علی

ص: 88


1- - وسائل الشیعة باب 4 من أبواب الانفال و ما یختصّ بالامام علیه السلام، ح1. هكذا في التهذيب، و رواها في الفقيه بلفظ: «و أبناءهم» بدل: «و آباءهم» و لعلّه الأصحّ كما لا يخفى.
2- - وسائل الشیعة باب 4 من أبواب الانفال و ما یختصّ بالامام علیه السلام، ح15.
3- - وسائل الشیعة باب 4 من أبواب الانفال و ما یختصّ بالامام علیه السلام، ح14.
4- - وسائل الشیعة باب 8 من ابواب ما یجب فیه الخمس و باب 3 من أبواب الانفال.

التحلیل فی أوائل عصور الائمة علیهم السلام لمصالح موقتة ارتفعت فی أواسط عصورهم صلوات الله علیهم، ثمّ رفعوا الید عن التحلیل و أخذوا یطالبون به کما هو واضح علی من لاحظ الأخبار.

و منها: و ينسب ذلك (أی القول بالتحلیل) إلى سلّار على ما في «المختلف» و قد حكاه صاحب الحدائق عن الشيخ عبد اللّه صالح و عن معاصريه، و ربّما يعبّر عن هذا القول بالسقوط كما عن المفيد، حيث يحكى عنه أنه قال: «قد اختلف أصحابنا في حديث الخمس عند الغيبة، و ذهب كل فريق منهم إلى مقال، فمنهم من يسقط فرض إخراجه لغيبة الإمام بما تقدم من الرخص فيه من الأخبار.»

و فیه: أنّ حمل التحلیل علی خصوص عصر الغیبة واضح البطلان؛ لما سیأتی من دخول عصر الظهور فی المتیقّن من نصوص التحلیل المذکورة فلا مجال للتمسّک بمرسلة غوالی اللئالی حیث رُوِيَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ سَأَلَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ فَقَال:َ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ! مَا حَالُ شِيعَتِكُمْ فِيمَا خَصَّكُمُ اللَّهُ بِهِ إِذَا غَابَ غَائِبُكُمْ وَ اسْتَتَرَ قَائِمُكُمْ؟ فَقَالَ علیه السلام: «مَا أَنْصَفْنَاهُمْ إِنْ وَاخَذْنَاهُمْ وَ لَا أَحْبَبْنَاهُمْ إِنْ عَاقَبْنَاهُمْ بَلْ نُبِيحُ لَهُمُ الْمَسَاكِنَ لِتَصِحَّ عِبَادَتُهُمْ وَ نُبِيحُ لَهُمُ الْمَنَاكِحَ لِتَطِيبَ وِلَادَتُهُمْ وَ نُبِيحُ لَهُمُ الْمَتَاجِرَ لِيَزْكُوَ أَمْوَالُهُمْ.»(1)

مع ما سیأتی من النصوص الکثیرة المرتبطة بالعصر الحضور و الظهور و مع

ص: 89


1- - مستدرك الوسائل ج 1/ 555: كتاب الخمس، باب( 4) من أبواب الأنفال، حديث: 3 نقلا عن العوالى.

ضعفه و عدم اعتماد الاصحاب علیه بل استدلالهم بنصوص التحلیل الاُخر التی کان المتیقّن منها عصر الظهور.

و منها: ما عن «الذخيرة» حیث قال: «لا دليل على ثبوت الخمس في زمن الغيبة، لأنه منحصر بالآية و الأخبار، و لا دلالة لشي ء منهما عليه. أما الآية فلاختصاصها بغنائم دار الحرب المختصة بحال الحضور دون الغيبة، مع أنها خطاب شفاهي متوجه الى الحاضرين خاصة، و التعدية إلى غيرهم بالإجماع انما يتم مع التوافق في الشرائط جميعا، و هو ممنوع في محل البحث، فلا تنهض حجة في زمان الغيبة، و لو سلّم فلا بد من صرفها إلى خلاف ظاهرها، إما بالحمل على بيان المصرف أو بالتخصيص جمعا بينها و بين الأخبار الدالة على الإباحة.».

و اُجیب عنه: أنّ الآية بما أنّها مشتملة على الموصول و الصلة، فهي عامة في نفسها، مضافا إلى ما ورد في تفسيرها، و العام لا يخصّص بالمورد الذي هو الجهاد، فهذا العام له هذا الحكم، و ما يغتنم في الجهاد أحد مصاديقه.

و أما ما ذكره من الخطاب الشفاهي فهو مما لا أصل له، لأّن تشريع الشريعة و أحكامها إنّما يكون بنحو القضية الحقيقية التي تعمّ بنفسها المعدومين، و ما ذكر من الاختصاص بالحاضرين إنّما هو في الخطابات الشخصيّة الخارجيّة، و التعدي فيها إنّما يكون بتنقيح المناط من أجل التوافق في الشرائط، فما دلّ على الخمس من الآية و الرواية حيث إنّه حكم

ص: 90

قانوني و تشريع، له العموم بنفسه لجميع الأزمنة. فالقول بالسقوط في عصر الغيبة بمعنى عدم ثبوت الخمس بما أنّه أمر وضعي، ساقط لا محالة. نعم، لو أريد من السقوط سقوط وجوب الأداء نظرا الى مفاد روايات التحليل المؤكدة لذلك الوضع فله وجه؛ إلا أنّه قد تقدّم الجواب عن ذلک.

منها: ما عن السیّد المحقق الخوئی رحمه الله في مقام الجمع بین الاخبار: «بحمل نصوص التحليل على ما انتقل إلى الشيعة ممّن لا يعتقد الخمس أو لا يخمّس و إن اعتقد. و أمّا ما وجب على المكلّف نفسه فلا موجب لسقوطه و لم يتعلّق به التحليل، فتكون نصوص التحليل ناظرة إلى الأوّل، و نصوص العدم إلى الثاني».(1)أقول:

قد تقدّم مناقشته.

فی المساکن و المناکح و المتاجر

اشارة

و من جمیع ما تقدّم یظهر أنّه لا يمكن الالتزام باخبار التحليل في نفي وجوب اداء الخمس بقول مطلق، بل ما دلّ على تحليل ما في يد الشيعة، محتمل لمحامل كثيرة - کما تقدّم فی کلام شیخنا الانصاری رحمه الله – و تحلیل فی زمان خاص أو شخص خاص و موارد معیّنة و موضوعات خاصة...

و قد ورد فی خبر مرسل ما عن عوالي اللئالي مرسلا قال: سُئِلَ الصَّادِقُ علیه السلام فَقِيلَ لَهُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ! مَا حَالُ شِيعَتِكُمْ فِيمَا خَصَّكُمُ اللَّهُ بِهِ إِذَا غَابَ غَائِبُكُمْ وَ اسْتَتَرَ

ص: 91


1- - المستند فی شرح العروة: 25/351.

قَائِمُكُمْ؟ فَقَالَ علیه السلام: «مَا أَنْصَفْنَاهُمْ إِنْ آخَذْنَاهُمْ (1) وَ لَا أَحْبَبْنَاهُمْ إِنْ عَاقَبْنَاهُمْ بَلْ نُبِيحُ لَهُمُ الْمَسَاكِنَ لِتَصِحَّ عِبَادَتُهُمْ وَ نُبِيحُ لَهُمُ الْمَنَاكِحَ لِتَطِيبَ وِلَادَتُهُمْ وَ نُبِيحُ لَهُمُ الْمَتَاجِرَ لِيَزْكُوَ أَمْوَالُهُمْ».(2) و هذه الروایة مرسلة و لکن الاُمور المذکورة فیها موافقة لسائر الأخبار فی الجملة.

و قد حدّد المشهور موارد التحلیل، بثلاثة: هي المناكح و المتاجر و المساكن، اذ أفتوا بتحليل الخمس فيها.(3)

فيقع الكلام في موارد ثلاثة:

المورد الاول:

اشارة

في المناكح، و الصور التي ذكر دخولها في أخبار التحليل و شمول التحليل لها ستة:

الاولى: الجاریة المسبیّة فی محاربة المخالفین مع الکفّار إذا اشتراها الشیعی من المخالفین و نکحها أو تزوّجها أو اعتقت فتزوّجها الشیعی أو وصلت إلیه ممّن لا یعتقد الخمس بأن وهبها إیّاه فنکحها.

ص: 92


1- - الموجود في المصدر هذه العبارة فقط ( و قال الصادق( عليه السلام): ما أنصفناهم إن و اخذناهم.
2- - عوالي اللئالي 4: 5، الحديث 2، مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل، ج 7، ص: 303.
3- - أقول: هذه الموارد الثلاثة داخلة فی المحامل المذکورة سابقاً لتحلیل الخمس.

الثانی: إذا اشترک الشیعی مع المخالف فی الاغتنام عن الکفّار أو المخالفین ( أی إن کان الشیعی مع المخالفین فی مقاتلة الکفّار فوقعت المرأة فی قسمته).

الثالث: إن حارب جماعة و کلّهم شیعیّ، فی لواء المخالفین و تحت ریاسة رؤساء الضلال، فغنموا و قسّموا جمیع الغنیمة بینهم و کانت فیها جاریة.

الرابع: الجارية المتزوجّة بمهر غير مخمّس (أی إن جعل مهر الزوجة من الغنائم التی وصلت إلی الشیعی من المخالفین).

الخامس: الجواري التي تكون متعلقة للخمس لكونها من اموال التجارة و من الارباح (أی الجاریة التی هی من جملة مال تجارة الشیعی و کانت من أرباح سنته، فزادت علی الحول.)

السادس: الجارية المشتراة بمال غير مخمّس (أی الجاریة التی اشتریت بعین مال الخمس بأن اشتراها بالمعدن مثلاً).

السابع: إذا استقلّ الشيعة باغتنام الجارية المسبيّة (أی الجاریة التی سباها الشیعی).

و من ملاحظة الروايات يظهر أنّ القدر المتيقن أو المنصرف من الأخبار من التحليل في المناكح انما هو الصورة الاولى و هی داخلة فی المحامل المذکورة سابقاً، إحدیها: «أنّ

ص: 93

طائفة من أخبار التحلیل تدلّ علی التحلیل الأبدی للشیعة – حتّی فی زماننا - إذا انتقل إلیه مال بشراء و نحوه ممّن لا یعتقد الخمس»

و یحتمل شمولها الصورة الرابعة. و أمّا الصورة الثانیة و الثالثة فمقتضی صحیح الحلبی عن الصادق علیه السلام: «فِي الرَّجُلِ مِنْ أَصْحَابِنَا يَكُونُ فِي لوَائِهِمْ فَيَكُونُ مَعَهُمْ فَيُصِيبُ غَنِيمَةً، قَالَ: يُؤَدِّي خُمُسَنَا وَ يَطِيبُ لَهُ الباقی»(1) وجوب التخمیس. و النسبة بینه و بین المرسل المذکور عموم من وجه، و خبر الحلبی أرجح سنداً من المرسل. و لو قلنا بتعارضهما لکان مقتض العمومات وجوب الخمس کما لا یخفی.

و کذلک یجب التخمیس فی الصورة الخامسة. کما أفاده الشیخ الانصاری فإنّه رحمه الله - بعد ذکر بعض الأخبار - قال: فإنّ الظاهر من الخمس هنا- أيضا- خمس الغنيمة من الجواري المسبيّة، كما لا يخفى على المتأمّل، بل الظاهر من جميع ما كان من هذا القبيل من الأخبار: إرادة الخمس بهذا المعنى، لا خمس المكاسب. و من هنا يظهر أنّ عنوان المناكح في كلمات الأصحاب لا يشمل الجارية التي هي من جملة مال التجارة إذا تعلّق بها الخمس، فإنّ الظاهر حرمة التصرّف فيها إذا بنى المتصرّف على عدم الضمان و تصرّف فيها كتصرّفه في أمواله.(2)

ص: 94


1- - الوسائل باب 2 من ابواب ما یجب فیه الخمس ح 8.
2- - کتاب الخمس: 379 – 380.

و کذا یجب التخمیس فی الصورة السادسة کما قال شیخنا الانصاری رحمه الله: كذلك الجارية التي اشتريت بعين المال الذي تعلّق بعينه الخمس كالمعادن و الغوص و الحلال المختلط، فإنّ الظاهر حرمة وطء تلك الجارية، لعموم ما دلّ على حرمة شراء الخمس، المكنّى به عن مطلق المعاملة به، المستلزم لحرمة ما يحصل بيد الناقل من عوضه...(1)

أمّا الصورة السابع: قال الشیخ الانصاری رحمه الله: ربّما يتأمّل في شمولها لما إذا كان السابي شيعيّا، فإنّ الظاهر عدم انصراف الأخبار إليه، لأنّ الغالب هو انتقال السبايا إلى الشيعة بالشراء.

