کتاب الکناش فی فنی النحو و الصرف

نستطیع أن نقرّر علی ضوء ما رأینا فی کتاب الکناش أن أبا الفداء بصریّ المذهب والنزعه کغیره من النحویین المتأخرین ، فقد أید البصریین فی عدد کبیر من آرائهم ووافقهم فی الأسس التی قامت علیها مدرستهم یتّضح ذلک مما یأتی :

1 - العامل

أید أبو الفداء البصریین فی نظریه العامل «اللفظی والمعنوی» ، فقد أورد فی کناشه عددا من المسائل تدل علی اتجاهه هذا ، من ذلک :

أ - تقریره أن العامل فی الفاعل والمفعول به هو الفعل ، والدلاله علی کون الفعل هو العامل فی الفاعل تتضح من قوله : «والضمیر المرفوع المتصل خاصه یستتر فی الفعل الماضی للمذکر الغائب نحو : زید ضرب ... وإنما استتر المتصل بخلاف المنصوب والمجرور المتصلین نحو : إنه وله ، لشده اتصال المرفوع بالعامل دونهما» (2) وقال فی موضع آخر : «والضمائر مع ثبوت عواملها لا تتغیر عن حالها ألا تری أن الیاء فی تضربین والنون فی تضربن والواو فی تضربون ، والألف فی تضربان لا تتغیر بوجه لأنها ضمائر» (3).

ودلّ فی موضع آخر علی أن هذه الضمائر هی الفاعل فقال : «إن الألف فی یفعلان اسم وهی ضمیر الفاعل ... وهی فی یضربان اسم وکذلک القول فی واو یضربون ونحوه فإنها اسم وهو ضمیر الفاعل ... وکذلک الیاء فی تضربین ضمیر

ص: 39

1- آثرنا الإیجاز والاختصار فی هذا الفصل والاکتفاء ببیان المعالم العامه لنزعته النحویه.

2- الکناش ، 1 / 249.

3- الکناش ، 1 / 250.

الفاعل وهی اسم» (1) ، وأفاد أن الفعل هو العامل فی المفعول إذ ذکر أنه «قد یحذف الفعل الناصب للمفعول به جوازا لقرینه تدل علیه کقولک : زیدا ، لمن قال : من أضرب أی أضرب زیدا» (2) وأکد علی ذلک فی موضع آخر فقال : «وقد یتقدم المفعول به علی الفعل العامل فیه لأن الفعل قوی فی العمل» (3) ومعلوم أن الکوفیین قد ذهب أکثرهم إلی أن العامل فی المفعول به هو الفعل والفاعل جمیعا (4).

ب - نصه علی أن عامل الرفع فی المبتدأ معنوی ، ذکر ذلک حین تحدث عن مواضع تعذر اتصال الضمیر إذ قال : «أو یکون العامل معنویا کالمبتدأ والخبر نحو : أنا زید وأنا قائم لأنه إذا کان معنویا تعذر الاتصال به» (5) وما ذهب إلیه أبو الفداء هو مذهب البصریین فی حین ذهب الکوفیون إلی أن المبتدأ یرفع الخبر ، والخبر یرفع المبتدأ فهما یترافعان (6).

ج - ذکره أن عامل النصب فی المفعول معه هو الفعل خلافا للکوفیین الذین رأوا أنه منصوب علی الخلاف ، وخلافا للجرجانی القائل بأن ناصبه الواو ، وخلافا للزجاج القائل بأن ناصبه فعل مضمر بعد الواو (7). قال أبو الفداء «والفعل العامل فی المفعول معه یکون لفظا نحو : جئت وزیدا ویکون معنی نحو : ما لک وزیدا ، والمراد بالفعل لفظا الفعل وشبهه من أسماء الفاعل والصفه المشبهه والمصدر ونحوها والمراد بالفعل معنی أی تقدیرا غیر ما ذکر مما یستنبط فیه معنی الفعل نحو : ما لک وزیدا وما شأنک وعمرا ، لأن التقدیر ما تصنع وعمرا ، فأمّا إذا لم یکن فی الکلام فعل ولا معنی فعل فلا یجوز النصب فإذا قلت : ما أنت وعبد الله وکیف أنت وقصعه من ثرید فالوجه الرّفع لانتفاء الناصب» (8).

ص: 40

1- الکناش ، 2 / 7.

2- الکناش ، 1 / 160.

3- الکناش ، 1 / 160.

4- الإنصاف ، للأنباری 1 / 78 ، وشرح الکافیه للرضی 1 / 128.

5- الکناش ، 1 / 250.

6- الإنصاف ، 1 / 44.

7- الإنصاف ، 1 / 248 وشرح المفصل ، 2 / 49 وتسهیل الفوائد 99 وشرح التصریح 1 / 343.

8- الکناش ، 1 / 180.

2 - السماع والقیاس

وکلاهما حرص علی بیانه أبو الفداء فی کناشه ، وفق الأساس العام الذی وضعته مدرسه البصره النحویه ، وقد ظهر حرصه وتشدّده فیهما فی عده صور :

أ - فی ذکره ومتابعته للمصطلحات التی جری علیها البصریون فالمراد «بالمطرد جری الباب قیاسا من غیر حاجه إلی سماع فی کلّ فرد منه» ، والمراد «بالواجب ما لا یجوز غیره» ، والمراد «بغیر المطرد ما یتوقف کلّ فرد منه علی السماع» والمراد «بالجائز ما یجوز فیه الإبدال مثلا - وترکه» (1) والمراد «بالقیاسی ما یعرف بقاعده معلومه من استقراء کلامهم یرجع إلیها فیه ، والسماعی ما لیس کذلک بل یفتقر کلّ اسم منه علی سماع» (2) والشاذ - عند أبی الفداء - لا یعتدّ به (3) أمّا النادر فهو کالمعدوم (4).

ب - فی ردّه علی الفراء القائل بأن وزن أشیاء (أفعاء) لأن أصله أشیئاء علی وزن أفعلاء جمع لشیّء علی وزن (فیعل) ذلک أن شیئا أصله شیّیء ثم خفّف کما خفّف میت وجمع بحسب الأصل علی أشیئاء ثم حذفت الهمزه التی بین الیاء والألف وهی لام الکلمه فصار وزنه أفعاء» وقد رده أبو الفداء بقوله : «وهو مردود بأنه لم یسمع شیّیء ، فلو کان هو الأصل لکان شائعا کمیّت وبأنه حذف لام الفعل علی غیر قیاس ، لأن الهمزتین إذا توسطهما الألف لا تحذف إحداهما ولا هما» (5).

ح - فی تأکیده أنه لا یجوز القیاس علی القلیل والنادر فهو لا یجوّز القیاس علی نحو : عبشمی وعبدری وعبقسی لأنه «نادر فی کلامهم لا یقاس علیه» (6).

3 - العله

اهتم بها اهتماما کبیرا ، فأکثر من إیراد العلل لتفسیر الأحکام النحویه ،

ص: 41

1- الکناش ، 2 / 218.

2- المرجع السابق 1 / 375.

3- المرجع السابق 1 / 166.

4- المرجع السابق 1 / 381.

5- المرجع السابق ، 1 / 384 وانظر أیضا 2 / 33.

6- المرجع السابق 1 / 374.

وللوقوف علی الحکم الدقیقه من ورائها ، تلک التی أرادتها العرب من طرائق أسالیبها وهذه العلل - عموما - هی علل البصریین ومن أیدهم من النحویین المتأخرین ، من ذلک تعلیله لمنع ترخیم الاسم الثلاثی کزید ، قال : «لئلا یحصل الإجحاف بالحذف فیخرج عن أبنیه الاسم» (1).

ومثله تعلیله لبناء المنادی المفرد المعرفه - علی ما یرفع به نحو : یا زید ، قال «وإنما بنی لشبهه بالمضمر ، لأنه لا ینفک فی المعنی عن کونه مخاطبا معینا ، وحکم المخاطب أن یکون مضمرا» (2).

ومن آرائه الداله علی نزعته البصریه ما یأتی :

1 - نصّه علی أن الجزم بکیفما شاذ ، وذلک بقوله : «والجزم بکیفما شاذ خلافا للکوفیین فإنهم یجزمون بکیف مع ما» (3).

2 - عدم تجویزه دخول یاء النداء علی ما فیه أل ، واعتبار ما ورد من ذلک شاذا لا یعتدّ به ، قال «وأدخلوا حرف النداء علی اللّام فی اسم الله خاصه ، نحو : یا ألله إما لکثرته وإمّا لأنّ اللّام لیست للتعریف وقد ورد فی الشعر :

من أجلک یا التی تیّمت قلبی

...

وهو شاذ لا یعتدّ به ولا بما یأتی من ذلک» (4) وقد ذهب الکوفیون إلی جواز نداء ما فیه الألف واللام نحو : یا الرجل ویا الغلام ومنعه البصریون (5).

3 - تضعیفه مذهب الکوفیین المجیزی العطف بلکن بعد الإیجاب فی المفردات قال : «وأما لکن فإن وقع بعدها مفرد کانت للاستدراک ، ولزم تقدّم النفی علیها نحو ما جاءنی زید لکن بکر وأجاز الکوفیون العطف بعد الإیجاب فی المفردات وهو

ص: 42

1- الکناش ، 1 / 169 ، وانظر الإنصاف 1 / 356.

2- الکناش ، 1 / 161 وانظر الإنصاف 1 / 323 - 324 وهمع الهوامع 1 / 127 وانظر مزیدا من العلل النحویه فی 1 / 169 - 195 - 196 - 281 - 2 / 7 - 8 - 77.

3- الکناش ، 2 / 24 والکتاب ، لسیبویه ، 3 / 60 والإنصاف ، 2 / 643.

4- الکناش ، 1 / 166.

5- الإنصاف ، 1 / 335 وشرح المفصل ، لابن یعیش ، 2 / 09.

ضعیف» (1).

4 - تأییده مذهب البصریین فی کون من الزائده لا تزاد إلّا بعد غیر الموجب حیث یقول : «وتقع من زائده وتعرف بأنک لو حذفتها لکان المعنی الأصلی علی حاله ، ولا یفوت بحذفها سوی التأکید کقولک : ما جاءنی من أحد ، وهی مختصه عند البصریین بغیر الموجب ، وجوّز الکوفیون والأخفش زیادتها فی الواجب أیضا واستشهدوا بقولهم : قد کان من مطر ، وتأویله قد کان شیء من مطر فتکون للتبعیض ، واستدلوا أیضا بقوله تعالی : (یَغْفِرْ لَکُمْ مِنْ ذُنُوبِکُمْ)(2) وقد قال : (یَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِیعاً)(3) والجواب أن من هاهنا أیضا للتبعیض أی یغفر لکم بعض ذنوبکم وهو خطاب لقوم نوح» (4).

5 - تقریره أنّ خبر کان نصب تشبیها له بالمفعول ، وأنّ اسمها رفع تشبیها له بالفاعل فی حین ذهب الکوفیون إلی أن نصب خبرها جاء تشبیها له بالحال ، قال أبو الفداء : «وإنما رفعت - کان - الأول لأنها تفتقر إلی اسم تسند إلیه کسائر الأفعال فارتفع ما أسندت إلیه تشبیها له بالفاعل فلما رفعت الأول وجب نصب الثانی علی التشبیه بالمفعول» (5).

6 - منعه تقدیم خبر ما أوّله ما من أخوات کان ، قال : «ویجوز فی الباب کله تقدیم الخبر علیها أنفسها نحو : قائما کان زید ، إلّا ما أوّله ما ، فإنه لا یقدم علیها الخبر فلا یقال : قائما ما فتیء زید ، لأن ما إما نافیه أو مصدریه ویمتنع تقدیم ما فی حیّز النفی علیه ، وتقدیم معمول المصدر علی المصدر» (6) وقد ذهب الکوفیون إلی جواز تقدیم خبر ما زال علیها وما کان بمعناها ومنع ذلک البصریون (7).

ص: 43

1- الکناش ، 2 / 106 ، والإنصاف ، 2 / 484.

2- من الآیه 31 من سوره الأحقاف.

3- من الآیه 53 من سوره الزمر.

4- الکناش ، 2 / 76 ورصف المبانی 325 والمغنی ، 1 / 325.

5- الکناش ، 2 / 38 والإنصاف 2 / 821 وهمع الهوامع ، 1 / 111.

6- الکناش ، 2 / 43.

7- الإنصاف ، 1 / 155 وشرح المفصل ، 7 / 112 وشرح الکافیه ، 2 / 297 ، وشرح التصریح ، 1 / 189.

7 - ذهابه إلی أن وزن سیّد ومیّت فیعل بکسر العین لا فعیل کما ذهب إلیه الکوفیون ولا فیعل بفتح العین کما ذهب إلی ذلک البغدادیون قال : «والصحیح أنّ وزن سیّد ومیّت فیعل بکسر العین وهو بناء مختص بالمعتل لأنّ المعتلّ ضرب بذاته ولا حاجه إلی أن یقال إنه فیعل بفتح العین ثم نقل إلی کسرها لعدم فیعل بکسر العین لأنه إنما هو معدوم فی الصحیح خاصه لا فی المعتل» (1).

8 - عدم تجویزه جمع نحو : طلحه وحمزه وعلّامه ونسّابه مما فیه تاء التأنیث بالواو والنون فی حین أجازه الکوفیون مطلقا (2).

9 - عدم تجویزه ضم ما قبل الواو فی حاله الرفع وکسر ما قبل الیاء فی حالتی النصب والجر فی نحو : مصطفون ومصطفین ، قال : «وإن کان آخره ألفا حذفت لالتقاء الساکنین وترک ما قبل الیاء مفتوحا لتدل الفتحه علی الألف المحذوفه فیقال فی الرفع : مصطفون بفتح الفاء وفی النصب والجر : مصطفین بفتحهما أیضا ، وأجاز الکوفیون ضمّ ما قبل الواو وکسر ما قبل الیاء قیاسا علی المنقوص وهو ضعیف ، لأنّ النصّ فی قوله تعالی (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ)(3)(وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَیْنَ)(4) علی خلافه ، وأیضا فإن فتحه ما قبل الألف فی نحو : مصطفی لم یتعذر بقاؤها ، فلم یجب التغییر فبقیت الفتحه علی حالها» (5).

10 - نصّه علی أن تعریف العدد المرکب یکون بتعریف جزئه الأول فیقال : جاء الأحد عشر رجلا فی حین ذهب الکوفیون إلی جواز تعریف الجزأین فیقولون : الأحد العشر رجلا (6).

وبصریّه أبی الفداء هذه لم تمنع عقله المتحرر من أن یؤید الکوفیین فی بعض

ص: 44

1- الکناش ، 2 / 261 - 283 وانظر الإنصاف ، 2 / 795 وشرح المفصل ، 10 / 94.

2- الکناش ، 1 / 316 - 317 والإنصاف ، 1 / 40 وشرح الکافیه ، 2 / 182 وهمع الهوامع ، 1 / 45 وشرح الأشمونی ، 1 / 81.

3- من الآیه 139 من سوره آل عمران.

4- من الآیه 47 من سوره ص.

5- الکناش ، 1 / 317 والکتاب ، 3 / 194 والهمع ، 1 / 46.

6- الکناش ، 1 / 307 والإنصاف ، 1 / 312 وانظر الکناش ، 1 / 243 - 2 / 11 - 96.

آرائهم من ذلک :

1 - تجویزه النصب فی نحو : زیدا دراکه لأنه علی تقدیر الرفع یلزم وقوع الطلب خبرا عن المبتدأ وهو بعید - کما یقول أبو الفداء - وأجاز الرفع علی تقدیر زید مقول فیه ، وعلی تقدیر النصب لا یلزم إلا حذف الفعل وهو کثیر غیر بعید (1). وقد ذهب الکوفیون إلی جواز النصب ومنعه البصریون (2).

2 - تأییده مذهب الکوفیین تبعا لابن الحاجب فی کون کی هی الناصبه للفعل المضارع ولیست أن المضمره کما ذهب إلی ذلک البصریون قال : «وکی تنصب أبدا ومعناها أن ما قبلها سبب لما بعدها ... وهی ناصبه للفعل عند الکوفیین وهو اختیار ابن الحاجب ، وذهب بعضهم إلی أنّ کی حرف جرّ فلا تدخل علی الفعل إلّا بتقدیر أن بعدها ، وردّ بأنّها لو کانت حرف جر لما جاز الجمع بینهما وبین اللام فی نحو قولک : قمت لکی تقوم» (3).

واتجاه أبی الفداء العام نحو المذهب البصری رافقه اتجاه خاص نحو أعلام کثیر من النحویین فقد توقف أبو الفداء أمام آرائهم عالما ملک أصول وأطراف هذه الصناعه فبرزت مواقفه من هذه الآراء علی النحو الآتی :

1 - الخلیل المتوفی 75 ه وسیبویه المتوفی 180 ه.

أ - عرض أبو الفداء - أحیانا - الخلاف بین الخلیل وسیبویه من غیر أن یرجّح رأیا علی آخر من ذلک قوله : «وأمّا قولهم ها أنذا ونحوه ، فحرف التنبیه داخل علی الاسم المضمر عند سیبویه لأنّ أنا فی ها أنذا هو الذی یلی حرف التنبیه ، وأمّا عند الخلیل فداخل علی المبهم أعنی ذا والتقدیر أنا هذا ، ففصل بالمضمر بین حرف التنبیه وبین المبهم» (4).

ب - رجح أبو الفداء رأی سیبویه علی رأی الخلیل فی کون - لن - حرفا برأسه

ص: 45

1- الکناش ، 1 / 173.

2- الإنصاف ، 1 / 228 وشرح الأشمونی ، 2 / 84 وشرح التصریح ، 1 / 305 وشرح ابن عقیل ، 2 / 142.

3- الکناش ، 2 / 13 وشرح المفصل ، 7 / 17 وشرح الکافیه ، 2 / 238.

4- الکناش ، 2 / 107 وانظر الکتاب ، 2 / 354 وشرح المفصل ، 8 / 116.

ولیس مرکّبا من - لا أن - کما قال بذلک الخلیل قال أبو الفداء : «ولن لتأکید ما تعطیه - لا - من نفی المستقبل تقول : لا أبرح الیوم مکانی ، فإذا أکدت قلت : لن أبرح ، والصحیح أنها حرف برأسها لا أنها من لا أن» (1).

2 - سیبویه ویونس المتوفی 183 ه-

أ - نقل أبو الفداء کثیرا من آراء یونس من غیر أن یبدی رأیه فیها من ذلک قوله «وحکی یونس إیمن بکسر الهمزه» (2).

ب - عرض أبو الفداء - أحیانا - الخلاف بین سیبویه ویونس من غیر أن یرجّح رأیا علی آخر من ذلک قوله فی النسب : «وإذا نسبت إلی بنت وأخت قلت : بنویّ وأخویّ عند سیبویه ... ویونس ینسب إلیهما بغیر تغییر فیقول : بنتیّ وأختیّ (3).

3 - سیبویه والأخفش المتوفی 186 ه-

أ - أید أبو الفداء سیبویه فی ذهابه إلی أن کلّ یاء هی عین ساکنه مضموم ما قبلها ، حکمها أن تقلب الضمّه کسره لتسلم الیاء نحو : بیض جمع بیضاء ، والأصل بیض بضمّ الفاء مثل : حمر جمع حمراء ، انقلبت الضمّه کسره لتصحّ الیاء ، وذهب الأخفش إلی قلب الیاء واوا فیقال علی مذهبه بوض» وعلّق أبو الفداء بعد عرضه الخلاف بقوله : «ومذهب سیبویه هو القیاس لأنّ الضروره ملجئه فی اجتماع الیاء والضمّه إلی تغییر إحداهما وتغییر الحرکه أولی من تغییر الحرف ، لأنّ المحافظه علی الحرف أولی من المحافظه علی الحرکه» (4).

ب - رجّح أبو الفداء مذهب الخلیل وسیبویه علی مذهب الأخفش فی کون واو المفعول هی المحذوفه فی نحو : مقول ولیس عینه کما ذهب إلی ذلک الأخفش قال

ص: 46

1- الکناش ، 2 / 148 والکتاب ، 3 / 5 - 4 / 220 وشرح المفصل ، 8 / 111.

2- الکناش ، 2 / 197 والکتاب ، 4 / 149.

3- الکناش ، 1 / 373 ، وقد التزمنا بما ذکره أبو الفداء والحق أن رأی سیبویه هو رأی الخلیل ، ومعلوم أن کثیرا من آراء سیبویه هی آراء الخلیل ، وانظر الکناش ، 1 / 171 ، والکتاب ، 2 / 226 ، 3 / 359 والمقتضب ، 3 / 154 والمفصل ، 209 - 210.

4- الکناش ، 2 / 270 والکتاب ، 4 / 359 - 360 والمقتضب ، للمبرد ، 1 / 100 - 101 - 112 والمنصف ، لابن جنی ، 1 / 297 - 339.

أبو الفداء : «والمحذوف عند الخلیل وسیبویه هو واو مفعول لزیادتها وأصاله العین ، ولقولهم : مبیع إذ لو کان المحذوف هو الیاء لقالوا : مبوع ، وعند الأخفش أن المحذوف العین دون واو مفعول لمجیئها لمعنی وما کان لمعنی فهو أولی بالبقاء ، وأمّا قولهم : مبیع دون مبیوع فلأنّ الضمّه لمّا نقلت عن الواو والیاء قلبت کسره فی باب مبیع إمّا للتنبیه علی بنات الیاء أو للیاء التی سکّنت بعدها ثمّ حذفت فلما قلبت کسره فی باب مبیوع انقلبت واو مفعول یاء لسکونها وانکسار ما قبلها ، ورجّح مذهب الخلیل وسیبویه لأنّه أقلّ تغییرا» (1).

غیر أن هذا التأیید لسیبویه لا یعنی أنّ أبا الفداء لم یرجح رأیا للأخفش اقتنع به وارتضاه ، من ذلک أنّ سیبویه والمتقدّمین أجازوا اشتقاق اسم الفاعل من اسم العدد للدلاله علی التصییر مما زاد علی العشره ، فأجازوا القول خامس أربعه عشر وردّ ذلک أبو الفداء مؤیدا رأی الأخفش المانع لذلک بقوله : «ویشتقّ من اسم العدد اسم فاعل کقولک ثالث ورابع وخامس ونحوه وله معنیان فالأول : أن یشتقّ اسم الفاعل باعتبار التصییر بمعنی أن یکون زائدا علی المذکور معه بواحد کقولک : ثانی واحد وثالث اثنین إلی عاشر تسعه فی المذکر وثانیه واحده وثالثه اثنین إلی عاشره تسع فی المؤنث أی هذا الذی صیّر الواحد بانضمام نفسه إلی اثنین وصیّر التسعه عشره بنفسه بمعنی أنه ثنّی الواحد وعشّر التسعه ... ولا یتجاوز فیه عن العاشر والعاشره فلا یقال : خامس عشر أربعه عشره ، وسیبویه والمتقدمون یجیزون خامس أربعه عشر ، والصحیح عدم جواز ذلک وهو مذهب الأخفش والمبرد والمتأخرین ، لأنه مأخوذ من الفعل والتقدیر کان واحدا فثنیّته أو اثنین فثلّثتهما أو تسعه فعشّرتهم ولیس لما بعد العشره ما یمکن منه ذلک» (2).

4 - المازنی المتوفی 247 ه-

أ - عرض أبو الفداء آراء المازنی - أحیانا - من غیر تعلیق ، من ذلک قوله : «واعلم أنّ الألف الثالثه التی تکتب بالیاء إن کانت تلک الألف فی اسم منوّن نحو :

ص: 47

1- الکناش ، 2 / 269 والکتاب ، 4 / 348 والمقتضب ، 1 / 100 والمنصف ، 1 / 287.

2- الکناش ، 1 / 305 - 306.

رحی ، فالمختار عند ابن الحاجب أن یکتب بالیاء فی الأحوال کلها ، وهو قیاس المبرد ، وأمّا قیاس المازنی فیکتب بالألف فی الأحوال کلها أی فی النصب والجر والرفع ، وقیاس سیبویه أن یکتب المنصوب بالألف والمرفوع والمجرور بالیاء» (1).

ب - خالف أبو الفداء المازنیّ حین ذهب إلی أنّ إبدال الهمزه من الواو المکسوره أولا هو إبدال مطرد فی حین نصّ أبو الفداء علی کونه غیر مطرد بقوله : «ومنها : إبدال الهمزه من الواو التی هی غیر مضمومه وهو أیضا إبدال غیر مقیس علیه ، فقد أبدلوا الهمزه منها إذا وقعت أولا إبدالا غیر مطرد نحو : وشاح ووساده فتقول إشاح وإساده .. بهمز ذلک کله ، وقد رأی المازنی أنّ الإبدال من المکسوره خاصه مقیس مطرد» (2).

5 - سیبویه والمبرّد المتوفی 285 ه-

أبرز أبو الفداء مواقف المبرد من آراء سیبویه فی الصور الآتیه :

أولا : کان - أحیانا - یعرض خلافه مع سیبویه من غیر أن یبدی رأیه ،من ذلک :

أ - أن الکوفیین والمبرّد قد ذهبوا إلی أن الجرّ بالواو لا بربّ فی حین ذهب سیبویه وغالب البصریین إلی أنّ واو ربّ تجر بربّ المضمره بعدها ، قال أبو الفداء : «وأما واو ربّ فهی التی یبتدأ بها فی أول الکلام بمعنی ربّ ، ولهذا تدخل علی النکره الموصوفه وتحتاج إلی جواب مذکور أو محذوف ماض کما قیل فی ربّ ، وهذا مذهب الکوفیین والمبرد فإن الجرّ عندهم بالواو لا بربّ. والمذهب الآخر مذهب سیبویه وغالب البصریین أن واو ربّ إنما تجر بربّ مضمره بعدها» (3).

ب - عرضه لخلافهما حول حاشا ، قال أبو الفداء : «وحاشا حرف جرّ وفیه معنی الاستثناء - وهذا مذهب سیبویه - وهی فعل عند المبرد» (4).

ج - ذکره لرأیهما حول عمل إن المکسوره الهمزه المخفّفه عمل لیس قال :

ص: 48

1- الکناش ، 2 / 361.

2- الکناش ، 2 / 223 ، والمنصف ، 1 / 228 - 229.

3- الکناش ، 2 / 78 - 79 والکتاب ، 2 / 162 - 164 والمقتضب ، 2 / 318 - 346 والإنصاف ، 1 / 376.

4- الکناش ، 2 / 149 والکتاب ، 2 / 349 والمقتضب ، 4 / 391.

«ولا یجوز إعمالها عمل لیس عند سیبویه وأجازه المبرد» (1).

ثانیا : وکان - أحیانا - یخالف رأی المبرد ویؤید رأی سیبویه من ذلک : أ - أن سیبویه أجاز قولهم : «الله لأفعلنّ» بالجرّ علی إراده الحرف المحذوف وردّ ذلک المبرد لأنّ حرف الجر لا یعمل مضمرا ، وعلّق أبو الفداء قائلا : «وإنما یجوز الجرّ فی اسم الله تعالی خاصه لکثره القسم به والنصب فیه وفی غیره» (2).

ب - أن المبرد أجاز دخول حتّی علی المضمر فیقال علی مذهبه : حتّاه ، ومنع ذلک سیبویه وأیده أبو الفداء بقوله : «وحتّی لا تدخل إلا علی اسم ظاهر فلا یقال : حتّاه کما یقال : إلیه خلافا للمبرد» (3).

ج - ذهب المبرد إلی أن : الدّار فی قولنا : دخلت الدار نصب لأنّ دخل فعل متعدّ بنفسه والمنصوب بعده مفعول به ولیس ظرفا ، فی حین نصبها سیبویه علی الظرفیه لکونها فی تقدیر فی وأضاف أبو الفداء قائلا : «والصحیح أنّ دخل لازم لأنّ مصدره فعول وهو من المصادر اللازمه غالبا» (4).

د - أید أبو الفداء سیبویه فی ذهابه إلی أن النسب إلی نحو : قریش قریشی - بإثبات الیاء - فی حین نصّ المبرد علی أنّ النسب إلیها یجوز أن یکون قرشیّ - بحذف الیاء - وأن ذلک مطرد ینقاس علیه ، وقد عدّ أبو الفداء ذلک شاذا علی خلاف القیاس» (5).

ثالثا : وکان - علی قله - یوافق المبرد علی رأیه ، من ذلک :

أ - موافقته له فی جواز الجمع بین الفاعل الظاهر وبین النکره الممیزه لهذا الفاعل فی نحو : نعم الرجل رجلا زید ، فی حین أن سیبویه لا یجیز ذلک ، قال أبو الفداء : «واعلم أنه یجوز الجمع بین الفاعل الظاهر وبین النکره الممیزه تأکیدا للفاعل

ص: 49

1- الکناش ، 2 / 149 والکتاب ، 2 / 139 والمقتضب ، 1 / 50.

2- الکناش ، 2 / 82 والکتاب ، 3 / 498 ، والمقتضب ، 2 / 335.

3- الکناش ، 2 / 76 والکتاب ، 2 / 383 وشرح المفصل ، 8 / 16.

4- الکناش ، 1 / 178 والکتاب ، 1 / 35 ، 4 / 9 - 10 والمقتضب ، 4 / 60 ، 337 - 339 وشرح المفصل ، 2 / 44.

5- الکناش ، 1 / 366 - 367 والکتاب ، 3 / 335 والمقتضب ، 3 / 133 - 134 والخصائص ، لابن جنی ، 1 / 116 وشرح المفصل ، 5 / 146.

الظاهر فتقول : نعم الرجل رجلا زید ، وهو جمع بین المفسّر والمفسّر ، لکن جوّز لتأکید الظاهر وللتنبیه علی أنّ هذا هو الأصل» (1).

6 - ابن کیسان المتوفی 299 ه-

أ - قرر أبو الفداء أن ألفاظ التوکید المعنوی تأتی تالیه لأجمع ، وقد ذهب ابن کیسان إلی جواز الابتداء بکل واحد منها ، قال أبو الفداء عارضا رأی ابن کیسان فی ذلک : «وللمعنوی ألفاظ معدوده وهی نفسه وعینه وکلاهما وکلتاهما وکلّ وأجمع وأکتع وأبتع وأبصع وهی تالیه لأجمع لأنها لا تتقدّم علیه لکونها توابع لها خلافا لابن کیسان ، فإنه جوّز الابتداء بکلّ واحد منها» (2).

7 - الزجاج المتوفی 311 ه-

أ - خالف أبو الفداء الزجاج فی رأیه القائل بأن زیدا منصوب علی البدل من لفظ أحد فی مثل قولنا : لا أحد فی الدار إلا زیدا ، والجمهور علی رفع زید علی البدل من المحلّ ، قال أبو الفداء : «لا أحد فی الدار إلا زید ولا إله إلّا الله بالرفع علی البدل من المحلّ ولا یجوز النصب علی البدل من لفظ أحد وإله ، خلافا للزجاج ، وإنما تعیّن البدل من المحلّ دون اللفظ لأنّ العامل لفظا لما کان (لا) وهی إنما تعمل للنفی وما بعد «إلّا» إذا وقع فی سیاق النفی کان مثبتا ، والبدل فی حکم تکریر العامل ، فلو قدّرت بعد «إلّا» لزم الجمع بین المتناقضین لأنّ (لا) تقتضی نفی ما بعدها ، «إلّا» تقتضی إثباته» (3).

ب - غلب علی أبی الفداء عرض آراء الزجاج ، من ذلک نقله لرأیه المانع فیه تقدیم حقا فی نحو قولنا : حقّا زید قائم ، قال أبو الفداء : «قال الزجاج ولا یجوز تقدیم حقا کقولک : حقا زید قائم قال : فإن وسطته فقلت : زید حقا قائم جاز ذلک ... ولم یذکر سیبویه امتناع تقدیمه» (4).

ص: 50

1- الکناش ، 2 / 54 والکتاب 2 / 175 - 179 والمقتضب ، 2 / 148 وشرح المفصل ، 7 / 132.

2- الکناش ، 1 / 232 ، وشرح الکافیه ، 1 / 336 وهمع الهوامع ، 2 / 123.

3- الکناش ، 1 / 199 والمغنی ، 2 / 563 وشرح التصریح ، 1 / 351 والهمع ، 1 / 224.

4- الکناش ، 1 / 158 والکتاب ، 1 / 379 وشرح المفصل ، 1 / 116 وشرح الکافیه ، 1 / 125.

8 - ابن السراج المتوفی 316 ه-

ذکره فی موضع واحد بقوله : «قال ابن السراج : إنه لا زائد فی کلام العرب لأن کلّ ما یحکم بزیادته فإنه یفید التوکید فهو داخل فی قسم المؤکد (1)» غیر أن بعض الآراء التی ذکرها أبو الفداء فی بعض المسائل هی فی کتب النحو منسوبه إلی ابن السراج ، فبدت فی الکناش علی النحو الآتی :

أ - وافق أبو الفداء ابن السراج فی إیجابه مجیء ربّ مختصه بنکره موصوفه قال : «واختصّت بالنکره لعدم الاحتیاج إلی المعرفه ووجب أن تکون النکره موصوفه علی الأصح لیتحقق التقلیل الذی هو مدلول ربّ ، لأنه إذا وصف الشیء صار أخص مما لم یوصف» (2).

ب - وخالفه فی ذهابه إلی حرفیه لیس قال : «ومذهب بعض النحاه أنها حرف ... والصحیح أنها فعل لاتصال الضمائر بها نحو : لست ولست وما أشبه ذلک ، وذلک من خواصّ الأفعال» (3).

9 - الزجاجی المتوفی 340 ه-

1 - نقل أبو الفداء موافقه الزجاجی للکوفیین فی تجویزهم الجزم بکیفما ، وحکم بشذوذ ذلک قال : «وقد جازی بها الکوفیون واختاره الزجاجی فی الجمل فتقول کیفما تکن أکن» (4) وردّ أبو الفداء ذلک بقوله : «والجزم بکیفما شاذ خلافا للکوفیین» (5).

10 - أبو سعید السیرافی المتوفی 368 ه-

لم یذکره صراحه ولعله أراده حین تحدث عن سبب إماله خاف فقد ذهب السیرافی إلی أن السبب هو الکسره العارضه فی فاء الکلمه فی حین نصّ أبو الفداء أن

ص: 51

1- الکناش ، 2 / 109 - 110.

2- الکناش ، 2 / 77 - 78 والأصول لابن السراج ، 1 / 417 - 418 وشرح الکافیه ، 2 / 331 والهمع ، 2 / 26.

3- الکناش ، 2 / 44 وشرح الکافیه ، 2 / 296 ورصف المبانی للمالقی ، 300 وشرح التصریح ، 1 / 186.

4- الکناش ، 1 / 289.

5- الکناش ، 2 / 24.

من «الأولی أن یقال للکسره التی کانت فی عین الفعل إذ أصل خاف خوف» (1).

11 - أبو علی الفارسی المتوفی 377 ه-

وافق أبو الفداء الفارسیّ فی کون ألف «واو» منقلبه عن یاء ولیست عن واو کما قال الأخفش قال أبو الفداء : «ومنه أنّ الیاء وقعت فاء ولاما معا نحو قولهم : یدیت إلیه یدا ومنه أنّ الیاء وقعت فاء وعینا ولاما إلا فی الواو علی قول الأخفش إنّ ألفها منقلبه عن واو فهی علی قوله موافقه للیاء فی ییت وقال الفارسیّ : إن ألف واو منقلبه عن یاء فهی علی قوله موافقه لها فی یدیت وهو أولی من قول الأخفش فإنه لم یسمع کلمه کلها من حرف واحد إلّا ییت وهو شاذ ، ولکون العربیه لیس فیها کلمه فاؤها ولامها واو ، جعلوا کون الفاء واوا دلیلا علی أنّ اللام یاء واتفقوا علی أنّ کلّ کلمه فاؤها واو إنما تکتب لامها یاء فلذلک کتبوا الوغی بالیاء (2).

12 - ابن جنی المتوفی 392 ه-

أجاز ابن جنی تقدیم المفعول معه علی الفاعل وقد منع ذلک أبو الفداء بقوله : «ولا یجوز تقدیم المفعول معه علی الفعل ولا علی الفاعل خلافا لابن جنی فإنه یجوز جاء - والطیالسه - البرد» (3).

13 - الزمخشری المتوفی 538 ه-

ذکرنا من قبل أبا الفداء قد جعل مفصل الزمخشری مادته الأولی فی کناشه إذ شرح منه أجزاء کثیره ، واعتمد علیه اعتمادا کبیرا فی القسم الرابع «المشترک» کما أشار إلی ذلک ، وهذا الاعتماد جعل أبو الفداء ینقل کثیرا من المفصل ، وتکفی نظره سریعه فی إحالاتنا إلی المفصل (4) ، لتتضح هذه النقول وتظهر مواضع الشبه اللفظی بینهما ، وتبع ذلک أن أبا الفداء قد أید الزمخشری فی کثیر من آرائه من ذلک موافقته له فی مجیء بات بمعنی صار ، ولم یرتض الخالفون ذلک وقالوا لا حجه له علی ذلک

ص: 52

1- الکناش ، 2 / 152 وشرح الأشمونی ، 4 / 222. قال وهو ظاهر کلام الفارسی بعد تقریره أنه للسیرافی.

2- الکناش ، 2 / 253 والمزهر ، للسیوطی ، 2 / 78.

3- الکناش ، 1 / 181 والخصائص ، 2 / 383.

4- خاصه فی قسم المشترک ، وانظر فهرس الموضوعات.

ولا لمن وافقه (1).

ولکن ذاک النقل للنصوص ، وهذا التأیید فی الآراء لم یجعلا أبا الفداء أسیر المفصل وصاحبه ، فخالفه فی عدد من آرائه غیر أن هذه المخالفات هی فی حقیقتها مآخذ ابن الحاجب علی الزمخشری ، فکان أبو الفداء بنقلها وتقریرها ، موافقا فیها ابن الحاجب من جهه ، ومخالفا الزمخشری من جهه ثانیه ، من ذلک ردّه علی قول الزمخشری فی المفصل «وفی اقرأ آیه ثلاثه أوجه أن تقلب الأولی ألفا ، وأن تحذف الثانیه وتلقی حرکتها علی الأولی ، وأن تجعل معا بین بین وهی حجازیه» (2) فعلق أبو الفداء علی الوجه الثالث ناقلا رأی ابن الحاجب بقوله : «وسها فی المفصل حیث قال وأن تجعلا معا بین بین ، لأن الأولی ساکنه ، والساکنه لا تجعل بین بین أصلا لأن الغرض من بین بین تقریبها من السکون فتقرب إلی الخفه وإذا کانت ساکنه فقد بلغت الغایه فی الخفه فلا یصح أن تخفف حینئذ بالتقریب من السکون» (3).

وفضّل أحیانا حدّ ابن الحاجب علی حد الزمخشری ، فقد عرّف الزمخشری اسم الآله بقوله : والمراد بها ما یعالج به وینقل» (4) وأضاف أبو الفداء بعد ذکره ذلک ما یدل علی ترجیح حد ابن الحاجب لها فقال «والأولی أن یقال : هی اسم مشتق من فعل لما یستعان به فی ذلک الفعل» (5).

14 - السّخاوی المتوفی 643 ه-

اقتصر أبو الفداء فی موقفه من السخاوی علی نقل أقواله وآرائه مما یدلّ علی موافقته له ، من ذلک ما نقله أبو الفداء تعلیقا علی قول الزمخشری فی مفصله : وإدغام الراء فی اللّام لحن فقال : «کذا قال فی المفصل ، وهو مذهب سیبویه والخلیل قال السخاوی : وقد أدغم أبو عمرو الراء فی اللام فیما یزید عن ثمانین موضعا فی القرآن

ص: 53

1- الکناش ، 2 / 42 وشرح التسهیل لابن المالک ، 1 / 346 وشرح الأشمونی ، 1 / 230.

2- المفصل ، 352.

3- الکناش ، 2 / 179 وإیضاح المفصل ، 2 / 351 ، وانظر الکناش ، 2 / 177 - 178.

4- المفصل ، 239.

5- الکناش ، 1 / 354 وإیضاح المفصل ، 1 / 668.

الکریم وأبو عمرو حجه فیما ینقل وفیما یقرأ فیجب الرجوع إلیه فی ذلک» (1).

15 - ابن یعیش المتوفی 643 ه-

اعتمد أبو الفداء علی شرح المفصل لابن یعیش اعتمادا کبیرا ، بدا ذلک من :

أ - إشارته إلیه لتوثیق بعض الآراء وتقریرها من ذلک قوله «وأجاز الأخفش إعماله - أی إعمال اسم الفاعل - من غیر اعتماد علی شیء نصّ علیه السخاوی وابن یعیش» (2).

ب - ونقله نصوصا منه ، من ذلک قوله : «قال ابن یعیش فی شرحه : «وکثرت هذه الکلمه - أی - امرؤ - فی کلامهم حتی صارت عباره عن کل ذکر وأنثی من الناس» (3).

16 - ابن الحاجب المتوفی 646 ه

تعدّ کتب ابن الحاجب من أهم المصادر التی اعتمد علیها أبو الفداء لتألیف کناشه ، فقد علّق أکثره منها ، وفق المنهج الذی رسمه لنفسه وهو - کما بدا لنا - علی النحو الآتی :

أ - جاءت الحدود والتعریفات من الکافیه والشافیه.

ب - أنه نقل کثیرا من بقیه کتب ابن الحاجب (شرح الکافیه وشرح الوافیه وإیضاح المفصل) (4) وجاءت نقوله أحیانا نقلا حرفیا ، وأحیانا متصرّفا فیها (5).

ج - أنه أید ابن الحاجب فی کثیر من آرائه من ذلک نقله وتأییده تخریج ابن الحاجب لقراءه عاصم لقوله تعالی : ویخشی الله ویتقه (6) بإسکان القاف وکسر

ص: 54

1- الکناش ، 2 / 330 وانظر الکناش 1 / 282 - 366 - 2 / 135.

2- الکناش ، 1 / 329 وشرح المفصل ، 6 / 79.

3- الکناش ، 2 / 196 وشرح المفصل ، 9 / 134 وانظر 2 / 293 - 320 فثمه نقول من شرح المفصل تصرف فیها أبو الفداء.

4- وهی الکتب التی وقفنا علی نصوص منها فی الکناش.

5- انظر أمثله لذلک فی الکناش ، 1 / 115 - 116 - 118 - 120 - 123 - 124 - 132 - 236 - 2 / 31 - 73 - 94 - 95.

6- من الآیه 52 من سوره النور.

الهاء فقال : «وأصله یتّقی فحذفت الیاء للجزم ثم ألحقت هاء السکت صار یتّقه ثم سکنت القاف تشبیها لتقه بکتف ، ثم حرکت هاء السکت وهی الساکن الثانی لالتقاء الساکنین قال ابن الحاجب وفیه تعسف مع الاستغناء عنه والأولی أن یقال : إن الهاء ضمیر عائد علی اسم الله وسکنت القاف علی ما ذکر بقی ویتّقه من غیر اجتماع ساکنین ومن غیر تحریک هاء السکت وإثباتها فی الوصل» (1).

د - أنه أخذ علیه - أحیانا - فی تعریفاته عدم الدقه ، مثال ذلک تعلیقه علی قول ابن الحاجب فی الکافیه بأنه یجب تقدیم المبتدأ إذا کان الخبر فعلا للمبتدأ نحو : زید قام» (2) قال أبو الفداء : «واعلم أنه لو قال : فعلا له مفردا لکان أولی لئلا یرد علیه الزیدان قاما ، والزیدون قاموا ، فإنّ الفعل هنا للمبتدأ ولا یجب تقدیم المبتدأ علیه بل یجوز : قاما الزیدان وقاموا الزیدون علی أن قاما وقاموا ، خبران مقدّمان» (3).

17 - ابن مالک المتوفی 673 ه

نقل أبو الفداء رأی ابن مالک عقیب إیراده رأی ابن الحاجب القائل إن المفضل علیه فی نحو قولنا : زید أفضل رجل محذوف وهو الجنس العام أی زید أفضل رجل من جمیع الرجال فأتبعه بالقول «واختیار ابن مالک أن المفضل علیه مذکور وهو النکره المضاف أفعل إلیها والتقدیر : زید أفضل من کل رجل قیس فضله بفضله فحذفت من وکلّ ، وأضیف أفعل إلی ما کان مضافا إلیه کل» (4).

18 - تقی الدین النیلی من أهل القرن السابع

أ - أورد أبو الفداء رأی النیلی حول موضع أسماء الأفعال من الإعراب ، فقال : ولا بدّ لها من موضع من الإعراب لوجود الترکیب ، واختیار ابن الحاجب أنّ موضعها رفع بالابتداء وفاعلها المستتر أغنی عن الخبر کما أغنی فی : أقائم الزیدان عن الخبر ،

ص: 55

1- الکناش ، 2 / 189 وإیضاح المفصل ، 2 / 357 وثمه نصوص کثیره من إیضاح المفصل ، انظرها فی الکناش ، 2 / 62 - 291 - 293 - 294 - 323.

2- الکافیه لابن الحاجب ، 378.

3- الکناش ، 1 / 143 - 144.

4- الکناش ، 1 / 346 وشرح التسهیل ، 3 / 62 وانظر الکناش ، 2 / 144.

واختیار تقی الدین النیلی أن موضعها نصب علی المصدر کأنه قیل فی روید زیدا : أرود إروادا زیدا» (1).

ب - استغرب أبو الفداء ما ذکره النیلی عن کاف الخطاب وأحوالها مع المخاطبین قال أبو الفداء : «وقد نقل النیلی جواز فتح کاف الخطاب فی ذلک کلّه وهو غریب ، قال : إن ذلک نقله الثقات من غیر إلحاق علامه تثنیه ولا جمع ولا غیر ذلک بل تفرد وتذکر علی کلّ حال» (2).

19 - محمد بن الحسن بن محمد الاستراباذی المتوفی 715 ه

أ - اکتفی أبو الفداء بنقل آراء السید الاستراباذی من ذلک ما نقله عنه فی المنادی المبنی «والمراد بالمفرد ما لم یکن مضافا ولا مشابها له وقال السیّد : ولا جمله أیضا نحو : یا زید ویا زیدان ویا زیدون» (3). ومن ذلک أیضا ما نقله عنه بأنهم «نقصوا الألف من الحارث علما ومن السلم علیکم وعبد السلم ومن ملائکه وسماوات وصالحین ونحوها مما لم یخش فیه لبس» (4).

وبعد : فلا یخفی أن کل موافقه ومخالفه ینطوی تحتها حدیث طویل للنحاه آثرنا عدم بسطه والخوض فیه ، لأن غایتنا بیان الاتجاه النحوی العام لأبی الفداء ، فرأیناه ناظرا فی آراء النحویین نظره العالم المتمکّن من هذه الصنعه المالک لأصولها الملمّ بطرقها ، یوجز أحیانا ویسهب أخری ، ویحاور النحاه فی أحایین أخر ، فیضعف ، ویقوی ، ویرفض ، ویؤید ، ویختار ما یعتقد أنه الأولی بالأخذ ، والأجدی بالتمسّک به ، وکل ذلک وفق أصول هذه الصناعه ، وبما یتفق مع منهجه العام الذی اختطّه لکناشه وهو الجمع القائم علی الاصطفاء والاختیار للاستذکار والتعلیم لیغنیه عن کثیر من کتب النحو والصرف المطوله.

ص: 56

1- الکناش ، 1 / 274 وشرح الکافیه ، للنیلی ، الورقه 167 ظ. وشرح الأشمونی ، 3 / 196.

2- الکناش ، 1 / 262 وشرح الکافیه ، للنیلی ، الورقه ، 152 و ، شرح التصریح ، 1 / 128 وحاشیه الصبان ، 1 / 142.

3- الکناش ، 1 / 161 - 162 والوافیه فی شرح الکافیه ، للاستراباذی ، الورقه 78 و.

4- الکناش ، 2 / 358 وشرح الشافیه ، للاستراباذی ، الورقه ، 104 ظ.

القسم الثانی

اشاره

1 - الفصل الأول : التعریف بعنوان الکتاب (الکناش)

2 - الفصل الثانی : توثیق نسبه الکتاب إلی أبی الفداء

3 - الفصل الثالث : وصف النسخه

4 - الفصل الرابع : منهج التحقیق

5 - الفصل الخامس : طبعه قطر والنخبه المتمیزه من السّرّاق

ص: 57

ص: 58

الفصل الأول : التعریف بعنوان الکتاب «الکنّاش»

کثرت المؤلفات التی عنونها أصحابها بکناش أو کناشه (1) فی حین لم أجد أحدا قد تناول هذه اللفظه بدرس خاص بها یکشف لنا عن أصلها ومدلولها ، سوی شذرات متناثره فی بعض الکتب والمعجمات العربیه ، لعلنا فی عرضها نقدم مزیدا من البیان حولها. قال الدکتور العلامه عبد المجید عابدین - یرحمه الله - کاشفا عن أصلها التاریخی ما نصه : «إن لفظ کنش سامی الأصل لوروده فی عدد من اللغات السامیه دالا فی أشهر معانیه علی الجمع ، فقد ورد فی اللغه الآرامیه بالسین والشین :. وفی اللغه العربیه بالسین کنس والشین کنش (2) أیضا ، فی حین ورد فی اللغه العبریه والأثیوبیه الجعزیّه بالسین فقط ، (3).

وأحسب أن أول استخدام لهذه الکلمه لدی العلماء المشتغلین بعلوم العربیه قد ورد فی کتاب الخصائص علی لسان أبی علی الفارسی المتوفی 377 ه فی قول ابن جنی : وذاکرت یوما أبا علی بنوادره - أی بنوادر اللحیانی - فقال : کناش» (4) وعلّق الأستاذ محمد علی النجار محقق الکتاب علیها بقوله : وأبو علی یرید أنه لیس فیه

ص: 59

1- انظر مثلا فهرس مخطوطات دار الکتب الظاهریه ، لأسماء حمصی 427 - 431 وقائمه حصر المخطوطات العربیه بدار الکتب والوثائق القومیه المصریه المخطوطات المبدوءه بحرف الکاف ، مایو 1974 ، 1933 - 1934 والکشافات التحلیلیه للمجلدات الخمسه الأولی لمجله المورد العراقیه ، 223 ،

2- انظر القاموس المحیط وتاج العروس کنش ومراده أن بعض معانی کنس یفید الجمع ولذا قالوا لمتعبد الیهود کنیس ولمتعبد النصاری کنیسه لأنهم یجتمعون فیه. القاموس المحیط والمصباح المنیر کنس.

3- من ورقه کتبها بخط یده رحمه الله تعالی رحمه واسعه.

4- الخصائص ، 3 / 206.

مسکه التصنیف (1) وعرّف الفیروزآبادی والزبیدی الکناشات بالقول «والکنّاشات بالضمّ والشدّ ، الأصول التی تتشعب منها الفروع ، ومنه الکناشه لأوراق تجعل کالدفتر یقیّد فیها الفوائد والشوارد للضبط» (2) ونص العنیسی علی أن : «کناشه وکناش فی قانون ابن سینا مشتق من کنش الآرامی أی جمع ، والمراد به دفتر یدرج فیه ما یراد استذکاره» (3) ونخلص من هذه النصوص إلی ما یأتی :

1 - أن «الکناش» لفظ سامی الأصل ، والجمع من أکثر معانیه ، والغایه من هذا الجمع تقیید الشوارد والفوائد للضبط والاستذکار غیر أن هذا الجمع لیس فیه مسکه التصنیف والتألیف.

2 - أنه أطلق فی العربیه أیضا علی الأصول التی تتشعب منها الفروع ، فإذا سحبنا ذلک علی کناش أبی الفداء لحظنا أن سمات کناشه یتفق بعضها مع ما ذکرناه حول الدلاله العامه للکناشات ، وبعضها لا یتفق ، وبیان ذلک :

أولا : أن فکره «الجمع» تلک التی تفیدها لفظه الکناش ، هی ظاهره واضحه فی کناش أبی الفداء ، وقد بدا هذا الجمع فی صورتین :

الأولی : أن أبا الفداء قد عزم علی أن یجمع فی کناشه عددا من العلوم والفنون وقد أشار إلی ذلک فی خطبه الکناش حین قال : «فهذا کناش مشتمل علی عده کتب :

الأول : فی النحو والتصریف.

الثانی : فی الفقه.

الثالث : فی الطب.

الرابع : فی التاریخ.

الخامس : فی الأخلاق والسیاسه والزهد.

السادس : فی الأشعار.

ص: 60

1- انظر حاشیه الخصائص ، 3 / 206.

2- القاموس المحیط ، وتاج العروس ، کنش.

3- تفسیر الألفاظ الدخیله فی اللغه العربیه مع ذکر أصلها بحروفه ، لطوبیا العنیسی 64.

السابع : فی فنون مختلفه» (1).

الثانیه : جمع الماده العلمیه ، بعد اختیارها ، ثم تبویبها وتنظیمها ، وهذا یعنی من جانب آخر أن کتب الکناش تشارک غیرها من أنواع التألیف العلمی ، لأن کل من یرید أن یؤلف کتابا لا بد له من أن یعتمد علی کتب سالفیه فینقل آراءهم ویجمع أقوالهم ، وقد ذکرنا من قبل مصادر أبی الفداء ومراجعه تلک التی أقام کناشه علیها فنقل منها ما یوافق منهجه ، واختار منها ما یتصل بموضوعاته ، وقد أشار إلی فکره الاختیار والاصطفاء بقوله : «قد أکثر النحاه فی ذکر اللامات حتی صنف بعضهم فیها کتابا ، وقد أثبتنا منها ما اخترنا إثباته» (2) ثم لا شک أن قوله فی القسم الرابع المشترک : «وهو ما التقطناه من المفصل» (3) ، یفید أن هذا الالتقاط قد تمّ بدقه ورویه لأنه للضبط والاستذکار ، ولقد نظم أبو الفداء الماده العلمیه المختاره تنظیما رائعا ، وفق منهج دقیق ، وخطه محکمه ، وتبویب رائع ، لا یستبعد ممن یضع الدوائر والجداول الهندسیه لمسائل نحویه.

فرأیناه یعنون موضوعاته ویربط بین فصوله وأقسامه فیکثر من الإحالات علی مواضع فی الکناش حتی لا نقع فی التکرار ، فإن عدل عن منهجه المتلئب الواضح ، بیّن سبب ذلک معتذرا ، من ذلک حدیثه عند ذکره إبدال الیاء من النون إذ قال : «وأبدلت الیاء من النون فی التضعیف أیضا وذکرناه هنا وإن کان التضعیف. یذکر فی القسم الثانی لیجتمع الکلام فی النون» (4).

ومثل ذلک اعتذاره عن عقد ذکر للامات إذ قال : «وهی وإن کان تقدم ذکرها فی

ص: 61

1- الکناش ، 1 / 113. ومن المفید أن نشیر إلی أن تعدد الفنون لیس سمه عامه تتسم بها کتب الکناش ، فقد یکون الکناش مقصورا علی الطب فقط أو علی الأدب أو علی فن من الفنون المتعدده ، وحدیثنا هنا عن کناش أبی الفداء وسماته تلک التی ألفیناها فی کناشه. انظر علی سبیل المثال کناش المحاسنی «إسماعیل» المحاسنی المتوفی 1102 ه ، فی دار الکتب المصریه تحت رقم 677 أدب تیمور. وکناشه فی الطب لم یعلم مؤلفها ، تحت رقم 577 طب - طلعت.

2- الکناش ، 2 / 138.

3- الکناش ، 2 / 151.

4- الکناش ، 2 / 232 - 233 وانظر 1 / 269.

حروف الجر لکن إعادتها هنا لا تخلو من زیاده فائده» (1) وکرّر هذا الاعتذار صراحه مع الواو حین قال : «والاعتذار فی إعاده ذکرها کما تقدم فی اللام» (2).

ووجدناه أحیانا ینقد النحویین فی تبویباتهم فیقول مثلا عن باب الإخبار بالذی : «والذی فی هذه الصور مبتدأ واجب التقدیم ، والإسم المخبر عنه بالذی خبر واجب التأخیر ، ومع ذلک لم یذکرا فی مواضع وجوب تقدیم المبتدأ ووجوب تأخیر الخبر» (3).

وألفیناه أیضا یخالف أحیانا الترتیب الداخلی لبعض المسائل فی المفصل والکافیه والشافیه ، فیشیر إلی ذلک ، قال تحت عنوان : «ذکر الأسماء المتصله بالأفعال» ، وهی ثمانیه المصدر واسم الفاعل واسم المفعول والصفه المشبهه ، وأفعل التفضیل وهذه الخمسه هی المذکوره فی کتب النحو لکونها تعمل ، وأما الثلاثه الباقیه من اسم الزمان واسم المکان واسم الآله وهذه الثلاثه من قسم التصریف لکونها لا تعمل وقد أثبتناها وغیرها من أبواب التصریف ، فی کتابنا هذا لکونه من کتب الکناش فأجری مجری الکناش» (4) فقوله : فأجری مجری الکناش ، یفید أنه خالف المألوف ، وکأن الأصل - فیما یبدو - أن یسیر شارح المتن وفق تنظیم وترتیب المتن الذی تصدّی لشرحه ، وحین یعلن المؤلف أن کتابه هو «کناش» فهذا فیما أحسب یعفیه من الالتزام بترتیب المتن الذی یشرحه ، فنقله اسم الزمان والمکان والآله إلی المشتقات العامله فیه مخالفه یسیره لترتیب بعض الموضوعات فی المتون الثلاثه التی أدار کناشه علیها ، فصاحب المفصل ذکر هذه الموضوعات بعد المصغّر والمنسوب فی حین أن أبا الفداء قدّمها علیها ، وصاحب الکافیه لم یذکر هذه الموضوعات فیها لأنها موضوعات صرفیه ، فجاء ذکرها فی الشافیه متقدمه أیضا علی المضمر والمنسوب ، وکل ذلک یعنی أن أبا الفداء حین جعل کتابه «کناشا» قد وسّع علی نفسه وتحرّر هنا من سلطان الترتیب المتبع فی المتون الثلاثه ، ولعل هذا یفید من جهه ثانیه ،

ص: 62

1- الکناش ، 2 / 138.

2- الکناش ، 2 / 144.

3- الکناش ، 2 / 267.

4- الکناش ، 1 / 319.

أن کتب «الکناش» لا یلتزم فیها التقیید بترتیب ما ، وإدراک أبی الفداء لذلک لم یدفعه إلی الفوضی والإضطراب بل رأیناه ملتزما کما ذکرنا بمنهج دقیق وترتیب محکم ثم إن إشارته هنا إلی ما حصل فی الترتیب تدل علی مدی حرصه علی ترتیب کناشه ، والتزامه بمنهجه الصارم الذی وضعه حین عزم علی تألیف کناشه هذا.

ومؤدّی ذلک کله أن قول الأستاذ محمد علی النجار إن «الکناش» لیس فیه مسکه التصنیف» فیه بعد إذا أرید سحبه علی کناش أبی الفداء ، وذلک لأن هذا الکناش کما ذکرنا - قد أقیم علی أسس متینه ، وأرکان ثابته فعراه وثقی ، وأقسامه متصله ، وفصوله محکمه ، کغیره من المؤلفات العلمیه الأخری ، خدم فیه أبو الفداء المفصل والکافیه والشافیه ، فجاء شرحا لأجزاء مختاره من ثلاثه متون معتبره عند المشتغلین بعلوم العربیه ، وهذا یعنی أیضا أن قول الفیروزآبادی والزبیدی إن الکناشات أصول ... إلخ (1) لا ینطبق علی کناش أبی الفداء لأنه لیس «متنا» کما یفهم من کلامهما ، کما لا ینطبق علیه أن هذا الجمع هو «للشوارد والفوائد» فقط ، لأنه حوی جمیع المباحث النحویه والصرفیه والإملائیه فغدا شرحا لا تنقصه صفه من صفات الکتب العلمیه الأخری. والغایه منه هو الاستذکار والمراجعه والضبط ویستغنی به عن مراجعه کثیر من الکتب المطوّله.

والظاهر أن هذه الغایه هی غایه عامه عند أبی الفداء هدف إلیها فی کثیر من مؤلفاته ، فقد أشار الدکتور حسن الساعاتی وهو بصدد حدیثه عن غایه أبی الفداء من کتابیه المختصر وتقویم البلدان إلی ذلک فقال : «إنه إنما یکتب مختصرات تکون بمثابه مذکرات یکون فیها الغناء عن مطالعه الکتب الکبیره فی کل موضوع من الموضوعات التی عالجها» (2) واستدلّ علی ذلک بما أورده أبو الفداء فی مقدمتی الکتابین المذکورین فقد قال فی مقدمه کتابه المختصر : «سنح لی أن أورد فی کتابی هذا شیئا من التواریخ القدیمه والإسلامیه یکون تذکره لی یغنینی عن مراجعه الکتب

ص: 63

1- لعل إطلاق الکناشات علی الأصول یمثل مرحله من مراحل اتساع دلاله الکناش ، ولعل الأصل فیه أن یطلق علی الدفتر الذی تقید فیه الشوارد والفوائد ثم صار یطلق علی الأصول. ثم رأینا دلالته عند أبی الفداء متسعه علی نحو ما نشرحه.

2- منهج أبی الفداء فی البحث 69.

المطوله فاخترته واختصرته من الکامل ... (1) وذکر فی مقدمه تقویم البلدان ما نصه : «لما وقفنا علی ذلک وتأملناه جمعنا فی هذا المختصر ما تفرق فی الکتب المذکوره من غیر أن ندّعی الإحاطه» (2). وتلاقی الکتب الثلاثه فی الغایه من تآلیفها لا یعنی الاتفاق فی طریقه عرض الماده العلمیه فیها ، کما ذهب إلی ذلک الدکتور الساعاتی فقد ذکر : «أن أغراض أبی الفداء من تألیف ما کتب کانت معلومه سواء فی میدان الجغرافیه ، أو میدان التاریخ أو المیادین الأخری التی طرقها» (3) ثم راح یعرض هدف أبی الفداء من کتبه التی وقف علیها فقال : «فقد کان هدفه فی میدان الجغرافیه وضع تقویم للبلدان فی أقالیم شتی یمتاز بدقته ووضوحه من ناحیه ، وخلوه من النقائص التی شابت ما ألفه الجغرافیون قبله فی الموضوع نفسه من ناحیه أخری ، وکان هدفه فی میدان التاریخ جمع ماده تاریخیه وفیره ذات دلاله وعرضها فی إیجاز ووضوح» (4) ثم عرّج إلی الکناش فقال : «وکان غرضه من الکناش عرض مذکرات یجمل فیها أهم ما کان معروفا عن الموضوعات المختلفه التی تناولها دون الدخول فی التفاصیل» (5). وأنهی حدیثه بالقول «وکان هدفه من وضع نظم الحاوی ونظم الموازین تقدیم الماده الأساسیه فی کل من الموضوعین ، فی صوره میسّره لطلاب العلم تسهل علیهم الحفظ من ناحیه ، وسرعه تذکرها من ناحیه أخری» (6).

وإذا سلمنا للدکتور الساعاتی بما ذکره حول منهج أبی الفداء فی غیر کتاب الکناش فإنا لا نسلم له بأن غرض أبی الفداء من کناشه هو عرض مذکرات موجزه مختصره سواء أراد د. الساعاتی الکناش المتعدد العلوم الذی لم یتم بعد - وذلک لأننا لم نقف علیه فنحکم فیه - أم أراد الکتاب الأول من الکناش الذی نحن بصدده .. لأن کناش أبی الفداء هنا هو شرح لأجزاء مختاره من ثلاثه متون کما ذکرنا من قبل

ص: 64

1- المختصر ، 2 ومنهج أبی الفداء فی البحث ، 69.

2- تقویم البلدان ، 3 ، ومنهج أبی الفداء ، 69.

3- منهج أبی الفداء ، 61.

4- منهج أبی الفداء ، 61.

5- منهج أبی الفداء ، 61.

6- منهج أبی الفداء ، 61.

وبضم هذه الأجزاء إلی بعضها استوفی أبو الفداء کل الأبواب النحویه والصرفیه والإملائیه ، وهو فی شرحه یفصّل إذا لزم الأمر التفصیل ، ویوجز حین لا فائده من التطویل ، وقد عرض کثیرا للخلافات النحویه وأدلی برأیه فیها لذا لا یمکننا القول إن هذه المذکرات موجزه وأنه لا یدخل فی التفاصیل کما ذکر د. الساعاتی (1).

ومجمل القول بعد ذلک کله أن تصور أبی الفداء للکناش هو کونه کتاب معارف متنوعه یشبه الموسوعات العلمیه فی عصرنا ، یکتبه المرء لنفسه ، فیختار له الماده العلمیه من کتب کثیره ، ثم یصنفها ویرتبها ترتیبا جیدا ، والغایه منه هی المراجعه والضبط ، والاستذکار.

ویبدو لی - أخیرا - أن أبا الفداء کان عازما علی ضم بعض مؤلفاته إلی بعض لیتکوّن منها «الکناش» یدفعنا إلی هذا الزعم ما یأتی.

1 - أن موضوعات الکتب التی ذکرها فی خطبه الکناش قد ألّف أبو الفداء فیها ، ومن المقارنه السریعه بین مؤلفاته ، وخطبه الکناش یتضح ذلک الأمر.

2 - أن صاحب کشف الظنون قد صرّح بأن «شرح منظومه الکافیه» قد علقه أبو الفداء من شرح ابن الحاجب ومن شروح الکافیه وقد ألفیت أن أکثر اعتماد أبی الفداء فی المباحث النحویه من کناشه کان علی شرح ابن الحاجب (الوافیه) ، فلا یستبعد أن یکون هذا الشرح نواه الکناش ثم أتبعه بالمسائل الصرفیه.

3 - أن محققی کتاب تقویم البلدان رینو والبارون دیسلان قد ذکرا فی تصدیرهما للکتاب أن أبا الفداء ألف مجموعه من عده أجزاء فی الطب بعنوان الکناش (2) أقول : لعل منها تلک القطعه التی ذکرها د. رمضان ششن الموجوده فی

ص: 65

1- حصر د. الساعاتی منهج البحث عند أبی الفداء بأربعه قواعد : 1 - الوفره فی جمع البیانات أی کثره المصادر التی استقی منها ماده کل بحث من بحوثه. 2 - الدقه فی تفسیر البیانات وتفنیدها. 3 - الاختصار فی العرض. 4 - الوضوح فی تناول البیانات وعرضها. واستلهم هذه القواعد من «المختصر وتقویم البلدان» أما بقیه کتب أبی الفداء فقد ذکرها عرضا أحیانا ومن ضمنها الکناش مخطوطا ... والبحث فی میدانه رائد نافع أفدنا منه.

2- تقویم البلدان 30 ، ومنهج أبی الفداء فی البحث ، للدکتور حسن الساعاتی 59.

مکتبه مغنیسا ، فقد فرغ أبو الفداء منها عام 728 ه. أی بعد الانتهاء من کناش النحو والصرف بعام واحد فقد انتهی منه عام 727 ه. والمهم أن إطلاق لفظه «الکناش» کانت فی هذا العام ، فلعل هذه القطع والأجزاء الطبیه التی أطلق علیها الکناش هی من الکتب التی کان أبو الفداء سیجمعها فی کناشه فیما بعد.

4 - أن لدی أبی الفداء إحساسا بأنه لن یعیش أکثر من ستین سنه ، قال الکتبی : «ومن الغریب أن السلطان رحمه الله کان یقول ما أظن أنی أستکمل من العمر ستین سنه فما فی أهلی یعنی بیت تقی الدین من استکمله» (1) وحقا لقد مات أبو الفداء وعمره ستون عاما فإذا کان أبو الفداء قد فرغ من کناش النحو والصرف عام 727 ه وتوفی سنه 732 ه ، فهل یعقل - ما دام لدیه هذا الإحساس - أن یصرح بأنه عازم علی تألیف سبعه کتب خلال خمس سنوات ، نعم یعقل إذا کانت هذه الکتب صغیره الحجم ، ولا دلیل علی ذلک بل إن کبر حجم الکناش الذی نقوم بتحقیقه ، ما یدفع ذلک ، ثم یجب علینا أن لا ننسی أن أبا الفداء ملک علی حماه ، وکثره الصوارف والشواغل بشؤون الحکم لن تسمح له بتألیف مثل هذه الکتب خلال خمس سنوات ، زد علی ذلک أنه فرغ من تألیف الکناش 727 ه وفرغ من تألیف المختصر 729 ه أی بعد سنتین من الکناش ، فإذا کان المختصر قد استغرق سنتین ، فکم ستستغرق بقیه الکتب التی أشار إلیها فی خطبه الکناش ، کل ذلک یدفعنا إلی القول إنّ أبا الفداء کان عازما علی ضم ما ألّف من کتب فی هذا الکناش ، ولا أستبعد أن یکون المختصر واحدا منها لأنه قد انتهی منه کما ذکرنا 729 ه ، أی بعد إطلاق أبی الفداء للفظه الکناش بسنتین ، کما أنی لا أستبعد أیضا أن أبا الفداء کان عازما بعد جمع مؤلفاته ، فی هذا الکناش أن یکتب مقدمه عامه لهذا الکناش غیر أن المنیّه قد حالت دون هذه الخطبه ، ودون هذا الجمع ، فبقیت هذه الکتب تحمل عناوینها ومقدماتها الخاصه بها مستقله منفرده عما کان متوقعا لها ..

والسؤال الذی یتردّد فی الذهن هو لم عزف النحویون الخالفون عن النقل من کناش أبی الفداء (النحو والصرف) أو الإشاره إلیه مع کونه یتعلق بمتون مهمّه کثرت

ص: 66

الشروح والحواشی علیها.

والجواب یتضح مما یأتی.

1 - ندره الکتاب : فقد قال الشیخ أحمد الصابونی فی کتابه «تاریخ حماه» بعد ذکره للکناش إنه نادر عزیز الوجود» (1). ومما یؤکد قوله أننا لم نعثر إلا علی هذه النسخه الوحیده.

2 - أنه قد بات فی أذهان النحویین فیما یبدو أن کتب الکناش للاستذکار الشخصی تسجل فیها الفوائد والشوارد ولا تتّسم بصفه التألیف العلمی لکون أصحابها یجمعون الآراء وینقلون الأفکار من غیر مناقشه أو نسبه أو تعلیق أو تفضیل رأی علی آخر ، وهذا التصور مردود - إن کان - لأن الذی یکتب لنفسه لا شک أنه یطّلع علی عدد کبیر من کتب سالفیه ، فیصطفی منها ویختار ما یقتنع به ویرضاه ، ولا ریب أن فی ذلک فوائد قیمه ، فهی من جهه تساعدنا علی کشف جوانب کثیره من ثقافه المصطفی ، وتغنینا أحیانا من جهه ثانیه عن الاطّلاع علی کتب قد لا یتاح لنا أن نطلع علیها نتیجه فقدها أو ندروها.

ص: 67

1- تاریخ حماه ، 126.

الفصل الثانی : توثیق نسبه الکتاب إلی أبی الفداء

ثمه عده دلائل تدل علی أن کتاب الکناش ألفه أبو الفداء وهی :

1 - أن عددا من المصادر قد ذکرت أن أبا الفداء صنف کتاب الکناش ، ووصفت هذه المصادر الکتاب بأنه یقع فی مجلدات کثیره (1).

2 - أنه قد کتب علی الورقه الأولی من المخطوطه أن هذا «کتاب الکناش للملک المؤید عماد الدین أبی الفداء إسماعیل بن علی الشهیر بصاحب حماه المتوفی 732 ه» (2).

3 - أن هناک تشابها واضحا بین کتابیه المختصر فی أخبار البشر وتقویم البلدان من جهه ، وکتابه الکناش من جهه ثانیه ، وذلک من حیث :

أ - استعماله الزائجات والجداول فقد استعملهما فی کتابیه المذکورین (3) کما استعملهما فی کتابه الکناش (4).

ب - استخدامه لفظه «ذکر» لعنونه بعض الموضوعات فی کتابیه السالفین (5)

ص: 68

1- انظر الوافی بالوفیات ، 9 / 174 وفوات الوفیات ، 1 / 29 والمنهل الصافی لابن تغری بردی ، الورقه ، 210 ظ ، وشذرات الذهب ، 6 / 99 وإیضاح المکنون ، 2 / 382 ، والأعلام ، 1 / 317 وتاریخ آداب اللغه العربیه ، 3 / 189 وتاریخ حماه ، للصابونی ، 126 ومعجم المؤلفین ، 1 / 282.

2- انظر المخطوطه ، الورقه أو.

3- انظر المختصر ، 1 / 6 - 7 - 129 - 130 وتقویم البلدان ، 392 - 488.

4- الکناش ، 1 / 237 - 248 - 337 2 / 133.

5- انظر فهرستی المختصر فی أخبار البشر وتقویم البلدان.

کما استخدمها أیضا فی عنونه کثیر من الموضوعات التی تحدث عنها فی کتابه الکناش.

ولا شک أن هذا التشابه یدل علی أن المصنف واحد ، ومن هذه الدلائل مجتمعه نجزم بأن کتاب الکناش هو لأبی الفداء إسماعیل بن علی المتوفی 732 ه.

ص: 69

الفصل الثالث : وصف النسخه

المخطوطه التی بین أیدینا تقع فی 164 ورقه من الحجم المتوسط ، وفی کلّ صفحه 25 سطرا وفی کل سطر 15 کلمه. وقد عثرت علی هذه النسخه الوحیده فی دار الکتب المصریه تحت رقم 882 نحو ، وقام بتصویرها معهد المخطوطات العربیه (میکرو فیلم) تحت رقم 129 ، وحاولت جاهدا أن أعثر علی نسخه ثانیه فلم یتوفّر لی ذلک حتی هذا الوقت ، وأحسب أنه لا توجد لأنی قد اطّلعت علی أکثر الفهارس العامه والخاصه فلم أجد اسما لهذا الکتاب أو ما یشیر إلی وجوده فی أیه مکتبه.

کتبت هذه النسخه بید ناسخ مجهول ، وبخطّ جمیل أسود ، والعناوین بمداد أحمر. وضبط الناسخ بعض الکلمات والأوزان الصرفیه بالشکل. ویبدو أن هذه النسخه کتبت فی عهد المؤلف وعرضت علیه لأنه کتب عند رأس بعض العناوین عباره (بلغ مقابله بین یدی مؤلفه أدام الله أیامه) مما یدل أن الناسخ کان یعرض علی المؤلف ما کان ینسخه ، ویؤکد ذلک أن الناسخ استعمل أیضا علامه الإلحاق وهی عباره عن سهم کان یثبته بین الکلمات للتنبیه علی وجود کلمات ساقطه خارج سطور الکتاب وکان یسجل الکلمات الساقطه فی الحاشیه ویکتب بجانبها کلمه (صح).

وسبقت المخطوطه بورقتین أعطیت الأولی رمز (أ) وکتب علی وجهها («کتاب الکناش للملک المؤید عماد الدین أبی الفداء إسماعیل بن الأفضل علی الأیوبی الشهیر بصاحب حماه المتوفی 732 ه ذکره العلامه الکتبی (1) فی ذیل ابن خلکان فی ترجمه الملک المذکور ، أما صاحب کشف الظنون فقد ذکره إلا أنه قال لم أقف علی

ص: 70

1- فوات الوفیات ، 1 / 29.

مؤلفه (1) ویظهر أنّ هذه النسخه کانت ملکا لصاحب الکشف المذکور کما یرشدنا إلیه الخطّ الواقع علیها المشابه لخطه إذا قد عاینته فی بعض مصنفاته بدار الخلافه العثمانیه العلیه ولتعلم أن هذه النسخه هی نسخه المصنف (2) وهی الکتاب الأول فی فنّی النحو والصرف من الکتاب المشار إلیه بما أنه مرتّب علی سبعه کتب کما تراه فی الخطبه ولست أدری إن کان المؤلف أتم الکتاب کله أو مات قبل ذلک والله أعلم ، غره شعبان 1306 کتبه الفقیر إلیه سبحانه وتعالی خیری بن عمر المصری عفی عنهما» ولم یکتب شیء علی ظهر هذه الورقه.

أما الورقه الثانیه فکان ظهرها ابتداء للکناش وکتب علی وجهها من الأعلی ما یلی : «61 من کتب أحمد حمدی أحمدیه 1244 مختار الصحاح». وفی وسطها «ملک أفقر الوری إلیه سبحانه صالح مصطفی عفی عنهما ..» وتحتها «مشتری من علی أفندی خیری ، رمضان فی أول أکتوبر 1889 نمره 80 یومیه 24157 عمومیه 882 خصوصیه نحو» وکتب فی وسط الورقه أمام ذلک ما یلی «مما ساقه سائق التقدیر إلی سلک ملک الفقیر إلیه سبحانه وتعالی مصطفی بن عبد الله الداخل فی زمره المدرجین الداخلین ، رب یسر مراده فی الدنیا والآخره آمین بحرمه رسولک الأمین ثم آمین عفی عنهما».

وکتب علی الورقه الأخیره «وکان الفراغ من جمعه وتألیفه فی العشر الأول من شهر شعبان سنه سبع وعشرین وسبع مائه هجریه نبویه علی صاحبها أفضل الصلاه والسّلام بالمشیرفه من ظاهر حمص الشرقی الشمالی الحمد لله رب العالمین.

ص: 71

1- انظر کشف الظنون ، لحاجی خلیفه ، (الطبعه الأولی 1310 مطبعه العالم دار سعادات) ، 2 / 331. وإیضاح المکنون ، للبغدادی ، 2 / 382.

2- یبدو أن الذی دفعه إلی هذا القول ما وجده مکتوبا عند رأس بعض العناوین «بلغ مقابله بین یدی مؤلفه أدام الله أیامه» ، وأری أن ذلک لیس دلیلا بل یدلنا علی أنها کتبت فی أیام المؤلف.

الفصل الرابع : منهج التحقیق

تلخّص عملی فی تحقیق هذه المخطوطه بما یأتی :

1 - حرصت علی إخلائها من التصحیف والتحریف.

2 - أشرت إلی مواضع ما شرحه أبو الفداء من المفصل أو الکافیه أو الشافیه وذلک بوضع رقم إزاء العناوین الرئیسه - وأحیانا ضمن الشرح - وأحلت فی الهامش إلی رقم الصفحه من کل متن ، مراعیا فی هذه النسبه مدی التشابه الحرفی بین نصوص هذه المتون وکلام أبی الفداء.

3 - ذکرت من قبل أن الناسخ استعمل علامه الإلحاق للتنبیه علی بعض العبارات أو الکلمات الساقطه من أصل النص ، وقد وضع بجانبها کلمه «صح» فجعلت ذلک من أصل النص.

4 - سجلت أرقام الآیات القرآنیه ، واسم السوره ، وإذا کان ثمه آیه وردت فیها قراءه فکنت أشیر إلی کتب القراءات التی وردت فیها القراءه وأدلّ علی صاحبها.

5 - قمت بتخریج الأحادیث النبویه الشریفه ، وبیّنت مکانها فی کتب الحدیث.

6 - ضبطت الأبیات الشعریه بالشکل ، وأتممت أنصاف الأبیات فی الهامش ونسبتها إلی أصحابها وعینت أماکن وجودها - سواء فی الدیوان إن وقفت علی دیوان الشاعر - أو فی کتب اللغه والنحو والمعاجم ، محددا إن کانت هذه المراجع قد نسبت البیت لقائله أم لا.

ص: 72

واعتمدت فی ذلک کله علی کتاب معجم شواهد العربیه للأستاذ محمد عبد السّلام هارون رحمه الله.

7 - خرّجت أقوال العرب وأمثالهم من الکتب المعنیه بذلک.

8 - أحلت ما نقله أبو الفداء من نصوص نحویه أو صرفیه أو لغویه إلی الکتب التی نقل عنها وحدّدت أماکن وجودها فی تلک الکتب وأرقام صفحاتها ، وکنت أشیر دائما إلی أسماء الکتب التی تتحدث عن المسأله التی یذکرها فی کناشه ، وأسجل أرقام صفحاتها لیسهل الرجوع إلیها لمن یرید التوسع فی دراستها ، وأشرت إلی الکتب التی رأیت أن أبا الفداء ینقل عنها ، وأتممت أحیانا بعض النصوص التی نقلها أبو الفداء من هذه الکتب ، لأن الفائده تکمل بذلک.

9 - عرّفت بالأعلام الوارده فی النص وأشرت إلی أماکن ترجمتها وأخبارها فی کتب التراجم.

10 - ضبطت النص کلّه بالشکل ، وقد ضبط المصنف بعض الألفاظ الغریبه وشرحها ، وأحیانا کان یقع التخالف بین ما ضبطه المؤلف وما ضبطته المعاجم فکنت أشیر إلی ذلک.

11 - عیّنت ما ذکره المصنف من أسماء الأماکن والمواضع وحددت أماکن وجودها فی معاجم البلدان.

12 - أنهیت التحقیق بصنع فهارس فنیه للآیات القرآنیه ، والأحادیث النبویه الشریفه ، والأمثال ، والأقوال ، والأشعار ، والأرجاز ، والألفاظ اللغویه ، والأعلام ، والقبائل والطوائف والأمم والبلدان ، والمواضع والکتب.

أما فهرس الموضوعات الوارده فی الکناش فقد وضعت بجوار رقم الصفحه الحرف (م) لیدل علی أن ما یشرحه أبو الفداء فیه هو من المفصل والحرف (ک) لیدل علی کافیه ابن الحاجب ، والحرف (ش) لیدل علی الشافیه ، وبذلک یسهل التمییز بین ما شرحه أبو الفداء من المفصل وما شرحه من الکافیه والشافیه (1).

ص: 73

1- والحق أن الفصل بین نصوص المفصل ، ونصوص الکافیه والشافیه ، فیه صعوبه فی کثیر من الأحایین للمشابهه بینها ، لذا فالإحاله إلی أحدها فی بعض المواضع لیس قطعیا ، والمهم أننا حاولنا بما لمسنا من تشابه بین النصوص أن نمیز بین هذه النصوص لما فی ذلک من خدمه للکناش وللقاریء أیضا.

وختمت الفهارس بثبت للمصادر والمراجع التی اعتمدت علیها فی دراسه وتحقیق کتاب الکناش.

ص: 74

الفصل الخامس : طبعه قطر والنخبه المتمیّزه من السّرّاق

اشاره

وقع إلی کتاب الکنّاش فی النحو والصرف لأبی الفداء المؤرخ إسماعیل بن علی المتوفی سنه 732 ه ، مطبوعا بتحقیق نخبه متمیزه من الأساتذه کما ورد فی المقدمه وهم : د. علی الکبیسی ، ود. صبری إبراهیم السید ومراجعه أ. د. عبد العزیز مطر.

وهذا الکتاب فی الأصل مخطوط انتهیت من دراسته وتحقیقه عام 1984 م ، ونلت به درجه الدکتوراه بتقدیر «الشرف الأولی» وذلک من جامعه الإسکندریه ، بإشراف الأستاذ الدکتور طاهر حموده - حفظه الله ، ونوقشت الرساله من قبل الأستاذ عبد السّلام هارون یرحمه الله. والأستاذ الدکتور عبده الراجحی - أمدّ الله فی عمره - وقلت لنفسی حین قرأت العنوان : لعل النخبه قد عثرت علی نسخه أخری غیر النسخه الوحیده التی اعتمدت علیها ، تلک التی عثرت علیها فی دار الکتب المصریه ، مما دفعها إلی تحقیقه مره ثانیه ، وألفیت بعد المقارنه أن هذه النخبه قد اعتمدت علی النسخه نفسها ، وقامت بالسطو علی رسالتی بعجرها وبجرها وفق خطه محکمه حیکت بلیل مظلم ، فأتت علی أرکان الرساله العلمیه دون وازع من دین أو خلق ، وقد بیّنت النخبه فی المقدمه دور کل واحد منها ، فزعمت أن توزیع العمل قد تم علی النحو الآتی :

1 - قام الدکتور علی الکبیسی بکتابه ترجمه للمؤلف ، ونبذه عن الکتاب ، وحقق المخطوطه من أولها إلی نهایه القسم الأول من أفعال المقاربه ، وصنع الفهرس الخاص بهذا القسم ، شواهد وموضوعات.

2 - وقام الدکتور صبری إبراهیم السید بنسخ المخطوطه کامله ، وتحقیق الجزء

ص: 75

الذی یبدأ من أفعال المقاربه ، إلی آخرها ، وصنع الفهرس الخاص بهذا القسم ، ونسقنا بین القسمین کما قالوا.

3 - قام الأستاذ الدکتور عبد العزیز مطر بمراجعه التحقیق والفهارس.

والذی وصلت إلیه بعد اطلاعی علی عملهم ، ومقارنته بصنعی فی الرساله هو أن الجمیع مشترک فی هذه الجریمه ، لأن أدله السرقه تطولهم جمیعا ، وتطوّق أعناقهم کلهم ، وقد نشرت هذه الأدله موجزه فی جریده المدینه (ملحق التراث) عام 1416 ه - 1996 م ثم تقدمت بها مفصّله إلی دار المجد فی الریاض ، التی عزمت علی إنشاء موسوعه السرقات العلمیه ، مرفقا معها نماذج مصوره ، ونسخه من رساله الدکتوراه ، وصوره من الکتاب المطبوع فی قطر ، وصوره من مخطوط الکناش ، وبعد عرض هذه الأدله علی أربعه محکمین (1) ، فازت بالجائزه الثانیه ، وارتأیت أن أنشرها فاختصرتها (2) علی النحو الآتی :

الدلیل الأول

أن ثمه اتفاقا بیننا فی أرقام الأجزاء والصفحات ، وذلک فی المصادر التی اتفقنا فی الإحاله إلیها ، فی حین أن طبعات هذه المصادر مختلفه ، مثال ذلک : أننی فی الصفحه 2 / 115 من الرساله خرّجت بیت جریر :

تعدون عقر النیب أفضل مجدکم

......

البیت فقلت : البیت فی دیوانه : 338 ، ثم سردت بقیه المصادر ، وفی الصفحه 360

ص: 76

1- صحیفه الریاض - العدد 10338 - الأحد «1» جمادی الآخره 1417 ه.

2- والأدله کامله مفصله تراها فی موسوعه السرقات ، والحق أنه ما کان بودی أن أنشر هذه الأدله المقتضبه فی صدر هذا الکتاب لو لا أمران : أولهما : أن فضح السرّاق قد یخفف من وقوع السرقات العلمیه التی باتت وباء خطیرا یهدد مجتمعاتنا العلمیه بفروعها المختلفه. ثانیهما : أن غیری ممن قد یبتلی بسرّاق نهّاب ، قد یستفید مما أذکره له إذ به قد یتهدّی إلی طرق السّرّاق ودروبهم وأحابیلهم الخبیثه ، خاصه أن سرّاقی قد وصلوا إلی الغایه فی هذه الصنعه ، فهم یجیدون فنّ اللعب والغش ، وطرق الإغاره ، وأسالیب الاستلاب ، ولقد استغرق جمع هذه الأدله أکثر من سنه لکثره حیلهم وتنوع طرقهم التی سلکوها تغطیه علی سرقتهم .. وأبت الحقیقه إلا أن تظهر جلیه واضحه کالشمس فی رابعه النهار.

من الکتاب المطبوع قالوا بأنه روی فی دیوانه : 338 ، أی اتفقنا ، ومثل ذلک بیته المشهور :

أقلّی اللوم عاذل ...

......

البیت فقد ذکرت فی هامش الصفحه 2 / 125 بأنه قد ورد فی دیوانه : 64 ، فألفیت ذلک عندهم أیضا فی الصفحه 369 ، إذ نصوا علی أنه فی دیوانه 64.

أقول : کیف تتفق الأرقام مع أن الطبعتین مختلفتان ، فقد اعتمدت فی عملی علی طبعه الصاوی ، فی حین أنکم اعتمدتم علی الطبعه المحققه من قبل د. نعمان محمد أمین طه (ینظر فهرس المصادر عندهم).

وفی الصفحه 2 / 103 من الرساله عرض أبو الفداء رأی الأخفش المجیز وقوع الفاء زائده فی الخبر ، فنقلت من المغنی لابن هشام ، 1 / 165 ما نصه :

«وأجاز الأخفش زیادتها فی الخبر مطلقا ، وحکی «أخوک فوجد» ، وقید الفراء والأعلم وجماعه الجواز بکون الخبر أمرا أو نهیا ، قال ابن برهان : تزاد الفاء عند أصحابنا جمیعا کقوله :

لا تجزعی ...

......

البیت وفی الصفحه 350 من کتابهم نقلوا النصّ الذی ذکرته إلی قول ابن هشام : «أو نهیا» وأحالوا إلی المغنی ، 1 / 165 ، وهذا یفید أن الاتفاق قد حصل أیضا فی رقم الجزء والصفحه ، وما فطن القوم أن الطبعتین مختلفتان ، فقد اعتمدت علی طبعه الشیخ محمد محیی الدین عبد الحمید رحمه الله فی حین أنهم اعتمدوا علی طبعه الدکتور مازن المبارک وزمیلیه ، فکیف حصل هذا الاتفاق والطبعتان مختلفتان؟؟

هل ستزعمون أن طبعه الشیخ محمد محیی الدین عبد الحمید رحمه الله قد سقطت أیضا من قائمه مصادرکم؟؟ لا أستبعد ذلک فذاک هو الملجأ الذی یفزع إلیه السّراق حین تضیق بهم السبل.

الدلیل الثانی

أ - ذکرت فی الهامش (4) من الصفحه 1 / 381 معنی لفظه «الخرنوب» ونقلت

ص: 77

من لسان العرب مادتی (صعفق وخرب) ما نصه : «الخرنوب والخرّوب بالتشدید نبت معروف ، والفصحاء یضمونه ویشددونه مع حذف النون ، وإنما یفتحه العامه».

وفی کتابهم 340 الهامش (5) سجلوا ما یأتی : «الخرنوب شجر ینبت فی جبال الشام ، ویسمی القثاء الشامی ، وقد تحذف نونه وتضعف الراء فیقال له : الخرنوب». وأحالوا إلی لسان العرب ماده (خرنب) فقط.

أقول : المذکور فی لسان العرب ماده (خرنب) هو إلی قولکم : «القثاء الشامی» أما تتمه القول : «وقد تحذف ... الخ» فلم یذکره ابن منظور البته ، فمن أین أتیتم بهذه التتمه؟؟

إنها من أدنی تأمل - صیاغه جدیده مزوّره لما ذکرته فی تعلیقی ، ولم یفطن القوم أن تعلیقی هو من مادتین ، وأن قولی : والفصحاء یضمونه ... إلخ هو من ماده صعفق ، لقد حاولوا التغییر والإبهام فذهبوا إلی ماده خرنب ، غیر أنهم وقعوا فیما فروا منه.

الدلیل الثالث

أحلت فی الصفحه 2 / 70 الهامش (7) من الرساله إلی کتاب مجمع الأمثال ، وذلک لتوثیق المثل المشهور «إن البغاث بأرضنا یستنسر» وذکرت أنه فی 1 / 12 ، وفی الکتاب المطبوع ص : 320 وجدت الرقم نفسه وهو 1 / 12 ، والطبعه التی اعتمدت علیها هی من تحقیق الشیخ محمد محیی الدین عبد الحمید - رحمه الله - وهی نفسها التی اعتمدوا علیها ، ولو أنهم حقا رجعوا إلی المصدر المذکور لعلموا أن الرقم الصحیح هو 1 / 10 ولیس 1 / 12 فبم یفسّرون ذلک؟؟

ب - ویندرج تحت هذا أننی فی الهامش (1) من 1 / 215 خرجت بیت ذی الرمه :

وهیل یرجع التسلیم ...

......

البیت فذکرت بأنه قد روی من غیر نسبه فی المقتضب 2 / 174 ، 4 / 144 (1) فاکتفوا

ص: 78

1- صوبنا الآن کل الأخطاء التی ذکرت فی هذه الأدله.

فی الصفحه 93 وعلی عادتهم حین أذکر موضعین - بالموضع الأول فقالوا : وبلا نسبه فی المقتضب 2 / 174 وترکوا الموضع الثانی ، ولو أنهم رجعوا فعلا إلی المقتضب 2 / 174 لألفوا أن المبرد قد نسبه إلی ذی الرمه فی هذا الموضع ، ولم ینسبه إلیه فی الموضع الثانی الذی ترکوه تمویها.

ج - ویمکن أن یندرج فی هذا الدلیل ما التقطناه عندهم حول الدائره التی صنعها أبو الفداء لأحکام الصفه المشبهه ، فقد جعل أبو الفداء نواتها دائره صغیره ، قسمها إلی قسمین بخط فی وسطها ، ذکر فی القسم الأعلی منها : «الصفه مجرده عن اللام (حسن)» وذکر فی القسم الأسفل منها «الصفه باللام (الحسن)» قمت - لکونی طالبا - بتصویرها من المخطوط مع تکبیرها ، ثم وضعتها فی ورقه مستقله ذات رقم (270 من الرساله) ، 1 / 337 والذی حصل أن «المجلّد» للرساله جعل عالیها سافلها ، فلم تفطن النخبه المتمیزه إلی ذلک ، فرأیت هذا القلب عندهم أیضا وذلک فی الصفحه 200 ، لا ریب أنهم سیزعمون أن المجلّد عندهم قد عکسها أیضا؟؟ ولم یفطنوا إلی ذلک.

الدلیل الرابع

ثمه أخطاء وقعت فی عملی ، یرجع بعضها إلی قراءه غیر سلیمه لکلمات المخطوط ، وبعضها الآخر یعود إلی سرعه الضبط والتشکیل وثالثها یعود إلی سرعه الطابع ، بعضها تنبّهت إلیه فأشرت إلیه فی الهامش ، وبعضها الآخر لم أتنبه إلیه إلّا بعد مراجعتی للمخطوط ، ووجدت ذلک کله عندهم بغثّه وسمینه من غیر أن یشیروا إلیه فی الهامش وهذا جدول مجتزأ من جدول «کبیر» نتبین منه کل هذه الأنواع :

ص: 79

ص: 80

فهل یزعم زاعم بعد وقوع هذا التشابه من تصحیف وتحریف وضبط غلط وزیاده حروف أو نقصها ، مع عدم الإشاره فی الهامش إلی ما فی الأصل أن ذلک قد ثمّ اتفاقا إن المحققین الأثبات یدرکون بداهه من هذا التشابه أن إغاره قد حصلت علی الرساله ، وأن سرقه قد تمت ، وأن لا حقا قد أخذ عن سابق.

الدلیل الخامس

أنّ ثمه اتفاقا قد حصل بیننا فی الکلمات التی وضعت عندها الإحالات إلی المصادر والمراجع وهذه المواضع التی سأسردها فی الجدول لیست مما یجب أن یقع فیها التشابه ، إذ هی لیست آیه قرآنیه کریمه ، ولا حدیثا نبویا شریفا ، ولا قولا أو مثلا للعرب ، ولا رأیا لعلم نحوی ذکره أبو الفداء فیراد توثیقه ، بل هی من نفل التحقیق إن ساغ هذا التعبیر ، لأنّها توثیق آراء نحویه عامه ، ومع ذلک فقد تم الاتفاق بیننا فی وضع أرقام الإحالات عند کلمات بعینها ، نتبین ذلک من جدولین اخترتهما من أربع جداول تفید بمجملها مدی التوافق الکائن بیننا فی مواضع الإحالات :

ص: 81

وهذا جدول ثان یؤکد ما ذکرناه :

وهکذا تتوالی مواضع الشبه فی الإحالات ، فلا تکاد تجد صفحه خالیه من تشابه ، فهل تمّ ذلک وفق قانون توارد الأفکار؟ أیتها النخبه المتمیزه؟

ومن أعجب ما وقفت علیه من تشابه فی الإحالات أننی فی الصفحه 1 / 194 من رسالتی وجدت إحاله عند کلمه «أیضا» الوارده فی سیاق کلام أبی الفداء : «وإن کان فعلا فمذهب سیبویه أن لا یتقدم علیه التمییز أیضا» والظاهر أن الطابع نتیجه سرعته قد وضع رقم الإحاله فوق کلمه «التمییز» ، ولم یضعها فوق کلمه «أیضا» وهو موضعها المناسب لأنها فی آخر الجمله ، فرأیت ذلک عندهم تماما وذلک فی الصفحه (73) وهی برقم (3) ، والسؤال : هل ثمه وحی بین الطابعین أیضا؟ أم أن ذلک قد حدث اعتباطا أیضا؟!

هل یوجد مخطوط حقّق مرتین من قبل اثنین ، لم یطلع أحدهما علی عمل آخر ، فوقع بینهما مثل هذا التشابه؟! ما أظن أن لدی النخبه المتمیزه مثالا واحدا علی ذلک. سوی ما نحن فیه.

ص: 82

الدلیل السادس

اعتمدت فی تخریج الشواهد الشعریه علی معجم الشواهد العربیه للأستاذ عبد السّلام هارون ، - یرحمه الله - ولکی أشعر القاریء بأنی رجعت إلی موضع البیت فی المصادر التی ذکرها الأستاذ عبد السّلام هارون ، قسمت هذه المصادر قسمین : قسم ذکرت فیه المراجع التی نصت علی اسم الشاعر ، وقسم ذکرت فیه المصادر التی ورد فیها البیت من غیر نسبه لقائله.

فکنت أذکر مثلا : أن البیت ورد منسوبا للشاعر فی کل من الکتاب والمقتضب .. إلخ ، وورد من غیر نسبه فی کل من الهمع وشرح الأشمونی ... إلخ ، هذا إن لم أقف علی دیوانه ، فإن کان له دیوان وقفت علیه فکنت أحیل إلی الدیوان ، أولا ثم أسیر وفق المنهج الذی ذکرته وعلی هذا النحو سرت فی تخریج الشواهد الشعریه ، وفوجئت بأنهم ساروا علی هذا المنهج فی القسم الذی زعموا أن محققه هو الدکتور کبیسی أی استغرق ذلک نصف الکتاب ، مثال ذلک :

أننی فی الهامش (4) من الصفحه 1 / 276 خرّجت الرجز :

قالت له ریح الصّبا قرقار

فذکرت ما نصه : الرجز لأبی النجم ، وعجزه :

واختلط المعروف بالإنکار

وروی منسوبا له فی لسان العرب (قرر) ، وخزانه الأدب ، 6 / 307 ، وروی من غیر نسبه فی الکتاب ، 3 / 276 ، وشرح المفصل ، 4 / 51 ، وشرح الکافیه ، 3 / 76 ، وشرح الأشمونی ، 3 / 16.

وذکروا فی الهامش (1) من الصفحه 147 أن البیت من الرجز ، وتمامه :

واختلط المعروف بالإنکار

لأبی النجم العجلی ، فی لسان العرب (قرر) والخزانه ، 3 / 58 ، وبلا نسبه فی الکتاب ، 3 / 276 ، والمفصل ، 156 وشرح المفصل ، 4 / 51 ، وشرح الکافیه ، 2 / 76.

ص: 83

ومن المقارنه یتضح :

1 - أنهم نهجوا منهجنا فی تقسیم المصادر إلی قسمین : مصادر نسبت البیت إلی قائله ، ومصادر لم تنسبه.

2 - أن المصادر بیننا قد تزید ، وقد تنقص وهو شیء طبیعی ، إذ لا یعقل أن یذکروا المصادر نفسها من غیر زیاده أو نقصان ؛ لأن ذلک یدمغهم بالجهل وهم فی الحقیقه حذّاق مهره فی هذا الفن ، وهی هنا متطابقه ما عدا نقصهم لشرح الأشمونی غیر أن النخبه المتمیزه قد خالفت هذا المنهج من حیث تقسیم المصادر إلی قسمین ، وذلک فی القسم الثانی الذی زعموا أن محققه هو الدکتور صبری ، فقد سردوا فیه المصادر فی الهامش سردا بعد ذکرهم اسم قائل البیت ، والظاهر أن هذا الخلف بینهم فی المنهج کان ضمن الخطه المحکمه التی وضعت لهم ، وهو لا قیمه له عندهم - مع أنه یشوه عملهم - ما دام فیه تغطیه للسرقه ، وإتعاب لمن یرید الإمساک بهم ، غیر أن هذا المنهج وهو نسبه البیت لقائله وتوثیقه من مصدر من هذه المصادر قد استهواهم ، فرجعوا إلیه بأسلوب ماکر ، إذ راحوا فی کثیر من المواضع ینصّون علی أن مصدرا من المصادر التی ذکروها قد نسبت البیت إلی قائله علی نحو ما صنعنا ، وعلی نحو ما صنعوا فی القسم الأول.

وکل هذا یدلّ علی مدی تأثرهم بالمنهج الذی سرنا علیه ، فهل حدث هذا التأثر وذاک التشابه اتفاقا من غیر أن یطلعوا علی عملنا؟ وما أکثر حدوث الاتفاق فیما بیننا ثم ألیس من الواجب علی المراجع أن یجعل منهج الاثنین واحدا؟ لم هذا التغایر؟

وما الهدف من هذا التخالف؟

الدلیل السابع (التعلیقات النحویه)

لم تسلم التعلیقات النحویه بأشکالها المختلفه من السلب والنهب ، ولحذق النخبه المتمیزه فی هذا الفن ، فقد صاغوا هذه التعلیقات صیاغه جدیده هادفین تعمیه السرقه ، غیر أن الاتفاق فی مواضعها ومحتواها ، والمراد منها ، یدل علی سرقتهم لهذه التعلیقات من الرساله ، وهذه أمثله توضح ذلک :

أولا : فی 1 / 354 من الرساله ، نقل أبو الفداء حدّ اسم الآله من المفصل إذ قال : «والمراد بها ما یعالج به وینقل ، والأولی أن یقال : هی اسم مشتق من فعل لما

ص: 84

یستعان به فی ذلک الفعل» ، قلت فی الهامش (8) : قول المصنف «فالأولی» هو تفضیل حدّ ابن الحاجب علی حدّ الزمخشری ، قال ابن الحاجب فی الإیضاح الورقه (297 / ظ) : «اسم الآله ... إلخ» وفی الصفحه 215 من الکتاب المطبوع وضعوا إحالتین ، الأولی عند قول أبی الفداء : «وینقل» والثانیه عند قوله «والفعل» ، وفی الهامش (2) قالوا : هذا ما حدّ به الزمخشری اسم الآله ، المفصل 239 ، وفی الهامش (6) قالوا : هذا قول ابن الحاجب فی تعریف اسم الآله ، الإیضاح 1 / 668.

ویستفاد من التعلیقین ما یأتی :

1 - أنهم تأثروا بکلمه (حدّ) تلک التی ذکرناها فی تعلیقنا ، وبکلمه (قول) حین قلنا : «قال ابن الحاجب» لذلک استعملوا اللفظتین من غیر أن یشعروا بذلک.

2 - أن محتوی التعلیقین واحد ، إذ المراد أن أبا الفداء یفضل حدّ ابن الحاجب علی حدّ الزمخشری ، فانظر کیف صاغوا تعلیقنا بأسلوب یتّسم بالحنکه والدهاء ... إنهم نخبه ممیزه .. ثم لا تغتر بذکرهم للمفصل لأنی قد ذکرت نصّه بحروفه قبل هذا الهامش علی نحو ما بینا فی منهج عملنا.

ثانیا : وفی 2 / 136 قال أبو الفداء عن هاء السکت : «وقد منع صاحب المفصل من تحریکها فی الوصل ، وأنکر ذلک» وضعت إحاله عند قوله : «ذلک» وقلت فی الهامش (2) : انظر المفصل 332 ، وقد قال : «وتحریکها لحن» ، أقول : مع أننی سجلت فی الهامش نص المفصل غیر أننی أردت النص علی عبارته فی هذا الوضع ، فرأیت النخبه المتمیزه فی الصفحه 378 تضع إحاله عند کلمه «ذلک» أیضا ، وقالوا فی الهامش (1) ما نصه : «وقال الزمخشری : وتحریکها لحن 332».

أقول : انظر کیف قدّموا وأخّروا فی عبارتنا وأتوا بالواو قبل الفعل (قال) تأثرا بقولی : «وقد قال».

ثم إذا کنتم دائما تحیلون إلی المفصل فی کل موضع سجلت فیه أنا نص المفصل ، فلم حرصتم فی هذا الموضع علی ذکر عباره الزمخشری ... لا شک أنکم رأیتموها فی هامشنا فلم تستطیعوا الفرار منها ، فصغتموها صیاغه لعلها تنأی بکم عن الظن.

ص: 85

ثالثا : وثمه مثال آخر یدل علی مدی احتراف هذه النخبه لهذه الصنعه موضعه فی 1 / 342 من الرساله وذلک فی حدیث أبی الفداء عن حذف (من) بعد أفعل التفضیل : فقد قال : «وقد یحذف إذا کان معلوما کقولهم : الله أکبر ، أی : من کل کبیر» فزدت حرف الجر (من) بعد الفعل (یحذف) وصار الکلام : «وقد یحذف (من) إذا کان ...» وقلت فی الهامش : «قولنا : (من) زیاده یتضح بها المعنی».

اصطادت النخبه المتمیزه .. ذلک فوضعوا إحاله عند الفعل (یحذف) ، وذکروا فی الهامش (4) من الصفحه 205 ما نصه : «أی الجار (حرف الجر من) اهتدوا إلی هذا الموضع وتلقّفوه ، ووصلوا إلی الغایه التی أردناها.

هذه نماذج من سرقاتهم لتعلیقاتنا النحویه التی تتصل بالنص المحقق ، فما من تعلیق إلا نهبوه ولاکوه ، ثم أعادوه بصیاغه جدیده ، فهل یعقل أن یتم ذلک اتفاقا من غیر نظر فی رسالتنا؟؟

رابعا : فی 1 / 243 قال أبو الفداء : «وینبغی أن یعلم أن الهمزه والنون فی (أنا) هما الاسم عند الأکثر» وضعت إحاله عند قوله : (الأکثر) ، وقلت فی الهامش (6) ما نصه : «هذا مذهب البصریین ، وأصل (أنا) عندهم أن بفتح النون ، ولکون النون مفتوحه زیدت فیها الألف فی الوقف لبیان الحرکه کهاء السکت ، ولذلک تعاقبها ، فیقال : أنه ، وإذا وصلت حذفتها» شرح المفصل ، 3 / 793 وفی الهامش من الصفحه 119 اختصروا ذلک بعد وضعهم إحاله فی الموضع الذی وضعناها فقالوا : «نسب إلی البصریین» وأحالوا إلی الهمع بدلا من شرح المفصل.

خامسا : وفی 1 / 243 من الرساله قال أبو الفداء : «وقال قوم (أنا) کله هو الاسم» ، وضعت إحاله» : عند قوله الاسم وفی الهامش (1) قلت : «وهو مذهب الکوفیین ، واختاره ابن مالک فی التسهیل ، واحتجوا بإثبات الألف وصلا فی لغه ، وقالوا : إن الهاء فی (أنه) بدل من الألف» انظر تسهیل الفوائد ، 25 وهمع الهوامع ، 1 / 60. وفی الصفحه 119 وضعوا إحالتهم عند کلمه قوم أی قدموها علی موضع إحالتنا بکلمتین ثم ذکروا فی الهامش (2) : «نسب إلی الکوفیین» وأحالوا إلی الهمع ، وکأنهم فی هذین الموضعین حاولوا اختصار ما ذکرناه ، ولکن لم یستطیعوا الإفلات

ص: 86

من أسر هذه التعلیقات.

سادسا : فی 1 / 366 - 367 ذکر أبو الفداء أن النسب إلی نحو : کریم وقریش وعجول هو : کریمیّ وقریشیّ وعجولیّ ، وما جاء بخلاف ذلک فهو شاذ کقولهم : «قرشیّ علی خلاف القیاس». وضعت إحاله عند قوله : «عجولی» وأخری عند قوله : «والقیاس» وفی الهامش (4) أحلت إلی الکتاب 3 / 335 ، وفی الهامش (5) قلت ما نصه : «وقد اعتبر المبرد ذلک مطردا یجوز القیاس علیه». انظر المقتضب ، 3 / 133 - 134 ، والخصائص ، 1 / 116 ، وشرح المفصل ، 5 / 146.

فماذا فعل السراق؟ فی الصفحه 227 وضعوا إحاله عند قوله : «قرشی» أی : قدموها بمقدار ثلاث کلمات علی موضع إحالتی ، وفی الهامش (5) قالوا : «الکتاب 3 / 335 ، وأجازه المبرد. المقتضب ، 3 / 133 ، وانظر الخصائص 1 / 16 ، ومضمون صنیعهم أنهم جعلوا إحالتیّ (4 - 5) فی إحاله واحده (5) ، ثم ذکروا المصادر التی أحلت إلیها ، وخطفوا التعلیق الذی سجلته حول رأی المبرد فی المسأله ، وجعلوه ضمن سردهم للمصادر؟ وکم هی رائعه کلمه (وانظر الخصائص ، 1 / 116) إذ تشعر بسرعه الخطفه التی خطفوها ، وکأنهم خافوا من أن یفوتهم هذا المصدر ، فأمسکوا به ، وأحالوا إلیه تارکین شرح المفصل الذی أشاروا إلیه فی الهامش (2) من الصفحه نفسها ، وهم یعلمون جیدا أنهم حین یریدون الإحاله إلی مصدر ما ، لا یستعملون کلمه (انظر) علی نحو ما استعملناها فی منهجنا ، فلم حرصوا علیها فی هذا الموضع؟ هل لأنی صدرت بها مصادری بعد ذکری للتعلیق ، أم أنهم خافوا من أن یفوتهم هذا المصدر فأمسکوا به ، وأحالوا إلیه تارکین شرح المفصل وهو المصدر الثالث عندی ؛ لأنهم سردوه فی الهامش (2) من الصفحه نفسها؟ أم إیهاما لنا؟؟

سابعا : فی 1 / 182 من الرساله قال أبو الفداء : «وشرط الحال أن یکون نکره وصاحبها معرفه» وضعت إحاله عند قوله : «معرفه» ، وذکرت فی الهامش (1) ما نصه : «انظر شرح المفصل ، 2 / 25 قال السیوطی فی همع الهوامع ، 1 / 229 : «جوز یونس والبغدادیون تعریفها مطلقا ، وقال الکوفیون : إذا کان فی الحال معنی الشرط ، جاز أن یأتی علی صوره المعرفه ، وهی مع ذلک نکره نحو : عبد الله المحسن أفضل

ص: 87

منه المسیء» وفی الکتاب المطبوع 63 وضع السراق إحاله عند قوله «نکره» أی قبل موضع إحالتنا بکلمتین ، وذکروا فی الهامش ما نصه : «جوّز یونس والبغدادیون تعریفها ، والکوفیون إذا کان فیها معنی الشرط» ، وأحالوا إلی الهمع أیضا ، تلقفوا ما ذکرناه مصدرا ونصا مع بعض الإیجاز.

ثامنا : وفی 2 / 9 من الرساله قال أبو الفداء عند قوله تعالی : (سَنُقْرِئُکَ فَلا تَنْسی) ما نصه : «فیحتمل أن تکون لا نافیه ، فیکون التقدیر : نقرئک قراءه لا تنساها» وضعت إحاله عند قوله : «لا تنساها» ، وذکرت فی الهامش (7) ما قاله العکبری فی التبیان 2 / 1483 : لا نافیه أی : فما تنسی ، وقیل : هی للنهی ، ولم تجزم لتوافق رؤوس الآی ، وقیل : الألف ناشئه عن إشباع الفتحه» فوجدت ذلک کله عندهم فی الصفحه 265 مع وضعهم الإحاله فی الموضع الذی وضعناه ، هل کل ذلک تمّ من غیر نظر فی رسالتنا ، لا أستبعد أن تزعم النخبه الممتازه ذلک؟

ولبیان مزید من نهب النخبه المتمیزه للتعلیقات والهوامش ننتقل إلی الألفاظ اللغویه وشرحها ، لقد اعتمدت کثیرا فی شرحی للألفاظ اللغویه علی معجم لسان العرب لابن منظور ، وعلی القاموس المحیط للفیروزأبادی ، فاعتمد المحققون کثیرا علی هذین المعجمین ، فالأمر الطبیعی حینئذ أن یقع التشابه الحرفی فی النصوص المنقوله علی نحو ما حصل فی شرحنا للعلاقه ، إذ نقلت فی 1 / 355 الهامش (2) من اللسان (علق) قوله : «هی المعلاق الذی یعلق به الإناء» والشرح بحروفه عندهم فی الصفحه 217 الهامش (2) ، وانظر علی سبیل المثال الأفعوان 1 / 398 الهامش (4) من الرساله ، و 225 الهامش (2) من الکتاب المطبوع ، وکذا الحبارج 1 / 400 الهامش (7) من الرساله ، 225 الهامش (2) من الکتاب المطبوع.

ومثل هذا النوع من التشابه کثیر یصعب حصره.

أما الأمر غیر الطبعی المفید أنهم معتمدون علی هوامشنا فقد بدا مما یأتی :

أولا : وقع التشابه الحرفی فی شرح بعض الألفاظ من غیر أن یشیروا إلی المصدر الذی نقلوا منه من ذلک :

ص: 88

أ - أننی فی 2 / 212 الهامش (5) نقلت من القاموس المحیط ماده (خفق) ما نصه : «والخنفقیق : السریعه جدا من النوق والظلمان» فوجدتهم فی الصفحه 445 الهامش (10) ینقلون الشرح بحروفه من غیر أن یشیروا إلی المعجم والماده ، ولعل مما یؤکد أنهم ناقلون من الرساله أن النص فی القاموس هو «الخنفقیق : کقندفیر : السریعه ... إلخ» فأسقطت لفظه «القندفیر» اعتمادا علی ضبطها بالشکل ، فرأیت القوم قد أسقطوها.

ثانیا : أنهم کانوا یحذفون من النص الموجود فی الرساله ، مع إشارتهم إلی المصدر حینا وإغفاله أحیانا ، ومن أمثله ذلک :

أ - أننی فی 1 / 322 الهامش (2) نقلت من اللسان (بغا) ما یأتی : «قال الأصمعی : بغی الرجل حاجته أو ضالّته یبغیها بغاء وبغیه وبغایه إذا طلبها» فحذف المحققون فی الصفحه 187 الهامش (1) جمله «قال الأصمعی» وسردوا بقیه النص بحروفه ، وأحالوا إلی اللسان ماده (بغا) ، مع العلم أن ابن منظور فی الماده نفسها قد ذکر قبل سوقه لقول الأصمعی ما یفید أن «بغایه» مصدر للفعل الثلاثی «بغی» إذ قال : «وبغی ضالته بغاء بالضم والمد ... وبغایه أیضا» فلم لم یقع اختیارهم إلا علی النص الذی نقلناه عن الأصمعی ، ولقد ظن القوم أن حذفهم لجمله «قال الأصمعی» تشعر أنهم غیر ناظرین فی النص الذی سجلناه.

وانظر أمثله لذلک :

1 / 395 الهامش (2) من الرساله 352 الهامش (3) من الکتاب أترج

1 / 397 الهامش (11) من الرساله 354 الهامش (1) من الکتاب ذرحرح

1 / 398 الهامش (7) من الرساله 355 الهامش (2) من الکتاب إضحیان

1 / 404 الهامش (12) من الرساله 359 الهامش (1) من الکتاب عبوثران

ب - وفی 1 / 393 هامش (9) نقلت من القاموس المحیط أیضا ماده (عقل) :

«العاقول : معظم البحر أو موجه ، ومنعطف الوادی ، والنهر ... إلخ» ، وإذ بهم فی الصفحه 476 الهامش (4) یکتفون بالقول : «معظم البحر أو موجه» تارکین تتمه المعانی ، ولم یشیروا إلی المصدر الذی نقلوا منه ، والطریف أنهم بعد هذا الموضع

ص: 89

بثلاث صفحات أی فی الصفحه 470 شرحوا معنی شنباء ، وأحالوا إلی القاموس المحیط ، فلم لم یذکروا المصدر فی شرحهم للعاقول؟؟

ومن حذقهم لفن السرقه أننی فی 1 / 381 الهامش (2) نقلت من اللسان (نحر) ما نصه : «النّحریر : الحاذق الماهر العاقل المجرّب» وفی الصفحه 239 هامش (2) قالوا : «النحریر : العالم الحاذق فی عمله» وأحالوا إلی لسان العرب (نحر) وبعد رجوعی إلی اللسان لم أجد فیه ما ذکره «العالم الحاذق» بحروفه بل وجدت هذا الشرح فی المعجم الوسیط (نحر) وفیه : «علمه» بدل «عمله» ولعله خطأ طباعی.

ثالثا : أنهم کانوا یصوغون التعلیقات اللغویه التی سجلناها حول بعض الألفاظ ، صیاغه جدیده ، ومحتواها هو ما ذکرناه ، من أمثله ذلک :

1 - أننی فی 1 / 401 الهامش (4) قلت عن هندبی ما نصه : «هکذا ضبطها المصنف بالفتح ، وهی فی الکتاب 4 / 296 ، والممتع ، 1 / 53 فعللی بالکسر» وفی الهامش (5) نقلت من اللسان (هندب) قوله : «الهندب والهندبا والهندباء والهندباء کل ذلک بقله من أحرار البقول» والذی ذکرته ضمن الهامشین سردوه تقریبا فی هامش واحد ، إذ قالوا فی کتابهم 257 الهامش (1) ما نصه : «بقله من أحرار البقول» اللسان (هندب) ، ووردت فی کتاب سیبویه علی مثال فعللی هندبی ، 4 / 296 ، وبذلک وصلوا إلی ما ذکرناه ، والعجیب أن الناسخ قبلها بأسطر قد ضبط لفظه «صفرق» بفتح الصاد ، فلم یعلقوا علیها ؛ لأنهم لم یجدوا عندی تعلیقا حولها.

وقبل أن أنتهی من هذا الجانب أود أن أشیر إلی ظاهره لجأوا إلیها لتعبئه هوامشهم ، تتمثل هذه الظاهره فی أننی کنت أشیر فی الهامش إلی المصدر الذی تناول مسأله ما ، من المسائل التی ذکرها أبو الفداء ، فکانوا یرجعون إلی المصدر نفسه ، وینقلون منه النص ، فکأنی بذلک أرشدهم إلیه ، مثال ذلک أننی فی 2 / 50 أحلت فی الهامش (9) إلی الکتاب لسیبویه 4 / 97 ، وذلک بعد وضع إحاله عند قول أبی الفداء عند صیغتی التعجب : «فلا یبنیان إلا من فعل ثلاثی لیس بلون ولا عیب» فوجدتهم فی الصفحه 304 قد وضعوا إحاله عند موضع إحالتنا ، وفی الهامش نقلوا نص سیبویه من 4 / 97 نقلا حرفیا ، وهذا جدول صغیر یتضح منه أن نصوصهم المنقوله هی من المصادر الذی ذکرناها :

ص: 90

الصوره

الدلیل الثامن

وتشتمله الدراسه ، وأکتفی هنا ببیان المنهج العام الذی سلکوه فی سرقتهم لهذه الدراسه وقد جاء علی النحو الآتی :

1 - أن ما وزعناه علی فصول جعلوه فی فصل واحد ، فتحت عنوان ترجمه المؤلف سردوا فیه فصلین من فصول دراستنا أولهما : اسمه ونسبه وثانیهما : حیاته العلمیه. ومما یؤکد ذلک أن عنوان «الکناش» عندهم قد جعلوه خلیطا من أکثر من فصل عندی ، کتوثیق نسبه الکتاب إلی صاحبه ، والتعریف بلفظ الکناش ، والعجب منهم أنهم لم یجعلوا لتوثیق نسبه الکتاب إلی صاحبه فصلا خاصا ، فی حین أن طالب الدراسات العلیا المبتدیء یعلم أن ذلک یلزمه فصل خاص!! إنه اللف والدوران.

2 - أن المصادر التی اعتمدت علیها فی الدراسه هی التی اعتمدوا علیها أیضا ، وما دام الأمر کذلک فالنصوص المنقوله من هذه المصادر متشابهه أیضا ، والسؤال الآن : لم جاءت المصادر فی ترجمه المؤلف متشابهه لم تنسوا منها مصدرا ، ولم سرتم مع فقراتنا لم تفارقوها قید أنمله. أما توجد لدیکم فکره یمکن أن تضیفوها إلی ما ذکرناه؟ لماذا هذا الالتزام الواضح بما هو أمامکم من نصوص منقوله؟؟ فأنتم نخبه

ص: 91

متمیزه ، والمتوقع منکم أن تضیفوا جدیدا إلی ما ذکرناه ...

3 - أن المنهج الذی سرنا علیه فی ترتیب الفقرات الداخلیه قد رأیناه عندهم ، علی أن ذلک لم یطرد فی جمیع دراستهم ، فقد رأیتهم فی بعض المواضع یقدمون ویؤخرون فی ترتیبها ، لونا من الغش والتزویر لیس غیر.

4 - اعتمادهم علی إیجاز ما نفصّله علی نحو ما رأیته عندهم حین راحوا یسردون أعلام النحویین الذین لهم آراء فی الکناش ، فی حین أننی عقدت لذلک فصلا خاصا ...

5 - أنهم یسرقون الفکره ، ثم یعیدونها بثوب جدید ، ولا نعدم فی دراستهم تشابها یکاد یکون حرفیا ، وتشابها باستعمالهم مرادفات للألفاظ التی کنت أستعملها فی صیاغتی للأفکار ، یبدو ذلک ویؤکد ما ذکرناه سابقا مما یأتی :

أولا : فی الصفحه الثانیه من الرساله عرضت إلی حیاته العسکریه ، وذکرت فی الهامش ما نصّه : «انظر المختصر ، 4 / 22 ، ولمعرفه معارکه التی خاضها مذ کان صغیرا حتی وفاته انظر المختصر ، 4 / 22 - 25 - 28 - 36 - 42 - 48 - 49 - 50.

وفی الصفحه (أ) الهامش ذکروا أربعه من هذه المواضع فقط وترکوا البقیه ، فهل هناک وحی نزل علیکم فأوحی إلیکم بسلوک هذا الطریق الذی سلکته حتی فی استقرائی لهذه المواضع ، هل لو کنتم خالیّ الذهن ، غیر مطلعین علی الرساله لکنتم قد سرتم علی المنهج نفسه الذی سرت علیه حتی فی الرجوع إلی المختصر ، وتتبع المواضع التی تدل علی معارکه؟! سبحان الله .. والنکته أن ثمه مصدرا هنا سقط عندنا سهوا فظنّت النخبه المتمیزه أن هذا مما تفرّدنا به فی حین أن خمسه من الباحثین المحدثین قد أشاروا فی هذا المصدر إلی نحو ذلک ، هذا المصدر هو کتاب «أبو الفداء صاحب حماه فی ذکری مرور سبعمائه عام علی ولادته» فیه سلسله من البحوث العلمیه التی تناولت حیاه أبی الفداء الشخصیه والعلمیه.

ثانیا : ذکرت فی الصفحه (27 - 28) فی الفصل الذی عقدته لمنهج أبی الفداء ما نصه : «سار أبو الفداء فی کناشه وراء تقسیم الزمخشری لمفصله ، فقسم الکناش إلی أربعه أقسام :

ص: 92

1 - الاسم.

2 - الفعل.

3 - الحرف.

4 - المشترک.

فذکروا فی صفحه (ک) تحت عنوان الکناش ما نصه : «وقد رتبه مؤلفه علی نحو ترتیب المفصل للزمخشری ، فجعله أربعه أقسام :

القسم الأول فی الاسم.

والقسم الثانی فی الفعل.

والقسم الثالث فی الحرف.

والقسم الرابع فی المشترک.

وواضح من المقارنه أن مضمون الفکره واحد ، غیر أن الصیاغه اختلفت یسیرا مع استعمال بعض المترادفات التی استعملناها فقد قلنا سار أبو الفداء فقالوا : وقد رتبه مؤلفه ، وقلنا : وراء تقسیم الزمخشری لمفصله ، فقالوا : علی نحو ترتیب المفصل للزمخشری ، وقلنا : فقسم الکناش إلی أربعه أقسام ، فقالوا : فجعله أربعه أقسام. هکذا تفعل النخبه الممتازه.

ثالثا : وفی الصفحه (28) من الفصل نفسه قلت : «اهتم أبو الفداء بصنع دوائر وجداول لتوضیح بعض الأحکام النحویه والصرفیه ، من ذلک الدائره التی رسمها للبدل ، والجدول الذی ضمنه جمیع أمثله نون التأکید» وأحلت فی الهامش إلی مواضع الدوائر والجداول.

فقالوا فی الصفحه (م) : یتمیز هذا الکتاب بما فیه من دوائر وجداول توضیحیه لما تکثر فیه الأحکام کأمثله البدل ، وأقسام الضمیر ، ومسائل الصفه المشبهه ، وأمثله نون التوکید».

ولا یغتر القاریء بعد وقوفه علی هذا الموضع من سردهم لمواضع الدوائر والجداول فی هامشهم ، فقد ذکرناها فی هامش الصفحه التی عرضنا فیها الفکره کما ذکرنا.

ص: 93

رابعا : قلت فی الصفحه (37) من رسالتی فی فصل التعریف بالکتاب : «ونخلص من ذلک إلی أن کناش أبی الفداء یقوم علی الجمع والاصطفاء ... فجاء الکتاب شاملا لجمیع الأبواب النحویه والصرفیه والإملائیه» (1).

وذکروا فی الصفحه (م) فصل (الکناش) ما نصه : «وبهذا کله تتضح أهمیه الکناش فی النحو والصرف من کونه جامعا مسائل النحو والصرف».

والعجیب أنه فی الصفحه السابقه (ل) قالوا : استطاع الملک المؤید أن یجمع فی هذا الکتاب أهم مسائل النحو والتصریف وفرق کبیر بین «جامعا» و «أهم» إنهم غیر واعین لما یکتبون ، لأن ما یهمهم هو کیف یعیدون کلامنا بأسلوب مغایر لتراکیبنا.

خامسا : قلت فی توثیق نسبه الکتاب إلی أبی الفداء وذلک عند الرقم (1) ما لفظه : «أن عددا من المصادر قد ذکرت أن أبا الفداء صنف کتاب الکناش ، ووصفت هذه المصادر هذا الکتاب بأنه یقع فی مجلدات کثیره» ، وسردت فی الهامش المصادر التی ذکرت ذلک ، فقالوا فی صفحه (ط) ابتداء بلا مقدمه : «أجمع أکثر الذین ترجموا للملک المؤید علی أن له کتابا فی مجلدات کثیره اسمه الکناش فی العلوم من النحو وغیره» ، وسردوا فی الهامش المصادر التی ذکرتها ، وقلت بعد ذلک عند الرقم (2) : «أنه قد کتب علی الورقه الأولی من المخطوطه : أن هذا الکتاب الکناش للملک المؤید ... إلخ ، فقالوا أیضا بعد ذلک فی الصفحه نفسها (ط) : وقد کتب علی غلافه الأول : کتاب الکناش ... إلخ.

ومن کل ما قدمناه نتبین کیف نهبت الفئه الباغیه هذه الرساله ، فالأدلّه کما یری القاریء کثیره وکل دلیل یحمل فی طیاته أدله تنبیء أن القوم أغاروا علی الرساله سلبا ونهبا ، ونسوا أن حقوق العباد لا تغتفر فلیتمتّعوا بمجد زائف وظلّ زائل وعند الله لا تضیع الودائع.

ومما یؤسف له أنهم أساتذه فی جامعات معتبره لها شهره طیبه ومکانه بارزه بین الجامعات.

ص: 94

1- هذه العباره بنصها فی الرساله المخطوطه ، وقد جری تغییرها إلی ما یشبهها فی الصفحتین 63 و 65 لاقتضاء السیاق ذلک نتیجه توسعنا فی بیان معنی «الکناش».

وننتقل الآن إلی بیان بعض الطرق التی انتهجوها لتغطیه سرقتهم ، وهی :

أولا : مرّ معنا أن الفئه الباغیه قد تأکدت أن هذه النسخه قد قوبلت علی المؤلف ، وأنه قد کتب بإزاء بعض العناوین عباره «بلغ مقابله علی یدی مؤلفه أدام الله أیامه» ، ونقلت الفئه الباغیه ما ذکره خیری بن عمر المصری من القول : «ولتعلم أن هذه النسخه هی نسخه المصنف» أقول : إذا کنتم علی درایه بذلک کله فلماذا أثبتم فی متن المخطوط ما شطب علیه الناسخ ، وجعلتموه من الأصل ، مع أنه لا توجد أیه إشاره تفید أن المؤلف یریده علی أن منهجهم هذا لم یطرد فقد ترکوا کثیرا مما شطب علیه الناسخ ولم یثبتوه ، ولینظروا علی سبیل المثال اللوحات : 61 ظ - 99 ب - 133 ظ إذ فیها ما هو مشطوب ، ولم یثبتوه ، هذا التذبذب له دلاله واحده وهی إشعاری بأنهم قد نظروا فی المخطوطه ونسخوها؟؟

أقول : إنکم حقا نظرتم فی المخطوطه ، غیر أن نظرکم إلیها جاء بعد نسخ رسالتنا ، فأردتم بعد ذلک إظهار المغایره فلجأتم إلی إثبات بعض ما شطب ، وإلا فبم نفسر الأدله الداله علی هذه السرقه تلک التی ذکرناها؟؟ ثم هل هذه هی الأمانه العلمیه نشوه المخطوطه لنخفی السرقه.

ثانیا : لیت الفئه الباغیه اکتفت بذلک بل رأیناها تضع فی الهامش ما کتب بجواره کلمه (صح) مع وجود علامه إلحاقیه تدل علی أنه من الأصل ، من ذلک حدیث أبی الفداء عن (لا سیما) الورقه (43) من المخطوطه (79) من الکتاب ، فقد سجلوه فی الهامش مع أن العلامه الإلحاقیه واضحه ، وکتب الناسخ فی نهایه الحاشیه کلمه (صح) مرتین واضحتین.

ومما یثیر الدهش والاستغراب أیضا ، ویدل علی دجل هذه الفئه أنهم صوّروا الورقه الأولی من المخطوطه ، ووضعوها فی الکتاب قبل تحقیق النص ، وظهرت فی النص العلامه الإلحاقیه الموجوده عند کلمه (کتب) من عباره أبی الفداء : «فهذا الکناش مشتمل علی عده کتب» وفی الحاشیه ذکر أبو الفداء الکتب السبعه التی ینوی تألیفها ونفاجأ بالقوم أنهم قد شطبوا هذه الحاشیه من الصوره فلم تظهر البتّه ، وفی النص المحقق رأیتهم یثبتون هذه الحاشیه فی الهامش بلا تعلیق ، مع أنهم قرأوا فی

ص: 95

صفحه الغلاف (أ) ما کتبه خیری بن عمر : «ولتعلم أن هذه النسخه هی نسخه المصنف ، وهی الکتاب الأول فی فنّی النحو والصرف من الکتاب المشار إلیه ، بما أنه رتّبه علی سبعه کتب کما تراه فی الخطبه».

إذن هذه هی خطبه الکتاب أیتها النخبه المتمیزه ، فلم وضعت فی الهامش؟؟

یضاف إلی ذلک أنکم فی صفحه (ط) ذکرتم فی الهامش حین قلتم فی أعلی الصفحه : إنه مشتمل علی عده کتب ، أقول : ذکرتم فی الهامش ما نصّه : «عددها سبعه کما یظهر علی الحاشیه فی خطبه الکتاب» إذن أنتم تعترفون بأنها خطبه الکتاب ، وما دامت خطبه الکتاب ، فلم لم توضع فی المتن؟؟!

والأنکی من ذلک کله أنهم فی الهامش (6) من الصفحه 189 أشاروا إلی سطرین أثبتوهما فی المتن ، وقالوا عنهما : إنهما من هامش المخطوط ، وبرجوعی إلی المخطوط الورقه (54 و) وجدت أن السطرین فی متن المخطوط ، وقد شطب الناسخ علیهما. فهل بعد ذلک غشّ أکثر من هذا؟ وهل یستغرب شیء بعد کل ما عرفناه من طرائق خبیثه لجأتم إلیها ... إن هذه الأفاعیل من نحو إثبات ما شطب ، وترک ما هو مثبت ، وتسجیل ما هو من المتن فی الحاشیه ، والإشاره إلی ما هو مشطوب علیه علی أنه من الهامش هی طرق سلکتموها ومنهج دأبتم علیه لتغطیه سرقتکم ولا یعنی هذا أنکم لم تنظروا فی المخطوط فالحق أنکم قد نظرتم فی المخطوط ، غیر أن نظرکم فیه کان لأجل المخالفه ، أو لتلقّف بعض الأخطاء التی ستتّکئون علیها للاستدلال علی أنکم غیر ناظرین فی الرساله وأقول لکم ابتداء إن هذا الأمر لا یزحزح الحقیقه الثابته وهی أنکم سرّاق ، فالأدله دامغه ، والحقائق واضحه ، ومن المفید هنا ، ما دمنا قد ذکرنا المقدّمه ، أن نشیر إلی أن کتابهم قد خلا من مقدّمه یوضحون فیها سبب اختیارهم لهذا المخطوط؟ ولم اختیر دون غیره من مخطوطات یمتلیء بها مرکزهم ، أو یستطیعون الحصول علیها ، هل هذا منهج نخبه متمیزه؟ أو هو منهج نخبه من السراق؟؟

ثالثا : وضعت بإزاء العناوین رسم المستطیل للدلاله علی أن أبا الفداء یشرح متن المفصل ، ورسم النجمه للدلاله علی أنه یشرح من کافیه ابن الحاجب أو من شافیته (1) ، وکنت أسجل فی الهامش نصّ المتن الذی یقوم أبو الفداء بشرحه ، معتمدا

ص: 96

1- کذا کان الأمر فی الرساله المخطوطه.

فی ذلک علی مدی التشابه الحاصل بین المتن وکلام أبی الفداء علی نحو ما ذکرت سابقا فی منهج التحقیق فقام السراق بتغییر رسم المستطیل والنجمه وجعلوهما أرقاما ، وأحالوا إلی شرح الکافیه للرضی ، أو إلی شرح الوافیه لابن الحاجب ، بدلا من نص الکافیه لابن الحاجب الذی کنت أسجل نصه فی الهامش ، وکذا الحال مع المستطیل والمفصل ، والإحاله إلی شرح الرضی للکافیه بدلا من الکافیه هو ضرب من الخداع أیضا ، خاصه إذا علمنا أنهم فی الدراسه الصفحه (م) قد أشاروا إلی أن حدود أبی الفداء قد اعتمد فیها علی الکافیه ، إذن لم لم ترجعوا إلی الکافیه بدلا من شرحها للرضی؟؟ ولم لم تعتمدوا علی شرح الکافیه المحقق بدلا من المصوره؟؟ ثم لم اعتمدتم إذن علی المفصل ، ولم تعتمدوا علی شرح المفصل لابن یعیش؟؟

ألیس من الأحسن أن یظهر عملکم وفق منهج واحد ، بدلا من أن یسلک کل واحد منکم طریقا یختلف عن الآخر؟ هل هذا هو شأن فئه متمیزه ینتظر الناس عملها بشغف؟؟

رابعا : وضعت العناوین الداخلیه فی الجانب الأیمن من الصفحه ، وتحتها خط ، فرأیتهم فی القسم الأول یضعون العناوین وسط الصفحه ... وفی القسم الثانی اضطربوا ، فحاولوا السیر علی المنهج الأول أحیانا حیث وضعوا بعضها فی وسط الصفحه ، ثم شدّتهم السرقه فرأیتهم یضعون العناوین فی الجانب الأیمن کما فعلنا ، وذلک من الصفحه 392 إلی نهایه الرساله أی إلی صفحه 573.

إن هذا التذبذب أیضا فی وضع العناوین یدل علی تأثرهم من حیث لا یشعرون بعملنا ، لأن من ینسخ مخطوطا ، إن کان خالی الذهن من نسخ آخر ، فالواجب علیه أن یسیر علی منهج واحد حسب خطه یعتقد أنها الأنسب والأیسر للقاریء ، فلم تغیر الحال معکم؟ ولم فقد المنهج عندکم فی کثیر من أرکان التحقیق؟

فکثیرا ما تسیرون وفق منهجنا ، وأحیانا تتخالفون فیما بینکم وتخالفوننا أیضا ، أو تظنون أن فی ذلک تغطیه لسرقتکم ، وسترا لقبیح صنعکم؟؟ السارق مهما أوتی من حنکه ودهاء لا بد أن یقع فی ید الغفلات ، هکذا اقتضت الحکمه الإلهیه أیتها الفئه الباغیه؟؟

ص: 97

خامسا : ذکرت عددا من المظاهر الداله علی سرقتهم من شرح المفردات ، وأشرت إلی أن هناک مظهرا قد سلکوه محاولین تغطیه هذه السرقه أیضا ، یتمثل هذا المظهر بأنهم کانوا یزیدون علی الشرح اللغوی لکلمه ما ، قمنا بشرحها ، من ذلک أننی نقلت فی الهامش (2) من الصفحه 1 / 381 من لسان العرب ماده (صعفق) معنی کلمه الصعفوق ، وسجلت ما نصه : «الصعفوق اللئیم من الرجال ، ولم یجیء علی فعلول شیء غیره» فرأیتهم بعد أن ذکروا هذا المعنی أوردوا معنیین آخرین للصعفوق ، ولیس لذلک تفسیر إلا الإدّعاء بأنهم زادوا علی ما ذکرناه.

سادسا : أنهم کانوا یتلاعبون بالمصادر التی أذکرها ، فیذکرون مثلا الجمل للزجاجی ، وشرحه لابن عصفور بدل کتاب الحلل للبطلیوسی (1) ، وهو الذی نذکره فی التخریج ، ویذکرون المفصل إلی جانب شرح المفصل لابن یعیش ، ویکتفون بموضع واحد إذا ذکرنا للشاهد فی المصدر موضعین ، مثال ذلک.

أننی فی الصفحه 124 الهامش (1) قلت فی تخریج بیت ذی الرمه :

وهل یرجع التسلیم ......

البیت ما نصه : «البیت فی دیوانه 332 ، ویروی منسوبا له فی کتاب الحلل 17 ، وشرح المفصل ، 2 / 11 - 122 ، وروی من غیر نسبه فی المقتضب ، 2 / 174 - 4 / 144 ، وهمع الهوامع ، 2 / 15 ، وشرح الأشمونی ، 1 / 187.

وفی الهامش (3) من الصفحه 93 من الکتاب المطبوع ، قالوا : لذی الرمه فی دیوانه ، 332 ، والجمل للزجاجی ، 129 ، والمفصل ، 84 ، وشرح المفصل ، 2 / 142 ، والخزانه ، 1 / 103 ، وبلا نسبه فی المقتضب ، 2 / 174 ، وشرح الجمل لابن عصفور ، 2 / 37 ، والهمع ، 5 / 314.

ومن المقارنه بین التخریجین نتبین ما ذکرناه آنفا ، وکنا قد ذکرنا من قبل أن المبرد 2 / 174 نسب البیت إلی ذی الرمه ، وأنه فی الموضع الثانی ، 4 / 144 لم ینسبه ، فاکتفوا بموضع واحد مما ذکرناه ، ووقعوا فی الغلط الذی وقعنا فیه من قبل.

ص: 98

1- ولا یخفی علی المتخصصین علاقه کتاب الحلل بجمل الزجاجی.

ومما یدخل فی هذه التغطیه أنهم فی أول الکتاب قد اتبعوا طریقه مع بعض المصادر ، توهم أن عملهم بعید عن عملی ، فکانوا لا یحیلون إلی دیوان الشاعر فی أول الکتاب ، ثم بعد ذلک یحیلون إلیه ، مثال ذلک ذو الرمه ، ففی الهامش (1) من الصفحه 50 خرجوا بیت ذی الرمه :

دیار میه إذ میّ تساعفنا

فقالوا : لذی الرمه ، فی الکتاب .... إلخ ، ولم یرجعوا إلی الدیوان ، ثم وجدتهم بعد ذلک الموضع الذی ذکرناه یرجعون إلیه انظر کتابهم 48 - 176 - 93 - 302 - 416؟؟! ومثل ذلک فعلوا مع الأخطل ففی الصفحه 133 لم یرجعوا إلی دیوانه فی حین أنهم فی الصفحه 386 أحالوا إلیه.

هذه هی بعض طرقهم التی سلکوها ذرّا للرماد فی العیون ، ولقد مر معنا حین سردنا الأدله الکثیر من الحیل التی استخدموها فی السرقه ، غیر أن هذه الطرق التی أفردناها قد حملت فی تضاعیفها أدلّه تنبیء علی أنهم سرّاق أیضا ، وتوضح أن عملهم قائم علی الکذب والدجل والضلال ، وهم یحسبون أنهم بهذه السبل یسترون عوراتهم ، ویغطون سوآتهم ، وتأبی الحقیقه إلا أن تظهر مهما حاول المرجفون والموتورون سترها بمثل هذه الألاعیب.

وأخیرا : رحم الله القائل : «الحر من انتمی لمن أفاده لفظه» وما عساه یقول فیمن سرق رساله علمیه تقرب من ألف صفحه .. شاهت وجوههم ، وخسرت تجارتهم ، والله ولینا وهو القادر المنتقم.

الأخطاء العلمیه

مر معنا عدد کبیر من الأخطاء التی أفدنا منها أیضا أن القوم نخبه من مدرسه شظاظ (1) ، وبقی لدینا عدد آخر من الأخطاء نود أن نعرضها علی القاریء لیری مدی الخراب الذی ألحقوه بهذا المخطوط ، وینظر إلی آثار الفساد الذی خلفوه من إغارتهم علی الرساله ، ولیدرک أن عملهم هو عمل نخبه من الکذبه الدجالین الذین أضلّهم

ص: 99

1- لص یضرب به المثل یقال : ألص من شظاظ.

الشیطان فعمیت بصائرهم حتی باتوا لا یفرّقون بین ما هو آیه قرآنیه کریمه ، وما هو کلام نثری بشری ، وارتأیت أن أقسم أخطاءهم (1) إلی قسمین :

الأول : یتصل بالنص المحقق.

والثانی : یتصل بالخدمه التی کان من الواجب أن تقدّم إلی النص المحقق من نحو عزو الآیات القرآنیه إلی سورها ، وتخریج الأشعار من مصادرها ، ... إلخ ما تعارف علیه المحققون.

أولا : بدت أخطاؤهم فی النص المحقق علی النحو الآتی :

1 - أقدموا علی تغییر بعض کلمات المخطوطه من غیر حاجه تدعو إلی ذلک ولم یشیروا فی الهامش إلی ما فی الأصل ، ولا إلی هذا التغییر ، من ذلک :

أ - ذکر أبو الفداء فی الورقه (23 / أ) القول : اللهم اغفر لی ولمن سمع حاشا الشیطان وابن الإصبغ» وفی الصفحه 79 من کتابهم المطبوع جعلوها «أبا الإصبغ» ولا نعلم سببا لذلک.

ب - وفی الورقه (53 و) سجل أبو الفداء العنوان الآتی «ذکر جمع المؤنث الصحیح» ووجدتهم فی الصفحه 184 یجعلونه «ذکر جمع المؤنث السالم» لم هذا التغییر أیتها النخبه المتمیزه من المزوّرین.

ج - وفی الورقه (129 أ) تحدث أبو الفداء فیها عن إبدال الیاء من الباء فقال «وکذلک دیباج ، الأصل دباج عند من جمعه علی دبابیج» وفی الصفحه 464 ألفیتهم یسجلون «والأصل دباج لجمعه علی دبابیج» مع أن قراءه «عند من» لا تدفع إلی جعل «جمعه» «لجمعه» ولا داعی لإسقاط «عند من» أیها القوم الخرّاب.

د - وفی الورقه (37 أ) قال أبو الفداء عن نون الوقایه «وکذلک هی لازمه فی المضارع المعرّی عن نون الإعراب» وفی الصفحه 130 جعلوها «العاری» عرّاهم الله من کل فضیله.

ثانیا : امتد فسادهم ، فوضعوا فی الهامش ما هو من أصل المخطوط ومن قبل

ص: 100

1- لم أسرد أخطاءهم کلها لضیق المقام ، واکتفیت ببعض الأمثله الموجزه. وهذه الأخطاء بعضها یعود إلی سرعه نشلهم من الرساله وبعضها الآخر یرجع إلی إراده التمویه علی السرقه ولو أدی ذلک کله إلی تشویه العمل العلمی.

أوردنا عددا من الأمثله ، وترکنا هذا المثال ، ففی الورقه (46 أ) أورد أبو الفداء قول الشاعر :

علی أطرقا بالیات الخیام

إلا الثمام وإلا العصی

فوجدتهم فی الصفحه 163 یسقطون الشطر الثانی ویضعونه فی الهامش (4) وصدروه بالقول «من المتقارب وتمامه :

إلا الثمام وإلا العصی

لأبی ذؤیب الهذلی ما تفسیر ذلک؟ لعل الناسخ المستأجر قد غشهم.

ثالثا : وتطاول هذا الفساد فراحوا یزیدون کلمات من عندهم لیست فی أصل المخطوط ، ولا حاجه تدعو إلیها ، ولم یشیروا أیضا فی الهامش إلی ما فی الأصل ، من ذلک :

أ - جاء فی الورقه (138 / أ) حدیثا عن إعلال اسم المفعول نصه «وإنما یبنی علی صیغه مفعول من ثلاثی متعدّ نحو مقول ومبیع» فزادوا کلمه «اسم» قبل «مفعول» وأدخلوا «أل» علی «مفعول ، وذلک فی الصفحه 497 ، وما فعلوه لا یفتقر إلیه النص لوضوحه.

ب - قال أبو الفداء ، فی الورقه (17 / أ) عن الظرف المنصوب بعامل مضمر «وقام زید والیوم سرت فیه ، وما الیوم سرت فیه ، والیوم سر فیه فیختار النصب» وفی الصفحه 59 ألفیتهم یضیفون کلمه «أما» قبل «الیوم سر فیه» ولا داعی لها.

رابعا : وتوّج ذلک کله بکثره الأسقاط التی رأیناها عندهم من أمثله ذلک :

أ - ما جاء فی الصفحه 87 من المطبوع ونصه «نحو لا رجل ظریف لأن الموصوف کالشیء الواحد» وفی المخطوط (25 م) «لأن الموصوف والصفه کالشیء الواحد» وبذلک یتم المعنی.

ب - وجاء فی الصفحه 160 عند الحدیث عن قطّ ما یأتی «تقول ما أفعله قطّ ، وهی من القطّ ، الذی هو القطع ، لأن الماضی منقطع من المستقبل ، لأن من لغاتها قط بتخفیف الطاء» وفی المخطوط (45 / ب) «وبنیت لأن من لغاتها قط» وبذلک یستقیم الکلام.

ص: 101

ج - وورد فی الصفحه 404 من المطبوع ، تعلیق أبی الفداء علی قول الشاعر :

لقد خشیت أن أری جدبا

فی عامنا ذا بعد ما أخصبا

ونصه : «فشدد الشاعر أخصبا فی الوصل تشبها بالوقف فإنه یقال فی ألف الوصل ، فجمع فی أخصبابین الحرکه والتشدید» والنص فیه سقط صوابه فی الأصل (111 / ب) ونصه «فإنه یقال فی الوقف اخصبا بغیر ألف الوصل».

د - وجاء فی الصفحه 561 من المطبوع فی باب الإدغام عند حدیث أبی الفداء عن حذف نون فی بلعنبر ، وعدم حذفها فی نحو بنی النمر ما نصه «فإنهم لا یحذفون النون لأنهم لو حذفوها لجمعوا علی الکلمه إعلالین حذف النون ، ومنها أنهم قالوا نزل بنو فلان ...» إلخ وسقط الإعلال الثانی المسجل فی المخطوط (158 / ب) إذ قال أبو الفداء : «لجمعوا علی الکلمه إعلالین ؛ حذف النون ، وإدغام اللام».

ه - وفی الصفحه 446 ذکر لمواضع زیاده التاء جاء فیها «ثم التاء فیما سوی هذه المواضع أصل لها ، فی نحو ترتب» والصواب کما فی حاشیه الأصل (124 / أ) «إلا فی نحو ترتب» والعجیب أنهم وضعوا إحاله عند ترتب ، إلی المفصل وإلی الکتاب وفی المفصل (359) إلا فی نحو ترتب وتولج وسنبته» فهل رجعتم حقا إلی المفصل أم أنکم تلقّفتم رقم صفحه المفصل من هوامشنا من غیر قراءه متأنّیه لنصّ المفصل المذکور عندنا.

خامسا : ولسرعه غارتهم ، واعتمادهم التغییر تغطیه لسرقتهم ، وقعوا فی أخطاء کثیره ، غمض ببعضها المعنی - أحیانا وفسد الکلام ببعضها الآخر - من ذلک.

أ - ما وجدناه فی الصفحه 108 من المطبوع ، ففیها «تقول زید نفسه والزیدان نفساهما ... والهندان نفساهم» والصواب «والهندان نفساهما».

ب - وفی الصفحه 341 من المطبوع ، ذکرت مواضع کسر الهمزه ومنها «بعد ألا وأیا من حروف التنبیه» والصواب «ألا وأما».

ج - وفی الصفحه 238 حدیث عن أوزان ألف التأنیث المقصوره والممدوده ، نصه «ومنها فعلی بضم الفاء وفتح العین ...» والصواب «فعلاء» بالمد ، بدلیل تمثیله بنفساء وعشراء ومثلها «فعلی بفتح الفاء وسکون العین وفتح اللام» والصواب «فعلاء»

ص: 102

بدلیل تمثیله - بعد - بحمراء.

د - وورد فی الصفحه 470 حدیث أبی الفداء عن إبدال المیم من النون إبدالا غیر مطرد کما فی نحو : الشنب والعنب فقال : لأن النون تقوی بالحرکه فلا یبدل منها لکن «جاز» ذلک فی قول الشاعر :

یا هال ذات ...

والصواب : «لکن جاء ذلک» بدلیل أنه قال بعد ذلک «وجاء أیضا : طامه الله علی الخیر».

ه - وفی الصفحه 503 ذکر اعتلال دیار وریاح وفیه «لأن الجمع یعل لاعتلال الواو کما یعل المصدر لاعتلال الفعل» والصواب «لأن الجمع یعل لاعتلال الواحد».

و- وفی الصفحه 459 ذکر لنون إذن نصه «ولم تجر نون غزوان مجراها فی ذلک لکون إذن مشابهه للاسم دونهما» والصواب «نون عن وان».

ز - وفی الصفحه 570 حدیث عن زیاده الواو ، نصه «ومنه أنهم زادوا فی أولئک واوا للفرق بینه وبین إلیک وأجری أولا علی أولئک فی زیاده الواو» والصواب «وأجری أولاء علی أولئک» هذا کله بعض من الأخطاء التی تتصل بالنص المحقق.

ولننتقل إلی النوع الثانی من الأخطاء تلک التی وقفنا علیها فی خدمتهم لهذا النص ، وهی أخطاء لا یقع فیها صغار الطلبه بله «نخبه متمیزه من الباحثین» وهی علی قسمین :

الأولی : تتصل بالآیات القرآنیه الکریمه.

الثانیه : تتعلق بالأشعار وغیر ذلک.

أما الآیات القرآنیه فقد أهملوا نسبه بعضها إلی سورها ، وأغفلوا تحدید أرقامها فی هذه السور وهذا جدول صغیر بذلک :

الآیه

رقم الصفحه فی الکتاب المطبوع فی قطر

(قِسْمَهٌ

ضِیزی)

510

(وَعَتَوْا

عُتُوًّا کَبِیراً)

519

(وَجَبَتْ

جُنُوبُها)

546

(إِذْ

جاؤُکُمْ)

546

ص: 103

(إِنَّما

إِلهُکُمُ اللهُ)

567

(أَصْطَفَی

الْبَناتِ)

573

ومما یتصل بهذا الجانب ما وقفت علیه فی الصفحه 554 إذ قال أبو الفداء ما لفظه : «کما قرأ بعضهم مردفین بضم الراء إتباعا لضمه المیم».

فأغفل المحققون عزو الآیه إلی سورتها ، وتوثیق قراءتها ولأنهم مشغولون بالسرقه ، وما یتبعها من لفّ ودوران جعلوا الآیه الواحده ، آیتین من سورتین مختلفتین ، ففی الصفحه 424 قال أبو الفداء : واعلم أن هو وهی إذا اتصلتا بالواو أو الفاء ... جاز إسکانهما ... فمثال التسکین مع الواو قوله تعالی : (وَهُوَ بِکُلِّ شَیْءٍ عَلِیمٌ ،) ومع الفاء (فَهُوَ یُخْلِفُهُ وَهُوَ خَیْرُ الرَّازِقِینَ) وفی الهامش جعلوا (فَهُوَ یُخْلِفُهُ) من الآیه 39 من سوره سبأ ، وجعلوا (وَهُوَ خَیْرُ الرَّازِقِینَ) من الآیه 72 من سوره المؤمنون ، لم وزعتم الآیه علی سورتین ، ألم تروها کلها فی سبأ 39 ، إنکم شطار فی لعبه السرقات ، ومهره فی توزیع الأدوار أیضا ...

ب - أما الأشعار وما یتصل بها من تخریج وتوثیق فقد وقفنا منها علی ما یأتی :

1 - أنهم فی الصفحه 475 ، الهامش (1) قالوا فی تخریج البیت :

وقد رابنی قولها : یا هناه

«إن قائله مجهول ثم ذکروا لتخریجه مصدرا واحدا هو «شرح المفصل ، 10 / 42 - 43» وبعد رجوعی إلی المصدر المذکور وجدت أن ابن یعیش قد نسبه إلی امریء القیس ، وقلت : لعلّ النخبه قد خطفته من معجم الشواهد العربیه للأستاذ عبد السّلام هارون - رحمه الله تعالی - وفوجئت بأن الرجل یرحمه الله فی الصفحه 136 قد نسبه إلی امریء القیس أیضا ، مما یدل علی أن الفئه لا تتورّع عن الکذب والغش.

2 - فی الصفحه 397 نقل أبو الفداء رأی الأخفش فی صیغه «فعل» فقال : وأجازه الأخفش متمسکا بدئل اسم قبیله ، وضعت النخبه المتمیزه إحاله وقالوا فی الهامش (5) ما نصه وأنشد الأخفش لکعب بن مالک الأنصاری :

جاؤوا بجیش لو قیس معرسه

ما کان إلا کمعرس الدّئل

ص: 104

انظر شرح الأشمونی ، 2 / 546 نظرنا فی هذا المرجع وفق الطبعه المثبته عندهم فی قائمه المصادر فلم نظفر بالبیت ، ولم نجد إشاره إلی إنشاد الأخفش ، بل إن رقم الصفحه فی المصدر المذکور لم یصل إلی 546؟؟

3 - فی الصفحه 556 خرجوا الرجز :

تنحی علی الشوک جرازا مقضبا

وسجلوا فی الهامش ما نصه : «قائله أبو حکاک ، ونسبه لأبی حکاک ابن یعیش فی شرح المفصل ، 1 / 49» والحقّ أن ابن یعیش لم ینسبه أیّها المدلّسون.

4 - أیضا فی الصفحه 356 خرجوا بیت النابغه :

ما إن أتیت بشیء أنت تکرهه

........

البیت فقالوا فی الهامش (3) : البیت فی البحر البسیط ، وروی فی الخصائص ، 1 / 43 ، المختار من شعر بشار 248.

ورجعت إلی الخصائص ، 1 / 43 فلم أجد البیت ، بل وجدت فیه :

ودّعته بدموعی یوم فارقنی

ولم أطق جزعا للبین مدّ یدی

وفی الهامش (8) قال الأستاذ النجار - رحمه الله - هذا البیت أول ثلاثه أبیات فی المختار من شعر بشار 248 ، علمت حینئذ أن القوم نظروا فی فهرس الخصائص ، فوجدوا فی قافیه الدال (یدی) فخطفوها ، ثم أعمی الله بصیرتهم فنقلوا من هامش الخصائص : المختار من شعر بشار ، وسقط المختار من ثبت مصادرهم ، ولم یرجعوا إلی دیوان النابغه مع أنه مثبت فی قائمه مصادرهم فنعم صنیع النخبه المتمیزه.

5 - فی الصفحه 330 خرجوا بیت امریء القیس :

فقالت یمین الله مالک حیله

وسجلوا فی الهامش (3) ما نصه : البیت من البحر الطویل ، وروی فی دیوانه ص : 14 ، والمقتضب 27 ، وتمامه :

وما إن أری عنک العمایه تنجلی

هکذا ذکروا المقتضب من غیر جزء ، فرجعت إلی فهارس الشیخ عضیمه -

ص: 105

رحمه الله - للمقتضب فلم أجد هذا البیت البتّه ، ثم نظرت فی معجم الشواهد فوجدت أن الأستاذ عبد السّلام هارون ، - رحمه الله - قد رمز له ب (ق) 27 ، فتبینت من ذلک أنهم قد ظنوا أن الرمز (ق) هو المقتضب ، ولم یفطنوا أن المراد منه هو المقرب ، وهو - حقا - موجود فی المقرب والنکته أن الأستاذ هارون - رحمه الله - قد اعتمد علی مخطوطه فی دار الکتب ، فی حین أنهم اعتمدوا علی المطبوعه المحققه من قبل الجواری والجبوری والظاهر أن المحقّق أجنبی ، والمراجع نائم ، وهم بعد ذلک کله نخبه متمیزه من الأساتذه الباحثین کما ورد فی مقدمتهم.

6 - خرجوا فی الهامش (3) من الصفحه 516 البیت :

ألم یأتیک والأنباء تنمی

فقالوا : ونسبه إلیه - أی إلی قیس بن زهیر - صاحب المغنی ، 1 / 188 والحق أن صاحب المغنی لم ینسبه.

7 - وفی الهامش (2) ، من الصفحه 418 قالوا عن بیتی المثقب العبدی :

وما أدری إذا یممت أرضا

...

أألخیر الذی أنا أبتغیه

...

ما نصه «إن البیتین مرویان فی المغنی ، 1 / 69» ولن یجد القاریء هذین البیتین فی المغنی.

8 - وفی الصفحه 416 خرجوا قول الشاعر :

حزق إذا ما القوم أبدوا فکاهه

فنصوا فی الهامش (2) علی أنه لجامع بن عمرو ، وسردوا فی الهامش (4) مصدرین فقط روی البیت فیهما هما شرح المفصل ، 9 / 118 والهمع ، 1 / 155 وهذان المصدران لم ینسبا البیت إلی قائله أیضا.

9 - فی الصفحه 473 ورد ما نصه «ومما أبدلت فیه التاء من السین قول الشاعر عمرو بن یربوع :

شرار النات

وفی الهامش قالوا : «ویروی أیضا لعلباء بن أرقم الیشکری» والظاهر أن الذی

ص: 106

استأجروه جاهل ، جعل الشاعر هو عمرو بن یربوع ، وهو متأکد من ذلک ، لذلک قال : ویروی «أیضا» والظاهر أیضا أن المراجع قد فطن إلی هذا الخلط العجیب فحاول استدراک ذلک فقال فی الهامش نقلا عن شرح شواهد الشافیه «وهی هجاء لبنی عمرو بن یربوع» ولا نعلم فلعل المراجع یرید أن الشاعر هو عمرو ، والرجل یهجو قومه ... لن نستبعد شیئا یخطر بالبال من کثره ما رأینا من فساد وخلط واضطراب عند «النخبه المتمیزه» ، غیر أن المراجع قد وقع فی غفله أخری حین لم یذکر لنا رقم الجزء ورقم الصفحه فی شرح الشواهد ، وأحسب أن هذا المصدر قد سقط من قائمه مصادرهم ، لذا أعتقد أنه استدرک استدراکا أرادوا أن یقوموا میلا واضحا ویستروا سوأه مکشوفه ، ولکن هیهات هیهات فقد اتسع الخرق علی الراقع.

10 - وفی الصفحه 558 جعلوا بیتا شعریا کلاما نثریا ، وهو بیت تعلیمی فی أوائله الحروف التی تدغم فیها التاء وهو :

سری طیف دعد زائرا ذا ضنی

ثوی شفی ظمأ جودا صفا فتعطفا

فذکر عندهم علی أنه کلام نثری ، والعجیب أن أبا الفداء صدّره بالقول «وتجمعها أوائل کلام هذا البیت وهو» ، ثم ذکر البیت.

11 - فی الهامش (1) من الصفحه (64) نسبوا البیت :

لعزه موحشا طلل

یلوح کأنه خلل

لکثیر عزه ، ولم یرجعوا إلی دیوانه مع أنه مثبت فی قائمه مصادرهم وفی الهامش (4) من الصفحه 369 لم یخرجوا الرجز :

وقاتم الأعماق خاوی المخترق

من دیوان رؤبه مع ذکرهم له فی المصادر.

وأخیرا فقد أحصیت لهم أکثر من 16 مصدرا سقطت من قائمه مصادرهم أذکر بعضا منها مع مکان ورودها فی کتابهم :

1 - الأغانی 180+ 333.

2 - إرتشاف الضرب 113.

3 - الإصابه 44.

ص: 107

4 - إصلاح المنطق 378.

5 - التذییل والتکمیل 113.

6 - دیوان ابن أحمر 294.

7 - دیوان أبی نواس 211.

8 - دیوان القطامی 292.

وأترک البقیه لأنهم لا یستحقون هذه الخدمه. هذا هو صنیع نخبه من السراق المفضوحین (1) الذین باتوا یطلبون السّتره ، (خَتَمَ اللهُ عَلی قُلُوبِهِمْ وَعَلی سَمْعِهِمْ وَعَلی أَبْصارِهِمْ غِشاوَهٌ وَتَرَکَهُمْ فِی ظُلُماتٍ لا یُبْصِرُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا کَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِیلاً عَلَیْهِمْ دائِرَهُ السَّوْءِ) و (أُولئِکَ فِی الْأَذَلِّینَ) و (إِنَّ مَعِی رَبِّی سَیَهْدِینِ وَأُفَوِّضُ أَمْرِی إِلَی اللهِ وَکَفی بِاللهِ وَلِیًّا وَکَفی بِاللهِ نَصِیراً ...) صدق الله العظیم.

ص: 108

1- ألغت إحدی الجامعات عقد أحد هؤلاء السّرّاق عام 1418 ه بعد أن کونت لجنه علمیه أکدت علی حصول السرقه بعد أن درست علی مدی سنه الأدله والردود وطابقتها علی الأصول «الرساله والمخطوط والکتاب المطبوع» فالشکر للمسؤولین فی تلک الجامعه لنصرتهم الحقّ ، وکشفهم الأعیب المبطلین ولله الحمد والمنه.

الصوره

ص: 109

الصوره

ص: 110

الصوره

ص: 111

الصوره

ص: 112

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمد لله الذی لیس لعلمه غایه ، ولا لجوده نهایه (1) وصلّی الله علی سیّدنا محمّد المبعوث بالهدایه وعلی آله وصحبه ، صلاه تنجی من الضّلاله (2) والغوایه (3) وبعد :

فهذا کنّاش مشتمل علی عدّه کتب ، الأوّل : فی النحو والتصریف ، الثانی : فی الفقه الثّالث : فی الطب الرابع : فی التاریخ ، الخامس : فی الأخلاق والسّیاسه والزهد ، السادس : فی الأشعار ، السابع : فی فنون مختلفه.

ص: 113

1- غیر واضحه فی الأصل.

2- غیر واضحه فی الأصل.

3- غیر واضحه فی الأصل.

الکتاب الأوّل فی النحو : ذکر الکلمه وأنواعها

اشاره

الکلمه لفظ موضوع مفرد ، والمراد باللفظ : ما خرج من الفم حقیقه کاضرب أو حکما ، کالمستکن فی اضرب حرفا أو أکثر.

والوضع : تخصیص لفظ بمعنی کرجل بمذکّر إنسان.

والمفرد : ما لم یقصد بجزء لفظه الدلاله علی جزء معناه کزید مثلا.

والکلمه جنس تحته ثلاثه أنواع : اسم وفعل وحرف ، لأنّها إن لم تدلّ علی معنی فی نفسها أی لا تستقل الکلمه بالدلاله علی معناها الإفرادی إلا بانضمام متعلقها إلیها فهی الحرف کقد وهل ، وإن دلّت علی معنی فی نفسها مقترن بأحد الأزمنه الثلاثه فهی الفعل کقام یقوم ، وإن دلّت علی معنی فی نفسها غیر مقترن بأحد الأزمنه الثلاثه فهی الاسم ، کالصّبوح والغبوق (2) ، فإنّه وإن دلّ علی زمان لکنّه غیر معیّن من الثّلاثه ، لأنّ الشرب بکره مثلا لیس بماض ولا حال ولا مستقبل (3) والاسم یکون مسندا ومسندا إلیه ، والفعل یکون مسندا ولا یکون مسندا إلیه ، والحرف لا یکون مسندا ولا مسندا إلیه.

والحدّ : معرّف شامل لکلّ فرد من أفراد المعرّف فقط (4) والحدود فی النحو

ص: 114

1- المفصل فی علم العربیه ، للزمخشری ، دار الجیل 6 ، والکافیه ، لابن الحاجب 381 (ضمن مجموع مهمات المتون).

2- الصبوح شرب الغداه ، والغبوق شرب العشی ، اللسان ، صبح وغبق.

3- شرح الوافیه ، لابن الحاجب ، تحقیق د. موسی العلیلی ، 121 ، وشرح المفصل ، لابن یعیش 1 / 19.

4- الإیضاح فی علل النحو ، للزجاجی ، 46 وکتاب التعریفات للجرجانی ، 83.

إنّما هی للألفاظ باعتبار معناها الحقیقی ، وماهیات الکلم اعتباریه (1) ولذلک جاز أن تکون فصولها عدمیه.

ذکر الکلام

الکلام ما تضمّن کلمتین أسندت إحداهما إلی الأخری وقد خرج بقولنا أسندت إحداهما إلی الأخری : ما لیس کذلک مثل : غلام زید ، فإنه کلمتان ولیس بکلام لعدم الإسناد ، إذ الإسناد نسبه أحد الجزأین إلی الآخر علی وجه یحسن السکوت علیه.

والکلام قسمان :

لیس إلّا اسم واسم ، واسم وفعل (3) وأمّا الاسم والحرف فلا یکون کلاما ، لأنّ الحرف لا یکون حکما ولا محکوما علیه ، وکذلک لا یکون الفعل والفعل کلاما لفقد المحکوم علیه ، والفعل والحرف أبعد (4) ، والحرف والحرف أبعد وأما نحو : یا زید ، فإنّه مؤوّل بأدعو أو أرید ، والکلام المرکّب من اسمین یقال له : الجمله الاسمیّه نحو : زید کاتب ، والمرکّب من فعل واسم یقال له : الجمله الفعلیّه نحو : قام زید (5).

ص: 115

1- ماهیه الشیء ما به الشیء هو هو ، والماهیه الاعتباریه هی التی لا وجود لها إلا فی عقل المعتبر ما دام معتبرا. التعریفات ، 195 - 196 وشرح التصریح ومعه حاشیه یاسین ، 1 / 22 - 25.

2- فی المفصل 6 : والکلام هو المرکب من کلمتین أسندت إحداهما إلی الأخری.

3- المفصل 6 ، وشرح الوافیه ، 125.

4- شرح ابن الحاجب علی الکافیه ، رساله دکتوراه ، جامعه الأزهر ، تحقیق الدکتور جمال مخیمر 1 / 8 وفیه «والفعل والحرف بعید».

5- بعدها فی شرح الوافیه ، 126 «وهذا معنی قول النحویین : لا یتأتی الکلام إلا من اسمین أو من فعل واسم» وانظر شرح المفصل ، 1 / 20 وشرح الکافیه ، للرضی 1 / 8 - 9 والمغنی ، 2 / 276.

القسم الأول : فی الاسم

اشاره

وهو ما دلّ علی معنی فی نفسه غیر مقترن بأحد الأزمنه الثلاثه وله خصائص ، منها : النّعت لأنّه (2) حکم فی المعنی علی المنعوت ، ومنها : التصغیر لأنّه فی معنی النّعت ومنها : تنوین التمکین ، والتنکیر ، لدلاله الأوّل علی أنّ المنوّن به غیر مشبّه بالفعل ، ولا یکون إلّا فی الاسم ، وأما الثانی : فلأنّ الفعل وضعه للتنکیر فلا یحتاج إلی تنوین تنکیر فوجب اختصاصه بالاسم (3) ومنها : التثنیه والجمع لأنّ الفعل لا یثنّی ولا یجمع علی ما سنذکره إن شاء الله عند ذکر الفعل المضارع.

واعلم أنّ الاسم یکون ، علما ، ومتواطئا ، ومشترکا ، ومشکّکا ومنقولا وحقیقه ، ومجازا ، أما العلم فسیذکر فی بابه (4) وأمّا المتواطیء : فهو الذی یکون معناه واحدا کلّیا حاصلا فی الأفراد الذّهنیه والخارجیّه علی السّویّه کالحیوان الواقع علی الإنسان والفرس ، وکالإنسان الواقع علی زید وعمرو (5).

وأمّا المشترک : فهو الذی یکون معناه أکثر من واحد ووضعه بإزاء تلک المعانی علی السویّه کالعین بالقیاس إلی الفواره والباصره (6) وقد یطلق علی الضّدین کالقرء للطهر والحیض (7).

ص: 116

1- الکافیه ، 381.

2- غیر واضحه فی الأصل.

3- شرح الوافیه ، 127 وشرح الکافیه ، لابن الحاجب 1 / 21.

4- فی الصفحه ، 294.

5- التعریفات ، 199 وشرح المفصل ، 1 / 16.

6- التعریفات ، 215 وشرح المفصل ، 1 / 26.

7- فی اللسان ، «قرأ» عن أبی عبید : القرء یصلح للحیض والطهر.

وأمّا المشکّک : فهو الذی معناه واحد ، لکنّ حصوله فی بعض أفراده أولی وأقدم من البعض الآخر ، کالموجود بالقیاس إلی الواجب لذاته ، والممکن لذاته ، فإنّ إطلاقه علی الواجب لذاته أولی وأقدم وکالبیاض بالقیاس إلی الثلج والعاج ، فإنّ إطلاقه علی الثّلج أولی ؛ لأنّ البیاض فیه أقوی (1) وسمیّ مشکّکا لمشابهته المتواطیء من وجه وهو کونه موضوعا لمعنی واحد کلیّ ، والمشترک من وجه وهو کون حصوله فی أفراده علی وجه الاختلاف فیشکّک الناظر فی أنه متواطیء أو مشترک.

وأما المنقول : فهو أن یکون وضع لشیء ثمّ نقل إلی غیره بسبب اشتراک المعنیین أو مناسبه أخری بحیث یترک استعماله فیما وضع له أولا کالدّابه - فإنّها وضعت لکلّ ما یدبّ علی الأرض ثمّ نقلها العرف العامّ إلی الفرس والحمار ، - وکالصّلاه فإنّها وضعت للدّعاء ثمّ نقلها الشّرع إلی هذه العباده (2).

وأما الحقیقه والمجاز : فاعلم أنّ الاسم متی وضع لشیء ثمّ نقل لغیره بسبب اشتراک بین المعنیین أو مناسبه أخری ولم یترک استعماله فیما وضع له أولا ، فإنّه بالنسبه إلی المنقول عنه حقیقه. وبالنسبه إلی المنقول إلیه مجاز ؛ کالأسد بالقیاس إلی الحیوان المفترس ، والرجل الشجاع ، فإنه وضع للحیوان المفترس فهو حقیقه بالنسبه إلیه ثمّ نقل إلی الرجل الشجاع لاشتراکهما فی الشجاعه فهو مجاز بالنسبه إلیه (3) ، وأمّا الأسماء المترادفه فهی المتفقه حدا المختلفه لفظا ، کالخمر والعقار واللیث والأسد (4).

ذکر تقسیم آخر للاسم

وهو ینقسم أیضا إلی معرب ومبنیّ ، وأصل الأسماء أن تکون معربه ولذلک

ص: 117

1- التعریفات ، 216.

2- التعریفات ، 233 - 234.

3- التعریفات ، 89 - 90 ، والخصائص لابن جنی 2 / 442 ومفتاح العلوم للسکاکی - 168 وإرشاد والفحول للشوکانی ، 21.

4- التعریفات ، 199 وإرشاد الفحول ، 18.

5- الکافیه ، 381.

یقال فی الاسم المبنی : لم بنی؟ ولا یقال فی المعرب : لم أعرب (1) ومن هنا نذکر الاسم المعرب حتی ینتهی ثم نذکر المبنی.

والمعرب هو الاسم المرکّب الّذی لم یشبه مبنیّ الأصل لأنّه لا یستحق الاسم الإعراب إلّا بعد الترکیب لتتبیّن المعانی الحاصله فیه بالترکیب ، وهی الفاعلیه ، والمفعولیه والإضافه ، لأنّک إذا قلت : ما أحسن زید ، ورفعت علمت الفاعلیه ، وإن نصبت علمت المفعولیه ، وإن خفضت علمت (2) الإضافه ، فتکون فی الفاعل منفیا ، وفی المفعول مثبتا له الحسن ، وفی الخفض مع رفع أحسن مستخبرا عن الأحسن منه ، ولو ذکرت الکلمات من غیر ترکیب لم یکن إعراب (3) ، کقولک : واحد ، اثنان ، ونحو ذلک مما تعدّده تعدیدا من غیر إسناد (4) ، وأمّا إذا عطفت أسماء الأعداد بعضها علی بعض ، کقولک : واحد واثنان وثلاثه ، فإنّها تکون حینئذ مرکّبه معربه واحترز بقوله لم یشبه مبنیّ الأصل (5) عن المانع من الإعراب مع وجود سببه الذی هو الترکیب فإنّ مشابهه مبنی الأصل تمنع من الإعراب وإن وجد الترکیب (6) ، والمراد بمبنیّ الأصل ، الحرف والفعل الماضی ، وفعل الأمر للمخاطب ، فإنّ الاسم إذا شابه أحدها بنی ، فمشابهه الحرف نحو : من أبوک؟ ومشابهه الفعل الماضی نحو : أفّ ، أی تضجّرت ، ومشابهه فعل الأمر نحو : حیّ أی أقبل ، والاسم المعرب المذکور یختلف آخره لفظا أو تقدیرا لاختلاف العوامل (7).

والإعراب : هو الحرکات والحروف التی یختلف الآخر بها من الضمه والفتحه والکسره ، والألف والواو والیاء.

وأنواع الإعراب ثلاثه : (8) رفع ونصب وجرّ ، فالرّفع علم الفاعلیه ، أی للفاعل

ص: 118

1- شرح الوافیه ، 127 ، وانظر الکتاب 1 / 13 - 15.

2- غیر واضحه فی الأصل.

3- بعدها فی شرح الوافیه ، 128 : کقولک : ألف ، باء ، تا ، ثا ، وکقولک واحد.

4- شرح الوافیه ، 128 والنقل منه.

5- الکافیه ، 381.

6- شرح الکافیه ، 1 / 17.

7- شرح الوافیه ، 128 والنقل منه باختصار ، وانظر شرح الکافیه. 1 / 17 وشرح التصریح ، 1 / 59.

8- الکافیه ، 382.

وما أشبه الفاعل ، والنصب علم المفعولیّه أی للمفعول وما أشبه المفعول ، والجرّ لا یکون إلّا علم الإضافه (1).

ذکر تقسیم آخر للمعرب

اشاره

والمعرب سته أقسام ، ثلاثه بالحرکات وثلاثه بالحروف ، أمّا الثلاثه الّتی بالحرکات فالأوّل : المفرد ، والجمع المکسّر المنصرفان ، والثانی : جمع المؤنّث السالم ، والثالث : الاسم الذی هو غیر منصرف ، وأمّا الثّلاثه التی هی بالحروف ، فالأوّل : الأسماء السته ، والثانی : المثنّی ، والثّالث : جمع المذکّر السالم.

1- ذکر إعراب الاسم المفرد ، والجمع المکسّر المنصرفین

کلّ اسم مفرد منصرف وجمع مکسّر منصرف ، فرفعه بالضمّه ونصبه بالفتحه وخفضه بالکسره ، وإنّما أعرب هذا القسم بالحرکات الثلاث لأنّه الأصل فی الإعراب ولم یمنع مانع منه.

2- ذکر إعراب جمع المؤنّث الصحیح

کلّ جمع مؤنّث سالم فرفعه بالضمّه ، ونصبه وخفضه بالکسره ، وإنّما أعرب بالکسر فی النّصب والجر معا لأنّ جمع المذکّر السّالم حمل فیه النّصب علی الجرّ ، فلم یجعل للمؤنّث علی المذکّر مزیّه ، فحمل فیه النّصب علی الجرّ.

3- ذکر إعراب الاسم الغیر

(4) المنصرف (5)

کلّ اسم غیر منصرف مفردا کان أو مجموعا جمع تکسیر ، فرفعه بالضّمه ونصبه

ص: 119

1- شرح الوافیه ، 130 وشرح الکافیه ، 1 / 24 وشرح الأشمونی ، 1 / 66 - 67.

2- الکافیه ، 382.

3- الکافیه ، 382.

4- کذا فی الأصل ، وقیل عن ذلک بأنه لحن ، لأنّ أل لا تدخل علی غیر إلّا فی کلام المولدین ، انظر ما قیل عنها فی دره الغواص للحریری 43 وتهذیب الخواص ، لابن منظور 124 وحاشیه الصبان ، 2 / 244 وحاشیه یاسین علی شرح التصریح ، 1 / 91.

5- الکافیه ، 382.

وخفضه بالفتحه ، وإنّما نقص الکسره لأنّه أشبه الفعل بالعلّتین الفرعیتین علی ما سنذکره ، فقطع عمّا لیس فی الفعل وأعرب بالفتح فی موضع الجرّ.

4- ذکر إعراب الأسماء السته

وهی : أخوک وأبوک وحموک وذو مال ، وفوک وهنوک ، إذا أضیفت إلی غیر یاء المتکلّم فرفعها بالواو ونصبها بالألف وخفضها بالیاء (2) ، بشرط أن لا تکون مصغّره ، ولا مکسّره (3) وإنّما أعربت هذه الأسماء بالحروف لأنّها لمّا کانت أمورا إضافیه نسبیه یتوقّف فهم معناها علی غیرها ، أشبهت التثنیه والجمع فی الکثره فکانت فرعا علی الواحد ، فجعل إعرابها فرعا علی إعراب الواحد (4) والأصل فی إعراب الواحد أن یکون بالحرکات ، والإعراب بالحروف فرع علیه ، فجعل إعراب هذه الأسماء بالحروف مع أنّ أواخرها حروف تقبل أن تتغیّر بتغیّر العامل (5).

5- ذکر إعراب المثنّی

المثنّی رفعه بالألف ونصبه وخفضه بالیاء ، وکذلک إعراب اثنین وکلا ، إذا أضیف إلی مضمر ، وإنّما خصّصناهما بالذکر لأنّ المثنّی ، اسم زید علیه ألف ونون أو یاء ونون ، لیدلّ علی أنّ معه مثله من جنسه ، ولیس اثنان کذلک لأنّ «اثن» لیس موضوعا لشیء ، بل اثنان اسم موضوع لمفردین فأعرب کالمثنّی لموافقته إیّاه فی المعنی (7) ولا یعرب کلا إعراب المثنّی إلّا إذا أضیف إلی مضمر ، کقولک : جاءنی کلاهما ، ورأیت کلیهما ، ومررت بکلیهما ومن العرب من یقول : کلاهما فی الأحوال

ص: 120

1- الکافیه ، 382.

2- شرح الوافیه ، 131.

3- الکتاب 1 / 430 - 3 / 412.

4- غیر واضحه فی الأصل.

5- شرح الوافیه ، 133 وانظر المقتضب ، 1 / 240 وشرح المفصل ، 1 / 51 وشرح الکافیه ، 1 / 27 وشرح التصریح ، 1 / 27 وهمع الهوامع ، 1 / 31 وشرح الأشمونی ، 1 / 68.

6- الکافیه ، 382.

7- شرح الوافیه ، 132 وشرح الکافیه ، 1 / 59.

الثلاثه (1) ، وأمّا إذا لم یضف إلی مضمر فهو کعصا ، تقول : جاءنی کلا الرّجلین ورأیت کلا الرجلین ، ومررت بکلا الرّجلین.

6- ذکر إعراب الجمع السّالم

کلّ جمع مذکّر سالم فرفعه بالواو ونصبه وخفضه بالیاء وکذلک إعراب عشرین وأخواته ، وأولو نحو : أولی العلم ، وإنما أعرب المثنّی والجمع بالحروف ، إمّا لما قیل فی الأسماء الستّه ، أو لأنّهما أکثر من الواحد (3) فجعل إعرابهما بشیء أکثر من إعراب الواحد ، والحرف أکثر من الحرکه فجعل إعرابهما بالحرف (4).

ذکر الإعراب التقدیری

الإعراب التقدیریّ فی کلّ ما آخره ألف ، وفی کلّ ما أضیف إلی یاء المتکلّم نحو : عصا ، وغلامی ، فی الرفع والنّصب والجرّ ، وفی کلّ اسم منقوص فی حال رفعه وجره خاصه.

والمنقوص : هو ما فی آخره یاء خفیفه قبلها کسره نحو : القاضی ، واحترز بالخفیفه (6) ، عن الیاء الثقیله فی نحو : کرسیّ ، وبقوله : قبلها کسره ، من الیاء التی قبلها ساکن نحو : ظبی ، فإنّ هذین القسمین من المعرب بالحرکات الثلاث. وإنّما أعرب المنقوص فی الرفع والجرّ تقدیرا لاستثقال الضمه والکسره علی الیاء (7) فإن کان المنقوص منوّنا حذفت الیاء لالتقاء الساکنین نحو : قاض ، وإلّا ثبتت (8) ساکنه

ص: 121

1- بعدها فی شرح الوافیه ، 132 «وهو القیاس ، والفصیح إجراؤه مجری المثنی» ، ثم یتصل الکلام متشابها.

2- الکافیه ، 382.

3- غیر واضحه فی الأصل.

4- شرح الوافیه ،132 وانظر المقتضب ، / 5 - 6 وشرح الکافیه ، 2 / 29 وشرح الأشمونی ، 1 / 87.

5- الکافیه ، 382.

6- لم أقف علی تعریف لابن الحاجب للاسم المنقوص ، أثبت فیه «الخفیفه» وفی الهمع 1 / 53 وهو ما آخره یاء خفیفه لازمه تلو کسره ، وانظر حدّ المنقوص فی الکتاب 3 / 414 والمقتضب ، 4 / 248 - 249 ، وشرح الوافیه ، 134 وشرح الکافیه ، لابن الحاجب 1 / 44 وشرح المفصل ، 1 / 56 والتسهیل ، 16 وشرح الکافیه ، 1 / 34 وشرح ابن عقیل ، 1 / 81 وشرح التصریح ، 1 / 90 - 2 / 228.

7- شرح المفصل ، 1 / 56 وشرح الکافیه ، 1 / 34 وهمع الهوامع ، 1 / 53.

8- غیر واضحه فی الأصل.

نحو : القاضی ، ویعرب فی النصب لفظا بالفتحه لخفّتها ، تقول : هذا قاض ، ومررت بقاض ، ورأیت قاضیا.

وأمّا نحو : مسلمیّ ، وهو کلّ جمع لمذکر سالم أضیف إلی یاء المتکلّم فإنه یعرب فی الرفع تقدیرا بالواو ، فإنّک حذفت نون مسلمون للإضافه بقی مسلموی ، اجتمعت الواو والیاء وسبقت إحداهما بالسکون فقلبت الواو یاء ، وأدغمت الیاء فی الیاء ، وکسر ما قبل الیاء ، حیث کان مضموما ، بقی مسلمیّ ، ومصطفیّ ، کذلک إلّا أنّ ما قبل الیاء بقی مفتوحا (1).

ذکر ما لا ینصرف

اشاره

غیر المنصرف ما فیه علتان من تسع أو واحده منها تقوم مقامها ، وهی : العدل والتأنیث والجمع والمعرفه والعجمه ووزن (3) الفعل والصفه والألف والنون الزائدتان ، والترکیب ، والذی یقوم منها مقام علّتین (4) : الجمع وألفا التأنیث ، وإنّما یکون الجمع کذلک إذا کان علی صیغه منتهی الجموع علی ما سیأتی ، وأمّا ألفا التأنیث فلأنّهما لمّا کانتا (5) لا تنفکان عن الاسم نزّل لزومهما منزله تأنیث ثان ، وإنّما کانت هذه الأسباب فروعا لأنّ أصل الاسم أن یکون مفردا مذکرا نکره عربیّ الوضع غیر وصف ولا مزید فیه ولا معدول ولا خارج عن أوزان الآحاد ولا مواطیء للفعل فی وزنه ، فنقائض هذه التسعه فروع ، ولنذکر (6) لفرعیتها زیاده شرح.

أمّا کون التعریف فرعا فلأنّ التنکیر سابق علیه ، فالنکره کالعام ، والمعرفه کالخاص ، والعامّ سابق علی الخاص لأنّ الخاصّ یتمیّز عن العام بأمر زائد ، والزیاده فرع (7) وأمّا التأنیث ، ففرع علی التذکیر إذ کلّ معیّن یصدق علیه أنه «شیء» ومعلوم

ص: 122

1- شرح الوافیه ، 135 بتصرف یسیر.

2- الکافیه ، 382.

3- غیر واضحه فی الأصل.

4- غیر واضحه فی الأصل.

5- غیر واضحه فی الأصل.

6- غیر واضحه فی الأصل.

7- الکتاب 1 / 22 وشرح المفصل ، 1 / 59 وشرح الکافیه ، 1 / 37.

ومذکور ، وهذه أسماء مذکره فإذا عرف أنّ مسمّیاتها مؤنثه وضع لها أسماء أو علامات دالّه علی تأنیثها (1) ، وأمّا العدل ففرع علی المعدول عنه لتوقّفه علیه ، وأمّا العجمه ففرع علی العربی إذ هی دخیله فی کلامهم ، وأمّا الترکیب ففرع علی الإفراد لتوقّفه علی المفردین ، وأمّا وزن الفعل ففرع علی وزن الاسم فی الاسم ، وأما الألف والنون المزیدتان ففرع علی المزید علیه ، لأنّ الزائد یتوقّف علی تحقق المزید علیه ، وأمّا الوصف ففرع علی الموصوف لأنّه تابع للموصوف ، وأمّا الجمع ففرع علی الواحد لتوقّفه علی الإفراد (2). فقد تبیّن أنّ هذه العلل فروع فإذا اجتمع منها فی الاسم سببان مؤثّران صار جانب الاسمیّه مغلوبا بجانب الفرعیه ، لأنّ الاثنین یغلبان الواحد کما قیل :

فضعیفان یغلبان قویّا (3)

فیشبه الاسم بهما الفعل الذی هو فرع علی الاسم من جهتین ، وأمّا کون الفعل فرعا علی الاسم من جهتین : فلأنّه مشتق من المصدر (4) والمشتقّ فرع علی المشتقّ منه ، ولأنّ الاسم مستغن عن الفعل ، والفعل غیر مستغن عنه (5) فلما أشبه الاسم بهما الفعل قطع عمّا قطع عنه الفعل وهو تنوین الصّرف ، والجرّ تابع ذهابه لذهاب التنوین عند الأکثر (6) ویکون فی موضع الجرّ مفتوحا إذا کان الکسر فی الاسم مخصوصا بالجر لو کان منصرفا ، فمن ثمّ لو سمّیت امرأه قائمات کان غیر منصرف وهو علی ما کان علیه قبل العلّتین ، لأنّ الکسر لیس مخصوصا فیه بالجر لأنه لا یقبل الفتح ، وکذلک لو سمّی مؤنّث بضاربان أو ضاربون.

ص: 123

1- الکتاب 1 / 22 - 23 وشرح المفصل ، 1 / 59.

2- شرح الکافیه ، لابن الحاجب 1 / 47 والنقل منه مع تصرف یسیر وانظر الکتاب 3 / 234 وشرح الکافیه ، للرضی 1 / 37 - 38.

3- شطر بیت لم أقف علی قائله ولا تتمته. والمراد منه معناه.

4- هذا مذهب البصریین ، انظر الإنصاف 1 / 235 ، وبعدها فی شرح الکافیه لابن الحاجب 1 / 48 «علی مذهب الصحیح».

5- بعدها فی شرح الکافیه ، لابن الحاجب 1 / 48 «وما کان مستغنیا فهو أصل» وهی زیاده عما فی شرح الوافیه 136 أیضا.

6- شرح الوافیه ، 136 والمشابهه تامه.

ویجوز صرف ما لا ینصرف لضروره الشعر وللتناسب (1) ، والتناسب علی قسمین :

أحدهما : فی رؤوس الآی ک (/ قَوارِیرَا) الأول فإنه إذا صرفه نوّنه فوقف علیه بالألف ، فیتناسب مع بقیه رؤوس الآی.

والثانی تناسب لکلمات منصرفه انضمّت إلیه (قَوارِیرَا)(2) الثانی ، وک (سَلاسِلَ) لانضمامها إلی (أَغْلالاً وَسَعِیراً)(3) وکثر صرف هذا الجمع للتناسب حتّی ظنّ قوم (4) أنّ صرفه جائز فی سعه الکلام ، ولیس بسدید (5).

1- ذکر العدل

العدل ضربان : حقیقیّ وتقدیریّ.

فالحقیقیّ : هو ما ثبتت معرفته کأحاد وموحد ، وثلاث ومثلث ، وهو خروج

ص: 124

1- الکافیه ، 382 - 383 ، وانظر فی جواز صرف ما لا ینصرف للضروره ، الکتاب 1 / 26 والمقتضب ، 1 / 142 - 143 والإنصاف ، 2 / 493 وشرح المفصل ، 1 / 67 وشرح الکافیه ، 1 / 35.

2- من الآیتین 15 - 16 من سوره الإنسان ، وقواریرا فی الأصل مع الثانیه ، بلا ألف ، وهما فی الرسم القرآنی بألف ، ونصهما «ویطاف علیهم بآنیه من فضه وأکواب کانت قواریرا ، قواریرا من فضه قدروها تقدیرا» قرأنا نافع وأبو بکر والکسائی بالتنوین فیهما ، وقرأ ابن کثیر بالتنوین فی الأول ، وبغیر تنوین فی الثانی ، وقرأ الباقون بغیر تنوین فیهما ، وکلهم وقف علی الأول بألف ، إلا حمزه فإنه وقف علیه بغیر ألف ، ووقف نافع وأبو بکر وهشام والکسائی علی الثانی بألف ، ووقف الباقون بغیر ألف ، الکشف 2 / 354 ، وانظر السبعه لابن مجاهد 363 - 364 والإتحاف 329.

3- الآیه 4 من سوره الإنسان ونصها : «إنا اعتدنا للکافرین سلاسلا وأغلالا وسعیرا» ومراد المصنف أن التناسب قسمان : تناسب لکلمات منصرفه انضمّ إلیها غیر منصرف نحو : سلاسلا وأغلالا وسعیرا ، وتناسب لرؤوس الآی کقواریرا الأول فإنه رأس آیه فنوّن لیناسب بقیّه رؤوس الآی فی التنوین أو بد له وهو الألف فی الوقف ، وأما قواریرا الثانی فنوّن لیشاکل قواریرا الأول حاشیه الصبان 3 / 273 وانظر الکشف 2 / 352.

4- وفی الکشف ، 2 / 352 «حکی الکسائی أن بعض العرب یصرفون کل ما لا ینصرف إلا أفعل منک قال الأخفش : سمعنا من العرب من یصرف هذا ویصرف جمیع ما لا ینصرف» وانظر شرح الأشمونی ، 3 / 515.

5- وفی شرح الوافیه ، 138 «أن صرفه جائز مطلقا من غیر تناسب ولیس بسدید ، لأنه لم یأت صرفه فی السّعه إلا مع التناسب المذکور» وانظر الإنصاف 2 / 493.

6- الکافیه 383.

عن اللّفظ والمعنی الأصلیین ، لأنّ معنی أحاد وموحد وثلاث ومثلث ، جاء القوم واحدا واحدا ، وثلاثه ثلاثه ، فعدل بثلاث عن لفظ ثلاثه وعن معناه الأصلی فی العدد ، إلی معنی انقسام الجمله إلی هذه الصفه من الثلاثیه ونحوها ، والمتّفق علیه استعمال هاتین الصیغتین ، إلی رباع ومربع. وأمّا ما بعد ذلک إلی تساع ومتسع ففیه خلاف (1) ، ومن العدل الحقیقی أخر جمع أخری وأخری تأنیث آخر ، وهو من باب أفعل التفضیل ، وقیاسه إذا قطع عن من والإضافه أن یستعمل باللّام فهو معدول عن الآخر وعن معناه الأصلی فی التأخّر الوجودی حتی صار المذکور ثانیا (2) متقدّما کان فی الوجود أو متأخرا (3).

وأمّا العدل التقدیری : فهو ما تتوقّف معرفته علی منع صرفه فیقدّر العدل لئلا تنخرم قاعده معلومه ، وهو منع الصّرف من غیر علّتین ، وذلک نحو : عمر فإنّه لیس فیه علّه ظاهره غیر العلمیّه ، فوجب تقدیر العدل علی استبعاده لئلا تنخرم القاعده ، فقدّر کأنهم عدلوه فی اللفظ عن : عامر ، وفی المعنی عن اسم الجنس إلی العلمیّه (4).

2- ذکر التأنیث

وهو لفظیّ ومعنویّ ، أمّا اللفظیّ : فهو ما فیه ألف التأنیث أو تاء التأنیث ، أمّا الذی فیه ألف التأنیث فنحو : سکری وحمراء وحبلی وصحراء ، وامتنع من الصّرف للتأنیث ، ولزوم التأنیث والمراد بلزوم التأنیث ، أن ألفی التأنیث المقصوره والممدوده لا تفارقان الکلمه فی جمیع تصاریفها ، نحو : حبلی وحبالی ، وصحراء وصحاری ، وفی جمع السّلامه أیضا نحو : حبلیات وصحراوات ، وفی النّسب نحو : حبلویّ

ص: 125

1- بعدها فی شرح الکافیه لابن الحاجب ، 1 / 55 ذکر عشار ومعشر ثم قال : «أصحها أنه لم یثبت» وفی شرح الوافیه ، 139 والصحیح أنه لا یتعدی «ذلک إلی عشره» وانظر خلافهم حول هذه المسأله فی شرح المفصل ، 1 / 62 وشرح الکافیه ، 1 / 41 وشرح الأشمونی ، 3 / 240.

2- غیر واضحه فی الأصل.

3- شرح الکافیه ، 1 / 42.

4- شرح الوافیه ، 139 - 140.

5- الکافیه ، 383.

وصحراویّ ، فصار مطلق التأنیث سببا (1) لثقله ، وصار لزومه بمنزله سبب آخر ، لثقل اللزوم أیضا فصار کأن فیه تأنیثین ، وأمّا الذی فیه تاء التأنیث نحو : طلحه فشرطه العلمیه لأنّ التأنیث بالعلمیه یصیر لازما ، وتصیر تاء التأنیث منه کالجزء.

وأمّا التأنیث المعنویّ : فحکمه حکم التأنیث بالتاء فی کون تأثیره فی منع الصّرف مشروطا بالعلمیّه (2) ولذلک یقولون : مررت بامرأه صبور وحائض ، فیصرفونه لفوات العلمیه ، ومعنی التأنیث المعنوی ، أنّ الاسم لم یوضع إلّا للمؤنّث فی الأصل وشرط تحتّم / تأثیر المعنوی فی منع الصرف ، الزیاده علی ثلاثه أحرف کزینب ، أو تحرک الوسط کسقر ، أو العجمه کماه (3) وجور (4) ، وإنّما کان تحتّم تأثیره مشروطا بهذه الأمور ، لأنّه أخفّ من المؤنث بالتاء ، فیجری الحرف الرابع مجری التاء ، وسقر کذلک لتنزّل الحرکه فی وسطه منزله الحرف الرابع (5) فإن کان المؤنّث المعنویّ ثلاثیا ساکن الحشو کهند ودعد ، لم یجب منع صرفه ، وجاز فیه الصّرف ومنع الصّرف (6) لمقاومه خفه السکون ثقل أحد السببین فإن انضمّ إلی ساکن الوسط المذکور العجمه ، وجب منع صرفه نحو : ماه وجور وحمص (7) وبلخ (8) لمقاومه التأنیث أو العجمه السکون ، فیبقی سببان لا معارض لواحد منهما فیمتنع للعلمیّه والتأنیث المقوّی بالعجمه (9) والمؤنّث المعنویّ إذا سمّیت به مذکرا فإن لم یکن علی أکثر من ثلاثه أحرف صرفته نحو : سقر ، وإن کان علی أکثر من ثلاثه نحو : عقرب امتنع من الصّرف لأنّ الحرف الزائد علی ثلاثه ینزّل منزله تاء التأنیث (10).

ص: 126

1- غیر واضحه فی الأصل.

2- شرح المفصل ، 1 / 59.

3- بلده بأرض فارس ، معجم البلدان ، 5 / 48 - 49 وفی اللسان ، موه : اسم موضع یذکر ویؤنث.

4- مدینه بفارس ، قریبه من شیراز والعجم تسمیها کور. معجم البلدان ، 2 / 181.

5- شرح الکافیه ، 2 / 50.

6- شرح التصریح ، 2 / 218.

7- بلد مشهور بین دمشق وحلب ، معجم البلدان ، 2 / 302.

8- مدینه مشهوره بخراسان ، معجم البلدان ، 1 / 479.

9- شرح المفصل ، 1 / 70 وشرح الکافیه ، 1 / 54.

10- شرح الوافیه ، 141 - 142.

3- ذکر الجمع

شرط الجمع أن یکون علی صیغه منتهی الجموع بغیر تاء التأنیث ، وهو کلّ جمع ثالثه ألف بعدها إمّا حرفان ؛ کمساجد أو ثلاثه أوسطها ساکن کمصابیح ، أو حرف مشدّد کدوابّ ، وأمّا إذا کان فیه الهاء کفرازنه فإنّه یخرج عن صیغه منتهی الجموع ویصیر علی زنه المفرد ، ککراهیه وطواعیه (2) ، فإذا جعل هذا الجمع علما کحضاجر علما للضّبع (3) فالأکثر یمنعونه الصّرف اعتبارا لصیغه منتهی الجموع وبعضهم لا یعتبر ذلک فیصرفه (4) وأمّا سراویل وهو اسم جنس ، إذا لم یصرف وهو الأکثر ، فإنّه لا یسوغ أن یقال فیه : إنّه منقول عن الجمع کما یقال فی حضاجر علما للضّبع لأنّ النّقل کثر فی الأعلام بخلاف أسماء الأجناس ، ولکن یقدّر جمعا لسرواله ثمّ نقل اسما لمفرده فبقی علی ما کان علیه من منع الصرف کما قیل فی حضاجر (5) ، وأمّا نحو : جوار وغواش من الجمع الذی آخره یاء قبلها کسره فإنّ سیبویه (6) والخلیل (7) قالا : (8) إنّ هذا الجمع ثقّل فلزم فیه حذف الیاء فی حالتی الرفع والجرّ لأنّ ذلک موضع الإعلال (9) وجری فی حال الفتح مجری الصحیح لخفّه الفتح ، فلمّا حذفت الیاء نقصت الکلمه عن المثال الممنوع من الصرف فجاء التنوین فکان بدلا من

ص: 127

1- الکافیه ، 383.

2- شرح الوافیه ، 143 - 144.

3- اسم للذکر والأنثی من الضباع ، وسمیت بذلک لسعه بطنها وعظمه. اللسان ، حضجر.

4- انظر خلافهم حول ذلک فی الکتاب ، 1 / 228 وشرح المفصل ، 1 / 64 وشرح الکافیه ، 1 / 54 - 55.

5- شرح الوافیه ، 144 - 145 ، وانظر الکتاب 3 / 229 والمقتضب ، 3 / 326 - 345 وشرح المفصل ، 1 / 64 وشرح الکافیه ، 1 / 57.

6- أبو بشر عمرو بن عثمان ، صاحب «الکتاب» العلم النحوی المشهور توفی 180 انظر ترجمته فی الفهرست ، 86 والبغیه ، 2 / 229.

7- هو الخلیل بن أحمد بن عبد الرحمن الفراهیدی الأزدی ، لا یخفی علی مشتغل بعلوم العربیه ، توفی 175 ه ، انظر ترجمته فی الفهرست ، 63 ونزهه الألباء ، 45 ووفیات الأعیان لابن خلکان ، 2 / 244 ، والبغیه 1 / 557.

8- الکتاب ، 3 / 230 - 310 - 311.

9- شرح الکافیه ، 1 / 58.

الیاء ، وقال المبرد : (1) إنّ التنوین جاء (2) بدلا من الحرکه التی کانت علی الیاء وعوضا منها ، ولیس بعلم للصرف فلما جاء کذلک حذفت الیاء لالتقاء الساکنین ، کما حذفت فی قاض (3) والتنوین علی المذهبین للعوض لا للصّرف ، فلا یقال علی هذا : إنّه منصرف فی حال الرفع والجر (4) وقوله فی المفصّل : بأنّه فی الرفع والجر کقاض (5)» هو مذهب المبرّد ، وهو أنّ الیاء استثقلت علیها حرکه الرفع والجر فحذفت الحرکه فبقی جواری ساکن الیاء ثمّ دخل التنوین عوضا من الحرکه فالتقی ساکنان الیاء والتنوین فحذفت الیاء وقال یونس (6) ، وأبو زید (7) والکسائیّ (8) ، بالفتح فی جواری فی حال الجر (9) ، فقالوا : مررت بجواری کما یقال : رأیت جواری من أجل أنّ المجرور فی باب ما لا ینصرف إنّما یکون مفتوحا قالوا وإلی هذا ذهب الفرزدق (10) فی قوله : (11)

فلو کان عبد الله (12)

مولی هجوته

ولکنّ عبد الله مولی موالیا

ص: 128

1- محمد بن یزید الثمالی من أعلام النحویین المعروفین توفی 285 ه. انظر ترجمته فی الفهرست ، 87 ومعجم الأدباء للحموی ، 19 / 111.

2- غیر واضحه فی الأصل.

3- المقتضب ، 1 / 142 - 143.

4- للتوسع فی ذلک ارجع إلی شرح المفصل،1/ 63 وشرح الکافیه ،1 / 58 ، وشرح الأشمونی ، 3 / 245.

5- قال فی المفصل ، 17 : إلّا ما اعتل آخره نحو جوار فإنّه فی الرفع والجر کقاض.

6- یونس بن حبیب ، من أکابر النحویین ، تفرد ببعض المذاهب والأقیسه توفی 183 ه ، انظر ترجمته فی الفهرست ، 63 ونزهه الألباء ، 49.

7- سعید بن أوس الأنصاری ، عالم فی اللغه والنحو ، صاحب کتاب النوادر فی اللغه ، توفی 215 ه ، انظر ترجمته فی الفهرست ، 81 ونزهه الألباء ، 125 وغایه النهایه لابن الجزری ، 1 / 305.

8- أبو الحسن علی بن حمزه ، إمام الکوفیین فی النحو واللغه ، وأحد القراء السبعه المشهورین ، توفی 183 ه ، وقیل 189 ، انظر ترجمته فی الفهرست ، 44 - 97 ونزهه الألباء ، 687 وإنباه الرواه ، للقفطی ، 2 / 256 وغایه الهایه ، 1 / 535 وطبقات المفسرین للداوودی 1 / 399.

9- لغه لبعض العرب وانظر شرح الوافیه ، 146 وشرح المفصل ، 1 / 64 وشرح الأشمونی ، 3 / 246.

10- همام بن غالب بن صعصعه المجاشعی ، شاعر مشهور ، توفی سنه 110 ه ، انظر ترجمته فی طبقات فحول الشعراء لابن سلام ، 1 / 298 ومعجم الشعراء للمرزبانی ، 166 والأعلام للزرکلی 9 / 96.

11- لیس فی دیوانه ، وقد روی منسوبا له فی الکتاب ، 3 / 313 - 315 والمقتضب ، 1 / 143 وشرح المفصل ، 1 / 64 ، وشرح الکافیه ، 1 / 58 ، وشرح الشواهد للعینی ، 3 / 273 ، وخزانه الأدب للبغدادی ، 1 / 235.

12- هو عبد الله بن أبی إسحاق الحضرمی النحوی البصری أخذ القراءه عرضا علی یحیی بن یعمر ونصر بن عاصم ، وروی عنه القراءه عیسی بن عمر ، وأبو عمرو بن العلاء ، توفی سنه 129 ه. انظر أخباره فی الفهرست ، 62 ، وغایه النهایه ، 1 / 410.

وهذا البیت عند من تقدّم ذکره محمول علی الضروره ، وذلک أنّه اضطر إلی الحرکه فأجراه مجری الصحیح کقولک : مررت بمساجد ، وذهب بعض النحاه (1) إلی أنّ التنوین فی جوار ونحوه للصّرف لأنّه للحذف الذی نابه فی الحالین نقص عن بناء ما لا ینصرف وصار بمنزله رباع.

4- ذکر المعرفه

شرط المعرفه العلمیّه للزومها الاسم بسبب (3) الوضع ، ولأنّ المعارف خمس اثنان منها مبنیان ، وهما المضمرات والمبهمات واثنان منها باللام والإضافه وهما لا یلزمان الاسم ، وأیضا یجعلان الاسم منصرفا ، أو فی حکم المنصرف (4) فتعیّن التعریف العلمیّ ، وقد اعتبر قوم التعریف باللام المقدّره فی نحو : سحر بعینه فإنّه لا ینصرف للتعریف والعدل عن السحر ، فتعریفه لیس إلّا باللام التی عدل عنها کأخر (5).

5- ذکر العجمه

شرط العجمه العلمیّه فی کلام العجم حتی لو جعل العجمیّ غیر العلم نحو : دیباج ، علما فی کلام العرب لم یعتدّ بعجمته وکان منصرفا ، لأنّ العجمیّ الذی هو اسم جنس یتوغل فی کلام العرب بقبول (7) لام التعریف وغیرها ، فتضعف عجمته بخلاف العلم فی العجمیّه ، ویشترط للعلم الأعجمیّ فی منع الصّرف أن یکون أکثر من ثلاثه أحرف عند سیبویه (8) ، وقال قوم : شرطه إمّا الزیاده علی الثلاثه أو تحرّک

ص: 129

1- کالأخفش ، وانظر شرح التصریح ، 1 / 34.

2- الکافیه ، 383.

3- غیر واضحه فی الأصل.

4- شرح الکافیه ، 1 / 53.

5- شرح التصریح ، 2 / 223 - 224.

6- الکافیه ، 383.

7- غیر واضحه فی الأصل.

8- الکتاب ، 3 / 221 - 234 - 242.

الوسط (1) ، فنوح ولوط منصرفان ، لفقد شرط منع الصرف ، لأنّ عجمتهما غیر مؤثّره ، لانتفاء شرطها ، وهو الزیاده علی ثلاثه ، أو تحرّک الوسط فتبقی العلمیّه وحدها فلا تؤثّر بخلاف ماه وجور للعلمیّه والتأنیث المقوّی بالعجمه (2).

6- ذکر وزن الفعل

شرط وزن الفعل المانع من الصرف أحد أمرین :

أحدهما : أن یختصّ بالفعل ولا یوجد فی الاسم ، إلّا أن یکون منقولا إلی الاسم العلم : کضرب وشمّر واحمرّ واستخرج واخشوشن وما أشبه ذلک ، أو یکون أعجمیا کبقّم (4) ولا یؤثّر هذا الضرب فی منع الصرف إلا مع العلمیه.

وثانیهما : أن یکون فی أوله زیاده کزیاده الفعل ، أی یکون أوله حرفا من حروف نأیت نحو : أفعل ونفعل وتفعل ویفعل ثمّ هذا الضرب الثانی ، إمّا أن یکون صفه أو غیر صفه ، فإن کان صفه فشرطه : أن یکون غیر قابل (5) للتاء ، نحو : أحمر فإنّه لا یقال فیه : أحمره فیمتنع من الصّرف للصفه ووزن الفعل ، وینصرف نحو : یعمل ، إذا لم یکن علما ، لقبوله تاء التأنیث الحقیقی ، لقولهم : ناقه یعمله (6) فإن سمّی به لم ینصرف لأنه حینئذ غیر قابل للتاء (7) وإن کان غیر صفه نحو : أرنب وأفکل ، فشرطه العلمیّه ، وأمّا أفکل علی وزن أفعل ، اسم للرّعده فیقال : أخذه أفکل ، إذا ارتعد (8) فحینئذ ، وزن الفعل الذی هو صفه نحو : أحمر ، ممتنع لوزن الفعل والصّفه ، ووزن الفعل غیر الصّفه ممتنع للعلمیّه ووزن الفعل (9) واعلم أنّه یشترط فی الضّرب الأول ؛

ص: 130

1- کسقر ولظی وشتر ، وانظر شرح التصریح ، 2 / 219 ، والهمع ، 1 / 32.

2- شرح الوافیه ، 148 - 149 ، وشرح المفصل ، 1 / 71.

3- الکافیه ، 384.

4- البقّم : شجر یصبغ به فارسی معرّب ، الجمهره بقم ، والمعرب للجوالیقی ، 107.

5- غیر واضحه فی الأصل.

6- الیعمله من الإبل : النجیبه المعتمله المطبوعه علی العمل. اللسان ، عمل.

7- شرح الوافیه ، 152.

8- یقال أخذ فلانا أفکل إذا أخذته رعده فارتعد من برد أو خوف وهو ینصرف فإن سمّیت به رجلا لم تصرفه فی المعرفه للتعریف ووزن الفعل ، وصرفته فی النّکره. اللسان ، فکل.

9- انظر شرح المفصل ، 1 / 61.

أعنی الوزن المختصّ بالفعل نحو : ضرب وشمّر ، أن لا یعلّ (1) نحو : قیل ، ولا یدغم نحو : ردّ ، فإنّ ذلک منصرف ، ولو کان علما لوجود نظیر وزنه فی الاسم نحو : قیل ، ومدّ (2) ومما یمنع للصفه ووزن الفعل ، أفعل التفضیل ، کأفضل منک فإنّه یمنع من الصّرف لما قیل فی أحمر.

7- ذکر الوصف

شرط الوصف أن یکون صفه فی الأصل بمعنی أنه وضع للوصف ، واستعمل فیه فلا یضرّ إن صار اسما وخرج عن الوصفیه ، ولذلک امتنع أسود (4) وأرقم (5) اسما للحیّه ، وأدهم للقید (6) فإنّها لمّا کانت فی الأصل صفه ثم خرجت عن الصفه وصارت اسما لما ذکر لم یضرّ ذلک ، وامتنع صرفها للصّفه الأصلیّه (7) وأمّا إذا لم یکن فی الأصل صفه ثم طرأت علیه الوصفیّه فلا اعتبار به فی منع الصّرف ، ولذلک انصرف أربع فی قولک : مررت بنسوه أربع ، لأنّ أربعا من أسماء الأعداد ، ولیس بصفه فی الأصل ، فلمّا استعمل صفه للنسوه لم تعتبر الوصفیه فی منع الصرف ، وأمّا أفعی : للحیّه ، وأخیل : لطائر (8) وأجدل للصقر (9) فمنصرف عند الفصحاء لأنها لیست فی الأصل صفه ، وممتنع من الصّرف عند غیرهم (10) لتوهّم الوصفیه فیها حیث کان أخیل اسما لطائر فیه خیلان ، وحیث کان الجدل القوّه ، والصّقر من الطیور

ص: 131

1- فی الأصل أن لا یغل.

2- شرح المفصل ، 1 / 60 ، وشرح التصریح ، 2 / 220 - 221.

3- الکافیه ، 383.

4- العظیم من الحیّات وفیه سواد ، وهی من الصفه الغالبه ، حتی استعمل استعمال الأسماء وجمع جمعها. اللسان ، سود.

5- الذی فیه سواد وبیاض. اللسان ، رقم.

6- الأدهم القید لسواده ، وهی الأداهم کسّروه تکسیر الأسماء وإن کان فی الأصل صفه لأنّه غلب علیه الاسم. اللسان ، دهم.

7- غیر واضحه فی الأصل.

8- الأخیل طائر أخضر سمّی بذلک للخیلان ، وأصله الصّفه ثم استعمل استعمال الأسماء. اللسان ، خیل.

9- الأجدل : الصقر ، وهو صفه غالبه وأصله من الجدل الذی هو الشّده ، وهی الأجادل کسروه تکسیر الأسماء لغلبه الصفه علیه. اللسان ، جدل.

10- همع الهوامع ، 1 / 31.

القویه ، وحیث توهّم الخبث فی أفعی ، لأنّه الحیّه (1).

8- ذکر الألف والنون

الألف والنون إن کانت فی اسم غیر صفه فشرطها العلمیّه لأنه إذا کان علما امتنع من قبول التاء نحو : عثمان ، وإنما اعتبرت (3) من العلل لشبهها بألفی التأنیث وإن کانت الألف والنون فی اسم هو صفه ، فالمعتبر فیه أن لا یکون له (فعلانه) لأنّ قبوله التاء یبعده عن شبه ألفی التأنیث ، وقیل : المعتبر وجود (فعلی) ، فمن شرط وجود (فعلی) صرف (رحمن) ، إذ لا یقال فیه (رحمی) ، ومن شرط انتفاء (فعلانه) منعه من الصّرف لحصول الشّرط وهو انتفاء (فعلانه) إذ لا یقال (رحمانه) وسکران ممتنع علی القولین لوجود (فعلی) وانتفاء (فعلانه) وندمان منصرف علی القولین (4) لوجود ندمانه وعدم ندمی.

9- ذکر الترکیب

الترکیب فی الأعلام أنواع ، والمعتبر منها ، جعل الاسمین واحدا کبعلبک لا علی جهه الإضافه کأبی بکر إذا سمّی به ، ولا علی جهه الإسناد کتأبّط شرّا ، ولا بأن یکون الثانی صوتا أو متضمنا حرفا فی الأصل نحو : سیبویه ، وخمسه عشر ، إذا جعل علما ، أمّا الإضافه فإنها تجعل غیر المنصرف فی حکم المنصرف ، وأما الإسناد أو کون الثانی صوتا أو متضمنا حرفا ، فلأنّه موجب للبناء وغیر المنصرف نوع من المعرب ، فلا یستقیم أن یکون الترکیب بهما مانعا من الصّرف ، وشرط الترکیب المعتبر العلمیّه (6).

ص: 132

1- شرح الوافیه ، 150 - 151.

2- الکافیه ، 384.

3- غیر واضحه فی الأصل ، وتوضیحها من شرح الوافیه ، 152.

4- شرح الوافیه ، 152 - 153 والنقل منه ، وانظر شرح المفصل ، 1 / 67 وشرح التصریح ، 2 / 213 والأشمونی ، 3 / 232.

5- الکافیه ، 384.

6- شرح الوافیه ، 153 وشرح الکافیه ، 1 / 59 - 60 والهمع ، 1 / 32.

ذکر بقیّه الکلام علی ما لا ینصرف

کلّ ما فیه علمیّه مؤثّره إذا نکّر صرف ، واحترز بقوله : مؤثّره ، عن صیغه منتهی الجموع نحو : مساجد ، وعن ألفی التأنیث المقصوره والممدوده نحو : سکری وصحراء علما ، فإنّ المذکورات لم تمتنع من الصّرف للعلمیّه بل لاستقلال کلّ من صیغه منتهی الجموع وألفی التأنیث بمنع الصرف (2) ، والعلمیّه المؤثّره تاره تکون شرطا لما جامعته وهو التأنیث بالتاء ، والمعنویّ والعجمه والترکیب والألف والنون فی اسم غیر صفه ، وما فی أوله زیاده من حروف نأیت کأحمد ویزید ، وتاره تکون مؤثّره ولیست شرطا وذلک فی العدل ووزن الفعل ، فإذا نکّر بقی الذی العلمیّه شرط فیه بلا سبب ، وبقی الذی لیست فیه شرطا أعنی العدل ووزن الفعل علی سبب واحد (3) وأمّا نحو : أحمر فممتنع من الصّرف (4) للصفه ووزن الفعل ، فإذا جعل علما کان المعتبر العلمیّه ووزن الفعل ، فإذا نکّر فالأخفش (5) یصرفه (6) وسیبویه یمنعه الصّرف اعتبارا للصفه الأصلیه (7) لزوال العلمیّه المانعه من اعتبار الصفه ، وکذلک القول فی سکران وثلاث ونحوهما لو جعل علما وجمیع ما لا ینصرف إذا أضیف أو دخلته الّلام کأحمدکم وعمرکم والأحمر ، انجرّ بالکسره (8) وهل هو منصرف حینئذ أم لا؟ فیه خلاف ، فمذهب سیبویه أنّه لم ینصرف ، لأنّ الصرف عباره عن التنوین ، ولا تنوین مع الإضافه ولام التعریف ، وذهب غیره (9) إلی أنه منصرف

ص: 133

1- الکافیه ، 384.

2- شرح الوافیه ، 153.

3- شرح الوافیه ، 154 ، وشرح الکافیه ، 1 / 64 - 66.

4- الکافیه ، 384.

5- أبو الحسن سعید بن مسعده مولی بنی مجاشع ، قرأ النحو علی سیبویه وکان معتزلیا عالما بالکلام والجدل والعروض صنّف الأوسط فی النحو وتفسیر معانی القرآن ، اختلف حول سنه وفاته فقیل 186 ه ، وقیل 207 ه وقیل 215 ه ، انظر ترجمته فی الفهرست ، 77 ونزهه الألباء ، 133 وإنباه الرواه ، 2 / 26 ووفیات الأعیان ، 2 / 380.

6- انظر رأی الأخفش مفصّلا فی شرح المفصل ، 1 / 70 وشرح الکافیه ، 1 / 68.

7- الکتاب ، 3 / 203 - 293 والمقتضب ، 3 / 312 وشرح الوافیه ، 155.

8- الکافیه ، 384.

9- کالسیرافی والزجاج والزجاجی ، وانظر الکتاب ، 1 / 22 - 3 / 221 والمقتضب ، 3 / 313 ، والهمع 1 / 24.

لأنه بدخول اللام والإضافه بعد عن شبه الفعل.

ذکر المرفوعات

اشاره

المرفوع : هو ما اشتمل علی علم الفاعلیّه ، وهی سبعه : الفاعل ثم مفعول ما لم یسمّ فاعله ثم المبتدأ ثم الخبر ثم خبر إنّ ، ثم خبر لا التی لنفی الجنس ، ثم اسم ما ولا المشبهّتین بلیس.

1- ذکر الفاعل

اشاره

الفاعل ما أسند إلیه الفعل أو شبهه وقدّم علیه علی جهه قیامه به ، کزید فی قام زید ، وإنما قال : ما أسند إلیه الفعل ، ولم یقل : اسم أسند الفعل إلیه ، لیدخل فیه الفاعل الذی هو فی تأویل الاسم نحو : أعجبنی أن ضربت زیدا ، فأن مع الفعل ، فاعل أعجبنی (3) ولیس باسم ، بل فی تقدیر الاسم ، وقوله : وقدّم علیه ، یخرج نحو : زید قام ، فإنّ الفاعل هو المضمر المستتر فی قام لا زید ، ولا یکون الفاعل أبدا إلّا متأخرا عن فعله وقوله : أو شبه الفعل ، فیدخل نحو فاعل الصفه المشبّهه کزید حسن وجهه ، وفاعل اسم الفاعل فی قولک : زید قائم أبوه ، وفاعل اسم الفعل ، نحو : هیهات زید ، أی بعد ، والظرف نحو : زید عندک أبوه والجار والمجرور نحو : زید علیه ثوب ، فثوب (4) فاعل مرفوع بعلیه ، وکذلک ، مررت برجل علیه ثوب وتحته بساط ، فثوب وبساط فاعل مرفوع بما أسند إلیه من شبه الفعل (5). وقوله : علی جهه قیامه به ، یخرج مفعول ما لم یسمّ فاعله ، نحو : ضرب زید ، فإنّ الفعل قد أسند إلی زید وقدّم علیه ولکن لا علی طریقه فعل یفعل بل علی طریقه ما لم یسمّ فاعله ، وإنّما یحتاج إلی ذلک من أخرج مفعول ما لم یسمّ فاعله من باب الفاعل (6).

ص: 134

1- الکافیه ، 384.

2- الکافیه ، 384.

3- فی الأصل : الذی هو أعجبنی ، وشطب الناسخ علی أولها.

4- فی الأصل فزید.

5- شرح الکافیه ، 1 / 71.

6- شرح الوافیه ، 157.

والأصل فی الفاعل أن یلی فعله (1) فإن قدّم علی الفاعل غیره فهو فی النیه مؤخّر ، فلذلک جازت مسأله ضرب غلامه زید. وامتنع مسأله ضرب غلامه زیدا ، لأنّ ضمیر الغائب لا یجوز أن یعود إلی غیر مذکور لفظا ولا معنی ، فجاز ضرب غلامه زید لتقدم زید معنی ، فیعود الضمیر المتصل بالمفعول ، فی غلامه إلی زید المتقدم معنی ، وامتنع ضرب غلامه زیدا (2) ، لأنّ الضمیر لزید ، وهو متأخر لفظا ومعنی ، أمّا تأخره لفظا فظاهر من المثال المذکور ، وأمّا تأخره معنی ، فلأنه مفعول ، والمفعول متأخر معنی ولو کان مقدما لفظا (3).

ذکر وجوب تقدیم الفاعل

یجب تقدیم الفاعل إذا انتفی الإعراب لفظا فیهما (5) والقرائن المعنویّه کضرب موسی عیسی ، بخلاف أکل الکمّثری موسی ، للقرینه التی تنفی اللّبس ، وکذلک یجب تقدیمه إذا کان مضمرا متصلا ، نحو : ضربت زیدا وضربتک ، وکذلک یجب تقدیمه إذا أثبت المفعول بعد النفی نحو : ما ضرب زید إلّا عمرا ومعناه حصر مضروبیّه زید فی عمرو أی لا ضارب لزید سوی عمرو (6).

ذکر وجوب تقدیم المفعول

یجب تقدیم المفعول لفظا ، وإن کان علی خلاف القیاس إذا أضیف الفاعل إلی ضمیر المفعول کقوله تعالی : (وَإِذِ ابْتَلی إِبْراهِیمَ رَبُّهُ بِکَلِماتٍ)(8). لأنّ الفاعل لو قدّم رجع الضمیر إلی غیر متقدّم لا لفظا ولا معنی وهو مثل : ضرب غلامه زیدا ،

ص: 135

1- الکافیه ، 384.

2- جوزه الأخفش وابن جنی ، وجعلاه قیاسا ، انظر الخصائص لابن جنی 1 / 294 وهمع الهوامع ، 1 / 66.

3- شرح الوافیه ، 157 ، والتشابه بینهما واضح. وانظر شرح المفصل ، 1 / 75 ، وشرح الکافیه ، 1 / 71.

4- الکافیه ، 384.

5- فی شرح الوافیه ، 158 «فیهما معا وانتفت القرائن المعنویه».

6- شرح الوافیه ، 158 ، وانظر الکتاب ، 1 / 34 ، والمقتضب ، 3 / 95 117 - 4 / 2 وشرح الکافیه ، 1 / 72 وشرح التصریح ، 1 / 281 ، والأشمونی ، 2 / 56.

7- الکافیه ، 385.

8- من الآیه 124 من سوره البقره.

ومما یجب فیه تقدیم المفعول أن یکون المفعول مضمرا متّصلا والفاعل ظاهر نحو : ضربک زید وضربنی زید ، ومما یجب فیه تقدیم المفعول أیضا ، إن ثبت الفاعل بعد النّفی کقولک : ما ضرب عمرا إلّا زید ، أی لا ضارب لعمرو غیر زید ، فلو قدّر ضارب آخر لم یستقم المعنی (1) ومنه قول الشّاعر (2) :

قد علمت سلمی وجاراتها

ما قطّر الفارس إلّا أنا

ذکر حذف الفعل جوازا ووجوبا

حذف الفعل جائز وواجب ، فالجائز ، قولک : زید فی جواب من قال : من قام؟ ونحوه أی قام زید (4) وکذلک یحذف الفعل جوازا فی نحو قوله تعالی : (یُسَبِّحُ لَهُ فِیها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ رِجالٌ)(5) فیمن قرأ بفتح الباء من یسبح (6) أی یسبّحه رجال ، فأنت مخیّر فی ذلک إن شئت حذفت الفعل لدلاله القرینه علیه ، وإن شئت أظهرته لزیاده البیان. فإن قیل من قام؟ قلت : عمرو أو قام عمرو حسبما تقدم ، والفعل الواجب حذفه یفسّر (7) بعد حذفه کقوله تعالی : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِکِینَ

ص: 136

1- شرح الوافیه ، 160 وانظر شرح التصریح ، 1 / 182.

2- البیت لعمرو بن معدیکرب ، ورد منسوبا له فی الکتاب ، 2 / 353 وشرح دیوان الحماسه ، للمرزوقی 1 / 411 وشرح شواهد المغنی ، للسیوطی 1 / 419 وذکر أنه ینسب للفرزدق أیضا ولیس فی دیوانه ، وورد من غیره نسبه فی شرح المفصل ، 3 / 101 - 103 ولسان العرب ، قطر ، ومغنی اللبیب 1 / 309. قطر : صرع.

3- شرح الکافیه ، 385.

4- شرح الوافیه ، 160 والتشابه تام ، وانظر شرح التصریح ، 1 / 273.

5- من الآیتین 36 - 37 من سوره النور ونصهما : «فی بیوت أذن الله أن ترفع ویذکر فیها اسمه یسبّح له فیها بالغدوّ والآصال ، رجال لا تلهیهم تجاره ولا بیع عن ذکر الله وإقام الصّلاه وإیتاء الزّکاه یخافون یوما تتقلّب فیه القلوب والأبصار».

6- قرأ أبو بکر وابن عامر بفتح الباء علی ما لم یسمّ فاعله ف «له» یقوم مقام الفاعل ثم فسّر من هو الذی یسبّح له بقوله ؛ رجال لا تلهیهم ، کأنه لمّا قیل یسبّح له فیها قیل : من هو الذی یسبّح فقیل : رجال صفتهم کذا وکذا ، ویجوز أن یرتفع رجال بالابتداء والخبر فی بیوت فیوقف علی الآصال فی القول الأول ولا یوقف علیه فی هذا القول الثانی ، وقرأ الباقون بکسر الباء ، بنوا الفعل للفاعل وهو الرجال فارتفعوا بفعلهم. انظر الکشف ، 2 / 139 - والنشر فی القراءات العشر ، لابن الجزری ، 2 / 322 - واتحاف فضلاء البشر ، للدمیاطی ، 394.

7- فی الأصل «والفعل الواجب حذفه أن یفسر» وفی شرح الوافیه ، 161 «والواجب أن یجیء تفسیرا لفعل بعد حذفه» ثم ساق الآیه ، ونصّ أبی الفداء بعد حذفنا ل «أن» أوضح.

اسْتَجارَکَ)(1) لأنّ التقدیر وإن استجارک أحد من المشرکین ، فلو ذهبت لتذکر الفعل ، جمعت بین المفسّر والمفسّر وهو غیر جائز (2).

ذکر تنازع الفعلین

المراد بتنازع الفعلین أن کلّا منهما یصلح أن یکون عاملا فی الظّاهر بعدهما (4) وتنازعهما علی أربعه أقسام :

الأوّل : أن یکون الأوّل علی جهه الفاعلیّه والثانی علی جهه المفعولیّه کقولک : ضربنی وأکرمت زیدا.

الثانی : عکسه ، کقولک : ضربت وأکرمنی زیدا.

الثالث : أن یکون تنازعهما علی جهه المفعولیّه کقولک : ضربنی وأکرمنی زید.

الرابع : أن یکون تنازعهما علی جهه المفعولیّه کقولک : ضربت وأکرمت زیدا (5).

والبصریون یختارون إعمال الثانی ، لأنّ المعمول کالتتمّه للعامل ، فکان الثانی أولی لقربه ، والکوفیون یختارون إعمال الأوّل ، لأنّ السّابق أولی (6) فإن أعملت الثانی ، والأوّل یقتضی الفاعل أضمرت الفاعل فی الأوّل علی وفق الظاهر ، کقولک : ضربنی وضربت زیدا ، فتضمر فی : ضربنی ، ضمیرا وفقا لزید ، ویستتر إذا کان مفردا کما فی المثال المذکور ، ویظهر فی التثنیه والجمع کقولک : ضربانی وضربت الزیدین ، وضربونی وضربت الزیدین ، والکسائیّ یجیزها علی حذف الفاعل فیقول : ضربنی وضربت الزیدین ، فلا یبرز ضمیر المثنّی فی ضربنی لأنّ الفاعل عنده

ص: 137

1- من الآیه 6 من سوره التوبه.

2- شرح الوافیه ، 161 وانظر شرح الکافیه ، 1 / 77.

3- الکافیه ، 385.

4- الکتاب ، 1 / 73 ، والمقتضب ، 3 / 112 وتسهیل الفوائد 86 ، وشرح المفصل ، 1 / 77 ، وشرح الکافیه ، 1 / 77 ، وشرح التصریح ، 1 / 78 ، وهمع الهوامع ، 2 / 108.

5- شرح الوافیه ، 162.

6- للتوسع فی ذلک ارجع إلی الکتاب ، 1 / 74 ، والمقتضب ، 4 / 72 والإنصاف ، 1 / 83 وشرح المفصل ، 1 / 77.

محذوف (1) ، والفرّاء (2) یمنع من حذف الفاعل ومن الإضمار قبل الذّکر ، ویقول إذا توجّه الفعلان إلی الظّاهر علی جهه الفاعلیّه مثل : قام وقعد زید ، فزید مرفوع بهما (3) وهو باطل ، لتعذّر أن یفعل الاسم الواحد الفعلین فی حاله واحده (4) وتقول : ضربنی وضربت زیدا هو ، فتجعل هو فاعل ضربنی لصّحه رجوعه إلی زید ، لتقدّمه علیه لفظا ، وإن احتاج الأوّل إلی مفعول فاحذفه ، لأنّه فضله یستغنی عنه إلّا أن یکون هو المفعول الثانی من باب ظننت ، فإنّه لا یحذف کقولک : ظنّنی قائما وظننت زیدا قائما (5) فلو أضمرته وقلت : علّمنی إیاه وعلمت زیدا منطلقا ، لم یجز لأنّ المفعول لا یضمر قبل الذّکر أصلا.

وإن أعملت الأوّل علی اختیار الکوفیین أضمرت الفاعل فی الثانی ، نحو : ضربت وضربانی الزیدین ، ولیس ذلک إضمارا قبل الذکر ، وإن احتاج الثانی إلی مفعول ، فالمختار إضماره نحو : ضربنی وضربته زید ، وإن عسر إضماره ، أظهرته نحو : ظننت وظنّانی قائما الزیدین قائمین ، لأنّک لو قلت : ظننت وظنّانی إیاه الزیدین قائمین ، لم یستقم لرجوع إیاه وهو مفرد إلی قائمین وهو مثنّی ، وإن جعلت إیاه مثنّی وقلت : ظننت وظنّانی إیاهما ، لم یستقم أیضا ، لأنّه خبر عن مفرد ، وهو المفعول الأوّل فی ظنانی (6).

2- ذکر مفعول ما لم یسمّ فاعله

هو کلّ مفعول لفعل حذف فاعله ورفع هو لإقامته مقام الفاعل ، وشرط فعله إن کان ماضیا أن ینقل من فعل إلی فعل ، وإن کان مستقبلا أن ینقل من یفعل إلی یفعل ، عبّر ب «فعل» یفعل عن جمیع الأفعال التی ذکر معها فاعلها ، وب «فعل» یفعل عن

ص: 138

1- شرح الوافیه ، 162.

2- یحیی بن زیاد أبو زکریا ، أعلم النحویین الکوفیین بعد الکسائی ، توفی 207 ه ، انظر ترجمته فی الفهرست ، 98 ، ونزهه الألباء ، 98 والبلغه ، 280 ، والبغیه ، 2 / 33.

3- شرح المفصل ، 1 / 77.

4- شرح الکافیه ، 1 / 80.

5- شرح التصریح ، 1 / 322.

6- شرح الوافیه ، 163 - 164 وانظر همع الهوامع ، 2 / 110.

7- الکافیه ، 385 - 386.

جمیع الأفعال التی حذف فاعلها ، وصار ذلک کاللّقب لها (1). ولا یصحّ وقوع المفعول الثانی (2) من باب علمت موقع الفاعل ، لأنّه مسند إلی الأوّل فی المعنی فلو أسند الفعل إلیه لصار مسندا ، ومسندا إلیه فی حاله واحده ، والثالث من باب أعلمت کذلک ، والمفعول له کذلک أیضا ، لأنّ نصبه هو المشعر بالعلّیّه ، وإقامته مقام الفاعل توجب رفعه فیتدافعان ، والمفعول معه کذلک ، لأنّ شرطه أن یکون مع الفاعل (3) ، وشرط مفعول ما لم یسمّ فاعله حذف الفاعل فیتدافعان ، وإذا تعدّدت المفاعیل وفیها مفعول به تعیّن أن یقام مقام الفاعل دون غیره ، کزیدا فی قولک : ضربت زیدا ضربا شدیدا یوم الجمعه أمام الأمیر فی داره (4) خلافا للکوفیین فإنهم یجیزون إقامه غیره فیرفعونه ویبقون المفعول به الصریح منصوبا ویستدلّون بقراءه أبی جعفر المدنیّ (5) شیخ نافع (6) ویخرج (7) له یوم القیامه کتابا یلقاه منشورا (8) ومثله فی قراءته أیضا (لِیَجْزِیَ قَوْماً بِما کانُوا یَکْسِبُونَ)(9) وبقول الشاعر : (10)

ص: 139

1- شرح الوافیه ، 167 وشرح الأشمونی ، 5 / 108.

2- الکافیه ، 386.

3- وفی شرح الوافیه ، 168 تفصیل اختصره أبو الفداء هنا ، وانظر لهذه المسائل تسهیل الفوائد ، 77 ، وشرح الکافیه ، 1 / 83 - 84 وشرح التصریح ، 1 / 192 ، وشرح الأشمونی ، 2 / 68 ، والهمع 1 / 163 - 164.

4- الکافیه ، 386.

5- یزید بن القعقاع المخزومی المدنی إمام أهل المدینه فی القراءه وأحد القرّاء العشره قرأ علی ابن عبّاس وأبی هریره وروی عنه القراءه نافع بن أبی نعیم توفی سنه 130 ه انظر ترجمته فی الفهرست ، 46 وغایه النهایه ، 2 / 382 والنشر ، 1 / 178.

6- هو أبو رویم نافع بن عبد الرّحمن بن أبی نعیم اللیثیّ مولاهم المدنی ، أصله من أصبهان قرأ علی سبعین من التابعین منهم أبو جعفر المدنیّ وقد انتهت إلیه ریاسه الإقراء بالمدینه فأقرأ بها أکثر من سبعین سنه توفی ، 169 ه انظر ترجمته فی الفهرست ، انظر ترجمته فی الفهرست ، 42 وغایه النهایه ، 2 / 330 والنشر ، 1 / 112.

7- کذا فی الأصل بالیاء وضمها وفتح الراء علی قراءه أبی جعفر ، وقرأ الباقون بالنون وضمها وکسر الراء. انظر النشر ، 2 / 206 والاتحاف ، 282.

8- من الآیه 13 ، من سوره الإسراء.

9- من الآیه 14 من سوره الجاثیه ، وقد ضبط «یجزی» فی الأصل بضم الیاء وفتح الزای علی قراءه أبی جعفر ، وقرأه نافع وابن کثیر وأبو عمرو وعاصم ویعقوب بالیاء مبنیا للفاعل أن لیجزی الله ، والباقون بالنون مبنیا للفاعل أیضا ، انظر النشر ، 2 / 372 والاتحاف ، 390 ، وانظر فی هذه المسأله ، شرح المفصل ، 7 / 74 ، وشرح التصریح ، 1 / 291 ، والهمع ، 1 / 162.

10- البیت لجریر بن عطیه ورد فی دیوانه ، 75 ، ونسب له فی خزانه الأدب للبغدادی 1 / 337 - 338 ومن غیر نسبه فی الخصائص 1 / 297 وشرح المفصل ، 7 / 75 وشرح الکافیه ، 1 / 85 وهمع الهوامع ، 1 / 162.

ولو ولدت قفیره جرو کلب

لسبّ بذلک الجرو الکلابا

فأقام الجار والمجرور مقام الفاعل ونصب المفعول الصّریح ، والبصریون یتأولون ذلک (1).

واعلم أنّ المفاعیل إذا تعدّدت وأقمت أحدها مقام الفاعل فلک الخیار فی تقدیمه وتأخیره عند عدم اللّبس ، فإذا التبس وجب أن یلی المقام الفعل ، فقوله تعالی : (وَجِیءَ یَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ)(2) المقام «یومئذ» ، وإذا تعدّدت المفاعیل التی تقام مقام الفاعل ولم یکن فیها مفعول به رفعت ما شئت لقیامه مقام الفاعل وترکت البواقی علی ما تقتضیه (3) والأولی ؛ أن یقام المفعول الأول من باب أعطیت مقام الفاعل دون الثانی (4) ففی قولک : أعطیت زیدا درهما ، الأولی أن یقام زید مقام الفاعل دون الدّرهم ، لأنّ زیدا عاط أی متناول ففیه معنی الفاعلیّه (5).

3- ذکر المبتدأ

وهو الاسم - أو المؤول به - المجرّد عن العوامل اللفظیّه مسندا إلیه أو الصّفه الواقعه بعد حرف الاستفهام ، أو حرف النّفی ، رافعه لظاهر نحو : زید قائم (7) ،

ص: 140

1- ومما قالوا إنّ کلابا منصوب بولدت ، ونصب جرو کلب علی النداء علی الذم وحینئذ یخلو الفعل من مفعول به فحسن إقامه المصدر مقام الفاعل ، ویکون التقدیر فلو ولدت قفیره الکلاب یا جرو کلب لسبّ السّبّ بذلک ، وحمله بعضهم علی الشذوذ من إقامه المصدر مقام الفاعل مع وجود المفعول به وهو الکلاب ، انظر الخصائص ، 1 / 397 وشرح المفصل ، 7 / 76 وخزانه الأدب ، 1 / 338. قال ابن جنی «هذا من أقبح الضروره ومثله لا یعتد به أصلا بل لا یثبت إلا محتقرا شاذا» وفی شرح الوافیه ، 170 «وجوابهم أنه خارج عن القیاس واستعمال الفصحاء».

2- من الآیه 23 من سوره الفجر.

3- شرح الوافیه ، 170 وانظر شرح الکافیه ، 1 / 85.

4- الکافیه ، 386.

5- شرح الوافیه ، 170 والتشابه تام مع تقدیم وتأخیر.

6- الکافیه ، 386.

7- وبعدها فی الکافیه : وما قائم الزیدان ، وأقائم الزیدان. وانظر فی حد المبتدأ الکتاب 1 / 24 - 2 / 78 - 122 والمفصل ، 23 وشرح المفصل ، 1 / 83 وتسهیل الفوائد ، 44 وشرح الکافیه ، 1 / 86 وهمع الهوامع ، 1 / 93 وشرح الأشمونی ، 1 / 88.

و «تسمع بالمعیدیّ خیر من أن تراه» (1)(وَأَنْ تَصُومُوا خَیْرٌ لَکُمْ)(2) أی سماعک وصومکم.

قوله : مجرّد عن العوامل اللفظیّه ، احترز به عن أسماء إنّ وکان وما ولا المشبّهتین بلیس ، وعن المفعول الأوّل من باب علمت ، والثانی من باب أعلمت ، وعلم من احترازه عن العوامل اللفظیّه خاصه أنّه لا یحترز عن العوامل المعنویّه ، فإنّ المبتدأ لم یتجرّد عنها ، وقوله : مسندا إلیه ، احترز به عن الخبر ، لأنّه مجرّد ، ولکن غیر مسند إلیه ، وعن مثل الأصوات نحو : غاق ، وألفاظ العدد ، وحروف التهجّی فإنّها مجرّده ولکن لیست مسندا إلیها ، لأنّها غیر معربه لفقد الترکیب ، وقوله : أو الصفه الواقعه بعد حرف الاستفهام أو حرف النفی رافعه لظاهر ، إنّما أفردها بالذکر لأنّها لم تدخل فی رسم المبتدأ لکونها غیر مسند إلیها ، ولم تدخل فی رسم الخبر ، لأنّ فاعلها سدّ مسدّ الخبر ، وذلک نحو قولک : أقائم الزیدان (3) وقوله : رافعه لظاهر ، معناه أنّ هذه الصفه لا تقع مبتدأ إلّا بشرط أن تتجرّد عن الضمیر المستکنّ فیها ، لترفع الظاهر الذی بعدها ، لأنّها کالفعل إذا رفع الظاهر (4) واحترز بقوله : رافعه لظاهر عن الرافعه للمضمر نحو : أقائمان الزیدان ، وأقائمون الزیدون ، فإنّ قائمان وقائمون متعیّن للخبر (5) لأنّ کلّا منهما رافع لضمیر متّصل مستقرّ فیه لا للظّاهر الذی بعده لأنّ أقائمان وأقائمون لو کان مبتدأ ، لم یثنّ ولم یجمع ، لأنّ الفعل وشبهه إذا أسند إلی الظّاهر لم یثنّ ولم یجمع علی مذهب الأکثر ، لکن یجوز ذلک علی لغه أکلونی البراغیث وهی لغه ضعیفه (6) ، فیجوز علیها أن یقع قائمان وقائمون مبتدأ مجرّدا عن المضمر ، رافعا للظّاهر الذی بعده ویکون الزیدان والزیدون فاعلا سدّ مسدّ الخبر (7).

ص: 141

1- وروی : لأن تسمع ، وأن تسمع ، وهو مثل یضرب لمن خبره خیر من مرآه ، انظره فی جمهره الأمثال للعسکری ، 1 / 186 وفصل المقال ، للبکری 121 والمستقصی للزمخشری ، 1 / 370.

2- من الآیه 184 من سوره البقره.

3- همع الهوامع ، 1 / 94.

4- شرح الوافیه ، 171 وشرح ابن عقیل ، 1 / 189.

5- شرح الوافیه ، 171.

6- وهی لغه طیء أو أزد شنوءه أو بلحارت ، المغنی ، 2 / 365.

7- شرح الکافیه ، 1 / 86 ، وتسهیل الفوائد ، 44 وشرح ابن عقیل ، 1 / 199 ، وشرح الأشمونی ، 1 / 192.

واعلم أنّه قد قیل : ینبغی أن یزاد فی رسم الصفه المذکوره لفظه مستغنی به فیقال : رافعه لظاهر مستغنی به ، لئلا یرد النّقض بمثل : أقائم أبوه زید ، فإنّها رفعت ظاهرا وهو أبوه ومع ذلک لیست مبتدأ ، فإنّ المبتدأ فی المثال المذکور هو زید ، لا أبوه المرفوع بالصّفه المذکوره (1) ، وإذا طابقت الصفه المذکوره مفردا نحو : أقائم زید وما قائم زید جاز (2) أن تکون الصّفه حینئذ (3) مبتدأ وما بعدها فاعلها ، وجاز أن تکون خبرا مقدّما وما بعدها المبتدأ ، وإذا کانت خبرا کان فیها ضمیر مستکنّ ، وإنّما خصّص مطابقتها للمفرد بذلک ، لأنّها إذا طابقت مثنّی أو مجموعا نحو : أقائمان الزیدان وما قائمون الزیدون ، لم یجز الأمران عند الأکثر ، بل تتعین الصفه حینئذ للخبر وتکون رافعه للمضمر المستتر فیها ، ویتعیّن الظاهر الذی بعدها للمبتدأ ، وأما علی لغه أکلونی البراغیث فلا یتعیّن ذلک ، وجاز أن تکون مبتدأ وتکون حینئذ مجرّده عن الضّمیر المستتر رافعه لما بعدها حسبما تقدّمت الإشاره إلیه ، وقد أشکل منع الشّیخ أبی عمرو بن الحاجب (4) تثنیه الصّفه وجمعها فی هذا الباب ، وتجویزه ذلک علی ضعف فی النّعت حیث قال الشیخ (5) : «وحسن قام رجل قاعد غلمانه وضعف قاعدون غلمانه» فیتأمّل.

4- ذکر الخبر

اشاره

وهو المجرّد المسند به المغایر للصّفه المذکوره ، قوله : المجرّد ، احترز به عن

ص: 142

1- لعلّ القائلین بذلک قد اعتمدوا علی ما قاله ابن مالک فی شرح التسهیل ، 1 / 269 : واحترزت بکون المرفوع مغنیا من نحو : أقائم أبوه زید ، فإن الفاعل فیه منفصل مرتفع بوصف سابق إلا أنه غیر مغن إذ لا یحسن السکوت علیه فلیس مما نحن فیه بل زید مبتدأ وقائم خبر مقدم وأبوه مرتفع به» وانظر المساعد ، 1 / 205.

2- غیر واضحه فی الأصل.

3- غیر واضحه فی الأصل.

4- هو عثمان بن عمر بن أبی بکر بن یونس المعروف بابن الحاجب الکردی الأصل ، الإسنائی المولد ، برع فی الفقه المالکی ، والقراءات والعربیه والأصول توفی 646 ه انظر ترجمته فی وفیات الأعیان ، 3 / 248 والبلغه ، 140 والبغیه ، 2 / 134 وشذرات الذهب ، لابن العماد 5 / 234.

5- فی الأصل : الشرح ، قال فی الکافیه ، 400 «حسن قام رجل قاعد غلمانه ، وضعف قاعدون غلمانه».

6- الکافیه ، 386.

خبر إنّ وکان ونحوهما ، فإنّه مسند به ولیس مجرّدا عن العوامل اللفظیّه ، وإنما قال : المجرّد ، ولم یقل : الاسم المجرّد ، لأنّ خبر المبتدأ قد یکون غیر اسم ، وقوله : المسند به ، احترز به عن المبتدإ الذی هو المسند إلیه ، وقوله : المغایر للصّفه المذکوره ، احترز به عن الصّفه الواقعه بعد حرف الاستفهام وحرف النفی المقدّمه الذکر مع المبتدإ نحو : أقائم أخواک ، والمراد بالمغایره للصّفه المذکوره (1) إمّا أن لا یکون صفه ک «زید غلامک» ، أو یکون صفه ولا یکون بعد حرف النفی أو ألف الاستفهام ک «زید قائم» ، أو یکون صفه واقعه بعد أحدهما ، ولا تکون رافعه لظاهر ، کأقائمان الزیدان.

ذکر أنّ أصل المبتدإ التقدیم

الأصل أن یقدّم المبتدأ علی الخبر لأنّ المبتدأ محکوم علیه وحقّ المحکوم علیه أن یکون متقدّما علی المحکوم به ، ومن ثمّ جاز : فی داره زید ، لأنّ زیدا وإن کان متأخرا عن فی داره لفظا فهو متقدّم تقدیرا ، وامتنع أن یقال : صاحبها فی الدّار ، لأنّه إضمار قبل الذکر لفظا ومعنی ، لأنّ الضمیر فی صاحبها یعود إلی الدّار وهو متقدّم علی الدّار لفظا ومعنی ، أمّا لفظا فظاهر ، وأمّا معنی فلأنّ صاحبها مبتدأ وحقّه أن یکون متقدّما علی الخبر (3).

ذکر وجوب تقدیم المبتدأ

یجب تقدیم المبتدإ إذا تضمّن معنی الإنشاء نحو : من أبوک؟ وما صناعتک؟ وکذلک إذا کان الخبر فعلا للمبتدأ نحو : زید قام ، واعلم أنه لو قال : (5) فعلا له مفردا لکان أولی ، لئلّا یرد علیه : الزیدان قاما ، والزیدون قاموا ، فإنّ الفعل هنا

ص: 143

1- غیر واضحه فی الأصل.

2- الکافیه ، 386.

3- شرح الوافیه ، 172 وانظر شرح المفصل ، 1 / 85 ، وشرح الکافیه ، 1 / 88.

4- الکافیه ، 386 - 387.

5- فی الأصل : قیل ، وفی الکافیه : «أو کان الخبر فعلا له» وفی شرح الوافیه ، 173 ، ومنها أن یکون الخبر فعلا له.

للمبتدإ ، ولا یجب تقدیم المبتدأ علیه بل یجوز : قاما الزیدان وقاموا الزیدون علی أنّ قاما وقاموا خبران مقدّمان ، ویجب التّقدیم أیضا إذا استوی المبتدأ والخبر فی المعنی نحو : زید الأفضل (1).

