سند الناسکین

اشارة

کتاب سند الناسکین

نویسنده:محمد سند

ناشر:باقیات

موضوع:حج و احکام و کیفیات آن

محل نشر: قم - ایران

سال نشر: 1432 ه ق

ص :1

اشارة

ص :2

سند الناسکین

نویسنده:محمد سند

ص :3

ص :4

مقدمة

والصلاة والسلام علی محمدٍ وآله الطیبین الطاهرین ، واللعنة الدائمة علی أعدائهم أجمعین إلی قیام یوم الدین .

وبعد . . .

فمتن هذا الکتاب خلاصة الأحکام الشرعیة التی توصل إلیها استاذنا المحقّق الفقیه آیة اللّه الشیخ محمّد السند ، منتزعة من بحوثه التی ألقاها فی مناسک الحجّ والعمرة ، وحاشیته تعلیقة استدلالیة مختصرة مقتضبة مستفادة - فی الأعمّ الأغلب - من دروسه وإملاءاته ( دام ظلّه الشریف ) .

نسأل اللّه سبحانه وتعالی أن ینتفع بالمتن والحاشیة أهل الفضل والتحقیق .

والحمد للّه رب العالمین

16 / شوال / 1429 ه

ص:5

ص:6

وجوب الحجّ

یجب الحجّ علی کل مکلّف جامع للشرائط الآتیة ، ووجوبه ثابت بالکتاب والسنّة القطعیّة ، وهو رکن من أرکان الدین ، ووجوبه من الضروریات ، وترکه مع الاعتراف بثبوته معصیة کبیرة ، کما أن إنکار أصل الفریضة - إذا لم یکن مستنداً إلی شبهة - کفر .

قال اللّه تعالی فی کتابه المجید :( وَ لِلّهِ عَلَی النّاسِ حِجُّ الْبَیْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَیْهِ سَبِیلاً وَ مَنْ کَفَرَ فَإِنَّ اللّهَ غَنِیٌّ عَنِ الْعالَمِینَ ) .

وروی الشیخ الکلینی بطریق معتبر عن أبی عبد اللّه علیه السلام ، قال :

« من مات ولم یحج حجّة الإسلام ، ولم یمنعه من ذلک حاجة تجحف به ، أو مرض لا یطیق معه الحجّ ، أو سلطان یمنعه ، فلیمت یهودیّاً أو نصرانیّاً » .

وهناک روایات کثیرة تدلّ علی وجوب الحجّ والاهتمام به لم نتعرّض لها طلباً للاختصار .

وفی ما ذکرناه من الآیة الکریمة والروایة کفایة للمراد .

ص:7

واعلم أن الحجّ الواجب علی المکلف فی أصل الشرع إنّما هو لمرة واحدة ، ویسمی ذلک ب « حجّة الإسلام » .

مسألة 1 : وجوب الحجّ بعد تحقق شرائطه فوری ، فتجب المبادرة إلیه فی سنة الاستطاعة ، وإن ترکه فیها عصیاناً أو لعذر وجب فی السنة الثانیة وهکذا ، ولا یبعد أن یکون التأخیر من الکبائر إذا کان استخفافاً بالحجّ ، لا بمعنی قلة الاهتمام .

مسألة 2 : إذا حصلت الاستطاعة وتوقف الإتیان بالحجّ علی مقدمات وتهیئة الوسائل ، وجبت المبادرة إلی تحصیلها ، ولو تعددت الرفقة فإن وثق بالادراک مع التأخیر جاز له ذلک ، وإلّا وجب الخروج من دون تأخیر .

مسألة 3 : إذا أمکنه الخروج مع الرفقة الأولی ولم یخرج معهم لوثوقه بالادراک مع التأخیر ولکن اتفق أنه لم یتمکّن من المسیر ، أو أنه لم یدرک الحجّ بسبب التأخیر استقر علیه الحجّ ، وإن کان معذوراً فی تأخیره .

ص:8

شرائط وجوب حجّة الإسلام

الشرط الأوّل : البلوغ

فلا یجب علی غیر البالغ وإن کان مراهقاً ، ولو حج الصبیّ لم یجزئه عن حجّة الإسلام ، وإن کان حجّه صحیحاً علی الأظهر .

مسألة 4 : إذا خرج الصبیّ إلی الحجّ فبلغ قبل أن یحرم من المیقات ، وکان مستطیعاً ، فلا إشکال فی أن حجّه حجّة الإسلام ، وکذلک إذا أحرم فبلغ بعد إحرامه قبل المشعر فینقلب حجّه إلی حجّة الإسلام .

مسألة 5 : إذا حج ندباً معتقداً بأنه غیر بالغ فبان بعد أداء الحجّ أنه کان بالغاً قبل المشعر أجزأه عن حجّة الإسلام .

مسألة 6 : یستحب للصبی الممیز أن یحج ، ولا یشترط فی صحته إذن الولیّ إلّاأن یکون عقوقاً .

مسألة 7 : یستحب للولی أن یحرم بالصبیّ غیر الممیز ، ذکراً کان أم انثی ، وذلک بأن یلبسه ثوبی الإحرام ویأمره بالتلبیة ویلقنه إیاها إن کان قابلاً للتلقین ، وإلّا لبی عنه ، ویجنبه عمّا یجب علی المحرم

ص:9

الاجتناب عنه ، ویجوز أن یؤخر الإحرام بالصبیّ الصغیر إلی أدنی الحل کفخ کما سیأتی فی المواقیت ، ویأمره بالإتیان بکل ما یتمکّن منه من أفعال الحجّ ، وینوب عنه فیما لا یتمکّن کالنیة فی کل الأعمال حتی الوضوء لو لم یعقلها ، ویوضئه ویطوف به وینوی عنه ویسعی به بین الصفا والمروة ویقف به فی عرفات والمشعر ، ویأمره بالرمی إن قدر علیه ، وإلّا رمی عنه ، وکذلک صلاة الطواف ، ویحلق رأسه ، وکذلک بقیّة الأعمال .

مسألة 8 : نفقة حج الصبیّ فی ما یزید علی نفقة الحضر علی الولی لا علی الصبیّ ، نعم إذا کان حفظ الصبیّ متوقفاً علی السفر به ، جاز الانفاق علیه من ماله ، وکذا فیما إذا کان السفر مصلحة له .

مسألة 9 : ثمن هدی الصبیّ غیر الممیّز علی الولی ، وکذلک کفارة صیده ، وأما الکفارات التی تجب عند الإتیان بموجبها عمداً فالظاهر أنها لا تجب فی مال الصبیّ ، لکن الأحوط ثبوتها علی الولی إن لم یکن الأقوی ، أما الممیّز فکما تقدم فی المسألة السابقة من التفصیل .

الشرط الثانی : العقل

فلا یجب الحجّ علی المجنون وإن کان إدواریاً ، نعم إذا أفاق المجنون فی أشهر الحجّ وکان مستطیعاً ومتمکّناً من الإتیان بأعمال الحجّ وجب علیه ، وإن کان مجنوناً فی بقیّة الأوقات ، ولو کان الإجهاد

ص:10

والمشقة یسبّب له الضعف والجنون لا سیّما مثل جهد سفر الحجّ وجب علیه الاستنابة للحج ، أما لو طرأ علیه الجنون بعد الإحرام وأثناء الأعمال فحکمه کحکم الصبیّ فیُطاف ویصلی عنه ، ویسعی به بین الصفا والمروة ، ویوقف به ویرمی عنه ، وکل ما لا یتمکّن منه من أفعال الحجّ یوقع به أو یناب عنه ، والظاهر إجزاء حجّه إذا کان طروء الجنون بعد الموقفین ، وأما قبلهما فالأحوط الإعادة إذا بقیت الاستطاعة فی الأعوام القابلة .

الشرط الثالث : الحرّیّة

فلا یجب الحجّ علی المملوک وإن کان مستطیعاً ومأذوناً من قبل المولی ، ولو حج بإذن مولاه صحّ ولکن لا یجزیه عن حجّ الإسلام ، فتجب علیه الإعادة إذا کان واجداً للشرائط بعد العتق .

مسألة 10 : إذا أتی المملوک المأذون من قبل مولاه فی الحجّ بما یوجب الکفارة فکفارته علی مولاه مطلقاً ، وأما إذا لم یکن مأذوناً فهی علی العبد .

مسألة 11 : إذا حج المملوک بإذن مولاه وانعتق قبل إدراک المشعر أجزأه عن حجّة الإسلام ، ولا فرق فی الحکم بالإجزاء بین أقسام الحجّ من الإفراد والقِران والتمتّع إذا کان المأتی به مطلقاً لوظیفته الواجبة .

مسألة 12 : إذا انعتق العبد قبل المشعر فی حج التمتّع فهدیه

ص:11

علیه ، وإن لم یتمکّن فعلیه أن یصوم بدل الهدی علی ما یأتی ، وإن لم ینعتق فمولاه بالخیار ، فإن شاء ذبح عنه وإن شاء أمره بالصیام .

الشرط الرابع : الإستطاعة

وهی معتبرة فی التنجیز ، أی فی عزیمة الحجّ ، لا أصل مشروعیة الفریضة .

ویعتبر فیها أمور :

الأوّل : السعة فی الوقت ، ومعنی ذلک وجود القدر الکافی من الوقت للذهاب إلی مکّة والقیام بالأعمال الواجبة هناک ، وعلیه فلا یتنجز ولا یکون الحجّ عزیمة إذا کان حصول المال فی وقت لا یسع للذهاب والقیام بالأعمال الواجبة فیها ، أو أنه یسع ذلک ولکن بمشقة شدیدة لا تتحمل عادة .

وإذا کان طریق الحجّ من بلاده بأخذ النوبة فی تسجیل قوافل سفر الحجّ طوال مدّة قبل أشهر الحجّ أو طوال سنین ، کما هو الحال فی البلاد المکتظة سکانیاً ، فیجب علیه التحفظ علی المال عند توفّر النوبة وتهیئة المقدمات بالمال ، أما لو لم یکن الحال کذلک بأن کان مفتوح الطریق فوقت التحفظ علی المال هو أوّل إبّان أشهر الحجّ .

الثانی : صحة البدن وقوة الجسم وهو السلامة ، فلا یجب مباشرة علی مستطیع لا یتمکّن من قطع المسافة لهرم أو مرض أو لعذر آخر ،

ص:12

ولکن تجب علیه الاستنابة علی ما سیجیء تفصیله .

الثالث : تخلیة السرب ، وهو الأمن ، وذلک بأن لا یکون خطراً علی النفس أو المال أو العرض ذهاباً وإیاباً وعند القیام بالأعمال .

مسألة 13 : إذا کان للحج طریقان أحدهما مأمون والآخر غیر مأمون لم یسقط وجوب الحجّ ، بل وجب الذهاب من الطریق المأمون وإن کان أبعد .

مسألة 14 : إذا استلزم ذهابه إلی الحجّ تلف مال له فی بلده أو غیرها وکان المال مجحفاً بعموم وضعه المالی فلا یکون الحجّ علیه عزیمة ، وکذلک لو استلزم ترک واجب أهم کإنقاذ غریق أو حریق تعیّن ترک الحجّ ، ولو کان الواجب الآخر مساویاً له تخیّر بینهما ، وکذلک فیما لو توقف علی ارتکاب محرّم علی التفصیل المزبور .

مسألة 15 : إذا حج مع استلزام حجّه ترک الواجب أو ارتکاب المحرم الأهم فیجزیه عن حجّة الإسلام مع توفر الشرائط المعتبرة فی وجوب الحجّ ، وإن کان عاصیاً لترک الواجب أو فعل الحرام من جهة أخری ، ولو کان ذلک فی أول سنة استطاعته .

مسألة 16 : إذا توقف سلوکه وطیه للطریق إلی مکّة علی دفع ضریبة مالیة أو رسوم نقدیّة فإن کانت مجحفة بحاله المالی فتسقط عزیمة الحجّ ، وکذا فی بقیّة المقدمات الإداریة المتوقفة علی بذل المال فإن أخذ المال فی ذلک - إذا لم یکن مجحفاً - لا یعدم خلو السرب الذی

ص:13

هو الأمن والسلامة فی الطریق .

مسألة 17 : لو انحصر الطریق بالطریق المشوب بالخوف والذی هو فی معرض الخطر المعتد به عرفاً تسقط عزیمة الحجّ ، ولو حج مع ذلک صحّ حجّه لما مرّ من أن الاستطاعة شرط عزیمة للحج .

الرابع : الزاد والراحلة ، وهی النفقة أی التمکّن من صرفها لمؤنة سفره من الأکل والشرب وغیرهما ، وتهیئة وسیلة النقل لقطع المسافة وإن لم یکن المال ملک له فلا یشترط ملکیة أعیانها ، ویلزم فی قدر النفقة أن لا تقل بنحو یستوجب الحرج والمهانة .

مسألة 18 : یختص لزوم وجود الراحلة « وسیلة النقل » بصورة الحاجة إلیها ، بخلاف ما إذا کان قادراً علی المشی من دون مشقة ولا حرج ولا مهانة .

مسألة 19 : العبرة فی التمکّن من النفقة هو وجود المکنة الفعلیة ، فلا یجب علی من کان قادراً علی تحصیل المکنة بالاکتساب ونحوه .

مسألة 20 : الاستطاعة المعتبرة فی عزیمة الحجّ إنما هی الاستطاعة من مکانه لا من بلده ، فإذا ذهب المکلّف إلی بلد آخر کالمدینة مثلاً لغرض ما ، فاتفق له ما یمکن أن یحج به من النفقة وجب علیه الحجّ وإن لم یکن مستطیعاً من بلده .

مسألة 21 : غلاء أسعار المؤنة وأجرة النقل لا یُعدم الاستطاعة مع التمکّن من القیمة ، وکذا إجحاف البائع علیه فی القیمة بأکثر

ص:14

من ثمن المثل ، أو إجحاف المشتری بأقل من ثمن المثل لو أراد بیع ما یملکه لحاجة النفقة ، بخلاف ما لو کان الغلاء أو الاجحاف فی الموردین یجحف بعموم حالته المالیّة .

مسألة 22 : إنما یعتبر وجود نفقة الإیاب فی عزیمة الحجّ مع إرادة المکلّف العود إلی وطنه ، وأما مع إرادة السکنی فی بلد آخر غیر وطنه فتعتبر نفقة العود إلیه إذا لم تزد علی نفقة العود إلی الوطن .

نعم مع اضطراره إلی العود إلی البلد الآخر فتعتبر نفقة العود إلیه وإن زادت .

تنبیه : المدار فی تحقق الاستطاعة المالیّة إنّما هو فی القَدَر بحسب أقلِّ مسمی السفر للحج کما یعرف فی هذه الأعصار بالالتحاق بحملات الحجّ ، ولیس اللازم أن یکون القَدَر بتمام مؤونة الرحلة الکاملة لحملات الحجّ ما لم یکن فی ذلک مهانة له .

الخامس : الرجوع إلی کفایة إما من مال أو ضیاع أو حرفة ، أی التمکّن بالفعل أو القوة من إعاشة نفسه وعیاله بعد الرجوع ، فلا یلزم بیع ما یحتاج إلیه فی ضروریات معاشه من الدار والثیاب والأثاث والمرکوب وغیر ذلک من مرافق عیشته اللائقة بحاله .

نعم لو کانت قیمة بعض تلک المرافق زادت مالیتها زیادة فاحشة عن شأنه أی تزید بقدر یعدّ ذلک القدر منه ذخیرة مالیة عرفاً عنده ، وکان بإمکانه استبداله بالأقلّ المناسب لشأنه ، لزمه التبدیل وصرف

ص:15

الزائد فی مؤونة الحجّ .

مسألة 23 : الأموال والأمتعة التی هی من مرافق معیشته إذا استغنی عنها وصارت ذخیرة مالیة له عرفاً یجب علیه بیعها لأداء فریضة الحجّ کما هو الحال فی بعض الوسائل التی تخرج عن حیّز استعماله الفعلی مدّة متطاولة .

مسألة 24 : إذا کانت لدیه دار مملوکة وأخری یمکنه السکنی فیها من دون حرج کأن تکون موقوفة بوقف شخصی ، ولیست فی معرض الزوال عن یده ولا عن عیاله من ورثته ، تحققت الاستطاعة بقدرته علی بیع الدار المملوکة ، وهکذا الحال فی بقیّة مرافق معیشته الضروریة إذا وجد له بدلاً یستغنی عنه بحیث یعدُّ واجدتیه له ذخیرة عرفاً .

مسألة 25 : إذا کان عنده مقدار من المال یفی بمصاریف الحجّ وکان بحاجة إلی الزواج أو شراء دار لسکناه - أو غیر ذلک من حاجیات ومرافق المعیشة - حاجة ملحة لا یتسنی له سدّ خلتها أو لکونها ملحة فی العاجل لم یجب علیه الحجّ ، وإلّا عزم علیه الحجّ .

مسألة 26 : إذا کان له دین فی ذمة شخص وکان مما یتمکّن به لنفقة الحجّ وکان الدین حالاً والمدین باذلاً فتتحقق الاستطاعة حینئذٍ ، وکذا لو کان المدین مماطلاً وأمکن استیفاؤه منه بلا کلفة ولا حرج أو کان الدین مؤجلاً والمدین باذلاً عند طلب الدائن .

ص:16

وهذا بخلاف ما لو کان المدین معسراً أو لم یکن اقتضاء الدین منه بسهولة .

نعم فی هذه الحالة لو أمکن بیع الدین من دون کلفة ولا اجحاف بحاله تحققت به الاستطاعة أیضاً .

مسألة 27 : تتحقق الاستطاعة لأصحاب الحرف والمهن الذین تؤمن ضرورات معیشتهم عن طریق تکسبهم لنفقتهم ونفقة عیالهم إذا حصل لهم فائض مالی من الإرث أو الهبة أو غیرهما وکان بقدر نفقة الحجّ .

مسألة 28 : من کان ارتزاقه من الوجوه الشرعیة کالخمس والزکاة وغیرهما بنحو منتظم معتاد تتحقق الاستطاعة لدیه عند حصوله علی فائض مالی یفی بنفقة الحجّ ونفقة عیاله ، وکذلک کل من یحصل له فائض مالی مع تأمین مؤنة معیشته من غیر ذلک المال .

مسألة 29 : یکفی فی الاستطاعة الملکیة المتزلزلة التی تستقر بالإنفاق والإتلاف أو کان واثقاً بعدم الفسخ أو الرجوع ، ولو حصل الفسخ أو الرجوع فی الصورة الثانیة أجزأه الحجّ وإن انکشف بذلک عدم الاستطاعة .

مسألة 30 : لا یجب علی المستطیع أن یحج من مال الاستطاعة فلو حج متسکعاً أو من مال آخر ولو غصباً أجزأه ، نعم لا یجزئه الساتر الغصبی فی الطواف وصلاته ولا الهدی المغصوب ، إلّاإذا اشتراهما

ص:17

بثمن فی الذمّة وإن أداه بالمغصوب .

مسألة 31 : لا یجب علی المکلّف تحصیل الاستطاعة بالاکتساب أو غیره ، نعم لو وهبه أحد مالاً هبة مطلقة یستطیع به لزمه القبول إن لم یکن فیه غضاضة أو مهانة فتتحقق الاستطاعة بمجرد الایهاب من الواهب ، وهذا بخلاف ما لو طلب منه تأجیر نفسه للخدمة بما یکون به مستطیعاً وإن کانت الخدمة تناسب شأنه ، ولو آجر نفسه للخدمة فی طریق الحجّ واستطاع بذلک عزم علیه الحجّ .

مسألة 32 : إذا آجر نفسه للنیابة عن الغیر واستطاع بمال الإجارة ، قدم الحجّ النیابی إذا کان مقیداً بالسنة الحالیة ، أو لم یکن واثقاً بالتمکن بالحجّ النیابی لو أخره عن العام الحالی ، وحینئذٍ إن بقیت الاستطاعة إلی السنة القادمة وجب علیه الحجّ وأما إن لم یکن الحجّ النیابی مقیداً بالسنة الحالیة وکان واثقاً من التمکّن من إتیانه فی السنة القادمة تعین علیه تقدیم الحجّ عن نفسه .

مسألة 33 : إذا اقترض مالاً یفی بمصارف الحجّ وکان قادراً علی وفائه بعدُ بسعة الأجل المضروب لذلک الدین عزم علیه الحجّ .

مسألة 34 : إذا کان عنده ما یفی بنفقات الحجّ وکان علیه دین یقدر علی وفائه بعد الحجّ عزم علیه الحجّ کما مرّ سواء کان الدین سابقاً علی حصول المال أو بعده .

مسألة 35 : حکم الخمس والزکاة ومظالم العباد سواء کانت فی

ص:18

الذمة أو فی العین حکم الدین فی منع الاستطاعة لو کان أداؤها یعدم القدرة علی نفقة الحجّ .

مسألة 36 : إذا استقر علیه الحجّ وکان علیه خمس أو زکاة أو غیرهما من الحقوق الواجبة أو الدیون ولم یمکنه الجمع بینهما ، فإن کانت الحقوق متعلقة بعین المال فیقدم أداءها علیه ، وإن کانت فی الذّمة فیقدم الحجّ علیها ، وإن لم یکن مستقراً ولم یتمکّن من الجمع بینهما مع سعة قدرته المالیّة لهما فکذلک یقدم الحجّ ، نعم لو کان العجز من جهة السعة المالیّة رجعت إلی المسألة السابقة من تقدمها علی الحجّ .

مسألة 37 : إذا کان عنده مقدار من المال لا یعلم بوفائه بنفقة الحجّ فالأظهر أن علیه الفحص سواء کان الجهل بقدر المال أو بقدر ما یلزم بنفقة الحجّ .

مسألة 38 : لابدّ فی تحقق الاستطاعة التمکّن من التصرّف بالمال فلو کان له مال غائب أو حاضر عجز عن التصرّف فیه ولو بالواسطة والتوکیل ونحوه لم تتحقّق الاستطاعة .

مسألة 39 : إذا حصل عنده ما یفی بمصارف الحجّ عزم علیه الحجّ إذا کان متمکّناً من المسیر إلیه فی أوانه ولو فی العام القادم ، ولم یجز له التصرّف فیه بما یخرجه عن الاستطاعة مع کونه لا یتمکّن من بدله ، وتستقر عزیمة الحجّ فی ذمّته بذلک ، وکذا إن لم یحرز حین

ص:19

حصول النفقة التمکّن من المسیر ، وفی البلدان التی یکون المسیر منها بتسجیل « نوبة » قبل سنین یلزم علیه حفظ المال والتسجیل حینئذٍ .

ولو تصرّف مع ذلک فیه ببیع أو هبة أو غیر ذلک من المعاوضات والایقاعات صحّ تصرّفه وإن أثم بتفویت المال .

مسألة 40 : الظاهر أنّه لا یعتبر فی الزاد والراحلة ملکیتهما ، فلو کان عنده مال یجوز له التصرّف فیه وجب علیه الحجّ إذا کان وافیاً بنفقات الحجّ مع وجدان سائر الشروط .

مسألة 41 : کما یعتبر فی عزیمة الحجّ وجود النفقة « الزاد والراحلة » ابتداءً کذلک یعتبر بقاؤها إلی ما یتوقّف علیها من أعمال ، فلو تلف المال فی أثناء الأعمال ولم یضرّ بقدرته علی إتمام النسک لم یخلّ ذلک بإجزاء حجته ولا بعزیمته ، وأما لو تلف قبل التلبّس بالإحرام أو بعده قبل الأعمال فهو وإن أخلّ بعزیمة الحجّ ولکن لو أتمّ حجه أجزأه .

ولو تلف ما به الکفایة من ماله فی بلده لم یخلّ بعزیمة الحجّ ، ومثل تلف النفقة ما إذا حدث له دین قهری فی الأثناء کما فی الإتلاف خطأً ولم یتمکّن من تسدیده بعدُ عند المطالبة .

مسألة 42 : لو اعتقد کونه غیر واجد لبعض الشرائط أو أنه واجد لبعض الموانع فلم یحج ثم بان خلاف ذلک فیستقرّ علیه الحجّ حینئذٍ ، وکذا لو کان غافلاً - سواء کان ذلک عن قصور أو تقصیر - فیجب علیه

ص:20

الحجّ بعد ذلک ولو انتفت بعض الشرائط .

مسألة 43 : تتحقّق الاستطاعة بالبذل أیضاً ، ولو کانت النفقة اللّازمة متحقّقة بمجموع ما بذله أشخاص متعدّدون أو کان مقدار ما بذل إتماماً لما عنده ، سواء کان البذل بإلتزام الباذل بعهدته الزاد والراحلة ونفقة العیال أو بإعطاء مال لیصرف فی الحجّ وکان وافیاً بمصارف الذهاب والإیاب ، وسواء کان بذل للعین أو النقد بنحو الإباحة أو التملیک ، نعم فی التملیک المتزلزل والإباحة یعتبر الوثوق بعدم الفسخ ولو بتوسّط الإتلاف بالصرف .

مسألة 44 : یتحقّق البذل بالمال الموصی له لیحجّ به بعد موت الموصی وکذلک مال الوقف الموقوف علی من یحجّ أو المال المنذور ونحو ذلک مع بذل المتولّی أو الناذر لذلک .

مسألة 45 : لا یعتبر الرجوع إلی الکفایة فی الاستطاعة البذلیة فیما إذا کان لا یفترق حال ذهابه إلی الحجّ وترکه له فی کفایته وعدمها ، نعم لو کان له مال لا یفی بمصارف الحجّ وبذل له ما یتمّم ذلک وجب علیه القبول فیعتبر حینئذٍ الرجوع إلی الکفایة .

مسألة 46 : إذا أعطی مالاً هبة علی أن یحجّ أو خیّره الواهب بین الحجّ وغیره أو لم یذکر له الحجّ أصلاً وجب علیه القبول إذا لم یکن فی قبوله الهبة غضاضة أو مهانة أو حرج علیه عرفاً ، وهذا الشرط لا یختصّ بالهبة بل ومطلق الاستطاعة البذلیة .

ص:21

مسألة 47 : لا یمنع الدین من الاستطاعة البذلیة ، إلّاإذا کان الذهاب إلی الحجّ یمانع أداء الدین فی وقت المطالبة سواء کان الدین حالاً أو مؤجّلاً .

مسألة 48 : إذا بذل مال لجماعة سواء کانوا اثنین أو أکثر لیحجّ أحدهم فإن سبق أحدهم بقبض المال المبذول سقطت العزیمة عن الآخرین ، ولو ترک الجمیع مع تمکّن کل واحد منهم من القبض فاستقرار عزیمة الحجّ علی الجمیع لا یخلو من قوة .

مسألة 49 : الواجب بالبذل هو وظیفة المبذول له لو کانت استطاعته من نفسه من تمتع أو إفراد ، فلو اشترط الباذل علیه أن یحجّ بغیر وظیفته لم یعزم علیه الحجّ .

نعم لو بذل له للعمرة المفردة فقط فالأقوی عزیمته علیه وإن کانت لا تجزیء عن التمتّع لو استطاع بعدُ ، وکذلک لا یلزم علی مَن حجّ حجّة الإسلام قبول البذل ، کما أنه یلزم القبول علی مَن استقرّ علیه الحجّ سابقاً وأصبح معسراً ، وکذلک لو وجب علیه لنذر وشبهه ولم یتمکّن من أدائه .

مسألة 50 : لو بذل له مال لیحجّ به فتلف المال أثناء الطریق أو بعد الإحرام فإن لم یعجزه ذلک عن أداء الأعمال لم تسقط عزیمة الحجّ ، وإن أعجزه ذلک فتسقط العزیمة لکنه یجزه لو أتی بالأعمال ، ولو تمکّن من الاستمرار بما عنده من المال لم تسقط عزیمة الحجّ أیضاً إلّاأن

ص:22

یکون التلف قبل التلبّس بالإحرام وکان الاستمرار یجحف بحاله عند الرجوع إلی بلده .

مسألة 51 : لو وکله فی أن یقترض له ویحج به لم یعزم علیه الحجّ إلّا أن یقترض ، ولو قال له : اقترض وحج وعلیّ دینک ، فلا یعزم علیه الحجّ إلّاأن یقترض ویثق بتعهده .

مسألة 52 : الظاهر أن ثمن الهدی علی الباذل ، فلو لم یبذله وبذل بقیّة المصارف لم تسقط عزیمة الحجّ علی المبذول له ویکتفی بالصوم بدل الهدی إن لم یتمکّن منه بماله .

أما الکفارات فالظاهر أنها علی المبذول له دون الباذل .

مسألة 53 : الحجّ عن نفسه مجزیء مطلقاً عن حجّة الإسلام ، سواء استطاع من ماله ، أو من مال البذل ، أو تکلف الحجّ من دون استطاعة سابقة .

مسألة 54 : یجوز للباذل الرجوع عن بذله قبل الدخول بالإحرام أو بعده ما دام عین ما بذله باقیاً ، أما لو تصرّف المبذول له تصرفاً ناقلاً فلا یمکنه الرجوع حینئذٍ ، ثم إنه فی موارد جواز الرجوع یضمن الباذل للمبذول له ما یصرفه لإتمام الحجّ مع فرض الرجوع بعد الإحرام ، وأما قبله فیضمن ما أنفقه .

مسألة 55 : لو أعطی شخص الخمس أو الزکاة للفقیر بشرط أن یحج لم یصحّ الشرط ولا یکون بذلاً للحجّ ، نعم لو أعطی الزکاة من سهم

ص:23

سبیل اللّه لکی یحج بها عزم علیه الحجّ ولا یجوز له صرفها فی غیره .

مسألة 56 : إذا بذل له مال فحج به ثم انکشف انه کان مغصوباً أجزأه عن حجّة الإسلام ، وللمالک أن یرجع إلی الباذل أو إلی المبذول له ، لکنه إذا رجع إلی المبذول له رجع هو إلی الباذل إن کان جاهلاً بالحال ، وإلّا فلیس له الرجوع .

مسألة 57 : إذا حج تطوعاً عن نفسه من دون استطاعة أجزأه عن حجّة الإسلام ، ولو حج عن غیره تبرعاً أو بإجارة لم یکفه عن حجّة الإسلام ، فیعزم علیه الحجّ إذا استطاع بعد ذلک .

مسألة 58 : إذا اعتقد أنه غیر مستطیع فحج تطوعاً سواء قصد امتثال الأمر الفعلی أو الأمر الندبی ثم بَانَ أنه کان مستطیعاً أجزأه ذلک ، ولا یجب علیه الحجّ ثانیاً وکذلک یجزئه لو لم یتبّین أنه مستطیع أو بَانَ أنه غیر مستطیع .

مسألة 59 : لا یشترط إذن الزوج فی الحجّ إذا کانت الزوجة مستطیعة ولیس له منعها ، أما فی الحجّ الواجب علیها بالنذر ونحوه فله منعها ، ویشترط إذنه فی الحجّ المندوب ، وفی الموسع قبل تضیقه .

والمعتدة الرجعیة بحکم الزوجة ، دون البائنة والمعتدة بعدة الوفاة یجب علیها الحجّ الواجب ویجوز لها المندوب .

مسألة 60 : لا یشترط فی عزیمة الحجّ علی المرأة ولا فی أدائه وجود المحرم لها إذا کانت آمنة علی نفسها ، وکذا مع عدم الأمن

ص:24

إذا کانت متمکّنة من استصحاب من تأمن معه ولو بأجرة ، وإلّا لم یعزم الحجّ علیها .

مسألة 61 : إذا نذر أن یزور الحسین علیه السلام فی کل یوم عرفة أو فی سنة معینة واستطاع بعد ذلک عزم علیه الحجّ ولم یحنث علیه فی النذر بإتیان الحجّ وکذا کل نذر یزاحم الحجّ .

مسألة 62 : یجب علی المستطیع الحجّ مباشرة إذا کان متمکّناً من ذلک ، ولا یجزیء عنه حج غیره تبرعاً أو بإجارة .

مسألة 63 : من وجب علیه الحجّ أو العمرة سواء کان مستقراً علیه أو فی سنة استطاعته أو بالنذر أو بالافساد کما فی حج العقوبة ولم یتمکّن من الحجّ بنفسه لمرض أو حصر أو هرم أو لغیر ذلک ، أو کان إتیانه للحج بنفسه یشق علیه بحرج شدید ولم یرجَ تمکنه من الحجّ بعدُ من دون الحرج الشدید وجبت علیه الاستنابة .

وکذلک لو کان یرجو تمکنه ولکنه لا یرجو تجدد استطاعته المالیّة بعد علی الأظهر ؛ وکذا من توفرت لدیه الاستطاعة المالیّة ولم یسعه الأجل لأداء الحجّ فانه یقضی من ترکته .

والحاصل إن مجرد الاستطاعة المالیّة مع عدم القدرة البدنیة أو السربیة تحقق وجوب الاستنابة ، ووجوب الاستنابة کوجوب الحجّ فوریّ .

مسألة 64 : یجزیء حج النائب عن المنوب عنه وإن مات فی

ص:25

الأثناء أو بعدُ مع استمرار العذر فی مطلق الحجّ الواجب .

وأما لو اتفق ارتفاع العذر بعدُ فالأحوط أن یحج بنفسه مع التمکّن ، ولو ارتفع العذر بعد إحرام النائب لزم المنوب عنه المباشرة أیضاً ، لکن یجب علی النائب إتمام النسک .

مسألة 65 : إذا لم یتمکّن المعذور من الاستنابة وجب القضاء عنه بعد موته سواء کان الحجّ مستقراً علیه أو لا کما مرّ فی مسألة : 63 .

مسألة 66 : من وجبت علیه الاستنابة وتبرع غیره عنه فی حیاته من دون أن یستأمر أو یستأذنه لم یجزه بخلاف ما لو تبرع عنه بعد مماته .

مسألة 67 : یکفی فی الاستنابة أو الاستئجار أن یکون من المیقات وهو ما یعبر عنه بالحجّ « المیقاتی » ولا یجب أن یکون من البلد وهو ما یعبر عنه بالحجّ « البلدی » .

مسألة 68 : من وجب علیه الحجّ إذا مات بعد الإحرام فی الحرم أجزأه ذلک عما وجب علیه ، سواء فی ذلک حج التمتّع والقِران والإفراد ، وسواء استقر علیه الحجّ أم لا ، وسواء کان حجّة الإسلام أو واجباً بالنذر أو الإفساد ، بل الأظهر عمومه للعمرة المفردة أیضاً کما هو ظاهر بعض الروایات وإطلاقها - وهو المحکی عن المشهور - .

وعلی ذلک فلا فرق بینهما إذا کان موته قبل الشروع فی بقیّة أعمال عمرة التمتّع أو أثنائها أو بعد ما یتحلل منها .

ص:26

وأما لو مات قبل الإحرام أو دخول الحرم فقد مرّ لزوم القضاء لحجة الإسلام عنه ، سواء کان مستقراً علیه أو لم یستقر ، مع فرض الاستطاعة المالیّة التی منها کفایة ورثته .

مسألة 69 : إذا أسلم الکافر المستطیع وجب علیه الحجّ ، أما لو زالت استطاعته قبل إسلامه فلا تستقر علیه عزیمة الحجّ .

مسألة 70 : المرتد یعزم علیه الحجّ ولو کانت استطاعته حال ارتداده ، فإن تاب صحّ منه ولو کان ارتداداً فطریاً علی الأقوی .

مسألة 71 : إذا حج المخالف ثم استبصر لا تجب علیه إعادة الحجّ إذا لم یکن قد أخل بما هو رکن عند الفریقین .

مسألة 72 : إذا عزم علیه الحجّ أو العمرة مباشرة أو بالاستنابة وأهمل المکلّف فی أدائه حتی زالت الاستطاعة وجب الإتیان به بأی وجه تمکن ما لم یبلغ حدّ العسر والحرج الذی لا یطاق ، وإذا مات وجب القضاء من ترکته ، ویصحّ التبرّع عنه بعد موته من دون أجرة .

ص:27

الوصیة بالحجّ

اشارة

مسألة 73 : تجب الوصیة علی من کانت علیه حجّة الإسلام أو المنذورة أو عمرتهما وقرب منه الموت بنحو یستوثق من أدائها بعد موته ولو بأن یستشهد علیهما أیضاً سواء کان لدیه مال وترکة بعد موته أم لا .

وإذا مات تقضی حجّة الإسلام والعمرة من أصل ترکته وإن لم یوصِ بذلک أو أوصی بها ولم یقید بالثلث ، وإن قیدها بالثلث فتخرج منه مقدمة علی سائر الوصایا وتتمم من الأصل إن لم یفِ الثلث بها .

وأما الحجّ والعمرة المنذورة فتخرج من أصل الترکة علی الأقوی والأظهر ، والأحوط إخراجها من الثلث وإن لم یفِ الثلث تتمم من سهم الکبار من الترکة .

مسألة 74 : مَن مات وعلیه عمرة أو حجّة الإسلام أو بالنذر أو بالاستئجار وکان له عند شخص مال ودیعة أو عاریة أو إجارة أو دین بأی نحو واستراب فی أداء الورثة لها إن دفع المال إلیهم بنحو معتد به عرفاً وجب علیه أن یصرف المال فی الحجّ عن المیّت ، سواء بأن یحج

ص:28

بنفسه أو یستأجر من یحجّ عنه ، والأحوط أن یستأذن أولیاء المیّت غیر الوارثین إن لم یکونوا موضع استرابة أیضاً ، وإلّا فیستأذن الحاکم ، کما أن الأحوط أن یستأجر أحد الورثة لذلک إن أمکن ، ثم إن زاد المال علی أجرة الحجّ ردها إلی الورثة .

مسألة 75 : من مات وقد استقر علیه حجّة الإسلام وکان علیه دین وخمس وزکاة وقصرت الترکة فإن أمکن الوفاء بالدیون والحجّ ولو بأن یحج عنه من قرب بأدنی الأجور تعین الوفاء بالجمیع ، وإلّا فإن دار الأمر بین الحجّ والخمس والزکاة فیقدم الحجّ ویصرف الباقی فیهما فیما إذا کانا فی الذمّة ، وأما لو کانا متعلقین بالعین لزم تقدیمهما .

وأما لو قصرت الترکة عن الوفاء بالحجّ ودین الغرماء معاً فإن أمکن الجمع بالوفاء بالحجّ وببعض الدین بنحو یعتد به لزم التوزیع ، وإلّا فالأحوط تقدیم الحجّ ، وکذلک لو وفی بالعمرة فقط .

مسألة 76 : لا یجوز لورثة المیّت الذی علیه حجّة الإسلام التصرّف الناقل فی ترکته قبل الحجّ عنه أو استئجار من یوثق به فیما کانت مؤنة الحجّ مستغرقة للترکة ، وأما مع زیادة الترکة علی المؤنة فیجوز التصرّف بما لا ینافی التحفظ علی مقدار مؤنة الحجّ .

مسألة 77 : من مات وعلیه حجّة الإسلام ولم تکن ترکته وافیة بمصارفها - ولو بالصور الآتیة فی المسألة اللاحقة - وجب صرفها فی الدین أو الخمس أو الزکاة إن کان علیه شیء من ذلک وإلّا فهی للورثة ،

ص:29

لکن ینبغی علیهم تتمیمها من مالهم لاستئجار الحجّ .

مسألة 78 : لا یجب الاستئجار من البلد عن المیّت الذی علیه حجّة الإسلام بل یکفی الاستئجار عنه من المیقات ، ولو من أقرب المواقیت إلی مکّة ومع التعذر فدون المواقیت إلی مکّة ولو أدنی الحل لکن مع مراعاة الأبعد فالأبعد من مکّة مما یلی المواقیت البعیدة ، وکذلک لو قصر مال الوصیة بالحجّ المنذور ، والأحوط الأولی الاستئجار من البلد إذا وسع المال ، والزائد عن اجرة المیقات یحسب علی الورثة الکبار من الترکة .

مسألة 79 : تجب المبادرة بالحجّ عن المیّت - الذی وجبت علیه حجّة الإسلام أو نحوه مما مرّ فی سنة موته ، سواء بالاستئجار أو غیره ولو لم یتمکّن الإستئجار فیها إلّامن البلد لزم ذلک وتخرج تمام الکلفة من الأصل ، ولا یجوز التأخیر إلی السنة المقبلة وإن توفّر الاستئجار له من المیقات .

مسألة 80 : تجب المبادرة - کما مرّ - فی الحجّ عن المیّت الذی أشتغلت ذمّته ولو بإستئجار ما یزید علی أکثر من أجرة المثل مع توقفه علیه ویکون تمام الکلفة من أصل الترکة .

مسألة 81 : إذا أقر بعض الورثة أن المیّت علیه حجّة الإسلام أو نحوها وأنکر ذلک بقیّة الورثة فالواجب علی المقرّ دفع ما یخصّ حصته بالنسبة بعد التوزیع للحج عن المیّت کما هو الحال فی الاقرار بالدین ،

ص:30

فإن لم یفِ ذلک بالحجّ فاللازم حفظه لرجاء إقرار الورثة أو وجدان المتبرع .

مسألة 82 : إذا تبرّع متبرّع بالحجّ عن المیّت الذی علیه حجّة الإسلام لم یجب علی الورثة إخراج اجرة للاستئجار من الترکة ، نعم إذا أوصی المیّت بإخراج حجّة الإسلام من ثلثه لم یرجع بدل الاستئجار إلی الورثة بل یحج عنه ندباً .

مسألة 83 : إذا أوصی المیّت بالاستئجار عنه لحجة الإسلام من البلد تعین ذلک ولکن الزائد علی اجرة المیقات یخرج من الثلث ، ولو أطلق فی الوصیة ولم یعین فلا یبعد الانصراف إلی البلدی أیضاً ، لا سیّما إذا عین مقداراً یناسب الحجّ البلدی ، إلّاإذا کان هناک قرینة علی إرادة ما یشمل المیقاتی .

مسألة 84 : إذا أوصی بالحجّ البلدی فخالف الوصی أو الوارث واستأجر من المیقات برئت ذمة المیّت بعمل الأجیر ، ولا تبطل الإجارة وإن کانت الأجرة من مال المیّت ، نعم یأثم لمخالفة الوصیة ، کما أن الأظهر أن یصرف ما زاد علی المیقاتی من البلدی فی وجوه الخیر علی المیّت وإن أمکن الاعتمار به تعین .

مسألة 85 : إذا أوصی بالحجّ البلدی من غیر بلده کما إذا أوصی أن یستأجر من النجف مثلاً وجب العمل بها ویخرج الزائد عن أجرة المیقاتی من الثلث .

ص:31

مسألة 86 : إذا أوصی بالاستئجار عنه لحجة الإسلام وعیّن الأجرة لزم العمل بها ، وتخرج من الأصل إن لم تزد علی اجرة المثل ، وإلّا کان الزائد من الثلث .

مسألة 87 : إذا أوصی بالحجّ بمال معین وعلم الوصی أن المال الموصی به فیه الخمس أو الزکاة وجب علیه إخراجه أولاً وصرف الباقی فی سبیل الحجّ ، فإن لم یفِ الباقی بمصارفه لزم تتمیمه من أصل الترکة ، مع کون الموصی به حجّة الإسلام وإلّا فیحج عنه من أدنی الحلّ إن أمکن ، وإلّا فیعتمر ، وإلّا ففی وجوه الخیر .

مسألة 88 : ولیّ المیّت والوصی ضامن لأُجرة الحجّ عن المیّت فیما وجب بالوصیة وغیر الوصیة إذا أهمل وتلف المال .

مسألة 89 : إذا علم استقرار الحجّ علی المیّت وشک فی أدائه وجب القضاء عنه إن لم یکن ظاهر حاله علی التقید بالطاعات أو کان الشک من غیر جهة فعله .

مسألة 90 : إنما تبرأ ذمة المیّت بفعل الأجیر لا بمجرد الاستئجار ، فلو علم إنه لم یأتِ بالحجّ وجب الاستئجار ثانیاً ویخرج من الأصل ، وتسترد الاُجرة من الأول إن کانت من مال المیّت .

مسألة 91 : إذا اختلفت قیمة الاُجرة بحسب الاُجَراء فإن کان المیّت قد أوصی فیراعی ما یناسب شأنه ، نعم یشترط إذن الورثة مع کون ما أوصی به مندوباً فیما إذا زاد علی الثلث ، وإن کان أداءاً بالواجب

ص:32

الذی علی المیّت من دون وصیة فیقتصر علی الأقل اجرة بنحو لا ینافی شأنه ، هذا کله مع سعة الترکة وإلّا فمع ضیقها بحقوق الدیان وغیرها فقد مرّ أن یقتصر علی أدنی الواجب بل حتی من أدنی الحلّ .

مسألة 92 : العبرة فی وجوب الاستئجار من البلد أو المیقات أحوط القولین من تقلید الوارث أو المیّت أو اجتهادهما ، وکذا الاختلاف فی أصل وجوب الحجّ أو فی شرائط کیفیة الأداء ، فیلزم مراعاة ما یصحّ عندهما معاً .

مسألة 93 : یستحب لولیّ المیّت أداء ما علی المیّت من حجّة الإسلام بل وغیرها مما قد وجب علیه ، إن لم تکن له ترکة .

مسألة 94 : تخرج الوصیة بحجة الإسلام أو المنذورة علی الأظهر من أصل الترکة إلّاأن یعین إخراجها من الثلث ، وأما غیرهما فیخرج من الثلث ، وکذا لو شک فی ذلک أخرج من الثلث .

مسألة 95 : إذا أوصی بالحجّ مطلقاً وعیّن شخصاً معیناً لزم العمل بالوصیة ، وإن لم یقبل إلّابأزید من أجرة المثل ما دامت لا تتجاوز الثلث ، وإلّا استئجر غیره باُجرة المثل .

مسألة 96 : إذا أوصی بالحجّ وعین اجرة زهیدة فمع کون الموصی به حجّة الإسلام أو المنذور لزم تتمیمها من أصل الترکة إن توقف الاستئجار علی ذلک ، وإن کان الموصی به غیرهما فیتوخی الاستئجار له ولو من أدنی الحلّ أو العمرة المفردة .

ص:33

مسألة 97 : إذا باع داره بمبلغ واشترط علی المشتری أن یصرف الثمن فی الحجّ عنه - أطلقه أو قیده بعد موته - کان الثمن حینئذٍ من الترکة ووجب صرفه فی الاُجرة مع کون الحجّة واجبة وإن زادت الاُجرة عن المثل ما لم تزد عن الثلث ، وإن کانت الحجّة مندوبة لزم الشرط أیضاً بمقدار ثلث الترکة .

نعم لو قید بسنة معینة من حیاته فلم یفِ المشتری بذلک حتی مات البائع فیملک الورثة الشرط بعد موته وهو الحجّ عنه کما یملکون حق الفسخ ، فإن فسخوا کانت العین ترکة ومیراثاً کما إن لهم الإسقاط أو المصالحة ولا یکون الإشتراط المزبور وصیة .

ومع الفسخ أو الإسقاط أو المصالحة یجب علیهم الإستئجار للحج من أصل ماله إن کان واجباً دون المندوب .

مسألة 98 : إذا صالح داره علی أن یحج عنه بعد موته أو مطلقاً صح ولزم ، وکذا إذا ملکه داره بشرط أن یبیعها ویصرف ثمنها فی الحجّ عنه بعد موته أو مطلقاً ، فتخرج الدار عن ملک المصالح المشارط أو الواهب ولا تحسب من الترکة وإن کان الحجّ ندبیاً ، ولا یشملها حکم الوصیة لکن الشرط یکون من الترکة ، ویشمله حکم الوصیة إذا کان المشروط مطلق من جهة الزمان أو مقید بما بعد الموت کما مرّ علی التفصیل فی المسألة السابقة .

ویترتب علی ذلک فی صورة شمول حکم الوصیة للشرط منع الورثة

ص:34

عن التصرّف خلاف الشرط بقدر الثلث .

مسألة 99 : لو مات الوصی ولم یعلم إنه استأجر للحج قبل موته وجب علی ورثة الموصی الاستئجار من الترکة فیما إذا کان الموصی الحجّ الواجب ومن الثلث إذا کان غیره ، وإذا کان المال الذی قبضه الوصی موجوداً أخذ ، وإن احتمل أن الوصی قد استأجر من ماله وتملک المقبوض بدلاً ، وأما إذا لم یکن المال المقبوض موجوداً فلا ضمان علی الوصی لأنه مستأمن .

مسألة 100 : إذا تلف المال فی ید الوصی من دون تفریط لم یضمنه ، وکذا مع الشک ، ووجب الاستئجار من بقیّة الترکة إذا کان الموصی به حجاً واجباً ومن بقیّة الثلث إن کان غیره ، فإن کانت البقیة موزعة علی الورثة استرجع منهم بدل الإیجار بالنسبة ، وکذلک الحال إذا کان بتفریط من الوصی ولم یمکن أخذ الغرامة منه ، وکذا الحال لو استأجر أحد للحج ومات قبل الإتیان بالعمل ولم تسترجع الأجرة .

مسألة 101 : إذا تلف المال فی ید الوصی قبل الاستئجار ولم یعلم أن التلف کان عن تفریط لا یجوز تغریم الوصی .

مسألة 102 : إذا أوصی بمال معین لغیر الحجّ الواجب واحتمل أنه زاد علی الثلث لم یجز صرف جمیعه إلّابرضی ورثته ، وکذا الحال لو لم تکن الوصیة بعین مخصوصة فی مطلق الوصیة بالحجّ .

ص:35

فصل فی النیابة

اشارة

مسألة 103 : یعتبر فی النائب امور :

الأوّل : البلوغ

.

فلا یجزی حج الصبیّ عن غیره فی الحجّ الواجب ، نعم یصح فی الممیز إذا اضطرّ إلیه کما تصح نیابته فی الحجّ المندوب بإذن الولی .

الثانی : العقل

.

فلا یکتفی بنیابة المجنون سواء کان جنونه مطبقاً أو إدواریاً فی ظرف جنونه ، أما السفیه والأبله فلا بأس فی استنابته .

الثالث : الإیمان

.

فلا عبرة بنیابة غیر المؤمن وإن أتی بالعمل علی طبق مذهبنا .

الرابع : أن لا یکون النائب مشغول الذمة بحج واجب علیه فی تمام النیابة إذا تنجز الوجوب علیه ، ولا بأس باستنابته فیما إذا کان جاهلاً بالوجوب أو غافلاً عنه ، وهذا الشرط شرط فی تنجز الوفاء بالإجارة

ص:36

علی الأجیر لا فی صحتها ولا فی صحة حج النائب فلو حج - والحالة هذه - برئت ذمة المنوب عنه ، واستحق الأجرة المسماة .

مسألة 104 : یجب علی المنوب عنه إحراز فراغ ذمته بإحراز العمل الصحیح للنائب فلابدّ من معرفة النائب لأعمال الحجّ وأحکامه ولو بإرشاد غیره حین العمل ، ویکفی فی الإحراز الوثوق بالنائب وإن لم یکن عادلاً ، نعم لو کان موثوقاً به فی أصل إتیان العمل نیابةً عن المنوب عنه مع الغفلة عن حاله فی الصحة ثم شک بعد العمل فی إتیانه به علی الوجه الصحیح فلا یبعد البناء علی الصحة .

مسألة 105 : یشکل نیابة المملوک عن الحر ولو کان بإذن مولاه .

مسألة 106 : تصح النیابة عن الصبیّ الممیز ، کما تصح عن المجنون ، بل یجب استئجار من یحج به إذا کان جنونه إدواریاً مع علمه بمصادفة جنونه أیّام الحجّ ، وإن لم یمکن فاستئجار من یحج عنه ، کما یجب الاستئجار عنه إذا استقر علیه الحجّ أیّام إفاقته ومات مجنوناً ، بل الأحوط إن لم یمکن أظهر الاستئجار عن المطبق إذا کان ملیاً .

مسألة 107 : لا تشترط المماثلة بین النائب والمنوب عنه فتصح نیابة الرجل عن المرأة وکذا العکس .

مسألة 108 : لا بأس باستنابة الصرورة - رجلاً کان أو امرأة - عن الصرورة وغیره ، بل الأولی استنابته ، إلا إذا لم یتقن مسائل الحجّ فیکره ، وکذلک أیضاً یکره استنابة المرأة لا سیّما الصرورة إن لم تقوَ

ص:37

علی إتقان أعمال الحجّ .

مسألة 109 : یشترط فی المنوب عنه أن یکون ممن یصح منه التقرب فلا تصح النیابة عن الکافر ، فلو مات الکافر مستطیعاً وکان الوارث مسلماً لم یجب الاستئجار عنه ، والناصب کالکافر ، لکن یجوز لقرابته المؤمن أن ینوب عنه بداعی صلة الرحم لتخفیف العقوبة عنه لا الموادة ، وکذلک حکم اهداء الثواب إلیه ، والأظهر عدم صحة النیابة عن المخالف .

مسألة 110 : تصح النیابة عن الحیّ فی الحجّ المندوب تبرعاً کانت أو بإجارة ، وتصح عنه فی الحجّ الواجب باستنابته إذا کان معذوراً عن مباشرته ولو بالاستعانة بالغیر ، ولا تصح النیابة عن الحی فی غیر ذلک ، والنیابة عن المیّت جائزة مطلقاً فی الواجب والمندوب تبرعاً أو إجارةً .

مسألة 111 : یعتبر فی صحة النیابة قصد النیابة وتعین المنوب عنه بوجه من الوجوه وإن لم یکن باسمه ، نعم یستحب التلفظ بالنیابة عن المنوب عنه باسمه فی جمیع الأعمال .

مسألة 112 : تصح النیابة بالتبرع والإجارة والجعالة والشرط فی ضمن العقد ونحو ذلک .

مسألة 113 : لا یجزئ نیابة من کان معذوراً فی ترک بعض الأعمال ، أو فی عدم الإتیان بها علی الوجه الکامل ، وکذا لو تبرع

ص:38

المعذور وناب عن غیره فانه لا یحرز فراغ الذمة بعمله ، نعم لو طرأ علیه العذر والعجز فی الأثناء بعد تلبّسه بالنسک أجزأ عن المنوب عنه فیما لا یخل به أصل الحجّ .

کما لا بأس بنیابة من یرتکب تروک الإحرام غیر المفسد لأصل الحجّ لعذر أو غیره ، وکذلک من یترک بعض الواجبات مما لا یضر ترکه متعمداً کأعمال أیّام التشریق بمنی ، کما لا بأس بنیابة النساء أو غیرهن مما تجوز لهم الإفاضة من مزدلفة قبل طلوع الفجر والرمی لیلاً للحج عن الرجل والمرأة .

