نظرات الی المرجعیة

اشارة

سرشناسه : حرعاملی، محمدبن حسن، ق 1104 - 1033

عنوان و نام پدیدآور : نظرات الی المرجعیه.../ بقلم العالمی

مشخصات نشر : بیروت: دار السیره، [1300].

مشخصات ظاهری : ص 175

یادداشت : عربی

موضوع : مرجعیت -- تاریخ

موضوع : مرجعیت -- مطالعات تطبیقی

موضوع : اجتهاد و تقلید

رده بندی کنگره : BP167/ح4ن6 1300ی

رده بندی دیویی : 297/31

شماره کتابشناسی ملی : م 80-22117

ص: 1

اشارة

ص: 2

مقدمة

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمد لله رب العالمین وأفضل الصلاة وأتم السلام علی سیدنا ونبینا محمد وآله الطیبین الطاهرین

الشجرة المبارکة

المرجعیة الدینیة عند الشیعة ، شجرة مبارکة ، عریقة الأصول راسخة الجذور .. أسسها الله تعالی بقوله : ( فاسألوا أهل الذکر إن کنتم لا تعلمون ) ..

وسقاها الأئمة المعصومون أهل الذکر ، صلوات الله علیهم ، بمثل قول الامام الباقر علیه السلام لأبان بن تغلب : ( أجلس فی مسجد المدینة وأفتِ الناس فإنی أحب أن أری فی شیعتی مثلک ) ( الاحتجاج : 2 / 61- وسائل الشیعة : 30 /291 ) .

وقول الامام الرضا علیه السلام لعلی بن المسیب الهمدانی وقد قال له : شقتی بعیدة ، ولست أصل إلیک فی کل وقت .. فممن

ص: 3

آخذ معالم دینی ؟ قال : ( من زکریا ابن آدم القمی المأمون علی الدین والدنیا ) ( وسائل الشیعة :27 / 148 )

فکان فقهاء المذهب معالم تلک الشجرة المبارکة بعد الأئمة الأطهار .. نَمَتْ فروعهم وامتدتْ ، وعمَّت ثمراتهم عبر العصور ابتداء بالسفراء الأبرار ، الی مراجعنا الأفذاذ الکبار ، أمثال الکلینی ، والصدوق ، والمفید ، والمرتضی ، والطوسی ، والمحقق والعلامة ، والشهیدین .. الی کل عظماء هذا الخط المبارک حتی عصرنا .. رضوان الله علی الماضین منهم ، وحفظ الله الباقین ..

شجرة الصمود فی وجه الأعاصیر

من صفات مرجعیتنا البارزة أنها تمسکت بأصالتها وقیمها ، وصمدت فی وجه الأعاصیر .. بل إذا قایسناها بالأجهزة الدینیة الأخری أمکننا القول إنها الجهاز الدینی الوحید الذی حافظ علی حیاته وحیویته من عهد الأئمة الأطهار الی عصرنا الحاضر .. واستعصی علی الإبادة والخضوع ، وقاوم أحداث الدهور ، وصروف الزمان !

ص: 4

فلو نظرنا الی جهاز الحاخامات ، لوجدناه خضع فی تاریخه وحاضره للحکام ، کما خضع لقوارین بنی اسرائیل .. حتی فقد مصداقیته عند الیهود أنفسهم .

وأضعف منه الجهاز الکنسی الذی تحمل أوزار الحکم البابوی .. فثار علیه جمهوره ، وسجنوه فی قفص الفاتیکان والکنیسة ..

أما الأجهزة الدینیة للمذاهب الأخری، من أزهر مصر وجامع الزیتونة ، وجامعة القرویین ، ومشیخات الصوفیة فی العالم الاسلامی ، ومشیخة الاسلام فی استانبول .. فنری أنها لم تصمد أمام الغزو الغربی فی مطلع هذا القرن .. وفقدت ماکانت تملک من استقلال ونفوذ ، وصارت مؤسساتها بید الحکومات .. وعلماؤها وطلبتها موظفین فی دوائرها !