ذکر وجوب تقدیم الخبر

یجب تقدیم الخبر إذا تضمّن معنی الإنشاء نحو : أین زید؟ ومتی السّفر؟ وأما إذا کان الخبر جمله نحو : زید متی خروجه؟ فإنّه لا یجب تقدیم الخبر حینئذ لکونه جمله وقد وقع الاستفهام فی صدرها علی بابه ، وکذلک یجب تقدیم الخبر إذا کان مصحّحا للمبتدإ نحو : فی الدّار رجل فإنّه لو قدّم المبتدأ حصل الابتداء بالنکره من غیر تخصیص ، وکذا یجب تقدیمه إذا کان المبتدأ أنّ المفتوحه مع ما فی حیّزها نحو : عندی أنّک قائم ، وفی ظنّی أنّک مسافر ، فلو قدّمت بقیت عرضه لدخول إنّ علیها (3) ، وکذا یجب تقدیمه إذا کان فی (4) المبتدأ ضمیر راجع إلی شیء من الخبر نحو : علی التّمره مثلها زبدا ، فلو قدّم المبتدأ الذی هو مثلها رجع الضمیر إلی غیر مذکور لا لفظا ولا معنی (5).

ذکر الابتداء بالنّکره

للمبتدإ والخبر من جهه التعریف والتنکیر أربعه أقسام : أحدها : أن یکون المبتدأ معرفه (7) والخبر نکره وهو الأصل نحو : زید قائم ، والثانی : أن یکونا معرفتین نحو :

ص: 144

1- بعدها فی شرح الوافیه ، 173 «فجعل المتقدم مبتدأ ، هو المستقیم لأنه الأصل فلا حاجه إلی تقدیر تقدیم وتأخیر من غیر فائده» وانظر المغنی ، 2 / 451 وشرح التصریح ، 1 / 171 وهمع الهوامع ، 1 / 55 وحاشیه الصبان ، 1 / 209.

2- الکافیه ، 387.

3- شرح الوافیه ، 174 وبعدها «وهم یکرهون مثل ذلک فأوجبوا تقدیم الخبر لیصح دخول إن کقولک : إن فی ظنی أنک مسافر ونحوه وهذا قول الأکثرین».

4- فی الأصل إذا کان المبتدأ ضمیر ... وانظر شرح الوافیه 174.

5- شرح الوافیه ، 174 وانظر شرح الکافیه 1 / 99 وشرح التصریح 1 / 176 وشرح الأشمونی ، 1 / 212.

6- الکافیه ، 387.

7- الکتاب ، 1 / 328 والمقتضب ، 4 / 127 وشرح المفصل ، 1 / 85 وتسهیل الفوائد ، 46.

زید أخوک ، والثالث : أن یکونا نکرتین نحو : رجل حسن قائم ، والرابع : أن یکون المبتدأ نکره والخبر معرفه وهو عکس الأصل. کقول الشّاعر : (1)

أهابک إجلالا ومالک قدره

علیّ ولکن ملء عین حبیبها

فملء عین مبتدأ وهو نکره وحبیبها خبر وهو معرفه ، وقد جاء مثل ذلک مع العوامل ، کقول الشّاعر : (2)

وربّ سبیئه من بیت رأس

یکون مزاجها عسل وماء

فعسل نکره وهو اسم کان ومزاجها معرفه وهو الخبر ، والظّاهر أنّ هذا القسم إنّما یجوز فی ضروره الشعر (3).

ولا یجوز الابتداء بالنکره إلّا إذا تخصّصت بوجه ما (4) ، لأنّها بالتخصیص تقارب المعرفه ، وتخصیصها بأحد أمور عشره :

1 - الوصف نحو : رجل عالم فی الدار.

2 - الاستفهام نحو : أرجل فی الدار أم امرأه.

3 - النفی نحو : ما أحد خیر منک.

4 - أن تقع النکره بمعنی الفاعل المثبت بعد نفی نحو «شرّ أهرّ ذا ناب» ، أی : ما أهرّ ذا ناب إلّا شر (5).

ص: 145

1- البیت لنصیب بن رباح الأکبر مولی بنی مروان ، نسب له فی شرح دیوان الحماسه للمرزوقی ، 3 / 1363 وشرح الشواهد ، 1 / 213 وشرح التصریح ، 1 / 176 وورد من غیر نسبه فی عمده الحافظ ، 1 / 78 ، وشرح ابن عقیل ، 1 / 241 وشرح الأشمونی ، 1 / 213.

2- البیت لحسّان بن ثابت ورد فی دیوانه 71 بروایه کأن خبیئه ، وروی البیت منسوبا له فی کل من الکتاب ، 1 / 49 والمقتضب ، 4 / 92 بروایه کأن سلافه ، والمحتسب 1 / 379 والحلل فی شرح أبیات الجمل ، للبطلیوسی 46 وشرح المفصل ، 7 / 91 - 93. ولسان العرب ، سبأ ، ومغنی اللبیب 2 / 453 - 695 - وشرح شواهد المغنی ، 2 / 849 ورواه السیوطی فی همعه ، 1 / 119 من غیر نسبه بروایه کأن سلافه ورواه جمیعهم وکأن مکان ورب ، السبیئه : الخمر ، بیت رأس : اسم لقریتین فی کل واحده منهما کروم کثیره إحداهما بالبیت المقدس ، والأخری من نواحی حلب معجم البلدان ، 1 / 520.

3- الکتاب ، 1 / 48 والمقتضب ، 4 / 91.

4- الکافیه ، 386.

5- مثل یضرب عند ظهور أمارات الشرّ ومخایله انظر المستقصی ، 2 / 130 ومجمع الأمثال للمیدانی ، 1 / 370 ، تحقیق محمد محیی الدین عبد الحمید ، وانظر حاشیه الصبان ، 1 / 205.

5 - تقدیم ظرف هو الخبر نحو قولک : فی الدار رجل.

6 - الدعاء نحو : سلام علیک ، وویل له ، وعزّ لمولانا.

7 - الاستغراق نحو : من یقم أقم معه.

8 - الجواب نحو : أن یقال لک : من عندک؟ تقول : رجل ، أی عندی رجل وهو راجع إلی تقدیم الخبر وهو ظرف.

9 - التعجب نحو : ما أحسن زیدا ، فعند سیبویه ما مبتدأ نکره وهی بمعنی شیء خلافا للأخفش فإنّه یقول إنّ ما فی ما أحسن زیدا ، موصوله فتکون معرفه (1).

10 - الإضافه نحو قوله صلی الله علیه وسلم : «خمس صلوات کتبهنّ الله علی العباد» (2) وغلام رجل فی الدار لتخصیصه بالإضافه ، والظاهر أنّ التخصیص لا ینحصر فی الأمور العشره المذکوره فإنّ التصغیر مخصص نحو : رجیل عندک ، ولیس هو من الأمور العشره (3).

ذکر الجمله الخبریه

الکلام إن احتمل الصّدق والکذب فهو الخبر کقولنا : زید کاتب ، زید لیس بکاتب ، وإن لم یحتمل الصّدق والکذب فهو الإنشاء وهو الأمر ، والنّهی ، والسؤال والالتماس والتمنی والترجّی والقسم والنداء والتعجّب والاستفهام ، لأنّ الإنشاء إن دلّ علی طلب الفعل دلاله وضعیه فهو مع الاستعلاء أمر نحو : اضرب ، ومع الخضوع سؤال : کاللهمّ اغفر لی ، ومع التساوی التماس نحو : تمهّل یا رفیقی ، وإنّ لم یدلّ علی طلب الفعل دلاله وضعیه ، فإن دلّ علی طلب ترک الفعل فهو النهی وإلّا فهو

ص: 146

1- الکتاب ، 1 / 72 - المقتضب ، 4 / 177.

2- انظره فی موطأ الإمام مالک ، 1 / 153 ، وسنن أبی داود ، 2 / 62 ، وسنن النسائی ، 1 / 230 ، وسنن ابن ماجه ، 1 / 427 - 526 ، وفی ط. محمد فؤاد عبد الباقی 1 / 448 وانظر شرح الجامع الصغیر للمناوی ، 2 / 7.

3- شرح الوافیه ، 176 وانظر شرح المفصل ، 1 / 85 وشرح الکافیه ، 1 / 88 وشرح التصریح ، 1 / 168 وهمع الهوامع ، 1 / 101 وشرح الأشمونی ، 1 / 204 وحاشیه الحضری ، 1 / 100.

4- الکافیه ، 386.

التمنی والترجّی والقسم والنّداء والتعجّب والاستفهام (1) إذا عرفت ذلک فاعلم أنّ الجمله الخبریّه هی التی تقع خبرا غالبا ، وأمّا الجمل الإنشائیّه فلا تقع خبرا للمبتدأ إلّا بتأویل نحو : زید أکرمه وزید لا تضربه ، والتقدیر زید مقول فیه أکرمه ولا تضربه (2) ، ولنرجع إلی الجمله الخبریّه فنقول : تکون إسمیّه نحو : زید أبوه قائم ، وتکون فعلیّه نحو : زید قام ، ویلزم أن یکون فی الجمله ضمیر یعود إلی المبتدأ ، إلّا أن تکون الجمله هی نفس المبتدأ فی المعنی کما فی ضمیر الشأن نحو : (هُوَ اللهُ أَحَدٌ)(3) أو یقوم مقام العائد شیء کقوله تعالی : (وَلِباسُ التَّقْوی ذلِکَ خَیْرٌ)(4) وقد یحذف العائد إذا کان معلوما نحو : السّمن منوان بدرهم أی منوان منه بدرهم (5) وکذلک البرّ الکرّبستین (6) ، فالسّمن مبتدأ ومنوان مبتدأ ثان وبدرهم خبر عن منوین والجمله خبر السمن ، و «منه» المحذوفه فی موضع رفع صفه لمنوین لیصحّ الابتداء بالنکره ، وأما «منه» فی قولهم : البرّ الکرّبستین ، ففی موضع نصب علی الحال من الکرّ المعرفه (7) وما وقع من الظروف خبرا نحو : زید فی الدار ، زید عندک ، والخروج یوم الجمعه ، فالأکثر ، أنّه مقدّر بجمله (8) لأنّ الظرف معمول لغیره والأصل فی العمل للفعل ، والتقدیر : زید استقرّ أو حصل عندک فحذف الفعل للعلم به لاستحاله کون زید عنده من غیر حصول واستقرار ، ونقل الضمیر المستکنّ فی ذلک الفعل إلی الظّرف ، فصار

ص: 147

1- مفتاح العلوم للسکاکی ، 79.

2- شرح الوافیه ، 176 وانظر الخلاف حول جواز مجیء الجمله الخبریه إنشائیه فی تسهیل الفوائد ، 48 وشرح الکافیه ، 1 / 91 وحاشیه الصبان ، 1 / 195.

3- من الآیه 1 من سوره الإخلاص.

4- من الآیه 26 من سوره الأعراف ، علی أن ذلک مبتدأ ثان ، وخیر خبره.

5- منوان تثنیه منا ، وهو الذی یکال به السمن وغیره ، وقیل الذی یوزن به رطلان ، والجمع أمناء مثل سبب وأسباب ، وفی لغه تمیم منّ بالتشدید والجمع أمنان والتثنیه منّان علی لفظه المصباح المنیر منا.

6- البر بالضم ، القمح ، الواحده بره ، والکر : کیل معروف والجمع أکرار مثل قفل وأقفال ، وهو ستون قفیزا ، والقفیز ثمانیه مکاکیک والمکوک صاع ونصف ، المصباح المنیر برر ، وکرر.

7- ویجوز أن یکون حالا من الضمیر الذی فی الخبر ، والعامل فیه الخبر أی البر الکرکائن بستین کائنا منه ، انظر شرح الکافیه ، 1 / 91 وشرح التصریح ، 1 / 164 - 165 وشرح الأشمونی ، 1 / 196.

8- الکافیه ، 386.

الضمیر مرفوعا بالظرف کما کان مرفوعا بالفعل ، وصار الظرف مع الضمیر جمله فلذلک قدّر بجمله (1) وقال قوم : (2) التقدیر زید مستقر فی الدّار ، فیکون الخبر مفردا (3).

ذکر أمور مشترکه بین المبتدأ والخبر

قد یتضمّن المبتدأ معنی الشّرط فیصحّ دخول الفاء فی الخبر ، والذی یتضمّن ذلک من المبتدآت الاسم الموصول بفعل أو ظرف ، والنکره الموصوفه بأحدهما وإنّما یشتمل المبتدأ علی معنی الشّرط بأمرین : وهما العموم والإبهام ، لأنّ الموصول إذا لم یکن للعموم وکان لشیء (5) معهود امتنع دخول الفاء فی خبره فلو قلت : الذی بعته من عبیدی فله درهم ، لم یجز ، وکذا إذا لم تشتمل النکره الموصوفه علی العموم لم یجز دخول الفاء فی خبرها فلو قلت : رجل ظریف فله درهم ، لم یجز لفوات العموم ، فإذا قلت : کلّ رجل یأتینی فله درهم صحّ لوجود العموم والإبهام ، أما العموم فظاهر لأنّ کلّ رجل عام یصلح لکلّ واحد واحد من الناس ، وأمّا الإبهام فهو جواز أن یقع وأن لا یقع ، وفائده دخول هذه الفاء فی الخبر أنّها تؤذن (6) بأنّ ما بعدها مستحق بالفعل المتقدّم ، أو بالظّرف المتعلّق بالفعل المقدّر ، وإذا لم تدخل الفاء لم یتعیّن ذلک ، مثاله قولک : الذی یأتینی فله درهم ، فالدّرهم (7) مستحقّ بالإتیان ، وهو سبب استحقاقه ، فإذا سقطت الفاء لم یتعیّن أن یکون الدّرهم مستحقا بالإتیان ، بل یحتمل أن یکون الدّرهم ملکه علی الإطلاق کما فی قولک : زید له درهم ، فالذی مبتدأ ،

ص: 148

1- جری أبو الفداء وراء البصریین فی مذهبهم القائل إن العامل هو الفعل ، وذهب الکوفیون إلی أن الظرف ینتصب علی الخلاف ، الإنصاف ، 1 / 245 وشرح المفصل ، 1 / 90 وشرح الکافیه ، 1 / 92 وهمع الهوامع.

2- منهم ابن مالک ، المساعد ، 1 / 235.

3- بعدها فی شرح الوافیه ، 178 «والصحیح الأول».

4- الکافیه ، 387.

5- غیر واضحه فی الأصل.

6- غیر واضحه فی الأصل.

7- «فالدرهم» زیاده یستقیم بها الکلام.

ویأتینی صلته ودرهم مبتدأ ثان وله خبره ، وهو متقدّم علیه لیصح الابتداء بالنکره ، والجمله خبر الذی ، والعائد من الجمله إلی المبتدأ هو الهاء فی له (1) ومثال الظرف : الذی فی الدّار فله درهم ، ومثال النکره العامّه : کلّ رجل یأتینی فله درهم ومثال النّعت بالظرف : کلّ رجل عندی فله درهم (2) وإذا دخلت لیت أو لعلّ علی المبتدأ لم یصحّ دخول الفاء فی خبره باتفاق (3) لأنّ ما تضمّن معنی الشّرط إخباری ، وخبر لیت ولعلّ إنشائی (4) وإن دخلت إنّ المکسوره فالصحیح ، جواز دخول الفاء فی الخبر إذا قصد معنی السببیّه (5) کقوله تعالی : (إِنَّ الَّذِینَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَیْهِمْ وَلا هُمْ یَحْزَنُونَ)(6) وکقوله تعالی : (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِی تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِیکُمْ)(7) وجوّز الأخفش زیاده الفاء فی الخبر (8) وأنشد : (9)

لا تجزعی إن منفسا أهلکته

فإذا هلکت فعند ذلک فاجزعی

أی فاجزعی عند ذلک ، فالفاء الداخله علی عند زائده ، وسیبویه یتأوّل ذلک (10).

ص: 149

1- شرح الوافیه ، 179.

2- الکتاب 1 / 139 والمقتضب ، 3 / 195 وشرح المفصل ، 1 / 100 - 101 وشرح الکافیه ، 1 / 102 وهمع الهوامع ، 1 / 109.

3- الکافیه ، 387.

4- وبعدها فی شرح الوافیه ، 179 ولا یستقیم أن یکون شیء الواحد إنشائیا خبریا وانظر شرح الکافیه ، 1 / 103 والهمع ، 1 / 110.

5- بعدها فی شرح الوافیه ، 179 لأنّ خبرها لیس إنشائیا فلا منافاه بین الجزاء وبینه. وانظر شرح المفصل ، 1 / 101 والمغنی ، 1 / 165.

6- من الآیه 13 سوره الأحقاف.

7- من الآیه 8 من سوره الجمعه.

8- المفصل ، 27 وشرح المفصل ، 1 / 101.

9- البیت للنمر بن تولب ورد منسوبا له فی الکتاب 1 / 134 والکامل ، 3 / 300 وأمالی ابن الشجری 1 / 332 - 346 وشرح المفصل ، 1 / 82 وشرح الشواهد ، 2 / 75 وشرح شواهد المغنی ، 1 / 472 - 2 / 829 وخزانه الأدب ، 1 / 314 - 321. ومن غیر نسبه فی المقتضب ، 2 / 74 - 76 ومغنی اللبیب ، 1 / 166 - 2 / 403 وشرح ابن عقیل ، 2 / 133 وشرح الأشمونی ، 2 / 75 ، لا تجزعی : لا تحزنی ، والمنفس اسم فاعل من أنفس لغه فی نفس بضم الفاء نفاسه والمراد به المال النفیس ، والإهلاک ، الفناء.

10- نصّ ابن یعیش وابن هشام وصاحب الخزانه علی أن سیبویه لا یثبت زیاده الفاء فی الخبر وقد زیدت فی هذا البیت للضروره. وانظر الکتاب ، 1 / 138 وشرح المفصل ، 1 / 100 والمغنی ، 1 / 166 وخزانه الأدب ، 1 / 315.

ذکر جواز حذف المبتدإ والخبر

یجوز حذف کلّ من المبتدأ والخبر عند قیام القرینه الدّاله علی خصوصهما ، فمن أمثله حذف المبتدأ قول المستهلّ : الهلال والله ، والمعنی : هذا الهلال ، ومثال حذف الخبر ، خرجت فإذا السبع ، والمعنی فإذا السبع موجود ، لأنّ هذه ، «إذا» للمفاجأه (2) یحذف الخبر بعدها إذ لا یفاجأ الشیء إلّا بعد وجوده (3).

ذکر وجوب حذف الخبر

ویحذف الخبر وجوبا فی کلّ موضع ینضمّ إلی القرینه الدّالّه علیه لفظ یلتزم فی موضعه نحو : لو لا زید لکان کذا ، فلو لا ، تدلّ علی امتناع ما بعدها لوجود ما قبلها فهی تدلّ علی الوجود المستلزم للخبر ، الذی هو موجود ، وقد التزم فی موضع الخبر ، جواب لو لا الذی هو لکان کذا ، فقد حصل الأمران ، القرینه الدّاله ، واللفظ الملتزم ، فلو أثبتّ الخبر وقلتّ : لو لا زید موجود لکان کذا ، لم یجز (5) وکذلک : لعمرک لأفعلنّ ، فلعمرک تدلّ علی أنه مقسم به ، والمشعر بقسمی هو الخبر ، وجواب القسم الذی هو لأفعلنّ ، لفظ التزم موضع الخبر ، فحصل الأمران فوجب الحذف فلو أثبتّ الخبر وقلت : لعمرک قسمی لأفعلنّ لم یجز (6) وکذلک یحذف الخبر وجوبا فی قولهم : ضربی زیدا قائما ، فضربی فی تقدیر الرفع بالابتداء وقد أضیف إلی الفاعل ، وزیدا مفعول ضربی ، وقائما ، لفظ التزم موضع الخبر وتقدیره ضربی زیدا حاصل إذا وجد قائما ، فحذف الخبر الذی هو حاصل قیاسا کما تحذف متعلّقات الظروف ثم حذف

ص: 150

1- الکافیه ، 387.

2- کذا فی الأصل وفی شرح الوافیه ، 180 «وهذه إذا التی للمفاجأه».

3- لکونها داله علی الوجود ، ولا تحصل المفاجأه إلا بعد الوجود ویری المبرد أنها ظرف ولیست حرفا ، انظر شرح الوافیه ، 180 المقتضب ، 3 / 178 وشرح الکافیه ، 1 / 103 والمغنی ، 1 / 87.

4- الکافیه ، 387.

5- شرح الوافیه ، 180 والإنصاف ، 1 / 70 وشرح المفصل ، 1 / 95 وشرح الکافیه ، 1 / 104.

6- شرح الوافیه ، 180 وشرح التصریح ، 1 / 180.

الذی هو «إذا وجد» لدلاله معموله الذی هو «قائما» علیه فقائما دالّ علی الظرف ، والظرف دال علی متعلّقه الذی هو «حاصل» والدّالّ علی الدّال علی الشیء ، دال علی ذلک الشیء فقائما دالّ علی حاصل ، وهو أیضا اللّفظ الذی التزم موضعه (1) وإذا کان الخبر بمعنی «مقترن» وحصل ما یدلّ علیه حذف وجوبا ، نحو : کلّ رجل وضیعته ومعنی ضیعته : حرفته (2) وقد علم أنّ کلّ رجل مقترن مع حرفته ، فحذف الخبر الذی هو مقترن للعلم به ، ولأنّ الواو بمعنی مع فتدلّ علی خصوصیه الخبر ، وهی المقارنه وضیعته لفظ التزم مع الخبر فحصلت القرینه واللفظ الملتزم ، فوجب الحذف (3).

ذکر وجوب حذف المبتدأ

وهو یحذف وجوبا فیما قطع خبره عن الوصفیّه نحو : الحمد لله الحمید برفع الحمید ، فالمبتدأ المحذوف «هو» لأنّ التقدیر هو الحمید ، وکذلک یحذف إذا کان خبره مصدرا واقعا موضع الفعل نحو قوله تعالی : (طاعَهٌ)(5) أی أمرنا یطاع وکذلک یحذف إذا کان خبره هو المخصوص بالمدح أو الذمّ نحو : نعم الرّجل زید ، وبئس الرجل عمرو ، أی لما فیها من القرائن الدّاله علیه والتزام ما فی موضعه.

ذکر تعدّد الخبر

وقد یکون للمبتدأ خبران فصاعدا نحو : هذا حلو حامض ، أی جامع للطعمین وتلخیصه : هذا حلو بعضه ، وحامض بعضه ، وإلّا لزم التناقض فی هذه المسأله (7)

ص: 151

1- شرح الکافیه ، 1 / 105.

2- وصناعته وتجارته ، القاموس المحیط صنع.

3- شرح الوافیه ، 181 بتصرف یسیر.

4- لم یذکر هذا المبحث صاحب المفصل (23 - 27) ولا صاحب الکافیه ، 386 - 388 فهو من مباحث متفرقه.

5- من الآیه 81 من سوره النساء ، وأولها : ویقولون طاعه.

6- المفصل ، 27.

7- حاشیه الصبان ، 1 / 122.

وقد یکون له ثلاثه أخبار ، وأربعه أخبار ، کقول الشاعر : (1)

من یک ذا بتّ فهذا بتّی

مقیّظ مصیّف مشتّی

فهذا مبتدأ ، وبتّی خبر أول ، ومقیّظ خبر ثان ، ومصیّف خبر ثالث ، ومشتّی رابع ، وجاز ذلک لأنّ الخبر حکم ، وجاز أن یحکم علی شیء واحد بأحکام کثیره ولکن إن کان الخبران متضادّین فلیس کلّ منهما خبرا مستقلا بل هما نائبان عن واحد جامع للمعنیین کما قلنا فی : هذا حلو حامض (2).

5- ذکر خبر إنّ

المراد بخبر إنّ ، خبر اسم إنّ وهو المسند بعد دخول إنّ وأخواتها ، وشأن خبر إنّ کشأن خبر المبتدأ فی أصنافه وأحواله وشرائطه ، أما أصنافه ، فمثل کونه مفردا وجمله ، وأما أحواله ، فمثل کونه نکره ومعرفه ومشتقا وجامدا ومقدّما ومؤخّرا ومحذوفا ، وأمّا شرائطه ، فمثل کونه یلزمه الضمیر إذا کان جمله أو مشتقا ، ولا یحذف إلّا لقرینه ، ولا یجوز أن یکون خبر اسم إنّ أمرا ولا نهیا ولا اسما مفردا فی معنی الاستفهام کأین وکیف لوجوب التقدیم ، وخبر إنّ لا یجوز أن یتقدّم علی اسمها إلّا إذا کان ظرفا نحو : إنّ فی الدّار زیدا للاتساع فی الظروف ، لأنّه ما من اسم وفعل إلّا وهو فی زمان أو مکان (4).

6- ذکر خبر لا التی لنفی الجنس

وهو المسند بعد دخول لا التی لنفی الجنس ، واحترز بقوله بعد «لا» التی لنفی

ص: 152

1- الرجز لرؤبه بن العجّاج دیوانه 3 / 189 وورد منسوبا له فی شرح الشواهد 1 / 122 وشرح شواهد ، ابن عقیل ، للجرجاوی 42 وفتح الجلیل ، للعدوی ، 42 ومن غیر نسبه فی الکتاب 2 / 84 وأمالی بن الشجری ، 2 / 255 والإنصاف ، 2 / 725 وشرح المفصل ، 1 / 99 ولسان العرب ، بتت وشرح ابن عقیل ، 1 / 257 وشرح الأشمونی ، 1 / 222 وهمع الهوامع ، 1 / 108. البتّ کساء غلیظ مهلهل ، مربّع أخضر ، والقیظ شده الحرّ.

2- همع الهوامع ، 1 / 108.

3- الکافیه ، 287.

4- شرح الوافیه ، 181 - 182 وانظر شرح المفصل ، 1 / 102 وشرح الکافیه ، 1 / 111.

5- الکافیه ، 387 - 388.

الجنس عن المسند بعد دخول «لا» المشبّهه بلیس نحو : لا غلام خیرا منک برفع غلام ونصب خیرا منک ، فإنّ خیرا منک ، مسند بعد دخول «لا» باعتبار لفظ «لا» وهما أمران متمیّزان ، وأما مثال خبر لا التی لنفی الجنس فنحو : قولک : لا غلام رجل ظریف بنصب غلام ورفع ظریف ، والنحویون یمثّلون فی هذا الموضع بقولهم : لا رجل ظریف (1) ، ولیس یحسن فی التمثیل لاحتمال أن یکون ظریف صفه لرجل ، وقد رفعت حملا علی محلّه بخلاف : لا غلام رجل ظریف فإنّه لا یحتمل غیر الخبریّه لأنّ المضاف المنفی ، لا یوصف إلا بمنصوب فوجب أن لا یکون ظریف المرفوع صفه له ، ویتعیّن أن یکون خبرا لیس إلّا (2) وأهل الحجاز یحذفون خبر لا التی لنفی الجنس کثیرا نحو : لا إله إلّا الله والتقدیر : لا إله فی الوجود إلّا الله (3) وکذلک القول فی : (4)

لا سیف إلّا ذو الفقار

ولا فتی إلّا علی

وبنو تمیم لا یثبتونه لفظا فی کلامهم ، فإذا قلت : لا رجل أفضل منک ورفعت أفضل تعیّن للخبر علی لغه أهل الحجاز ، وأمّا بنو تمیم فلا یرفعونه أصلا ، لئلّا یتعین للخبریّه بل ینصبونه علی الصّفه ویکون الخبر محذوفا تقدیره فی الوجود (5).

ص: 153

1- ومنهم ابن جنی فی اللمع ، 46 وابن مالک فی شرح التسهیل ، 2 / 68 وابن عقیل فی شرح الألفیه ، 2 / 17.

2- هذا ما ذکره ابن الحاجب فی شرح الکافیه ، 1 / 170 مفضلا تمثیله فی الکافیه ، ب «لا غلام رجل ظریف فیها» علی تمثیل النحویین بلا رجل ظریف قال : والنحویون یمثلون فی هذا الموضع بقولهم : «لا رجل ظریف» ولیس یحسن فی التمثیل لأمرین : أحدهما : أنه فی الظاهر صفه ، ولا یلیق بذی الفهم أن یمثل بمثال ظاهر فی غیر ما قصد تمثیله ، وأقله الاحتمال فیکره أیضا لذلک ، وهذا المثال «لا غلام رجل ظریف» لا یحتمل أن یکون ظریف إلّا خبرا لأن المضاف المنفی لا یوصف إلّا بمنصوب فوجب أن لا یکون صفه فزال الاحتمال عنه فحسن التمثیل به. الثانی : هو أنا نقول بعد ذلک : وبنو تمیم لا یثبتون الخبر مع «لا» فإذا کان التمثیل ب «لا رجل ظریف» غلب علی الظن امتناع هذه فی لغتهم فیوقع ذلک فی الخطأ لأنهم یقولون بها» والظاهر أن الرضی أیضا فی شرح الکافیه ، 1 / 111 قد نقل ذلک.

3- شرح الوافیه ، 182 وانظر شرح التصریح ، 1 / 246.

4- روی هذا الرجز من غیر نسبه فی المقاصد الحسنه للسخاوی 466 وکتاب الطیب من الخبیث للشیبانی 193.

5- شرح الوافیه ، 183 وانظر شرح المفصل ، 1 / 107 وتسهیل الفوائد ، 67 وشرح الکافیه ، 1 / 112 وشرح التصریح ، 1 / 246 وشرح الأشمونی ، 2 / 17.

7- ذکر اسم ما ولا المشبّهتین بلیس

وهو المسند إلیه بعد دخولهما ، وهما یرفعان الاسم وینصبان الخبر کقوله تعالی : (ما هذا بَشَراً)(2) وقوله تعالی : (ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ)(3) و «ما» أکثر مشابهه للیس من «لا» لکونها لنفی الحال کلیس ، ولا للنفی المطلق ، ولذلک تعمل «ما» فی المعرفه والنکره ، و «لا» ، لا تعمل إلّا فی النکره (4) ولذلک کان عمل «لا» قلیلا ، وقد جاء فی الشعر (5).

من صدّ عن نیرانها

فأنا ابن قیس لا براح

أی لیس لی براح.

ذکر المنصوبات

اشاره

المنصوب ما اشتمل علی علم المفعولیّه وهی : المفعول المطلق ثم المفعول به ، وهو أربعه أقسام : 1 - السّماعیّ ، 2 - المنادی 3 - ما أضمر عامله علی شریطه التفسیر 4 - التحذیر ، ثم بعد المفعول به ، المفعول فیه ، ثم المفعول له ، ثمّ الحال ، ثم التمییز ، ثم المستثنی ثم خبر کان ، ثم اسم إنّ ، ثم منصوب لا التی لنفی الجنس ، ثمّ خبر ما ولا المشبّهتین بلیس.

ص: 154

1- الکافیه ، 388.

2- من الآیه 31 من سوره یوسف.

3- من الآیه 2 من سوره بالمجادله.

4- شرح المفصل ، 1 / 108 - 109.

5- البیت لسعد بن مالک القیسیّ ورد منسوبا له فی الکتاب ، 1 / 58 والحلل ، 325 وأمالی ابن الشجری ، 1 / 282 - 323 ، وشرح التصریح ، 1 / 199 وشرح شواهد ، المغنی ، 2 / 582 - 612 وشرح الشواهد ، للعینی ، 1 / 354 وخزانه الأدب ، 1 / 467 - 2 / 172 ومن غیر نسبه فی المقتضب ، 4 / 360 والإنصاف ، 1 / 367 وشرح المفصل ، 1 / 108 وشرح الکافیه ، 1 / 112 ورصف المبانی ، 266 ومغنی اللبیب ، 1 / 239 - 2 / 631 وهمع الهوامع ، 1 / 125 وشرح الأشمونی ، 1 / 254. صد : أعرض والضمیر فی نیرانها یرجع إلی الحرب.

6- الکافیه ، 388.

1- ذکر المفعول المطلق

اشاره

وإنّما سمّی بذلک لأنّه غیر مقیّد بحرف کالمفعول به وله ومعه وفیه ، ورسمه بأنّه اسم ما فعله فاعل فعل مذکور بمعناه نحو : ضربت ضربا ، وقعد جلوسا ومات موتا ، واحترز بقوله : اسم عمّا فعله فاعل فعل مذکور بمعناه ولیس باسم نحو : ضرب الثانی فی قولنا : ضرب ضرب ، وبقوله : مذکور عن کرهت القیام ، فإنّ القیام لیس مفعولا مطلقا إذ لیس فعل فاعل القیام مذکورا ، وبقوله : بمعناه ، عن مثل کرهت قیامی ، فقیامی وإن صدق علیه أنّه بمعناه لأنّ معنی القیام غیر معنی الکراهه (2) والمفعول المطلق إن لم یکن مدلوله زائدا علی مدلول الفعل فهو للتأکید کضرب ضربا ، وإن کان زائدا بأن دلّ علی هیئه (3) صدور الفعل فهو للنوع کجلست جلسه بکسر الجیم ، ومنه ما یدلّ علی النّوع باسم خاصّ نحو : رجع القهقری ، والقهقری الرجوع إلی خلف : فإذا قلت : رجعت القهقری فکأنّک قلت : رجعت الرجوع الذی یعرف بهذا الاسم ، ومن المفعول المطلق ما یدلّ علی النوع بالصفه نحو : ضربت ضربا شدیدا وضربت أیّ ضرب ، أو الضّرب الذی تعرفه ، أو ضربت ضرب الأمیر ، وإن دلّ علی مره أو مرات صدور الفعل فهو للعدد ، کجلست جلسه بفتح الجیم وجلسات (4).

واعلم أنّ المفعول المطلق الذی هو للتأکید لا یثنّی (5) ولا یجمع لأنّه للحقیقه المشترکه ولا کثره فیها ، وأمّا الذی للنوع فیثنّی ویجمع ، لأنّه یمکن اجتماع نوعین وأنواع نحو : جلست جلستین أی علی هیئتین من الجلوس وکذلک ضربت الضربتین اللذین تعرفهما ، وکذلک الذی للعدد یثنّی ویجمع أیضا ، لأنّه إذا اجتمع مرّتان أمکن تثنیته وإذا اجتمع مرات أمکن جمعه قولک : جلست جلستین بفتح الجیم ، أی جلست

ص: 155

1- الکافیه ، 388.

2- شرح الکافیه ، 1 / 114.

3- غیر واضحه فی الأصل.

4- شرح المفصل ، 1 / 111 وشرح التصریح ، 1 / 323.

5- غیر واضحه فی الأصل.

دفعتین أو مرّتین.

ذکر جواز حذف الفعل

وقد یحذف الفعل عند قیام قرینه دالّه علیه کقولک للقادم من سفره : خیر مقدم ، أی قدمت خیر مقدم (2).

ذکر وجوب حذف الفعل

ویجب حذف الفعل الناصب للمفعول المطلق ، وذلک علی ضربین : الأول : سماعی ، وهو مصادر کثر استعمالها فحذفت أفعالها تخفیفا نحو : حمدا وشکرا وسقیا ورعیا ، فإنه (4) لو کان ذکر الفعل مع المصدر جائزا لوقع ، ولو وقع لنقل ولمّا لم ینقل دلّ علی أنّه لم یقع ، ولمّا لم یقع دلّ علی أنّه غیر جائز (5) والثانی : قیاسی فی أبواب : (6)

منها : أن یکون المصدر مثبتا بعد نفی ، أو معنی نفی ، داخل علی اسم بشرط ألّا یصحّ أن یکون خبرا عن الاسم المتقدّم نحو : ما زید إلّا سیرا ، فإذا وجد ذلک ، وجب حذف الفعل لحصول القرینه علی خصوص الفعل ، ووقوع لفظ إلّا أو ما یقوم مقامها فی موضع الفعل المحذوف ، ومعلوم أنّ سیرا مصدر مثبت بعد نفی ، ولا یصحّ أن یکون خبرا عن الاسم المتقدم الذی هو زید ، ومثال الواقع بعد معنی النفی : إنّما أنت سیرا لأنّ معناه ما أنت إلّا سیرا ، واحترز بقوله : مثبت عن مثل : ما زید سیرا ، وبقوله : بعد نفی ، عن زید سیرا ، وبقوله : لا یصحّ أن یکون خبرا ، عن نحو : ما سیری إلّا سیر (7).

ص: 156

1- الکافیه ، 388.

2- بعدها فی شرح الوافیه ، 186 «وجاز حذف قدمت لدلاله القرینه الحالیه علیه».

3- الکافیه ، 388.

4- غیر واضحه فی الأصل.

5- شرح الوافیه ، 186 والتشابه تام. وانظر شرح المفصل ، 1 / 14 والهمع ، 1 / 190 - 191.

6- الکافیه ، 388.

7- شرح الوافیه ، 186 بتصرف یسیر.

ومنها : أن یقع المفعول المطلق مکرّرا فی موضع خبر عن اسم ولم یصلح أن یکون خبرا عنه ، نحو : زید سیرا سیرا والتقدیر یسیر سیرا ، ومعلوم أنّ سیرا لا یصلح أن یکون خبرا عن زید فالقرینه حاصله والمصدر الأوّل لفظ التزم موضع الفعل المحذوف (1).

ومنها : أن تتقدّم جمله لها آثار وتذکر الآثار بلفظ المصدر (2) کقوله تعالی : (فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً)(3) فشدّوا الوثاق ، جمله متقدّمه لها فی الوجود آثار ، وهی المنّ والفداء والاسترقاق والقتل ، فإذا ذکر (4) هذه الآثار وجب حذف الفعل لأنّ الجمله تدلّ علی آثارها ، وقد وقع لفظها فی موضع الفعل فوجب حذفه (5).

ومنها : أن یقع المفعول المطلق للتشبیه بعد جمله مشتمله علی اسم بمعنی المفعول المطلق ، وعلی صاحب ذلک الاسم کقولک : لزید صوت صوت حمار (6) واحترز بقوله : للتشبیه عن مثل : لزید صوت صوت حسن ، فإنّ الثانی مرفوع علی البدل (7) واحترز بقوله : بعد جمله ، عن مثل : الصوت صوت حمار ، وبقوله : مشتمله علی اسم بمعنی المفعول المطلق ، عن نحو : مررت بزید فإذا له ضرب صوت حمار ، فإنّ الضّرب لیس بمعنی الصوت. وبصاحب الاسم عن مثل : فی الدار صوت صوت حمار ، ووجب حذف الفعل لأنّ فی الکلام قرینه تدلّ علیه ، والجمله لفظ التزم موضعه (8) وتقدیره : مررت فإذا هو یصوّت صوت حمار.

ومنها : (9) أن یقع المفعول المطلق مضمون جمله لا احتمال لتلک الجمله غیر

ص: 157

1- شرح الوافیه ، 187 وشرح التصریح ، 1 / 332.

2- الکافیه ، 388.

3- من الآیه 4 من سوره محمد.

4- کذا فی الأصل وفی شرح الوافیه ، 187 فإذا ذکرت هذه الآثار.

5- شرح الوافیه ، 187 والتشابه تام.

6- الکافیه ، 388.

7- لأنه غیر تشبیهی. وانظر شرح التصریح ، 1 / 334.

8- أی فی موضع الفعل المقدر ، شرح الوافیه ، 188.

9- الکافیه ، 388 - 389.

ذلک المفعول المطلق ، أو یقع المفعول المطلق مضمون جمله لها احتمال غیر ذلک المفعول المطلق.

فمثال الأول : له علیّ ألف درهم اعترافا ، فله علیّ ألف درهم جمله لا احتمال لها غیر الاعتراف ویسمّی هذا القسم توکیدا لنفسه ، لأنّه یؤکّد مضمون الجمله الذی هو عین الاعتراف (1) ومثال الثانی : زید قائم حقّا ، فحقّا وقع مضمون زید قائم ، وهو یحتمل أن یکون حقا وغیر حقّ ، فحقّا أکّد أحد احتمالیه ، ویسمّی هذا القسم توکیدا لغیره ، وحقّا منصوب بفعل مضمر ، والتقدیر أحقّ ذلک حقّا ، قال الزجاج : (2) ولا یجوز تقدیم حقّا ، کقولک : حقّا زید قائم ، قال فإن وسّطته فقلت : زید حقّا قائم ، جاز وذلک لأنّک لما ذکرت الکلام الذی یجوز أن تکون فیه شاکّا ، وأن تکون متیقنا ، جاز لک حینئذ أن تضمر اللّفظ الدّال علی أحد الأمرین وهو أحقّ حقّا (3) ولم یذکر سیبویه امتناع تقدیمه (4) ومن التأکید لغیره قولهم : قد فعل ذلک البتّه ، قال سیبویه (5) ولا یستعمل إلّا بالألف واللام ، وهو من بتّ کذا یبتّه إذا قطعه.

ومنها : أن یقع المفعول المطلق مثنّی للتکثیر ، ومن أحکامه أنّه لا یستعمل إلّا مضافا غالبا نحو : لبّیک وسعدیک ودوالیک وهذاذیک إذا کانت التثنیه لغرض تأکید الکثره لا لقصد التثنیه المحقّقه (6) ، أمّا لو قصدت التثنیه من غیر نظر إلی الکثره نحو قوله تعالی : (ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ کَرَّتَیْنِ)(7) لم یجب حذف الفعل ، ومما جاء مثنّی قولهم : حذ اریک أی احذر حذرا بعد حذر ، وحوالیک ، ومعناه الإحاطه من جمیع الجهات وقد

ص: 158

1- ولذا یسمیه النحویون توکیدا لنفسه ، شرح الکافیه ، لابن الحاجب 1 / 189.

2- هو أبو إسحاق إبراهیم بن السری بن سهل ، کان من أکابر أهل العربیه ، حسن العقیده ، جمیل الطریقه صنّف مصنفات کثیره منها : کتاب المعانی فی القرآن وکتاب الفرق بین المؤنث والمذکر وغیر ذلک ، توفی 311 ه. انظر ترجمته فی الفهرست ، 90 ونزهه الألباء ، 244 وإنباه الرواه ، 1 / 159 وبغیه الوعاه ، 1 / 411 والأعلام ، 1 / 33.

3- انظر رأی الزجاج فی شرح المفصل ، 1 / 116 ، وشرح الکافیه ، 1 / 125.

4- وقد أشار إلی جواز ذلک سیبویه بقوله : أجدّک لا تفعل کذا وکذا ، کأنه قال : أحقّا لا تفعل کذا وکذا. الکتاب ، 1 / 379 وشرح المفصل ، 1 / 116.

5- الکتاب ، 1 / 379.

6- شرح الوافیه ، 189 وانظر شرح المفصل ، 1 / 18.

7- من الآیه 4 من سوره الملک ، وفی الأصل فارجع.

استعملوا واحده فقالوا : حوالک ، ومنه : حنانیک أی تحنّنا بعد تحنّن ، قال طرفه : (1)

أبا منذر أفنیت فاستبق بعضنا

حنانیک بعض الشّرّ أهون من بعض

ولبّیک وسعدیک لا یفرد فیهما الواحد لأنّهما وضعا بلفظ التثنیه للتکثیر ، ولم یستعمل منهما مفرد ، ولبّیک مأخوذ من ألبّ علی کذا ، إذا داوم علیه (2) فکأنّه قال : دواما علی طاعتک مرّه بعد مرّه ، وسعدیک معناه مساعده لک بعد مساعده ، فقام لبّیک وسعدیک مقام دواما ومساعده ، وإذا قال الملبّی : لبّیک اللهمّ وسعدیک فمعناه دواما علی طاعتک ومتابعه لأمرک فهذا منصوب بفعل من معناه ، لا من لفظه بخلاف سقیا ورعیا وبخلاف حنانیک أیضا ، فإنّ الفعل یمکن تقدیره من لفظه نحو : تحنّن أی ارحم وهذا مما یقوّی إفراده (3) ودوالیک من المداوله قال الشّاعر : (4)

إذا شقّ برد شقّ بالبرد مثله

دوالیک حتّی کلّنا غیر لابس

وهو فی موضع الحال ، أی متداولین ، وهذا ذیک : معناه السّرعه ویقال ذلک فی الضّرب (5) قال الشّاعر : (6)

ص: 159

1- طرفه بن العبد ، کان من أشعر الناس ومن أحدث الشعراء سنّا ، وأقلهم عمرا قتل وهو ابن عشرین سنه انظر أخباره فی طبقات فحول الشعراء ، 1 / 117 ومعجم الشعراء ، 146 ، والبیت ورد فی دیوانه ، 66 وورد منسوبا له فی الکتاب 1 / 348 وشرح التصریح ، 2 / 37 وهمع الهوامع ، 1 / 190 ، ومن غیر نسبه فی المقتضب ، 3 / 224 ، وکتاب الحلل ، 248 وشرح المفصل ، 1 / 118. وأبو منذر کنیه عمرو بن هند.

2- تاج العروس ، ألب.

3- شرح المفصل ، 1 / 119.

4- البیت لسحیم عبد بنی الحسحاس ، ورد فی دیوانه ، 16 ونسب له فی الکتاب ، 1 / 350 وکتاب الحلل ، 355 وشرح المفصل ، 1 / 119 وشرح المفصل ، 1 / 119 وشرح التصریح ، 2 / 37 وخزانه الأدب ، 2 / 99 ومن غیر نسبه فی مجالس ثعلب ، القسم الأول ، 130 - والخصائص ، 3 / 45 وهمع الهوامع ، 1 / 189 ، وکثیر ممن روی البیت رواه مکسور الروی ویروی «ما لذا البرد لابس» ففیه إقواء انظر حاشیه الکتاب ، 1 / 350. البرد : الثوب من أی شیء کان وشقّ البرد ، معناه أنّ العرب کانوا یقولون : إنّ المتحابین إذا شقّ کلّ واحد منهما برد صاحبه دامت مودّتهما.

5- الهذّوالهذذ : سرعه القطع ، وسرعه القراءه یقال : ضربا هذا ذیک أی هذّا بعد هذّ ، یعنی قطعا بعد قطع. هذذ لسان العرب.

6- الرجز للعجّاج ، وقبله : حتّی یقضّی الأجل المقضّی. ورد فی دیوانه ، 2 / 36 ورد منسوبا له فی المحتسب ، 2 / 279 والحلل ، 354 وشرح المفصل ، 1 / 119 وشرح التصریح ، 2 / 37 وخزانه الأدب ، 2 / 106. ومن غیر نسبه فی الکتاب ، 1 / 350 ومجالس ثعلب القسم الأول ، 130 وشرح الکافیه ، 1 / 126 ولسان العرب ، هذذ ، وهمع الهوامع ، 1 / 189 الوخض : أن یدخل الرمح فی الجوف ولا ینفذ.

ضربا هذا ذیک وطعنا وخضا

أی هذّا بعد هذّ من کلّ وجه أی إسراعا بعد إسراع ، وهذّ فی القراءه وغیرها أی أسرع.

2- ذکر المفعول به

اشاره

وحدّه بأنّه الذی یقع علیه فعل الفاعل ، والمراد بالوقوع التعلّق / لیدخل نحو : ما ضربت زیدا ، والمراد بالتعلّق هو تعلّق الفعل بشیء لا یعقل الفعل إلّا بعد أن (2) یعقل ذلک الشیء (3) واحترز بقوله : یقع علیه ، من باقی المفاعیل فإنّ الفعل یقع فی الظرف أی یحدث فیه ، ویقع لأجل المفعول له ، ومع المفعول معه ، وأما المفعول المطلق فهو نفس المعنی الواقع من الفاعل ، وقد یتقدّم المفعول به علی الفعل العامل فیه (4) ، لأنّ الفعل قوی فی العمل ، نحو : زیدا ضربت ، وقد یحذف المفعول به وهو مراد نحو : (لا عاصِمَ الْیَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ)(5) أی رحمه ، وقد یجعل نسیا نحو : فلان یعطی ویمنع ویصل ویقطع ، وقد یحذف الفعل الناصب للمفعول به جوازا لقرینه تدلّ علیه کقولک : زیدا ، لمن قال : من أضرب؟ أی : اضرب زیدا (6).

ذکر ما یجب حذفه من الأفعال

اشاره

ویجب حذف الفعل النّاصب للمفعول به فی أربعه أبواب الأول : سماعیّ ، والثلاثه الباقیه قیاسیه وهی : المنادی ، وما أضمر عامله علی شریطه التفسیر ، والتحذیر.

ص: 160

1- الکافیه ، 389 وانظر المفصل ، 34 وشرح الوافیه ، 189.

2- زیاده یستقیم بها الکلام.

3- شرح الکافیه ، 1 / 127 وشرح شذور الذهب ، 213 وعزاه ابن هشام فی شرح القطر ، 280 لابن الحاجب.

4- الکافیه ، 389.

5- من الآیه 43 من سوره هود. و «من أمر الله» سقط من الأصل.

6- شرح الوافیه ، 189.

1- ذکر السّماعی

وهو نحو قولهم : امرأ ونفسه (1) ، أی اترک امرأ ونفسه وأهلا وسهلا (2) ، أی أتیت مکانا مأهولا ومکانا سهلا ، وکقوله تعالی : (انْتَهُوا خَیْراً لَکُمْ)(3) أی انتهوا عن التثلیث واقصدوا خیرا لکم فالفعل المحذوف المقدّر اقصدوا (4).

2- ذکر المنادی

اشاره

المنادی هو القسم الثانی من أقسام المفعول به الذی حذف فعله الناصب له بضابط قیاسی ، وحدّ المنادی : أنه المطلوب إقباله بأحد الحروف النائبه مناب أدعو لفظا نحو : یا زید ، معناه أدعو زیدا ، فهو مفعول به بفعل مقدّر لا یجوز إظهاره ووجب الحذف للقرینه الدّالّه ، ولوقوع حرف النداء موقع الفعل أو تقدیرا کقوله تعالی : (یُوسُفُ أَعْرِضْ)(6) والمنادی یبنی علی ما یرفع به إن کان مفردا معرفه ، وإنّما بنی لشبهه بالمضمر (7) ، لأنّه لا ینفکّ فی المعنی عن کونه مخاطبا معیّنا ، وحکم المخاطب أن یکون مضمرا (8) والمراد بالمفرد ما لم یکن مضافا ولا مشابها

ص: 161

1- الکتاب ، 1 / 297.

2- الکتاب ، 1 / 295.

3- من الآیه 171 من سوره النساء.

4- هذا ما ذهب إلیه الخلیل وسیبویه ، ومذهب الکسائی وأبی عبیده هو خبر لیکن محذوفه ، ومذهب الفراء انتهاء خیرا لکم فهو نعت لمصدر محذوف دل علیه الفعل انتهوا ، انظر لذلک الکتاب 1 / 282 ومجاز القرآن لأبی عبیده ومعانی القرآن للفراء 1 / 295 وإعراب القرآن - م - للزجاج ، القسم الأول 19 ، والتبیان 1 / 411 ، والبیان للأنباری ، 1 / 278 والبحر المحیط ، 3 / 400 - 401 وأنوار التنزیل للبیضاوی ، 161 وفتح القدیر 1 / 540 - 541.

5- الکافیه ، 389.

6- من الآیه 29 من سوره یوسف.

7- بعدها فی شرح الوافیه ، 191 «من حیث اللفظ والمعنی أما اللفظ فلکونه مفردا وأما المعنی فلأن المنادی فی المعنی لا ینفک ...».

8- انظر الإنصاف ، 1 / 323 وهمع الهوامع ، 1 / 172.

له ، وقال السّید : (1) ولا جمله أیضا (2) ، نحو : یا زید ، ویا زیدان ویا زیدون ، وقال النّیلیّ (3) وحرکه بنائه تشبه حرکه الإعراب فی کون کلّ منهما طارئه ، فلذلک ثبت تنوینه حال بنائه (4) فی قول الشّاعر (5) :

أمحمّد ولأنت صنو نجیبه

من قومها والفحل فحل معرق

وإن کان المنادی مضافا نحو : یا عبد الله أو مشبّها بالمضاف نحو : یا طالعا جبلا ، أو نکره (6) نحو : یا رجلا لغیر معیّن ، بطل البناء لزوال مقتضیه ، وأعربت بالنّصب لأنّ کلّ واحد منها مفعول به ، وأمّا إذا قلت : یا رجل ، لمعیّن فإنک تبنیه علی الضم أیضا مثل : یا زید ، لأنّه یتعرّف بالقصد (7) وإن جئت بلام الاستغاثه فی المنادی (8) خفضته لأنّ حرف الجرّ لا یلغی فی مثله ، کقولک : یا لزید ، ولام

ص: 162

1- هو الحسن بن محمد بن شرفشاه العلوی الاستراباذی السید رکن الدین کان عالما بالحکمه والعربیّه وتکلّم فی أصول الفقه ودرّس بالمدرسه النوریّه ثم السلطانیّه وشرح مقدمه ابن الحاجب بثلاثه شروح ؛ الکبیر ، والمتوسط والصغیر وشرح الشافیه فی التصریف. توفی سنه 715 ه انظر ترجمته فی المختصر ، 2 / 263 وبغیه الوعاه ، 1 / 521.

2- قال السید فی الوافیه فی شرح الکافیه المسمی بالشرح المتوسط «والمراد بالمفرد ما لم یکن مضافا ومشابها له ولا جمله» انظر الوافیه ، المخطوطه ، الورقه 87 و.

3- هو إبراهیم بن الحسین بن عبید الله بن إبراهیم بن ثابت الطائی ، تقی الدین النیلی شارح الکافیه ، من أهل القرن السابع ، لم تذکر کتب التراجم شیئا عنه سوی ما ذکرناه أنظر بغیه الرعاه ، 1 / 410 ومفتاح السعاده ، ومصباح السیاده ، لطاش کبری زاده 1 / 186 وتاریخ الأدب العربی ، لکارل بروکلمان 5 / 324. ومجله المورد العراقیه ، المجلد الثانی العدد الثانی ، حزیران ، 196.

4- قال النیلیّ فی شرح الکافیه ، «وقوله - أی ابن الحاجب - یرفع علی لفظه أی علی لفظ المنادی ، وإنما جاز أن تجری حرکه المعرب علی حرکه المبنیّ ، لأنّ حرکته تشبه حرکه الإعراب فی کونها طارئه کما أن حرکه الإعراب طارئه ... ولشبه هذه الحرکه بحرکه الإعراب نونوه معها قال : أمحمد (البیت) المخطوطه الورقه ، 50 وانظر شرح المفصل ، 1 / 129 - 2 / 2.

5- البیت لقتیله (لیلی) بنت النّضر بن الحارث وقد روی منسوبا لها فی البیان والتبیین للجاحظ ، 4 / 34 - 44 والسیره ، لابن هشام 2 / 474 ودیوان الحماسه ، لأبی تمام 1 / 564 ومعجم البلدان ، 1 / 94 والعقد الفرید ، لابن عبد ربه 3 / 265 - 266 وحاشیه الشیخ یاسین علی التصریح ، 2 / 254 وانظر لسان العرب ، ماده عرق.

6- الکافیه ، 389.

الاستغاثه تکون مفتوحه لما ذکرنا من مشابهه المنادی للمضمر ، ففتحت معه کما تفتح مع المضمر فی نحو : لک وله فإن عطفت علی المستغاث به نحو : یا لزید ولعمرو ، کسرت لام المعطوف لأنّه یجوز فی التوابع ما لا یجوز فی المتبوعات والاستغاثه استدعاء مدعوّ طلبا للنصره والمعونه ، فإن أتیت بألف الاستغاثه نحو : یا زیداه فتحت آخره ، ولا یجمع بین ألف الاستغاثه والّلام فلا یقال : یا لزیداه ، لأنّ اللام توجب کسر آخره والألف توجب فتحه فتدافعا (1).

ذکر إعراب توابع المنادی

توابع المنادی المبنیّ إذا کانت مفرده ، أو فی حکم المفرده نحو : یا زید العاقل ، ویا زید الحسن الوجه ، ترفع حملا علی لفظه ، وتنصب حملا علی محلّه ، فتقول : یا تمیم أجمعون وأجمعین (3) ونحو ذلک ، وأمّا توابع المعرب (4) نحو : یا عبد الله الظریف فهو بنصب الظریف ، لیس إلّا ، لأنّک إن حملته علی اللّفظ فهو منصوب ، وإن حملته علی الموضع فهو کذلک ، وأمّا توابع المبنیّ المضافه ؛ فإنّها إن کانت مضافه إضافه حقیقیّه ، نحو : یا زید غلام عمرو ، وجب نصبها حتما ، وأمّا إذا لم تکن الإضافه حقیقیّه نحو : یا زید الحسن الوجه فإنّه یجوز فیه الرّفع والنصب ، وإن عطفت علی المنادی المبنیّ ما یلزمه الّلام نحو : الصّعق (5) فنصبه عند المبرّد أوجه (6) ، نحو : یا زید والرجل والصّعق بنصبهما ، وإن کان المعطوف فیه اللام ولکن غیر لازمه نحو : الحسن فرفعه عنده أوجه ، لأنّه یمکن انتزاع اللام منه وتقدیر حرف النّداء فیه فیکون وجود الّلام فیه کعدمه ، بخلاف ما لم یجز انتزاع الألف والّلام فیه

ص: 163

1- شرح الوافیه ، 191.

2- الکافیه ، 389 - 390.

3- شرح الوافیه ، 193 وشرح التصریح ، 2 / 176.

4- فی الأصل المغرب.

5- الصّعق : الشدید الصوت ، والصّعق الکلابی اسمه خویلد أحد فرسان العرب سمّی بذلک لأنه أصابته صاعقه ، وهی صفه تقع علی کلّ من أصابه الصّعق ، ولکنه غلب علیه حتی صار بمنزله زید وعمر علما کالنجم. لسان العرب ، صعق.

6- المقتضب ، 4 / 212 - 213 وشرح المفصل ، 2 / 3 وشرح الکافیه ، 1 / 139.

نحو : الصّعق والنّجم فإنّه إذا لم یجز انتزاع الّلام منه لم یجز تقدیر حرف النداء فیه فلذلک اختار رفع الحسن دون الصّعق ، والخلیل یختار فی المعطوف الرفع (1) سواء کان مما یلزمه الّلام کالصّعق أو لم یلزمه کالحسن ، وأمّا أبو عمرو (2) فإنّه یختار النصب فیهما (3) لأنّه تابع وتابع المبنیّ یکون تابعا لمحلّه ، دون لفظه ، وأمّا إن کان المعطوف بغیر لام نحو : یا زید وعمرو ، أو کان تابع المبنیّ بدلا نحو : یا رجل زید کان هذا التابع کالمستقلّ ، بحیث یعطی حکم المنادی ، فیضمّ إن کان مفردا ، وینصب إن کان مضافا (4).

ذکر المنادی المعرّف باللام

وإذا نودی المعرّف بالّلام لم یجز أن یباشر بحرف النّداء ولکن یتوصّل إلیه بالاسم المبهم ، فیقال فی ندائه : یا أیّها الرجل أو هذا ، أو ذا الرجل فالمنادی هو الاسم المبهم ، والرجل صفه للمبهم المنادی المذکور ، کأنّهم کرهوا ن یدخلوا حرف تعریف علی حرف تعریف (6) ، وأمّا الهاء فی أیّها (7) ، فحرف تنبیه زادوه عوضا عمّا تستحقّه أیّ من الإضافه (8) ، ویجوز الجمع بین أیّ وبین اسم الإشاره نحو : یا أیّهذا الرجل ، فالرجل نعت هذا ، وهذا نعت أیّ ، واسم الإشاره وأیّ ، کلّ منهما مبهم ، وأیّ أوغل فی الإبهام لوقوعها علی الواحد والجمع بلفظ واحد (9)

ص: 164

1- الکتاب ، 2 / 187 والمقتضب ، 4 / 312 وشرح المفصل ، 2 / 3 وشرح التصریح ، 2 / 176 وشرح الأشمونی ، 3 / 149.

2- هو زبان بن العلاء أحد القرّاء السبعه المشهورین ، کان إمام أهل البصره فی القراءات والنحو واللغه قرأ علی سعید بن جبیر ، وأخذ عنه أبو عبیده ، والأصمعیّ توفی سنه 154 ه انظر ترجمته فی : وفیات الأعیان ، 3 / 466. والبلغه ، 81 وبغیه الوعاه ، 2 / 231.

3- وکذا یونس وعیسی بن عمر والجرمی ، شرح المفصل ، 2 / 3.

4- شرح الوافیه ، 193 - 194.

5- الکافیه ، 390.

6- شرح الوافیه ، 194.

7- غیر واضحه فی الأصل.

8- شرح التصریح ، 5 / 174.

9- شرح المفصل ، 2 / 7.

والتزموا رفع المعرّف بالّلام المذکور لأنّه هو المقصود بالنّداء فجعلوا حرکه إعرابه الحرکه التی یستحقّها ، لو باشره حرف النداء ، وقیل : التزموا رفعه للفرق بین الصّفه الّلازمه وغیر اللازمه ، وعند الأخفش أیّ موصوله بمعنی الذی ، والرجل خبر مبتدأ محذوف (1) ، ویجوز تأنیث أیّ فیقال : یا أیّتها المرأه ، وأجاز المازنیّ (2) نصب الرجل ، فی : یا أیّها الرجل قیاسا علی صفه غیر المبهم ؛ فإنّه أجری صفه المبهم مجری الظریف فی قولک : یا زید الظریف ، فکما جاز نصب الظریف حملا علی المحلّ جاز نصب صفه المبهم ، نحو : الرجل فی یا أیّها الرجل (3) وقریء (4) فی الشّاذ : قل یا أیها الکافرین (5) وإذا أتیت بتوابع لهذا المعرّف بالّلام فلا تکون إلّا مرفوعه لأنه معرب ، والمعرب لا یکون تابعه إلّا علی وفق إعرابه. فإذا قلت : یا هذا الرجل ذو المال ، لم یجز فی ذو المال إلّا الرفع لأنّه صفه لمرفوع معرب ، مثل : جاءنی زید ذو المال (6) ، ومنه : (7)

یا أیّها الجاهل ذو التّنزّی

فرفع الصّفه المضافه ، أعنی ذو التنزّی ، وأدخلوا حرف النّداء علی الّلام

ص: 165

1- شرح الأشمونی ، 3 / 151 وهمع الهوامع ، 1 / 175 وحاشیه الصبان ، 3 / 151.

2- والزجاج کما فی شرح الکافیه ، 1 / 142 والمازنی هو أبو عثمان بکر بن محمّد بن بقیّه من أهل البصره أخذ عن أبی عبیده والأصمعیّ وأخذ عنه المبرّد ، له تصانیف کثیره أشهرها کتاب التصریف الذی شرحه ابن جنی ، وکتاب ما تلحن فیه العامه ، وکتاب العروض ، توفی سنه 247 ه انظر ترجمته فی الفهرست ، 84 - ونزهه الألباء ، 182 وإنباه الرواه ، 1 / 246.

3- شرح الکافیه ، 1 / 142 وشرح الأشمونی ومعه حاشیه الصبان ، 3 / 150.

4- قال الجاحظ فی البیان والتبیین 3 / 233 : ومن اللّحانین الأشراف ابن ضحیان الأزدی ، وکان یقرأ «قل یا أیّها الکافرین» فقیل له فی ذلک فقال : قد عرفت القراءه فی ذلک ولکنّی لا أجلّ أمر الکفره. وقال ابن هشام فی شرح شذور الذهب ، 450 بعد أن أورد القراءه وهذا إن ثبت فهو من الشذوذ بمکان.

5- الآیه 1 من سوره الکافرون.

6- شرح الوافیه ، 195 وانظر الکتاب ، 2 / 193 والمقتضب ، 4 / 219.

7- الرجز لرؤبه بن العجاج وبعده : لا توعدنّی حیّه بالنّکر ورد فی دیوانه ، 3 / 63 وورد منسوبا له فی شرح المفصل ، 6 / 138 وشرح الشواهد ، 3 / 152. ومن غیر نسبه فی الکتاب ، 2 / 192 والمقتضب ، 4 / 218 وشرح الأشمونی ، 3 / 152. التنزی : نزع الإنسان إلی الشرّ وأصله نزأت بین القوم : إذا حرّشت بینهم ، والنّکز : اللّسع.

فی اسم الله خاصه نحو : یا الله ، إمّا لکثرته وإمّا لأنّ اللام لیست للتعریف ، وقد ورد فی الشعر : (1)

من أجلک یا الّتی تیّمت قلبی

...

وهو شاذّ لا یعتدّ به ولا بما یأتی من ذلک (2).

ذکر بقیّه الکلام علی المنادی

إذا نودی العلم الموصوف بابن مضاف إلی علم نحو : یا زید بن عمرو ، فالمختار فتحه مع جواز الضمّ (4) ومنهم من یقول : (5) یجب فتحه لکثرته فی کلامهم ، فجعلت الفتحه عوضا من الضّمه لخفتها (6) وإذا نودی المفرد ثمّ کرّر مضافا (7) نحو : (8)

یا تیم تیم عدیّ لا أبالکم

لا یلقینّکم فی سوأه (9)

عمر

فالثانی لیس فیه إلّا النصب ، وأمّا الأول ؛ فیجوز ضمّه لأنّه منادی مفرد ، ونصبه علی تقدیر : یا تیم عدیّ تیم عدیّ ، فحذف عدیّ الأول لدلاله الثانی علیه (10) ، وإذا

ص: 166

1- البیت لم یعرف قائله وعجزه : وأنت بخیله بالودّ عنّی انظره فی الکتاب ، 2 / 197 والمقتضب ، 4 / 241 والإنصاف ، 1 / 336 بروایه فدیتک یا الّتی ، وشرح المفصل ، 2 / 8 وشرح الکافیه ، 1 / 144 وهمع الهوامع ، 1 / 174 وخزانه الأدب ، 2 / 293.

2- شرح الوافیه ، 195.

3- الکافیه ، 390.

4- وهو مذهب البصریین ، الهمع ، 1 / 176.

5- وهو مذهب الکوفیین وبعض البصریین ، شرح الکافیه ، 1 / 841 وشرح التصریح ، 2 / 169.

6- شرح الوافیه ، 196.

7- الکافیه ، 390.

8- البیت لجریر بن عطیّه یهجو عمر بن لجأ التیمی ، ورد فی دیوانه ، 385 بروایه لا یوقعنّکم مکان لا یلقینکم. وروی منسوبا له فی الکتاب ، 1 / 53 - 2 / 305 والمقتضب ، 4 / 229 والخصائص ، 1 / 345 وکتاب الحلل ، 208 وشرح المفصل ، 2 / 10 وشرح الشواهد ، 3 / 153 وروی البیت من غیر نسبه فی الکافیه ، 1 / 146 ومعنی اللبیب ، 2 / 457 وشرح ابن عقیل ، 3 / 270 وشرح الأشمونی ، 3 / 153.

9- فی الأصل سوّه والسوأه الفعله القبیحه.

10- شرح الوافیه ، 197.

نودی المضاف إلی یاء المتکلّم نحو : یا غلامی ، فلهذه الیاء فی النّداء أربعه أوجه : (1) إثباتها مفتوحه وهو الأصل کقولک : یا غلامی أقبل وقریء (یا عِبادِیَ)(2) بالفتح (3) وإنّما کان کذلک لأنّها اسم علی حرف واحد ، فقویت بالحرکه ، کما فعلوا بالکاف فی غلامک والتاء فی رأیت ، والثانی : إسکانها / ، تخفیفا نحو : یا غلامی وقد قریء : یا عبادی لا خوف علیکم (4) والثالث : حذفها مع بقاء کسر ما قبلها کقولک : یا غلام بحذف یاء الإضافه (5) ، وإنّما حذفت تخفیفا لکثرته فی کلامهم (6) والرابع : قلبها ألفا لأنّ الألف أخفّ من الیاء ، ولیحصل بالألف زیاده مدّ فی الصوت (7) نحو : یا ربّا تجاوز عنّی ، ویا غلاما أقبل ، قال الشّاعر : (8)

وحدیثها کالغیث أبصره

راعی سنین تتابعت جدبا

فرآه یبسط راحتیه له

ویقول یا ربّاه یا ربّا

وإذا وقفت ألحقتها الهاء ، تبیّنا للألف فقلت : یا ربّاه ویا غلاماه ، وإذا نودی ابن المضاف (9) إلی العمّ أو الأمّ المضافین إلی المتکلّم کقولک : یا بن عمیّ یا بن أمیّ جاز فیهما جمیع ما ذکر فی المضاف إلی یاء المتکلّم ، فتفتح الیاء من عمّی

ص: 167

1- الکافیه ، 390.

2- من الآیه 56 من سوره العنکبوت ونصها : یا عبادی الذین آمنوا إن أرضی واسعه فإیای فاعبدون.

3- وهی قراءه نافع وابن کثیر وابن عامر وعاصم وأبی جعفر ، الکشف 2 / 238 ، والنشر ، 2 / 344 والاتحاف ، 346.

4- من الآیه 68 من سوره الزخرف ، وقد قرأها أبو بکر بالفتح ویقف بالیاء ، وأسکنها نافع وأبو عمرو وابن عامر ، ویقفون بالیاء ، وحذفها الباقون فی الوصل والوقف ، الکشف ، 2 / 263 والنشر ، 2 / 370 والاتحاف ، 368.

5- فی الأصل یالإضافه ، وفی حاشیه الأصل وقرئت یا عباد وهی قراءه حمزه والکسائی وابن کثیر «انظر المصادر السابقه».

6- شرح الکافیه ، 1 / 147.

7- شرح المفصل ، 2 / 11 ، وشرح التصریح ، 2 / 177.

8- البیتان لم یعرف قائلهما ، وردا فی الخصائص ، 1 / 29 - 129 ، وأمالی القالی ، 1 / 83 وروایه الثانی فی الأمالی : فأصاخ یرجو أن یکون حیا ویقول من فرح هیا ربا وانظر المغنی ، 1 / 20.

9- الکافیه ، 390.

وأمّی ، وتسکّنها وتحذفها وتبدلها ألفا کما قیل فی : یا غلامی ، ویجوز فیهما وجه آخر خامس : وهو حذف الألف وإبقاء الفتحه کقولک : یا بن عمّ ویا بن أمّ بفتحهما ، ولا یجوز فی غیرهما شیء من ذلک نحو : یا بن غلامی وما أشبهه وإذا کان المنادی المضاف إلی المتکلّم أبا أو أما ، جاز فیه ما ذکر فی المضاف إلی المتکلم حسبما قیل فی یا غلامی (1) وجاز فیه وجوه أخر ، وهی : یا أبت وأمت بکسر التاء المنقلبه عن الیاء ، وفتح التاء فیهما ، وأبتا وأمتا بإثبات الألف والتاء فیهما معا ، ولم یجز : یا أبتی ویا أمتی بإثبات التاء والیاء معا ، لأنّ التاء عوض عن یاء المتکلّم ، ولا یجوز الجمع بین العوض والمعوّض منه (2) بخلاف أبتا وأمتا فإنّ التاء والألف معا بدل عن الیاء (3) وجاز فی (یا بُنَیَ)(4) کسر الیاء وهو الکثیر ، والفتح لاستثقال الکسره والسکون مع التخفیف وقریء فی السّبعه (5) بالجمیع (6).

ذکر التّرخیم

الترخیم من خصائص المنادی ، وهو حذف فی آخر المنادی تخفیفا لا لعلّه ، ویجوز لضروره الشعر ترخیم غیر المنادی کقول الشّاعر : (8)

دیار میّه إذ میّ تساعفنا

ولا یری مثلها عجم ولا عرب

ص: 168

1- شرح الوافیه ، 197.

2- من حاشیه الأصل.

3- شرح المفصل ، 2 / 12 وشرح الکافیه ، 1 / 148.

4- من الآیه 42 من سوره هود ونصها : یا بنی ارکب معنا ولا تکن من الکافرین.

5- شرح الوافیه ، 198 وشرح الأشمونی ومعه حاشیه الصبان ، 3 / 156.

6- قرأ عاصم بفتح الیاء والتشدید ، والباقون بکسر الیاء والتشدید وقرأ ابن کثیر بإسکان الیاء والتخفیف فی لقمان ، 13 «یا بنی لا تشرک» أیضا. الکشف ، 1 / 529 والنشر ، 2 / 289 والاتحاف ، 256.

7- قال ابن الحاجب فی الکافیه 390 : «وترخیم المنادی جائز ، وفی غیره ضروره ، وهو حذف فی آخره تخفیفا ، وشرطه أن لا یکون مضافا ولا مستغاثا ولا مندوبا ولا جمله» وفی شرح الکافیه للرضی ، 1 / 149 «ولم یقل ولا مندوبا ، لأن المندوب عنده لیس بمنادی» وقد سقط «ولا مندوبا» من شرح الکافیه لابن الحاجب أیضا 1 / 225.

8- البیت لذی الرّمه ، ورد فی دیوانه 3 ، ونسب له فی الکتاب 1 / 280 2 / 47 بروایه مساعفه مکان تساعفنا ، والنوادر 32 وأمالی وقیل : کانت تسمی میّا ومیه ، فلا شاهد عندئذ فی البیت.

حذف هاء میّه ، ولا یجوز ترخیم المستغاث نحو : یا لجعفر (1) لأنّهم یزیدون فیه لغرض رفع الصّوت للمستغاث به ، وکذا لا یرخّم المضاف کعبد الله (2) ولا الجمله المسمّی بها کشاب قرناها ، لأنّهم لو حذفوا من الثانی حذفوا من غیر المنادی ، ولو حذفوا من الأول حذفوا من وسط الکلمه ، وهو غیر جائز ، ولأنّ الجمله تحکی علی إعرابها الأصلی (3).

وشرط المنادی (4) فی الترخیم أن یکون الاسم المرخّم إمّا بتاء التأنیث نحو ثبه ، وإمّا علما زائدا علی ثلاثه أحرف کجعفر وحارث لا کزید (5) ، والحکم ، لأنّ تاء التأنیث زائده فلا یلزم من حذفها الإجحاف بالاسم لبقائه علی حرفین ، ولذلک شرط فی العلم الزیاده علی ثلاثه ، لئلّا یحصل الإجحاف بالحذف فیخرج عن أبنیه الاسم (6) ، وکلّ اسم آخره زیادتان فی حکم زیاده واحده (7) نحو : أسماء وعثمان فإنّه یحذف منه فی الترخیم حرفان فتقول : یا أسم ویا عثم ، بحذف ألف التأنیث الممدوده ، والألف والنون (8) ، وکذلک یحذف حرفان مما فی آخره حرف صحیح قبله مدّه ، وهو علی أکثر من أربعه أحرف مثل : عمار ومنصور ومسکین ، وقد علم أن ثمود لیس من باب منصور فیحذف من منصور حرفان ، ومن ثمود حرف واحد لعدم زیادته علی أربعه (9).

وإن کان المنادی مرکّبا (10) نحو : بعلبکّ فإنّه یحذف منه الاسم الأخیر للترخیم لأنّه بمنزله تاء التأنیث فیقال : یا بعل ، وإن کان المنادی المرخّم غیر ما ذکر ، فیحذف

ص: 169

1- فی الأصل وا جعفراه. ولا یستقیم التمثیل بذلک. ولعل مراده أن المندوب لا یرخم أیضا.

2- وذهب الکسائی والفراء إلی جوازه. الإنصاف 1 / 347 وشرح المفصل 2 / 20.

3- وبعض العرب یرخمها بحذف عجزها ، شرح الکافیه 1 / 150 وشرح التصریح 2 / 184 وهمع الهوامع 1 / 181.

4- الکافیه ، 390.

5- فی الأصل لا لزید.

6- من شرح الوافیه ، 199 بتصرف یسیر وانظر الإنصاف ، 1 / 356.

7- الکافیه ، 390.

8- الزئدتان معا ، شرح الکافیه ، 1 / 150.

9- شرح الوافیه ، 200 وانظر همع الهوامع ، 1 / 183 وشرح الأشمونی 3 / 177.

10- الکافیه ، 390.

منه حرف واحد ، لأنّه الأصل فإنّ الزیاده علی حرف کانت بسبب عارض ، وذلک مثل : ثمود وحارث وحامد (1) وفی المرخّم وجهان ؛ أفصحهما : أنّ یقدّر المحذوف موجودا فیبقی ما قبله علی ما کان علیه من حرکه أو واو أو غیر ذلک ، کقولک : یا حار بکسر الراء فی ترخیم حارث ، وإذا رخّمت کروان (2) علی أفصح الوجهین قلت : یا کرو ، وفی ثمود یا ثمو ، وأمّا الوجه الثانی : فهو أن یجعل المحذوف نسیا منسیا ، ویعامل الباقی معامله ما لم یحذف منه شیء ، فتقول : یا حار بالضم ، ویا کرا بالألف لتحرّک الواو وانفتاح ما قبلها ، ویا ثمی فتبدل الضمه کسره ، والواو یاء ، إذ لیس فی کلامهم اسم تام معرب آخره واو قبلها ضمّه (3).

ذکر المندوب

المندوب هو المتفجّع علیه بیا أو واو ، والتفجّع إظهار الحزن والجزع للمصیبه ، ویختصّ بوا ، نحو : وا زید ، وهو کالمنادی فی الإعراب والبناء (5) وأجری مجراه لأنّ کلا منهما مخصوص من بین قومه ، ولک أن تزید فی المندوب ألفا فتقول :وا زیدا ، ولک أن تلحقها هاء السّکت فی الوقف فتقول : وا زیداه ، فإن جاء اللّبس من الألف فی مثل ندب غلام المخاطبه ، عدلت عن الألف إلی زیاده حرف مجانس لتلک الحرکه فتقول : وا غلامکیه (6) لأنّک لو زدت ألفا وقلت : وا غلامکاه لالتبس بغلام رجل مخاطب فألحق (7) الیاء المناسبه لحرکه الکاف وهی الکسره (8) وفی غلام جماعه مذکرین تلحق واوا فتقول : وغلامکموا ، لأنّک لو ألحقت ألفا وقلت : وا غلامکما ، التبس بغلام اثنین مخاطبین فألحقت الواو المناسبه للجمع ، ولا یندب

ص: 170

1- شرح الوافیه ، 200 وشرح الکافیه 1 / 153.

2- الکروان : طائر ، اللسان کرا.

3- شرح الوافیه ، 200 - 201 وانظر شرح المفصل 1 / 21 وشرح الکافیه ، 1 / 155.

4- الکافیه ، 390 - 391.

5- شرح الوافیه ، 201.

6- فی الأصل وا غلامک والتصویب من الکافیه وانظر شرح التصریح 2 / 182 وشرح الأشمونی ، 3 / 170.

7- کذا فی الأصل ، وفی شرح الوافیه 202 فألحقت الکاف المکسوره یاء لذلک.

8- شرح الوافیه ، 202 وانظر شرح المفصل 2 / 14.

إلّا المعروف لا المنکّر (1) فلا یقال : وا رجلاه لأنّ الندبه إما للإعلام بمن یتفجّع علیه ، أو لتمهید العذر للمتفجّع / ولا یکون ذلک إلّا أن یکون المندوب معروفا ، وإذا وصفت المندوب فلا تلحق الصفه علامه الندبه فلا تقول : وا زید الظریفاه ، لأنّ الظریف لیس هو المندوب وهو مذهب الخلیل (2) خلافا لیونس فإنّه یجیز وا زید الظریفاه (3) ویجوز حذف حرف النداء من ثلاثه أشیاء (4) وهی : العلم نحو : (یُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا)(5) أی یا یوسف والمضاف نحو : عبد الله افعل کذا أی : یا عبد الله ، وأیّ نحو : أیّها الرجل افعل کذا أی : یا أیّها الرجل ، ولا یجوز حذف حرف النداء من اسم الجنس ، والمراد باسم الجنس اسم یصحّ إدخال اللّام علیه وجعله صفه لأی ، نحو : رجل فلا یقال : رجل بمعنی یا رجل (6) وکذلک لا یجوز حذفه من الإشاره نحو : هذا بمعنی : یا هذا ولا من المندوب ، ولا من المستغاث فلا یقال : زیداه بمعنی وا زیداه ، ولا زیدا أو لزید مستغیثا به لأنّ کلا من المندوب والمستغاث یناسب التطویل ، فلا یحسن الحذف مع مناسبه التطویل (7) ، وقد شذّ حذف حرف النّداء فی قولهم : (8) «أصبح لیل» ، بمعنی یا لیل وأطرق کرا (9) ، أی یا کروان ، وفی أطرق کرا شذوذان : حذف حرف النداء ، والترخیم ، لأن الأمثال یجوز فیها من الحذف والتخفیف ما لا یجوز فی غیرها ، فقالوا : «أطرق کرا إنّ النّعام فی القری» (10) ، ویجوز حذف المنادی نفسه للقرینه الدّاله علیه کقولک : یا إضرب أی : یا هذا

ص: 171

1- وجوز الکوفیون ندبه غیر المعروف وشذذه البصریون شرح الکافیه ، 1 / 159.

2- الکتاب ، 2 / 225.

3- وأیده الکوفیون ، الکتاب ، 5 / 226 وشرح المفصل ، 2 / 14.

4- الکافیه ، 391.

5- من الآیه 29 من سوره یوسف.

6- شرح الوافیه ، 203 وشرح المفصل ، 2 / 15.

7- شرح الوافیه ، 203.

8- یضرب هذا المثل فی استحکام الغرض من الشیء. انظره فی جمهره الأمثال 1 / 138 ومجمع الأمثال 1 / 146 والمستقصی 1 / 200.

9- یقال للخسیس یتکلم فی مجلس فیه من هو أرفع منه. انظره فی جمهره الأمثال 1 / 139 ومجمع الأمثال 1 / 445 والمستقصی 1 / 221 - 222.

10- فی الکتاب ، 2 / 231 ولیس هذا بکثیر ولا بقوی.

إضرب ، ومنه قراءه الکسائی : ألا یا اسجدوا (1) أی : ألا یا هؤلاء اسجدوا (2).

3- ذکر المفعول به الذی أضمر عامله : علی شریط التفسیر

وهو القسم الثالث من أقسام المفعول الذی یجب حذف فعله بضابط قیاسی وحدّه : أنّه کلّ اسم بعده فعل أو شبهه مشتغل عنه بضمیره أو بمتعلّقه لو سلّط علیه هو أو مناسبه لنصبه ، نحو : زیدا ضربته ، فزید اسم بعده فعل مشتغل عن زید بضمیر زید ، وتقدیره : ضربت زیدا ضربته (4) ، فالثانی مفسّر للأوّل ، ولا یجمع بین المفسّر والمفسّر ولذلک وجب الحذف (5). ومثال ما یسلّط علیه مناسب الفعل : زیدا حبست علیه ، وزیدا مررت به ، فإنّه فی هاتین الصورتین لو سلّط الفعل المشتغل أعنی حبست ومررت علی الاسم لم ینصبه لکنّ مناسبه وهو جاوزت ولازمت ، لأنّ من حبست علیه فقد لازمته ، ومن مررت به فقد جاوزته ، ومثال ما هو مشتغل عنه بمتعلّقه : زیدا ضربت غلامه لأنّ الفعل مشتغل بمتعلّق زید وهو غلامه وتقدیره أهنت زیدا ، لأنّ من تضرب غلامه فقد أهنته وإذا تقدّم علیه (6) جمله فعلیّه (7) کقولک : قام زید وعمرا أکرمته ، جاز رفع عمرو والنّصب أحسن لأنّه علی تقدیر النّصب یلزم عطف جمله فعلیه علی جمله فعلیه ، وهو أنسب من الرّفع ، لأنه یلزم عطف جمله اسمیّه علی جمله فعلیّه (8) ، ولذلک یختار النصب بعد حرف الاستفهام نحو : أزیدا ضربته ، لأنّ الاستفهام غالبا إنما یکون عن الفعل ، وبعد إذا الشرطیّه لأنّ الأولی أن یلیها الفعل

ص: 172

1- من الآیه 25 من سوره النمل. ونصها : ألا یسجدوا لله الذی یخرج الخبء فی السموات والأرض ویعلم ما تخفون وما تعلنون.

2- بهمزه مفتوحه ، وتخفیف اللام. والباقون بالهمزه وتشدید اللام. الکشف 2 / 156 - 157 والنشر 2 / 337 والإتحاف ، 336 وانظر الإنصاف ، 1 / 99.

3- الکافیه ، 391.

4- الناصب له عند الکسائی والفراء ، الفعل بعده ، الإنصاف ، 1 / 82 وشرح التصریح ، 1 / 296.

5- شرح الوافیه 206.

6- علیه زیاده یستقیم بها الکلام والمراد «أن تتقدم هذه الجمله جمله فعلیه» شرح الوافیه 206.

7- الکافیه ، 391 - 392.

8- شرح الوافیه ، 207.

بخلاف التی للمفاجأه ، وبعد حیث ، لأنّها مثل إذا فی اقتضائها الفعل بعدها (1) وبعد حرف النفی ، فإنّک إذا قلت : ما زیدا ضربته ، فالنفی لضرب زید لا لذاته فلما کان الفعل بعده کان النّصب أولی (2). وإذا وقع بعده فعل معناه الطّلب کان أقواها سببا فی اختیار النّصب (3) ، وکذلک شبه الفعل نحو : زیدا دراکه ، لأنّه علی تقدیر الرفع یلزم وقوع الطلب وهو الأمر والنهی والدعاء خبرا عن المبتدأ وهو بعید ، لأنّ الخبر ما یحتمل الصّدق والکذب ، والإنشاء لا یحتمل ذلک ، وإنّما جاز علی تأویل ، وهو أن یقدّر زید مقول فیه اضربه أو لا تضربه ، وعلی تقدیر النّصب لا یلزم إلّا حذف الفعل وهو کثیر غیر بعید للمبتدأ المرفوع ، وکأنّک قلت : زید أنت مأمور بضربه أو زید مقول فیه اضربه (4) وکذلک المصدر الذی بمعنی الطّلب فإنّ حکمه حکم الطّلب الصریح فی اختیار النّصب نحو : أمّا زیدا فجدعا له ، وأما جعفرا فسقیا له ، لأنّک ترید : جدعه الله جدعا ، وسقاه الله سقیا ، وإذا کان الدّعاء بغیر فعل ولا فی تقدیر الفعل لم ینصب الاسم الأول نحو : أمّا زید فسلام علیه ، وأمّا الکافر فویل له (5) ویختار الرّفع عند عدم قرینه خلافه (6) کقولک : زید ضربته ، لأنّه یرتفع بالابتداء فیکون غیر محتاج إلی تقدیر ، والنصب یحتاج إلی تقدیر الفعل الناصب فکان الرّفع أولی (7) ، وکذلک یختار الرّفع مع أمّا وهی تغلب غیر الطلب من قرائن النّصب فیکون الرفع بعدها أولی لاقتضائها المبتدأ بعدها غالبا ، فإن جاء الطلب معها ، قدّم اعتباره علیها فیصیر النّصب أولی ، وکذلک إذا التی للمفاجأه کقولک : قام زید وإذا عبد الله تضربه لاقتضائها المبتدأ بعدها غالبا (8) ومثال غلبه أمّا مع قرینه النّصب قولک : قمت وأمّا جعفر فقد

ص: 173

1- فی الکتاب 1 / 106 ومما یقبح بعده ابتداء الأسماء ... إذا وحیث تقول : إذا عبد الله تلقاه فأکرمه ، وحیث زیدا تجده فأکرمه وانظر شرح التصریح 1 / 303 وشرح الأشمونی 2 / 78.

2- شرح المفصل ، 2 / 34 - 36.

3- شرح الوافیه ، 207 والنقل منه.

4- شرح التصریح ، 1 / 307 وهمع الهوامع ، 2 / 111.

5- شرح المفصل 2 / 38.

6- الکافیه ، 391.

7- فی شرح الوافیه ، 208 ویختار الرفع إذا فقدت قرائن النصب کقولک : زید ضربته ...

8- شرح الوافیه ، 208 وشرح الکافیه ، 1 / 171.

ضربته ، ولو لا (1) أمّا لکان النّصب أولی لیکون عطف جمله فعلیّه ، علی جمله فعلیّه فقدّم اعتبار أمّا فکان الرّفع أولی (2) ومثال غلبه الطلب قولک : قمت وأمّا عمرا فاضربه ، بنصب عمرو ، وإنّما قدّم الطلب علی قرینه الرفع التی هی : أمّا وإذا لأنّک إذا رفعت وجب رفعه علی الابتداء ووقع الطّلب خبرا وهو لا یقع خبرا إلّا بتأویل کما تقدّم ، وأمّا النّصب فلا بعد فیه ، لأنّه ینصب بفعل مقدّر مثله فلا یحتاج إلی تأویل ویستوی الرّفع والنّصب (3) إذا تقدمت جمله ذات وجهین نحو : زید قام وعمرو أکرمته ، فجاز فی عمرو الرفع والنّصب من غیر ترجیح (4) لأنّه إن رجّح النصب لقرب المعطوف علیه وهو الجمله الصغری أعنی قام ، رجّح الرفع لعدم حذف العامل فیتعارضان (5).

واعلم أنّ نصب وعمرا أکرمته عطفا علی الجمله الصغری لا یستقیم إلّا أن یقدّر فی الجمله المعطوفه ضمیر یعود إلی زید ، نحو : عنده أو فی داره ، بحیث یصیر التقدیر : زید قام ، وعمرا أکرمته فی داره (6) لأنّ الجمله المعطوفه إذا لم یکن فیها ضمیر یعود إلی المبتدأ ، لا تصحّ أن تکون خبرا عنه ، وإذا لم تصحّ أن تکون خبرا ، لا یصحّ عطفها علی خبره لوجوب أن یتحقّق للمعطوف ما یجب ویمتنع للمعطوف علیه ، والأخفش یمنع من جواز هذه المسأله ، لأنّ الجمله الصغری المعطوف علیها ، لها موضع من الإعراب لوقوعها موقع المفرد ، وموضعها الرّفع لأنّها خبر المبتدأ ، والجمله المعطوفه أعنی وعمرا أکرمته ، لا موضع لها من الإعراب ، لأنّ الجمل لا موضع لها من الإعراب ، إلّا إذا کانت فی تأویل المفرد ، فلا یصحّ عطف ما لا موضع له علی ما له موضع من الإعراب ، وأجاب أبو علی الفارسی (7) : أنّه لمّا کان

ص: 174

1- من قوله : ولو لا ... إلی قوله : ویستوی الرفع والنصب ، الکثیر منه مطموس.

2- شرح ابن عقیل ، 2 / 138.

3- الکافیه ، 391 - 392.

4- الکتاب ، 1 / 91 والمغنی ، 2 / 380 - 382 وحاشیه الصبان ، 2 / 81.

5- شرح الوافیه ، 209.

6- شرح التصریح ، 1 / 304.

7- الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسی ، نحوی مشهور. توفی 377 ه. انظر ترجمته فی الفهرست 95 ونزهه الألباء 315.

إعراب الجمله الصغری غیر ظاهر فی اللفظ صارت بمنزله ما لا موضع له من الإعراب ، فصحّ أن یعطف علیها ما لا موضع له من الإعراب (1).

ویجب النّصب بعد حرف التحضیض ، وحرف الشّرط (2) لأنّهما مخصوصان بالأفعال إذ لا یحضّ إلا علی الفعل (3) ، ولأنّ الشرط إمّا للماضی أو للمستقبل ولا یکون إلّا فعلا کقولک : هلّا زیدا ضربته أو إن زیدا ضربته ضربته ، وإذا وجب تقدیر الفعل وجب النّصب (4) ونحو : أزید ذهب به ، لیس من هذا الباب ، لأنّ الفعل لم یعمل فی ضمیر زید نصبا ، فلو سلّط ذهب علی زید لم ینصبه ولا مناسبه أعنی أذهب ، فرفع زید لازم حینئذ علی الابتداء ، والجمله التی بعد خبره (5) ، وقد أجاز السیرافی (6) فیه النصب علی تقدیر : زید ذهب الذّهاب به ، لأنّک لمّا أسندت الفعل إلی مصدره بقی الجار والمجرور فی محلّ النّصب (7) وهو ضعیف ، لأنّ المصدر لا یقوم مقام الفاعل إلّا إذا تخصّص بوصف أو بغیره لعدم الفائده فی إقامته مقام الفاعل بدون ذلک ، فالقائم مقام الفاعل (8) هو الجار والمجرور حینئذ لا المصدر (9) وأمّا قوله تعالی (وَکُلُّ شَیْءٍ فَعَلُوهُ فِی الزُّبُرِ)(10) فلیس من هذا الباب لأنّک لو حذفت الهاء من فعلوه ، وسلطت الفعل علی کلّ ، صار إنّهم فعلوا کلّ شیء فی الزّبر ، وهو خلاف المقصود ، لأن المعنی أنّ کلّ شیء یفعلونه فهو فی الزّبر ، والزّبر الکتب ، أی إن فعلوا حسنا کتب لهم حسن ، وإن فعلوا قبیحا کتب کذلک ، ففعلوه صفه

ص: 175

1- انظر ذلک کله فی شرح المفصل ، 2 / 33 وشرح الکافیه ، 1 / 175 - 176.

2- الکافیه ، 392.

3- فی الأصل التفعیل.

4- شرح المفصل ، 2 / 38 ، وشرح الکافیه ، 1 / 177.

5- الکتاب ، 1 / 104 وشرح الوافیه ، 209.

6- أبو سعید الحسن بن عبد الله المرزبان السیرافی ، صنف تصانیف کثیره أشهرها : شرح کتاب سیبویه توفی 368 ه انظر ترجمته فی الفهرست 93 وإنباه الرواه 1 / 313 والبلغه ، 61.

7- وإلی ذلک ذهب ابن السراج أیضا ، شرح الکافیه ، 1 / 177.

8- فی الأصل مقام القاعد.

9- شرح المفصل ، 2 / 35 وتسهیل الفوائد ، 82.

10- من الآیه 52 من سوره القمر.

لشیء ، ولا یجوز أن تقدّر ناصبه لما قبل الموصوف (1).

4- ذکر التّحذیر

وهو القسم الرابع من أقسام المفعول به الذی یجب حذف فعله الناصب له قیاسا ، والتحذیر قسمان :

أحدهما : معمول بتقدیر اتّق ، تحذیرا مما بعده کقولک : إیّاک والأسد ، وإیّاک من الأسد ، وإیّاک وأن تحذف ، وإیّاک من أن تحذف ، فإیّاک ضمیر منصوب ، والمعطوف علی إیاک هو المفعول الذی أضمر الفعل الناصب له المحذوف لفظا والمعنی باعد نفسک عن الأسد والأسد عنک ، واتّق أن تحذف ، واتّق الحذف أن یتعرّض لک (3) وإنّما لزم حذف الفعل الناصب له ، لأنّ إیّاک لما کثر فی استعمالهم ، جعلوه نائبا عن الفعل الناصب الذی هو اتّق أو باعد ، وأقاموه مقامه فلم یجز إظهاره لذلک.

والثانی : معمول بتقدیر اتّق أیضا لکن المحذّر منه مکرّر ، کقولک : الأسد الأسد ، والصبیّ الصبیّ ، والمعنی احذر الأسد احذر الأسد ، واحذر إیطاء الصبی إحذر إیطاء الصبی ، ومعنی إیطاء الصبی : إیطاء الدّابه الصبیّ (4) ، فأقیم الأوّل مقام احذر ، فلزم إضمار احذر ، لأنّه لو أظهر لکان قد أدخل الفعل علی ما قام مقامه ، وکان کإدخال الفعل علی الفعل (5) ولک فی : إیاک من أن تحذف ، عباره أخری وهی : إیاک أن تحذف ، بحذف من لأن حروف الجر تحذف مع أن وأنّ کثیرا ، لطولهما بالصله ولا یجوز أن یقال : إیاک الأسد ، بتقدیر : إیّاک والأسد ، ولا بتقدیر إیاک من الأسد ، لامتناع حذف حرف العطف ، وامتناع حذف حرف الجرّ من الأسماء الصریحه فی مثل هذا الباب (6) لکن حذف فی غیر هذا الباب توسّعا فی الکلام إذا

ص: 176

1- أی لا یجوز جعل «فعلوه» ناصبا لکل. وانظر شرح الوافیه ، 209 وشرح الکافیه ، 1 / 177 - 178 وشرح التصریح ، 1 / 302 وشرح الأشمونی ، 2 / 80.

2- الکافیه ، 392.

3- شرح الوافیه ، 212 - 213 وشرح المفصل 2 / 25.

4- وطیء الشیء یطؤه وطئا : داسه ، اللسان ، وطأ.

5- شرح الوافیه ، 213 وشرح المفصل ، 2 / 29.

6- شرح الوافیه ، 213 وشرح الکافیه ، 2 / 138.

علمت تعدیته فی مثل قوله تعالی : (وَاخْتارَ مُوسی قَوْمَهُ سَبْعِینَ)(1).

3- ذکر المفعول فیه

وهو ما فعل فیه فعل مذکور من زمان أو مکان ، فیخرج نحو : یوم الجمعه مبارک ، فإنّه وإن کان یقع فیه فعل ، لکنّه غیر مذکور فلا یکون مفعولا فیه ، وشرط نصبه أن تکون «فی» مقدّره فیه ، لأنّها لو کانت ملفوظه امتنع نصبه ووجب خفضه ولو لم تکن مقدّره کان اسما صریحا ولم یکن مفعولا فیه ، وظرف الزمان معیّنا کان أو مبهما فإنّه یقبل النّصب بتقدیر «فی» وظرف المکان إن کان مبهما قبل النّصب بتقدیر «فی» خلاف المعیّن مثل : المسجد والسّوق (3) وإنّما کان کذلک لأنّ الفعل یدلّ علی الزمان الخاصّ أی المعیّن من ماض ومستقبل ، وکلّ ما دلّ علی الخاصّ دلّ علی العامّ لوجوب استلزام الخاصّ العامّ من غیر عکس ، وأمّا المکان فالفعل یستلزم مکانا من الأمکنه مبهما ، والعامّ لا دلاله له علی الخاصّ فلم یقبل تقدیر «فی» ، فی غیر المکان المبهم (4) والمکان المبهم : هو الجهات : (5) أمام (6) وفوق وتحت ویمنه ویسره ، وکذلک ما کان بمعناها ، أو ملحقا بها کالمیل والفرسخ (7) وحمل علی المکان المبهم : عند ولدی وشبههما ، لإبهامها نحو : دون ومع ، وحمل أیضا علی المکان المبهم لفظ مکان فی قولک : جلست مکانک مع کونه معیّنا لکثره استعماله (8) ، أو أنّه

ص: 177

1- من الآیه 155 من سوره الأعراف.

2- الکافیه ، 392.

3- المبهم من الزمان ما دل علی زمن غیر مقدر کحین ، والمعین ما له نهایه تحصره سواء کان معرفه أو نکره کیوم ولیله وشهر ، والمبهم من المکان هو الذی لا صوره له ، ولا حدود معینه ، نحو : أمام ووراء ، أما المعین فهو الذی له صوره وحدود نحو : الدار والمسجد ، انظر شرح المفصل ، 2 / 41 وشرح الکافیه ، 1 / 184 وشرح الأشمونی ، ومعه حاشیه الصبان 2 / 128 - 129.

4- شرح المفصل ، 2 / 43 وهمع الهوامع ، 1 / 195.

5- الکافیه ، 392.

6- فی الأصل وأمام ، وفی شرح الوافیه 215 ما نصه : وأکثر المتقدمین فسروه بالجهات الست وما فی معناها مثل : فوق وتحت وأمام ووراء.

7- همع الهوامع ، 1 / 199.

8- وحذفت «فی» منه تخفیفا شرح الکافیه ، 1 / 184 - 185.

کالجهات لکثره الأمکنه ، وحملت الأمکنه المعیّنه التی تقع بعد «دخلت» فی قولک : دخلت الدّار علی الأمکنه المبهمه فنصبت بتقدیر «فی» علی الأصحّ (1). لأنّ المبرّد والجرمیّ (2) ذهبا إلی أنّ دخل متعدّ بنفسه ، فیکون المنصوب بعده مفعولا به لا ظرفا (3) ، والصحیح أنّ دخل لازم لأنّ مصدره فعول ، وهو من المصادر اللّازمه غالبا (4) وقد ینصب الظرف بعامل مضمر (5) عند قیام القرینه کقول القائل : متی سرت؟ فتقول : یوم الجمعه وکذا کم سرت؟ فتقول : یومین ، أی : سرت یوم الجمعه وسرت یومین ، وقد ینصب الظرف بعامل مضمر علی شریطه التفسیر ، مثل باب : زیدا ضربته نحو : الیوم سرت ، فیختار رفعه ، وقام زید ، والیوم سرت فیه ، وما الیوم سرت فیه ، والیوم سر فیه ، فیختار النّصب وقس علی ذلک ما فی الباب فی استواء الأمرین فیه ، (6) ووجوب نصبه إذا وقع بعد حرف الشّرط والتحضیض (7).

واعلم أنّه قد یجعل المصدر حینا لسعه الکلام (8) فیقال : کان ذلک مقدم الحاجّ ، وخفوق النّجم وخلافه فلان وصلاه العصر ، فخفوق النّجم بمعنی مغیبه (9) ، والخلافه والصّلاه مصدران أیضا جعلا حینا توسّعا وإیجازا ، أمّا التوسّع فإنّه جعل المصدر حینا ، ولیس من أسماء الزمان ، وأمّا الإیجاز فلحذف المضاف إذ التقدیر ، وقت خفوق النّجم ، ووقت صلاه العصر فحذف المضاف ، وأقیم المضاف إلیه مقامه (10).

ص: 178

1- شرح الوافیه 215 وانظر الکتاب ، 1 / 35.

2- هو صالح بن إسحاق أبو عمر الجرمیّ ، کان فقیها عالما بالنحو واللغه دینا ورعا حسن المذهب ، أخذ عن الأخفش ویونس وحدّث عن المبرّد وله من التصانیف کتاب الأبنیه وغریب سیبویه توفی 225 ه. انظر ترجمته فی الفهرست 84 - 85 ووفیات الأعیان 2 / 485 وبغیه الوعاه 2 / 8.

3- المقتضب 4 / 60 - 337 - 339 وشرح المفصل ، 2 / 44 وشرح الکافیه ، 1 / 186.

4- الکتاب 4 / 10 ولسان العرب ، دخل.

5- الکافیه ، 392.

6- مثل : زید قام ،. والیوم سرت فیه ، شرح الوافیه ، 215 - 216.

7- مثل : إن الیوم سرت فیه ، وهلّا الیوم سرت فیه شرح الوافیه ، 216 وشرح المفصل ، 2 / 47.

8- انتقل أبو الفداء إلی المفصل ، قال الزمخشری .. وقد یجعل المصدر حینا لسعه الکلام فیقال : کان ذلک مقدم الحاج وخفوق النجم وخلافه فلان وصلاه العصر.

9- غیر واضحه فی الأصل وانظر شرح المفصل ، 2 / 44.

10- شرح المفصل ، 2 / 44 - 45.

4- ذکر المفعول له

وهو ما فعل لأجله فعل مذکور ، مثل : ضربته تأدیبا ، وقعد عن الحرب جبنا ، فالتأدیب فعل لأجله فعل مذکور ، وهو الضّرب ، فالمفعول له هو السّبب الحامل للفاعل علی الفعل (2) ، والفعل قد یکون سببا (3) للمفعول له فی الخارج نحو : ضربته تأدیبا ، وقد لا یکون نحو : قعد عن الحرب جبنا ، فإنّ القعود لیس سببا للجبن فی الخارج.

وشرط نصبه (4) : أن تکون اللّام مقدّره ، لأنّها لو کانت ملفوظه لکان مجرورا ، وإنّما یجوز حذف اللّام بشرطین :

أحدهما : أن یکون المفعول له فعلا لفاعل الفعل المعلّل ، کما أنّ التأدیب وهو المفعول له فعل لفاعل الضّرب وهو الفعل المعلّل ، والثانی : أن یکون المفعول له مقارنا للفعل فی الوجود فإن لم یکن فعلا له لم یجز حذف اللام ، نحو : جئتک للسّمن ، وکذلک إن لم یقارنه ، نحو : جئتک الیوم لمخاصمتک زیدا أمس (5).

5- ذکر المفعول معه

وهو مذکور بعد الواو لمصاحبه معمول فعل لفظا أو معنی ، واحترز بقوله : بعد الواو ، مما یذکر بعد الفاء وثمّ وغیرهما من حروف العطف لانتفاء معنی المصاحبه منهنّ ، واحترز بقوله : لمصاحبه معمول فعل ، عن المذکور بعد الواو ولیس کذلک مثل : زید وعمرو أخواک ، وکلّ رجل وضیعته ، فإنّه مذکور بعد الواو للمصاحبه لکن لا لمصاحبه معمول فعل ، وعن المذکور بعد معمول فعل ولکن لا للمصاحبه مثل جاءنی زید وعمرو قبله أو بعده فعمرو مذکور بعد الواو وبعد معمول فعل لکن لا

ص: 179

1- الکافیه ، 393.

2- شرح التصریح ، 1 / 334.

3- غیر واضحه فی الأصل.

4- الکافیه ، 393.

5- شرح الوافیه ، 216 وفیها : خرجت الیوم لمخاطبتک زیدا أمس. وانظر شرح الکافیه ، 1 / 193.

6- الکافیه ، 393.

للمصاحبه لتخصیصه بالمجیء قبله أو بعده (1). والفعل العامل فی المفعول معه یکون لفظا نحو : جئتک وزیدا ، ویکون معنی نحو : ما لک وزیدا (2) والمراد بالفعل لفظا : الفعل وشبهه من أسماء الفاعل ، والصفه المشبّهه ، والمصدر ونحوها ، والمراد بالفعل معنی ، أی تقدیرا غیر ما ذکر مما یستنبط فیه معنی الفعل نحو : ما لک وزیدا ، وما شأنک وعمرا ، لأنّ التقدیر ما تصنع وعمرا (3) فأمّا إذا لم یکن فی الکلام فعل ولا معنی فعل فلا یجوز النّصب ، فإذا قلت : ما أنت وعبد الله ، وکیف أنت وقصعه من ثرید ، فالوجه الرفع (4) لانتفاء الناصب وهو الفعل أو معناه بواسطه الواو بخلاف قولک : قام زید وعمرا ، بنصب عمرو لوجود الفعل لفظا ، وإن کان لازما لأنّ الواو هی المعدّیه له حتی نصبه ، فالواو هنا بمعنی الباء ، والباء تعدّی الفعل فکذلک (5) الواو ، والمفعول معه قیاسیّ کسائر المفاعیل ، وبعضهم یقصره علی السّماع فلا یکون قیاسیّا (6) والفعل العامل فی المفعول معه إن کان لفظیّا وصحّ العطف جاز النّصب والرفع (7) نحو : قمت أنا وزید وزیدا ، فالرفع عطف علی المضمر ، لوجود المؤکّد المسوّغ للعطف علی المضمر ، والنّصب علی أنه مفعول معه لمصاحبه الفعل ، قال الشّاعر (8) :

وکونوا أنتم وبنی أبیکم

مکان الکلیتین من الطّحال

فنصب بنی أبیکم علی المفعول معه ، وإن لم یصحّ العطف نحو : جئت وزیدا ، تعیّن النّصب علی المفعول معه علی الأصحّ لعدم المؤکّد المنفصل المسوّغ للعطف

ص: 180

1- شرح الکافیه ، 1 / 194 ، 195.

2- الإنصاف ، 1 / 248 وشرح المفصل ، 2 / 49 ، وتسهیل الفوائد ، 99 وشرح التصریح ، 1 / 343 وهمع الهوامع ، 1 / 219 وشرح الأشمونی ، 2 / 134.

3- تسهیل الفوائد ، 99.

4- الکتاب ، 1 / 299 وشرح المفصل ، 2 / 51.

5- فی الأصل فلذلک.

6- انظر آراءهم فی ذلک ، فی الهمع 1 / 219.

7- الکافیه ، 393.

8- البیت لم یعرف قائله وقد ورد فی الکتاب ، 1 / 298 ومجالس ثعلب القسم الأول 103 وشرح المفصل ، 2 / 48 وشرح الشواهد ، 2 / 139 ، وشرح التصریح ، 1 / 345 وهمع الهوامع ، 220 - 221 وشرح الأشمونی ، 2 / 139.

لأنّ المضمر المتصل لا یعطف علیه إلّا بعد توکیده بمنفصل ، فلمّا تعذّر عطف زید علی التاء فی جئت ، تعیّن النّصب علی المفعول معه (1) ، وإن کان الفعل معنوّیا فإن صحّ العطف تعیّن ، نحو : ما لزید وعمرو ، وما شأن زید وعمرو ، لأنّه لم یتقدمه فعل ، والإضمار خلاف الأصل فکان جرّه متعیّنا ، ومنهم من یجوّز النصب فیه ، ویجعل العطف راجحا لا واجبا (2) وإن لم یصحّ العطف تعیّن / النصب نحو : ما شأنک وزیدا ، وما لک وزیدا ، وإنّما تعیّن النصب لامتناع العطف علی المضمر المجرور من غیر إعاده الجار لتنزل المضمر مع الجار منزله جزء الکلمه الواحده (3) ولا یجوز تقدیم المفعول معه علی الفعل (4) ولا علی الفاعل ، خلافا لابن جنی (5) فإنه یجوّز : جاء والطیالسه البرد (6).

6- ذکر الحال

اشاره

وهی الأولی من المشبّهات بالمفعول ، ووجه شبهها به أنها فضله (8) ، والحال یذکّر ویؤنّث ، وسمّیت حالا لعدم ثبوتها لأنّها من حال یحول إذا تغیّر ، ویدلّ علی ذلک أنّ الحال لا یجوز أن یکون خلقه ، ولا یکون إلّا صفه غیر لازمه غالبا ، فلذلک لا تقول : جاء زید طویلا ولا أحمر ، وحدّها : أنها ما یبیّن هیئه الفاعل والمفعول لفظا أو معنی ، حاله الفاعلیه والمفعولیه فقولنا : ما یبیّن ، کالجنس ، وهیئه الفاعل أو المفعول فصل ، فخرج بالهیئه غیر مبیّن الهیئه سواء کان مبیّنا للذات کالتمییز ، أو لم یکن کالنّعت ، وخرج بإضافه الهیئه إلی الفاعل أو المفعول ، النعت نحو : جاءنی

ص: 181

1- شرح الوافیه ، 218.

2- شرح المفصل ، 2 / 51.

3- شرح الکافیه ، 1 / 197 وشرح التصریح ، 1 / 345.

4- تسهیل الفوائد ، 99 وشرح الأشمونی ، 2 / 137.

5- أبو الفتح ، عثمان بن جنی ، من أحذق أهل الأدب وأعلمهم بالنحو والتصریف ، له تصانیف کثیره توفی 392 ه. انظر ترجمته فی الفهرست ، 128 ونزهه الألباء 332 وبغیه الوعاه ، 2 / 132.

6- الخصائص ، 2 / 383.

7- الکافیه ، 393.

8- قال الزمخشری فی المفصل ، 61 «شبه الحال بالمفعول من حیث إنها فضله مثله ، جاءت بعد مضی الجمله ، ولها بالظرف شبه خاص من حیث إنها مفعول فیها» ولم یتحدث ابن الحاجب عن هذین الشبهین فی شرح الکافیه 1 / 289 ولا فی شرح الوافیه ، 218.

زید الراکب ، لأنّ الراکب مبیّن لهیئه زید لا بالنظر إلی کونه فاعلا أو مفعولا ، وکذلک خرج القهقری فی قولک : رجع القهقری ، فإنها مبیّنه لهیئه الفعل الذی هو الرجوع لا لهیئه الفاعل أو المفعول ، وإنّما قال : ما یبیّن ولم یقل : اسم یبیّن لأنّ الحال قد یکون جمله وقوله : لفظا أو معنی ، أی : الفاعل الذی هو صاحب الحال یکون فاعلا لفظا وفاعلا معنی ، وکذا المفعول الذی هو صاحب الحال یکون مفعولا لفظا ومفعولا معنی ، فمثال الفاعل لفظا أو المفعول لفظا ، قولک : ضربت زیدا قائما ، فإن جعلت قائما حالا من التاء فی ضربت فهو حال من الفاعل لفظا ، وإن جعلته حالا من زید فهو حال من المفعول لفظا ، ومثال الفاعل معنی : زید فی الدار قائما ، لأنّ التقدیر استقرّ فی الدار (1) وکذلک : ما لک واقفا ، فواقفا حال من الضمیر المجرور وهو الکاف ، وهو فاعل لأنّه بمعنی ما تصنع ، ومثال المفعول معنی (وَهذا بَعْلِی شَیْخاً)(2) وهذا زید قائما أی : نبّهت علیه وأشرت إلیه شیخا أو قائما ، وقد یکون الحال من الفاعل والمفعول بلفظ واحد إذا اتّفقا فیها نحو : لقیته راکبین ، ولقیته مسلّمین ، وأمّا إذا اختلفا فیها نحو : لقیته مصعدا منحدرا ففیه مذهبان : أحدهما : جواز تقدیم أیّهما شئت ، والثانی : تقدیم حال المفعول (3).

وشرط الحال

أن یکون نکره ، وصاحبها معرفه (5) غالبا لأنّه محکوم علیه ، وحقّ المحکوم علیه أن یکون معرفه (6) وقال : غالبا لأنّه قد یکون نکره کما سیأتی ، وإنّما کانت الحال نکره لعدم الاحتیاج إلی تعریفها ، ولأنّها لو کانت معرفه لالتبست بالصفه فی

ص: 182

1- شرح الکافیه ، 1 / 201.

2- من الآیه ، 72 من سوره هود.

3- والمسأله حولها تفصیل انظره فی شرح الوافیه ، 219 وشرح المفصل ، 2 / 56 وشرح الکافیه ، 1 / 200 وشرح الأشمونی ، 1 / 200.

4- الکافیه ، 393 - 394.

5- شرح ابن عقیل ، 2 / 250 وقد قال السیوطی فی همع الهوامع 1 / 229 ، جوّز یونس والبغدادیون تعریفها مطلقا ، وقال الکوفیون إذا کان فی الحال معنی الشّرط جاز أن یأتی علی صوره المعرفه وهی مع ذلک نکره نحو : عبد الله المحسن أفضل منه المسیء.

6- شرح المفصل ، 2 / 62 ، وشرح الکافیه ، 1 / 201.

بعض الصور (1) وأمّا ما ورد منها غیر منکّر فمؤوّل ، ومنه قول لبید (2) :

فأرسلها العراک ولم یذدها

ولم یشفق علی نغص الدّخال

یصف حمار الوحش أنّه أرسل الأتن إلی الماء مزدحمه ، فالعراک وإن کان لفظه معرفه فمعناه التنکیر ، أی معترکه ، وقال أبو علی الفارسی : (3) تأویله تعترک العراک ، فتعترک المقدّر هو الحال ، والعراک منصوب علی المصدر ، والعراک الزحام ، وکذلک قولهم : مررت به وحده ، حال مع کونه معرفه ، وقد أوّلوه أنّه بمعنی منفرد ، کأنّه قال : مررت به منفردا ، ویجوز نصبه علی المصدر کما مرّ فی العراک ، وتقدیره یتوحّد توحّدا ، ثم حذف الفعل فبقی توحّدا ثم حذفت زوائد المصدر بقی وحده (4) وکذلک القول فی : فعله جهده أی مجتهدا أو یجتهد جهده (5) فإن کان صاحب الحال نکره وجب تقدیمها علیه فی المفرد (6) نحو : جاءنی راکبا رجل ، وأنشدوا (7) علیه :

ص: 183

1- فی مثل قولک : ضربت زیدا الراکب ، شرح الوافیه ، 219 وقال الشیخ یاسین فی حاشیته علی شرح التصریح ، 1 / 373 وإنما التزم تنکیر الحال لئلا یتوهم الصفه التابعه إن کان لمنصوب کضربت اللصّ المکتوف ، والمقطوعه إن کان لمرفوع أو مخفوض کجاء زید الراکب ومررت بزید الراکب.

2- لبید بن ربیعه العامری کان فارسا شاعرا شجاعا مسلما قدم علی رسول الله صلی الله علیه وسلم فی وفد بنی کلاب فأسلموا جمیعا ثم قدم الکوفه ومات بها فی أول خلافه معاویه. انظر ترجمته فی طبقات فحول الشعراء ، 1 / 135 ، والشعر والشعراء ، 1 / 194 والبیت ورد فی دیوانه ، 108 بروایه فأوردها فی مکان فأرسلها ، وروی منسوبا له فی الکتاب ، 1 / 372 ، وأمالی ابن الشجری 2 / 284 ، وشرح المفصل ، 2 / 62 وشرح الکافیه ، 1 / 202 وشرح التصریح ، 1 / 373 وروی البیت من غیر نسبه فی المقتضب ، 3 / 237 ، والإنصاف ، 2 / 822. وشرح ابن عقیل ، 2 / 248 وهمع الهوامع ، 1 / 239.

3- شرح الوافیه ، 219 وشرح التصریح ، 1 / 374.

4- الکتاب ، 1 / 173 وفی 1 / 377 «وزعم یونس أن وحده بمنزله عنده» أی منتصب علی الظرفیه المکانیه ، وانظر شرح الأشمونی 2 / 172 والهمع 1 / 240.

5- شرح الوافیه ، 219 وشرح المفصل ، 2 / 63.

6- الکافیه ، 394.

7- هذا صدر بیت لکثیر عزه ، وعجزه : عفاه کلّ أسحم مستدیم ورد فی دیوانه 536 ، ونسب له فی شرح المفصل ، 2 / 62 ، وشرح التصریح 1 / 375 ومن غیر نسبه فی شرح الکافیه ، 1 / 204 والبیت المشهور المستشهد به فی هذا الموضع : لمیه موحشا طلل یلوح کأنّه خلل وهو لکثیر أیضا ورد فی دیوانه ، 506 وروی منسوبا له فی الکتاب 2 / 123 ، وشرح التصریح ، 1 / 375 وشرح الشواهد ، 2 / 174 ، وروی البیت من غیر نسبه فی الخصائص ، 2 / 492 وشرح المفصل ، 2 / 50 والمغنی ، 1 / 85 - 2 / 436 - 659 وشرح التصریح ، 2 / 120 وشرح الأشمونی ، 2 / 174 خلل بکسر الخاء جمع خلّه : وهی بطانه یغشی بها أجفان السیف.

لعزّه موحشا طلل قدیم

...

لأنّها لو أخّرت لالتبست بالصفه ، فی نحو قولک : ضربت رجلا مجرّدا من ثیابه ، لأنّ الحال یتقدّم علی ذی الحال ، والصفه لا تتقدّم علی الموصوف.

وعامل الحال

إمّا فعل أو شبه فعل أو معنی فعل ، لتحقّق الفاعل والمفعول بها ، أمّا الفعل فنحو : ضربت ، وأمّا شبه الفعل فهو : الصفات المشتقّه من الفعل الحقیقی الذی هو المصدر ، نحو : زیدا قائما ، والمراد بالصفات المشتقّه من الفعل ؛ اسم الفاعل ، نحو : زید ضارب عمرا (2) قائما ، واسم المفعول نحو : زید مضروب قائما ، وأفعل التفضیل نحو : هذا بسرا أطیب منه رطبا (3) والصفه المشبّهه باسم الفاعل ، نحو : مررت بالحسن وجها قائما ، وأمّا معنی الفعل فهو : ما أقیم مقام الفعل من غیر الصفات والحروف واستنبط فیه معنی الفعل (4) نحو اسم الإشاره مثل (هذا بَعْلِی شَیْخاً)(5) وقد تقدّم ، ونحو التمنی مثل : لیت زیدا قائما ، أی أتمنّاه قائما (6) ونحو التشبیه مثل : کأنّ زیدا قائما أسد أی : أشبّهه فی حال قیامه بالأسد ، ونحو الظرف مثل : زید فی الدار قائما وقد تقدّم ونحو التنبیه مثل : ها هو زید قائما ، ونحو الجار والمجرور مثل : ما لک واقفا ، وقد تقدّم أیضا ، فهذه وشبهها استنبط فیها معنی الفعل ولیست مشتقه من فعل ، فالفعل وشبهه یعملان فی الحال متقدّمه نحو : قائما ضرب زید ، وقائما زید ضارب ، بخلاف معنی الفعل فإنّه لا یجوز : قائما هذا زید ، لضعف

ص: 184

1- الکافیه ، 393.

2- فی الأصل عمروا.

3- شرح المفصل ، 2 / 60 وشرح التصریح 1 / 383.

4- شرح الکافیه ، 1 / 201.

5- من الآیه 72 من سوره هود.

6- شرح الکافیه ، 1 / 201 وشرح الأشمونی ، 2 / 180.

معنی الفعل وقوّه الأوّلین (1) بخلاف الظّرف (2) نحو : أکلّ یوم لک ثوب ، وإنّما لم تجر الحال مجری الظّرف فی جواز تقدّمها علی الفعل المعنوی لاتساعهم فی الظروف ، ولا یتقدّم حال المجرور علیه ، فإذا قلت : مررت قائما بعمرو ، کان الحال من الضمیر الفاعل فی : مررت لا من عمرو ، ویتبیّن (3) بمثل : مررت قائمه بهند ، فیتعیّن للمنع ، ومررت قائما بهند ، فیتعیّن للجواز ، هذا قول الأکثرین (4).

ویکون الحال جمله خبریّه (5) لأنّ الحال خبر عن ذی الحال ، فکما جاز الإخبار عن الشیء بالجمله کذلک جاز وقوع الحال جمله وکما أنّ الجمله الإنشائیّه لا تقع خبرا فکذلک لا تقع حالا ، والجمله الخبریّه التی تقع حالا تکون اسمیّه ، وتکون فعلیّه ، والفعلیّه بفعل مضارع وماض ، وکلّ منهما یکون مثبتا ومنفیّا کما سنمثله ، والجمله الاسمیّه إذا وقعت حالا لزمها الواو ، کقولک : جاء زید ویده علی رأسه ، وحذف الواو معها استغناء بالضمیر شاذّ ، وحذف الضمیر استغناء بالواو فصیح (6) کقولک : جاءنی زید وعمرو منطلق ، وقد وردت بالضمیر وحده کقولک : کلّمته فوه إلی فیّ وهو شاذّ (7) وأما قوله تعالی : (وَیَوْمَ الْقِیامَهِ تَرَی الَّذِینَ کَذَبُوا عَلَی اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّهٌ)(8) وهو وقوع الجمله الاسمیّه حالا بغیر واو ، فیحتمل أن تکون وجوههم مسودّه مفعولا ثانیا لتری ، أو تکون حالا (9) وحذفت الواو کراهه

ص: 185

1- شرح الوافیه ، 220 وانظر شرح الأشمونی 2 / 180.

2- انظر خلافهم حول ذلک فی شرح الکافیه ، 1 / 206 وتسهیل الفوائد ، 110 - 111 وشرح الأشمونی ، 2 / 179 - 181 وشرح التصریح ، 1 / 384 وهمع الهوامع 1 / 241.

3- غیر واضحه فی الأصل.

4- بعدها فی شرح الوافیه 220 «وإنما منعوه لأن الحال فیه معنی الوصفیه فکرهوا أن یقدموها علیه» وانظر الهمع ، 1 / 242.

5- الکافیه ، 394.

6- شرح المفصل ، 2 / 65 وشرح الکافیه ، 1 / 212 وشرح الأشمونی ، 2 / 192 وهمع الهوامع ، 1 / 246.

7- قال ابن یعیش فی شرح المفصل ، 2 / 66 : فإن أراد أنه شاذ من جهه القیاس فلیس بصحیح لوجود رابطه فی الجمله الحالیه وهو الضمیر فی فوه وإن أراد أنه قلیل من جهه الاستعمال فقریب لأنّ استعمال الواو فی هذا الکلام أکثر لأنّها أدلّ علی الغرض واظهر فی تعلیق ما بعدها بما قبلها ..

8- من الآیه 60 من سوره الزمر.

9- انظر إعراب القرآن المنسوب للزجاج القسم الثانی 633 ، وفی البیان 2 / 325 واستغنی عن الواو لمکان الضمیر فی قوله «وجوههم» وانظر التبیان ، 2 / 1112.

اجتماع الواوین کما حذفت واو العطف من قوله تعالی : (وُجُوهٌ یَوْمَئِذٍ ناعِمَهٌ)(1) تخفیفا لاجتماع الواوین إذ المعنی ، ووجوه یومئذ ناعمه ، وتحذف الواو من الجمله الفعلیّه إذا کان فعلها مضارعا مثبتا کقولک جاء زید یقرأ ، ولا یقال فی مثله ویقرأ ، لأنّه فی معنی قارئا معنی وزنه (2) وإن لم یکن المضارع مثبتا أو کان الفعل ماضیا مثبتا ، أو منفیّا ، جاز أن تأتی بالواو والضمیر معا ، وبالواو وحدها ، وبالضمیر وحده ، ولا بدّ فی الماضی من قد ظاهره أو مقدّره (3) فذلک تسعه أقسام ، ثلاثه مع الواو والضمیر ، وهی : مضارع منفیّ مثل : جاءنی زید وما یتکلّم غلامه ، وماض مثبت مثل : جاءنی زید وقد تکلّم غلامه ، وماض منفیّ مثل : جاءنی زید وما خرج غلامه ، وثلاثه بالواو فقط وهی مضارع منفیّ ، مثل جاءنی زید ولم یتکلّم عمرو ، وماض مثبت مثل : جاءنی زید وقد تکلّم عمرو ، وماض منفیّ مثل : جاءنی زید وما تکلّم عمرو ، وثلاثه بالضمیر فقط ، مضارع منفیّ مثل : جاءنی زید ما یتکلّم غلامه ، وماض مثبت مثل : جاءنی زید قد تکلّم غلامه ، وماض منفیّ مثل : جاءنی زید ما تکلّم غلامه (4).

وکلّ ما دلّ علی هیئه صحّ وقوعه حالا (5) سواء کان مشتقّا أو لم یکن نحو : هذا بسرا أطیب منه رطبا ، أی هذا حال کونه بسرا أطیب منه حال کونه رطبا ، فالبسر والرّطب حالان مع أنّهما لیسا بمشتقّین ولکن لدلالتهما علی الهیئه صحّ وقوعهما حالا. والعامل فی رطبا هو أطیب بالاتفاق ، وفی بسرا خلاف ؛ فقال الفارسی : هو هذا أی اسم الإشاره أو حرف التنبیه ، وقال ابن الحاجب : هو أطیب ، وجوّز عمل أفعل التفضیل فیما قبله لأنه مثل قولک : تمر نخلتی بسرا أطیب منه رطبا. مع أنّ العامل فی بسرا هو أفعل التفضیل بالاتفاق (6).

ص: 186

1- من الآیه 8 من سوره الغاشیه.

2- شرح الوافیه ، 221 وعمده الحافظ ، 1 / 332.

3- لأنها تقرب الماضی من الحال والأخفش والکوفیون غیر الفراء لم یوجبوها. انظر شرح المفصل ، 2 / 66 وشرح الکافیه ، 1 / 213 وشرح الأشمونی ، 2 / 191.

4- شرح الوافیه ، 221 وشرح ابن عقیل ، 2 / 281.

5- الکافیه ، 394.

6- ردّ ابن الحاجب فی شرح الوافیه ، 222 - 223 رأی الفارسی بأدله کثیره وانتهی إلی القول «ومن یقل إنّ العامل فی بسرا هذا ، فهذا یقول الهذیان وفی إیضاح المفصل ، 1 / 335 - 336 أورد آراءهم فی العامل ومنها رأی الفارسی ثم قال «وذهب آخرون إلی أن العامل فی بسرا أطیب ، وهذا هو الصحیح ، والقول الأول - للفارسی - وهم محض» ثم راح یسوق أدله تؤید کون العامل هو أطیب ، منها ما ذکره أبو الفداء هنا. وللتوسع فی هذه المسأله انظر الکتاب 1 / 400 والمقتضب 3 / 251 وشرح المفصل ، 2 / 60 وشرح الکافیه ، 1 / 208 وعمده الحافظ ، 1 / 319 وشرح التصریح ، 1 / 183 ، وهمع الهوامع ، 1 / 242 وشرح الأشمونی 2 / 182 وانظر إیضاح ابن الحاجب المخطوط 123 ظ.

ویجوز حذف عامل الحال إذا دلّت علیه قرینه کما جاز حذف غیره کقولک للمسافر : راشدا ومرشدا مهدیّا أی اذهب راشدا مرشدا ، ویجب حذف العامل فی الحال المؤکّده (1) وهی التی لا ینتقل ذو الحال عنها ما دام موجودا غالبا ، کقولهم : زید أبوک عطوفا فإنّ الأب لا ینفکّ عن العطف غالبا ، ووجب حذف العامل لأنّ الأب یشعر بالعطف فاستغنی عن التصریح بالعامل الذی هو أحقّه أو أثبته ، فحصلت القرینه ، وعطوفا لفظ التزم موضعه فوجب الحذف (2) ، وشرط هذه الحال أن تکون مؤکّده ومقرّره وتابعه لمضمون جمله اسمیّه (3)(4) نحو : زید أبوک عطوفا فإنّ عطوفا مقرّر لمضمون زید أبوک ، وقال : اسمیّه لأنّها لو کانت مقرّره لمضمون جمله فعلیّه لم یکن فعلها واجب الحذف (5). ومعنی کونها مؤکّده ، أنها تعلم قبل ذکرها فیکون ذکرها توکیدا لها وهل هی من الفاعل أو من المفعول؟ فالجواب : أنّک إن قدّرت ثبت أو تحقّق عطوفا فهی من الفاعل ، وإن قدّرت أحقّه أو أثبته عطوفا فهی من المفعول (6).

7- ذکر التمییز

اشاره

وهو ثانی المنصوبات المشبّهه بالمفعول ، ووجه الشّبه أنّ نحو : طاب زید نفسا ، یشبه ضرب زید عمرا ، وعشرون درهما مثل : ضاربون زیدا ، والتمییز تفعیل

ص: 187

1- الکافیه ، 394.

2- شرح الوافیه ، 223 وانظر شرح الأشمونی ، 2 / 192.

3- الکافیه ، 394.

4- وجزآها معرفتان جامدان. الهمع ، 1 / 245.

5- شرح الکافیه ، 1 / 214.

6- شرح الوافیه ، 213.

7- الکافیه ، 394.

من میّزت ، وهو الاسم النکره الذی یرفع الإبهام المستقرّ عن ذات مذکوره أو مقدّره والإبهام : الإجمال وهو ضدّ الإیضاح وقوله : الإبهام المستقرّ ، احتراز به عن الأسماء المشترکه فإنّک إذا قلت : رأیت عینا مبصره أو جاریه ، لم ترفع عن تلک العین إبهاما مستقرّا بالوضع بل إبهاما عارضا للسّامع ، فإنّها وضعت لشیء بعینه معلوم للمتکلم بخلاف عشرین ، فإنّها وضعت مبهمه لا لدنانیر ولا لدراهم (1) وقوله : عن ذات ، احتراز به عن نحو المصادر الدّاله علی الهیئات نحو : جلست جلسه ، وعن الحال نحو : جاء زید راکبا ، فإنّه إنّما یرفع الإبهام عن صفه المجیء لا عن ذات زید ، لأنّ ذات زید لا إبهام فیها ، وقوله : الاسم النکره ، إنّما هو علی المختار وهو مذهب البصریین ، فإنّ الممیّز (2) عندهم لا یکون إلا نکره ، والکوفیون یجیزون أن یکون التمییز نکره ومعرفه (3) ویستشهدون بمثل قوله :/ (4)

النازلین بکلّ معترک

والطیّبون معاقد الأزر

ویجوز أن یدفعوا بأنّ الإضافه إلی الأجناس لا تفید التعریف ، ویستشهدون أیضا بمثل : غبن رأیه ، ووجع ظهره ، وفی التنزیل : (سَفِهَ نَفْسَهُ)(5) والبصریون یقولون : إنّ ذلک منصوب علی التشبیه بالمفعول (6) ویستشهد الکوفیّون أیضا بقول الشاعر : (7)

ص: 188

1- فی الأصل ولا دراهم ، وانظر شرح الوافیه ، 225 وشرح الکافیه ، 1 / 216.

2- أی التمییز ، الهمع ، 1 / 250.

3- انظر عمده الحافظ ، 1 / 361 وشرح الکافیه ، 1 / 223 وشرح التصریح علی التوضیح ، 1 / 394 وهمع الهوامع ، 1 / 152.

4- البیت لخرنق بنت هفان القیسیّه أخت طرفه بن العبد لأمه ، وقد روی البیت منسوبا لها فی الکتاب ، 1 / 202 - 2 / 64 والمحتسب ، 2 / 198 وکتاب الحلل ، 15 والإنصاف ، 2 / 648 وشرح الکافیه ، 1 / 316 وشرح التصریح ، 2 / 116 وهمع الهوامع ، 2 / 119 وخزانه الأدب ، 5 / 41 ورواه العینی فی شرح الشواهد ، 3 / 68 من غیر نسبه ، وعند بعضهم «النازلون» مکان النازلین. المعترک ، موضع القتال ، معاقد الأزر : کنایه عن عفّه فروجهم ترید أنهم لا یعقدون مآزرهم علی فروج زانیه.

5- من الآیه 130 من سوره البقره.

6- أو علی إسقاط الجار أی فی نفسه ، وفی رأیه ، وفی ظهره ، انظر تسهیل الفوائد ، 115 وشرح الکافیه ، 1 / 223 وهمع الهوامع ، 1 / 252.

7- البیت لرشید أو راشد بن شهاب الیشکری ، روی منسوبا له فی المفضلیات ، للضبی ، 310 وشرح التصریح ، 1 / 151 - 394 وشرح الشواهد ، 1 / 182 وروی من غیر نسبه فی کتاب الحلل ، 232 وعمده الحافظ ، 1 / 62 - 362 وهمع الهوامع ، 1 / 80 - 252 وشرح الأشمونی ، 1 / 182. ویروی وجوهنا مکان جلادنا وصددت مکان رضیت وقیس مکان بکر.

رأیتک لمّا أن عرفت جلادنا

رضیت وطبت النّفس یا بکر عن عمرو

فأراد طبت نفسا ، والبصریون یردّونه بأنه لضروره الشعر (1). وقوله : مذکوره أو مقدّره ، تفصیل للذّات التی تمیّز ، فالمقدّره ما تقدّر فی مثل : زید طیّب أبا ، وطاب زید نفسا ، وحسن زید علما ، ومعناه أنّ الفعل الذی هو حسن مسند فی اللفظ إلی زید ، وفی المعنی إلی مقدّر لزید به تعلّق ، وتقدیره : حسن علم زید علما ، فالذّات المقدّره التی لا تذکر فی اللفظ هی علم زید وممیزها قولک علما ، وکذا التقدیر أبو زید ، فی طیّب أبا ، وطابت نفس زید نفسا ، وکذلک جمیع أمثله الذّات المقدّره (2) فافهمه.

وأمّا الذات المذکوره فهی المفرده : (3) وتنقسم (4) إلی غیر مقدار کباب وثوب وخاتم ، وإلی مقدار غالبا (5) ، وهو إمّا عدد کعشرین درهما وسیأتی بیانه فی باب العدد (6) وإمّا غیر عدد وهو إمّا موزون نحو : منوان سمنا ، أو مکیل نحو : فقیزان برّا ، أو ممسوح نحو : ما فی السماء قدر راحه سحابا ، وعلی التمره مثلها زبدا ، والمراد علی التمره مثل مقدارها زبدا فحذف المضاف الذی هو المقدار وأقیم المضاف إلیه الذی هو الضمیر مقامه (7).

ذکر تمییز الذّات المذکوره التی هی مقدار وهی غیر عدد

المقدار الذی هو غیر عدد سواء کان موزونا أو مکیلا أو ممسوحا. إن کان

ص: 189

1- وأل فی النفس زائده ، الهمع ، 1 / 252.

2- شرح الوافیه ، 217 وانظر شرح المفصل ، 2 / 70 وشرح الکافیه ، 1 / 220.

3- الکافیه ، 394.

4- فی الأصل وینقسم.

5- شرح الکافیه ، 1 / 217 - 220.

6- فی الصفحه 301.

7- شرح المفصل ، 2 / 70 وشرح ابن عقیل ، 2 / 287.

8- الکافیه ، 394.

ممیزه من أسماء الأجناس فیفرد حال التثنیه والجمع ، والمراد بالجنس هنا ، کلّ معنی عام یقع بلفظ واحد علی القلیل والکثیر کالتمر والزیت والخبز فتقول : عندی رطلان جبنا ، وقفیزان برّا ، والقفیز مکیال وهو ثمانیه مکاکیک (1) وصاعان عسلا ، وعلی التمره مثلاها زبدا ، بإفراد اسم الجنس الذی هو نحو : الخبز أو العسل أو الزبد ، وإنما أفرد اسم الجنس لعدم احتیاجه إلی التثنیه والجمع لوقوع الجنس علی القلیل والکثیر (2) ولذلک تقول : عندی زیت قلیل وزیت کثیر ، وإذا کان صادقا علی الکثیر فلا یحتاج إلی تکثره مره أخری بالتثنیه والجمع إلّا أن یقصد الأنواع المختلفه فیطابق بالتمییز ما قصد لعدم دلالته علیها (3) ، فتقول : عندی رطل زیتا ، ورطلان زیتین وأرطال زیوتا وإن کان الممیّز اسم جنس ولکن لا یقع علی القلیل والکثیر بلفظ واحد کالثوب ، فیجمع وجوبا کقولک : عندی قنطار أثوابا ، وملء بیت کتبا ، لأنّ ذکره مجموعا أدلّ منه علی الجنس لتقدیره بمن الجنسیّه ، فیقدّر حینئذ قنطار من ثیاب کما یقدّر قنطار من عسل (4) وکلّ ما جاء من المقادیر بالتنوین أو نون التثنیه فحذف التنوین والنون ، وخفض التمییز بالإضافه أولی (5) ، فتقول : رطل زیت ، ورطلا زیت ، وجاز ذلک لأنّه کما یرفع الإبهام بالنّصب ، یرفع بالإضافه ، وأمّا إذا کانت النون شبیهه بنون الجمع کما فی نحو : عشرین فإنّ الحذف والإضافه إلی التمییز کعشری درهم لا یجوز لأنّ نون نحو : عشرین من نفس الکلمه فلا یجوز حذفها للإضافه (6) ولا تجوز الإضافه مع هذه النون لشبهها بنون الجمع ، وأمّا حذفها والإضافه إلی غیر التمییز فجائز بالاتفاق نحو : عشریک وعشری رمضان ، وفی تعلیل ثبوت النون فی

ص: 190

1- القفیز من المکاییل ، وهو ثمانیه مکاکیک عند أهل العراق ، وهو من الأرض قدر مائه وأربع وأربعین ذراعا ، وقیل : هو مکیال تتواضع الناس علیه ، والجمع أقفزه وقفزان ، والمکّوک مکیال لأهل العراق أیضا ، وجمعه مکاکیک ، ومکاکی علی البدل کراهیه التضعیف وهو صاع ونصف ، لسان العرب ، قفز ومکک.

2- شرح الکافیه ، 1 / 219.

3- قال الرضی فی شرح الکافیه ، 1 / 219 «إن کان جنسا وقصدت الأنواع فثن ، إن أردت التثنیه ، واجمع إن قصدت الجمع ، وإلا فأفرد».

4- تسهیل الفوائد ، 115 وهمع الهوامع ، 1 / 252.

5- الکافیه ، 394.

6- شرح الوافیه ، 226 وشرح المفصل ، 2 / 73.

التمییز وحذفها فی نحو : عشروک وعشرو الشهر ، نظر ؛ وقد قیل فی ذلک : (1) إنّما لم تجز إضافه العشرین إلی الممیّز وجازت فی غیره أعنی فی نحو : عشروک ، لأنّ العشرین فی الأصل صفه لممیّزها لأنّ أصل عشرین درهما دراهم عشرون ، وصفه الشیء لا تضاف إلیه ، ولا یضاف الموصوف إلی صفته ، ولیس کذلک عشروک فافترقا.

ذکر تمییز الذات التی هی غیر مقدار

وهی نحو : باب وخاتم وثوب کقولک : باب ساجا ، وخاتم حدیدا ، وثوب خزّا ، وهو کلّ نوع أضیف إلی جنسه ویجوز فیه الإضافه وهی الأکثر (3) فتقول : باب ساج بخفضه مع إفاده التخفیف.

ذکر تمییز الذات المقدّره

قد تقدّم أنّ الذات التی تمیّز تنقسم إلی مذکوره کما تقدّم شرحه ، وإلی مقدّره کما شرحناه فی حدّ التمییز أیضا ، وإنّما تقدّر فی النّسب الإسنادیّه وفی النّسب المشابهه للنسب الإسنادیه ، وفی النّسب الإضافیه فذلک ثلاث أمور :

أحدها : الذّات المقدّره فی نسبه فی جمله إسنادیّه ، نحو : طاب زید نفسا وتصبّب عرقا وامتلأ الإناء ماء ، وقوله تعالی : (وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَیْباً)(5).

ثانیها : الذّات المقدّره فی نسبه فیما یشابه الجمله ، والمراد بمشابه الجمله ، الصفه المشبّهه واسم الفاعل والمفعول نحو : زید طیّب أبا وأبّوه وعلما ودارا ، وزید مکرم أبا وأبّوه وعلما ودارا.

ثالثها : الذّات المقدّره فی نسبه فی إضافه نحو : أعجبنی طیب زید أبا وأبوّه وعلما ودارا ، ومن هذا الباب لله درّه فارسا ، وحسب زید بطلا ، فإنّه من تمییز الذات

ص: 191

1- شرح التصریح ومعه حاشیه یاسین ، 1 / 397.

2- الکافیه ، 394.

3- شرح الوافیه ، 226.

4- الکافیه ، 394.

5- من الآیه 4 من سوره مریم.

المقدّره لا الذات المذکوره کما توهمه بعضهم (1) وتعلّق فارسا فی : لله درّه فارسا وشبهه بمن هو له ، إنّما هو تعلّق الوصف بالموصوف ، فالتمییز فی هذه الأمور الثلاثه إنّما هو عن ذات مقدّره ، لأنّ المقصود إنّما هو نسبه الفعل أو ما أشبهه إلی ما هو متعلّق بالاسم المنتصب عنه التمییز ، لأنّ الفعل الذی هو طاب فی نحو : طاب زید أبا ، مسند فی اللفظ إلی زید ، وهو فی المعنی مسند إلی شیء آخر مقدّر متعلّق بزید غیر مذکور ، وهو مبهم لاحتمال جمیع متعلّقات زید ، فإذا قلت أبا ، فقد رفعت به الإبهام عن الذّات المقدّره کما رفعت بالدرهم الإبهام عن عشرین فی الذات المذکوره ، والتقدیر : طاب أبو زید أبا ، وطاب علم زید علما وتصبّب عرق زید عرقا ، وکذلک ما أشبه ذلک ، فالذات المقدّره هی أبو زید أو علمه ونحوهما ، فالفعل منسوب فی اللفظ إلی زید ، وفی المعنی إلی أبیه أو إلی علمه ونحوهما إذا قصد ذلک ، والإبهام إنّما نشأ من نسبه الطیب مثلا إلی متعلّق زید ، لأنّ قولک : طاب زید ، لا إبهام فی واحد منهما ، وإنّما الإبهام فی نسبه الطیب إلی أمر یتعلّق بزید ، ولو لا ذلک لم یکن ثمّ ما یحتاج إلی تمییز ، ومتعلقاته تحتمل وجوها کثیره فاحتیج إلی تفسیر المقصود منها فجیء بالتمییز ، وکذلک الحال فی الإضافه فإنّه قد یضاف الشیء إلی أمر ، والمراد إضافته إلی متعلّقه مثلما قیل فی الجمله فیأتی التمییز أیضا.

واعلم أنّ الاسم المنصوب علی التمییز قد یکون صالحا أن یرجع إلی من انتصب عنه وإلی متعلّقه ، وذلک نحو : أبا فی طاب زید أبا ، فجائز أن یکون الأب هو زید ، وجائز أن یکون الأب هو والد زید وکذا الأبّوه أیضا ، فإنّها تصلح لکلّ واحد منهما ، فإن کان المقصود فی قولک : طاب زید أبا ، بالطیب هو زید نفسه کان التقدیر طاب الأب زیدا أبا ، فتکون الذات المقدّره هی الأب وإن کان المقصود والد زید ، کان التقدیر : طاب أبو زید أبا ، فالذات المقدّره هی أبو زید ، وکذا القول فی الأبوّه وغیرهما مما یأتی فی هذا الباب. فإن لم یصلح أن یرجع إلیهما فهو لمتعلّقه خاصه نحو : طاب زید علما ودارا ، فلیس یحتمل علما ودارا جهتین کما احتمله أبا وأبّوه بل إنما یحتمل جهه

ص: 192

1- نقل الأزهری ، 1 / 397 - 398 عن حواشی ابن هشام ما نصه : «وکون فارسا من ممیز النسبه إنما یتمشی إذا کان الضمیر المضاف إلیه «الدر» معلوم المرجع ، أما إذا کان مجهوله ، کان من ممیز الاسم لا من ممیز النسبه لأن الضمیر مبهم فیحتاج إلی ما یمیزه» وانظر الکتاب ، 2 / 174 والمقتضب ، 3 / 35 وشرح المفصل ، 2 / 73 وشرح الکافیه ، 1 / 220.

واحده وهی علم زید وداره ، لأنّ التقدیر طاب علم زید علما وطابت دار زید دارا لا غیر ذلک ، والذی یحتمل الرجوع إلیهما - أعنی إلی من انتصب عنه التمییز وإلی متعلّقه - تجب فیه المطابقه أعنی إفراد التمییز ، وتثنیته وجمعه وتذکیره وتأنیثه علی وفق من هو له إلّا (1) إن کان التمییز اسم جنس کالأبّوه والعلم فإنّه لا یثنّی ولا یجمع إلا أن یقصد الأنواع فیطابق به حینئذ ، فإذا قصدت إلی أنّ الأب هو زید نفسه ، قلت طاب زید أبا ، فلو ثنّیت زیدا أو جمعته علی هذا المعنی قلت : طاب الزیدان أن أبوین وطاب الزیدون آباء وکذلک (2) تجب المطابقه إذا قصدت إلی متعلّق زید ، وهو والده مثلا ، فإن قصدت أباه وجدّه قلت : طاب زیدا ، وإن قصدت أباه وأمّه أو أبا وجدّا له ، قلت : طاب زید أبوین ، وإن قصدت إلی جماعه من آبائه قلت : طاب زید آباء ، فیطابق بالأب من هو له بخلاف ما إذا کان التمییز اسم جنس کالأبّوه والعلم ، فإنّک تأتی به مفردا ، فتقول : طاب الزیدان أو الزیدون أبّوه وعلما ، ونحو ذلک إلا أن یقصد الأنواع فیطابق حینئذ ، فتقول : طاب زید علمین إذا کان المراد به طاب بسبب علمین مختلفین ، وطاب زید علوما ، إذا کان المراد به بسبب علوم کثیره ، وتقدیره طابت علوم زید علوما ، وکذلک التقدیر فی التثنیه وغیرها (3) وکذلک تجب المطابقه فی التمییز الذی هو صفه ، فیقال : حسن زید فارسا والزیدان فارسین والزیدون فرسانا ، وکذلک لله درّه فارسا ودرّهما فارسین ودرّهم فوارس ، وإذا کان التمییز صفه احتمل أن یکون حالا لکنّ التمییز أولی (4) لأنّ المراد مدحه مطلقا سواء کان حال کونه فارسا وهذا یفهم من التمییز دون الحال ، لأنه إذا کان حالا اختصّ بالمدح فیتقیّد ، فیتغیّر المعنی المقصود (5) ، والفرق بین تمییز (6) الذات المقدّره فی قولنا : لله درّه فارسا وبین تمییز الذات المذکوره فی قولنا : علی التمره مثلها زبدا ، أنّ الفارس یرفع الإبهام عن نسبه الدّرّ إلی الضمیر لا عن نفس الدّرّ ، وأنّ الزبد یرفع

ص: 193

1- فی الأصل لا.

2- فی الأصل وکذلک.

3- شرح الوافیه ، 217 وشرح الکافیه ، 1 / 219 - 220 وهمع الهوامع ، 1 / 252.

4- شرح الکافیه ، 1 / 222.

5- شرح الوافیه ، 217.

6- فی الأصل تمیز.

الإبهام عن نفس المثل إذ لا إبهام فی إضافه المثل إلی الضمیر بل فی نفس المثل.

ولا یتقدّم التمییز علی العامل (1) لأنّ العامل إن کان غیر فعل کان ضعیفا ، فلا یعمل فی التمییز المتقدّم علیه بالاتفاق (2) وإن کان فعلا فمذهب سیبویه أن لا یتقدم علیه التمییز (3) أیضا ، لأنّ التمییز فی المعنی فاعل فکما لا یتقدّم الفاعل علی الفعل ، لا یتقدّم التمییز علی الفعل ، لأنّ الأصل فی قولنا : طاب زید نفسا طاب نفس زید ، فعدل عن ذلک لیکون مبهما أوّلا ثم یفسّر ، فیکون أبلغ موقعا عند السّامع ، والمازنیّ أجاز تقدیم التمییز علی عامله إذا کان فعلا خاصه کقولنا : نفسا طاب زید ، ووافق فی غیر الفعل (4).

8- ذکر الاستثناء

اشاره

المستثنی هو ثالث المنصوبات المشبّهات بالمفعول ، وهو ضربان : متصل ومنقطع ، فالمتصل : هو المخرج من حکم علی متعدّد لفظا أو تقدیرا بإلّا وأخواتها ، فاللفظ نحو : قام القوم إلّا زیدا ، والتقدیر نحو : ما قام إلّا زید ، لأنّ معناه ما قام أحد إلا زید ، وقال : بإلّا وأخواتها ، لیخرج عنه المخرج عن متعدّد بالصفه نحو : أکرم بنی تمیم العلماء ، فإنّ الجهال مخرجه منه لعدم اتصافهم بالعلم ، وکذلک المخرج بالبدل کقوله تعالی : (وَلِلَّهِ عَلَی النَّاسِ حِجُّ الْبَیْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَیْهِ سَبِیلاً)(6) وکذلک المخرج بالشّرط نحو : أکرم القوم إن دخلوا الدّار ، وبالجمله المخرج بغیر إلّا وأخواتها لا یسمّی استثناء ، وأخوات إلّا : غیر وخلا وعدا وما خلا وما عدا ولیس ولا یکون

ص: 194

1- الکافیه ، 395.

2- همع الهوامع ، 1 / 252.

3- الکتاب ، 1 / 205 والمقتضب ، 3 / 36.

4- وبعدها فی شرح الوافیه ، 229 «وما ذکرناه من المعنی یلزمه ، لأن معنی قولهم : طاب زید علما فی الأصل طاب علم زید ، فقصدوا إلی الإبهام ثم التفسیر لذلک الغرض ، فإذا قدم فات الغرض المذکور کما تقدم فی المفرد سواء» وانظر فی هذه المسأله المقتضب ، 3 / 36 - 37 ، والإنصاف ، 2 / 828 وشرح المفصل ، 2 / 74 وتسهیل الفوائد ، 115 وهمع الهوامع ، 1 / 252.

5- الکافیه ، 395.

6- الآیه 97 من سوره آل عمران.

وسوی وسواء ، والمنقطع : هو المذکور بعد إلّا وأخواتها غیر مخرج نحو : جاء الناس إلّا حمارا ، وسمّی بذلک لانقطاعه عمّا قبله (1).

فصل : وإذا تعقّب الاستثناء جملا بالواو عاد إلی کلّ منها عند عدم القرینه علی الأصحّ (2) نحو أکرم ربیعه ، وأکرم مضر إلّا الطوال ، وقول من قال باختصاصه بالأخیره تحکّم ، والترجیح بالقرب قیاسا علی تنازع العاملین منع للخلاف فیه ، والقول بالاشتراک فیه أو بالوقف یوجب التعطیل (3).

ذکر وجوب نصب المستثنی

ویجب نصبه إذا کان مستثنی بعد إلّا غیر الصّفه فی کلام موجب نحو : قام القوم إلّا زیدا ، لامتناع البدل فیه ، لأن البدل یقوم مقام المبدل منه ، فلو قلت : قام إلّا زید ، علی البدل من القوم لم یصحّ ، وکذلک یجب نصبه إذا تقدّم المستثنی علی المستثنی منه نحو قوله : (5)

وما لی إلّا آل أحمد شیعه

وما لی إلّا مشعب الحقّ مشعب

فآل أحمد مستثنی قدّم علی المستثنی منه الذی هو شیعه ، وکذلک مشعب

ص: 195

1- شرح الوافیه ، 229 وهمع الهوامع ، 1 / 227.

2- وحول المسأله خمسه آراء : 1 - وهو الأصح ، أنه یعود إلی جمیعها ما لم یخصه دلیل. وهو مذهب الشافعی وأصحابه ونسب إلی مالک ، والحنابله أیضا واختاره ابن مالک. وعلیه جری المصنف. 2 - أنه خاص بالجمله الأخیره إلّا أن یقوم دلیل علی التعمیم ، وهو مذهب أبی حنیفه وجمهور أصحابه ، وإلیه ذهب أبو علی الفارسی واختاره أبو حیان. 3 - أنه یعود للکل ، إن سیق لغرض واحد ، وإن لم یسق الکل لغرض واحد فللأخیره. 4 - أنه إن عطف بالواو عاد للکل ، أو بالفاء أو ثم عاد للأخیره ، وعلیه ابن الحاجب. 5 - أنه إن اتحد العامل فللکل ، أو اختلف فللأخیره خاصه ، انظر لذلک ، الصاحبی ، 188 ، وتسهیل الفوائد ، 103 ، والمساعد ، 1 / 573 - 574 والهمع ، 1 / 227 وإرشاد الفحول للشوکانی ، 150 - 151.

3- تسهیل الفوائد ، 103 وإرشاد الفحول للشوکانی ، 151 وهمع الهوامع ، 1 / 227.

4- شرح الکافیه ، 395.

5- للکمیت بن زید الأسدی ، انظرها شمیاته ، 33 ، وورد منسوبا له فی الإنصاف ، 1 / 275 وشرح المفصل ، 2 / 79 وشرح التصریح ، 1 / 355 ومن غیر نسبه فی المقتضب ، 4 / 398 وشرح ابن عقیل ، 2 / 216 وشرح الأشمونی ، 2 / 149 وروی عجزه : وما لی إلا مذهب الحقّ مذهب

الحقّ ، وإنّما وجب نصبه لأنّه لا یصلح أن یکون بدلا ولا صفه ، لامتناع تقدّم البدل علی المبدل منه ، وتقدّم الصفه علی الموصوف (1).

وکذلک یجب نصب المستثنی المنقطع علی الأکثر (2) نحو : ما جاءنی أحد إلّا حمارا فی لغه أهل الحجاز ، لأنّ بنی تمیم لا یوجبون نصبه ، وعلی لغه بنی تمیم قول الشّاعر : (3)

وبلده لیس بها أنیس

إلّا الیعافیر وإلّا العیس

فالیعافیر والعیس لیست من الأنیس فهو مستثنی منقطع بعد إلّا مع رفعه علی البدل ، وقد أجابوا عن هذا البیت بأنّ المراد بالأنیس ما یؤانس ویلازم المکان فهو أعمّ من الإنسان ، والیعافیر والعیس بدل من الأنیس بدل البعض من الکلّ فلا یکون مستثنی منقطعا ، وإنّما أوجب أهل الحجاز نصب المستثنی المنقطع لامتناع البدل فیه ، ولیکون مخالفا للمستثنی منه فی الإعراب کما خالفه فی الحکم والنّوع (4).

وکذلک یجب نصب المستثنی بعد خلا وعدا عند الأکثرین (5) نحو : جاءنی القوم عدا زیدا أی عدا بعضهم زیدا ، وخلا بعضهم زیدا بمعنی جاوز وجانب ، وقال بعضهم : (6) إنّهما حرفا جرّ فیکون ما بعدهما مخفوضا ، والنّصب بخلا وعدا هو المشهور.

ویجب نصب المستثنی بعد لیس وما عدا وما خلا ولا یکون ، لأنّ ما مصدریّه

ص: 196

1- الإنصاف ، 1 / 275 وشرح التصریح ، 1 / 355.

2- شرح المفصل ، 2 / 80.

3- الرجز لعامر بن الحارث (جران العود) ورد فی دیوانه ، 52 وروایته : بسابسا لیس به أنیس إلّا الیعافیر وإلّا العیس وروی منسوبا له فی شرح الشواهد ، 2 / 147 وشرح التصریح ، 1 / 353 ومن غیر نسبه فی الکتاب ، 1 / 263 - 2 / 322 ، والمقتضب ، 2 / 318 - 346 ، 4 / 414 ، والإنصاف ، 1 / 271 ، وشرح المفصل ، 2 / 80 - 117 ، 7 / 21 - 8 / 52. الیعافیر : جمع یعفور وهو ولد البقره الوحشیه والعیس : جمع عیساء وهی الإبل البیض یخالط بیاضها شیء من الشقره.

4- شرح المفصل ، 2 / 80.

5- تسهیل الفوائد ، 105 وشرح الأشمونی ، 2 / 162.

6- کالأخفش والفراء ، الهمع ، 1 / 233.

لا تدخل إلّا علی الفعل فوجب أن یکون خلا وعدا فعلین وفاعلهما مضمر ، والمستثنی مفعول به فوجب نصبه ، وأما لیس ولا یکون فلأنّهما فعلان ناقصان اسمهما مضمر فیهما ، والمستثنی خبرهما فیجب نصبه ، کقولک : جاءنی القوم لیس بعضهم زیدا ولا یکون بعضهم عمرا (1). وکان القیاس أن تورد هذه المفاعیل فی المفعول به وفی خبر کان وأخواتها ، لا فی الاستثناء ولکن ذکرناها فیه حسبما ذکرها غیرنا (2).

ذکر جواز نصب المستثنی

یجوز نصب المستثنی ویختار إبداله ، إذا وقع بعد إلّا فی کلام غیر موجب وذکر المستثنی منه نحو : ما قام أحد إلّا زید وزیدا ، برفعه علی البدل من المستثنی منه ، ونصبه علی الاستثناء ، والمراد بغیر الموجب الکلام الواقع فی سیاق النفی ، أو النهی ، أو الاستفهام ، وخرج بقوله : بعد إلّا ، ما هو بعد أخواتها لتعذّر البدل فیما بعدهنّ ، وإنّما اشترط أن یکون فی غیر موجب ، لأنّه لو کان فی کلام موجب لم یجز البدل ، ووجب النّصب کما تقدّم ، وفی جعله بدلا إشکال من وجهین :

أحدهما : أنه بدل البعض من الکل لعموم النکره فی سیاق النفی أعنی أحدا وبدل البعض لا بدّ فیه من ضمیر نحو : ضربت زیدا یده أو یدا له ، ولا ضمیر إذا جعل بدلا ، إذ تقدیره : ما قام إلّا زید ، فلا یصحّ البدل.

وثانیهما : أن زیدا مثبت والمبدل منه منفیّ ، فیباین البدل المبدل منه (4) وقد أجابوا عن ذلک بما لا یخلو من تکلّف ، فقالوا : أما الضمیر فی زید فهو محذوف مراد ، إذ التقدیر : ما قام إلّا زید منهم ، وإن اختلاف الحکم نفیا وإثباتا لا یمنع البدلیّه

ص: 197

1- الکتاب ، 2 / 349 - 350.

2- أکثر النحویین ذکروا هذه المفاعیل فی باب الإستثناء ، انظر المفصل ، 67 وشرح المفصل ، 2 / 78 ، وإیضاح المفصل ، 1 / 364 وتسهیل الفوائد ، 105 - 106 وشرح ابن عقیل ، 2 / 232 - 233 وشرح الأشمونی ، 2 / 162.

3- الکافیه ، 395.

4- قال ثعلب : کیف یکون بدلا ، والأول مخالف للثانی فی النفی والإیجاب. انظر شرح الکافیه ، 1 / 233 ، وشرح التصریح ، 1 / 349.

قیاسا علی جواز اختلاف الصّفه والموصوف فی الحکم کقولهم : مررت برجل لا صالح ولا طالح (1).

ذکر الاستثناء المفرّغ

وهو المستثنی الذی لم یذکر المستثنی منه معه ، وکان فی کلام غیر موجب غالبا ، ویعرب علی حسب العوامل نحو : ما جاءنی إلّا زید ، وما ضربت إلّا زیدا وما مررت إلّا بزید ، وإنّما کان فی کلام غیر موجب لیفید أنّ المستثنی منه المحذوف عامّ ، لأنّ النکره تعمّ فی سیاق النفی ، فإنّ التقدیر فی نحو : ما ضربت إلّا زیدا ، ما ضربت أحدا إلّا زیدا ، فلو جاء فی کلام موجب وقال : ضربت إلّا زیدا لم یستقم ، لعدم جواز تقدیر : ضربت کلّ أحد إلّا زیدا فیستحیل تقدیر المستثنی منه المحذوف عامّا فیمتنع ، فأمّا إذا أمکن تقدیر المستثنی منه المحذوف عامّا فی کلام موجب فإنّه یجوز وقوع المفرغ فی الموجب حینئذ نحو : قرأت إلّا سوره کذا ، وصمت إلّا یوم العید ، لإمکان قراءه القرآن کلّه إلّا تلک السوره ، وصوم کلّ الأیام إلّا یوم العید فأمکن تقدیر المستثنی منه المحذوف عامّا ، فاستقام المعنی بخلاف : ضربت إلّا زیدا ، لاستحاله تقدیر ضرب جمیع الناس ، وسمّی مفرّغا لأنّ العامل فرّغ له ، بحذف المستثنی منه ، ومن جهه أنّ المعنی لا یستقیم فی المفرغ إلّا فی غیر الموجب لم یجز : ما زلت إلّا قائما ؛ لأنّ «ما» للنفی ، و «زال» للنفی ونفی النّفیّ ، إثبات ، فیؤدی إلی أن یکون قائما مثبتا - لأنّه فی سیاق ما زال - منفیّا لأنّه بعد إلّا فی کلام مثبت ؛ فیمتنع (3).

ذکر البدل علی المحلّ

إذا تعذّر البدل علی اللفظ أبدل علی المحلّ : والمذکور هنا لذلک ثلاثه أمثله :

أحدها : ما جاءنی من أحد إلّا زید ، فیجوز نصب زید علی الاستثناء ورفعه علی البدل من محل أحد ، لأنّ محلّه الرفع بأنه فاعل جاءنی ، ویمتنع البدل من لفظه ، لأنه

ص: 198

1- انظر هذه الردود فی شرح المفصل ، 2 / 82 ، وشرح الکافیه ، 1 / 233 وشرح التصریح ، 1 / 349.

2- الکافیه ، 395.

3- شرح الوافیه ، 231 وشرح المفصل ، 2 / 68 وشرح الکافیه ، 1 / 234.

4- الکافیه ، 395 - 396.

لو أبدل من لفظه کان التقدیر : جاءنی من زید ، فتزاد من فی الإثبات وهو غیر جائز عند سیبویه (1).

ثانیها : لا أحد فی الدار إلّا زید ، ولا إله إلّا الله بالرفع علی البدل من المحلّ (2) ولا یجوز النّصب علی البدل من لفظ أحد وإله خلافا للزجاج ، وإنّما تعیّن البدل من المحلّ دون اللفظ ، لأنّ العامل لفظا لمّا کان لا - وهی إنّما تعمل للنفی وما بعد إلّا إذا وقع فی سیاق النفی کان مثبتا ، والبدل فی حکم تکریر العامل فلو قدّرت بعد إلّا ، لزم الجمع بین المتناقضین ، لأنّ «لا» تقتضی نفی ما بعدها و «إلّا» تقتضی إثباته.

ثالثها : ما زید شیئا إلّا شیء لا یعبأ به ، فلا یجوز نصب شیء الثانی علی البدل من لفظ شیئا الأول الذی هو خبر ما ، إذ یبقی التقدیر : ما زید إلّا شیئا ، فیلزم تقدیر ما عامله بعد إلّا وهی لا تعمل بعدها لانتقاض النفی ، فیتعذّر البدل علی اللفظ ، فیجب حمله علی المحل ، ومحلّه رفع فی الأصل قبل دخول ما بخلاف لیس فإنه یجب النصب فی مثل قولک : لیس زید إلّا شیئا لا یعبأ به ، لأنّ لیس إنما عملت للفعلیّه لا للنفی ، فهی مثل : ما کان زید إلّا قائما ، وأما - ما ولا - فإنّهما إنما عملا للنفی ، فإذا انتقض بنحو «إلّا» ، بطل عملهما ، فلذلک وجب النصب فی قولک : لیس زید إلّا قائما وامتنع النصب فی : ما زید إلّا قائما (3).

والمستثنی بغیر وسوی وسواء لا یکون إلّا مخفوضا (4) لأنّه مضاف إلیه ، وکذلک حاشا علی الأکثر (5) وقلّ النصب بها نحو : اللهمّ اغفر لی ولمن سمع حاشا الشیطان وابن الأصبغ (6). لأنّه حرف جرّ غالبا ، ومنهم من ینصب بحاشا علی أنه

ص: 199

1- الکتاب ، 2 / 315 - 4 / 225.

2- تسهیل الفوائد ، 102 والمغنی ، 2 / 563 وشرح التصریح ، 1 / 351 وشرح الأشمونی ، 2 / 145.

3- شرح الوافیه ، 235 ، وشرح المفصل ، 2 / 91 وشرح الکافیه ، 1 / 238.

4- الکافیه ، 396.

5- الکتاب ، 2 / 349 وشرح الکافیه ، 1 / 244.

6- فی شرح المفصل ، 2 / 85 وحکی أبو عثمان المازنی عن أبی زید قال سمعت أعرابیا یقول : اللهم ... إلخ.

فعل (1) بمعنی جانب بعضهم زیدا ، أی : فاعل من الحشا وهو الجانب (2) وسوی بکسر السین وضمّها مع القصر وبفتحها مع المدّ ظرف مکان عند سیبویه (3) وإعرابها النّصب علی الظرفیّه ، فتقول : جاء القوم سوی زید ، ومعناه جاء القوم مکان زید ، وقال قوم حکمها حکم غیر (4) وعلیه قوله : (5)

ولم یبق سوی العدوا

ن دنّاهم کما دانوا

فسوی فاعل لم یبق ، أی : لم یبق غیر العدوان (6) [ومما یذکر مع أدوات الاستثناء لا سیّما ، وإن لم تکن فی الحقیقه أداه استثناء لأنّ الاستثناء یثبت للمستثنی حکما (7) ضدّ حکم المستثنی منه ولیست لا سیّما کذلک ، لأنّها تثبت للثانی حکم الأول بطریق الزیاده (8) فإذا قلت : أحسن إلیّ القوم لا سیّما زید ، کان فی الکلام إیذان بأنّ زیدا کان أوفر القوم إحسانا ، ووجه ذکرها مع أدوات الاستثناء أنّ ما بعدها یخالف ما قبلها فی الإخراج من المساواه إلی الترجیح بإثبات الزیاده له ، وکان حکمه غیر حکم الأول ، واعلم أنّ لا سیّما ثلاث کلمات ، وهنّ : لا ، وسیّ ، وما. أما «لا» ، فعند أکثر النحویین هی التی لنفی الجنس (9) وأما «سیّ» بکسر السین فهو المثل (10)

ص: 200

1- المقتضب ، 4 / 391 والإنصاف ، 1 / 278 والهمع ، 1 / 232 - 233.

2- شرح الوافیه ، 235.

3- الکتاب ، 2 / 350 وهو مذهب الجمهور أیضا ، شرح التصریح ، 1 / 362.

4- وهم الکوفیون إذ أجازوا خروجها عن الظرفیه والتصرف فیها رفعا ونصبا وجرا کغیر. التسهیل ، 107 وشرح الکافیه ، 1 / 248 والمغنی ، 1 / 141 وشرح التصریح ، 1 / 362.

5- للفند الزمانی ، شهل بن شیبان. روی منسوبا له فی دیوان الحماسه للمرزوقی ، 1 / 35 وأمالی القالی ، 1 / 257 وشرح الشواهد ، 2 / 159 وشرح التصریح ، 1 / 362 وخزانه الأدب ، 3 / 431. وورد من غیر نسبه فی شرح الکافیه ، 1 / 248 وشرح ابن عقیل ، 2 / 228 وهمع الهوامع ، 1 / 202 وشرح الأشمونی ، 2 / 159.

6- ما بین المعقوفین أی من قوله ومما یذکر إلی قوله فیما بعد أکرمه الناس سیما زید ... هو من حاشیه الأصل المکتوب بجوارها «صح» مع علامه الإلحاق فی المتن.

7- غیر واضحه فی الأصل. وممن عدّ لا سیما من أدوات الاستثناء الکوفیون وجماعه من البصریین کالأخفش وأبی حاتم والنحاس الهمع ، 1 / 234.

8- شرح الکافیه ، 1 / 248.

9- شرح المفصل ، 2 / 85 وشرح الکافیه ، 1 / 249 والهمع ، 1 / 235.

10- اللسان ، سوا ، والمغنی ، 1 / 139.

وأما «ما» ، فقیل هی حرف زائد ، وقیل : هی اسم بمعنی الذی (1) فإذا قلنا : إنّ لا فی لا سیّما هی التی لنفی الجنس ، کانت سیّ إمّا نکره مبنیه معها علی الفتح ، أو معربه منصوبه مضافه إلی زید مثلا ، وما زائده ، والخبر محذوف أی حاصل أو موجود ، والتقدیر : لا مثل زید موجود ، ویجوز فی الاسم الواقع بعد لا سیّما الرفع والنّصب والجرّ ، لکنّ الجرّ هو الکثیر ، والرّفع قلیل والنّصب أقلّ (2).

وقد روی بالوجوه الثلاثه قول امریء القیس : (3)

ألا ربّ یوم لک منهنّ صالح

ولا سیّما یوم بداره جلجل (4)

فالجرّ علی أن تکون ما زائده والاسم مجرور بإضافه سی إلیه ، والتقدیر : لا مثل یوم ، والرّفع علی أن تکون ما موصوله مجروره بإضافه سیّ إلیها ، والاسم بعدها خبر مبتدأ محذوف ، والتقدیر : لا مثل الذی هو یوم بداره جلجل. وهذه الجمله لا موضع لها من الإعراب ، لأنّها صله الموصول والنّصب علی وجهین :

الأول : أن یکون منصوبا بفعل محذوف ، وما زائده أی لا مثل أعنی یوما.

والثانی : علی أن تجعل لا سیّما بمنزله إلّا فینتصب ما بعدها وهذا ضعیف ، لما بیّنّا من کونها لیست بمنزله إلّا فی صدر هذا الکلام ، ویجوز تخفیف لا سیّما ، ویجوز أیضا حذف لا منها للعلم بها (5) کقولک : أکرمه النّاس سیّما زید](6).

ص: 201

1- انظر آراءهم حولها فی الهمع ، 1 / 234.

2- شرح المفصل ، 2 / 86 وتسهیل الفوائد ، 107 والمغنی ، 1 / 140 وحاشیه الصبان ، 2 / 168 والنحو الوافی لعباس حسن ، 1 / 402.

3- هو امرؤ القیس بن حجر بن عمرو الکندی من فحول الشعراء الجاهلیین ، انظر أخباره المشهوره فی طبقات فحول الشعراء ، 1 / 51 والشعر والشعراء ، 1 / 50. والبیت فی دیوانه ، 63 وروی منسوبا له فی شرح المفصل ، 2 / 86 وشرح الکافیه ، 1 / 249 وشرح شواهد المغنی ، 1 / 412 - 2 / 558 - 726 وروی البیت من غیر نسبه فی مغنی اللبیب ، 1 / 140 وشرح الأشمونی ، 2 / 167 وشرح التصریح ، 1 / 144 وهمع الهوامع ، 1 / 234 وروایه الدیوان : ألا ربّ یوم صالح لک منهما.

4- موضع بنجد وقیل بغمر ذی کنده معجم البلدان ، 2 / 426.

5- قال أبو حیان : ولا یحذف لا من لا سیما لأنه لم یسمع إلا فی کلام المولدین همع الهوامع ، 1 / 235 وانظر شرح الأشمونی ، 2 / 168.

6- انتهی المثبت من حاشیه الأصل.

ذکر إعراب غیر

وغیر اسم متمکّن یعرب إعراب المستثنی بإلّا ، فینصب فی الموجب وفی التقدیم وجوبا نحو : جاء القوم غیر زید ، وما جاءنی غیر زید أحد ، ویجب أیضا فیه النصب فی المنقطع علی لغه أهل الحجاز نحو : ما جاءنی أحد غیر حمار ، ویختار فیه البدل فی غیر الموجب نحو : ما جاءنی أحد غیر زید ، ویعرب علی حسب العوامل فی المفرغ نحو : ما جاءنی غیر زید ، وما ضربت غیر زید ، وما مررت بغیر زید (2) وما بعد غیر مخالف لما قبلها فی النفی والإثبات فهی تشابه إلّا بذلک وغیر أصل فی باب الصّفه ، وهی دخیله ومحموله علی إلّا فی الاستثناء ، وإلّا أصل فی الاستثناء وهی دخیله ومحموله علی غیر فی الصفه لکون إلّا حرفا ، وأصل الحرف ألّا یقع صفه ، والفرق بین غیر إذا استثنی بها ، وبینها إذا کانت صفه ، أنّها إذا استثنی بها تقتضی إخراج ما بعدها ، وإذا کانت صفه دلّت علی المغایره من غیر إخراج ، فإنّه إذا قال : علیّ مائه درهم غیر درهم ، بنصب غیر لزمه تسعه وتسعون : إذ (3) التقدیر له علیّ مائه إلّا درهما ، ولو قال : له مائه غیر درهم بالرفع لزمه المائه لعدم الإخراج ، إذ التقدیر له علیّ مائه مغایره لدرهم (4) ولا یجوز وقوع إلّا صفه إلّا إذا تعذّر الاستثناء بها وذلک إنّما یکون إذا کانت تابعه لجمع منکور غیر محصور کقوله تعالی : (لَوْ کانَ فِیهِما آلِهَهٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا)(5) فإلّا وقعت تابعه لآلهه وهی جمع منکور غیر محصور فهی صفه (6) وإنما اشترط أن تکون تابعه ، لأنّها لو وقعت غیر تابعه نحو : قام إلّا زید ؛ بحذف الموصوف بمعنی ؛ قام رجال إلّا زید ، لم یجز ذلک ، بخلاف قام غیر زید ، فإنّه یجوز وإنّما افتقرت إلّا إلی وجود الموصوف دون غیر لکون إلّا حرفا وهو

ص: 202

1- الکافیه ، 396.

2- شرح الوافیه ، 235 وشرح التصریح ، 1 / 360.

3- فی الأصل إذا.

4- شرح المفصل ، 2 / 88 وشرح الکافیه ، 1 / 245.

5- من الآیه 22 من سوره الأنبیاء.

6- الکتاب ، 2 / 331 - 332 والمقتضب ، 4 / 408 والمغنی ، 1 / 70 وشرح التصریح ، 1 / 360 وشرح الأشمونی ، 2 / 157.

لا یقبل أن یلی العوامل فلا یجوز أن یقام مقام الموصوف کما جاز ذلک فی غیر ، لأنّه اسم متمکن ، ولذلک شبّه سیبویه إلّا إذا وقعت صفه بأجمعین فی کونها لا تلی العوامل (1) فکما لا یقال : قام أجمعون بمعنی قام القوم أجمعون کذلک لا یقال : قام إلّا زید ، بمعنی قام رجال إلّا زید ، وإنّما اشترط أن تکون إلّا تابعه لجمع منکور نحو : جاءنی رجال إلّا زید ، لأنّها حینئذ تتعیّن للصّفه لامتناع الاستثناء ، لأنّ شرط الاستثناء أن یدخل المستثنی وجوبا فی المستثنی منه لو سکت عنه ، ولا یدخل ما بعد إلّا هنا فی رجال ، لأنّ رجالا (2) نکره فی سیاق الإثبات فلا تعمّ (3) فلا یدخل المستثنی الذی هو زید فیها ، لعدم العموم بخلاف ما لو کانت إلّا تابعه لجمع معرّف نحو : جاء الرجال إلّا زیدا ، فإنّها لا تکون حینئذ صفه لصحّه الاستثناء ، وإنّما اشترط أن یکون الجمع المنکور غیر محصور ، لأنّه لو کان محصورا لجاز الاستثناء نحو : له علیّ عشره إلّا درهما (4) وإنّما قلنا : إن إلّا فی قوله تعالی : (لَوْ کانَ فِیهِما آلِهَهٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا)(5) صفه ، ولا یجوز أن تکون للاستثناء ، لأنّ الجمع المنکور لیس بعامّ لما تقدّم ، لأنّه نکره فی سیاق الإثبات فلیس بعامّ ، ولذلک یصحّ إخراجه من الجمع المعرّف نحو : جاءنی رجال من الرجال دون العکس ، وإذا کان آلهه جمعا منکرا لم یعمّ جمیع الأفراد ، فلم یکن اسم الله مخرجا عنها ، وإذا لم یکن مخرجا لم یکن استثناء فیتعیّن للصفه ، ومعنی وقوعها صفه أنّ ما بعدها مغایر لما قبلها دون إخراجه ، ومنهم من جوّز وقوع إلّا صفه مع جواز الاستثناء (6) نحو قوله : (7)

ص: 203

1- الکتاب ، 2 / 334.

2- غیر واضحه فی الأصل.

3- التبیان ، 2 / 915 والمغنی ، 1 / 70 وحاشیه الصبان ، 2 / 156.

4- شرح الکافیه ، 1 / 246.

5- من الآیه ، 22 من سوره الأنبیاء.

6- الکتاب ، 2 / 334 وشرح الوافیه ، 236.

7- البیت لعمرو بن معدیکرب ، وقیل لحضرمی بن عامر الأسدی ، روی منسوبا لعمرو فی الکتاب ، 2 / 334 ، والکامل ، 4 / 76 وشرح المفصل ، 2 / 89 والممتع ، 1 / 51 واللسان ، إلا ، ورواه السیوطی فی شرح شواهد المغنی ، 1 / 266 منسوبا لحضرمی بن عامر وسجل الخلاف حوله صاحب الخزانه ، 3 / 421 وروی البیت من غیر نسبه فی المقتضب ، 4 / 409 والإنصاف ، 1 / 268 وشرح الکافیه ، 1 / 247 ورصف المبانی ، 92 والمغنی ، 1 / 72 والهمع ، 1 / 229 وشرح الأشمونی ، 2 / 157. الفرقدان : نجمان قریبان من القطب لا یفترقان.

وکلّ أخ مفارقه أخوه

لعمر أبیک إلّا الفرقدان

فإلّا الفرقدان صفه لکل أخ ، وتقدیره : وکلّ أخ غیر الفرقدین مفارقه أخوه ، وفیه شذوذان : (1) أمّا أولا فلأنه وصف المضاف وهو کل ، والقیاس وصف المضاف إلیه کقوله تعالی : (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ کُلَّ شَیْءٍ حَیٍ)(2) وأمّا ثانیا فلأنّه فصل بین الصّفه والموصوف بالخبر الذی هو مفارقه أخوه وهو ضعیف ، وکان قیاسه إلّا الفرقدین نصبا علی الاستثناء.

9- ذکر خبر کان وأخواتها

وهو رابع المنصوبات المشبّهات بالمفعول ، وهو المسند بعد دخول کان أو إحدی أخواتها ، فقولنا : المسند ، یشمل خبر المبتدأ وخبر إنّ وما ولا ، وغیرها وقولنا : بعد دخول کان أو إحدی أخواتها ، یخرج ذلک جمیعه وذلک نحو : کان زید قائما ، فقائما هو المسند بعد دخول کان ، ویجوز تقدیم خبر کان علی الاسم ، وإن کان معرفه لعدم اشتباهه بالاسم ، لاختلافهما فی الإعراب تقول : کان أخاک زید ، بخلاف خبر المبتدأ ، فإنّه إذا کان معرفه لم یجز تقدیمه ، ولکن إذا التبس خبر کان باسمها لم یجز تقدیمه أیضا (4) نحو : کانت الحبلی السّکری ، ویجوز حذف عامل خبر کان فی مثل «النّاس مجزیّون بأعمالهم إن خیرا فخیر ، وإن شرّا فشرّ» (5) ، وفی مثله أربعه أوجه : (6)

نصب الأوّل ورفع الثانی : وهو أقواها لقلّه الحذف وتقدیره ، إن کان عمله خیرا

ص: 204

1- انظرهما فی شرح الوافیه ، 237 ونسبهما النحویون لابن الحاجب أیضا ، انظر شرح الکافیه ، 1 / 247 والهمع ، 1 / 229 وشرح الأشمونی ، 2 / 157.

2- من الآیه 30 من سوره الأنبیاء.

3- الکافیه ، 396.

4- شرح الکافیه ، 1 / 252 وشرح ابن عقیل ، 1 / 372 وشرح التصریح ، 1 / 187 وشرح الأشمونی ، 1 / 232.

5- الکتاب ، 1 / 258 والمقاصد الحسنه للسخاوی 173 - 441 وکتاب تمییز الطیب من الخبیث للشیبانی 65 - 182. وهل هو حدیث أم لا؟ انظر لذلک السیر الحثیث للدکتور محمود فجال 1 / 281 - 285.

6- شرح المفصل ، 2 / 97 وشرح الکافیه ، 1 / 253.

فجزاؤه خیر.

والثانی : رفع الأول ونصب الثانی ؛ وهو أضعفها ، لکثره الحذف وتقدیره : إن کان فی عمله خیر ، کان جزاؤه خیرا.

والثالث : رفعهما وتقدیره : إن کان فی عمله خیر ، فجزاؤه خیر.

والرابع : نصبهما والتقدیر : إن کان عمله خیرا کان جزاؤه خیرا (1).

وتحذف کان وجوبا (2) فی مثل : أمّا أنت منطلقا انطلقت وتقدیره : لأن کنت منطلقا انطلقت فحذفت اللام الجاره من «أن» علی المألوف فی کلامهم ثمّ حذفت «کان» لجواز حذفها فی کلامهم ، فوجب العدول من الضمیر المتّصل إلی المنفصل ، فصار : أن أنت منطلقا ، فزادوا «ما» علی «أن» للتأکید ، ولیکون کالبدل عن کان فصار : أن ما أنت منطلقا ثم قلبت النون میما وأدغمت المیم فی المیم فصار : أمّا أنت منطلقا انطلقت. ووجب حذف کان ، لأنّ «ما» عوض عنها ، فلو ذکرت لزم اجتماع العوض والمعوّض وهو غیر جائز (3)

وقد تحذف کان جوازا مع الاسم کقولک : فقیها ، لمن قال : کان زید ، ومع الخبر کقولک : زید ، لمن قال : من کان صاحبک ، ومع الاسم والخبر ، کقولک : نعم لمن قال : هل کان زید قائما.

10- ذکر اسم إنّ وأخواتها

وهو خامس المنصوبات المشبّهات بالمفعول ، وهو المسند إلیه بعد دخول إنّ أو إحدی أخواتها ، ومثاله : إنّ زیدا قائم ، فزید هو المسند إلیه بعد دخول إنّ ، وحکمه حکم المبتدأ إلّا فی تأخیره ، إلّا إذا کان الخبر ظرفا ، نحو : إنّ فی الدّار زیدا (5)

ص: 205

1- شرح الوافیه ، 238.

2- الکافیه ، 396.

3- الکتاب ، 1 / 293 وشرح الوافیه ، 238 وشرح المفصل ، 2 / 98.

4- الکافیه ، 396.

5- شرح الوافیه ، 23 وشرح الکافیه ، 1 / 255.

11- ذکر منصوب لا التی لنفی الجنس

وهو سادس المنصوبات المشبّهات بالمفعول ، ومنصوب لا التی لنفی الجنس ، هو المسند إلیه بعد دخولها ، یلیها نکره ، مضافا أو مشبّها به ، وإنّما اشترط أن یلیها ، لأنّه إذا فصل بین الاسم وبین لا ، لم ینصبه کما یجیء ، واشترط أن یکون نکره ، لأنّه إذا کان معرفه لم ینصب کما سیجیء ، واشترط أن یکون مضافا أو مشبّها به لأنه لو کان نکره مفرده ، کان مبنیّا کما یجیء ، ومثال المضاف : لا غلام رجل فی الدّار ، ومثال المشبّه بالمضاف : لا عشرین درهما لک ، ومشابهته للمضاف من حیث إنّ ما بعدهما متمّم ومخصص لهما ، وتحقیق المشبّه بالمضاف أن تکون لا داخله علی اسم عامل فیما بعده نصبا أو رفعا ، مثال الناصب نحو : لا ضاربا زیدا عندک ، ومثال الرافع نحو : لا حسنا وجهه عندک (2) لأنّ الاسم إن عمل فیما بعده جرّا فهو مضاف ، وإن عمل غیر الجرّ فهو مشابه للمضاف.

وإن کان الاسم الذی یلیها مفردا بنی علی ما ینصب به ، والمراد بالمفرد ما لا یکون مضافا ولا مشبها به (3) فإن کان نصبه بالفتح بنی علی الفتح ، نحو : لا غلام فی الدّار ، وإن کان نصبه بالیاء بنی علی الیاء نحو ؛ لا غلامین لک ، ولا مسلمین لک (4) وإن کان نصبه بالکسر بنی علی الکسر نحو : لا مسلمات فی الدّار ، وإنّما بنی الاسم المذکور لتضمّنه معنی حرف الجرّ لأنّ قولک : لا رجل فی الدّار ، جواب سؤال مقدّر ، کأنّه قال : هل من رجل فی الدّار (5) فکان من الواجب أن یقال : لا من رجل فی الدّار ، لیطابق الجواب السؤال فحذف «من» ، وقیل : لا رجل فی الدّار ، فبنی لتضمّنه معنی «من» وأفاد تضمّن الاسم معنی من بعد النفی ، الاستغراق والعموم (6) ، وإذا کان الاسم معرفه ، أو فصل بینه وبین لا ، وجب رفعه علی الابتداء وتکریره (7) تقول : لا زید فی الدار ولا عمرو ، ولا فی الدار رجل ولا امرأه ، وإنّما وجب رفع المعرفه ، لأنّ لا

ص: 206

1- الکافیه ، 397.

2- شرح المفصل ، 2 / 100.

3- شرح الکافیه ، 1 / 255.

4- المقتضب ، 4 / 366 وشرح المفصل ، 2 / 106 وشرح ابن عقیل ، 2 / 8.

5- شرح الوافیه ، 241 وانظر المقتضب ، 4 / 357 وشرح الکافیه ، 1 / 256 وشرح التصریح ، 1 / 236.

6- شرح الکافیه ، 1 / 256.

7- تسهیل الفوائد ، 68.

لا تعمل إلا فی النکرات لکونها لنفی الجنس (1) وأما وجوب رفع المفصول فلبطلان عملها بالفصل ، ووجب التکریر لأنّه جواب أزید فی الدّار أم عمرو ، وأفی الدّار رجل أم امرأه ، فوجب التکریر فی الجواب لیکون مطابقا للسؤال ، فإن قیل : فقد ورد قولهم : (2) قضیّه ولا أبا حسن لها ، فأبا حسن معرفه من غیر رفع ولا تکریر ، فالجواب : أنه متأوّل والتقدیر : قضیّه ولا مثل أبی حسن لها ، فحذف المضاف وأقیم المضاف إلیه مقامه (3) ولا شکّ أنّ مثل أبی حسن نکره لأنّ «مثل» ، لا تکتسب من المضاف إلیه التعریف کما یجیء (4).

وإذا کرّرت «لا» من غیر فصل (5) نحو : لا حول ولا قوّه ، جاز فی الاسم خمسه أوجه : (6)

أحدها : بناء الاسمین معا علی الفتح نحو : لا حول ولا قوّه فکلّ واحد منهما جمله مستقلّه ، وخبرها محذوف أی لا حول إلّا بالله ولا قوّه إلّا بالله.

وثانیها : بناء الأول علی الفتح ونصب الثانی عطفا علی لفظ الأوّل ولا زائده (7) قال : (8)

ص: 207

1- شرح المفصل 2 / 103 وشرح التصریح 1 / 237.

2- المفصل ، 76 وشرح المفصل ، 2 / 104 ورساله الملائکه للمعری 47 وشرح الکافیه ، 1 / 255 وأبو حسن هو علی بن أبی طالب رضی الله عنه.

3- شرح الوافیه ، 242 وشرح الکافیه ، 1 / 260.

4- 1 / 213.

5- الکافیه ، 397.

6- الکتاب ، 2 / 285 وشرح الوافیه ، 242 وشرح المفصل ، 2 / 112 وتسهیل الفوائد 68 وشرح الکافیه ، 1 / 260.

7- شرح التصریح ، 1 / 242.

8- البیت اختلف حول قائله ، قیل : هو لأنس بن العباس بن مرداس ، وقیل : هو لأبی عامر جد العباس بن مرداس ، ورد البیت منسوبا لأنس فی الکتاب ، 2 / 285 وشرح شواهد المغنی ، 2 / 601 - 924 وشرح شواهد ابن عقیل ، للجرجاوی ، 82. وورد البیت من غیر نسبه فی الکتاب ، 2 / 309 وشرح المفصل ، 2 / 101 - 113 - 9 / 138 ، وشرح شذور الذهب ، لابن هشام 87 ومغنی اللبیب ، 1 / 226 - 2 / 600 وشرح ابن عقیل ، 2 / 12 وهمع الهوامع ، 2 / 144 - 211 وشرح الأشمونی ، 2 / 9 وسجل الخلاف العینی فی شرح الشواهد ، 2 / 9 والأزهری فی شرح التصریح ، 1 / 241 ویروی : اتّسع الفتق علی الرّاقع. الخلّه : بضم الخاء وتشدید اللام ، الصّداقه ، الراقع والراتق : هو الذی یصلح موضع الفساد من الثوب.

لا نسب الیوم ولا خلّه

اتّسع الخرق علی الرّاقع

وثالثها : بناء الأول علی الفتح ورفع الثانی ؛ إمّا بالعطف علی موضع لا مع اسمها ، لأنّهما فی محلّ الابتداء ، أو إنها بمعنی لیس (1) أی لا حول لنا ولیس قوّه إلّا بالله ، قال : (2)

...

لا أمّ لی إن کان ذاک ولا أب

ورابعها : رفعهما معا کقولک : لا حول ولا قوّه ، وذلک إمّا لیکون الجواب مطابقا للسؤال وهو : أحول لک أم قوّه ، أو علی أنّها بمعنی لیس فیهما (3).

وخامسها : رفع الأول علی أنّها بمعنی لیس وهو ضعیف (4) وفتح الثانی علی انّه بنی علی الفتح ، إمّا لأنّ شرط رفع ما یلیها التکریر ، ولا تکریر هنا ، أو لأنّ استعمال لا بمعنی لیس ضعیف.

وإذا دخلت الهمزه علی لا التی لنفی الجنس لم یبطل عملها (5) لأنّ همزه الاستفهام لا تغیّر عمل العامل کما فی لم کقولک : ألم یقم زید ، قال الشّاعر : (6)

ص: 208

1- همع الهوامع ، 2 / 144.

2- وصدره : هذا لعمرکم الصّغار بعینه والبیت اختلف حول قائله ؛ فقیل : هو لرجل من مذحج ، وقیل : هو لهمّام بن مرّه ، وقیل : هو لرجل من عبد مناه ، وقیل : لهنیّ بن أحمر ، وقیل : لأضمره بن ضمره ، وقیل : لعمرو بن الغوث وقیل لزرافه الباهلی ، فقد نسبه سیبویه فی الکتاب ، 2 / 291 - 292 لرجل من مذحج ، وسجل الخلاف حوله ابن منظور فی لسان العرب ، ماده حبس والعینی فی شرح الشواهد ، 2 / 9 ، والأزهری فی شرح التصریح ، 1 / 241 والسیوطی فی شرح شواهد المغنی ، 2 / 921 والعدوی فی فتح الجلیل ، 82. وروی البیت من غیر نسبه فی المقتضب ، 4 / 371 ، وشرح المفصل ، 2 / 110 وشرح شذور الذهب ، 86 ومغنی اللبیب ، 2 / 593 وشرح ابن عقیل ، 2 / 13 ، وهمع الهوامع ، 2 / 144 ، وشرح الأشمونی ، 2 / 9.

3- شرح الأشمونی ، 2 / 11.

4- شرح الوافیه ، 242 وفی شرح الکافیه ، 1 / 261 «لا نضعف هذا الوجه بل هو مثل الوجه الثالث والرابع سواء فی حصول التکریر».

5- الکافیه ، 397.

6- هذا صدر بیت لحسان بن ثابت ، وعجزه : عنّی وأنتم من الجوف الجماخیر دیوانه ، 178 وورد منسوبا له فی الکتاب ، 2 / 73 وکتاب الحلل ، 328 وأمالی ابن الشجری ، 2 / 80 ، وورد من غیر نسبه فی المقتضب ، 4 / 233 ، وشرح المفصل ، 2 / 15 - 102. حار : أصله یا حارث فرخمه ، الجوف : جمع أجوف وهو الواسع ، أو الذی لا رأی له ولا حزم ، الجماخیر : جمع جمخور کعصفور وهو الضعیف العقل.

حار بن کعب ألا أحلام تزجرکم

...

ببناء أحلام علی الفتح ، ویکون معناها مع الهمزه حینئذ الاستفهام نحو : ألا رجل فی الدّار ، والعرض : ألا نزول عندنا ، والتمنّی نحو : ألا ماء أشربه (1) ، فیبنی رجل ونزول وماء فی هذه المواضع مع لا علی الفتح ، کما کان قبل دخول الهمزه ، وأمّا قول الشاعر : (2)

ألا رجلا جزاه الله خیرا

یدلّ علی محصّله تبیت

فرجل منصوب بفعل مضمر ، أی ألا تروننی رجلا ، وألا فی هذا الموضع للتحضیض بمنزله هلّا ، أی هلّا تروننی رجلا (3).

ونعت المبنی (4) إذا کان نعتا أوّلا مفردا یلی المنعوت یجوز فیه (5) بناؤه علی الفتح ، نحو : لا رجل ظریف ، لأنّ الموصوف والصفه کالشیء الواحد ، ویجوز إعرابه بالرّفع حملا علی محلّ المبنی ، نحو : لا رجل ظریف لأنّ لا مع المبنی فی محلّ الرفع بالابتداء ، ویجوز إعرابه بالنصب حملا علی لفظ المبنی ، نحو : لا رجل ظریفا (6) واحترز بقوله : نعت المبنی ، عن نعت المعرب ؛ فإنّه لا یکون إلّا معربا منصوبا. نحو : لا غلام رجل ظریفا فی الدار ، وبقوله : أوّلا ، عن النّعت الثانی وما بعده (7) لأنّه لا یکون إلّا معربا نحو : لا رجل ظریف عاقلا وعاقل فی الدار ، وبقوله : مفردا ، عن

ص: 209

1- الکتاب 2 / 207 - 309 وشرح التصریح 1 / 245.

2- البیت لعمرو بن قنعاس المرادی المذحجی وقد رواه السیوطی فی شرح شواهد المغنی منسوبا له ، 1 / 214 - 2 / 641 ، وورد البیت من غیر نسبه فی الکتاب ، 2 / 308 والنوادر ، 56 وشرح المفصل ، 2 / 110 وشرح الکافیه ، 1 / 262 ولسان العرب ، حصل ، ومغنی اللبیب ، 1 / 69 - 225 - 2 / 60 وشرح الشواهد ، 2 / 16 وشرح الأشمونی ، 2 / 160. المحصّله : المرأه التی تحصّل تراب المعدن.

3- هذا مذهب الخلیل وسیبویه ، قال فی الکتاب ، 2 / 308 «وسألت الخلیل رحمه الله عن قوله : ألا رجلا ... فزعم أنه لیس علی التمنی ولکنه بمنزله قول الرجل فهلّا خیرا من ذلک کأنه قال ألا ترونی رجلا جزاه الله خیرا ، وأما یونس فزعم أنه نون مضطرا».

4- الکافیه ، 397.

5- غیر واضحه فی الأصل.

6- الکتاب 2 / 288 - 290.

7- فی الأصل وما بعد.

النّعت المضاف نحو : لا رجل ذو مال وذا مال ، لأنّ اسم لا إذا کان مضافا تعیّن إعرابه فنعته إذا کان مضافا کان أولی بالإعراب ، وبقوله : یلی المنعوت ، عن النعت الذی یفصل بینه وبین المنعوت فاصل ، نحو : لا رجل فی الدار ظریف وظریفا ، فإنّه لا یکون فیه إلّا الإعراب ، ویجوز أن یعطف علی لفظ المبنیّ وعلی محلّه نحو : لا غلام وجاریه ، برفع جاریه علی محلّ لا غلام ، وبنصبها علی لفظه ، ومما حمل علی اللّفظ قول الشّاعر : (1)

فلا أب وابنا مثل مروان وابنه

...

مع جواز رفعه عطفا علی المحلّ ، ولا فرق فی ذلک بین أن تکرّر لا أو لا تکرّرها (2) کلا أب وابنا ولا أب ولا ابنا ، فإنّ الحکم واحد فی جواز رفعه ونصبه ، وکان القیاس یقتضی وجوب البناء فی المعطوف علی اسم لا ، مثل : یا زید ویا عمرو ، فإنّ المعطوف الذی هو عمرو مبنیّ علی الضمّ لیس إلّا ، لکونه معطوفا علی المنادی المضموم ، فالمعطوف علی اسم لا مع تکریرها ، کان ینبغی أن یکون کذلک (3) والنّکره المفرده إذا ذکر بعدها ما یصحّ إضافتها إلیه وفصل بینهما باللام المضیفه نحو : لا أب لزید ، ولا غلامین لک ففیه لغتان :

فالأولی : وهی الفصیحه أن تبقی النکره علی بنائها ، فتقول : لا أب لک ولا غلامین لک ، بثبوت نحو : نون التثنیه ، وحذف الألف من أب.

واللّغه الثانیه : أن تعطی حکم المضاف لمشارکتها للمضاف فی أصل المعنی فیقال : لا غلامی له ، بسقوط النون وما أشبهها ، تشبیها لهذه النکره بالمضاف لمشارکتها له فی أصل معناه ، لأنّ معنی قولک : غلام زید ، غلام لزید ، فلمّا شبّهت

ص: 210

1- وعجزه : إذا هو بالمجد ارتدی وتأزّرا وهو لرجل من عبد مناه بن کنانه ، ورد منسوبا له فی شرح الشواهد ، 2 / 13 وشرح التصریح ، 1 / 243 ومن غیر نسبه فی الکتاب ، 2 / 284 والمقتضب ، 4 / 372 وشرح المفصل ، 2 / 101 وشرح الکافیه ، 1 / 260 وهمع الهوامع ، 2 / 143 ، وشرح الأشمونی ، 2 / 13.

2- فی الأصل یکرر - یکررها ، وفی شرح الوافیه 244 بالتاء.

3- شرح الکافیه ، 1 / 262 - 264.

به أجّریت مجراه فی الأحکام المذکوره.

واعلم أنّ نحو : لا أبا له ولا غلامی له ، لیس بمضاف إلی الضمیر کما ذهب إلیه سیبویه (1) من أنّه مضاف إلی الهاء واللّام زائده لتأکید الإضافه ، لفساد المعنی ، إذ یبقی معناه لا أباه ، فتبقی لا ، بلا خبر ، وتعمل فی المعارف وهو غیر جائز (2) وعلی هذه اللغه الثانیه یأتی لفظ هذه النکره مثل لفظ المضاف فی أی موضع وجد ، لکن یظهر أثر هذه اللغه الثانیه فی الأسماء الخمسه وهی : أبوه وأخوه وحموه وهنوه وفوه ، وأمّا ذو فلا تجری هذا المجری ، ویظهر أیضا فی التثنیه ، والجمع الصحیح لأنّ إعراب الأسماء الخمسه مضافه فی النصب بالألف وفی الإفراد بالفتح وإعراب التثنیه والجمع الصحیح المذکّر فی الإضافه بسقوط نونه ، وفی الإفراد بثبوتها ، قال ابن الحاجب (3) : والظاهر أنّ جمع المؤنّث الصحیح کذلک ؛ فإنّ تنوینه یحذف فی الإضافه کقولک : ضارباتک ، ویثبت فی الإفراد نحو : لا ضاربات فی الدار فتقول علی هذه اللغه الثانیه : لا أبا لزید ، وکذلک لا أخا ، ولا هنا ، ولا حما ، ولا فا ، لزید ، ولا ناصحی لخالد ، ولا ضاربات لزید ، فتثبت الألف فی الأسماء الخمسه کما تقول : رأیت أبا زید وأخاه إلی آخرها وتسقط نون التثنیه فی قولک : لا ناصحی لخالد ، کما تقول : رأیت ناصحی خالد وکذلک تسقط نون الجمع ، فی قولک : لا ناصحی لخالد ، کما تقول : رأیت ناصحی خالد ، وکذلک یسقط تنوین جمع المؤنّث فی قولک : لا ضاربات لزید ، کما تقول : رأیت ضارباتک ، وغیر الأسماء الخمسه والتثنیه والجمع السّالم ، لا یختلف لفظه فی اللغتین ؛ ألا تری أنّک إذا قلت : لا غلام لزید ، وقدّرته مفردا ، وجبت له الفتحه لوجوب بنائه علی ما ینصب به ، وإذا شبّهته بالمضاف أعربته بالنصب وهو مضاف فلم یکن له غیر الفتحه ، ولکن تقدّر فی لغه الإفراد الفتحه للبناء ، وفی لغه التشبیه بالمضاف فتحه إعراب بالنّصب ، وإن ذکر بعد النکره ما لم یصحّ إضافتها إلیه نحو : لا أب فیها ، ولا رقیبین علیها ، لم یکن فیه إلّا البناء وسقطت

ص: 211

1- الکتاب ، 2 / 276 - 290 والمقتضب ، 4 / 366 وشرح المفصل ، 2 / 104 - 107 وشرح الکافیه ، 1 / 265.

2- شرح الوافیه ، 244 ، والنقل منه بتصرف یسیر.

3- شرح الوافیه ، 244 - 245.

لغه التشبیه بالمضاف لزوال اللّام المقتضیه للتشبیه بالمضاف (1).

واعلم أنّه یجوز حذف اسم لا (2) فی مثل : لا علیک أی لا بأس علیک (3).

12- ذکر خبر ما ولا المشبّهتین بلیس

وهو سابع المنصوبات المشبّهات بالمفعول ، وهو الذی یخبر به بعد دخولهما ، وینصب فی لغه أهل الحجاز ، قال الله تعالی : (وَقُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما هذا بَشَراً)(5) وبنو تمیم لا یعملونهما لعدم اختصاصهما (6) ، أی لدخولهما علی الاسم والفعل ، ویبطل عمل ما ولا فی أشیاء :

أحدها : إذا انتقض النفی بإلّا نحو : ما زید إلّا قائم ، ولا رجل إلا أفضل منک لفقد ما عملتا (7) لأجله وهو النّفی.

وثانیها : إذا تقدّم خبرها علی اسمها نحو : ما قائم زید ، لضعفها فی العمل (8).

وثالثها : إذا زیدت إن بعد ما نحو : ما إن زید قائم ، لضعف عملها بالفصل بینها وبین معمولها (9) ومنه قوله : (10)

ص: 212

1- شرح الوافیه ، 245.

2- الکافیه ، 397.

3- فی الکتاب ، 2 / 295 وإنما یرید لا بأس علیک ، ولا شیء علیک ولکنه حذف لکثره استعمالهم إیاه ، وانظر شرح المفصل ، 2 / 113 وشرح الکافیه ، 1 / 266 وشرح الأشمونی ، 2 / 18.

4- الکافیه ، 397 - 398.

5- من الآیه 31 من سوره یوسف ، وحاش لله ، سقطت من الأصل.

6- ویقرؤون : ما هذا بشر ، القطر ، 199.

7- غیر واضحه فی الأصل.

8- وهذا الشرط جار علی «لا» أیضا.

9- شرح الوافیه ، 246 ، وشرح الکافیه ، 1 / 266.

10- هو فروه بن مسیک ورد منسوبا له فی الکتاب 3 / 153 ، وشرح شواهد المغنی ، 1 / 81 وخزانه الأدب ، 4 / 112 وورد من غیر نسبه فی المقتضب ، 1 / 51 - 2 / 364 والمصنف ، 3 / 128 والمحتسب ، 1 / 92 والخصائص ، 3 / 108 وشرح الکافیه ، 1 / 266 ورصف المبانی ، 110 - 311 والمغنی ، 1 / 25 وهمع الهوامع ، 1 / 94.

وما إن طبّنا جبن ولکن

منایانا ودوله آخرینا

وإذا عطف علی خبر ما ولا بحرف عطف موجب نحو : بل ولکن ، بطل عملهما فی المعطوف ، لبطلان النفی الذی هو سبب عملهما (1) ، ووجب الرّفع حملا علی محلّ خبر ما ولا من حیث هو خبر المبتدإ فی الأصل (2) نحو : ما أنت مخالفا بل طائع ولکن طائع ، وما زید قائما بل قاعد.

ذکر المجرورات

اشاره

المجرور ما اشتمل علی علم المضاف إلیه (4) وهو قسمان : أحدهما : مجرور بحرف الجرّ وسیأتی فی قسم الحرف (5) والثانی : المضاف إلیه وهو کلّ اسم ملفوظ أو مقدّر ، نسب إلیه شیء بواسطه حرف جرّ لفظا أو تقدیرا مرادا ، فمثال الاسم الملفوظ زید فی : غلام زید ، والمقدّر فی نحو قوله تعالی : (یَوْمَ یَقُومُ الرُّوحُ)(6) إذ تقدیره یوم قیام الروح ، وقوله : نسب إلیه شیء بواسطه حرف الجرّ ، احتراز (7) عن الإضافه اللفظیّه مثل : زید ضارب عمرو ، فإنّ المضاف إلیه فیها نسب إلیه المضاف الذی هو الصّفه لا بواسطه حرف جرّ ، وقوله : لفظا أو تقدیرا تفصیل لحرف الجر ، فاللفظیّ نحو : مررت بزید ، وأنا مار بزید ، والتقدیریّ (8) نحو اللام فی : غلام زید ، ومن فی : خاتم فضّه (9) وشرط المضاف إلیه المجرور بواسطه حرف الجرّ التقدیری أن یکون مضافه اسما حذف تنوینه أو ما یقوم مقام التنوین لأجل الإضافه (10) ، وقوله : مرادا احتراز عن الظّرف نحو : صمت یوم الجمعه ، لأنّ یوم الجمعه نسب إلیه

ص: 213

1- غیر واضحه فی الأصل.

2- شرح الکافیه 1 / 268.

3- الکافیه ، 398.

4- بعدها فی الأصل مشطوب علیه «والمجرورات».

5- 2 / 72.

6- من الآیه 38 من سوره النبأ.

7- فی الأصل احترازا وانظر قوله بعد ...

8- فی الأصل والتقدیر.

9- شرح المفصل ، 2 / 117 وتسهیل الفوائد 155.

10- شرح الکافیه ، 1 / 272.

شیء وهو صمت بواسطه حرف الجر وهو فی ، ولیس ذلک الحرف مرادا ، وإلّا کان یوم الجمعه مجرورا لا یقال : قولکم : إنّ المضاف إلیه لا یکون إلّا اسما لفظا أو تقدیرا وقد أضیف نحو : حیث وإذا ، إلی الجمل فی قولهم : جلست حیث جلس زید ، ولیست الجمله اسما لا لفظا ولا تقدیرا ، لأنّا نقول : إنّ هذه الجمله مؤوّله بالاسم المفرد ، إذ تقدیره : جلست حیث جلوس زید ، أی مکان جلوسه ، والإضافه نوعان : معنویه ولفظیه.

ذکر الإضافه المعنویّه

وهی أن یکون المضاف غیر صفه مضافه إلی معمولها ، وهو علی ثلاثه أضرب : أحدها : بمعنی من ، وشرطها : أن یکون المضاف نوع المضاف إلیه (2) نحو : خاتم فضّه ، وباب ساج.

وثانیها : بمعنی فی ، وشرطها : أن یکون المضاف اسما مضافا إلی ظرفه نحو ضرب الیوم و (مَکْرُ اللَّیْلِ)(3) وهو قلیل (4).

وثالثها : بمعنی اللّام وهو ما عدا هذین القسمین نحو : غلام زید ، وغلامه ، والفرق بین الإضافه بمعنی اللّام ، ومعنی من ، أنّ التی بمعنی اللّام لا یصحّ الإخبار بأحد الاسمین عن الآخر ، ولا یکون المضاف نوعا من المضاف إلیه ، ولا یجوز أن ینتصب المضاف إلیه علی التمییز من المضاف ، والتی بمعنی من علی العکس من ذلک کلّه (5) وشرط الإضافه أن یکون المضاف خالیا عن التعریف (6) ، وأجاز الکوفیون : الخمسه الأثواب ونحوه من العدد ومنعه البصریون کغیره (7) لأنّه لو أضیف المعرّف

ص: 214

1- الکافیه : 398.

2- تسهیل الفوائد ، 155.

3- من الآیه 33 من سوره سبأ.

4- همع الهوامع ، 2 / 46.

5- شرح المفصل ، 2 / 119 وشرح التصریح ، 1 / 25.

6- الکافیه ، 398.

7- بعدها فی شرح الوافیه ، 249 «ولم یأت إلا فی لغه ضعیفه علی خلاف القیاس واستعمال الفصحاء» وانظر خلافهم حول هذه المسأله فی الکتاب ، 1 / 206 والمقتضب ، 2 / 275 ومجالس ثعلب القسم الثانی ، 590 والإنصاف ، 2 / 312 وشرح المفصل ، 2 / 121 وشرح الکافیه ، 1 / 277 والهمع ، 2 / 48.

إلی معرفه کان جمعا بین تعریفین ، وإن أضیف إلی نکره حصل من المعرفه تعیین المسمّی ، ومن النکره ، عدم تعیینه فیتنافیان.

قال ذو الرمه : (1)

وهل یرجع التسلیم أو یکشف العمی

ثلاث الأثافی والدّیار البلاقع

وکذلک حکم إضافه العدد ، تقول : مائه الدّرهم ومائتا الدینار ، وثلاثه مائه الدّرهم ، وألف الرجل ، وثلاثه آلاف الرجل ، وعلی ذلک جمیع ما هو من هذا الباب.

ذکر الإضافه اللفظیّه

وهی أن یکون المضاف صفه مضافه إلی ما کان معمولا لها ، مثل : عمرو ضارب زید ، وعظیم الحظّ ، وحسن الوجه ، وأصله ضارب زیدا ، وعظیم حظّه وحسن وجهه ، والمعنی فی الإضافه اللفظیّه علی ما کان علیه لو لم یضف لأنّها لا تفید غیر تخفیف اللفظ (3) وهو (4) حذف التنوین أو ما یقوم مقامه (5) ، واحترز بقوله : صفه مضافه إلی معمولها ، من الصفه المضافه إلی غیر معمولها نحو : مصارع مصر ، فإنّ إضافته معنویّه ، لأنّ مصر لیس بمعمول مصارع ، وکذلک المصدر المضاف إلی الفاعل أو المفعول إضافته معنویّه (6) ، لأنّ المصدر لیس بصفه نحو : دقّ القصّار

ص: 215

1- غیلان بن عقبه ، أحد عشاق العرب المشهورین انظر أخباره فی طبقات فحول الشعراء ، 2 / 549 والشعر والشعراء ، 2 / 437 والبیت فی دیوانه ، 332 وورد منسوبا له فی المقتضب ، 2 / 175 - 176 والحلل ، 170 وشرح المفصل ، 2 / 121 - 122 وورد من غیر نسبه فی المقتضب ، 4 / 144 وهمع الهوامع ، 2 / 150 وشرح الأشمونی ، 1 / 187. وروی یدفع مکان یکشف ، والعنا والبکا مکان العمی. الأثافی : جمع أثفیه وهی الحجاره التی توضع علیها القدور والبلاقع : جمع بلقع وهی الخالیه من السکان التی لا أنیس بها.

2- الکافیه ، 398 - 399.

3- تسهیل الفوائد ، 1 / 155.

4- فی الأصل هو.

5- تسهیل الفوائد ، 156 وشرح المفصل ، 122.

6- همع الهوامع ، 2 / 48.

الثوب أو دقّ الثوب القصّار (1) ، وکذلک نحو : هذا مضروب زید وضارب زید أمس ، وزید أفضل القوم ، فإنّ ذلک کلّه إضافه معنویّه ، لأنّ المراد بالصفه المضافه إلی معمولها ، أنّ المضاف کان رافعا أو ناصبا للمضاف إلیه قبل الإضافه ، ومعلوم أنّ هذه الصفه لیست کذلک ، لأنّ ضارب شرط عمله أن یکون للحال أو للاستقبال ، فإذا قلت : أمس انتفی عمله وأما مضروب وأفضل فإنّهما أیضا لم یکونا رافعین ولا ناصبین للمضاف إلیه قبل الإضافه (2).

والإضافه اللفظیّه لا تفید تعریفا لأنه یجوز جعل المضاف إضافه لفظیّه صفه للنکره دون المعرفه ، نحو : مررت برجل حسن الوجه ، وبرجل ضارب زید (3) ، فلو لا أنّه نکره لما وصف به النکره ، ویمتنع أن توصف به المعرفه فلا یقال : مررت بزید ضارب عمرو ، علی أن یکون صفه ولو کان معرفه لوصف به المعرفه ویجوز : الضاربا زید ، والضاربو زید ، وفی التنزیل (وَالْمُقِیمِی الصَّلاهِ)(4) لإفادته التخفیف وهو حذف النون ، ویمتنع : الضارب زید ، لعدم وجود التخفیف بهذه الإضافه والفرّاء جوّزه (5) ، قالوا : وللفرّاء أن یحتجّ بأنّ التنوین حذف للإضافه ، وأنّ الألف واللام ، دخلتا (6) بعد الإضافه (7) ، فإن قیل : فالواجب أن یمتنع الضارب الرجل کما امتنع الضارب زید ، لعدم التخفیف ، فالجواب : أنّ الضارب الرجل مشبّه بالحسن الوجه ، من حیث إنّ المضاف فی الصورتین صفه ، والمضاف إلیه معرّف باللام (8) ، وکذا إن

ص: 216

1- الأول من إضافه المصدر إلی فاعله ، والثانی من إضافته إلی المفعول.

2- شرح التصریح ، 1 / 27.

3- یعدها فی الأصل مشطوب علیه «قال الله تعالی : قالوا هذا عارض ممطرنا» الأحقاف ، 24.

4- من الآیه 35 من سوره الحج.

5- معانی القرآن ، 2 / 226 وانظر شرح المفصل ، 2 / 122 وشرح الکافیه ، 1 / 218.

6- غیر واضحه فی الأصل.

7- أجاب الرضی عن ذلک ناقلا رأی ابن الحاجب فی هذه المسأله بقوله «أما قوله لأن لام التعریف دخلتها بعد الحکم بإضافتها ، فإنّه رجم بالغیب ومن أین له ذلک؟ ونحن لا نحکم إلّا بالظاهر فإنّه وإن أمکن ما قال ، إلّا أنّا نری اللام سابقه حسا علی الإضافه ، والإضافه فی الظاهر إنّما أتت بعد الحکم بذهاب التنوین بسبب اللام فکیف ینسب حذف التنوین إلی الإضافه بلا دلیل قاطع ولا ظاهر مرجّح. شرح الکافیه ، 1 / 381 وهمع الهوامع ، 2 / 48.

8- وفی شرح الوافیه ، 249 «وأجاب عنه بأن هذا مشبه بالحسن الوجه یقول : کما نصبوا الوجه تشبیها - - بالضارب الرجل خفضوا الرجل تشبیها بالمختار فی الحسن الوجه».

قیل : إن الضار بک جائز وهو مضاف إلی المضمر مع عدم التخفیف ، فهو کالضارب زید ، فیجاب : بأنّه محمول علی ضاربک ، وضاربک مضاف باتفاق ، وتخفیفه تقدیری ، إذ لم ینطق باسم فاعل عامل نصبا فی مضمر متصل (1) ، لأنّ اسم الفاعل لا یعمل نصبا إلا إذا کان منوّنا ولو کان منوّنا لامتنع اتصال الضمیر به ، ولکن یقدّر أنّ أصله کان ضاربنک ، بتنوین اسم الفاعل ، ثمّ حذف التنوین وأضیف إضافه لفظیّه فبقی : ضاربک ، فقد أفاد تخفیفا تقدیریا ، ولمّا کان لم ینطق به لم ینظر إلی التخفیف فیه (2).

ذکر ما یمتنع إضافته

لا یجوز إضافه الصفه إلی موصوفها فلا یقال فی رجل قائم : قائم رجل ، لأنّ الصفه اسم منسوب إلی ما قبله ، والمضاف منسوب إلی ما بعده فیتنافیان ، وکذلک عکسه فلا یضاف الموصوف إلی صفته لأنّ المضاف مقصود به الذات والصفه مقصود بها المعنی فیتنافیان ، وأیضا فلا یستقیم فی الصورتین تقدیر حرف الجرّ ، وما ورد فی إضافه الصفه إلی الموصوف فی قولهم : أخلاق ثیاب ، فموّؤل عند البصریین وهو أنّهم قالوا : ثیاب أخلاق ، فحذفوا الموصوف فبقی أخلاق محتملا أن یکون ثیابا أو غیرها ، فأضافوه إلی ما یبیّنه کإضافه ثوب إلی خزّ وکذلک ما أشبهه نحو : سحق عمامه (4) وجرد قطیفه (5) وقولهم : مسجد الجامع ظاهر فی إضافه الموصوف إلی صفته وتأویله : بالوقت أی مسجد الوقت الجامع ، فحذف الوقت وأضیف الجامع إلی صفه الوقت (6) وکذلک ما أشبهه مثل : جانب الغربی ، وبقله الحمقاء ، موؤّل بجانب المکان الغربی ، وبقله الحبّه الحمقاء ، لأنّه کما توصف البقله بالحمقاء ، توصف الحبّه

ص: 217

1- شرح الوافیه 249 وانظر شرح الکافیه ، 1 / 282.

2- شرح الکافیه ، 1 / 282 - 283.

3- الکافیه ، 399.

4- السّحق : الثوب الخلق البالی وجمعه سحوق. اللسان ، سحق.

5- الجرد : الخلق من الثیاب وجمعه جرود ، اللسان ، جرد.

6- بعدها فی شرح الوافیه ، 250 «لأن کلا منها سبب لاجتماع الناس».

التی تنبتها (1) ولا یضاف أحد الاسمین المماثلین فی العموم والخصوص إلی الآخر (2) ، لعدم الفائده نحو : لیث أسد فی الأعیان ، وحبس منع فی المعانی ، وکذلک المتساویان کالإنسان والناطق بخلاف : کلّ الدراهم فإنّهما لیسا بمتماثلین لأنّ المضاف إلیه وهو الدراهم أخصّ من المضاف الذی هو کلّ ، فیکون ذلک من قبیل إضافه العامّ إلی الخاصّ ، فیختصّ المضاف بالمضاف إلیه فیفید ، وکذلک عین الشیء فإنّ ذلک الشیء المضاف إلیه العین أخصّ من العین ، لأنّه إما ذهب أو شخص أو معنی أو غیر ذلک ، نحو : عین الذّهب ، وعین الشّخص وعین الصّواب ، لأنّ الشیء عباره عمّا ذکرناه ، فیصحّ ، لأنّه من باب إضافه العامّ إلی الخاصّ (3) کما ذکرنا.

ذکر إضافه الاسم الصحیح والملحق به

الاسم الصحیح هو ما لم یکن حرف إعرابه ألفا ولا یاء خفیفه قبلها کسره ، والملحق بالاسم الصحیح ما آخره واو ، أو یاء قبلها ساکن نحو : دلو وظبی ، أو یاء مشدّده نحو : کرسیّ وبختیّ (5) وإنّما أجریت الواو والیاء إذا سکّن ما قبلهما مجری الصحیح ، لأنّ ما قبلهما ساکن والساکن موقوف علیه ، فوجب تحریک الیاء والواو بعده لأنّهما فی حکم المبدوء به ولا یبدأ بالساکن ، فإذا أضیف الصحیح أو الملحق به إلی یاء المتکلّم ، کسر آخره للمجانسه التی بین الکسره والیاء ، وجاز فی یاء المتکلّم حال الإضافه : الفتح والسکون ، أمّا فتحها فقیل : لأنّها اسم علی حرف وسکونه إجحاف فحرّک قیاسا علی أکثر الضمائر نحو : کاف الخطاب ، وأما سکونها فلأنّ الأصل فی البناء السکون فتقول : غلامی ودلوی وظبیی (6) بفتح الیاء ، وسکونها (7) ،

ص: 218

1- شرح الوافیه ، 251 والنقل منه بتصرف وانظر هذه المسأله (إضافه الصفه إلی الموصوف ، والموصوف إلی الصفه) ، فی الانصاف ، 2 / 436 وشرح المفصل ، 3 / 10 وشرح الکافیه ، 1 / 287 والهمع ، 2 / 48.

2- وفی شرح الکافیه ، 1 / 288 «والإنصاف أن مثله کثیر لا یمکن دفعه».

3- شرح الوافیه ، 251 وشرح المفصل ، 3 / 9 وشرح الکافیه ، 1 / 291.

4- الکافیه ، 399.

5- البختی : الجمل ، قیل : أعجمی معرب ، وقیل : هو عربی. اللسان ، بخت.

6- فی الأصل ، وظبی.

7- شرح التصریح ، 2 / 60.

وأما الأسماء التی لیست صحیحه ولا ملحقه بالصحیحه فهی الأسماء المقصوره والمنقوصه کما سنذکر.

ذکر إضافه المقصور والمنقوص

اعلم أنّ الاسم إمّا أن یکون صحیحا أو ملحقا به ، أو لا یکون صحیحا ولا ملحقا به ، وقد مرّ حکم الصحیح والملحق به ، وأمّا الذی لم یکن صحیحا ولا ملحقا به ، فآخره إمّا ألف أو یاء أو واو ، أما ما آخره ألف ویقال له : المقصور ، فإذا أضیف إلی یاء المتکلّم ثبتت الألف (2) فتقول فی عصا ورحی ومعلی (3) ونحو ذلک : عصای ورحای ومعلای ، قال الله تعالی : (هِیَ عَصایَ أَتَوَکَّؤُا عَلَیْها)(4) وهذیل تقلب الألف فی الإضافه إلی أصلها وتدغمها فی یاء المتکلّم (5) فتقول : عصیّ ورحیّ ، قال أبو ذؤیب الهذلیّ (6) من قصیده یرثی بها أولاده :

سبقوا هویّ وأعنقوا لهواهم

فتخرّموا ولکلّ جنب مصرع

إلّا أن تکون الألف للتثنیه فلا تقلبها وتثبت بالاتفاق (7) نحو : غلامای لما فیها من الدلاله علی التثنیه والرفع ، وهذا الحکم إنّما هو جار فی المعرب ، وأمّا المبنیّ نحو : لدی وعلی ، فألفه تقلب یاء مطلقا ، وأمّا ما آخره یاء والمراد به ما آخره یاء

ص: 219

1- الکافیه ، 399.

2- الکتاب ، 3 / 413.

3- فی شرح الوافیه ، 251 : نحو عصا ورحی ومسمّی ومعلی ... فتقول : عصای ورحای ومسمای ومعلای.

4- من الآیه 18 من سوره طه.

5- الکتاب ، 3 / 414 وشرح المفصل ، 3 / 33.

6- هو خویلد بن خالد بن هذیل الشاعر المشهور ، انظر أخباره فی طبقات فحول الشعراء ، 1 / 123 ، ومعجم الشعراء ، للمرزبانی ، 119 والبیت من قصیده مشهوره فی دیوان الهذلیین ، 1 / 2 ورد منسوبا له فی المفضلیات ، 421 والمحتسب ، 1 / 76 وأمالی ابن الشجری ، 1 / 281 وشرح المفصل ، 3 / 33 وشرح الشواهد ، 2 / 282 وشرح التصریح ، 2 / 61 ومن غیر نسبه فی شرح ابن عقیل ، 3 / 90 وهمع الهوامع ، 2 / 53 وشرح الأشمونی ، 2 / 82. هویّ : أصل هذه الکلمه هوای بألف المقصور ویاء المتکلم ، فقلبت ألف المقصور یاء ثم أدغمت فی یاء المتکلّم ، والهوی : ما تهواه النفس وترغب فیه ، وأعنقوا : سارعوا مأخوذ من الأعناق وهو کالعنق - بفتحتین - ضرب من السیر فیه سرعه ، فتخرموا بالبناء للمجهول أی استؤصلوا وأفنتهم المنیه.

7- همع الهوامع ، 2 / 53 وشرح التصریح ، 2 / 61.

خفیفه قبلها کسره ویقال له : المنقوص ، فإذا أضیف إلی یاء المتکلّم أدغمت یاؤه فی یاء المتکلم ، فتقول فی قاضی ونحوه : قاضیّ وکذا فی مثنّاه ومجموعه ، لأنّ نون التثنیه والجمع تسقط فی الإضافه فإن لم تکن الیاء الأولی ساکنه ، سکّنت ثمّ أدغمت فی یاء المتکلّم ، وأما ما آخره واو ولا یکون إلّا فی رفع جمع المذکّر السّالم نحو : مسلمون وقاضون ، فإذا أضیف إلی یاء المتکلّم (1) بقی : مسلموی اجتمعت الواو والیاء وسبقت إحداهما فقلبت الواو یاء ، وأدغمت الیاء فی یاء المتکلّم وأبدلت ضمّه المیم کسره ، بقی مسلمیّ وقاضیّ (2) وإنّما خصّصنا جمع المذکّر السّالم المرفوع بالذکر ، لأنّه لیس فی کلامهم اسم معرب آخره واو قبلها ضمّه لازمه ، واحترز بقوله لازمه (3) عن «ذو» لزوالها مع الألف فی النصب ومع الیاء فی الجرّ.

وإذا أضیفت الأسماء الخمسه (4) إلی المتکلّم ، قیل : أبی ، وأخی ، وحمی ، وهنی وفی ، وأجاز المبرّد أخیّ وأبیّ بتشدید الیاء (5) لأنّه ردّ المحذوف من أخ وأب فصار : أخوی وأبوی ، استثقلت الکسره علی الواو فحذفت فاجتمعت الواو والیاء وسبقت إحداهما بالسکون فقلبت الواو یاء وأدغمت فی یاء المتکلّم واستشهد بقول الشّاعر : (6)

...

وأبیّ مالک ذو المجاز بدار

ص: 220

1- بعدها فی الأصل مشطوب علیه «فسقطت النون».

2- شرح الوافیه ، 252 وشرح المفصل ، 3 / 35.

3- لعله یرید ابن الحاجب ، ولم أقف علی قوله هذا فیما بین یدی من کتبه انظر إیضاح المفصل ، 1 / 432 وشرح الوافیه ، 252 وشرح الکافیه ، لابن الحاجب 2 / 397.

4- الکافیه ، 399.

5- انظر أمالی ابن الشجری ، 2 / 37 وشرح المفصل ، 3 / 36 وتسهیل الفوائد ، 162 وشرح الکافیه ، 1 / 296 وهمع الهوامع ، 2 / 54.

6- هذا عجز بیت لمؤرج السلمی ، وصدره : قدر أحلّک ذا المجاز وقد أری ورد البیت منسوبا له فی خزانه الأدب ، 4 / 467 وورد من غیر نسبه فی مجالس ثعلب ، القسم الثانی ، 476 وأمالی ابن الشجری ، 2 / 37 وشرح المفصل ، 3 / 36 وشرح الکافیه ، 1 / 296 ولسان العرب ، نخل وقدر ، وروی : ذو النخیل مکان ذو المجاز وهما موضعان وذو المجاز سوق کانت للعرب فی الجاهلیّه. معجم البلدان ، 5 / 378.

وردوه بأنّ أخیّ وأبیّ بالتشدید جمع سلامه وأصله : أخون وأبون فحذفت النون للإضافه وقلبت واو الجمع یاء وأدغمت فی یاء المتکلّم علی القیاس کما فعلوا فی مسلمیّ ، واستشهدوا علی ذلک بقول الشاعر : (1)

ضربت أخیک ضربه لا جبان

ضربت بمثلها قدما أبیکا

أراد أخینک وأبینک فحذف النون للإضافه فبقی : أخیک وأبیک ، وأمّا «ذو» فإنّها لا تضاف إلی مضمر ولا تقطع عن الإضافه ، وإنّما لم تضف ذو إلی المضمر ، لأنّها جعلت وصله إلی الوصف باسم الجنس (2) نحو : مال وعلم کما جعلوا الذی وصله إلی وصف المعارف بالجمل ، وهمزه الوصل وصله إلی النطق بالساکن ، والفاء وصله إلی المجازاه بالجمله الإسمیّه ، وأیا وصله إلی نداء ما فیه اللام ، والوصل فی کلامهم کثیر ، فلمّا کان ذو وصله إلی الوصف لم تکن وصفا بل ما بعدها هو الوصف ، والمضمر لا یوصف به ولا یوصف ، فلم یدخل علی المضمر إلّا شاذّا نادرا (3) نحو : صلّ علی محمّد وذویه ، وکذا ما روی : (4)

إنّما یعرف ذا الفض

ل من النّاس ذووه

وإنّما لم تقطع ذو عن الإضافه لأنّها وصله إلی ما بعدها ، وهو المقصود لا هی ، فلو قطعت لخرجت عن وضعها ، وفی إضافه الفم لغتان :

إحداهما : فمی ، لأنّه فی الإفراد فم ، والثانیه : فیّ وهو الفصیح ، لأنّ میم الفم أبدلت من الواو فی الإفراد علی ما سنذکره فی قسم التصریف (5) وإذا زال الإفراد بالإضافه رجعت الواو فصار فوی ، فاجتمعت الواو والیاء ، وسبقت إحداهما بالسکون ، فقلبت الواو یاء وأدغمت الیاء فی الیاء وکسر ما قبل الیاء للمجانسه فصار

ص: 221

1- البیت لم أهتد إلی قائله.

2- شرح المفصل ، 3 / 37.

3- قال السیوطی فی الهمع ، 2 / 50 والمختار جوازها أی إضافتها إلی ضمیر کما یفهم من کلام أبی حیان ، أن الجمهور علیه ، خلافا للکسائی والنحاس والزبیدی والمتأخرین فی منعهم ذلک إلا فی الشعر».

4- لم یعرف قائله ، انظره فی شرح المفصل ، 1 / 53 ، 3 / 38 ولسان العرب ذو ، والمقاصد الحسنه 108 وهمع الهوامع ، 2 / 50.

5- 2 / 239.

فیّ (1) ، وإذا قطعت هذه الأسماء عن الإضافه کان إعرابها بالحرکات الثلاث ، فتقول : هذا أخ وأب وحم وهن وفم ، ورأیت أبا وأخا وحما وهنا ، ومررت بأخ وأب وحم وهن وفم بفتح الفاء من فم علی الأفصح ، ویجوز کسرها ، وضمّها بتشدید المیم ، وتخفیفها (2) وفی حم لغات غیر ما تقدّم منها : أن تجری مجری خبء ، تقول حمء وحمؤک بالهمز فیهما کما تقول خبؤک ، والخبء ما خبیء ، وخبء السموات ، القطر ، وخبء الأرض. النّبات ومنها : أن تجری مجری دلو وعصا تقول : حمو وحموک مثل : دلو ودلوک ، وحما وحماک مثل : عصا وعصاک ، ویجوز فی هن ، أن تجری مجری ید ، تقول : هنک کما تقول یدک فتخالف اللغه الأولی فی الإضافه ، لأنّ الأولی فی الإضافه هنوک ، وأمّا فی الإفراد فمتّفقتان فی اللفظ ، لأنّ کلّا منهما هن (3).

ذکر بقیّه الکلام علی الإضافه

وهی عدّه مسائل :

منها : أنّ الإضافه المعنویّه بمعنی فی لم یثبتها صاحب المفصّل (4) ، ولذلک شرط إذهاب تقدیر فی حتّی تبقی نسیا منسیا ، وزعم أنّ الاسم یضاف إلی ظرفه بدون تقدیر فی (5) ویؤوّل نحو : (6)

یا سارق اللیله أهل الدّار

بأنّه سرق اللیله نفسها علی سبیل المبالغه.

ص: 222

1- شرح الوافیه ، 254 وانظر شرح المفصل ، 3 / 38.

2- شرح الکافیه ، 1 / 207.

3- شرح الوافیه ، 255 وانظر شرح المفصل ، 3 / 38.

4- قال الزمخشری فی مفصله ، 82 «ولا تخلو - أی الإضافه المعنویه - فی الأمر العام من أن تکون بمعنی اللام کقولک : مال زید ... أو بمعنی من کقولک : خاتم فضه».

5- فی المفصل ، 55 ، 56 : وقد یذهب بالظرف عن أن یقدّر فیه معنی فی اتساعا فیجری لذلک مجری المفعول به فیقال : الذی سرته یوم الجمعه ، ویضاف إلیه کقولک : یا سارق اللیله أهل الدار ... وانظر شرح المفصل ، 2 / 45 - 46.

6- هذا الرجز لا یعرف له قائل ولا تتمه انظره فی الکتاب ، 1 / 175 - 193 ، وأمالی ابن الشجری ، 2 / 150 وشرح المفصل ، 2 / 45 - 46. وخزانه الأدب ، 3 / 108.

ومنها : أن الإضافه المعنویّه تفید تعریفا مع معرفه المضاف إلیه (1) إلّا إذا توغّل المضاف فی الإبهام نحو : غیر وشبه ومثل ، إلّا إذا اشتهر المضاف بمغایره المضاف إلیه نحو : (غَیْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَیْهِمْ)(2) أو بمماثلته نحو : مررت بزید مثل عمرو إذا اشتهر بمماثلته (3).

ومنها : أنّ شرط الإضافه المعنویّه تجرید المضاف من التعریف بأن تزال اللام من المعرّف باللام ، ویؤوّل العلم بواحد من الأمه المسمّاه به نحو : ربیعه الفرس (4).

ومنها ما ورد من إضافه الاسم إلی مماثله نحو : سعید کرز ، وزید بطه ، بإضافه الاسم إلی اللّقب ، وهو مؤوّل بأنّ اللقب لمّا کان أشهر من الاسم تنزّل الأوّل منزله المجهول ، والثانی منزله المعلوم فتغایرا (5).

ومنها ، أنّ العامل فی المضاف إلیه هو المضاف (6) لا الحرف ولا معناه لیشمل القبیلین أعنی المعنویّه واللفظیّه.

ذکر التّوابع

اشاره

وهی کلّ ثان بإعراب سابقه من جهه واحده ، قوله : من جهه واحده ، یخرج خبر المبتدأ والمفعول الثانی من علمت وأعطیت ، والثالث من أعلمت ، والمراد باتّحاد الجهه اشتراک التابع والمتبوع فی الجمله التی تنسب إلی المتبوع ، لأنّک إذا قلت : ضرب زید الجاهل عمرا العاقل ، کانت الصفه مشارکه للموصوف فی جهه

ص: 223

1- فی المفصل ، 86 : وکلّ اسم معرفه یتعرّف به ما أضیف إلیه إضافه معنویّه إلا أسماء توغلت فی إبهامها فهی نکرات وإن أضیفت إلی المعارف وهی نحو : غیر ومثل وشبه ذلک ولذلک وصفت بها النکرات فقیل : مررت برجل غیرک ... اللهم إلا إذا شهر المضاف بمغایره المضاف إلیه کقوله عزوجل : غیر المغضوب علیهم ، أو بمماثلته.

2- من الآیه 7 من سوره الفاتحه.

3- شرح المفصل ، 4 / 125 وشرح التصریح ، 2 / 26 - 27.

4- شرح المفصل ، 3 / 12 - 13.

5- شرح التصریح ، 2 / 33.

6- هذا مذهب سیبویه ، وعند الزجاج هو معنی اللام ، وبحرف مقدر ناب عن المضاف عند ابن الباذش. وانظر لذلک الکتاب ، 1 / 419 وشرح الکافیه ، 1 / 272 والهمع ، 2 / 46.

7- الکافیه ، 399.

الفاعلیه والمفعولیّه (1).

ذکر النّعت

اشاره

وهو تابع یدلّ علی معنی فی متبوعه أو متعلّقه مطلقا قوله : تابع ، کالجنس لأنّه یشمل جمیع التوابع ، وقوله : یدلّ علی معنی فی متبوعه کالفصل ، فإنّه یخرج جمیع التوابع سوی النّعت لأنّ جمیعها لا تدلّ علی معنی فی متبوعها (3) ، وقوله : مطلقا ، احترز به عن الحال من المنصوب ، لأنّها من غیر المنصوب لا تشتبه لأنّها لیست تابعه لذی الحال فی الإعراب وذلک نحو : ضربت زیدا قائما ، فإنّ قائما وإن توهم فیه أنّه تابع یدل علی معنی فی متبوعه ، لکن لا یدلّ علیه مطلقا بل حال صدور الفعل عنه (4) والنّعت والوصف والصّفه ألفاظ مترادفه (5) ومثال النّعت : جاءنی رجل عالم ، فعالم یدلّ علی معنی ، وهو العلم فی متبوعه الذی هو رجل ، واشترط بعضهم أن یکون النعت مشتقّا (6) والصحیح أنّه لا یجب ذلک لأنّ نحو : جاءنی رجل تمیمیّ أو علویّ أو ذو مال ، نعت لرجل (7) ولیس بمشتقّ إلّا بتأویل ، نحو أن یقال فی تمیمی وعلوی : منسوب ، وفی ذو مال : صاحب مال.

والنعت یفید التخصیص إن کان للنکره (8) نحو : جاءنی رجل طویل ، ویفید التوضیح إن کان للمعرفه نحو : جاءنی زید الطویل ، ویکون لمجرّد الثناء نحو : بسم الله الرّحمن الرّحیم ، ولمجرّد الذمّ نحو : من الشیطان الرجیم ، ویکون النّعت أیضا للترحمّ

ص: 224

1- شرح الکافیه ، 1 / 298 - 299 وشرح الأشمونی ، 2 / 57.

2- الکافیه ، 399 ، وقوله «أو متعلقه مطلقا» لیس فی متن الکافیه المطبوع ، ولا فی شرح الوافیه ، 255.

3- شرح الکافیه ، 1 / 301.

4- المقتضب ، 4 / 300 وشرح الکافیه ، 1 / 302.

5- النعت مصطلح کوفی ، والصفه بصری ، وذهب بعضهم إلی أن النعت یکون بالحلیه نحو : طویل وقصیر ، والصفه تکون بالأفعال نحو : ضارب وخارج ، شرح المفصل ، 3 / 47 وحاشیه الصبان ، 3 / 56 وحاشیه الخضری ، 2 / 51.

6- المقتضب ، 1 / 26 - 3 / 185 وشرح المفصل ، 3 / 48.

7- هذا رأی ابن الحاجب وجمع من المحققین حاشیه الصبان ، 3 / 62 وانظر إیضاح المفصل ، 1 / 441 - 442.

8- الکافیه ، 399 - 400.

نحو : بزید المسکین ، واعلم أنه یجیء أیضا للتوکید (1) کقوله تعالی : (نَفْخَهٌ واحِدَهٌ)(2).

وتوصف النکره بالجمل الخبریّه ویلزم الضمیر ، والخبریّه هی التی تحتمل الصدق والکذب ، وهی اسمیّه وفعلیّه وشرطیّه وظرفیّه نحو : مررّت برجل أبوه قائم ، ورجل قام أبوه ، ورجل إن قام أبوه قمت ، ورجل فی الدّار (3) واختصت النکره بذلک دون المعرفه لکون الجمله نکره ووجوب مطابقه الموصوف الصفه فی التعریف والتنکیر ، ولا تکون الجمله الإنشائیّه صفه للنکره (4) لأنّها لا تکون خبرا إلّا بتأویل نحو قول الشّاعر : (5)

حتّی إذا جاء الظّلام المختلط

جاؤوا بمذق هل رأیت الذئب قطّ

/ فهل رأیت الذئب قط جمله إنشائیّه وهی صفه لمذق فی موضع جرّ ، والمعنی جاؤوا بمذق لونه مثل لون الذئب لغبرته ، والمذق اللّبن الممزوج ، وقیل التقدیر : جاؤوا بمذق مقول فیه عند رؤیته هذا القول (6).

واعلم أنّ الموصوف یوصف تاره باعتبار حاله (7) نحو : مررت برجل عالم ، وتاره باعتبار متعلّقه نحو : مررت برجل حسن غلامه ، ومنیع جاره ، ومؤدّب غلمانه ، ومعنی وصف الشیء باعتبار حاله ، أن یوصف بالمعنی القائم به ، ففی المثال المذکور العلم معنی قائم بذات رجل ، وأما وصفه بحال متعلّقه ، فحال متعلّقه هی المعنی

ص: 225

1- شرح الوافیه ، 256 ، وشرح المفصل ، 3 / 47.

2- من الآیه 13 من سوره الحاقه.

3- المفصل ، 115 والمغنی ، 2 / 424 - 428.

4- شرح الوافیه ، 256 وانظر شرح الأشمونی ، 3 / 63.

5- الرجز للعجاج ورد فی ملحقات دیوانه ، 2 / 81 بروایه یختلط ، وورد منسوبا له فی أمالی الزجاجی ، 237 وأمالی ابن الشجری ، 2 / 149 وشرح الشواهد ، 3 / 64 وشرح التصریح ، 2 / 112 وخزانه الأدب ، 2 / 109 وورد الرجز من غیر نسبه فی المحتسب ، 2 / 165 والإنصاف ، 1 / 115 والمقرب ، 1 / 220 وشرح المفصل ، 3 / 53 ومغنی اللبیب ، 1 / 246 - 2 / 585. ویروی جن مکان جاء ، واختلط مکان المختلط ، وضیح مکان مذق. المختلط : کنایه عن انتشاره واتساعه ، المذق : اللبن الممزوج بالماء شبهه بالذئب لاتفاق لونهما لأن فیه غبره وکدره.

6- الإنصاف ، 1 / 115.

7- الکافیه ، 400.

القائم بذات متعلّقه ، ومتعلّق الموصوف هو أن یکون فاعل الصفه مضافا إلی ضمیر الموصوف نحو : غلامه فی مررت برجل حسن غلامه ، فحسن صفه لرجل فی اللفظ وهو فی المعنی للغلام وصار الغلام من متعلّقات الرجل بإضافته إلی ضمیره العائد علیه ، أعنی علی الرجل ، وقد یکون المتعلّق المذکور مفعولا للصفه نحو : مررت برجل مخالط أباه داء ، فالمتعلّق وهو أباه مفعول للصفه التی هی مخالط (1).

والنعت الذی هو حال الموصوف یتبع الموصوف فی عشره أشیاء : وهی الرفع والنصب والجرّ والتعریف والتنکیر والإفراد والتثنیه والجمع والتذکیر والتأنیث ، أی تجب موافقه الصفه للموصوف فی هذه الأشیاء ، ولا یعنون أنّ العشره تجتمع ، لأنها متضادّه وإنّما یعنون أنّه لا بدّ من واحد من کلّ نوع فتجتمع أربعه من الرفع والنصب والجرّ ، أحدها ، ومن التعریف والتنکیر أحدهما ، ومن الإفراد والتثنیه والجمع ، أحدها ، ومن التذکیر والتأنیث أحدهما (2) ، والنعت الذی هو بحال متعلّق الموصوف یتبع الموصوف فی الخمس الأول : أعنی فی اثنین من الخمس الأول : وهی الرفع والنّصب والجرّ والتعریف والتنکیر ، ولم یجعل تابعا للموصوف فی الخمس الباقیه وهی : الإفراد والثنیه والجمع والتذکیر والتأنیث بل کأنّ حکم النّعت بالنّظر إلی المتعلّق حکم الفعل ، لأنّه مسند إلی الظاهر الذی بعده ، وکما أنّ الفعل إذا أسند إلی الظاهر الذی بعده یجب إفراده ، وإذا کان الفاعل مذکرا یجب تذکیره ، وإذا کان الفاعل مؤنّثا حقیقیّا یجب تأنیثه ، فکذلک الصفه لأنّها واقعه موقع الفعل وعامله عمله (3) فتقول : مررت بامرأه قائم أبوها ، وبرجل قائمه امرأته ، ومررت برجل قاعد غلامه وبرجلین قاعد غلامهما ، وبرجال قاعد غلمانهم بإفراد قاعد مع کون فاعله جمعا ، وضعف قام رجل قاعدون غلمانه ، لأنّ «قاعدون» مثل یقعدون لفظا ومعنی ، فکما ضعف : قام رجل یقعدون غلمانه ، ضعف قام رجل قاعدون غلمانه (4) ، ولکن یجوز من غیر ضعف أن یقال : قام رجل قعود غلمانه ، لأنّ قعود لیس مثل یقعدون لفظا (5).

ص: 226

1- شرح المفصل ، 3 / 54 وشرح الکافیه ، 1 / 308.

2- شرح الوافیه ، 257 - 258.

3- شرح الوافیه ، 258.

4- لأن لحاق علامتی التثنیه والجمع فی الفعل المسند إلی الظاهر المثنی والمجموع ضعیف. شرح الکافیه ، 1 / 311.

5- شرح المفصل ، 3 / 54 وشرح التصریح ، 2 / 109.

فصل

والنّظر فی الوصف علی أربعه أضرب لأنّ اللفظ منه ما لا یوصف ولا یوصف به وهو المضمر کما سیذکر ، ومنه ما یوصف ولا یوصف به وهو العلم ، ومنه ما یوصف به ولا یوصف وهو الجمله الخبریّه ، ومنه ما یوصف ویوصف به وهو المعرّف باللام والمضاف والإشاره ، وإنّما لم یوصف المضمر لأنّ بعض المضمرات وهو أنا فی غایه الوضوح فلا یحتاج إلی توضیحه بالصفه ، وکذلک المخاطب یوضحه الحضور والمشاهده فلا اشتراک فیما هذا شأنه ، وإذا انتفی موجب الوصف وهو الاشتراک انتفی الوصف ، لأنّ الوصف إنّما هو للإیضاح وقد ثبت إیضاح المضمر بدونه وحمل باقی المضمرات علی ذلک (2) وإنّما لم یوصف بالمضمر ؛ لأنّ الصفه تدلّ علی معنی فی الموصوف ، والمضمر وضع لیدلّ علی الذات ، ویجب أن یکون الموصوف أخصّ من الصفه أی أعرف منها أو مساویا لها ، ولا یجوز أن تکون الصفه أخصّ منه أی أعرف منه ؛ لأنّه المقصود بالنسبه المفیده والصفه غیر مقصوده بذلک فلا یوصف المعرّف باللام باسم الإشاره لأنّه أخصّ من المعرّف باللام (3) فلا یقال : مررت بالرجل هذا ، وتراد الصّفه ، ویلزم أن یوصف اسم الإشاره بالمعرّف باللّام لأنّ اسم الإشاره مبهم الذات ، واسم الجنس یدلّ علی حقیقه الذّات وتعریفه بالألف واللام ، فمن ثمّ وجب أن توصف أسماء الإشاره بما فیه الألف واللام لدلالته علی حقیقه الذّات فیتّضح به اسم الإشاره لکونه مبهم الذات (4).

والعلم یوصف بثلاثه أشیاء ، بالمبهم ، وبالمعرّف باللام ، وبالمضاف ، لکون

ص: 227

1- الکافیه ، 400.

2- شرح الکافیه ، 1 / 311.

3- ذهب جمهور النحویین إلی أنّ المضمرات أخصّ المعارف ثم العلم ثم المبهم ، وما أضیف إلی معرفه من المعارف فحکمه حکم ذلک المضاف إلیه فی التعریف ثم ما فیه الألف واللام ، وذهب قوم إلی أن المبهم أعرف المعارف ، وذهب قوم آخرون إلی أنّ أعرف المعارف العلم ثمّ المضمر ثم المبهم ثم ما عرّف بالألف واللام ، وما أضیف إلی معرفه فحکمه حکم ذلک المضاف إلیه فی التعریف انظر الإنصاف 2 / 707 وشرح المفصل ، 3 / 56 وتسهیل الفوائد ، 170 وشرح الکافیه 1 / 312.

4- شرح الوافیه ، 258 - 259.

العلم أخصّ من هذه الثلاثه ، لأنّه فی أوّل أحواله وضع لشخص معیّن بخلاف المبهم فإنّه لا یستقرّ علی مسمّی ، وبخلاف المعرّف باللام فإنّ تعریفه لا بذاته بل بالألف واللام ، ولذلک یزول عنه التعریف بزوالهما ، وکذلک تعریف المضاف بغیره فالعلم أخصّ منها.

واعلم أنّ اسم الإشاره نحو : هذا ، لمّا کان (1) مبهم الذّات احتاج إلی ما یبیّن حقیقته وذلک لا یکون إلّا بأحد أمرین : إمّا باسم الجنس نحو : الرجل لدلالته علی حقیقه الذات ، أو بوصف یختصّ بالذات التی یراد بیانها کالعالم والکاتب بالنسبه إلی ذات الإنسان ، فلذلک قالوا : جاءنی هذا الرجل ، ومررت بهذا العالم ، لأنّ العلم وصف خاص بذات الرجل لا یوجد إلّا فی نوعه ، بخلاف قولک : هذا الأبیض لعدم اختصاصه بنوع دون نوع وبسبب ما شرح ، حسن مررت بهذا العالم وضعف : مررت بهذا الأبیض (2).