مسألة 114 : إذا مات النائب قبل أن یحرم لم تفرغ ذمة المنوب عنه فتجب الاستنابة عنه ثانیةً فیما کان واجباً علیه ، وکذا لو مات بعد الإحرام قبل دخول الحرم ، بخلاف ما لو مات بعد الإحرام ودخول الحرم فان المقدار الذی أتی به یجزیء عنه ، ولا فرق فی ذلک بین حجّة الإسلام أو غیرها ، ولا بین ما کانت النیابة بأجرة أو تبرع ، وإن کان الأحوط فی التبرع الإعادة .

مسألة 115 : إذا مات الأجیر بعد الإحرام ودخول الحرم استحق تمام الأجرة ، وإن مات قبل ذلک استحق من أجرة المثل بقدر ما أتی به من الأعمال .

مسألة 116 : إذا استأجر للحج البلدی ولم یعین الطریق کان الأجیر مخیراً فی ذلک ، والاطلاق فی الأجرة ینصرف إلی المتعارف

ص:39

فی ذلک البلد من الأجر للحج بحسب القیمة وغیرها ، فقد یقتضی ضم زیارة النبیّ صلی الله علیه و آله وأهل بیته علیهم السلام ، مع الحجّ کما أنه قد یقتضی الإحرام من مسجد الشجرة ، فإذا عیّن شیئاً من ذلک لم یجز العدول إلی غیره ، فإن عدل وأتی بالأعمال بغیر ما عین فإن کان اعتبار الشیء المعین بنحو الشرطیة - کما هو الحال فی الأمور التی تکون بنحو الوصف والنعت العرفی للنسک ولا تستلزم تکلفة مالیة زائدة - استحق الأجیر تمام الأجرة وکان للمستأجر خیار الفسخ فلو فسخ استحق أجرة المثل ، وإن کان اعتبار الشیء المعین علی نحو الجزئیة کان للمستأجر الفسخ أیضاً فیما أتی به فإن لم یفسخ استحق الأجیر من الأجرة المسماة بنسبة ما یتقسط منها علی مقدار ما أتی به من عمل ویسقط بمقدار ما لم یأتِ به .

مسألة 117 : إذا آجر نفسه للحج عن شخص مباشرة فی سنة معینة ثم آجر نفسه عن شخص آخر فی تلک السنة مباشرةً صحت الاجارتان وثبت الخیار للأول إن لم یفِ ، وثبت الخیار للثانی مطلقاً ، وأما مع اختلاف الاجارتین فی الزمان أو تقید أحدهما واطلاق الاُخری فتکونا لازمتین .

مسألة 118 : إذا آجر نفسه للحج فی سنة معینة فلا یجوز له التأخیر ولا التقدیم ، ولکن لو قدم أو أخّر برئت ذمة المنوب عنه ، وثبت خیار الفسخ للمستأجر ، فإن لم یفسخ استحق الأجرة المسماة ،

ص:40

وإن فسخ کان له أجرة المثل .

مسألة 119 : إذا صُدّ الأجیر أو احصر فلم یتمکّن من الإتیان بالأعمال کان حکمه حکم الحاج عن نفسه ، ویأتی بیان ذلک إن شاء اللّه تعالی ، وللمستأجر خیار الفسخ إذا کانت الاجارة مقیدة بتلک السنة ، وأما مع الاطلاق فیبقی الحجّ فی ذمة الأجیر .

مسألة 120 : إذا أتی النائب بما یوجب الکفارة فهی من ماله ، سواء کانت النیابة بإجارة أو بتبرع .

مسألة 121 : إذا استأجر للحج بأجرة معینة فقصرت الأجرة عن المصارف لم یجب علی المستأجر تتمیمها ، کما أنها إذا زادت عنها لم یکن له استرداد الزائد ، بخلاف ما لو کان باستئمار منه للحج فانه یلزمه إتمام الناقص کما أن له استرداد الزائد .

مسألة 122 : إذا استأجره للحج الواجب أو المندوب فأفسد الأجیر حجّه بالجماع قبل المشعر وجب علیه إتمامه ، فیجزی عن المنوب عنه ، وعلیه الحجّ من قابل وکفارة بدنة ، والظاهر أن للمستأجر خیار الفسخ ، ویستحق الأجرة علی التفصیل فی مسألة : (118) وإن لم یحجّ من قابل لعذر أو غیره ، وتجری الأحکام المزبورة فی المتبرع وإن لم یستحق الأجرة .

مسألة 123 : الأجیر فی الحجّ یملک الأجرة بالعقد ، ولا یجب تسلیمها إلیه إلّابعد العمل ، أو بعد مطالبة الأجیر قبل العمل لکون

ص:41

الغالب علی اشتراط ذلک له ، إلّاأن تکون قرینة خاصة مخالفة .

مسألة 124 : إذا آجر نفسه للحج فاللازم علیه أن یأتی بالحجّ مباشرة ولا یسوغ له استئجار غیره لإتیانه إلّامع إذن المستأجر ، ولو خالف برئت ذمة المنوب عنه وکان للمستأجر خیار الفسخ واستحق الأجرة علی التفصیل السابق ، نعم إذا کان متعلق الإجارة مطلق فی ذمة الأجیر ساغ له استئجار غیره .

مسألة 125 : إذا استأجر شخصاً لحج التمتّع مع سعة الوقت واتفق أن ضاق الوقت فعدل الأجیر - فیما یسوغ العدول - من عمرة التمتّع إلی حج الإفراد ثم أتی بعمرة بعدُ ، برئت ذمة المنوب عنه وثبت للمستأجر خیار الفسخ إن کانت القیمة متفاوتة ، ویستحق الأجیر الأجرة علی التفصیل المتقدم .

مسألة 126 : لا بأس بنیابة شخص عن جماعة فی الحجّ المندوب أحیاءً أم أمواتاً أم متفرقین ، وأما الواجب فلا یجوز نیابة الواحد عن ما زاد عن واحد ولو أوقعه کذلک وقع ندباً عنهم ، إلّاإذا کان وجوبه بالنذر وأخویه وکان متعلق النذر مطلقاً فحینئذٍ یجوز أن یستأجر شخصاً واحداً للنیابة عنهما أو عنهم ، نعم یسوغ إهداء ثواب المندوب أو الواجب لشخص أو جماعة .

مسألة 127 : لا بأس بنیابة جماعة فی عام واحد عن شخص واحد میت أو حیّ تبرعاً أو إجارة مندوباً أو واجباً متعدّداً أو واحداً

ص:42

وإن کانت الزیادة ندبیة .

مسألة 128 : الطواف مستحب فی نفسه فتجوز النیابة فیه عن المیّت ، وکذا عن الحی إذا کان غائباً عن مکّة أو حاضراً فیها ولم یتمکّن من الطواف مباشرةً ، وإن کان لا یبعد الجواز مطلقاً .

مسألة 129 : لا بأس للنائب بعد فراغه من أعمال الحجّ النیابی أن یأتی بالعمرة المفردة عن نفسه أو عن غیره کما لا بأس أن یطوف عن نفسه أو عن غیره .

ص:43

الحجّ المندوب

مسألة 130 : یستحب لفاقد الشرائط من البلوغ أو الاستطاعة أو غیرهما أن یحج مهما أمکن وکذا لمن أتی بحجة الإسلام ، نعم لو حج غیر المستطیع الواجد لبقیة الشرائط أجزأ عن حجّة الإسلام کما مرَّ مفصلاً ، ویستحب تکراره بل تکراره فی کل سنة ، ویکره ترکه خمس سنین متوالیة .

مسألة 131 : یستحب نیّة العود إلی الحجّ عند الخروج من مکّة ، ویکره بشدة نیة متارکة الحجّ وقد عدّ من بواتر العمر .

مسألة 132 : یستحب إحجاج من لا استطاعة له ، کما یستحب الاستقراض للحج إذا کان واثقاً بالوفاء بعد ذلک ، کما یستحب التهیئة للحج بالتوفیر له ولو قبل فترة طویلة ویستحب کثرة الإنفاق فی الحجّ لمن لا یجهده ذلک .

مسألة 133 : یجوز إعطاء الزکاة لمن لا یستطیع الحجّ لیحج بها .

مسألة 134 : یشترط فی حج المرأة إذن الزوج إذا کان الحجّ مندوباً ، وکذلک المعتدة بالعدة الرجعیة ، ولا یعتبر ذلک فی البائنة ، ویجوز للمعتدة عدة الوفاة أن تحج فی عدتها .

ص:44

أقسام العمرة

مسألة 135 : العمرة کالحجّ ، فقد تکون واجبة وقد تکون مندوبة وقد تکون مفردة وقد تکون متمتعاً بها .

مسألة 136 : تجب العمرة کالحجّ علی کل مستطیع واجد للشرائط ، ووجوبها کوجوب الحجّ فوری ، فمن استطاع لها - ولو لم یستطع للحج - وجبت علیه ، وإن کانت وظیفته حج التمتّع ولم یکن مستطیعاً له ولکنه استطاع لها ، وعلیه فتجب علی الأجیر للحج بعد فراغه من عمل النیابة ، وأما من أتی بحج التمتّع فلا یجب علیه الإتیان بالعمرة المفردة .

مسألة 137 : یستحب الإتیان بالعمرة المفردة مکرراً ، ویجوز إتیانها فی کل یوم ، ویتأکد الاستحباب بها فی کل عشرة أیّام ، ویشتد فی کل شهر ، ویزداد شدة فی کل سنّة .

ویجوز الإتیان بالمفردة بعد الفراغ من أعمال الحجّ فی أیّام التشریق وإن کانت مکروهة ، ولا یجوز الإتیان بالعمرة المفردة بین عمرة التمتّع والحجّ وإن أوقعت لغیر من أوقع الحجّ له ، ولو فصل بطلت عمرة التمتّع

ص:45

وانقلبت المفردة إلی عمرة تمتع إن أوقعت لمن أوقع الحجّ له ، وإلّا کان اللازم إعادة عمرة التمتّع .

مسألة 138 : کما تجب العمرة المفردة بالاستطاعة کذلک تجب بالنذر أو الحلف أو العهد أو نحو ذلک أو لدخول الحرم ومکّة لکل شهر .

مسألة 139 : تشترک العمرة المفردة مع عمرة التمتّع فی أعمالها وسیأتی بیان ذلک وتفترق عنها فی أمور :

1 - إن العمرة المفردة یجب لها طواف النساء ولا یجب ذلک لعمرة التمتّع .

2 - إن عمرة التمتّع لا تقع إلّافی أشهر الحجّ وهی شوال ، وذو القعدة وذو الحجّة ، وتصح العمرة المفردة فی جمیع الشهور ، وأفضلها شهر رجب وبعده شهر رمضان .

3 - یلزم الخروج عن الإحرام فی عمرة التمتّع بالتقصیر فقط ولو ارتکب الحلق أحل من إحرامه وأما الکفارة - فسیأتی التفصیل فیها - وهذا بخلاف التحلل عن إحرام العمرة المفردة للرجال فإنه یسوغ کلاً من التقصیر والحلق والحلق أفضل .

4 - یجب أن تقع عمرة التمتّع والحجّ فی سنة واحدة علی ما یأتی بأن تتقدم عمرة التمتّع علی الحجّ ، بخلاف الحال فی العمرة المفردة

ص:46

فإنها یجب تأخرها عن حج الإفراد ویصح أن یقع الحجّ فی سنة والعمرة فی سنة اخری .

5 - إن من جامع فی العمرة المفردة عالماً عامداً قبل الفراغ من السعی فسدت عمرته لا بمعنی البطلان بل بمعنی النقصان ووجب علیه إتمامها ووجبت علیه عمرة اخری عقوبة بأن یبقی فی مکّة إلی الشهر القادم فیعیدها .

وأما من جامع فی عمرة التمتّع فتفسد عمرته وحجه بمعنی النقصان أیضاً غایته یلزمه عمرة أخری کما مر فإن وقعت قبل الحجّ فهی متعته الموصولة ، وإلّا فالأولی هی متعته .

مسألة 140 : یجوز الإحرام للعمرة المفردة من المواقیت البعیدة التی یحرم منها لعمرة التمتّع - ویأتی بیانها ، وإذا کان المکلّف من مکّة وأراد الإتیان بالعمرة المفردة جاز له أن یحرم من أدنی الحلّ ، ولا یجب علیه الرجوع إلی المواقیت البعیدة ، والأولی أن یکون إحرامه من الحدیبیة أو الجعرانة أو التنعیم .

مسألة 141 : تجب العمرة المفردة لمن أراد أن یدخل مکّة أو الحرم فإنه لا یجوز الدخول فیهما إلّامحرماً .

ویستثنی من ذلک من یتکرر منه الدخول والخروج کالحطاب والحشاش ونحوهما من المضطر کالمریض والمبطون ، وکذلک من دخل فی شهر کان قد أتی فیه بنسک ، وأما الخارج من مکّة بعد تحلله

ص:47

من عمرة التمتّع وقبل الحجّ فسیأتی حکمه علی التفصیل ، والأحوط أن لا یخرج من مکّة حتی یتم نسکه .

مسألة 142 : من أتی بعمرة مفردة فی شوال أو ذی القعدة وبقی فی مکّة إلی أوان الحجّ أو أتی بها فی ذی الحجّة وإن لم یبقَ فی مکّة ثم قصد الحجّ کانت عمرته تمتعاً لکونها وصلت بالحجّ ، ولا فرق فی ذلک بین الحجّ الواجب والمندوب .

ص:48

أقسام الحجّ

اشارة

مسألة 143 : أقسام الحجّ ثلاثة : تمتع ، وقران ، وإفراد .

والأوّل فرض تعیین لمن کان البُعد بین أهله ومکّة أکثر من ستة عشر فرسخاً وهی ثمانیة وأربعین میلاً وهی بالبرید أربعة أی مرحلتان وهی حدّ أدنی المواقیت البعیدة .

والآخران فرض تعیین لمن کان أهله حاضری المسجد الحرام إذا أتوا به من قرب ، بأن یکون البعد بین أهله ومکّة أقل من الحد المزبور .

وأما ذو الوطنین نائیاً وحاضراً فحکمه مع فرض غلبة أحدهما فهو للغالب ، ومع التساوی فالتفصیل الآتی فی المجاور ، وأما من کان علی الحد المزبور فالأقوی أن وظیفته التمتّع .

مسألة 144 : لا یجزئ فی الفریضة حج الإفراد أو القِران عمن وظیفته التمتّع ، کما لا یجزئ فی الفریضة التمتّع عمن وظیفته الإفراد أو القِران إذا أتی به من أدنی الحلّ ، ویجزئه إذا أتی به من المواقیت البعیدة ، نعم قد تنقلب وظیفة المتمتع إلی الإفراد کما یأتی .

وأما الحاضر فیسوغ له الإفراد والقِران من ترکها ویسوغ له الأقسام

ص:49

الثلاثة من بُعد ، وأما فی الندب فالنائی مخیّر بین الأقسام الثلاثة .

مسألة 145 : إذا أقام النائی فی مکّة أو الأماکن التی یکون البُعد بینها وبین مکّة أقل من الحدّ المتقدم انتقل فرضه إلی حج الإفراد أو القِران بعد مضی موسمین للحج من إقامته أی فی الموسم الثالث ، وأما قبل ذلک فیتعین علیه حج التمتّع سواء تحققت الاستطاعة قبل اقامته فی مکّة أو فی أثنائها أو بعد الاقامة فإن المدار علی وقت الاداء لا وقت الوجوب ، وسواء کانت إقامته بقصد المجاورة أعواماً أو بقصد التوطن أو بقصد غیرهما أو لا بقصد بأن طالت مدة بقائه اتفاقاً .

مسألة 146 : إذا أقام فی مکّة وأراد أن یحج حج التمتّع ندباً أو فریضةً قبل انقلاب فرضه إلی حج الإفراد أو القِران فیجب علیه الخروج إلی أحد المواقیت البعیدة ، والأفضل أن یخرج إلی میقات أهل بلده ، وکذا حکم کل من کان فی مکّة وأراد الإتیان بحج التمتّع ولو ندباً ، وکذلک حکم أهل مکّة إذا أرادوا التمتّع ندباً .

مسألة 147 : یتألف حج التمتّع من نسکین یُسمّی أولهما بالعمرة والثانی بالحجّ ، وقد یطلق حج التمتّع علی الجزء الثانی منهما ، ویجب الإتیان بالعمرة فیه قبل الحجّ .

مسألة 148 : تجب فی عمرة التمتّع خمسة أمور :

الأمر الأوّل : الإحرام من أحد المواقیت وستعرف تفصیلها .

الأمر الثانی : الطواف حول البیت .

ص:50

الأمر الثالث : صلاة الطواف .

الأمر الرابع : السعی بین الصفا والمروة .

الأمر الخامس : التقصیر ، وهو أخذ شیء من الشعر أو الأظفار فإذا أتی المکلّف بهذه الأعمال الخمسة خرج من إحرامه وحلّت له الأمور التی کانت قد حرمت علیه بسبب الإحرام .

مسألة 149 : یجب علی المکلّف أن یتهیأ لأداء وظائف الحجّ فیما إذا قرب منه الیوم التاسع من ذی الحجّة الحرام .

وواجبات الحجّ ثلاثة عشر وهی کما یلی :

( 1 ) الإحرام من مکّة علی تفصیل یأتی .

( 2 ) الوقوف فی عرفات من أول الزوال إلی الغروب ویرخص التأخیر عنه بمقدار أداء الصلاتین جمعاً ومقدماتهما .

وتقع عرفات علی بُعد أربعة فراسخ من مکّة من جهة الأبطح .

( 3 ) الوقوف فی المزدلفة شطراً من لیلة العید إلی قبیل طلوع الشمس ، وتقع المزدلفة بین عرفات ومنی .

( 4 ) رمی جمرة العقبة فی منی یوم العید .

( 5 ) النحر أو الذبح فی منی یوم العید .

( 6 ) الحلق أو التقصیر فی منی . وبذلک یحل له ما حرم علیه من جهة الإحرام ما عدا النساء والطیب والصید .

ص:51

( 7 ) طواف الزیارة بعد الرجوع من مکّة .

( 8 ) صلاة الطواف وهی واجبة وإن لم تکن من الأجزاء علی الأظهر .

( 9 ) السعی بین الصفا والمروة ، وبذلک یحل الطیب أیضاً .

( 10 ) طواف النساء وبذلک تحل النساء أیضاً .

( 11 ) صلاة طواف النساء .

( 12 ) المبیت فی منی لیلة الحادی عشر ولیلة الثانی عشر بل لیلة الثالث عشر فی بعض الصور کما سیأتی ، ولیس هو من الأجزاء وإنما یجب فی الحجّ .

( 13 ) رمی الجمار الثلاث فی الیوم الحادی عشر والثانی عشر بل فی الیوم الثالث عشر أیضاً فیما إذا بات المکلّف هناک .

مسألة 150 : یشترط فی حج التمتّع أمور :

( 1 ) النیّة ، بأن یقصد الإتیان بحج التمتّع بعنوانه حین الإتیان بأجزائه ، فلو نوی غیره أو تردد فی نیّته لم یصحّ حجّه .

( 2 ) أن یکون مجموع العمرة والحجّ فی أشهر الحجّ ، فلو أتی بجزء من العمرة قبل دخول شوال لم تصحّ العمرة .

( 3 ) أن یکون الحجّ والعمرة فی سنة واحدة فلو أتی بالعمرة وأخّر الحجّ إلی السنة القادمة لم یصح التمتّع ، ولا فرق فی ذلک بین

ص:52

أن یقیم فی مکّة إلی السنة القادمة أو أن یرجع إلی أهله ثم یعود إلیها ، کما لا فرق بین أن یحل من إحرامه بالتقصیر أو أن یبقی محرماً إلی السنة القادمة .

( 4 ) أن یکون إحرام حجّه من مکّة ، عدا ما خرج منها من الحرم مع الاختیار ، وأفضل مواضعه فی المسجد الحرام عند المقام أو الحجر ، وإذا لم یمکنه الإحرام من نفس مکّة أحرم من أی موضع تمکن منه .

( 5 ) أن یؤدی مجموع عمرته وحجه شخص واحد عن شخص واحد ، فلو استؤجر اثنان لحج التمتّع عن میت أو حی أحدهما لعمرته والآخر لحجه لم یصح ذلک ، وکذلک لو حج شخص وجعل عمرته عن واحد وحجه عن آخر لم یصح ، نعم یصح إهداء ثواب عمرته لشخص وإهداء ثواب حجّه لآخر .

مسألة 151 : إذا فرغ المکلّف من أعمال عمرة التمتّع وجب علیه الإتیان بأعمال الحجّ وذمته مرتهنة به ولو کان الحجّ ندبیاً ، فلا یجوز له الخروج من مکّة ، إلّاأن تکون له حاجة ویطمئن بإدراکه لأعمال الحجّ ، ولا یجب علیه فی هذه الحالة الإحرام قبل خروجه فیجوز خروجه محلاً ، إلّاأن یخشی تعذر رجوعه إلی مکّة قبل خروجه إلی عرفة ، أو أن یکون رجوعه بعد دخول شهر آخر من أشهر الحجّ فیحرم بالحجّ

ص:53

ثم یخرج ، والظاهر إنه لا یجب علیه الرجوع إلی مکّة بل له أن یذهب إلی عرفات ، ومن تعذر علیه الحجّ بعد عمرة التمتّع قبل إحرامه للحج فیجعل عمرته مفردة ویأتی بطواف النساء .

مسألة 152 : حکم خروج المتمتع من مکّة قبل إتمام عمرته حکم من فرغ منها الذی قد مرّ حکمه ، بل الأحوط أن لا یخرج أثناء الأعمال قبل إتمام الأعمال مطلقاً .

مسألة 153 : المحرم وضعاً من الخروج من مکّة بعد الفراغ من عمرة التمتّع إنما هو فیما إذا صدق علیه أنه خرج عن مدینة مکّة بتوسعتها الحدیثة التی فی الحرم وکان رجوعه فی غیر الشهر الذی أحرم وأتی بالنسک فیه ، أما المحرم تکلیفاً فهو فیما إذا کان خروجه من مکّة إلی مناطق بعیدة یخاف فوت الحجّ أو من غیر حاجة وکان خروجه ورجوعه فی نفس الشهر .

مسألة 154 : إذا خرج من مکّة أو الحرم بعد الفراغ من أعمال العمرة من دون إحرام ففیه صورتان :

الاُولی : أن یکون رجوعه فی الشهر الذی اعتمر فیه ففی هذه الصورة یلزمه الرجوع إلی مکّة من غیر إحرام ثم یحرم منها ویخرج إلی عرفات .

الثانیة : أن یکون رجوعه بعد مضی شهر عمرته ، ففی هذه یلزمه الإحرام بالعمرة من المواقیت البعیدة للرجوع إلی مکّة .

ص:54

مسألة 155 : من کان فرضه حج التمتّع لم یجز له العدول إلی غیره من إفراد أو قران ، إلّاأن یضیق وقته فإنه یعدل إلی الإفراد أو القِران سواء کان أحرم لعمرة التمتّع أم لم یحرم ، ویأتی بالعمرة المفردة بعد الحجّ .

وحدّ الضیق المسوغ لذلک خوف فوات الرکن من الوقوف الاختیاری لعرفات ، وکذا الحجّ المندوب فیما إذا ضاق الوقت کذلک ، وقد قیل : أن حد الضیق فیه یوم الترویة ، وهو مشکل ، وإن کان لا یخلو من وجه .

مسألة 156 : إذا علم من وظیفته التمتّع ضیق الوقت عن إتمام العمرة ، وإدراک الحجّ قبل أن یدخل فی العمرة جاز له العدول من الأول .

مسألة 157 : إذا أحرم لعمرة التمتّع فی سعة الوقت وأخر الطواف والسعی متعمداً إلی زمان لا یمکن الإتیان فیه بهما وإدراک الحجّ فعلیه العدول إلی الإفراد ، ثم یأتی بالعمرة المفردة ، وأما حکم إفساد عمرة التمتّع فسیأتی .

ص:55

فصل فی حجّ الإفراد

وهو عمل مستقل فی نفسه عن العمرة ، وهو فرض أهل مکّة ومن کان أهله دون ستة عشر فرسخاً منها مخیراً بینه وبین القِران ، کما یجب علیهم العمرة المفردة استقلالاً مع التمکّن وإن لم تحصل لدیهم الاستطاعة للحج ومع تمکنهم منهما فی أشهر الحجّ یجب الإتیان بهما بتقدیم الحجّ وتأخیر العمرة .

مسألة 158 : یشترک حج الإفراد مع حج التمتّع فی جمیع أعماله ، ویفترق عنه فی أمور :

أوّلاً : یعتبر اتصال العمرة بالحجّ فی حج التمتّع ووقوعهما فی أشهر الحجّ من سنة واحدة - کما مرّ - ولا یعتبر ذلک فی حج الإفراد .

ثانیاً : یجب النحر أو الذبح فی حج التمتّع - کما مرّ - ولا یعتبر شیء من ذلک فی حج الإفراد .

ثالثاً : لا یجوز تقدیم الطواف والسعی علی الوقوفین فی حج التمتّع مع الاختیار ، ویجوز ذلک فی حج الإفراد .

رابعاً : إن إحرام حج التمتّع یکون بمکة وأما الإحرام فی حج الإفراد فهو من أحد المواقیت الآتیة ، وإن کانوا من أهل مکّة .

ص:56

خامساً : یجب تقدیم عمرة التمتّع علی حجّه ، ویعتبر التأخیر فی حج الإفراد عند التمکّن منهما فی أشهر الحجّ .

سادساً : لا یجوز بعد إحرام حج التمتّع الطواف مطلقاً علی الأظهر ولو طاف وجب علیه التلبیة بعد ، ویجوز ذلک فی حج الإفراد .

مسألة 159 : إذا أحرم لحج الإفراد من المواقیت البعیدة جاز له أن یعدل إلی عمرة التمتّع ، إلّاإذا لبی بعد السعی فلیس له العدول حینئذٍ إلی التمتّع .

مسألة 160 : إذا أحرم لحج الإفراد ودخل مکّة جاز له أن یطوف بالبیت ندباً أو فریضة ولکن یجب علیه التلبیة بعد الفراغ من صلاة الطواف علی الأظهر .

ص:57

حجّ القِران

مسألة 161 : یتّحد هذا النسک مع حج الإفراد فی جمیع الجهات غیر أن المکلّف یصحب معه الهدی سواء وقت الإحرام أو بعده ویجب علیه ذبحه فی منی ، والإحرام فی هذا القسم من الحجّ ، کما یکون بالتلبیة یکون بالإشعار أو بالتقلید ، وإذا أحرم لحج القِران لم یجز له العدول إلی حج التمتّع .

ص:58

مواقیت الإحرام

اشارة

هی نقاط جغرافیة راسمة لحدود شرعیة محیطة بشکل مخمس أو مسدس یسمی بمنطقة المواقیت للإحرام منها ، فیجب أن یکون الإحرام من تلک الحدود ویسمی کل منها میقاتاً ، أی حداً جغرافیاً وهی تسعة :

الأوّل : ذو الحلیفة وهو وادی مسجد الشجرة ، ویعرف ب « أبیار علی علیه السلام » ویطلق علیه « وادی محرَم » ، ویقع حالیاً فی ضواحی المدینة المنورة ، وهو میقات أهل المدینة ، وکل من أراد الحجّ عن طریق المدینة ، والأفضل الإحرام من مسجده المعروف بمسجد الشجرة ، ومراعاة المحاذاة إن أحرم من خارجه .

مسألة 162 : لا یجوز تأخیر الإحرام من مسجد الشجرة إلی الجحفة إذا اجتاز وادی ذی الحلیفة ودخل منطقة المواقیت ، إلّا لضرورة من مرض أو ضعف أو غیرهما من الموانع .

الثانی : وادی العقیق : وهو میقات أهل العراق ونجد وکل من مر علیه من غیرهم ، وبدایة هذا المیقات من « المسلخ » ، ویتوسطه « غمرة » ، وآخره برید « أوطاس » الذی ینتهی ب « ذات عرق » ، والأفضل أن یحرم المکلّف من « المسلخ » ثم الذی یلیه قبل أن یصل

ص:59

إلی ذات عرق فیما إذا لم یمنعه عن ذلک تقیة أو مرض .

مسألة 163 : یجوز الإحرام فی حال التقیة قبل ذات عرق سراً بأن ینزع ثیابه ویلبس ثوبی الإحرام ثم یعاود لبس ثیابه فإذا وصل إلی ذات عرق نزع ثیابه وإن لم یتمکّن من نزع ثیابه حین أنشأ الإحرام أحرم فی ثیابه فإذا وصل إلی ذات عرق نزعها ولبس ثوبی الإحرام ، ویفدی عن لبس المخیط علی الأحوط کما سیأتی .

الثالث : الجحفة : وهی میقات أهل الشام ومصر والمغرب وکل

من یمر علیها من غیرهم إذا لم یحرم من المیقات السابق علیها لعذر .

الرابع : یلملم : وهو میقات أهل الیمن ، وکل من یمر من ذلک الطریق ، ویلملم اسم لجبل والمراد به وادیه .

الخامس : قرن المنازل ، وهو میقات أهل الطائف وکل من یمر من ذلک الطریق ولا یختص بالمسجد فأی مکان یصدق علیه أنه من قرن المنازل جاز له الإحرام منه ، وهو وادی « السیل الکبیر » ویمتد إلی « الهدی » کحد له فیجزیء الإحرام من کلا الموضعین .

السادس : محاذاة أحد المواقیت البعیدة ، والمراد بها هو الوقوف علی نقاط محیط الشکل المرسوم بتوسط المواقیت البعیدة .

وبعبارة اخری : الوقوف علی محیط منطقة المواقیت التی ترسم بالخطوط الواصلة بین المواقیت البعیدة ، ویکفی فی ذلک المحیط الصدق العرفی ، دون المداقة العقلیة .

ص:60

السابع : مکّة ، وهی میقات حج التمتّع ، وهی تشمل ما توسع منها مما یکون فی الحرم .

الثامن : المنزل الذی یسکنه المکلّف ، وهو میقات من کان منزله دون المیقات إلی مکّة ، فإنه یجوز له الإحرام من منزله ولا یلزم علیه الرجوع إلی المواقیت ، إلّاأهل مکّة کما سیأتی .

التاسع : أدنی الحل وهو حدود الحرم المرسومة بالمواضیع الشرعیة من الحدیبیة والجعرانة والتنعیم وغیرها ، نعم فی التنعیم ونحوه مما تجاوزته مکّة الحدیثة الأحوط الإحرام مما بعد انتهاء مدینة مکّة .

وهو میقات أهل مکّة لحج الإفراد والقِران وکذا من کان بمکة وأرادهما ندباً ، ومیقات للعمرة المفردة لمن کان بمکة سواء أکان بعد حج القِران والإفراد أو لا ، والأفضل أن یکون من المواضع الثلاثة ، ویستثنی من ذلک عمرة العقوبة فإنه یأتی بها من المواقیت البعیدة علی الأحوط إن لم یکن أظهر .

ص:61

أحکام المواقیت

مسألة 164 : لا یصح الإحرام قبل محیط منطقة المواقیت ولا بعده ، ولا یکفی المرور علیه محرماً بل لابدّ من الإحرام من نفس المیقات ، نعم ینعقد الإحرام إذا مر علی المواقیت أو محاذٍ بها ملبیاً بقصد النسک وإن غفل ولم یلتفت إلی وقتیة الموضع ، ویستثنی من ذلک موارد منها :

1 - أن ینذر الإحرام قبل محیط منطقة المواقیت أو یعاهد اللّه علی ذلک فإنه یصح ولا یلزمه التجدید فی المیقات أو محاذیه ؛ ویجوز له الذهاب إلی مکّة من طریقٍ یحاذی المواقیت بأن یمرّ بالمحیط الواصل بین نقاط المواقیت ، ولا فرق فی ذلک بین الحجّ الواجب والمندوب والعمرة المفردة ، نعم إذا کان إحرامه للحج فلابدّ من أن یکون إحرامه فی أشهر الحجّ کما تقدم .

2 - إذا قصد العمرة المفردة فی رجب وخشی عدم إدراکها - إذا أخر الإحرام إلی المیقات - جاز له الإحرام قبل المیقات أو محاذیه وتحسب له عمرة رجب وإن أتی ببقیة الأعمال فی شعبان ، ولا فرق فی ذلک بین العمرة الواجبة والمندوبة ، ویأتی بقیّة الموارد فی المسائل الآتیة .

ص:62

مسألة 165 : یجب علی المکلّف الیقین بوصوله إلی المیقات أو محاذیه مما یقع علی محیط منطقة المواقیت والإحرام منه ، أو یکون ذلک عن اطمئنان أو حجّة شرعیة ، ولا یجوز له الإحرام عند الشک فی الوصول إلی المیقات ، لکن یکفی الاحتیاط والیقین الإجمالی بأن ینوی الإحرام ویظل ملبیاً طیلة مروره بالمواضع المحتملة .

مسألة 166 : لو نذر الإحرام قبل المیقات وخالف وأحرم من المیقات لم یبطل إحرامه ، ووجب علیه کفارة مخالفة النذر إذا کان متعمداً غیر معذور .

مسألة 167 : لا یجوز لمن أراد الحجّ أو عمرة التمتّع بل المفردة علی الأظهر أو دخول مکّة أو الحرم أن یتجاوز المیقات اختیاراً إلّا محرماً ، حتی إذا کان أمامه میقات آخر علی الأظهر ، فلو تجاوزه وجب العود إلیه مع الإمکان ، نعم إذا لم یکن المسافر قاصداً لما ذکر لکن لما وصل حدود الحرم أراد أن یأتی بعمرة مفردة جاز له الإحرام من أدنی الحل .

مسألة 168 : إذا ترک المکلّف الإحرام من المیقات عن علم وعمد حتی تجاوزه فعلیه الرجوع إلی المیقات والإحرام منه ، فإن لم یتمکّن من ذلک فعلیه الرجوع بقدر ما أمکن باتجاه المیقات ، فإن لم یتمکّن إلّا من أدنی الحل جاز له الإحرام منه ، وإن لم یتمکّن منه أیضاً لزمه الإحرام من الحرم وإلّا فمن مکّة ، فمع ضیق الوقت والاضطرار یصح

ص:63

الإحرام دون المیقات علی التفصیل المتقدم ، وإن أثم بترک الإحرام من المیقات . نعم قد ینسب إلی المشهور لزوم إعادة الحجّ الواجب من قابل وهو الأحوط الأولی .

مسألة 169 : إذا ترک الإحرام عن نسیان أو إغماء أو ما شاکل ذلک أو عن جهل بالحکم أو بالمیقات فالحکم علی التفصیل المتقدم فی المسألة السابقة ، وفی حکم تارک الإحرام من أحرم قبل المیقات أو بعده ولو کان عن جهل أو نسیان .

مسألة 170 : إذا ترکت الحائض الإحرام من المیقات لجهلها بالحکم وتجاوزت المیقات فیأتی فیها التفصیل المتقدم فی المسألتین السابقتین .

مسألة 171 : إذا جامع فی العمرة عالماً عامداً قبل الفراغ من السعی فسدت عمرته بمعنی حصول الخدش والنقصان فیجب علیه اتمامها کما یجب علیه اعادتها عقوبة فی الشهر القادم ، فیبقی فی مکّة إلی أن یؤدیها هذا فی المفردة ، وأما فی عمرة التمتّع فالحکم کذلک غایته أن المعادة إن کانت قبل الحجّ فتکون هی المتعة الموصولة به ، وإلّا فمتعته هی الأولی .

مسألة 172 : ذهب المشهور إلی صحة العمرة فیما إذا ترک الإحرام نسیاناً أو جهلاً حتی أتی بجمیع الأعمال ، وهذا القول هو الأظهر ، نعم الاحتیاط بالإعادة أولی فیما إذا تمکن منها بالنحو الذی قد مرّ .

ص:64

مسألة 173 : قد تقدم أن النائی یجب علیه الإحرام لعمرته من حدود منطقة المواقیت المرسومة بالخط الواصل بمواضع المواقیت الخمسة ، وحیث إن هذا الحد والخط لتلک المنطقة یمرّ بجدة - عدی المقدار المستحدث منها شرقاً باتجاه مکّة الذی یقل عن مرحلتین - فیسوغ لأغلب الحجّاج الذین یردون مطار جدة ابتداءً ویقصدون تقدیم أعمال نسک مکّة المکرمة علی زیارة المدینة المنورة أن یحرموا من مطارها أو من بعض أحیائها کما یسوغ لهم التوجه إلی الجحفة أو المواقیت الأخری .

مسألة 174 : المتمتع یجب علیه أن یحرم لحجه من مکّة کما مرّ ، فلو أحرم من غیرها لم یصح إحرامه وإن دخل مکّة محرماً ، بل وجب الاستئناف من مکّة مع الإمکان ، وإلّا ففی مکانه .

هذا فی غیر العالم العامد وأما فیه فیشکل الاجتزاء بالإحرام من مکانه .

مسألة 175 : إذا ترک المتمتع الإحرام للحج بمکة وجب علیه العود مع الإمکان ، وإلّا أحرم فی مکانه ، ولو کان فی عرفات وصح حجه ، سواء کان ناسیاً أو جاهلاً بالحکم أو بالموضوع قاصراً أو مقصراً ، نعم الشاک الملتفت بحکم العالم العامد .

مسألة 176 : لو نسی إحرام الحجّ ولم یذکر حتی أتی بجمیع أعماله صح حجّه ، وکذلک الجاهل .

ص:65

کیفیة الإحرام

ینشأ فرض الحجّ بالتلفظ بالنیة ، لکنه لا یکون لازماً إلّابالتلبیة أو الإشعار أو التقلید .

واجبات الإحرام ثلاثة أمور :

الأمر الأوّل : النیة ، وهی قصد کل من نسک الحجّ أو العمرة وقصد الإحرام متقرباً بذلک إلی اللّه تعالی ، ویکفی فی قصد النسک قصد عنوانها إجمالاً علی أن یأتی بتفاصیلها معتمداً علی مدرک یتبین منه تفاصیل الاجزاء کقول مرشد ثقة أو رسالة عملیة معتمدة ونحو ذلک ، کما یکفی فی قصد الإحرام عنوانه الانشاء الذی یترتب علیه تحریم التروک .

ویعتبر فی النیة أمور :

1 - القربة ، کما هو مقرّر لها من شرائط فی عموم العبادات .

2 - أن تکون مقارنة للتلبیة فی الموضع الذی یصح فیه عقد الإحرام .

3 - تعیین الإحرام أنه للعمرة أو للحج ، وأن الحجّ تمتع أو قران أو إفراد ، وأنه لنفسه أو لغیره .

ص:66

وأنه حجّة الاسلام أو الحجّ النذری أو الواجب عقوبة بالافساد أو الندبی ، نعم یکفی لوقوعه لنفسه عدم قصد النیابة عن غیره ، وکذا یکفی لوقوعه عن حجّة الاسلام قصد طبیعة الحجّ بل ولو قصد الندبیة إذا لم یکن علیه فی ذمته واجب آخر ، وکذا الحال فی الحجّ النذری .

ولو نوی الإحرام من غیر تعیین بأن أبهم النسک بنحو الإجمال أو التردید ، صحّ منه التعیین بعد ذلک قبل الأعمال .

مسألة 177 : لا یعتبر فی صحة النیة التلفظ ، لکن یستحب ذلک بالصورة الآتیة کما لا یعتبر الإخطار بالبال تفصیلاً ، بل یکفی وجودها بنحو مضمر علی نحو الداعی بحیث یلتفت إلیها إجمالاً وارتکازاً کما فی سائر العبادات .

مسألة 178 : لا یعتبر فی صحة الإحرام العزم علی ترک محرماته - حدوثاً وبقاءاً - إذ هو لیس إلّاالقصد بهذا العنوان کحالة انشائیة یترتّب علیها تحریم جملة من الأمور نظیر التزام التحریم فی النذر أو العهد ولیست بنیة فعل تکوینی ، فیصح الإحرام حتی مع العزم علی ارتکابها مخالفة أو اضطراراً ولو کان ذلک العزم علی الجماع قبل الوقوف بالمزدلفة أو قبل الفراغ من السعی فی العمرة فضلاً عمّا لو عزم علی الترک حین الإحرام ثم عرضت له نیة ذلک بعد تحقق الإحرام .

الأمر الثانی : التلبیة ، وصورتها أن یقول :« لَبَّیْکَ اللّهُمَّ لَبَّیْک ، لَبَّیْکَ لَا شَریکَ لَکَ لَبَّیْک » والأحوط إضافة هذه الجملة : « إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ

ص:67

لَکَ وَالْمُلْک ، لَاشَریکَ لَکَ » ، والأولی إضافة لبّیک بعد ذلک ، ویجوز إضافة « لک » بعد لفظة الملک .

مسألة 179 : یجب الإتیان بالتلبیة بالعربیة الصحیحة کتکبیرة الإحرام والقراءة فی الصلاة ولو بنحو التلقین من شخص آخر حین العمل ، ومع العجز عن ذلک یکتفی بالملحون ، ولو عجز عنه أیضاً فالأحوط أن یأتی بما یتیسر له وبمرادفها وترجمتها والاستنابة فی ذلک .

مسألة 180 : الأخرس یحرک لسانه کهیئة المتکلم ویشیر إلی التلبیة بإصبعه .

مسألة 181 : الصبیّ یلبّی بنفسه سواء کان ممیّزاً أو غیر ممیز فإن لم یحسن أن یلبّی یلبّی عنه ، والأحوط فی غیر الممیز أن یحرم به ولیه ویلبّی عنه .

مسألة 182 : نُسب للمشهور أنه لا ینعقد إحرام حج التمتّع وعمرته وحج الإفراد والعمرة المفردة إلّابالتلبیة ، ولو قیل بانعقاده بالإشعار أو التقلید أیضاً فله وجه فیما عدا عمرة التمتّع ، والأحوط الاقتصار علی التلبیة .

وأمَّا إحرام حج القِران فیتحقق بکل من الأمور الثلاثة .

والإشعار مختص بالبُدن ، والتقلید مشترک بین البُدن وغیرها من أنواع الهدی ، والأولی الجمع بین الاشعار والتقلید فی البُدن والأحوط

ص:68

التلبیة للقارن وإن عقد إحرامه بالاشعار أو التقلید .

والإشعار : هو الادماء بشق الجلد أو الطعن فی أحد جانبی السنام وتلطیخها بالدم علامة علی الهدی ، والأحوط اختیار الجانب الأیمن .

والتقلید : هو أن یعلق فی رقبة الهدی نعلاً والأولی أن یکون خِلقاً قد صلی فیها ، ویجزیء تعلیق العلامة المتخذة کالخیط والسیر کما یجزئ التجلیل : وهو ستر الهدی بثوب ونحوه علامة علی الهدی .

مسألة 183 : لا یشترط الطهارة عن الحدث الأصغر والأکبر فی صحة الإحرام ، فیصح الإحرام من الجنب والحائض والنفساء وغیرهم .

مسألة 184 : التلبیة أو الاشعار أو التقلید بمنزلة تکبیرة الإحرام فی الصلاة ، فلا یلزم الإحرام إلّابها ، فلو نوی الإحرام وتلفظ بالنیة ولبس الثوبین وفرض الحجّ أو العمرة فقد عقد وصحّ الإحرام منه ، ولو ارتکب شیئاً من المحرمات انفسخ إحرامه ولم یأثم ولیس علیه کفارة .

مسألة 185 : الأفضل لمن حج عن طریق المدینة تأخیر الجهر بالتلبیة إلی البیداء ، ولمن حج عن طریق آخر تأخیره إلی أن یمشی قلیلاً ، ولمن حج من مکّة تأخیره إلی الرقطاء ، وإن کان القول بتأخیر أصل التلبیة إلی ذلک وجه محتمل ، والبیداء بین مکّة والمدینة عند أول مَیْل « الانعطاف » عن یسار الخارج من ذی الحُلیفة نحو مکّة ، والرقطاء موضع یسمی مدعی قبیل مسجد الجن « سوق اللیل » دون الردم .

مسألة 186 : یستحب الاکثار من التلبیة ورفع الصوت بها

ص:69

وتکرارها بقدر المستطاع کلما رکب وکلما نزل وکلما هبط وادیاً أو علا مرتفعاً أو لقی راکباً وبالأسحار وفی أدبار الصلوات .

ویجب لمن اعتمر عمرة التمتّع قطع التلبیة عند مشاهدة موضع بیوت مکّة القدیمة ، وحدّه لمن جاء من أعلی مکّة عقبة المدنیین ، وهی بالقرب من مقبرة المعلی ولمن جاء من أسفلها عقبة ذی طوی ، والأولی قطعها حین دخول الحرم .

ویجب علی من اعتمر عمرة مفردة قطعها عند دخول الحرم إذا کان إحرامه من المواقیت البعیدة ، وعند مشاهدة الکعبة إذا کان إحرامه من أدنی الحل ، والأولی له قطعها عند مشاهدة المسجد الحرام بل عند مشاهدة موضع بیوت مکّة ، وعلی من حج بأی نوع من أقسام الحجّ قطعها عند الزوال من یوم عرفة .

مسألة 187 : إذا شک بعد لبس الثوبین فی أنه أتی بالتلبیة أم لا بنی علی العدم ما لم یدخل فی عمل مترتب علی الإحرام ، وإذا شک بعد الإتیان بالتلبیة أنه أتی بها صحیحة أم لا بنی علی الصحة .

الأمر الثالث : لبس ثوب الإحرام بعد التجرد عما یجب علی المحرم اجتنابه .

وینبغی أن یتّزر بواحد ویرتدی بآخر ، ولا یعتبر فی لبسهما کیفیة خاصة ، ما لم تکن الکیفیة بنحو لبس الثیاب کاللف علی الاعضاء ، ویکره التوشح أو اتخاذ الهیئة غیر المألوفة .

ص:70

مسألة 188 : لبس ثوبی الإحرام واجب تکلیفی عند الإحرام بلحاظ الاجتناب عن الثیاب « المخیط » لستر العورة ، لا بلحاظ عقد الإحرام ، فضلاً عن أن یکون شرطاً فی صحته .

مسألة 189 : الأحوط فی الإزار أن یکون ساتراً من السرة إلی الرکبة ، وفی الرداء أن یکون ساتراً للمنکبین وجملةٍ من الظهر .

والوجوب فی لبس الثوبین - الذی قد مرّ - یلزم أن یکون قبل النیة والتلبیة ، ولو قدمهما علیه لم یبطل الإحرام ، وإن کان الأولی إعادتهما مع مراعاة عدم لبس المخیط فی الإحرام .

مسألة 190 : لو أحرم فی قمیص جاهلاً أو ناسیاً نزعه وصح إحرامه ، بل الأظهر صحة إحرامه حتی فیما إذا أحرم فیه عالماً عامداً ، وکذا إذا لبسه بعد الإحرام ولکن یلزم علیه فی الصورتین الأخیرتین إخراجه من غیر رأسه کأن یخرجه من تحته ولو بشقّه .

مسألة 191 : لا بأس بالزیادة علی الثوبین فی ابتداء الإحرام وبعده للتحفظ من البرد أو الحر أو لغیر ذلک ، بعد توفر شروط ثوبی الإحرام .

مسألة 192 : یعتبر فی ثیاب المحرم نفس الشروط المعتبرة فی لباس المصلی ، فیلزم أن لا تکون من الحریر الخالص ، ولا من أجزاء ما لا یؤکل لحمه ، ولا من المذهّب ، ویلزم طهارتها کذلک ، نعم لا بأس بتنجسها بنجاسة معفو عنها فی الصلاة .

ص:71

مسألة 193 : یلزم فی الإزار أن یکون ساتراً للبشرة غیر حاک عنها ، والأحوط اعتبار ذلک فی الرداء أیضاً .

مسألة 194 : الأولی فی ثیاب المحرم أن تکون من المنسوج لا من الجلد والملبّد .

مسألة 195 : یختص وجوب لبس الإزار والرداء بالرجال دون النساء فیجوز لهن أن یحرمن فی ألبستهن العادیة علی أن تکون واجدة للشرائط المتقدمة ، والأولی أن یخصصن ثیاباً للاحرام .

مسألة 196 : الأظهر حرمة لبس المرأة الثیاب المصنوعة بتمامها من الحریر وهی محرمة .

مسألة 197 : إذا تنجس أحد الثوبین أو کلاهما بعد التلبس بالإحرام فالأظهر المبادرة إلی التبدیل أو التطهر .

والأحوط مراعاة ذلک فی البدن وکذا فیما لا یؤکل لحمه .

مسألة 198 : لا تجب الاستدامة فی لباس الإحرام ، فلا بأس بإلقائه عن متنه لضرورة أو غیر ضرورة ، کما لا بأس بتبدیله علی أن یکون البدل واجداً للشرائط .

ص:72

تروک الإحرام

اشارة

قلنا فی ما سبق : إن الإحرام یتحقق بفرضه وانشائه والتلفظ بنیته لکنه لا یلزم إلّابالتلبیة أو الأشعار أو التقلید وإن تحقق منه الإحرام ، فإذا أحرم المکلّف بها حرمت علیه أمور ، وهی خمسة وعشرون کما یلی :

1 - الصید البری 2 - مجامعة النساء

3 - تقبیل النساء 4 - لمس المرأة

5 - النظر إلی المرأة 6 - الأستمناء

7 - عقد النکاح 8 - استعمال الطیب

9 - لبس المخیط للرجال 10 - التکحل

11 - النظر فی المرآة 12 - لبس الخفّ والجورب للرجال

13 - الکذب والسبّ 14 - المجادلة

15 - قتل القمل ونحوه من الحشرات التی تکون علی جسد الإنسان

16 - التزیّن 17 - الإدّهان

18 - إزالة الشعر من البدن 19 - ستر الرأس للرجال ، وهکذا

ص:73

الارتماس فی الماء حتی علی النساء

20 - ستر الوجه للنساء 21 - التظلیل للرجال

22 - إخراج الدم من البدن 23 - التقلیم

24 - قلع السن 25 - حمل السلاح .

1 -الصید البرّیّ

اشارة

مسألة 199 : لا یجوز للمحرم سواء کان فی الحل أو الحرم صید الحیوان البرّی أو قتله أو إیذائه ، سواء کان محلل الأکل أم لم یکن بل وإن تأهل بعد صیده ، ولا یجوز ذلک فی الحرم مطلقاً وإن کان محلّاً .

مسألة 200 : کما یحرم علی المحرم صید الحیوان البری وإیذائه یحرم علیه إعانة الغیر بذلک ولو بالإشارة ولا فرق فی حرمة الإعانة بین أن یکون محرماً أو محلّاً .

مسألة 201 : لا یجوز للمحرم إمساک الصید البرّی والاحتفاظ به وإن کان الاصطیاد له قبل إحرامه أو اصطاده غیره فی الحل أو الحرم ، ولا یجوز له أکل لحم الصید وإن کان الصائد محلّاً ، ولا یحرم الصید الذی صاده أو ذبحه المحرم فی الحل علی المحل لکن علی المحرم فداؤه ، والأحوط أن یتصدق به علی مسکین ، ولا یحل ما اصطید أو ذبح فی الحرم من محل أو محرم ، وإن لم یکن میتة وعلیه فداؤه ، وکذلک لو اصطید فی الحرم وذبح فی الحل ، والجراد ملحق بالحیوان

ص:74

البری فیحرم صیده وامساکه وأکله .

مسألة 202 : الحکم المذکور إنما یختص بالحیوان البری وأما صید البحر کالسمک فلا بأس به ، والمراد بصید البحر ما یعیش فیه فقط أو ما یفرخ فیه ، وأما ما یعیش فی البر والبحر کلیهما إن کان یفرخ فی البر فملحق بالبری وإلّا فبحری ، هذا فی غیر الطائر فهی بریة مطلقاً ، ویجب اجتناب صید ما یشک فی کونه بریاً فی الحل أو الحرم علی الأظهر ، وکذا ما یشک فی کونه أهلیاً .

مسألة 203 : فراخ هذه الأقسام الثلاثة من الحیوانات البریة والبحریة والأهلیة وبیضها تابعة للأصول فی حکمها .

مسألة 204 : لا یجوز للمحرم قتل السباع والدواب إلّافیما إذا خیف منها علی النفس أو کان أهلیاً وکذا إذا آذت حمام الحرم ، والأحوط فی قتل السباع کالأسد وغیره الکفارة بکبش فیما لم یجز قتله .

مسألة 205 : یجوز للمحرم أن یقتل الأفعی والأسود الغدر ، وکل حیة سوء ، والعقرب والفأرة ، وکل حیوان خیف منه علی النفس ، ولا کفارة فی قتل شیء من ذلک .

مسألة 206 : لا بأس للمحرم أن یرمی الغراب العادی والحدأة ، ولا کفارة لو أصابهما الرامی وقتلهما .

ص:75

کفارات الصید

مسألة 207 : فی قتل النعامة بدنة ، وفی قتل بقرة الوحش بقرة ، وفی قتل حمار الوحش بدنة أو بقرة ، وفی قتل الظبی والأرنب شاة ، وکذلک فی الثعلب علی الأظهر .

مسألة 208 : من أصاب شیئاً من الصید فإن کان فداؤه بدنة ولم یجدها فعلیه إطعام ستین مسکیناً لکل مسکین مُدّ ، فإن لم یقدر صام ثمانیة عشر یوماً ، وإن کان فداؤه بقرة ولم یجدها فلیطعم ثلاثین مسکیناً ، فإن لم یقدر صام تسعة أیّام وإن کان فداؤه شاة ولم یجدها فلیطعم عشرة مساکین ، فإن لم یقدر صام ثلاثة أیّام .

مسألة 209 : إذا قتل المحرم حمامة ونحوها فی خارج الحرم فعلیه شاة ، وفی فرخها حمل أو جدی وکذلک فی کسر البیض المشتمل علی فرخ یتحرک ، وفی کسر بیضها المشتمل علی فرخ لم یتحرک درهم ، وفی بیضها غیر المشتمل علی فرخ نصف درهم ، وإذا قتلها المحل فی الحرم فعلیه درهم ، وفی فرخها نصف درهم ، وفی بیضها ربع درهم .

وإذا قتلها المحرم فی الحرم فعلیه الجمع بین الکفارتین ، وکذلک فی قتل الفرخ وکسر البیض .

مسألة 210 : فی قتل القطاة والحَجَل والدُرّاج ونظیرها حَمْل قد فطم من اللبن وأکل من الشجر ، وفی العصفور والقُبّرة والصعوة مُدّ

ص:76

من الطعام ، والأحوط الأولی فیها حمل فطیم ، وفی قتل جرادة واحدة تمرة ، وفی أکثر من واحدة کف من الطعام ، وفی الکثیر شاة .

مسألة 211 : فی قتل الیربوع والقنفُذ والضب وما أشبهها جدی ، وفی قتل العظایة کف من الطعام .

مسألة 212 : فی قتل الزنبور متعمداً إطعام شیء من الطعام وإذا کان القتل دفعاً لایذائه فلا شیء علیه .