ثمّ فصّل - رحمه الله - بین صورتین: إحداهما: قال: لو فرض حضورهم (أی الشیعة) معهم في الاغتنام فالمنتقل إليه هو الحاصل بعد القسمة، فكأنّه أيضا وصل منهم إليه.

ثانیتهما: لو استقلّ الشيعة بالاغتنام، و لا یبعد أن لا يملكوا حينئذ حقّ الإمام عليه السلام، و إن ملكوا حقّه إذا انتقل ما فيه الحقّ إليهم من غيرهم، نظير حرمة تصرّفهم في مكاسبهم و أموالهم التي تعلّق بها الخمس مع حلّية التصرّف فيما ينتقل من ذلك من غيرهم إليهم.... (إلی أن قال بعد التی و اللّتیّا:) أنّ ما اخترناه أوّلا هو مقتضى الجمع

ص: 95


1- - کتاب الخمس: 380.

بين أخبار التحليل و بين ما سبق من صحيحة الحلبي: «في الرجل من أصحابنا يكون في لوائهم فيصيب غنيمة؟ قال: يؤدّي خمسنا و يطيب له الباقي».(1)

أقول: فإنّ مقتضاه وجوب الخمس فی الصورة الاولی ایضا، فانه کان تحت لوائهم.

و لا یخفی أنّ المستفاد من کلمات الفقهاء الذین استثنوا المناکح انهم ارادوا حلیة امرائة تکون تحت شیعی فلو اشتری الشیعی عدة من الجواری المسبیة فی الغنائم من المخالف الذی لا یعتقد الخمس و لم تکن من مناکحه، لم یحل له خمسها.

و لتوضیح البحث مختصراً ننقل هنا خلاصة کلام شیخنا الانصاری رحمه الله و بعض المحققین لیظهر وجه فتوی المشهور بتحلیل الخمس فی المناكح.

قال الشیخ الأعظم الانصاری رحمه الله فی استثناء المناکح:

يحلّ في حال الغيبة و ما يشبهها من قصور يد العدل التصرّف في المناكح و المراد بها: كلّ جارية للإمام عليه السلام كلّها إذا كانت من الأنفال أو بعضها إذا كانت ممّا يخمّس، على المعروف بين أصحابنا رضوان اللّه عليهم، بل عن المنتهى نسبة الحلّ في زمان الحضور و الغيبة إلى علمائنا أجمع. نعم، ظاهر الروضة القول بخلافه لجماعة، و لم نعثر على المخالف

ص: 96


1- - کتاب الخمس: 380.

غير الحلبي على ما ذكره في المختلف و غير الإسكافي، لما ذكرنا سابقا في مطلق الأنفال من اقتضاء اللطف رفع الحرج، لئلّا يقع الغالب في الإثم.

و استدلّ به الفاضلان من أنّها مصلحة عامّة يعسر التفصّي عنها، فوجب في نظر هم عليهم السلام الإذن في استباحة ذلك من دون إخراج حقوقهم، و قد صرّح الأئمّة صلوات اللّه عليهم بذلك في أخبار كثيرة:

منها: ما عن عوالي اللئالي مرسلا قال: «سئل الصادق عليه السلام فقيل له: يا ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ما حال شيعتكم فيما خصّكم اللّه به إذا غاب غائبكم و استتر قائمكم؟ فقال: ما أنصفناهم إن و أخذناهم و لا أحببناهم إن عاقبناهم، بل نبيح لهم المساكن لتصحّ عباداتهم، و نبيح لهم المناكح لتطيب ولادتهم، و نبيح لهم المتاجر لتزكوا أموالهم»(1)

و مثل قول أبي عبد اللّه عليه السلام في رواية الفضيل: «قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام لفاطمة صلوات اللّه عليها: أحلّي نصيبك من الفي ء لشيعتنا ليطيبوا، ثمّ قال أبو عبد اللّه عليه السلام: إنّا أحللنا أمّهات شيعتنا لآبائهم ليطيبوا»(2)

ص: 97


1- - عوالي اللئالي 4: 5، الحديث 2.
2- - الوسائل 6: 381، الباب 4 من أبواب الأنفال، الحديث 10.

و المرويّ عن تفسير العسكري عليه السلام عن آبائه عن أمير المؤمنين صلوات اللّه و سلامه عليه و عليهم أجمعين «أنّه قال: يا رسول اللّه .. سيكون بعدك ملك عضوض و جبر فيستولى على خمسي من السبي و الغنائم و يبيعونه، فلا يحلّ لمشتريه، لأنّ نصيبي فيه، فقد وهبت نصيبي منه لكلّ من ملك شيئا من ذلك من شيعتي، لتحلّ منافعهم من مأكل و مشرب و لتطيب مواليدهم، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ما تصدّق أحد أفضل من صدقتك، و قد تبعك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في فعلك، أحلّ الشيعة كلّ ما كان فيه فيئه، من غنيمة و بيع من نصيبه على واحد من شيعتي، و لا أحلّها أنا و لا أنت لغيرهم»(1)

و رواية الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: «إنّ اللّه تعالى جعل لنا أهل البيت سهاما ثلاثة في جميع الفي ء، ثمّ قال تبارك و تعالى: (وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ) فنحن أصحاب الخمس و الفي ء و قد حرّمنا، على جميع الناس ما خلا شيعتنا، و اللّه يا أبا حمزة، ما من أرض تفتح، و لا خمس يخمّس فيضرب على شي ء منه إلّا كان حراما على من يصيبه، فرجا كان أو مالا»(2)

ص: 98


1- - الوسائل، باب 4 من أبواب الأنفال، حديث 20.
2- - الوسائل، باب 4 من أبواب الأنفال، حديث 19.

و رواية نجيّة الدالّة على تحليل الخمس و الأنفال للشيعة، و تقدّم أنّ الظاهر من الخمس: خمس غنيمة الكفّار. هو ما رواه الشیخ بسنده عن الحارث بن المغيرة النصري قال: دخلت على أبي جعفر ع فجلست عنده فإذا نجية قد استأذن عليه فأذن له فدخل فجثا على ركبتيه ثم قال جعلت فداك إني أريد أن أسألك عن مسألة و اللَّه ما أريد بها إلا فكاك رقبتي من النار فكأنه رق له فاستوى جالسا و قال يا نجية سلني فلا تسألني اليوم عن شي ء إلا أخبرتك به- قال جعلت فداك ما تقول في فلان و فلان قال يا نجية إن لنا الخمس في كتاب اللَّه و لنا الأنفال و لنا صفو المال و هما و اللَّه أول من ظلمنا حقنا في كتاب اللَّه و أول من حمل الناس على رقابنا و دماؤنا في أعناقهما إلى يوم القيامة و إن الناس ليتقلبون في حرام إلى يوم القيامة- بظلمنا أهل البيت فقال نجية إنا لله و إنا إليه راجعون ثلاث مرات- هلكنا و رب الكعبة قال فرفع جسده [فخذه] عن الوسادة فاستقبل القبلة فدعا بدعاء لم أفهم منه شيئا إلا أنا سمعناه في آخر دعائه و هو يقول اللهم إنا قد أحللنا ذلك لشيعتنا قال ثم أقبل إلينا بوجهه فقال يا نجية ما على فطرة إبراهيم غيرنا و غير شيعتنا.(1)

و رواية ضريس الكناسي قال: «قال أبو عبد اللّه عليه السلام: أ تدري من أين دخل [على] الناس الزنا؟ فقلت: لا أدري، فقال: من قبل خمسنا أهل البيت إلّا لشيعتنا الأطيبين، فإنّه محلّل لهم و لميلادهم»، فإنّ الظاهر من الخمس هنا خمس الغنيمة من

ص: 99


1- - الوسائل باب 4 من ابواب الانفال ح 14.

الجواري المسبيّة لا خمس المكاسب.... نعم، ربّما يظهر من بعض الأخبار عموم كلّ جارية تعلّق بها حقّ الإمام عليه السلام، مع أنّ في التعليل بطيب الولادة دلالة عليه، إلّا أن يدّعى انصرافه إلى ما هو الغالب في أمّهات الأولاد، من (1) تملّك الشيعة لهنّ إمّا بالسبي و (2) إمّا بالاشتراء من السابي، و هو الأغلب، و (3) أمّا المنتقلة بإزاء عين مال تعلّق به الخمس، أو(4) ما كان من جملة مال تجارة تعلّق بعينه الخمس فهو في غاية الندرة، و الظاهر عدم شمول الأخبار لمثله، حتّى مثل قوله عليه السلام: «إنّا أحللنا أمّهات شيعتنا لآبائهم ليطيبوا» بل ربّما يتأمّل في شمولها لما إذا كان السابي شيعيّا، فإنّ الظاهر عدم انصراف الأخبار إليه، لأنّ الغالب هو انتقال السبايا إلى الشيعة بالشراء، و (5) لو فرض حضورهم معهم في الاغتنام فالمنتقل إليه هو الحاصل بعد القسمة، فكأنّه أيضا وصل منهم إليه.... ثمّ إنّه ربّما يفسر المناكح بما يشمل الجارية المشتراة من مال الخمس و مهور النساء.

و فيه: أنّهما إن دخلا في المئونة المستثناة من أرباح المكاسب فهو مسلّم، لكنّ الظاهر خروجه عن هذا العنوان، و إلّا فلا دليل على إباحته.(1)

ص: 100


1- - کتاب الخمس، الشیخ الانصاری: 377 – 381.
أقول: المتیقّن من الصّور التی ذکرها الشیخ رحمه الله

هو ما إذا أخذ الشیعی و تملّک الجاریة المسبیّة من المخالف، و لا شک فی أنّها مشمولة لروایات تحلیل المناکح للشیعة؛ لتطیب ولادتهم. و هذه الصورة هی التی ذکرها السیّد صاحب العروة بقوله: «اذا انتقل الى الشخص مال فيه الخمس ممّن لا يعتقد وجوبه كالكافر و نحوه لم يجب عليه اخراجه فانّهم- عليهم السلام- اباحوا لشيعتهم ذلك سواء كان من ربح تجارة او غيرها و سواء كان من المناكح و المساكن و المتاجر او غيرها».

و قال أیضاً: المعروف بين المشايخ الثلاثة و أتباعهم قدس اللّه أسرارهم أنّ ما يغنمه المقاتلون بغير إذن الإمام فهو للإمام عليه السلام خاصّة، و عن الحلّي دعوى الإجماع عليه، و الأصل فيه مرسلة العبّاس الورّاق: «إذا غزا قوم بغير إذن الإمام عليه السلام فغنموا كانت الغنيمة للإمام عليه السلام و إذا غزوا بإذن الإمام عليه السلام فغنموا، كان للإمام الخمس».... ثمّ إنّ صاحب المدارك حكى عن المنتهى تقوية أنّ هذه الغنيمة تساوي غيرها في أنّه ليس فيها إلّا الخمس، و استجوده، لإطلاق الآية و ضعف الرواية، و حسنة الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام: «فِي الرَّجُلِ مِنْ أَصْحَابِنَا يَكُونُ فِي لِوَائِهِمْ فَيَكُونُ مَعَهُمْ فَيُصِيبُ غَنِيمَةً قَالَ: يُؤَدِّي خُمُسَهَا وَ يَطِيبُ لَهُ».

ص: 101

(ثمّ قال الشیخ ره فی الجواب عن هذا الاستدلال:) و هذه الحسنة مع عدم مقاومتها للمرسلة من حيث العمل، قابلة للحمل على تحليل الإمام عليه السلام ما عدا الخمس له، كما أنّه حلّل الكلّ في زمان الغيبة على قول يأتي، مع احتمال حملها على التقية.»(1)

و قال المحقق الهمدانی: مع إمكان كون ما تضمّنته الحسنة من باب التحليل، أو لكون الرجل الذي يكون معهم في لوائهم مأذونا من الإمام- عليه السّلام- في القتال معهم و لو باستفادته من الأخبار الآمرة بالتقية.(2)

و قال أیضاً: إنّ عمدة ما تعلّق به غرض الأئمة- عليهم السّلام- من كثير من الأخبار الواردة في التحليل إنّما هو: تحليل ما ينتقل إلى الشيعة من المخالفين الذين غصبوا حقّهم، و استولوا على خمسهم و فيئهم، كما هو صريح الخبر الآتي في إباحة المناكح و المساكن، المروي عن العسكري عليه السّلام و رواية نجيّة المتقدّمة و غيرهما ممّا ستسمعه في المبحث الآتي، بل استفادة حلّية أخذ ما يستحقّه الإمام خاصة من الأنفال و نحوه من الأدلّة الدالّة على حلّية جوائز الجائر و جواز المعاملة معهم أوضح من إباحة ما عداه ممّا يشترك بين المسلمين، أو يختصّ بفقرائهم لكونه أوفق بالقواعد و أقرب إلى الاعتبار.