فصل

واعلم أنّ المصدر یقع صفه نحو : رجل عدل ورجال صوم أو فطر ، وشبه ذلک وفائده الوصف بالمصدر الاختصاص لأنّ تقدیره : ذو عدل ، فلمّا وصف به بتوسط ذو وعرف مکانه ، حذفت تخفیفا لأنّه لا یلتبس ، لأنّ (4) الرجل لیس هو الصوم وکذلک رجل خصم فإنّه أخصّ من مخاصم ، وأکثر ما یوصف بالمصدر الثلاثی ، وإنّما ساغ الوصف بالمصدر ، لأنّ الصفه فی الأصل مأخوذه من المصدر ، لأنّ تأویل ضارب ، ذو ضرب ، وإذا وصف بالمصدر فالأحسن الأکثر أن لا یثنّی ولا یجمع ولا یؤنّث (5) کقولک : مررت برجلین صوم ، ورجال صوم ، ونساء صوم إلّا ما دخله کثره الاستعمال نحو : رجل عدل ورجلین عدلین.

ص: 228

1- غیر واضحه فی الأصل.

2- لأن الأبیض عام لا یخص نوعا دون آخر کالإنسان والفرس بخلاف هذا العالم فإن العالم مختص بنوع من الحیوان ، فکأنک قلت : بهذا الرجل العالم. شرح الکافیه ، 1 / 314.

3- فی المفصل ، 115 : ویوصف بالمصادر کقولهم : رجل عدل وصوم وفطر وزور.

4- فی الأصل أن.

5- شرح المفصل ، 3 / 50 وشرح التصریح ، 2 / 113.

ذکر العطف

وحدّه : تابع مقصود ینسب إلیه مع متبوعه ، یتوسّط بینه وبین متبوعه أحد الحروف العشره التی ستذکر ، وقد خرج بذلک التوابع کلّها لأنّها لیست مقصوده بالنسبه غیر البدل فإنّه وإن کان مقصودا بالنسبه لکنّ متبوعه لیس مقصودا بالنسبه (2) ومثاله : قام زید وعمرو ، فعمرو تابع مقصود بنسبه القیام مع زید ، وشرط صحّه العطف علی المضمر المرفوع المتّصل أن یؤکّد بمنفصل (3) کقولک : قمت أنا وزید ، أمّا إذا وقع الفصل بین المضمر المذکور ، وبین المعطوف فإنّ العطف علیه حینئذ یجوز من غیر تأکید سواء وقع الفاصل قبل حرف العطف نحو : ضربت الیوم وزید ، أو بعد ، کقوله تعالی : (ما أَشْرَکْنا وَلا آباؤُنا)(4) وإذا عطف علی الضمیر المجرور ، أعید الجارّ حرفا کان أو مضافا (5) نحو : مررت بک وبزید ، وجلس بینی وبین زید ، لأنّ الضمیر المجرور صار کالجزء من الجار فکرهوا أن یعطفوا المستقلّ علی ما هو کالجزء ، أمّا قراءه حمزه (6) واتقوا الله الذی تسائلون به والأرحام (7) بالخفض (8) فغیر متعیّن للعطف لاحتمال القسم (9).

ص: 229

1- الکافیه ، 400 - 401.

2- شرح الکافیه ، 1 / 317.

3- الإنصاف ، 2 / 474 وشرح المفصل ، 3 / 74 وتسهیل الفوائد ، 177.

4- من الآیه 148 من سوره الأنعام.

5- انظر الأنصاف ، 2 / 463 وتسهیل الفوائد ، 177.

6- هو حمزه بن حبیب بن عماره الزّیّات أحد القرّاء السبعه أخذ القراءه عن سلیمان الأعمش وطلحه بن مصرف وصارت إلیه الإمامه بعد عاصم والأعمش له من الکتب کتاب قراءه حمزه وکتاب الفرائض ، توفی سنه 156 ه انظر ترجمته فی الفهرست ، 44 ووفیات الأعیان ، 2 / 216 وغایه النهایه ، 1 / 261 - 263 وتهذیب التهذیب ، لابن حجر 3 / 27 والنشر ، 1 / 166.

7- من الآیه 1 من سوره النساء.

8- علی العطف علی الهاء فی به وذلک مذهب الکوفیین ، وقرأ الباقون بالنصب عطفا علی لفظ الجلاله علی معنی واتقوا الأرحام أن تقطعوها ، أو علی به کقولک مررت به وزیدا الکشف 1 / 376 والبحر المحیط ، 3 / 157 والإتحاف ، 185.

9- قال ابن یعیش 3 / 87 بعد ذکره القراءه ما نصه : «فإن أکثر النحویین قد ضعف هذه القراءه نظرا إلی العطف علی المضمر المخفوض ... وهذا القول غیر مرضی لأنه قد رواها إمام ثقه ولا سبیل إلی رد نقل الثقه مع أنه قد قرأتها جماعه من غیر السبعه کابن مسعود ، وابن عباس ، والأعمش والحسن البصری ، وإذا صحت الروایه لم یکن سبیل إلی ردها ، وتحتمل وجهین آخرین غیر العطف ، أحدهما : أن تکون الواو واو القسم وهم یقسمون بالأرحام ویعظمونها وجاء التنزیل علی مقتضی استعمالهم ویکون قوله : إن الله کان علیکم رقیبا ، جواب القسم. والوجه الثانی : أن یکون اعتقد أن قبله باء ثانیه حتی کأنه قال : وبالأرحام ، ثم حذف الباء لتقدم ذکرها ، وقد کثر عنهم حذف حرف الجر ، وانظر الخصائص 1 / 258 وشرح الکافیه ، 1 / 320.

وقول الشاعر : (1)

...

فاذهب فما بک والأیّام من عجب

فشاذ ، وحکم المعطوف مثل حکم المعطوف علیه (2) فیما جاز له ، ووجب وامتنع فإذا قلت : زید قائم وعالم ، فلا بدّ من ضمیر فی عالم المعطوف ، کما لا بدّ منه فی قائم المعطوف علیه ، وکذلک : جاءنی الذی قام أبوه وسافر غلامه ، فلا بدّ من ضمیر فی الجمله الثانیه کما فی الأولی ، فالمعطوف علی الخبر یجب أن یصحّ کونه خبرا ، وکذلک المعطوف علی الصّله یجب أن یصحّ کونه صله ، وکذا لا یعطف علی الحال إلّا ما یصحّ أن یکون حالا (3) فإن أبی الثانی حکم العطف ، أی لم یستقم لفوات المصحّح ، فاجعله مستقلا لا معطوفا نحو منطلق فی قولک : ما أنت قائما ولا منطلق عمرو ، فلو جعلت منطلق منصوبا عطفا علی خبر ما ، الذی هو قائم لم یستقم لوجود الضمیر فی المعطوف علیه وهو قائم وامتناعه فی المعطوف وهو منطلق لکون عمرو فاعلا له ، فیجعل قوله : ولا منطلق عمرو جمله معطوفه علی الأولی ، کأنه قیل : ما أنت قائما ولا عمرو منطلق (4) فإن أورد فی هذا الباب قولهم : الذی یطیر فیغضب زید الذباب ، من حیث کان یطیر صله للذی ، وفیه ضمیر عائد ، وقد عطف فیغضب علیه ولیس فیه ضمیر یعود ، فالجواب : أنّ هذه فاء السببیّه لا فاء العطف ، لأنّک لو قدّرت موضعها حرف عطف وقلت : الذی یطیر ویغضب زید أو ثمّ یغضب

ص: 230

1- هذا عجز بیت لقائل مجهول ، وصدره : فالیوم قرّبت تهجونا وتشتمنا ورد فی الکتاب ، 2 / 383 والکامل ، 3 / 39 والإنصاف ، 2 / 464 وشرح المفصل ، 3 / 78 - 79 والمقرب ، 1 / 234 وشرح الکافیه 1 / 320 وشرح الشواهد ، 3 / 115 وهمع الهوامع ، 1 / 120 - 2 / 139 وشرح الأشمونی ، 3 / 15 وخزانه الأدب ، 5 / 123.

2- الکافیه ، 401.

3- شرح الکافیه ، 1 / 321.

4- شرح الوافیه ، 261 والنقل منه.

زید ، لم یستقم وتقدیره : الذی یطیر فبسببه یغضب زید الذباب (1).

وقد اختلف فی صحّه العطف بعاطف واحد علی معمولی عاملین مختلفین (2) والمختار جوازه لا مطلقا ، بل إذا کان المجرور متقدّما علی المرفوع أو المنصوب فی المعطوف والمعطوف علیه نحو : فی الدار زید والحجره عمرو ، فالحجره معطوفه علی الدار ، والعامل فی الدار لفظه فی ، وعمرو معطوف علی زید ، والعامل فیه الابتداء ، والمجرور متقدّم علی المرفوع فی المعطوف والمعطوف علیه ، أمّا لو کان المتقدم منصوبا نحو : إنّ زیدا قائم وعمرا منطلق لم یکن عطفا علی معمولی عاملین بل علی معمولی عامل واحد وهو جائز باتفاق والشاهد علی صحّه العطف علی معمولی عاملین مختلفین بالشرائط المذکوره قوله تعالی فی سوره الجاثیه : (إِنَّ فِی السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآیاتٍ لِلْمُؤْمِنِینَ ، وَفِی خَلْقِکُمْ وَما یَبُثُّ مِنْ دابَّهٍ آیاتٌ لِقَوْمٍ یُوقِنُونَ وَاخْتِلافِ اللَّیْلِ وَالنَّهارِ وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْیا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها ، وَتَصْرِیفِ الرِّیاحِ آیاتٌ لِقَوْمٍ یَعْقِلُونَ)(3) فعطف واختلاف علی قوله وفی خلقکم ، وآیات وآیات الأخیرتین فی قراءه حمزه والکسائی علی آیات (4).

وقول الشّاعر : (5)

أکلّ امریء تحسبین امرأ

ونار توّقّد فی اللیل نارا

وقولهم فی المثل (6) : «ما کلّ سوداء تمره ولا بیضاء شحمه» ، فبیضاء معطوفه

ص: 231

1- شرح الوافیه ، 262.

2- الکافیه ، 401.

3- الآیات 3 - 4 - 5 من سوره الجاثیه.

4- وقرأ الباقون بالرفع ، السبعه لابن مجاهد 594 ، والکشف ، 2 / 267 وانظر معانی القرآن 3 / 45 وإعراب القرآن المنسوب للزجاج - القسم الثالث 909 والتبیان للعکبری 2 / 1150.

5- البیت مختلف حول قائله فقد نسب لأبی داؤد الأیادی فی الکتاب ، 1 / 66 وشرح المفصل ، 3 / 26 - 27 وشرح الشواهد ، 2 / 273 وشرح شواهد المغنی ، 2 / 700 ونسب لعدی بن زید فی الکامل ، 3 / 99 وورد من غیر نسبه فی أمالی ابن الشجری ، 1 / 296 والإنصاف ، 2 / 473 وشرح المفصل ، 3 / 79 - 5 / 142 - 8 / 52 9 / 105 ومغنی اللبیب ، 1 / 290 وشرح الأشمونی ، 2 / 273.

6- وهو مثل یضرب فی موضع التهمه وفی اختلاف أخلاق الناس. انظر المثل فی الکتاب ، 1 / 65 والمقتضب ، 4 / 195 والمستقصی ، 2 / 328 وفرائد اللآل ، 2 / 244.

علی سوداء ، والعامل فیهما کلّ ، وشحمه معطوفه علی تمره (1) والعامل فیهما «ما» (2) وقد منع ذلک سیبویه مطلقا ، وتأوّل آیات الثانی والثالث بأنهما توکید ، وهو تأویل بعید (3) ، وأجاز الفرّاء العطف علی عاملین مطلقا (4).

ذکر التأکید

وهو لفظیّ ومعنویّ ، فاللفظیّ أن یکرّر اللفظ الأوّل بعینه وهو جار فی الاسم والفعل والحرف ، والجمله ، نحو : زید زید ، وضرب ضرب وإلی إلی ، والله أکبر الله أکبر ، والمعنویّ : تابع یقرّر أمر المتبوع فی النسبه أو الشمول ، فبقوله : یقرر أمر المتبوع ، خرج العطف بالحرف والبدل ، وبقوله : فی النسبه ، خرج النّعت وعطف البیان ، فإنّهما یقرّران أمر المتبوع لکن لا فی النّسبه (6) ومثال التأکید الذی یقرر أمر المتبوع فی النسبه قولک : جاءنی زید نفسه ، وما أشبهه ، والذی یقرّره فی الشمول ، نحو : جاء القوم کلّهم ، وللمعنویّ ألفاظ معدوده ، وهی : نفسه وعینه وکلاهما وکلتاهما ، وکلّ وأجمع وأکتع وأبصع وأبضع ، وهی تالیه لأجمع ، لأنّها لا تتقدّم علیه لکونها توابع له ، خلافا لابن کیسان (7) فإنّه جوّز الابتداء بکلّ واحد منها (8) والنفس والعین مختلفه صیغهما ، ویأتی الضمیر معهما لمن هما له تقول : زید نفسه والزیدان نفساهما وأنفسهما وهو الأکثر ، والزیدون أنفسهم وهند نفسها والهندان نفساهما أو أنفسهما وهو الأکثر (9) کما فی المذکّر ، والهندات أنفسهنّ ولا یجری

ص: 232

1- فی الأصل وتمر معطوفه علی شحمه.

2- لأنهما خبران لها انظر شرح المفصل ، 3 / 27.

3- الکتاب 1 / 65 وفی شرح الوافیه ، 263 بعد ذلک ما نصه : فإنا نقطع بأن المراد من آیات الأول غیر المراد من الثانی وکذلک الثالث إذ المعنی أن فی کل واحد مما ذکر آیات ، فکیف یستقیم أن یؤول بالتأکید.

4- معانی القرآن ، 3 / 45 وبعدها فی شرح الوافیه ، 263 «وهو بعید».

5- الکافیه ، 401.

6- شرح الکافیه ، 1 / 328.

7- هو أبو الحسن محمد بن أحمد بن کیسان ، کان نحویا فاضلا خلط بین المذهبین وأخذ عن الفریقین له من الکتب کتاب المهذب فی النحو ، وکتاب القراءات وکتاب المقصور والممدود توفی سنه 299 ه. انظر ترجمته فی الفهرست ، 120 ونزهه الألباء ، 235 وإنباه الرواه ، 3 / 57 - 58.

8- شرح الکافیه ، 1 / 336 وهمع الهوامع ، 2 / 123.

9- شرح التصریح ، 2 / 121 وهمع الهوامع ، 2 / 122 وشرح الأشمونی ، 3 / 74.

کلا ، إلّا علی المثنّی خاصّه کما أنّ کلّه لا یجری إلّا علی غیر المثنّی ، وکذلک أجمع وما بعده یقع تأکیدا لغیر المثنّی ، سواء کان مفردا أو مجموعا مذکرا أو مؤنثا کما سنمثله ، ولیس فی صیغتی کلا وکلتا اختلاف بل الاختلاف فی الضمیر الذی أضیفتا إلیه فإنّهما یضافان إلی ضمیر من هما له کقولک : کلاهما کلتاهما ، والباقی من ألفاظ التأکید لغیر المثنّی باختلاف الضمیر نحو : کلّها وکلّه وکلّهم وکلّهنّ وباختلاف الصیغ فی الباقی (1) کما سنذکره.

واعلم أنّ أجمع لا ینصرف للتعریف ووزن الفعل ، وجمعاء لا ینصرف للتأنیث ولزوم التأنیث ، وأجمع وبابه یختلف باختلاف الصیغ لا بضمیر ، فإنّه لا یضاف تقول : اشتریت العبد کلّه أجمع أکتع أبتع أبصع ، وجاءنی القوم کلّهم أجمعون أکتعون أبتعون أبصعون واشتریت الجاریه کلّها جمعاء کتعاء بتعاء بصعاء ، وجاءتنی النسوه کلّهنّ کتع بتع بصع ، وأجمعون یختصّ بالمذکرین العقلاء ولا یؤکّد بکلّ وأجمع وبابه إلّا ذو أجزاء یصحّ افتراقها حسا أو حکما (2) ، لأنّها وضعت لمعنی الشمول ، نحو : جاءنی القوم کلّهم ، لأنّ للقوم أجزاء ولکن یصحّ افتراقها حسا وهی : زید وعمرو وغیرهم فإن لم یکن للشیء أجزاء أو کان له أجزاء ولکن لا یصح افتراقها حسا ولا حکما لم یجز تأکیده بکل وأجمع ، لأنّهما للشمول کما تقدّم ، فیصحّ قولک : اشتریت العبد کلّه ، لأنّ أجزاءه یصحّ افتراقها حکما لأنّه یجوز أن یکون المشتری نصف العبد ، أو أقلّ أو أکثر (3) ولم یصحّ : قام زید أو جاء زید کلّه والمراد بالشمول ما یشمل الشیء أی ما یحیط به ، وقد استعملت حروف کل فی معنی الشمول کثیرا فمنه : الإکلیل لاحاطته بالرأس ، والکلال لإحاطه التّعب بالبدن (4) وغیر ذلک ، وإذا أکّد بالنفس والعین ضمیر متصل مرفوع فلا بدّ أن یفصل بینهما بضمیر منفصل مطابق للمؤکّد (5)

ص: 233

1- شرح الوافیه ، 265.

2- الکافیه ، 401 - 402.

3- شرح الوافیه ، 266 وشرح الکافیه ، 1 / 335 وشرح الأشمونی ، 3 / 75.

4- الإکلیل : شبه عصابه مزیّنه بالجواهر والجمع أکالیل ، ویسمّی التاج إکلیلا ویقال : کلّ یکلّ کلالا وکلاله : إذا تعب. اللسان ، کلل.

5- الکافیه ، 402.

کقولک : ضربت أنت نفسک ، فالضمیر المرفوع المتصل المؤکّد هو التاء فی ضربت ، والمنفصل المطابق للمؤکّد هو أنت ، وکذلک المضمر المتکلّم ضربت أنا نفسی وبابه ، والمضمر الغائب نحو ضرب هو نفسه وجاءا هما أنفسهما ، وجاؤوا هم أنفسهم وبابه ، وإنّما وجب تأکیده بمنفصل لکون المرفوع المتصل کالجزء ، فکرهوا أن یؤکّدوا ما هو کجزء الکلمه بالمستقل فأتوا بالضمیر المنفصل لیجری المستقلّ علی المستقلّ وما سوی المرفوع المتصل وهو المنصوب المتصل والمجرور المتصل ، والمرفوع غیر المتصل یؤکّد بغیر شریطه (1) کقولک : ضربتک نفسک ومررت بک نفسک ، وأنت نفسک فعلت ، وغیر النفس والعین یؤکّد به من غیر شریطه کقولک : جاؤوا کلّهم وخرجوا أجمعون إلی آخرها ، واختصّ النفس والعین بذلک لکونهما یستعملان مستقلّین دون غیرهما وألفاظ التأکید المعنویّ کلّها معارف ، لأنّها توکید للمعرفه ، وتعریفها من قبیل تعریف علم الجنس ، ولمّا کانت ألفاظ التوکید معارف ، لم یجوّز البصریون أن تؤکّد غیر المعرفه (2) لئلّا یؤدی إلی الجمع بین متنافیین ، لأنّ مدلول النکره غیر معیّن ، ومدلول المعرفه معیّن ، والکوفیون أجازوا تأکید النکره بشرط أن تکون محدوده (3) قالوا : لأنّها حینئذ تشابه المعرفه من حیث إنّها معلومه ممتازه ، واستشهدوا بقول الشاعر : (4)

قد صرّت البکره یوما أجمعا

فأکّد یوما وهو نکره بأجمع ، والبصریون یؤولون ذلک وشبهه لخروجه عن القیاس واستعمال الفصحاء (5).

ص: 234

1- الکتاب ، 1 / 278 وشرح المفصل ، 3 / 42 وشرح الوافیه ، 267.

2- الإنصاف ، 2 / 451 وشرح ابن عقیل 2 / 211 وهمع الهوامع ، 2 / 124 - 267.

3- مثل یوم ولیله وشهر وانظر شرح الوافیه ، 267.

4- الرجز لم یعرف قائله ورد فی الإنصاف ، 2 / 454 وأسرار العربیه ، 291 وشرح المفصل ، 3 / 45 والمقرب ، 1 / 240 وشرح الکافیه ، 1 / 43 - 335 وشرح ابن عقیل ، 3 / 211 وشرح الشواهد ، 3 / 78 وهمع الهوامع ، 2 / 124 وشرح الأشمونی ، 3 / 78 وخزانه الأدب ، 1 / 181 صرّت : صوّتت ، والبکره ، للبئر.

5- قالوا إن البیت مجهول - وهو شاذ قلیل فی بابه وإنّ الروایه الصحیحه یوما أجمع بلا تنوین أراد یومی أجمع ، فالألف بدل من یاء الإضافه ، وقیل هو بدل أو نعت. الإنصاف ، 2 / 456 والهمع ، 2 / 124.

ذکر البدل

وهو تابع مقصود بما نسب إلی المتبوع من غیر توسّط حرف العطف فخرج بقوله : مقصود بما نسب إلی المتبوع ، التوابع کلّها إلّا المعطوف بالحرف فإنّه خرج بقوله : من غیر توسّط حرف العطف (2) والبدل فی اللغه : هو العوض تقول : اجعل هذا بدلا من ذاک أی اجعله عوضا منه ، والبدل أربعه أقسام :

بدل الکلّ من الکلّ ، وبدل البعض من الکلّ ، وبدل الاشتمال ، وبدل الغلط فبدل الکلّ هو أن یکون مدلوله مدلول الأوّل ، نحو : جاءنی زید أخوک ، وبدل البعض هو أن یکون مدلوله بعض مدلول الأوّل ، نحو : ضربت زیدا رأسه ، وبدل الاشتمال : هو أن یکون بینه وبین الأول ملابسه بغیر البعضیّه والکلیّه ، نحو : سلب زید ثوبه ، وبدل الغلط : هو أن تقصد إلیه بعد أن غلطت بغیره نحو : مررت بزید حمار ، أردت أن تقول : بحمار فسبقک لسانک فقلت بزید ، ثمّ استدرکته وقلت : حمار ، ومعناه بدل الشیء من الغلط ، قال ابن الحاجب : البدل هو المقصود بالنسبه دون الأوّل ، لأنّ منه بدل البعض فإذا قلت : مررت بالرجال بعضهم ، فالمخبر عنه بالمرور هو البعض ، وکذا بدل الاشتمال فإذا قلت : سلبت زیدا ثوبه ، فالمخبر عنه بالسّلب هو الثوب ، وأما بدل الغلط فالأمر فیه ظاهر أنّ الأوّل غیر مقصود (3) ، وأمّا بدل الکلّ ؛ فیشکل الفرق بینه وبین عطف البیان ، ویفرّق بینهما فی نحو : قام أخوک زید ، أنّ الأوّل إن کان أشهر من الثانی أو کانا فی الشهره علی السواء ، فالثانی بدل ، وإلّا فهو عطف بیان ، وأیضا ؛ فعطف البیان لا یکون إلّا مظهرا والبدل یکون مظهرا ومضمرا (4) ثم

ص: 235

1- الکافیه ، 402.

2- قوله : من غیر توسط حرف العطف ، سقط من متن الکافیه ، ولم یرد فی إیضاح المفصل ، 1 / 449 ولا فی شرح الوافیه ، 268 ولا فی شرح الکافیه ، لابن الحاجب 2 / 447. وانظر شرح ابن عقیل ، 3 / 247 وشذور الذهب ، 439.

3- وفی إیضاح المفصل ، 1 / 449 البدل تابع مقصود بالذکر ، وذکر المتبوع قبله للتوطئه والتمهید ، ثم قال : وهذا الحد إنما یکون شاملا لغیر بدل الغلط إذ بدل الغلط لم یذکر ما قبله لتوطئه ولا لتمهید فإن قصدت دخوله فی الحد قلت : ذکر المتبوع ولیس هو المقصود.

4- شرح المفصل ، 3 / 72 - 74 وشرح الأشمونی ، 3 / 88.

البدل والمبدل منه یکونان معرفتین (1) نحو : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِیمَ ، صِراطَ الَّذِینَ)(2) ونکرتین نحو (رِزْقٌ مَعْلُومٌ فَواکِهُ)(3) ومعرفه ونکره نحو : (لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِیَهِ ناصِیَهٍ کاذِبَهٍ)(4) ونکره ومعرفه نحو : (إِلی صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ صِراطِ اللهِ)(5) وهذه الأمثله فی بدل الکلّ ، وتقع کذلک فی کلّ واحد من بدل البعض والاشتمال والغلط ، فذلک سته عشر قسما ، ویجیء البدل والمبدل منه مظهرین ومضمرین ومختلفین ، فیکون فی کلّ قسم من أقسام البدل أربعه أقسام أیضا فتکون الجمله سته عشر ، وإذا ضممنا إلیها أقسام المعرفه والنکره وهی سته عشر أیضا ، صار جمیع أمثله البدل اثنین وثلاثین مثالا ، وقد رتّبناها فی هذه الزائجه (6) التی اقترحناها ترتیبا لم یسبق إلیه ، لتتضحّ منها :

ص: 236

1- الکافیه ، 402.

2- من الآیتین 5 - 6 من سوره الفاتحه.

3- من الآیتین 41 - 42 من سوره الصافات.

4- من الآیتین 15 - 16 من سوره العلق.

5- من الآیتین 52 - 53 من سوره الشوری.

6- الزیج فارسی «زیک» وهو جدول یستدل به علی حرکات الکواکب ومواقعها ، تفسیر الألفاظ الدخیله ، للعنیسی ، 33 والظاهر أنه صار یطلق علی الدائره.

ومنه (1)

علی حاله لو أن فی القوم حاتما

علی جوده لضنّ بالماء حاتم (2)

فجرّ حاتما علی البدل من هاء جوده.

ص: 237

1- جوّز أبو الفداء تبعا لابن الحاجب إبدال المضمر من الظاهر بدل کلّ ، وقد منع ابن مالک ذلک ، قال : والصحیح عندی أن یکون نحو : رأیت زیدا إیاه ، من وضع النحویین ولیس بمسموع من کلام العرب لا نثرا ولا شعرا ولو سمع کان توکیدا. وفیما قاله نظر ؛ لأنّه لا یؤکّد القویّ بالضعیف وقد قالت العرب : زید هو الفاضل ، وجوّز النحویون فی هو أن یکون بدلا وأن یکون مبتدأ وأن یکون فصلا. انظر إیضاح المفصل 1 / 453 وتسهیل الفوائد 132 وشذور الذهب 441.

2- البیت للفرزدق ورد فی دیوانه ، 2 / 842 بروایه : علی ساعه لو کان فی القوم حاتم علی جوده ضنّت به نفس حاتم وورد البیت من غیر نسبه فی الکامل ، 1 / 233 - 234 وشرح المفصل ، 3 / 69 وشرح شذور الذهب ، 442 وحاشیه الشیخ یاسین علی مجیب النداء ، 2 / 255.

/ وإذا أبدلت النکره من المعرفه لزمت الصفه لئلا یترجّح غیر المقصود علی المقصود فی البیان (1) کقوله تعالی (لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِیَهِ ناصِیَهٍ کاذِبَهٍ)(2) وهو مذهب الکوفیین (3) واختاره الزمخشری (4) وابن الحاجب (5) وأجاز جمهور البصریین ذلک بدون الصفه محتجّین بأنّه تحصل من اجتماعهما فائده لم تحصل فی الانفراد نحو : مررت بصاحبیک عاقل وجاهل ، ومنه قول الشاعر : (6)

فلا وأبیک خیر منک إنّی

لیؤذینی التّحمحم والصّهیل

فأبدل خیر منک وهو نکره من أبیک وهو معرفه ، ولا یجوز فی بدل الکلّ أن یبدل الظاهر من المضمر من غیر ضمیر الغائب (7) نحو : ضربته زیدا ، وأمّا ضمیر المتکلّم والمخاطب فلا یجوز أن یجعل الظاهر بدلا منهما فإنک لو قلت : رأیتک زیدا ، وقمت زید ، وجعلت زیدا بدلا من کاف رأیتک وتاء قمت لم یجز ذلک ، لأنّ ضمیر الغائب یحتمل أن یکون لکلّ غائب سبق ذکره ، فإذا أبدلت الظاهر منه حصلت الفائده ، بخلاف ضمیر المخاطب والمتکلّم فإنّه لا یحتمل أن تکون الکاف فی مررت بک لغیر الذی تخاطبه ، ولا التاء فی : کلّمتک لغیر المتکلّم ، وأیضا فإنّ ضمیر المخاطب والمتکلم أعرف من الظاهر وفی البدل والمبدل ، الثانی منهما هو المقصود بالنسبه ، فلو جعل الظاهر بدلا من ضمیر المتکلّم والمخاطب ، وهما أعرف منه ، لکان لغیر المقصود مزیّه علی المقصود (8) ، وأجازه بعضهم (9) محتجّا بقولهم : رأیتکم أوّلکم وآخرکم وصغیرکم وکبیرکم ، فأوّلکم وما بعده بدل من الکاف فی رأیتکم ، وأمّا بدل البعض والاشتمال

ص: 238

1- لأنّ البدل للإیضاح ، والشیء لا یوضح بما هو أخفی منه ، فلا تحصل فائده بدون الصفه انظر حاشیه یاسین علی مجیب الندا ، 2 / 255.

2- الآیتان ، 15 - 16 من سوره العلق.

3- همع الهوامع ، 2 / 127.

4- المفصل ، 121 - 122. والزمخشری هو أبو القاسم محمود بن عمر من أهل خوارزم ، معتزلی مشهور ، توفی 538. انظر ترجمته فی نزهه الألباء ، 391 وإنباء الرواه ، 3 / 265 والبلغه 256.

5- وجعله ابن الحاجب فی الکافیه 402 - واجبا.

6- شمیر بن الحارث الضبی ، ورد منسوبا له فی النوادر 154 وخزامه الأدب 5 / 179 ومن غیر نسبه فی المقرب ، 1 / 245 وشرح الکافیه 1 / 338. التحم+ صوت الفرس إذا طلب العلف.

7- الکافیه ، 402.

8- شرح الوافیه ، 270 وشرح المفصل ، 3 / 69 وشرح التصریح ، 2 / 160.

9- کالأخفش والکوفیین ، شرح الکافیه ، 1 / 342 والهمع ، 2 / 127 - 128.

والغلط ؛ فإنّه یجوز فیها کلّها إبدال الظاهر من المضمر مطلقا ، لاختلاف البدل والمبدل منه فی المعنی ، فتقول فی بدل البعض ، اشتریتک نصفک واشتریتنی نصفی ، فالنصف فیهما وهو ظاهر بدل من کاف المخاطب فی اشتریتک ومن یاء ضمیر المتکلّم وتقول فی بدل الاشتمال : مدحتک علمک ومدحتنی علمی ، وفی بدل الغلط ضربتک الحمار وضربتنی الحمار.

ذکر عطف البیان

وحدّه (2) : بأنّه تابع غیر صفه یوضّح متبوعه ، فقال : غیر صفه لیخرج الصفه ، ووجه تغایرهما ؛ أنّ عطف البیان لا یدلّ علی معنی فی متبوعه زائد علی الذّات ، بخلاف الصفه وقوله : یوضّح متبوعه لیخرج التأکید والبدل فإنّهما لا یوضّحان متبوعهما (3) ومثاله (4) :

أقسم بالله أبو حفص عمر

فعمر موضّح لأبی حفص ، لأنّ أبا حفص کنیه عمر رضی الله عنه ، ولما کان فی الکنیه اشتراک أتی بعمر لیوضّح الکنیه ، ومما ینفرد به عطف البیان عن البدل قول المرّار : (5)

أنا ابن التارک البکریّ بشر

علیه الطّیر ترقبه وقوعا

لأنّ البدل فی حکم تکریر العامل ، فیمتنع جرّ بشر علی البدل ؛ لأنّه یصیر التقدیر أنا ابن التارک بشر فیمتنع لما ذکرنا من امتناع الضارب زید (6) ، ویتعیّن أن

ص: 239

1- فی الکافیه ، 402 «تابع غیر صفه یوضح متبوعه».

2- فی الأصل وحدوه.

3- شرح المفصل ، 3 / 70 وتسهیل الفوائد ، 171.

4- الرجز لعبد الله بن کیسبه ، وبعده : ما مسّها من نقب ولا دبر ورد منسوبا فی خزانه الأدب ، 5 / 154 ، ونسبه ابن یعیش فی شرح المفصل ، 3 / 71 لرؤبه بن العجاج وردّه العینی فی شرح الشواهد ، 1 / 129 بقوله : وهذا خطأ لأن وفاه رؤبه فی سنه خمس وأربعین ومائه ، ولم یدرک عمر ولا عدّه أحد من التابعین وورد الرجز من غیر نسبه فی شرح الکافیه ، 1 / 343 وشرح شذور الذهب،435 وشرح ابن عقیل ،3 / 219 وشرح التصریح،1 / 131 وشرح الأشمونی 1/ 129.

5- والمرار بن سعید بن حبیب بن خالد الفقعسی للأسدی. شاعر إسلامی. انظر أخباره فی معجم الشعراء 176. ورد منسوبا له فی الکتاب ، 1 / 182 وشرح المفصل ، 3 / 83 وشرح الشواهد ، 3 / 87 وشرح التصریح ، 2 / 133 وخزانه الأدب ، 4 / 284 وورد من غیر نسبه فی المقرب ، 1 / 248 وشرح الکافیه ، 1 / 343 وشرح شذور الذهب. 436 وشرح الأشمونی ، 3 / 87.

6- أی امتناع إضافه الوصف المقترن بأل إلی المعرفه.

یکون عطف بیان ، وقد أجاز أبو علی أن یکون عطف البیان نکره (1) لقوله تعالی : (یُوقَدُ)(2) مِنْ شَجَرَهٍ مُبارَکَهٍ زَیْتُونَهٍ لا شَرْقِیَّهٍ وَلا غَرْبِیَّهٍ فقال (3) : زیتونه ، عطف بیان لشجره ، وینفرد عطف البیان عن البدل أیضا فی باب النّداء نحو : یا أخانا زیدا ، بالنصب ولو جعل بدلا لقیل : یا أخانا زید ، بالبناء علی الضمّ لأنّ البدل فی حکم تکریر العامل.

ذکر المبنیّ

اشاره

المبنیّ ما ناسب مبنیّ الأصل أو وقع غیر مرکّب ، وقال ناسب : ولم یقل شابه لکون المناسبه أعمّ من المشابهه ، ومبنیّ الأصل الفعل الماضی وأمر المخاطب والحرف ، وأحد سببی البناء وجودیّ ، وهو مناسبه مبنیّ الأصل نحو : من أبوک؟ والآخر عدمیّ وهو انتفاء موجب الاعراب الذی هو الترکیب ، نحو : واحد ، اثنان ، و ، أ ، ب ، ت ، ث ، وقوله فی الحدّ : أو وقع غیر مرکّب ، لیست أو هنا للشکّ لأنّ المراد هاهنا ما کان علی أحد هذین الأمرین اللذین هما مشابهه مبنیّ الأصل ، وعدم الترکیب (5) وحکم المبنیّ أن لا یختلف آخره باختلاف العوامل فی أوله لکونه مقابلا للمعرب فجعل حکمه مقابل حکم المعرب وألقاب البناء : ضمّ نحو منذ : وفتح نحو : أین ، وکسر نحو : جیر ، ووقف نحو : من ، وألقاب الإعراب الرفع والنّصب والخفض والجزم ، فخالفوا بین ألقاب المبنیّ والمعرب لیمتاز کلّ واحد منهما عن الآخر لأنّهما لمّا افترقا فی المعنی من حیث إنّ الإعراب لا یکون إلّا بعامل ولا یکون لازما ، والبناء بخلافه ، افترقا فی اللّقب (6).

والمبنیّات هی : المضمرات ، وأسماء الإشاره ، والموصولات ، والمرکّبات ، والکنایات ، وأسماء الأفعال والأصوات ، وبعض الظروف.

والبناء فی الأسماء علی وجهین : لازم وغیر لازم ، فاللازم کبناء : من وأین ، وکم وکیف ونزال ومنذ فی قولک : ما رأیته منذ یومان ، والعارض خمسه أشیاء : الأول :

ص: 240

1- وهو مذهب الکوفیین ، وذهب غیرهم إلی المنع ، ویخصون عطف البیان بالمعارف انظر شرح الأشمونی ، 3 / 86 وشرح التصریح ، 2 / 131.

2- کذا فی الأصل بالتاء وهی قراءه أبی بکر وحمزه والکسائی. الکشف ، 2 / 138.

3- من الآیه 35 من سوره النور.

4- الکافیه ، 402 - 403.

5- شرح الکافیه ، 2 / 2.

6- شرح الوافیه ، 272 وانظر شرح المفصل ، 3 / 84.

ما أضیف إلی یاء المتکلّم عند بعضهم (1) نحو : غلامی ، والثانی ، المنادی المفرد نحو : یا زید ، والثالث : النکره المنفیّه بلا التی لنفی الجنس ، کقولک : لا غلام فی الدار ، وکقوله تعالی : (لا تَثْرِیبَ عَلَیْکُمُ)(2) والرابع : ما قطع من الظروف عن الإضافه فصار غایه ، نحو : قبل وبعد ، أو ضمّن الحرف نحو : أمس ، والخامس : المرکّبات نحو : خمسه عشر وهو جاری بیت بیت. (3)

1- ذکر المضمرات

اشاره

المضمر ما وضع لمتکلّم نحو : أنا أو لمخاطب نحو : أنت أو لغائب متقدم قطعا ، ولا بدّ أن یکون متقدّما ، إمّا لفظا تحقیقا ، نحو : زید ضربته أو تقدیرا نحو : ضرب غلامه زید ، أو یکون متقدّما معنی یفهم من اللّفظ نحو : (اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوی)(5) أی العدل هو أقرب ، فإنّ لفظ اعدلوا یدلّ علی العدل ، أو یفهم من سیاق الکلام ، نحو : (وَلِأَبَوَیْهِ لِکُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ)(6) أی لأبوی المیّت الموروث ، لأنّه لمّا کان الکلام فی المیراث لم یکن بد من موروث یعود الضمیر إلیه ، أو یکون متقدّما حکما (7) وله عدّه صور :

الأولی : ما یعود إلیه ضمیر الشّأن نحو : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ)(8) أی الحدیث الذی فی ذهنی هو کذا ، والمراد من ذکره مبهما أولا ، التعظیم والتفخیم لأنّ الشیء إذا ذکر مبهما ثمّ فسّر کان أوقع فی النّفس.

الثانیه : ما یعود إلیه الضمیر فی نعم وبابه ، نحو : نعم رجلا زید ، ففی نعم ضمیر یعود إلی معهود ذهنی ذی حقائق مختلفه ، واسم الجنس یدلّ علی حقیقه الذّات ، فأتی به لتمییز الجنس المقصود - أعنی المضمر فی نعم - فقالوا : نعم رجلا ، ونعم ضاربا زید ، أی نعم الرجل رجلا زید ، ولهذا لو قلت : نعم زید لم یجز.

ص: 241

1- کالجرجانی وابن الخشاب ، شرح الأشمونی ، 2 / 382.

2- من الآیه ، 92 من سوره یوسف.

3- شرح المفصل ، 3 / 82.

4- الکافیه ، 403.

5- من الآیه 8 من سوره المائده.

6- من الآیه 11 من سوره النساء.

7- شرح الکافیه ، 2 / 4.

8- الآیه 1 من سوره الإخلاص.

الثالثه : ما یعود إلیه الضمیر فی ربّ نحو : ربّه رجلا ، لما قیل فی نعم واعلم أنّ ربّ دخلت هنا علی الضمیر ، وهی لا تدخل علی المعارف ؛ لأنّ الضمیر لمّا لم یعد علی مذکور جری مجری الظاهر النکره ومن أجل ذلک احتاج هذا الضمیر إلی التفسیر بالنکره المنصوبه ، ولو کان کسائر المضمرات لم یحتج إلی تفسیر.

الرابعه : ما یعود إلیه الضمیر فی : ضربانی وضربت الزیدین ، وإنّما جوّزوا فیه الإضمار قبل الذکر ، لأنّه لمّا ذکر المفسّر بعده کان مقدّما حکما.

وبنی المضمر لشبهه بالحرف فی افتقاره إلی ما یرجع إلیه کافتقار الحرف إلی أمر غیره ، لا یتمّ معناه إلّا به إنّ وقیل : إنّ صیغها المختلفه لمّا کانت داله علی أنواع الإعراب أغنی ذلک عن إعرابها (1).

ذکر تقسیم المضمر

المضمر إمّا متصل أو منفصل ، أمّا المتصل فهو الذی لا یستقلّ بنفسه أی لا ینفک عن کلمه أخری یتصل بها ، وینقسم إلی بارز وإلی مستتر ، فالبارز ، إمّا أن یتصل باسم کالکاف فی غلامک أو بفعل کالتاء فی ضربت أو بحرف کالکاف فی لک ، والمستتر نحو ما فی ضرب فی قولنا ، زید ضرب کما سیأتی شرحه. وأمّا المنفصل فهو ما استقلّ بنفسه نحو : أنا ، ونحن ، والمضمر یکون مرفوعا ومنصوبا ومجرورا ، لانّه اسم واقع موقع الظاهر ، والظاهر علی أحد هذه الأمور ، لکنّ المرفوع متصل ومنفصل ، والمنصوب أیضا متصل ومنفصل ، وأمّا المجرور فلا یکون إلّا متصلا ، لامتناع الفصل بین الجار والمجرور ، فالمضمرات حینئذ خمسه أنواع (3).

ذکر الضمیر المرفوع المتّصل

وهو یقع لکلّ واحد من المتکلم والمخاطب والغائب علی ستّه معان ، لأنّ کلّا من المتکلّم والمخاطب والغائب إمّا مفرد ، أو مثنّی ، أو مجموع ، وکلّ واحد منها إمّا مذکر أو مؤنث ، وضعوا للمتکلّم لفظین : ضربت وضربنا ، فضربت للمفرد المذکّر والمؤنث فالتاء ضمیر الفاعل ، وحرّک لأنّه اتصل بالفعل فلو سکّن اجتمع ساکنان علی

ص: 242

1- تسهیل الفوائد ، 29 والمساعد ، 1 / 118 - 119 وشرح الأشمونی ، 1 / 110.

2- الکافیه ، 403.

3- شرح الوافیه ، 273.

4- الکافیه ، 403.

غیر حدّه (1) وضربنا للاثنین وللجماعه فیهما ، فضربت حینئذ مشترک فی معنیین (2) وضربنا مشترک فی أربعه (3).

ووضعوا للمخاطب خمسه ألفاظ : أربعه نصوص ، وهی ضربت للمذکّر وضربت للمؤنث ، وضربتم للجمع المذکّر وضربتنّ للجمع المؤنث ، وواحد مشترک بین المذکّرین والمؤنّثین وهو ضربتما ، فالمیم إیذان بأنک جاوزت الواحد ، والألف للتثنیه وإنّما ضمّت تاء ضربتما وکانت فی المفرد مفتوحه لئلا یتوهم المخاطب أن ضربت کلمه وما کلمه أخری ، ووضعوا للغائب خمسه علی مثال المخاطب أربعه نصوص وهی : ضرب وضربت وضربوا وضربن (4) وواحد مشترک وهو : ضربا ضربتا وهو مشترک باعتبار ألف الضمیر وإن اختلفت الصیغه بزیاده التاء ، فإنّ التاء فی ضربتا جیء بها علامه للتأنیث ولیست بضمیر.

ذکر الضمیر المرفوع المنفصل

وهو للمتکلّم والمخاطب والغائب علی ما شرح فی المرفوع المتصل من النصّ والمشترک ، وهو : أنا ونحن للمتکلّم ، وینبغی أن یعلم أنّ الهمزه والنون فی أنا هما الاسم عند الأکثر (6) وزیدت الألف لبیان حرکه النون ، وقد تبیّن بالهاء کقولک أنه ، وقال قوم أنا کلّه هو الاسم (7) ومنه قول الأعشی : (8)

ص: 243

1- شرح الوافیه ، 274 وانظر شرح المفصل ، 3 / 86.

2- أی مشترک بین الواحد المذکر والمؤنث.

3- أی المثنی المذکر والمثنی المؤنث ، والمجموع المذکر والمؤنث.

4- شرح الوافیه ، 274.

5- الکافیه ، 403.

6- هذا مذهب البصریین وأصل أنا عندهم أن بفتح النون ، ولکون النون مفتوحه زیدت فیها الألف فی الوقف لبیان الحرکه کهاء السکت ولذلک تعاقبها فیقال : أنه ، وإذا وصلت حذفتها انظر شرح المفصل ، 3 / 93 ، وشرح الأشمونی ومعه حاشیه الصبان ، 1 / 114.

7- وهو مذهب الکوفیین واختاره ابن مالک فی التسهیل واحتجّوا بإثبات الألف وصلا فی لغه وقالوا إنّ الهاء فی أنه بدل من الألف. انظر شرح المفصل ، 3 / 93 تسهیل الفوائد ، 25 وهمع الهوامع ، 1 / 60 وشرح الأشمونی ، 1 / 114.

8- هو میمون بن قیس بن جندل یکنی أبا بصیر ، شاعر جاهلیّ أدرک الإسلام ولم یسلم انظر ترجمته فی طبقات فحول الشعراء ، 1 / 52 والشعر والشعراء ، 1 / 178 ومعجم الشعراء ، 12. والبیت فی دیوانه ، 103 بروایه : فما أنا أم ما انتحالی القوا فی بعد المشیب کفی ذاک عارا ورواه ابن منظور فی نحل منسوبا له أیضا. وروی من غیر نسبه فی شرح المفصل ،4 / 45 والمقرب ، 2 / 35.

فکیف أنا وانتحالی القوافی

...

وهی لغه ربیعه وبعض قیس ، وأنت وأنت وأنتما وأنتم وأنتنّ للمخاطب ، وهو وهی وهما وهم وهنّ للغائب ، وینبغی أن یعلم أنّ الهمزه والنون فی أنت هما الاسم (1) وأمّا التاء فللخطاب وفتحت لخفّه الفتحه وکسرت فی المؤنّث للفرق.

ذکر المنصوب المتّصل

وهو للمتکلّم والمخاطب والغائب علی ما شرح ، تقول فی المتکلّم : ضربنی ، فالیاء هی الاسم المنصوب المتصل وهی ضمیر المتکلّم والنون قبلها نون الوقایه کما سیذکر وتقول إذا أخبرت عن نفسک ومعک غیرک : ضربنا وفی المخاطب : ضربک ، وضربک ، وضربکما ، وضربکم ، وضربکنّ ، وفی الغائب ضربه وضربها وضربهما ، وضربهم وضربهنّ ، ویتصل الضمیر المنصوب بالحرف أیضا ، نحو : إنّنی إنّنا إلی إنّهنّ ، واعلم أنّ الهاء وحدها فی ضربه هی الاسم عند الزجاج وهی ضمیر الغائب ، وإنّما زیدت الواو تقویه للهاء لتخرجها من الخفاء إلی الظهور ، وکذلک فی رأیتها ، الهاء وحدها هی الاسم ، وزیدت الألف للفرق بین المذکّر والمؤنّث (3).

ذکر المنصوب المنفصل

وهو أیضا کما تقدّم تقول : إیّای إیّانا للمتکلّم وإیّاک إیّاک إیّاکما إیّاکم إیّاکنّ للمخاطب وإیّاه إیّاها إیّاهما إیّاهم إیّاهنّ للغائب ، وینبغی أن یعلم أنّ إیّا وحده هو الاسم المضمر ، وما لحق به فی إیّای وإیّانا وإیّاک إلی إیاکنّ دلائل علی من ترجع إلیه من مخبر أو مخاطب أو غائب (5) وکما أنّ الهمزه والنون فی أنت هی الاسم المضمر والتاء علامه للخطاب ، فکذلک الکاف فی إیّاک للخطاب وکذلک أخوات الکاف مما

ص: 244

1- هذا مذهب البصریین والکوفیون حکموا بأصاله التاء. انظر الإنصاف ، 2 / 700 ، وهمع الهوامع ، 1 / 60 وشرح الأشمونی ، 1 / 114.

2- الکافیه 403.

3- شرح الوافیه ، 274 ، وشرح المفصل ، 3 / 97 وشرح التصریح ، 1 / 96 - 103 وهمع الهوامع ، 1 / 59 - 60.

4- الکافیه 403.

5- شرح الوافیه ، 275 وانظر الکتاب ، 1 / 355.

هو للخطاب تاره وللغیبه أخری ، قال آخرون (1) / إیّا وما بعده الکلّ اسم واحد ، وهذا لا یصحّ ؛ لأنّه لا یعرف اسم علی هذا النحو یجیء آخره بحروف مختلفه ، فصحّ أنّ إیّا هو الاسم المضمر ، ولیست الحروف اللواحق بأسماء (2) وإنّما اختلفت لاختلاف عدد المضمرین وأحوالهم.

ذکر الضمیر المجرور

ولا یکون إلّا متصلا ، تقول : غلامی غلامنا للمتکلّم وغلامک غلامک غلامکما غلامکم غلامکنّ للمخاطب ، وغلامه غلامها غلامهما وغلامهم غلامهنّ للغائب ، ولا یتصل المجرور إلّا باسم نحو : غلامی أو بحرف جر نحو : لی لنا لک لک لکما لکم لکنّ ، له لها لهما لهم لهنّ ، وإنّما اتصل کذلک ، ضروره أنّ الجرّ فی الکلام إمّا بالإضافه أو بحرف الجرّ.

واعلم أنّ الأصل فی جمع المذکّر أن تقول : مررت بکمو وهذا غلامکمو ؛ فالمیم والواو للجمع ، وقد تحذف الواو وتسکّن المیم للتخفیف کما تقدّم فی قولنا : غلامکم ، وتقول فی جماعه المؤنّث غلامکنّ ومررت بکنّ وهذا لکنّ ، بنون مشدّده لیکون بإزاء حرفی جمع المذکّر ، وتقول للغائب غلامهو وهذا لهو ومررت بهی فتکسر الهاء إذا کان قبلها کسره ، وإنّما أصلها الضمّ ، وکذلک تکسرها إذا کان قبلها یاء ساکنه نحو : فیهی وعلیهی ، وإنّما کسرتها کراهه الخروج من کسر إلی ضمّ ، وإذا تحرّک ما قبل هذه الهاء نحو : له وبه ، فلا یجوز عند البصریین حذف ما یتصل بها من الواو والیاء لأنّها لخفائها قویت بذلک (4). وقد حذفت هذه الصله فی الشّعر نحو قوله : (5)

ص: 245

1- ومنهم ابن کیسان. انظر الإنصاف 2 / 695 وشرح الکافیه ، 2 / 12 - 13 وهمع الهوامع 1 / 61.

2- هذا مذهب سیبویه والبصریین ونسب للأخفش ، قیل : وهو أسدّ الآراء. الإنصاف ، 2 / 295 وشرح المفصل ، 3 / 98. والهمع 1 / 61.

3- الکافیه ، 403.

4- شرح الکافیه ، 2 / 11 والهمع ، 1 / 58.

5- هذا صدر بیت للشماخ بن ضرار الغطفانی ورد فی دیوانه ، 155 بروایه : له زجل أصوت حاد إذا طلب الوسیقه أو زمیر وورد منسوبا له فی الکتاب ، 1 / 30 ولسان العرب ، ماده ها وورد من غیر نسبه فی المقتضب ، 1 / 267 والخصائص ، 1 / 127 - 2 / 17 - 358 والإنصاف ، 2 / 516 وهمع الهوامع ، 1 / 59. الزجل : صوت فیه حنین وترنم ، الزمیر : صوت المزمار ، والوسیقه : أراد بها أنثی حمار الوحش.

له زجل کأنه صوت حاد

...

ومنه : (1)

وما له من مجد طریف وماله

...

قال سیبویه : فأمّا إذا کان قبل الهاء حرف لین فإنّ حذف الواو والیاء فی الوصل حسن (2) ومنه : (نَزَّلْناهُ تَنْزِیلاً)(3) و (إِنْ تَحْمِلْ عَلَیْهِ یَلْهَثْ) (4) (وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ)(5).

واعلم أن عدّه أقسام المضمرات بحسب القسمه العقلیّه تسعون قسما ؛ لأنّ المضمرات ثلاثه للمتکلّم والمخاطب والغائب ، والمتکلّم إمّا مفرد أو مثنّی أو مجموع ، والمخاطب مثله ، والغائب مثله ، فذلک تسعه ، وکلّ واحد منها إمّا مذکّر أو مؤنث ، فذلک ثمانیه عشر قسما ، وکلّ واحد من الثمانیه عشر یکون مرفوعا متصلا ومرفوعا منفصلا ومنصوبا متصلا ومنصوبا منفصلا ، ومجرورا ولا یکون إلّا متصلا فهذه خمسه أنواع ، وإذا ضربنا فیها ثمانیه عشر کان الحاصل تسعین قسما ؛ إلّا أنهم سوّوا بین مذکّر المتکلّم وبین مؤنّثه ، وبین مثنّاه ومجموعه ، فسقط منه أربعه وسوّوا بین المثنّی المذکر والمؤنث فی المخاطب والغائب فسقط اثنان أیضا فسقط من ثمانیه عشر سته ؛ أربعه من المتکلم واثنان من المثنی المخاطب فبقی من ثمانیه عشر ، اثنا عشر ، ضربت فی الخمسه ، وهی المرفوع المتصل والمنفصل والمنصوب المتصل والمنفصل والمجرور المتصل فبلغت ستین لفظا (6) واعلم أنّ قولهم إنّه قد سوّی بین

ص: 246

1- هذا صدر بیت للأعشی وعجزه : من الرّیح فضل لا الجنوب ولا الصّبا ورد فی دیوانه ، 165 ونسب له فی الکتاب ، 1 / 30 ومن غیر نسبه فی المقتضب ، 1 / 38 - 266 والإنصاف ، 2 / 516 وروی تلید مکان طریف. وما عنده مکان وماله.

2- الکتاب ، 4 / 189.

3- من الآیه 106 من سوره الإسراء.

4- من الآیه 176 من سوره الأعراف.

5- من الآیه 20 من سوره یوسف.

6- شرح التصریح ، 1 / 104 وحاشیه الصبان ، 1 / 114.

مثنّی المذکّر والمؤنّث فی الغائب إنّما هو باعتبار الضمیر لا باعتبار علامه التأنیث ؛ فإنّک تقول للمذکرین قاما وللمؤنّثتین قامتا ؛ فقامتا مغایره لقاما ، وأمّا باعتبار ألف الضمیر فلا تغایر بینهما ، وقد أشار تقیّ الدین النیلی فی شرحه لمقدّمه ابن الحاجب إلی ذلک فی تفسیر قوله : الخامس : غلامی ولی إلی غلامهنّ ولهنّ (1) فإنه فسّر ذلک ، وأتبعه بذکر أقسام المضمرات وقال فی جمله ذلک (2) وسوّوا بین مثنّی المذکّر والمؤنّث فی المخاطب والغائب فی غیر غائب المرفوع المتصل ، فأراد عدم التسویه باعتبار اللفظ لا باعتبار الضمائر ، فإنّهم قد أجمعوا علی أنّ المضمرات ستون ، والساقط ثلاثون ، ویتبیّن ذلک من هذه الدائره التی اقترحناها :

ص: 247

1- الکافیه ، 403.

2- قال النیلی فی شرح الکافیه ، مخطوط 38 ظ : «وسووا بین المذکّر والمؤنّث فی هما ، وإنما جازت التسویه لأن هما إمّا أن یقع مبتدأ فیستغنی عن تأنیثه بتأنیث الخبر نحو : هما فعلا ، وهما فعلتا وإن کان فاعلا فیؤتی بعلامه التأنیث فی الفعل نحو : الرجلان ما ضربت إلّا هما والمرأتان ما ضربت إلّا هما فاعرفه.

الصوره

ص: 248

ذکر الضمیر المستتر

وهو کلّ مضمر محتاج إلیه لم یضعوا له لفظا یخصّه ، واستغنوا بدلاله سیاق الکلام علیه نحو : زید قام ، زید منطلق ، فلا بدّ فی قام ومنطلق من ضمیر یعود علی زید وهو ضمیر لم یضعوا له لفظا ، فلا یقال إنّه محذوف ، بخلاف قولک : جاءنی الذی ضربت ، فإنّه لا بدّ من ضمیر مفعول لضربت یعود علی الذی ؛ لکنّه محذوف لأنّ له لفظا یخصّه ، ویجوز ذکره فکان المحذوف فیه محققا بخلاف الضمیر فی زید منطلق لما ذکر (2).

والضمیر المرفوع المتصل خاصه یستتر (3) فی الفعل الماضی للمذکّر الغائب نحو : زید ضرب ، وللغائبه بقرینه تاء التأنیث الساکنه نحو : هند ضربت ، وإنما استتر المرفوع المتصل بخلاف المنصوب والمجرور المتصلین نحو : إنّه وله ، لشدّه اتصال المرفوع بالعامل دونهما ، ویستتر الضمیر المذکور أیضا فی المضارع للمتکلّم مطلقا ، للمفرد وغیره لقیام القرینه ، إذ الهمزه قرینه المفرد المتکلّم ، والنون قرینه غیره مطلقا ، ویستتر أیضا فی المضارع للمخاطب نحو : أنت تقوم ، وللغائب نحو : زید یقوم ، ویستتر أیضا فی فعل الأمر للمخاطب نحو : قم وللمؤنّث الغائبه نحو : هند تقوم ، بخلاف المخاطبه والمخاطبین المذکّرین والمخاطبتین المؤنّثتین والمخاطبات ، فإنّه أبرز فی ذلک لرفع الالتباس نحو : تضربین فالیاء ضمیر المؤنّث ، وزعم الأخفش أنها علامه التأنیث (4) وأنّ الضمیر مستکنّ کما فی المذکّر ، وهو مردود ؛ لأنّ الیاء فی نحو : تقومین وتضربین لو کانت للتأنیث لما فارقت فی التثنیه ، وکان یلزم أن یقال ؛ تقومیان لکنّها فارقت ، فهی ضمیر متصل بارز ، وکذلک ألف تضربان ونون تضربن ، وتضربان مشترک بین المخاطبین المذکّرین والمخاطبتین المؤنّثتین ، ویستتر الضمیر

ص: 249

1- الکافیه ، 403.

2- شرح الوافیه ، 275 - 276 وانظر شرح التصریح ، 1 / 102.

3- غیر واضحه فی الأصل.

4- وشبهه الأخفش أن فاعل المضارع المفرد لا یبرز بل یفرق بین المذکر والمؤنث بالتاء أول الفعل فی الغیبه ، ولما کان الخطاب بالتاء فی الحالتین احتیج إلی الفرق ، فجعلت الیاء علامه للمؤنث ، ورد زعمه بما ذکره المصنف. انظر شرح المفصل ، 3 / 88 والهمع ، 1 / 57.

المذکور أیضا فی الصفه مطلقا ، مفردا کان أو مثنّی أو مجموعا ومذکّرا کان أو مؤنّثا ، سواء کانت الصفه اسم فاعل أو مفعول أو غیرهما ، نحو : زید ضارب وهند ضاربه والزیدان ضاربان والهندان ضاربتان والزیدون ضاربون والهندات ضاربات ، وکذلک مضروب ومضروبه ومضروبین ومضروبین ومضروبتین ومضروبات فالألف فی ضاربان والواو فی ضاربون ، إنّما هما علامتا الإعراب ، ودالّتان علی التثنیه والجمع ، ولیستا بضمیرین ، لأنّهما لو کانا ضمیرین لم یتغیّرا فی النصب والجرّ ، والضمائر مع ثبوت عواملها لا تتغیّر عن حالها ، ألا تری أنّ الیاء فی تضربین ، والنون فی تضربن والواو فی تضربون والألف فی تضربان ، لا تتغیّر (1) بوجه ، لأنّها ضمائر ، فلو کانت ألف ضاربان وواو ضاربون ویاء ضاربین ضمائر لما تغیّرت.

ذکر أحکام الضمیر المنفصل

لا یعدلون إلی الضمیر المنفصل إلّا عند تعذّر المتصل لأنّه أخصر ، فالتزموه ما لم یمنع مانع (3) ، ویتعذّر الاتصال إمّا بتقدیم الضمیر علی عامله نحو : (إِیَّاکَ نَعْبُدُ وَإِیَّاکَ نَسْتَعِینُ)(4) وإمّا بالفصل بین الضمیر وبین عامله لغرض مثل : ما ضربت إلّا إیّاک ، وما ضربک إلّا أنا ، بخلاف ضربک أنا ؛ فإنّه فصل لغیر غرض ، لأن ضربک أنا ، وضربتک لا یختلف فی المعنی ، وإمّا بأن یحذف العامل فی الضمیر فإنّه إذا حذف تعذّر إتصال الضمیر به فیجب انفصاله نحو : أن یقال من أکرمت؟ فتقول : إیّاک ، ولو قلت : أکرمتک لأتیت بالضمیر متصلا (5) ، أو یکون العامل معنویّا کالمبتدإ أو الخبر نحو : أنا زید وأنت قائم ، لأنّه إذا کان معنویّا تعذّر الاتصال به ، إذ لا یتصل لفظ بما لیس بلفظ ، فیمتنع اتصال الضمیر لامتناع اتصال الملفوظ بما لیس بملفوظ ، وکذلک یتعذّر الاتصال إذا کان العامل فی الضمیر حرفا والضمیر مرفوع مثل : ما هو قائما ، لأنّه لو اتصل ب «ما» مضمر لاستتر فی مثل : ما هو قائما والحروف لا استتار فیها ،

ص: 250

1- فی الأصل لا تتعین. وانظر شرح الوافیه ، 277.

2- الکافیه ، 403.

3- شرح الوافیه ، 277.

4- الآیه 4 من سوره الفاتحه.

5- شرح الوافیه ، 277 وشرح المفصل ، 3 / 101 وتسهیل الفوائد ، 26 وشرح الکافیه ، 2 / 14.

وإنّما قال : والضمیر مرفوع ، لیخرج نحو : إنّ وأخواتها ، وحروف الجر ، فإنّها حروف ویتصل بها الضمیر بارزا ، لأنّه إمّا منصوب مثل : إنّه أو مجرور مثل : له فلا یؤدی إلی استتار (1) ، وکذلک یجب إنفصال الضمیر علی ما یقتضیه من هو له إذا کان الضمیر مرفوعا بصفه جرت علی غیر من هی له نحو : زید عمرو ضاربه هو ، فتفصل الضمیر خوف اللّبس لأنک لو اقتصرت علی الضمیر المتصل لم یعلم الضارب من هو ، وبالمنفصل علم أنه زید ؛ لکون الضارب یقع للضمائر بلفظ واحد ، تقول : أنا ضارب وأنت ضارب وهو ضارب ، بخلاف الفعل نحو : أنا زید أضربه ، فإنه یعلم بالهمزه أنّ الفعل للمتکلّم وکذلک : أنا زید یضربنی ، یعلم بیاء المضارعه أنّ الفعل لزید ، ولمّا التبس فی باب ضارب التزموا إبرازه أیضا فیما لا یلتبس نحو : هند زید ضاربته هی ، طردا للباب ، فهند مبتدأ وزید مبتدأ ثان ، وضاربته خبر المبتدإ الثانی ، والضمیر المنفصل أعنی هی فاعل ضاربته ، ووجب انفصاله لأنّ ضاربته التی هی الصفه قد جرت علی غیر من هی له ، لأنّها خبر زید ، وهی فی المعنی هند ، والجمله فی محل الرفع لأنّها (2) خبر المبتدإ الأول (3) والکوفیون لا یشترطون انفصال الضمیر فی مثل ذلک ، ویجرونه مجری الفعل ، فکما تقول : هند زید تضربه تقول : هند زید ضاربته ، وکذلک : الهندان الزیدان ضاربتاهما کما تقول : تضربانهما (4).

ذکر الضمائر التی یجوز فیها الاتصال والانفصال

وهی عدّه ضمائر :

منها : المضمران إذا لم یکن أحدهما مرفوعا ، وکان أحدهما أعرف وقدّمته جاز فی الثانی الاتصال والانفصال (6) سواء کانا منصوبین نحو : الدرهم أعطیتکه أو

ص: 251

1- شرح الوافیه ، 277 ، والنقل منه.

2- غیر واضحه فی الأصل.

3- شرح الکافیه ، 2 / 17.

4- شرح الوافیه ، 278.

5- الکافیه ، 403.

6- جاء فی الحاشیه : «إیضاح ما فی الأصل إذا وجدت ضمیرین منصوبین أحدهما أعرف من الآخر فقدم الأعرف وجاز لک فی الثانی الاتصال والانفصال وکذلک المجرور والمنصوب مثله».

أحدهما منصوبا والآخر مجرورا نحو : ضربیک (1) ففی أعطیتکه ضمیران الکاف والهاء ، ولیس أحدهما مرفوعا ، وکاف الخطاب متقدّمه وهی أعرف من الهاء التی للغائب فجاز أعطیتکه وأعطیتک إیّاه ، وکذلک جاز ضربیک وضربی إیّاک ، أما وجه الاتصال فلإمکانه مع عدم الاستثقال ، وأمّا وجه الانفصال فلإیهام ثلاث کلمات کواحده فإن لم یکن أحدهما أعرف أو کان ، ولکن لم یقدّم الأعرف وجب الانفصال ، وقد جاء ذلک فی الغائبین قالوا : أعطاهاه ، وأعطاهوها ، وهو شاذ (2) وإنّما لم یجز ذلک إذا کان أحدهما مرفوعا لأنّه إذا أتی الضمیر متصلا نحو : ضربتک ، تعیّن الاتصال ولم یجز الانفصال.

ومنها : المضمر الواقع خبرا لکان ، فإنّ فیه لغتین ؛ المختار منهما أن یکون منفصلا نحو : زید عالم وکان عمرو إیّاه ، لأنّ خبر کان وأخواتها فی الأصل إنما هو خبر مبتدأ ، وخبر المبتدأ إذا کان ضمیرا لم یقع إلّا منفصلا قال الشّاعر : (3)

لیت هذا اللیل شهر

لا نری فیه عریبا

لیس إیّای وإیّا

ک ولا نخشی رقیبا

وعریب بالعین المهمله بمعنی أحد ، وأمّا علی غیر الأشهر فیجوز أن یقع متصلا تشبیها له بالمفعول فکما یتصل ضمیر المفعول نحو : ضربته ، فکذلک یتصل خبر کان فتقول : کنته ، ومنه قول أبی الأسود الدؤلی : (4)

ص: 252

1- فی قولنا : یؤلمنی ضربیک.

2- لم یشذذ سیبویه ذلک بل حکم علیها بالقله ، قال بعد ذکره ذلک ما نصه «وهذا لیس بالکثیر فی کلامهم والأکثر فی کلامهم أعطاه إیاه» الکتاب ، 2 / 365 وانظر شرح المفصل ، 3 / 104 وشرح الوافیه ، 278.

3- البیتان لعمر بن أبی ربیعه وردا فی دیوانه ، 36 بروایه : غریبا مکان عریبا. وقیل : هما للعرجی وردا فی دیوانه ، 62 بروایه : لیت هذا اللیل شهر لا نری فیه غریبا غیر أسماء وجمل ثم لا نخشی رقیبا وقد سجل الخلاف حول قائلهما البغدادی فی خزانه الأدب ، 5 / 322 ونسبهما الرضی فی شرح الکافیه ، 2 / 19 لعمر. وورد البیتان من غیر نسبه فی الکتاب ، 2 / 358 والمقتضب ، 3 / 98 والمنصف ، 3 / 62 وشرح المفصل ، 3 / 75 - 107. عریبا : أحدا ، فعیل بمعنی مفعل أی متکلما یخبر عنا ویعرب عن حالنا.

4- هو ظالم بن عمر کان من سادات التابعین وأعیانهم ، صحب علیّ بن أبی طالب وشهد معه وقعه صفّین ، قیل هو أول من وضع النحو وله شعر حسن توفی بالبصره سنه 69 ه. انظر ترجمته فی الشعر والشعراء ، 2 / 615 ومعجم الشعراء ، 158 - 240 ووفیات الأعیان ، 2 / 235 والبیتان وردا فی دیوانه ، 189 وورد البیت الأول منسوبا له فی الکتاب ، 1 / 46 وورد البیت الثانی منسوبا له فی شرح المفصل ، 3 / 107 وشرح الشواهد ، 1 / 118 وروی البیتان من غیر نسبه فی الإنصاف ، 2 / 823 ، وروی البیت الثانی من غیر نسبه فی المقتضب ، 3 / 98 وشرح الکافیه ، 2 / 19 وشرح الأشمونی ، 1 / 118 ویروی دع مکان ذر ومغنیا مکان مجزیا وأرضعته مکان غذته وأمه مکان أمها ، رأیت أخاها : أراد الزبیب لأنهما تغذیان من شجره واحده.

ذر الخمر یشربها الغواه فإنّنی

رأیت أخاها مجزیا بمکانها

فإن لا یکنها أو تکنه فإنّه

أخوها غذته أمّها بلبانها

ولو فصل لقال : فإلّا یکن إیّاها أو تکن إیّاه.

ومنها : المضمر الواقع بعد لو لا ، فإنّ فیه لغتین (1) أیضا ، أکثرهما أن یکون مرفوعا منفصلا نحو : لو لا أنت ولو لا نحن إلی لولاهنّ ، قال الله تعالی : (لَوْ لا أَنْتُمْ لَکُنَّا مُؤْمِنِینَ)(2) وأما وجوب رفعه فلأنّ الضمیر کنایه عن المظهر ، ولم یأت المظهر بعد لو لا إلّا مرفوعا ، فوجب أن یکون المضمر کذلک ورفعه بالابتداء عند البصریین ، وبفعل مضمر عند الکوفیین (3) وأمّا وجوب مجیئه منفصلا ، فلأنّه عند البصریین مبتدأ ، فوجب فصله لعدم ما یتصل به ، وأمّا عند الکوفیین فیجب فصله لحذف الفعل الرافع له وهو مثل قولک : إن أنت قمت قمت ، وأمّا لغه إتصاله فستذکر مع عسی.

ذکر المضمر الواقع بعد عسی

اعلم أنّ المضمر الواقع بعد عسی لا یکون إلّا متصلا ولکن فیه لغتان ، باعتبار کونه ضمیرا مرفوعا ، أو غیر مرفوع فاللغه الکثیره منها أن یکون مرفوعا متصلا (5) نحو : عسیت عسینا للمتکلّم ، وعسیت عسیتما عسیتم عسیت عسیتنّ للمخاطب ، وعسی عسیا عسوا عست عسین للغائب. کما تقول : رمیت رمینا إلی رمین ، وأمّا اللغه التی لیست بکثیره فهو أنّه جاء بعد لو لا ضمیر مجرور ، وبعد عسی ضمیر

ص: 253

1- الکتاب ، 2 / 273 وشرح المفصل ، 3 / 118 وشرح الکافیه ، 1 / 20.

2- من الآیه 31 من سوره سبأ.

3- الإنصاف ، 2 / 687 وشرح المفصل ، 3 / 118.

4- الکافیه ، 403.

5- شرح المفصل ، 3 / 119.

منصوب متصل بها ، نحو : لولای لولاک لولاه وعسای عساک عساه إلی لو لا هنّ وعساهنّ ، قال الشّاعر (1) :

وکم موطن لولای طحت کما هوی

بأجرامه من قلّه النّیق منهوی

وقال ابن أبی ربیعه : (2)

أومت بکفّها من الهودج

لولاک هذا العام لم أحجج

وقد اختلف فی الضمیر المذکور المتصل بلو لا وعسی ، فعند سیبویه (3) أنّ الیاء فی لولای والکاف فی لولاک فی موضع جرّ لبطلان الرفع والنّصب ، أما بطلان الرفع فلکون الکاف والیاء لیسا من ضمائر المرفوع وأمّا النصب فلعدم النّاصب ، فیتعیّن الجرّ قال سیبویه : ویکون للولا مع المضمر حال لیس لها مع المظهر کما أنّ للدن حالا مع غدوه لیست لها مع غیرها (4) ، لأنّها تجرّ ما بعدها وتنصب غدوه فقط ، فکذلک لو لا تجرّ المضمر المتصل فقط ، فحالها معه مخالف لحالها مع غیره (5) وأمّا عسی فعند سیبویه محموله علی لعلّ (6) فینصب الاسم ، کما حملت لعلّ علی عسی

ص: 254

1- البیت لیزید بن الحکم ، ورد منسوبا له فی الکتاب ، 2 / 474 والکامل ، 3 / 345 والأمالی للقالی ، 1 / 67 والخصائص 2 / 259 وأمالی ابن الشجری ، 1 / 181 - 2 / 212 وشرح المفصل ، 3 / 118 - 9 / 23 وشرح الشواهد ، 2 / 206 وخزانه الأدب ، 5 / 336 وروی البیت من غیر نسبه فی المنصف 1 / 72 والإنصاف ، 2 / 691 وشرح المفصل 7 / 159 وشرح الکافیه ، 2 / 20 ورصف المبانی ، 195 وهمع الهوامع ، 2 / 33 وشرح الأشمونی ، 2 / 206 - 4 / 50. وروی من قنّه مکان من قلّه. النّیق بکسر النون : أرفع الجبل ، والقلّه : ما استدقّ من رأسه ، ومنهوی : ساقط ، وأجرامه جمع جرم وهو جثته.

2- هو عمر بن عبد الله بن أبی ربیعه المخزومی یکنی أبا الخطّاب شاعر غزلی مشهور انظر أخباره فی الشعر والشعراء ، 2 / 457 والبیت ورد فی دیوانه ، 43 بروایه بعینیها مکان بکفیها وروی البیت من غیر نسبه فی أمالی ابن الشجری ، 1 / 181 وشرح المفصل ، 3 / 118 - 120 وشرح الکافیه ، 2 / 20 وهمع الهوامع ، 2 / 33 ورواه البغدادی فی خزانه الأدب ، 5 / 339 - 342. منسوبا لعمر بن أبی ربیعه. وقال : یقال إنه للعرجی أیضا ولم أجده فی دیوانه.

3- انظر الکتاب ، 2 / 373.

4- الکتاب ، 2 / 375.

5- شرح الوافیه ، 280. وانظر خلافهم حول هذه التراکیب فی الکتاب ، 2 / 373 والإنصاف ، 2 / 687 وشرح المفصل ، 3 / 118.

6- قال فی الکتاب 2 / 374 - 375 : وأما قولهم عساک فالکاف منصوبه ... والدلیل علی أنها منصوبه أنک إذا عنیت نفسک کانت علامتک «نی» قال عمران بن حطان : ولی نفس أقول لها إذا ما تنازعنی لعلّی أو عسانی فلو کانت الکاف مجروره لقال : عسای ولکنهم جعلوها بمنزله لعل فی هذا الموضع.

فی دخول أن فی خبرها قال الشاعر : (1)

لعلّک یوما أن تلمّ ملمّه

...

وقد قیل : إنّ عسی فی مثل هذا حرف لا فعل ، فتقول : عساک أن تقوم کما تقول : لعلّک أن تقوم ، وقال : (2)

یا أبتا علّک أو عساکا

فلو أنّ عسی فعل لم یصحّ عطفها علی لعلّ ، لأنّها حرف وأمّا الأخفش فیری أنّ الیاء والکاف فی قولک : لولای لولاک فی موضع رفع (3) وقد أوقعوا الضمیر المجرور موقع الضمیر المرفوع ، وکذلک الضمیر بعد عسی فی موضع رفع واحتجوا لسیبویه ، أنّ تغییر لو لا أقل من تغییر الضمیر الذی بعدها ، لأنّه اثنا عشر مضمرا ، للمتکلّم اثنان ولکلّ من المخاطب والغائب خمسه ، فتغییر المضمر علی رأی الأخفش یؤدّی إلی اثنی عشر تغییرا علی سبیل الاستقلال ، وتغییر لو لا علی رأی سیبویه تغییر واحد علی سبیل الاستقلال ، واحتجّوا للأخفش أن وقوع الضمائر بعضها موضع بعض کثر فی

ص: 255

1- هذا صدر بیت لمتمّم بن نویره وعجزه : علیک من اللائی یدعنک أجدعا ورد البیت منسوبا له فی الکامل ، 1 / 196 - 2 / 38 والمفضلیات ، 270 وشرح المفصل ، 8 / 86 وشرح شواهد المغنی ، 2 / 567 وخزانه الأدب ، 5 / 345 وورد من غیر نسبه فی المقتضب ، 3 / 74 وشرح الکافیه ، 2 / 20 ومغنی اللبیب ، 1 / 288. الملمّه : البلیّه النازله ، الأجدع : المقطوع الأنف.

2- الرجز لرؤبه بن العجاج ، ورد فی ملحقات دیوانه ، 3 / 181 وبعده : تقول بنتی قد أنی أناکا وورد منسوبا له فی الکتاب ، 2 / 374 - 375 وشرح المفصل 3 / 120 - 7 / 123 وشرح شواهد المغنی ، 1 / 443 وشرح الشواهد ، 3 / 158 وروی من غیر نسبه فی المقتضب 3 / 71 والخصائص ، 2 / 96 والمحتسب 2 / 213 والإنصاف ، 1 / 222 وشرح الکافیه ، 2 / 21 ومغنی اللبیب ، 1 / 151 - 2 / 699 وشرح التصریح ، 1 / 213 - 2 / 178 وهمع الهوامع ، 1 / 132 وشرح الأشمونی ، 1 / 267 - 3 / 158.

3- شرح الوافیه ، 280 وانظر شرح التصریح ، 1 / 214.

کلامهم ، نحو : أنا کأنت ، ومررت بک أنت وضربته هو : فأکّد المضمر المنصوب بالضمیر المرفوع ، فقد وقع المرفوع موقع المنصوب (1).

ذکر نون الوقایه

وهی لازمه مع یاء ضمیر المتکلّم فی الفعل الماضی مطلقا ، نحو : ضربنی وضربانی وضربونی ، وشذّ حذف نون الوقایه من الماضی المتصل به ضمیر جماعه الإناث نحو : النساء ضربنی ، قال الشاعر : (3)

تراه کالثّغام یعلّ مسکا

یسوء الفالیات إذا فلینی

أراد فلیننی ، فحذف نون الوقایه تخفیفا ، وکذلک هی لازمه أیضا فی الأمر قولک أکرمنی ، وأمّا قولک : اضربی یا هند ، فلا مدخل للنون مع هذه الیاء ، لأنّ نون الوقایه مشروطه بضمیر المفعول لا بضمیر الفاعل ، لأنّ ضمیر الفاعل بمنزله الجزء من الفعل فأشبهت هذه الیاء الیاء التی من نفس الفعل نحو : یرمی ، وکذلک هی لازمه فی المضارع العری (4) عن نون الإعراب نحو : یضربنی ، وسمّیت نون الوقایه لأنّها وقت الفعل الکسر الذی هو أخو الخفض (5) وأمّا الفعل المضارع الذی یلحقه نون الإعراب فأنت مخیّر بین إثباتها وحذفها استغناء بنون الإعراب ، فتقول : یضربانی ویضرباننی ، ویضربونی ویضربوننی ، وتضربینی وتضربیننی ، وتجب نون الوقایه فی قولک : النساء یضربننی ، ولا یجوز یضربنی ، لأنّ نون الإعراب فی یضربونی ، خارجه عن الفعل ، فأمکن جعلها وقایه ، ونون یضربن فاعل متصل کالجزء من الفعل ، فلم تجعل وقایه

ص: 256

1- الکتاب ، 2 / 374 - 375 والمقتضب ، 3 / 71 - 73 وشرح المفصل ، 3 / 122 وشرح الکافیه ، 1 / 21 وشرح التصریح ، 1 / 213.

2- الکافیه ، 404.

3- البیت لعمرو بن معد یکرب ورد منسوبا له فی الکتاب ، 3 / 520 ولسان العرب ماده فلا ، وخزانه الأدب ، 5 / 372. ومن غیر نسبه فی شرح دیوان الحماسه ، للمرزوقی ، 1 / 294 وشرح المفصل ، 3 / 91 وشرح الکافیه ، 2 / 22 ومغنی اللبیب ، 2 / 621. الثّغام : نبت له نور أبیض یشبّه به الشیب ، یعلّ : یطیّب شیئا بعد شیء ، الفالیه هی التی تفلی الشعر أی تخرج القمل منه.

4- غیر واضحه فی الأصل.

5- شرح الوافیه ، 280 وانظر شرح المفصل ، 3 / 223.

کذلک (1) وأنت مع لدن مخیّر فی إثبات نون الوقایه لحفظ بنائها علی السکون ، وفی حذفها (2) / قال الله تعالی (قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّی عُذْراً)(3) قریء فی السّبعه بالتشدید والتخفیف (4) وکذا أنت مخیّر بین الإثبات والحذف فی : إنّ وأنّ وکأنّ ولکنّ کقولک : إنّی وإننی ، وکذلک أخواتها الثلاث ویختار إثباتها فی لیت کقولک : لیتنی ، لشبهها بالفعل (5) ولا یختار فی لعلّ ، لأنّ بعض لغاتها لعنّ فحذفت منها کراهه اجتماع النونات ، وحملت لعلّ علیها ، ویختار إثباتها فی : من وعن وقد وقط ، لحفظ سکونها (6) نحو : منی وعنی وقدنی وقطنی وقال الشاعر : (7)

امتلأ الحوض وقال قطنی

أی حسبی.

ذکر الفصل

ویتوسّط بین المبتدإ والخبر قبل دخول العوامل وبعد دخولها صیغه ضمیر مرفوع منفصل ، نحو : زید هو المنطلق ، وکان زید هو المنطلق وإنما قال : صیغه

ص: 257

1- شرح الوافیه ، 281.

2- حذف نون الوقایه من لدن لا یجوز عند سیبویه والزجاج إلّا للضروره وعند غیرهما الثبوت راجح ولیس الحذف للضروره لثبوته فی القراءات السبع ، انظر الکتاب 2 / 370 وشرح الکافیه ، 2 / 22.

3- من الآیه 76 من سوره الکهف.

4- قرأ نافع وأبو بکر بالتخفیف وشدّده الباقون وکلّهم ضم الدال إلّا أبا بکر فإنه أسکنها وأشمّها الضمّ وحجه من شدّد أنه أدغم نون لدنی فی النون التی دخلت مع الیاء لیسلم سکون نون لدن کما قالوا : إنی وعنی ، وحجّه من خفف أنه لم یأت بنون مع الیاء لأنّه ضمیر مخفوض کغلامی وداری فاتصلت الیاء بنون لدن فکسرتها انظر الکشف ، 2 / 69 والتبیان ، 2 / 857 والنشر ، 2 / 313.

5- وأجاز سیبویه حذفها فی الشعر للضروره الکتاب ، 2 / 370.

6- شرح المفصل ، 3 / 91 وشرح الکافیه ، 2 / 23.

7- الرجز لم یعرف قائله ، وبعده : مهلا رویدا قد ملأت بطنی. ورد فی مجالس ثعلب القسم الأول ، 158 والخصائص ، 1 / 32 وأمالی ابن الشجری ، 1 / 313 - 2 / 140 وشرح المفصل ، 2 / 131 - 3 / 125 ولسان العرب ، قطط وشرح الشواهد ، 1 / 125 وشرح الأشمونی ، 1 / 125.

8- الکافیه 404.

ضمیر مرفوع ولم یقل : ضمیر ، لعدم تحقق کونه ضمیرا ، وتسمّی هذه الصیغه فصلا عند البصریین وعمادا ضد الکوفیین (1) وهو یفصل بین الصفه والخبر ، لأنّ ما بعده یتعیّن للخبر ، وتمتنع الصفه لامتناع الفصل بین الصفه والموصوف ، فإنّک إذا قلت : زید القائم ، صلح القائم أن یکون صفه للمبتدإ فیتوقّع السامع الخبر ، وصلح أن یکون خبرا فیبقی السامع متردّدا ، فإذا أدخلت هو وقلت : زید هو القائم ، علم أنّه لم یبق من المبتدأ بقیّه ، وتعیّن ما بعد «هو» للخبر ، وشرط إثبات هذه الصیغه أن یکون الخبر معرفه (2) نحو : زید هو القائم ، أو أفعل من کذا نحو : کان زید هو أفضل من عمرو ، وکذلک إذا کان الخبر مشابها للمعرفه لفظا نحو : مثل وغیر والاسم المضاف إلی معرفه إضافه لفظیّه ، وکذلک إذا کان الخبر فعلا مضارعا (3) نحو : زید هو یقوم ، قال الله تعالی : (وَمَکْرُ أُولئِکَ هُوَ یَبُورُ)(4) ولا بدّ أن تکون هذه الصیغه مطابقه للمبتدإ فی الإفراد والتثنیه والجمع والتذکیر والتأنیث والخطاب والتکلّم والغیبه (5) تقول : زید هو القائم ، والزیدان هما القائمان ، والزیدون هم القائمون ، وهند هی القائمه ، قال تعالی حکایه عن عیسی علیه السلام (فَلَمَّا تَوَفَّیْتَنِی کُنْتَ أَنْتَ الرَّقِیبَ عَلَیْهِمْ)(6) ولا موضع لهذه الصیغه من الإعراب عند الخلیل (7) مع قوله بأنّه اسم (8) لأنّه إنّما دخل للفصل کالکاف فی أولئک ، والتاء فی أنت فکما أنّ هذه لا محلّ لها من

ص: 258

1- سمّی فصلا عند البصریین لأنّه فصل بین المبتدأ والخبر ، وقیل : لأنّه فصل بین الخبر والنّعت لأن الفصل به یوضّح کون الثانی خبرا لا تابعا ، والکوفیون یسمونه عمادا ، لأنّه یعتمد علیه فی الفائده إذ به یتبیّن أنّ الثّانی خبر لا تابع وبعض الکوفیین یسمیه دعامه لأنّه یدعم به الکلام أی یقوّی به ویؤکّد ، والتأکید من فوائد مجیئه وبعض المتقدمین سماه صفه. الإنصاف ، 2 / 706 والهمع ، 1 / 68 وانظر شرح الوافیه ، 282.

2- الکتاب ، 2 / 392 والمقتضب ، 4 / 103.

3- شرح الکافیه ، 2 / 25.

4- من الآیه 10 من سوره فاطر.

5- همع الهوامع 1 / 68.

6- من الآیه 117 من سوره المائده.

7- الکافیه ، 404.

8- الکتاب 2 / 391 - 397 والإنصاف ، 2 / 707.

الإعراب ، لا یکون لصیغه الضمیر المذکور محلّ من الإعراب ، وبنو تمیم یجعلونه مبتدأ (1) فیرفعون ما بعده علی أنه خبره ، والجمله خبر عن کان أو غیره علی حسب ما معه من العوامل ، وخصّ بصیغه المرفوع لأنّه فی معنی التأکید ، کما تقول فی التأکید ضربتک أنت ونحو ذلک (2).

ذکر ضمیر الشّأن

ویتقدّم قبل الجمله ضمیر یسمّی ضمیر الشّأن (4) یفسّر بالجمله التی بعده لأنّ کلّ جمله هی شأن وأمر وقصّه وإذا قلت : هو زید قائم ، فکأنّک / قلت : الواقع والشأن زید قائم ثمّ أضمرت الشّأن وقلت : هو زید قائم ، واحترز بقوله : یتقدّم قبل الجمله ، عن الضمیر فی نعم رجلا زید ، وربّه رجلا ؛ فإنّه متقدّم علی المفسّر له لکن تقدّمه علی المفرد لا علی الجمله ، ویکون مرفوعا منفصلا ومستترا ، ومنصوبا متصلا بارزا ، فالمرفوع المنفصل نحو : هو زید قائم والمستتر نحو : کان زید قائم ولیس زید قائم ، والمنصوب المتصل : إنه زید قائم ، وإذا وقع مبتدأ انفصل نحو : هو زید قائم ، لأنّ عامل المبتدأ الابتداء ، وهو معنی ، واستحال اتصال الضمیر بالمعنی الذی هو الابتداء لکونه غیر لفظ ، وکذا إذا وقع بعد ما الحجازیه نحو : ما هو زید قائم ، لتعذر اتصاله مرفوعا بغیر الفعل ، وحذف ضمیر الشأن إذا کان منصوبا ضعیف قال الله تعالی : (إِنَّهُ مَنْ یَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً)(5) وجاء حذفه فی الشعر (6) نحو قوله : (7)

إذا هبّت ریاحک فاغتنمها

فإنّ لکلّ خافقه سکون

فسکون مبتدأ ولکلّ خافقه خبره ، واسم إنّ هو ضمیر الشأن محذوف والتقدیر فإنّه لکلّ خافقه.

ص: 259

1- فی الکتاب ، 2 / 392 هم ناس کثیر من العرب وفی البحر 8 / 367 هم بنو تمیم ، وانظر المقتضب 4 / 105.

2- شرح الوافیه ، 282 والنقل منه وانظر شرح المفصل 3 / 111 - 113.

3- الکافیه ، 400.

4- ویسمیه الکوفیون الضمیر المجهول. شرح المفصل ، 3 / 114 وشرح الکافیه ، 2 / 28.

5- من الآیه 74 من سوره طه.

6- شرح الوافیه ، 283 والنقل منه بتصرف.

7- لم أهتد إلی قائله ولم أجده فی المصادر التی بین یدیّ.

ومنه قول الشّاعر : (1)

إنّ من یدخل الکنیسه یوما

یلق فیها جآذرا وظباء

فمن مبتدأ ، ویدخل خبره ، ولا یجوز أن یکون من هو اسم إنّ ، لأنّ من شرط ، والشّرط له صدر الکلام ، واسم إنّ لیس له صدر الکلام ، فالمبتدأ والخبر فی موضع رفع بأنه خبر إن ، واسم إنّ ضمیر الشأن ، وهو محذوف ، وتقدیره : إنّه من یدخل ، وکذلک یضعف : وجدت زید قائم بحذف الضمیر ، لأنّه مراد ، لکونه جزء الجمله ولیس علی حذفه دلیل ، وأمّا ضمیر الشأن مع أنّ المفتوحه إذا خفّفت فإنّ حذفه لازم ، لأنّهم لو لم یقدّروا ذلک لکان للمخفّفه المکسوره علی المخفّفه المفتوحه مزیّه فی العمل ، والمفتوحه أقرب إلی الفعل ، وقد جوّزوا إعمال المخفّفه المکسوره ، قال الله تعالی : (وَإِنَّ کُلًّا لَمَّا لَیُوَفِّیَنَّهُمْ رَبُّکَ أَعْمالَهُمْ)(2) ولم یجیزوا إعمال المخفّفه المفتوحه قال الشاعر : (3)

...

أن هالک کلّ من یحفی وینتعل

فلم تنصب هالک ، فوجب تقدیر عملها فی ضمیر الشأن (4) لکونها أشبه بالفعل من المکسوره ، ألا تری أنّ قولک : أنّ علی لفظ أنّ الذی مضارعه یئن من الأنین.

ولم یأت ضمیر الشأن مجرورا کما جاء مرفوعا ومنصوبا ، لأنّه کنایه عن

ص: 260

1- البیت للأخطل ورد فی دیوانه ، 376 وورد منسوبا فی الحلل 287 وشرح شواهد المغنی ، 1 / 122 - 2 / 918 وخزانه الأدب ، 1 / 457 - 5 / 420 وورد البیت من غیر نسبه فی أمالی ابن الشجری ، 1 / 295 وشرح المفصل ، 3 / 115 والمقرب ، 1 / 109 - 277 وشرح الکافیه ، 2 / 29 ومغنی اللبیب ، 1 / 370 ، 2 / 589 والعمده للقیروانی 2 / 273 وهمع الهوامع 1 / 136. الجآذر : أولاد البقر واحدها جؤذر.

2- من الآیه 111 من سوره هود ، قرأ الحرمیان وأبو بکر وإن کلا بتخفیف إنّ ، وشدد الباقون ، وقرأ عاصم وحمزه وابن عامر «لما» بالتشدید ، وخفف الباقون. الکشف 1 / 536 وانظر الإتحاف ، 260.

3- هذا عجز بین للأعشی ، ورد فی دیوانه ، 109 بروایه : إمّا ترینا حفاه لا نعال لنا إنّا کذلک ما نحفی وننتعل وورد منسوبا له فی الکتاب ، 2 / 137 - 3 / 74 - 454 والمنصف ، 3 / 129 والمحتسب 1 / 308 وأمالی ابن الشجری ، 2 / 2 والإنصاف ، 1 / 199 ومن غیر نسبه فی الخصائص 2 / 441 وشرح المفصل ، 8 / 74 وهمع الهوامع ، 1 / 142. وروی بعضهم صدر البیت : فی فتیه کسیوف الهند قد علموا.

4- شرح الوافیه ، 284 - 285.

الجمله ، والجمله لا مدخل لحرف الجرّ علیها.

2- ذکر أسماء الإشاره

وهی ثانی أقسام المبنیّات ، وأسماء الإشاره ما وضع لمشار إلیه وهی بدون الصفه مبهمه لصلاحیّتها لکلّ مشار إلیه (2) وبنیت لمشابهتها الحرف (3) من حیث احتیاجها إلی ما یبیّن ذات المشار إلیه ، وهی : ذا للمذکّر ، وذان لمثنّاه رفعا ، وذین نصبا وجرا ، وللمفرد المؤنث عدّه ألفاظ مترادفه وهی : تاوتی وته وتهی وذه وذهی ، ولمثنّاه تان رفعا وتین نصبا وجرا ، وأولاء مقصورا وممدودا (4) مشترک بین جمع المذکّر والمؤنّث لا یختلف فیهما ، وذا أصله ذوی متحرک العین علی وزن فعل (5) فحذفت اللام لتأکید إبهام هذه الأسماء ، وقلبت الواو ألفا لتحرّکها وانفتاح ما قبلها فصار ذا ، ویلحق أوائل أسماء الإشاره حرف التنبیه نحو : هذا (6) ، ویلحق أواخرها حرف الخطاب بحسب من تخاطبه وألفاظ الإشاره خمسه ، وحروف الخطاب خمسه ، وإذا ضربت خمسه فی خمسه کانت خمسه وعشرین ، فإذا خاطبت مفردا مذکّرا مشیرا إلی مفرد مذکّر ، قلت : ذاک بفتح الکاف ، وإن خاطبت مفردا مؤنّثا مشیرا إلی المفرد المذکّر المذکور قلت : ذاک بکسر الکاف ، وإن أشرت إلی المفرد المذکور وخاطبت مثنّی مذکّرا أو مؤنّثا ، قلت : ذاکما ، وإن خاطبت جمع المذکّرین قلت ذاکم ، وإن خاطبت جمع المؤنّث ، قلت : ذاکنّ ، قال الله تعالی : (قالَتْ فَذلِکُنَّ الَّذِی لُمْتُنَّنِی فِیهِ)(7) الإشاره إلی یوسف والخطاب مع النّسوه ، وذلک هو ذاک زیدت فیه اللام ، ومثال المفرد المؤنّث مشارا إلیه مع المخاطبین المذکورین ؛ تاک ، تاک ، تاکما ، تاکم ،

ص: 261

1- الکافیه ، 404 - 405.

2- شرح المفصل ، 3 / 126.

3- شرح الکافیه ، 1 / 39.

4- المدلغه الحجازیین ، والقصر لغه التمیمیین وقیس وربیعه وأسد الهمع ، 1 / 75 وشرح التصریح ، 1 / 127.

5- هذا مذهب البصریین وقال الکوفیون هی زائده ، انظر خلافهم حول ذلک فی الإنصاف ، 2 / 669 وشرح المفصل ، 3 / 126 ، وشرح الکافیه ، 2 / 30 والهمع ، 1 / 75.

6- الکافیه ، 405.

7- من الآیه 32 من سوره یوسف.

تاکنّ ، ومثال المثنّی المذکّر مشارا إلیه معهم : ذانک ، ذانک ، ذانکما ، ذانکم ، ذانکنّ ، وفی النصب والجر : ذینک ذینک ذینکما ذینکم ذینکنّ ، ومثال المثنّی المؤنّث : تانک ، تانک ، تانکما ، تانکم ، تانکنّ ، وفی حاله النصب والجرّ ، تقول : رأیت تینک ، تینک ، تینکما تینکم تینکنّ ، ومررت بتینک إلی تینکنّ ومثال مجموع المذکّر والمؤنّث ، مشارا إلیهما مع المخاطبین المذکورین ، أولاک أولاک أولاکما أولاکم أولاکنّ وقد نقل النیلیّ جواز فتح کاف الخطاب فی ذلک کلّه وهو غریب قال : إنّ ذلک نقله الثقات من غیر إلحاق علامه تثنیه ولا جمع ولا غیر ذلک بل یفرد ویذکّر علی کل حال (1) واعلم أنّهم لم یقولوا : ذاه ذاهما ذاهم لأنّ الهاء للغائب ، والغائب لا یصحّ تنبیهه علی الحاضر ، بل الحاضر ینبّه علی الغائب.

واعلم أنّ قولک فی التثنیه ذان لیس بتثنیه ذابل هو صیغه تفید التثنیه کأنتما (2) فکما أنّ أنتما لیس بتثنیه أنت فکذلک ذان لیس بتثنیه ذا لأنّه لو کان تثنیه ذا ، لقیل : ذوان ، لأنّ التثنیه من شأنها أن تردّ ما کان محذوفا من المفرد نحو : أبوان وأخوان ودمیان ورحیان ، ولأنّ تثنیه المعرفه توجب تنکیرها غالبا ، وذان معرفه ، ومنهم من یجعل مثنّی أسماء الإشاره علی کلّ حال بألف (3) وعلیه قوله تعالی : (قالُوا : إِنْ هذانِ لَساحِرانِ)(4) واعلم أنّ قولنا : یلحق بأوائلها حرف التنبیه لیس علی إطلاقه ،

ص: 262

1- قال النیلی فی شرح الکافیه ، المخطوط الورقه ، 152 «و : وإن ثقل علیک ذلک وهو مراعاه عده أحوال المخاطبین فعلیک باللغه التی نقلها الثقات ، وهو فتح الکاف علی کلّ حال ، من غیر إلحاق علامه تثنیه ولا جمع ولا غیرهما بل تفرد وتذکّر علی کل حال» ونقل الأزهری - من غیر نسبه - هذا الرأی فقال : ودون هذا أن تفتح مطلقا ولا تلحقها علامه تثنیه ولا جمع. وانظر شرح التصریح ، 1 / 128 وحاشیه الصبان علی شرح الأشمونی 1 / 142.

2- هذا رأی ابن الحاجب قال فی شرح الکافیه ، 2 / 511 «وقد توهم بعض القاصرین أنه إعراب ، وإنما هی صیغ موضوعه للمرفوع والمنصوب» ، وإلی ذلک أشار الرضیّ أیضا فقال فی شرح الکافیه ، 2 / 31 وذان صیغه مرتجله غیر مبنیه علی واحده ولو بنیت علیه لقیل : ذیان ، فذان صیغه للرفع وذین صیغه أخری لنصب والجر ، وانظر إیضاح المفصل ، 1 / 479.

3- وهی لغه بلحارث بن کعب ، وبطون من ربیعه وخثعم وزبید وبنی العنبر وبنی الهجیم وبکر بن وائل وهمدان وعذره ، شرح المفصل 3 / 128 وشذور الذهب ، 46 وشرح التصریح 1 / 127.

4- من الآیه 63 من سوره طه قرأ نافع وابن عامر ، وأبو بکر وحمزه والکسائی بتشدید إن ، وهذان بالألف وتخفیف النون. وقرأ ابن کثیر بتخفیف إن وهذان بالألف مع تشدید النون ، وقرأ حفص کذلک إلا أنه - - خفف نون هذان ، وقرأ أبو عمرو وحده إن بالتشدید وهذین بالیاء. انظر السبعه 388 والکشف ، 2 / 63 والإتحاف ، 304.

فإنّه یلحق البعض دون البعض ، إذ لا یقال : هذا لک بالاتفاق ، وجعلوا ذا للقریب لیکون الاسم المجرّد من الزیاده للقریب المجرّد من زیاده المسافه ، وذاک للمتوسّط بزیاده حرف الخطاب لتشعر الزیاده فی اللفظ بالزیاده فی المسافه ، وذلک بزیاده اللام للبعید لتشعر زیاده الحرفین علی البعد فی المسافه ، وهو رأی بعض النحویین (1) وإذا قصدوا البعید فی المثنّی شدّدوا النون من ذانک وتانک (2) وفی الواحده المؤنّثه استعملوا تلک ، وفی المجموع زادوا اللّام وقصروا فقالوا : أولالک (3) فهؤلاء للجماعه القریبه ، وأولئک للمتوسّطه ، وأولالک للبعیده (4) واعلم أنّهم قد وضعوا أسماء یشیرون بها إلی الأمکنه. خاصه وهی : ثمّ وهنا ، فثمّ یشیرون به إلی ما بعد من الأمکنه ، وهنا وهاهنا إلی المکان القریب ، وهناک إلی المتوسط ، وهنالک إلی البعید ، وفی هنا ثلاث لغات ، إحداها : ضمّ الهاء مع تخفیف النون ، والثانیه : فتحها مع تشدید النون ، والثالثه : کسرها مع تشدید النون أیضا لکنّ الفتح أکثر (5).

3- ذکر الموصولات

اشاره

وهی ثالث أقسام المبنیّات ، والموصول مبهم بدون صلته ، کما أنّ اسم الإشاره مبهم بدون صفته ، فإن قیل الموصولات وأسماء الإشاره معارف فکیف یجتمع الإبهام والتعریف ، فالجواب : أنّ إبهامها إنّما هو بحسب الوضع لا بحسب الاستعمال ، فإنّها معارف بحسبه کما فی الضمائر من مثل : أنا وأنت وهو ، وإنّما یبنی الموصول لمشابهته الحرف من حیث احتیاجه إلی الغیر فی إیضاحه وهو الصّله (7) وحدّ الموصول : اسم لا یتم جزءا من الکلام من مسند ومسند إلیه ، ومضاف إلیه وتابع ،

ص: 263

1- شرح الوافیه ، 287 وانظر شرح الکافیه 2 / 33.

2- فی الرفع متفق علی جوازه ، وأما فی النصب والجر فمنعه البصری وأجازه الکوفی. شرح الأشمونی ، 1 / 147.

3- تسهیل الفوائد ، 39.

4- شرح التصریح ، 1 / 129.

5- شرح المفصل ، 3 / 137 وشرح الأشمونی ، 1 / 144 - 145.

6- الکافیه ، 405.

7- شرح المفصل ، 3 / 139 وشرح الکافیه ، 2 / 36.

إلّا مع صله وعائد ، فقولنا : اسم کالجنس وقولنا : لا یتم جزءا إلّا بصله ، یخرج ما یتمّ جزءا بدون الصله نحو : زید ورجل وقولنا : وعائد ، یخرج مثل : إذ وإذا ، لأنّه وإن لم یتمّ جزءا من الکلام إلّا بصله فإنّه بلا عائد ، فمثال الموصول مسندا قولک : زید الذی قام أبوه ، ومثاله مسندا إلیه : الذی قام أبوه زید ، ومثاله مضافا إلیه : غلام الذی قام أبوه عمرو ، ومثاله تابعا : مررت بزید الذی أبوه قائم ، ویجب أن تکون صله الموصول جمله خبریّه ولا موضع لها من الإعراب (1) لکونها کالجزء من الموصول ، وإنّما وجب أن تکون جمله ، لأنّ «الذی» وضع وصله إلی وصف المعارف بالجمل التی هی نکرات فی الأصل ، ووجب أن تکون خبریّه لأنّ الموصول یخبر به وعنه ، ولو کانت الجمله الإنشائیّه جزءا منه لما صحّ منه ذلک ، ولأنّ الصله یجب أن تکون موضّحه للموصول ، وما عدا الخبریّه کالأمر والنهی وغیرهما. من الجمل الإنشائیّه غیر موضّح (2) ، ویشترط فی الصله أیضا ، أن تکون معلومه للمخاطب ، لأنّها لو کانت مجهوله لم تکن موضّحه ، ویشترط أن یکون فیها عائد (3) وهو ضمیر فی الصله یعود إلی الموصول ، لأنّ الصله جمله مستقلّه فافتقرت إلی العائد ، لیحصل به ربط الصله بالموصول ، والضمیر العائد المذکور یجوز حذفه (4) إذا کان مفعولا ، نحو قوله تعالی : (فیها ما تشتهی الأنفس) (5) أی ما تشتهیه ، لحصول العلم به مع کونه فضله ، ولم یجز ذلک فی الضمیر المرفوع والمجرور لکون المرفوع فاعلا وامتناع حذف الفاعل ، واستلزام حذف المجرور ، کثره الحذف أعنی الجار والمجرور (6)(7).

ص: 264

1- مغنی اللبیب ، 2 / 409.

2- شرح الکافیه ، 2 / 32.

3- شرح الأشمونی ، 1 / 162.

4- الکافیه ، 405.

5- من الآیه 71 من سوره الزخرف. وقد قرأ نافع وابن عامر وحفص بالهاء ، والباقون بغیر هاء الکشف ، 2 / 262 والاتحاف ، 387.

6- فی شرح المفصل ، 3 / 152 ولا یحذف هذا الراجع إلا بمجموع ثلاث شرائط : أحدها ، أن یکون ضمیرا منصوبا لا ضمیرا مرفوعا ولا مجرورا ، لأن المفعول کالفضله فی الکلام والمستغنی عنه. وأن یکون الراجع متصلا لا منفصلا لکثره حروف المنفصل وأن یکون علی حذفه دلیل.

7- بعدها فی الأصل مشطوب علیه : وفیه نظر لجواز أن یکون المرفوع مبتدأ ویجوز حذفه عند طول الصله نحو : ما أنا بالذی قائل لک سوءا ولجواز حذف الجار والمجرور معا کقوله : عسی الأیام أن یرجو ن قوما کالذی کانوا أی کالذی کانوا علیه». والبیت للفند الزمانی ، ورد منسوبا له فی أمالی القالی ، 1 / 257 وشرح الحماسه للمرزوقی ، 1 / 35 وشرح شواهد المغنی ، 2 / 944 ومن غیر نسبه فی المغنی ، 2 / 656.

ذکر تعدّد الموصولات

منها : الذی للمفرد المذکّر ، والألی والذین لجمع المذکّرین ، واللّذان للمثنّی المذکر بالألف إذا کان فی موضع رفع واللذین بالیاء إذا کان فی موضع نصب أو جرّ وهذه العباره أولی من أن یقال : رفعه بالألف ، ونصبه وجرّه بالیاء ، لأنّ هذه الصیغ لیست معربه حقیقه لأنّها من المبنیّات ، ولعدم تحقّق التثنیه فیها ، فإنّ اللذان واللذّین اسم وضع للمثنّی ، وکذلک اللتان واللتین ، کما قیل فی أسماء الإشاره ولذلک حذفت الیاء فی تثنیه الذی والتی کما حذفت ألف «ذا» ولو کان مثنّی حقیقه لما حذف ذلک ، وکذلک الذین لیس جمعا للذی ، لأنّه علی اللغه الفصیحه بصیغه واحده فی الرفع والنصب والجر ، ولو کان جمعا محقّقا لوجب أن یقال : الذون رفعا ، ولکن هو اسم وضع للجمیع ، وأمّا جمع المؤنّث ، ففیه لغات ، وهی اللاتی واللواتی واللّات واللّوات واللّائی بهمزه ویاء بعدها ، واللّاء بهمزه وحدها واللّای بیاء مکسوره ، وساکنه أیضا بغیر همز (2) ومن الموصولات ذو الطائیّه بمعنی الذی ، کقوله : (3)

...

وبئری ذو حفرت وذو طویت

ص: 265

1- الکافیه ، 405.

2- هی لغه قریش فیما حکاه أبو عمرو ، وانظر هذه اللغات فی التسهیل 34 وشرح الکافیه ، 2 / 41 وشرح التصریح ومعه حاشیه الصبان ، 1 / 132.

3- هذا عجز بیت لسنان بن الفحل الطائی وصدره : فإنّ الماء ماء أبی وجدّی ویروی صدر البیت : فإنّ البئر بئر أبی وجدّی ورد منسوبا له فی الأمالی الشجریه ، 2 / 306 والإنصاف ، 1 / 384 ، وشرح الکافیه ، 2 / 41 وشرح الشواهد ، 1 / 158 وشرح التصریح ، 1 / 137 وخزانه الأدب ، 6 / 34 وروی من غیر نسبه فی شرح المفصل ، 3 / 147 - 8 / 45 ولسان العرب ، ذوا وهمع الهوامع ، 1 / 84. وشرح الأشمونی ، 1 / 158.

/ وذو هذه ، بالواو فی الأحوال کلها.

ومنها : ما ومن وهما مفردان بکل حال وإنما تقع التثنیه والجمع والتذکیر والتأنیث فی صلاتهما لا فیهما.

ومنها : أیّ للمذکّر بمعنی الذی وأیّه للمؤنّث بمعنی التی ، وذا بعد ما للاستفهام خاصه کقولک (1) : ماذا ، وهی بمعنی الذی ، عند البصریین.

ومنها : الألف واللام مع اسمی الفاعل والمفعول والصفه المشبّهه بمعنی الذی والتی وسیأتی الکلام علی هذه الموصولات.

ذکر الإخبار بالذی وبابها

ویخبر بها عن کلّ اسم فی جمله معلوم من وجه غیر معلوم من وجه آخر ، ما لم یمنع مانع من الإخبار بها کما سنذکر ، سواء کان ذلک الاسم فی الجمله الاسمیّه أو الفعلیّه ، أعنی إذا کان الإخبار بالذی خاصه ، فإنها تعمّ الجملتین ، وأما الألف واللّام فلا یخبر بهما إلّا فی الجمله الفعلیّه خاصه ، لأنّ صله الألف واللّام لا تکون إلا اسم فاعل أو مفعول أو صفه مشبّهه لکراهتهم أن یدخلوا صیغه الألف واللّام علی الجمله ، لکون صیغتهما مثل صیغه لام التعریف ، فسبکوا من الجمله الفعلیّه اسم فاعل أو مفعول لیصحّ دخول اللّام علیهما (3) کقولک : الضارب زید ، والمضروب عمرو ، بمعنی الذی ضرب والذی ضرب ، ولا یبنی ذلک إلّا من الفعلیّه ، فلذلک خصّت اللام بالفعلیّه وعمّ «الذی» الجملتین الاسمیّه والفعلیّه (4) وطریق الإخبار أن یصدّر «الذی» ویؤخّر الاسم خبرا ، ویجعل مکانه ضمیر عائد علی «الذی» مطابق للظاهر المخبر عنه إعرابا وتذکیرا وتأنیثا وتثنیه وجمعا ، ویکون مستترا وبارزا متصلا ومنفصلا ، فإذا أخبرت عن التاء فی : ضربت زیدا بالذی قلت : الذی ضرب زیدا أنا (5) ، فإنّک صدّرت «الذی» وجعلت موضع الضمیر البارز الذی هو تاء ، ضربت

ص: 266

1- فی الأصل لقولک.

2- الکافیه ، 405 - 406.

3- شرح الکافیه ، 2 / 45.

4- شرح الوافیه ، 289 - 290.

5- شرح الوافیه ، 290 وانظر شرح المفصل ، 3 / 156 - 157.

ضمیرا ، فلزم أن یستتر فی ضرب الذی هو الفعل الماضی ، وأخّرت الضمیر البارز المتصل الذی هو تاء ضربت فلزم انفصاله فالذی مبتدأ ، وأنا خبره وما بینهما صله الذی ، وإذا أخبرت عن زید فی ضربت زیدا ، قلت : الذی ضربته زیدا ، فجعلت موضع المخبر عنه ضمیرا للذی وهو الهاء فی ضربته وأخّرت زیدا ، فالذی مبتدأ ، وزید خبره ، وما بینهما صله الذی ، وإذا أخبرت عن زید فی قولک : زید قائم قلت : الذی هو قائم زید ، والأمر فیه کما ذکرنا ، والذی فی هذه الصور مبتدأ واجب التقدیم ، والاسم المخبر عنه بالذی خبر واجب التأخیر ومع ذلک لم یذکرا فی مواضع وجوب تقدیم المبتدإ ووجوب تأخیر الخبر ، وإذا أخبرت بالألف واللّام عن التاء فی ضربت زیدا ، قلت : الضارب زیدا أنا (1) ، فالألف واللّام مبتدأ بمعنی الذی وأنا خبره ، وما بینهما صله الألف واللّام ، والعائد مستکنّ فی الضارب لأنّ اسم الفاعل قد جری علی من هو له ، وإذا أخبرت عن الکاف فی ضربتک ، قلت : الضاربه أنا أنت فاللّام مبتدأ ، وأنت خبره وما بینهما صله اللام ، والعائد الهاء فی الضاربه وأنا فاعل ، ووجب إبراز الضمیر ؛ لأنّ الألف واللام لمخاطب الذی هو أنت ، والفعل لضمیر المتکلّم فقد جری اسم الفاعل علی غیر من هو له ، فوجب إبراز الضمیر کما ذکر فی بابه (2).

واعلم أنّ المراد بقولهم : أخبر بالذی ، إنّما هو إخبار عن الذی بذلک الاسم لا إخبار بالذی حقیقه ، فتکون الباء فی أخبر بالذی ، إمّا بمعنی الاستعانه أی استعن علی هذا الإخبار المخصوص بالذی ، وإمّا بمعنی عن فیکون تقدیر أخبر بالذی ، أخبر عن الذی ، وکما أوّلنا الباء بأنّها بمعنی عن کذلک تؤوّل عن بأنّها بمعنی الباء فیصیر أخبر عن الذی ترید (3) وإنّما لزم تأویل هذا اللفظ لأنّ الذی فی هذا الباب مبتدأ مخبر

ص: 267

1- شرح الوافیه ، 290.

2- شرح الوافیه 290 وانظر شرح المفصل ، 3 / 158 وهمع الهوامع 2 / 146.

3- نقل صاحب الهمع ، 2 / 146 عن ابن السراج وأبی حیان قولهما : إن الإخبار لیس بالذی ولا عن الاسم بل بالاسم عن الذی ، قال ابن السراج وذلک لأنّه فی المعنی مخبر عنه ، قال أبو حیان : ویحتمل أنّ الباء بمعنی عن ، وعن بمعنی الباء کما تقول سألت عنه وسألت به فکأنه قال : أخبر بهذا الاسم أی صیّره خبرا ، وقال غیره الباء هنا للسببیّه لا للتعدیّه ، وکأنه قیل : أخبر بسبب الذی أی سبب جعلها مبتدأ.

عنه لا به ، والاسم المخبر عنه بالذی خبر مخبر به لا عنه.

واعلم أنّ قولهم : إنّ الألف واللام لا توصل إلّا بالجمله الفعلیّه لیس علی إطلاقه بل لا بدّ من قید آخر ، وهو أن یقال : الجمله الفعلیّه التی لها تصرّف ، لیمکن سبک اسم الفاعل والمفعول منها ، فإنّ الأفعال الجامده لا یمکن ذلک منها لأنها لا تتصرف (1) وهی سته : لیس ، وعسی ، ونعم وبئس وفعل التعجب وحبّذا ، وإذا تعذّر فی الإخبار بالذی أحد الأمور الثلاثه ، وهی : إمّا تصدیر الذی ، أو إقامه الضمیر العائد مقام الاسم المخبر عنه ، أو تأخیر المخبر عنه خبرا ، تعذّر الإخبار بالذی ، فلا یصحّ الإخبار عن ضمیر الشأن لأنّ له صدر الکلام فلا یؤخّر (2) ولا عن الوصف بدون الموصوف ، لأنّه یلزم وقوع الصفه مضمره ، والمضمر لا یجوز أن یوصف به ، فلو أخبرت عن الکریم فی قولک : رأیت زیدا الکریم ، وقلت : الذی رأیت زیدا إیّاه الکریم لم یجز ، وکذلک لا یخبر عن الموصوف بدون صفته ، لأنّه یلزم أن یقع المضمر موصوفا وذلک غیر جائز ، فلو أخبرت عن زید ، فی قولک : رأیت زیدا الکریم وقلت : الذی رأیت إیاه الکریم زید لم یجز ذلک (3) وکذلک الحال والتمییز لامتناع وقوع الضمیر حالا أو تمییزا ؛ لأنّ الضمیر معرفه ویمتنع أن یکون شیء منهما معرفه ، وکذلک المصدر العامل (4) فی نحو : أعجبنی ضربی زیدا ، لامتناع جعل الضمیر عاملا مکان المصدر ، لأنّ الضمیر لا یعمل ، وإن قدرت المصدر عاملا وقلت : الذی أعجبنی هو زیدا ضربی ، لم یجز أیضا ، لأن المصدر لا یعمل مؤخرا ، وإنّما قیّد المصدر بالعامل ، لجواز الإخبار عن المصدر الغیر العامل نحو : أن یقال فی رأیت ضربک : الذی رأیته ضربک ، وکذلک لا یخبر عن الضمیر المستحق لغیر الموصول ، ولا عن الاسم المشتمل علیه ، أمّا الضمیر المستحق لغیر الموصول فنحو الهاء فی : زید ضربته (5) وأمّا الاسم المشتمل علی الضمیر المستحق لغیر الذی

ص: 268

1- انظر شرح الکافیه ، 2 / 45.

2- شرح المفصل ، 3 / 159.

3- المقتضب ، 3 / 91 وشرح الکافیه ، 2 / 44.

4- شرح المفصل ، 3 / 160.

5- قال ابن یعیش فی شرحه علی المفصل ، 3 / 159 ولم یجز ذلک لأنّ هذه الهاء عائده إلی زید ، ولو أخبرت عنه لنزعت هذا المضمر وجعلت مکانه ضمیرا آخر یعود إلی الموصول ، وأخّرت الضمیر الذی فی ضربته إلی موضع الخبر وکنت تجعله منفصلا لتعذّر الإتیان بالمتصل ، ولو فعلت ذلک لأخلیت المبتدأ الذی هو زید من عائد علیه.

فنحو : زید ضربت أخاه (1) ، فلا یجوز أن تخبر عن الهاء فی ضربته ولا عن أخاه ، فإنک إن أعدت الهاء علی زید الذی هو المبتدأ بقی الموصول بلا عائد ، وإن أعدتها علی الذی بقی المبتدأ الذی هو زید ، بلا عائد (2) ، / وکذلک لا یصحّ الإخبار عن المجرور بربّ ومذ ومنذ ، وکاف التشبیه ، وواو القسم وتائه ، وحتّی ، والمضاف بدون المضاف إلیه لامتناع إضمار هذه الأشیاء.

ذکر أنواع ما (3)

وذکرت أقسامها هاهنا للاختصار ، لئلّا یفرد لها باب آخر ، وهی تستعمل غالبا فیما لا یعقل ، وقد جاءت لمن یعقل (4) فی قوله تعالی : (وَالسَّماءِ وَما بَناها)(5) وهی مشترکه بین سته معان ، فإنّها تأتی : موصوله ، واستفهامیّه ، وشرطیّه ، وموصوفه ، وصفه ، وتامّه ، وهی فی جمیع أقسامها مبنیّه ، فمثال الموصوله قوله تعالی : (قُلْ ما عِنْدَ اللهِ خَیْرٌ مِنَ اللهْوِ وَمِنَ التِّجارَهِ)(6) أی الذی عند الله وهی معرفه (7) لکن لا توصف بها المعرفه ، کما توصف بالذی ، لأنّ ما الموصوله تتضمّن الصفه والموصوف جمیعا ، فإذا قلت : أعجبنی ما صنعته فمعناه : أعجبنی الشیء الذی صنعته ، لأنّ الشیء موصوف والذی صنعته صفته ، ومثال الاستفهامیّه قوله تعالی : (وَما تِلْکَ بِیَمِینِکَ یا مُوسی)(8) وهی هنا نکره (9) ومثال الشرطیّه قوله تعالی :

ص: 269

1- شرح الکافیه ، 2 / 47.

2- بعدها فی الأصل مشطوب علیه «والمؤخر خبرا خارج عن الصله والخبر والعائد یلزم فیهما وانظر شرح الوافیه 290 حیث انتهی نقل أبی الفداء منها عند قوله : بلا عائد. وانظر شرح الکافیه ، 2 / 47 - 48.

3- الکافیه ، 406.

4- شرح المفصل ، 3 / 145.

5- الآیه 5 من سوره الشمس.

6- من الآیه 11 من سوره الجمعه.

7- المغنی ، 1 / 296.

8- الآیه 17 من سوره طه.

9- قال ابن یعیش فی شرح المفصل ، 4 / 5 : وهی غیر موصوله ولا موصوفه ، وهی سؤال عن ذوات غیر الأناسی وعن صفات الأناسی.

(وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَیْرٍ یَعْلَمْهُ اللهُ)(1) وهی نکره أیضا ، ومثال الموصوفه قول الشّاعر : (2)

ربّما تکره النفوس من الأم

ر له (3) فرجه کحلّ

العقال

وهی نکره أیضا ، لدخول ربّ علیها ، وإنّما کانت موصوفه ، لأنّ المجرور بربّ لا بدّ من وصفه ، وهی هنا موصوفه بالجمله ، وهی نکره أیضا ، والتقدیر ، ربّ شیء تکرهه النفوس أی مکروه ، وأمّا الموصوفه بالمفرد فنحو قوله تعالی : (هذا ما لَدَیَّ عَتِیدٌ)(4) أی هذا شیء لدیّ عتید ، فعتید صفه لما (5) ، ومثال الصفه قوله صلی الله علیه وسلم «أحبب حبیبک هونا ما ، عسی أن یکون بغیضک یوما ما ، وأبغض بغیضک هونا ما ، عسی أن یکون حبیبک یوما ما» (6) أی ، أحبب حبیبک حبّا قلیلا ، وأبغض بغیضک بغضا قلیلا ، وقیل : (7) «ما» هنا حرف یفید التقلیل ، وقیل : زائده للتأکید وهو الأصحّ ، وهی أیضا نکره ، ومثال التامّه ، وهی أن تکون بمعنی شیء (8) قوله تعالی : (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ

ص: 270

1- من الآیه 197 من سوره البقره.

2- البیت لأمیه بن أبی الصلت ورد فی دیوانه ، 444 وورد منسوبا له فی الکتاب ، 2 / 109 والحیوان للجاحظ ، 3 / 49 ولسان العرب ، فرج ، وشرح الشواهد ، 1 / 154 وشرح شواهد المغنی ، 2 / 707 وخزانه الأدب ، 6 / 108 وورد من غیر نسبه فی الکتاب ، 2 / 315 والمقتضب ، 1 / 42 والحلل ، 111 وأمالی ابن الشجری ، 2 / 238 والمغنی ، 1 / 328 والهمع ، 1 / 8 - 92 وشرح الأشمونی ، 1 / 154. ونسب فی بعض المصادر إلی حنیف بن عمیر الیشکری وقیل : لنهار ابن أخت مسیلمه. الفرجه بالفتح : الانفراج فی الأمر. العقال : بالکسر حبل تشد به قوائم الإبل.

3- فی الأصل لها.

4- من الآیه 23 من سوره ق.

5- قال سیبویه ، 2 / 106 بعد ذکره الآیه ما نصه «فرفعه علی وجهین : علی شیء لدیّ عتید وعلی : هذا بعلی شیخ ، وهی قراءه ابن مسعود. وقال ابن یعیش 4 / 3 عتید خبر ثان أو صفه ثانیه ، ویجوز أن تکون ما بمعنی الذی ولدیّ بعده الصله وهو خبر عن هذا ، وعتید خبر ثان علی حد هذا بعلی شیخ. وانظر التبیان ، 2 / 1175 والمغنی ، 1 / 329.

6- انظر الحدیث فی صحیح الترمذی ، 5 / 162 ومجمع الأمثال ، 1 / 18 ، وفصل المقال ، 216 ومختصر الجامع الصغیر للمناوی ، 1 / 17 وکشف الخفاء ، 1 / 53 - 54.

7- انظر اللسان هون.

8- المغنی ، 1 / 328.

فَنِعِمَّا هِیَ)(1) أی فنعم شیئا إبداؤها فحذف المضاف وهو إبداء ، وأقیم المضاف إلیه مقامه وهو الضمیر المجرور الراجع إلی الصّدقات فصار مرفوعا ، ومعنی کونها تامه أنّها غیر محتاجه إلی صله ولا صفه ، وهی هنا منصوبه علی التمییز ، ومفسّره (2) لفاعل نعم ، أی نعم الشیء شیئا هی الصدقات (3).

ذکر أنواع من

والاعتذار عن ذکر باقی أقسامها مع الموصولات ، وکذلک غیرها هو ما تقدّم فی ذکر أنواع ما ، وأنواع من کأنواع ما ، إلّا فی التمام والصفه ، فإنّ من لا تکون (5) تامّه ، ولا یوصف بها ، فالموصوله نحو : جاءنی من أبوه طیّب ، وهی خاصه معرفه ، ونکره فی باقی أقسامها ، والاستفهامیّه : (6) نحو : من عندک والموصوفه بالمفرد (7) نحو قوله : (8)

وکفی بنا فخرا علی من غیرنا

حبّ النبیّ محمّد إیّانا

وبالجمله نحو قوله : (9)

ص: 271

1- من الآیه ، 271 من سوره البقره.

2- غیر واضحه فی الأصل.

3- شرح المفصل ، 4 / 4 - 5.

4- الکافیه ، 406.

5- فی الأصل لا یکون.

6- المغنی ، 1 / 364.

7- شرح المفصل ، 4 / 11.

8- البیت اختلف حول قائله فقیل : هو لحسان بن ثابت ولیس فی دیوانه ، وقیل لعبد الله بن رواحه ولیس فی دیوانه أیضا وقیل : لکعب بن مالک. وقد رواه سیبویه فی الکتاب ، 2 / 105 منسوبا لحسان ، ورواه ابن الشجری فی أمالیه ، 2 / 169 منسوبا لکعب وفی 2 / 311 منسوبا بالحسان ورواه السیوطی فی شرح شواهد المغنی ، 1 / 337 - 2 / 741 منسوبا لکعب بن مالک ، وروی البیت من غیر نسبه فی مجالس ثعلب ، القسم الأول ، 73 وشرح المفصل ، 4 / 12 وشرح الکافیه ، 2 / 55 ، ومغنی اللبیب ، 1 / 109 - 329 وهمع الهوامع ، 1 / 92 وانظر معجم شواهد العربیه ، لعبد السّلام هارون ، 1 / 388. ویروی فضلا مکان فخرا.

9- البیت لسوید بن أبی کاهل وقد ورد منسوبا له فی المفضلیات ، 198 بروایه : قلبه مکان صدره ، وأمالی ابن الشجری ، 2 / 169 وشرح شواهد المغنی ، 2 / 740 وروی البیت من غیر نسبه فی شرح المفصل ، 4 / 11 وشرح الکافیه ، 2 / 55 ومغنی اللبیب ، 1 / 328 وشرح شذور الذهب ، 131 وهمع الهوامع ، 1 / 92 - 2 / 26 ، وشرح الأشمونی ، 1 / 154 ، والدلیل علی أن من فی البیت نکره دخول رب علیها ، ورب لا تجر إلا النکرات وقد وصفت بجمله «أنضجت».

ربّ من أنضجت غیظا صدره

قد تمنّی لی موتا لم یطع

فإنّ من هنا بمعنی شخص أو إنسان موصوف بما ذکر ، والشرطیّه نحو : من یکرمنی أکرمه ، ومن تستعمل غالبا فیمن یعقل ، وقد تستعمل فی غیر من یعقل ، نحو قوله تعالی : (وَاللهُ خَلَقَ کُلَّ دَابَّهٍ مِنْ ماءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ یَمْشِی عَلی بَطْنِهِ)(1).

ذکر أنواع أیّ وأیّه

وهی کأنواع ما إلّا فی التمام ، فإنّ أیّا وأیّه لا یقعان تامّین ، فالاستفهامیّه نحو : أیّهم وأیّتهم عندک؟ والشرطیّه : أیّهم تکرمه أکرمه ، والموصوفه : یا أیّها الرجل ویا أیّتها المرأه ، والموصوله (لَنَنْزِعَنَّ مِنْ کُلِّ شِیعَهٍ أَیُّهُمْ أَشَدُّ عَلَی الرَّحْمنِ عِتِیًّا)(3) أی الذی هو أشدّ والصفه نحو : مررت برجل أیّ رجل.

واعلم أنّ أیّا وأیّه خاصه تعربان فی الأقسام المذکوره إلّا فی قسمین منها : أحدهما : إذا حذف صدر صلتها نحو : (أَیُّهُمْ أَشَدُّ عَلَی الرَّحْمنِ عِتِیًّا)(4) أی أیّهم هو أشدّ (5) ، وبنیت لمشابهه الحرف فی افتقارها إلی ذلک المحذوف (6) وثانیهما : إذا کانت موصوفه نحو قولک : یا أیّها الرجل ویا أیتها المرأه ، وبنیا لقطعهما عن الإضافه وجعلهما مفردین (7) والمنادی المفرد المعرفه مبنیّ أبدا کما تقدّم فی بابه (8) وأمّا

ص: 272

1- من الآیه 45 من سوره النور ، وتتمتها : ومنهم من یمشی علی رجلین ، ومنهم من یمشی علی أربع ...

2- فی الکافیه ، 406 وأی وأیه کمن وهی معربه وحدها إلا إذا حذف صدر صلتها ، والظاهر أنها «کما» ولیست «کمن» ففی شرح الکافیه لابن الحاجب ، 2 / 523 وأی وأیه کما إلا فی التمام ومثله فی الأسرار الصافیه للنجرانی ، 49.

3- من الآیه 69 من سوره مریم.

4- من الآیه 69 من سوره مریم.

5- شرح الوافیه ، 292.

6- وذهب الکوفیون ویونس والأخفش والزجاج إلی کونها معربه مطلقا وانظر شرح الکافیه ، 2 / 57 وشرح التصریح ، 1 / 136.

7- شرح المفصل ، 4 / 22 وشرح الکافیه ، 2 / 56.

8- فی الصفحه 161.

وجوب إعرابهما فی باقی الأقسام المذکوره فلانتفاء موجب البناء.

ذکر ما ذا

وهی تستعمل علی وجهین :

أحدهما : أن یکون معناها ما الذی نحو ما ذا صنعت؟ ما للاستفهام وهی مبتدأ ، وذا بمعنی الذی ، وصنعت صلته ، والعائد محذوف أی : ما الذی صنعته؟ والموصول مع صلته خبر المبتدأ ، وجوابه مرفوع لیطابق السؤال فتقول : خیر بالرفع ، ویجوز نصبه بتقدیر الفعل المذکور فتقول : خیرا بالنّصب ، أی صنعت خیرا ، ولکنّ الرفع أولی.

وثانیهما : أن تکون ما ذا بمنزله کلمه واحده مرکّبه من کلمتین بمعنی أیّ شیء فیصیر المعنی ، أیّ شیء صنعت ، ویحکم علی موضعه بحسب ما یقتضیه العامل وهو هنا فی محلّ النصب ، بأن یکون مفعولا لصنعت ، فیکون الجواب منصوبا ، فتقول : خیرا بالنصب لتطابق السؤال (2) وقد یجوز فیه الرفع علی تقدیر ؛ أن یکون خبر مبتدأ محذوف ، وإنّما قدّم ما ذا لتضمّنه معنی الإنشاء (3) وقد أجمع القرّاء علی نصب خیرا فی قوله تعالی : (وَقِیلَ لِلَّذِینَ اتَّقَوْا ما ذا أَنْزَلَ رَبُّکُمْ ، قالُوا : خَیْراً)(4) تنبیها علی أنّهم قصدوا خلاف ما قصد من کان قبلهم من الکفّار إذ قیل لهم : (ما ذا أَنْزَلَ رَبُّکُمْ قالُوا : أَساطِیرُ الْأَوَّلِینَ)(5) فهذا لا یستقیم فیه إلّا الرفع علی معنی : هی أساطیر الأولین ، عدولا منهم عن الجواب ، إذ لا یستقیم أن یکون المعنی أنزل ربّنا أساطیر الأولین (6).

4- ذکر أسماء الأفعال

اشاره

وهی ما کان بمعنی الأمر ، أو الماضی ، وهی رابع المبنیّات ومسمیّاتها ألفاظ ؛

ص: 273

1- الکافیه ، 406.

2- شرح الوافیه ، 292.

3- شرح المفصل ، 4 / 24 وشرح الکافیه ، 2 / 58 وشرح الأشمونی ، 1 / 159.

4- من الآیه 30 من سوره النحل.

5- الآیه 24 من سوره النحل.

6- شرح الوافیه ، 292 - 293 وفی التبیان ، 2 / 793 ویقرأ أساطیر بالنصب والتقدیر : وذکرتم أساطیر أو أنزل أساطیر علی الاستهزاء.

7- الکافیه ، 406.

فروید اسم ومسمّاه لفظ أمهل ، وأمهل لفظ ومدلوله طلب المهله ، وکذلک جمیع أسماء الأفعال نحو : هیهات ، فإنّها اسم للفظ بعد ، وبعد موضوع للمعنی الذین هو البعد ، وکذلک (1) صه اسم ل : اسکت ، واسکت موضوع للمعنی الذی هو طلب السکوت (2) لأنّ روید مثلا لو کان اسما لطلب المهله ، لکان روید وأمهل مترادفین ولم یکن اسما له (3) ، وکذلک القول فی جمیع هذا الباب ، وفائده أسماء الأفعال ؛ الاختصار والمبالغه لأنّها للمذکّر والمؤنّث والمثنّی والمجموع ، بلفظ واحد ، فتقول : صه یا زیدان ویا زیدون ، فلا تلحقها علامه تثنیه ولا جمع ، بخلاف اسکتا واسکتوا ، وأمّا المبالغه فإنّ معنی : هیهات زید ، بعد جدا ، فهیهات معدوله عن قولک : بعد بعد مکرّرا ، وکذلک القول فی مه وغیرها من هذا الباب وإنّما بنیت هذه الأسماء لأنها نائبه عن الجمله ، والجمل محکیّه لا تعرب ، أو لشبهها بما هی بمعناه وهو فعل الأمر والماضی (4) ولا بدّ لها من موضع من الإعراب لوجود الترکیب ، واختیار ابن الحاجب أنّ موضعها رفع بالابتداء وفاعلها المستتر فیها أغنی عن الخبر کما أغنی فی : أقائم الزیدان عن الخبر (5) واختیار تقی الدین النیلی ، أنّ موضعها نصب علی المصدر کأنه قیل فی روید زیدا : أرود إروادا زیدا (6).

ص: 274

1- فی الأصل ولذلک.

2- شرح المفصل ، 4 / 25 وشرح التصریح ، 2 / 195.

3- شرح المفصل ، 4 / 25.

4- شرح الکافیه ، 2 / 65.

5- هذا مذهب بعض البصریین کما فی شرح التصریح ، 2 / 195 وفی إیضاح المفصل ، الورقه 206 و : هذه الأسماء کلها - أعنی أسماء الأفعال - اختلف فیها هل لها موضع من الإعراب أو لا؟ فقال قوم لا موضع لها من الإعراب ... وقال غیرهم بل لها موضع من الإعراب ... وموضعها عند هؤلاء رفع بالابتداء لأنه وما بعده - کذا فی الأصل - اسمان جرّدا عن العوامل اللفظیّه أسند أحدهما إلی الآخر کقولک : أقائم الزیدان وکونه - أی اسم الفعل واقعا موقع الفعل لا یمنع الإعراب ألا تری إلی أقائم ، وإن کان واقعا موقع الفعل کیف حکم برفعه علی الابتداء بتصرف وانظر إیضاح المفصل ، المطبوع 1 / 505 - 506.

6- وهو قول المازنی کما فی شرح التصریح ، 2 / 195 وقیل هو للفارسی کما فی الأسرار الصافیه ، 6 وقال النیلی فی شرح الکافیه ، فی الورقتین 167 ظ و 168 و : وموضع هذه الأسماء نصب ؛ لأنّها عباره عن لفظ فأشبهت المصادر النائبه عن الفعل یدلّ علی ذلک أن رویدا إذا کان مصدرا معربا منصوبا ، فمعناه بمعنی روید المبنی ، وزعم بعضهم أنّ موضع هذه الأسماء رفع بالابتداء وقد سدّ فاعلها مسدّ الخبر نحو قوله : أقائم أخواک والصحیح هو الأوّل.

فصل

وأسماء الأفعال تنقسم إلی مرتجل ، ومشتقّ ، ومنقول ، فالمرتجل نحو : صه ومه وهیهات ، والمشتقّ نحو : نزال ومناع ، والمنقول نحو : علیک زیدا ، ودونک عمرا ، أی خذه ، وعندک بکرا أی إلزمه ، فإنّ ذلک منقول عن الجار والمجرور والظرف وما أضیف إلیه ، فإنّ علیک مثلا کان جارا ومجرورا ثم صار اسم فعل هنا ، وکذا دونک وعندک ، کلّ واحد منهما کان ظرفا مضافا إلی کاف المخاطب ثمّ استعمل اسم فعل حسبما ذکر (1) وینقسم قسمه أخری ؛ إلی لازم نحو : صه وهیهات وإلی متعدّ بنفسه نحو : روید زیدا ، وإلی متعدّ بحرف الجرّ نحو قول المؤذن : حیّ علی الصّلاه أی أقبلوا علی الصلاه (2).

فصل

ومذهب سیبویه ، أنّ کلّ فعل ثلاثی لک أن تبنی منه فعال بمعنی افعل (4) کقولک : ضراب اسم اضرب ، وقعاد اسم اقعد ، وقوام اسم قم ، ونزال اسم انزل ، وعند غیره یؤخذ سماعا کما فی الرباعی بالاتفاق (5) إذ لم یأت منه إلّا قرقار (6) وعرعار (7) قال الشّاعر : (8)

ص: 275

1- شرح التصریح ، 2 / 197.

2- شرح المفصل ، 4 / 29 - 31.

3- الکافیه ، 406.

4- قال سیبویه فی الکتاب ، 3 / 280 واعلم أن فعال جائزه من کل ما کان علی بناء فعل أو فعل أو فعل ، ولا یجوز من أفعلت لأنا لم نسمعه من بنات الأربعه إلا أن تسمع شیئا فتجیزه فیما سمعت ولا تجاوزه فمن ذلک : قرقار وعرعار.

5- ما عدا الأخفش إذ أجاز أن یقال : دحراج وقرطاس قیاسا علی قرقار. انظر شرح المفصل ، 4 / 52 وشرح الکافیه ، 2 / 76 وشرح التصریح ، 2 / 196.

6- یقال : قرقر البعیر قرقره هدر ، وذلک إذا هدل صوته ورجّع ، والاسم القرقار یقال بعیر قرقار الصوت أی صافی الصوت. اللسان ، قرر.

7- عرعار لعبه للصبیان بنی علی الکسر وهو معدول عن عرعره مثل : قرقار من قرقره ، والعرعره لعبه للصبیان لأن الصبیّ إذا لم یجد أحدا رفع صوته فقال : عرعار ، فإذا سمعوه خرجوا إلیه فلعبوا تلک اللعبه. اللسان ، عرعر.

8- الرجز لأبی النجم وعجزه : واختلط المعروف بالإنکار وروی منسوبا له فی لسان العرب ، قرر ، وخزانه الأدب ، 6 / 307 وروی من غیر نسبه فی الکتاب ، 3 / 276 وشرح المفصل ، 4 / 51 وشرح الکافیه ، 2 / 76 وشرح الأشمونی ، 3 / 160.

قالت له ریح الصّبا قرقار

أی قالت الریح للسّحاب : قرقر یا رعد ، فهو اسم لقولک أرعد ، وأمّا عرعار ، فحکایه صوت الصبی إذا خرج فلم یجد من یلعب معه فینادی : عرعار فیخرجون إلیه ، فکأنه اسم لقولک اخرجوا للّعب ، قال الشاعر : (1)

...

یدعو ولیدهم بها عرعار

وقیل : لو کان کذلک لکان من باب الأصوات ، بل هو اسم للعب معیّن للصبیان (2).

فصل

ومن أسماء الأفعال ، ها بمعنی خذ ، وتلحقها الکاف فیقال هاک ، فیتصرف مع الکاف فی أحواله : هاک وهاک وهاکما إلی هاکنّ.

واعلم أنّ هلمّ من أسماء الأفعال (4) وهی عند الخلیل مرکّبه من لمّ من قولهم : لمّ الله شعثه إذا جمعه ، ومن ها التنبیه فأصلها ها لمّ (5) ثمّ حذفت الألف لکثره الاستعمال ، وقال الکوفیون : هی مرکبّه من هل بمعنی أسرع وأمّ بمعنی اقصد

ص: 276

1- البیت للنابغه الذبیانی ورد فی دیوانه ، 56 بروایه : یدعو بها ولدانهم عرعار. وصدر البیت : متکنّفی جنبی عکاظ کلیهما وورد البیت منسوبا له فی شرح المفصل ، 4 / 52 ولسان العرب ، عرر ، وخزانه الأدب ، 6 / 312 وورد من غیر نسبه فی شرح الکافیه ، 2 / 76 وشرح الأشمونی ، 3 / 160.

2- انظر شرح المفصل ، 4 / 52 قال الأشمونی ، 3 / 160 - 161 والصحیح ما قاله سیبویه ؛ لأنّه لو کان حکایه صوت لکان الصوت الثانی مثل الأول نحو : غاق غاق فلما قال : عرعار وقرقار ، فخالف لفظ الأول لفظ الثانی علم أنه محمول علی عرعر وقرقر.

3- المفصل ، 153.

4- المفصل ، 152.

5- فی الکتاب ، 3 / 332 : وأما هلمّ فزعم أنها حکایه فی اللغتین جمیعا کأنها لمّ أدخلت علیها الهاء کما أدخلت ها علی ذا. وانظر شرح المفصل ، 4 / 41 والتسهیل ، 211 وشرح الأشمونی ، 3 / 205.

ثم حذفت الهمزه وجعلا اسما واحدا للفعل (1) بمنزله باقی أسماء الأفعال نحو : روید ، ونزال ، وهی عند الحجازیین علی لفظ واحد فی التثنیه والجمع والتذکیر والتأنیث ، وبنو تمیم یقولون : هلمّا هلمّوا هلممن ، ویلحقونها نون التأکید أیضا نحو : هلمّنّ وهلمنّ یا هذه وهلمانّ وهلمنّ یا هؤلاء ، وهلممنانّ یا نساء (2) واعلم أنّ هلمّ علی وجهین : (3) متعدیّه وغیر متعدیّه ، فالمتعدیّه بمعنی أحضر وقرّب نحو قوله تعالی : (هَلُمَّ شُهَداءَکُمُ)(4) فإنّه من القسم المتعدی أی : أحضروا شهداءکم ، وغیر المتعدی بمعنی : تعال وأقبل نحو قوله تعالی : (هَلُمَّ إِلَیْنا)(5) فإنّه من القبیل الذی لا یتعدّی أی : تقرّب إلینا (6).

فصل

ومن المبنیّات ما یوافق فعال فی الصیغه فذکروه هنا وإن لم یکن من أسماء الأفعال لئلا یطول بإفراد باب له وهو علی ثلاثه أضرب :

الضرب الأول : ما هو اسم للمصدر المعرفه نحو : فجار علما للفجور ، وهو مبنیّ لمشابهته فعال - الذی هو اسم الفعل - من حیث الزنه والعدل ؛ لأنّ فجار معدوله عن الفجور لفظا ومعنی (8).

الضرب الثانی : ما هو فی معنی الصفه فی النّداء ، مثل : یا فساق ویا خباث وهو أیضا مبنیّ للزنه والعدل ، لأنّ فساق مثلا معدول عن فاسقه وهو معرفه أیضا ، لجواز وصفه بالمعرفه کقولک : یا فساق الخبیثه.

ص: 277

1- قال ابن یعیش فی شرح المفصل ، 4 / 41 - 42 وقد أنکر بعضهم ذلک وقال : إنه ضعیف من جهه المعنی إذ کانت هل للاستفهام ولا مدخل للاستفهام هاهنا ، والقول إن هل التی رکّبت مع أم لیست التی للاستفهام وإنما هی للزجر والحثّ.

2- الکتاب ، 1 / 252 - 3 / 332 - 529.

3- المفصل ، 152.

4- من الآیه 150 من سوره الأنعام.

5- من الآیه 18 من سوره الأحزاب.

6- شرح المفصل ، 4 / 43 وحاشیه الصبان ، 3 / 206.

7- الکافیه ، 406.

8- شرح الوافیه ، 294 وانظر شرح المفصل ، 4 / 53.

الضرب الثالث : ما وضع علما للأعیان المؤنّثه نحو : قطام وغلاب وإنّما قال : علما لیخرج باب فساق ، وإنّما قال : للأعیان لیخرج باب فجار ، لأنّه وإن کان علما لکنه علم للمعنی الذی هو المصدر لا للأعیان ولم یقع هذا الضرب الثالث إلّا مؤنّثا ، وهی مبنیّ أیضا فی لغه أهل الحجاز (1) وعلّه بنائه ما قیل فی : فجار من العدل والزنه ، وغلاب معدول عن غالبه ، وقطام عن قاطمه لفظا ومعنی (2). واعلم أنّ قولنا فی غلاب وقطام ونحوهما : إنّه معدول عن غالبه وقاطمه ، إنّما هو عدل تقدیریّ لا تحقیقی (3) وإنّما وجب المصیر إلیه للعلم بأنهم لا یبنون إلّا لمانع من الإعراب ، ولا مانع سوی ما قدّر من العدل ومشابهه فعال المبنیّ فی الزنه ، وفی هذا الضرب الثالث خاصه خلاف أعنی علم الأعیان فإنّه مبنیّ فی لغه الحجاز معرب فی لغه بنی تمیم إعراب ما لا ینصرف ، إلّا ما کان فی آخره راء نحو : حضار اسم کوکب یطلع قدّام سهیل ویشتبه به (4) فإنّ بنی تمیم یوافقون الحجازیین فی بنائه إلّا القلیل منهم فإنّهم یعممون الإعراب فی جمیع هذا الضرب الثالث وقد جری القلیلون علی القیاس فی ذلک ، إذ لا فرق بین ما آخره راء وغیرها (5).

5- ذکر الأصوات

وهی خامس المبنیّات ، وهی : کلّ لفظ حکی به صوت نحو : غاق ، حکایه صوت الغراب ، وطق ، حکایه صوت الحجر ، أو صوّت به للبهائم لیحصل منها ما یقصده المصوّت من إناخه وغیرها کنخ وجوت (7) وبنی هذا النّوع لعدم الترکیب لأنّ وضعه علی أن ینطق به مفردا (8) وقد جاء إعرابه مرکّبا قلیلا.

ص: 278

1- المقتضب ، 3 / 373 وشرح المفصل ، 4 / 64.

2- شرح الوافیه ، 294 وانظر شرح المفصل ، 4 / 65.

3- شرح الکافیه ، 2 / 79.

4- قال أبو عمرو بن العلاء : یقال : طلعت حضار والوزن وهما کوکبان یطلعان قبل سهیل فإذا طلع أحدهما ظنّ أنه سهیل للشبه ، اللسان ، حضر.

5- شرح الوافیه ، 294 وانظر شذور الذهب ، 94.

6- الکافیه ، 406.

7- جوت جوت : دعاء الإبل إلی الماء. اللسان ، جوت.

8- شرح الأشمونی ، ومعه حاشیه الصبان ، 3 / 211.

قال ذو الرمه : (1)

تداعین باسم الشّیب فی متثلّم

جوانبه من بصره وسلام

والشّیب بالکسر ، حکایه أصوات مشافر الإبل عند الشّرب (2) وصف إبلا تشرب فی حوض متثلّم جوانبه ، وأصوات مشافرها شیب شیب ، والأصل : أن تحکی الأصوات علی ما هی علیه ، ولا یعتبر ترکیبها کما لا یعتبر ترکیب قد وضرب ونحوه فی الإعراب.

6- ذکر المرکّبات

وهی سادس المبنیّات ، والمرکّب المبنیّ : کلّ اسم مرکّب من کلمتین لیس بینهما نسبه ، اعلم أنّ المراد بالمرکّب هنا ما سبب بنائه الترکیب ، وإنّما قال : المرکّب من کلمتین ، لیشمل المرکّب من الاسم والفعل والحرف نحو : سیبویه ، وقوله : لیس بینهما نسبه ، أی لیس أحدهما محکوما علیه بالآخر ، ولا عاملا فیه ، وما کان من ترکیب هذا شأنه فهو موجب للبناء فیخرج مثل : غلام زید ، وتأبّط شرّا ، ونحوهما لوجود النسبه فیهما ، وتأبّط شرّا وإن کان مبنیّا ، فلیس بناؤه للترکیب بل لکونه محکیّا علی أصله ، والمرکّب المبنیّ علی ضربین ، أحدهما : أن یکون الأول والثانی مبنیین معا ، وثانیهما : أن یکون الأول مبنیا والثانی معربا کما سنذکر.

أما الضرب الأول : وهو الذی بنی فیه الأول والثانی معا.

فمنه : أحد عشر إلی تسعه عشر خلا الجزء الأول من اثنی عشر فإنّه خاصه معرب کما سیأتی ، وبنی الأول من الأعداد المذکوره لشبهه بصدر الکلمه ، لأنّ خمسه من خمسه عشر مثل جع من جعفر ، وبنی الثانی من أحد عشر واثنی عشر إلی تسعه

ص: 279

1- دیوانه ، 609 ورد منسوبا له فی شرح المفصل ، 3 / 14 - 4 / 85 ولسان العرب. بصر ، وشرح الأشمونی ، 3 / 211 وخزانه الأدب ، 1 / 104 - 4 / 343 ومن غیر نسبه فی إصلاح المنطق لابن السکیت ، 34 ولسان العرب ، شیب. المتثلّم : الحوض المتهدم المتکسّر ، البصره : حجاره رخوه فیها بیاض ، السّلام : جمع سلمه بفتح السین وکسر اللام وهی الحجر الرقیق.

2- اللسان ، شیب.

3- الکافیه ، 406.

عشر لتضمّنه معنی الحرف (1) أعنی الواو ، لأنّ أصل أحد عشر ، أحد وعشر ، وکذا القول فی اثنی عشر فی بناء الثانی خاصه إلی تسعه عشر ، وبنیا علی حرکه ، لأنّ لهما أصلا فی التمکین قبل الترکیب ، وکانت فتحه طلبا للخفّه.

ومنه : اسم الفاعل المصوغ من الأعداد المذکوره وهو حادی عشر وثانی عشر إلی تاسع عشر ، واطّرد البناء فیه ولم یعرب الجزء الأول من ثانی عشر کما أعرب من اثنی عشر لاستوائه مع إخوته فی علّه البناء لأنّ اسم الفاعل المذکور جری فی البناء مجری أصله ؛ فحادی عشر وثانی عشر ، مبنیّان کبناء أحد عشر وعلی ذلک حتی یکون تاسع مبنیّا کبناء تسعه عشر ، وأما اثنا عشر فبنی الثانی خاصه لتضمّنه معنی الحرف ، وأعرب الأوّل ، لأنّهم لمّا حذفوا النون من اثنین لکونها تدلّ علی الانفصال ، أشبه المضاف وصار الاسم الثانی کالمضاف إلیه ، فأجروا الاسم الأول مجری الکلمه المستقلّه المضافه فأعربوه بالألف فی الرفع وبالیاء فی النصب والجر فقالوا : جاءنی اثنا عشر ورأیت اثنی عشر ومررت باثنی عشر ، بإعراب الأول وبناء الثانی علی الفتح (2) ، ومن هذا الضّرب قولهم (3) ، «وقعوا فی حیص بیص» وتقدیره فی حیص وبیص أی فی فتنه تموج بأهلها متأخّرین ومتقدّمین وعلّه بنائه ما تقدّم أعنی ، لتضمّن الثانی معنی الحرف ولکون الأول کصدر الکلمه ، ومثله : هو جاری بیت بیت (4) والتقدیر : هو جاری بیتا إلی بیت أی متلاصقان ، والعامل فیه جاری ؛ لأنّه بمعنی مجاوری ، ومن ذلک : سقطوا بین بین أی بین کذا وبین کذا (5).

وأمّا الضّرب الثانی :

وهو أن یکون الأول مبنیّا والثانی معربّا ف : کحضرموت وبعلبکّ ، بنی الأوّل لکونه کصدر الکلمه ، وبقی الثانی علی ما یستحقّه من الإعراب فیقال : هذا بعلبکّ

ص: 280

1- شرح المفصل ، 4 / 112.

2- شرح الوافیه ، 296 وانظر الکتاب ، 3 / 307 وشرح الکافیه ، 2 / 88.

3- وضح المؤلف معنی المثل ، وانظره فی جمهره الأمثال ، 2 / 245 والمفصل ، 176 - 177 وشرح الکافیه ، 2 / 92 واللسان ، حیض.

4- الصحاح واللسان ، بیت ، وشرح الکافیه ، 2 / 91.

5- شرح المفصل ، 4 / 117 واللسان ، بین.

ورأیت بعلبکّ ومررت ببعلبکّ ، فلا ینصرف للعلّتین وهذا هو الفصیح ، ومن العرب من یعرب الأوّل بالرفع والنّصب والجرّ کالمضاف ، ویعرب الثانی إعراب المضاف إلیه الغیر المنصرف ، ومن هؤلاء من یعرب الثانی إعراب المضاف إلیه المنصرف فیقول : هذا بعلبکّ بجرّ الثانی فی الأحوال الثلاث (1) وأمّا نحو : (2) : «ذهبوا أیدی سبا» فقد عدّه المحققون (3) من باب المبنیّات وهو مشکل ؛ فإنّ معناه ذهبوا مثل أیدی سبا فی تشتّتهم ، فحذف المضاف الذی هو مثل ، وأعرب المضاف إلیه بإعرابه ثم حقّقت الهمزه من سبأ ، وسکّنت الیاء من أیدی علی التخفیف وذلک لا یوجب بناء (4).

7- ذکر الکنایات المبنیّات

وهی سابع المبنیّات ، والکنایه من کنیت إذا سترت ومنه کنیه الشّخص ؛ سمّیت بذلک لکونها تستر اسمه (6) وتکون الکنایه معربه نحو : فلان ، ویسمّی الضمیر مکنیّا أیضا ، ولیس ذلک بمراد هاهنا ، وإنّما المراد الکنایات المبنیّه ، وهی : کلّ لفظ مجمل یعبّر به عن مفصّل ، ویکون إجماله إمّا لنسیانه أو لقصد إبهامه علی السّامعین ، بحیث لا یعلم معناه إلّا من یعرف ذلک التفصیل نحو : عندی کذا کذا درهما ، فکذا کذا درهما ، مجمل وله تفصیل من نحو : عشرین أو خمسین أو غیر ذلک ، وقد عبّر عنه بهذا اللفظ المجمل ، أعنی کذا کذا درهما ، إمّا للنسیان أو للإبهام علی السّامعین (7) وألفاظ الکنایات کم وکذا للعدد ، وکیت وذیت للحدیث وقد قیل : (8) إنّ کم الاستفهامیه لیست من الکنایات ، لأنّها وضعت للاستفهام عن العدد فلا تکون بهذا

ص: 281

1- شرح المفصل ، 4 / 124.

2- المستقصی ، 2 / 88 وفرائد اللآل ، 1 / 227 وانظر الکتاب ، 3 / 304 والمقتضب ، 4 / 25.

3- فی شرح الکافیه ، للرضی 2 / 90 وجعل جار الله بادی بدا وأیدی سبا من باب معد یکرب ، وجعلها سیبویه من باب خمسه عشر ، وهو الأولی ، وانظر الکتاب ، 3 / 304 وشرح المفصل ، 4 / 122.

4- شرح الکافیه ، لابن الحاجب ، 2 / 546 والنقل منه.

5- الکافیه ، 407.

6- اللسان ، کنی وخلل.

7- شرح المفصل ، 4 / 126.

8- القائل هو ابن الحاجب نصّ علی ذلک فی شرح الکافیه ، 2 / 549 ونسب إلیه أیضا فی الأسرار الصافیه للنجرانی ، 98 وشرح الکافیه ، للرضی 2 / 93.

الاعتبار من الکنایات وإلّا لزم أن یکون أین ومتی ، کنایتین عن مکان وزمان مبهمین ، لأنّ کم کما یفید الاستفهام والعدد فکذلک أین یفید الاستفهام والمکان (1) ، وقال السخاوی (2) فی شرح المفصل ما معناه : إنّ کم الاستفهامیه من الکنایات أیضا ، قال : لأنّها فی الاستفهام سؤال عن عدد مبهم فلا شیء من العدد إلّا ویصلح أن یکون جوابا ، وبنیت الاستفهامیه لتضمنها همزه الاستفهام ، والخبریّه لکونها مثل الاستفهامیّه فی الصیغه (3) وبنی «کذا» لکونه منقولا عن مبنیّ لأنّ أصله «ذا» ودخلت علیه کاف التشبیه فبقی علی ما کان علیه (4) وأما کیت وکیت وذیت وذیت ، فکنایتان عن الحدیث ، وبنیا لکونهما واقعین موقع المبنیّ وهو الجمله (5) أعنی الحدیث الذی کنی عنه بهما /.

وممیّزکم الاستفهامیه (6) مفرد منصوب نحو : کم رجلا ضربت ، لأنّ کم للعدد فجعل ممیّزها کممیّز الأعداد المتوسطه أعنی من أحد عشر إلی تسعه وتسعین ولم یجعل کممیّز طرفی العدد أعنی العشره وما دونها والمائه وما فوقها ، لئلا یلزم الترجیح بلا مرجّح ، ویدخل «من» فی ممیّزها فیخفض نحو : کم من رجل ضربت ، وممیّزکم الخبریّه مجرور مفرد ، ومجموع کقولک : کم درهم وهبت ، وکم دراهم وهبت ، أما کونه مجرورا ، فلأنّها للتکثیر ، والعدد الصریح الکثیر ، ممیّزه مجرور کمائه وألف ، وأما کونه مفردا ، فلأنّ ممیّز العدد الکثیر کذلک ، وأمّا کونه جاء مجموعا فلأنّ العدد الکثیر ، فیه ما ینبیء عن کمیّته صریحا کالمائه والألف ، ولما کان

ص: 282

1- شرح الکافیه ، لابن الحاجب 2 / 549 والنقل منه بتصرف یسیر. وانظر شرح الکافیه ، للرضی 2 / 94 وهمع الهوامع ، 2 / 75.

2- هو أبو الحسن علی بن محمد بن عبد الصمد السخاوی ولد فی سخا سنه 559 ه وقرأ علی الشاطبی ، ثم نزل دمشق وقرأ علیه خلق کثیر ، کان بصیرا بالقراءات وعللها وإماما فی النحو واللغه والتفسیر عارفا بأصول الفقه له من التصانیف شرحان علی المفصل ، وسفر السعاده وسفیر الإفاده ، وشرح علی الشاطبیّه مات سنه 643 ه انظر ترجمته فی إنباه الرواه ، 2 / 311 وبغیه الوعاه ، 2 / 192 وطبقات المفسرین ، للداوودی ، 1 / 425.

3- شرح الکافیه ، 2 / 94.

4- همع الهوامع ، 2 / 76.

5- شرح الکافیه ، 2 / 95.

6- الکافیه ، 407.

هذا لیس مثله فی التصریح جعل کأنّه نائب عن معنی التصریح (1) وتدخل «من» فی ممیّز الخبریّه کثیرا نحو قوله تعالی : (وَکَمْ مِنْ قَرْیَهٍ أَهْلَکْناها)(2) ولکم الاستفهامیه والخبریّه صدر الکلام (3) لکون الاستفهامیّه لإنشاء الاستفهام ، والخبریّه لإنشاء التکثیر ، والکوفیون لا یوجبون لهما صدر اللام ویستشهدون بقوله تعالی : (أَوَلَمْ یَهْدِ لَهُمْ کَمْ أَهْلَکْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ)(4) ویزعمون أنّ کم فاعل یهد (5) والبصریون یتأولونه ویقفون علی یهد لهم ویبتدئون بقوله : کم أهلکنا (6) لکن إن کان قبلهما مضاف أو حرف جرّ وجب تقدیمه وکانا فی موضع خفض کقولک : غلام کم رجلا ضربت ، وبکم رجلا مررت ، لأنّ المضاف وحرف الجرّ لا یتأخّر عن معموله ، فلذلک اغتفر تقدیمه علی ماله صدر الکلام ، لیتنزّل المضاف وحرف الجرّ منزله الجزء من الکلمه ، ویکون إعراب المضاف نحو الغلام فی : غلام کم رجلا ، کإعراب کم ، ولذلک نصبت غلام کم رجلا ضربت ، والاستفهامیّه والخبریّه کلاهما یقع مرفوعا ومنصوبا ومجرورا (7) أما جرّهما فبالمضاف أو حرف الجرّ حسبما تقدّم ، وأمّا النصب فبما بعدهما من الفعل ، إن کان متسلّطا علیهما ، أی غیر مشتغل بضمیرهما أو متعلّق ضمیرهما علی حسب ما یقتضیه ، أعنی ؛ إن اقتضی مفعولا به کان مفعولا به نحو : کم رجلا أو رجل ضربت ، بنصب رجل مع الاستفهامیّه ، وجرّه مع الخبریّه ، وإن اقتضی مفعولا مطلقا کان مفعولا مطلقا نحو : کم ضربه وضربه ضربت ، وإن اقتضی

ص: 283

1- شرح الکافیه ، 2 / 97 وشرح الأشمونی ، 4 / 81.

2- من الآیه 4 من سوره الأعراف.

3- الکافیه ، 407.

4- من الآیه 26 من سوره السجده.

5- انظر معانی القرآن 2 / 195 - 333 وشرح الوافیه ، 298.

6- فی البیان ، للأنباری ، 2 / 154 : وزعم الکوفیون بأنّ فاعل یهدی هو کم ، وذلک سهو ظاهر ؛ لأنّ کم لها صدر الکلام ولا یعمل فیها ما قبلها رفعا ولا نصبا ، وکم فی موضع نصب بأهلکنا وهو مفعول مقدّم وتفسیره محذوف وتقدیره : کم قریه أهلکنا ، وحکی الأخفش أن بعض العرب یقدّم العامل علی کم الخبریّه وردّ ابن هشام ذلک بأنها : لغه ردیئه ولا یجوز تخریج کلام الله سبحانه علی هذه اللغه وقرّر بأنّ الفاعل هو ضمیر اسم الله سبحانه أو ضمیر العلم أو الهدی المدلول علیه بالفعل ، أو جمله أهلکنا علی القول بأن الفاعل یکون جمله. انظر مغنی اللبیب ، 1 / 184 وحاشیه الصبان ، 4 / 83.

7- الکافیه ، 407.

ظرفا کان ظرفا نحو : کم یوما وکم یوم صمت ، وأمّا الرفع فعلی أن یکونا مبتدأین أو خبرین ، وذلک إذا لم یکن بعدهما فعل متسلّط علیهما ولا قبلهما اسم مضاف ولا حرف جرّ فیکونان حینئذ مجرّدین من العوامل اللفظیّه ، فیتعیّن أن یکونا فی موضع رفع علی الابتداء أو علی الخبر ، ولا یکونان فاعلین لاقتضائهما صدر الکلام ، والفاعل لیس له صدر الکلام ، وأمّا تعینهما للابتداء دون الخبر أو للخبر دون الابتداء ، فإذا وقعا غیر ظرف تعیّنا للابتداء کقولک : کم رجلا إخوتک ، وکم رجلا قام ، وإن وقعا ظرفا تعیّنا للخبر ، کقولک : کم یوما سفرک لأنک لو جعلت کم مبتدأ وهی للزمان تعذّر أن یکون خبرها السّفر کما یتعذّر ذلک فی : متی سفرک ، فیجب أن یقدّر السّفر ونحوه مبتدأ ، ویکون ما تقدّم ظرفا فی موضع رفع علی الخبر (1).

واعلم أنّ إعراب أسماء الاستفهام والشّرط نحو : من وما ، استفهامیتین وشرطیّتین مثل إعراب کم فإن کان بعدهما فعل متسلّط علیهما کان محلّهما النصب نحو : من ضربت ، ومن تضرب أضرب وإن کان قبلهما حرف جرّ أو اسم مضاف فمحلّهما الجرّ نحو : بمن مررت وبمن مررت أمرر ، وغلام من ضربت ، وغلام من تضرب أضربه ، فإن لم یکن بعدهما فعل ، شأنه ما ذکرناه ، ولا قبلهما مضاف ولا حرف جرّ فهما فی محلّ الرفع بالابتداء ، نحو : من ضربته ، ومن تضربه ، أضربه وفی ممیّزکم فی مثل قول الفرزدق یهجو جریرا. (2)

کم عمّه لک یا جریر وخاله

فدعاء قد حلبت علیّ عشاری

ص: 284

1- شرح المفصل ، 4 / 127 وشرح الأشمونی ، 83 - 84.

2- وهو جریر بن عطیّه ، یکنّی أبا حرزه من فحول شعراء الإسلام ومن أشد الناس هجاء وتشبیها ، مدح الحجاج ، وعبد الملک بن مروان ، وکانت بینه وبین الفرزدق مهاجاه ونقائض مشهوره توفی 111 ه. انظر ترجمته فی طبقات فحول الشعراء 1 / 297 - 374 والشعر والشعراء 1 / 374 ووفیات الأعیان ، 1 / 321 والبیت للفرزدق همام بن غالب ، ورد فی دیوانه ، 2 / 451 بروایه : کم خاله وروی منسوبا له فی الکتاب ، 2 / 72 - 162 وکتاب الحلل ، 179 وشرح المفصل ، 4 / 133 وشرح الکافیه ، 2 / 100 ومغنی اللبیب ، 1 / 185 وشرح التصریح ، 2 / 280 وخزانه الأدب ، 6 / 485 وروی البیت من غیر نسبه فی الکتاب ، 2 / 166 والمقتضب ، 3 / 58 وهمع الهوامع ، 1 / 254. الفدعاء : المعوجّه الرّسغ من الید أو الرجل ، والعشار : جمع عشراء وهی الناقه التی أتی علیها من حملها عشره أشهر.

ثلاثه أوجه : نصب عمه ، وجرّها ، ورفعها ، فالنصب بأن تکون کم للاستفهام والجرّ بأن تکون خبریّه ، وکم مبتدأ فی الصورتین ، والرفع بأن تکون عمه مبتدأ نکره موصوفه بقوله : لک ، وقد حلبت ، خبرها (1) وکم فی هذا الوجه فی محلّ النصب علی أنّها مصدر أو ظرف ، والتقدیر کم حلبه أو حلبه عمه لک وخاله قد حلبت ، أو کم وقت أو وقتا عمه لک وخاله قد حلبت ، فالممیّز أعنی حلبه أو وقت محذوف ، ومحلّهما إمّا الجرّ علی أنّ کم خبریّه ، أو النصب علی أنها استفهامیه ، وبعد ذلک عمه وهی نکره موصوفه مرفوعه بالابتداء ، وقد حلبت الخبر.

ویحذف الممیّز (2) للعلم به نحو : کم مالک؟ فی الاستفهامیّه أی : کم درهما مالک؟ وکم هنا ، فی محل الرفع علی الابتداء ، ونحو : کم ضربت فی الخبریّه ، أی کم ضربه أو مره ضربت (3) وکم فی محل النصب علی المصدر أو الظّرف.

8- ذکر الظروف المبنیّه

وهی ثامن المبنیّات ، والظرف یکون معربا کما تقدّم فی المنصوبات (5) ومبنیا وهو المراد هاهنا ، والبناء فی الظروف إمّا بقطعها عن الإضافه کما سنمثل ، وإمّا بالإضافه إلی غیر المتمکّن کیومئذ ، وشرط بناء ما قطع عن الإضافه أن یکون المضاف إلیه مرادا ، فإن قطع ولم یکن المضاف إلیه مرادا أعرب.

نحو قوله : (6)

ص: 285

1- قال الأشمونی فی شرحه علی الألفیّه ، 4 / 81 وأمّا الرفع فعلی أنه مبتدأ وإن کان نکره ، لأنّها قد وصفت بلک ، وبفدعاء محذوفه ، مدلول علیها بالمذکوره کما حذفت لک من صفه خاله مدلولا علیها بلک الأولی ، والخبر قد حلبت ، ولا بدّ من تقدیر قد حلبت أخری لأنّ المخبر عنه حینئذ متعدد ، لفظا ومعنی ، نظیر زینب وهند قامت ، وکم علی هذا الوجه ظرف أو مصدر والتمییز محذوف أی کم وقت أو حلبه.

2- الکافیه ، 407.

3- شرح الوافیه ، 300.

4- الکافیه ، 407.

5- فی الصفحه 177.

6- ورد منسوبا لعبد الله بن یعرب فی شرح الشواهد ، 2 / 269 ولیزید بن الصّعق فی خزانه الأدب ، 1 / 429 ، ومن غیر نسبه فی شرح المفصل ، 4 / 88 وشرح الکافیه ، 2 / 102 وشرح شذور الذهب ، 104 وهمع الهوامع ، 1 / 210 وشرح الأشمونی ، 2 / 69 وعن أبی عمرو الحمیم مکان الفرات.

فساغ لی الشّراب وکنت قبلا

أکاد أغصّ بالماء الفرات

فأعرب قبلا ، ونصبه علی الظّرف ، لأنّ المضاف إلیه غیر مقدّر فیه ، وبنیت الظروف المقطوعه لافتقارها إلی المنویّ کافتقار الحرف إلی الغیر ، وبنیت علی الضم ، لأنّ ذلک لا یوهم إعرابا ، لأنّ الضمّ لا یدخلها مضافه ، ومثال الظروف المقطوعه المبنیّه علی الضمّ ، فوق وتحت وقبل وبعد وما أشبهها من الظروف المبهمه نحو : أمام ووراء وخلف وأسفل وأول فی قولک : ابدأ بهذا أوّل وتسمّی هذه الظروف الغایات ، لأنّها لمّا قطعت عن الإضافه جرت مجری بعض الکلمه وصارت حدودا وغایات ینتهی إلیها (1) وأجری مجراها غیر وحسب فی قولک : لا غیر ولیس غیر ، فلما قطع عن الإضافه غیر وحسب بنیا علی الضّمّ ، وإن لم یکونا ظرفین لکون المضاف إلیه منویا فیهما ، فإن أضیفا أعربا.

ومن الظروف المبنیّه «حیث» وبنیت لافتقارها إلی جمله تبیّن معناها کافتقار الموصول إلی الصله ، وبنیت علی الضمّ تشبیها بقبل وبعد (2) ، وقد جاء فیها الفتح والکسر (3) وتستعار للزمان (4) کقوله : (5)

للفتی عقل یعیش به

حیث تهدی ساقه قدمه

أی مدّه حیاته ، ولا تضاف إلّا إلی الجمله ، وشذّ إضافتها إلی المفرد ، نحو قول الشاعر : (6)

ص: 286

1- شرح المفصل ، 4 / 85 - 86.

2- شرح الوافیه ، 301.

3- الفتح فی بنی تمیم من بنی یربوع وطهیه ، وبنو فقعس یخفضونها فی موضع الخفض ، وینصبونها فی موضع النصب ، واللغه العالیه حیث بالضم. اللسان ، حیث ، والمفصل ، 169 وشرح المفصل ، 4 / 91.

4- نسب ذلک إلی الأخفش ، الهمع ، 1 / 212.

5- البیت لطرفه بن العبد ورد فی دیوانه 86 وورد من غیر نسبه فی مجالس ثعلب القسم الأول 197 وشرح المفصل ، 4 / 92 وشرح الکافیه ، 2 / 108 والهمع ، 1 / 212.

6- الرجز لم یعرف قائله وبعده : نجما یضیء کالشهاب لامعا ورد فی شرح المفصل ، 4 / 90 وشرح الکافیه ، 2 / 108 ولسان العرب ، «حیث» والمغنی ، 1 / 133 وشرح شذور الذهب ، 130 وهمع الهوامع ، 1 / 212 وشرح شواهد المغنی ، 1 / 390 وشرح الأشمونی ، 2 / 254 وشرح الشواهد ، 2 / 254.

...

أما تری حیث سهیل طالعا

بنصب حیث لأنّ الموجب لبنائها قد زال (1) وجرّ سهیل بإضافتها إلیه ونصب طالعا حالا من حیث.

ومنها : إذا الشرطیه (2) وإنّما بنیت لتضمّنها معنی حرف الشرط (3) ولا یجازی بها فی غیر الشعر ، ولا یقع بعدها إلّا الجمله الفعلیّه غالبا (4) ، إمّا ظاهره نحو : إذا جاء زید فأکرمه ، أو مقدّره نحو قوله تعالی : (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ)(5) أی إذا انشقّت السّماء انشقّت ، وقد تتجرّد عن معنی الشّرط وتبقی للزّمان فقط (6) کقوله تعالی : (وَاللَّیْلِ إِذا یَغْشی)(7) إذ التقدیر أقسم باللیل حاصلا فی وقت غشیانه.

ومنها : إذا التی للمفاجأه نحو : خرجت فإذا السبع ، أی فاجأت زمان وجود السبع (8) ، وقد تقع جوابا للشرط کالفاء لما بین التعقیب والمفاجأه من المناسبه کقول تعالی : (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَیِّئَهٌ بِما قَدَّمَتْ أَیْدِیهِمْ إِذا هُمْ یَقْنَطُونَ)(9) أی فهم یقنطون ، وهی ظرف معمول لما دلّ علیه من معنی فاجأت ، ویلزم المبتدأ بعدها غالبا ، لأنّه لا بدّ من إضافتها إلی جمله ، فإنّک إذا قلت : خرجت فإذا زید ، فزید مبتدأ وخبره محذوف أی فإذا زید مفاجیء ، فحذف لدلاله المعنی علیه.

ص: 287

1- وهو افتقارها إلی الجمله بعدها المقتضی لبنائها ، فهی معربه حینئذ ونصبت إما علی الظرفیه أو علی المفعولیه ، إذا جعلت تری من رؤیه القلب ، وقیل هی مبنیه دائما. شرح الشواهد ، 2 / 254.

2- الکافیه ، 407.

3- شرح المفصل ، 4 / 95.

4- قال : غالبا ، لأن الکوفیین والأخفش أجازوا إضافتها إلی الجمله الاسمیه. شرح ابن عقیل 3 / 61.

5- الآیه 1 من سوره الانشقاق.

6- هذا مذهب ابن الحاجب فی الآیه ، قال فی شرح الکافیه ، 2 / 560 وقد تقع لمجرد الظرفیه کقوله تعالی «الآیه» لأنک لو جعلتها للشرط وجب أن یکون جوابها ما دل علیه (أقسم) المقدر الإنشائی فیفسد المعنی إذ یصیر القسم مقیدا. وانظر شرح الکافیه للرضی ، 2 / 111 - 112 والمغنی ، 1 / 100.

7- الآیه 1 من سوره اللیل.

8- وهی عند الأخفش حرف ، والمصنف جعلها ظرفا علی مذهب الزجاج فیها. انظر رصف المبانی 61 والمغنی ، 1 / 87.

9- من الآیه 36 من سوره الروم.

ومنها : إذ (1) ، وهی للزمان الماضی (2) وعلّه بنائها ما قیل فی إذا الشرطیّه ولا یختصّ بجمله معیّنه کما اختصّت إذا بالجمله الفعلیّه بل یقع بعد «إذ» الجملتان ؛ الفعلیّه والاسمیّه نحو : جئتک إذ قام زید ، وإذ زید قائم ، وإذ زید یقوم ، ولم یستفصحوا : إذ زید قام (3) لأنّ إذ لما مضی من الزّمان وقام فعل ماض ، فکان الأولی ألّا یفصل بینهما ، لأنّها تطلب الفعل ، إذا وجدته فی الخبر کما تطلبه الهمزه فی قولک : أزیدا لقیته بخلاف إذ زید یقوم ، لأنّ یقوم مضارع للاسم ، لأنّه مثل : زید قائم ، فیحتمل فیه ذلک بخلاف قام لکونه غیر مضارع للاسم ، وقد تکون «إذ» للمفاجأه (4) کإذا وعلیه قوله : (5)

...

فبینما العسر إذ دارت میاسیر

ومنها : أین وأنّی (6) وهما للمکان سواء کانا للاستفهام أو للشّرط نحو : أین زید ، وأین تکن أکن ، وأنّی تقعد أقعد ، وبنیا لتضمّنهما حرف الاستفهام أو حرف الشّرط ، وقد استعملت أنّی للزمان والحال کمتی وکیف (7).

ومنها : متی وهی ظرف زمان (8) فی الاستفهام والشّرط ، نحو : متی القتال ومتی تأتنی أکرمک ، والفرق بینها وبین إذا ، أنّ متی للزّمان المبهم ، وإذا للمعیّن.

ص: 288

1- الکافیه ، 407.

2- رصف المبانی ، 59.

3- شرح الوافیه ، 302 وشرح المفصل ، 4 / 96.

4- الکتاب ، 4 / 232 وشرح الکافیه ، 2 / 114 - 115.

5- هذا عجز بیت صدره : استقدر الله خیرا وارضینّ به وقد اختلف حول قائله وسجل الخلاف حوله السیوطی فی شرح شواهد المغنی ، 1 / 244 فنصّ علی أنه ینسب لعثمان بن لبید العذری ، أو لعثیر أو حریث بن جبله أو لعثیر بن لبید وروی البیت من غیر نسبه فی الکتاب ، 3 / 528 وأمالی ابن الشجری ، 2 / 207 - 209 ومغنی اللبیب ، 1 / 83 وشرح شذور الذهب ، 126 وهمع الهوامع 1 / 205.

6- الکافیه ، 407.

7- شرح المفصل ، 4 / 109.

8- الکافیه ، 407 - 408.

ومنها : أیّان ، وهی ظرف زمان کمتی فی الاستفهام کقوله تعالی : (یَسْئَلُونَ أَیَّانَ یَوْمُ الدِّینِ)(1).

ومنها : کیف ، لزمان الحال (2) تقول : کیف زید أی علی أیّ حال هو ، ولا یجازی بها فی الأفصح (3) وإن دخلت ما علیها فتقول : کیف ما تکون أکون ، وقد جازی بها الکوفیون مع ما ، واختاره الزّجاجی (4) فی الجمل (5) فتقول : کیفما تکن أکن.

ومن الظروف المبنیّه مذ ومنذ (6) وهما بمعنیین :

أحدهما : بمعنی أوّل المدّه فیلیهما المفرد المعرفه ، وهو الزمان الذی یصلح أن یکون جوابا لمتی لیدلّ علی أول المدّه الذی هو المطلوب ، کقولک : متی کان ابتداء رؤیه زید ، فتقول فی الجواب : منذ أو مذ یوم الجمعه ، لأنّ جواب متی بتعیین الوقت ، فلذلک ولیهما المفرد المعرفه أعنی قولک : مذ یوم الجمعه وشبهه.

والثانی : أن یکونا بمعنی جمیع المدّه ، فیلیهما المقصود بالعدد لبیان جمیع المدّه التی هی المقصوده ، وهی الزمان الذی یصلح أن یکون جوابا لکم ، نحو : ما رأیته مذ أو منذ یومان ، وبنیا لشبههما بمن لأنّهما لابتداء الغایه فی الزمان کما أنّ من الابتداء لغایه فی المکان (7) وقد یقع بعدهما أن أو الفعل أو المصدر نحو : ما رأیته مذ أن سافر ، أو مذ أنّه سافر ، أو مذ سافر أو مذ سفره ، فیجب تقدیر زمان مضاف إلی کلّ واحد ممّا ذکر ، فیکون تقدیر ذلک ، ما رأیته مذ زمان أن سافر ومذ زمان سافر ومذ زمان سفره ، ووجب ذلک لأنّ منذ ومذ لابتداء غایه الزّمان ، فإذا

ص: 289

1- من الآیه 12 من سوره الذاریات.

2- شرح المفصل ، 4 / 109 وشرح الکافیه ، 2 / 117 وهمع الهوامع ، 1 / 214.

3- الإنصاف ، 2 / 643 وشرح الکافیه ، 2 / 117 ومغنی اللبیب 1 / 205.

4- هو عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجی ، من النحویین المشهورین ، أصله من نهاوند ، وأقام فی دمشق ، توفی سنه 340 ه انظر ترجمته فی إنباه الرواه ، 2 / 160 ووفیات الأعیان ، 3 / 136. وبغیه الوعاه ، 2 / 77.

5- قال فی الجمل 211 «وحروف الجزاء إن ومهما وحیثما وإذ ما وکیف وکیفما وأین وأینما وأی وأیان وما ومن» وما ذکره أبو الفداء هنا منقول من شرح الوافیه ، 302 - 303.

6- الکافیه ، 408.

7- شرح الوافیه ، 303 وشرح المفصل ، 4 / 93 ورصف المبانی ، 319 - 328 والمغنی ، 1 / 335.

ولیهما غیره وجب تقدیره لیتوفّر علیهما ما یقتضیانه من الزّمان ، ومذ ومنذ فی هذه الصور المذکوره مبتدأ وما بعدهما خبرهما (1) وهما معرفتان ، لأنّهما فی تأویل الإضافه لأنّهما بمعنی أوّل المدّه أو بمعنی جمیع المدّه خلافا للزّجاج ، فإنّهما عنده خبران ، والمبتدأ ما بعدهما أی یوم الجمعه أول المده ، ویومان جمیع تلک المدّه (2).

ومنها : لدی (3) وهی من الظروف المبنیّه ، وفیها ثمانی لغات (4) أربع مع ثبوت النون ، وأربع مع حذفها ، فالأربع التی مع ثبوت النون ، لدن بفتح اللام والدال ، ولدن بفتح اللام وضم الدال ، ولدن بفتح اللام وسکون الدال ، ولدن بضم اللام وسکون الدال ، والأربع التی مع حذف النون لد بفتح اللام وسکون الدّال ، ولد بضم اللّام وسکون الدال ، ولد بفتح اللّام وضمّ الدّال ، ولدی بفتح اللّام وفتح الدّال ، وإنّما بنیت لأنّ وضع لد ولد وضع الحرف ، وأجریت بقیه اللغات مجراها (5) ومعناها أخصّ من معنی عند ، لأنّک تقول : عندی کذا ، لما کان فی حوزک سواء حضرک أو لم یحضرک ، ولدی لما حضرک ولم یتجاوزک. وحکمها أن یجرّ بها علی الإضافه ، فتجرّ ما تضاف إلیه ، نحو : المال لدی زید ، لکن نصب العرب بلدن غدوه خاصه (6) کأنّهم شبّهوا نونها بالتنوین فنصبوا بها غدوه کما نصبوا زیتا فی قولهم : رطل زیتا (7) قال الشاعر : (8)

لدن غدوه حتّی أروح وصحبتی

عصاه علی التّاهین شمّ المناخر

بنصب غدوه.

ص: 290

1- المقتضب 3 / 30 والهمع ، 1 / 216.

2- الهمع ، 1 / 216.

3- الکافیه ، 408.

4- بلغت 17 لغه. انظر لدن ولدی ، للمحقق 9 - 16.

5- هذا رأی ابن الحاجب فی عله بنائها ، شرح الوافیه ، 304 وشرح الکافیه ، 2 / 123.

6- بعدها فی شرح الوافیه ، 304 «تشبیها لنونها بالتنوین لما رأوها تنزع عنها وتثبت» وانظر الکتاب ، 1 / 59 وشرح التصریح ، 2 / 47.

7- وفی شرح الکافیه لابن الحاجب ، 2 / 570 ، «کما نصب زیتا فی قولهم : عندی رطل زیتا».

8- لم أهتد إلی قائله. وما رأیت أحدا ذکره فی المصادر التی بین یدیّ.

ومنها : / قطّ ، وهی للماضی المنفی(1) تقول : ما فعلته قطّ ، ولا تقول : ما أفعله قطّ ، وهی من القطّ الذی هو القطع ، لأنّ الماضی منقطع من المستقبل ، وبنیت لأنّ من لغاتها قط بتخفیف الطّاء وهو وضع الحروف (2) وأجریت أختها المشدّده الطاء مجراها.

ومنها : عوض ، وهی ظرف للزمان المستقبل المنفی ، تقول : لا أفعله عوض أی أبدا إلّا أنّ أبدا یستعمل فی النفی والإثبات ، وعوض تختصّ بالنفی ، وبنیت لقطعها عن الإضافه إذ المعنی عوض العائضین کدهر الدّاهرین (3).

ومنها : أمس ، وبنیت لتضمّنها معنی لام التعریف لأنّها بمعنی الأمس ، وبنو تمیم یمنعونها الصّرف (4).

والظروف المضافه إلی الجمله یجوز بناؤها علی الفتح (5) ویجوز إعرابها کقوله تعالی : (هذا یَوْمُ یَنْفَعُ الصَّادِقِینَ صِدْقُهُمْ)(6) بفتح یوم ورفعه فی السّبعه (7) وکذلک الظرف المضاف إلی إذ ، نحو قوله تعالی : (لَوْ یَفْتَدِی مِنْ عَذابِ یَوْمِئِذٍ)(8) بفتح میم یوم وجرّه فی السبعه (9) وکذلک یجوز بناء غیر ومثل علی الفتح إذا أضیفا إلی ما أو إلی أن المخفّفه أو المشدّده (10) ، کقوله تعالی : (إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّکُمْ تَنْطِقُونَ)(11)

ص: 291

1- الکافیه ، 408.

2- شرح الوافیه ، 304 والنقل منه وشرح الکافیه ، 2 / 125 والمغنی ، 1 / 175.

3- بعدها فی شرح الکافیه لابن الحاجب ، 2 / 571 : ولو لا ذلک لم تبن کما لم تبن أبدا لما لم یقصد فیها هذا المعنی وانظر شرح الوافیه 304 وشرح المفصل ، 4 / 108 ، والمغنی 1 / 150.

4- انفرد أبو الفداء بالحدیث عن أمس إذا لم یتحدث عنها ابن الحاجب فی شرح الوافیه ، 304 ولا فی شرح الکافیه ، 2 / 571 فقد انتقل فی الکتابین بعد عوض إلی الحدیث عن الظروف المضافه إلی الجمله. وانظر فی أمس الکتاب ، 3 / 283 والهمع ، 1 / 209.

5- الکافیه ، 408.

6- من الآیه 119 من سوره المائده.

7- قرأ نافع بالنصب والباقون بالرفع ، کتاب السبعه 250 والکشف ، 1 / 423.

8- من الآیه 11 من سوره المعارج.

9- قرأ نافع والکسائی بفتح المیم ، والباقون بکسرها ، الکشف ، 1 / 532 والإتحاف ، 424 والبیان ، 2 / 19.

10- الإنصاف ، 1 / 287.

11- من الآیه 23 من سوره الذاریات.

برفع مثل وفتحه فی السبعه (1).

وقال الشاعر : (2)

لم یمنع الشّرب منها غیر أن نطقت

حمامه فی غصون ذات أو قال

بفتح غیر مع أنّها فاعل یمنع(3) ، لإضافتها إلی أن المصدریه وتقول : قیامی مثل ما أنّک تقوم ، وهو فاضل غیر أنّک أفضل منه ، بفتح مثل وغیر مع جواز رفعهما فقد جاز بناء غیر ومثل علی الفتح تشبیها بالظروف المضافه وجاز إعرابهما لأنّهما یستحقّان الإعراب.

ذکر اسم الجنس

وهو ما علّق علی شیء وعلی کلّ ما أشبهه (5) فإنّک تجد مثل ثوب ودار وما أشبههما موضوعا لواحد ولما ماثله بخلاف زید وعمرو ، فإنّه لواحد بعینه ولا یدخل فیه مماثله ولا مخالفه ، وینقسم اسم الجنس إلی اسم عین : إمّا غیر صفه کرجل وفرس وثوب ، وإمّا صفه کراکب وجالس ، وإلی اسم معنی : إمّا غیر صفه کعلم وجهل ، وإمّا صفه کمفهوم ومضمر نحو : أتیت بکلام مفهوم ، وفی النّفس سرّ مضمر (6).

ص: 292

1- قرأ أبو بکر وحمزه والکسائی مثل بالرفع ونصبه الباقون. السبعه 609 والکشف 2 / 87 ، والإتحاف 399.

2- البیت اختلف حول قائله فقد رواه سیبویه فی الکتاب ، 2 / 329 لرجل من کنانه وروی منسوبا لأبی قیس بن رفاعه فی شرح المفصل ، 3 / 80 وشرح شواهد المغنی ، 1 / 458 وخزانه الأدب ، 3 / 406. وروی البیت من غیر نسبه فی الکشف لمکی ، 2 / 287 ، وأمالی ابن الشجری ، 1 / 46 - 2 / 264 والإنصاف ، 1 / 287 والبیان ، 2 / 228 ، ولسان العرب ، وقل ، مغنی اللبیب ، 1 / 159 2 / 517 وشرح التصریح ، 1 / 15 وهمع الهوامع ، 1 / 219. منها : أی الوجناء وهی الناقه فی بیت قبله ، الأوقال : الأعالی وهو أیضا ثمار الدوم یرید لم یمنعها أن تشرب إلّا أنّها سمعت صوت حمامه فنفرت ، یعنی أنّها حدیده النّفس یخامرها فزع وذعر لحده نفسها وذلک محمود فیها.

3- شرح الوافیه ، 305 - 306.

4- المفصل ، 6.

5- فی إیضاح المفصل ، 1 / 68 هذا الحد مدخول فإن المعارف کلها غیر العلم تدخل ، إذ تصلح للشیء ولکل ما أشبهه ، والصحیح أن یقال : هو ما علق علی شیء لا بعینه.

6- شرح المفصل ، 1 / 26.

ذکر المعرفه

وهی ما وضع لشیء بعینه ، قوله : بعینه ، فصل ، خرجت به النّکره فإنّها موضوعه لشیء لا بعینه ، والمعرفه مصدر ، من عرفت الشیء عرفانا ، ووصف بها الاسم کما قالوا : رجل عدل.

والمعارف خمسه أنواع : الأول : المضمرات وقد تقدّم ذکرها.

الثانی : المبهمات وهی شیئان : أسماء الإشاره ، والموصولات ، وقد تقدّما أیضا (2).

الثالث : المعرّف ، وهو شیئان معرّف بالنّداء نحو : یا رجل ، ومعرّف باللام نحو : الرجل ، والمعرّف باللّام تکون اللّام فیه لتعریف الماهیّه نحو : الإنسان حیوان ناطق ، وتکون لتعریف الجنس نحو : الرجل خیر من المرأه أی جنس الرجل خیر من جنس المرأه ، وتکون لتعریف استغراق الجنس وهی أن تدخل علی جمع کقوله تعالی : (الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَی النِّساءِ)(3) وقیل : هی التی تصحّ أن تقع موقع کل (4) کقولک : الإنسان قابل لصناعه الکتابه ، وتکون للعهد وهی لمعنیین ، أحدهما : أن یکون لمعهود فی الخارج ، وهو أن یذکر منکورا ثم یعاد المنکور معرّفا کقوله تعالی : (کَما أَرْسَلْنا إِلی فِرْعَوْنَ رَسُولاً فَعَصی فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ)(5) / والثانی : أن یکون لمعهود فی الذهن کقولک : ادخل السوق ، ولیس بینک وبین المخاطب سوق وجودیّ معهود ، وتکون بمعنی الذی نحو : الضارب والمضروب وقد مرّ (6) وأمّا ألفاظ التوکید ، فقد قیل : تعریفها بالإضافه المنویّه إذ تقدیر أجمعون ، أجمعهم (7) وأمّا عند

ص: 293

1- الکافیه ، 408.

2- فی 261 - 263.

3- من الآیه 34 من سوره النساء.

4- المغنی ، 1 / 50.

5- من الآیتین 15 - 16 من سوره المزمل.

6- فی 266.

7- هذا مذهب سیبویه 3 / 203 والهمع 2 / 124.

المحققین فتعریفها من قبیل تعریف علم الجنس کتعریف فعلان وأفعل ، وأسامه (1) فإنّ ألفاظ التواکید موضوعه لماهیّه التواکید ، وأمّا القول بالإضافه المنویّه فیلزم منه صرفها ولذلک عدل عنه (2).

الرابع : العلم (3) وهو ما وضع لشیء بعینه غیر متناول غیره بوضع واحد. ویکون اسما : کزید ، وکنیه : کأبی عمر وأم کلثوم ، ولقبا ، کبطه.

وینقسم (4) إلی مفرد : کزید ، وإلی مرکّب ، وهو إمّا جمله کتأبّط شرا ، وإمّا مزجیّ : کبعلبکّ وإمّا مضاف ومضاف إلیه : کعبد مناف ، وکالکنی (5) ، وینقسم العلم أیضا ، إلی منقول وإلی مرتجل ، فالمنقول (6) هو ما نقل عن نکره ، وصار علما بالنّقل لا بالوضع ، وهو إمّا منقول عن اسم عین : کثور أو عن معنی : کفضل ، أو عن صفه : کمالک أو عن فعل (7) وهو إما ماض کشمّر قال الشاعر : (8)

...

وهل أنا لاق حیّ قیس بن شمّرا

أو إمّا مضارع کیزید ، وإما أمر کأطرقا (9) قال الشّاعر : (10)

علی أطرقا بالیات الخیام

إلّا الثّمام وإلّا العصیّ

ص: 294

1- فی الهمع ، 2 / 124 وهذا قول صاحب البدیع وغیره واختاره ابن الحاجب وصححه أبو حیان.

2- شرح المفصل 3 / 45 وهمع الهوامع ، 2 / 124.

3- فی المفصل ، 6 : وهو ما علق ... إلخ وفی الکافیه ، 408 العلم ما وضع ... إلخ.

4- المفصل 6 - 7.

5- إیضاح المفصل 1 / 68 - 69.

6- المفصل ، 7 - 8.

7- شرح المفصل ، 1 / 29 وإیضاح المفصل ، 1 / 69.

8- هذا عجز بیت لامریء القیس ورد فی دیوانه 383 وصدره : فهل أنا ماش بین شوط وحیّه وورد من غیر نسبه فی إیضاح المفصل ، 1 / 74.

9- أطرقا موضع بالحجاز. معجم ما استعجم ، للبکری ، 1 / 167 ، وقیل هو من نواحی مکه معجم البلدان 1 / 218.

10- البیت لأبی ذؤیب الهذلیّ ورد فی دیوان الهذلیین ، 1 / 65 وروی منسوبا له فی المفصل ، 8 والحلل ، 365 وشرح المفصل ، 1 / 29 - 31 وشرح الشواهد ، 1 / 231 ورواه الأشمونی ، 1 / 132 من غیر نسبه. الثّمام نبت یحشی به فرج البیوت وأراد به ما یستر جوانب الخیمه والعصی جمع عصا.

والمرتجل (1) ما وضع للشیء أولا من غیر نقل ولا اشتقاق ، بل اخترع عند التسمیّه ، وهو إمّا قیاسیّ ، وهو ما کان جاریا علی قیاس کلامهم نحو : غطفان وعمران فإنّ نظیرهما فی کلامهم نزوان وسرحان ، وإمّا غیر قیاسیّ وهو ما کان مخالفا للأصول ، نحو : محبب وموهب وحیوه (2) أمّا محبب فقیاسه الإدغام لأنّ کلّ مفعل عینه ولامه من جنس واحد یجب إدغامه ، فکان یجب أن یقال : محبّ ، وأمّا موهب فکان ینبغی أن یقال : بکسر الهاء لأنّه لیس فی کلامهم مفعل بفتح العین ، فاؤه واو ، وأمّا حیوه فکان ینبغی أن یقال حیّه ، لأنّ الواو والیاء إذا اجتمعا وسبقت إحداهما بالسکون قلبت الواو یاء وأدغمت الیاء فی الیاء (3) والمرتجل مشتق من الرّجل کأنّه قال ذلک وهو قائم علی رجله.

والخامس : المضاف إضافه معنویّه إلی المضمر ، أو إلی المبهم أو إلی المعرّف باللام أو إلی العلم وقد تقدّم أیضا (4).

ومن أقسام العلم ، أعلام الأجناس وهی أنواع : علم جنس الوحوش ، وعلم المعانی ، وعلم الأوقات ، وعلم الأعداد ، وعلم الکنی ، وعلم الأوزان.

أمّا علم جنس الوحوش (5) : فالعلم فیه لحقیقه الجنس ، فإنّ الوحوش التی جنسها واحد ، لمّا کانت صورها غیر متمیّزه بحیث یستحضرها الرائی ، نزّل الجنس بمنزله الواحد من الأناسی فکأنّ الواضع أخذ الجنس دفعه وسمّاه نحو : أسامه وأبی الحرث ، فإنّ کلّا منهما علم لجنس الأسد ، وثعاله وأبی الحصین علم لجنس الثّعلب ، وقد یکون کنیته اسمه نحو : أبی براقش ، لطائر یتلوّن وابن دأیه للغراب ، وإنّما حکم لها بالعلمیه لانتصاب الحال عنها ، وامتناع دخول لام التعریف علیها وامتناع إضافتها (6) وقد یفرّق بین علم الجنس ، وعلم الشخص بأنّ علم الجنس

ص: 295

1- المفصل ، 9.

2- شرح المفصل ، 1 / 32.

3- شرح المفصل ، 1 / 33.

4- فی 214.

5- المفصل ، 9.

6- شرح المفصل ، 1 / 34 وشرح التصریح ، 1 / 124.

یقال علی الواحد والکثیر بلفظ واحد ، فتقول عن أسد واحد وعن جماعه أسود ، هذا أسامه مقبلا ، وعلم الشخص لیس کذلک ، فإنّک تقول عن الواحد : زید ، وعن الجماعه زیدون ، والفرق بین علم الجنس واسم الجنس ، أنّ اسم الجنس یقبل اللّام ، فتقول : أسد وعسل وماء ، والأسد والعسل والماء ، وعلم الجنس لا یقبل اللّام فلا یقال الأسامه (1) وکذلک ما أشبهه من أعلام المعانی وغیرها.

وأمّا علم المعانی : فإنّهم کما وضعوا للأعیان أعلاما وضعوا للمعانی أیضا أعلاما (2) وهی فی المعنی بمنزلتها فی باب أسامه ، فسمّوا التسبیح سبحان (3) ، والذی یدلّ علی أنه علم أنّه ورد فی کلامهم غیر منصرف ، ومنه قول الشّاعر : (4)

...

سبحان من علقمه الفاخر

ولیس فیه غیر الألف والنون ، وهما فی غیر الصفات لا یمنعان الصرف إلّا مع العلمیّه ، فوجب القول بها ، ولا یستعمل سبحان علما إلّا قلیلا فإن أکثر استعماله مضافا (5) ، وإذا کان مضافا فلا یکون علما ، لأنّ الأعلام لا تضاف وهی أعلام ، لأنّ المعرفه لا تضاف ، وسمّوا الفجور بفجار ، والذی یدلّ علی أن فجار علم ، أنّ مدلوله الفجره ، والفجره معرفه فوجب أن یکون فجار معرفه ، وتعریفه إنّما هو بالقصد ، والقصد هو الذی نعنی (6) به العلمیّه (7).

ص: 296

1- حاشیه الصبان ، 1 / 134.

2- الخصائص ، 2 / 197 وشرح المفصل ، 1 / 27.

3- المفصل ، 10.

4- هذا عجز بیت للأعشی وصدره : أقول لمّا جاءنی فخره ورد فی دیوانه ، 193 وروی منسوبا له فی الکتاب ، 1 / 324 وأمالی ابن الشجری ، 1 / 347 - 2 / 250 وشرح المفصل ، 1 / 37 - 120 وخزانه الأدب ، 3 / 397 وروی من غیر نسبه فی المقتضب ، 3 / 218 ومجالس ثعلب القسم الأول ، 216 والخصائص ، 2 / 197 - 3 / 32 وهمع الهوامع ، 1 / 190.

5- إیضاح المفصل ، 1 / 88 - 89 والنقل منه مع اختلاف یسیر وکذا ما یأتی

6- فی الأصل یعنی.

7- شرح المفصل 1 / 37 وإیضاح المفصل ، 1 / 90.

وأمّا علم الأوقات (1) : فإنّهم وضعوا لها أعلاما کما وضعوا للمعانی (2) فمنها : غدوه وهی علم علی ما بین صلاه الغداه وطلوع الشمس ، والدلیل علی علمیّتها ، ورودها فی کلامهم غیر منصرفه ، ولیس فیها غیر التأنیث بالتاء ، وهو لا یمنع إلّا مع العلمیّه وذلک إذا أردت غدوه یومک المعیّن ، وتستعمل معرفه ونکره ، وإذا نکّرت وعرّفت ، عرّفت باللّام کغیرها ، ویتصرّف فیها بمعنی أنها تستعمل ظرفا وغیر ظرف (3).

ومن أعلام الأوقات سحر : وهو علم لقبیل الصبح إذا أردت به سحر لیلتک والذی یدلّ علی أنه علم وروده غیر منصرف کقولک ؛ خرجت یوم الجمعه سحر ، غیر منصرف ولیس فیه ما یمنعه الصّرف ، غیر أن تقدّر فیه العلمیّه مع العدل عن الألف واللّام (4) وورد معرفه ونکره ، وإذا نکّر صرف کقوله تعالی : (إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّیْناهُمْ بِسَحَرٍ نِعْمَهً مِنْ عِنْدِنا)(5) وحینئذ لا یکون لسحر لیلتک علی التعیین لتنکّره.

ومنها بکره : ووردت غیر منصرفه للتأنیث والعلمیّه ، کما قیل فی غدوه إلّا أن بکره لا تکون إلا ظرفا فلا یتصرّف فیها کما تصرّف فی غدوه (6).

وأمّا علم الأعداد : (7) فالقول بعلمیّتها ضعیف ، لأنهم صاروا إلیه لئلّا یبتدئوا بنکره غیر مخصصّه ، وذلک فی نحو قولک : سته ضعف ثلاثه وأربعه نصف ثمانیه ، فسته ونحوها فی مثل ذلک مبتدأ ، فلو لم تجعل علما للزم منع الصّرف بعله واحده ، ولزم الابتداء بالنکره من غیر تخصیص ، وأیضا فالمراد بها کلّ سته ، فلو لا أنّها علم للزم استعمال مفرد النکره فی الإثبات للعموم ، ووجه ضعفه أنه یؤدی إلی أن تکون أسماء الأجناس کلها أعلاما ، إذ ما من نکره إلّا ویصلح استعمالها کذلک مثل رجل

ص: 297

1- المفصل ، 11.

2- الخصائص ، 2 / 198.

3- شرح المفصل ، 1 / 39 وإیضاح المفصل ، 1 / 93.

4- بعدها فی إیضاح المفصل ، 1 / 93 : ولو قیل إنه مبنی لتضمنه معنی الألف واللام لم یبعد عن الصواب.

5- من الآیتین 34 - 35 من سوره القمر.

6- الخصائص ، 2 / 198 وشرح المفصل ، 1 / 39.

7- المفصل ، 11.

خیر من امرأه ، وهو باطل (1) والأولی أن یقال فی أعلام ، الأعداد إنّها نکرات لا أعلام وإنّما جاز الابتداء بها علی تقدیر حذف المضاف ، ویکون المضاف المقدّر «کلّ» وشبهه ، بحیث یکون التقدیر ، کلّ ستّه ضعف ثلاثه ، کما فی کلّ نکره قامت قرینه علی أن حکمها غیر مختص فی جنسها مثل : تمره خیر من جراده لکونه بمعنی کلّ تمره ، بناء علی أنّ الخیریّه لیست مخصوصه بتمره واحده (2) والمحققون من المتأخرین قالوا : الحقّ أن یقال إنّ أعلام الأعداد أعلام لماهیّاتها (3) لأنّها من أعلام الجنس التی هی أعلام لماهیّاتها المخصوصه الغیر المتناوله لغیرها ، والماهیّه لا تقدّر بالکلّ ولا توصف به ، لأنّه شیء واحد ، وحینئذ لا یلزم الابتداء بنکره ، ولا منع الصّرف بعلّه واحده ، ولا عموم النکره فی الإثبات ، لکونها أعلاما للماهیّات علی ما ذکر آنفا فالقول بعلمیتها حینئذ هو الأولی.

وأمّا علم الکنی (4) : فمنه ما یکنی به عن أعلام الأناسی ، نحو : فلان وفلانه وأبو فلان وأمّ فلان ، والدلیل علی علمیته امتناع إضافته ، وامتناع دخول لام التعریف علیه ، إلّا أنّ وضعه لیس کوضع العلم الشخصی فی الدلاله علی مسمّی معیّن بل کوضع العلم الجنسی ، لإطلاقه کنایه علی کلّ علم ، ومدلوله الاسم لا نفس المسمّی ، ومنه ما یکنی به عن البهائم ، لکن یلزمه اللّام لنقصانه عن علم الأناسی نحو : الفلان والفلانه (5) وأمّا هن وهنه فلیسا کنایتین عن الأعلام علی الأصحّ وإنّما یکنی بهما عن أسماء الأجناس (6).

وأمّا علم الأوزان (7) : أی علم الأمثله التی توزن بها الکلم ، فهی إنّما وقعت

ص: 298

1- إیضاح المفصل ، 1 / 94.

2- المرجع السابق ، 1 / 94.

3- تسهیل الفوائد 32 وهمع الهوامع 1 / 74.

4- المفصل ، 15.

5- إیضاح المفصل ، 1 / 107 وانظر التسهیل ، 32.

6- هن للمذکر وهنه للمؤنث ، وذهب أبو عمرو إلی أنهما کنایتان عن علم ما لا یعقل ، وقال بعضهم : عن علم ما یعقل. شرح المفصل 1 / 48 وشرح الکافیه ، 2 / 137 وهمع الهوامع ، 1 / 74.

7- المفصل ، 11.

فی اصطلاح النحویین ، فإنّهم وضعوها (1) أعلاما لماهیّات الأوزان المعهوده ، وهذه الأعلام تنقسم إلی أمثله تختصّ بوزن الأفعال نحو قولهم : فعل ماض ، ویفعل مستقبل ، وإلی أمثله لا تختصّ بالأفعال سواء کانت للأسماء وحدها ، أولها وللأفعال نحو قولهم : فعلان الذی مؤنّثه فعلی وأفعل ، صفه لا ینصرف ، أمّا الأمثله المختصّه بوزن الأفعال ، فحکمها حکم موزونها ، بحیث إن کان الموزون معربا کان المثال معربا ، وإن کان الموزون مبنیا کان المثال مبنیّا (2) وأمّا الأمثله الغیر المختصّه بالأفعال ففیها مذهبان :

الأول : وهو اختیار الأکثر أن یجعل حکم المثال حکم نفسه لا حکم موزونه ، بحیث إن کان فی المثال ما یمنع من الصّرف منع وإلّا فلا.

والثانی : أن یجعل حکمه حکم موزونه (3) کما قیل فی الأمثله المختصّه بالأفعال ، فعلی الأول وهو أن یجعل حکم المثال حکم نفسه ، تقول : وزن قائمه فاعله فلا یصرف المثال الذی هو فاعله ، للعلمیّه والتأنیث ، وعلی الثانی ، وهو أن یجعل حکم المثال حکم موزونه تقول : وزن قائمه فاعله مصروفا ، لأنّ موزونه أعنی قائمه مصروف (4).

ومن أقسام العلم : الأعلام التی تدخلها لام التعریف (5) وهی علی ضربین :

أحدهما : ما یلزمه اللّام (6) وهو کلّ اسم لیس بصفه ولا مصدر سمّی باللام نحو : النجم للثّریّا والدّبران (7) ، أو غلبت علیه اللّام نحو الصّعق لخویلد بن نفیل (8) / وإنّما اشترط أن لا یکون صفه ولا مصدرا لأن العلم إذا کان صفه أو مصدرا لم یکن

ص: 299

1- بعدها فی إیضاح المفصل ، 1 / 94 وضعوها لموزوناتها أعلاما علی طریق الإیجاز والاختصار ، وهی فی الأعلام لموزوناتها بمنزله باب أسامه» وانظر الخصائص ، 2 / 199 - 200.

2- التسهیل ، 32.

3- المقتضب ، 3 / 383 وشرح المفصل ، 1 / 39 - 40 وهمع الهوامع ، 1 / 73 - 74.

4- إیضاح المفصل ، 1 / 95.

5- المفصل ، 11 - 12.

6- الکتاب ، 2 / 101.

7- منزل للقمر القاموس المحیط ، دبر.

8- هو أحد فرسان العرب سمّی بذلک لأنّه أصابته صاعقه ، وقیل : سمّی بذلک لأنّ بنی تمیم ضربوه علی رأسه فأموه فکان إذا سمع الصوت الشدید صعق فذهب عقله. انظر لسان العرب ، صعق.

من هذا القسم ، لأن اللام تکون فیه جائزه لا لازمه کما سیذکر هو.

ثانیها : ما لا تکون فیه اللام لازمه ، وهو کل اسم کان صفه فی الأصل أو مصدرا نحو : الحارث والفضل (1).

ومن أقسام العلم : الأعلام التی یجوز إضافتها ، وإدخال لام التعریف علیها (2) لا من قبیل أنّها صفه أو مصدر بل من قبیل وقوع العلم مشترکا بین جماعه من الأمه المسمّاه به نحو : مضر الحمراء وربیعه الفرس (3) ، وقول الشّاعر : (4)

باعد أمّ العمرو من أسیرها

حرّاس أبواب علی قصورها

ومن أقسام العلم ، العلم بالغلبه (5) وهو ما کان عن غیر قصد من واضع ، ویلزمه أحد أمرین : إما الإضافه نحو : ابن عباس وابن عمر ، فإنّ ذلک غلب علیهما واختصّا به دون إخوتهما ، وإمّا اللّام کالصّعق حسبما تقدّم.

والمعارف تترتّب فی المعرفه ، فأعرف المعارف المضمر المتکلّم ثمّ المخاطب ثمّ الغائب ثمّ الأعلام ثمّ المبهمات ثمّ الداخل علیه حرف التعریف والمنادی ، والمضاف إلی أحدها إضافه معنویه ، وقیل فی ترتیبها غیر ذلک وما ذکرنا ، هو الأکثر (6).

ذکر النّکره

وهی ما وضع لشیء لا بعینه ، وعلامات النکره کثیره ، منها : أن یقبل الاسم لام التعریف أو یصحّ إضافته أو یقبل ربّ أو یدخل علیه کم الخبریه أو یکون حالا ،

ص: 300

1- إیضاح المفصل ، 1 / 99.

2- المفصل ، 12.

3- وأنمار الشاه ، هؤلاء بنو نزار وکان أبوهم مات وخلف لهم تراثا ناطقا وصامتا فأتوا أفعی نجران حکیم الزمان ، فجعل القبه لحمراء ، والذهب لمضر ، والأفراس لربیعه والشاه لأنمار ، وأضیف کل واحد إلی ما حکم له به تعریفا له بذلک. شرح المفصل ، 1 / 44.

4- الرجز لأبی النجم ، الفضل بن قدامه. ورد منسوبا له فی المفصل ، 13 وشرح المفصل ، 1 / 44 ومن غیر نسبه فی المقتضب 4 / 49 والمنصف ، 3 / 134 والإنصاف ، 1 / 317 وشرح المفصل ، 2 / 132 ورصف المبانی 77 ولسان العرب وبر ، والمغنی ، 1 / 52.

5- المفصل ، 11.

6- الإنصاف ، 2 / 707 وشرح المفصل ، 3 / 156 - 5 / 87 وشرح التصریح ، 1 / 95.

7- الکافیه ، 408.

أو تمییزا ، وتترتّب النکرات کما ترتّبت المعارف ، فأنکر النکرات أعمّها کموجود ثمّ جسم ثمّ جسم نام ثمّ حیوان ثم إنسان ثمّ رجل ثمّ رجل کریم ابن فلان (1) ثم لا یزال الاسم یقترب بکثره الصفات من المعرفه ، حتّی یتعرّف فیوضع له اسم ینوب عن جمیعها وهو العلم.

ذکر اسم العدد

اشاره

والعدد عند المحققین هو الکمیّه المتألّفه من الوحدات ، فعلی هذا لا یکون الواحد عددا بل مبدأ العدد (3). واختلف فی الاثنین فعند الأکثر أنّه عدد ، وأمّا عند النحویین فالواحد والاثنان من العدد لدخولهما تحت الکمیّه (4) والمراد بدخولهما تحت الکمیّه أنه لو قیل : کم عندک؟ صحّ أن تقول فی الجواب : واحد واثنان ، واعلم أنّ العدد معلوم الکمیّه مجهول الجنس ، ولذلک احتاج إلی الممیّز ، وهو بخلاف الجمع فإنّ الجمع معلوم الجنس مجهول الکمیّه ، وأصول الأعداد اثنتا عشره کلمه (5) واحد إلی عشره ، ومائه وألف ، ویتولّد منها أعداد غیر متناهیه ، والتولّد ، إمّا تثنیه نحو : مئتین وألفین ، أو جمع فی المعنی نحو : عشرین ومئات وألوف ، أو عطف نحو : أحد وعشرین ، أو ترکیب نحو : أحد عشر (6) ، وأمّا استعماله بحسب التذکیر والتأنیث : فواحد واثنان للمذکر ، وواحده واثنتان للمؤنّث وهو جار علی القیاس فی کون المذکّر للمذکر ، والمؤنّث للمؤنث ، وثلاثه للمذکّر نحو : ثلاثه رجال ، وثلاث للمؤنّث نحو : ثلاث نسوه ، وثلاث لیال إلی عشره رجال ، وعشر نسوه ، وعشر لیال ، وهو غیر جار علی القیاس المشهور (7) وأمّا قوله تعالی : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَهِ فَلَهُ عَشْرُ

ص: 301

1- المقتضب 4 / 280 وشرح المفصل ، 5 / 88 ومجیب الندا ، 182.

2- الکافیه ، 408.

3- لعدم وجود حاشیه سفلی له ، حیث قالوا : إنّ لکلّ عدد حاشیتین سفلی وعلیا ، والعدد عندهم هو ما ساوی نصف مجموع حاشیته القریبتین أو البعیدتین علی السّواء کالاثنین ، فإنّ حاشیته السفلی واحده والعلیا ثلاثه ، ومجموع ذلک أربعه ، ونصف الأربعه اثنان وهو المطلوب. انظر شرح التصریح ، 2 / 269.

4- شرح الکافیه ، 2 / 145.

5- الکافیه ، 408 - 409.

6- فی شرح الکافیه ، 2 / 146 وإضافته نحو : ثلاثمائه وثلاثه آلاف.

7- شرح المفصل ، 6 / 18.

أَمْثالِها)(1) فإنّ الأمثال هی الحسنات فی المعنی ، فاکتسبت التأنیث من المضاف إلیه (2) وقد یحذف الممیّز استغناء عنه بالصیغه الدّالّه علیه ، فتقول : سرت ثلاثا وعشرا ، المراد ثلاث لیال ، وعشر لیال قال تعالی : (یَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَهَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً)(3) أی وعشر لیال ، ویجوز أن تقول : ثلاث دوابّ حملا علی ظاهر لفظه دابّه ، وثلاثه دوابّ بتقدیر ثلاثه أشیاء ، وإذا جاوزت عشره قلت للمذکّر : أحد عشر رجلا ، واثنا عشر رجلا ، وللمؤنّث إحدی عشره واثنتا عشره امرأه ، وثلاثه عشر إلی تسعه عشر للمذکّر وثلاث عشره إلی تسع عشره للمؤنّث ، والعین فی ثلاثه عشر إلی تسعه عشر مفتوحه علی الأفصح والسکون جائز (4) والشین فی المؤنّث من ثلاث عشره إلی تسعه عشر ، ساکنه علی الأفصح ، وبنو تمیم یکسرونها (5) فیقولون : ثلاث عشر ، ولک فی ثمانی عشر للمؤنّث (6) فتح الیاء وجاء إسکانها وحذفها بکسر النون ، وشدّ حذفها بفتح النون. وعشرون وأخواتها ، أی ثلاثون وأربعون إلی تسعین فی المذکّر والمؤنّث بلفظ واحد نحو : عشرون رجلا وامرأه إلی تسعین رجلا وامرأه ، وإذا عطفت عشرین إلی تسعین علی واحد إلی تسعه ، فتسعمل ما دون العشره علی ما عرفت ، وتعطف علیها عشرین بتغییر لفظ واحد إلی أحد ، وتغییر لفظ واحده إلی إحدی ، فتقول للمذکّر : أحد وعشرون رجلا ، وللمؤنث : إحدی وعشرون امرأه ، ثمّ تأخذ ما بعد الواحد علی ما شرح ، وتعطف (7) علیه ، فتقول : اثنان وعشرون رجلا ، واثنتان وعشرون امرأه إلی تسعه وتسعین رجلا ، وتسع وتسعین امرأه ، وإنّما لم ترکّب الآحاد مع عشرین وأخواتها کما رکّبت مع العشره ، لأنّ الواو فی عشرون والیاء فی عشرین وأخواتها علامه للإعراب ، والترکیب موجب للبناء فتعذّر ، وتقول فی المذکّر

ص: 302

1- من الآیه ، 160 من سوره الأنعام.

2- شرح التصریح ، 2 / 271.

3- من الآیه 234 من سوره البقره.

4- شرح الأشمونی ، 4 / 67.

5- لأنهم کرهوا توالی أربع متحرکات فیما هو کالکلمه الواحده مع امتزاجها بالنیف الذی فی آخره فتحه فعدلوا من فتح وسطها إلی کسره. شرح الکافیه ، 2 / 150 وانظر الکتاب ، 3 / 557.

6- الکافیه ، 409.

7- شرح الوافیه ، 310.

والمؤنث : مائه ومائتان وألف وألفان بلفظ واحد ، ونحو : مائه رجل ومائه امرأه وألف رجل وألفا امرأه ، وإذا جاوزت المائه تستعمله علی ما عرفت من واحد إلی تسعه وتسعین ، وتعطفه علی مائه ، فتقول : مائه وخمسه رجال ، ومائه وخمس نسوه ومائه وأحد عشر واثنا عشر رجلا ، وإحدی عشره ، واثنتا عشره امرأه ، ومائه وثلاثه وعشرون رجلا ، وثلاث وعشرون امرأه إلی مائه وتسعه وتسعین رجلا ، وتسع وتسعین امرأه ، وکذلک تعطف علی المائتین إلی الألف.

ذکر تمییز الثلاثه إلی العشره

تمییز الثلاثه إلی العشره مخفوض ومجموع إمّا لفظا نحو : ثلاثه رجال أو مجموع معنی نحو : تسعه رهط ، إذ هو اسم جمع ولیس بجمع ، لأنّه لا واحد له من لفظه ، أمّا خفضه فلإضافه العدد إلی الممیّز المذکور ، وإنّما أضیف إلی الممیّز ، لأنّ ما بعده هو المقصود وأمّا کونه جمعا ؛ فلیوافق العدد المعدود ، لکونه إیّاه فی المعنی ، لکن إذا میزت من الثلاثه إلی العشره بالمائه ، فإنّه یکون بمفرد مخفوض ، ولا تجمع المائه فتقول : ثلاثمائه إلی تسعمائه ، وکان القیاس أن یقال : ثلاث مئات ، أو ثلاث مئین (2) وقد أتی به الشّاعر علی الأصل فقال : (3)

ثلاث مئین للملوک وفی بها

...

لکنه شاذّ فی الاستعمال ، وإنّما أفردوه لأنهم استثقلوا اجتماع الجمع ، أعنی مئات والتأنیث ، ولیس کذلک ثلاث نساء ، لأنّ مئات یلزمه الإضافه إلی ما بعده ولا یلزم إضافه نساء إلی ما بعده.

ص: 303

1- الکافیه ، 409.

2- شرح الوافیه ، 311 وانظر الکتاب ، 1 / 209 وشرح المفصل ، 6 / 19 - 21 وشرح الکافیه ، 2 / 153 وشرح التصریح ، 2 / 272.

3- هذا صدر بیت للفرزدق وعجزه : ردائی وجلّت عن وجوه الأهاتم ورد فی دیوانه ، 2 / 853 وورد منسوبا له فی أمالی ابن الشجری ، 2 / 24 - 64 وشرح الشواهد ، 4 / 95 وشرح التصریح ، 2 / 272 ، ومن غیر نسبه فی المقتضب ، 2 / 167 وشرح المفصل ، 6 / 21 وشرح الکافیه ، 2 / 153 وشرح الأشمونی ، 4 / 65 ، الأهاتم هم بنو الأهتم بن سنان ، وأراد بالرداء السیف.

ذکر تمییز أحد عشر إلی تسعه وتسعین

وممیّز أحد عشر إلی تسعه وتسعین منصوب مفرد أمّا نصبه فلتمام الاسم قبله بتقدیر التنوین من أحد عشر إلی تسعه عشر ، لأنّ کلّ تنوین حذف لغیر اللّام والإضافه فهو فی تقدیر الثبوت (2) وأمّا ما فیه نون کالعشرین إلی التسعین فإنّه یتعذّر إضافته مع وجود النون المشبهه لنون الجمع ، ولو حذفت کان حذف حرف من کلمه لیست بجمع محقّق ، فلمّا تعذّرت الإضافه وجب نصبه (3) ، وقد تقدّم فی باب التمییز (4) من تحقیق عدم إضافه عشرین وأخواتها إلی الممیّز ، ما أغنی عن الإعاده ، وأمّا إفراده ، فلحصول الغرض به مع کونه أخف من الجمع (5).

ذکر تمییز المائه وما فوقها

وممیّز المائه والألف وممیّز تثنیه المائه والألف ، وممیّز جمع الألف ، مخفوض مفرد ، نحو : مائه رجل ومائتا رجل ، وثلاثه آلاف رجل ، أما خفضه فللإضافه ، وأمّا إفراده فلحصول الغرض به وهو أخفّ من الجمع (7).

ذکر ما لا یمیّز وغیر ذلک

لا یمیّز الواحد والاثنان ، فلا یقال : اثنا رجل للاستغناء بلفظ معدودهما عنهما ، فإنّ رجلا یدل علی الواحد ، ورجلین علی الاثنین (9) بخلاف الجمع نحو : رجال ، فإنّه لا یدلّ علی العدد المعیّن ، فاحتیج فیه إلی ذکر العدد والمعدود ، وأمّا قولهم : رجل

ص: 304

1- الکافیه 409.

2- شرح الکافیه ، 2 / 154.

3- شرح المفصل ، 6 / 19.

4- فی الصفحه 190.

5- شرح الکافیه ، 2 / 154.

6- الکافیه ، 409.

7- شرح الوافیه ، 311 وشرح الکافیه ، 2 / 154.

8- الکافیه ، 409.

9- شرح الوافیه ، 112.

واحد ورجلان اثنان فللتأکید ، وإذا کان المعدود مؤنثا ولفظه مذکّرا ، أو بالعکس ، جاز تذکیر العدد وتأنیثه ، فتقول : ثلاث أشخص ، نظرا إلی المعنی ، لأنّ الشّخص یطلق علی المرأه أیضا ، وثلاثه أشخص نظرا إلی اللفظ ؛ لأنّ لفظ الشخص مذکّر وکذلک عکسه أعنی أن یکون المعدود مذکّرا ولفظه مؤنّثا نحو : ثلاثه أنفس ، نظرا إلی المعنی ، لأنّ النفس تطلق علی الرجل أیضا ، وثلاث أنفس نظرا إلی اللفظ ، لأنّ لفظ النفس مؤنث ، واعتبار اللفظ أقیس لأنّه أظهر (1) ومن ذلک قوله تعالی : (خَلَقَکُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَهٍ)(2) والمراد آدم.

ذکر التصییر والحال

ویشتقّ من اسم العدد ، اسم فاعل کقولک : ثالث ورابع وخامس ونحوه ، وله معنیان :

فالأول : أن یشتقّ اسم الفاعل باعتبار التصییر ؛ بمعنی أن یکون زائدا علی المذکور معه بواحد ، کقولک : ثانی واحد ، وثالث اثنین إلی عاشر تسعه فی المذکّر ، وثانیه واحده وثالثه اثنین إلی عاشره تسع فی المؤنّث ، أی هذا الذی صیّر الواحد بانضمام نفسه إلیه اثنین ، وصیّر التسعه عشره بنفسه ، بمعنی أنه ثنّی الواحد ، وعشّر التسعه (4) قال تعالی : (ما یَکُونُ مِنْ نَجْوی ثَلاثَهٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ)(5) أی إلّا هو مصیّر الثلاثه أربعه ، ولا یتجاوز فیه عن العاشر والعاشره ، فلا یقال : خامس عشر أربعه عشر ، وسیبویه والمتقدمون یجیزون خامس أربعه عشر (6) والصحیح عدم جواز ذلک ، وهو مذهب الأخفش والمبرّد والمتأخرین (7) لأنّه مأخوذ من الفعل ، والتقدیر کان واحدا فثنّیته أو اثنین فثلّثتهما أو تسعه فعشّرتهم ، ولیس لما بعد العشره ما یمکن

ص: 305

1- شرح التصریح ، 2 / 271.

2- من الآیه 189 من سوره الأعراف.

3- الکافیه ، 409.

4- شرح المفصل ، 6 / 35 وشرح الکافیه ، 2 / 158.

5- من الآیه 7 من سوره المجادله.

6- الکتاب 3 / 561 وتسهیل الفوائد 122 وشرح التصریح ، 2 / 278.

7- المقتضب ، 2 / 181 وشرح المفصل ، 6 / 36 وشرح الکافیه ، 2 / 159 وانظر شرح الوافیه ، 312 - 313.

منه ذلک ، وأما خامس أربعه عشر ، فلیس هو اسم فاعل من العدد المرکّب.

والثانی : أن یشتقّ اسم الفاعل باعتبار حاله من غیر أن یتعرّض فیه إلی أنه مصیّر ، کما اعتبر فی المعنی الأول ، وهذا الاسم المذکور الذی لا یعتبر فیه التصییر ، یضاف إلی عدد موافق له فی اللفظ نحو : ثانی اثنین وثالث ثلاثه ، قال الله تعالی : (لَقَدْ کَفَرَ الَّذِینَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَهٍ)(1) لأنّ ثالث ثلاثه لو أضفته إلی أقل أو أکثر فسد ، لأنّ الثالث فی هذا المعنی لیس واحدا من الاثنین ، ولا من الأربعه ، وإنّما هو أحد ثلاثه ، وهذا القسم الذی هو باعتبار الحال یجوز استعماله فیما زاد علی العشره لارتفاع المانع المذکور فی القسم الأول ، لأنّ اسم الفاعل فیه لیس مشتقّا من الفعل بل هو مثل لابن وتامر ، فتقول : حادی عشر ، أحد عشر إلی تاسع عشر ، تسعه عشر (2) وبفتح الیاء من حادی عشر وثانی عشر مع جواز سکونها أیضا ، وکما تجب المطابقه بین الاسم المذکور وبین ما أضیف إلیه فی العدد ، کذلک تجب المطابقه بینهما فی التذکیر والتأنیث ، کقولک للمذکّر : حادی عشر أحد عشر إلی تاسع عشر تسعه کما تقدّم ، وللمؤنّث : حادیه عشره إحدی عشره إلی تاسعه عشره تسع عشره ، فیجیء فیه تأنیثان ، أعنی تاء حادیه وتاء عشره ، وألف إحدی وتاء عشره وحادی عشر أحد عشر ، وحادیه عشره إحدی عشره مرکّب مبنیّ علی الفتح ، لأنّ الأصل حادی وعشره ، ویجب فیه تسکین شین عشره ، لئلا یتوالی أکثر من أربع متحرکات ، ویجوز أن یقال : ثالث ثلاثه عشر ، إذ لا لبس ، لأنّ المراد : ثالث عشر ثلاثه عشر ، إلّا أنک تعربه لفوات الترکیب المقتضی للبناء (3).

ذکر تعریف الأعداد

تعریف العدد المرکّب ؛ هو أن تعرّف الاسم الأول بانفراده نحو : الأحد عشر رجلا ، والاثنتا عشره امرأه إلی التسعه عشر (4) لأنّه لمّا تنزّل بالترکیب منزله الکلمه

ص: 306

1- من الآیه ، 73 من سوره المائده.

2- الکتاب ، 3 / 560 والمقتضب ، 2 / 180 والإنصاف ، 1 / 322 ، وشرح التصریح ، 2 / 277.

3- شرح الوافیه ، 313.

4- اختلف النحویون حول ذلک علی ثلاثه آراء : أحدها - ما ذکره أبو الفداء - وهو مذهب البصریین أن تدخل أل التعریف علی الاسم الأول ، فیقال : عندی الأحد عشر درهما. الثانی : وهو مذهب الکوفیین والأخفش ، أن تدخل أل التعریف علی الاسمین الأولین نحو : عندی الأحد العشر درهما ، الثالث : وهو مذهب قوم من الکتّاب فهم یدخلون أل علی الأسماء الثلاثه وهو فاسد ؛ لأنّ التمییز لا یکون إلّا نکره. الأنصاف ، 1 / 312.

الواحده لم یدخل التعریف إلّا علی الجزء الأول ، وأمّا العدد المعطوف فیتعرّف الاسمان معا نحو : الأحد والعشرون رجلا ، والإحدی والعشرون امرأه إلی التسعه والتسعین رجلا والتسع والتسعین امرأه وأمّا الممیّز المجرور فإنّما یعرّف الاسم الأخیر فقط (1) نحو : ثلاثه الرجال وثلاث النسوه ، وثلاثمائه الدرهم ، وثلاثه آلاف الرجل ، وکذلک جمیع هذا الباب وقد تقدّمت الإشاره إلی ذلک فی باب الإضافه (2).

ذکر المذکّر والمؤنّث

المؤنّث ما فیه علامه تأنیث لفظا أو تقدیرا ، والمذکّر بخلافه ، وعلامه التأنیث التاء نحو : طلحه ، والألف المقصوره نحو : حبلی ، وسلمی ، ودفلی ، والألف الممدوده نحو : نفساء وکبریاء وخنفساء ، وحمراء وعاشوراء (4) ، والمؤنّث ینقسم إلی لفظی کما ذکرنا وإلی معنوی ، ویقال له : التقدیری أیضا ، وهو ما یکون علامه التأنیث فیه مقدره ولا یقدّر غیر التاء ، بدلیل ظهورها فی الاسم الثلاثی عند التصغیر ، نحو : عیینه وأذینه وأریضه ، وأمّا الزائد علی ثلاثه أحرف نحو : عناق ، وهی الأنثی من ولد المعز (5) وعقرب ، فإنّ الحرف الرابع فیه قام مقام التاء ، ولذلک لا تأتی التاء فی تصغیره (6).

وکلّ من اللفظیّ والمعنویّ وهو التقدیریّ ، ینقسم إلی حقیقی ، وهو ما بإزائه ذکر من الحیوان ، وإلی غیر حقیقی ، وهو ما کان بخلافه ، أمّا اللفظیّ الحقیقیّ فکامرأه وناقه وسعدی ، وأمّا اللفظی الغیر الحقیقی ، فکذکری وحمزه علما علی رجل ، وأمّا المعنویّ وهو التقدیری ، فالحقیقیّ منه کهند وزینب وأتان ، والغیر الحقیقی منه کقدم

ص: 307

1- المقتضب ، 2 / 173.

2- فی الصفحه 214.

3- الکافیه ، 410.

4- شرح المفصل ، 5 / 88.

5- اللسان ، عنق.

6- شرح المفصل ، 5 / 96.

وأذن ، وکذلک کلّ عضو زوج غیر الخدّین وذلک کالید ، فإنّه مؤنث معنویّ أعنی تقدیریّا (1) ویستدلّ علی المؤنّث المعنوی بأمور منها الإشاره ، نحو : هذه قدر ، وعود الضمیر ، نحو : (وَالشَّمْسِ وَضُحاها)(2) والنّعت ، کدار واسعه ، والحال ، کأبصرت الشمس مشرقه ، والخبر : کالشمس طالعه ، ولحوق علامه التأنیث فی الفعل ، کقوله تعالی : (وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ)(3).

ویجب أن یسند الفعل المتصرّف أو شبهه إلی المؤنّث الظاهر الحقیقی بالتاء (4) کقولک : قامت هند ، وزید قائمه جاریته ، وأنت فی ظاهر غیر الحقیقی بالخیار إن شئت ألحقت التاء ، وإن شئت لم تلحق ، کقولک : جاءت البیّنه وجاء البینّه (5) ، وأمّا تأنیث الأعلام فالمعتبر فیه المعنی دون اللفظ ، لأنّها نقلت من معناها إلی مدلول آخر ، فاعتبر فیها المدلول الثانی دون الأول ، فلا یقال : جاءت طلحه وأعجبتنی طلحه (6) خلافا لبعض الکوفیین ، واعلم أنّه یجوز حذف التاء من المسند إلی الحقیقی إذا فصل بین الفعل والمؤنّث فاصل ، ولم یلبس ، کقولهم : حضر القاضی الیوم امرأه وکقول الشاعر : (7)

لقد ولد الأخیطل أمّ سوء

...

وإذا أسند الفعل إلی ضمیر المؤنّث ، لزمت التاء ، سواء کان مؤنّثا حقیقیّا أو غیر حقیقی ، کقولک : هند قامت ، والشمس طلعت ، لأنّ المضمر لمّا کان أشدّ اتصالا

ص: 308

1- فی حاشیه یاسین علی شرح التصریح ، 2 / 286 ما کان من الأعضاء مزدوجا فالغالب علیه التأنیث إلّا الحاجبین والمنخرین والخدّین فإنّها مذکره والمرجع السّماع.

2- الآیه 1 من سوره الشمس.

3- الآیه 29 من سوره القیامه.

4- الکافیه ، 410.

5- شرح الوافیه ، 314 والنقل منه.

6- المقتضب ، 3 / 248.

7- هذا صدر بیت لجریر وعجزه : علی باب استها صلب وشام ورد فی دیوانه ، 515 وورد منسوبا له فی شرح المفصل ، 5 / 92 وشرح الشواهد ، 2 / 52 وورد من غیر نسبه فی المقتضب ، 2 / 145 - 3 / 349 والخصائص ، 2 / 414 وأمالی ابن الشجری ، 2 / 55 والإنصاف ، 1 / 175 الصّلب : جمع صلیب ، والشام : جمع شامه وهی نقطه سوداء.

بالفعل ، لزمت العلامه للفعل وأمّا قول الشّاعر : (1)

فلا مزنه ودقت ودقها

ولا أرض أبقل إبقالها

بحذف العلامه من أبقل وهو مسند إلی ضمیر الأرض ، فکان یجب أن یقول : أبقلت ، فمؤوّل بأنّه أراد بالأرض : المکان والموضع ، لا یقال ما ذکرتموه یلزم منه وجوب : طلحه جاءتنی ، وجواز : جاءتنی طلحه مع کونه اسم رجل لکونه مؤنّثا لفظیّا ، وهو خلاف المشهور ، لأنّا نقول : إنّه قد تقدّم أن المعتبر فی تأنیث الأعلام المعنی دون اللفظ ، فحینئذ لا یرد.

وحکم الجمع إذا أسند الفعل إلی ظاهر کحکم المؤنّث غیر الحقیقی - سواء کان جمع المؤنّث السالم أو الجمع المکسّر - مطلقا (2) فی جواز تذکیر الفعل وتأنیثه ، نحو : قام الرجال والزینبات ، وقامت الرجال والزینبات (3) خلا جمع المذکر السالم ، فإنّه لم یجز إلحاق التاء بفعله ، لأن لفظ المذکّر الحقیقی موجود فیه فتقول : جاء المسلمون لیس إلّا (4) وإلحاق هذه التاء إنّما هو للإیذان بأنّ الفاعل مؤنث ولیس بضمیر أصلا.

واعلم أنّه یجب تأنیث الفعل إذا أسند إلی ظاهر المثنّی الحقیقی ، فتقول : قامت المسلمتان لیس إلّا ، بخلاف ما إذا أسند إلی ظاهر جمع المؤنّث الحقیقی حیث جاز فیه الأمران ، أعنی تذکیر الفعل وتأنیثه ، کما تقدّم ، وإنّما کان کذلک ، لأنّ تاء التأنیث سقطت من الواحده فی جمع المؤنّث السالم لئلا یجتمع تأنیثان ، وثبتت فی المثنّی ،

ص: 309

1- البیت لعامر بن جؤین الطائی ، ورد منسوبا له فی الکتاب ، 2 / 46 وشرح المفصل ، 5 / 94 وشرح التصریح ، 1 / 278 وشرح الشواهد ، 2 / 53 وخزانه الأدب ، 1 / 2 وورد من غیر نسبه فی الخصائص ، 2 / 411 والمحتسب ، 2 / 112 وأمالی ابن الشجری ، 1 / 361 وشرح الکافیه ، 2 / 170 ومغنی اللبیب ، 2 / 656 - 670 وشرح ابن عقیل ، 2 / 92 وهمع الهوامع ، 2 / 171 وشرح الأشمونی ، 2 / 53 وروی فی بعض المصادر إبقالها بالضم فلا شاهد فیه حینئذ.

2- الکافیه ، 410.

3- شرح المفصل ، 5 / 103 وشرح التصریح ، 1 / 280.

4- قال الأشمونی ، 2 / 54 : حق کل جمع أن یجوز فیه الوجهان إلّا أنّ سلامه نظم الواحد فی جمعی التصحیح ، أوجبت التذکیر فی نحو : قام الزیدون ، والتأنیث فی نحو : قامت الهندات ، وخالف الکوفیون فجوّزوا فیهما الوجهین.

فوجب تأنیث الفعل حیث ثبتت ، ولم یجز حیث سقطت ، وإذا أسند الفعل إلی ضمیر جمع من یعقل غیر المذکّر السّالم (1) جاز فیه : فعلت وفعلوا ، نحو : الرجال خرجت باعتبار الجماعه ، وخرجوا باعتبار الجمع ، وأمّا جمع المذکّر السّالم فلا یجوز فی ضمیره إلّا الواو فقط کقولک : المسلمون قدموا ، ولا یجوز أن یقال : الزیدون قدمت ، وکذلک ما أشبهه. وإذا أسند الفعل إلی ضمیر جمع غیر المذکّر العاقل جاز فیه فعلت وفعلن ، وغیر المذکّر العاقل ثلاثه أنواع وهی : جمع المؤنّث اللفظی ، وجمع المؤنّث التقدیری ، وجمع المذکّر غیر العاقل ، فإنّ هذه الجموع إذا أسندت (2) الفعل إلی ضمائرها ، جاز فیه الأمران تقول : [المسلمات واللیالی والهندات والعیون والأیام حسنت وحسنّ](3) وأمّا حکم الضمائر ، فیجوز فی ضمیر جمع المذکّر العاقل المکسّر نحو : الرجال ، أن تقول ضربتهم وضربتها ، وفی ضمیر جمع غیر المذکّر العاقل وهو الأنواع الثلاثه المذکوره أعنی المؤنث اللفظیّ والمؤنث التقدیری ، والمذکّر الغیر العاقل ، أن تقول : المسلمات واللیالی والهندات والعیون والأیام أکرمتهنّ وأکرمتها ، وأما فی ضمیر جمع المذکّر السالم ، نحو : المسلمین والزیدین فلا یجوز أن تقول غیر أکرمتهم فقط ، فحاصل ذلک ، أنّ أکرمتهنّ تختصّ بالأنواع الثلاثه المذکوره ، وأکرمتها مشترک بین الأنواع الثلاثه ، وبین الجمع المکسّر للمذکّر العاقل ، وأکرمتهم مشترک بین جمع المذکّر السّالم والجمع المکسّر للمذکّر العاقل المذکور (4).

ذکر التثنیه

اشاره

اعلم أن التثنیه أصلها العطف بدلیل أنّ الشّاعر إذا اضطر راجع الأصل کقوله : (6)

ص: 310

1- الکافیه ، 410.

2- غیر واضحه فی الأصل.

3- ما بین المعقوفین غیر واضحه فی الأصل. وانظر شرح الوافیه ، 315.

4- غیر واضحه فی الأصل. وانظر شرح الکافیه ، 2 / 170 - 180.

5- الکافیه ، 410.

6- الرجز لمنظور بن مرثد الأسدی نسب له فی الجمهره ، 1 / 95 ، سک. وورد من غیر نسبه فی أمالی ابن - - الشجری ، 1 / 10 والمخصص ، 11 / 200 - 13 / 39 وشرح المفصل ، 4 / 138 - 8 / 91 والمساعد ، 1 / 42 وشرح الکافیه ، 2 / 173 ونسب لرؤبه فی ملحقات دیوانه ، 1 / 191 السک : نوع من الطیب ، ذبحت أی شققت وفتقت.

کأنّ بین فکّها والفکّ

فأره مسک ذبحت فی سکّ

وإنّما عدل عنه إیجازا واختصارا ، والمثنّی فی الاصطلاح ، هو ما لحق آخره ألف فی حال الرفع ، أو یاء مفتوح ما قبلها فی حال النصب والجر ونون مکسوره ، لیدلّ علی أنّ معه مثله من جنسه ، واعلم أنّه لا بدّ فی التثنیه من اتحاد اللفظین فإذا ثنّیت مختلفی اللفظ ، فالوجه أن تغلّب أحد اللفظین علی الآخر کالقمرین والعمرین (1) وأمّا تثنیه الاسم المشترک باعتبار مدلولیه کقولک : عینان وأنت ترید بهما العین الباصره والعین الفوّاره ، فممنوع عند الأکثر ، وأجازه بعضهم محتجّا بأنّ نسبه الاسم المشترک إلی مسمیّاته کنسبه العلم المشترک إلی مسمیّاته وتثنیه العلم المشترک جائزه بالاتفاق فکذلک المشترک (2).

ذکر تثنیه الملحق بالصحیح ، والمقصور والممدود

أمّا الملحق بالصحیح ، وهو نحو : ظبی والقاضی ، فیثنّی کالصحیح ، فتقول : ظبیان وقاضیان ، وظبیین وقاضیین ، وأمّا المقصور وهو : ما فی آخره ألف ؛ فهو إن کان ثلاثیّا وألفه بدل عن واو ، فیثنّی بقلب ألفه واوا نحو : عصوین ، وإن لم یکن کذلک فهو علی خمسه أقسام :

الأول : الثلاثیّ الذی ألفه بدل عن الیاء ، نحو : فتی.

الثانی : الثلاثی الذی ألفه لیست بدلا عن الواو ولا عن الیاء وسمع فیه الإماله نحو : متی ، لو سمّی به.

ص: 311

1- قال الرضی فی شرح الکافیه ، 2 / 172 : وقد یثنّی ویجمع غیر المتفقین فی اللفظ کالعمرین وذلک بعد أن یجعلا متفقی اللفظ بالتغلیب ، بشرط تصاحبهما وتشابههما حتی کأنّهما شخص واحد کتماثل أبی بکر وعمر رضی الله عنهما ، فقالوا : العمران وکذا القمران والحسنان وینبغی أن یغلّب الأخفّ لفظا کما فی العمرین لأنّ المراد بالتغلیب التخفیف فیختار ما هو أبلغ فی الخفّه ، وإن کان أحدهما مذکرا والآخر مؤنّثا لم ینظر إلی الخفه بل یغلّب المذکّر کالقمرین فی الشمس والقمر.

2- انظر خلافهم حول ذلک فی شرح الکافیه ، 2 / 172 والهمع ، 1 / 43.

3- الکافیه ، 410.

الثالث : الذی لا یکون ثلاثیّا وألفه بدل عن واو نحو : ملهی.

الرابع : الذی لا یکون ثلاثیّا وألفه بدل عن یاء نحو : أعشی.

الخامس : الذی لا یکون ثلاثیّا وألفه لیست بدلا عن واو ولا عن یاء ، نحو حباری ، فإنّ ألف هذه الأقسام کلها تقلب یاء فی التثنیه ، فتقول : فتیان ومتیان ، وملهیان ، وأعشیان ، وحباریان ، لکون الیاء أخفّ من الواو (1).

وأما الممدود وهو ما کان فی آخره همزه ، قبلها ألف زائده فهو أربعه أقسام :

أحدها : أن تکون همزته أصلیه کقّراء بضم القاف وهو المتنسّک (2).

ثانیها : أن تکون همزته زائده للإلحاق نحو : حرباء ملحقا بسرداح ، فیثنّی هذان القسمان بثبوت الهمزه فیهما لکونها أصلیه أو فی حکم الهمزه الأصلیّه ، فتقول : قرّاءان ، وحرباءان ، ومنهم من یقلب الهمزه التی للإلحاق یاء فیقول فی حرباء : حربایان ، کأنّ الزائد عنده للإلحاق هو الیاء ثمّ قلبت همزه لوقوعها بعد ألف زائده (3).

ثالثها : أن تکون همزته زائده للتأنیث ، فیثنّی بقلب همزته واوا ، إیذانا بزیادتها ، وفرقا بینها وبین الأصلیّه فتقول فی صحراء وحمراء : صحراوان وحمراوان ، -.

رابعها : أن تکون همزته لا أصلیه ولا للإلحاق ولا للتأنیث بل تکون منقلبه عن أصل ، فیثنّی علی الوجهین بردّها إلی أصلها ، وإثباتها علی حالها ، لمشابهتها الأصلیّه من حیث کونها غیر زائده فتقول فی کساء ورداء : کساوان وردایان ، وکساءان ورداءان (4) وتحذف نون المثنّی لإضافته (5) نحو : ضاربا زید ، لکون الإضافه تدلّ علی الاتصال وثبوت النون یدلّ علی الانفصال ، وقد تحذف فی غیر الإضافه لضروره

ص: 312

1- الکتاب ، 3 / 386 - 389 والمقتضب ، 1 / 258 - 259 - 3 / 40 - 87 - 88 وشرح المفصل ، 4 / 146 - 149.

2- یقال : رجل قراء وامرأه قراءه ، وتقرأ : تفقه وتنسک ، اللسان ، قرأ.

3- الکتاب ، 3 / 391 والمقتضب ، 3 / 39 - 87 وشرح الأشمونی ، 4 / 111.

4- الکتاب ، 3 / 391 وشرح المفصل ، 4 / 149 وانظر شرح الوافیه ، 316.

5- الکافیه ، 410.

الشعر کقول الشّاعر : (1)

هما خطّتا إمّا إسار ومنّه

وإمّا دم والقتل بالحرّ أجدر

فیمن رفع فیه إسار ، وأمّا من جرّه ، فإنّه فصل بین المضاف والمضاف إلیه بإمّا ، وقد تحذف ألف التثنیه إذا لقیها ساکن بعدها نحو : غلاما الرجل ، وأمّا یاؤها فإن لاقت متحرکا بقیت ساکنه نحو : غلامی زید (2) وإن لاقت ساکنا کسرت کقوله تعالی : (یا صاحِبَیِ السِّجْنِ)(3) وتثبت تاء المؤنّث فی التثنیه لئلا یلتبس المؤنّث بالمذکّر نحو : مسلمتان ، وحذفت علی خلاف القیاس فی خصیه وألیه ، عند تثنیتهما ، فیقال : خصیان وألیان ، وخصیین وألیین ، قال : (4)

ترتجّ ألیاه ارتجاج الوطب

لعدم التباس المذکّر بالمؤنّث فیه ، وقد جاء إثباتها فیهما ، وهو القیاس والحذف أکثر استعمالا (5).

ذکر الجمع

اشاره

الجمع ما دلّ علی آحاد مقصوده بحروف مفرده بتغییر ما (7). فقوله : ما دلّ علی آحاد ، یخرج به المفرد والتثنیه ، وقوله : مقصوده بحروف مفرده ، یخرج به أسماء

ص: 313

1- البیت لتأبّط شرا ، ورد منسوبا له فی شرح الحماسه ، 1 / 79 ولسان العرب ، خطط ، وشرح الشواهد ، 2 / 277 وشرح شواهد المغنی ، 2 / 975 وروی من غیر نسبه فی الخصائص ، 2 / 405 وشرح الکافیه ، 2 / 176 ومغنی اللبیب ، 2 / 699 وهمع الهوامع ، 1 / 49 - 2 / 52 وشرح الأشمونی ، 2 / 277 ، وروی إسار ، (بالرفع) وإسار (بالجر) ، وقد وضحه المصنف.

2- شرح المفصل ، 5 / 146.

3- من الآیه 39 من سوره یوسف.

4- الرجز لم یعرف قائله ، ورد فی المقتضب ، 3 / 41 والمنصف ، 2 / 131 وأمالی ابن الشجری ، 1 / 20 وشرح المفصل ، 4 / 143 - 145 والمقرب ، 2 / 45 وشرح الکافیه ، 2 / 176. الوطب : زق اللبن.

5- أمالی ابن الشجری ، 1 / 20 والمقرب ، 2 / 45.

6- الکافیه ، 410 - 411.

7- قوله : بتغییر ما. سقط من شرح الوافیه ، 318 وبعدها فی الشرح المذکور «کرجال لأنه دل علی ثلاثه فصاعدا بحروف مفرده وهو رجل».