مسألة 213 : یجب علی المحرم أن ینحرف عن الجادة إذا کان فیها الجراد فإن لم یتمکّن فلا بأس بقتلها .

مسألة 214 : لو اشترک جماعة محرمون فی قتل صید فعلی کل واحد منهم کفارة مستقلة .

مسألة 215 : کفارة أکل الصید ککفارة الصید نفسه علی الأظهر فلو صاده المحرم وأکله فعلیه کفارتان .

مسألة 216 : من کان معه صید ودخل الحرم وجب علیه إرساله فإن لم یرسله حتی مات لزمته القیمة ، بل الحکم کذلک بعد إحرامه وإن لم یدخل الحرم علی الأحوط .

مسألة 217 : لا فرق فی وجوب الکفارة فی قتل الصید وأکله بین العمد والسهو والجهل .

مسألة 218 : تتکرر الکفارة بتکرر الصید جهلاً أو نسیاناً أو خطأً ،

ص:77

وکذلک فی العمد إذا کان الصید من المحل فی الحرم ، أو من المحرم مع تعدد الإحرام ، وأما إذا تکرر الصید عمداً من المحرم فی إحرام واحد لم تعدد الکفارة .

2 -مجامعة النساء

مسألة 219 : یحرم علی المحرم الجماع أثناء عمرة التمتّع قبل التقصیر ، وأثناء العمرة المفردة وأثناء الحجّ وبعدهما قبل الإتیان بطواف النساء - لا صلاته - .

مسألة 220 : إذا جامع المتمتع أثناء عمرته قبلاً أو دبراً عالماً عامداً سواء کان بعد السعی أو قبله لم تفسد عمرته ، ووجبت علیه الکفارة وهی جزور ومع العجز عنه بقرة ومع العجز عنها شاة ، فإن کان قبل السعی وجب علیه - أیضاً - قضاء عمرته فی الشهر اللاحق عقوبةً ، ولا یخرج من مکّة حتی یؤدّیها .

مسألة 221 : إذا جامع المحرم للحج امرأته قبلاً أو دبراً عالماً عامداً قبل الوقوف بالمزدلفة وجبت علیه الکفارة والإتمام وإعادة الحجّ من العام القابل ، سواء کان الحجّ فرضاً أو نفلاً ، بل الأقوی ثبوت الکفارة لو وطئ غیر امرأته أیضاً ، کما أن الأحوط - إن لم یکن أظهر - إعادة الحجّ من قابل أیضاً لو کان قبل الوقوف ، وحکم المرأة إذا کانت محرمة وعالمة بالحال ومطاوعة له علی الجماع حکم الرجل .

ص:78

ولو کانت المرأة مکرهة علی الجماع لم یفسد حجّها وتجب علی الزوج المکرِه کفارتان ، والأحوط ثبوت الکفارة علی الموطوء غیر امرأته إذا کان مطاوعاً .

وکفارة الوط ء بدنة مع الیسر ومع العجز عنها شاة .

ویجب أن لا یخلو الرجل والمرأة فی حجتهما ، وفی المعادة إلی أن یرجعا إلی منی وإلی نفس المحل الذی وقع فیه الجماع ، والأحوط استمرار الفصل إلی الفراغ من تمام أعمال الحجّ .

مسألة 222 : إذا جامع المحرم امرأته عالماً عامداً بعد الوقوف بالمزدلفة ولو لیلاً فإن کان ذلک قبل طواف النساء وجبت علیه الکفارة علی النحو المتقدم ، ولکن لا تجب علیه الإعادة ، وکذلک إذا کان جماعه قبل إتمام النصف من طواف النساء ، وأما إذا کان بعده فلا کفارة علیه أیضاً .

مسألة 223 : من جامع امرأته عالماً عامداً فی العمرة المفردة وجبت علیه الکفارة علی النحو المتقدم ، ولا تفسد عمرته سواء کان الجماع بعد السعی أو قبله وعلیه إتمامه ، ووجب علیه أن یقیم بمکة إلی شهر آخر إذا کان الجماع قبل السعی ثم یخرج إلی أحد المواقیت ویحرم منه للعمرة المعادة .

مسألة 224 : المحلّ إذا جامع زوجته المحرمة وجبت الکفارة علی زوجته وعلی الرجل أن یغرمها ، والکفارة بدنة .

ص:79

مسألة 225 : إذا جامع المحرم امرأته جهلاً أو نسیاناً صحت عمرته وحجه ، ولا تجب علیه الکفارة ، وهذا الحکم یجری فی بقیّة المحرمات الآتیة التی توجب الکفارة ، بمعنی أن ارتکاب أیّ عمل محرم علی المحرم لا یوجب الکفارة إذا کان صدوره منه ناشئاً عن جهل أو نسیان ، ویستثنی من ذلک موارد :

1 - ما إذا نسی الطواف فی النسک وواقع أهله ، أو نسی شیئاً من السعی فی عمرة التمتّع فأحل لاعتقاده الفراغ من السعی ، وما إذا أتی أهله بعد السعی وقبل التقصیر جاهلاً بالحکم .

2 - من أمرّ یده علی رأسه أو لحیته عبثاً فسقطت شعرة أو شعرتان .

3 - ما إذا دهن عن جهل ، ویأتی جمیع ذلک فی محالّها .

3 - تقبیل النساء

مسألة 226 : لا یجوز للمحرم تقبیل زوجته عن شهوة ، فلو قبّلها وخرج منه المنی فعلیة کفارة بدنة أو جزور ، وکذلک إذا لم یخرج منه المنی علی الأحوط إن لم یکن أقوی ، وأما إذا لم یکن التقبیل عن شهوة فکفارته شاة .

مسألة 227 : إذا قبّل الرجل بعد طواف النساء امرأته فعلیه أن یکفّر بدم شاة إن لم تکن المرأة مطاوعة له ، وإلّا فالکفارة علیها أیضاً .

ص:80

4 -مسّ النساء

مسألة 228 : لا یجوز للمحرم أن یمس زوجته عن شهوة ، فإن فعل ذلک لزمه کفارة شاة ، وکذلک المحرمة ، فإذا لم یکن المس عن شهوة فلا شیء علیه .

5 - النظر إلی المرأة وملاعبتها

مسألة 229 : إذا لاعب المحرم إمرأته حتی أمنی لزمته کفارة بدنة ، وإذا نظر إلی امرأة أجنبیة عن شهوة أو غیر شهوة فأمنی وجبت علیه الکفارة ، وهی بدنة أو جزور علی الموسر وبقرة علی المتوسط وشاة علی الفقیر ، وأما إذا نظر إلیها ولو عن شهوة ولم یمن فهو وإن کان مرتکباً لمحرم إلّاأنه لا کفارة علیه .

مسألة 230 : إذا نظر المحرم إلی زوجته عن شهوة فأمنی وجبت علیه الکفارة وهی بدنة أو جزور وأما إذا نظر إلیها بشهوة ولم یمن أو نظر إلیها بغیر شهوة فأمنی فلا کفارة علیه .

مسألة 231 : الأظهر حرمة مطلق استمتاع المحرم بزوجته فی غیر ما مرّ وإن لم تلزمه الکفارة إلّابالإمناء والمسّ الذی تقدم حکمه ونحوه .

ص:81

6 -الاستمناء

مسألة 232 : إذا عبث المحرم بذکره فأمنی فحکمه حکم الجماع ، وکذلک مطلق الاستمناء علی الأحوط ، وعلیه فلو وقع ذلک فی إحرام الحجّ قبل الوقوف بالمزدلفة وجبت الکفارة ولزم إتمامه وإعادته فی العام القادم کما إنه لو فعل ذلک فی عمرته مطلقاً قبل الفراغ من السعی لزمه الإتمام والإعادة علی ما تقدم ، وکفارة الإستمناء کفارة الجماع .

7 - عقد النکاح

مسألة 233 : یحرم علی المحرم عقد النکاح لنفسه أو لغیره سواء کان ذلک الغیر محرماً أم محلاً وسواء کان النکاح دائماً أم منقطعاً ، وکذلک یحرم علی المحل العقد للمحرم ، ویفسد العقد فی جمیع هذه الصور .

مسألة 234 : إذا عُقد لمحرم علی امرأة فدخل بها وکان العاقد والزوج عالمین بتحریم العقد فی هذا الحال فعلی کل منهما کفارة بدنة وکذلک علی المرأة إن کانت عالمة بالحال وإن کان العاقد والمرأة محلّین ، والأحوط ثبوت الکفارة إذا کانت المرأة محرمة وإن کان العاقد والزوج محلّین مع العلم والدخول .

ص:82

مسألة 235 : المشهور حرمة حضور المحرم مجلس العقد والشهادة علیه وهو الأحوط إن لم یکن أقوی ، وذهب بعضهم إلی حرمة أداء الشهادة علی العقد السابق أیضاً ولکن دلیله غیر ظاهر .

مسألة 236 : الأحوط أن لا یتعرض المحرم لخطبة النساء ، نعم لا بأس بالرجوع إلی المطلقة الرجعیة وبشراء الإماء وإن کان شراؤها بقصد الاستمتاع ، والأحوط أن لا یقصد بشرائه الاستمتاع حال الإحرام ، والأظهر جواز تحلیل أمته وکذا قبوله التحلیل .

8 - استعمال الطیب

مسألة 237 : یحرم شتی استعمالات الطیب بکافة أنواعه سواء کان طیباً بذاته کالزعفران والعود والمسک والورس والعنبر والکافور أو کان مستخلصاً ومتخذاً من شیء آخر کدهن الورد ودهن الریاحین والعطورات الحدیثة ونحوها ، وسواء کان طیباً للثیاب والبدن أو للطعام والشراب ، بالشم أو اللمس أو الإدّهان أو اللطخ والدلک بالبدن أو الثیاب أو بالبخور أو السعوط أو التقطیر أو الأحتقان أو الأکل أو الشرب أو غیرها من الأنحاء التی تعد استعمالاً فی العرف ، وکذلک یحرم شم النباتات ونحوها ذات الرائحة الطیبة کالورود والریاحین والیاسمین والریحان الفارسی ونحوها ، التی تنبت لأجل رائحتها أو یعتاد استخلاص الطیب منها بخلاف ما لا تنبت لأجل ذلک ولا یعتاد

ص:83

استخلاص الطیب منها .

فهذه أقسام ثلاثة :

فالأوّل : یحرم مطلق استعمالاته .

والثانی : لا یحرم إلّاشمّه فقط .

والثالث : لا یحرم شمّه ولا استعماله ، ویندرج فی هذا القسم ما یتخذ لتطیب فضاء الدور والأمکنة کبیوت الخلاء مثل الأذخر والقیصوم والشیح ونحوها من النباتات البرّیة التی لم تتخذ لطیب البدن أو الأکل ، وکذا المواد المصنّعة لأجل ذهاب الروائح النتنة من الکنیف ونحوه والسدر والخطمی والحناء .

مسألة 238 : لا بأس بأکل الفواکه والخضروات الطیبة الرائحة کالتفاح والسفرجل والأترج والأشبنت والنعناع ، لکن یکره شمها فینبغی الامساک عن شمها حین الأکل وهو الأحوط .

مسألة 239 : لا یجب علی المحرم أن یمسک علی أنفه من الرائحة الطیبة حال سعیه بین الصفا والمروة إذا کان هناک من یبیع العطور ، ولکن علیه أن یمسک علی أنفه من الرائحة الطیبة - من القسمین الأولین المذکورین فی مسألة 237 - فی غیر هذا الحال ، ولا بأس بشمّ خلوق الکعبة وهو نوع خاص من العطر .

مسألة 240 : إذا استعمل المحرم متعمداً شیئاً من الطیب من القسم الأول - ما هو طیب بذاته - فعلیه کفارة شاة وإن کان مضطراً ،

ص:84

وینبغی التکفیر لشم الرائحة الطیبة من القسم الثانی - ما ینبت للطیب - بالتصدق بقدر ما صنع من الطعام أو بقدر شبعه ، وکذلک إذا استعمل ما هو طیب بذاته من غیر عمد .

والکفارة تتکرر بحسب أنواع الأصناف وکذا تتعدد بحسب المجالس .

مسألة 241 : یحرم علی المحرم أن یمسک علی أنفه من الروائح الکریهة ، نعم لا بأس بالإسراع فی المشی للتخلص من ذلک .

9 - لبس المخیط للرجال

مسألة 242 : یحرم علی المحرم أن یلبس القمیص والقباء والسروال والثوب المزرور مع شد أزراره والدرع - وهو کل ثوب یمکن أن تدخل فیه الیدان - وکذا کل ثوب مفصل وإن لم یکن مخیطاً کالملبّد الذی تستعمله الرعاة والمنسوج ، ویستثنی من ذلک « الهمیان » وهو ما یوضع فیه النقود خاصة للاحتفاظ بها ویشدّ علی الظهر أو البطن ، فإنّ لبسه جائز وإن کان من المخیط ، وکذلک لا بأس بالتحزم بالحزام المخیط الذی یستعمله المبتلی بالفتق لمنع نزول الأمعاء فی الانثیین ، ویجوز للمحرم أن یغطی بدنه - ما عدا الرأس - باللحاف ونحوه من المخیط حالة الاضطجاع للنوم وغیره .

مسألة 243 : لا یعقد الإزار والرداء فی عنقه ، بل لا یعقده مطلقاً

ص:85

بنحو یغیر هیئتهما ، وکذا الغرز بالإبرة أو المشقص وغیرهما بالنحو المغیر للهیئة ، نعم یجوز العقد فی المئزر لصرّ النفقة أو لقصر الثوب ونحوها من الحاجات ، ویجوز شد المنطقة والهمیان علی المئزر وکذا العمامة ، وإن کان الأحوط ترکه لا سیما الأخیر .

مسألة 244 : یجوز للنساء لبس المخیط مطلقاً عدا الحریر الخالص والقفّازین : وهو لباس خاص یلبس للیدین .

مسألة 245 : إذا لبس المحرم متعمداً شیئاً مما حرم لبسه علیه فکفارته شاة ، وکذلک إذا کان مضطراً فی غیر الساتر والتقیة وهو الأحوط فیهما أیضاً ، وتتعدد الکفارة بحسب ضروب الثیاب .

10 - الاکتحال

مسألة 246 : الاکتحال علی صور :

1 - أن یکون بکحل یعدّ زینة عرفاً کالکحل الأسود أو غیره وهذا حرام ، وتلزمه کفارة شاة علی الأحوط الأولی ، ویسوغ مع الاضطرار إلیه .

2 - أن یکون بکحل لا یعدّ زینة عرفاً کما فی بعض الکحل غیر الأسود لکنه یقصد به الزینة فالأحوط الاجتناب عنه ، والأولی التکفیر أیضاً .

3 - أن یکون بکحل لا یعدّ زینة ولا یقصد به الزینة فلا بأس به

ص:86

ولا کفارة علیه .

11 - النظر فی المرآة

مسألة 247 : یحرم علی المحرم النظر فی المرآة للزینة ، وکفارته شاة علی الأحوط الأولی ، وأما النظر فیها لغرض آخر غیر الزینة کالنظر لعلاج الجروح أو نظر السائق لرؤیة ما خلفه فلا بأس به .

ویستحب لمن نظر فیها للزینة تجدید التلبیة ، وکذلک الحکم فی سائر الأجسام الشفافة أو الصقیلة الأخری التی تعکس الصورة بمثابة المرآة ، بخلاف ما کان عکسه ضعیفاً کالماء الصافی ونحوه وإن کان الأولی اجتنابه ، وأما لبس النظارة فلا بأس به للرجل أو المرأة إذا لم یکن للزینة .

12 - لبس الخفّ والجورب

مسألة 248 : یحرم علی الرجل المحرم لبس الخف والجورب والشمشک ونحوها من ألبسة القدم ، سواء کان ساتراً لتمام ظهر القدم أو لا ، وکفّارة ذلک شاة ، ولا بأس بلبسهما للنساء ، وإذا لم یتیسّر للمحرم نعلٌ أو شبهه ودعت الضرورة إلی لبس الخفّ فلیخرقه من الأعلی ، ولا بأس بستر تمام ظهر القدم من دون لبس .

ص:87

13 - الفسوق

مسألة 249 : وهو الکذب والسب والمفاخرة ، والأولان محرّمان فی جمیع الأحوال لکن حرمتهما مؤکدة حال الأحرام ، والمفاخرة المحرمة هی أظهار الفخر من حیث الحسب أو النسب أو بقیّة الصفات لأثبات فضیلة مع استلزامه أو کون الداعی الحط من شأن الآخرین ، وهذا محرم فی نفسه ، وکذلک ما کان تکبراً وإن لم یستلزم اهانة الغیر ، وإن اشتد کان من الکبائر وهو محرم مؤکد علی المحرم ، بخلاف ما إذا لم یکن فی البین إهانة ولا تکبر بغرض الدواعی المباحة أو الراجحة .

14 - الجدال

مسألة 250 : یحرم الجدال علی المُحرم ، وهو ما کان مشتملاً علی الحلف باللّه تعالی أو أحد أسمائه الحسنی ، سواء بالعربیّة أم بغیرها فی مقام الإخبار لإثبات أمر أو نفیه ، سواء کان صادقاً أم غیر صادق ، وإن لم یکرر ولا یختص بلفظ « بلی » ولفظ « لا » . وعلی ذلک لا تحرم یمین المناشدة ، أو یمین التکریم ، أو یمین التعهّد ، وکذلک الحلف بغیر اللّه حتی فی مقام الإخبار ، والأحوط ترک الخصومة الشدیدة وإن لم تتضمن الحلف .

مسألة 251 : یستثنی من حرمة الجدال أمران :

ص:88

الأوّل : أن یکون ذلک لضرورة تقتضیه من إحقاق حقّ أو إبطال باطل .

الثانی : أن لا یقصد بذلک الحلف کما مرّ فی یمین المناشدة والتکریم والعهد وغیرها ، فیقصد به أمراً آخر کالحثّ أو إظهار المحبة والتعظیم ونحو ذلک ، کقول القائل واللّه لا تفعل ذلک .

مسألة 252 : لا کفارة علی المجادل فیما إذا کان صادقاً فی قوله ولکنّه یستغفر ربّه ، هذا فیما إذا لم یتجاوز حلفه المرّة الثانیة ، وإلّا کان علیه کفّارة شاة ، وأما إذا کان الجدال عن کذب فعلیه کفّارة شاة علی المرّة الأولی ، وبقرة للمرة الثانیة إن لم یکفّر عن الأولی منهما قبل وقوع الثانیة ، وجزور للمرة الثالثة فما فوق إن لم یکفّر عن الإثنتین قبل وقوع الثالثة ، والکفارة لا تتعدد ما لم یتخلل وقوع التکفیر قبل ذلک .

15 - قتل هوام الجسد

مسألة 253 : لا یجوز للمحرم قتل هوام البدن کالقمل وغیره ممّا یتولد فی الجسد ویتکاثر فیه ، ولا إلقاؤه من جسده أو جسد دابّته ، ولا بأس بنقله من مکان إلی مکان آخر ، وإذا فعل ذلک فیکفّر بکفٍ من الطعام للفقیر .

أما البق والبرغوث وأمثالهما فیجوز قتلهما إن حصلت الأذیة منهما ، ویجوز دفعهما .

ص:89

16 - التزین

مسألة 254 : یحرم التزین علی المحرم سواء بالتختم أو بغیره ، کأن یلبس خاتماً یعد من الزینة عرفاً ، لا ما یعدّ من الآداب والسنن الشرعیة مجرّداً ، نعم فی الصورة الأخیرة لو لبسه بقصد الزینة فالأحوط عدم لبسه کما مرّ فی الکحل ، وکفّارة التزیّن شاةٌ علی الأحوط الأولی .

مسألة 255 : یحرم علی المحرم إستعمال الحناء فیما إذا عدّ زینة خارجاً وإن لم یقصد به التزین ، نعم لا بأس به إذا لم یکن زینة ، کما إذا کان لعلاج ونحوه .

مسألة 256 : یحرم علی المرأة المحرمة لبس الحلی للزینة ، ویستثنی من ذلک ما کانت تعتاد لبسه قبل إحرامها ولکنها لا تظهره للرجال غیر المحارم ، والأحوط عدم إظهاره للمحارم الذین یقلّ الاختلاط بهم .

17 - الإدهان

مسألة 257 : لا یجوز للمحرم الإدهان ولو کان بما لیست فیه رائحة طیّبة ، ولا یدّهن قبل الإحرام بما یبقی أثره بنحو بیّن ، ویستثنی من ذلک ما کان لضرورة وعلاج ممّا کان غیر مطیّب ، نعم لو إضطرّ إلی خصوص ما کان مطیباً جاز أیضاً لکن یتجنب شمّه .

ص:90

مسألة 258 : کفارة الإدهان بالدهن المطیب شاة إذا کان عن علم وعمد ، وإذا کان عن جهل فإطعام فقیر .

18 - إزالة الشعر عن البدن

مسألة 259 : لا یجوز للمحرم أن یزیل الشعر عن بدنه أو بدن غیره المحرم أو المحل ، وتستثنی من ذلک حالات الضرورة کأن یتکاثر القمل علی بدن المحرم فیتأذی بذلک ، وکما إذا أوجبت کثرة الشعر صداعاً ، وکأن یکون الشعرُ نابتاً فی أجفان العین فیتأذی بذلک ، وغیرها من الضرورات المستوجبة إزالته .

نعم ما ینفصل من شعر الجسد من غیر قصد حین الوضوء أو الإغتسال فلا بأس به .

مسألة 260 : إذا حلق أو أخذ المحرم شعر رأسه ولو بالإطلاء أو الحفّ ونحوهما من دون ضرورة فکفارته شاة .

وإذا حلقه لضرورة فکفارته شاة ، أو صوم ثلاثة أیّام ، أو إطعام ستة مساکین لکل واحد مدّان من الطعام .

وإذا نتف أو أخذ المحرم شعر عانته أو إبطیه أو ما علی بقیّة بدنه فکفارته شاة ، وکذا إذا نتف أو أخذ أحد إبطیه علی الأحوط وإن کان الاکتفاء بإطعام ثلاثة مساکین لا یخلو من وجه .

وإذا نتف شیئاً من شعر لحیته وغیرها فعلیه أن یطعم مسکیناً بکف

ص:91

من الطعام ، ولا کفارة فی حلق المحرم رأس غیره محرماً کان أم محلاً ، والأحوط فی سقوط بعض الشعر التصدق بکف من الطعام .

مسألة 261 : لا بأس بحک المحرم رأسه ما لم یسقط الشعر عن رأسه وما لم یدمه ، وکذلک البدن ، وإذا أمرّ المحرم یده علی رأسه أو لحیته عبثاً فسقطت شعرة أو شعرتان فلیتصدق بکف من طعام ، وأما إذا کان فی الوضوء ونحوه فلا شیء علیه .

19 - ستر الرأس للرجال

مسألة 262 : لا یجوز للرجل المحرم ستر رأسه وهو ما یقابل الوجه - ویشمل الأذنین - ولو جزءً منه ، بأی نوع من الساتر ولو بمثل الطین أو بحمل شیء علی الرأس ، نعم لا بأس بمثل حبل القربة مع الحاجة ، وکذلک تعصیبه بالمندیل ونحوه للضرورة کالصداع ، والأحوط ترک تغطیة الرأس عند المنام .

مسألة 263 : یجوز ستر الرأس ببعض البدن کالید والأولی ترکه .

مسألة 264 : لا یجوز للمحرم الارتماس - أی رمس رأسه - فی الماء ولو خلط مع غیره ، وکذلک فی غیر الماء علی الأحوط ، والظاهر عدم الفرق فی ذلک بین الرجل والمرأة .

مسألة 265 : إذا ستر المحرم رأسه فکفارته شاة علی الأحوط ، دون موارد جواز الستر المتقدمة .

ص:92

20 - ستر الوجه للنساء

مسألة 266 : لا یجوز للمرأة المحرمة أن تستر وجهها بالبرقع أو النقاب ، أو غیرهما بأی ساتر کان ولو بعض وجهها بل اللازم علیها إسفار الوجه ، نعم یجوز لها أن تغطی وجهها حال النوم ، ولا بأس بستر بعض وجهها مقدمة لستر الرأس فی الصلاة وترفعه عند الفراغ منها .

مسألة 267 : للمرأة إسدال ما علی رأسها من الخمار أو نحوه من ثوبها إلی ما یحاذی أنفها أو ذقنها بحسب حاجتها فی الاحتجاب من الأجنبی ، لکنها تجافیه عن وجهها .

مسألة 268 : کفارة ستر الوجه شاة علی الأحوط .

21 - التظلیل للرجال

مسألة 269 : لا یجوز للرجل المحرم التظلیل حال مسیره وحرکته بشیء یتحرک معه کالمظلة والظلال وسقف المحمل أو السیارة أو الطائرة ونحوها ، بخلاف الشیء الثابت کالجبل والجدار والشجر ونحو ذلک فیجوز السیر فی ظلها وکذلک السحابة المانعة عن أشعة الشمس ، ولا فرق فی الحرمة بین الراکب والراجل کما لا فرق بین التظلیل فوق الرأس وما علی أحد الجوانب مما کان بحذاء الصدر والرأس ،

ص:93

ویستثنی من ذلک للراجل الاستظلال بظل المحمل والسیارة ونحوها حال المسیر لا بمثل المظلة الیدویة ونحوها ، کما یجوز للمحرم مطلقاً التستر من الشمس ونحوها بیدیه .

مسألة 270 : المراد من الاستظلال التستر بالظِلال وما یکنُ ویحجر عن البروز فی الفضاء والسماء سواء کان نهاراً أم لیلاً وسواء کان الجو بارداً أو حاراً أو ممطراً أو مع الریح ونحو ذلک أم لا ، وسواء کان التظلیل مؤثراً أو لم یکن کما لو کان السحاب کثیفاً یجلل الشمس .

مسألة 271 : التظلیل المحرم إنما هو حال الرکوب والسیر من مکان إلی آخر سواء فی طریق السفر أو داخل مکّة والمشاعر ، وکذلک لو کان انتقاله فی الأمکنة راجلاً بالمظلة ونحوها من الساتر المتحرک ، وأما إذا نزل فی الأمکنة والمواضع فیجوز له الاستظلال بالظلال الثابتة کالجدران والجسور والخباء ونحوها ، وبالظلال المتحرکة الجانبیة للراجل ولو ظللت رأسه کالسیر فی ظل السیارة الجانبی والمحمل ونحوهما .

مسألة 272 : لا بأس بالتظلیل للنساء والأطفال ، وکذلک للرجال عند الضرورة والخوف من الحر أو البرد أو غیرهما .

مسألة 273 : کفارة التظلیل شاة ، لکل إحرام نسک سواء ارتکبه اختیاراً أم اضطراراً ، والأولی والأحوط التکفیر عن کل یوم بمدّ أیضاً .

ص:94

22 - إخراج الدم من البدن

لا یجوز للمحرم إخراج الدم من جسده سواء بالفصد أو الحجامة أو قلع الضرس أو الحک أو غیرها ، إلّاإذا اضطر إلی ذلک ولو لدفع الأذیة ، ویجوز له الاستیاک وإن أدمی لکنه یراعی عدم وقوعه ، وکفارة إخراج الدم لغیر ضرورة شاة علی الأحوط الأولی .

23 - تقلیم الظفر

لا یجوز للمحرم تقلیم ظفره ولا إزالته ولو بعضه إلّاأن یؤذیه بقاؤه ویتضرر منه کما إذا انفصل بعض ظفره وتألم من بقاء الباقی فیجوز له حینئذٍ ویکفر عن کل ظفر بقبضة من الطعام .

مسألة 274 : کفارة تقلیم کل ظفر مد من الطعام من الید أو الرجل ، وإذا بلغت العشرة فی الیدین أو العشرة فی الرجلین فالکفارة شاة واحدة ، وتتعدد بتعدد عشرة الیدین والرجلین إلّاإذا کان تقلیمها جمیعاً فی مجلس واحد .

مسألة 275 : إذا أفتی شخص لمحرم بأن أخبره بجواز تقلیم أظافیره فقلّمها وأدمی فتجب علی المفتی الکفّارة علی الأحوط .

ص:95

24 - قلع الضرس

مسألة 276 : ذهب جمع من الفقهاء إلی حرمة قلع الضرس علی المحرم وإن لم یخرج به الدم ، وأوجبوا له کفارة شاة ، وهو لا یخلو من إشکال .

25 - حمل السلاح

مسألة 277 : لا یجوز للمحرم حمل السلاح کالسیف والبندقیة والرشاش وغیرها من الأسلحة بنحو یصدق علیه أنه مسلّح عرفاً ، وکذلک علی الأحوط الألبسة العسکریة الحربیة .

مسألة 278 : لا بأس بوجود السلاح عند المحرم إذا لم یعدّ مسلّحاً بذلک .

مسألة 279 : یجوز حمل السلاح عند الاضطرار والخوف علی النفس .

مسألة 280 : کفارة حمل السلاح شاة علی الأحوط .

إلی هنا انتهت الأمور التی تحرم علی المحرم

ص:96

أحکام الحرم المکّیّ

وهی تعم المحرم والمحل :

الأوّل : حرمة من دخله وإن کان متصفاً بما یهدر الحرمة .

الثانی : حرمة الصید البری وکذلک التعرض له بالتنفیر والأذیة ونحو ذلک فالمراد من الحرمة کونه آمناً .

الثالث : قلع ما نبت فی الحرم أو قطعه من شجر أو زرع أو عشب وغیره ، ویستثنی من ذلک :

1 - ما یقطع أو یتلف عند المشی فی النحو المتعارف .

2 - ما تأکله الدواب .

3 - الاذخر وهو نبت .

4 - النخل وشجر الفواکه .

5 - الأشجار أو الأعشاب وما ینبت فی الدار والملک بعد تملکها سواء نبت بیده أو لا ، بخلاف الشجرة التی کانت سابقة علی تملکه للدار والملک .

الرابع : حرمة دخول الحرم إلّامحرماً وقد تقدم فی فصل المواقیت .

ص:97

ویلحق عند جماعة بحرم مکّة حرم المدینة فی حرمة الصید والشجر والنبات وهو أحوط إن لم یکن أظهر ، وحدّه « عائر » و« وعیر » الجبلان المحیطان بالمدینة المنورة .

مسألة 281 : یکفی فی حرمة الشجر والنبات أن یکون فرعه فی الحرم .

مسألة 282 : کفارة قلع الشجرة الکبیرة بقرة والصغیرة شاة والأبعاض القیمة ، ولا کفارة فی قلع الأعشاب وقطعها .

ص:98

محل ذبح الکفارة ومورد مصرفها

اشارة

مسألة 283 : محل ذبح کفارة الصید فی العمرة مکّة وفی الحجّ منی ، نعم یجب اتّخاذ الهدی وتعیین فداء الصید فی المکان الذی أصابه فیه .

ومحل ذبح الکفارة غیر الصید فی العمرة یُتخیر بین مکّة ومنی فیما لو تعقبت بالحجّ وإلّا ففی مکّة خاصة ، وفی الحجّ منی .

مسألة 284 : إذا لم یذبح الکفارة فی مکّة أو منی - لعذر أو بدونه - حتی رجع فیذبحها حیث یشاء إن کانت کفارة غیر الصید ، وکذلک کفارة الصید إن لم یتمکّن منها فی الحرم حتی رجع .

مصرف الکفارة

الکفارات الواجبة فی الإحرام یتصدق بها علی الفقیر والمسکین المؤمن وإلّا فالمستضعف ، ولا یأکل من وجبت علیه منها ، ولو ارتکب ذلک کان ضامناً لقیمة المأکول یتصدق بها علی الفقراء .

ص:99

الطواف

اشارة

الطواف هو الواجب الثانی فی عمرة التمتّع وهو رکن فی الجملة ، وتفسد عمرة التمتّع بترکه عمداً سواء أکان عالماً بالحکم أو جاهلاً به مع التفاته لجهله - بأن یکون شاکّاً - ، بخلاف ما لو کان ترکه غیر عمدی کما لو أتی به فاسداً بسبب الجهل بالحکم وشرائط الصحة أو الجهل بالموضوع وتحقق شرائطه بنحو لا یلتفت إلی جهله کالناسی والغافل ، فیجب علیه تدارکه بعد الالتفات وتصح عمرته .

ویتحقق الترک بالتأخیر إلی زمانٍ لا یمکنه إدراک الوقوف بعرفات .

ثم فی صورة الترک العمدی المفسد لعمرة التمتّع الأقوی أن إحرامه ینقلب إلی حج الإفراد ثم یأتی بعمرة مفردة بعد ، والأظهر اجتزاؤه بذلک وإن کان مقصراً آثماً لا سیّما إذا کان الحجّ ندبیاً ، والأحوط فیما إذا کان واجب الإعادة ، ثم لو فوّت الموقفین فإن کان حجّه ندبیاً یتحلل بعمرة مفردة ، والأحوط له الحجّ من قابل کفارة عن ما ارتکبه ، وإن کان الحجّ واجباً فیتحلل بالعمرة المفردة وعلیه الحجّ من قابل .

ص:100

شرائط الطواف

ویعتبر فی الطواف أمور :

الأوّل : النیة ، بأن یقصد عنوان الطواف من النسک المعین بداعی القربة ، فلا یجزیء مجرد الدوران من دون القصد المزبور .

الثانی : الطهارة من الحدثین الأکبر والأصغر ، فلو طاف المحدث عمداً أو جهلاً أو نسیاناً لم یصحّ طوافه .

مسألة 285 : إذا أحدث المحرم أثناء طوافه فللمسألة صور :

الاُولی : أن یکون ذلک قبل تمام الشوط الرابع ففی هذه الصورة یبطل طوافه وتلزم إعادته بعد الطهارة ، سواء کان حدثه قبل النصف أو بعد النصف وقبل تمام الأربعة ، وذلک لفساد الشوط الرابع لإخلاله بالموالاة فیه .

الثانیة : أن یکون الحدث بعد إتمامه الشوط الرابع ومن دون اختیاره أو بسبب الحرج والحاجة فالأظهر فی هذه الصورة أن یقطع طوافه ویتطهّر ویتمّه من حیث قطعه عدداً لا موضعاً .

الثالثة : أن یکون الحدث بعد تمام الشوط الرابع مع صدور الحدث باختیار من دون مشقة وحاجة فالأظهر الإعادة ، والأحوط إتمامه مع الصلاة ثم الإعادة .

مسألة 286 : إذا شک فی الطهارة قبل الشروع فی الطواف أو قبل

ص:101

إتمام الشوط الرابع فإن کانت الحالة السابقة هی الطهارة بنی علیها وأتی بالأشواط ، وإن لم یعلم الحالة السابقة فیجب الطهارة والطواف من رأس ابتداءً ، وإن کان شکه بعد تمام الأربعة فإن کانت الحالة السابقة هی الطهارة أتمّ بقیّة الأشواط أیضاً ، وإن لم یعلم الحالة السابقة جدّد الطهارة وأتمّ ما بقی .

مسألة 287 : إذا شکّ فی الطهارة بعد الفراغ من الطواف لم یعتنِ بالشکّ وإن کانت الإعادة أحوط ، ولکن تجب الطهارة لصلاة الطواف .

نعم لو علم بالحدث الأکبر قبل الطواف ثم غفل وطاف ثم احتمل أنه قد اغتسل فإن أحدث بالأصغر قبل أن یغتسل لصلاة الطواف فإن اللازم علیه أن یغتسل ویتوضّأ ویصلّی صلاة الطواف ویعید الطواف مرّة أخری مراعاة للعلم الإجمالی .

مسألة 288 : إذا لم یتمکّن المکلّف من الوضوء أو یئس منه فی الوقت المتسع للطواف یتیمم ویأتی بالطواف ، وإذا لم یتمکّن من التیمم فی الوقت المزبور أیضاً لزمته الاستنابة للطواف ، والأحوط الأولی أن یضم إلی ذلک طوافه بنفسه .

مسألة 289 : یجب علی الحائض والنفساء بل مطلق المحدث بالأکبر أو ذی الحدث الذی لا یرتفع إلّابالغسل أن یغتسل للطواف ، ومع تعذر الاغتسال أو الیأس منه یجب الطواف مع التیمم ، والأحوط الأولی ضم الاستنابة ، نعم لو تعذر التیمم أیضاً وجبت الاستنابة .

ص:102

مسألة 290 : إذا حاضت المرأة القاصدة لعمرة التمتّع ففی المسألة صور :

الاُولی : أن یکون الحیض قبل الإحرام أو حال الإحرام :

فإن وسع الوقت لأداء أعمالها أحرمت بعمرة التمتّع وصبرت إلی أن تطهر وتغتسل وتأتی بالنسک .

وإن لم یسع الوقت فتحج بالإفراد وتأتی بأعماله ثم تحرم بعمرة مفردة ، إلّاأن تطهر فجأةً بحیث تتمکن فیه من أعمال عمرة التمتّع فتعدل بنیتها إلیها وتأتی بها .

ولو کانت شاکة فی الضیق والسعة فانها تنوی التمتّع فإن تبین الضیق وکان الحیض قبل الإحرام فتفرد وإن کان بعد فسیأتی فی الصورة الثانیة .

الصورة الثانیة : أن یکون حیضها بعد الإحرام وقبل الطواف فإن وسع الوقت فتصبر حتی تطهر وتأتی بالأعمال ، وإن لم یسع الوقت وضاق فتتخیر بین العدول إلی حج الإفراد والإتیان بنسکه ثم بعمرة مفردة ، وبین البقاء علی عمرة التمتّع فیما کان الحجّ مندوباً علی الأقوی ، وأما فیما کان حجّة الاسلام فالأحوط إن لم یکن أظهر تعین إتیانها لأعمال عمرة التمتّع ، فتأتی بأعمالها من السعی والتقصیر من دون طواف ثم تحرم للحج وتأتی بأعماله وبعد الفراغ منها تطوف طواف العمرة قبل طواف الحجّ ، هذا فیما إذا کانت متمکّنة من الطواف لطهرها وأما لو کانت تعلم بعدم طهرها بعد أعمال الحجّ مدة بقاء رفقتها

ص:103

تعین الاستنابة للطواف قبل السعی لعمرة التمتّع ثم تأتی هی بالسعی والتقصیر .

مسألة 291 : إذا حاضت المحرمة أثناء طوافها فالمشهور - وهو الأظهر - علی أن طروء الحیض إذا کان قبل تمام أربعة أشواط بطل طوافها ، وکانت وظیفتها - ما مرّ سابقاً - وإذا کان بعده صح ما أتت به ووجب علیها إتمامه عدداً « من الحجر الأسود » بعد الطهر والاغتسال ولا تعتد بالشوط الذی حدث فی أثنائه الحیض ولم یتم .

هذا فیما إذا وسع الوقت وإلّا سعت وقصرت وأحرمت للحج ولزمها الإتیان بقضاء طوافها بعد الرجوع من منی وقبل طواف الحجّ إن کانت تتمکن من ذلک وإلّا الاستنابة قبل السعی والتقصیر .

مسألة 292 : إذا حاضت المرأة بعد الفراغ من الطواف وقبل الإتیان بصلاة الطواف صحّ طوافها وأتت بالصلاة بعد طهرها واغتسالها ، وإن ضاق الوقت سعت وقصرت وقضت الصلاة قبل طواف الحجّ .

مسألة 293 : إذا طافت المرأة وصلّت ثم شعرت بالحیض ولم تدر أنه کان قبل الطواف أو الصلاة أو فی أثنائهما أو أنه حدث بعد الصلاة بنت علی صحة الطواف والصلاة ، وإذا علمت أن حدوثه کان قبل الصلاة أو بعد الأربعة الأشواط وضاق الوقت سعت وقصرت وأخّرت بقیّة الأشواط أو الصلاة إلی أن تطهر وقد تمّت عمرتها .

ص:104

مسألة 294 : إذا أحرمت المرأة لعمرة التمتّع وکانت متمکّنة من أعمالها ولکنها أخرتها مع علمها بطروء الحیض عند التأخیر فحکمها حکم من أفسد العمرة وقد تقدم فی أول الطواف ، وإلّا فحکمها حکم من فاجأها الحیض .

مسألة 295 : الطواف المندوب لا تعتبر فیه الطهارة عن الحدث الأصغر ، وأما الطهارة عن الحدث الأکبر ففی عدم اعتبارها إشکال ، ولکن صلاته لا تصح إلّاعن طهارة .

مسألة 296 : المعذور یکتفی بطهارته العذریة کالمجبور والمسلوس ، أما المبطون فإن قوی علی الطواف ولم یخش تلوث المسجد منه فیطوف ، وإلّا یطاف به ، وإلّا فیستنیب للطواف ، وإن کان الأحوط الأولی أن یجمع الطواف بنفسه والاستنابة .

وأما المستحاضة فإن کانت قلیلة فتتوضّأ لکل من الصلاة والطواف ، وإن کانت متوسطة فتغتسل غسلاً واحد لهما وتتوضّأ لکل منهما ، وإن کانت کثیرة فتغتسل وتتوضّأ لکل منهما .

الثالث : من الأمور المعتبرة فی الطواف :

الطهارة من الخبث ، فلا یصح الطواف مع نجاسة البدن أو اللباس ، ویعفی عن النجاسة المعفو عنها فی الصلاة وکذا ما لا تتم الصلاة فیه ، نعم الأحوط عدم حمل المتنجس مما تتم الصلاة فیه حال الطواف .

مسألة 297 : لا بأس بدم القروح والجروح قبل برئها ولا تجب

ص:105

إزالته عن الثوب والبدن فی الطواف ، وکذا الحال فی کل نجاسة اضطراریة .

مسألة 298 : إذا لم یعلم بنجاسة بدنه أو ثیابه ثم علم بها بعد الفراغ من الطواف صح طوافه ، فلا حاجة إلی إعادته ، وکذلک تصح صلاة الطواف إذا لم یعلم بالنجاسة إلی أن فرغ منها .

مسألة 299 : إذا نسی نجاسة بدنه أو ثیابه ثم تذکرها بعد طوافه أعاد طوافه علی الأحوط إن لم یکن أظهر ، وإذا تذکرها بعد صلاة الطواف أعادها .

مسألة 300 : إذا لم یعلم بنجاسة بدنه أو ثیابه وعلم بها أثناء الطواف أو طرأت النجاسة علیه أثناء الطواف فإن استطاع استبداله أو نزعه بما لا یخلّ بالستر المعتبر فی الطواف وهو فی موضعه من المطاف أتم طوافه بعد ذلک ، وإن لم یمکنه ذلک وکان بعد إتمام الشوط الرابع من الطواف قطع طوافه ثم أتی بما بقی من أشواط الطواف من الحجر الأسود ، وإن کان قبل إتمام الرابع قطع طوافه وأزال النجاسة ثم یعید الطواف من رأس .

الرابع : الختان للرجال ، والأظهر اعتباره فی الصبیّ مطلقاً ، ممیزاً کان أو لا ، أحرم بنفسه أو أحرم به ولیّه .

مسألة 301 : إذا طاف المحرم غیر مختون بالغاً کان أو صبیّاً فلا یجتزئ بطوافه ویجری فیه ما له من الأحکام الآتیة ، فلابدّ من

ص:106

إعادته مختوناً وإلّا کان تارکاً .

مسألة 302 : إذا استطاع المکلّف وهو غیر مختون فإن أمکنه الختان والحجّ فی سنة الاستطاعة وجب ذلک ، وإلّا أستناب لطوافه ، وضم إلیه طوافه بنفسه علی الأحوط ، کما أن الأحوط فی صلاة الطواف أن یأتی کلا منهما بها .

الخامس : ستر العورة حال الطواف علی الأظهر ، ویعتبر فی الساتر الاباحة وجمیع شرائط لباس المصلی .

واجبات الطواف

تعتبر فی الطواف أمور سبعة :

الأوّل والثانی : الابتداء من الحجر الأسود والانتهاء عنده فی کل شوط ، بحیث تتحقق المحاذاة عرفاً ، وهی تتسع کلما ابتعد عن الحجر الأسود وتضیق کلما اقترب منه بنحو المثلث الذی رأسه عند الحجر الأسود وقاعدته جدار المسجد ، إلّاأن اللازم علیه مع تعدد نقاط المحاذاة أن یختم من النقطة التی ابتدأ منها ، والأولی فی الابتداء مراعاة أول نقاط المحاذاة ، کما أن الأولی فی الانتهاء استیعاب آخر نقاط المحاذاة .

الثالث : جعل الکعبة علی یساره فی جمیع أحوال الطواف بأن یکون مشیه فی المطاف حول الکعبة ماشیاً إلی الأمام والکعبة علی یساره ،

ص:107

فلا یکون مشیه علی أحد جانبیه مستقبلاً الکعبة أو مستدبراً لها ، فلو خطا بعض الخطوات بنحو الحرکة الجانبیة مستقبلاً أو مستدبراً أعاد ذلک المقدار ، ولا حاجة للمداقة فی ذلک بل یکفی الصدق العرفی .

الرابع : إدخال حجر إسماعیل فی المطاف فی ضمن ما یطوف به بأن یطوف حول الحجر فلا یخرجه بأن یتوسط ما بینه وبین الکعبة ، ولو فعل ذلک أعاد ذلک الشوط .

الخامس : أن لا یدخل الطائف الکعبة فی أثناء طوافه ، ولا یجتاز علی الصفّة التی فی أطرافها المسماة بشاذروان .

السادس : أن یطوف بالبیت سبع مرات متوالیات عرفاً ، ولا یجزیء الأقل من السبع ، ویبطل الطواف بالزیادة علی السبع عمداً کما سیأتی ، کما لا یجزیء الفصل المزیل للموالاة إلّافی موارد تقدم بعضها ویأتی بقیتها .

مسألة 303 : اعتبر المشهور فی الطواف أن یکون بین الکعبة ومقام إبراهیم علیه السلام ویقدر هذا الفاصل بستة وعشرین ذراعاً ونصف ذراع ، وبما أن حجر إسماعیل داخل فی المطاف فمحل الطواف والمطاف عند وسط الحجر لا یتجاوز ستة أذرع ونصف ذراع ، ولکن الظاهر کفایة الطواف فی الزائد علی هذا المقدار مع اتصال الصفوف ، ولا سیّما لمن لا یقدر علی الطواف فی الحد المذکور أو أنه حرج علیه ، وإن کان الأولی الطواف فی الحد المزبور .

ص:108

الخروج عن المطاف إلی الداخل أو الخارج

مسألة 304 : إذا خرج الطائف عن المطاف فدخل الکعبة بطل طوافه ولزمته الإعادة إذا کان قبل إتمام أربعة أشواط أو بعد الأربعة إن کان لغیر حاجة علی الأظهر ، وإن کان بعد الأربعة ولحاجة ولو من قبیل اغتنام الفرصة فیعید خصوص الشوط الذی قطعه بالدخول .

مسألة 305 : إذا مشی فی طوافه علی الصفة المسماة بالشاذروان بطل ذلک المقدار من الشوط فیلزم إعادة ذلک المقدار إن بقیت موالاة الشوط وإلّا فیعید الشوط من رأس .

مسألة 306 : إذا اختصر الطائف حجر إسماعیل فی طوافه بدخوله فیه بطل الشوط الذی وقع ذلک فیه وعلیه أن یعیده ، وإن کان ذلک عن جهل ونسیان ، وکذا التسلق علی حائطه علی الأحوط .

مسألة 307 : إذا قطع الطائف طوافه کأن یخرج من المطاف للخارج قبل تمام أربعة أشواط بطل طوافه ولزمه الإعادة ، وإن قطعه بعد تمام الأربعة لعذر أو حاجة وداعٍ راجح بنی علی ما تقدم وأتم ما بقی علیه من عدد الأشواط من الحجر الأسود .

هذا کله فی طواف الفریضة أما فی طواف النافلة فیجوز له البناء علی ما تقدم مطلقاً .

ص:109

مسألة 308 : إذا أحدث أثناء طوافه جاز له أن یخرج ویتطهر ثم یرجع ویتم طوافه إذا کان قد أتم أربعة أشواط وإلّا أعاد ، وکذلک الخروج لإزالة النجاسة عن ثیابه أو بدنه إذا استلزم الخروج عن المطاف ، وکذلک إذا حاضت المرأة أثناء الطواف ویجب قطعه والخروج من المسجد الحرام فوراً کما مرّ فی شرائط الطواف .

مسألة 309 : إذا قطع الطائف طوافه وخرج عن المطاف لصداع أو ألم ومرض أو لقضاء حاجة نفسه وکان ذلک قبل إتمام الشوط الرابع بطل طوافه ولزمته الإعادة ، وإن کان بعد الشوط الرابع بنی علی ما أتی وأتمّ ما بقی من عدد الأشواط من الحجر الأسود بعد زوال العذر ، وإلّا فیستنیب لما بقی من أشواط .

مسألة 310 : یجوز للطائف أن یخرج من المطاف لعیادة مریض أو لقضاء حاجة لنفسه أو لأحد إخوانه المؤمنین أو لداعٍ راجح ، ولکن تلزمه الإعادة إذا لم یستتم أربعة أشواط ، وإلّا بنی علی ما أتی به وأتم ما بقی من عدد الأشواط من الحجر الأسود .

مسألة 311 : یجوز الجلوس أثناء الطواف للاستراحة ، ولابدّ أن یکون مقداره لا یفوت الموالاة العرفیة إذا کان قبل تمام الأربعة أشواط وإلّا بطل طوافه ولزمه الإعادة .

ص:110

النقصان فی الطواف

مسألة 312 : إذا نقص من طوافه عمداً فإن فاتت الموالاة إما بالخروج من المطاف أو بالفاصل الزمنی الکثیر فحکمه حکم من قطع الطواف الذی تقدم تفصیله ، ولو قطع طوافه لدرک وقت الفضیلة للفریضة أو لدرک صلاة الجماعة أو لإتیان النافلة عند ضیق وقتها أتم عدد أشواط طوافه من الحجر مطلقاً بعد الفراغ من الصلاة إن لم یخرج من المطاف .

مسألة 313 : إذا نقص من طوافه سهواً فإن تذکره قبل فوات الموالاة ولم یخرج بعد من المطاف أتی بالباقی وصحّ طوافه .

وأما إذا کان تذکره بعد فوات الموالاة أو بعد خروجه من المطاف فإن کان ما أتی به تمام الأربعة أشواط أتی بباقی عدد الأشواط من الحجر وصحّ طوافه ، وإن لم یتمکّن من إتیان الناقص بنفسه کأن رجع إلی بلده استناب غیره .

وأما إن کان ما أتی به أقل من تمام الأربعة بأن کان ما نسی زائداً علی الثلاثة ولو بجزء من الشوط الرابع لزمته إعادة الطواف من رأس ، ولو علم بالنقص ولم یعلم مقداره أعاد الطواف من الرأس .

ص:111

الزیادة فی الطواف

للزیادة فی الطواف عن علم وعمد خمس صور :

الاُولی : أن لا یقصد الطائف جزئیة الزائد للطواف الذی بیده ولا لطواف آخر أی لا بعنوان الطواف ففی هذه الصورة لا یبطل الطواف بالزیادة .

الثانیة : أن یقصد حین شروعه فی الطواف أو فی أثنائه الإتیان بالزائد علی أن یکون جزءاً من طوافه الذی بیده فیزید ، وفی هذه الصورة یبطل ویلزمه الإعادة ، وأما إذا قصد ذلک ولم یأتِ بالزائد ففیه إشکال .

الثالثة : أن یأتی بالزائد علی أن یکون جزءاً من طوافه الذی فرغ منه متصلاً به بمعنی أن یکون قصد الجزئیة بعد فراغه من الطواف ، والأظهر فی هذه الصورة أیضاً البطلان .

الرابعة : أن یقصد جزئیة الزائد لطواف آخر ، والزیادة فی هذه الصورة وإن لم تکن متحققة حقیقة إلّاأن الأظهر فیها بطلان الطواف الأول ، وذلک من جهة مانعیة القِران بین الطوافین عن صحة الطواف الأول خاصة فیما إذا کان فریضة ، سواء کان الطواف الثانی فریضة أو نافلة .

الخامسة : أن یقصد جزئیة الزائد لطواف آخر ولا یتم الطواف

ص:112

الثانی من باب الاتفاق ، والأظهر البطلان لعموم القِران المبطل ولو للشوط الواحد .

نعم لو لم یتم الشوط الأول من الطواف الثانی فلا زیادة ولا بطلان إلّا أنه قد یبطل الطواف الأول للخلل فی قصد القربة کما لو کان عالماً بحرمة ومبطلیة القِران وقصدها قبل إتمامه للطواف الأول .

مسألة 314 : إذا زاد فی طوافه سهواً أو جهلاً فإن کان الزائد أقل من شوط ، قطعه وصح طوافه ، وإن کان شوطاً واحداً أو أکثر فعلیه أن یترک الطواف الأول ویبنی علی الزائد ویتمه ویجعله طوافاً کاملاً بقصد الفریضة ، فالقِران مبطل للطواف السابق ولو عن سهو وغفلة .

الشک فی عدد الأشواط

مسألة 315 : إذا شک فی عدد الأشواط بعد الفراغ من الطواف والتجاوز من محله لم یعتن بالشک کما إذا کان شکه بعد دخوله فی صلاة الطواف أو خروجه من المطاف أو بعد فاصل زمنی طویل .

مسألة 316 : إذا تیقن بالسبعة وشک فی الزائد کما إذا احتمل أن یکون الشوط الأخیر هو الثامن لم یعتن بالشک وصح طوافه ، إلّاأن یکون شکه هذا قبل تمام الشوط الأخیر ، فإن الأظهر حینئذٍ بطلان الطواف .

مسألة 317 : إذا شک فی عدد الأشواط شکاً مستقراً کما إذا شک بین السادس والسابع أو بین الخامس والسادس أو بین الأعداد السابقة

ص:113

بطل طوافه ، وکذلک إذا شک فی الزیادة والنقصان معاً کما إذا شک فی أن شوطه الذی أتمه هو السادس أو الثامن .

مسألة 318 : إذا شک بین السادس أو السابع أو بین بقیّة أعداد الطواف ولم یعتن بالشک جهلاً منه بالحکم وأتم طوافه فلا یبطل نسکه وحجه ولو فات زمان التدارک إلّاأنه یجب علیه قضاء الطواف .

مسألة 319 : یجوز للطائف أن یتکل علی إحصاء صاحبه فی حفظ عدد أشواطه إذا کان صاحبه علی اطمئنان من عددها .

مسألة 320 : إذا شک فی الطواف المندوب یبنی علی الأقل وصح طوافه .

مسألة 321 : إذا ترک الطواف فی عمرة التمتّع عمداً مع العلم بالحکم أو مع الجهل به والْتفاته لجهله ولم یتدارک ذلک قبل الوقوف بعرفات بطلت عمرته وانقلب إحرامه إلی حج الإفراد علی الأقوی ، وعلیه أن یأتی بالعمرة المفردة بعد الحجّ ، والأولی إعادة الحجّ .

