عنوان و نام پدیدآور : الهدایة فی النحو / ابوحیان اندلسی
مشخصات نشر : دیجیتالی،مرکز تحقیقات رایانه ای قائمیه (عجّل الله تعالی فرجه الشریف) اصفهان،1398.
زبان : عربی.
مشخصات ظاهری : 69 صفحه.
موضوع : زبان عربی -- نحو
توضیح : کتاب «الهدایة فی النحو» کتابی است در علم نحو که در آن مسائل مهم نحوی بر ترتیب کتاب «الکافیة» (نوشته ابن حاجب) نگارش یافته است.در مورد نویسنده آن اختلاف نظر وجود دارد، برخی او را ابوحیان اندلسی، بعضی زبیر بصری، بعضی ابن درستویه و برخی، دختر ابن حاجب دانسته اند.نویسنده،مسایل علم نحو را بدون بیان ادلّه آن مطرح کرده تا ذهن خواننده مبتدی مشوش نشود.
این کتاب در ضمن مجموعه «جامع المقدمات» می باشد.
ص :1
بسم الله الرحمن الرحیم
الحمد لله ربّ العالمین ، والعاقبة للمتّقین ، والصلاة والسلام علی خیر خلقه سیّدنا محمّد وآله أجمعین.
أمّا بعد : فهذا مختصر مضبوط فی علم النحو جمعت فیه مهمّات النحو علی ترتیب الکافیة ، مبوّباً ومفصّلاً بعبارة واضحة مع إیراد الأمثلة فی جمیع مسائلها من غیر تعرّض للأدلّة والعِلَل ، لئلّا یشوّش ذهن المبتدئ عن فهم المسائل. وسمّیته بالهدایة رجاء إلی أن یهدی الله تعالی به الطالبین ، ورتّبته علی مقدّمة وثلاث مقالات وخاتمة بتوفیق الملک العزیز العلّام.
أمّا المقدّمة : ففی المبادئ التی یجب تقدیمها ، لتوقّف المسائل علیها ففیها ثلاثة فصول.
النحو علم باُصول تعرف بها أحوال أواخر الکلم الثلاث من حیث الإعراب والبناء ، وکیفیّة ترکیب بعضها مع بعض. والغرض منه صیانة اللسان عن الخطأ اللفظی فی کلام العرب. وموضوعه الکلمة والکلام.
الکلمة لفظ وضع لمعنی مفرد وهی منحصرة فی ثلاثة أقسام : اسم ، وفعل ، وحرف ، لأنّها إمّا أن لا تدلّ علی معنی فی نفسها وهو الحرف ، أو تدلّ علی معنی فی نفسها واقترن معناها بأحد الأزمنة الثلاثة وهو الفعل ، أو علی معنی فی نفسها ولم یقترن معناها بأحد الأزمنة وهو الاسم.
ثم حدّ الاسم : إنّه کلمة تدلّ علی معنی فی نفسه غیر مقترنة بأحد الأزمنة الثلاثة ، أعنی الماضی والحال والاستقبال ، ک : رَجُلٌ ، وعِلْمٌ. وعلامته أن یصحّ الإخبار عنه وبه ک : زَیْدٌ قائِمٌ ، والإضافة ک : غُلامُ زَیْدٍ ، ودخول لام التعریف ک : الرَّجُل ، والجرّ والتنوین والتثنیة والجمع والنعت والتصغیر والنداء. فإنّ کلّ هذه من خواصّ الاسم. ومعنی الإخبار عنه أن یکون محکوماً علیه ، فاعلاً أو مفعولاً ، أو مبتدأً. ویُسمّی اسماً لِسُمُوِّهِ علی قَسِیمَیْه ، لا لکونه وَسْماً علی المعنی.
وحدّ الفعل : إنّه کلمة تدلّ علی معنی فی نفسه ، ومقترنة بأحد الأزمنة الثلاثة ک : ضَرَبَ ، یَضْرِبُ ، اضْرِبْ. وعلامته أن یصحّ الإخبار به لا عنه ، ودخول : «قد» و «السین» و «سَوْفَ» ، و «الجزم» نحو : قَدْ ضَرَبَ وسَیَضْرِبُ ، وسَوْفَ یَضْرِبُ ، ولَمْ یَضْرِبْ ، والتّصریف إلی الماضی والمضارع ، وکونه أمراً ونهیاً ، واتصال الضمائر البارزة المرفوعة نحو : ضَرَبْتُ ، وتاء التأنیث الساکنة نحو : ضَرَبَتْ ، ونون التّأکید نحو : اضْرِبَنَّ. فإنّ کلّ هذا من خواص الفعل. ومعنی الإخبار به أن یکون محکوماً به کالخبر. ویسمّی فعلاً باسم أصله وهو المصدر ، لأنّ المصدر هو فعل للفاعل حقیقة.
وحدّ الحرف : إنّه کلمة لا تدلّ علی معنی فی نفسها بل فی غیرها نحو :
ص: 2
مِنْ ، فإنّ معناه الابتداء وهی لا تدلّ علیه إلّا بعد ذکر ما یفهم منه الابتداء کالبصرة والکوفة کما تقول : سِرْتُ مِنْ الْبَصْرَةِ إلَی الْکُوفَةِ.
وعلامته أن لا یصحّ الإخبار عنه ولا به ، وأن لا یقبل علامات الأسماء ولا علامات الأفعال.
وللحرف فی کلام العرب فوائد کثیرة ، کالرّبط بین الاسمین نحو : زَیْدٌ فی الدار ، أو فعلین نحو : زیدٌ إنْ تَضْرِبْ أضْرِبْ ، أو اسم وفعل کضَرَبْتُ بِالْخَشَبَةِ ، أو جملتین نحو : إنْ جاءنی زَیْدٌ فَاُکْرِمْهُ ، وغیر ذلک من الفوائد التی سیأتی تعریفها فی القسم الثالث إن شاء الله تعالی.
ویسمّی حرفاً لوقوعه فی الکلام حرفاً ، أی طرفاً ، لأنّه لیس بمقصود بالذات مثل المسند والمسند إلیه.
الکلام لفظ تضمّن الکلمتین بالإسناد. والإسناد نسبة إحدی الکلمتین إلی الأُخری بحیث تفید المخاطب فائدة تامة یصحّ السکوت علیها نحو : قامَ زَیْدٌ.
فعلم أنّ الکلام لا یحصل إلّا من اسمین نحو : زَیْدٌ قائِمٌ ، ویسمّی جملة اسمیّة ، أو فعل واسم نحو : قامَ زَیْدٌ ، ویسمّی جملة فعلیّة. إذ لا یوجد المسند والمسند إلیه معاً فی غیرهما ، فلا بدّ للکلام منهما.
فإن قیل : هذا ینتقض بالنداء نحو : یا زَیْدُ ، قلنا حرف النداء قائم مقام أدْعُو وأطْلُبُ ، وهو الفعل ، فلا ینتقض بالنداء. فإذا فرغنا من المقدّمة فلنشرع فی الأقسام الثلاثة والله الموفّق المعین.
و قد مرَّ تعریفه وهو ینقسم علی قسمین معرب ومبنیّ ، فلنذکر أحکامه
ص: 3
فی بابین.
وفیه مقدّمة وثلاث مقاصد وخاتمة.
أمّا المقدّمة ففیها ثلاثة فصول.
وهو کلّ اسم رُکِّبَ مع غیره ولا یشبه مبنیّ الأصل ، أعنی الحرف والفعل الماضی وأمر الحاضر نحو : زَیْدٌ ، فی قامَ زَیْدٌ ، لا زَیْدٌ وحده لعدم الترکیب ، ولا هؤُلاءِ فی : قام هؤُلاءِ ، لوجود الشبه.
ویسمّی متمکّناً وحکمه أن یختلف آخره باختلاف العوامل ، اختلافاً لفظیّاً نحو : جاءنی زَیْدٌ ، رَأَیْتُ زَیْداً ، مَرَرْتُ بِزَیْدٍ ، أو تقدیریّاً نحو : جاءنی مُوسی ، ورَأَیْتُ مُوسی ، ومَرَرْتُ بِمُوسی.
والإعراب ما به یختلف آخر المعرب کالضمّة والفتحة والکسرة والواو والیاء والألف.
وإعراب الاسم ثلاثة أنواع : رفع ونصب وجرّ. والعامل ما یحصل به رفع ونصب وجرّ. ومحلّ الإعراب من الاسم هو الحرف الآخر ، مثال الکلّ نحو : قامَ زَیْدٌ ، ف_ «قامَ» عامل ، و «زَیْدٌ» معرب ، و «الضَّمَّة» إعراب ، «والدّالُ» محلّ الإعراب.
اعلم أنّه لا معرب فی کلام العرب إلّا الاسم المتمکّن والفعل المضارع ، وسیجیء حکمه فی القسم الثانی ، إن شاء الله تعالی.
وهی تسعة أصناف الأوّل : أن یکون الرفع بالضمّة ، والنصب بالفتحة ، والجرّ بالکسرة.
ص: 4
ویختصّ بالاسم المفرد المنصرف الصحیح وهو عند النّحاة ما لا یکون آخره حرف العلّة کَزیْد ، وبالجاری مجری الصحیح وهو ما یکون آخره واو أو یاء ما قبلها ساکن ک : دَلْو وظَبْی ، وبالجمع المکسّر المنصرف ک : رجال ، تقول : جاءنی زَیْدٌ ودَلْوٌ وظَبْیٌ ورجالٌ ، ورَأیْتُ زَیْداً ودَلْواً وظَبْیاً ورجالاً ، ومَرَرْتُ بِزَیْدٍ ودَلْوٍ وظَبْیٍ ورجالٍ.
الثانی : أن یکون الرفع بالضمّة والنصب والجرّ بالکسرة ویختصّ بالجمع المؤنّث السالم ک : مُسْلِمات ، تقول : جاءنی مُسْلِماتٌ ، ورَأَیْتُ مُسْلِماتٍ ، ومَرَرْتُ بِمُسْلِماتٍ.
الثالث : أن یکون الرفع بالضمّة والنصب والجرّ بالفتحة ، ویختصّ بغیر المنصرف ک : عُمَر ، تقول : جاءنی عُمَرُ ، رَأیْتُ عُمَرَ ، مَرَرْتُ بِعُمَرَ.
الرابع : أن یکون الرفع بالواو والنصب بالألف والجرّ بالیاء. ویختصّ بالأسماء الستة مکبّرة موحّدة مضافةً إلی غیر یاء المتکلّم. وهی : أخُوکَ وأبُوکَ وحَمُوکَ وهَنُوکَ وفُوکَ وذُو مالٍ. تقول : جاءنی أخُوکَ ، ورَأیْتُ أخاکَ ، ومَرَرْتُ بأخیکَ ، وکذا البواقی.
الخامس : أَن یکون الرفع بالألف والنصب والجرّ بالیاء المفتوح ما قبلها. ویختصّ بالمثنّی وکِلا وکِلْتا مضافین إلی ضمیر ، واثنین واثنتین تقول : جاءنی الرَّجُلانِ کِلاهُما واثْنانِ. ورَأیْتُ الرَّجُلیْنِ کِلَیْهِما واثْنَیْنِ ، ومَرَرْتُ بِالرَّجُلیْنِ کِلَیْهِما واثْنَیْنِ.
السادس : أن یکون الرفع بالواو المضموم ما قبلها والنصب والجرّ بالیاء المکسور ما قبلها. ویختصّ بالجمع المذکّر السالم ، واُولی وعِشْرینَ مع أخواتها تقول : جاءنی مُسْلِمُونَ وعِشْرُونَ رَجُلاً واُولُو مالٍ ، ورَأَیْتُ مُسْلِمینَ وعِشْرینَ رَجُلاً واُولی مالٍ ، ومَرَرْتُ بِمُسْلِمینَ وعِشرینَ رَجُلاً واُولی مالٍ.
واعلم أنّ نون التثنیة مکسورة أبداً ونون الجمع مفتوحة أبداً. وهما
ص: 5
یسقطان عند الإضافة نحو : جاءنی غُلاما زَیْدٍ ، ومُسْلِمُو مِصْرٍ.
السابع : أن یکون الرفع بتقدیر الضمّة والنصب بتقدیر الفتحة والجرّ بتقدیر الکسرة. ویختصّ بالمقصور ، وهو ما آخره ألف مقصورة ک : عصا ، وبالمضاف إلی یاء المتکلّم غیر التثنیة والجمع المذکّر السالم ک : غُلامی ، تقول : جاءنی الْعَصا وغُلامی ، ورَأَیْتُ الْعَصا وغُلامی ، ومَرَرْتُ بِالعَصا وغُلامی.
الثامن : أن یکون الرفع بتقدیر الضمّة والنصب بالفتحة لفظاً والجرّ بتقدیر الکسرة ، ویختصّ بالمنقوص وهو ما آخره یاء مکسور ما قبلها کالقاضی ، تقول : جاءنی الْقاضی ، ورَأَیْتُ الْقاضِیَ ، ومَرَرْتُ بِالْقاضی.
التاسع : أن یکون الرفع بتقدیر الواو والنصب والجرّ بالیاء لفظاً. ویختصّ بالجمع المذکّر السالم مضافاً إلی یاء المتکلّم. تقول : جاءنی مُسْلِمِیّ ، أصله مُسْلِمُویَ اجتمعت الواو والیاء فی کلمة واحدة والاُولی منهما ساکنة فقلبت الواو یاء واُدغمت الیاء فی الیاء ، واُبدلت الضمّة بالکسرة مناسبة للیاء فصار : مُسْلِمِیَّ ، ورَأَیْتُ مُسْلِمِیَّ ومَرَرْتُ بِمُسْلِمِیَّ.
الاسم المعرب علی نوعین منصرف ، وهو ما لیس فیه سببان من الأسباب التسعة کَزیْد ، ویسمّی متمکّناً ، وحکمه أن تدخله الحرکات الثلاث مع التنوین مثل أن تقول : جاءنی زَیْدٌ ، رَأَیْتُ زَیْداً ، ومَرَرْتُ بِزَیْدٍ.
وغیر منصرف ، وهو ما فیه سببان من الأسباب التسعة ، أو واحدة منها تقوم مقامها.
والأسباب التسعة هی : العَدل ، والوصف ، والتّأنیث ، والمعرفة ،
ص: 6
والعُجمة ، والجمع ، والترکیب ، ووزن الفعل ، والألف والنون الزائدتان. وحکمه أن لا تدخله الکسرة والتنوین ، ویکون فی موضع الجرّ مفتوحاً کما مرّ.
أمّا العدل : فهو تغییر اللفظ من صیغته الأصلیّة إلی صیغة اُخری ، وهو علی قسمین : تحقیقاً وتقدیراً ، فلا یجتمع مع وزن الفعل أصلاً ، ویجتمع مع العَلَمِیّة کعُمَر وزُفَر. ویجتمع مع الوصف ثُلث ومَثْلَث واُخَر وجُمَع.
أمّا الوصف : فلا یجتمع مع العَلَمِیّة أصلاً ، وشرطه أن یکون وصفاً فی أصل الوضع ، فأسْوَد وأَرْقَم غیر منصرف ، وإن صارا اسمین للحیّة لأصالتهما فی الوصفیّة. وأَرْبَع فی قولک : مَرَرْتُ بِنِسْوَةٍ أَرْبَعٍ ، منصرف مع أنّ فیه وصفیّة ووزن الفعل لعدم الأصلیّة فی الوصف.
أمّا التأنیث بالتاء : فشرطه أن یکون عَلَماً کطَلْحَة ، وکذا المعنویّ کزَیْنَب. ثمّ المؤنّث المعنویّ إن کان ثلاثیّاً ، ساکن الوسط ، غیر أعجمیّ یجوز صرفه مع وجود السببین کهِنْد ، لأجل الخِفّةِ ، وإلّا یجب منعه کزَیْنَب ، وسَقَر ، وماه ، وجُوْر.
والتأنیث بالألف المقصورة کحُبْلی ، والممدودة کَحْمراء ممتنع صرفه البتّة ، لأنّ الألف ، قائم مقام السببین ، التأنیث ولزومه.
وأمّا المعرفة : فلا یعتبر فی منع الصرف بها إلّا العلمیّة ، وتجتمع مع غیر الوصف.
وأمّا العُجمة : فشرطها أن تکون عَلَماً فی العجمیّة وزائدةً علی ثلاثة أحرف ک : إبراهیم وإسماعیل ، أو ثلاثیّاً متحرّک الوسط ک : سَقَر ، فَلِجام منصرف ، لعدم العَلَمِیّة فی العجمیّة ، ونوح ولوط منصرف ، لسکون الأوسط.
أمّا الجمع : فشرطه أن یکون علی صیغة منتهی الجموع ، وهو أن یکون
ص: 7
بعد ألف الجمع حرفان متحرّکان کمَساجد ودَوابّ ، أو ثلاثة أحرف أوسطها ساکن غیر قابل للتاء کمَصابیح. فصَیاقِلَة وفَرازنَة منصرفان لقبولهما التاء. وهو أیضاً قائم مقام السببین ، الجمعیّة وامتناعه أن یجمع مرّة اُخری جمع التکسیر ، فکأنَّه جمع مرّتین.
أمّا التّرکیب : فشرطه أن یکون عَلَماً بلا إضافة ولا إسناد کبَعلبَک ، فعَبْد اللهِ منصرف للإضافة ، وشابَ قَرْناها ، مبنیّ للإسناد.
أمّا الألف والنون الزائدتان : فشرطهما إن کانتا فی اسم أن یکون عَلَماً کعِمْران وعُثْمان ، فسعْدان _ اسم نبت _ منصرف ، وإن کانتا فی الصفة فشرطهما أن لا یکون مؤنّثها فَعْلانَة کسَکْران وعَطْشان ، فنَدْمان منصرف لوجود نَدْمانَة.
أمّا وزن الفعل : فشرطه أن یختصّ بالفعل نحو : ضَرَبَ وشَمَّرَ. وإن لم یختصّ به فیجب أن یکون فی أوّله إحدی حروف المضارع ، ولا یدخله الهاء کأَحْمَد ویَشْکُر وتَغْلِب ونَرْجس ، فیَعْمل منصرف لقبوله التاء کقولهم ، ناقَة یَعْملَة.
واعلم أنّ کلّ ما یشترط فیه العَلَمیّة وهو التأنیث بالتاء والمعنویّ والعُجمة والتّرکیب والاسم الّذی فیه الألف والنون الزائدتان ، وما لم یشترط فیه ذلک لکن اجتمع مع سبب آخر فقط وهو العدل ووزن الفعل ، إذا نکّرته انصرف.