الجموع نحو : رهط فإنّه لیس له مفرد (1) ویدخل نحو : رجال ، فإنه دال علی آحاد بحروف مفرده ، وقوله بتغییر ما ، یعنی أی تغییر فرضیّ ، ولو فی التقدیر کما سنذکر فی فلک وهجان.

واعلم أنّ نحو : تمر ورکب لیس بجمع علی الأصحّ (2) وأجاز الکوفیون فی تمر ونحوه ، والأخفش فی رکب ونحوه ، أن یکونا جمعین والصحیح الأوّل ، لأنّ وزن تمر ورکب فعل ، وفعل لیس من أبنیه الجموع ، ولأنّ تمرا اسم جنس ، کعسل وأسماء الأجناس لیست بجمع (3) ، والفلک والهجان جمع عند جماعه (4) ویقولون : إنّ ضمّه فلک فی المفرد کضمّه قفل ، وضمّه فلک فی الجمع کضمّه أسد وسقف ، وإنّ کسره هجان فی المفرد ککسره کتاب وحمار ، وکسره هجان فی الجمع ککسره رجال (5) ، وهجان یقع علی الواحد والجمع ، تقول : ناقه هجان ونوق هجان ، والهجان الإبل البیض.

واعلم أنّه قد اختلف فی أقلّ الجمع فذهب الأکثرون إلی أنّه ثلاثه لأنّ لفظ التثنیه مغایر للفظ الجمع ، فوجب أن یکون معنی التثنیه مغایرا لمعنی الجمع ، فلا تصدق التثنیه علی أقل الجمع (6) ، وذهب بعضهم إلی أنّ أقلّ الجمع اثنان لعود ضمیر الجمع علی الاثنین کقوله تعالی : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ اقْتَتَلُوا)(7) وأیضا فلاشتراک تثنیه المتکلّم وجمعه فی الضمیر نحو : قمنا ، والجمع إمّا صحیح ؛ وهو ما

ص: 314

1- بعدها فی الأصل مشطوب علیه «ویخرج به نحو تمر ورکب لأنّ آحادهما لیست مقصوده» وهی مذکوره بعد.

2- بعدها فی الأصل مشطوب علیه «لأنها لیست مقصوده بحروف مفردها».

3- بعدها فی شرح الوافیه ، 318 «والراکب لیس بجمع وإن وافق الرکب فی حروفه الوجهین الأولین» ورد أبو حیان رأی الأخفش بأن العرب صغرتها علی لفظها ولو کانت جموعا ردت فی التصغیر إلی مفرداتها ، ومما رد به علی الکوفیین أیضا أن تمرا ونحوه لو کانت جموعا لم یجز وصفها بالمفرد وقد وصفت به فی قوله تعالی : إلیه یصعد الکلم الطیب فاطر 10 ، انظر همع الهوامع ، 2 / 184 - 185.

4- ذهب أکثر النحویین إلی کون هذا الضرب جمعا ، وذهب بعضهم إلی أنّه من أسماء الجموع ، وذهب آخرون إلی کونه اسما مفردا یذکر ویؤنث. انظر همع الهوامع ، 2 / 185.

5- شرح الوافیه ، 318 - 319.

6- حاشیه یاسین علی مجیب النداء ، 1 / 109.

7- من الآیه 9 من سوره الحجرات.

سلم فیه بناء الواحد ونظمه ، وإمّا مکسّر ؛ وهو ما لم یسلم فیه ، والصحیح إمّا لمؤنّث ویأتی بیانه ، وإمّا لمذکّر.

ذکر جمع المذکّر السّالم

وهو ما لحقته واو مضموم ما قبلها رفعا ، أو یاء مکسور ما قبلها نصبا وجرّا ونون مفتوحه ، لیدلّ علی أنّ معه أکثر من جنسه ، نحو : هؤلاء الزیدون ، ورأیت الزیدین ومررت بالزیدین ، والنون فیه عوض من حرکه الواحد وتنوینه ، وحرّکت لالتقاء الساکنین فتحا طلبا للتخفیف ، وللفرق بینها وبین نون التثنیه ، وشرط هذا الجمع فی الاسم أن یکون مذکّرا علما عاقلا (2) فیجمع نحو : زید وعمرو ولا یجمع نحو : لا حق (3) وشذقم (4) ، لکونه لغیر عاقل ، وعلم بقوله : مذکّر ، أنّ ما فیه تاء التأنیث لا یجمع کذلک ، نحو : طلحه وحمزه فإنّه یجمع بالألف والتاء نحو : طلحه وطلحات (5) وإن کان صفه ، فشرطه أن یکون مذکّرا عالما ، وإنّما قال : (6) عالما ، ولم یقل عاقلا ؛ لیدخل فیه صفات الباریء تعالی نحو : (فَنِعْمَ الْماهِدُونَ)(7)

ص: 315

1- الکافیه ، 411.

2- الکافیه ، 411.

3- اسم فرس لمعاویه بن أبی سفیان القاموس المحیط ، لحق.

4- کجعفر ، فحل للنعمان بن المنذر القاموس المحیط ، شدقم.

5- وخالف الکوفیون فی هذا الشرط فجوزوا جمع ذی التاء بالواو والنون مطلقا. انظر الهمع ، 1 / 45 وشرح الأشمونی ، 1 / 81.

6- لعل مراده ما ذکره ابن الحاجب فی شرح الوافیه ، 317 إذ قال : فالذکر اسما علما ذوفهم وفی الصفات عالم بعلم أو ما نص علیه صاحب المفصل من قبل 188 إذ قال : فالذی بالواو والنون لمن یعلم فی صفاته وأعلامه کالمسلمین والزیدین. وقد بین ابن یعیش ذلک بقوله : وإنما قال لمن یعلم ، ولم یقل لمن یعقل ، لأنّ هذا الجمع قد وقع علی القدیم سبحانه نحو قوله : والأرض فرشناها فنعم الماهدون - 48 الذاریات - «وقوله : أم نحن الخالقون - 59 الواقعه وقوله أم نحن الزارعون - 64 الواقعه - وهو کثیر ، فلذلک عدل عن اشتراط العقل إلی العلم لأنّ الباریء یوصف بالعلم ولا یوصف بالعقل. انظر شرح المفصل ، 5 / 3 وذهب جمهور النحویین إلی اشتراط التذکیر والعقل بدون العلم ، وقالوا : إنّ هذه الجموع سماعیه ملحقه بجمع المذکّر السّالم ولا یقاس علیها فلا یقال : الرحیمون ولا الحکیمون. انظر همع الهوامع ، 1 / 46 وشرح الأشمونی ، ومعه حاشیه الصبان ، 1 / 81.

7- من الآیه 48 من سوره الذاریات.

(وَنَحْنُ الْوارِثُونَ)(1) لأنّه لا یوصف بالعقل فی العرف ، ویوصف بالعلم ، وشرط الجمع الصحیح فی الصفه أن لا یکون فعلان فعلی نحو : سکران ، ولا أفعل فعلاء نحو : أحمر وأبیض ، ولا مستویا فیه المذکّر والمؤنّث نحو : جریح وصبور ، أمّا فعلان فعلی ، فلأنّ فعلان فعلانه جمع هذا الجمع نحو : ندمان وندمانون ، فلو جمع سکران کذلک لالتبس به (2). وأما باب أحمر فللفرق بینه وبین أفعل التفضیل ، فإنّ أفعل التفضیل جمع به ، نحو : أفضل وأفضلون ، وأمّا جریح وهو فعیل بمعنی مفعول ، فللفرق بینه وبین فعیل بمعنی فاعل ، فإنّه جمع مصحّحا نحو : سمیع وسمیعون ، وأمّا صبور فإنّه لمّا وافقوا بین المذکّر والمؤنّث فی المفرد ، لم یخالفوا بینهما فی الجمع ، فلم یقولوا : صبورون ولا صبورات بل صبر فیهما ، ومن شرط جمع الصفه أیضا ، أن لا تکون بتاء تأنیث مثل : علّامه ونسّابه (3) خلافا للکوفیین فإنّهم یجیزون فی علّامه ونسّابه ، علّامون ونسّابون ، وفی طلحه وحمزه ، طلحون وحمزون ، وکذلک ما أشبه ذلک.

واعلم أنّ الاسم إن کان ملحقا بالصحیح فیجمع جمع الصحیح ، فتقول فی دلو وظبی : دلوون وظبیون علمین وإن کان معتلّا ؛ فإن کان آخره یاء قبلها کسره حذفت الیاء وضمّ ما قبل الواو ، نحو قاض ، فیقال : قاضون فی الرفع ، وقاضین فی النصب والجر ، لأنّ أصل ذلک قاضیون فحذفت الضمّه استثقالا لها علی الیاء بعد الکسره ، فالتقی ساکنان الیاء وواو الجمع ، فحذفت الیاء ثم قلبوا الکسره التی علی الضّاد ضمه ، لیمکن النطق بالواو ، وأصل قاضین قاضیین کرهوا الکسره علی الیاء بعد الکسره فحذفوها فالتقی ساکنان ، یاء القاضی ویاء الإعراب ، فحذفت الأولی وبقی ما قبل یاء الإعراب مکسورا علی ما کان علیه.

وإن کان آخره ألفا حذفت لالتقاء الساکنین وترک ما قبل الیاء مفتوحا لتدلّ الفتحه علی الألف المحذوفه ، فیقال فی الرفع : مصطفون بفتح الفاء ، وفی النصب

ص: 316

1- من الآیه 23 من سوره الحجر.

2- أی لالتبس بباب فعلان فعلانه ، شرح الوافیه 319.

3- شرح الکافیه ، 2 / 182 - 183 وشرح التصریح ، 1 / 70 - 72 وهمع الهوامع ، 1 / 45 وشرح الأشمونی ، 1 / 81.

والجر : مصطفین بفتحها أیضا ، وأجاز الکوفیون ضمّ ما قبل الواو وکسر ما قبل الیاء قیاسا علی المنقوص وهو ضعیف (1) لأنّ النصّ فی قوله تعالی : (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ)(2)(وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَیْنَ)(3) علی خلافه ، وأیضا فإنّ فتحه ما قبل الألف فی نحو : مصطفی لم یتعذّر بقاؤها ، فلم یجب التغییر ، فبقیت الفتحه علی حالها (4) ، وکذلک القول فی جمیع ما هو من هذا الباب نحو : یحیی وما أشبهه ، وتحذف نون جمع المذکّر السّالم بالإضافه (5) ، لأنّها عوض عن حرکه الواحد وتنوینه ، کقوله تعالی : (ذلِکَ لِمَنْ لَمْ یَکُنْ أَهْلُهُ حاضِرِی الْمَسْجِدِ الْحَرامِ)(6) وأمّا ما ورد من نحو : أرضین وسنین من کونه جمع جمع سلامه وهو غیر مذکّر عاقل فشاذ فلا یرد نقضا ، وقد ثبتت نونه فی الإضافه تنبیها علی أنّ ذلک ونحوه لیس من جموع السّلامه القیاسیّه (7) ، کقول الشّاعر : (8)

دعانی من نجد فإنّ سنینه

لعبن بنا شیبا وشیّبننا مردا

ذکر جمع المؤنّث الصحیح

وهو ما فی آخره تاء زائده بعد ألف زائده ، کقولک : قائمات ومسلمات وقال زائده (10) لئلا یتوهّم أنّ أبیاتا وأصواتا ونحو ذلک منه ، فإنّ التاء فی نحو : الأبیات

ص: 317

1- انظر تفصیل ذلک فی الکتاب ، 3 / 394 وهمع الهوامع ، 1 / 46 وشرح الأشمونی ، 4 / 114.

2- من الآیه ، 139 من سوره آل عمران.

3- من الآیه 47 من سوره ص.

4- شرح الوافیه ، 319.

5- الکافیه ، 411.

6- من الآیه 196 من سوره البقره.

7- واختلف فی اطراد هذا والصحیح أنه لا یطرد وأنه مقصور علی السماع. شرح ابن عقیل ، 1 / 65.

8- البیت للصمّه بن عبد الله القشیری. ورد منصوبا له فی شرح الشواهد ، 1 / 86 وشرح التصریح ، 1 / 77 ومن غیر نسبه فی أمالی ابن الشجری ، 2 / 53 وشرح الکافیه ، 2 / 185 ولسان العرب ، سنی ، وشرح ابن عقیل ، 1 / 65 وشرح الأشمونی ، 1 / 86.

9- فی الکافیه ، 411 ؛ المؤنث ما لحق آخره ألف وتاء.

10- مراده ما ذکره ابن الحاجب فی شرح الوافیه ، 320 إذ قال «والجمع المؤنث الصحیح ما فی آخره تاء زائده بعد ألف».

والأصوات ، أصلیّه لا زائده ، والمؤنّث إن کان صفه وله مذکر ، فشرط جمعه بالألف والتاء أن یکون مذکّره جمع بالواو والنون لئلا یلزم مزیه للفرع علی الأصل فی جمع السّلامه فلا یجمع نحو : سکری وحمراء وجریح ، هذا الجمع لامتناع جمع مذکره بالواو والنون ، فلا یقال : حمراوات وسکریات لامتناع أحمرون وسکرانون (1) فإن قیل : قد جمع خضراء أخضر بالألف والتاء فی قوله علیه السلام : «لیس فی الخضراوات صدقه» (2) فالجواب : أنه مؤوّل بأنه جمع لمسمّی الخضراوات نحو : البقل وغیره ، لا للصفه التی هی خضراء ، فإنّ مسمّی الخضراوات مذکّر غیر عاقل ، وهو مما یجمع جمع السّلامه أعنی بالألف والتاء کما سنذکره الآن. وإن کان صفه ولیس له مذکّر نحو : حائض وحامل مما حذف منه تاء التأنیث ، فیجمع مکسرا کقولک : حوائض وحوامل ، وأما إذا لم یحذف منه التاء فیجمع بالألف والتاء ، کقولک فی حائضه وحامله : حائضات وحاملات لأنّه لو کان لهما مذکّر لجمع مصحّحا (3). وأما إن کان اسم المؤنّث غیر صفه فیجمع بالألف والتاء من غیر شریطه ، نحو : بیضات وطلحات وزینبات ، وقد جمع بالألف والتاء مذکّر غیر عاقل نحو : بوقات وحمامات وسرادقات (4).

ذکر جمع التکسیر

وهو ما تغیّر فیه بناء واحده ، نحو : رجال وأفراس ، وقد یکون بزیاده نحو : رجل ورجال وبنقصان : ککتاب وکتب ، وقد یکون تغیر البناء تقدیریا نحو : فلک

ص: 318

1- شرح الوافیه ، 320 وانظر شرح الکافیه ، 2 / 187 وشرح التصریح ، 1 / 81 وهمع الهوامع ، 1 / 22.

2- انظره فی النهایه ، لابن الأثیر ، 1 / 334 وجامع الترمذی ، مع شرح تحفه الأحوذی ، 2 / 12 ومختصر شرح الجامع الصغیر للمناوی ، 2 / 231 وفی لسان العرب ، حضر ، ما نصه «وإنما جمعه هذا الجمع لأنه قد صار اسما لهذه البقول لا صفه» ونقل الشیخ یاسین فی حاشیته علی شرح التصریح عن الدنوشری قوله وإذا سمّی بذلک جمع مؤنث جمع بالألف والتاء لخروجه عن الوصفیه وعلی ذلک الحدیث وانظر شرح الکافیه ، 2 / 187.

3- شرح الوافیه ، 320.

4- شرح التصریح ، 2 / 79 وهمع الهوامع ، 1 / 23.

5- الکافیه ، 411.

وهجان کما مرّ (1) ، وجمع التکسیر یعمّ من یعقل وغیرهم فی أسمائهم وصفاتهم کرجال وأفراس وکرام وحمر وشقر ، والجمع ینقسم إلی جمع قلّه ، وجمع کثره ، فجمع القلّه : هو الذی یطلق (2) علی العشره فما دونها إلی الثلاثه وأقسامه : أفعل کأکلب ، وأفعال کأجمال ، وأفعله کأرغفه ، وفعله کغلمه (3) ، والجمع الصحیح ، وهو نوعان : المذکّر السّالم کزیدین ، والمؤنّث السالم کمسلمات ، وجمع الکثره ما عدا ذلک ، ویستعار کلّ واحد منهما للآخر ، کقوله تعالی : (ثَلاثَهَ قُرُوءٍ)(4) موضع أقراء (5).

ذکر الأسماء المتصله بالأفعال

اشاره

وهی ثمانیه : المصدر ، واسم الفاعل ، واسم المفعول ، والصفه المشبّهه ، وأفعل التفضیل ، وهذه الخمسه هی المذکوره فی کتب النحو لکونها تعمل ، وأمّا الثلاثه الباقیه فهی : اسم الزمان واسم المکان واسم الآله ، وهذه الثلاثه من قسم التصریف ، لکونها لا تعمل ، وقد أثبتناها وغیرها من أبواب التصریف فی کتابنا هذا لکونه من کتب الکنّاش ، فأجری مجری الکنّاش ، ومعنی کون هذه الأسماء متصله بالأفعال ، أنّها لا تنفکّ عن معنی الفعل ، لأنّ المصدر اسم الفعل (6) واسم الفاعل ، اسم لما قام به الفعل ، وکذلک البواقی علی ما سیأتی.

1- ذکر المصدر

وهو اسم الحدث الجاری علی الفعل ، والمراد بهذا الحدث الجاری ، المعنی

ص: 319

1- فی الصفحه 314.

2- فی الأصل ینطلق ، وفی شرح الکافیه ، لابن الحاجب ، 2 / 612 «ویعنی بالقله أنه یطلق علی العشره فما دونها ظاهرا فیه» وفی شرح الوافیه 321 فجمع القله العشره فما دونها ظاهرا وجمع الکثره لما فوق ذلک.

3- وعن ابن السراج أنه اسم جمع ، همع الهوامع ، 2 / 175.

4- من الآیه 228 من سوره البقره.

5- ونصه فی شرح الکافیه ، لابن الحاجب ، 2 / 612 : وقد یستعمل کل واحد منهما موضع أخیه علی سبیل الاستعاره کقوله تعالی ثلاثه قروء فی موضع أقراء وکقولک : ثلاثه رجال وإن لم یکن من لفظ القله.

6- المقتضب ، 3 / 68 - 4 / 299.

7- الکافیه ، 411.

الصادر من الفاعل المجرّد عن الزمان ، ومعنی الجاری علی الفعل ، أنّ کلّ مصدر لا بدّ له من فعل لفظا أو تقدیرا ، یذکر المصدر بیانا لمعنی ذلک الفعل نحو : ضربا فی قولک ضربت ضربا (1) واعلم أنّ المفعول المطلق أعمّ من المصدر ، لأنّ کلّ مصدر لا بدّ له من فعل من لفظه ، ولیس کلّ مفعول مطلق کذلک ، نحو : ویحه وویله ، واعلم أنّ مصدر الفعل الثلاثی المجرد من الزیاده سماعی (2) والمشهور أنه اثنان وثلاثون (3) :

1 - فعل : کحمد وضرب.

2 - فعل کعلم وفسق.

3 - فعل : کشکر وشرب.

4 - فعله : کرحمه وکثره.

5 - فعله : کحمیه ونشده.

6 - فعله : کعجمه وکدره.

7 - فعلی : بفتح الفاء کدعوی.

8 - فعلی بکسرها : کذکری.

9 - فعلی بضمها : کبشری.

10 - فعلان بالفتح : مختلف فیه کلیّان (4) وأنکره المبرّد ، وقال أصله ضم أوّله ، وإنّما فتح للتخفیف.

11 - فعلان بالکسر : کحرمان ورضوان.

12 - فعلان بالضم : کغفران.

13 - فعلان بفتحهما : کغلیان وهیجان.

ص: 320

1- المقتضب ، 3 / 299 وشرح المفصل ، 6 / 43 وشرح الکافیه ، 2 / 191 وشرح التصریح ، 2 / 61.

2- الکافیه ، 411 - 412.

3- بعدها کلمه مطموسه ولعلها وزنا.

4- أشار إلی ذلک ابن یعیش 6 / 44 - 45 بقوله : وقد جاء علی فعلان بفتح الفاء ، قالوا لویته بدینه لیانا ، قال أبو العباس : فعلان بفتح الفاء لا یکون مصدرا إنما یجیء علی فعلان ، وفعلان هذا کثیر فی المصادر نحو العرفان والوجدان ... وقد حکی أبو زید عن بعض العرب لویته لیانا بالکسر وهو شاهد لما قلناه وانظر اللسان ، لوی.

14 - فعل : کعمل وغضب.

15 - فعل : کلعب وکذب.

16 - فعل : کشبع وکبر.

17 - فعل : کهدی وسری.

18 - فعله : کغلبه.

19 - فعله : کسرقه.

20 - فعال : کسماع ونبات.

21 - فعال : ککذاب وإیاب.

22 - فعال بالضم : کنعاس وهو کثیر فی الأصوات کصراخ (1).

23 - فعاله : کنصاحه وجهاله.

24 - فعاله بالکسر کحمایه وسرایه (2).

25 - فعول : کقعود.

26 - فعول وهو ثلاثه : قبول وولوع ووقود (3).

27 - فعیل : کصهیل.

28 - فعوله : کسهوله وصعوبه.

29 - مفعل بفتح المیم والعین : کمدخل.

30 - مفعل بفتح المیم وکسر العین : کمرجع ومنبت.

31 - مفعله بالفتح : کمرحمه.

32 - مفعله : کمحمره ومعصیه.

ص: 321

1- الکتاب ، 4 / 14 - 16 وشرح الشافیه للرضی ، 1 / 155.

2- وفی لسان العرب ، سری : والسّرایه سری اللیل ، وهو مصدر ، ویقلّ فی المصادر أن تجیء علی هذا البناء لأنه من أبنیه الجمع.

3- فی الکتاب 4 / 42 والمقتضب 2 / 126 بزیاده الوضوء وفی شرح شافیه ، 1 / 159 - 160 بزیاده الطهور وانظر المزهر للسیوطی ، 2 / 73.

فهذه مصادر الثلاثی السماعیه ، وقد زادوا علی ذلک ثلاثه أخر : فعالیه : کطواعیه وکراهیه (1) ، وفعاله بضم الفاء : کبغایه (2) ، وتفعال بکسر التاء کتبیان وتلقاء (3) ، وأمّا غیر ذلک من نحو : التّفعال بفتح (4) التاء (5) ، والفعّیلی بتشدید العین فللمبالغه (6).

وأمّا الفعل الغیر الثلاثی وهو الرباعی فصاعدا ، فمصدره قیاسیّ ، وهو رباعیّ وخماسیّ وسداسیّ ، والرباعیّ منه ما حروفه کلها أصول ، ومنه (7) ما أحد حروفه زائد ، ویکون من فعلل فعلله وفعلا لا نحو : دحرج دحرجه ودحراجا ، ومن فعول فعوله ، نحو : عنون عنونه ، ومن فعیل فعیله نحو : عذیط (8) عذیطه ، ومن فیعل فیعله ، نحو بیطر بیطره ، ومن فوعل فوعله نحو : حوقل حوقله ، ومن فعّل تفعیلا وتفعله ، نحو : کرّم تکریما وتکرمه وکلّم تکلیما ، فزادوا التاء فی أول هذه المصادر عوضا من تضعیف عین الفعل (9) فإن کان آخره معتلا رجع التفعیل إلی تفعله نحو : ولّی تولیه ، وسمّی تسمیه ، وإن کان آخره مهموزا جاز التفعیل والتّفعله ، نحو : نبّأ تنبیئا وتنبئه (10) ، ومن أفعل إفعالا نحو : أکرم إکراما ، فإن کان أفعل معتلّ العین رجع إفعال إلی إفاله ، نحو : أشار إشاره وأقال إقاله (11) والتزمت التاء فی الأکثر ، لأنّها

ص: 322

1- شرح الشافیه ، 1 / 151.

2- قال الأصمعی : بغی الرجل حاجته أو ضالته یبغیها بغاء وبغیه وبغایه إذا طلبها. لسان العرب ، بغا.

3- الکتاب ، 4 / 84 والمقرب ، 2 / 140 وشرح الشافیه ، 2 / 329.

4- فی الأصل فبفتح التاء.

5- الکتاب ، 4 / 84 وشرح الشافیه ، 1 / 167 وشرح الأشمونی ، 2 / 306 ، ونقل الصبان فی حاشیته ، 2 / 309 عن الدمامینی قوله : ومذهب البصریین أنّ التّفعال بالفتح مصدر فعل المخفف جیء به کذلک للتکثیر ، وقال الفرّاء وجماعه من الکوفیین : بأنه مصدر فعّل المضعف العین ، أما التفعال بکسر التاء فهو بمنزله اسم المصدر.

6- الکتاب ، 4 / 264 وتسهیل الفوائد ، 255 ، وشرح الشافیه ، 1 / 167.

7- فی الأصل منها.

8- العذیوط والعذیوط الذی إذا أتی أهله أبدی أی سلح أو أکسل لسان العرب ، عذط.

9- المقتضب 3 / 93 وشرح المفصل 6 / 48 وشرح الشافیه ، 1 / 163.

10- فی الأصل تنبیئه.

11- الکتاب ، 4 / 83 وشرح المفصل ، 2 / 6 وشرح الأشمونی ، 2 / 302.

جعلت عوضا من العین المحذوفه إذ کان الأصل إفعاله کما سنذکر له زیاده شرح ، ومن فاعل مفاعله وفعالا ، نحو : ضارب مضاربه وضرابا (1) ، وجاء فی معتلّه فعالیا ، مثل : ترامی ترامیا ، ومن انفعل انفعالا ، نحو : انطلق انطلاقا ، ومن افتعل افتعالا ، نحو : اختصم اختصاما ، واقتتل اقتتالا ، وجاء قتالا وقیتالا علی البدل (2) ومن استفعل استفعالا ، نحو : استخرج استخراجا (3) فإن کان استفعل معتلّ العین ، رجع الاستفعال إلی استفاله ، مثل : استعان استعانه واستکان استکانه ، ومن افعلّ افعلالا نحو : احمر احمرارا ، ومن تفعّل تفعّلا نحو : تلبّث تلبّثا ومن تفاعل تفاعلا (4) نحو : تطاول تطاولا ، ومن تفعلل تفعللا نحو : تدحرج تدحرجا ومن تفوعل تفوعلا نحو : تجوهر تجوهرا ، ومن تفعّل تفعّالا نحو : تحمّل تحمّالا (5) ، ومن افعنلل افعنلالا نحو : احرنجم احرنجاما ، ومن افعوعل افعیلالا نحو : اغدودن اغدیدانا ، ومن افعوّل افعوّالا نحو : اعلوّط اعلوّاطا (6) ومن افعللّ افعلالا نحو : اقشعرّ اقشعرارا (7) وإذا تقارب معنی فعلین جاز أن یستعمل مصدر أحدهما للآخر نحو : انطویت تطویا وتطویت انطواء.

واعلم أنّ أفعل معتل العین نحو : أقام وأجاز وأطاق ، مصدره بحسب الأصل إفعالا ، لأنّ مصدر أفعل من الصحیح إفعالا کما تقدّم من أکرم إکراما ، فمصادر هذه الأمثله المذکوره بحسب الأصل إقواما ، وإجوازا وإطواقا ، إلّا أنهم أعلّوا المصدر کما أعلوا فعله فنقلوا الحرکه عن حرف العلّه إلی الساکن قبله ، وبعد الساکن ألف ولا یکون ما قبل الألف إلا مفتوحا ، فینقلب حرف العله ألفا ، فاجتمعت ألفان فحذفت إحداهما لالتقاء الساکنین وعوض عنها الهاء فی الآخر ، فقیل : إقامه وإجازه وإطاقه (8).

ص: 323

1- الکتاب ، 4 / 80 - 86.

2- الکتاب ، 4 / 80 وشرح المفصل ، 6 / 48 وشرح التصریح ، 2 / 76.

3- الکتاب ، 4 / 79.

4- غیر واضحتین فی الأصل.

5- الکتاب ، 4 / 80.

6- یقال : اعلّوط بعیره اعلواطا إذا تعلق بعنقه وعلاه ، وجدّ به السیر ، والاعلواط : رکوب الرأس والتقحم علی الأمور بغیر رویه ، الصحاح واللسان ، علط. وانظر الکتاب 4 / 76.

7- الکتاب ، 4 / 85.

8- الکتاب ، 4 / 83 وشرح الشافیه ، 1 / 165.

واعلم أنّ المصدر قد یرد علی وزن اسمی الفاعل والمفعول سماعا لا قیاسا (1) فوروده علی وزن اسم الفاعل نحو : قم قائما بمعنی قیاما ومنه قول الشّاعر : (2)

أقاتل حتّی لا أری لی مقاتلا

...

أی لا أری قتالا ، ومنه العافیه فی عافاه الله عافیه ، ووروده علی وزن المفعول نحو : المیسور والمعسور والمرفوع والموضوع بمعنی الیسر والعسر والرّفع والوضع (3) وکما جاء اسم الفاعل فی موضع المصدر جاء أیضا المصدر فی موضع اسم الفاعل. نحو جاء رکضا ومشیا أی راکضا وماشیا (4) ، ومنه قوله تعالی (ادْعُهُنَّ یَأْتِینَکَ سَعْیاً)(5) أی ساعیات ، وهذا السّماعی إنّما هو فی الفعل الثلاثی المجرّد ، وأمّا المزید فیه والرباعی ، فیجیء منه اسم المفعول فی موضع المصدر قیاسا ، کأخرجته مخرجا ، وانطلق منطلقا ، ومن المصادر ما جاءت لتکثیر الفعل والمبالغه نحو : ما جاء علی تفعال سماعا مثل : التّهدار ، والتّرحال والتّرداد (6) بمعنی الهدر والرحیل والتردّد ، ونحو : ما جاء علی تفعیل وهو قیاسی مثل : التقطیع ونحو :

ص: 324

1- الکتاب ، 4 / 95 وشرح المفصل ، 6 / 50.

2- هذا صدر بیت لکعب بن مالک ورد فی دیوانه ، 184 وقیل : هو لمالک بن أبی کعب وعجز البیت : وأنجو إذا غمّ الجبان من الکرب ورد البیت منسوبا إلی مالک بن أبی کعب فی الکتاب ، 4 / 96 وشرح المفصل ، 6 / 50 - 55 وروی البیت منسوبا لکعب بن مالک فی لسان العرب ، قتل ، وشرح لامیه الأفعال ، لابن الناظم ، 57 وفی المخصص ، 14 / 200 لأبی کعب بن مالک وروی البیت من غیر نسبه فی المقتضب ، 1 / 75 والخصائص ، 1 / 367 - 2 / 304 والمحتسب ، 2 / 64 وشرح الأشمونی ، 2 / 310 ومن الجائز أن یکون مراد الشارح بیتا آخر لزید الخیل یتشابه صدره مع ما رواه الشارح وعجزه : وأنجو إذا لم ینج إلّا المکیّس انظر دیوان زید الخیل ، 33 ، والمخصص ، 14 / 200 وهذا البیت فی الکتاب ، 4 / 96 والنوادر ، 79 والخصائص ، 1 / 367 - 2 / 304 والمحتسب ، 2 / 64 وسمط اللآلی للبکری ، 1 / 345 وشرح المفصل ، 6 / 50 - 55 ولسان العرب ، قتل ، وشرح الأشمونی ، 2 / 310 وروایه أبی الفداء بکسر التاء ، فهو اسم فاعل أرید به المصدر ، أی قتالا ، وروی بفتحها ، فهو اسم مفعول أرید به المصدر أیضا أو اسم مکان.

3- وزاد فی الکتاب 4 / 97 المعقول وانظر المخصص ، 14 / 200 والمزهر ، 2 / 246.

4- شرح المفصل ، 6 / 50.

5- من الآیه 260 من سوره البقره.

6- وثمه ألفاظ أخری انظرها فی الکتاب ، 4 / 84.

فعّیلی کقول عمر رضی الله عنه : (1) «لو أطیق الأذان مع الخلّیفی لأذّنت» وقول عمر بن عبد العزیز : (2)(3) «لا ردّیدی فی الصّدقه» أی لا تردّ.

والمصدر یعمل عمل فعله (4) سواء کان المصدر بمعنی الماضی أو الحال أو الاستقبال ، لأنّ عمله لکونه فی تقدیر «أن» مع الفعل سواء کان ماضیا أو غیره ، وإنّما یعمل المصدر إذا لم یکن مفعولا مطلقا ، أی إذا لم یکن منصوبا بفعله المذکور معه لفظا أو تقدیرا ، ولا یضمر الفاعل فی المصدر کما سیأتی (5) وإنّما سمّی المصدر مصدرا لأنّ الأفعال صدرت عنه ، أی أخذت منه تشبیها بمصدر الإبل ، وهو المکان الذی ترده الإبل ثم تصدر عنه (6) ولا یتقدّم معمول المصدر علیه فلا یقال : أعجبنی زیدا ضرب عمرو ، لکون المصدر فی تقدیر أن مع الفعل ، فکما لا یتقدّم ما فی حیّز صله أن علیها ، فکذلک لا یتقدّم ما فی حیّز صله المصدر علیه (7) ، ولا یلزم ذکر فاعل المصدر بل یجوز أن تقول : أعجبنی ضرب زیدا ، ولم یذکر الفاعل ، وإنّما لم یلزم ذکر الفاعل لأن التزامه کان یؤدی إلی الإضمار فیه عند ما یکون لغائب متقدم ذکره ، ولا یضمر فیه الفاعل وإنّما لم یضمر فاعل المصدر فیه ، فرقا بینه وبین الفعل والصفه ، حیث یضمر فاعلهما فیهما ، لأنّ الفعل خبر أو وصف جار مجری الخبر فی اقتضائه مسندا إلیه ، وکذلک الصفات فلو قدّر خلوّهما من الضمیر لم ترتبط الصفه بالموصوف ولا الخبر بالمبتدأ ، والمصدر اسم علی کل حال ، ولیس بصفه ، والاسم لا یلزم أن یکون مسندا إلی شیء ، فلذلک لم یضمر فیه فرقا بینه وبین ما وجب فیه الإضمار ، ویجوز إضافه المصدر إلی الفاعل ،

ص: 325

1- انظره فی المقاصد الحسنه ، 348 وکتاب تمییز الطیب من الخبیث ، 137. والمخصص ، 14 / 155.

2- عمر بن عبد العزیز بن مروان بن الحکم الأموی ، قیل عنه خامس الخلفاء الراشدین تشبیها له بهم روی عن أنس بن مالک وسعید بن المسیب عددا من الأحادیث توفی سنه 101 ه انظر أخباره فی تاریخ ابن خلدون ، 3 / 131 - 132 - 145 - 156 وتاریخ الیعقوبی ، 3 / 44 وطبقات الحفاظ ، 46 والأعلام ، 5 / 209.

3- انظره فی الصحاح واللسان ، ردد.

4- الکافیه ، 412.

5- بعدها فی الأصل مشطوب علیه «کما یضمر فی الصفه لأن الصفه تقتضی الموصوف فلو قدر خلوها من الضمیر لما حصل ارتباطها بالموصوف ولا کذلک المصدر ، والاسم لا یلزم أن یکون مسندا إلی شیء ولا مفتقرا إلی موصوف فلا یحتاج إلی ضمیر یربطه فلا یضمر فیه».

6- اللسان ، صدر.

7- شرح الوافیه ، 322 والتسهیل ، 142 وشرح المفصل ، 6 / 59.

فیبقی المفعول منصوبا نحو : أعجبنی دقّ القصّار الثوب (1) ، وقد یضاف إلی المفعول فیبقی الفاعل أکثر.

واعلم أن عمله منونا أولی ، لأنّه حینئذ أکثر مشابهه للفعل لکونه نکره حینئذ ، کالفعل ثم عمله مضافا أولی ، وإعماله باللّام قلیل (2)(3) وإن کان المصدر مفعولا مطلقا ، فإمّا أن یکون مما التزم فیه حذف الفعل وصار المصدر بدلا عنه نحو : سقیا ، أو لم یکن کذلک. فإن کان نحو : سقیا ، ففیه وجهان : أحدهما : أن یکون الفعل عاملا ، والثانی : أن یکون المصدر عاملا من حیث إنّه نائب عن الفعل فإذا قلت : سقیا زیدا ، فزیدا منصوب بسقیا من حیث قام مقام سقی الله ، لا من حیث کونه مصدرا ، وإن لم یکن المصدر بدلا من الفعل ، بل کان الفعل مذکورا نحو : ضرب ضربا زیدا أو محذوفا غیر لازم نحو قولک لمن رفع السّوط : ضربا زیدا ، فالعمل للفعل ، لأنّه مراد لفظا أو تقدیرا ، ولیس المصدر بدلا عنه (4).

2- ذکر اسم الفاعل

اشاره

اسم الفاعل ما اشتقّ من فعل لمن قام به بمعنی الحدوث ، قوله : ما اشتقّ من فعل کالجنس یدخل فیه المحدود وغیره من اسم المفعول والصفه المشبّهه وغیر ذلک ، وقوله : لمن قام به ، یخرج به نحو اسم المفعول ، وقوله : بمعنی الحدوث یخرج الصّفه المشبّهه ، لأنّ وضعها أن تدلّ علی معنی ثابت ، ولو قصد بها الحدوث ردّت إلی صیغه اسم الفاعل (6) کما سیأتی فی الصفه المشبّهه.

ذکر اسم الفاعل من الفعل الثلاثی المجرّد

وهو إن کان علی فعل بفتح العین فیطرد منه اسم الفاعل علی صیغه فاعل ،

ص: 326

1- شرح الوافیه ، 322 وشرح الأشمونی ، 2 / 291.

2- الکتاب ، 1 / 192 وشرح الکافیه ، 2 / 197 والهمع ، 2 / 94.

3- الکافیه ، 412.

4- شرح الوافیه ، 323 وتسهیل الفوائد ، 142 وشرح الکافیه ، 2 / 197 وشرح التصریح ، 2 / 62.

5- الکافیه ، 214.

6- شرح الکافیه ، 2 / 198.

7- الکافیه ، 214.

مثل : ضرب فهو ضارب وقعد فهو قاعد (1) وأمّا ما جاء من الفعل الثلاثی المذکور علی خلاف ذلک فمسموع ولا یقاس (2) علیه ، وذلک نحو عتق العبد فهو عتیق.

ذکر اسم الفاعل من غیر الثلاثی

ویأتی منه علی صیغه المضارع وهو أن یحذف حرف المضارعه ویجعل موضعه میم ، مثل : مکرم من یکرم ، ومنطلق من ینطلق ، ومدحرج من یدحرج ، ومستخرج من یستخرج ، وهذه المیم فی اسم الفاعل لا تکون (4) إلا مضمومه سواء کان حرف المضارعه مضموما نحو : یخرج ، أو مفتوحا : نحو یستخرج فإنک تقول : مخرج ومستخرج بضم المیم فیهما ، وما قبل آخر اسم الفاعل المذکور لا یکون إلّا مکسورا نحو کسره اللام فی منطلق ، والراء فی مدحرج ومستخرج (5) فرقا بینه وبین المفعول ، وأمّا ما جاء من أسماء الفاعلین من هذا الباب علی صیغه اسم الفاعل من الفعل الثلاثی فشاذ یؤخذ بالسّماع ، وذلک نحو : وارق من أورق العود ، وما حل من محل البلد ، وعاشب من أعشب المکان ، ویافع من أیفع الغلام ، فإنّ قیاس ذلک ، أن یکون اسم الفاعل منه علی مفعل لا علی فاعل.

ذکر عمل اسم الفاعل

وهو یعمل عمل فعله المضارع المبنیّ للفاعل ، لکن یشترط لعمله أن یکون بمعنی الحال أو الاستقبال مع اعتماده علی صاحبه ، أو علی همزه استفهام ، أو ما النافیه ، أما اشتراط کون اسم الفاعل المذکور بمعنی الحال أو الاستقبال ، فلأنّه إنّما عمل لمشابهه الفعل المضارع فی الموازنه والدلاله علی المصدر (7) فضارب

ص: 327

1- المقتضب ، 2 / 113 وشرح المفصل ، 6 / 68.

2- فی الأصل یقیاس.

3- الکافیه ، 412.

4- فی الأصل لا یکون.

5- شرح الوافیه ، 324 وانظر الکتاب ، 4 / 282 والمقتضب ، 1 / 74 وشرح المفصل ، 6 / 86 وشرح الکافیه ، 2 / 199.

6- الکافیه ، 412.

7- شرح الوافیه ، 324 وشرح المفصل ، 6 / 68 والتسهیل ، 136.

موازن یضرب ، ومکرم موازن یکرم ، فلمّا / انعقد هذا الشبه بینهما عمل عمله ، ولهذه المشابهه أیضا أعطیت الأفعال المضارعه الإعراب ، ولیس بین اسم الفاعل والفعل الماضی هذه الموافقه ، فإنّ ضاربا مثل یضرب لا مثل ضرب ، فإذا شرط فیه معنی الحال أو الاستقبال قوی شبهه به لفظا ومعنی ، سواء کان الحال أو الاستقبال تحقیقا أو حکایه کقوله تعالی : (وَکَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَیْهِ بِالْوَصِیدِ)(1) فإنّ باسطا ها هنا ، وإن کان ماضیا لکنّ المراد به حکایه الحال (2) والمراد بقولنا : یعمل عمل فعله : أنه یعمل عمله فی التقدیم والتأخیر ، والإظهار والإضمار ، وفی اللزوم والتّعدی إلی مفعول أو إلی اثنین أو ثلاثه ، وإنّ الفعل کما یتعدّی إلی الحال والمصدر والمفعول له والمفعول معه وسائر الفضلات ، فکذلک اسم الفاعل منه ، فمثال عمله فی التقدیم : زید ضارب غلامه عمرا ، وفی التأخیر : زید عمرا مکرم ، فتنصب عمرا بمکرم ، وفی الإظهار المثال المتقدّم ، وفی الإضمار : زید ضارب بکر وعمرا ، بخفض بکر ونصب عمرا ، أی ضارب عمرا لأنّ بکرا مخفوض فلما نصب عمرا ، عطفا علیه لم یکن نصبه إلّا علی تقدیر وضارب عمرا (3) ومثاله فی اللزوم : زید قائم أبوه ، وفی التعدی (4) إلی واحد : زید ضارب عمرا وإلی مفعولین : زید معط عمرا درهما ، وظانّ خالدا منطلقا ، وإلی ثلاثه نحو : زید معلّم أباه عمرا منطلقا (5) وأمّا اشتراط اعتماد اسم الفاعل علی صاحبه أو علی الهمزه أو علی ما النافیه ، فالمراد بصاحب اسم الفاعل ، اسم قبله محکوم علیه فلو قلت : ضارب زید عمرا من غیر اعتماد لم یجز ، لأنّ اسم الفاعل صفه فی المعنی ، فلا بدّ من موصوف نحو : مررت برجل ضارب أبوه عمرا ، وقد یکون ذا حال نحو : جاءنی الرجل (6) ضاربا عمرا.

ص: 328

1- من الآیه 18 من سوره الکهف.

2- وبذلک رد النحاه رأی الکسائی المجیز إعمال اسم الفاعل وهو بمعنی المضیّ مستدلا بالآیه الکریمه. انظر شرح الکافیه 2 / 200 - 201.

3- وقدر بعضهم الناصب فعلا لا وصفا ، شرح المفصل 6 / 69.

4- غیر واضحه فی الأصل.

5- شرح التصریح 2 / 65 وحاشیه الصبان ، 2 / 292.

6- فی الأصل رجل ، ولم یجز أبو الفداء فی باب الحال 82 - 83 مجیء صاحب الحال نکره تبعا لسیبویه ، وانظر الکتاب ، 2 / 112 وحاشیه الصبان ، 2 / 181.

وأما الهمزه وما النافیه فنحو : أقائم زید ، وما قائم زید ، فلوقوعهما (1) موقعا هو بالفعل أولی ، واعلم أنه لا یختصّ ذلک بالهمزه وما ، بل جمیع أدوات الاستفهام أسماء کانت أو حروفا وجمیع حروف النفی فی ذلک سواء ، وأجاز الأخفش ، إعماله من غیر اعتماد علی شیء (2) نصّ علیه السّخاوی ، وابن یعیش (3).

وإن کان اسم الفاعل بمعنی الماضی وجبت إضافته إلی معموله إضافه معنویه (4) فتقول : زید ضارب عمر أمس ، خلافا للکسائی فإنه قال : لا یجب إضافته لأنه یعمل عنده سواء کان بمعنی الماضی أو الحال أو الاستقبال ، واستدلّ الکسائیّ بقوله تعالی : فالق الإصباح وجاعل اللیل سکنا (5) فیقول : لا ناصب لسکنا سوی جاعل ، وهو بمعنی الماضی ، وإذا نصب المفعول الثانی فلأن ینصب الأول أقرب (6) ، وردّ بأنّ نصبه یکون بفعل مقدّر ، وتقدیره : وجاعل اللیل جعله سکنا (7) واعلم أنه یجوز أن یقوّی اسم الفاعل المتعدی بدخول حرف الجرّ فتقول : زید ضارب

ص: 329

1- فی الأصل فلوقوعه.

2- قال ابن یعیش فی شرح المفصل 6 / 79 وقد أجاز أبو الحسن أن یعمل من غیر اعتماد فتقول علی مذهبه قائم زید ، فیکون قائم مبتدأ وزید مرفوع بفعله وقد سد مسدّ الخبر ، ولا ضمیر فی اسم الفاعل عنده لأنه قد رفع ظاهرا فلا یکون له فاعلان.

3- هو یعیش بن علی بن یعیش أبو البقاء ولد بحلب ، وقدم إلی دمشق وجالس الکندی ثم تصدّر بحلب للإقراء زمانا کان من کبار أئمه العربیه ماهرا فی النحو والتصریف صنف شرح المفصل وشرح تصریف ابن جنی ومات بحلب سنه 643. انظر ترجمته فی بغیه الوعاه 2 / 351 - 352.

4- الکافیه ، 412.

5- من الآیه 96 من سوره الأنعام. وقد قرأ الکوفیون وجعل من غیر ألف وبنصب اللام من اللیل. وقرأ الباقون بالألف وکسر العین ورفع اللام وخفض اللیل ، الکشف ، 1 / 441 والنشر ، 2 / 260 والاتحاف ، 214.

6- بعدها فی شرح الوافیه 325 ورد بأن ذلک یستعمل کثیرا فلو کان بمعنی المضی لوقع قطعا عاملا فی الأول ولو وقع لنقل ، ولما لم یقع المنصوب إلّا الثانی ، ونصبه یجوز أن یکون بفعل مقدر وجب تقدیره فیکون التقدیر وجاعل اللیل جعله سکنا.

7- قال الأنباری فی البیان ، 1 / 332 فمن قرأ جاعل اللیل أضاف اسم الفاعل إلی اللیل ویکون سکنا منصوب بتقدیر فعل مقدر وتقدیره : وجعل اللیل سکنا ، واللیل علی قراءه من قرأ وجعل مفعول أول وسکنا مفعول ثان ، وللتوسع فی ذلک انظر شرح المفصل 6 / 77 والتسهیل ، 137 وشرح الکافیه ، 2 / 200 وشرح التصریح ، 2 / 66 وهمع الهوامع ، 2 / 96 وشرح الأشمونی ، 2 / 293.

عمرا وضارب لعمرو وإنّما کان کذلک لأنّ أصل العمل إنّما هو للأفعال کما أنّ أصل الإعراب إنما هو للأسماء ، فکلّ منهما فرع علی الآخر فیما هو أصل فیه ، والفروع أبدا منحطه عن الأصول ، فلذلک جاز تقویه اسم الفاعل بحرف الجرّ ، ولم یجز فی الفعل لکون اسم الفاعل أضعف منه ، هذا إذا تأخّر المفعول عن الفعل ، فإن تقدّم علیه جاز إدخال اللّام تقویه لهما (1) تقول : لزید عمرو ضارب ، ولزید ضربت قال الله تعالی : (إِنْ کُنْتُمْ لِلرُّءْیا تَعْبُرُونَ)(2) وإذا جاءت اللّام فی اسم الفاعل نحو : الضارب والقاتل ، عمل ، وإن کان بمعنی المضی ، لأنّها موصوله ، وأصل صلتها صریح الفعل وإنّما سبک (3) اسم فاعل لیناسب اللّام التی معناها معنی لام التعریف ، فمن ثمّ قوی إعمال اسم الفاعل معها وإن کان بمعنی المضیّ (4).

3- ذکر أبنیه المبالغه

وهی : فعول کضروب ، وفعّال کضرّاب ، وفعیل کسمیع ، وفعل کحذر ، ومفعال کمضراب ، وهی مثل اسم الفاعل فی العمل (6) نحو : زید ضرّاب أبوه عمرا ، وإنّما عملت هذه ، وإن فات ما ذکرناه من الزنه ، لأنّ فیها من معنی المبالغه ما یقوم مقام ذلک الشّبه ، مع أنها لم تعمل بدون اللّام إلّا إذا کانت بمعنی الحال أو الاستقبال (7). ومثنّی اسم الفاعل ومجموعه مثل مفرده فی العمل تقول : الزیدان ضاربان عمرا ، والزیدون ضاربون عمرا الآن أو غدا ، ویجوز حذف نونی تثنیه اسم الفاعل وجمعه السّالم المعرّفین مع العمل أی مع نصب ما بعدهما نحو قول الشّاعر : (8)

ص: 330

1- شرح الکافیه ، 2 / 201 - 202.

2- من الآیه 43 من سوره یوسف.

3- غیر واضحه فی الأصل.

4- شرح الوافیه ، 325 وانظر شرح المفصل ، 6 / 76.

5- الکافیه ، 412.

6- الکتاب ، 1 / 110 والمقتضب ، 2 / 115 - 116.

7- شرح المفصل ، 6 / 70 وشرح الکافیه ، 2 / 203.

8- البیت اختلف حول قائله فقیل : هو لقیس بن الخطیم وقیل لعمرو بن امریء القیس الخزرجی وقد ورد فی دیوان قیس بن الخطیم ، 45 وروی منسوبا له فی الحلل ، 122 وروی منسوبا لعمرو فی الکتاب ، 1 / 186 والمقتضب ، 4 / 145 وخزانه الأدب ، 4 / 272 وسجل الخلاف حوله ابن منظور فی اللسان ، وکف وروی البیت من غیر نسبه فی المنصف 1 / 67 والمحتسب ، 2 / 80 وهمع الهوامع ، 1 / 49 وشرح الأشمونی ، 2 / 247 وروی من ورائنا مکان ورائهم. ووکف مکان نطف. النطف : العیب ، والوکف : العیب والإثم.

الحافظو عوره العشیره لا

یأتیهم من ورائهم نطف

فحذف النون من الحافظون تخفیفا واستطاله لصله اللام التی هی بمعنی الذی ، مع نصب عوره ، ولیعلم أنّه لا یجوز حذف النون مع العمل من غیر تعریف ، لأنّه لا یکون صله حینئذ فلا یقال : ضاربو عمرا بنصب عمرو بل بالجر (1).

4- ذکر اسم المفعول

وهو ما اشتقّ من فعل لمن وقع علیه ، فقوله : ما اشتقّ من فعل کالجنس ، وقوله : لمن وقع علیه فصله ، واسم المفعول یعمل عمل الفعل الذی لم یسمّ فاعله ، إذ معنی زید مضروب غلامه ، زید یضرب غلامه ، وکذلک مستخرج ومکرم بمعنی یستخرج ویکرم ، وتقول فیما یتعدّی بحرف الجر : زید منطلق به ، کما تقول ینطلق به. واسم المفعول لا یبنی إلّا من فعل متعدّ ثلاثی لکون اسم المفعول جاریا علی فعل ما لم یسمّ فاعله فإن عدّی اللازم بحرف الجرّ جاز بناء اسم المفعول منه (3) ، وفی التنزیل : (غَیْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَیْهِمْ)(4) فعدّاه بقوله : «علیهم» ، وهو إن کان من الثلاثی فصیغته علی مفعول کمضروب (5) وکان قیاسه أن یأتی علی مفعل کمضرب إذ قیاسه أن یکون علی زنه مضارعه المبنی للمفعول ، کما أنّ أصل اسم الفاعل أن یکون علی زنه مضارعه المبنی للفاعل. لکنه عدل لئلّا یلتبس باسم المفعول والفاعل من أفعل نحو : مکرم من أکرم ، وأمّا مسعود فهو اسم مفعول من الفعل الثلاثی أی من سعده ،

ص: 331

1- شرح الوافیه ، 326.

2- الکافیه ، 412 - 413.

3- شرح الکافیه ، 2 / 204.

4- من الآیه 7 من سوره الفاتحه.

5- الکافیه ، 412 - 413.

لأنّه یجوز أن یقال : سعده الله بمعنی أسعده الله (1) وکذلک محبوب (2) ومحزون فإنه جاء أحبّه وحبّه ، وأحزنه وحزنه بمعنی (3) ، وأمّا اسم المفعول من الزائد علی الثلاثی مطلقا فصیغته مثل صیغه اسم الفاعل ، إلّا أنّ اسم المفعول یفتح ما قبل آخره فرقا بینه وبین اسم الفاعل نحو : مستخرج ومدحرج بفتح الرّاء فیهما ، وشذّ فی هذا الباب ما ورد بخلاف ذلک نحو : أزکمه البرد فهو مزکوم وأحمّه الله فهو محموم ، وأجنّه فهو مجنون ، فإنّ قیاس هذه المفاعیل أن یقال : مزکم ومحمم ومجنّ علی مفعل مثل مکرم ، لا علی مفعول ، لأنها لیست من الثلاثی (4) وکما شذت هذه المفاعیل کذلک شذّ فی أفعالها بناؤها لما لم یسم فاعله من هذه الأفعال کما شذّت أسماء المفاعیل منها ، وأمّا اسم المفعول من الفعل الثلاثی المعتل نحو : قال وباع فسیأتی فی المشترک فی فصل الإعلال (5).

واعلم أنه قد یجیء المفعول من الثلاثی علی صیغه المصدر نحو : هذا الدرهم ضرب الأمیر ، وهذا الثوب نسج الیمن أی مضروب الأمیر ومنسوج الیمن ، وقد جاء للمبالغه قلیلا علی وزن فعله بضم الفاء وسکون العین نحو : زید ضحکه غلامه.

واعلم أنّ نحو : محمرّ اسم مفعول ، ومختار اسم مفعول ، موافق فی اللفظ لاسم الفاعل ، وهما فی التقدیر مختلفان ، فاسم الفاعل فی التقدیر : محمرر بکسر ما قبل آخره ، واسم المفعول فی التقدیر : محمرر بفتح ما قبل الآخر ، وکذلک تقدیر مختار فیهما ، أعنی مختیر ومختیر ، فلمّا جاء الإدغام فی محمرّ والإعلال فی مختار استوی لفظهما فی البابین ، وأمر اسم المفعول فی عمله عمل فعله وفی اشتراط

ص: 332

1- یقال سعده الله یسعده ، فهو مسعود والأکثر أن یتعدی بالهمزه فیقال : أسعده الله فهو مسعود ویقال : مسعد کأنهم استغنوا عنه بمسعود. انظر الصحاح واللسان ، والمصباح المنیر سعد.

2- فی لسان العرب ، ماده حبب : الحبّ نقیض البغض ، وأحبّه فهو محبّ وهو محبوب علی غیر قیاس هذا الأکثر وقد قیل : محبّ علی القیاس.

3- نقل ابن منظور فی ماده حزن عن أبی عمرو قوله : وفی استعمال الفعل منه لغتان : تقول حزننی یحزننی حزنا فأنا محزون ، ویقولون : أحزننی فأنا محزن وهو محزن وانظر المصباح المنیر ، حزن.

4- الکتاب 4 / 67.

5- فی 2 / 269.

الزمانین ، والاعتماد کأمر اسم الفاعل (1) ثم إن کان فعله یتعدّی إلی مفعول ارتفع وبطل نصبه نحو : زید مضروب غلامه ، وإن تعدّی إلی اثنین ارتفع الأول وبقی الثانی منصوبا نحو : زید معلوم قائما ، ومعطی درهما ، وکذلک یرفع الأول فقط إذا تعدّی إلی ثلاثه نحو : زید معلّم (2) عمرا منطلقا ، ولا یثنّی ولا یجمع إذا رفع به الظاهر نحو : أمضروب الزیدان (3) وقد یستوی اسم المفعول من الزائد عن الثلاثی وظرف الزمان والمکان والمصدر فی الصیغه ، تقول : هذا مقامک أی موضع إقامتک أو زمن إقامتک ، وهذا مقامک أی إقامتک ، قال الشّاعر : (4)

أظلیم إنّ مصابکم رجلا

یهدی السّلام تحیّه ظلم

یرید : إنّ إصابتکم رجلا ، فرجل منصوب بالمصدر الذی هو مصاب وهو علی زنه المفعول من الرباعی.

5- ذکر الصّفه المشبّهه

اشاره

وهی ما اشتقّ من فعل لازم لمن قام به علی معنی الثبوت (6) قوله : الصفه المشبّهه أی المشبهه باسم الفاعل ، وقوله : ما اشتقّ من فعل لازم ، یخرج به اسم المفعول واسم الفاعل من الفعل المتعدی ، وقوله : لمن قام به ، یخرج نحو : المجلس والمقام من أسماء المکان ، والمطلع والمغرب من أسماء الزمان ، لأنّ هذه وإن کانت مشتقه من الأفعال اللازمه لکن لیست لمن قام به ، أی لیست صفات لموصوفات ،

ص: 333

1- شرح الوافیه ، 317.

2- فی الأصل معلوم.

3- شرح المفصل ، 6 / 80 وتسهیل الفوائد ، 138 وشرح الکافیه ، 2 / 204 وشرح التصریح ، 2 / 71 وهمع الهوامع ، 2 / 97 وشرح الأشمونی ، 2 / 302.

4- البیت اختلف حول قائله فقیل هو للحارث بن خالد المخزومی وقد نسب له فی شرح الشواهد ، 2 / 288 وقیل : هو للعرجی ، وقد ورد فی دیوانه ، 193 ونسب له فی المغنی ، 2 / 538 ، وسجل الخلاف حوله السیوطی فی شرح شواهد المغنی ، 2 / 892 وورد البیت من غیر نسبه فی مجالس ثعلب ، القسم الأول ، 224 وأمالی ابن الشجری ، 1 / 107 والمغنی ، 2 / 673 وشرح شذور الذهب ، 411 وهمع الهوامع ، 2 / 94 وشرح الأشمونی ، 2 / 288. الکافیه ، 413.

5- الکافیه ، 413.

6- بعدها فی الأصل مشطوب علیه «زمانا ثابتا» وسیثبتها بعد.

وقوله : بمعنی الثبوت ، أی بمعنی بقائها زمانا ثابتا ، لیخرج به اسم الفاعل من الفعل اللّازم نحو : قائم وقاعد إن قصدت الحدوث بهذه الصفه جئت بها علی لفظ اسم الفاعل کقوله تعالی : (فَلَعَلَّکَ تارِکٌ بَعْضَ ما یُوحی إِلَیْکَ وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُکَ)(1) ولم یقل ضیّق لیدل علی أنّ الضیق عارض فی بعض الأحوال غیر ثابت (2) وإنّما عدلوا بهذه الصفات عن صیغه اسم الفاعل (3) لأنّهم أرادوا أن یصفوا موصوفاتها بالمعنی الثابت ، الذی لیس هو لاسم الفاعل ، فقالوا : حسن وشدید وصعب وظریف وضیّق وکریم ، أی إنّ هذه المعانی ثابته للموصوف ومستقره له. زمانا ثابتا فإذا أرادوا الحدوث أتوا بالصفه علی صیغه الفاعل (4) کما قلنا فی ضیّق وضائق ، ومثل ذلک غضبان وغاضب وطویل وطائل وما أشبه ذلک.

ذکر التشابه والاختلاف بین الصّفه المشبّهه وبین اسم الفاعل

اشاره

وهی تشابهه فی التذکیر والتأنیث والتثنیه والجمع ، فحسن کضارب وحسنه کضاربه وحسنان (5) کضاربان ، وحسنون کضاربون (6) وأمّا مخالفتها لاسم الفاعل فمن وجوه :

منها : الصیغه وصیغها سماعیّه وتجیء علی فیعل کسیّد ، وعلی فعل کعم وعلی فعلان کعطشان ، وتأتی صیغها فی الألوان علی أفعل قیاسا ، کأحمر وأبیض وأسود وأحور وحوراء وأهیف وأغید.

ومنها : أنّها لا یتقدّم معمولها علیها فلا یقال : زید وجها حسن کما یقال : زید عمرا ضارب.

ومنها : أنها لا تکون إلّا ثابته أی باقیه زمانا ثابتا واسم الفاعل لا یکون ثابتا أی لیس باقیا زمانا ثابتا.

ص: 334

1- من الآیه 12 من سوره هود.

2- غیر واضحه فی الأصل.

3- الکافیه ، 413.

4- شرح المفصل ، 6 / 82.

5- غیر واضحه بالأصل.

6- تسهیل الفوائد 139 وشرح التصریح ، 2 / 80.

ومنها : أنها لا تکون إلّا من فعل لازم.

ومنها : أنها لا یجوز أن یعطف علی المجرور بها بالنّصب کما فی اسم الفاعل فلا یقال : زید کثیر المال والعبید ، بنصب العبید وجرّ المال ، کما یقال : زید ضارب عمرو وبکرا ، بجرّ عمرو بالإضافه ونصب بکر ، لأنّ بکرا عطف علی موضع عمرو وهو النصب ، ولیس معمول الصفه المشبّهه کذلک بل هو مرفوع فی المعنی ، لأنّ أصل کثیر المال ، کثیر ماله ، وتعمل عمل فعلها المشتقه هی منه مطلقا (1) من غیر اشتراط الحال أو الاستقبال لکونها بمعنی الثبوت (2) فحسن مثل حسن ، لکنّ عمل هذه الصفات أوسع من عمل أفعالها ، فإنّها تنصب معمولها علی التشبیه باسم الفاعل المتعدّی.

واعلم أنّ هذه الصفه المشبّهه وإن لم یشترط فیها معنی الحال أو الاستقبال کما اشترط فی اسم الفاعل ، فلا بدّ من اعتمادها علی صاحبها أو الهمزه أو النفی کما قیل فی اسم الفاعل ، لما تبیّن من أنّ مطلق الصفه محتاجه إلی الاعتماد ، وهذه الصفه (3) إمّا أن تکون باللام نحو : الحسن وإمّا أن تکون مجرده عن اللام نحو : حسن ومعمولها إمّا مضاف ، وإمّا بلام التعریف ، وإمّا مجرّد عنهما ، وإذا ضربنا اثنین فی ثلاثه ، کان الحاصل سته ، وهی : الصفه باللام ومعمولها مثلها ، ومضاف ومجرّد ، والصفه مجرده ومعمولها مثلها ، وباللّام ومضاف ، وإعراب معمولها المذکور ، رفع ونصب وجرّ ، وإذا ضربت السته فی أقسام الإعراب وهو ثلاثه کان الحاصل ثمانی عشره مسأله.

ذکر مسائلها الثمانی عشره

وهی : الصفه مجرّده ومعمولها مضاف ، نحو : رجل حسن وجهه ، برفع وجهه ونصبه وجرّه ، والصفه مجرده ومعمولها معرّف باللام ، نحو : رجل حسن الوجه برفع

ص: 335

1- الکافیه ، 413.

2- شرح الکافیه ، 2 / 206.

3- الکافیه ، 413.

4- الکافیه ، 413.

الوجه ونصبه وجره ، والصفه مجرده ومعمولها مجرّد عنهما نحو : رجل حسن وجه برفع وجه ونصبه وجرّه ، فالمجموع تسعه ، وکذلک تجیء الصفه باللّام علی تسعه أقسام : فمثالها باللام ومعمولها مضاف ، الرجل الحسن وجهه بالرفع والنصب والجرّ ، ومثالها باللّام ومعمولها مجرّد ، الرجل الحسن وجه بالرفع والنصب والجرّ ، ومثالها ومعمولها باللّام ، الرجل الحسن الوجه ، بالرفع والنّصب والجر (1) فذلک سته ، وهی مع التسعه الأولی ثمانی عشره ، اثنتان من هذه الثمانی عشره ممتنعتان ، إحداهما : الحسن وجهه ، والثانیه : الحسن وجه بخفضهما علی الإضافه لعدم إفاده الإضافه فیهما خفه (2). واختلف فی صحّه مسأله واحده وهی : حسن وجهه بالإضافه ، فقال قوم : إنّها لا تصحّ لاستلزامها إضافه الشیء إلی نفسه لأن الوجه هو الحسن ، وقال قوم : إنها تصحّ ، ومنعوا استلزامها إضافه الشیء إلی نفسه لکون الحسن أعمّ من الوجه (3) والبواقی من الثمانی عشره علی ثلاثه أقسام (4) أحدها : أحسن ، وهو ما کان فیه ضمیر واحد لتحقّق ما یحتاج إلیه من غیر زیاده. والثانی : حسن ، ولیس بأحسن ، وهو ما کان فیه ضمیران ، أما حسنه فلوجود المحتاج إلیه ، وأمّا عدم أحسنیته فلوجود الزائد علی المحتاج ، والثالث : قبیح وهو ما لا ضمیر فیه وقد بیّنا فی هذه الدائره التی اقترحناها المسائل الثمانی عشره ، وبیّنا الأحسن والحسن والقبیح والممتنع والمختلف فیه وهذه صورتها /:

ص: 336

1- شرح المفصل ، 6 / 83 وشرح التصریح ، 2 / 84.

2- شرح الکافیه ، 2 / 207 وهمع الهوامع ، 2 / 99.

3- قال الرضی ، 2 / 207 ذهب البصریون إلی جواز ذلک علی قبح فی ضروره الشعر ، وأجازها الکوفیون دون قبح فی السعه.

4- الکافیه ، 413.

الصوره

ص: 337

ذکر الرّافع والنّاصب والجارّ لمعمول الصّفه المشبّهه

إنّما یرفع معمولها علی الفاعلیّه وهو الأصل فی عمل هذه الصفه ، إذ لا تقتضی إلّا مرفوعا کفعلها اللازم ، والمختار فی النّصب التفصیل ؛ وهو إن کان المعمول معرفه فنصبه علی التشبیه بالمفعول ، وهو الحسن الوجه ، لئلا یقع التمییز معرفه ، وإن کان نکره فنصبه علی التمییز نحو : الحسن وجها (2) ومنهم من یقول : إنّ نصب معمول الصفه سواء کان معرفه أو نکره إنّما هو علی التشبیه بالمفعول لا علی التمییز (3) عکس مذهب الکوفیین ، فإنّ نصب معمولها عندهم علی التمییز ، سواء کان معرفه أو نکره لجواز أن یکون التمییز معرفه عندهم ، وأما جرّ معمولها فبإضافتها هی إلیه لیس إلّا (4).

ذکر الصفه التی فیها ضمیر أو ضمیران ، أو لا ضمیر فیها أصلا

وهو أن الصفه إذا نصبت ما بعدها ، أو جرّته کان فیها ضمیر ، لاحتیاج الصفه إلی الفاعل فتونّث وتذکّر وتثنّی وتجمع بحسب الضمائر المستکنّه فیها وتطابق من هی له ، فیقال : مررت بهند الحسنه الوجه ، ومررت برجلین حسنی الوجهین ، وبرجال حسنی الوجوه ، وإذا رفعت ما بعدها لم یکن فیها ضمیر ، لأنّ الضمیر إنّما یکون حیث لم یکن الظاهر فاعلا ، فإذا لم یکن فیها ضمیر ، وجب أن تکون مفرده لأنّها کالفعل رافعا ما بعده فلا تثنّی ولا تجمع فیقال فی التثنیه : مررت برجلین حسن وجهاهما ، ومررت برجلین حسنه جاریتهما ، کما یقال : حسنت جاریتهما ومررت برجال حسن غلمانهم ولا یقال : حسنین غلمانهم إلّا علی ضعف ، لکن یقال : حسان غلمانهم ، علی أنه جمع تکسیر لیطابق مرفوعه (6) وإذا عرفت أن الصفه لیس فیها ضمیر إذا کان

ص: 338

1- الکافیه ، 413.

2- المقتضب 4 / 161 - 162 وشرح المفصل ، 6 / 84 - 85 وتسهیل الفوائد ، 139 - 140 وشرح الکافیه ، 2 / 210.

3- قال الرضی فی شرح الکافیه ، 2 / 210 والتفصیل أولی.

4- شرح الوافیه ، 230 وتسهیل الفوائد ، 140.

5- الکافیه ، 413.

6- شرح الوافیه ، 230 وهمع الهوامع ، 2 / 100.

ما بعدها مرفوعا ، وأنّه یجب أن یکون فیها ضمیر إذا کان ما بعدها منصوبا أو مجرورا ، فاعلم أنّه إذا لم یکن فی معمولها المرفوع ضمیر نحو : الحسن الوجه برفع الوجه ، فهو قبیح لعدم الضمیر فیها ، وإن کان فیه ضمیر نحو : الحسن وجهه برفعه أیضا فهو الأحسن ، لوجود ضمیر واحد ، وأمّا المنصوب أو المجرور ، فإن کان فیه ضمیر نحو : حسن وجهه أو وجهه فهو حسن ، لوجود ضمیرین ، أحدهما : ضمیر الفاعل المستکنّ فی الصفه ، والثانی : الضمیر المضاف إلیه الوجه ، وإن لم یکن فی المعمول المنصوب أو المجرور ضمیر نحو : حسن وجها وحسن وجه فهو الأحسن لوجود ضمیر واحد ، أعنی فی الصفه فقط.

واسم الفاعل اللّازم والمفعول غیر المتعدی إلی مفعولین مثل الصفه المشبّهه (1) فیما ذکر من المسائل الست عشره ، لأنّ الصفه إذا شبّهت فی ذلک باسم الفاعل ، فاسم الفاعل والمفعول أولی بالشبه به فتقول : زید قائم الأب ومضروب الأب برفع الأب ونصبه وجرّه ، إذا نونت قائم ومضروب فی الرفع والنصب ، وأضفته فی الجرّ ، وکذلک ضامر البطن ، وجائله الوشاح ، ومعمور الدار ، ومؤدّب الخدّام ، یعرب کلّ واحد من هذه الأمثله بالحرکات الثلاث علی الوجه المذکور (2)(3).

6- ذکر اسم التفضیل

اشاره

وهو ما اشتقّ من فعل لموصوف بزیاده علی غیره ، وإنّما قال : اسم التفضیل ولم یقل (5) أفعل التفضیل لیتناول صیغ التفضیل مثل : خیر وشرّ ، وفضلی وفضلیان

ص: 339

1- الکافیه ، 413.

2- شرح المفصل ، 6 / 82.

3- بعدها فی الأصل مشطوب علیه «لو استعمل کذلک حصل الالتباس ، لأنک لو قلت فی الفعل المتعدی : زید ضارب أباه لم یعلم هل أباه مفعول لضارب أو فاعل له وقد نصب تشبیها علی المفعول ، ولو قلت فی المفعول المتعدی إلی اثنین : زید معطی أباه ، لم یعلم هل أباه مفعول ثانی لمعطی أو مفعول أول أقیم مقام الفاعل ونصب تشبیها علی المفعول ، ومفعول الثانی محذوف ، وکذا إذا قلنا : زید ضارب أبیه ومعطی أبیه لم یعلم أن أبیه فی المثال الأول مفعول ضارب أو فاعل له أضیف إلیه وأن أبیه فی المثال الثانی مفعول أول لمعطی أقیم مقام الفاعل أو مفعول ثانی أضیف إلیه ولیست ... (وبعدها بیاض).

4- الکافیه ، 413.

5- فی الأصل لم یقال.

وغیرها من الصّیغ وقوله : ما اشتقّ من فعل ، کالجنس یدخل فیه سائر المشتقّات قوله لموصوف ، یخرج به أسماء الزمان والمکان فإنّها مشتقات ولکن لیست بصفات ، فلم یکن لموصوف وقوله : بزیاده علی غیره ، یخرج اسم الفاعل والمفعول والصفه المشبّهه.

والأصل فی صیغته أن تکون (1) علی أفعل ، إلّا أن یکون قد حذف منه شیء نحو : خیر وشرّ ، فإنّ أصل خیر أخیر ، وأصل شرّ أشرّ ، علی وزن أفعل فنقلت حرکه العین إلی الفاء وحذفت الهمزه وأدغم فی شرّ الراء الأولی فی الثانیه (2)

ذکر بناء أفعل التفضیل

وهو لا یبنی إلّا من فعل ثلاثیّ مجرّد لیس بلون ولا عیب أمّا امتناع بنائه من الثلاثی المزید فیه أو الرباعی ، فلما فیه من الحذف المخلّ ، ألا تری أنک لو أردت بناءه من استخرج لم یکن إلّا بحذف یخرجه عن معناه (4) وأمّا امتناعه من اللون والعیب فلأنّ منهما أفعل لا للتفضیل ، فلو بنی منهما أفعل التفضیل حصل اللّبس (5) فإنّک لو قلت : زید الأسود وأنت ترید به التفضیل کما تقول : زید الأکرم لم یعلم أنک أردت بذلک أنه ذو سواد ، أو أنک فضّلته فی السّواد علی غیره (6) وأجاز الکوفیون بناء أفعل من السّواد والبیاض خاصّه (7) وأنشدوا علی ذلک (8).

جاریه فی درعها الفضفاض

أبیض من أخت بنی إباض

وردّ بأنّه شاذ ، وأمّا قوله تعالی : (مَنْ کانَ فِی هذِهِ أَعْمی فَهُوَ فِی الْآخِرَهِ أَعْمی

ص: 340

1- فی الأصل یکون.

2- شرح الکافیه ، 2 / 212.

3- الکافیه ، 414.

4- شرح المفصل ، 6 / 91.

5- شرح الوافیه ، 331.

6- الکتاب ، 4 / 98.

7- الإنصاف ، 1 / 148 وشرح المفصل ، 6 / 91 - 93.

8- الرجز منسوب لرؤبه بن العجّاج ورد فی ملحقات دیوانه ، 3 / 176 وروی من غیر نسبه فی الإنصاف ، 1 / 149 والحلل ، 138 وشرح المفصل ، 6 / 93 - 7 / 147 وشرح الکافیه ، 2 / 213 ولسان العرب بیض. بنو إباض : قوم ، الدّرع : قمیص المرأه.

وَأَضَلُّ سَبِیلاً)(1) فاعلم أنّ العیوب التی یمتنع أن یبنی منها أفعل التفضیل إنّما هی العیوب الظاهره خاصّه ، لا الباطنه ، فقوله : أعمی ، هو من عمی القلب والبصیره لا البصر ، ألا تری أنّهم یقولون : زید أجهل من عمرو ، لکونه من العیوب الباطنه ، وإنّما جاز بناؤه من العیوب الباطنه لکونها تقبل الزیاده والنّقص (2) فأمکن بناؤه منها بخلاف العیوب الظّاهره ، فإنّها لا تقبل ذلک ، قال الخلیل (3) الألوان والعیوب الظاهره تجری مجری الخلق الثابته کالید والرجل ، وکذلک الحلی نحو : أقنی الأنف (4) وأبلج (5) فلم تقبل الزیاده والنقصان ، وأفعل التفضیل لا یبنی إلّا ممّا یقبلهما ، قال ابن الحاجب : (6) إنّ اللون والعیب إن لم یکن لهما أفعل لغیر التفضیل ، جاز أن یبنی منهما أفعل التفضیل ، وأمّا استعمال أحمق للتفضیل فی قولهم : أحمق من رجله (7) مع وجود أحمق لغیره فی قولهم : رجل أحمق ، فإنّه لیس من العیوب الظاهره ، قال سیبویه : (8) ما أحمقه بمعنی ما أجهله /.

ذکر کیفیه استعماله من الزائد علی الثلاثیّ ومن الألوان والعیوب (9)

إذا قصد بناء أفعل التفضیل من الزائد علی الثلاثی أو من الألوان والعیوب الظاهره ، توصّل إلی بنائه من فعل ثلاثیّ یصحّ بناؤه منه کأشدّ وأسرع ونحوهما ، ثم یؤتی بمصادر تلک الأفعال فتنصب علی التمییز ، فیقال : زید أشدّ من عمرو استخراجا

ص: 341

1- الآیه 72 من سوره الإسراء.

2- شرح الکافیه ، 2 / 213.

3- الکتاب ، 4 / 98.

4- أی مرتفع الأنف ، اللسان ، قنا.

5- الأبلج هو الذی قد وضح ما بین حاجبیه فلم یقترنا. اللسان ، بلج.

6- إیضاح المفصل ، 1 / 653.

7- انظر المثل فی کتاب الأمثال لأبی عبید 366 ومجمع الأمثال 1 / 235 وفی اللسان ، رجل : ومن کلامهم هو أحمق من رجله یعنون هذه البقله وذلک لأنها تنبت علی طرق الناس فتداس وفی المسایل فیقلعها ماء السیل ، والجمع رجل.

8- قال فی الکتاب ، 4 / 98 : وأما قولهم فی الأحمق ما أحمقه ... فإن هذا عندهم من العلم ونقصان العقل والفطنه.

9- الکافیه ، 414.

وبیاضا وعمی وانطلاقا ، وأجود منه إدراکا (1) ، وقد شذّ أفعل من الرباعی (2) فی نحو قولهم : هو أعطاهم للدرهم وأولاهم للمعروف ، وأنت أکرم لی من زید ، وهذا المکان أقفر من غیره ، وفی الحدیث «جوف اللّیل أجوب دعوه» أی أشدّ إجابه (3).

ذکر استعماله للفاعل والمفعول

قیاس أفعل التفضیل أن یبنی للفاعل ، کما أنّ فعل التعجّب لا یکون إلّا للفاعل ، لأنّ الفاعل هو المقصود بالنسبه إلیه فی المعنی ، والمفعول فضله ، فوجب أن یبنی لما هو المقصود ، وقد یجیء أفعل التفضیل للمفعول کقولهم : هو أعذر وأشغل وأشهر ، أی یعذر کثیرا أو معذور کثیرا وکذلک مشغول ومشهور (5).

ذکر الأمور الثلاثه التی لا یستعمل أفعل إلّا بأحدها

لا یستعمل أفعل التفضیل إلّا مضافا ، أو بمن ، أو باللّام کقولک : زید أفضل القوم ، وزید أفضل من عمرو ، وقد یحذف من (7) إذا کان معلوما کقولهم : الله أکبر ، أی من کلّ کبیر (8) وأمّا استعماله باللام فنحو : زید الأفضل (9) وإنّما وجب ذلک لأنّ الغرض بوضعه الزیاده علی المفضّل علیه وذلک ، لا یتأتّی إلّا بأحد هذه الثلاثه ، أمّا

ص: 342

1- شرح المفصل ، 6 / 91 وشرح الکافیه ، 2 / 213 وشرح الأشمونی ، 3 / 44.

2- الکتاب ، 4 / 100 وشرح المفصل ، 6 / 92 وقد أوجز ابن هشام فی الأوضح ، 3 / 266 - 287 الآراء فی «أفعل» بقوله : فقیل : یجوز مطلقا ، وقیل : یمتنع ، وقیل : یجوز إن کانت الهمزه لغیر النقل».

3- النهایه ، الابن الأثیر 1 / 215 ونصه : أنّ رجلا قال یا رسول الله : أی اللیل أجوب دعوه قال : جوف اللیل الغابر أجوب. وشرح ابن الأثیر الحدیث بقوله : أی أسرع إجابه کما یقال أطوع من الطاعه وقیاس هذا أن یکون من جاب لا من أجاب ، لأنّ ما زاد علی الفعل الثلاثی لا یبنی منه أفعل من کذا إلّا فی أحرف جاءت شاذه. وانظر الکتاب ، 4 / 99 واللسان ، جوب ، وشرح المفصل ، 6 / 92.

4- الکافیه ، 414.

5- شرح الوافیه ، 331 وشرح الکافیه ، 2 / 214.

6- الکافیه ، 414.

7- زیاده یتضح بها المعنی من شرح الوافیه ، 332 والنقل منه.

8- یدل علی ذلک أنه لو لم تکن «من» مراده لوجب صرف الاسم ، لأنه علی أفعل ولا معنی للوصف به ، وإذا لم ینصرف دل علی أن من مراده. شرح المفصل ، 6 / 99.

9- شرح الوافیه ، 332.

من والإضافه ، فظاهر ، لأنّ المفضّل علیه مذکور معهما ، وأمّا اللام فلأنّها تفید تعریف المعهود علی الصّفه التی هو علیها ، وهی تلک الزیاده ، فتدخل الزیاده فی المعهود (1) واعلم أنّه لا یجوز اجتماع اثنین من هذه الثلاثه فلا یقال : زید الأفضل من عمرو وأمّا قول الأعشی : (2)

ولست بالأکثر منهم حصی

وإنّما العزّه للکاثر

فمؤول بأنّ المراد بقوله : منهم ؛ من بینهم ، وإذا أضیف أفعل التفضیل فله معنیان : (3)

الأول : وهو ما حدّ باعتباره أن یقصد به الزیاده علی من أضیف إلیه (4) ، فیشترط أن یکون المفضّل داخلا فی جمله من أضیف إلیه ، أعنی أن یشترک المفضّل والمفضّل علیه فیما اشتقّ منه أفعل لیتمیز بالتفضیل نحو : زید أفضل الناس ، وقد توهّم بعضهم (5) امتناع ذلک ، لأنّ زیدا مفضّل علی من أضیف إلیه أفضل ، ومن جمله الناس زید ، فیلزم تفضیل زید علی نفسه ، ولیس بجیّد ، لأنّ لأفعل جهتین ، الأولی : ثبوت أصل المعنی للمفضّل والمفضّل علیه ، والجهه الثانیه : ثبوت الزیاده فی ذلک المعنی للمفضّل ، فزید إنّما ذکر فی الناس للتشریک معهم فی أصل الفضل المشترک فیه ، لأنّه مشارک للمفضّل علیه فی أصل الصفه ، ولم یشارکه المفضّل علیه فی أصل

ص: 343

1- بعدها فی الأصل مشطوب علیه «إلا إذا کان المفضل علیه معلوما فإنه یجوز بدون الأمور الثلاثه کقوله تعالی : یعلم السر وأخفی أی أخفی من السر قیل هو حدیث النفس» من الآیه 7 من سوره طه. وانظر شرح المفصل ، 6 / 97 وکان ینبغی أن تأتی بعد قوله : من کل کبیر لأنها مرتبطه به ، ولو لا الشطب الواضح علیها وقراءه المخطوطه علی المصنف لعددناها من الأصل.

2- دیوانه ، 193 ورد منسوبا له فی الخصائص ، 1 / 185 وشرح المفصل ، 6 / 100 - 103 والمغنی ، 2 / 572 وشرح التصریح ، 2 / 104 وشرح الشواهد ، 3 / 47 وورد من غیر نسبه فی الخصائص ، 3 / 234 وشرح المفصل ، 3 / 6 - 6 / 5 وشرح الکافیه ، 2 / 215 وشرح ابن عقیل ، 3 / 180 وشرح الأشمونی ، 3 / 47 وحاشیه الخضری ، 2 / 47.

3- الکافیه ، 414.

4- بعدها فی شرح الوافیه 332 «فی الخصله التی هو وهم فیه شرکاء فلا بد أن یکون أحدهم».

5- وعباره ابن الحاجب فی شرح الکافیه ، 2 / 639 وقد توهم بعض الناس أنه من قبیل التناقض». وانظر شرح الکافیه ، للرضی ، 2 / 216.

الزیاده ، فهو مفضّل علیهم باعتبار الزیاده علی أصل الفضل (1).

والمعنی الثانی : (2) أن یقصد به زیاده مطلقه أی غیر مقیّده (3) بأصل مشترک فیه ، بل هو زائد علی من أضیف إلیه مجموع تلک الصّفه ، أی هو منفرد بها ، ویضاف للتوضیح لا للتفضیل ، أی لیتضح أنّ الصفه مخصوصه به دون المضاف إلیهم ، کما یضاف ما لا تفضیل فیه نحو حسن قریش (4) وإذا أضیف أفعل التفضیل بالمعنی الأوّل وهو أن یقصد به الزیاده علی من أضیف إلیه ، یمتنع : یوسف أحسن إخوته ، لأنّ شرط هذه الإضافه أن یکون المفضّل بعضا من المفضّل علیه ویوسف لیس هو بعض إخوته ، فیمتنع کما امتنع : زید أفضل الحجاره ، لأنّه لیس منها بخلاف الیاقوت أفضل الحجاره ، والتحقیق أن یقال : إنّ یوسف خرج حینئذ عن الحسن بإضافه إخوته إلی ضمیره ، إذ القاعده أنّ المعنی إذا قصد ثبوته للمضاف عند الإضافه خرج المضاف إلیه عن ذلک المعنی ، بدلیل قولهم : جاءنی إخوه یوسف ، فإنّ یوسف خرج عن المجیء الذی قصد ثبوته للإخوه ، لکن یجوز یوسف أحسن إخوته إذا أضیف أفعل التفضیل بالمعنی الثانی وهو أن یقصد بإضافته الزیاده من غیر نظر إلی أصل مشترک کما ذکرنا (5). أعنی أن یضاف للتوضیح لا للتفضیل فقولک : یوسف أحسن إخوته ، معناه حسن إخوته مثل : حسن قریش ، ومنه قولهم لنصیب (6) «أنت أشعر أهل بلدتک» أی شاعرهم ، لأنّ نصیبا کان حبشیّا ولم یعلم فی الحبش شاعر سواه ، ومنه قولهم : النّاقص والأشجّ أعدلا بنی مروان» أی عادلا بنی مروان (7) واعلم

ص: 344

1- الظاهر أن أبا الفداء ینقل من شرح الکافیه ، لابن الحاجب 2 / 640 وانتهی النقل هنا بتصرف.

2- الکافیه ، 414.

3- فی الأصل غیر مفیده.

4- کذا فی الأصل وفی شرح الوافیه ، 333 «کما یضاف ما لا تفضیل فیه کحسن وقبیح» والمذکور هنا أوضح.

5- شرح الکافیه ، 2 / 216 وهمع الهوامع ، 2 / 103.

6- هو نصیب بن رباح مولی عبد العزیز بن مروان ، شاعر مشهور والخبر کما رواه ابن سلام فی طبقاته ، 2 / 675 أنّ جریرا مرّ به وهو ینشد ، فقال له : اذهب فأنت أشعر أهل جلدتک وکان نصیب أسود ، فقال : وجلدتک یا أبا حزره. وانظر أخباره وترجمته فی الأغانی ، 1 / 305 - 344.

7- لأنه لم یشارکهما أحد من بنی مروان فی العدل ، والناقص هو یزید بن الولید بن عبد الملک من مروان سمی بذلک لأنه نقص الناس العشرات التی زادها الولید وقررهم علی ما کانوا علیه أیام هشام والأشج عمر بن عبد العزیز بن مروان سمی بذلک لشجه أصابته بضرب الدابه ، حاشیه الصبان ، 3 / 49 وانظر شرح الکافیه ، 2 / 216 والمختصر ، 2 / 217.

أنه یجوز فی أفعل إذا أضیف بالمعنی الأول الإفراد والمطابقه (1) مثال الإفراد قولک : الزیدان والزیدون أفضل القوم بإفراد أفضل (2) ومنه قوله تعالی : (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلی حَیاهٍ)(3) فأفرد أحرص مع أنّ المفعول الأول لتجدنّهم جمع ، ووجهه ؛ أنّ أفعل هنا لمّا کان بعضا من المضاف إلیه أشبه لفظه بعض ، وبعض لا یثنّی ولا یجمع نحو قولک : الزیدون بعض القوم (4) وأمّا المطابقه فنحو : زید أفضل القوم ، والزیدان أفضلا القوم ، والزیدون أفاضل القوم ، ومنه قوله تعالی : (أَکابِرَ مُجْرِمِیها)(5) وکذلک هند ، وإنّما جازت المطابقه فیه لأنّ الإضافه تشبه (6) المعرّف باللام من جهه اختصاص کلّ منهما (7) بالأسماء ، فحمل المضاف فی المطابقه علی المعرّف بالّلام ، والمعرّف بالّلام یلزم فیه المطابقه ، فجازت المطابقه والإفراد فی المضاف لما ذکرنا.

وأما المضاف بالمعنی الثانی والمعرّف باللام فلا بدّ فیهما من المطابقه (8) وإنّما وجبت المطابقه فیهما لتجرّد أفعل عن شبه الفعل بتجرّده عن من المعدیّه له إلی المذکور بعده فلمّا خرج أفعل عن شبه الفعل باستغنائه عن تعدیه من ، وجب فیه ما یجب فی سائر الصفات من المطابقه لموصوفه (9) ومثال المطابقه فی المعرّف باللام : زید الأفضل والزیدان الأفضلان ، والزیدون الأفضلون ، وهند الفضلی ، والهندان الفضلیان والهندات الفضل.

وأمّا إن أتی ما یضاف إلیه أفعل التفضیل نکره نحو : زید أفضل رجل ، فیطابق

ص: 345

1- الکافیه ، 414.

2- شرح الکافیه ، 2 / 217 وشرح التصریح ، 2 / 105.

3- من الآیه 96 من سوره البقره.

4- شرح الأشمونی ، 3 / 49.

5- من الآیه 123 من سوره الأنعام.

6- غیر واضحه فی الأصل.

7- أتی الطمس علی حروف الکلمتین.

8- شرح الوافیه ، 333 - 334 وانظر شرح المفصل ، 6 / 196.

9- شرح الکافیه ، 2 / 217.

بین النکره والمفضّل نحو قولک : زید أفضل رجل ، والزیدان أفضل رجلین ، والزیدون أفضل رجال وهند کزید ، کأنّ جنس العدد المفضّل علیه وهو الرجل فی مثالنا هذا ، قد قسّم رجلا رجلا ورجلین رجلین ورجالا رجالا ، ثم فضّل ذلک علی مطابقه (1).

واختیار ابن الحاجب أن المفضّل علیه فی هذه الصور محذوف وهو الجنس العامّ (2) ویکون التقدیر فی زید أفضل رجل : زید أفضل رجل من جمیع الرّجال ، وفی الزیدون أفضل رجال ، الزیدون أفضل رجال من جمیع الرجال.

واختیار ابن مالک (3) أنّ المفضّل علیه مذکور ، وهو النکره المضاف أفعل إلیها والتقدیر : زید أفضل من کلّ رجل قیس فضله بفضله ، فحذفت من وکلّ وأضیف أفعل إلی ما کان مضافا إلیه کل (4).

واعلم أنّ إضافه أفعل التفضیل عند الأکثرین لا تفید تعریفا فی نحو قولک : أفضل القوم ، وهو اختیار أبی علی الفارسی بل هی إضافه لفظیّه فی تقدیر الانفصال ، وقال بعضهم : إنّها تفید التعریف کسائر المضافات إلی المعارف ، وهو اختیار البصریین فتکون إضافه معنویّه وقال بعضهم : ما أضیف والتقدیر فیه معنی اللّام فهو معرفه ، وما أضیف والتقدیر فیه معنی من فهو نکره وهو مذهب الکوفیین (5) والحقّ أنه إن أضیف إلی معموله نحو : ما رأیت رجلا أحسن الکحل فی عینه من عین زید ، فهی إضافه لفظیّه لا تفید التعریف ، وإن لم یضف إلی معموله نحو : زید أفضل القوم ، فهی إضافه معنویّه تفید التعریف لأنّه من باب إضافه الصفه إلی غیر معمولها نحو : مصارع مصر.

ص: 346

1- شرح التصریح ، 2 / 105.

2- شرح الوافیه ، 333 وفیه : «واستغنی عن الجنس العام للعلم به» وانظر شرح التصریح ، 2 / 105.

3- هو محمد بن عبد الله جمال الدین الطائی ، النحوی المشهور ، توفی سنه 672 ه انظر ترجمته فی البدایه والنهایه ، 13 / 267 والنجوم الزاهره ، 7 / 243 والبغیه ، 1 / 130.

4- تسهیل الفوائد ، 134 والنص فی شرح التسهیل ، 3 / 62 (بتصرف یسیر) وانظر همع الهوامع ، 2 / 103.

5- قال ابن یعیش فی شرح المفصل ، 6 / 97 : واعلم أنه متی أضیف أفعل علی معنی من فهو نکره عند بعضهم وعلیه الکوفیون ، وإذا أضیف علی معنی اللام فهو معرفه ، وفی قول البصریین المتقدمین أنه معرفه علی کلّ حال إلّا إذا أضیف إلی نکره ، والمتأخرون یجعلونه نکره لأنّ المضاف إلیه مرفوع فی المعنی والأول القیاس. وانظر همع الهوامع ، 2 / 48 إذ قال : «والأصح أنها محضه».

ذکر أفعل المستعمل بمن

المستعمل بمن مفرد مذکّر لا غیر ، نحو : الزیدان والزیدون والهندات أفضل من عمرو ، لأنه أشبه فعل التعجب لفظا ومعنی ، ولذلک لا یصاغ إلّا مما یصاغ منه فعل التعجب ، والفعل لا یثنّی ولا یجمع فکذلک ما أشبهه ، ویلزمه التنکیر أیضا ، فلا یقبل التعریف کما لا یقبله الفعل ، وأمّا کونه مذکّرا فلشبه الفعل أیضا (2).

ذکر عمل أفعل التفضیل

اعلم أنّ اسم التفضیل لمّا کان أضعف شبها باسم الفاعل من الصفه المشبّهه من قبیل أنّ الصفه المشبّهه جرت مجراه فی التذکیر والتأنیث والتثنیه والجمع ، ولم یجر اسم التفضیل إذا صحبته من وهو أقوی أحواله هذا المجری ، انحطّت رتبه اسم التفضیل عن رتبه الصفه المشبّهه کانحطاطها عن رتبه اسم الفاعل ، لأنّه یجوز فی اسم الفاعل أن یتقدّم معموله علیه کقولک : زید عمرا ضارب بنصب عمرو ، ولم یجز فی الصفه المشبّهه أن یتقدّم معمولها علیها ، فلو قلت : زید الوجه حسن ، لم یجز ، فلما انحطت رتبه اسم التفضیل عن الصفه المشبّهه لم یستوف عملها فلم یرفع الظاهر إلّا بشروط (4) ستذکر ، ولکن نصب النکره علی التمییز وارتفع به المضمر ، فمثال انتصاب النکره عنه : زید أفضل منک أبا (5) ومثال ارتفاع المضمر به / : زید أفضل منک ، فزید مبتدأ ، وأفضل منک خبره ، وفی أفضل ضمیر فاعل عائد علی زید ، وأمّا الظاهر بغیر الشروط التی ستذکر فلا یرتفع به ، فلا یجوز : زید أفضل منک أبوه ، کما جاز فی الصفه المشبّهه : زید حسن وجهه ، لأنّ أفضل منک أبوه لیس بمعنی الفعل ، کالصفه المشبّهه ، والقاعده فی عمل (6) الصفات ، أنّها لا تعمل إلّا إذا (7) کانت

ص: 347

1- الکافیه ، 414.

2- شرح الوافیه ، 334 وانظر المقتضب ، 1 / 168 وشرح المفصل ، 6 / 95.

3- الکافیه ، 414.

4- شرح المفصل ، 6 / 105 وشرح الکافیه ، 2 / 219.

5- الکتاب ، 1 / 202 - 205.

6- غیر واضحه فی الأصل.

7- فی الأصل إلا ذا.

بمعنی الفعل ، فأبوه حینئذ فی المثال المذکور لا یجوز رفعه علی الفاعلیّه بدون الشروط التی ستذکر ، فقد ظهر أنّ اسم التفضیل إنّما یرفع المضمر وینصب النکره من غیر شرط ولکن یرفع الظاهر بشروط : وهو أن یکون أفعل التفضیل صفه لشیء لفظا وهو فی المعنی لمتعلّق ذلک الشیء ، بشرط أن یکون ذلک المتعلّق مفضّلا علی نفسه باعتبار ذلک الشیء ، الذی هو الموصوف مفضّلا باعتبار غیره فی حال یکون الأفعل منفیّا (1). نحو : ما رأیت رجلا أحسن فی عینه الکحل منه فی عین زید ، فإنّ أفعل التفضیل فی المثال المذکور «أحسن» ، وقد وقع منفیّا وهو صفه لشیء لفظا الذی هو «الرجل» وهو فی المعنی لمتعلّق الرجل الذی هو «الکحل» والمتعلّق المذکور مفضّل علی نفسه باعتبار الأول الذی هو الموصوف ؛ أعنی الرجل ، ومفضّل أیضا باعتبار غیره الذی هو «عین زید» ، وإنّما رفع الظاهر بالشروط المذکوره لإمکان تقدیر أفعل بمعنی الفعل الذی هو حسن ، فیصیر التقدیر : ما رأیت رجلا حسن فی عینه الکحل حسنه فی عین زید ، بخلاف ما إذا فقد أحد الشروط المذکوره ، فإنّ تقدیر فعل بمعناه حینئذ یمتنع ، وإنّما تعیّن رفع الکحل بأفعل لا بالابتداء ، لأنّه لو رفع الکحل علی الابتداء ، لوجب أن یکون أحسن خبرا مقدّما علیه وهو غیر جائز للفصل بین أحسن وبین معموله الذی هو «منه» بأجنبی وهو الکحل الذی هو المبتدأ ، وإذا تعذّر رفع الکحل علی الابتداء ، تعیّن رفعه علی أنه فاعل أحسن ، ولک فی هذه المسأله أن تنکّر فاعل أفعل ، فتنکر الکحل ، ولک فیها عباره أخری أخصر من الأولی فتحذف الضمیر من «منه» مع حذف «فی» ، فیبقی : ما رأیت رجلا أحسن فی عینه الکحل من عین زید. ولک فیها عباره أخری ؛ وهی أن تقدّم ذکر العین علی اسم التفضیل من غیر ذکر «من» معها کقولک : ما رأیت کعین زید أحسن فیها الکحل (2).

واعلم أنّه لا تستعمل فعلی تأنیث أفعل التفضیل إلّا مضافه أو معرّفه باللّام ،

ص: 348

1- همع الهوامع ، 2 / 102.

2- شرح الوافیه ، 335 - 336 وانظر مسأله الکحل فی الکتاب ، 2 / 31 والمقتضب ، 3 / 248 وشرح الکافیه ، 2 / 222 والهمع ، 2 / 101 وشرح الأشمونی ، 3 / 53. وانظر شرح کافیه ابن الحاجب ، للغجدوانی ، ففی ذیلها رساله فی مسأله الکحل مجهوله المؤلف وهی مخطوطه موجوده فی مکتبه البلدیه ، الاسکندریه تحت رقم 2661 د ، نحو.

ومن ثمّ خظّیء أبو نواس فی قوله : (1)

کأنّ صغری وکبری من فواقعها

حصباء درّ علی أرض من الذّهب

وأما استعمالهم دنیا وجلّی ونحوهما بدون ذلک فمؤوّل. أمّا دنیا وهی تأنیث الأدنی ، فإنّها غلبت علیها الاسمیّه بعد أن کانت صفه وصارت اسما لهذه الحیاه الأولی ، وأمّا جلّی فکانت صفه تأنیث الأجل ، ثم غلبت علیها الإسمیّه فجرّدت عن الألف واللام وصارت اسما للحرب (2) / قال الشاعر : (3)

وإن دعوت إلی جلّی ومکرمه

یوما سراه کرام النّاس فاد عینا

7- ذکر اسم الزمان والمکان

اشاره

والمراد باسم الزمان والمکان الاسم المشتقّ لزمان الفعل أو مکانه والغرض من الإتیان بذلک ضرب من الإیجاز والاختصار ، فإنه لولاهما للزم الإتیان بلفظ الفعل ولفظ الزمان والمکان نحو : هذا الزمان أو هذا المکان الذی قتل فیه زید (5) فاشتقّ اسم الزمان أو المکان علی مثال الفعل المضارع ، وأوقعوا میما موقع حرف المضارعه فقالوا : هذا مقتل زید.

وکیفیه بنائه علی مثال المضارع أن ینظر إلی حرکه عین الفعل المضارع فإن

ص: 349

1- هو الحسن بن هانیء کان شاعرا عالما ، ولد بالأهواز ونشأ فی البصره ومات فی بغداد 195 ه انظر أخباره فی الشعر والشعراء ، 2 / 680 والفهرست ، 228 ونزهه الألباء ، 77. والبیت ورد فی دیوانه ، 243 وروی منسوبا له فی شرح المفصل ، 6 / 100 - 102 ، وشرح الشواهد ، 3 / 48 وشرح التصریح علی التوضیح ، 2 / 102 وشرح الأشمونی ، 3 / 48 - 52 وحاشیه الخضری ، 2 / 47 وورد البیت من غیر نسبه فی المغنی ، 2 / 380. ویروی فقاقعها مکان فواقعها ، والفواقع مفردها فقاعه ، وهی : النفاخات التی تظهر علی سطح الماء.

2- شرح المفصل ، 6 / 100.

3- البیت لبشامه بن حزن النهشلیّ ، روی منسوبا له فی شرح الحماسه ، 1 / 102 وشرح المفصل ، 6 / 101 ومن غیر نسبه فی شرح الکافیه ، 2 / 219 وشفاء العلیل ، للسلسیلی ، 2 / 618 وحاشیه الشیخ یاسین علی شرح التصریح ، 2 / 381.

4- المفصل ، 237 - 238.

5- شرح المفصل ، 6 / 107.

کانت مضمومه أو مفتوحه ، فتحت عین مفعل ، وإن کانت مکسوره کسرت (1) مثاله مما عین مضارعه مضمومه ، مصدر ومقتل ومدخل ومقعد ومقام ونحو ذلک ، ومقام أصله مقوم علی وزن مفعل ، فقلبت واوه ألفا ، لأنه لمّا وقع حرف العلّه منه فی الموضع الذی أعلّ من الفعل ، أعلّ کما أعلّ فی فعله ، ومثاله مما عین مضارعه مفتوحه ، مشرب وملبس ومذهب ، واستثنی أحد عشر اسما مما عین فعله المضارع مضمومه ، جاء مفعل منها مکسور العین وکان قیاسه الفتح وهی : المنسک (2) ، والمجزر وهو الموضع الذی ینحر فیه الجزور ، یقال : جزر الجزور یجزرها بالضم (3) والمنبت وهو موضع النّبات وهو من ینبت بالضم (4) ، والمطلع موضع الطلوع (5) ، والمشرق والمغرب لموضع الشروق والغروب ، وهما من فعل یفعل بالضم (6) ، والمفرق اسم للموضع الذی یفرق فیه الشعر من وسط الرأس ، وهو من یفرق بالضم (7) ، والمسقط ، موضع السقوط (8) ، ومنه مسقط الرأس ، موضع الولاده ، والمسکن (9) ، موضع السکنی ، والمرفق موضع الرفق ، ومنه مرفق الید وهو موضع الاتصال بالعضد (10) والمسجد وهو البیت ، فأمّا المصدر ومکان السجود فهو مسجد

ص: 350

1- الکتاب ، 4 / 87 - 93 وشرح المفصل ، 6 / 107 وشرح الشافیه ، 1 / 181.

2- والمنسک بالفتح والمنسک بالکسر ، شرعه النسک ، وقیل المنسک بالفتح النسک نفسه ، والمنسک بالکسر الموضع الذی تذبح فیه النسیکه ، وهی الذبیحه. اللسان ، والمصباح المنیر ، نسک.

3- جزر الشیء یجزره بالضم ویجزره بالکسر جزرا ، قطعه ، والمجزر بکسر الزای موضع جزرها. الصحاح واللسان ، جزر.

4- یقال : نبت الشیء ینبت بالضم نبتا ونباتا ، والمنبت بالکسر موضع النبات ، وهو أحد ما شذّ من هذا الضرب وقیاسه المنبت بالفتح. اللسان ، نبت.

5- طلعت الشمس والکوکب طلوعا ومطلعا ومطلعا ، والمطلع والمطلع أیضا موضع طلوعها. الصحاح طلع. وفی اللسان : ومطلع بالفتح لغه.

6- یقال : شرقت الشمس تشرق شروقا وشرقا ، طلعت ، واسم الموضع المشرق ، وکان القیاس المشرق اللسان ، شرق. وانظر غرب.

7- اللسان ، فرق.

8- اللسان ، سقط.

9- السّکن والمسکن بالفتح ، والمسکن بالکسر المنزل والبیت ، والأخیره نادره وأهل الحجاز یقولون : مسکن بالفتح. الصحاح ، واللسان ، سکن.

10- لسان العرب ، رفق.

بالفتح ، وروی عن بعض العرب مسکن ومطلع بالفتح ، وینبغی أن یزاد المنخر : وهو موضع النخیر من نخر ینخر (1) ، فتکون الأسماء الشاذه اثنی عشر (2) ، قال فی الصحاح : (3) والفتح فی کله جائز وإن لم یسمع به (4) وکان القیاس یقتضی أن یجیء المفعل من مضموم العین بضمّ العین لیکون علی مثال مضارعه ، ولکن عدلوا عنه إلی مفتوح العین لأنّه لیس فی کلامهم مفعل بالضم إلّا أن تلحقه هاء التأنیث کالمقبره کما سیأتی ، وأمّا مفعل بکسر العین (5) من الذی عین مضارعه مکسوره فنحو : المجلس لأنّ مضارعه یجلس ، وکذلک المحبس والمصیف ومضرب الناقه ومنتجها ، فالفعل منه مکسور العین ، إن کان للموضع أو للزمان ، وأمّا إن کان مصدرا فمفتوح العین للفرق بین المصدر والاسم تقول : نزل منزلا بفتح الزای أی نزل نزولا ، وهذا منزله بکسر الزای إذا أردت الدار ، ولم یفرّق بینهما فی غیر المکسور العین ، لأنّ المفتوح العین ومضمومها یأتی المفعل منهما بفتح العین سواء کان اسما أو مصدرا.

ذکر مفعل من معتلّ الفاء

وهو یأتی مکسور العین أبدا سواء کان عین فعله المضارع مکسوره أو مفتوحه ، أما الذی عین مضارعه مکسوره نحو : موعد من یعد ، ومورد من یرد ، وکان الأصل یوعد ویورد ، فسقطت الواو لوقوعها بین یاء وکسره ، وقد جری اسم الزمان والمکان أعنی المفعل فی ذلک علی القیاس (7) وأمّا الذی عین مضارعه مفتوحه

ص: 351

1- المنخر : مثال مسجد ، خرق الأنف وأصله موضع النخیر ، وهو الصوت من الأنف ، وهو من باب قتل. المصباح المنیر نخر ، وانظر الصحاح ، واللسان ، نخر.

2- ومما ترکه أبو الفداء مقبض ، ومضرب ، والمنسج ، والمغسل ، والمحشر ، ومدبّ ومحلّ انظرها فی أدب الکاتب ، 444 والمنتخب ، لکراع 2 / 519 والمخصص ، 14 / 204 والمزهر ، 2 / 97.

3- صاحب الصحاح هو الجوهری إسماعیل بن حمّاد کان إماما فی اللغه والأدب ، أصله من فاراب قرأ العربیه علی أبی علی الفارسی والسیرافی ومن تصانیفه مجمل اللغه والصحاح ، مات سنه 393 ه انظر ترجمته فی إنباه الرواه ، 1 / 194 - 196 والبلغه ، 36 وبغیه الوعاه ، 1 / 446.

4- نسب الجوهری القول إلی الفراء ، ماده سجد.

5- المفصل ، 238.

6- المفصل ، 238.

7- شرح المفصل ، 6 / 108.

فنحو : الموحل والموجل والموضع (1) فتقول من وحل یوحل بالفتح هذا موحله بالکسر (2) وکذلک وجل یوجل هذا موجله ، أمّا وضع یضع فکان أصله یوضع بالکسر فحذفت الواو لوقوعها بین یاء وکسره ، ثم فتح یضع بعد حذف الواو ، فقیل هذا موضعه بالکسر ، ومن العرب من یقول : موحل وموجل بالفتح (3) فیجیء به علی القیاس ، وسمع الفرّاء موضع بالفتح (4).

ذکر مفعل من معتلّ اللّام

اشاره

وهو یأتی مفتوح العین أبدا ، وتقلب الواو والیاء فیه ألفا سواء انکسرت عین فعله المضارع أو انضمّت نحو : المرمی والمأتی والمثوی والمأوی (6) والمدعی والمغزی (7) ، من یرمی ویأتی ویثوی ویأوی ویدعو ویغزو (8).

فصل

وقد تدخل علی بعض أسماء المکان تاء التأنیث نحو : المزلّه وهو موضع الزّلل ، والمظنّه وهو الموضع الذی یظنّ کون الشیء فیه ، والمقبره والمشرقه بفتح عین مفعله فی ذلک کله (10) ، ودخول الهاء فی ذلک للمبالغه ، وأمّا ما جاء علی مفعله بضمّ العین کالمقبره والمشرقه ، فلیست أسماء لمکان الفعل ، وإنّما هی أسماء

ص: 352

1- الکتاب ، 4 / 93.

2- الوحل بالتحریک : الطین الرقیق الذی ترتطم فیه الدّوابّ ، والوحل بالتسکین ، لغه ردیّه ، والجمع أوحال ووحول ، والموحل بالفتح المصدر ، وبالکسر المکان. اللسان ، وحل.

3- الصحاح ، واللسان ، وحل ووجل ، وانظر أدب الکاتب ، 446.

4- فی الصحاح ، وضع «والموضع بفتح الضاد لغه فی الموضع سمعها الفراء ، وفی اللسان ، وضع ، هی نادره ، ونسبها الرضی فی شرح الشافیه ، 1 / 185 إلی الکوفیین أیضا. وانظرها فی دیوان الأدب للفارابی ، مفعل.

5- المفصل ، 238.

6- وهی حکایه الفراء ، شرح المفصل ، 6 / 109.

7- شرح المفصل ، 6 / 108 وشرح الشافیه ، 1 / 185.

8- فی الأصل ویعز.

9- المفصل ، 238.

10- المنتخب ، 2 / 530 والمخصص ، 14 / 202 واللسان ، شرق وقبر وزلل وظنن.

للمواضع ، فإنّ مقبره بالفتح اسم مکان الفعل ، ومقبره بالضم اسم للبقعه التی من شأنها أن یقبر فیها ، وکذلک القول فی جمیع ما یأتی مضموما من هذا الباب ، وإنّما جاء مضموما لیعلم أنه لم یذهب به مذهب الفعل فجاءت صیغه مضمومه علی خلاف هذا الباب لیدلّ خروج الصیغه علی خروجها عنه (1).

ذکر اسم الزمان والمکان من الزائد علی الثلاثی

أما مفعل ، إذا بنی من الثلاثی المزید فیه والرباعی ، فعلی صیغه اسم المفعول لا یختلف کالمدخل والمخرج بضم المیم ، من أدخل یدخل ، وأخرج یخرج ؛ ویأتی منه المفعول والمصدر واسم الزمان والمکان بلفظ واحد لا یختلف (3) ، لأنّ مضارع ما جاوز الثلاثه لا یختلف بخلاف مضارع الثلاثی فإنّه مختلف ، ولذلک اختلف فیه المفعل فمدخل بالضم اسم مفعول أدخل واسم مصدره إذا کان بمعنی الإدخال ، واسم مکان الفعل أو زمانه ومنه قوله تعالی : (وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِی مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِی مُخْرَجَ صِدْقٍ)(4) وجاء ذلک کله علی زنه یخرج مضارع ما لم یسمّ فاعله ، لیکون علی لفظ المفعول ، لأنّه مفعول فیه کما أنّ مفعول ما لم یسمّ فاعله مفعول به ، ومنه المضطرب موضع الاضطراب وهو الحرکه ، ویجوز أن یکون مصدرا ، وکذلک المنقلب / (5).

ذکر ما جاء فیه مفعله

إذا کثر الشیء فی المکان قیل فیه مفعله بفتح میم مفعله وعینها ، فیقال : أرض

ص: 353

1- الکتاب ، 4 / 90 - 91 وشرح الشافیه ، 1 / 184.

2- المفصل ، 238.

3- الکتاب ، 4 / 95 والمقتضب ، 1 / 74 - 75 - 108 وشرح المفصل ، 6 / 109 وشرح الشافیه ، 1 / 186.

4- من الآیه 80 من سوره الإسراء.

5- بعدها فی الأصل مشطوب علیه «فی قوله تعالی : (وَسَیَعْلَمُ الَّذِینَ ظَلَمُوا أَیَّ مُنْقَلَبٍ یَنْقَلِبُونَ) یجوز أن یکون اسما للمکان ، وأن یراد بالمنقلب ، النار ، وأن یراد أی انقلاب ینقلبون» من الآیه 227 من سوره الشعراء. وانظر البحر 7 / 50 والفتوحات الإلهیه ، 3 / 298 وأدب الکاتب ، 444 - 448.

6- المفصل ، 239.

مسبعه ، ومأسده ، ومذأبه (1) ومحیاه ، للکثیره السباع والذئاب والحیّات ، ومفعأه لکثیره الأفاعی ، ومقثأه لکثیره القثّاء ، ومبطخه لکثیره البطّیخ ، وجاء مبطخه بضمّ الطاء (2) واعلم أنّ هذا الضرب من الأسماء الذی لزمته التاء لیس اسما لمکان الفعل (3) بل هو صفه للأرض التی یکثر فیها ذلک ، والأرض مؤنّثه فکانت صفتها کذلک ، ولم یأتوا بمثل ذلک فیما جاوز الثلاثه نحو : الثعلب والضفدع استثقالا له ، لأنّهم یستغنون عن قولهم : مثعلبه مثلا بأن یقولوا : کثیره الثّعالب (4) ،

8- ذکر اسم الآله

والمراد بها ما یعالج به وینقل ، والأولی أن یقال : هی اسم مشتقّ من فعل لما یستعان به فی ذلک الفعل (6) ویجیء علی مفعل ومفعله ومفعال بکسر المیم کالمقصّ والمحلب والمکسحه ، والمصفاه والمقراض والمفتاح (7) کأنهم أرادوا الفرق بین اسم الآله وبین ما یکون مصدرا ومکانا ، فالمقصّ بکسر المیم ما یقصّ به ، والمقصّ بالفتح المصدر والمکان (8) ، ومن ذلک منجل الحصاد ، ومسلّه للإبره العظیمه ، ومطرقه ومخدّه ومصباح ، وقیل (9). إن مفعل مقصور عن مفعال ، والمراد بذلک أنّ کلّ ما جاز فیه مفعل جاز فیه مفعال أیضا نحو : مقرض ومقراض ومضرب ومضراب ومفتح ومفتاح ، وزیدت الألف للمبالغه قال الشاعر : (10)

ص: 354

1- الکتاب ، 4 / 94.

2- اللسان ، بطخ وانظر المنتخب ، 2 / 531.

3- بعدها مشطوب علیه «أی لیس اسما للموضع الذی فیه».

4- الکتاب ، 4 / 94 وشرح المفصل ، 6 / 109 وشرح الشافیه ، 1 / 188.

5- المفصل ، 239 - 240 اسم الآله هو اسم ما یعالج به وینقل ویجیء علی مفعل ومفعله ومفعال کالمقصّ والمحلب والمکسحه والمقراض والمفتاح.

6- قول المصنف فالأولی ... هو تفضیل حد ابن الحاجب علی حد الزمخشری ، قال ابن الحاجب فی الإیضاح الورقه ، 297 ظ : اسم الآله هو کلّ اسم اشتقّ من فعل لما یستعان به فی ذلک الفعل ، وانظر إیضاح المفصل المطبوع ، 1 / 668.

7- الکتاب ، 4 / 94.

8- الکتاب ، 4 / 94 وشرح المفصل ، 6 / 111 وشرح الشافیه ، 1 / 186.

9- زاعم ذلک هو الفارسی. المخصص ، 14 / 199.

10- لم أهتد إلی قائله. ورد فی لسان العرب ، رأی وکحل.

إذا الفتی لم یرکب الأهوالا

فابغ له المرآه والمکحالا

واسع له وعدّه عیالا

ولیس کلّ ما جاز فیه مفعال جاز فیه مفعل (1) وقد جاء بعض أسماء الآله مضموم المیم والعین (2) نحو : المسعط والمنخل والمدقّ والمدهن والمکحله ، ومن ذلک أیضا محرضه (3) ومما جاء بالضم أیضا الملاءه (4) وجاء بالفتح المناره والمنقل وهو الخفّ (5) ، وفی الحدیث : نهی رسول الله صلی الله علیه وسلم النساء عن الخروج إلّا عجوزا فی منقلیها» (6) أی (7) فی خفّیها ، وجمیع ما جاء من ذلک مضموما لم یذهب به مذهب الفعل ، ولکنّها جعلت أسماء لهذه الأوعیه (8) فإنّها شذّت عن مقتضی القیاس ، لکونهم لم یراعوا فیها معنی الفعل والاشتقاق ، ومما لم یذهب به مذهب الفعل اسم الآله الذی لیس فی أوله میم ، وهو زائد علی ثلاثه أحرف وثالثه ألف ، فإنّه جاء بکسر أوله نحو : العلاقه (9) والجراب والوساده والعمامه ونحو ذلک ، وشذّ من ذلک بالفتح القباء (10) ولا یعمل شیء من هذه الأسماء ، لأنّه موضوع لآله مشتقّه من الفعل المشتقّ منه من غیر قید ، فلو عمل تقیّد وخرج عن موضوعه ، ومما ألحقناه بقسم الاسم المصغّر والمنسوب.

ص: 355

1- شرح المفصل ، 6 / 111.

2- المفصل ، 240.

3- فی الصحاح واللسان ، والقاموس ، حرض «الحرض : الأشنان والمحرضه بالکسر إناؤه ووعاؤه» وفی شرح المفصل ، 6 / 112 والکسر هو المشهور ولا أعرف الضم فیها».

4- اللسان ، ملأ.

5- اللسان ، نقل.

6- فی الأصل منقلبها.

7- انظره فی غریب الحدیث للهروی ، 4 / 69 وفیه «إلا امرأه قد یئست من البعوله فهی فی منقلیها» ، قال أبو عبید لو لا أن الروایه اتفقت فی الحدیث والشعر جمیعا علی فتح المیم ما کان وجه الکلام إلا کسرها. وانظر الصحاح ، نقل. وهو فی تاج العروس ، «نقل» عن ابن مسعود.

8- الکتاب ، 4 / 91 وشرح المفصل ، 6 / 111.

9- العلاقه : هی المعلاقه الذی یعلّق به الإناء اللسان ، علق.

10- غیر واضحه فی الأصل ، والقباء ممدود من الثیاب الذی یلبس مشتق من ذلک لاجتماع أطرافه. اللسان ، قبا.

ذکر المصغّر

اشاره

/ ویسمیّه البصریون المحقّر (2) ، والتصغیر من خواصّ الأسماء ، وهو اسم مزید فیه یاء لیدلّ علی تقلیل مسمّاه ، فالاسم المتمکّن إذا صغّر ضمّ صدره (3) وفتح ثانیه ، وألحق یاء ساکنه ثالثه ، وله أمثله ثلاثه ، فعیل کفلیس ، وفعیعل کدریهم وفعیعیل کدنینیر (4) وأما ما خالف ذلک فثلاثه (5) أشیاء ، تصغیر أفعال کأجیمال (6) وتصغیر ما فی آخره ألف التأنیث کحبیلی (7) وتصغیر ما فیه ألف ونون مضارعتان لألفی التأنیث کسکیران (8) ولا یصغّر إلّا الثلاثی والرباعی ، وأمّا الخماسی فتصغیره مستکره کتکسیره ، لسقوط خامسه ، فإن صغّر قیل فی فرزدق : فریزد ، وفی سفرجل : سفیرج ، بحذف الخامس لکونه نشأ منه الثقل ، ومنهم من یقول : فریزق (9).

فصل

وکلّ اسم علی حرفین فإنّ التصغیر یردّه إلی أصله حتی یصیر إلی أمثال فعیل والذی هو کذلک علی ثلاثه أضرب ، ما حذف فاؤه أو عینه أو لامه ، فالذی حذفت فاؤه نحو : عده فتقول فی تصغیرها : وعیده ، فتردّ الواو المحذوفه التی هی فاء الکلمه (11) وأمّا ما حذفت عینه فمثل : مذ ، فإذا سمّیت به وصغّرته قلت : منیذ ، فتردّ النون المحذوفه لأنّ الأصل منذ (12) ، وأمّا ما حذفت لامه فنحو : دم وفم فتقول :

ص: 356

1- الشافیه 507 : المصغر : المزید فیه یاء لیدل علی تقلیل.

2- الکتاب ، 3 / 419 - 477.

3- شرح المفصل ، 202.

4- الکتاب ، 3 / 415.

5- غیر واضحه فی الأصل.

6- الکتاب ، 3 / 49 - 492 وشرح الأشمونی ، 4 / 161.

7- الکتاب ، 3 / 418.

8- الکتاب ، 3 / 424 والمقتضب ، 2 / 264.

9- الکتاب ، 3 / 418 والمقتضب ، 2 / 247 وشرح المفصل ، 5 / 116 وشرح الشافیه ، 1 / 202.

10- المفصل ، 203.

11- الکتاب ، 3 / 449 وشرح المفصل ، 5 / 118 وشرح الشافیه ، 1 / 217.

12- الکتاب ، 3 / 450 وشرح المفصل ، 5 / 118.

دمیّ بردّ الذاهب منه وهو الیاء وتقول فی فم : فویه بردّ لامه المحذوفه التی هی الهاء ، لأنّ أصله فوه وتقول فی حر : حریح ، لأنّ أصله حرح فتردّ لامه المحذوفه (1) وأمّا الاسم الذی حذف منه ، وبقی بعد الحذف علی أکثر من حرفین (2) فإنّ التصغیر لا یردّه إلی أصله ، لأنّ الردّ ثمّ إنّما وجب لیحصل مثال التصغیر ، فإذا حصل من غیر ردّ فلا حاجه إلی الردّ ، فعلی هذا تقول فی تصغیر میّت وهیّن : مییت وهیین بالتخفیف (3).

فصل

وإذا صغّرت نحو ابن واسم ، رددته إلی أصله وصغّرته فقلت : بنیّ وسمیّ بردّ اللام الذاهبه (5) لأنّ أصل ابن بنو کجمل ثم قلبت الواو یاء ، وأدغمت فیها یاء التصغیر لأنّ الواو والیاء إذا اجتمعتا وسبقت إحداهما بالسکون قلبت الواو یاء وأدغمت الیاء فی الیاء فبقی ، بنیّ ، وأمّا اسم فأصله سمو مثل جذع (6) فإذا صغّر عادت الواو وقلبت یاء وأدغمت کما قیل فی ابن ، وإذا صغّر أخت وبنت وهنت قیل : أخیّه وبنیّه وهنیّه ، بردّ الّلامات المحذوفه ، لأنّ أصلهنّ أخوه وبنوه وهنوه علی وزن صدقه ، ثم حذفوا هاءات التأنیث من أخوه وبنوه وهنوه ، وأبدلوا من الواوات تاءات لغیر التأنیث ، فإنّ التاء فی أخت وبنت وهنت بدل من الواو ولیست للتأنیث (7) لأنّ تاء التأنیث لا یکون ما قبلها ساکنا بل مفتوحا ، إلّا أن یکون ما قبلها ألفا نحو : قطاه ، فلما ردّ إلی أخت وبنت وهنت الواو الأصلیّه صار أخیوه فاجتمعت الیاء والواو وسبقت إحداهما بالسکون فقلبت الواو یاء وأدغمت فیها یاء التصغیر ثم ردت هاء (8)

ص: 357

1- الکتاب ، 3 / 451 والمقتضب ، 2 / 235 وشرح الشافیه ، 1 / 217.

2- المفصل ، 203.

3- شرح المفصل ، 5 / 120 وشرح الشافیه ، 1 / 217.

4- المفصل ، 203.

5- الکتاب ، 3 / 454 والمقتضب ، 1 / 82 وشرح الشافیه ، 1 / 217.

6- الإنصاف ، 1 / 69 ولسان العرب ، سمو.

7- الکتاب ، 3 / 455 وشرح المفصل ، 5 / 121.

8- غیر واضحه فی الأصل.

التأنیث الأصلیّه التی کانت فی أخوه وبنوه وهنوه لذهاب التاء التی کانت فی أخت وبنت وهنت ، لأنّها کانت تدلّ علی التأنیث بحسب الصیغه وإن لم تکن تاء تأنیث ، فصار تصغیر ذلک أخیّه وبنیّه وهنیّه (1).

فصل

وکلّ اسم فیه حرف بدل من حرف آخر ، فتصغیره ینقسم إلی تصغیر یردّ الاسم إلی أصله ، وإلی تصغیر لا یردّ الاسم إلی أصله : أما التصغیر الذی یردّ الاسم إلی أصله فهو تصغیر کلّ اسم فیه البدل غیر لازم.

والمراد بالبدل الغیر اللازم بدل حرف بحرف ، أوجب قلبه علّه تزول فی التصغیر أو الجمع وذلک نحو : میزان وباب وناب ، فتقول فی تصغیرها : مویزین (3) وبییب ونییب (4) بردّها إلی أصلها ، لأنّ المیزان من الوزن وأصله موزان بکسر المیم وسکون الواو ، فاستثقل ذلک فقلبت الواو یاء لانکسار ما قبلها فصار میزان ، فلمّا صغّر ضمّت المیم فعادت الواو فصار تصغیره مویزین. وذلک القول فی میقات ومیعاد.

وأصل باب بوب لأنّ جمعه أبواب فلما تحرکت الواو وانفتح ما قبلها قلبت ألفا ، ولم یجز بقاء الألف فی التصغیر لزوال الفتح وانضمام ما قبلها فوجب ردّ الواو.

وأصل ناب نیب لجمعه علی أنیاب ، ویجمع النّاب من الإبل علی نیب (5) فلما تحرکت الیاء وانفتح ما قبلها قلبت ألفا ، ولم یمکن بقاء الألف فی التصغیر فردّت إلی أصلها وقیل : نییب (6).

وأمّا التصغیر الذی لا یردّ الاسم إلی أصله فهو تصغیر کلّ اسم فیه البدل لازم والبدل اللازم ؛ هو البدل الذی علّته تلزم فی المصغّر کما تلزم فی المکبّر ، وذلک نحو : تخمه وتراث ، فإنّ أصل تخمه وخمه لأنّه من وخم وأصل تراث من ورث

ص: 358

1- الکتاب ، 3 / 455 والمقتضب 2 / 268 وشرح المفصل ، 5 / 121.

2- المفصل ، 203.

3- الکتاب ، 3 / 457 والمقتضب ، 2 / 280.

4- الکتاب ، 3 / 461.

5- اللسان ، نیب.

6- وقد أجاز الکوفیون فی نحو : ناب مما ألفه یاء أن یصغّر علی نویب بالواو شرح الأشمونی 4 / 165.

فأصله وراث ، ولکنّهم استثقلوا الضمّه علی الواو فقلبوها تاء لأنّ التاء أجلد علی الضمّه من الواو ، وهذه العلّه لازمه فی التصغیر فلذلک قیل : تخیمه وتریث ، وتقول فی تصغیر عید : عیید ، وکان حقّه أن یردّ إلی أصله لأنّه من عاد یعود ، لکنّهم لمّا قالوا فی الجمع أعیاد ، والجمع والتصغیر من واد واحد ، قیل فی تصغیره : عیید ، وإنّما جمعوه بالیاء دون الواو ؛ لیفرّقوا بین جمع عید ، وجمع عود (1).

فصل

وإذا صغّر ما ثالثه واو نحو : أسود فأجود الوجهین أن یقال : أسیّد (3) لأنّ الواو والیاء إذا اجتمعتا وسبقت إحداهما بالسکون قلبت الواو یاء وأدغمت الیاء فی الیاء ، ومنهم من یظهر فیقول : أسیود (4). وکلّ ما وقعت واوه لاما (5) ، وسواء صحّت نحو : عروه (6) ورضوی أو اعتلّت نحو واو عصا وجب قلبها وإدغام یاء التصغیر فیها فتقول : عریّه ورضیّه وعصیّه (7) ، وإذا صغّرت نحو : معاویه (8) قلت : معیّه (9) لأنّ ألفه تحذف لأجل یاء التصغیر فتبقی معیویه فیجتمع الواو ویاء التصغیر وتسبق الواو (10) بالسکون فتقلب الواو یاء وتدغم فیها یاء التصغیر وتحذف یاء معیویه (11) الأخیره لاجتماع ثلاث یاءات ، ووقوعها طرفا فیبقی معیّه علی مثال دریهم ، وهذا علی مذهب من یقول : أسیّد ، أمّا علی مذهب یقول : أسیود فیقول : معیویه (12).

ص: 359

1- الکتاب ، 3 / 460 وإیضاح فی المفصل ، 1 / 576 وشرح المفصل ، 5 / 123 - 124.

2- المفصل ، 204.

3- الکتاب ، 3 / 469. وفی إیضاح المفصل ، 1 / 576 وهو الفصیح وقیاس العربیه.

4- الکتاب ، 3 / 469 وشرح المفصل ، 5 / 124 وهمع الهوامع ، 2 / 186.

5- المفصل ، 204.

6- فی الأصل عزوه ، والمثبت من المفصل ، 204 وإیضاح المفصل ، 1 / 577 وشرح المفصل ، 5 / 124.

7- الکتاب ، 3 / 470 وشرح المفصل ، 5 / 124.

8- المفصل ، 204.

9- الکتاب ، 3 / 470 - 471 والمقتضب ، 2 / 244.

10- فی الأصل الیاء.

11- فی الأصل معویه.

12- المقتضب ، 2 / 244 وإیضاح المفصل ، 1 / 578 وشرح المفصل ، 5 / 125.

فصل

وإذا کان فی الاسم تاء التأنیث فهی إمّا ظاهره وإمّا مقدّره ، فالظاهره تثبت ولا تحذف ، وطریق تصغیره أن تصغّر ما قبل علامه التأنیث ولا تعتدّ بها من حروف الکلمه ثم تضمّ إلیها العلامه کما تفعل بالمرکّب لأنّها بمنزلته ، فیقال فی طلحه طلیحه (2) والمقدّره تثبت ظاهره ، فی کل ثلاثی (3) نحو : شمیسه إلّا ما شذّ من نحو : عریس (4) ولا تثبت فی الرباعی فما فوقه فرارا من الثقل لکثره حروف الکلمه ، ولأنّ الحرف الرابع قد نزّل منزله تاء التأنیث فتقول فی عقرب : عقیرب بغیر تاء التأنیث إلّا ما شذّ من نحو : قدیدیمه فی تصغیر قدّام (5) وأمّا ألف التأنیث فإذا کانت مقصوره رابعه ثبتت کقولک : حبیلی فی تصغیر حبلی (6) وسقطت خامسه فصاعدا (7) کقولک : قریقر فی تصغیر قرقری ، وهو اسم موضع (8) وأمّا نحو : خنفساء فتصغیرها (9) خنیفساء بثبوت الألف لقوتها بالحرکه (10).

فصل

(11)

وإذا صغّرت ما رابعه حرف زائد من حروف المدّ واللین نحو : مصباح

ص: 360

1- المفصل ، 204.

2- الکتاب ، 3 / 418 - 419 وإیضاح المفصل ، 1 / 579 وشرح المفصل ، 5 / 127.

3- قال ابن یعیش فی شرح المفصل ، 5 / 127 : وإنما لحقت التاء فی تحقیر کلّ اسم مؤنث ثلاثی لأمرین أحدهما : أن أصل التأنیث أن یکون بعلامه والآخر : خفه الثلاثی ، فلما اجتمع هذان الأمران وکان التصغیر قد یردّ الأشیاء إلی أصولها فأظهروا العلامه المقدّره لذلک.

4- انظر شرح المفصل ، 5 / 127.

5- المقتضب ، 2 / 272 وشرح المفصل ، 5 / 128 وشرح الشافیه ، 1 / 237.

6- الکتاب ، 3 / 418 والمقتضب ، 2 / 257.

7- الکتاب ، 3 / 419 وشرح المفصل ، 5 / 128.

8- بالیمامه فیها قری وزروع ونخیل کثیره ، معجم البلدان ، 4 / 326 وفی معجم ما استعجم للبکری ، 3 / 1065 ماء لبنی عبس.

9- فی الأصل فتصغیر.

10- الکتاب ، 3 / 419 والمقتضب ، 2 / 258.

11- المفصل ، 204.

وکردوس (1) وقندیل قلبت الألف أو الواو یاء ، وقرّرت الیاء بحالها وقلت : مصیبیح (2) وکریدیس وقنیدیل علی مثال دنینیر (3).

فصل

وإذا صغّرت ما فیه ثلاثه أصول وزیادتان ، بقّیت التی حذفها یخلّ بالمعنی کالمیم فی منطلق ، مع النون ، فإنّک تبقی المیم فی التصغیر وتحذف النون فتقول : مطیلق ، لأنّک لو حذفت المیم لذهّبت معنی الفاعلیه لأنّ المیم زیدت لمعنی الفاعلیّه ولیست النون کذلک (5) فإن لم تفضل إحدی الزیادتین الأخری حذفت أیّهما شئت نحو : قلنسوه ، فإنّ النون والواو فیهما زائدتان لا تفضل إحداهما الأخری ، فإن حذفت النون قلت : قلیسیه وإن حذفت الواو قلینسه (6).

فصل

والزیاده إن کانت رابعه ألفا أو واوا أو یاء ثبتت ولم تحذف ، ولکن تقلب یاء إن لم تکن إیّاها ، کما قلنا فی مصباح وکردوس وقندیل ، وأمّا الذی زوائده لیست کذلک فتحذف کلّ زوائده فی التصغیر ، فتقول فی سرادق : سریدیق بحذف الألف لأنّها زائده وهی غیر رابعه وتقول فی عنکبوت : عنیکب ، بحذف الواو والتاء لأنّهما زیادتان فی غیر الموضع المذکور ، ویجوز التعویض وترکه فیما حذفت منه هذه الزوائد ، فإذا حذفت وصارت الکلمه علی مثال : دریهم فأنت مخیّر فی التعویض لیصیر علی مثال : دنینیر وفی التّرک ، فإن شئت قلت : مطیلق وإن شئت قلت : مطیلیق ، وإن شئت قلت : عنیکب ، وإن شئت قلت : عنیکیب لأنّک فی التعویض وترکه لا تخرج عن مثال

ص: 361

1- الکردوس : الخیل العظیمه. اللسان ، کردس.

2- فی الأصل مصیبح.

3- المقتضب ، 1 / 119 وشرح المفصل ، 5 / 129 وشرح الشافیه ، 1 / 249.

4- المفصل ، 204.

5- إیضاح المفصل ، 1 / 582 وشرح المفصل ، 5 / 130.

6- الکتاب ، 3 / 327 - 436 والمقتضب ، 1 / 119.

7- المفصل ، 204 - 205.

التصغیر (1).

فصل

وجمع القلّه یصغّر علی بنائه کقولک فی أکلب وأجربه وأجمال وغلمه : أکیلب وأجیربه وأجیمال وغلیمه (3).

وأمّا جمع الکثره ففیه مذهبان :

أحدهما : أن یردّ إلی واحده ، ویصغّر علیه ثم یجمع علی ما یستوجبه من الواو والنون أو الألف والتاء.

وثانیهما : أن یردّ إلی بناء جمع قلّته إن وجد له ، ثمّ یصغّر کما فی نحو : غلمان فیقال : إمّا غلیّمون أو غلیمه (4) لاستکراههم صیغه واحده تدلّ علی التکثیر والتقلیل ، وقد شذّ من المصغّرات ما جاء علی غیر واحده (5) کأنیسیان فی إنسان (6) ، وعشیشیه فی عشیّه ، وأصیبیّه فی صبیه ، وأغیلمه فی غلمه ، ورویجل فی رجل (7) ، وقولهم أیضا : أصیغر منک ، ودوین هذا ، فإنّه لتقلیل ما بینهما من التفاوت ، لا للذّات الموضوع لها اللفظ (8).

ص: 362

1- الکتاب ، 3 / 444 وشرح المفصل ، 5 / 131 وشرح الشافیه ، 1 / 249.

2- المفصل ، 205.

3- الکتاب ، 3 / 486 - 490 - 496 وإیضاح المفصل ، 1 / 582 وشرح المفصل ، 5 / 132.

4- الکتاب ، 3 / 490 - 492 والمقتضب ، 2 / 155 - 209 - 278 وشرح المفصل ، 5 / 132 وشرح الشافیه ، 1 / 265.

5- المفصل ، 205.

6- وقیاسه أنیسین إن اعتبر جمعه علی أناسین ، وأنیسان إن لم یعتبر ، وقال الکوفیون أنیسیان تصغیر إنسان ، لأن أصله إنسیان علی وزن إفعلان ، وإذا صغر إفعلان قیل : أفیعلان وهو مبنیّ علی قولهم إنسان مأخوذ من النسیان فوزنه إفعان ، ومذهب البصریین أنه من الإنس فوزنه فعلان. شرح الشافیه للرضی ، 1 / 274 وحاشیه الصبان ، 4 / 159.

7- والقیاس فیها علی التوالی عشیّه وصبیّه وغلیمه ورجیل. شرح الشافیه للرضی ، 1 / 278.

8- الکتاب ، 3 / 477 - 486 وشرح المفصل ، 5 / 133 وهمع الهوامع ، 2 / 190.

فصل

وتصغیر الفعل لیس بقیاس ، وأمّا نحو : ما أمیلحه ، فإنّما یعنون الذی یوصف بالملح ، ومن الأسماء ما جری فی کلامهم مصغّرا وترک تکبیره نحو : کمیت وهو حمره یخالطها سواد.

فصل

والأسماء المرکّبه نحو : بعلبکّ وحضرموت وخمسه عشر ، یصغّر الصّدر منها ویضمّ إلی الآخر فیقال : بعیلبکّ وحضیرموت وخمیسه عشر وثنّیا (3) عشر وثنیّتا عشره ولم یجز تصغیر الاسمین جمیعا ، لأنّ الثانی زید فی الأول کزیاده هاء التأنیث.

فصل

وتصغیر الترخیم أن تحذف کلّ شیء زید فی بنات الثلاثه والأربعه حتی تصیر الکلمه علی حروفها الأصول ثم تصغّر کقولک فی حارث : حریث وفی أسود : سوید ، وفی قرطاس : قریطس (5).

فصل

وأمّا تصغیر الغیر المتمکّن فمنه الأسماء المبهمه ، وقد خولف بتصغیرها تصغیر ما سواها بأن ترکت أوائلها غیر مضمومه ضمّ تصغیر ، وألحقت بأواخرها ألفات ، وزید قبل آخرها یاء التصغیر ، وفتح ما قبل یاء التصغیر ، فقالوا فی ذا ، وتا : ذیّا وتیّا ،

ص: 363

1- المفصل 205 - 206.

2- المفصل ، 206. وفیه «والأسماء المرکبه یحقّر الصدر منها ، فیقال : بعیلبک وحضیرموت وخمسه عشر ، وثنیّا عشر.

3- غیر واضحه فی الأصل والتصویب من المفصل ، 206. وانظر الکتاب 3 / 476 وشرح المفصل ، 5 / 137.

4- المفصل ، 206.

5- الکتاب ، 3 / 476 والمقتضب ، 2 / 292.

6- المفصل ، 206.

وفی الذی والتی : اللذیّا واللتیّا (1) ومن الأسماء ما لا یصغّر (2) وهی المصغّر نحو : الکمیت والمعظّم شرعا کاسم الله تعالی ، والضمائر ، وبعض المبنیّات ما لم تجعل أعلاما نحو : أین ومتی ، وحیث ، وعند ، ومنذ ، ومع ، ومن ، وما ، وأمس ، وکذلک غدا ، وأول من أمس ، والبارحه (3) وأیام الأسبوع (4) ، والاسم عاملا عمل الفعل کحسبک ، وضارب زیدا ، ومن ثمّ جاز ، ضویرب وامتنع ضویرب زیدا (5).

ذکر المنسوب

اشاره

اعلم أنّ النسبه لغه هی إضافه الشیء إلی غیره مطلقا (7) واصطلاحا هی إضافه الشیء إلی غیره بإلحاق الیاء المشدّده المکسور ما قبلها بآخر المضاف إلیه ، للدلاله علی النسبه ، ویسمّی المضاف منسوبا ، والمضاف إلیه منسوبا إلیه ، والغالب فی المنسوب إلیه أن یکون قبیله کقرشیّ أو أبا کهاشمیّ أو بلدا کمکیّ (8) أو صناعه کنحویّ ، والنسبه من خواصّ الاسم وألحقت یاء النسب بآخر الاسم علامه للنسبه إلیه ، کما ألحقت التاء علامه للتأنیث وکما انقسم التأنیث إلی حقیقیّ وغیر حقیقیّ فکذلک النسب حقیقیّ وغیر حقیقی (9) ، فالحقیقیّ : ما کان مؤثّرا فی المعنی کهاشمیّ ، فإنّه نقل المنسوب إلیه عن الاسمیّه إلی الصّفه ، وعن التعریف إلی التنکیر ، وغیر الحقیقیّ : ما جاء علی لفظ المنسوب لا غیر نحو : کرسیّ ، وکما جاءت التاء

ص: 364

1- الکتاب ، 3 / 487 والمقتضب ، 2 / 286.

2- المفصل ، 206.

3- الکتاب ، 3 / 487.

4- لم یجز سیبویه تصغیر أیام الأسبوع ، وخالفه المبرّد والکوفیّون والمازنی والجرمی ، وزعم بعض النحویین أنک إذا قلت : الیوم الجمعه ، والیوم السبت ، فرفعت الیوم جاز تصغیر الجمعه والسبت ، وإن نصبت لم یجز تصغیرها ، وزعم بعضهم أنه یجوز التصغیر فی النصب ویبطل فی الرفع وأجاز المازنی تصغیرهما فی الرفع والنصب. انظر الکتاب ، 3 / 480 ، والمقتضب ، 2 / 474 - 476. وهمع الهوامع ، 2 / 191.

5- الکتاب ، 3 / 480 ، وشرح الشافیه ، 1 / 289.

6- المفصل ، 206.

7- اللسان ، نسب.

8- الکتاب ، 3 / 335 والمقتضب ، 3 / 133 وشرح المفصل ، 5 / 141 والتسهیل ، 261.

9- المفصل ، 206.

فارقه بین الجنس وواحده نحو : تمره وتمر ، فکذلک یاء النسبه فارقه بین الواحد والجنس کمجوسیّ ومجوس ورومیّ وروم ، ویجب أن تحذف من المنسوب إلیه تاء التأنیث (1) نحو : فاطمیّ ، وإنّما حذفت لئلا یجمع بین زیادتین متنافیتین ؛ لأنّ التاء تشعر بعدم الوصف ویاء النسب تشعر بالوصف (2) وإذا نسب إلی مثنّی أو إلی جمع سواء کان جمعا سالما أو مکسّرا ، وجب أن تحذف من ذلک علامه التثنیه والجمع ، وتردّ المنسوب إلیه إلی واحده ثم تنسب إلیه (3) فتقول فی النسبه إلی زیدان وزیدین : زیدیّ ، وإلی مسلمین أو مسلمین : مسلمیّ ، وإلی مسلمات : مسلمیّ ، وإلی فرائض : فرضیّ بفتح الراء ، وإلی رجال : رجلیّ ، لحصول الغرض بذلک لأنّ الغرض النسبه إلی مسمّی ذلک اللفظ ، واغتفر اللّبس فی ذلک (4) وأما إذا کان الجمع المکسّر علما نحو : کلاب ومدائن فتقول : کلابیّ ومدائنیّ (5) وأما إذا کان المثنّی علما نحو : أبانین (6) أو الجمع السالم علما نحو : قنّسرین (7) فالنسبه إلیهما مترتّبه علی إعرابهما فمن أعربهما بالحرکه وهم الأکثر نسب إلیهما من غیر ردّهما إلی الواحد فیقول : هذا أبانینیّ ورأیت أبانینیا ومررت بأبانینیّ ، وهذا قنّسرینی ورأیت قنّسرینیا ومررت بقنّسرینیّ ، ومن أعربهما علمین بالحرف حذف علامه التثنیه والجمع فی النسبه (8) فیقول : هذا أبانیّ وقنّسریّ ، علی أنّ إعرابهما بالحرف کما کان قبل العلمیّه ، وقس علی ذلک ، وأمّا جمع المؤنّث السالم نحو : أذرعات (9) فیقول علی الأکثر : أذرعاتیّ ، وعلی القول الآخر : أذرعیّ (10).

ص: 365

1- المفصل ، 207.

2- شرح المفصل ، 5 / 144 وهمع الهوامع ، 2 / 192.

3- الکتاب ، 3 / 372 والمقتضب ، 3 / 160.

4- شرح المفصل ، 5 / 144 وشرح الشافیه ، 2 / 7 - 9.

5- الکتاب ، 3 / 379.

6- اسم موضع قال الأصمعی : وادی الرّمه یمر بین أبانین وهما جبلان یقال لأحدهما أبان الأبیض وهو لبنی فزاره ... وأبان الأسود لبنی أسد. معجم البلدان ، 1 / 72.

7- مدینه قریبه من حمص. معجم البلدان 4 / 403.

8- الکتاب ، 3 / 372 وشرح المفصل ، 5 / 145 وإیضاح المفصل ، 1 / 588 وشرح الشافیه ، 2 / 13.

9- بلد بأطراف الشام یجاور أرض البلقاء وعمان ، معجم البلدان ، 1 / 130.

10- الکتاب ، 3 / 373 همع الهوامع ، 2 / 192 وشرح الأشمونی ، 4 / 183.

فصل

وإذا نسبت إلی ثلاثیّ مکسور العین کنمر ، وجب فتح عینه فتقول : نمریّ بفتح المیم استثقالا لتوالی کسرتین مع یاءین ، ولا فرق فی ذلک بین المذکّر والمؤنّث فتقول فی شقره بکسر القاف وهی قبیله : شقریّ بالفتح (2) ، وکذلک النسبه إلی إبل بالفتح (3) استیحاشا من توالی الکسرات هذا هو الذی علیه الجمهور ، قال السخاوی فی شرح المفصّل : إنه بالکسر ؛ لأنّ جمیع حروفه مکسوره فیخفّ علی اللسان ، وأمّا الحرف المکسور فی الزائد علی الثلاثی مع سکون ما قبله نحو راء یثرب ولام تغلب. فلک فیه وجهان : الفتح (4) وإبقاؤه علی الکسره ، والشائع الکسر ، لانجبار ثقل الکسرتین ، بخفّه سکون ما قبلهما فتقول : یثربیّ ویثربیّ بفتح الراء وکسرها.

فصل

وینسب إلی فعیله بفتح الفاء وکسر العین نحو : حنیفه حنفیّ فتحذف یاء حنیفه وجوبا ، وکذلک تحذف الیاء من فعیله بضمّ الفاء وفتح العین نحو : جهینه وعقیله فتقول : جهنیّ وعقیلیّ ، وکذلک تحذف الواو من فعوله بفتح الفاء وضمّ العین نحو : شنوءه فتقول : شنئیّ (6) ، (7) وإنما حذفت الیاء والواو من فعیله وفعیله وفعوله المذکورات للفرق بینها وبین فعیل وفعیل وفعول المذکّرین نحو : کریم وقریش وعجول ، فإنّک تنسب إلیها بغیر حذف الیاء والواو فتقول : کریمیّ وقریشیّ

ص: 366

1- المفصل ، 207.

2- شقره : اسم رجل هو أبو قبیله من العرب یقال لها شقره انظر لسان العرب ، شقر. وانظر الکتاب ، 3 / 343 والمقتضب ، 3 / 137 وشرح المفصل ، 5 / 145.

3- قال أبو حیان ولا أعلم خلافا فی وجوب فتح العین فی نحو : نمر وابل ودئل إلّا ما ذکره طاهر القزوینی فی مقدّمه له أنّ ذلک علی جهه الجواز ، وأنه یجوز فیه الوجهان. همع الهوامع ، 2 / 195.

4- وقد ذهب سیبویه إلی شذوذه فی حین أجاز بعض النحویین القیاس علیه. الکتاب 3 / 340 - 343 ، همع الهوامع ، 2 / 195.

5- المفصل ، 207.

6- غیر واضحه فی الأصل.

7- الکتاب ، 3 / 339 والمقتضب ، 3 / 134 ، وشرح المفصل ، 5 / 146.

وعجولیّ (1) وما جاء بخلاف ذلک فهو شاذ کقولهم : قرشیّ علی خلاف القیاس (2) وإنما تحذف حرف العلّه من فعیله وفعوله إذا لم تکن مضاعفه ولا معتلّه العین ، فأمّا إذا کانت فعیله مضاعفه نحو : شدیده فإنّک تنسب إلیها بغیر حذف الیاء فتقول : شدیدیّ وکذلک تقول فی فعیله المعتلّه العین نحو : طویله طویلیّ بإثبات الیاء (3).

فصل

وإذا نسبت إلی نحو : أسیّد وسیّد وحمیّر وهو کلّ اسم قبل آخره یاءان مدغمه إحداهما فی الأخری فإنّه یجب حذف الیاء المتحرکه منهما ، وهی المدغم فیها وإبقاء الساکنه التی کانت مدغمه فتقول : أسیدیّ وسیدیّ وحمیریّ (5) وکان یلزم أن یقال فی طیء : طیئیّ مثل طیعیّ قال سیبویه : ولکنّهم جعلوا الألف مکان الیاء فقالوا : طائیّ علی خلاف القیاس (6) ، وینسب إلی فعیل وفعیله (7) ، بفتح الفاء منهما من معتلّ اللام نحو : غنیّ ، وهو حیّ من أحیاء العرب (8) ، وضریّه وهی قریه (9) بحذف الیاء الساکنه وقلب الثانیه واوا ، وإبدال الکسره التی قبلها فتحه فیما هی فیه فتقول : غنویّ وضرویّ ، علی وزن فعلی بفتح الفاء ، وتقول فی فعیل وفعیله بضمّ الفاء منهما من معتلّ اللّام نحو : قصی وأمّیه : قصویّ وأمویّ ، علی وزن فعلیّ بضم الفاء ، وتقول فی نحو : تحیّه : تحویّ ، وفی فعول : فعولیّ کقولک فی عدوّ : عدوّیّ (10) ، وأما مؤنثه

ص: 367

1- الکتاب ، 3 / 335.

2- وقد عدّ المبرد ذلک مطردا یجوز القیاس علیه. المقتضب ، 3 / 133 - 134 والخصائص ، 1 / 116 وشرح المفصل ، 5 / 146.

3- الکتاب ، 3 / 339 وشرح المفصل ، 5 / 146.

4- المفصل ، 208.

5- الکتاب ، 3 / 370 والمقتضب ، 3 / 135 - والخصائص ، 2 / 232.

6- الکتاب ، 3 / 371 وفیه «ولا أراهم قالوا : طائی إلا فرارا من طیئیّ ، وکان القیاس طیئیّ وتقدیرها طیعی ولکنهم جعلوا الألف مکان الیاء وبنوا الاسم علی هذا کما قالوا فی زبینه زبانی والوجه زبنیّ» وانظر المقتضب ، 3 / 145.

7- المفصل ، 208.

8- وهو حیّ من غطفان کما فی اللسان ، غنا.

9- فی معجم البلدان 3 / 457 «قریه علی طریق مکه من البصره».

10- الکتاب ، 3 / 344 - 346 وشرح المفصل ، 5 / 148 وشرح التصریح ، 2 / 328.

فبحذف الواو وفتح ما قبل الآخر علی قول سیبویه (1) کعدویّ فی عدوّه إجراء له مجری الصحیح ، والمبرّد خالفه فی عدم التغییر کعدوّیّ بالتشدید کمذکّره إجراء للمشدّد مجری الحرف الواحد (2).

فصل

وإذا نسبت إلی ما فی آخره ألف فإن کانت ثالثه أو رابعه وکانت منقلبه عن حرف أصلی قلبتها فی النّسب واوا سواء کان أصلها الواو کعصا وأعشی أو الیاء کرحی ومرمی فتقول : عصویّ وأعشویّ ورحویّ ومرمویّ (4) وإن کانت ألف التأنیث نحو ألف حبلی ودنیا فالقیاس أن تحذف کما تحذف هاء التأنیث ، فتقول : حبلیّ ودنییّ وفی سکری سکریّ وفی بصری بصریّ (5) ویجوز أیضا : حبلویّ ودنیویّ وحبلاویّ ودنیاویّ (6) ولیس فی الألف الخامسه فصاعدا إلّا الحذف فتقول فی حباری : حباریّ ، وفی قبعثری وهو العظیم الشدید قبعثریّ (7).

فصل

وإذا کان آخر الاسم یاء قبلها کسره وکان علی ثلاثه أحرف نحو : الشجی فتحت العین فی النسب کما تفتح فی نمری ، فتنقلب الیاء ألفا لانفتاح ما قبلها ثمّ تقلبها واوا کما تقلب ألف عصا فتقول : شجویّ (9) وإن کانت الیاء رابعه وقبلها کسره نحو : القاضی والحانی ففیه وجهان :

ص: 368

1- الکتاب ، 3 / 345.

2- المقتضب ، 3 / 136 - 155 وشرح الشافیه ، 2 / 24 وفی إیضاح المفصل ، 1 / 590 - 591 نصّ ابن الحاجب علی أن رأی المبرد لیس له وجه فی القیاس.

3- المفصل ، 208.

4- الکتاب ، 3 / 342 والمقتضب ، 3 / 136 وشرح المفصل ، 5 / 149 وشرح الشافیه ، 2 / 35.

5- من أعمال دمشق وهی قصبه کوره حوران ، وتطلق علی قریه من قری بغداد قرب عکبراء. معجم البلدان ، 1 / 441.

6- الکتاب ، 3 / 353 والمقتضب ، 3 / 147 وشرح المفصل ، 5 / 150.

7- الکتاب ، 3 / 354 والمقتضب ، 3 / 148.

8- المفصل ، 208 - 209.

9- الکتاب ، 3 / 342 والمقتضب ، 3 / 136 وإیضاح المفصل ، 1 / 592.

أحدهما حذف الیاء التی هی لام الکلمه وهو الأجود ثم تنسب إلیه فتقول : قاضیّ وحانیّ.

والثانی : ، قلبهما واوا نحو : قاضویّ وحانویّ (1) والحانیّ منسوب إلی الحانه وهو بیت الخمّار ، ووجه قاضویّ أنهم أبدلوا من الکسره فتحه ، ومن الیاء ألفا ، بقی قاضایّ ثم انقلبت الألف واوا مع یاء النسب فصار : قاضویّ ، ولیس فی الیاء الخامسه فصاعدا إلّا الحذف کقولک فی مشتری ومستسقی : مشتریّ ومستسقیّ (2) وإذا نسبت إلی محیّ اسم فاعل من حیّاه الله ، قلت : محویّ بحذف الیاء الأولی من محییّ ، فتقلب الیاء الثانیه ألفا لتحرکها وانفتاح ما قبلها ثم تنقلب الألف واوا مع یاء النسب فیبقی : محویّ مثل أمویّ ، وفیه وجه آخر وهو : محیّیّ فیجمع بین أربع یاءات لسکون الأولی والثالثه (3).

فصل

وإذا کان آخر الاسم واوا أو یاء قبلها ساکن نحو : غزو وظبی فالنسبه إلیهما کالنسبه إلی موازنهما من الصحیح نحو : بکر ، فکما تقول : بکریّ کذلک تقول فی غزو : غزویّ بسکون الزای ، وفی نحو : نحویّ ، وفی ظبی : ظبییّ ، فتجمع بین ثلاث یاءات (5) وکذلک فیما لحقته تاء التأنیث من ذلک عند الخلیل وسیبویه نحو : ظبیه فتقول فی النسبه إلیها ظبییّ ، کما تنسب إلی ظبی ، وقال یونس : ظبویّ وعلی مذهبه جاء قولهم : قرویّ فی النسبه إلی قریه وهو شاذ عند الخلیل وسیبویه (6) ، فإنّ النسبه إلی قریه علی مذهبهما کالنسبه إلی ظبیه : وتقول فی النسبه إلی حیّه : حیویّ (7)

ص: 369

1- شرح المفصل ، 5 / 151 وشرح الشافیه ، 2 / 42.

2- شرح الشافیه ، 2 / 42 - 45.

3- الکتاب ، 3 / 373 وإیضاح المفصل ، 1 / 593 وشرح الشافیه ، 2 / 45 وشرح الأشمونی ، 4 / 180.

4- المفصل ، 209.

5- الکتاب ، 3 / 346 والمقتضب ، 3 / 237.

6- الکتاب ، 3 / 346.

7- الکتاب ، 3 / 345.

وکذلک الحکم فی فعله بضم الفاء ، نحو : عروه ورشوه (1) وفی فعله بکسر الفاء نحو : فتیه (2).

فصل

وإذا نسبت إلی منسوب نحو : تمیمیّ وهجریّ وشافعیّ لم تقل إلّا ذلک (4).

فصل

وما فی آخره ألف ممدوده ینقسم إلی منصرف وغیر منصرف ، أما المنصرف فتبقیه علی حاله وتنسب إلیه ، سواء کانت الهمزه فیه أصلیّه کقرّاء ، أو مبدله من حرف أصلی ککساء ، أو کانت للإلحاق کحرباء ، فتقول : قرّائیّ وکسائیّ وحربائیّ والقلب فی ذلک کله جائز (6) وهو أن تجعل مکان الهمزه واوا فتقول : قرّاویّ وکساویّ وحرباویّ ، وأمّا غیر المنصرف ، وهو ما کانت فیه الهمزه للتأنیث نحو : حمراء فلیس فیه إلّا القلب (7) فتقول : حمراویّ ، وإنّما لم تحذف کما حذفت ألف حبلی ، لأنّ الهمزه قویه حیه بالحرکه فجرت لذلک مجری الحروف الأصلیه فی عدم الحذف فلم تحذف ، وألف حبلی ضعیفه میّته بالسکون فحذفت (8) وتقول فی زکریاء : زکریاویّ (9) لأنّهم لمّا عرّبوه أجروه مجری کلامهم والهمزه فی مثله للتأنیث فکان مثل حمراء ، وتقول فی خنفساء : خنفساویّ ، لأنّ همزتها للتأنیث ، وإن لم تکن الهمزه للتأنیث ولکنّ الاسم مؤنّث نحو : السماء ففیه وجهان ، القلب والإبقاء فتقول :

ص: 370

1- کذا فی الأصل ، وفی اللسان «رشا» أورد فیها الضم والکسر.

2- الکتاب 3 / 346 وشرح المفصل ، 5 / 153.

3- المفصل ، 209.

4- شرح المفصل ، 5 / 155.

5- المفصل ، 209.

6- الکتاب ، 3 / 349 والمقتضب ، 3 / 149.

7- الکتاب ، 3 / 355 - 357 والمقتضب ، 3 / 149.

8- شرح المفصل ، 5 / 155.

9- الکتاب ، 3 / 357.

سمائیّ وسماویّ ، والإبقاء أجود (1) للفرق بینه وبین حمراء وکذلک لک فیما لامه یاء (2) وهو علی مثال سقایه (3) إن تقول : سقائیّ بالهمز ، وأمّا ما لامه واو وهو علی هذا المثال نحو : شقاوه فإنّه لا یغیر فتقول شقاویّ / (4) وفی نحو : رایه وآیه وجهان ، الإبقاء والقلب إلی الهمزه وإلی الواو فتقول : راییّ وآییّ ورائیّ وآئیّ ، وراویّ وآویّ (5).

فصل

وإذا نسب إلی اسم علی حرفین وکان متحرک الوسط فی الأصل والمحذوف منه لام ، ولم یعوّض همزه وصل ، کأب وأخ وست وجب ردّ المحذوف (7) فیقال : أبویّ وأخویّ وستهیّ (8) إذ أصل ست ، سته بالتحریک وتحذف عینها فتبقی سه وتحذف لامها فتبقی ست (9) وفی الحدیث «العین وکاء السّه» وجاء «وکاء السّت» (10).

وإن کان المحذوف فاء (11) ، فهو إما معتل اللام أو ، لا ، أما معتل اللام فنحو شیه : إذ أصلها وشی فحذفت فاؤها وعوّضت التاء ، بقی شیه ، فیجب ردّ المحذوف

ص: 371

1- الکتاب ، 3 / 349 وقال ابن یعیش فی شرح المفصل ، 5 / 156 : القلب فی حمراویّ أقوی منه فی علباویّ ، وهو فی علباویّ أقوی منه فی کساویّ ، وهو فی کساویّ أقوی منه فی قرّاویّ.

2- المفصل ، 209.

3- غیر واضحه فی الأصل.

4- الکتاب ، 3 / 348 - 349.

5- أقیسها ترک الیاء علی حالها ، والهمزه أجود ، انظر الکتاب ، 3 / 350 والمقتضب ، 1 / 126 ، وشرح المفصل ، 5 / 157 والهمع ، 2 / 196.

6- المفصل ، 210.

7- الکتاب 3 / 359 والمقتضب ، 3 / 152.

8- غیر واضحه فی الأصل.

9- السته والسته والأست معروفه ، والجمع أستاه ، یقال : سه وسه بحذف العین قیل : أصل الأست سته بالتحریک وقیل : سته بسکون العین ، الصحاح سته واللسان ، سته وسهه.

10- انظره فی الفائق للزمخشری ، 2 / 314 ، والنهایه ، 2 / 213 والأمثال النبویه للغروی ، 1 / 538 ونسب إلی سیدنا علی فی المقتضب ، 1 / 34 وانظر الهامش و 233 وفی المخصص ، 16 / 34 الوکاء : السیر والخیط الذی یشدّ به السقاء وغیره ، والمعنی أن العین للأست کالوکاء للقربه ، فإذا نامت فاحت الأست وفی اللسان : کنی بهذا اللفظ عن الحدث وخروج الریح وهو من أحسن الکنایات وألطفها.

11- المفصل ، 210.

أیضا لأنّ التاء تحذف فی النسب فیبقی الاسم علی حرفین ثانیهما حرف لین ولا یکون ذلک فی الأسماء المعرّبه المستقلّه فوجب الرّدّ ، ولا یشکل (1) بمثل عده فی النسبه إلیه بغیر ردّ ، لأنّ ثانی الحرفین لیس حرف لین ، ولا بذو مال ، لأنّه لیس بمستقلّ ، فتقول فی النسبه إلی شیه : وشویّ بفتح الشین وقلب الیاء واوا (2) وقال الأخفش وشییّ بردّ الفاء (3) کما قلنا ، وخالف بإبقاء الیاء وسکون الشین علی الأصل مع وجود الموجب لحذف الواو وهو حرکه الشین التی سکّنها علی غیر قیاس (4) وأمّا ما لیس بمعتلّ اللام والمحذوف فاء أو عین نحو : عده وسه ومذ ، أسماء إذ أصل سه : سته ، ومذ : منذ ، فإنک لا تردّ المحذوف فتقول : عدیّ وسهیّ ومذیّ (5) وأمّا ما ورد فی النسبه إلی عده : عدویّ (6) فلیس بردّ ، لأنّ المحذوف هو الفاء لکن زید فیه حرف کالعوض من الفاء (7) وما سوی هذین البابین الذی یجب فی أحدهما الردّ والآخر ممتنع ، سائغ فیه الأمران (8) إن شئت رددت ، وإن شئت لم تردّ (9) نحو : غدیّ وغدویّ ودمیّ ودمویّ ، ویدیّ ویدویّ وحریّ وحرحیّ ، والأخفش یسکّن ما أصله السکون فیقول : غدویّ (10) ومن

ص: 372

1- غیر واضحه فی الأصل.

2- الکتاب ، 3 / 369 والمقتضب ، 3 / 156.

3- المقتضب ، 3 / 156 ، وإیضاح المفصل ، 1 / 599.

4- قال ابن یعیش فی شرح المفصل ، 6 / 4 والمذهب ما قاله سیبویه لأنّ الشین متحرکه والضروره لا توجب أکثر من ردّ الذاهب فلم تحتج إلی تغییر البناء ومثل ذلک لو نسبت إلی شاه بعد التسمیه لقلت : شاهیّ ، لأنّک تحذف تاء التأنیث فبقی الاسم علی حرفین الثانی منهما حرف مدوّلین ، وذلک لا نظیر له فردّوا الساقطه منه وهو الهاء. وانظر شرح الشافیه للرضی ، 2 / 62 وشرح التصریح ، 2 / 335.

5- الکتاب ، 3 / 369 والمقتضب ، 3 / 157 - 158.

6- نسب هذا الرأی إلی الفراء مرویا عن ناس من العرب ، انظر شرح الشافیه ، 2 / 26.

7- قال ابن یعیش فی شرح المفصل ، 6 / 4 إنّ قوما من العرب یردّون المحذوف وإن کان فاء ویؤخرونه إلی موضع اللام ، فکأنه ینقلب ألفا فیصیر عدا وزنا ، فإذا نسبت إلیه قلبت الألف واوا علی القاعده فتقول عدویّ وزنویّ.

8- المفصل ، 210.

9- الکتاب ، 3 / 357 والمقتضب ، 3 / 152.

10- المقتضب ، 3 / 152 وشرح الشافیه ، 2 / 67.

ذلک ابن واسم (1) فینسب إلیهما (2) بالحذف ، وبالردّ فتقول : ابنیّ وبنویّ واسمیّ وسمویّ بتحریک المیم بالفتح (3) وقیاس قول الأخفش إسکانها.

فصل

وإذا نسبت إلی بنت وأخت قلت : بنویّ وأخویّ عند سیبویه (5) لأنّ أصلهما بنوه وأخوه فحذفت الواو منهما ، وعوّض عنها التاء فقیل : بنت وأخت ، وکما ردّت الواو فی التصغیر فقالوا : بنیّه وأخیّه ، فکذلک ردّت الواو فی النسب وحذفت التاء لشبه هذه التاء أعنی تاء بنت وأخت بتاء التأنیث وهم یحذفون تاء التأنیث فی النسب ، ویونس ینسب إلیهما بغیر تغییر فیقول : بنتی وأختی (6).

فصل

وینسب إلی الصدر من الأسماء المرکّبه فتقول فی نحو : معدی کرب وحضرموت وخمسه عشر إذا کان اسما : معدیّ ومعدویّ وخمسیّ وحضریّ (8) وحضّرمیّ (9) لأنّ الاسم الثانی من المرکبین مثل هاء التأنیث فی انضمامه إلی الأول (10).

ص: 373

1- فی الأصل ومن ذلک أخ وأخت وبنت ، والصواب فیما حذفناه وأثبتناه وبه یستقیم الکلام. وانظر شرح الشافیه ، 2 / 65.

2- فی الأصل إلیها.

3- الکتاب ، 3 / 361 والمقتضب ، 2 / 155.

4- المفصل ، 210.

5- الکتاب ، 3 / 359 والمقتضب ، 3 / 154.

6- قال سیبویه : ولیس بقیاس وأضاف ابن یعیش : وکان یلزمه أن یقول فی النسب إلی هنت ومنت : هنتیّ ومنتیّ ولم یقل ذلک أحد الکتاب ، 3 / 361 وشرح المفصل ، 6 / 5.

7- المفصل ، 210.

8- الکتاب ، 3 / 374 والمقتضب ، 3 / 143.

9- بعدها فی الأصل مشطوب علیه «أیضا علی قولهم فی المضاف عبدری».

10- فی المقتضب ، 3 / 143 ، وقد یجوز أن تشتقّ منهما اسما یکون فیه من حروف الاسمین کما فعلت ذلک فی الإضافه ، والوجه ما بدأت به لک - أی حضریّ - وذلک قولک فی النسب إلی حضرموت حضرمیّ کما قلت فی عبد شمس وعبد الدار : عبشمیّ وعبدریّ.

فصل

وإذا نسبت إلی اسم مضاف فالمضاف إلیه إن کان یتناول مسمّی علی حیاله کابن الزّبیر ، فإنما تنسب إلی الاسم دون الأول (2) لأنّ الثانی هو الذی اشتهر به الأول فتقول : زبیریّ ، وکذلک الکنی کأبی بکر وأبی مسلم فتقول : مسلمیّ وبکریّ وإن کان المضاف إلیه لا یتناول مسمّی علی حیاله نحو : امریء القیس فتحذف الثانی ، لأنه زائد علی الأول وتنسب إلی الأول فتقول : امرئیّ ، وقد خرجوا عن هذا القیاس فی عبد مناف ، فقالوا : منافیّ خشیه الإلتباس (3) وقد یلفّق من حروف الاسمین اسم وینسب إلیه کقولهم فی نحو عبد الدار وعبد القیس وعبد شمس : عبدریّ وعبقسیّ وعبشمیّ (4) وهو نادر فی کلامهم لا یقاس علیه.

فصل

وقد جاءت أسماء منسوبه خارجه عن القیاس وذلک نحو : بدویّ نسبه إلی البادیه وکان قیاسه بادیّ ، وکذلک بصریّ بکسر الباء الموحده والقیاس الفتح (6) وکذلک دهریّ بضمّ الدال للذی أتت علیه الدهور (7) للفرق بینه وبین الذی یقول بالدهر ، فإنه دهریّ بفتح الدال ، وکذلک أمویّ بفتح الهمزه وکان القیاس الضمّ ، وکذلک ثقفیّ وقرشیّ وهذلیّ ، والقیاس ثقیفیّ وقریشیّ وهذیلیّ بإثبات الیاء (8) وکذلک جلولیّ فی النسبه إلی جلولاء اسم بقعه (9) والقیاس جلولاویّ ، وکذلک

ص: 374

1- المفصل ، 210 - 211.

2- الکتاب ، 3 / 375 والمقتضب ، 3 / 141.

3- فی الکتاب ، 3 / 376 وسألت الخلیل عن قولهم فی عبد مناف : منافیّ. فقال : أما القیاس فکما ذکرت لک إلا أنهم قالوا : منافیّ مخافه الإلباس.

4- قال السیوطی فی الهمع ، 2 / 193 لأنهم لو قالوا عبدیّ لالتبس بالنسبه إلی عبد القیس ، فإنهم قالوا فی النسبه إلیه : عبدیّ. وانظر الکتاب ، 3 / 376 وشرح المفصل ، 6 / 8.

5- المفصل ، 211 - 212.

6- الکتاب ، 3 / 341 والمقتضب 3 / 146.

7- الکتاب ، 3 / 380.

8- انظر الکتاب ، 3 / 335 والمقتضب ، 3 / 133.

9- فی خراسان ، معجم البلدان ، 2 / 156.

نحو : صنعانیّ فی النسبه إلی صنعاء والقیاس : صنعاویّ ، وکذلک شتویّ فی النسبه إلی الشتاء والقیاس شتائیّ (1) وشذّ فی لغه الأزد سلیقیّ وسلیمیّ ، نسبه إلی سلیقه وسلیمه ، والقیاس : سلقیّ وسلمیّ ، وشذّ فی لغه کلب عمیریّ (2) نسبه إلی عمیره والقیاس : عمریّ ، وشذّ : عبدیّ وجذمی بضمّ الفاء فیهما نسبه إلی عبیده وجذیمه (3) والقیاس : عبدیّ وجذمیّ (4)(5).

فصل

وقد یقوم مقام یاء النسب فی إفاده معنی النسبه صیغتان وهما فعّال وفاعل ، وکثر ذلک فی الحرف : لأنّ فعّالا لما کان بناء للتکثیر جعل لصاحب الحرفه المدیم لها کالخیّاط والنجّار والعطّار ، وأمّا فاعل فإنّه صاحب شیء کدارع ونابل وطاعم وکاس أی ذو درع وذو نبل وذو طعام وذو کسوه ، وکذلک تامر ولابن أی صاحب تمر وصاحب لبن ، فإن کان یدیم بیعهما فهو : تمّار ولبّان (7).

فصل فی المقصور والممدود

فالمقصور فی آخره ألف لیس بعدها همزه نحو : عصا والممدود ما فی آخره همزه قبلها ألف نحو : کساء (9) وکلاهما منه ما طریق معرفته القیاس ومنه ما لا یعرف إلا بالسّماع ، والمراد بالقیاسیّ : ما یعرف بقاعده معلومه من استقراء کلامهم یرجع إلیها فیها ، والسّماعی ما لیس کذلک بل یفتقر کلّ اسم منه إلی سماع قصره أو مدّه.

ص: 375

1- وقیل : إنّ شتاء جمع شتوه کقصعه وقصاع وصحفه وصحاف ، وأنت إذا نسبت إلی جمع رددته إلی واحده فعلی هذا یکون قیاسا. انظر شرح المفصل ، 6 / 12 وشرح الشافیه ، 2 / 82.

2- قال فی الکتاب ، 3 / 339 وفی عمیره کلب عمیری وقال یونس : هذا قلیل خبیث.

3- بنو العبید بطن من بنی عدی بن جناب من قضاعه ، وجذیمه قبیله من عبد القیس ، اللسان ، عبد وجذم.

4- بعدها فی الأصل مشطوب علیه «لعدولهما عن الأصل لانضمامهما وانفتاح الأصل کانا أشذ».

5- الکتاب ، 3 / 336 والمقتضب ، 3 / 134 وشرح المفصل ، 6 / 12.

6- المفصل ، 212.

7- الکتاب ، 3 / 381 - 382 والمقتضب ، 3 / 161.

8- المفصل ، 217.

9- الکتاب ، 3 / 386 - 539 وشرح المفصل ، 6 / 37 وشرح الشافیه ، 2 / 325.

أما المقصور القیاسیّ : فهو کلّ اسم قبل آخر نظیره من الصحیح فتحه ، ولامه یاء أو واو ، ویأتی من أسماء المفاعیل والمصادر ومن الجمع کما سنذکره.

فمن ذلک : (1) کلّ اسم مفعول لامه یاء أو واو وفعله یزید علی ثلاثه أحرف وله نظیر من الصحیح قبل آخره فتحه ، فمتی وقع المعتلّ کذلک تحرّکت فیه الیاء أو الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا ، فیجب أن یکون مقصورا (2) وذلک نحو : مشتری ومعطی ، لأن لام مشتری یاء وفعله اشتری وهو یزید عن ثلاثه ، ونظیره من الصحیح مشترک ، وهو مفتوح ما قبل الآخر وأصل مشتری : مشتریّ مثل مشترک فتحرکت الیاء وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا فمشتری مقصور لحصول الشرائط المذکوره ، وبمثل ذلک بعینه انقلبت یاء معطی ألفا لکون نظیره مخرج.

ومنه : اسم الزمان والمکان والمصدر المیمی (3) إذا کان فیها معتلّ اللّام وهو علی وزن مفعل أو مفعل نحو : مغزی وملهی لأنّ نظیرهما مقتل ومخرج إذ الأصل فیهما مغزی وملهو بالضم فقلبتا ألفا لتحرکّها وانفتاح ما قبلهما.

ومنه : المصدر المعتلّ اللام لفعل یفعل إذا کان اسم الفاعل منه علی أفعل أو فعل أو فعلان نحو : العشا والصّدی والطّوی إذ نظیرها الحول والفرق والعطش ، فعشی یعشی فهو أعشی نظیره حول یحول فهو أحول ، وصدی یصدی فهو صد ، نظیره فرق یفرق فهو فرق ، وطوی یطوی فهو طیّان نظیره عطش یعطش فهو عطشان (4) والغراء بالمد شاذّ ، لأنّه من غری فهو غر ، والأصمعیّ (5) قصره علی القیاس (6).

ص: 376

1- المفصل ، 217.

2- الکتاب ، 3 / 536.

3- الکتاب ، 3 / 536 ، وشرح الشافیه ، 2 / 324.

4- الکتاب ، 3 / 537 - 538 والمقتضب ، 3 / 79 - 80.

5- هو عبد الملک بن قریب الأصمعی صاحب النحو واللغه والغریب والأخبار سمع شعبه بن الحجّاج ومسعر بن کدام وروی عنه أبو عبید والسجستانی له من التصانیف کتاب خلق الإنسان ، وکتاب الأضداد والمقصور والممدود والمذکر والمؤنث توفی سنه 213 ه بالبصره انظر ترجمته فی الفهرست 84 ونزهه الألباء ، 112 وأنباه الرواه ، 2 / 197 ووفیات الأعیان ، 3 / 379.

6- وکان یقول : غری مقصور والفراء یقول : ممدود ، وقیل : إن غراء هو المصدر والغراء هو الاسم ، المخصص 15 / 103 وانظر الکتاب ، 3 / 538 والمنقوص والممدود للفراء 29 والمقصور والممدود للقالی مخطوط ، 10 ، وشرح المفصل ، 6 / 40 وحاشیه الصبان ، 4 / 106.

ومنه : جمع فعله وفعله ، کعری جمع عروه ، وجزی جمع جزیه (1) لأن نظائرهما ظلم جمع ظلمه ، وکسر جمع کسره ، وشذّ من المقصور قری بالقصر جمع قریه ، لأن قریه فعله بفتح الفاء مثل جفنه وجمعها جفان ، فقیاس نظیره من المعتل أن یکون ممدودا لا مقصورا (2).

وأمّا الممدود القیاسی : (3) فهو کلّ اسم معتلّ لامه یاء أو واو ، وقبل آخر نظیره من الصحیح ألف (4) ، ویأتی المعتلّ المذکور علی وجوه :

منها : أن یکون مصدرا لأفعل أو فاعل ویکون فی آخر ذلک المصدر الواو والیاء طرفا بعد ألف زائده ، ویکون قبل آخر نظیره من الصحیح ألف نحو : الإعطاء والرّماء (5) إذ نظیرهما الإکرام والطلاب ، لأنّ أعطیت إعطاء مثل أکرمت إکراما ، ورامیت رماء مثل طالبت طلابا ، والأصل الإعطاو والرمای فوقعت الواو والیاء (6) طرفین بعد ألف فقلبتا همزه ، وکذلک (7) حکم الألفین إذا وقعا طرفین ، فإنّ الثانیه تقلب همزه کما ستعلم ذلک فی الفصل السّادس فی الإبدال من قسم المشترک ، وهکذا الکلام فی جمیع ما یأتی فی هذا الفصل من الممدود القیاسی فاعلم ذلک.

ومنها : أن یکون مصدرا لافتعلت افتعالا (8) نحو : الاشتراء ، لأن اشتریت اشتراء مثل افتتحت افتتاحا ، والأصل الاشترای فوقعت الیاء بعد ألف زائده فی الاشتراء کوقوع الحاء بعد الألف الزائده فی الافتتاح ، فقلبت الیاء همزه فحصلت الهمزه طرفا بعد ألف زائده وهو الممدود.

ص: 377

1- الکتاب ، 3 / 541 والمقتضب ، 3 / 83.

2- المنقوص والممدود للفراء ، 13 ، والمزهر للسیوطی ، 2 / 85.

3- المفصل ، 217.

4- الکتاب ، 3 / 539.

5- الکتاب ، 1 / 540 والمقصور والممدود لابن ولاد ، 132.

6- فی الأصل والیائی.

7- غیر واضحه فی الأصل.

8- الکتاب ، 3 / 539.

ومنها : أن یکون مصدرا لافعنلیت نحو : الاحبنطاء (1) لأنّه من احبنطیت احبنطاء مثل احرنجمت احرنجاما.

ومنها : أن یکون مصدرا مضموم الأول ، ویکون للصوت نحو : العواء والبغاء (2) والرّغاء لأنّ نظیرها من الصحیح الصّراخ والنّباح والصّیاح ، وأما البکاء فیمدّ ویقصر ، فمن مدّ ذهب به مذهب الأصوات ، ومن قصر ذهب به مذهب الحزن (3).

ومنها : أن یکون مصدرا للعلاج فإنه أجری مجری الصوت نحو : النّزاء وهو الوثوب ، لأن نظیره القماص وهو جمز البعیر (4).

ومنها : الواحد الذی یجمع علی أفعله (5) نحو : قباء وکساء لجمعهما علی أقبیه وأکسیه ، لأن أفعله واحدها ، إمّا فعال بفتح الفاء أو فعال بکسرها أو فعال بضمها ، کقذال وأقذله (6) ، وحمار وأحمره ، وغراب وأغربه ، وأمّا مجیء ندی مقصورا فشاذ (7) لأنّه مثل قباء مفردا وجمعا ، لأنّه یجمع علی أندیه ، فکان قیاسه المدّ (8).

ومنها : الجمع الذی واحده علی وزن فعل بضم الفاء وسکون العین مثل عضو وأعضاء لأنه مثل : قفل وأقفال.

ومنها : الجمع الذی واحده علی وزن فعل بکسر الفاء وسکون العین کشلو

ص: 378

1- الکتاب ، 3 / 540.

2- غیر واضحه فی الأصل ، ولعلها «البغاء» ففی المقصور والممدود لابن ولاد 18 «بغاء الخیر ممدود یقال خرج فلان فی بغاء حاجته» وفی اللسان ، بغا ما نصه : جعلوا البغاء علی زنه الأدواء کالعطاس والزکام تشبیها لشغل قلب المطالب بالدواء» ورسمها فی المخطوط لا یحتمل الثّغاء. وهی التی جری ذکرها فی کتب اللغه والنحو ...

3- قال الخلیل الذین قصروه جعلوه کالحزن ، الکتاب ، 3 / 540 وفی الجمهره «بکی» وقال قوم من أهل اللغه بل هما لغتان فصیحتان».

4- الکتاب ، 3 / 54 والمخصص ، 16 / 36 ، واللسان ، نزا وقمص.

5- الکتاب ، 3 / 54 - 541 والمقتضب ، 3 / 85.

6- القذال : جماع مؤخّر الرأس والجمع أقذله وقذل بضمتین المصباح المنیر ، قذل.

7- الکتاب ، 1 / 541 والمقتضب ، 3 / 81 وانظر تفصیل الآراء حوله فی المقصور والممدود لابن ولاد 134

8- المقصور والممدود لابن ولاد 134 والمقرب لابن عصفور ، 2 / 140.

وأشلاء ، لأنه مثل عدل وأعدال (1).

ومنها : الجمع أیضا الذی واحده علی فعل بکسر الفاء وفتح العین کمعی وأمعاء ، لأنه مثل عنب وأعناب.

ومنها : فعلاء بضم الفاء وفتح العین إذا کان مفردا فإنه یکون ممدودا فی الأکثر کنفساء وعشراء.

ومنها : فعلاء بفتح الفاء وسکون العین وفتح اللّام (2) ، إذا کان مؤنّثا ومذکّره أفعل کحمراء أحمر (3).

ومنها : کلّ اسم علی وزن فعّال فی معنی النّسب نحو : غزّاء للکثیر الغزو ، وسقّاء وشّواء وما أشبهها (4).

وأمّا السّماعی : فالمقصور منه نحو : عصا ورحی ، والممدود منه نحو : السّماء والخفاء من خفی علیه الأثر ، والإباء من أبیت الشیء إباء.

فصل فی الوزن

اشاره

وإنّما ذکرناه فی قسم الاسم لأنّا لمّا أردنا أن نذکر فیه أبنیه الأسماء علی نحو ما ذکره فی المفصّل ، لم یکن لنا بدّ من ذکر الأوزان لتوقّف معرفه الأبنیه الأصول والمزید فیها علیها ، والغرض بالوزن بیان کیفیه وزن الأبنیه (6) فی الاصطلاح وأبنیه الاسم الأصول ثلاثیه کرجل ، ورباعیه کجعفر وخماسیه کسفرجل ، وأبنیه الفعل الأصول ثلاثیه کضرب ورباعیه کدحرج ، وقد نقصت الأفعال عن الأسماء بدرجه لثقلها وخفه الأسماء ، ویعبّر عن الحروف الأصول بالفاء والعین واللام ، فیقال نصر علی وزن فعل ، نونه فاء الفعل ، وصاده عین الفعل ، وراؤه لام الفعل ، لمقابلتهم

ص: 379

1- المقتضب ، 3 / 81.

2- المنقوص والممدود للفراء ، 14.

3- المنقوص والممدود ، 15 والمقرب ، 2 / 140.

4- همع الهوامع ، 2 / 174 وشرح الأشمونی ، 4 / 108.

5- الشافیه ، 497 - 498.

6- قال الأزهری فی شرحه ، 2 / 358 وفائده الوزن بیان أحوال أبنیه الکلمه فی ثمانیه أمور : الحرکات والسکنات والأصول والزوائد والتقدیم والتأخیر والحذف وعدم الحذف.

الأصول فی الوزن بهذه الحروف ، ویعبّر عن الحرف الأصلی الزائد علی الثلاثه بلام ثابته فیقال : جعفر فعلل ، وعن الأصلی الزائد علی الأربعه بلام ثالثه (1) فیقال : جحمرش (2) فعلل بثلاث لا مات ، ویعبّر عن الزائد بلفظه کقولک فی ضارب فاعل وفی مضروب مفعول إلا المبدل من تاء الافتعال نحو : ازدجر واضطرب فلا یقال فی زنته افدعل (3) ولا افطعل ، ولکن افتعل تبیینا للأصل ، وکذلک المکرّر سواء کان للإلحاق (4) أو لغیره ، فإنّه لا یوزن بلفظه بل بما یوزن به الحرف الأصلی الذی قبله سواء فصل بین ذلک الأصلی وبین المکرّر الذی بعده حرف زائد کنحریر (5) أو لم یفصل کجلبب ، فالمکرّر فی نحریر الراء الثانیه وقد فصل بینها وبین الرّاء الأصلیّه الیاء ، وفی جلبب الباء الثانیه فیقولون : وزن نحریر فعلیل لا فعلیر ، وجلبب فعلل لا فعلبب ، وأحمرّ افعلّ لا افعلر ، وعلّم فعّل لا فعلل ولا فلعل ، وإنّما عبر (6) عن المکرّر بما عبّر به عن (7) الحرف الأصلی الذی قبله ، لأنّه إن کان للإلحاق فهو جار مجری الأصلی ، وإن کان لغیر الإلحاق فالمقصود بهذه الزیاده هو تکریر ما قبلها الذی هو الأصلی ، فلذلک قوبل بما یقابل به الأصلی الذی قبله ، بخلاف الزیاده التی لیست لقصد التکریر بل قصدوا زیاده حرف واتّفق موافقته لما قبله ، فإنّه إذا کان کذلک لم یعبّر عنه بما یعبّر عما قبله بل یعبّر عنه بلفظه ولا یجعل الحرف لغیر التکریر والإلحاق إلا بدلیل ، علی أنه لم یقصد به التکرار ولا الإلحاق ، لأنّ الظاهر قصد التکرار ومن ثمّ کان حلتیت (8) فعلیلا لا فعلیتا ، لأنّه لم یذکر دلیل علی عدم قصد التکرار فیجب الحمل علی التکرار ،

ص: 380

1- انظر شرح التصریح ، 2 / 358.

2- الجحمرش من النساء ؛ الثقیله السمجه والعجوز الکبیره ، ومن الإبل الکبیره المسنّه ، الصحاح واللسان ، جحمرش.

3- غیر واضحه فی الأصل.

4- الإلحاق زیاده فی الکلمه تبلغ بها زنه الملحق به ، فذوات الثلاثه یبلغ بها الأربعه والخمسه ، وذوات الأربعه یبلغ بها الخمسه ، المنصف ، 1 / 34 - 35.

5- النحریر : الحاذق الماهر العاقل المجرب ، اللسان ، نحر.

6- فی الأصل غیر.

7- زیاده یقتضیها السیاق.

8- هو نبات أو صمغ یخرج فی أصول ورق ذلک النبات اللسان ، حلت.

وسحنون (1) وعثنون (2) فعلول لا فعلون ، لما قیل فی حلتیت ، ولعدم فعلون ، لأنّه إذا تردّد الوزن بین أن یکون علی زنه ما ثبت فی کلامهم ، وبین أن یکون علی خلافه فحمله علی ما ثبت فی کلامهم هو الوجه (3).

ذکر ما جاء فیه دلیل علی أنه لم یقصد به التکرار : بل زید واتّفق موافقه الزائد لما قبله

فمنه : سحنون بالفتح فهو فعلون لعدم فعلول فی کلامهم ، وکثره فعلون کحمدون ، وهو مختصّ بالعلم ، لا یقال : قد جاء فعلول بالفتح لورود صعفوق (5) لأنّا نقول : إنه نادر والنادر کالمعدوم (6) ، وأمّا خرنوب بالفتح ، فضعیف ، والفصیح الضمّ (7).

ومنه : سمنان (8) وهو فعلان لا فعلال ، لکثره فعلان وعدم فعلال من غیر المضاعف کزلزال (9) وأمّا خزعال (10) فنادر ، وبهرام وشهرام عجمیّان.

ومنه : بطنان بالضمّ وهو فعلان لمجیئه فی کلامهم کعثمان وعدم فعلال مع أنه نقیض ظهران وهو فعلان ، إذ بطنان اسم لباطن الریش ، وظهران اسم لظاهره (11).

ص: 381

1- یجوز فی سینه الفتح والضم ، اسم رجل ، انظر شرح الشافیه للرضی ، 1 / 16 - 20 وشرح الشافیه للجار بردی ، 2 / 8.

2- ما نبت علی الذقن وتحته سفلا ، وقیل هو کل ما فضل من اللحیه بعد العارضین من باطنهما انظر الصحاح واللسان ، عثن.

3- شرح الشافیه ، لنقره کار 2 / 8 ومناهج الکافیه ، للأنصاری ، 2 / 8.

4- الشافیه ، 498.

5- الصعفوق : اللئیم من الرجال ، اللسان ، صعفق ، وقیل هو من موالی بنی حنیفه المزهر ، 2 / 57 وانظر شرح الشافیه ، 1 / 20.

6- المقتضب ، 1 / 125 وفی المزهر ، 2 / 58 عدد من أمثله فعلول بفتح الفاء.

7- الخرنوب والخرّوب بالتشدید : نبت معروف ، والفصحاء یضمونه ویشددونه مع حذف النون والعامه تفتحه. اللسان ، صعفق وخرب.

8- موضع فی البادیه ، قیل هو فی دیار تمیم قرب الیمامه معجم البلدان ، 3 / 251.

9- شرح الشافیه ، للرضی 1 / 15 - 16.

10- یقال : خزعل الماشی : إذا نفض رجله ، وناقه بها خزعال أی ظلع ، اللسان ، خزعل.

11- قال الرضی فی شرحه علی الشافیه ، 1 / 17 والظاهر أنّ المصنّف بنی علی أن بطنانا وظهرانا مفردان فحمل بطنانا فی کونه فعلان علی ظهران الذی هو فعلان بیقین ، ولو جعلهما جمعین لم یحتج إلی ما ذکر ؛ لأنّ فعلالا لیس من أبنیه الجموع ، والحق أنهما جمعا بطن وظهر کما ذکر أهل اللغه. وانظر شرح الشافیه ، للجار بردی 1 / 20 ومناهج الکافیه ، للأنصاری 2 / 9.

وأمّا قرطاس بضم القاف فضعیف والفصیح قرطاس بالکسر (1).

ذکر کیفیه وزن الکلمه المقلوبه

وهو یتوقّف علی معرفه الأصلی والزائد ، فالأصلیّ ما ثبت فی تصاریف الکلمه لفظا أو تقدیرا کفاء ضربت وعینه ، لثبوتهما فی ضرب یضرب فهو ضارب ومضروب ، والزائد بخلافه کمیم مضروب وواوه إذا عرفت ذلک فنقول : إنّه متی وقع فی الموزون قلب وهو جعل أحد الأصول موضع الآخر ، قلبت الزنه کما قلب الموزون ، إذ فائده الزنه التنبیه علی الفاء والعین واللام ، فتقول فی قسیّ : فلیع ، لأنّ الأصل قوس ، قافه فاء ، وواوه عین وسینه لام ، فوقعت العین التی هی واو قوس فی قسیّ (3) موضع اللام فاجتمع فی الآخر واوان مع ضمّتین (4) فقلبتا یاءین وأدغمت إحداهما فی الأخری ، وکسرت السین ثم القاف للتبعیّه وکما وقعت الواو فی قسیّ موضع اللّام ، وقعت لام قوس وهی السین موضع العین فصار وزن قسیّ فلیع (5).

ذکر ما یتعرّف به القلب

وذلک أشیاء أحدها : (7) / أنّه یتعرّف بأصل المقلوب نحو : ناء فإنّه مقلوب من نأی ینأی ، وهو من النّأی الذی هو الأصل ، ونأی ؛ نونه فاء وهمزته عین ویاؤه لام ، فجعلت العین التی هی الهمزه لاما ، والّلام التی هی الیاء عینا ، بقی نیأ فقلبت

ص: 382

1- قوله وأما قرطاس ... إلخ هو فی الأصل قبل «مع أنه نقیض ظهران» ولا یستقیم بذلک الکلام. والقرطاس بالکسر وبالضم وبالفتح ، الصحیفه الثابته التی یکتب فیها. اللسان ، قرطس.

2- الشافیه ، 498.

3- أصله قووس قدمت اللام إلی موضع العین فصار قسوو علی وزن فلوع ، فقلب الواوان إلی یاءین فصار قسیّ علی وزن فلیع.

4- فی الأصل ضمتان.

5- الکتاب ، 4 / 380 والمقتضب ، 1 / 29 وشرح الشافیه ، 1 / 21 وشرح الشافیه لنقره کار ، 2 / 10.

6- الشافیه ، 498.

7- فی الأصل أحدهما.

الیاء ألفا لتحرکها وانفتاح ما قبلها بقی ناء وزنه فلع (1).

وثانیها : بثبوت الحروف التی من الأصل فی أمثله اشتقاقه أی برجوع تلک الکلم المشتقّه إلی أصل واحد ، کرجوع الجاه والوجیه والتوّجیه والتوجّه إلی الوجه ، فهو أصل لهذه الکلم المشتقّه منه ، فواو الوجه فاء والجیم عین والهاء لام ، فوقعت الجیم التی هی عین موضع الفاء فی جاه ، ووقعت فیه الواو التی هی فاء موضع العین فصار جوه ، تحرکت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا فصار جاه علی وزن عفل (2).

وکذلک الحادی والواحد والتوحید والتوحّد راجع إلی أصل واحد ، وهو الوحده ، الواو فاء والحاء عین والدّال لام ، فجعل فی الحادی العین وهی الحاء موضع الفاء ، واللام ، وهی الدال موضع العین ، والفاء وهی الواو موضع اللام ، صارت الکلمه بألف فاعل حادو ، ولیس لهم اسم متمکّن آخره واو قبلها ضمّه فقلبت یاء ، وأبدل من الضمه کسره ، فصار حادی علی وزن عالف (3).

وثالثها : بصحه حرف العلّه مع تحرکّه ، وانفتاح ما قبله نحو : أیس (4) فإنه لو لم یکن مقلوبا من یئس لوجب أن یقال فیه : آس لتحرّک عین الکلمه وانفتاح ما قبلها ، فلمّا لم تنقلب علم أنه قد جعلت فیه الفاء عینا وبالعکس ، فوزن أیس عفل ، لا یقال :

قد صحّت الواو فی عور مع تحرکها وانفتاح ما قبلها ومع ذلک لیس بمقلوب ، لأنّا نقول : ما قبل الواو فی عور ساکن حکما لأنّه بمعنی أعور فالعین ساکنه ، وحرکتها عارضه للابتداء ، وأمّا ما قبل الیاء فی أیس فإنه متحرّک لفظا وحکما (5).

ورابعها : بقلّه استعماله مع آخر کثیر (6) الاستعمال وهما من أصل واحد لکن اختلف ترتیبهما نحو : آرام وأرآم جمعی رئم وهو الظبیّ الأبیض (7) وأرام أکثر استعمالا فهو أصل فآرام مقلوب منه لقلّه استعماله وکره استعمال أرآم ، وأرآم أفعال ،

ص: 383

1- ضبطها الناسخ بتسکین اللام.

2- ضبطها الناسخ بتسکین الفاء ، وانظر الدرر الکامنه ، للرومی 1 / 22.

3- شرح الشافیه ، لنقره کار 2 / 10 ومناهج الکافیه ، للأنصاری 2 / 10.

4- غیر واضحه فی الأصل.

5- شرح الشافیه ، 1 / 23 وشرح الشافیه ، للجار بردی 1 / 23.

6- غیر واضحه فی الأصل.

7- لسان العرب ، رأم.

راؤه فاء وهمزته عین ومیمه لام ، فقلب بأن جعلت فاؤه عینا وعینه فاء لأرآم أعنی بأن جعلت فاء أرآم وهی الراء عینا ، وجعلت عین أرآم وهی الهمزه الثانیه فاء فانقلبت ألفا فصار آرام أعفال.

وخامسها : بأنه إذا لم یجعل مقلوبا أدّی إلی منع الصّرف بغیر علّه کأشیاء فإنّها غیر منصرفه بالاتفاق ، والمختار أنّها لفعاء مقلوبه من شیئاء : (1) فمنع صرفها لألف التأنیث قال فی الصّحاح عن شیئاء إنه جمع علی غیر واحده کما أن الشّعراء جمع علی غیر واحده ، لأنّ فاعل لا یجمع علی فعلاء انتهی کلام صاحب الصّحاح (2) وشیئاء فعلاء ، الشین فاء والیاء عین والهمزه الأولی لام ، فجعلت اللام وهی الهمزه الأولی فاء ، والفاء وهی الشین عینا ، والعین وهی الیاء لاما ، فصار أشیاء علی وزن لفعاء وقال الکسائی أشیاء أفعال جمع شیء لأنّ فعلا معتلّ العین یجمع علی أفعال ، کقیل وأقیال وهو مردود لاستلزامه منع الصّرف بغیر علّه (3) ، وأمّا القلب فکثیر فی کلامهم فوجب المصیر إلیه ، وقال الفرّاء : أصل أشیاء أشیئاء علی وزن أفعلاء ، جمع لشیّء علی وزن فیعل ، ورأی أنّ شیئا أصله شیّء ثم خفّف کما خفّف میت من میّت وجمع بحسب الأصل علی أشیئاء ، کما جمع بیّن علی أبیناء ثم حذفت الهمزه التی بین الیاء والألف وهی لام الکلمه تخفیفا کراهه لهمزتین بینهما ألف فصار وزنه عنده أفعاء ، وهو مردود بأنه لم یسمع شیّء فلو کان هو الأصل لکان شائعا کمیّت ، وبأنه حذف لام الفعل علی غیر قیاس ، لأنّ الهمزتین إذا توسّطهما الألف لا تحذف إحداهما ولا هما (4).

ذکر کیفیّه وزن الکلمه المحذوفه

اعلم أنّ الحذف کالقلب أی إن کان حذف فی الموزون حذفت الزنه مثله (6) ،

ص: 384

1- انظر خلافهم حول میزان أشیاء فی الکتاب ، 4 / 380 والمقتضب ، 1 / 30 - 31 والمنصف ، 2 / 94 وشرح الشافیه ، 1 / 29 - 32.

2- قائله هو الخلیل کما فی الصحاح ، شیأ.

3- قال الرضی فی شرح الشافیه ، 1 / 30 : وما ذهب إلیه بعید لأن منع الصرف بلا سبب غیر موجود ، والحمل علی التوهم - ما وجد محمل صحیح - بعید من الحکمه».

4- وثمه أسباب أخری تضعف رأیه انظرها فی المنصف ، 2 / 94 وشرح الشافیه ، للرضی 1 / 30.

5- الشافیه ، 498.

6- الدرر الکامنه ، 1 / 22.

فتقول فی وزن قاض : فاع ، لأنّ لامه التی هی الیاء حذفت للتنوین ، وفی یمق (1) یعل ، لأنّ أصله یومق علی وزن یفعل فحذفت فاء الفعل وهی واو یومق لوقوعها بین یاء وکسره ، لأنها بعد یاء المضارعه فصار وزن یمق یعل ، بحذف الفاء لکن إن قصد فی المقلوب والمحذوف تبیین القلب والحذف فیهما جاز أن تأتی بالزنه حینئذ علی الأصل کما تقول أشیاء علی مذهب سیبویه وزنها فی الأصل فعلاء ، وقاض وزنه فی الأصل فاعل.

فصل فی الأبنیه

اشاره

والکلام فی هذا الفصل علی تقسیم الأبنیه ، وعلی أبنیه الاسم الأصول المجرّده عن الزیاده ، وأما أبنیه المزید فیه فتأتی فی فصل بعد هذا الفصل.

ذکر تقسیم الأبنیه الأصول

وهی تنقسم إلی صحیح ومعتلّ ومضاعف ومهموز.

أمّا الصحیح : (3) فهو ما سلمت أصوله من حروف العلّه والهمزه والتضعیف (4) وإنما خصّص الأصول بالسلامه لجواز وقوع ذلک فی غیر الأصول کحرف العلّه فی یضرب وضارب.

وأمّا المعتلّ : فهو ما کان أحد أصوله حرف عله وهو الواو والألف والیاء وذلک الأصل إمّا فاء کوعد ویسر أو عین کقال وباع أو لام کغزا ورمی ، وسمّی معتلّ الفاء فی اصطلاح المتقدّمین مثالا لمماثلته الصحیح فی صحّته وعدم إعلاله (5) ومعتلّ العین أجوف لکون حرف العلّه فی وسطه ، وهو کالجوف ویقال له أیضا : ذو الثلاثه لکونه مع ضمیر الفاعل المتحرّک علی ثلاثه أحرف فی المتکلّم والمخاطب المذکّر والمؤنّث نحو : قلت وبعت بضم التاء وفتحها وکسرها ، ویسمّی معتلّ اللام منقوصا لنقصان

ص: 385

1- ومق یمق من باب فعل یفعل : التودد. اللسان ، ومق.

2- الشافیه ، 498 - 499.

3- صدره ابن جماعه بالقول : ونقل عن الجمهور. حاشیته علی شرح الجار بردی ، 1 / 28.

4- بعدها فی الأصل مشطوب علیه «حذرا من خروجه عن الصحه بانقلابها حرف عله کسال وتظنیت».

5- بعدها فی الأصل مشطوب علیه «حذرا من خروجه عن الصحه بانقلابها حرف عله کسال وتظنیت».

الحرکه منه حال الرفع نحو : یغزو ویرمی أو لنقصان الّلام منه فی الاسم نحو : قاض وفی الفعل فی الجزم نحو : لم یغز (1) ، ویقال له أیضا ذو الأربعه لأنه مع ضمیر المتکلمّ والمخاطب المذکّر والمؤنّث علی أربعه أحرف کقولک : غزوت وشریت بضم التاء وفتحها وکسرها ویسمی معتلّ الفاء والعین معا نحو : یوم ، ومعتلّ العین والّلام معا نحو : طوی لفیفا مقرونا ، لالتفاف حرفی العلّه واقترانهما ، ویسمّی معتلّ الفاء والّلام نحو : ولی ، لفیفا مفروقا لافتراق حرفی العلّه بغیرهما.

وأمّا المضاعف : فالثلاثی ما کان عینه ولامه من جنس واحد نحو : مدّ وشدّ ، والرباعی ما کان أوله وثالثه من جنس واحد ، وثانیه ورابعه من جنس واحد نحو : صلصل.

وأمّا المهموز : فهو ما کان أحد أصوله همزه فإن کانت فاء سمّی البناء قطعا ، ومهموز الفاء نحو : أکل ، وإن کانت عینا فیقال له : نبر ومهموز العین نحو : سأل ، وإن کانت لاما فیقال له : همز ، ومهموز اللام کقرأ ، فلا یقاس وعدت علی رمیت فی التسمیه بذی الأربعه ، ولا مهموز العین علی مهموز الّلام فی التسمیه بالهمز ، ولا مهموز الّلام علی مهموز العین فی التسمیه بالنبر ، لأنّ الصحیح أن لا قیاس فی اللغه.

ذکر أبنیه الاسم الثلاثی المجرّد

وأبنیته أکثر من أبنیه الرباعی والخماسی وهی عشره ، والقسمه تقتضی اثنی عشر ، من ضرب ثلاث حرکات ، الأول فی أربع حالات الثانی ، وسقط فعل بضمّ الفاء وکسر العین ، وفعل بکسر الفاء وضمّ العین استثقالا للخروج من الضمّه إلی الکسره وبالعکس (3) وأمّا الدّئل بضمّ أوله وکسر ثانیه ، فعلم منقول من فعل ما لم یسمّ فاعله (4) ، وأمّا الحبک (5) بکسر أوله وضمّ ثانیه إن ثبت فعلی تداخل اللّغتین

ص: 386

1- شرح الجار بردی ومعه حاشیه ابن جماعه ، 1 / 28.

2- الشافیه ، 499.

3- المنصف ، 1 / 20 وشرح المفصل ، 6 / 113.

4- الدّئل : علم لقبیله ینسب إلیها أبو الأسود الدؤلی ، نقل من الفعل دئل ، إذا تحرک فیکون مثل ضرب إذا سمی به. وللتوسع فی ذلک انظر شرح المفصل ، 6 / 113 وشرح الشافیه ، 1 / 36 وشرح الشافیه ، لنقره کار 2 / 15 والمزهر ، 2 / 49 - 50.

5- حبک السماء : طرائقها ، والحبک بضمتین تکسّر کل شیء کالرمله إذا مرت علیها الریح الساکنه ، وواحد - - الحبک حباک وحبیکه. اللسان ، حبک.

لأنّه ورد حبک بکسرهما ، وحبک بضمهما ، فرکّب الحبک من کسره فاء أحدهما وضمّه عین الآخر ، وأمّا العشره الباقیه (1) فأربعه بفتح الفاء مع سکون العین وفتحها وکسرها وضمّها ، کفلس وفرس وکتف وعضد ، وثلاثه بکسر الفاء مع سکون العین وفتحها وکسرها ، کحبر وعنب وإبل ، وثلاثه بضمّ الفاء مع سکون العین وفتحها وضمّها ، کقفل وصرد وعنق (2) ، وبعض هذه الأمثله قد یردّ إلی بعض فیکون الوزن الثانی فرعا من الأول فلفعل بفتح الفاء وکسر العین ممّا ثانیه حرف حلق مثل فخذ ، له فروع ثلاثه : فعل کفخذ ، وفعل کفخذ ، وفعل کفخذ (3) وکذلک القول فیما أشبهه (4) ، والفعل فی ذلک کالاسم أعنی أنّ الفعل إذا کان أوله مفتوحا وثانیه حرف حلق مکسور کشهد فله ثلاثه فروع فعل کشهد ، وفعل کشهد بفتح الشین وکسرها مع سکون الهاء ، وفعل کشهد بکسرهما ، فإن لم یکن ثانی فعل حرف حلق نحو : کتف فله فرعان فقط ، کتف وکتف علی فعل وفعل بفتح الفاء وکسرها مع سکون العین ، ولم یجز فیه کتف بکسرهما ، لأنّ کسره التاء لیست بقویه مثل قوّه کسره حرف الحلق التی ناسبت لقوّتها أن تتبع بکسره أخری ، ولفعل بفتح الفاء وضمّ العین مثل : عضد فرع واحد وهو عضد ، بفتح فاء الفعل وسکون العین ، ولفعل بضمّ الفاء والعین مثل : عنق فرع واحد أیضا وهو عنق بضمّ الفاء وسکون العین ، ولفعل بکسر الفاء والعین مثل : إبل فرع واحد أیضا وهو : إبل بکسر الفاء وسکون العین ، إلّا أنّ إسکان عین الفعل فی عنق أفصح من إسکانها فی إبل وفی فعل بضم الفاء وسکون العین کقفل : خلاف ، فبعضهم یجوّز فیه فعل بضمهما (5) لمجیء عسر ویسر فی عسر ویسر ، والأکثر یمنعون منه ، ویمنعون من أن یکون عسر فرعا لعسر بل هما أصلان ، وهو الأجدر لئلا یلزم الانتقال من الخفّه إلی الثقل.

ص: 387

1- الشافیه ، 499.

2- انظر هذه الأوزان فی الکتاب ، 4 / 242 - 244 والمقتضب ، 1 / 53 والممتع ، 1 / 60 - 65.

3- بعدها فی الأصل مشطوب علیه «فترد الثلاثه إلی فعل کفخذ».

4- قال الرضی فی شرح الشافیه ، 1 / 40 وجمیع هذه التفریعات فی کلام بنی تمیم ، وأما أهل الحجاز فلا یغیرون البناء ولا یفرعون».

5- أجاز ذلک الأخفش وعیسی بن عمر ، انظر شرح الشافیه ، 1 / 46.

ذکر أبنیه الاسم الرباعی المجرّد

وهی خمسه بالاستقراء :

أحدها : فعلل بفتح الفاء والّلام وسکون العین (2) نحو : جعفر.

ثانیها : فعلل بکسر الفاء والّلام وسکون العین (3) نحو : زبرج وهو من أسماء الذهب.

ثالثها : فعلل بضمّ الفاء والّلام وسکون العین (4) نحو : برثن (5).

رابعها : فعلل بکسر الفاء وسکون العین وفتح الّلام (6) نحو : درهم.

خامسها : فعلل بکسر الفاء وفتح العین وسکون الّلام الأولی (7). نحو : قمطر (8) وزاد الأخفش (9) بناء سادسا وهو : فعلل بضمّ الفاء وسکون العین وفتح الّلام نحو : جخدب (10) وسیبویه یرویه بضمّ الدّال (11) وأمّا ما ورد من الرباعی علی خلاف ذلک وهو نحو : جندل (12) بفتح الفاء والعین وکسر اللام ، وعلبط (13) بضمّ الفاء وفتح العین وکسر الّلام ، فلا یعتدّ به لندوره ، لأنّ کلامهم لا یجتمع فیه أربع

ص: 388

1- الشافیه ، 499.

2- الکتاب ، 4 / 288 والمقتضب ، 1 / 66 والممتع ، 1 / 66.

3- الکتاب ، 4 / 789 والمقتضب ، 1 / 66 والممتع ، 1 / 66.

4- الکتاب ، 4 / 288 والمقتضب ، 1 / 66 والممتع ، 1 / 66.

5- البرثن کقنفذ : الکفّ مع الأصابع ومخلب الأسد. القاموس المحیط ، برثن.

6- الکتاب ، 4 / 289 والمقتضب ، 1 / 66 والممتع ، 1 / 66.

7- الکتاب ، 4 / 289 والمقتضب ، 1 / 67 والممتع ، 1 / 67.

8- القمطر : الجمل القویّ الضخم وما یصان فیه الکتب أیضا القاموس المحیط ، قمطر.

9- والکوفیون أیضا ، والمختار عند جمهور البصریین أنه فرع من مضمومها ، قال الرضی : وهو تکلف فما یصنع بما حکی الفراء من طحلب وبرقع ... فالأولی القول بثبوت هذا الوزن مع قلته. انظر شرح المفصل ، 6 / 136 ، وشرح الشافیه ، للرضی 1 / 49 وشرح التصریح ، 2 / 356.

10- فی لسان العرب ، جخدب «الجخدب والجخدب ، والجخادب والجخادبی کله الضخم الغلیظ من الرجال والجمال».

11- لم أعثر علی جخدب فی کتاب سیبویه بضم الدال.

12- الجندل : الأرض فیها حجاره. دیوان الأدب ، للفارابی ، ماده فعلل.

13- العلبط والعلابط : بضمّ عینهما وفتح لامهما الضّخم. القاموس المحیط ، علبط.

حرکات متوالیه فی کلمه واحده ، فحملا علی أنّ الأصل جنادل وعلابط (1).

ذکر أبنیه الاسم الخماسی المجرّد

وهی أربعه :

أحدها : فعلّل بفتح الفاء والعین وسکون الّلام الأولی وفتح الثانیه نحو سفرجل (3).

ثانیها : فعللّ بکسر الفاء وسکون العین وفتح الّلام الأولی وسکون الّلام الثانیه نحو قرطعب (4) وهی الخرقه.

ثالثها : فعللل بفتح الفاء وسکون العین وفتح الّلام الأولی وکسر الّلام الثانیه (5) نحو : قهبلس وهو الذکر.

رابعها : فعللل بضمّ الفاء وفتح العین وسکون الّلام الأولی وکسر الّلام الثانیه (6) نحو : قذعمل وهو الشیء القلیل انتهی الکلام علی الأبنیه الأصول.

فصل فی أبنیه المزید فیه

اشاره

والمراد بالمزید فیه ما زید علی أصوله بعض حروف الزیاده التی یجمعها الیوم تنساه حسبما نذکر هذه الحروف مفصله فی فصل الزیاده من المشترک إن شاء الله ، والمذکور هنا إنما هو أبنیه الاسم المزید فیه الثلاثی ثم الرباعی ثم الخماسی ، وقبل ذکر الثلاثی المزید فیه لا بدّ من تقدیم کلام علی الزیاده.

فنقول : الزیاده (8) تنقسم إلی زیاده من جنس حروف الکلمه ویقال لها الزیاده

ص: 389

1- الکتاب ، 4 / 289 والمقتضب ، 1 / 67.

2- الشافیه ، 499.

3- الکتاب ، 4 / 301 والمقتضب ، 1 / 68 والممتع ، 1 / 70.

4- الکتاب ، 4 / 302 والمقتضب ، 1 / 68.

5- الکتاب ، 4 / 302 والمقتضب ، 1 / 68 والممتع ، 1 / 70.

6- الکتاب ، 4 / 302 والمقتضب ، 1 / 68 والمنصف ، 1 / 31.

7- المفصل ، 240.

8- انظر الزیاده وأنواعها فی المنصف ، 1 / 11 - 17 وشرح المفصل ، 1 / 113 والممتع ، 1 / 56.

من موضعها کدال مهدد (1) وإلی زیاده من غیر جنس حروف الکلمه کهمزه أحمر ، وتکون الزیاده للإلحاق ولغیر الإلحاق ؛ والزیاده التی من جنس حروف الکلمه ، إنّما تکون بتکریر حرف أصلی من العین أو الّلام ؛ بأن یزاد علی العین مثلها أو علی الّلام مثلها فیحصل العین أو الّلام مضاعفه ؛ إمّا بإدغام أو بغیر إدغام ، فمثال مضاعفه العین بغیر إدغام ، خفیفد وهو الظّلیم (2) وبإدغام تبّع (3) ومثال مضاعفه اللام بغیر إدغام خفیدد ، وهو الظلیم أیضا وأصلهما من الخفد وهو الإسراع ، وبإدغام خدبّ وهو الضخم (4) وأما الفاء فلا تضاعف وحدها فإنّه لم یأت ففعل ، وإنما تضاعف مع العین نحو : مرمریس وهو من أسماء الدّاهیه ووزنه : فعفعیل ، ولم تضاعف الفاء مع الّلام فلم یأت ففعلل ، وجاءت العین مضاعفه من الّلام نحو : صمحح وهو الشدید ووزنه فعلعل (5).

ذکر أبنیه الاسم الثلاثی المزید فیه

والزیاده کثرت فی الثلاثی لسهولته وکثره استعماله ، وتقع الزیاده الواحده فیه فی أربعه مواضع ؛ ما قبل الفاء ، وما بین الفاء وبین العین ، وما بین العین وبین الّلام ، وما بعد الّلام ، وتقع فی هذه المواضع زیاده واحده واثنتان وثلاث وأربع وهی غایه الزیاده کما سنذکر.

ص: 390

1- اسم امرأه. اللسان ، مهد.

2- الخفیدد والخفیفد : الظّلیم السریع. اللسان ، خفد.

3- التبّع والتّبّع الظلّ لأنه یتبع الشمس وتبّع مفرد تبابعه وهم ملوک الیمن سمّوا بذلک لأنه یتبع بعضهم بعضا ، اللسان ، تبع.

4- الخدبّ : الضخم من النعام ، وقیل : من کلّ شیء یقال : بعیر خدبّ أی شدید صلب ضخم قویّ ، اللسان ، خدب.

5- وقال الفراء فی مرمریس وصمحمح : إنه فعللیل وفعلّل قال : لو کان فعفعیلا وفعلعلا لکان صرصر وزلزل فعفع ، ولیس ما قال بشیء ، لأنّا لا نحکم بزیاده التضعیف إلّا بعد کمال ثلاثه أصول. شرح الشافیه ، 1 / 63 والمزهر ، 2 / 15.

6- المفصل ، 240.

ذکر الزیاده الواحده بحسب المواضع الأربعه المذکوره

أمّا قبل الفاء ، فتقع فیه أحد أحرف أربعه ، وهی : الهمزه ، والمیم ، والتاء ، والیاء (2) نحو : أجدل (3) ومقتل ، وتتفل (4) ویرمع (5) ، وزاد الأخفش الهاء أیضا (6) نحو : هبلع (7).

وأمّا ما بین الفاء والعین (8) ، فأحد حروف خمسه ، وهی : الألف والهمزه والیاء والنون والواو (9) ، نحو : خاتم وشأمل (10) وضیغم (11) وقنبر وعوسج (12).

وأمّا ما بین العین والّلام (13) ، فزیادته إمّا أحد الحروف الخمسه المزیده بین الفاء والعین نحو : شمأل وغزال وحمیر وترنج (14) وقعود ، وإمّا من موضعها نحو : قنّب وسلّم.

وأمّا ما بعد الّلام (15) ، فهی إمّا حرف من حروف الزیاده نحو ألف الإلحاق فی

ص: 391

1- المفصل ، 240.

2- انظر مواضع هذه الزیادات فی الکتاب ، 4 / 236 - 272 والمقتضب ، 1 / 57 - 60 وإیضاح المفصل ، 1 / 670 - 720 والممتع ، 1 / 76 - 80.

3- الأجدل : الصّقر. القاموس المحیط ، جدل.

4- التتفل : الثعلب أو جروه القاموس المحیط ، تفل.

5- الیرمع : الحجاره الرخوه. القاموس المحیط ، یرمع.

6- إیضاح المفصل ، 1 / 672 وشرح المفصل ، 6 / 118.

7- الهبلع : الأکول واللئیم. اللسان ، هبلع.

8- المفصل ، 241.

9- انظر مواضع زیاده هذه الحروف فی الکتاب ، 4 / 235 - 266 والمقتضب ، 1 / 56 والممتع ، 1 / 80 - 82 والمزهر ، 2 / 12.

10- الشأمل : الریح التی تهبّ من ناحیه القطب وهی لغه فی الشّمال. اللسان ، شمل.

11- الضیغم : الأسد القاموس المحیط ، ضغم.

12- العوسج : شوک. القاموس المحیط ، عسج.

13- المفصل ، 241.

14- الترنج : والترنجه والأترجه والأترج معرب حامضه یجلو اللون والکلف ویستعمل قشره فی الثیاب لمنع السوس. القاموس المحیط ، ترج.

15- المفصل ، 241.

نحو : معزی ، أو ألف التأنیث فی نحو : حبلی أو النون (1). فی نحو : رعشن (2) ، أو من موضعها بغیر إدغام نحو : قردد ، وهو الغلیظ ، أو بإدغام نحو : معدّ (3) وأما الزیادتان ، فعلی قسمین : مفترقتین ومجتمعتین.

ذکر الزیادتین المفترقتین

وهو أن یقع فی الاسم الثلاثی زیادتان یفصل بینهما إمّا أحد الأصول أعنی الفاء والعین واللّام ، أو اثنان منها أو جمیعها ، وتقع الزیادتان بحسب ذلک علی سته أوجه : أحدها : أن تقعا قبل الفاء وبعدها بحیث تصیر الفاء فاصله بینهما فمن ذلک أن تکون الأولی التی قبل الفاء همزه وتکون الثانیه إمّا نونا نحو : ألنجج (5) أو ألفا نحو : أجادل ، ومنه : أن تکون الأولی میما والثانیه ألفا نحو : مساجد ، ومنه : أن تکون الأولی تاء والثانیه ألفا نحو : تناضب وهو شجر (6) ومنه أن تکون الأولی یاء والثانیه ألفا أیضا نحو : یرامع ، والفاء الفاصله بین الزیادتین المذکورتین فی ذلک کلّه هی لام ألنجج ، وجیم أجادل وسین مساجد ، ونون : تناضب وراء یرامع ، فوزن ألنجج أفنعل ، وأجادل أفاعل ، ومساجد مفاعل وتناضب تفاعل ، ویرامع یفاعل ، وعلی نحو ذلک تأتی باقی أقسام هاتین الزیادتین المفترقتین (7).

ثانیها : (8) أن تقع الأولی بین الفاء والعین والثانیه بین العین واللّام (9) فتصیر العین فاصله بینهما ؛ فمنه : أن تکون الأولی ألفا والثانیه واوا نحو : عاقول وهو

ص: 392

1- الکتاب ، 4 / 270 ، والمنصف ، 1 / 166 - 167.

2- الرعشن : الرّعده القاموس المحیط ، رعش.

3- فی إیضاح المفصل ، 1 / 676 ، الدال الثانیه زائده سواء جعلته اسما للقبیله ، أو اسما لموضع رجل الفارس من الدابه إذا رکب.

4- المفصل ، 241.

5- الألنجج والیلنجج : عود الطّیب وقیل : هو شجر غیره یتبخّر به لسان العرب ، لجج ..

6- تناضب جمع تنضب وهو شجر حجازی شوکه کشوک العوسج القاموس المیحط ، نضب.

7- شرح المفصل ، 6 / 120 والممتع ، 1 / 94.

8- المفصل ، 241.

9- شرح المفصل ، 6 / 121.

ما یستدیر فی البحر (1) ومنه : عکس ذلک نحو : طومار وهو السجلّ (2) ومنه : أن تکون الأولی یاء والثانیه إمّا ألفا نحو : دیماس (3) أو واوا نحو : قیصوم (4) ومنه : أن تکون الأولی واوا والثانیه ألفا نحو : توراب وهو التراب.

ثالثها : (5) أن تقع الأولی بین العین واللّام ، والثانیه بعد اللّام فتصیر اللّام فاصله بینهما (6) فمنه : أن تکون الأولی یاء والثانیه ألفا نحو : قصیری وهی الضلع السّفلی ، ومنه : أن تکون الأولی نونا والثانیه ألفا نحو : قرنبی ، وقرنبی مقصور بفتح القاف والراء ، دویبه مثل الخنفساء وأعظم ، ومنه : أن تکون الأولی ألفا والثانیه ألفا نحو : حباری (7) ومنه : أن تکون الأولی یاء والثانیه من موضعها نحو : خفیدد ، ومنه : أن تکون الأولی نونا والثانیه هاء التأنیث نحو : جرنبه اسم مکان (8).

رابعها : (9) أن تقع الأولی قبل الفاء والعین ، والثانیه بین العین واللّام فتصیر الفاء والعین معا فاصلتین بینهما ، فمنه : أن تکون الأولی همزه والثانیه ألفا وذلک فی ما هو علی وزن إفعال نحو : إعصار ، ومنه : أن تکون الأولی همزه والثانیه یاء نحو : إخریط وهو نبت ، ومنه : أن تکون الأولی تاء والثانیه إمّا یاء نحو : تنبیت (10) علی تفعیل أو واوا نحو : تذنوب. علی تفعول وهو البسر الذی بدأ فیه الإرطاب (11)

ص: 393

1- عاقول البحر معظمه وقیل : موجه وعاقول النّهر والوادی والرمل ما اعوجّ منه وکلّ منعطف وادی عاقول لسان العرب ، عقل.

2- الطّامور والطّومار الصحیفه لسان العرب ، طمر.

3- سجن للحجاج بواسط وموضع فی وسط عسقلان ، معجم البلدان ، 2 / 544 ، وهی فی الکتاب 4 / 260 بفتح الفاء وفی اللسان ، دمس إن فتحت الدال جمع علی دیامیس وإن کسرتها جمع علی دمامیس والدّیماس والدّیماس الحمام.

4- نبات معروف انظر اللسان ، قصم.

5- المفصل ، 241.

6- شرح المفصل ، 6 / 122 والممتع ، 1 / 101.

7- طائر ؛ اللسان ، حبر.

8- معجم البلدان ، 2 / 129.

9- المفصل ، 241.

10- أول خروج النبات. اللسان ، نبت.

11- بعدها فی اللسان ذنب «من قبل ذنبه ، وذنب البسره وغیرها من التمر : مؤخرها.

أو واوا من موضعها نحو : تنوّط علی تفعّل بضمّ العین جمع تنوّطه وهو طائر (1) مثل التکسّر والتقطّع فی المصادر ، ومنه : أن تکون الأولی تاء أیضا والثانیه من موضعها ، إمّا شین نحو : تبشّر علی تفعّل بضمّ التاء وکسر العین ، وهو اسم طائر یسمّی الصّفرایه (2) وإمّا باء نحو : تهبّط بکسر التاء والهاء وتشدید العین المکسوره وهو طائر أیضا (3) ومنه : أن تکون الأولی همزه والثانیه واوا نحو : أسلوب ومنه : أن تکون الأولی میما ، والثانیه إمّا ألفا نحو : مفتاح أو واوا نحو : مضروب ، أو یاء نحو مندیل ، ومنه : أن تکون الأولی تاء والثانیه ألفا نحو : تمثال ومنه : أن تکون الأولی یاء ، والثانیه إمّا واوا نحو : یربوع أو یاء نحو : یعضید وهو نبت.

خامسها : (4) أن تقع الأولی قبل العین والثانیه بعد اللّام فتصیر العین واللّام معا فاصلتین بینهما (5) فمنه : أن تکون الأولی یاء والثانیه ألفا نحو : خیزلی ، وهی مشیه (6).

سادسها : (7) أن تقع الأولی قبل الفاء والثانیه بعد اللّام فتصیر الفاء والعین واللّام فاصله بینهما فمنه : أن تکون الأولی همزه والثانیه ألفا (8) نحو : أجفلی وهو الدّعوه العامّه ومنه : أن تکون الأولی همزه والثانیه من موضعها (9) نحو : أترجّ (10)

ص: 394

1- واحدها تنوّطه : وورد التّنوّط بضم التاء وکسر الواو واحدها تنوطه بضم التاء وکسر الواو. اللسان ، نوط. وانظر المزهر ، 2 / 56.

2- کذا فی الأصل وهی الصفاریه قال ابن منظور ، بشر : التّبشّر والتّبسّر : طائر یقال هو الصفاریه.

3- انظر المزهر ، 2 / 19.

4- المفصل ، 241.

5- الکتاب ، 4 / 261 وشرح المفصل ، 6 / 125.

6- الخیزلی : مشیه فیها تفکک. المقصور والممدود لابن ولاد ، 34.

7- المفصل ، 241.

8- فی الکتاب ، 4 / 247 وهو قلیل ولا نعلم إلا أجفلی ونحوه فی المزهر ، 2 / 55 ویقال له الجفلی ، وفی المخصص 16 / 3 ودعوتهم الأجفلی أی بجماعتهم بالجیم والحاء والجیم أکثر وزاد عن الفارسی - الأوتکی التمر الشهریز.

9- الکتاب ، 4 / 247 وشرح المفصل ، 6 / 125 - 126.

10- الأترجّ واحدته ترنجه وأترجّه ، وحکی أبو عبیده ترنجه وترنج والعامّه تقول أترنج وترنج والأوّل کلام الفصحاء. اللسان ، ترج.

الجیم الثانیه أیضا زائده لقولهم فی معناه : ترنج ، ومثله إرزبّ وهو القصیر (1) الباء الثانیه زائده مثل أترجّ.

ذکر الزیادتین المجتمعتین

وتقعان (3) فی المواضع الأربعه کما وقعت الزیاده الواحده أعنی قبل الفاء وبین الفاء والعین ، وبین العین واللّام ، وبعد اللّام ، فذلک أربعه أوجه :

أحدها : أن تقعا قبل الفاء ولا یکون ذلک إلّا فی الأسماء الجاریه علی الفعل نحو : المیم والنون ، والمیم والسین ، والمیم والهاء فی منطلق ومستطیع ومهراق ، ولم تقع (4) فی غیرها إلّا فی قولهم للشیخ : إنقحل وانقحر (5) فالهمزه والنون (6) زائدتان (7).

ثانیها : (8) أن تقعا بین الفاء والعین ، وأکثر ما یکون ذلک فی جمع التکسیر فمنه : حواجر (9) وغیالم (10) وجنادب (11) فالواو والیاء والنون مع الألفات الثلاث زوائد وقد جاء فی الإفراد قولهم : جمل دواسر (12).

ص: 395

1- الإرزبّ : هو القصیر الغلیظ الشدید لسان العرب ، رزب.

2- المفصل ، 241.

3- فی الأصل ویقعان.

4- فی الأصل ولم یقع.

5- شیخ قحل وإنقحل : مسن جدا ویقال شیخ انقحر للمسن الهرم أیضا الصحاح واللسان ، قحل وقحر.

6- بعدها فی الأصل مشطوب علیه «فی انقحل وانقحر».

7- الکتاب ، 4 / 247 والمزهر ، 2 / 15.

8- المفصل ، 241.

9- کذا فی الأصل ، وفی المفصل 241 حواجز ، والحواجر جمع حجره وهی الناحیه علی غیر قیاس قاله ابن سیده ، وقیاس جمعها حجرات وحجر ، انظر الصحاح واللسان ، حجر ، وانظر الکتاب 4 / 251 وإیضاح المفصل ، 1 / 684 - 705.

10- مفردها غیلم وهو الذکر من السلاحف الصحاح واللسان غلم.

11- واحدها جندب بضم الدال وفتحها : ضرب من الجراد واسم رجل ، اللسان ، جدب.

12- هی فی الأصل بفتح الدال ، وفی اللسان ، «دسر» الدواسر «بضم الدال الماضی الشدید» وفی القاموس المحیط ، «دسر» والدواسر کعلابط الشدید الضخم. وانظر الکتاب 4 / 251 - 252.

ثالثها : (1) أن تقعا بین العین واللّام ، وتقعان علی فعّال (2) کخطّاف (3) الطاء الثانیه والألف زائدتان ، ومنه : کلّاء (4) وهو موضع السفن من السّاحل فالهمزه هی لام الکلمه وقبلها الزیادتان ، وهما اللّام الثانیه المدغم فیها والألف ، ومثله بالشرح حنّاء وکذلک صوّام ونسّاف اسم طائر ، وتقعان أیضا علی فعوال (5) کقرواش (6) وعلی فعیال (7) کجریال (8) وعلی فعیول (9) کهلیون (10) ، وعلی فعّیل (11) کبطّیخ ، وعلی فعنعل (12) کعقنقل (13) النون والقاف الثانیه زائدتان وعلی فعامل (14) نحو دلامص (15).

رابعها : (16) أن تقعا بعد اللّام فمنه : الألف والهمزه أخیرا فیما جاء علی وزن

ص: 396

1- المفصل ، 242.

2- الکتاب ، 4 / 257 وشرح المفصل ، 6 / 127 والمزهر ، 2 / 19.

3- الخطاف : حدیده فتکون فی الرّحل تعلّق منها الأداه والعجله ، وقیل : هی حدیده حجناء تعقل فیها البکره من جانبیها فیها المحور. اللسان ، خطف.

4- الکتاب ، 4 / 257 وقیل : إن وزنها فعلاء انظر المخصص ، 16 / 41.

5- الکتاب ، 4 / 260 وشرح المفصل ، 6 / 127 والمزهر ، 2 / 17.

6- قال أبو عمرو : القرواش والحضیر والطفیلیّ : هو الواغل اللسان ، قرش.

7- انظر الکتاب ، 4 / 260 والممتع ، 1 / 116.

8- الجریال : الخمر الشدید الحمره وقیل : الصبغ الأحمر. اللسان ، جرل.

9- فی الأصل بفتح الفاء ، والصواب کسرها ، انظرها فی الکتاب ، 4 / 267 وشرح المفصل ، 6 / 127 والممتع ، 1 / 116. والمزهر ، 2 / 16.

10- الهلیون : بکسر الهاء نبت معروف حار رطب القاموس المحیط ، هلن ، وبدلها فی المفصل ، 242 کدیون وهو دقاق التراب.

11- الکتاب ، 4 / 268 وشرح المفصل ، 6 / 127 والمزهر ، 2 / 19.

12- الکتاب ، 4 / 270 والممتع ، 1 / 114.

13- العقنقل : الکثیب العظیم المتداخل الرمل اللسان ، عقل.

14- ذهب الخلیل وسیبویه إلی أن المیم فیها زائده لسقوط المیم فی قولهم : دلاص والألف زائده أیضا لکونها علی ثلاثه أحرف أصول فی حین ذهب المازنی إلی کون المیم أصلا وذلک لقله زیاده المیم فی غیر الأوّل ، وأیّد ابن جنی قول الخلیل فقال : وکلا القولین مذهب وقول الخلیل أقیس وأجری علی الأصول. انظر الکتاب ، 4 / 274 والمنصف ، 1 / 151 - 152. وشرح المفصل ، 6 / 128 والمزهر ، 2 / 36.

15- اللین البراق ، یقال : درع دلاص وأدرع دلاص الواحد والجمع علی لفظ واحد الصحاح واللسان ، دلص.

16- المفصل ، 242.

فعلاء (1) نحو : ضهیاء (2) وحمراء ، وعلی فعلاء (3) بالکسر نحو : علباء (4) ومنه : الألف والنون فی نحو : کروان ومرجان وعثمان وسلطان ومنه : الواو والتاء فی نحو : جبروت (5) والألف والطاء الأخیره فی نحو : فسطاط (6) ومنه : المیم والحاء الأخیرتان فی صمحمح ووزنه فعلعل (7) بالفتح ، والرّاء والحاء الأخیره فی ذرحرح (8) ووزنه فعلعل (9) بالضمّ ، وأمّا الزیادات الثلاث فتقع (10) مفترقه ومجتمعه.

ذکر الزیادات الثّلاث المفترقه

(11)

فمن ذلک أن تقع الأولی قبل الفاء والثانیه بین العین واللّام ، والثالثه بعد اللّام نحو اهجیری (12) الهمزه ثمّ الیاء ثمّ الألف الأخیره زوائد (13) ، ومنه : أن تقع الأولی قبل الفاء والثانیه بین الفاء وبین العین ، والثالثه بین العین وبین اللام فمنه : مخاریق (14) فالزوائد المتفرقه المیم ثمّ الألف ثمّ الیاء (15) ومنه : تماثیل ، التاء ثمّ الألف ثم الیاء زوائد (16) ومنه : یرابیع (17) الیاء ثمّ الألف ثم الیاء الثانیه

ص: 397

1- الکتاب ، 4 / 257 وشرح المفصل ، 6 / 128.

2- الضهیاء : المرأه التی لا تحیض ولا ینبت ثدیاها ولا تحمل اللسان ، ضها.

3- الکتاب ، 4 / 257 وشرح المفصل ، 6 / 129.

4- العلباء : عصب العنق. اللسان علب.

5- الکتاب ، 4 / 259 وشرح المفصل ، 6 / 130 والممتع ، 1 / 123 والمزهر ، 2 / 17.

6- الکتاب ، 4 / 272 وشرح المفصل ، 6 / 131.

7- الکتاب ، 4 / 257 والمزهر ، 2 / 17.

8- الدّرحرح : دویبه أعظم من الذباب وقیل : هو السمّ القاتل اللسان ، ذرح.

9- الکتاب ، 4 / 278.

10- فی الأصل فیقع.

11- المفصل ، 242.

12- یقال : ما زال ذلک اهجیراه : أی دأبه وشأنه اللسان ، هجر.

13- الکتاب ، 4 / 247 وشرح المفصل ، 6 / 132 والممتع ، 1 / 127.

14- المخاریق واحدها مخراق ما تلعب به الصبیان من الخرق المفتوله اللسان خرق.

15- الکتاب ، 4 / 252.

16- الکتاب ، 4 / 252 وشرح المفصل ، 6 / 132.

17- جمع یربوع : دویبه فوق الجرذ ، الذکر والأنثی فیه سواء ، ولدواب کالأوزاغ تکون فی الرأس اللسان ربع.

زوائد (1).

ذکر الزیادات الثّلاث المجتمعه

ویقعن فی ثلاثه مواضع ، قبل الفاء ، وبین العین واللّام ، وبعد اللّام ، أمّا وقوعهنّ قبل الفاء فلا یکون إلّا فی اسم جار علی الفعل وذلک فی مستفعل نحو : مستخرج المیم والسین والتاء زوائد ، وأمّا وقوعهنّ بین العین واللّام فنحو : سلالیم الألف ثمّ اللّام ثمّ الیاء زوائد (3) وأمّا وقوعهنّ بعد اللّام فنحو : ما جاء علی فعلیان کصلّیان (4) الیاء ثمّ الألف ثم النون زوائد ، أو علی فعلوان (5) نحو : عنفوان ، الواو ثم الألف ثم النون زوائد ، أو علی فعلیاء نحو : کبریاء ، الیاء ثمّ الألف ثمّ الهمزه زوائد (6).

ذکر الزیادات الثّلاث علی وجه تنفرد واحده وتجتمع ثنتان

فمنه : أن تقع واحده منفرده قبل الفاء ، وثنتان مجتمعتان بعد اللّام نحو : أفعوان (8) فالهمزه قبل الفاء منفرده والألف والنون بعد اللّام مجتمعتان ووزنه (9) أفعلان (10) ومن ذلک : إضحیان (11) وأربعاء (12) ومنه : أن تقع المنفرده بین الفاء

ص: 398

1- الکتاب ، 4 / 252 والممتع ، 1 / 127.

2- المفصل ، 242.

3- الکتاب ، 4 / 251 وشرح المفصل ، 6 / 132.

4- الکتاب ، 4 / 251 وقیل : إن وزنه فعلّان المزهر ، 2 / 23. وهو نبت. اللسان ، صلا.

5- الکتاب ، 4 / 262 والممتع ، 1 / 131 والمزهر ، 1 / 23.

6- الکتاب ، 4 / 263 وشرح المفصل ، 6 / 132.

7- المفصل ، 242.

8- الأفعوان بالضم : ذکر الأفاعی. اللسان. فعا.

9- غیر واضحه فی الأصل.

10- الکتاب ، 4 / 247 وشرح المفصل ، 6 / 134 والممتع ، 1 / 133.

11- فی الأصل أضحیان بضم الهمزه ولم أقف علیها کذلک فیما بین یدی من المصادر ، وفی اللسان ، ضحا «إضحیان وإضحیانه بالکسر مضیئه لا غیمه فیها ، وقیل مقمره. وانظر الکتاب ، 4 / 248 والممتع ، 1 / 132 - 133.

12- الکتاب ، 4 / 248 وشرح المفصل ، 6 / 134.

والعین والمجتمعتان بعد اللّام ویجیء علی فنعلاء نحو : خنفساء (1) النون بین الفاء والعین منفرده ، والألف والهمزه بعد اللّام مجتمعتان ، ویجیء کذلک علی فیعلان (2) کهیّبان أی هیوب ومنه : أن تقع المنفرده بین العین واللام نحو : فساطیط (3) وسراحین ، فالألف زائده منفرده فیهما بین العین واللام ، والیاء والطاء الأخیره مجتمعتان بعد اللام ، والیاء والنون فی سراحین (4) کذلک ، ومن ذلک قلنسوه علی فعنلوه (5) النون منفرده بین العین واللّام ، والواو والهاء مجتمعتان بعد اللّام.

ذکر الزیادات الأربع

وهی تقع فی الثلاثی المذکور فی مصدر افعیلال نحو : اشهیباب (7) ففیه أربع زیادات ، الهمزه أولا للنطق بالساکن ، ثم الیاء لأنّها بدل من ألف اشهابّ قلبت فی المصدر یاء لانکسار ما قبلها ، ثمّ الألف التی بین الباءین ثم الباء الأخیره لأنّها مکرره ألا تری أنها لیست موجوده فی الشهبه ، وهذه غایه ما تنتهی إلیه بنات (8) الثلاثه ، وکذلک احمیرار ، الهمزه ثمّ الیاء ثمّ الألف ثم الراء الأخیره زوائد (9) وکذلک تقع الزوائد الأربع فی الاستفعال نحو : استخراج ، الهمزه ثم السین ثم التاء ثم الألف زوائد ، وفی عاشوراء الألف ثم الواو ثم الألف الأخری ثم الهمزه زوائد (10).

ذکر أبنیه الاسم الرباعی المزید فیه

وتقع فی الرباعی زیاده وثنتان وثلاث.

ص: 399

1- ضبطها الناسخ بکسر الفاء. انظر الصحاح واللسان ، خفس. وانظر أیضا الکتاب ، 4 / 261 والممتع ، 1 / 134.

2- الکتاب ، 4 / 262 وشرح المفصل ، 6 / 135 والممتع ، 1 / 140.

3- الکتاب ، 4 / 251 وشرح المفصل ، 6 / 135 والمزهر ، 2 / 32.

4- الکتاب ، 4 / 252 والممتع ، 1 / 139.

5- الکتاب ، 4 / 276 وشرح المفصل ، 6 / 135 والمزهر ، 2 / 21.

6- المفصل ، 242.

7- شرح المفصل ، 6 / 135 والممتع ، 1 / 144.

8- غیر واضحه فی الأصل.

9- شرح المفصل ، 6 / 135 - 136.

10- الکتاب ، 4 / 250 والممتع ، 1 / 144.

ذکر الزیاده الواحده فی الرباعی

وهی تقع فیه قبل الفاء ، وبین الفاء والعین ، وبین العین واللّام الأولی ، وبین اللّام الأولی والثانیه ، وبعد اللام الأخیره ، أما ما قبل الفاء فلا تلحقه الزیاده إلّا أن یکون اسما جاریا علی الفعل نحو : مدحرج (2) وأمّا ما بین الفاء والعین فتزاد فیه النون نحو : قنفخر (3) وهو الضخم ، وکنتأل (4) بضمّ الکاف وهو القصیر ، وکنهبل (5) وهو شجر (6). وأمّا ما بین العین واللام الأولی فتزاد الألف والیاء والواو والنون ، أمّا الألف فتقع فی المفرد کعذافر (7) وهو الجمل العظیم ، وفی الجمع کحبارج (8) وأمّا الیاء فنحو : سمیدع (9) وهو السید ، وأما الواو فنحو : فدوکس (10) وهو من أسماء الأسد ، وأمّا النون فتختصّ بالصفات نحو : حزنبل (11) وهو القصیر ، وأمّا ما بین اللّامین فتزاد فیه الیاء والواو والألف واللّام من موضعها ، والراء من موضعها أمّا الیاء فتزاد علی فعلیل بکسر الفاء (12) کقندیل وعلی فعلیل بالضمّ (13) کغرنیق (14) وأمّا الواو فعلی فعلول (15) کزنبور ، وعلی فعلول (16) کفردوس ، وعلی

ص: 400

1- المفصل ، 242 - 243.

2- شرح المفصل ، 6 / 137.

3- فی الأصل بکسر القاف ، وفی الکتاب ، 4 / 297 بضمها وکسرها ، والوجهان جائزان ، إیضاح المفصل ، 1 / 714 ، واللسان ، قفخر وانظر الممتع ، 1 / 146 والمزهر ، 2 / 29.

4- الکتاب ، 4 / 297 وشرح المفصل ، 6 / 137.

5- الکتاب ، 4 / 297 وشرح المفصل ، 6 / 137 والممتع ، 1 / 146 والمزهر ، 2 / 29.

6- الکنهبل : بفتح الباء وضمها شجر عظام وهو من العضاه ، اللسان ، کهبل.

7- فی الأصل کغذافر ، وانظر الکتاب ، 4 / 294 وإیضاح المفصل ، 1 / 714 وشرح المفصل ، 6 / 138 ، واللسان ، عذفر.

8- الکتاب ، 4 / 294 والممتع ، 1 / 147 والحبارج ، ذکر الحباری ، اللسان ، حبرج.

9- الکتاب ، 4 / 292 وشرح المفصل ، 6 / 138 والمزهر ، 2 / 30.

10- الکتاب ، 4 / 190 - 291.

11- الکتاب ، 4 / 297 وشرح المفصل ، 6 / 138.

12- الکتاب ، 4 / 293 وشرح المفصل ، 6 / 138 والممتع ، 1 / 149.

13- الکتاب ، 4 / 293.

14- الغرنوق والغرنیق بضمّ الغین وفتح النون : طائر أبیض ، وقیل : هو طائر أسود من طیور الماء طویل العنق اللسان ، غرنق وقیل : إنّ وزنه فعنیل ، المزهر ، 2 / 16 - 30.

15- الکتاب ، 4 / 291 والممتع ، 1 / 149.

16- الکتاب ، 4 / 291.

فعلول (1) مثل کنهور وهو السحاب (2) ، وعلی فعلول بفتح الفاء والعین (3) کقربوس (4) ، وأمّا الألف فعلی فعلال بفتح الفاء وسکون العین (5) کصلصال (6) وعلی فعلال بکسرها (7) کسرداح وهی النّاقه العظیمه ، وأمّا اللّام من موضعها فعلی فعلّل (8) کشفلّح وهو ثمر الکبر (9) والراء من موضعها نحو : زمرّد (10) وصفرّق (11) ، وهو ضرب من النبات ، وأمّا ما بعد اللّام الأخیره فتزاد الألف واللّام والباء من موضعها ، أمّا الألف فتزاد آخرا فیما جاء علی وزن فعلّی (12) نحو : حبرکی وهو الطویل الظّهر القصیر الرجلین ، وعلی فعللی (13) نحو : قرقری اسم أرض (14) وعلی فعللی (15) نحو : هندبی (16) وعلی فعلّی (17) نحو : سبطری وهی مشیه فیها تبختر ، وأمّا اللّام من موضعها فتزاد علی فعلّل (18) نحو : سبهلل وهو الفارغ ، وأمّا

ص: 401

1- الکتاب ، 4 / 291 وشرح المفصل ، 6 / 139 والمزهر ، 2 / 30.

2- الکنهور من السحاب ، المتراکب الثخین ، اللسان ، کنهر.

3- الکتاب ، 4 / 291.

4- القربوس : حنو السّرج والقربوس لغه فیه. اللسان ، قربس.

5- الکتاب ، 4 / 294.

6- الصلصال : المصوّت من الحمر ومن الخیل. اللسان ، صلل.

7- الکتاب ، 4 / 292 والممتع ، 1 / 151.

8- الکتاب ، 4 / 298 والمزهر ، 2 / 30.

9- الشّفلّح شبیه القثاء یکون علی الکبر ، والشفلّح ثمر الکبر إذا تفتّح واحدته شفلّحه اللسان ، شفلح.

10- الزّمرّد بالذال من الجواهر معروف واحدته زمرّده ، اللسان ، زمرد.

11- ضبطها الناسخ بفتح الصاد ، انظر الکتاب ، 4 / 298 وشرح المفصل ، 6 / 139 واللسان ، صفرق.

12- الکتاب ، 4 / 295 وشرح المفصل ، 6 / 139 والممتع ، 1 / 153.

13- الکتاب ، 4 / 296 وشرح المفصل ، 6 / 140 وقیل : إن وزنها فعفلی المزهر ، 1 / 2.

14- قیل : إنه ماء لبنی عبس ، معجم ما استعجم للبکری ، 3 / 1065 وفی معجم البلدان ، 4 / 326 أرض بالیمامه فیها قری وزروع ونخیل کثیره.

15- ضبطها الناسخ بفتح اللام الأولی وهی فی الکتاب ، 4 / 296 والممتع ، 1 / 53 بکسرها ، وکلّ ورد فقد نقل ابن منظور عن کراع هی الهندبا مفتوح الدال مقصور.

16- الهندب والهندبا والهندباء والهندباء کلّ ذلک بقله من أحرار البقول اللسان ، هندب.

17- الکتاب ، 4 / 296 والممتع ، 1 / 253 والمزهر ، 2 / 31.

18- الکتاب ، 4 / 299 وشرح المفصل ، 6 / 140.

الباء من موضعها فتزاد علی فعللّ (1) نحو قرشبّ وهو المسنّ من الرجال ، وعلی فعللّ (2) نحو : طرطبّ وهو الثدی العظیم ، وأمّا الزیادتان فی الرباعی فعلی قسمین : مفترقتین ومجتمعتین.

ذکر الزیادتین المفترقتین

وتقعان فی الرباعی علی أوجه :

أحدها : أن تقع الأولی بین العین واللّام الأولی ، وتقع الثانیه أخیرا بعد اللّام الثانیه بحیث تفصل (4) اللّامان بین الزیادتین ، فمن ذلک أن تکون الأولی واوا والثانیه ألفا نحو : حبوکری من أسماء الداهیه علی فعوللی (5).

ثانیها : أن تقع الأولی بین الفاء والعین ، والثانیه بین اللّامین بحیث تفصل العین واللّام الأولی بین الزیادتین ، فمنه : أن تکون الأولی یاء والثانیه واوا نحو : خیتعور وهو کلّ شیء لا یدوم علی حاله واحده کالسّراب ووزنه فیعلول (6) ومنه : أن تکون الأولی نونا والثانیه واوا نحو : منجنون (7) ووزنه فنعلول (8).

ثالثها : أن تقع الأولی بین العین واللّام ، والثانیه بین اللّامین بحیث تصیر اللّام الأولی فاصله بین الزیادتین ، فمنه : أن تکون الأولی ألفا والثانیه یاء نحو : کنابیل (9)

ص: 402

1- الکتاب ، 4 / 299 والممتع ، 1 / 152.

2- الکتاب ، 4 / 299.

3- المفصل ، 243.

4- غیر واضحه فی الأصل.

5- الکتاب 4 / 291 وشرح المفصل ، 6 / 140 والممتع ، 1 / 154.

6- الکتاب ، 4 / 292 والمزهر ، 2 / 32.