و كيف كان، فلا ينبغي الارتياب في أنّ كلّ ما كان أمره راجعاً إلى الإمام عليه السّلام ثمّ صار في أيدي أعدائهم أبيح للشيعة أخذه منهم و إجراء أثر الولاية الحقّة على ولايتهم،

ص: 102


1- - کتاب الخمس: 361 – 363.
2- - مصباح الفقیه: 14/253.

كما صرّح به في الجواهر وفاقا لما حكاه عن أستاذه في كشفه من أنّه قال بعد تعداده الأنفال: و كلّ شي ء يكون بيد الإمام ممّا اختصّ أو اشترك بين المسلمين يجوز أخذه من يد حاكم الجور بشراء أو غيره من الهبات و المعاوضات و الإجارات؛ لأنّهم أحلّوا ذلك للإماميّة من شيعتهم. انتهى(1).

و لكن القدر المتيقّن إنّما هو إباحة أخذه منهم بالأسباب الشرعية بمعنى ترتيب أثر الولاية الحقّة على ولايتهم، كما تقدّمت الإشارة إليه، لا استنقاذه من أيديهم بأيّ نحو يكون و لو بسرقة و نحوها، فإنّ هذا لا يكاد يستفاد من شي ء من أدلّتها، كما لا يخفى.

و قد ظهر بذلك حال الغنيمة بغير الإذن، و الصفايا التي استولى عليها المخالفون من أنّه يباح للشيعة أخذها منهم. و أمّا إذا كان الغانم هو الشيعة، فالذي يقوى في النظر أنّه بحكم الغنيمة من أنّه يؤدّي خمسه و يحلّ له الباقي، كما يدلّ عليه حسنة الحلبي عن الصادق عليه السّلام في الرجل من أصحابنا يكون في لوائهم فيكون معهم، فيصيب غنيمة، فقال: «يؤدّي خمسا و يطيب له» فإنّ مقتضى الجمع بينها و بين ما دلّ على «أنّ الغنيمة بغير الإذن من الأنفال»: حمل هذه الرواية - على كونه من باب التحليل، و حملها

ص: 103


1- - جواهر الكلام 16: 141، و راجع: كشف الغطاء: 364.

على إرادته بالنسبة إلى شخص خاصّ أو في غزوة خاصة صادرة عن الإذن - خلاف الظاهر(1).

روی فی رجال الكشي خَلَفُ بْنُ حَمَّادٍ عَنْ سَهْلٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ الْمُبَارَكِ النَّهَاوَنْدِيِّ قَالَ: «أَتَيْتُ سَيِّدِي سَنَةَ تِسْعٍ وَ مِائَتَيْنِ فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنِّي رُوِّيتُ عَنْ آبَائِكَ أَنَّ كُلَّ فَتْحٍ فُتِحَ بِضَلَالٍ فَهُوَ لِلْإِمَامِ فَقَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ فَإِنَّهُ أَتَوْا بِي مِنْ بَعْضِ الْفُتُوحِ الَّتِي فُتِحَتْ عَلَى الضَّلَالِ وَ قَدْ تَخَلَّصْتُ مِنَ الَّذِينَ مَلَكُونِي بِسَبَبٍ مِنَ الْأَسْبَابِ وَ قَدْ أَتَيْتُكَ مُسْتَرَقّاً مُسْتَعْبَداً. فَقَالَ: قَدْ قَبِلْتُ. قَالَ: فَلَمَّا حَضَرَ خُرُوجِي إِلَى مَكَّةَ قُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنِّي قَدْ حَجَجْتُ وَ تَزَوَّجْتُ وَ مَكْسَبِي مِمَّا يَعْطِفُ عَلَيَّ إِخْوَانِي لَا شَيْ ءَ لِي غَيْرُهُ فَمُرْنِي بِأَمْرِكَ. فَقَالَ لِيَ: انْصَرِفْ إِلَى بِلَادِكَ وَ أَنْتَ مِنْ حَجِّكَ وَ تَزْوِيجِكَ وَ كَسْبِكَ فِي حِلٍّ. فَلَمَّا كَانَ سَنَةُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَ مِائَتَيْنِ أَتَيْتُهُ فَذَكَرْتُ لَهُ الْعُبُودِيَّةَ الَّتِي الْتَزَمْتُهَا. فَقَالَ: أَنْتَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ. فَقُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ اكْتُبْ لِي بِهِ عُهْدَةً. فَقَالَ: تَخْرُجُ إِلَيْكَ غَداً فَخَرَجَ إِلَيَّ مَعَ كُتُبِي كِتَابٌ فِيهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْهَاشِمِيِّ الْعَلَوِيِّ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ أَفْتَاهُ أَنِّي أَعْتَقْتُكَ لِوَجْهِ اللَّهِ وَ الدَّارِ الْآخِرَةِ لَا رَبَّ لَكَ إِلَّا اللَّهُ وَ لَيْسَ عَلَيْكَ سَبِيلٌ وَ أَنْتَ مَوْلَايَ وَ مَوْلَى عَقِبِي مِنْ بَعْدِي وَ

ص: 104


1- - مصباح الفقیه: 14/ 165 – 266.

كَتَبَ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَ مِائَتَيْنِ وَ وَقَّعَ فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ بِخَطِّ يَدِهِ وَ خَتَمَهُ بِخَاتَمِهِ»(1)

أقول: ظاهره يدلّ على أنّ ما يغنمه العامة بغير إذنهم (ع) فهو للإمام. و الغنيمة بغير الإذن، و الصفايا التي استولى عليها المخالفون يباح للشيعة أخذها منهم.

إن قلت: إنّ ما دل علیه حدیث حَفْصِ بْنِ الْبَخْتَرِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: «خُذْ مَالَ النَّاصِبِ حَيْثُمَا وَجَدْتَهُ وَ ادْفَعْ إِلَيْنَا الْخُمُسَ»(2) کیف یجتمع مع ما تقدّم من عدم الخمس فیما إذا انتقل ما فیه الخمس إلی الشیعة و تملّک ممّن لا یعتقد الخمس کالکافر و المخالف فإنّ الناصبی ممّن لا یعتقد و هو کالحربی لا قیمة له.

قلت: إنّ معنی الحدیث هو الخمس من جمیع الأموال فإنّ الأموال کلّها مالهم علیهم السلام لشرافتهم.... و إلا فالمال الناصبی لا خمس فیه.

نعم جمع الشیخ رحمه الله فی کتاب الخمس: بأنّ جميع ما دلّ على تحليل الخمس ظاهر في خمس غنائم دار الحرب، الذي انتقل إلى الشيعة من أيدي المخالفين، لأنّه الشائع، وجودا و المغصوب عنهم صلوات اللّه عليهم كما يظهر ذلك من تظلّمهم عليهم السلام، و من

ص: 105


1- - رجال الكشّيّ: 476.
2- - الوسائل باب 2 من ابواب ما یجب فیه الخمس ح 6.

تعليلهم التحليل بطيب الميلاد إلى غير ذلك من الأمارات الدالّة على إرادة خصوص هذا القسم من لفظ الخمس.(1)

المورد الثاني: فی المتاجر: فالمراد بها امور:

الاول: الأموال التی تعلّق بها الخمس عند من لا یعتقد الخمس. فمقتضی قوله: «لا یحلّ لأحد أن یشتری من الخمس» عدم جواز الشراء إلا إذا أدّی خمسه، لکنّ الظاهر من أخبار حلّ الخمس و الفیء للشیعة جواز ذلک للشیعة.

الثانی: الاموال المتعلقة للخمس ممّن یعتقد و لا یخمّس. فقد قرّب الشیخ الانصاری رحمه الله عدم الجواز و تقدّم نقل کلامه.

الثالث: إذا انتقل ممّن لا یعتقد الخمس إلی الشیعة بالتجارة مالٌ متعلّق الخمس قبل الانتقال، ثمّ اتّجر بهذا المال فربح فیه، فالظاهر وجوب الخمس فی هذا الربح.

قال الشیخ الانصاری رحمه الله فی توضیح هذه الأقسام: «و المشهور- أيضا- إباحة المتاجر، و المساعد عليه الأدلة هو ما يقع التجارة به من الأموال التي ينتقل ممّن لا يخمّس، فإنّ عموم ما دلّ على عدم حلّ شراء الخمس حتّى يأذن له أهل الخمس و إن أوجب المنع بدون الإذن، إلّا أنّ ظاهر ما تقدّم من أخبار حلّ الخمس و الفي ء للشيعة هو

ص: 106


1- - کتاب الخمس: 324.

ذلك، بل هو صريح الرواية المتقدّمة عن تفسير العسكري المشتملة على تعليل حلّ ما ينتقل إليهم من الغنائم بحلّ منافعهم من مأكل و مشرب، بل تقدّم أنّ الخمس الذي حلّلوه للشيعة منصرف إلى ما كان منتقلا إليهم بالمعاملة، لا ما اغتنموه بأنفسهم. نعم، ظاهر هذه الأخبار: اختصاصها بالمال المنتقل ممّن لا يعتقد الخمس كالمخالف.

و أمّا من لا يخمّس مع اعتقاده، ففي جواز الشراء منه إشكال، أقربه: عدم الجواز، لعمومات حرمة شراء الخمس قبل وصول حقّهم عليهم السلام، و صريح الروضة كظاهر المحكيّ عن السرائر الجواز.

ثمّ إنّ المنفي في المتاجر هو الخمس المتعلّق بها قبل الانتقال، و أمّا ما يتعلّق بربحها الحاصل في هذه التجارة، فالظاهر عدم سقوطه، لعموم أدلّة الثبوت في أرباح المكاسب و عدم الدليل على السقوط، فإنّ ظاهر أدلّة السقوط سقوط ما فيها قبل الانتقال، فلا ينافي الثبوت إذا اتّجر بها.(1)

قال الشیخ ره: قد صرّح بعض سادة مشايخنا في المناهل: بأنّه لو كان في يد المخالف شي ء من هذه الأنفال بحيث نعلم بعدم انتقالها إليه من يد مؤمن، فيجوز أن يستنقذ منه ذلك بأنواع الأخذ مثل الخدعة و السرقة و القهر إذا أمكنه لأنّه غصب في أيديهم.

ص: 107


1- - کتاب الخمس: 385.

و عن الشهيد في بعض حواشيه على القواعد: حرمة ذلك كما صرّح به في الروضة بل عن الأوّل وجوب ردّه، بل بطلان صلاته قبل الردّ، و ظاهر الأخبار و إن كان هو الأوّل، إلّا أنّ الظاهر من بعض الأخبار، وجوب المعاملة معهم على نحو ما يعتقدون في مثل الملكية و الزوجية من الأمور المضافة إلى الأشخاص دون مثل الطهارة و النجاسة في الأعيان»(1).

المورد الثالث: المساکن:

اشارة

قال الشیخ الانصاری: المشهور على إباحة المساكن كالمناكح، و يدلّ عليه مضافا إلى رواية العوالي المتقدّمة أنّها من جملة الأرض، و قد عرفت أنّ ما بأيدي الشيعة من الأرض فهم فيه محلّلون.(2)المساکن علی اقسام:

الاول:

الاراضی المختصة بالامام، و هی من الانفال.

ص: 108


1- - کتاب الخمس، الشیخ الانصاری: 387 – 388.
2- - کتاب الخمس: 383.
الثانی:

ما تعلّق به الخمس کالمفتوحة عنوةً بناءً علی أنّ فیها الخمس. قال الشیخ الانصاری رحمه الله: قد عرفت وجوب الخمس فیها عینا أو ارتفاعا و لکن ظاهر الأخبار المحللة للارض للشیعة سقوط هذا الحق منها.(1)

الثالث:

ما تعلّق به الخمس ممّن یعتقد و لا یخمّس و انتقل الی غیره.

الرابع:

اشتراء الارض بثمن فیه الخمس.

الخامس:
اشارة

اتّخاذ مسکن من عمارات أهل الحرب فی الارض التی لم یوجف علیها بخیل و لا رکاب أو غنمت بغیر إذن الامام علیه السلام.