أمّا فی القسم الأوّل فلبقاء الاسم بلا سبب ، وأمّا فی القسم الثانی فلبقائه علی سبب واحد. تقول : جاءَ طَلْحَةُ وطَلْحَةٌ آخَر ، وقامَ عُمَرُ وعُمَرٌ آخر ، وقامَ أَحْمَدُ وأَحْمَدٌ آخر.
وکلّ ما لا ینصرف إذا اُضیف أو دخله اللام ، دخله الکسرة فی حالة الجرّ کمَرَرْتُ بِأَحْمَدِکُمْ وبِالْأحْمَرِ. تمّت المقدّمة.
ص: 8
الأسماء المرفوعة وهی ثمانیة أقسام : الفاعل ، والمفعول الّذی لم یُسَمَّ فاعله ، والمبتدأ ، والخبر ، وخبر «إنَّ» وأخواتها ، واسم «کان» وأخواتها ، واسم «ما» و «لا» المشبّهتین بلیس ، وخبر «لا» الّتی لنفی الجنس.
وهو کلّ اسم قبله فعل أو شبهه اُسند إلیه علی معنی أنّه قائم به لا واقع علیه نحو : قامَ زَیْدٌ ، وزَیْدٌ ضارِبٌ أبُوهُ ، وما ضَرَبَ زَیْدٌ عَمْراً.
وکلّ فعل لا بُدَّ له من فاعل مرفوع ، مظهراً کان ک : ذَهَبَ زَیْدٌ ، أو مضمراً ک : زَیْدٌ ذَهَبَ. وإن کان متعدّیاً کان له مفعول به أیضاً منصوب نحو : زیدٌ ضَرَبَ عَمْراً.
فإن کان الفاعل مظهراً وُحِّدَ الفعل أبداً نحو : ضَرَبَ زَیْدٌ وضَرَبَ الزَّیْدانِ ، وضَرَبَ الزَّیْدُونَ ، وإن کان الفاعل مضمراً وُحِّدَ الفعل للفاعل الواحد نحو : زَیْدٌ ضَرَبَ ، ویثنّی للمثنّی نحو : الزَّیْدانِ ضَرَبا ، ویجمع للجمع نحو : الزَّیْدُونَ ضَرَبُوا.
وإن کان الفاعل مؤنّثاً حقیقیّاً _ وهو ما یوجد بأزائه ذکر من الحیوانات _ اُنِّثَ الفعل أبداً ، إن لم تفصل بین الفعل والفاعل ، نحو : قامَتْ هِنْدٌ ، فإن فصّلت فلک الخیار فی التذکیر والتأنیث نحو : ضَرَبَ الْیَوْمَ هِنْدٌ ، وإن شئت تقول ضَرَبَتِ الْیَوْمَ هِنْدٌ.
وکذلک فی المؤنّث الغیر الحقیقیّ نحو : طَلَعَتِ الشَّمْسُ ، وإن شئت قلت : طَلَعَ الشَّمْسُ. هذا إذا کان الفعل مقدّماً علی الفاعل ، وأمّا إذا کان متأخّراً اُنّثَ الفعل نحو : الشَّمْسُ طَلَعَتْ.
ص: 9
وجمع التکسیر کالمؤنّث الغیر الحقیقیّ تقول : قامَ الرّجالُ ، قامَتِْ الرّجالُ. ویجب تقدیم الفاعل علی المفعول إذا کانا مقصورین وخفت اللّبس نحو : ضَرَبَ مُوسی عیسی.
ویجوز تقدیم المفعول علی الفاعل إذا کان قرینة مع کونهما مقصورین ، أو غیر مقصورین إن لم تخف اللبس نحو : أکَلَ الْکُمَّثری یَحْیی ، وضَرَبَ عَمْراً زَیْدٌ.
ویجوز حذف الفعل حیث کانت قرینة نحو : زَیْدٌ ، فی جواب من قال : مَنْ ضَرَبَ ؟ وکذا حذف الفاعل والفعل معاً کنَعَمْ فی جواب من قال : أَقامَ زَیْدٌ ؟ وقد یحذف الفاعل ویقام المفعول مقامه إذا کان الفعل مجهولاً وهو القسم الثانی من المرفوعات.
وهو کلّ مفعول حذف فاعله واُقیم المفعول مقامه نحو : ضُربَ زَیْدٌ ، وحکمه فی توحید فعله وتثنیته وجمعه ، وتذکیره وتأنیثه ، علی قیاس ما عرفت فی الفاعل.
وهما اسمان مجرّدان عن العوامل اللّفظیة ، أحدهما : مسند إلیه ویسمّی المبتدأ ، والثانی : مسند به ویسمّی الخبر نحو : زَیْدٌ قائِمٌ.
والعامل فیهما معنویّ هو الابتداء.
وأصل المبتدأ أن یکون معرفة ، وأصل الخبر أن یکون نکرة. والنکرة إذا وصفت جاز أن تقع مبتدأ نحو قوله تعالی : ﴿وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَیْرٌ مِّن
ص: 10
مُّشْرِکٍ﴾ (1) وکذا إذا تخصّصت بوجه آخر نحو : أرجُلٌ فی الدّارِ أمْ امرأةٌ ، وما أَحَدٌ خَیْراً مِنْکَ ، وشَرٌّ أَهَرّ ذا ناب ، وفی الدارِ رَجُلٌ ، وسَلامٌ عَلَیْکَ.
وإن کان أحد الاسمین معرفة والآخر نکرة ، فاجعل المبتدأ معرفة والخبر نکرة البتّة کما مرّ.
وإن کانا معرفتین فاجعل أیّهما شئت مبتدأ والآخر خبراً نحو : اللهُ إِلهُنا ، وآدمُ ( عَلَیْهِ السَّلامُ ) أَبُونا ، ومُحَمَّدٌ ( صَلَّی اللهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ وسلّم ) نَبیُّنا.
وقد یکون الخبر جملة اسمیّة نحو : زَیْدٌ أبُوهُ قائِمٌ ، أو فعلیّة نحو : زَیْدٌ قامَ أبُوهُ ، أو شرطیّة نحو : زَیْدٌ إنْ جاءنی فَأکْرمْهُ ، أو ظرفیّة نحو : زَیْدٌ خَلْفَکَ ، وعَمْروٌ فِی الدار ، والظرف متعلّق بجملة عند الأکثر وهی اسْتَقَرَّ ، لأنَّ المقدّر عامِلٌ فی الظرف والأصل فی العمل الفعل ، فقولک : زَیْدٌ فی الدار ، تقدیره : اسْتَقَرَّ فی الدار.
ولا بدّ من ضمیر فی الجملة لیعود إلی المبتدأ ، کالهاء فیما مرّ ، ویجوز حذفه عند وجود قرینة نحو : السَّمْنُ مَنَوانِ بِدِرْهَمٍ ، والْبُرُّ اَلْکُرُّ بِسِتّینَ دِرْهَمَاً أی منه.
وقد یتقدّم الخبر علی المبتدأ إن کان ظرفاً نحو : فِی الدارِ زَیْدٌ. ویجوز للمبتدأ الواحد أخبار کثیرة نحو : زَیْدٌ فاضِلٌ عالِمٌ عاقِلٌ.
واعلم أنّ لهم قسماً آخر من المبتدأ لیس بمسند إلیه ، وهو صفة وقعت بعد حرف النفی نحو : ما قائِمٌ زَیْدٌ ، أو بعد حرف الاستفهام نحو : أَقائِمٌ زَیْدٌ ؟ وهَلْ قائِمٌ زَیْدٌ ؟ بشرط أن ترفع تلک الصفة اسماً ظاهراً بعدها نحو : ما قائِمُ الزَّیْدانِ ، وأقائِمُ الزَّیْدانِ ؟ بخلاف أقائِمانِ الزَّیْدانِ ؟
ص: 11
وهی : «أنَّ ، وکَأَنَّ ، ولکِنَّ ، ولَیْتَ ، ولَعَلَّ» ، وهذه الحروف تدخل علی المبتدأ والخبر ، تنصب المبتدأ ویسمّی اسم إِنَّ ، وترفع الخبر ویسمّی خبر إِنَّ ، فخبر إِنَّ هو المسند بعد دخولها نحو : إنَّ زَیْداً قائِمٌ.
وحکمه فی کونه مفرداً أو جملة معرفة أو نکرة کحکم خبر المبتدأ. ولا یجوز تقدیمه علی اسمها إلّا إذا کان ظرفاً نحو : إنَّ فی الدارِ زَیْداً ، لمجال التوسّع فی الظروف.
وهی : «صارَ ، وأصْبَحَ ، وأمسْی ، وأضْحی ، وظَلَّ ، وباتَ ، وآضَ ، وعادَ ، وغَدا ، وراحَ ، وما زالَ ، وما فَتئَ ، وما انْفَکَّ ، وما دامَ ، ولَیْسَ ، وما بَرحَ».
وهذه الأفعال الناقصة تدخل أیضاً علی المبتدأ والخبر ، ترفع المبتدأ ویسمّی اسم کان ، وتنصب الخبر ویسمّی خبر کانَ. واسم کانَ هو المسند إلیه بعد دخولها نحو : کانَ زَیْدٌ قائِماً.
ویجوز فی الکلّ تقدیم أخبارها علی [ أسمائها ] نحو : کانَ قائِماً زَیْدٌ. ویجوز تقدیم أخبارها علی نفس الأفعال أیضاً مِن کانَ إلی راحَ نحو : قائِماً کانَ زَیْدٌ ، ولا یجوز ذلک فیما أوّله «ما» ، فلا یقال : قائِماً ما زالَ زَیْدٌ ، وفی لَیْسَ خلاف. وباقی الکلام فی هذه الأفعال یجیء فی القسم الثانی إن شاء الله تعالی.
* * *
ص: 12
هو المسند إلیه بعد دخولهما نحو : ما زَیْدٌ قائِماً ، ولا رَجُلٌ أفْضَلَ مِنْکَ. ویدخل «ما» علی المعرفة والنکرة. ویختصّ «لا» بالنکرات خاصّة.
هو المسند بعد دخولها نحو : لا رَجُلَ قائِمٌ.
وهی اثنا عشر قسماً : المفعول المطلق ، والمفعول به وفیه وله ومعه ، والحال والتمییز ، والمستثنی ، وخبر کان وأخواتها ، واسم إنّ وأخواتها ، والمنصوب بلا الّتی لنفی الجنس ، وخبر «ما» و «لا» المشبّهتین بلیس.
وهو مصدر بمعنی فعل مذکور قبله. ویذکر للتأکید ک : ضربتُ ضَرْباً ، ولبیان النوع نحو : جَلَسْتُ جِلْسَةً عاریاً ، ولبیان العدد ک : جَلَسْتُ جلْسَةً أو جلْسَتَیْنِ أو جَلَسات. وقد یکون من غیر لفظ الفعل نحو : قَعَدْتُ جُلُوساً.
وقد یحذف فعله لقیام قرینة جوازاً کقولک للقادم : خَیْرَ مَقْدَمٍ ، أی قَدِمْتَ قُدوماً ، فخیر اسم تفضیل ومصدریّته باعتبار الموصوف أو المضاف إلیه وهو مَقْدَم أو قُدوماً ، ووجوباً سماعاً نحو : شُکْراً وسَقْیاً.
وهو اسم ما وقع علیه فعل الفاعل نحو : ضَرَبْتُ زَیْداً. وقد یتقدّم علی
ص: 13
الفاعل ک : ضَرَبَ عَمْراً زَیْدٌ. وقد یحذف فعله لقیام قرینة جوازاً نحو : زَیْداً ، فی جواب من قال : مَنْ أضْرِبُ ؟ ، أو وجوباً فی أربعة مواضع : الأوّل : سماعیّ نحو : امرأ وَنَفْسَهُ ، أی دَعْهُ وَنَفْسه ، و «انتَهُوا خَیْرًا لَّکُمْ» (1) أی انتهوا عن التّثلیث واقصدوا خیراً لکم ؛ وأهْلاً وسَهْلاً ، أی أتیت مکاناً أهلاً وأتیت مکاناً سهلاً ، والبواقی قیاسیّة.
الثانی : التحذیر ، وهو معمول بتقدیر اتَّقِ ، تحذیراً ممّا بعده ، نحو : إیّاک وَالْأسَدَ ، أصله اتّق نفسک من الأسد ، أو ذکر المحذّر منه مکرّراً نحو : الطَّریقَ الطَّریقَ.
الثالث : ما اُضمر عامله علی شریطة التفسیر ، وهو کلّ اسم بعده فعل أو شبه فعل یشتغل ذلک الفعل عن ذلک الاسم بضمیره ، بحیث لو سلّط علیه هو ، أو مناسبه لنصبه نحو : زَیْداً ضَرَبْتُهُ ، فإنّ زیداً منصوب بفعل محذوف وهو : ضربت ، ویفسّره الفعل المذکور بعده وهو : ضربته. ولهذا الباب فروع کثیرة.
الرابع : المنادی ، وهو اسم مدعوّ بحرف النداء وهی : «یا» و «أیا» و «هَیا» و «أیْ» والهمزة المفتوحة لفظاً ، نحو : یا عَبْدَ اللهِ ، أی أدعو عبد الله ، وحرف النداء قائم مقام أدْعُو وأطْلُبُ.
وقد یحذف حرف النداء لفظاً نحو قوله تعالی : «یُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَ_ذَا» (2).
واعلم أنّ المنادی أقسام ، فإن کان مفرداً معرفة یبنی علی علامة الرفع کالضمّة نحو : یا زَیْدُ ، والألف نحو : یا زَیْدان ، والواو نحو : یا زَیْدُونَ ، ویخفض بلام الاستغاثة نحو : یا لَزَیْدٍ ، ویفتح بإلحاق ألفها نحو یا زَیْداه.
ص: 14
وینصب إن کان مضافاً نحو : یا عَبْدَ اللهِ ، أو مشابهاً للمضاف نحو : یا طالِعاً جَبَلاً ، أو نکرة غیر معیّنة نحو قول الأعمی : یا رَجُلاً خُذْ بِیَدی.
وإن کان معرّفاً باللام قیل : یا أیُّهَا الرَّجُلُ ، ویا أیَّتُهَا المرأَةُ.
ویجوز ترخیم المنادی ، وهو حذف فی آخره للتّخفیف کما تقول فی یا مالِکُ : یا مالِ ، وفی یا مَنْصُورُ : یا مَنْصُ ، وفی یا عُثْمانُ : یا عُثْمُ.
ویجوز فی آخر المرخّم الضمّة والحرکة الأصلیّة کما تقول فی یا حارِثُ : یا حارُِ.
واعلم أنّ «یا» من حروف النداء وقد تستعمل فی المندوب أیضاً ، وهو المتفجّع علیه ب_ : «یا» أو «وا» یقال : یا زَیْداه ، ووازَیْداه. «فوا» یختصّ بالمندوب ، و «یا» مشترک بین النداء والمندوب.
وهو اسم ما وقع الفعل فیه من الزمان والمکان ، ویسمّی ظرفاً. وظرف الزمان علی قسمین : مبهم : وهو ما لا یکون له حدّ معیّن ک : دَهْر وحین.
ومحدود : وهو ما یکون له حدّ معیّن ک : یَوْم ولَیْلَة وشَهْر وسَنَة.
وکلّها منصوب بتقدیر «فی» ، تقول : صُمْتُ دَهْراً ، وسافَرْتُ شَهْراً ، أی فی دهر وفی شهر.
وظروف المکان کذلک : مبهم وهو منصوب أیضاً نحو : جَلَسْتُ خَلْفَکَ وأمامَکَ ، ومحدود وهو ما لا یکون منصوباً بتقدیر «فی» بل لا بدّ من ذکر «فی» (1) نحو : جَلَسْتُ فِی الدارِ. وفِی السُّوقِ وفی المَسْجِدِ.
ص: 15
وهو اسم ما لأجله یقع الفعل المذکور قبله ، ینصب بتقدیر اللام نحو : ضَرَبْتُهُ تَأدیباً ، أی للتّأدیب ، وقَعَدْتُ عَنْ الْحَرْبِ جُبْناً ، أی للجبن. وعند الزجّاج هو مصدر تقدیره : أدّبته تأدیباً.
وهو ما یذکر بعد الواو بمعنی «مَعَ» لمصاحبته معمول فعل نحو : جاءَ الْبَرْدُ وَالْجِلبابَ ، وجِئْتُ أنَا وَزَیْداً ، أی مع الجِلْباب ، ومع زید.
فإن کان الفعل لفظاً وجاز العطف یجوز فیه الوجهان نحو : جئتُ اَنَا وزیدٌ ، وَزَیداً ، وإن لم یجز العطف تعیّن النصب نحو : جئت وزیداً ، وإن کان الفعل معنیً وجاز العطف تعیّن العطف نحو : ما لزیدٍ وعمروٍ ، وإن لم یجز العطف تعیّن النصب نحو : ما لَکَ وَزَیْداً ، ومَا شَأْنُکَ وَعَمْراً ، لأنّ المعنی : ما تصنع؟
وهی لفظ تدلّ علی بیان هیئة الفاعل أو المفعول به ، أو کلیهما نحو : جاءنی زَیْدٌ راکِباً ، وضَرَبْتُ زَیْداً مَشْدُوداً ، ولَقیتُ عَمْراً راکِبَیْنِ.
وقد یکون فعل الفاعل معنویّاً نحو : زَیْدٌ فی الدّارِ قائِماً ، لأنّ معناه زیدٌ استقرّ فی الدار قائماً ، وکذلک المفعول به نحو : هذا زیدٌ قائماً ، فإنّ معناه اُنَبِّهُ واُشیر إلیه قائماً. والعامل فی الحال فعل ، لفظاً نحو : ضَرَبْتُ زَیْداً راکِباً ، أو معنیً نحو : زَیْدٌ فی الدار قائِماً.
والحال نکرة أبداً وذو الحال معرفة غالباً کما رأیت فی الأمثلة ، فإن
ص: 16
کان ذو الحال نکرة یجب تقدیم الحال علیه نحو : جاءنی راکِباً رَجُلٌ ، لئلّا یلتبس بالصفة فی حالة النصب فی قولک : رَأَیْتُ رَجُلاً راکِباً.
وقد یکون الحال جملة خبریّة نحو : جاءنی زَیْدٌ وغُلامُهُ راکِبٌ ، أو یَرْکَبُ غُلامُهُ. ومثال ما کان عامله معنی الفعل نحو : هذا زَیْدٌ قائِماً ، فإنّ معناه اُنَبِّهُ واُشیر إلیه حالَ کون زید قائماً. وقد یحذف العامل لقرینة کما تقول للمسافر : سالِماً غانِماً ، أی ترجع سالماً غانماً.