7- المنجنون : الدولاب التی یستقی علیها. اللسان ، جنن ومنجنون.

8- الکتاب ، 4 / 292 وقال ابن یعیش فی شرح المفصل 6 / 140 - 141 : وفیه قولان : أحدهما : أنه من ذوات الثلاثه والنون الأولی زائده والواو ، وإحدی النونین الأخیرتین ، ویجمع علی هذا علی مجانین ویکون من الثلاثه وفیه ثلاث زوائد. والثانی : أنه رباعی والنون الأولی أصل والواو زائده وإحدی النونین ، ویجمع حینئذ علی مناجین وهو المسموع من العرب. وانظر إیضاح المفصل ، 1 / 717 والممتع ، 1 / 159.

9- فی الأصل أنابیل والتصویب من الکتاب ، 4 / 294 والمفصل وشرحه ، 6 / 141 وشرح الشافیه ، 1 / 61 ومعجم البلدان ، 4 / 480 وانظر إیضاح المفصل ، 1 / 718 والممتع ، 1 / 155 ، وحاشیه ابن جماعه ، 1 / 222.

علی وزن فعالیل ، وهو من أسماء الأرض ، ومنه أن تکون الأولی نونا والثانیه ألفا نحو : جحنبار (1) وهو القصیر علی وزن فعنلال.

ذکر الزیادتین المجتمعتین

وتقعان فی الرباعی علی أوجه :

أحدها : أن تقعا مجتمعتین بین اللّامین ، فمنه : أن تکون الأولی واوا والثانیه یاء نحو : قندویل وهو الجمل (3) العظیم الرأس ووزن فعلویل (4).

ثانیها : أن تقعا طرفا بعد اللّام الثانیه ، فمنه : أن تکون الأولی واوا والثانیه هاء نحو : قمحدوه وهی خلف الرأس ووزنها فعلّوه (5) وزعم الجوهری أنّ المیم هی الزائده (6) ومنه : أن تکون الأولی یاء والثانیه هاء نحو : سلحفیه (7) ، ومنه : أن تکون الأولی واوا والثانیه تاء نحو : عنکبوت ووزنه فعللوت (8) ومنه : أن تکون الأولی یاء والثانیه لاما نحو : عرطلیل (9) وهو الطویل والزائد الیاء واللّام الأخیره لأنّها مضاعفه ومنه : ألف التأنیث الممدوده وألف المدّ قبلها علی فعللاء (10) بالفتح نحو : عقرباء وهی (11) اسم بلد (12) وعلی فعللاء بالکسر (13)

ص: 403

1- فی الأصل بتسکین الحاء وفتح النون ، والصواب فیما ضبطناه ، انظر الکتاب ، 4 / 295 وإیضاح المفصل ، 1 / 718 والممتع ، 1 / 155 وشرح المفصل ، 6 / 141.

2- المفصل ، 243.

3- فی الأصل الحمل ، وانظر اللسان ، قندل.

4- الکتاب ، 4 / 291 وشرح المفصل ، 6 / 141 والممتع ، 1 / 159.

5- الکتاب ، 4 / 292 والممتع ، 1 / 154 والمزهر ، 2 / 31.

6- قال فی الصحاح ، قحد : والقمحدوه بزیاده المیم ما خلف الرأس والجمع قماحد.

7- الکتاب ، 4 / 292 وشرح المفصل ، 6 / 141 والممتع ، 1 / 156.

8- الکتاب ، 4 / 292 وشرح المفصل ، 6 / 141.

9- الکتاب ، 4 / 292 وشرح المفصل ، 6 / 141.

10- فی الأصل فعلللاء. وانظر الکتاب ، 4 / 295.

11- بعدها مشطوب علیه «الأنثی من العقارب» وفی اللسان ، عقرب : وقد یقال للأنثی : عقربه وعقرباء.

12- قیل هی منزل من أرض الیمامه ، وهی اسم مدینه فی الجولان کان ینزلها ملوک غسان. معجم البلدان ، 4 / 135.

13- کذا فی الأصل بفتح اللام الأولی ، ونحوه فی الکتاب ، 4 / 296 وشرح المفصل ، 6 / 141 ، وذکر ابن الحاجب فی إیضاحه ، 1 / 718 «وهو هاهنا بکسر الدال وفتحها معا ممدودا لیحصل المثالان» وقیل : إن وزنها فنعلاء ، انظر المزهر ، 2 / 26 - 32.

نحو : هندباء ومنه : أن تکون الأولی ألفا والثانیه نونا ، علی فعللان (1) بالفتح نحو : شعشعان وهو الطویل وعلی فعللان بالضمّ (2) نحو : عقربان (3) فی الاسم ، وقردمان فی الصفه وهو القباء (4) المحشوّ کالکبر (5) وعلی فعللان بالکسر (6) نحو : حندمان اسم قبیله (7).

ثالثها : أن تقع الزیادتان بین اللّامین ، فمنه : أن تکون الأولی میما مدغما فیها والثانیه ألفا نحو : طرمّاح (8) علی فعلّال (9) الزیاده الأولی هی المیم المدغم فیها لأنّها مضاعفه والثانیه الألف.

ذکر الزیادات الثلاث فی الرباعی

وذلک غایه زیاده الرباعی وتقعن فیه علی أوجه :

أحدها : أن تقع فیه واحده بین العین واللّام وثنتان آخرا فمنه : أن تکون الأولی واوا والأخیرتان ألفا ونونا نحو : عبوثران (11) علی فعوللان (12) ومنه : أن تکون الأولی یاء والأخریان ألفا ونونا نحو : عبیثران لغه فی عبوثران (13) ونحو

ص: 404

1- الکتاب ، 4 / 296 وشرح المفصل ، 6 / 141 - 143.

2- الکتاب ، 4 / 296 والممتع ، 1 / 160.

3- العقربان : ذکر العقارب ودابّه لها أرجل طوال. اللسان ، عقرب.

4- غیر واضحه فی الأصل.

5- قال أبو عبیده : القردمانی قباء محشو یتخذ للحرب فارسی معرب ، یقال له کبر ، بالرومیه أو بالنبطیه ، وقیل القردمان أصل للحدید وما یعمل منه بالفارسیه. وفی اللسان ، ماده کبر : والکبر «بفتح الباء» طبل له وجه واحد ، ونبات له شوک وانظر المعرب للجوالیقی ، 300.

6- الکتاب ، 4 / 296 وشرح المفصل ، 6 / 142.

7- انظر اللسان ، حندم والمزهر ، 2 / 32.

8- الطرمّاح : المرتفع والطویل ، اللسان طرمح.

9- فی الأصل فعلان ، وانظر الکتاب ، 4 / 295 وشرح المفصل ، 6 / 141.

10- المفصل ، 243.

11- العبوثران والعبیثران : نبات کالقیصوم فی الغبره إلّا أنه طیّب للأکل. الصحاح ، واللسان ، عبثر.

12- الکتاب ، 4 / 291 والممتع ، 1 / 261 والمزهر ، 2 / 33.

13- الکتاب ، 4 / 293 وشرح المفصل ، 143.

عریقصان ، اسم نبت علی فعیللان (1) ومنه : أن تکون الأولی ألفا والأخیرتان ألفا وهمزه نحو : جخادباء علی فعاللاء (2) وهو ضرب من الجراد (3).

ثانیها : أن تکون الأولی بین اللّامین والأخریان آخرا ، فمنه : أن تکون الأولی ألفا والأخریان ألفا وهمزه نحو : برناساء وهو النّاس علی فعلالاء (4).

ثالثها : أن تقع الثلاث مجتمعات فی الآخر ، فمنه : أن تکون الأولی باء والثانیه ألفا والثالثه نونا نحو : عقربّان بتشدید الباء لغه فی عقربان المخفّف ووزن عقربّان فعللّان (5) بضمّ الفاء وسکون العین وضمّ اللّام الأولی وتضعیف اللّام الثانیه ، وزوائده الباء الثانیه للتضعیف والألف والنون.

ذکر أبنیه الاسم الخماسی المزید فیه

ولا تکون (7) زیادته إلّا واحده ، إمّا یاء أو واوا أو ألفا ومحلّها بین اللّام الثانیه والثّالثه ، أمّا الیاء فجاءت فی مثالین : خندریس (8) علی فعللیل (9) وخزعبیل وهو الأباطیل علی فعلّیل (10) وأمّا الواو ففی مثالین أیضا عضرفوط علی فعللول (11) وهو ذکر العظاء ، ویستعور اسم بلد بالحجاز (12) وهو بوزن عضرفوط وحکموا بأصاله یاء یستعور لکونه غیر جار علی الفعل ، لأنّ الزّیاده لا تلحق أوّل بنات الأربعه إلّا أن

ص: 405

1- الکتاب ، 4 / 293.

2- الکتاب ، 4 / 294 وشرح المفصل ، 6 / 142.

3- فی الأصل : من الجراده العظیمه ، ضرب الناسخ علی «العظیمه».

4- الکتاب ، 4 / 295 وشرح المفصل ، 6 / 142 والمزهر ، 2 / 33.

5- شرح المفصل ، 6 / 142 والممتع ، 1 / 163. المفصل ، 243.

6- شرح المفصل ، 6 / 142 والممتع ، 1 / 163.

7- المفصل ، 243. فی الأصل ولا یکون.

8- الخندریس : الخمر القدیمه ، اللسان ، خندرس.

9- الکتاب ، 4 / 303 والممتع ، 1 / 163.

10- الکتاب ، 4 / 303 وشرح المفصل ، 6 / 143.

11- الکتاب ، 4 / 303 وشرح المفصل ، 6 / 143.

12- هی موضع قبل حرّه المدینه. معجم البلدان ، 5 / 436 ، وقیل وزنها یفتعول. المزهر ، 2 / 33.

یکون جاریا علی الفعل فتعیّنت الواو للزیاده ، ومثلهما زنه قرطبوس (1) وأمّا الألف فنحو : قبعثری ووزنه فعلّلی (2) وهو الجمل الضخم الکثیر الوبر ، وزیدت الألف آخره لتکثیر الکلمه ولیست للتأنیث لأنه سمع منوّنا ، ولا للإلحاق لأنّه لیس فی الأصول ما هو علی هذه العده لیلحق به. انتهی قسم الاسم ولله الحمد والمنّه.

[بعونه تعالی ، تم الجزء الأول من کتاب الکناش

ویلیه الجزء الثانی وأوله

القسم الثانی فی الفعل](3)

ص: 406

1- القرطبوس : الداهیه بفتح القاف ، والقرطبوس بکسرها الناقه العظیمه الشدیده. اللسان ، قرطس وانظر الکتاب ، 4 / 303 والممتع ، 1 / 164.

2- الکتاب ، 4 / 303 وشرح المفصل ، 6 / 143 والمزهر ، 2 / 34.

3- ما بین المعقوفین زیاده من المحقق.

فهرس موضوعات الجزء الأول

اشاره

الموضوع / الصفحه / الرمز (1)

المقدمه

5 - 7

الباب الأول : (الدراسه)

8 - 108

القسم الأول

الفصل الأول : اسم المؤلف وأسرته وإمارته علی مدینه

حماه

11 - 14

الفصل الثانی : حیاته العلمیه

15 - 20

الفصل الثالث : مصنفاته وشعره

21 - 26

الفصل الرابع : منهج أبی الفداء فی الکناش

27 - 32

الفصل الخامس : شواهده ومصادره

33 - 38

الفصل السادس : مذهب أبی الفداء النحوی وموقفه من

النحاه

39 - 56

القسم الثانی

57 - 108

الفصل الأول : التعریف بعنوان الکتاب

59 - 67

الفصل الثانی : توثیق نسبه الکتاب

68 - 69

الفصل الثالث : وصف النسخه

70 - 71

الفصل الرابع : منهج التحقیق

72 - 74

الفصل الخامس : طبعه قطر ، والنخبه المتمیزه من

السّرّاق

75 - 108

الباب الثانی : (النص المحقق)

خطبه الکتاب

113

الکتاب الأول : فی النحو

114

ذکر الکلمه وأنواعها

114

ذکر الکلام

115

القسم الأول فی الاسم

116

ص: 407

1- الرمز (م) لمفصل الزمخشری ، والرمز (ک) لکافیه ابن الحاجب والرمز (ش) لشافیته.

الموضوع / الصفحه / الرمز

ذکر تقسیم آخر للاسم

117

ذکر تقسیم آخر للمعرب

119

ذکر إعراب الاسم المفرد والجمع المکسر المنصرفین

119

ذکر إعراب جمع المؤنث الصحیح

119

ذکر إعراب الاسم الغیر المنصرف

119

ذکر إعراب الأسماء السته

120

ذکر إعراب المثنی

120

ذکر إعراب الجمع السالم

121

ذکر الإعراب التقدیری

121

ذکر ما لا ینصرف

122

ذکر العدل

124

ذکر التأنیث

125

ذکر الجمع

127

ذکر المعرفه

129

ذکر العجمه

129

ذکر وزن الفعل

130

ذکر الوصف

131

ذکر الألف والنون

132

ذکر الترکیب

132

ذکر بقیه الکلام علی ما لا ینصرف

133

ذکر المرفوعات

134

ذکر الفاعل

134

ذکر وجوب تقدیم الفاعل

135

ذکر وجوب تقدیم المفعول

135

ذکر حذف الفعل جوازا ووجوبا

136

ذکر تنازع الفعلین

137

ذکر مفعول ما لم یسم فاعله

138

ذکر المبتدأ

140

ذکر الخبر

142

ذکر أن أصل المبتدأ التقدیم

143

ذکر وجوب تقدیم المبتدأ

143

ص: 408

الموضوع / الصفحه / الرمز

ذکر وجوب تقدیم الخبر

144

ذکر الابتداء بالنکره

144

ذکر الجمله الخبریه

146

ذکر أمور مشترکه بین المبتدأ والخبر

148

ذکر جواز حذف المبتدأ والخبر

150

ذکر وجوب حذف الخبر

150

ذکر وجوب حذف المبتدأ

151

ذکر تعدد الخبر

150

ذکر خبر إن

152

ذکر خبر لا التی لنفی الجنس

152

ذکر اسم ما ولا المشبهتین بلیس

154

ذکر المنصوبات

154

ذکر المفعول المطلق

155

ذکر جواز حذف الفعل

156

ذکر وجوب حذف الفعل

156

ذکر المفعول به

160

ذکر ما یجب حذفه من الأفعال

160

ذکر السماعی

161

ذکر المنادی

161

ذکر إعراب توابع المنادی

163

ذکر المنادی المعرف باللام

165

ذکر بقیه الکلام عن المنادی

166

ذکر الترخیم

168

ذکر المندوب

170

ذکر المفعول به الذی أضمر عامله علی شریطه التفسیر

172

ذکر التحذیر

176

ذکر المفعول فیه

177

ذکر المفعول له

179

ذکر المفعول معه

179

ذکر الحال

182

ذکر التمییز

187

ص: 409

الموضوع / الصفحه / الرمز

ذکر تمییز الذات المذکوره التی هی مقدار

189

ذکر تمییز الذات التی هی غیر مقدار

191

ذکر تمییز الذات المقدره

191

ذکر الاستثناء

195

فصل : وإذا تعقب الاستثناء جملا بالواو

195

ذکر وجوب نصب المستثنی

195

ذکر جواز نصب المستثنی

197

ذکر الاستثناء المفرغ

198

ذکر البدل علی المحل

198

ذکر إعراب غیر

203

ذکر خبر کان وأخواتها

204

ذکر اسم إن وأخواتها

205

ذکر منصوب لا التی لنفی الجنس

206

ذکر خبر ما ولا المشبهتین بلیس

212

ذکر المجرورات

213

ذکر الإضافه المعنویه

214

ذکر الإضافه اللفظیه

215

ذکر ما تمتنع إضافته

217

ذکر إضافه الاسم الصحیح والملحق به

218

ذکر إضافه المقصور والمنقوص

219

ذکر بقیه الکلام علی الإضافه

222

ذکر التوابع

223

ذکر النعت

224

فصل : والنظر فی الوصف علی أربعه ضروب

227

فصل : واعلم أن المصدر یقع صفه

228

ذکر العطف

229

ذکر التأکید

232

ذکر البدل

235

ذکر عطف البیان

239

ذکر المبنی

240

ذکر المضمرات

240

ص: 410

الموضوع / الصفحه / الرمز

ذکر تقسیم المضمر

242

ذکر الضمیر المرفوع المتصل

242

ذکر الضمیر المرفوع المنفصل

243

ذکر المنصوب المتصل

244

ذکر المنصوب المنفصل

244

ذکر الضمیر المجرور

245

ذکر الضمیر المستتر

249

ذکر أحکام الضمیر المنفصل

250

ذکر الضمائر التی یجوز فیها الاتصال والانفصال

251

ذکر المضمر الواقع بعد عسی

253

ذکر نون الوقایه

256

ذکر الفصل

257

ذکر ضمیر الشأن

259

ذکر أسماء الإشاره

261

ذکر الموصولات

264

ذکر تعدد الموصولات

265

ذکر الإخبار بالذی وبابها

266

ذکر أنواع ما

269

ذکر أنواع من

271

ذکر أنواع أی وأیه

272

ذکر ما ذا

273

ذکر أسماء الأفعال

273

فصل : أسماء الأفعال تنقسم إلی مرتجل ومشتق ومنقول

275

فصل : ومذهب سیبویه أن کلّ فعل ثلاثی یبنی منه فعال

بمعنی أفعل

275

فصل : ومن أسماء الأفعال ها بمعنی خذ

276

فصل : ومن المبنیات ما یوافق فعال فی الصیغه

277

ذکر الأصوات

279

ذکر المرکبات

279

ذکر الکنایات المبنیات

281

ذکر الظروف المبنیه

285

ذکر اسم الجنس

292

ص: 411

الموضوع / الصفحه / الرمز

ذکر المعرفه

293

ذکر النکره

300

ذکر اسم العدد

301

ذکر تمییز الثلاثه إلی العشره

303

ذکر تمییز أحد عشر إلی تسعه وتسعین

304

ذکر تمییز المائه وما فوقها

304

ذکر ما لا یمیز وغیر ذلک

304

ذکر التصییر والحال

305

ذکر تعریف الأعداد

306

ذکر المذکر والمؤنث

307

ذکر التثنیه

310

ذکر تثنیه الملحق بالصحیح والمقصور والممدود

311

ذکر الجمع

313

ذکر جمع المذکر السالم

315

ذکر جمع التکسیر

318

ذکر الأسماء المتصله بالأفعال

319

ذکر المصدر

319

ذکر اسم الفاعل

326

ذکر اسم الفاعل من الفعل الثلاثی

327

ذکر اسم الفاعل من غیر الثلاثی

327

ذکر عمل اسم الفاعل

327

ذکر أبنیه المبالغه

330

ذکر اسم المفعول

331

ذکر الصفه المشبهه

333

ذکر التشابه والاختلاف بین الصفه المشبهه واسم

الفاعل

334

ذکر مسائلها الثمانی عشره

335

ذکر الرافع والناصب والجار لمعمول الصفه المشبهه

338

ذکر الصفه التی فیها ضمیر أو ضمیران أو لا ضمیر

فیها أصلا

338

ذکر اسم التفضیل

339

ذکر بناء أفعل التفضیل

340

ذکر کیفیه استعماله من الزائد علی الثلاثی ومن

الألوان والعیوب

341

ص: 412

الموضوع / الصفحه / الرمز

ذکر استعماله للفاعل والمفعول

342

ذکر الأمور الثلاثه التی لا یستعمل أفعل إلا بأحدها

342

ذکر أفعل المستعمل بمن

347

ذکر عمل أفعل التفضیل

347

ذکر اسم الزمان والمکان

349

ذکر مفعل من معتل الفاء

351

ذکر مفعل من معتل اللام

352

فصل : وقد تدخل تاء التأنیث علی بعض أسماء المکان

352

ذکر اسم الزمان والمکان من الزائد علی الثلاثی

353

ذکر ما جاء فیه مفعله

353

ذکر اسم الآله

354

ذکر المصغر

356

فصل : وکل اسم علی حرفین فإن التصغیر یرده إلی أصله

356

فصل : وإذا صغرت نحو : ابن واسم

357

فصل : وکل اسم فیه حرف بدل من حرف آخر

358

فصل : وإذا صغر ما ثالثه واو نحو : أسود

359

فصل : وإذا کان فی الاسم تاء التأنیث فهی إما ظاهره

وإما مقدره

360

فصل : وإذا صغرت ما رابعه حرف زائد من حروف المد

واللین. نحو : مصباح

360

فصل : وإذا صغرت ما فیه ثلاثه أصول وزیادتان

361

فصل : والزیاده إن کانت رابعه ألفا أو واوا أو یاء

ثبتت ولم تحذف.

361

فصل : وجمع القله یصغر علی بنائه

362

فصل : وتصغیر الفعل لیس بقیاس

363

فصل : والأسماء المرکبه نحو : بعلبک

363

فصل : وتصغیر الترخیم

363

فصل : وأما تصغیر الغیر المتمکن فمنه : الأسماء

المبهمه

363

ذکر المنسوب

365

فصل : إذا نسبت إلی ثلاثی مکسور العین

366

فصل : وینسب إلی فعیله بفتح الفاء وکسر العین نحو :

حنیفه

366

فصل : وإذا نسبت إلی نحو : أسیّد وسید

367

فصل : وإذا نسبت إلی ما فی آخره ألف

368

فصل : وإذا کان آخر الاسم یاء قبلها کسره

368

ص: 413

الموضوع / الصفحه / الرمز

فصل : وإذا کان آخر الاسم واوا أو یاء قبلها ساکن

نحو : غزو وظبی

369

فصل : وإذا نسبت إلی منسوب

370

فصل : وما فی آخره ألف ممدوده

370

فصل : وإذا نسب إلی اسم علی حرفین وکان متحرک الوسط

کأب وأخ

371

فصل : وإذا نسبت إلی بنت وأخت

373

فصل : وینسب إلی الصدر من الأسماء المرکبه

373

فصل : وإذا نسبت إلی اسم مضاف کابن الزبیر

374

فصل : وقد جاءت أسماء منسوبه خارجه عن القیاس

374

فصل : وقد یقوم مقام یاء النسب صیغتان فعال وفاعل

375

فصل فی المقصور والممدود

375

فصل فی الوزن

379

ذکر ما جاء فیه دلیل علی أنه لم یقصد به التکرار بل

زید واتفق موافقه الزائد لما قبله

381

ذکر کیفیه وزن الکلمه المقلوبه

382

ذکر ما یتعرف به القلب

382

ذکر کیفیه وزن الکلمه المحذوفه

384

فصل فی الأبنیه

385

ذکر تقسیم الأبنیه الأصول

385

ذکر أبنیه الاسم الثلاثی المجرد

386

ذکر أبنیه الاسم الرباعی المجرد

388

ذکر أبنیه الاسم الخماسی المجرد

389

فصل : فی أبنیه المزید فیه

389

ذکر أبنیه الاسم الثلاثی المزید فیه

390

ذکر الزیاده الواحده

391

ذکر الزیادتین المفترقتین

392

ذکر الزیادتین المجتمعتین

395

ذکر الزیادات الثلاث المفترقه

397

ذکر الزیادات الثلاث المجتمعه

398

ذکر الزیادات الثلاث علی وجه تنفرد واحده وتجتمع

اثنتان

398

ذکر الزیادات الأربع

399

ذکر أبنیه الاسم الرباعی المزید فیه

399

ص: 414

الموضوع / الصفحه / الرمز

ذکر الزیاده الواحده فی الرباعی

400

ذکر الزیادتین المفترقتین

402

ذکر الزیادتین المجتمعتین

403

ذکر الزیادات الثلاث فی الرباعی

404

ذکر أبنیه الاسم الخماسی المزید فیه

405

ص: 415

ص: 416

تصویبات

الصوره

ص: 417

الصوره

ص: 418

المجلد 2

اشاره

ص: 1

ص: 2

ص: 3

ص: 4

القسم الثانی : فی الفعل

اشاره

الفعل ما دلّ علی معنی فی نفسه مقترن بأحد الأزمنه الثلاثه ، فقوله : ما دلّ علی معنی کالجنس ، وقوله : فی نفسه فصل یخرج الحرف ، وقوله : مقترن بأحد الأزمنه الثلاثه یخرج الاسم.

واعلم أنّ الحدث والزمان هما جزءا الفعل ، وأحدهما مقارن للآخر ، والفعل یدلّ علیهما بالوضع ، وعلی کلّ منهما مفردا بالتضمّن ، ومن خواصّه دخول قد لما فیها من تقریب الماضی من الحال ، وذلک خاصّ بالفعل والسین وسوف ، لأنّ وضعهما للدلاله علی الاستقبال ، والفعل مخصوص به الاستقبال ، ومن خواصّه أیضا لحوق الضمائر المتصله البارزه المرفوعه نحو : ضربت ضربتما ضربتم ضربت ضربا ضربوا ضربن ، فهذه هی المختصّه بالفعل بخلاف الضمائر المستکنّه لدخولها الأسماء أیضا نحو : ضارب وضاربان وضاربون وبخلاف الضمائر التی لیست مرفوعه نحو : إنّه وله ، فإنّها لا اختصاص لشیء منها بالفعل ، وإنّما اختصّت المرفوعه البارزه بالفعل ، لأنّها فاعله والفاعل مختصّ بالفعل حقیقه ، ومن خواصّه أیضا دخول تاء التأنیث الساکنه لأنّ وضعها ساکنه لتکون فرقا بین تاء الأسماء وتاء الأفعال (2) فوجب اختصاصها.

ص: 5

1- الکافیه ، 415.

2- قال الرضی فی شرح الکافیه ، 1 / 224 وکانت أولی بالسکون من التاء الاسمیه لخفه الاسم وثقل الفعل.

ذکر الفعل الماضی

الماضی هو الفعل الدّالّ علی زمان قبل زمان أنت فیه أعنی زمان الحال من غیر قرینه کلم ولمّا ، فما دلّ علی زمان ، شامل لجمیع الأفعال ، وخرج بقوله : قبل زمان أنت فیه ، المستقبل والحال ، وخرج بقوله : الفعل نحو : أمس ، فإنّه وإنّ دلّ علی زمان قبل زمانک ، فإنّه لیس بفعل ، ویفهم من هذا التعریف تعریف المستقبل بأن یقال : ما دلّ علی زمان بعد زمانک ، وتعریف الحال بأن یقال : ما دلّ علی زمان هو زمان إخبارک ، والماضی مبنیّ علی الفتح لفظا نحو : ضرب أو تقدیرا نحو : رمی ، وبنی علی الفتح لکونه أخفّ ، وسکّنوا آخر الفعل / الماضی إذا اتصل به ضمیر مرفوع متحرک نحو : ضربت وضربتما ، لأنّ الضمیر المرفوع المتصل کالجزء فلمّا کان متحرکا کرهوا بقاء الفعل الماضی متحرّکا لئلا یؤدی إلی توالی أربع متحرکات فیما هو کالکلمه الواحده ، وإذا اتّصل بالفعل الماضی واو الجمع کقولک : ضربوا وقتلوا ضمّوا آخره لیناسب الواو (2).

ذکر الفعل المضارع

اشاره

وهو ما أشبه الاسم بأحد حروف نأیت ، ووجه المشابهه بین الفعل المضارع والاسم ، وقوع کلّ منهما مشترکا ومخصصا ، أما اشتراک الاسم فکرجل وأما تخصیصه فنحو : هذا الرجل ، وأمّا اشتراک الفعل المضارع فنحو : یضرب لکونه للحال والاستقبال ، وأمّا تخصیصه فنحو : سیضرب وسوف یضرب (4) وأمّا معانی حروف نأیت ، فالهمزه للمتکلّم المفرد مذکّرا کان أو مؤنثا نحو : أضرب وآکل ، والنون قد تستعمل للواحد للتعظیم کقوله تعالی : (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَیْکَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ)(5) وللمتکلّم مع غیره نحو : نقوم مذکّرین کانا أو مؤنّثین أو أحدهما مذکرا والآخر مؤنثا

ص: 6

1- الکافیه ، 415.

2- شرح الوافیه ، 338 وانظر شرح المفصل ، 7 / 3 وشرح الکافیه ، 2 / 24.

3- الکافیه ، 415.

4- فی عله إعراب الفعل المضارع وأوجه المشابهه بینه وبین الاسم انظر الإنصاف ، 2 / 546 وإیضاح المفصل ، 1 / 11 وشرح الکافیه ، 2 / 226 وحاشیه الصبان ، 1 / 59.

5- من الآیه 12 من سوره یوسف.

ومجموعا کان أو مثنّی ، والتاء للمخاطب المذکّر ولمثنّاه وجمعه نحو : تضرب یا زید وتضربان یا زیدان وتضربون یا زیدون ، وللمخاطب المؤنّث ولمثنّاه وجمعه نحو : تضربین یا هند وتضربان یا هندان ، وتضربن یا هندات ، وللمؤنث الغائبه والغائبتین نحو : هند تضرب والهندان تضربان ، قال الله تعالی : (وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْیَنَ وَجَدَ عَلَیْهِ أُمَّهً مِنَ النَّاسِ یَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَیْنِ تَذُودانِ)(1) والیاء لکلّ غائب غیر الغائبه والغائبتین کما تقدّم فی التّاء فمثال ذلک (2) : زید یقوم والزیدان یقومان والزیدون یقومون ، وللجمع المؤنّث نحو : الهندات یقمن (3).

واعلم أنّ الفعل المضارع إذا اتّصل به نون جماعه المؤنّث التی هی ضمیر الفاعل رجع مبنیّا (4) فلم تعمل فیه العوامل لما سنذکر نحو : أنتنّ تضربن وهنّ یضربن ولا تضربن ، واعلم أنّ نحو ؛ یفعلان ویفعلون لیس تثنیه للفعل ، ولا جمعا له ، لأنّ الأفعال لا تثنّی ولا تجمع ؛ لأنّ الغرض من التثنیه والجمع الدلاله علی الکثره ؛ ولفظ الفعل یعبّر به عن القلیل والکثیر فإنّ نحو قولک : قام زید ، محتمل أن یکون قد قام مرارا أو قام مره ، وإنّما التثنیه والجمع فی یفعلان ویفعلون للفاعل خاصّه ، فإنّ الألف فی یفعلان اسم وهی ضمیر الفاعل ولیست کالألف فی الزیدان لأنّها حرف (5) وهی فی یضربان اسم ، وکذلک القول (6) فی واو یضربون ونحوه فإنّها اسم وهو ضمیر الفاعل ، وواو زیدون حرف ، وکذلک الیاء فی تضربین ضمیر الفاعل وهی اسم وإذا قلت : الهندات ضربن وقمن فالنون اسم وهو ضمیر راجع علی الهندات وإذا قلت : قمن الهندات فالنون حرف مؤذن بأنّ الفعل للمؤنّث علی لغه أکلونی البراغیث مثل التاء فی : قامت هند (7) ، ولا یجوز أن تکون ضمیرا لئلا یلزم الإضمار قبل الذّکر ،

ص: 7

1- من الآیه 23 من سوره القصص.

2- بعدها فی الأصل مشطوب علیه «الیاء للغائبین المذکرین».

3- شرح الوافیه ، 340.

4- غیر واضحه فی الأصل.

5- انظر فی هذه المسأله الکتاب ، 2 / 40 وشرح المفصل ، 7 / 7 - 8 وشرح ابن عقیل ، 2 / 79 - 82 وشرح التصریح ، 1 / 276 وهمع الهوامع ، 1 / 160 وشرح الأشمونی ، 2 / 46.

6- فی الأصل للقول.

7- فی الکتاب ، 2 / 40 واعلم أن من العرب من یقول : ضربونی قومک وضربانی أخواک ، فشبهوا هذا بالتاء التی یظهرونها فی قالت فلانه ، وکأنّهم أرادوا أن یجعلوا للجمع علامه کما جعلوا للمؤنث ، وهی قلیله ، وهی لغه طیّ أو أزد شنوءه وبلحارث المغنی ، 1 / 478.

وأمّا الیاء فی نحو : اضربی واخرجی ، فإنها اسم وهی ضمیر الفاعل (1) وقال بعضهم : إنّها حرف علامه للتأنیث والفاعل مستکنّ (2) کما فی المذکّر نحو : قم واذهب ، والأول أصحّ (3). وأمّا حرکات حروف المضارعه (4) فقد ضمّت فی الرباعی خاصّه وهو ما کان علی أربعه أحرف (5) نحو : أکرم وکرّم ودحرج وقاتل ، تقول : یکرم ویکرّم ویدحرج ویقاتل بضمّ الیاء فی ذلک کلّه ، وفتحت فیما سوی الرباعی سواء نقص عن الرباعی نحو : یضرب أو زاد علیه نحو : ینطلق وشذّ الضمّ فی فعلین من الخماسی ، وهما أهراق یهریق ، واسطاع یسطیع ، لأنّ الأصل أراق وأطاع فزیدت الهاء والسین علی غیر قیاس (6) وإنّما أعرب المضارع دون غیره من الأفعال لمشابهته الاسم کما مرّ ، وإعرابه مشروط بأمرین (7). أحدهما : عدم إتصاله بنون التأکید خفیفه کانت أو ثقیله کمثل : هل تضربن یا رجل ، وهل تضربنّ یا رجل ، والثانی : عدم إتصاله بنون جمع الإناث نحو : تضربن یا هندات والهندات یضربن حسبما تقدّم ، وإنّما بنی مع نون التأکید ، لأنّه لو أعرب علی ما قبل النون لالتبس مع من هو له (8) ، ولو أعرب علی النون لکان إعرابا علی ما أشبه التنوین فکان ذلک مانعا من إعرابه (9) وإنّما بنی مع نون جمع المؤنّث لأنّه لو أعرب بالحرکات لکان علی خلاف قیاس إعراب فعل الجمع ، ولو أعرب بالنون لأدّی إلی الجمع بین ضمیرین أو نونین مع

ص: 8

1- هذا مذهب سیبویه والجمهور ، وذهب المازنی والأخفش إلی أنها حرف انظر الکتاب ، 2 / 368 وشرح المفصل ، 7 / 7 وشرح التصریح ، 1 / 99.

2- غیر واضحه فی الأصل.

3- شرح المفصل ، 7 / 7 - 8 وشرح التصریح ، 1 / 99.

4- الکافیه ، 416.

5- بعدها مشطوب علیه «سواء أکانت أصلیه أو زائده».

6- الکتاب ، 4 / 285.

7- الکافیه ، 416.

8- أی لم یعلم المقصود أهو مفرد أم جمع فی نحو قولنا : هل تضربنّ.

9- شرح الکافیه ، 2 / 228.

مخالفه أخواته فلذلک بنی (1).

ذکر إعراب المضارع

وهو رفع ونصب وجزم ، لأنّ مشابهته بالاسم لمّا کانت قویه أعرب من ثلاث جهات کإعرابه ، والجزم فیه عوض الجرّ ، ولیس إعراب الأفعال لمعنی الفاعلیّه والمفعولیّه الموجوده فی الأسماء ، ولکن دخلها الإعراب علی وجه من الشّبه اللفظی (3) ، والفعل المضارع الصحیح (4) إذا لم یتصل به ضمیر التّثنیه مطلقا ولا ضمیر الجمع المذکّر خاصه ، ولا ضمیر المخاطبه وکانت لامه صحیحه وهو الفعل الذی لا یکون فی آخره ألف ولا واو ولا یاء نحو : تضرب ، فإعرابه بالضمّه حال الرفع وبالفتحه حال النصب وبالسکون حال الجزم ، تقول : هو یضرب ولن یضرب ولم یضرب ، وأمّا الأفعال المتصل بها الضمیر البارز المرفوع وهی خمسه کما سنذکر قریبا فإنّها لا تعرب بالحرکات بل بإثبات النون وحذفها.

ذکر إعراب الفعل المعتلّ

المعتلّ إن کان آخره یاء أو واوا فرفعه بضمّه مقدّره ، والنصب بفتحه ملفوظ بها ، وجزمه بالحذف کقولک : زید یغزو ولن یغزو ولم یغز ، وکذلک القول فیما آخره یاء نحو : زید یرمی ولن یرمی ولم یرم ، وإن کان معتلّا بالألف فرفعه ونصبه بضمّه مقدّره لامتناع تحریکها ، وجزمه بحذف الألف کقولک : زید یخشی ولن یخشی ولم یخش ، وأمّا قوله تعالی : (سَنُقْرِئُکَ فَلا تَنْسی)(6) فیحتمل أن تکون لا نافیه ، فیکون التقدیر : نقرئک قراءه لا تنساها (7) وقد کثر فی قولهم لم یکن حتی جاز حذف النون

ص: 9

1- شرح الکافیه ، 2 / 229.

2- الکافیه ، 416.

3- شرح الوافیه ، 341.

4- الکافیه ، 416.

5- الکافیه ، 416.

6- الآیه 6 من سوره الأعلی.

7- قال العکبری فی التبیان ، 2 / 1283 لا نافیه أی فما تنسی ، وقیل : هی للنهی ولم تجزم لتوافق رؤوس الآی ، وقیل : الألف ناشئه عن إشباع الفتحه.

علی وجه التخفیف فقالوا / لم یک ولم یجز فی غیره نحو : لم یخن ، وضعف حذفها فی نحو : (لَمْ یَکُنِ الَّذِینَ)(1) لقوّتها بالحرکه (2).

ذکر إعراب الأفعال

اشاره

(3) التی تقدّم أنّ إعرابها بإثبات النون وحذفها ، وهی الأفعال المتصل بها الضمیر المرفوع البارز : (4)

وهی خمسه :

الأول : الفعل المتصل به ضمیر المثنّی المخاطب سواء کان مذکّرا أو مؤنّثا نحو : تضربان یا زیدان ، وتضربان یا هندان.

الثانی : المتصل به ضمیر المثنّی الغائب سواء کان مذکّرا أو مؤنّثا نحو : الزیدان یضربان ، والهندان تضربان بتاء مثنّاه من فوقها.

الثالث : المتصل به ضمیر جمع المذکرین المخاطبین نحو : أنتم تضربون.

الرابع : المتصل به ضمیر جمع المذکرین الغائبین نحو : هم یضربون.

الخامس : المتصل به ضمیر المؤنّث المخاطبه نحو : أنت تضربین.

وإعراب هذه الأنواع الخمسه بالحرف ، رفعها بإثبات النون ، ونصبها وجزمها بحذف النون نحو : لم یضربا لم یضربوا لم تضربی ، لن یضربا لن یضربوا لن تضربی ، ومنه قوله تعالی : (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ)(5) ، وکأنّهم لمّا حملوا النصب علی الخفض فی ضاربین وضاربین (6) حملوا النصب علی الجزم فی تضربان ویضربون وتضربون وتضربین ، لئلا یکون للفعل علی الاسم مزیه.

ص: 10

1- من الآیه 1 من سوره البینه ، وقد أجاز یونس الحذف ولم یعتد بالحرکه العارضه لالتقاء الساکنین. انظر الکتاب ، 1 / 264 وشرح التصریح ، 1 / 196 والهمع ، 1 / 122.

2- شرح الوافیه ، 342 والنقل منه.

3- هو فی الأصل بمداد أحمر وما بعده بمداد أسود ورأینا جمعهما لیتسق الکلام.

4- الکافیه ، 416.

5- من الآیه 24 من سوره البقره.

6- ضاربین مثال المثنی ، وضاربین مثال الجمع فکما حملوا فی التثنیه والجمع النصب علی الخفض حملوا النصب علی الجزم فی الأمثله الخمسه. وانظر شرح الوافیه ، 343.

ذکر الفعل المضارع المرفوع

(1)(2)

ویرتفع المضارع إذا تجرّد عن الناصب والجازم (3) وهو مذهب الکوفیین ، ومذهب البصریین أنه مرتفع (4) بوقوعه موقع الاسم (5) کقولک : زید یقوم فیقوم فی موضع قائم ، لأن خبر المبتدأ فی الأصل إنما یکون اسما مثله وکذلک قولک : مررت برجل یقوم ، هو فی موضع قائم فالرافع له وقوعه موقع الاسم مرفوعا کان الاسم أو منصوبا أو مجرورا ، وقد أورد علی مذهب البصریین أنّ الفعل یرتفع ولا یصحّ أن یقع موقع الاسم فی قولک : کاد زید یقوم ، إذ لا یقال : کاد زید قائما ، وأجابوا : أن الأصل صحه وقوع الاسم موقع الفعل المذکور ، فیقال : کاد زید قائما لکنّهم ترکوا الأصل لغرض وهو أنّ معنی کاد زید یقوم ، قارب زید القیام فعدلوا عن الأصل إلی لفظ الفعل ، لیکون أدلّ علی ما أرادوه من المقاربه وقد استعمل الأصل فی قول الشاعر : (6)

فأبت إلی فهم وما کدت آیبا

...

فهو علی هذا واقع موقع الاسم.

ذکر الفعل المضارع المنصوب

اشاره

(7)(8)

وینتصب الفعل المضارع بأن ولن وإذن وکی ، وأمّا باقی الحروف کالفاء وأو

ص: 11

1- فی الأصل ذکر الفعل المرفوع.

2- الکافیه ، 416.

3- بعدها مشطوب علیه «ورافعه خلوه عنهما».

4- بعدها مشطوب علیه «بعامل معنوی نظیر المبتدأ والخبر فی ذلک وذلک المعنی هو».

5- المسأله خلافیه انظرها فی الإنصاف ، 2 / 550 وإیضاح المفصل ، 2 / 12 وشرح المفصل ، 7 / 12 وشرح الکافیه ، 2 / 231 والهمع ، 1 / 164.

6- البیت لتأبّط شرّا وعجزه : وکم مثلها فارقتها وهی تصفر روی منسوبا له فی شرح الحماسه ، للمرزوقی ، 1 / 83 ، وشرح المفصل ، 7 / 13 وشرح الشواهد ، للعینی ، 1 / 259 وروی من غیر نسبه فی شرح المفصل ، 7 / 119 - 125 والإنصاف ، 2 / 554 وشرح الکافیه ، 2 / 231 وشرح ابن عقیل ، 1 / 325 وهمع الهوامع ، 1 / 130.

7- زیاده یتسق بها الکلام.

8- الکافیه ، 416.

والواو وحتّی واللام ، فالنصب إنّما هو بأن مقدره بعدها.

فأن الناصبه : معناها الطّمع والرجاء المنافیان لمعلوم التحقّق ، ولذلک اشترط لها أن لا یکون قبلها فعل من أفعال العلم ؛ لأنّ الواقع بعد العلم معلوم التّحقق ، فلذلک لم تقع بعد العلم ومتی وقع بعد العلم أن فلا ینتصب / بها الفعل لأنّها تکون المخفّفه من الثقیله لا الناصبه ویلزم المخففه من الثقیله الواقعه بعد العلم أحد ثلاثه أشیاء إمّا ؛ قد ، أو حرف استقبال ، أو حرف نفی ، کما سنذکر ذلک مع أنّ المشدده ، وإن وقعت أن المخففه بعد فعل ظنّ فیجوز أن تکون هی المخفّفه من الثقیله ویلزمها حینئذ ما شرط فیها ویجوز أن تکون الناصبه کقوله تعالی : (وَحَسِبُوا أَلَّا تَکُونَ فِتْنَهٌ)(1) برفع تکون ونصبه فی السبعه (2) وإنّما جاز الوجهان ، لأنّ الظنّ إن رجح فیه التحقّق أجری مجری العلم ، وإن رجح فیه الرجاء والشک لم یجر مجری العلم وعملت حینئذ.

ولن : (3) تنصب مطلقا ومعناها نفی المستقبل مثل لا ، إلّا أنّ لن آکد ، تقول لا أبرح ، فإذا أکدت قلت : لن أبرح (4) ، قال الله تعالی : (فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ)(5).

وإذن : (6) تنصب فی المستقبل بشرط ألّا یعتمد ما بعدها علی ما قبلها نحو قولک : إذن أکرمک جوابا لمن قال : أنا آتیک ، فإذا انتفی الاستقبال بطل عملها نحو قولک لمن حدّث : إذن أظنّک کاذبا برفع أظنّک لأنّ الفعل للحال ، ومثال بطلان عملها عند الاعتماد ، قولک : أنا إذن أکرمک ، لأنّ ما بعدها وهو أکرمک خبر المبتدأ (7) فلو عملت إذن ، لزم توارد عاملین علی معمول واحد ، فألغیت إذن لذلک ، وإذا وقعت إذن بعد الواو أو الفاء فالأفصح إلغاؤها (8) نحو قولک : وإذن أکرمک بالرفع فی

ص: 12

1- من الآیه 71 من سوره المائده.

2- قرأ أبو عمرو وحمزه والکسائی برفع تکون ونصب الباقون. الکشف ، 1 / 416 والتبیان ، 1 / 452 والنشر ، 2 / 255.

3- الکافیه ، 416.

4- شرح الوافیه ، 345.

5- من الآیه 80 من سوره یوسف.

6- الکافیه ، 416.

7- شرح الوافیه ، 345.

8- همع الهوامع ، 2 / 7.

جواب من قال : أنا آتیک ، قال الله تعالی : (وَإِنْ کادُوا لَیَسْتَفِزُّونَکَ مِنَ الْأَرْضِ لِیُخْرِجُوکَ مِنْها وَإِذاً لا یَلْبَثُونَ خِلافَکَ إِلَّا قَلِیلاً)(1) وقریء فی غیر السبعه : وإذن لا یلبثوا بحذف النون للنصب (2) ..

وکی : (3) تنصب أبدا ومعناها أنّ ما قبلها سبب لما بعدها کقولک : أسلمت کی أدخل الجنه ، فإنّ الإسلام سبب دخول الجنّه ، وهی ناصبه للفعل المضارع عند الکوفیین وهو اختیار ابن الحاجب (4) ، وذهب بعضهم (5) إلی أنّ کی حرف جرّ فلا تدخل علی الفعل إلّا بتقدیر أن بعدها ، وردّ بأنّها لو کانت حرف جرّ لما جاز الجمع بینها وبین اللّام فی نحو قولک : قمت لکی تقوم (6).

ذکر إضمار أن

وأن تنصب الفعل مضمره بعد خمسه أحرف وهی : حتّی واللّام والفاء والواو وأو.

ذکر حتّی

أمّا حتّی فإنّها حرف جرّ فإذا وقع بعدها الفعل المضارع فلا بدّ وأن تکون فی تأویل الاسم لیصحّ دخول حرف الجرّ علیه ، ولا تکون بتأویل الاسم إلّا (بأن أو ما أو کی) ولا یستقیم تقدیر ما لأنّها لا تعمل مظهره فکیف تعمل مقدّره ، ولا تقدیر کی لفساده فی مثل : سرت حتّی تغیب الشمس ، فتعینت أن فوجب تقدیرها (8) ، وإنّما

ص: 13

1- الآیه 76 من سوره الإسراء.

2- قرأ ابن عامر وحفص وحمزه والکسائی خلافک بکسر الخاء وبألف بعد اللام ، وقرأ الباقون خلفک ، وهما لغتان بمعنی واحد ، وقرأ أبی وإذا لا یلبثوا بحذف النون وکذا هی فی مصحف عبد الله ، انظر الکشف ، 2 / 50 والبحر ، 6 / 66 والتبیان ، 2 / 829 والنشر ، 2 / 308 وشرح المفصل ، 7 / 16 وشرح التصریح ، 2 / 535.

3- الکافیه ، 416.

4- فی شرح الوافیه ، 346 «والصحیح أنها الناصبه».

5- سیبویه والبصریون. الکتاب ، 3 / 5 - 7 وشرح الکافیه ، 2 / 238.

6- انظر هذه المسأله فی الإنصاف ، 2 / 570 وشرح المفصل ، 7 / 18 ، والهمع ، 2 / 4 وقال ابن الحاجب فی شرح الوافیه ، 346 بعد ذکره المثال ما نصه «فمتفق علی أنها فی مثل ذلک الناصبه».

7- الکافیه ، 416 - 417.

8- بعدها فی شرح الوافیه ، 346 فثبت أن النصب بها.

ینتصب ما بعد حتّی بشرط أن یکون ما بعدها مستقبلا بالنظر إلی ما قبلها سواء کان مستقبلا عند الإخبار أو لم یکن نحو قولک : سرت أمس حتّی / أدخل البلد بالنصب ، إذ الغرض هو الإخبار عن الدخول المترقّب عند ذلک السیر من غیر نظر إلی حصوله (1) وتکون حتّی بمعنی کی ، أی للسببیّه وهو الغالب نحو : أسلمت حتّی أدخل الجنّه ، بمعنی کی أدخل الجنّه وتکون بمعنی إلی أی بمعنی انتهاء الغایه نحو : سرت حتّی تغیب الشمس ، لأنّ السیر لیس سببا لغیبوبه الشمس إلّا أنّ فی حتّی معنی لیس فی إلی وهو الاستبعاد والاستعظام ، ألا تری من قال ضربتهم حتّی صغیرهم ، فإنّه یرید استعظاما ومبالغه حین أراد أنّ ضربه انتهی إلی الغایه القصوی ، فإن فقد کون ما بعد حتّی مستقبلا بالنسبه إلی ما قبلها وذلک بإرادتک الحال نحو : سرت حتّی أدخل البلد ، وأنت مخبر عن السیر حال الدخول کانت حرف ابتداء فیرفع ما بعدها ، وإنما لم ینصب حینئذ لامتناع تقدیر أن ، لأنّ أن للطمع والرّجاء الدّالّین علی الاستقبال فلا تقدّر أن بعدها إذا کانت للحال لتحقّق المنافاه بین الحال والاستقبال ، وإذا کانت حرف ابتداء وجب أن یکون ما قبلها سببا لما بعدها لأنّها إذا کانت حرف ابتداء صار ما بعدها مستقبلا فی الإخبار به فوجب الاتصال المعنوی لتتحقّق (2) الغایه التی هی مدلولها ، وذلک کقولهم : شربت الإبل حتّی یجیء البعیر یجرّ بطنه (3) فهنا حتّی حرف ابتداء وما قبلها أعنی الشرب سبب لما بعدها أعنی جرّ البطن ، ومن ذلک قولهم : مرض حتی لا یرجونه ، فالمرض هو سبب عدم الرّجاء (4) ویمتنع : ما سرت حتی أدخلها بالرفع ، لأنّ نفی السیر لیس سببا للدخول (5) وکذلک یمتنع أسرت حتی تدخلها ، لأنّه لا یستقیم إثبات المسبّب مع الشکّ فی وجود السّبب ، وکذلک یمتنع : کان سیری حتی أدخلها بالرفع إذا کانت کان الناقصه ، ویتحتّم النصب لأنّ کان الناقصه تحتاج إلی خبر (6) ، فلو رفعت ما بعد حتّی للزم أن تکون جمله تامه ، لأنّ

ص: 14

1- الکتاب ، 3 / 17 وشرح الکافیه ، 2 / 241.

2- فی الأصل لیتحقق.

3- الکتاب ، 3 / 18.

4- شرح التصریح ، 2 / 237 - 238.

5- الکتاب ، 3 / 24 وشرح الکافیه ، 2 / 242.

6- بعدها فی الأصل مشطوب علیه «عائد من الجمله إلی اسم کان».

التقدیر حتّی أنا أدخلها فلا تکون هذه الجمله خبرا لکان لخلوها من الضمیر العائد علی اسم کان ، ولفصل حتی بین اسم کان الذی هو سیری وبین ما وقع خبرا عنه من غیر سبب ، وأمّا لو زدت شیئا یصلح أن یکون خبرا لکان (1) وقلت مثلا : کان سیری سیرا متعبا أو أمس حتی أدخلها ، جاز النصب والرفع ، فتکون حتی فی النصب بمعنی إلی أن ، وفی الرفع حرف ابتداء أی حتّی أنا أدخلها ، وکذلک یجوز الوجهان إذا کانت کان فی المثال المذکور تامّه فإنّها لا تحتاج حینئذ إلی خبر ویصیر التقدیر : وجد سیری حتی أدخلها بالرفع والنصب علی الوجهین المذکورین فی حتی وأمّا قولک : أیّهم سار حتی یدخل / البلد ، فیجوز فیه الرفع والنصب لأنّه لم یشک فی السیر وإنّما شکّ فی السائر ویکون المعنی فی الرفع : أیّهم سار حتی هو یدخلها ، وفی النصب : أیّهم سار إلی أن یدخلها (2).

ذکر لام کی ، ولام الجحود

أمّا لام کی ؛ فمعناها معنی کی ، وینصب الفعل بعدها بتقدیر أن ، وأمّا لام الجحود فهی لام لتأکید النفی الداخل علی کان کقوله تعالی : (وَما کانَ اللهُ لِیُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِیهِمْ)(4) وینصب الفعل بتقدیر أن بعدها کما قیل فی حتّی ، والفرق بینهما وبین لام کی ، لزوم اختلال المعنی بحذف لام کی ، بخلاف لام الجحود لکونها زائده (5).

ذکر الفاء الناصبه للفعل

أمّا الفاء فتنصب الفعل باضمار أن بشرطین : أحدهما : أن یکون ما قبلها سببا لما بعدها ، والثانی : أن یکون قبلها أحد الأمور السته وهی : الأمر والنهی والنفی

ص: 15

1- بعدها تکرر قوله : لخلوها ... إلی : هو سیری ... وشطب الناسخ علیه وزاد بعد «لکان» کلمه «لفظا» ثمّ شطب علیها أیضا.

2- انظر شرح الوافیه ، 347 وشرح الکافیه ، 2 / 242 وشرح التصریح ، 2 / 238.

3- الکافیه ، 417.

4- من الآیه 33 من سوره الأنفال.

5- شرح الوافیه ، 347.

6- الکافیه ، 417.

والاستفهام والتمنی والعرض (1) ولذلک ارتفع یغضب فی قولهم : الذی یطیر فیغضب زید الذباب ، لفوات أحد الأمور السته وإن کانت الفاء فیه للسبب ، وأمّا قول الشّاعر (2).

سأترک منزلی لبنی تمیم

وألحق بالحجاز فأستریحا

فأجری الکلام الموجب مجری أحد الأمور السته لضروره الشعر.

واعلم أنّ الفعل الذی بعد الفاء فی تقدیر المصدر ، وهو معطوف بالفاء فوجب أن یجعل ما قبله فی تقدیر المصدر لئلا یلزم عطف الاسم علی الفعل ، فمثال الأمر : أکرمنی فأکرمک أی لیکن منک إکرام فإکرام منی ، ومثال النهی قوله تعالی : (وَلا تَطْغَوْا فِیهِ فَیَحِلَّ عَلَیْکُمْ غَضَبِی)(3) أی لا یکن منکم طغیان فحلول غضب منی ، ومثال النفی : ما تأتینا فتحدّثنا (4) أی لا إتیان منک فلا حدیث ، ومثال الاستفهام قوله تعالی : (فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَیَشْفَعُوا لَنا)(5) أی هل حصول شفعاء فشفاعه لنا ، ومثال التمنی قوله تعالی : (یا لَیْتَنِی کُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِیماً)(6) أی لیت لی (7) کونا معهم ففوزا عظیما لی ، ومثال العرض : ألا تزورنا فنکرمک ، أی ألا یکون زیاره منک فإکرام منا.

واعلم أنّ الفاء کما تنصب بإضمار أن بعد الأمور السته کما ذکرناه فکذلک تنصب بعد الدعاء والتحضیض ، مثال الدّعاء : اللهمّ ارزقنی بعیرا فأحجّ علیه ، ومثال

ص: 16

1- کذا فی شرح الوافیه ، 347 وزاد علیه الدعاء والتحضیض وسیأتیان بعد ، ومن النحویین من یجتزیء عن کل ذلک بالأمر وحده ، وزاد الفراء الترجی. شرح المفصل ، 7 / 26 وشرح التصریح ، 2 / 238.

2- البیت للمغیره بن حبناء التمیمی الحنظلی ، روی منسوبا له فی شرح الشواهد ، 3 / 305 وشرح شواهد المغنی ، 1 / 497 ومن غیر نسبه ، فی الکتاب. 3 / 39 - 92 والمقتضب. 2 / 22 وأمالی ابن الشجری ، 1 / 279 والمقرب ، 1 / 263 وشرح الکافیه ، 2 / 245 وشرح شذور الذهب ، 301 والمغنی ، 1 / 175 وهمع الهوامع ، 1 / 77 - 2 / 10 وشرح الأشمونی ، 3 / 305.

3- من الآیه 81 من سوره طه.

4- الکتاب ، 3 / 30 - 40 وشرح المفصل ، 7 / 27.

5- من الآیه 53 من سوره الأعراف.

6- من الآیه 73 من سوره النساء.

7- فی الأصل لیتنی.

التحضیض قوله تعالی : (لَوْ لا أَخَّرْتَنِی إِلی أَجَلٍ قَرِیبٍ فَأَصَّدَّقَ)(1) لأنّ لو لا هنا حرف تحضیض مثل هلا أی هلّا تأخیر منک فتصدّق منی ، وقد یرفع ما بعد الفاء إمّا علی العطف کقوله تعالی : (وَلا یُؤْذَنُ لَهُمْ فَیَعْتَذِرُونَ)(2)وإمّا علی القطع کقول الشّاعر : (3)

ألم تسأل (4) الرّبع القواء فینطق

...

أی فهو ینطق ، لأنه لم یجعل السؤال سببا للنطق بل جعله ینطق مع قطع النّظر عن السؤال ، وللفاء بعد النفی معنیان :

أحدهما : ما تقدّم أعنی مثال النفی وهو : ما تأتینا فتحدثنا أی لا إتیان فلا حدیث / لأنه إذا انتفی السّبب وهو الإتیان انتفی المسبّب وهو الحدیث.

والثانی : أن یکون بانتفاء أحد الأجزاء وهو نفی الحدیث وإن وقع الإتیان فکأنه یقول : کلّما أتیتنی لم تحدثنی أی لا یجتمع الإتیان والحدیث ، ومنه قوله صلی الله علیه وسلم ، «لا یموت لأحد ثلاثه من الولد فتمسّه النّار إلّا تحلّه القسم» (5) أی لا یجتمع علی أحد موت ثلاثه من الولد ومسّ النار وهو مغایر للمعنی الأول قطعا (6).

ذکر الواو الناصبه للفعل

أما الواو فتنصب الفعل بإضمار أن بشرطین : أحدهما : أن تکون الواو للجمع

ص: 17

1- من الآیه 10 من سوره المنافقون.

2- من الآیه 36 من سوره المرسلات.

3- البیت لجمیل بثینه ورد فی دیوانه ، 91 وعجزه : وهل تخبرنک الیوم بیداء سملق وروی البیت من غیر نسبه فی الکتاب ، 3 / 37 وشرح المفصل ، 7 / 36 - 37. وشرح الکافیه ، 2 / 245 - 248 والمغنی ، 1 / 168 واللسان سملق ، وهمع الهوامع ، 2 / 11 - 131. الربع : المنزل. القواء : القفر. السملق : الأرض التی لا تنبت شیئا.

4- فی الأصل تسل.

5- انظره فی صحیح البخاری ، 2 / 72 ومتن البخاری بحاشیه السندی ، 1 / 217 ، وإرشاد الساری ، 2 / 433 والفائق للزمخشری ، 1 / 144 والأمثال النبویه للغروی ، 1 / 327 وانظر روح المعانی للآلوسی ، 6 / 122.

6- شرح الوافیه ، 349 وإیضاح المفصل ، 2 / 16.

7- الکافیه ، 417.

بین ما قبلها وما بعدها والثانی : أن یکون ما قبلها أحد الأمور المذکوره مع الفاء أعنی الأمر أو النهی إلی آخرها. والعلّه فی اشتراط الشرطین فی الواو هی العلّه المذکوره فی الفاء ، والأحکام کالأحکام ، لأنّ الواو والفاء للعطف ویلزم منه جعل الفعل الذی قبل الواو فی تقدیر المصدر ، لیکون عطف الاسم علی الاسم ، فمثال الأمر : أکرمنی وأکرمک أی فیجتمع الإکرامان (1) ، ومنه قول الشّاعر (2) :

فقلت ادعی وأدعو إنّ اندی

لصوت أن ینادی داعیان

بنصب أدعو أی لیجتمع الدّعاءان ، ومثال النهی : لا تأکل السّمک وتشرب اللّبن ، أی لا تجمع بینهما بمعنی لا یکون منک أکل للسمک وشرب للّبن (3) ، ومن ذلک (4) :

لا تنه عن خلق وتأتی مثله

عار علیک إذا فعلت عظیم

أی لا یکن منک نهی عن شیء وإتیان ما نهیت ، ومثال الاستفهام قول الشّاعر : (5)

ألم أک جارکم ویکون بینی

وبینکم المودّه والإخاء

ص: 18

1- فی شرح الوافیه ، 349 لیجتمع الإکرامان.

2- اختلف حول قائله ، نسبه صاحب الکتاب ، 3 / 45 إلی الأعشی ، ولیس فی دیوانه ، وفی شرح المفصل ، 7 / 33 - 35 «وعزاه صاحب الکتاب - الزمخشری - إلی ربیعه بن جشم وقیل : هو للأعشی ، وقیل : للحطیئه» ونسبه صاحب الأغانی ، 2 / 159 وابن بری فیما نقله العینی 3 / 307 إلی دثار بن شیبان. وروی بلا نسبه فی الإنصاف ، 2 / 531 وشرح شذور الذهب ، 311 والمغنی ، 2 / 397 والهمع ، 2 / 13 ، والأشمونی ، 3 / 307 وسجل الأزهری ، 2 / 239 الخلاف حوله. اندی : أفعل تفضیل من الندی وهو بعد الصوت.

3- شرح الوافیه ، 350.

4- اختلف حول قائله فنسب للأخطل فی الکتاب ، 3 / 41 - 42 وشرح المفصل ، 7 / 24 وورد فی ملحلقات دیوان الأخطل ، 397 ونسب أیضا لأبی الأسود الدؤلی فی شرح الشواهد ، 3 / 307 وقال : من نسبه إلی الأخطل فقد أخطأ قال وحکی أبو عبید أنه للمتوکل الکنانی وشرح التصریح ، 2 / 238 وشرح شواهد المغنی ، 2 / 571 وورد من غیر نسبه فی المقتضب ، 2 / 26 ، وشرح الکافیه ، 2 / 249 وشذور الذهب ، 312 والمغنی ، 2 / 361 وشرح ابن عقیل ، 4 / 15.

5- البیت للحطیئه ورد فی دیوانه ، 26 وورد منسوبا له فی الکتاب ، 3 / 43 وشرح الشواهد ، 3 / 307 ومن غیر نسبه فی المقتضب ، 2 / 217 وشرح ابن عقیل ، 4 / 16 وشرح الأشمونی ، 3 / 307 وحاشیه الخضری ، 2 / 116.

فالمسؤول عنه اجتماع الجوار والمودّه ، ومثال النفی : ما تأتینی وتحدثنی ، فالمنفی اجتماع الأمرین ، ومثال التمنی : قوله تعالی : (یا لَیْتَنا نُرَدُّ وَلا نُکَذِّبَ بِآیاتِ رَبِّنا وَنَکُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ)(1) قریء فی السبعه نکذّب ونکون بالنصب (2) فیهما والمعنی تمنی اجتماع الأمرین وهو الردّ وانتفاء التکذیب (3) ومثال العرض : ألا تنزل عندنا وتصیب خیرا ، ومثال التحضیض : هلّا تأتینی وتکرمنی ، وهذا معنی الجمعیّه فی کلّ واحد من الأمثله المذکوره ، ویجوز الرفع بعد هذه الواو إمّا علی العطف ، وإمّا علی القطع والاستئناف بحسب ما قبلها (4) ، وینتصب أیضا بعد الواو العاطفه بتقدیر أن إذا عطفت فعلا مضارعا علی اسم لیکون فی تأویل الاسم فیستقیم عطفه علی الاسم نحو (5) :

للبس عباءه وتقرّ عینی

أحبّ إلیّ من لبس الشّفوف

بنصب تقرّ ، وأمّا نحو قوله تعالی : (وَیَعْفُ عَنْ کَثِیرٍ وَیَعْلَمَ الَّذِینَ)(6) فی قراءه - غیر (7) نافع وابن عامر - النصب (8) فإنّه قدّر معطوفا علی فعل مقدّر منصوب أی لینتقم ویعلم ، وعند الکوفیین أنّ الفعل المضارع إذا صرف عن جواب الشرط إلی غیره کانت الواو ناصبه (9).

ص: 19

1- من الآیه 27 من سوره الأنعام.

2- قرأ حمزه وحفص ولا نکذّب بالنصب ، وقرأ ابن عامر وحمزه وحفص ویکون بالنصب ورفعهما الباقون. انظر الکشف ، 1 / 427 والتبیان ، 1 / 489 والنشر ، 2 / 257.

3- التبیان ، 1 / 489 وشرح المفصل ، 7 / 25 - 26.

4- الکتاب ، 3 / 44 - 52.

5- البیت لمیسون بنت بحدل زوج معاویه بن أبی سفیان ، ورد منسوبا إلیها فی المغنی ، 1 / 267 - 283 - 2 / 361 - 479 - 551 وشرح شذور الذهب. 314 وشرح التصریح ، 2 / 244 وروی من غیر نسبه فی الکتاب ، 3 / 45 والمقتضب ، 2 / 27 والمحتسب ، 1 / 326 وأمالی ابن الشجری ، 1 / 280 وشرح المفصل ، 7 / 25 وشرح الکافیه ، 2 / 250 وشرح ابن عقیل ، 4 / 20 وهمع الهوامع ، 2 / 17 وشرح الأشمونی ، 3 / 313.

6- من الآیتین 34 - 35 من سوره الشوری.

7- زیاده یستقیم بها الکلام ، لأن نافعا وابن عامر قد قرآ ویعلم بالرفع ، وقرأ الباقون بالنصب ، انظر الکشف ، 2 / 251 ، والنشر ، 2 / 367.

8- فی الأصل بالنصب.

9- شرح الوافیه ، 351.

ذکر أو الناصبه للفعل

وأو تنصب الفعل بتقدیر أن ، لأنّها فی معنی إلی فیجب فیها تقدیر أن ، وقال بعضهم : إنّها فی معنی إلّا المتصله (2) ومنه قوله / تعالی : (لَیْسَ لَکَ مِنَ الْأَمْرِ شَیْءٌ أَوْ یَتُوبَ عَلَیْهِمْ أَوْ یُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ)(3) ومنه قول الشّاعر (4) :

وکنت إذا غمزت قناه قوم

کسرت کعوبها أو تستقیما

إمّا بتقدیر إلی أن ، أو بتقدیر إلّا أن ، ومنه قول امریء القیس (5) :

فقلت له لا تبک عینک إنّما

نحاول ملکا أو نموت فنعذرا

أی إلی أن نموت فنعذر ، أو إلّا أن نموت فنعذر ، ونصب فنعذر عطفا علی أن نموت ، واعلم أنّه لیس یتحتم نصب الفعل بأوفی هذه المواضع قال سیبویه فی البیت المذکور : لو رفعت نموت لکان عربیّا جائزا. کأنک قلت : إنما نحاول وإنما نموت (6). واعلم أنک إذا عطفت فعلا علی فعل منصوب نحو : أرید أن تأتینی ثم تحدثنی ، فإن أردت منه الحدیث مرتّبا علی الإتیان نصبت تحدثنی ، وإن لم ترد ذلک وقطعته عن المعطوف علیه بمعنی أرید إتیانک ثم قد استقرّ عندی أنک تحدثنی ، أی هذا منک معلوم عندی ، رفعت ، ومنه قول الشاعر (7) :

ص: 20

1- الکافیه ، 417.

2- شرح الوافیه ، 351 وانظر الکتاب ، 3 / 47 وشرح المفصل ، 7 / 22 وشرح الکافیه ، 2 / 249.

3- من الآیه 128 من سوره آل عمران ، وفی التبیان ، 2 / 291 «معطوفان علی «یقطع» وقیل أو بمعنی إلا أن» ومراده العطف علی قوله تعالی السابق : لیقطع طرفا من الآیه 127.

4- البیت لزیاد الأعجم ورد منسوبا له فی الکتاب ، 3 / 48 والمقتضب ، 2 / 28 وشرح الشواهد ، 3 / 295 ولسان العرب غمز. وورد من غیر نسبه فی المغنی ، 1 / 66 وشرح ابن عقیل ، 4 / 9 ، والکعوب : جمع کعب وهو الرمح.

5- دیوانه ، 171 وورد منسوبا له فی الکتاب ، 3 / 47 والمقتضب ، 2 / 27 وشرح المفصل ، 7 / 22 ومن غیر نسبه فی الخصائص ، 1 / 263 وشرح الکافیه ، 2 / 248 وشرح الأشمونی ، 3 / 295.

6- فی الکتاب ، 3 / 47 والمعنی علی إلا أن نموت فنعذرا ... ولو رفعت لکان عربیا جائزا علی وجهین : علی أن تشرک بین الأول والآخر ، وعلی أن یکون مبتدأ مقطوعا من الأول یعنی أو نحن ممن یموت. واکتفی أبو الفداء بذکر وجه واحد للرفع. وانظر شرح المفصل ، 7 / 23.

7- اختلف حول قائل هذا الرجز ، فقد ورد فی ملحقات دیوان رؤبه ، 3 / 186 ، ونسب له فی الکتاب ، 3 / 52 - 53 ، ولسان العرب ، عجم ، وشرح شواهد المغنی ، 1 / 477 ، وورد فی دیوان الحطیئه أیضا 111 ، ونسب له فی العمده ، للقیروانی ، 1 / 116 والأغانی ، 2 / 165 ، وورد من غیر نسبه فی المقتضب ، 2 / 32 والمغنی ، 1 / 168 والعقد الفرید ، 2 / 480 والهمع ، 2 / 131.

الشّعر صعب وطویل سلّمه

یرید أن یعربه فیعجمه

بالرفع أی فإذا هو یعجمه ، ومنه : أرید أن تتکلم بخیر أو تسکت فیجوز فی تسکت الرفع والنصب ، فالرفع علی تقدیر أو أنت تسکت ، والنصب علی تقدیر أن تسکت ، وکذلک حکم العطف علی المجزوم نحو : إن تأتنی آتک فأحدثک عطفا علی الجواب الذی هو آتک ، وکذلک لو عطفت بالواو أو ثمّ ، ویجوز رفع فأحدثک علی الابتداء (1).

ذکر المواضع التی یجوز فیها إظهار أن والتی یجب والتی یمتنع

أمّا المواضع التی یجوز فیها إظهار أن فبعد لام کی نحو : جئت لتکرمنی ولأن تکرمنی ، وبعد الحروف العاطفه نحو : أرید حضورک وتکرمنی وأن تکرمنی (3) ، وأمّا موضع وجوب إظهارها ، فبعد لام کی إذا توسّط بینها وبین الفعل لا النافیه کقوله تعالی : (لِئَلَّا یَعْلَمَ أَهْلُ الْکِتابِ)(4) کراهه دخول حرف الجرّ علی حرف النفی (5) فأظهرت أن لتفصل (6) بینهما ، وأمّا مواضع امتناع إظهار أن فیمتنع إظهارها مع سوی لام کی وحرف العطف ، وإنّما وجب إضمارها مع غیر ذلک لدلاله القرینه علیها ، وکون الحذف أخصر ، وإنما جاز إظهارها مع الحروف العاطفه لکراهتهم عطف الفعل علی الاسم ظاهرا کقولک : أرید حضورک وأن تکرمنی ، وإن کانت القرینه حاصله (7).

ص: 21

1- انظر الهمع. 2 / 16.

2- الکافیه ، 417.

3- بعدها فی الأصل مشطوب علیه «فرقا بین العاطفه علی صریح الاسم وبین العاطفه علی ما هو فی تأویل الإسم» وقد ذکرها فی نهایه الفقره.

4- من الآیه 29 من سوره الحدید.

5- بعدها فی الأصل مشطوب علیه «حذرا من بطلان صدریه حرف النفی».

6- فی الأصل لتفضل.

7- شرح الوافیه ، 351.

ذکر جوازم الفعل

اشاره

وهی قسمان :

القسم الأول : جوازم فعل واحد ، وهی أربعه : لام الأمر : وهی اللام المکسوره التی یطلب بها الفعل ، کقوله تعالی : (لِیُنْفِقْ / ذُو سَعَهٍ مِنْ سَعَتِهِ)(2) ، ولم : وهی لقلب المضارع ماضیا ولنفیه. کقولک : لم یخرج ، ولمّا : مثلها إلّا أنها آکد فی قلب المضارع إلی الماضی ، وتفید دوام الانتفاء إلی حین الإخبار ، نحو ندم ولمّا ینفعه النّدم ، فیلزم استمرار عدم النفی من الماضی إلی وقت الإخبار لازدیاد معناها بزیاده ما (3) ولا : للنهی وهی التی یطلب بها ترک الفعل (4) ، کقوله تعالی : (وَلا تَأْکُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلی أَمْوالِکُمْ)(5).

والقسم الثانی : جوازم فعلین ، وهی کلم المجازاه (6) تدخل علی الفعلین لتدلّ علی أنّ الأول سبب للثانی ، فالأول : سبب والثانی : مسبّب وسمّی الأول شرطا ، والثانی جزاء ، وکلم المجازاه حروف وأسماء ، فالحروف : إن وإذ ما علی رأی (7) والأسماء ما عداهما کما سنذکرها ، وإنما جزمت الأسماء لتضمّنها معنی إن ، لما فی ذلک من الایجاز والاختصار ، وهی ضربان : ظروف وغیر ظروف.

الضرب الأول : الأسماء التی هی ظروف : وهی إذ ما علی رأی نحو قوله (8) :

ص: 22

1- الکافیه ، 417.

2- من الآیه 7 من سوره الطلاق.

3- انظر رصف المبانی ، 281.

4- شرح الوافیه ، 352.

5- من الآیه 2 من سوره النساء.

6- الکافیه ، 417.

7- هو رأی سیبویه والجمهور ، ونقل عن المبرد وابن السراج والفارسی أن إذ ما اسم ظرف زمان. انظر لذلک الکتاب ، 3 / 56 - 63 وشرح شذور الذهب ، 334 وشرح التصریح ، 2 / 248. وانظر شرح الوافیه ، 352.

8- للعباس بن مرداس وعجزه : حقا علیک إذا اطمأنّ المجلس ورد منسوبا له فی الکتاب ، 3 / 57 والکامل للمبرد 1 / 290 والحلل 289 وشرح المفصل ، 4 / 17 ، 7 / 46 ومن غیر نسبه فی المقتضب،2 / 46 والخصائص ، 1 / 131 وشرح الکافیه ، 2 / 253 ورصف المبانی. 60.

إذ ما أتیت علی الرسول فقل له

...

فدخول الفاء فی جوابها یدلّ علی الجزم بها ، ولا تستعمل فی المجازاه إلّا مع ما ، وحیثما کذلک نحو (1) :

...

وحیثما یکن أمر صالح أکن

وأین فی المکان ، ویجازی بها مجرده ومع ما کقوله تعالی : (أَیْنَما تَکُونُوا یُدْرِکْکُمُ الْمَوْتُ)(2) وکقول الشّاعر (3) :

أین تضرب بنا العداه تجدنا

نصرف العیس نحوها للتّلاقی (4)

ومتی فی الزمان ، کقول الشّاعر (5) :

متی تأته تعشو إلی ضوء ناره

تجد خیر نار عندها خیر موقد

بجزم تأته وجزم تجد ، وأمّا تعشو فمرفوع وهو مثل قولک : إن تأتنی تسلنی أعطک ، ومعناه إن تأتنی سائلا أعطک ، فإنّ الفعل إذا کان فی موضع الحال فهو مرفوع وتعشو کذلک ، أی متی تأته عاشیا تجد ، وأمّا قول الشّاعر (6) :

ص: 23

1- لزهیر بن أبی سلمی ، وصدره : هنّاک ربّک ما أعطاک من حسن دیوانه 123 ، ورد منسوبا له فی دلائل الإعجاز للجرجانی ، 310. وقال السیوطی فی الهمع ، 2 / 58 «ولا یجزم بحیث وإذ مجردین من ما ، وأجازه الفراء قیاسا علی أین وأخواتها ، ورد بأنه لم یسمع فیهما إلا مقرونین بخلافها».

2- من الآیه 78 من سوره النساء.

3- البیت لعبد الله بن همّام السلولی ورد منسوبا له فی الکتاب ، 3 / 58 وورد من غیر نسبه فی المقتضب ، 2 / 47 وشرح المفصل ، 4 / 105 - 7 / 45 وشرح الأشمونی ، 4 / 10 العیس : الإبل البیض مفردها أعیس وعیساء.

4- فی الأصل لتلاق.

5- البیت للحطیئه ورد فی دیوانه ، 25 وورد منسوبا له فی الکتاب ، 3 / 86 والحلل ، 287 وأمالی ابن الشجری ، 2 / 278 وشرح الشواهد ، 4 / 10 وشرح شواهد المغنی ، 1 / 304 وورد من غیر نسبه فی المقتضب ، 2 / 63 وشرح المفصل ، 4 / 148 - 7 / 45 - 53 وشرح ابن عقیل ، 4 / 27 وشرح الأشمونی ، 4 / 10.

6- البیت لعبید بن الحر ، ورد منسوبا له فی شرح المفصل ، 7 / 53 - 10 / 20 وورد من غیر نسبه فی الکتاب ، 3 / 86 والمقتضب ، 2 / 61 والإنصاف ، 2 / 583 وهمع الهوامع ، 2 / 128 وشرح الأشمونی ، 3 / 131.

متی تأتنا تلمم بنا فی دیارنا

تجد حطبا جزلا ونارا تأجّجا

فإنّما جزم تلمم علی البدل من تأتنا ، ونظیره فی الأسماء قولک : مررت برجل عبد الله ففسّر الإتیان بالإلمام (1) وتأجّجا ألفه للتثنیه والفعل ماض وهو للحطب والنّار (2) ..

وأنّی : ظرف مکان نحو قول لبید (3) :

وأصبحت أنّی تأتها تلتبس بها

...

ولا تستعمل أنّی مقترنه بما.

الضرب الثانی : الأسماء التی هی غیر ظروف ، وهی : ما ومن وأی ومهما نحو قوله تعالی : (وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَیْرٍ یَعْلَمْهُ اللهُ)(4) ومن یکرمنی أکرمه ، وقوله تعالی : (أَیًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنی)(5) وقوله تعالی : (وَقالُوا مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آیَهٍ لِتَسْحَرَنا بِها فَما نَحْنُ لَکَ بِمُؤْمِنِینَ)(6) ، والجزم بکیفما شاذّ خلافا للکوفیین ، فإنّهم یجزمون بکیف مع ما وبدونها (7) وکذلک (8) الجزم بإذا شاذّ (9) ، وقد ورد فی الشعر وکقوله (10) -

ص: 24

1- الکتاب ، 3 / 86.

2- هذا رأی من آراء فیها ، وقیل : إن تأججا مفرد من صفه الحطب ، لأنه أهم إذ النار به تکون ، ویجوز أن یکون من صفه النار وذکر علی معنی شهاب أو علی إراده النون الخفیفه وأبدل منها ألفا فی الوقف. انظر الإنصاف ، 2 / 583 وشرح المفصل ، 7 / 54.

3- صدر بیت للبید بن ربیعه العامری ورد فی دیوانه ، 65 بروایه : تبتئس مکان تلتبس ، وعجزه : کلا مرکبیها تحت رجلیک شاجر ورد منسوبا له فی الکتاب ، 3 / 58 والحلل ، 290 ومن غیر نسبه فی المقتضب ، 2 / 47 وشرح المفصل ، 4 / 110 - 7 / 45. والشاجر : المائل.

4- من الآیه 197 من سوره البقره.

5- من الآیه 110 من سوره الإسراء.

6- الآیه 132 من سوره الأعراف.

7- الکتاب ، 3 / 60 والإنصاف ، 2 / 643 والهمع ، 2 / 58 وشرح الأشمونی ، 4 / 14.

8- فی الأصل ولذلک.

9- قال ابن مالک فی شواهد التوضیح ، 18 «وهو فی النثر نادر وفی الشعر کثیر».

10- لم أهتد إلی قائله. وورد فی شرح الفاکهی علی قطر الندی ، 1 / 177 بروایه غمامه.

وإذا تصبک من الحوادث نکبه

فاصبر فکلّ عمایه فستنجلی

واعلم أنّ الشّرط والجزاء (1) إن کانا مضارعین نحو : إن تقم أقم فجزم کلّ واحد منهما واجب ، لکون کل منهما معربا ، والجازم موجود ، فإن اقترن بالجزاء «لا» نحو : إن تقم لا أقم ، لم یتحتم الجزم بل یجوز الرفع علی تأویل لا ، بلیس فیکون الجزاء لا مع اسمها وخبرها وتکون الفاء مقدره حینئذ ، ومنه قوله تعالی : (وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا یَضُرُّکُمْ کَیْدُهُمْ شَیْئاً)(2) قریء یضرّکم بالوجهین فی السبعه (3) وإن کان الشرط مضارعا والجزاء ماضیا نحو : إن تضرب ضربت فالجزم أیضا واجب فی الأول لکونه معربا ، وإن کان الشرط ماضیا والجزاء مضارعا نحو : إن ضربت أضربک ، فیجوز فیه الرفع والجزم خلافا للمبرّد ، فإنه لا یجوز فیه عنده إلّا الجزم (4) ومثال رفعه قول زهیر (5) :

وإن أتاه خلیل یوم مسغبه

یقول لا غائب مالی ولا حرم

ذکر امتناع دخول الفاء فی الجزاء والجواز والوجوب

إذا وقع الفعل الماضی جزءا وکان معناه الاستقبال بأداه الشرط ، لم یجز دخول

ص: 25

1- الکافیه ، 418.

2- من الآیه ، 120 من سوره آل عمران.

3- قال صاحب الکشف ، 1 / 355 لا یضرکم قرأه الکوفیون وابن عامر بفتح الیاء والتشدید وضم الضاد والراء ، وقرأ الباقون بفتح الیاء وکسر الضاد والجزم ، وقال العکبری فی التبیان ، 1 / 289 وفی رفعه ثلاثه أوجه : أحدها : أنه فی نیه التقدیم أی لا یضرکم کیدهم شیئا إن تتقوا ، والثانی : أنه حذف الفاء وعلی هذین القولین الضمه إعراب ، والثالث : أنها لیست إعرابا بل لما اضطرّ إلی التحریک حرک بالضم إتباعا لضمّه الضاد.

4- قال فی المقتضب ، 2 / 67 ولکن القول عندی أن یکون الکلام إذا لم یجز فی موضع الجواب مبتدأ علی معنی ما یقع بعد الفاء فکأنک قدرته وأنت ترید الفاء. وانظر لذلک شرح الوافیه 352 فالنقل منه ، وشرح المفصل ، 8 / 157 ، وشرح الأشمونی ، 4 / 17.

5- شاعر جاهلی معروف مشهور ، انظر أخباره فی طبقات فحول الشعراء ، 1 / 51 والشعر والشعراء ، 1 / 76. والبیت فی دیوانه 153 وورد منسوبا له فی الکتاب ، 3 / 66 والمقتضب ، 2 / 68 والإنصاف ، 2 / 625 وشرح المفصل ، 8 / 156 - 157 ومن غیر نسبه فی شرح شذور الذهب ، 349 وشرح ابن عقیل ، 4 / 35 ، والهمع 2 / 60 وشرح الأشمونی ، 4 / 17.

6- الکافیه ، 418 وفی شرح الوافیه ، 353 «مواضع امتناع دخول الفاء فی الجزاء ، ومواضع الجواز ، ومواضع الوجوب».

الفاء ، کقولک : إن أکرمتنی أکرمتک ، إلّا إذا کان الجزاء الماضی المذکور مع قد لفظا أو معنی فیجب دخول الفاء کقوله تعالی : (قالُوا إِنْ یَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ)(1) ومثال معنی قد قوله تعالی : (وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها إِنْ کانَ قَمِیصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْکاذِبِینَ)(2) وإذا وقع المضارع جزاء مثبتا أو منفیا بلا ، جاز دخول الفاء وجاز حذفها ، لصحّه تقدیر تأثیر الشّرط فیهما وصحّه نفی تأثیره ، فدخولها نحو : إن قمت فیقوم أی فهو یقوم ، قال الله تعالی : (وَمَنْ عادَ فَیَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ)(3) وحذفها نحو : إن قمت تقم ، ومثال دخولها فی المضارع المنفی بلا ، قوله تعالی : (فَمَنْ یُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا یَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً)(4) ومثال حذفها قوله تعالی : (وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا یَضُرُّکُمْ کَیْدُهُمْ شَیْئاً)(5) هذا إذا کان الجزاء منفیا بلا خاصه ، فأمّا إذا لم یکن الجزاء کذلک فیجب دخول الفاء (6) سواء کانت الجمله اسمیّه کقوله تعالی : (أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ)(7) أو أمرا کقوله : (قُلْ إِنْ کُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِی)(8) أو نهیا کقوله تعالی : (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَی الْکُفَّارِ)(9) أو استفهاما نحو : إن ترکتنا فمن یرحمنا ، أو دعاء نحو : إن أکرمتنا فیرحمک الله ، وقد ورد حذف هذه الفاء شاذا ، کقول الشاعر (10) :

ص: 26

1- من الآیه 77 من سوره یوسف.

2- من الآیه 26 من سوره یوسف.

3- من الآیه 95 من سوره المائده.

4- من الآیه 13 من سوره الجن.

5- من الآیه 120 من سوره آل عمران.

6- بعدها ثلاثه أسطر مشطوب علیها تعذرت قراءتها وظاهر من بعض کلماتها أنها تکرار لقوله السابق جاز دخول وجاز حذفها ... إلخ قوله تأثیره ... وقد أتی الطمس بعد ذلک علی عدد من الآیات القرآنیه المذکوره.

7- من الآیه 34 من سوره الأنبیاء.

8- من الآیه 31 من سوره آل عمران.

9- من الآیه 10 من سوره الممتحنه.

10- وعجزه : والشر بالشرّ عند الله مثلان والبیت اختلف حول قائله فقد ورد منسوبا لحسان بن ثابت فی الکتاب 3 / 65 - 114 ولیس فی دیوانه ، وورد منسوبا لعبد الرحمن بن حسان فی المقتضب ، 2 / 20 والمغنی ، 1 / 65 - 98 2 / 422 - 423 وشرح التصریح ، 2 / 250 ومن غیر نسبه فی المحتسب ، 1 / 193 والمنصف ، 3 / 118 والمقرب ، 1 / 276 وشرح الکافیه ، 2 / 263 - 394 وشرح الأشمونی ، 4 / 20.

من یفعل الحسنات الله یشکرها

...

أی فالله وقد تجیء إذا مع الجمله / الاسمیّه موضع الفاء (1) کقوله تعالی : (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَیِّئَهٌ بِما قَدَّمَتْ أَیْدِیهِمْ إِذا هُمْ یَقْنَطُونَ)(2) وإنما جاز وقوع إذا موضع الفاء لدلالتها علی المفاجأه والتعقیب کالفاء (3) وضابط دخول الفاء وحذفها هو أنّ کلّ موضع أفاد حرف الشّرط فی جزائه الاستقبال ، امتنع دخول الفاء لوضوحه فی الارتباط ، وکلّ موضع لا یفید حرف الشرط فیه الاستقبال فلا بدّ من الفاء لتوضح الارتباط ، وکلّ موضع یحتمل التقدیرین جاز فیه الأمران (4).

ذکر الجزم بتقدیر إن

وینجزم الفعل المضارع بإن مضمره بعد أمور خمسه : وهی الأمر والنهی والاستفهام والتمنی والعرض ، وإنما انجزم الفعل فی جواب هذه الخمسه لوجود معنی الشّرط فیها ومعنی الجزاء فی جوابها ، لأنّ هذه الخمسه کلّها فیها طلب الفعل المستلزم وقوعه وقوع الفعل الذی بعده ، ففی الأمر طلب الفعل ، وفی النهی طلب الانتهاء عنه ، وفی الاستفهام طلب الإخبار ، وفی التمنی طلب الشیء الذی یتمناه ، وفی العرض طلب نحو النزول ، وهذه المطلوبات کلّها شروط لما وقع بعدها ، وإذا کانت شروطا لما بعدها ففیها معنی الشرط فإذا قلت فی الأمر : أکرمنی أکرمک کان المعنی إن تکرمنی أکرمک ، وإذا قلت فی النهی : لا تضرب زیدا یکن خیرا لک کان التقدیر إن لا تضربه یکن خیرا لک ، وإذا قلت فی الاستفهام : ألا تأتینی (6) أحدثک

ص: 27

1- فی الکتاب ، 3 / 65 - 64 وسألت الخلیل عن قوله عزوجل «الآیه» فقال : هذا کلام معلّق بالکلام الأوّل کما کانت الفاء معلّقه بالکلام الأول.

2- من الآیه 36 من سوره الروم.

3- فی الأصل لدلالتها علی السببیه کالفاء ، لأن إذا للمفاجأه ، شطبها الناسخ وأحال إلی ما أثبتناه من الهامش وکتب بجواره صح.

4- شرح الوافیه ، 354 وبعدها «باعتبار التقدیرین» وانظر شرح التصریح ، 2 / 250 والهمع ، 2 / 60.

5- المفصل ، 252 وشرح الوافیه ، 354.

6- فی الأصل «تأتنی» بالجزم. وفی شرح الوافیه ، 355 وهل تأتینی أحدثک.

وأین بیتک أزرک ، کان التقدیر إن تأتنی أحدثک وإن تعلمنی بیتک أزرک ، فإذا قلت فی التمنی : ألا ماء أشربه ، ولیته عندنا یحدثنا ، کان التقدیر إن أجد الماء أشربه وإن تکن عندنا تحدثنا ، وإذا قلت فی العرض : ألا تنزل عندنا تصب خیرا ، کان التقدیر إن تنزل تصب خیرا (1) وکذلک ما فیه معنی الأمر والنهی فإنه منزّل منزله الأمر والنهی فی جزم الجواب (2) وذلک مثل قولهم : اتّقی الله امرؤ وفعل (3) خیرا یثب علیه ، بجزم یثب علی جواب الأمر إذا کان المراد ، لیتق امرؤ ولیفعل خیرا یثب علیه بمعنی إن یفعل خیرا یثب علیه ، وکذلک : صه أکرمک ، والمعنی اسکت إن تسکت أکرمک.

واعلم أنه من حقّ المضمر أن یکون من جنس المظهر لیدل علیه (4) ، لأنّ المضمر إذا لم یکن من جنس المظهر إیجابا أو نفیا لم یصح أن یکون المظهر دلیلا علیه ، لأنّه إنما یدلّ علی ما هو من جنسه ، فإذا قلت : لا تعص الله یدخلک الجنه ، کان صحیحا ، لأنّ التقدیر : إن لا تعصه یدخلک الجنه لأنّک إنّما تضمر مثلما تظهر من النفی والإثبات ، وإذا قلت : لا تدن من الأسد یأکلک کان فاسدا ، لأنّ النهی لا یدلّ علی الإثبات ، لأنّ التقدیر إن لا تدن من الأسد یأکلک ، وهو فاسد ، وإنما کان هذا هو التقدیر ، لأنّ قولک : لا تدن من الأسد ، إنما یدلّ علی ما هو من جنسه والذی / هو من جنسه هو النهی ، وإذا قدرت النهی لم یستقم المعنی (5) ، وأجاز الکسائی لا تدن من الأسد یأکلک ، اعتمادا علی وضوح المعنی ، وتقدیره عنده لا تدن من الأسد إن تدن منه یأکلک (6) واعلم أنّ القرّاء کلّهم خلا أبی عمرو قرأوا (فأصدق وأکن من الصالحین) (7) بجزم أکن عطفا علی موضع أصدّق ، لأنّه فی موضع جزم کأنّه قال :

ص: 28

1- شرح الوافیه ، 355 وشرح المفصل ، 7 / 48.

2- المفصل ، 253.

3- فی الأصل بلا واو ، ونحوه فی الأوضح ، 4 / 191 وشرح التصریح ، 2 / 243 وفی الکتاب 3 / 100 والمفصل ، 253 وشرح المفصل ، 7 / 49 «وفعل» وهی مثبته فی التقدیر المذکور بعد.

4- المفصل ، 253.

5- إیضاح المفصل ، 2 / 37.

6- شرح الوافیه ، 355 وإیضاح المفصل ، 2 / 38 وفی شرح الکافیه للرضی ، 2 / 267 «إنه لیس ببعید لو ساعده نقل» وانظر النحو الوافی لعباس حسن ، 4 / 394.

7- من الآیه 10 من سوره المنافقون.

إن أخرتنی أصدّق وأکن ، وقرأه أبو عمرو خاصه (فأصدق وأکون) بنصب أکون عطفا علی قوله فأصّدّق علی لفظه (1) وإنما لم یلحق النفی بالأمور الخمسه فی ذلک ، لأنّ النفی مجرّد إخبار لأنّک إذا قلت : ما أتیتنا ، قطعت بأنه ما أتی فلیس فیه طلب ، فلا یتضمّن معنی الشرط کما تضمّنه الأمر والنهی إلی آخر الأمور الخمسه ، لأنّ الفعل إنما ینجزم إذا کان جوابا لما فیه معنی إن الشرطیه ، ولیس فی النفی معنی إن کما هو فی الأمور الخمسه فمن ثمّ لم یجز : ما تأتنا تحدثنا بالجزم ، ولکنه یجوز برفع تحدثنا علی الحال أی ما تأتینا محدثا لنا وهو مثل قوله تعالی (ذَرْهُمْ فِی خَوْضِهِمْ یَلْعَبُونَ)(2) أی لاعبین ، ومثل قولک : انطلق تتکلّم أی انطلق متکلّما ، وأمّا قولک : إن تأتنی تسألنی أعطک ، وإن تأتنی تمشی أمش معک ، فهو برفع المتوسّط علی الحال (3) ، وجزم الطرفین ، وتقدیره : إن تأتنی سائلا أعطک وإن تأتنی ماشیا أمش معک ومثله (4) :

متی تأته تعشو إلی ضوء ناره

تجد خیر نار عندها خیر موقد

بجزم تأته وتجد ، ورفع تعشو علی الحال أی متی تأته عاشیا تجد کیت وکیت (5).

ذکر صیغه الأمر

ویقال له أیضا : مثال الأمر (7) ، وإنّما سمّی فعل الأمر بمثال الأمر ، لأنّ الأمر من فعل قد یماثل الأمر من فعل آخر ، نحو : هب من وهب ، فإنّه یماثل الأمر من هاب یهاب ، وکل أمرک إلی الله ، یماثل الأمر من کال الطّعام یکیله فسمّی (8) الباب کله مثالا لوقوع ما ذکرنا فیه وصیغه الأمر هی التی یطلب بها الفعل من الفاعل

ص: 29

1- الکشف ، 2 / 322 والتبیان ، 2 / 1225 والنشر ، 2 / 388.

2- من الآیه 91 من سوره الأنعام.

3- المفصل ، 254 وانظر المقتضب ، 2 / 65 - 66 وإیضاح المفصل ، 2 / 41.

4- تقدم الکلام علی هذا البیت فی الصفحه 2 / 23.

5- المقتضب ، 2 / 65.

6- الکافیه ، 418.

7- وهو ما درج علیه صاحب المفصل ، 256 وانظر إیضاح المفصل ، 2 / 46

8- بعدها مشطوب علیه «مثالا لهذا ، وما لم یکن مماثلا لغیره من هذا الباب فملحق به».

المخاطب ، بحذف حرف المضارعه فتقول فی یضع : ضع ، وفی یضارب : ضارب وفی یدحرج : دحرج ، ولا یرید (1) بصیغه الأمر ما یدلّ علی الطلب مطلقا بل هذه الصیغه المخصوصه فیخرج : لیفعل زید کذا ، لأنه لیس للفاعل المخاطب ، ویخرج : لتفعل کذا لأنّه لیس یحذف حرف المضارعه ، وإن کان قولهم : لتفعل کذا بالتاء المثّناه من فوقها ، قلیلا ومنه القراءه الشّاذّه (فبذلک فلتفرحوا هو خیر مما یجمعون) (2) وعلی کلّ حال فإنّ الفعل الداخل علیه لام الأمر لم یحذف منه حرف المضارعه ، وهو معرب بالجزم وصیغه الأمر مبنیه (3) فلا مدخل لأحدهما فی باب الآخر ، وحکم آخره حکم المجزوم (4) باللّام لاشتراکهما فی الطلب نحو : اضرب اضربوا ، اغز ارم / اخش فإنّه مثل : لیضرب لیضربا لیضربوا لیغز لیرم لیخش ، وإذا حذفت حرف المضارعه ، فلا یخلو ما بعده من أن یکون متحرکا أو ساکنا فإن کان متحرکا نطقت به علی ما هو علیه کقولک فی یقول : قل وفی یعد : عد وفی تدحرج : دحرج وفی تتعلّم تعلّم وفی تقی وتفی وتری : قه وفه وره ، والتزموا هاء السکت فی مثل ذلک إذا وقفوا علیه. لیحصل الابتداء بالمتحرّک ، والوقوف علی الساکن ، وإن کان ما بعد حرف المضارعه ساکنا ولیس برباعی زدت همزه وصل لیتوصّل بها إلی النطق بالسّاکن مضمومه إن کان بعد السّاکن ضمّه أصلیّه نحو : اخرج واقتل ، واحترز بقوله : أصلیه (5) عن الضمّه العارضه فی نحو : یمشون ویبنون ، فإن أصلهما : یمشیون ویبنیون فاستثقلت الضمّه علی الیاء ، فحذفت فالتقی ساکنان الیاء والواو فحذفت الیاء ثم ضمّ ما قبل الواو للمناسبه ، فصار یمشون ویبنون ، فالضّمّه فیهما

ص: 30

1- أی ابن الحاجب فی الکافیه ، 418 حیث قال : الأمر صیغه یطلب بها الفعل من الفاعل المخاطب» ونحوه فی شرح الوافیه ، 356.

2- من الآیه 58 من سوره یونس ، وفی المحتسب ، 1 / 313 ومن ذلک قراءه النبی صلی الله علیه وسلم ، وعثمان بن عفان وأبی بن کعب والحسن وأبی رجاء ومحمد بن سیرین والأعرج وغیرهم «الآیه ... ونص الزمخشری فی کشافه ، 2 / 277 علی أن هذه القراءه هی الأصل والقیاس».

3- فی الأصل مبنی.

4- الکافیه ، 418 وانظر شرح الوافیه ، 257.

5- فی الشافیه ، 520 : ألحق فی الابتداء خاصه همزه وصل مکسوره إلا فیما بعد ساکنه ضمه أصلیه فإنها تضم نحو اقتل ... بخلاف ارموا.

عارضه فلذلک لم تعتبر هذه الضمّه ، وکسرت همزه الوصل فی نحو : امشوا وابنوا ولم تضمّ ، وأمّا إذا لم یکن بعد الساکن ضمّه أصلیّه ، فإنک تکسر همزه الوصل سواء کان ما بعد السّاکن کسره أو فتحه نحو : اضرب وانزل (1) واعلم واجعل ، وإن کان الفعل رباعیا وما بعد حرف المضارعه ساکن نحو : یعلم ویرسل ، جئت بالهمزه المحذوفه من المضارع لزوال المقتضی لحذفها ، لأنّ أصل یعلم ویرسل یؤعلم ویؤرسل ، لأنّ حروف المضارعه تزاد علی الماضی ، وماضیهما أعلم وأرسل مثل دحرج ، وکما أنّ المضارع من دحرج : یدحرج فکذلک المضارع من أعلم وأرسل ، یؤعلم ویؤرسل لکن کرهوا اجتماع الهمزتین فی کلمه واحده ، فحذفوا الثانیه تخفیفا ثم أجروا حروف المضارعه کلّها مجری واحدا ، فلمّا حذفوا حرف المضارعه لبناء صیغه الأمر ، زال موجب حذف هذه الهمزه فوجب الإتیان بها مفتوحه مقطوعه فتقول فی الأمر من أعلم وأرسل : أعلم وأرسل ، بفتح أولهما کما تقول فی الأمر من دحرج : دحرج ، والأمر مبنیّ علی السکون لذهاب حرف المضارعه الذی به حصل الشّبه المقتضی للإعراب ، والکوفیون یقولون معرب بالجزم بلام مقدّره فإنّ قولک : اغز وارم واخش مثل المعرب المجزوم بلام الأمر أعنی : لیغز ولیرم ولیخش (2).

ذکر فعل ما لم یسمّ فاعله

وهو الفعل الذی حذف فاعله وأسند إلی ما یقوم مقام الفاعل إمّا للاختصار أو للإبهام أو للجهل بالفاعل ، وکیفیه بنائه أنّ الفعل إذا کان ماضیا ضمّ أوله وکسر ما قبل آخره نحو : ضرب وقتل ودحرج ، فإن کان فی أول الفعل همزه وصل فتضمّ الهمزه والحرف الثالث وهو ما یلی الساکن الذین بعد الهمزه / نحو : اقتدر واستحرج بضمّ الهمزه والتاء فیهما ، لأنّه لو اقتصر علی ضمّ الهمزه وحدها وهی تزول فی الوصل ، لالتبس بالأمر عند سقوطها نحو : ألا اقتدر وألا استخرج ، وإن کان فی أول

ص: 31

1- غیر واضحه فی الأصل.

2- انظر هذه المسأله فی الإنصاف ، 2 / 524 وشرح المفصل ، 7 / 61 وشرح الکافیه ، 2 / 268 وانظر شرح الوافیه ، 357.

3- الکافیه ، 418.

الفعل تاء (1) نحو باب تفعّل وتفاعل فتضمّ التاء مع ضمّ الحرف الثانی فتقول فی تعلّم وتجاهل : تعلّم وتجوهل بضمّ التاء والحرف الثانی ، إذ لو اقتصر علی ضمّ التاء لم یدر مضارع هو أم فعل لم یسمّ فاعله.

وإذا کان الماضی ثلاثیا معتلّ العین مثل : قال وباع فلک فیه ثلاث لغات (2) :

إحداها : أن تقول : قیل وبیع بالیاء فیهما وهی أفصحها.

والثانیه : أن تقول : قول وبوع بالواو فیهما ، وهی أضعفها.

والثالثه : أن یشمّ أولها الضمّ تنبیها علی أنّ أصله الضمّ وهی فصیحه (3) وإنما کان قیل وبیع أفصحها ، لأنّ الأصل بیع بضمّ الباء الموحده وکسر الیاء فکرهوا الکسره علی الیاء بعد الضمّ فأسکنوها ، فلم یمکن بقاؤها ساکنه مع ضمّ ما قبلها ، ودار الأمر بین جعل موضع الباء واوا ، أو تغییر ضمّه الباء بکسره ، فکان تغییر الحرکه أولی من تغییر الحرف فقیل : بیع بکسر الباء وحملوا قیل علیه لأنّهما من باب واحد ، وقد علم بذلک ضعف لغه قول وبوع لأنّهم قلبوا الیاء واوا فحملوا الأخفّ علی الأثقل ، ومثله باب اختیر (4) لأنّ أصل اختیر اختیر بضمّ التّاء وکسر الیاء فجری فی تیر من اختیر اللغات الثلاث کما جرت فی بیع ، والقول فیه کالقول فی بیع ، وکذلک نحو : انقید ، وأما أقیم ، واستخیر فأصلهما أقوم واستخیر فلیس فیهما قبل حرف العله ضمّه لسکون القاف والخاء کما تری ، فلا یجیء فیه ما قیل فی بیع وقیل ، وحکم ذلک أن تنقل حرکه الواو والیاء إلی ذلک الساکن وحرکتهما الکسره ، فلذلک وجب أن یقال : أقیم واستخیر بکسر القاف والخاء اللذین کانا ساکنین لغه واحده.

وإن بنی المضارع لما لم یسمّ فاعله (5) ضمّ أوّله وفتح ما قبل آخره لیتمیّز عن

ص: 32

1- قیدها بعضهم بالزائده احترازا من نحو : ترمس شیء بمعنی رمسه ، انظر شرح التصریح ، 1 / 129.

2- الکافیه ، 418 وانظر شرح الوافیه ، 358.

3- إخلاص الکسر لغه قریش ومن جاورهم ، وإشمام الکسر الضم لغه کثیر من قیس وأکثر بنی أسد ، والضم الخالص موجود فی کلام هذیل. انظر الکتاب ، 4 / 342 وشرح المفصل ، 7 / 70 وشرح الکافیه ، 2 / 270 وشرح التصریح ، 1 / 294.

4- الکافیه ، 419 ، وانظر شرح الوافیه ، 359.

5- الکافیه ، 419.

بناء الفاعل نحو : یضرب (1) وإن کان المضارع معتلّ العین فتقلب عینه ألفا سواء کانت واوا أو یاء ، تقول فی یقول ویبیع : یقال ویباع ، لأنّ أصلهما یقول ویبیع فنقلت حرکه الواو والیاء إلی ما قبلهما وقلبت ألفا لتحرکهما فی الأصل وانفتاح ما قبلهما ، فصارا یقال ویباع (2).

ذکر الفعل المتعدّی

المتعدّی هو الذی لا یعقل إلّا بمتعلّق غیر الفاعل نحو : ضرب زید ، فإنّ فهمه یتوقف علی شیء یتعلّق به ضرب الضّارب ، بخلاف غیر المتعدی نحو : قعد زید ، فإنّ فهمه لا یتوقّف علی شیء آخر ، وغیر المتعدی یصیر متعدّیا ، إمّا بالهمزه نحو : أذهبت زیدا ، أو بتضعیف العین نحو : فرّحت زیدا أو بحرف الجرّ نحو : ذهبت بزید (4) والمراد بتعدیه الفعل تضمینه معنی التصییر إذ معنی خرجت به صیّرته خارجا ، والفعل المتعدّی إن کان متعلّقه واحدا کان متعدّیا إلی واحد ، وإن کان / متعلّقه اثنین کان متعدّیا إلی اثنین مثل : کسوت وأعطیت وعلمت وظننت ، ولیس فی المعانی ما تتوقّف عقلیّته علی ثلاث متعلّقات غیر فعلین وهما : أعلمت وأریت أدخل علی علمت ورأیت الهمزه فتعدّی إلی ثلاثه ، لزیاده الهمزه الفعل معنی ازداد بسببه مفعولا آخر ، فإذا قلت أعلمت زیدا عمرا فاضلا ، کان معناه صیّرت زیدا ذا علم بأن عمرا فاضل ، وکذلک أریت ، وزاد الأخفش أظننت وأحسبت وأخلت وأزعمت ، وهو غیر مسموع (5) وأجری مجری أعلمت وأریت : أخبرت وخبّرت وحدّثت وأنبأت ونبّأت ، فنصبوا بها ثلاثه مفاعیل

ص: 33

1- مراده أن فیما زاد علی الثلاثه وأرید بناؤه لاسم الفاعل یضمّ أوله ویکسر ما قبل آخره ، وفی حاله بنائه للمجهول یضمّ أوله ویفتح ما قبل آخره أیضا وکأنّ فتح ما قبل آخره جاء تمییزا له عن اسم الفاعل ، وقد علّل الرضی ذلک تعلیلا آخر فقال : إنّما ضمّ أول المضارع حملا علی أول الماضی ، وأمّا فتح ما قبل آخره دون الضمّ والکسر فلتعتدل الضمه بالفتحه فی المضارع الذی هو أثقل من الماضی. انظر شرح الکافیه ، 2 / 272.

2- شرح الوافیه ، 359.

3- الکافیه ، 419.

4- شرح المفصل ، 7 / 64 وشرح الکافیه ، 2 / 274.

5- شرح الوافیه ، 360 وفی الهمع ، 1 / 159 نسب إلی ابن السراج أیضا وزاد علیها الفعل أوجد ، قال : قیاسا علی أعلم وأری ولم یسمع وانظر رد الرضی علی هذا الرأی فی شرح الکافیه ، 2 / 275.

أیضا کما نصبوا بأعلمت ثلاثه مفاعیل ، وأصلها أن تتعدّی إلی الثانی بحرف الجرّ نحو : حدّثت زیدا عن عمرو ، ولکن لمّا کان الإنباء مرادفا للإخبار ، والإخبار مرادفا للإعلام أعملت الأفعال المذکوره إعمال أعلمت (1).

ذکر أفعال القلوب

اشاره

وهی : ظننت وحسبت وعلمت وزعمت ورأیت ووجدت وخلت ، تدخل علی الجمله لأنّها تتعلّق بالنّسب ولا تکون نسبه إلّا من جزءین ، فلذلک افتقرت إلی جزءین وإنّما سمّیت أفعال القلوب ، لأنّ المفعول الثانی فیها محکوم به علی الأوّل والحکم علی الشیء أمر عقلی فعبّروا عن ذلک بالقلب (3) والمشهور أنّ هذه الأفعال سبعه ثلاثه للظنّ وهی : ظننت وحسبت وخلت بمعنی ظننت ، وثلاثه للیقین وهی : علمت ورأیت ووجدت إذا کانت (4) بمعنی علمت ، وواحد محتمل للأمرین وهو زعمت ، ومنهم من یلحق بها أفعالا أخری (5) وهی:شعرت ودریت وألفیت وتوهّمت ، وهب فی قوله : (6) :

هبونی امرأ منکم

وجعلت واتخذت ، أما جعلت فإذا کانت إما بمعنی سمّیت کقوله تعالی : (وَجَعَلُوا الْمَلائِکَهَ الَّذِینَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً)(7) أی سمّوهم ، أو بمعنی صیّرت کقوله تعالی : (وَجَعَلَنِی)(8) نَبِیًّا (9) وأمّا اتخذت ففی نحو قوله تعالی : (وَاتَّخَذَ اللهُ

ص: 34

1- بعدها فی الأصل مشطوب علیه «وعد مفعولها الأول کمفعول أعطیت والثانی والثالث کمفعولی علمت» وانظر شرح الوافیه ، 361.

2- الکافیه ، 419.

3- شرح المفصل ، 7 / 78 وانظر شرح الوافیه ، 362.

4- فی الأصل کانا.

5- منهم ابن هشام اللخمی ، الهمع ، 1 / 159.

6- قطعه من بیت تمامه : ... أضلّ بعیره له ذمّه إنّ الذّمام کثیر البیت لأبی دهبل الجمحی ورد فی دیوانه 77 ونسب إلیه فی تهذیب الخواص من دره الغواص لابن منظور 77.

7- من الآیه 19 من سوره الزخرف.

8- فی الأصل وجعله.

9- من الآیه 30 من سوره مریم وبعدها مشطوب علیه «أو بمعنی الخلق».

إِبْراهِیمَ خَلِیلاً)(1) وتختصّ هذه الأفعال بالجمله الاسمیّه لبیان ما تکون علیه تلک الجمله من ظنّ أو علم ، وتنصب الجزأین بمعنی المفعولین ، وإنّما نصبتهما لأنّهما متعلّقان لها کما (2) ینصب بأعطیت ونحوه مفعولین (3).

ذکر خصائص هذه الأفعال

من خصائصها : أنّه لا یقتصر علی أحد مفعولیها ، وإن جاز أن لا یذکرا معا ، کقوله تعالی : (وَیَوْمَ یَقُولُ نادُوا شُرَکائِیَ الَّذِینَ زَعَمْتُمْ)(5) أی زعمتموهم إیّاکم ، لأنّ هذه الأفعال داخله علی المبتدأ والخبر ، فکما أنّه لا بدّ للمبتدأ من الخبر وبالعکس ، فکذلک لا بدّ لأحد المفعولین من الآخر هذا هو المشهور ، والأجود أن یقال (6) : لأنّ متعلّقها النسبه ، وهی لا تتحقّق بدون المنتسبین (7) ولیس کذلک / باب أعطیت لأنّه غیر داخل علی المبتدأ والخبر.

ومن خصائصها : إذا توسطت هذه الأفعال بین المفعولین أو تأخرت جاز إلغاؤها وجاز إعمالها کقولک : زید علمت منطلق ، وزیدا علمت منطلقا ، وکقولک : زید مقیم ظننت ، وزیدا مقیما ظننت ، والإعمال أولی ، إذا توسّطت لقربها من رتبتها ، والإلغاء أولی إذا تأخرت وإنّما جاز الإلغاء لاستقلال الجزءین کلاما ، بخلاف باب أعطیت ، ولم تلغ إذا قدّمت علی الأصحّ لقوّتها بالتقدّم (8).

ومن خصائصها : أنّها تعلّق مع لام الابتداء ومع النفی ومع الاستفهام ، ومعنی تعلیقها إبطال عملها (9) نحو : علمت لزید منطلق ، وعلمت ما زید قائم ، وعلمت

ص: 35

1- من الآیه 125 من سوره النساء.

2- بعدها فی الأصل مشطوب علیه «ونحوه المفعولین» وأثبتها بعد.

3- شرح الوافیه ، 362.

4- الکافیه ، 419.

5- من الآیه 52 من سوره الکهف.

6- هذا رأی ابن الحاجب ذکره فی شرح الوافیه ، 362 وانظر الهمع ، 1 / 152.

7- بعدها فی الأصل مشطوب علیه «لیکون فرقا بینهما وبین المبتدأ والخبر».

8- شرح الوافیه ، 362 وانظر إیضاح المفصل ، 2 / 68.

9- بعدها مشطوب علیه «وجوبا» وهی ساقطه أیضا من شرح الوافیه ، 362 مع أن النقل منه.

أزید عندک أم عمرو (1) لأنّ ما ذکر له صدر الکلام فلا یعمل ما قبله فیما بعده.

واعلم أنّ الفرق بین التعلیق والإلغاء أن الإلغاء : هو إبطال عملها لفظا ومحلا ، وأمّا التعلیق : فهو إبطال عملها لفظا لا محلا ، فإنّ موضع الجمله فی قولک : علمت لزید قائم ، نصب (2) وإنّما لم یعمل لفظا ، لأنّ لام الابتداء وحرف النفی وحرف الاستفهام لهنّ صدر الکلام ، والعامل له حکم التّصدر علی معموله فتدافعا (3).

ومن خصائص هذه الأفعال أیضا : أنه یجوز أن یکون فیها ضمیر فاعل ومفعول لشیء واحد کقول الشخص عن نفسه علمتنی منطلقا ، وفی غیرها یعدل إلی لفظ النفس فیقال : ضربت نفسی وکرهت نفسی ، لأنّ الغالب فی غیر أفعال القلوب تعلّق فعل الفاعل بغیره ، فلو جمع بینهما لسبق الفهم إلی المغایره (4) ولیس کذلک أفعال القلوب لأنّها تتعلّق بالاعتقادات من العلم والظنّ ، وعلم الإنسان وظنّه یتعلّق بصفات نفسه أکثر من صفات غیره (5) وقد تجیء بعض هذه الأفعال بمعنی آخر (6) فتجیء ظننت من الظّنّه بمعنی التّهمه ، وتجیء علمت بمعنی عرفت کقوله تعالی : (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِینَ اعْتَدَوْا مِنْکُمْ فِی السَّبْتِ)(7) أی عرفتم ، وتجیء وجدت بمعنی وجدان الضّالّه أی بمعنی الإصابه تقول : وجدت ناقتی أی أصبتها ، وتجیء رأیت بمعنی رؤیه البصر تقول : رأیت زیدا أی أبصرته وإذا استعملت هذه الأفعال فی هذه المعانی المذکوره فلا تتعدّی إلی أکثر من مفعول واحد ، لأنّ معانیها حینئذ لا تقتضی إلّا التعلّق بمعنی واحد فتقول : علمت زیدا کما تقول : عرفت زیدا (8).

ص: 36

1- بعدها مشطوب علیه «أی علمت جواب هذا السؤال» والأمثله جمیعها مذکوره فی شرح الوافیه ، 362 وسقط منها أیضا ما شطب هنا وذکربعد مثال الاستفهام ما نصه«والمعنی العلم بمضمون الجمل بعدها».

2- شرح الکافیه ، 2 / 279.

3- إیضاح المفصل ، 2 / 71 ، وشرح المفصل ، 7 / 88.

4- غیر واضحه فی الأصل.

5- بعدها فی الأصل مشطوب علیه «فالأکثر علی أن أن المفتوحه مع اسمها وخبرها فی نحو : علمت أن زیدا منطلق ، سدت مسد المفعولین لاشتمالها علی مقتضاها الذی هو المسند والمسند إلیه ، وعلی رأی المفعول الثانی محذوف للعلم به وتقدیره : علمت انطلاق زید حاصلا» ولم یذکر ابن الحاجب شیئا من ذلک فی شرح الوافیه ، 362.

6- الکافیه ، 420.

7- من الآیه 65 من سوره البقره.

8- شرح الوافیه ، 363 وانظر شرح المفصل ، 7 / 81 وشرح الکافیه ، 2 / 289.

ذکر الأفعال النّاقصه

اشاره

وهی : کان وصار وظلّ وبات وأصبح وأمسی وأضحی وآض وعاد وغدا وراح وما فتیء وما برح وما انفکّ وما زال وما دام ولیس ، وهذه الأفعال تدخل علی الجمله الاسمیّه لإعطاء الخبر حکم معناها فترفع الأول وتنصب الثانی ، وسیبویه لم یذکر منها غیر أربعه وهی : کان وصار وما دام ولیس ، ثم قال : وما کان نحوهنّ من الفعل مما لا یستغنی عن الخبر (2) وذلک یدلّ علی أنّ هذه الأفعال / غیر محصوره لما أعطاه من الضابط (3) وقد جاء : ما جاءت حاجتک (4) ، وقعدت کأنّها حربه (5) ، بنصب حاجتک لأنّه خبر جاء وهی بمعنی صار واسم جاء ضمیر یعود إلی ما ، والتقدیر : أیّه حاجه صارت حاجتک ومنهم من یرفع حاجتک ویجعل ما استفهامیه والأشهر النصب ، وأما قعدت کأنّها حربه أی أرهف شفرته حتی قعدت کأنّها حربه أی حتی صارت کأنها حربه ، فموضع کان واسمها وخبرها نصب ، لأنّه خبر قعدت واسم قعدت مضمر یعود إلی الشفره ، قال الله تعالی : (لا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولاً)(6) أی فتصیر (7) ، وإنما سمیّت هذه الأفعال ناقصه لنقصها عن غیرها من الأفعال ، لأنّ غیرها یتمّ کلاما بمرفوعه ، وهذه إن لم یذکر منصوبها مع المرفوع لم

ص: 37

1- الکافیه ، 420.

2- الکتاب ، 1 / 45.

3- وصل عددها إلی ثلاثین فعلا ، بعضها اتفق علیه ، وبعضها نوزع فیه. الهمع ، 1 / 113 وانظر شرح الوافیه ، 363.

4- فی الکتاب ، 1 / 50 ومثل قولهم : من کان أخاک قول العرب : ما جاءت حاجتک کأنه قال : ما صارت حاجتک ... وإنما صیّر جاء بمنزله کان فی هذا الحرف وحده لأنّه بمنزله المثل وفی الهمع ، 1 / 112 قیل : وأول من قالها الخوارج لابن عباس حین أرسله علی إلیهم ، ویروی برفع حاجتک».

5- فی شرح المفصل ، 7 / 91 «ونظیره قعد فی قول الأعرابی : أرهف شفرته ... إلخ وانظر شرح الکافیه ، 2 / 292 وشرح الأشمونی ، 1 / 229.

6- من الآیه 22 من سوره الإسراء.

7- فی الهمع ، 1 / 112 وجعل منه الزمخشری قوله تعالی (الآیه) وفی الکشاف ، 2 / 512 «فتقعد من قولهم : شحذ الشفره حتی قعدت کأنها حربه بمعنی صارت».

یکن کلاما (1) ، وجمیعها تدخل علی الفاعل لتفید تقریره علی صفه باعتبار معناها ، فیکتسب الخبر حکم معناها (2) وهو إما إثبات کما فی کان ، وإمّا نفی ، کما فی لیس وإما استمرار کما فی ما زال ، وإنما رفعت الأول لأنها تفتقر إلی اسم یسند إلیه کسائر الأفعال ، فارتفع ما أسندت إلیه تشبیها له بالفاعل ، فلما رفعت الأول وجب نصب الثانی علی التشبیه بالمفعول ، ویسمّی الأول اسم کان والثانی خبر کان (3) وحال اسم کان وأخواتها وخبرها مثل حالهما فی باب المبتدأ والخبر ، فیکون الأصل فی اسمها أن یکون معرفه ، وخبرها نکره ، وأمّا قول القطامی : (4)

قفی قبل التّفرّق یا ضباعا

ولا یک موقف منک الوداعا

فإنه قلب فجعل الاسم نکره والخبر معرفه ، لأنّ المعنی غیر مجهول مع ضعف ذلک (5) وقد روی : ولا یک موقفی ، ومثل ذلک قول حسّان : (6)

وربّ سبیئه من بیت رأس

یکون مزاجها عسل وماء (7)

ومثله بیت الکتاب : (8)

فإنّک لا تبالی بعد حول

أظبی کان أمّک أم حمار

فاسم کان نکره وهو ظبی ، لأنّ التقدیر أکان ظبی ، لاقتضاء الهمزه الفعل بعدها ، وخبرها معرفه وهو قوله : أمّک ، وارتفع حمار علی تقدیر أم هو حمار.

ص: 38

1- تسهیل الفوائد ، 35 ، وشرح الکافیه ، 2 / 290 والهمع ، 1 / 115.

2- الکافیه ، 420.

3- الإنصاف ، 2 / 821 شرح الوافیه ، 364 وشرح التصریح ، 1 / 184 والهمع ، 1 / 111 وحاشیه الصبان ، 1 / 225.

4- عمیر بن شییم شاعر فحل رقیق الحواشی حلو الشعر ، انظر أخباره فی طبقات فحول الشعراء ، 2 / 535 ومعجم الشعراء ، للمرزبانی 166. والبیت ورد فی دیوانه ، 37 ، ومنسوبا له فی الکتاب ، 2 / 243 والمقتضب ، 4 / 94 والحلل ، 51 وشرح الشواهد ، 3 / 173 وخزانه الأدب ، للبغدادی 2 / 367 ومن غیر نسبه فی المغنی ، 2 / 849 وشرح الأشمونی ، 3 / 173.

5- بعدها فی الأصل مشطوب «والوداع بفتح الواو وکسرها» وانظر اللسان ، ودع.

6- حسان بن ثابت ، الشاعر المعروف انظر أخباره فی الشعر والشعراء ، 1 / 223.

7- تقدم الکلام علی هذا الشاهد فی 1 / 145.

8- البیت لخداش بن زهیر ، نسب له فی الکتاب ، 1 / 48 والمقتضب ، 4 / 94 وشرح المفصل ، 7 / 91 وشرح شواهد المغنی ، 2 / 918 ومن غیر نسبه فی المغنی ، 2 / 590.

ذکر معانی کان

وتکون ناقصه وتامّه وزائده :

أمّا الناقصه فهی التی لا تدلّ علی الحدث وهی التی ترفع الاسم وتنصب الخبر وهی علی أربعه أوجه :

أحدها : أن تدلّ علی أمر کان فیما مضی ثم انقطع ، کقولک : کان هذا الفقیر غنیّا.

ثانیها : أن تدلّ علی أنّ هذا الذی نشاهده الآن کان أیضا کذلک فیما مضی بمعنی لم یزل ، کقوله تعالی : (وَکانَ اللهُ قَوِیًّا عَزِیزاً)(2).

ثالثها : أن یکون فیها ضمیر الشأن والقصه ، ولا یکون خبرها إلا جمله (3) نحو قولک : کان زید قائم ، أی کان الحدیث زید قائم وکقول الشاعر / (4).

إذا متّ کان النّاس صنفان

شامت وآخر مثن بالذی کنت أصنع

فالناس مبتدأ ، وصنفان خبره ، واسم کان مضمر فیها ، وهذه الجمله مفسره له أی کان الشأن هذه الجمله ، لأنّ قولک : الناس صنفان شأن وجمله وحدیث ، فإذا قیل ضمیر الشأن فمعناه ضمیر هذه الجمله لأنّها قصه وشأن وحدیث (5).

رابعها : أن تکون بمعنی صار کقوله تعالی : (کَیْفَ نُکَلِّمُ مَنْ کانَ فِی الْمَهْدِ صَبِیًّا)(6) وقیل : هی زائده (7) وکقول الشّاعر : (8)

ص: 39

1- الکافیه ، 420.

2- من الآیه 25 من سوره الأحزاب.

3- شرح الوافیه ، 364 - 365 وانظر شرح المفصل ، 7 / 97 وشرح الکافیه ، 2 / 293.

4- البیت للعجیر بن عبد الله السلولی ، ورد منسوبا له فی الکتاب ، 1 / 71 والنوادر ، 156 والحلل ، 64 وشرح الشواهد ، 1 / 239 وورد من غیر نسبه فی أمالی ابن الشجری ، 2 / 239 وشرح المفصل ، 1 / 77 - 3 / 116 - 7 / 100 وشرح الأشمونی ، 1 / 239. وفی الحلل ، 64 «ویروی صنفان وصنفین ونصفین ... ومن نصب جعل الناس اسم کان وصنفین خبرها ولا شاهد فیه علی هذه الروایه».

5- وقیل إن کان المضمر فیها ضمیر الشأن تامه ، فاعلها ذلک الضمیر. شرح الکافیه ، 2 / 293.

6- من الآیه 29 من سوره مریم.

7- التبیان ، 2 / 873.

8- ورد البیت فی شرح المفصل ، ابن یعیش ، 7 / 102 منسوبا لابن کنزه ، ونسبه البغدادی فی خزانه الأدب

بتیهاء قفر والمطیّ کأنّها

قطا الحزن قد کانت فراخا بیوضها

أی صارت ، لأنّ البیض لا یکون فراخا (1) ، بل الفراخ کانت (2) بیضا ، وکان الناقصه لا مصدر لها (3) لأنّ الفعل إنّما یتعدّی إلی ما کان فیه دلاله علیه ، ولیس فی کان الناقصه دلاله علی المصدر ، فلا یصحّ أن یکون منصوبا بها فإن اقترن بها مصدر فهو منصوب بفعل آخر یدلّ علیه هذا ، فلو قلت : کرهت کون زید قائما ، فهو مصدر کان التامّه ، ویجوز أن تقول فی التامه : کان الأمر کونا کما تقول : وقع وقوعا ، ولا یجوز أن تقول فی الناقصه : کان زید قائما کونا ، فهذه معانی کان الناقصه ، وأمّا التامه فتکون بمعنی حضر أو ثبت أو حدث أو وقع کقوله تعالی : (وَإِنْ کانَ ذُو عُسْرَهٍ فَنَظِرَهٌ إِلی مَیْسَرَهٍ)(4) ومنه : ما شاء الله کان ، أی ما شاء الله وقع ، ومنه قوله تعالی : (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَیْئاً أَنْ یَقُولَ لَهُ کُنْ فَیَکُونُ)(5) أی أحدث فیحدث ، ومنه : کانت الکائنه أی حدثت وحصلت.

وأمّا الزائده فهی التی لا یختلّ أصل الکلام بإسقاطها ، کقول الشّاعر : (6)

سراه بنی أبی بکر تسامی

علی کان المسوّمه العراب

وکقوله تعالی : (کَیْفَ نُکَلِّمُ مَنْ کانَ فِی الْمَهْدِ صَبِیًّا)(7) ، ونصب صبیّا علی الحال ، أی کیف نکلّم من فی المهد صبیّا ، وقیل : هی بمعنی صار (8) کما تقدّم ،

ص: 40

1- بعدها فی شرح الوافیه ، 365 إلا علی معنی صارت.

2- فی الأصل تکون. ولا یتضح المعنی بذلک.

3- قال ابن مالک فی التسهیل ، 52 - 53 بعد رده علی القائلین بمنع دلالتها علی الحدث ما نصه : «فالأصح دلالتها علیه إلا لیس» وفی المغنی ، 2 / 436 والصحیح أنها داله علیه.

4- من الآیه 280 من سوره البقره.

5- الآیه 82 من سوره یس.

6- البیت لم یعرف قائله ، ورد فی شرح المفصل ، 7 / 98 - 99 - 100 وشرح الکافیه ، 2 / 293 وشرح ابن عقیل ، 1 / 291 وشرح الشواهد ، 1 / 241 وهمع الهوامع ، 1 / 120 وشرح الأشمونی ، 1 / 241 المسومه : الخیل التی جعلت لها علامه ثم ترکت فی المرعی ، العراب : هی خلاف البراذین والبخاتی.

7- من الآیه 29 من سوره مریم.

8- فی التبیان ، 2 / 873 : وصبیا حال من الضمیر فی الجار ، وقیل : هی بمعنی صار ، وقیل : هی التامه.

وإنما أتی بالزائده تحسینا للکلام وتأکیدا له (1) وإنّما ذکر کان التامه والزائده فی باب الناقصه للاتفاق فی اللفظ.

ذکر معنی صار

ومعناها الانتقال وهی فی ذلک علی استعمالین :

أحدهما : باعتبار العوارض ، نحو : صار زید غنیّا ، وصار زید إلی عمرو.

والثانی : باعتبار الحقائق نحو : صار الطین خزفا ، وصار الماء هواء (3).

ذکر أصبح وأمسی وأضحی

وهی علی ثلاثه معان :

أحدها : اقتران مضمون الجمله بأوقاتها الخاصه التی هی الصباح المساء والضحی ، والمراد بمضمون الجمله نسبه الخبر إلی الاسم ، ومعنی اقتران مضمون الجمله بأوقاتها ، أن یثبت للخبر الحصول فی الزمان المستفاد من لفظ (5) هذه الأفعال نحو : أصبح زید عالما ، وأمسی زید عارفا ، وأضحی زید أمیرا ، إن اقترن بالصبح ثبوت / العلم لزید ، وکذا الکلام فی أمسی وأضحی (6).

وثانیها : أن تکون بمعنی صار نحو : أصبح أو أمسی أو أضحی زید غنیّا أی صار ، قال الشاعر : (7)

ثمّ اضحوا کأنّهم ورق ج

فّ فألوت به الصّبا والدّبور

وثالثها : أن تکون تامه بمعنی أنّ فاعلها دخل فی هذه الأوقات (8) کقولک أصبحنا أو أمسینا.

ص: 41

1- شرح الکافیه ، 2 / 293.

2- الکافیه ، 420.

3- شرح الوافیه ، 366.

4- الکافیه ، 420.

5- غیر واضحه فی الأصل.

6- شرح الوافیه ، 366 وشرح الکافیه ، 2 / 293.

7- البیت لعدی بن زید ، ورد منسوبا له فی شرح المفصل ، 7 / 104 - 105. وورد من غیر نسبه فی همع الهوامع ، 1 / 114 وشرح الأشمونی ، 1 / 230 الصّبا والدّبور : ریحان معروفان.

8- شرح الکافیه ، 2 / 294 - 295.

ذکر ظلّ وبات

وهما علی معنیین :

أحدهما : اقتران مضمون الجمله بوقتیهما فظلّ لجمیع النّهار ، وبات لجمیع اللیل ، أی لثبوت الخبر لاسمهما نهارا أو لیلا قال الشّاعر : (2)

ولقد أبیت علی الطّوی وأظلّه

حتّی أنال به کریم المأکل

أی أبیت علی الطوی لیلا وأظله نهارا.

والثانی : بمعنی صار (3) کقوله تعالی : (وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثی ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا)(4) أی صار.

ذکر ما فتیء وما زال وما برح وما انفکّ

هذه الأربعه بمعنی واحد ، وهی للدلاله علی استمرار خبرها لاسمها مذ قبله فإذا قلت : ما فتیء أو ما زال زید أمیرا کان معناها ، أنه لم یمض له زمان إلّا وهو فیه کذلک ، وذلک مذ کان قابلا للإماره لا فی حال طفولیّته ، قال الله تعالی : (تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْکُرُ یُوسُفَ)(6) أی لا تزال تذکر یوسف ، ولدخول النفی علی النفی فی هذه الأفعال جرت مجری کان فی کونها للإثبات (7).

ص: 42

1- الکافیه ، 420.

2- عنتره بن شداد ، ورد فی دیوانه ، 65 ورد منسوبا له فی أمالی ابن الشجری ، 2 / 46 ومن غیر نسبه فی شرح المفصل ، 7 / 106.

3- أثبته الزمخشری فی مفصله ، 267 وذکر فی الکافیه ، 420 وفی شرح الوافیه ، 366 وفی الإیضاح ، 2 / 88 وشرح التسهیل ، لابن مالک 1 / 346 وشرح الأشمونی ، 1 / 230. وانظر شرح المفصل ، 7 / 105.

4- من الآیه 58 من سوره النحل.

5- الکافیه ، 420.

6- من الآیه 85 من سوره یوسف.

7- شرح الوافیه ، 367 وشرح المفصل ، 7 / 106 وشرح التصریح ، 1 / 184.

ذکر ما دام

وهی لدلاله توقیت فعل بمدّه ثبوت خبرها لاسمها ، کقولک : أقوم ما دمت قائما ، فقولک : ما دمت قائما ، توقیت لقیام المتکلّم بمدّه ثبوت قیام المخاطب ، ومن ثمّ احتاجت ما دام إلی کلام ، لأنّها ظرف ولا بدّ له مما یقع فیه (2) ، ویجوز فی الباب کلّه تقدیم الخبر علیها أنفسها (3) نحو : قائما کان زید ، إلّا ما أوله ما ، فإنه لا یقدّم علیها الخبر فلا یقال : قائما ما فتیء زید ، لأنّ ما ، إمّا نافیه أو مصدریه ویمتنع تقدیم ما فی حیّز النفی علیه ، وتقدیم معمول المصدر علی المصدر (4) ، وأمّا جواز تقدیم أخبارها علی أسمائها نحو : کان قائما زید ، وأکرمک ما دام قائما زید ، فمتّفق علی جوازه (5) وجوّز ابن کیسان تقدیم الخبر علی الجمیع ولم یستثن غیر ما دام فقط (6).

ذکر لیس

أصل لیس ، لیس بکسر الیاء ثمّ لزمها التخفیف بالسکون لجمودها عن التصرّف (8) ومعناها نفی مضمون الجمله الاسمیّه فی الحال عند الأکثر (9) تقول :

ص: 43

1- الکافیه ، 420.

2- شرح الوافیه ، 367 وإیضاح المفصل ، 2 / 86.

3- الکافیه ، 420 - 421 ، وسیأتی حدیثه عن تقدم خبر لیس علیها.

4- الإنصاف ، 1 / 155 وشرح المفصل ، 7 / 112 وشرح الکافیه ، 2 / 297 والهمع ، 1 / 117.

5- تبع أبو الفداء ابن الحاجب فی ذلک ، فقد نص فی الإیضاح ، 2 / 87 علی جوازه مطلقا ، وهو مذهب البصریین کما فی الهمع ، 1 / 117 ، وقد ذکر ابن هشام فی القطر 183 ما نصه : «وعن ابن درستویه أنه منع تقدیم خبر لیس ، ومنع ابن معط فی ألفیته تقدیم خبر دام» وفی الهمع ، 1 / 117 ومنعه الکوفیون فی الجمیع.

6- وبعدها فی شرح الوافیه ، 367 ورأی أن غیر ما دام أنها لما صارت للإثبات أجریت مجری کان. ولیس بشیء ، وأما ما دام فما مصدریه ولا یتقدم ما فی حیز المصدریه علیها ، فلذلک کان المنع إجماعا ، وانظر إیضاح المفصل ، 2 / 77 شرح المفصل ، 7 / 113.

7- الکافیه ، 420.

8- همع الهوامع ، 1 / 115.

9- أجاز المبرد وابن درستویه أن ینفی بها فی المستقبل ، قال ابن الحاجب فی الإیضاح ، 2 / 86 ولا بعد فی ذلک. انظر المقتضب ، 4 / 87 وشرح المفصل ، 7 / 112 وشرح الکافیه ، 2 / 296 وفی الهمع ، 1 / 115 والصحیح هو ما ذکره الشلوبین بأن أصلها لنفی الحال ما لم یکن الخبر مخصوصا بزمان فبحسبه.

لیس زید قائما فی الحال ولا تقول غدا ، وقیل : إنها للنفی مطلقا للحال والاستقبال ، واستدلّ هذا القائل بقوله تعالی : (أَلا یَوْمَ یَأْتِیهِمْ لَیْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ)(1) فهذا نفی لصرف العذاب عنهم یوم القیامه ، فهی لنفی المستقبل (2) ، ومذهب بعض النحاه أنها حرف (3) واحتجّ علی ذلک بوقوعها موقع ما (4) فی قول العرب : لیس الطیب إلّا المسک ، بالرفع علی المبتدأ والخبر کما تقول / ما الطیب إلا المسک ، بالرفع ، والصحیح أنها فعل لاتصال الضمائر بها نحو : لست ولست ولستم وما أشبه ذلک ، وذلک من خواصّ الأفعال ، ویقع فیها ضمیر الشأن (5) ، وأمّا جواز تقدیم خبرها علیها نفسها فقد اختلف فیه (6) فمنهم من ألحقها بکان لکونها فعلا محققّا ، ومنهم من ألحقها بما فتیء ، واستدلّ من ألحقها بکان بقوله تعالی : (أَلا یَوْمَ یَأْتِیهِمْ لَیْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ)(7) ووجه الاستدلال أنّ یوم یأتیهم معمول لمصروفا ، وإذا قدّم المعمول ، صحّ أن یقدّم العامل لأنّ المعمول فرع للعامل ، وأجیب عن ذلک أنه من الجائز أن یکون تقدیمه لاتّساعهم فی الظروف فلا یجوز تقدیم غیر الظّرف (8).

ذکر أفعال المقاربه

اشاره

وهی ما وضعت لدنّو الخبر أی مقاربته ثم دنو الخبر وقربه تاره یکون علی سبیل الرجاء ، وتاره یکون علی سبیل مقاربه حصوله ، وتاره یکون علی سبیل الأخذ والشروع فیه ، فحینئذ أفعال المقاربه علی ثلاثه أقسام :

ص: 44

1- من الآیه 8 من سوره هود.

2- إیضاح المفصل 2 / 86.

3- ومنهم ابن السراج والفارسی وابن شقیر ، المغنی ، 1 / 293 وانظر شرح الکافیه ، 2 / 596 ورصف المبانی ، 300 وشرح التصریح ، 1 / 186.

4- فی الأصل «لا» وما بعدها یوضحه وانظر الإنصاف ، 1 / 160.

5- مجیب الندا للفاکهی ، 2 / 6.

6- المسأله خلافیه انظرها فی الإنصاف ، 1 / 160 وإیضاح المفصل ، 2 / 88 وشرح الکافیه ، 2 / 297 والهمع ، 1 / 117 وشرح الأشمونی ، 1 / 234.

7- من الآیه 8 من سوره هود.

8- انظر توجیهات أخری تؤید مذهب البصریین فی المصادر المذکوره سابقا.

9- الکافیه ، 421.

القسم الأول

اشاره

(1) الفعل الذی وضع لدنوّ الخبر علی سبیل (2) الرّجاء وهو عسی

فإنّها وضعت لدنو الفعل علی سبیل الرّجاء نحو قولک : عسی الله أن یشفی مریضک ، ترید أن قرب شفائه مرجو من الله ، وعسی فعل غیر متصرّف بمعنی ؛ أنه لا یأتی منه المضارع ولا اسم الفاعل ولا الأمر ولا النهی ، وإنما لم تتصرّف لتضّمنها معنی (3) لعلّ ، فإنه کما منع الاسم الإعراب لمشابهه الحرف ، کذلک منع الفعل التصرّف لمشابهه الحرف لأنّ الحروف وضعت لإنشاء المعنی ، لا للإخبار عن المعنی ، والتصرّف ینافی الإنشاء ، لأنّ التصرف یدلّ علی الخبر فی الماضی أو فی الحال أو فی الاستقبال بحسب صیغته (4) وتأتی عسی علی ضربین ناقصه وتامه :

ذکر عسی الناقصه

وهی تقدّر بفعل متعدّ فتقدّر بمعنی قارب ، ویقع بعدها اسم إمّا ظاهر أو مضمر ، وخبرها أن مع الفعل ، ولا تتمّ بدون الخبر نحو : عسی زید أن یخرج ، وعسیت أن أخرج ، والتقدیر : عسی زید الخروج ، أی قارب زید الخروج ، وأصل خبر عسی الناقصه أن یکون اسما قیاسا علی خبر کان ، إلّا أنه صار متروکا ، وقد شذّ مجیئه اسما صریحا کقولهم : (5) «عسی الغویر أبؤسا» ، وقد تمثّلت به الزباء لمّا عدل قصیر عن الطریق وأخذ علی الغویر ، فاستنکرت حاله وقالت : عسی الغویر أبؤسا أی

ص: 45

1- الکافیه ، 421.

2- غیر واضحه فی الأصل.

3- بعدها فی الأصل مشطوب علیه «الإنشاء فأشبه الحرف من حیث أن معانی الإنشاء أصلها أن تکون بالحرف» وشبیه به ما ذکره فی إیضاح المفصل ، 2 / 90 وجعل ابن یعیش فی شرح المفصل ، 7 / 116 جمودها لمشابهتها لیس.

4- وبعدها فی الإیضاح ، 2 / 90 وذلک مناقض لمعنی الإنشاء إذ لا یستقیم أن یکون لماض ولا لمستقبل ، وأیضا فإن الخبر ما یحتمل الصدق والکذب والإنشاء بخلافه فلا یستقیم الجمع بینهما.

5- المثل فی الکتاب ، 1 / 51 وفصل المقال ، 335 ، ومجمع الأمثال ، 1 / 477 والمستقصی ، للزمخشری ، 2 / 161 وشرح الکافیه ، 2 / 302. والغویر تصغیر غار ، وقال ابن الأعرابی : نصب أبؤسا علی معنی عسی الغویر یصیر أبؤسا ، ویجوز أن یقدر : عسی الغویر أن یکون أبؤسا ، وقال أبو علی : جعل عسی بمعنی کان ونزل منزلته.

عسی أن تأتی تلک الطریق بشرّ ، والبأس مصدر وجمعه أبؤس ، وقیل : لا یجوز أن یکون أن مع الفعل خبرا لاسم عسی ، لأنّ ذلک فی تأویل المصدر ، والمصدر لا یخبر به عن الجثّه ، إذ تقدیره : عسی زید الخروج ، وأجیب عنه بجوابین : أحدهما : أنّ المصدر هنا بمعنی اسم المفعول ، إذ تقدیره : قارب زید الخروج ، والثانی : أنّه علی تقدیر حذف المضاف أی عسی زید ذا خروج (1).

ذکر عسی التّامّه

وهی تقدّر بفعل لازم وهو قرب إذا تقدّم الخبر علی اسمها نحو : عسی أن یقوم زید ، فقولک : أن یقوم فاعل عسی ، وزید فاعل یقوم ، والتقدیر قرب / قیام زید فإن قدمت زیدا علی عسی ، جاز أن تکون تامه وجاز أن تکون ناقصه ، فإذا قلت : زید عسی أن یقوم ، فإن جعلت فی عسی ضمیرا یعود إلی زید فعسی ناقصه ، وأن یقوم فی موضع نصب بأنه خبرها ، وإن لم تجعل فیها ضمیرا فهی التامّه ، وأن یقوم فی موضع رفع فاعل عسی ، فتقول فی الناقصه : الزیدان عسیا أن یقوما ، وفی التامه : الزیدان عسی أن یقوما ، فتبرز الضمیر المستکنّ فی الناقصه ، والتامّه لا ضمیر فیها ؛ لأنّ ما بعدها هو الفاعل (2) ، ویجوز فی الناقصه حذف أن من خبرها حملا علی کاد ، فتقول : عسی زید یخرج ، ومنه قول الشّاعر : (3)

ص: 46

1- قال السیوطی فی الهمع ، 1 / 130 ولا خلاف فی ذلک حیث کان الفعل بعدها غیر مقرون بأن ، أما المقرون بها ، فزعم الکوفیون أنه بدل من الأول بدل المصدر فالمعنی فی کاد أو عسی زید أن یقوم ، قرب قیام زید ، فقدّم الاسم وأخّر المصدر ، وزعم آخرون أن موضعه نصب بإسقاط حرف الجر ، لأنّه یسقط کثیرا مع أن ، وقیل : یتضمّن الفعل معنی قارب ، وزعم ابن مالک أن موضعه رفع فإنّ الفعل بدل من المرفوع سادّ مسدّ الجزءین وانظر إیضاح المفصل ، 2 / 91 وشرح الکافیه ، 2 / 302.

2- نقل السیوطی فی الهمع ، 1 / 131 عن أبی حیان قوله : وقفت من قدیم علی نقل ، وهو أن - التجرید لغه لقوم من العرب ، والإلحاق لغه لآخرین ونسیت اسم القبیلتین فلیس کلّ العرب تنطق باللغتین وإنما ذلک بالنسبه إلی لغتین.

3- البیت لهدبه بن الخشرم ، نسب له فی الکتاب ، 3 / 158 - 159 وشرح المفصل ، 7 / 121 وشرح الشواهد ، 1 / 260 وشرح التصریح ، 1 / 206 وشرح شواهد المغنی ، 1 / 443 وورد من غیر نسبه فی المقتضب ، 3 / 70 وشرح الکافیه ، 2 / 304 والمغنی ، 1 / 52 والهمع ، 1 / 130 وشرح الأشمونی ، 1 / 260 - 264.

عسی الهمّ الذی أمسیت فیه

یکون وراءه فرج قریب

فحذف أن من قوله یکون ، والفصیح أن لا یحذف.

القسم الثانی من أقسام أفعال المقاربه

(1) وهو کاد (2)

ووضع لمقاربه الخبر علی سبیل الحصول ، وکاد خبر محض فلذلک تصرّف ، وفاعله اسم محض وخبره فعل مضارع من غیر «أن» لیدلّ علی تقریب حصول الخبر من الحال ، نحو : کاد زید یجیء (3) ، وقد تدخل أن علی خبره تشبیها بعسی کقولک : کاد زید أن یخرج ، قالوا : ولا یحسن فی سعه الکلام (4) لأنّ کاد للتقریب من الحال ، وأن للاستقبال والفعل یتباعد عن الحال بدخول أن ، وقد جاء فی الشعر کقول رؤبه : (5)

قد کاد من طول البلی أن یمصحا

یصف ربعا ، ومعنی أن یمصح : أن یعفو ، یقال : مصح الأثر إذا ذهب (6) ولا یدخل حرف الاستقبال علی کاد فلا یقال : سیکاد ولا سوف یکاد ؛ لمنافاه السین لمعنی کاد ؛ لأنّ کاد تفید التقریب من الحال ، ولذلک لا یقال : کاد زید یسافر بعد سنه ، ویقال ذلک فی عسی کقولک : عسی زید أن یسافر بعد سنه ، وإذا دخل النفی

ص: 47

1- بعدها فی الأصل مشطوب علیه «الفعل الذی وضع لدنو الخبر علی سبیل الحصول» وقد تکرر بعد قوله : وهو کاد.

2- الکافیه ، 421.

3- شرح الوافیه ، 369.

4- قصره الأندلسیون علی الشعر. انظر شرح الکافیه ، 2 / 304 وشرح ابن عقیل ، 1 / 330 والهمع ، 1 / 130.

5- الرجز لرؤبه بن العجّاج ، یکنی أبا الجحاف شاعر رجّاز وهو أکثر شعرا من أبیه توفی فی البصره سنه 145 ه انظر أخباره فی طبقات فحول الشعراء ، 2 / 761 والشعر والشعراء ، 2 / 495 ومعجم الشعراء ، 121 ووفیات الأعیان لابن خلکان ، 2 / 303 ورد البیت فی ملحقات دیوانه ، 3 / 172 وقبله : رسم عفا من بعد ما قد انمحی ورد منسوبا له فی الکتاب ، 3 / 160 والحلل ، 274 وشرح المفصل ، 7 / 121 وورد من غیر نسبه فی المقتضب ، 3 / 75 والإنصاف ، 2 / 566 وشرح الکافیه ، 2 / 305 وهمع الهوامع ، 1 / 130.

6- لسان العرب ، مصح.

علی کاد ففیها ثلاثه مذاهب (1) :

الأول : وهو الأصحّ ، أنّها کالأفعال إذا دخل علیها النفی کان معناها نفیا ، وإذا تجرّدت من النفی کان معناها إثباتا ، لأنّ قولک : کاد زید یقوم ، معناه إثبات قرب القیام لا إثبات نفس القیام ، فإذا قلت : ما کاد زید یقوم ، فمعناه نفی قرب القیام.

والمذهب الثانی : أن تکون (2) کاد علی العکس من الأفعال الماضیّه والمستقبله ، إثباتها نفی ونفیها إثبات ، کما إذا قلت : کاد زید یخرج ، فالخروج غیر حاصل ، وما کاد زید یخرج ، فالخروج حاصل.

والمذهب الثالث : أن تکون کاد فی نفی المستقبل کالأفعال تمسّکا بقوله تعالی : (إِذا أَخْرَجَ یَدَهُ لَمْ یَکَدْ یَراها)(3) لأنّه لا یستقیم أن یکون المعنی إلّا کذلک لأنه واقع بعد قوله تعالی : (یَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ)(4) وفی الماضی خاصه / علی العکس من الأفعال نفیا وإثباتا تمسّکا بقوله تعالی : (فَذَبَحُوها وَما کادُوا یَفْعَلُونَ)(5) ووجه التمسّک أنّ فعل الذّبح واقع بلا شک ، واللفظ منفیّ ، أعنی ما کاد ، والجواب : أنه محمول علی أنّ حالهم کانت قبل الذّبح فی التعنّت حال من لم یقارب الفعل ، فالإخبار عن نفی مقاربه الذّبح قبل الذّبح عند ذلک التعنّت ، والإخبار عن الذّبح بعد ذلک ، أی فذبحوها وما کادوا قبل ذلک یقاربون أن یفعلوا (6) وقد أخذ علی ذی الرّمه من یری أنّ کاد نفیها إثبات فی قوله : (7)

إذا غیّر الهجر المحبین لم یکد

رسیس الهوی من حبّ میّه یبرح

وهو أنه فهم من ذلک الإثبات وهو زوال رسیس الهوی ، والصواب حمل البیت المذکور علی الصّحه ، لأنّ المعنی ؛ إذا غیّر الهجر المحبین لم یقارب حبّی التغییر

ص: 48

1- إیضاح المفصل ، 2 / 93 وشرح الکافیه ، 2 / 306 والهمع ، 1 / 132 وشرح الأشمونی ، 1 / 268.

2- فی الأصل یکون.

3- من الآیه 40 من سوره النور.

4- من الآیه 40 من سوره النور.

5- من الآیه 71 من سوره البقره.

6- إیضاح المفصل ، 2 / 63 وشرح الوافیه ، 371.

7- البیت لغیلان بن عقبه المشهور بذی الرمه ورد فی دیوانه ، 78 وروی منسوبا له فی إیضاح المفصل ، 2 / 95 وشرح الوافیه ، 370 وشرح المفصل ، 7 / 124 وشرح الأشمونی ، 1 / 268 ورواه الرضی فی شرح الکافیه ، من غیر نسبه ، 2 / 308.

وهو أبلغ من نفی نفس التغییر (1).

القسم الثالث من أقسام أفعال المقاربه

(2) وهو ما وضع لدنوّ الخبر علی وجه الشروع فیه والأخذ فی فعله

وهو خمسه أفعال ، أربعه منها تستعمل استعمال کاد بغیر أن ، وهی جعل وطفق وکرب وأخذ کقولک : جعل زید یقول ، وکقوله تعالی : (وَطَفِقا یَخْصِفانِ عَلَیْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّهِ)(3) وکربت الشمس تغیب ، وأخذ زید یقول ، وواحد وهو أوشک یستعمل استعمال عسی فی مذهبیها ، واستعمال کاد بغیر أن ، فمثاله بمعنی عسی الناقصه : أوشک زید أن یقوم وبمعنی التامه : أوشک أن یقوم زید ، ومثاله بمعنی کاد : أوشک زید یقوم (4).

ذکر فعل التعجّب

فعل التعجّب ما وضع لإنشاء التعجّب فلا یدخل فیه مثل : تعجّبت وعجبت لأنّه خبر ولیس بإنشاء للتعجّب ، والتعجّب انفعال النفس عند رؤیه ما خفی سببه (6) وخرج عن نظائره ، ومن هنا یعلم أنّ الله تعالی لا یصدر منه التعجّب لفقد الانفعال ، وما جاء فی التنزیل علی صیغه التعجّب ، فبالنّظر إلی المخاطب کقوله تعالی : (فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَی النَّارِ)(7) وفعل التعجّب غیر متصرّف ، لأنّه لمّا تضمّن معنی الإنشاء أشبه الحرف فمنع من التصرّف کما قیل فی عسی.

وللتعجب صیغتان ؛ إحداهما : ما أفعله ، والثانیه : أفعل به نحو : ما أحسنه

ص: 49

1- شرح الوافیه ، 371 وانظر إیضاح المفصل ، 2 / 95 وشرح الکافیه ، 2 / 307.

2- الکافیه ، 421.

3- من الآیه 22 من سوره الأعراف.

4- شرح الوافیه ، 371.

5- الکافیه ، 421.

6- غیر واضحه فی الأصل.

7- من الآیه 175 من سوره البقره.

وأحسن به ، فما أحسنه هی الأصل وهی جمله اسمیّه لأنّها مصدّره بالاسم وهو ما ، وأحسن به معدول عنها وهی جمله فعلیّه وأحسن بزید ، لیس بأمر بل هو عند سیبویه خبر بلفظ الأمر (1) وجاء الخبر بلفظ الأمر کما جاء الأمر بلفظ الخبر فی نحو قوله تعالی : (وَالْمُطَلَّقاتُ یَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَهَ قُرُوءٍ)(2) وکما جاء الدّعاء بلفظ الخبر فی قولک : رحمک الله ، ویدلّ علی أن قولک : أکرم بزید ، لیس بأمر ، دخول التصدیق فیه وخلو الفعل من الضمیر الذی یلحق فعل الأمر فی المثنّی والمجموع نحو : أحسنا وأحسنوا ، فإنه لا یقال : أحسنا بزید ، ولا أحسنوا بزید ، ولا یبنی فعلا التعجّب إلّا مما یبنی منه أفعل التفضیل (3) لکون کلّ / واحد منهما للمبالغه فلا یبنیان إلّا من فعل ثلاثیّ لیس بلون ولا عیب (4) ویتوصّل فی الممتنع بمثل ما یتوصّل به إلی التفضیل فیقال : ما أشد استخراجه واشدد باستخراجه ، کما قالوا فی التفضیل : زید أشدّ استخراجا من عمرو ، وکذلک تقول : ما أشدّ حمرته وما أقبح عوره ، وقد شذّ نحو : ما أعطاه وما أولاه للمعروف ، وما أفقره وما أکرمه ، وقیل (5) : إنه مردود من الرباعی إلی أصله الثلاثی ؛ أی من عطا یعطو ، ومن ولی یلی ، ومن فقر وکرم ، ولا یبنی فعل التعجّب إلّا للفاعل دون المفعول نحو قولهم : ما أبغضه إلیّ وأحبّه وأشغله ، ولا یتصرّف فی صیغتی فعل التعجّب بتقدیم ولا تأخیر ولا فصل (6) لکونهما غیر متصرفین فلا یقال : ما زیدا أحسن ولا زیدا ما أحسن ، ولا یقال أیضا : بزید أحسن ولا ما أحسن الیوم زیدا ، وأجاز المازنی الفصل بالظرف لما سمع من العرب : ما أحسن بالرجل أن یصدق (7) ففصل بین أحسن ومعموله بالجار والمجرور ، و «ما»

ص: 50

1- الکتاب 1 / 72 وشرح المفصل ، 7 / 147.

2- من الآیه 228 من سوره البقره وفی الأصل أربعه أشهر.

3- الکافیه ، 421.

4- الکتاب ، 4 / 97 وشرح الوافیه ، 373.

5- ذهب إلی ذلک الأخفش والمبرد ، ورده ابن یعیش بقوله : وذلک ضعیف ، لأن العرب لم تقل : ما أعطاه إلا والفعل للمعطی ، لأنه منقول من عطوت. وعطوت للأخذ ، وکذلک ما أولاه إنما هو للمولی لا لمن ولی شیئا. ینظر المقتضب ، 4 / 178 وشرح المفصل ، 7 / 144 وشرح التصریح ، 2 / 91 والهمع ، 2 / 166.

6- الکافیه ، 422.

7- نسب إلی الجرمی فی شرح الوافیه 373 وإیضاح المفصل ، 2 / 111 وفی شرح الکافیه ، 2 / 309 وأجازه الفراء والجرمی وأبو علی والمازنی. وانظر الهمع ، 2 / 91 وحاشیه الخضری ، 2 / 41.

فی ما أفعله مبتدأ نکره بمعنی شیء عند سیبویه والخلیل وأصله شیء أحسن زیدا (1) والجمله أعنی أحسن زیدا فی محل الرفع بأنه خبره ، وهو مثل : شرّ أهرّ ذاناب (2) حسبما تقدّم فی موضعه (3) والأخفش یری (4) : أنّ «ما» فی : ما أفعله موصوله والجمله التی بعدها صلتها ، والصله مع الموصول فی محلّ الرفع بأنه مبتدأ وخبره محذوف تقدیره : الذی أحسن زیدا شیء (5) ومذهب سیبویه فی : أکرم بزید أنّ الجارّ والمجرور أعنی بزید فی موضع رفع بأنه فاعل أکرم ؛ فلا ضمیر فیه ، والباء زائده فی الفاعل کقوله تعالی : (وَکَفی بِاللهِ شَهِیداً)(6) فجعل فعل الأمر أعنی : أکرم بزید ، بمعنی الماضی أی : أکرم زید بمعنی صار ذا کرم ، وفی هذا المذهب شذوذان أحدهما : استعمال الأمر بمعنی الماضی ، والثانی : زیاده الباء فی الفاعل (7) ، ومذهب الأخفش أنّ بزید فی أکرم بزید مفعول به (8) وهو المتعجّب منه ، فعلی هذا یکون أفعل أمرا لا خبرا (9) فیکون فیه ضمیر مرفوع بأنه فاعله یعود إلی المخاطب أی أنه أمر لکلّ مخاطب بأن یجعل زیدا کریما أی بأن یصفه بالکرم هذا أصله ثم أجری مجری الأمثال فلم یغیر عن لفظ الواحد تقول : یا رجل ویا رجلان ویا رجال أحسن

ص: 51

1- الکتاب ، 1 / 72.

2- أی أن ما نکره تامه ، وجاز الابتداء بها لأنها فی قوه الموصوفه ، وثمه من قال : جاز الابتداء بها لما فیها من معنی التعجب قطر الندی ، 456 - 457.

3- انظر 1 / 145.

4- فی واحد من أقواله ، فقد روی عنه قولان آخران ، الأول موافقته لقول سیبویه والجمهور والثانی : أن ما نکره ناقصه موصوفه بمعنی شیء وما بعدها من الجمله صفه لها والخبر محذوف. شرح التصریح ، 2 / 87.

5- ورده المبرد بقوله : «ولیس کما قالوا : وذلک أن الأخبار إنما تحذف إذا کان فی الکلام ما یدل علیها. المقتضب 4 / 177.

6- من الآیه 79 من سوره النساء.

7- قال الرضی فی شرح الکافیه ، 2 / 310 وضعف قوله أی سیبویه بأن الأمر بمعنی الماضی مما لم یعهد بل جاز الماضی بمعنی الأمر نحو : اتقی امرؤ ربّه ، وبأن أفعل صار ذا کذا قلیل ، ولو کان منه لجاز ألحم بزید وأشحم بزید ، وبأن زیاده الباء فی الفاعل قلیل. وانظر إیضاح المفصل ، 2 / 110.

8- انظر همع الهوامع ، 2 / 90.

9- تسهیل الفوائد ، 130.

بزید ، والباء علی هذا الوجه إمّا زائده ، وإما للتعدیّه ، فعلی تقدیر أنّها زائده تکون الهمزه للتعدیه والباء زائده مثل : ألقی بیده ، وعلی تقدیر أنّها للتعدیه تکون الهمزه للصیروره مثل قولهم : أغدّ البعیر ، ثم جیء بالباء لتعدیه الفعل فصار ما کان فاعلا مفعولا وعلی التقدیرین ، زید فی أکرم بزید مفعول لأکرم وأکرم متعدّ إلیه إمّا بالهمزه وتکون الباء زائده ، وإمّا بالباء وتکون الهمزه للصیروره لا للتعدیه (1) ومعنی فعل التعجّب معنی قائم برأسه / متمیز عن غیره وهو أنّ ذلک الوصف علی أبلغ ما یکون ، وأنّه نهایه وغایه وزائد علی نظرائه نادر فی بابه ، وإذا قلت : ما کان أحسن زیدا فقد زیدت کان إیذانا بأنّ التعجّب واقع فیما مضی (2) کما زید مستقبل کان لیؤذن بالتعجّب فی المستقبل ، إذا کان فی الحال الحاضره دلیل علیه کقولهم : ما یکون أطول هذا الصبیّ ، فإن قیل : کیف جاز ما کان أحسن زیدا ، وأحسن فعل ماض فکیف دخل کان علیه ، فالجواب : أنّ فعل التعجّب لمّا منع عن التصرّف کان ماضیه کلا ماضی ، لأنه لمّا لم یتصرّف ولزم طریقه واحده أشبه الأسماء ولذلک صغّر فی نحو : (3)

یا ما أمیلح غزلانا عرضن لنا (4)

وقد قالوا : ما أصبح أبردها ، وأمسی أدفأها ، وهو شاذّ عند أکثر النّحاه (5) والضمیر فی أصبح وأمسی للغداه والعشیّه ، وإذا قلت : ما أحسن ما کان زید ، رفعت

ص: 52

1- شرح الوافیه ، 374.

2- الکتاب ، 1 / 73.

3- هذا صدر بیت تمامه : من هؤلیّائکنّ الضّال والسّمر وقد اختلف حول قائله فقد نسبه البغدادی فی الخزانه ، 1 / 93 للعرجی وهو فی دیوانه ، 183 وقیل : لذی الرمه وهو غیر موجود فی الدیوان أو لکامل الثقفی أو للحسین بن عبد الله ، وروی منسوبا للعرجی فی شرح الشواهد ، 1 / 18 وشرح شواهد المغنی السیوطی ، 2 / 961 ونسبه ابن منظور فی ماده شدن إلی علی بن أحمد العریتی بروایه یاما أحیسن وورد البیت من غیر نسبه فی أمالی ابن الشجری ، 2 / 130 - 133 - 135 والإنصاف ، 1 / 127 والمغنی 2 / 682 وهمع الهوامع ، 1 / 76 - 2 / 90 - 191 وشرح الأشمونی ، 3 / 18 - 26. وروایه البیت عند جمیعهم : شدنّ لنا.

4- بعدها فی الأصل مشطوب علیه «والأجود أن یقال : بأن فعل التعجب لما وضع للإنشاء انتقل من المعنی الماضی إلی معنی الإنشاء».

5- انظر شرح المفصل ، 7 / 152.

زیدا بکان وهی التامّه والتقدیر : ما أحسن کون زید ، وأجاز المبرّد : ما أحسن ما کان زیدا بالنّصب علی تقدیر : ما أحسن الرجل الذی کان زیدا (1).

ذکر أفعال المدح والذّمّ

وهی ما وضع لإنشاء مدح أو ذمّ ، والأصل فیها نعم وبئس فلا یدخل فی ذلک نحو : مدحته وذممته وکرم وقبح ، لأنّها من باب الخبر لا الإنشاء (3) فنعم للمدح وبئس للذمّ ، وشرط فاعل نعم مثل شرط فاعل بئس من غیر فرق ، وشرطهما أن یکون فاعلهما أحد أمور ثلاثه ، وهو أن یکون معرّفا باللّام تعریف العهد الذهنی (4) نحو : نعم الرجل زید ، أو یکون مضافا إلی المعرّف باللّام نحو : نعم صاحب الرجل زید ، أو یکون مضمرا ممیّزا بنکره منصوبه ، أو بما (5) ، مثال المضمر الممیّز بالنکره المنصوبه نحو : نعم رجلا زید ، أی نعم الرجل رجلا زید ، ومثال الممیّز بما قوله تعالی : (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِیَ)(6) وهنا ما بمعنی شیء وموضعها النصب علی التمییز (7) وهی الممیّزه لفاعل نعم أی : فنعم الشیء شیئا هی ، وهی ضمیر الصدقات وهی المخصوصه بالمدح ، وهذا المضمر (8) الممیّز بالنکره إضمار قبل الذکر علی شریطه التفسیر فأصل نعم رجلا زید ، نعم الرجل ثم أضمرت الرجل ، فصار نعم هو ثم استکنّ الضمیر المرفوع فی الفعل فاستتر فیه ، فیلزم أن یبیّن (9) ویفسّر بنکره منصوبه علی التمییز ، وقیل : (10) تعریف الرجل فی قولک : نعم الرجل ،

ص: 53

1- وتجویزه ذلک علی ضعف کما فی المقتضب ، 4 / 185.

2- الکافیه ، 422.

3- إیضاح المفصل ، 2 / 96.

4- هذا رأی من آراء فیها ، ومذهب الجمهور أنها جنسیه وسیذکر أبو الفداء ذلک بعد. وانظر الهمع ، 2 / 85.

5- الکتاب ، 2 / 175 والمقتضب ، 2 / 140 وشرح الوافیه ، 375.

6- من الآیه 271 من سوره البقره.

7- الکتاب ، 1 / 73 وثمه وجوه أخری ل «ما» انظرها فی الهمع ، 2 / 86 وشرح الأشمونی ، 3 / 36.

8- فی الأصل «وهذا المضمر المذکور هو ضمیر الاسم الممیز بالنکره أعنی المعرف باللام» وبعدها جمله غیر واضحه لکثره الشطب علیها ، وشطب الناسخ العباره الأولی وأبقی منها «الممیز بالنکره».

9- غیر واضحه فی الأصل.

10- هذا القیل هو مذهب الجمهور کما فی الهمع ، 2 / 85.

هو تعریف الجنس لا تعریف العهد ، لأنّک إذا مدحت جنس الشیء لأجل ذلک الشیء فقد بالغت فی مدح ذلک الشیء (1) واعلم أنّ من قال أنه للعهد ، إنما یرید به أنه لمعهود فی الذهن لا لمعهود معیّن فی الخارج ، وذلک المعهود الذهنی مبهم باعتبار الوجود الخارجی ، کما أنّ أسامه معرفه باعتبار الذهن / ولیس معرفه باعتبار الوجود فی الخارج.

وبعد ذکر الفاعل یذکر المخصوص بالمدح أو الذمّ فإذا قلت : نعم الرجل زید ، فالمخصوص بالمدح هو زید ، کأنهم قصدوا إلی إبهام المخصوص أولا لیعظم وقعه فی النفس وتتشوق النفس إلی تفسیره ثم فسّر بنحو : زید ، وکذلک إذا قیل : نعم رجلا زید فإنّ الفاعل أضمر وأبهم ثم فسّر جنس ذلک المضمر بالنکره الممیزه ، فیکون التقدیر : نعم الرجل رجلا زید.

واعلم أنه یجوز الجمع بین الفاعل الظاهر وبین النکره الممیزه تأکیدا للفاعل الظاهر فتقول : نعم الرجل رجلا زید ، وهو جمع بین المفسّر والمفسّر ، لکن جوّز لتأکید الظاهر ، وللتنبیه علی أنّ هذا هو الأصل (2) وفی إعراب المخصوص بالمدح أو الذمّ وجهان :

أحدهما : أن یکون مبتدأ والجمله التی قبله أعنی نعم وفاعلها خبره ، فیکون أصله : زید نعم الرجل ، واستغنی الخبر عن ضمیر یعود إلی المبتدأ الذی هو زید ، لکون زید هو الرجل ، لأنّ المخصوص عباره عن الفاعل ومفسّر له ولا یحتاج إلی عائد.

والثانی : أن یکون خبرا والمبتدأ محذوف علی تقدیر : هو زید ، فعلی الوجه الأول یکون نعم الرجل زید ، جمله واحده ، وعلی الوجه الثانی یکون جملتین (3) وشرط هذا المخصوص (4) أن یکون مطابقا لفاعل نعم فی المعنی والإفراد والتثنیه

ص: 54

1- إیضاح المفصل ، 2 / 99.

2- هذا رأی المبرد وابن السراج والفارسی ، ومنع سیبویه والسیرافی وجماعه ذلک. انظر الکتاب ، 2 / 175 ، 179 والمقتضب ، 2 / 150 والخصائص ، 1 / 395 ، وشرح المفصل ، 7 / 132 والهمع ، 2 / 86.

3- شرح الوافیه ، 375 والهمع ، 2 / 87.

4- الکافیه ، 422.

والجمع والتذکیر والتأنیث ، تقول : نعم الرجل زید ، ونعم الرجلان الزیدان ، ونعم الرجال الزیدون ، ونعمت المرأه هند واعلم أنّه یجوز نعم المرأه هند (1) وإن کان لا یجوز : قام المرأه ، لأنّ نعم غیر متصرّف ، بخلاف قام ، وإنّما وجب مطابقه المخصوص للفاعل ، لأنّ المخصوص عباره عن الفاعل ، ولمّا کان المخصوص لا بدّ وأن یکون مطابقا لفاعل نعم أو بئس ، وجب تأویل ما جاء علی خلافه مثل قوله تعالی : (بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِینَ کَذَّبُوا)(2) لأنّ المخصوص هو الذین کذّبوا وهم غیر مطابقین لمثل القوم الذی هو الفاعل ، لأنّهم لیسوا من جنس المثل ، لأنّ المثل هو القول الوجیز ، والذین کذّبوا لیسوا بقول وجیز ، وتأویله علی حذف المضاف أی بئس مثل القوم مثل الذین کذّبوا (3).

ومما یناسب بئس ، ساء (4) وهی مثل بئس معنی واستعمالا فحکمها حکمها ، وقد تستعمل علی غیر ذلک کقولک : ساءنی ما صنعت (5).

والمخصوص قد یعلم فیجوز حذفه (6) کقوله تعالی : (إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ)(7) بعد أن تقدّم ذکر أیوب فعلم أنّ المراد نعم العبد أیوب ، وکذلک قوله تعالی : (وَالْأَرْضَ فَرَشْناها فَنِعْمَ الْماهِدُونَ)(8) أی فنعم الماهدون نحن یدلّ علیه سیاق الکلام (9).

ص: 55

1- الکتاب ، 2 / 178.

2- من الآیه 5 من سوره الجمعه.

3- اکتفی أبو الفداء بتوجه من توجیهین ذکرهما الزمخشری فی المفصل ، 275 ، قال عن الثانی : ورؤی أن یکون محل الذین مجرورا صفه للقوم ، ویکون المخصوص بالذم محذوفا ، أی بئس مثل القوم المکذبین مثلهم. وانظر شرح الوافیه 376 وإیضاح المفصل ، 2 / 104 وشرح المفصل ، 7 / 38 وتفسیر النسفی ، 4 / 192.

4- الکافیه ، 422.

5- شرح الوافیه ، 376.

6- الکافیه ، 422.

7- من الآیه 44 من سوره ص. وقبلها : واذکر عبدنا أیوب ... ص الآیه 41.

8- من الآیه 48 من سوره الذاریات.

9- شرح الوافیه ، 377.

ومما یناسب نعم ، حبّذا (1) وهو مرکّب من حبّ وذا - (2) وفاعله ذا ، ویراد به مشار إلیه فی الذهن ، وذا فی حبّذا ، لا یتغیّر سواء کان المخصوص مفردا أو مثنّی أو مجموعا أو مذکرا أو مؤنثا (3) ، تقول : حبّذا زید وحبّذا الزیدان وحبّذا الزیدون وحبّذا هند وحبّذا الهندان وحبّذا الهندات ، وإنما لم یتغیّر عن هذا اللفظ ، لأنّهم جعلوا الفعل والفاعل کالکلمه الواحده فکرهوا التصرّف فیه ، واستغنوا بالمخصوص عن تفسیر الفاعل ولم یستغنوا فی نعم بالمخصوص عن تفسیر الفاعل المضمر بل فسّروه بالنکره ، لئلا یؤدی حذف النکره المفسّره فی نعم إلی التباس المخصوص بفاعل نعم فی کثیر من الصور ، ألّا تری أنّک لو قلت نعم السلطان وجوّزت الإضمار فی نعم من غیر تفسیر ، لم یعلم هل الفاعل السلطان أم المخصوص بالمدح بخلاف حبّذا فإن «ذا» مؤذن بأنه الفاعل ، وإعراب مخصوص حبّذا کإعراب مخصوص نعم (4) فی کون المخصوص مبتدأ وما قبله خبره ، أو خبر مبتدأ محذوف (5) ویجوز قبل ذکر مخصوص حبّذا أن یقع حال موافق للمخصوص فی الإفراد والتثنیه والجمع والتذکیر والتأنیث نحو : حبذا راکبا زید ، وحبّذا راکبین الزیدان ، ویجوز وقوع هذه الحال بعد المخصوص أیضا نحو : حبّذا زید راکبا وحبّذا الزیدان راکبین ، ویجوز أیضا أن یقع قبل المخصوص وبعده تمییز علی وفق المخصوص فی الإفراد وغیره کما قیل فی الحال نحو : حبّذا رجلا زید ، وحبّذا زید رجلا (6) والعامل فی هذه الحال وهذا التمییز ما فی حبّذا من معنی الفاعلیّه ، وذو الحال ذا فی حبّذا لا زید ، لأنّ زیدا هو

ص: 56

1- المفصل 275 وفیه : وحبذا مما یناسب هذا الباب وفی الکافیه 422 ومنها حبذا وفاعله ذا ، وفی شرح الوافیه 377 وحبذا مما یناسب نعم.

2- بعدها فی الأصل مشطوب علیه «لأن أصله حب وذا».

3- فی الکتاب ، 2 / 180 وصار المذکر هو اللازم لأنه کالمثل.

4- هذا التفصیل زیاده عما فی شرح الوافیه ، 377.

5- أو مبتدأ محذوف الخبر وجوبا وذهب بعض إلی أنه بدل وبعض آخر إلی أنه عطف بیان ویردهما أنه یلزم علیهما وجوب ذکر التابع ویردّ البدل أنه لا یحلّ محلّ الأول ، ویردّ البیان وروده نکره انظر حاشیه الصبان علی شرح الأشمونی ، 3 / 41.

6- قال السیوطی فی همع الهوامع ، 2 / 89 : إن کان مشتقا فهو حال وإلّا بأن کان جامدا فهو تمییز وقال الأخفش والفارسی والربعی : حال مطلقا ، وقال أبو عمرو بن العلاء : تمییز مطلقا ، وقیل : إنه منصوب بأعنی مضمره فهو مفعول لا حال ولا تمییز قاله أبو حیان وهو غریب.

المخصوص ، والمخصوص لا یجیء إلّا بعد تمام المدح لفظا أو تقدیرا (1).

ذکر أبنیه الماضی الثلاثی المجرّد عن الزیاده

ولا تکون فاؤه إلّا مفتوحه (3) لکنّ عینه تتحرّک بالحرکات الثلاث فهو بحسب ذلک ثلاثه أقسام :

فالأول : فعل بفتح العین نحو : ضرب وجلس.

والثانی : فعل بکسر العین نحو : شرب وفرح وکلّ من هذین القسمین یکون متعدیّا ولازما کما رأیت من الأمثله المذکوره.

والثالث : فعل بضمّ العین ولا یکون إلّا لازما نحو : کرم.

واعلم أنّ مضارع هذه الثلاثه یجیء علی القیاس وعلی غیر القیاس ، والمراد بالقیاسی أن یکون المضارع مخالفا للماضی فی البناء بحیث ، إن کان الماضی مفتوح العین یکون المضارع إمّا مکسور العین أو مضمومها ، وإن کان الماضی مکسور العین یکون المضارع إمّا مفتوح العین أو مضمومها (4) إلّا أنّ ضمّ المضارع مع کسر الماضی أهمل لثقله ، وما ورد منه فمرکّب کما یأتی بیانه ، ویسمّی ما جاء علی القیاس الدعائم نحو : کتم یکتم وشتم یشتم وعلم یعلم وما بخلافه لیس من الدعائم نحو : فعل یفعل بفتحهما معا ، أو بضمّهما معا ، أو بکسرهما معا.

[ذکر أبنیه المضارع]

ذکر مضارع فَعَلَ بفتح العین

اعلم ، أنّ المضارع یحصل بزیاده حرف المضارعه علی الماضی وقد جاء مضارع فعل علی ثلاثه أمثله :

ص: 57

1- شرح الوافیه ، 377 واکتفی ابن الحاجب فیها بمثال للحال وآخر للتمییز.

2- المفصل ، 217 والشافیه 500 وانظر الکتاب ، 4 / 5 والمقتضب ، 1 / 71 والممتع ، 1 / 66.

3- قال نقره کار فی شرح الشافیه ، 2 / 20 لخفتها ولثقل الفعل فلا یجوزون فیه الابتداء بالثقیل فی أصل الوضع لأنّ الابتداء بالأخف أولی لتحصل للمتکلّم العذوبه فی اللفظ ویصغی السامع إلیه بخلاف الاسم فإنه لمّا کان خفیفا یجوزون الابتداء فیه بالثقیل.

4- شرح المفصل ، 7 / 152.

5- الشافیه ، 502.

أحدها : یفعل بکسر العین ومثاله من المتعدّی : ضرب یضرب ومن اللّازم : جلس یجلس.

ثانیها : یفعل بضمّ العین ومثاله من المتعدّی : قتل یقتل ، ومن اللّازم : قعد یقعد.

ثالثها : یفعل بفتح العین علی خلاف الأصل ولا یکون إلّا مما عینه أو لامه حرف حلق ، وحروف الحلق ، الهمزه والهاء والحاء والعین والخاء والغین نحو : سأل یسأل وذهب یذهب ومدح یمدح ومنع یمنع وسلخ یسلخ وصبغ یصبغ (1) بفتح عین یفعل فی الجمیع (2) ولکن لیس الفتح لازما فی کلّ ما هو کذلک بل یجوز أن یأتی علی الأصل نحو : یصبغ (3) بالضمّ (4) وشذّ ما جاء علی فعل یفعل بالفتح ولیس عینه أو لامه حرف حلق نحو : أبی یأبی (5) ورکن یرکن ، وقیل : إنّ رکن یرکن مرکّب کما سیأتی بیان الترکیب ، وإنّما فتحت عین یفعل من هذه الأفعال بسبب حروف الحلق لأنّ حروف الحلق ثقیله (6) والفتحه تناسب ذلک لینجبر الثّقل بالخفّه (7).

واعلم أنّ فعل بفتح العین إذا کان معتلّ الفاء أو العین أو اللّام أو مضاعفا فلمضارعه أحکام أخر ، أمّا معتلّ الفاء بالواو فمضارعه علی یفعل بکسر عین المضارع (8) نحو : وعد یعد ، وشذّ : وجد یجد بالضمّ (9) وأما معتلّ العین أو اللّام

ص: 58

1- فی الأصل وصبع یصبع.

2- انظر نحو هذه الأمثله مما عینه أو لامه حرف حلقی فی الکتاب ، 4 / 101.

3- یقال : صبغ الثوب والشیء ونحوهما یصبغه ویصبغه ویصبغه ثلاث لغات. اللسان ، صبغ.

4- فی الأصل «نحو یصبغ وینبح بالضم فیهما» أبقی الناسخ علی ما أثبتناه.

5- فی الکتاب ، 4 / 105 - 106 وقالوا أبی یأبی فشبهوه بیقرأ ... ولا نعلم إلا هذا الحرف ، وأما غیر هذا فجاء علی القیاس.

6- غیر واضحه فی الأصل.

7- بعدها فی الأصل مشطوب علیه «وإنما لم یجب فتح عین ما فاؤه حرف حلق لأن الفاء تسکن فی یفعل کما سکنت همزه أبی فی یأبی فإن الفاء تسکن فی المضارع لئلا یجتمع أربع حرکات متوالیه فی کلمه واحده فی الأصل ولا تتحرک الفاء فی المضارع إلا حرکه عارضیه فی معتل العین نحو : یقول ویبیع لأنها منقوله عن العین المحذوفه.

8- بعدها مشطوب علیه «لحصول موجب حذفها من وقوعها بین یاء وکسره».

9- هی لغه عامریه کما فی اللسان ، وجد. وانظر الکتاب ، 4 / 54.

بالواو فمضارعه (1) علی یفعل بالضم ، نحو : قال یقول ودعا یدعو لمناسبه الضمّه للواو وقد شذّ : طاح یطیح وتاه یتیه عند من قال : طوّحت أطوح وتوّهت أتوه ، لأنّ قیاسه حینئذ أن یأتی علی طاح یطوح وتاه یتوه (2) ، وأمّا معتلّ العین أو اللّام بالیاء فمضارعه علی یفعل بالکسر للمناسبه (3) نحو : باع یبیع ورمی یرمی ، وأمّا فعل المضاعف اللّام ، فإن کان متعدیّا فمضارعه مضموم العین لا سیما إن لحقه الضمیر نحو : شدّه یشدّه ومدّه یمدّه ، وجاء الکسر فی بعضه نحو : نمّه ینمّه وبتّه یبتّه ، وأمّا حبّه فیحبّه بالکسر لیس إلّا (4) ، وإن کان لازما فمضارعه مکسور العین (5) غالبا نحو حنّ یحنّ وأنّ یئن.

ذکر مضارع فَعِلَ بکسر العین

ومضارعه یأتی علی مثالین :

أحدهما : یفعل بفتح العین ومثاله من المتعدّی شرب یشرب ، ومن اللّازم فرح یفرح.

وثانیهما : یفعل بکسر العین مثل الماضی ومثاله من المتعدّی : حسب یحسب ، ومن اللّازم : نعم ینعم وبئس یبئس ویئس ییئس ویبس ییبس إذا / جفّ ، وقد جاء الفتح أیضا فی هذه الأفعال المذکوره أعنی یحسب وینعم إلی آخرها بفتح عین

ص: 59

1- الشافیه ، 503.

2- فی الکتاب ، 4 / 344 وأما طاح یطیح وتاه یتیه فزعم الخلیل أنهما فعل یفعل بمنزله حسب یحسب ، وهی من الواو ویدلک علی ذلک طوحت وتوهت ... ومن قال : طیحت وتیهت فقد جاء بها علی باع یبیع مستقیمه. وفی اللسان ، طوح وتوه : هما لغتان.

3- أی لمناسبه الکسره للیاء.

4- قال الجوهری فی الصحاح ماده بتت : والبتّ القطع تقول : بتّ یبتّه ویبتّه وهذا شاذّ لأن باب المضاعف إذا کان یفعل منه مکسورا لا یجیء متعدیّا إلا أحرف معدوده وهی بتّه یبتّه وعلّه فی الشرب یعلّه ویعلّه ونمّ الحدیث ینمّه وینمّه وشدّه یشدّه ویشدّه وحبّه یحبّه ویحبّه وهذه وحدها علی لغه واحده وذکر الفیروز أبادی فی القاموس المحیط حب : حببته أحبّه بالکسر شاذ وانظر اللسان ، حبب.

5- بعدها مشطوب علیه «إلا نحو ظل یظل».

6- الشافیه ، 503.

یفعل (1) ، وجاء وله یله والأکثر یوله (2) وولغ یلغ ، وحکی یولغ ویلغ (3) وجاء منها بالکسر فقط ، ورث یرث ووثق یثق وومق یمق وورم یرم ، وأمّا ما جاء علی فعل یفعل بکسر عین الماضی وضمّ عین المضارع مثل : فضل یفضل فمرکّب (4) والمراد بالترکیب أن یبادل بین صیغتین لفعل واحد ، قد جاء ماضی کل صیغه منهما ومضارعها علی الأصل کما جاء فضل یفضل علی صیغه قتل یقتل ، وجاء أیضا فضل یفضل علی صیغه شرب یشرب فأعطی ماضی إحداهما مضارع الأخری فترکّب من ذلک فضل یفضل بکسر عین الماضی وضمّ عین المضارع علی خلاف بابه (5).

ذکر مضارع فَعُلَ بضمّ العین

وهو لا یکون (7) إلّا لازما ومضارعه علی مثال واحد علی یفعل بضمّ العین مثل ماضیه نحو : کرم یکرم وکأنّه إنّما جاء کذلک کراهه أن یشارک غیر المتعدّی المتعدّی (8).

ذکر أبنیه الثلاثی المزید فیه

اشاره

وهی خمسه وعشرون بناء ، خمسه عشر منها للإلحاق وعشره لغیر الإلحاق (10) والمراد بالإلحاق جعل مثال علی مثال أزید منه بجعل الزائد مقابل الأصلی ، ومیزانه اتّحاد المصدرین أو الجمعین کما سیظهر من الأمثله الآتی ذکرها.

ص: 60

1- فی الکتاب ، 4 / 39 والفتح فی الأفعال جید وهو أقیس.

2- لأنها علی القیاس ، اللسان ، وله.

3- الولغ : شرب السّباع بألسنتها .. ویقال : ولغ یلغ ولغا وولغ یلغ ومن العرب من یقول : ولغ یولغ مثل وجل یوجل اللسان ، ولغ.

4- وفضل الشیء یفضل مثال دخل یدخل وفضل یفضل کحذر یحذر وفیه لغه ثالثه مرکّبه منهما فضل بالکسر یفضل بالضمّ وهو شاذ. اللسان ، فضل.

5- فی الکتاب ، 4 / 40 وفضل یفضل أقیس ... کما أن فضل یفضل شاذ.

6- الشافیه ، 503.

7- غیر واضحه فی الأصل.

8- الکتاب ، 4 / 38.

9- المفصل ، 278.

10- إیضاح المفصل ، 2 / 116 والممتع ، 167 - 168.

أما الخمسه عشر الموازنه للرباعی علی سبیل الإلحاق :

فمنها سته ملحقه بدحرج أی بالرباعی المجرّد وهی : جلبب وحوقل وبیطر وجهور وقلنس وقلسی (1) لأنّهم زادوا فی کلّ واحد منها زیاده لیوافق دحرج فی وزنه ، فجلبب فعلل ، زیدت فیه الباء من موضع لام الفعل ، وحوقل فوعل زیدت فیه الواو ثانیه ، وبیطر فیعل ، زیدت فیه الیاء ثانیه أیضا ، وجهور فعول زیدت فیه الواو ثالثه ، وقلنس فعنل زیدت فیه النون ثالثه ، وقلسی من قلسیته بالقلنسوه فقلسیت علی فعلیت ، زیدت فیه الیاء رابعه ، ودلیل إلحاق هذه کلّها بدحرج ، أنّها مثله فی الماضی والمستقبل والمصدر واسم الفاعل نحو : جلبب یجلبب فهو مجلبب وقس علی ذلک البواقی (2).

ومنها سبعه ملحقه بتدحرج (3) أی بالرباعی المزید فیه التاء (4) وهی نحو : تجلبب وتجورب (5) وتشیطن (6) وترهوک (7) وتمسکن وتغافل وتکلّم ، فکما أنّ جلبب ملحق بدحرج ، کذلک تجلبب ملحق بتدحرج وکذلک القول فی تشیطن وترهوک ، وأمّا تمسکن علی وزن تمفعل ، فقد قیل : إن تمسکن وتمدرع شاذّان (8) والأکثر أن یقال فیهما : تدّرع وتسکّن وکذلک الکلام فی تمندل إذا مسح یده بالمندیل ، فإن الأولی أن یقال : تندّل (9) ، وتغافل ملحق بتدحرج فتصریفه مثله یقال :

ص: 61

1- یقال : قلسیته فتقلسی وتقلنس وتقلّس أی ألبسته القلنسوه فلبسها. اللسان ، قلس ، وانظر الکتاب ، 4 / 286 وشرح المفصل ، 7 / 155.

2- قال فی الکتاب ، بعد ذکره هذه الأمثله ، 4 / 286 «فهذه الأشیاء بمنزله دحرجت».

3- المفصل ، 278.

4- الکتاب ، 4 / 286 وإیضاح المفصل ، 2 / 166 وشرح المفصل ، 7 / 155.

5- یقال : جوربته فتجورب أی ألبسته الجورب فلبسه. اللسان ، جرب.

6- تشیطن الرجل وشیطن إذا صار کالشیطان وفعل فعله. اللسان ، شطن.

7- الترهوک : هو المشی الذی یشبه الموج اللسان ، رهک.

8- وحکم علیها سیبویه ، 4 / 286 بالقله.

9- قال ابن یعیش فی شرح المفصل ، 7 / 156 فقولهم : تمسکن شاذ من قبیل الغلط ومثله قولهم : تمدرع وتمندل والصواب : تسکن وتدرع وتندل وقال الرضی فی شرح الشافیه ، 1 / 68 وفی عدّ النحاه تمدرع وتمندل وتمسکن من الملحق نظر أیضا وإن وافقت تدحرج فی جمیع التصاریف ، وذلک لأنّ زیاده المیم فیها لیست لقصد الإلحاق بل هی من قبیل التوهم والغلط ظنّوا أن میم مندیل ومسکین ومدرعه فاء الکلمه کقاف قندیل ودال درهم والقیاس تدرّع وتندل وتسکّن.

تغافل یتغافل تغافلا کما یقال : تدحرج یتدحرج ، تدحرجا وإن کان غافل / غیر ملحق بدحرج ، وکذلک تکلّم ملحق بتدحرج (1) ودلیل إلحاق هذه کلها بتدحرج أنها مثله فی الماضی والمستقبل والمصدر واسم الفاعل.

ومنها اثنان ملحقان باحرنجم (2) أی بالرباعی المزید فیه النون وهما : اقعنسس واسلنقی (3) ، لتصرّفهما تصرّف احرنجم فی الماضی والمستقبل والمصدر ، ومعنی احرنجم اجتمع ، واقعنسس تأخّر.

وأمّا العشره الغیر الملحقه فمنها ثلاثه موازنه للرباعی (4) لکن علی غیر سبیل الإلحاق وهی : أخرج وجرّب وقاتل ، فزیاده أخرج الهمزه ، وزیاده جرّب من جنس الکلمه بتضعیف عین الفعل من موضعها ، وزیاده قاتل الألف ، فهذه الثلاثه وإن وافقت دحرج فی وزنه بما زید فیها فلیست ملحقه به ، لأنّ حرف الإلحاق هو الذی لیس له معنی غیر الإلحاق ، بخلاف الهمزه فی أفعل ، فإنّها موضوعه لمعان کالتعدیه وغیرها ، وکذلک تضعیف العین فی نحو : جرّب ، وأمّا الألف فی نحو : قاتل فموضوعه لأن یکون من غیرک إلیک ما کان منک إلیه (5) ، وهذا کلّه بخلاف حروف الإلحاق (6) ، فإنّ زیادتها لا تفید معنی غیر الإلحاق ، وأیضا فإنّ مصادر هذه مخالفه لمصدر دحرج ، لا یقال : أخرج إخراجا مثل دحرج دحراجا ، لأنّا نقول : إنّ الاعتبار إنّما هو بالفعلله لا بالفعلال ، لأنّ الفعلله هی المصدر الملازم لباب دحرج بخلاف

ص: 62

1- تبع أبو الفداء الزمخشری فی مفصله ، 278 وقد رد ابن یعیش فی شرح المفصل ، 7 / 156 ذلک بقوله «وکذلک تغافل لیست الألف للإلحاق ، لأنّ الألف لا تکون حشوا ملحقه لأنّها مده محضه فلا تقع موقع غیرها من الحروف إنما تکون للإلحاق إذا وقعت آخرا لنقص المدّ فیها مع أن حقیقه الإلحاق إذا وقع آخر إنما هو بالیاء ولکنّها صارت ألفا لوقوعها موقع المتحرّک وقبلها فتحه ، وتکلّم کذلک تضعیف العین لا یکون ملحقا فإطلاقه - أی فی المفصل - لفظ الإلحاق هنا سهو. وانظر شرح الشافیه ، 1 / 68 وشرح الشافیه للجاربردی ، 1 / 39.

2- المفصل ، 278.

3- أی نام علی ظهره ، القاموس المحیط ، سلق.

4- المفصل ، 278.

5- الکتاب ، 4 / 68.

6- إیضاح المفصل ، 2 / 116 والنقل منه.

دحراج (1).

ومنها سبعه غیر موازنه للرباعی (2) بوجه وهی : انطلق واقتدر واستخرج واشهابّ واشهبّ (3) واغدودن (4) واعلوّط بالطاء المهمله (5) لأنّ استخرج مثلا لیس موازنا لاحرنجم ، لأنّا لا نعنی بالموازنه صوره حرکات وسکنات ، وإنما نعنی وقوع الفاء والعین واللّام فی الفرع موقعها فی الأصل الملحق به ، واستخرج بالنسبه إلی احرنجم بخلاف ما ذکرناه فی الأصلیّه والزیاده جمیعا ، أمّا الأصلیّه ، فهو أنّ الخاء من استخرج فاء وقد وقعت موقع النون من احرنجم ، وهی زائده فی الأصل ولیس الأمر کذلک فیما هو ملحق ، وأمّا الزیاده فالنون واقعه فی الأصل بعد الفاء والعین ولیس فی استخرج الذی هو الفرع نون فی موضعها ولا فی غیر موضعها ، وأیضا فإنّ مصادر هذه الأفعال مخالفه لمصدر احرنجم (6).

ذکر معانی فَعَلَ بفتح العین

ومعانیه لا تنضبط کثره لخفّه بنائه ، فیقع علی ما کان عملا مرئیا (8) نحو : ضرب وقتل وعلی غیر المرئی نحو : شکر ومدح ونطق الإنسان وهدر الحمام وصهل الفرس وعلی ضدّه نحو : سکت وصمت ، وعلی باب المغالبه وهو أن یکون الفعل بین اثنین ویغلب أحدهما فیقع بفتح عین الماضی وضمّ المستقبل نحو : کارمته فکرمته أکرمه ، وخاصمنی فخصمته أخصمه ، وکاثرنی فکثرته أکثره (9) / إلّا باب معتلّ الفاء

ص: 63

1- شرح الشافیه للجاربردی ، 1 / 39.

2- المفصل ، 278.

3- اشهبّ واشهابّ رأسه واشتهب : إذا غلب بیاضه سواده ، اللسان ، شهب.

4- فی الکتاب ، 4 / 76 واجلوّذ واعلوّط : إذا جدّبه السیر ، وانظر اللسان ، علط.

5- اغدودن النبت : إذا اخضرّ. اللسان ، غدن.

6- إیضاح المفصل ، 2 / 117 وشرح المفصل ، 7 / 156.

7- المفصل ، 278.

8- غیر واضحه فی الأصل ، والمراد بالمرئی : ما کان متعدیا فیه علاج من الذی یوقعه بالذی یوقع به فیشاهد ویری ، شرح المفصل ، 7 / 157.

9- بعدها مشطوب علیه «وبابها علی فعل یفعل بفتح العین فی الماضی وضمها فی المستقبل ، وإن لم یکن منها نحو : کارمنی فکرمته وضاربنی فأضربه أی غلبته وأغلبه فی الکرم» وبعدها کلمتان لم أستطع تبینهما ، وأول المشطوب من نص المفصل ، 278 وانظر الکتاب ، 4 / 68 وشرح المفصل ، 7 / 157.

بالواو ، ومعتلّ العین واللّام بالیاء (1) فإنّ مضارعها لا یجیء مضموما بل علی یفعل بکسر العین (2) نحو : وامقه فومقه یمقه ، وبایعه فباعه یبیعه ، وراماه فرماه یرمیه (3) ، وعن الکسائی فیما عینه أو لامه حرف حلق علی یفعل بفتح العین نحو : شاعرته فشعرته أشعره وما ذکره غیره أولی (4) ، لثبوت الضمّ فی مثله نقلا ، قال أبو زید : شاعرته أشعره وفاخرته أفخره بالضمّ فیهما علی الأصل (5).

ذکر معانی فَعِلَ بکسر العین

وهو یکثر فی (7) الأعراض من الأفراح والأحزان والعلل والألوان کفرح وحزن ومرض وسقم وأدم وشهب وسود (8).

ذکر معانی فَعُلَ بضمّ العین

وهو للمعانی التی تکون فی الأشیاء أی الغرائز کحسن وقبح وصغر وکبر وضعف ونظف وملح وصلب وصعب.

ذکر معانی تفعلل

یجیء مطاوع فعلل کجوربه فتجورب ومعنی المطاوعه قبول المفعول به فعل الفاعل ، فإذا قلت : کسرته فانکسر أی قبل الکسر ، وقد یکون تفعلل بناء مقتضیا غیر

ص: 64

1- المفصل ، 278 وانظر شرح المفصل ، 7 / 156.

2- بعدها فی الأصل مشطوب علیه «حذرا من استثقال الواو».

3- فی الکتاب ، 4 / 68 ولا یجیء إلا علی یفعل.

4- فی إیضاح المفصل ، 2 / 118 «واستثناء الکسائی غیر مستقیم لا فی النقل ولا فی المعنی» وانظر شرح الشافیه ، 1 / 71.

5- فی اللسان ، شعر «وشاعره فشعره یشعره بالفتح أی کان أشعر منه وغلبه» ونحوه فی فخر «وفاخره یفخره ، ویفخره ، فضله علیه ...».

6- المفصل ، 278.

7- فی الأصل فیه.

8- الکتاب ، 4 / 17 وإیضاح المفصل ، 2 / 119 وشرح الشافیه ، 1 / 72.

9- المفصل ، 278 - 279 وإیضاح المفصل ، 2 / 120 وشرح الشافیه لنقره کار ، 2 / 24.

10- المفصل ، 279.

مطاوع لشیء نحو : ترهوک وهو ملحق بتدحرج یقال : ترهوک النّاس فی کذا إذا تحرّکوا فیه.

ذکر معانی تفعّل

یجیء مطاوع فعّل نحو : کسّرته فتکسّر ، وقطّعته فتقطّع ، ویجیء بمعنی التشبیه بالشیء کقول رؤبه : (2)

کقیس عیلان ومن تقیّسا

أی تشبّه بقیس ، ومنه تهوّد وتنصّر ، ویجیء بمعنی تکلّف الشیء نحو : تشجّع وتصبّر إذا تکلّف ذلک ، ویجیء بمعنی استفعل نحو : تکبّر وتعظّم بمعنی استکبر واستعظم ویجیء بمعنی أخذ الشیء بعد الشیء فی مهله ، نحو : تجرّع الماء وتحسّاه (3) ومنه : التجسّس والتفهّم والتبصّر والتسمّع (4) والتعرّف والتعهّد ، ویجیء بمعنی اتّخاذ الشیء نحو : توسّدت التراب وتدیّرت المکان أی اتخذته دارا ، وتبنّی فلان فلانا أی اتّخذه ابنا (5) ، ویجیء بمعنی التجنّب للشیء نحو : تهجّد أی اجتنب الهجود وهو نوم اللیل (6) ویجیء ولیس فیه شیء من هذه المعانی نحو : تبسّم وتکلّم (7).

ذکر معانی تفاعل

یجیء لما یکون من اثنین فصاعدا غالبا نحو : تضاربا وتضاربوا فإن کان فاعل من المتعدّی إلی مفعول واحد کضارب لم یتعدّ تفاعل بل یکون لازما نحو : تضارب

ص: 65

1- المفصل ، 279.

2- دیوانه. 3 / 33 ونسبه ابن منظور فی ماده قیس إلیه ونقل عن ابن بری انه للعجاج وبعده : تقاعس العزّ بنا فاقعنسسا

3- أی حسوه بعد حسوه انظر إیضاح المفصل ، 2 / 122.

4- فی شرح الشافیه ، 1 / 105 «والظاهر أن تفهّم للتکلف فی الفهم کالتسمّع والتبصّر».

5- إیضاح المفصل ، 2 / 123.

6- بعدها مضروب علیه «ویجیء بمعنی فعّل بتشدید العین نحو : تقسّم بمعنی قسمه ، وتقطعه بمعنی قطعه».

7- انظر الکتاب ، 4 / 71 - 73 ، وشرح المفصل ، 7 / 158 وشرح الشافیه ، 1 / 7.

8- المفصل ، 279.

زید وعمرو ، وإن تعدّی إلی مفعولین نحو : نازعته (1) الحدیث تعدّی إلی واحد نحو : تنازع زید وعمرو الحدیث وتجاذبا الرّداء ، ویجیء تفاعل أیضا لیری الفاعل من نفسه حالا لیس هو فیها ولا یرید أن یکون هو فیها (2) وذلک نحو : تعامیت وتغافلت وتناسیت وتمارضت ، کقول الشّاعر : (3)

إذا تخازرت وما بی من خزر

ثمّ کسرت الطرف من غیر عور

والتخازر أن یضیّق جفنه ویکسره ، ویجیء بمعنی فعلت ولا یراد به الفعل من اثنین نحو : توانیت فی الأمر وتلافیته وتدارکته ، ویجیء بمعنی تفعّلت نحو : تعاهدت إذا فعلت الشیء مرّه بعد أخری ، ویجیء مطاوع فاعلت نحو : باعدته / فتباعد ، ویجیء متعدیا بمعنی أفعله کقوله تعالی (تُساقِطْ عَلَیْکِ رُطَباً)(4) أی تسقط علیک النخله رطبا.

ذکر معانی أفعل

صیغه (6) أفعل تأتی علی وجوه (7) :

ص: 66

1- غیر واضحه فی الأصل.

2- الکتاب ، 4 / 69 والمقتضب ، 2 / 78 والممتع ، 1 / 182.

3- هذا الرجز مختلف حول قائله ؛ فقیل : هو لأرطاه بین سهیّه وقیل : هو لعمرو بن العاص وقیل : هو لأبی غطفان الصاردی. انظر سمط اللآلی ، للبکری ، 1 / 299 - 300 ولسان العرب ، خزر ومرر ، وورد الرجز من غیر نسبه فی الکتاب ، 4 / 69 والمقتضب ، 1 / 79 والمحتسب ، 1 / 127 وشرح المفصل ، 7 / 80 - 159 والممتع ، 1 / 183 والمخصص ، 14 / 180. والخزر کسر العین بصرها أو ضیقها وصغرها أو النظر کأنه فی أحد الشقین.

4- من الآیه 25 من سوره مریم ، قرأ حمزه بفتح التاء مع تخفیف السین والأصل تتساقط ، وقرأ حفص بضم التاء مع کسر القاف ، مضارع ساقطت متعد ورطبا مفعوله أو یقدر تساقط ثمرها فرطبا تمییز ، والباقون بفتح التاء وتشدید السین وفتح القاف ؛ انظر البحر المحیط ، 6 / 184 والإتحاف ، 298 وذکر مکی فی قراءه الفتح أن نصب رطبا فیه بعد ، لأن مستقبل تفاعل هو فی أکثر أحواله لا یتعدی إلا إذا قیل إن تساقط مطاوع ساقط. الکشف ، 2 / 88.

5- المفصل ، 280 - 281.

6- غیر واضحه فی الأصل.

7- الکتاب ، 4 / 58 - 63 وإیضاح المفصل ، 2 / 126 وشرح المفصل ، 7 / 159 والممتع ، 1 / 186 ، وشرح الشافیه ، 1 / 83 - 90 وشرح الشافیه للجاربردی ، 1 / 46.

1 - أن تکون لتعدیه الفعل فی الأکثر نحو : أجلسته.

2 - أن تکون لتعریض الشیء للشیء وأن یجعل بسبب منه نحو : أقتلته أی عرّضته للقتل ، وأبعت الغلام وغیره عرّضته للبیع ، ومنه قوله تعالی : (ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ)(1) أی جعل له قبرا.

3 - أفعل الشیء إذا صار ذا کذا أی ذا أمر من الأمور التی دلّ علیها الفعل نحو :

أغدّ البعیر إذا صار ذا غدّه ، والغدّه فی الإبل کالطاعون فی الإنسان. وأقشع السحاب إذا صار ذا انکشاف.

4 - أفعل إذا حان وبلغ نحو : أحصد الزرع إذا بلغ الحصاد.

5 - أن تکون أفعلته بمعنی وجدته (2) کذلک تقول : أحمدت الرجل أی وجدته محمودا أو موصوفا بالحمد ، وتقول : أبخلته أی وجدته بخیلا.

6 - أن تکون بمعنی السلب والإزاله نحو : شکا فأشکاه أی زال شکواه ، وأعجمت الکتاب إذا نقطته لأنک تزیل عجمته ، لأنّه قبل النقط ذو عجمه لا تعرف الباء من التاء.

7 - أن تکون بمعنی الدخول فی الشیء مثل : أظلم إذا دخل فی الظلام ، وأصبح إذا دخل فی الصباح ، وأحرم إذا دخل فی الأشهر الحرم ، وأحرم إذا لم یأت ما یوجب علیه عقوبه ، لأنّه دخل فی حرمه لا تهتک ، وأحرم إذا دخل فی الصلاه والحج (3).

8 - أن یقال : ألبن الرجل وأتمر وألحم وأشحم إذا کثر عنده ذلک.

9 - أن تجیء لمعنی فی نفسه ولم یرد به شیء من هذه المعانی ، نحو : أشفق وألحّ.

10 - أن تجیء بمعنی فعل نحو : قاله البیع ، وأقاله ، وشغله وأشغله ، وأشغل

ص: 67

1- من الآیه 21 من سوره عبس.

2- بعدها فی الأصل مشطوب علیه «علی صفه أصل الفعل مفعولا إن کان».

3- اللسان ، حرم.

لغه ردیئه (1) وبکرت بکورا وأبکرت إبکارا بمعنی (2).

ذکر معانی فعّل

وفعّل یؤاخی أفعل فی التعدیه نحو : فرّحته ، ویجیء فعّلته ویراد به النسبه نحو : فسّقته وزنّیته وفجّرته ، ویجیء ویراد به قلت له ذلک نحو : جدّعته وعقّرته أی قلت له : جدعا له وعقرا (4) ، ویجیء بمعنی التنحیه نحو : قرّعته إذا أزلت قرعه وهو بثر أبیض ، وقذّیت عینه إذا أزلت قذاها ، وجلّدت البعیر إذا أزلت جلده ، کما یقولون : سلخت الشاه ولا یکاد یقولون سلخت البعیر ، وقرّدته ، أزلت قراده (5) ویجیء بمعنی فعل نحو : بکرت وبکّرت ، ومیّزت الشیء بمعنی عزلت بعضه عن بعض ومزته ، وتقول : أعاضنی وعاضنی وعوضنی بمعنی (6) ، وقصرت الصلاه وقصّرتها ، ویجیء بمعنی التکثیر غالبا نحو : علّقت الأبواب وقطّعت الثوب وجوّل فی الأرض. ویجیء بمعنی صار الشیء بصفه کذا نحو : عجّزت المرأه وثیّبت ، ویجیء ولا یراد به شیء مما ذکر نحو : کلّم وسلّم ووقّر وبجّل وجرّب (7).

ذکر معانی فاعل

یجیء لما یکون بین اثنین غالبا بأن یفعل [کلّ منهما مع الآخر ذلک](9) - الفعل نحو : قاتل وضارب ، فإذا قلت : ضارب زید عمرا ، نسبت الفعل إلی أحدهما فرفعت (10) ، وجعلته واقعا علی الآخر فنصبته ، والفاعل هنا مفعول أیضا فی المعنی

ص: 68

1- فی القاموس المحیط شغل : وأشغله لغه جیده أو قلیله أو ردیئه ، وانظر التاج ، شغل.

2- اللسان ، بکر.

3- المفصل ، 281.

4- الجدع : قطع الأنف أو الأذن أو الشفه ، والعقر : العقم. القاموس المحیط ، جدع وعقر.

5- القراد : دویبه تعضّ الإبل ، اللسان ، قرد.

6- اللسان ، عوض.

7- الکتاب ، 4 / 64 - 65 وإیضاح المفصل ، 2 / 128 والممتع ، 1 / 188.

8- المفصل ، 281.

9- ما بین المعقوفین أصاب الطمس بعض حروف کلماته.

10- أی : أحدهما.

کما أنّ المفعول فاعل أیضا فی المعنی ، ولهذا جاز عند البصریین فی الضروره خاصه : خاصم زید عمرو برفعهما ، وحکی ابن الأنباری (1) أنّ بعض النحاه یجیز نصبهما کما یجیز رفعهما (2) ، ویجیء فاعل بمعنی فعل نحو : سافر (3) ، ویجیء بمعنی أفعلت نحو : عافاه الله أی أعفاه ، وطارقت النّعل أی أطرقها ، ویجیء بمعنی فعّل نحو : صاعر خدّه أی صعّر ، وضاعف أی ضعّف ، ویجیء بمعنی تفاعل نحو : سارع وتسارع وجاوز وتجاوز بمعنی (4).

ذکر معانی انفعل

لا یکون إلّا مطاوع فعل ، نحو : کسرته فانکسر إلّا ما شذّ من مجیئه مطاوعا لأفعل نحو : أقحمته فانقحم ، وأغلقته فانغلق ، وأزعجته فانزعج ، ولا یکون إلّا حیث علاج وتأثیر ، لأنّه قبول المفعول فعل الفاعل ، ولهذا کان قولهم : انعدم ، خطأ ، لأنّه لا معالجه فیه إنّما هو فقد وذهاب فلیس هو مثل انقطع الذی هو قبول القطع ، فأما قولهم : هذا القول لا ینقال وقد انقال ، فهو لأنّ القائل یعمل فی تحریک لسانه وإدارته ویقال : طردته فذهب ولا یقال : انطرد استغناء بذهب عنه (6).

ذکر معانی افتعل

وهو یجیء بمعنی انفعل (8) غالبا فی کونه مطاوع فعل کقوله : غممته فاغتمّ

ص: 69

1- هو أبو البرکات عبد الرحمن بن محمد الأنباری المتوفی 577 ه من تصانیفه الإنصاف وأسرار العربیه ، انظر ترجمته فی إنباه الرواه ، 2 / 169 ووفیات الأعیان ، 3 / 139 والبلغه ، 124.

2- وذلک أنّ فاعلیّه زید ومفعولیّه عمرو مما صرّحت به ویجیء العکس الذی هو فاعلیّه عمرو ومفعولیّه زید ضمنا ، إذ الضرب کما وقع من زید علی عمرو وقع من عمرو علی زید ، لأنّهما متشارکان فیه وکلّ واحد منهما فاعل من وجه ومفعول من وجه آخر. انظر حاشیه ابن جماعه علی شرح الجاربردی ، 1 / 47 ، وانظر الأمالی الشجریه ، 1 / 218.

3- أی لنسبه الفعل إلی الفاعل لا غیر فسافرت بمعنی سفرت. مناهج الکافیه ، 2 / 28.

4- الکتاب ، 4 / 68 وإیضاح المفصل ، 2 / 129 وشرح الشافیه ، 1 / 96.

5- المفصل ، 281 والکتاب ، 4 / 65 وإیضاح المفصل ، 2 / 131 وشرح الشافیه ، 1 / 108.

6- فی الکتاب ، 4 / 66 وربما استغنی عن انفعل فی هذا الباب فلم یستعمل ، وذلک قولهم : طردته فذهب ولا یقولون : فانطرد ولا فاطّرد. وانظر إیضاح المفصل ، 2 / 131 ومناهج الکافیه ، 2 / 31.

7- المفصل ، 281 - 282.

8- بعدها فی الأصل : المطاوع فی کونه غالبا وشطب الناسخ علی «کونه».

وانغمّ (1) ویجیء افتعل أیضا بمعنی تفاعل نحو : اختصموا والتقوا واجتوروا کما تقول : تخاصموا وتلاقوا وتجاوروا وکذا اختصما (2) واصّطلحا ، مثل : تخاصما وتصالحا ، ویجیء بمعنی اتخاذ الشیء نحو : اذّبح إذا اتّخذ لنفسه ذبیحه ، والأصل اذتبح ، وکذلک اشتوی واختبز إذا اتخذهما (3) ویجیء بمعنی فعل نحو : قرأ واقترأ وخطف واختطف ، ویجیء لزیاده المعنی نحو : کسب واکتسب وعمل واعتمل ، فمعنی کسب أنه أصاب الشیء ، ومعنی اکتسب أنه أصابه بتصرّف وطلب وکذلک اعتمل ، ویجیء ولیس فیه شیء من ذلک نحو : اشتمل وارتجل (4).

ذکر معانی استفعل

أصل استفعل أن یکون لطلب الفعل (6) فإذا قلت : استعلمت منه الخبر فالمعنی طلبت منه أن یعلمنی ، واستحقّ إذا طلب حقا ، واستعملته طلبت منه العمل ، واستعجل طلب العجله ، ویجیء بمعنی التحوّل من حال إلی حال نحو : استحجر الطین أی تحوّل حجرا واستنسر البغاث أی صار نسرا ، وفی المثل ، «إنّ البغاث بأرضنا یستنسر» (7) ، ویجیء بمعنی وجود الشیء علی صفه نحو : استسمنته بمعنی وجدته ، کذلک واستعظمته أی وجدته کذلک ، واستسمنت ذا ورم أی اعتقدت فیه السمن ، ویجیء بمعنی فعل نحو : استعلی أی علا ، ویجی بمعنی أفعل نحو : استنقذه

ص: 70

1- قال الرضی فی شرح الشافیه ، 1 / 108 فلمّا لم یکن - أی افتعل - موضوعا للمطاوعه کانفعل جاز مجیئه لها فی غیر العلاج نحو : غممته فاغتمّ ولا تقل فانغم ، غیر أن سیبویه قال فی الکتاب ، 4 / 65 وغممته فاغتمّ وانغمّ عربیّه.

2- غیر واضحه فی الأصل.

3- أی اتخذهما لنفسه.

4- الکتاب ، 4 / 74 وإیضاح المفصل ، 2 / 131 وشرح المفصل ، 7 / 160 والممتع ، 1 / 191 وشرح الشافیه ، 1 / 109.

5- المفصل ، 282.

6- بعدها فی الأصل مشطوب علیه «غالبا».

7- یضرب للضعیف یصیر قویا ، وللذلیل یعزّ بعد الذّلّ ، جمهره الأمثال ، 1 / 141 - 163 وفصل المقال للبکری ، 115 ومجمع الأمثال ، 1 / 10 - 197 - 203.

أی أنقذه ، ویجیء بمعنی الحینونه والبلوغ نحو : استرقع / الثوب (1) واستحفر النهر ، ویجیء ولا یراد به شیء مما ذکر نحو : استرجع عند المصیبه (2).

ذکر معانی افعوعل

وهو بناء مبالغه وتوکید نحو : اخشوشن واعشوشبت الأرض واحلولی الشیء مبالغات فی خشن وأعشبت وحلا (4) واعروی : إذا رکب الفرس أو الحمار عریّا.

ذکر أبنیه الفعل الرباعی

للمجرّد منه بناء واحد علی فعلل ، ویکون متعدیّا وغیر متعدّ ، فالمتعدّی نحو : دحرجت الحجر ، وغیر المتعدی نحو : دربخ الرجل ، إذا ذلّ ، ودربخت الحمامه للذکر إذا خضعت له.

وللمزید فیه ثلاثه : افعنلل وافعلّل وتفعلل (6) نحو : احرنجم احرنجاما ، واقشعررت اقشعرارا ، وتدحرج تدحرجا ، وجمیع المزید المذکور لازم (7) ، واعلم أنّ مضارع غیر الثلاثی المجرّد سواء کان ثلاثیا مزیدا فیه أو رباعیا مجرّدا أو رباعیّا مزیدا فیه فإنه یکسر ما قبل آخره إذا لم یکن أول الماضی تاء نحو : ینطلق ویدحرج ویحرنجم ، وأما إذا کان أول ماضیه تاء زائده نحو : تضارب وتدحرج وتکلّم فمضارعه حینئذ لم یکسر ما قبل آخره ولکن یبقی مفتوحا نحو : یتضارب ویتدحرج ویتکلّم.

ص: 71

1- أی حان رقعه ، وکذا حان للنهر أن یحفر ، اللسان ، رقع وحفر.

2- أی قال : (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ).

3- المفصل ، 282.

4- الکتاب ، 4 / 75 وشرح المفصل ، 7 / 161.

5- المفصل ، 282.

6- الکتاب ، 4 / 85 وإیضاح المفصل ، 2 / 135.

7- شرح المفصل ، 7 / 162.

القسم الثالث : فی الحرف

اشاره

وهو ما دلّ علی معنی فی غیره ، والهاء فی غیره راجعه إلی ما دلّ ، وقد تقدّم الکلام علی الحرف فی أول الکتاب (2) والحرف یأتی لمعنی فی الاسم خاصه ؛ کحرف التعریف ، وحرف الجرّ ، وحرف النداء ، ویأتی لمعنی فی الفعل خاصه کقد والسین وسوف والجوازم والنواصب ، ویأتی للربط ویندرج فیه ما یربط بین اسمین أو بین فعلین مجرّدین عن الضمیر تقدیرا کحرف العطف ، أو بین اسم وفعل ، کحرف الجرّ أو بین جملتین کحرف الشّرط ، وإذن ، وواو الحال ، وحرف الجواب ، ویأتی لقلب معنی الجمله ، وهو إمّا مغیّر للإعراب نحو : لیت ولعلّ وکأنّ ، وإمّا غیر مغیّر کحرف الاستفهام ، وحرف النفی ، ویأتی للتوکید ؛ إمّا مغیّر للإعراب نحو : إنّ وأنّ ، أو غیر مغیّر له نحو : لام الابتداء ، ویأتی للزیاده إمّا فی الجمله نحو : بحسبک زید ، وما زید بقائم ، وإمّا فی غیر الجمله کقوله تعالی : (فَبِما نَقْضِهِمْ مِیثاقَهُمْ)(3) والحرف ینقسم : (4) إلی بسیط : ویراد به ما هو حرف واحد کالباء واللّام وکاف التشبیه ونحوها ، وإلی مرکّب : إمّا ثنائی کمن وعن وإمّا ثلاثی کعلی أو رباعی کحتّی أو خماسی نحو : لکنّ (5) ولا یتجاوز أصول الأسماء فی العدّه.

ص: 72

1- المفصل ، 283 والکافیه ، 422.

2- فی 1 / 115.

3- من الآیه 155 من سوره النساء وبعدها فی الأصل مشطوب علیه «وقال ابن السراج إنه لا زائد فی کلام العرب ، لأن کل ما یحکم بزیادته فإنه یفید التوکید فهو داخل» وأعاده أبو الفداء فی حروف الزیاده وأتمه بالقول : فهو داخل فی قسم المؤکد وفی الأصول ، 2 / 259 ما یفید أن الزائد یفید التوکید ویأتی لغیره ، وانظر الأصول أیضا ، 1 / 42 - 43 وشرح المفصل ، 8 / 5.

4- بعدها فی الأصل مشطوب علیه «أیضا».

5- معانی الحروف ، للرمانی ، 133.

ذکر حروف الجرّ

اشاره

حرف الجرّ ما وضع للإفضاء بفعل أو شبهه أو معناه إلی ما یلیه ، قوله : ما وضع للإفضاء أی للإیصال ، وقوله : إلی ما یلیه ، أی إلی ما یلی حرف الجرّ من الأسماء وقوله : بفعل احتراز من الاسم ، والحرف ، فإنّ الأصل / فی الاسم أن لا یعمل ، وما عمل منه (2) إنّما کان لشبهه بالفعل ، وکذلک الحرف قوله : وشبهه (3) أو معناه أی شبه الفعل من الأسماء أو معنی الفعل من الأسماء کاسم الفاعل والمفعول وغیر ذلک ، أمّا الفعل فنحو : مررت بزید ، وأمّا شبه الفعل فنحو : أنا مارّ بزید ، ومروری بزید حسن فالباء هی التی أوصلت الفعل وشبهه إلی ما یلیها من الاسم ، وأمّا معنی الفعل فنحو : زید فی الدار لإکرامک ، فاللّام متعلّقه بما فی الدّار من معنی الاستقرار ، وکذلک هذا أبوک فی الدّار ، فإنّ العامل ما فی هذا من معنی الإشاره وإذا قلت : خرجت من البصره فمن أوصلت معنی الخروج إلی البصره علی سبیل الابتداء ، وکذلک قدمت إلی بغداد فإلی أوصلت معنی القدوم إلی بغداد ، علی سبیل الانتهاء.

وسمّیت حروف الجرّ إمّا لأنّها تجرّ معانی الأفعال إلی الأسماء (4) وإما لأنّها أضیفت إلی عملها کقولهم : حروف الجزم وحروف النصب (5).

وحروف الجرّ ثمانیه عشر حرفا وهی : من وإلی وحتّی وفی والباء واللام وربّ وواو ربّ وواو القسم وتاؤه وعن وعلی والکاف ومنذ ومذ وحاشا وعدا وخلا.

واعلم أنّ عشره من هذه الحروف وهی : من وإلی وحتّی وفی والباء واللّام وربّ وواو ربّ وواو القسم وتاؤه لا تکون إلّا حروفا ، وخمسه تکون حروفا وأسماء وهی : عن وعلی والکاف ومنذ ومذ ، والثلاثه البواقی تکون حروفا وأفعالا وهی :

ص: 73

1- فی الکافیه ، 423 حروف الجر ما وضع للإفضاء بفعل أو معناه إلی ما یلیه ونحوه فی شرح الوافیه ، 380.

2- فی الأصل منها.

3- قوله : وشبهه سقط من الحد المذکور فی الکافیه ، ومن شرح الوافیه ، 380 ، وذکر عند الرضی ، 2 / 399.

4- نسبه السیوطی فی الهمع ، 2 / 19 إلی ابن الحاجب ونحوه فی شرح الوافیه ، 380.

5- نسب إلی الکوفیین فی الهمع ، 2 / 19 وفی إیضاح المفصل ، 2 / 140 بعد ذکره الرأی الأول قال «وکذلک تجره» وانظر شرح المفصل ، 8 / 7 وشرح الکافیه ، 2 / 319 وحاشیه الخضری ، 1 / 226.

حاشا وعدا وخلا.

أما من (1) فتکون للتبعیض وللبیان وللابتداء فالتی للتبعیض هی التی یحسن مکانها بعض نحو : أخذت من الدّراهم ، والتی للتبیین ، هی التی یحسن مکانها الذی نحو قوله تعالی : (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ)(2) أی الرجس الذی هو وثن (3) والتی للابتداء تعرف بأن یحسن فی مقابلتها إلی ، إمّا لفظا أو تقدیرا نحو : سرت من البصره إلی الکوفه ، وزید أفضل من عمرو ، فإنّ معناه أنّ ابتداء فضله کان متراقیا فی الزیاده من عمرو (4) وأما أعوذ بالله من الشیطان الرجیم ، فابتداء الاستعاذه کان من الشیطان مع قطع النّظر عن الانتهاء ، لأنّه لا یتعلّق به غرض ، وکذلک أخاف من عقاب الله فإنّ ابتداء الخوف من العقاب لا یقبل الانتهاء ، والبصریون یخصّصونها بأنّها للابتداء فی غیر الزّمان (5) ، والکوفیون یعمّمونها فی الزمان وغیره ، ویستدلّون بقوله تعالی : (مِنْ أَوَّلِ یَوْمٍ أَحَقُ)(6) فقد دخلت علی الزمان وتأولها البصریون بمعنی من تأسیس أول یوم (7) وتقع من زائده وتعرف بأنّک لو حذفتها لکان المعنی الأصلی علی حاله ولا یفوت بحذفها سوی التأکید ، کقولک : ما جاءنی من أحد (8) وهی مختصّه عند البصریین بغیر الموجب ، وجوّز الکوفیون والأخفش زیادتها فی الموجب أیضا (9) واستشهدوا / بقولهم «قد کان من مطر» وتأویله قد کان شیء من مطر ، فیکون

ص: 74

1- الکافیه ، 423.

2- من الآیه 30 من سوره الحج.

3- شرح الوافیه ، 381 وإیضاح المفصل ، 2 / 142 وفی المغنی ، 1 / 319 أنکر وقوعها قوم ، قال : وهذا تکلف.

4- هذا رأی سیبویه والمبرد فی من الواقعه بعد أفعل التفضیل ، الکتاب ، 4 / 225 والمقتضب ، 1 / 44 - 45 وانظر بقیه الآراء فی معانی الحروف ، للرمانی 97 والمغنی ، 1 / 321 وشرح الأشمونی ، 3 / 45.

5- فی الکتاب ، 4 / 224 «وأما من فتکون لابتداء الغایه فی الأماکن».

6- من الآیه 108 من سوره التوبه.

7- اقتصر أبو الفداء علی إیراد دلیل واحد ، وثمه أدله أخری انظرها فی الإنصاف ، 1 / 370 وشرح الکافیه ، 2 / 320 ورصف المبانی ، 322 والمغنی ، 1 / 318.

8- فی الکتاب ، 4 / 225 «ولو أخرجت من کان الکلام حسنا ولکنه آکد بمن».

9- بشرط تنکیر مجرورها فقط ، ونسب إلی الأخفش والکسائی وهشام جواز زیادتها بلا شرط ، شرح التصریح ، 2 / 8 - 9 ، وانظر شروط زیادتها فی المغنی ، 1 / 323.

للتبعیض واستدلّوا أیضا بقوله تعالی : (یَغْفِرْ لَکُمْ مِنْ ذُنُوبِکُمْ)(1) وقد قال : (یَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِیعاً)(2) والجواب : أنّ من هاهنا أیضا للتبعیض ، أی یغفر لکم بعض ذنوبکم وهو خطاب لقوم نوح (3).

وأمّا إلی وحتّی (4) فلانتهاء الغایه ، إلّا أنّ حتّی تفید معنی ، «مع» أی یدخل ما بعدها فیما قبلها (5) بخلاف إلی ، فإذا قلت : قدم الحاجّ حتّی المشاه فکأنک قلت : مع المشاه ، وأکلت السمکه حتی رأسها ونمت البارحه حتّی الصباح أی أکلت الرأس مع السمکه ونمت الصباح مع البارحه ، هذا هو المختار ، وقیل : الضابط فی دخول ما بعد حتّی فیما قبلها ، أن یکون ما بعدها داخلا فی مسمّی ما قبلها فیدخل الرأس فی الأکل لدخوله فی مسمّی السمکه ولا یدخل الصباح فی النوم ، لأنّه غیر داخل فی مسمّی البارحه وإلی لا یدخل ما بعدها فیما قبلها فی الأصحّ (6) وقیل : یدخل ، وقیل : إن کان من جنس ما قبله دخل وإلا لم یدخل (7) ، وعلی الأصحّ فإنّما دخلت المرافق والکعبان فی قوله تعالی : (فَاغْسِلُوا وُجُوهَکُمْ وَأَیْدِیَکُمْ إِلَی الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِکُمْ وَأَرْجُلَکُمْ إِلَی الْکَعْبَیْنِ)(8) ببیان ذلک من النبیّ صلی الله علیه وسلم بالفعل ، ولو لا ذلک لم یحکم بدخوله (9).

وتجیء إلی بمعنی مع قلیلا (10) کقوله تعالی : (وَلا تَأْکُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلی أَمْوالِکُمْ)(11) وأمّا قوله تعالی : (کَما قالَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ لِلْحَوارِیِّینَ مَنْ أَنْصارِی إِلَی

ص: 75

1- من الآیه 31 من سوره الأحقاف.

2- من الآیه 53 من سوره الزمر.

3- المسأله خلافیه انظرها فی رصف المبانی ، 325 وشرح الکافیه ، 2 / 322 وشرح المفصل ، 8 / 13 والمغنی ، 1 / 325.

4- الکافیه ، 8 / 13 والمغنی ، 1 / 325.

5- فی الجنی ، 545 وذهب المبرد وابن السراج وأبو علی وأکثر المتأخرین إلی أنه داخل.

6- وهو قول أکثر المحققین ، الجنی ، 385 - 546.

7- شرح الوافیه ، 381 - 382.

8- من الآیه 6 من سوره المائده.

9- إیضاح المفصل ، 2 / 144 وشرح الوافیه ، 382 والنقل منه.

10- وبه قال الکوفیون وجماعه من البصریین المغنی ، 1 / 75 ، والجنی ، 386.

11- من الآیه 2 من سوره النساء.

اللهَ)(1) فهی للغایه أی من ینصرنی إلی أن یتمّ أمر الله (2) وحتّی لا تدخل إلّا علی اسم ظاهر (3) فلا یقال حتّاه کما یقال : إلیه ، خلافا للمبرّد (4).

وأمّا فی (5) فمعناها الظرفیّه کقولک : جلست فی المسجد وتکون کعلی قلیلا کقوله تعالی : (وَلَأُصَلِّبَنَّکُمْ فِی جُذُوعِ النَّخْلِ)(6) أی علی (7).

وأمّا الباء (8) فتکون للإلصاق کقولک : به داء أی التصق الدّاء به ، وکقولک : أقسمت بالله أی ألصقت قسمی بالله ، وللاستعانه کقولک : کتبت بالقلم ، وللمصاحبه کقولک : اشتریت الفرس بسرجه ولجامه ، وللتعدیه کخرجت به (9) ، ومنه قوله تعالی : (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِینُ)(10) أی أهبط القرآن جبریل ، وللمقابله نحو : بعت هذا بهذا ، وبمعنی فی کقولک : ظننت به خیرا ، وتکون زائده فی غیر الموجب فی خبر المبتدأ نفیا واستفهاما قیاسا نحو : ما زید بقائم ، وهل زید بقائم ، وفی الموجب سماعا نحو : ألقی بیده ، وبحسبک زید (11).

وأمّا الّلام (12) فتستعمل لمعان :

1 - للاختصاص نحو : الجلّ (13) للفرس ، والمال لزید.

2 - للتعلیل نحو : ضربته للتأدیب.

ص: 76

1- من الآیه 14 من سوره الصف ، وفی الأصل وإذ قال.

2- الخصائص ، 2 / 308 وحروف المعانی ، 115 وتفسیر النسفی ، 4 / 190.

3- هذا مذهب سیبویه ، انظر الکتاب ، 2 / 283.

4- شرح المفصل ، 8 / 16.

5- الکافیه ، 423.

6- من الآیه 71 من سوره طه.

7- هذا رأی الزمخشری ورده کثیر من النحویین انظر المقتضب ، 2 / 318 وإیضاح المفصل ، 2 / 147 ورصف المبانی ، 388 والمغنی ، 1 / 168.

8- الکافیه ، 423.

9- بعدها فی شرح الوافیه ، 382 بمعنی أخرجته.

10- من الآیه 193 من سوره الشعراء.

11- شرح الوافیه ، 382.

12- الکافیه ، 423.

13- الجلّ : ما تلبسه الدابّه لتصان به. القاموس المحیط ، جلل.

3 - للزیاده کقوله تعالی : (عَسی أَنْ یَکُونَ رَدِفَ لَکُمْ)(1) أی ردفکم (2).

4 - أن تکون بمعنی «عن» إذا استعملت مع القول کقوله تعالی : (قالَ الَّذِینَ کَفَرُوا لِلَّذِینَ آمَنُوا لَوْ کانَ خَیْراً ما سَبَقُونا إِلَیْهِ)(3) ولیس معنی الآیه أنّ الکافرین / خاطبوا المؤمنین لأنّه لو کان کذلک لوجب أن یقول : سبقتمونا إلیه ، فعلم أنّ معناه قال الذین کفروا عن الذین آمنوا (4).

5 - أن تکون بمعنی واو القسم فی التعجّب فی اسم الله تعالی کقول الشّاعر : (5)

لله یبقی علی الأیّام ذو حید

بمشمخرّ به الظّیّان والآس

وأمّا ربّ فللتقلیل (6) کما أنّ کم للتکثیر ، ولربّ أحکام :

أحدها : أنّ لها صدر الکلام لکونها لإنشاء التقلیل.

والثانی : اختصاصها بنکره موصوفه بمفرد أو جمله نحو : ربّ رجل کریم اجتمعت به ، وربّ رجل أبوه عالم ، وربّ رجل مررت به ، واختصّت بالنکره لعدم الاحتیاج إلی المعرفه ، ووجب أن تکون النکره موصوفه علی الأصحّ (7) لیتحقّق

ص: 77

1- من الآیه 72 من سوره النمل.

2- فی المقتضب ، 2 / 36 وقال بعض المفسرین فی قوله (الآیه) معناه ردفکم ، وفی المغنی ، 1 / 215 بل ضمن ردف معنی اقترب ، وانظر البیان ، للأنباری 2 / 227.

3- من الآیه 11 من سوره الأحقاف.

4- تفسیر النسفی ، 4 / 108.

5- البیت اختلف حول قائله فقد نسبه سیبویه فی الکتاب ، 3 / 497 إلی أمیه بن أبی عائذ ، ونسبه السکری فی کتاب شرح أشعار العرب ، 1 / 439 وابن منظور فی لسان العرب ، حید ، إلی مالک بن خالد الخناعی الهذلی ، ونسبه ابن السید البطلیوسی فی کتابه الحلل ، 96 إلی أبی ذؤیب الهذلی ، قال : وأبو عمرو یروی هذا الشعر للفضل بن عبّاس ، ونسبه ابن یعیش فی شرح المفصل ، 9 / 99 لأمیه بن أبی عائذ وأضاف قیل : بأن البیت لأبی ذؤیب أو للفضل بن العباس اللیثی. وورد البیت من غیر نسبه فی المقتضب ، 2 / 323 ، وشرح الکافیه ، 2 / 340 ورصف المبانی ، 118 - 171 - 221 ومغنی اللبیب ، 1 / 214 وهمع الهوامع ، 2 / 32 - 39 وشرح الأشمونی ، 2 / 216. الحید جمع حید بالفتح وهو کلّ نتوء فی قرن أو جبل ، والمشمخرّ : الجبل العالی ، الظیّان : یاسمین البر ، الآس : الریحان ، یبقی : أراد لا یبقی ، وهو حذف قیاسیّ لأنّ المضارع وقع جوابا للقسم.

6- الکافیه ، 423 وانظر إیضاح المفصل ، 2 / 149 وشرح الوافیه ، 383.

7- هذا مذهب ابن السراج والفارسی وأکثر المتأخرین وقال الأخفش والفراء والزجاج وابن طاهر وابن خروف : لا یجب ذلک. انظر الأصول لابن السراج ، 1 / 417 - 418 وشرح الکافیه ، 2 / 331 وهمع الهوامع ، 2 / 26.

التقلیل الذی هو مدلول ربّ ، لأنّه إذا وصف الشیء صار أخصّ مما لم یوصف (1).

والثالث : أن یکون فعلها أی جوابها وعاملها فعلا ماضیا محذوفا غالبا ؛ لأنّ وضعها لتقلیل تحقّق ، ولأنّ الصفه قد أغنت عنه وسدّت مسدّه ، وإنّما قیّد الحذف بالغالب (2) ، لأنّه قد یظهر نحو : ربّ رجل کریم اجتمعت به ، فکریم صفه لمجرور ربّ ، واجتمعت به هو فعلها الماضی ، وهو جوابها ، وعاملها الذی یتعلّق به ربّ ، ولا یتعلّق إلّا بما بعدها لما ذکرنا من أنّ لها صدر الکلام فلا یکون العامل إلّا بعدها ، وجوّز بعضهم (3) کون فعلها مضارعا نحو : ربّ رجل وجیه یقول ذلک ، وقد تدخل ربّ علی مضمر یمیّز ذلک المضمر بنکره منصوبه نحو : ربّه رجلا ، وهذا الضمیر مبهم کالضمیر المستتر فی : نعم رجلا زید ، وهذا الضمیر مفرد مذکّر عند البصریین نحو : ربّه رجلا ، وربّه رجلین ، وربّه رجالا ، وربّه امرأه وربّه امرأتین ، وربّه نساء ، لکونه راجعا إلی مقدّر ذهنی لا لشیء مقدّم ذکره لتجب مطابقته ، خلافا للکوفیین فإنهم قالوا : بمطابقه هذا الضمیر للتمییز فی الإفراد والتثنیه والجمع والتذکیر والتأنیث ، فیقولون : ربّهما وربّهم وربّها وربّهنّ (4).

وتلحق ربّ ما الکافه فتدخل علی الجمله سواء کانت فعلیه أو اسمیه إذا قصدوا تقلیل النسبه المفهومه من الجمل نحو : ربّما قام زید ، وربّما زید قائم ، ولا یقال : ربّما یقوم زید ، لأنّ ربّ للزمان الماضی (5) ، وأمّا قوله تعالی : (رُبَما یَوَدُّ الَّذِینَ کَفَرُوا لَوْ کانُوا مُسْلِمِینَ)(6) فهو بمنزله المضیّ لصدق الوعد به (7).

وأما واو ربّ فهی الواو التی یبتدأ بها فی أول الکلام بمعنی ربّ ولهذا تدخل

ص: 78

1- شرح المفصل ، 8 / 28.

2- مراده ابن الحاجب فی قوله فی الکافیه ، 423 «وفعلها ماض محذوف غالبا».

3- کابن هشام فی المغنی ، 1 / 137 وانظر رصف المبانی ، 192.

4- شرح الوافیه ، 383 وانظر الهمع ، 2 / 26 - 27.

5- شرح الوافیه ، 383 وإیضاح المفصل ، 2 / 152.

6- من الآیه 2 من سوره الحجر.

7- انظر المغنی ، 1 / 137.

علی النکره الموصوفه وتحتاج إلی جواب مذکور أو محذوف ماض ، کما قیل فی ربّ وهذا مذهب الکوفیین والمبرّد (1) فإنّ الجرّ عندهم بالواو لا بربّ ، والمذهب الآخر مذهب سیبویه (2) وغالب البصریین أنّ واو ربّ إنّما تجرّ بربّ مضمره بعدها لأنّ ربّ تضمر بعد ثلاثه أحرف / الواو والفاء وبل ، أمّا الواو فکقوله : (3)

وبلده لیس بها أنیس

إلّا الیعافیر وإلّا العیس

فجرّ بلده بربّ مضمره قالوا : (4) لأنّ الواو حرف عطف فی الأصل ، وهو لا یعمل ، وأمّا الفاء فکقوله : (5)

فإن أهلک فذی حنق لظاه

علیّ یکاد یلتهب التهابا

أی فربّ ذی حنق ، ومثله قوله : (6)

فحور قد لهوت بهنّ عین

أی فربّ حور ، وأمّا بل فکقوله : (7)

بل بلد ملء الفجاج قتمه

ص: 79

1- المقتضب ، 2 / 318 - 346 والإنصاف ، 1 / 376 وشرح الکافیه ، 2 / 333.

2- الکتاب ، 2 / 162 - 164.

3- قد تقدم الکلام علی هذا الرجز ومواضع وروده فی 1 / 196 بما یغنینا عن إعادته.

4- والقول للبصریین ، انظر الإنصاف ، 1 / 381.

5- البیت لربیعه بن مقروم الضبی ، ورد منسوبا له فی أمالی ابن الشجری ، 1 / 143 بروایه تکاد علیّ مکان علیّ یکاد ، وشرح شواهد المغنی ، 1 / 466 وورد من غیر نسبه فی شرح الکافیه ، 2 / 333 والمغنی ، 1 / 164.

6- هذا صدر بیت لمالک بن عویمر الهذلی وعجزه : نواعم فی المروط وفی الرّیاط ورد منسوبا له فی شرح الشواهد ، 2 / 232 وورد من غیر نسبه فی الإنصاف ، 1 / 380 وشرح المفصل ، 2 / 118 وشرح الأشمونی ، علی الألفیه ، 2 / 232.

7- الرجز لرؤبه بن العجاج وقد ورد فی دیوانه ، 3 / 150 وبعده : لا یشتری کتّانه وجهرمه ورد منسوبا له فی لسان العرب ، جهرم ، وشرح الشواهد ، 2 / 232 وورد من غیر نسبه فی الإنصاف ، 2 / 529 ومغنی اللبیب ، 1 / 112 وشرح الأشمونی ، 2 / 232. القتام بزنه سحاب : الغبار ، الفجاج جمع فجّ وهو الطریق الواسع.

وأمّا واو القسم وتاؤه (1) فیتوقّفان علی معرفه القسم ، وهو مصدر أقسمت ، والقسم فی العرف الیمین ، والأفعال الموضوعه للقسم : أقسمت وحلفت وآلیت وقد أجری مجراها : علم الله ، ویعلم الله ، وهو خبر فی اللفظ ، إنشاء فی المعنی ، بمنزله قولک : بعت واشتریت وطلّقت ونحوها ، ولا یتمّ القسم إلّا بجملتین أولی وثانیه ، الأولی نحو : حلفت بالله ، والثانیه نحو : لقد قام زید ، أو لتقومنّ ، ولکلّ واحده منهما أحکام تخصّها :

منها أنّ الأولی لا تکون إلّا إنشائیّه بخلاف الثانیه فإنّها تکون خبریّه وطلبیّه ، والأولی لا تکون إلّا مؤکّده للثانیه ، والثانیه مؤکّده بالأولی ، والأولی هی القسم بالحقیقه لأنّها تشتمل علی الاسم الذی یلصق به القسم لیعظم به ویفخّم وهو المقسم به کاسم الله فی حلفت بالله ، والثانیه هی المقسم علیها ، وإذا کانت الثانیه خبریّه فهو القسم لغیر الاستعطاف نحو : حلفت بالله لقد قام زید ، وإذا کانت طلبیّه فهو القسم للاستعطاف نحو : حلفت بالله لتقومنّ ، ولکثره القسم فی کلامهم أکثروا التصرّف فیه علی وجوه من التخفیف :

منها أنّهم حذفوا الفعل وحرف القسم کما سنذکر ، وحذفوا الخبر من الجمله الأولی وهو قسمی فی قولک : لعمری ولعمر أبیک ، ولعمر الله ویمین الله وایمن الله وایم الله وأمانه الله وعمر بفتح العین وضمّها بمعنی ، ولکنّ المستعمل فی القسم المفتوح العین ، ومعنی لعمر الله ، الحلف ببقاء الله ودوامه ، وإذا قلت : لعمرک الله فکأنّک قلت : بتعمیرک الله أی بإقرارک له بالبقاء ، وأمّا ایمن الله فاسم مفرد عند البصریین موضوع للقسم مأخوذ من الیمین والبرکه کأنهم أقسموا بیمین الله ، وهمزته همزه وصل مفتوحه (2) وتدخل علیه لام الابتداء کما تدخل فی قولک : لعمرک وذهب الکوفیون : إلی (3) أن أیمن جمع یمین وهمزته همزه قطع وإنما سقطت فی الوصل

ص: 80

1- الکافیه ، 423 - 424 وانظر إیضاح المفصل ، 2 / 155 وشرح الوافیه ، 383 وما ذکره أبو الفداء بعد من أحکام القسم منقول بجملته من شرح المفصل ، 9 / 90 - 91.

2- هذا مذهب سیبویه ، 4 / 503 والمسأله خلافیه انظر الإنصاف ، 1 / 404 وشرح المفصل ، 9 / 92 ، وقد حکی یونس کسرها أیضا.

3- زیاده یقتضیها السیاق.

لکثره الاستعمال ، وتحذف نونه فیبقی : ایم الله ، ویجوز فی : ایم الله بحذف النون ، فتح الهمزه وکسرها ، وأمانه الله کذلک (1) مرفوعه بالابتداء والخبر محذوف ، ومن ذلک : علیّ عهد الله ، فعهد الله مرفوع بالابتداء وعلیّ الخبر (2) ولمّا کانت أفعال القسم غیر متعدیه بنفسها ، عدّیت بالحروف التی هی واو القسم وتاؤه والباء.

أمّا الواو : (3) فلا تکون إلّا عند حذف الجمله الأولی المقسم بها فلا یقال : حلفت والله ، لأنّ الواو عوض عن الباء والفعل / لأنّ الواو للجمع والباء للإلصاق وما ألصق بالشیء فقد جامعه ، ولا تستعمل أیضا فی قسم الاستعطاف ، فلا یقال : والله أخبرنی کما یقال : بالله أخبرنی ، ولا تدخل علی المضمر فلا یقال : وک لأفعلنّ کما یقال : بک لأفعلنّ وبه لأقومنّ ، وإنّما اختصّت الواو بالظاهر ، لأنّها بدل عن الباء ، والمضمر بدل عن المظهر ، فلم یجوّزوا دخولها علی المضمر ، لئلا یجمعوا بین البدلین (4).

وقد یحذف حرف القسم وحذفه علی ضربین : بعوض وبغیر عوض ، أمّا حذفه بعوض فنحو : ها الله لأفعلنّ أی والله لأفعلنّ ، وها الله لا أفعلنّ أی والله لا أفعلنّ ، فهنا قد عوّض من حرف القسم حرف التنبیه ، وکذلک یعوّض منه ألف الاستفهام نحو : آلله لأفعلنّ بالمدّ ، وجرّ اسم الله کما هو مع حرف التنبیه (5) ، وأمّا حذفه بغیر عوض فنحو : الله لأفعلنّ بنصب اسم الله تعالی بفعل القسم المقدّر قال امرؤ القیس : (6)

فقالت یمین الله مالک حیله

ص: 81

1- فی الأصل لذلک.

2- الکتاب ، 3 / 503 والمقتضب ، 2 / 324.

3- الکتاب ، 4 / 496.

4- إیضاح المفصل ، 2 / 154 وشرح المفصل ، 9 / 99 والهمع ، 2 / 39.

5- الکتاب ، 4 / 500 والمقتضب ، 2 / 322 - 323.

6- دیوانه ، 72 وعجزه : وما إن أری عنک العمایه تنجلی وروی بالضم ، علی الابتداء ، والخبر محذوف والتقدیر : لازمنی یمین الله.

بنصب یمین ، ویجوز عند سیبویه (1) الله لأفعلنّ ، بالجرّ علی إراده الحرف المحذوف ، وردّه المبرّد بأنّ حرف الجرّ لا یعمل مضمرا (2) ، وإنّما یجوز الجرّ فی اسم الله تعالی خاصّه لکثره القسم به ، والنصب فیه وفی غیره.

وأمّا التاء : فمثل الواو فی وجوب حذف الفعل معها ، وهی مختصّه ببعض الظاهر وهو اسم الله تعالی : (3)(تَاللهِ لَأَکِیدَنَّ أَصْنامَکُمْ)(4) والتاء بدل من الواو کما أبدلت فی تجاه وتراث فهی فرع الواو التی هی فرع الباء فلذلک ضاق مجالها ، واختصّت باسمه تعالی (5).

وأمّا الباء : فهی أعمّ من الواو والتاء لأنّها تستعمل مع الفعل ، وحذفه ، ومع السؤال وغیره ومع الظّاهر والمضمر ومع اسم الله وغیره (6) فمثالها مع الظّاهر ومع الفعل : حلفت بالله ، ومثالها مع حذفه : بالله قم ، ومثالها مع المضمر : حلفت بک وبه ، وأمثله الباقی ظاهره ، وإنّما اختصّت الباء بهذه الأمور ، لأنّها حرف جرّ وحروف الجرّ تضیف معنی الفعل وشبهه إلی ما بعدها ، فلذلک أضافت معنی أقسمت إلی المقسم به ، وظهر الفعل معها ودخلت علی المضمر.

ذکر أحکام جواب القسم

قد علمت أنّ القسم نوعان : قسم لغیر السؤال والاستعطاف ، وقسم للسؤال والاستعطاف ، أما قسم غیر السؤال والاستعطاف فیجاب أی یتلقّی بإنّ أو باللّام أو بکلیهما ، أو بحرف النفی ، نحو : والله إنّ زیدا قائم ، وو الله لزید قائم ، ونحو قوله

ص: 82

1- قال فی الکتاب ، 3 / 498 «ومن العرب من یقول : الله لأفعلنّ وذلک أنه أراد حرف الجر وإیاه نوی فجاز حیث کثر فی کلامهم وحذفوه تخفیفا وهم ینوونه».

2- قال بعد ذکره ذلک «ولیس هذا بجید فی القیاس ، ولا معروف فی اللغه ، ولا جائز عند کثیر من النحویین وإنما ذکرناه لأنه شیء قد قیل ولیس بجائز عندی» المقتضب ، 2 / 335.

3- الکتاب ، 3 / 496 - 499 والمقتضب ، 2 / 322 - 4 / 239.

4- من الآیه 57 من سوره الأنبیاء.

5- رصف المبانی ، 172.

6- الکافیه ، 424 وشرح الوافیه ، 383.

7- المصدران السابقان.

تعالی : (وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِی خُسْرٍ)(1) فتلقّی القسم بهما ، وو الله ما زید قائما ، وو الله لا رجل أفضل منک ، وإن کان المقسم علیه جمله فعلیّه وفعلها ماض مثبت جاز تلقّیه باللّام وقد معا نحو : والله لقد قام زید ، وأجاز بعضهم تلقیه بقد وحدها (2) کقوله تعالی : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَکَّاها)(3) جواب : (وَالشَّمْسِ وَضُحاها)(4) وما بعده ، قال التبریزی (5) والتقدیر لقد (6) ، وجاز تلقّیه باللّام وحدها کقول امریء القیس (7) :

حلفت لها بالله حلفه فاجر

لناموا فما إن من حدیث ولا صال

فتلقّاه / بقوله لناموا ، وإن کان فعل الجمله المقسم علیها مضارعا مثبتا فیتلقّی باللّام ونون التأکید ، کقوله تعالی : (وَلَئِنْ لَمْ یَفْعَلْ ما آمُرُهُ لَیُسْجَنَنَّ وَلَیَکُوناً مِنَ الصَّاغِرِینَ)(8) وقد تحذف نون التأکید فی ضروره الشّعر کقوله : (9)

لئن تک قد ضاقت علیّ بیوتکم

لیعلم ربّی أنّ بیتی أوسع

أی لیعلمنّ ربّی ، وإن کان الفعل منفیا فیلزم الماضی «ما» ، نحو : والله ما قام زید ، وقد یکون ماضیا لفظا ومستقبلا معنی فتدخل علیه ، «لا» نحو : والله لا قمت ،

ص: 83

1- الآیتان 1 - 2 من سوره العصر.