أما مرجعیة الشیعة فقد قاومت وصمدت ، وأصرت علی الدفاع عن قیمها والمحافظة علی استقلالها .. ورفضت أن تحنی الهام لمستعمر ، أو تخضع لأوامر حاکم ولو کان شیعیاً ..

ووقف جمهورها مؤیداً لها متحملاً معها البأساء والضراء ، حتی خرجت منتصرة مرفوعة الرأس فی العراق وایران ولبنان ، وأینما حل الشیعة ..

ص: 5

لذا کان من حقنا أن نفتخر علی العالم بأن مرجعیتنا وجهازنا الدینی الشیعی ، هو الوحید بین الأجهزة الدینیة فی العالم ، الذی استطاع أن یحافظ علی وجوده واستقلاله عبر العصور ، وأن یواصل حیاته وفاعلیته لخیر طائفته وعامة المسلمین ، معتمداً علی صمود مراجعه وعلمائه ، وتمویل متدینی الشیعة وأبرارهم ..

حملة التشکیک والتشتیت المعاصرة

طبیعی أن لایروق لأعداء الاسلام وجود مرجعیة دینیة مستقلة عنهم .. حتی لو کانت لا تعمل لمشروع سیاسی مناهض لهم .. فکیف بهم وقد قامت مرجعیة الشیعة فی ایران بقیادة ثورة ضد حاکمهم الشاه وانتصرت علیه ..؟!

لابد أنهم قرروا الانتقام من مرجعیة الشیعة ، وبدؤوا العمل ..

إن ما نراه من حملة تشویش علی مرجعیة الشیعة ، فی مواد مطبوعة ومسموعة.. وما نلحظه من عمل لتمییعها وتشتیتها وتجزئتها .. وما نشاهده من هجوم علی قداسة المراجع وعلماء الدین عند الشیعة .. وصلت الی التشکیک فی مقامات الأئمة المعصومین وقداستهم صلوات الله علیهم ..

ص: 6

إنما هی حلقات من برنامجهم للانتقام .. ومفردات من عملهم الدؤوب لإبعاد الشیعة عن مرجعیتهم الأصیلة ، التی تمثل بحق مذهب أئمتهم الطاهرین ، فی فقهه العمیق وعقائده الناصعة .

لکن العجب الذی لاینقضی .. أن یشارک فی هذه الحملة بعض أفراد من الشیعة ، ویندفعوا فی اتجاهات تصب فی إضغاف المرجعیة الشیعیة وتشتیتها.. فتراهم یطرحون حیناً التنازل عن بعض الشروط الفقهیة فی المرجع ، وحیناً إضافة شروط جدیدة لا یقرها فقه الشیعة ، وحیناً آخر تحویل المرجعیة الی مجلس کالفاتیکان .. أو تحویل الخمس الی ضریبة حکومیة .. ویبلغ الأمر ببعضهم أن یشککوا فی أصل التقلید والرجوع الی المتخصص ویطالوا بألسنتهم جهاز المرجعیة ومعتمدیها وثقاتها .. دون أن یدرکوا من أین نبعت أفکارهم هذه .. وأین تصب !

ونظراً لأهمیة الموضوع .. اخترنا فی هذا الکتاب مناقشات جرت حول المرجعیة فی شبکات الانترنت ، لکی نسلط الضوء علی الأفکار الأصیلة والغریبة ، ونتعرف علی النظرة الصحیحة للمرجعیة ، والنظرات الخاطئة ..والله الهادی الی سواء السبیل .

کتبه : العاملی

ص: 7

ص: 8

الفصل الأول : بین مرجعیة المؤسسة ومرجعیة الشخص ..

نبدأ بمشروع المرجعیة الموضوعیة أو مرجعیة المؤسسة ، الذی تبناه الأستاذ الشهید الصدر قدس الله نفسه الی حد ما ، ثم تراجع عن کثیر من أفکاره بعد مرجعیته ، واقترب نظریاً وعملیاً من نمط مرجعیة السلف .. لکن أفکار أطروحته ما زالت تعیش فی أذهان بعض الحرکات والعلماء المعاصرین .