وهو اسم نکرة تذکر بعد مقدار أو عدد أو کیل أو وزن أو مساحة أو غیر ذلک ممّا فیه إبهام ، لیرفع ذلک الإبهام نحو : عِنْدی عِشْرُونَ رَجُلاً ، وقَفیزان بُرّاً ومَنَوان سَمْناً ، وجَریبانِ قُطْناً ، وما فی السَّماءِ قَدْرَ راحَةٍ سَحاباً ، وعَلَی التَّمْرَةِ مِثْلُها زَبَداً.
وقد یکون من غیر مقدار نحو : عِنْدی سِوارٌ ذَهَباً ، وهذا خاتَمٌ حَدیداً ، وفیه الخفض أکثر نحو : خاتَم حَدیدٍ ، وقد یقع التمییز بعد الجملة لیرفع الإبهام عن نسبتها نحو : طابَ زَیْدٌ عِلْماً أو أباً أو خُلْقاً.
وهو لفظ یذکر بعد إلّا وأخواتها لیعلم أنّه لا ینسب إلیه ما ینسب إلی ما قبلها. وهو علی قسمین : متّصل وهو ما اُخرج عن المتعدّد بِإلّا وأخواتها نحو : جاءنی الْقَوْمُ إلّا زَیْداً ، أو منقطع وهو المذکور بعد إلّا غیر مخرج عن متعدّد لعدم دخوله فی المستثنی منه نحو : جاءنی الْقَوْمُ إلّا حِماراً.
واعلم أنّ إعراب المستثنی علی أقسام : فإن کان بعد إلّا فی کلام تامّ
ص: 17
موجب وهو کلّ کلام لا یکون فی أوّله نفی ولا نهی ولا استفهام نحو : جاءنی القومُ إلّا زیداً ، أو منقطعاً کما مرّ ، أو متقدّماً علی المستثنی منه نحو : ما جاءنی إلّا أخاکَ أحَدٌ ، أو کان بعد عَدا ، وخَلا عند الأکثر ، أو کان بعد ما خَلا ، وما عَدا ، ولَیْس ولا یَکُونَ نحو : جاءنی الْقَوْمُ ما خَلا زَیْداً کان منصوباً.
وإن کان بعد إلّا فی کلام غیر موجب ، والمستثنی منه مذکوراً یجوز فیه الوجهان : النصب ، والبدل عمّا قبلها نحو : ما جاءنی أحَدٌ إلّا زَیْداً ، وإلّا زَیْدٌ.
وإن کان مفرّغاً بأن یکون بعد إلّا فی کلام غیر موجب ، والمستثنی منه غیر مذکور کان إعرابه بحسب العوامل تقول : ما جاءنی إلّا زَیْدٌ ، وما رَأَیْتُ إلّا زیْداً ، وما مَرَرْتُ إلّا بِزَیْدٍ.
وإن کان بعد غَیر ، وسِوی ، وحاشا عند الأکثر کان مجروراً نحو : جاءنی الْقَوْمُ غَیْرَ زَیْدٍ ، وسِوی زَیْدٍ ، وحاشا زَیْدٍ.
واعلم أنّ إعراب «غَیْر» کإعراب المستثنی بإلّا تقول : جاءنی الْقَوْمُ غَیْرَ زَیْدٍ ، وغَیْرَ حِمارٍ ، وما جاءنی أحَدٌ غَیْرُ زَیْدٍ ، وما رَأَیْتُ غَیْرَ زَیْدٍ ، وما مَرَرْتُ بِغَیْرِ زَیْدٍ.
واعلم أنّ لفظ «غَیْر» موضوع للصفة ، وقد یستعمل للاستثناء. کما أنّ لفظ «إلّا» موضوعة للاستثناء وقد تستعمل للصفة کما فی قوله تعالی : «لَوْ کَانَ فِیهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّ_هُ لَفَسَدَتَا» (1) أی غیر الله ، وکذا قولک : «لَا إِلَ_هَ إِلَّا اللَّ_هُ».
* * *
ص: 18
وهو المسند بعد دخولها نحو : کانَ زَیْدٌ مُنْطَلِقاً. وحکمه کحکم خبر المبتدأ إلّا أنّه یجوز تقدیمه علی اسمها مع کونه معرفة بخلاف ثمّ نحو : کانَ الْقائِم زَیْدٌ.
هو المسند إلیه بعد دخولها نحو : إنَّ زَیْداً قائِمٌ.
هو المسند إلیه بعد دخولها وتلیها نکرة مضافة نحو : لا غُلامَ رَجُلٍ فی الدار. ومشابهاً به نحو : لا عِشْرینَ دِرْهَماً فی الْکیس. وإن کان من بعد «لا» نکرة مفردة یبنی علی الفتح نحو : لا رَجُلَ فی الدار. وإن کان مفرداً معرفة أو نکرة مفصولاً بینه وبین «لا» کان مرفوعاً ، ویجب حینئذٍ تکریر «لا» مع الاسم الآخر ، تقول : لا زیْدٌ فی الدار ولا عَمْروٌ ، ولا فیها رَجُلٌ وَلا امرأةٌ.
واعلم أنّه یجوز فی مثل : لا حَوْلَ وَلا قُوَّة إلّا بِاللهِ ، خمسة أوجه ، فتحهما ورفعهما ، وفتح الأوّل ونصب الثانی ، وفتح الأوّل ورفع الثانی ، ورفع الأوّل وفتح الثانی.
وقد یحذف اسم «لا» للقرینة نحو : لا عَلَیْکَ ، أی لا بَأْسَ عَلَیْک.
هو المسند بعد دخولهما نحو : ما زَیْدٌ قائِماً ، ولا رَجُلٌ حاضراً. وإن وقع
ص: 19
الخبر بعد إلّا نحو : ما زَیْدٌ إلّا قائِمٌ ، أو تقدّم الخبر نحو : ما قائِمٌ زَیْدٌ ، أو زیدَت «إنْ» بعد ما نحو : ما إنْ زَیْدٌ إلّا قائِمٌ ، بطل العمل کما رأیت هاهنا هذا لغة الحجازیّة ، ودلیلهم نحو : «مَا هَ_ذَا بَشَرًا» (1).
وأمّا بنو تمیم فلا یُعْمِلونها أصلاً کقول الشاعر من بنی تمیم :
وَمُهَفْهَفٍ کَالْبَدْرِ قُلْتُ لَهُ انْتَسِبْ***فَأجاب ماقتْلُ المُحِبّ عَلی المحِبّ حرامٌ (2)
برفع حرام.
الأسماء المجرورات قسم واحد وهو المضاف إلیه فقط ، وهو : کلّ اسم نسب إلیه شیء بواسطة حرف الجرّ لفظاً نحو : مَرَرْتُ بِزَیْدٍ ، ویعبّر عن هذا الترکیب فی الاصطلاح بأنّه جارّ ومجرور ، أو تقدیراً نحو : غُلامُ زَیْدٍ ، تقدیره : غلامٌ لزیدٍ ، ویعبّر عنه فی الاصطلاح بأنّه مضاف ومضاف إلیه.
ویجب تجرید المضاف عن التنوین وما یقوم مقامه نحو : غُلامُ زَیْدٍ ، وغُلاما عَمْروٍ ، ومُسْلِمُو مِصْرٍ.
واعلم أنّ الإضافة علی قسمین : معنویّة ، ولفظیّة.
ص: 20
أمّا المعنویّة : فهی أن یکون المضاف غیر صفة مضافة إلی معمولها نحو : غُلامُ زَیْدٍ ، وهی إمّا بمعنی «اللام» نحو : غُلامُ زَیْدٍ ، أو بمعنی «مِنْ» کخاتَمُ فِضَّةٍ ، أو بمعنی «فی» نحو : صلاةُ اللَّیْلِ.
وفائدة هذه الإضافة : تعریف المضاف إن اُضیف إلی معرفة کما مرّ ، وتخصیصه إن اُضیف إلی نکرة نحو : غُلامُ رَجُلٍ.
وأمّا اللفظیّة : فهی أن یکون المضاف صفة مضافة إلی معمولها ، وهی فی تقدیر الانفصال فی اللفظ نحو : ضاربُ زَیْدٍ ، وفائدتها تخفیف فی اللفظ.
واعلم أنّک إذا أضفت الاسم الصحیح أو الجاری مجری الصحیح إلی یاء المتکلّم کسرت آخره وأسکنت الیاء أو فتحت ، کغُلامی ، ودَلْوی ، وظَبْیی. وإن کان آخر الاسم یاء مکسوراً ما قبلها أدغمت الیاء فی الیاء وفتحت الیاء الثانیة ، لئلّا یلتقی الساکنان ، کما تقول فی القاضی : قاضِیَّ ، وفی الرَّامِی : رامِیَّ ، وإن کان فی آخره واو مضموم ما قبلها تقلبها یاء ، وعملت کما عملت الآن کما تقول : جاءنی مُسْلِمیَّ ، وفی الأسماء الستّة کما تقول : أخِیَّ ، وأبِیَّ ، وحَمِیَّ ، وهَنِیَّ ، وفِیَّ عند قوم ، و «ذو» لا یضاف إلی مضمر أصلاً.
وقول الشاعر :
[ أَهْنِأُ المعروف ما لَمْ تُبْتَذَلْ فیه الوجُوُه ]***إنَّما یَعْرفُ ذَا الْفَضْلِ مِنَ الناس ذَووهُ (1) شاذ.
وإذا قطعت عن الإضافة قلت : أخٌ ، وأبٌ ، وحَمٌ ، وهَنٌ ، وفَمٌ
ص: 21
ویجوز الحرکات الثلاث ، وذو لا یقطع عن الإضافة البتّة أصلاً. هذا کلّه مجرور بتقدیر حرف الجرّ ، أمّا ما یذکر فیه حرف الجرّ لفظاً فسیأتیک فی القسم الثالث إن شاء الله تعالی.
اعلم أنّ الّتی مرّت ذکرها من الأسماء المعربة کان إعرابها بالأصالة بأن دخلها العوامل من المرفوعات والمنصوبات والمجرورات. وقد یکون الاسم إعرابه بتبعیّة ما قبله ، ویسمی التّابع ، لأنّه یتبع ما قبله فی الإعراب ، وهو کلّ ثان ، معرب بإعراب سابقه من جهة واحدة.
والتّوابع خمسة أقسام : النّعت ، والعطف بالحروف ، والتأکید ، وعطف البیان ، والبدل.
وهو تابع یدلّ علی معنی فی متبوعه نحو : جاءنی رَجُلٌ عالِمٌ ، أو فی متعلّق متبوعه نحو : جاءنی رَجُلٌ عالِمٌ أبُوهُ ، ویسمّی الصفة أیضاً.
والقسم الأول : إنّما یتبع متبوعه فی أربعة من عشرة أشیاء ، فی الإعراب الثلاث : الرفع والنصب والجرّ ، والتعریف والتنکیر ، والإفراد والتثنیة والجمع ، والتذکیر والتأنیث ؛ نحو : جاءنی رَجُلٌ عالِمٌ ، وامرأةٌ عالِمَةٌ ، ورَجُلانِ عالِمانِ ، وامرأتانِ عالِمَتانِ ، ورجالٌ عُلماءٌ ، ونِساءٌ عالِماتٌ ، وزَیْدٌ الْعالِمُ ، والزَیْدانِ الْعالِمانِ ، والزَیْدُونَ الْعالِمُونَ ، ورَأَیْتُ رَجُلاً عالِماً ، وکذا البواقی.
والثانی : إنّما یتبع متبوعه فی الخمسة الأُول فقط ، أعنی الإعراب
ص: 22
والتّعریف والتّنکیر ، نحو قوله تعالی : «مِنْ هَ_ذِهِ الْقَرْیَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا» (1).
وفائدة النعت تخصیص المنعوت إن کانا نکرتین نحو : جاءنی رَجُلٌ عالِمٌ ، وتوضیح منعوته إن کانا معرفتین نحو : جاءنی زَیْدٌ الْفاضِلُ ، وقد یکون للثناء والمدح نحو : «بِسْمِ اللَّ_هِ الرَّحْمَ_نِ الرَّحِیمِ». وقد یکون للذمّ نحو : أعُوذُ باللهِ مِنْ الشَّیْطانِ الرَّجیم ، وقد یکون للتأکید نحو قوله تعالی : «نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ» (2).
واعلم أنّ النکرة توصف بالجملة الخبریّة نحو : مَرَرْتُ بِرَجُلٍ أبُوهُ قائِمٌ ، أو قامَ أبُوهُ. والضمیر لا یوصف ولا یوصف به.
وهو تابع ینسب إلیه ما نسب إلی متبوعه وکلاهما مقصودان بتلک النسبة ، ویسمّی عطف النسق أیضاً.
وشرطه أن یتوسّط بینه وبین متبوعه أحد حروف العطف وسیأتی ذکرها فی القسم الثالث نحو : قامَ زَیْدٌ وعَمْروٌ.
وإذا عطف علی ضمیر مرفوع متّصل یجب تأکیده بضمیر منفصل نحو : ضَرَبْتُ أنَا وَزَیْدٌ ، إلّا إذا فصل نحو : ضَرَبْتُ الْیَوْمَ وَزَیْدٌ ، وإذا عطف علی الضمیر المجرور المتّصل تجب إعادة حرف الجرّ فی المعطوف نحو : مَرَرْتُ بِکَ وَبِزَیْدٍ.
واعلم أنّ المعطوف فی حکم المعطوف علیه ، أعنی : إذا کان الأوّل صفة أو خبراً ، أو صلة ، أو حالاً فالثانی کذلک. والضّابطة فیه أنّه إن کان یجوز أن یقام المعطوف مقام المعطوف علیه جاز العطف ، وحیث لا فلا.
ص: 23
والعطف علی معمولی عاملین مختلفین جائز إذا کان عاملین مختلفین جائز إذا کان المعطوف علیه مجروراً ومقدّماً علی المرفوع ، والمعطوف کذلک أی مجرور نحو : فی الدارِ زَیْدٌ ، وَالْحُجْرَةِ عَمْروٌ. وفی هنا مذهبان آخران وهما الجواز مطلقاً عند الفرّاء ، وعدمه مطلقاً عند سیبویه.
وهو تابع یدلّ علی تقریر المتبوع فیما نسب إلیه نحو : جاءنی زَیْدٌ نَفْسُهُ. أو یدلّ علی شمول الحکم لکلّ أفراد المتبوع مثل : «فَسَجَدَ الْمَلَائِکَةُ کُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ» (1).
والتأکید علی قسمین : لفظیّ : وهو تکریر اللفظ الأوّل بعینه نحو : جاءنی زَیْدٌ زَیْدٌ ، وقامَ زَیْدٌ زَیْدٌ ، جاءنی جاءنی زَیْدٌ ، قامَ قامَ زَیْدٌ ، ویجوز فی الحروف أیضاً نحو : إنَّ إنَّ زَیْداً قائِمٌ.
ومعنویّ : وهو بألفاظ معدودة وهی : [ نفس وعین ] للواحد والمثنّی والمجموع باختلاف الصیغة والضمیر نحو : جاءنی زَیْدٌ نَفْسُهُ ، والزَّیْدانِ أنْفُسُهُما أو نَفْساهُما ، والزَّیْدُونَ أنْفُسُهُمْ ، وکذلک عَیْنُهُ وأعْیُنُهُما أو عَیْناهُما وأعْیُنُهُمْ.
وللمؤنّث نحو : جاءتنی هِنْدٌ نَفْسُها ، والْهِنْدانِ أنْفُسُهُما أو نَفْساهُما والْهِنْداتُ أنْفُسُهُنَّ ، وکذا عَیْنُها وأعْیُنُهُما أو عَیْناهُما ، وأعْیُنُهُنَّ.
وکِلا وکِلْتا للمثنّی خاصّة نحو : قامَ الرَّجُلانِ کِلاهُما ، وقامَتِ المرأتان کِلْتاهُما.
وکُلّ ، وأجْمَع ، وأکْتَع ، وأبْتَع ، وأبْصَع ، لغیر المثنّی باختلاف
ص: 24
الضمیر فی کلّ تقول : اشْتَرَیْتُ الْعَبْدَ کُلَّهُ ، وجاءنی الْقَوْمُ کُلُّهُمْ ، واشْتَرَیْتُ الْجاریّةَ کُلَّها ، وجاءت النساءُ کُلُّهُنَّ.
وباختلاف الصیغة فی البواقی وهی : أجْمَعُ وأخواتها تقول : اشْتَرَیْتُ الْعَبْدَ کُلَّهُ أجْمَعُ أکْتَعُ أبْتَعُ أبْصَعُ ، وجاءنی الْقَوْمُ کُلُّهُمْ أجْمَعُونَ أکْتَعُونَ أبْتَعُونَ أبْصَعُونَ ، واشْتَرَیْتُ الْجاریةَ کُلَّها جَمْعاء کَتْعاء بَتْعاء بَصْعاء ، وقامَتِ النساء کُلُّهُنَّ جُمَعُ کُتَعُ بُتَعُ بُصَعُ.
وإذا أردت تأکید الضمیر المتّصل بالنفس والعین یجب تأکیده بضمیر مرفوع منفصل تقول : ضَرَبْتَ أنْتَ نَفْسَکَ.
ولا یؤکّد بکُلّ وأجْمَع إلّا ماله أجزاء وأبعاض یصحّ افتراقها حسّاً کالقوم ، أو حکماً کما تقول : اشْتَرَیْتُ الْعَبْدَ کُلَّهُ ، ولا تقول : أکْرَمْتُ الْعَبْدَ کُلَّهُ.
واعلم أنّ أکْتَع وأخواتها أتباع لأجْمَع إذ لیس لها معنی دونها ، ولا یجوز تقدیمها علی أجْمَع ولا یجوز ذکرها دونه.
وهو تابع ینسب إلیه ما نسب إلی متبوعه وهو المقصود بالنسبة دون متبوعه وأقسام البدل أربعة : الأوّل : بدل الکلّ من الکلّ ، وهو ما کان مدلوله مدلول المتبوع نحو : جاءنی زَیْدٌ أخُوکَ.
والثانی : بدل البعض من الکلّ ، وهو کلّ ما کان مدلوله جزء المتبوع نحو : ضَرَبْتُ زَیْداً رَأسَهُ.
والثالث : بدل الاشتمال ، وهو ما کان مدلوله متعلّق المتبوع نحو : سُلِبَ زَیْدٌ ثَوْبُهُ ، وأعْجَبَنی عَمْروٌ عِلْمُهُ.
ص: 25
والرابع : بدل الغلط ، وهو ما یذکر بعد الغلط نحو : جاءنی زَیْدٌ جَعْفَرٌ ، ورَأَیْتُ رَجُلاً حِماراً.
والبدل إن کان نکرة عن معرفة یجب نعته کقوله تعالی : «بِالنَّاصِیَةِ نَاصِیَةٍ کَاذِبَةٍ» (1). ولا یجب ذلک فی عکسه ولا فی المتجانسین.