2- والأولی الجمع بین اللام وقد ، شرح الکافیه ، 2 / 339 والهمع ، 2 / 42.

3- من الآیه 9 من سوره الشمس.

4- الآیه 1 من سوره الشمس.

5- لعله یحیی بن علی بن محمد الشیبانی التبریزی المعروف بالخطیب التبریزی أصله من تبریز ، ونشأ ببغداد ورحل إلی بلاد الشام ، وأخذ عن أبی العلاء وأخذ منه الجوالیقی ، وهو من أئمه اللغه والأدب له من التصانیف تهذیب إصلاح المنطق ، وشرح اللمع لابن جنی ، وشرح المقصوره الدریدیه توفی سنه 502 ه ، ترجمته فی نزهه الألباء ، 372 والبلغه ، 283 والبغیه ، 2 / 338 والأعلام ، 9 / 197.

6- نسب الأنباری فی البیان ، 2 / 312 - 516 هذا القول إلی الفراء ولیس فی المعانی 3 / 267 ما یفید ذلک.

7- البیت لامریء القیس ورد فی دیونه 108 وورد منسوبا له فی شرح المفصل ، 9 / 20 - 21 - 97 وشرح شواهد المغنی ، 1 / 494 وورد من غیر نسبه فی مغنی اللبیب ، 1 / 173 - 2 / 636 وهمع الهوامع ، 1 / 124 - 42.

8- الآیه 32 من سوره یوسف.

9- البیت لم یعرف قائله ورد فی شرح الکافیه ، 2 / 339 - 394 - 404 بروایه أوسع وانظره فی شرح الشواهد ، 3 / 215 وشرح التصریح ، 2 / 254 وشرح الأشمونی علی الألفیه ، 2 / 215 ، 4 / 30.

وکقول الشّاعر : (1)

حسب المحبّیین فی الدّنیا عذابهم

والله لا عذّبتهم بعدها سقر

أی لا تعذّبهم ، ویلزم المضارع أعنی المنفی ما أو لا مع نون التأکید وبدونها نحو : والله لا أفعلنّه أبدا ، وو الله ما أفعل ، ویجوز حذف حرف النفی من المضارع المنفی المذکور لدلاله الحال علیه کقول الشاعر : (2)

تنفکّ تسمع ما حییت بهالک حتّی تکونه

أی لا تنفکّ ، وکقوله تعالی : (قالُوا تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْکُرُ یُوسُفَ)(3) أی لا تزال ، وکقول امریء القیس : (4)

فقلت یمین الله أبرح قاعدا

ولو قطعوا رأسی لدیک وأوصالی

أی لا أبرح ، وکقول الآخر : (5)

لله یبقی علی الأیّام ذو حید

أی لا یبقی.

وأمّا قسم السؤال والاستعطاف ، فلا یحتاج جوابه إلی ما ذکر من إنّ أو اللام أو حرف النفی ، لقیام الطلب أو ما فی معناه مقام ذلک کقولک : بالله أخبرنی هل قام زید ، وکقولک فی النهی : بالله لا تقم ونحو ذلک.

ص: 84

1- البیت لمؤمل بن أمیل ، ورد منسوبا له فی خزانه الأدب ، 3 / 522 - 4 / 228 (طبعه بولاق) وورد من غیر نسبه فی مغنی اللبیب ، 1 / 243.

2- البیت لخلیفه بن نزار ورد منسوبا له فی خزانه الأدب ، 4 / 47 - 48 (طبعه بولاق) وورد من غیر نسبه فی الإنصاف ، 2 / 824 وشرح المفصل ، 7 / 109 - 110 وشرح الکافیه ، 2 / 295 - 340 وهمع الهوامع ، 1 / 111.

3- من الآیه 85 من سوره یوسف.

4- البیت لامریء القیس ورد فی دیوانه ، 107 وورد منسوبا به فی الکتاب ، 3 / 503 - 504 والخصائص ، 2 / 284 وشرح المفصل ، 7 / 110 - 8 / 37 - 9 / 104 والحلل ، 99 وشرح الشواهد ، 1 / 228 ، وشرح التصریح ، 2 / 38 وورد من غیر نسبه فی المقتضب ، 2 / 325 وشرح الکافیه ، 2 / 340 ومغنی اللبیب ، 2 / 637 وهمع الهوامع ، 2 / 38 وشرح الأشمونی ، 1 / 228.

5- تقدم الکلام علی هذا الشاهد فی 2 / 77.

ذکر حذف جواب القسم

ویحذف جواب القسم إذا تقدّم علی القسم ما یدلّ علیه نحو : زید عالم والله ، وکذلک یحذف إذا اعترض القسم أی توسّط نحو : زید والله قائم ، فجواب القسم فی کله محذوف لدلاله الجمله المتقدمه والمعترضه علی الجواب لأنّه مثلها بعینها (2).

وأمّا عن : (3) فللمجاوزه نحو : رمیت عن القوس ، لأنّها یقذف عنها بالسّهم ویتجاوز عنها ، وأطعمه عن جوع وکساه عن عری لأنّه یجعل الجوع والعری متجاوزین عنه ، ویدخل علیها حرف الجرّ فتکون اسما بمعنی الجانب نحو : جلست من عن یمینه ، أی من جانبها (4).

وأما علی (5) : فمعناها الاستعلاء تقول : جلست علی الحصیر ، وعلیه دین ، وفلان أمیر علینا ، قال تعالی : (فَإِذَا اسْتَوَیْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَکَ عَلَی الْفُلْکِ)(6)(7) وتقول فی سعه الکلام : مررت علیه إذا جزته ، وتکون اسما کقولک : قمت من علی الحائط ، وکقول الشاعر : (8)

غدت من علیه بعد ما تمّ ظمؤها

...

ص: 85

1- الکافیه ، 424.

2- شرح الوافیه ، 384.

3- الکافیه ، 424.

4- إیضاح المفصل ، 2 / 156 وشرح الوافیه ، 384 ورصف المبانی ، 367 والمغنی ، 2 / 149.

5- الکافیه ، 424.

6- من الآیه 28 من سوره المؤمنون.

7- شرح الوافیه ، 384 وفی إیضاح المفصل ، 2 / 156 : والأول للاستعلاء الحقیقی والثانی للمجازی ، والآیه للحسی.

8- البیت لمزاحم بن الحارث العقیلی وعجزه : تصلّ وعن قیض بزیزاء مجهل ورد منسوبا له فی شرح المفصل ، 8 / 37 - 38 والحلل ، 78 ولسان العرب ، علا وشرح الشواهد ، 2 / 226 وشرح التصریح علی التوضیح ، 2 / 19 وشرح شواهد المغنی ، 1 / 425 وورد من غیر نسبه فی الکتاب ، 4 / 231 بروایه بعد ما تمّ خمسها ، والمقتضب ، 3 / 53 ومعانی الحروف ، 107 وشرح الکافیه ، 2 / 343 ورصف المبانی ، 371 ومغنی اللبیب ، 1 / 146 - 2 / 532 وشرح ابن عقیل ، 3 / 28 وهمع الهوامع ، 2 / 36 وشرح الأشمونی ، 2 / 226.

أی من فوقه یصف قطاه غدت من فوق فرخها طالبه للورد.

وأما الکاف (1) : فللتشبیه نحو : زید کالأسد ، وزائده (2) کقوله تعالی : (لَیْسَ کَمِثْلِهِ شَیْءٌ)(3) ویدخل علیها حرف الجرّ فتکون اسما بمعنی مثل (4) کقوله : (5)

یضحکن عن کالبرد المنهمّ

وأمّا منذ ومذ : (6) فیکونان اسمین وقد تقدّما فی الظروف ، ویکونان حرفی جر ، ویفرّق بینهما ، أمّا من جهه اللفظ ، فإنّهما إذا کانا اسمین رفع ما بعدهما وإن کانا حرفین جرّ ما بعدهما وأمّا من جهه المعنی ، فإنّهما إذا کانا حرفین / تعلّقا بما قبلهما وکان الکلام بهما جمله واحده ، وإذا کانا اسمین ورفع ما بعدهما کقولک : ما رأیته مذ یومان ، کان الکلام جملتین الجمله الأولی فعلیّه والثانیه اسمیّه یصحّ أن یصدق فی إحداهما ویکذب فی الأخری (7) فیصدق فی قوله : ما رأیته ویکذب فی قوله : مذ یومان ، وهذا المعنی مستحیل فیهما إذا کانا حرفین ، وفرق آخر : أنّهما إذا کانا حرفین فالمعنی کائن فیما دخلا علیه لا فیهما ، فإذا قلت : زید عندنا مذ شهر ، وخفضت کان الشّهر هو الذی حصل فیه الاستقرار هناک وکانت مذ حینئذ بمعنی فی ، وإن رفعت الشهر تعیّنت مذ للاسمیّه وکان المعنی أنّ الوقت الذی حصل فیه الاستقرار شهر ، وذهب قوم من النحاه إلی أنهما لا یکونان إلّا اسمین فإذا رفعت ما بعدهما کان التقدیر

ص: 86

1- الکافیه ، 424.

2- المغنی ، 1 / 179.

3- من الآیه 11 من سوره الشوری.

4- فی الکتاب ، 1 / 408 إلا أن ناسا من العرب إذا اضطروا فی الشعر جعلوها بمنزله مثل ، وانظر شرح الوافیه ، 384 وشرح المفصل ، 8 / 42 وشرح الکافیه ، 2 / 343 ورصف المبانی ، 196 والهمع ، 2 / 30.

5- هذا عجز بیت من الرجز للعجاج وقبله : بیض ثلاث کنعاج جمّ ورد فی دیوانه ، 2 / 87 وورد منسوبا له فی شرح الشواهد ، 2 / 225 وشرح التصریح علی التوضیح ، 2 / 18 وشرح شواهد المغنی ، 1 / 503 ، وورد من غیر نسبه فی شرح المفصل ، 8 / 42 - 44 ومغنی اللبیب ، 1 / 180 وهمع الهوامع ، 2 / 31. المنهمّ : الذائب یعنی أن النسوه یضحکن عن أسنان کالبرد الذائب لطافه ونظافه.

6- الکافیه ، 424.

7- شرح المفصل ، 8 / 44 - 45 ویبدو أن المصنف ینقل عنه.

ما تقدّم ، وإذا خفضت کانا فی تقدیر اثنین مضافین وإن کانا مبنیین (1) کقوله تعالی : (مِنْ لَدُنْ حَکِیمٍ عَلِیمٍ)(2) وهما لابتداء الغایه فی الزمان الماضی ، کما أنّ من الابتداء الغایه فی المکان نحو : ما رأیته مذ یوم الجمعه ، ویدخلان علی الزمن الحاضر فیکونان بمعنی فی نحو : ما رأیته مذ یومنا أو مذ شهرنا ، أی فی یومنا أو شهرنا (3) ، والبصریون یخصّون من بغیر الزمان فلا یجیزون : ما رأیته من یوم الجمعه ، والکوفیون یجیزونه (4).

وأمّا حاشا وعدا وخلا (5) : ففیها معنی الاستثناء ، وإذا جررت بها تکون حروفا (6) ، وإذا نصبت بها تکون أفعالا قد أضمر فاعلوها ، فإن دخلت «ما» علیها کقولک : قام القوم ما عدا عمرا ، تعیّنت للفعلیّه وتعیّن النصب ، واعلم أنّ «کی» عند الزمخشری (7) وغیره من البصریین حرف جرّ بمنزله اللام إذا قال : جئتک لأمر ، فتقول : کیمه کما تقول : لمه ، لأنّ کی دخلت علی ما الاستفهامیّه وهی اسم فلا بدّ من أن تکون کی حرفا من حروف الجرّ لدخولها علی الاسم ، لأنّها لو کانت هی الناصبه للفعل لم تدخل علی الاسم ، لأنّ عوامل الأفعال لا تدخل علی الأسماء.

ذکر حذف حرف الجرّ

ویحذف حرف الجرّ فیتعدّی الفعل بنفسه کقوله تعالی : (وَاخْتارَ مُوسی قَوْمَهُ سَبْعِینَ رَجُلاً)(9) أی من قومه وکقول الشاعر : (10)

ص: 87

1- ورده ابن هشام فی المغنی 1 / 335 حیث قال : والصحیح أنّهما حرفا جرّ. وانظر الإنصاف ، 1 / 382 وشرح التصریح ، 2 / 20 - 21.

2- من الآیه 6 من سوره النمل.

3- شرح الوافیه ، 385.

4- الإنصاف ، 1 / 370 والنقل من شرح الوافیه ، 385.

5- الکافیه ، 424.

6- شرح المفصل ، 8 / 49 والهمع ، 1 / 31.

7- المفصل ، 291 ، والإنصاف ، 2 / 570.

8- المفصل ، 291 وإیضاح المفصل ، 2 / 160.

9- من الآیه 155 من سوره الأعراف.

10- هذا صدر بیت لم یعرف قائله وعجزه : ربّ العباد إلیه الوجه والعمل ورد فی الکتاب ، 1 / 37 والمقتضب ، 2 / 320 والخصائص ، 3 / 247 وشرح المفصل ، 7 / 63 ، 8 / 51 وشرح الشواهد ، 2 / 194 ، وشرح التصریح ، 1 / 394 وهمع الهوامع ، 2 / 82 وشرح الأشمونی ، 2 / 194.

أستغفر الله ذنبا لست محصیه

...

أی من ذنب ، ودخلت الدار أی فی الدار ، وکقول الشّاعر : (1)

أمرتک الخیر فافعل ما أمرت به

فقد ترکتک ذا مال وذا نشب

أی أمرتک بالخیر ، وکقولک : کلت زیدا ، ووزنت زیدا ، أی کلت لزید الطعام ، ووزنت لزید الدراهم ، فحذفوا حرف الجرّ ، وحذفوا أیضا الطعام والدراهم ، لأنّ معناه : کلت الطعام ووزنت الدراهم لزید (2) وإذا حذفت حروف الجرّ وجب النصب لأنه مفعول ، فلا وجه إلا النصب ، ویحذف حرف الجرّ مع أنّ المفتوحه المشدده وأن المفتوحه المخففه کثیرا مستمرا والمراد بالمفتوحه / المخففه الناصبه للفعل لا المخففه من الثقیله ، ولا المفسره نحو : عجبت أنک قائم وجئت أنّک أکرمتنی أی من أنک ولأنّک (3) وکقوله تعالی : (یَأْمُرُکُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشاءِ ، وَأَنْ تَقُولُوا عَلَی اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ)(4) أی وبأن تقولوا ، ومثل ذلک کثیر فی الکتاب العزیز وغیره ، وجمیع ذلک إمّا منصوب أو فی موضع النصب.

فإن قیل : إذا کان الفعل لا یتعدّی إلّا بحرف الجرّ فکیف تعدّی بعد حذفه فنصب المفعول؟ فالجواب : أنّ الفعل إذا تعدّی بحرف الجرّ وکثر استعماله وصار ذلک معلوما حذف اختصارا حین علم أنّ أصل الکلام کذلک کما حذفوا أشیاء کثیره من الکلام لحصول العلم بها تخفیفا ، کحذف المبتدأ والخبر ونحوهما ، وهذا هو المسمّی بالمنصوب بنزع الخافض وقد یزاد حرف الجرّ مع الفعل المتعدّی تأکیدا

ص: 88

1- البیت اختلف حول قائله ، ورد منسوبا لعمرو بن معد یکرب فی الکتاب ، 1 / 37. وأمالی ابن الشجری ، 1 / 165 - 2 / 240 والحلل ، 34 ومغنی اللبیب ، 1 / 315 وذکر البطیلوسی فی الحلل ، 34 أن البحری نسبه فی نوادره لأعشی طرود. وورد البیت من غیر نسبه فی المقتضب ، 2 / 35 - 320 والمحتسب ، 1 / 51 وشرح المفصل ، 2 / 44 - 8 / 50 وهمع الهوامع ، 2 / 82. النشب : الأشیاء الثابته التی لا براح لها کالدور والضیاع.

2- قوله لزید کرر فی الأصل.

3- إیضاح المفصل ، 2 / 160 والنقل منه مع اختلاف یسیر.

4- من الآیه 169 من سوره البقره.

للمعنی وتقویه لعمل العامل نحو : نصحت زیدا ونصحت له وشکرته وشکرت له (1) ، وقد یزاد حملا علی تداخل المعنیین کقوله : (2)

نضرب بالسیف ونرجو بالفرج

فعدّی نرجو بالباء لمّا کان الرجاء بمعنی الطّمع أی ونطمع بالفرج ، والقیاس أن لا یضمر حرف الجرّ ، لأنّه والمجرور کشیء واحد ، وقد جاء ذلک فی مواضع لا یقاس علیها منها : إضمار ربّ وإضمار باء القسم قلیلا فی قولک : الله لأفعلنّ بجرّ اسم الله تعالی ، وجرّ هذا عند المحققین لا یجوز إلّا مع همزه الاستفهام أو هاء التنبیه کقولک : الله لأفعلنّ وها الله لأفعلنّ ، لیکون عوضا عن حرف القسم (3) ، وأضمر حرف الجرّ شاذا ، فمنه إضماره فی قول رؤبه : (4) «خیر عافاک الله» بجرّ خیر ، إذ قیل له : کیف أصبحت ، وأجاز سیبویه فی قول زهیر : (5)

بدا لی أنّی لست مدرک ما مضی

ولا سابق شیئا إذا کان جائیا

خفض سابق علی إضمار الباء فی مدرک ، أی لست بمدرک ولا سابق (6).

ص: 89

1- الهمع ، 2 / 82.

2- النابغه الجعدی ، ورد فی دیوانه ، 216 ونسب له فی رصف المبانی ، 142 ورد من غیر نسبه فی الإنصاف ، 1 / 284 والمغنی ، 1 / 108.

3- الکتاب ، 3 / 496 والمقتضب ، 2 / 322 وشرح الکافیه ، 2 / 336.

4- انظر القول فی إیضاح المفصل 2 / 162 والإنصاف 2 / 530 وشرح المفصل 8 / 53 والأشباه والنظائر ، 3 / 8.

5- البیت اختلف حول قائله. ورد فی دیوان زهیر ، 227 بروایه : ولا سابقی شیء إذا کان جائیا وورد فی الکتاب ، 1 / 165 بروایه ولا سابقا وفی 3 / 29 - 51 - 100 بروایه ولا سابق منسوبا لزهیر أیضا ، ونسبه أیضا لصرمه الأنصاری فی الکتاب ، 1 / 306 ورواه من غیر نسبه أیضا فی الکتاب ، 2 / 155 ورواه البطلیوسی فی الحلل ، 110 منسوبا لزهیر وقال : یروی لصرمه الأنصاری ورواه ابن الأنباری فی الإنصاف ، 1 / 191 - 395 منسوبا لزهیر ولابن صرمه الأنصاری ، فی حین رواه ابن هشام فی المغنی 1 / 96 - 288 - 2 / 476 - 478 منسوبا لزهیر ، ومن غیر نسبه فی 2 / 460 - 478 - 551 - 678 وورد البیت من غیر نسبه فی الخصائص ، 2 / 353 - 424 ورواه السیوطی منسوبا لزهیر فی شرح شواهد المغنی ، 2 / 695 والهمع ، 2 / 141.

6- الکتاب ، 3 / 29.

ذکر الحروف المشبّهه بالفعل

اشاره

وهی : إنّ وأنّ وکأنّ ولیت ولعلّ ولکنّ ، تدخل علی الجمله الاسمیّه فتنصب المبتدأ ویسمّی اسمها وترفع الخبر ویسمّی خبرها ، ووجه شبهها بالفعل المتعدی أنّها تقتضی اسمین کما یقتضیهما الفعل المتعدّی ، فتنصب أحدهما وترفع الآخر کما صنع فی مقتضی الفعل المتعدّی ، وقدّم المنصوب علی المرفوع للفرق بین الفعل وما أشبهه (2) وکلّها لها صدر الکلام غیر أنّ المفتوحه ، وإنّما کان لها صدر الکلام لأنّ کلا منها یدلّ علی قسم من أقسام الکلام من تمن أو ترجّ أو استدراک أو غیر ذلک فوجب التقدیم ، وأمّا أنّ المفتوحه فإنّها مع ما فی حیّزها فی تأویل المفرد ، وإنّما التزموا أن لا تکون أوّل الکلام (3) لئلا تبقی عرضه لدخول إنّ المکسوره علیها ، فإنه لا یجوز أن تقول : إنّ أنّ زیدا منطلق عند سیبویه (4) وذکر أنّ / العرب اجتنبت ذلک کراهه لاجتماع اللفظین المشتبهین ، وأجازه الکوفیون (5) وتلحق هذه الحروف ما (6) فتلغیها عن العمل علی الأفصح ، وتدخل حینئذ علی الجمله الفعلیّه أیضا ، کقولک : إنّما زید قائم ، وإنما قام زید (7) ، ولا یتحتم الإلغاء مع ما بل یجوز الإعمال أیضا (8)

ص: 90

1- الکافیه ، 424.

2- فی شرح الوافیه ، 388 وما أشبه الفعل.

3- بعدها فی شرح الوافیه ، 389 لئلا تلتبس ب «أنّ» التی بمعنی لعلّ ، وتلک لا تکون إلا أول الکلام ثم قال ابن الحاجب : أو لئلا تکون عرضه. وهو ما نقله أبو الفداء هنا. وانظر إیضاح المفصل ، 2 / 165.

4- فی الکتاب 3 / 124 : واعلم أنه لیس یحسن لأنّ أن تلی إنّ ، ولا أنّ کما قبح ابتداؤک الثقیله المفتوحه. وانظر إیضاح المفصل ، 2 / 165.

5- شرح المفصل ، 8 / 59 - 60.

6- الکافیه. ، 424.

7- شرح الوافیه ، 389 والنقل منه.

8- قال الزجاجی فی الجمل ، 304 : ومن العرب من یقول : إنما زیدا قائم ولعلما بکرا مقیم فیلغی ما ، وینصب بإن وکذلک سائر أخواتها» وظاهر کلام أبی الفداء تبعا أیضا لابن الحاجب فی شرح الوافیه ، 389 أنه یجوز فی الأدوات جمیعها الإعمال والإلغاء فی حین أن جمهور النحویین قیدوا ذلک فقالوا : إن قرنت هذه الأدوات ب «ما» الزائده ألغیت وجوبا ، إلا لیت فجوازا ، واقتصار أبی الفداء فی التمثیل ببیت النابغه لعله یفید أنه تابع للجمهور ، انظر لذلک کتاب ، 3 / 130 وشرح المفصل ، 8 / 54 والهمع ، 1 / 143 وشرح الأشمونی ، 1 / 283.

کما فی قول النّابغه : (1)

قالت ألا لیتما هذا الحمام لنا

إلی حمامتنا ونصفه فقد

بالوجهین ، برفع الحمام ونصبه (2)

ذکر إنّ وأنّ

اشاره

إنّ المکسوره لا تغیّر معنی الجمله بمعنی أنّها لا تخرجها عن حکم الاستقلال ولذلک یحسن السکوت علی الجمله التی دخلت علیها ، کما کان یحسن السکوت علیها قبل دخولها فإذا قلت : إنّ زیدا قائم ، أفدت به ما أفدت بقولک : زید قائم مع زیاده التأکید والمبالغه ، وأنّ المفتوحه تغیّر معنی الجمله وتجعلها فی تأویل المفرد ، الذی هو مصدر خبرها نحو : أعجبنی أنّک قائم أی قیامک ، وأعجبنی أنّ زیدا أخوک أی أخوّه زید ، فهی مع الجمله التی بعدها فی تأویل المفرد ، فإن تعذّر قدّرت بالکون نحو : أعجبنی أنّ هذا زید ، أی کونه زیدا ، ومن أجل کون المکسوره لا تغیّر معنی الجمله ، وجب الکسر لفظا أو حکما فی کلّ موضع تبقی فیه الجمله بحالها ، ومن أجل کون المفتوحه تغیّر معنی الجمله وتجعلها فی حکم المفرد ، وجب الفتح لفظا أو حکما فی کلّ موضع تکون مع ما بعدها فی محلّ المفرد. (4)

ص: 91

1- النابغه هو زیاد بن معاویه ویکنی أبا أمامه انظر أخباره فی طبقات فحول الشعراء ، 1 / 50 والشعر والشعراء ، 1 / 92 والبیت ورد فی دیوانه ، 24 وورد منسوبا له فی الکتاب ، 2 / 137 ، والخصائص ، 2 / 460 ومعانی الحروف ، 89 والإنصاف ، 2 / 479 ورصف المبانی ، 299 - 316 - 308 ومغنی اللبیب ، 1 / 63 - 286 - 308 وشرح الشواهد ، 1 / 482 وشرح التصریح ، 1 / 225 ، وورد من غیر نسبه فی شرح الکافیه ، 2 / 348 وهمع الهوامع ، 1 / 65 - 143 وشرح الأشمونی ، 1 / 284.

2- فی الکتاب ، 2 / 137 : وأما لیتما زیدا منطلق ، فإن الإلغاء فیه حسن وقد کان رؤبه بن العجاج ینشد هذا البیت رفعا ، وهو قول النابغه الذبیانی (البیت).

3- الکافیه ، 424.

4- إیضاح المفصل ، 2 / 166 وشرح المفصل ، 8 / 59.

ذکر المواضع التی تکسر فیها إنّ

وهی تکسر إذا وقعت ابتداء لکونه موضع الجمله نحو : إنّ زیدا قائم ، وتکسر أیضا بعد القول نحو : قلت إنّ زیدا قائم ، لأنّ مقول القول جمله (2) ، وتکسر أیضا إذا وقعت جواب القسم ، نحو : والله إنّ زیدا قائم لأنّ جواب القسم لا یکون إلّا جمله (3) وتکسر أیضا بعد الموصول نحو : جاءنی الذی إن أباه عالم ، لأنّ صله الموصول لا تکون (4) إلّا جمله ، قال الله تعالی : (وَآتَیْناهُ مِنَ الْکُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَهِ أُولِی الْقُوَّهِ)(5) أی الذی إن مفاتحه لتنوء بالعصبه ، وتکسر أیضا إذا وقعت بعد واو الحال نحو : جاءنی زید وإنه ضاحک ، وبعد حتّی التی للابتداء خاصه نحو : قام القوم حتّی إن زیدا قائم ، وبعد «ألا» و «أما» (6) من حروف التنبیه نحو قوله تعالی : (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ)(7) وکذلک تکسر إذا وقع فی خبرها الّلام نحو : علمت إنک لقائم ، قال الله تعالی : (إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ یَوْمَئِذٍ لَخَبِیرٌ)(8) وبعد حروف التصدیق نحو : نعم إنّ زیدا قائم.

ذکر مواضع فتحها

وهی تفتح إذا کانت مع ما بعدها فاعله نحو : بلغنی أنّ زیدا عالم أی بلغنی علم زید ، لوجوب کون الفاعل مفردا ، وتفتح أیضا إذا وقعت مفعوله نحو : کرهت أنّ زیدا جاهل أی کرهت جهل زید ، وتفتح أیضا إذا کانت مع ما بعدها / مبتدأ نحو : عندی أنک عالم ، لأنّ المبتدأ من خواصّه أن یکون مفردا ، وتفتح أیضا إذا وقعت بعد «لو لا»

ص: 92

1- الکافیه ، 424.

2- الکتاب ، 3 / 142.

3- الکتاب ، 3 / 146.

4- فی الأصل لا یکون.

5- من الآیه 76 من سوره القصص.

6- غیر واضحه فی الأصل.

7- من الآیه 13 من سوره البقره.

8- من الآیه 11 من سوره العادیات.

9- الکافیه ، 424.

نحو : لو لا أنّک منطلق انطلقت لأنّ ما بعد لو لا مبتدأ خبره محذوف ، لأنّ المفرد بعد لو لا ملتزم فی الاستعمال ، وتفتح أیضا إذا وقعت بعد «لو» نحو : لو أنّک قائم لوقوعها موقع المفرد لکونه فاعلا لفعل محذوف أی لو وقع قیامک کان کذا ، وتفتح أیضا إذا وقعت بعد حرف الجرّ نحو : عجبت من أنّک منطلق أی من انطلاقک لأنّ المجرور لا یکون إلّا مفردا ، وتفتح أیضا إذا وقعت بعد حیث أیضا علی المختار ، وإن کانت الجمله بعدها ملتزمه اعتبارا بالأصل لأنّها ظرف ، والأصل إضافتها إلی المفرد فاعتبر الأصل فیها (1) واعلم أنه إذا تعذّر تأویل الجمله التی بعد أنّ بالمفرد قدّرت بالکون ، کقوله تعالی : (وَلَوْ أَنَّ ما فِی الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَهٍ أَقْلامٌ)(2) أی لو ثبت کون ما فی الأرض (3).

ذکر المواضع التی یجوز فیها کسر إن وفتحها

وهو أنّ کلّ موضع وقعت فیه واحتمل أن تقدّر موضعا للجمله ، وأن تقدّر موضعا للمفرد ، جاز الکسر والفتح باعتبار التقدیرین مثل قوله : (5)

وکنت أری زیدا کما قیل سیّدا

إذا أنّه عبد القفا واللهازم

فإن قدّرت أنّها وقعت موقع إذا هو عبد القفا ، کسرت لمکان الجمله ، وإن قدّرت إذا العبودیّه والخبر محذوف فتحت لوقوعها موقع المفرد ، لأنّ المعنی فإذا العبودیه حاصله ، وکذلک إذا قلت : من یکرمنی فإنّی أکرمه إن قدّرت أنّها وقعت موقع

ص: 93

1- هذا رأی ابن الحاجب فی شرح الوافیه ، 390 ، ونصّ ابن هشام فی المغنی ، 1 / 132 علی ندره إضافتها إلی المفرد ، ثم قال : والکسائی یقیسه. وانظر الهمع ، 1 / 137 وحاشیه الصبان ، 1 / 274.

2- من الآیه 27 من سوره لقمان.

3- إیضاح المفصل ، 2 / 169 - 170.

4- الکافیه ، 424.

5- البیت لم یعرف قائله وقد ورد فی الکتاب ، 3 / 144 والمقتضب ، 2 / 350 - والخصائص ، 2 / 399 وشرح المفصل ، 4 / 97 - 8 / 61 - 62 وشرح الکافیه ، 2 / 340 - 350 وشرح الأشمونی ، 1 / 276 وشرح التصریح ، 1 / 228 وهمع الهوامع ، 1 / 138 عبد القفا واللهازم : کنایه عن الخسّه واللهازم جمع لهزمه بکسر اللّام وهی طرف الحلقوم أراد أنه ظنّ سیادته فلما نظر إلی قفاه ولهازمه تبیّن عبودیته ولؤمه ، وخصّ هذین لأنّ القفا موضع الصفع ، واللهازم موضع اللکز والمعنی کنت أظنّ سیدا کما قیل ؛ فإذا هو ذلیل خسیس.

فأنا أکرمه ، کسرت لمکان الجمله ، وإن قدّرت فجزاؤه أنی أکرمه أی فجزاؤه الإکرام فتحت لوقوعها خبر المبتدأ وهو موضع المفرد الذی هو الإکرام (1).

ذکر العطف علی اسم إنّ المکسوره بالرفع

لمّا کانت إنّ المکسوره لم تغیّر معنی الجمله صحّ أن تقدّر کالعدم ، فیعطف علی محلّ اسمها ، لأنّ معنی الابتداء باق فیه لکن بشرط أن تکون مکسوره لفظا أو حکما ، لأنّ المفتوحه تغیّر معنی الجمله إلی المفرد ، فمثال إن المکسوره لفظا : إنّ زیدا منطلق وعمرو بالرفع عطفا علی محلّ اسمها ، ومثال إنّ المکسوره حکما الداخله علی ما أصله المبتدأ والخبر ، کالداخله علی مفعولی أفعال القلوب فهی مکسوره حکما وإن کانت مفتوحه لفظا نحو : ظننت أنّ زیدا قائم فیجوز العطف علی موضع اسمها بالرفع ، وإنّما قلنا إنّ : المفتوحه بعد أفعال القلوب فی حکم المکسوره ، لأنّ هذه الأفعال إذا علّقت رجع ما بعدها إلی أصله من المبتدأ والخبر نحو : علمت لزید قائم (3) ومن ذلک بیت الکتاب : (4)

وإلّا فاعلموا أنّا وأنتم

بغاه ما بقینا فی شقاق

/ فعطف علی محلّ المکسوره حکما المفتوحه لفظا ، أنتم ، وهو صیغه المرفوع ، وبغاه خبر أنتم ، وأمّا خبر أنّ فمحذوف لدلاله خبر المعطوف علیه ، لأنّه بلفظه إذ تقدیره : فاعلموا أنّا بغاه وأنتم بغاه ، وشرط العطف بالرفع أن یمضی الخبر لفظا أو تقدیرا ، فاللفظ کقولک : إنّ زیدا قائم وعمرو والتقدیر کقولک : إنّ زیدا وعمرو قائم ، وأنّا وأنتم بغاه ، لأنّ التقدیر : إنّ زیدا قائم وعمرو قائم ، بخلاف قولک : إنّ زیدا وعمرو قائمان ، فإنه ممتنع عند البصریین (5) لأنه لم یجیء عنهم مثله

ص: 94

1- بعدها فی شرح الوافیه ، 391 والمبتدأ محذوف أی جزاؤه.

2- الکافیه ، 424.

3- شرح الوافیه ، 391 وانظر الإنصاف ، 1 / 185 وشرح الکافیه ، 2 / 353.

4- البیت لبشر بن أبی خازم ورد فی دیوانه ، 165 بروایه : ما حیینا مکان ما بقینا ، وورد منسوبا له فی الکتاب ، 2 / 156 والإنصاف ، 1 / 190 وشرح المفصل ، 8 / 69 - 70 وشرح التصریح ، 1 / 228 وورد من غیر نسبه فی شرح الکافیه ، 2 / 353.

5- الإنصاف ، 1 / 185.

ولا یستقیم قیاسه علی محلّ الإجماع أعنی : إنّ زیدا وعمرو قائم ، لأنّ الأول منصوب بإنّ ، والثانی مرفوع بالابتداء بخلاف : إن زیدا وعمرو قائمان لأنّه یلزم أن یکون قائمان معمولا لإنّ وللابتداء معا وهو باطل (1) ، لأنّه من حیث هو معمول للابتداء لا یکون معمولا لإنّ ، ومن حیث هو معمول لإنّ لا یکون معمولا للابتداء ، وإلّا لزم اجتماع عاملین مختلفین علی معمول واحد ، فیلزم أن یکون معمولا لإنّ ، غیر معمول لإنّ وهو فاسد ، والمبرّد (2) من البصریین جوّز العطف بالرفع علی اسم إنّ قبل مضیّ الخبر - لا لفظا ولا تقدیرا - بشرط أن یکون اسم إنّ مبنیّا نحو : إنّی وزید ذاهبان ، لأنّ اسم إن لمّا کان مبنیا لم تعمل فیه إنّ فلم تعمل فی الخبر أیضا فیکون الخبر معمولا للابتداء فقط. وقد ثبت بالنصّ عن العرب قولهم : إنک وزید ذاهبان (3) وأمّا : إنّ زیدا وعمرو ذاهبان ، فالمبرّد وغیره من البصریین متفقون علی امتناعه خلافا للکوفیین ، فإنهم یجوّزون : إنّ زیدا وعمرو ذاهبان برفع عمرو (4) ، وإذا عطفت علی اسم إنّ قبل مضیّ الخبر فالواجب عند البصریین النصب فی المعطوف ، وأمّا الخبر فالمختار تثنیته مع الواو حینئذ نحو : إنّ زیدا وعمروا قائمان ، وإفراده مع أو ومع لا ومع ثمّ ومع الفاء نحو : إنّ زیدا أو عمرا قائم ، وإنّ زیدا لا عمرا قائم ، وکذلک مثال ثمّ والفاء ، ولکنّ المشدده (5) مثل إنّ المکسوره فی جواز العطف والرفع علی محلّ اسمها بذلک الشرط ، والنصب علی اللفظ نحو : کان کذا لکنّ عمرا منطلق وبشر وبشرا ، وإنّما جاز ذلک فی إنّ المکسوره وفی لکنّ خاصه لکون کلّ منهما لا یغیّر معنی الجمله بخلاف الأربعه الباقیه التی هی أنّ المفتوحه وکأنّ ولیت ولعلّ ، فإنه لا یجوز العطف علی

ص: 95

1- شرح الوافیه ، 392 والنقل منه مع تصرف یسیر وانظر شرح المفصل ، 8 / 68 وشرح التصریح ، 1 / 227 وشرح الأشمونی ، 1 / 285.

2- وکذا نسب إلیه فی شرح الوافیه ، 392 وإیضاح المفصل ، 2 / 181 ، ونسب إلی الفراء فی الإنصاف ، 1 / 186 وشرح التصریح ، 1 / 228 ونسب إلی المبرد والکسائی فی شرح الکافیه ، 2 / 355.

3- فی الکتاب ، 2 / 155 : واعلم أنه ناسا من العرب یغلطون فیقولون : إنهم أجمعون ذاهبون ، وإنک وزید ذاهبان وفی شرح الوافیه ، 392 «وهو عند المحققین غلط منهم لأنه خارج عن القیاس واستعمال الفصحاء».

4- المقتصب ، 4 / 111 وإیضاح المفصل ، 2 / 181 والإنصاف ، 1 / 185.

5- الکافیه ، 425.

محلّ اسمها کما جاز فی إن المکسوره ولکنّ المقدمتی الذکر ، لتغییر هذه الأربعه معنی الابتداء ، لأنّ هذه الأربعه تضمّنت معانی أفعال مخصوصه من جعلها فی تقدیر المفرد من تشبیه وتمن وترج (1).

ذکر دخول لام الابتداء مع إنّ المکسوره

وتدخل لام الابتداء مع إنّ المکسوره دون أخواتها إمّا علی خبرها ، نحو : إنّ زیدا لقائم (3) وإمّا علی متعلّق الخبر ، بشرط تقدیمه علی الخبر (4) نحو : إنّ زیدا لطعامک آکل ، وإمّا علی اسمها / إن فصل بینه وبین إنّ فاصل نحو : إنّ فی الدار لزیدا ، أما لو أخّرت متعلّق الخبر وأدخلتها علیه نحو : إنّ زیدا آکل لطعامک لم یجز ، لأنّها لا تتأخّر عن الاسم والخبر جمیعا ، وإنّما اشترط فی دخولها علی الاسم الفصل ، لامتناع دخولها إذا لم یفصل بینهما ، نحو : إنّ لزیدا قائم لکراهتهم اجتماع حرفی ابتداء.

واعلم أنّ دخول هذه الّلام مع لکنّ کما شرح فی إنّ ضعیف استعمالا (5) وإن لم یزل معنی الابتداء ، وقد جاء مع ضعفه کقوله : (6)

...

ولکننّی من حبّها لعمید

ص: 96

1- الکتاب ، 2 / 146.

2- الکافیه ، 425.

3- بین أبو الفداء شرطا من شروط دخولها علی المعمول ، وترک شروط دخولها علی الخبر تبعا لابن الحاجب فی شرح الوافیه ، 394 ، وهی : کونه مؤخرا عن الاسم مثبتا غیر ماض ، ولعله اکتفی بالتمثیل عن التفصیل.

4- وکونه غیر حال ، وکون الخبر صالحا للّام. شرح التصریح ، 1 / 223.

5- الإنصاف ، 1 / 208 وشرح الکافیه ، 2 / 358 والهمع ، 1 / 140 وشرح الأشمونی ، 1 / 280.

6- قال ابن هشام فی المغنی ، 1 / 292 ولا یعرف له قائل ولا تتمه ولا نظیر. وقد روی ابن عقیل ، 1 / 363 صدره : یلوموننی فی حبّ لیلی عواذلی وعجز البیت ورد فی الإنصاف ، 1 / 209 بروایه لکمید ، وشرح المفصل ، 8 / 62 - 64 - 69 وشرح الکافیه ، 2 / 358 ومغنی اللبیب ، 1 / 233 وشرح الشواهد ، 1 / 280 وشرح شواهد المغنی ، 2 / 605 وشرح الأشمونی ، 1 / 280.

ذکر تخفیف إنّ المکسوره

وتخفّف المکسوره فیلزمها الّلام نحو : إن زید لقائم بالرفع ولزمتها الّلام فرقا بینها وبین النافیه فی مثل : إن زید قائم بمعنی ما زید قائم ، ویلزمها أیضا هذه الّلام عند عملها ، وإن لم تشتبه بالنافیه حینئذ طردا للباب نحو : إن زیدا لقائم ویجوز إعمالها وإلغاؤها ، فمثال إعمالها قوله تعالی : (وَإِنَّ کُلًّا لَمَّا لَیُوَفِّیَنَّهُمْ رَبُّکَ أَعْمالَهُمْ)(2) ومثال إلغائها قوله تعالی : (وَإِنْ کُلٌّ لَمَّا جَمِیعٌ لَدَیْنا مُحْضَرُونَ)(3) وإن المکسوره إذا خففّت جاز دخولها علی الأفعال العامله فی المبتدأ والخبر (4) ویبطل عملها حینئذ نحو : إن کان زید لقائما وکقوله تعالی : (وَإِنْ وَجَدْنا أَکْثَرَهُمْ لَفاسِقِینَ)(5) وقوله تعالی : (وَإِنْ کُنَّا عَنْ دِراسَتِهِمْ لَغافِلِینَ)(6) خلافا للکوفیین فی التعمیم فإنهم عمّموا دخولها علی الأفعال سواء کانت الأفعال عامله فی المبتدأ والخبر أو غیر عامله وأنشدوا : (7)

بالله ربّک إن قتلت لمسلما

وجبت علیک عقوبه المتعمّد

ص: 97

1- الکافیه ، 425.

2- من الآیه 111 من سوره هود ، قرأ نافع وابن کثیر إن ولما بالتخفیف - وقرأ ابن عامر وحفص وأبو جعفر بتشدید إنّ ولمّا ، وقرأ أبو بکر بتشدید لما وتخفیف إن ، السبعه ، 339 والکشف ، 1 / 536 ، والبحر المحیط ، 5 / 266 والنشر ، 2 / 290 والإتحاف ، 260.

3- من الآیه 32 من سوره یس. قرأ ابن عامر وعاصم وحمزه بتشدید لما ، وخفف الباقون الکشف ، 2 / 212 والنشر ، 2 / 353 والإتحاف ، 364.

4- بعدها فی الأصل مشطوب علیه «دون غیرها ، لاشتمال هذه الأفعال علی مقتضاها وهو المبتدأ والخبر بخلاف غیرها».

5- من الآیه 102 من سوره الأعراف.

6- من الآیه 156 من سوره الأنعام.

7- البیت لعاتکه بنت زید زوج الزبیر بن العوام ، والخطاب فی البیت لعمرو بن جرموز قاتل الزبیر ، وقد ورد منسوبا لها فی شرح الشواهد ، 1 / 290 وشرح التصریح ، 1 / 231 وشرح شواهد المغنی ، 1 / 71 وورد من غیر نسبه فی المحتسب ، 2 / 155 وشرح المفصل ، 8 / 72 - 76 ومغنی اللبیب ، 1 / 24 وشرح ابن عقیل ، 1 / 382 وهمع الهوامع ، 1 / 142 وشرح الأشمونی ، 1 / 290.

فدخلت إن علی قتلت وهو لیس من الأفعال الداخله علی المبتدأ والخبر وهو شاذّ عند البصریین (1).

ذکر تخفیف أنّ المفتوحه

وتخفّف المفتوحه کما تخفّف المکسوره فتعمل علی سبیل الوجوب فی ضمیر شأن مقدّر ، وإنّما کان کذلک لأنّ المفتوحه أکثر مشابهه (3) للفعل من المکسوره وقد عملت المکسوره حسبما تقدّم ، ولم تعمل المفتوحه المخففّه فی الظاهر فقدّروا عملها فی ضمیر شأن مقدّر لئلا ینحطّ الأقوی عن الأضعف ، وتدخل المخففه المفتوحه علی الجمل الاسمیّه والفعلیّه سواء کان الفعل عاملا فی المبتدأ والخبر أو غیر ذلک ، ویلزمها إذا دخلت علی الأفعال ، إما حرف نفی أو قد أو سوف إلّا أن یکون الفعل غیر متصرف فلا یلزم ذلک کقوله تعالی : (وَأَنْ عَسی أَنْ یَکُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ)(4) وإنّما لزمها ذلک إمّا لتکون کالعوض عمّا ذهب منها ، أو للفرق بینها وبین أن المصدریه ، فأن المصدریه لا تجامع شیئا من الأمور الثلاثه المذکوره ، ویفرّق بینهما أیضا أنّ المصدریه تنصب الفعل المضارع والمخففه / المذکوره لا تنصبه ، وأن المصدریه لا تقع بعد العلم ، والمخففه تقع بعده ، ومثال المخففّه مع حرف النفی : علمت أن لا یخرج زید ، وکقوله تعالی : (أَفَلا یَرَوْنَ أَلَّا یَرْجِعُ إِلَیْهِمْ قَوْلاً)(5) وقد استعملت معها لیس مکان لا لشبهها بها فی النفی کقوله تعالی : (وَأَنْ لَیْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعی)(6) وقد عوّضوا لم عنها قال الله تعالی : (أَیَحْسَبُ أَنْ لَمْ یَرَهُ أَحَدٌ)(7) وأمّا قوله تعالی : (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَیْکُمْ فِی الْکِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آیاتِ اللهِ یُکْفَرُ بِها وَیُسْتَهْزَأُ

ص: 98

1- شرح الوافیه ، 395 والنقل منه.

2- الکافیه ، 425.

3- فی الأصل مشبهابهه.

4- من الآیه 185 من سوره الأعراف ، وبعدها فی الأصل مشطوب علیه «حیث لا تجتمع معها الناقصه».

5- من الآیه 89 من سوره طه.

6- من الآیه 39 من سوره النجم.

7- من الآیه 7 من سوره البلد.

بِها)(1) فلما فی «إذا» من معنی الشرط المختصّ بالاستقبال ، صارت بمنزله السین وسوف ، ومثالها مع قد علمت (2) أن قد خرج زید ، ومثالها مع السین قوله تعالی : (عَلِمَ أَنْ سَیَکُونُ مِنْکُمْ مَرْضی)(3) وأمّا إذا دخلت علی الاسم فلا یلزمها شیء من هذه الحروف ، لأنّها حینئذ لا تشتبه بأن المصدریّه نحو بیت الکتاب : (4)

فی فتیه کسیوف الهند قد علموا

أن هالک کلّ من یحفی وینتعل

وشذّ إعمال أن المفتوحه فی غیر ضمیر الشأن المقدر کقول الشاعر : (5)

فلو أنک فی یوم الرّخاء سألتنی

فراقک لم أبخل وأنت صدیق

فأوقع بعدها صیغه المنصوب.

ذکر کأنّ

وهی لإنشاء التشبیه نحو : کأنّ زیدا الأسد ، وتخفّف فتلغی علی الأفصح (7) لکونها أضعف من أنّ ، نحو قوله : (8)

ونحر مشرق اللّون

کأن ثدیاه حقّان

وتدخل علی الفعلیه أیضا حینئذ کقوله تعالی : (فَجَعَلْناها حَصِیداً کَأَنْ لَمْ تَغْنَ

ص: 99

1- من الآیه 140 من سوره النساء.

2- غیر واضحه فی الأصل.

3- من الآیه 20 من سوره المزمل.

4- البیت للأعشی ورد فی دیوانه ، 109 بروایه : أن لیس یدفع عن ذی الحیله الحیل وورد منسوبا له فی الکتاب ، 2 / 137 - 3 / 74 - 454 والخصائص ، 2 / 441 والمصنف ، 3 / 129 والمحتسب ، 1 / 308 والإنصاف ، 1 / 199 وورد من غیر نسبه فی شرح المفصل ، 8 / 74 وشرح الکافیه ، 2 / 359 وهمع الهوامع ، 1 / 142 وحاشیه الصبان ، 1 / 290.

5- البیت لم یعرف قائله ، ورد فی المنصف ، 3 / 128 والإنصاف ، 1 / 205 وشرح المفصل ، 8 / 71 - 73 وشرح الکافیه ، 2 / 359 وفی اللسان ، ماده حرر : قال شمر : سمعت هذا البیت من شیخ باهله وما علمت أن أحدا جاء به ، وشرح الشواهد ، 1 / 290 والهمع ، 1 / 143 وشرح الأشمونی ، 1 / 290.

6- الکافیه ، 425.

7- شرح الوافیه ، 396 وإیضاح المفصل ، 2 / 197 وانظر الهمع ، 1 / 143.

8- البیت لم یعرف قائله ورد فی الکتاب ، 1 / 140 ، 2 / 135 والمحتسب ، 1 / 9 والمنصف ، 3 / 128 والإنصاف ، 1 / 197 وشرح المفصل ، 8 / 72 وشرح الکافیه ، 2 / 360 وشرح ابن عقیل علی الألفیه ، 1 / 391 وشرح التصریح ، 1 / 234 - 235 وهمع الهوامع ، 1 / 143.

بِالْأَمْسِ)(1) ومنهم من یعملها کقوله : (2)

کأن وریدیه رشاءا خلب

ذکر لکنّ

وهی للاستدراک ، تتوسّط بین کلامین متغایرین بالنفی والإثبات لرفع وهم نشأ من کلام سابق ، والمعتبر فیه إنما هو التغایر المعنوی لا اللفظی ، تقول : ما جاء زید لکنّ عمرا جاء ، فالتغایر هنا حاصل لفظا ومعنی ، وتقول : سافر زید لکنّ عمرا حاضر ، فالتغایر هاهنا حاصل معنی لا لفظا. وتخفّف فتلغی (4) أی یبطل عملها مطلقا لعدم الاختصاص الموجب للعمل أعنی لدخولها علی الجملتین الاسمیه والفعلیه (5) وأکثر ما تستعمل مع الواو کقوله تعالی : (وَما رَمَیْتَ إِذْ رَمَیْتَ وَلکِنَّ اللهَ رَمی)(6) وقوله تعالی : (وَما کَفَرَ سُلَیْمانُ وَلکِنَّ الشَّیاطِینَ کَفَرُوا)(7) بتخفیف لکن ورفع ما بعدها فی قراءه ابن عامر (8) وحمزه والکسائی (9) وقال

ص: 100

1- من الآیه 24 من سوره یونس.

2- الرجز لرؤبه بن العجاج ورد فی ملحقات دیوانه ، 3 / 169 ، وقبله : إذا دعاها أقبلت لا تتئب وقد ورد هذا الرجز من غیر نسبه فی الکتاب ، 3 / 164 والإنصاف ، 1 / 198 وشرح المفصل ، 8 / 82 وشرح الکافیه ، 2 / 36 ولسان العرب ، خلب ونسبه الأزهری فی شرح التصریح ، 1 / 234 لرؤبه أیضا. الوریدان : عرقان یکتنفان جانبی العنق ، الرشاء : الحبل. الخلب بالضم : اللیف.

3- الکافیه ، 425.

4- شرح الوافیه ، 396 وإیضاح المفصل ، 2 / 196.

5- خلافا لیونس والأخفش فقد أجازا إعمالها قیاسا علی إنّ وأنّ وکأنّ ، الهمع ، 1 / 143 وقال الرضی 2 / 360 ولا أعرف به شاهدا.

6- من الآیه 7 من سوره الأنفال.

7- من الآیه 102 من سوره البقره.

8- هو عبد الله بن عامر الیحصبی أحد القراء السبعه قرأ علی الصحابی عثمان بن عفان وأخذ القراءه عنه یحیی بن الحارث الزماری وخلّاد بن یزید ، کان إماما کبیرا وتابعیا جلیلا ، أمّ المسلمین بالجامع الأموی سنین کثیره فی أیام عمر بن عبد العزیز ، وجمع بین الإمامه والقضاء ومشیخه الإقراء بدمشق توفی سنه 118 ه. انظر ترجمته فی الفهرست ، 43 والنشر ، 1 / 144 وسیر أعلام النبلاء ، للذهبی ، 5 / 292 وغایه النهایه ، 1 / 432.

9- فی الکشف ، 1 / 256 قرأ حمزه والکسائی وابن عامر بتخفیف النون وکسرها ورفع ما بعدها ، والباقون بالتشدید ونصب ما بعدها ، وانظر الاتحاف ، 144.

بعضهم : (1) إذا خففت لکن کانت حرف عطف فلم یجز معها ذکر الواو لامتناع دخول حرف العطف علی مثله.

ذکر لیت

وتستعمل لإنشاء التمنی کقوله تعالی : (فَخَرَجَ عَلی قَوْمِهِ فِی زِینَتِهِ قالَ / الَّذِینَ یُرِیدُونَ الْحَیاهَ الدُّنْیا یا لَیْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِیَ قارُونُ)(3) وکقوله تعالی : (فَقالُوا یا لَیْتَنا نُرَدُّ وَلا نُکَذِّبَ بِآیاتِ رَبِّنا)(4) وجوّز الفراء لیت زیدا قائما ، إجراء لها مجری أتمنّی ، وجوّزه الکسائی أیضا لکن بتقدیر کان أی لیت زیدا کان قائما وتمسّکا بقول الشّاعر : (5)

یا لیت أیّام الصّبا رواجعا

وأجیب عنه : بأنّ رواجع منصوب علی الحال من الضمیر المقدّر فی الخبر المحذوف أی یا لیت أیام الصبا لنا رواجعا ، فرواجع حال من الضمیر المستکن فی لنا (6).

ذکر لعلّ

وهی لإنشاء ترجّی وقوع أمر والفرق بین التمنی والترجی ؛ أنّ الترجی لا یکون إلّا فی الممکنات ، والتمنی یکون فی الممکنات والمستحیلات ، فإن الإنسان لا یترجّی الطیران وقد یتمناه ، وزعم أبو زید أنّ من العرب من یجرّ بلعل (8)

ص: 101

1- ومنهم أبو حاتم علی ما ذکر ابن یعیش ، 8 / 80 وانظر تفصیلا أوفی المغنی ، 1 / 293.

2- الکافیه ، 425.

3- من الآیه 79 من سوره القصص.

4- من الآیه 27 من سوره الأنعام.

5- الرجز للعجاج ورد فی ملحقات دیوانه ، 3 / 82 وورد من غیر نسبه فی الکتاب ، 2 / 142 وشرح المفصل ، 8 / 84 ومغنی اللبیب ، 1 / 285 وهمع الهوامع ، 1 / 134.

6- شرح الوافیه ، 397 وإیضاح المفصل ، 2 / 198 وشرح المفصل ، 8 / 84 والهمع ، 1 / 134.

7- الکافیه ، 425.

8- وهم بنو عقیل کما سیذکر بعد ، ولعل المجرور بها ثابته اللام الأولی ، ومحذوفتها ، مفتوحه الأخیره ومکسورتها قال الصبان ، 2 / 204 فهذه أربع لغات یجوز الجر فیها ولا یجوز فی غیرها من بقیه لغات لعل.

وأنشد (1) :

فقلت ادع أخری وارفع الصّوت مرّه

لعلّ أبی المغوار منک قریب

وهی لغه عقیلیّه وأجابوا : بأنّ ذلک شاذّ (2) وفیها لغات : لعلّ وعلّ ولعنّ وعنّ (3).

ذکر حروف العطف

وهی عشره : الواو والفاء وثمّ وحتّی وأو وإمّا (5) وأم ولا ، وبل ولکن فأربعه وهی : الواو والفاء وثمّ وحتّی ، للجمع بین الثانی والأول فی الحکم الذی نسب إلی الأول ، تقول : جاءنی زید وعمرو فتجمع الواو بین الرجلین فی المجیء ، وتقول : زید یقوم ویقعد ، فتجمع بین الفعلین فی إسنادهما إلی ضمیر زید ، وتقول : زید قائم وأخوه قاعد ، وهل قام بشر وسافر خالد ، فتجمع بین مضمونی الجملتین فی الحصول ، وکذلک : ضربت زیدا فعمرا ، وذهب عبد الله ثمّ أخوه ورأیت القوم حتّی زیدا ، ثم إنها تفترق بعد ذلک.

فالواو للجمع المطلق لیس فیها دلاله علی أنّ الأول قبل الثانی ولا بالعکس ولا أنهما معا ، بل کلّ ذلک جائز (6) ، ویدلّ علی ذلک قوله تعالی : (ما هِیَ إِلَّا حَیاتُنَا

ص: 102

1- البیت لکعب بن سعد الغنوی وهو یرثی أخاه أبا المغوار ، ورد منسوبا له فی الأصمعیات 96 بروایه لعلّ أبا ، ونوادر أبی زید ، 37 ولسان العرب جوب وشرح الشواهد ، 2 / 205 وشرح شواهد المغنی ، 2 / 691 وورد من غیر نسبه فی شرح الکافیه ، 2 / 361 ومغنی اللبیب 1 / 286 - 2 / 441 وشرح ابن عقیل ، 3 / 4 وشرح التصریح ، 1 / 156 - 213 وهمع الهوامع ، 2 / 33 وشرح الأشمونی ، 2 / 205. ویروی : جهره ورفعه وثانیا مکان مرّه.

2- انظر ما قالوه حول هذا البیت فی شرح الکافیه ، 2 / 361 والمغنی ، 1 / 286 والهمع ، 2 / 33.

3- بعدها مضروب علیه «ولغنّ وأنّ ولأنّ» وانظر لغاتها فی الإنصاف ، 1 / 224 وشرح الکافیه ، 2 / 361.

4- الکافیه ، 425.

5- لم یعد الفارسی إما فی حروف العطف لدخول العاطف علیها ، ووقوعها قبل المعطوف علیه. إیضاح المفصل ، 2 / 212 وشرح المفصل ، 8 / 104.

6- شرح الوافیه ، 399 وانظر الکتاب ، 3 / 42 - 4 / 126 وشرح المفصل ، 8 / 90 ، ورصف المبانی ، 410 والمغنی ، 2 / 354 والهمع ، 2 / 128.

الدُّنْیا نَمُوتُ وَنَحْیا)(1) فالموت بعد الحیاه مع أنه قدّمه علیها.

والفاء للجمع مع الترتیب أی أن الثانی بعد الأول بغیر مهله ، والأخفش یجوز وقوع الفاء زائده (2) خلافا لسیبویه (3) وینشد (4) :

لا تجزعی إن منفسا أهلکته

فإذا هلکت فعند ذلک فاجزعی

فزیدت الفاء علی عند ، لأنّ التقدیر : فاجزعی عند ذلک ، وثمّ مثل الفاء إلّا أن بینهما مهله وتراخیا (5) وقد تجیء بمعنی الواو نحو : (ثُمَّ تابَ عَلَیْهِمْ)(6) وقیل زائده (7).

وأما حتی (8) فللترتیب بمهله لکنّ الواجب فیها أن یکون المعطوف بها جزءا من المعطوف علیه ، إمّا جزؤه الأفضل أو جزؤه الأضعف (9) ، نحو : مات الناس حتی الأنبیاء ، وقدم الحاجّ حتی المشاه وثلاثه وهی : أو وإمّا وأم لإثبات الحکم إمّا للمعطوف أو للمعطوف علیه ، مبهما أی لا علی التعیین لکن أو وإما یقعان فی الخبر

ص: 103

1- من الآیه 24 من سوره الجاثیه ، وذلک إخبار عن منکری البعث.

2- قال ابن هشام فی المغنی ، 1 / 165 - 166 وأجاز الأخفش زیادتها فی الخبر مطلقا وحکی أخوک فوجد ، وقیّد الفراء والأعلم وجماعه الجواز یکون الخبر أمرا أو نهیا قال ابن برهان : تزاد الفاء عند أصحابنا جمیعا کقوله. (البیت).

3- قال فی الکتاب 1 / 138 ، ألا تری أنک لو قلت : زید فمنطلق لم یستقم.

4- تقدم الکلام علی هذا الشاهد فی 1 / 149.

5- بعدها فی الأصل مشطوب علیه «وتجیء للتمکین فی نفس المخاطب نحو : ثم کلا» وقوله : ثم کلا ، إشاره إلی الآیتین «کلا سیعلمون ثم کلا سیعلمون» 4 - 5 من سوره النبأ ففی الکشاف ، 4 / 684 ومعنی «ثم» الإشعار بأن الوعید الثانی أبلغ من الأول وأشد».

6- من الآیه 118 من سوره التوبه ونصها : وعلی الثلاثه الذین خلّفوا حتی إذا ضاقت علیهم الأرض بما رحبت ... ثم تاب.

7- قال بذلک الأخفش والکوفیون وجعلوا تاب علیهم هو الجواب وثمّ زائده ، وخرّجت الآیه علی تقدیر الجواب أی فرج الله عنهم أو لجأوا إلی الله ثمّ تاب. إلخ فثمّ عاطفه علی هذا المحذوف. وقیل : إذا بعد حتّی قد تجرّد عن الشرط وتبقی لمجرد الوقت فلا تحتاج إلی جواب بل تکون غایه بالفعل أی خلّفوا إلی هذا الوقت ثم تاب علیهم. انظر شرح المفصل ، 8 / 96 ومغنی اللبیب ، 1 / 117 وهمع الهوامع ، 2 / 132 وحاشیه الصبان ، 3 / 95 - 96.

8- الکافیه ، 425.

9- بعدها فی شرح الوافیه 399 لأنها للغایه ، وانظر الإیضاح ، 2 / 207.

والأمر والاستفهام فمثالهما فی الخبر / جاءنی زید أو عمرو ومنه قوله تعالی : (وَأَرْسَلْناهُ إِلی مِائَهِ أَلْفٍ أَوْ یَزِیدُونَ)(1). علی أحد التأویلین ، والتأویل الثانی : مذهب الکوفیین ، أنّها بمعنی الواو (2) ، وجاءنی إمّا زید وإمّا عمرو ، ومثالهما فی الأمر : اضرب رأسه أو ظهره ، واضرب إمّا رأسه وإمّا ظهره ، ومثالهما فی الاستفهام : ألقیت عبد الله أو أخاه! وألقیت إمّا عبد الله وإمّا أخاه ، والمشهور فی أو وإمّا ، أنهما فی الخبر للشک وفی الأمر للتخییر والإباحه فمثال الشکّ ما تقدّم من قولک جاءنی زید أو عمرو ، ومثال التخییر خذ هذا أو ذلک ، ومثال الإباحه : جالس الحسن (3) أو ابن سیرین (4) وقد تأتی أو فی الخبر لغیر الشک ، کقولهم : کنت بالبصره آکل السمک أو التمر أی هذا مرّه وهذا مرّه ، ولم یرد به الشک وقد تکون أو بمعنی الواو (5) کقول الشّاعر (6) :

فقالوا لنا ثنتان لا بدّ منهما

صدور رماح أشرعت أو سلاسل

ص: 104

1- من الآیه 147 من سوره الصافات.

2- قال الأنباری فی البیان ، 2 / 308 أو ، فیها أربعه أقوال : 1 - أن تکون للتخییر والمعنی أنهم إذا رآهم الرائی تخیر فی أن یعدهم مائه ألف أو یزیدون. 2 - أن تکون للشک یعنی أن الرائی إذا رآهم شک فی عدتهم لکثرتهم. 3 - أن تکون بمعنی بل. 4 - أن تکون بمعنی الواو ، والوجهان الأولان مذهب البصریین ، والوجهان الآخران مذهب الکوفیین» وانظر الأمالی الشجریه ، 2 / 318 والمغنی ، 1 / 64 - 65 ورصف المبانی 132 والهمع ، 2 / 134 وشرح الأشمونی ، 3 / 107.

3- هو الحسن بن یسار البصری تابعی کبیر کان إمام أهل البصره قرأ علی حطّان بن عبد الله الرقاشی وروی عنه أبو عمرو بن العلاء وعاصم الجحدری توفی سنه 110 ه انظر ترجمته فی غایه النهایه ، 1 / 235 وحلیه الأولیاء ، للأصبهانی ، 2 / 131 وطبقات الحفاظ ، للسیوطی ، 28 والأعلام ، 2 / 242.

4- هو محمد بن سیرین البصری الأنصاری ، مولی أنس بن مالک کان إمام زمانه فی علوم الدین بالبصره تفقّه وروی الحدیث واشتهر بالورع وتعبیر الرؤیا توفی سنه 110 ه. انظر ترجمته فی حلیه الأولیاء ، 2 / 263 وتاریخ الیعقوبی ، 3 / 51 وطبقات الحفاظ ، 31 والأعلام ، 7 / 25.

5- قال ابن مالک فی التسهیل ، 176 وتعاقب الواو فی الإباحه کثیرا. وانظر همع الهوامع ، 2 / 134.

6- البیت لجعفر بن علبه الحارثی ، ورد منسوبا له فی شرح دیوان الحماسه ، للمرزوقی ، 1 / 45 وشرح شواهد المغنی ، 1 / 203 وورد من غیر نسبه فی المغنی ، 1 / 65 وهمع الهوامع ، 2 / 134 وشرح الأشمونی علی الألفیه ، 3 / 107.

فأوهنا بمعنی الواو بدلیل قوله : لا بدّ منهما (1) وتقع أو فی النهی کقوله تعالی (وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ کَفُوراً)(2) أی لا تطع واحدا منهما ، فیکون معناها النهی عنهما معا (3) والفرق بین أو وإمّا أن کلامک مع «أو» من أوله مبنیّ علی صوره الیقین ثمّ یعترضه الشکّ نحو جاءنی زید أو عمرو وکلامک مع إمّا من أوله مبنیّ علی الشّکّ لأنّه لا بد من تقدّم إمّا قبل المعطوف علیه تقول : جاءنی إمّا زید وإمّا عمرو (4) وأمّا أم فتکون متصله ومنقطعه فالمتصله تختصّ بالاستفهام فلا تستعمل فی غیره ویلزم أن تستعمل مع همزه الاستفهام ، والأفصح أن یقع أحد الأمرین بعد الهمزه والآخر بعد أم نحو : أرجل فی الدار أم امرأه ، لیتضح للمسؤول من أول الأمر المسؤول عن تعیینه ، ولا یحسن أن یفصل بین الهمزه وبین المسؤول عن تعیینه نحو : أفی الدار رجل أم امرأه ، ومن أجل أنّ أم المتصله یلیها أحد المستویین ویلی المستوی الآخر الهمزه ضعف أو امتنع أن یقال : أرأیت زیدا أم عمرا لکون ما یلیهما مختلفا ؛ لأنّ ما یلی الهمزه فعل وما یلی أم اسم ، وذهب بعضهم إلی أنّ ذلک لیس یمتنع ولا ضعیف (5) وإنّ سیبویه نصّ علی جوازه وحسّنه (6) ومنه قول الشاعر (7).

لیت شعری نعمی أتهوین من یه

واک أم من رضیته بالشّباب

فأوقع بعد الهمزه فعلا وهو تهوین وبعد أم اسما وهو من ویجب أن یکون جواب قولک : أرجل فی الدار أم امرأه ، تعیین لأحدهما لا ، لا ، ولا ، نعم (8) لأنّ السائل عالم أنّ أحدهما فی الدار لکن لا علی التعیین بخلاف أو فی قولک : أرجل فی الدار أو امرأه فإنّ المتکلم متردد هل فی الدار أحد أم لا ، فجوابه نعم أو لا ، ولو

ص: 105

1- قال المروزوقی فی شرحه علی الحماسه ، 1 / 46 وقوله : لا بدّ منهما أراد لا بدّ منهما علی طریق التعاقب لا علی طریق الجمع بینهما وإلّا سقط التخییر الذی أفاده أو من قوله : أو سلاسل.

2- من الآیه 24 من سوره الإنسان.

3- شرح الوافیه ، 400.

4- شرح الوافیه ، 400 والنقل منه.

5- المغنی ، 1 / 41.

6- فی الکتاب ، 3 / 170 «ولو قلت : ألقیت زیدا أم عمرا کان جائزا حسنا».

7- لم أهتد إلی قائله ، ولم أر أحدا رواه.

8- شرح الوافیه ، 400.

أجبت بالتعیین کان الجواب وزیاده ، لأنّ أو ، لا / تقتضی وجود أحدهما وأم تقتضیه.

والمنقطعه (1) معناها معنی بل وهمزه الاستفهام ، وتستعمل مع الهمزه ، وتستعمل فی الخبر والاستفهام ، أمّا الخبر فکقولک لشبح رأیته : إنّها لإبل قطعا ، فإذا حصل الشکّ فی أنه شاء قلت : أم شاء قاصدا إلی الإضراب عن الإخبار الأول واستئناف سؤال ، فکأنک قلت : بل أهی شاء (2) وأمّا الاستفهام فکقولک : أعندک زید أم بکر؟ وکأنک سألت أولا عن حصول زید ثم أضربت عنه إلی السؤال عن حصول بکر وجوابه لا أو نعم.

وثلاثه وهی لا وبل ولکن المخففه (3) ، لإثبات الحکم لأحد الأمرین معینا ، فلا : لنفی ما وجب للأول عن الثانی نحو : جاءنی زید لا عمرو ، فثبت الأول ونفی الثانی.

وبل : للإضراب عن الأول موجبا کان أو منفیا نحو : جاءنی زید بل بکر ، إذا وقع الإخبار عن زید ، غلطا ، ونحو : ما جاء زید بل عمرو فیحتمل إثبات المجیء لعمرو مع تحقّق نفیه عن زید ، ویحتمل أن یکون بیانا لمن نسب إلیه المجیء المنفی أولا کما فی الإثبات.

وأما لکن ، فإن وقع بعدها مفرد کانت للاستدراک ، ولزم تقدّم النفی علیها نحو : ما جاءنی زید لکن بکر (4) وأجاز الکوفیون العطف بها بعد الإیجاب فی المفردات وهو ضعیف (5) وإن وقع بعدها جمله فیجوز أن تقع بعد النفی والإیجاب کما قیل فی بل فی عطف المفردات فمالثها فی النفی : ما قام زید لکن عمرو قام ، ومثالها فی الإیجاب : قام عمرو لکن بکر لم یقم ، فهی أدّت لعطف جمله علی جمله لمغایره ما بعدها لما قبلها وقیل : التی تقع فی الجمل لیست بعاطفه بل حرف ابتداء (6) وقد

ص: 106

1- الکافیه ، 426.

2- شرح الوافیه ، 401 وانظر کتاب ، 3 / 172.

3- الکافیه ، 426.

4- المغنی ، 2 / 292 والهمع ، 2 / 137.

5- الإنصاف ، 2 / 484.

6- رصف المبانی ، 276 والهمع ، 2 / 137.

ظهر علی الأفصح أن لکن فی المفردات لا تکون إلّا بعد النفی وبل تقع بعد المنفی وبعد الموجب (1).

ذکر حروف التنبیه

وهی ثلاثه : ها وأمّا وألا ، والقصد منها تنبیه المخاطب بذکرها علی ما یأتی بعدها من القول (3).

أمّا أما وألا : فلا تدخلان إلّا علی الجمله کقولک : أما زید قائم ، وکقوله تعالی : (أَلا إِنَّ أَوْلِیاءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَیْهِمْ وَلا هُمْ یَحْزَنُونَ)(4) وتحذف ألف أما فی القسم نحو : أم والله لأفعلنّ ، لکثره الاستعمال (5).

وأما ها فتدخل علی المفرد والجمله قال الله تعالی : (ها أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ)(6) وها هو قائم ، وها زید قائم ، وأمّا قولهم : ها أنذا ونحوه فحرف التنبیه داخل علی الاسم المضمر عند سیبویه ، لأنّ أنا فی ها أنذا ، هو الذی یلی حرف التنبیه وأمّا عند الخلیل فداخل علی المبهم أعنی «ذا» والتقدیر «أنا هذا» ففصل بالمضمر بین حرف التنبیه وبین المبهم (7) وتدخل علی أسماء الإشاره نحو : هذا وهذه وتدخل علی المضمر نحو ما ذکرنا أعنی ها هو ، وها أنت وها أنا ، وقیل : دخولها علی أسماء الإشاره هو الأکثر ، لأنّ أسماء الإشاره لمّا کانت مبهمه تصلح لکلّ حاضر من حیوان وجماد / زید علیها حرف التنبیه تقویه علی تعیین ذلک المشار إلیه بخلاف ها أنت فإنه لا یکون إلّا للمخاطب ، فلا یحتاج إلی التنبیه کما یحتاجه المبهم (8).

ص: 107

1- شرح الوافیه ، 401 وانظر الانصاف ، 2 / 484 وشرح المفصل ، 8 / 105

2- الکافیه ، 426.

3- شرح الوافیه ، 401.

4- من الآیه ، 62 من سوره یونس.

5- شرح المفصل ، 8 / 116.

6- آل عمران ، 119 وفی الأصل هؤلاء.

7- الکتاب ، 2 / 354 وشرح الکافیه ، 2 / 380 وشرح المفصل ، 8 / 116.

8- شرح المفصل ، 8 / 116.

ذکر حروف النّداء

وهی : یا وأیا وهیا وأی والهمزه ، والمراد بها تنبیه المدعوّ ودعاؤه أی طلب إقباله ، فیا أعمّ هذه الحروف استعمالا ، لأنّها تستعمل فی القریب والبعید والمتوسط (2) وأیا وهیا تختصّان بالمنادی البعید ، وأی والهمزه بالمنادی القریب لکنّ الهمزه للمنادی الأقرب ، وأمّا وا فتختصّ بالمندوب (3) حسبما تقدّم ذکره فی أوائل الکتاب (4).

ذکر حروف الإیجاب والتّصدیق

وهی سته : نعم وبلی وإی وأجل وجیر وإنّ ، وإنّما سمیّت حروف التصدیق والإیجاب لأنّها مصدّقه لما سبقها ، فنعم لتصدیق ما سبقها من الکلام وتقریره مثبتا کان أو منفیّا ، استفهاما کان أو خبرا ، تقول لمن قال : قام زید ، أو ما قام زید أو لم یقم زید أو ألم یقم زید : نعم ، تصدیقا لما قاله هذا بحسب اللغه دون العرف ، ألا تری أنه لو قیل لک : ألیس لی عندک کذا مالا ، فقلت : نعم لألزمک القاضی به تغلیبا للعرف ، وأمّا بحسب اللغه فلا یلزم شیء لأنّه تصدیق لقول لیس لی علیک شیء.

وبلی مختصّه بإیجاب بعد النفی استفهاما کان ذلک أو خبرا تقول فی جواب من یقول : لم یقم زید أو ألم یقم زید : بلی ، أی بلی قد قام زید ، ومنه قوله تعالی : (أَلَسْتُ بِرَبِّکُمْ قالُوا : بَلی)(6) أی بلی أنت ربّنا ، ولو قیل فی الجواب : نعم کان کفرا (7) لأنّ

ص: 108

1- الکافیه ، 426.

2- شرح المفصل ، 8 / 118 والهمع ، 1 / 172.

3- وقد تنوب مقام یا فی النداء والمشهور استعمالها فی الندبه ، شرح الکافیه ، 2 / 381.

4- فی 1 / 170.

5- الکافیه ، 426.

6- من الآیه 172 من سوره الأعراف.

7- روایه عن ابن عباس - رضی الله عنه - کما فی المغنی ، 2 / 346 ، وفی شرح المفصل ، 8 / 123 هذا قول النحویین المتقدمین من البصریین ، وقد ذهب بعض المتأخرین إلی أنه یجوز أن تقع نعم موقع بلی ، وهو خلاف نص سیبویه. وانظر الهمع ، 2 / 71.

نعم مقرره لما قبلها نفیا کان أو إیجابا إلّا أن تحمل علی العرف کما قلنا.

وإی بکسر الهمزه ، حرف للتحقیق وهی للإثبات بعد الاستفهام ، ویلزمها القسم قال الله تعالی : (وَیَسْتَنْبِئُونَکَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِی وَرَبِّی إِنَّهُ لَحَقٌّ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِینَ)(1) فیلزم أن یقع قبلها الاستفهام ، وبعدها القسم.

والثلاثه الباقیه وهی أجل وجیر وإنّ ، تصدیق للمخبر کقولک فی جواب من یقول : أقام زید : أجل أو جیر أو إنّ ، واستشهادهم فی إنّ علی أنّها بمعنی نعم بقول الشّاعر (2) :

ویقلن شیب قد علا

ک وقد کبرت فقلت : إنّه

ضعیف ؛ لاحتماله إنّ الأمر کذلک ، وإنّما یظهر ذلک فی قول ابن الزبیر (3) لمّا قال : - لمن قال له : لعن الله ناقه حملتنی إلیک - : إنّ وصاحبها (4).

ذکر حروف الزیاده

وهی : الباء ومن وإن وأن وما ولا واللّام ، وإنّما سمّیت هذه الحروف حروف الزیاده لأنّها قد تقع زائده (6) ، والغرض من حروف الزیاده التأکید والفصاحه أو غیرهما قال ابن السرّاج : (7) إنّه لا زائد فی کلام العرب لأنّ کلّ ما یحکم بزیادته

ص: 109

1- من الآیه 53 من سوره یونس.

2- البیت لعبید الله بن قیس بن الرّقیّات ورد فی دیوانه ، 66 وورد منسوبا له فی لسان العرب أنن وشرح شواهد المغنی ، 1 / 126 وورد من غیر نسبه فی الکتاب ، 3 / 151 - 4 / 162 وشرح المفصل ، 3 / 13 - 8 / 6 - 78 - 122 - 125 ورصف المبانی ، 119 - 124 - 444 ومغنی اللبیب ، 1 / 38 ، 2 / 649.

3- هو عبد الله بن الزبیر بن العوّام أمّه أسماء بنت أبی بکر أحد العبادله لازم النبیّ صلی الله علیه وسلم وحدّث عنه عده أحادیث ، وشهد الیرموک مع أبیه الزبیر ، قتل أیام الحجّاج فی مکه سنه 73 ه انظر أخباره فی تاریخ ابن خلدون ، 3 / 87 وغایه النهایه 1 / 419 والإصابه لابن حجر ، 2 / 309.

4- شرح الوافیه ، 403.

5- الکافیه ، 426.

6- والمراد من الزائد أن یکون دخوله کخروجه والصله والحشو من عبارات الکوفیین ، والزیاده والإلغاء من عبارات البصریین شرح المفصل ، 8 / 128 وشرح الکافیه ، 2 / 384.

7- هو محمد بن سهل المعروف بابن السراج النحوی صحب المبرّد وروی عنه الزجاجی والسیرافی له من الکتب الأصول والموجز وکتاب الجمل توفی سنه 316 ه انظر ترجمته فی نزهه الألباء ، 249 وإنباه الرواه ، 3 / 145.

فإنّه یفید التوکید ، فهو داخل فی قسم المؤکّد (1) فالباء ومن واللّام تقدّم ذکرها فی حروف الجرّ (2) وإن المکسوره الخفیفه تزاد بعد ما النافیه لتأکید النفی (3) ویبطل عمل ما حینئذ ، کقول الشّاعر : (4)

فما إن طبّنا جبن ولکن

منایانا ودوله آخرینا

وکقول النّابغه :/ (5)

ما إن أتیت بشیء أنت تکرهه

إذن فلا رفعت سوطی إلیّ یدی

وکقول امریء القیس : (6)

حلفت لها بالله حلفه فاجر

لناموا فما إن من حدیث ولا صال

وتزاد أیضا بعد ما المصدریّه قلیلا (7) نحو : انتظرنی ما إن جلس القاضی ، أی مده جلوسه ، وکذلک تزاد بعد لمّا قلیلا (8) نحو : لمّا إن قمت قمت.

وأن المفتوحه المخففه تزاد بین لو والقسم نحو : والله أن لو قمت قمت ، وبعد لمّا فی الکثیر (9) کقوله تعالی : (فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِیرُ أَلْقاهُ عَلی وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِیراً)(10) وقلّت زیادتها بعد الکاف

ص: 110

1- تقدم ذکره فی 2 / 72.

2- فی 2 / 73.

3- الکافیه ، 426 وبعدها فی شرح الوافیه ، 405 وزعم الفراء أنهما حرفا نفی ترادفا.

4- البیت لفروه بن مسیک ورد منسوبا له فی الکتاب ، 3 / 153 وشرح شواهد المغنی ، 1 / 81 وخزانه الأدب ، 4 / 112 وورد من غیر نسبه فی المقتضب ، 1 / 51 ، 2 / 363 والخصائص ، 3 / 108 والمنصف ، 3 / 128 والمحتسب ، 1 / 92 وشرح الکافیه ، 2 / 384 ومغنی اللبیب ، 1 / 25 وهمع الهوامع ، 1 / 123.

5- البیت للنابغه الذبیانی ورد فی دیوانه ، 25 بروایه : ما قلت من سیّء مما أتیت به وورد منسوبا له فی شرح شواهد المغنی ، 1 / 74 وورد من غیر نسبه فی مجالس ثعلب القسم الأول ، 302 ومغنی اللبیب ، 1 / 25.

6- تقدم فی 2 / 83.

7- شرح الوافیه ، 405 وشرح المفصل ، 8 / 130 وشرح الکافیه ، 2 / 384.

8- غیر واضحه فی الأصل.

9- المقتضب ، 1 / 49.

10- من الآیه 96 من سوره یوسف.

کقوله (1) :

...

کأن ظبیه تعطو إلی ناظر السّلم (2)

فیمن رواه بجرّ ظبیه کأنه قال ، کظبیه ، فجرّ ظبیه بالکاف ، وأن زائده ، و «ما» تزاد مع متی (3) وإذا وأین وأیّ ومع إن ، إذا وقعت شروطا نحو : متّی ما تکرمنی ، وإذا ما أکرمتنی أکرمتک ، وأینما تکن أکن ، ونحو قوله تعالی : (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَیًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنی)(4) وأمّا زیاده ما بعد إن الشرطیه ، فکقوله تعالی : (فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِکَ)(5) وإذا زیدت ما بعد إن الشرطیه فیلزم (6) فعلها نون التأکید غالبا ، ویکون مضارعا کقوله تعالی : (فَإِمَّا تَرَیِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِی إِنِّی نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً)(7) ، وتکون لغیر التأکید کقول الأعشی (8) :

إمّا ترینا حفاه لا نعال لنا

إنّا کذلک ما نحفی وننتعل

ص: 111

1- هذا عجز بیت صدره : ویوما توافینا بوجه مقسم وقد اختلف حول قائله فقد نسبه سیبویه فی الکتاب ، 2 / 134 وابن یعیش فی شرح المفصل ، 8 / 83 إلی ابن صریم الیشکری ، ونسبه الأنباری فی الإنصاف ، 1 / 202 إلی زید بن أرقم ونسبه ابن منظور فی لسان العرب ماده قسم إلی باعث بن صریم الیشکری ثم قال : ویقال : هو کعب بن أرقم الیشکری قاله فی امرأته وهو الصحیح ونسبه العینی فی شرح الشواهد ، 1 / 293 إلی کعب بن أرقم الیشکری أیضا ووضح السیوطی الخلاف حول قائله فی شرح شواهد المغنی 1 / 111 فبین أنه ینسب لکل من علباء بن أرقم أو لباعث بن صریم أو لأرقم بن علباء. وورد البیت من غیر نسبه فی المنصف ، 3 / 128 ومعانی الحروف ، 121 وشرح الکافیه ، 2 / 384 ومغنی اللبیب ، 1 / 33 وهمع الهوامع ، 1 / 143 - 2 / 18 وشرح الأشمونی علی الألفیه ، 1 / 293.

2- الشاهد فی البیت قوله : کأن ظبیه فقد زیدت أن بین الجار والمجرور ویروی بنصب ظبیه علی أنها اسم کأن والجمله بعدها صفه لها والخبر محذوف ، والتقدیر : کأن ظبیه عاطیه هذه المرأه علی التشبیه المعکوس ویروی برفع ظبیه علی أنها الخبر والجمله بعدها صفه والإسم ضمیر الشأن محذوف والتقدیر کأنها ظبیه.

3- الکافیه ، 426.

4- من الآیه ، 110 من سوره الإسراء.

5- من الآیه 41 من سوره الزخرف.

6- غیر واضحه فی الأصل.

7- من الآیه 26 من سوره مریم.

8- البیت للأعشی ، دیوانه ، 109 ورد منسوبا له فی أمالی ابن الشجری ، 2 / 246 ومغنی اللبیب ، 1 / 314 وشرح شواهد المغنی ، 2 / 726 وورد من غیر نسبه فی شرح الکافیه ، 2 / 394.

وإذا قصدت بإذ وحیث المجازاه فلا بدّ معهما حینئذ من ما کقوله (1) :

إذ ما دخلت علی الرسول فقل له

...

فدخول الفاء فی الخبر دلیل المجازاه ، وحیثما تکن أکن (2) ، وتزاد ما أیضا بعد بعض حروف الجرّ کقوله تعالی : (فَبِما رَحْمَهٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ)(3) و (فَبِما نَقْضِهِمْ مِیثاقَهُمْ)(4) و (مِنْ خَطایاهُمْ)(5) وقلّت زیادتها بین المضاف والمضاف إلیه نحو : غضبت من غیر ما جرم أی من غیر جرم (6) ، وأمّا قولهم : جئت لأمر ما ، فقد قیل : زائده وقیل : صفه کما تقدّم فی الموصولات (7) و «لا» تزاد مع الواو لتأکید نفی سابق کقوله تعالی : (غَیْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَیْهِمْ وَلَا الضَّالِّینَ)(8) وکذلک تزاد بعد أن المصدریه کقوله تعالی : (ما مَنَعَکَ أَلَّا تَسْجُدَ)(9) وکقوله تعالی : (لِئَلَّا یَعْلَمَ أَهْلُ الْکِتابِ)(10) وتزاد «لا» قبل أقسم قلیلا کقوله تعالی : (لا أُقْسِمُ بِیَوْمِ الْقِیامَهِ)(11) أی أقسم بیوم القیامه ، وقال بعضهم : هی نافیه فی التقدیر وأقسم بعدها للإثبات (12)

ص: 112

1- تقدم فی 2 / 23.

2- انظر 2 / 23. فثمه شاهد شعری ، وبعدها هنا فی الأصل مضروب علیه «وحیثما کنتم فولّوا وجوهکم شطره» البقره الآیه 144 ، وهی غیر مثبته فی شرح الوافیه 406 الذی ینقل منه.

3- من الآیه 159 من سوره آل عمران.

4- من الآیه 155 من سوره النساء.

5- من الآیه 25 من سوره نوح ، کذا فی الأصل وهی قراءه أبی عمرو جعله جمع خطیه علی الجمع المکسر ، وقرأ الباقون خطیئاتهم جعلوه جمعا مسلما ، الکشف ، 2 / 337 والاتحاف ، 425.

6- شرح الوافیه ، 406 وانظر المقتضب ، 1 / 48 والجنی الدانی ، 303.

7- انظر 1 / 263.

8- من الآیه 7 من سوره الفاتحه.

9- من الآیه 12 من سوره الأعراف.

10- من الآیه 29 من سوره الحدید.

11- من الآیه 1 من سوره القیامه.

12- شرح الوافیه ، 406 وفی التبیان للعکبری ، 2 / 1253 : فی «لا» وجهان : أحدهما : هی زائده ، والثانی لیست بزائده وفی المعنی وجهان أحدهما : هی نفی للقسم بها ، والثانی : أن «لا» ردّ لکلام مقدر لأنهم قالوا : أنت مفتر علی الله فی قولک ؛ نبعث فقال : لا ، ثم ابتدأ فقال : أقسم وهذا کثیر فی الشعر (بتصرف) وانظر البیان ، 2 / 476 وإیضاح المفصل ، 2 / 229 وشرح المفصل ، 8 / 136 والمغنی ، 1 / 328.

وشذّت زیاده «لا» بین المضاف إلیه کقوله : (1)

فی بئر لا حور سری وما شعر

أی فی بئر حور ، والحور جمع حائر ، من حار إذا هلک أی فی بئر هلاک.

ذکر حرفی التفسیر

وهما (2) أی وأن

أمّا أی : فیکون حرف نداء کقولک : أی زید أقبل ، ویکون تفسیرا لمعنی قول صریح کتفسیرک لقوله تعالی : (وَاخْتارَ مُوسی قَوْمَهُ سَبْعِینَ)(3) أی من قومه ، ویکون تفسیرا لغیر قول صریح کما تفسر / قولک : استکتمته سرّی أی سألته کتمانه ، ویکون تفسیرا لمعنی قول غیر صریح کقولک : أشرت إلیه أی افعل کذا ، فسّرت الإشاره بذلک.

وأمّا «أن» : فلا یفسّر بها إلّا ما کان فی معنی القول لا نفس القول علی الأصحّ (4) کقوله تعالی : (وَنادَیْناهُ أَنْ یا إِبْراهِیمُ)(5) وکتبت إلیه أن قم ، فلو قلت : قلت له : أن قم ، لم یجز لأنّه لا یفسّر بها نفس القول بل معناه.

ذکر الحرفین المصدریین

وهما : ما وأن ، وسمّیا مصدریین لأنّهما مع الفعل الذی بعدهما بتأویل المصدر نحو : أعجبنی ما صنعت أی صنیعک ، وأعجبنی أن خرجت وأن تخرج أی خروجک ،

ص: 113

1- الرجز للعجاج ، ورد فی دیوانه ، 2 / 16 بروایه : ولا شعر ، وقبله : وغبرا قتما فیجتاب الغبر ورد منسوبا له فی شرح المفصل ، 8 / 136 واللسان «لا» و «حور» وخزانه الأدب 4 / 51 ومن غیر نسبه فی الخصائص ، 2 / 477 وشرح الکافیه ، 2 / 385 بئر حور : بئر هلاک ، والحور جمع حائر من حار إذا هلک ، ویحتمل أن یکون اسم جمع حائر أی هلّک وقیل : هی بئر یسکنها الجن.

2- فی الأصل وهی ، وانظر الکافیه ، 427.

3- من الآیه 155 من سوره الأعراف.

4- فی إیضاح المفصل ، 2 / 230 ولا تقع أن إلا بعد فعل فیه معنی القول ... وهل یقع بعد لفظ القول نفسه؟ کقولک : قال زید أن أفعل کذا ، فیه نظر ... ومنع بعضهم ذلک لکونها عنده لا تکون بعد لفظ القول وانظر الهمع ، 2 / 18.

5- من الآیه 104 من سوره الصافات.

6- الکافیه ، 427.

ومنه قوله تعالی : (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوی)(1)(وَأَنْ تَصُومُوا خَیْرٌ لَکُمْ)(2) و (أَنْ جاءَهُ الْأَعْمی)(3) مصدریّه عند البصریین فی موضع نصب علی المفعول من أجله أی ، لأن جاءه الأعمی ، وعند الکوفیین أنها بمعنی إذ ، أی إذ جاءه الأعمی (4) ، وألحق ابن الحاجب بهما حرفا ثالثا وهو أنّ المشدده المفتوحه (5) وهی بتأویل الاسمیّه بمصدر خبرها أو بما فی معناه أو بالکون نحو : أعجبنی أنّ زیدا قائم وأنّه أخوک وأنه فی البحر أی قیامه ، وأخوّته ؛ وکونه فیه.

ذکر حروف التحضیض

وهی : هلّا ولو لا ولوما وألا ، واعلم أنّ هذه الحروف إذا دخلت علی الفعل الماضی دلّت علی اللّوم والتوبیخ علی ترک الفعل نحو : هلّا قرأت ، وإذا دخلت علی الفعل المضارع دلّت علی الحثّ والطّلب نحو قوله تعالی : (وَقالُوا یا أَیُّهَا الَّذِی نُزِّلَ عَلَیْهِ الذِّکْرُ إِنَّکَ لَمَجْنُونٌ لَوْ ما تَأْتِینا بِالْمَلائِکَهِ إِنْ کُنْتَ مِنَ الصَّادِقِینَ)(7) وتلزم هذه الحروف الفعل لفظا أو تقدیرا ، لأنّ معناها لا یصحّ إلّا فیه لأنّ الحثّ علی الشیء توکید للأمر بفعله ، فمثال وقوع الفعل بعدها لفظا : هلّا ضربت زیدا ، ومثاله تقدیرا : هلّا زیدا ضربته ، أی هلّا ضربت زیدا ضربته ومنه قول جریر : (8)

ص: 114

1- من الآیه 237 من سوره البقره.

2- من الآیه 184 من سوره البقره.

3- من الآیه 2 من سوره عبس.

4- قال الإربلی 24 «الکوفیون علی أنها تأتی بمعنی إذ ، کقوله تعالی «الآیه» أی إذ جاءه والأظهر تقدیر حرف التعلیل وهو اللام ، أو من ، لأن المعنی علیه وحذف حرف الجر عندهم قیاس مطرد» وانظر التبیان ، 2 / 1271.

5- ذکرها فی متن الکافیه ، 427 وشرح الوافیه ، 408 ونصّ علیها أیضا فی إیضاح المفصل ، 2 / 231 مشیرا إلی إسقاط الزمخشری لها فی المفصل ، انظر 314 ثم قال : «والظاهر أنه أسقطها لتقدم ذکرها فی غیر موضع».

6- الکافیه ، 427.

7- الآیتان 6 - 7 من سوره الحجر.

8- البیت لجریر بن عطیه ورد فی دیوانه ، 338 بروایه : سعیکم مکان مجدکم ، وهلّا مکان لو لا ، وقد ورد منسوبا له فی الخصائص ، 2 / 45 ، والحلل ، 328 وشرح المفصل ، 2 / 38 ، 102 - 8 / 144 - 145 وشرح الشواهد ، 4 / 51 وشرح شواهد المغنی ، 2 / 669 وخزانه الأدب ، 3 / 55 وورد من غیر نسبه فی الکامل ، 1 / 278 ومعانی الحروف ، 123 وشرح الکافیه ، 2 / 387 ورصف المبانی ، 293 ومغنی اللبیب ، 1 / 274 وشرح الأشمونی ، علی الألفیه ، 4 / 51.

تعدّون عقر النّیب أفضل مجدکم

بنی ضوطری لو لا الکمیّ المقنّعا

فنصب الکمیّ بفعل مقدّر أی هلّا تعدون الکمیّ ، والضوطری : الضخم لا غناء عنده ، ومعنی البیت : أنکم تفتخرون بعقر النّیب - وهو جمع ناب وهی المسنّه من الإبل (1) - ولیس لکم فی الشجاعه نصیب ، ومن ذلک قوله تعالی : (لَوْ لا أَخَّرْتَنِی إِلی أَجَلٍ قَرِیبٍ فَأَصَّدَّقَ)(2) وقوله : (فَلَوْ لا إِنْ کُنْتُمْ غَیْرَ مَدِینِینَ تَرْجِعُونَها)(3) والتقدیر : فلو لا ترجعونها إن کنتم غیر مدینین ، ولحروف التحضیض صدر الکلام لکونها داله علی نوع من أنواع الکلام ، فوجب أن یکون لها صدر الکلام لما مرّ فی باب إنّ وغیرها.

ذکر حرف التوقّع

وهو قد ، وقیل له حرف التوقّع لاقترانه بالأفعال المتوقعه فی الحال ، ومنه قول المقیم : قد قامت الصّلاه ، لقوم یتوقّعون قیامها ، وإذا دخل علی الماضی قرّبه من الحال نحو : کنت أتمنی الحجّ ، وقد حججت فی زمن قریب من زمن إخباره وإذا / دخل علی المضارع کان للتقلیل کقولهم : إنّ الکذوب قد یصدق (5) ، فهو فی هذا النوع من الأفعال بمنزله ربّ فی الأسماء ، وقد یحذف الفعل بعده إذا فهم کقوله : (6)

أزف التّرحّل غیر أنّ رکابنا

لمّا تزل برحالنا وکأن قد

ص: 115

1- سموها بذلک حین طال نابها وعظم ، اللسان ، نیب.

2- من الآیه 10 من سوره المنافقون.

3- الآیتان 86 - 87 من سوره الواقعه.

4- الکافیه ، 427.

5- شرح الوافیه ، 409 وانظر المغنی ، 1 / 171.

6- البیت للنابغه الذبیانی. ورد فی دیوانه ، 89 بروایه أفد مکان أزف وورد منسوبا له فی شرح المفصل ، 9 / 18 ومغنی اللبیب 1 / 171 وشرح الشواهد ، 1 / 31 وشرح شواهد المغنی ، 2 / 764 وورد من غیر نسبه فی الخصائص ، 2 / 361 - 3 / 131 وشرح المفصل ، 8 / 5 - 110 - 148 - 9 / 52 ومغنی اللبیب ، 2 / 342 وشرح ابن عقیل علی الألفیّه ، 1 / 19 وهمع الهوامع ، 1 / 143 وشرح الأشمونی ، علی الألفیه ، 1 / 31.

أی وکأن قد زالت ، ویجوز الفصل بین قد وبین الفعل بالقسم ، کقولک : قد والله أحسنت ، ونحو : قد لعمری بتّ ساهرا ، وقد تأتی للتحقیق نحو : (قَدْ یَعْلَمُ اللهُ)(1).

ذکر حرفی الاستفهام

وهما الهمزه وهل ، ویدخلان علی الجملتین الاسمیّه والفعلیّه کقولک : أزید قائم ، وأقام زید ، وهل عمرو خارج ، وهل خرج عمرو ، ولهما صدر الکلام لکونهما لنوع من أنواع الکلام وذلک یقتضی تقدیمهما لیحصل العلم فی أول الأمر بأنّ الکلام للاستفهام.

والهمزه أکثر تصرفا فی الاستعمال من هل ، لأنّ الخبر إذا کان فی الجمله الفعلیّه فعلا ، جاز استعمال الهمزه دون هل فیجوز : أزید قام ولم یجز : هل زید قام إلّا علی شذوذ ، لأنّ أصل هل أن تکون بمعنی قد (3) کقوله تعالی : (هَلْ أَتی عَلَی الْإِنْسانِ)(4) فکما لا یقال : قد زید خرج لا یقال : هل زید خرج ، فإن قیل : لو کان کذلک لامتنع : هل زید خارج ، کما امتنع : قد زید خارج ، قلنا : إنّما جاز هل زید خارج حملا علی أختها وهی : أزید خارج وإنّما لم تحمل علیها فی : أزید خرج ، لأنّ اعتبار هل فی هذه الجمله أعنی خرج أولی من حملها علی أختها لکونها بمعنی قد ، وقد وجد ما تقتضیه (5) وتقع الهمزه لکونها أعمّ تصرفا للإنکار أیضا کقولک : أتضرب زیدا وهو أخوک؟ ویقع بعدها المفعول کقولک : أزیدا ضربت؟ وتقع للتقریر کقوله تعالی : (أَلَمْ نَخْلُقْکُمْ مِنْ ماءٍ مَهِینٍ)(6)(أَلَمْ نَشْرَحْ لَکَ صَدْرَکَ)(7) وتقع مع أم نحو : أزید عندک أم عمرو ، وتدخل الهمزه علی حروف العطف کقوله تعالی : (أَوَ

ص: 116

1- من الآیه 18 من سوره الأحزاب.

2- الکافیه ، 427.

3- شرح الوافیه ، 410.

4- من الآیه 100 من سوره الإنسان.

5- أی الفعل لأنها فی الأصل تدخل علی الأفعال ، شرح الکافیه ، 2 / 388.

6- من الآیه 20 من سوره المرسلات.

7- من الآیه 1 من سوره الانشراح.

کُلَّما عاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِیقٌ مِنْهُمْ)(1) وکقوله تعالی : (أَفَمَنْ کانَ عَلی بَیِّنَهٍ مِنْ رَبِّهِ)(2) وقوله تعالی : (أَثُمَّ إِذا ما وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ)(3) ولا تقع هل هذه المواقع إمّا لکون الهمزه أخصر وأکثر استعمالا ، وإمّا لکون هل فی الأصل بمعنی قد (4).

ذکر حروف الشّرط

اشاره

وهی : إن ولو وأمّا ، وما یقع شرطا من غیرها فأسماء تضمّنت معنی الشّرط وقد تقدّم ذکرها فی قسم الاسم ، ولحروف الشّرط صدر الکلام لأنّها لإنشاء نوع من أنواع الکلام ، وتدخل إن ولو علی جملتین فتجعلان الأولی شرطا والثانیه جزاء کقولک : إنّ تضربنی أضربک ، ولو جئتنی لأکرمتک ، لکن إن للاستقبال (6) بمعنی أنها تجعل الفعل الذی دخلت علیه بمعنی الاستقبال ، سواء کان الفعل ماضیا نحو : إن ضربت ضربت ، أو مضارعا نحو : إن تضرب أضرب ، ولو للمضی سواء دخلت علی الماضی نحو : لو ضربت ضربت ، أو المضارع نحو : لو تضرب أضرب ویلزمان الفعل لفظا أو تقدیرا ، فالفعل لفظا نحو : إن ضربت ضربت ، ولو ضربت ضربت ، وتقدیرا نحو قوله تعالی : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِکِینَ اسْتَجارَکَ)(7) وقوله تعالی : (قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِکُونَ خَزائِنَ / رَحْمَهِ رَبِّی)(8) أی وإن استجارک أحد ، ولو تملکون ، وقال السّیّد (9) فی حروف الشّرط : وینبغی أن یعلم أن مفسّر المحذوف مضارع مجزوم إن کان المفسّر مضارعا مجزوما نحو : إن زید یقم ، لیطابق المذکور. وأمّا الأسماء المتضمنه معنی

ص: 117

1- من الآیه 100 من سوره البقره.

2- من الآیه 17 من سوره هود.

3- من الآیه 51 من سوره یونس.

4- مجمل ما ذکره من شرح الوافیه ، 410 وإیضاح المفصل ، 2 / 238 - 239 وانظر شرح المفصل ، 8 / 154 وشرح الکافیه ، 2 / 388 ورصف المبانی ، 388 - 406 والمغنی ، 1 / 174.

5- الکافیه ، 427.

6- المفصل ، 320 بتصرف یسیر.

7- من الآیه 6 من سوره التوبه.

8- من الآیه 100 من سوره الإسراء.

9- لم أعثر علی نص السید رکن الدین الاستراباذی فی الوافیه المسمّاه بالمتوسط ولا فی الشرح الکبیر علی الکافیه المسمّی بالبسیط. وانظر شرح المفصل ، 9 / 10.

الشرط نحو : من ، فلا تحذف أفعالها لکونها فرع إن الشرطیّه فلا یتصرّف فیها کما تصرّف فی إن إلّا فی الضروره کقول الشّاعر : (1)

فمن نحن نؤمنه یبت وهو آمن

ومن لا نجره یمس منّا مفزّعا

وتقدیره : فمن نؤمنه نحن ، ومن أجل أنّ لو وأن یلزمان الفعل ، قیل : لو أنک انطلقت (2) بأن المفتوحه المشددّه لأنّها فی تأویل المفرد ، لکونها هی وما عملت فیه فاعلا للفعل المقدّر بعد لو ، والتقدیر : لو تحقّق أو ثبت انطلاقک انطلقت ، وإنّما کان الفعل المقدّر تحقّق أو ثبت ، لما فی أنّ من الدلاله علی التحقیق والثبوت ولأجل دلاله أنّ علی ذلک ، استغنی عن فعل مفسّر للفعل المقدّر المذکور ولکن التزم أن یکون خبر أنّ فی هذه الصوره فعلا إن أمکن (3) لیکون کالعوض عن لفظ الفعل المفسّر لتحصل لأنّ المفتوحه المشدده التقویه بصوره الفعل فلذلک جاز : لو أنک انطلقت لانطلقت ولم یجز : لو أنک منطلق انطلقت ، لفوات التقویه بصوره الفعل ، لأنّه أوقع منطلق مع إمکان انطلق (4) ، ومنه قوله تعالی : (وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّی تَخْرُجَ إِلَیْهِمْ لَکانَ خَیْراً لَهُمْ)(5)(وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَهٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ)(6) ویلزم أن یکون الفعل الواقع فی خبر أنّ هذه ماضیا لیطابق معنی لو فی الماضی ، أمّا إذا تعذّر أن یکون خبر أنّ فعلا بأن یکون جامدا ، جاز أن یقع غیر فعل حینئذ نحو : لو أنک زید لأکرمتک ، لتعذّر الإتیان بالفعل ومنه قوله تعالی : (وَلَوْ أَنَّ ما فِی الْأَرْضِ مِنْ

ص: 118

1- البیت لهشام المرّی ورد منسوبا له فی الکتاب ، 3 / 114 وشرح شواهد المغنی ، 2 / 839 ونسبه صاحب الخزانه ، 3 / 640 إلی مره بن کعب بن لؤی القرشی (طبعه بولاق) وورد البیت من غیر نسبه فی المقتضب ، 2 / 73 والإنصاف ، 2 / 619 ومغنی اللبیب ، 2 / 403 وهمع الهوامع ، 2 / 59.

2- الکافیه ، 427.

3- قوله هذا تبع فیه ابن الحاجب فی شرح الوافیه ، 412 وخالف ذلک ابن مالک فی التسهیل ، 240 إذ قال : «وإن ولیها أنّ لم یلزم کون خبرها فعلا خلافا لزاعم ذلک» وفی الرضی ، 2 / 391 «فلا نشک أن استعمال الفعل فی خبر أن الواقعه بعد لو أکثر ، وإن لم یکن لازما».

4- بعدها فی الأصل مشطوب علیه «وهی تفید التحقیق والثبوت فیدل حینئذ علی الفعل المقدر المحذوف وهو تحقق أو ثبت فیکون التقدیر لو ثبت انطلاقک انطلقت» وقد ذکر قبل.

5- من الآیه 5 من سوره الحجرات.

6- من الآیه 103 من سوره البقره.

شَجَرَهٍ أَقْلامٌ)(1) إذ لا فعل بمعنی أقلام فیوقع خبرا ، وقد أوردوا قوله تعالی : (لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِی الْأَعْرابِ)(2) لأنّه أوقع بادون خبرا مع إمکان بدوا ، وأجیب عن ذلک : بأنّ لو هذه لیست لو الشرطیه وإنّما هی للتمنی بمعنی یودّون لو أنّهم بادون (3).

فصل

والفعل الواقع بعد إن الشرطیه معناه الاستقبال وقد یراد به الماضی مع المستقبل جمیعا (4) کقوله تعالی : (وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا یُؤْتِکُمْ أُجُورَکُمْ)(5) فیدخل فی مثل ذلک الماضی والمستقبل إذ المراد : من آمن ، (وَمَنْ یُؤْمِنْ)(6) ، لأنّ سیاق الکلام یقتضی ذلک ، وکذلک : (وَإِنْ کُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا)(7) سواء کانوا جنبا أو یجنبون فی المستقبل ، فإنّ الحکم لا یختصّ بأحدهما (8).

فصل

وإذا اجتمع القسم والشّرط وتقدّم القسم علی الشّرط نحو : والله إن أتیتنی لأکرمتک کان الجواب للقسم دون الشّرط ، ووجب أن یکون فعل الشّرط ماضیا کما فی المثال المذکور أعنی : أتیتنی ، فلو أجبت الشرط دون القسم وقلت : والله إن أتیتنی / أکرمک ، کان ردیئا ، وإنّما أجیب القسم دون الشرط لأنّ الشرط جاء معترضا بین القسم وجوابه ، والمعترض فی حکم العدم ، فألغی جوابه لذلک وإنّما لزم أن یکون فعل الشرط ماضیا لفظا کما ذکرنا أو معنی نحو : والله إن لم تکرمنی لأکرمنّک ،

ص: 119

1- من الآیه 27 من سوره لقمان.

2- من الآیه 20 من سوره الأحزاب.

3- شرح الوافیه ، 413 وانظر شرح المفصل ، 9 / 11 وشرح الکافیه ، 2 / 391.

4- بعدها فی شرح الوافیه ، 413 «لا الماضی وحده کما یجوزه بعضهم مثل قوله وإن تؤمنوا (الآیه)».

5- من الآیه 36 من سوره محمد.

6- من الآیه 11 من سوره الطلاق ونصها : «ومن یؤمن بالله ویعمل صالحا یدخله ...» ذکرها ابن الحاجب شرح الوافیه ، 414 وقال بعدها : «وأشباهها ، والمراد من آمن ، ومن یؤمن لأن المعنی والسیاق یقتضیان ذلک».

7- من الآیه 6 من سوره المائده.

8- ونحوه فی شرح الوافیه ، 414.

9- الکافیه ، 427 - 428.

لأنّ حرف الشرط لمّا بطل عمله فی الجواب الذی هو لأکرمنّک لکونه جوابا للقسم ، طلب أن یکون فعل الشرط ماضیا حتّی لا یظهر لحرف الشرط فیه عمل لئلا یکون العامل فی الجزاء القسم ، والعامل فی الشرط حرف الشرط فیختلف العامل فی الشرط والجزاء وهو غیر جائز ، فلذلک التزم أن یکون فعل الشرط ماضیا ، لأنّ الماضی لا یظهر فیه عمل لحرف الشرط ولا لغیره.

وإن توسّط القسم وتقدّم علیه إمّا شرط أو غیر شرط ، والشرط مؤخّر عن القسم ، جاز اعتبار القسم وإلغاؤه لإمکان ذلک ، فمثال تقدّم الشرط والقسم معترض قولک : إن تکرمنی فوالله لأکرمنّک ، فیجوز اعتبار القسم لإمکان الوفاء بجواب الشرط وجواب القسم ، لأنّ الشرط إنّما یجاب فی مثل ذلک بالفاء ولا یمتنع دخولها علی القسم ، فأمکن جواب الأمرین علی ما تقتضیه أبوابهما (1) ، ویجوز إلغاء القسم بأن یجعل معترضا فیتعیّن الجواب للشرط کقولک : إن تکرمنی والله أکرمک ، ومثال تقدّم غیر الشرط علی القسم والشرط مؤخّر عن القسم قولک : أنا والله إن تکرمنی أکرمک ، فیجوز أن تعتبر القسم وتقول : أنا والله إن أکرمتنی لأکرمنّک فتجعل الشرط معترضا ، فیتعیّن الجواب للقسم ، ویکون القسم وجوابه والشرط خبر المبتدأ ، ویجوز أن تجعل القسم معترضا وتقول : أنا والله إن تکرمنی أکرمک ، فیتعیّن الجواب للشرط ویکون الشرط وجوابه والقسم خبرا للمبتدأ ، وإذا کان القسم مقدّرا قبل الشرط ولم یکن ملفوظا به فهو کالملفوظ به فی کون الجواب للقسم لفظا کقوله تعالی : (وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّکُمْ)(2)(وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّکُمْ لَمُشْرِکُونَ)(3) فإنّ تقدیره : والله إن قوتلتم ، وإن أطعتموهم ، فإنه لو لا تقدیر القسم قبل الشرط لوجب دخول الفاء علی : إنکم لمشرکون (4).

ص: 120

1- شرح الوافیه ، 416 وانظر شرح الکافیه ، 2 / 393 - 394.

2- من الآیه 11 من سوره الحشر.

3- من الآیه 121 من سوره الأنعام.

4- قال ابن الحاجب فی شرح الوافیه ، 417 ما نصه : «وقول من قال ؛ التقدیر فإنکم لمشرکون ، ضعیف ردیء لم یجیء مثل ذلک إلا فی ضروره الشعر».

وأمّا أمّا الشرطیه (1) فحرف شرط ولذلک لزمتها الفاء ، وتستعمل لتفصیل أمور فی نفس المتکلّم ، إلّا أنهم لم یلتزموا ذکر المتعدد بل قد یذکر الجمیع نحو قوله تعالی : (فَأَمَّا الْیَتِیمَ فَلا تَقْهَرْ وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ وَأَمَّا بِنِعْمَهِ رَبِّکَ فَحَدِّثْ)(2) وقد یذکر واحد ویترک غیره نحو قوله تعالی : (فَأَمَّا الَّذِینَ فِی قُلُوبِهِمْ زَیْغٌ فَیَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَهِ)(3) ولم یذکر بعدها أمّا أخری ، لکونه معلوما من الأوّل (4) ومن ذلک قول القائل : أمّا أنا فقد فعلت کذا ، ویسکت ، وکان الواجب فی «أما» أن یلیها الفعل لکونها حرف شرط لکن التزموا حذف الفعل معها وجعلوا الواقع بعدها عوضا من الفعل المحذوف نحو : أمّا زید فمنطلق ، فزید قد وقع قبل الفاء وبعد أمّا ، لیکون عوضا من الفعل المحذوف ، لأنّ الاسم الواقع ، بعد أمّا هو المقصود دون الفعل وأصله أن یکون / بعد الفاء ، لأنّ معناه ، مهما یکن من شیء فزید منطلق ، فوقعت أمّا موقع مهما ، وزید موضع الفعل المحذوف ، أعنی «یکن» فصار أما زید فمنطلق ، وحینئذ ، إمّا أن یکون الاسم الذی بعد أمّا مرفوعا أو منصوبا ، فإن کان مرفوعا فهو مبتدأ خبره ما بعد الفاء نحو : أمّا زید فمنطلق ، وإن کان منصوبا نحو : أمّا زیدا فأنا مکرم ، (وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ)(5) فالأصحّ أنّ العامل فیه ما بعد الفاء لاقتضاء ما بعد الفاء إیاه ، ولأنّه قدّم علی عامله لیکون عوضا عن الفعل المحذوف ، لأنّ التقدیر : إن أردت بیان من تعلّق به إکرامی فأنا مکرم زیدا ، وإن أردت بیان من تعلّق به النهی عن القهر منی ، والنهی عن النهر منی ؛ فلا تقهر الیتیم ولا تنهر السائل (6) ، وکذا إذا کان المنصوب الذی بعد أما ظرفا نحو : أمّا یوم الجمعه فزید منطلق ، فیوم الجمعه معمول لمنطلق ، لأنّ التقدیر إن أردت بیان زمان وقع فیه انطلاق زید فزید منطلق یوم

ص: 121

1- الکافیه ، 428.

2- الآیات 9 - 10 - 11 من سوره الضحی.

3- من الآیه 7 من سوره آل عمران.

4- مراده من ذلک أن قوله تعالی بعد : «والراسخون فی العلم» علی معنی : وأما الراسخون فی العلم ، ولم تذکر أما لکونها معلومه من سیاق ما سبق. انظر إیضاح المفصل ، 2 / 260 - 262 وشرح الکافیه ، 2 / 394.

5- من الآیه 10 من سوره الضحی.

6- شرح الوافیه ، 418.

الجمعه ، وقد ظهر - ممّا قلنا - أنّ أصل المنصوب أن یکون بعد الفاء وقدّم علی عامله لیکون عوضا عن الفعل المحذوف (1).

وبعضهم منع أن یعمل ما بعد الفاء فیما قبلها کما هو مذهب البصریین (2) وذهبوا إلی أنّ العامل فی الاسم الذی بعد أمّا إنّما هو الفعل المحذوف المقدّر بعد أمّا ، فإذا قلت : أمّا یوم الجمعه فزید منطلق ، کأنک قلت : مهما تذکر یوم الجمعه فزید منطلق ، ومهما تذکر الیتیم فلا تقهر ، ومهما تذکر السائل فلا تنهر.

وقال قوم : (3) إن جاز تقدیم الاسم المنصوب بعد أمّا علی جواب أمّا نحو : أمّا یوم الجمعه فزید منطلق ، فهو معمول بما فی حیّز الفاء ، لأنّ یوم الجمعه یجوز أن یکون ظرفا لمنطلق ومتقدّما علیه ، وإن لم یجز تقدیمه نحو : أمّا زیدا فإنی مکرم ، فالعامل فیه الفعل المحذوف المقدّر أعنی : مهما تذکر زیدا فإنی مکرمه ، لامتناع أن یعمل ما بعد إن فیما قبلها (4).

ذکر حرف الرّدع

وهو کلّا ، لأنّه وضع للرّدع والتنبیه علی الحقّ ، وإنّما یستعمل إذا سمع محال أو تقوّل علی إنسان ، کما إذا قیل : فلان یشتمک فتقول : کلّا ، أی : ارتدع عن هذا ، وقد جاء کلّا بمعنی حقّا نحو قوله تعالی : (کَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَیَطْغی)(6) أی حقّا ، وإذا وقفت علی التی بمعنی الردع کان مستقیما (7) ، وکلّا التی بمعنی حقّا ، اسم عند بعضهم ، لکنّه بنی لموافقته کلّا التی بمعنی الرّدع فی اللفظ (8).

ص: 122

1- وهو مذهب المبرد وابن الحاجب ، جواهر الأدب ، 517.

2- شرح الکافیه ، 2 / 396.

3- قال الإربلی 517 «وهو مذهب من رأی التفصیل وقال : وهو الصواب».

4- انظر إیضاح المفصل ، 2 / 262 والهمع ، 2 / 68.

5- الکافیه ، 428.

6- من الآیه 6 من سوره العلق.

7- شرح الوافیه ، 420.

8- فی شرح الکافیه ، 2 / 401 «وإذا کانت بمعنی حقّا جاز أن یقال إنها اسم» وفی الهمع ، 2 / 74 وزعمها مکی اسما حینئذ کمرادفها ... وغیره قال : اشتراک اللفظ بین الاسمیه والحرفیه قلیل ومخالف للأصل ومحوج لتکلف دعوی عله لبنائها ...».

ذکر تاء التّأنیث الساکنه

اعلم أنّ تاء التّأنیث الساکنه حرف یلحق الأفعال الماضیه خاصّه للإیذان من أول الأمر بأنّ الفاعل مؤنّث نحو : قامت هند ، ولا تدخل المضارع لأنّ التاء فی قولک : تقوم هند ، أغنت عن ذلک ، والفرق بین تاء التأنیث الداخله علی الأسماء التی تقدّم ذکرها فی باب المذکّر والمؤنث / نحو : طلحه وبین هذه التاء ، أنّ اللاحقه للأسماء تکون متحرکه فی الوصل نحو قولک : طلحه الطلحات وامرأه قائمه أمامک ، وهذه التاء التی تلحق الأفعال لا تکون إلّا ساکنه وصلا ووقفا إلّا إذا لقیها ساکن فإنها تحرّک لالتقاء الساکنین فهی ساکنه بالذّات ومتحرّکه بالعرض نحو قولک : رمت المرأه ورمتا وقامتا ، فإن لحقت نحو : غزا ورمی حذفت آخرهما لالتقاء الساکنین ، تاء التأنیث وحرف العلّه ، فقلت : غزت ورمت بحذف الألف ولا تردّ ، ولو تحرکت التاء فی نحو : رمت المرأه ورمتا فلا یقال : رماتا (2) کما سنذکر فی التقاء الساکنین ، وأمّا إلحاق الفعل علامه التثنیه والجمعین (3) نحو : قاما الزیدان وقاموا الزیدون وقمن النساء ، فضعیف استعمالا قویّ قیاسا علی التاء مع جواز جعل ما جعل فاعلا (4) مبتدأ خبره ما قدّم علیه ، والعلامه ضمیر عائد إلیه معنی ، وهی لغه أکلونی البراغیث (5) وفی أکلونی البراغیث شذوذان آخران ؛ أحدهما : جعل الواو علامه لما لا یعقل ، والثانی : جعل القرص أکلا (6) وعلی تقدیر إلحاقها فإنها لیست بضمائر لئلا یلزم الإضمار قبل الذکر ، بل علامات ألحقت بالفعل لتدلّ علی أحوال الفاعل کتاء التأنیث ، وإنّما قوی إلحاق علامه التأنیث وضعف إلحاق علامه التثنیه والجمع ، للزوم التأنیث الحقیقی للاسم ، وعدم لزوم التثنیه والجمع لعروضهما ، واعلم أنّ التاء فی :

ص: 123

1- الکافیه ، 428.

2- فی شرح المفصل ، 9 / 28 وقد قال بعضهم : رماتا فرد الألف الساقطه وذلک قلیل ردیء من قبیل الضروره ، وانظر إیضاح المفصل ، 2 / 276 وشرح الکافیه ، 2 / 401.

3- فی المغنی ، 2 / 365 «فی لغه طیء أو أزد شنوءه أو بلحارث».

4- أی الاسم الظاهر المرفوع.

5- انظر باب المبتدأ والخبر 1 / 141.

6- نسب إلی أبی سعید السیرافی فی المغنی ، 2 / 366 ورده ابن هشام.

ثمّت وربّت ولات ، لیست تاء التأنیث المذکوره بل دخلت هذه التاء لتأنیث اللفظه للمبالغه فی معناها کما دخلت فی : علّامه ونسّابه للمبالغه لا لتدلّ علی أنّ الفاعل مؤنّث.

ذکر التنوین

التنوین نون ساکنه تتبع حرکه الآخر لا لتأکید الفعل واحترز بقوله : لا لتأکید الفعل ، عن نون التوکید نحو : اضربنّ والتنوین سته أنواع :

أحدها : تنوین التنکیر (2) ، وهو یدلّ علی أنّ الاسم نکره نحو : صه وصه وسیبویه وسیبویه آخر.

والثانی : تنوین التمکین (3) ، وهو یلحق الاسم لیدلّ علی أنّ له مکانه فی الاسمیّه نحو : زید ورجل ، ولا بدّ من زیاده شرح لتنوین التمکین وتنوین التنکیر فنقول : إنّ الأسماء المعربه تنقسم إلی خفیف فی غایه الخفّه ، وهو ما لم یخرج عن أصله إلی مشابهه الفعل بوجه نحو : رجل وفرس ، وإلی ثقیل وهو ما لا ینصرف ، وإلی متوسط وهو ما فیه عله واحده فرعیّه نحو : زید وعمرو فتنوین التمکین هو الداخل علی الاسم النکره الخفیف فی الغایه نحو : رجل ، وعلی المعرفه المنصرفه نحو : زید ، وعلی الاسم الذی ینکّر فیفصل مما لا ینصرف ، ویلحق بزید ، نحو : مررت بعثمان وعثمان آخر وبأحمد وأحمد آخر ، وأمّا تنوین التنکیر : فهو الذی یلحق الاسم المبنیّ للفرق بین معرفته ونکرته /. نحو ما تقدّم من صه وصه وسیبویه وسیبویه آخر ، فإنّه معرفه إذا لم ینوّن ، ونکره إذا نوّن ، وإذا قلت : صه بغیر تنوین أمرته بالسکوت المعهود ، وإذا نونت أمرته بسکوت ما.

والثالث : (4) تنوین العوض وهو الذی یلحق الاسم عوضا إمّا عن الیاء أو عن إعلاله نحو : جوار حسبما تقدم فی أوائل الکتاب (5) ، وإمّا عن المضاف إلیه نحو :

ص: 124

1- الکافیه ، 428 : التنوین نون ساکنه تتبع حرکه الآخر لا لتأکید الفعل.

2- الکتاب ، 2 / 199 وشرح الکافیه ، 2 / 402.

3- الکتاب ، 1 / 22.

4- الکتاب ، 3 / 310.

5- انظر 1 / 128.

یومئذ أی یوم إذ کان کذا ، فلمّا حذف المضاف إلیه وهو : کان کذا ، عوض عنه التنوین ، وکذلک : مررت بکل قائما ، أی بکلّهم ، وهو جواب قول القائل : هل لک عهد بالقوم؟ فیقال : مررت بکلّ قائما.

والرابع : تنوین المقابله ، ولا یکون إلّا فی جمع المؤنّث ، فإنّه لمقابله نون جمع المذکّر السالم ولو حمل علی غیر ذلک لم یتّجه ، فإنک لو جعلت تنوین مسلمات للصرف تعذّر ، لوجوده فی عرفات مع المانع من الصّرف وکذلک لو جعلته للتمکین (1) أو للتنکیر لم یتّجه ، فتعیّن أن یکون للمقابله.

والخامس والسادس : تنوین الترنّم والتنوین الغالی ، ویلحقان أواخر الأبیات والأنصاف المصرّعه لتحسین الإنشاد ، وهو إن لحق القافیه المطلقه سمّی تنوین الترنم (2) وتنوین الإطلاق کقوله : (3)

یا أبتا علّک أو عساکن

ومنه : (4)

أقلّی اللّوم عاذل والعتابن

وقولی إن أصبت لقد أصابن

فناب التنوین مناب حرف الإطلاق فی (5) نحو : ألف العتابا ، ویقع فی الأسماء والأفعال ولا یختصّ بأحدهما ، وإن لحق القافیه المقیّده سمّی التنوین الغالی (6) نحو

ص: 125

1- وهو مذهب ردیء لم یصر إلیه ذو تحقیق ، إیضاح المفصل ، 2 / 278 وممن ذهب إلی ذلک الربعی ، شرح الأشمونی ، 1 / 36 ، وقد أوضح ابن الحاجب فی الإیضاح تعذر جعله واحدا من أقسام التنوین الأخری بأکثر مما ذکره أبو الفداء.

2- المغنی ، 2 / 344.

3- الرجز لرؤبه بن العجاج ، 3 / 181 وقبله : تقول بنتی قد آن أناکن نسب له فی الکتاب ، 2 / 375 وشرح الشواهد ، 3 / 158 وروی من غیر نسبه فی المقتضب ، 3 / 71 والخصائص ، 2 / 96 والإنصاف ، 1 / 222 وشرح المفصل ، 2 / 12 وهمع الهوامع ، 1 / 132 وشرح الأشمونی ، 1 / 267 - 3 / 158.

4- البیت لجریر بن عطیه ، ورد فی دیوانه 64 ونسب له فی الکتاب ، 4 / 205 - 208 وشرح المفصل ، 9 / 29 - 33 وشرح شواهد المغنی ، 2 / 762 وروی من غیر نسبه فی المقتضب ، 1 / 240 والمنصف ، 1 / 224 والإنصاف ، 2 / 655 ، وهمع الهوامع ، 2 / 80. عاذل مرخم عاذله.

5- مطموسه فی الأصل.

6- وزاده الأخفش المغنی ، 2 / 342.

قول رؤبه : (1)

وقاتم الأعماق خاوی المخترقن

وقد جمع بعضهم أقسام التنوین نظما وهو : (2)

عوّض بتنوین وقابل به

نکّر به الاسم ومکّنّه

وإن ترنّمت فعمّم به

ومثله الغالی فعینّه

ویحذف التنوین من العلم الموصوف بابن مضاف إلی علم آخر نحو : جاءنی زید بن عمرو ، لشدّه اتصال الموصوف بالصفه (3) ویعلم منه أنه لو کان صفه لغیر العلم نحو : جاءنی رجل ابن ظالم ، أو کان ابن مضافا إلی غیر العلم نحو : زید ابن أخی لم یحذف التنوین ، وکذلک لم یحذف التنوین إذا لم یکن صفه نحو : أن یکون أحدهما مبتدأ والآخر خبرا وشبه ذلک کقولک : زید ابن عمرو.

واعلم أنّه حیث یسقط التنوین من الموصوف بابن تسقط الألف من الخطّ أعنی همزه ابن ، وحیث یثبت التنوین فی اللفظ تثبت الهمزه فی الخطّ فتسقط من زید بن عمرو وتثبت فی زید ابن أخی وشبهه ، واعلم أنّ حکم ابنه کحکم ابن فی جمیع ما ذکرنا (4).

ذکر نون التأکید

اشاره

وهی نوعان : خفیفه ساکنه ، ومشدّده مفتوحه مع غیر الألف لأنّها تکسر مع الألف فی المثنّی والمجموع المؤنّث نحو : اضربانّ واضربنانّ / واعلم أنّ الثقیله أبلغ

ص: 126

1- ورد فی ملحقات دیوانه ، 3 / 104 وبعده : مشتبه الأعلام لمّاع الخفقن نسب له فی شرح المفصل ، 9 / 29 - 34 والمغنی ، 2 / 342 وشرح الشواهد ، 1 / 32 وورد من غیر نسبه فی اللسان ، وجه ، والهمع ، 2 / 80 وشرح الأشمونی ، 1 / 32.

2- لم أهتد لقائله.

3- فی شرح الکافیه ، 2 / 402 وذلک لکثره استعمال ابن بین علمین وصفا فطلب التخفیف لفظا بحذف التنوین من موصوفه وخطا بحذف ألف ابن ، وانظر الکتاب ، 3 / 504 وشرح الوافیه ، 424.

4- شرح الوافیه ، 423 وشرح الکافیه ، 2 / 402.

5- الکافیه ، 428.

فی التأکید من الخفیفه (1) ولا یؤکّد بالمخفّفه والمشدّده إلّا الفعل المستقبل الذی فیه معنی الطّلب کالأمر والنهی والاستفهام والتمنی والعرض والقسم والتحضیض (2) ، وإنّما دخلت النون فی هذه المواضع ، لأنّها مواضع طلب فتدخل النون تأکیدا لذلک الطلب وحثّا علی إیقاعه ، ولذلک لم یؤکّد الماضی والحال ، لأنّ الماضی وقع ، والحال حاصل فلا طلب فیهما لحصولهما ، ولا یؤکد النفی إلّا قلیلا (3) نحو : زید ما یقومنّ ، لخلوّه عن معنی الطلب وإنّما جاز فیه ذلک علی قلّته تشبیها له بالنهی ، ومنه (4) :

یحسبه الجاهل ما لم یعلما

شیخا علی کرسیّه معمّما

وهذا مشبّه بالنهی ، لأنّ یعلم مجزوم مثل النهی ، وألف یعلما ألف نون التأکید ، کان یعلمن فوقف علیها بالألف ، وأمّا قول جذیمه الأبرش (5) :

ربّما أوفیت فی علم

ترفعن ثوبی شمالات

فهی علی التشبیه بالنفی ، لأنّ ربّ للتقلیل ، والتقلیل یقارب النفی ، وقال

ص: 127

1- قال سیبویه ، 3 / 509 فإذا جئت بالخفیفه فأنت مؤکد ، وإذا جئت بالثقیله فأنت أشد توکیدا وانظر شرح المفصل ، 9 / 37.

2- شرح الوافیه ، 424 والنقل منه.

3- الکافیه ، 429.

4- هذا الرجز اختلف حول قائله فقیل : هو لعبد بنی عبس وقیل : هو لأبی حیان الفقعسی وقیل : هو للعجاج ولیس فی دیوانه وقیل : هو لمساور العبسی ، انظر خلافهم فی خزانه الأدب ، 4 / 569 (طبعه بولاق) وقد ورد البیت منسوبا لأبی حیان فی شرح الشواهد ، 3 / 218 وشرح التصریح ، 2 / 205 ورواه العدوی فی فتح الجلیل ، 223 منسوبا للعجاج ، وورد من غیر نسبه فی الکتاب ، 3 / 516 ومجالس ثعلب القسم الثانی ، 552 وأمالی الزجاجی ، 189 وأمالی ابن الشجری ، 1 / 384 والنوادر ، 13 وشرح المفصل ، 9 / 42 وهمع الهوامع ، 2 / 78 وشرح الأشمونی ، 3 / 218.

5- هو جذیمه بن مالک التنوخی ثالث ملوک الدوله التنوخیه فی العراق یقال له : الأبرش والوضاح لبرص کان فیه ، طمع فی امتلاک مشارف الشام وأرض الجزیره فغزاها وقاتل ملکها عمرو بن الظرب فقتله ثم إنّ الزباء ابنته عرضت علیه نفسها زوجه فجاء إلیها فقتلته. انظر أخباره فی معجم الشعراء للمرزبانی 34 وتاریخ ابن خلدون ، 2 / 540 والأعلام ، 2 / 105 وقد ورد البیت منسوبا له فی الکتاب ، 3 / 518 وشرح المفصل ، 9 / 40 - 41 وشرح الشواهد ، 2 / 231 - 3 / 217 وشرح التصریح ، 2 / 22 وورد من غیر نسبه فی المقتضب ، 3 / 15 وشرح الکافیه ، 2 / 403 ومغنی اللبیب ، 1 / 135 - 137 العلم الجبل ، والشّمالات جمع شمال بالفتح : وهی الریح التی تهبّ من هذه النّاحیه.

یونس : (1) إنّهم یقولون : ربّما تقولنّ ذاک ، وهو مثل :

ربّما أوفیت فی علم

ترفعن ...

ولزمت نون التأکید فی جواب القسم المثبت نحو : والله لیخرجنّ زید ، لأنّ القسم وضع للتأکید ، ولمّا لزم ذلک فی القسم المثبت تعیّن للنفی فی قولک : والله یخرج زید ونحوه أی لا یخرج ، لأنّه قد علم أنه لو کان مثبتا لم یکن بدّ له من النون (2) ولا یحذف فی جواب القسم المنفی من حروف النفی إلّا «لا» خاصه فلو حذفت ما وقلت : والله زید منطلقا تعنی ما زید منطلقا لم یجز ، وکثر دخول نون التأکید مع فعل الشرط عند تأکید إن الشرطیه بما کقوله تعالی : (فَإِمَّا تَرَیِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً)(3) ویجوز ترکها کقول الشّاعر : (4)

فإمّا ترینی ولی لمّه

فإنّ الحوادث أودی بها

فزاد «ما» مع حرف الشرط ولم یؤکد فعله بالنون فقال : ترینی ، فإنه لو أکده انکسر وزن البیت.

ذکر حرکات ما قبل نون التأکید بحسب الضمائر

والضمائر تنقسم إلی بارزه وغیر بارزه :

ذکر أحکام نون التأکید مع الضمائر البارزه

والمذکور هنا منها إنّما هو ضمیر جمع المذکّر وضمیر المؤنّث المخاطبه ، وأمّا

ص: 128

1- الکتاب ، 3 / 518.

2- وبعدها فی شرح الوافیه 424 «وقد کثرت فی مثل إما تخرجن فأنا خارج کأنّهم لما أکدوا حرف شرط ب «ما» أکدوا فعله بالنون.

3- من الآیه 26 من سوره مریم.

4- البیت للأعشی ورد فی دیوانه ، 221 بروایه تعهدینی مکان ترینی وألوی مکان أودی وورد منسوبا له فی الکتاب ، 2 / 46 بروایه : فإمّا تری لمّتی بدّلت وأمالی ابن الشجری ، 2 / 245 وشرح الشواهد ، 2 / 53 - 3 / 216 وورد من غیر نسبه فی الإنصاف ، 2 / 764 وشرح المفصل ، 9 / 6 وشرح الکافیه ، 2 / 404 وشرح الأشمونی ، 2 / 53.

5- الکافیه ، 429.

ضمیر التثنیه مطلقا وضمیر جمع المؤنث فسنذکر حکمهما فی فصل مفرد لهما ، وحکم الضمیرین البارزین المذکورین أعنی ضمیر جمع المذکّر وضمیر المؤنث المخاطبه مع نونی التأکید الخفیفه والشدیده کالکلمه المنفصله کما سیظهر من الأمثله ویجب فی الضمیرین المذکورین أن یضمّ ما قبل نون التأکید مع ضمیر جمع المذکّر ، ویکسر مع ضمیر المخاطبه نحو : هل تضربنّ یا قوم بضمّ الباء ، وهل تضربنّ یا هند بکسر الباء وأصلهما تضربون وتضربین (1) فحذفت نون الإعراب / منهما لزوال الإعراب بدخول نون التأکید ثم حذفت الواو التی هی ضمیر الجمع والیاء التی هی ضمیر المخاطبه لالتقاء الساکنین أعنی الواو والیاء ، ونون التأکید کما تحذف کلّ من الواو والیاء المذکورتین إذا لقیهما ساکن من کلمه أخری منفصله نحو : یا رجال اضربوا القوم ، ویا هند اضربی القوم ، بحذف الواو والیاء لسکونهما وسکون لام التعریف.

وأمّا حکم الفعل المعتلّ اللّام مع الضمیرین البارزین المذکورین فالذی لامه واو أو یاء حکمه کما ذکر ، فتقول مع ضمیر جمع المذکّر : هل تغزنّ وهل ترمنّ یا قوم بضمّ ما قبل النون ، والأصل تغزون وترمون فحذفت نون الإعراب (2) ثمّ واو ضمیر الجمع لما تقدّم شرحه ، کما تحذفها لساکن فی کلمه أخری نحو : یا رجال اغزوا القوم وارموا القوم ، وتقول مع ضمیر المخاطبه : هل تغزنّ وهل ترمنّ بکسر ما قبل النون والأصل تغزین وترمین فحذفت نون الإعراب ثمّ یاء ضمیر المخاطبه لما ذکر ، کما تحذفها لساکن فی کلمه أخری نحو : یا هند اغزی القوم وارمی القوم.

وأمّا الذی لامه ألف فلا تحذف ولکن تحرّک بالضّمّه مع ضمیر جمع المذکّر ، وبالکسره مع ضمیر المخاطبه فتقول مع ضمیر جمع المذکّر : یا قوم اخشونّ الله کما تقول : یا قوم اخشوا الرجال ، قال الله تعالی : (ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَیْنَ الْیَقِینِ)(3) فحرّک الواو بالضّمّ ، وتقول مع ضمیر المخاطبه : یا هند اخشینّ الله کما تقول : اخشی القوم ، قال الله تعالی : (فَإِمَّا تَرَیِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً)(4) فحرّک الیاء بالکسر ، لأنّ نون

ص: 129

1- کذا فی الأصل ، وهو صواب ، لأن نون التوکید قد دخلت علیهما بعد. ونحوه فی شرح الوافیه ، 425.

2- أی بعد دخول نون التوکید.

3- من الآیه 7 من سوره التکاثر.

4- من الآیه 26 من سوره مریم.

الإعراب لمّا حذفت التقی ساکنان حرف العلّه ونون التأکید فضمّت الواو وکسرت الیاء کما یفعل بهما إذا اتصلا بساکن من کلمه أخری ، وإنّما حرّک ما أصله الألف ولم یحذف کما حذفت الواو والیاء فی : یا قوم اغزنّ ویا هند اغزنّ لوجود الضمّه والکسره فی اغزنّ واغزنّ الدالّتین علی الواو والیاء والمحذوفتین بخلاف ما أصله الألف ، لانفتاح ما قبله فلو حذف (1) لم یبق علی حذفه دلیل.

ذکر أحکام نون التأکید مع الضمائر المستتره

وهی ضمیر المفرد المذکّر مخاطبا کان أو غائبا وضمیر المؤنث الغائبه ، وحکم نونی التأکید مع هذه الضمائر المستتره کحکمها مع الکلمه المتصله ، والمراد بالکلمه المتصله الفعل المتصل به ضمیر المثنّی نحو : قاما وغزوا ، ویجب فی الضمائر المذکوره أن یفتح ما قبل نون التأکید طلبا للخفّه نحو : زید لیقومنّ وأنت لتقومنّ ، وهند لتقومنّ ، والفعل المعتلّ اللّام کذلک تقول : هل ترینّ یا رجل فتقلب الألف وتحرّکها لسکون نون التأکید کما تحرکها إذا لقیها ضمیر التثنیه نحو : ألم تریا وتقول : اغزونّ یا رجل ، فتحرک الواو بالفتح کما تحرکها لاتصال ضمیر التثنیه نحو : اغزوا وکذلک حکم الیاء ، تقول للمفرد المذکر : ارمینّ یا رجل فتحرک الیاء بالفتح کما تقول : ارمیا ، وإنّما حرّکت الواو والیاء هنا ولم یحذفا کما حذفا مع الضمائر البارزه ، لأنّ الواو / والیاء هنا لو حذفا وقع اللّبس ، ولو لم یحذفا مع الضمائر البارزه لوقع اللّبس أیضا ، ألا تری أنّک لو قلت فی جمع المذکّر : اغزونّ وحرّکت الواو بالفتح لالتبس بالمفرد المخاطب ، ولو حرّکتها بالکسر لحصل الاستثقال ، أو بالضمّ اجتمع الواو وضمها مع ضمّ ما قبلها وذلک مستثقل أیضا.

ذکر نون التأکید مع المثنّی مطلقا ، ومع جمع المؤنّث

وهو أن تثبت الألف فی المثنّی وتأتی بالنون المشدّده نحو : اضربانّ لئلا تشتبه بالواحد ، وتقول فی جمع المؤنّث : اضربنان بزیاده ألف بعد نون الجمع وقبل نونی

ص: 130

1- فی الأصل حذفت.

2- الکافیه ، 429.

3- الکافیه ، 429.

التوکید لئلا تجتمع ثلاث نونات (1) ویجب کسر نون التأکید المشدده مع المثنّی ، وجمع المؤنث السالم لوقوعها بعد الألف ، ولا تدخل نون التوکید الخفیفه المثنّی وجمع المؤنّث ، لأنّه یستلزم إما تحریک النون ، وإمّا حذفها لالتقاء الساکنین علی غیر حده وهما یتعذّران خلافا لیونس (2) فإنّه أجازه ، وجوّز التقاء الساکنین علی غیر حده (3) ، کما سیأتی بیانه فی باب التقاء الساکنین فی قسم المشترک إن شاء الله تعالی ، فلو أتیت بنون التأکید المخفّفه لم یکن الساکن الثانی مدغما ، فلم یکن علی حدّه فلم یجز.

ونون التأکید المخفّفه تحذف لأحد أمرین : وهما التقاء الساکنین والوقف.

أمّا حذفها لالتقاء الساکنین فنحو قول الشاعر : (4)

لا تهین الفقیر علّک أن تر

کع یوما والدّهر قد رفعه

أی لا تهینن ، والذی یدلّ علی أنّه کذلک أنه لو لاه لقیل : لا تهن ، لأنه یکون مجزوما وحینئذ کان ینکسر وزن البیت ، وربّما حذفت نون التأکید الخفیفه المذکوره فی الشعر وإن لم یکن بعدها ساکن علی توهم الساکن نحو قوله : (5)

اضرب عنک الهموم طارقها

ضربک بالسّیف قونس الفرس

ص: 131

1- الکتاب ، 3 / 523 ، والهمع ، 2 / 79 وشرح الأشمونی ، 3 / 224.

2- والکوفیین ، انظر شرح المفصل ، 9 / 38.

3- فی الکتاب ، 3 / 527 وأما یونس وناس من النحویین فیقولون : اضربان زیدا واضربنان زیدا ، فهذا لم تقله العرب ولیس له نظیر فی کلامها ، لا یقع بعد الألف ساکن إلا أن یدغم» وانظر هذا الرأی فی شرح الکافیه ، 2 / 405 وشرح التصریح ، 2 / 207 والهمع ، 2 / 79.

4- البیت للأضبط بن قریع. ورد منسوبا له فی أمالی القالی ، 1 / 107 بروایه ولا تعاد وشرح الشواهد ، 3 / 225 وشرح التصریح ، 2 / 208 وشرح شواهد المغنی ، 1 / 453 وورد من غیر نسبه فی الکامل ، 2 / 136 وأمالی ابن الشجری ، 1 / 358 والإنصاف ، 1 / 221 وشرح المفصل ، 9 / 43 - 44 وشرح الکافیه ، 2 / 406 وشرح الشافیه ، 2 / 232 ورصف المبانی ، 249. وشرح ابن عقیل علی الألفیه ، 3 / 318 وهمع الهوامع ، 1 / 134 - 2 / 79 وشرح الأشمونی ، 3 / 225.

5- البیت لطرفه بن العبد ولیس فی دیوانه ، وقد قال عنه ابن جنی فی المحتسب ، 2 / 367 بأنه مصنوع ، وورد البیت منسوبا لطرفه فی النوادر ، 13 وشرح الشواهد ، 3 / 226 وشرح شواهد المغنی ، 2 / 933. وورد من غیر نسبه فی الخصائص ، 1 / 126 والإنصاف ، 2 / 568 ومغنی اللبیب ، 2 / 642 وهمع الهوامع ، 2 / 79 وشرح الأشمونی ، علی الألفیه ، 3 / 226. القونس : هو العظم الناتیء بین أذنی الفرس.

أی اضربن فحذف نون التأکید الخفیفه ، وبقیت فتحه الباء دالّه علیها ، ولو لا ذاک لکانت الباء ساکنه لفعل الأمر.

وأمّا حذفها للوقف (1) فتحذف إذا لم یکن ما قبلها مفتوحا کما یحذف التنوین ، وإذا حذفت وجب ردّ ما کان قد حذف لأجلها ، فیرجع الفعل معربا علی حسبه ، فتقول فی هل تخرجنّ یا قوم : هل تخرجون بردّ الواو والنون ، وهذه النون نون الإعراب لأنّ نون التأکید حذفت للوقف ، وکذلک إذا وقفت علی هل تخرجنّ یا امرأه قلت : هل تخرجین کما قیل فی هل تخرجون (2) وأمّا نون التأکید التی یکون ما قبلها مفتوحا ، فتقلب ألفا عند الوقف تشبیها لها بالتنوین کقولک فی اضربن یا رجل : اضربا ، لتکون علامه التأکید باقیه بوجه مع کون الفتحه مناسبه للألف ومنه قوله تعالی : (کَلَّا لَئِنْ لَمْ یَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِیَهِ)(3) / وکذا قوله تعالی : (وَلَئِنْ لَمْ یَفْعَلْ ما آمُرُهُ لَیُسْجَنَنَّ وَلَیَکُوناً)(4) فإذا وقفت وجب أن تقف بالألف فتقول : لنسعفا ولیکونا ، وإذا لقیت ساکنا بعدها حذفتها کقولک فی اضربن الرجل : اضرب الرجل وتبقی الفتحه التی کانت قبل نون التأکید لتدلّ علیها ، ولم یحرّکوها کما حرّکوا تنوین الأسماء فرقا بین ما یدخل الاسم وبین ما یدخل الفعل ، لیکون لما یدخل الأسماء علی ما یدخل الأفعال مزیه (5) وقد وضعنا جدولا لجمیع أمثله نون التأکید وهذه صورته :

ص: 132

1- الکافیه ، 429.

2- شرح الوافیه ، 427 ، وانظر شرح التصریح ، 2 / 208 والهمع ، 2 / 79.

3- من الآیه 15 من سوره العلق.

4- من الآیه 32 من سوره یوسف.

5- هنا انتهی کتاب شرح الوافیه لابن الحاجب وانتهی نقل أبی الفداء منه.

الصوره

ص: 133

ذکر حرفی الخطاب

وهما الکاف والتاء اللاحقتان علامه للخطاب ، واحترز بقوله : علامه للخطاب عن کاف المذکّر والمؤنّث المخاطبین نحو : ضربتک وضربتک فإنّها اسم بدلیل دخول الجار علیها نحو : مررت بک وبک وعجبت منک ومنک ، فأما التی تأتی لمجرّد الخطاب علامه له فتلک حرف. وتلحق أواخر الضمائر نحو : إیّاک ، وإنّما لحقت أخر هذا الضمیر لبیان المخاطبین ، وتلحق اسم الإشاره نحو : ذاک ، وذلک وأولئک وهناک (2) وتلحق أیضا اسم الفعل نحو : هاک ورویدک (3) وأمّا تاء الخطاب / فهی التاء فی نحو : أنت وأنت وهی حرف بخلاف التاء فی نحو : قمت وقمت ، فإنّها اسم لأنها فاعل ، وأما کونها حرفا فی نحو : أنت فلاتصالها بالمضمر الذی هو أن فی قولک : أنت قائم ، وحرفا الخطاب تلحقهما التثنیه والجمع والتذکیر والتأنیث کما تلحق الضمائر کقولک : ذلکم وذلکنّ (4) قال الله تعالی : (ذلِکُمُ اللهُ رَبُّکُمْ خالِقُ کُلِّ شَیْءٍ)(5) وقال تعالی : (قالَتْ فَذلِکُنَّ الَّذِی لُمْتُنَّنِی فِیهِ)(6) وکذلک أنتما وأنتم وأنتنّ ، وإنما لحقهما علامه التثنیه والجمع والتذکیر والتأنیث ، لاختلاف أحوال المخاطبین تثنیه وجمعا وتذکیرا وتأنیثا ولا موضع لهذین الحرفین من الإعراب لأنهما لیسا بضمیرین.

ونظیر کاف الخطاب (7) الهاء فی إیاه ، والیاء فی إیای فإنهما حرفان مجرّدان عن الاسمیه للخطاب ، وإیا ، هو الضمیر (8) وهذه اللواحق لا موضع لها من

ص: 134

1- قال الزمخشری فی المفصل ، 311 : وهما الکاف والتاء اللاحقتان علامه للخطاب فی نحو : ذاک وذلک وأولئک وهناک .. ورویدک .. وإیاک وفی أنت وأنت ...

2- انظر الکتاب ، 4 / 218.

3- الکتاب ، 1 / 244.

4- المفصل ، 311 ، وانظر الهمع ، 2 / 76.

5- من الآیه 62 من سوره غافر.

6- من الآیه 32 من سوره یوسف.

7- المفصل ، 311.

8- فی الأصل : هو الضم.

الإعراب ، وکذلک إیاهما وإیاهم وإیانا کلّها حروف منزله منزله حرفی الخطاب (1).

ذکر حرف التعلیل

وهو کی ، یقول القائل : قصدت فلانا ، فتقول له : کیمه ، فیقول : کی یحسن إلیّ ، وکیمه مثل : فیمه وعمّه ولمه ، دخل حرف الجرّ علی ما الاستفهامیه محذوفا ألفها ولحقت بها هاء السکت ، واختلف فی إعراب ما الاستفهامیه حینئذ فهی عند البصریین مجروره ، وعند الکوفیین منصوبه بفعل مضمر تقدیره کی تفعل ما ذا (3).

ذکر هاء السکت

وهی التی فی نحو قوله تعالی : (ما أَغْنی عَنِّی مالِیَهْ هَلَکَ عَنِّی سُلْطانِیَهْ)(5) وإنما سمیت هاء السکت لأنها یسکت علیها ، وهی مختصه بالوقف ، لأنها اجتلبت لبیان الحرکه الموجوده فی الوصل ، والحرکه موجوده فی الوصل ، ولما کان الوقف یذهب الحرکه ، جعل السکت علی الهاء وثبتت الحرکه قبلها ، وهی تلحق کلّ متحرک لیست حرکته إعرابیه ولا مشبهه به (6) فلحقت المبنیّات ، وکانت حرکه البناء أحقّ بها من حرکه الإعراب ، لأنّ حرکه الإعراب تنتقل وتتغیر وحرکه البناء لا تتغیّر وکذلک وقف بهذه الهاء علی نحو : لیته وکیفه وثمّه وثمّ مه أی وثمّ ما ذا ، وإنّه بمعنی نعم ، وحیّهله أی أسرع ، وتلحق أیضا لبیان الألف وذلک نحو : وا زیداه وا ربّاه واعجباه ویا مرحباه ، قال السخاوی فی شرح المفصل : ولا یری النحاه إدخالها فی الوصل ، لأنّه إذا وصل أمکن تحریک الحرف وظهرت الألف أیضا فلم یکن إلیها حاجه ، فعند هؤلاء لا یجوز الوصل بالهاء وإن لم یؤدّ إلی تحریک الهاء ، ویقول هؤلاء فی قوله تعالی :

ص: 135

1- الانصاف ، 2 / 695 وشرح الکافیه ، 2 / 32 والهمع ، 1 / 77 وفی اللسان «أیا» مبحث مفصل عن حرف الخطاب.

2- المفصل 324 ، والتشابه لفظی.

3- المسأله خلافیه انظرها فی الإنصاف ، 2 / 570 ، وإیضاح المفصل ، 2 / 265 وشرح المفصل ، 8 / 49.

4- المفصل ، 332.

5- الآیتان 28 - 29 من سوره الحاقه.

6- شرح المفصل ، 9 / 45 وشرح الکافیه ، 2 / 408 والهمع ، 2 / 210.

(کتابیه وحسابیه) (1) ونحو ذلک : أنه یجب أن یتعمّد الوقف علیه لئلّا یخالف الخطّ ثم قال : وأقول : إنّ هذه الهاء فی بعض المواضع قد وقع الإجماع علی إثباتها فی الوصل وفی بعض المواضع قد أثبتها أکثر القرّاء ، انتهی کلام السخاوی. وقد منع وصاحب المفصّل / من تحریکها فی الوصل وأنکر ذلک (2) والتحریک إنما یجیء فی التی تأتی لبیان الألف وقد جاء ذلک فی الشعر فی قوله : (3)

یا مرحباه بحمار عفراء

إذا أتی أدنیته لما شاء

من الحشیش والشعیر والماء

وقال : (4)

لا (5) مرحباه بحمار

ناجیه

إذا أتی أدنیته للسّانیه

والبصریون یحملون مثل هذا علی تشبیه هاء السکت بهاء الضمیر (6) وقیل : إنه لما جعل الهاء آخر المنادی ضمّها ، وأجاز الکوفیون : یا مرحباه ویا عجباه بالکسر لالتقاء الساکنین (7).

ذکر حرف الإنکار

وهو زیاده تلحق الآخر فی الاستفهام ، وله معنیان : أحدهما : إنکار أن یکون

ص: 136

1- من الآیتین 19 - 20 من سوره الحاقه.

2- قال فی المفصل ، 332 «وتحریکها لحن».

3- الرجز لعروه بن حزام العذری ، نسب له فی شرح المفصل ، 9 / 46 وتهذیب إصلاح المنطق للتبریزی 144 ، وروی من غیر نسبه فی المنصف ، 3 / 142 وشرح الکافیه ، 2 / 409.

4- لم یسم أحد قائله وقد ورد فی الخصائص ، 2 / 358 والمنصف ، 3 / 142 وشرح المفصل ، 9 / 46 - 47 والممتع ، 1 / 401 وشرح الکافیه ، 1 / 158 - 2 / 138 - 409 ورصف المبانی ، 400 وهمع الهوامع ، 2 / 157 وخزانه الأدب ، 2 / 387 وتاج العروس ، للزبیدی ، ماده سنا. حمار ناجیه : اسم صاحب الحمار ، السانیه : الدلو العظیمه.

5- کذا فی الأصل.

6- فی شرح المفصل ، 9 / 47 وقد رویت بضم الهاء وکسرها ، والکسر لالتقاء الساکنین ، والضم علی التشبیه بهاء الضمیر فی نحو : عصاه ورحاه» وانظر شرح الکافیه ، 2 / 409.

7- شرح المفصل ، 9 / 47.

8- المفصل ، 334 والنقل منه ، وفی إیضاح المفصل ، 2 / 286 هذه الزیاده لهذا المعنی إنما وقعت فی غیر الکلام الفصیح» وانظر شرح الکافیه ، 2 / 409.

الأمر علی ما ذکر المخاطب والثانی : إنکار أن یکون علی خلاف ما ذکر کقولک : أزید نیه لمن قال : قدم زید ، منکرا لقدومه أو لخلاف قدومه.

ذکر شین الوقف وسینه

وکلّ منهما تلحق بکاف المونّث فی الوقف نحو قولک : أکرمتکش وأکرمتکس ، ومررت بکش ومررت بکس ، ویسمّی الوقوف علی الشین المعجمه الکشکشه وهی فی تمیم (2) والوقوف علی السین المهمله الکسکسه ، وهی فی بکر (3) والغرض بالکشکشه والکسکسه بیان کسره الکاف تأکیدا لبیان التأنیث.

ذکر حرف التذکّر

وهو حرف یشغل المتکلّم لسانه به إلی أن یتذکر ، لأنّه لا یرید أن یقطع الکلام فهو یشعر السامع بأنه یتذکّر نحو إذا أراد أن یقول : قال زید فذهب عنه زید ، فیقول : قالا ، فیأتی بألف یشتغل بها إلی أن یتذکّر زیدا ، وکذلک إذا أراد أن یقول ؛ زید یقول لعمرو ، فذهب عنه لعمرو فیقول : زید یقولو ، فیشتغل بالواو ، وکذلک إذا أراد أن یقول : خرجت من العام الذی جاء فیه زید ، فذهب عنه ما بعد العام فیقول : خرجت من العامی ، فیشتغل بالیاء إلی أن یتذکّر (5) ، وهذه الزیاده تابعه لما قبلها ، إن کان متحرکا بمنزله زیاده الإنکار ، فتکون ألفا إن کان قبلها فتح ، وواوا إن کان قبلها ضم ، ویاء إن کان قبلها کسر ، فإن عرض التذکر عند ساکن فتکون کسره ، فتقول فی : زید قد ضرب قدی حسبما تقدم ، وکذلک حکم التنوین لأنّ التنوین لا یتحرک إلا فی ثلاثه مواضع کلها لالتقاء الساکنین نحو : سیفنی فی سیف قاطع ، وزید العاقل ، وأزیدنیه فی

ص: 137

1- المفصل ، 333.

2- فی الکتاب ، 4 / 199 - 200 «فأمّا ناس کثیر من تمیم ، وناس من أسد».

3- فی الکتاب ، 4 / 200 «واعلم أن ناسا من العرب یلحقون الکاف السین» وقال ابن الحاجب فی إیضاح المفصل ، 2 / 285 عن اللغتین «هذه لغات ضعیفه ولا معول علیها ولم تأت فی کلام فصیح». وانظر شرح الکافیه ، 2 / 411.

4- المفصل ، 335 وانظر الکتاب ، 3 / 325 - 4 / 147 - 216.

5- فی إیضاح المفصل ، 2 / 289 «لم یقع - أی حرف التذکر - فی کلام من یؤبه له».

الإنکار (1) ، قال السخاوی : والتنوین یتحرک أیضا فی موضع رابع : وهو أن تلقی علیه حرکه الهمزه نحو : زید أبوک.

ذکر اللّامات

قد أکثر النحاه فی ذکر اللّامات حتّی صنّف بعضهم فیها کتابا (3) وقد أثبتنا من أوصافها ما اخترنا إثباته ، فنقول : إنّ اللّام تجیء فی الاستعمال علی عدّه وجوه :

أحدها : لام الجرّ ویقال لها : لام الإضافه (4) وهی وإن کان تقدّم ذکرها فی حروف الجرّ لکن إعادتها هنا لا یخلو من زیاده فائده ، ولام الإضافه ضروب منها : / لام الملک کالمال لزید ، ولام الاستحقاق کالحمد لله والفضل والمنه له ؛ لأنّ هذه الأحوال لیست مما تتملّک وإنما تستحقّ (5) واللّام التی بمعنی إلی کقوله تعالی : (قُلِ اللهُ یَهْدِی لِلْحَقِ)(6) ، (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ)(7) واللّام التی بمعنی علی کسقط (8) لوجهه وکقوله تعالی : (یَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً)(9) واللام التی بمعنی مع کقول متمّم (10) :

ص: 138

1- الکتاب ، 4 / 216 وشرح المفصل ، 9 / 52 وشرح الکافیه ، 2 / 411.

2- المفصل ، 326.

3- فی الجنی الدانی 86 «وقد جمعت لها من کلام النحویین ثلاثین قسما» وفی کشف الظنون لحاجی خلیفه ، 2 / 1452 - 1535 ، أسماء عدد من النحویین واللغویین الذین ألفوا فی هذا الجانب.

4- الکتاب ، 4 / 217 ، وأمالی ابن الشجری ، 2 / 271 والجنی الدانی 103.

5- شرح المفصل ، 8 / 25 وتسهیل الفوائد 145 ورصف المبانی 218 والمغنی ، 1 / 208.

6- من الآیه 35 من سوره یونس.

7- من الآیه 28 من سوره الأنعام.

8- فی الأصل لسقط ،

9- من الآیه 107 من سوره الإسراء.

10- هو متمم بن نویره بن جمره یکنی أبا نهشل ، رثی أخاه مالک بن نویره بعد أن قتله خالد بن الولید فی حروف الرده. انظر أخباره فی طبقات فحول الشعراء ، 1 / 203 والشعر والشعراء ، 1 / 254 وقد ورد البیت منسوبا له فی المفضلیات ، 267 وأمالی ابن الشجری ، 2 / 271 وشرح شواهد المغنی ، 2 / 565 ، وورد من غیر نسبه فی رصف المبانی ، 223 ومغنی اللبیب ، 1 / 213 وشرح التصریح 2 / 48 وهمع الهوامع ، 2 / 32 وشرح الأشمونی ، 2 / 218.

فلمّا تفرّقنا کأنی ومالکا

لطول اجتماع لم نبت لیله معا

واللّام التی بمعنی بعد کقوله تعالی : (أَقِمِ الصَّلاهَ لِدُلُوکِ الشَّمْسِ)(1) أی بعد دلوکها وک «صوموا لرؤیته» (2) أی بعد رؤیته ، واللّام التی بمعنی من کسمعت لزید صیاحا أی منه ، واللّام التی بمعنی فی کقوله تعالی : (وَنَضَعُ الْمَوازِینَ الْقِسْطَ لِیَوْمِ الْقِیامَهِ)(3) أی فیه ، واللّام التی للتعلیل (4) بمعنی من أجل کقولک : جئتک للسمن واللبن ، وکقوله تعالی : (وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَیْرِ لَشَدِیدٌ)(5) أی من أجل حبّ الخیر ، ولام التعدیه ، کنصحت له ، ولام التعجب کلله درّه أی لله ما یجیء منه بمنزله درّ الناقه ، وکقول الأعشی (6) :

شباب وشیب وافتقار وثروه

فلله هذا الدّهر کیف تردّدا

ولام التبیین وهی التی تکون بعد المصادر المنصوبه کبعدا له وسقیا له ورعیا له ، وویلا له ، فإنه لو لاها لم یعلم المدعو له من المدعوّ علیه ، فإن قلت : ویل لزید ، کانت لام الاستحاق ک (وَیْلٌ لِلْمُطَفِّفِینَ)(7) واللّام الداخله بین المضاف والمضاف إلیه لتوکید الإضافه مثل : یا ویح لزید ، ولام الاستغاثه ولام کی ، ولام الجحود وقد تقدمت ، واللّام التی بمعنی «أن» (8) وتشبه لام کی کقوله تعالی : (وَما أُمِرُوا إِلَّا لِیَعْبُدُوا اللهَ)(9) ولا تکون هذه اللام إلّا بعد «أمرت أو أردت» ، ولام العاقبه

ص: 139

1- من الآیه 78 من سوره الإسراء.

2- سنن النسائی ، 4 / 133 ومسند الإمام أحمد بن حنبل ، 4 / 97 ، ومختصر شرح الجامع الصغیر ، للمناوی ، 76.

3- من الآیه 47 من سوره الأنبیاء.

4- وهی فی کلام العرب کثیره ، الرصف 223 وانظر الهمع ، 2 / 32.

5- من الآیه 8 من سوره العادیات.

6- دیوانه 185 ، ورد منسوبا له فی الأمالی الشجریه ، 1 / 268 والجنی 98 ، وشرح شواهد المغنی ، 2 / 575 ومن غیر نسبه فی المغنی ، 11 / 215 وشرح الأشمونی ، 2 / 217.

7- من الآیه 1 من سوره المطففین.

8- فی الجنی ، 122 «ذهب إلی ذلک الفراء ، ونقله ابن عطیه عن الکوفیین».

9- من الآیه 5 من سوره البینه.

ویسمّیها الکوفیون لام الصیروره (1) وهی تشبه لام کی أیضا کقول سابق البربری : (2)

أموالنا لذوی المیراث نجمعها

ودورنا لخراب الدّهر نبنیها

وکقول الآخر : (3)

هم سمّنوا کلبا لیأکل بعضهم

ولو أخذوا بالحزم ما سمّنوا الکلبا

کأنه فعل لیکون عاقبه الفعل هذا (4).

ثانیها : لام التعریف : (5) وإنما لم تعمل مع أنّها مختصّه بالأسماء ، لأنّها تصیر مع ما دخلت علیه کبعض أجزائه ، وهی ضروب منها : لام تعریف الجنس ، ولام العهد وتفترقان ، أنک ترید بالتی للجنس استغراق الجنس ، وبالتی للعهد شیئا واحدا معهودا لک ولمن تخاطبه وقد تقدّم ذکرهما (6) واللام التی تکون عوضا من یاءی النسب کالیهود والمجوس فدخول اللّام علیهما إنما هو عوض عن یاء النسبه (7) لأنّ الأصل یهودیّون ومجوسیّون ، واللام التی بمعنی الذی وقد تقدم ذکرها (8) واللّام الزائده کقول الشاعر (9) :

ص: 140

1- الجنی ، 121.

2- هو سابق بن عبد الله البربری یکنی أبا سعید شاعر من الزهاد وله کلام فی الحکمه والرقائق ، وهو من موالی بنی أمیه ، سکن الرقه وکان یفد علی عمر بن عبد العزیز روی عن عاصم وروی عنه الإمام الأوزاعی ، وقد ورد البیت منسوبا له فی تهذیب تاریخ ابن عساکر ، 6 / 38 وبعده : والنفس تکلف بالدنیا وقد علمت أنّ السلامه منها ترک ما فیها انظر أخباره فی البیان والتبیین ، 1 / 177 وتهذیب تاریخ ابن عساکر ، 6 / 38 والأعلام ، 3 / 111.

3- لم اهتد إلی قائله.

4- فی الأصل بهذا.

5- الکتاب ، 3 / 325

6- فی الکناش ، 1 / 293.

7- الکتاب ، 3 / 254 - 255 ومعانی الحروف للرمانی ، 66

8- فی الکناش ، 1 / 266.

9- نسب ابن منظور هذا البیت فی لسان العرب ، أبل ، لعمرو بن عبد الحق وورد البیت من غیر نسبه فی المنصف ، 3 / 134 ومعانی الحروف ، 69 وأمالی ابن الشجری ، 1 / 154 - 2 / 41 والإنصاف ، 1 / 318 وانظر لسان العرب المواد لوی وقنن وعزز ونسر. والعندم : دم الأخوین.

أما ودماء لا تزال کأنّها

علی قنّه العزّی وبالنّسر عند ما

فالألف واللام / فی قوله : وبالنّسر زائدتان لأن نسرا مثل زید وعمرو ، قال الله تعالی : (وَلا یَغُوثَ وَیَعُوقَ وَنَسْراً)(1) فاللام زائده لأنّ نسرا مثل زید ، وأما اللام فی مثل : الحارث والحسین والحسن ، فقال الخلیل : (2) دخلت لتجعل الاسم لشیء بعینه ، لأنّ الأصل أن یقال : رجل حارث والمعرّف عند الخلیل الألف واللّام (3) مثل قد وهل ، وقال : وأصل همزتها القطع وإنما وصلت لکثره الاستعمال ویدلّ علی ذلک ثبوتها مع حرف الاستفهام (4) وفی قولهم : یا ألله ، وقال سیبویه : اللّام وحدها حرف التعریف وإنما جیء بالهمزه لیتوصل بها إلی النطق بالساکن کما زیدت فی ابن (5) ، وقد مال أبو العلاء المعری (6) إلی قول الخلیل فی قوله (7) :

وخلّین مقرونین لمّا تعاونا

أزالا قصیّا فی المحلّ بعیدا

وینفیهما إن أحدث الدّهر دوله

کما جعلاه فی الدیار طریدا

وسمّی التنوین قصیا لأنه یکون فی آخر الاسم ، والألف واللّام فی أوله أی أنهما یطردان التنوین فإذا زال التعریف عاد التنوین ونفاهما.

ثالثها : لام جواب القسم : ک : والله لأفعلنّ ، والله لزید قائم ، وو الله لزید أفضل من عمرو وقد تقدّم ذکرها (8).

رابعها : اللام الموطئه للقسم : وهی ما تدخل علی الشرط بعد تقدّم القسم

ص: 141

1- من الآیه 23 من سوره نوح.

2- الکتاب ، 2 / 101.

3- الکتاب ، 3 / 325 وانظر المقتضب 1 / 221.

4- الکتاب ، 4 / 148 - 150.

5- الکتاب ، 3 / 117 - 354 - 4 / 145 - 147 والمقتضب ، 1 / 83 - 2 / 121 وشرح التصریح ، 1 / 148.

6- هو أحمد بن سلیمان التنوخی قرأ علی أبیه بالمعرّه وعلی محمد بن عبد الله سعید النحوی بحلب کان عزیز العلم وافر الأدب ، روی عنه الخطیب التبریزی ، صنف تصانیف کثیره وترک أشعارا جمّه من تصانیفه سقط الزند ، ولزوم ما لا یلزم توفی سنه 449 ه بالمعرّه. انظر ترجمته وأخباره فی نزهه الألباء ، 353 وإنباه الرواه ، 1 / 46 ووفیات الأعیان ، 1 / 113.

7- لم أعثر علی البیتین فی کتب أبی العلاء وقد وردا فی الأشباه والنظائر ، 3 / 126 من غیر نسبه.

8- فی 2 / 82.

علیه ، إیذانا من أول الأمر بأنّ الجواب له لا للشّرط کقولک : والله لئن أکرمتنی لأکرمنّک ، فاللّام فی لأکرمنک هی جواب القسم ، وفی لئن هی الموطئه ، وهی زائده ومؤکده ومشعره باستقبال الیمین ویجوز إسقاطها لأنها زائده (1).

خامسها : لام جواب لو ولو لا (2) : کقوله تعالی : (لَوْ کانَ فِیهِما آلِهَهٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا)(3) وکقوله (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَیْکُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّیْطانَ)(4) ودخولها لتأکید ارتباط إحدی الجملتین بالأخری ، ویجوز حذفها کقوله تعالی : (لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً)(5) ویجوز حذف الجواب أصلا کقولک : لو کان لی مال ، وتسکت ، أی : لأنفقت وفعلت (6).

سادسها : لام الأمر (7) نحو : لیفعل زید ، وهی مکسوره ویجوز تسکینها عند واو العطف وفائه کقوله تعالی : (فَلْیَسْتَجِیبُوا لِی وَلْیُؤْمِنُوا بِی)(8) وهی تدخل علی المأمور الغائب ، لأنک إذا خاطبت المأمور استغنیت عن اللّام بقولک : اذهب وقم ، وقد تدخل علی المخاطب کما قریء (9) فبذلک فلتفرحوا (10) وقد جاء حذفها فی ضروره الشعر نحو (11) :

ص: 142

1- شرح المفصل ، 9 / 22.

2- المفصل ، 327 والنقل منه.

3- من الآیه 22 من سوره الأنبیاء.

4- من الآیه 83 من سوره النساء.

5- من الآیه 70 من سوره الواقعه.

6- فعلت فی الأصل مکرر ، وفی المفصل 327 غیر مکرره.

7- المفصل ، 327.

8- من الآیه 186 من سوره البقره.

9- سبق تخریج القراءه فی 2 / 30.

10- من الآیه 58 من سوره یونس.

11- نسبه ابن هشام فی الشذور 211 لأبی طالب ، ونسبه الرضی فی شرح الکافیه ، 2 / 268 إلی حسان ، وفی حاشیه الإنصاف ، 2 / 530 قال الشیخ محمد محیی الدین - رحمه الله - «وهو غیر موجود فی دیوانه» ومن قبل نصّ الأستاذ عبد السّلام هارون - رحمه الله - فی حاشیه الکتاب ، 3 / 8 علی أنه قد نسب إلی أبی طالب وحسان والأعشی ولیس فی دیوان واحد منهم» وانظر الخزانه «بولاق» 3 / 649 - 666. وورد البیت من غیر نسبه فی الکتاب ، 3 / 8 والمقتضب ، 132 وأسرار العربیه ، 321 وشرح المفصل ، 7 / 35 - 60 - 62 والمغنی ، 1 / 224 وشرح الشواهد ، 4 / 5 وشرح التصریح ، 2 / 194 والهمع ، 2 / 55 وشرح الأشمونی ، 4 / 5. والتبال : سوء العاقبه والهلاک.

محمّد تفد نفسک کلّ نفس

إذا ما خفت من أمر تبالا

أی لتفد نفسک ، وقد منع بعضهم (1) من ذلک ولم یجوزه فی ضروره الشعر أیضا.

سابعها : لام الابتداء : (2) وهی مفتوحه کقولک : (3) لزید منطلق ، وتدخل علی الاسم والفعل المضارع کقوله تعالی : (لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَهً)(4) ، (وَإِنَّ رَبَّکَ لَیَحْکُمُ بَیْنَهُمْ)(5) وتدخل علی المقسم به کقولک : لعمرک لأقومنّ ، والخبر محذوف أی لعمرک قسمی ، وهذه اللّام تعلّق الفعل عن العمل وتؤکد مضمون الجمله ولیست بلام القسم ، وإن شابهتها لأنّک إذا قلت : لزید قائم فإنما قصدت تحقیق خبرک من غیر یمین ، فأما إذا صحبتها إحدی النونین فهی لام القسم ، ذکر القسم قبلها أو لم یذکر کقولک : لأقومنّ ولتخرجنّ یا زید (6).

ثامنها : اللام الفارقه : (7) وتسمّی أیضا لام الفصل ، ویسمیها الکوفیون لام إلّا (8) کقوله تعالی : (وَإِنْ کُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِینَ)(9) ونحو : (إِنْ کُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَیْها حافِظٌ)(10) وإن هذه هی المخففه من الثقیله وسمیت الفارقه لأنها تفرق بین «إن» التی بمعنی «ما» نحو قوله تعالی : (إِنْ عِنْدَکُمْ مِنْ سُلْطانٍ بِهذا)(11) وبین «إن»

ص: 143

1- ومنهم المبرد إذ نصّ فی المقتضب ، 2 / 132 - 133 علی أن هذا البیت لیس بمعروف ونقل ابن هشام فی المغنی ، 1 / 225 ما ذکره المبرد ثم قال : وهذا الذی منعه المبرد فی الشعر ، أجازه الکسائی فی الکلام بشرط تقدم «قل».

2- المفصل ، 328.

3- فی الأصل لقولک وفی المفصل : هی اللام المفتوحه فی قولک : لزید منطلق.

4- من الآیه 13 من سوره الحشر.

5- من الآیه 124 من سوره النحل.

6- انظر الإنصاف ، 1 / 399 وشرح المفصل 9 / 25 ورصف المبانی 240 والمغنی ، 1 / 228.

7- المفصل ، 328.

8- المغنی ، 1 / 232.

9- من الآیه 3 من سوره یوسف.

10- من الآیه 4 من سوره الطارق.

11- من الآیه 68 من سوره یونس.

المخففه من الثقیله ، لأنک لو لم تأت باللّام الفارقه وقلت : إن زید ذاهب ، وأردت المخففه من الثقیله لم یکن بینها وبین قولک : إن زید ذاهب وأنت ترید : ما زید ذاهب فرق ، فإذا قلت : إن زید لذاهب تعینت أنها المخففه ولم یحتمل أن تکون التی بمعنی «ما».

ذکر الواو

وهی ضروب : فمنها : واو العطف ، والاعتذار فی إعاده ذکرها کما تقدّم فی الّلام ، وواو العطف ضروب ، الواو التی للجمع کما تقدم فی حروف العطف ، والواو التی بمعنی مع ولا تنصب (1) نحو : مزجت عسلا وماء ویحسن موضعها الباء ، والواو التی بمعنی مع وتنصب وقد تقدّم ذکرها (2).

والواو الزائده عند الکوفیین (3) وقد قوّی ذلک ابن مالک (4) نحو قوله تعالی : (حَتَّی إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها)(5) وکقول الشّاعر : (6)

فلمّا رأی الرحمن أن لیس منهم

رشید ولا ناه أخاه عن الغدر

وصبّ علیهم تغلب ابنه وائل

فکانوا علیهم مثل راغبه البکر (7)

قوله : وصبّ الواو زائده ، والواو المحذوفه کقوله صلی الله علیه وسلم (8) «تصدّق رجل من

ص: 144

1- فی الأصل ولا ینصب.

2- فی 2 / 17.

3- الإنصاف ، 2 / 456 وشرح المفصل ، 8 / 93 ورصف المبانی ، 425 والهمع ، 2 / 130.

4- قال فی التسهیل ، 175 : وقد یحکم علی الفاء وعلی الواو بالزیاده وفاقا للأخفش».

5- من الآیه 73 من سوره الزمر. قال ابن الأنباری فی البیان ، 2 / 327 جواب إذا فیه ثلاثه أوجه الأول : أن یکون محذوفا وتقدیره إذا جاؤوها فازوا ونعموا والثانی : أن یکون الجواب قوله تعالی : وفتحت أبوابها والواو زائده وتقدیره حتی إذا جاؤوها فتحت أبوابها والثالث : أن یکون الجواب وقال لهم خزنتها والواو زائده وتقدیره حتی إذا جاؤوها قال لهم خزنتها.

6- البیتان للأخطل ، وقد وردا فی دیوانه 430 بروایه : أمال مکان وصبّ ، والشاهد هو قوله : وصبّ فقد عدّ الکوفیون ومعهم ابن مالک أنّ الواو زائده فی حین یری البصریون أنها عاطفه والجواب محذوف.

7- فی الأصل راعیه.

8- انظره فی سنن النسائی ، 5 / 76 ومختصر شرح الجامع الصغیر ، 2 / 72 والهمع ، 2 / 140 وشرح الأشمونی ، 3 / 117.

دیناره من درهمه من صاع تمره» (1) ومنه سماع أبی زید من العرب : أکلت خبزا لحما تمرا (2) ومنه قول الشّاعر : (3)

کیف أصبحت کیف أمسیت

مما یغرس الودّ فی فؤاد الکریم

فإنّ واو العطف مقدره فی ذلک کله.

والواو التی بمعنی أو کقوله تعالی : (فَانْکِحُوا ما طابَ لَکُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنی وَثُلاثَ وَرُباعَ)(4) أی مثنی أو ثلاث أو رباع (5).

ومنها : واو الابتداء وهی المنقطعه عن العطف لأنّ ما بعدها مبدوء به مستقلّ بنفسه لا تعلّق له بما قبله نحو : (وَاللهُ عَزِیزٌ حَکِیمٌ)(6) ویقال لها أیضا واو الاستئناف (7).

ومنها : واو الحال کقولک : مررت بزید وعمرو جالس وقد تقدّم ذکرها فی الحال.

ومنها : الواو التی بمعنی ربّ ، وهی تجرّ بنفسها عند الأخفش (8) وقیل / تجرّ بإضمار ربّ بعدها.

ومنها واو القسم حسبما تقدّم ذکرها (9) ومنها الواو التی ینصب بعدها الفعل

ص: 145

1- فی الأصل بتمره.

2- فی الخصائص ، 1 / 290 : حکایه من أبی عثمان المازنی عن أبی زید ونصه : أکلت لحما سمکا تمرا ، وانظره فی المغنی ، 2 / 635 والهمع ، 2 / 140 وشرح الأشمونی ، 3 / 117.

3- لم یعرف قائله ، ورد فی الخصائص ، 1 / 290 - 2 / 280 ورصف المبانی ، 414 والهمع ، 2 / 140 وشرح الأشمونی ، 3 / 116.

4- من الآیه 3 من سوره النساء.

5- قال المزنی فی الحروف 14 بعد تقریره مجیء الواو بمعنی أو وسوقه للآیه ما نصه «لأنه لو لا ذلک لحل تسع» وأنکرها المالقی ، 426 بقوله : والصحیح أن الواو للعطف وابن هشام فی المغنی ، 2 / 358 إذ قال : «والصواب أنها فی ذلک علی معناها الأصلی إذ الأنواع مجتمعه فی الدخول تحت الجنس» وانظر أقوالا أخری حولها فی البحر المحیط ، 3 / 163.

6- من الآیه 228 من سوره البقره.

7- فی الجنی ، 163 وإنما سمیت واو الاستئناف لئلا یتوهم أن ما بعدها من المفردات معطوف علی ما قبلها.

8- والکوفیین والمبرد ، الإنصاف ، 1 / 376 ورصف المبانی ، 417 والخبی ، 154 والمغنی ، 1 / 361.

9- فی 2 / 79.

المضارع بإضمار أن وقد تقدّم ذکرها (1) أیضا.

ومنها : واو الإضراب کقول بعضهم مخاطبا لعمر بن الخطاب رضی الله عنه : لا وأصلح الله الأمیر (2)(3).

واعلم أنّ من هذه الواوات ثنتین ینجرّ ما بعدهما وهما : واو ربّ وواو القسم ، وثنتین ینصب ما بعدهما وهما واو مع ، وواو الجمع الناصبه للفعل بإضمار أن ، وثنتین یرتفع ما بعدهما وهما : واو الحال وواو الابتداء.

ذکر الفاء

ولها مواضع :

منها ما تقدّم فی ربّ ، وکونها زائده.

ومنها : أن یعطف بها ، وتدلّ علی الترتیب والتعقیب مع اشتراک ما بعدها مع ما قبلها (4) کقولک : ضربت زیدا فعمرا.

ومنها : أن یکون ما قبلها عله لما بعدها وتجری علی العطف والتعقیب دون الإشتراک کقولک : ضربه فبکی وضربه فأوجعه ، إذا کان الضرب عله للبکاء والوجع (5).

ومنها : أن تکون للابتداء ویقال لها فاء الجواب (6) لمجیئها فی جواب الشّرط کقولک : إن تزرنی فأنت محسن ، وأما کونها للابتداء فلأنّ ما بعدها کلام مستأنف یعمل بعضه فی بعض ، لأنّ قولک أنت مبتدأ ومحسن خبره ، وقد صارت الجمله

ص: 146

1- فی 2 / 17.

2- هذه الواو هی المستعمله فی حال الوصل لرفع الوهم ، قال السیوطی فی شرح عقود الجمان ، 63 : لا وأیدک الله وصلت وإن کان بینهما کمال الانقطاع ، لأن الأولی خبر ، والثانیه إنشاء ، لئلا یتوهم أن لا داخله علی جمله وأیدک الله فتکون دعاء علیه». ولم أقف علی ذکر لها عند النحویین وانظر الإیضاح للقزوینی ، 93.

3- بعدها فی الأصل مشطوب علیه : ومنها الواو التی هی علامه الرفع فی الأسماء السته.

4- الکتاب ، 3 / 41 - 42 وشرح المفصل ، 8 / 95 ، والمغنی ، 1 / 161 ، والهمع ، 2 / 130.

5- رصف المبانی ، 377.

6- المغنی ، 1 / 163.

جوابا بالفاء وکذلک (1) حکمها إذا وقعت بعد الأمر ، والنهی ، والنفی ، والاستفهام ، والتمنی ، والعرض ، إلّا أنّک تنصب ما بعد الفاء فی هذه الأشیاء السته بإضمار أن حسبما تقدم (2).

واعلم أنّ فاء الجواب إنما تأتی فی غیر الموجب أی فی غیر الخبر الثابت کالشرط والجزاء والأمور السته المذکوره ، ولا تأتی هذه الفاء فی الموجب أصلا فإنک لو أدخلتها فی الموجب وقلت : تأتینی فأعطیک لم یجز لفوات معنی : إن تأتنی (3) أعطک ، وإذا قلت : إن تأتنی فأعطیک کان المعنی : إن تأتنی أعطک فیصحّ ، فلما کانت هذه الأشیاء کلها غیر موجبه وجاء الجواب عنها بالفاء علی إضمار إن ، حصل معنی الشرط والجزاء ، وذلک أنّ هذه الأمور تناسب الشرط من قبل أنها غیر موجبه کما أنّ الشرط غیر موجب (4).

ذکر حروف النفی

وهی ما ، ولا ، ولم ، ولما ، ولن ، وإن :

ف «ما» لنفی الحال ولنفی الماضی المقرّب من الحال أیضا فی قولک : ما فعل ، فکأنها نفی لقول القائل : قد فعل (6) ، وتدخل علی الأسماء والأفعال ، کقولک : ما زید قائما وقائم علی اللّغتین ، وما قام زید.

و «لا» لنفی المستقبل فی قولک : لا تفعل وهی نفی لقولک : ستفعل (7) ، وتدخل علی النکره ، فتنفیها نفیا عاما مستغرقا للجنس (8) فی قولک : لا رجل فی الدار ، وهو إخبار فی خلو الدار عن الجنس کله قلیله وکثیره ، وتکون لنفی لیس بعام

ص: 147

1- فی الأصل ولذلک.

2- فی 2 / 11.

3- فی الأصل : تأتینی.

4- شرح الکافیه للرضی ، 2 / 366.

5- المفصل ، 306.

6- الکتاب ، 4 / 221 ورصف المبانی ، 310 والمغنی ، 1 / 303 والأشمونی ، 2 / 247.

7- الکتاب ، 4 / 222 وشرح المفصل ، 8 / 108.

8- المفصل ، 306.

ولا مستغرق کقولک : لا رجل فی الدار ولا امرأه ولا زید فی الدار ولا عمرو ، فیجوز أن یکون فی الدار رجلان فصاعدا أو امرأتان فصاعدا وتکون نهیا (1) فی قولک : لا تقم ، ولا یقم زید بالجزم ولا یتصور النهی إلا فی المستقبل / والدعاء کالنهی نحو : لا قطع الله یده ولا رعاه ولا یغفر له بالجزم ، وقد تنفی الماضی نحو : (فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّی)(2).

ولم ولمّا لقلب معنی المضارع (3) إلی الماضی ، ونفیه فیصیر الفعل المستقبل منفیا فیما مضی إلّا أنّ بینهما فرقا ، وهو أنّ لم یفعل ، نفی فعل ، ولمّا یفعل ، نفی قد فعل (4) وأصل لمّا ، لم زیدت علیها ما ، فأفادت طول المعنی کما طالت الکلمه ، فلذلک دلّت علی نفی المتوقع ، فإذا قلت : ندم ولم ینفعه الندم ، أخبرت أن ندمه لم ینفعه لا غیر ، وإذا قلت : لمّا ینفعه الندم ، أخبرت أنه إلی الآن علی ذلک ، وتکون لمّا ظرفا منصوبا انتصاب الظروف (5) کقولک : لمّا قام قمت ، ولا بدّ فیها من فعلین ، أحدهما جواب الآخر ، فکأنک جعلت قیامک کالجزاء لقیامه لأنّک علّقت وقوعه بوقوعه ، والعامل فی لمّا هو الجواب ، وتکون بمعنی إلّا أیضا (6).

ولن لتأکید ما تعطیه لا ، من نفی المستقبل تقول : لا أبرح الیوم مکانی ، فإذا أکدت قلت : لن أبرح (7) والصحیح أنّها حرف برأسها لا أنّها من لا أن (8).

وإن المکسوره الخفیفه تکون نفیا وغیر نفی (9) ، فإذا کانت نفیا کانت بمنزله ما فی نفی الحال ، ودخلت حینئذ علی الجملتین الفعلیّه والاسمیّه کما دخلت ما علیهما

ص: 148

1- بعدها مشطوب علیه «للمخاطب».

2- من الآیه 31 من سوره القیامه وفی الأصل : لا صدق ولا صلّی.

3- المفصل : 306 - 307.

4- الکتاب ، 4 / 220 - 223 والمغنی - 1 / 278.

5- وإلی ذلک ذهب ابن السراج وتبعه الفارسی وابن جنی وجماعه ، وهی عند سیبویه حرف ، الکتاب ، 4 / 234 والمغنی ، 1 / 280.

6- رصف المبانی ، 282 والمغنی ، 1 / 281.

7- المفصل ، 307 والتشابه تام. وانظر الکتاب ، 1 / 135 - 136.

8- هذا رأی سیبویه ، والترکیب رأی الخلیل ، وذهب الفراء إلی أن نونها مبدله من ألف لا. انظر الکتاب ، 3 / 5 - 4 / 220 وشرح المفصل ، 8 / 111.

9- المفصل ، 307.

کقولک : إن قام زید ، وإن زید قائم ، کما تقول : ما زید قائم ، قال الله تعالی : (إِنْ یَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَ)(1) أی ما یتبعون إلّا الظنّ ، وقال تعالی : (إِنِ الْحُکْمُ إِلَّا لِلَّهِ)(2) أی ما الحکم إلّا لله ، ولا یجوز إعمالها عمل لیس عند سیبویه (3) وأجازه المبرد (4).

ذکر حروف الاستثناء

وهی : إلّا وحاشا وعدا وخلا فی بعض اللغات (6) وحاشا حرف جر (7) وفیه معنی الاستثناء ، وهی فعل عند المبرّد وغیره (8) وفیها لغات أخر ، حاش وحشا وحشی ، وعدا وخلا حرفا جرّ وفیهما أیضا معنی الاستثناء ، والأکثر أن یکونا فعلین وینصب الاسم بعدهما علی أنه مفعول والفاعل مضمر فإذا قلت : جاء القوم عدا أو خلا زیدا کان معناه عدا بعضهم زیدا وخلا بعضهم زیدا (9).

ذکر حروف الاستقبال

وهی : سوف والسین وأن ولا ولن ، فإنّ هذه الحروف إذا دخلت علی الفعل الذی یحتمل الحال والاستقبال أخلصته للاستقبال ، وإنّما لم تعمل السین وسوف ، وقد اختصّتا بالفعل لأنهما جعلا مع الفعل کأحد أجزائه وأحد الأجزاء لا یعمل فی سائرها ، وبنیت سوف علی الفتح ، وفی سوف زیاده تنفیس علی السین ، ومنه سوّفته

ص: 149

1- من الآیه 116 من سوره الأنعام.

2- من الآیه 57 من سوره الأنعام.

3- الکتاب ، 2 / 362.

4- المقتضب ، 1 / 50 ، وانظر شرح المفصل ، 8 / 113.

5- المفصل ، 311 وانظر الکتاب ، 2 / 309.

6- فی إیضاح المفصل ، 2 / 224 قوله : فی بعض اللغات راجع إلی عدا وخلا فی الظاهر لأن جعلهما حرفین إنما هو فی بعض اللغات ولا ینبغی أن تکون حاشا معهما فی ذلک ، لأن کونها حرفا هو اللغه المعروفه فهی علی العکس من عدا وخلا فلا ینبغی أن تشرک معهما فی قوله : فی بعض اللغات ، فیوهم التسویه وهو خلاف ما علیه أمرهما.

7- وهو رأی سیبویه ، الکتاب ، 2 / 349.

8- المقتضب ، 2 / 391 ، وانظر الإنصاف ، 1 / 278 ورصف المبانی ، 178 والمغنی ، 1 / 122.

9- الکتاب ، 2 / 349 - 350 وشرح المفصل ، 8 / 49.

10- المفصل ، 317.

إذا قلت له مرّه بعد مره : سوف أفعل (1).

و «أن» تدخل علی الماضی والمضارع فیکونان معها فی تأویل المصدر وإذا دخلت علی المضارع لا یکون إلّا مستقبلا کقولک : أرید أن تخرج ، ومما یدلّ علی أنها للاستقبال أنها لا بدّ منها فی خبر عسی (2) ، لأنّ عسی لمّا کانت فعلا علی لفظ الماضی ، غیر متصرف ، وهی للترجی والترجی مخصوص بالاستقبال فلذلک اشترط فی / خبرها «أن» لتخصّصها بالاستقبال الذی هو معنی الترجی ، ولذلک لم یجعل المصدر مکان «أن» والفعل لأنّ المصدر مبهم لا یعلم وقته.

ذکر الهمزه

وهی عند البصریین ضربان همزه وصل نحو : اخرج وهمزه قطع نحو : أکرم ، والمراد بهمزه القطع الهمزه التی بنیت الکلمه علیها لمعنی ، کالتعدیه وغیرها ، وهمزه الوصل هی التی لیس لها معنی غیر الوصله إلی النطق بالساکن ، وعند الکوفیین الهمزات ستّ : همزه وصل ، وهمزه قطع کما ذکر والثالثه : همزه أصل نحو همزه إی وأی ، والرابعه : همزه الاستفهام نحو : (أَأَنْتَ قُلْتَ)(4) والخامسه : همزه المتکلم نحو : أقوم والسادسه : همزه ما لم یسمّ فاعله نحو : استخرج المال وانطلق بزید.

ص: 150

1- الکتاب ، 4 / 217 - 233 والإنصاف ، 2 / 646 وشرح المفصل ، 8 / 148 ورصف المبانی ، 398 ، والمغنی ، 1 / 139.

2- المفصل ، 317.

3- الصاحبی 125 - 130 وجواهر الأدب ، للإربلی ، 12.

4- من الآیه 16 ، من سوره المائده.

القسم الرابع : فی المشترک

اشاره

وهو ما التقطناه من مشترک المفصل ، ویشتمل علی فصول :

الفصل الأول : فی الإماله

ویشترک فیها الاسم والفعل ، وهی أن تنحو بالفتحه نحو الکسره (2) لیتجانس الصوت کما أشربت الصّاد صوت الزای فی نحو : المصدر ، لتحصل الموافقه بین الصاد والدال ، لأنّ جری اللسان فی طریق واحد أخفّ من جریه فی طرق مختلفه ولیست الإماله أمرا لا یخرج عنه ، فإنه قد یمیل أحدهم ما ینصبه الآخر ، وعلی هذا جاء القرآن العزیز ، والإماله هی لغه بنی تمیم ومن جاورهم (3) وهی ضدّ التفخیم الذی هو لغه أهل الحجاز (4) ، واعلم أنّ الألف اللینه صوت لا معتمد له فی الفم فلا یکون إلّا تابعا للحرکه التی قبله فإذا أردت إماله الألف نحو الیاء قرّبت الفتحه التی قبله من الکسره فحینئذ تمیل الألف.

وأسباب الإماله سبعه : (5)

ص: 151

1- المفصل ، 335 وفیه : وهی أن تنحو بالألف نحو الکسره.

2- فی إیضاح المفصل ، 2 / 291 وقد عبر غیره بأن تنحو بالفتحه نحو الکسره ، وقال قوم : بالألف نحو الیاء ، وقال قوم : بالفتحه والألف نحو الکسره والیاء والجمیع خیر من عبارته.

3- کأسد وقیس ، شرح المفصل ، 9 / 54.

4- قال سیبویه بعد أن ذکر أسباب الإماله ، 4 / 118 وجمیع هذا لا یمیله أهل الحجاز ، وفی مناهج الکافیه للشیخ زکریا الأنصاری ، 2 / 164 ولیست الإماله دأب جمیع العرب فإن الحجازیین لا یمیلون ، وأحرص الناس علیها بنو تمیم».

5- المفصل ، 335.

أحدها : أن یقع بقرب الألف کسره ککسره عین عماد ولام عالم یستوی فی ذلک التأخر والتقدّم ، وإنّما تؤثّر الکسره قبل الألف إذا تقدمته ، إمّا بحرف ککسره عین عماد ، أو بحرفین أولهما ساکن ککسره شین شملال ، فإن تقدمت الکسره الألف إما بحرفین متحرکین نحو قولک : أکلت عنبا أو بثلاثه أحرف نحو : فتلت قنّبا لم تمنع الإماله ، وأمّا قولهم : یرید أن ینزعها ویضربها وهؤلاء عندها ، وله درهمان بإماله الألف لکسره الزای فی ینزعها وراء یضربها وعین عندها ، ودال درهمان ، فشاذ ، والذی سوغه أنّ الهاء خفیه فهی کالمعدومه فلم تعدّ حاجزا (1).

واعلم أنّ الألف تمال مع الفتحه فی نحو : یرید أن یضربها ، ولا تمال مع الضمه فی قولک : هو یضربها ، لأنّ الضمه من الواو ، والواو الساکنه لا إماله معها ، والفتحه أقرب إلی الکسره من الواو ، فلذلک أمیلت مع الفتحه ولم تمل مع الضمه.

ثانیها : أن تقع بقرب الألف یاء وتقدمت الیاء نحو : سیال وشیبان (2) وأمیلت فیهما الألف من أجل الیاء ، لأنّ الألف تطلب فتح الفم والیاء تطلب خلاف ذلک ، فأمیلت الألف لیجری اللسان علی / طریقه واحده والسیال : ضرب من الشجر (3).

ثالثها : أن تکون الألف منقلبه عن واو مکسوره نحو ألف : خاف فإنّها مماله واختلف فی سبب (4) إمالتها ، والأولی أن یقال : إنّها للکسره التی کانت فی عین الفعل إذا أصل خاف خوف (5).

رابعها : أن تکون الألف منقلبه عن یاء نحو : ألف هاب لأنّه من الهیبه وألف ناب لأن جمعه أنیاب ، فالإماله هنا لتدلّ علی أنّ أصل الألف الیاء ولیست للمشاکله کما تقدّم إذ لا یاء ها هنا فی اللفظ ولا کسره (6).

ص: 152

1- شرح المفصل ، 9 / 57 وانظر شرح الشافیه للجاربردی مع حاشیه ابن جماعه ، 1 / 239.

2- الکتاب ، 4 / 122.

3- له شوک ، اللسان ، سیل.

4- غیر واضحه فی الأصل.

5- الکتاب ، 4 / 120 - 121 وشرح المفصل ، 9 / 58 وشرح الشافیه ، 3 / 10 وشرح الأشمونی ، 4 / 224.

6- فی حاشیه ابن جماعه ، 1 / 241 والإماله - فیهما - أی فی نحو : خاف وهاب نقلت عن بعض أهل الحجاز وفاقا لبنی تمیم ، وعامتهم یفرقون بین ذوات الواو نحو : خاف فلا یمیلون ، وذوات الیاء نحو : طاب فیمیلون.

خامسها : أن تکون الألف صائره یاء فی موضع نحو ألف دعا فإنّها تصیر یاء فی : دعی ونحو ألف : مغزی من الغزو فإنّها تصیر یاء فی التثنیه ، لأنّ ما کان علی أکثر من ثلاثه أحرف ، رجع إلی الیاء وإن کان من الواو ، ونحو ألف حبلی وأخری وموسی ، فإنّها وإن لم یکن لها أصل فی الیاء لکنّها تصیر یاء فی التثنیه والجمع کقولک حبلیان وحبلیات فأشبهت الألف التی لها أصل فأمیلت (1).

سادسها : الإماله لأجل الإماله وهو سبب لیس بقویّ (2) نحو : رأیت عمادا فی الوقف بإماله الألف المبدله من التنوین ، لأجل إماله الألف التی قبل الدال المماله لأجل کسره العین.

سابعها : الإماله للتشاکل کإماله (ضُحاها)(3) لتشاکل (جَلَّاها)(4) وهو لیس بکثیر الوقوع وإن کان قویا ، وقد أجروا فی الإماله الألف المنفصله مجری المتصله (5) والکسره العارضه مجری الأصلیّه ، والمراد بالمنفصله الألف المبدله من التنوین ، وبالمتصله ألف التأنیث ، والألف فی نحو : عیلان (6) فقالوا : رأیت زیدا کما قالوا : رأیت حبلی ، ومررت بغیلان بالإماله ، لأنّ کلّ واحد من الألفین المذکورتین زیاده زیدت علی الکلمه لمعنی ، ولیست منقلبه عن واو ولا یاء ، والمراد بالکسره العارضه کسره نحو اللام فی قولک : أخذت من ماله ، فهی عارضه لأنّها حرکه إعراب تتغیّر ولا تلزم فأشبهت الأصلیه فی نحو : عالم وکافر.

واعلم أنّ الألف إذا وقعت آخر الکلمه (7) فإن کانت فی فعل أمیلت نحو : غزا وإن کانت فی اسم ولم یعرف انقلابها عن الیاء لم تمل ثالثه وتمال رابعه فلا یمال ألف قفا وعصا ونحوهما لأنّ الأسماء لم تنتقل من حال إلی أخری ، ولم تتصرف بخلاف

ص: 153

1- الکتاب ، 4 / 120 - 123.

2- إیضاح المفصل ، 2 / 296 وشرح المفصل ، 9 / 58 وشرح الشافیه ، 3 / 13 وشرح التصریح ، 2 / 348.

3- الشمس ، الآیه 1 ونصها : (وَالشَّمْسِ وَضُحاها.)

4- الشمس ، الآیه 3 ونصها : (وَالنَّهارِ إِذا جَلَّاها ،) وقد أمالها الکسائی ووافقه حمزه فیها ، الکشف ، 1 / 190 وإبراز المعانی ، 226.

5- المفصل ، 336.

6- فی الکتاب ، 4 / 122 وقالوا شیبان وقیس عیلان وغیلان فأمالوا للیاء.

7- المفصل ، 336.

الأفعال ، فإن ألفها من الواو ترجع إلی الیاء فی بعض الأحوال مثل اغزی وغزی ، فرجعت إلی الیاء.

والألف المتوسطه أعنی التی هی عین الفعل إن کانت منقلبه عن یاء أمیلت سواء کانت فی اسم کناب أو فی فعل ک «باع» ، وإن کانت منقلبه عن واو فلا تمال إلّا إذا کانت فی فعل وکان یقال فیه فعل بکسر العین نحو : خاف ، وقد خرج مما قلناه ما کان من الأسماء من ذوات الواو نحو : باب ، وخرج أیضا من الأفعال ما کان من ذوات الواو مما لا یقال فیه فعلت نحو : قال.

ویمنع الإماله سبعه أحرف (1) إذا ولیت الألف سواء کانت قبل الألف أو بعدها وهی : الصاد کصاعد وعاصم / والضاد کضامن وعاضد والطاء کطائف وعاطس والظاء کظالم وعاظل (2) والغین کغائب وواغل والخاء کخامد وناخل والقاف کقاعد وناقف ، وهذه الحروف السبعه تسمّی المستعلیه لأنّ اللسان یطلب العلوّ فی النطق بها إلی الحنک الأعلی ، ولما کانت کذلک ، وکانت الألف أیضا تستعلی ، والإماله انخفاض فیتنافیان ، فکره الجمع بین هذین الأمرین من الاستعلاء والانخفاض فامتنعت الإماله لیکون العمل فی وجه واحد ، لأنّه أخفّ فلم تمل (3) واستثنی باب رمی وباع ، فإن الحرف المستعلی لا یمنع الإماله فی هذین البابین وکذلک طاب وخاف ، فإنه یمال مع وجود حروف الاستعلاء لأنّ سبب الإماله قوی ، لأنّ الالف نفسها یاء أو علیها کسره بخلاف ما لا یمال ، فإنّ السبب إما قبل الألف أو بعدها ، وکما منعت هذه الحروف الإماله إذا ولیت الألف قبلها وبعدها فکذلک تمنع الإماله إذا وقعت بعد الألف بحرف أو حرفین علی الأکثر کناشص (4) ومقاریض (5) وعارض ومعاریض (6) وناشط ومناشیط (7)

ص: 154

1- المفصل ، 336 ، 337.

2- الکتاب ، 4 / 128.

3- شرح المفصل ، 9 / 59 ، 60 ومناهج الکافیه ، 2 / 170.

4- المرتفع ، اللسان ، نشص.

5- جمع مقراض لما یقطع به ، اللسان ، قرض.

6- التوریه بالشیء من الشیء اللسان ، عرض ، وشرح المفصل ، 9 / 59.

7- جمع منشوط من نشط العقده إذا ربطها ربطا یسهل انحلالها ، ویجوز أن تکون جمع منشاط للرجل یکثر نشاطه. اللسان ، نشط وشرح المفصل ، 9 / 59.

باهظ ومواعیظ (1) وبالغ ومبالیغ (2) ونافخ ومنافیخ (3) ونافق ومغالیق (4) وأمّا إذا کانت هذه الحروف قبل الألف بحرف ، وهی مکسوره أو ساکنه بعد مکسور أو کانت قبل [الألف](5) بحرفین أو أکثر لم یمنع عند الأکثر نحو : صعاب ومصباح وضعاف ومضحاک وطلاب ومطعام وظماء وإظلام وغلاب ومفتاح وخباث وإخباث وقفاف ومقلات (6) ، وإنّما منعت متأخرّه لثقل الاستعلاء بعد الاستفال ولم تمنع متقدمه (7) لأنّ الاستعلاء قبل الاستفال أخفّ من الاستعلاء بعد الاستفال ، وأمّا من سوّی بینهما وهو الذی لیس بالأکثر فلا إشکال علیه (8).

وإذا کانت الراء مفتوحه أو مضمومه وجاورت الألف قبلها أو بعدها منعت الإماله منع المستعلیه (9) کهذا راشد وحمارک ورأیت حمارک لأنّ الراء لما فیها من شبه المضاعفه تکون فتحتها کفتحتین وضمّتها کضمّتین فلا یقوی سبب الإماله علیها ، فأمّا إن کانت الراء مکسوره کانت کسرتها ککسرتین فیقوی سبب الإماله نحو : (وَانْظُرْ إِلی حِمارِکَ)(10) ومررت بطارد فتمیلها ، والراء المکسوره بعد الألف إذا ولیت الألف تغلب الراء غیر المکسوره کما غلبت الراء المکسوره المستعلیه کقولک : من قرارک بالإماله فإن تباعدت الراء المکسوره لم تؤثر أی لم توجب الإماله عند أکثرهم

ص: 155

1- جمع موعوظ من الوعظ الذی هو النصح اللسان وعظ ، وشرح المفصل ، 9 / 60.

2- جمع مبلوغ من قولهم قد بلغت المکان إذا وصلت إلیه اللسان ، بلغ وشرح المفصل ، 9 / 60.

3- جمع منفاخ ، وهو ما ننفخ به فی النار وغیرها ، اللسان ، نفخ.

4- کذا فی الأصل ، وفی المفصل ، 336 ومعالیق ، وکذا فی الکتاب ، 4 / 130 وفی الهامش ذکر المحقق أنها فی ب ومغالیق. ومعالیق جمع معلاق کما أن مغالیق جمع مغلاق قال فی اللسان ، علق : وفرق ما بین المعلاق والمغلاق أن المغلاق یفتح بالمفتاح ، والمعلاق یعلّق به الباب ثم یدفع المعلاق من غیر مفتاح.

5- زیاده یستقیم بها الکلام.

6- الکتاب ، 4 / 130 ، وشرح المفصل ، 9 / 60.

7- غیر واضحه فی الأصل.

8- شرح المفصل ، 9 / 60 وشرح الشافیه للجاربردی ، 1 / 243.

9- المفصل ، 337.

10- من الآیه 259 من سوره البقره ، فی الأصل فانظر ، وقد قرأ بالإماله فیها الکسائی وأبو عمرو انظر إبراز المعانی ، 233 والإتحاف ، 83.

فأمالوا : هذا کافر ولم یمیلوا مررت بقادر ، لأنّ الراء لمّا تباعدت لم تغلب حرف الاستعلاء لکنّ بعضهم خالف ففخم نحو : کافر وأمال نحو : بقادر (1) ، وشذ إماله الحجاج والناس ، لأنهما فی حاله الرفع والنصب لیس فیهما کسره ولا یاء ولا شیء من أسباب الإماله (2) وقد أمیلت الفتحه قبل الرّاء المکسوره من أجلها لتشبه الفتحه الکسره نحو / من الضّرر ومن الکبر والمحاذر (3) بإماله الذال دون الألف لأنّ کسره الراء لم تقو علی إماله الألف مع الذال ، لأنّ الألف قبلها فتحه ، والحرف الذی بعدها وهو الذال مفتوح أیضا (4) والحروف لا تمال نحو : حتّی وعلی وأمّا ، وإلّا (5) ، إلّا إذا سمّی بها ، وقد أمیلت «بلی» لشبهها بالاسم لکونها علی ثلاثه أحرف ، وأمیلت «لا» فی «إمّا لا» لإغنائها عن الجمل لأنّها قد تقع جوابا ویکتفی بها وکذلک «یا» فی النداء أمیلت لأنّها نائبه عن الفعل ، والأسماء المبنیّه (6) یمال منها ما یستقلّ بنفسه ، نحو : ذا ومتی ، وأنّی ، ولا یمال ما لیس بمستقلّ نحو «ما» الاستفهامیه أو الموصوفه أو الشرطیه ونحو : إذا ، وأمّا «عسی» فإمالتها جیّده (7).

الفصل الثانی : فی الوقف

اشاره

وهو قطع الکلمه عمّا بعدها لفظا أو تقدیرا ، ویشترک فیه الاسم والفعل والحرف ، وفی الوقف علی ما هو متحرک فی الوصل لغات :

منها : الإسکان الصریح فی کلّ حال کقولک : هذا بکر ورأیت بکر ومررت ببکر

ص: 156

1- الکتاب ، 4 / 138 وفی الشافیه ، 530 «وبعضهم یعکس وقیل هو الأکثر» وانظر مناهج الکافیه ، 2 / 170.

2- الکتاب ، 4 / 127 - 128 والمقتضب ، 3 / 51 وشرح المفصل ، 9 / 63.

3- المفصل ، 337.

4- شرح المفصل ، 9 / 65.

5- فی الکتاب ، 4 / 135 «ومما لا یمیلون ألفه حتّی وأمّا وإلّا» وانظر المفصل ، 337 - 338 وشرح الشافیه للجاربردی ، 1 / 247.

6- غیر واضحه فی الأصل.

7- فی المقتضب ، 3 / 53 فأما عسی فإمالتها جیده لأنها فعل وألفها منقلبه عن یاء تقول عسیت کما تقول رمی ، رمیت» وفی المفصل ، 338 قال المبرد : وإماله عسی جیده.

8- المفصل ، 338 ، وشرح الشافیه ، 520.

لأنه لمّا وجب الابتداء بالمتحرک اختیر الوقف بالسکون لیخالف الانتهاء الابتداء ، وإن اجتمع ساکنان فإنه یجوز فی الوقف الجمع بین ساکنین لأنّ الوقف یوفّر علی الحرف الموقوف علیه الصوت فیجری ذلک له مجری تحریکه کما جری المدّ مجری الحرکه ، ولیس کذلک الوصل ألا تری أنّک إذا قلت : بکر فی حال الوقف وجدت فی الراء من التکریر وزیاده الصوت ما لا تجده فی حال الوصل (1).

ومنها : الإشمام وهو ضمّ الشفتین بعد الإسکان علی صورتهما إذا لفظت بالضمّه ، فذلک (2) هو الدلاله علی الأشمام ، والغرض الفرق بین ما هو متحرک فی الوصل - وإنّما سکّن فی الوقف - وبین ما هو ساکن فی کلّ حال ، ویختصّ الإشمام بالمرفوع والمضموم (3) لأنّه هو الذی یمکن فیه أن یجعل العضو علی صوره الضمّه ، دون المنصوب والمجرور.

ومنها : الرّوم وهو أن تروم التحریک (4) والغرض به هو الغرض بالإشمام إلّا أنه أتمّ فی البیان ، والقرّاء لا یرومون حرکه المنصوب لخفّه النطق بها ، ولا المنصوب المنوّن للوقوف علیه بالألف ولکن یرومون ما سواهما (5) وإذا رمت الحرکه فهی موجوده فلم تحتج (6) إلی دلیل علیها.

ومنها : التضعیف ، وهو تشدید الحرف الذی تقف علیه نحو : یا فرجّ بتشدید الجیم والغرض به الإعلام بأنّ هذا الحرف متحرک فی الوصل ، ویختصّ التضعیف بکلّ کلمه آخرها حرف صحیح قبله متحرک ، فإن کان قبله ساکن لم یصحّ التضعیف ، لاستلزامه الجمع بین ثلاثه سواکن ، وکذا إن کان آخره همزه لم یضعّف وکذا حرف العلّه لا یضعّف لثقلهما (7) وکذا المنصوب المنوّن لا یضعّف للوقوف علیه بالألف ،

ص: 157

1- شرح المفصل ، 9 / 71 والنقل منه.

2- غیر واضحه فی الأصل.

3- الإتحاف ، 101 وانظر شرح الجاربردی ، 1 / 170.

4- فی شرح المفصل ، 9 / 67 وأما الروم فصوت ضعیف کأنک تروم الحرکه ولا تتمها وتختلسها اختلاسا وذلک مما یدرکه الأعمی والبصیر ، لأن فیه صوتا یکاد الحرف یکون متحرکا.

5- الإتحاف ، 100 - 101 وشرح التصریح ، 2 / 341.

6- فی الأصل یحتج.

7- شرح المفصل ، 9 / 67 وشرح الشافیه للجاربردی ، 2 / 182 وشرح التصریح ، 2 / 342.

فأمّا ما لا ینون فیضعّف نحو : رأیت أحمدّ ، فحینئذ قد اشترک فی التضعیف المرفوع والمجرور والمنصوب غیر المنون / وقد جعلوا لهذه الأربعه علامات فعلامه الإسکان الخاء ، والإشمام نقطه ، والروم خطّ بین یدی الحرف ، والتضعیف الشین (1).

ومنها : أن تقف علی المنصوب المنوّن حال النصب بالألف وفی الرفع والجرّ بالإسکان.

ومنها : الوقف علی المرفوع بالواو ، والمنصوب بالألف ، والمجرور بیاء سواء فیه المنون وغیره تقول : رأیت أحمدا ومررت بأحمدی وجاءنی أحمدو (2).

ومنها : تحویل ضمّه الحرف الموقوف علیه وکسرته علی السّاکن قبله دون الفتحه فی غیر الهمزه کما سیأتی حکمها ، فتقول : هذا بکر ومررت ببکر ورأیت بکرا ، فتبدل من التنوین فی حال النصب ألفا ، ویشترط لهذه اللغه أن یکون ما قبل الآخر ساکنا صحیحا کسکون کاف بکر ، وأن لا تخرج الکلمه بالتحویل إلی ما لا نظیر له فلا یقال : هذا عدل لعدم فعل بکسر فاء الفعل ، وضمّ عینه ولا مررت بقفل لعدم فعل أعنی ضمّ الفاء وکسر العین ، وأجازه الأخفش متمسکا بدئل اسم قبیله (3) ، ویشترط أیضا أن لا یکون مثل : ثوب وزید ، فلا یقال : ثوب وزید لثقل الضمّ والکسر علی الواو والیاء ، ویشترط أیضا أن تکون الحرکه حرکه إعراب غالبا فلا یقال : من قبل ومن بعد ، لأنّ الحرص إنّما هو علی معرفه حرکه الإعراب لا علی حرکه البناء ، ویجری ذلک فی المعرّف باللّام أیضا فتقول : هذا البکر ومررت بالبکر ، قال الشّاعر : (4)

قد نصر الله وسعد فی القصر

ص: 158

1- قال فی الکتاب ، 4 / 169 ولهذا علامات ، فللإشمام نقطه ، وللذی أجری مجری الجزم والإسکان الخاء ، ولروم الحرکه خط بین یدی الحرف وللتضعیف الشین وانظر شرح المفصل ، 9 / 68 وشرح التصریح ، 2 / 240.

2- عند المازنی أنها لغه قوم من أهل یمن ولیسوا فصحاء. حاشیه ابن جماعه. 1 / 171.

3- شرح الأشمونی ، 4 / 204.

4- لم أهتد إلی قائله.

وقال : (1)

أنا جریر کنیتی أبو عمر

أضرب بالسیف وسعد فی القصر

أراد أبو عمرو : فحوّل کسره الراء إلی المیم ، وکذلک حوّل کسره راء القصر إلی الصاد ، وأما فی حال النّصب فلا تحوّل ، لأنّ أصله أن یظهر إعرابه فی الوقف إذا کان منونا ، ولکن لمّا زال التنوین للّام کان التنوین کأنّه موجود فیه فتقول علی هذه اللغه : رأیت البکر بفتح الراء کأنک قلت : رأیت بکرا وقد حوّلت الحرکه فی نحو : لم أضربه وهند ضربته (2) وکان ینبغی أن لا تحوّل لأنّ حرکه الهاء فیها لیست بحرکه إعراب ، ولکن لما سکنت الهاء خفیت وزادها خفاء الساکن قبلها ، فلذلک حولت حرکتها إلی ما قبلها قال زیاد الأعجم : (3)

عجبت والدّهر کثیر عجبه

من عنزیّ سبّنی لم أضربه

کان لم أضربه (4) فسکّن الهاء وحوّل حرکتها إلی الساکن الذی قبلها وهو الباء صار : لم أضربه.

فأمّا ما آخره همزه (5) إذا وقفت علیها فی هذه اللغه فتحوّل حرکاتها الثلاث الضمّه والکسره والفتحه أیضا إلی ما قبلها وذلک لخفاء الهمزه والحرص علی بیانها فتقول فی الخبء بالهمز وسکون الباء : هذا الخبؤ ورأیت الخبأ ومررت بالخبیء بتسکین الهمزه وتحریک الباء بالضّمّ / والفتح والکسر ، وکذلک تقول فی البطء بسکون الطاء : هذا البطؤ ورأیت البطأ ومررت بالبطیء فتسکن الهمزه وتحرک الطاء

ص: 159

1- لم أهتد إلی قائله. ورد من غیر نسبه فی الإنصاف ، 2 / 733 وبعده : أجبنا وغیره خلف السّتر

2- المفصل ، 338 وانظر الکتاب ، 4 / 179.

3- هو زیاد بن سلیم العبدی کان رجلا هجّاء قلیل المدح للملوک وکانت فیه لکنه فلذلک قیل له الأعجم. انظر أخباره فی طبقات فحول الشعراء. 2 / 691 - 693 والشعر والشعراء ، 1 / 343 وقد ورد البیت منسوبا له فی الکتاب ، 4 / 179 - 180 وشرح المفصل ، 9 / 70 - 71 ولسان العرب ، ابن منظور ماده لم ، بروایه : یا عجبا والدّهر جمّ عجبه وورد من غیر نسبه فی شرح الشافیه ، 2 / 322 وهمع الهوامع ، 2 / 208 وشرح الأشمونی ، علی الألفیه ، 4 / 210.

4- فی الأصل : لم أضربهو.

5- المفصل : 339.

بالضمّ والفتح والکسر ، وکذلک تقول : هذا الرّدؤ ورأیت الرّدأ ومررت بالرّدیء ، وجوّزوا الرّدؤ وشبهه علی وزن فعل بکسر الفاء وضمّ العین ، وإن لم یکن فی الکلام فعل ، کلّ ذلک لما قلنا من الحرص علی بیان الهمزه لخفائها ، ومنهم من یقول : هذا الرّدیء فیکسرون الدّال اتباعا للکسره التی قبلها (1) ویقول : من البطؤ فیضمون الطاء إتباعا للضمّه التی قبلها کراهه الانتقال من ضمّ إلی کسر وبالعکس.

ومن لغات الوقف علی المهموز (2) أن یبدلوا من الهمزه حرف لین سواء تحرک ما قبلها نحو : الکلأ أو سکن نحو : الخبء وسواء کان فاء الکلمه مفتوحا ، أو مضموما ، أو مکسورا ، فیقولون : هذا الکلو والخبو والبطو والرّدو - ورأیت الکلا والخبا والبطا والرّدا ، ومررت بالکلی والخبی والبطی والرّدی ، ومنهم من یقول : هذا الرّدی بالیاء فی الأحوال الثلاث وهذا البطو بالواو فی الأحوال الثلاث علی إتباع حرکه ما قبل الهمزه حرکه فاء الفعل ، وأهل الحجاز یقولون فی الکلأ وأکمؤ وأهنیء مهموزه : الکلا بالألف وأکمو بالواو وأهنی بالیاء فی الأحوال الثلاث (3) ، لأنّ الهمزه سکّنت للوقف فقلبت علی حسب ما قبلها ، فقلبت فی کلأ ألفا کما قلبت فی رأس ألفا ، وفی أکمؤ واوا کما قلبت فی جؤنه ، وفی أهنی یاء کما قلبت فی ذئب (4) وأکمؤ جمع قلّه لکمء (5) أحد الکمأه التی تؤکل وجمع الکثره کمأه ، وقد جاء الکمء للمفرد بغیر هاء ، والکمأه بالهاء للجمع علی خلاف القیاس والهنیء العطاء یقال : هنأته أهنؤه هناء أی أعطیته (6).

ذکر الوقف علی المعتلّ

وإذا اعتلّ الآخر وما قبله ساکن کظبی ودلو فیجری فی الوقف مجری الصحیح فتقول : هذا ظبی ومررت بظبی ورأیت ظبیا ، وإن کان ما قبل حرف العلّه متحرکا وهو

ص: 160

1- الکتاب ، 4 / 177 : وأما ناس من تمیم فیقولون هو الرّدیء ، کرهوا الضمه بعد الکسره لأنه لیس فی الکلام فعل فتنکبوا هذا اللفظ لاستنکار هذا فی کلامهم. وانظر شرح المفصل ، 9 / 73.

2- المفصل ، 339 - 340.

3- الکتاب ، 4 / 179.

4- الکتاب ، 4 / 178 وشرح المفصل ، 9 / 73 وشرح الأشمونی ، 4 / 212.

5- فی الأصل لکمی.

6- انظر اللسان ، کمأ وهنأ.

7- المفصل ، 340.

یاء قبلها کسره کقاضی وقد حذفت للتنوین فی الوصل نحو : قاض وجوار فی الرفع والجرّ ، فالأکثر أن یوقف علی ما قبله کما تصل (1) فلا تردّ الیاء فی الوقف لأنّها غیر موجوده حکما لأنّ الیاء إنّما حذفت له لا للوقف ، وسیبویه یختار هذا المذهب (2).

ومنهم من یردّ الیاء فی الوقف لأنّ الموجب لحذفها فی الوصل هو التنوین وقد زال للوقف ، فتقول : هذا قاضی وجواری ، ومررت بقاضی وجواری ویونس یختار هذا المذهب (3) وهو کقوله تعالی : ولکل قوم هاد (4) وما عند الله باقی (5) بإثبات الیاء (6) فإن کانت هذه الیاء ثابته فی الوصل نحو : جاء القاضی ، ویا قاضی ، فی النداء ، ورأیت جواری ، فالوقف علیه بالیاء عند الأکثر (7) لأنّه لا تنوین ها هنا تحذف / له الیاء ، لسقوطه فی القاضی للألف واللام ، وفی یا قاضی ، للنداء ، وفی رأیت جواری لعدم الصّرف.

وذهب قوم إلی حذفها (8) فقالوا : هذا القاض ومررت بالقاض ویا قاض وهذا عکس ما حذفت فیه الیاء للتنوین وصلا نحو : قاض فإنّ الوقف علیه بغیر ردّ الیاء هو الأکثر وبردّها هو الأقل والذی فیه الیاء ثابته فی الوصل نحو : القاضی ویا قاضی ورأیت جواری ، الوقوف علیه بالیاء هو الأکثر والوقوف علیه بحذف الیاء هو الأقلّ.

ویوقف علی اسم الفاعل (9) من أری یری بتخفیف الهمزه بالیاء ، وإن کان قد أذهبها التنوین فی الوصل فتقول : هذا مری ویا مری لئلّا یجمعوا علیه ذهاب الهمزه

ص: 161

1- شرح المفصل ، 9 / 75.

2- قال فی الکتاب ، 4 / 183 فی «باب ما یحذف من أواخر الأسماء فی الوقف وهی الیاءات وذلک قولک : هذا قاض وهذا غاز ... أذهبوها فی الوقف کما ذهبت فی الوصل».

3- فی الکتاب ، 4 / 183 : وحدثنا أبو الخطاب ویونس أن بعض من یوثق بعربیته من العرب یقول : هذا رامی وغازی.

4- من الآیه 7 من سوره الرعد.

5- من الآیه 96 من سوره النحل.

6- وهی قراءه ابن کثیر فی حال الوقف ، وقرأ الباقون بغیر یاء فی الوقف والوصل الکشف ، 2 / 21 والنشر ، 2 / 137 والإتحاف ، 105.

7- الکتاب ، 4 / 183.

8- وإلی ذلک ذهب یونس ، الکتاب ، 4 / 184.

9- المفصل ، 340.

والیاء (1).

وإن کان حرف العلّه ألفا (2) فالأکثر أن تقف علیه بالألف فتقول : هذه عصا ومررت بعصا ورأیت عصا ، وکذلک حبلی تقف علیها بالألف فی الأحوال الثلاث وبعضهم یقول : هذه حبلی بالیاء (3) وبعضهم یقول : حبلو بالواو (4) وبعضهم یقول : حبلأ بقلب الألف همزه فی الوقف لمناسبه الهمزه الألف لأنّه من مخرجها (5) ومذهب سیبویه أن ألف عصا الموقوف علیها فی حاله النصب هی المبدله من التنوین إجراء للمقصور مجری الصحیح (6) وأمّا فی الرفع والجرّ فهی الألف الأصلیّه التی هی لام الکلمه المنقلبه عن الواو فی عصا وعن الیاء فی رحی ، وذهب المبرّد إلی أنها أصلیّه فی الأحوال الثلاث (7) أی المنقلبه ، وذهب المازنی إلی أنها ألف التنوین فی الأحوال الثلاث (8) والوقوف علی الفعل الصحیح کالوقوف علی الاسم حسبما تقدم.

وأمّا المعتل فیوقف علی المرفوع والمنصوب من الفعل الذی اعتلّت لامه بإثبات أواخره (9) نحو : هو یغزو ولن یخشی ، وأما الوقوف علی المجزوم ففیه وجهان :

الأوّل : وهو الأجود ، أن تقف علیه بهاء السکت نحو : لم یغزه ولم یرمه ولم یخشه ، وکذلک المبنی نحو : أغزه وارمه واخشه بحذف لام الفعل للجزم وإلحاق هاء السکت ، لیقع الوقف علیها بالسکون وتسلم الحرکات التی قبلها لتدلّ علی المحذوف.

والثانی : أن تقف بلا هاء بحذف اللّام وإسکان ما قبلها فتقول : لم یغز ولم یرم

ص: 162

1- الکتاب ، 4 / 184 وشرح المفصل ، 9 / 75 - 76.

2- المفصل ، 340.

3- فی الکتاب ، 4 / 181 حدثنا الخلیل وأبو الخطاب أنها لغه لفزاره وناس من قیس وهی قلیله ، فأما الأکثر الأعرف فأن تدع الألف علی الوقف علی حالها ولا تبدلها یاء وإذا وصلت استوت اللغتان.

4- وهی لغه لبعض طیء ، الکتاب ، 4 / 181.

5- قال ابن جماعه ، 1 / 173 قلبها همزه لغه لبعض طیء وهؤلاء لیس من لغتهم التخفیف.

6- الکتاب ، 4 / 176 - 187.

7- لم أقف علی نصّ له فی المقتضب یفید ذلک ، وقد قال ابن جماعه ، 1 / 172 بعد نسبته هذا الرأی إلی المبرد ما نصه سبقه إلی ذلک أبو عمرو والکسائی وبهذا المذهب قال ابن کیسان والسیرافی وابن برهان : وانظر المرتجل ، 47 والهمع ، 2 / 205.

8- وهو مذهب الأخفش والفراء وأبو علی أیضا ، حاشیه ابن جماعه ، 1 / 173.

9- المفصل ، 340.

ولم یخش واغز وارم واخش هذا إذا کان الباقی بعد الحذف حرفین فصاعدا ، فأما إذا أفضی الحذف إلی أن یبقی علی حرف واحد ، لم یکن بدّ من الهاء نحو قولک فی الأمر من وقی یقی : قه ومن رأی : ره ومن وعی یعی : عه واغتفر أمر الإلباس بهاء الضمیر ، لأنّه لا یوقف علیه إلّا کذلک ضروره عند الابتداء به (1) ویجوز فی الوقف علی القوافی ثلاثه أوجه :

أحدها : (2) أن تصل المضموم بالواو والمکسور بالیاء والمفتوح بالألف للترنّم بالشعر نحو : (3)

...

... الخیامو

... ومنزلی (4)

...

... والعتابا (5)

...

ثانیها : إبدال (6) حروف المدّ نونا ساکنه بعد حرف الروی نحو : (7)

ص: 163

1- الکتاب ، 4 / 184 وشرح المفصل ،9 / 70 وشرح الشافیه ، 2 / 296 وشرح الأشمونی ، 4 / 215.

2- الکتاب ، 4 / 204.

3- هذه کلمه من بیت لجریر بن عطیه والبیت : متی کان الخیام بذی طلوح سقیت الغیث أیتها الخیام ورد فی دیوانه ، 512 وورد منسوبا له فی الکتاب ، 4 / 206 وشرح المفصل ، 9 / 33 وشرح شواهد المغنی ، للسیوطی ، 2 / 785 وورد من غیر نسبه فی المنصف ، 1 / 224 وشرح المفصل ، 4 / 15 - 9 / 78 ومغنی اللبیب 2 / 368.

4- هذه کلمه من بیت لامریء القیس من مطلع قصیدته المشهوره : قفا نبک من ذکری حبیب ومنزل بسقط اللّوی بین الدّخول فحومل ورد فی دیوانه ، 60 وورد منسوبا له فی الکتاب ، 4 / 205 وشرح المفصل ، 9 / 33 - 89 - 10 / 21 وشرح التصریح ، 2 / 136 وشرح شواهد المغنی ، 1 / 463 وهمع الهوامع ، 2 / 129 وورد من غیر نسبه فی المنصف ، 1 / 224 والمحتسب ، 2 / 49 ومغنی اللبیب ، 1 / 161 - 162 ، 2 / 356 وشرح الأشمونی علی الألفیه ، 3 / 309.

5- هذه کلمه من بیت لجریر ونصه : أقلّی اللّوم عاذل والعتابا وقولی إن أصبت لقد أصابا وقد تقدم الکلام علی هذا البیت ومواضع وروده فی 2 / 125.

6- قال فی الکتاب ، 4 / 206 وأما ناس کثیر من بنی تمیم فإنهم یبدلون مکان المده النون فیما ینون وما لم ینون.

7- من بیت جریر السابق.

... عتابن

...

للترنم بالشعر أیضا.

ثالثها : وهو یشمل القوافی / وفواصل الآیات ، أن تقف علیها کما تقف علی غیرها من الکلام ، وتحذف الواو والیاء إن کانتا أصلیتین (1) وإن کان الحرف الأصلی لا یحذف فی الکلام فإنه إذا جاء فی القوافی بعد حرف الروی ، أو فی الآیات بعد الفواصل حرف أصلی من واو أو یاء جاز حذفه واستوی الأصلی والزائد ، لأنّ حرف المدّ وإن کان أصلیا فإنه إذا جاء بعد الروی أو الفاصله وقع موقع الزائد وهو من جنسه فیحذف ، وأنشد سیبویه : (2)

لا یبعد الله إخوانا ترکتهم

لم أدر بعد غداه الأمس ما صنع

بتسکین العین ، أراد ما صنعوا ، واعلم أنّ الوزن ینکسر بمثل هذا الوقف وإنّما جاز ذلک لأنّه قد أتی من الکلام بما یدلّ علی المعنی ولیس من شرط دلاله الکلام علی المعنی أن یکون موزونا ، وأمّا الوقف علی فواصل الآیات علی هذا الوجه الثالث فنحو قوله تعالی : (وَاللَّیْلِ إِذا یَسْرِ)(3) لیوافق (وَالْفَجْرِ وَلَیالٍ عَشْرٍ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ)(4) فالفاصله الراء ، والیاء فی یسری واقعه موقع الزائد ، کالواقعه بعد حرف الروی وقوله : (الْکَبِیرُ الْمُتَعالِ)(5) لأنّ الفاصله اللّام ، فحذفت الیاء الواقعه بعدها وهی من أصل الکلمه وکذلک (یَوْمَ التَّنادِ)(6) الفاصله الدّال وکذلک (وَمَنْ یُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ)(7) ومثله کثیر فی الکتاب العزیز (8) وتقلب تاء التأنیث فی الاسم

ص: 164

1- الکتاب ، 4 / 208.

2- البیت لتمیم بمن مقبل ورد فی دیوانه ، 168 وورد منسوبا له فی شرح شواهد الشافیه ، 4 / 236 وورد من غیر نسبه فی الکتاب ، 4 / 211 وشرح المفصل ، 9 / 78 - 79 وشرح الشافیه للجاربردی ، 1 / 184 وشرح الشافیه ، 2 / 306 ومناهج الکافیه ، 2 / 130.

3- من الآیه 4 من سوره الفجر.

4- الآیات 1 - 2 - 3 من سوره الفجر.

5- من الآیه 9 من سوره الرعد.

6- من الآیه 32 من سوره غافر.

7- من الآیه 33 من سوره الرعد.

8- قال السیوطی فی الهمع ، 2 / 206 وأجاز الفراء الحذف فی سعه الکلام لکثره ما ورد من ذلک.

المفرد هاء (1) فی الوقف رفعا ونصبا وجرا تقول : جاءنی طلحه وقائمه ورأیت طلحه وقائمه ومررت بطلحه وقائمه ، بخلاف الوصل ، فإنها تبقی تاء علی حالها کقوله : (2)

....

... طلحه الطّلحات

ومنهم من یقف علیها بالتاء (3) إجراء للوقف مجری الوصل فیقول : هذا طلحت وعلیک السّلام والرحمت ، قال الشّاعر : (4)

والله أنجاک بکفّی مسلمت

من بعد ما وبعد ما وبعد مت

صارت نفوس القوم عند الغلصمت

وکادت الحرّه أن تدعی أمت

أی بعد ما ، فأبدل من الألف هاء ثم أبدل من الهاء تاء ، ومثل ذلک فی الموقوف علیه بالهاء والتاء هیهات (5) فمن فتح آخرها کتبها بالهاء ، ووقف علیها بالهاء ، فیقول هیهاه ، لأنّها واحده کأرطاه ومن کسر آخرها کتبها بالتاء فتقول : هیهات لأنها جمع هیهاه (6) عندهم ، فیقف علیها بالتاء کما یقف علی جمع المؤنّث نحو : مسلمات (7) ویجوز أن یجری الوصل مجری الوقف وقد قیل : إنّه یختصّ بالضروره ، وقیل : لا یختصّ بها لوقوعها فی کلام الله تعالی نحو : (مالِیَهْ) و (سُلْطانِیَهْ)(8) ومنه (مِنْ

ص: 165

1- المفصل ، 341 وانظر الکتاب ، 4 / 166.

2- هذه القطعه من بیت لعبید الله بن قیس الرقیات ونصه : نضر الله أعظما دفنوها بسجستان طلحه الطّلحات ورد فی دیوانه ، 20 وورد منسوبا له فی شرح المفصل ، 1 / 47 ولسان العرب ابن منظور ، ماده طلح وورد من غیر نسبه فی الإنصاف ، 1 / 41 وهمع الهوامع ، 2 / 127 وطلحه الطلحات هو طلحه بن عبید الله بن خلف الخزاعی.

3- فی الکتاب ، 4 / 167 وزعم أبو الخطاب أن ناسا من العرب یقولون فی الوقف : طلحت.

4- الرجز لأبی النجم ، ورد منسوبا له فی اللسان ، «ما» : وشرح التصریح ، 2 / 344. وورد من غیر نسبه فی الخصائص ، 1 / 304 وشرح المفصل ، 5 / 89 - 9 / 81 وشرح الشافیه ، للجاربردی ، 1 / 174 وشرح الشافیه ، 2 / 289 - 290 وشرح الشواهد ، 4 / 214 وهمع الهوامع ، 2 / 209 وشرح شواهد الشافیه ، 4 / 218.

5- المفصل ، 341 - 342.

6- فی الأصل لأنها جماعه هیهاه.

7- إیضاح المفصل ، 2 / 314 وشرح المفصل ، 9 / 81 ومناهج الکافیه ، 2 / 152.

8- من الآیتین 28 - 29 من سوره الحاقه.

سَبَإٍ)(1) بإسکان الهمزه فی الوصل ، إجراء للوصل مجری الوقف (2) وکذلک قول الشاعر : (3)

لقد خشیت أن أری جدبّا

فی عامنا ذا بعد ما ما أخصبّا

فإنّ التشدید إنّما یکون / فی الوقف نحو ما تقدّم فی الوقف بالتضعیف من یا فرج واحمرّ فشدّد الشاعر أخصبّا فی الوصل تشبیها بالوقف فإنه یقال فی الوقف أخصبّ بغیر ألف الوصل ، فجمع فی أخصبّا بین الحرکه والتشدید ، وشرط أحدهما انتفاء الآخر ، فأجری المشدّد فی الوقف مجری غیر المشدّد فی الوصل (4) ، وحکی سیبویه أنهم یقولون فی العدد : ثلاثه اربعه إجراء للوصل مجری الوقف (5).

ذکر الوقف علی الکلم غیر المتمکّنه

تقول فی الوقف علیها : أنا ، وأنه ، إمّا بالألف أو بهاء السّکت (7) لأنّک لو سکّنت النون وقلت : أن بمعنی أنا أشبه أن التی هی حرف ، فجیء بالألف أو بهاء السکت للفرق بینهما (8) وتقول : هو وهی بإسکان الواو والیاء ، وهوه وهیه بتحریکهما وإلحاق هاء السکت ، أمّا سکونهما فلأنّ حکم ما یوقف علیه السکون ،

ص: 166

1- من الآیه 22 من سوره النمل.

2- قرأ قنبل بسکون الهمزه کأنه نوی الوقف وأجری الوصل مجراه ، والباقون بالکسر والتنوین فهو مصروف لإراده الحی ، الإتحاف ، 335 ، 336 ، وانظر السبعه لابن مجاهد ، 480 والکشف ، 2 / 155.

3- الرجز اختلف حول قائله فقد نسبه سیبویه ، 4 / 170 لرؤبه ، وقد ورد فی ملحقات دیوانه ، 3 / 169 ونسبه ابن یسعون کما ذکر البغدادی فی شرح شواهد الشافیه ، 4 / 254 لربیعه بن صبیح ، وقد ورد منسوبا له فی شرح الشواهد ، 4 / 219 ونسبه الرضی فی شرح الشافیه ، 2 / 319 لرؤبه وسجل الخلاف حوله الأزهری فی شرح التصریح ، 2 / 346 وورد الرجز من غیر نسبه فی شرح المفصل ، 9 / 69 وشرح الأشمونی ، 4 / 219.

4- فی الأصل التوصل.

5- فی الکتاب ، 3 / 265 وزعم من یوثق به ، أنه سمع من العرب من یقول : ثلاثه اربعه طرح همزه اربعه علی الهاء ففتحها وفی إیضاح المفصل ، 2 / 315 ولا یختص بحال الضروره تقول : ثلاثه اربعه.

6- المفصل ، 343.

7- فی إیضاح المفصل ، 2 / 317 أنها اللغه الفصیحه وقال الجاربردی ، 1 / 177 ویجوز أن یکون الهاء بدلا من الألف لقرب مخرجها.

8- هذا تعلیل من تعلیلیین ذکرهما ابن الحاجب فی الإیضاح ، 2 / 317.

وأمّا إلحاق هاء السکت فلأنّ الواو والیاء فی هو وهی متحرکتان فی الوصل فجیء بالهاء فی الوقف لبیان حرکتهما (1) وتقول : ها هنا وها هناه ، وهؤلاء وهؤلاه ، إذا قصرا أعنی إذا قصر هؤلاء وهؤلاه ، والهاء لبیان الألف لأنها خفیه ، ولا یجوز أن تأتی بهذه الهاء فی الأسماء المتمکنه التی آخرها ألف فلا تقول : أفعاه کما قلت : هؤلاه ، لئلا تلتبس بالإضافه وتقول : أکرمتک وأکرمتکه بإلحاق هاء السکت لبیان الحرکه (2) وتقول : غلامی بالإسکان وغلامیه بإلحاق الهاء ، أمّا السکون فعلی الأصل ، وأما إلحاق الهاء فلبیان حرکه یاء المتکلّم فی الوصل ، لأنّ یاء المتکلّم مفتوحه علی المختار (3) وتقول : ضربنی بإثبات الیاء ساکنه ، وضربنیه بإلحاق الهاء وضربن بالحذف وسکون النون ، أما ثبوت الیاء ساکنه فعلی الأصل فی الوقف ، وأما إلحاق الهاء فلبیان حرکه یاء المتکلّم ، وأما الحذف وسکون النون ، فلأنّ الوقف من شأنه حذف الحرکه وقرأ أبو عمرو (4) أکرمن وأهانن (5) قال الأعشی : (6)

ومن شانیء کاسف وجهه

إذا ما انتسبت له أنکرن

وتقول : ضربکم وضربهم وعلیهم وبهم بإسکان المیم فی الوقف ، لأنّ من شأن الوقف أن یحذف الحرکه وما یجری مجراها من حروف المدّ واللین ، لما بینهما من المجانسه والمناسبه فیحذف حرف المدّ الذی هو الواو فی ضربهمو وما أشبهه فی الوقف ، لأنه کالحرکه ومنه قولک : أخذت منه وضربه بإسکان الهاء فی الوقف ، ومثل هذا لا یکون فی الوصل إلا موصولا أی متحرک الهاء ، وتقول فی الوصل : هذی أمه الله فإذا وقفت قلت : هذه ، لأنّ الوقف لمّا کان مسلّطا علی حذف الحرکه وما جانسها من الیاء والواو حذفت له الیاء من هذی فبقی الاسم علی حرف واحد فوجب إلحاق الهاء للعوض فقالوا : هذه ، وأمّا قولهم : هذ هی ، فهو لأنّهم أجروا

ص: 167

1- شرح المفصل ، 9 / 84.

2- المفصل ، 343.

3- حاشیه ابن جماعه ، 1 / 180.

4- السبعه ، 684 والکشف ، 2 / 374 والنشر ، 2 / 191 - 400.

5- من الآیتین 15 - 16 من سوره الفجر.

6- دیوانه 69 ونسب له فی الکتاب ، 4 / 186 - 187 والأمالی الشجریه ، 2 / 73 وشرح المفصل ، 9 / 83 - 86.

هذه الهاء مجری الهاء التی لإضمار / المذکّر فی نحو : به فإذا وقفت علی هذ هی ، حذفت الیاء فقلت هذه ، لیس إلّا ، کما تفعل فی به (1) ، وتقول : حتّام ، وحتّامه وفیم وفیمه ، بغیر هاء وبإلحاق الهاء ، لأنّ ما الاستفهامیه المتصله بحروف الجرّ المذکوره لک فیها أن تحذف ألفها فی الوقف کما تحذفه فی الوصل من غیر تعویض کقولک : حتّام کما تقول فی الوصل : حتّام أنت واقف ، ولک أن تعوّض من ألفها هاء السکت کما قلنا فی حتامه وفیمه لأنّه قد بقی اسم الاستفهام علی حرف واحد ، وتقول فی الوصل : مجیء م جئت ، ومثل م أنت ، فإذا وقفت عوّضت وقلت : مجیء مه ومثل مه ، بإلحاق هاء السکت لیس إلّا ، لأنّ اتصال ما الاستفهامیه بمجیء وبمثل ، لیس کاتصاله بحرف الجرّ ، لأنّ مجیء ومثل یصحّ الوقوف علیهما منفصلین عن ما ، فتبقی «ما» علی حرف واحد فیجب إلحاق الهاء بخلاف حرف الجرّ ، فإنه لا ینفصل من ما لشدّه اتصال حرف الجرّ ، فلذلک وجبت الهاء فی ما مع مجیء ومثل ، ولم تجب فی حتّام وبابها (2) ، وتقول فی الوقف علی نون التأکید الخفیفه فی اضربن : اضربا ، فتبدلها ألفا حسبما تقدم فی نون التأکید ، قال الأعشی : (3)

...

ولا تعبد الشّیطان والله فاعبدا

وتقول فی یا قوم هل تضربن : هل تضربون بإعاده واو الجمع ، لأنّ نون التأکید ، حذفت للوقف کما تحذف للتنوین لشبهها به ، فعادت واو الجمع ونون الإعراب ، لأنّهما إنما حذفا من أجل نون التأکید وقد زالت للوقف (4). وهو أیضا مما تقدّم مع نون التأکید ، واعلم أنّ الزمخشریّ ذکر فی المشترک القسم بعد الوقف ونحن

ص: 168

1- الکتاب ، 4 / 198.

2- الکتاب ، 4 / 164 وشرح المفصل ، 9 / 87 - 88 وحاشیه ابن جماعه ، 1 / 178.

3- هذا عجز بیت للأعشی وصدره : فإیاک والمیتات لا تقربنّها ... ورد فی دیوانه ، 187 بروایه : وذا النّصب المنصوب لا تنسکنّه ، والأوثان فی مکان الشیطان وورد البیت بالروایه الأولی منسوبا له فی الکتاب ، 3 / 510 وشرح المفصل ، 9 / 88 - 10 / 20 وشرح التصریح ، 2 / 208 وشرح شواهد المغنی ، 2 / 577 - 793. وورد من غیر نسبه فی الإنصاف ، 2 / 657 وشرح المفصل ، 9 / 39 ومغنی اللبیب ، 2 / 372.

4- الکتاب ، 3 / 522 وشرح المفصل ، 9 / 90.

قدّمناه فی قسم الحروف فلذلک لم نذکره هنا.

الفصل الثالث : فی تخفیف الهمزه

اشاره

وهو أن تردّ الهمزه إلی وجه من التخفیف ، ویشترک فیه الأضرب الثلاثه الاسم والفعل والحرف ، وإنّما خفّفت الهمزه ، لأنّها أبعد الحروف مخرجا فاستثقل إخراجها من أقصی الحلق إذ هو مثل السّعله أو التهوع (2).

وفی تخفیفها ثلاثه أوجه (3) : الإبدال والحذف وأن تجعل بین بین ، أی بین مخرجها وبین مخرج الحرف (4) الذی منه حرکتها وهذا هو بین بین المشهور ، وأما غیر المشهور فهو بین بین الشاذ ، وهو أن تجعل الهمزه بین الهمزه وبین الحرف الذی منه حرکه ما قبلها فی بعض المحال ، ولا تخلو الهمزه من أن تکون ساکنه أو متحرکه :

أما الهمزه الساکنه فتبدل بحرف یجانس حرکه ما قبلها فإن کانت حرکته فتحه ، أبدلت ألفا نحو : رأس وراس وإن کانت کسره أبدلت یاء نحو : بئر وبیر ، وإن کانت ضمّه أبدلت واوا نحو : لؤم ولوم ، وکذلک حکم الهمزه إذا کانت فی کلمه والحرکه التی قبلها من کلمه أخری نحو قوله تعالی : (إِلَی الْهُدَی ائْتِنا)(5) اجتمع فی «ائتنا» همزتان ، الأولی همزه وصل مکسوره جیء بها وصله إلی النطق بالساکن ، والثانیه فاء الفعل ساکنه فلمّا اتصلت / بالهدی سقطت همزه الوصل فاجتمع ساکنان ألف الهدی وهمزه ائتنا الساکنه فحذفت الألف فبقیت الهمزه ساکنه وقبلها مفتوح أعنی دال الهدی فبقی إلی «الهدأتنا» فإذا خفّفت انقلبت ألفا لسکونها وانفتاح ما قبلها کما قلبت فی رأس فتبقی إلی «الهداتنا» بألف محضه ، وقس (6) علی ما ذکرناه ما یأتی من ذلک نحو

ص: 169

1- المفصل ، 349.

2- السعله : إلقاء الشیء من الصدر ، والتهوع : تکلف القیء ، اللسان ، والقاموس ، سعل ، هوع.

3- المفصل ، 349.

4- أتی الطمس علی بعض حروفها.

5- من الآیه 71 من سوره الأنعام ، وانظر النشر 1 / 306.

6- غیر واضحه فی الأصل.

(الَّذِی اؤْتُمِنَ)(1) فتسقط همزه الوصل للاتصال بالذی ، فیلتقی ساکنان یاء الذی وهمزه ائتمن الساکنه فتحذف یاء الذی فتبقی «الذئتمن» فتحصل الهمزه ساکنه وقبلها کسره فتقلب یاء کما قلبت فی ذئب فتبقی «الذیتمن» (2) وأمّا الهمزه المتحرکه فإن لم یتقدّمها شیء ، نحو قولک ابتداء : أب أمّ إبل فلا یمکن تخفیفها بل تبقی همزه خالصه ، وإن تقدّمها شیء فلا یخلو ما قبلها من أن یکون ساکنا أو متحرکا فذلک قسمان :

ذکر الهمزه المتحرکه التی قبلها ساکن

وهی إن کان السّاکن الذی قبلها یاء أو واوا زائدتین مدّتین أو ما یشبه المدّه نحو یاء التصغیر قلبت الهمزه إلی مثل تلک المدّه جوازا وأدغمت فیها تلک المدّه فتقول فی خطیئه ومقروءه بالهمز : خطیّه ومقروّه بقلب الهمزه یاء وواوا والإدغام فیها ، وکثر ذلک فی نبیّ وبریّه لکثره استعمالهما (4) والمراد بالمدّه یاء ساکنه مکسور ما قبلها أو واو ساکنه مضموم ما قبلها ومعنی کونهما زائدتین مدّتین أن تکونا قد زیدتا للمدّ ، لأنّهما إذا زیدتا لا لمعنی ، فإنما جاءتا (5) للمدّ لا غیر ، وذلک مثل یاء خطیئه فإنها یاء مکسور ما قبلها زائده لا للإلحاق ولا لغیره فهی للمدّ لیس إلّا ، وکذا الکلام فی واو مقروّه ، وأما مشابهه یاء التصغیر للمدّه فهو إنما تشبهها فی أنّها لا تکون إلّا ساکنه فلذلک إذا اجتمعت مع الهمزه المتحرکه تقلب الهمزه یاء ، وتدغم فیها یاء التصغیر وذلک نحو : أفیّس جمع فأس والأصل أفؤس ، فصغّر لأنّه جمع قلّه فصار أفیئس علی

ص: 170

1- من الآیه 283 من سوره البقره.

2- شرح المفصل ، 9 / 108 وشرح الشافیه للجاربردی ، 1 / 251.

3- المفصل ، 349.