ص: 9

- کتب المدعو ( نقد ونظر ) فی شبکة هجر الثقافیة، بتاریخ 4-3-2000، موضوعاً بعنوان ( المرجعیة الدینیة عند الشیعة مالها وماعلیها ؟ ) ، قال فیه :

وجدت بعض المداخلات بین الأخ العاملی والعلوی حول المرجعیة فی موضوع الأخ المتمرد :

http://www.hajr.org/hajr-html/Forum3/HTML/002286.html

وأحببت أن أفرد موضوع مستقل لتتم المواصلة والنقاش فیه ، لأنه موضوع حیوی جداً ، ونریده أن یرتکز علی محاور منهجیة، وهو أفضل من الکلام الانشائی .

- فأجابه

( علی العلوی ) بتاریخ 5-3-2000 :

السلام علیکم :

ما المانع من تحویلها الی مؤسسة تتنخب مجلسها الاستفتائی حسب الکفاءة ، وتکون هناک إمکانیة للمحاسبة والنظر فی الشکاوی التی ترتبط بالمؤسسة . وتکون هناک آلیة للتغییر والتبدیل ،ومجلس استفتائی ، ولا یکون الأشخاص المفتین هناک طوال الحیاة ، بل لا بد من التغییر کل مثلاً ثمان سنین یتبدل المجلس الاستفتائی .

ص: 10

علی المؤسسة أن تستفید من التخصصات الحدیثة من مدققی حسابات ومحاسبین ومستثمرین ، وعلماء فی الطبیعیة والکیمیاء والصناعة ، ولا بد أن تتعاون مع الجامعات من حیث الاستشاریین فی الأمور العلمیة وما شابه .

أنا هنا أحلم .. علَّ هذا الحلم یتحول حقیقة .

- فأجابه

العاملی بتاریخ 6-3-2000:

شکراً لک أیها الأخ علی فتح هذا الموضوع هنا.. فقد تطرق إلیه بعض الأخوة فی ساحة الحوار المعاصر فی موضوع حکم الغناء ، وأجبتهم بشکل مختصر .. وأعید ما یتعلق بالموضوع من الواحة المعاصرة ، فقد کتب الأخ (القلم الساخر ) قائلاً : یذکرنی موضوعک ، ومداخلات ضیوفک المحترمین ، بموضوع سبق بحثه فی بیزنطة قبل أکثر من خمسمائة سنة. کان محمد الفاتح السلطان العثمانی یحاصر بجیوشه بیزنطه ، عاصمة الامبراطوریة الرومانیة الشرقیة ، فیما کان کهنتها منشغلین فی جدل حول (( جنس الملائکة )) وهل هم ذکور أو إناث أو یجمعون الصفتین ؟ فذهب موقفهم هذا مثلاً وقالت العامة : جدل بیزنطی !

ص: 11

تتحدثون عن تحلیل الغناء أو تحریمه ، فی الوقت الذی تعلمون جمیعاً أنه لم یبق فی العالم کله منزل وأحد لا یترنم أهله بأغنیة ، علی أی شاکلة کانت !

وتحاولون عبثاً أن تستنطقوا الآیات والأحادیث حول هذا الموضوع ، متجاهلین حقیقة ثابتة وهی أنه من الظلم للإسلام والمسلمین محاولة البعض فهم هذه الآیات والأحادیث وتفسیرها منفصلة عن سیاقها التاریخانی !

یفهمن أحد من " الکهنة " ، الذین نصبوا من أنفسهم حماة للأصنام ، إنی أشکک فی کون الإسلام دیناً صالحاً لکل زمان ومکان . لا ! بل سأشکک ، وإلی أبد الآبدین ، فی مقدرة مفسر من القرون الوسطی ، وفی ظروف الترغیب أو الترهیب التی فرضتها الأوضاع السیاسیة وقتئذ ، أن یفهم عصرنا الذی نعیش فیه ویفتی له ! مثل هؤلاء لم یبدأ الإسلام بهم ولم ینته عند حدود معارفهم .. وحاشی أن یکون !