وإذا ترک الطواف فی الحجّ متعمداً ولم یتدارکه بطل حجّه ولزمه الإعادة من قابل ، وإذا کان من جهة الجهل بالحکم مع التفاته لزمته کفارة بدنة .

مسألة 322 : إذا ترک الطواف بغیر عمد نسیاناً أو جهلاً ونحوهما وجب تدارکه بعد الالتفات وإن کان الْتفاته بعد فوات محله قضاه وصحّ حجه ، والأحوط إعادة السعی ، وإن لم یتمکّن من قضائه بنفسه وجبت

ص:114

علیه الاستنابة عنه کما إذا رجع إلی بلده .

مسألة 323 : إذا نسی الطواف حتی رجع إلی بلده وواقع أهله لزمه بعث هدی إلی منی إن کان المنسی طواف الحجّ ، وإلی مکّة إن کان المنسی طواف العمرة ، ویکفی فی الهدی أن یکون شاة .

مسألة 324 : إذا نسی الطواف وتذکره فی زمان یمکنه القضاء بنفسه قضاه وإن کان قد أحل من إحرامه من دون حاجة إلی تجدید الإحرام ، نعم إذا کان ذلک بعد خروجه من مکّة ومضی الشهر الهلالی لنسکه لزمه الإحرام لدخول مکّة .

مسألة 325 : لا یحل لناسی الطواف ما کان حله متوقفاً علیه حتی یقضیه بنفسه أو بنائبه .

مسألة 326 : إذا لم یتمکّن من الطواف بنفسه لعذر لمرض وأشباه ذلک فیجب الاستعانة بالغیر فی الطواف ولو بأن یطوف به الغیر حملاً أو بوسیلة ما ، وإذا لم یتمکّن من ذلک أیضاً وجبت علیه استنابة الغیر لیطوف عنه ولو لم یقدر علی ذلک أیضاً کالمغمی علیه والمجنون الادواری قام ولیه أو غیره بالطواف به وإن لم یمکن ذلک طیف عنه .

وکذلک الحال بالنسبة إلی صلاة الطواف فیأتی بها مع التمکّن أو الاستعانة ویستنیب مع عدمه ، نعم الأحوط فیما لو استنیب فی الطواف وتمکن المنوب عنه من الصلاة الجمع بإتیان کل منهما بها .

وقد تقدم حکم الحائض والنفساء فی شرائط الطواف .

ص:115

صلاة الطواف

وهی الواجب الثالث من واجبات عمرة التمتّع ، وهی رکعتان یؤتی بهما عقیب الطواف ، وصورتها کصلاة الصبح ولکنه مخیر فی قراءتها بین الجهر والإخفات ، ویجب الإتیان بها عند مقام إبراهیم علیه السلام قریباً منه ، والأظهر لزوم الإتیان بها خلف المقام ، فإن لم یتمکّن فمن الجانبین متأخر عنه قلیلاً ، فإن لم یتمکّن أیضاً فیصلی حیال المقام من بُعد بحیث یکون أمامه ویتسع الحیال کلّما ابتعد المصلی عن المقام کمثلث رأسه عند المقام وقاعدته عند جدران المسجد کما مرّ فی بدء الطواف فی محاذاة الحجر الأسود ، ومع تعذر ذلک فیتوخی الأقرب فالأقرب .

هذا فی طواف الفریضة ، وأما فی الطواف المستحب فیجوز الإتیان بصلاته فی أی موضع من المسجد اختیاراً .

مسألة 327 : من ترک صلاة الطواف عامداً عالماً لم یبطل حجّه وإن أثم لتأخیرها وترک الفوریة ویبقی علیه وجوب أدائها فوراً ففوراً .

مسألة 328 : الأظهر وجوب المبادرة إلی الصلاة بعد الطواف

ص:116

بمعنی أن لا یؤخرها ویفصل بین الطواف والصلاة عرفاً .

مسألة 329 : إذا نسی صلاة الطواف وذکرها بعد السعی أتی بها ولا تجب إعادة السعی بعدها ، وإذا ذکرها فی أثناء السعی فان کان بعد إتمام الشوط الرابع قطع سعیه عند إتمام أحد الأشواط وأتی بالصلاة ثم یتم ما بقی ، ولو قطع أثناء الأشواط الأخیرة وأتی بالصلاة إستأنف خصوص الشوط المقطوع وأتم ما بعد وإذا تذکر قبل إتمام الأربعة أتمها ثم أتی بالصلاة وأتم بقیّة السعی ، ولو قطع سعیه قبل تمام الأربعة إستأنف السعی من رأس .

وإذا ذکرها بعد خروجه من مکّة لزمه الرجوع والإتیان بها فی المحل مع عدم المشقة ، وإلّا أتی بها فی الحرم ، والأحوط له أن یستنیب من یصلّیها خلف المقام ، وإن لم یتمکّن فیکفی الاستنابة ، فإن لم یتمکّن من الاستنابة أیضاً أتی بها حیث تذکر .

وحکم التارک لصلاة الطواف جهلاً حکم الناسی سواء کان قاصراً أو مقصراً .

مسألة 330 : إذا نسی الطواف حتی مات وجب علی الولیّ قضاؤها .

مسألة 331 : من کان فی قراءته لحن فإن کان عاجزاً عن الصحیح فیکتفی بقراءته الملحونة علی ما فصّل فی باب الصلاة من القراءة ، وإن کان متمکّناً فاللازم علیه التعلم ، فإن ضاق الوقت فیأتی بالقراءة

ص:117

کالتفصیل السابق ، والأحوط الاستنابة أیضاً .

مسألة 332 : من کان جاهلاً باللحن فی قراءته وکان معذوراً فی جهله أو غافلاً صحت صلاته ولا حاجة إلی الإعادة حتی إذا علم بذلک بعد الصلاة ، وأما إذا کان ملتفتاً إلی جهله فاللازم علیه إعادتها بعد التصحیح ، ویجری علیه حکم تارک صلاة الطواف من لزوم قضائها مع فوت الوقت .

ص:118

السعی

اشارة

وهو الرابع من واجبات عمرة التمتّع ، وهی أیضاً تفسد بترکه عمداً عالماً کان بالحکم أو شاکاً فیه أو فی الموضوع ، بخلاف ما لو کان ترکه عن غفلة جهل بالحکم أو بالموضوع ، وشرائطه کالناسی فیجب علیه التدارک کما سیأتی .

ویعتبر فیه قصد القربة ، ولا یعتبر فیه ستر العورة ، ولا الطهارة من الحدث أو الخبث ، ویستحب الطهارة وهو الأولی فیه .

مسألة 333 : محل السعی إنما هو بعد الطواف وکذا یجب تقدیم صلاته لفوریتها ، فلو قدّمه علی الطواف لزمته الإعادة بعدهما ، نعم قد تقدم حکم من نسی الطواف وتدارکه بعد السعی .

وقد تقدم حکم من نسی الطواف أو سهی عن بعضه وتذکره بعد سعیه أو فی أثنائه .

مسألة 334 : یعتبر فی السعی النیة ، بأن یأتی به عن العمرة إن کان فی العمرة ، وعن الحجّ إن کان فی الحجّ ، قاصداً به القربة إلی اللّه تعالی .

مسألة 335 : یبدأ بالسعی من الصفا متوجهاً إلی المروة ،

ص:119

ویتحقق ذلک بإلصاق عقبه بالصفا وملامسة مقدمّه للمروة ؛ وذلک یعدّ شوطاً واحداً ثم یبدأ الشوط الثانی من المروة بالنحو المتقدم ، راجعاً إلی الصفا فیکون الإیاب شوطاً ثان . وهکذا یکرر إلی أن یتم السعی فی الشوط السابع بالمروة .

والأظهر اعتبار الموالاة فی السعی ، لا سیّما فی اجزاء الشوط الواحد ، نعم یجوز القطع فیه بعد إتمام الأربعة لغرض راجح کما تقدم فی الطواف .

مسألة 336 : لو بدأ بالمروة قبل الصفا ألغی ما فی یدیه واستأنف السعی من الأول ، والأوْلی أن یفصل بینهما بمدة زمنیة .

مسألة 337 : لا یعتبر فی السعی المشی راجلاً فیجوز السعی راکباً علی حیوان أو علی وسیلة نقل یستقل فی تحریکها أو علی متن إنسان أو بتحریک الآخر فی صورة الاضطرار ، وإن کان المشی أفضل کما سیأتی فی آداب السعی .

مسألة 338 : یعتبر فی السعی أن یکون ذهابه وإیابه فیما بین الصفا والمروة من الطریق المتعارف فلا یجزیء الذهاب أو الإیاب من المسجد الحرام أو من طریق مبتعد جداً ، نعم لا یعتبر أن یکون ذهابه وإیابه بالخط المستقیم ، أما السعی من الطابق العلوی فالأحوط عدم الاجتزاء به وإن کان له وجه .

مسألة 339 : یجب استقبال المروة عند الذهاب إلیها کما یجب

ص:120

استقبال الصفا عند الرجوع من المروة إلیه ، فلو استدبر المروة عند الذهاب إلیها أو مشی مائلاً علی الجنب وکذا عند الإیاب من المروة إلی الصفا لم یجزئه ذلک ، ولا بأس بالالتفات إلی الیمین أو الیسار بالرأس أو بعض الجسد .

مسألة 340 : یجوز الجلوس علی الصفا أو علی المروة للاستراحة بنحو لا یضرّ بالموالاة فی الأشواط الأربعة الأولی ویجوز فیما بینهما للجهد بنحو لا یخلّ بموالاة الشوط الواحد بعد کونها أشدّ اعتباراً منها فیما بین الأشواط .

وقد مرّ أنه یسوغ قطع السعی بعد إتمام الأربعة لغرض راجح کقضاء حاجة مؤمن أو حاجته العاجلة .

أحکام السعی

تقدم أنّ السعی من أرکان الحجّ فی الجملة فلو ترکه عمداً عالماً بالحکم أو شاکّاً فیه وفی الموضوع إلی زمان لا یمکنه التدارک قبل الوقوف بعرفات بطلت متعة الحجّ وانقلب إلی حجّ الإفراد ویأتی بعمرة مفردة بعده .

مسألة 341 : لو ترک السعی نسیاناً أو غفلة بالحکم أو بالموضوع وشرائطه أتی به حیثما ذکره ، وإن کان تذکره بعد فراغه من أعمال الحجّ فإن لم یتمکّن منه مباشرة أو کان حرجاً أو مشقة علیه لزمته الاستنابة

ص:121

ویصحّ حجّه فی کلتا الصورتین .

مسألة 342 : من لم یتمکّن من السعی بنفسه ولو بالاتکاء والاستعانة بغیره وجب علیه أن یسعی به ولو بحمله علی متن إنسان أو عربة یقودها غیره ونحو ذلک ، فإن لم یتمکّن من ذلک أیضاً استناب غیره للسعی عنه فإن لم یتمکّن من الاستنابة کالمغمی علیه فیسعی عنه ولیّه أو غیره .

مسألة 343 : یجوز تأخیر السعی عن الطواف بمقدار تزول فیه المشقة والحرج کشدة الحرّ والتعب ، ولا یجوز تأخیره بفاصل یوم إلّا من ضرورة .

مسألة 344 : حکم الزیادة فی السعی حکم الزیادة فی الطواف فیبطل السعی إن کان عن علم وعمد کما تقدم فی الطواف ، بخلاف ما إذا کانت جهلاً أو سهواً فلا یبطل .

مسألة 345 : إذا زاد فی سعیه خطأً أو جهلاً صحّ سعیه ، والأولی له إذا کان الزائد شوطاً کاملاً - بأن أتی بثمانیة أشواط - أن یتمّه ویضیف له ستة أشواط فیکون سعیاً آخر ینتهی إلی الصفا ، وإن زاد شوطین أی أتی بتسعة فالأولی له أن یطرح الثمانیة ویبنی علی الواحد ویضیف إلیه ستة أشواط وینتهی إلی المروة ، وهذا هو الأحوط فی الصورة الأولی .

مسألة 346 : إذا نقص من أشواط السعی عامداً عالماً أو شاکاً

ص:122

ملتفتاً ولم یتدارکه إلی زمان الوقف بعرفات فسدت متعته وانقلب حجّه إلی الإفراد وعلیه عمرة مفردة بعد الحجّ .

وأما إذا کان النقص نسیاناً أو غفلة أو جهلاً بالحکم أو بالموضوع وشرائطه فإن کان بعد الشوط الرابع وجب علیه تدارک الباقی متی ما تذکر والتفت ولو بعد الفراغ من أعمال الحجّ ، وإن لم یتمکّن بنفسه استناب ، وأما إن کان النقص قبل إتمام الأربعة أشواط فاللازم علیه بعد التذکر والالتفات أن یأتی بالسعی سبعة أشواط بنفسه وإلّا فیستنیب ، وإن علم أنه نقص وشک فی مقدار النقص فاللازم علیه الإعادة .

مسألة 347 : إذا نقص شیئاً من السعی فی عمرة التمتّع فأحل وقارب أهله لاعتقاده الفراغ من السعی فالأحوط لزوم التکفیر عن ذلک ببقرة ، ویلزم إتمام السعی علی النحو الذی مرّ .

الشکّ فی السعی

لا اعتبار بالشک فی عدد أشواط السعی بعد التقصیر ، أو بعد خروجه من المسعی بانیاً علی الفراغ ، وإن کان الشک قبل ذلک بطل سعیه عدا ما یأتی من بعض الصور .

مسألة 348 : إذا شک وتمحض شکه فی الزیادة صحّ سعیه ولا اعتبار بشکه ، وأما إذا دار بین الزیادة أو النقیصة أو تمحض فی النقیصة فیبطل سعیه وعلیه الاستئناف من رأس .

ص:123

ومثال الأول : لو شک وهو علی المروة فی أن شوطه الأخیر هو السابع أو التاسع ، وکذا لو شک وهو علی المروة بین السبعة والحادی عشر ، وکذا لو شک وهو علی الصفا بین الثمانیة أو العشرة .

ومثال الثانی : لو شک وهو علی المروة بین السابع والثامن ، أو شک وهو علی الصفا بین الثامن أو التاسع ، وکذا لو شک وهو متجه إلی المروة بین السابع والتاسع قبل أن یصل إلی المروة .

مسألة 349 : الشک فی عدد الاشواط من السعی حکم الشک فی عدد الأشواط من الطواف فإذا شک فی عددها بطل سعیه .

ص:124

التقصیر

وهو الواجب الخامس فی عمرة التمتّع ، ویعتبر فیه قصد القربة أیضاً ، ویتحقق بقص شعر الرأس أو اللحیة أو الحاجبین أو تقلیم الأظافر أو حلق بعض أطراف الرأس ، وکذا إطلاء العانة والإبطین أو حلقهما أو نتفهما .

مسألة 350 : یتعین التقصیر فی إحلال عمرة التمتّع ، ویحرم علیه الحلق ، وإذا حلق فالأقوی الاجتزاء به وإن أثم بذلک لو کان عامداً ویلزمه التکفیر بشاة فی صورة العلم والعمد فیما کان فی شهر ذی القعدة وذی الحجّة الحرام ، والأظهر ثبوتها لو ارتکب الحلق بعد التحلل بالتقصیر أیضاً .

مسألة 351 : إذا جامع بعد السعی وقبل التقصیر جاهلاً بالحکم فلا کفارة علیه علی الأظهر بخلاف العامد کما تقدم فی التروک .

مسألة 352 : یحرم التقصیر قبل الفراغ من السعی ، فلو فعله عالماً عامداً لزمته الکفارة .

مسألة 353 : لا یجب المبادرة إلی التقصیر بعد السعی ، فیجوز فعله فی أی محل شاء سواء کان فی السعی أو فی منزله أو غیرهما .

ص:125

مسألة 354 : إذا ترک التقصیر عمداً فأحرم ولبی للحجّ بطلت متعته وانقلب حجّه إلی الإفراد واحتسب ما أتی به من الطوافین لحجّه ویأتی بعمرة مفردة بعده ، والأولی إعادة الحجّ فی السنة القادمة .

مسألة 355 : إذا ترک التقصیر نسیاناً فأحرم ولبّی للحجّ صحّت عمرته ومتعته ، ویستحب له التکفیر بشاة .

مسألة 356 : إذا قصّر المحرم فی عمرة التمتّع حلّ له جمیع ما کان یحرم علیه من جهة إحرامه عدا الحلق فی شهر ذی القعدة وذی الحجّة ، بل الأحوط کذلک فیما لو تحلل من عمرته فی شهر شوال .

مسألة 357 : لا یجب طواف النساء فی عمرة التمتّع .

ص:126

واجبات الحجّ

اشارة

تقدم مجملاً فی مسألة 149 أن واجبات الحجّ ثلاثة عشر وأما تفصیلها :

الأوّل : الإحرام وأفضل أوقاته یوم الترویة ، ویجوز التقدیم علیه بعد التحلل من عمرة التمتّع مطلقاً ، ولا سیّما بالنسبة إلی الشیخ الکبیر والمریض إذا خافا من الزحام ، فیحرمان ویخرجان قبل خروج الناس ، وتقدم جواز الخروج من مکّة محرماً بالحجّ لضرورة بعد الفراغ من العمرة فی أی وقت کان .

مسألة 358 : کما لا یجوز للمعتمر إحرام الحجّ قبل التقصیر لا یجوز للحاج أن یحرم للعمرة المفردة قبل إتمام أعمال الحجّ ، نعم لا مانع منه بعد إتمام النسک قبل طواف النساء ، وإن کان الأولی عدم الإحرام قبل إتیانه .

مسألة 359 : یتضیق تکلیفاً وقت الإحرام فیما إذا استلزم تأخیره فوات الوقوف بعرفات یوم عرفة ، واللازم مراعاة تمام الوقوف الاختیاری ، وإلّا فما استطاع منه ولو المسمی ، ولکن یصحّ الإحرام وضعاً إلی أن یدرک أحد الموقفین بنحو یصحّ حجّه کما سیأتی تفصیله

ص:127

لمن لم یتمکّن من إدراکهما معاً .

مسألة 360 : یتّحد إحرام الحجّ وإحرام العمرة فی کیفیة واجباته ومحرّماته ، والاختلاف بینهما إنما هو فی النیة فقط .

مسألة 361 : یجب الإحرام لحج التمتّع من مکّة من أی موضع شاء ما لم یخرج عن حدّ الحرم ، ویستحب له الإحرام من المسجد الحرام فی مقام إبراهیم أو حجر إسماعیل .

مسألة 362 : من ترک الإحرام نسیاناً أو جهلاً منه بالحکم إلی أن خرج من مکّة ثم تذکر أو علم بالحکم وجب علیه الرجوع للإحرام من مکّة ما لم یخف فوت ما هو تمام الواجب من الوقوف الاختیاری ، وإلّا فلیرجع باتجاه مکّة بقدر ما یمکن ولا أقل من إیقاع الإحرام فی الحرم لا سیّما وأن حدوده علی مشارف عرفة ، ولو لم یتمکّن من ذلک أیضاً أحرم من الموضع الذی هو فیه .

أما لو تذکر أو علم بالحکم بعد الوقوف بعرفات فیجب علیه القول :

« اللّهمّ علی کتابک وسنة نبیک » ، والأحوط الإتیان بالتلبیة وعقد الإحرام رجاءاً ، ولو لم یتذکر أو لم یعلم بالحکم إلی أن فرغ من الحجّ صحّ حجّه .

مسألة 363 : من ترک الإحرام عالماً عامداً حتی فاته تمام الوقوف الإختیاری بعرفات ولکنه أدرک المسمی صحّ حجّه وإن أثم ، ولو ضایقه الوقت لإدراک الرکن من الوقوف بعرفات فلا یبعد الاکتفاء بالإحرام

ص:128

من مکانه الاضطراریّ لإدراک مسمّی الوقوف ، وأما لو استمر ترکه إلی أن فات مسمّی الوقوف بعرفات فقد فسد حجّه ، والأحوط له أن یأتی بالوقوف الاضطراری لعرفات فیما لو کان واجباً ، والأحوط له أیضاً أن یأتی به من قابل .

مسألة 364 : لا یسوغ للمتمتع أن یطوف طوافاً مندوباً بعد إحرام الحجّ إلّالعلة ، فلو طاف جدّد التلبیة بعد الطواف علی الأظهر .

ص:129

الوقوف بعرفات

الثانی من واجبات حج التمتّع : الوقوف بعرفات بقصد القربة .

والمراد بالوقوف هو الحضور والکون بعرفات من دون فرق بین أن یکون راکباً أو راجلاً ساکناً أو متحرکاً .

مسألة 365 : حدّ عرفات من بطن عرنة وثویة ونمرة إلی ذی المجاز ومن المأزمین إلی أقصی الموقف ، وهذه حدود عرفات وهی خارجة عن الموقف .

مسألة 366 : لا یقف علی جبل الرحمة الکائن فی وسط وادی عرفات ، إلّاعند الضرورة ، لکن یستحب الوقوف فی السفح علی میسرة الجبل .

مسألة 367 : یعتبر فی الوقوف أن یکون عن قصد واختیار ، ویکفی فی تحققهما المسمی فی أول الوقت ، فلو نام أو غشی علیه بعد ذلک لم یخلّ فی تحقق الوقوف ، وکذا لو تحقق المسمی فی بعض الوقت فقد تحقق منه الرکن ، ولو نام فی تمام الوقت وقد سبقت منه النیة بعد کون مجیئه إلی عرفات لذلک فللصحة وجه وإن کان الأحوط أن

ص:130

ینوی مسمی الوقوف بعد الغروب .

وأما المغشی علیه والمجنون ونحوهما فیجزیء أن ینوی عنهما ، والأحوط نیتهما للوقوف بعد الغروب لو أفاقا ، أما السکران فالأقوی عدم الاجتزاء .

مسألة 368 : حد ووقت الوقوف الاختیاری بعرفات من زوال یوم التاسع من ذی الحجّة إلی الغروب ، ویسوغ تأخیره عن الزوال بمقدار أداء الظهرین جمعاً ، والوقوف فی تمام هذا الوقت وإن کان واجباً یأثم المکلّف بترکه إلّاأنه لیس من الأرکان ، فلو ترک الوقوف فی مقدار من هذا الوقت لا یفسد حجّه ، أما لو ترک الوقوف رأساً باختیاره فالأحوط أن یأتی بمسمی الوقوف لیلاً وبقیّة أعمال الحجّ وأن یأتی بالطوافین والسعی بنیة عمّا فی الذمّة ، ولو کان حجّه واجباً فالأحوط إعادته من قابل .

مسألة 369 : من لم یدرک الوقوف الاختیاری « الوقوف فی النهار » لنسیان أو لجهل دون الشک أو لغیرهما من الأعذار لزمه الوقوف الاضطراری « الوقوف برهة من لیلة العید » وصحّ حجّه ، فإن ترکه متعمداً فالأحوط أن یأتی بالوقوف الاختیاری للمشعر وبقیّة الأعمال ویأتی بالطوافین والسعی بنیة عمّا فی الذمة ، وفیما لو کان حجّه واجباً فالأحوط إعادة الحجّ من قابل ، وقد تقدم أن لزوم الوقوف الاضطراری هو الأحوط مطلقاً لمن ترک متعمداً الوقوف الاختیاری .

ص:131

مسألة 370 : تحرم الإفاضة من عرفات قبل غروب الشمس عالماً عامداً ، لکنها لا تفسد الحجّ بل توجب کفارة بدنة بنحرها فی منی فإن لم یتمکّن منها صام ثمانیة عشر یوماً ، والأحوط المبادرة وعدم التوانی فی أدائها نعم لو رجع إلی عرفات قبل الغروب بعدما أفاض فلا شیء علیه والشاک بحکم المتعمد .

وأما لو أفاض من عرفات نسیاناً أو جهلاً ، فیجب علیه العود إلی عرفات بعد التفاته والتمکّن فإن لم یرجع فعلیه الکفارة علی الأحوط .

مسألة 371 : إذا ثبت الهلال عند قاضی الجمهور وحکم علی طبقه ولم یثبت عند الشیعة ففیه صورتان :

الاُولی : ما إذا أمکن مطابقة الحکم للواقع فحینئذٍ یکون مثبتاً للهلال وترتب علیه آثار ثبوت الهلال فی أفعال الحجّ من الوقوف معهم وأعمال منی یوم النحر وبقیّة المناسک ویجزی ذلک أداءاً للحجّ .

والاقتصار علی الوقوف بحسب مقتضی الأمارات الأولیّة المقررة غیر مجزیء ومحرم إذا کان مخالفاً للتقیة لا سیّما مع عدم الأمن علی النفس . ومن ثم یشکل الاحتیاط بالجمع .

الثانیة : ما إذا فرض العلم بالخلاف ، وهذه الصورة نادرة أو قلیلة الوقوع جداً إذ الغالب الشک حتی لو فرض الاختلاف بلیلتین مع فرض عدم الاستهلال فی اللیلة الثانیة أو حصول الموانع من الغیم ونحوه لا سیّما إذا کان ابتداء تولده فی اللیلة الأولی هو من أفق الحجاز ،

ص:132

ولا سیّما بناءاً علی عدم اشتراط اتحاد الأفق فی ثبوت الهلال فحینئذٍ لا یتحقق القطع بمخالفتهم للواقع .

وعلی هذا لو فرض وقوع العلم کما لو کان القمر فی المحاق وأحرز ذلک بالعین المسلحة فللاجتزاء بالوقوف معهم وجه قوی للتقیة ، والأحوط مع التمکّن الجمع فی کل الأعمال ولو بضم الوقوف الاضطراری فی مزدلفة .

ص:133

الوقوف فی المزدلفة

وهو الثالث من واجبات حج التمتّع ، ویعتبر فیه قصد القربة ، والمزدلفة اسم للوادی ویسمّی بجمع والمشعر الحرام ، وحدّه من الشرق من المأزمین إلی الجبل وهو حده من الشمال إلی وادی محسّر والحیاض وهو حدها من الغرب ، وهذه کلها حدود ولیست بموقف إلّا عند الزحام وضیق الوقت ، فیرتفعون إلی المأزمین .

مسألة 372 : إذا أفاض الحاج من عرفات فعلیه المبیت والوقوف لیلة العید فی المزدلفة إلی قبیل طلوع الشمس .

مسألة 373 : الرکن من الوقوف بمزدلفة هو المسمی والشطر ما بین أول اللیل إلی طلوع الشمس ، فإذا وقف مقداراً من ذلک ولم یقف الباقی ولو متعمداً صحّ حجّه وإن ارتکب محرماً ، وعلیه کفارة شاة وإن أفاض قبل طلوع الفجر ، وإن کان مستخفاً ومتهاوناً فعلیه بدنة علی الأحوط .

والأحوط لمن ترک الرکن أیضاً أن یقف الوقوف الاضطراری الآتی وبقیّة الأعمال ویأتی بالطوافین بنیة ما فی الذمة ، والأحوط الإعادة فیما

ص:134

إذا کان الحجّ واجباً .

مسألة 374 : یستثنی من وجوب استیعاب الوقوف النساء والصبیان والخائف والضعفاء وذوی العذر کالشیوخ والمرضی ومن یتولی شؤونهم غیر المتمکن من الرجوع ، فیجوز لهؤلاء الاکتفاء بالوقوف فی المزدلفة لیلة العید والإفاضة منها إلی منی قبل طلوع الفجر ، والأولی إفاضتهم بعد زوال اللیل بساعة .

مسألة 375 : من وقف فی المزدلفة لیلة العید وأفاض منها قبل طلوع الفجر جهلاً بالحکم أو بالموضوع صحّ حجّه ، ولا کفارة علیه بخلاف العامد فإن علیه الکفارة وإن صحّ حجّه أیضاً .

مسألة 376 : من لم یقف الوقوف الاختیاری « المبیت فی اللیل والوقوف ما بین الطلوعین » نسیاناً أو لعذر أجزأه الوقوف الاضطراری « الوقوف قلیلاً ما بین طلوع الشمس إلی الزوال من یوم العید » ولو ترکه عمداً فسد حجّه ، وقد مرّ أن من ترک الوقوف الاختیاری عمداً فالأحوط لزوم إتیانه بالوقوف الاضطراری وبقیّة الأعمال ، والأحوط إعادته للحجّ من قابل فیما إذا کان الحجّ واجباً .

إدراک الوقوفین أو أحدهما

تقدم أن کلّاً من الوقوفین « الوقوف فی عرفات والوقوف فی المزدلفة » ینقسم إلی قسمین : اختیاری واضطراری ، فإذا أدرک المکلّف

ص:135

الاختیاری الوقوفین کلیهما فهو ، وإلّا فضابطة الصحة فیها إجمالاً هو إدراک المشعر ولو الاضطراری منه ، فهاهنا صور :

الاُولی : أن لا یدرک شیئاً من الوقوفین الاختیاری منهما والاضطراری أصلاً ، ففی هذه الصورة یبطل حجّه ویجب علیه التحلّل بعمرة مفردة من إحرام الحجّ ، ویجب علیه الحجّ فی السنة القادمة فیما إذا کان الحجّ واجباً ولم یکن فوتهما بسبب قصور الوقت فی نفسه أو کان الحجّ مستقراً فی ذمته .

الثانیة : أن یدرک الوقوف الاختیاری فی عرفات والاضطراری فی المزدلفة فیصحّ حجّه ، ولو دار الأمر عنده بین هذه الصورة وبین إدراک اختیاری المزدلفة قدم اختیاری المزدلفة علی هذه الصورة الثانیة .

الثالثة : أن یدرک الوقوف الاضطراری فی عرفات والاختیاری فی المزدلفة ففی هذه الصورة یصحّ حجّه .

الرابعة : أن یدرک الوقوف الاضطراری فی کل من عرفات والمزدلفة ، والأظهر فی هذه الصورة صحّة حجّه ، وإن کان الأحوط الإعادة بالتفصیل الذی مرّ فی الصورة الأولی .

الخامسة : أن یدرک الوقوف الاختیاری فی المزدلفة فقط ، ففی هذه الصورة یصحّ حجّه أیضاً .

السادسة : أن یدرک الوقوف الاضطراری فی المزدلفة فقط ، ففی

ص:136

هذه الصورة الأظهر والأقوی الصحّة ، وإن کان الأحوط لا سیّما فی الإفراد والقِران أن یأتی ببقیة الأعمال ویقصد بالطوافین نیّة عما فی الذمة ، وأن یعید الحجّ فیما کان واجباً .

السابعة : أن یدرک الوقوف الاختیاری فی عرفات فقط من دون أن یمرّ بالمزدلفة لا لیلاً ولا نهاراً إلی الزوال ، والأظهر فی هذه الصورة البطلان ، فیقلب حجّه إلی العمرة المفردة ، نعم قد مرّ أنه إذا وقف فی المزدلفة أو مرّ بها لیلة العید وأفاض منها قبل الفجر صحّ حجّه وإن أمکنه الرجوع إلی المزدلفة وجب ذلک وقد مرّ أن العامد إذا أفاض قبل الفجر ولم یرجع فعلیه الکفارة .

الثامنة : أن یدرک الوقوف الاضطراری فی عرفات فقط ، ففی هذه الصورة یبطل حجّه فیقلبه إلی العمرة المفردة .

ص:137

منی وواجباتها

إذا أفاض المکلّف من المزدلفة وجب علیه الرجوع إلی منی لأداء الأعمال الواجبة هناک ، وهی کما نذکرها تفصیلاً ثلاثة :

أوّلاً : رمی جمرة العقبة

وهو الرابع من واجبات الحجّ : رمی جمرة العقبة یوم النحر ، ویعتبر فیه أمور :

1 - نیّة القربة .

2 - أن یکون الرمی بسبع حصیات ، فلا یجزیء الأقل من ذلک کما لا یجزئ رمی غیرها من الأجسام .

3 - أن یکون رمی الحصیات واحدة بعد واحدة بمعنی أنه لو رمی اثنین أو أکثر مرة واحدة حسبت رمیة واحدة لحصیة واحدة .

4 - أن تصل الحصیات إلی الجمرة .

5 - أن یکون وصولها إلی الجمرة بسبب الرمی ، فلا یجزئ وضعها

ص:138

علیها ، والظاهر جواز الاجتزاء بما إذا رمی فلاقت الحصاة فی طریقها شیئاً ثم أصابت الجمرة ، وکذا لو لاقت الحصاة جسماً صلباً فطفرت منه أو ارتدت کذلک فأصابت الجمرة ، إلّاإذا أوجب الجسم التحریک والإیصال إلی الجمرة کما لو کان الجسم متحرکاً وما کانت حرکة الحصیة لتصل لولاه ، والحاصل أن القصور فی التهدیف غیر مانع ما دام الرمی فی جهة الجمرة ، بخلاف القصور فی قوة الحرکة .

6 - أن یکون الرمی بین طلوع الشمس وغروبها ، ویجزیء للنساء أن یرمین باللیل « لیلة العید » ، وکذا لسائر من رخص لهم الإفاضة من المشعر فی اللیل إن شق علیهم الرمی نهاراً ، لکن یجب علیهم تأخیر الذبح والنحر إلی یومه ، وکذا التقصیر أو الحلق لیومه إلّاأن تخاف النساء الحیض أو غیر ذلک من الأعذار ، وکذلک من رخص لهم إذا کان لهم عذر کالخائف علی نفسه من العدو فإنهم یوکّلون من یذبح عنهم فیقصرون ویأتون بأعمال مکّة ، نعم للخائف ونحوه من ذوی الأعذار إن لم یجدوا من یوکل فی الذبح أن یذبحوا لیلاً .

مسألة 377 : إذا شک فی الإصابة وعدمها بنی علی العدم ، إلّاأن یدخل فی واجب آخر مترتب علیه أو کان الشک بعد دخول اللیل .

مسألة 378 : یعتبر فی الحصیات أمران :

1 - أن تکون من الحرم ، والأفضل أخذها من المشعر .

2 - أن تکون أبکاراً ، بمعنی أنها لم تکن قد استعملت فی الرمی

ص:139

قبل ذلک .

ویستحب فیها أن تکون ملونة ، ومنقطة ، ورخوة ، وأن یکون حجمها بمقدار أنملة ، وأن یکون الرامی راجلاً ، وعلی طهارة .

مسألة 379 : یجزئ رمی المقدار الزائد علی الجمرة فی الارتفاع ، بل وکذا فی العرض ، إذا لم یکن فاحشاً جداً .

مسألة 380 : إذا لم یرم یوم العید نسیاناً أو جهلاً منه بالحکم أو لمانع آخر لزمه التدارک إلی الیوم الثالث عشر حیثما ارتفع المانع ، ولو ارتفع المانع فی اللیل لزمه الرمی فی نهاره إذا لم یکن ممن رخص له الرمی لیلاً کما سیأتی ذلک فی رمی الجمار ، ولو ارتفع بعد الیوم الثالث عشر فالأقوی لزوم القضاء من قابل وإن تحلل من إحرامه مطلقاً ، والأحوط استحباباً أن یرجع إلی منی ویرمی ، ولو ارتفع المانع بعد خروجه من مکّة لم یجب علیه الرجوع لکن یلزمه القضاء من قابل .

مسألة 381 : إذا لم یرم یوم العید نسیاناً أو جهلاً فعلم أو تذکر بعد الطواف فتدارکه لم تجب علیه إعادة الطواف ، وإن کانت الإعادة أولی ، وکذا لو ترک الرمی لعذر واستمرّ به العذر حتی طاف .

وأما لو کان الترک مع العلم والعمد فالأحوط إعادته بعد تدارک الرمی .

ص:140

ثانیاً : الذبح أو النحر فی منی

اشارة

وهو الخامس من واجبات حج التمتّع ، ویعتبر فیه قصد القربة ، وعدم تقدمه علی نهار یوم العید ، إلّاللخائف أو النساء إذا خفن الحیض ونحوهن من ذوی العذر فی تقدیم الطواف إن لم یتمکنوا من التوکیل لأجل الذبح نهاراً .

ویجب الإتیان به بعد الرمی ، ولو قدمه علی الرمی جهلاً أو نسیاناً صحّ ، ولا تجب الإعادة بل وکذا لو کان عمداً وإن أثم ، وإن کان الأحوط الإعادة .

ویجب أن یکون الذبح والنحر بمنی ، وإن لم یتمکّن ذلک لکثرة الحجیج وضیق منی عن ذبحهم فیها فیسوغ الذبح فی وادی محسّر ، أو غیره ممّا یکون فی الحرم ، مع مراعاة الأقرب فالأقرب بحسب التمکّن وعدم القدرة طیلة أیّام التشریق .

مسألة 382 : یجب تکلیفاً أن یکون الذبح أو النحر یوم العید ، وإلّا فقبل انقضاء أیّام التشریق ، ولو أخّره لعذر أو لغیر عذر فیصحّ فی تمام ذی الحجّة ، ولو تذکره أو علم بعد الطواف لم یجب إعادة الطواف

ص:141

بعد تدارک الذبح ، وأما لو أخر الذبح عن علم وعمد بغیر عذر فالأحوط إعادة الطواف .

مسألة 383 : لا یجزئ هدی واحد إلّاعن شخص واحد فی الواجب .

مسألة 384 : یجب أن یکون الهدی من الإبل أو البقر أو الغنم ثنیّاً ، وهی صفة نمو یمر بها الحیوان من سقوط أسنان ثنایاه الحلیبیّة واللبنیّة وخروج ثنایا الکبر ، والغالب ما ذهب إلیه الفقهاء من کون ذلک فی الإبل ما أکمل السنة الخامسة ودخل فی السادسة ، وفی البقر والمعز ما دخل الثانیة ، نعم لو کان متولداً من هرمین لربما تأخر إلی دخول الثالثة ، ویجزیء من الضأن الجدع وهو ما أسقط أسنانه وقدر أن ینزو ، وهو ما أکمل الشهر السابع والثامن بحسب سنیّ والدیه من الشباب والهرم والمدار علی عنوان الجدع .

ولو تبیّن له بعد الذبح فی الهدی أنه لم یبلغ السن المعتبر فیه لم یجزئه ذلک ولزمته الإعادة .

ویعتبر فی الهدی أن یکون تام الأعضاء ، فلا یجزیء الأعور ، والأعرج ، والمقطوعة اذنه ، والمکسور قرنه الداخل ، ونحو ذلک .

والأظهر عدم کفایة الخصی أیضاً ، ویعتبر فیه أن لا یکون مهزولاً عرفاً ، والأحوط الأولی أن لا یکون مریضاً ، ولا موجوءاً ، ولا مرضوض الخصیتین ، ولا کبیراً لا مخ له ، ولا یجتزئ بالجرب المفسد للحم علی

ص:142

الأقوی ، وکذا المرض الذی یکون بتلک الدرجة .

ولا بأس بأن یکون مشقوق الأذن أو مثقوبها ما لم یکن لمرض أو لعیب آخر ، وإن کان الأحوط اعتبار سلامته منهما ، والأحوط الأولی أن لا یکون الهدی فاقد القرن أو الذنب من أصل خلقته ، نعم إذا لم یکن صنفه کذلک فالأحوط وجوباً عدم الاجتزاء به .

مسألة 385 : إذا اشتری هدیاً معتقداً سلامته فبان معیباً بعد نقد ثمنه لم یجزئه ، نعم لو لم یکن قادراً علی الإعادة أجزأه ولو لم یتمکّن من الرد ولکن کان قادراً علی ابتیاع غیره فالأحوط لزوم ذلک ، وکذا الحال بعد الذبح ، إلّاالهزال کما سیأتی .

مسألة 386 : ما ذکرناه من شروط الهدی إنما هی فی فرض التمکّن منه ، فإن لم یتمکّن من الواجد للشرائط أجزأه الفاقد وما تیسر له من الهدی .

مسألة 387 : إذا ذبح الهدی بزعم أنه سمین فبان مهزولاً فقد أجزأه ولا یحتاج إلی الإعادة .

مسألة 388 : إذا ذبح ثم شک فی أنه کان واجداً للشرائط حکم بصحته وکذا إذا شک بعد الذبح أنه کان بمنی أو مکان آخر ، وإذا شک فی أصل الذبح فإن کان الشک بعد الحلق والتقصیر لم یعتن بشکه ، وإلّا لزم الإتیان به ، وإذا شک فی هزال الهدی فذبحه رجاء سمنه ثم ظهر سمنه أجزأه ذلک .

ص:143

مسألة 389 : إذا اشتری هدیاً سلیماً فمرض بعد ما اشتراه أو أصابه کسر أو عیب لم یجزئه وعلیه إبداله بصحیح ، إلّاإذا کان قد ساق الهدی وأشعره وقلّده فی خارج منی وبلغ به المنحر أو لم یکن قادراً علی الإعادة ، والأحوط الإعادة أیضاً فیما إذا اشتراه فی منی وعینه هدیاً ثم عاب ونقص قبل الذبح ، أما الهدی السابق المبدل فإن کان قد أشعره أو قلده فیتعین علیه ذبحه أیضاً وإلّا فهو من ماله وإن کان الأفضل ذبحه ثم الذی أشعر إذا لم یتمکّن إیصاله إلی المنحر باعه وتصدق بثمنه .

ویستحب التعریف بالهدی أی سوقه بعرفة کما یستحب إشعاره عند ذلک .

مسألة 390 : لو اشتری هدیاً فضلّ اشتری مکانه هدیاً آخر وکذا إن ضلّ فی منی علی الأحوط ، فإن وجد الأول قبل ذبح الثانی وجب ذبح الأول إن کان قد أشعره وکذا الثانی إن أشعره أیضاً وإلّا تعین علیه ذبح ما أشعر منهما وإلّا تخیر بینهما .

مسألة 391 : لو وجد أحد هدیاً ضالاً عرّفه إلی الیوم الثانی عشر ، فإن لم یجد صاحبه ذبحه فی عصر الیوم الثانی عشر عن صاحبه ویکون مجزیاً عن صاحبه .

مسألة 392 : من لم یجد الهدی وتمکن من ثمنه ولو بعد أیّام التشریق أودع ثمنه عند ثقة لیشتری به هدیاً ویذبحه عنه إلی آخر ذی الحجّة فإن مضی الشهر لا یذبحه إلّافی السنة القادمة .

ص:144

مسألة 393 : إذا لم یتمکّن من الهدی ولا من ثمنه صام بدلاً عنه ، عشرة أیّام ثلاثة فی الحجّ وسبعة إذا رجع إلی بلده ، ویجب علیه تقدیم صیام الثلاثة قبل یوم النحر فی التسعة أیّام الأولی من شهر ذی الحجّة بعد تلبسه بعمرة التمتّع ، هذا إذا کان یائساً من تجدد القدرة علی الهدی ، وأمّا لو کان یرجو تجدد القدرة فیؤخر الصیام إلی حین الیأس ، ولو فاته التعجیل فی التسعة فیأتی بها یوم النفر ویومین بعده ولو فی الطریق أو فی بلده بحیث لا یفوته شهر ذی الحجّة .

ویعتبر فی الثلاثة التوالی والتتابع ، کما أن الأحوط ذلک أیضاً فی السبعة ، ولا یسوغ الصیام فی أیّام التشریق بمنی إلّایوم النفر لمن فاته الصیام کما مرّ .

وإن لم یرجع إلی بلده وأقام بمکة فعلیه أن یصبر حتی یرجع أصحابه إلی بلدهم أو یمضی شهر ذی الحجّة ثم یصوم بعد ذلک .

مسألة 394 : المکلّف الذی وجب علیه صوم ثلاثة أیّام فی الحجّ إذا لم یصم حتی انقضی الیوم السابع فإن تمکن أن یصومها متتابعة بعد أیّام التشریق أخرها إلی ذلک وإلّا فصام الثامن والتاسع ویوم النفر ، ومن لم یصم الثلاثة قبل یوم النحر فالأقوی لزوم صیامها بمکة وإلّا ففی الطریق أو عند وصوله إلی أهله بحیث لا یفوته شهر ذی الحجّة ، والأفضل أن لا یجمع بین الثلاثة والسبعة ، فإن لم یصم الثلاثة حتی أهلّ هلال محرم سقط الصوم وتعین الهدی للسنة القادمة .

ص:145

مسألة 395 : من لم یتمکّن من الهدی ولا من ثمنه وصام ثلاثة أیّام فی الحجّ ثم تمکن منه أجزأه ، وإن کان الأفضل أن یذبح فیکون ما صامه نافلةً .

مسألة 396 : إذا لم یتمکّن من الهدی باستقلاله وتمکن من الشرکة فیه مع الغیر فالأفضل أن یشترک فی شراء الهدی مع الغیر وإن لم یجزیء عن الصوم بل لابدّ منه .

مسألة 397 : إذا أعطی الهدی أو ثمنه أحداً فوکّله فی الذبح عنه ثم شک فی أنه ذبحه أم لا بنی علی عدمه ، نعم إذا کان ثقة وأخبره بذبحه اکتفی به .

مسألة 398 : الأقوی اعتبار الشرائط التی مرّ ذکرها فی الهدی فیما یذبح کفارة وکذا النذر وما یکون واجباً .

مسألة 399 : الذبح الواجب هدیاً أو کفارة لا تعتبر المباشرة فیه ، بل یجوز ذلک بالاستنابة فی حال الاختیار أیضاً ، ولابدّ أن یکون الذابح مسلماً بل مؤمناً لکونه فعلاً نیابیاً عبادیاً ، وأن تکون النیّة مستمرة بحسب الداعی والعزم من صاحب الهدی إلی الذبح ، کما یشترط نیّة الذابح أیضاً .

ص:146

مصرف الهدی

یجب التصدّق بالهدی علی الفقیر المؤمن وأن لا یقل ذلک عن ثلث الهدی ، ویجوز ویندب أن یهدی ثلثه إلی المؤمنین وأن یأکل من الثلث الباقی ، ولا یعتبر المباشرة فی اعطاء الفقیر بل یجوز اعطاؤه إلی وکیله وإن کان الوکیل هو صاحب الهدی ، ویتصرف الوکیل بحسب إجازة موکله ولو بأن یعرض عنه والأحوط أیضاً إعطاء القیمة للفقراء ، ویجوز إخراج لحم الهدی والأضاحی من منی .

مسألة 400 : لا یعتبر الإفراز فی ثلث الصدقة ولا فی ثلث الهدی بل یعتبر فیها الإقباض ، فلو أقبض ثلثه صدقة مشاعاً وثلث الهدی مشاعاً وأکل منه شیئاً أجزأه ذلک .

مسألة 401 : یجوز لقابض الصدقة أو الهدی أن یتصرف فیما قبضه کیفما شاء ، وفی تملیکه غیر المؤمن أو غیر المسلم اشکال إلّامع فرض عدم المستحق منهما .

مسألة 402 : إذا ذبح الهدی فسرق أو أخذه متغلب علیه قهراً قبل التصدق والإهداء فلا ضمان علی صاحب الهدی ، نعم لو أتلفه باختیاره ولو بإعطائه إلی غیر أهله ، فالأحوط إن لم یکن أقوی ضمان الکل قیمة أو مثلاً مع التفریط .

ص:147

ثالثاً : الحلق والتقصیر

وهو الواجب السادس من واجبات الحجّ ، ویعتبر فیه قصد القربة ، وعدم تقدمه علی نهار یوم العید إلّافی موارد العذر کالخائف والنساء إذا خفن الحیض لیلة النحر بعد الرمی ، ویجب تکلیفاً تأخیره عن الرمی والذبح ولو قدمه علیهما نسیاناً أو جهلاً أجزأه وکذا العمد وإن أثم ، وإن کان الأحوط الإعادة .

مسألة 403 : لا یجوز الحلق للنساء بل یتعین علیهن التقصیر .

مسألة 404 : یتخیر الرجل بین الحلق والتقصیر ، والحلق أفضل ، ومن لبّد شعر رأسه بالصمغ أو العسل أو نحوهما لدفع القمل ، أو عقص شعر رأسه وعقده بعد جمعه ولفه فیجب علیه اختیار الحلق علی الأظهر ، وکذا الحال فی الصرورة ، وعلی ذلک فلا یسوغ للمتمتع فی عمرة التمتّع التلبّد والعقص علی الأحوط .

مسألة 405 : الأفضل هو اختیار الحلق وإن علم أن الحلّاق یجرح رأسه فضلاً عما کان الحلق متعیناً علیه کالصرورة .

مسألة 406 : الخنثی المشکل یجب علیه التقصیر إذا لم یکن

ص:148

ملبداً أو صرورة أو معقوصاً وإلّا جمع بین التقصیر والحلق ، ویقدم التقصیر علی الحلق ، ویمکن له أن یکتفی بالحلق مع نیته الجمع احتیاطاً .

مسألة 407 : إذا حلق المحرم أو قصّر حلّ له جمیع ما حرم علیه الإحرام ، ما عدا الاستمتاع بالنساء - دون العقد وتوابعه - وکذا الطیب والصید .

مسألة 408 : إذا لم یقصّر ولم یحلق نسیاناً أو جهلاً منه بالحکم إلی أن خرج من منی رجع وقصر أو حلق فیها ، فإن تعذر وتعسر علیه قصر أو حلق فی مکانه وبعث بشعر رأسه إلی منی إن أمکن ذلک علی الأحوط ، وکذا لو تعمد التقصیر أو الحلق فی غیر منی صحّ وإن أثم .

مسألة 409 : إذا لم یقصّر ولم یحلق نسیاناً أو جهلاً فذکره ، أو علم به بعد الفراغ من أعمال الحجّ وتدارکه لم تجب علیه إعادة الطواف علی الأظهر ، وکذا لو تعمد ذلک ویلزم بکفارة دم .

وإن کانت الإعادة أفضل بل أحوط وکذا السعی لا سیّما فی العامد أو الذی لم یخرج من مکّة .

ص:149

طواف الحجّ وصلاته والسعی

الواجب السابع والثامن والتاسع من واجبات الحجّ : الطواف وصلاته والسعی ، وکیفیتها وشرائطها هی نفس الکیفیة والشرائط التی ذکرناها فی طواف العمرة وصلاته وسعیها .

مسألة 410 : یجب تأخیر الطواف عن الحلق أو التقصیر فی حجّ التمتّع ، فلو قدّمه عالماً عامداً فالأفضل بل الأولی إعادته بعد الحلق أو التقصیر نعم تلزمه الکفارة وهی شاة .

مسألة 411 : الأحوط عدم تأخیر طواف الحجّ عن یوم الحادی عشر ، والأقوی عدم جواز تأخیره عن أیّام التشریق تکلیفاً وإن صحّ وأثم إن أخره إلی آخر ذی الحجّة ، والفوریة باقیة علی حالها بعد أیّام التشریق .

مسألة 412 : لا یجوز فی حجّ التمتّع تقدیم طواف الحجّ وصلاته والسعی علی الوقوفین ، بخلاف المفرد فیجوز له ذلک ما عدا طواف النساء ، ویستثنی من عدم التقدیم الشیخ الکبیر والمرأة التی تخاف الحیض ونحوهم من المعذور فیجوز لهم تقدیم الطواف وصلاته وکذا السعی علی الوقوفین .

ص:150

مسألة 413 : یجوز للخائف علی نفسه من دخول مکّة أن یقدّم الطواف وصلاته والسعی علی الوقوفین بل لا بأس بتقدیمه طواف النساء أیضاً مع اضطراره فیمضی بعد أعمال منی إلی حیث أراد .

ویعمّ هذا الحکم مطلق ذوی الأعذار مع فرض شمول العذر لطواف النساء .

مسألة 414 : من طرأ علیه العذر فلم یتمکّن من الطواف کالمرأة التی رأت الحیض أو النفاس ولم یتیسر لها المکث فی مکّة لتطوف بعد طهرها لزمتها الاستنابة للطواف ثم السعی بنفسها بعد طواف النائب .

مسألة 415 : إذا طاف المتمتع وصلّی وسعی حلّ له الطیب ، وبقی علیه من المحرمات النساء ، بل الصید أیضاً علی الأقوی ، والظاهر جواز العقد له بعد الحلق أو التقصیر ویبقی علیه حرمة مطلق الاستمتاعات بالنساء .

مسألة 416 : من کان یجوز له تقدیم الطواف والسعی إذا قدمهما علی الوقوفین لا یحل له الطیب حتی یأتی بمناسک منی من الرمی والذبح والحلق أو التقصیر .

ص:151

طواف النساء

الواجب العاشر والحادی عشر من واجبات الحجّ : طواف النساء وصلاته ، وهما وإن کانا من الواجبات إلّاإنهما لیسا من نسک الحجّ ، فترکهما ولو عمداً لا یوجب فساد الحجّ وإن أثم بتأخیره عن ذی الحجّة .

مسألة 417 : کما یجب طواف النساء علی الرجال یجب علی النساء ، فلو ترکه الرجل حرمت علیه النساء ، ولو ترکته المرأة حرم علیها الرجال ، والنائب فی الحجّ عن الغیر یأتی بطواف النساء بنیة الأمر المتوجه إلیه فی الواقع علی الأحوط ، کما هو الحال فی صلاة طواف العمرة والحجّ ، وفی أعمال منی فی أیّام التشریق من المبیت والرمی والنفر .

مسألة 418 : طواف النساء وصلاته کطواف الحجّ وصلاته فی الکیفیة والشرائط .

مسألة 419 : من لم یتمکّن من طواف النساء باستقلاله ولو بأن یرکب وسیلة لمانع من مرض وغیره استعان بغیره فیطوف ولو حملاً أو بوسیلة وإن لم یتمکّن من ذلک أیضاً وجب علیه استنابة الغیر لیطوف عنه ، ولو لم یقدر علی الاستنابة کالمغمی علیه والمجنون الادواری قام

ص:152

ولیه أو غیره بالطواف به بعد أن یوقع الوضوء فیه وینویه عنه مع نیة الطواف به علی الأحوط ، وإلّا فیطوف عنه .

وکذا فی صلاة الطواف ، والأحوط فی ما إذا استناب فی الطواف ویتمکّن من الصلاة الجمع بإتیان کل من النائب والمنوب عنه بها .

مسألة 420 : من ترک طواف النساء سواء أکان متعمداً مع العلم بالحکم أو الجهل به أو کان نسیاناً حرمت علیه النساء إلی أن یتدارکه ، ومع تعذر المباشرة أو تعسرها جاز له الاستنابة ، والأحوط فی العامد المباشرة إلّامع العجز العقلی فیستنیب فإذا طاف النائب عنه حلّت له النساء ، فإذا مات قبل تدارکه فیجب القضاء من ترکته إن کان من حجّة الاسلام وإلّا فالأحوط قضاء الولیّ عنه .

مسألة 421 : لا یجوز تقدیم طواف النساء علی السعی ، فإن قدّمه وکان عن علم وعمد لزمته إعادته بعد السعی ، وإن کان عن جهل أو نسیان فالأظهر الإجزاء ،

وإن کان الأفضل والأحوط الإعادة .