أقول: الظاهر تحلیل المعصومین علیهم السلام الاراضی المختصة بالامام للشیعة و یمکن ادخال المورد الثانی فیما ینتقل الی الشیعة کما تقدم و المورد الثالث محل اشکال بل منع کما تقدّم.

ص: 109


1- - کتاب الخمس: 384.

و کذا المورد الرابع. قال الشیخ الانصاری: و ربّما يراد بالمسكن: ثمن السكنى الموضوع من مال الخمس، و فيه: ما تقدّم من أنّ الوضع إن كان من أرباح المكاسب في سنة الاستفادة مع الحاجة العرفيّة فهو محلّل بمعنى أنّ الخمس لا يتعلّق إلّا بعده، و إن كان من غير ذلك فلا دليل على الوضع.(1)

و کذلک المورد الخامس، حیث أشکل فیه الشیخ الانصاری: قد يشكل الأمر فيما إذا اتخذ مسكنا من عمارات أهل الحرب التي لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب، أو غنمت بغير إذن الإمام عليه السلام، فإنّ في شمول أدلّة تحليل الأرض لتحليل البنيان و سائر الأمور الخارجة عن الأرض نوع خفاء.(2)

لا یخفی أنّ استثناء المساکن هو استثناء المکان الذی یسکن فیه فعلا فلو کان له مسکن لا یسکن فیه لم یستثن.

قال الشیخ رحمه الله: الظاهر أنّ تحليل الثلاثة موجب لتملّك ما يحصل بيد الشيعة منها بالمباشرة لتحصيله، أو بالانتقال إليه من غيره، لا لمجرّد جواز التصرّف، و لذا يجوز وطء

ص: 110


1- - کتاب الخمس: 383.
2- - کتاب الخمس: 383.

الأمة و عتقها و بيعها و بيع المساكن و وقفها و نحو ذلك، و الظاهر أنّه لا يقول أحد بغير ذلك.(1)

«تطبیق الاباحة مع القواعد»

قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ علیه السلام: «هَلَكَ النَّاسُ فِي بُطُونِهِمْ وَ فُرُوجِهِمْ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُؤَدُّوا إِلَيْنَا حَقَّنَا أَلَا وَ إِنَّ شِيعَتَنَا مِنْ ذَلِكَ وَ آبَاءَهُمْ فِي حِلٍّ»(2)و في تطبيق هذه الإباحة من أمیرالمؤمنین علیه السلام للشیعة على القواعد، إشكال من وجوه:

الأوّل: أنّ التحلیل عبارة اُخری عن الإباحة و هی ليست بتمليك يوجب ترتيب آثار الملك من البیع و الاشتراء سيّما في مثل الجواري.

الثانی: أنّه بناءً علی کونه إباحةً، أنّ المبیح و متعلّق الإباحة لا بدّ أن يكون موجودا حین الإباحة، فإذا أباح أمیرالمؤمنین علیه السلام لشخص، لابدّ أن یکون ذلک الشخص موجوداً فی زمنه و إلا فلا معنی لإباحته و رضایته لشخص یأتی بعد مأة سنة و لم یکن المبیح موجوداً؛ لأنّ الرضایة قائم لنفس المبیح. و الحاصل، أنّ متعلّقها لابدّ أن یکون موجوداً حال الإباحة مع عدم المباح و المباح له حين الإباحة غالبا. إلا أن یجاب: بأنّ

ص: 111


1- - کتاب الخمس: 385.
2- - الوسائل باب 1 من ابواب الانفال ح1.

رضایة مولانا الصادق علیه السلام یبقی و یدوم بنفس مولانا الحجّة علیه السلام حیث إنّه حیّ. فالإباحة ممضاة من ناحیة صاحب العصر فکلّ ما وجد شیعة شمله الاباحة.

ثالثاً: أنّه لو کان تملیکاً فهو تملیک للشيعة، كالأرض المفتوحة عنوة التی هی ملک للمسلمين، لا تملیکاً لمن انتقل الیه الخمس و لا يختصّ بواحد دون آخر.

رابعاً: کیف یمکن أن یکون ملکاً لنا و الحال أنّه ملک للإمام علیه السلام فی وقت واحد. روی الکلینی: أَنَ أَبَا مَالِكٍ الْحَضْرَمِيَ كَانَ أَحَدَ رِجَالِ هِشَامٍ وَ وَقَعَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ مُلَاحَاةٌ(1)

فِي شَيْ ءٍ مِنَ الْإِمَامَةِ قَالَ ابْنُ أَبِي عُمَيْرٍ الدُّنْيَا كُلُّهَا لِلْإِمَامِ ع عَلَى جِهَةِ الْمِلْكِ وَ إِنَّهُ أَوْلَى بِهَا مِنَ الَّذِينَ هِيَ فِي أَيْدِيهِمْ وَ قَالَ أَبُو مَالِكٍ لَيْسَ كَذَلِكَ (2)

أَمْلَاكُ النَّاسِ لَهُمْ إِلَّا مَا حَكَمَ اللَّهُ بِهِ لِلْإِمَامِ مِنَ الْفَيْ ءِ وَ الْخُمُسِ وَ الْمَغْنَمِ فَذَلِكَ لَهُ وَ ذَلِكَ أَيْضاً قَدْ بَيَّنَ اللَّهُ لِلْإِمَامِ أَيْنَ يَضَعُهُ وَ كَيْفَ يَصْنَعُ بِهِ فَتَرَاضَيَا بِهِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ وَ صَارَا إِلَيْهِ فَحَكَمَ هِشَامٌ لِأَبِي مَالِكٍ عَلَى ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ فَغَضِبَ ابْنُ أَبِي عُمَيْرٍ وَ هَجَرَ هِشَاماً بَعْدَ ذَلِكَ.(3)

أقول: و الظاهر من تعابیر «اُبیح» و «حلّ» فی الأخبار هو إفادة الحلیّة لا الملک. و المستفاد من أدلّة التحلیل هو عدم لزوم الخمس، و إن لم نعلم وجهه أیّ شیء کان!

ص: 112


1- - لاحاه ملاحاة و لحاه: نازعه.
2- - في بعض النسخ[ ليس له].
3- - الكافي (ط - الإسلامية)، ج 1، ص: 410.

قال الشیخ الانصاری ره فی الجواب: و الذي يهوّن الخطب: الإجماع على أنّا نملك بعد التحليل الصادر منهم صلوات اللّه عليهم كلّ ما يحصل بأيدينا تحصيلا أو انتقالا، فهذا حكم شرعي لا يجب تطبيقه على القواعد(1).

و حاصله: هذا (أی التحلیل) حکم تعبّدی یوجب الملک هنا و إن لم یکن موجباً له علی القاعدة. و سیأتی عن قریب بعض الأجوبة الاُخری.

أقول: قبل الجواب عن الاشکال المذکور ینبغی أن نعلم أنّ الإمام حیث حلّل للشیعة، مالک للمباح له أم لا؟ ینبغی ملاحظة الروایات فی معنی ملکیة الأرض و الدنیا للإمام علیه السلام.

و منها: مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ رَفَعَهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّی الله علیه وآله: «خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَ أَقْطَعَهُ الدُّنْيَا قَطِيعَةً فَمَا كَانَ لآِدَمَ علیه السلام فَلِرَسُولِ اللَّهِ صلّی الله علیه وآله وَ مَا كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ فَهُوَ لِلْأَئِمَّةِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ صلّی الله علیه وآله». أقول: معنی الملکیّة هنا هو الملکیّة الاعتباریّة.(2)

ص: 113


1- - كتاب الخمس (للشيخ الأنصاري)، ص: 386.
2- - الكافي: 1/408، (ط - الإسلامية)، بَابُ أَنَّ الْأَرْضَ كُلَّهَا لِلْإِمَامِ علیه السلام ح7.

و منها: الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَمَّنْ رَوَاهُ قَالَ: «الدُّنْيَا وَ مَا فِيهَا لِلَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى وَ لِرَسُولِهِ وَ لَنَا فَمَنْ غَلَبَ عَلَى شَيْ ءٍ مِنْهَا فَلْيَتَّقِ اللَّهَ وَ لْيُؤَدِّ حَقَّ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى وَ لْيَبَرَّ إِخْوَانَهُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَاللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ نَحْنُ بُرَآءُ مِنْهُ».(1)

منها: عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الرَّيَّانِ قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى الْعَسْكَرِيِّ علیه السلام: جُعِلْتُ فِدَاكَ رُوِيَ لَنَا أَنْ لَيْسَ لِرَسُولِ اللَّهِ ص مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا الْخُمُسُ. فَجَاءَ الْجَوَابُ: «إِنَّ الدُّنْيَا وَ مَا عَلَيْهَا لِرَسُولِ اللَّهِ صلّی الله علیه وآله».(2)

منها: مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ أَ مَا عَلَى الْإِمَامِ زَكَاةٌ؟ فَقَالَ: «أَحَلْتَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ! أَ مَا عَلِمَتْ أَنَّ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةَ لِلْإِمَامِ يَضَعُهَا حَيْثُ يَشَاءُ وَ يَدْفَعُهَا إِلَى مَنْ يَشَاءُ جَائِزٌ لَهُ ذَلِكَ مِنَ اللَّهِ إِنَّ الْإِمَامَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ لَا يَبِيتُ لَيْلَةً أَبَداً وَ لِلَّهِ فِي عُنُقِهِ حَقٌّ يَسْأَلُهُ عَنْهُ.»(3)

ص: 114


1- - الكافي: 1/408، (ط - الإسلامية)، بَابُ أَنَّ الْأَرْضَ كُلَّهَا لِلْإِمَامِ علیه السلام ح2.
2- - الكافي: 1/408، (ط - الإسلامية)، بَابُ أَنَّ الْأَرْضَ كُلَّهَا لِلْإِمَامِ علیه السلام ح6.
3- - الكافي: 1/408، (ط - الإسلامية)، بَابُ أَنَّ الْأَرْضَ كُلَّهَا لِلْإِمَامِ علیه السلام ح4.

أقول: هل اللام فی قوله علیه السلام: «للإمام» یفید الملکیّة حتّی یکون معناه: أنّ الدنیا و الآخرة ملک له علیه السلام؟(1)

منها: مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ وَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ الْبَخْتَرِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: «إِنَّ جَبْرَئِيلَ علیه السلام كَرَى (2) بِرِجْلِهِ خَمْسَةَ أَنْهَارٍ وَ لِسَانُ الْمَاءِ يَتْبَعُهُ الْفُرَاتَ وَ دِجْلَةَ وَ نِيلَ مِصْرَ وَ مِهْرَانَ وَ نَهْرَ بَلْخٍ فَمَا سَقَتْ أَوْ سُقِيَ مِنْهَا فَلِلْإِمَامِ وَ الْبَحْرُ الْمُطِيفُ بِالدُّنْيَا لِلْإِمَامِ».(3)

منها: مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ صَالِحِ بْنِ حَمْزَةَ عَنْ أَبَانِ بْنِ مُصْعَبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ ظَبْيَانَ أَوِ الْمُعَلَّى بْنِ خُنَيْسٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: مَا لَكُمْ مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ؟ فَتَبَسَّمَ ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ

ص: 115


1- - أقول: أنّ «مالكية الإمام للأرض» بما فيها و عليها تتصوّر على وجوه: الأول: الملكية الشخصية کملکیّته سائر أملاكه الشخصية التي اكتسبها في حياته و تصل بعد موته إلى وارثه مطلقا إماما كان أو غيره و لا ريب في بطلان هذا الوجه. الثاني: أن يكون ملكا للإمام ملكا شخصيا و بعد ارتحاله ينتقل إلى الإمام بعده لا إلى الورثة. نظير ملكية الحبوة للولد الأكبر بعد الانتقال إليه بالإرث بأنّه يملكها ملكا شخصيا مطلقا و هذا أيضا باطل. الثالث: أن يكون للإمام حق فيها، من جهة صرفها و صرف منافعها في المصالح البشرية من حيث إنّه (عليه السلام) رئيسهم، و أنّه الباب المبتلى به الناس و يجب عليه تنظيم أمور دنياهم و آخرتهم نظما واقعيا إلهيا و لا ريب في تقوّم ذلك كلّه بالمال، فبسط اللّه يد خليفته لإصلاح عباده و تنظيم بلاده و لعلّ الظاهر تعيّن هذا الوجه. و يمكن أن يجمع بين الكلمات فمن يقول بعدم الملكية أي: بالنحو الأول و من يقول بها، أي: بالنحو الأخير – کما قرّره بعض المحقّقین- والله العالم.
2- - كرضى استحدث نهره.
3- - الكافي: 1/408، (ط - الإسلامية)، بَابُ أَنَّ الْأَرْضَ كُلَّهَا لِلْإِمَامِ علیه السلام ح 8.