وهو تابع غیر صفة یوضح متبوعه وهو أشهر اسمی شیء نحو : قامَ أبو حفص عُمَر ، وقامَ أبو عبدُ اللهِ عُمَر ، وقد یلتبس بالبدل لفظاً مثل قول الشاعر :
أنا ابنُ التارکِ البکریّ بِشرٍ***عَلَیْهِ الطّیرُ تَرْقُبُهُ وقُوعاً (2)
وهو ما وقع غیر مرکّب مع غیره مثل : ألِف ، با ، تا ، ثا ... الخ ، ومثل : أحَد واثْنان وثلاثة مثلاً ، وکلفظ زَیْد وحده ، فإنّه مبنیّ بالفعل
ص: 26
علی السکون ومعرب بالقوّة ، وما یشابه مبنیّ الأصل بأن یکون فی الدلالة علی معناه محتاجاً إلی قرینة کأسماء الإشارة نحو : مَنْ هؤُلاءِ ؟ أو یکون علی أقلّ من ثلاثة أحرف ، أو تضمّن معنی الحروف وذلک نحو : هذا ، ومِن أحَدَ عَشَرَ إلی تِسْعَة عَشَرَ ، ومثل هذا القسم لا یصیر معرباً أصلاً ، وحکمه أن لا یختلف آخره باختلاف العوامل. وحرکاته تسمّی ضمّاً وفتحاً وکسراً ، وسکونه وقفاً. وهو علی ثمانیة أنواع : المضمرات ، وأسماء الإشارات ، والموصولات ، وأسماء الأفعال والأصوات ، والمرکّبات ، والکنایات وبعض الظروف.
وهی اسم ما وضع لیدلّ علی متکلّم أو مخاطب أو غائب ، تقدّم ذکره لفظاً أو معنیً أو حکماً. وهو علی قسمین : متّصل : وهو ما لا یستعمل وحده ، إمّا مرفوع نحو : ضَرَبْتُ إلی ضَرَبْنَ ، أو منصوب نحو : ضَرَبَنی إلی ضَرَبَهُنَّ ، أو مجرور نحو : غُلامی ولی إلی غُلامِهِنَّ ولَهُنَّ.
أو منفصل : وهو ما یستعمل وحده ، وهو أیضاً إمّا مرفوع وهو : أنا إلی هُنَّ ، وإمّا منصوب نحو : إیّای إلی إیّاهُنَّ. فذلک سبعون ضمیراً.
واعلم أنّ المرفوع المتّصل یکون مستتراً ، أی مستکناً فی الماضی المغائب والمغائبة ک : ضَرَبَ هُوَ ، وضَرَبَتْ هِیَ ، وفی المضارع المتکلّم مطلقاً نحو : أضْرِبُ ، نَضْرِبُ ، والمخاطب ک : تَضْرِبُ ، والغائب والغائبة ک : یَضْرِبُ وتَضْرِبُ ، وفی الصفة أعنی اسم الفاعل والمفعول مطلقاً. ولا یجوز استعمال المنفصل إلّا عند تعذّر المتّصل ک : «إِیَّاکَ نَعْبُدُ» (1) وما
ص: 27
ضَرَبَکَ إلّا أنا.
واعلم أنّ لهم ضمیراً غائباً یقع قبل جملة یفسّره الجملة المذکورة بعده ویسمّی ضمیر الشأن فی المذکّر وضمیر القصّة فی المؤنّث نحو : «قُلْ هُوَ اللَّ_هُ أَحَدٌ» (1) ، وهی هندٌ ملیحةٌ ، وإنّها زَیْنَبُ قائِمَةٌ.
وقد یدخل بین المبتدأ والخبر ضمیر مرفوع منفصل مطابق للمبتدأ إذا کان الخبر معرفة ، أو أفْعَل مِنْ کَذا ، ویسمّی فصلاً لأنّه یفصل بین المبتدأ والخبر نحو : زَیْدٌ هُوَ الْقائِمُ ، وکانَ زَیْدٌ هُوَ الْقائِمَ ، وزَیْدٌ هُوَ أفْضَلُ مِنْ عَمْروٍ ، وقال الله تعالی : «کُنتَ أَنتَ الرَّقِیبَ» (2).
ما وضع لیدلّ علی مشار إلیه وهی خمسة ألفاظ لستّة معانٍ : «ذا» للمذکّر ، ولمثنّاه «ذانِ» و «ذَیْنِ» ، وللمؤنّث : «تا وتی وذی وتِه وذه وتِهی وذِهی» ، ولمثنّاها «تانِ» و «تیْنِ» ولجمعهما «اُولاء» بالمدّ والقصر. وقد تدخل بأوائلها هاء التنبیه ، «کهذا» و «هؤُلاءِ».
ویتّصل بأواخرها حرف الخطاب ، وهی خمسة ألفاظ : کَ ، کُما ، کُمْ کِ ، کُما ، کُنَّ. فذلک خمسة وعشرون ، الحاصل من ضرب خمسة فی خمسة ، وهی ذاک إلی ذاکُنَّ ، وذانِکَ إلی ذانِکُنَّ ، وکذا البواقی.
واعلم أنّ «ذا» للقریب ، و «ذلک» للبعید ، و «ذاکَ» للمتوسّط.
الموصول : اسم لا یصلح أن یکون جزءً تامّاً من جملة إلّا بصلة بعده
ص: 28
وهی جملة خبریّة ولا بُدّ له من عائد فیها یعود إلی الموصول ، مثاله «الّذی» فی قولنا : جاءنی الَّذی أبُوهُ فاضِلٌ ، أو قامَ أبُوهُ. «الَّذی» للمذکّر و «الَّتی» للمؤنّث ، و «اللَّذانِ ، واللَّذَیْنِ واللَّتانِ واللَّتَیْنِ» لمثنّاهما ، بالألف فی حالة الرفع وبالیاء فی حالتی النصب والجرّ ، «والأُلی والَّذینَ» لجمع المذکّر ، «واللّاتی واللّواتی واللّائی واللّوائی» لجمع المؤنّث و «ما» و «مَنْ» و «أیّ» و «أیّة» و «ذُو» بمعنی الّذی فی لغة بنی طیّ کقوله :
فَإنَّ الْماءَ ماءَ أبی وَجَدّی***وَبِئْری ذُو حَفَرْتُ وذُو طَوَیْتُ (1)
أی الّذی حفرت والّذی طویت.
«والألف واللّام» بمعنی الّذی وصلته اسم الفاعل أو المفعول نحو : الضارِبُ زیدٌ ، أی الّذی ضَرَبَ زیدٌ ، والمضروبُ عمروٌ ، أی الّذی ضُرِبَ عمروٌ.
ص: 29
ویجوز حذف العائد من اللفظ إن کان مفعولاً نحو : قام الّذی ضربتُ ، أی الّذی ضَرَبْتُهُ.
واعلم أنّ «أیّا وأیَّة» معربة إلّا إذا حذف صدر صلتها کقوله تعالی : «ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن کُلِّ شِیعَةٍ أَیُّهُمْ أَشَدُّ عَلَی الرَّحْمَ_نِ عِتِیًّا» (1) ، أی هو أشدُّ.
کلّ اسم بمعنی الأمر والماضی ک : رُوَیْدَ زیداً ، أی أمْهِلْهُ ، وهَیْهاتَ زَیْدٌ ، أی بَعُد ، وإن کان علی وزن فَعالِ بمعنی الأمر ، وهو من الثلاثی فهو قیاسیّ کنزال بمعنی انزل وتَراکِ بمعنی اترک. وقد یلحق به فَعال مصدراً معرفة ، کفَجار بمعنی الفجور ، أو صفة للمؤنّث نحو : یا فَساقِ بمعنی فاسقة ، ویا لَکاعِ بمعنی لاکعة ، أو عَلَماً للأعیان المؤنّثة کَقطامِ وغَلابِ وحَضارِ. وهذه الثلاثة الأخیرة لیست من أسماء الأفعال وإنّما ذکرت هاهنا للمناسبة.
وهو کلّ اسم حُکِی به صوت ، ک : قاق لصوت الغراب ، أو لصوت یصوّت به للبهائم ک : نِخْ لإناخة البعیر ، وطاقْ حکایة الضرب ، وطَقْ حکایة وَقْع الحجارة بعضها ببعض.
وهو کلّ اسم رکّب من الکلمتین لیس بینهما نسبة ، أی لیس بینهما
ص: 30
نسبة إضافیّة وإسنادیّة ، فإن تضمّن الثانی حرفاً فیجب بناؤهما علی الفتح کأحَدَ عَشَرَ ، إلی تِسْعَةَ عَشَرَ ، إلّا اثْنا عَشَرَ فإنّها معربة کالمثنّی.
وإن لم یتضمّن الثانی حرفاً ففیها ثلاث لغات أفصحها بناء الأوّل علی الفتح وإعراب الثانی إعراب غیر المنصرف ک : بَعْلَبَکَّ ومَعْدی کَرَبَ.
وهی أسماء وضعت لتدلّ علی عدد مبهم وهی : کَمْ وکَذا ، أو حدیث مبهم وهو : کَیْتَ وذَیْتَ.
واعلم أنّ کم علی قسمین : استفهامیّة وهی ما بعدها مفرد منصوب علی التمییز نحو : کَمْ رَجُلاً عِنْدَک ؟ وخبریّة وهی ما بعدها مجرور ومفرد نحو : کَمْ مالٍ أنْفَقْتُهُ ، أو مجموع نحو : کَمْ رِجالٍ لَقِیتُهُمْ ؛ ومعناه التکثیر.
وقد تدخل «مِنْ» فیهما تقول : کَمْ مِنْ رَجُلٍ لقیتُهُ ؟ وکَمْ مِنْ مالٍ أنْفَقْتُهُ ؟ وقد یحذف ممیّزها لقیام قرینة ، نحو : کَمْ مالُک ؟ أی کم دیناراً مالک ؟ وکَمْ ضَرَبْتَ ؟ أی کم رجلاً ضربتَ ؟ واعلم أنّ کم فی الوجهین یقع منصوباً إذا کان بعده فعل غیر مشتغل عنه بضمیره نحو : کَمْ رَجُلاً ضَرَبْتَ ؟ وکَمْ غُلامٍ مَلَکْتَ ، کان مفعولاً به ، أو مصدراً نحو : کَمْ ضَرْبَةً ضَرَبْتَ ؟ أو مفعولاً فیه نحو : کَمْ یَوْماً سِرْتَ ؟ وکَمْ یَوْماً صُمْتَ ؟ ویقع مجروراً إذا کان ما قبلها حرف جرّ أو مضافاً نحو : بِکَمْ رَجُلٍ مَرَرْتَ ؟ وعَلی کَمْ رَجُلٍ حَکَمْتَ ؟ وغُلامُ کَمْ رَجُلٍ ضَرَبْتَ ؟ ومالُ کَمْ رَجُلٍ سَلَبْتَ ؟ ومرفوعاً إذا لم یکن شیء من الأمرین ، مبتدأ إذا لم یکن تمییزه
ص: 31
ظرفاً نحو : کَمْ رَجُلاً أخُوک ؟ أو کَمْ رَجُلٍ ضَرَبْتُهُ. وخبراً إن کان ظرفاً نحو : کَمْ یَوْماً سَفَرُکَ ؟ وکَمْ شَهْرٍ صَومی.
علی أقسام : منها ما قطع عن الإضافة بأن حذف المضاف إلیه ک : «قَبْلُ» ، «وبَعْد» ، «وفَوْق» ، «وتَحْت» ، قال الله تعالی : «لِلَّ_هِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ» (1) ، أی من قبل کلّ شیء ومن بعده ، ویسمّی الغایات. هذا إذا کان المحذوف منویّاً للمتکلّم. وإلّا کانت معربة. وعلی هذا قرئ : «لله الأمر من قبلِ ومن بعدِ».
ومنها : «حیْثُ» وإنّما بنیت تشبیهاً بالغایات لملازمتها الإضافة ، وشرطها أن تضاف إلی الجملة ک : اجْلِسْ حَیْثُ زَیْدٌ جالِسٌ ، قال الله تعالی : «سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَیْثُ لَا یَعْلَمُونَ» (2) وقد تضاف إلی المفرد کقول الشاعر : أما تَری حَیْثُ سُهَیْلٍ طالِعاً نَجْمٌ یُضیءُ کَالشِهابِ ساطِعاً أی مکان سهیل. «فحیث» بمعنی «مکان» هنا.
ومنها : «إذا» وهی للمستقبل ، وإذا دخلت علی الماضی صار مستقبلاً نحو قوله تعالی : «إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّ_هِ» (3) وفیها معنی الشرط غالباً. ویجوز أن یقع بعدها الجملة الاسمیّة نحو : أتَیْتُکَ إذا الشَّمْسُ طالِعَةٌ ، والمختار الفعلیّة نحو : أتَیْتُکَ إذا طَلَعَتِ الشَّمْسُ ، وقد یکون للمفاجأة فیختار بعدها المبتدأ نحو : خَرَجْتُ فَإذا السَّبُعُ واقِفٌ.
ص: 32
ومنها : «اِذْ» وهی للماضی نحو : جِئْتُکَ إذْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ ، وإذ الشَّمْسُ طالِعَةٌ.
ومنها : «أیْنَ» و «أنّی» للمکان بمعنی الاستفهام نحو : أیْنَ تَمْشی ؟ وأنّی تَقْعُدُ ؟ وبمعنی الشرط نحو : أیْنَ تَجْلِسْ أجْلِسْ ، وأنّی تَقُمْ أقُمْ.
ومنها : «مَتی» للزمان شرطاً واستفهاماً نحو : مَتی تُسافِرْ اُسافِرْ ، ومَتی تَقْعُدْ أقْعُدْ ؟ ومنها : «کَیْفَ» للاستفهام حالاً نحو : کَیْفَ أنْتَ ؟ أی فی أیّ حال.
ومنها : «أیّانَ» للزمان استفهاماً نحو : «أَیَّانَ یَوْمُ الدِّینِ» (1).
ومنها : «مُذْ» و «مُنْذُ» بمعنی أوّل المدّة جواباً لمَتی نحو : ما رَأیْتُ زَیْداً مُذْ یَوْمِ الْجُمُعَةِ ، فی جواب من قال : مَتی ما رَأیْتَ ؟ ، أی أوّل مدّة انقطع رؤیتی إیّاه یوم الجمعة. وبمعنی جمیع المدّة إن صلح جواباً لِکمْ نحو : ما رَأیْتُهُ مُذْ یَوْمانِ ، فی جواب من قال کَمْ مُدَّة ما رَأیْتَ زَیْداً ؟ أی جمیع مدّة ما رأیته فیها یومان.
ومنها : «لَدی» و «لَدُنْ» بمعنی «عند» نحو : الَمالُ لَدَیْکَ ، والفرق بینهما أنّ «عِنْد» للمکان ولا یشترط فیه الحضور ، ویشترط ذلک فی لَدی ولَدُنْ ، وجاء فیه لغات : لَدَنْ ، لَدُنْ ، لَدِنْ ، لَدْ ، لُدْ ، لِدْ.
ومنها : «قَطُّ» للماضی المنفیّ نحو : ما رَأیْتُهُ قَطُّ.
ومنها : «عَوْضُ» للمستقبل المنفیّ نحو : لا أضْرِبُهُ عَوْضُ.
واعلم أنّه إذا اضیف الظروف إلی جملة ، جاز بناؤها علی الفتح نحو قوله تعالی : «یَوْمُ یَنفَعُ الصَّادِقِینَ صِدْقُهُمْ» (2) ویَوْمَئِذٍ وحینَئِذٍ. وکذلک مِثْل ، وغَیْر ، مع ما ، وأنْ وأنَّ تقول : ضَرَبْتُ مِثْلَ ما ضَرَبَ زَیْدٌ ،
ص: 33
وضَرَبْتُهُ غَیْرَ أنْ ضَرَبَ زَیْدٌ ، وقیامی مِثْلَ أنَّکَ تَقُومُ.
وفیه فصول :
اعلم أنّ الاسم علی قسمین : معرفة ، ونکرة.
المعرفة اسم وضع لشیء معیّن ، فهی ستّة أقسام : المضمرات ، والأعلام ، والمبهمات _ أعنی أسماء الإشارات والموصولات _ والمعرّف باللام ، والمضاف إلی أحدها إضافة معنویّة ، والمعرّف بالنداء.
ما وضع لشیء معیّن بحیث لا یتناول غیره بوضع واحد. وأعرف المعارف المضمر المتکلّم نحو : أنَا ونَحْنُ ، ثمّ المخاطب نحو : أنْتَ ، ثمّ الغائب نحو : هُوَ ، ثمّ العَلَم نحو : زَیْد ، ثمّ المبهمات ، ثمّ المعرّف باللام ، ثمّ المعرّف بالنداء ، ثمّ المضاف إلی أحدها ، والمضاف فی قوّة المضاف إلیه.
والنکرة ما وضع لشیء غیر معیّن ک : رَجُل ، وفَرَس.
ما وضع لیدلّ علی کمّیّة آحاد الأشیاء واُصول العدد اثنتا عشرة کلمة ، واحد إلی عَشَر ، ومائة ، وألف. واستعماله من واحِد واثْنَیْن علی القیاس ، أعنی یکون المذکّر بدون التاء ، والمؤنّث بالتاء تقول فی رجل : واحِد ، وفی رجلین : اثْنَیْنِ ، وفی امرأة : واحِدَة ، وفی امرأتین : اثْنَتَیْن. ومن ثَلاثَة إلی عَشَرَة علی خلاف القیاس ، أعنی للمذکّر بالتّاء تقول : ثَلاثةُ رجال إلی عَشَرةِ رجال ، وللمؤنّث بدونها تقول : ثَلاثُ نِسْوَةٍ إلی عَشَرَ نِسْوَةٍ. وبعد العشر تقول : أحَدَ عَشَرَ رَجُلاً ، واثنا عَشَرَ
ص: 34
رَجُلاً ، وإحْدی عَشَرَة امرأة ، واثنتا عَشَرَة امرأة ، وثَلاثَة عَشَرَ رَجُلاً ، وثَلاثَ عَشَرَة امرأة ، إلی تسعة عشر رجلاً ، وإلی تسع عشرة امرأة. وبعد ذلک تقول : عِشْرُونَ رَجُلاً وعِشْرُونَ امرأة بلا فرق إلی تِسْعینَ رَجُلاً وامرأة ، وأحَدَ وَعِشْرُونَ رَجُلاً وإحْدی وَعِشْرُونَ امرأةً إلی تِسْعَة وَتِسْعینَ رَجُلاً والی تِسْع وتِسْعینَ امرأة. ثمّ تقول : مائةُ رَجُلٍ ومائةُ امرأة ، وألْفُ رَجُلٍ وألْف امرأة ، ومائتا رَجلٍ ، ومائتا امرأة ، وألْفا رَجُلٍ ، وألْفا امرأة بلا فرق بین المذکّر والمؤنّث. فإذا زاد علی الألف والمائة یستعمل علی قیاس ما عرفت ، وتقدّم الألف علی المائة والآحاد علی العشرات تقول : عِنْدی ألْفٌ ومائة وأحَد وعِشْرُونَ رَجُلاً ، وألْفانِ وَثَلاثمائةٍ واثْنانِ وَعِشْرُونَ رَجُلاً ، وأربعة آلاف وسبعمائة وخمسة وَأرْبَعُونَ رَجُلاً ، وعلی ذلک القیاس.