نحن الیوم نحتاج إلی "مؤسسات" إفتاء لا الی " مفتی " فرد منفرد تقف حدود الکون عند حدود علاقته بسلطة ما أو جماعة ماأو رغبة ما فی الأنتقام من ماض لن یعود ! وتقف حدود

ص: 12

معارفه عند حدود قدرته علی عدم الوقوع علی الأرض بسبب دورانها !

مؤسسات بما فی هذه الکلمة من معنی ، تضم آلاف الاختصاصیین فی جمیع العلوم الدینیة والانسانیة المتخصصة منها ، فی جمیع المعارف النظریة والمادیة.. والله أعلم !

- وکتب علی العلوی :

السلام علیکم أخی القلم الساخر :

إنک أصبت کبد المأساة ، وهی غیاب الحالة المؤسساتیة من حیاة المسلمین فی معظم شؤونهم . وإن أهم شأن یمس حیاة کل مسلم هو الفقه ، فلا بد لنا من مؤسسة قائمة علی متخصصین فی کل العلوم ولیس الشرعیة فقط .

أو یکون لهذه المؤسسة الافتائیة مستشارین من الجامعات ، لکی تکون فتاوی تلک المؤسسة مستوعبة للواقع . وقد کان هناک فی الستینات جدل فی ایران حول المرجعیة وتحویلها الی مؤسسة ، وکان للدکتور الشیخ مرتضی المطهری دور بارز فی هذا الموضوع .

ص: 13

فمتی یتحقق هذا الحلم حتی نتجاوز الأشخاص ومرحلة الفرد لمرحلة المؤسسة ، فکل شئ فی العالم المتطور یتجه من الحالة الفردیة الی الحالة المؤسساتیة .

- وکتب العاملی :

المرجعیة الشیعیة الآن ، مؤسسة عالمیة مستقلة حرة ، ونظامها راسخ فی فقه الشیعة وقلوبهم .. فبمجرد أن یتوفی المرجع یتجه الشیعة فی العالم الی فقهائهم أهل الخبرة ، لمعرفة أعلم الفقهاء الموجودین ، ویرجعون الیه بشکل طبیعی ، ویأخذ منه الوکلاء فی بلاد الشیعة وکالاتهم .. وتنتظم دورة الاستفتاءات ودفع الحقوق الشرعیة وصرفها .. یتم ذلک باختیار طبیعی حر ، دون أن یکون سلطة لهذا الحاکم أو ذاک ، ولهذه المخابرات أو تلک ..

أما إذا صارت المرجعیة الشیعیة مؤسسة ومرکزها فی بلد ما ، فقد جعلناها بید حاکم ذلک البلد ! ثم تعمل المخابرات الأمریکیة والموساد لتعیین مرجع یخضع لسیاساتها ! ولنا فی الفاتیکان عبرة !!

- وکتب

علی العلوی :

السلام علیکم أخی العاملی :

ص: 14

أنا أختلف معک فی أن المرجعیة ، عندنا مازلت فی حالتها الفردیة واعتمادنا علی فرد ، وإذا مات تحولت حالة الانتقال الی حالة من اللخبطة ، وهذا أحدی المشاکل المرتبطة بکون الحالة فردیة .

نعم هناک مرجعیة قویة لا یوجد مثیل لها بین المسلمین ، عندنا نحن المسلمین الشیعة ، ولکن مازالت الحالة فردیة معتمدة علی فرد . مشاکل کثیرة ترتبط بفردیة المرجعیة .