تَعَالَى بَعَثَ جَبْرَئِيلَ علیه السلام وَ أَمَرَهُ أَنْ يَخْرِقَ بِإِبْهَامِهِ ثَمَانِيَةَ أَنْهَارٍ فِي الْأَرْضِ مِنْهَا سَيْحَانُ وَ جَيْحَانُ (1)

وَ هُوَ نَهَرُ بَلْخٍ وَ الْخشوع وَ هُوَ نَهَرُ الشَّاشِ (2)

وَ مِهْرَانُ وَ هُوَ نَهَرُ الْهِنْدِ وَ نِيلُ مِصْرَ وَ دِجْلَةُ وَ الْفُرَاتُ فَمَا سَقَتْ أَوِ اسْتَقَتْ فَهُوَ لَنَا وَ مَا كَانَ لَنَا فَهُوَ لِشِيعَتِنَا وَ لَيْسَ لِعَدُوِّنَا مِنْهُ شَيْ ءٌ إِلَّا مَا غَصَبَ عَلَيْهِ وَ إِنَّ وَلِيَّنَا لَفِي أَوْسَعَ فِيمَا بَيْنَ ذِهْ إِلَى ذِهْ يَعْنِي بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: (قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) الْمَغْصُوبِينَ عَلَيْهَا (خالِصَةً) لَهُمْ (يَوْمَ الْقِيامَةِ)(3)

بِلَا غَصْبٍ.»(4)

منها: مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: رَأَيْتُ مِسْمَعاً بِالْمَدِينَةِ(5) وَ قَدْ كَانَ حَمَلَ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع تِلْكَ السَّنَةَ مَالًا فَرَدَّهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع فَقُلْتُ لَهُ لِمَ رَدَّ عَلَيْكَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَالَ الَّذِي حَمَلْتَهُ إِلَيْهِ قَالَ فَقَالَ لِي إِنِّي قُلْتُ لَهُ حِينَ حَمَلْتُ إِلَيْهِ الْمَالَ إِنِّي كُنْتُ وُلِّيتُ الْبَحْرَيْنَ الْغَوْصَ فَأَصَبْتُ أَرْبَعَمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَ قَدْ جِئْتُكَ بِخُمُسِهَا بِثَمَانِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَ كَرِهْتُ أَنْ أَحْبِسَهَا عَنْكَ وَ أَنْ أَعْرِضَ لَهَا وَ هِيَ حَقُّكَ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فِي أَمْوَالِنَا فَقَالَ أَ وَ مَا لَنَا مِنَ الْأَرْضِ وَ مَا أَخْرَجَ اللَّهُ مِنْهَا إِلَّا الْخُمُسُ. يَا

ص: 116


1- - في بعض النسخ[ جيحون].
2- - بلد بما وراء النهر.
3- - الأعراف: 32.
4- - الكافي: 1/408، (ط - الإسلامية)، بَابُ أَنَّ الْأَرْضَ كُلَّهَا لِلْإِمَامِ علیه السلام ح5.
5- - يعني مسمع بن عبد الملك.

أَبَا سَيَّارٍ! إِنَّ الْأَرْضَ كُلَّهَا لَنَا فَمَا أَخْرَجَ اللَّهُ مِنْهَا مِنْ شَيْ ءٍ فَهُوَ لَنَا. فَقُلْتُ لَهُ وَ أَنَا أَحْمِلُ إِلَيْكَ الْمَالَ كُلَّهُ فَقَالَ يَا أَبَا سَيَّارٍ قَدْ طَيَّبْنَاهُ لَكَ وَ أَحْلَلْنَاكَ مِنْهُ فَضُمَّ إِلَيْكَ مَالَكَ وَ كُلُّ مَا فِي أَيْدِي شِيعَتِنَا مِنَ الْأَرْضِ فَهُمْ فِيهِ مُحَلَّلُونَ حَتَّى يَقُومَ قَائِمُنَا فَيَجْبِيَهُمْ طَسْقَ (1) مَا كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ وَ يَتْرُكَ الْأَرْضَ فِي أَيْدِيهِمْ وَ أَمَّا مَا كَانَ فِي أَيْدِي غَيْرِهِمْ فَإِنَّ كَسْبَهُمْ مِنَ الْأَرْضِ حَرَامٌ عَلَيْهِمْ حَتَّى يَقُومَ قَائِمُنَا فَيَأْخُذَ الْأَرْضَ مِنْ أَيْدِيهِمْ وَ يُخْرِجَهُمْ صَغَرَةً(2):"

قَالَ عُمَرُ بْنُ يَزِيدَ فَقَالَ لِي أَبُو سَيَّارٍ مَا أَرَى أَحَداً مِنْ أَصْحَابِ الضِّيَاعَ وَ لَا مِمَّنْ يَلِي الْأَعْمَالَ يَأْكُلُ حَلَالًا غَيْرِي إِلَّا مَنْ طَيَّبُوا لَهُ ذَلِكَ.(3)

منها: مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْكَابُلِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: وَجَدْنَا فِي كِتَابِ عَلِيٍّ علیه السلام (إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) أَنَا وَ أَهْلُ بَيْتِيَ الَّذِينَ أَوْرَثَنَا اللَّهُ الْأَرْضَ وَ نَحْنُ الْمُتَّقُونَ وَ الْأَرْضُ كُلُّهَا لَنَا فَمَنْ أَحْيَا أَرْضاً مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَلْيَعْمُرْهَا وَ لْيُؤَدِّ خَرَاجَهَا إِلَى الْإِمَامِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي وَ لَهُ مَا أَكَلَ مِنْهَا فَإِنْ تَرَكَهَا أَوْ أَخْرَبَهَا وَ أَخَذَهَا رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ بَعْدِهِ فَعَمَرَهَا وَ أَحْيَاهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مِنَ الَّذِي تَرَكَهَا يُؤَدِّي خَرَاجَهَا إِلَى الْإِمَامِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي وَ لَهُ مَا أَكَلَ مِنْهَا حَتَّى يَظْهَرَ الْقَائِمُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي بِالسَّيْفِ فَيَحْوِيَهَا وَ

ص: 117


1- - الجباية أخذ الخراج و الطسق الوظيفة من الخراج.
2- - في بعض النسخ[ صفرة].
3- - الكافي: 1/408، (ط - الإسلامية)، بَابُ أَنَّ الْأَرْضَ كُلَّهَا لِلْإِمَامِ علیه السلام ح3.

يَمْنَعَهَا وَ يُخْرِجَهُمْ مِنْهَا كَمَا حَوَاهَا رَسُولُ اللَّهِ ص وَ مَنَعَهَا إِلَّا مَا كَانَ فِي أَيْدِي شِيعَتِنَا فَإِنَّهُ يُقَاطِعُهُمْ عَلَى مَا فِي أَيْدِيهِمْ وَ يَتْرُكُ الْأَرْضَ فِي أَيْدِيهِمْ.(1)

أقول:بعد وضوح ملکیة الأرض و الدنیا للإمام علیه السلام فنقول: فی الجواب عن الإشکال المذکور:

الملک: معناه الاختصاص(2)من

جمیع الجهات، «هذا ملک لزید» یعنی لزید الاختصاص به من جمیع الجهات. فتحقّق الاختصاص المطلق مساوق لتحقّق الملک. نعم یمکن تحقّق الاختصاص المطلق مع الحجر عن التصرّف کالمفلّس. و یمکن مالکیّة الشخصین(3)

من

ص: 118


1- - الكافي: 1/408، (ط - الإسلامية)، بَابُ أَنَّ الْأَرْضَ كُلَّهَا لِلْإِمَامِ علیه السلام ح1.
2- - قال المحقق النراقی فی العوائد: 113 عائدة 11: «معنى الملكية و المالية و ما يرادفهما من الألفاظ: معنى إضافي، لا يتحقق إلّا مع وجود مالك و متموّل.و هذا المعنى الإضافي بحكم العرف و التبادر: عبارة عن اختصاص خاص و ربط مخصوص، معهود بين المالك و المملوك، و المتموّل و المال، موجب للاستبداد به، و الاقتدار على التصرف فيه منفردا، و ما له ذلك الاختصاص المعهود بالنسبة إلى شخص هو: الملك و المال. فمعنى الملكية و المالية، و الملك و المال: معنى عرفي أو لغوي لا تتوقف معرفته على توقيف من الشرع، و لا على دليل شرعي، بل يجب فيها الرجوع إلى العرف و اللغة، كما هو الشأن في سائر الألفاظ التي لم تثبت لها حقائق شرعية. و لكن ثبوت ذلك الاختصاص و الربط لشي ء بالنسبة إلى شخص، حتى يصدق عليه عرفا أنه ملكه و ماله لكونه أمرا حادثا متجددا، يتوقف على دليل.
3- - أن الملكية لها أربع مراتب: الف) الملكية الحقيقية: و هي السلطنة التامة بحيث يكون اختيار المملوك تحت سلطنة المالك حدوثا و بقاء و هي مخصوصة باللّه تعالى، و يكون المالك قيّوما على مملوكه و له السلطنة الحقيقية عليه. و لا شک فی أنّ قوام جميع عوالم الوجود بارادته المقدسة الحادثة و فاعليته و هو أمر تكويني خارج عن أفق المقولات فضلا عن الاعتبار. ب) مالكية الإنسان لنفسه و أعضائه و أفعاله و ذمته، فان هذه الأمور مملوكة له بالإضافة الذاتية الأولية. و لا شبهة أنّ هذه المرتبة من الملكية أيضا غير داخلة تحت المقولات العرضية و إنما هي عبارة عن سلطنة الشخص على أفعاله سلطنة تكوينية. و الملكية بهذا المعنى حقيقية لا اعتبارية و لا مقولية، و تسميتها بالذاتية دون الحقيقية لأجل اختصاص الملك الحقيقي بالإيجاد. ج) الملكية المقولية الخارجية: و هي عبارة عن الهيئة الحاصلة من إحاطة جسم بجسم آخر- كالهيئة الحاصلة من التعمّم و التقمّص و التنعّل و نحوها- و هذه المرتبة تسمّى بمقولة الجِدَة، و هي من الأعراض الخارجية القائمة بالموجود الخارجي. د) الملكيّة الاعتباريّة التي يعتبرها العقلاء لشخص خاص لمصالح تدعوهم إلى ذلك، و ربّما يمضي الشارع اعتبارهم هذا لأجل تلك المصلحة. بل قد يعتبر الشارع ملكيّة شي ء لشخص و إن لم يعتبرها العقلاء كما يتّفق ذلك في بعض أقسام الإرث. و من البيّن الذي لا ريب فيه أنّ هذا النحو من الملكيّة ليست من الأعراض لكي تحتاج الى وجود الموضوع في الخارج. و مثال ذلك: أنّ الزكاة و الخمس يملكهما طبيعي الفقير و السيّد، مع أنه لم يعتبر وجودهما في الخارج. و أيضا قام الإجماع على صحة تمليك الكلّي الذمّي في بيع السلف و نحوه، مع أنّ الأعراض لا بد لها من موضوع خارجي. و على الجملة إن الملكية الاعتبارية لا مانع من كون طرفها من المملوك أو المالك كليّاً. فيستكشف منه أنّها ليست من الأعراض المقوليّة بل تمام قوامها باعتبار من بيده الأمر. و لا یخفی: أنّ جميع الموجودات من أعيانها و أعراضها و اعتبارياتها و تمام الأعمال ملك للّه تعالى، و هذه الملكية الحقيقية لا تنافي الملكية الاعتبارية للعبد لما يتعلق به عينا كان أو عملا واجبا كان أو لا، و عدم كون زمان العمل الواجب بيد المكلف شرعا لا ينافي مالكيته لعمله عرفا و شرعا.

جمیع الجهات مع محجوریّة أحدهما عن التصرّف. و یمکن أن یکون الامام علیه السلام و الشیعة کلاهما مالکان أو..... فالأنظار فی هذه المسئلة مختلفة و الأقوال متضاربة:

القول الأول:
اشارة

أنّ المالک هو الشیعة لا الإمام علیه السلام.