واعلم أنّ الواحد والاثنین لا ممیّز لهما ، لأنّ لفظ الممیّز مستغن عن ذکر العدد فیهما کما تقول : عِنْدی رَجُلٌ وَرَجُلانِ.
وأمّا سائر الأعداد فلا بدّ لها من ممیّز فتقول فی ممیّز الثلاثة إلی عشرة مخفوضاً ومجموعاً تقول : ثَلاثَة رجالٍ وثَلاثُ نِسْوَةٍ ، إلّا إذا کان الممیّز لفظ المائة فحینئذ یکون مخفوضاً مفرداً تقول : ثلاثمائة ، والقیاس ثلاث مئات أو مِئین.
وممیّز أحَدَ عَشَرَ إلی تِسْعٍ وتِسْعینَ منصوب مفرد تقول : أحَدَ عَشَرَ رَجُلاً ، وإحْدی عَشَرَة امرأة ، وتِسْعَةٌ وتِسْعُونَ رَجُلاً ، وتِسْعٌ وتِسْعُونَ امرأةً. وممیّز مائة وألْف وتثنیتهما وجمع الألف مخفوض مفرد تقول : مائة رَجُلٍ ، ومائتا رَجُلٍ ، ومائة امرأة ، ومائتا امرأةٍ ، وَالْفُ رَجُلٍ ، وألْفا رَجُلٍ ، وألْفُ امرأةٍ ، وألْفا امرأةٍ ، وثَلاثُ آلافِ رَجُلٍ ، وثَلاثُ آلافِ امرأةٍ ، وقس علی هذا.
ص: 35
الاسم إمّا مذکّر وإمّا مؤنّث ، والمؤنّث ما فیه علامة التأنیث لفظاً أو تقدیراً والمذکّر هو ما بخلافه.
وعلامة التأنیث ثلاثة : التاء کطَلْحَة ، والألف المقصورة کحُبلی ، والممدودة کحَمْراء وصَفْراء. والمقدّر إنّما هو التاء فقط کأرْض ودار ، بدلیل ارَیْضَة ودُوَیْرَة ، ثمّ المؤنّث علی قسمین : [اقسام المونث ] حقیقیّ : وهو ما بازائه حیوان مذکّر کامرأة وناقة.
ولفظیّ : وهو مجازیّ بخلافه کظلْمَة وعَیْن. وقد عرفت أحکام الفعل إذا اُسند إلی المؤنّث فلا نعیدها.
المثنّی اسم ما اُلحق بآخره ألفٌ أو یاءٌ مفتوح ما قبلها ونون مکسورة لیدلّ علی أنّ معه آخر مثله نحو : رَجُلانِ رفعاً ، ورَجُلَیْنِ نصباً وجرّاً ، هذا فی الصحیح.
أمّا فی المقصور : فإن کان الألف منقلبة عن الواو وکان ثلاثیّاً ردّ إلی أصله ک : عَصَوان فی عَصا.
وإن کانت عن یاء ، أو عن واو ، وکانت أکثر من الثلاثی ، أو لیس منقلبة عن شیء تقلب یاء ک : رَحَیانِ ومَلْهَیانِ وحُبارَیان.
وأمّا الممدودة : فإن کانت همزته أصلیّة کقُرّاء تثبت ک : قُرّاءان ، وإن کانت للتأنیث تقلب واواً کحَمْراوان ، وإن کانت بدلاً من واو أو یاء من الأصل جاز فیه الوجهان ک : کساوانِ وکَساءان ، ورَداوان ورداءان.
ویجب حذف نونه عند الإضافة تقول : جاءَ غُلاما زَیْدٍ.
ویحذف تاء التأنیث فی الخصیة والإلیة خاصّة تقول : خُصْیانِ وإلْیانِ لأنّهما متلازمان فکأنّهما تثنیة شیءٍ واحد لا زوج.
واعلم أنّه إذا اُرید إضافة المثنّی إلی المثنّی یعبّر عن الأوّل بلفظ الجمع
ص: 36
کقوله تعالی : «وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَیْدِیَهُمَا» (1). وذلک لکراهیّة اجتماع التثنیتین فیما یکون اتّصالهما لفظاً ومعنیً.
المجموع اسم ما دلّ علی آحاد ، وتلک الآحاد مقصودة بحروف مفردة بتغییرٍ مّا ، لفظیّ کرجال ، جمع رجل ، أو تقدیریّ کفُلْک علی وزن اُسْد ، فإنّ مفرده أیضاً فُلْک لکنّه علی وزن قُفْل.
فالقوم ونحوه وإن دلّ علی آحاد لیس بجمع إذ لا مفرد له [ من لفظه ]. ثمّ الجمع علی قسمین : مصحّح : وهو ما لم یتغیّر بناء مفرده کمُسْلِمُونَ ، ومکسّر : وهو ما یتغیّر بناء واحده وذلک نحو : رجال.
والمصحّح علی قسمین : مذکّر : وهو ما لحق آخره واو مضموم ما قبلها ونون مفتوحة ک : مُسْلِمُونَ ، أو یاء مکسور ما قبلها ونون کذلک ، لیدلّ علی أنّ معه أکثر منه نحو : مُسْلِمینَ. هذا فی الصحیح ، أمّا المنقوص فتحذف یاؤه نحو : قاضُونَ وداعُونَ ، والمقصورة یحذف ألفه ویبقی ما قبلها مفتوحاً لیدلّ علی الألف المحذوف مثل مُصْطَفَونَ ، وشرطه إن کان اسماً أن یکون مذکّراً علماً لا یعقل ویختصّ باُولی العلم.
وأمّا قولهم سِنُونَ وأرَضُونَ وثُبُونَ وقُلُونَ بالواو والنون فشاذّ.
ویجب أن لا یکون أفْعَلَ مؤنّثه فَعْلاء کأحْمَر مؤنّثه حَمْراء ، ولا فَعْلان مؤنّثه فَعْلی کسَکْران مؤنّثه سَکْری ، ولا فَعیل بمعنی مَفْعُول کَجریح بمعنی مَجْرُوح ، ولا فَعُول بمعنی فاعِل کصَبُور بمعنی صَابِر. ویجب حذف نون بالإضافة نحو : مُسْلِمُو مِصْر.
ومؤنّث : وهو ما اُلحق بآخره ألف وتاء. وشرطه إن کان صفة وله
ص: 37
مذکّر فأنْ یکون مذکّره قد جمع بالواو والنون کمُسْلِمات ، وإن لم یکن له مذکّر فشرطه أن لا یکون مؤنّثاً مجرّداً من التاء _ کالحائِضِ والحامِلِ _ وإن کان اسماً یجمع بالألف والتاء بلا شرط کهِنْدات.
والمکسّر : صیغته فی الثلاثی کثیرة غیر مضبوطة تعرف بالسماع ک : أرْجُل وأضْراس وقُلُوب.
وفی غیر الثلاثی علی وزن فَعالِلْ کجَعافِر وجَداول ، جمع جَعْفَر ، وجَدْوَل قیاساً کما عرفت فی التصریف.
واعلم أنّ الجمع أیضاً علی قسمین : جمع قلّة : وهو ما یطلق علی العشرة فما دونها ، وأبنیة جمع القلّة : أفْعُل وأفْعال وفِعْلَة وأفْعِلَة.
وجمع کثرة : وهو ما یطلق علی ما فوق العشرة وأبنیته ما عدا [ هذه الأربعة ].
ویستعمل کلّ منهما فی موضع الآخر علی سبیل الاستعارة نحو قوله تعالی : «ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ» (1) مع وجود أقراء.
اسم یدلّ علی الحدث فقط. ویشتقّ منه الأفعال کالضَرْب والنَصْر مثلاً ، وأبنیته من الثلاثی المجرّد غیر مضبوط تعرف بالسماع ، ومن غیر الثلاثی قیاسیّة ک : الإْفعالِ والاْنفِعالِ والاسْتِفْعال مثلاً.
والمصدر إن لم یکن مفعولاً مطلقاً یعمل عمل فعله أعنی : یرفع فاعلاً إن کان لازماً ک : أعْجَبَنی قِیامُ زَیْدٍ ، وینصب مفعولاً به أیضاً إن کان متعدّیاً نحو : ضَرْبُ زَیْدٍ عَمْراً.
ص: 38
ولا یجوز تقدیم معمول المصدر علیه فلا یقال : أعْجَبَنی زَیْداً ضَرْبٌ.
وإن کان مفعولاً مطلقاً فالعمل للفعل الّذی قبله نحو : ضَرَبْتُ ضَرْباً عَمْراً ، فعمراً منصوب بضَرَبْتُ لا بضَرْباً.
اسم یشتقّ من یَفْعَلُ لیدلّ علی ما قام به الفعل بمعنی الحدوث وصیغته من مجرّد الثلاثی علی وزن : الفاعِل ، کضارِب وناصِر ، ومن غیره علی وزن صیغة المضارع من ذلک الفعل بمیم مضمومة مکان حرف المضارعة وکسر ما قبل الآخر ک : مُدْخِل ومُسْتَخْرِج.
ویعمل عمل الفعل المعروف إن کان فیه معنی الحال والاستقبال ومعتمداً علی المبتدأ. نحو : زَیْدٌ قائِمٌ أبُوهُ ، أو ذی الحال نحو : جاءنی زَیْدٌ ضارباً أبُوهُ عَمْراً ، أو همزة الاستفهام نحو : أقائِمٌ زَیْدٌ ؟ أو حرف النفی نحو : ما قائِمٌ زَیْدٌ الآنَ أوْ غَداً ، أو موصوف نحو : عِنْدی رَجُلٌ ضاربٌ أبُوهُ عَمْراً.
فإن کان فیه معنی الماضی وجبت الإضافة نحو : زَیْدٌ ضاربُ عَمْروٍ أمْسِ. هذا إذا کان منکّراً ، أمّا إذا کان معرّفاً باللام یستوی فیه جمیع الأزمنة نحو : زَیْدٌ الضاربُ أبُوهُ عَمْراً الآن أو غداً أو أمْسِ.
مشتق من یُفْعَلُ بالمجهول متعدّیاً لیدلّ علی من وقع علیه الفعل وصیغته من الثلاثی المجرّد علی المَفْعُول لفظاً کمَضْرُوب ، أو تقدیراً کمَقُول ومَرْمِیَّ ، ومن غیره کاسم الفاعل منه بفتح ما قبل الآخر کمُدْخَل ومُسْتَخْرَج ویعمل عمل فعله المجهول بالشرائط المذکورة فی اسم الفاعل نحو : زَیْدٌ مَضْرُوبٌ غُلامُهُ الآن أوْ غَداً.
ص: 39
اسم مشتقّ من فعل لازم لیدلّ علی من قام به الفعل بمعنی الثبوت. وصیغتها علی خلاف صیغة اسم الفاعل والمفعول ، وإنّما یعرف بالسماع ک : حَسَنٍ وصَعْبٍ وشُجاعٍ وشَریفٍ وذَلُولٍ.
وهی تعمل عمل فعلها مطلقاً بشرط الاعتماد المذکور ، ومثالها ثَمانِیَةَ عَشَرَ ، لأنّ الصفة إمّا باللام أو مجرّدة عنها ومعمولها إمّا مضاف أو باللام أو مجرّد عنهما ، فهذه ستّة ، ومعمول کلّ واحد منهما إمّا مرفوع أو منصوب أو مجرور فلذلک کانت ثمانیة عشر.
وتفصیلها نحو : جاءنی زَیْدٌ الْحَسَنُ وَجْهَ_ِ_ُهِ ثلاثة ، کذلک الْحَسَنُ الْوَجْهَُِ ، والْحَسَنُ وَجْهًٌ ، وحَسَنٌ وَجْهَ_ِ_ُه ثلاثة وکذلک ، حَسَنُ الْوَجْهَُِ ، وَحَسَنٌ وَجْهًٌ وهی خمسة أقسام : الأوّل ممتنع الْحَسَنُ وَجْهِهِ ، والْحَسَنُ وَجْهٍ ، ومختلف فیه حَسَنٌ وَجْهِهِ ، والبواقی أحسن إن کان فیه ضمیر واحد ، وحسن إن کان فیه ضمیران ، وقبیح إن لم یکن فیه ضمیر.
ومتی رفعت بها معمولها فلا ضمیر فی الصفة ومتی نصبتَ أو جررتَ ففیها ضمیر الموصوف.
اسم اشتقّ من فعل لیدلّ علی الموصوف بزیادة علی غیره ، وصیغته أفْعَلُ غالباً ، ولا یبنی إلّا من ثلاثیّ مجرّد لیس بلون ولا عیب نحو : زَیْدٌ أفْضَلُ الناسِ ، فإن کان زائداً علی الثلاثة ، أو کان لوناً أو عیباً یجب أن یبنی من الثلاثی المجرّد ما یدلّ علی المبالغة أو الشدّة أو الکثرة ثمّ تذکر بعده مصدر ذلک الفعل منصوباً علی التمییز کما تقول : هُوَ أشَّدُ اسْتِخْراجاً ، وأقْوی حُمْرَةً ، وأقْبَحُ عَرَجاً ، وأکْثَرُ اضْطِراباً مِنْ زَیْدٍ.
وقیاسه أن یکون للفاعل کما مرّ ، وقد جاء للمفعول نحو : أنْدَر وأشْغَل وأشْهَر. واستعماله علی ثلاثة أوجه :
ص: 40
مضافاً ک : زَیْدٌ أفْضَلُ الْقَوْم ، أو معرّفاً باللام نحو : زَیْدٌ الْأفْضَلُ ، أو بمِنْ نحو : زَیْدٌ أفْضَلُ مِنْ عَمْروٍ.
ویجوز فی الأوّل الإفراد ومطابقة اسم التفضیل للموصوف نحو : زَیْدٌ أفْضَلُ الْقَوْمِ ، والزَّیْدانِ أفْضَلا الْقَوْمِ ، والزَّیْدُونَ أفْضَلُوا الْقَوْمِ واَفْضَلُ الْقَوْمِ ، والْهِنْدُ والهِنْدانِ فُضْلَی الْقَوْمِ وفُضْلَیَا الْقَوْمِ ، والْهِنْداتُ فُضْلَیاتُ الْقَوْمِ.
وفی الثانی یجب المطابقة نحو : زَیْدٌ الأفْضَلُ ، والزَّیْدانِ الأفْضَلانِ ، والزَّیْدُونَ الأفْضَلُونَ وهند الفضلی والهندان الفضلیان والهندات الفضلیات.
وفی الثالث یجب کونه مفرداً مذکّراً أبداً نحو : زَیْدٌ أفْضَلُ مِنْ عَمْروٍ ، والزَّیْدانِ أفْضَلُ مِنْ عمروٍ ، والزَّیْدُونَ أفْضَلُ مِنْ عمروٍ ، والهِنْدُ والهِنْدانِ والهِنْدات أفضلُ من عمروٍ.
وعلی الأوجه الثلاثة یضمر فیه الفاعل وهو یعمل فی ذلک المضمر ، ولا یعمل فی مظهر أصلاً إلّا فی مثل قولهم : ما رَأیْتُ رَجُلاً أحْسَنَ فی عَیْنِهِ الْکُحْلُ مِنْهُ فی عَیْنِ زَیْدٍ ، فإنّ الکحل فاعل لِأحْسَن وهاهنا بحث.
وقد سبق تعریفه ، وأقسامه ثلاثة : ماض ، ومضارع ، وأمر.
وهو فعل دلّ علی زمان قبل زمان الخبریّة ، وهو مبنیّ علی الفتح إن لم یکن معه ضمیر مرفوع متحرّک ، فهو مبنیّ علی السکون کضَرَبْتُ ، وعلی الضمّ مع الواو کَضَربُوا.
ص: 41
وهو فعل یشبه الاسم بأحد حروف «أتَیْنَ» فی أوّله لفظاً فی اتّفاق حرکاتهما وسکناتهما ک : یَضْربُ ویَسْتَخْرجُ فهو کضارب ومُسْتَخْرج ، وفی دخول لام التأکید فی أوّلهما تقول : إنَّ زَیْداً لَیَقَومُ ، کما تقول : إنَّ زَیْداً لَقائِمٌ ، وتساویهما فی عدد الحروف ، ومعنی فی أنّه مشترک بین الحال والاستقبال کاسم الفاعل ولذلک سمّوه مضارعاً ، والسین وسوف یخصّصه بالاستقبال نحو : سَیَضْربُ ، واللام المفتوحة بالحال نحو : لَیَضْربُ.
وحروف المضارعة مضمومة فی الرباعیّ کیُدَحْرجُ ، أی فیما کان ماضیه علی أربعة أحرف ، ومفتوحة فیما عداه کیَضْربُ ویَسْتَخْرجُ.
وإعرابه مع أنّ الأصل فی الفعل البناء لمضارعته ، أی لمشابهته الاسم ، والأصل فی الاسم الإعراب ، وذلک إذا لم یتّصل به نون التأکید ، ولا نون الجمع المؤنّث ، وأنواع الإعراب فیه ثلاثة أیضاً ، رفع ، ونصب ، وجزم نحو : یَضْربُ وأنْ یَضْربَ ولَمْ یَضْربْ.
وهو أربعة أصناف : الأوّل : أن یکون الرفع بالضمة والنصب بالفتحة والجزم بالسکون. ویختصّ بالمفرد الصحیح الغیر المخاطبة نحو : یَضْربُ وأنْ یَضْربَ ولَمْ یَضْربْ.
الثانی : أن یکون الرفع بثبوت النون والنصب والجزم بحذفها ویختصّ بالتثنیة والجمع المذکّر والمفردة المخاطبة صحیحاً أو غیره ، تقول : هُما یَفْعَلانِ ، وهُمْ یَفْعَلُونَ ، وأنْتِ تَفْعَلینَ ، ولَنْ تَفْعَلا ، ولَنْ تَفْعَلُوا ، ولَنْ
ص: 42
تَفْعَلی ، ولَمْ تَفْعَلا ، ولَمْ تَفْعَلُوا ، ولَمْ تَفْعَلی.