کلامک عن تغلغل الموساد والآسی أی ایه ، لا محل له ، فالموضوع أشد خطورة فیما لواستطاعت المخابرات استمالة الفرد المتصدی للمرجعیة . أما فی حالة المؤسسة فبإمکان المؤسسة أن تحذف أی بذرة سیئة ، وبوجود نظام محاسبة وآلیة قویة للمراقبة ولاتخاذ القرارات ، ولاختیار المجلس الافتائی ، فلا یمکن لمخابرات أن تستمیل مؤسسة بکاملها بل تستطیع أن تستمیل شخص وأحد .

کلامک عن تسلط الدولة علی المرجعیة ، إسمح لی ، الآن لنا نظام لم یستطع حتی صدام المجرم من أن یتدخل فیها کمؤسسة فردیة ، فکیف بها وهی مؤسسة جماعیة. ونحن الآن عندنا

ص: 15

جمهوریة اسلامیة فی ایران ، ولا تتدخل فی شئون المؤسسة المرجعیة الفردیة ، بل هی من تتدخل فی شؤون الدولة .

نحن الآن الفرصة مواتیة لنا أن نخلق مثل هذا الحلم الذی طالما حلمت به أمتنا . نرید مؤسسة مرجعیة ومجلس استفتائی منتخب من المؤسسة حسب التأهیل العلمی ، ویمکن محاسبة هذه المؤسسة ومراقبة تصرفاتها من قبل المؤسسة نفسها، بعیداً عن سلطة الدولة.

وإذا کانت هناک نیة واقتناع بالفکرة ، فبالامکان تطبیقها .

- وکتب

الخزاعی :

الأخوة جمیعاً ، السلام علیکم :

الحمدلله فقد تحول موضوع حلیة الغناء وحرمته، الی موضوع المرجعیة المؤسسة.. حرمة الغناء مسألة فقهیة یتفق جمیع علماء المسلمین علیحرمته. ویختلفون فی التفاصیل والمصادیق ، وواجبنا أن یتبع أحدنا المرجع الذی یقلده ، أو المذهب الذی یتبعه .

المرجعیة المؤسسة موضوع جید وجدیر بالمناقشة ، ولکنی لا أری مکانه هنا، وربما الأنسب أن یکون فی واحة أهل البیت (ع) وحتی لا نصادر الموضوع ( الغناء ) من صاحبه ، نأمل من الأخ العلوی أو الأخ العاملی أن ینطلق بنا فی موضوع مستقل حول

ص: 16

مؤسسة المرجعیة ،الایجاب والسلبیة ،حتی نشارک معهم فی جدیة. انتهی .

- ونقل

العاملی الموضوع الی واحة أهل البیت علیهم السلام ، وکتب :

طبعاً کلام الأخ الساخر .. ساخر جداً .. فقد أعطی لنفسه حق الفتوی وکأنه خبیر فی الشریعة والقرآن والسنة .. وأفتی بأن حلیة الغناء أمر بدیهی لأنه أمر واقع ! ثم أفتی بأن اللازم لنا فتوی مؤسسة ، ولیس فتوی فرد ! وأیده الأخ العلوی کلیاً ، والأخ الخزاعی إجمالاً ..

والجواب عن هذه الأفکار أنها ترید التحدیث ، ولکنها حاضرة لأن تدفع ثمنه الأصالة ، أی کل شئ !!

أولاً ، لیس عندنا حجة شرعیة لفتوی اللجان ، بل الشرعیة لفتوی الأعلم الجامع للشروط !!

وثانیاً ، لم یدرس هؤلاء الشباب ما جری ویجری للکنیسة ، أکبر مؤسسة قیادیة وفتوائیة فی العالم ..فهم یتصورون أن من السهل تکوین مؤسسة مرجعیة شیعیة ، وحفظها من تدخل

ص: 17

الدول والمخابرات الدولیة لتفریغها من مضمونها .. وکأنهم لا یعرفون أن الکرادلة المرشحین للمرجعیة المسیحیة فیهم من کل البلاد حتی الافریقیة ، وأن البابا ینتخب مفصلاً علی الطلب !!