فالصّور المتصوّرة هنا مختلفة:

الأولی:

یمکن أن یقال: - کما ذکره الشیخ رحمه الله – أنّه ملک للشیعة لا الإمام علیه السلام: فهو حکم شرعی تعبّدی. یعنی: أنّ هذا التحلیل و الإباحة یوجب أن یکون ملکاً

ص: 119

للشیعة تعبّداً؛(1) لأنّه قام الاجماع و التسالم علی ترتّب آثار الملک بتحلیلهم علیهم السلام بالضرورة، فهم یقدرون علی البیع و الوقف و.... فمعنی «أبحنا لکم» یعنی أخرجنا عن ملکنا و ملّکناکم.

الثانی:

یمکن أن یقال: - کما ذکره الشیخ ره - إنّ تملّكهم الفعلي صلوات اللّه عليهم لم يتعلّق بهذه الأمور لتلحقه الإباحة و التحليل، فيشكل بما ذكر، و إنّما كان ذلك حكما شأنيا من اللّه سبحانه، و إذنهم و رفع يدهم رافع لذلك الحكم الشأني بمعنى أنّ الشارع بملاحظة رضاهم بتصرّف الشيعة لم يجعل هذه الأمور في زمان قصور يدهم ملكا فعليا لهم، بل أبقاها على الحالة الأصلية، فهي باقية - بواسطة ما علم اللّه تعالى منهم من الرضى- على إباحتها الأصليّة بالنسبة إلى الشيعة، و هذا نظير الحرج الرافع للتكليف الشأني كما في نجاسة الحديد.

و لا مخالفة في ذلك لأخبار اختصاص هذه الأمور بالإمام عليه السلام، نظرا إلى أنّ صيرورتها من المباحات إنّما نشأ من شفقتهم القديمة قبل شرع الأحكام، فجواز التصرّف منوط برضاهم و لا يجوز التصرّف بدون رضاهم، و من تصرّف بدون رضاهم فهو ظالم لهم غاصب لحقّهم، و لا معنى للاختصاص أزيد من ذلك.

ص: 120


1- - حکم شرعی تعبّدی یعنی حصول الملکیّة لکلّ من حصل فی یده شیء تحصیلاً أو انتقالاً فی خصوص هذا المورد و إن کان الإباحة و التحلیل لا یفید التملیک لکن بالاجماع و التسالم ثبت ذلک.

حاصل ما ذکره رحمه الله: (و هو التحليل من الملكية الشأنية دون الفعليّة) یعنی أن یکون ملکاً شأنیّاً للإمام علیه السلام لا الفعلی؛ فإنّهم علیهم السلام لمّا رضوا بتصرّف الشیعة فلم یکن ملکاً لهم من الأول. نعم إن لم یرضوا بتصرّف الشیعة یصیر ملکاً فعلیّاً لهم. و هو شبیه الحرج الرافع للتكليف الشأني كما في نجاسة الحديد؛ فإنّه لم یکن نجساً فعلاً بل لمّا کان له شأنیّة النجاسة فبواسطة الحرج لم یکن نجساً. فکذا فیما نحن فیه، فمعنی أنّه ملک للإمام علیه السلام یعنی له شأنیّة أن یکون ملکاً للإمام علیه السلام. فلمّا علم الله تعالی من الأول أنّهم علیهم السلام یملّکون الشیعة فلم یجعلهم مالکاً فعلیّاً. و نتیجته تصحيح المعاملات الناقلة للأخماس و الأنفال إلى الشيعة من المخالفين.

أقول: هذا التوجیه؛ خلاف ظاهر الأخبار؛ لأنّ ظاهرها أنّ الخمس ملک لهم فعلاً لا شأناً و مع ذلک حلّلوه لشیعتهم.

الثالث:

لمّا کانت هذه الانتقالات فضولیّةً فهذه الاباحة تنفّذ الإذن فی المعاملات الفضولیّة. و ببیان آخر: أنّ إباحة التصرّفات التی وردت عنهم علیهم السلام یحمل علی إباحة المعاملات الفضولیّة، و هم علیهم السلام ینفّذونها و یمضونها

بالإباحة. و علی هذا، لمّا لم یؤدّوا خمس الأمة المسبیّة الذی یجب علی الناس و اشتری منهم الشیعة فهم علیهم السلام أمضوا هذه المعاملة الفضولیّة حتی تکون ملکاً لهم.

ص: 121

و قد یقرّر: أنّ معنی إباحتهم الخمس للشیعة إن انتقل إلیهم ممّن لا یعتقد الخمس، أنّ الأسباب الشرعیّة للتملّک کالشراء و الإرث و الاتّهاب و سائر المعاملات تؤثّر أثرها بالنسبة إلی الشیعة، فإذا انتقلت الأمة التی فی الغنائم ممّن لا یعتقد الخمس بأحد الأسباب إلی الشیعة فحلال للشیعة التصرّف فیها و لیس سحتاً و حراماً؛ فإنّهم قد أمضوا هذه الأسباب بالنسبة إلی الشیعة. و لیس معنی التحلیل أنّه إذا انتقلت الأمة إلی الشیعی باشتراء و نحوه، کان الانتقال صوریّاً و کانت الأمة بعد ملکاً للإمام علیه السلام و یباح التصرّف فیها للشیعی، حتّی یشکل بأنّه لا نکاح إلا فی ملک، و لا عتق إلا فی ملک،

الرابع:

أن یکون بنحو الوکالة: الف) إمّا بأن یکون توکیلاً لهم فی أن یهبوا عن الائمة علیهم السلام لأنفسهم و قبولهم لأنفسهم.

ب) و أمّا أن یکون تصرّفهم فی الخمس قبول الوکالة عنهم، و یحصل جمیع ذلک بفعل واحد. کالجدّ الذی یزوّج بنت ابنه لابن بنته، فإنّه ولیّ أو وکیل من الجانبین، فبمجرّد الایجاب یعنی قوله: «زوّجتها إیّاه» یتحقق الزوجیّة و لا یحتاج إلی القبول. کما روی الکلینی بأسناده عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعلیه السلام قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صلّی الله علیه وآله فَقَالَتْ: زَوِّجْنِي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّی الله علیه وآله: مَنْ لِهَذِهِ؟ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ! زَوِّجْنِيهَا. فَقَالَ: مَا تُعْطِيهَا؟ فَقَالَ: مَا لِي شَيْ ءٌ... قَالَ

ص: 122

صلّی الله علیه وآله: «قَدْ زَوَّجْتُكَهَا عَلَى مَا تُحْسِنُ مِنَ الْقُرْآنِ فَعَلِّمْهَا إِيَّاهُ»(1)

و لم یقل الرجل قبلتُ.

ففی ما نحن فیه نقول: صرف الأخذ و التصرّف من الشیعة فی الخمس، هبة من الإمام و قبول من نفسه. فإباحتهم هو توکیل بالهبة لنفسه و قبول(2).

الخامس:

أن یکون إباحتهم و تحلیلهم لشیعتهم سبباً لصیرورة الشیء کالمباح الاصلی فهو کالإعراض یجعل الشیء کالمباح الاصلی یملکه من حازه. فإنّهم علیهم السلام کأنّهم أعرضوا من أموالهم هذه بالنسبة إلی الشیعة، و الإعراض مسقط للملکیّة. مثل ما ورد فی صحیح عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: «مَنْ أَصَابَ مَالًا أَوْ بَعِيراً فِي فَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ قَدْ كَلَّتْ وَ قَامَتْ (وَ سَيَّبَهَا صَاحِبُهَا مِمَّا لَمْ يَتْبَعْهُ) فَأَخَذَهَا غَيْرُهُ فَأَقَامَ عَلَيْهَا وَ أَنْفَقَ نَفَقَةً حَتَّى أَحْيَاهَا مِنَ الْكَلَالِ وَ مِنَ الْمَوْتِ فَهِيَ لَهُ وَ لَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهَا وَ إِنَّمَا

ص: 123


1- - الوسائل، باب 2 من أبواب المهور ح 1.
2- - قال بعض مشایخنا رحمه الله تعالی: إن التحليل المزبور لا يرتبط بإجازة شراء الفضولي و لا بالتوكيل فيه ليقال انه كيف يصحح استناد الشراء الى الامام عليه السّلام بل هو من قبيل إعطاء الولاية لمن ينتقل اليه ما فيه الخمس على المعاملة عليه نظير إعطاء الموصي الولاية على الوصي على التصرف في ثلثه بإجارته أو بيعه أو بيع منافعه. و نظير ذلك في شراء الخراج و تقبل الأرض من السلطان حيث ذكر هناک: أنّ تحليل الخراج المأخوذ منه و تحليل تلك الأرض، إعطاء ولاية للمشتري و المتقبل في الشراء و التقبل.

هِيَ مِثْلُ الشَّيْ ءِ الْمُبَاحِ».(1)فإنّه

یدلّ علی أنّ من أعرض عن ماله فهو بمنزلة المباح الاصلی. و هکذا نقول هنا: إنّ الأئمّة علیهم السلام أعرضوا عن أموالهم هذه بالنسبة إلی الشیعة و قد دخل فی ملکهم.

القول الثانی:

أنّ کلیهما – أی الإمام علیه السلام و الشیعة - مالکان و هو علی یتصوّر علی نحوین:

الأوّل: أنّ ملکیّتهما إعتباری فی عرض واحد کولایة الأب و الجدّ علی الطفل فإنّ لهما الولایة علیه؛ نعم لو تعارضت أو تزاحمت ولایتهما قُدّم الجدّ علی الأب للروایة و إلا فالقاعدة تقتضی التساقط.

الثانی: أنّ ملکیّة الإمام علیه السلام یُشبه ملکیّة الله تعالی. و علی هذا، یمکن أن يقال: بثبوت ملكهم لها فعلا، إلّا أنّ معنى ملكيتهم الفعلية ليس أمرا ينافي ملكيّة الشيعة لها بالإحياء و الحيازة، حتّى تكون ملكيّة الشيعة لها بالانتقال عن ملك الإمام عليه السلام و إن صرّح في بعض الأخبار بلفظ الهبة الظاهر في الانتقال، بل هو معنى يشبه في الجملة بملكيّة اللّه سبحانه للأشياء، و إن كان ذلك ملكا حقيقيّا مساويا لملكيّة نفس العباد، إلّا أنّ هذا المعنى كالقريب منه، بمعنى أنّ اللّه تعالى سلّطهم على هذه الأموال سلطنة مستمرّة، لهم أن يأذنوا لغيرهم في التملّك و لهم أن يمنعوا، و ليس الإذن علّة محدثة

ص: 124


1- - الكافي: 5/140 ح 13.

للتملّك حتّى يحتاجوا في إرجاعه بعد تملّك الغير إلى أنفسهم إلى تملّك جديد، نظير المولى المملّك لعبده، حيث إنّه بعد تملّك العبد ليس مالكا، بل هو مالك لأن يملّك، بل ملك المالك دائر مع رضاهم و ناش عنه.(1)

حاصله: التحليل من الملكية بمعنى السلطنة لا الاعتبارية، و نتيجته تصحيح المعاملات الناقلة للأخماس و الأنفال إلى الشيعة من المخالفين.

القول الثالث:
اشارة

أن یکون ملکاً للإمام و مباحاً للشیعة من جمیع الجهات حتّی التصرّفات الملکیّة.

أقول: المراد من الإباحة عندنا علی ما یستفاد من صحیحة ابن مهزیار عن جواد الأئمّة علیه السلام: «مَنْ أَعْوَزَهُ شَيْ ءٌ مِنْ حَقِّي فَهُوَ فِي حِلٍّ» هو إسقاط الحق إن زال، و حلال و تملیک بلا عوض إن کان موجوداً.

أمّا الآية الشريفة: (وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ الخ) فهی تدلّ علی أنّ المقدار المذکور من الخمس

ص: 125


1- - کتاب الخمس: 385 – 387. أقول: یوجد الوجه المذکور فی کلام الشیخ رحمه الله. و لعلّ هذا التوجیه قریب و أوفق بظواهر النصوص و الفتاوى، و أقرب الى الاعتبار بالنظر إلى ما تقتضيه الولاية و السلطنة المطلقة التي جعلها اللّه تعالى للأئمّة- عليهم السّلام- كما نفينا البعد عن إرادة الملكية بهذا المعنى فی الأخبار الواردة في أنّ الأرض و ما أخرجه اللّه منها بأسرها للإمام- عليه السّلام- فتأمّل!

یختصّ بالله تعالی و هذا هو الملکیّة الاعتباریة یعنی یختصّ بالله تعالی و لا یحقّ لأحد التصرّف فی ذلک. و قد قلنا تحقّق الاختصاص المطلق مساوق لتحقّق الملک.