4- خالف ابن الحاجب وتبعه أبو الفداء الزمخشریّ فیما ذهب إلیه فقد نصّ علی الالتزام فی حین قال ابن الحاجب : وقولهم : التزم فی نبیّ وبریّه غیر صحیح ولکنه کثیر وإنما قال ابن الحاجب ذلک لأن نافعا قرأ النبی بالهمز فی جمیع القرآن ونافعا وابن ذکوان قرا البریئه بالهمز أیضا ، وأیّد الجار بردیّ ابن الحاجب فقال : ما نقله القراء أولی لأنّهم ناقلون عمّن ثبتت عصمته من الغلط وهم أعدل من النحاه فالمصیر إلی قولهم أولی. انظر الشافیه ، 531 وإیضاح المفصل ، 2 / 336 وشرح المفصل ، 9 / 108 وشرح الشافیه ، 1 / 253 ومناهج الکافیه ، 2 / 174. والنشر ، 1 / 407.

5- فی الأصل جاء ،

وزن أفیعل ، فقلبت الهمزه یاء وأدغم فیها یاء التصغیر مثل خطیّه فصار أفیّس ، وإن کان السّاکن الذی قبل الهمزه المتحرکه ألفا (1) وأردت تخفیفها جعلتها بین بین لتعذّر الإدغام ، لأنّ الألف لا تدغم ولا یدغم فیها ، ولتعذّر إلقاء حرکتها علی الألف ، لأنّ الألف لا تتحرّک فلما تعذّر قلبها والإدغام فیها ، وتعذّر نقل حرکتها وحذفها ، لم یبق إلّا أن تجعل بین بین إذ فیه بقیّه منها ، وفیه تخفیفها وتلیینها وتسهیل نبرتها (2) فإن کانت الهمزه مفتوحه جعلتها بین الهمزه والألف نحو : ساءل ، وإن کانت مضمومه جعلتها بین الهمزه والواو نحو : التساؤل ، وإن کانت مکسوره جعلتها بین الهمزه والیاء نحو : قائل ، وإن کان الساکن الذی قبلها حرفا صحیحا وأردت تخفیفها ألقیت علیه حرکه الهمزه وحذفتها وبقّیت من أعراضها ما یدلّ / علیها وهو حرکتها المنقوله إلی الساکن قبلها فتقول فی مسأله : مسله وفی الخبء : هذا الخب یا فتی ، وکذلک الحکم فی کلمتین نحو : من أبوک فتقول من أبوک فتلقی الحرکه علی النون وتفتحها وتسقط الهمزه ، وتقول : کم ابلک فتکسر المیم بنقل کسره همزه إبلک إلیها وتحذف الهمزه (3) وإن کان السّاکن الذی قبلها یاء أو واوا زائدتین لا للمدّ ، ولکن لمعنی وهو إلحاق بناء ببناء کان حکمها حکم الحرف الصحیح فی إلقاء حرکه الهمزه علیهما وحذفهما فتقول فی جیأل : جیل وهو علم للضبع ویاؤه لإلحاقه بجعفر فتنقل حرکه الهمزه وهی فتحه إلی الیاء الساکنه التی قبلها وتحذف الهمزه فیصیر : جیل (4) ، فإن قیل : کیف لم تنقلب یاء جیل حینئذ ألفا لتحرکها وانفتاح ما قبلها؟ فالجواب : أنّ الیاء فی نیّه السکون والهمزه فی نیّه البقاء وکذا تقول فی حوأبه حوبه وهی الدّلو الضخمه ، وواوها لإلحاقها ببنات الأربعه والکلام فی عدم انقلاب واوها ألفا لتحرکها وانفتاح ما قبلها کالکلام فی جیل (5) وکذا حکم الیاء والواو الأصلیتین المنفصلتین فتقول فی هذا أبو إسحاق ونحوه : أبو سحاق فتلقی حرکه الهمزه علی الواو وتحذفها وتبقی الواو مکسوره لأنّک حرّکتها بحرکه

ص: 171

1- المفصل ، 349.

2- شرح المفصل ، 9 / 109.

3- الکتاب ، 3 / 545 - 556.

4- وذلک لأن حذفها - أی الهمزه - أبلغ فی التخفیف وقد بقی من عوارضها ما یدل علیها ، وهو حرکتها المنقوله إلی الساکن ، الجار بردی ، 1 / 253.

5- انظر الکتاب ، 3 / 548.

الهمزه وکذا مررت بأبی إسحاق فتقول : بأبی سحاق تنقل کسره الهمزه إلی الیاء وتحذف الهمزه فتبقی الیاء متحرکه بالکسره یلیها السین الساکنه ، وتقول فی ذو أمرهم : ذو مرهم فتنقل فتحه الهمزه إلی الواو وتحذف الهمزه فتبقی الواو مفتوحه یلیها المیم الساکنه (1) ، وتقول فی قاضو أبیک : قاضوبیک بنقل فتحه الهمزه إلی الواو وحذف الهمزه ، وتقول فی ابتغی أمره : ابتغی مره (2) ، وقد التزم تخفیف الهمزه فی باب أری وتری ویری (3) لأنّ الماضی رأی فکان قیاس المضارع أن یکون أرأی وترأی ویرأی کما قالوا فی نأی ینأی فالتزم تخفیفه بنقل حرکه همزه ترأی إلی الراء وحذف الهمزه وجوبا (4) ولزم هذا التخفیف لکثره الاستعمال ، وقد جاء علی الأصل فی ضروره الشعر (5) کقوله : (6)

ألم تر ما لاقیت والدّهر أعصر

ومن یتملّ العیش یرأی ویسمع

وقد شذّ عند سیبویه (7) تخفیف همزه المرأه والکمأه حیث قالوا : المراه والکماه بألف خالصه ، فأبدلوا من الهمزه المفتوحه ألفا فانفتح ما قبل الألف ضروره وإنما کان شاذّا لأنّ طریق هذه الهمزه أن تلقی حرکتها علی ما قبلها وتحذف فتبقی : مره وکمه لکن قالوا : مراه وکماه فیقتصر فیه علی السّماع ولا یقاس علیه عند البصریین ، وأمّا الکوفیون فیقیسون علیه ویجعلونه مطردا (8).

ذکر الهمزه المتحرّکه التی قبلها متحرّک

وهی تسعه أقسام ، مفتوحه وقبلها / الحرکات الثلاث ، ومکسوره ، وقبلها

ص: 172

1- الکتاب ، 3 / 547.

2- الکتاب ، 3 / 548.

3- المفصل ، 349.

4- شرح الشافیه للجاربردی ، 1 / 254.

5- قال ابن جماعه فی حاشیته ، 1 / 254 نقل أبو حیان وغیره أنّ الإتمام لغه تیم اللات.

6- البیت للأعلم بن جراده السعدی ، روی منسوبا له فی النوادر ، 185 ولسان العرب رأی ، ومن غیر نسبه فی المحتسب ، 1 / 129 وأمالی الزجاجی ، 88 وشرح الشافیه ، للجاربردی ، 1 / 254 وحاشیه ابن جماعه ، 1 / 254.

7- الکتاب ، 3 / 545.

8- شرح المفصل ، 9 / 110 - 111 وشرح الشافیه ، 3 / 40 - 41.

9- المفصل ، 349 - 351.

الحرکات الثلاث ، ومضمومه وقبلها الحرکات الثلاث ، أمّا المفتوحه وقبلها مفتوح ومکسور ومضموم فنحو : سأل ومائه ومؤجّل ، وأمّا المکسوره وقبلها الحرکات الثلاث المذکوره فنحو : سئم ومستهزئین وسئل ، وأمّا المضمومه وقبلها الحرکات الثلاث المذکوره فنحو : رؤوف ومستهزئون ورؤوس.

فقسمان من هذه التسعه وهما المفتوحه وقبلها مضموم أو مکسور ، یخفّفان بقلب الهمزه واوا أو یاء فتقلب المفتوحه التی قبلها مضموم واوا فتقول فی جؤن جمع جونه : جون وفی مؤجّل : مؤجّل بواو مفتوحه محضه فیهما بغیر همزه ، وتقلب المفتوحه التی قبلها مکسور فی نحو : مائه یاء محضه مفتوحه ، وإنما لم تجعل بین بین لأنّ الهمزه إذا جعلت بین بین تقرب من الألف وقبلها ضمّه أو کسره فکرهوا الضمّ أو الکسر علی ما یقرب من الألف (1).

وباقی الأقسام من التسعه وهی سبعه : المفتوحه التی قبلها مفتوح ، والمکسوره التی قبلها الحرکات الثلاث ، والمضمومه ، التی قبلها الحرکات الثلاث ، إنّما تخفّف بجعلها بین بین لا بالنّقل ولا بالإبدال ، أما النقل ، وهو أن تنقل حرکتها إلی ما قبلها وتحذف فلتعذّره لأنّ ما قبلها متحرّک ولا سبیل إلی تحریکه بحرکتین ، وأما الإبدال ، فلقوّه الهمزه بالحرکه خلا ما تقدّم من نحو : مؤجل ومائه ، کما تقدّم ، وإذا انتفی فی هذه الأقسام النقل والإبدال تعیّن بین بین.

وقد جوّز بعضهم (2) فی قسمین من هذه السبعه ، الإبدال. أحدهما : المضمومه المکسور ما قبلها نحو : مستهزئون فجوّز أن تقلب همزتها یاء محضه ، وثانیهما : المکسوره المضموم ما قبلها نحو : سئل فجوّز (3) أن تقلب همزتها واوا محضه ، وأما عند سیبویه فلا یجوز فیهما غیر جعلهما بین بین (4) لکن سئل ومستهزئون خاصه یجوز جعلهما بین بین المشهور وبین بین الشاذ أیضا ، وباقی الأقسام إنّما تجعل بین بین المشهور لا غیر ، وقد تقلب الهمزه المتحرکه المتحرک ما قبلها حرف لین من

ص: 173

1- شرح الشافیه للجاربردی ، 1 / 256.

2- ومنهم الأخفش ، انظر شرح المفصل ، 9 / 112 والهمع ، 2 / 221 ومناهج الکافیه ، 2 / 178.

3- غیر واضحه فی الأصل.

4- الکتاب ، 3 / 542 - 545.

جنس حرکه ما قبلها علی غیر قیاس ، لأنّ قیاس مثلها أن یجعل بین بین فقلبوها علی غیر قیاس یاء إذا انکسر ما قبلها نحو قوله فی واجیء (1) بالهمز : هو واجی بیاء محضه فی الوصل (2) ، وألفا إذا انفتح ما قبلها نحو : سأل بألف محضه فی نحو قول حسّان (3) :

سالت هذیل رسول الله فاحشه

ضلّت هذیل بما سالت ولم تصب

وکانوا قد سألوا من رسول الله صلی الله علیه وسلم إباحه الزّنا ، والشاهد فیه قوله : سالت بألف محضه ، والأصل سألت بهمزه مفتوحه قبلها سین مفتوحه ، وقیاسها بین بین لا قلبها ألفا ، واعلم أنّ الخارج عن القیاس إنّما هو واجی بقلب الهمزه یاء فی الوصل کما / قلنا ، لا واجیء فی البیت المشهور الذی هو : (4)

وکنت أذلّ من وتد بقاع

یشجّج رأسه بالفهر واجی

خلافا لسیبویه (5) فإنّ قلبها یاء فی البیت المذکور شاذّ عنده ، ولیس بحقّ لأنّ الهمزه سکّنها الوقف وقبلها مکسور وهو الجیم فهو کثیر (6) فقیاسها أن تقلب یاء محضه کما فعل الشّاعر وقد حذفوا الهمزه فی «کل ومر وخذ» حذفا غیر قیاسی ، لأنّ قیاس الأمر من هذه الأفعال أن یقال : أؤکل وأؤمر وأؤخذ ، لأنّ الأصل أأکل ، أأخذ ، أأمر ، إلا أنّ هذه الأفعال کثر استعمالها فاستثقلوا ذلک فیها ، فأسقطوا الهمزه الثانیه

ص: 174

1- الوجء : اللّکز ، ووجأه بالید والسکین وجئا مقصور ضربه. اللسان ، وجأ.

2- الکتاب ، 3 / 554.

3- ورد فی دیوانه ، 373 وورد منسوبا له فی الکتاب ، 3 / 468 - 554 والمقتضب ، 1 / 167 وشرح المفصل ، 9 / 111 - 114 وشرح شواهد الشافیه ، 4 / 339 وورد من غیر نسبه فی المحتسب ، 1 / 90 وشرح الشافیه ، 3 / 48 وحاشیه ابن جماعه ، 1 / 317.

4- البیت لعبد الرحمن بن حسان بن ثابت الأنصاری یهجو به عبد الرحمن بن الحکم بن أبی العاص ورد منسوبا له فی الکتاب ، 3 / 555 والمقتضب ، 1 / 166 والخصائص ، 3 / 152 وشرح المفصل ، 9 / 111 - 114 وشرح شواهد الشافیه ، 4 / 341. وورد من غیر نسبه فی المحتسب ، 1 / 81 والمنصف ، 1 / 76 وشرح الشافیه ، 3 / 49 ومناهج الکافیه ، 2 / 178. الفهر الحجر ، والواجی : اسم فاعل من وجأت عنقه إذا ضربته.

5- الکتاب ، 3 / 553 - 554.

6- تبع أبو الفداء ابن الحاجب فی رده علی سیبویه ، انظر ذلک فی إیضاح المفصل ، 2 / 341 والشافیه 532 وشرح الشافیه ، 3 / 49 وحاشیه ابن جماعه ، 1 / 257.

علی غیر قیاس فحصل الاستغناء عن همزه الوصل ، لأنّ ما بعد الهمزه الساکنه الساقطه متحرک ، وقد التزموا الحذف فی کل وخذ دون مر (1) قال الله تعالی : (وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ)(2) واعلم أنّ قولک : مر أفصح من أؤمر ، وأمر أفصح من ومر (3).

ذکر تخفیف همزه باب الأحمر

إذا خفّفت همزه نحو : الأحمر ، بأن ألقیت حرکتها علی لام التعریف ففی ألف الوصل بعد ذلک مذهبان :

الأوّل : حذف ألف الوصل اعتدادا بحرکه اللّام کقولک : لحمر وهو القیاس لأنّ الحاجه إلی همزه الوصل کانت من أجل سکون اللّام ، فإذا تحرکت فقد استغنی عن همزه الوصل.

الثانی : إبقاء ألف الوصل لعدم الاعتداد بحرکه لام التعریف لأنّها عرضه لسکون اللام فی الأصل کقولک ألحمر.

وقد جاء علی المذهب الأول أعنی مثل لحمر عادلولی (5) فی قراءه أبی عمرو بادغام نون التنوین فی اللّام (6) ومنه قولک فی من الآن : ملّان ، بتسکین نون من وادغامها فی اللام ، ومنه : قولک فی اسأل : سل ، وقد جاء علی المذهب الثانی أعنی مثل ألحمر : من لان بتحریک النون لالتقاء السّاکنین ، وهما نون من ولام التعریف ، لعدم الاعتداد بحرکه لام التعریف ، ومنه قراءه من قرأ (7) (من لرض) فی (مِنَ الْأَرْضِ)(8) و (من لخره) فی (مِنَ الْآخِرَهِ)(9) ، ومن لخسرین فی من

ص: 175

1- المفصل ، 351.

2- من الآیه ، 199 من سوره الأعراف.

3- الشافیه ، 532 والنقل منها وانظر إیضاح المفصل ، 2 / 343 ومناهج الکافیه ، 2 / 179.

4- المفصل ، 351.

5- من الآیه 50 من سوره النجم.

6- قال ابن مجاهد فی السبعه ، 615 قرأ ابن کثیر وعاصم وابن عامر وحمزه والکسائی عادا الأولی منونه مهموزه ، وقرأ نافع وأبو عمرو عادلّولی موصوله مدغمه. وانظر الکشف ، 1 / 87 - 92 والاتحاف ، 403.

7- هی لغه لبعض العرب اختص بروایتها ورش ، النشر ، 1 / 408 والاتحاف ، 59 - 60.

8- من الآیه ، 267 من سوره البقره.

9- من الآیه 38 من سوره التوبه.

الأخسرین بتحریک نون من لسکون اللّام فی الأصل ، ومنه أیضا قول الشاعر (1) :

أبلغ أبا دختنوش مألکه (2)

غیر الذی قد یقال ملکذب

الأصل من الکذب ، فحذف النون تخفیفا لالتقاء الساکنین لعدم الاعتداد بحرکه اللّام ، وکان الوجه تحریکها لا حذفها ، فحذفها علی غیر قیاس.

ذکر التقاء الهمزتین والثانیه ساکنه

اشاره

ویلتقیان علی وجهین :

أحدهما : أن یلتقیا فی کلمه واحده فتقلب الثانیه حرف لین ، ومذهب سیبویه أنّ ذلک واجب (4) لأنّه إذا استثقلت الهمزه الواحده ، فإذا اجتمع ثنتان فی کلمه کان الثقل أبلغ.

فمن ذلک آدم وأیمّه وجاء وخطایا ، أمّا آدم فأصله أأدم بهمزتین فقلبت الثانیه ألفا لسکونها وانفتاح ما قبلها کما قیل فی رأس ، لکن رفضت هذه الهمزه وصارت ألفا کألف کاهل وضارب ، ولذلک جمع علی أوادم وصغّر علی أویدم ، کما جمع کاهل علی کواهل ، وصغّر علی کویهل (5).

وأما أیمه ، فالأصل / أأممه علی وزن أفعله جمع إمام کما جمع مثال علی أمثله ، فلما اجتمع فی أأممه همزتان الأولی همزه الجمع والثانیه فاء الفعل ، کان القیاس قلب الثانی ألفا لسکونها وانفتاح ما قبلها لکن لما وقع بعدها مثلان ، وأرادوا الإدغام نقلوا حرکه المیم الأولی وهی کسره إلی الهمزه الثانیه الساکنه وأدغموا المیم فی المیم ، فانقلبت الهمزه الثانیه یاء ، لأنّ الهمزتین لمّا اجتمعتا فی کلمه لزم الثانیه

ص: 176

1- البیت لم یعرف قائله ، وقد ورد فی الخصائص ، 1 / 311 - 3 / 275 وأمالی ابن الشجری ، 1 / 7 - 386 وشرح المفصل ، 8 / 35 - 9. 10 / 116 ولسان العرب ، ودختنوش بالفارسیه دخت نوش ، وهی بنت لقیط بن زراره سمّاها أبوها باسم بنت کسری. انظر المعرب ، للجوالیقی ، 190.

2- غیر واضحه فی الأصل.

3- المفصل ، 351 - 352.

4- الکتاب ، 3 / 552.

5- الکتاب ، 3 / 552 وشرح المفصل ، 9 / 116.

البدل ، فأبدلت یاء لانکسارها فصار أیّمه بیاء مکسوره (1).

وأما جاء بهمزه وتنوین مثل قاض فأصله جاییء بیاء قبل الهمزه وعین الفعل فی مثله تقلب همزه کما فی قائل وبائع علی ما سیذکر فی الإعلال (2) ، فلمّا قلبت یاء جاییء همزه صار جائیء بهمزتین فأبدلت الهمزه الأخیره یاء ، وذلک من جنس حرکه ما قبلها ، فصار جائی مثل قاضی ، ثمّ حذفت الیاء فی الرفع والجرّ للتنوین فصار جاء کقاض.

وأمّا خطایا جمع خطیئه فالأصل خطائیء بهمزتین الثانیه لام الفعل ، والأولی الیاء التی فی خطیئه المنقلبه (3) همزه فی الجمع کیاء سفینه وقبیله المنقلبه همزه فی سفائن وقبائل ، فقلبت الثانیه یاء لاجتماع الهمزتین ، فصار خطائی فاستثقلوا الیاء بعد الکسره مع الهمزه فأبدلوا من کسره الهمزه فتحه ، ومن الیاء ألفا فصار خطاءا ، فاجتمع ثلاثه أمثال ، الألفان والهمزه المفتوحه ، فاستثقل ذلک فقلبت الهمزه یاء فصار خطایا (4) وقال الفرّاء وأصحابه : خطیّه مثل هدیّه بغیر همز فتجمع علی خطایا کما قیل : هدایا (5).

وثانیهما : أن تلتقی همزتان فی کلمتین نحو (أَأَنْتَ قُلْتَ)(6) ، فإذا التقتا کذلک ، جاز تحقیقهما وتخفیفهما وتخفیف الأولی دون الثانیه وبالعکس (7) بأن تجعل المخفّفه بین بین (8) قال ابن الحاجب : (9) وهو غیر مستقیم فإنه یکون تخفیف

ص: 177

1- شرح الشافیه للجاربردی ، 1 / 263.

2- فی 2 / 252 - 268.

3- غیر واضحه فی الأصل.

4- ما ذکره أبو الفداء هو رأی سیبویه فیها. انظر الکتاب ، 3 / 553 وإیضاح المفصل ، 2 / 348 وشرح المفصل ، 3 / 117 وشرح الشافیه للجاربردی ، 1 / 263 وشرح الشافیه ، 3 / 59.

5- الانصاف ، 2 / 805.

6- من الآیه 116 من سوره المائده.

7- تخفیف الأولی هو اختیار أبی عمرو ، وتخفیف الثانیه هو اختیار الخلیل ، المفصل ، 351 وشرح الشافیه للجاربردی ، 1 / 265 - 266.

8- قال الزمخشری فی المفصل ، 351 «وإذا التقتا فی کلمتین جاز تحقیقهما ، وتخفیف إحداهما بأن تجعل بین بین».

9- ونصه فی إیضاح المفصل ، 2 / 349 «وقوله : تخفیف إحدهما بأن تجعل بین بین ، غیر مستقیم ، فإنه یکون تخفیف أحدهما بغیر ذلک فلا وجه لحصره تخفیف [وفی المطبوع تحقیق ، ولا یستقیم بذلک الکلام] ، أحدهما. بأن یجعل بین بین» وانظر مخطوط الإیضاح الورقه ، 508 و.

إحداهما بغیر ذلک ، وأهل التحقیق (1) یحققونهما معا (2) فیقولون : (جاءَ أَشْراطُها)(3) بهمزتین خالصتین وهو مذهب الکوفیین وبه قرأ ابن عامر (4) ومن العرب من یدخل بینهما ألفا فرارا من ثقل اجتماعهما (5) نحو قول ذی الرّمه : (6)

...

آأنت أم أمّ سالم

ونحو قول الآخر : (7)

حزقّ (8) إذا ما القوم

ابدوا فکاهه

ففکّر آإیّاه یعنون أم قردا

والحزقّ القصیر ، ومثله فی الکتاب العزیز کثیر نحو قوله تعالی : (أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ)(9)(أَإِذا مِتْنا)(10)(أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ)(11).

ص: 178

1- فی الأصل وأهل الحجاز ، ولم یرد أبو الفداء قول الزمخشری فی المفصل ، 351 «وأهل الحجاز یخففونهما معا» مع أن المشابهه داعیه إلی القول بذلک - لأن ذکره لمذهب الکوفیین وقراءه ابن عامر للآیه ، بعد ، ثم وضوح «یحققونهما» بقافین ، فی مخطوط الکناش ، کل ذلک یرجح ما أثبتناه.

2- الکتاب ، 3 / 550 وشرح المفصل ، 9 / 118 ومناهج الکافیه ، 2 / 184.

3- من الآیه 18 من سوره محمد.

4- الکشف ، 1 / 74 - 75 والنشر ، 1 / 382 - 386 وحاشیه ابن جماعه ، 1 / 265.

5- وهم بنو تمیم. الکتاب ، 3 / 551.

6- وصدره : فیا ظبیه الوعساء بین جلاجل وبین النقا ... ورد فی دیوانه ، 662 ونسب له فی الکتاب ، 3 / 551 والمقتضب ، 1 / 163 والکامل ، 3 / 55 والأمالی الشجریه ، 1 / 320 وشرح المفصل ، 1 / 94 - 9 / 111 وشرح الشافیه للجاربردی ، 1 / 267 ومن غیر نسبه فی الانصاف ، 2 / 482 وشرح الشافیه ، 2 / 64 والهمع ، 1 / 172. الوعساء : الرمله اللینه ، النقا : الکثیب من الرمل ، جلاجل : اسم موضع.

7- البیت لجامع بن عمرو بن مرخیه الکلابی ورد منسوبا له فی شرح شواهد الشافیه ، 4 / 349 وورد من غیر نسبه فی شرح المفصل ، 9 / 119 وشرح الشافیه ، 2 / 64 وهمع الهوامع ، 1 / 155.

8- غیر واضحه فی الأصل ، والتصویب من المفصل ، 352.

9- من الآیه 64 من سوره الواقعه.

10- من الآیه 82 من سوره المؤمنون.

11- من الآیه 116 من سوره المائده.

فصل

وفی نحو قولک اقرأ آیه ثلاثه أوجه :

أولها : إبدال الأولی ألفا ؛ لأنّها ساکنه وقبلها فتحه فتقول : اقرأ آیه تجعل الأول ألفا والثانیه همزه بحالها.

ثانیها : تحریک الأولی بحرکه الثانیه وحذف الثانیه التی ألقیت حرکتها علی الأولی فتقول : اقرأیه بتحریک الهمزه الأولی وحذف الثانیه کما قلت : من ابوک.

ثالثها : لغه أهل الحجاز ، أن تبدل الأولی ألفا وتجعل الثانیه بین بین فتقول : اقرأ آیه (2) ، وسها فی المفصّل (3) حیث قال «وأن تجعلا معا بین بین» لأنّ الأولی ساکنه / والساکنه لا تجعل بین بین أصلا ، لأنّ الغرض من بین بین تقریبها من السکون ، فتقرب إلی الخفّه ، وإذا کانت ساکنه فقد بلغت الغایه فی الخفه فلا یصحّ أن تخفّف حینئذ بالتقریب من السکون.

الفصل الرابع : فی التقاء الساکنین

اشاره

وتشترک فیه الأضرب الثلاثه ، واجتماع الساکنین قسمان :

الأول : اجتماعهما من غیر أن یغیر واحد منهما بشیء لا بحذف ولا بتحریک ولا غیر ذلک.

ص: 179

1- المفصل ، 352.

2- شرح المفصل ، 9 / 120.

3- هذا السهو نبه إلیه ابن الحاجب فی الإیضاح ، الورقه 508 ظ. بقوله : وفی أقرأ آیه ثلاثه أوجه وهم فی الوجه الثالث منها ، لأنه قال وأن تجعلا معا بین بین ولیست الساکنه تجعل بین بین ، لما تبین أن معنی ذلک أن تجعل بین الهمزه وبین حرف حرکتها ، فإذا لم یکن لها حرکه فکیف یعقل جعلها بین الهمزه وبین حرف حرکتها ، فثبت أنه وهم وانظر إیضاح المفصل (2 / 351) المطبوع.

4- المفصل ، 352.

والثانی : إزاله اجتماعهما. إمّا بحذف أحدهما أو بتحریکه.

ذکر القسم الأول : وهو التقاء الساکنین من غیر تغییر

وله أربع صور :

إحداها : أن یلتقیا علی حدّهما وهو أن یکون الساکنان فی کلمه واحده حال الدرج ، والساکن الأول حرف مدّ ولین ، والثانی مدغم والمراد بحرف المدّ واللین الألف والواو الساکنه المضموم ما قبلها ، والیاء الساکنه المکسور ما قبلها نحو قوله تعالی : (وَلَا الضَّالِّینَ)(2) و (الْحَاقَّهُ مَا الْحَاقَّهُ)(3) ونحو قولک : تمودّ (4) الثوب وهو من تماددنا الثوب إذا بنیته لما لم یسمّ فاعله ، فتضمّ التاء وما بعدها مثل : تضورب ، وإنما وجب فی التقاء الساکنین علی حدّهما أن یکون الاول حرف مدّ ولین ، والثانی مدغما ، لما فی حرف المدّ من المدّ القائم مقام الحرکه بسبب استمرار الصوت المتوصّل به إلی النطق بالسّاکن بعده ، ولما فی الحرف المشدّد من سهوله النطق لعمل اللّسان عملا واحدا ، ولا بدّ فی التقائهما علی حدّهما من حصول هذین الشرطین (5) فإنّ حرف المدّ وحده فی نحو : قوم ، أو المدغم وحده فی نحو : یشدّ لا یکفی ویجب إزالتهما حینئذ بتحریک میم قوم وشین یشدّ ، ولا بدّ مع ذلک أن یکونا فی کلمه واحده ، لأنّه لو کان المدّ فی آخر کلمه ، والمدغم فی أول أخری لم یکن إجتماعهما علی حدّهما ووجب إزاله اجتماعهما بحذف الأول نحو : قالوا ادّارأنا (6) ، وقالا ادّارأنا (7) ، وفی ادّارأنا ، فتحذف الواو والألف والیاء فی هذه الصور.

ص: 180

1- المفصل ، 352 - 353.

2- من الآیه 7 من سوره الفاتحه.

3- الآیتان 1 - 2 من سوره الحاقه.

4- فی الأصل : وتمود الثوب.

5- الکتاب ، 4 / 438 وشرح المفصل ، 9 / 121

6- أصله تدارأنا ، أی اختلفنا ، فأدغمت التاء فی الدال واجتلبت الألف لیصح الابتداء بها ، شرح الشافیه للجاربردی ، 1 / 151.

7- فی الأصل وکذا التی تلیها : أدّرأنا ، وانظر شرح الشافیه للجاربردی ، 1 / 151.

ثانیها : أن یلتقیا حال الوقف فإنّ التقاء الساکنین فیه قد اغتفر لما قدّمناه فی باب الوقف ، من توفّر الصوت علی الحرف الموقوف علیه حتّی صار بمنزله الحرکه (1).

ثالثها : أن یلتقیا حال إبدال همزه الوصل ألفا عند اجتماعها مع همزه الاستفهام فیلتقی ساکنان الألف المنقلبه عن همزه الوصل ، ولام التعریف الساکنه خوف اللّبس کما سنبیّنه ، ویقع ذلک فی کلّ کلمه أولها همزه وصل مفتوحه ، ودخلت همزه الاستفهام علیها فیما فیه لام التعریف ، وفی ایمن وایم الله خاصّه ، إذ لا ألف وصل مفتوحه فی سوی ذلک کقولک آلحسن عندک ، آلرجل عندک؟ بقلب همزه الوصل ألفا ، فیلتقی ساکنان ، هذه الألف ولام التعریف الساکنه التی بعدها وکان من حقّ هذه الألف حین دخلت همزه الاستفهام علیها أن تحذف (2) لأنّها / أبدا تسقط فی الوصل لکن لو سقطت لالتبس الاستفهام بالخبر وکذلک : آیمن الله یمینک ، وآیم الله یمینک؟ بإبدال همزه الوصل ألفا لدخول همزه الاستفهام علیها ، فیلتقی ساکنان ، هذه الألف والیاء فی ایمن وایم للبّس المذکور ، ولیس فی العربیه موضع تثبت (3) فیه همزه الوصل فی الوصل إلّا فی هذین الموضعین أعنی مع همزه الاستفهام فیما فیه لام التعریف وفی ایمن وایم (4) ، وبعض العرب یجعل همزه الوصل فیما ذکرنا بین بین ولیس بالفصیح کقول الشاعر (5) :

وما أدری إذا یمّمت أرضا

أرید الخیر أیّهما یلینی

أالخیر الذی أنا أبتغیه

أم الشّرّ الذی هو یبتغینی

فإنه لو لم یجعلها بین بین لم یقم الوزن.

رابعها : أن یلتقیا فیما یعدّد من حروف الهجاء وغیرها ، إذا کان قبل السّاکن حرف لین ، نحو جیم ، عین ، قاف ، میم ، ثور ، زید ، اثنان ، لعدم الترکیب وقد قیل :

ص: 181

1- مناهج الکافیه ، 2 / 107.

2- فی الأصل أن یحذف.

3- فی الأصل ثبت.

4- الکتاب ، 4 / 150 وإیضاح المفصل ، 2 / 353 وشرح المفصل ، 9 / 121.

5- البیتان للمثقب العبدی ، نسبا له فی حاشیه ابن جماعه 1 / 153 ومناهیج الکافیه ، 2 / 109 وشرح شواهد الشافیه 4 / 188 ووردا من غیر نسبه فی شرح المفصل 9 / 138 وشرح الشافیه للجاربردی ، 1 / 153.

إن السکون فی مثله للوقف إجراء للوصل مجری الوقف کما تقدّم الکلام علیه فی الوقف.

ذکر القسم الثانی : وهو الذی لا بدّ فیه من إزاله اجتماع الساکنین

اشاره

إما بحذف أحدهما ، أو بتحریکه لتعذّر النّطق بهما.

القول علی إزاله اجتماع الساکنین بالحذف

ویزال اجتماعهما بالحذف إذا کان السّاکن الأول حرف مدّ ، إما ألفا أو یاء قبلها کسره أو واوا قبلها ضمّه ، أمّا حذف الألف فمثل : لم یخف ، کان یخاف فسکنّت الفاء للجزم ، والتقت مع الألف ، فحذفت الألف لالتقاء الساکنین (2) ومثل : اخشی یا امرأه ، أصلها اخشیی تحرکت الیاء وانفتح ما قبلها فانقلبت ألفا ، فاجتمعت مع یاء الضمیر ، فحذفت الألف بقی اخشی ، ومثل : رمت وغزت کان الأصل رمیت وغزوت فتحرکت الیاء والواو وانفتح ما قبلهما فانقلبتا ألفا بقی : رمات وغزات ، فالتقی ساکنان الألف وتاء التأنیث ، فسقطت الألف بخلاف رمیا وغزوا ، فإنّ الألف فیهما لم تحذف ولکن انقلبت إلی الأصل لیمکن تحریکها بالفتح ، لوقوعها قبل ألف ضمیر المثنّی (3) ، وکذا إذا التقیا فی کلمتین فتقول : یخشی القوم بحذف ألف یخشی لسکونها وسکون لام التعریف ، وتقول فی التثنیه لم یضربا القوم ، بحذف ألف یضربا لسکونها وسکون لام التعریف وتقول : عصا الرجل ، ورحی الحرب ، وحبلی الرجل ومعزی الرجل ، وغلاما الرجل ، بحذف الألف فی ذلک جمیعه ، لسکونها وسکون لام التعریف وشذّ قولهم «التقت حلقتا البطان» (4) بالجمع بین ساکنین من کلمتین ، وهما

ص: 182

1- المفصل ، 352 - 353.

2- الکتاب ، 4 / 156 - 157.

3- الکتاب ، 4 / 156.

4- المثل یضرب للأمر یبلغ الغایه فی الشده والصعوبه. انظر المفصل ، 352 وجمهره الأمثال ، 1 / 134 والمستقصی ، 1 / 306.

ألف حلقتا ، ولام التعریف ، والقیاس حذفها ، لأنّها مثل : غلاما الرّجل (1) وقد جاءت فی الشعر محذوفه علی القیاس وهو قوله (2) :

قد التقت حلقتا البطان بأق

وام وجاشت نفوسهم جزعا

وأمّا حذف الیاء فمثل : لم یبع ، کان یبیع فسکنت العین للجزم ، والتقت مع الیاء فحذفت / الیاء لالتقاء الساکنین ، ومثل : ارمی یا امرأه ، أصله ارمیی استثقلت الکسره علی الیاء فحذفت فالتقی ساکنان ، الیاء الأولی ویاء الضمیر فحذفت الیاء الأولی ، ومثل : یا قوم ارموا ، أصله ارمیوا کرهت الضمه (3) علی الیاء بعد الکسره فسکنت فاجتمع ساکنان ؛ الیاء وواو الضمیر فحذفت الیاء وأبدل من کسره المیم ضمّه ، بقی ارموا ، وکذلک الحکم فی کلمتین تقول : یرمی الغرض بحذف الیاء لسکونها وسکون لام التعریف ، وتقول : لم تضربی ابنک فتحذف الیاء لالتقائها (4) الساکن الذی بعدها وهو الباء الموحده ، وکذا : هذا غازی المسلمین بحذف الیاء لسکون لام التعریف بعدها ، وأما حذف الواو فمثل ؛ لم یقل ، کان یقول فسکنت اللّام للجزم والتقت مع الواو فحذفت الواو لالتقاء الساکنین ، وتقول : یا قوم اغزوا ، أصله اغزووا ، وکرهت الضمه علی الواو بعد الضمه ، فسکنت فاجتمع ساکنان هی وواو الضمیر فحذفت وبقیت واو الضمیر ، وکذلک الحکم فی کلمتین ، تقول : یغزوا القوم بحذف الواو لسکون لام التعریف بعدها وتقول : هذا أخو القوم بحذف الواو لسکونها وسکون لام التعریف بعدها.

القول علی إزاله اجتماع الساکنین بالتحریک

اشاره

وذلک بأن یکون الساکن الأوّل إمّا حرفا صحیحا أو حرفا من حروف اللین غیر مده أو یکون لام التعریف ، فإنها تحرّک لالتقاء الساکنین کما سیأتی.

ص: 183

1- شرح المفصل ، 9 / 123 وهمع الهوامع ، 2 / 199.

2- البیت لأوس بن حجر ورد فی دیوانه 54 بروایه : ازدحمت مکان التقت وطارت مکان جاشت وورد منسوبا له فی الکامل ، 1 / 19 ومناهج الکافیه 2 / 10 وحاشیه ابن جماعه ، 1 / 154.

3- فی الأصل الکسره.

4- فی الأصل لالتقاء.

ذکر تحریک الصّحیح لالتقاء الساکنین

وهو نحو قولک : اذهب اذهب بکسر الباء لسکونها وسکون ذال اذهب التی بعدها لسقوط همزه الوصل ، ولم أبله ، والأصل أبالی ، فحذفت الیاء للجزم فصار لم أبال فأجروه مجری ما لم یحذف منه ، فجزموا اللام فاجتمع ساکنان هی والألف فحذفت الألف فصار لم أبل ثم لحقته (2) هاء السکت وهی ساکنه فحرکت اللّام بالکسر لالتقاء الساکنین فصار لم أبله ، ولم یردّوا الألف لمّا تحرکت اللّام لعروض حرکتها ، لأنّ هاء السکت غیر لازمه لسقوطها فی الوصل (3) ، وکذلک الحکم فی کلمتین نحو : أخذت من ابنک ، فتکسر نون من لاجتماع الساکنین ، النون والباء ، ونحوه : مذ الیوم ، فتحرک الذال لسکونها وسکون لام التعریف بعدها وتحرکها بالضم اتباعا لضمّه المیم (4) ونحو قوله تعالی : (الم اللهُ)(5) بتحریک المیم بالفتح وکان القیاس الکسر (6) ، ولکن حرّکت بالفتح ، أما تحریکها (7) فلالتقاء الساکنین المیم واللّام من اسم الله تعالی ، وأما الفتح فلأنّ قبل المیم یاء وقبل الیاء کسره فکرهوا الکسر فیها فحرّکت بالفتح کما کرهوه فی أین وکیف للثقل ، والثقل فی المیم أبلغ (8) ونحو : نون التنوین فإنّها حرّکت بالکسر فی نحو قوله تعالی : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ اللهُ)(9) لالتقاء السّاکنین ، النون واللّام من اسم الله تعالی ، وقد حذفت هذه / النون لالتقاء الساکنین کما حذفت المده ، وکان من حقّها أن تحرّک ولا تحذف فی نحو قول

ص: 184

1- المفصل ، 353.

2- فی الأصل لحقه.

3- الکتاب ، 4 / 405.

4- شرح المفصل ، 9 / 124.

5- الآیتان ، 1 - 2 من سوره آل عمران. ورسمها فی الأصل ألف لام میم الله. وتتمه الثانیه : الله لا إله إلا هو الحیّ القیوم.

6- وکان الأخفش یجیز الکسر علی ما یقتضیه القیاس ، شرح المفصل ، 9 / 124.

7- فی الأصل أما بحرکتها.

8- قال نقره کار فی شرح الشافیه ، 2 / 115 معلّلا الفتح : أو نقول فتحت لیحصل التفخیم فی اسم الله لأنّها تفخّم بعد الفتحه والضمّه وترقّق بعد الکسره فلو کسرت لزم أن ترفّق والتفخیم به أولی فهذه الفتحه علی هذا القول فتحه التجاور لا فتحه الهمزه.

9- الآیتان ، 1 ، 2 من سوره الإخلاص.

الشّاعر (1) :

...

ومن بنی خلف الخضر الجلاعید (2)

وفی قوله : (3)

عمرو الذی هشم الثّرید لقومه

ورجال مکّه مسنتون عجاف

وإنّما جاز ذلک لأنّ النون تؤاخی حروف اللّین فی کونها تدغم فی الیاء والواو ، وتزاد کما تزاد حروف المدّ ، فلذلک حذف التنوین من خلف ومن عمرو فی الشعر المذکور.

ذکر تحریک حرف اللّین لالتقاء السّاکنین إذا کان غیر مدّه

والمراد بغیر المدّه الواو والیاء إذا کان ما قبلهما مفتوحا ، وذلک نحو : یا قوم اخشوا الله بتحریک الواو بالضمّ لالتقاء الساکنین الواو ولام التعریف ، وحرّکت هذه الواو ولم تحذف لأنّها غیر مدّه ، وحرّکت بالضمّ لما سنذکر ، ونحوه قوله تعالی : (أُولئِکَ الَّذِینَ اشْتَرَوُا الضَّلالَهَ بِالْهُدی)(5) بتحریک الواو بالضمّ لالتقاء الساکنین الواو ولام التعریف ، کان الأصل اشتریوا مثل اجتمعوا فاستثقلت الضمّه علی الیاء فحذفت فالتقی ساکنان الیاء والواو فحذفت الیاء بقی اشتروا فلّما لقیت الواو ساکنا بعدها ، وهو لام التعریف حرّکت بالحرکه التی کانت علی الیاء فقرأوا : (6)(اشْتَرَوُا الضَّلالَهَ) بتحریک الواو بالضمّه ، ولو قرئت بالکسر (7) اشتروا الضلاله لکان

ص: 185

1- البیت لحسان بن ثابت ورد فی دیوانه ، 345 بروایه : أوفی الذؤابه من تیم وإخوتها أو من بنی جمح الخضر الجلاعید والجلاعد : الشدید الصلب.

2- الشاهد فی البیت قوله خلف الخضر حیث حذف التنوین من خلف لالتقاء الساکنین التنوین وسکون اللام فی الخضر للضروره ، قال ابن جماعه ، 1 / 156 قال الجرمی : حذف التنوین لالتقاء الساکنین لغه.

3- البیت لعبد الله بن الزبعری ورد منسوبا له فی لسان العرب سنت ، وهشم وورد من غیر نسبه فی النوادر ، 167 والمقتضب ، 2 / 311 والمنصف ، 2 / 231 والإنصاف ، 2 / 663. ونسب فی تهذیب اللغه ، هشم ، لمطرود الخزاعی.

4- المفصل ، 353.

5- من الآیه 16 من سوره البقره.

6- فی الأصل فقالوا.

7- فی المحتسب ، 1 / 54 ومن ذلک قراءه یحیی بن یعمر وابن أبی إسحاق وأبی السمال اشتروا الضلاله

جائزا ، وقرأ بعضهم اشتروا الضلاله بالفتح ، وکذلک ما کان مثله نحو (عَصَوُا الرَّسُولَ)(1)(فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ)(2) ، (وَآتَوُا الزَّکاهَ)(3) فیجوز فیه تحریک الواو بالحرکات الثلاث ، فالکسر علی الأصل (4) ، والضمّ لما قدمنا ذکره ، والفتح لأنّه أخفّ ، وکذلک الکلام فیما أشبهه من اخشوا الله وشبهه ونحو قولک : اخشی الله یا امرأه بتحریک یاء اخشی بالکسر للالتقاء الساکنین ، هی ولام التعریف فی اسم الله تعالی ، ونحو : مصطفی الله بتحریک الیاء بالکسر ، کان مصطفین جمع مصطفی ، سقطت النون للإضافه فالتقی ساکنان الیاء واللّام فی اسم الله ، فحرکت الیاء بالکسر (5) ونحو قوله تعالی : (لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَکُمْ)(6) بتحریک واو لو بالکسر للالتقاء الساکنین هی والسین (7) واعلم أنّ الحرف المجزوم (8) إذا تحرّک لملاقاه ساکن بعده نحو : خف الله ورمت المرأه ویا قوم اخشون الله ، واخشین ، لم یردّ ما حذف منه فلا یقال : خاف الله ولا رمات المرأه ، ولا اخشوون بواوین

ص: 186

1- من الآیه 42 من سوره النساء ، قرأ یحیی بن یعمر وأبو السمال ، بکسر الواو علی التقاء الساکنین والجمهور بضمها البحر ، 3 / 253.

2- من الآیه 94 من سوره البقره ، قرأ ابن أبی إسحاق بکسر الواو ، وحکی الحسن بن إبراهیم عن أبی عمرو فتحها ، وروی عنه أیضا اختلاس ضمتها ، روح المعانی ، 1 / 328 ، وفی البحر ، 1 / 310 قرأ الجمهور فتمنوا الموت بضم الواو.

3- من الآیه ، 277 من سوره البقره.

4- أتی الطمس علی بعضها.

5- الکتاب ، 4 / 156.

6- من الآیه 42 من سوره التوبه.

7- فی المحتسب ، 1 / 292 ومن ذلک قراءه الأعمش لو استطعنا ، قال أبو الفتح شبهت واو لو هذه بواو جماعه المذکرین فضمّت کما تلک مضمومه فی قوله تعالی : فتمنوا الموت وکذلک شبهت واو الجمع هذه بواو لو فکسرت وذلک من قرأ فتمنوا الموت والذین اشتروا ، وهناک قراءه أخری. اشتروا الضلاله بفتح الواو لالتقاء الساکنین .. ثم قال ... فلو قرأ قاریء متقدم لو استطعنا بفتح الواو لکان محمولا علی قول من قال : اشتروا الضلاله ، فأما الآن فلا یجوز لأحد أن یرتجل قراءه وإن سوغتها العربیه وانظر الکتاب ، 4 / 155.

8- الحرف المجزوم ، غیر واضحتین فی الأصل.

ولا اخشیین بیائین ، لأنّ هذه الحرکه إنما جاءت لملاقاه السّاکن بعدها وهو غیر لازم ، فلا یعتدّ بها لکونها حرکه عارضه لسقوطها فی الوقف ، وعند عدم الساکن بعدها ، بخلاف ما إذا تحرّک المجزوم بحرکه لازمه فإنه یعتدّ بها للزومها فیردّ المحذوف لزوال (1) السکون نحو : یا زیدان خافا ، ویا زیدون خافوا ، ویا هند خافی ، لأنّ الضمیر المتصل کالجزء فمن ثمّ ردّت / الألف فی : خافا وخافوا وخافی ، ولم تردّ فی خف الله ورمت المرأه (2).

ذکر تحریک لام التعریف لالتقاء الساکنین

وهی تحرّک بالکسر لالتقاء الساکنین إذا دخلت علی اسم أوله ساکن ، ولکن أجتلبت له همزه الوصل لیمکن النطق به ، نحو : الاسم والابن والانطلاق والاستغفار (4) لأنّ الأول من هذه الأسماء ساکن ، ودخلت علیه همزه الوصل توصّلا إلی النّطق بالسّاکن فلّما دخلت علیه لام التعریف استغنی عن همزه الوصل فحذفت ، فالتقی ساکنان لام التعریف وفاء الکلمه ، فحرکت اللّام لالتقاء الساکنین بالکسر ، وکذلک الکلام فی الانطلاق والاستغفار ، واعلم أنه کما أزیل اجتماع الساکنین بتحریک الأول کما تقدّم من الأمثله کذلک قد یزال بتحریک أخیه أعنی الساکن الثانی.

ذکر تحریک السّاکن الثانی

اعلم أنّ تحریک الأول هو الأصل ومقتضی القیاس ، لأنّ الأول هو الذی منع من الوصول إلی الثانی فلا یعدل عنه إلّا لعلّه.

فمن ذلک تحریک الثانی فی أین وکیف ومنذ ، فإنه لو حرّک الأول فی أین وکیف وهو الیاء لانقلبت ألفا لتحرّکها وانفتاح ما قبلها ، لأنّ هذه الحرکه لو وجدت لکانت لازمه لکونها حشوا ، ولزم لسکون الألف تحریک النون لسکونها فی الأصل ، وسکون

ص: 187

1- غیر واضحه فی الأصل.

2- شرح الشافیه للجاربردی ، 1 / 157.

3- المفصل ، 353.

4- الکتاب ، 4 / 149 - 237 وشرح المفصل ، 9 / 125 وشرح الشافیه لنقره کار ، 2 / 113.

5- المفصل ، 353.

الألف ، فکان یلزم أن یتلوه تغییر بعد تغییر ، فلذلک حرّک الثانی من أول الأمر ، ولو حرّک الأول فی «منذ» لذهب وزن الکلمه فلا نعلم هل هی من ساکن الوسط فی الأصل أو متحرکه.

ومن ذلک تحریک نون التثنیه والجمع وهی الساکن الثانی فی قولک : مسلمان ومسلمون ، وحرّک فیها الثانی لامتناع تحریک الأول ، أعنی ألف مسلمان وواو مسلمون.

ومن ذلک تحریک الثانی إذا سکّنوا اللّام فی الأمر من نحو : انطلق یا زید ، فیحرکون الساکن الثانی بالفتح وهو قاف انطلق لالتقاء الساکنین ، وهما اللّام والقاف من انطلق ، لأنّ الأول سکّن تخفیفا لتوالی الحرکات حملا علی فخذ فإن طلق من انطلق مثل فخذ ، فسکّنت اللّام کما سکّنت خاء فخذ وحرکت القاف لالتقاء الساکنین ، وحرّکت بالفتح ، لأنّه أخفّ وأشبه بحرکه ما قبل اللّام ، أعنی طاء انطلق ومن ذلک قول الشاعر : (1)

عجبت لمولود ولیس له أب

وذی ولد لم یلده (2)

أبوان

أراد لم یلده فأسکن اللّام للضروره تشبیها بکتف فالتقی ساکنان اللّام والدّال فحرّک الثانی بالفتح ، وأراد بالمولود عیسی بن مریم ، وبذی الولد آدم وبعده :

وذی شامه سوداء فی حرّ وجهه

مجلّله لا تنجلی لزمان

ویکمل فی تسع وخمس شبابه

ویهرم فی سبع مضت وثمان

یعنی القمر /

ومن ذلک : ویتّقه فی قراءه عاصم (3)(وَیَخْشَ اللهَ وَیَتَّقْهِ)(4) بإسکان القاف

ص: 188

1- الأبیات لرجل من أزد السراه ورد البیت الأول منسوبا له فی الکتاب ، 2 / 266 - 4 / 115 وشرح الشواهد 2 / 230 وشرح التصریح ، 2 / 18 وخزانه الأدب ، 2 / 381 وورد من غیر نسبه فی الخصائص ، 2 / 333 وشرح المفصل ، 4 / 48 وشرح الشافیه ، 2 / 238 وهمع الهوامع ، 1 / 54 - 2 / 26 ووردت الأبیات الثلاثه من غیر نسبه فی المغنی ، 1 / 135 وشرح الشافیه ، للجاربردی ، 1 / 158 وحاشیه ابن جماعه ، 1 / 158 ومناهج الکافیه ، 2 / 113.

2- فی الأصل یلده (بفتح اللام أیضا).

3- هو عاصم بن بهدله المشهور بأبی النجود شیخ الإقراء بالکوفه وأحد القراء السبعه المشهورین جمع بین الفصاحه والإتقان والتحریر والتجوید واختلف حول سنه وفاته فقیل 127 128 129 ه. انظر أخباره فی الفهرست ، 43 وتهذیب التهذیب ، 5 / 38 ووفیات الأعیان ، 3 / 9 وغایه النهایه ، 1 / 346.

4- من الآیه 52 من سوره النور وقد قرأ ابن کثیر وحمزه والکسائی ونافع ویتّقه بکسر الهاء ولا یبلع بها الیاء وقرأ أبو عمرو وابن عامر وعاصم فی روایه أبی بکر ویتّقه جزما بکسر القاف وقرأ حفص عن عاصم ویتّقه ساکنه مکسوره بغیر یاء الکشف ، 2 / 140 والسبعه ، 457 / 458 والاتحاف ، 35.

وکسر الهاء ، کان أصله یتقی ، حذفت الیاء للجزم ، ثمّ ألحقت هاء السکت صار یتّقه ، ثم أسکنت القاف تشبیها لتقه بکتف ثمّ حرکت هاء السکت وهی الساکن الثانی لالتقاء الساکنین (1) ، قال ابن الحاجب : (2) وفیه تعسّف مع الاستغناء عنه ، والأولی أن یقال إنّ الهاء ضمیر عائد علی اسم الله وسکنت القاف علی ما ذکر بقی : ویتّقه من غیر اجتماع ساکنین ، ومن غیر تحریک هاء السکت وإثباتها فی الوصل.

ومن ذلک : «ردّ» فی لغه بنی تمیم ، وهی فی لغه الحجاز اردد ، فنقل بنو تمیم حرکه الدّال الأولی إلی الرّاء فسقطت همزه الوصل وسکّنت الدال الأولی لثقل حرکتها ، فأدغموها فی الدال الثانیه ، فالتقی ساکنان الدّال الأولی المدغمه ، والثانیه الساکنه بفعل الأمر ، فوجب تحریک الساکن الثانی لاجتماع الساکنین ، لأنّهم لو حرکوا الأول لبطل الإدغام وانتقض ما أرادوه من التخفیف بالإدغام فقالوا : ردّ ، وقالوا فی المعرب : لم یردّ ، فالذین أدغموا دال ردّ ، شبّهوه بالمعرب المنصوب والمرفوع نحو : لن یردّ وهو یردّ ، فإنّه أدغم إجماعا ، فشبّهوا المبنیّ والمجزوم بالمعرب فأدغموا لکن المعرب لا یجتمع فیه ساکنان لحرکه الرفع والنصب ، وأهل الحجاز کما قالوا فی المنی : اردد قالوا فی المعرب : لم یردد ، فلم یجتمع فی لغتهم ساکنان (3).

ذکر أنّ أصل هذه الحرکه أن تکون بالکسر

اشاره

اعلم أنّ الأصل فیما حرّک من الساکنین أن یکون بالکسر لما بین الکسر

ص: 189

1- هذا رأی الزمخشری فی المفصل 353 وأبی علی علی ما حکاه ابن الحاجب فی الإیضاح ، 2 / 357 قال الرضی ، 2 / 239 - 240 وفیما قال ارتکاب تحریک هاء السکت وهو بعید.

2- انظر رأی ابن الحاجب فی إیضاح المفصل ، 2 / 357 - 358 (المطبوع) وقد ذکر الجاربردی ، 1 / 159 أن هذا الرأی للجرجانی ، ومؤداه أن الهاء فی یتّقه ضمیر عائد علی الله تعالی ، وأصله یتقیه حذفت الیاء للجزم ، وسکنت القاف علی ما ذکر فبقی یتقه ، فلا اجتماع ساکنین ، ولا تحریک لأجله ، وانظر حاشیه ابن جماعه ، 1 / 159.

3- الکتاب ، 2 / 265 وشرح المفصل ، 9 / 127.

4- المفصل ، 353.

والسکون من المؤاخاه من حیث اختصاص کلّ واحد منهما بقبیل من المعربات ، لأنّ الجزم فی الفعل نظیر الجرّ فی الاسم ، فلذلک جعل الکسر عوضا عن السکون عند الحاجه إلی الحرکه ولا یعدل عن تحریکه بالکسر إلی الضمّ أو الفتح إلّا لمعارض یقتضی ذلک جوازا أو وجوبا ، والجواز قد یکون علی السواء ، وقد یکون الأصل أولی ، وقد یکون المعدول إلیه أولی ، أما الجواز علی السواء فهو أن یکون ما بعد الساکن الثانی ضمه أصلیه لفظا أو تقدیرا فی نفس الکلمه الثانیه التی الساکن الثانی فیها ، فمثال الضمّه الأصلیه لفظا ، قوله تعالی : (وَقالَتِ اخْرُجْ)(1) سقطت همزه الوصل فالتقی ساکنان الأول تاء قالت والثانی خاء اخرج ، وبعد الثانی الراء وهی مضمومه لفظا ضمّه أصلیه فاستوی فی تاء قالت الأمران أمّا الضمّ فلئلا یخرجوا من کسره إلی ضمّه لازمه ولم یتعدوا بالساکن حاجزا ، وأمّا الکسر فعلی الأصل (2).

ومن ذلک أیضا ما قریء فی هاتین الآیتین فالأولی : (أَنِّی مَسَّنِیَ الشَّیْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ ارْکُضْ بِرِجْلِکَ)(3) والثانیه (إِنَّ الْمُتَّقِینَ فِی جَنَّاتٍ وَعُیُونٍ ادْخُلُوها)(4) فإنه قریء : وعذابن ارکض ، وعیونن ادخلوها بتحریک نون تنوین عذاب ونون تنوین عیون بالضمّ لالتقاء الساکنین ، وهما التنوین / المذکور وراء ارکض ودال ادخلوها ، واستوی فی تحریک التنوین الأمران ؛ أعنی الضمّ والکسر ، أما الضمّ فلاتباع ضمّه کاف ارکض وخاء ادخلوها ، وأمّا الکسر فعلی الأصل (5) ومثال الضمّه الأصلیه تقدیرا ضمّه زای

ص: 190

1- من الآیه 31 من سوره یوسف.

2- قرأ ابن کثیر والکسائی ونافع وابن عامر وقالت اخرج بضم التاء. وقرأ أبو عمرو وعاصم وحمزه وقالت اخرج بکسر التاء الکشف ، 1 / 274 والسبعه 348 والنشر 2 / 225 والبحر المحیط ، 1 / 490.

3- الآیتان 41 - 42 من سوره ص ونصهما : إذ نادی ربّه أنّی مسّنی الشیطان ینصب وعذاب ، ارکض برجلک هذا مغتسل بارد وشراب.

4- الآیتان 45 - 46 من سوره الحجر.

5- قال صاحب النشر ، 2 / 225 «واختلفوا فی کسر التاء من وقالت اخرج والتنوین من وعیون ادخلوها مما اجتمع فیه ساکنان یبتدأ ثانیهما بهمزه مضمومه ، فقرأ عاصم وحمزه بکسر الساکن الأول وقرأ الباقون بالضم فی ذلک کله ، واختلف عن ابن ذکوان وقنبل فی التنوین فروی عن الأخفش کسره مطلقا حیث أتی» وفی الاتحاف 275 «وکسر تنوینه (أی تنوین عیون) أبو عمرو وقنبل وابن ذکوان بخلفهما ، وعاصم وحمزه وروح ، وقرأ رویس بضم تنوین عیون وکسر خاء ادخلوها مبنیا للمفعول» وقال فی 372 وقرأ بکسر تنوین عذاب ارکض أبو عمرو وقنبل وابن ذکوان بخلفهما ، وعاصم وحمزه وصلا» وقال سیبویه ، 2 / 153 عن الضم «وهذا کله عربی قد قریء».

اغزی یا هند ، لأنّ الأصل اغزوی مثل اخرجی فاستثقلوا کسره الواو فحذفوها فالتقی ساکنان الواو والیاء فأسقطوا الواو لالتقاء الساکنین ، وأبدلوا من ضمّه الزای التی کانت قبل الواو کسره لتصحّ الیاء بعدها ، لأنّها لو بقیت لانقلبت الیاء واوا ، فضمّه زای اغزی أصلیه تقدیرا (1) فإذا اتّصل بها کلمه من قبلها ، آخرها ساکن فتسقط همزه الوصل ویستوی فی تحریک الساکن الأول الضمّ والکسر کقولک : قالت اغزی بتحریک تاء قالت بالضمّ والکسر لما قلنا فلو وجدت ضمّه فی نفس الکلمه الثانیه لکنّها ضمّه غیر أصلیه لم یستو الأمران مثل (أَنِ امْشُوا)(2) و (إِنِ امْرُؤٌ هَلَکَ)(3) فإنّ ضمّه شین امشوا لیست أصلیه لأنّ الأصل : امشیوا بکسر الشین وضمّ الیاء فاستثقلت الضمه علی الیاء فحذفت ، فالتقی ساکنان الیاء والواو فحذفت الیاء وأبدل من کسره الشین ضمّه لتصحّ الواو وکذلک ضمّه راء امرؤ لزوالها فی النصب والجرّ کقولک : رأیت امرأ ومررت بامریء ، ولو وجدت ضمّه بعد السّاکن الثانی لکن لا فی الکلمه الثانیه ، وإن کانت أصلیه لم یکن تحریک أحد الساکنین بالضمّ والکسر علی السّواء مثل : (إِنِ الْحُکْمُ إِلَّا لِلَّهِ)(4) فإن ضمّه الحاء وإن کانت أصلیه بعد السّاکن الثانی ، ولکن لیست فی الکلمه الثانیه ، لأنّ حرف التعریف کلمه مستقله فالضمّه التی بعده فی کلمه أخری لا فی الثانیه ، لأنّ الثانیه هی لام التعریف ، ولیس فیها ضمّه فلا یستوی فیه الأمران وإنما استوی الضمّ والکسر فیما تقدّم ولم یلزم الضم کما لزم فی همزه الوصل فی نحو : اخرج واقتل ، لأنّ همزه الوصل مع الضمّه فی کلمه واحده ، ولیس ما ذکرناه مع هذه الضمه فی کلمه واحده فافترقا.

ومما حرّک علی خلاف الأصل قوله تعالی : (مُعْتَدٍ مُرِیبٍ ، الَّذِی)(5) فإنّه

ص: 191

1- لأنها من باب نصر ینصر فالزای مضمومه فی الأصل ولا اعتداد بکسرتها العارضه مناهج الکافیه ، 2 / 115.

2- من الآیه 6 من سوره ص.

3- من الآیه 176 من سوره النساء.

4- من الآیه 57 من سوره الأنعام.

5- من الآیتین 25 - 26 من سوره ق ، ولم أقف علی صاحب هذه القراءه وفی التبیان ، 2 / 1176 «الجمهور علی کسر التنوین وقریء بفتحها فرارا من الکسرات والیاء».

قریء فی الشاذ «مریبن الذی» بتحریک نون مریب بالفتح هربا من توالی الکسرات. وأما الذی تحریکه علی الأصل أولی فهو الأکثر فیما حرّک لالتقاء الساکنین.

ومنه واو لو فإنّ تحریکها بالکسر أولی ، نحو قوله تعالی : (لَوِ اسْتَطَعْنا)(1) لما سنذکره الآن ، وأمّا الذی تحریکه علی خلاف الأصل أولی فمنه ضمّ واو الضمیر کما تقدّم من نحو : اخشوا الله (اشْتَرَوُا الضَّلالَهَ)(2) وإنما کان الضمّ أولی للفرق بین واو الضمیر وبین واو «لو» فإنّ الواو المفتوح ما قبلها إن کانت ضمیرا ولقیت ساکنا بعدها مثل (وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ)(3) فتحریکها بالضمّ أولی ، وإن کانت حرفا من نفس الکلمه نحو واو «لو» فتحریکها بالکسر أولی فی مثل (لَوِ اسْتَطَعْنا)(4) وإنما تخصّص ما هو اسم بالضمّ دون / الحرف لأنّ الواو التی هی اسم أعنی واو الضمیر قد سقط من قبلها حرف مضموم ، لأنّ الأصل فی لا تنسوا ، لا تنسیوا ، وفی اخشوا اخشیوا وفی ارموا ارمیوا وکذلک جمیع ما یأتی من هذا الباب ، فلما تحرّکت الیاء وانفتح ما قبلها قلبت ألفا ثمّ حذفت لسکونها وسکون واو ضمیر الجمع ، فلمّا احتاجوا إلی تحریک هذه الواو حرّکوها بالحرکه المحذوفه ، وهی ضمّه وکانت أولی من حرکه غریبه (5) وأمّا الواو التی هی حرف وهی من نفس الکلمه نحو واو «لو» فحرکت علی الأصل فی التقاء الساکنین (6) واعلم أنّه جاء کسر واو الضمیر تشبیها لها بواو «لو» ، وضمّ واو «لو» تشبیها لها بواو الضمیر ، لکون کلّ منهما واوا ساکنه قبلها فتحه ، وللنحاه مثل ذلک فی جعلهم کلّ قبیل مشبها بالآخر ، کإجازاتهم الجرّ فی الضارب الرجل تشبیها بالحسن الوجه ، وإجازتهم النصب فی الحسن الوجه تشبیها بالضارب الرجل.

ومنه (7) ردّ وشدّ ومدّ ، فالأولی تحریک الساکن الثانی بالضم للاتباع ، لأنّ عمل

ص: 192

1- من الآیه 42 من سوره التوبه.

2- من الآیه 16 من سوره البقره.

3- من الآیه 237 من سوره البقره.

4- من الآیه 42 من سوره المائده.

5- غیر واضحه فی الأصل.

6- الکتاب 4 / 153 وشرح الشافیه للجاربردی ، 1 / 161.

7- المفصل ، 353 وفیه : ومنهم من یفتح وهم بنو أسد» وفی حاشیه ابن جماعه 1 / 161 والکسر لغه کعب وعتی «وانظر المقتضب ، 1 / 184 وشرح المفصل ، 9 / 128.

اللسان فی جهه واحده أخفّ ، فلذلک حرکوا الساکن الثانی بحرکه ما قبل الساکن الأول ، وحرّک الثانی لالتقاء الساکنین ، وهما الدّال الأولی المسکّنه للادغام ، والدال الثانیه الساکنه للأمر ، ومنهم من یحرّک ذلک کلّه بالکسر علی الأصل فیقول : ردّ ولم یردّ بالکسر ومنهم من یفتح فیقول : ردّ ولم یردّ بالفتح طلبا للخفّه هذا إذا لم یتصل به ما یقتضی خلاف ذلک نحو : یا زید ردّ القوم ، فالأکثر فیه الکسر ، لأنه مثل : اضرب القوم مع جواز الضمّ والفتح أیضا ، وإنما لم یجب فی ردّ القوم الکسر کما وجب فی اضرب القوم للإدغام ، وینشد بیت جریر (1) :

فغضّ الطّرف إنّک من نمیر

...

علی الأوجه الثلاثه ، وکذلک ذم فی قول الشّاعر : (2)

ذمّ المنازل بعد منزله اللّوی

والعیش بعد أولئک الأیّام

وأمّا ما عدل به عن الأصل وجوبا : فمنه : ردّ وشبهها إذا اتصل بها ألف الضمیر فتقول : ردّها وعضّها ونحوهما بفتح ما قبل الهاء وجوبا وذلک لخفاء الهاء حتی کأن الدال فی ردّها أو الضاد فی عضّها قد ولیت الألف (3) ومنه : ردّه وعضّه إذا اتّصل به واو ، ولذلک حرّک الساکن الثانی فی ردّه بالضمّ لمناسبه الواو المتصله بالهاء لخفاء الهاء حتی کأنها لم تحجز ، ولیس ضمّ ردّه بقوه فتح ردّها (4) ، وکذلک وقع الخلاف

ص: 193

1- ورد فی دیوانه 75 وعجزه : فلا کعبا بلغت ولا کلابا وورد البیت منسوبا له فی الکامل ، 1 / 340 وشرح المفصل ، 9 / 128 وشرح الشواهد ، 4 / 352 وشرح التصریح ، 2 / 401 وشرح شواهد الشافیه ، 4 / 163 وورد من غیر نسبه فی الکتاب ، 3 / 533 والمقتضب ، 1 / 185 وشرح الشافیه ، 2 / 244 وهمع الهوامع ، 2 / 227 وشرح الأشمونی ، 4 / 352.

2- البیت لجریر بن عطیه ورد فی دیوانه 551 بروایه : الأقوام مکان الأیام وورد منسوبا له فی شرح المفصل ، 3 / 126 - 133 - 9 / 129 وشرح الشافیه ، للجاربردی ، 1 / 161 وشرح الشواهد ، 1 / 139 وشرح التصریح 1 / 128 ومناهج الکافیه ، 2 / 116 وشرح شواهد الشافیه 4 / 167 وورد من غیر نسبه فی شرح الأشمونی فی الألفیه ، 1 / 139.

3- قال فی الکتاب ، 3 / 532 فإن جاءت الهاء والألف فتحوا أبدا».

4- قال الأشمونی 4 / 252 وحکی الکوفیون ردّها بالضم والکسر وردّه بالفتح والکسر وذلک فی المضموم الفاء.

فی ردّه وشبهه فجوّز فتحه قوم ومنعه الأکثر وغلّطوا ثعلبا (1) فی جواز الفتح أعنی دال ردّه (2).

ومنه : من مع لام التعریف (3) نحو : من الرجل بفتح نون من وجوبا والتزموا الفتح لکثره وقوع من مع لام التعریف طلبا للخفّه ، وقد جاء الکسر علی الأصل فقالوا : من الرّجل بکسر النون وهو ضعیف وهو بعکس من ابنک لأنّ کسر نون من فی قول : من ابنک هو الفصیح ، لأنّه علی الأصل ، وقد جاء فیه الفتح ، وهو أضعف فقالوا من ابنک مثل / من الرجل ، فأمّا نون عن فعلی الأصل فی الموضعین فتقول : عن الرّجل ، وعن ابنک بالکسر فیهما لیس إلّا (4).

ومنه : هلمّ یا هؤلاء (5) بتحریک الساکن الثانی وهی میم هلمّ المدغم فیها بالفتح وجوبا فی لغه أهل الحجاز ، وأمّا أهل نجد فیقولون : هلمّوا وهلمّی (6) علی ما سبق فی موضعه.

فصل

ومنهم من کره اجتماع الساکنین مطلقا وإن کانا علی حدّهما ولم یمکنه تحریک الألف فیقلبها همزه لأنّها أقرب الحروف إلیها فقالوا : دأبّه (وَلَا الضَّالِّینَ)(8) بالهمز (9) وکذلک جمیع ما هو من بابه.

ص: 194

1- أبو العباس أحمد بن یحیی کان عالما بالقراءات وإمام الکوفیین فی النحو واللغه من مصنفاته کتاب القراءات وکتاب مجالس ثعلب وکتاب اختلاف النحویین وکتاب معانی الشعر مات سنه 291 ه ترجمته فی الفهرست ، 110 - 111 ووفیات الأعیان ، 1 / 102 والنشر ، 1 / 173.

2- ممن غلطه أبو إسحاق بن ملکون وأبو بکر بن طلحه وغیرهما ، حاشیه ابن جماعه ، 1 / 162 وقال الصبان ، 4 / 252 لا وجه لتغلیطه بعد حکایه الکوفیین له ، ومن حفظ حجه علی من لم یحفظ.

3- المفصل ، 355.

4- قال الرضی فی شرح الکافیه ، 2 / 247 وحکی الأخفش عن الرجل بالضم قال وهی خبیثه ، وانظر همع الهوامع ، 2 / 200.

5- المفصل ، 354.

6- الکتاب ، 3 / 534 وشرح المفصل ، 9 / 129.

7- المفصل ، 354.

8- من الآیه 7 من سوره الفاتحه ، وهی فی الأصل والضألین.

9- قال ابن جنی فی المحتسب ، 1 / 46 ومن ذلک قراءه أیوب السختیانی ولا الضألین بالهمزه قال أبو الفتح ذکر بعض أصحابنا أن أیوب سئل عن هذه الهمزه فقال : هی بدل من المده لالتقاء الساکنین.

الفصل الخامس : فی حکم أوائل الکلم

اشاره

وتشترک (2) فیه الأضرب الثلاثه ، والأصل أن لا یبتدأ إلّا بمتحرک ولا یوقف إلّا علی ساکن ، أمّا الابتداء بالمتحرک فلضروره النطق ، ولیس ذلک لقیاس اقتضاه (3) وإنّما هو من قبیل الضروره وعدم إمکان الابتداء بالسّاکن ، وأمّا الوقف علی الساکن فلازم استحسانا لا لتعذّره لأنّه ممکن ، وقد جاء من الکلم ما وضع أوله علی السکون وذلک یکون فی الأسماء والأفعال والحروف.

القول علی الأسماء التی هی کذلک

اشاره

وهی ضربان : أسماء غیر مصادر وهی سماعیّه ، وأسماء هی مصادر وهی قیاسیه.

ذکر الأسماء غیر المصادر التی هی السّماعیه

هی عشره أسماء ابن وابنه وابنم واسم واست واثنان واثنتان وامرؤ وامرأه وایمن الله.

فأمّا ابن فأصله بنو بفتح الفاء والعین کجمل دلّ علیه جمعه ، والنسبه إلیه لأنّه یجمع علی أبناء کأجمال وینسب إلیه بنویّ فحذفوا منه اللّام وهی واوه تخفیفا وسکنوا أوله وأدخلوا همزه الوصل عوضا مما حذف منه.

وأمّا ابنه فأصلها بنوه تأنیث ابن حذفت الواو تخفیفا وسکّن أولها وأدخلوا همزه الوصل علیها عوضا عن المحذوف فصارت ابنه ، والتاء فیها للتأنیث بخلاف بنت فإنّ تاءها لیست للتأنیث وإنّما هی بدل من لام الکلمه المحذوفه حسبما سبق فی التصغیر ،

ص: 195

1- المفصل ، 355 وفیه : تشترک فیه الأضرب الثلاثه.

2- فی الأصل ویشرک وما أثبتناه من المفصل.

3- شرح المفصل ، 9 / 131.

4- المفصل ، 355.

وأمّا ابنم فأصله ابن زیدت علیه المیم للمبالغه والتوکید کما زیدت فی زرقم وستهم بمعنی عظیم الزّرقه ، والعظیم العجیزه أی الأست. ولیست المیم بدلا من اللّام المحذوفه من ابن ، وإلّا لکانت اللّام کالثابته وبطل دخول همزه الوصل.

وأمّا اسم فأصله سمو بکسر فاء الفعل (1) فحذفت لامه التی هی الواو وسکّن أوله ، وعوّض همزه الوصل. کما قیل فی ابن.

وأما است فأصله سته علی وزن فعل بفتح العین فحذفت اللّام التی هی الهاء وعوّض بهمزه الوصل کما قیل فی ابن ، ومنهم من حذف العین وهی تاء سته فصار «سه» وهو قلیل (2) ومنه قوله علیه السلام : «العین وکاء السّه» (3).

وأمّا اثنان فأصله ثنیان بتوالی ثلاث فتحات مثل : غلیان وهو من ثنیت بدلیل وقولهم : ثنویّ فحذفت یاؤه علی غیر قیاس ، بقی ثنان ، فأسکنت فاؤه وجعلت / همزه الوصل ، عوضا مما حذف منه.

وأما اثنتان فالقول فیها کالقول فی اثنین (4) والتاء فیها للتأنیث.

وأمّا امرؤ فخففت الهمزه من آخره بالحذف لکثره الاستعمال وعوّض منها همزه الوصل ولم یحذفوا همزه الوصل إذا رجعت الهمزه لأنّ حذف هذه الهمزه سائغ أبدا ، فلما کانت إذا رجعت بصدد الزوال صار وجودها کعدمها قال ابن یعیش فی شرحه : وکثرت هذه الکلمه فی کلامهم حتّی صارت عباره عن کلّ ذکر وأنثی من الناس (5) وأمّا امرأه فالقول فیها کالقول فی امریء.

وأما أیمن الله فقد تقدّم الکلام علی معناها فی القسم ، وأمّا همزتها فهی همزه وصل عند البصریین عوضا عن اللّام المحذوفه وهی نون أیمن فی قولک : أیم الله (6)

ص: 196

1- المسأله خلافیه انظرها فی الإنصاف ، 1 / 6 وشرح الشافیه ، 2 / 258 وشرح الأشمونی ، 4 / 275.

2- ویجوز فیها الفتح والضم ، اللسان سته ، ودیوان الأدب للفارابی ، ماده فعلم.

3- انظر تخریجه فی 1 / 371.

4- وأصلها ثنتیان کشجرتان ، شرح الجاربردی ، 1 / 164.

5- وبعدها فی شرح المفصل ، 9 / 134 أعلوها لکثره استعمالهم إیاها.

6- الکتاب ، 4 / 148 وشرح الشافیه للجاربردی ، 1 / 164.

ولم یحذفوا هذه الهمزه وإن عادت النون ، لأنّها بصدد أن تحذف وهی همزه مفتوحه لشبه أیمن بالحرف ، لأنّها اسم غیر متمکن ، ولم یستعمل إلّا فی القسم ، ففتحت الهمزه معها کما فتحت مع لام التعریف وحکی یونس : ایمن بکسر الهمزه (1).

ذکر المصادر : التی تلزمها همزه الوصل لسکون أوائلها

أمّا الأسماء العشره التی هی غیر مصادر المقدمه الذکر ، فمسموعه معدوده ، وأمّا المصادر فقیاسیّه لأنّها تأتی من کلّ فعل بعد ألفه أربعه أحرف فصاعدا إذا ابتدیء به وکان ماضیا أو أمرا کانطلق انطلاقا ، واستخرج استخراجا وقد خرج من ذلک نحو : دحرج دحرجه وأکرم إکراما لعدم الألف فی أول دحرج ، ولکون ما بعد ألف أکرم أقل من أربعه ، فإذا کان الفعل بالصفه المذکوره أعنی أن یکون أوله ألفا وبعدها أربعه فصاعدا کان أوله ساکنا ، وهمزته همزه وصل ، وکان مصدره کذلک فإن قیل : أسطاع إسطاعا بمعنی أطاع بقطع الهمزه عند بعض العرب ، وأهراق إهراقا فعلان أولهما ألف وبعدها أربعه أحرف ، ومع ذلک فلیست الهمزه فیهما ولا فی مصادرهما للوصل؟ فالجواب : أنّ زیادتهما علی غیر القیاس ، فهما شاذّان (3) والأفعال التی مصادرها کذلک ثمانیه :

1 - انفعل انفعالا کانطلق انطلاقا.

2 - افتعل افتعالا کاقتدر اقتدارا.

3 - استفعل استفعالا کاستخرج استخراجا.

4 - افعلّ افعلالا کاحمرّ احمرارا.

5 - افعنلل افعنلالا کاقعنسس اقعنساسا.

6 - افعالّ افعیلالا کاشهابّ اشهیبابا.

7 - افعوّل افعوّالا کاخروّط اخروّاطا.

ص: 197

1- والحکایه فی الکتاب ، 4 / 149 بحذف النون.

2- المفصل ، 355.

3- وقد نصّ علی شذوذهما من قبل ابن الحاجب فی الإیضاح ، 2 / 366 وانظر الکتاب ، 4 / 285.

8 - افعوعل افعوعالا کاخشوشن اخشیشانا (1).

فجمیع مصادر هذه الأفعال وما أشبهها یلزمها همزه الوصل ، لأنّ أوائلها وضعت علی السکون وتسقط همزاتها فی الوصل وجوبا.

ذکر الأفعال التی تلزمها همزه الوصل لسکون أوائلها

فمنها أفعال المصادر المذکوره التی هی : انطلق واقتدر واستخرج إلی آخرها إذا کانت ماضیه أو أمرا ، فمهما جاء من ذلک فهمزته همزه وصل تسقط فی الدرج ، ومنه کلّ فعل ثلاثی سکّن فیه ما بعد حرف المضارعه نحو یضرب إذا بنیته / للأمر نحو اضرب فیلزمه همزه وصل مکسوره إلّا فیما بعد ساکنه ضمه أصلیه نحو : اقتل واغز فإنها تضمّ وخرج بقوله : (3) ضمه أصلیه ، باب ارموا وامشوا فإنّ الهمزه فیهما مکسوره لأنّ الأصل : ارمیوا وامشیوا فما بعد الساکن إنّما هو کسره فی الأصل والضمّه عرضت بعد الحذف لأجل الواو حسبما تقدم ذکره.

ذکر الحروف التی تلزمها همزه الوصل لوضعها علی السکون

وهی لام التعریف ومیمه فی لغه طیء (4) کقولک : الرجل وامرجل. وهمزه الوصل فیهما مفتوحه لأنّها کثرت فی کلامهم ففتحوها طلبا للخفّه.

فأوائل جمیع ما ذکرناه من الأسماء والأفعال تبقی ساکنه علی حالها فی الدّرج ، لأنّ الکلام المتصل صار وصله إلی النطق بالسّاکن ، فأغنی عن الهمزه فلذلک کان إثباتها فی الوصل لحنا ، لأنّها إنّما وضعت لیتوصّل بها إلی النطق بالساکن ، وقد حصل ذلک بالکلام الذی اتصل به إلا فی ضروره الشعر نحو قول

ص: 198

1- الکتاب ، 4 / 144 - 146.

2- فی الشافیه ، 520 وفی أفعال تلک المصادر من ماض وأمر وفی صیغه أمر الثلاثی .. ألحق فی الابتداء خاصه همزه وصل مکسوره إلّا فیما بعد ساکنه ضمّه أصلیه فإنها تضم نحو : اقتل واغز واغزی بخلاف ارموا ، وانظر إیضاح المفصل ، 2 / 369.

3- المفصل ، 355 - 356.

4- شرح المفصل ، 9 / 136 - 10 / 33 والهمع ، 2 / 281 وحاشیه الخضری ، 2 / 190.

قیس بن الخطیم : (1).

إذا جاوز الإثنین سرّ فإنّه

بنشر وتکثیر الحدیث قمین

فأثبتها فی الإثنین لضروره قیام الوزن. وإلّا (2) مع همزه الاستفهام فیما فیه لام التعریف ، ومع أیمن نحو : آلرجل عندک؟ آیمن الله یمینک؟ فإنهم التزموا جعل همزه الوصل فی الموضعین المذکورین ألفا للبس الاستخبار بالخبر (3) حسبما تقدّم فی التقاء الساکنین.

ذکر حکم الهمزات المتوصّل بها إلی النطق بالسّاکن

وتسمّی هذه الهمزات همزات الوصل ، للتوصل بها إلی النطق بالسّاکن بعدها (5) وحکمها أن تکون مکسوره لأنها ساکنه فی الأصل (6) وحرکت لاجتماعها مع لام التعریف الساکنه ، والأصل فیما حرّک لالتقاء الساکنین أن یحرّک بالکسر ، وإنّما قلنا : إنّ أصلها السکون لأنّها زیدت فی الأول کزیاده هاء السکت فی الآخر لبیان الحرکه فکما أنّ هاء السکت ساکنه فکذلک هذه الهمزه (7) لکن تکون مضمومه إذا کان ثالث الفعل مضموما ضما لازما (8) نحو : أخرج وکذلک إذا بنیت الأفعال المقدمه الذکر لما لم یسمّ فاعله نحو : استخرج المال وانطلق بزید واقتدر علی عمرو ، بضمّ همزه الوصل مع ضمّ ما بعد الساکن فیتبع الضمّ الضمّ لأنّهم استثقلوا

ص: 199

1- قیس بن الخطیم اسمه ثابت بن عدی ویکنی أبا یزید انظر أخباره فی معجم الشعراء ، 321 ورد البیت فی دیوانه ، 44 وورد منسوبا له فی النوادر ، 204 وشرح المفصل ، 9 / 19 - 137 وشرح شواهد الشافیه ، 4 / 183 وورد من غیر نسبه فی شرح الشافیه ، 2 / 265 وشرح الشافیه لنقره کار 2 / 120 وحاشیه ابن جماعه ، 1 / 167 ومناهج الکافیه ، 2 / 120 وهمع الهوامع ، 2 / 211.

2- معطوفه علی قوله : إلا فی ضروره الشعر.

3- شرح المفصل ، 9 / 138 ومناهج الکافیه ، 2 / 120.

4- المفصل ، 355.

5- هذا رأی البصریین ، وقال الکوفیون سمیت بذلک لسقوطها عند وصل الکلمه بما قبلها ، الأشمونی ، 4 / 273.

6- انظر خلافهم حول أصل وضعها فی الهمع ، 2 / 211.

7- الإنصاف ، 2 / 737.

8- قوله : لازما ، تحرزا من مثل ارموا واقضوا فالهمزه فیهما مکسوره وإن کان الثالث مضموما لأن الضمه عارضه. شرح المفصل ، 9 / 137.

الخروج من کسر إلی ضمّ ، ولم یعتدّوا بالساکن بینهما حاجزا لأنّ الساکن کالمیّت ، وتکون مفتوحه مع لام التعریف ومیم التعریف وإنّما فتحت معهما لیفرّقوا بین دخولها علی الحرف وبین دخولها علی الاسم والفعل ، وفتحت فی کلمتی القسم أیضا وهی : ایمن الله وایم الله لشبههما بلام التعریف فی لزومهما موضعا واحدا وهو القسم ففتحت معهما کما فتحت مع لام التعریف (1).

واعلم أنّ هو وهی إذا اتصلتا بالواو / أو الفاء أو لام الابتداء أو همزه الاستفهام جاز إسکانهما (2) لأنّ قولک : وهو کعضد وقولک : وهی ککبد فسکنت الهاء فیهما تشبیها بضاد عضد وباء کبد ، فمثال التسکین مع الواو قوله تعالی : (وَهُوَ بِکُلِّ شَیْءٍ عَلِیمٌ)(3) ومع الفاء (فَهُوَ یُخْلِفُهُ وَهُوَ خَیْرُ الرَّازِقِینَ)(4) وقوله : (وَهِیَ تَجْرِی بِهِمْ)(5) وقوله : (فَهِیَ کَالْحِجارَهِ)(6) جمیع ذلک قریء بالإسکان والتحریک (7) ومثاله مع لام الابتداء قوله تعالی : (لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُ)(8) ومثاله مع الهمزه قول الشّاعر : (9)

ص: 200

1- بعدها فی الأصل مشطوب علیه «وأما الهمزه فی نحو أکرم وأعط ، فلیست بهمزه وصل بل هی همزه من نفس الکلمه ، وتسمی همزه قطع».

2- الکتاب ، 4 / 151.

3- من الآیه 29 من سوره البقره.

4- من الآیه 39 من سوره سبأ.

5- من الآیه 42 من سوره هود.

6- من الآیه 74 من سوره البقره.

7- قال مکی فی الکشف ، 1 / 234 قوله وهی وهو وفهی ولهی وثم هو قرأ ذلک أبو عمرو والکسائی وقالون بإسکان الهاء حیث وقع إذا کان قبل الهاء واو أو فاء أو لام أو ثم ، وقرأ الباقون بضم الهاء من هو وکسرها من هی ... غیر أن أبا عمرو ضم الهاء فی ثم هو کالباقین ، وقال ابن جماعه ، 1 / 168 وقد قرأ علی الأصل أی الضم أکثر القراء وهو لغه الحجازیین وقرأ بالسکون أبو عمرو والکسائی وقالون وهو لغه أهل نجد.

8- من الآیه 62 من سوره آل عمران.

9- البیت اختلف حول قائله فقد نسبه العینی فی شرح الشواهد ، 3 / 101 والأزهری فی شرح التصریح ، 2 / 143 - والسیوطی فی شرح شواهد المغنی ، 1 / 134 - 2 / 798 إلی زیاد بن جمل ونسبه البغدادی فی شرح شواهد الشافیه ، 4 / 190 للمرّار العدوی ، وورد البیت من غیر نسبه فی الخصائص ، 1 / 305 - 2 / 330 وشرح المفصل ، 9 / 139 ومغنی اللبیب ، 1 / 41 - 2 / 378 وشرح الجاربردی ، 1 / 167 وحاشیه ابن جماعه ، 1 / 167 ، وهمع الهوامع ، 1 / 61 وشرح الأشمونی ، 3 / 101.

فقمت للزّور مرتاعا وأرّقنی

فقلت أهی سرت أم عادنی حلم

فإذا ابتدیء بهما ردّتا إلی أصلهما کقولک مبتدئا : هو ، بضمّ الأول وهی ، بکسر الأول ، ولام الأمر أصلها الکسر نحو : لیقم زید بالکسر لا غیر ، فإذا اتصل بها الواو والفاء جاز إسکانها تخفیفا نحو : (وَلْیُوفُوا)(1) ونحو : (فَلْیَنْظُرْ)(2) وکذلک یجوز إسکانها أیضا مع ثمّ کقوله تعالی : (ثُمَّ لْیَقْطَعْ)(3) وکقوله : (ثُمَّ لْیَقْضُوا)(4) بإسکان اللّام فیهما لأنه جعل المیم الثانیه من ثمّ بمنزله الفاء فی قولک : فلیقضوا ، وإنما أورد (5) تسکین الهاء فی هو وهی ولام الأمر فی باب ما وضع أوله علی السکون وإن لم یکن منه ، خوفا من أن یتوهّم متوهم أنه منه ، فبیّن أنّ سکون ذلک عارض لضرب من التخفیف فلا یعتدّ به وأنت بالخیار فی تسکین ذلک وتحریکه.

الفصل السادس : فی زیاده الحروف

اشاره

ویشترک فیها الاسم الفعل (7) ، والزیاده تکون لأحد سبعه أمور :

1 - أن تکون للدلاله علی معنی کزیاده حروف المضارعه وحروف التثنیه والجمع وما أشبهها (8).

2 - أن تکون للإلحاق حسبما تقدم فی أبنیه الأسماء والأفعال کزیاده الواو فی جوهر إلحاقا بجعفر.

ص: 201

1- من الآیه 29 من سوره الحج. ونصها (ثُمَّ لْیَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْیُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْیَطَّوَّفُوا بِالْبَیْتِ الْعَتِیقِ).

2- من الآیه 15 من سوره الحج.

3- من الآیه 15 من سوره الحج. ونصها (ثُمَّ لْیَقْطَعْ فَلْیَنْظُرْ هَلْ یُذْهِبَنَّ کَیْدُهُ ما یَغِیظُ).

4- من الآیه 29 من سوره الحج.

5- الزمخشری فی المفصل ، 356 وانظر إیضاح المفصل ، 2 / 370.

6- المفصل ، 357.

7- بعدها فی الأصل مشطوب علیه «ومعنی کونها زوائد أن کل حرف وقع زائدا فی کلمه فإنه منها لا أنها تقع أبدا زوائد» وهی من نص المفصل ، 357 وبإزائها کتب بلغ مقابله بین یدی مؤلفه أدام الله أیامه.

8- المنصف ، 1 / 15.

3 - أن تکون لتلیین اللفظ (1) وإزاله قلق اللّسان بسبب توالی الحرکات ولا تکون الزیاده لهذا المعنی إلا من حروف المدّ کألف عمایه ویاء صحیفه وواو عجوز.

4 - أن تکون للعوض عمّا حذف کتاء إقامه (2).

5 - أن تکون للتکثیر کمیم زرقم وستهم (3).

6 - أن تکون للإمکان کألف الوصل وهاء السکت فی قه فی الوقف لأنه لا یمکن أن یبتدأ (4) بحرف ، ویوقف علیه.

7 - أن تکون للبیان کزیاده هاء السکت أیضا فی نحو : (مالِیَهْ)(5) لبیان الحرکه وفی نحو : یا زیداه لبیان الألف (6).

وحروف الزیاده عشره یجمعها قوله : الیوم تنساه ، ومعنی کونها حروف زیاده أنه إذا وقع فی الکلمه حرف زائد لغیر الإلحاق ولغیر التضعیف فلا یکون إلّا منها ، ولیس المراد أنها لا تقع إلا زائده فإنها قد تقع أصولا نحو : هول ، ویعرف الزائد من الأصلی بواحده من ثلاث وهی : الاشتقاق وعدم النظیر وکثره وقوع الحرف زائدا ، والمقدّم فی ذلک الاشتقاق وهو اشتراک اللفظین فی المعنی / الأصلی ، والحروف الأصول ، کضارب ومضروب من الضرب ، ولذلک حکم بزیاده النون فی عنسل (7) وهو الناقه السریعه لأنّه موافق فی الحروف الأصول وفی المعنی الأصلی لعسل إذا أسرع ومنه عسلان الذئب (8) ، والحرف الزائد هو الذی یسقط فی تصاریف الکلمه

ص: 202

1- سماها ابن جنی ، الزیاده للمد ، المنصف ، 1 / 14.

2- هی عوض عن الألف المحذوفه.

3- وسماها بعضهم لتفخیم المعنی ، شرح الشافیه للجاربردی ، 1 / 194 ومناهج الکافیه ، 2 / 137.

4- فی الأصل یبتدیء.

5- الآیه 28 من سوره الحاقه.

6- أدرجها ابن جنی تحت زیاده المعنی ، المنصف ، 1 / 15.

7- قال فی الشافیه ، 524 «فلذلک حکم بثلاثیه عنسل» وفی الجاربردی ، 1 / 200 «وقیل إنه من العنس وهی الناقه الصلبه ، فالنون أصلیه واللام زائده والأول أصح لقوه المعنی ولأن زیاده النون ثانیه أکثر من زیاده اللام آخرا کما فی عنصل» بتصرف.

8- إذا اضطرب فی عدوه وهز رأسه ، القاموس المحیط ، عسل.

تحقیقا وتقدیرا (1) وقد تقدّم فی قسمی الاسم والفعل عند ذکر الأبنیه المزید فیها نبذ من القول فی زیاده هذه الحروف ، وأمّا المذکور هنا فهو ما یمیّز به بین مواقع أصالتها ومواقع زیادتها (2) وابتدأنا بذکر زیاده الهمزه ثمّ الألف ثمّ الیاء ثم الواو ثم المیم ثم النون ثم التاء ثم الهاء ثم السین ثم اللام.

ذکر زیاده الهمزه

وهی إمّا أن تقع أولا أو غیر أول ، أمّا التی تقع أولا ، فإن وقع بعدها ثلاثه أحرف أصول قضی بزیادتها (4) کأرنب وأکرم إلّا أن یقوم دلیل علی أصالتها کإمّعه (5) وإمّره (6) أو علی جواز الأمرین کأولق (7) أما زیاده الهمزه فی أرنب فلکثره زیادتها فی هذا الموضع فیما عرف اشتقاقه ، وأما أکرم فللاشتقاق لأنّ کرم لیس فیه همزه وکذلک ما یأتی من هذا الباب مثل أحمد وأسود وما أشبههما لعدم الهمزه فی حمد وسود ، وأمّا أصالتها فی إمّعه فلما صرفنا عن زیادتها وهو أنّ إمّعه صفه للذی یکون تبعا لغیره لضعف رأیه ، فلو کانت الهمزه فیها زائده لکان وزنها إفعله لکن لیس فی الصفات إفعله فلذلک حکم بأصالتها فیکون وزنها فعّله (8) وأمّا جواز الأصاله والزیاده فی همزه أولق وهو ضرب من الجنون ، فبعضهم - وهم الأکثر - یقولون : إنّ همزته أصلیه والواو زائده فیکون وزن أولق علی هذا فوعل ، لأنّه من ألق فکما أنّ الهمزه فی

ص: 203

1- ترک أبو الفداء تعریف وتوضیح عدم النظیر ، وکثره وقوع الحرف زائدا فی موضع ما ، مع أنه ذکرهما من الطرق الداله علی الزائد ، ومعنی عدم النظیر أنک لو حکمت بأصاله الحرف أو زیادته ثم لزم بناء لم یوجد فی کلامهم کنون قرنفل فإنک تحکم بزیادتها إذ لیس فی الکلام فعلل مثل سفرجل بضم الجیم ، أما کثره زیاده حرف ما فی موضع ما ، فمثل الهمزه إذا وقعت أولا وبعدها ثلاثه أصول نحو : أحمر ، فهی زائده ... انظر شرح الشافیه للجاربردی ، 1 / 199 وشرح الشافیه ، لنقره کار ، 2 / 139.

2- المفصل ، 357 والنقل منه بتمامه.

3- المفصل ، 357.

4- الکتاب ، 4 / 235 والمنصف ، 1 / 101 والممتع ، 1 / 227.

5- الإمّعه والإمّع بکسر الهمزه وتشدید المیم الذی لا رأی له ولا عزم فهو یتابع کلّ أحد علی رأیه ولا یثبت علی شیء والهاء فیه للمبالغه. اللسان ، أمع.

6- یقال رجل إمّر وإمّره أی أحمق ضعیف لا رأی له. فصل المقال ، للبکری ، 161 واللسان ، أمر.

7- الأولق : الجنون ، القاموس ، ألق. وانظر الکتاب ، 4 / 308.

8- شرح المفصل ، 9 / 145 والممتع ، 1 / 243.

ألق فاء الفعل ، فکذلک هی فی أولق ، وبعضهم یقول : هو من ولق إذا أسرع فوزنه علی هذا أفعل (1) ، لأنّ الواو أصلیه فهی فاء الفعل والهمزه زائده کما رأیت من أصاله الواو فی الفعل الذی هو ولق (2) ، وإن وقعت الهمزه أولا ووقع بعدها حرفان أصلیان أو أربعه أصول قضی بأصالتها کإتب وإزار وإصطبل وإصطخر (3) أمّا أصاله همزه إتب وهو ثوب بلا کمّ ولا جیب ، فلئلا ینقص الاسم عن مثال الأصول فیبقی علی حرفین لو جعلنا همزته زائده ، وإزار کذلک لأنّ الألف زائده ، وأمّا أصالتها فی إصطبل وإصطخرو ما أشبههما فلأنّ الأربعه مستثقله والهمزه حرف ثقیل وما کانوا لیزیدوا الثقیل ثقلا ، فیحکم بأصالتها حتی یقوم دلیل علی الزیاده (4) وأمّا الهمزه التی تقع غیر أول فکذلک یقضی (5) بأصالتها ، لأنّ الحشو لا یکاد یزاد فیه إلّا أن یأتی ما یصرف عن ذلک ویوجب زیادتها کهمزه شمأل ، ونئدل وهو الکابوس ، وجرائض وهو العظیم البطن ، وضهیأه وهی التی لا تحیض ، کأنها ضاهت الرجال ، أما زیاده همزه شمأل ، فلأنّه من شملت الریح (6) ، وأمّا نئدل فلأنه من النّدل ، ولقولهم : نیدلان بغیر همز ولو لا / سقوطها فی النّدل وفی التثنیه لقضی بأصالتها (7) وأما جرائض فلقولهم : جرواض وجریاض بغیر همز ، وأما ضهیأه فلقولهم فیها أیضا : ضهیأ بغیر هاء فتکون الهمزه زائده ووزنها فعلاء ، لأنک لو جعلت الهمزه لام الفعل لکان وزنها فعیل بالفتح وهو غیر موجود فی کلامهم (8).

ذکر زیاده الألف

وهی إذا کانت فی الأسماء والأفعال ومعها ثلاثه أصول فصاعدا قضی بزیادتها ، فألف غزا ورمی لیست زائده ، لأنّها مع أقل من ثلاثه أصول ، ولا تزاد الألف أولا

ص: 204

1- نسب هذا الرأی للزجاج ، الخصائص ، 1 / 9.

2- الممتع ، 1 / 235.

3- بلده بفارس ، معجم البلدان ، 1 / 211.

4- شرح المفصل ، 9 / 145 والممتع ، 1 / 231.

5- غیر واضحه فی الأصل.

6- ولقولهم : غدیر شمول تضربه ریح الشمال حتی یبرد ، وشرح الجاربردی ، 1 / 201.

7- الممتع ، 1 / 227.

8- الکتاب ، 4 / 248 - 325 والمنصف ، 1 / 111 والممتع ، 1 / 208.

9- المفصل ، 358.

لامتناع الابتداء بالسّاکن ، لکن تزاد ثانیه کضارب وخاتم (1) ، وثالثه کحمار وکتاب. ورابعه کحبلی وجلباب وسرداح وهی الناقه الکثیره اللحم ، وخامسه نحو : حلبلاب وهو نبات یتعلّق بالشجر (2) ولا تزاد الألف فی حشو الاسم للإلحاق لکن فی آخره کألف معزی ، فإنّها للإلحاق بدرهم لا للتأنیث ، أمّا زیادتها فلقولهم : معز ومعز (3) وأمّا کونها لیست للتأنیث فلتنوین معزی ، والمعزی أعجمی أجرته العرب مجری رجل وفرس فدخله الإلحاق بزیاده الألف کما دخل فی الأسماء العربیّه. وأمّا إذا وقعت الألف آخرا فهی علی أحد ثلاثه أوجه : إمّا للإلحاق کما قلنا فی ألف معزی ، وإمّا للتأنیث کألف حبلی ، وإمّا لغیرهما کألف قبعثری وهو العظیم الخلق فإنّ ألفه کألف کتاب لا للتأنیث ولا للإلحاق ، أما کونها لغیر التأنیث فلتنوین قبعثری ، وأمّا کونها لغیر الإلحاق فللزیاده علی الغایه ، لأنّ غایه الأصول خمسه ولیس لهم أصل سداسیّ لیلحق به (4).

ذکر زیاده الیاء

وهی إن کانت مع ثلاثه أصول فهی زائده أینما وقعت سواء کانت أولی (6) کیلمع وهو السّراب ، ویهیر وهو الحجر الصلب ، ویضرب ، أو ثانیه (7) کبیطر أو ثالثه (8) کعثیر وهو الغبار ، أو رابعه (9) کزبنیه (10) ، أمّا زیادتها فی یلمع فلقولهم : لمع وأمّا فی یهیرّ والزائده (11) هی الأولی ، فلأننا لو جعلنا الثانیه هی الزائده لزم

ص: 205

1- الکتاب ، 4 / 249.

2- وهو اللبلاب ، القاموس المحیط ، حلب.

3- قال ابن جماعه ، 1 / 204 : وهما لغتان جاء بهما التنزیل ، وبالإسکان قرأ الأکثر ، وانظر الکتاب ، 4 / 308.

4- الکتاب ، 4 / 303 والمنصف ، 1 / 51 والممتع ، 1 / 206.

5- المفصل ، 358.

6- الکتاب ، 4 / 236 - 313.

7- الکتاب ، 4 / 236.

8- الکتاب ، 4 / 267.

9- الکتاب ، 4 / 268.

10- الزبنیه کهبریه متمرد الجنّ والإنس والشدید ، جمعها زبانیه أو واحدها زبنی ، القاموس ، زبن.

11- فی الأصل والزائد.

وجود فعیل وهو غیر موجود فی کلامهم فوزنه یفعل (1) ، وأمّا بیطر فلأنّه من بطر إذا شقّ وأمّا فی عثیر وزبنیه وهو واحد الزبانیه ، فلأنها لا تکون فی مثلها فیما عرف اشتقاقه إلا زائده فوجب القضاء بزیادتها فیما لم یعرف اشتقاقه حملا علی ما عرف اشتقاقه إلی أن یقوم دلیل علی خلافه کالیاء فی یأجج وهو واد بقرب مکّه (2) ، وفی مریم ومدین ، وفی صیصیه وهی شوکه یسوّی بها الحائک السّداه (3) واللّحمه ، وفی قوقیت ، أمّا الدلیل علی أصالتها فی یأجج فزیاده الجیم الأخیره ، لأنّها زائده للإلحاق بجعفر ولأجل الإلحاق لم تدغم فیها الجیم الأولی وإذا کانت الجیم زائده لزم أصاله الیاء لئلا تنقص الکلمه عن مثال الأصول فوزن یأجج فعلل لا یفعل (4) / وأمّا الیاء فی مریم ومدین فلعدم فعیل بفتح الفاء فوزنهما فعلل ، وکان القیاس أن یقال : مریم ومدین بکسر أولهما ، لیصیرا علی وزن عثیر ، وأما أصالتهما فی صیصیه فلأنّهم لو جعلوا الیاءین زائدتین نقصت الکلمه عن مثال الأصول ، ولا وجه للقضاء بزیاده إحداهما دون الأخری ، فلما امتنع أن تکونا زائدتین لزم أصالتهما (5) وأمّا قوقیت فیاؤه مبدله من واو کان الأصل قوقوت ، فقلبوا الواو الثانیه یاء لوقوعها رابعه کما قلبت فی ادعیت والکلام فی أصالتها کالکلام فی صیصیه (6). وأمّا إذا کانت الیاء مع أربعه أصول ، فإن کانت الیاء أولا کیستعور وهو اسم مکان بالحجاز (7) فهی أصل لأنّ بنات الأربعه إذا لم تکن جاریه علی الفعل فلا تلحقها الزوائد من أولها ، لأن بنات الأربعه أقل تصرفا من بنات الثلاثه ، وقد ضعفت الزیاده فی أوائل بنات الثلاثه ولم تتمکن کتمکنها فی الوسط والآخر ، لأنّه قد یجتمع فیهما زیادتان ولم یقع ذلک فی أوائلها ، وإذا کان کذلک لم تجز فی أوائل بنات الأربعه ، بخلاف الجاریه علی الفعل فتلحقها خاصه الزیاده من أوائلها نحو : منطلق ومدحرج ، وأمّا إذا لم تکن الیاء

ص: 206

1- الکتاب ، 4 / 313.

2- معجم البلدان ، 5 / 424.

3- فی الأصل السّدا.

4- الکتاب ، 4 / 313.

5- الکتاب ، 4 / 303 والمنصف ، 1 / 145 ، وشرح الشافیه ، 2 / 375.

6- الکتاب ، 4 / 314 وشرح المفصل ، 9 / 149 وشرح الشافیه للجاربردی ، 1 / 223.

7- فی معجم البلدان ، 5 / 436 موضع قبل حره المدینه فیه عضاه وسمر وطلح.

أولا علی الوجه المذکور فهی زائده کما فی سلحفیه لجمعها علی سلاحف ، لأنّ الزیاده فی غیر الأوائل لا تمتنع فی بنات الأربعه (1).

ذکر زیاده الواو

وهی لا تزاد أولا لکن فی غیر الأوائل ، فمثالها زائده ثانیه (3) عوسج لأنّه من عسج إذا مدّ عنقه (4) ، وثالثه (5) قسور لأنّه من القسر (6) ، ورابعه (7) عنفوان وهو أول الشباب لأنّه من العنف ضد الرفق ، وخامسه (8) قلنسوه لأنّها من قلنس ، فالواو فی مثل هذا کله زائده ، إلّا أن یعترض ما یقضی بأصالتها نحو واو عزویت وهو اسم موضع (9) لأنّه لو قضی بزیادتها لکان وزنه فعویل فیدخل فی الکلام ما لیس منه ، لأنّه لیس فی کلامهم فعویل ، وإذا انتفی فعویل کان وزنه فعلیت مثل عفریت ، فتکون الیاء والتاء زائدتین ، والواو لام الکلمه ، وأمّا فی أوائل الکلم فلا تقع الواو زائده لأنّهم قد یبدلون الواو الأصلیه إذا وقعت أولا استثقالا لها کما أبدلت تاء فی تراث وهمزه فی أقتّتت فلئلا (10) تزاد أولا بطریق الأولی ، وأمّا واو ورنتل وهو الداهیه ، فأصلیه ولیست زائده وإنما الزائد النون للإلحاق بسفرجل کزیادتها فی جحنفل وهو الجیش العظیم ووزنه فعنلل ، فإن قیل : إنّ الواو (11) لا تکون أصلا فی بنات الأربعه إلّا مع التضعیف ولا تضعیف فی ورنتل فلیست الواو فیه أصلا ، فالجواب : أنّ جعل الواو أصلا فی ورنتل أقرب وأولی من جعلها زائده ، لأنّها ثبتت أصلا فی بنات الأربعه مع

ص: 207

1- الکتاب ، 4 / 236 - 293 وشرح الشافیه للجاربردی ، 1 / 225.

2- المفصل ، 358

3- الکتاب ، 4 / 274 والمقتضب ، 1 / 57.

4- فی المشی ، اللسان ، عسج.

5- الکتاب ، 4 / 274 وشرح المفصل ، 9 / 150.

6- وهو القهر علی کره ، اللسان ، قسر.

7- الکتاب ، 4 / 275 - 315 والمقتضب ، 1 / 57.

8- الکتاب ، 4 / 292 والمقتضب ، 1 / 57.

9- معجم البلدان 4 / 119.

10- غیر واضحه فی الأصل.

11- فی الأصل الواو والیاء ، وانظر السؤال والجواب فی شرح المفصل ، 9 / 150.

التضعیف ولم تکن قط زائده فی بنات / الأربعه لا مع التضعیف ولا مع غیره.

ذکر زیاده المیم

وهی إمّا أن تقع أولا أو غیر أول ، أمّا التی تقع أولا فإن وقع بعدها ثلاثه أحرف أصول ، فحکمها حکم الهمزه فی القضاء بزیادتها ، وهی إنما تزاد أولا فی الأسماء فتزاد فی مفعول من الفعل الثلاثی کمضروب ، وفی اسم الزمان والمکان کمقتل ، وفی اسم الفاعل من بنات الأربعه وما وافقه کمکرم ومدحرج ، وفی مفعال للمبالغه کمقیاس ومفتاح (2). وزیاده المیم أولا أکثر من زیاده الهمزه أولا ، والذی یدلّ علی زیادتها فی جمیع ما ذکرناه الاشتقاق ألا تری أنّ مضروبا ومقتلا ومحبسا من الضرب والقتل والحبس ومدحرج من دحرج ومکرم من أکرم ومقیاس من قاس ، ومفتاح من فتح ، فإن أبهم ما یأتی فیه المیم أولا حمل علی ما علم إلی أنّ یقوم دلیل علی أصالتها کمیم معدّ ، ومعزی ، ومأجج اسم مکان (3) ومهدد اسم امرأه ومنجنون وهو الدولاب (4) ، ومنجنیق ، فإنّ المیم فی جمیع ذلک أصلیه أمّا معدّ فلقولهم : تمعددوا ، أی کونوا علی ما کان علیه معدّ من خلقه وطریقته ، فمیم معد هی میم تمعددوا ، وهی فی تمعددوا أصل لأنّ المیم لا تزاد فی الأفعال فهی فی معدّ أصل ، ووزنه فعل بتشدید اللّام (5) وأمّا معزی فلقیام الدلیل علی زیاده الألف للإلحاق بدرهم فلو لم تکن المیم أصلا لنقص الاسم عن مثال الأصول (6) وأمّا مهدد ومأجج فإنما کانت المیم أصلیه فیهما ، لأنّهما من مهد یمهد ، ومؤج یمؤج الماء إذا صار أجاجا ، وحملهما علی ذلک أولی من جعل المیم زائده حملا علی هدد وأجج ، لأنّ عدم تغییر العلم أولی من المصیر إلی تغییره ، فوزن مأجج ومهدد فعلل واللّام الثانیه زائده للإلحاق بجعفر ، ولذلک لم تدغم لأنّه لو أدغم لفات الغرض الذی له زیدت اللام ،

ص: 208

1- المفصل ، 358.

2- الکتاب ، 4 / 237 - 272 والمقتضب ، 1 / 58 والمنصف ، 1 / 129 وشرح المفصل ، 9 / 151.

3- معجم البلدان ، 5 / 32.

4- وهی الدولاب التی یستقی علیها ، اللسان ، منجنون ، وانظر الکتاب ، 4 / 309.

5- المنصف ، 1 / 129.

6- شرح المفصل ، 9 / 151 - 152.

وهو الإلحاق (1) ولو قلنا بزیاده المیم واللام معا لنقص الاسم عن مثال الأصول ، فلزم أن تکون المیم أصلا ، وأمّا منجنون فمیمه أصلیه وقد تکررت فیه النون عینا ولاما للإلحاق بعضر فوط فوزنه فعللول إذ لیس فی العربیه منفعول ، ومن الدلیل علی أصاله النون أیضا جمعه علی مناجین ، وإذا ثبتت أصاله النون فیه ثبتت أصاله المیم ، وإلّا لکان وزنه مفعلول ، وهو معدوم فی کلامهم (2) وأیضا فاجتماع زیادتین فی أول الکلمه لا یکون إلّا فیما کان جاریا علی الفعل نحو : منطلق ومستخرج (3) وأمّا منجنیق ففی أصاله المیم خلاف ومذهب الأکثر (4) أنّها أصل ، والنون زائده لقولهم : مجانیق فسقوطها فی الجمع دلیل علی زیادتها وإذا ثبتت زیاده النون ، قضی بأصاله المیم ، لأنّه لا یجتمع زیادتان فی أوّل الاسم ، إلّا أن یکون جاریا علی فعله فی نحو : منطلق ومستخرج ، وإذا کانت المیم أصلا فیه / کان وزنه فنعلیل ، وأمّا إذا وقعت أولا خامسه فهی أصل کمرزنجوش (5) لما سبق من أنّ زیاده الهمزه مستثقله فی ذوات الأربعه لطولها فلم یکونوا لیزیدوا الثقیل ثقلا ، وإذا کانت لا تزاد أولا فی ذوات الأربعه فذوات الخمسه بذلک أولی ، فیحکم بأصالتها ما لم یقم دلیل علی الزیاده. وأمّا المیم التی تقع غیر أول (6) فهی أصل لأنّه لیس بموضع زیادتها إلّا أن یدلّ دلیل علی الزیاده کمیم دلامص (7) وقمارص وهرماس وزرقم ، أمّا دلامص وهو البرّاق فلقولهم : دلاص (8) وأمّا قمارص وهو الحامض ، فلقولهم : لبن قارص لکونه یقرص اللسان (9) وأمّا

ص: 209

1- الممتع ، 1 / 249.

2- الإیضاح ، 2 / 384 والممتع ، 1 / 256.

3- الکتاب ، 4 / 292 والمنصف ، 1 / 145.

4- کسیبویه والمازنی وابن جنی ، الکتاب ، 4 / 293 والمنصف ، 1 / 146 وشرح المفصل ، 9 / 153. والممتع ، 1 / 153.

5- المزرجوش : نبت وزنه فعللول بوزن عصرفوط ، والمرزنجوش لغه فیه ، اللسان ، مزرجش ، وقال ابن جماعه ، 1 / 221 هو المردقوش وکلاهما معرب.

6- بعدها مشطوب علیه (أی تقع حشوا).

7- فی الأصل دلامص بفتح الدال ، وهی بضمها فی الکتاب ، 4 / 325 - 374 والمقتضب ، 1 / 59 واللسان دلص.

8- الکتاب ، 4 / 274 - 325 والمقتضب ، 1 / 59 والمنصف ، 1 / 151.

9- من شده حموضته ، اللسان ، قرص.

هرماس وهو الأسد فلأنّه من الهرس ، وأمّا زرقم ونحوه ستهم فلأنه بمعنی الأزرق والأسته ، فقد دلّ علی زیاده المیم حشوا فی ذلک کلّه ، الاشتقاق ، لسقوط المیم فیما ذکر من دلاص وقارص ، والهرس والأزرق والأسته (1) ، والمیم من زیادات الأسماء ، ولا حظّ للفعل فیها ، ولذلک قضی بأصاله میم معدّ ، لکونها أصلا فی تمعددوا ، وأما قولهم : تمسکن وتمدرع وتمندل فشاذ (2).

ذکر زیاده النون

ولها فی ذلک موضعان : أحدهما : موضع تکثر زیادتها فیه فمتی وجدت فی ذلک الموضع قضی بزیادتها فیه إلّا أن یقوم دلیل علی أصالتها ، وثانیهما : موضع یقلّ زیادتها فیه ، فمتی وجدت فی ذلک الموضع قضی بأصالتها إلّا أن یقوم دلیل علی زیادتها.

أمّا الموضع الذی تکثر زیادتها فیه فله عدّه صور :

منها : أن تقع النون أخیرا بعد ألف زائده قبلها ثلاث أحرف أصول (4) فإذا وقعت کذلک فاحکم بزیادتها إلّا أن یقوم دلیل علی أصالتها کما سیأتی ، فإذا وقعت النون علی هذه الصفه فالأصل أن تلحق الصفات مما مؤنثه فعلی نحو : سکران لأنّ الصفات بالزیاده أولی ، لشبهها بالأفعال ، وأمّا الأعلام من نحو : مروان وقحطان وعثمان ، فمحموله علی الصفات فی ذلک ، وأمّا نحو : عنان وسنان ، فنونهما أصل لعدم تقدّم ثلاثه أصول علی الألف (5) وأمّا دهقان (6) وشیطان ، فإنه وإن کان قبل الألف ثلاثه أصول ولکنّ النون فیهما أصل لقیام الدلیل علی أصالتها ، لأنّ دهقان من تدهقن ، وشیطان من تشیطن ، وکذلک حسّان وحمار قبّان (7) وفینان وهو الرجل

ص: 210

1- الإیضاح ، 2 / 383 والممتع ، 1 / 242.

2- الشافیه ، 524 ، وفی الممتع ، 1 / 251 والأحسن تسکّن وتدرّع ، وفی شرح الشافیه للجاربردی ، 1 / 202 هو من قبیل الغلط علی توهم المیم أصلا.

3- المفصل ، 358 - 359.

4- الکتاب ، 4 / 236.

5- شرح الشافیه للجاربردی ، 1 / 227 وشرح الأشمونی ، 4 / 265.

6- الدهقان : بالکسر والضم ، القوی علی التصرف مع حده ، القاموس ، دهق.

7- دویبه ، اللسان ، قبن.

الکثیر الشعر فیمن صرفها (1) ، لأنّها من حسن وقبن وفنن إذا أبعد فی الأرض (2) فنون جمیع ذلک غیر زائده ، ولذلک صرفت ، ومنهم من جعل النون فی حسّان وحمار قبّان زائده ومنعهما الصرف حملا علی الأکثر وهو القیاس ، فیکون حسّان من الحسن وحمار قبّان من القب (3) ، والقاعده فی ذلک أنّ ما آخره ألف ونون بعد ثلاثه أصول إن کان مشتقا مما لیس فیه نون ، فنونه زائده وهو غیر منصرف کسکران لأنه من السکر فنونه زائده وهو غیر منصرف ، وإن کان مشتقا مما فیه النون فنونه غیر زائده ، وهو منصرف کندمان ، لأنّه من الندامه فنونه غیر زائده وهو منصرف ، وأمّا دهقان وشیطان فإن کانا / من تدهقن وتشیطن فنوناهما غیر زائدتین وهما منصرفان وإن کانا من دهق وشیط کانت النون فیهما زائده وهما غیر منصرفین لزیادتها.

ومنها : زیادتها فی أول الفعل المضارع ، والفعل المطاوع نحو : نفعل وانفعل.

ومنها : زیادتها فی آخر الجمع نحو : غربان ، وفی المصدر نحو : غلیان.

ومنها : زیادتها سادسه فی نحو : زعفران وسابعه فی نحو : عبیثران لأنها لو جعلت أصلیه فیهما لخرجا عن وزن أبنیه الأصول.

ومنها : أن تزاد ثالثه ساکنه نحو : جحنفل (4) ، وشرنبث وهو الغلیظ الکفین وعصنصر وهو اسم جبل (5) وغضنفر (6) وعرندد (7) فالنون زائده فی ذلک کلّه ، لأنّ الألف والواو والیاء تکثر زیادتها إذا وقعت هذا الموقع فی بنات الأربعه کالألف. فی نحو : مساجد ، والواو فی نحو : فدوکس وهو الأسد ، والیاء فی نحو : دریهم ،

ص: 211

1- ووزنهما فعّال ، وقبان حینئذ من قبن ، وفینان من فنن ، کما ذکر أبو الفداء ، وفی إیضاح المفصل ، 2 / 384 أن معناه ذو فنون فثبت أن الیاء زائده ، والنون أصلیه.

2- هذا المعنی لقبن ، وفینان قد تقدم ذکره.

3- ووزنهما فعلان ، فوجدت العلمیه والزیاده ، الإیضاح ، 2 / 385 ، یقال : قبّ القوم قبا صخبوا فی خصومه ، وقبّ الأسد والفحل ، إذا سمعت قعقعه أنیابه ، والقبّ رئیس القوم وسیدهم ، والقبّ ضرب من اللجم أصعبها وأنظمها اللسان ، والقاموس : قبب.

4- الجحنفل : الغلیظ الشفتین ، اللسان ، جحفل.

5- وقیل : هو ماء لبعض العرب ، معجم البلدان ، 4 / 128.

6- الأسد : وقیل هو الغلیظ ، اللسان ، غضنفر.

7- العرندد والعرند بالضم : الصلب الشدید ، القاموس ، عرد.

فکذلک النون إذا وقعت هذا الموقع لأنّها من حروف الزیاده ، وقد وقعت فی موقع کثر فیه زیاده الحروف المذکوره فوزن ما ذکر من جحنفل إلی غضنفر فعنلل (1) وأمّا الموضع الذی تقلّ زیاده النون فیه ، فهو أن تقع غیر ثالثه سواء کانت أولی کنهشل وهو الذئب وهو فعلل مثل جعفر فلذلک لم یمکن الحکم بزیاده نونه ، أو کانت ثانیه کحنزقر وهو القصیر ، وإنّما کانت نونه أصلیّه لأنها فی مقابله الأصول إذ هی بإزاء الرّاء من قرطعب (2) قال سیبویه (3) : إذا کانت النون ساکنه ثانیه لا تجعل زائده إلّا بدلیل ، وأمّا إذا قام دلیل علی الزیاده فهو مقدّم فیحکم بزیادتها حینئذ کما فی نرجس وعنبس وهو الأسد ، وعنسل (4) وعفرنی وهو من أسماء الأسد ، وبلهنیه ، وخنفقیق (5) أمّا نرجس فلعدم النظیر لو قلنا بأصاله نونه ، لأنّه لیس فی الکلام مثل جعفر بکسر ما قبل آخره فوزنه نفعل ، وأمّا عنبس وعنسل فمن العبس والعسل وهو الإسراع ، وعسلان الذئب شدّه عدوه (6) ، وأمّا عفرنی فالنون والألف فیه للإلحاق وهو من قولهم : جاء فی عفرّه الحرّ بضم العین والفاء أی فی شدّه الحرّ (7) وأمّا بلهنیّه وخنفقیق فالنون زائده فیهما لقولهم : عیش أبله (8) وخفق الریح یخفق أی أسرع (9).

ذکر زیاده التاء

وهی تزاد فی الأوائل وفی الأواخر ، فهی تزاد حیث لا تزاد الواو ، وقد اطّردت

ص: 212

1- الکتاب ، 4 / 322.

2- یقال : ما علیه قرطعبه ، أی قطعه خرقه ، وما له قرطعبه (بضم القاف) أی ما له شیء ، اللسان ، قرطعب.

3- الکتاب ، 4 / 323 - 324.

4- بعدها مشطوب علیه «وهی الناقه السریعه» وقد شرحها بعد.

5- الخنفقیق : السریعه جدا من النوق والظلمان ، القاموس ، خفق.

6- الکتاب ، 4 / 320.

7- فی اللسان ، عفر یقال جاءنا فلان فی عفرّه الحرّ بضم العین والفاء ، لغه فی أفره الحر ، وعفره الحر أی شدته» وانظر الکتاب ، 4 / 320.

8- أی واسع قلیل الغموم ، اللسان ، بله ، وانظر الکتاب ، 4 / 320.

9- فی الکتاب ، 4 / 320 : ومما جعلته زائدا بثبت ... ونون خنفقیق لأن الخنفقیق الخفیفه من النساء الجریئه ، وإنما جعلتها من خفق یخفق کما تخفق الریح ، یقال : داهیه خنفقیق ، فإما أن تکون من خفق إلیهم أی أسرع إلیهم وإما أن تکون من الخفق أی یعلوهم ویهلکهم.

10- المفصل ، 359.

زیاده التاء فی التفعیل (1) کالتقطیع ، لأنّه من قطّع فکانت التاء فی التقطیع عوضا من تشدید الطاء ، وفی التّفعال کالتسال والتکرار ، وفی التّفعّل کالتکلم وفی التفاعل کالتخاصم وفی فعلیهما نحو : تکلّم وتخاصم ، وزیدت ثانیه فی نحو : الاقتطاع وفی فعله نحو : اقتطع وافتقر ، وزیدت فی أوائل الفعل المضارع نحو : تقوم وزیدت / فی الآخر للتأنیث (2) نحو : قامت ومسلمه صالحه ، وزیدت فی جمع المؤنث السّالم (3) نحو : مسلمات ، وفی رغبوت (4) وهو عظیم الرغبه ، وفی جبروت وعنکبوت لورود العنکب بمعناه (5) ثمّ التاء فیما سوی هذه المواضع أصل إلا فی نحو : ترتب (6) وهو الأمر الراتب الثابت ، والتاء الأولی فیه زائده ، لأنّه لیس فی الکلام فعلل بضمّ اللّام الأولی ، فهو تفعل (7) ، وإلّا فی نحو : تولج وهو کناس الوحش ، والتاء فیه بدل من الواو لأنّه من الولوج فوزن تولج تفعل ، وقیل : إنّ تفعل قلیل ، وفوعل کثیر فهو فوعل ، فتکون التاء أصلا علی هذا القول الآخر (8) وإلّا فی سنبته وهی قطعه من الدّهر ، وتاؤها زائده لقولهم : مضی سنب من الدّهر ، وسنبته فسقوط التاء دلیل علی زیادتها (9).

ص: 213

1- الکتاب ، 4 / 317 - 318 وشرح الشافیه ، 2 / 378.

2- الکتاب ، 4 / 236 والمقتضب ، 1 / 60.

3- الکتاب ، 4 / 236 والمقتضب ، 1 / 60.

4- الکتاب ، 4 / 237 - 272 والمقتضب ، 1 / 60.

5- الکتاب ، 4 / 316 والممتع ، 1 / 277 واللسان ، عنکب.

6- کذا فی الأصل بفتح التاء الأولی وضم الثانیه ، وهی فی الکتاب ، 4 / 315 ترتب بضم الأولی وفتح الثانیه وحکی فی اللسان ، الترتب بضم التاءین ، والترتب بضم الأولی وفتح الثانیه ، وفی حاشیه ابن جماعه ، 1 / 219 ما نصه : «فی کل منهم» أی فی تتفل وترتب ثلاث لغات حکاها الموصلی وغیره ، فتح الأولی وضم الثالث والعکس وضمهما» ولعل مما یؤکد أن أبا الفداء یریدها علی نحو ما ضبطت أن فعلل فی قوله بعد ذلک : ولیس فی الکلام فعلل قد ضبط بفتح الفاء وضم اللام الأولی ومثله تفعل ، أما الضبط الوارد فی الکتاب ، 4 / 315 فهو محمول علی ترتب بفتح التاء الأولی قال الجاربردی ، 1 / 218 وترتب بضم الأول فإنه یحکم بزیادتها وإن کان فعلل موجودا فی کلامهم کبرثن ، لما ثبت زیادتها فی تنفل وترتب بفتح الأول فیهما ، لأن اللفظ والمعنی متفقان فکیف یکون فی أحدهما أصلا وفی الآخر زائدا».

7- قال عنها الخلیل : إنها فوعل لأنک لا تجد فی الکلام تفعلا اسما ، وفوعل کثیر ، الکتاب ، 4 / 333. وما ذهب إلیه الزمخشری من کونها علی وزن تفعل ، هو رأی البغدادیین ، شرح المفصل ، 9 / 158.

8- الکتاب ، 4 / 333 والمنصف ، 1 / 226.

9- الکتاب ، 4 / 316 والممتع ، 1 / 276.

ذکر زیاده الهاء

وهی قد زیدت آخرا زیاده مطرده للوقف وذلک لبیان الحرکه أو حروف المدّ (2) أمّا زیادتها لبیان الحرکه فإنّما تلحق بالحرکه الغیر الإعرابیّه وغیر المشبهه بها نحو (حِسابِیَهْ)(3) وثمّه ، ولا تدخل علی حرکه بناء تشبه الإعراب فلا تدخل علی الفعل الماضی نحو : قامه وضربه ولا علی المنادی نحو : یا زیده لأنّهما یشبهان المعرب ، وإذا لم تدخل علی ما یشبه المعرب فلئلا تدخل علی المعرب بطریق الأولی ، وأمّا زیادتها لبیان حروف المدّ التی هی : الألف والواو والیاء فنحو وا زیداه. وا غلامهوه (4) ونحو : (حِسابِیَهْ)(5) وزیدت الهاء أیضا زیاده غیر مطرده مما سمع ولا یقاس علیه فی جمع أمّ کقولک : أمّهات ، وقالوا : أمّات بغیر هاء لکنّ أمّهات بالهاء یکثر فی الأناسی ، وأمّات بغیر هاء یکثر فی البهائم (6) وقد جمع اللغتین من قال (7) :

إذا الأمّهات قبحن الوجوه

فرجت الظّلام بأمّاتکا

وزیدت الهاء أیضا فی الواحد ، فقالوا : أمّهتی قال الشاعر : (8)

أمّهتی خندف والیاس أبی

ص: 214

1- المفصل ، 359.

2- الکتاب ، 4 / 236 وشرح المفصل ، 1 / 2.

3- من الآیه 20 من سوره الحاقه.

4- الکتاب 4 / 236 وشرح المفصل ، 10 / 2.

5- من الایه 20 من سوره الحاقه.

6- المقتضب ، 3 / 169 وشرح الشافیه للجاربردی 1 / 230 وشرح الشافیه ، 2 / 383 وشرح الأشمونی ، 4 / 269.

7- البیت لمروان بن الحکم ورد منسوبا له فی شرح شواهد الشافیه ، للبغدادی ، 4 / 308 وورد من غیر نسبه فی شرح المفصل ، 10 / 3 - 4 وشرح الشافیه ، 2 / 383 وحاشیه ابن جماعه 1 / 230 ولسان العرب ، ماده أمم وشرح التصریح ، 2 / 362 وهمع الهوامع ، 1 / 23.

8- الرجز لقصی بن کلاب وقبله : معتزم الصّوله عالی النّسب ورد الرجز منسوبا له فی شرح الشافیه للجاربردی ، 1 / 230 وحاشیه ابن جماعه ، 1 / 230 ولسان العرب ، أمم ، وسلل ، ومناهج الکافیه ، 2 / 158 وشرح شواهد الشافیه ، 4 / 301 - 307 وورد من غیر نسبه فی المحتسب ، 2 / 224 وشرح المفصل ، 10 / 3 - 4 والهمع ، 1 / 43. خندف : امرأه إلیاس بن مضر ، والخندفه فی اللغه : سرعه فی مشی.

ووزن أمّ فعل فالهمزه فاء ، والمیم الأولی عین ، والمیم الثانیه لام (1) وزیدت أیضا فی أهراق إهراقه وذلک أنّه ورد هراق وأهراق فمن قال : هراق ، فالهاء بدل من همزه أراق کما قالوا : هردت أن أفعل فی أردت (2) ومن قال : أهراق فالهاء عنده زائده کالعوض من حرکه العین (3) لأنّ من قال أهراق سکّن الهاء وجمع بینها وبین الهمزه ، فالهاء حینئذ عنده عوض لا من حرف بل من فتحه عین الکلمه لأنّ الأصل أروق أو أریق ، فنقلت الفتحه إلی الراء التی قبلها فانقلبت الواو ألفا ثم جعلت الهاء فی أهراق عوضا عن نقل فتحه عین الفعل عن العین إلی الفاء ، وأصل یریق یؤریق فأبدلوا من الهمزه هاء بقی یهریق ، وزیدت أیضا فی هرکوله وهی الجسیمه (4) ووزنها هفعوله ، لأنّها من الرّکل وهو الرفس ، وزیدت أیضا فی هجرع وهو الطویل ووزنه هفعل ، لأنّه من الجرع وهو المکان السّهل (5) وزیدت أیضا فی هلقامه عند الأخفش وهو من أسماء الأسد ، لأنّه من اللّقم ، ویجوز أن تکون مزیده فی سلهب / لقولهم سلب ومعناهما الطویل (6).

ذکر زیاده السین

وزیادتها قلیله ولکن اطردت زیادتها فی استفعل (8) وما تصرّف منه نحو : استخرج یستخرج استخراجا وهو مستخرج ، والغالب علیه الطلب فی قولک : استفهم

ص: 215

1- شرح المفصل ، 10 / 3 وشرح الشافیه للجاربردی ، 1 / 230 - 231.

2- فی الکتاب ، 4 / 238 : وقد أبدلت - أی الهاء - من الهمزه فی : هرقت وهمرت وهرحت الفرس : ترید أرحت.

3- قال سیبویه ، 4 / 285 : وأما الذین قالوا : أهرقت فإنما جعلوها عوضا من حذفهم العین وإسکانهم إیاها .. وجعلوا الهاء العوض لأن الهاء تزاد».

4- شرح الشافیه للجاربردی ، 1 / 231 وشرح الأشمونی ، 4 / 270 ولسان العرب ، هرکل ورکل.

5- فی الکتاب ، 4 / 289 علی وزن «فعلل» وذهب الأخفش إلی زیاده الهاء وهو ما ذکره أبو الفداء ، قال ابن منظور ، هجرع : وقیل إن الهاء زائده ولیس بشیء» وفی شرح الشافیه لنقره کار 2 / 159 وقال أبو الحسن : هجرع للطویل من الجرع للمکان السهل ، فحکم بزیاده الهاء ، وفیه بعد لعدم المناسبه بین الطویل والمکان السهل فلا یصیر لذلک دلیلا علی زیادتها.

6- وهو الطویل عامه وقیل : من الرجال ، وقیل : من الخیل ، اللسان والقاموس ، سلب.

7- المفصل ، 360.

8- الکتاب ، 4 / 237 والمقتضب ، 1 / 60.

واستعلم ، إذا طلب الفهم والعلم (1) وزیدت غیر مطرده فی نحو : أسطاع یستطیع والمراد أطاع یطیع فزیدت السین عوضا من سکون عین الفعل ، لأنّ أصل أطاع أطوع فنقلت فتحه الواو إلی الطاء ، وانقلبت الواو ألفا لتحرکها فی الأصل وانفتاح ما قبلها وعوّض السین عن نقل حرکه عین الفعل عن العین إلی الفاء کما تقدّم فی أهراق (2) ، وزیدت السین أیضا مع کاف الضمیر فی خطاب المؤنّث وهی لغه بعض العرب (3) فیتبعون کاف خطاب المؤنّث سینا فی الوقف تبیینا لکسره الکاف ویقولون : مررت بکس وأخذت منکس ورأیتکس.

ذکر زیاده اللّام

وهی أبعد حروف الزیاده شبها بحروف المدّ واللین ولذلک قلّت زیادتها ولکن زیدت فی أسماء الإشاره (5) کقولک : ذلک وهنالک وألا لک ، لأنّ الأصل ذاک وهناک وألاک ، قال (6) :

...

وهل یعظ الضّلّیل إلّا ألالکا

وکسرت هذه اللّام لئلا تلتبس بلام الملک فی قولک : ذالک (7) وزیدت أیضا فی

ص: 216

1- شرح المفصل ، 10 / 5 - 6 والمصنف ینقل منه.

2- الکتاب ، 4 / 285.

3- قال عنها سیبویه ، 4 / 199 : واعلم أن ناسا من العرب» وفی الجاربردی وابن جماعه ، 1 / 228 هم بنو بکر بن وائل بن قاسط.

4- المفصل ، 360.

5- المقتضب ، 1 / 60 والمنصف ، 1 / 165 وشرح المفصل ، 10 / 6 - 7.

6- هذا عجز بیت وصدره : أولئک قومی لم یکونوا أشابه وقد اختلف حول قائله فقد رواه أبو زید فی النوادر 154 منسوبا لأخی الکلحبه وصدره : ألم تک قد جرّبت ما الفقر والغنی ورواه ابن یعیش منسوبا للأعشی 10 / 6 وصدره کما أثبتاه ، وورد البیت من غیر نسبه وصدره یتفق مع روایه ابن یعیش فی المنصف ، 1 / 166 وورد من غیر نسبه وصدره : ألا لک قومی فی شرح التصریح 1 / 129 وهمع الهوامع ، 1 / 76.

7- أی هذا لک.

قولهم : عبدل بمعنی عبد ، وزیدل بمعنی زید (1) وفحجل بمعنی الأفحج ، وهو وسیع الخطوه ، وأمّا قولهم : هیقل وفیشله فیحتمل أن تکون اللّام زائده لقولهم لذکر النّعام : هیق بمعنی هیقل (2) ولقولهم فیشه بمعنی فیشله ، ویحتمل أن تکون اللّام أصلا ، وتکون الیاء زائده لأنّ زیاده الیاء ثانیه کثیر ، وزیاده الیاء أیضا أکثر من زیاده اللّام.

الفصل السابع : فی إبدال الحروف

اشاره

وهو جعل حرف مکان حرف من حروف الإبدال التی ستذکر ، والإبدال یقع فی الأضرب الثلاثه کقولک فی وجوه : أجوه ، وفی أراق : هراق وفی هلّا فعلت ألا فعلت ، فالذی أثبت هو البدل والزائل هو المبدل منه ، وکذلک العوض والمعوض منه ، وربما فرّقوا بین البدل والعوض بأنّ البدل یختصّ بجعل الحرف فی موضع المبدل منه ، نحو : تاء تخمه لأنّها موضع الواو المبدل منها ، والعوض یختصّ بجعل الحرف فی غیر موضع المعوّض منه نحو همزه اسم فإنها عوض من لامه المحذوفه فلمّا أقیمت الهمزه فی غیر موضع المحذوف وهو الواو سمّی ذلک عوضا ، ولا یقال له بدل إلا تجوّزا مع قلّته (4) والبدل یأتی لتسهیل اللفظ بمشاکله الحروف وهو علی ضربین : بدل هو إقامه حرف مقام آخر نحو : إقامه تاء تخمه مقام الواو ، وبدل هو قلب الحرف نفسه إلی لفظ غیره ، والقلب إنّما یکون فی حروف العلّه وفی الهمزه کقام فإنّ أصله قوم ، فالألف واو فی الأصل ، وکراس فألفه همزه فی الأصل. ولا نرید بالبدل هنا البدل الحادث / مع الإدغام بل الذی بدون الإدغام (5) وأمّا حروف الإبدال فقال فی المفصّل : وحروفه حروف الزیاده والطاء والدّال والجیم ویجمعها قولک : استنجده یوم طال (6) ، وقال السّخاوی ما معناه : إنه غلط فی جعله السین من حروف

ص: 217

1- الکتاب ، 4 / 237 والمقتضب ، 1 / 60.

2- الهیقل : ذکر النعام ، اللسان ، هقل.

3- المفصل ، 360.

4- شرح المفصل ، 10 / 7 وشرح الشافیه للجاربردی ، 1 / 313.

5- شرح المفصل ، 10 / 7 والمصنف ینقل عنه.

6- فی المفصل 360 واستنجده یوم صال زط ، وفی الشافیه لابن الحاجب 541 ، «وحروفه : أنصت یوم جدّ طاه زلّ» وقول بعضهم : استنجده یوم طال. وهم فی نقص الصاد والزای لثبوت صراط وزقر ، وفی زیاده السین».

البدل ، وقال ابن الحاجب : (1) إنّ ما ذکر من حروف البدل غیر جامع لها ولا مانع لغیرها وبیان أنّها غیر مانعه أنّ حرف البدل إنّما یعنی به الحرف المبدل لا المبدل منه ، بدلیل أنّ العین یبدل منها ولیست معدوده فی حروف الإبدال باتفاق ، فإذا کان کذلک فعدّه السین من حروف البدل خطأ ، لأنّها لا تبدل وإنما یبدل منها قال : فقد ثبت بما ذکر أنّ الحروف المذکوره غیر مانعه لأنه أدخل غیرها فیها ، وبیان أنّها غیر جامعه هو أنّ الصّاد والزای یبدلان من السین ولم یعدهما هاهنا من حروف البدل وقد ذکر ذلک فی المفصّل (2) انتهی کلام المذکور. وقد ذکرنا حروف الإبدال علی ما رتّبها فی المفصّل ونبّهنا علی السین والصّاد والزای فی موضعها کما ستقف علیه. وعدّتها فی المفصّل ثلاثه عشر حرفا وأولها الهمزه ثمّ الألف ثمّ الواو ثم الیاء ثمّ المیم ثم النون ثم التاء ثم الهاء ثم اللام ثم الطاء ثم الدال ثم الجیم ثم السین.

القول علی إبدال الهمزه من غیرها

اشاره

وهی تبدل من خمسه أحرف من حروف اللین الثلاثه ، ومن الهاء والعین.

ذکر إبدال الهمزه من حروف اللّین

اشاره

وهو یأتی علی ثلاثه أقسام :

أحدها : إبدال واجب مطّرد.

ثانیها : إبدال جائز مطّردّ.

ثالثها : إبدال غیر مطّرد ، والمراد : بالمطّرد جری الباب قیاسا من غیر حاجه إلی سماع فی کلّ فرد فرد منه ، والمراد بالواجب ما لا یجوز غیره ، والمراد بغیر المطّرد ما یتوقّف کلّ فرد فرد منه علی السّماع ، والمراد بالجائز ما یجوز فیه الإبدال وترکه.

ص: 218

1- إیضاح المفصل «المطبوع» 2 / 392 ، والمخطوط ، الورقه ، 521 ظ.

2- فی الأصل فی التفصیل ، ولعل مراده : الإیضاح فی شرح المفصل لأن النص بحروفه فیه انظر 2 / 392.

3- المفصل ، 360.

أمّا القسم الأول وهو إبدال الهمزه من حروف اللین : إبدالا واجبا مطردا

(1) ، فله عده صور

منها : وجوب إبدالها من ألف التأنیث فی نحو : حمراء ، وصحراء وعشراء وما أشبهها ، وإنما وجب إبدال الهمزه من الألف المذکوره لأنّ الأصل کان حمری وصحری وعشری بألف واحده مقصوره مثل : حبلی وسکری فزادوا قبلها ألفا أخری تکثیرا لأبنیه التأنیث لیصیر له بناءان ممدود وهو باب حمراء ، ومقصور وهو باب حبلی ، فالتقی فی آخر الکلمه ساکنان الألف الأولی المزیده للمدّ والألف الثانیه التی للتأنیث ، ولم یجز حذف إحداهما لأنهم لو حذفوا الأولی لبطل المدّ الذی بنیت الکلمه علیه ، ولو حذفوا الثانیه زالت علامه التأنیث فلم یبق إلّا التحریک فلو حرکت الأولی لبطل المد المقصود ، لانقلابها همزه ، لأنّ الألف لا تقبل التحریک وکانت الکلمه تؤول إلی القصر ، فحرّکت الثانیه فانقلبت همزه فصارت صحراء (2) فهمزه صحراء وما أشبهها بدل من ألف التأنیث / ولذلک جمعت علی صحاری بانقلاب الهمزه یاء ولو کانت أصلیه لثبتت الهمزه فی الجمع وکان یجب أن یقال : صحاریء بالهمز.

ومنها : وجوب إبدال الهمزه من الواو أو من الیاء إذا کانتا لامین کهمزه کساء ورداء لأنّ أصل کساء کساو ، بواو هی لام الفعل. لأنّه من الکسوه وأصل رداء ردای بیاء هی لام الفعل لأنّه من قولهم : فلان حسن الردیّه ، فوقعت الواو والیاء طرفا بعد ألف زائده وکان ینبغی أن یصحّا لسکون ما قبلهما کما صحّتا فی دلو وظبی ، لکنهم أعلوهما لضعفهما بالتطرف (3) ووقوعهما بعد ألف زائده فقلبتا ألفا إمّا لعدم الاعتداد بالألف حاجزا حتّی صار حرف العله کأنه قد ولی الفتحه التی قبل الألف وإمّا لکون الألف منزّله منزله الفتحه لأنّها من جوهرها فقلبوا حرف العلّه بعدها ألفا فالتقی ساکنان الألف الأولی والألف الثانیه المنقلبه عن حرف العلّه ، ولم یمکن حذف إحداهما لئلا ینقلب الممدود مقصورا ، فحرکت الأخیره لما تقدّم فی صحراء فانقلبت

ص: 219

1- المفصل ، 360.

2- الکتاب ، 4 / 214 والمقتضب ، 3 / 84.

3- الکتاب ، 4 / 381.

همزه ، فالهمزه فی الحقیقه فی کساء ورداء إنما هی بدل من الألف التی هی بدل من الواو والیاء (1).

ومنها : وجوب إبدال الهمزه من الیاء فی نحو : علباء وهو عصب العنق ، لأنّ الأصل علبای ، لقولهم : علب البعیر إذا أخذه داء فی جانبی عنقه وبعیر معلب موسوم فی علبائه (2) ، ومثله حرباء (3) وإنما وجب إبدالها من الیاء المذکوره لوقوع الیاء طرفا بعد ألف زائده للمدّ ، فقلبت الیاء ألفا ثمّ قلبت الألف همزه کما قیل فی کساء (4).

ومنها : وجوب إبدال الهمزه من الواو والیاء إذا کانتا عین الفعل کما فی نحو : قائل وبائع (5) لأنّهم لمّا أرادوا بناء اسم الفاعل من قال وباع زادوا قبل ألف قال وباع ألفا لبناء اسم الفاعل ، کما زیدت فی ضارب فاجتمع ساکنان ألف اسم الفاعل ، وألف باع وقال ، ولم یمکن الحذف لأنّه یزیل صیغه اسم الفاعل ویصیّره إلی لفظ الفعل ، ولم یجز ردّه إلی الأصل فیقال : قاول وبایع ، للزوم إعلال اسم الفاعل لاعتلال الفعل ، فقلبت الألف الثانیه فیهما همزه ، وکسرت کما کسرت عین فاعل فهذه الهمزه بدل من ألف قال وباع ، والألف بدل من الواو فی قال ، ومن الیاء فی باع کما قیل فی کساء ورداء.

ومنها : وجوب إبدال الهمزه من الواو إذا کانت الواو فاء الکلمه ومعها واو أخری لازمه نحو : أو اصل وأواقی جمع واصله وواقیه (6) وهی ما تقیک وتحفظک ، کان الأصل وواصل ووواقی فلما اجتمع الواوان وجب قلب الأولی همزه لثقل ذلک ، ولأنّها کانت تبقی معرضه لدخول واو العطف وواو القسم علیها فیجتمع ثلاث واوات وذلک مستثقل ، فلذلک وجب أن یبدل من الواو الأولی همزه فقیل أواصل وأواقی ،

ص: 220

1- الکتاب ، 3 / 214 والمنصف ، 2 / 137 وشرح المفصل ، 10 / 9 والمصنف ینقل فیه.

2- اللسان ، علب.

3- الحرباء : دویّبه نحو العظایه تستقبل الشمس برأسها ، القاموس المحیط ، حرب.

4- الکتاب ، 3 / 214.

5- المفصل ، 360.

6- المفصل ، 360 - 361 : وفیه : ومن کل واو وقعت أولا شفعت بأخری لازمه فی نحو : أواصل وأواق جمعی واصله وواقیه.

قال / (1)

...

یا عدیّ لقد وقتک الأواقی

واحترز بقوله : واو أخری لازمه عن الواو التی تقع (2) ثانیه غیر لازمه ، وهی ما زیدت للمدّ ساکنه نحو الثانیه فی قولک ووعد فإذا کانت الثانیه غیر لازمه لم تکن الأولی من قبیل الهمز اللازم بل الجائز فتقول : ووعد وأوعد لأنّ الثانیه بمنزله الألف من فاعل لسکونها وانضمام ما قبلها فجاز همز الأولی ولم یجب کما سیأتی فی : وجوه.

ومنها : وجوب إبدال الهمزه من الواو الأولی فی تصغیر واصل وواقیه فتقول : أو یصل وأویق ، والأصل وویصل ووویق فأبدل من الواو الأولی همزه وجوبا کما فی جمعهما (3) حسب ما تقدّم.

وأمّا القسم الثانی وهو إبدال الهمزه من حروف اللین : إبدالا جائزا مطّردا

(4) فله أیضا صور :

منها : إبدالها من الواو المضمومه ضمّا لازما سواء کانت الواو فاء کوجوه وکوقّتت أو عینا غیر مدغم فیها کأدور وأثوب فإذا وقعت کذلک جاز إبدال الهمزه منها جوازا حسنا استثقالا للواو المضمومه لأنّها کالواوین ، وجاز إبقاء الواو لأنه هو الأصل فتقول مخیّرا فی ذلک بین أجوه وأقّتت بالهمز ، وبین وجوه ووقتت بالواو ، وکذا أدؤر وأثؤب بالهمز وأدور وأثوب بالواو (5) وإنما قال «مضمومه» أی (6) ضمّا

ص: 221

1- هذا عجز بیت للمهلهل بن ربیعه التغلبی ، وصدره : ضربت صدرها إلیّ وقالت وقد ورد البیت منسوبا له فی المقتضب ، 4 / 214 والحلل ، 201 وورد من غیر نسبه فی المنصف ، 1 / 418 وأمالی ابن الشجری ، 2 / 9 وشرح المفصل ، 10 / 8 - 10.

2- غیر واضحه فی الأصل.

3- شرح المفصل ، 10 / 10.

4- المفصل ، 361 وفیه : والجائز إبدالها من کل واو مضمومه وقعت مفرده فاء کأجوه أو عینا غیر مدغم فیها کأدؤر.

5- الکتاب 4 / 331 والمنصف ، 1 / 212 - 218 وشرح الأشمونی ، 4 / 296.

6- زیاده یستقیم بها الکلام ، لأن «ضما لازما» قد سقط من المفصل وقد بین أبو الفداء بعد ، ما یفید أنها زیاده منه.

لازما لیخرج ضمّه الإعراب نحو : هذا دلو وضمّه التقاء الساکنین نحو : (اشْتَرَوُا الضَّلالَهَ بِالْهُدی)(1) ویمکن أن یستغنی عن قولنا : ضمّا لازما بتقیید الواو بکونها فاء أو عینا ، فإذا وقعت مضمومه فاء أو عینا لا یکون ضمّها إلّا لازما حسبما ذکره فی المفصل ، وقال : غیر مدغم فیها ، لیخرج مثل : التحوّل والتضوّر ، فإن إبدالها غیر جائز لئلا یزول الادغام.

ومنها : جواز إبدال الهمزه من الواو المضمومه المذکوره إذا کانت عینا وکانت مشفوعه بواو أخری مثل النّوور وهو النّیلج (2) والغوور من غار الماء غوورا (3) کلّ منهما بواوین الأولی مضمومه والثانیه ساکنه ، فیجوز لک أن تبدل من الأولی المضمومه همزه ، ویجوز أن تبقیها واوا علی حالها (4) ، أما قلبها همزه فلتنزّل الواو المضمومه منزله واوین ، لأنّ الضمّه واو صغیره فجاز القلب لاستثقال اجتماع ثلاثه أمثال ، لا لاجتماع الواوین فقط ، لأنّ الثانیه مدّه ، وأمّا إبقاؤها واوا علی حالها فلأنه الأصل ، ولأنّ ضمّه الواو حرکه والحرکه لا یکون لها حکم الواو حقیقه ، ولم یکره اجتماع الواوین هنا لکون الثانیه مده.

وأمّا القسم الثالث : وهو إبدال الهمزه من حروف اللین : إبدالا غیر مطّرد

(5) فله صور أیضا :

منها : إبدال الهمزه من الألف وهو غیر مقیس علیه ، ولیس کلّ العرب تفعله مثل دأبه وشأبه وابیأضّ والعألم والخأتم وقوقأت الدجاجه ، کلّ ذلک بإبدال الهمزه من الألف حسبما سبق بعضه فی التقاء الساکنین (6).

ومنها : إبدال الهمزه من الواو التی هی غیر مضمومه / وهو أیضا إبدال غیر

ص: 222

1- من الآیه 16 من سوره البقره.

2- فی اللسان ، نور ، والنوور : النیلج وهو دخان الشحم یعالج به الوشم ویحشی به حتی یخضرّ. ولک أن تقلب الواو المضمومه همزه.

3- إذا ذهب فی الأرض وسفل فیها ، اللسان ، غور.

4- فی الکتاب 4 / 362 والوجهان جائزان.

5- المفصل ، 361 - 362.

6- شرح المفصل ، 10 / 12 وانظر الکناش 2 / 194.

مقیس علیه ، وغیر المضمومه إمّا مکسوره أو مفتوحه أما الواو المکسوره فقد أبدلوا الهمزه منها إذا وقعت أولا إبدالا غیر مطرد نحو : وشاح ووساده ووفاده وهو اسم الوفد ، فتقول : إشاح وإساده وإفاده بهمز ذلک کله (1) وقد رأی المازنیّ (2) أنّ الإبدال من المکسوره خاصّه مقیس مطّرد وقرأ (3) أبیّ (4) وسعید (5) (من إعاء أخیه) (6) أی «وعاء أخیه» وأما المکسوره الواقعه حشوا نحو : طویل ، فلم تهمز بوجه ، وأمّا الواو المفتوحه فقد أبدل منها الهمزه علی قلّه فی نحو قولهم : امرأه أناه والأصل وناه ، لثقل حرکتها بسبب عظم عجیزتها وفی نحو : أسماء اسم امرأه ، فإنّ همزتها بدل من واو مفتوحه ، لأنّ الأصل وسماء من الوسامه وهو الحسن وفی نحو : أحد فإنّ همزته أیضا بدل من واو مفتوحه لأنّ الأصل وحّد من الوحده ، وأما ما بالدار من أحد فهمزته أصلیه لأنه لیس بمعنی الوحده (7) وفی الحدیث أنّ رسول الله صلی الله علیه وسلم رأی سعد بن أبی وقاص (8) یدعو ویشیر بأصبعیه فی الدّعاء فقال له صلی الله علیه وسلم : أحّد

ص: 223

1- الکتاب ، 4 / 331.

2- قال فی المنصف ، 1 / 228 - 229 واعلم أن الواو إذا کانت أولا وکانت مکسوره فمن العرب من یبدل مکانها الهمزه ، ویکون ذلک مطردا فیها فیقولون فی وساده إساده ... وفی شرح المفصل ، 10 / 14 واعلم أن أکثر أصحابنا یقفون فی همز الواو المکسوره علی السماع دون القیاس. وانظر شرح الأشمونی ، 4 / 296.

3- انظرها فی المحتسب ، 1 / 348 وفی البحر ، 5 / 332 وذلک مطرد فی لغه هذیل.

4- هو أبیّ بن کعب بن قیس صحابیّ جلیل من أصحاب العقبه الثانیه شهد بدرا والمشاهد کلّها وهو أول من کتب للنبی صلی الله علیه وسلم، وقرأ علیه القرآن ، وقرأ علیه من الصحابه ابن عباس وأبو هریره مات سنه 21 ه وقیل 23 ه انظر ترجمته فی الإصابه ، 1 / 19 وغایه النهایه ، 1 / 31 وشرح صحیح الترمذی لابن العربی المالکی ، 13 / 215 - 263. وطبقات الفقهاء ، للشیرازی 44 - 45 وطبقات الحفاظ ، للسیوطی ، 5.

5- هو سعید بن جبیر بن هشام الأسدی کان فقیها ورعا من سادات التابعین قرأ القرآن علی ابن عباس وقرأ علیه أبو عمرو وقصته مع الحجاج مشهوره معروفه مات سنه 92 وقیل 95 ه. انظر ترجمته فی وفیات الأعیان ، 2 / 371 وغایه النهایه ، 1 / 305 وتذکره الحفاظ ، للذهبی ، 1 / 73 وطبقات المفسرین ، 1 / 181 وطبقات الحفاظ ، 31 وطبقات الفقهاء ، 82 والأعلام ، 3 / 145.

6- من الآیه 76 من سوره یوسف.

7- الکتاب ، 4 / 331 وشرح الأشمونی ، 4 / 297.

8- هو سعد بن مالک بن أهیب بن أبی وقاص أحد العشره وآخرهم موتا ، روی عن النبی صلی الله علیه وسلم کثیرا ، وروی عنه سعید بن المسیب ، وکان أحد الفرسان وهو أول من رمی بسهم فی سبیل الله وقد ولی الکوفه لعمر وهو الذی بناها ثم عزل وولیها لعثمان مات سنه 51 ه وقیل : 54 وقیل : 56 وقیل : 57 ه انظر ترجمته فی الإصابه ، 2 / 33 والاستیعاب ، للنمری ، 2 / 18 وأسد الغابه ، لابن الأثیر ، 2 / 290 - 292 وطبقات الحفاظ ، للسیوطی ، 5.

أحد (1) أی أشر بإصبع واحده ، والأصل وحّد.

ومنها : إبدال الهمزه من الیاء وهو أیضا غیر مقیس علیه فمنه : قطع الله أدیه أی یدیه (2) ، وقولهم : فی أسنانه ألل أی یلل ، والیلل قصر الأسنان العلیا ، وقولهم الشّیمه وهی الخلیقه (3) وأصلها الشّیمه بالیاء فهذا إبدال الهمزه من حروف اللین.

ذکر إبدال الهمزه من الهاء

وهو أیضا قلیل غیر مطّرد ، فمنه قولهم : ماء وأصله موه المیم فاء والواو عین والهاء لام فقلبوا الواو ألفا لتحریکها وانفتاح ما قبلها فصار فی التقدیر : ماه فأبدلوا من الهاء همزه فصار ماء وإنّما کانت همزته بدلا من الهاء لقولهم فی الجمع : أمواه وفی التصغیر : مویه ، ولقولهم : أمّهت الدواه إذا صببت فیها الماء ، ومنه قولهم فی الجمع : أمواء والأصل أمواه فأبدلوا من الهاء فی الجمع أیضا همزه (5) قال الشاعر : (6)

وبلده قالصه أمواؤها

ما صحه رأد الضّحی أفیاؤها

والأصل أمواهها ، فأبدل من الهاء فی الجمع أیضا همزه ، ومنه قولهم : أل فعلت بمعنی هل فعلت ، وقولهم : ألا فعلت بمعنی هلّا فعلت (7).

ص: 224

1- انظره فی کتاب الفائق فی غریب الحدیث ، 1 / 10 والنهایه فی غریب الحدیث ، 1 / 22 وکشف الخفاء ، 1 / 57.

2- وحکی ابن جنی عن أبی علی : قطع الله أده ، یریدون یده ، اللسان ، یدی.

3- والطبیعه والهمز فیها لغیه ، اللسان ، شیم.

4- المفصل ، 362 - 363.

5- اللسان ، موه.

6- الرجز لم یعرف قائله ورد فی المنصف ، 2 / 151 وإیضاح المفصل لابن الحاجب ، 2 / 396 ، وشرح المفصل 10 / 15 - 16 والممتع ، 1 / 348 وشرح الشافیه ، 3 / 208 وشرح شواهد الشافیه ، 4 / 437 والدرر الکامنه ، 1 / 317.

7- والکثیر هل فعلت ، وهلّا فعلت ، إیضاح المفصل ، 2 / 396.

ذکر إبدال الهمزه من العین

وهو أیضا قلیل (2) فمنه قولهم فی عباب : أباب فأبدلوا الهمزه من العین لقرب مخرجیهما وأنشدوا علیه : (3)

أباب بحر ضاحک زهوق

أی مرتفع.

القول علی إبدال الألف من غیرها

اشاره

وهی تبدل من أربعه أحرف : من الواو والیاء والهمزه والنون.

ذکر إبدال الألف من الواو والیاء

وهو یأتی واجبا مطردا وغیر مطّرد ، أمّا الإبدال الواجب المطّرد ، فإبدال الألف من الواو والیاء عینین ولامین فی فعل أو اسم علی وزن الفعل إذا تحرکت الواو والیاء بحرکه لازمه غیر منقوله ولا عارضه ، وانفتح ما قبلهما / ولم یلزم من القلب لبس ، ولم یکونا فی معنی ما یکتنفه ساکن ، فإذا اجتمع فی الواو والیاء هذه القیود وجب قلبها ألفا سواء کانتا عینا أو لاما (5) فمثالهما عینین فی الفعل واو قول ، ویاء بیع فقلبوهما ألفا لاجتماع القیود المذکوره ، ومثالهما لامین فی الفعل غزا ورمی والأصل غزو ورمی ، فتحرکت الواو والیاء بالحرکه الموصوفه وانفتح ما قبلهما فقلبتا ألفا فصارا (6) غزا ورمی ، ومثالهما عینین فی الاسم باب وناب الأصل بوب ونیب فقلبتا ألفا لحصول القیود المذکوره فیهما ، فصارا باب وناب وکذلک ما یأتی من ذلک نحو :

ص: 225

1- المفصل ، 363.

2- إیضاح المفصل ، 2 / 397 والممتع ، 1 / 352.

3- الرجز لم یعرف قائله ، ورد فی شرح المفصل ، 10 / 15 - 16 والممتع ، 1 / 352 وشرح الشافیه ، 3 / 127 - 207 وحاشیه ابن جماعه ، 1 / 317 وشرح الأشمونی ، 4 / 297 والروایه عند بعضهم «هزوق».

4- المفصل ، 363.

5- الکتاب ، 4 / 238 ، وشرح المفصل ، 10 / 17 وشرح التصریح ، 2 / 386 وشرح الأشمونی ، 4 / 314.

6- فی الأصل فصار وکذا ما یلیها.

دار أصلها دور فقلبت الواو ألفا فصار دار ، ومثالهما لامین فی الاسم عصا ورحی ، والأصل عصو ورحی فقلبتا ألفا لما قلنا فصارا عصا ورحی فإذا فقد قید من القیود المذکوره تعذّر قلبهما ألفا حینئذ ولنذکر أمثله ذلک للإیضاح ؛ فمثال الحرکه غیر اللازمه قولک : جیل فلا تنقلب هذه الیاء ألفا وإن تحرکت وانفتح ما قبلها ، لأنّ حرکتها غیر لازمه لأنّها منقوله إلیها من الهمزه المفتوحه لأنّ أصله جیأل ، وکذلک حرکه الواو فی قوله تعالی : (اشْتَرَوُا الضَّلالَهَ بِالْهُدی)(1) فإنها عارضه لالتقاء الساکنین والعارض کالمعدوم ، ومثال ما یلزم من قبلها اللّبس : النّزوان والغلیان والهذیان فإنّها لو قلبت فی ذلک ألفا لتحرکها وانفتاح ما قبلها لاجتمع ألفان ووجب حذف إحداهما فیصیر اللفظ إلی نزان وغلان علی وزن فعال ، فیلتبس بناء فعلان بفعال ، وکذلک الزیدان رمیا وغزوا فلو أعلّا صارا (2) رمی وغزا ، والتبس الاثنان بالواحد ، وقد حمل الحیدان والجولان علی النزوان ، لأنّهم لمّا صحّحوا حرف العلّه الذی هو اللّام فی النزوان والغلیان مع ضعفهما بتطرفهما ، کان تصحیح العین فی الحیدان والجولان أولی ، لقوتهما بقربهما من الفاء ، ومثال کونهما فی معنی ما یکتنفه الساکن : اجتوروا واعتونوا ، لأنّه فی معنی تجاوروا وتعاونوا فلا تقلب الواو هنا ألفا لأنّ ما قبلها ساکن وهو الألف وکذلک حول وعور وصید یقال : صید البعیر إذا رفع رأسه (3) لأنّ ذلک بمعنی أحول وأعور وأصید ، فکما لم تقلب فی أحول وبابه ، لم تقلب فیما هو بمعناه وشذّ صحتهما فی نحو : القود والأود والخونه (4).

وأمّا إبدال الألف منهما غیر المطّرد (5) لیکون دلیلا علی ما غیّر من ذلک أی الذی یؤخذ بالسّماع ولا یقاس علیه فنحو إبدال الألف من الیاء فی قولهم : طائیّ نسبه إلی طیّء والأصل طیئیّ (6) فقلبوا الیاء الأولی ألفا وحذفوا الثانیه ، وکذلک قالوا :

ص: 226

1- من الآیه 16 من سوره البقره.

2- فی الأصل : أعلّ صار.

3- إذا رفع رأسه کبرا ، القاموس المحیط ، صید.

4- ذکر فی الکتاب ، 4 / 346 أمثله کثیره ثم قال : فکل هذا فیه اللغه المطرده ، إلا أنا لم نسمعهم قالوا إلا استروح إلیه ، وأغیلت واستحوذ. وانظر شرح المفصل ، 10 / 17.

5- المفصل ، 363.

6- أتی الطمس علی بعض حروفها وکذا حاری الآتی.

حاریّ فی النسبه إلی الحیره وهو بلد بقرب الکوفه (1) بقلب الیاء ألفا. وکذلک قالوا : یاجل فی یوجل بقلب الواو الساکنه ألفا. وأمّا بقاء حروف العلّه عینا فی قولهم : نوی وعوی وشوی وما أشبهها / فلاعتلال اللّام ، لأنّهم لمّا أعلوا لامه لم یجمعوا بین إعلالین فی کلمه واحده وکانت اللّام أولی بالإعلال لتطرفها.

ذکر إبدال الألف من الهمزه

وهو ینقسم إلی لازم وغیر لازم ، فاللّازم إبدال الألف من الهمزه الثانیه الساکنه إذا تقدمها همزه مفتوحه لتضاعف الثقل باجتماعهما فتبدل الثانیه حرفا من جنس حرکه ما قبلها کما فی آدم وآمن ، وغیر اللازم إبدال الألف من الهمزه الساکنه التی قبلها حرف مفتوح غیر همزه کما فی رأس حسبما تقدّم ذکر ذلک فی تخفیف الهمز (3).

ذکر إبدال الألف من النون

ولا یکون إلّا فی الوقف ، وهو علی ثلاثه أوجه :

أحدها : إبدال نون المنون المنصوب ألفا کقولک فی الوقف : رأیت زیدا لکن ما آخره تاء التأنیث وإن کان فی الدرج منصوبا منونا فإنه لا یوقف علیه بالألف بل بالهاء کقولک : تزوّجت (5) امرأه وأکلت ثمره. وأما غیر تاء التأنیث فسواء کانت أصلیه کبیت ، أو للإلحاق کعفریت أو مبدله من حرف أصلی کبنت وأخت فیوقف علیها فی النصب بالألف کغیرها کقولک : بنیت بیتا ورأیت عفریتا وتزوجت بنتا.

ثانیها : إبدال نون التأکید الخفیفه ألفا فی الوقف کما سبق فتقف علی (لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِیَهِ)(6) لنسفعا.

ثالثها : إبدال نون إذن فی الوقف ألفا کقولک : «کان إذا» فتقف بالألف بدلا من

ص: 227

1- معجم البلدان ، 2 / 328.

2- المفصل ، 363.

3- الکتاب ، 3 / 548 - 552 وانظر الکناش ، 2 / 169.

4- المفصل ، 363.

5- غیر واضحه فی الأصل.

6- من الآیه 15 من سوره العلق.

إذن ، وإن کانت نونا أصلیه غیر زائده لسکونها وانفتاح ما قبلها ، ولم تجر نون عن وأن مجراها فی ذلک لکون إذن مشابهه للاسم دونهما (1).

القول علی إبدال الیاء من غیرها

اشاره

وهی تبدل من ثمانیه عشر حرفا ، تسعه لا یلزم أن تکون للتضعیف ، وتسعه کلّ منها أحد حرفی التضعیف وقد نظموا الحروف المذکوره التی تبدل الیاء منها فقالوا : (2)

هل کان سرّ بصدّی

أثمت عوّض بحدّ

ونحن نذکر إبدال الیاء من الحروف المذکوره فی قسمین :

القسم الأول : فی إبدال الیاء من الحروف التسعه

اشاره

التی لا یلزم أن تکون للتضعیف وهی الألف ثم الواو ثم الهمزه ثم النون ثم العین ثم الباء ثم التاء ثم السین ثم الثاء.

ذکر إبدال الیاء من الألف

وتبدل الیاء منه مطردا متی انکسر ما قبل الألف کما فی تصغیر مفتاح وتکسیره کقولک : مفیتیح ومفاتیح وکذلک إذا کان قبل الألف یاء فتقلب الألف یاء وتدغم کما فی تصغیر حمار فتقول : حمیّر ، وکذلک إذا وقعت الألف رابعه فصاعدا واحتیج إلی تحریکها ، أبدل من تلک الألف یاء وذلک فی التثنیه والجمع کقولک : ملهیان ومعطیان وحبلیان وملهیات ومعطیات وحبلیات (4) وکذلک تبدل الیاء من الألف فی : رأیت کلیهما ، ومررت بکلیهما.

ذکر إبدال الیاء من الواو

وتبدل الیاء من الواو سواء کانت الواو فاء أو عینا متی اجتمع فی الواو ثلاث

ص: 228

1- الکتاب ، 4 / 238 وفی إیضاح المفصل ، 2 / 398 لأنها کالتنوین ، ونون الفعل ، لسکونها بعد الفتحه ووقوعها آخرا فوقفوا علیها بالألف کما وقفوا علی التنوین.

2- لم أقف علی قائله.

3- المفصل ، 363.

4- الکتاب ، 4 / 238.

5- المفصل ، 363.

شرائط / أحدها : انکسار ما قبلها ، ثانیها : سکونها ، ثالثها : کونها غیر مدغمه ، ولانقلاب الواو یاء عده أمثله (1) :

منها : میقات ومیزان والأصل : موقات وموزان لأنّه من الوقت والوزن فقلبت الواو یاء لحصول الشرائط المذکوره الموجبه للقلب ، فلو فقد أحدها لم تقلب إلّا فیما یستثنی من ذلک کما سیأتی ، کما لو فقد انکسار ما قبلها کقولک : موزون أو فقد سکونها کقولک : طوال أو وجد الادغام کقولک : اجلوّاذ (2) فإنّ الواو تبقی فی مثل ذلک سالمه علی حالها لزوال موجب القلب أعنی مجموع الأمور الثلاثه ، لکن منهم من یقلب الواو المدغمه یاء إذا انکسر ما قبلها فیقول : اجلیواذ (3) کما قیل دیوان ، والأصل : دوّان بدال مکسوره وواو مشدده فأبدلت الواو الأولی یاء لضرب من التخفیف ، وإنّما لم تقلب الواو یاء فی اجلیواذ ودیوان ، وقد اجتمعت الواو والیاء وسبقت إحداهما بالسکون لأنّ الیاء فیهما غیر لازمه ، لأنّها إنّما أبدلت من الواو تخفیفا ، فلذلک لم تقلب لها الواو الأخیره ومنها : عصیّ جمع عصا ، والأصل عصوّ فأبدل من واو فعول یاء بقی عصیو ثم قلبت الواو التی هی لام الکلمه یاء وأدغمت الیاء فی الیاء ثم کسرت الفاء والعین للتناسب بقی : عصیّ وکان من حقّه أن تدغم الواو فی الواو من غیر قلب فیقال : عصوّ لکن قلبت کراهه للواو المشدده مع کونها فی جمع (4) والجمع أثقل من الواحد ، وکونها فی موضع یکثر فیه التغییر ، وهو الطّرف فلذلک قلبت یاء (5).

ومنها : غاز وغازیه والأصل : غازو وغازوه ، لأنّه من غزوت فوقعت الواو طرفا ، والتغییر لازم للطرف فلذلک کفی فی القلب سبب واحد وهو انکسار ما قبلها ، وأمّا التی فی غیر الطرف فلا یکفی فی قلبها یاء سبب واحد ، لبعدها عن محلّ التغییر بل لا بدّ من المجموع (6) کما تقدّم.

ص: 229

1- الکتاب ، 4 / 238 - 360.

2- هو السرعه فی السیر ، اللسان والقاموس ، جلذ.

3- وهو شاذ لا یقاس علیه ، التسهیل ، 305 وشرح الشافیه ، 3 / 211.

4- فی الأصل فی جمیع.

5- الکتاب ، 4 / 262 - 384 وشرح المفصل ، 10 / 21 وشرح الأشمونی ، 4 / 327.

6- الکتاب ، 4 / 239 وشرح الشافیه ، 3 / 209.

ومنها : أدل وأحق جمع دلو وحقو والأصل : أدلو واحقو ، فوقعت الواو طرفا بعد ضمّه ولیس ذلک فی الأسماء المتمکنه فأبدلوا من الضمّه کسره ومن الواو یاء فصار من قبیل المنفوص (1).

ومنها : کلّ مصدر وقعت فیه الواو بعد کسره وبعدها ألف وقد أعلّ فعل ذلک المصدر نحو : القیام والانقیاد ، والأصل : القوام والانقواد فحصلت الواو فیهما بالشرائط المذکوره فقلبت یاء وجوبا (2) فلو فقد أحد الشرائط المذکوره لم تقلب کما لو وقعت کذلک ولکن لم یعلّ فعل ذلک المصدر فإنها لا تقلب نحو : قاوم قواما ، فإنّ الواو صحّت لصحتها فی قاوم ، وإن کان قبلها کسره وبعدها ألف.

ومنها : حیاض وبابه نحو : ثیاب وریاض ، والأصل : حواض وثواب ورواض ، لأنّ المفرد حوض وثوب وروضه وکان حقّ جمعه أن تسلم فیه الواو لأنّها متحرکه ولیس فیها سبب ظاهر غیر سبب واحد ، وهو انکسار ما قبلها والسبب / الواحد لا یکفی فی غیر الطرف ، والوجه أن یقال : إنّها إنّما قلبت فی الجمع المذکور لاجتماع خمسه أسباب (3) :

أحدها : انکسار ما قبل الواو فی حیاض. ثانیها : کونها فی جمع ، ثالثها : سکون الواو فی المفرد ، أعنی فی حوض ونحوه رابعها : کون لام حیاض صحیحه لأنّ اللّام إذا صحّت قوی إعلال العین ، خامسها : وقوع الألف فی الجمع بعد الواو. فلهذه العلل قلبت الواو یاء فی حیاض وبابه لا لانکسار ما قبلها فقط ، فإنه لیس بعلّه تامه ؛ ألا تری صحّه الواو فی طوال مع انکسار ما قبلها لکون الواو فی مفرده الذی هو طویل ، متحرکه (4).

ومنها : سیّد ولیّه والأصل : سیود ولویه فاجتمعت الواو والیاء وسبقت إحداهما بالسکون فقلبت الواو یاء وأدغمت الیاء فی الیاء (5).

ص: 230

1- الکتاب ، 4 / 383 وشرح الشافیه ، 3 / 209.

2- الکتاب ، 4 / 361 وشرح المفصل ، 10 / 23 وشرح التصریح ، 2 / 377 والهمع ، 2 / 221.

3- المنصف ، 2 / 342.

4- شرح المفصل : 1 / 23.

5- الإنصاف ، 2 / 295 وشرح التصریح ، 2 / 381.

ومنها : أغزیت واستغزیت (1) والأصل : أغزوت واستغزوت لأنّه من الغزو فقلبت الواو یاء قلبا مطّردا لوقوعها رابعه فصاعدا.

ومنها : ما شذّ قلبها فیه وهو نحو : صبیه وثیره وعلیان وییجل ، أمّا صبیه فالأصل : صبوه وصبوان ، لأنه من صبوت (2) وأمّا ثیره جمع ثور فحقّه أن یقال فیه ثوره مثل زوج (3) وزوجه وقال المبرد : أرادوا أن یفرّقوا بین الثّور الذی هو الحیوان والثور الذی هو القطعه من الأقط (4) فقالوا فی الحیوان : ثیره وفی الأقط : ثوره (5) وأما علیان وعلیانه وهی الناقه الطویله فأصلها : علوانه لأنها من علوت فقلبت الواو یاء فی ذلک کلّه علی غیر قیاس ، وأما ییجل فأصله یوجل لأنه من الوجل فکرهوا الخروج من الیاء إلی الواو کما کرهوا الخروج من الکسره إلی الضمّه فقلبوا الواو یاء فصار ییجل وهو أیضا غیر مطّرد وإنما یسمع ولا یقاس علیه (6).

ذکر إبدال الیاء من الهمزه

وتبدل منها متی انکسر ما قبلها ساکنه کانت الهمزه أو مفتوحه کذیب ومیر بدلا مطّردا ، والمیر جمع مئره وأصل میره : مئره بالهمز وهی العداوه فقلبت کما تقدّم فی تخفیف الهمز.

ذکر إبدال الیاء من النون

وقد أبدلت فی جمع إنسان وظربان (9) فقالوا : أناسیّ وظرابیّ بتشدید الیاء

ص: 231

1- الکتاب ، 4 / 393.

2- شرح المفصل ، 10 / 24.

3- الکتاب ، 3 / 588 - 4 / 361.

4- وهو لبن جامد متحجر ، اللسان ، ثور.

5- لم أقف علی رأی المبرد هذا فی ما بین یدی من کتبه ، ونسب إلیه فی الخصائص 1 / 112 وشرح المفصل ، 10 / 24.

6- قال أبو علی ، هو قیاس عن قوم وإن کان ضعیفا ، شرح الشافیه ، 3 / 210.

7- المفصل ، 363 - 364.

8- المفصل ، 364.

9- الظربان : دویبه تشبه الکلب منتنه ، اللسان ، ظرب.

والأصل : أناسین وظرابین فالیاء الثانیه فی أناسی وظرابی بدل من النون (1) وأبدلت الیاء من النون فی التضعیف أیضا وذکرناه هنا وإن کان التضعیف یذکر فی القسم الثانی لیجتمع الکلام فی النون کقولهم : تظنّیت والأصل : تظنّنت فقلبوا النون الثالثه یاء (2) وکذلک قالوا : دینار والأصل : دنّار بنونین ، فأبدلوا من النون الأولی یاء ، یدلّ علی ذلک جمعه علی دنانیر وکذلک (لَمْ یَتَسَنَّهْ)(3) أصله یتسنّن أی یتغیر فأبدلوا من النون الثالثه یاء بقی یتسنّی ثم قلبت الیاء ألفا لتحرکها فی الأصل وانفتاح ما قبلها بقی : یتسنّی ثم حذفت الألف للجزم فصار اللفظ : (لَمْ یَتَسَنَّهْ)(4) ، وأبدلت من نون إنسان (5) فی قوله : (6)

فیالیتنی من بعد ما طاف أهلها

هلکت ولم أسمع بها صوت إیسان

فأبدل / من نون إنسان الأولی یاء.

ذکر إبدال الیاء من العین

وهو نحو قولهم فی الضفادع : ضفادی فأبدلوا من العین یاء ، وکذلک أبدلت الیاء من العین فی التضعیف فقالوا : تلعّیت والأصل : تلعّعت من اللّعاعه وهی بقله ومنه : «لعاعه الدّنیا» (8) فأبدلوا من العین الثالثه یاء ، والاعتذار فی ذکر إبدال الیاء من

ص: 232

1- شرح المفصل ، 10 / 27 والممتع ، 1 / 372.

2- الکتاب ، 4 / 417 - 424.

3- من الآیه ، 259 من سوره البقره ، ونصها : فانظر إلی طعامک وشرابک لم یتسنّه ، وقد قرأ حمزه والکسائی بحذف الهاء فی الوصل ، وقرأ الباقون بالهاء فی الوصل. الکشف ، 1 / 307 والإتحاف ، 162 ، ورسمها فی المخطوط بغیر هاء.

4- المقرب ، 2 / 169.

5- قال اللحیانی : فی لغه طیء : ما رأیت ثمّ إیسانا ، أی إنسانا اللسان ، أنس.

6- البیت لعامر بن جؤین ، ورد منسوبا له فی الممتع ، 1 / 371 والمقرب ، 2 / 170 ولسان العرب ماده أنس ، ومن غیر نسبه فی المحتسب ، 2 / 203 وحاشیه ابن جماعه ، 1 / 318.

7- المفصل ، 364 ، قال بعد ذکره : أناسی وظرابی ما نصه : وقوله : ومنهل لیس له حوازق ولضفادی جمّه نقانق وقد ورد هذا الرجز بلا نسبه فی الکتاب ، 2 / 273 وقال ابن یعیش عنه ، 10 / 28 إنه مصنوع لخلف الأحمر ، والشاهد منه واضح.

8- قال ابن منظور فی ماده لعع : واللعاعه : الهندباء واحدته لعاعه ، ومنه قیل : فی الحدیث : إنما الدنیا لعاعه ، یغنی أن الدنیا کالنبات الأخضر قلیل البقاء ، ومنه قولهم : ما بقی فی الدنیا ، إلا لعاعه أی بقیه یسیره ، وحدیث «إنما الدنیا لعاعه» فی الفائق ، 2 / 225 والنهایه ، 4 / 63.

العین المضاعفه هنا ما قیل فی النون وکذلک الکلام فیما یأتی من ذلک.

ذکر إبدال الیاء من الباء الموحّده

وأبدلت منها فی قول الشاعر : (2)

لها أشاریر من لحم تتمّره

من الثّعالی ووخز من أرانیها

أی من الثعالب ، ومن أرانبها ، فأبدل الیاء من الباء فیهما ، یصف عقابا والأشاریر جمع إشراره ، وهی القطعه من اللّحم تجفّف للادّخار ، ومعنی تتمره تجففه من التمر ، والوخز القطعه من اللّحم ، وأبدلت الیاء أیضا من الباء فی التضعیف فی قولهم : لا وربیک (3) والأصل : لا وربّک بباء مشدده ، فأبدلوا من الباء الثانیه یاء ، وکذلک دیباج والأصل دبّاج عند من جمعه علی دبابیج (4).

ذکر إبدال الیاء من التاء المثنّاه الفوقیّه

وهو نحو قول الشّاعر : (6)

...

وایتصلت بمثل ضوء الفرقد

فأبدل من التاء الأولی فی اتّصلت یاء.

ص: 233

1- المفصل ، 365.

2- البیت اختلف حول قائله ، ورد فی الکتاب ، منسوبا لرجل من یشکر ، ونسبه ابن منظور فی المواد : رنب وتمر ووخز ، لأبی کاهل الیشکری ، وأورد الخلاف البغدادی فی شرحه علی شواهد الشافیه ، 4 / 441 - 443 فقال : البیت لأبی کاهل الیشکری ، وقیل للنمر بن تولب الیشکری ، وورد البیت من غیر نسبه فی المقتضب ، 1 / 247 ومجالس ثعلب القسم الأول ، 190 وشرح المفصل ، 10 / 28 والمقرب ، 2 / 169 وشرح الشافیه ، 3 / 212 وهمع الهوامع ، 1 / 181 - 2 / 157.

3- المفصل ، 364 وفیه : لا وربیک لا أفعل.

4- الدیباج : ضرب من الثیاب مولد ، والجمع دیاجیج ودبابیج ، اللسان ، دبج وشرح المفصل ، 10 / 26.

5- المفصل ، 365.

6- هذا الرجز قائله مجهول ، وقبله : قام بها ینشد کلّ منشد وقد ورد فی شرح المفصل ، 10 / 26 والممتع ، 1 / 378 والمقرب ، 2 / 172 ولسان العرب وصل وشرح الأشمونی ، 4 / 337.

ذکر إبدال الیاء من السین

وهو نحو قول الشاعر : (2)

إذا ما عدّ أربعه فسال

فزوجک خامس وأبوک سادی

أی سادس فأبدل من السین یاء.

ذکر إبدال الیاء من الثّاء المثلّثه

وهو نحو قول الشّاعر : (4)

قد مرّ یومان وهذا الثّالی

وأنت بالهجران لا تبالی

أی الثالث فأبدل من الثاء یاء (5).

القسم الثانی : فی إبدال الیاء من أحد حرفی التضعیف

اشاره

وحروف التضعیف التسعه التی تبدل منها الیاء أولها بحسب ما رتبناها : اللّام ثم الصّاد ثم الراء ثم الضاد ثم المیم ثم الدّال ثم الهاء ثم الکاف ثم الجیم.

ذکر إبدال الیاء من اللّام المضاعفه

وقد أبدلت الیاء منها فی قولهم : أملیت والأصل : أمللت (7) قال الله تعالی

ص: 234

1- المفصل ، 365.

2- نسب البغدادی فی شرح شواهد الشافیه ، 4 / 446 البیت للنابغه الجعدی ، ولیس فی دیوانه ، وقد ورد فی دیوان امریء القیس ، 431 وورد من غیر نسبه فی شرح المفصل ، 10 / 28 وشرح الشافیه ، 3 / 213 ، ولسان العرب ، سدا ، وشرح الجاربردی ، 1 / 319 والهمع ، 2 / 157.

3- المفصل ، 366.

4- الرجز لم یعرف قائله ، ورد فی شرح المفصل ، 10 / 28 وشرح الشافیه ، 3 / 213 واللسان ، ثلث ، وشرح الجاربردی ، 1 / 319 وشرح نقره کار ، 2 / 223 والهمع ، 2 / 157.

5- قال الأنصاری فی مناهج الکافیه ، 2 / 224 وأمّا الضفادی فی الضفادع والثعالی فی الثعالب والسادی فی السادس والثالی فی الثالث ، فضعیف الإبدال فی کلّ منها لأنه غیر مسموع من العرب الموثوق بهم وإن ورد فی الشعر.

6- المفصل ، 363.

7- قال ابن یعیش فی شرح المفصل ، 10 / 24 والوجه أنهما لغتان لأنّ تصرفهما واحد تقول أملی الکتاب یملیه إملاء وأمله علیه إملالا فلیس جعل أحدهما أصلا والآخر فرعا بأولی من العکس.

(وَلْیُمْلِلِ الَّذِی عَلَیْهِ الْحَقُ)(1) وعلّه إبدال الیاء من أحد حرفی التضعیف حیث وجد ، إنّما هو فرارهم من التضعیف وکراهتهم لاجتماعهما من غیر إدغام (2).

ذکر إبدال الیاء من الصّاد المضاعفه

وأبدلت الیاء منها ، فی قولهم : قصّیت أظفاری والأصل : قصصت بتشدید الصّاد فأبدلوا من الصّاد الثالثه یاء (4).

ذکر إبدال الیاء من الرّاء المضاعفه

وأبدلت الیاء منها فی قولهم : تسرّیت والأصل : تسرّرت لأنّ السرّیّه من السرّ وکذلک قیراط أصله : قرّاط براء مشدّده فأبدلوا من الراء الأولی یاء وکذلک : شیراز والأصل شرّاز لقولهم : قراریط وشراریز (6).

ذکر إبدال الیاء من الضّاد المضاعفه

وأبدلت الیاء منها فی قول العجاج : (8)

إذا الکرام ابتدروا الباع بدر

تقضّی البازی إذا البازی کسر

ص: 235

1- من الآیه 282 من سوره البقره.

2- الممتع ، 1 / 373.

3- المفصل ، 364.

4- فی الکتاب ، 4 / 424 «وکل هذا ، التضعیف فیه عربی کثیر جید» وانظر شرح الشافیه للجاربردی ، 1 / 318 والدرر الکامنه للرومی ، 1 / 318 وشرح الأشمونی ، 4 / 336.

5- المفصل ، 364.

6- الخصائص ، 2 / 90 وشرح المفصل ، 10 / 26 ، والمقرب ، 2 / 169.

7- المفصل ، 364.

8- هو عبد الله بن رؤبه من بنی مالک ویکنی أبا الشعثاء ، شاعر رجاز مشهور لقی أبا هریره وسمع منه عده أحادیث انظر أخباره فی طبقات فحول الشعراء ، 2 / 753 والشعر والشعراء ، 2 / 493 وقد ورد الرجز فی دیوانه ، 2 / 17 وورد منسوبا له فی الممتع ، 1 / 374 والمقرب ، 2 / 170 وشرح الشواهد ، للعینی ، 4 / 336 وورد من غیر نسبه فی المحتسب ، 1 / 157 والخصائص ، 2 / 90 وشرح المفصل ، 10 / 25 وهمع الهوامع ، 2 / 157 وشرح الأشمونی ، 4 / 336.

فالأصل تقضّض لأنّه من الانقضاض فأبدلوا من الضاد الثالثه یاء.

ذکر إبدال الیاء من المیم المضاعفه

وأبدلت الیاء منها فی قول الشّاعر : (2)

تزور امرأ أمّا الإله فیتّقی

وأمّا بفعل الصّالحات فیأتمی

یرید / یأتمم فأبدل من المیم الأخیره یاء ، وکذا أبدلوا فی دیماس والأصل : دمّاس (3) علی رأی من جمعه علی دمّامیس (4).

ذکر إبدال الیاء من الذّال المضاعفه

وأبدلت الیاء منها فی تصدیه فقالوا : تصدیه والأصل : تصدّه من صددت ، وتصدّه مثل : تحلّه وتعلّه والأصل : التّحلله والتّعلله فلما أبدلت الیاء من إحدی الدّالین من تصدّه للتخفیف بطل الإدغام وبقی تصدیه (6).

ذکر إبدال الیاء من الهاء المضاعفه

وأبدلت الیاء منها فی دهدیت الحجر ، لأنّ الأصل : دهدهت فأبدلوا من الهاء

ص: 236

1- شرح المفصل ، 364.

2- البیت لکثیر عزه ورد فی دیوانه ، 300 بروایه الصالحین مکان الصالحات وورد من غیر نسبه فی شرح المفصل ، 10 / 24 - 25 والمقرب ، 2 / 171 والممتع ، 1 / 374 ولسان العرب ، أمم ، وشرح الأشمونی ، 4 / 337.

3- سجن کان للحجاج بواسط ، ویطلق علی موضع فی وسط عسقلان ، معجم البلدان ، 2 / 544.

4- وأما من جمعه علی دیامیس فإن الیاء لیس مبدله عنده بل هی مزیده للإلحاق بسرداح. انظر ابن یعیش ، 10 / 26.

5- المفصل ، 364.

6- یقال صدّی یصدّی تصدیه إذا صفق ، وأصله صدّد یصدّد فکثرت الدالات فقلبت إحداهن یاء ، وأنکر بعضهم هذا القول وقال : إنما هو من الصدی وهو الصوت ، والوجه الأول غیر ممتنع لوقوع یصددن علی الصوت أو ضرب منه وإذا کان کذلک لم یمتنع أن تکون التصدیه منه فتکون تفعله فلما قلبت الدال الثانیه یاء امتنع الإدغام لاختلاف اللفظین. انظر شرح المفصل ، 10 / 25 ولسان العرب ، صدد ، والممتع ، 1 / 376.

7- المفصل ، 364.

الثانیه یاء ، وکذلک صهصیت والأصل : صهصهت (1).

ذکر إبدال الیاء من الکاف المضاعفه

وأبدلت الیاء منها فی جمع مکّوک وهو مکیال فقالوا : مکاکیّ والأصل : مکاکیک فأبدلوا من الکاف الأخیره یاء ، وأدغموا فیها الیاء التی قبلها فصار مکاکیّ.

ذکر إبدال الیاء من الجیم المضاعفه

وابدلت الیاء منها فی دیاجی لأنّ الأصل : دیاجیج (4).

القول علی إبدال الواو من غیرها

اشاره

وهی تبدل من ثلاثه أحرف : من الألف والیاء والهمزه.

ذکر إبدال الواو من الألف

فمنه : أنّها تبدل واجبا مطردا من ألف فاعل کضارب وخاتم وألف فاعال (6) کساباط : (7) وألف فاعول کعاقول (8) وفی التصغیر والتکسیر کقولک : ضویرب وخویتم وضوارب وخواتم وسویبیط وسوابیط وعویقیل وعواقیل ، أمّا انقلاب الألف واوا فی تصغیر الأسماء المذکوره ؛ فلانضمام ما قبلها وأمّا فی تکسیرها فحملا للتکسیر علی التصغیر لأنهما من واد واحد ؛ من قبیل أنّ علم التصغیر یاء ساکنه ثالثه قبلها فتحه ، وعلم التکسیر ألف ثالثه ساکنه قبلها فتحه ، والیاء أخت الألف وما بعد یاء التصغیر حرف مکسور وما بعد ألف التکسیر حرف مکسور فلذلک حمل کلّ منهما

ص: 237

1- صه القوم وصهصه بهم زجرهم وقد قالوا : صهصیت فأبدلوا الیاء من الهاء. اللسان ، صهصه.

2- المفصل ، 364.

3- المفصل ، 364.

4- یقال : لیله دیجوج أی مظلمه ، القاموس المحیط ، دجج.

5- المفصل ، 366.

6- فی الأصل فاعل.

7- الساباط : سقیفه بین حائطین ، اللسان ، سبط.

8- العاقول : معظم البحر أو موجه ومعطف الوادی والنهر وما التبس من الأمور ، والأرض لا یهتدی لها ونبت. القاموس المحیط ، عقل.

علی الآخر ، أمّا حمل التکسیر علی التصغیر ، فکما ذکرنا ، وأمّا حمل التصغیر علی التکسیر فنحو : أسیود فإنّ القیاس یقتضی فی مثله قلب الواو یاء وإدغام الیاء فی الیاء ، فیقال : أسیّد فلم یدغموا ، حملا لأسیود المصغّر علی أساود المکسّر (1) وآدم کخاتم فتقلب ألفه واوا فی تصغیره وتکسیره ، فتقول : أویدم ، وأوادم لما تقدّم فی تخفیف الهمز.

ومنه : أنّ الواو تبدل أیضا من الألف فی کل اسم مقصور نسبت إلیه سواء کانت ألفه من الواو أو الیاء نحو : عصویّ ورحویّ وإنما انقلبت الألف فی ذلک إلی الواو دون الیاء لئلّا یجمع بین الیاءات والکسرات.

ومنه : أنّ الواو تبدل من الألف فی تثنیه نحو : إلی ولدی وإذا وعلی ، إذا سمیت بها شخصا کقولک : إلوان ولدوان وإذوان وعلوان فتقلب الألف فی جمیع ذلک وما أشبهه واوا لأنّ هذه الحروف لمّا انتقلت إلی الأسماء حکم علی ألفها کما حکم علی ألفات الأسماء التی لا تحسن إمالتها مثل : عصا وقطا.

ذکر إبدال الواو من الیاء

فمنه / أنها تبدل مطردا من کلّ یاء ساکنه غیر مدغمه قبلها ضمّه نحو : موقن وموسر ، کان الأصل : میقن ومیسر ، لأنّه من الیقین والیسر ، فسکنت الیاء ، وانضمّ ما قبلها فقلبت واوا (3) ، وکذلک طوبی أصلها طیبی لأنّها من الطیب فقلبت الیاء واوا لسکونها وانضمام ما قبلها.

ومنه : أنّ الواو تبدل أیضا مطردا من الیاء فی فیعال مصدر فاعل کضیراب مصدر ضارب فی التصغیر إذا سمّی به فتقول : ضویرب وکذلک تقول فی قیتال : قویتیل لأنّ الیاء فی ضیراب وقیتال وهی ألف فاعلت ، وإنما صارت یاء لانکسار ما قبلها فلمّا انضمّ ما قبلها للتصغیر صارت واوا (4).

ص: 238

1- شرح المفصل ، 10 / 29 : والمنصف ینقل منه.

2- المفصل ، 366.

3- الکتاب ، 4 / 241 - 364.

4- الکتاب ، 4 / 241 - 364.

ومنه : أنّ الواو تبدل من الیاء فی کلّ اسم معتل اللام علی وزن فعلی مثل تقوی وبقوی ورعوی وفتوی والأصل تقیا وبقیا ورعیا وفتیا ، لأنّه من وقیت وبقیت ورعیت وأفتیت للفرق بین الاسم والصفه فإنّ الصفه من هذا الباب لا تقلب فیها الیاء واوا کقولک : صدیا وریّا وخزیا (1).

ومنه : ما هو مسموع وهو إبدال الواو یاء فی قولهم : هذا أمر ممضوّ (2) علیه وهو أمور بالمعروف ونهوّ عن المنکر ، وجبیت الخراج جباوه (3) قالوا : ولیس لقلب الیاء واوا فی ذلک وما أشبهه عله إلّا تعویض الواو بذلک عن کثره دخول الیاء علیها فیکون ذلک کالقصاص.

ومنه : إبدال الواو فی بوطر والأصل بیطر فسکنت الیاء وانضمّ ما قبلها فقلبت واوا وکذلک ما أشبهه.

ذکر إبدال الواو من الهمزه

وهو نحو قولک فی جؤن بالهمزه : جون بإبدال الواو المحضه من الهمزه. حسبما سبق الکلام علیه فی تخفیف الهمز.

القول علی إبدال المیم من غیرها

اشاره

وهی تبدل من أربعه أحرف : من الواو واللام والنون والباء.

ذکر إبدال المیم من الواو

وأبدلت فی فم وحده ، کان أصله «فوه» ، عینه واو ، ولامه هاء ، لتصغیره علی

ص: 239

1- قال ابن یعیش فی شرح المفصل ، 10 / 32 وإنّما اختصوا القلب بالاسم دون الصفه لأنّ الواو أثقل من الیاء فلما عزموا علی قلب الأخف إلی الأثقل لضرب من الاستحسان ، جعلوا ذلک فی الأخف لأنه أعدل من أن یجعلوا الأثقل فی الأثقل ، والأخف هو الاسم والأثقل هو الصفه لمقاربتها الفعل وتضمنها ضمیر الموصوف.

2- قال ابن الحاجب فی الشافیه ، 542 : وشاذ ضعیف هذا أمر ممضو علیه ونهوّ عن المنکر وجباوه.

3- الکتاب ، 4 / 417 وشرح الشافیه ، للجاربردی ، 1 / 319.

4- المفصل ، 366.

5- المفصل ، 366.

فویه وتکسیره علی أفواه ، ووزنه فعل بفتح الأول وسکون الثانی ، فحذفت هاؤه لوقوعها طرفا علی حدّ حذف حروف اللین لأنّ الهاء حرف مهموس مشابه للألف لأنّها تزاد فی الوقف لبیان الحرکه کما تزاد الألف وتشارک الألف فی الخفاء ، فلمّا حذفت بقی «فو» الأول مفتوح ، والثانی واو فلو بقیت واوا لتحرکت حال الإفراد بحرکات الإعراب وانقلبت ألفا لتحرکها وانفتاح ما قبلها وأدّی ذلک إلی حذف الألف لملاقاه ساکن بعده ، فیبقی الاسم المتمکن علی حرف واحد ، وهو معدوم فلما کان بقاء الواو یفضی إلی ذلک أبدلوا منها میما لکون المیم حرفا صحیحا وهو من مخرج الواو لأنّهما من الشفه ، وإنّما قلنا حال الإفراد لأنّه إذا أضیف کقولک فوک وفیّ ، زال الموجب لإبدال الواو میما لامتناع دخول حرکات الإعراب علیها حینئذ (1).

ذکر إبدال المیم من الّلام

وأبدلت من لام التعریف فقط فی لغه / طیء کما فی الحدیث : «لیس من امبر امصیام فی امسفر» (3) وهو بدل شاذّ (4).

ذکر إبدال المیم من النون

فمنه : مطّرد وهو إبدال المیم من کلّ نون ساکنه بعدها باء نحو : عنبر وشنباء (6) فتبدل النون میما فی اللفظ دون الخط وتقول : عمبر وشمباء.

ومنه : إبدال غیر مطّرد ولکن مسموع وهو أن تبدل المیم من النون المتحرکه نحو : الشّنب والعنب ، لأنّ النون تقوی بالحرکه فلا یبدل منها لکن جاء ذلک فی قول

ص: 240

1- الکتاب ، 3 / 365 وشرح الشافیه ، 3 / 215.

2- المفصل ، 366.

3- انظره فی صحیح البخاری ، 2 / 238 ومسند الإمام أحمد ، 5 / 434 عن کعب بن عاصم الأشعری ، ومثال الطالب لابن الأثیر ، 1 / 80 ومختصر الجامع الصغیر للمناوی ، 3 / 232 وکتاب تمییز الطیب من الخبیث ، 140 وکون راویه النمر بن تولب کما فی المفصل ، 366 ، حوله حدیث مفید ، انظره فی «الحدیث النبوی فی النحو العربی ، 147 للدکتور محمود الفجال».

4- نصّ ابن الحاجب فی الشافیه ، 542 علی ضعفه لا شذوذه ، وانظر مناهج الکافیه ، 2 / 8225

5- المفصل ، 366 - 367.

6- وهی مؤنث أشنب من الشنب ، یقال : شنب الثغر إذا رقّ وجری الماء علیه. اللسان ، شنب.

الشّاعر : (1)

یا هال ذات المنطق التّمتام

وکفّک المخضّب البنام

فأبدل (2) من نون البنان میما ، وجاء أیضا : طامه الله علی الخیر ، والأصل : طانه الله علی الخیر أی جبله فأبدل من النون المتحرکه میما.

ذکر إبدال المیم من الباء الموحّده

فمنه قولهم : بنات مخر وهی سحائب بیض تأتی قبل الصّیف ، والأصل بنات بخر من البخار ، فأبدلوا من باء بخر میما ، ومنه : ما زلت راتما علی هذا الأمر أی راتبا ورأیته من کثم (4) من کثب وهو القرب ، ومنه : قوله (5)

فبادرت شاتها عجلی مثابره

حتّی استقت دون محنی جیدها نغما

أراد نغبا وهو جمع نغبه وهی الجرعه ، فأبدل المیم من الباء فی ذلک کلّه.

القول علی إبدال النون من غیرها

وهی تبدل من حرفین من الواو واللام ، أمّا إبدال النون من الواو فمنه : قولهم : صنعانیّ وبهرانیّ ، والأصل : صنعاویّ وبهراویّ فأبدلوا النون من الواو وأمّا إبدال النون من الّلام ففی : لعنّ والأصل لعلّ (7).

ص: 241

1- الرجز لرؤبه بن العجاج ورد فی دیوانه ، 3 / 144 وورد منسوبا له فی شرح المفصل ، 10 / 35 وشرح الشافیه ، 3 / 216 وشرح الشواهد ، 4 / 319 وشرح التصریح ، 2 / 176 والممتع ، 1 / 392 وشرح شواهد الشافیه ، 4 / 455 وورد من غیر نسبه فی المقرب ، 2 / 176 والممتع ، 1 / 392 وشرح الأشمونی ، 4 / 319.

2- فی الأصل فأبدلت.

3- المفصل ، 367.

4- غیر واضحه فی الأصل.

5- البیت لم یعرف قائله ورد فی شرح المفصل ، 10 / 35 والمقرب ، 2 / 177 والممتع ،. 1 / 393 ولسان العرب ، نغب ، وشرح الأشمونی ، 4 / 340.

6- المفصل ، 367.

7- وقیل هما أصلان لأنّ الحرف قلیل التصرف. انظر شرح الشافیه ، 3 / 219 وشرح الشافیه ، للجاربردی 1 / 320.

القول علی إبدال التاء من غیرها

اشاره

وهی تبدل من خمسه أحرف من الواو والیاء والسین والصّاد والباء الموحّده ، وزاد السّخاوی علی ما فی المفصّل إبدالها من الطّاء والدال فصارت سبعه.

ذکر إبدال التّاء من الواو

وهی تبدل من الواو فاء ولاما ، أمّا إبدالها من الواو فاء :

فمنه : إبدال مطّرد واجب ، وهو إبدال التاء من کلّ واو وقعت فاء فی افتعل وما تصرّف منه ، نحو : اتّعد واتّزن ، ویتّعد ویتّزن ومتّعد ومتّزن والأصل ، اوتزن ویوتزن وموتزن وکذا اوتعد إلی آخرها فقلبوا الواو تاء وأدغموها فی تاء الافتعال (2).

ومنه : إبدال التاء من الواو بدلا غیر مطرّد ، وقد جاء منه أشیاء : منها : التاء فی أتلجه بمعنی أولجه (3) ، قال امرؤ القیس : (4)

ربّ رام من بنی ثعل

متلج کفیّه فی قتره

الشاهد فیه : متلج بمعنی مولج فأبدل فیه التاء من الواو ، والقتره بالضمّ بیت الصّائد الذی یکمن فیه لئلا ینفر الوحش منه. ومنها : التاء فی تجاه وتراث وهی بدل من الواو لأنّ ذلک من واجه وورث ، وإنما کان غیر مطّرد ، لأنّه لا یقال فی وقوف : تقّوف ولا فی ورود : تروّد (5) ، ومنها : التاء فی تخمه وتهمه وتقیّه وتتری وتوراه وتولج : وهو کناس الوحش ، وتلاد ، وهو المال الأصلی ، فإنّ التاء فی ذلک کله ، بدل من الواو ، لأنّه من الوخم ، ومن الوهم ومن الوقایه ، ومن المواتره ، ومن وری الزّند ، إذا ظهر نوره ، ومن الولوج فی / الکناس ، ومن الولاد (6) ، ومنها : التاء فی

ص: 242

1- المفصل ، 367.

2- الکتاب ، 4 / 334 وشرح المفصل ، 10 / 36.

3- الکتاب ، 4 / 333 - 334 - وهو الدخول ، اللسان ، ولج.

4- ورد فی دیوانه ، 264 وورد منسوبا له فی شرح المفصل ، 10 / 37 وشرح شواهد الشافیه ، 4 / 466 ورواه الرضی فی شرح الشافیه ، من غیر نسبه انظر ، 3 / 219.

5- الکتاب ، 4 / 332.

6- الکتاب ، 4 / 333 - 334 والمنصف ، 1 / 38 - 63 وشرح المفصل ، 10 / 39.

تیقور وهو فیعول من الوقار فهی بدل من الواو لأنّ الأصل : ویقور ، وکذلک التاء فی تکلان لأنّه من وکلت الأمر ، وفی «تکله» والأصل : وکله ، وهو العاجز الذی یکل أمره إلی غیره ، فالتاء فی ذلک کلّه بدل من الواو فاء (1).

وأمّا إبدال التّاء من الواو لاما (2) فمنه : التاء فی أخت وبنت وفی هنت وفی کلتا ، لأنّ الأصل أخوه وبنوه وهنو وکلوی فأبدلت التاء من الواو فی ذلک کلّه ، ولذلک لم تکن التاء فی بنت وأخت للتأنیث ، وإنما هی بدل من الواو التی هی لام الکلمه (3).

ذکر إبدال التّاء - المثنّاه من فوق - من الیاء آخر الحروف

فمنه مطّرد ، وهو أن تبدل التاء من کلّ یاء وقعت فاء افتعل نحو : اتّسر والأصل ایتسر لأنّه من الیسر فأبدلوا من یاء ایتسر تاء وأدغمت التاء فی التاء کما أبدلت التاء من الواو فی نحو : اتّزن حسبما تقدّم.

ومنه : إبدال التاء من الیاء لاما فی أسنتنا (5) والأصل أسنینا لأنّ الثلاثی وهو سنوه إذا زید فیه رجعت واوه یاء ، مثل أغزینا ثم أبدلوا من الیاء فی أسنینا تاء لیتمیّز أسنتنا - وهو القحط - من أسنینا إذا دخلنا فی السّنه (6) ، وکذا التاء فی قولک : ثنتان وکیت وذیت ، والأصل ثنیان فأبدلوا من الیاء التی هی لام الکلمه تاء صار ثنتان ولذلک کانت تاء ثنتین لیست للتأنیث مثل تاء بنتین تثنیه بنت بخلاف قولک اثنتان فإنها للتأنیث کما أنها فی قولک ابنتان للتأنیث حسبما سبق ذلک. وأما کیت وذیت فالأصل کیّه وذیّه فحذفوا تاء التأنیث وأبدلوا منها یاء ثم أبدلوا من الیاء الأخیره تاء فصار : کیت وذیت (7).

ص: 243

1- الکتاب ، 4 / 334.

2- المفصل ، 368.

3- الکتاب ، 3 / 363 - 364 - 4 / 317 وشرح المفصل ، 10 / 40 ، وهی عند السیرافی للتأنیث.

4- المفصل ، 368.

5- الکتاب ، 4 / 239 قال : وذلک قلیل.

6- وثمه آراء أخری حولها انظرها فی شرح المفصل ، 10 / 40 وتسهیل الفوائد ، 316.

7- الکتاب ، 3 / 363 وشرح المفصل ، 10 / 40 والممتع ، 1 / 388.

ذکر إبدال التاء من السین

فمنه : إبدالها فی نحو : طست وستّ لأنّ أصل طست : طسّ بسین مشدّده فأبدل من السین الأخیره التاء صار : طست وأصل ستّ : سدس أبدل من السین الأخیره تاء فصار : سدت ثم أبدل من الدال تاء أخری ، وأدغمت التاء فی التاء صار : ستّ (2) ومما أبدلت فیه التاء من السین قول الشاعر : (3)

عمرو بن یربوع شرار النّات

أی الناس.

ذکر إبدال التاء من الصّاد

فمنه : لصت قال الشّاعر : (5)

...

... کاللّصوت المرّد

والأصل : لصّ فأبدل من الصّاد الثانیه تاء.

ذکر إبدال التاء من الباء

فمنه : الذعالت بالتاء المثنّاه من فوقها ، والأصل : الذعالب بالباء الموّحده ، وهی جمع ذعلوب ، وهو الخلق من الثیاب (7) ، وأمّا إبدال التاء من الطّاء والدّال وهو

ص: 244

1- المفصل ، 368.

2- الکتاب ، 4 / 239 - 481 وشرح الشافیه ، للجاربردی 1 / 221 وشرح الشافیه ، 3 / 220.

3- الرجز لعلباء بن أرقم ورد منسوبا له فی النوادر ، 104 ولسان العرب ، نوت وسین وشرح شواهد الشافیه ، 4 / 469. وورد من غیر نسبه فی الخصائص ، 2 / 53 والإنصاف ، 1 / 119 وشرح المفصل ، 10 / 41 والممتع ، 1 / 389 وشرح الشافیه ، 3 / 221 ومناهج الکافیه ، 2 / 256.

4- المفصل ، 368.

5- هذه القطعه من بیت رواه البغدادی ، 4 / 475 ونسبه إلی عبد الأسود بن عامر بن جوین الطائی ، وتمامه : فترکن نهدا عیّلا أبناؤها بنی کنانه کالّلصوت المرّد وقد ورد البیت من غیر نسبه فی شرح المفصل ، 10 / 41 وشرح الشافیه ، 3 / 222 نهد : أبو قبیله من الیمن ، وعیل جمع عائل من العویل بمعنی البکاء ، ومرّد : جمع ما رد من مرد یمرد إذا عتا وخبث.

6- المفصل ، 368.

7- وقیل : هو طرف الثوب ، أو ما انقطع من الثوب فتعلّق ، اللسان ، ذعلب.

ما ذکره السّخاوی زائدا علی المفصّل فنحو قولهم : فستاط والأصل : فسطاط (1) ونحو قولهم : ناقه تربوت والأصل : دربوت لأنّه من الدّربه (2).

القول علی إبدال الهاء من غیرها

اشاره

وهی تبدل من أربعه أحرف من الهمزه والألف والیاء والتاء.

ذکر إبدال الهاء من الهمزه

وهو مسموع لا یقاس علیه ، ومع ذلک فقد أبدلت من الهمزه الزائده والأصلیه أمّا إبدالها من الهمزه الزائده /.

فمنه : هرقت الماء أی أرقته ، وهرحت الدّابه أی أرحتها ، وهنرت الثوب أی أنزته (4) وهردت الشیء أی أردته. وأمّا إبدال الهاء من الهمزه الأصلیه :

فمنه : هیّاک أی إیّاک ولهنّک أی لأنّک ، وهما والله لقد کان کذا أی أما والله ، وهن فعلت فعلت أی إن فعلت فعلت فی لغه طیء (5) ، ومنه قول الشّاعر : (6)

وأتی صواحبها فقلن هذا الذی

منح المودّه غیرنا وجفانا

الشاهد فیه هذا الذی بمعنی أذا الذی ، فأبدل الهاء من همزه أذا.

ذکر إبدال الهاء من الألف

فمنه : قول الشّاعر : (8)

ص: 245

1- الممتع ، 1 / 390.

2- یقال : جمل تربوت أی ذلول ، اللسان ، ترب.

3- المفصل ، 369.

4- الکتاب ، 4 / 238 ، یقال : نرت الثوب وأنرته ونیرّته إذا جعلت له علما اللسان ، نیر.

5- الکتاب ، 4 / 238 والممتع ، 1 / 397.

6- نسب ابن منظور هذا البیت فی ماده «ذا» إلی جمیل بن معمر وهو غیر موجود فی دیوانه ، وقال البغدادی ، 4 / 177 إنّ قائله مجهول ویشبه أن یکون من شعر عمر بن ربیعه وهو غیر موجود فی دیوانه أیضا وورد البیت من غیر نسبه فی شرح المفصل ، 10 / 42 والممتع ، 1 / 400 وشرح الشافیه ، للجاربردی ، 1 / 322 وشرح الشافیه ، 1 / 224 ومناهج الکافیه ، 2 / 226 والدرر ، للرومی ، 1 / 322.

7- المفصل ، 369.

8- الرجز لم یعرف قائله. ورد فی المنصف ، 2 / 156 والمحتسب ، 1 / 277 وشرح المفصل ، 10 / 43. والممتع ، 1 / 400 وشرح الشافیه ، للجاربردی ، 1 / 322 وشرح الشافیه ، 3 / 224 ولسان العرب ، ماده هنا وهمع الهوامع ، 1 / 78 - 2 / 157 وشرح شواهد الشافیه ، 479 وشرح الأشمونی ، 4 / 334.

قد وردت من أمکنه

من هاهنا ومن هنه

إن لم تروّها فمه

أی من هاهنا ومن هنا ، وإن لم أروّها فما أصنع ، فأبدل الهاء من الألف فی هنا وفی ما.

ومنه : إبدالها من ألف أنا فی قولک : أنه (1) ، مع جواز أن لا تکون بدلا من الألف بل هاء للسکت کما تقدّم فی الوقف.

ومنه : حیّهله والأصل حیّهلا فأبدلت الهاء الأخیره من الألف (2).

ومنه : یا هناه فی قوله : (3)

وقد رابنی قولها یا هنا

ه ...

وهی لفظه ذمّ ، وهی مبدله من الألف المنقلبه عن الواو فی هنوات ، لأنّ الأصل : هناو ، فقلبت الواو ألفا فالتقی ألفان فقلبت الأخیره هاء فصار : هناه.

ذکر إبدال الهاء من الیاء

فمنه قولهم : هذه أمه الله ، فالهاء الثانیه فی هذه بدل من الیاء لأنّ الأصل : هذی أمه الله (5).

ص: 246

1- الکتاب ، 4 / 164 - 238.

2- الکتاب ، 4 / 163 - 238.

3- هذا صدر بیت لامریء القیس وعجزه : ویحک ألحقت شرّا بشر ورد فی دیوانه ، 308 ورد منسوبا له فی الحلل ، 218 وامالی ابن الشجری ، 2 / 101 وشرح المفصل ، 10 / 43 وحاشیه یاسین علی شرح التصریح ، 2 / 368 والدرر الکامنه ، 1 / 323 وورد من غیر نسبه فی المنصف ، 3 / 139 وشرح الأشمونی ، 4 / 334.

4- المفصل ، 370.

5- فی الکتاب ، 4 / 238 وذلک فی کلامهم قلیل ، وفی إیضاح المفصل ، 2 / 411 ولو قیل : إنهما جمیعا أصل لم یکن بعیدا ، وانظر شرح المفصل ، 10 / 45.

ذکر إبدال الهاء من التاء

وهو یأتی فی الوقف علی نحو : طلحه حسبما تقدم فی الوقف قالوا : وحکی قطرب (2) فی لغه طیء : کیف البنون والبناه وکیف الأخوه والأخواه (3) فأبدل الهاء من تاء البنات وتاء الأخوات.

القول علی إبدال الّلام من غیرها

وهی تبدل من حرفین من النون والضاد ، أمّا إبدال الّلام من النون ، فمنه : قول الشّاعر : (4)

وقفت فیها أصیلالا أسائلها

أعیت جوابا وما بالرّبع من أحد

والأصل ، أصیلان تصغیر أصیل علی غیر قیاس فأبدل لام أصیلال من نون أصیلان (5) ، وأمّا إبدال اللام من الضّاد فمنه قول الشّاعر : (6)

مال إلی أرطاه حقف فالطجع

بمعنی اضطجع ، فأبدل الّلام من ضاد اضطجع.

ص: 247

1- المفصل ، 370.

2- هو أبو علی محمد بن المستنیر أخذ عن سیبویه وعیسی بن عمرو عن جماعه من علماء البصره له من المصنفات کتاب معانی القرآن وکتاب إعراب القرآن وکتاب النوادر توفی سنه 206 ه انظر ترجمته فی الفهرست ، 78 ونزهه الألباء ، 91 والبغیه ، 1 / 242.

3- فی إیضاح المفصل ، 2 / 411 : وأما إبدالها عن تاء الجمع فی نحو : الأخواه والبناه فقلیل ضعیف ، وانظر الممتع ، 1 / 401.

4- البیت للنابغه الذبیانی ، ورد فی دیوانه ، 14 بروایه أصیلانا مکان أصیلالا وعیت مکان أعیت ، وورد منسوبا له فی الکتاب ، 2 / 320 - 321 والمقتضب ، 4 / 414 والإنصاف ، 1 / 170 - 269 وشرح المفصل ، 10 / 46 وشرح التصریح ، 2 / 267 وشرح شواهد الشافیه ، 4 / 481.

5- الکتاب ، 4 / 240 وشرح الشافیه ، 3 / 226.

6- الرجز لمنظور بن حیه الأسدی وقبله : لما رأی أن لا دعه ولا شبع ورد منسوبا له فی شرح الشواهد ، 4 / 280 وشرح التصریح ، 2 / 267 وشرح شواهد الشافیه ، 4 / 374 وورد من غیر نسبه فی الخصائص ، 1 / 63 - 2 / 350 - 3 / 163 والمنصف ، 2 / 329 وشرح الشافیه ، للجار بردی ، 1 / 324 وشرح الشافیه ، 3 / 226.

القول علی إبدال الطّاء من غیرها

وهی تبدل من التاء : فمنه : واجب مطّرد ، وهو إبدال الطّاء من تاء افتعل وما تصرّف منه ، متی کانت فاء افتعل أحد حروف الأطباق المستعلیه وهی أربعه : الصّاد والضّاد والطّاء والظّاء ، لأنّ التاء حرف مهموس غیر مستعل وحروف الأطباق مستعلیه وهی تضادّ التاء فأبدلت الطاء منها لیتجانس (2) الصوت ویکون العمل من جهه واحده وسیأتی فی الإدغام مشروحا / فمثال فاء افتعل صادا : اصطبر وضادا : اضطرب وطاء : اطّرد ، وظاء : اظطلم والأصل اصتبر واضترب واطترد واظتلم ، فأبدلت الطاء من التاء فی ذلک (3).

ومنه : بدل غیر واجب نحو قولهم : فحصط برجلی (4) والأصل : فحصت فوقع لام الفعل صادا وبعده تاء فعلت فأبدلت الطّاء من التاء وهو فی لغه بنی تمیم فقالوا : فحصط ، للتناسب ولیس بلغه شائعه (5).

القول علی إبدال الدّال من غیرها

وهی تبدل من تاء افتعل أیضا متی کانت فاء افتعل زایا أو ذالا أو جیما فی بعض اللّغات ، وهو شاذ ، لأنّ الزای حرف مجهور والتاء مهموسه فیتضادان ، فأبدلت التاء دالا لتناسب الزای وکذلک الکلام فی الذال والجیم فمثال فاء افتعل زایا : ازدهی وازدجر وازدان وازدلف والأصل : ازتهی وازتجر وازتان وازتلف ، فأبدلت الدّال من التاء فی ذلک للتناسب (7) ومثال فاء افتعل دالا : ازدکر غیر مدغم والأصل : اذتکر ومثالها جیما علی بعض اللغات : اجدمعوا والأصل : اجتمعوا ومنه : اجدزّ بمعنی

ص: 248

1- المفصل ، 370.

2- غیر واضحه فی الأصل.

3- الکتاب ، 4 / 239 وشرح المفصل ، 10 / 46.

4- أصلها فحصت أی عبثت ، اللسان ، فحص.

5- فی الکتاب ، 4 / 240 : وهی لغه لتمیم قالوا : فحصط برجلک وحصط ، یریدون حصت وفحصت ، وانظر شرح المفصل ، 10 / 48.

6- المفصل ، 371.

7- الکتاب ، 4 / 239.

اجتزّ قال الشّاعر : (1)

فقلت لصاحبی لا تحبسانا

بنزع أصوله واجدزّ شیحا

أی اجتزّ شیحا ، وقد أبدلوا الذال أیضا من التّاء فی تولج وهو کناس الوحش فقالوا : دولج ، وأصل تائه بدل من الواو.

القول علی إبدال الجیم من غیرها

وقد أبدلت من التاء المشدّده فی الوقف وهو قلیل شاذ لا ینطق به إلّا بعض العرب کما حکی أنه سئل بعضهم ممن أنت؟ فقال : فقیمج أی فقیمیّ (3) وقد أجری الوصل مجری الوقف من قال : (4)

خالی عویف وأبو علجّ

المطعمان اللّحم بالعشجّ

یعنی أبو علی والعشی ، فنوی الوقف علی الیاء وأبدلها جیما ، لأنّ الیاء إنّما أبدلت جیما لخفائها بالسکون فی الوقف وإلّا فالیاء المتحرکه لا تبدل جیما لقوتها وزوال خفائها بالحرکه.

القول علی إبدال السین

قد تقدّم فی صدر الفصل أن السین لیست من حروف البدل لکنها مبدل منها

ص: 249

1- البیت اختلف حول قائله فقد نسبه العینی فی أحد قولیه ، 4 / 332 لیزید بن الطثریه ونسبه فی القول الآخر إلی مضرس بن ربعی الأسدی وکذلک نسبه البغدادی فی شرح شواهد الشافیه ، 4 / 480. وورد البیت من غیر نسبه فی شرح المفصل ، 10 / 49 والممتع ، 1 / 357 وشرح الشافیه ، 3 / 228 وشرح الشافیه ، للجار بردی ، 1 / 324 وشرح الأشمونی ، 4 / 332.

2- المفصل ، 371.

3- فی الکتاب ، 4 / 182 هم «ناس من بنی سعد» وفی الجار بردی ، 1 / 354 قال أبو عمرو : قلت لرجل من بنی حنظله ممن أنت؟ فقال : فقیمج ، فقلت : من أیهم؟ فقال : مرج. أی مری وانظر الدرر الکامنه ، 1 / 324 وشرح المفصل ، 10 / 50.

4- هذا الرجز قاله أعرابی من البادیه من بنی حنظله ورد فی الکتاب ، 4 / 182 والمحتسب ، 1 / 75 والمنصف ، 2 / 178 - 3 / 79 وشرح المفصل ، 9 / 74 - 10 / 50 والممتع ، 1 / 353 والمقرب ، 2 / 164 وشرح الشواهد ، 4 / 281 وشرح التصریح ، 2 / 367 وشرح الأشمونی ، 4 / 281.

فإیرادها فی حروف البدل لیس بسدید (1) ، ویبدل منها حرفان : الصّاد والزای.

القول علی إبدال الصّاد من السّین

فمنه : أنّه یجوز إبدال الصّاد من السین متی وقع بعد السین غین أو خاء أو قاف أو طاء (3) ، لأنّ هذه الحروف مستعلیه والسین مهموسه مستفله ، ولمّا کانت الصاد مستعلیه وهی مع ذلک مهموسه وافقت هذه الأحرف فی الاستعلاء ووافقت السین فی الهمس والصفیر والمخرج ، فلذلک أبدلت منها ، فمثال السین التی بعدها الغین سالغ وهو من البقر کالبازل من الإبل ، یقال : عجل ثمّ تبیع ثمّ جذع ثمّ رباع ثمّ سدیس ثم سالغ (4) ، ویجوز صالغ بإبدال الصّاد من السّین ، ومثال السین التی بعدها خاء سخر وسلخ فتقول : صخر وصلخ بالصّاد / أیضا (5) ومثال السین التی بعدها قاف : سویق وسبقت ، فیجوز : صویق وصبقت بالصّاد أیضا (6) ومثال السین التی بعدها طاء : سراط وساطع ، فیجوز صراط وصاطع بالصّاد أیضا (7) فإن تأخرت السین عن هذه الحروف لم یجز فیها ذلک ، فلا یقال فی قست : قصت ولا فی خسرت : خصرت ، ویجوز فی صاد نحو : الصراط ، المضارعه ، وهی إشراب الصّاد صوت الزای (8).

القول علی إبدال الزای من غیرها

(9).

وهی تبدل من السّین والصّاد :

ص: 250

1- ومن قبل نصّ ابن الحاجب فی الإیضاح ، 2 / 413 علی ذلک.

2- المفصل ، 373.

3- الممتع ، 1 / 410 - 411.

4- سلغت الشاه والبقره تسلغ سلوغا وهی سالغ تمّ سنّها وما حکی من قولهم : صالغ فعلی المضارعه وقیل هی عنبریه علی أن الأصمعی قال هی بالصاد .. ولد البقره أول سنه عجل ثم تبیع ثم جذع ثم ثنی ثم رباع ثم سدیس ثم سالغ ثم سالغ سنه وسالغ سنتین إلی ما زاد. انظر اللسان ، سلغ.

5- الکتاب ، 4 / 480 والممتع ، 1 / 411.

6- الکتاب ، 4 / 478 - 479.

7- الکتاب ، 4 / 480.

8- شرح المفصل ، 10 / 52 وشرح الشافیه للجاربردی ، 1 / 325.

9- المفصل ، 373.

أمّا إبدالها من السّین ، فتبدل الزای مطردا جائزا من کلّ سین ساکنه بعدها دال نحو : یسدر فیجوز فیه یزدر ، وفی یسدل ثوبه ؛ یزدل ثوبه (1) وکلب وهم بطن من قضاعه یبدلون الزای من السین إذا وقع بعد السین قاف فیقولون فی سقر : زقر (2).

وأمّا إبدال الزای من الصّاد (3) فتبدل أیضا مطّردا جائزا من کلّ صاد ساکنه بعدها دال نحو : فصدی فیجوز فیه : فزدی بالزای ویجوز إبقاء الصّاد بحالها وهو أکثر (4) ، ویجوز أن یضارع بها الزای (5) ولا تقع المضارعه إلّا حیث یتجاور حرفان بینهما منافره فیؤتی بحرف یصلح للتوسّط بینهما لیزیل المنافره ، وذلک کما ینحی بالصّاد نحو الزای إذا تقدمت الصّاد علی الدّال فتأتی بحرف مخرجه بین مخرج الصّاد ومخرج الزای ، ولیس کذلک السین فی یسدر فلا یجوز فیها المضارعه فإن تحرکت الصّاد ، امتنع إبدال الزای منها لکن یجوز فیها المضارعه فتقول فی نحو صدر عن کذا بالصّاد ، وبمضارعه الصّاد الزای دون إبدال الصّاد زایا ، فالحروف المذکوره حینئذ علی ثلاثه أوجه :

فمنها : ما یجوز فیه الإبدال والمضارعه نحو الصاد مع الزای فی نحو : فصدی.

ومنها : ما یجوز فیه الإبدال دون المضارعه وهو السین الساکنه إذا کان بعدها دال نحو : یسدر ، ومنها : ما یجوز فیه المضارعه دون الإبدال وهو ما فیه شین معجمه مع دال أو جیم مع دال نحو : أشدق وأجدر ، فتشرب الجیم صوت الشین وتشرب الشین صوت الجیم (6) وهی لغه قلیله ردیئه لعسر النطق بذلک ، ولذلک لم تأت فی القرآن الکریم ولا فی کلام فصیح (7).

ص: 251

1- الکتاب ، 4 / 471 - 479.

2- شرح المفصل ، 10 / 52 وشرح الشافیه ، 3 / 230 - 231.

3- المفصل ، 373.

4- الکتاب ، 4 / 477 - 479.

5- بعدها فی الأصل مشطوب علیه «ومعنی المضارعه أن یشرب الصاد شیئا من صوت الزای» وقد أثبتها قبل ، وانظر تسهیل الفوائد ، 317 وشرح الشافیه للجاربردی ، 1 / 325 ، وفی حاشیه ابن جماعه ، 1 / 325 ما نصه : الزای لعذره وبنی القیس ، والمضارعه لقیس ، والصاد لقریش.

6- الکتاب ، 4 / 479.

7- الکتاب ، 4 / 432 وبعدها فی إیضاح المفصل ، 2 / 415 بخلاف إشراب الصاد بصوت الزای فإنه ورد فی القرآن وفی الکلام الفصیح.

الفصل الثامن فی الإعلال

اشاره

وهو تغییر حرف العلّه للتخفیف ویجمعه : القلب والحذف والإسکان ، وحروف الإعلال ثلاثه : الألف والواو والیاء وسمیت حروف العلّه لکثره تغیّرها ، وثلاثتها تقع فی الأضرب الثلاثه کقولک : مال وناب (2) وسوط وبیض ، وقال وحاول وبائع ، ولا ولو وکی.

القول علی الألف

وهی لا تکون أصلا فی الأسماء المتمکنه ولا فی الأفعال بل إمّا زائده کألف کتاب أو منقلبه عن واو أو یاء کألف مال ورحی (4) / وإنّما حکموا بعدم أصالتها فی الأسماء والأفعال لحصول الاشتقاق والتصریف فی الأسماء والأفعال المستدلّ بهما علی الزیاده والانقلاب کفقد ألف ضارب فی المشتقّ منه ، وهو الضّرب (5) بخلاف الحروف ، فإنّ الألف فیهن أصل لیس إلّا ، لأنّ الحروف جوامد غیر متصرفه ولا مشتقه ، فلا یعرف لها أصل غیر ما هی علیه فلا یقال فی ألف ما ولا وحتی إنها زائده أو بدل لعدم الاشتقاق وعدم التصرف (6) لأنّ البدل ضرب من التصرف ، ویجری مجری الحروف فی أصاله الألف ، الأسماء المبنیه المتوغله فی شبه الحروف نحو : متی ، والأسماء الأعجمیه نحو ، ماه (7) ، لأنا إنّما قضینا بعدم زیاده الألف فی الحروف لعدم الاشتقاق وهذا موجود فی هذه الأسماء.

القول علی مواقع الواو والیاء الأصلیتین

وهما یتفقان فی مواقعهما من الکلمه ویختلفان :

ص: 252

1- المفصل ، 347.

2- فی الأصل کتاب وهی فی المفصل : کقولک : مال وناب وسوط وبیض.

3- المفصل ، 374.

4- فی الأصل ورجا.

5- بعدها مشطوب علیه «وکعود ألف قرطاس إلی أصلها فی الجمع کقراطیس».

6- المنصف ، 1 / 7 - 8 وشرح الشافیه للجاربردی ، 1 / 268.

7- بلده بفارس ، معجم البلدان 5 / 48 - 49.

8- المفصل ، 374 - 375.

أمّا اتفاقهما افیتفقان فی وقوعهما فاء کوعد ویسر ، وعینا کقول وبیع ، ولاما کغزو ورمی ، ویتفقان أیضا فی وقوعهما عینا ولاما معا فمثال الواو عینا ولاما : قوه ، ومثال الیاء عینا ولاما : حیّه ویتفقان فی وقوعهما مجتمعتین فی أول الکلمه وتقدّم کلّ منهما علی الأخری نحو : ویح ویوم ولکنّ تقدیم الواو أکثر فباب ویح أکثر من باب (1) یوم. وأمّا اختلافهما :

فمنه : أنّ الواو تقدّمت فاء علی الیاء لاما نحو : وفیت ، وأنّها تقدمت أیضا عینا علی الیاء لاما نحو : طویت دون العکس أی دون أن تتقدّم الیاء علی الواو ، وکذلک فإن قیل : فالحیوان قد تقدمت فیه الیاء عینا علی الواو لاما فالجواب : أن الأصل فی حیوان عند الخلیل وسیبویه حییان (2) ، لأنّه من حییت ، والحیّه من ذلک ، وإنّما قالوا : حیوان لأنّ اختلاف الحرفین أخفّ من اتفاقهما.

ومنه : أنّ الیاء وقعت مضاعفه فاء وعینا معا ، ولم یأت ذلک إلّا فی کلمه واحده وهی «یین» اسم مکان (3) ولا تقع لواو کذلک ، والمراد بالتضعیف أن یتجاور المثلان (4).

ومنه : أنّ الیاء وقعت فاء ولاما معا نحو قولهم : یدیت إلیه یدا (5). ومنه : أنّ الیاء وقعت فاء وعینا ولاما فی قولهم : یییت یاء حسنه إذا کتبتها ، ولم تقع الواو فاء ولاما إلا فی قولهم واو ، وکذلک لم تقع الواو فاء وعینا ولاما إلّا فی الواو علی قول الأخفش إن ألفها منقلبه عن واو فهی علی قوله موافقه للیاء فی یییت ، وقال الفارسیّ : إنّ ألف واو منقلبه عن یاء (6) فهی علی قوله موافقه لها فی یدیت وهو أولی من قول الأخفش فإنّه لم یسمع کلمه کلّها من حرف واحد إلّا یییت وهو شاذ ، ولکون العربیّه لیس فیها کلمه فاؤها / ولامها واو ، جعلوا کون الفاء واوا ، دلیلا علی أنّ اللّام یاء

ص: 253

1- شرح المفصل ، 10 / 55 والنقل منه مع تصرف یسیر.

2- الکتاب ، 4 / 409 والمقتضب ، 1 / 186 والمنصف ، 2 / 284.

3- معجم البلدان ، 5 / 454.

4- شرح المفصل ، 10 / 55.

5- المرجع السابق ، 10 / 55.

6- المرجع السابق ، 10 / 58 والممتع ، 2 / 560.

واتفقوا علی أنّ کلّ کلمه فاؤها واو إنّما تکتب لامها یاء فلذلک کتبوا الوغی بالیاء (1).

القول علی الواو والیاء فاءین

ذکر الواو فاء

وهی تثبت صحیحه وتسقط وتقلب ، أمّا ثباتها علی الصحّه فنحو : وعد وولد فعلین والوعد والولد اسمین لا مصدرین لأنّ مصدر مثل ذلک تسقط منه الواو فیقال : عده ولده کما سنذکره الآن فی سقوط الواو ، وأمّا سقوط الواو فاء ، ففی مضارع فعل أو فعل إذا کان مضارعهما مکسور العین لفظا أو تقدیرا لوقوع الواو حینئذ بین یاء وکسره.

أمّا العین المکسوره لفظا : فنحو : یوعد ویومق سقطت الواو لوقوعها بین یاء وکسره بقی یعد ویمق ، ثم طردوا الحذف مع باقی حروف المضارعه فقالوا : أعد وتعد ونعد ، وإن لم تقع الواو بین یاء وکسره لیأتی المضارع علی وجه واحد طردا للباب (3).

وأمّا العین المکسوره تقدیرا : فنحو : یوضع ویوسع فإنّ العین فیهما مکسوره بحسب الأصل فهی مکسوره تقدیرا ولکن فتحت من أجل حرف الحلق ، فالفتحه عارضه والعارض لا اعتداد به لأنّه کالمعدوم (4) فلذلک سقطت الواو فیهما فقالوا : یضع ویسع فأمّا إذا انفتحت العین ولم تکن مکسوره تقدیرا ، فإنّ الواو تثبت کما فی قوله تعالی : (لَمْ یَلِدْ وَلَمْ یُولَدْ)(5) فحذفت الواو من «یلد» لانکسار ما بعدها وثبتت فی «یولد» لانفتاح ما بعدها ، وإنّما حذفت الواو إذا وقعت بین یاء وکسره طلبا للخفه لأنّ الواو ثقیله وقد اکتنفها ثقیلان الیاء والکسره ، والفعل أثقل من الاسم ، فحذفت

ص: 254

1- المزهر ، 2 / 78.

2- المفصل ، 375.

3- الإنصاف ، 2 / 782.

4- شرح المفصل ، 10 / 59 - 61.

5- الآیه 3 من سوره الإخلاص.

الواو فیه لاجتماع هذا الثقل ، وکذلک تحذف الواو من المصدر الذی حذفت من فعله نحو : العده والمقه والأصل : الوعده والومقه وإنّما حذفت لأمرین أحدهما : کون الواو مکسوره وهو مستثقل ، وثانیهما : کون الفعل أعلّ أعنی یعد ویمق ، لأنّ المصدر یعتلّ باعتلال فعله ، وأمّا قلب الواو ، ففی ما مرّ من الإبدال فی نحو : تخمه ومیزان.

ذکر الیاء فاء

وهی مثل الواو فیما ذکر إلّا فی السقوط إذا وقعت بین یاء وکسره فإنّ الیاء تثبت ولا تحذف لأنّهما من جنسهما فثبتت فی نحو : ینع الثّمر یینع ، ویسر ییسر وهو قمار العرب بالأزلام والاسم المیسر وقد حکی سیبویه علی سبیل الشذوذ أنّ بعضهم یجری الیاء مجری الواو فی الحذف فی یئس ییئس فیقول : یئس یئس (2) کومق یمق من أجل مجیء الهمزه مستثقله معها ، فلذلک تحذف فی ییئس لأجل الهمزه ولا تحذف عند فقدها ، فلا یقال : یسر یسر بالحذف بل یسر ییسر لفقد الهمزه ، وأمّا قلب الیاء فقد سبق فی الإبدال وهی تقلب مثلما تقلب الواو فیقال فی ایتسر : اتّسر / کما یقال فی اوتعد : اتّعد (3).

ذکر التنبیه علی موضع ثبوت الواو وموضع حذفها

اعلم أنّ الفرق بین وجل یوجل ووجع یوجع حیث ثبتت الواو فیهما ، وبین وضع یضع ووسع یسع ، حیث حذفت الواو فیهما وکلّ من القبیلین فیه حرف الحلق ، أن فتحه یوجل ویوجع أصلیه ، لأنه من باب فعل یفعل مثل علم یعلم وشرب یشرب وفتحه یضع ویسع عارضه ومثله من المعتلّ ورم یرم وورث یرث فالکسره مراده وإنما فتح لحرف الحلق فحذفت الواو فی یضع ویسع للکسره المراده وقد شبّهت الفتحه

ص: 255

1- المفصل ، 375.

2- قال فی الکتاب ، 4 / 54 : وأما ما کان من الیاء فإنه لا یحذف منه ، وذلک قولک : یئس ییئس ویسر ییسر ... وزعموا أن بعض العرب یقول : یئس یئس ، فاعلم فحذفوا الیاء من یفعل ، وانظره فی 4 / 339.

3- شرح المفصل ، 10 / 63.

4- المفصل ، 375.

العارضه فی یضع ویسع بکسره التجاری وهو مصدر تجاری ، وقیاسه الضّمّ مثل التّحاسد والتکاثر ، وإنّما کسرت الراء فیه لتصحّ الیاء وشبّهت الفتحه الأصلیه فی یوجل ویوجع بکسره التجارب جمع تجربه فکسره التجاری عارضه کفتحه یضع ویسع وکسره راء التجارب أصلیه کفتحه یوجل ویوجع (1).

ذکر ما جاء فی مضارع أفعال تذکر

اعلم أنه قد جاء عن العرب قلب الواو والیاء فی مضارع افتعل ألفا فیقولون : یا تعد ویا تسر (3) وجاء فی مضارع یئس لغتان : ییأس بفتح العین وهو الأصل ، وییئس بالکسر علی خلاف الأصل ، وجاء أیضا فیهما إبدال الألف من الیاء فقالوا فی ییأس بالفتح : یاءس وفی ییئس بالکسر : یائس.

وجاء فی مضارع فعل یفعل مثل وجل یوجل أربع لغات : وجل یوجل بإثبات الواو لأنها لم تقع بین یاء وکسره وهی أجودها ، ویاجل بقلب الواو ألفا علی حدّ قلبها فی یا تعد ویا تزن ، وییجل بقلب الواو یاء ، وییجل بکسر المضارعه لتکون وسیله إلی قلب الواو یاء لسکون الواو حینئذ وانکسار ما قبلها ، ولیس کسر هذه الیاء من لغه من یقول تعلم بکسر حرف المضارعه (4) وهو التاء المثناه الفوقیه (5) بل لأجل أن تنقلب الواو یاء کما ذکرنا ، لأنّ من یقول : تعلم بکسر التاء الفوقیه لا یقول یعلم بکسر الیاء التحتیه فهی لغه أخری. واعلم أنّهم یستثقلون الابتداء بالیاء المکسوره ، ولذلک لا یوجد اسم أوله یاء مکسوره غیر یسار للید فاعرفه (6).

ص: 256

1- شرح المفصل ، 10 / 62 والنقل منه مع تصرف یسیر.

2- المفصل ، 375.

3- فی الکتاب ، 4 / 334 وأما ناس من العرب» وفی المقتضب ، 1 / 90 : هم قوم من أهل الحجاز وفی حاشیه ابن جماعه ، 1 / 273 وبهذه اللغه کان یتکلم الإمام الشافعی.

4- جعلها سیبویه فی 4 / 110 لغه لجمیع العرب إلا أهل الحجاز ، وفی حاشیه ابن جماعه ، 1 / 273 هی لغه بنی أسد وتیم وتمیم.

5- فی الأصل من الفوقیه.

6- شرح الشافیه للجاربردی ، 1 / 273 وشرح الشافیه ، 3 / 92.

ذکر بناء افتعل من أفعال تذکر

وهو أنک إذا بنیت افتعل من نحو : أکل وأمر جعلت همزه أکل یاء وأتیت بتاء افتعل بعدها فقلت : ایتکل وایتمر والأصل : ائتکل بهمزتین الأولی : همزه الوصل وهی مکسوره ، والثانیه : فاء الفعل وهی ساکنه ، فقلبت الثانیه یاء لسکونها وانکسار ما قبلها علی حدّ قلبها فی ذئب وبئر ، ولا یجوز أن یقال فی ایتکل وایتمر : اتّکل واتّمر بادغام هذه الیاء المنقلبه عن الهمزه فی تاء افتعل کما قیل فی ایتسر اتّسر ، لأنّ الیاء فی ایتکل لیست لازمه لعودها إلی أصلها عند زوال / همزه الوصل فی نحو المضارع نحو : یأتکل ویأتمر ، فتعود الیاء همزه لزوال الموجب لقلبها وهو همزه الوصل ، ومعنی ایتکل أخذ أموال الرّشا (2) ویقال : ایتکلت أسنانه من الکبر ، ومعنی ایتمر قبل الأمر (3) وکذلک تقول : ایتزر بالإزار لما قلنا من أن یاء ایتزر غیر لازمه ، ولا یجوز فیه اتّزر لأنّ اتّزر وهو رکوب الوزر (4).

القول علی الواو والیاء عینین

اشاره

إذا کانت عین الکلمه واوا أو یاء فإمّا أن تعلّ أو تحذف أو تسلم فذلک ثلاثه أقسام :

القسم الأول : فی إعلال الواو والیاء عینین

اشاره

اعلم أنّ إعلالهما قد وقع فی عدد من الأفعال والأسماء مما تحرکت فیها الواو والیاء عینا وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا طلبا للخفه لثقل الحرکه علی حرف العلّه (6) ، أمّا الأفعال المعتلّه فنحو : قال وخاف وباع وهاب ، لأنّ أصلها قول وخوف وبیع

ص: 257

1- المفصل ، 375.

2- الرّشا جمع رشوه ، المخصص لابن سیده ، 14 / 162 - 15 / 138.

3- الصحاح ، أکل ، أمر.

4- فی إیضاح المفصل ، 2 / 424 وقول من قال اتزر ، وهم ، وانظر شرح المفصل ، 10 / 63 - 64.

5- المفصل ، 376.

6- شرح الشافیه للجاربردی ، 1 / 275.

وهیب فتحرکت الواو والیاء فیهنّ وانفتح ما قبلهما فقلبتا ألفا ثم أعلّوا المضارع کما أعلوا الماضی ، وإن لم تقم فیه علّه الإعلال لیکون المضارع والماضی علی سنن واحده ، فقالوا : یقول ویخاف ویبیع ویهاب والأصل : یقول ویخوف ویبیع ویهیب بتحریک حرف العلّه وسکون ما قبله فنقلت ضمّه واو یقول إلی القاف بقی : یقول ، وتقلب فتحه واو یخوف إلی الخاء فانفتح ما قبل الواو فقلبت ألفا لتحرکها بحسب الأصل وانفتاح ما قبلها بقی : یخاف ، ونقلت کسره یاء یبیع إلی الیاء بقی : یبیع (1) ونقلت فتحه یاء یهیب إلی الهاء فانفتح ما قبل الیاء فقلبت ألفا لتحرکها بحسب الأصل وانفتاح ما قبلها بقی : یهاب. وأمّا الأسماء المعتلّه (2) فنحو : باب وناب ورجل مال ولاع ، إذ أصل باب وناب : بوب ونیب لجمعهما علی أبواب وأنیاب ، والاسم إذا ساوی الفعل فی الزنه ووقوع حرف العله منه موقعه من الفعل حیث أعلّ حکم علیه بحکم الفعل فلذلک قلبت الواو والیاء فی بوب ونیب ألفا لتحرکهما وانفتاح ما قبلهما ، وأصل رجل مال : مول یقال : مول مول مثل حذر فهو حذر ، واللّاع الجبان وأصله لوع فتحرکت الواو فی مول ولوع وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا بقی رجل مال ولاع وکذلک ما هو من ذلک مما تحرکتا فیه وانفتح ما قبلهما ومن ذلک أسماء فاعلی الأفعال المذکور ومفعولیها نحو : قائل وخائف وبائع وهائب ومقول ومخوف (3) ومبیع ومهیب مما أعلّت لاعتلال أفعالها (4) علی ما سیذکر فی أثناء هذا الفصل.

ومن الأسماء المعتلّه مفعل وإخوته (5) : اعلم أنه قد جاء من هذه الأفعال المعلوله مفعل ومفعله بفتح العین ومفعل ومفعله بکسرها ومفعله / بضمّها ، أمّا مفعل بالفتح ، فنحو : معاذ أصله معوذ فنقلت فتحه الواو إلی العین فقلبت ألفا لتحرکها فی الأصل وانفتاح ما قبلها بقی : معاذ ، وأما مفعله بالفتح فنحو : مقاله أصلها مقوله

ص: 258

1- المنصف ، 1 / 245 وشرح المفصل ، 10 / 64.

2- أتی الطمس علی بعض حروفها.

3- غیر واضحه فی الأصل.

4- المنصف ، 1 / 280 وشرح المفصل ، 10 / 64.

5- فی المفصل ، 376.

فنقلت فتحه الواو إلی القاف ، وقلبت الواو ألفا کما قیل فی معاذ بقیت مقاله ، وأما مفعل بالکسر فنحو : مسیر ، أصله مسیر علی وزن مفعل فنقلت کسره الیاء إلی السین بقی مسیر ، وأما مفعله بالکسر فنحو : معیشه أصلها معیشه نقلوا کسره الیاء إلی العین بقیت معیشه (1) وأما مفعله بالضمّ فنحو : مشوره أصلها مشوره فنقلت ضمّه الواو إلی الشین فسکنت الواو وانضمّ ما قبلها ، واستقرّت وبقیت مشوره مثل : مثوبه ومعونه (2).

ذکر الأفعال المعتلّه التی لحقتها الزیاده

وهی تعتلّ کما أعلّت الأفعال التی لم تلحقها الزیاده لکن إذا لم یکن ما قبل حرف العلّه ألفا أو واوا أو یاء کما سنذکر ، فالتی أعلّت نحو : أقام واستقام واختار وانقاد ، فأقام أصله : أقوم فقلبت فیه الواو ألفا ، وإن لم ینفتح ما قبلها ، لأنّ هذه الواو هی التی أعلّت قبل الزیاده فی قام فأجری حرف العلّه مع الزیاده مجراه قبل الزیاده فنقلت فتحه واو أقوم إلی القاف وقلبت ألفا لتحرکها فی الأصل وانفتاح ما قبلها بقی : أقام ، وکذلک استقام أصله استقوم فقلبت واوه ألفا لما قلنا فی أقام بعینه ، وکذلک اختار أصله : اختیر علی وزن افتعل ، وانقاد أصله : انقود علی وزن انفعل تحرکت الیاء والواو فیهما وانفتح ما قبلهما فقلبتا ألفا بقی اختار وانقاد ، واعلم أنّ جمیع ما أعلّ ولم تستکمل فیه علّه الإعلال ، فإنّما أعلّ اتباعا للفعل الذی قامت العلّه فی إعلاله قال فی المفصّل (4) : لکونها منها ولضربها بعرق فیها. ومعناه أنّ علّه اعتلالها اعتلال الأفعال التی علّتها کامله ، لأنّها جاریه علیها أی ضرب فیها عرق الإعلال (5).

ذکر الأفعال التی لا تعلّ لکون ما قبل حرف العلّه ألفا أو واوا أو یاء

أما الألف قبل الواو والیاء فنحو : قاول وتقاولوا وزایل وتزایلوا ، فلم تعلّ الواو

ص: 259

1- المقتضب ، 1 / 101 والمنصف ، 1 / 296.

2- شرح المفصل ، 10 / 67.

3- المفصل ، 376.

4- المفصل ، 376.

5- شرح المفصل ، 10 / 67.

6- المفصل ، 376.

والیاء فیهما لأنّ نقل حرکتهما إلی ما قبلهما غیر ممکن لکون ما قبلهما ألفا وهی لا تقبل الحرکه ، وأمّا الواو والیاء قبل الواو فنحو : عوّذ وتعوّذ وزیّن وتزیّن بالإدغام فلم یقلب حرف العلّه المدغم فیه ، لأنّه لو نقلت حرکته إلی ما قبله وقلب ألفا لبطل الإدغام وزال البناء عمّا وضع له (1).

القسم الثانی : فی حذف الواو والیاء عینین

اشاره

وهما تحذفان علی ثلاثه أضرب للالتقاء الساکنین ، أو للتخفیف ، أو لضروره الإعلال.

ذکر الحذف لالتقاء السّاکنین

/ وهما هاهنا عین الفعل ولامه إذا کان عین الکلمه حرف علّه.

فمنه : أن تسکّن اللّام فی الفعل المجرّد ، إمّا للأمر نحو : قل وبع أو للجزم نحو : لم یقل ولم یبع ، أو لاتصال ضمیر الفاعل نحو : قلت وقلن ، فیلتقی ساکنان حرف العلّه المسکن واللّام المسکنه (3) لأحد هذه الأمور الثلاثه أعنی للأمر أو للجزم أو لاتصال ضمیر الفاعل ، فیحذف حرف العلّه للالتقاء الساکنین.