مسألة 422 : من قدّم طواف النساء علی الوقوفین لعذر لم تحلّ له النساء حتی یأتی بمناسک منی من الرمی والذبح والحلق أو التقصیر .

مسألة 423 : إذا حاضت المرأة ولم تنتظر القافلة طهرها ، جاز لها ترک طواف النساء والخروج مع القافلة ، ویجب حینئذٍ أن تستنیب لطوافها وصلاتها علی الأظهر ، وکذلک لو حاضت بعد النصف فإنّها

ص:153

تستنیب لبقیة الطواف وصلاته .

مسألة 424 : نسیان الصلاة فی طواف النساء کنسیان الصلاة فی طواف الحجّ ، وقد تقدم حکمه فی مسألة 329 .

مسألة 425 : إذا طاف المتمتع طواف النساء وصلّی صلاته حلّت له النساء ، وإذا طافت المرأة وصلّت صلاته حلّ لها الرجال ، فتبقی حرمة الصید إلی الظهر من الیوم الثالث عشر علی الأحوط الأوْلی ، وأما قلع الشجر وما ینبت فی الحرم وکذلک الصید فی الحرم فقد ذکرنا « فی آخر التروک » أن حرمتها تعمّ المحرم والمحلّ وغیرهما من أحکام الحرم .

ص:154

المبیت فی منی

الواجب الثانی عشر من الواجبات فی الحجّ .

المبیت بمنی لیلة الحادی عشر والثانی عشر ، ویعتبر فیه قصد القربة ، فإذا خرج الحاج إلی مکّة یوم العید لأداء فریضة الطواف والسعی وجب علیه الرجوع لیبیت فی منی ، ومن لم یجتنب الصید فی إحرامه فعلیه المبیت لیلة الثالث عشر أیضاً ، وکذا من أتی النساء علی الأقوی ، والأحوط الأولی کذلک فی کل من ارتکب ما یوجب الکفارة لا سیما الفسوق والجدال ، وتجوز لغیرهما الافاضة من منی بعد ظهر الیوم الثانی عشر ، ولکن إذا بقی فی منی إلی أن دخل اللیل وجب علیه المبیت لیلة الثالث عشر أیضاً .

مسألة 426 : إذا تهیأ للخروج وتحرک من مکانه ولم یمکنه الخروج من حدود منی قبل الغروب للزحام وغیره وجب علیه المبیت ، وإن لم یتمکّن أو کان حرجیاً جاز له الخروج ، وعلیه دم شاة علی الأحوط إن لم یکن أقوی .

مسألة 427 : یجب أن یکون مقام الحاج فی منی علاوة علی

ص:155

المبیت وإن لم یلزم الاستیعاب لکن بحیث یکون مرکز اقامته فیها ، ویجب علیه المبیت فی النصف الأول ولکن یجوز له أن یخرج بعد دخول اللیل ویرجع بحیث یدرک النصف الثانی عدا موارد العذر ، والأولی لمن بات النصف الأول أن لا یدخل مکّة قبل طلوع الفجر .

مسألة 428 : یستثنی ممن یجب علیه المبیت بمنی عدّة طوائف :

1 - المعذور ، کالمریض والممرّض ومن خاف علی نفسه أو ماله من المبیت بمنی وغیرهم من ذوی الأعذار کالراعی وغیره .

2 - من اشتغل بالعبادة فی مکّة تمام لیلته أو تمام الباقی من لیلته إذا خرج من منی بعد دخول اللیل ، ما عدا الحوائج الضروریة کالأکل والشرب ونحوهما .

3 - من طاف بالبیت وبقی فی عبادته ثم خرج من مکّة الفعلیة علی الأظهر ، فیجوز له أن یبیت فی الطریق دون أن یصل إلی منی ، ویجوز لهؤلاء التأخیر فی الرجوع إلی منی إلی إدراک الرمی فی النهار .

مسألة 429 : من ترک المبیت بمنی فعلیه کفارة شاة عن کل لیلة ، سواء کان عامداً أو ناسیاً أو جاهلاً بالحکم أو معذوراً عن المبیت ، نعم لا کفارة علی الطائفة الثانیة والثالثة ممن تقدم .

مسألة 430 : من أفاض من منی ثم رجع إلیها بعد دخول اللیل فی اللیلة الثالثة عشر لحاجة لم یجب علیه المبیت بها ، بخلاف ما إذا رجع قبل فدخل علیه فإن الأحوط وجوبه علیه .

ص:156

رمی الجمار

الثالث عشر من واجبات الحجّ ، رمی الجمرات الثلاث : الاولی ، والوسطی ، وجمرة العقبة ، ویجب الرمی فی الیوم الحادی عشر والثانی عشر ، وإذا بات لیلة الثالث عشر فی منی وجب الرمی فی الیوم الثالث عشر أیضاً علی الأقوی والأظهر ، ویعتبر فی رمی الجمرات المباشرة ، فلا تجوز الاستنابة اختیاراً .

مسألة 431 : یجب الابتداء برمی الجمرة الاولی ، ثم الجمرة الوسطی ، ثم جمرة العقبة ، ولو خالف وجب الرجوع إلی ما یحصل به الترتیب ولو کانت المخالفة عن جهل أو نسیان ، نعم إذا نسی أو جهل فرمی جمرة بعد أن رمی سابقتها أربع حصیات أجزأ إکمالها سبعاً ، ولا یجب علیه إعادة رمی اللاحقة .

مسألة 432 : ما ذکرناه من واجبات رمی جمرة العقبة فی « واجبات منی یوم العید » یعمّ رمی الجمرات الثلاث کلها .

مسألة 433 : یجب أن یکون رمی الجمرات فی النهار ، ویستثنی من ذلک العبد والراعی والمدیون الذی یخاف أن یقبض علیه وکل

ص:157

من یخاف علی نفسه أو عرضه أو ماله ، ویشتمل مطلق ذوی الأعذار کالشیخ والنساء والصبیان والضعفاء الذین یخافون علی أنفسهم من کثرة الزحام ، فیجوز لهؤلاء الرمی لیلة ذلک النهار وکذا قضاء ما فاته ، ولکن لا یجوز لغیر المضطر والخائف من المکث أن ینفر لیلة الثانی عشر بعد الرمی حتی تزول الشمس من یومه .

مسألة 434 : من نسی أو جهل أو تعمد ترک الرمی فی الیوم الحادی عشر وجب علیه قضاؤه فی الثانی عشر ، وکذا من ترکه فی الثانی عشر قضاه فی الیوم الثالث عشر ، ویستحب التفریق بین الأداء والقضاء وأقلّه ساعة أو أن یکون القضاء أول النهار والأداء عند الزوال .

نعم یلزم تقدیم مجموع القضاء علی الأداء ، وهذا الترتیب شرط عند الالتفات .

مسألة 435 : من نسی أو جهل أو تعمد ترک الرمی فذکره فی مکّة وجب علیه أن یرجع إلی منی ویرمی فیها ، وإذا کان المتروک یومین أو ثلاثة فالأفضل والأحوط أن یفصل بین مجموع کلٍّ منها بما تقدم ، واللازم مراعاة الترتیب بین السابق واللاحق ، وإذا ذکره بعد خروجه من مکّة لم یجب علیه الرجوع إذا کان حرجیاً وکذا إذا انقضت أیّام التشریق بل یقضیه فی العام القابل بنفسه أو بنائبه علی الأقوی کما مرّ فی قضاء یوم النحر .

مسألة 436 : المعذور کالمریض الذی لا یرجی ارتفاع عذره إلی

ص:158

المغرب ، یستنیب غیره ، والأفضل إن لم یکن أحوط أن یحضر عند الجمار ویشهد الرمی ، ولو اتفق زوال عذره قبل غروب الشمس ،

ومن لم یکن قادراً علی الاستنابة یرمی عنه ولیه أو غیره کما فی المغمی علیه أو المجنون الادواری .

مسألة 437 : لا یبطل الحجّ بترک الرمی ولو کان متعمداً ، ویجب قضاء الرمی بنفسه أو بنائبه فی العام القابل علی الأقوی .

ص:159

أحکام المصدود والمحصور

مسألة 438 : المصدود هو الممنوع من قبل ظالم ونحوه عن الحجّ أو العمرة بعد تلبّسه بإحرامهما .

والمحصور هو الممنوع عنهما بعد تلبّسه أیضاً بسبب مرض أو نحوه ، ویشترکان فی الأحکام الآتیة إلّافیما به التحلّل ، فإن المحصور یزید علی المصدود بطواف النساء فی موارد .

والضابطة أن أحکام الصدّ والحصر تعمّ الممنوع بأیّ مانع ولا تختصّ بالعدوّ والمرض کما أن الضابط فی الفرق بینهما أنّ الأوّل هو ما إذا کان بسبب راجع إلی فعل شخص وأما الثانی فیما إذا کان المنع لغیر ذلک .

مسألة 439 : المصدود أو المحصور عن العمرة یبعث بالهدی - وإن اشترط فی عقد الإحرام - أو بثمنه إن کان ممنوعاً عن الطواف والسعی معاً وإلّا لو کان ممنوعاً عن أحدهما فالأقوی الاستنابة فیه وإتمام الأعمال بنفسه .

وأما الأول فیبعث إلی مکّة فی العمرة ، وإلی منی فی الحجّ ویواعد

ص:160

أن یذبحهُ أو ینحرهُ فی وقت معین فإذا جاء الوقت تحلل فی مکانه بالتقصیر أو الحلق عدا المحصور فانه لا یتحلل من النساء إلّابطوافه ولو استنابة ، ولا یغنیه عنه طواف النساء فی عمرة أخری أو نسک آخر بإحرام جدید ، وإن تعذر علیه ذلک جاز له أن یذبح أو ینحر فی مکانه کما هو الغالب فی المصدود ، ویتحلل بضم التقصیر أو الحلق أیضاً ، والأفضل والأولی اختیار الحلق إذا کان قد ساق معه الهدی .

مسألة 440 : المصدود أو المحصور عن الحجّ له صور عدة :

الاُولی : إن کان ممنوعاً عن الموقفین أو المشعر خاصة فوظیفته کما تقدم إن لم یتمکّن من أداء العمرة المفردة بعد الموقفین ولا قبلهما علی الأقوی .

الثانیة : إن کان ممنوعاً عن الطواف والسعی قبل الموقفین کما فی عمرة التمتّع فینقلب إحرامه إلی حج الإفراد .

الثالثة : إن کان ممنوعاً عن الطواف والسعی بعد الموقفین فیستنیب ویأتی ببقیة الأعمال ، والأحوط فی صلاة الطواف أن یصلی کل من النائب والمنوب عنه ، وإن لم یتمکّن من الاستنابة ولا المباشرة إلی آخر ذی الحجّة فیذبح الهدی فی محله ویتحلل بالتقصیر أو الحلق ، والأحوط إتیانه بأعمال منی وتدارکه للطوافین ولو بالاستنابة بعد ذی الحجّة .

الرابعة : إن کان ممنوعاً عن أعمال منی فیستنیب للرمی والذبح

ص:161

ثم یحلق أو یقصر ویتحلل ، والأحوط أن یبعث بشعره إلی منی ویتم ما بقی ، وإن لم یتمکّن عن الاستنابة فیذبح فی مواضع الحرم وإلّا فیودع الثمن عند من یذبح عنه ثم یحلق أو یقصر فی مکانه ویتم ما بقی علیه من المناسک ویتحلل وإن بقی علیه الرمی قضاه فی السنة القادمة .

مسألة 441 : المصدود أو المحصور عن الحجّ الواجب لا یسقط عنه الحجّ بعمرة التحلل ولا بالهدی المزبور علی التفصیل المتقدم بل یجب علیه الإتیان به فی القابل إذا بقیت الاستطاعة أو کان الحجّ مستقراً فی ذمته .

مسألة 442 : إذا صد عن الرجوع إلی منی للمبیت ورمی الجمار فقد تم حجّه ویستنیب للرمی إن أمکنه فی سنته وإلّا ففی القابل علی الأقوی ولا یجری علیه حکم المصدود .

مسألة 443 : من تعذر علیه المضی فی حجّه لمانع من الموانع غیر الصد من عدو وغیر الحصر بمرض فالأظهر أنه یندرج فی الصد والحصر أیضاً ، فإن کان سبب المنع من شخص فیندرج فی الأول وإلّا فیما لو کان لا من شخص فیندرج فی الثانی ، وأما المشتبه بینهما فالأحوط إلحاقه بالمحصور ، والأولی ضم عمرة مفردة ولو استنابة .

مسألة 444 : لا فرق فی الهدی المذکور بین أن یکون بدنه أو بقرة أو شاة ولو لم یتمکّن منه صام عشرة أیّام ، والأحوط ثمانیة عشر یوماً .

مسألة 445 : من أفسد حجّه أو عمرته ثم صدّ أو أحصر فالظاهر

ص:162

جریان حکمهما علیه وإن لزمته کفارة الإفساد زائداً علی الهدی .

مسألة 446 : من ساق هدیاً معه ثم صدّ أو أحصر کفاه ذبح ما ساقه ولا یجب علیه هدیٌ آخر .

مسألة 447 : إذا صد أو أحصر وبعث بهدیه وبعد ذلک ارتفع المنع أو خف المرض فإن ظن أو احتمل إدراک الحجّ وجب علیه الالتحاق ، وحینئذٍ فإن أدرک الموقفین أو الوقوف بالمشعر خاصة فقد أدرک الحجّ وإن انقلب حجّه إفراداً ، ولو لم یدرک ذلک فینقلب حجّه إلی العمرة المفردة سواء ذبح عنه أو لم یذبح .

مسألة 448 : إذا أحصر أو صد الرجل وبعث بهدیه ثم آذاه رأسه قبل أن یبلغ الهدی محلّه جاز أن یفدی بذبح شاة فی محلّه أو یصوم ثلاثة أیّام أو یطعم ستّة مساکین لکل مسکین مدّان ، ویحلق ولا یتحلّل حتّی یبلغ الهدی محلّه ویمرّ الموسی علی رأسه أو یقصر .

مسألة 449 : یستحب عند عقد الإحرام أن یشترط علی ربّه تعالی أن یحلّه حیث حبسه وإن کان تحلّله لا یتوقف علی ذلک فانه یحلّ عند الحبس ، اشترط أم لا .

إلی هنا فرغنا من واجبات الحجّ

فلنشرع الآن فی آدابه

وقد ورد فی الروایات ، وذکر الفقهاء من الآداب ما لا تسعه هذه الرسالة فنقتصر علی یسیر منها .

ص:163

مستحبات وآداب الإحرام

یستحب فی الإحرام امور :

1 - تنظیف الجسد ، وتقلیم الأظفار ، وأخذ الشارب ، وإزالة الشعر من الإبطین والعانة ، کلّ ذلک قبل الإحرام .

2 - توفیر شعر الرأس ، واللحیة من أول ذی القعدة لمن أراد الحجّ ، وقبل شهر واحد لمن أراد العمرة المفردة ، والقول بحرمة الحلق لمن أراد الحجّ فی ذی القعدة فضلاً عند ذی الحجّة فضلاً عمّا لو کان الحجّ واجباً هو الأحوط إن لم یکن أقوی .

3 - الغسل للإحرام فی المیقات ، ویصحّ من الحائض والنفساء أیضاً علی الأظهر ، وإذا خاف عوز الماء فی المیقات قدّمه علیه ، فإن وجد الماء فی المیقات أعاده ، وإذا اغتسل ثم أحدث بالأصغر أو أکل أو لبس ما یحرم ، أعاد غسله ، ویجزئ الغسل نهاراً إلی آخر اللیلة الآتیة ، ویجزئ الغسل لیلاً إلی آخر النهار الآتی .

4 - أن یدعو عند الغسل علی ما ذکره الصدوق ویقول :

« بِسْمِ اللّهِ وَبِاللّهِ ، اللّهُمَّ اجْعَلْهُ لی نُوراً وَطَهُوراً ، وَحِرْزاً وَأَمْناً مِنْ کُلِّ

ص:164

خَوْفٍ ، وَشِفَاءً مِنْ کُلِّ دَاءٍ وَسُقْمٍ .

اللّهُمَّ طَهِّرْنی وَطَهِّرْ قَلْبی ، وَاشْرَحْ لی صَدْری ، وَأَجْرِ عَلی لِسَانی مَحَبَّتَکَ وَمِدْحَتَکَ وَالثَّنَاءَ عَلَیْکَ ، فَإِنَّهُ لَاقُوَّةَ إِلَّا بِکَ ، وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ قَوَامَ دِینی التَّسْلیمُ لَکَ ، وَالاتِّبَاعُ لِسُنَّةِ نَبِیِّکَ صَلَواتُکَ عَلَیْهِ وَآلِهِ » .

5 - أن یدعو عند لبس ثوبی الإحرام ویقول :

« الْحَمْدُ للّهِ ِ الَّذی رَزَقَنی مَا أُواری بِهِ عَوْرَتی ، وأُؤَدّی فِیْهِ فَرْضی ، وَأَعْبُدُ فِیْهِ رَبِّی ، وَأَنْتَهی فِیْهِ إِلی مَا أَمَرَنی . الْحَمْدُ للّهِ ِ الَّذی قَصَدْتُهُ فَبَلَّغَنی ، وَأَرَدْتُهُ فَأَعَانَنی ، وَقَبِلَنی وَلَمْ یَقْطَعْ بی ، وَوَجْهَهُ أَرَدْتُ فَسَلَّمَنی فَهَوَ حِصْنی ، وَکَهْفی ، وَحِرْزی ، وَظَهْری ، وَمَلاذی ، وَرَجَائی ، وَمَنْجَایَ ، وَذُخْری ، وَعُدَّتی فِی شِدَّتی وَرَخَائی » .

6 - أن یکون ثوباه للاحرام من القطن .

7 » أن یکون إحرامه بعد فریضة الظهر ، وإلّا فبعد فریضة اخری ، وإلّا فبعد رکعتین أو أربع أو ست رکعات من النوافل والست أفضل .

والأولی إذا أحرم فی وقت فریضة أن یجمع بین نوافل الإحرام بتقدیمها ثم یأتی بالفریضة ثم یحرم عقبها ثم انه یقرأ فی النافلة فی الرکعة الأولی الفاتحة وسورة التوحید ، وفی الثانیة الفاتحة وسورة الجحد ، فإذا فرغ حمد اللّه وأثنی علیه ، وصلّی علی النبی وآله ثم یقول :

« اللّهُمَّ إِنِّی أَسْأَ لُکَ أَنْ تَجْعَلَنی مِمَّنِ اسْتَجَابَ لَکَ وَآمَنَ بِوَعْدِکَ ،

ص:165

وَاتَّبَعَ أَمْرَکَ ، فَإِنِّی عَبْدُکَ وَفِی قَبْضَتِکَ ، لَاأُوقی إِلَّا ما وَقَیْتَ ، وَلَا آخُذُ إِلَّا ما أَعْطَیْتَ ، وَقَدْ ذَکَرْتَ الْحَجَّ ، فَأَسْأَلُکَ أَنْ تَعْزِمَ لی عَلَیْهِ عَلی کِتَابِکَ ، وَسُنَّةِ نَبِیِّکَ صَلّی اللّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ ، وَتُقَوِّیَنی عَلی ما ضَعُفْتُ عَنْهُ ، وَتَسَّلَّمَ مِنّی مَنَاسِکی فی یُسْرٍ مِنْکَ وَعَافِیَةٍ ، وَاجْعَلْنی مِنْ وَفْدِکَ الَّذی رَضِیْتَ وَارْتَضَیْتَ وَسَمَّیْتَ وَکَتَبْتَ . اللّهُمَّ إِنِّی خَرَجْتُ مِنْ شُقَّةٍ بَعِیدَةٍ ، وَأَنْفَقْتُ مَالی ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِکَ .

اللّهُمَّ فَتَمِّمْ لِی حِجَّتی وَعُمْرَتی .

اللّهُمَّ إِنِّی أُریدُ التَّمَتُّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَی الْحَجِّ عَلی کِتَابِکَ وَسُنَّةِ نَبِیِّکَ صلّی اللّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ ، فَإِنْ عَرَضَ لی عَارِضٌ یَحْبِسُنی فَخَلِّنی حَیْثُ حَبَسْتَنی لِقَدَرِکَ الَّذی قَدَّرْتَ عَلَیَّ .

اللّهُمَّ إِنْ لَمْ تَکُنْ حِجَّةً فَعُمْرَةً . أَحْرَمَ لَکَ شَعْری ، وَبَشَری ، وَلَحْمی ، وَدَمی ، وَعِظَامی ، وَمُخّی ، وَعَصَبی ، مِنَ النِّسَاءِ ، وَالثِّیابِ ، وَالطِّیبِ ، أَبْتَغی بِذَلِکَ وَجْهَکَ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ »

8 - التلفظ بنیّة الإحرام قبل التلبیة .

9 - رفع الصوت بالتلبیة للرجال .

10 - أن یقول فی تلبیته :

« لَبَّیْکَ ذَا الْمَعَارِجِ لَبَّیْکَ ، لَبَّیْکَ دَاعِیاً إِلی دَارِ السَّلَامِ لَبَّیْکَ ، لَبَّیْکَ

ص:166

غَفّارَ الذُّنُوبِ لَبَّیْکَ ، لَبَّیْکَ أَهْلَ التَّلْبِیَةِ لَبَّیْکَ ، لَبَّیْکَ ذَا الْجَلَالِ وَالْإِکْرَامِ لَبَّیْکَ ، لَبَّیْکَ تُبْدِئُ وَالْمَعَادُ إِلَیْکَ لَبَّیْکَ ، لَبَّیْکَ تَسْتَغْنی وَیُفْتَقَرُ إِلَیْکَ لَبَّیْکَ ، لَبَّیْکَ مَرْهُوباً وَمَرْغُوباً إِلَیْکَ لَبَّیْکَ ، لَبَّیْکَ إِلهَ الْحَقِّ لَبَّیْکَ ، لَبَّیْکَ ذا النَّعْماءِ وَالْفَضْلِ الْحَسَنِ الْجَمیلِ لَبَّیْکَ ، لَبَّیْکَ کَشّافَ الْکُرَبِ الْعِظامِ لَبَّیْکَ ، لَبَّیْکَ عَبْدُکَ وَابْنُ عَبْدَیْکَ لَبَّیْکَ ، لَبَّیْکَ یَا کَریمُ لَبَّیْکَ » .

ثم یقول :

« لَبَّیْکَ أَتَقَرَّبُ إِلَیْکَ بِمُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ صَلَواتُ اللّهِ عَلَیْهِ وَعَلَیْهِمْ لَبَّیْکَ ، لَبَّیْکَ بِحِجَّةٍ وَعُمْرَةٍ معاً لَبَّیْکَ ، لَبَّیْکَ هذِهِ مُتْعَةُ عُمْرَةٍ إِلَی الْحَجِّ لَبَّیْکَ ، لَبَّیْکَ تَمامُها وَبَلاغُها عَلَیْکَ لَبَّیْکَ » .

11 - تکرار التلبیة حال الإحرام ، فی وقت الیقظة من النوم ، وبعد کل صلاة ، وعند الرکوب علی البعیر والنزول منها ، وعند کلّ علوّ وهبوط ، وعند ملاقاة الراکب ، وفی الأسحار یستحب إکثارها ولو کان جنباً أو حائضاً ، ولا یقطعها فی عمرة التمتّع إلی أن یشاهد بیوت مکّة وفی حج التمتّع إلی زوال یوم عرفة .

ص:167

مکروهات الإحرام

یکره فی الإحرام امور :

1 - الإحرام فی ثوب أسود ، بل الأحوط ترک ذلک ، والأفضل الإحرام فی ثوب أبیض .

2 - النوم علی الفراش أو الوسادة اللتین لم تذهب منهما رائحة الطیب تماماً .

3 - الإحرام فی الثیاب الوسخة ، ولو وسخت حال الإحرام فالأولی أن لا یغسلها ما دام محرماً ، ولا بأس بتبدیلها ، لکن الراجح أن یدخل مکّة بالثوبین اللذین أحرم فیهما .

4 - الإحرام فی الثیاب المشبعة بالحمرة وکذا ما یوجب الشهرة .

5 - استعمال الحناء قبل الإحرام إن کان أثره یبقی إلی وقت الإحرام .

6 - دخول الحمام ، والأولی بل الأحوط أن لا یدلک المحرم جسده .

7 - تلبیة من ینادیه ، بل الأحوط ترک ذلک .

8 - یکره له الاحتباء .

9 - یکره الخروج من الحرمین بعد ارتفاع النهار قبل أن یصلّی الظهرین .

ص:168

دخول الحرم ومستحباته

یستحب فی دخول الحرم امور :

1 - النزول من المرکوب عند وصوله الحرم ، والاغتسال لدخوله .

2 - خلع نعلیه عند دخوله الحرم ، وأخذهما بیدیه تواضعاً وخشوعاً للّه سبحانه ، والمشی حافیاً .

3 - أن یدعو بهذا الدّعاء عند دخول الحرم :

« اللّهُمَّ إِنَّکَ قُلْتَ فی کِتابِکَ وَقَوْلُکَ الْحَقُّ : (وَأَذِّن فی النَّاسِ بِالْحَجِّ یَأْتُوکَ رِجالاً وَعَلَی کُلِّ ضامِرٍ یَأْتِینَ مِن کُلِّ فَجٍّ عَمِیقٍ) اللّهُمَّ وَإِنِّی أَرْجُو أَنْ أَکُونَ مِمَّنْ أَجابَ دَعْوَتَکَ ، وَقَدْ جِئْتُ مِنْ شُقَّةٍ بَعِیدَةٍ وَفَجٍّ عَمیقٍ سامِعاً لِنِدائِکَ وَمُسْتَجیباً لَکَ ، مُطیعاً لِأَمْرِکَ ، وَکُلُّ ذلِکَ بِفَضْلِکَ عَلَیَّ وَإِحْسانِکَ إِلَیَّ . فَلَکَ الْحَمْدُ عَلی ما وَفَّقْتَنی لَهُ ، أَبْتَغی بِذ لِکَ الزُّلْفَةَ عِنْدَکَ ، وَالْقُرْبَةَ إِلَیْکَ ، وَالْمَنْزِلَةَ لَدَیْکَ ، وَالْمَغْفِرَةَ لِذُنُوبی ، وَالتَّوْبَةَ عَلَیَّ مِنْها بِمَنِّکَ . اللَّهُمَّ صَلِّ عَلی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَحَرِّمْ بَدَنی عَلَی النَّارِ ، وَآمِنِّی مِنْ عَذَابِکَ وَعِقابِکَ بِرَحْمَتِکَ یا أَرْحَمَ الرَّاحِمینَ » .

4 - أن یمضغ شیئاً من الإذخر عند دخوله الحرم .

ص:169

آداب دخول مکّة المکرّمة و المسجد الحرام

یستحب لمن أراد أن یدخل مکّة المکرمة أن یغتسل قبل دخولها ، وأن یدخلها بسکینة ووقار ، وأن یمشی حافیاً بل یستحب المشی بتواضع طیلة بقائه فی مکّة وکذا فی لبسه بأن لا یلبس الألبسة الفاخرة ویستحب لمن جاء من طریق المدینة أن یدخل من أعلاها ویخرج من أسفلها ، ویستحب أن یکون حال دخول المسجد حافیاً علی سکینة ووقار وخشوع ، وأن یکون دخوله من باب بنی شیبة ، وهذا الباب وإن جهل فعلاً من جهة توسعة المسجد إلّاأنه قال بعضهم إنه کان بازاء باب السلام ویمکن مراجعة الکتب المؤلفة فی خرائط المسجد الحرام فی ذلک ، فالأولی الدخول من باب السلام ، ثم یأتی مستقیماً إلی أن یتجاوز الأسطوانات ، ویستحب أن یقف علی باب المسجد ویقول :

« السَّلَامُ عَلَیْکَ أَیُّها النَّبیُّ وَرَحْمَةُ اللّهِ وَبَرَکاتُهُ ، بِسْمِ اللّهِ وَبِاللّهِ ، وَمِنَ اللّهِ ، وَما شاءَ اللّهُ ، السّلَامُ عَلی أَنْبِیاءِ اللّهِ وَرُسُلِهِ ، وَالسَّلَامُ عَلی رَسُولِ اللّهِ ، وَالسَّلَامُ عَلی إِبْرَاهِیمَ [ خَلِیلِ اللّهِ] ، وَالْحَمْدُ للّهِ ِ رَبِّ الْعالَمینَ » .

ص:170

ثم یدخل المسجد متوجهاً إلی الکعبة رافعاً یدیه إلی السماء ویقول :

« اللّهُمَّ إِنِّی أَسْأَلُکَ فی مَقامی هذَا فی أَوَّلِ مَناسِکی أَنْ تَقْبَلَ تَوْبَتی ، وَأَنْ تَتَجاوَزَ عَنْ خَطِیئَتی ، وَأَنْ تَضَعَ عَنِّی وِزْری ، الْحَمْدُ للّهِ ِ الَّذی بَلَّغَنی بَیْتَهُ الْحَرامَ ، اللَّهُمَّ إِنِّی أُشْهِدُکَ [ أَشْهَدُ] أَنَّ هذا بَیْتُکَ الْحَرامُ الَّذی جَعَلْتَهُ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأمْناً ، مُبارَکاً ، وَهُدیً لِلْعالَمینَ ، اللّهُمَّ إِنِّی عَبْدُکَ ، وَالْبَلَدُ بَلَدُکَ ، وَالْبَیْتُ بَیْتُکَ ، جِئْتُ أَطْلُبُ رَحْمَتَکَ ، وَأَؤُمُّ طاعَتَکَ ، مُطِیعاً لِأَمْرِکَ ، رَاضِیاً بِقَدَرِکَ ، أَسْأَ لُکَ مَسْأَ لَةَ الْفَقِیرِ إِلَیْکَ ، الْخائِفِ لِعُقُوبَتِکَ ، اللّهُمَّ افْتَحْ لی أَبْوَابَ رَحْمَتِکَ ، وَاسْتَعْمِلْنی بِطاعَتِکَ وَمَرْضاتِکَ » .

وفی روایة أخری یقف علی باب المسجد ویقول :

« بِسْمِ اللّهِ ، وَبِاللّهِ ، وَمِنَ اللّهِ ، وَإِلَی اللّهِ ، وَما شاءَ اللّهُ ، وَعَلی مِلَّةِ رَسُولِ اللّهِ صَلَّی اللّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ ، وَخَیْرُ الْأَسْماءِ للّهِ ِ ، وَالْحَمْدُ للّهِ ِ ، وَالسّلَامُ عَلی رَسُولِ اللّهِ صَلَّی اللّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ ، السّلَامُ عَلی مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ ، السّلَامُ عَلَیْکَ أَیُّها النَّبیُّ وَرَحْمَةُ اللّهِ وَبَرَکاتُهُ ، السّلَامُ عَلی أَنْبِیاءِ اللّهِ وَرُسُلِهِ ، السّلَامُ عَلی إِبْراهِیمَ خَلیلِ الرَّحْمَنِ ، السَّلَامُ عَلَی الْمُرْسَلینَ ، وَالْحَمْدُ للّهِ ِ رَبِّ الْعالَمینَ ، السّلَامُ عَلَیْنا وَعَلی عِبادِ اللّهِ الصَّالِحینَ .

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَبارِکْ عَلی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَارْحَمْ مُحَمَّداً وَآلِ مُحَمَّدٍ ، کَما صَلَّیْتَ وَبارَکْتَ وَتَرَحَّمْتَ عَلی إِبْراهِیمَ

ص:171

وَآلِ إِبْراهِیمَ ، إِنَّکَ حَمِیدٌ مَجِیدٌ .

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلی مُحَمَّدٍ [وَآلِ مُحَمَّدٍ] عَبْدِکَ وَرَسُولِکَ ، وَعَلی إِبْراهِیمَ خَلیلِکَ ، وَعَلی أَنْبِیائِکَ وَرُسُلِکَ ، وَسَلِّمْ عَلَیْهِمْ ، وَسَلَامٌ عَلَی الْمُرْسَلینَ ، وَالْحَمْدُ للّهِ ِ رَبِّ الْعالَمینَ .

اللّهُمَّ افْتَحْ لی أَبْوابَ رَحْمَتِکَ ، وَاسْتَعْمِلْنی فی طاعَتِکَ وَمَرْضاتِکَ ، وَاحْفَظْنی بِحِفْظِ الْإِیمانِ أَبَداً ما أَبْقَیْتَنی ، جَلَّ ثَناءُ وَجْهِکَ ، الْحَمْدُ للّهِ ِ الَّذی جَعَلَنی مِنْ وَفْدِهِ وَزُوّارِهِ ، وَجَعَلَنی مِمَّنْ یَعْمُرُ مَساجِدَهُ ، وَجَعَلَنی مِمَّنْ یُناجِیهِ .

اللَّهُمَّ إِنِّی عَبْدُکَ وَزَائِرُکَ فی بَیْتِکَ ، وَعَلی کُلِّ مَأْتِیٍّ حَقٌّ لِمَنْ أَتاهُ وَزارَهُ ، وَأَنْتَ خَیْرُ مأْتِیٍّ وَأَکْرَمُ مَزُورٍ ، فَأَسْأَ لُکَ یا اللّهُ یا رَحْمنُ ، وَبِأَنَّکَ أَنْتَ اللّهُ لَاإِله إِلَّا أَنْتَ ، وَحْدَکَ لَاشَرِیکَ لَکَ ، وَبِأَنَّکَ واحِدٌ أَحَدٌ صَمَدٌ ، لَمْ تَلِدْ وَلَمْ تُولَدْ ، وَلَمْ یَکُنْ لَهُ کُفُواً أَحَدٌ ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُکَ وَرَسُولُکَ صَلَّی اللّهُ عَلَیْهِ وَعَلی أَهْلِ بَیْتِهِ ، یا جَوادُ یا کَریمُ ، یا ماجِدُ یا جَبّارُ یا کَریمُ ، أَسْأَ لُکَ أَنْ تَجْعَلَ تُحْفَتَکَ إیّایَّ بِزِیارَتی إِیّاکَ أَوَّلَ شَیْ ءٍ تُعْطِیَنی فَکاکَ رَقَبَتی مِنَ النّارِ » .

ثم یقول ثلاثاً :

« اللّهُمَّ فُکَّ رَقَبَتی مِنَ النّارِ » .

ص:172

ثمّ یقول :

« وَأَوْسِعْ عَلَیَّ مِنْ رِزْقِکَ الْحَلَالِ الطَّیِّبِ ، وَادْرأْ عَنِّی شَرَّ شَیاطینِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ ، وَشَرَّ فَسَقَةِ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ » .

ویستحبّ عندما یحاذی الحجر الأسود أن یقول :

« أَشْهَدُ أَنْ لَاإِلهَ إِلَّا اللّهُ وَحْدَهُ لَاشَریکَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، آمَنْتُ [ وَآمَنْتُ] بِاللّهِ ، وَکَفَرْتُ بِالطّاغُوتِ ، وَبِاللَّاتِ وَالْعُزّی ، وَبِعِبادَةِ الشَّیْطانِ ، وَبِعِبَادَةِ کُلِّ نِدٍّ یُدْعی مِنْ دُونِ اللّهِ » .

ثم یذهب إلی الحجر الأسود ویستلمه ویقول :

« الْحَمْدُ للّهِ الَّذی هَدانا لِهذَا وَما کُنَّا لِنَهْتَدِیَ لَوْلَا أَنْ هَدَانا اللّهُ ، سُبْحانَ اللّهِ ، وَالْحَمْدُ للّهِ ِ ، وَلَا إِلهَ إِلَّا اللّهُ ، واللّهُ أَکْبَرُ ، اللّهُ أَکْبَرُ مِنْ خَلْقِهِ ، وَأَکْبَرُ مِمَّنْ [ ممّا] أَخْشی وَأَحْذَرُ ، وَلَا إِلهَ إِلَّا اللّهُ وَحْدَهُ لَاشَریکَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْکُ وَلَهُ الْحَمْدُ ، یُحْیی وَیُمِیتُ ، وَیُمِیتُ وَیُحْیی ، بِیَدِهِ الْخَیْرُ ، وَهُوَ عَلی کُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ » .

ویصلّی علی محمّد وآل محمّد ، ویسلم علی الأنبیاء کما کان یصلّی ویسلم عند دخوله المسجد الحرام ، ثمّ یقول :

«اللّهُمَّ إِنِّی أُؤْمِنُ بِوَعْدِکَ وَأُوْفی بِعَهْدِکَ » .

ص:173

وفی روایة صحیحة عن أبی عبداللّه علیه السلام : « إذا دنوت من الحجر الأسود فارفع یدیک ، واحمد اللّه وأثن علیه ، وصلّ علی النبی ، واسأل اللّه أن یتقبل منک ، ثم استلم الحجر وقبّله ، فإن لم تستطع أن تقبّله فاستلمه بیدک ، فإن لم تستطع أن تستلمه بیدک فأشر إلیه وقل :

« اللّهُمَّ أَمانَتی أَدَّیْتُها ، وَمِیثاقی تَعاهَدْتُهُ لِتَشْهَدَ لی بِالْمُوَافاةِ .

اللّهُمَّ تَصْدِیقاً بِکِتابِکَ ، وَعَلی سُنَّةِ نَبِیِّکَ ، أَشْهَدُ أَنْ لَاإِلهَ إِلَّا اللّهُ وَحْدَهُ لَاشَرِیکَ لَهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ . آمَنْتُ بِاللّهِ ، وَکَفَرْتُ بِالْجِبْتِ وَالطّاغُوتِ ، وَبِاللَّاتِ وَالْعُزّی ، وَعِبادَةِ کُلِّ نِدٍّ یُدْعی مِنْ دُونِ اللّهِ » .

فإن لم تستطع أن تقول هذا فبعضه ، وقل :

« اللّهُمَّ إِلَیْکَ بَسَطْتُ یَدِی ، وَفِیما عِنْدَکَ عَظُمَتْ رَغْبَتی ، فاقْبَلْ سُبْحَتی ، وَاغْفِرْ لی وَارْحَمْنی . اللّهُمَّ إِنِّی أَعُوذُ بِکَ مِنَ الْکُفْرِ وَالْفَقْرِ وَمَواقِفِ الْخِزِیِ فی الدُّنْیا وَالْآخِرَةِ » .

ص:174

آداب الطواف

یستحب فی الطواف عدم الإسراع وعدم البط ء بل التوسط .

روی معاویة بن عمّار عن أبی عبد اللّه علیه السلام ، قال : تقول فی الطواف :

« اللّهُمَّ إِنّی أَسْأَلُکَ باسْمِکَ الَّذی یُمْشی بِهِ عَلی طَلَلِ الْماءِ کما یُمْشی بِهِ عَلی جُدَدِ الْأَرْضِ ، وَأَسْأَلُکَ باسْمِکَ الَّذی یَهْتَزُّ لَهُ عَرْشُکَ ، وَأَسْأَلُکَ باسْمِکَ الَّذی تَهْتَزُّ لَهُ أَقْدامُ مَلائِکَتِکَ ، وَأَسْأَلُکَ باسْمِکَ الَّذی دَعاکَ بِهِ مُوسی مِنْ جانِبِ الطُّورِ فاسْتَجَبْتَ لَهُ ، وَأَلْقَیْتَ عَلَیْهِ مَحَبَّةً مِنْکَ ، وَأَسْأَلُکَ باسْمِکَ الَّذی غَفَرْتَ بِهِ لِمُحَمَّدٍ صَلَّی اللّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وما تَأَخَّرَ ، وَأَتْمَمْتَ عَلَیْهِ نِعْمَتَکَ ، أَنْ تَفْعَلَ بی کذا وکذا » وما أحببت من الدعاء وهذا الدعاء مسنون فی کل شوط .

وکلّ ما انتهیت إلی باب الکعبة فصلّ علی محمّد وآل محمّد .

وکذا یستحب فی أشواط الطواف :

« اللّهُمَّ إِنّی إِلَیْکَ فَقیرٌ ، وَإِنّی خائِفٌ مُسْتَجیرٌ ، فَلَا تُغَیِّرْ جِسْمی ، وَلَا تُبَدِّلْ اسْمی » .

ص:175

وأکثر من : سُبْحانَ اللّهِ ، وَالْحَمْدُ للّهِ ِ ، وَلَا إِلهَ إِلَّا اللّهُ ، واللّهُ أَکْبَرُ ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلّا بِاللّهِ ، لَاإِلهَ إِلَّا اللّهُ وَحْدَهُ لَاشَریکَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْکُ وَلَهُ الْحَمْدُ ، یُحْیی وَیُمِیتُ ، وَهُوَ حَیٌّ لَایَمُوت ، بِیَدِهِ الْخَیْرُ ، وَهُوَ عَلی کُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ » .

ومَن قال فی طوافه عشر مرات : « أَشْهَدُ أَنْ لَاإِلهَ إِلَّا اللّهُ أَحَداً فَرْداً صَمَداً ، لَمْ یَلِدْ وَلَمْ یُولَدْ ، وَلَمْ یَکُن لَهُ کُفُواً أَحَد ، لَمْ یَتَّخِذْ صاحِبَةً وَلَا وَلَداً » کتب اللّه له خمسة وأربعین حسنة وکذا یستحب أن یصلی علی النبیّ وآله فی کل شوط .

وإذا انتهیت إلی باب البیت فصلِّ علی محمّد وآله ، وتقول عند باب البیت : « سائِلُکَ مِسْکینُکَ بِبابِکَ ، عُبَیْدُکَ بِفِنائِکَ ، فَقیرُکَ نَزَلَ بِساحَتِکَ ، تَفَضَّلْ عَلَیْهِ بِجَنَّتِکَ » .

وتقول أیضاً :

«اللّهُمَّ الْبَیْتُ بَیْتُکَ ، وَالْحَرمُ حَرَمُکَ ، وَهذا مَکانُ الْعائِذِ بِکَ مِنَ النّارِ».

وإذا انتهیت إلی الرکن العراقی :

« اللّهُمَّ إِنّی أَعوذُ بِکَ مِنَ الشَّکِّ وَالشِّرْکِ وَالشِّقاقِ وَالنِّفاقِ ، وَدَرَکِ الشَّقاءِ ، وَمَخافَةِ الْعِدی ، وَسوءِ الْمُنْقَلَبِ ، وَأَعوذُ بِکَ مِنَ الْفَقْرِ ،

ص:176

وَالْفاقَةِ ، وَالْحِرْمانِ ، وَالْمُنی ، وَالْفَتْقِ ، وَغَلَبِ الدَّیْنِ .

آمَنْتُ بِکَ وَبِرَسولِکَ وَوَلِیِّکَ ، رَضِیْتُ بِاللّهِ رَبّاً ، وَبِالْإِسْلامِ دِیناً ، وَبِمُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله و سلم نَبِیّاً وَآلِهِ ، وَبِعَلِیٍّ علیه السلام وَلِیّاً وَإِماماً ، وَبِالْمُؤمْنِینَ إِخْواناً » .

وتقول أیضاً : « اللّهُمَّ وَاعْتِقْ رَقَبَتی مِنَ النّارِ ، وَادْرَأْ عَنّی شَرَّ فَسَقَةِ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ ، وَأَظِلَّنی تَحْتَ ظِلِّ عَرْشِکَ ، وَاصْرِفْ عَنّی شَرَّ کُلِّ ذی شَرٍّ ، وَشَرَّ فَسَقَةِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ » ، ویقال هذا الدعاء عند المیزاب .

وإذا بلغت الحجر قبل أن تبلغ المیزاب ترفع رأسک وتقول : « اللّهُمَّ أَدْخِلْنی الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِکَ - وهو ینظر إلی المیزاب کما کان علیّ بن الحسین علیهما السلام یفعل - وَأَجِرْنی بِرَحْمَتِکَ مِنَ النّارِ ، وَعافِنی مِنَ السُّقْمِ ، وَوَسِّعْ عَلَیَّ مِنَ الرِّزْقِ الْحَلالِ ، وَادْرَأْ عَنّی شَرَّ فَسَقَةِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ، وَشَرَّ فَسَقَةِ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ » .

وإذا بلغت الرکن الشامی فقل : « اللّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجَّةً مَقْبولَةً ، وَذَنْباً مَغْفوراً ، وَسَعْیاً مَشْکوراً ، وَعَمَلاً مُتَقَبَّلاً ، تَقَبَّلْ مِنّی کَما تَقَبَّلْتَ مِنْ إِبْراهِیمَ خَلیلِکَ ، وَمُوسی کَلیمِکَ ، وَعِیسی روحِکَ ، وَمُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله و سلم حَبیبِکَ .

وإذا تجاوزت الرکن تقول : « یاذا الْمَنِّ وَالطَّوْلِ ، وَالْجودِ وَالْکَرَمِ ، إِنَّ عَمَلی ضَعیفٌ فَضاعِفْهُ لی ، وَتَقَبَّلْهُ مِنّی ، إِنَّکَ أَنْتَ السَّمیعُ الْعَلیمُ » .

ص:177

وإذا انتهیت إلی المستجار ( المتعوّذ ) وهو دبر الکعبة الذی بجنب الرکن الیمانی بقلیل تقول فی الشوط السابع بعد أن تبسط یدیک علی الأرض وتلصق خدک وبطنک علی البیت إن أمکن : « اللّهُمَّ الْبَیْتُ بَیْتُکَ ، وَالْعَبْدُ عَبْدُکَ ، وَهذا مَقامُ الْعائِذِ بِکَ مِنَ النّارِ » .

ثم اقرر لربک بما عملت من الذنوب وتقول أیضاً :

« اللّهُمَّ مِنْ قِبَلِکَ الرَّوْحُ وَالْفَرَجُ وَالْعافِیةُ . اللّهُمَّ إِنَّ عَمَلی ضَعیفٌ فَضاعِفْهُ لی ، وَاغْفِرْ لی ما اطَّلَعْتَ عَلَیْهِ مِنّی ، وَخَفِیَ عَلی خَلْقَِک » .

وتقول عند استلام الرکن أو الإشارة إلیه إن لم یمکن : « اللّهُمَّ تُبْ عَلَیَّ حَتّی أَتوبَ ، وَاعْصِمْنی حَتّی لَاأَعودَ » .

کما أنه یقول : « یا اللّهُ ، یا وَلِیَّ الْعافِیَةِ ، وَخالِقَ الْعافِیَةِ ، وَرازِقَ الْعافِیَةِ ، وَالْمُنْعِمُ بِالْعافِیَةِ ، وَالْمَنّانُ بِالْعافِیَةِ ، وَالْمُتَفَضِّلُ بِالْعافِیةِ عَلَیَّ وَعَلی جَمیعِ خَلْقِکَ ، یا رَحْمنَ الدُّنْیا وَالْآخِرَةِ وَرَحیمَهُما ، صَلِّ عَلی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَارْزُقْنا الْعافِیةَ ، وَدَوامَ الْعافِیةِ ، وَتَمامَ الْعافِیةِ ، وَشُکْرَ الْعافِیةِ فی الدُّنْیا وَالْآخِرَةِ ، یا أَرْحَمَ الرّاحمینَ » .

وعند الرکن الیمانی أیضاً یستحب رفع الرأس والقول : « الْحَمْدُ للّهِ ِ الَّذی شَرَّفَکَ وَعَظَّمَکَ ، وَالْحَمْدُ للّهِ ِ الَّذی بَعَثَ مُحَمّداً نَبِیّاً ، وَجَعَلَ عَلِیّاً إِماماً ، اللّهُمَّ اهْدِ لَهُ خِیارَ خَلْقِکَ ، وَجَنِّبْهُ شِرارَ خَلْقِکَ » ، فإنّ الرکن

ص:178

الیمانی من أعظم المواضع حرمة ویصعد الدعاء حتی یلصق بالعرش .

کما یستحب عنده الاشارة إلی زاویة المسجد مقابل هذا الرکن والقول : « اصَلّی عَلَیْکَ یا رَسولَ اللّهِ صلی الله علیه و آله و سلم » .

وإذا تجاوز الرکن الیمانی : « اللّهُمَّ آتِنا فی الدُّنْیا حَسَنَةً ، وَفی الْآخِرَةِ حَسَنَةً ، وَقِنا عَذابَ النّارِ » فإن هناک ملکاً یقول آمین ، کما روی عنهم علیهم السلام .

ویستحب عند الملتزم قبیل المستجار عند الرکن الیمانی أن یقول کما قال علیّ بن الحسین علیه السلام : « اللّهُمَّ إِنَّ عِنْدی أَفْواجاً مِنَ الذُّنوبِ وَأَفْواجاً مِنْ خَطایا ، وَعِنْدَکَ أَفْواجٌ مِنَ الرَّحْمَةِ وَأَفْواجٌ مِنَ الْمَغْفِرَةِ ، یا مَنِ اسْتَجابَ لاَِبْغَضِ خَلْقِهِ إِلَیْهِ إِذْ قالَ : ( أَنْظِرْنِی إِلی یَوْمِ یُبْعَثُونَ ) اسْتَجِبْ لی ، وَافْعَلْ بی کَذا وَکَذا » .

وعموماً یستحب الدعاء عند المستجار فی کل شوط وقریب الرکن الیمانی لا سیّما فی الشوط السابع .

وتقول فیما بین الرکن الیمانی والحجر الأسود : « رَبَّنا آتِنا فِی الدُّنْیا حَسَنَةً وَ فِی الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَ قِنا عَذابَ النّارِ ».

وعندما یختم بالحجر الأسود یقول مستقبلاً للحجر الأسود إن أمکن : « اللّهُمَّ قَنِّعْنی بِما رَزَقْتَنی ، وَبارِکْ لی فیما آتَیْتَنی » .

ویستحب للطائف فی کل شوط أن یستلم الأرکان کلها لا سیّما الرکن الیمانی والحجر الأسود .

ص:179

آداب صلاة الطواف

یستحب فی صلاة الطواف أن یقرأ بعد الفاتحة سورة التوحید فی الرکعة الأولی ، وسورة الجحد فی الرکعة الثانیة ، فإذا فرغ من صلاته حمد اللّه وأثنی علیه وصلّی علی محمّد وآل محمّد ، وطلب من اللّه تعالی أن یتقبل منه .

یستحب أن یدعو بعد الرکعتین « الْحَمْدُ للّهِ ِ بِمَحامِدِهِ کُلِّها عَلی نَعْمائِهِ کُلِّها حَتّی یَنْتَهِیَ الْحَمْدُ إِلی ما یُحِبُّ رَبّی وَیَرْضی . اللّهُمَّ صَلِّ عَلی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَتَقَبَّلْ مِنّی ، وَطَهِّرْ قَلْبی ، وَزَکِّ عَمَلِی » ، ثم لیجتهد فی الدعاء .

ویستحب أیضاً أن یقول : « اللّهُمَّ ارْحَمْ بِطَواعِیَّتی إِیّاکَ ، وَطَواعِیَتی رَسولَکَ صلی الله علیه و آله و سلم . اللّهُمَّ جَنِّبْنی أَنْ أَتَعَدّی حُدودَکَ ، وَاجْعَلْنی مِمَّنْ یُحِبُّکَ وَیُحِبُّ رَسولَکَ وَمَلائِکَتَکَ وَعِبادَکَ الصّالِحینَ » .

وعن الصادق علیه السلام أنه سجد بعد رکعتی الطواف وقال فی سجوده :

« سَجَدَ وَجْهی لَکَ تَعَبُّداً وَرِقّاً ، لَاإِلهَ إِلّا أَنْتَ حَقّاً حَقّاً ، الْأَوَّلُ قَبْلَ

ص:180

کُلِّ شَیْ ءٍ ، وَالْآخِرُ بَعْدَ کُلِّ شَیْ ءٍ ، وَهَا أَنَا ذا بَیْنَ یَدیْکَ ، ناصیَتی بِیَدِکَ ، وَاغْفِرْ لی ، إِنَّهُ لَایَغْفِرُ الذَّنْبَ الْعَظیمَ غَیْرُکَ ، فَاغْفِرْ لی ، فَإِنِّی مُقرٌّ بِذُنُوبی عَلی نَفْسی ، وَلَا یَدفَعُ الذَّنْبَ الْعَظیمَ غَیْرُکَ » .

وکان علی بن الحسین علیه السلام یقول فی السجود بعدهما : « یا کَریمُ مِسْکِینُکَ بِفِنائِکَ ، یا کَریمُ فَقیرُکَ بِفِنائِکَ ، زائِرُکَ حَقیرُکَ بِبابِکَ یا کَریمُ » .

وأیضاً کان یقول : « عُبَیْدُکَ بِفِنائِکَ ، سائِلُکَ بِفِنائِکَ ، یَسْأَلُکَ ما لَمْ یَقْدِرْ عَلَیْهِ غَیْرُکَ » .

ویستحب إذا فرغ من الرکعتین أن یأتی الحجر الأسود ویقبّله ویستلمه وإلّا فلیشر إلیه .

ویستحب أن یشرب من ماء زمزم قبل أن یخرج إلی الصفا ویقول :

« اللّهُمَّ اجْعَلْهُ عِلْماً نافِعاً ، وَرِزْقاً واسِعاً ، وَشِفاءً مِنْ کُلِّ داءٍ وَسُقْمِ » .

ویستحب مؤکداً للصرورة دخول الکعبة وهو مستحب لغیره أیضاً بعد الغسل .

وإن أمکنه أتی زمزم بعد صلاة الطواف وأخذ منه ذنوباً أو ذنوبین ، فیشرب منه ویصب الماء علی رأسه وظهره وبطنه ، ویقول :

« اللّهُمَّ اجْعَلْهُ عِلْماً نافِعاً ، وَرِزْقاً واسِعاً ، وَشِفاءً مِنْ کُلِّ داءٍ وَسُقْمٍ » .

ثمّ یأتی الحجر الأسود فیخرج منه إلی الصفا .

ص:181

آداب السعی

یستحب الخروج إلی الصفا من الباب الذی یقابل الحجر الأسود مع سکینة ووقار ، فإذا صعد علی الصفا نظر إلی الکعبة ، ویتوجه إلی الرکن الذی فیه الحجر الأسود ، ویحمد اللّه ویثنی علیه ویتذکر آلاء اللّه ونعمه ثم یقول : « اللّهُ أَکْبَرُ » سبع مرات ، « الْحَمْدُ للّهِ ِ » سبع مرات ، « لَاإِلهَ إِلّا اللّهُ » سبع مرات ، ویقول ثلاث مرات :

« لَاإِلهَ إِلّا اللّهُ وَحْدَهُ لَاشَریکَ لَهُ ، لَهُ الْمُلکُ ، وَلَهُ الْحَمْدُ ، یُحْیی وَیُمِیْتُ وَهُوَ حَیٌّ لَایَموتُ ، بِیَدِهِ الْخَیْرُ ، وَهُوَ عَلی کُلِّ شَیْ ءٍ قَدیرٌ » .