الثالث : أن یکون الرفع بتقدیر الضمّة ، والنصب بالفتحة ، والجزم بحذف اللام ، ویختصّ بالناقص الیائیّ الواویّ غیر التثنیة ، والجمع ، والمخاطبة تقول : هُو یَرمی ویَغْزُو ، ولَنْ یَغْزُوَ ولَنْ یَرْمِیَ ، ولَمْ یَرْمِ ولَمْ یَغْزُ.
الرابع : أن یکون الرفع بتقدیر الضمّة ، والنصب بتقدیر الفتحة ، والجزم بحذف اللام ، ویختصّ بالناقص الألفیّ فی غیر التثنیة ، والجمع ، والمخاطبة نحو : هُوَ یَسْعی ، ولَنْ یَسْعی ، ولَمْ یَسْعَ.
المضارع المرفوع عامله معنویّ وهو تجریده عن الناصب والجازم نحو : هُوَ یَضْربُ ، وهُوَ یَغْزُو ، وهُوَ یَرْمی ، وهُوَ یَسْعی.
المضارع المنصوب عامله خمسة أحرف : «أنْ ، ولَنْ ، وکَیْ ، وإذَنْ ، وأنْ المقدّرة» ، نحو : اُریدُ أنْ تُحْسِنَ إلَیَّ ، وأنَا لَنْ أضْربَکَ ، وأسْلَمْتُ کَیْ أدْخُلَ الْجَنَّةَ ، وإذَنْ یَغْفِرَ اللهُ لَکْ.
وبتقدیر أنْ فی سبعة عشر موضعاً : بعد حتّی نحو : أسْلَمْتُ حتّی أدْخُلَ الْجَنَّة.
ولام کَیْ نحو : قامَ زَیْدٌ لِیَضْربَ ، ولام الجحود نحو قوله تعالی : «وَمَا کَانَ اللَّ_هُ لِیُعَذِّبَهُمْ» (1).
والفاء الواقعة فی جواب الأمر والنهی والاستفهام والنفی والتمنّی والعرض نحو : أسْلِمْ فَتَسْلِمَ ، ولا تَعْصِ فَتُعَذَّبَ ، وهَلْ تَعْلَمُ فَتَنْجُوَ ، وما تَزُورُنا فَنُکْرمَکَ ، وَلَیْتَ لی مالاً فَانْفِقَهُ وألا تَنْزلُ بِنا فَتُصیبَ خَیْراً.
ص: 43
وبعد الواو الواقعة کذلک فی جواب هذه الأشیاء نحو : أسْلِمْ وَتَسْلِمَ إلی آخر الأمثلة.
وبعد أو بمعنی إلی نحو : جِئْتُکَ أوْ تُعْطِیَنی حَقّی.
وبعد واو العطف إذا کان المعطوف علیه اسماً صریحاً نحو : أعْجَبَنی قِیامُکَ وَتَخْرُجَ.
ویجوز إظهار أنْ مع لام کَیْ نحو : أسلَمْتُ لأنْ أدْخُلَ الجنَّةَ ، ومع واو العطف نحو : أعجبنی قیامُک وَأنْ تَخْرُجَ.
ویجب إظهارها مع لا ولام کی نحو : لِئَلّا یَعْلَمَ.
واعلم أنّ الواقعة بعد العِلم لیست هی الناصبة للمضارع بل إنّما هی المخفّفة من المثقّلة نحو قوله تعالی : «عَلِمَ أَن سَیَکُونُ مِنکُم مَّرْضَی» (1) ، فالواقعة بعد الظنّ جاز فیه الوجهان : أن تنصب بها ، وأن تجعلها کالواقعة بعد العِلم.
[ المضارع ] المجزوم عامله : «لَمْ ، ولَمّا ، ولام الامر ، ولاء النهی ، وکلمة المجازاة وهی : إنْ ، ومَهْما ، واِذْما ومتی ، وأیْنَ ، وحَیْثُما ، ومَنْ وما ، وأیّ ، وأنّی ، وإنْ المقدّرة نحو : لَمْ یَضْرِبْ ، ولَمّا یَضْرِبْ ، ولِیَضْرِبْ ، ولا یَضْرِبْ ، وإنْ تَضْربْ أضْربْ ، إلی آخرها.
واعلم أنّ «لَمْ» تقلب المضارع ماضیاً منفیّاً ، و «لَمّا» کذلک إلّا أنّ فیها توقّعاً بعده ودواماً قبله ، وأیضاً یجوز حذف الفعل بعد لَمّا تقول : نَدِمَ زَیْدٌ ولَمّا ، أی لمّا ینفعه الندم ، ولا تقول : نَدِمَ زَیْدٌ وَلَمْ.
وأمّا کلمة المجازاة حرفاً کانت أو اسماً فهی تدخل علی الجملتین لتدلّ
ص: 44
علی أنّ الاُولی سبب للثانیة ، وتسمّی الاُولی شرطاً ، والثانیة جزاء ، ثمّ إن کان الشرط والجزاء مضارعین یجب الجزم فیهما نحو : إنْ تُکْرِمْنی اُکْرِمْکَ ، وإن کانا ماضیین لم یعمل فیهما لفظاً نحو : إنْ ضَرَبْتَ ضَرَبْتُ ، وإن کان الجزاء وحده ماضیاً یجب الجزم فی الشرط نحو : إنْ تَضْربْنی ضَرَبْتُکَ ، وإن کان الشرط وحده ماضیاً جاز فیه الوجهان نحو : إنْ جِئْتَنی اُکْرِمْکَ ، وإنْ أکْرَمْتَنی اُکْرِمُکَ.
واعلم أنّه إذا کان الجزاء ماضیاً بغیر قد لم یجز الفاء فیه نحو : إنْ أکْرَمْتَنی أکْرَمْتُکَ ، قال الله تعالی : «وَمَن دَخَلَهُ کَانَ آمِنًا» (1).
وإن کان مضارعاً مثبتاً أو منفیّاً جاز الوجهان نحو : إنْ تَضْربْنی أضْرِبْکَ أو فَأضْرِبْکَ ، وإن تَشْتِمْنی لا أضْربْکَ أو فَلا أضْربْکَ.
وإن لم یکن الجزاء أحد القسمین المذکورین یجب الفاء ، وذلک فی أربع صور : إحداها : أنْ یکون الجزاء ماضیاً مع «قد» کقوله تعالی : «إِن یَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ» (2).
الثانیة : أنْ یکون الجزاء مضارعاً منفیاً بغیر لا نحو قوله تعالی : «وَمَن یَبْتَغِ غَیْرَ الْإِسْلَامِ دِینًا فَلَن یُقْبَلَ مِنْهُ» (3).
الثالثة : أنْ یکون جملة اسمیّة کقوله تعالی : «مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا» (4).
الرابعة : أنْ یکون جملة انشائیّة إمّا امراً کقوله تعالی : «قُلْ إِن کُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّ_هَ فَاتَّبِعُونِی» (5) ، وإمّا نهیاً کقوله تعالی : «فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَی الْکُفَّارِ» (6) ، أو استفهاماً کقولک : إنْ تَرَکْتَنا
ص: 45
فَمَنْ یَرْحَمْنا ، أو دعاء کقولک : إنْ أکْرَمْتَنا فَیَرْحَمْکَ اللهُ.
وقد یقع «إذا» مع الجملة الاسمیّة موضع الفاء کقوله تعالی : «وَإِن تُصِبْهُمْ سَیِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَیْدِیهِمْ إِذَا هُمْ یَقْنَطُونَ» (1).
وإنّما یقدّر «إنْ» بعد الأفعال الخمسة الّتی هی : الأمر نحو : تَعَلَّمْ تَنْجَحْ ، والنهی نحو : لا تکْذِبْ یَکُنْ خَیْراً ، والاستفهام نحو : هَلْ تَزُورُنا نُکْرِمْکَ ، والتمنّی نحو : لَیْتَکَ عِنْدی أخْدِمْکَ ، والعرض نحو : ألا تَنْزلُ بِنا تُصِبْ خَیْراً.
کلّ ذلک إذا قصد أنّ الأوّل سبب للثانی کما رأیت فی الأمثلة ، فإنّ معنی قولک : تَعَلَّمْ تَنْجَحْ ، هو إنْ تتعلّمْ تنجحْ ، وکذلک البواقی ، فلذلک امتنع قولک : لا تکْفُرْ تَدْخُلِ النارَ لامتناع السببیّة إذ لا یصحّ أن یقال : إنْ لا تکفرْ تدخُلِ النارَ.
وهو فعل یطلب به الفعل من الفاعل المخاطب ک : اضْربْ ، واغْزُ ، وارْمِ ، بأن تحذف من المضارع حرف المضارعة ثمّ تنظر فإن کان ما بعد حرف المضارعة ساکناً زِدْتَ همزة الوصل مضمومة إن انضمّ ثالثه نحو : انْصُرْ ، ومکسورة إن انفتح ثالثه ک : اعْلَمْ ، أو انکسر ثالثه کاضْرِبْ واسْتَخْرجْ ، وإن کان متحرّکاً فلا حاجة إلی الهمزة نحو : عِدْ ، وحاسِبْ ، وباب الإفعال من القسم الثانی. وهو مبنی علی علامة الجزم کما فی المضارعة نحو : اِضْربْ ، واغْزُ ، وارْمِ ، واسْعَ ، واضْربا ، واضْربُوا ، ودَحْرِجْ.
ص: 46
هو فعل حذف فاعله واُقیم المفعول به مقامه ویختصّ بالمتعدّی.
وعلامته فی الماضی أن یکون لفظ الأوّل مضموماً فقط ، وما قبل آخره مکسوراً ، وذلک فی الأبواب الّتی لیس فی أوائلها همزة وصل ، ولا تاء زائدة نحو : ضُرِبَ ودُحْرِجَ ، وأن یکون أوّله مضموماً وما قبل آخره مکسوراً وذلک فیما أوّله تاء زائدة نحو : تُفُضِّلَ وتُقُورِئ ، أو یکون أوّل حرف متحرّک منه مضموماً وما قبل آخره مکسوراً فیما أوّله همزة وصل نحو : اُسْتُخْرِجَ واقْتُدِرَ ، والهمزة تتبع المضموم إن لم تدرج.
وفی المضارع أن یکون حرف المضارع مضموماً وما قبل آخره مفتوحاً نحو : یُضْرَبُ ویُسْتَخْرَجُ ، إلّا فی باب الإفعال والتّفعیل والمفاعلة والفعللة وملحقاتها ، فإنّ العلامة فیها فتح ما قبل الآخر نحو : یُحاسَبُ ویُدَحْرَجُ.
وفی الأجوف ماضیه مکسورة الفاء نحو : بیعَ وقِیلَ ، والإشمام نحو : قُیْلَ وبُیْعَ ، وبالواو نحو : قُولَ وبُوعَ.
وکذلک باب اُخْتیرَ وانْقیدَ ، دون اُسْتُخیرَ واُقیمَ لفقدان «فُعِلَ» فیهما. ومضارعه تقلب العین ألفاً نحو : یُقالُ ویُباعُ کما مرّت فی التصریف مستقصیً.
الفعل إمّا متعدٍّ وهو ما یتوقّف فهم معناه علی متعلّق غیر الفاعل ک : ضَرَبَ زَیْدٌ عَمْراً ، وإمّا لازم وهو ما بخلافه ک : قَعَدَ زَیْدٌ.
والمتعدّی یکون إلی مفعول واحد ک : ضَرَبَ زَیْدٌ عَمْراً ، وإلی مفعولین ک : أعْطی زَیْدٌ عَمْراً دِرْهَماً ، ویجوز فیه الاقتصار علی أحد
ص: 47
مفعولیه ک : أعْطَیْتُ زَیْداً ، وأعْطَیْتُ دِرْهَماً ، بخلاف باب عَلِمْتُ ؛ وإلی ثلاثة مفاعیل نحو : أعْلَمَ اللهُ زَیْداً عَمْراً فاضِلاً ، ومنه أری ، وأنْبَأَ ونَبَّأَ ، وأخْبَرَ ، وخَبَّرَ ، وحَدَّثَ. وهذه الأفعال السبعة مفعولها الأوّل مع الأخیرین کمفعولی أعْطَیْتُ فی جواز الاقتصار علی أحدهما نحو : أعْلَمَ اللهُ زَیْداً ، والثانی مع الثالث کمفعولی عَلِمْتُ فی عدم جواز الاقتصار علی أحدهما فلا یقال : أعْلَمْتُ زَیْداً خَیْرَ الناسِ ، بل یقال : أعْلَمْتُ زَیْداً عَمْراً خَیْرَ الناسِ.
وهی سبعة : «عَلِمْتُ ، وظَنَنْتُ ، وحَسِبْتُ ، وخِلْتُ ، ورَأَیْتُ ، وزَعَمْتُ ، ووَجَدْتُ» ، وهی تدخل علی المبتدأ والخبر فتنصبهما علی المفعولیّة نحو : عَلِمْتُ زَیْداً فاضِلاً ، وظَنَنْتُ عَمْراً عالِماً.
واعلم أنّ لهذه الأفعال خواصّ ، منها : أن لا یقتصر علی أحد مفعولیها بخلاف باب أعْطَیْتُ ، فلا تقول : عَلِمْتُ زَیْداً ، ومنها : جواز إلغائها إذا توسّطت نحو : زَیْدٌ ظَنَنْتُ عالِمٌ ، أو تأخّرت نحو : زَیْدٌ قائِمٌ ظَنَنْتُ ، ومنها : إنّها تُعَلَّقُ إذا وقعت قبل الاستفهام نحو : عَلِمْتُ أزَیْدٌ عنْدَک أم عَمْروٌ ، وقبل النفی نحو : عَلِمْتُ ما زَیْدٌ فِی الدار ، وقبل لام الابتداء نحو : عَلِمْتُ لَزَیْدٌ مُنْطَلِقٌ ، فهی فی هذه المواضع لا تعمل ، لفظاً وتعمل معنیً ولذلک سمّی تعلیقاً.
ومنها : إنّه یجوز أن یکون فاعلها ومفعولها ضمیرین متّصلین من الشیء الواحد نحو : عَلِمْتُنی مُنْطَلِقاً ، وظَنَنْتکَ فاضِلاً.
واعلم أنّه قد یکون ظَنَنْتُ بمعنی اتَّهَمْتُ ، وعَلِمْتُ بمعنی عَرَفْتُ ، ورَأَیْتُ بمعنی أبْصَرْتُ ، ووَجَدْتُ بمعنی أصَبْتُ الضالَّة ، فتنصب مفعولاً
ص: 48
واحداً فقط فلا تکون حینئذٍ من أفعال القلوب.
أفعال وضعت لتقریر الفاعل علی صفة غیر صفة مصدرها وهی : «کانَ ، وصارَ ، وأصْبَحَ ، وأمْسی» الی آخره ، وتدخل علی الجملة الاسمیّة لإفادة نسبتها حکم معناها ، ترفع الأوّل وتنصب الثانی فتقول : کانَ زَیْدٌ قائِماً.
و «کان» تکون علی ثلاثة أقسام : ناقصة : وهی تدلّ علی ثبوت خبرها لفاعلها فی الماضی إمّا دائماً نحو : «کَانَ اللَّ_هُ عَلِیمًا حَکِیمًا» (1) أو منقطعاً نحو : کانَ زَیْدٌ شابّاً.
وتامّة : وهی بمعنی ثَبَتَ وحَصَلَ نحو : کانَ الْقِتالُ ، أی حصل القتال.
وزائدة : وهی لا یتغیر به المعنی کقول الشاعر :
جِیادُ بنی أبی بَکْرٍ تَسامی***عَلی کانَ الْمُسَوَّمَةِ الْعِرابِ (2)
أی علی المسوّمة.
و «صار» للانتقال نحو : صارَ زَیْدٌ غَنِیّاً.
و «أصبح» و «أمْسی» و «أضْحی» تدلّ علی اقتران معنی الجملة بتلک الأوقات نحو : أصْبَحَ زَیْدٌ ذاکِراً ، أی کان ذاکراً فی وقت الصبح ، وبمعنی دخل فی الصباح.
وکذلک «ظَلَّ» و «باتَ» یدلّان علی اقتران معنی الجملة بوقتها ، وبمعنی صار.
ص: 49
و «ما زالَ» و «ما بَرَحَ» و «ما فَتئَ» و «ما انْفکَّ» تدلّ علی ثبوت خبرها لفاعلها نحو : ما زالَ زَیْدٌ أمیراً ، ویلزمها حرف النفی.
و «ما دام» تدلّ علی توقیت أمر بمدّة ثبوت خبرها لفاعلها نحو : أقُومُ ما دامَ الأمیرُ جالِساً ، و «لَیْسَ» تدلّ علی نفی معنی الجملة حالاً ، وقیل مطلقاً نحو : لَیْسَ زَیْدٌ قائِماً. وقد عرفت بقیّة أحکامها فی القسم الأوّل فلا نعیدها.
أفعال وضعت للدلالة علی دنوّ الخبر لفاعلها. وهی علی ثلاثة أقسام : الأوّل : للرجاء وهو : «عَسی» ، فعل جامد ولا یستعمل منه غیر الماضی وهو فی العمل مثل کان نحو : عَسی زَیْدٌ أنْ یَقُومَ ، إلّا أنّ خبره فعل المضارع مع «أنْ» نحو : عَسی زَیْدٌ أنْ یَخْرُجَ ، ویجوز تقدیمه نحو : عَسی أنْ یَخْرُجَ زَیْدٌ ، وقد یحذف أنْ نحو : عَسی زَیْدٌ یَقُومُ.
والثانی : للحصول وهو : «کادَ» ، وخبره مضارع دون «أنْ» نحو : کادَ زَیْدٌ یَقُومُ. وقد تدخل «أنْ» نحو : کادَ زَیْدٌ أنْ یَخْرُجَ.
والثالث : للأخذ والشروع فی الفعل وهو : «طَفِقَ» و «جَعَلَ» و «کَرَبَ» و «أخَذَ» ، واستعمالها مثل کادَ نحو : طَفِقَ زَیْدٌ یَکْتُبُ ، إلی آخره. و «أوْشَکَ» ، واستعماله نحو عَسی وکاد.
وهو ما وضع لإنشاء التعجّب وله صیغتان : «ما أفْعَلَهُ» ، نحو : ما أحْسَنَ زَیْداً أی أیّ شیء أحسنَ زیداً ؟ وفی أحسَنَ ضمیر وهو فاعله.
«وأفْعِلْ بِه» نحو : أحْسِنْ بِزَیْدٍ.
ص: 50
ولا یبنیان إلّا ممّا یبنی منه أفعل التفضیل ، ویتوصّل فی الممتنع بمثل ما أشَدَّ کما عرفت.