واعلم أنّ ضمیر الفاعل الی تسکّن له لام الفعل ، إنّما هو البارز المتحرک للمذکّر والمؤنّث للمتکلّم والمخاطب نحو : قلت وبعت وقلت وبعت ، والأصل : قولت وبیعت بضم الواو وکسر الیاء فنقلت الحرکه عنهما إلی ما قبلهما أعنی إلی فاء الفعل بعد حذف حرکتها فالتقی ساکنان حرف العلّه ولام الفعل فحذف حرف العلّه ، وأمّا ضمیر المؤنث فإذا کان للمخاطب نحو : قلت وکذلک ضمیر جماعه المؤنث أیضا فی الماضی والأمر والمضارع نحو : قلن وبعن ، ویا هندات قلن وبعن ، وهنّ یقلن ویبعن والأصل فی الماضی والأمر : قولن بضمّ الواو وبیعن بکسر الیاء فنقلت حرکتهما إلی ما قبلهما وحذفتا کما تقدّم فی قلت وبعت بقی : قلن وبعن وأمّا فی

ص: 260

1- شرح المفصل ، 10 / 67.

2- المفصل ، 376.

3- شرح المفصل ، 10 / 68.

الأمر فأصله أقولن وأبیعن نقلت حرکه حرف العلّه إلی ما قبلها فاستغنی عن همزه الوصل فحذفت والتقی ساکنان حرف العلّه ولام الفعل فحذف حرف العلّه بقی : قلن وبعن ، وأمّا فی المضارع فالأصل تقولن بضمّ الواو ویبیعن بکسر الیاء وسکون ما قبلهما فنقلت حرکتهما إلی ما قبلهما وحذفتا لالتقاء الساکنین کما تقدّم فی قلت وبعت بقی : یقلن ویبعن.

ومنه : ما کان من هذا النحو مزیدا فیه نحو : أقام واستقام فیقال : أقم واستقم فیحذف حرف العلّه ، والأصل : أقوم واستقوم ، فنقلت حرکه حرف العلّه فیهما إلی ما قبلهما وحذف حرف العلّه کما حذف فی قم لا فرق بین المزید فیه والمجرّد فی ذلک (1).

ذکر الحذف للتخفیف

وهو جائز ولازم ، أمّا الجائز :

فمنه : سید وهین ومیت بالتخفیف والأصل : سیود وهیون ومیوت علی فیعل بکسر العین (3) ، اجتمعت الواو والیاء وسبقت إحداهما بالسکون فقلبت الواو یاء وأدغمت الیاء فی الیاء بقی : سیّد وهیّن ومیّت ثم خففوه بحذف إحدی الیاءین وهی الیاء التی کانت واوا ، وهی عین الکلمه بقی سید وهین ومیت. وأمّا التخفیف اللازم :

فمنه : قیلوله وکینونه والأصل قیولوله وکیونونه فقلبت الواو الأولی یاء وأدغمت الیاء فی الیاء علی القاعده بقی قیّلوله وکیّنونه ثم خفّف ذلک بحذف إحدی الیاءین (4) ولزم التخفیف لطول الاسم ، والقیلوله النوم فی الظهیره. والکینونه من کان یکون (5).

ص: 261

1- شرح المفصل ، 10 / 68.

2- المفصل ، 376.

3- الإنصاف ، 2 / 795 وشرح الشافیه ، 3 / 152.

4- بعدها مشطوب علیه : «أی ما قبلها فاستغنی عن همزه الوصل فحذفت والتقی ساکنان حرف العله ولام الفعل فحذف حرف العله بقی : قلن وبعن».

5- اللسان ، قیل وکون.

ذکر الحذف لضروره الإعلال

فمنه / الإقامه والاستقامه والأصل : إقوام واستقوام وهما من المصادر التی أعلّت أفعالها ، فوجب إعلالها کذلک ، فنقلوا فتحه الواو فی إقوام واستقوام إلی ما قبلها وقلبوا الواو ألفا لتحرکها فی الأصل وانفتاح ما قبلها فالتقی ألفان فحذفت إحداهما وهی الثانیه عند سیبویه والخلیل لأنّها الزائده وهی الأولی عند الأخفش التی هی عین الفعل (2) بقی : أقام واستقام فعوّض المصدر التاء فی آخره عمّا حذف منه بقی : إقامه واستقامه.

القسم الثالث : فی سلامه الواو والیاء عینین

وهما یسلمان إذا فقدت أسباب الإعلال والحذف ، أو وجدت لکن منع مانع ، أما ما فقدت فیه علّه الإعلال :

فمنه : سکون ما قبل حرف العلّه فی الأصل نحو : أعین وأزواج ومقول (4).

ومنه : حرکه ما قبل حرف العلّه بغیر الفتح نحو : قوباء (5) وخیلاء (6). وأمّا ما وجدت فیه أسباب الاعتلال لکن منع مانع :

فمنه : صوری وهو اسم ماء بقرب المدینه (7) ، فلو قلبت واوه ألفا لبقی صارا فیلبس ، وکذلک حیدی وهو الحمار الذی یحید من کلّ شیء ، فلو قلبت یاؤه ألفا لصار حادی فیلتبس بالفعل.

ومنه : الجولان والحیکان وهو مصدر حاک یحیک وهو مشی القصیر إذا مشی

ص: 262

1- المفصل ، 376.

2- الکتاب ، 4 / 354. والمنصف ، 1 / 291.

3- المفصل ، 376.

4- هو اللسان ، اللسان ، قول.

5- داء یظهر فی الجسد ، القاموس المحیط ، قوب.

6- الکبر ، القاموس ، خیل.

7- فی معجم البلدان ، 3 / 432 عن الجرمی ، وفی القاموس ، صور : ماء ببلاد مزینه ، أو ماء قرب المدینه ، وانظر المخصص ، 15 / 197.

وحرّک منکبیه ، فهنا قد وجدت أسباب القلب ولکن منع منه مانع وهو کون الاسم لیس علی مثال الأفعال ، وشرط إعلاله أن یکون علی مثال الأفعال نحو : باب ودار ، لأنّ أصلهما وهو بوب ودور علی مثال الفعل بخلاف ما ذکر من الجولان وشبهه (1).

القول علی أبنیه الأفعال المعتلّه وهی مثل أبنیته الصحیحه

اشاره

أمّا المعتلّه بالواو :

فمنها : ما هو علی فعل یفعل نحو : قام یقوم والأصل : قوم یقوم مثل خرج یخرج من الصحیح.

ومنها : ما هو علی فعل یفعل نحو : خاف یخاف والأصل : خوف یخوف مثل علم یعلم ، ومنها : ما هو علی فعل یفعل نحو : طال یطول وجاد یجود والأصل : طول یطول وجود یجود مثل حسن یحسن وذلک إذا کانا لازمین بمعنی أنّه صار طویلا أو جوادا ، فأمّا إن أرید بطال یطول وجاد یجود المتعدی بمعنی أنه طال غیره وجاد علی غیره فلا یکون من فعل یفعل حینئذ ولکن من فعل یفعل مثل قتل یقتل ، واسم الفاعل من اللّازم طویل وطوال کظریف وسراع وهو اسم الفاعل من سرع ، أما اسم الفاعل من المتعدی فطائل کما أنه من قال قائل.

وأمّا المعتلّه بالیاء :

فمنها : ما هو علی فعل یفعل نحو : باع یبیع والأصل بیع یبیع مثل ضرب یضرب.

ومنها : ما هو علی فعل یفعل نحو : هاب یهاب والأصل هیب یهیب مثل شرب یشرب ولم یجیء فی الیائی یفعل بضمّ العین مثل : یخرج ولا فی الواوی فعل یفعل بکسر العین مثل : حسب یحسب وذهب الخلیل فی طاح یطیح وتاه یتیه أنّهما فعل یفعل کحسب / یحسب وهما من الواوی لقولهم : طوّحت وتوّهت وهو أطوح منه وأتوه (3) وإنما کانا من فعل یفعل بکسر عین الماضی والمضارع معا لقولهم : طحت

ص: 263

1- شرح المفصل ، 10 / 70 وشرح الشافیه ، 3 / 126.

2- المفصل ، 376.

3- الکتاب ، 4 / 344 وانظر المنصف ، 1 / 261 واللسان ، تیه.

وتهت بکسر فاء الفعل ولو کانا من فعل بفتح العین وهو واوی ، لضمّوا الفاء کقلت فلمّا جاء الکسر وقد ثبت أنهما من الواوی علم أنّ الکسر إنما یکون مما تکون عین ماضیه مکسوره ، فثبت أنّه لا یستقیم یطیح ویتیه من الواوی إلّا أن تکون عین الماضی مکسوره وهذا الذی قاله الخلیل خارج عن القیاس ، وأمّا من قال : طیّحت وتیّهت ، فلا إشکال فی أنهما مثل باع یبیع ، وهما من فعل یفعل وهو القیاس (1).

ذکر تحویل الأبنیه المعتلّه

إذا کانت عین الفعل واوا واتّصل به ضمیر الفاعل البارز المتحرک للمتکلّم أو المخاطب حوّل ذلک الفعل من فعل بفتح العین إلی فعل بضمّها ثم تنقل ضمّه العین إلی الفاء وتحذف العین نحو : قلت قلنا قلت قلتم قلت قلتن کان الأصل : قولت بفتح العین فحوّل إلی فعل بضمّها فصار قولت ثم نقلت ضمّه العین إلی الفاء بعد حذف فتحه الفاء الأصلیه فسکنت الواو والتقت مع اللّام الساکنه لاتصال الضمیر فحذفت الواو بقی : قلت قلنا إلی آخرها.

وإن کانت عین الفعل یاء حوّل الفعل مع الضمائر المذکوره من فعل بفتح العین إلی فعل بکسرها ثم تنقل کسره العین إلی الفاء وتحذف الیاء بعین ما قلنا فی الواو فیبقی : بعت بعنا بکسر فاء الفعل إلی آخر الضمائر المذکوره (3).

وإنّما حوّل فی الواوی من فعل إلی فعل وفی الیاء من فعل إلی فعل للفرق بین بنات الواو وبنات الیاء ، وإنّما غیرت حرکه الفاء الأصلیه بنقل حرکه العین إلیها لتدلّ الضمّه والکسره علی الواو والیاء المحذوفتین ، وقد فرّقوا هنا بین الواوی والیائی ولم یفرّقوا فی موضع بقاء العین نحو : قال وباع إمّا لتعذّر الضمّ والکسر مع الألف ، وإمّا لکون ما انقلبت إلیه الواو والیاء موجودا ، وکذلک لم یفرقوا فیما فیه العین مکسوره فی الأصل نحو : خفت وهبت والأصل خوف وهیب فلم یحول فیه الواوی إلی فعل بضمّ العین ولکن نقلوا کسره العین لکونها أصلیه إلی الفاء للإیذان بأن المحذوف

ص: 264

1- الکتاب ، 4 / 344 وشرح المفصل ، 10 / 71 والممتع ، 2 / 444.

2- المفصل ، 377.

3- المنصف ، 1 / 233.

مکسور فی الأصل أعنی خوف وهیب ولا یکون هذا النقل والتحویل إلّا مع الضمیر البارز المذکور خاصّه ، فلا یقع مع الضمیر المستکن فی الفعل الماضی وغیره للّبس بفعل ما لم یسمّ فاعله وأیضا فإنّ النقل والتحویل إنما یکون عند حذف العین کقلت وبعت للدلاله علی المحذوف ، وبعض العرب (1) لا یبالی باللّبس ویقول : کید زید یفعل وما زیل زید یفعل کذا بمعنی کاد وما زال وأصل کاد وزال هاهنا کید وزیل فینقل فی کیدا کسره العین إلی الفاء بعد حذف حرکه الفاء ویسکّن العین من غیر أن / یحذفها ولا یخاف اللّبس بما لم یسمّ فاعله لأنّ کاد وما زال لا زمان وما لم یسمّ فاعله لا یکون من اللّازم ، وهو شاذّ لخروجه عن القیاس (2).

ذکر ما لم یسمّ فاعله من الأفعال المعتلّه

فمن ذلک : أنک تقول : قیل وبیع بالیاء وکسر الفاء صریحا وتقول : قیل وبیع بإشمام الفاء شیئا من (4) الضمّه ، وقد عبّروا عن هذه الحرکه بالإشمام [وهی فی الحقیقه روم (5) فاعلمه. وتقول : قول وبوع بالواو (6) وکذلک اختیر وانقید له بالیاء وبالإشمام (7)](8) وتقول أیضا : اختور وانقود له ، بالواو وقد تقدّم الکلام علیهما فی ما لم یسمّ فاعله فی قسم الفعل.

ومنه : أنّ باب قیل وبیع إذا بنی للمتکلّم والمخاطب جاز فیه أیضا ثلاثه أوجه فتقول عن نفسک إذا عادک النّاس وللمخاطب إذا عاده النّاس عدت وعدت والأصل :

ص: 265

1- الکتاب ، 4 / 342 وشرح المفصل ، 10 / 72 - 73.

2- إیضاح المفصل ، 2 / 429 وشرح المفصل ، 10 / 72 - 73.

3- المفصل ، 377.

4- غیر واضحه فی الأصل.

5- لأن الروم حرکه خفیفه ، والإشمام تهیئه العضو للنطق بالحرکه من غیر صوت ، إیضاح المفصل ، 2 / 430 وشرح المفصل ، 10 / 74 وانظر ثلاثه مذاهب لکیفیه الإشمام عن الشاطبی فی شرح التصریح ، 2 / 294.

6- إخلاص الکسر لغه قریش ومن جاورهم ، وإشمام الکسر الضم لغه کثیر من قیس وأکثر بنی أسد ، والضم الخالص موجود فی کلام هذیل ویعزی لفقعس ودبیر وهما من فصحاء بنی أسد ، شرح التصریح ، 2 / 294.

7- بعدها فی الأصل مشطوب علیه «وهی فی الحقیقه روم فاعلمه» وقد سبق ذکره.

8- ما بین المعقوفین مکرر فی الأصل ، مشطوب علیه.

عودت وعودت مثل ضربت وضربت فنقلت کسره العین وهی الواو إلی الفاء بعد إزاله ضمّتها ، وحذفت العین لسکونها وسکون لام الفعل لاتصال ضمیر الفاعل بها بقی عدت بکسر العین ولک فی ذلک الإشمام أیضا ، ولک أن تبقی ضمّه الفاء فتقول : عدت وعدت وباب اخترت کذلک فتقول اخترت یا رجل واخترت أنا بکسر الفاء وضمّها الخالصین وبالإشمام ، وجمع المؤنّث المخاطب کذلک نحو : عدتنّ وعدتنّ ، وأمّا باب أقیم واستقیم لا یجیء فیه غیر کسر الفاء ، لأنّ الأصل أقوم واستقوم مثل أخرج واستخرج فنقلت الکسره عن العین وهی الواو فی أقوم واستقوم إلی الفاء فسکنت الواو وانکسر ما قبلها فقلبت یاء بقی : أقیم واستقیم (1) وقد تقدّم أیضا الکلام علی ذلک فی قسم الفعل.

ذکر صحّه حرف العلّه عینا

فمن ذلک : عور وحول وصید وازدوجوا واجتوروا وإنّما صحّ حرف العلّه فی هذه الکلمات مع تحرکه وانفتاح ما قبله لأنّ عور بمعنی أعور وحول بمعنی أحول وصید بمعنی أصید ، وهو داء یصیب البعیر فیرفع له رأسه ، وازدوجوا بمعنی تزاوجوا واجتوروا بمعنی تجاوروا ، وحرف العلّه فی هذه یجب أن یصحّ لسکون ما قبله (3) ولذلک صحّ فیما هو بمعناه ، وشذّ عارت عینه تعار قال الشّاعر : (4)

...

أعارت عینه أم لم تعارا

ومنه : ما لحقته الزیاده (5) من ذلک نحو : أعور الله عینه ، وأصید بعیره وکذلک

ص: 266

1- شرح المفصل ، 10 / 74.

2- المفصل ، 377.

3- المنصف ، 1 / 260.

4- هذا عجز بیت صدره : تسائل بابن أحمر من رآه نسبه البغدادی فی شرح شواهد الشافیه ، 4 / 353 - 355 إلی عمرو بن أحمر بن باهله وهو أحد عوران قیس ، وورد البیت من غیر نسبه فی المنصف ، 1 / 260 - 3 / 42 وشرح المفصل ، 10 / 75 وحاشیه یاسین علی شرح التصریح ، 2 / 387.

5- المفصل ، 377.

إذا بنی منها استفعل نحو : استعورت عینه فیصحّ حرف العلّه فی المزید فیه کما صحّ فی عور وصید لأنّ حکم المزید فیه کحکم أصله.

ومنه : لیس وأصلها لیس بکسر الیاء مثل علم ، وإنما لم تقلب فیها الیاء ألفا لتحرکها فی الأصل وانفتاح ما قبلها لأنّهم ألزموها السکون لیکون ذلک إشعارا بأنها لا تنصرف فلم یقولوا فی لیس لاس ، کما قالوا فی هیب هاب لأنّها لمّا کانت لا تتصرّف صارت مثل الحرف الساکن / أبدا نحو : لیت ولقوّه مشابهه لیس بلیت لم یقولوا : لست (1) کما قالوا هبت ، وقد جاء فی صید البعیر : صید وفی علم : علم بالإسکان فیهما مثل لیس وهو جائز فیها غیر لازم ، لأنّهما لم یشبها لیت کمشابهه لیس لها وصید وعلم بالتسکین فرعان لصید وعلم المتحرکین ، لأن فعل بسکون العین لا یکون فی الأفعال (2).

ومنه : صحّه العین فی الاسم نحو : هو أقول الناس ، من أقاله البیع (3) وهو أبیعهم ، لأن الاسم إذا جاء علی مثال الفعل ولیس فیه ما یفرق بینهما صحّح لیکون تصحیحه وإعلال الفعل فارقا بینهما ، وأمّا صحّه العین فی فعل التعجب نحو : ما أقوله من أقاله البیع وما أبیعه ، فلکونه فعلا غیر متصرّف فأشبه الأسماء فصحّح فیه حرف العلّه کما صحّح فی الأسماء (4) ، وشذّ : أجودت والقیاس أجادت لأنّ أصله الثلاثی جاد وهو قد أعلّ (5) وکذلک شذّ : استروح إلیه واستحوذ ، ومعناه غلب ، واستجود (6) واستصوب والقیاس استراح واستحاذ واستجاد واستصاب ، وکذلک شذّ : أطیبت إذا جاءت بالطیب ، وأغیلت إذا أرضعت ولدها وهی حامل ، وأخیلت إذا تهیّأت للمطر ، وأغیمت واستغیل والقیاس : أطابت وأغالت وأخالت وأغامت واستغال وکذلک شذّ استنوق (7)

ص: 267

1- حکی الفراء أن بعضهم قال لست بکسر اللام ، الهمع ، 1 / 115 وانظر الکتاب ، 4 / 343.

2- المنصف ، 1 / 258.

3- یقال : أقاله یقیله إقاله ، وتقایلا إذا فسخا البیع ، وعاد المبیع إلی مالکه ، والثمن إلی المشتری إذا کان قد ندم أحدهما أو کلاهما. اللسان ، قیل.

4- الکتاب ، 4 / 350 وشرح المفصل ، 10 / 76.

5- الکتاب ، 4 / 346 وشرح الشافیه ، 3 / 97.

6- یقال : استجدت الشیء وأعددته جیدا واستجاد الشیء وجده جیدا أو طلبه جیدا. اللسان ، جود.

7- من قولهم فی المثل قد استنوق الجمل ، وهو مثل یضرب للرجل یکون فی حدیث ثم یخلط ذلک بغیره وینتقل إلیه ، نسب إلی طرفه بن العبد انظره فی فصل المقال ، 162 وجمهره الأمثال (تحقیق محمد أبو الفضل إبراهیم) 1 / 54.

والقیاس استناق.

ذکر إعلال اسم الفاعل

إذا بنی من نحو : قال وباع علی وزن فاعل قیل فیه : قائل وبائع بقلب عین الفعل همزه حملا له علی فعله فی الإعلال لقربه منه وقلبت همزه تشبیها لها بکساء ورداء أعنی لوقوعها بعد ألف زائده ، کأنّهم قلبوها ألفا ، ولم یمکن حذف إحداهما لئلّا یصیر اسم الفاعل إلی لفظ الفعل ، ولا ردّ الألف الثانیه إلی أصلها لوجوب إعلال اسم الفاعل لاعتلال فعله ، فلم یبق إلّا تحریک الألف الثانیه بالکسر ، لأنّها عین فاعل ، فصارت همزه لأنّ الألف لا تقبل الحرکه ؛ فقیل : قائل وبائع بالهمز وإنما وجب إعلال اسم الفاعل مع سکون ما قبل حرف العلّه لاعتلال فعله لقرب اسم الفاعل من الفعل (2) [وربما حذفت العین](3) نحو : شاک (4) أی تامّ السّلاح (5).

وأمّا اسم الفاعل من جاء ففیه قولان موقوفان علی معرفه أصله : وأصله جاییء الجیم فاء والیاء عین ، والهمزه لام ، فالقول الأوّل : إنّه مقلوب بأن أخرت فی اسم الفاعل العین (6) التی هی الیاء إلی موضع الّلام وقدّمت اللّام التی هی الهمزه إلی موضع العین صار جائی ثم حذفت الیاء فی الرفع والجرّ للتنوین فصار جاء مثل قاض (7) والثانی : أن أصله کما قلنا (8) ولکن قلبت الیاء التی هی عین الفعل همزه

ص: 268

1- المفصل ، 378.

2- الکتاب ، 4 / 348 والمقتضب ، 1 / 115 والمنصف ، 1 / 280.

3- ما بین المعقوفین غیر واضح فی الأصل.

4- ووجه ذلک أن الماضی منه شاک فسکنت العین بإنقلابها ألفا وجاءت ألف فاعل فالتقت ألفان فحذفت الثانیه ، لأنّه أبلغ فی الإعلال والتخفیف وتقول فی مستقبله : یشاک فهو شائک وشاک بالقلب فتحذف العین انظر شرح المفصل ، 10 / 77.

5- بعدها فی المفصل ، 378 ومنهم من یقلب فیقول شاکیء.

6- مکرره فی الأصل.

7- فی الکتاب ، 4 / 377 : وأما الخلیل فکان یزعم أن قولک : جاء وشاء ونحوهما اللام فیهنّ مقلوبه ، وانظر المقتضب ، 1 / 115 وشرح الشافیه ، 1 / 25.

8- بعدها مشطوب علیه : «کقولک خائف بتقدم ولکن الیاء علی الهمزه».

علی حدّ قلبها فی قائل وبائع فاجتمع همزتان فقلبت الأخیره یاء ثمّ حذفت للتنوین (1) وقد تقدّم ذلک أیضا فی أواخر تخفیف الهمزه ، وقد صحّت العین فی اسم الفاعل فی قولهم : عاور وصاید لصحّه عینهما فی الفعل أعنی : عور وصید وکذلک / مقاوم ومباین ومبایع ، لصحّتها فی الفعل وهو : قاوم وباین وبایع.

ذکر إعلال اسم المفعول

وهو یعتلّ لاعتلال فعله لأنّه جار علی الفعل جریان اسم الفاعل ، وإنما یبنی علی صیغه مفعول من ثلاثی متعدّ نحو : مقول ومبیع والأصل : مقوول ومبیوع علی وزن مفعول ، فاستثقلت الضمّه علی الواو والیاء وهما عین الفعل ونقلت ضمّتهما إلی ما قبلهما وهو فاء الفعل أعنی القاف والباء فالتقی ساکنان العین وواو مفعول فحذفت إحداهما ؛ والمحذوف عند الخلیل وسیبویه هو واو مفعول لزیادتها وأصاله العین ولقولهم (3) : مبیع ، إذ لو کان المحذوف هو الیاء لقالوا : مبوع وعند الأخفش أنّ المحذوف هو العین دون واو مفعول لمجیئها لمعنی ، وما کان لمعنی فهو أولی بالبقاء (4) وأمّا قولهم : مبیع دون مبیوع فلأنّ الضمّه لمّا نقلت (5) عن الواو والیاء قلبت کسره فی باب مبیع إمّا للتنبیه علی بنات الیاء أو للیاء التی سکّنت بعدها ثم حذفت ، فلمّا قلبت کسره فی باب مبیوع انقلبت واو مفعول یاء لسکونها وانکسار ما قبلها ، ورجّح مذهب الخلیل وسیبویه بأنّه أقلّ تغییرا.

وشذّ مشیب والقیاس مشوب والأصل : مشووب ولکن لمّا قالوا فی الفعل شیب بقلب الواو یاء قالوا : مشیب حملا لاسم المفعول علی فعله (6) وکما قالوا مشیب بناء علی شیب قالوا : مهوب بالواو وهو من الیاء بناء علی هوب علی لغه من قال فیما لم

ص: 269

1- وهو مذهب سیبویه الکتاب ، 4 / 378 وشرح المفصل ، 10 / 76.

2- المفصل ، 378.

3- فی الأصل ولقولک.

4- انظر الخلاف حول ذلک فی الکتاب ، 4 / 348 والمقتضب ، 1 / 100 والمنصف ، 1 / 287 وشرح الشافیه ، للجاربردی ، 1 / 295 وشرح الشافیه ، 3 / 147.

5- غیر واضحه فی الأصل.

6- المنصف ، 1 / 288 وشرح المفصل ، 10 / 78.

یسمّ فاعله : قول وبوع فکأنه قال : هوب زید فهو مهوب ، وشذّ أیضا : مخیوط ومزیوت ومبیوع وتفاحه مطیوبه ، ویوم مغیوم (1) وجاء ذلک فی لغه بنی تمیم فإنهم یتمّون مفعولا فی الیائی دون الواوی لأنّ الیاء لمّا کانت أخفّ من الواو وسکّن ما قبلها أجروها مجری الحرف الصحیح ، وقال سیبویه (2) : ولا نعلمهم أتمّوا فی الواو لأنّ الواو أثقل علیهم من الیاءات ، وقال غیره : (3) إنه ورد مصوون ومدووف بالإتمام فی الواوی ، وورد بالحذف علی القیاس أیضا کقولک : مصون ومدوف.

ذکر حکم الیاء المضموم ما قبلها

فمذهب سیبویه أنّ کلّ یاء هی عین ساکنه مضموم ما قبلها أن تقلب الضمّه کسره لتسلم الیاء نحو : بیض ، جمع بیضاء والأصل بیض بضمّ الفاء مثل : حمر جمع حمراء فانقلبت (5) الضمّه کسره لتصحّ الیاء ، ومذهب الأخفش أن تقلب الیاء واوا فتقول بوض (6) وهو یقصر قلب الیاء واوا علی الجمع نحو : بیض جمع أبیض فلو بنی نحو : برد من البیاض لکان الأصل بیض بضمّ الباء الموحّده وسکون الیاء المثناه فعلی مذهب سیبویه تبدل من ضمّه الباء الموحّده کسره لتصحّ الیاء فتبقی بیض ، وعلی مذهب الأخفش تبدل من الیاء واوا فبقی بوض ، ومذهب سیبویه هو القیاس لأنّ الضروره ملجئه فی اجتماع الیاء والضمّه إلی تغییر إحداهما (7) ، وتغییر الحرکه أولی من تغییر الحرف ، لأنّ المحافظه علی الحروف أولی من المحافظه علی الحرکه.

ومعیشه علی مذهب سیبویه یجوز أن تکون معیشه بضمّ العین وأن تکون علی /

ص: 270

1- المقتضب ، 1 / 101 وشرح الأشمونی ، 4 / 325.

2- الکتاب ، 4 / 349 وشرح الشافیه ، 3 / 149.

3- کالمبرد ، وانظر المقتضب ، 1 / 102 وهل یجوز ذلک فی سعه الکلام انظر المنصف ، 1 / 285 وشرح المفصل ، 10 / 80 وحاشیه المقتضب ، 1 / 102.

4- المفصل ، 379.

5- فی الأصل فانقلب.

6- انظر الخلاف حول ذلک فی الکتاب ، 4 / 359 والمقتضب ، 1 / 100 - 112 والمنصف ، 1 / 297 - 339 وشرح المفصل ، 10 / 81.

7- فی الأصل أحدیهما.

مفعله بکسرها (1).

أمّا إذا کانت معیشه بضمّ العین فقد نقلت الضمّه عن الیاء وهی عین الکلمه إلی الفاء وهی العین ، فحصلت یاء ساکنه وقبلها ضمّه فوجب علی مذهب سیبویه قلب الضمّه کسره فصارت معیشه ، وأمّا إذا کانت مفعله بکسر العین فواضح ؛ لأنّک نقلت کسره الیاء إلی ما قبلها ، فسکنت الیاء وانکسر ما قبلها فاستقرت الیاء وبقیت معیشه ومذهب الأخفش أنّ أصلها معیشه بالکسر لیس إلّا ، ولا یجوز أن تکون مفعله بضمّ العین لأنها لو کانت کذلک لکانت یاء ساکنه قبلها ضمّه ، فیجب قلب الیاء واوا علی مذهبه فیصیر معوشه.

ولو بنیت من البیع علی مذهب سیبویه نحو : ترتب ، لقلت : تبیع ، والأصل : تبیع فنقلت الضمّه عن الیاء إلی الباء التی قبلها فبقیت الیاء ساکنه وقبلها ضمّه ، فأبدلت من الضمّه کسره لتصحّ الیاء فصار تبیع ، وعلی مذهب الأخفش تبوع والأصل : تبیع فلمّا نقلت الضمّه عن الیاء إلی الباء انقلبت الیاء واوا لسکونها وانضمام ما قبلها ، وقد شذّ مضوفه وهو الأمر الذی یشفق منه (2) لأنّ أصله مضیفه بضمّ الیاء علی مفعله ، وقیاسها علی مذهب سیبویه نقل الضمّه إلی الضّاد وقلبها کسره فیبقی : مضیفه ، ولکن جاءت مضوفه علی قیاس مذهب الأخفش وشذت علی مذهب سیبویه (3) کما شذّ القود (4) والقصوی عنده ، والقیاس عنده القصیا لأنّ بنات الواو إذا جاءت علی فعلی تردّ إلی الیاء کالدّنیا والدّهیا (5) والعلیا فجاءت القصوی شاذا ، وعند الأخفش قیاس.

ذکر ما یعلّ وما لا یعلّ من الأسماء الثلاثیه المجردّه

أمّا ما یعلّ فقد تقدّم أنّ الأسماء المجرّده إنّما تعلّ إذا کانت علی مثال الفعل بأن

ص: 271

1- الکتاب ، 4 / 349.

2- اللسان ، ضیف ، وفی شرح الشافیه ، للجاربردی 1 / 291 المضوفه : مفعله من ضفت الرجل ضیافه ، إذا نزلت علیه ضیفا أو من أضفت من الأمر : أشفقت منه وحذرت ، والمضوفه هو أمر یشفق منه ، والمراد ما ینزل من حوادث الدهر».

3- المنصف ، 1 / 301 والمحتسب ، 1 / 214 وشرح المفصل ، 10 / 871 وشرح شواهد الشافیه ، 4 / 383.

4- القصاص. اللسان ، قود.

5- کذا فی الأصل ، ولم أقف علیها فیما بین یدی من کتب المقصور والممدود والمعاجم.

6- المفصل ، 379 - 380.

تکون علی فعل أو فعل أو فعل بفتح الفاء وتحریک العین بالحرکات الثلاث ، وکیفما کانت العین فالقلب واقع بها لتحرکها وانفتاح ما قبلها ، فمن ذلک : نحو باب ودار لأنّ الأصل : بوب ودور کما أنّ أصل قام : قوم فأعلا کما أعلّ قوم بقلب العین ألفا لتحرکها وانفتاح ما قبلها.

ومنه : شجره شاکه (1) والأصل : شوکه.

ومنه : رجل مال والأصل : مول مثل حذر وقد تقدّم الکلام علیه (2) وقد شذّ ما صحّ من ذلک للتنبیه علی الأصل فیما جاء معتّلا نحو : القود والحوکه فی الحاکه والخونه والجوره (3) ورجل روع أی فزع وحول بمعنی أحول.

وأما ما لا یعلّ فهو ما کان من الأسماء الثلاثیّه لیس علی مثال الفعل ، وذلک بأن یکون إمّا علی فعله بضمّ الفاء نحو : نومه للکثیر النوم ، ولومه للکثیر اللّوم ، وعیبه للذی یعیب الناس ، وإمّا علی فعل بکسر الفاء نحو : العوض والعوده جمع عود وهو الذی جاوز البازل ، فصحّت العین فی ذلک لأنّه لیس علی وزن الفعل (4) فإن قیل فقد أعلوا قیما بکسر القاف وتخفیف الیاء وفتحها وکان القیاس یقتضی أن یقال : قوم بتصحیح الواو لأنّه علی فعل مثل عوض فالجواب : أنه أعلّ لأنّه مصدر کالصّغر والکبر وفعله / قام یقوم قوما وهو بمعنی القیام فأعلّ کما أعلّ القیام لاعتلال فعله ، وقد جاء قیم صفه فی قوله تعالی : (دِیناً قِیَماً)(5) بکسر القاف وتخفیف الیاء وفتحها وقریء فی السبعه کذلک (6) ولا إشکال فی الوصف بالمصدر کقولک : رجل عدل ، وأمّا القراءه الأخری أعنی دینا قیما بفتح القاف وتشدید الیاء وکسرها فقیّما صفه مشبهّه مشتقّه من القیام مثل سیّد ومیّت ، وشذّ من المصادر حول بمعنی التحوّل فی

ص: 272

1- یقال : شجره شاکه وشوکه وشائکه ومشیکه : إذا کان فیها شوک ، اللسان ، والقاموس ، شوک.

2- فی 2 / 258.

3- یقال قوم جوره وجاره أی ظلمه ، الصحاح واللسان ، جور.

4- الکتاب ، 4 / 359 وشرح المفصل ، 10 / 83.

5- من الآیه 161 من سوره الأنعام.

6- فی الکشف ، 1 / 458 قرأه الکوفیون وابن عامر بکسر القاف والتخفیف وفتح الیاء ، وقرأ الباقون بفتح القاف وکسر الیاء والتشدید. وانظر النشر ، 2 / 267.

مثل قوله تعالی : (لا یَبْغُونَ عَنْها حِوَلاً)(1) وکان القیاس حیلا بإعلال الواو یاء لأن فعله وهو «حال» معتلّ ، فکان ینبغی إعلال حول لاعتلال فعله کما أعلّ قیم لاعتلال فعله فیصحّ علی خلاف القیاس (2).

ذکر فعل بضمّ الفاء والعین

ما جاء من الأسماء المعتلّه من ذوات الواو علی فعل بضمّ الفاء والعین فتسکّن عینه تخفیفا لاجتماع الضمّتین والواو فیقال فی جمع نوار (4) وهی النفور من الریبه نور وفی جمع عوان : عون والأصل نور وعون فسکنت الواو طلبا للتخفیف لأنّه لمّا سکّن نظیره من الصحیح طلبا للخفه نحو : کتب ورسل کان تسکینه فی المعتلّ أولی (5) وأمّا فی ضروره الشعر فیجوز التثقیل ، وهو ضمّ الواو فی باب نور وعون قال الشاعر : (6)

أغرّ الثّنایا أحمّ اللّثا

ت تمنحه سوک الإسحل

وأمّا ما جاء علی فعل من ذوات الیاء فهو کالصحیح لأنّ الضمّه علی الیاء أخفّ منها علی الواو فقالوا : رجال غیر جمع غیور وبیض جمع بیوض ومن خفّف کتب ورسل فأسکن الضمّه فإنه یخفّف نحو : غیر وبیض أیضا فیقول : رجال غیر ودجاج بیض لأنّه لمّا سکّن عین الکلمه کما أسکن فی کتب ورسل بقیت العین ساکنه وقبلها ضمّه فأبدل من الضمه کسره لتصحّ الیاء ولیس هذا التخفیف بواجب کما أنّ لیس تخفیف کتب ورسل بواجب (7).

ص: 273

1- من الآیه 108 من سوره الکهف.

2- شرح المفصل ، 10 / 83.

3- المفصل ، 380.

4- ضبطها الناسخ بضم النون ، وفی اللسان ، «نور» ورد الفتح والکسر فیها.

5- الکتاب ، 4 / 359 ، 360 والمقتضب ، 1 / 112 والمنصف ، 1 / 338.

6- نسب ابن منظور فی ماده سوک البیت لعبد الرحمن بن حسان ، وورد البیت من غیر نسبه فی المقتضب ، 1 / 113 والمنصف ، 1 / 338 وشرح المفصل ، 10 / 84 والممتع ، 2 / 467 وشرح الشواهد ، 4 / 130 وشرح الأشمونی ، 4 / 130.

7- الکتاب ، 4 / 359 - 360 والمقتضب ، 1 / 112 والمنصف ، 1 / 338.

القول علی الأسماء المزید فیها

اشاره

وهی تنقسم إلی ما یعلّ وإلی ما یصحّح :

ذکر ما یعلّ

وهو ما وافق الفعل فی الزنه أی : فی الحرکات والسکنات وفارقه إما بزیاده لیست من زیادات الأفعال کالمیم فی أوله أو بکونه علی مثال لا یکون الفعل علیه ، أمّا ما وافق الفعل فی الزنه وفارقه بزیاده لا تکون فی الفعل فنحو : مقال ومسیر ومعونه ، فأعلت لأنّها بالإعلال لا تلتبس بالفعل ، لأنّ الفعل لا تکون المیم فی أوله وأصل مقال : مقول فنقلت فتحه حرف العلّه إلی ما قبله وقلب ألفا لتحرکه فی الأصل وانفتاح ما قبله بقی : مقال ، وأصل مسیر : مسیر بکسر الیاء ولیس فیه غیر نقل کسره الیاء إلی ما قبلها فبقی : مسیر ، وأصل معونه : معونه بضمّ الواو فنقلت الضمّه إلی العین بقیت ، معونه والتاء فیها للتأنیث بمنزله اسم ضمّ إلی اسم فلا اعتداد بها فی البناء (2) وقد شذّ مکوزه ومزید ومریم ومدین ، إذ قیاسها أن تنقل فتحه حرف العلّه / إلی ما قبله ویقلب ألفا لتحرکه فی الأصل وانفتاح ما قبله فیبقی : مکازه ومزاد ومرام ومدان کما قالوا : مقام ومقال وإنّما جاءت کذلک لأنّها أعلام والأعلام کثر فیها التغییر بحسب الوضع نحو : محبب وموهب ، وشذّ فی غیر العلم مشوره بفتح الواو والقیاس : مشاره وأما مشوره بضم الواو فقیاسها مشوره بضمّ الشین وتسکین الواو ، وشذّ أیضا مصیده وفی الحدیث (3) «الفکاهه مقوده إلی الأذی» وقریء (4)(لَمَثُوبَهٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ)(5) والقیاس : مصاده ومقاده ومثابه بقلب حرف العلّه فی ذلک کلّه ألفا ،

ص: 274

1- المفصل ، 380.

2- شرح المفصل ، 10 / 86 والنقل منه.

3- لم أعثر علیه فی کتب الحدیث ، وهو قول فی الکتاب ، 4 / 35 والمقتضب ، 1 / 107 - 108 والخصائص ، 1 / 329.

4- نسبها ابن جنی فی المحتسب ، 1 / 213 إلی الحسن وابن هرمز ، وابن عمران ونبیج وابن بریده ، وانظر البحر المحیط ، 1 / 335.

5- من الآیه ، 103 من سوره البقره.

لا یقال قالوا : مقول ومخیط بغیر إعلال والقیاس إعلاله فیقال : مقال ومخاط لأنّه علی مثال الفعل ، وقد فارقه بزیاده لا تکون فی الفعل فهو مثل مقام ، فالجواب : أنه منقوص من مقوال ومخیاط فکما لم یعلّ الأصل لمفارقته وزن الفعل بزیاده الألف ، ولأنّ حرف العلّه قد اکتنفه الساکن ، فکذلک لم یعلّ الفرع.

وأمّا ما وافق الفعل فی الحرکات والسکنات وفارقه بمثال لا یکون للفعل فنحو : أن یبنی من باع وبابه مثل تحلیء (1) بکسر التاء الفوقیه وهو القشر الذی فیه الشّعر فوق الجلد ، فإذا بنیت مثله من باع ونحوه فتعلّه لأنّه لیس علی مثال المضارع لأنّ الأفعال لیس فیها تفعل (2) بکسر التّاء فتقول علی هذا تبیع بإسکان الیاء وإلقاء حرکتها علی الساکن الذی قبلها ولو صححت لقلت تبیع بکسر الیاء التحتیه (3).

ذکر ما صحّح من الأسماء المعتلّه : المزید فیها لمماثلتها الفعل

وهو أنّ کلّ ما کان من الأسماء علی مثال الفعل ولیس فیه ما یفارقه به فإنّه یصحّحّ فرقا بینه وبین الفعل فمن ذلک أدور بضمّ الواو جمع دار ومنه : أبیض وأسود ومنه : أعین بضمّ الیاء وإخوان وأخونه الذی یؤکل علیه (5) وأعینه فصحّ حرف العلّه فی ذلک ، ولم یعلّ بنقل حرکته إلی الساکن الذی قبله لأنه لو أعلّ کذلک لبقی : أدور وأباض وأساد وأعین وأخانه وأعانه وهو جمع عیان وهی حدیده فی رأس المحرک فیصحّ فی ذلک کله لأنّ الزیاده فی أوله همزه ، والهمزه من زوائد الأفعال فصحّح لئلا یلبس بالفعل ، ومما یجب فیه تصحیح حرف العلّه أیضا أنک لو بنیت تفعل بفتح التاء وکسر العین ، أو تفعل بفتحهما من زاد یزید أو قال یقول لقلت فی الأول : تزید وتقول علی وزن تفعل وقلت فی الثانی : تزید وتقول علی تفعل بفتحهما ، ووجب

ص: 275

1- الکتاب ، 4 / 352 وشرح المفصل ، 10 / 86 وشرح الشافیه للجاربردی ، 1 / 300.

2- فی الأصل تفعّل بتشدید العین.

3- شرح المفصل ، 10 / 86 وشرح الشافیه ، 3 / 156.

4- المفصل ، 380.

5- الخوان والخوان : الذی یؤکل علیه ، معرب ، والجمع أخونه فی القلیل وفی الکثیر خون ، والإخوان کالخوان ، اللسان ، خون.

التصحیح لأنّه لو أعلّ لالتبس بالفعل (1).

ذکر ما یعلّ من الأسماء المزید فیها علی وجه آخر

ما تقدّم من الأسماء المزید فیها إنّما أعلّت لموافقتها الفعل فی الوزن ومفارقتها له بما تقدّم ذکره ، وأمّا الأسماء التی أعلّت علی وجه آخر فهی أسماء مزید فیها أیضا ، ولکن لم توافق الفعل فی وزنه وهی أقسام :

فمنها : مصادر معتلّه العین بالواو نحو : قیام / وعیاذ واجتیاز وانقیاد (3) إذ أصلهما قوام وعواد واجتواز وانقواد فقلبت الواو فی المصادر المذکوره یاء لاعتلال أفعالها ، لأنّ المصدر یعلّ لاعتلال فعله ویصحّ بصحته کصحّه قوام ولواذ لصحّه فعله وهو قاوم ولاوذ ، لکن اعتلال الفعل وحده لیس بکاف فی قلب الواو یاء بل لا بدّ معه من وقوع الکسره قبل الواو والألف بعدها کما فی قیام وشبهه (4) وإنّما اعتبرت الألف لأنّها أقرب إلی الیاء من الواو وفعلوا ذلک طلبا للخفّه لیکون العمل من وجه واحد ، لأنّ الخروج من الکسر إلی الیاء إلی الألف أخفّ من الخروج من الکسره إلی الواو إلی الألف.

ومنها (5) : اسماء جموع أعلّت لاعتلال الواحد مع وقوع الکسره قبل الواو والألف بعدها نحو : دیار وریاح وجیاد إذ أصلها : دوار ورواح وجواد فقلبت الواو یاء لاعتلال وحدانها وهی : دار وریح وجید ، لأنّ الجمع یعلّ لاعتلال الواحد (6) کما یعلّ المصدر لاعتلال الفعل مع وقوع الکسره قبل الواو والألف بعدها فی الجموع المذکوره.

ومنها : (7) أسماء جموع لم تعل وحدانها نحو : سیاط وثیاب وریاض وحیاض ،

ص: 276

1- الکتاب ، 4 / 359 - 360 وشرح المفصل ، 10 / 87 وشرح الشافیه للجاربردی ، 1 / 285.

2- المفصل ، 381.

3- الکتاب ، 4 / 361 وإیضاح المفصل ، 2 / 442.

4- شرح المفصل ، 10 / 78.

5- المفصل ، 381.

6- فی الأصل الواو.

7- المفصل ، 381.

فقلبت الواو یاء فیها وإن لم تقلب فی وحدانها وهی : سوط وثوب وروضه وحوض ، لأنّ الواو فی وحدانها ساکنه میته فأشبهت ما اعتلّ لأنّها بالسکون صارت مثل ألف دار ویاء ریح المعتلّین وانضمّ إلی سکون الواو وقوع الکسره قبلها والألف بعدها فی الجموع المذکوره فلذلک قلبت الواو یاء (1) فیها وقد تقدّم الکلام علی هذا القسم فیما مضی (2).

ومنها : (3) ما جاء شاذا وهو نحو : تیر ودیم جمع تاره ودیمه (4) فأعلّ الجمع لإعلال واحده ، لأنّ أصل ألف تاره ویاء دیمه الواو فکان القیاس : «تور ودوم» لأنّ حکم الجمع یراعی فیه حکم الواحد ، ولکن لمّا اعتلّ الواحد وانکسر ما قبل الواو فی الجمع قلبت الواو یاء ، لکنّ إعلال الواحد مع الکسره لا یستقلّان بدون الألف ولذلک کان قلبها فی تیر ودیم شاذا (5) وکذلک ثیره جمع ثور وقیاسه ثوره لأنّ ما کانت الواو ظاهره فی واحده کان الظاهر فی جمعه نحو : عود وعوده (6) وکوز وکوزه (7) وزوج وزوجه وعلّه قلب الواو یاء فی ثیره سکون الواو فی الواحد ووقوع الکسره قبل الواو فی جمعه وهما بدون الألف لا یستقلّان فلذلک کان شاذا (8) وقد تقدّم الکلام علیه أیضا فیما مضی (9) وقالوا : طوال فی جمع طویل بالتصحیح لتحرّک الواو فی واحده وهو طویل وأما قول الشاعر : (10)

ص: 277

1- المنصف ، 1 / 342 وشرح المفصل ، 10 / 87 - 88.

2- فی 2 / 23.

3- المفصل ، 381.

4- الدیمه : المطر الدائم ، القاموس المحیط ، دیم.

5- الکتاب ، 3 / 594 والمقتضب ، 1 / 130 والمنصف ، 1 / 344.

6- الجمل المسن وفیه بقیه ، اللسان ، والقاموس المحیط ، عود.

7- فی حاشیه الأصل : الکوزه جمع کوز وهو الذی یشرب به.

8- الکتاب ، 3 / 588.

9- فی 2 / 231.

10- هذا عجز بیت صدره : تبیّن لی أنّ القماءه ذلّه والبیت لأنیف بن زبان النبهانی ورد منسوبا له فی شرح شواهد الشافیه 4 / 385 وورد البیت من غیر نسبه فی المنصف ، 1 / 342 والمحتسب ، 1 / 184 وشرح المفصل ، 10 / 88 وشرح الشافیه للجاربردی ، 1 / 292 وشرح الشواهد ، 4 / 304 وشرح الأشمونی ، 4 / 304. والقماءه من القمأه : وهی الصّغر.

...

وأنّ أعزّاء الرّجال طیالها

فشاذ غیر معروف (1) ، فإن قیل : إنّه قد اجتمعت الأسباب الثلاثه فی رواء جمع ریّان (2) ومع ذلک لم تقلب فیه الواو یاء ، أمّا الکسره قبل الواو والألف بعدها فی جمعه أعنی فی رواء فظاهر ، وأمّا إعلال الواحد فلأنّ أصله رویان / فقلبت الواو یاء وأدغمت فی الیاء فالجواب : أنه منع مانع من إجراء القیاس فیه لأنّهم لو أعلوه وقالوا : ریاء لجمعوا بین إعلالین ، إذ أصل الجمع المذکور روای فقلبت الیاء التی هی لام الکلمه همزه لتطرفها بعد ألف زائده ، فلو قلبوا الواو التی هی عین الکلمه یاء لجمعوا بین إعلالین وکانت اللام أولی بالتغییر ، فلذلک صحّت الواو لکونها عینا ، وأمّا نواء بتصحیح الواو جمع ناو فلا یرد أیضا لعدم اجتماع الأسباب الثلاثه فیه ، لأنّ الواو فی واحده لم تعلّ فلا یکون نظیرا لرواء جمع ریّان لأنّ الواو فی ریّان معتلّه وفی ناو صحیحه متحرکه (3) کما فی طویل وطوال ، یقال جمل ناو أی سمین.

ذکر الأمور المانعه من الإعلال غیر ما تقدّم

لأنّه تقدّم أنّ الاسم یصحّ إذا کان علی مثال الفعل ولیس فیه ما یفارقه (5) به والذی هو غیر ذلک عده أمور :

أحدها : کون الکلمه اسما لأنّ أصل الإعلال للفعل لتغیره لفظا ومعنی ، فإنّ قام غیر یقوم لفظا ومعنی ، بخلاف الاسم فإنّ زیدا فاعلا ومفعولا ومضافا هو زید فلزم من تغیّر الفعل فی نفسه وتصرّفه ، أن یکون الإعلال له فی الأصل.

ثانیها : کون الاسم غیر مناسب للفعل بالجریان علیه أو بالزنه.

ثالثها : سکون حرف العلّه.

ص: 278

1- والقیاس طوالها ، إیضاح المفصل ، 2 / 445.

2- المفصل ، 381.

3- إیضاح المفصل ، 2 / 446 وشرح المفصل ، 10 / 88.

4- المفصل ، 381.

5- غیر واضحه فی الأصل.

رابعها : سکون ما قبل حرف العله أو ما بعده ، وأمّا ما أعلّ مما سکّن فیه ما قبل حرف العلّه أو ما بعده فهو ما کان من الأسماء جاریا علی الفعل حملا له علی أصل له أجری مجراه نحو : الإقامه والاستقامه والأصل : إقوامه واستقوامه بسکون ما قبل حرف العلّه ، فکان القیاس یقتضی تصحیحهما ، ولکن لما اعتلّ فعلهما أعلّ المصدر بأن نقلت فتحه الواو إلی ما قبلها وقلبت ألفا فاجتمع ألفان فحذفت إحداهما ، وهی الأولی عند الأخفش والثانیه عند الخلیل حسبما تقدّم (1).

خامسها : کون حرف العلّه أصلیا کما سیظهر مما یذکر من الأمثله.

فمن ذلک : حوّل وصحّت فیه الواو المتحرکه المدغم فیها لسکون ما قبلها وکون الاسم غیر مناسب للفعل ولیس فیه من أسباب الإعلال غیر کون حرف العلّه متحرکا ، والسّبب الواحد لا یؤثّر لا سیما مع وجود أسباب التصحیح ، والحوّل : العارف بتحویل أموره.

ومنه : عوّار وهو القذی فی العین ، ومشوار وتقوال ، وصحّت فیها الواو لوقوعها فی الأسماء المذکوره بین ساکنین ، وکونها أسماء غیر جاریه علی الفعل (2).

ومنه : سووق جمع ساق وصحّت واوه لسکون ما بعدها ، وکونها فی اسم غیر مناسب للفعل.

ومنه : غوور هو مصدر غار الماء غورا وغوورا ، وصحّت فیه الواو الأولی لسکون ما بعدها أعنی الواو الثانیه ، ولأنّه لو أعلّ لسکنّت الواو الأولی وبعدها واو ساکنه فکان یجب الحذف ویصیر / علی فعل فیلتبس فعول بفعل.

ومنه : طویل وصحّت واوه مع تحرکها وانفتاح ما قبلها لکونها فی اسم غیر جار علی الفعل ، لأنّ الجاری إنّما هو قولک طائل غدا (3).

ومنه : مقاوم جمع مقام فصحّ حرف العلّه فیه لکونه اسما قد بعد عن شبه الفعل بکونه جمعا ، لأنّ الفعل لا یجمع وإن کان قد أعلّ واحده وهو مقام ، لأنّ أصله مقوم

ص: 279

1- فی 2 / 262.

2- الکتاب ، 4 / 354 والمنصف ، 3 / 49 وشرح المفصل ، 10 / 88 - 89.

3- فی الکتاب ، 4 / 355 ألا تری أنک لو أردت الاسم علی یفعل لقلت : طائل غدا.

فأعلّ لشبهه بالفعل ، لأنّ «مقوم» مثل مفعل (1).

ومنه : أهوناء وأبیناء جمع هیّن وبیّن وصحّا لأنّ کلا منهما غیر مناسب للفعل ولأنّ ما قبل حرف العلّه فیهما ساکن (2).

ومنه : شیوخ لسکون ما بعد حرف العلّه وکونه غیر مناسب للفعل (3).

ومنه : هیام وخیار لکونهما غیر مناسبین للفعل ، وما بعد حرف العله فیهما ساکن (4).

ومنه : معایش جمع معیشه أمّا معیشه فمعتلّه حسبما تقدّم فیهما (5) وأمّا جمعها وهو معایش بیاء صریحه ، فإنّما لم تعل بجعلها همزه لوجود سبب التصحیح فیها ، وهو کون حرف العلّه أصلیا ، وقد وقع بعد ساکن وهو ألف الجمع الذی أعلّ بالسکون فی معیشه (6).

ذکر حکم حرف العلّه بعد ألف الجمع

إذا کان الجمع علی مفاعل أو فواعل مما بعد ألفه حرفان واکتنف الألف واوان أو یاءان ، أو واو ویاء ، فإنک تقلب الحرف الذی بعد الألف همزه لاستثقالهم حرفی علّه بینهما ألف مع قرب الأخیر من الطرف فقلب همزه تشبیها بقائل ، فمثال الألف بین واوین ، أوائل إذ أصله أواول ، جمع أوّل ، فقلبت الواو الثانیه همزه لما قلنا ، ومثله بین یاءین خیائر جمع خیّر من الخیر ، ومثاله بین یاء وواو سیائق إذ أصله سیاوق جمع سیّقه والأصل : سیوقه وهو ما یسوقه العدوّ من الدّوابّ ، ومثاله بین واو ویاء جمع فوعله من البیع فإنک إذا بنیت من البیع فوعله قلت فی جمعها : بوائع وشذّ ضیاون (8) جمع ضیون وهو سنّور الذّکر ، وکان القیاس ضیائن لکن لما صحّت فی

ص: 280

1- فی الأصل مثل تفعل.

2- الکتاب ، 4 / 354.

3- الکتاب ، 4 / 354.

4- الکتاب ، 4 / 354.

5- فی 2 / 270.

6- الکتاب ، 4 / 354 - 355 وشرح المفصل ، 1 / 90.

7- المفصل ، 381 - 382.

8- فی الأصل ظیاون.

الواحد وهو ضیون صحّت فی الجمع وهو شاذ (1) کما أنّ القود شاذ واعلم أنّ قلب الواو والیاء بعد ألف الجمع همزه علی ما ذکرناه إنّما هو مذهب سیبویه وهو الأصحّ ، وأمّا الأخفش فیقصر القلب علی الواوی خاصّه ولا یقلب الیائی (2) ، وأمّا إذا کان بعد ألف الجمع ثلاثه أحرف واکتنف ألف الجمع حرفا علّه علی ما شرح فلا یقلب الثانی همزه (3) لأنّه لیس من ذلک ، لبعد الثانی حینئذ عن الطرف ؛ لأنّ حرف العلّه یقوی ببعده عن موضع التغییر وذلک نحو : عواویر وطواویس وأمّا قول الشاعر (4) :

وکحّل العینین بالعواور

بحذف الیاء من العواویر جمع عوّار ، ولم یقلب الواو همزه ، لأنّه (5) یرید الیاء المحذوفه ، وما کان مرادا بالنیّه فهو کالملفوظ وهذا عکس قول الشاعر :/ (6)

فیها عیائیل أسود ونمر

بإعلال حرف العلّه الذی بعد الألف بجعله همزه مع بعده عن الطّرف ، وإنّما فعل ذلک لعدم الاعتداد بالیاء الثانیه ، لأنّها مزیده لإشباع کسره الهمزه مثل قوله : (7)

ص: 281

1- المنصف ، 2 / 46.

2- انظر فی هذه المسأله : الکتاب ، 4 / 371 والمقتضب ، 1 / 126 - 127 والمنصف ، 2 / 44 - 45 وشرح الشافیه للجاربردی ، 1 / 288.

3- المفصل ، 382.

4- الرجز لجندل بن المثنی الطّهوی وقبله : حنی عظامی وأراه ثاغری وورد الرجز منسوبا له فی شرح الشواهد ، 4 / 290 وشرح التصریح ، 2 / 369 وشرح شواهد الشافیه ، 4 / 374 وورد من غیر نسبه فی الکتاب ، 4 / 370 والخصائص ، 1 / 195 والمحتسب ، 1 / 107 والمنصف ، 2 / 49 - 3 / 50 والإنصاف ، 2 / 785 وشرح المفصل ، 5 / 70 والممتع ، 1 / 339 واللسان ، عور وشرح الأشمونی ، 4 / 290.

5- فی الأصل فلأنه.

6- الرجز لحکیم بن معیه الربعی وبعده : خطّاره تدمی خیاشیم النّعر وورد منسوبا له فی شرح الشواهد ، 4 / 290 وشرح التصریح ، 2 / 310 وشرح شواهد الشافیه ، 4 / 376 وورد من غیر نسبه فی الکتاب ، 3 / 574 والمقتضب ، 2 / 201 وشرح المفصل ، 5 / 18 - 10 / 91 - 92 وشرح الشافیه ، 3 / 132 ولسان العرب ، عیل وشرح الأشمونی ، 4 / 290.

7- هذا عجز بیت للفرزدق وصدره : تنفی یداها الحصی فی کلّ هاجره ورد فی دیوانه ، 2 / 570 وورد منسوبا له فی الکامل ، 1 / 253 - 2 / 146 وشرح الشواهد ، 2 / 289 وشرح التصریح ، 2 / 370 وورد من غیر نسبه فی المقتضب ، 2 / 256 والخصائص ، 2 / 315 ، والمحتسب ، 1 / 69 - 258 - 2 / 72 وأمالی ابن الشجری ، 1 / 142 - 221 - 2 / 93 وشرح الأشمونی ، 2 / 289.

...

نفی الدّراهم تنقاد الصّیاریف

وعیائیل جمع عیّل وهو أحد العیال ، یقال : عنده عشرون عیّلا ، فالیاء الأخیره فی عیائیل مقدّر عدمها من حیث کانت زائده للاشباع وهو عکس عواور ، لأنّ یاءها المحذوفه قدّرت موجوده ، وهی معدومه ، وهذه قدّرت معدومه وهی موجوده ، ولذلک لم یعتد بحذف یاء عواور ، ولا بإثبات یاء عیائیل ، وقالوا : صیّم وقیّم (1) بقلب الواو یاء لقربها من الطّرف وهو جائز غیر واجب ، ولذلک صحا ولم یعلا فقالوا : صوّم وقوّم وصوّام وقوّام بالتصحیح (2) وشذّ قولهم : فلان من صیّابه قومه ، أی من صمیمهم وخیارهم (3) والأصل : صوّابه لأنّه من صاب یصوب وکذلک شذّ (4) :

ألا طرقتنا میّه ابنه منذر

فما أرّق النّیّام إلّا سلامها

والقیاس : النّوام ، فقلبت الواو یاء مع بعدها عن الطّرف (5).

ذکر حکم الواو والیاء المجتمعتین

إذا اجتمعت الواو والیاء وسبقت إحداهما بالسکون قلبت الواو یاء وأدغمت فی

ص: 282

1- المفصل ، 382.

2- قال ابن یعیش فی شرح المفصل ، 10 / 93 وفی هذا الجمع وجهان أجودهما : صوّم وقوّم بإثبات الواو علی الأصل ؛ والوجه الآخر : صیّم وقیّم بقلب الواو یاء والعله فی جواز القلب فی هذا الجمع أنّ واحده قد أعلّت عینه نحو : صائم وقائم والجمع أثقل من الواحد وجاورت الطرف فقلبوا الواو یاء کما قلبوها فی عصیّ وربما قالوا : صیّم وقیّم بکسر أوله.

3- اللسان صیب ، وهی حکایه الفراء کما فی شرح المفصل ، 10 / 94.

4- البیت اختلف حول قائله فقد نسبه ابن یعیش فی شرح المفصل ، 10 / 93 إلی ذی الرّمّه وقد ورد فی دیوانه ، 638 بروایه : ألا خیّلت میّ رقد نام صحبتی فما نفر التهویم إلّا سلامها ونسبه العینی ، 4 / 328 إلی أبی الغمر الکلابی. وورد البیت من غیر نسبه فی الممتع ، 2 / 498 وشرح الشافیه ، للجاربردی ، 1 / 295 ومناهج الکافیه ، 2 / 206 وشرح الأشمونی ، 4 / 328.

5- شرح المفصل ، 10 / 94.

6- المفصل ، 383.

الیاء لما بینهما من المقاربه والمماثله وإن تباعد مخرجاهما ، لیکون العمل من وجه واحد ، وإنّما اشترط سکون السابقه منهما لیمکن الإدغام ، لأنّ الإدغام من شرطه سکون الأول ، وإنّما قلبت الواو إلی الیاء دون العکس لأنّ الیاء أخفّ ، فمثال اجتماعهما فی الثلاثی : شیّ ولیّ وطیّ وفی المزید ، سیّد ومیّت ودیّار وقیّوم والأصل : شیو ولیو وطیو وسیود ومیوت ودیوار وقیووم ، فقلبت الواو فی جمیع ذلک یاء وأدغمت الیاء فی الیاء ، والصحیح أنّ وزن سیّد فیعل بکسر العین ، وهو بناء مختص بالمعتلّ ، لأنّ المعتلّ ضرب بذاته ولا حاجه إلی أن یقال : إنّه فیعل بفتح العین ، ثمّ نقل إلی کسرها لعدم فیعل بکسر العین ، لأنّه إنّما هو معدوم فی الصحیح خاصّه لا فی المعتلّ (1) وأمّا إذا اجتمعتا علی الوجه المذکور وخیف من القلب اللّبس فإنها لم تقلب وذلک فی نحو : سویر وبویع وتسویر وتبویع لأنّهم لو قلبوا وقالوا. سیّر الأمیر وبیّع المتاع لالتبس فوعل بفعّل فیلتبس سویر الأمیر بسیّر زید إلی موضع کذا ، وبویع ببیّع أی یلتبس فوعل بفعّل نحو : مزّق ، فاغتفروا الثقل خیفه اللّبس وذلک إذا وقع اللّبس فی أبنیتهم کما ذکرنا فی فوعل وفعّل (2)

ذکر ما یهمز من الجمع وما لم یهمز

إذا وقعت الواو أو الیاء بعد ألف الجمع وکانت تلک الواو والیاء أصلیّه ساکنه فی المفرد ، حرّکت ولم تهمز وذلک نحو : مقاوم ومعاون ومعایش لأنّها جمع مقامه ومعونه ومعیشه أمّا سکون الواو والیاء فی معونه ومعیشه فظاهر ، وأمّا کونهما أصلیتین / فلأنهما من العون والعیش ، وأمّا مقامه فألفها واو أصلیه کما تقدّم ، فیجب فی الجموع المذکوره التصحیح بالواو والیاء من غیر همز ، لأنّ کلا من الواو والیاء بعد الألف إنما تقلب همزه لأحد ثلاثه أمور : وهی إذا اکتنف ألف الجمع حرفا علّه وتطرفت الثانیه کما تقدّم فی أوائل ، أو إذا کانت عینا فی اسم الفاعل کقائل ، أو کانت زائده ولیس لها أصل فی الحرکه کیاء صحایف ولیس هذا الباب بواحد من ذلک ،

ص: 283

1- الإنصاف ، 2 / 795 وشرح المفصل ، 10 / 94 والممتع ، 2 / 501 وشرح الشافیه ، 3 / 152.

2- شرح المفصل ، 10 / 96.

3- المفصل ، 383.

فوجب أن تبقی الیاء والواو فی نحو الجموع المذکوره علی حالهما ولذلک کانت قراءه (معائش) (1) بالهمز خطأ ، فإنه لا یعلّ بالهمز ، فإن کان قد أعلّ واحده وهو معیشه لشبهها بالفعل لأنّها إن کانت مفعله بالضمّ فهی مثل یخرج ، إذ لا اعتداد بالهاء فی الوزن ، وإن کانت مفعله بالکسر فهی مثل یضرب بخلاف جمعها فإنه بعد عن شبه الفعل ، لأنّ الفعل لا یجمع ، فوجب بقاء حرف العلّه علی حاله لکن لم یحرک لأنّه لمّا وقع ساکنا بعد الألف فلم یکن بدّ من حذف أو تحریک ، والحذف یزیل المثال ، فوجب التحریک لأنّه کان متحرکا بحسب الأصل أعنی معیشه ، وأما إذا وقع بعد ألف الجمع ألف أو واو أو یاء وکانت فی المفرد مده زائده لا أصل لها فی الحرکه نحو ألف رساله وواو عجوز ویاء صحیفه فإنّها تعلّ فی الجمع بقلبها همزه ، ولا تحرک فتقول : رسائل وعجائز وصحائف بهمز الجمیع ، لأنّه لمّا وقع بعد ألف الجمع المدّات المذکوره ، التقی ساکنان فلم یکن بدّ من الحذف أو التحریک ، ولم تحذف خوفا من زوال الأمثله ، ولم تحرک إذ لا أصل لها فی الحرکه ، لأنّ الزائد للمدّ لا أصل له فی الحرکه فلم یبق إلّا قلبه همزه.

وأمّا مصایب بالیاء فشاذ ، والأصل : مصاوب بواو صریحه لأنّ أصلها مصوبه (2) من صاب یصوب لکن لکثرته فی کلامهم خفّف علی غیر قیاس.

وأما مدائن فتهمز ولا تهمز فمن همز قال : هی فعائل من مدن فتکون المیم أصلیه والیاء زائده فتهمز ، ومن لم یهمز قال : هی مفاعل من دان یدین فتکون المیم زائده والیاء أصلیه ولها أصل فی الحرکه فلذلک تحرّک ولا تهمز (3).

ص: 284

1- من الآیه 10 من سوره الأعراف ونصها : ولقد مکناکم فی الأرض وجعلنا لکم فیها معایش. «قرأها بالهمز ، الأعرج وزید بن علی والأعمش وخارجه عن نافع وابن عامر فی روایه. انظر البحر ، 1 / 271 والتبیان ، 1 / 558 والإتحاف ، 222. وقد قال الفراء فی معانیه ، 1 / 373 وربما همزت العرب هذا وشبهه یتوهمون أنها فعیله لشبهها بوزنها فی اللفظ وعده الحروف ... وقد همزت العرب المصائب وواحدتها مصیبه ، شبهت بفعیله لکثرتها فی الکلام ، وانظر حاشیه ابن جماعه ، 2 / 201 وشرح المفصل ، 10 / 97.

2- نقلت حرکه الواو إلی الصاد وقلبت یاء لسکونها وانکسار ما قبلها ، شرح الشافیه للجاربردی ، 1 / 209.

3- الکتاب ، 4 / 356 وفی اللسان ، مدن ، عن أبی علی ، فیه قولان : من جعله فعیله من قولک : مدن بالمکان أی أقام به ، همزه ، ومن جعله مفعله من قولک : دین أی ملک لم یهمزه کما لا یهمز معایش.

ذکر حکم فعلی

إذا کانت عین فعلی یاء ، قلبت فی الاسم واوا وبقیت فی الصفه یاء علی حالها ، أمّا الأسماء فنحو : طوبی وکوسی والأصل : طیبی وکیسی ، لأنّه من الطیب والکیس فقلبت الیاء واوا لسکونها وانضمام ما قبلها وهذا علی قاعده الأخفش لأنّ الیاء إذا وقعت عینا وقبلها ضمّه فالأخفش یقلب الیاء واوا ، وسیبویه یقلب الضمّه کسره لتسلم الیاء ، وأمّا الصفات فنحو : مشیه حیکی (2) و (قِسْمَهٌ ضِیزی)(3) بإبقاء الیاء علی حالها ، وفعلوا ذلک فرقا بین الأسماء والصفات ولما کانت الصفات أثقل اختاروا لها الأخفّ (4).

القول علی الواو والیاء لامین

اشاره

وحکمهما أن تعلّا أو تحذفا / أو تسلما.

ذکر إعلالهما

وهو ینقسم إلی القلب وإلی التسکین ، أما القلب : فهو إما إلی الألف وإمّا قلب إحداهما إلی صاحبتها.

أمّا قلبهما إلی الألف فشرطه أن تقعا متحرکتین وینفتح ما قبلهما ولم یقع بعدهما ساکن ، لأنّ الساکن بعدهما یمنع قلبهما ألفا لئلا یجتمع ساکنان فمثال قلبهما لامین غزا ورمی وعصا ورحی ، کان الأصل غزو ورمی وعصو ورحی ، فتحرکت الواو والیاء وانفتح ما قبلهما فقلبتا ألفا.

وأمّا قلب إحداهما إلی الأخری ، فهو قسمان :

ص: 285

1- المفصل ، 383.

2- إذا کان فیها تبختر ، اللسان ، والقاموس ، حیک.

3- من الآیه 22 من سوره النجم.

4- الکتاب ، 4 / 364.

5- المفصل ، 383.

أحدهما : قلب الواو إلی الیاء نحو : أغزیت والغازی ودعی ورضی ، أمّا قلبها فی أغزیت ونحوه ممّا جاء فیه الماضی علی أربعه أحرف فصاعدا فلانقلابها یاء فی مضارعه لسکونها فیه وانکسار ما قبلها ، لأنّ الأصل فی مضارع أغزی یغزو بکسر الزای وسکون الواو فقلبت فیه یاء وجوبا لسکون الواو وانکسار ما قبلها وکونها طرفا وحمل الماضی الذی هو أغزیت علیه لیجری الماضی والمضارع علی سنن واحد (1).

وأمّا قلبها فی الغازی والأصل غازو وبتحریک الواو وانکسار ما قبلها فلیس فیه غیر علّه واحده وهی انکسار ما قبل الواو ولکن لمّا وقعت الواو طرفا کفی فی القلب علّه واحده ، لکون الطرف موضع التغییر وإنّما یحتاج إلی علّتین إذا بعدت عن الطرف ، وکذلک قلبت الواو فی دعی ورضی عن زید ، والأصل دعو ورضو بفتح الواو للفعل الماضی فقلبت الواو یاء لانکسار ما قبلها وکونها طرفا (2).

وثانیهما : قلب الیاء إلی الواو نحو : البقوی والشّروی ، والجباوه ، والأصل البقیا والشریا والجبایه لأنّه من بقیت الشیء إذا انتظرته ومن شریت ، ومن جبیت الخراج ، فقلبت الیاء فی ذلک کلّه واوا استیفاء للواو من الیاء لکثره دخول الیاء علیهما ، وغلبتها لها ، وللفرق بین الاسم الصفه (3) حسبما تقدّم.

وأما الإسکان فنحو : یغزو ویرمی وهذا الغازی ، ورامیک وقاضیک ، فسکنت اللام فی ذلک کلّه استثقالا للحرکه علی حرف العلّه (4).

ذکر حذفهما

فمنه نحو : لا تغز ولا ترم ، واغز وارم بحذف حرف العلّه وإبقاء حرکه ما قبله ، وحذف حرف العلّه للجزم وللبناء فی الأمر کما حذفت الحرکه بهما من الصحیح ، ومنه نحو ، ید ودم وأخ وأب والأصل : یدی وأخو وأبو فحذفت الّلام من ذلک طلبا

ص: 286

1- شرح المفصل ، 10 / 98.

2- شرح المفصل ، 10 / 98.

3- الکتاب ، 4 / 389.

4- الکتاب 4 / 383 وإیضاح المفصل ، 2 / 452 وشرح المفصل ، 10 / 99.

5- المفصل ، 383.

للتخفیف علی غیر قیاس ، وما حذف لغیر علّه یسمّی الحذف علی سبیل الاعتباط بالعین المهمله لأنّ القیاس لا یقتضی حذفها.

ذکر سلامتهما

وتسلمان لامین فی نحو : الغزو والرمی ویغزوان ویرمیان وغزوا ورمیا ، أمّا صحتهما فی الغزو والرمی فلسکون ما قبلهما لأنّ حرف العلّه إذا سکّن ما قبله صحّ وأمّا فی یغزوان وما بعده فللألف التی بعدهما لأنّها إذا وقعت بعد حرف العلّه أوجبت / صحته.

القول علی إعراب حروف العلّه

ذکر إعراب الواو والیاء

وهمّا إمّا أن یکون ما قبلهما ساکنا أو متحرکا ، فإن سکّن ما قبلهما کان حالهما فی الإعراب حال الصحیح فیجریان فی تحمّل حرکات الإعراب رفعا ونصبا وجرّا مجری الاسم الصحیح لخفتهما بسکون ما قبلهما ، ولا فرق بین أن یکون الساکن حرفا صحیحا کدلو وظبی ، أو واوا کعدوّ أو یاء کعدیّ ، أو ألفا کواو وزای ، فیعرب ذلک کلّه بالحرکات الثلاث ، کإعراب الصحیح ، لأنّ الواو الأولی من عدوّ ، والیاء الأولی من عدیّ ، وألف واو وألف زای ، بمنزله لام دلو وباء ظبی ، وکذلک آی جمع آیه ، تعرب بالحرکات الثلاث ، وإنّما صحت الواو الأخیره فی واو والیاء فی زای وآی مع وقوعهما طرفا بعد الألف ولم تقلبا همزه کما قلبتا فی کساء ورداء لأنّ ألف کساء ورداء زائده غیر منقلبه فلا یلزم من قلبهما بعدها همزه الجمع بین إعلالین بخلاف الألف فی الواو والزای والآی فإنها منقلبه فلو قلبتا همزه بعدها لزم الجمع بین إعلالین ، لأنّ ألف واو منقلبه عن واو عند الأخفش وعن یاء عند غیره (3) وألف زای منقلبه عن واو أیضا لأنها من زویت وأمّا ألف آی جمع آیه کتمر وتمره ، فأصل آیه أییه

ص: 287

1- المفصل ، 383.

2- المفصل ، 384.

3- شرح المفصل ، 10 / 99 - 100.

بهمزه مفتوحه ویاءین متحرکتین فقلبت الأولی ألفا لتحرکها وانفتاح ما قبلها ، بقی : أأیه فلمّا کانت الألف منقلبه فی الأسماء المذکوره وهی عین الأسماء المذکوره لم یجز قلب الواو والیاء بعدها همزه لأنّ الواو والیاء لام الأسماء المذکوره فلذلک لم تعلّ بجعلها همزه ، لئلا یجمع بین إعلالین وإن تحرّک ما قبلهما فتلک الحرکه إما ضمّه أو کسره لا فتحه لأنّ الواو والیاء طرفین لو انفتح ما قبلهما قلبتا ألفا لکنّ الاسم لا تقع لامه واوا مضموما ما قبلها ، لأنّ ذلک لا یوجد فی الأسماء المتمکنه حسبما سبق الکلام علیه (1) فلم یبق فی الأسماء غیر الیاء المکسور ما قبلها نحو : القاضی. وأمّا الفعل : فتکون لامه واوا ویاء متحرکا ما قبلهما نحو : یغزو ویرمی فإذا وقعت الواو والیاء کذلک کان لهما مع حرکات الإعراب حالات. أما حالهما مع النصب فهما یتحمّلانه دون غیره من حرکات الإعراب نحو : لن یغزو ولن یرمی ، وأرید أن نستسقی ونستدعی ، ونحو : رأیت الرامی والعمی والمضوضی ، وهو المصوّت ، وقد شذّ تسکینهما (2) فی موضع الفتح کقول الشّاعر (3) :

...

أبی الله أن أسمو بأمّ ولا أب

وقوله : (4)

فآلیت لا أرثی لها من کلاله

ولا من حفی حتّی تلاقی محمّدا

وقوله (5) :

ص: 288

1- فی 1 / 170 - 383.

2- المفصل ، 384 - 385.

3- هذا عجز بیت لعامر بن الطفیل وصدره : فما سوّدتنی عامر عن وراثه ورد منسوبا له فی شرح المفصل ، 10 / 101 وشرح الشواهد ، 1 / 101 وشرح شواهد المغنی ، 2 / 953 ورد من غیر نسبه فی الخصائص ، 2 / 342 والمحتسب ، 1 / 127 وشرح الشافیه ، 3 / 183 والمغنی ، 2 / 677 وشرح الأشمونی ، 1 / 101.

4- البیت للأعشی ورد فی دیوانه ، 185 وورد منسوبا له فی شرح المفصل ، 10 / 102.

5- هذا صدر بیت عجزه : بین الطّویّ فصارات فوادیها نسبه سیبویه ، 3 / 306 إلی بعض السعدیین وورد فی دیوان الحطیئه ، 111 وورد من غیر نسبه فی الخصائص ، 1 / 307 ، 2 / 291 - 341 والمنصف ، 2 / 185 - 3 / 82 والمحتسب ، 1 / 126 - 2 / 243 وأمالی ابن الشجری ، 1 / 296 وشرح شواهد الشافیه ، 4 / 410.

یا دار هند عفت إلّا أثافیها

...

فحذفت الفتحه من أسمو وهی منصوبه بأن ، ومن تلاقی وهی منصوبه بحتّی ومن أثافیها وهی منصوبه علی الاستثناء ، للضروره ومن ذلک المثل / «أعط القوس باریها» (1) والأمثال یقع فیها ما لا یقع فی غیرها ، وقیل : إنهما سکنتا فی ذلک تشبیها للواو والیاء بالألف ، وقیل حملوا النصب علی الرفع لأنّ الرفع بالتسکین کما سیأتی.

وأمّا حالهما مع الرفع فهما تسکّنان (2) فیه استثقالا للضمّه علیهما وقبلهما إما ضمّه فی الواو أو کسره فی الیاء وقد شذّ التحریک فی قول الشّاعر : (3)

...

موالی ککباش العوس سحّاح

والعوس : ضرب من الغنم ، وسحّاح : سمان ، والشاهد تحریک یاء موالی بالضمّ وإنما جاء التحریک فی الیاء دون الواو لأنّ الیاء أخفّ فاحتملت ذلک. وأما حالهما مع الجرّ (4) فهو یختصّ (5) بالیاء لما تقدّم من أنّ الاسم المتمکن لا یکون آخره واوا قبلها ضمّه ، وحکم الیاء لاما فی الجرّ حکمها فی الرفع وهو التسکین استثقالا للکسره علی الیاء مع الکسره التی قبلها ، وقد شذّ تحریک الیاء فی الجرّ کما شذّ فی الرفع فمنه قول الشّاعر : (6)

ص: 289

1- ومعناه استعن علی عملک بأهل المعرفه والحذق. انظر المثل فی جمهره الأمثال ، 1 / 50 والمستقصی ، 1 / 247 ومجمع الأمثال ، 1 / 479 وفصل المقال ، 241.

2- المفصل ، 385.

3- هذا عجز بیت صدره : قد کاد یذهب بالدّنیا وبهجتها وفی روایه ولذتها ، وقد نقل البغدادیّ فی شرح شواهد الشافیه ، 4 / 402 عن ابن المستوفی أن هذا البیت نسبه أبو بکر السراج لجریر ، ولیس فی دیوانه. وورد العجز من غیر نسبه فی المفصل ، 385 وشرح المفصل ، 10 / 103 وشرح الشافیه ، 3 / 182 وورد البیت من غیر نسبه فی شرح الشافیه ، لنقره کار ، 2 / 219 ومناهج الکافیه ، 2 / 219 وفی روایه : موالیء.

4- المفصل ، 385 - 386.

5- غیر واضحه فی الأصل.

6- البیت لجریر بن عطیه ورد فی دیوانه ، 455 وورد البیت منسوبا له فی الکتاب ، 3 / 314 والمقتضب ، 1 / 144 - 3 / 354 والخصائص ، 3 / 159 والمنصف ، 2 / 80 - 114 وشرح المفصل ، 10 / 104 وشرح الشواهد ، 1 / 100 وشرح الأشمونی ، 1 / 100.

فیوما یجازین الهوی غیر ماضی

ویوما تری منهنّ غول تغوّل

وقوله : (1)

لا بارک الله فی الغوانی هل

...

وقوله : (2)

ما إن رأیت ولا أری فی مدّتی

کجواری یلعبن فی الصّحراء

بتحریک الیاء فی ماضی وفی الغوانی وفی جواری بالکسر. وأمّا حالهما مع الجزم (3) فهما تسقطان فیه سقوط الحرکه من الصحیح ، ولا یقع الجزم إلّا فی الفعل ، وشذّ إثباتها فیه کقول الشّاعر : (4)

هجوت زبّان ثمّ جئت معتذرا

من هجو زبّان لم تهجو ولم تدع

وقوله : (5)

ص: 290

1- هذا صدر بیت لعبید الله بن قیس الرقیات وعجزه : یصبحن إلّا لهنّ مطّلب ورد فی دیوانه ، 3 بروایه فما مکان هل ، وورد منسوبا له فی الکتاب ، 3 / 314 والمقتضب ، 1 / 142 - 3 / 354 وشرح شواهد المغنی ، 2 / 620 وورد من غیر نسبه فی الخصائص ، 1 / 362 - 2 / 347 والمحتسب ، 1 / 111 والمنصف ، 3 / 67 - 81. ومغنی اللبیب ، 1 / 243 وهمع الهوامع ، 1 / 53.

2- البیت لم یعرف قائله ورد فی شرح المفصل ، 10 / 104 وشرح الشافیه ، 3 / 183 ومناهج الکافیه ، 2 / 219 وشرح شواهد الشافیه ، 4 / 403.

3- المفصل ، 386.

4- البیت لم یعرف قائله ورد فی المنصف ، 2 / 115 والإنصاف ، 1 / 24 وشرح المفصل ، 10 / 140 - 105 وشرح الشافیه ، 3 / 183 وشرح الشواهد ، 1 / 903 وشرح التصریح ، 1 / 87 ومناهج الکافیه ، 2 / 219 وهمع الهوامع ، 1 / 52 وشرح الأشمونی ، 1 / 87.

5- هذا صدر بیت لقیس بن زهیر وعجزه : بما لاقت لبون بنی زیاد ورد منسوبا له فی النوادر ، 203 وشرح المفصل ، 10 / 105 ولسان العرب ، أتی وشرح الشواهد ، 1 / 103 ، 2 / 44 وشرح التصریح ، 1 / 87 وشرح شواهد المغنی ، 1 / 328 - 2 / 808 وورد البیت من غیر نسبه فی الکتاب ، 3 / 316 والخصائص ، 1 / 333 والمحتسب ، 1 / 67 - 196 والمنصف ، 2 / 81 - 141 والإنصاف ، 1 / 30 وشرح الشافیه ، 3 / 184 ومغنی اللبیب ، 1 / 108 - 2 / 387 ومناهج الکافیه ، 2 / 219 وهمع الهوامع ، 1 / 52 وشرح الأشمونی ، 1 / 203 - 2 / 44.

ألم یأتیک والأنباء تنمی

...

وفی روایه ابن کثیر : (1) إنه من یتقی ویصبر (2) وفیه تأویلان :

أحدهما : أن تکون من شرطا ، وقد حمل یتّقی علی الصحیح نحو : یقتدر ، ویکون یصبر مجزوما علی ما یقتضیه الشرط.

وثانیهما : أن تکون من بمعنی الذی فیکون یتقی مرفوعا لأنّ رفعه بإثبات الیاء ویصبر مرفوعا ، أیضا لکن سکّنت لامه تخفیفا حملا للصحیح علی المعتلّ ، لأنّ المعتلّ تسکّن لامه فی الرفع والأول أولی (3) لأنّه حمل للفرع علی الأصل ، لأنّ المعتلّ فرع والصحیح أصل ، بخلاف الثانی فإنه حمل للأصل علی الفرع.

ذکر إعراب الألف

وهی تثبت ساکنه رفعا ونصبا وجرّا ، لأنّ تحریکها یخرجها عن حقیقتها وتسقط فی الجزم کسقوط أختیها ، إذ موجب حذفهما موجب لحذفها أیضا نحو : لم یخش ، وشذّ إثباتها فی الجزم کما شذّ إثبات أختیها فیه کقول الشّاعر : (5)

...

کأن لم تری قبلی أسیرا یمانیا

ص: 291

1- هو عبد الله بن کثیر بن عمرو ولد بمکه ولقی بها عبد الله بن الزبیر ، وأخذ القراءه عرضا عن عبد الله بن السائب وروی القراءه عنه حماد بن سلمه والخلیل بن أحمد توفی سنه 120 ه انظر ترجمته فی الفهرست ، 42 - 43 وغایه النهایه ، 1 / 443 والنشر ، 1 / 120.

2- من الآیه 90 من سوره یوسف ، وفی الکشف ، 2 / 18 قرأ قنبل بیاء فی الوصل والوقف وحذفها الباقون فی الوصل والوقف ، وانظر النشر ، 2 / 297 والاتحاف ، 267.

3- تبع أبو الفداء ابن الحاجب فی هذا التفضیل ، انظر إیضاح المفصل ، 2 / 459 فالنقل منه مع تصرف یسیر وفی البحر ، 5 / 343 ذکر عددا من التوجیهات ثم قال : «والأحسن من هذه الأقوال : أن یکون یتقی مجزوما علی لغه ، وإن کانت قلیله».

4- المفصل ، 387 - 388.

5- هذا عجز بیت لعبد یغوث بن وقّاص وصدره : وتضحک منی شیخه عبشمیّه وقد ورد منسوبا له فی المفضلیات ، 158 والحلل ، 339 وشرح شواهد المغنی ، 2 / 675 وورد من غیر نسبه فی المحتسب ، 1 / 69 وشرح المفصل ، 9 / 111 - 10 / 104 ومغنی اللبیب ، 1 / 278 وشرح الأشمونی ، 1 / 103.

وقوله : (1)

ما أنس لا أنساه آخر عیشتی

ما لاح بالمعزاء ریع سراب

وقوله : (2)

إذا العجوز کبرت فطلّق

ولا ترضّاها ولا تملّق

بإثبات الألف فی تری وحقّها الحذف للجزم بلم ، وبإثباتها فی لا أنساه وحقّها الحذف للجزم علی جواب الشرط ، فقیاسه لا أنسه ، وفی ولا ترضّاها وحقّها الحذف للنهی وقیاسه / ولا ترضها ، وثبتت الألف فی ذلک کما ثبتت الواو فی لم تهجو والیاء فی ألم یأتیک.

ذکر ما یصنع بالواو إذا وقعت طرفا وانضمّ ما قبلها

قد تقدّم أنّه لیس فی الأسماء المتمکنه ما آخره واو قبلها ضمّه ، فإذا أدّی إلیها قیاس فحکمه أن تقلب الضمّه کسره لتنقلب الواو یاء لانکسار ما قبلها (4) واعلم أنّ ذلک لا یختصّ بالواو المنضمّ ما قبلها بل کلّ لام هی واو متی تحرّک ما قبلها بأی حرکه عرضت (5) ولم یکن بعد تلک الواو علامه تثنیه فإنّها تقلب لأنّها إن انفتح ما قبلها قلبت ألفا نحو : عصا ، وإن انکسر قلبت یاء أیضا نحو : غاز لأنّ الأصل غازو ، ولکن کلامنا فی هذا الباب إنما هو فی الواو إذا کانت لاما ، وانضمّ ما قبلها فمن ذلک قولهم فی جمع دلو وحقو علی أفعل : أدل وأحق والأصل : أدلو وأحقو مثل کلب وأکلب فلمّا وقعت الواو فی أدلو وأحقو طرفا وانضمّ ما قبلها وجب أن یفعل بها ما ذکر من قلب الضمّه التی قبلها کسره لتنقلب الواو یاء ، فیبقی أدلی وأحقی ، فتصیر من

ص: 292

1- نسب البغدادی فی شرح شواهد الشافیه ، 4 / 413 هذا البیت للحصین بن قعقاع وورد من غیر نسبه فی شرح المفصل ، 10 / 104 - 107 ومناهج الکافیه ، 2 / 219.

2- الرجز لرؤبه بن العجاج ورد فی دیوانه ، 3 / 179 وورد من غیر نسبه فی الخصائص ، 1 / 307 والمنصف ، 2 / 115 والإنصاف ، 1 / 26 وشرح المفصل ، 10 / 106 وشرح الشافیه ، 3 / 185 وشرح التصریح ، 1 / 87.

3- المفصل ، 388 - 389.

4- الکتاب ، 4 / 383.

5- إیضاح المفصل ، 2 / 461 والنقل منه.

قبیل المنقوص نحو : قاض ، وکذلک إذا جمعت عرقوه وهی خشبه الدّلو ، وقلنسوه علی حدّ جمع تمره علی تمر فتحذف التاء للجمع تبقی عرقو وقلنسو ، فتقع الواو طرفا وقبلها ضمّه فیفعل بها ما ذکر ، فتبقی عرق وقلنس ، قال الشاعر : (1)

لا صبر حتّی تلحقی بعنس

أهل الرّیاط البیض والقلنسی

کان قلنسو بضمّ السین وبعدها واو فأبدل من الضمّمه کسره فانقلبت الواو یاء لسکونها وانکسار ما قبلها.

واعلم أنّ الجمع علی حدّ تمر وتمره ، إنما یکون فی المخلوقات کالتمر ، وأمّا فی المصنوعات فقد جاء قلیلا کعرقو وقلنسو (2) ومنه : سفینه وسفین (3) وأمّا إذا وقعت الواو حشوا فإنّها تسلم ولا تعلّ (4) کما فی نحو : قلنسوه وقمحدوه وأفعوان وعنفوان حیث لم تتطرف ، ولها فی إعلالها طرفا وسلامتها حشوا فیما ذکرنا نظیر مما تقدّم ، أمّا نظیر إعلالها طرفا فی نحو : أدل وقلنس فنحو : کساء ورداء ، وأمّا نظیر سلامتها حشوا فی قلنسوه وقمحدوه فنحو : النّهایه والعظایه والصّلایه وهی الفهر (5) والشقاوه والأبوه والأخوه فکما أنّ الهاء فی قمحدوه منعت من قلب الواو یاء ، کذلک الهاء فی النهایه وما بعدها فإنّه لو لاها لوجب قلب الواو یاء والیاء همزه ولذلک أعلوا قلنس جمع قلنسوه ، ولم یعلّوا قلنسوه لمنع الهاء من إعلالها فإن قیل : فقد قالوا فی صلایه صلاءه وفی عبایه عباءه وفی عظایه عظاءه ، فهمزوا حرف العلّه حشوا ، وکان القیاس یقتضی أن لا یقلب همزه لوجود الهاء بعدها وجریان الإعراب علیها فالجواب : أنّ تاء التأنیث فی حکم کلمه أخری منضمّه إلی التی قبلها فیصیر حرف العلّه فی صلاءه وبابها / کأنه قد وقع طرفا فلذلک أعلّ وإن کانت الهاء حرف

ص: 293

1- الرجز لم یعرف قائله أنشده الأصمعی عن عیسی بن عمر ، ورد فی الکتاب ، 3 / 317 والمقتضب ، 1 / 188 و- الخصائص ، 1 / 235 والمنصف ، 2 / 120 - 3 / 70 وشرح المفصل ، 10 / 107 ولسان العرب ، قلس وعنس.

2- فجری علیهما بعد حذف التاء ما جری علی واو دلو ، إذ أبدلوا من الضمه کسره ومن الواو یاء ، فصار : عرق وقلنس. انظر إیضاح المفصل ، 2 / 461 وشرح المفصل ، 10 / 108.

3- شرح المفصل ، 10 / 109 والمصنف ینقل منه.

4- المفصل ، 389.

5- قیل : هو الحجر مطلقا ، وقیل : هو الحجر قدر ما یدق به الجوز ونحوه ، اللسان ، فهر.

الإعراب ، فلم تجر الصّلایه مجری النّهایه لأنّ الهاء لحقت الصلاءه بعد النظر إلی الإعلال ، وأمّا من قال صلایه فإنه لم ینظر إلی انفصال تاء التأنیث ورآها أنّها من نفس الکلمه فلم تعل لوقوعها حشوا (1) ویشبه عدم اعتبارهم تاء التأنیث فی صلاءه وعظاءه وعباءه حیث أعلّ ما وضع للمثنّی من غیر نظر إلی المفرد نحو قولهم : علقته بثنایین (2) فلم تهمزه العرب لأنّهم بنوه علی التثنیه من أول الأمر ، ولو کان تثنیه «ثنأ» لوجب أن یقولوا : ثناءین بالهمز کما قالوا : کساءین ، ومثل ذلک قولهم : مذروان (3) ، فإنّه وضع للمثنّی ، إذ لو ثنّی علی واحده لقیل مذریان کما قالوا مغزیان ومثله قولهم ، خصیان فإنه لو ثنّی علی واحده لقیل : خصیتان بإثبات التاء لأنّ مفرده خصیه فکأنه وضع أصلیّا للمثنّی (4).

ذکر حکم الواو المتطرفه بعد مدّه

إذا اجتمع فی الطرف واوان فی اسم علی وزن فعول والأولی مدّه مدغمه ، قبلها ضمّه نحو : عتوّ فإمّا أن یکون ذلک الاسم جمعا أو غیر جمع : فإن کان جمعا قلبت الواو المتطرفه یاء نحو : عتیّ وجثیّ (6) وعصیّ جمع عات وجاث وعصا لأمرین أحدهما : لکون الکلمه جمعا ، والجمع مستثقل ، وثانیهما : لکون الواو الأولی فی عتوّ وجثوّ وعصوّ مده زائده فلم یعتد بها حاجزا ، فصارت الواو التی هی لام الکلمه کأنّها قد ولیت الضمّه ، فلذلک قلبت الضمّه کسره والواو یاء کما قلبت فی نحو : أدل وقلنس وکسروا العین فی عصیّ کما کسروها فی أدل لیکون العمل من وجه واحد ، وفعلوا بهذه الواو ذلک ولم یعتدوا (7) بالمدّه التی قبلها حاجزا نظیر ما فعلوا فی کساء

ص: 294

1- الکتاب ، 4 / 387.

2- یقال : علقت البعیر بثنایین غیر مهموز لأنه لا واحد له ، إذا علقت یدیه جمیعا بحبل أو بطرفی حبل ، اللسان ، ثنی.

3- المذروان : الجانبان من کلّ شیء تقول العرب : جاء فلان یضرب أصدریه ویهزّ عطفیه وینفس مذرویه ، وهما منکباه. لسان العرب ، ماده ذرو.

4- الکتاب ، 4 / 387 والمقتضب ، 1 / 189 - 191 والمنصف ، 1 / 131.

5- المفصل ، 389 - 390.

6- غیر واضحه فی الأصل.

7- فی الأصل یعتد.

ورداء حیث لم یعتدّوا بالألف حاجزا لکونها زائده للمدّ ، فقدّرت واو کساو ، کأنّها قد ولیت فتحه السین ، فقلبوها ألفا ثم همزه حسبما تقدّم فی موضعه (1) إجراء لکساء مجری عصا حیث قلبوا الواو فی کساو ألفا ثم همزه للفتحه التی قبل الألف کما قلبوها بعد الفتحه فی عصا وهذا الصنیع مستمر فی عتوّ وبابه ، أعنی فیما کان جمعا فإنّ الواو تقلب فیه یاء علی الوجه المذکور قیاسا مطرّدا إلّا ما شذّ من قولهم : إنّک لتنظر فی نحوّ کثیره (2) وأمّا ما لیس بجمع بل مفرد نحو مصدر عتا عتوا وجثا جثوّا وکذلک مغزّو فالوجه إبقاء الواو صحیحه لخفّه المفرد قال الله تعالی : (وَعَتَوْا عُتُوًّا کَبِیراً)(3) مع جواز القلب أیضا فیه کقولهم : عتیّ ومغزیّ (4) قال الشّاعر : (5)

وقد علمت عرسی ملیکه أننی

أنا الّلیث معدیّا علیه وعادیا

یروی معدّیا ومعدوّا ، وقالوا : أرض مسنیّه (6) والقیاس مسنوّه ، لأنّه من سنوتها إذا سقیتها بالسّانیه (7) / وقالوا : مرضیّ والقیاس مرضوّ لأنّه من الرضوان وقد جاء مرضوّ علی القیاس أیضا قال سیبویه : (8) والوجه فیما کان واحدا صحّه الواو مع أنّ قلبها عربیّ أیضا تشبیها له بالجمع والوجه فیما کان جمعا قلب الواو یاء لیس إلّا ، إلّا ما جاء شاذّا حسبما تقدّم.

ذکر حکم الواو والیاء طرفا بعد ألف

ما یقع طرفا من واو أو یاء بعد ألف فلا تخلو تلک الألف من أن تکون زائده أو

ص: 295

1- فی 2 / 219.

2- الکتاب ، 4 / 384 قال : وهذا قلیل.

3- من الآیه 21 من سوره الفرقان.

4- فی الکتاب ، 4 / 385 : وهی لغه جیده.

5- البیت لعبد یغوث بن وقاص ورد منسوبا له فی المفضلیات ، 158 والکتاب ، 4 / 385 وشرح الشواهد ، 4 / 326 وشرح شواهد الشافیه ، 4 / 400 وورد من غیر نسبه فی المنصف ، 2 / 122 والمحتسب ، 2 / 207 وشرح المفصل ، 10 / 110 ، ومناهج الکافیه ، 2 / 215 وشرح الأشمونی ، 4 / 326.

6- المفصل ، 390.

7- هی الغرب وأداته ، وما یسقی علیه الزرع والحیوان من بعیر وغیره ، اللسان ، سنو.

8- الکتاب ، 4 / 384 - 385.

9- المفصل ، 390.

أصلیه ، فإن کانت زائده قلبتا بعدها همزه کما تقدّم فی کساء ورداء وإنّما اشترط فی القلب أن تکون الألف زائده غیر أصلیه إمّا لأنّ تقدیر الزائد کالمعدوم أقرب من تقدیر الأصلی کالمعدوم ، فیصیر حرف العلّه کأنه قد ولی الفتحه فیعامل فی القلب والإعلال معامله عصا ورحی کما تقدّم فی کساء أو لأنّ الزائد تکثر به حروف الکلمه فتستثقل والواو مستثقله فخففّت بالقلب مع الحروف الکثیره وحملت الیاء علیها ، ولم تقلب مع الأصلی ؛ لأنّه لا تکثر به الحروف ولذلک قالوا : غزوت وأغزیت فبقّوها واوا مع قلّه الحروف وقلبوها یاء مع الحروف الکثیره ، وإن کانت الألف أصلیه لم تقلبا بعدها نحو الألف فی : واو وزای وثایه ، أمّا ألف واو وزای ، فإن أرید بهما أنهما حرفا هجاء لم یحکم علی ألفهما بواو أو یاء ، لأنّ ذلک تصریف ولا یکون فی الحروف (1) وإن أرید بهما أنّهما اسمان فی نحو قولک : هذه واو أو زای حسنه ، جری فیهما حکم الأسماء فیحکم علی الألف حینئذ أنّها منقلبه ، وألف واو فی حاله کونها اسما منقلبه عند الأخفش عن واو ، قال : لأنّه لم تسمع فیها الإماله فتکون الواو عنده من ثلاث واوات ، وکذلک ألف زای منقلبه عن واو لقولهم : زویت فالألف الأصلیه حینئذ تکون غیر منقلبه کما فی الحروف ، وتکون منقلبه کما فی الأسماء وعلی کلا التقدیرین لا یقلب ما بعدها؛لأمرین :

أحدهما : استبعاد تقدیر الأصلی معدوما کما قدّر الزائد معدوما حتّی صار حرف العلّه کأنه قد ولی فتحه ما قبل الألف الزائده کما تقدّم.

وثانیهما : لکون الألف الأصلیه فی الأسماء لا تکون إلّا منقلبه فإذا أخذت تقلب ما بعدها ، والیت ما بین إعلالین وذلک إجحاف ، فلهذه العلّه لم تقلب الیاء فی ثایه وشبهها من نحو : غایه ورایه وآیه ، همزه لأنّ ألف ثایه وبابها هی عین الفعل وهی منقلبه ، فلو قلبوا اللّام بعدها لوالوا بین إعلالین ، والثایه حجاره یجعلها الراعی حول الغنم وألفها منقلبه عن واو لقولهم : ثویت وجاء إعلال ألف ثایه وشبهها علی خلاف القیاس ، لأنّ القیاس یقتضی تصحیح العین وإعلال الّلام ، فأعلت العین فی ذلک / وصحّت الّلام (2).

ص: 296

1- الکتاب ، 4 / 401 والمنصف ، 1 / 152 وإیضاح المفصل ، 2 / 465.

2- شرح المفصل ، 10 / 111.

ذکر حکم الواو المتطرفه بعد کسره

والواو إذا کانت لاما وانکسر ما قبلها قلبت یاء لا محاله ، ولا یشترط فیها السکون لاستثقالها لاما مع الکسره قبلها ، کما فی نحو : غازیه ومحنیه والأصل غازوه ومحنوه ، لأنّه من غزوت وحنوت ، وإذا کانت الواو قد قلبت یاء من أجل کسره ما قبلها مع حاجز بینهما کما فی نحو : قنیه (2) وهو ابن عمی دنی ، وابن عمّه دنیا (3) والأصل دنو ودنوا ، فلئن تقلب إذا ولیتها الکسره مثل غازیه بطریق الأولی.

القول علی فعلی بفتح الفاء وضمها وکسرها

ذکر فعلی بفتح الفاء

وتکون یائیه وواویه ، أمّا التی لامها یاء فتقلب فیها الیاء واوا فی الأسماء دون الصفات فرقا بینهما ، وخصّت الأسماء بقلب یائها واوا لأنّ الأسماء أخفّ فاحتملت الأثقل وهو الواو ، وخصّت الصفات بإبقاء الیاء لأنّ الصفات أثقل لقربها من الفعل فخصت بالأخفّ وهو الیاء ، فمن أمثله فعلی اسما بقلب الیاء واوا التقوی لأنّها من وقیت ، والبقوی من البقیّه ، والرعوی من رعیت والشّروی من شریت ومنها : العوّی أحد منازل القمر ، لأنّه من عویت أی لویت فأصله : عویا فقلبوا الیاء واوا وأدغموا الواو فی الواو بقی عوّی ، وقلبوا فیه الیاء واوا علی خلاف القاعده محافظه علی الفرق بین الأسماء والصّفات (5) ومنها : الطغوی من الطغیان ومن أمثله فعلی صفه بإبقاء الیاء من غیر قلب خزیا من الخزی وصدیا أی عطشی ، وریّا تأنیث ریّان وأصلها رویا فقلبوا الواو یاء وأدغموها فی الیاء لکونها صفه ولو کانت اسما لعکسوا أعنی لقلبوا الیاء واوا وقالوا : روّی (6).

ص: 297

1- المفصل ، 390.

2- القنوه والقنیه الکسبه وجعل الکوفیون قنیت وقنوت لغتین ، اللسان ، قنا.

3- أی لاصق النسب ، وهی تقال کما قال اللحیانی فی ابن الخال والخاله وابن العمه الصحاح واللسان ، دنو ، وشرح الجاربردی ، 1 / 302.

4- المفصل ، 390 - 391.

5- إیضاح المفصل ، 2 / 466.

6- الکتاب ، 4 / 389.

وأمّا فعلی التی لامها واو فلا فرق فیها بین الاسم والصفه بل تبقی الواو ثابته فیهما علی حالها فمثال الاسم : دعوی وعدوی ، ومثال الصفه : شهوی ونشوی (1).

ذکر فعلی بضمّ الفاء

وتکون أیضا واویه ویائیه أما التی لامها واو فیفرق فیها بین الاسم والصفه بأن تقلب الواو یاء فی الأسماء دون الصفات علی عکس ما تقدّم فی فعلی فمن أمثله فعلی الواویه اسما بقلب الواو یاء قولهم : الدّنیا والعلیا والقصیا ، فهذه وإن کانت فی الأصل صفات ، لکنها أخرجت عن الصفات وجعلت أسماء لهذه الذوات فأجریت مجری الأسماء ، وشذّ من هذا الباب القصوی تنبیها علی الأصل (3) وشذّ أیضا حزوی (4) لأنّه علم والأعلام یقع فیها من التغییر ما لم یقع فی غیرها ، وتبقی الواو علی حالها فی الصفه نحو : غزوی إذا جعلته صفه من غزا.

وأما فعلی التی لامها یاء فلم یفرق بین الاسم الصفه بل تبقی الیاء ثابته علی حالها فیهما نحو : الفتیا فی الأسماء والقضیا فی الصفات لأنّها من قضیت / (5).

ذکر فعلی بکسر الفاء

ولیس ذلک فی الأبنیه ولکن ذکرت فرضا وتصویرا وحکمها أن لا یفرّق بین الاسم والصفه فی ذوات الواو والیاء (7).

ذکر الجمع الذی لا ینصرف من المعتلّ

الجمع الذی لا ینصرف إذا کان ما بعد ألفه حرفان وکان الحرف الأول همزه

ص: 298

1- الکتاب ، 4 / 389.

2- المفصل ، 391.

3- قال الأنصاری فی مناهج الکافیه ، 2 / 216 : لأنه لما استغنی به عن الموصوف کالصاحب ، والأصل فیه الغایه القصوی ، صار کأنه اسم غیر صفه فلذا حکم بشذوذه ، وجاء القصیا علی القیاس وهی لغه تمیم.

4- موضع بنجد ، فی دیار تمیم ، وقیل : موضع بالیمامه ، وقیل : جبل من جبال الدهناء ، معجم البلدان ، 2 / 255.

5- شرح الشافیه 3 / 179 وشرح الأشمونی / 4 / 313 ، 314.

6- المفصل ، 391.

7- الکتاب ، 4 / 390 وشرح الشافیه ، 3 / 179.

8- المفصل ، 391.

والثانی یاء قلبت الهمزه یاء ، والیاء التی بعد الهمزه ألفا.

فمن ذلک جمع نحو : مطیّه ورکیّه فتقول : مطایا ورکایا لأنّه مثل جمع صحیفه ورساله وهما یجمعان علی صحائف ورسائل فجمع مطیّه علی ذلک مطائی بهمز الیاء الأولی مثل صحائف ثمّ قلبت الیاء التی بعد الهمزه ألفا لما سنذکره بقی : مطاءا بألفین بینهما همزه فتجتمع الأمثال لأنّ الهمزه من جنس الألف فکأنه قد اجتمع ثلاث ألفات وهو مستثقل فقلبت الهمزه یاء بقی مطایا ، وکذلک رکیّه ورکایا ، وإنّما تقلب (1) الهمزه یاء فی الجمع المذکور إذا کانت همزه عارضه فی الجمع وهی التی لم تکن فی الواحد ، ومنه : شوایا وحوایا جمع شاویه وحاویه فاعلتین من شویت وحویت والأصل شواوی وحواوی فقلبت الواو التی بعد ألف الجمع همزه لتوسط ألف الجمع بین حرفی علّه کما تقدّم فی أوائل صار : شوائی وحوائی ، فقلبت الیاء التی بعد الهمزه ألفا فصار شواءا وحواءا ، ثم قلبوا الهمزه یاء کما قیل فی مطایا صار : شوایا وحوایا ، وإنّما قلبت الیاء فی ذلک ألفا لتطرفها بعد الهمزه طلبا للخفه لأنّهم قلبوا اللّام المعتلّه ألفا ولیس قبلها همزه فی نحو : عذاری والأصل عذاری فقلبها مع الهمزه أولی ، لثقل الهمزه ، وقد قال بعضهم : هداوی فی جمع هدیّه وهو شاذ والأجود هدایا (2) ومن الجمع المذکور ما التزمت فیه الواو بدل الهمزه (3) وذلک فی جمع نحو : إداوه وعلاوه وهراوه فقالوا : أداوی وعلاوی وهراوی ، فأتوا بالواو فی الجمع لیکون الجمع مشاکلا للواحد فی وقوع واو بعد ألف فی الجمع کما کان فی الواحد (4).

واعلم أنّه احترز بقوله (5) أن الهمزه إنّما تقلب یاء إذا کانت عارضه فی الجمع ،

ص: 299

1- فی الأصل نقلت.

2- الکتاب ، 4 / 390 - 391. نقل صاحب اللسان ، هدی ، عن أبی زید قوله : «الهداوی لغه علیا معد ، وسفلاها الهدایا» وفی شرح الشافیه ، 3 / 182 وقد قالوا : هداوی فی جمع هدیه قلبوا الهمزه واوا لوقوعها بین الألفین کما فی حمراوان ، وهو عند الأخفش قیاسی وعند غیره شاذ.

3- المفصل ، 391.

4- الکتاب ، 4 / 391 والمنصف ، 2 / 63 - 64.

5- أی الزمخشری فی المفصل ، 391 حیث قال : وأما نحو : إداوه وعلاوه وهراوه فقد ألزموا فی جمعه الواو بدل الهمزه ، فقالوا : أداوی وعلاوی وهراوی کأنهم أرادوا مشاکله الواحد الجمع فی وقوع واو بعد ألف ، وإذا لم تکن الهمزه عارضه فی الجمع کهمزه جواء وسواء جمع جائیه وسائیه فاعلتین من جاء وشاء ، لم تقلب.

عن الهمزه التی لیست عارضه فی الجمع وهی التی تکون فی الواحد فإنها لا تقلب فی الجمع یاء بل تبقی همزه علی حالها وذلک نحو جمع جائیه وشائیه فاعلتین من جاء وشاء فتقول : جواء وشواء لا جوایا وشوایا ، لأنّهم إذا کانوا یقولون فی سفینه سفائن فیأتون بهمزه لم تکن فی الواحد ، فإذا کانت فی الواحد کان مجیئها فی الجمع بطریق الأولی (1).

ذکر حکم الواو رابعه

کلّ واو وقعت رابعه فصاعدا ، ولم ینضم ما قبلها قلبت یاء نحو أغزیت وغازیت ورجّیت وترجّیت واسترشیت ولقلبها فی ذلک وجهان :

أما الأول : فلأن الواو لما وقعت رابعه فصاعدا ثقلت الکلمه بها ، فقلبت یاء وکان قلبها یاء لثقل الکلمه / بالطول أولی من بقائها واوا ، لأنّ الیاء أخفّ من الواو هذا الوجه هو المعتمد علیه فی سبب (3) قلبها یاء واحترز بقوله : ولم ینضمّ ما قبلها عن مثل مضارع غزوت وهو أغزو ، فإنّ الواو قد وقعت فی أغزو رابعه ومع ذلک لم تقلب یاء لانضمام ما قبلها.

وأمّا الثانی : فلأنّ الواو الرابعه فصاعدا ، ینکسر ما قبلها فی بعض تصاریف الکلمه فیجب قلبها یاء کقولک : یغزی ویستغزی فإنّ الأصل فی الرباعی مضارع أغزی أن یکون یغزو مثل یرسل فقلبت فیه الواو یاء لسکونها وانکسار ما قبلها ثم حمل الماضی علی المضارع لیتماثل اللفظ فیهما ، کما أعلّ المضارع لاعتلال الماضی فی نحو : یقول ویبیع (4) وکذلک قلبت فی غازیت ورجیت یاء لانقلابها فی مضارعهما وهو : أغازی وأرجّی ، وقالوا : ترجّیت وإن لم تنقلب فی مضارعه الذی هو أترجّی لکن ألف أترجّی هی بدل من الیاء فی أرجّی فوجب القلب بعد دخول تاء المطاوعه

ص: 300

1- الکتاب ، 4 / 377 - 391 والمنصف ، 2 / 62 وشرح المفصل ، 10 / 113.

2- المفصل ، 391.

3- غیر واضحه فی الأصل.

4- الکتاب ، 4 / 393.

کما وجب قبل دخولها ، فلذلک قالوا : ترجّیت ولم یقولوا : ترجّوت (1) وکذلک قلبت فی استرشیت یاء لقولهم فی المضارع أسترشی ، وکذلک قلبت فی مضارع غزی ورضی یاء ، لأنّ الماضی الذی هو غزی لمّا بنی لما لم یسمّ فاعله کسر ما قبل الواو مثل ضرب إذا بنی لما لم یسمّ فاعله فقلبت الواو فیه یاء لانکسار ما قبلها وحمل المضارع علیه نحو یغزیان لیتماثل المستقبل والماضی (2) وکذلک تقول : یرضیان فتقلب الواو یاء لأنها قد قلبت فی رضی ، وتقول فی شأی من الشأو ، وهو السبق ، یشأیان ، فتقلب فی المضارع یاء وإن لم تنقلب فی الماضی وقد اختلف فی تعلیله فقیل : هو شاذ (3) لأنّه لم ینقلب فی الماضی لیحمل المضارع علیه ، وقیل : إنما قلبت فی المضارع لانقلابها فی ما لم یسمّ فاعله کقولک شؤی ثم حمل المضارع علیه والأولی (4) أن یقال : إنما قلبت فی یشأیان لوقوعها رابعه ، ولم ینضمّ ما قبلها ، وکذلک قلبت الواو یاء فی : ملهیان ومصطفیان ومعلیان ومستدعیان ، لوقوعها کما ذکر أعنی رابعه فصاعدا ولم ینضمّ ما قبلها.

ذکر حکم العین واللّام إذا کانا حرفی علّه

إذا اجتمع فی آخر الفعل حرفا علّه نحو : حیی وعیی من مضاعف الیاء لم یمکن إعلالهما معا ، لأنه إجحاف ولکن تعلّ اللّام لأنّها أولی بالإعلال ، ولو لا إعلال اللام لوجب إعلال العین فی حیی بقلب الیاء الأولی ألفا ، لتحرکها وانفتاح ما قبلها ، لکن لمّا أعلّت اللّام فی المضارع بقلبها ألفا نحو یحیی وبحذفها فی الجزم نحو : لم یحی ، کرهوا الجمع بین إعلالین فصحت العین لذلک ونزّلت منزله الحرف الصحیح ، فلذلک لم تتغیّر الیاء الأولی من حیی وعیی وأجریا مجری بقی وفنی ، لکن أکثر العرب یدغم العین فی اللّام إذا تحرّکت / بحرکه لازمه نحو : حیی وعیی فیقولون : حیّ وعیّ إجراء لذلک مجری شدّ قال الله تعالی : (وَیَحْیی مَنْ حَیَّ عَنْ بَیِّنَهٍ)(6) فتقول فی

ص: 301

1- الکتاب ، 4 / 393 والمنصف ، 2 / 165.

2- شرح المفصل ، 10 / 115.

3- المنصف ، 2 / 166.

4- وإلی ذلک ذهب ابن الحاجب فی إیضاح المفصل ، 2 / 471 وانظر شرح المفصل ، 10 / 115.

5- المفصل ، 391.

6- من الآیه ، 42 من سوره الأنفال.

الواحد : حیّ زید وفی الجمع حیّوا (1) ولم تستثقل الضمّه علی الیاء المدغم فیها لسکون ما قبلها وهو الیاء المدغمه قال الشّاعر : (2)

عیّوا بأمرهم کما

عیّت ببیضتها الحمامه

فقال : عیّوا وعیّت ، کما یقال : ظنّوا وظنّت ، وإذا أدغمت جاز لک فتح الحاء من حیّ وکسرها ، أما فتحها فواضح علی الأصل ، وأمّا کسرها فلأنّه لما سکّنت الیاء التی بعدها للإدغام أشبهت الیاء الساکنه فی لیّ جمع ألوی ، یقال : قرن ألوی (3) وقرون لیّ بضمّ اللّام وبکسرها (4) والکسره فی لام لیّ أظهر من الکسره فی حاء حیّ ، لاستثقال الضمّه قبل الیاء الساکنه ولیس کذلک حیّ لأنّها فتحه وهی قبل الیاء غیر مستکرهه.

واعلم أنّ الادغام إنما یقع فیما حرکته لازمه (5) نحو : حیّ لأنّ فتح آخر الفعل الماضی لازم فلذلک حسن الإدغام فی حیّ بخلاف ما لم تلزم حرکته فإن الادغام لا یجوز فیه ، ویجب فکّه مثل مضارع المضاعف المذکور نحو : لن یحیی ، ولن یستحیی ولن یحایی ، لأنّ من شرط المدغم فیه أن یکون متحرکا والیاء فی المضارع المذکور ساکنه فی الرفع ، محذوفه فی الجزم ، والفتحه فی النصب عارضه لأنّها حرکه إعراب تزول فی الرفع والجزم فلا اعتداد بها ، لأنّ الحرکه العارضه کالمعدومه بخلاف فتحه آخر الماضی فإنّها فتحه لازمه فلذلک أدغم حیّ فی الماضی للحرکه اللازمه ، ولم یدغم فی المضارع لعدم اللزوم (6).

ص: 302

1- الکتاب ، 4 / 396 والمقتضب ، 1 / 181.

2- البیت لعبید بن الأبرص ورد فی دیوانه 78 بروایه : برمت بنو أسد کما برمت ببیضتها الحمامه وورد منسوبا له فی شرح المفصل ، 10 / 114 - 115 ولسان العرب ، حیا وشرح شواهد الشافیه ، 4 / 357 وورد من غیر نسبه فی الکتاب ، 4 / 396 والمقتضب ، 1 / 182 والمنصف ، 2 / 191 بروایه النعامه.

3- أی معوج ، اللسان ، لوی.

4- الکتاب ، 4 / 404.

5- المفصل ، 392.

6- المقتضب ، 1 / 182.

واعلم أنّ إدغام ما ذکر لیس بلازم بل یجوز فیه الإظهار لأنّ هذه اللّام قد تسکّن وقد تحذف فی المضارع کما تقدّم فلیست مما تلزمها الحرکه فی کلّ حال کالصحیح نحو : شدّ لأنّ الدّال لا تحذف بوجه فتقول علی الإظهار فی الواحد : حیی زید وفی الجمع حیوا کما تقول : عموا (1) قال الشّاعر : (2)

وکنّا حسبناهم فوارس کهمس

حیوا بعد ما ماتوا من الدّهر أعصرا

والأصل : حییوا ، فحذفت ضمه الیاء الثانیه تخفیفا فالتقی ساکنان هی والواو فحذفت الیاء وضمّت الیاء الباقیه وهی الأولی لأجل الواو بقی : حیوا.

وإذا بنیت من هذه الأفعال فعل ما لم یسمّ فاعله جاز فی أحیی من أحیا ، وفی استحیی من استحیا وفی حویی من حایاه یحاییه الإظهار کالأمثله المذکوره والإدغام کقولک أحیّ واستحیّ وحوّی لکون حرکتها لازمه (3) وقالوا فی جمع حیاء نحو حیاء الناقه : أحیّه بالإدغام وأحییه بالإظهار (4) وکذلک یقال فی جمع عیی أعیّاء بالإدغام وأعییاء بالإظهار (5) وأمّا قوی نحو : قوی زید علی کذا / فهی مثل عیی فی أحد وجهیه وهو ترک الإدغام وأصله قوو علی فعل فقلبت الواو المتطرفه یاء لانکسار ما قبلها بقی : قوی فلم یلتق مثلان فلم یکن مثل عیّ فی الوجه الآخر الذی هو الإدغام (6).

ذکر حکم الواو عینا ولاما وهو مضاعف الواو

إذا کانت عین الفعل ولامه واوین فلا یجیء إلّا علی فعل بکسر العین ، لتنقلب

ص: 303

1- الکتاب ، 4 / 396 والمنصف ، 2 / 190.

2- البیت لأبی حزابه الولید بن حنبقه ورد منسوبا له فی لسان العرب ، حیا وشرح شواهد الشافیه ، 4 / 363 وورد من غیر نسبه فی الکتاب ، 4 / 396 والمقتضب ، 1 / 182 والمنصف ، 2 / 190 ، وشرح المفصل ، 10 / 116 کهمس : وهو کهمس بن طلق الصریمی ، وکان من جمله الخوارج مع بلال بن مرداس.

3- المنصف ، 2 / 188.

4- المفصل ، 392.

5- فی الکتاب ، 4 / 397 : وسمعنا بعض العرب یقول : أعییاء وأحییه فیبین وانظر المنصف ، 2 / 191 وشرح المفصل ، 10 / 118.

6- شرح المفصل ، 10 / 118 - 119.

7- المفصل ، 392 - 393.

اللام یاء لانکسار ما قبلها استثقالا لاجتماع الواوین کقولهم : قویت والأصل : قووت علی فعلت فانکسر ما قبل الواو الأخیره فانقلبت یاء صار قویت ، ولو بنوا من القوّه نحو : غزوت وسروت علی فعلت بفتح العین وفعلت بضمّها لسلمت الواو ولزم أن یقولوا قووت أو قووت وهو مستثقل لأنّهم إذا کرهوا اجتماع الیاءین فهم لاجتماع الواوین أکره کقولهم : حیوان (1) وأصله حییان فقلبوا الیاء الثانیه واوا لقربها من الطرف مع أنهم قلبوا الأخفّ إلی الأثقل (2) کراهه للتضعیف فی الیاء واجتماع الواوین أثقل من اجتماع الیاءین لأنّهم قد استثقلوا الواو الواحده فی نحو : شقیت ورضیت والأصل : شقوت ورضوت فبنوا الماضی علی فعل فانقلبت الواو یاء فیهما لانکسار ما قبلها صار : شقیت ورضیت ، وإنما صحت الواو فی قویت وحویت لاعتلال اللّام لئلا یجمعوا بین إعلالین فی کلمه واحده فأمّا إذا کانت العین واللّام واوین وسکّن ما قبل الواو الأخیره فإنّها تصحّ کما صحّت فی غزو ودلو وذلک نحو القوّه والحوّه (3) والصّوّه (4) والبوّ (5) والصّوّ مما حصل فیه تضعیف الواو وإنما احتمل فی ذلک ثقل التضعیف لأمرین :

أحدهما : تسهیل الادغام للتضعیف ، لأنّ اللسان ینطق بالمدغم دفعه واحده بخلاف المظهر فإنه ینطق به دفعتین نحو : بتّ وبتت.

ثانیهما : أنّ هذا التضعیف وقع فی الأسماء ، والأسماء محتملات لذلک ، لأنّها لا تتصرّف کما یتصرّف الفعل من الماضی إلی المستقبل (6).

القول علی کیفیه بناء بعض الأبنیه المعتلّه

إذا بنی فعل من الحوّه ونحوها علی افعالّ مثل : احمارّ قیل فی فعله الماضی

ص: 304

1- الکتاب ، 4 / 409 والمنصف ، 2 / 210.

2- غیر واضحه فی الأصل.

3- حمره تضرب إلی سواد ، اللسان ، حوی.

4- مختلف الریح وصوت الصدی أیضا ، اللسان ، صوی.

5- ولد الناقه ، وقیل : هو الحوار ، اللسان ، بوا.

6- المنصف ، 2 / 211 وشرح المفصل ، 10 / 119.

7- المفصل ، 393.

احواوی ، والأصل احواوو بفتح الواو الأخیره لوجوب فتح آخر الفعل الماضی وقبلها فتحه أیضا فقلبت ألفا لتحرکها وانفتاح ما قبلها صار احواوی ولم یقولوا : احواوّ بالإدغام لفوات المثلین لانقلاب الواو الأخیره ألفا کما ذکرنا فلم یدغم لذلک ، کما لم یدغم فی قوی لفوات المثلین وهذا التعلیل أسدّ مما ذکره فی المفصّل (1) فإنه قال ما معناه : إنّهم لو أدغموا فی احواوی الماضی لأدغموا فی المضارع فیلزم أن تضمّ الواو فی یحواوّ المضارع لوجوب تحریک الحرف المدغم فیه فکان یلزم ضمّ الواو فی یحواو فی الرفع وهم / یستثقلون الضمّه علی الواو ولذلک قالوا : هو یغزو ویسرو ، فأسکنوها رفعا فی المضارع استثقالا لضمّها فلو أدغموا نحو : یحواوّ لوقعوا فیما فروا منه وهو تعلیل لیس بطائل ، لأنّه کان من الجائز أن یدغموا فی احواو الماضی دون المضارع کما أدغموا حیی الماضی فقالوا حیّ زید ، دون المضارع الذی هو : یحیی علی ما تقدّم ، وأمّا مصدر نحو : احواوی فیجیء علی وجهین : (2)

أحدهما : احویواء علی وزن افعیعال والأصل : احویوای مثل اشهیباب فقلبوا الیاء الأخیره المتطرفه همزه کما قلبت فی کساء وعلی هذا فقد اجتمع فی المصدر المذکور أعنی احویواء الیاء والواو الثانیه وسبقت إحداهما بالسکون ومع ذلک لم تقلب الواو یاء وتدغم الیاء فی الیاء علی القاعده قالوا : لأنّه مثل سویر الأمیر لأنّ الیاء فی المصدر المذکور بدل من الألف الأولی فی احواوی الفعل ، فإنها انقلبت یاء لانکسار ما قبلها فی المصدر کما أنها فی سویر بدل من الألف فی سائر.

ثانیهما : احویّاء وهو مذهب سیبویه (3) وذلک أنه لما اجتمعت الیاء والواو الثانیه فی احویواء وسبقت إحداهما بالسکون قلبت الواو یاء وأدغمت الیاء فی الیاء علی القاعده بقی : احویّاء. وإذا بنی من الحوّه ونحوها فعل علی افعللت مثل احمررت قیل : احوویت ویجیء مصدره علی وجهین أیضا :

أحدهما : احوواء مثل اقتتالا فکما لم یدغموا فی اقتتال لم یدغموا فی احوواء.

ص: 305

1- هذا تعلیل ابن الحاجب فی إیضاحه ، 2 / 474 إذ قال بعد رده علی الزمخشری ما نصه : «فالوجه ما ذکرناه من أن امتناع الإدغام إنما یکون لأنه لم یلتق مثلان ، وهذا جار فی کل ما کان علی هذا الوجه».

2- المنصف ، 2 / 221.

3- الکتاب ، 4 / 404 والمقتضب ، 1 / 177.

ثانیهما : حوّاء مثل قتّالا ، وهو مذهب الأخفش فإنه نقل حرکه الواو الأولی من احوواء إلی الحاء فاستغنی عن همزه الوصل وأدغمت الواو فی الواو بقی حوّاء کما فعلوا فی اقتتال فصار قتّالا.

الفصل التاسع فی الإدغام

اشاره

وهو بتشدید الدّال فی عباره البصریین وبتخفیفها فی عباره الکوفیین (2) والإدغام فی اللغه إدخال شیء فی شیء ، ولذلک سمّی هذا الباب إدغاما حیث کان اتصال الحرفین بالإدغام کأنّه إدخال حرف فی حرف ، وأمّا فی الاصطلاح فهو تشدید حرف متحرک لفظا أو حکما بإیصال ساکن قبله من جنسه (3) والغرض به طلب التخفیف لأنّ المثلین یثقل النطق بهما لأنک تعود إذا نطقت بالثانی إلی موضع الأول ، ولذلک شبّه النّطق بهما بمشی المقیّد ، فإذا أدغم أحدهما فی الآخر ارتفع اللسان بهما دفعه واحده (4) والمدغم والمدغم فیه أبدا حرفان ، الأول ساکن والثانی متحرک لأنّ الأوّل إذا تحرّک امتنع اتصاله بالثانی ، لأنّ الحرکه تحول بینهما لأنّ محلّ الحرکه من الحرف بعده ، وجمیع الحروف تدغم ویدغم فیها إلّا الألف لأنّها ساکنه أبدا فلا یمکن إدغام ما قبلها فیها لسکونها / ولا إدغامها فیما بعدها ، لأنّها لیس لها مثل متحرک والتقاء المثلین علی ثلاثه أضرب (5) :

أحدهما : أن یسکّن الأوّل ولم یکن حرف مدّ ویتحرّک الثانی ، فیجب الإدغام ضروره إذ لا حاجز بینهما من حرکه وغیرها فیشتدّ ازدحامهما فی المخرج فیجب الإدغام نحو : لم یبرح حاتم ولم أقل لک ، فأمّا إذا کان الأوّل حرف مدّ من کلمه أخری ، فإنه لا یدغم فی مثله علی المختار نحو قوله تعالی : (قالُوا وَأَقْبَلُوا)(6)

ص: 306

1- المفصل ، 393.

2- شرح المفصل ، 10 / 121.

3- الکتاب ، 4 / 417.

4- الممتع ، 2 / 631.

5- المفصل ، 393.

6- من الآیه 71 من سوره یوسف.

لزوال المدّ بالإدغام.

ثانیهما : أن یتحرّک الأوّل ویسکّن الثانی فیمتنع الإدغام کقولک : ظللت ، ورسول الحسن ، لأنّ حرکه الحرف الأول تفصل بین المتجانسین ، فیتعذّر الاتصال وقد حکی قوم من بنی بکر بن وائل : أنّهم یسکّنون الأول المتحرک ویحرکون الثانی الساکن ویدغمون لثقل اجتماع المثلین (1) فیقولون فی مثل رددن ومررن : ردّن ومرّن (2).

ثالثها : أن یتحرّکا وهو علی ثلاثه أوجه : ما یجب فیه الإدغام ، وما یجوز ، وما یمتنع.

ذکر ما یجب فیه الإدغام

وهو أن یلتقیا فی کلمه واحده ولیس أحدهما للإلحاق ولا فی معنی الانفصال ، ولم یؤدّ الإدغام إلی لبس ولم یکن قبل الأول ساکن ، فإذا حصلت هذه الشرائط وجب الادغام نحو ، ردّ ویردّ ، وفرّ یفرّ واحمرّ یحمرّ وما أشبهها إلّا إذا اضطر الشاعر فیردّه إلی الأصل کقوله : (4)

مهلا أعاذل قد جرّبت من خلقی

أنّی أجود لأقوام وإن ضننوا

ذکر ما یجوز فیه الإدغام والإظهار

وهو أن یکون المثلان المتحرکان منفصلین أی فی کلمتین وأن یکون ما (6) قبلهما إما متحرکا أو حرف مدّ نحو : هو ینعت تلک ، والمال لزید ، وثوب بکر ، لقیام

ص: 307

1- الکتاب 3 / 535 وشرح الشافیه ، 3 / 245.

2- فی حاشیه ابن جماعه ، 1 / 331 ولا یؤبه بهؤلاء ولا یعتد بلغتهم.

3- المفصل ، 393.

4- البیت لقعنب بن أمّ صاحب ورد منسوبا له فی الکتاب ، 1 / 29 - 3 / 316 - 535 والنوادر ، 44 والمنصف ، 2 / 303 ولسان العرب ، ضن وورد من غیر نسبه فی المقتضب ، 1 / 142 - 253 - 3 / 3 / 354 والخصائص ، 1 / 257 والمنصف ، 1 / 339 - 2 / 69 وشرح الشافیه للجاربردی ، 1 / 330 - 331 ، وقد قال سیبویه ، 1 / 29 : واعلم أن الشعراء إذا اضطروا إلی ما یجتمع أهل الحجاز وغیرهم علی إدغامه أجروه علی الأصل.

5- المفصل ، 393.

6- زیاده یقتضیها السیاق.

حرف المدّ مقام الحرکه لأنّ زمانه أطول من زمان غیره ، فإن سکّن ما قبلهما ولم یکن الساکن حرف مدّ ، لم یجز الإدغام لأنک تسکّن الحرف الذی تحاول إدغامه ، وقبله ساکن غیر مدّه فیجتمع ساکنان علی غیر حدّه ، ومما یجوز فیه الإدغام والإظهار أیضا أن یکون المتحرکان بالشرائط المذکوره فی حکم الانفصال نحو : اقتتل فمن أدغم نقل حرکه التاء الأولی إلی القاف وأدغم التاء فی التاء فتسقط همزه الوصل للاستغناء عنها فیبقی : قتّل (1) ویجوز فیه فتح القاف وکسرها ، وإنّما جاز فی ذلک الإدغام والإظهار لجریانه مجری المتصلین من وجه ، ومجری المنفصلین من وجه ، أما وجه الاتصال فلأنّ تاء الافتعال وتاء قتل التی هی عین الفعل مثلان فی کلمه واحده فجاز الإدغام لاجتماع المثلین فی کلمه واحده ، وأمّا وجه الانفصال فلأنّ تاء الافتعال اتفق فی اقتتل أنّه وقع بعدها مثلها ، ولیس ذلک مطردا ، فإنه / لا یلزم أن یکون بعدها تاء أبدا فإنه قد یقال : اقتسم وافتقر فکانتا کالمنفصلین فی نحو : أنعت تلک ، إذ قد یکون معها غیر التاء نحو : اضرب تلک فمن أظهر فلهذا ، أعنی لکونهما فی حکم المنفصلین.

ذکر ما یمتنع فیه الإدغام

وهو علی ثلاثه أضرب :

فالأول : أن یکون أحدهما للإلحاق نحو : قردد وجلبب فإنهما ملحقان بجعفر ودحرج فلو أدغم لخرج عمّا ألحق به فیمتنع الإدغام لذلک.

والثانی : أن یؤدی فیه الادغام إلی لبس مثال بمثال نحو : سرر (3) وطلل (4) وجدد (5) فلو أدغم بقی : سرّ وطلّ وجدّ فیلتبس فعل بضمّ العین بفعل بتسکین العین فیمتنع لذلک (6).

الثالث : أن ینفصلا ویکون ما قبل الأول حرفا ساکنا غیر مدّه نحو : قرم ملک

ص: 308

1- الممتع ، 2 / 638.

2- المفصل ، 393.

3- جمع سریر وکذا أسره ، اللسان ، سرر.

4- ما شخص من آثار الدیار ویجمع علی أطلال وطلول ، اللسان ، طلل.

5- جمع جدید ، کسریر وسرر : اللسان ، جدد.

6- الممتع ، 2 / 644 - 645.

وعدوّ ولید ، فیمتنع لاجتماع الساکنین لا علی شرطه لأنّک لو أدغمت میم قرم فی میم ملک لالتقت راء قرم والمیم الأولی علی غیر شریطه اجتماع الساکنین ، وهذا قول النحویین ، والقرّاء مطبقون علی صحّه إدغام مثل ذلک (1) ویقع الإدغام فی المثلین وفی المتقاربین لکن بعد جعلهما مثلین ، لیمکن الادغام ، ومعرفه التقارب والتباعد یبتنی علی معرفه مخارج الحروف فلذلک وجب ذکرها.

القول علی مخارج الحروف

اشاره

وهی سته عشر مخرجا فی جلیل النّظر ، وأمّا فی دقیق النّظر فلکلّ حرف مخرج فللهمزه والهاء والألف اللینه أقصی الحلق وهو أول المخارج ، وللعین والحاء أوسط الحلق وهو ثانیها ، وللعین والخاء أدنی الحلق إلی الفم وهو ثالثها ، وللقاف أقصی اللسان فما فوقه من الحنک الأعلی وهو رابعها ، وللکاف من اللسان والحنک ما یلی مخرج القاف وهو خامسها ، وللجیم والشین والیاء وسط اللسان وما یحاذیه من وسط الحنک الأعلی وهو سادسها ، وللضاد أول حافّه اللسان وما یلیها من الأضراس وهو سابعها (3) ، وللّلام ما دون أول حافه اللسان إلی منتهی طرفه بینها وبین ما یلیها من الحنک الأعلی فویق الضّاحک والناب والرباعیّه والثنیه وهو ثامنها ، وللنون ما بین طرف اللسان وبین فویق الثّنایا وهو تاسعها ، وللرّاء ما هو أدخل فی ظهر اللّسان قلیلا من مخرج النون منحرفا إلی مخرج الّلام وهو عاشرها ، وللطّاء والدّال والتّاء ما بین طرف اللسان وأصول الثنایا وهو حادی عشرها ، وللصّاد والسین والزای ما بین طرف اللّسان والثنایا وهو ثانی عشرها ، وللظاء والذال والثاء ما بین طرف اللسان وأطراف الثنایا العلیا وهو ثالث عشرها ، وللفاء بطن الشفه السفلی وأطراف الثنایا العلیا وهو

ص: 309

1- تری حدیثا مسهبا حول هذا الخلاف فی إیضاح المفصل ، 2 / 478 وقد انتهی ابن الحاجب منه إلی القول : إنّ الرجوع إلی القراء أولی. وانظر لذلک شرح المفصل ، 10 / 123 ومناهج الکافیه ، 2 / 235 وشرح الشافیه للجاربردی ، 1 / 333 - 334.

2- المفصل ، 393 - 394.

3- قال ابن الحاجب فی إیضاح المفصل ، 2 / 480 : «وسواء أخرجها من الجانب الأیمن أو الأیسر علی حسب ما یسهل لبعض الأشخاص فیها دون بعض ، وأکثر الناس علی إخراجها من الجانب الأیسر» ولم یصرح الزمخشری بواحد منهما وانظر الکتاب ، 4 / 432.

رابع عشرها ، وللباء والمیم والواو ما بین الشفتین وهو خامس عشرها ، فهذا الذی عدّه صاحب المفصّل وهو خمسه عشر مخرجا ، وترک السادس عشر وهو الخیشوم وله النون / الخفیه کما ستذکر ، ولکن یشکل بإنحصار الحروف التسعه والعشرین فی المخارج الخمسه عشر المذکوره فلم یبق شیء من التسعه والعشرین حتّی یکون مخرجه هو السادس عشر (1).

ذکر عدد الحروف

قال الزمخشریّ : وهو یرتقی إلی ثلاثه وأربعین حرفا ، فالأصول تسعه وعشرون علی ما هو المشهور (3) أولها : الهمزه وصوّرت بصوره الألف ، وصورتها وصوره الألف اللینه واحده ، کالباء والتاء فاللفظ مختلف والصوره واحده ، وکان المبرّد یعدّ الحروف ثمانیه وعشرین حرفا أولها الباء وآخرها الیاء ویدع الهمزه ویقول : لا صوره لها لأنّها تکتب تاره واوا وتاره یاء وتاره ألفا فلا تعدّ مع التی أشکالها محفوظه معروفه (4) والصواب : أنّ الهمزه من حروف المعجم ، وصورتها الألف علی الحقیقه وإنّما کتبت بغیر الألف إذا خففّت ألا تری إذا وقعت أولا لم تکتب إلّا ألفا نحو : أعلم أحمد أترجّه ، وذلک لمّا وقعت أولا ولم یمکن تخفیفها ، فأمّا الألف اللینه التی فی نحو : قال وباع فلا یمکن النطق بها منفرده فإنّها مدّه ولا تکون إلّا ساکنه (5) وتتتفرّغ من هذه التسعه والعشرین سته أحرف مأخوذ بها فی القرآن وفی کلّ کلام فصیح ، وثمانیه أحرف مستهجنه غیر مأخوذ بها فی اللغه الفصیحه.

أما السته المأخوذ بها فی اللغه الفصیحه فالنون الخفیفه وتسمّی الخفیّه وهمزه

ص: 310

1- قال ابن الجزری فی النشر ، 1 / 198 : وقد أختلفوا فی عددها فالصحیح المختار عندنا وعند من تقدمنا أنها سبعه عشر مخرجا ، وقال کثیر من النحاه والقراء : هی سته عشر فأسقطوا مخرج الحروف الجوفیه ، التی هی حروف المدّ ، والمیم وجعلوا مخرج الألف من أقصی الحلق والواو من مخرج المتحرکه وکذلک الیاء وذهب قطرب والجرمیّ والفراء وابن درید وابن کیسان إلی أنها أربعه عشر فأسقطوا مخرج النون والّلام والراء وجعلوها من مخرج واحد وهو طرف اللسان ، والصحیح عندنا الأول. بتصرف.

2- المفصل ، 394.

3- العین ، للخلیل ، 1 / 64 والکتاب ، 431 - 434.

4- المقتضب ، 1 / 192 وسر الصناعه لابن جنی ، 46.

5- سر الصناعه ، 46 - 48.

بین بین وألف التفخیم وألف الإماله ، والشین التی کالجیم ، والصّاد التی کالزای (1).

أمّا النون الخفیفه : فالمراد بها النون الساکنه فی نحو : منک وعنک ومخرجها من الخیشوم وإنّما تخرج من الخیشوم إذا ولیها حرف من خمسه عشر حرفا وهی القاف والکاف والجیم والشین والصّاد والضّاد والسین والزای والطّاء والدّال والباء والظّاء والذّال والثّاء (2) والفاء ، فإنّ النون متی سکّنت وکان بعدها حرف من هذه الحروف فهی النون الخفیفه ، ومخرجها من الخیشوم ولا علاج للفم فی إخراجها لاختلالها بإمساک الأنف ، والخیشوم الذی هو مخرجها هو أقصی داخل الأنف حیث ینجذب إلی داخل الفم فإن لم یکن بعدها حرف أو کان ولکن من غیر الخمسه عشر المذکوره فهی التی من الفم ولیست بالخفیفه (3).

وأمّا همزه بین بین فهی التی تجعل بین الهمزه وبین الحرف الذی منه حرکتها ، فالمکسوره تکون بین الهمزه والیاء ، والمضمومه بین الهمزه والواو ، والمفتوحه بین الهمزه والألف ، فعلی ذلک تکون همزه بین بین ثلاثه أحرف فتصیر الحروف المتفرعه المأخوذ بها فی اللغه الفصیحه ثمانیه لا سته وإذا انضمت الثمانیه إلی التسعه والعشرین صارت سبعه وثلاثین.

وأما ألف التفخیم : فهی التی ینحی بها نحو الواو کقولهم : الصلوه والزکوه / وکتبت بالواو تنبیها علی ذلک (4).

وأمّا ألف الإماله وتسمّی ألف الترخیم (5) : لأنّ الترخیم تلیین الصوت وتنقیص (6) الجهر فیه ، وهی التی ینحی بها نحو الیاء کقولک : عالم وأمّا الشین التی کالجیم ففی نحو : أشدق إذا أشربتها صوت الجیم لأنّ الشین حرف مهموس رخو

ص: 311

1- الکتاب ، 4 / 432 - والمقتضب ، 1 / 194 وشرح الشافیه ، 3 / 254 - 255.

2- غیر واضحه فی الأصل. وانظر شرح المفصل ، 10 / 126.

3- نقل الرضی عن السیرافی قوله : ولو تکلف متکلف إخراجها من الفم مع هذه الخمسه عشر لأمکن بعلاج وعسر. شرح الشافیه ، 3 / 255 وانظر الکتاب ، 4 / 432.

4- وهی لغه أهل الحجاز ، ومن یلیهم من العرب ، ومن یلیهم من ناحیه العراق إلی الکوفه وبغداد ، الکتاب ، 4 / 432 وابن جماعه ، 1 / 339.

5- قال الجاربردی ، 1 / 339 : ویسمیه سیبویه ألف الترخیم ، لأن الترخیم تبیین الصوت ونقصان الجهر فیه.

6- غیر واضحه فی الأصل.

والدّال مجهور شدید فتباینا ، فقرّب بینهما بإشراب الجیم لأنّها قریبه من مخرج الشین وموافقه للدّال فی الشّدّه والجهر. وأمّا الصّاد التی کالزای فکقولک فی مصدر : مصدر بإشمام الصّاد الزای للمناسبه علی نحو ما تقدّم.

وأمّا الثمانیه المستهجنه (1) وهی التی لا یؤخذ بها فی اللغه الفصیحه (2) :

1 - الکاف التی کالجیم قالوا : وهی فی لغه بعض الیمن (3) یقولون فی جمل : کمل.

2 - الجیم التی کالکاف : وهی مثل الکاف التی کالجیم وهما جمیعا شیء واحد ، إلّا أن أصل أحدهما الکاف ، وأصل الآخر الجیم وهما مما یعسر تحقیقهما فإنّ إشراب الکاف صوت الجیم وبالعکس متعذّر.

3 - الجیم التی کالشین وعکسها وتقع فی الجیم الساکنه إذا کان بعدها تاء أو دال نحو : اجتمعوا والأجدر ، وإنّما کانت الجیم کالشین مستقبحه وعکسها أعنی الشین کالجیم مستحسن حسبما تقدم لأنّه کره اجتماع الشین والدال للتباین کما تقدّم فی الحروف السته المأخوذ بها فی اللغه الفصیحه وکان إشمام الشین الجیم مستحسنا ولم یکره اجتماع الجیم مع الدال أو التاء لعدم التباین فلم یحسن إشمام الجیم الشین ، لأنّه انتقال إلی المباین فلذلک حسنت الشین التی کالجیم وقبحت الجیم التی کالشین.

4 - الضاد الضعیفه (4) : وهی تخرج من طرف اللسان وأطراف الثنایا فتخرج بین الضاد والظاء (5) وقال ابن الحاجب (6) : کما ینطق بها أکثر النّاس الیوم ، ممن

ص: 312

1- المفصل ، 394.

2- هی غیر مستحسنه ولا کثیره فی لغه من ترتضی عربیته ولا تستحسن فی قراءه القرآن ولا فی الشعر ، الکتاب ، 4 / 432 وشرح الشافیه ، للجاربردی 1 / 339.

3- وفاشیه فی لغه البحرین ، شرح الشافیه ، 3 / 257.

4- قال ابن الحاجب فی إیضاح المفصل ، 2 / 484 : ویعنی التی لم تقو قوّه الضاد المخرجه من مخرجها ولم تضعف ضعف الظاء المخرجه من مخرجها فکأنها بینهما وانظر الکتاب ، 4 / 432.

5- قال الرضی فی شرح الشافیه ، 3 / 256 : قال السیرافی إنها لغه قوم لیس فی لغتهم ضاد ، فإذا احتاجوا إلی التکلم بها فی العربیه اعتضلت علیهم ، فربما أخرجوها ظاء لإخراجهم إیاها من طرف اللسان وأطراف الثنایا وربما تکلّفوا إخراجها مخرج الضاد فلم یتأت لهم فخرجت بین الضاد والظاء.

6- إیضاح المفصل ، 2 / 484.

یقصد الفرق بین الضّاد والظّاء.

5 - الصاد التی کالسین : نحو قولک فی صبغ : سبغ.

6 - الطاء التی کالتاء : وهی التی تسمع من بعض الأعاجم کثیرا ، کقوله فی طالب : تالب (1).

7 - الظاء التی کالثاء : نحو قولک فی. ظلم : ثلم (2).

8 - الباء (3) التی کالفاء نحو قولک فی : بور فور (4) ، قال ابن الحاجب فی شرح المفصل : وبقی حرف لم یتعرّض له ، وإن کان ظاهر الأمر أنّ العرب تتکلّم به وهی القاف التی کالکاف کما ینطق بها أکثر العرب الیوم (5) وإذا ضممت هذه الثمانیه والقاف التی کالکاف إلی السبعه والثلاثین ، صارت الحروف سته وأربعین (6).

القول علی تقسیم الحروف بحسب صفاتها

اشاره

وهی تنقسم إلی المجهوره والمهموسه والشدیده والرخوه وما بین الشدیده والرخوه ، والمطبقه والمنفتحه والمستعلیه والمنخفضه ، وحروف القلقله وحروف الصفیر وحروف الذلاقه والمصمته واللینه والمنحرف والمکرر والهاوی والمهتوت (8).

ص: 313

1- قال الجاربردی ، 1 / 339 : وهی فی لسان أهل العراق کثیره کقولهم فی طالت : ثالث وفی السلطان السلتان ، وینشأ ذلک من لغه العجم لأن الطاء لیست فی لغتهم فإذا احتاجوا إلی النطق بشیء من العربیه فیه طاء تکلفوا ما لیس من لغتهم فصعب نطقهم.

2- قال ابن جماعه ، 1 / 339 زاد فی التسهیل الظاء کالثاء نحو ثالم فی ظالم. وانظر التسهیل ، 320.

3- فی الأصل : الثاء التی کالفاء ... فی ثور والتصویب من الکتاب ، 4 / 432 والمفصل ، 394 وإیضاح المفصل ، 2 / 484 والتسهیل ، 320 وشرح المفصل ، 10 / 128 وشرح الشافیه للجاربردی ومعه حاشیه ابن جماعه ، 1 / 339 والمساعد ، 4 / 245 وفی کثیر من هذی المصادر «وهی کثیره فی لغه الفرس وغیرهم» انظر شرح الشافیه ، 3 / 256.

4- البور جمع بائر ، وهو الهالک اللسان ، بأر ، وشرح الجاربردی ، 1 / 339.

5- إیضاح المفصل ، 2 / 484.

6- الکتاب ، 4 / 432.

7- المفصل ، 394.

8- الکتاب ، 4 / 434 - 436 والمقتضب ، 1 / 294 وشرح المفصل ، 2 / 671 - 678 والممتع ، 2 / 671 وشرح الشافیه ، للجاربردی ، 1 / 340 وشرح الشافیه ، 3 / 257.

أمّا المجهوره :/ (1) فتسعه عشر حرفا ویجمعها النصف الثانی من هذا البیت مع النون والزای وهو : (2)

الکظم أعظم ما فی المرء من خلق

إذ قدّ طبع غویّ ظالم ضجر

وهذا ترتیبها فی النظم ، ألف ، ذال ، قاف ، دال ، طاء ، باء ، عین ، غین ، واو ، یاء ، ظاء ، ألف لام ، میم ، ضاد ، جیم ، راء ، نون ، زای ، وقد ذکر الألف مرتین والمراد بالألف الأولی الهمزه ، وبالثانیه الألف اللینه التی لا یمکن النطق بها منفرده وإنّما سمیت مجهوره لأنّها قویه مانعه للنّفس أن یجری معها عند النطق بها ولم تخرج إلّا بصوت قوی شدید.

وأمّا المهموسه : فعشره أحرف ویجمعها : ستشحثک خصفه وهی : سین ، تاء ، شین ، حاء ، ثاء ، کاف ، خاء ، صاد ، فاء ، هاء ، وهی ما عدا المجهوره وهی ضد المجهوره لأنّها حروف ضعیفه یجری معها النّفس لضعفها عند النطق بها ألا تری أنک إذا کررت بعض الجمهوره وجدت النّفس محصورا بحیث لا یحسّ مع النطق بها بشیء من النّفس نحو : ققق ، بخلاف المهموسه نحو ککک ، فإنک تجد النّفس معها کلها فی حال النطق بها ، لأنّه لم یقو الاعتماد علیها فی موضعها فیمنع النّفس کما منعته المجهوره (3).

وأمّا الشدیده : فثمانیه (4) ویجمعها : أجدک قطبت وهی : ألف ، جیم ، دال ، کاف ، قاف ، طاء ، باء ، تاء ، ومعنی الشدّه انحصار صوت الحرف فی مخرجه ولزومه له حتّی امتنع صوت غیره أن یجری معه عند النّطق به (5).

وأمّا الرخوه : فثلاثه عشر حرفا (6) وهی : تاء ، حاء ، ذال ، زای ، سین ، شین صاد ، ضاد ، ظاء ، غین ، فاء ، هاء ، ومعنی الرخاوه ضد معنی الشدّه ویعرف التباین

ص: 314

1- لم أهتد إلی قائله.

2- المفصل ، 395.

3- الکتاب ، 4 / 434 وإیضاح المفصل ، 2 / 486 وشرح المفصل ، 10 / 129.

4- المفصل ، 395.

5- الکتاب ، 4 / 434 والمقتضب ، 1 / 195 والممتع ، 2 / 672.

6- المفصل ، 395.

بین الشدیده والرخوه أنک إذا وقفت علی حرف من الحروف الشدیده نحو الجیم فی نحو : الحجّ ، وجدت صوت الجیم واقفا منحصرا لازما لموضعه لا تقدر علی مدّه ، وإذا وقفت علی حرف من الرخوه وجدته بخلاف ذلک نحو : الطشّ فتجد الصوت به جاریا وتقدر علی مدّه إذا شئت (1) والطشّ : المطر الضعیف.

وأمّا التی بین الرخوه والشدیده : فثمانیه (2) ؛ ویجمعها : لم یروّعنا (3) وهی لام ، میم ، یاء ، راء ، واو ، عین ، نون ، ألف ، وهی الألف اللینه ومعنی کونها بین الشدّه والرخاوه أنه لیس فیها ما فی الشدیده من الانحصار ولا ما فی الرخوه من الجریان واللین ، وإنّما هی بین ذلک ألا تری أنّک إذا قلت : لم یتبع ووقفت علی العین وجدت فی الصوت انسلالا وامتدادا إلی موضع الحاء (4).

وأمّا المطبقه : فأربعه (5) وهی : صاد ، ضاد ، طاء ، ظاء ، وسمیت مطبقه لانطباق مخرجها من الّلسان علی ما حاذاه من الحنک فینحصر بین اللّسان والحنک الأعلی (6) وأقواها فی الإطباق الطّاء وأضعفها فیه / الظاء ، والصّاد والضّاد متوسطتان.

وأما المنفتحه (7) : فجمیع الحروف بعد المطبقه فتکون عده المنفتحه خمسه وعشرین حرفا ، وإنّما سمیت منفتحه لأنّها لا تنحصر بین اللّسان والحنک بل یبقی ما بین اللّسان والحنک مفتوحا عند النطق بها (8) وبعضها لیس مخرجه من اللّسان وهو مع ذلک منفتح نحو : حروف الحلق.

ص: 315

1- شرح الشافیه ، 3 / 360.

2- المفصل ، 395.

3- هی فی الأصل مشدده ، قال ابن جماعه ، 1 / 342 عن «لم یروعنا» ما نصه : الظاهر أن هذا الفعل من الروایه ، وقد جمعت أیضا فی : ولینا عمر ولم یرعونا ، وجمعها ابن مالک فی : لم یروعنا من الروع ، قال أبو حیان : وعدل عن قولهم. لم یروّعنا إلی لم یروعنا لأنه قصد أن لا یکرر حرفا قال : وهو لحظ حسن» وانظر التسهیل ، 320 ومناهج الکافیه ، 2 / 341.

4- شرح المفصل ، 10 / 129.

5- المفصل ، 395.

6- الکتاب ، 4 / 436.

7- المفصل ، 395.

8- الکتاب ، 4 / 346.

وأمّا المستعلیه : فسبعه (1) الأربعه المطبقه والخاء والغین والقاف والاستعلاء ارتفاع اللّسان إلی الحنک أطبقت أو لم تطبق.

وأمّا المنخفضه : فما عدا المستعلیه فتکون اثنین وعشرین حرفا ومعنی الانخفاض ضد الاستعلاء أی أن اللسان لا یستعلی بها عند النطق إلی الحنک کما یستعلی بالمستعلیه (2).

وأمّا حروف القلقله (3) : فخمسه ویجمعها : قد طبج ، وهی : القاف والدّال والطّاء والباء والجیم ، والطّبج الضّرب علی الشیء الأجوف ، والقلقله ما یحسّ به عند الوقوف علیها من شدّه الصّوت المتصّعد من الصّدر مع الحفز والضّغط ، والحفز : الدّفع ، والضّغط : الزّحم ، وبعضها فی ذلک أشدّ من بعض وأبینها فی ذلک القاف ، وإنّما یظهر ذلک فیها عند الوقف فإذا وصلت لم یکن ذلک (4).

وأمّا حروف الصفیر (5) : فثلاثه وهی : الزای والسین والصاد ، وسمیت بذلک لأنّ الصوت عند النّطق بها یشبه الصفیر (6).

وأمّا حروف الذّلاقه : فسته (7) ویجمعها : مر بنفل ، والنّفل بتسکین الفاء : العطیّه وهی المیم والرّاء والباء والنون والفاء والّلام ، وسمیت بذلک للاعتماد فی إخراجها علی ذلق اللّسان وهو طرفه (8).

وأمّا المصمته : (9) فما عدا الذّلقیّه ، فتکون المصمته ثلاثه وعشرین حرفا وسمّیت مصمته لأنّه لا یکاد أن یتکلّم بکلمه رباعیّه أو خماسیّه مرکّبه من المصمته وحدها بل لا بدّ أن یکون فیها حرف من حروف الذّلاقه فمتی رأیت کلمه علی تلک

ص: 316

1- المفصل ، 395.

2- الکتاب ، 4 / 436 والممتع ، 2 / 675 وشرح الشافیه ، 2 / 262.

3- المفصل ، 395.

4- شرح الجاربردی ، 1 / 342.

5- المفصل ، 395.

6- شرح المفصل ، 10 / 130.

7- المفصل ، 395.

8- إیضاح المفصل ، 2 / 488.

9- المفصل ، 395.

العده ولیس فیها حرف من حروف الذلاقه فلیست بعربیّه فی الأصل (1) وذلک نحو : عسجد (2).

وأمّا اللینه (3) : فهی الواو والألف والیاء وسمیت باللینه لما فیها من قبول التطویل لصوتها وهو معنی اللّین فإذا وافقها ما قبلها فی الحرکه فهی حرف مدّ ولین ، فالألف حرف مدّ ولین أبدا ، والواو والیاء بعد الفتحه حرفا لین ، والواو بعد الضمّه والیاء بعد الکسره حرفا مدّ ولین ، والألف أشدّها امتدادا لأنّه أوسع مخرجا (4).

وأمّا المنحرف : (5) فهو الّلام وهو حرف شدید جری فیه الصوت لانحراف اللّسان مع الصوت ، وسمی منحرفا لانحراف اللّسان فیه مع الصوت الخارج من ناحیتی مستدقّ اللّسان (6).

وأمّا المکرر : فهو الراء (7) سمی بذلک لتکرره عند الوقوف علیه فیتعثّر طرف اللّسان بما فیه من التکریر کقولک : سرّ ونحوه ، ویسمّی منحرفا أیضا لانحرافه إلی مخرج الّلام (8).

وأمّا الهاوی : / فهو الألف (9) والمراد به الألف اللینه لا الهمزه وسمّی الهاوی لأنّه صوت لا معتمد له فی الحلق ولکن یهوی من مخرجه إذا مددته من غیر عمل عضو فیه ، ویتسع مخرجه لهواء الصوت أشد من اتساع مخرج الیاء والواو (10).

وأما المهتوت : فالتاء لضعفها وخفائها (11) قال السّخاوی : کذا رأیته فی نسخ

ص: 317

1- الممتع ، 2 / 676 وشرح الشافیه ، 3 / 262.

2- وهو الذهب.

3- المفصل ، 395.

4- الکتاب ، 4 / 435 - 436.

5- المفصل ، 395.

6- فی إیضاح المفصل ، 2 / 489 : والمنحرف اللام لأن اللسان عند النطق ینحرف إلی داخل الحنک ولذلک سمی منحرفا وجری فیه الصوت ...

7- المفصل ، 396.

8- الکتاب ، 4 / 435 وشرح الشافیه ، 3 / 264.

9- المفصل ، 396.

10- الکتاب ، 4 / 435 - 436.

11- قال فی المفصل ، 396 : والمهتوت التاء لضعفها وخفائها.

المفصّل وأحسبه من غلط النقل (1) فإنّ المهتوت إنّما هو الهاء لضعفها وخفائها قال الخلیل (2) : ولو لا هتّه فی الهاء لأشبهت الحاء ، والهتّ الإسراع فی الکلام ، وأراد الخلیل بهتّه الهاء العصره التی قبلها دون الحاء (3).

ذکر ألقاب الحروف المذکوره علی رأی الخلیل

وهو یسمی الکاف والقاف لهویتین لأنّ مبدأهما من اللهاه ، واللهاه : ما بین الفم والحلق (5) والجیم والشین والضّاد شجریّه لأن مبدأها من شجر الفم وهو مفرجه أی مفتحه ، والصّاد والسین والزای أسلیّه لأنّ مبدأها من أسله اللّسان أی رأسه ، والطّاء والدّال والتّاء نطعیه ؛ لأنّ مبدأها من نطع الغار الأعلی ، والنطع بکسر النون ما ظهر من الغار الأعلی فیه آثار کالتحزیز ، والظّاء والذّال والثّاء لثویه لأنّ مبدأها من اللّثه وهی اللّحم الذی فیه الأسنان ، والرّاء والّلام والنون ذولقیه ، لأنّ مبدأها من ذولق اللّسان ، وذولق اللسان وذلقه بتسکین اللّام واحد ، وهو طرفه والواو والفاء والباء والمیم شفویه وشفهیه ، فالشفویه علی أنّ المحذوف هاء والأصل شفهه لجمعها علی شفاه ، وتصغیرها علی شفیهه ، والألف والواو والیاء جوفاء واحدها أجوف ؛ لأنّ انقطاع مخرجهنّ آخره الجوف ، وزاد غیر الزمخشریّ (6) معهما الهمزه لاتصال مخرجها بالجوف أیضا.

القول علی کیفیّه الإدغام

متی أرید إدغام حرف فی حرف مقاربه فلا بدّ من قلب أحدهما إلی الآخر ، والقاعده قلب الأوّل إلی لفظ الثانی ، لیصیرا مثلین ثم یدغم الأوّل فی الثانی لاستحاله

ص: 318

1- وممن ذهب إلی أن المهتوت هو التاء ، ابن الحاجب فی إیضاح المفصل ، 2 / 490 وابن یعیش فی شرحه ، 10 / 124 - 131 والرضی فی شرحه علی الشافیه ، 3 / 264 فی حین نصّ صاحب الممتع ، علی أن المهتوت هو الهاء ، 2 / 676 وتبعه الجاربردی ، 1 / 344 ونقرهکار ، 2 / 243 ونبها علی غلط المفصل.

2- العین ، 1 / 64.

3- ما ذکره أبو الفداء عن المهتوت ، ذکره الجاربردی ، 1 / 344. أیضا.

4- المفصل ، 396.

5- وهی الهنه المطبقه فی أقصی سقف الحلق ، الصحاح ، لها.

6- العین ، 1 / 64.

7- المفصل ، 396.

إدغام المقارب فی مقاربه بدون القلب ، لأنّ الإدغام یصیّر الحرفین کحرف واحد ، لیحصل النطق بهما دفعه واحده ، وذلک مع اختلاف الحرفین محال ، لأنّ لکلّ حرف منهما مخرجا غیر الآخر ، فلذلک وجب قلب الأول وتسکینه إن کان متحرکا ثمّ إدغامه کما إذا أردت إدغام الدّال فی السین فی قوله تعالی : (یَکادُ سَنا بَرْقِهِ)(1) قلبت الدّال سینا وأسکنتها ثمّ أدغمتها فی السین وقلت : (یَکادُ سَنا بَرْقِهِ) وکذلک التاء فی الطّاء فی قوله تعالی : (وَقالَتْ طائِفَهٌ)(2) والمتقاربان (3) حکمهما فی الاتصال والانفصال کحکم المتماثلین فالمتصلان / ما کانا فی کلمه واحده والمنفصلان ما کانا فی کلمتین ، فإن التقی المتقاربان فی کلمه واحده نظر فإن کان إدغامهما مما یؤدی إلی لبس لم یجز الإدغام نحو : کنیه فلا یقال : کیّه بإدغام النون فی الیاء لئلا یلتبس فیظنّ أنه من مضاعف الیاء ، وکذلک لا یقال فی شاه زنماء : زمّاء وهی من المعز ما له لحیه ، ولا فی غنم زنم. زمّ لئلا یتوهم أنه مثل شمّاء وشمّ ولا فی عتد ، وهو الشدید التّام الخلق : عدّ ، بقلب التاء دالا ، وإدغام الدّال ، لأنّه یلبس بالعدّ من العدد ، وکذلک لا یقال فی وتد یتد : یدّ لتوالی إعلالین وهما حذف الواو من یوتد لوقوعها بین یاء وکسره ثم قلب التاء (4) إلی الدّال للإدغام ومن ثمّ لم یبنوا نحو ماضی وددت علی الفتح لأنّهم لو بنوه علی الفتح لقالوا فی مضارعه یودد علی یفعل بکسر العین وکان یجب حذف الواو لوقوعها بین یاء وکسره فکان یبقی : یدد ثم یدغم فیبقی : یدّ فیتوالی إعلالان فلذلک قالوا : وددت بالکسر لیکون المضارع علی یودد بالفتح ، فتسلم الواو مثل یوجل ، وقالوا فی مصدر وطد ووتد : طده وتده ولم یقولوا : وطدا ووتدا ، لأنّه مستثقل إن لم یدغم ، وملبس إن أدغم إذ لو قلبوا الطاء والتاء فی وطدا ووتدا ، وأدغموا لصار ودّا فیلبس بقولک : ودّ من غیره (5) ، فأما إذا لم یلبس الإدغام (6) فإنه حینئذ یجوز وذلک نحو : امّحی وهمّرش ، والأصل : انمحی وهنمرش

ص: 319

1- من الآیه 43 من سوره النور.

2- من الآیه 72 من سوره آل عمران.

3- المفصل ، 396.

4- فی الأصل الثاء.

5- الکتاب ، 4 / 455 - 456.

6- المفصل ، 396.

مثل : جحمرش فقلبوا النون وأدغموا لعدم اللّبس (1) والهنمرش : العجوز الکبیره.

وإن التقی المتقاربان فی کلمتین لم یقع بإدغامهما لبس ولا تغییر (2) صیغه لأنّ اللّبس والتغییر إنما یقعان (3) إذا کانا فی کلمه واحده لکن یشترط لصحّه الإدغام فیهما أن لا یکون قبل الحرف الذی (4) ترید إدغامه ساکن صحیح ، لأنّک إن أدغمت وترکت الساکن علی حاله جمعت بین ساکنین علی غیر حدّه وإن ألقیت علیه حرکه الحرف الذی ترید أن تدغمه غیّرت بناء الکلمه ، فأمّا إن کان الساکن قبل الحرف المدغم حرف مدّ جاز الإدغام ، لأنّ المدّ عوض الحرکه.

واعلم أنه لیس بمطلق أن کلّ متقاربین فی المخرج یدغم أحدهما فی الآخر (5) ، ولا أنّ کلّ متباعدین یمتنع الإدغام فیهما فقد یعرض للمقارب من الموانع ما یحرمه الإدغام ، ویتفق للمتباعد من الخواصّ ما یسوغ إدغامه. أمّا ما لم یدغم من المتقارب للموانع :

فمنه : أنهم لم یدغموا حروف ضوی مشفر فی مقاربها لکن یدغم مقاربها فیها ، فلا تدغم المیم فی الباء نحو : أکرم بکرا ولا الشین فی الجیم نحو : نقش جوهر ولا الفاء فی الباء / نحو : أعرف بکرا ولا الراء فی الّلام نحو : اختر له وکذلک لا یدغم فی الضاد ولا فی الواو ولا فی الیاء مقاربها لکن یدغم مقاربها فیها ، وإنما امتنع إدغام حروف ضوی مشفر فی مقاربها لأنّها حروف فیها زیاده علی مقاربها فی الصوت فإدغامها یؤدی إلی الإجحاف بها ، وإبطال ما لها من الفضل علی مقاربها ؛ ففی المیم غنه لیست للباء ، وفی الشین تفشّ واسترخاء لیس للجیم ، وفی الفاء تأفیف لیس فی الباء ، والتأفیف هو الصوت الذی یخرج من الفم عقیب النطق بالفاء ، وفی الراء تکریر لیس فی الّلام ، وفی الضاد استطاله لیست لشیء من الحروف (6) وفی الواو والیاء المدّ ، هذا هو المشهور عند النّحاه لکن القرّاء لا یوافقونهم علیه ، فإنه قد أدغمت

ص: 320

1- الکتاب ، 4 / 455 وشرح المفصل ، 10 / 132 - 133.

2- غیر واضحه فی الأصل.

3- فی الأصل یقع.

4- فی الأصل التی.

5- المفصل ، 397.

6- شرح المفصل ، 10 / 134 والمصنف ینقل منه.

الضّاد فی الشین وفی القراءه الصحیحه فی قوله تعالی : (لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ)(1) وأدغمت الشین فی السین فی قوله تعالی : (إِلی ذِی الْعَرْشِ سَبِیلاً)(2) ، وأدغمت الفاء فی الباء فی قوله : (یخسف بهم) (3) وأدغمت الراء فی الّلام فی قوله تعالی : (یَغْفِرْ لَکُمْ)(4).

ومنه : أنّهم لم یدغموا من حروف الحلق ما کان منها أدخل فی الفم ، فی الأدخل فی الحلق ومعنی ذلک أنّه لا یدغم الأخرج فی الأدخل فلا تدغم الحاء فی الهاء نحو : امدح هلالا ، لأنّ الحاء أدخل فی الفم والهاء أدخل فی الحلق لکن تدغم الهاء فی الحاء نحو : اجبه حاتما ، لأنّ الهاء أدخل فی الحلق ، والحاء أدخل فی الفم أی أقرب إلی الفم ، فلذلک أدغمت الهاء فی الحاء دون العکس (5) وقس علی ذلک وإنّما کرهوا ذلک لأن الأدخل فی الحلق أثقل ، فلو أدغموا الأخرج فیه لقلبوا الأخفّ إلی الأثقل بخلاف العکس وهو إدغام الأدخل فی الأخرج فإنه قلب الأثقل إلی الأخفّ وهو أیضا مثل ما تقدّم من أنّ هذا هو المشهور عند النحاه ولکن قد ثبت فی القراءه الصحیحه خلافه نحو قوله تعالی : (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ)(6) قریء بإدغام الحاء فی العین فأدغموا الأخرج وهو الحاء فی الأدخل وهو العین وهو علی خلاف القیاس عند النّحاه (7).

وأمّا ما یدغم مع التباعد فی المخرج :

فمنه : أنّهم أدغموا الحرف فی الحرف إذا تقاربا فی الصفه نحو الواو والیاء ،

ص: 321

1- من الآیه 62 من سوره النور ، قال الدمیاطی فی الإتحاف ، 24 : «والضاد تدغم فی الشین فی قوله تعالی لبعض شأنهم لا غیر» وذکر ابن جماعه ، 1 / 346 أنها قراءه أبی عمرو بن العلاء ، وانظر النشر ، 1 / 292.

2- من الآیه 42 من سوره الإسراء ، وانظر النشر ، 1 / 292 والإتحاف ، 24.

3- من الآیه 9 من سوره سبأ ، کذا فی الأصل وهی قراءه الجماعه ما عدا أبا عمرو وابن کثیر وقد أدغم ذلک الکسائی وحده لأن الحرفین اشترکا فی المخرج ، وفی منع إدغام لام التعریف فیهما ، انظر الکشف ، 2 / 49 - 156 والاتحاف ، 285 - 357 ، قال ابن جماعه ، 1 / 346 وفی یخسف بهم عن الکسائی ونخسف فی قراءته بالیاء لا بالنون.

4- من الآیه 31 من سوره آل عمران ، وهی لأبی عمرو وحده ، الکشف ، 1 / 157 والاتحاف ، 23 - 137.

5- الممتع ، 2 / 680 وشرح الشافیه ، للجاربردی 1 / 347.

6- من الآیه 185 من سوره آل عمران ، وهی لأبی عمرو ، النشر ، 1 / 290 والاتحاف ، 23 / 183.

7- شرح المفصل ، 10 / 136 ومناهج الکافیه ، 2 / 248.

فلما تقاربا فی صفه المدّ والاستطاله ، قلبت الواو یاء وأدغمت الیاء فی الیاء عند اجتماعهما وسبق إحداهما بالسکون ، وإن تباعد مخرجاهما لأنّ الیاء من وسط الفم والواو من الشفه ، وکذلک النون تدغم فی المیم نحو : من معک ، وهما متباعدان فی المخرج لأنّ النون من اللّسان ، والمیم من الشفه لتقاربهما بالغنه (1) وکذلک ما أدغم من حروف طرف اللسان نحو : التاء والطاء والدال فی الضاد والشین والجیم وإن کانت متباعده فی المخرج ، لأنّ الشین بما فیها من التفشی اتصلت بمخرج / حروف طرف اللّسان وکذلک الجیم وأمّا الضاد فلما فیها من الاستطاله کما سیذکر ذلک مفصلا.

القول علی إدغام کلّ واحد من الحروف

ذکر إدغام الهمزه

وهی التی تسمّی فی أول حروف المعجم بالألف فإذا التقت همزتان فی غیر موضع العین فلا إدغام فیهما بل تعاملان بما تقدّم فی تخفیف الهمز ، فأمّا إذا التقت همزتان فی موضع العین بأن تکون العین مضاعفه نحو : فعّال وفعّل مما عینه همزه فإنّها تدغم قیاسا حینئذ نحو : سأل للکثیر السؤال ، والدّأات اسم واد (3) وأعان علی ذلک وجود المدّه بعدهما کما رأیت من الألف التی بعد الهمزه المدغم فیها فی : سأال والدّأاث لأنّها کالمسهله لأمرهما (4) ولا تدغم الهمزه فی غیر موضع العین ولا تدغم فی نحو : قرأ أبوک لکن روی عن بعض العرب تحقیق الهمزتین فی مثل : قرأ أبوک ولم یسهلوهما علی ما هو الأولی ، فیجوز إدغام الهمزتین حینئذ فی غیر موضع العین علی قول هؤلاء فی نحو : قرأ أبوک وهی لغه ردیئه (5) وأمّا إدغام الهمزه فی مقاربها سواء کانت عینا مضاعفه أو غیرهما فممتنع ، لما ثبت فیها من جواز التخفیف الذی یحصل به سهولتها وعند التخفیف یتعذّر الإدغام ، لأنّها إمّا أن تحذف فلا إدغام وإما أن تسهّل فتصیر کحروف اللین ، فلا إدغام علی أنها همزه بل تدغم علی

ص: 322

1- غیر واضحه فی الأصل.

2- المفصل ، 397.

3- فی معجم البلدان 2 / 416 «به میاه لبنی أسد».

4- شرح المفصل ، 10 / 134 - 135.

5- الکتاب ، 4 / 443 والممتع ، 2 / 633.

أنّها حرف لین ، وإذا امتنع إدغامها فی مقاربها امتنع إدغام مقاربها فیها کذلک ، ولأنّه یؤدی إلی إدغام الأدخل فی الفم فی الأدخل فی الحلق ، لأنّ الهمزه أدخل الحروف فی الحلق (1).

ذکر الألف

وهی لا تدغم البته لا فی مثلها ولا فی مقاربها ؛ أما تعذر إدغامها فی مثلها فقد تقدّم فی صدر هذا الفصل ، وأمّا تعذّره فی مقاربها فلأنّه إن کان فی الأدخل فی الفم فلما یؤدی إلیه من ذهاب مدّها من غیر ما یقوم مقامه ، وإن کان فی الأدخل منها فی الحلق وهو الهمزه فکذلک ، ولاجتماع الهمزتین ولادغام الأدخل فی الفم فی الأدخل فی الحلق (3).

ذکر إدغام الهاء

وهی تدغم فی الحاء سواء وقعت الهاء قبلها أو بعدها ، فمثال الهاء قبلها قولک : فی اجبه حاتما اجبّحاتما ، ومثال الهاء بعد الحاء قولک فی اذبح هذه : اذبّحاذه ، فقلبوا الثانی إلی لفظ الأول عکس باب الإدغام ، لأنّهم لو قلبوا الأول إلی الثانی لقلبوا الحاء هاء وأدغموها فی الهاء فکان یؤدی إلی إدغام الأدخل فی الفم وهو الحاء فی الأدخل فی الحلق وهو الهاء ، وکذلک الاعتذار ، فی کلّ موضع قلب فیه الثانی إلی لفظ الأول فی هذا الفصل ، ولا یدغم فی الهاء إلا مثلها نحو : اجبه هلالا ، وأدغمت الهاء فی الحاء لتقاربهما فی المخرج ؛ لأنّ الهاء من أول الحلق والحاء / من وسطه (5).

ذکر إدغام العین

وهی تدغم فی مثلها کقولک : ارفعّ علیا ، وقریء : (مَنْ ذَا الَّذِی یَشْفَعُ

ص: 323

1- شرح الشافیه للجاربردی 1 / 328 وشرح الشافیه ، 3 / 236.

2- المفصل ، 397.

3- إیضاح المفصل ، 2 / 498 والنقل منه.

4- المفصل ، 397.

5- الکتاب ، 4 / 449 والممتع ، 2 / 679 وشرح الشافیه ، 3 / 364.

6- المفصل ، 397 - 398.

عِنْدَهُ)(1) بالإدغام ، وتدغم أیضا فی الحاء سواء وقعت العین قبل الحاء کقولک فی ارفع حاتما : ارفحّاتما أو وقعت بعد الحاء کقولک فی اذبح عتود : اذبحّتودا ، ولا یدغم فی العین إلا مثلها (2) لأنّه لیس قبلها فی المخرج ما یصحّ إدغامه إلا الهاء وهی لا تدغم فی العین لأنّ العین مجهوره والهاء مهموسه رخوه فقد خالفتها فی جهه التجنیس (3) وأمّا ما ورد من إدغام الحاء فیها فی قوله تعالی : (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ)(4) بإدغام الحاء فی العین فی القراءه الصحیحه (5) فضعیف عند النحویین لأنّه إدغام الأدخل فی الفم فی الأدخل فی الحلق (6). وإذا اجتمع العین والهاء جاز قلبهما حاءین وادغام الحاء فی الحاء نحو قولک فی معهم واجبه عتبه : محّم واجبحّتبه ، لأنّهم لو أدغموا الهاء فی العین بقلب الهاء عینا ، لأدّی إلی الإدغام فی العین مع شبهها بالهمزه وهو مستکره ، ولو أدغموا العین فی الهاء بقلب العین هاء لأدغموا الأدخل فی الفم فی الأدخل فی الحلق ، فلمّا کان کذلک واشتدّ تقاربهما وعسر النّطق بهما قلبوهما جمیعا إلی حرف یقاربهما ، ولا یلزم منه شیء من ذلک وهو الحاء (7).

ذکر إدغام الحاء

وهی تدغم فی مثلها نحو اذبحّ حملا ، و (لا أَبْرَحُ حَتَّی)(9) ویدغم فیها الهاء والعین لقربهما منها ، ولأنّهما أدخل فی الحلق. کقولک فی اجبه حاتما : اجبحّاتما ،

ص: 324

1- من الآیه ، 255 من سوره البقره ، وانظر النشر 1 / 280 والاتحاف ، 22.

2- شرح الشافیه للجاربردی ، 1 / 347 - 348.

3- غیر واضحه فی الأصل.

4- من الآیه ، 185 من سوره آل عمران.

5- رواها الیزیدی عن أبی عمرو ، وروی عن الدوری إدغام الحاء فی العین إذا کان قبلها حرف مد نحو : لا جناح علیهما (229 البقره) المفصل ، 398 والنشر 1 / 29 وحاشیه ابن جماعه ، 1 / 348 والاتحاف ، 23.

6- نسب ابن یعیش ضعفها إلی سیبویه ، ثم قال : ووجهه أنه راعی التقارب فی المخرج ، شرح المفصل ، 10 / 137.

7- الکتاب ، 4 / 450 والمقتضب 1 / 208 والممتع ، 1 / 681 والإدغام لبنی تمیم.

8- المفصل ، 398.

9- من الآیه 60 من سوره الکهف. وانظر النشر 1 / 280 والاتحاف 22.

وفی ادفع حملا : ادفحملا حسبما تقدم.

ذکر ادغام الغین والخاء المعجمتین

وکلّ واحده منهما تدغم فی مثلها وفی صاحبتها فإدغام الغین فی مثلها نحو قراءه أبی عمرو ومن یبتغ غیر الإسلام دینا (2) وإدغام الخاء فی مثلها قولک : لا تمسخ خلقک ، ومثال إدغام الغین فی الخاء قولک فی ادمغ خلفا : اد مخّلفا ، ومثال إدغام الخاء فی الغین قولک فی اسلخ غنمک : اسلغّنمک.

واعلم أنّ إدغام الغین فی الخاء جار علی القیاس ، لأنّه إدغام الأدخل فی الأخرج ، وأما عکسه وهو ادغام الخاء فی الغین فعلی خلاف القیاس (3) لأنّه إدغام الأخرج فی الأدخل لکن سوغ ذلک شدّه تقاربهما حتّی لا یکاد یتمیّز الأدخل منهما من الأخرج فاغتفر الأدخل لذلک (4).

ذکر إدغام القاف والکاف

وهما فی ذلک کالغین والخاء أی کلّ واحده منهما تدغم فی مثلها وفی صاحبتها فمثال إدغام القاف فی القاف قوله تعالی : (فَلَمَّا أَفاقَ قالَ)(6) والکاف فی الکاف کقوله تعالی : (کَیْ نُسَبِّحَکَ کَثِیراً وَنَذْکُرَکَ کَثِیراً)(7) ومثال إدغام القاف فی الکاف (خَلَقَ کُلَّ دَابَّهٍ)(8) والکاف فی القاف : (حَتَّی إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِکَ قالُوا)(9)

ص: 325

1- المفصل ، 398.

2- من الآیه 85 من سوره آل عمران وانظر النشر 1 / 280 والاتحاف 22 - 25 - 178.

3- ثمه خلاف بین سیبویه والمبرد حول هذا الإدغام فقد ذهب سیبویه إلی أنّ البیان أحسن والإدغام حسن فی حین ذهب المبرد إلی أنّ الإدغام أحسن من البیان ، وقد أیّد ابن یعیش سیبویه فقال : البیان أحسن لأمرین أحدهما : أنّ الغین قبل الخاء فی المخرج والباب فی الإدغام أن یدغم الأقرب فی الأبعد ، والثانی : أنّ الغین مجهوره والخاء مهموسه والتقاء المهموسین أخفّ من التقاء المجهورین والجمیع جائز حسن. انظر الکتاب 4 / 451 والمقتضب ، 1 / 209 وشرح المفصل ، 10 / 137 والممتع ، 2 / 183.

4- إیضاح المفصل ، 2 / 500.

5- المفصل ، 398.

6- من الآیه 143 من سوره الأعراف وانظر النشر 1 / 281 والاتحاف 22.

7- من الآیتین 33 - 34 من سوره طه ، وانظر النشر ، 1 / 181 والاتحاف ، 22.

8- من الآیه 45 من سوره النور ، وانظر النشر ، 1 / 293 والاتحاف ، 24.

9- من الآیه 16 من سوره محمد ، وانظر النشر ، 1 / 293 والاتحاف ، 24.

وجمیع ذلک علی القیاس (1) إذ لا یعتبر الأدخل والأخرج فی غیر / حروف الحلق أعنی السبعه التی تقدّمت وهی : الهمزه والألف والهاء والعین والحاء والغین والخاء.

ذکر إدغام الجیم

وهی تدغم فی مثلها نحو : أخرج جابرا ، ولم یلتق فی القرآن جیمان ، وهی تدغم فی الشین نحو : أخرج شیئا وقال تعالی : (أَخْرَجَ شَطْأَهُ)(3) وإنما أدغمت الجیم فی الشین لقربها منها مع کون الشین أفضل لأنّها أزید صفه ، ولذلک لم تدغم الشین فی الجیم ولا فی غیرها عند النحویین (4) لما لها من الفضیله بزیاده التفشی وقد أدغمت الجیم فی التاء فی قراءه أبی عمرو فی قوله : ذی المعارج تعرج (5) بإدغام جیم المعارج فی تاء تعرج ، ولیس بالقویّ لأنّ الجیم قریبه من الشین فکما أنّ الشین لا تدغم لفضیلتها فکذلک الجیم ، وتدغم فی الجیم : الطاء ، والدّال ، والتاء ، والظاء ، والذال ، والثاء ، وإن لم تقاربها ، لأنّ هذه الحروف من طرف اللّسان والثنایا ، والجیم من وسط اللسان لکن أجریت الجیم مجری الشین فی إدغام هذه الحروف فیها ، لأنّها من مخرج واحد ، وإنما أدغمت هذه الحروف ، فی الشین لما فی الشین من التفشی المتصل بهذه الحروف فمثال إدغام الطاء فی الجیم : اربطّ جملا والدّال : احمدّ جابرا والتاء : (وَجَبَتْ جُنُوبُها)(6) والظاء : احفظّ جارک والذال (إِذْ جاؤُکُمْ)(7) والثاء : لم یلبثّ جالسا ، ولا تدغم الجیم فی واحد من هذه الحروف السته التی أدغمت فیها ، کلّ ذلک لمشارکتها للشین ، فأدغمت هذه الحروف فیها کما تدغم فی الشین من غیر عکس (8).

ص: 326

1- الکتاب ، 4 / 449 - 450.

2- المفصل ، 398.

3- من الآیه 29 من سوره الفتح ، وانظر النشر ، 1 / 289.

4- الکتاب ، 4 / 448 - وإیضاح المفصل ، 2 / 501 وانظر النشر ، 1 / 292.

5- من الآیتین 3 - 4 من سوره المعارج وانظر النشر 1 / 289 والاتحاف ، 23 - 28.

6- من الآیه 36 من سوره الحج ، وانظر الکشف ، 1 / 150.

7- من الآیه 10 من سوره الأحزاب وانظر الکشف ، 1 / 148.

8- إیضاح المفصل ، 2 / 501 وشرح المفصل ، 10 / 138 والممتع 2 / 686 - 687.

ذکر إدغام الشین

وهی لا تدغم إلّا فی مثلها کقولک : اقمشّ شیخا لکن یدغم فیها ما یدغم فی الجیم ، وتدغم فیها أیضا الجیم واللّام فمثال إدغام الطاء فی الشین : لم یخالط شّرا والدّال : لم یرد شیئا ، والتاء ، أصابت شّربا والظاء ، لم یحفظّ شعرا والذّال ؛ لم یتخذ شریکا ، والتاء ، لم یرثّ شسعا (2) والجیم ما تقدّم من ، أخرج شّیئا ومثال إدغام اللّام فیها قولک فی دنا الشاسع : دنا شّاسع وفی هل شریت شیئا ، هشّریت شیئا ، لکثره اللام فی الکلام وإنّما أدغمت اللّام فی الشین ولم تدغم الجیم لنقص الجیم عن الشین فی التفشی والاستطاله قلیلا (3).

ذکر إدغام الیاء

وهی تدغم فی مثلها متصله وشبیهه بالمتصله ، والمراد بالمتصله أن تکونا فی کلمه واحده وبالشبیهه بالمتصله أن تکونا فی کلمتین فی حکم کلمه واحده سواء کان قبل الیاء فتحه أو کسره فمثال إدغام المتصله وقبلها فتحه : حیّ فی حیی مع جواز الإظهار ومثالها وقبلها کسره سیّ ، وهو المثل ، ومثال إدغام الشبیهه بالمتصله نحو : مررت بغلامیّ وقاضیّ مضافین إلی یاء المتکلم ، لأنّ یاء الإضافه لا بدّ لها مما تتّصل به فکانت مع ما أضیف إلیها کالکلمه الواحده ، وکذلک تدغم الیاء فی الیاء منفصلتین أی فی کلمتین لیستا کالکلمه الواحده لکن یشترط فی المنفصله / أن ینفتح ما قبل الیاء المدغمه نحو : اخشی یاسرا ، وأمّا إذا کانت حرکه ما قبل الیاء المنفصله من جنسها نحو : اظلمی یاسرا لم تدغم (5) ، ولا تدغم الیاء إلّا فی مثلها لا فی مقاربها ولا فی غیره ، فإنّ الجیم (6) والشین من مخرج الیاء ومع ذلک لا تدغم فیهما لما للیاء من

ص: 327

1- المفصل ، 398.

2- شسع النعل : قبالها الذی یشد إلی زمامها ، اللسان ، شسع.

3- الممتع ، 2 / 688.

4- المفصل ، 399.

5- الکتاب ، 4 / 446 وشرح المفصل ، 10 / 139.

6- غیر واضحه فی الأصل.

الفضیله علی غیرها بما فیها من المدّ ، لأنّها لو أدغمت فی غیرها زال مدّها ، ولکن تدغم فی الیاء الواو والنون ، أما الواو ففی نحو : طیّا ولیّا ، والأصل طویا ولویا ، وإنّما أدغمت الواو فیها مع انتفاء المقاربه بینهما فی المخرج ، إمّا لمشابهتها لها فی المدّ ، وإمّا لإبدال الواو یاء استثقالا بالواو فلما أبدلت یاء ، واتّفق أنّ ما بعدها مثلها ، وجب الإدغام لاجتماع المثلین ، وأمّا النون فأدغمت فی الیاء فی نحو : من یعلم ، وإنّما أدغمت فیها مع أنّها لیست مقاربه لها فی المخرج لتحسین الکلام بالغنّه عند الإمکان فی الحروف التی لا یستثقل ذلک فیها (1).

ذکر إدغام الضّاد

وهی لا تدغم إلّا فی مثلها عند سیبویه (3) ، نحو : اقبض ضعفها ، ولا تدغم فی غیرها لما فیها من الاستطاله ، لئلا یذهبها الإدغام لکن جاء إدغام الضّاد فی الشین فی قراءه أبی شعیب السّوسی (4) عن الیزیدیّ (5) عن أبی عمرو (6) فی قوله تعالی : لبعض شأنهم (7) ویدغم فی الضاد ما یدغم فی الشین إلّا الجیم وذلک سبعه أحرف وهی : الطاء نحو : حط ضمانک والدال نحو : زد ضحکا والتاء نحو : شدت ضفائرها والظاء نحو : احفظ ضأنک ، والذال نحو : انبذ ضاربک ، والثاء نحو : لم یلبث ضاربا واللام نحو : الضّاحک وقوله تعالی : (بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ)(8).

ص: 328

1- الممتع ، 2 / 689.

2- المفصل ، 399.

3- الکتاب 4 / 465 - 470 والممتع ، 2 / 690.

4- صالح بن زیاد بن عبید الله ، أبو شعیب السّوسی أخذ القراءه عرضا وسماعا علی أبی محمد الیزیدی وروی عنه الحسین بن علیّ الخیاط وکان مقرئا ضابطا ثقه من أجلّ أصحاب الیزیدی. توفی 161 ه. انظر ترجمته فی الفهرست 46 وغایه النهایه 1 / 332 والنشر ، 1 / 134.

5- یحیی بن المبارک بن المغیره المقریء صاحب أبی عمرو أخذ عن الخلیل وروی عنه ابنه محمد ، وخلق کثیر وکان عالما باللغه والنحو وأخبار الناس ألف کتاب النوادر فی اللغه والمقصور والممدود والنقط والشکل توفی 202 ه. انظر ترجمته فی نزهه الألباء 81 والنشر 1 / 134 والبغیه ، 2 / 40.

6- النشر ، 1 / 293 والاتحاف ، 24.

7- من الآیه 62 من سوره النور.

8- من الآیه 28 من سوره الأحقاف وهی للکسائی. انظر الکشف ، 1 / 153 والاتحاف ، 392.

ذکر إدغام الّلام

وهی إن کانت المعرّفه فهی لازم إدغامها فی مثلها ، وفی ثلاثه عشر حرفا وهی :

الطّاء ، والدّال ، والتّاء ، والظّاء ، والذّال ، والثّاء ، والصّاد ، والسین ، والزای ، والشین ، والضّاد ، والنون ، والرّاء ، لأنّ هذه الحروف منها أحد عشر حرفا من طرف اللّسان ، واللّام من طرف اللّسان ، ومنها حرفان یخالطان طرف اللّسان وهما الضّاد والشین ، لأنّ الضّاد استطالت حتّی اتصلت بموضع اللّام ، والشین کذلک.

وإن کانت اللّام غیر المعرّفه نحو : لام هل وبل فإدغامها فی هذه الحروف جائز ولیس بواجب ویتفاوت جوازه حسنا وقبحا وتوسّطا بینهما علی حسب القرب من اللّام بمجاوره أو صفه فإنّه کلّما قرب الحرف من اللّام بنحو ذلک کان إدغام اللّام فیه أقوی إلّا أن یمنع مانع. أما الأحسن فإدغام اللّام فی الرّاء لأنّها أقرب هذه الحروف إلیها نحو : هل رأیت (2) ، وأما الأقبح فإدغام اللّام فی النون نحو : هل نخرج وإنما کان قبیحا مع مقاربتهما ؛ لخروج اللّام بإدغامها فی النون عن نظائرها ، وذلک لأنّ النون تدغم فی حروف من جملتها اللام کما سنذکر فی إدغام النون ولیس شیء من تلک الحروف یدغم / فی النون إلّا اللّام ، فلما خرجت عن نظائرها فی ذلک کان قبیحا ، وأمّا الأوسط بین الحسن والقبح ، فهو إدغام اللّام فی باقی الحروف المذکوره ، نحو (هَلْ ثُوِّبَ الْکُفَّارُ)(3) فی قراءه الکسائی (4) بإدغام لام هل فی الثاء ، ونحو ما أنشد سیبویه (5).

فذر ذا ولکن هتّعین متیّما

علی ضوء برق آخر اللّیل ناضب

یرید هل تعین فأدغم اللّام فی التّاء ، ونحو ما أنشد أیضا (6) :

ص: 329

1- المفصل ، 399 - 400.

2- الکتاب ، 4 / 457 والممتع ، 2 / 693 والکشف ، 1 / 153.

3- من الآیه 36 من سوره المطففین.

4- الکشف 1 / 153 والاتحاف ، 35 وانظر الکتاب 4 / 459 والممتع ، 2 / 693.

5- البیت لمزاحم العقیلی ، ورد منسوبا له فی الکتاب 4 / 459 وشرح المفصل ، 1 / 142.

6- البیت لطریف بن تمیم العنبری ، نسب له فی الکتاب ، 4 / 458 وشرح المفصل ، 10 / 142 والممتع ، 2 / 694.

تقول إذا أهلکت مالا للذّه

فکیهه هشّیء بکفّیک لائق

أی هل شیء فادغم اللّام فی الشین ، وفکیهه اسم امرأه ، ومعنی لائق باق ، ولا یدغم فی اللّام إلا مثلها ، والنون نحو : هل لک ومن لک وإدغام الرّاء فی اللّام لحن کذا قال فی المفصّل ، وهو مذهب سیبویه والخلیل (1) قال السّخاوی : وقد أدغم أبو عمرو الرّاء فی اللّام (2) فیما یزید عن ثمانین موضعا فی القرآن الکریم ، وأبو عمرو حجّه فیما ینقل وفیما یقرأ فیجب الرجوع إلیه فی ذلک (3).

ذکر إدغام الرّاء

وهی لا تدغم إلّا فی مثلها کقوله تعالی : (وَاذْکُرْ رَبَّکَ)(5) وهو مذهب البصریین (6) فإنّه لا یجوز عندهم إدغام الرّاء فی غیرها لما فیها من التکریر ، لأنّ الإدغام یذهبه ، وأبو عمرو یدغمها فی غیرها فإنه أدغمها فی اللام فی نحو (یَغْفِرْ لَکُمْ)(7) وقد تقدّم فی اللّام (8) أنه أدغم الرّاء فی اللّام فیما یزید عن ثمانین موضعا فی القرآن الکریم ، وأمّا الإدغام فی الراء فتدغم فیها اللّام والنون فاللّام کقوله تعالی : (کَیْفَ فَعَلَ رَبُّکَ)(9) والنون (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّکُمْ)(10).

ص: 330

1- الکتاب ، 4 / 448.

2- الکشف ، 1 / 157 والاتحاف ، 29.

3- وقد دفع ابن الأنباری ما قیل عن أبی عمرو بقوله : فأمّا ما روی عن أبی عمرو من إدغام الراء فی اللام فی قوله عزوجل : نغفر لکم خطایاکم فالعلماء ینسبون الغلط فی ذلک إلی الراوی لا إلی أبی عمرو ولعل أبا عمرو أخفی الرّاء فخفی علی الراوی فتوهمه إدغاما. انظر أسرار العربیه ، 425.

4- المفصل ، 400.

5- من الآیه 41 من سوره آل عمران. وانظر الاتحاف ، 24.

6- شرح المفصل ، 10 / 143.

7- من الآیه 31 من سوره آل عمران.

8- بعدها فی الأصل إلا.

9- من الآیه 6 من سوره الفجر ، وهی لأبی عمرو وهشام وحمزه والکسائی ، الاتحاف 271 وانظر الکشف ، 1 / 158 والنشر ، 1 / 293.

10- من الآیه 7 من سوره إبراهیم.

ذکر إدغام النون

ولها فی الإدغام وعدمه مع الحروف أربع أحوال ، وهی : الإدغام والبیان والقلب إلی المیم ، والإخفاء (2).

أما الحاله الأولی : وهی إدغامها فتدغم النون فی حروف سته یجمعها قولک : یرملون کقولک من یقول ، ومن راشد ، ومن موسی ، ومن لک ومن وافد؟ ومن نکرم؟ أمّا إدغام النون فی مثلها فلا إشکال فیه لاتّحاد المخرج (3) وأما فی الخمسه الباقیه ، فأدغمت فی الراء واللّام لفرط تجاورهما فی المخرج ، ولذلک کان إدغامها معهما أحسن من البیان ، وأدغمت فی المیم وإن کانت من حروف الشفه لمشارکتها لها فی الغنّه ، وأمّا فی الیاء والواو فلأنّ النون بمنزله حروف المدّ.

وتدغم النون فی الحروف المذکوره علی ضربین : إدغام بغنّه وبغیر غنّه ، أمّا إدغامها بغنّه ، وهی صوت من الخیشوم یتبع الحرف فلأنّ النون لها غنّه فی نفسها فأبقوها فی الإدغام لیکون لها أثر من صوتها ، وأمّا بغیر غنّه فبأن تصیر مع الرّاء راء ، ومع اللّام لاما ومع الواو واوا إلی آخر الحروف المذکوره (4) هذا إذا لم یعرض ما یمنع من الإدغام کما تقدّم من عدم الإدغام فی نحو : شاه زنماء ، وغنم زنم.

وأمّا الحاله الثانیه : وهی بیانها فتبین النون مع الهمزه والهاء / والعین والحاء والغین والخاء کقولک : من أجلک ومن هانیء ومن عندک ومن حملک؟ ومن غیّرک؟ ومن خالفک فتبیّن مع حروف الحلق السته المذکوره ولا تخفی ولا تدغم ، ووجب البیان لتباعد هذه الحروف عن النون أقصی البعد (5) لکن فی بعض اللّغات أجریت الغین والخاء مجری حروف الفم فأخفوا النون معهما کقولک : منخل ومنغل ، والبیان أحسن لأنّهما من حروف الحلق (6).

ص: 331

1- المفصل ، 400.

2- الکتاب ، 4 / 452.

3- النشر ، 1 / 294.

4- حاشیه ابن جماعه ، 1 / 349.

5- الکتاب ، 4 / 452 وشرح المفصل ، 10 / 144.

6- الکتاب ، 4 / 455 والمقتضب ، 1 / 216.

وأمّا الحاله الثالثه : وهی قلبها فتقلب النون إلی المیم قبل الباء کقولک فی شنباء : شمباء وفی عنبر : عمبر ، لأنّ النون لمّا اجتمعت مع الباء وهی بعیده عنها فی المخرج ومباینه لها فی الخواصّ لم یمکن الإدغام ففروا إلی حرف من مخرج الباء وهو المیم وجری ذلک مجری الإدغام (1).

وأمّا الحاله الرابعه : وهی إخفاؤها فتخفی النون مع باقی الحروف بعد الحروف المتقدمه الذکر فتخفی فی خمسه عشر حرفا ، ویجمعها أوائل کلم هذا البیت (2) :

تری جار دعد قد ثوی زید فی ضنی

کما ذاق طیر صید سوءا شبا ظفر

وهی تاء ، جیم ، دال ، قاف ، ثاء ، زای ، فاء ، ضاد ، کاف ، ذال ، طاء ، صاد ، سین ، شین ، ظاء. قال أبو عثمان المازنی : وبیانها مع حروف الفم لحن لما ذکرناه من التقارب فی المخرج (3).

ذکر إدغام الطّاء ، والدّال ، والتّاء ، والظّاء ، والذّال ، والثّاء

وهذه السته یدغم بعضها فی بعض لما بینها من التقارب ، لأنّها من طرف اللّسان وأصول الثنایا فلذلک لم یمتنع إدغام بعضها فی بعض ، وتدغم هذه السته أیضا فی حروف الصفیر التی هی : الصّاد والذّال والسین من غیر أن یدغم شیء من حروف الصفیر فی شیء من هذه السته المذکوره ، لئلا یذهب ما فیها (5) من الصفیر لکن تدغم بعض هذه الثلاثه فی بعض أعنی حروف الصفیر ، ومن هذه الحروف حروف الأطباق وهی : الصّاد ، والضّاد ، والطّاء والظّاء فإذا أدغمت فالقیاس أن یترک الإطباق علی حاله کقولک : أضبط داوود ، واحفظ ذهبک ، واحفظ صدیقک لئلا یذهب الحرف فی الإدغام ویذهب إطباقه (6) ومعنی ظهور الإطباق أن یؤتی بالتشدید متوسطا لیظهر الإطباق کما تقدّم فی النون من أنّ النون الساکنه تدغم مع إبقاء غنّتها ، والقرّاء السّبعه

ص: 332

1- الکتاب ، 4 / 453 وشرح المفصل ، 10 / 145.

2- لم أهتد إلی قائله وانظره فی شرح الأشمونی ، 4 / 354.

3- الکتاب ، 4 / 453 وإیضاح المفصل ، 2 / 506.

4- المفصل ، 401.

5- فی الأصل قبلها.

6- الممتع ، 2 / 702 - 704 وشرح الشافیه ، للجاربردی ، 1 / 349 - 350.

علی ذلک فی الطّاء مع التاء (1) فی نحو (فَرَّطْتُ)(2) و (أَحَطْتُ)(3) و (بَسَطْتَ)(4) وأمّا إذهاب الإطباق فمعناه أن تذهب الطّاء مثلا حتی تجعلها کالدّال ، کقولک فی اخطط دالا ، أخطدّالا لکنّ الأقیس تبقیه الإطباق (5).

ذکر إدغام الفاء

وهی لا تدغم إلّا فی مثلها کقوله تعالی : (وَمَا اخْتَلَفَ فِیهِ)(7) لکن جاء إدغامها فی غیرها فإنّها أدغمت فی الباء فی قراءه الکسائی فی قوله تعالی : یخسف بهم (8) وهو عند النّحاه ضعیف (9) / وتدغم فی الفاء الباء للتقارب کقولک فی اضرب فلانا : اضر فّلانا ، وإنّما جاز عند النّحاه إدغام الباء فی الفاء من غیر عکس لأنّ الباء بعدت من حروف الفم ، والفاء هی الأدنی إلیها ، والأبعد عن حروف الفم یدغم فی الأقرب إلیه من غیر عکس (10).

ذکر إدغام الباء

(11)

وهی تدغم فی مثلها فی نحو قراءه أبی عمرو لذهب بسمعهم (12) وتدغم فی المیم وفی الفاء (13) نحو (یُعَذِّبُ مَنْ یَشاءُ)(14) ، (اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَکَ

ص: 333

1- النشر ، 1 / 287 والاتحاف ، 24.

2- من الآیه ، 56 من سوره الزمر ونصّها : أن تقول نفس یا حسرتی علی ما فرطت فی جنب الله.

3- من الآیه 22 من سوره النمل ونصّها : فمکث غیر بعید فقال : أحطت بما لم تحط به وجئتک من سبأ بنبأ یقین.

4- من الآیه 28 من سوره المائده ونصّها : لئن بسطت إلیّ یدک لتقتلنی ...

5- شرح المفصل ، 10 / 146.

6- المفصل ، 401.

7- من الآیه 19 من سوره آل عمران وانظر النشر 1 / 281 والاتحاف 22.

8- من الآیه 9 من سوره سبأ ، وانظر الصفحه 321 ، والکشف ، 1 / 156 والاتحاف ، 29.

9- قال ابن عصفور فی الممتع ، 2 / 720 ولا یحفظ ذلک من کلامهم وهو مع ذلک ضعیف فی القیاس لما فیه من إذهاب التفشی الذی فی الفاء. وانظر البحر 11 / 261.

10- شرح المفصل ، 10 / 146 - 147.

11- المفصل ، 401.

12- من الآیه ، 20 من سوره البقره ، وانظر النشر ، 1 / 300 والاتحاف ، 22.

13- وذلک فی قراءه أبی عمرو والکسائی ، وانظر الکشف 1 / 155 والنشر ، 1 / 287 والاتحاف ، 9.

14- من الآیه 40 من سوره المائده.

مِنْهُمْ)(1) ، ولا یدغم فیها إلّا مثلها إلّا ما سبق فی (یخسف بهم) (2).

ذکر إدغام المیم

وهی لا تدغم إلّا فی مثلها ، قال الله تعالی : (فَتَلَقَّی آدَمُ مِنْ رَبِّهِ)(4) وأدغمت فی مثلها فی القرآن الکریم فی مائه وسبعه وثلاثین موضعا ، ولا تدغم فی غیرها لما فیها من زیاده الغنّه ولکن تخفی عند الباء (5) نحو قوله تعالی : (بِأَعْلَمَ بِالشَّاکِرِینَ)(6) وعبّر (7) عنه الیزیدی عن أبی عمرو بالإدغام ، ولیس بإدغام فی الحقیقه (8) وتدغم فی المیم النون والباء أما النون فکقولک : عن مالک وکقوله تعالی : (عَمَّ یَتَساءَلُونَ)(9) وأمّا إدغام الباء فیها فکما سبق من قوله تعالی : (یُعَذِّبُ مَنْ یَشاءُ)(10) وقوله تعالی : (یا بُنَیَّ ارْکَبْ مَعَنا)(11).

القول علی تاء افتعل وتاء استفعل وتاء تفعّل وتفاعل

ذکر تاء افتعل

(12)

ولها أحکام :

فمنها : أن یقع بعدها تاء مثلها نحو : اقتتل القوم فإذا وقعت کذلک جاز فیها

ص: 334

1- من الآیه 63 من سوره الإسراء.

2- من الآیه 9 من سوره سبأ ، وانظر الصفحه 321.

3- المفصل ، 401.

4- من الآیه 37 من سوره البقره ، وانظر النشر ، 1 / 282 والاتحاف ، 22.

5- شرح المفصل ، 10 / 147.

6- من الآیه 53 من سوره الأنعام والتلاوه : ألیس الله بأعلم بالشاکرین.

7- غیر واضحه فی الأصل.

8- قال ابن عصفور فی الممتع ، 2 / 719 - 720 ویحکی عن البصریین أن أبا عمرو کان یختلس الحرکه فی ذلک فیری من یسمعه ممن لا یضبط سمعه أنه أسکن الحرف الأول وإن کان لم یسکن.

9- من الآیه 1 من سوره النبأ.

10- من الآیه 40 من سوره المائده ، وهی قراءه أبی عمرو والکسائی. الاتحاف ، 59.

11- من الآیه 42 من سوره هود ، وهی لأبی عمرو والکسائی ، الکشف ، 1 / 156 والاتحاف ، 1.

12- المفصل ، 401.

البیان والإدغام أما البیان فلأنّه وإن اجتمع المثلان فی کلمه واحده لکنّهما بمنزله المنفصلین ، لأنّ تاء افتعل لیس بلازم أن یکون بعدها مثلها أبدا ، کما فی اجتمع واستمع وانتصر ونحوها ، فلمّا لم یلزم ذلک أشبهتا المنفصلین فجاز الإظهار وأما الإدغام فلاجتماع المثلین فی کلمه واحده ولم یمنع مانع من الإدغام وسبیله أن تسکّن التاء الأولی من اقتتلوا وتلقی فتحتها علی القاف وتدغم التاء فی التاء فتسقط ألف الوصل للاستغناء عنها بتحریک القاف فتقول : قتّلوا القوم بفتح القاف وتقول فی یقتتلون المضارع یقتّلون ، والعمل فیه کالعمل فی الماضی (1) ومنهم من یحذف حرکه التّاء الأولی (2) ویدغمها من غیر نقل الحرکه إلی القاف فیلتقی ساکنان القاف والتاء الأولی المدغمه فتحرک القاف بالکسر لالتقاء الساکنین فتسقط همزه الوصل لتحرّک القاف فتقول : قتّلوا یقتّلون بکسر القاف فیهما ، وتقول فی مصدرها : قتّالا والأصل اقتتالا فنقلوا وأدغموا کما قلنا صار : قتّالا ، وتقول فی مقتتلون علی لغه الفتح مقتّلون بفتح القاف وعلی لغه الکسر مقتّلون بکسر القاف ویجوز أیضا مقتّلون بضمّ القاف إتباعا لضمّه المیم (3) کما قرأ (4) بعضهم مردفین (5) بضمّ الرّاء إتباعا لضمّه المیم وهی قراءه لأهل مکّه ، والأصل : مرتدفین.

ومنها : أنّ تاء الافتعال تقلب إلی غیرها إذا وقعت بعد تسعه أحرف أعنی أن تکون فاء افتعل حرفا منها وهی :

1 - الطّاء 2 - الظّاء / 3 - الصّاد 4 - الضّاد 5 - الدّال 6 - الذّال 7 - الزّای 8 - الثّاء 9 - السین ، لکنّ انقلاب تاء الافتعال بعد الحروف التسعه المذکوره علی ثلاثه أوجه : فإنّ تاء افتعل لها مع الأربعه الأول من هذه التسعه حکم ، ومع الثّلاثه التالیه للأربعه حکم آخر ، ومع الحرفین الباقیین من التسعه حکم آخر کما سیذکر مفصّلا.

ص: 335

1- الممتع ، 2 / 638.

2- المفصل ، 401.

3- شرح المفصل ، 10 / 147 وشرح الشافیه ، للجاربردی ، 1 / 351.

4- رواها الخلیل عن بعض المکیین ، المحتسب ، 1 / 272 والبحر ، 4 / 465 وفی الکتاب ، 4 / 444 وحدثنی الخلیل وهارون أن ناسا یقولون : مردّفین ، فمن قال هذا ، فإنه یرید مرتدفین.

5- من الآیه 9 من سوره الأنفال.

ذکر حکم تاء افتعل مع الأحرف الأربعه الأول

وهی : الطّاء والظّاء والصّاد والضّاد (1)

وهو أنّ فاء افتعل إذا کانت أحد هذه الأربعه وبعدها تاء افتعل وجب قلب تاء افتعل طاء کاطّلب واظطلم واصطبر واضطرب والأصل : اطتلب واظتلم واصتبر واضترب ، فقلبت تاء افتعل طاء لموافقه الطّاء هذه الحروف فی الاستعلاء والإطباق ومقاربتها للتاء فی المخرج ، ثمّ لهذه الطّاء المنقلبه عن تاء افتعل مع هذه الحروف الأربعه أحکام أخر ، أمّا مع الطّاء فتدغم لیس إلّا کاطّلب ، وأمّا مع الظّاء فتبیّن وتدغم أمّا بیانها فنحو : اظطلم ، وأمّا إدغامها فیکون بقلب کلّ منهما إلی صاحبتها أعنی بقلب الظّاء المعجمه إلی الظّاء کاظّلم بظاء مهمله مشدّده وتقلب الطّاء المهمله إلی الظّاء اظّلم بظاء معجمه مشدّده وإنّما قلبت کلّ منهما إلی الأخری لما بین الطّاء والظّاء من الاتفاق فی الاستعلاء والجهر (2) وینشد بیت زهیر (3) علی هذه الأوجه الثلاثه وهو :

هو الجواد الذی یعطیک نائله

عفوا ویظلم أحیانا فیظطلم

بالطّاء والظّاء وبظاء معجمه مشدّده ، وبطاء مهمله مشدّده ، وأمّا مع الضّاد فکذلک تبیّن وتدغم أمّا بیانها فنحو : اضطرب وأمّا إدغامها فبقلب الطّاء ضادا وإدغام الضّاد فیها فتقول : اضّرب ولا یجوز اطّرب بقلب الضّاد طاء لأنّ الضّاد حرف مستطیل ، فلو أدغم فی الطّاء لذهب ما فیه من ذلک ، وحکی سیبویه علی طریق الشذوذ قلب الضاد طاء وإدغامه فی الطاء فی قولهم : اطّجع فی اضطجع وهو غریب مثلما أبدلوا من الضّاد لاما فقالوا : الطجع فی اضطجع (4) وأمّا مع الصّاد فکذلک تبیّن وتدغم أما البیان فنحو : اصطبر وأمّا الإدغام فبقلب الطّاء صادا کقولک : مصّبر

ص: 336

1- المفصل ، 401 - 402.

2- الخصائص ، 2 / 141.

3- ورد فی دیوانه ، 152 وورد منسوبا له فی الکتاب ، 4 / 468 وشرح المفصل ، 10 / 149 وشرح الشافیه ، للجاربردی ، 1 / 353 والدرر ، 1 / 354 وشرح الشواهد ، 4 / 331 وشرح التصریح ، 2 / 391 وورد من غیر نسبه فی الخصائص ، 2 / 141 وشرح الشافیه ، 3 / 289 وشرح الأشمونی ، 4 / 331.

4- الکتاب ، 4 / 470 - 483.

فی مصطبر ، واصّفی فی اصطفی واصّلی فی اصطلی ، وقریء (1)(أَنْ یُصْلِحا)(2) ولا یجوز أن تقول فی اصّبر ومصّبر : اطّبر ومطّبر ، بقلب الصّاد طاء وإدغامها فی الطّاء لأجل ما فی الصّاد من الصّفیر الذی یذهب بالإدغام (3).

ذکر حکم تاء افتعل مع الأحرف الثلاثه من التّسعه التالیه

للأربعه المتقدّمه وهنّ الدّال والذّال والزّای(4)

وهو أنّ فاء افتعل إذا کانت أحد هذه الثلاثه وبعدها / تاء افتعل وجب قلب تاء افتعل دالا ، لأنّ هذه الحروف الثلاثه مجهوره والتاء مهموسه فجیء بحرف یوافق التاء فی مخرجه ویوافق هذه الحروف فی الجهر وهو الدّال ، ثمّ لهذه الدّال المنقلبه عن تاء افتعل مع هذه الحروف الثلاثه أحکام :

أمّا مع الدّال فتدغم لا غیر کقولک : ادّان والأصل : ادتان فقلبت التاء دالا وأدغمت الدّال فی الدّال (5).

وأمّا مع الدّال فالأقوی أن تدغم مع جواز البیان أمّا إدغامها فعلی وجهین :

أحدهما : أن تقول فی مذدکر : مدّکر بدال مهمله مشدّده لأنّ الأصل مذتکر فقلبت التاء دالا مع الذّال فبقی مذدکر بذال معجمه ثمّ دال مهمله فقلبت الأول إلی الثانی وأدغمت الدّال فی الدّال فبقی مدّکر.

وثانیهما : عکسه کقولک : مذّکر بذال معجمه مشدّده وذلک بقلب الثانی إلی لفظ الأول ، أعنی بقلب الدّال المهمله ذالا معجمه وإدغام الذّال فی الذّال فیبقی مذّکر ، ولکنّ الأقیس أن یدغم الأول فی الثانی أعنی مدّکر بدال مهمله (6) وأمّا بیانها

ص: 337

1- وهی قراءه عاصم الجحدری المحتسب ، 1 / 2301 وفی الکتاب ، 4 / 467 وحدثنا هارون أن بعضهم قرأ (الآیه).

2- من الآیه 128 من سوره النساء ، وفی الأصل إلا أن.

3- شرح المفصل ، 10 / 150.

4- المفصل ، 402 - 403.

5- الکتاب ، 4 / 470.

6- الکتاب ، 4 / 469 - 477.

فقد حکی أبو عمرو عن العرب أنّهم یقولون : اذدکر ومذدکر وأنشد : (1)

تنحی علی الشّوک جرازا مقضبا

والهرم تذریه اذدراء عجبا

والجراز المقضب : السیف القطّاع ، والهرم جمع هرمه وهو ضرب من الحمض.

وأمّا مع الزای فتبیّن (2) وتدغم أیضا ، أمّا بیانها فنحو قولک : ازدان لأنّ الدّال توافق الزای فی الجهر ، وأما إدغامها فنحو قولک : إزّان فتقلب الدّال زایا وهو من قلب الثانی إلی لفظ الأول والإظهار حسن قال الله تعالی : (وَازْدُجِرَ)(3).

ذکر حکم تاء افتعل مع الحرفین الباقیین من التّسعه

وهما : الثّاء والسین (4)

أمّا إذا کان ما قبل تاء افتعل ثاء فإنّه یجب إدغام فاء افتعل فی تاء افتعل لیس إلّا ، بقلب کلّ واحده منهما إلی صاحبتها فتقول فی نحو : مثترد وهو مفتعل من الثّرید : مثّرد بثاء مثلثّه مشدّده بقلب الثانی إلی الأول والأصل : مثترد فقلبت تاء افتعل ثاء وأدغمت الثّاء فیها صار : مثّرد وتقول أیضا : متّرد بتاء مثّناه مشدّده بقلب الأول إلی الثانی علی نحو ما ذکر (5) ونقل السّخاوی وجها ثالثا : وهو الإظهار فقال : یجوز مثترد قال : وجاز الإظهار لأنّهما لیسا بمثلین وهو یخالف ما فی المفصّل فإنه قال : یدغم لیس إلّا (6) والأقیس من ذلک إدغام الأول فی الثانی أعنی متّرد بتاء مثنّاه مشدّده ، ومن ذلک : اثّار واتّار وهو افتعل من الثّأر والأصل اثتار فمن قال : اثّار قلب الثانی إلی الأول ومن قال : اتّار قلب الأول إلی الثانی. وأمّا إذا کان ما قبل تاء افتعل سینا (7) فیجوز فی تاء افتعل / أن تبیّن وأن تدغم أمّا

ص: 338

1- الرجز لأبی حکاک ورد منسوبا له فی الممتع ، 1 / 358 والمقرب ، 2 / 166 وورد من غیر نسبه فی شرح المفصل ، 10 / 150 واللسان ، ذکر ، وشرح الأشمونی ، 4 / 332 وحاشیه الصبان ، 4 / 332.

2- فی الأصل فبین.

3- من الآیه 9 من سوره القمر ، ونصها : (فَکَذَّبُوا عَبْدَنا وَقالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ.)

4- المفصل ، 401 - 402.

5- فی الکتاب ، 4 / 467 ، والبیان حسن ، وبعضهم یقول : مثترد ، وهی عربیه جیده والقیاس مترد.

6- المفصل 402 وشرح المفصل ، 10 / 151.

7- المفصل ، 403.

بیانها فنحو قولک : مستمع وجاز البیان لأنّهما جنسان (1) وأمّا الإدغام فهو بقلب التاء سینا نحو : مسّمع وهو مثل : مصّبر فقلبوا الثانی إلی لفظ الأول ولم یجز فیه متّمع بقلب الأول إلی الثانی لأجل الصفیر الذی فیه.

ذکر تشبیه تاء الضّمیر فی فعلت بتاء افتعل

وقد شبّه بعض العرب ممن ترتضی عربیّته (3) تاء الفعل فی فعلت بتاء الافتعال ، ففعل بها مع الحروف المتقدمه الذکر ما فعل بتاء الافتعال معها (4) فقلبوا تاء فعلت طاء مع الطّاء فقالوا فی خبطت : خبطّ قال الشّاعر : (5)

وفی کلّ حیّ قد خبطّ بنعمه

...

أی خبطت ، وقالوا فی مرضت : مرطّ فقلبوا تاء الفاعل طاء مع الضّاد وأدغموا الضّاد فی الطّاء ، وقالوا فی حصت عینه : حصط ، فقلبوا تاء الفاعل طاء مع الصّاد کما قلبوا تاء الافتعال فی مصطبر ، والحوص الخیاطه یقال : حصت عین البازی أحوصها (6) وقالوا فی فزت : فزد ، فقلبوا تاء الفاعل دالا مع الزای کما قلبت فی ازدان وقالوا فی عدته : عدّه وفی نقدته : نقدّه ، فقلبوا تاء الفاعل دالا مع الدّال فی ذلک. قال سیبویه : (7) وأعرب اللّغتین وأجودهما أن لا تقلب هذه التّاء لکونها

ص: 339

1- اختلف مخرجاهما ، شرح المفصل ، 10 / 251.

2- المفصل ، 403.

3- الکتاب ، 4 / 471.

4- لما بینهما من الشبه من حیث إن تاء ضمیر الفاعل کالجزء من الکلمه ، وتاء افتعل جزء من الکلمه أیضا ، المنصف ، 2 / 332 وشرح الشافیه ، للجاربردی 1 / 354.

5- هذا صدر بیت لعلقمه بن عبده وعجزه : فحقّ لشأس من نداک ذنوب ورد فی دیوانه ، 37 وورد منسوبا له فی الکتاب ، 4 / 471 وشرح المفصل ، 10 / 151 وشرح الشافیه ، للجاربردی ، 1 / 355 وشرح شواهد الشافیه ، 4 / 494 ورواه ابن عصفور فی الممتع ، 1 / 361 من غیر نسبه.

6- یقال حاص الثوب یحوصه حوصا وحیاصه : خاطه والحوص ضیق فی مؤخر العین حتی کأنها خیطت وقیل : هو ضیق مشقّها ، وقیل : هو ضیق فی إحدی العینین دون الأخری. اللسان ، حوص.

7- الکتاب ، 4 / 472 وإیضاح المفصل ، 2 / 516.

منفصله فی الحقیقه فی کلمه أخری.

ذکر حکم تاء استفعل

نحو : استعظم واستضعف واستدرک واستتبع ، وحکم هذه التاء أن لا تدغم فی مثلها ولا فی مقاربها ، لأنّ الأول فی ذلک کلّه متحرک والثانی ساکن ، فلا سبیل إلی الإدغام وکذلک لا تدغم التاء فی نحو : استدان واستضاء واستطال ، وإن کان الثانی متحرکا لأمرین :

أحدهما : أنه لو وقع الإدغام لنقلت حرکه التاء إلی سین استفعل وهذه السین لم تتحرک قطّ.

وثانیهما : أنّ دال استدان وما فی موضعها من طاء استطال ، وضاد استضاء فی نیّه السکون إذ الأصل : استدین بسکون الدّال وإنّما حرکت للإعلال ، والسّاکن لا یدغم فیه (2).

ذکر حکم تاء تفعّل وتفاعل

اعلم أنّ فاء الفعل الواقعه بعد تاء تفعّل وتفاعل إن کانت حرفا یصحّ إدغام التاء فیه جاز الإدغام ، والحروف التی تدغم فیها التاء اثنا عشر حرفا ویجمعها أوائل کلم هذا البیت وهو : (4)

سری طیف دعد زائرا ذا ضنی ثوی

شفی ظما جودا صفا فتعطّفا

وهی : السین والطّاء والدّال والزّای والذّال والضّاد والثّاء والشین والظّاء والجیم والصّاد والفاء ، فإذا کانت فاء الفعل أحد هذه الحروف الاثنی عشر وقبلها تاء تفعّل أو تفاعل ، جاز الإظهار والإدغام فالإظهار / نحو : تطیّروا وتطایروا ، والإدغام بأن تسکن التّاء وتقلبها طاء وتدغمها فی الطّاء التی هی فاء الفعل ، وتجتلب لأجل تسکین

ص: 340

1- المفصل ، 403.

2- الکتاب ، 4 / 473 والممتع ، 2 / 714.

3- المفصل ، 403 - 404.

4- لم أهتد إلی قائله.

التّاء للإدغام همزه الوصل فتقول : اطّیّروا واطّایروا وکذلک تقول فی تزیّنوا وتزاینوا : ازّینوا وازّاینوا قال الله تعالی : (حَتَّی إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّیَّنَتْ)(1) وتقول فی تثاقلوا وتدارأوا : (2) اثّاقلتم وادّاراتم قال الله تعالی : (اثَّاقَلْتُمْ إِلَی الْأَرْضِ)(3) وقال تعالی : (فَادَّارَأْتُمْ فِیها)(4) هذا فی الفعل الماضی ، فأمّا المستقبل فتقول فی یتفعّل نحو یتطیّر : یطّیّر قال الله تعالی : (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَیِّئَهٌ یَطَّیَّرُوا بِمُوسی وَمَنْ مَعَهُ)(5) وکذلک تقول فی یتذکّر : یذّکّر قال الله تعالی : (وَما یَذَّکَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ)(6) وتقول فی یتفاعل نحو یتدارک : یدّارک قال الله تعالی : (تُساقِطْ عَلَیْکِ رُطَباً جَنِیًّا)(7) فتقلب التاء فی یتدارک دالا وفی تساقط سینا ، وتدغمها کما ذکر ، وإن اجتمع فی أول الفعل المضارع تاءان جاز إبقاؤهما وحذف إحداهما ، قال الله تعالی : (تَتَنَزَّلُ عَلَیْهِمُ الْمَلائِکَهُ)(8) وقال تعالی : (تَنَزَّلُ الْمَلائِکَهُ وَالرُّوحُ فِیها)(9) وشرط جواز الحذف أن تکون التّاءان مفتوحتین فإن انضمّت الأولی امتنع الحذف نحو : تتحمّل ، إذا بنی لمفعول ما لم یسمّ فاعله ، لأنّها لو حذفت ، حصل اللّبس ، وإذا حذفت إحدی التّاءین وقلت : تذکّرون فی تتذکّرون لم یجز إدغام التاء الباقیه فی الذّال ، لئلّا یجمعوا بین حذف التاء الواحده وإدغام التاء الأخری ، واختلف فی أی التاءین هی المحذوفه فقیل : الأولی ، وقیل : الثانیه وهو الأصحّ ، لأنّ الثّقل إنّما نشأ منها (10).

ص: 341

1- من الآیه 24 من سوره یونس.

2- فی الحاشیه مشطوب علیه : تثاقلتم وتدارأتم ، والمثبت هو ما فی الأصل ، وهو صواب.

3- من الآیه 38 من سوره التوبه.

4- من الآیه 72 من سوره البقره.

5- من الآیه 131 من سوره الأعراف.

6- من الآیه 269 من سوره البقره.

7- من الآیه 25 من سوره مریم ، وهی علی قراءه الکسائی وأبی عمرو ، السبعه لابن مجاهد ، 409.

8- من الآیه 30 من سوره فصلت.

9- من الآیه 4 من سوره القدر.

10- والمحذوف عند سیبویه والبصریین الثانیه ، وعند الکوفیین الأولی ، وجوز بعضهم الأمرین. الکتاب ، 4 / 476 والإنصاف ، 2 / 648 والکشف ، 1 / 315 وشرح الشافیه ، 3 / 290 وحاشیه ابن جماعه ، 1 / 357.

القول علی أسماء شذّ فیها الإدغام

اشاره

فمنها : ستّ وهو من الإدغام الشّاذّ (2) إذ أصله : سدس فقلبوا السین تاء فصارت سدت ، ثمّ أدغموا الدّال فی التاء فصار : ستّ ویدلّ علی شذوذه أنّهم لم یقولوا فی سدس بضمّ السین ستّ ، ولا فی السّدس بکسر السین ستّ ، والسّدس من أظماء الإبل (3).

ومنها : ودّ فی لغه بنی تمیم وأصلها : وتد ، أحد الأوتاد ، فأسکنوا التّاء کما أسکنوا فی فخذ ، ثمّ أدغموا التّاء فی الدّال صار : ودّ ، وهو شاذّ ، لأنّه یلبس بلفظ «ودّ» الذی هو الصّنم واللغه الجیده وتد بغیر إدغام وهی اللغه الحجازیه (4).

ومنها : قولهم فی عتدان جمع عتود : (5) عدّان بإدغام التّاء فی الدّال وهو مع جوازه شاذّ قیاسا لا استعمالا للّبس بالمضاعف ، لأنّه یوهم أنّ العین والّلام من جنس واحد ، وقال بعضهم : عتد فی جمع عتود فرارا من سکون التّاء قبل الدّال فی عتدان ، وفرارا من اللّبس فی عدّان (6).

ذکر ضرب من الحذف یجری مجری الإدغام فی التخفیف

وقد ورد ذلک فی عدّه من الکلام :

منها : أنّهم عدلوا فی بعض الکلم / التی التقی فیها المثلان أو المتقاربان عن الإدغام لتعذّره إلی الحذف فقالوا فی ظللت ومسست وأحسست : ظلت ومست

ص: 342

1- المفصل ، 404.

2- الکتاب ، 4 / 481 والممتع ، 2 / 715.

3- الظمء : ما بین الشربین والوردین ، والسدس بالکسر من الورد بعد الخمس ، وقیل هو بعد سته أیام وخمس لیال ، والجمع أسداس ، قال الجوهری : والسدس من الورد فی أظماء الإبل أن تنقطع خمسه وترد السادس ، اللسان ، والصحاح ظمأ ، وسدس.

4- الکتاب ، 4 / 482 وشرح المفصل ، 10 / 3.

5- وهو التیس ، اللسان ، عتد.

6- الکتاب ، 4 / 482 وشرح المفصل ، 10 / 153 والممتع ، 4 / 716.

7- المفصل ، 404.

وأحست ، قال یصف الأسد : (1)

خلا أنّ العتاق من المطایا

أحسن به فهنّ إلیه شوس

ووجه الحذف فی الأسماء المذکوره أنّهم استثقلوا التضعیف أعنی اجتماع المثلین ، ولم یمکن الإدغام لسکون الثانی ولم یمکن تحریکه لاتصال تاء الفاعل به لوجوب سکون لام الکلمه فی فعلت ، فعدلوا إلی وجه آخر من التخفیف وهو حذف الأول منهما علی غیر قیاس بأن نقلوا حرکه السین الأولی من أحسست إلی الحاء وحذفوا السین بقی : أحست (2) فأمّا إذا لم تتصل بالمضاعف المذکور تاء فعلت فلا یحذف منه شیء نحو : أحسّا وأحسّوا ، لإمکان الإدغام حینئذ بتحریک الثانی لزوال المانع وهو تاء فعلت.

ومنها : أنّ بعض العرب یقول : استخذ فلان أرضا ، وفیه لسیبویه (3) مذهبان :

أحدهما : أن یکون أصله استتخذ فحذفت التاء الثانیه بقی : استخذ.

وثانیهما : أن یکون أصله : اتّخذ فأبدل من التاء الأولی سین بقی : استخذ ، ومنها : أنهم قالوا : (4) اسطاع یسطیع فحذفوا التاء والأصل استطاع ، یستطیع وقال بعضهم استاع یستیع وهو یجوز أن یکون قد حذفوا طاء استطاع یستطیع وترکوا تاء الاستفعال ، ویجوز أن یکون قد حذفوا تاء الاستفعال بقی : اسطاع فأبدلوا من الطّاء تاء بقی : استاع یستیع (5).

ومنها : أنهم قالوا (6) فی نحو بنی العنبر : (7) بلعنبر وفی بنی العجلان :

ص: 343

1- البیت لأبی زبید حرمله بن المنذر ورد منسوبا له فی المنصف ، 3 / 84 والمحتسب ، 1 / 123 - 269 - 2 / 76 والحلل ، 412 وسمط اللآلی ، للبکری ، 1 / 438 وورد من غیر نسبه فی المقتضب ، 1 / 245 والخصائص ، 2 / 438 ومجالس ثعلب القسم الثانی ، 418 والإنصاف ، 2 / 273 - 277 العتاق ، الإبل النجیبه ، الشّوس : المحدقه النّظر.

2- الکتاب ، 4 / 485 والمقتضب ، 1 / 245 وشرح المفصل ، 10 / 154.

3- الکتاب ، 4 / 483 والمنصف ، 2 / 329.

4- المفصل ، 404.

5- الکتاب ، 4 / 484 وشرح الشافیه ، 3 / 292.

6- المفصل ، 404 - 405.

7- هم أبو حی من تمیم. اللسان ، عنبر.

بلعجلان (1) ووجهه أنه لما التقت النون من بنی مع لام التعریف فی العنبر واتفق فی هذه الّلام أنّها ظاهره فی اللّفظ لأنّها لا تدغم فی العین فلم یمکن إدغام النون فیها لسکونها فحذفت النون تخفیفا لکثره لام التعریف فی کلامهم بقی : بلعنبر ، فأمّا إذا لم تظهر لام التعریف فی اللفظ حیث کان بعدها مما تدغم فیه نحو : بنی الصّید (2) ، وبنی النّجار (3) وبنی النّمر (4) ، فإنّهم لا یحذفون النون لأنّهم لو حذفوها لجمعوا علی الکلمه إعلالین : حذف النون وإدغام اللّام (5).

ومنها : أنّهم قالوا : نزل بنو فلان علماء أی علی الماء فحذفو ألف علی لسکونها وسکون لام التعریف ، فالتقت لام علی ، ولام التعریف ولم یمکن الإدغام فی لام التعریف لسکونها ، فحذفت لام علی بقی : علماء (6) قال قطریّ بن الفجاءه : (7)

لعمرک إنی فی الحیاه لزاهد

وفی العیش ما لم ألق أمّ حکیم

فلو شهدتنی یوم دولاب أبصرت

طعان فتی فی الحرب غیر ذمیم

غداه طفت علماء بکر بن وائل

وعاجت صدور الخیل شطر تمیم

الشاهد فیه قوله : علماء بکر بن وائل ، وإذا کانوا قد حذفوا مع إمکان الإدغام نحو حذفهم التّاء الأولی المدغمه فی یتّسع ویتّقی فقالوا / یتسع ویتقی بالتخفیف کراهه التضعیف ، فالحذف فی علماء أولی لتعذّر الإدغام (8) کما تقدّم وهذا آخر ما

ص: 344

1- حی من أحیاء العرب. اللسان ، عجل.

2- لعلهم بنو الصیداء بطن من أسد اللسان ، والقاموس المحیط ، صید.

3- قبیله من العرب هم الأنصار ، اللسان ، نجر.

4- نسبه إلی نمر بن قاسط بن ربیعه ، اللسان ، نمر.

5- الکتاب ، 4 / 484 والممتع ، 2 / 717 - 718.

6- الکتاب ، 4 / 485 وشرح المفصل ، 10 / 5.

7- الأبیات الثلاثه لقطریّ بن الفجاءه من رؤوساء الخوارج (الأزارقه) کان خطیبا فارسا شاعرا استفحل أمره فی زمن مصعب بن الزبیر وبقی ثلاث عشر سنه یقاتل حتی توفی سنه 78 ه. ترجمته فی سیر أعلام النبلاء ، 4 / 151 والأعلام ، 6 / 46 وقد وردت الأبیات منسوبه له فی الکامل ، 3 / 297 - 158 وورد البیت الأول منسوبا له فی المنصف ، 1 / 24 وشرح الشواهد الشافیه ، 4 / 499 ووردت الأبیات من غیر نسبه فی شرح الشافیه ، للجاربردی ، 1 / 359 وورد البیت الأخیر من غیر نسبه فی أسرار العربیه ، 429 وشرح المفصل ، 10 / 154 - 155.

8- الکتاب ، 4 / 483 - 485.

نقلناه من المشترک.

الفصل العاشر فی الخطّ

اشاره

وهو مرتّب علی قسمین الأول : فی حدّ الخطّ وما جاء منه علی الأصل.

والثانی : فی أشیاء جاءت خارجه عن الأصل.

القسم الأول : فی حدّ الخطّ وما جاء منه علی الأصل المقرر

فنقول : أمّا الخطّ (2) فهو تصویر اللّفظ المقصود تصویره بحروف هجائه ، کما إذا قیل : اکتب زیدا ، فإنّما تکتب مسمّی الزای والیاء والدّال وهو هذه الصوره أعنی زید لأنّ الصوره هی مسمّی هذه الحروف ، فإذا قیل : اکتب شعرا مع قرینه لفظه کتبت صورته وإلّا ما ینطلق علیه الشّعر (3) وکذلک إذا قیل : اکتب جیم عین فاء راء فإن قصد تصویر مسمّی هذه الحروف فإنّما تکتب جعفر ، وإن قصد تصویر أسماء حروف جعفر دون مسمّاها کتبت جیم عین فاء راء ، ولذلک خطّأ الخلیل (4) لمّا سألهم کیف تنطقون بالجیم من جعفر فقالوا : جیم ، فقال : إنّما نطقتم باسم المسؤول عنه لا بالمسؤول عنه والجواب : جه ، لأنّه مسمّی الجیم ، فإن سمّی بحرف الهجاء مسمّی آخر کما لو سمّی رجل أو السوره بیاسین جاز أن تکتب علی صوره أسماء الحروف نحو : یاسین وجاز أن تکتب علی صوره مسمّی الحروف نحو : یس.

والأصل (5) فی کلّ کلمه أن تکتب بصوره لفظها بتقدیر الابتداء بها والوقوف علیها ، وهو أصل معتبر فی الکتابه والخطّ مبنیّ علیه.

ص: 345

1- ألفینا أبا الفداء فی هذا الفصل شارحا لما ورد فی شافیه ابن الحاجب حول الخط والإملاء.

2- الشافیه ، 551.

3- أی إذا قیل : اکتب شعرا فإن قامت قرینه تدل علی أن المقصود لفظ شعر کتبت هذه الصوره شعر وإلا فمقتضاه أن تکتب ما ینطلق علیه الشعر. شرح الشافیه ، للجاربردی ، 1 / 371.

4- فی الشافیه ، 551 : ولذلک قال الخلیل ...

5- الشافیه ، 551 - 552.

فمما کتب علی الأصل المذکور نحو : ره زیدا ، وقه زیدا بالهاء ، لأنّک إذا وقفت قلت : ره وقه بالهاء.

ومنه : (1) أنّهم کتبوا ما الاستفهامیه فی قولک : مه أنت ومجیء مه جئت بالهاء لأنّه یوقف علیه بالهاء بخلاف «ما» فی حتّام وإلام وعلام؟ فإنّه لا یکتب بالهاء إلّا إذا قصد الوقوف علیها بالهاء کما سیذکر وإنما لم تکتب «ما» بالهاء فی حتّام لشده الاتّصال بحرف الجرّ فصارت «ما» کأنها جزء مما قبلها ، ویدلّ علی ذلک أنّ الیاء فی حتّام وإلام وعلام کتبت ألفا مع ما الاستفهامیه المجروره المذکوره لأنّ هذه الألف فی الوسط حینئذ.

ومنه : (2) أنهم کتبوا من ما وعن ما : ممّ (3) وعمّ ، بغیر نون لشدّه الاتصال بالحرف فإنّ قصد فی «ما» الاستفهامیّه المجروره بحتّی وأخواتها أن یوقف علیها بالهاء کتبت الهاء متصله مع میم ما ، وجاز حینئذ أن لا ترجع الیاء فی باب حتّی ولا النون فی من وعن ، بل تبقی الألف ثابته مع الهاء کما کانت فی حتّام بغیر هاء لعدم الاعتداد بالهاء کقولک : حتّامه وإلامه وعلامه وممّه وعمّه ، وجاز أن یعتدّ بالهاء فترجع الألف إلی أصلها فی حتّی وإلی وعلی ، وتثبت النون فی من وعن فنقول علی ذلک : حتّی مه وإلی مه وعلی مه وممّن مه وعمّن مه (4).

ومنه : (5) أنّهم کتبوا أنا زید بالألف لأنّه یوقف علی أنا بالألف ومن قال : أنه فی الوقف کتبه أنه زید بالهاء ، وکذلک کتب قوله تعالی : (لکِنَّا هُوَ اللهُ)(6) بالألف فیمن وقف علی أنا بالألف ، والهاء فیمن وقف بالهاء ، إذ أصله لکن / أنا هو الله ، فحذفت الهمزه وأدغمت نون لکن فی نون أنا بقی لکنّا (7).

ص: 346

1- الشافیه ، 552.

2- الشافیه ، 552.

3- غیر واضحه فی الأصل.

4- أدب الکاتب لابن قتیبه 196 - 198.

5- الشافیه ، 552.

6- من الآیه 38 من سوره الکهف.

7- قرأ ابن عامر وأبو جعفر بإثبات الألف بعد النون وصلا ووقفا ، والأصل لکن أنا فنقل حرکه همزه أنا إلی نون لکن وحذفت الهمزه وأدغم أحد المثلین فی الآخر ، فإثبات الألف فی الوصل لتعویضها عن الهمزه أو لإجراء الوصل مجری الوقف ، والباقون بحذفها وصلا وإثباتها وقفا علی حدّ أنا یوسف. الإتحاف ، 350 وشرح الجاربردی ومعه حاشیه ابن جماعه ، 1 / 373.

ومنه (1) : أنّهم کتبوا تاء التأنیث فی نحو : رحمه هاء فیمن وقف بالهاء وکتبت تاء فیمن وقف علیها بالتاء ، بخلاف أخت وبنت وباب قائمات وباب قامت هند ، فإنّ ذلک إنّما یکتب بالتاء للوقف علی الجمیع بالتاء ، إلّا فی لغه ردیئه یقول أهلها : قائماه بالهاء فی الوقف علی قائمات (2).

ومنه : (3) أنّهم کتبوا المنوّن المنصوب ألفا لأنّ الوقف علیه کذلک نحو : رأیت زیدا ، وکتب المرفوع والمجرور بالحذف نحو : جاءنی زید ومررت بزید ، لأنّ الوقوف علیه کذلک ، ومن وقف علی المرفوع والمجرور بالواو والیاء کتبهما بالواو والیاء.

ومنه : أنهم کتبوا إذن بالألف علی الأکثر (4) وکتبها بعضهم نونا توهما منه أنّ الألف التی یوقف علیها بدلا من النون التی فی الأصل.

ومنه : (5) أنّهم کتبوا نحو : اضربا ، بالألف علی الأکثر ، لأنّه إذا وقف علی نون التأکید الخفیفه فی نحو : اضربن قلبت ألفا کقولک : اضربا ومن کتبها نونا ألحقها باضربن بضمّ لام الفعل ، وکان قیاس اضربن التی بضمّ اللّام أن تکتب بواو وألف نحو : اضربوا ، لأنّ الوقوف علیها کذلک ، وأن تکتب اضربن بکسر اللام بیاء نحو اضربی ، وهل تضربن بضمّ اللام ؛ بواو ونون ، وهو غیر هذه النون أعنی نون الإعراب نحو : هل تضربون ، وهل تضربن بکسر اللّام ؛ بیاء ونون الإعراب نحو : هل تضربین لأنّ الوقف علیها کلها کذلک ، أعنی بحذف نون التأکید ، وردّ ما کان قد حذف لأجلها وهو نون الإعراب حسبما تقدّم فی نون التأکید (6) لأنّ الأصل فی کتبه کلّ کلمه أن

ص: 347

1- الشافیه ، 552.

2- أدب الکاتب ، 200.

3- الشافیه ، 552.

4- وممن ذهب إلی ذلک ابن مالک فی التسهیل ، 333 وذهب المازنی فیما ذکره الرضی ، 3 / 318 والمبرد وابن عصفور کما فی الهمع ، 2 / 232 إلی أنها تکتب بالنون وفصل الفراء فقال : إن ألغیت کتبت بالألف لضعفها ، وإن أعملت کتبت بالنون لقوتها ، انظر أدب الکاتب ، 202 وشرح الشافیه للجاربردی ، 1 / 74.

5- الشافیه ، 552.

6- فی 2 / 126.

تکتب بصوره لفظها بتقدیر الابتداء بها والوقوف علیها ، لکن ترکوا هذا الأصل فی نون التأکید ، وکتبوا ذلک علی لفظه لأنّه لو کتب علی هذا الأصل لعسر تبیّن التأکید ولم یدرک أصلا ، لأنّه علی هذه الصوره عند عدم إراده التأکید ، وإنما یقع اللّبس المذکور فی غیر اضربن للمفرد المذکر ، ولذلک کتب بالوجهین أعنی بالألف وبالنون نحو : اضربا واضربن ، أما من کتب اضربن بالنون فلأنّ النون الخفیفه التی فیه مثل النون فی باقی أخوته ، وأمّا من کتبه علی الأصل بالألف فلفوات الأمرین المانعین لأنّه یتبیّن التأکید بکتابه النون ألفا ولا یعسر حینئذ تبیّن هذا الأصل (1).

ومنه : (2) أنّهم کتبوا باب قاض رفعا وجرا بغیر یاء لأنّ التنوین مراد ، وباب القاضی ، بالیاء علی الأفصح فیهما ، لأنّ الوقف علیهما کذلک فی الأفصح ، ومن وقف علیهما بیاء فیلزمه أن یکتبهما بیاء ، ومن وقف علیهما بحذف الیاء یلزمه أن یکتبهما بغیر یاء (3).

ومنه : (4) أنّهم کتبوا الحرف فی نحو : بزید وکزید ولزید متصلا ، لأنّه لا یوقف علی حرف الجرّ ، فصار مع الاسم الذی بعده کالجزء منه ، کما کتبوا الکاف ونحوها فی مثل : منک ومنکم وضربکم متصلا ، لأنّه لا یبتدأ بهذه الکاف (5).

القسم الثانی : فیما لا صوره له تخصّه

اشاره

وهو الهمزه ، وفی أشیاء جاءت خارجه عن / الأصل المقرّر فی الخطّ وهی أربعه : وصل ، وزیاده ، ونقص ، وبدل.

ص: 348

1- شرح الشافیه للجاربردی ، 1 / 374.

2- الشافیه ، 552.

3- وقف القراء السبعه ما عدا ابن کثیر علی نحو : قاض والقاضی ، بحذف الیاء ، ووقف ابن کثیر ووافقه ابن محیصن علیهما ببقاء الیاء ، وحذف الیاء فی قاض هو الأفصح وثباتها فی القاضی هو الأفصح ، انظر التبصره لمکی 233 - 235 وإبراز المعانی ، 373 والإتحاف ، 105 - 117 وشرح التصریح ، 2 / 340.

4- الشافیه ، 552.

5- ونحوه فی شرح الشافیه للجاربردی ، 1 / 372 بتصرف یسیر.

القول علی الهمزه

اشاره

ولیس لها فی الخطّ صوره تخصّها ، وهی إمّا أن تکون فی أول الکلمه أو فی وسطها أو فی آخرها.

ذکر الهمزه أولا

وهی تکتب بالألف مطلقا سواء کانت مفتوحه أو مضمومه أو مکسوره نحو : أحد وأحد وإبل.

ذکر الهمزه وسطا

وهی تنقسم إلی ساکنه ومتحرکه أما الهمزه الساکنه المتوسطه فتکتب بحرف حرکه ما قبلها ، أعنی إن کان ما قبلها مفتوحا کتبت بالألف ، وإن کان مضموما کتبت بالواو ، وإن کان مکسورا کتبت بالیاء مثل : یأکل ویؤمن ویئس (3).

وأمّا الهمزه المتحرکه المتوسطه

فتقسم إلی متحرکه قبلها ساکن ، وإلی متحرکه قبلها متحرک :

أمّا المتحرکه التی قبلها ساکن ، فتکتب بحرف حرکه الهمزه نفسها نحو : یسأل ویلؤم ویسئم ، ومنهم من یحذف الهمزه فی الخطّ إن کان تحفیفها بنقل حرکتها إلی ما قبلها أو بإدغامها ، مثال النّقل : یسل ویلم ویسم ومثال الإدغام : سوّه والأصل سوءه فقلبت الهمزه واوا وأدغمت الواو فی الواو بقی. سوّه بواو مشدّده ، ومنهم من یحذف الهمزه المفتوحه (5) فی الخطّ بعد نقل حرکتها نحو : یسل دون المضمومه والمکسوره نحو یلؤم وییئس ، والأکثر علی حذف الهمزه المفتوحه بعد الألف فی

ص: 349

1- الشافیه ، 552.

2- الشافیه 552.

3- حاشیه ابن جماعه ، 1 / 375.

4- الشافیه ، 553.

5- تخفیفا لکثره وقوعها ، حاشیه ابن جماعه ، 1 / 375.

الخطّ نحو : سال ، والأصل ساءل (1) ومنهم من یحذف المضمومه والمکسوره أیضا فالمفتوحه کما مرّت أعنی ساءل والمضمومه نحو التساول والمکسوره نحو یسایل والأصل : سأال والتساؤل ویسائل.

وأمّا الهمزه المتحرکه (2) التی قبلها متحرک فتکتب علی وجوه : أحدها : أن تکتب علی ما تسهّل به أعنی إن سهّلت بالواو کتبت بالواو نحو : مؤجل وإن سهّلت بالیاء کتبت بالیاء نحو : فئه.

وثانیهما : أن تکتب الهمزه المذکوره بحرف حرکتها ، إذا لم یکن قبلها ضمّه سواء کان قبلها فتحه أو کسره والمراد بحرف حرکتها أنّ المتحرکه بالفتح تکتب ألفا وبالضمّ واوا وبالکسر یاء ، نحو : سأل ولؤم ویئس ومن مقرئک ورؤف.

وثالثها : أن تکتب الهمزه المتحرکه المذکوره علی الوجهین المذکورین وذلک إذا کانت الهمزه مکسوره وما قبلها مضموم نحو : سئل أو مضمومه وما قبلها مکسور نحو : یقرئک فإذا کانت الهمزه کذلک جاز أن تکتب علی ما تسهّل به وأن تکتب بحرف حرکتها فتکتب سئل بالواو من حیث إنّ همزته تسهّل بالواو لضمّه ما قبلها ، وتکتب بالیاء من حیث إنّ الهمزه مکسوره وتکتب یقرئک بالیاء من حیث إنّ همزته تسهّل بالیاء لکسره ما قبلها ، وتکتب بالواو من حیث إنّ همزته مضمومه (3).

ذکر الهمزه آخرا