و أمّا الروایات: فمنها: روی الشیخ بسنده عن عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: «قُلْتُ رَجُلٌ مَرِضَ فَاشْتَرَى نَفْسَهُ مِنَ اللَّهِ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ إِنْ هُوَ عَافَاهُ اللَّهُ مِنْ مَرَضِهِ. فَقَالَ: يَا إِسْحَاقُ! لِمَنْ جَعَلْتَهُ؟ قَالَ: قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ لِلْإِمَامِ. قَالَ: نَعَمْ هُوَ لِلَّهِ وَ مَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ لِلْإِمَامِ علیه السلام.(1)

روی الشیخ بسنده عن إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ مَيِّتٌ قُطِعَ رَأْسُهُ، قَالَ: عَلَيْهِ الدِّيَةُ. قُلْتُ: فَمَنْ يَأْخُذُ دِيَتَهُ؟ قَالَ: الْإِمَامُ هَذَا لِلَّهِ وَ إِنْ قُطِعَتْ يَمِينُهُ أَوْ شَيْ ءٌ مِنْ جَوَارِحِهِ فَعَلَيْهِ الْأَرْشُ لِلْإِمَامِ.(2)

أقول: «هذا لله» یعنی ملک له تعالی و له الاختصاص به و لا یحقّ لأحد أن یتصرّف فیه. و مال الله هو مال الرسول و مال الرسول هو مال الإمام. فسهام الثلاثة من الخمس مختصّ للإمام علیه السلام.

ص: 126


1- - التهذيب: 8 / 315 ح 1174.
2- - التهذيب: 10/ 272-ح 1069، و الاستبصار: 4/ 297ح 1117.

قال فی المرتقی: إنّ الظاهر بدواً من الآية الشريفة أنّ لكلّ من الله تعالى و الرسول وذي القربى و اليتامى و المساكين و ابن السبيل سهم من الخمس يملكه بخصوصه، الا أنّه حيث يعلم بان اثبات ملكية الله لأحد هذه الاسهم مما لا جدوى فيه، اذ لا معنى لاعتباره تعالى ملكية بعض المال أو اعتبار العقلاء ملكيته جلّ اسمه مع انه مالك الملوك و كونه حقيقاً بالتصرف بما يشاء من الاموال. فملكية الله سبحانه لا يظهر لها معنى معقول، فلا بد من ان يكون المراد من اللام ما يرجع الى وجهه تعالى لا ملكيته، فيكون المعنى ان الخمس لوجه اللّه و في ما يحبه و يرضاه.(1)

و قد تقدّم فی بحث الخمس المناقشة و الإیراد علیه. و یُعجبنی نقل کلام لصاحب الجواهر فی الجواب عن الاستدلال: «بأنّ المقطوع به أن المعصوم يرضى بصرف حقه في السادة فإنّهم عياله» - و یناسب ذکره هنا - و قد منع صاحب (الجواهر) من حصول العلم بالرضا، و علّله بما أفاده من: «أنّ المصالح و المفاسد التي في نظر الامام (عليه السلام) مما لا يمكن إحاطة مثلنا به، خصوصا من لم تزهد نفسه في الدنيا منا، فقد يكون صلة واحد من شيعته أو إطفاء فتنة بينهم أو فعل أمور لها مدخلية في الدين أولى من كل شي ء في نظره، كما يومي اليه تحليلهم بعض الأشخاص و أقاربهم في شدة الحاجة فكيف يمكن القطع برضاه فيما يفعله غيرهم، خصوصا مع عدم خلوص النفس من الملكات الردية كالصداقة و القرابة و نحوهما من المصالح الدنيوية، فقد يفضل على البعض لذلك

ص: 127


1- - المرتقى إلى الفقه الأرقى - كتاب الخمس، ص: 260.

و يترك الباقي في شدة الجوع و الحيرة، بل ربما يستغني ذلك البعض بقبض ما حصل له فيحتال في قبض غيره إلى تمليك زوجته أو ولده ما عنده كي يبقى فقيرا فيقبض ما يشاء، و كيف يمكن ان يقاس هذا بفعل أمير المؤمنين (عليه السلام) مع عقيل الذي فر منه لعدم صبره على تلك المئونة، و يومي إلى جملة مما ذكرنا من عدم الاعتماد على نحو هذه الفحوى في أموالهم (عليهم السلام) ذيل توقيع العمري الذي ذكرناه سابقا، بل كاد يكون صريحا في بعضه، ضرورة انه سأله عما يقطع في نظرنا و خيالنا بأنه إحسان محض و أنه يرضى به المالك و مع ذلك نهاه عنه.»(1)

و الحاصل، أنّ الانفال و سهم الإمام علیه السلام ملک له و مال له علیه السلام، و إلا فإن لم یکن ماله و ملکه، فکیف یحلّل للشیعة ما لم یکن له؟ و لا شک أنّه ملک طلق له.

روی کلینی بسنده عن مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ أَبِي عَلِيِّ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ صَاحِبِ الْعَسْكَرِ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ نُؤْتَى بِالشَّيْ ءِ فَيُقَالُ: هَذَا مَا كَانَ لِأَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام عِنْدَنَا فَكَيْفَ نَصْنَعُ؟ فَقَالَ: مَا كَانَ لِأَبِي جَعْفَرٍعلیه السلام بِسَبَبِ الْإِمَامَةِ فَهُوَ لِي وَ مَا كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ فَهُوَ مِيرَاثٌ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ نَبِيِّهِ ص(2).

ص: 128


1- - جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، ج 16، ص: 173.
2- - الکافی: 7/59 ح 11.

والحاصل أنّ سهم الإمام علیه السلام ملک شخصی و طلق له علیه السلام و الأدلة التی تدلّ علی الملکیّة للإمام علیه السلام کثیرة نذکر بعضها:

1 – روی الشیخ الطوسی بسنده عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: عَلَى كُلِّ امْرِئٍ غَنِمَ أَوِ اكْتَسَبَ الْخُمُسُ مِمَّا أَصَابَ لِفَاطِمَةَ علیها السلام وَ لِمَنْ يَلِي أَمْرَهَا مِنْ بَعْدِهَا مِنْ ذُرِّيَّتِهَا الْحُجَجِ عَلَى النَّاسِ فَذَاكَ لَهُمْ خَاصَّةً يَضَعُونَهُ حَيْثُ شَاءُوا... (1)

2 – روی الشیخ ره بسنده عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ مَالِكٍ الْجُعْفِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ: (وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ)(2)فَقَالَ: أَمَّا خُمُسُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَلِلرَّسُولِ يَضَعُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ أَمَّا خُمُسُ الرَّسُولِ فَلِأَقَارِبِهِ...(3)

ص: 129


1- - التهذيب: 4/122ح 348، و الاستبصار: 2/55 ح 180.
2- - الأنفال: 41.
3- - التهذيب: 4/125 ح 360.

3 – روی الشیخ ره بسنده عن ْ رِبْعِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن الْجَارُودِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلّی الله علیه وآله... ثُمَّ يَقْسِمُ الْخُمُسَ الَّذِي أَخَذَهُ خَمْسَةَ أَخْمَاسٍ يَأْخُذُ خُمُسَ اللَّهِ لِنَفْسِهِ...(1)

4 – روی الصدوق ره بسنده عَنِ الرَّيَّانِ بْنِ الصَّلْتِ عَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ: ...فَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ (وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى) فَقَرَنَ سَهْمَ ذِي الْقُرْبَى مَعَ سَهْمِهِ وَ سَهْمِ رَسُولِ اللَّهِ... وَ سَهْمُ ذِي الْقُرْبَى قَائِمٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فِيهِمْ لِلْغَنِيِ وَ الْفَقِيرِ؛ لِأَنَّهُ لَا أَحَدَ أَغْنَى مِنَ اللَّهِ وَ لَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلّی الله علیه وآله فَجَعَلَ لِنَفْسِهِ مِنْهَا سَهْماً وَ لِرَسُولِهِ سَهْماً فَمَا رَضِيَهُ لِنَفْسِهِ وَ لِرَسُولِهِ رَضِيَهُ لَهُمْ... (2)

5 – روی الکلینی ره بسنده عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنِ الْعَبْدِ الصَّالِحِ علیه السلام قَالَ: ... فَسَهْمُ اللَّهِ وَ سَهْمُ رَسُولِ اللَّهِ لِأُولِي الْأَمْرِ مِنْ بَعْدِ رَسُولِ اللَّهِ وِرَاثَةً وَ لَهُ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ سَهْمَانِ وِرَاثَةً وَ سَهْمٌ مَقْسُومٌ لَهُ مِنَ اللَّهِ وَ لَهُ نِصْفُ الْخُمُسِ كَمَلًا... (3)

ص: 130


1- - الاستبصار: 2/56 ح 2.
2- - أمالي الصدوق: 427، و عيون أخبار الرضا( عليه السلام): 1/ 237.
3- - الكافي: 1/ 539 ح 4.

أقول: فرّق السیّد البروجردی ره فی المراسیل بین «بعض أصحابنا» و بین «رجل» و قد یقتضی الظروف بیان الحقّ تقیّة؛ فإنّ أخذ الخمس من جانبهم علیهم السلام یزاحم ریاسة المیشومة للظلمة.

6 – روی الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ شُعْبَةَ فِي كِتَابِ تُحَفِ الْعُقُولِ: عن الصادق علیه السلام: ... أمَّا قَوْلُهُ: ( لِلَّهِ ) فَكَمَا يَقُولُ الْإِنْسَانُ هُوَ لِلَّهِ وَ لَكَ وَ لَا يُقْسَمُ لِلَّهِ مِنْهُ شَيْ ءٌ فَخَمَّسَ رَسُولُ اللَّهِ ص الْغَنِيمَةَ الَّتِي قَبَضَ بِخَمْسَةِ أَسْهُمٍ فَقَبَضَ سَهْمَ اللَّهِ لِنَفْسِهِ يُحْيِي بِهِ ذِكْرَهُ وَ يُورَثُ بَعْدَهُ ... (1)

7 – روی العیاشی فی تفسيره عَنْ عَمَّارٍ السَّابَاطِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام يَقُولُ: (إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) قَالَ: فَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ لِرَسُولِهِ وَ مَا كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ فَهُوَ لِلْإِمَامِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ص لّی الله علیه وآله(2).

8 – روی الکلینی بسنده عَنْ حَفْصِ بْنِ الْبَخْتَرِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: الْأَنْفَالُ مَا لَمْ يُوجَفْ (3) عَلَيْهِ بِخَيْلٍ وَ لا رِكابٍ أَوْ قَوْمٌ صَالَحُوا أَوْ قَوْمٌ أَعْطَوْا بِأَيْدِيهِمْ وَ كُلُّ

ص: 131


1- - تحف العقول ص 253.
2- - تفسير العيّاشيّ: 2/25 و الآية في سورة الأعراف: 128.
3- - الايجاف من الوجيف و هو سرعة السير.

أَرْضٍ خَرِبَةٍ وَ بُطُونُ الْأَوْدِيَةِ فَهُوَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلّی الله علیه وآله وَ هُوَ لِلْإِمَامِ مِنْ بَعْدِهِ يَضَعُهُ حَيْثُ يَشَاءُ.(1)

أقول: فإنّ الامام یتمکّن من إعطائه إلی أحد و یضعه حیث یشاء. و الحمل علی إرادة «وجه الله و الرسول و ذی القربی»(2)

خلاف ظاهر هذه الأخبار.

9 – روی الشیخ ره بسنده عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا رَفَعَ الْحَدِيثَ قَالَ: ... فَالَّذِي لِلَّهِ فَلِرَسُولِ اللَّهِ ص فَرَسُولُ اللَّهِ أَحَقُّ بِهِ فَهُوَ لَهُ خَاصَّةً وَ الَّذِي لِلرَّسُولِ هُوَ لِذِي الْقُرْبَى وَ الْحُجَّةِ فِي زَمَانِهِ فَالنِّصْفُ لَهُ خَاصَّةً... (3)

10 – روی الکلینی ره بسنده عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ قَالَ الصادق علیه السلام: قَالَ: إِنْ قَاتَلُوا عَلَيْهَا مَعَ أَمِيرٍ أَمَّرَهُ الْإِمَامُ عَلَيْهِمْ أُخْرِجَ مِنْهَا الْخُمُسُ لِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ قُسِمَ بَيْنَهُمْ

ص: 132


1- - الكافي (ط - الإسلامية)، ج 1، ص: 539 ح3.
2- - المرتقی: 260.
3- - التهذيب: 4/ 126 ح 364.