ولا یجوز التصریف فیه ولا التقدیم ولا التأخیر ولا الفصل. والمازنی أجاز الفصل بالظرف نحو : ما أحْسَنَ الْیَوْمَ زَیْداً.
ما وضع لإنشاء مدح أو ذمّ. أمّا المدح فله فعلان : «نِعْمَ» ، وفاعله اسم معرّف باللام نحو : نِعْمَ الرَّجُلُ زَیْدٌ ، أو مضاف إلی المعرّف باللام نحو : نِعْمَ غُلامُ الرَّجُلِ زَیْدٌ ، وقد یکون فاعله مضمراً یجب تمییزه بنکرة منصوبة نحو : نِعْمَ رَجُلاً زَیْدٌ ، أو بما نحو قوله تعالی : «فَنِعِمَّا هِیَ» (1) ، أی نِعْمَ ما هی ، وزید یسمّی المخصوص بالمدح.
ومنها : «حَبَّذا» ، نحو : حَبَّذا رَجُلاً زَیْدٌ ، فَحَبّ فعل المدح وفاعله «ذا» والمخصوص زیدٌ ، ورجلاً تمییز ، ویجوز أن یقع قبل مخصوص حبّذا أو بعده تمییز نحو : حَبَّذا رَجُلاً زَیْدٌ ، وحَبَّذا زَیْدٌ رَجُلاً ، أو حال نحو : حَبَّذا راکِباً زَیْدٌ ، وحَبَّذا زَیْدٌ راکِباً.
أمّا الذمّ فله فعلان أیضاً وهو : «بِئْسَ» ، نحو : بِئسَ الرَّجلُ زیْدٌ ، وَبِئسَ غُلامُ الرَّجُلِ زیْدٌ ، وَبِئسَ رَجُلاً زیْدٌ. «ساء» نحو : ساء الرَّجُلُ زَیْدٌ ، وساء غُلامُ الرَّجُلِ زَیْدٌ ، وساء رَجُلاً زَیْدٌ ، وساء مثل بئسَ.
وقد مضی تعریفه ، وأقسامه سبعة عشر :
ص: 51
«حروف الجرّ ، والحروف المشبّهة بالفعل ، وحروف العطف ، وحروف التنبیه ، وحروف النداء ، وحروف الإیجاب ، وحروف الزیادة ، وحرفا التفسیر ، وحروف المصدر ، وحروف التحضیض ، وحرف التوقیع ، وحرفا الاستفهام ، وحروف الشرط ، وحرف الردع ، وتاء التأنیث ، والتنوین ، ونون التأکید».
[و هذه الحروف] وضعت لإفضاء فعل أو شبهه أو معنی فعل إلی ما یلیه نحو : مَرَرْتُ بِزَیْدٍ ، وأنا مَارٌّ بِزَیْدٍ ، وهذا فی الدارِ أبُوکَ ، أی الّذی أُشیر إلیه فیها ، وهی تسعة عشر حرفاً : مِن : وهی لابتداء الغایة وعلامته أن یصحّ فی مقابله «إلی» لانتهاء الغایة. نحو : سِرْتُ مِن الْبَصْرَةِ إلَی الْکُوفَةِ.
وللتبیین ، وعلامتُه أن یصحّ وضع «الّذی» مکانه کقوله تعالی : «فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ» (1) ، أی الرجس الذی هو الأوثان.
وللتبعیض ، وعلامته أن یصحّ وضع «البعض» مکانه نحو : أخَذْتُ مِن الدَّراهِمِ.
وزائدة ، وعلامته أن لا یختلّ المعنی بانتفائه نحو : ما جاءنی مِن أحَدٍ ، ولا تزاد فی الکلام الموجب خلافاً للکوفیّین ، وأمّا قولهم : قَدْ کانَ مِنْ مَطَرٍ ، وشبهه فمتأوّل.
وإلی : وهی لانتهاء الغایة کما مرّ. وبمعنی «مَعَ» قلیلاً کقوله تعالی : «فَاغْسِلُوا وُجُوهَکُمْ وَأَیْدِیَکُمْ إِلَی الْمَرَافِقِ» (2) ، أی مع المرافق.
ص: 52
وحتّی : وهی مثل «إلی» نحو : نُمْتُ الْبارحَةَ حَتّی الصباحِ. وبمعنی «مع» کثیراً نحو : قَدِمَ الْحَاجُّ حَتَّی الْمُشاةِ. ولا تدخل علی غیر الظاهر فلا یقال : حَتّاهُ ، خلافاً للمبرّد. وأمّا قول الشاعر :
فلا واللهِ لا یبقی اُناس***فتیً حَتّاکَ یابْنَ أبی زیادٍ (1) فشاذّ.
وفی : للظرفیّة نحو : زَیْدٌ فی الدارِ ، والْماءُ فی الْکُوزِ. وبمعنی «عَلی» قلیلاً کقوله تعالی : «وَلَأُصَلِّبَنَّکُمْ فِی جُذُوعِ النَّخْلِ» (2).
والباء : وهی للإلصاق حقیقة نحو : بِهِ داءٌ ، أو مجازاً نحو : مَرَرْتُ بِزَیْدٍ ، أی التصق مروری بمکان یقرب منه زید.
وللاستعانة نحو : کَتَبْتُ بِالْقَلَمِ.
وللتعدیة ک : ذَهَبَ بِزَیْدٍ.
وللظرفیة ک : جَلَسْتُ بِالْمَسْجِدِ.
وللمصاحبة نحو : اشْتَرَیْتُ الْفَرَسَ بِسَرْجِهِ.
وللمقابلة نحو : بِعْتُ هذا بِهذا.
وزائدة قیاساً فی الخبر المنفیّ نحو : ما زَیْدٌ بِقائِمٍ ، وفی الاستفهام نحو : هَلْ زَیْدٌ بقائِمٍ ؟ وسماعاً فی المرفوع نحو : بِحَسْبِکَ دِرهمٌ ، «وَکَفَی بِاللَّ_هِ شَهِیدًا» (3). وفی المنصوب نحو : ألْقی بِیَدِهِ.
واللّام : للاختصاص نحو : الْجُلُّ لِلْفَرَسِ ، والْمالُ لِزَیْدٍ ، وللتعلیل
ص: 53
کضَرَبْتُهُ لِلتَأْدیبِ ، وزائدة کقوله تعالی : «رَدِفَ لَکُم» (1) أی ردفکم. وبمعنی عَنْ إذا استعمل مع القول ، کقوله تعالی : «قَالَ الَّذِینَ کَفَرُوا لِلَّذِینَ آمَنُوا لَوْ کَانَ خَیْرًا مَّا سَبَقُونَا إِلَیْهِ» (2) وفیه نظر.
وبمعنی الواو فی القسم للتعجّب نحو : لِلّهِ لا یُؤَخَّرُ الْأجَلُ.
ورُبَّ : للتقلیل کما أنّ کَمْ الخبریّة للتکثیر ، ویستحقّ صدر الکلام ، ولا تدخل إلّا علی النکرة نحو : رُبَّ رَجُلٍ لَقیتُهُ ، أو مضمر مبهم مفرد مذکّر ممیّز بنکرة منصوبة نحو : رُبَّهُ رَجُلاً ، ورُبَّهُ رَجُلَیْنِ ، ورُبَّهُ امرأةً ورُبَّهُ امرأتین ، وعند الکوفیّین یجب المطابقة نحو : رُبَّهُما رَجُلَیْن ، ورُبَّهُما امْرَأَتَیْنِ ، وقد یلحقها ما الکافّة فتدخل علی الجملة نحو : رُبَّما قامَ زَیْدٌ ، ورُبَّما زَیْدٌ قائِمٌ. ولا بدّ لها من فعل ماضٍ لأنّ التقلیل یتحقّق فیه. ویحذف ذلک الفعل غالباً کقوله : رُبَّ رَجُلٍ أکْرَمَنی ، فی جواب من قال : هَلْ رَأَیْتَ مَنْ أکْرَمَک ؟ أی رُبَّ رجلٍ أکرمنی لقیتُهُ ، فأکرَمَنی صفة لرجل ، ولقیتُ فعلها وهو محذوف.
وواو رُبَّ ، وهی الواو الّتی یبتدأ بها فی أوّل الکلام کقول الشاعر :
وَبَلْدَةٍ لَیْسَ لَها أنیسٌ***إلّا الْیَعافیرُ وَإلّا الْعیسُ (3)
ص: 54
واو القسم : وهی مختصّة بالظاهر فلا یقال : وَکَ.
وتاء القسم : وهی مختصّة بالله وحده ، فلا یقال : تا الرَّحْمنِ ، وقولهم تَرَبّ الْکَعْبَةِ ، شاذّ.
وباؤه : وهی تدخل علی الظاهر والمضمر نحو : بِاللهِ وبِالرَّحْمنِ وبِکَ. ولا بدّ للقسم من جواب أو جزاء ، وهی جملة تسمّی مقسماً علیها ، فإن کانت موجبة یجب دخول اللام فی الاسمیّة والفعلیّة نحو : وَاللهِ لَزَیْدٌ قائِمٌ ، ووَاللهِ لَأفْعَلَنَّ کَذا ، ویلزم کونها مع اللام فی الاسمیّة نحو : وَاللهِ إنَّ زَیْداً لَقائِمٌ ، وإن کانت منفیّة یجب دخول «ما» أو «لا» نحو : وَاللهِ ما زَیْدٌ قائِمٌ ، و وَاللهِ لا یَقُومُ. وقد یحذف حرف النفی لوجود القرینة کقوله تعالی : «تَاللَّ_هِ تَفْتَأُ تَذْکُرُ یُوسُفَ» (1) ، أی لا تفتؤ.
واعلم أنّه قد یحذف جواب القسم إن تقدّم ما یدلّ علیه نحو : زیدٌ قائمٌ واللهِ ، أو توسّط بینه نحو : زیدٌ واللهِ قائمٌ.
وعَنْ : للمجاوزة ک_ : رَمَیْتُ السهمَ عن القوسِ.
وعلی : للاستعلاء نحو : زیدٌ علی السطح ، وقد یکون عَنْ وعلی اسمین إذا دخل علیهما «مِنْ» فیکون عن بمعنی الجانب. تقول : جلَستُ مِنْ عَنْ یمینه. ویکون علی بمعنی فوق نحو : نزلتُ مِنْ عَلَی الفرسِ.
والکاف : للتشبیه نحو : زیدٌ کعمروٍ ، وزائدة کقوله تعالی : «لَیْسَ کَمِثْلِهِ شَیْءٌ» (2) وقد یکون اسماً کقول الشاعر :
یَضْحَکْنَ عَنْ کَالبَرِدِ المُنْهَمِّ***تَحْتَ غَرَاضیفِ الاُنوف الشمِّ (3)
ومُذْ ومُنْذُ : لابتداء الزمان فی الماضی کما تقول فی شعبان : ما رَأَیْتُهُ مُذْ رَجَبٍ. وللظرفیّة فی الحاضر نحو : ما رَأَیْتُهُ مُذْ شَهْرِنا ، ومُنْذُ یَوْمِنا ، أی فی
ص: 55
شهرنا وفی یومنا.
وحاشا وعَدا وخلا : للاستثناء نحو : جاءنی الْقَوْمُ خَلا زَیْدٍ ، وحاشا عَمْروٍ ، وعَدا بَکْرٍ.
[و هی] ستّة : «إنَّ ، وأنَّ ، وکَأَنَّ ، ولَیْتَ ، ولکِنَّ ، ولَعَلَّ». وهذه الحروف تدخل علی الجملة الاسمیّة فتنصب الاسم وترفع الخبر کما عرفت.
وقد یلحقها «ما الکافّة» فتکفّها عن العمل وحینئذٍ تدخل علی الأفعال تقول : إنَّما قامَ زَیْدٌ.
واعلم أنّ «إنَّ» المکسورة لا تغیّر معنی الجملة بل تؤکّدها ، و «أنَّ» المفتوحة مع الاسم والخبر فی حکم المفرد ، ولذلک یجب الکسر إذا کان فی ابتداء الکلام نحو : إنَّ زَیْداً قائِمٌ ، وبعد القول کقوله تعالی : «یَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ» (1) ، وبعد الموصول نحو : رَأَیْتُ الَّذی إنَّ أباهُ الْماجِدُ ، وإذا کان فی خبرها اللام نحو : إنَّ زَیْداً لَقائِمٌ.
ویجب الفتح حیث تقع فاعلاً نحو : بَلَغَنی أنَّ زَیْداً عالِمٌ ، وحیث تقع مفعولاً نحو : کَرِهْتُ أنَّکَ قائِمٌ ، وحیث تقع مضافاً إلیه نحو : «أعْجَبَنی اشْتِهارُ أنَّکَ فاضِلٌ ، وحیث تقع مبتدأ نحو : عِنْدی أنَّکَ قائِمٌ ، وحیث تقع مجروراً نحو : عَجِبْتُ مِنْ أنَّ زَیْداً قائِمٌ ، وبعد لَوْ نحو : لَوْ أنَّکَ عِنْدَنا لأخْدِمُکَ ، وبعد لَوْ لا نحو : لَو لا أنَّهُ حاضِرٌ.
ویجوز العطف علی اسم إنَّ المکسورة بالرفع والنصب باعتبار المحلّ واللفظ نحو : إنَّ زَیْداً قائِمٌ ، وعَمْروٌ وعَمْراً.
ص: 56
واعلم أنّ «إنَّ» المکسورة قد تخفّف ویلزمها اللام فرقاً بینها وبین «إنْ» النافیة کقوله تعالی : «وَإِنَّ کُلًّا لَّمَّا لَیُوَفِّیَنَّهُمْ» (1) ، وَحینئذٍ یجوز إلغاؤها کقوله تعالی : «وَإِن کُلٌّ لَّمَّا جَمِیعٌ لَّدَیْنَا مُحْضَرُونَ» (2) ، وتدخل علی الأفعال نحو قوله تعالی : «وَإِن کُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِینَ» (3) ، «وَإِن نَّظُنُّکَ لَمِنَ الْکَاذِبِینَ» (4).
وکذا المفتوحة قد تخفّف ویجب إعمالها فی ضمیر شأن مقدّر فتدخل علی الجملة ، اسمیّة کانت نحو : بَلَغَنی أنْ زَیْدٌ قائِمٌ ، أو فعلیّة ویجب دخول السین ، أو سوف ، أو قد ، أو حرف النفی علی الفعل کقوله تعالی : «عَلِمَ أَن سَیَکُونُ مِنکُم مَّرْضَی» (5) ، فالضمیر المستتر اسم أنْ والجملة خبرها.
و «کَأنَّ» : للتشبیه نحو : کَأنَّ زَیْداً الْأسَدُ ، قیل وهی مرکّبة من کاف التشبیه وإنَّ المکسورة وإنّما فتحت لتقدیم الکاف علیها تقدیرها : إنَّ زَیْداً کَالْأسَدِ. وقد تخفّف فتلغی عن العمل نحو : کَأنْ زَیْدٌ اَلْأسَدُ.
و «لکِنَّ» : للاستدراک ، ویتوسّط بین کلامین متغایرین فی اللفظ والمعنی نحو : ما جاءنی زَیْدٌ لکِنَّ عَمْراً جاءَ ، وغابَ زَیْدٌ لکِنَّ بَکْراً حاضِرٌ. ویجوز معها الواو نحو : قَامَ زَیْدٌ وَلکِنَّ عَمْراً قاعِدٌ. وتخفّف فتلغی نحو : ذَهَبَ زَیْدٌ لکِنْ عَمْروٌ عِنْدَنا.
و «لَیْتَ» : للتمنّی نحو : لَیْتَ زَیْداً قائِمٌ ، بمعنی أتمنّی.
و «لَعَلَّ» : للترجّی نحو قول الشاعر :
اُحِبُّ الصالِحینَ وَلَسْتُ مِنْهُمْ***لَعَلَّ اللهَ یَرْزُقُنی صَلاحاً (6)
ص: 57
وشذّ الجرّ بها نحو : لَعَلَّ زَیْدٍ قائِمٌ ، وفی لَعَلَّ لغات : عَلَّ ، وَعنَّ ، وأنَّ ، ولَأنَّ ، ولَعَنَّ. وعند المبرّد اصله عَلَّ زید فیه اللام والبواقی فروع.
وهی عشرة : «الواو ، والفاء ، وثُمَّ ، وحَتّی ، وأوْ ، وإمّا ، وأمْ ، ولا ، وبَلْ ، ولکِن». فالأربعة الأُول للجمع.
فالواو : للجمع مطلقاً نحو : جاءَ زَیْدٌ وَعَمْروٌ ، سواء کان زیدٌ مقدّماً فی المجیء أم عمرو.
والفاء : للترتیب بلا مهلة نحو : قامَ زَیْدٌ فَعَمْروٌ ، إذا کان زیدٌ مقدّماً بلا مهلة.
وثُمَّ : للترتیب بمهلة نحو : دَخَلَ زَیْدٌ ثُمَّ خالِدٌ ، إذا کان زیدٌ مقدّماً بالدخول وبینهما مهلة.
وحَتّی : کثُمَّ فی الترتیب والمهلة إلّا أنّ مهلتها أقلّ من مهلة ثُمَّ ، ویشترط أن یکون معطوفها داخلاً فی المعطوف علیه ، وهی تفید قوّة نحو : ماتَ الناسُ حَتَّی الْأنْبیاءُ ، أو ضعفاً فیه نحو : قَدِمَ الْحاجُّ حَتَّی المُشاةِ.
و «أوْ» و «إمّا» و «أمْ» ، هذه الثلاثة لثبوت الحکم لأحد الأمرین لا بعینه نحو : مَرَرْتُ بِرَجُلٍ أوْ امرأةٍ.
و «إمّا» : إنّما یکون حرف العطف إذا کان تقدّم علیها «إمّا» اُخری نحو : الْعَدَدُ إمّا زَوْجُ وَإمّا فَرْدٌ. ویجوز أن یتقدّم إمّا علی أوْ نحو : زَیْدٌ إمّا کاتِبٌ أو لَیْسَ بِکاتِب.
ص: 58
و «أمْ» علی قسمین : متّصلة وهی ما یسأل بها عن تعیین أحد الأمرین والسائل عالم بثبوت أحدهما مبهماً ، بخلاف أوْ وإمّا فإنّ السائل بهما لا یعلم بثبوت أحدهما أصلاً. ویستعمل بثلاثة شرائط : الأوّل أن یقع قبلها همزة نحو : أزَیْدٌ عِنْدَکَ أمْ عَمْروٌ ؟ والثانی : أن یلیها لفظ مثل ما یلی الهمزة. أعنی إن کان بعد الهمزة اسم فکذلک بعد أمْ کما مرّ ، وإن کان فعل فکذلک نحو : أقامَ زَیْدٌ أمْ قَعَدَ عَمْروٌ ، فلا یقال : أرَأَیْتَ زَیْداً أمْ عَمْراً ؟ الثالث : أن یکون ثبوت أحد الأمرین المتقاربین محقّقاً ، وإنّما یکون الاستفهام عن التعیین فلذلک وجب أن یکون جواب أمْ بتعیین دون نَعَمْ أو لا ، فإذا قیل أزَیْدٌ عِنْدَک أمْ عَمْروٌ ؟ فجوابه بتعیین أحدهما. أمّا إذا سئل بأوْ وإمّا فجوابه نَعَمْ أو لا.