ثم یصلی علی محمّد وآل محمّد ، ثم یقول ثلاث مرات :

« اللّهُ أَکْبَرُ عَلی ما هَدانا ، وَالْحَمْدُ للّهِ ِ عَلی ما أَوْلانا ، وَالْحَمْدُ للّهِ ِ الْحَیِّ الْقَیّومِ ، وَالْحَمْدُ للّهِ ِ الْحَیِّ الدّائِمِ » .

ثم یقول ثلاث مرّات :

« أَشْهَدُ أَنْ لَاإِلهَ إِلّا اللّهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، لَانَعْبُدُ إِلّا إِیّاهُ ، مُخْلِصینَ لَهُ الدِّینَ ، وَلَوْ کَرِهَ الْمُشْرِکونَ » .

ثم یقول ثلاث مرّات :

ص:182

« اللّهُمَّ إِنّی أَسْأَلُکَ الْعَفْوَ وَالْعافِیَةَ ، وَالْیَقینَ فی الدُّنْیا وَالْآخِرَةِ » .

ثمّ یقول : « اللّهُ أَکْبَرُ » مائة مرة ، « لَاإِلهَ إِلّا اللّهُ » مائة مرّة ، « الْحَمْدُ للّهِ ِ » مائة مرّة ، « سُبْحانَ اللّهِ » مائة مرّة .

ثم یقول :

« لَاإِلهَ إِلّا اللّهُ وَحْدَهُ ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ ، وَغَلَبَ الْأَحْزابَ وَحْدَهُ ، فَلَهُ المُلْکُ وَلَهُ الْحَمْدُ ، وَحْدَهُ وحْدَهُ .

اللّهُمَّ بارِکْ لی فی الْمَوْتِ وَفِیما بَعْدَ الْمَوْتِ ، اللّهُمَّ إِنّی أَعُوذُ بِکَ مِنْ ظُلْمَةِ الْقَبْرِ وَوَحْشَتِهِ . اللّهُمَّ أَظِلَّنی فی ظِلِّ عَرْشِکَ یَوْمَ لَاظِلَّ إِلّا ظِلُّکَ » .

ویستودع اللّه دینه ونفسه وأهله کثیراً ، فیقول : « أَسْتَوْدِعُ اللّهَ الرَّحْمنَ الرَّحِیمَ الَّذی لَاتَضیعُ وَدائِعُهُ دِینی وَنَفْسی وَأَهْلی . اللّهُمَّ اسْتَعْمِلْنی علی کِتابِکَ وسُنَّةِ نَبِیِّکَ ، وَتَوَفَّنی عَلی مِلَّتِهِ ، وَأَعِذْنی مِنَ الْفِتْنَةِ » .

ثم یقول : « اللّهُ أَکْبَرُ » ثلاث مرات ، ثم یعیدها مرتین ، ثم یکبّر واحدة ثم یعیدها ، فإن لم یستطع هذا فبعضه .

وکان رسول اللّه صلی الله علیه و آله و سلم یقف علی الصفا بقدر ما یقرأ سورة البقرة مترسلاً .

وعن أمیر المؤمنین علیه السلام أنه إذا صعد الصفا استقبل الکعبة ، ثم یرفع یدیه ، ثم یقول :

ص:183

« اللَّهُمَّ اغْفِرْ لی کُلِّ ذَنْبٍ أَذْنَبْتُهُ قَطُّ ، فَإِنْ عُدْتُ فَعُدْ عَلَیَّ بِالْمَغْفِرَةِ ، فَإِنَّکَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحیمُ . اللّهُمَّ افْعَلْ بی ما أَنْتَ أَهْلُهُ ، فَإِنَّکَ إِنْ تَفْعَلْ بی ما أَنْتَ أَهْلُهُ تَرْحَمْنی ، وَإِنْ تُعَذِّبْنی فَأَنْتَ غَنِیٌّ عَنْ عَذابی ، وَأَنا مُحْتاجٌ إِلی رَحْمَتِکَ ، فَیامَنْ أَنا مُحْتاجٌ إِلی رَحْمَتِهِ ارْحَمْنی . اللّهُمَّ لَاتَفْعَلْ بی ما أَنا أَهْلُهُ فَإِنَّکَ إِنْ تَفْعَلْ بی ما أَنا أَهْلُهُ تُعَذِّبْنی وَلَمْ تَظْلِمْنی ، أَصْبَحْتُ أَتَّقی عَدْلَکَ وَلَا أَخافُ جَوْرَکَ ، فَیا مَنْ هُوَ عَدْلٌ لَایَجورُ ارْحَمْنی » .

ویستحب الدعاء علی الصفا أو المروة « اللّهُمَّ إِنّی أَسْأَلُکَ حُسْنَ الظَّنِّ بِکَ عَلی کُلِّ حالٍ ، وَصِدْقَ النِّیَّةِ فی التَّوَکُّلِ عَلَیْکَ » .

وعن أبی عبد اللّه علیه السلام إن أردت أن یکثر مالک فأکثر من الوقوف علی الصفا ویستحب أن تسعی ماشیاً وأن تمشی مع سکینة ووقار ثم تنحدر إلی المسعی وقل :

« اللّهُمَّ إِنّی أَعُوذُ بِکَ مِنْ عَذابِ الْقَبْرِ وَفِتْنَتِهِ وَغُرْبَتِهِ وَوَحْشَتِهِ وَظُلْمَتِهِ وَضِیقِهِ وَضَنَکِهِ . اللّهُمَّ أَظِلَّنی فی ظِلِّ عَرْشِکَ یَوْمَ لَاظِلَّ إِلّا ظِلُّکَ » .

ویدعو أیضاً وهو کاشف عن ظهره : « یا رَبَّ الْعَفْوِ وَیا مَنْ یَأْمُرُ بِالْعَفْوِ ، وَیا مَنْ هُوَ أَوْلی بِالْعَفْوِ ، وَیا مَنْ یُثیبُ عَلَی الْعَفْوِ ، الْعَفْوَ الْعَفْوَ الْعَفْوَ ، یا جوادُ یا کریمُ ، یا قَریبُ یا بَعیدُ ، ارْدُدْ عَلَیَّ نِعْمَتَکَ ، وَاسْتَعْمِلْنی بِطاعَتِکَ وَمَرْضاتِکَ » .

ص:184

حتی یأتی محل المنارة الأولی فیهرول ویدعو « بِسْمِ اللّهِ ، وَاللّهُ أَکْبَرُ ، وَصَلّی اللّهُ عَلی مُحَمَّدٍ وَآلِهِ » .

ویقول أیضاً : « اللّهُمَّ اغْفِرْ وَارْحَْم وَاغْفِرْ عَمّا تَعْلَمُ إِنَّکَ أَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَکْرَمُ » إلی محل المنارة الأُخری فإذا جاوزها یقول : « یا ذا الْمَنِّ وَالْفَضْلِ وَالْکَرَمِ وَالنَّعْماءِ وَالْجُودِ ، اغْفِرْ لی ذُنوبی إِنَّهُ لَایَغْفِرُ الذُّنوبَ إِلّا أَنْتَ » .

ویقول أیضاً : « اللّهُمَّ إِنّی أَسْأَلُکَ مِنْ خَیْرِ الْآخِرَةِ وَالْاُولی ، وَأَعُوذُ بِکَ مِنْ شَرّ الْآخِرَةِ وَالْاُولی » .

وتقول أیضاً : « یا ذا الْمَنِّ وَالطَّوْلِ وَالْکَرَمِ وَالنَّعْماءِ وَالْجُودِ صَلِّ عَلی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاغْفِرْ لی ذُنوبی إِنَّهُ لَایَغْفِرُ الذُّنوبَ إِلّا أَنْتَ یا کَریمُ » .

ثم یمشی مع سکینة ووقار حتی یصعد علی المروة فیصنع علیها کما صنع علی الصفا ، ویرجع من المروة إلی الصفا علی هذا النهج أیضاً ، وإذا کان راکباً أسرع فیما بین المنارتین فینبغی أن یجدّ فی البکاء ویدعو اللّه کثیراً ، ولا هرولة علی النساء .

ویستحب أن یکون آخر دعائک کلّما مررت علی الصفا : « إسْتَعْمِلْنی بِسُنَّةِ نَبِیِّکَ صلی الله علیه و آله و سلم وَتَوفَّنِی عَلی مِلَّتِهِ وَأَعِذْنا مِنْ مُضِلّاتِ الْفِتَنِ » ، ولیکن

ص:185

آخر دعائه کلّما مرّ علی المروة « اخْتِمْ لی اللّهُمَّ بِخَیْرٍ ، وَاجْعَلْ عاقِبَتی عَلی خَیْرٍ ، اللّهُمَّ فَقِنی مِنَ الذُّنوبِ ، وَاعْصِمْنی فیما بَقِیَ مِنْ عُمُری حَتّی لَا أَعودَ بَعْدَها أَبَداً ، إِنَّکَ أَنْتَ الْعاصِمُ الْمانِعُ » .

وکلّما نزلت من الصفا وأنت متّجه إلی المروة فادع « اللّهُمَّ اسْتَعْمِلْنا بِطاعَتِکَ ، وَأَحْیِنا عَلی سُنَّةَ نَبِیِّکَ صلی الله علیه و آله و سلم ، وَتَوَفَّنا عَلی مِلَّةِ رَسولِکَ ، وَأَعِذْنا مِنْ مُضِلّاتِ الْفِتَنِ » .

ص:186

آداب الإحرام للحجّ

ما تقدم من الآداب فی إحرام العمرة یجری فی إحرام الحجّ أیضاً ، فإذا کان یوم الترویة اغتسل ولبس ثوبی الإحرام ودخل المسجد حافیاً بسکینة والوقار ثم یصلی رکعتین عند مقام إبراهیم علیه السلام أو فی الحجر ثم یقعد حتی تزول الشمس ویصلی المکتوبة ثم یقول مثل ما قال فی احرام العمرة ثم یمضی وعلیه السکینة والوقار فإذا انتهی إلی الرقطاء دون الردم « قبیل مسجد الجن عند سوق اللیل » لبی ، فإذا أحرم للحج وخرج من مکّة یلبّی فی طریقه غیر رافع صوته ، حتی إذا أشرف علی الأبطح رفع صوته بالتلبیة ، فإذا توجه إلی منی قال :

« اللّهُمَّ إِیّاکَ أَرْجُو ، وَإِیّاکَ أَدْعو ، فَبَلِّغْنی أَمَلی ، وَأَصْلِحْ لی عَمَلی » .

ثم یذهب إلی منی بسکینة ووقار مشتغلاً بذکر اللّه سبحانه ، فإذا وصل إلیها قال :

« الْحَمْدُ للّهِ ِ الَّذی أَقْدَمَنیها صالِحاً فی عافِیَةٍ ، وَبَلَّغَنی هذَا الْمَکانَ » .

ثم یقول :

« اللّهُمَّ هذِهِ مِنّی ، وَهذِهِ مِمّا مَنَنْتَ بِهِ عَلَیْنا مِنَ الْمَناسِکِ ، فَأَسْأَلُکَ

ص:187

أَنْ تَمُنَّ عَلَیَّ بِما مَنَنْتَ بِهِ عَلی أَنْبِیائِکَ ، فَإِنَّما أَنا عَبْدُک وَفی قَبْضَتِکَ » .

وأکثر الصلاة علی رسول اللّه صلی الله علیه و آله و سلم .

ویستحب له المبیت فی منی لیلة عرفة ، یقضیها فی طاعة اللّه تبارک وتعالی ، والأفضل أن تکون عباداته ولا سیما صلواته فی مسجد الخَیف ، فإذا صلی الفجر عقّب إلی طلوع الشمس ثم یذهب إلی عرفات ، ولا بأس بخروجه من منی بعد طلوع الفجر ، والأولی بل الأحوط أن لایتجاوز وادی محسّر قبل طلوع الشمس ویکره خروجه منها قبل الفجر ، وذهب بعضهم إلی عدم جوازه إلّالضرورة ، کمرض أو خوف من الزحام ، فإذا توجه إلی عرفات قال :

« اللّهُمَّ إِلَیْکَ صَمَدْتُ ، وَإِیّاکَ اعْتَمَدْتُ ، وَوَجْهَکَ أَرَدْتُ ، فَأَسْأَلُکَ أَنْ تُبارِکَ لی فی رِحْلَتی ، وَأَنْ تَقْضِیَ لی حاجَتی ، وَأَنْ تَجْعَلَنی مِمَّنْ تُباهی بِهِ الْیَوْمَ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنِّی » .

وتقول :

« اللّهُمَّ وَعَلَیْکَ تَوَکَّلْتُ ، أَسْأَلُکَ أَنْ تَغْفِرَ لی ذُنوبی ، وَتَعْطِیَنی سُؤْلی ، وَتَقْضِیَ لی حاجَتی ، وَتُبارِکَ لی فی جَسَدی ، وَأَنْ تَجْعَلَنی مِمَّنْ تُباهی بِهِ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنّی ، وَتُوَجِّهَنی لِلْخَیْرِ أَیْنَما تَوَجَّهْتُ » ثم یلبّی إلی أن یصل إلی عرفات .

ص:188

آداب الوقوف بعرفات

یستحب فی الوقوف بعرفات أمور ، وهی کثیرة نذکر بعضها ، منها :

1 - الطهارة حال الوقوف .

2 - الغسل عند الزوال .

3 - تفریغ النفس للدعاء والتوجه إلی اللّه .

4 - الوقوف بسفح الجبل فی میسرته .

5 - الجمع بین صلاتی الظهرین بأذان وإقامتین .

6 - مد الیدین حالة الدعاء .

7 - مائة رکعة بحیث یقرأ فی کل رکعة بعد الحمد التوحید ویختم صلاته بآیة الکرسی .

8 - استیعاب الوقت بالدعاء ولو بتکراره کما یستحب تحمید اللّه وتسبیحه وتکبیره وتهلیله بعدد ما ورد فی القرآن الکریم فی ذلک .

9 - ینبغی حسن الظن باللّه تعالی فی الاستجابة والتوبة فقد روی « إِنَّ أَعْظَمَ أَهْلِ عَرَفاتٍ جُرْماً مَنْ یَنْصَرِفُ وَهُوَ یَظُنُّ أَنَّهُ لَمْ یُغْفَرْ لَهُ » .

10 - أن یشرک فی دعائه اخوانه المؤمنین .

ص:189

11 - أن یکرّر : یا ربّ یا ربّ یا ربّ بکثرة بعد قراءة دعاء الامام الحسین علیه السلام .

12 - أن یأتی بالدعاء المأثور وینبغی أن یقدم قبله التکبیرة مائة مرّة والحمد مائة مرة والتسبیح والتهلیل وقراءة ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) کل واحدة مائة مرة ویستحب الزیادة علی ذلک ثم یقرأ سورة القدر مائة مرة وآیة الکرسی والصلاة علی النبی وآله مائة مرة فی کل واحدة ویستحب ذلک أول مجیئه للموقف بعد صلاة الظهرین ثم یشرع فی الدعاء فمن ذلک دعاء الحسین علیه السلام ، ودعاء ولده الامام زین العابدین علیه السلام .

ومنه ما فی صحیحة معاویة بن عمار عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال :

إنّما تعجل الصلاة وتجمع بینهما لتفرغ نفسک للدعاء ، فإنه یوم دعاء ومسألة ، ثم تأتی الموقف وعلیک السکینة والوقار ، فاحمد اللّه وهلّله ومجّده وأثن علیه ، وکبّره مائة مرّة ، واحمده مائة مرة ، وسبّحه مائة مرّة ، واقرأ ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) مائة مرّة ، وتخیر لنفسک من الدعاء ما أحببت ، واجتهد فإنه یوم دعاء ومسألة وتعوّذ باللّه من الشیطان فإن الشیطان لن یذهلک فی موطن قطّ أحبّ إلیه من أن یذهلک فی ذلک الموطن ، وإیّاک أن تشتغل بالنظر إلی الناس ، وأقبل قبل نفسک ، ولیکن فیما تقول : « اللّهُمَّ إِنّی عَبْدُکَ فَلَا تَجْعَلْنی مِنْ أَخْیَبِ وَفْدِکَ ، وَارْحَمْ مَسیرِی إِلَیْکَ مِنَ الْفَجِّ الْعَمیقِ » .

ولیکن فیما تقول :

ص:190

« اللّهمَّ رَبَّ الْمَشاعِرِ کُلِّها ، فُکَّ رَقَبَتی مِنَ النَّارِ ، وَأَوْسِعْ عَلَیَّ مِنْ رِزْقِکَ الْحَلالِ ، وَادْرَأْ عَنِّی شَرَّ فَسَقَةِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ » .

وتقول : « اللَّهُمَّ لَاتَمْکُرْ بی ، وَلَا تَخْدَعْنی ، وَلَا تَسْتَدْرِجْنی » .

وتقول : « اللّهُمَّ إِنِّی أَسْأَلُکَ بِحَوْلِکَ وَجُودِکَ وَکَرَمِکَ وَمَنِّکَ وَفَضْلِکَ یا أَسْمَعَ السّامِعِینَ ، وَیا أَبْصَرَ النّاظِرِینَ ، وَیا أَسْرَعَ الْحاسِبِینَ ، وَیا أَرْحَمَ الرّاحِمینَ ، أَنْ تُصلِّیَ عَلی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تَفْعَلَ بی کَذا وَکَذا » ، وتذکر حوائجک .

ولیکن فیما تقول وأنت رافع رأسک إلی السماء : « اللَّهمَّ حاجتی إِلَیْکَ الَّتی إِنْ أَعْطَیْتَنیها لَمْ یَضُرَّنی ما مَنَعْتَنی ، وَالَّتی إِنْ مَنَعْتَنیها لَمْ یَنْفَعْنی ما أَعْطَیْتَنی ، أَسْأَلُکَ خَلاصَ رَقَبَتی مِنَ النّارِ » .

ولیکن فیما تقول : « اللّهُمَّ إِنِّی عَبْدُکَ ومِلْکُ یَدِکَ ، ناصِیَتی بِیَدِکَ ، وَأَجَلی بِعِلْمِکَ ، أَسْأَلُکَ أَنْ تُوَفِّقَنی لِما یُرْضِیکَ عَنِّی ، وَأَنْ تَسَلَّمَ مِنِّی مَناسِکی الَّتی أَرَیْتَها خَلیلَکَ إِبْراهیمَ صَلَواتُکَ عَلَیْهِ ، وَدَلَلْتَ عَلَیْها نَبِیَّکَ مُحَمّداً صَلَّی اللّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ » .

ولیکن فیما تقول : « اللّهُمَّ اجْعَلْنی مِمَّنْ رَضِیْتَ عَمَلَهُ ، وَأَطَلْتَ عُمْرَهُ ، وَأَحْیَیْتَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ حَیاةً طیِّبَةً » .

ومن الأدعیة المأثورة ما علّمه رسول اللّه صلی الله علیه و آله و سلم علیاً علیه السلام علی ما رواه

ص:191

معاویة بن عمار عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال : فتقول :

« لَاإِلهَ إِلّا اللّهُ وَحْدَهُ لَاشَریکَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْکُ وَلَهُ الْحَمْدُ ، یُحْیی وَیُمیْتُ وَیُمیتُ وَیُحْیی ، وَهُوَ حَیٌّ لَایَموتُ ، بِیَدِهِ الْخَیْرُ وَهُو عَلی کُلِّ شَیْ ءٍ قَدیرٍ . اللّهُمَّ لَکَ الْحَمْدُ أَنْتَ کَما تَقُولُ ، وَخَیْرٌ مِمّا یَقولُ الْقائِلونَ ، اللّهُمَّ لَکَ صَلاتی وَدِینی وَمَحْیایَ وَمَماتی ، وَلَکَ تُراثی ، وَبِکَ حَوْلی ، وَمِنْکَ قُوَّتی .

اللّهُمَّ إِنِّی أَعوذُ بِکَ مِنَ الْفَقْرِ ، وَمِنْ وَسْواسِ الصَّدْرِ ، وَمِنْ شَتاتِ الْأَمْرِ ، وَمِنْ عَذابِ النّارِ ، ومِنْ عَذابِ الْقَبْرِ ، اللّهُمَّ إِنِّی أَسْأَلُکَ مِنْ خَیْرِ ما تَأْتی بِهِ الرِّیاحُ ، وَأَعُوذُ بِکَ مِنْ شَرِّ ما تَأْتی بِهِ الرِّیاحُ ، وَأَسْأَلُکَ خَیْرَ اللَّیْلِ وَخَیْرَ النَّهارِ » .

ومن الأدعیة المأثورة ما رواه السید ابن طاووس عن الرضا علیه السلام « اللّهُمَّ کَما سَتَرْتَ عَلَیَّ ما لَمْ أَعْلَمْ ، فَاغْفِرْ لی ما تَعْلَمُ ، وَکَما وَسِعَنی عِلْمُکَ فَلْیَسَعْنی عَفْوکَ ، وَکَما بَدَأْتَنی بِالْإِحْسانِ فَأَتِمَّ نِعْمَتَکَ بِالْغُفْرانِ ، وَکَما أَکْرَمْتَنی بِمَعْرِفَتِکَ فَاشْفِعْها بِمَغْفِرَتِکَ ، وَکَما عَرَّفْتَنی وَحْدانِیَّتَکَ فَأَکْرِمْنی بِطاعَتِکَ ، وَکَما عَصَمْتَنی مِمّا لَمْ أَکُنْ أَعْتَصِمُ مِنْهُ إِلّا بِعِصْمَتِکَ فَاغْفِرْ لی ما لَوْ شِئْتَ لَعَصَمْتَنی مِنْهُ ، یا جَوادُ یا کَریمُ یا ذا الْجَلالِ والْإِکْرامِ » .

ص:192

ومن الأدعیة أیضاً « اللّهُمَّ اجْعَلْ فی قَلْبی نُوراً ، وَفی سَمْعی وَبَصَری نُوراً ، وَلَحْمی وَدَمی وَعِظامی وَعُروقی وَمَفاصلی وَمَقْعَدی وَمَقامی وَمَدْخَلی وَفَرْجی نُوراً ، وَأَعْظِمْ لی نوراً یا رَبِّ یَوْمَ أَلْقاکَ ، إِنَّکَ عَلی کُلِّ شَیْ ءٍ قَدیرٌ » .

ومن تلک الأدعیة ما رواه عبد اللّه بن میمون ، قال : سمعت أبا عبد اللّه علیه السلام یقول : إنّ رسول اللّه صلی الله علیه و آله وقف بعرفات ، فلما همّت الشمس أن تغیب قبل أن یندفع ، قال :

« اللّهُمَّ إِنِّی أَعُوذُ بِکَ مِنْ الْفَقْرِ ، وَمِنْ تَشَتُّتِ الْأَمْرِ ، وَمِنْ شَرِّ ما یَحْدُثُ بِاللَّیْلِ وَالنَّهارِ ، أَمْسی ظُلْمی مُسْتَجیراً بِعَفْوِک ، وَأَمْسی خَوْفی مُسْتَجیراً بِأَمانِکَ ، وَأَمْسی ذُلِّی مُسْتَجیراً بِعِزِّکَ ، وَأَمْسی وَجْهِیَ الْفانی مُسْتَجیراً بِوَجْهِکَ الْباقی ، یا خَیْرَ مَنْ سُئِلَ ، وَیا أَجْودَ مَنْ أَعْطی ، جَلِّلْنی بِرَحْمَتِکَ ، وَأَلْبِسنی عافِیَتَکَ ، وَاصْرِفْ عَنِّی شَرَّ جَمیعِ خَلْقِکَ » .

وروی أبو بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال : إذا غربت الشمس یوم عرفة فقل :

« اللَّهُمَّ لا تجْعَلْهُ آخِرَ العَهْدٍ مِن هذا المَوْقِف ، وارْزُقْنیهِ مِنْ قابِل أبداً ما أبقَیْتَنی ، واقْلِبْنی الیَومَ مُفْلِحاً مُنْجِحاً مُسْتَجاباً لی مرحوماً مَغْفُوراً لی ، بأفْضَلِ ما یَنْقَلِبُ بِهِ الیَوْمَ أحَدٌ مِن وَفْدِک وحُجّاجِ بیْتِکَ الحرام ، واجْعَلنی الیَوْمَ مِنْ أکْرَمِ وَفْدک عَلیک ، واعْطِنی أفضَلَ ما أعْطَیْتَ

ص:193

أحَداً مِنْهُم مِنَ الخَیْرِ والبَرکةِ والرَّحمَةِ والرِّضْوانِ والمَغفِرَة ، وبارِک لی فیما أرْجَِعُ إلیه مِنْ أهلٍ أو مالٍ أو قَلیلٍ أو کَثیرٍ ، وبارِک لَهُمْ فیّ » .

ص:194

آداب الوقوف بالمزدلفة

یستحب فی الوقوف بمزدلفة أُمور ، وهی کثیرة نذکر بعضها :

1 - الافاضة من عرفات علی سکینة ووقار مستغفراً فإذا انتهی إلی الکثیب الأحمر عن یمین الطریق یقول : «اللّهُمَّ ارْحَمْ مَوْقِفی ، وَزِدْ فی عَمَلی ، وَسَلِّمْ لی دینی ، وَتَقَبَّلْ مَنَاسِکی» .

2 - الاقتصاد فی السیر .

3 - تأخیر العشاءین إلی المزدلفة ، والجمع بینهما بأذان وإقامتین وإن ذهب ثلث اللیل .

4 - نزول بطن الوادی عن یمین الطریق قریباً من المشعر ، ویستحب للصرورة وِط ء المشعر برجله .

5 - إحیاء تلک اللیلة بالعبادة والدعاء بالمأثور وغیره ، ومن المأثور أن یقول :

« اللّهُمَّ هذِهِ جَمْعٌ ، اللّهُمَّ إِنّی أَسْأَلُکَ أَنْ تَجْمَعَ لی فیها جَوامِعَ الْخَیْرِ . اللّهُمَّ لَاتُؤْیسْنی مِنَ الْخَیْرِ الَّذی سَأَلْتُکَ أَنْ تَجْمَعَهُ لی فی قَلْبی ، وَأَطْلُبُ إِلَیْکَ أَنْ تُعَرِّفَنی ما عَرَّفْتَ أَوْلیاءَکَ فی مَنْزلی هذا ،

ص:195

وَأَنْ تَقِیَنی جَوامِع الشَّرِّ » .

6 - أن یصبح علی طهر ، فیصلی الغداة ویحمد اللّه عزّ وجلّ ویثنی علیه ، ویذکر من آلائه وبلائه ما قدر علیه ، ویصلی علی النبی صلی الله علیه و آله ثم یقول :

اللّهُمَّ رَبَّ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ ، وَرَبَّ الرُّکْنِ وَالْمَقامِ ، وَرَبَّ الْحَجَرِ الْأَسْودِ وَزَمْزَم ، وَرَبَّ الْأَیّامِ الْمَعْلوماتِ ، فُکَّ رَقَبَتِی مِنَ النّارِ ، وَوَسِّعْ عَلَیَّ مِنْ رِزْقِکَ الْحَلَالِ ، وَادْرَأْ عَنِّی شَرَّ فَسَقَةِ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ ، وَشَرَّ فَسَقَةِ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ .

اللّهُمَّ أَنْتَ خَیْرُ مَطْلُوبٍ إِلَیْهِ ، وَ خَیْرُ مَدْعُوٍّ ، وَ خَیْرُ مَسْؤُولٍ ، وَلِکُلِّ وافِدٍ جائِزَةٌ ، فاجْعَلْ جائِزَتِی فی مَوْطِنِی هذا أَنْ تُقِیلَنِی عَثْرَتِی ، وَتَقْبَلَ مَعْذِرَتِی ، وَتَجاوَزْ عَنْ خَطِیئَتِی ، وَاجْعَلِ التَّقْوی مِنَ الدُّنْیا زادِی ، وَتَقْلِبَنی مُفْلِحاً مُنْجحاً ، مُسْتجاباً لی بِأَفْضَلِ ما یَرْجِعُ أَحَدٌ مِنْ وَفْدِکَ وَحُجّاجِ بَیْتِکَ الْحَرامِ .

وادع اللّه عزّوجلّ کثیراً لنفسک ولوالدیک وولدک وأهلک ومالک واخوانک المؤمنین والمؤمنات .

واعترف للّه تعالی بذنوبک سبع مرات واسأله التوبة سبع مرات .

7 - التقاط حصی الجمار من المزدلفة ، وعددها سبعون .

8 - الافاضة من المشعر قبل طلوع الشمس بقلیل أی عند مشارف

ص:196

طلوعها ذاکراً داعیاً علی سکینة ووقار .

9 - السعی « السیر السریع » إذا مر بوادی محسِّر وقدر للسعی مائة خطوة ، ویقول : «اللّهُمَّ سَلِّمْ عَهْدی ، وَاقْبَلْ تَوْبَتی ، وَأَجِبْ دَعْوَتی ، وَاخْلُفْنی [ بِخَیْرٍ] فِیمَنْ تَرَکْتُ بَعِدی » .

وإن کان راکباً فلیقل عند الاجتیاز « رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَتَجاوزْ عَمّا تَعْلَمُ إِنَّکَ أَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَکْرَمُ ، وَاهْدِنا لِلَّتی هی أَقْوَمُ » .

ص:197

آداب رمی الجمرات

یستحب فی رمی الجمرات أُمور منها :

1 - یستحب المشی إلی الجمار .

2 - أن یکون علی طهارة حال الرمی .

3 - أن یقول إذا أخذ الحصیات بیده :

« اللّهُمَّ هؤُلاءِ حَصَیاتی فَأَحْصِهِنَّ لِی ، وَارْفَعْهُنَّ فِی عَمَلی » .

4 - أن یقول عند کل رمیة :

« اللّهُ أَکْبَرُ ، اللّهُمَّ ادْحرْ عَنِّی الشَّیْطَانَ . اللّهُمَّ تَصْدیقاً بِکِتَابِکَ ، وَعَلی سُنَّةِ نَبِیّکَ [ صلی الله علیه و آله ] . اللّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجّاً مَبْرُوراً ، وَعَمَلاً مَقْبُولاً ، وَسَعْیاً مَشْکُوراً ، وَذَنْباً مَغْفُوراً » .

5 - أن یقف الرامی علی بعد من جمرة العقبة بعشر خطوات ، أو خمس عشرة خطوة .

6 - أن یقف عند الجمرتین بعد الرمی داعیاً بحیث یجعل الجمرة علی یسار الطریق وهو مستقبل القبلة فیحمد اللّه ویثنی علیه ویصلی

ص:198

علی محمّد وآله ویکبر سبع تکبیرات ویقف مقدار ما یقرأ مائة آیة أو مائة وخمسین آیة ثم یتوجه إلی الجمرة الوسطی حال کونه داعیاً ثم یفعل کما فعل فی الجمرة الأولی بعد الرمی ولکنه یتقدم أمامهما ویقف علی یسارها مستقبل القبلة ولا یقف عند جمرة العقبة بل یرمی وینصرف .

7 - أن یرمی جمرة العقبة متوجهاً إلیها مستدبر القبلة ، ویرمی الجمرتین الأولی والوسطی مستقبل القبلة .

8 - أن یضع الحصاة علی إبهامه ، ویدفعها بظفر السبابة .

9 - أن یقول إذا رجع إلی منی :

« اللّهُمَّ بِکَ وَثِقْتُ ، وَعَلَیْکَ تَوَکَّلْتُ ، فَنِعْمَ الرَّبُّ ، وَنِعْمَ الْمَوْلی ، وَنِعْمَ النَّصِیرُ » .

ص:199

آداب الهدی

یستحب فی الهدی أُمور منها :

1 - أن یکون بدنة ومع العجز فبقرة ، ومع العجز عنها أیضاً فکبشاً .

2 - أن یکون سمیناً أملح أقرن ذو ذنب .

3 - التعریف بعرفة ویجزی تعریف البائع به .

4 - أن یقول عند الذبح أو النحر :

وَجَّهْتُ وَجْهِیَ لِلَّذی فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنیفاً وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِکینَ ، إِنَّ صَلَاتی وَنُسُکی وَمَحْیایَ وَمَمَاتی للّهِ ِ رَبِّ الْعَالَمینَ ، لَا شَرِیکَ لَهُ وَبِذ لِکَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمینَ . اللّهُمَّ مِنْکَ وَبِکَ ، وَلَکَ وَإِلَیْکَ .

بِسْمِ اللّهِ ، وَاللّهُ أَکْبَرُ ، اللّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنّی کَما تَقَبَّلْتَ مِنْ إِبْراهِیمَ خَلِیلِکَ وَمُوسی کَلِیمِکَ ، وَمُحَمَّدٍ حَبِیبکَ ، صَلَّی اللّهُ عَلَیْهِمْ » .

ثمّ یُمِرّ السکین علیها ، ولا ینخعها حتی تموت .

5 - أن یباشر الذبح بنفسه ، فإن لم یتمکّن فلیضع السکین بیده ،

ص:200

ویقبض الذابح علی یده ، ولا بأس بأن یضع یده علی ید الذابح ، فإن لم یمکن فلیقم قائماً علی الذبح مستقبل القبلة ویکبر .

6 - یکره أن یعطی الجزار من جلود الهدی وجلالها وقلائدها شیئاً بل یتصدق بها .

ص:201

آداب الحلق

1 - یستحب فی الحلق أن یستقبل القبلة وأن یبدأ بالطرف الأیمن من الناحیة ویحلق من العظمین النابتین بحذاء الاذنین من الصدغین وأن یقول حین الحلق : « اللّهُمَّ أَعْطِنی بِکُلِّ شَعْرَةٍ نُوراً یَوْمَ الْقِیامَة » .

2 - أن یدفن شعره فی خیمته فی منی .

3 - أن یأخذ من لحیته وشاربه ویقلِّم أظافیره بعد الحلق .

ص:202

آداب طواف الحجّ والسعی

ما ذکرناه من الآداب فی طواف العمرة وصلاته والسعی فیها یجری هنا أیضاً ، ویستحب الإتیان بالطواف یوم العید ، فإذا قام علی باب المسجد یقول :

«اللّهُمَّ أَعِنّی عَلی نُسُکِکَ ، وَسَلِّمْنی لَهُ ، وَسَلِّمْهُ لی ، أَسْأَلُکَ مَسْأَلَةَ الْعَلیلِ الذَّلیلِ الْمُعْتَرِفِ بِذَنْبِهِ ، أَنْ تَغْفِرَ لی ذُنُوبی ، وَأَنْ تُرْجِعَنی بِحَاجَتی ، اللّهُمَّ إِنّی عَبْدُکَ ، وَالْبَلَدُ بَلَدُکَ ، وَالْبَیْتُ بَیْتُکَ ، جِئْتُ أَطْلُبُ رَحْمَتَکَ ، وَأؤُمُّ طَاعَتَکَ ، مُتَّبِعاً لِأَمْرِکَ ، رَاضیاً بِقَدَرِکَ ، أَسْأَلُکَ مَسْأَلَةَ الْمُضْطَرِّ إِلَیْکَ ، الْمُطِیعِ لِأَمْرِکَ ، الْمُشْفِقِ مِنْ عَذَابِکَ ، الْخَائِفِ لِعُقُوبَتِکَ ، أَنْ تُبَلِّغَنی عَفْوَکَ ، وَتُجِیرَنی مِنَ النّارِ بِرَحْمَتِکَ » .

ثم یأتی الحجر الأسود فیستلمه ویقبّله ، فإن لم یستطع استلم بیده وقبَّلها ، وإن لم یستطع من ذلک أیضاً استقبل الحجر وکبّر وقال کما قال حین طاف بالبیت یوم قدم مکّة ، فی آداب الطواف ویستحب أن یبقی علی ثوبی الإحرام ولا یلبس ثیابه المخیطة حتی یطوف ویسعی ویطوف طواف النساء أیضاً .

ص:203

آداب منی

یستحب المقام بمنی أیّام التشریق وعدم الخروج منها ولو کان الخروج للطواف المندوب بل یکره المبیت فی النصف الآخر فی غیرها .

ویستحب ذکر اللّه فیها کثیراً کما یستحب التکبیر فیها بعد خمس عشرة صلاة أولها ظهر یوم النحر ، وبعد عشر صلوات فی سائر الأمصار ، والأولی فی کیفیة التکبیر أن یقول :

« اللّهُ أَکْبَرُ ، اللّهُ أَکْبَرُ ، لَاإِلهَ إِلَّا اللّهُ ، وَاللّهُ أَکْبَرُ ، وَللّهِ ِ الْحَمْدُ ، اللّهُ أَکْبَرُ عَلی ما هَدَانَا ، اللّهُ أَکْبَرُ عَلی مَا رَزَقَنا مِنْ بَهِیمَةِ الْأَنْعَامِ ، وَالْحَمْدُ للّهِ ِ عَلی مَا أَبْلَانَا » .

ویستحب أن یصلی فرائضه ونوافله فی مسجد الخیف ، روی أبو حمزة الثمالی عن أبی جعفر علیه السلام أنه قال : « من صلّی فی مسجد الخیف بمنی مائة رکعة قبل أن یخرج منه عدلت عبادة سبعین عاماً ، ومن سبّح اللّه فیه مائة تسبیحة کتب له کأجر عتق رقبة ، ومن هلل اللّه فیه مائة تهلیلة عدلت أجر إحیاء نسمة ، ومن حمد اللّه فیه مائة تحمیدة عدلت أجر خراج العراقین یتصدق به فی سبیل اللّه عزّوجلّ » .

ص:204

ویستحب التحصیب وهو النزول بالبطحاء قلیلاً بعد النفر الثانی وهی ما بین منی والمعلی ، وذلک بأن یستلقی فیه علی القفاء قلیلاً .

ص:205

آداب مکّة المعظّمة

یستحب فیها أُمور منها :

1 - الاکثار من ذکر اللّه وقراءة القرآن .

2 - وقد مر جملة من مستحبات فی آداب دخول مکّة المکرمة فلاحظ ، کما ان هذه الآداب هنا لیست خاصة بما بعد النسک بل هی مستحبة منذ دخوله إلی خروجه .

3 - ختم القرآن فیها .

4 - الشرب من ماء زمزم ثم یقول :

« اللّهُمَّ اجْعَلْهُ عِلْماً نافِعاً ، وَرِزْقاً واسِعاً ، وَشَفاءً مِنْ کُلِّ داءٍ وَسُقْمٍ » ، ثمّ یقول : «بسمِ اللّه ، الحَمْدُ للّه، الشُکْرُ للّه» .

5 - الاکثار من النظر إلی الکعبة .

6 - الطواف حول الکعبة عشر أطوفة : ثلاثة فی أول اللیل ، وثلاثة فی آخره ، وطوافان بعد الفجر ، وطوافان بعد الظهر .

7 - أن یطوف أیّام إقامته فی مکّة ثلاثمائة وستین طوافاً ، فإن لم یتمکّن فاثنین وخمسین طوافاً فإن لم یتمکّن أتی بما قدر علیه .

ص:206

8 - دخول الکعبة للصرورة بل مطلقاً کما مرّ ویستحب له أن یغتسل قبل دخوله وأن یقول عند دخوله :

اللّهُمَّ إِنَّکَ قُلْتَ : ( وَ مَنْ دَخَلَهُ کانَ آمِناً ) فآمِنّی مِنْ عَذابِ النّارِ » .

ثم یصلی رکعتین بین الاسطوانتین علی الرخامة الحمراء ، یقرأ بعد الفاتحة فی الرکعة الأولی سورة حم السجدة ، وفی الثانیة بعد الفاتحة خمساً وخمسین آیة .

9 - أن یصلی فی کل زاویة من زوایا البیت ، وبعد الصلاة یقول :

«اللّهُمَّ مَنْ تَهَیَّأَ أَوْ تَعَبّأَ أَوْ أَعَدَّ أَوِ اسْتَعَدَّ لِوِفادَةِ مَخْلُوقٍ رَجاءَ رِفْدِهِ وَجائِزَتِهِ وَنَوافِلِهِ وَفَواضِلِهِ ، فَإِلَیْکَ یا سَیّدی تَهْیئَتی وَتَعْبِئَتی وَإِعْدادی وَاسْتِعْدادی ، رَجاءَ رَفْدِکَ وَنَوافِلِکَ وَجائِزَتِکَ ، فَلَا تُخَیِّبِ الْیَوْمَ رَجائی ، یا مَنْ لَایَخیبُ عَلَیْهِ سائِلٌ ، وَلَا یَنْقُصُهُ نائِلٌ ، فَإِنّی لَمْ آتِکَ الْیَوْمَ بِعَمَلٍ صالِحٍ قَدَّمْتُهُ ، وَلَا شَفاعَةِ مَخْلُوقٍ رَجَوْتُهُ ، وَلَکنّی أَتَیْتُکَ مُقِرّاً بِالظُّلْمِ وَالْإِساءَةِ عَلی نَفْسی ، فَإِنَّهُ لَاحُجَّةَ لی وَلَا عُذْرَ ، فَأَسْأَلُکَ یا مَنْ هُوَ کَذلِکَ أَنْ تُصَلّیَ عَلی مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَتُعْطینی مَسْأَلَتی ، وَتُقیلَنی عَثْرَتی ، وَتَقْلِبَنی بِرَغْبَتی ، وَلَا تَرُدَّنی مَجْبُوهاً مَمْنُوعاً وَلَا خائِباً .

یا عَظیمُ ، یا عَظیمُ ، یا عَظیمُ ، أَرْجُوکَ للْعَظیمِ ، أَسْأَلُکَ یا عَظیمُ أَنْ تَغْفِرَ لیَ الذَّنْبَ الْعَظیمَ ، لَاإِلهَ إِلَّا أَنْتَ » .

ص:207

ویستحب التکبیر ثلاثاً عند خروجه من الکعبة وأن یقول :

« اللّهُمَّ لَاتُجْهِدْ بَلاءَنا ، رَبَّنا وَلَا تُشْمِتْ بِنا أَعْداءَنا ، فَإِنَّکَ أَنْتَ الضّارُّ النّافِعُ » .

ثم ینزل ویستقبل الکعبة ، ویجعل الدرجات علی جانبه الأیسر ، ویصلّی رکعتین عند الدرجات .

ص:208

طواف الوداع

یستحب لمن أراد الخروج من مکّة أن یطوف الوداع ، وأن یستلم الحجر الأسود والرکن الیمانی فی کل شوط ، وأن یأتی بما تقدم فی آداب الطواف من المستحبات عند الوصول إلی المستجار ، وأن یدعو اللّه بما شاء ، ثم یستلم الحجر الأسود ، ویلصق بطنه بالبیت ، ویضع إحدی یدیه علی الحجر والأخری نحو الباب ، ثم یحمد اللّه ویثنی علیه ، ویصلی علی النبی وآله ویستحب له أن یسجد قبیل خروجه سائلاً اللّه أن یتقبل منه کما یستحب له قبیل الخروج أن یلتزم الملتزم کاشفاً عن بطنه .

ثم یقول : «اللّهُمَّ صَلِّ عَلی مُحَمَّدٍ عَبْدِکَ وَرَسُولِکَ وَنَبِیِّکَ وَأَمینِکَ وَحَبیبِکَ وَنَجِیّکَ وَخِیرَتِکَ مِنْ خَلْقِکَ . اللّهُمَّ کَما بَلَّغَ رِسالاتِکَ ، وَجاهَدَ فی سَبیلِکَ ، وَصَدَعَ بِأَمْرِکَ ، وَأُوْذی فی جَنْبِکَ ، وَعَبَدَکَ حَتّی أَتاهُ الْیقین . اللّهُمَّ أَقْلِبْنی مُفْلِحاً مُنْجِحاً مُسْتَجاباً لی بِأَفْضَلِ ما یَرْجِعُ بِهِ أَحَدٌ مِنْ وَفْدِکَ مِنَ الْمَغْفِرَةِ وَالْبَرَکَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالرِّضْوانِ وَالْعافِیَةِ .

اللّهُمَّ إِنْ أَمَتَّنِی فاغْفِرْ لِی ، وَ إِنْ أَحْیَیْتَنِی فارْزُقْنِیهِ مِنْ قابِلٍ ، اللّهُمَّ

ص:209

لَا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ بَیْتِکَ .

اللّهُمَّ إِنِّی عَبْدُکَ ، وَ ابْنُ عَبْدِکَ ، وَ ابْنُ أَمَتِکَ ، حَمَلْتَنِی عَلی دَوابِّکَ ، وَ سَیَّرْتَنِی فی بِلَادِکَ حَتّی أَقْدَمْتَنِی حَرَمَکَ وَ أَمْنَکَ ، وَ قَدْ کانَ فی حُسْنِ ظَنِّی بِکَ أَنْ تَغْفِرَ لِی ذُنُوبِی ، فَإِنْ کُنْتَ قَدْ غَفَرْتَ لِی ذُنُوبِی ، فَازْدَدْ عَنِّی رِضاً ، وَ قَرِّبْنِی إِلَیْکَ زُلْفی ، وَ لَاتُباعِدْنِی ، وَ إِنْ کُنْتَ لَمْ تَغْفِرْ لِی ، فَمِنَ الْآنَ فاغْفِرْ لِی قَبْلَ أَنْ تَنْأی عَنْ بَیْتِکَ دارِی ، فَهذا أَوانُ انْصِرافی - إِنْ کُنْتَ أَذِنْتَ لِی - غَیْرَ راغِبٍ عَنْکَ ، وَ لَاعَنْ بَیْتِکَ ، وَ لَامُسْتَبْدِلٍ بِکَ وَلَا بِهِ . اللّهُمَّ ، احْفَظْنِی مِنْ بَیْنِ یَدَیَّ ، وَ مِنْ خَلْفی ، وَ عَنْ یَمِینِی ، وَ عَنْ شِمالِی حَتّی تُبَلِّغَنِی أَهْلِی ، فَإِذَا بَلَّغْتَنِی أَهْلِی ، فَاکْفِنِی مَؤُونَةَ عِبَادِکَ وَ عِیَالِی ؛ فَإِنَّکَ وَلِیُّ ذلِکَ مِنْ خَلْقِکَ وَ مِنِّی » .

ثم ائت زمزم فاشرب منها ثم اخرج فقل : « آئِبُونَ تائِبُونَ عابِدُونَ ، لِرَبِّنا حامِدُونَ ، إِلی رَبِّنا راغِبُونَ ، إِلَی اللّهِ راجِعُونَ إِنْ شاءَ اللّهُ » .

ویستحب له الخروج من باب الحناطین ، ویقع قبال الرکن الشامی ، ویطلب من اللّه التوفیق لرجوعه مرة أخری .

ویقول : « اللّهُمَّ إِنّی أَنْقَلِبُ عَلی أَنْ لَاإِلهَ إِلّا اللّهُ » .

ویستحب أن یشتری عند الخروج مقدار درهم من التمر ویتصدق به علی الفقراء .

ص:210

زیارة الرسول الأعظم صلی الله علیه و آله

یستحبّ للحاج استحباباً مؤکّداً أن یکون رجوعه من طریق المدینة المنوّرة ، لیزور الرسول الأعظم صلی الله علیه و آله والصدّیقة الطاهرة سلام اللّه علیها ، وأئمّة البقیع سلام اللّه علیهم أجمعین ، وللمدینة حرم حدّه عائر إلی وعیر ، وهما جبلان یکتنفان المدینة من المشرق والمغرب ، وذهب بعض الفقهاء إلی أنّ الإحرام وإن کان لا یجب فیه إلّاأنّه لا یجوز قطع شجره ولا سیّما الرطب منه إلّاما استثنی ممّا تقدّم فی حرم مکّة ، کما أنّه لا یجوز صید ما بین الحرتین منه ، وهو أحوط إن لم یکن أظهر .

وکیفیة زیارة الرسول صلی الله علیه و آله أن یقول :

السَّلَامُ عَلی رَسُولِ اللّهِ صَلَّی اللّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ ، السَّلَامُ عَلَیْکَ یا حَبیبَ اللّهِ ، السَّلَامُ عَلَیْکَ یا صَفْوَةَ اللّهِ ، السَّلَامُ عَلَیْکَ یا أَمِینَ اللّهِ ، أَشْهَدُ أَنَّکَ قَدْ نَصَحْتَ لِأُمَّتِکَ ، وَجاهَدْتَ فی سَبِیلِ اللّهِ ، وَعَبَدْتَهُ حَتّی أَتاکَ الْیَقینُ ، فَجَزاکَ اللّهُ أَفْضَلَ ما جَزی نَبِیّاً عَنْ أُمَّتِهِ . اللّهُمَّ صَلِّ عَلی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ أَفْضَلَ ما صَلَّیْتَ عَلی إِبْراهِیمَ وَآلِ إِبْراهِیم إِنَّکَ حَمِیدٌ مَجِیدٌ » .

ص:211

زیارة فاطمة علیها السلام

« یا مُمْتَحَنَةُ إِمْتَحَنَکِ اللّهُ الَّذی خَلَقَکِ قَبْلَ أَنْ یَخْلُقَکِ ، فَوَجَدَکِ لِمَا امْتَحَنَکِ صابِرَةً ، وَزَعَمْنا أَنّا لَکِ أَوْلِیاءٌ وَمُصَدِّقُونَ وَصابِرُونَ لِکُلِّ ما أَتانا بِهِ أَبُوکِ [ صلی الله علیه و آله ] ، وأَتانا بِهِ وَصِیُّهُ [ علیه السلام ] ، فَإِنّا نَسْأَلُکِ إِنْ کُنّا صَدَّقْناکِ إِلَّا أَلْحَقْتِنا بِتَصْدیقِنا لَهُما ( بِالْبُشْری - خ ل ) لِنُبَشِّرَ أَنْفُسَنا بِأَنّا قَدْ طَهُرْنا بِوَلایتِکِ » .

ص:212

زیارة أئمّة البقیع علیهم السلام

السَّلَامُ عَلی أَوْلِیاءِ اللّهِ وَأَصْفِیائِهِ ، السَّلَامُ عَلی أُمَناءِ اللّهِ وَأَحِبّائِهِ ، السَّلَامُ عَلی أَنْصارِ اللّهِ وَخُلَفائِهِ ، السَّلَامُ عَلی مَحالِّ مَعْرِفَةِ اللّهِ ، السَّلَامُ عَلی مَساکِنِ ذِکْرِ اللّهِ ، السَّلَامُ عَلی مُظْهِری أَمْرِ اللّهِ وَنَهْیِهِ ، السَّلَامُ عَلَی الدُّعاةِ إِلَی اللّهِ ، السَّلَامُ عَلَی الْمُسْتَقِرّینَ فی مَرْضاةِ اللّهِ ، السَّلَامُ عَلَی الْمُمَحَّصینَ فی طاعَةِ اللّهِ ، السَّلامُ عَلَی الْأَدِلّاءِ عَلَی اللّهِ ، السَّلَامُ عَلَی الَّذِینَ مَنْ والَاهُمْ فَقَدْ والَی اللّهَ ، وَمَنْ عاداهُمْ فَقَدْ عادَی اللّهَ ، وَمَنْ عَرَفَهُمْ فَقَدْ عَرَفَ اللّهَ ، وَمَنْ جَهِلَهُمْ فَقَدْ جَهِلَ اللّهَ ، وَمَنِ اعْتَصَمَ بِهِمْ فَقَدْ اعْتَصَمَ بِاللّهِ ، وَمَنْ تَخَلّی مِنْهُمْ فَقَدْ تَخَلّی مِنَ اللّهِ .

أُشْهِدُ اللّهَ أَنّی سِلْمٌ لِمَنْ سالَمَکُمْ ، وَحَرْبٌ لِمَنْ حارَبَکُمْ ، مُؤْمِنٌ بِسِرِّکُمْ وَعَلانِیَتِکُمْ ، مُفَوِّضٌ فی ذلِکَ کُلِّهِ إِلَیْکُمْ .

لَعَنَ اللّهُ عَدُوَّ آلِ مُحَمَّدٍ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ، وَأَبْرَءُ إِلَی اللّهِ مِنْهُمْ .

وَصَلَّی اللّهُ عَلی مُحَمَّدٍ وَآلِهِ

والحمد للّه أولاً وآخراً

ص:213

دعاء الإمام الحسین علیه السلام یوم عرفة

الْحَمْدُ للّهِ ِ الَّذی لَیْسَ لِقَضائِهِ دافِعٌ ، وَلَا لِعَطائِهِ مانِعٌ ، وَلَا کَصُنْعِهِ صُنْعُ صانِعٍ ، وَهُوَ الْجَوادُ الْواسِعُ ، فَطَرَ أَجْناسَ الْبَدائِعِ ، وَأَتْقَنَ بِحِکْمَتِهِ الصَّنائِعَ ، لَاتَخْفی عَلَیْهِ الطَّلائِعُ ، وَلَا تَضِیعُ عِنْدَهُ الْوَدائِعُ ، جازی کُلِّ صانِعٍ ، وَرائِشُ کُلِّ قانِعٍ ، وَراحِمُ کُلِّ ضارِعٍ ، وَمُنْزِلُ الْمَنافِعِ وَالْکِتابِ الْجامِعِ بِالنُّورِ السّاطِعِ ، وَهُوَ لِلدَّعَواتِ سامِعٌ ، وَلِلْکُرُباتِ دافِعٌ ، وَلِلدَّرَجاتِ رافِعٌ ، وَلِلْجَبابِرَةِ قامِعٌ ، فَلَا إِلهَ غَیْرُهُ ، وَلَا شَیْ ءَ یَعْدِلُهُ ، وَلَیْسَ کَمِثْلِهِ شَیْ ءٌ ، وَهُوَ السَّمِیعُ الْبَصیرُ ، اللَّطیفُ الْخَبیرُ ، وَهُوَ عَلی کُلِّ شَیْ ءٍ قَدیرٌ .

اللّهُمَّ إِنّی أَرْغَبُ إِلَیْکَ ، وَأَشْهَدُ بِالرُّبُوبِیَّةِ لَکَ ، مُقِرّاً بِأَنَّکَ رَبّی ، وَأَنَّ إِلَیْکَ مَرَدّی ، ابْتَدَأْتَنی بِنِعْمَتِکَ قَبْلَ أَنْ أَکُونَ شَیْئاً مَذْکُوراً ، وَخَلَقْتَنی مِنَ التُّرابِ ، ثُمَّ أَسْکَنْتَنی الْأَصْلَابَ ، آمِناً لِرَیْبِ الْمَنُونِ ، وَاخْتِلافِ الدُّهُورِ وَالسِّنینَ .