ثَلَاثَةُ(1) أَخْمَاسٍ وَ إِنْ لَمْ يَكُونُوا قَاتَلُوا عَلَيْهَا الْمُشْرِكِينَ كَانَ كُلُ مَا غَنِمُوا لِلْإِمَامِ يَجْعَلُهُ حَيْثُ أَحَبَّ. (2)

أقول: کیف یمکن طرح هذه الروایات و غیرها الظاهرة فی الملکیّة (أی الاختصاص له تعالی) و توجیهها لأجل شبهة حصلت فی معنی «اللام» حیث قال رحمه الله: «و بما ان التعبير باللام في الجميع- أعني اللّه و الرسول وذي القربى- بنحو واحد و سياق متحد كان الظاهر أيضا من اللام في- الرسول و لذي القربى- وجههما لا ملكيتهما»(3).

و علی هذا، فبمقضی هذه الروایات نقول: أنّ نصف الخمس ملک شخصی للأئمّة و لمولانا الحجّة علیهم السلام، « فَذَاكَ لَهُمْ خَاصَّةً يَضَعُونَهُ حَيْثُ شَاءُوا...»(4)

نعم لا بدّ من صرفه فی إعلاء کلمة الدین و ترویج شریعة سیّد المرسلین و....

و أمّا النصف الآخر الذی هو حصّة السادات فقد بحثوا عنه فی کتاب الخمس و لیس هنا موضعه، و مع ذلک نشیر إجمالاً إلی ثلاثة نکات:

ص: 133


1- - كتب المؤلّف في الأصل على كلمة( ثلاثة) «كذا»، و في هامش المخطوط( أربعة ظ) و في المصدر أربعة.
2- - الكافي: 5/43 ح 1.
3- - المرتقی: 260.
4- - التهذيب: 4/122ح 348، و الاستبصار: 2/55 ح 180.
الأولی: جواز الإفراز و التعیین:

لا یخفی جواز إفراز الخمس و تعیینه عن اصل المال و استقلال المالک فیه - من دون تعیّن الخمس فیما قسّمه المالک - بلا لزوم مراجعة المجتهد أو السادة فی ذلک؛ لأن العمل الخارجي للمتشرعة و دفعهم لخمس اموالهم الى المعصومين او وكلائهم من دون مراجعتهم في القسمة بنفسه، يوجب القطع او الاطمئنان بثبوت الولاية علی ذلک. أما ما ورد فی بعض الأخبار الظاهرة مباشرة المالک التقسیم بنفسه معللا «بأنه أعظم الشريكين»(1)

- بعد ملاحظة أنّ أربعة أخماس المال للمالك - فهو حکمة لا علة.

نعم علی القول بأنّ مقتضی الشرکة علی الاشاعة فإن قلنا: بعدم جواز التصرّف في المال الذي تعلّق به الخمس، فهذا أمر صحیح. و إن قلنا: بعدم استقلال المالك في الإفراز و التسهيم - أی إعطاء الخمس ممّا فيه الخمس من المال من دون تعیّن الخمس فیما قسّمه المالک – ففیه: أنّه لم ينقل عن أحد الذهاب إلى لزوم رضاء المستحقّ في الإفراز و التسهيم بل هو بيد المالك کما علیه السیرة القطعیة.....

ص: 134


1- - شرح العروة: 25/333. و قد أورد عليه أوّلاً: أنّا لم نجد هذا المضمون في النصوص، نعم في حديث بريد بن معاوية قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: «بعث اميرالمؤمنين عليه السّلام مصدّقا من الكوفة الى باديتها فقال له: يا عبد اللّه انطلق و عليك بتقوى اللّه وحده لا شريك له، - الى أن قال -: و إن أنعم لك منهم منعم فانطلق معه من غير أن تخيفه أو تعده إلّا خيراً، فإذا أتيتَ ماله فلا تدخله الّا بإذنه فإنّ أكثره له ( الوسائل: الباب 14 من أبواب زكاة الانعام، الحديث: 1)، علّل الحكم بأنّ اكثره له.و ثانيا: انه لا مجال للأخذ بعموم العلة و الّا يلزم الحكم بالجواز في كل شريك مع غيره اذا كان اعظم و اكثر سهما، و هل يمكن الالتزام به؟ ان قلت: نلتزم بالتخصيص، قلت: يلزم تخصيص الاكثر المستهجن فلا بد من رد علمه الى أهله.
الثانیة: فی کیفیّة صرف سهم السادات:

بعد أن قلنا أنّ هذا السهم ملک للسادة فیجب قسمته بين الاصناف الثلاثة المذكورة من غير ترديد و لا إشكال. إنما الكلام في وجوب الرجوع في ذلك الى الحاكم الشرعي، و هل يجب المراجعة الى الحاكم الشرعى فى هذا النصف الّذي للاصناف الثلاثة من السادة و الدفع إليه أو الاستيذان منه او لا يجب ذلك بل لصاحب المال أن يدفع بنفسه ما عليه سهمهم إليهم بدون الرجوع الى المجتهد؟

و المختار هو عدم الوجوب و جواز مباشرة المالك لدفعه الى المستحق بنفسه. و مقتضی الأدلّة أنّ الواجب هو دفع هذا السهم إلی مستحقّیه فیجوز للمالک التصدّی بدفعه إلیهم.

و ولایة الامام علیه السلام مع التمکّن من الایصال إلیه و لزوم إعطاء جمیع الخمس إلیهم فی زمان حضورهم علیهم السلام - مع قلّة السادة فی زمانهم - لا تنافی التمسّک بالأدلة الشرعیة مع عدم التمکّن منه علیه السلام کما هو الحال فی زمن الغیبة و لم یثبت نیابة الفقیه – لو قلنا بذلک - فی کلّ ما هو للامام علیه السلام حتّی یعتبر الایصال إلیه أو الاستئذان منه ، فاطلاق الادلة و الاصل یقتضی عدم الاشتراط.

نعم قد کان ذلک (أی إعطاء جمیع الخمس إلیهم فی زمن الحضور) سبباً للشبهة في ولاية الدافع، فقالوا بوجوب مراجعة الحاكم الشرعى فى هذا النصف الّذي للاصناف الثلاثة

ص: 135

من السادة و الدفع إليه أو الاستيذان منه و لذا نقل عن السیّد الحکیم رحمه الله فی النجف «إذن العام» لمن قصد أداء هذا السهم للمستحقین.

و الحاصل، أنّ السهم المذکور لا يحتاج فیه إلى الاستجازة من الحاكم الشرعي، إذ ليس حال هذا السهم حال سهم الامام عليه السلام، فان هذا ملك للسادة، و الحاجة الى الاستجازة تتوقف على الدليل و لا دليل عليها بوجه. فإنّ اطلاق الآیة الکریمة و الروایات یقتضیان وجوب دفع سهم السادة إلی مستحقیه فیجوز للمالک أن یتصدّیه بنفسه بعد وجود مالك الحق في الخارج و أیّ فرق بین ما نحن فیه و بین باب الزکاة حیث یتمسّکون بالاطلاق هناک دون ما نحن فیه.

و احتمال لزوم الرجوع الى المجتهد و الاذن منه يندفع بأصالة البراءة – کما قلنا آنفاً - ؛ لان التكليف ثابت بدفع الخمس الى السادات و لزوم استئذان المجتهد او دفعه اليه بنحو الواسطة تكليف آخر يندفع مع الشك باصالة البراءة، كما هو الحال في كل مورد يدور الامر فيه بين الاقل و الاكثر، كما لو شككنا بوجوب جلسة الاستراحة او السورة في الصلاة، فإنّه أيضا يقال: إنه بدون السورة أو الجلسة لا يحصل العلم بالفراغ اليقيني، مع ان منشأ الشك في الفراغ هو الشك في وجوب السورة فاذا ارتفع بأصالة البراءة يرتفع الشك بالفراغ قهرا. مضافاً إلی أنّه لا دلیل علی نیابة المجتهد فی کلّ ما ثبت للمعصوم علیه السلام حتی نقول باعتبار الاذن منه.

ص: 136

الثالثة: فی کیفیّة صرف سهم الإمام علیه السلام:

هل أنّ المالک مستقل فی هذا التصرّف أو أنّه یتوقّف علی مراجعة الحاکم الشرعی و الاستیذان منه؟ و المحكي عن غير واحد: هو جواز تولى المالك صرفه فيما يعلم رضا الامام عليه السّلام من دون المراجعة إلى الحاكم الشرعي فإن كان المالک قد وجد من نفسه- فيما بينه و بين ربّه- أنّه قد أحرز رضا الامام روحی له الفداء بالمصرف الكذائي بحيث كان قاطعاً و عالماً به و لا يحتمل لزوم الرجوع الى المجتهد فلا اشكال فی جواز تصدّیه بنفسه و لا حاجة معه إلى مراجعة الحاکم الشرعی الجامع للشرائط، إذ لا مقتضي لها بعد نيل الهدف و الوصول إلى المقصد، و لا مجال حینئذ لأن يقال: إنّ الحاكم أعرف بموارد الصرف، اذ لا كلية لهذه الدعوى، فانه ربما يكون الشخص السوقي أعرف بالموارد.

و أما إذا لم يجد من نفسه هذا الإحراز و لم یقطع و احتمل الاشتراط؛ فتارة نفرض و نقول: إنّ المقام من الامور الحسبية التي امرها راجع الى الحاكم و لم نناقش فی ذلک، فلا اشكال حینئذ في لزوم الرجوع اليه، اذ المفروض أنّه مرجع عام. و اخرى: لا نقول به فلا مناص حینئذ عن الرجوع اليه، اذ المفروض انه لا يجوز التصرف في مال الغير الّا باذنه، و المفروض انه لا يقطع برضى المالك الّا عن هذا الطريق. فإذا انقدح في ذهنه احتمال ان يكون هذا الصرف في عصر الغيبة منوطا بإذن الفقیه المدافع عن الثقلین، الحافظ للشریعة عن الکلاب المخالفین و الملحدین صائناً لنفسه مخالفاً لهواه؛ لاحتمال أن یکون رضاه

ص: 137

علیه السلام بصرف السهم فی الموارد المذکورة آنفاً بید من تکون معروفیّته عزّاً للطائفة الامامیّة أو لاحتمال أنّ الرجوع إلی الحاكم له دخل فى العلم برضاه من باب كون الحاکم الشرعی ابصر بالجهات الّتي يرضى الإمام علیه السلام صرف ماله فيه و العوام غالبا لا يلتفتون بالجهات المرضية عند الإمام عليه السّلام و الملاكات المطلوبة عنده و لهذا مع ان غير المجتهد لا يتوجه بالخصوصيات المطلوبة أو المبغوضة عنده عليه السّلام لا يحصل له العلم برضاه قبل الارجاع الى الحاكم. (فإذا انقدح في ذهنه هذا الاحتمال) و لم يتمكن من دفع هذا الاحتمال الذي يستطرق لدى كل أحد بطبيعة الحال و لا أقل من أجل رعاية المصالح العامة و التحفظ على منصب الزعامة الدينية، فاللازم عندئذ مراجعة الحاكم الشرعي لعدم جواز التصرف في مال الغير و هو الامام (ع) ما لم يحرز رضاه المنوط بالاستيذان من الحاكم حسب الفرض. كما كان منوطا بإذن نفسه في عصر الحضور، و لا أقلّ أنّه أحوط.

فمجرد الشك في جواز التصرف بدون اذنه كاف في استقلال العقل بلزوم الاستيذان منه، للزوم الاقتصار في الخروج عن حرمة التصرف في ملك الغير على المقدار المتيقن من اذنه و رضاه و هو مورد الاستيذان، إذ بدونه يشك في الجواز و مقتضى الأصل عدمه. و من ثمَّ كانت الاستجازة مطابقة لمقتضى القاعدة حسبما عرفت. (1)

ص: 138


1- - أقول: و منه تعرف أنه لا حاجة الی إثبات الولاية العامة للحاكم الشرعي في كافة الشؤون، و ان جميع ما كان راجعا إلى الامام حال حضوره راجع إلى نائبه العام حال غيبته بل لا یمکن اثبات ذلک کما ثبت فی محلّه.

«و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، و صلى الله على محمد و على أهل بيته الطيبين الطاهرين» «العبد العاصی السیّد قاسم علی احمدی عفی عنه».

ص: 139

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.