ومنقطعة : وهی ما یکون بمعنی «بَلْ» مع الهمزة کما لو رأیتَ شبحاً من بعید وقلت إنّها لَإبِلٌ علی سبیل القطع ، ثمّ حصل الشکّ إنّها شاة فقلت أم هی شاة ، وتقصد الإعراض عن الإخبار الأوّل واستئناف سؤال آخر معناه بل أهی شاة.
واعلم أنّ «أمْ» المنقطعة لا تستعمل إلّا فی الخبر کما مرّ وفی الاستفهام نحو : أعِنْدَک زَیْدٌ أمْ عندک عَمْروٌ ؟ و «لا» و «بَلْ» و «لکِنْ» جمیعاً لثبوت الحکم لأحد الأمرین معیّناً.
أمّا «لا» فتنفی ما وجب للأوّل عن الثانی نحو : جاءنی زَیْدٌ لا عَمْروٌ.
و «بل» للإضراب عن الأوّل نحو : جاءنی زَیْدٌ بَلْ عَمْروٌ ، ومعناه بل جاء عمروٌ. و «لکنْ» للاستدراک نحو : قامَ بَکْرٌ لکِنْ خالِدٌ لَمْ یَقُمْ.
* * *
ص: 59
[و هی] ثلاثة : «ألا ، وأما وها» ، وضعت لتنبیه المخاطب لئلّا یفوته شیء من الحکم.
«فألا وأما» لا تدخلان إلّا علی الجملة ، اسمیّة کانت نحو قوله تعالی : «أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ» (1) ، وکقوله :
أما وَالَّذی أبْکی وَأضْحَکَ وَالَّذی***أماتَ وأَحیی وَالَّذی أمْرُهُ الْأمْرُ (2)
أو فعلیّة نحو : ألا لا تَفْعَلْ ، وأما لا تَضْربْ.
الثالث : ها ، تدخل علی الجملة نحو : ها زَیْدٌ قائِمٌ ، والمفرد نحو : هذا وَهؤُلاءِ.
حروف النداء خمسة : «یا ، وأیا ، وهَیا ، وأی ، والْهَمْزَةُ المفتوحة للقریب» ، وأیا وهَیا للبعید ، ویا لهما وللمتوسّط ، وقد مرّ احکامها.
[و هی] ستّة : «نَعَمْ ، وبَلْ ، وإیْ ، وأجَلْ ، وجَیْرِ ، وإنَّ».
ص: 60
أمّا «نعم» : فلتقریر کلام سابق مثبتاً کان أو منفیّاً.
و «بلی» : تختصّ بإیجاب نفی بعد الاستفهام کقوله تعالی : «أَلَسْتُ بِرَبِّکُمْ قَالُوا بَلَی» (1) ، وخبراً کما یقال : لَمْ یَقُمْ زَیْدٌ ، قلت : بَلی ، أی قد قام.
و «إیْ» : للإثبات بعد الاستفهام ویلزمها «هل» کما اذا قیل لک : هَلْ کانَ کَذا ؟ قلت : إیْ وَاللهِ.
و «أجَلْ ، وجیْر وإنَّ» : لتصدیق الخبر فإذا قیل : جاءَ زَیْدٌ ، قلت : أجَلْ وجَیْر وإنَّ ، أی اُصدِّقُکَ فی هذا الخبر.
[و هی] سبعة : «إنْ ، وأنْ ، وما ، ولا ، ومِنْ ، والباء ، واللام».
«فإنْ» : تزاد مع ما النافیة نحو : ما إنْ زیدٌ قائِمٌ ، ومع ما المصدریّة نحو : انتظِرْ ما إنْ یَجْلِس الْأمیرُ ، ومع لَمّا نحو : لَمّا إنْ جَلَسْتَ جَلَسْتُ.
و «أنْ» : تزاد مع لمّا نحو قوله تعالی : «فَلَمَّا أَن جَاءَ الْبَشِیرُ» (2) ، وبین واو القسم ولو نحو : وَاللهِ أنْ لَوْ قُمْتَ قُمْتُ.
و «ما» : تزاد مع إذْ ، ومَتی ، وأنّی ، وأیْنَ ، وإنْ الشرطیّة کما تقول : إذْ ما صُمْتَ صُمْتُ ، وکذلک البواقی ، وبعد بعض حروف الجرّ نحو قوله تعالی : «فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّ_هِ» (3).
و «لا» : قلیل وتزاد مع الواو بعد النفی نحو : ما جاءَ زَیْدٌ ولا عَمْروٌ ، وبعد أنْ المصدریّة نحو قوله تعالی : «مَا مَنَعَکَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُکَ» (4).
ص: 61
وقبل القسم کقوله تعالی : «لَا أُقْسِمُ» (1) بمعنی اُقسم.
وأمّا «مِنْ ، والباء ، واللام» فقد تقدّم ذکرها فی حرف الجرّ فلا نعیدها.
[و هی] ثلاثة : «ما ، وأنْ ، وأنَّ». فالأولیان للجملة الفعلیّة کقوله تعالی : «وَضَاقَتْ عَلَیْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ» (2) ، أی برحبها ، وکقول الشاعر :
یَسُرُّ الْمَرْءُ ما ذهبَ الْلیالی***وَکانَ ذِهابُهُنَّ لَهُ ذِهاباً (3)
و «أنْ» : نحو قوله تعالی : «فَمَا کَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا» (4).
و «أنَّ» : للجملة الاسمیّة نحو : عَلِمْتُ أنَّکَ قائِمٌ ، أی علمت قیامَک.
[و هی] اربعة : «هَلّا ، وألّا ، ولَوْلا ، ولَوْما».
ولها صدر الکلام ومعناها حثّ علی الفعل إذا دخل علی المضارع نحو : هَلا تَأکُلُ ، ولَوْمٌ وتعییر إنْ دخل علی الماضی نحو : هَلّا ضَرَبْتَ زَیْداً ، وحینئذ لا یکون تحضیضاً إلّا باعتبار ما فات.
ولا تدخل إلّا علی الفعل کما مرّ. وإنْ وقع بعدها اسم فبإضمار فعل کما تقول لمن ضرب قوماً : هَلّا زَیْداً ، أی هَلّا ضَرَبْتَ زیداً.
وجمیعها مرکّبة جزؤها الثانی حرف النفی ، والجزء الأوّل حرف الشرط ، أو حرف المصدر ، أو حرف الاستفهام.
«ولَوْلا ولَوْما» لهما معنی آخر وهو امتناع الجملة الثانیة لوجود الجملة الاُولی نحو : لَوْلا عَلِیٌّ لَهَلَکَ عُمَر ، وحینئذ یحتاج إلی الجملتین أولیهما اسمیّة أبداً.
«قَدْ».
وهی فی الماضی لتقریب الماضی إلی الحال نحو : قَدْ رَکِبَ الْأمیرُ ، أی قبل هذا. ولأجل ذلک سمّیت حرف التقریب أیضاً ، ولهذا تلزم الماضی لیصلح أن یقع حالاً.
وقد یجیء للتأکید إذا کان جواباً لمن یسأل : هَلْ قامَ زَیْدٌ ؟ فتقول : قَدْ قامَ زَیْدٌ.
وفی المضارع للتقلیل نحو : إنَّ الْکَذُوبَ قَدْ یَصْدُقُ ، وإنَّ الْجَوادَ قَدْ یَفْتُرُ.
ص: 63
وقد یجیء للتحقیق کقوله تعالی : «قَدْ یَعْلَمُ اللَّ_هُ الْمُعَوِّقِینَ» (1) ، ویجوز الفصل بینه و بین الفعل بالقسم نحو : قَدْ وَاللهِ أحْسَنْتَ ، و یحذف الفعل بعده عند وجود القرینة نحو قول الشاعر :
أَفِدَ التَّرَحُّلُ غَیْرَ أنَّ رِکابَنا***لَمّا تَزَلْ بِرحالِنا وَکَأَنْ قَدْ(2)أی وکان قد زالت.
«الهمزة ، وهل».
ولهما صدر الکلام ، وتدخلان علی الجملة الاسمیّة والفعلیّة نحو : أزَیْدٌ قائِمٌ ؟ وهَلْ قامَ زَیْدٌ ؟ ودخولهما علی الفعلیّة أکثر لأنّ الاستفهام بالفعل أولی.
وقد تدخل «الهمزة» فی مواضع لا یجوز دخول «هل» فیها نحو : أزَیْداً ضَرَبْتَ ؟ وأتَضْربُ زَیْداً وَهُوَ أخُوکَ ؟ وأزَیْدٌ عِنْدَکَ أم عَمْروٌ ؟ وأوَمَنْ کانَ وأفَمَنْ کانَ ، ولا تستعمل هل فی هذه المواضع وهاهنا بحث.
[و هی] ثلاثة : «إنْ ، ولَوْ ، وأمّا». ولها صدر الکلام ویدخل کلّ واحد منها علی الجملتین اسمیتین کانتا أو فعلیّتین أو مختلفتین.
ص: 64
ف_ «إنْ» للاستقبال وإن دخلت علی الفعل الماضی نحو : إنْ زُرْتَنی فَاُکْرمُکَ.
و «لَوْ» : للماضی وإن دخل علی المضارع نحو : لَوْ تَزُرْنی أکْرَمْتُکَ ویلزمها الفعل لفظاً کما مرّ أو تقدیراً نحو : إنْ أنْتَ زائِری فَأکْرَمْتُکَ.
واعلم أنّ «إنْ» لا تستعمل إلّا فی الاُمور المشکوک فیها مثل : إنْ قُمْتَ قُمْتُ ، فلا یقال آتیکَ إنْ طَلَعَت الشَّمْسُ ، وإنّما یقال آتیکَ إذا طَلَعَت الشَّمْسُ.
«ولَوْ» : تدلّ علی نفی الجملة الثانیة بسبب نفی الجملة الاُولی کقوله تعالی : «لَوْ کَانَ فِیهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّ_هُ لَفَسَدَتَا» (1).
وإذا وقع القسم فی أوّل الکلام وتقدّم علی الشرط یجب أن یکون الفعل الّذی یدخل علیه حرف الشرط ماضیاً لفظاً نحو : وَاللهِ إنْ أتَیْتَنی لَأکْرَمْتُکَ ، أو معنیً نحو : وَاللهِ إنْ لَمْ تَأْتِنی لَأهجُرَنَّکَ ، وحینئذ یکون الجملة الثانیة فی اللفظ جواباً للقسم لا جزاء للشرط فلذلک وجب فیها ما یجب فی جواب القسم من اللام ونحوها کما رأیت فی المثالین أمّا إنْ وقع القسم فی وَسَطِ الکلام جاز أنْ یعتبر القسم بأن یکون الجواب باللام له نحو : إنْ تَأْتِنی وَاللهِ لأتیتُکَ ، وجاز أنْ یلغی نحو : إنْ تَأْتِنی وَاللهِ أتَیْتُکَ.
و «أمّا» : لتفصیل ما ذکر مجملاً نحو : «فَمِنْهُمْ شَقِیٌّ وَسَعِیدٌ» «أَمَّا الَّذِینَ سُعِدُوا فَفِی الْجَنَّةِ» و «فَأَمَّا الَّذِینَ شَقُوا فَفِی النَّارِ» (2).
وتجب فی جوابه الفاء ، وأن یکون الأوّل سبباً للثانی ، وأن یحذف فعلها مع أنّ الشرط لا بدّ له من فعل لیکون تنبیهاً علی أنّ المقصود بها حکم الاسم الواقع بعدها نحو : أمّا زَیْدٌ فَمُنْطَلِقٌ ، تقدیره : مهما یکنْ من
ص: 65
شیءٍ فزیدٌ منطلق ، فحذف الفعل والجار والمجرور حتی بقی : أمّا فزیدٌ منطلق ، ولمّا لم یناسب دخول الشرط علی فاء الجزاء نقل الفاء إلی الجزء الثانی ، ووضعوا الجزء الأوّل بین أمّا والفاء عوضاً عن الفعل المحذوف ، ثمّ ذلک الجزء إنْ کان صالحاً للابتداء فهو مبتدأ کما مرّ ، وإلّا فعامله ما بعد الفاء نحو : أمّا یَوْمُ الْجُمُعَةِ فَزَیْدٌ مُنْطَلِقٌ ، فمنطلقٌ عامل فی یوم الجمعة علی الظرفیّة.
«کَلّا».
وضعت لزجر المتکلّم وردعه عمّا تکلّم به کقوله تعالی : «رَبِّی أَهَانَنِ کَلَّا» (1) أی لا تتکلّم بهذا فإنّه لیس کذلک. هذا فی الخبر ، وقد یجیء بعد الأمر أیضاً کما إذا قیل لک : اضْربْ زَیْداً ، فقلت : کَلّا ، أی لا أفعل هذا قطّ.
وقد جاء بمعنی حقّاً کقوله تعالی : «کَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ» (2) ، وحینئذٍ یکون اسماً یبنی لکونه مشابهاً لکلّا حرفاً ، وقیل یکون حرفاً أیضاً بمعنی إنّ لکونه لتحقیق معنی الجملة.
وهی تلحق الماضی لتدلّ علی تأنیث ما اُسند إلیه الفعل نحو : ضَرَبَتْ هِنْدٌ ، وعرفت مواضع وجوب إلحاقها. وإذا لقیها ساکن بعدها وجب تحریکها بالکسر لأنّ الساکن إذا حرّک حرّک بالکسر نحو : قَدْ
ص: 66
قامَتِ الصلاة وحرکتها لا یوجب ردّ ما حذف لأجل سکونها فلا یقال : رَماتِ المرأة ، لأنّ حرکتها عارضیّة لدفع التقاء الساکنین وقولهم : الْمَرْأتانِ رَماتا ضعیف.
وأمّا إلحاق علامة التثنیة وجمع المذکّر وجمع المؤنّث فضعیف فلا یقال : قاما الزیْدانِ ، وقامُوا الزیْدُونَ ، وقُمْنَ النساءُ. وبتقدیر الإلحاق لا تکون ضمائراً لئلّا یلزم الإضمار قبل الذکر بل علامات دالّة علی أحوال الفاعل کتاء التأنیث.
[و هی] نون ساکنة تتبع حرکة آخر الکلمة ولا تدخل الفعل وهی خمسة أقسام : الأوّل : للتمکّن : وهی ما تدلّ علی أنّ الاسم متمکّن فی مقتضی الاسمیّة یعنی أنّه منصرف قابل للحرکات الإعرابیّة نحو زَیْدٌ.
والثانی : للتنکیر : وهی ما تدلّ علی أنّ الاسم نکرة نحو : صَهٍ ، أی اسکت سکوتاً ما.
والثالث : للعِوَض : وهو ما یکون عوضاً عن المضاف إلیه نحو : حینئِذٍ ویَوْمَئِذٍ ، أی حین إذْ کان ، ویوم إذْ کان ، وساعَتئِذٍ ، أی ساعة إذْ کان کذا.
الرابع : للمقابلة : وهو التنوین الّذی فی جمع المؤنّث السالم نحو : مُسْلِماتٍ ، لیقابل نون جمع المذکّر السالم کمسلمین. وهذه الأربعة تختصّ بالاسم.
الخامس : الترنّم : وهو الّذی یلحق فی آخر الأبیات وأنصاف المصراع کقول الشاعر :
ص: 67
أقِلّی اللَّوْمَ عاذِلُ وَالْعتابا***وقُولی إنْ أصَبْتُ لَقَدْ أصابا (1)
وکقوله :
تقولُ بِنْتی قَدْ أنی إناکاً***یا أبَتا عَلَّکَ أوْ عَساکاً (2)
وقد یحذف التنوین من العَلَمِ إذا کان موصوفاً بابن مضافاً إلی عَلَم آخر نحو : جاءنی زَیْدُ بْنُ عَمْروٍ.
وهی نون وضعت لتأکید الأمر والمضارع إذا کان فیه طلب ، بازاء «قد» لتأکید الماضی وهی علی ضربین : خفیفة ، أی ساکنة.
وثقیلة أی مشدّدة. وهی مفتوحة إن لم یکن قبلها ألف نحو : اضْربَنَّ واضْربُنَّ واضْربِنَّ ، وإلّا فمکسورة نحو : اضْربانِّ واضْربْنانِّ.
وتدخل علی الأمر والنهی والاستفهام والتمنّی والعرض جوازاً لأنّ فی کلّ منها طلباً نحو : اضْرِبَنَّ ، ولا تَضْرِبَنَّ ، وهَلْ تَضْرِبَنَّ ، ولَیْتَ
ص: 68
تَضْرِبَنَّ وألا تضْرِبنَّ.
وقد یدخل النون علی القسم وجوباً لوقوع القسم علی ما یکون مطلوباً للمتکلّم غالباً فأراد أن لا یکون آخر القسم خالیاً عن معنی التأکید کما لا یخلو أوّله منه نحو : وَاللهِ لَأفْعَلَنَّ کَذا.
واعلم أنّه یجب ضمّ ما قبلها فی الجمع المذکّر نحو : اضْربُنَّ ، لتدلّ علی واو الجمع المحذوف وکسر ما قبلها فی الواحد المؤنّث المخاطبة نحو : اضْرِبنَّ ، لتدلّ علی الیاء المحذوفة ، والفتح فیما عداها.
أمّا فی المفرد فلأنّه لو انضمّ لالتبس بالجمع المذکّر ولو کسر لالتبس بالمخاطبة ، وأمّا فی المثنّی وجمع المؤنّث فلأنّ ما قبلها ألف نحو : اضْربانِّ واضْربْنانِّ ، وزیدت الألف فی الجمع المؤنّث قبل نون التأکید لکراهة اجتماع ثلاث نونات ، نون المضمر ، ونون التأکید.
ونون الخفیفة لا تدخل علی التثنیة أصلاً ولا فی الجمع المؤنّث لأنّه لو حرّک النون لم یبق علی الأصل فلم یکن خفیفة ، وإن ابقوها ساکنة فیلزم التقاء الساکنین علی غیر حدّه وهو غیر حسن.
والحمد لله ربّ العالمین وصلّی الله علی خاتم النبیّین وسیّد الوصیّین.
ص: 69