فَلَمْ أَزَلْ ظاعِناً مِنْ صُلْبٍ إِلی رَحِمٍ فی تَقادُمٍ مِنَ الْأَیّامِ الْماضِیَةِ ،

ص:214

وَالْقُرُونِ الْخالِیَةِ ، لَمْ تُخْرِجْنی لِرَأْفَتِکَ بی ، وَلُطْفِکَ لی ، وَإِحْسانِکَ إِلیَّ فی دَوْلَةِ أَئِمَّةِ الْکُفْرِ ، الَّذینَ نَقَضُوا عَهْدَکَ ، وَکَذَّبُوا رُسُلَکَ ، لکِنَّکَ أَخْرَجْتَنی لِلَّذی سَبَقَ لی مِنَ الْهُدَی الَّذی لَهُ یَسَّرْتَنی ، وَفیهِ أَنْشَأْتَنی ، وَمِنْ قَبْلِ ذلِکَ رَؤُفْتَ بی ، بِجَمیلِ صُنْعِکَ ، وَسْوابِغِ نِعَمِکَ .

فَابْتَدَعْتَ خَلْقی مِنْ مَنِیٍّ یُمْنی ، وَأَسْکَنْتَنی فی ظُلُماتٍ ثَلَاثٍ ، بَیْنَ لَحْمٍ وَدَمٍ وَجِلْدٍ ، لَمْ تُشْهِدْنی خَلْقی ، وَلَمْ تَجْعَلْ إِلَیَّ شَیْئاً مِنْ أَمْرِی ، ثُمَّ أَخْرَجْتَنی لِلَّذی سَبَقَ لی مِنَ الْهُدی إِلَی الدُّنْیا تامّاً سَوِیّاً ، وَحَفِظْتَنی فی الْمَهْدِ طِفْلاً صَبِیّاً ، وَرَزَقْتَنی مِنَ الْغِذاءِ لَبَناً مَرِیّاً ، وَعَطَفْتَ عَلَیَّ قُلُوبَ الْحَواضِنِ ، وَکَفَّلْتَنی الْأُمَّهاتِ الرَّواحِمَ ، وَکَلَأْتَنی مِنْ طَوارِقِ الْجانِّ ، وَسَلَّمْتَنی مِنَ الزِّیادَةِ وَالنُّقْصانِ .

فَتَعالَیْتَ یا رَحیمُ یا رَحْمنُ ، حَتّی إِذَا اسْتَهْلَلْتُ ناطِقاً بِالْکَلَامِ أَتْمَمْتَ عَلَیَّ سَوابِغَ الْإِنْعامِ ، وَرَبَّیْتَنی زایِداً فی کُلِّ عامٍ ، حَتّی إِذَا اکْتَمَلَتْ فِطْرَتی ، وَاعْتَدَلَتْ مِرَّتی ، أَوْجَبْتَ عَلَیَّ حُجَّتَکَ ، بِأَنْ أَلْهَمْتَنی مَعْرِفَتَکَ ، وَرَوَّعْتَنی بِعَجائِبِ حِکْمَتِکَ ، وَأَیْقَظْتَنی لِما ذَرَأْتَ فی سَمائِکَ وَأَرْضِکَ مِنْ بَدائِعِ خَلْقِکَ ، وَنَبَّهْتَنی لِشُکْرِکَ وَذِکْرِکَ ، وَأَوْجَبْتَ عَلَیَّ طاعَتَکَ وَعِبادَتَکَ ، وَفَهَّمْتَنی ما جاءَتْ بِهِ رُسُلُکَ ، وَیَسَّرْتَ لی تَقَبُّلَ مَرْضاتِکَ ، وَمَنَنْتَ عَلَیَّ فی جَمیعِ ذلِکَ

ص:215

بِعَوْنِکَ وَلُطْفِکَ .

ثُمَّ إِذْ خَلَقْتَنی مِنْ خَیْرِ الثَّری ، لَمْ تَرْضَ لی یا إِلهِیَ نِعْمَةً دُونَ أُخْری ، وَرَزَقْتَنی مِنْ أَنْواعِ الْمَعاشِ ، وَصُنُوفِ الرِّیاشِ ، بِمَنِّکَ الْعَظیمِ الْأَعْظَمِ عَلَیَّ ، وَإِحْسانِکَ الْقَدِیمِ إِلَیَّ ، حَتَّی إِذا أَتْمَمْتَ عَلَیَّ جَمیعَ النِّعَمِ ، وَصَرَفْتَ عَنّی کُلَّ النِّقَمِ ، لَمْ یَمْنَعْکَ جَهْلی وَجُرْأَتی عَلَیْکَ أَنْ دَلَلْتَنی إِلی ما یُقَرِّبُنی إِلَیْکَ ، وَوَفَّقْتَنی لِما یُزْلِفُنی لَدَیْکَ ، فَإِنْ دَعَوْتُکَ أَجَبْتَنی ، وَإِنْ سَأَلْتُکَ أَعْطَیْتَنی ، وَإِنْ أَطَعْتُکَ شَکَرْتَنی ، وَإِنْ شَکَرْتُکَ زِدْتَنی ، کُلُّ ذلِکَ إِکْمالٌ لِأَنْعُمِکَ عَلَیَّ ، وَإِحْسانِکَ إِلَیَّ .

فَسُبْحانَکَ سُبْحانَکَ مِنْ مُبْدِیً مُعیدٍ ، حَمیدٍ مَجیدٍ ، وَتَقَدَّسَتْ أَسْماؤُکَ ، وَعَظُمَتْ آلاؤُکَ ، فَأَیُّ نِعَمِکَ - یا إِلهی - أُحْصی عَدَداً وَذِکْراً ، أَمْ أَیُّ عَطایاکَ أَقُومُ بِها شُکْراً ، وَهِیَ - یا رَبِّ - أَکْثَرُ مِنْ أَنْ یُحْصِیَها الْعادُّونَ ، أَوْ یَبْلُغَ عِلْماً بِها الْحافِظُون ، ثُمَّ ما صَرَفْتَ وَدَرَأْتَ عَنّی اللّهُمَّ مِنَ الضُّرِّ وَالضَّرّاءِ ، أَکْثَرُ مِمّا ظَهَرَ لی مِنَ الْعافِیَةِ وَالسَّرّاءِ .

وَأَنا أَشْهَدُ - یا إِلهی - بِحَقِیقَةِ إِیمانی ، وَعَقْدِ عَزَماتِ یَقینی ، وَخالِصِ صَریحِ تَوْحیدی ، وَباطِنِ مَکْنُونِ ضَمیری ، وَعَلَائِقِ مَجاری نُورِ بَصَری ، وَأَساریرِ صَفْحَةِ جَبینی ، وَخُرْقِ مَسارِبِ نَفْسی ، وَخَذارِیفِ مارِنِ عِرْنینی ، وَمَسارِبِ سِماخِ سَمْعی ، وَما ضُمَّتْ وَأَطْبَقَتْ عَلَیْهِ

ص:216

شَفَتایَ ، وَحَرَکاتِ لَفْظِ لِسانی ، وَمَغْرَزِ حَنَکِ فَمی وَفَکّی ، وَمَنابِتِ أَضْراسی ، وَمَساغِ مَطْعَمی وَمَشْرَبی ، وَحِمالَةِ أُمِّ رَأْسی ، وَبَلُوغِ فارِغِ حَبائِلِ عُنُقی ، وَما اشْتَمَلَ عَلَیْهِ تامُورُ صَدْری ، وَحَمائِلِ حَبْلِ وَتینی ، وَنِیاطِ حِجابِ قَلْبی ، وَأَفْلَاذِ حَواشی کَبِدی ، وَما حَوَتْهُ شَراسِیفُ أَضْلَاعی وَحِقاقُ مَفاصِلی ، وَقَبْضُ عَوامِلی ، وَأَطْرافُ أَنامِلی ، وَلَحْمی وَدَمی ، وَشَعْری وَبَشَری ، وَعَصَبی وَقَصَبِی ، وَعِظامی وَمُخّی وَعُرُوقی ، وَجَمیعُ جَوارِحی ، وَما انْتَسَجَ عَلی ذلِکَ أَیّامَ رِضاعی ، وَما أَقَلَّتِ الْأَرْضُ مِنّی ، وَنَوْمی ، وَیَقْظَتی ، وَسُکُونی ، وَحَرَکاتِ رُکُوعی وَسُجُودی ، أَنْ لَوْ حاوَلْتُ وَاجْتَهَدْتُ مَدَی الْأَعْصارِ وَالْأَحْقابِ لَوْ عُمِّرْتُها أَنْ أُؤَدِّیَ شُکْرَ واحِدَةٍ مِنْ أَنْعُمِکَ مَا اسْتَطَعْتُ ذلِکَ ، إِلَّا بِمَنِّکَ الْمُوجَبِ عَلَیَّ بِهِ شُکْرَکَ أَبَداً جَدِیداً ، وَثَناءً طارِفاً عَتِیداً .

أَجَلْ ، وَلَوْ حَرَصْتُ أَنا وَالْعادُّونَ مِنْ أَنامِکَ أَنْ نُحْصِیَ مَدی إِنْعامِکَ ، سالِفِهِ وَآنِفِهِ ، ما حَصَرْناهُ عَدَداً ، وَلَا أَحْصَیْناهُ أَمَداً . هَیْهاتَ أَنّی ذلِکَ وَأَنْتَ الْمُخْبِرُ فی کِتابِکَ النّاطِقِ ، وَالنَّبَأِ الصّادِقِ ( وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللّهِ لا تُحْصُوها ) ، صَدَقَ کِتابُکَ .

اللّهُمَّ وَإِنْباؤکَ ، وَبَلَّغَتْ أَنْبِیاؤکَ وَرُسُلُکَ ، ما أَنْزَلْتَ عَلَیْهِمْ مِنْ وَحْیِکَ ، وَشَرَعْتَ لَهُمْ وَبِهِمْ مِنْ دینِکَ ، غَیْرَ أَنّی - یا إِلهی - أَشْهَدُ

ص:217

بِجُهْدی وَجِدِّی ، وَمَبْلَغِ طاعَتی وَوُسْعی ، وَأَقُولُ مُؤْمِناً مُوقِناً : الْحَمْدُ للّهِ ِ الَّذی لَمْ یَتَّخِذْ وَلَداً فَیَکُونَ ُ مَوْرُوثاً ، وَلَمْ یَکُنْ لَهُ شَریکٌ فی مُلْکِهِ فَیُضادُّهُ فِیما ابْتَدَعَ ، وَلَا وَلِیٌّ مِنَ الذُّلِّ فَیُرْفِدُهُ فِیما صَنَعَ ، فَسُبْحانَهُ سُبْحانَهُ لَوْ کانَ فیهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللّهُ لَفَسَدَتا وَتَفَطَّرَتا .

سُبْحانَ اللّهِ الْواحِدِ الْأَحَدِ الصَّمَدِ ، الَّذی لَمْ یَلِدْ وَلَمْ یُولَدْ ، وَلَمْ یَکُنْ لَهُ کُفُواً أَحَدٌ . الْحَمْدُ للّهِ ِ حَمْداً یُعادِلُ حَمْدَ مَلائِکَتِهِ الْمُقَرَّبینَ ، وَأَنْبِیائِهِ الْمُرْسَلینَ ، وَصَلَّی اللّهُ عَلی خِیَرَتِهِ مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِیّینَ ، وَآلِهِ الطَّیّبینَ الطّاهِرینَ الْمُخْلَصینَ وَسَلَّمَ .

ثمّ اندفع فی المسألة والدعاء ، وقال وعیناه سالتا دموعاً :

اللّهُمَّ اجْعَلْنی أَخْشاکَ کَأَنّی أَراکَ ، وَأَسْعِدْنی بِتَقْواکَ ، وَلَا تُشْقِنی بِمَعْصِیَتِکَ ، وَخِرْ لی فی قَضائِکَ ، وَبارِکْ لی فی قَدَرِکَ ، حَتّی لَاأُحِبَّ تَعْجیلَ ما أَخَّرْتَ ، وَلَا تَأْخِیرَ ما عَجَّلْتَ . اللّهُمَّ اجْعَلْ غِنایَ فی نَفسی ، وَالْیَقینَ فی قَلْبی ، وَالْإِخْلَاصَ فی عَمَلی ، وَالنُّورَ فی بَصَری ، وَالْبَصیرَةَ فی دینی ، وَمَتِّعْنی بِجَوارِحی ، وَاجْعَلْ سَمْعی وَبَصَری الْوارِثَیْنِ مِنّی ، وَانْصُرْنی عَلی مَنْ ظَلَمَنی ، وَأَرِنی فیهِ ثاری وَمَآربی ، وَأَقِرَّ بِذلِکَ عَیْنی . اللّهُمَّ اکْشِفْ کُرْبَتی ، وَاسْتُرْ عَوْرَتی ، وَاغْفِرْ لی خَطیئَتی ، وَاخْسَأْ شَیْطانی ، وَفُکَّ رِهانی ، وَاجْعَلْ لی - یا إِلهی - الدَّرَجَةَ

ص:218

الْعُلْیا فِی الْآخِرَةِ وَالْأُولی .

اللّهُمَّ لَکَ الْحَمْدُ کَما خَلَقْتَنی فَجَعَلْتَنی سَمیعاً بَصِیراً ، وَلَکَ الْحَمْدُ کَما خَلَقْتَنی فَجَعَلْتَنی خَلْقاً سَوِیّاً رَحْمَةً بی ، وَقَدْ کُنْتَ عَنْ خَلْقی غَنِیّاً . رَبِّ بِما بَرَأْتَنی فَعَدَّلْتَ فِطْرَتی ، رَبِّ بِما أَنْشَأْتَنی فَأَحْسَنْتَ صُورَتی ، رَبِّ بِما أَحْسَنْتَ إِلَیَّ وَفی نَفْسی عافَیْتَنی ، رَبِّ بِما کَلَأْتَنی وَوَفَّقْتَنی ، رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَیَّ فَهَدَیْتَنی ، رَبِّ بِما أَوْلَیْتَنی وَمِنْ کُلِّ خَیْرٍ أَعْطَیْتَنی ، رَبِّ بِما أَطْعَمْتَنی وَسَقَیْتَنی ، رَبِّ بِما أَغْنَیْتَنی وَأَقْنَیْتَنی ، رَبِ بِما أَعَنْتَنی وَأَعْزَزْتَنی ، رَبِّ بِما أَلْبَسْتَنی مِنْ سِتْرِکَ الصّافی ، وَیَسَّرْتَ لی مِنْ صُنْعِکَ الْکافی ، صَلِّ عَلی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَعِنّی عَلی بَوائِقِ الدُّهُورِ ، وَصُرُوفِ اللَّیالی وَالْأَیّامِ ، وَنَجِّنی مِنْ أَهْوالِ الدُّنْیا وَکُرُباتِ الْآخِرَةِ ، وَاکْفِنی شَرَّ ما یَعْمَلُ الظّالِمُونَ فی الْأَرْضِ .

اللّهُمَّ ما أَخافُ فَاکْفِنی ، وَما أَحْذَرُ فَقِنی ، وَفی نَفْسی وَدینی فَاحْرُسْنی ، وَفی سَفَری فَاحْفَظْنی ، وَفی أَهْلی وَمالی فَاخْلُفْنی ، وَفیما رَزَقْتَنی فَبارِکْ لی ، وَفی نَفْسی فَذَلِّلْنی ، وَفی أَعْیُنِ النّاسِ فَعَظِّمْنی ، وَمِنْ شَرِّ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فَسَلِّمْنی ، وَبِذُنُوبی فَلَا تَفْضَحْنی ، وَبِسَرِیرَتی فَلَا تُخْزِنی ، وَبِعَمَلی فَلَا تَبْتَلِنی ، وَنِعَمَکَ فَلَا تَسْلُبْنی ، وَإِلی غَیْرِکَ فَلَا تَکِلْنی .

ص:219

إِلهی إِلی مَنْ تَکِلُنی ، إِلی قَرِیبٍ فَیَقْطَعُنی ؟ أَمْ إِلی بَعِیدٍ فَیَتَجَهَّمُنی ؟ أَمْ إِلَی الْمُسْتَضْعَفینَ لی ، وَأَنْتَ رَبّی وَمِلیکُ أَمْری ، أَشْکُو إِلَیْکَ غُرْبَتی ، وَبُعْدَ داری ، وَهَوانی عَلی مَنْ مَلَّکْتَهُ أَمْرِی . إِلهی فَلَا تُحْلِلْ عَلَیَّ غَضَبَکَ ، فَإِنْ لَمْ تَکُنْ غَضِبْتَ عَلَیَّ فَلَا أُبالی سِواکَ ، سُبْحانَکَ غَیْرَ أَنَّ عافِیَتَکَ أَوْسَعُ لی ، فَأَسْأَلُکَ یا رَبِّ بِنُورِ وَجْهِکَ الَّذی أَشْرَقَتْ لَهُ الْأَرْضُ وَالسَّمواتُ ، وَکُشِفَتْ بِهِ الظُّلُماتُ ، وَصَلُحَ بِهِ أَمْرُ الْأَوَّلِینَ وَالْآخِرینَ ، أَنْ لَاتُمِیتَنی عَلی غَضَبِکَ ، وَلَا تُنْزِلَ بی سَخَطَکَ ، لَکَ الْعُتْبی لَکَ الْعُتْبی حَتّی تَرْضَی قَبْلَ ذلِکَ ، لَاإِلهَ إِلَّا أَنْتَ ، رَبَّ الْبَلَدِ الْحَرامِ ، وَالْمشْعَرِ الْحَرامِ ، وَالْبَیْتِ الْعَتیقِ ، الَّذِی أَحْلَلْتَهُ الْبَرَکَةَ ، وَجَعَلْتَهُ لِلنّاسِ أَمناً ، یا مَنْ عَفا عَنْ عَظیمِ الذُّنُوبِ بِحِلْمِهِ ، یا مَنْ أَسْبَغَ النَّعْماءَ بِفَضْلِهِ ، یا مَنْ أَعْطی الْجَزیلَ بِکَرَمِهِ ، یا عُدَّتی فی شِدَّتی ، یا صاحِبی فی وَحْدَتی ، یا غِیاثی فی کُرْبَتی ، یا وَلِیّی فی نِعْمَتی ، یا إِلهی وَإِلهَ آبائی إِبْراهِیمَ وَإِسْماعیلَ وَإِسْحاقَ وَیَعْقُوبَ ، وَرَبَّ جَبْرَئیلَ وَمِیکائیلَ وَإِسْرافیلَ ، وَرَبَّ مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِیّینَ وَآلِهِ الْمُنْتَجَبینَ ، وَمُنْزِلَ التَّوْراةِ وَالْإِنْجیلِ ، وَالزَّبُورِ وَالْفُرْقانِ ، وَمُنَزِّلَ کهیعص وَطه وَیس وَالْقُرْآنِ الْحَکیمِ ، أَنْتَ کَهْفی حینَ تُعْیِینِی الْمَذاهِبُ فی سَعَتِها ، وَتَضِیقُ بِیَ الْأَرْضُ بِرُحْبِها ، وَلَوْلَا رَحْمَتُکَ لَکُنْتُ مِنَ الْهالِکینَ ، وَأَنْتَ مُقِیلُ

ص:220

عَثْرَتی ، وَلَوْلَا سَتْرُکَ إِیّایَ لَکُنْتُ مِنَ الْمَفْضُوحینَ ، وَأَنْتَ مُؤَیّدی بِالنَّصْرِ عَلی أَعْدائی ، وَلَوْلَا نَصْرُکَ إِیّایَ لَکُنْتُ مِنَ الْمَغْلُوبینَ ، یا مَنْ خَصَّ نَفْسَهُ بِالسُّمُوِّ وَالرِّفْعَةِ ، فَأَوْلِیاؤُهُ بِعِزِّهِ یَعْتَزُّونَ ، یا مَنْ جَعَلَتْ لَهُ الْمُلُوکُ نِیرَ الْمَذَلَّةِ عَلی أَعْناقِهِمْ فَهُمْ مِنْ سَطَواتِهِ خائِفُونَ ، یَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْیُنِ وَما تُخْفی الصُّدُورِ ، وَغَیْبَ ما تَأْتی بِهِ الْأَزْمِنَةُ وَالدُّهُورُ ، یا مَنْ لَایَعْلَمُ کَیْفَ هُوَ إِلَّا هُوَ ، یا مَنْ لَایَعْلَمُ ما هُوَ إِلَّا هُوَ ، یا مَنْ لَایَعْلَمُ ما یَعْلَمُهُ إِلَّا هُوَ ، یا مَنْ کَبَسَ الْأَرْضَ عَلَی الْماءِ ، وَسَدَّ الْهَواءَ بِالسَّماءِ ، یا مَنْ لَهُ أَکْرَمُ الْأَسْماءِ ، یا ذَا الْمَعْرُوفِ الَّذی لَایَنْقَطِعُ أَبَداً .

یا مُقَیِّضَ الرَّکْبِ لِیُوسُفَ فی الْبَلَدِ الْقَفْرِ ، وَمُخْرِجَهُ مِنَ الْجُبِّ ، وَجاعِلَهُ بَعْدَ الْعُبُودِیَّةِ مَلِکاً ، یا رادَّهُ عَلی یَعْقُوبَ بَعْدَ أَنِ ابْیَضَّتْ عَیْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ کَظیمٌ ، یا کاشِفَ الضُّرِّ وَالْبَلْوی عَنْ أَیُّوبَ ، وَیا مُمْسِکَ یَدَیْ إِبْراهیمَ عَنْ ذَبْحِ ابْنِهِ بَعْدَ کِبَرِ سِنِّهِ وَفَناءِ عُمْرِهِ ، یا مَنِ اسْتَجابَ لِزَکَرِیّا فَوَهَبَ لَهُ یَحْیی ، وَلَمْ یَدَعْهُ فَرْداً وَحیداً ، یا مَنْ أَخْرَجَ یُونُسَ مِنْ بَطْنِ الْحُوتِ ، یا مَنْ فَلَقَ الْبَحْرَ لِبَنی إِسْرائِیلَ فَأَنْجاهُمْ ، وَجَعَلَ فِرْعَوْنَ وَجُنُودَهُ مِنَ الْمُغْرَقِینَ ، یا مَنْ أَرْسَلَ الرِّیاحَ مُبَشِّراتٍ بَیْنَ یَدَیْ رَحْمِتِهِ ، یا مَنْ لَمْ یَعْجَلْ عَلی مَنْ عَصاهُ مِنْ خَلْقِهِ ، یا مَنِ اسْتَنْقَذَ السَّحَرَةَ مِنْ بَعْدِ طُولِ الْجُحُودِ وَقَدْ غَدَوْا فی نِعْمَتِهِ یَأْکُلُونَ رِزْقَهُ ، وَیَعْبُدُونَ

ص:221

غَیْرَهُ ، وَقَدْ حادُّوُهُ وَنادُّوهُ وَکَذَّبُوا رُسُلَهُ .

یا اللّهُ ، یا اللّهُ ، یا بَدئُ ، یا بَدیعُ لَانِدَّ لَکَ ، یا دائماً لَانَفادَ لَکَ ، یا حَیّاً حینَ لَاحَیَّ ، یا مُحْیِیَ الْمَوْتی ، یا مَنْ هُوَ قائِمٌ عَلی کُلِّ نَفْسٍ بِما کَسَبَتْ ، یا مَنْ قَلَّ لَهُ شُکْری فَلَمْ یَحْرِمْنی ، وَعَظُمَتْ خَطیئَتی فَلَمْ یَفْضَحْنی ، وَرَآنی عَلَی الْمَعاصی فَلَمْ یَشْهَرْنی ، یا مَنْ حَفِظَنی فی صِغَری ، یا مَنْ رَزَقَنی فی کِبَری ، یا مَنْ أَیادِیهِ عِنْدی لَاتُحْصی ، وَنِعَمُهُ لَا تُجازی ، یا مَنْ عارَضَنی بِالْخَیْرِ وَالْإِحْسانِ وَعارَضْتُهُ بِالْإِساءَةِ وَالْعِصْیانِ ، یا مَنْ هَدانی بِالْإِیمانِ مِنْ قَبْلِ أَنْ أَعْرِفَ شُکْرَ الْامْتِنانِ ، یا مَنْ دَعَوْتُهُ مَریضاً فَشَفانی ، وَعُرْیاناً فَکَسانی ، وَجائِعاً فَأَشْبَعَنی ، وَعَطْشاناً فَأَرْوانی ، وَذَلیلاً فَأَعَزَّنی ، وَجاهِلاً فَعَرَّفَنی ، وَوَحِیداً فَکَثَّرَنی ، وَغائِباً فَرَدَّنی ، وَمُقِلّاً فَأَغْنانی ، وَمُنْتَصِراً فَنَصَرَنی ، وَغَنِیّاً فَلَمْ یَسْلُبْنی ، وَأَمْسَکْتُ عَنْ جَمِیعِ ذلِکَ فَابْتَدَأَنی .

فَلَکَ الْحَمْدُ وَالشُّکْرُ یا مَنْ أَقالَ عَثْرَتی ، وَنَفَّسَ کُرْبَتی ، وَأَجابَ دَعْوَتی ، وَسَتَرَ عَوْرَتی ، وَغَفَرَ ذُنُوبی ، وَبَلَّغَنی طَلِبَتی ، وَنَصَرَنی عَلی عَدُوِّی ، وَإِنْ أَعُدَّ نِعَمَکَ وَمِنَنَکَ وَکَرائِمَ مِنَحِکَ لَاأُحْصیها .

یا مَوْلَایَ ، أَنْتَ الَّذی مَنَنْتَ ، أَنْتَ الَّذی أَنْعَمْتَ ، أَنْتَ الَّذی أَحْسَنْتَ ، أَنْتَ الَّذی أَجْمَلْتَ ، أَنْتَ الَّذِی أَفْضَلْتَ ، أَنْتَ الَّذی أَکْمَلْتَ ،

ص:222

أَنْتَ الَّذی رَزَقْتَ ، أَنْتَ الَّذی وَفَّقْتَ ، أَنْتَ الَّذی أَعْطَیْتَ ، أَنْتَ الَّذی أَغْنَیْتَ ، أَنْتَ الَّذی أَقْنَیْتَ ، أَنْتَ الَّذی آوَیْتَ ، أَنْتَ الَّذی کَفَیْتَ ، أَنْتَ الَّذی هَدَیْتَ ، أَنْتَ الَّذی عَصَمْتَ ، أَنْتَ الَّذی سَتَرْتَ ، أَنْتَ الَّذی غَفَرْتَ ، أَنْتَ الَّذی أَقَلْتَ ، أَنْتَ الَّذی مَکَّنْتَ ، أَنْتَ الَّذی أَعْزَزْتَ ، أَنْتَ الَّذی أَعَنْتَ ، أَنْتَ الَّذی عَضَدْتَ ، أَنْتَ الَّذی أَیَّدْتَ ، أَنْتَ الَّذی نَصَرْتَ ، أَنْتَ الَّذی شَفَیْتَ ، أَنْتَ الَّذی عافَیْتَ ، أَنْتَ الَّذی أَکْرَمْتَ ، تَبارَکْتَ وَتَعالَیْتَ ، فَلَکَ الْحَمْدُ دائِماً ، وَلَکَ الشُّکْرُ واصِباً أَبَداً .

ثُمَّ أَنا - یا إِلهی - الْمُعْتَرِفُ بِذُنُوبی فَاغْفِرْها لی ، أَنا الَّذی أَسَأْتُ ، أَنا الَّذی أَخْطَأْتُ ، أَنا الَّذی هَمَمْتُ ، أَنا الَّذی جَهِلْتُ ، أَنا الَّذی غَفَلْتُ ، أَنا الَّذی سَهَوْتُ ، أَنا الَّذی اعْتَمَدْتُ ، أَنا الَّذی تَعَمَّدْتُ ، أَنا الَّذی وَعَدْتُ ، أَنا الَّذی أَخْلَفْتُ ، أَنا الَّذی نَکَثْتُ ، أَنا الَّذی أَقْرَرْتُ ، أَنا الَّذی اعْتَرَفْتُ بِنِعْمَتِکَ عَلَیَّ وَعِنْدی ، وَأَبُوءُ بِذُنُوبی فَاغْفِرْها لی ، یا مَنْ لَا تَضُرُّهُ ذُنُوبُ عِبادِهِ ، وَهُوَ الْغَنِیُّ عَنْ طاعَتِهِمْ ، وَالْمُوَفِّقُ مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْهُمْ بِمَعُونَتِهِ وَرَحْمَتِهِ ، فَلَکَ الْحَمْدُ إِلهی وَسَیِّدی .

إِلهی أَمَرْتَنی فَعَصَیْتُکَ ، وَنَهَیْتَنی فَارْتَکَبْتُ نَهْیَکَ ، فَأَصْبَحْتُ لَا ذا بَراءَةً لی فَأَعْتَذِرُ ، وَلَا ذا قُوَّةٍ فَأَنْتَصِرَ ، فَبِأَیِّ شَیْ ءٍ أَسْتَقْبِلُکَ یا مَوْلَایَ ، أَبِسَمْعی ؟ أَمْ بِبَصَری ؟ أَمْ بِلِسانی ؟ أَمْ بِیَدی ؟ أَمْ بِرِجْلی ؟ أَلَیْسَ کُلُّها

ص:223

نِعَمَکَ عِنْدی ، وَبِکُلِّها عَصَیْتُکَ یا مَوْلَایَ ، فَلَکَ الْحُجَّةُ وَالسَّبیلُ عَلَیَّ ، یا مَنْ سَتَرَنی مِنَ الْآباءِ وَالْأُمَّهاتِ أَن یَزْجُرُونی وَمِنَ الْعشائِرِ وَالْإِخْوانِ أَنْ یُعَیِّرُونی ، وَمِنَ السَّلَاطینِ أَنْ یُعاقِبُونی ، وَلَوِ اطَّلَعُوا - یا مَوْلَایَ - عَلی ما اطَّلَعْتُ عَلَیْهِ مِنّی إِذاً ما أَنْظَرُونی ، وَلَرَفَضُونی وَقَطَعُونی ، فَها أَنا ذا - یا إِلهی - بَیْنَ یَدَیْکَ یا سَیِّدی خاضِعٌ ذَلیلٌ ، حَصِیرٌ حَقیرٌ ، لَا ذُو بَراءَةٍ فَأَعْتَذِرُ ، وَلَا ذُو قُوَّةٍ فَأَنْتَصِرُ ، وَلَا حُجَّةٍ فَأَحْتَجُّ بِها ، وَلَا قائِلٌ لَمْ أَجْتَرِحْ ، وَلَمْ أَعْمَلْ سُوءً ، وَما عَسَی الْجُحُودُ وَلَوْ جَحَدْتُ - یا مَوْلَایَ - یَنْفَعُنی ، کَیْفَ وَأَنّی ذلِکَ ، وَجَوارِحی کُلُّها شاهِدَةٌ عَلَیَّ بِما قَدْ عَمِلْتُ ، وَعَلِمْتُ یَقیناً غَیْرَ ذِی شَکٍّ أَنَّکَ سائِلی مِنْ عَظائِمِ الْأُمُورِ ، وَأَنَّکَ الْحَکَمُ الْعَدْلُ الَّذی لَاتَجُورُ ، وَعَدْلُکَ مُهْلِکی ، وَمِنْ کُلِّ عَدْلِکَ مَهْرَبی ، فَإِنْ تُعَذِّبْنی - یا إِلهی - فَبِذُنُوبی بَعْدَ حُجَّتِکَ عَلَیَّ ، وَإِنْ تَعْفُ عَنّی فَبِحِلْمِکَ وَجُودِکَ وَکَرَمِکَ .

لَاإِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَکَ إِنّی کُنْتُ مِنَ الظّالِمینَ ، لَاإِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَکَ إِنّی کُنْتُ مِنَ الْمُسْتَغْفِرینَ ، لَاإِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَکَ إِنّی کُنْتُ مِنَ الْمُوَحِّدینَ ، لَاإِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَکَ إِنّی کُنْتُ مِنَ الْخائِفینَ ، لَا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَکَ إِنّی کُنْتُ مِنَ الْوَجِلینَ ، لَاإِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَکَ إِنّی کُنْتُ مِنَ الرّاجینَ ، لَاإِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَکَ إِنّی کُنْتُ مِنَ الرّاغِبینَ ،

ص:224

لَا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَکَ إِنّی کُنْتُ مِنَ الْمُهَلِّلِینَ ، لَاإِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَکَ إِنّی کُنْتُ مِنَ السّائِلینَ ، لَاإِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَکَ إِنّی کُنْتُ مِنَ الْمُسَبِّحینَ ، لَا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَکَ إِنّی کُنْتُ مِنَ الْمُکَبِّرینَ ، لَاإِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَکَ رَبّی وَرَبُّ آبائِیَ الْأَوَّلینَ .

اللّهُمَّ هذا ثَنائی عَلَیْکَ مُمَجِّداً ، وَإِخْلَاصی لِذِکْرِکَ مُوَحِّداً ، وَإِقْراری بِآلآئِکَ مُعَدِّداً ، وَإِنْ کُنْتُ مُقِرّاً أَنّی لَمْ أُحْصِها لِکَثْرَتِها وَسُبُوغِها وَتَظاهُرِها وَتَقادُمِها إِلی حادِثٍ ، ما لَمْ تَزَلْ تَتَعَهَّدُنی بِهِ مَعَها مُنْذُ خَلَقْتَنی وَبَرَأْتَنی مِنْ أَوَّلِ الْعُمْرِ مِنَ الْإِغْناءِ مِنَ الْفَقْرِ ، وَکَشْفِ الضُّرِّ ، وَتَسْبیبِ الْیُسْرِ ، وَدَفْعِ الْعُسْرِ ، وَتَفْریجِ الْکَرْبِ ، وَالْعافِیَةِ فِی الْبَدَنِ ، وَالسَّلَامَةِ فی الدِّینِ ، وَلَوْ رَفَدَنی عَلی قَدْرِ ذِکْرِ نِعْمَتِکَ جَمِیعُ الْعالَمینَ مِنَ الْأَوَّلینَ وَالْآخِرینَ ، ما قَدَرْتُ وَلَا هُمْ عَلی ذلِکَ ، تَقَدَّسْتَ وَتَعالَیْتَ مِنْ رَبٍّ کَریمٍ عَظیمٍ رَحیمٍ ، لَاتُحْصی آلآؤُکَ ، وَلَا یُبْلَغُ ثَناؤُکَ ، وَلا تُکافی نَعْماؤُکَ ، صَلِّ عَلی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَتْمِمْ عَلَیْنا نِعَمَکَ ، وَأَسْعِدْنا بِطاعَتِکَ ، سُبْحانَکَ لَاإِلهَ إِلَّا أَنْتَ .

اللّهُمَّ إِنَّکَ تُجیبُ الْمُضْطَرَّ ، وَتَکْشِفُ السُّوءَ ، وَتُغیثُ الْمَکْرُوبَ ، وَتَشْفی السَّقیمَ ، وَتُغْنی الْفَقیرَ ، وَتَجْبُرُ الْکَسیرَ ، وَتَرْحَمُ الصُّغیرَ ، وَتُعینُ الْکَبیرَ ، وَلَیْسَ دُونَکَ ظَهِیرٌ ، وَلَا فَوْقَکَ قَدیرٌ ، وَأَنْتَ الْعَلیُّ الْکَبیرُ ،

ص:225

یا مُطْلِقَ الْمُکَبَّلِ الْأَسیرِ ، یا رازِقَ الطِّفْلِ الصَّغیرِ ، یا عِصْمَةَ الْخائِفِ الْمُسْتَجیرِ ، یا مَنْ لَاشَرِیکَ لَهُ وَلَا وَزِیرَ ، صَلِّ عَلی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَعْطِنی فی هذِهِ الْعَشِیَّةِ أَفْضَلَ ما أَعْطَیْتَ وَأَنَلْتَ أَحَداً مِنْ عِبادِکَ مِنْ نِعْمَةٍ تُولِیها ، وَآلآءٍ تُجَدِّدُها ، وَبَلِیَّةٍ تَصْرِفُها ، وَکُرْبَةٍ تَکْشِفُها ، وَدَعْوَةٍ تَسْمَعُها ، وَحَسَنَةٍ تَتَقَبَّلُها ، وَسَیِّئَةٍ تَتَغَمَّدُها ، إِنَّکَ لَطِیفٌ بِما تَشاءُ خَبِیرٌ ، وَعَلی کُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ .

اللّهُمَّ إِنَّکَ أَقْرَبُ مَنْ دُعِیَ ، وَأَسْرَعُ مَنْ أَجابَ ، وَأَکْرَمُ مَنْ عَفا ، وَأَوْسَعُ مَنْ أَعْطی ، وَأَسْمَعُ مَنْ سُئِلَ ، یا رَحْمنَ الدُّنْیا وَالْآخِرَةِ وَرَحِیمَهُما ، لَیْسَ کَمِثْلِکَ مَسْؤُولٌ ، وَلَا سِواکَ مَأْمُولٌ ، دَعَوْتُکَ فَأَجَبْتَنی ، وَسَأَلْتُکَ فَأَعْطَیْتَنی ، وَرَغِبْتُ إِلَیْکَ فَرَحِمْتَنی ، وَوَثِقْتُ بِکَ فَنَجَّیْتَنی ، وَفَزِعْتُ إِلَیْکَ فَکَفَیْتَنی ، اللّهُمَّ فَصَلِّ عَلی مُحَمَّدٍ عَبْدِکَ وَرَسُولِکَ وَنَبِیِّکَ ، وَعَلی آلِهِ الطَّیِّبِینَ الطّاهِرینَ أَجْمَعینَ ، وَتَمِّمْ لَنا نَعْماءَکَ ، وَهَنِّئْنا عَطاءَکَ ، وَاکْتُبْنا لَکَ شاکِرینَ ، وَلِآلآئِکَ ذاکِرینَ ، آمینَ آمینَ رَبَّ الْعالَمینَ .

اللّهُمَّ یا مَنْ مَلَکَ فَقَدَرَ ، وَقَدَرَ فَقَهَرَ ، وَعُصِیَ فَسَتَرَ ، وَاسْتُغْفِرَ فَغَفَرَ ، یا غایَةَ الطّالِبینَ الرّاغِبینَ ، وَمُنْتَهی أَمَلِ الرّاجینَ ، یا مَنْ أَحاطَ بِکُلِّ شَیْ ءٍ عِلْماً ، وَوَسِعَ الْمُسْتَقِیلِینَ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَحِلْماً .

ص:226

اللّهُمَّ إِنّا نَتَوَجَّهُ إِلَیْکَ فی هذِهِ الْعَشِیَّةِ الَّتی شَرَّفْتَها وَعَظَّمْتَها بِمُحَمَّدٍ نَبِیِّکَ وَرَسُولِکَ ، وَخِیرَتِکَ مِنْ خَلْقِکَ ، وَأَمینِکَ عَلی وَحْیِکَ ، الْبَشیرِ النَّذیرِ ، السِّراجِ الْمُنیرِ ، الَّذی أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَی الْمُسْلِمینَ ، وَجَعَلْتَهُ رَحْمَةً لِلْعالَمِینَ .

اللّهُمَّ فَصَلِّ عَلی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ کَما مُحَمَّدٌ أَهْلٌ لِذلِکَ مِنْکَ یا عَظِیمُ ، فَصَلِّ عَلَیْهِ وَعَلی آلِهِ الْمُنْتَجَبینَ الطَّیِّبینَ الطّاهِرینَ أَجْمَعینَ ، وَتَغَمَّدْنا بِعَفْوِکَ عَنّا ، فَإِلَیْکَ عَجَّتِ الْأَصْواتُ بِصُنُوفِ اللُّغاتِ ، فَاجْعَلْ لَنَا اللّهُمَّ فی هذِهِ الْعَشِیَّةِ نَصِیباً مِنْ کُلِّ خَیْرٍ تَقْسِمُهُ بَیْنَ عِبادِکَ ، وَنُورٍ تَهْدی بِهِ ، وَرَحْمَةٍ تَنْشُرُها ، وَبَرَکَةٍ تُنْزِلُها ، وَعافِیَةٍ تُجَلِّلُها ، وَرِزْقٍ تَبْسُطُهُ یا أَرْحَمَ الرّاحِمینَ .

اللّهُمَّ أَقْلِبْنا فی هذَا الْوَقْتِ مُنْجِحینَ مُفْلِحینَ مَبْرُورینَ غانِمینَ ، وَلَا تَجْعَلْنا مِنَ الْقانِطینَ ، وَلَا تُخْلِنا مِنْ رَحْمَتِکَ ، وَلَا تَحْرِمْنا ما نُؤَمِّلُهُ مِنْ فَضْلِکَ ، وَلَا تَجْعَلْنا مِنْ رَحْمَتِکَ مَحْرُومینَ ، وَلَا لِفَضْلِ ما نُؤَمِّلُهُ مِنْ عَطائِکَ قانِطینَ ، وَلَا تَرُدَّنا خائِبینَ ، وَلَا مِنْ بابِکَ مَطْرُودینَ ، یا أَجْوَدَ الْأَجْوَدینَ ، وَأَکْرَمَ الْأَکْرَمینَ ، إِلَیْکَ أَقْبَلْنا مُوقِنینَ ، وَلِبَیْتِکَ الْحرامِ آمِّینَ قاصِدینَ ، فَأَعِنّا عَلی مَناسِکِنا ، وَأَکْمِلْ لَنا حَجَّنا ، وَاعْفُ عَنّا وَعافِنا ، فَقَدْ مَدَدْنا إِلَیْکَ أَیْدِیَنا فَهِیَ بِذِلَّةِ الْاعْتِرافِ مَوْسُومَةٌ . اللّهُمَّ فَأَعْطِنا فی

ص:227

هذِهِ الْعَشیَّةِ ما سَأَلْناکَ ، وَاکْفِنا مَا اسْتَکْفَیْناکَ ، فَلَا کافِیَ لَنا سِواکَ ، وَلَا رَبَّ لَنا غَیْرُکَ ، نافِذٌ فِینا حُکْمُکَ ، مُحِیطٌ بِنا عِلْمُکَ ، عَدْلٌ فِینا قَضاؤکَ ، اقْضِ لَنَا الْخَیْرَ ، وَاجْعَلْنا مِنْ أَهْلِ الْخَیْرِ .

اللّهُمَّ أَوْجِبْ لَنا بِجُودِکَ عَظِیمَ الْأَجْرِ ، وَکَریمَ الذُّخْرِ ، وَدَوامَ الْیُسْرِ ، وَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا أَجْمَعینَ ، وَلَا تُهْلِکْنا مَعَ الْهالِکینَ ، وَلَاتَصْرِفْ عَنّا رَأْفَتَکَ وَرَحْمَتَکَ ، یا أَرْحَمَ الرّاحِمینَ .

اللّهُمَّ اجْعَلْنا فی هذَا الْوَقْتِ مِمَّنْ سَأَلَکَ فَأَعْطَیْتَهُ ، وَشَکَرَکَ فَزِدْتَهُ ، وَتابَ إِلَیْکَ فَقَبِلْتَهُ ، وَتَنَصَّلَ إِلَیْکَ مِنْ ذُنُوبِهِ کُلِّها فَغَفَرْتَها لَهُ ، یا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِکْرامِ . اللّهُمَّ وَفِّقْنا وَسَدِّدْنا ، وَاقْبَلْ تَضَرُّعَنا ، یا خَیْرَ مَنْ سُئِلَ ، وَیا أَرْحَمَ مَنِ اسْتُرْحِمَ ، یا مَنْ لَایَخْفی عَلَیْهِ إِغْماضُ الْجُفُونِ ، وَلَا لَحْظُ الْعُیُونِ ، وَلَا مَا اسْتَقَرَّ فی الْمَکْنُونِ ، وَلَا مَا انْطَوَتْ عَلَیْهِ مُضْمَراتُ الْقُلُوبِ ، أَلَا کُلُّ ذلِکَ قَدْ أَحْصاهُ عِلْمُکَ ، وَوَسِعَهُ حِلْمُکَ ، سُبْحانَکَ وَتَعالَیْتَ عَمّا یَقُولُ الظّالِمُونَ عُلُوّاً کَبیراً ، تُسَبِّحُ لَکَ السَّمواتُ السَّبْعُ وَالْأَرَضُونَ وَمَنْ فِیهِنَّ ، وَإِنْ مِنْ شَیْ ءٍ إِلَّا یُسَبِّحُ بِحَمْدِکَ ، فَلَکَ الْحَمْدُ وَالْمَجْدُ وَعُلُوُّ الْجَدِّ ، یا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِکْرامِ ، وَالْفَضْلِ وَالْإِنْعامِ ، وَالْأَیادی الْجِسامِ ، وَأَنْتَ الْجَوادُ الْکَریمُ ، الرَّؤُوفُ الرَّحِیمُ .

اللّهُمَّ أَوْسِعْ عَلَیَّ مِنْ رِزْقِکَ الْحَلَالِ ، وَعافِنی فی بَدَنی وَدِینی ،

ص:228

وَآمِنْ خَوْفی ، وَأَعْتِقْ رَقَبَتی مِنَ النّارِ . اللّهُمَّ لَاتَمْکُرْ بی ، وَلَا تَسْتَدْرِجْنی ، وَلَا تَخْدَعْنی ، وَادْرَءْ عَنّی شَرَّ فَسَقَةِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ .

ثمّ رفع رأسه وبصره إلی السماء وعیناه تفیضان بالدمع کأنّهما مزادتان ، وقال :

یا أَسْمَعَ السّامِعینَ ، وَیا أَبْصَرَ النّاظِرینَ ، وَیا أَسْرَعَ الْحاسِبینَ ، وَیا أَرْحَمَ الرّاحِمینَ ، صَلِّ عَلی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ السّادَةِ الْمَیامینَ ، وَأسأَ لُکَ اللّهُمَّ حاجَتِیَ الَّتی إِنْ أَعْطَیْتَنِیها لَمْ یَضُرَّنی ما مَنَعْتَنی ، وَإِنْ مَنَعْتَنِیها لَمْ یَنْفَعْنی ما أَعْطَیْتَنی ، أسأَ لُکَ فَکاکَ رَقَبَتی مِنَ النّارِ ، لَا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ وَحْدَکَ لَاشَرِیکَ لَکَ ، لَکَ الْمُلْکُ وَلَکَ الْحَمْدُ ، وَأَنْتَ عَلی کُلِّ شَیْ ءٍ قَدیرٌ ، یا رَبِّ یا رَبِّ .

وکان یکرّر قوله : « یا ربّ » فشغل من حوله عن الدعاء لأنفسهم وأقبلوا علی الاستماع له والتأمین علی دعائه ، ثمّ علت أصواتهم بالبکاء معه حتّی غربت الشمس وأفاض الناس معه .

إلی هنا انتهی دعاء الحسین علیه السلام یوم عرفة کما أورده الکفعمی وکذا المجلسی فی کتاب زاد المعاد ، إلّاان السید ابن طاووس أضاف بعد یا ربّ یا ربّ یا ربّ هذه الزیادة . . . . .

إِلهی أَنا الْفَقیرُ فی غِنایَ فَکَیْفَ لَاأَکُونُ فَقِیراً فی فَقْرِی ، إِلهی أَنا الْجاهِلُ فی عِلْمی فَکَیْفَ لَاأَکُونُ جَهُولاً فی جَهْلی . إِلهی إِنَّ اخْتِلَافَ

ص:229

تَدْبیرِکَ ، وَسُرْعَةَ طَواءِ مَقادِیرِکَ ، مَنَعا عِبادَکَ الْعارِفینَ بِکَ عَنِ السُّکُونِ إِلی عَطاءٍ ، وَالْیَأْسِ مِنْکَ فی بَلاءٍ . إِلهی مِنّی ما یَلیقُ بِلُؤْمی ، وَمِنْکَ ما یَلیقُ بِکَرَمِکَ .

إِلهی وَصَفْتَ نَفْسَکَ بِاللُّطْفِ وَالرَّأْفَةِ لی قَبْلَ وُجُودِ ضَعْفی ، أَفَتَمْنَعُنی مِنْهُما بَعْدَ وُجُودِ ضَعْفی ، إِلهی إِنْ ظَهَرَتِ الْمَحاسِنُ مِنّی فَبِفَضْلِکَ ، وَلَکَ الْمِنَّةُ عَلَیَّ ، وَإِنْ ظَهَرَتِ الْمَساوئُ مِنّی فَبِعَدْلِکَ ، وَلَکَ الْحُجَّةُ عَلَیَّ .

إِلهی کَیْفَ تَکِلُنی وَقَدْ تَکَفَّلْتَ لی ، وَکَیْفَ أُضامُ وَأَنْتَ النّاصِرُ لی ؟ أَمْ کَیْفَ أَخِیبُ وَأَنْتَ الْحَفیُّ بی ؟ ها أَنَا أَتَوَسَّلُ إِلَیْکَ بِفَقْری إِلَیْکَ ، وَکَیْفَ أَتَوَسَّلُ إِلَیْکَ بِما هُوَ مَحالٌ أَنْ یَصِلَ إِلَیْکَ ؟ أَمْ کَیْفَ أَشْکُو إِلَیْکَ حالی وَهُوَ لَایَخْفی عَلَیْکَ ؟ أَمْ کَیْفَ أُتَرْجِمُ بِمَقالی وَهُوَ مِنْکَ بَرَزٌ إِلَیْکَ ؟ أَمْ کَیْفَ تُخَیِّبُ آمالی وَهِیَ قَدْ وَفَدَتْ إِلَیْکَ ؟ أَمْ کَیْفَ لَاتُحْسِنُ أَحْوالی وَبِکَ قامَتْ . إِلهی ما أَلْطَفَکَ بی مَعَ عَظیمِ جَهْلی ، وَما أَرْحَمَکَ بی مَعَ قَبیحِ فِعْلی ، إِلهی ما أَقْرَبَکَ مِنّی وَأَبْعَدَنی عَنْکَ ، وَما أَرْأَفَکَ بی ، فَمَا الَّذی یَحْجُبُنی عَنْکَ ، إِلهی عَلِمْتُ بِاخْتِلَافِ الْآثارِ ، وَتَنَقُّلَاتِ الْأَطوارِ ، أَنَّ مُرادَکَ مِنّی أَنْ تَتَعرَّفَ إِلَیَّ فی کُلِّ شَیْ ءٍ حَتّی لَاأَجْهَلَکَ فی شَیْ ءٍ . إِلهی کُلَّما أَخْرَسَنی لُؤْمی أَنْطَقَنی کَرَمُکَ ، وَکُلَّما آیَسَتْنی أَوْصافی

ص:230

أَطْمَعَتْنی مِنَنُکَ .

إِلهی مَنْ کانَتْ مَحاسِنُهُ مَساوِیَ ، فَکَیْفَ لَاتَکُونُ مَساویهِ مَساوِیَ ، وَمَنْ کانَتْ حَقایقُهُ دَعاوِیَ ، فَکَیْفَ لَاتَکُونُ دَعاویهِ دَعاوِیَ ، إِلهی حُکْمُکَ النّافِذُ ، وَمَشِیَّتُکَ الْقاهِرَةُ لَمْ یَتْرُکا لِذی مَقالٍ مَقالاً ، وَلَا لِذی حالٍ حالاً . إِلهی کَمْ مِنْ طاعَةٍ بَنَیْتُها ، وَحالَةٍ شَیَّدْتُها ، هَدَمَ اعْتِمادی عَلَیْها عَدْلُکَ ، بَلْ أَقالَنی مِنْها فَضْلُکَ . إِلهی إِنَّکَ تَعْلَمُ أَنّی وَإِنْ لَمْ تَدُمِ الطّاعَةُ مِنّی فِعْلاً جَزْماً ، فَقَدْ دامَتْ مَحَبَّةً وَعَزْماً ، إِلهی کَیْفَ أَعْزِمُ وَأَنْتَ الْقاهِرُ ؟ وَکَیْفَ لَاأَعْزِمُ وَأَنْتَ الْآمِرُ ؟

إِلهی تَرَدُّدی فی الْآثارِ یُوجِبُ بُعْدَ الْمَزارِ ، فَاجْمَعْنی عَلَیْکَ بِخِدْمَةٍ تُوصِلُنی إِلَیْکَ . کَیْفَ یُسْتَدلُّ عَلَیْکَ بِما هُوَ فی وُجُودِهِ مُفْتَقِرٌ إِلَیْکَ ؟ أَیَکُونُ لِغَیْرِکَ مِنَ الظُّهُورِ ما لَیْسَ لَکَ حَتّی یَکُونَ هُوَ الْمُظْهِرَ لَکَ ؟ مَتی غِبْتَ حَتّی تَحْتاجَ إِلی دَلیلٍ یَدُلُّ عَلَیْکَ ؟ وَمَتی بَعُدْتَ حَتّی تَکُونَ الْآثارُ هِیَ الَّتی تُوصِلُ إِلَیْکَ ؟ عَمِیَتْ عَیْنٌ لَاتَراکَ عَلَیْها رَقیباً ، وَخَسِرَتْ صَفْقَةُ عَبْدٍ لَمْ تَجْعَلْ لَهُ مِنْ حُبِّکِ نَصیباً . إِلهی أَمَرْتَ بِالرُّجُوعِ إِلَی الْآثارِ ، فَأرْجِعْنی إِلَیْکَ بِکِسْوَةِ الْأَنْوارِ ، وَهِدایَةِ الْاسْتِبْصارِ ، حَتّی أَرْجِعَ إِلَیْکَ مِنْها کَما دَخَلْتُ إِلَیْکَ مِنْها مَصُونَ السِّرِّ عَنِ النَّظَرِ إِلَیْها ، وَمَرْفُوعَ الْهِمَّةِ عَنِ الْاعْتِمادِ عَلَیْها ، إِنَّکَ عَلی کُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ .

ص:231

إِلهی هذا ذُلّی ظاهِرٌ بَیْنَ یَدَیْکَ ، وَهذا حالی لَایَخْفی عَلَیْکَ ، مِنْکَ أَطْلُبُ الْوُصُولَ إِلَیْکَ ، وَبِکَ أَسْتَدِلُّ عَلَیْکَ ، فَاهْدِنی بِنُورِکَ إِلَیْکَ ، وَأَقِمْنی بِصِدْقِ الْعُبُودِیَّةِ بَیْنَ یَدَیْکَ .

إِلهی عَلِّمْنی مِنْ عِلْمِکَ الْمَخْزُونِ ، وَصُنّی بِسِتْرِکَ الْمَصُونِ . إِلهی حَقِّقْنی بِحَقائِقِ أَهْلِ الْقُرْبِ ، وَاسْلُکْ بی مَسْلَکَ أَهْلِ الْجَذْبِ .

إِلهی أَغْنِنی بِتَدْبِیرِکَ لی عَنْ تَدْبِیری ، وَبِاخْتِیارِکَ عَنِ اخْتِیاری ، وَأَوْقِفْنی عَلی مَراکِزِ اضْطِراری ، إِلهی أَخْرِجْنی مِنْ ذُلِّ نَفْسی ، وَطَهِّرْنی مِنْ شَکّی وَشِرْکی قَبْلَ حُلُولِ رَمْسی ، بِکَ أَنْتَصِرُ فَانْصُرْنی ، وَعَلَیْکَ أَتَوَکَّلُ فَلَا تَکِلْنی ، وَإِیّاکَ أَسْأَلُ فَلَا تُخَیِّبْنی ، وَفی فَضْلِکَ أَرْغَبُ فَلَا تَحْرِمْنی ، وَبِجَنابِکَ أَنْتَسِبُ فَلَا تُبْعِدْنی ، وَبِبابِکَ أَقِفُ فَلَا تَطْرُدْنی ، إِلهی تَقَدَّسَ رِضاکَ أَنْ تَکُونَ لَهُ عِلَّةٌ مِنْکَ ، فَکَیْفَ تَکُونُ لَهُ عِلَّةٌ مِنّی . إِلهی أَنْتَ الْغَنیُّ بِذاتِکَ أَنْ یَصِلَ إِلَیْکَ النَّفْعُ مِنْکَ ، فَکَیْفَ لَاتَکُونُ غَنِیّاً عَنّی ؟

إِلهی إِنَّ الْقَضاءَ وَالْقَدَرَ یُمَنّینی ، وَإِنَّ الْهَوی بِوَثائِقِ الشَّهْوَةِ أَسَرَنی ، فَکُنْ أَنْتَ النَّصیرَ لی حَتّی تَنْصُرَنی وَتُبَصِّرَنی ، وَأَغْنِنی بِفَضْلِکَ حَتّی أَسْتَغْنِیَ بِکَ عَنْ طَلَبی ، أَنْتَ الَّذی أَشْرَقْتَ الْأَنْوارَ فی قُلُوبِ أَوْلِیائِکَ حَتّی عَرَفُوکَ وَوَحَّدُوکَ . َأَنْتَ الَّذِی أَزَلْتَ الْأَغْیارَ عَنْ قُلُوبِ أَحِبّائِکَ حَتّی لَمْ یُحِبُّوا سِواکَ ، وَلَمْ یَلْجَأُوا إِلی غَیْرِکَ ، أَنْتَ الْمُونِسُ لَهُمْ

ص:232

حَیْثُ أَوْحَشَتْهُمُ الْعَوالِمُ ، وَأَنْتَ الَّذی هَدَیْتَهُمْ حَیْثُ اسْتَبانَتْ لَهُمُ الْمَعالِمُ ، ماذا وَجَدَ مَنْ فَقَدَکَ ؟ وَمَا الَّذی فَقَدَ مَنْ وَجَدَکَ ؟ لَقَدْ خابَ مَنْ رَضِیَ دُونَکَ بَدَلاً ، وَلَقَدْ خَسِرَ مَنْ بَغی عَنْکَ مُتَحَوِّلاً ، کَیْفَ یُرْجی سِواکَ وَأَنْتَ ما قَطَعْتَ الْإِحْسانَ ؟ وَکَیْفَ یُطْلَبُ مِنْ غَیْرِکَ وَأَنْتَ ما بَدَّلْتَ عادَةَ الْامْتِنانِ ؟

یا مَنْ أَذاقَ أَحِبّاءَهُ حَلَاوَةَ الْمُؤانَسَةِ فَقامُوا بَیْنَ یَدَیْهِ مُتَمَلِّقینَ ، وَیا مَنْ أَلْبَسَ أَوْلِیاءَهُ مَلَابِسَ هَیْبَتِهِ فَقامُوا بَیْنَ یَدَیْهِ مُسْتَغْفِرینَ ، أَنْتَ الذّاکِرُ قَبْلَ الذّاکِرینَ ، وَأَنْتَ الْبادی بِالْإِحْسانِ قَبْلَ تَوَجُّهِ الْعابِدینَ ، وَأَنْتَ الْجَوادُ بِالْعَطاءِ قَبْلَ طَلَبِ الطّالِبینَ ، وَأَنْتَ الْوَهّابُ ثُمَّ لِما وَهَبْتَ لَنا مِنَ الْمُسْتَقْرِضینَ .

إِلهی اطْلُبْنی بِرَحْمَتِکَ حَتّی أَصِلَ إِلَیْکَ ، وَاجْذِبْنی بِمَنِّکَ حَتّی أُقْبِلَ عَلَیْکَ . إِلهی إِنَّ رَجائی لَایَنْقَطِعُ عَنْکَ وَإِنْ عَصَیْتُکَ ، کَما أَنَّ خَوْفی لَا یُزایلُنی وَإِنْ أَطَعْتُکَ ، فَقَدْ دَفَعَتْنی الْعَوالِمُ إِلَیْکَ ، وَقَدْ أَوْقَعَنی عِلْمی بِکَرَمِکَ عَلَیْکَ . إِلهی کَیْفَ أَخِیبُ وَأَنْتَ أَمَلی ؟ أَمْ کَیْفَ أُهانُ وَعَلَیْکَ مُتَّکَلی ؟ إِلهی کَیْفَ أَسْتَعِزُّ وَفی الذِّلَّةِ أَرْکَزْتَنی ؟ أَمْ کَیْفَ لَاأَسْتَعِزُّ وَإِلَیْکَ نَسَبْتَنی ؟ إِلهی کَیْفَ لَاأَفْتَقِرُ وَأَنْتَ الَّذی فی الْفُقَراءِ أَقَمْتَنی ؟ أَمْ کَیْفَ أَفْتَقِرُ وَأَنْتَ الَّذی بِجُودِکَ أَغْنَیْتَنی ، وَأَنْتَ الَّذی لَاإِلهَ غَیْرُکَ

ص:233

تَعَرَّفْتَ لِکُلِّ شَیْ ءٍ فَما جَهِلَکَ شَیْ ءٌ ، وَأَنْتَ الَّذی تَعَرَّفْتَ إِلَیَّ فی کُلِّ شَیْ ءٍ ، فَرَأَیْتُکَ ظاهِراً فی کُلِّ شَیْ ءٍ ، وَأَنْتَ الظّاهِرُ لِکُلِّ شَیْ ءٍ ، یا مَنِ اسْتَوی بِرَحْمانِیَّتِهِ فَصارَ الْعَرْشُ غَیْباً فی ذاتِهِ ، مَحَقْتَ الْآثارَ بِالْآثارِ ، وَمَحَوْتَ الْأَغْیارَ بِمُحیطاتِ أَفْلَاکِ الْأَنْوارِ ، یا مَنِ احْتَجَبَ فی سُرادِقاتِ عَرْشِهِ عَنْ أَنْ تُدْرِکَهُ الْأَبْصارُ ، یا مَنْ تَجَلّی بِکَمالِ بَهائِهِ فَتَحَقَّقَتْ عَظَمَتُهُ مِنَ الْاسْتِواءَ ، کَیْفَ تَخْفی وَأَنْتَ الظّاهِرُ ؟ أَمْ کَیْفَ تَغِیبُ وَأَنْتَ الرَّقِیبُ الْحاضِرُ؟ إِنَّکَ عَلی کُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ ، وَالْحَمْدُ للّهِ ِوَحْدَهُ » .

ص:234

دعاء الإمام علیّ بن الحسین علیهما السلام یوم عرفة

الْحَمْدُ للّهِ ِ رَبِّ الْعالَمینَ ، اللّهُمَّ لَکَ الْحَمْدُ بَدیعَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، ذَا الْجَلالِ وَالْإِکْرامِ ، رَبَّ الْأَرْبابِ ، وَإِلهَ کُلِّ مَأْلُوهٍ ، وَخالِقَ کُلِّ مَخْلُوقٍ ، وَوارِثَ کُلِّ شَیْ ءٍ ، لَیْسَ کَمِثْلِهِ شَیْ ءٌ ، وَلَا یَعْزُبُ عَنْهُ عِلْمُ شَیْ ءٍ ، وَهُوَ بِکُلِّ شَیْ ءٍ مُحیطٌ ، وَهُوَ عَلی کُلِّ شَیْ ءٍ رَقیبٌ .

أَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ الْأَحَدُ الْمُتَوَحِّدُ ، الْفَرْدُ الْمُتَفَرِّدُ .

وَأَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ الْکَریمُ الْمُتَکَرِّمُ ، الْعَظیمُ الْمُتَعَظِّمُ ، الْکَبیرُ الْمُتَکَبِّرُ .

وَأَنْتَ اللّهُ لَاإِلهَ إِلَّا أَنْتَ الْعَلِیُّ الْمُتَعالِ ، الشَّدیدُ الْمِحالِ .

وَأَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ الرَّحْمنُ الرَّحیمُ ، الْعَلیمُ الْحَکیمُ .

وَأَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ السَّمیعُ الْبَصیرُ ، الْقَدیمُ الْخَبیرُ ، وَأَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ الْکَریمُ الْأَکْرَمُ ، الدّائِمُ الْأَدْوَمُ ، وَأَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ الْأَوَّلُ قَبْلَ کُلِّ أَحَدٍ ، وَالْآخِرُ بَعْدَ کُلِّ عَدَدٍ ، وَأَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ الدّانی فی عُلُوِّهِ ، وَالْعالی فی دُنُوِّهِ . وَأَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ ذُو الْبَهاءِ

ص:235

وَالْمَجْدِ وَالْکِبْرِیاءِ وَالْحَمْدِ ، وَأَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ الَّذی أَنْشَأْتَ الْأَشْیاءَ مِنْ غیْرِ سِنْخٍ ، وَصَوَّرْتَ ما صَوَّرْتَ مِنْ غَیْرِ مِثالٍ ، وَابْتَدَعْتَ الْمُبْتَدَعاتِ بِلاَ احْتِذاءٍ .

أَنْتَ الَّذی قَدَّرْتَ کُلَّ شَیْ ءٍ تَقْدیراً ، وَیَسَّرْتَ کُلَّ شَیْ ءٍ تَیْسیراً ، وَدَبَّرْتَ ما دُونَکَ تَدْبیراً ، وَأَنْتَ الَّذی لَمْ یُعِنْکَ عَلی خَلْقِکَ شَریکٌ ، وَلَمْ یُؤازِرْکَ فی أَمْرِکَ وَزیرٌ ، وَلَمْ یَکُنْ لَکَ مُشاهِدٌ وَلَا نَظیرٌ .

أَنْتَ الَّذی أَرَدْتَ فَکانَ حَتْماً ما أَرَدْتَ ، وَقَضَیْتَ فَکانَ عَدْلاً ما قَضَیْتَ ، وَحَکَمْتَ فَکانَ نِصْفاً ما حَکَمْتَ ، أَنْتَ الَّذی لا یَحْویکَ مَکانٌ ، وَلَمْ یَقُمْ لِسُلْطانِکَ سُلْطانٌ ، وَلَمْ یُعْیِکَ بُرْهانٌ وَلا بَیانٌ ، أَنْتَ الَّذی أَحْصَیْتَ کُلَّ شَیْ ءٍ عَدَداً ، وَجَعَلْتَ لِکُلِّ شَیْ ءٍ أَمَداً ، وَقَدَّرْتَ کُلَّ شَیْ ءٍ تَقْدیراً ، أَنْتَ الَّذی قَصُرَتِ الْأَوْهامُ عَنْ ذاتِیَّتِکَ ، وَعَجَزَتِ الْأَفْهامُ عَنْ کَیْفِیَّتِکَ ، وَلَمْ تُدْرِکِ الْأَبْصارُ مَوْضِعَ أَیْنِیَّتِکَ .

أَنْتَ الَّذی لا تُحَدُّ فَتَکُونَ مَحْدُوداً ، وَلَمْ تُمَثَّلْ فَتَکُونَ مَوْجُوداً ، وَلَمْ تَلِدْ فَتَکُونَ مَوْلُوداً ، أَنْتَ الَّذی لا ضِدَّ مَعَکَ فَیُعانِدَکَ ، وَلا عِدْلَ لَک فَیُکاثِرَکَ ، وَلَا نِدَّ لَکَ فَیُعارِضَکَ .

أَنْتَ الَّذی ابْتَدَأَ وَاخْتَرَعَ ، وَاسْتَحْدَثَ وَابْتَدَعَ ، وَأَحْسَنَ صُنْعَ ما صَنَعَ .

ص:236

سُبْحانَکَ ما أَجَلَّ شَأْنَکَ ، وَأَسْنی فی الْأَماکِنِ مَکانَکَ ، وَأَصْدَعَ بِالْحَقِّ فُرْقانَکَ ، سُبْحانَکَ مِنْ لَطیفٍ ما أَلْطَفَکَ ، وَرَؤُوفٍ ما أَرْأَفَکَ ، وَحَکیمٍ ما أَعْرَفَکَ !

سُبْحانَکَ مِنْ مَلیکٍ ما أَمْنَعَکَ ، وَجَوادٍ ما أَوْسَعَکَ ، وَرَفیعٍ ما أَرْفَعَکَ ، ذُوالْبَهاءِ وَالْمَجْدِ ، وَالْکِبْرِیاءِ وَالْحَمْدِ !

سُبْحانَکَ بَسَطْتَ بِالْخَیْراتِ یَدَکَ ، وَعُرِفَتِ الْهِدایَةُ مِنْ عِنْدِکَ ، فَمَنِ الْتَمَسَکَ لِدینٍ أَوْ دُنْیا وَجَدَکَ !

سُبْحانَکَ خَضَعَ لَکَ مَنْ جَری فی عِلْمِکَ ، وَخَشَعَ لِعَظَمَتِکَ ما دُونَ عَرْشِکَ ، وَانْقادَ لِلتَّسْلیمِ لَکَ کُلُّ خَلْقِکَ !

سُبْحانَکَ لَاتُجَسُّ وَلَا تُحَسُّ ، وَلَا تُمَسُّ وَلَا تُکادُ ، وَلَا تُماطُ وَلَا تُنازَعُ ، وَلَا تُجاری وَلَا تُماری ، وَلَا تُخادَعُ وَلَا تُماکَرُ !

سُبْحانَک سَبیلُکَ جَدَدٌ ، وَأَمْرُکَ رَشَدٌ ، وَأَنْتَ حَیٌّ صَمَدٌ !

سُبْحانَکَ قَوْلُکَ حُکْمٌ ، وَقَضاوُکَ حَتْمٌ ، وَإِرادَتُک عَزْمٌ !

سُبْحانَکَ لا رادَّ لِمَشِیَّتِکَ ، وَلا مُبَدِّلَ لِکَلِماتِکَ !

سُبْحانَکَ قاهِرَ الْأَرْبابِ ، باهِرَ الْآیاتِ ، فاطِرَ السَّمواتِ ، بارِئَ النَّسَماتِ !

ص:237

لَکَ الْحَمْدُ حَمْداً یَدُومُ بِدَوامِکَ ، وَلَکَ الْحَمْدُ حَمْداً خالِداً بِنِعْمَتِکَ ، وَلَکَ الْحَمْدُ حَمْداً یُوازی صُنْعَکَ ، وَلَک الْحَمْدُ حَمْداً یَزیدُ عَلی رِضاکَ ، وَلَکَ الْحَمْدُ حَمْداً مَعَ حَمْدِ کُلِّ حامِدٍ ، وَشُکْراً یَقْصُرُ عنْهُ شُکْرُ کُلِّ شاکِرٍ .

حَمْداً لا یَنْبَغی إِلَّا لَکَ ، وَلا یُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَّا إِلَیْکَ ، حَمْداً یُسْتَدامُ بِهِ الْأَوَّلُ ، وَیُسْتَدْعی بِهِ دَوامُ الْآخِرِ ، حَمْداً یَتَضاعَفُ عَلی کُرُورِ الْأَزْمِنَةِ ، وَیَتَزایَدُ أَضْعافاً مُتَرادِفَةً ، حَمْداً یَعْجِزُ عَنْ إِحْصائِهِ الْحَفَظَةُ ، وَیَزیدُ عَلی ما أَحْصَتْهُ فی کِتابِکَ الْکَتَبَةُ ، حَمْداً یوازِنُ عَرْشَکَ الْمَجیدَ ، وَیُعادِلُ کُرْسِیَّکَ الرَّفیعَ .

حَمْداً یَکْمُلُ لَدَیْکَ ثَوابُهُ ، وَیَسْتَغْرِقُ کُلَّ جَزاءٍ جَزاؤُهُ ، حَمْداً ظاهِرُهُ وَفْقٌ لِباطِنِهِ ، وَباطِنُهُ وَفْقٌ لِصِدْقِ النِّیَّةِ فیهِ ، حَمْداً لَمْ یَحْمَدْکَ خَلْقٌ مِثْلَهُ ، وَلَا یَعْرِفُ أَحَدٌ سِواکَ فَضْلَهُ ، حَمْداً یُعانُ مَنِ اجْتَهَدَ فی تَعْدیدِهِ ، وَیُؤَیَّدُ مَنْ أَغْرَقَ نَزْعاً فی تَوْفِیَتِهِ .

حَمْداً یَجْمَعُ ما خَلَقْتَ مِنَ الْحَمْدِ ، وَیَنْتَظِمُ ما أَنْتَ خالِقُهُ مِنْ بَعْدُ ، حَمْداً لَاحَمْدَ أَقْرَبُ إِلی قَوْلِکَ مِنْهُ ، وَلَا أَحْمَدَ مِمَّنْ یَحْمَدُکَ بِهِ ، حَمْداً یوجِبُ بِکَرَمِکَ الْمَزیدَ بِوُفُورِهِ ، وَتَصِلُهُ بِمَزیدٍ بَعْدَ مَزیدٍ طَوْلاً مِنْکَ ، حَمْداً یَجِبُ لِکَرَمِ وَجْهِکَ ، وَیُقابِلُ عِزَّ جَلالِکَ .

ص:238

رَبِّ صَلِّ عَلی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ الْمُنْتَجَبِ الْمُصْطَفی ، الْمُکَرَّمِ الْمُقَرَّبِ ، أَفْضَلَ صَلَواتِکَ ، وَبارِکَ عَلَیْهِ أَتَمَّ بَرَکاتِکَ ، وَتَرَحَّمْ عَلَیْهِ أَمْتَعَ رَحَماتِکَ ، رَبِّ صَلِّ عَلی مُحَمَّدٍ وَآلِهِ صَلاةً زاکِیَةً لا تَکُونُ صَلاةٌ أَزْکی مِنْها ، وَصَلِّ عَلَیْهِ صَلاةً نامِیَةً لَاتَکُونُ صَلاةٌ أَنْمی مِنْها ، وَصَلِّ عَلَیْهِ صَلاةً راضِیَةً لَاتَکُونُ صَلاةٌ فَوْقَها .

رَبِّ صَلِّ عَلی مُحَمَّدٍ وَآلِهِ صَلاةً تُرْضیهِ وَتَزیدُ عَلی رِضاهُ ، وَصَلِّ عَلَیْهِ صَلاةً تُرْضیکَ وَتَزیدُ عَلی رِضاکَ لَهُ ، وَصَلِّ عَلَیْهِ صَلاةً لَا تَرْضی لَهُ إِلَّا بِها ، وَلَا تَری غَیْرَهُ لَها أَهْلاً .

رَبِّ صَلِّ عَلی مُحَمَّدٍ وَآلِهِ صَلاةً تُجاوِزُ رِضْوانَکَ ، وَیَتَّصِلُ اتِّصالُها بِبَقائِکَ ، وَلَا یَنْفَدُ کَما لا تَنْفَدُ کَلِماتُکَ .

رَبِّ صَلِّ عَلی مُحَمَّدٍ وَآلِهِ صَلاةً تَنْتَظِمُ صَلَواتِ مَلآئِکَتِکَ وَأَنْبِیائِکَ وَرُسُلِکَ وَأَهْلِ طاعَتِکَ ، وَتَشْتَمِلُ عَلی صَلَواتِ عِبادِکَ مِنْ جِنِّکَ وَإِنْسِکَ وَأَهْلِ إِجابَتِکَ ، وَتَجْتَمِعُ عَلی صَلاةِ کُلِّ مَنْ ذَرَأْتَ وَبَرَأْتَ مِنْ أَصْنافِ خَلْقِکَ .

رَبِّ صَلِّ عَلَیْهِ وَآلِهِ صَلاةً تُحیطُ بِکُلِّ صَلاةٍ سالِفَةٍ وَمُسْتَأْنَفَةٍ ، وَصَلِّ عَلَیْهِ وَعَلی آلِهِ صَلاةً مَرْضِیَّةً لَکَ وَلِمَنْ دُونَکَ ، وَتُنْشِئُ مَعَ ذلِکَ صَلَواتٍ تُضاعِفُ مَعَها تِلْکَ الصَّلَواتِ عِنْدَها ، وَتَزیدُها عَلی کُرُورِ

ص:239

الْأَیّامِ زِیادَةً فی تَضاعیفَ لَایَعُدُّها غَیْرُکَ .

رَبِّ صَلِّ عَلی أَطائِبِ أَهْلِ بَیْتِهِ الَّذین اخْتَرْتَهُمْ لاَِمْرِکَ ، وَجَعَلْتَهُمْ خَزَنَةَ عِلْمِکَ ، وَحَفَظَةَ دینِکَ ، وَخُلَفاءَکَ فی أَرْضِکَ ، وَحُجَجَکَ عَلی عِبادِکَ ، وَطَهَّرْتَهُمْ مِنَ الرِّجْسِ وَالدَّنَسِ تَطْهیراً بِإِرادَتِکَ ، وَجَعَلْتَهُمُ الْوَسیلَةَ إِلَیْکَ ، وَالْمَسْلَکَ إِلی جَنَّتِکَ .

رَبِّ صَلِّ عَلی مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، صَلاةً تُجْزِلُ لَهُمْ بِها مِنْ تُحَفِکَ وَکَرامَتِکَ ، وَتُکْمِلُ لَهُمُ الْأَشْیاءَ مِنْ عَطایاکَ وَنَوافِلِکَ ، وَتُوَفِّرُ عَلَیْهِمُ الْحَظَّ مِنْ عَوائِدِکَ وَفَوائِدِکَ ، رَبِّ صَلِّ عَلَیْهِ وَعَلَیْهِمْ صَلاةً لَاأَمَدَ فی أَوَّلِها ، وَلَا غایَةَ لاَِمَدِها ، وَلَا نِهایَةَ لآخِرِها .

رَبِّ صَلِّ عَلَیْهِمْ زِنَةَ عَرْشِکَ وَما دُونَهُ ، وَمِلْ ءَ سمواتِکَ وَما فَوْقَهُنَّ ، وَعَدَدَ أَرَضیکَ وَما تَحْتَهُنَّ وَما بَیْنَهُنَّ ، صَلاةً تُقَرِّبُهُمْ مِنْکَ زُلْفی ، وَتَکُونُ لَکَ وَلَهُمْ رِضاً ، وَمُتَّصِلَةٌ بِنَظائِرهِنَّ أَبَداً .

اللّهُمَّ إِنَّکَ أَیَّدْتَ دینَکَ فی کُلِّ أَوانٍ بِإِمامٍ أَقَمْتَهُ عَلَماً لِعِبادِکَ ، وَمَناراً فی بِلادِکَ ، بَعْدَ أَنْ وَصَلْتَ حَبْلَهُ بِحَبْلِکَ ، وَجَعَلْتَهُ الذَّریعَةَ إِلی رِضْوانِکَ ، وَافْتَرَضْتَ طاعَتَهُ ، وَحَذَّرْتَ مَعْصِیَتَهُ ، وَأَمَرْتَ بِامْتِثالِ أَمْرِهِ ( أَوامِرِهِ - خ ل ) ، وَالْانْتِهاءِ عِنْدَ نَهْیهِ ، وَأَلَّا یَتَقَدَّمَهُ مُتَقَدِّمٌ ، وَلا یَتَأَخَّرَ عَنْهُ مُتَأَخِّرٌ ، فَهُوَ عِصْمَةُ اللّآئِذینَ ، وَکَهْفُ الْمُؤْمِنینَ ، وَعُرْوَةُ الْمُتَمَسِّکینَ ،

ص:240

وَبَهاءُ الْعالَمینَ .

اللّهُمَّ فَأَوْزِعْ لِوَلِیّکَ شُکْرَ ما أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَیْهِ ، وَأَوْزِعْنا مِثْلَهُ فیهِ ، وَآتِهِ مِنْ لَدُنْکَ سُلْطاناً نَصیراً ، وَافْتَحْ لَهُ فَتْحاً یَسیراً ، وَأَعِنْهُ بِرُکْنِکَ الْأَعَزِّ ، وَاشْدُدْ أَزْرَهُ ، وَقَوِّ عَضُدَهُ ، وَراعِهِ بِعَیْنِکَ ، وَاحْمِهِ بِحِفْظِکَ ، وَانْصُرْهُ بِمَلائِکَتِکَ ، وَامْدُدْهُ بِجُنْدِکَ الْأَغْلَبِ ، وَأَقِمْ بِهِ کِتابَکَ وَحُدُودَکَ ، وَشَرائِعَکَ وَسُنَنَ رَسُولِکَ ، صَلَواتُکَ اللّهُمَّ عَلَیْهِ وَآلِهِ ، وَأَحْیِ بِهِ ما أَماتَهُ الظّالِمُونَ مِنْ مَعالِمِ دینِکَ ، وَاجْلُ بِهِ صَدَأَ الْجَوْرِ عَنْ طَریقَتِکَ ، وَأَبِنْ بِهِ الضَّرّاءَ مِنْ سَبیلِکَ ، وَأَزِلْ بِهِ النّاکِبینَ عَنْ صِراطِکَ ، وَامْحَقْ بِهِ بُغاةَ قَصْدِکَ عِوَجاً ، وَأَلِنْ جانِبَهُ لأَوْلِیائِکَ ، وَابْسُطْ یَدَهُ عَلی أَعْدائِکَ ، وَهَبْ لَنا رَأْفَتَهُ وَرَحْمَتَهُ ، وَتَعَطُّفَهُ وَتَحَنُّنَهُ ، وَاجْعَلْنا لَهُ سامِعینَ مُطیعینَ ، وَفی رِضاهُ ساعینَ ، وَإِلی نُصْرَتِهِ وَالْمُدافَعَةِ عَنْهُ مُکْنِفینَ ، وَإِلَیْک وَإِلی رَسْولِکَ صَلَواتُکَ اللّهُمَّ عَلَیْهِ وَآلِهِ بِذلِکَ مُتَقَرِّبینَ .

اللّهُمَّ وَصَلِّ عَلی أَوْلِیائِهِمُ الْمُعْتَرِفینَ بِمَقامِهِمُ ، الْمُتَّبِعینَ مَنْهَجَهُمُ ، الْمُقْتَفینَ آثارَهُمُ ، الْمُسْتَمْسِکینَ بِعُرْوَتِهِمُ ، الْمُتَمَسِّکینَ بِوِلایَتِهِمُ ، الْمُؤْتَمّینَ بِإِمامَتِهِمُ ، الْمُسَلِّمینَ لاَِمْرِهِمُ ، الْمُجْتَهِدینَ فی طاعَتِهِمُ ، الْمُنْتَظِرینَ أَیّامَهُمُ ، الْمادّینَ إِلَیْهِمْ أَعْیُنَهُمُ ، الصَّلَواتِ الْمُبارَکاتِ ، الزّاکِیاتِ النّامِیاتِ ، الْغادِیاتِ الرّائِماتِ ، وَسَلِّمْ عَلَیْهِمْ

ص:241

وَعَلی أَرْواحِهِمْ ، وَاجْمَعْ عَلَی التَّقْوی أَمْرَهُمْ ، وَأَصْلِحْ لَهُمْ شُؤُونَهُمْ ، وَتُبْ عَلَیْهِمْ إِنَّکَ أَنْتَ التَّوّابُ الرَّحیمُ ، وَخَیْرُ الْغافِرینَ ، وَاجْعَلْنا مَعَهُمْ فی دارِ السَّلامِ بِرَحْمَتِکَ ، یا أَرْحَمَ الرّاحِمینَ .

اللّهُمَّ هذا یَوْمُ عَرَفَةَ ، یَوْمٌ شَرَّفْتَهُ وَکَرَّمْتَهُ وَعَظَّمْتَهُ ، نَشَرْتَ فیهِ رَحْمَتَکَ ، وَمَنَنْتَ فیهِ بِعَفْوِکَ ، وَأَجْزَلْتَ فیهِ عَطِیَّتَکَ ، وَتَفَضَّلْتَ بِهِ عَلی عِبادِکَ .

اللّهُمَّ وَأَنا عَبْدُکَ الَّذی أَنْعَمْتَ عَلَیْهِ قَبْلَ خَلْقِکَ لَهُ ، وَبَعْدَ خَلْقِکَ إِیّاهُ ، فَجَعَلْتَهُ مِمَّنْ هَدَیْتَهُ لِدینِکَ ، وَوَفَّقْتَهُ لِحَقِّکَ ، وَعَصَمْتَهُ بِحَبْلِکَ ، وَأَدْخَلْتَهُ فی حِزْبِکَ ، وَأَرْشَدْتَهُ لِمُوالاةِ أَوْلِیائِکَ ، وَمُعاداةِ أَعْدائِکَ .

ثُمَّ أَمَرْتَهُ فَلَمْ یَأْتَمِرْ ، وَزَجَرْتَهُ فَلَمْ یَنْزَجِرْ ، وَنَهَیْتَهُ عَنْ مَعْصِیَتِکَ فَخالْفَ أَمْرَکَ إِلی نَهْیِکَ ، لَامُعانَدَةً لَکَ ، وَلَا اسْتِکْباراً عَلَیْکَ ، بَلْ دَعاهُ هَواهُ إِلی ما زَیَّلْتَهُ ، وَإِلی ما حَذَّرْتَهُ ، وَأَعانَهُ عَلی ذلِکَ عَدُوُّکَ وَعَدُوُّهُ ، فَأَقْدَمَ عَلَیْهِ عارِفاً بِوَعیدِکَ ، راجِیاً لِعَفْوِکَ ، واثِقاً بِتَجاوُزِکَ ، وَکانَ أَحَقَّ عِبادِکَ - مَعَ ما مَنَنْتَ عَلَیْهِ - أَلّا یَفْعَلَ .

وَها أَنا ذا بَیْنَ یَدَیْکَ صاغِراً ذَلیلاً ، خاضِعاً خاشِعاً ، خائِفاً مُعْتَرِفاً بِعَظیمٍ مِنَ الذُّنُوبِ تَحَمَّلْتُهُ ، وَجَلیلٍ مِنَ الْخَطایا اجْتَرَمْتُهُ ، مُسْتَجیراً بِصَفْحِکَ ، لآئِذاً بِرَحْمَتِکَ ، مُوقِناً أَنَّهُ لَایُجیرُنی مِنْکَ مُجیرٌ ، وَلَا یَمْنَعُنی

ص:242

مِنْکَ مانِعٌ .

فَعُدْ عَلَیَّ بِما تَعُودُ بِهِ عَلی مَنِ اقْتَرَفَ مِنْ تَغَمُّدِکَ ، وَجُدْ عَلَیَّ بِما تَجُودُ بِهِ عَلی مَنْ أَلْقی بِیَدِهِ إِلَیْکَ مِنْ عَفْوِکَ ، وَامْنُنْ عَلَیَّ بِما لَایَتَعاظَمُکَ أَنْ تَمُنَّ بِهِ عَلی مَنْ أَمَّلَکَ مِنْ غُفْرانِکَ .

وَاجْعَلْ لی فی هذَا الْیَوْمِ نَصیباً أَنالُ بِهِ حَظّاً مِنْ رِضْوانِکَ ، وَلَا تَرُدَّنی صِفْراً مِمّا یَنْقَلِبُ بِهِ الْمُتَعَبِّدُونَ لَکَ مِنْ عِبادِکَ ، وَإِنّی وَإِنْ لَمْ أُقَدِّمْ ما قَدَّمُوهُ مِنَ الصّالِحاتِ ، فَقَدْ قَدَّمْتُ تَوْحیدَکَ ، وَنَفْیَ الْأَضْدادِ وَالْأَنْدادِ وَالْأَشْباهِ عَنْکَ ، وَأَتَیْتُکَ مِنَ الْأَبْوابِ الَّتی أَمَرْتَ أَنْ تُؤْتی مِنْها ، وَتَقَرَّبْتُ إِلَیْکَ بِما لَایَقْرُبُ بِهِ أَحَدٌ مِنْکَ إِلَّا بِالتَّقَرُّبِ بِهِ ، ثُمَّ أَتْبَعْتُ ذلِکَ بِالْإِنابَةِ إِلَیْکَ ، وَالتَّذَلُّلِ وَالْاسْتِکانَةِ لَکَ ، وَحُسْنِ الظَّنِّ بِکَ ، وَالثِّقَةِ بِما عِنْدَکَ ، وَشَفَعْتُهُ بِرَجائِکَ الَّذی قَلَّ ما یَخیبُ عَلَیْهِ راجیکَ .

وَسَأَلْتُکَ مَسْأَلَةَ الْحَقیرِ الذَّلیلِ ، الْبائِسِ الْفَقیرِ ، الْخائِفِ الْمُسْتَجیرِ ، وَمَعَ ذلِکَ خیفَةً وَتَضَرُّعاً ، وَتَعَوُّذاً وَتَلَوُّذاً ، لَامُسْتَطیلاً بِتَکَبُّرِ الْمُتَکَبِّرینَ ، وَلَا مُتعالِیاً بِدالَّةِ الْمُطیعینَ ، وَلَا مُسْتَطیلاً بِشَفاعَةِ الشّافِعینَ ، وَأَنا بَعْدُ أَقَلُّ الْأَقَلّینَ ، وَأَذَلُّ الْأَذَلّینَ ، وَمِثْلُ الذَّرَّةِ أَوْ دُونَها .

فَیا مَنْ لَمُ یُعاجِلِ الْمُسیئینَ ، وَلَا یَنْدَهُ الْمُتْرَفینَ ، وَیا مَنْ یَمُنُّ بِإِقالَةِ الْعاثِرینَ ، وَیَتَفَضَّلُ بِإِنْظارِ الْخاطِئینَ .

ص:243

أَنا الْمُسیئُ الْمُعْتَرِفُ الْخاطِئُ الْعاثِرُ ، أَنا الَّذی أَقْدَمَ عَلَیْکَ مُجْتَرِئاً ، أَنا الَّذی عَصاکَ مُتَعَمِّداً ، أَنا الَّذی اسْتَخْفی مِنْ عِبادِکَ وَبارَزَکَ ، أَنا الَّذی هابَ عِبادَکَ وَأَمِنَکَ ، أَنا الَّذی لَمْ یَرْهَبْ سَطْوَتَکَ ، وَلَمْ یَخَفْ بَأْسَکَ ، أَنا الْجانی عَلی نَفْسِهِ ، أَنا الْمُرْتَهَنُ بِبَلِیَّتِهِ ، أَنا الْقَلیلُ الْحَیاءِ ، أَنا الطَّویلُ الْعَناءِ .

بِحَقِّ مَنِ انْتَجَبْتَ مِنْ خَلْقِکَ ، وَبِمَنِ اصْطَفَیْتَهُ لِنَفْسِکَ ، بِحَقِّ مَنِ اخْتَرْتَ مِنْ بَرِیَّتِکَ وَمَنِ اجْتَبَیْتَ لِشَأْنِکَ ، بِحَقِّ مَنْ وَصَلْتَ طاعَتَهُ بِطاعَتِکَ ، وَمَنْ جَعَلْتَ مَعْصِیَتَهُ کَمَعْصِیَتِکَ ، بِحَقِّ مَنْ قَرَنْتَ مُوالاتَهُ بِمُوالاتِکَ ، وَمَنْ نُطْتَ مُعاداتَهُ بِمُعاداتِکَ .

تَغَمَّدْنی فی یَوْمی هذا بِما تَتَغَمَّدُ بِهِ مَنْ جَأَرَ إِلَیْکَ مُتَنَصِّلاً ، وَعاذَ بِاسْتِغْفارِکَ تائِباً ، وَتَوَلَّنی بِما تَتَوَلّی بِهِ أَهْلَ طاعَتِکَ ، وَالزُّلْفی لَدَیْکَ ، وَالْمَکانَةِ مِنْکَ ، وَتَوَحَّدْنی بِما تَتَوحَّدُ بِهِ مَنْ وَفی بِعَهْدِکَ ، وَأَتْعَبَ نَفْسَهُ فی ذاتِکَ ، وَأَجْهَدَها فی مَرْضاتِکَ .

وَلا تُؤاخِذْنی بِتَفْریطی فی جَنْبِکَ ، وَتَعَدّی طَوْری فی حُدُودِکَ ، وَمُجاوَزَةِ أَحْکامِکَ ، وَلَا تَسْتَدْرِجْنی بِإِمْلائِکَ لی اسْتِدْراجَ مَنْ مَنَعَنی خَیْرَ ما عِنْدَهُ ، وَلَمْ یَشْرَکْکَ فی حُلُولِ نِعْمَتِهِ بی .

وَنَبِّهْنی مِنْ رَقْدَةِ الْغافِلینَ ، وَسِنَةِ الْمُسْرِفینَ ، وَنَعْسَةِ الْمَخْذُولینَ ،

ص:244

وَخُذْ بِقَلْبی إِلی ما اسْتَعْمَلْتَ بِهِ الْقانِتینَ ، وَاسْتَعْبَدْتَ بِهِ الْمُتَعَبِّدینَ ، وَاسْتَنْقَذْتَ بِهِ الْمُتَهاوِنینَ ، وَأَعِذْنی مِمّا یُباعِدُنی عَنْکَ ، وَیَحُولُ بَیْنی وَبَیْنَ حَظّی مِنْکَ ، وَیَصُدُّنی عَمّا أُحاوِلُ لَدَیْکَ ، وَسَهِّلْ لی مَسْلَکَ الْخَیْراتِ إِلَیْکَ ، وَالْمُسابَقَةَ إِلَیْها مِنْ حَیْثُ أَمَرْتَ ، وَالْمُشاحَّةَ فیها عَلی ما أَرَدْتَ .

وَلَا تَمْحَقْنی فیمَنْ تَمْحَقُ مِنَ الْمُسْتَخِفّینَ بِما أَوْعَدْتَ ، وَلَا تُهْلِکْنی مَعَ مَنْ تُهْلِکُ مِنَ الْمُتَعَرِّضینَ لِمَقْتِکَ ، وَلَا تُتَبِّرْنی فیمَنْ تُتَبِّرُ مِنَ الْمُنْحَرِفینَ عَنْ سُبُلِکَ ، وَنَجِّنی مِنْ غَمَراتِ الْفِتْنَةِ ، وَخَلِّصْنی مِنْ لَهَواتِ الْبَلْوی ، وَأَجِرْنی مِنْ أَخْذِ الْإمْلاءِ ، وَحُلْ بَیْنی وَبَیْنَ عَدُوٍّ یُضِلُّنی ، وَهَویً یُوبِقُنی ، وَمَنْقَصَةٍ تَرْهَقُنی .

وَلَا تُعْرِضْ عَنّی إِعْراضَ مَنْ لَاتَرْضی عَنْهُ بَعْدَ غَضَبِکَ ، وَلَا تُؤْیِسْنی مِنَ الْأَمَلِ فیکَ ، فَیَغْلِبَ عَلَیَّ الْقُنُوطُ مِنْ رَحْمَتِکَ ، وَلَا تَمْتَحِنّی بِما لَاطاقَةَ لی بِهِ ، فَتَبْهَظَنی مِمّا تُحَمِّلْنیهِ مِنْ فَضْلِ مَحَبَّتِکَ .

وَلَا تُرْسِلْنی مِنْ یَدِکَ إِرْسالَ مَنْ لَاخَیْرَ فیهِ ، وَلَا حاجَةَ بِکَ إِلَیْهِ ، وَلَا إِنابَةَ لَهُ ، وَلَا تَرْمِ بی رَمْیَ مَنْ سَقَطَ مِنْ عَیْنِ رِعایَتِکَ ، وَمَنِ اشْتَمَلَ عَلیْهِ الْخِزْیُ مِنْ عِنْدِکَ ، بَلْ خُذْ بِیَدی مِنْ سَقْطَةِ الْمُتَرَدّدینَ ، وَوَهْلَةِ الْمُتَعَسِّفینَ ، وَزَلَّةِ الْمَغْرُورینَ ، وَوَرْطَةِ الْهالِکینَ ، وَعافِنی مِمَّا ابْتَلَیْتَ بِهِ

ص:245

طَبَقات عَبیدِکَ وَإِمائِکَ ، وَبَلِّغْنی مَبالِغَ مَنْ عُنیتَ بِهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَیْهِ ، وَرَضیتَ عَنْهُ ، فَأَعَشْتَهُ حَمیداً ، وَتَوَفَّیْتَهُ سَعیداً .

وَطَوِّقْنی طَوْقَ الْإقْلاعِ عَمّا یُحْبِطُ الْحَسناتِ ، وَیَذْهَبُ بِالْبَرَکاتِ ، وَأَشْعِرْ قَلْبِیَ الْازْدِجارَ عَنْ قَبائِحِ السَّیّئاتِ ، وَفَواضِحِ الْحَوْباتِ ، وَلَا تَشْغَلْنی بِما لَاأُدْرِکُهُ إِلَّا بِکَ عَمّا لَایُرْضیکَ عَنّی غَیْرُهُ ، وَانْزِعْ مِنْ قَلْبی حُبَّ دُنْیاً دَنِیَّةٍ تَنْهی عَمّا عِنْدَکَ ، وَتَصُدُّ عَنِ ابْتِغاءِ الْوَسیلَةِ إِلَیْکَ ، وَتُذْهِلُ عَنِ التَّقَرُّبِ مِنْکَ ، وَزَیِّنْ لِیَ التَّفَرُّدَ بِمُناجاتِکَ بِاللَّیْلِ وَالنَّهارِ ، وَهَبْ لی عِصْمَةً تُدْنینی مِنْ خَشْیَتِکَ ، وَتَقْطَعُنی عَنْ رُکُوبِ مَحارِمِکَ ، وَتَفُکُّنی مِنْ أَسْرِ الْعَظائِمِ .

وَهَبْ لِیَ التَّطْهیرَ مِنْ دَنَسِ الْعِصْیانِ ، وَأَذْهِبْ عَنّی دَرَنَ الْخَطایا ، وَسَرْبِلْنی بِسِرْبالِ عافِیَتِکَ ، وَرَدِّنی رِداءَ مُعافاتِکَ ، وَجَلِّلْنی سَوابِغَ نَعْمائِکَ ، وَظاهِرْ لَدَیَّ فَضْلَکَ وَطَوْلَکَ ، وَأَیِّدْنی بِتَوْفیقِکَ وَتَسْدیدِکَ ، وَأَعِنّی عَلی صالِحِ النِّیَّةِ ، وَمَرْضِیِّ الْقَوْلِ ، وَمُسْتَحْسَنِ الْعَمَلِ .

وَلَا تَکِلْنی إِلی حَوْلی وَقُوَّتی دُونَ حَوْلِکَ وَقُوَّتِکَ ، وَلَا تُخْزِنی یَوْمَ تَبْعَثُنی لِلِقائِکَ ، وَلَا تَفْضَحْنی بَیْنَ یَدَیْ أَوْلِیائِکَ ، وَلَا تُنْسِنی ذِکْرَکَ ، وَلَا تُذْهِبْ عَنّی شُکْرَکَ ، بَلْ أَلْزِمْنیهِ فی أَحْوالِ السَّهْوِ عِنْدَ غَفَلاتِ الْجاهِلینَ لآلائِکَ ، وَأَوْزِعْنی أَنْ أُثْنِیَ بِما أَوْلَیْتَنیهِ ، وَأَعْتَرِفَ بِما

ص:246

أَسْدَیْتَهُ إِلَیَّ .

وَاجْعَلْ رَغْبَتی إِلَیْکَ فَوْقَ رَغْبَةِ الرّاغِبینَ ، وَحَمْدی إِیّاکَ فَوْقَ حَمْدِ الْحامِدینَ ، وَلَا تَخْذُلْنی عِنْدَ فاقَتی إِلَیْکَ ، وَلَا تُهْلِکْنی بِما أَسْدَیْتُهُ إِلَیْکَ ، وَلَا تَجْبَهْنی بِما جَبَهْتَ بِهِ الْمُعانِدینَ لَکَ ، فَإِنّی لَکَ مُسَلِّمٌ ، أَعْلَمُ أَنَّ الْحُجَّةَ لَکَ ، وَأَنَّکَ أَوْلی بِالْفَضْلِ ، وَأَعْوَدُ بِالْإحْسانِ ، وَأَهْلُ التَّقْوی ، وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ ، وَأَنَّکَ بِأَنْ تَعْفُوَ أَوْلی مِنْکَ بِأَنْ تُعاقِبَ ، وَأَنَّکَ بِأَنْ تَسْتُرَ أَقْرَبُ مِنْکَ إلی أَنْ تَشْهَرَ .

فَأَحْیِنی حَیاةً طَیِّبَةً تَنْتَظِمُ بِما أُریدُ ، وَتَبْلُغُ بی ما أُحِبُّ مِنْ حَیْثُ لَا آتی ما تَکْرَهُ ، وَلَا أَرْتَکِبُ ما نَهَیْتَ عَنْهُ ، وَأَمِتْنی مِیْتَةَ مَنْ یَسْعی نُورُهُ بَیْنَ یَدَیْهِ وَعَنْ یَمینِهِ ، وَذَلِّلْنی بَیْنَ یَدَیْکَ ، وَأَعِزَّنی عِنْدَ خَلْقِکَ ، وَضَعْنی إِذا خَلَوْتُ بِکَ ، وَارْفَعْنی بَیْنَ عِبادِکَ ، وَأَغْنِنی عَمَّنْ هُوَ غَنِیٌّ عَنّی ، وَزِدْنی إِلَیْکَ فاقَةً وَفَقْراً ، وَأَعِذْنی مِنْ شَماتَةِ الْأَعْداءِ ، وَمِنْ حُلولِ الْبَلاءِ ، وَمِنَ الذُّلِّ وَالْعَناءِ ، تَغَمَّدْنی فیما اطَّلَعْتَ عَلَیْهِ مِنّی بِما یَتَغَمَّدُ بِهِ الْقادِرُ عَلَی الْبَطْشِ لَوْلا حِلْمُهُ ، وَالْآخِذُ عَلَی الْجَریرَةِ لَوْلا أَناتُهُ .

وَإِذا أَرَدْتَ بِقَوْمٍ فِتْنَةً أَوْ سُوءاً فَنَجِّنی مِنْها لِواذاً بِکَ ، وَإِذْ لَمْ تُقِمْنی مَقامَ فَضیحةٍ فی دُنْیاکَ فَلَا تُقِمْنی مِثْلَهُ فی آخِرَتِکَ ، وَاشْفَعْ لی أَوائِلَ مِنَنِکَ بِأَواخِرها ، وَقَدیمَ فَوائِدِکَ بِحَوادِثِها .

ص:247

وَلَا تَمْدُدْ لی مَدّاً یَقْسُو مَعَهُ قَلْبی ، وَلَا تَقْرَعْنی قارِعَةً یَذْهَبُ لَها بَهائی ، وَلَا تَسُمْنی خَسیسَةً یَصْغُرُ لَها قَدْری ، وَلاَ نَقیصَةً یُجْهَلُ مِنْ أَجْلِها مَکانی ، وَلَا تَرُعْنی رَوْعَةً أُبْلِسُ بِها ، وَلَا خیفَةً أُوجِسُ دُونَها .

اجْعَلْ هَیْبَتی فی وَعیدِکَ ، وَحَذَری مِنْ إِعْذارِکَ وَإِنْذارِکَ ، وَرَهْبَتی عِنْدَ تِلاوَةِ آیاتِکَ ، وَاعْمُرْ لَیْلی بِإِیقاظی فیهِ لِعِبادَتِکَ ، وَتَفَرُّدی بِالتَّهَجُّدِ لَکَ ، وَتَجَرُّدی بِسُکُونی إِلَیْکَ ، وَإِنْزالِ حَوائِجی بِکَ ، وَمُنازَلَتی إِیَّاکَ فی فَکاکِ رَقَبَتی مِنْ نارِکَ ، وَإِجارَتی مِمّا فیهِ أَهْلُها مِنْ عَذابِکَ .

وَلَا تَذَرْنی فی طُغْیانی عامِهاً ، وَلَا فی غَمْرَتی ساهِیاً حَتّی حینٍ ، وَلَا تَجْعَلْنی عِظَةً لِمَنِ اتَّعَظَ ، وَلَا نَکالاً لِمَنِ اعْتَبَرَ ، وَلَا فِتْنَةً لِمَنْ نَظَرَ ، وَلَا تَمْکُرْ بی فیمَنْ تَمْکُرُ بِهِ ، وَلَا تَسْتَبْدِلْ بی غَیْری ، وَلَا تُغَیِّرْ لی إِسْماً ، وَلَا تُبَدِّلْ لی جِسْماً ، وَلَا تَتَّخِذْنی هُزُواً لِخَلْقِکَ ، وَلَا سُخْرِیّاً لَکَ ، وَلَا تَبَعاً إِلَّا لِمَرْضاتِکَ ، وَلَا مُمْتَهَناً إِلَّا بِالْانْتِقامِ لَکَ .

وَأَوْجِدْنی بَرْدَ عَفْوِکَ ، وَحَلَاوَةَ رَحْمَتِکَ ، وَرَوْحِکَ وَرَیْحانِکَ ، وَجَنَّةِ نَعیمِکَ ، وَأَذِقْنی طَعْمَ الْفَراغِ لِما تُحِبُّ بِسَعَةٍ مِنْ سَعَتِکَ ، وَالْاجْتِهادِ فیما یُزْلِفُ لَدَیْکَ وَعِنْدَکَ .

وَأَتْحِفْنی بِتُحْفَةٍ مِنْ تُحَفاتِکَ ، وَاجْعَلْ تِجارَتی رابِحَةً ، وَکَرَّتی غَیْرَ خاسِرَةٍ ، وَأَخِفْنی مَقامَکَ ، وَشَوِّقْنی لِقاءَکَ ، وَتُبْ عَلَیَّ تَوْبَةً نَصُوحاً

ص:248

لَا تُبْقِ مَعَها ذُنُوباً صَغیرَةً وَلَا کَبیرَةً ، وَلَا تَذَرْ مَعَها عَلانِیَةً وَلَا سَریرَةً .

وَأَنْزِعِ الْغِلَّ مِنْ صَدْری لِلْمُؤْمِنینَ ، وَأَعْطِفْ بِقَلْبی عَلَی الْخاشِعینَ ، وَکُنْ لی کَما تَکُونُ لِلصّالِحینَ ، وَحَلِّنی حِلْیَةَ الْمُتَّقینَ ، وَاجْعَلْ لی لِسانَ صِدْقٍ فی الْغابِرینَ ، وَذِکْراً نامِیاً فی الْآخِرینَ ، وَوافِ بی عَرْصَةَ الْأَوَّلینَ ، وَتَمِّمْ سُبُوغَ نِعْمَتِکَ عَلَیَّ ، وَظاهِرْ کَراماتِها لَدَیَّ ، امْلَأْ مِنْ فَوائِدِکَ یَدَیَّ ، وَسُقْ کَرائِمَ مَواهِبِکَ إِلَیَّ ، وَجاوِرْ بِیَ الْأَطْیَبینَ مِنْ أَوْلِیائِکَ فی الْجِنانِ الَّتی زَیَّنْتَها لأَصْفِیائِکَ ، وَجَلِّلْنی شَرائِفَ نِحَلِکَ فی الْمَقاماتِ الْمُعَدَّةِ لأَحِبّائِکَ .

وَاجْعَلْ لی عِنْدَکَ مَقیلاً آوی إِلَیْهِ مُطْمَئِنّاً ، وَمَثابَةً أَتَبَوَّؤُها ، وَأَقَرُّ عَیْناً ، وَلَا تُقایِسْنی بِعَظیماتِ الْجَرائِرِ ، وَلَا تُهْلِکْنی یَوْمَ تُبْلَی السَّرائِرُ ، وَأَزِلْ عَنّی کُلَّ شَکٍّ وَشُبْهَةٍ ، وَاجْعَلْ لی فی الْحَقِّ طَریقاً مِنْ کُلِّ رَحْمَةٍ ، وَأَجْزِلْ لی قِسَمَ الْمَواهِبِ مِنْ نَوالِکَ ، وَوَفِّرْ عَلَیَّ حُظُوظَ الْإِحْسانِ مِنْ إِفْضالِکَ ، وَاجْعَلْ قَلْبی واثِقاً بِما عِنْدَکَ ، وَهَمّی مُسْتَفْرَغاً لِما هُوَ لَکَ ، وَاسْتَعْمِلْنی بِما تَسْتَعْمِلُ بِهِ خالِصَتَکَ ، وَأَشْرِبْ قَلْبی عِنْدَ ذُهُولِ الْعُقولِ طاعَتَکَ .

وَاجْمَعْ لِیَ الْغِنی وَالْعَفافَ ، وَالدَّعَةَ وَالْمُعافاةَ ، وَالصِّحَّةَ وَالسَّعَةَ ، وَالطُّمَأْنینَةَ وَالْعافِیَةَ ، وَلَا تُحْبِطْ حَسَناتی بِما یَشوبُها مِنْ مَعْصِیَتِکَ ،

ص:249

وَلَا خَلَواتی بِما یَعْرِضُ لی مِنْ نَزَغاتِ فِتْنَتِکَ .

وَصُنْ وَجْهی عَنِ الطَّلَبِ إِلی أَحَدٍ مِنَ الْعالَمینَ ، وَذُبَّنی عَنِ الْتِماسِ ما عِنْدَ الْفاسِقینَ ، وَلَا تَجْعَلْنی لِلظّالِمینَ ظَهیراً ، وَلَا لَهُمْ عَلی مَحْوِ کِتابِکَ یَداً وَنَصیراً ، وَحُطْنی مِنْ حَیْثُ لَاأَعْلَمُ حِیاطَةً تَقینی بِها ، وَافْتَحْ لی أَبْوابَ تَوْبَتِکَ وَرَحْمَتِکَ وَرَأْفَتِکَ وَرِزْقِکَ الْواسِعِ ، إِنّی إِلَیْکَ مِنَ الرّاغِبینَ ، وَأَتْمِمْ لی إِنْعامَکَ ، إِنَّکَ خَیْرُ الْمُنْعِمینَ .

وَاجْعَلْ باقی عُمُری فی الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ ابْتِغاءَ وَجْهِکَ یا رَبَّ الْعالَمینَ ،

وَصَلَّی اللّهُ عَلی مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّیّبینَ الطّاهِرینَ ،

وَالسَّلامُ عَلَیْهِ وَعَلَیْهِمْ أَبَدَ الْآبِدینَ »

ص:250

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.