وثالثاً ، الاقتراح والمشروع المعلق فی الهواء یعنی عدم إمکانیة التنفیذ ، أو عدم القابلیة للتنفیذ ..فما هی الخطوة الأولی ، أیها المقترحون ؟

- فکتب

قاسم جبر الله بتاریخ 06-03-2000 :

فی الحقیقة لقد شدتنی هذه العبارة القصیرة وهی : ( فأولاً ، لیس عندنا حجة شرعیة لفتوی اللجان ، بل الشرعیة لفتوی الأعلم الجامع للشروط ) .

هذه العبارة بحاجة الی تأمل جیداً .. فلیست مسألة التقلید مسألة فنیة .. أو مسألة إداریة .. أو مسألة مؤسساتیة . صاحب الفتوی لا بد وأن تتوفر فیه شروط الحجة ...وهذه الشروط لم تأت اعتباطاً بل بعد بحث وتدقیق وأخذ ورد ودراسة معمقة تخصصیة ، وسنین مترامیة للوصول الی ما یبرئ الذمة ( ذمة العباد المکلفین أمام الله ) فتطبیق الشروط هذه من أعلمیة وغیرها ، لا تتسنی

لاختیار إنسان عادی مهما کان نوعه ، الا أن یکون من

ص: 18

أهل الخبرة لیقوم بدور الدلیل والمرشد لمن هو المبرئ للذمة فی تقلیده .

نعم ، فکرة المؤسسة لبیت المال لها وجه ، بحیث تعرض علی الفقیه المقلد والفقهاء المقلدون بفتح اللام المشددة ، وتعرض علیهم إیجابیاتها ، لیفتوا علی اثرها بجواز تسلیم الأخماس والزکوات والأموال الحسبیة الیها .

ولکن هل من أحد یقوم بهذا ؟!

- فکتب

الخزاعی بتاریخ 06-03-2000 :

الأخوة جمیعاً ، السلام علیکم ورحمة الله وبرکاته :

شکراً للأخ نقد ونظر علی طرح الموضوع هنا .

وأعتذر عن التأخیر الاضطراری .

أولاً وقبل کل شئ ، لیس المقصود بالمرجعیة المؤسسة هی محاولة لابعاد الأعلم عن ساحة الافتاء ، ولا المقصود إدخال من لیس أهلاً للفتوی فی هذه المؤسسة. بل المراد هو النهوض بالمرجعیة الدینیة المبارکة من الحالة الفردیة المعهودة الی المرجعیة المؤسسة ، والتی تبدو من نظرة أولیة أجدر بتلبیة حاجات وأهداف الجسم الشیعی والاسلامی علی المستویات الدینیة

ص: 19

والسیاسیة والاقتصادیة والاجتماعیة ، وتکون بمثابة البیت المرجعی . وهی لیست دعوة لتقلید ( المؤسسة ) بدل الفرد ، بل علی المقلد أن یتبع مرجعه فی أمور وأن یتبع المؤسسة فی أمور أخری ( تحددها المؤسسة المرجعیة ) . ومثال علی ذلک نرجع الی مقلدنا فی أمور الصلاة والصوم والخمس والحج .. فی حین نرجع فی الأمور السیاسیة والموقف من الدولة وأیام الأعیاد الی المؤسسة.

ومسألة الأعلمیة هی أیضاً من المسائل الخلافیة یراها بعض دون الآخر . وقلما اتفق الجمیع علی مرجع أوحد ، وقد تکون مرجعیة السید الخوئی ( رض ) أوضح مصداق فی مجال الأعلمیة، ولکننا نجد من کان ( من العلماء ) من یقول بأعلمیة السید الخمینی ( رض ) وآخر من یقول بأعلمیة السید محمد باقر الصدر (رض) .

وأوضح مصداق لصعوبة تحدید الأعلم هو عصرنا هذا ، وکدلیل علی صحة قولی هو هذا التوزیع المتنوع من المکلفین فی تقلیدهم للمراجع العظام ( حفظهم الله ) فنجد فی العراق عدة مراجع یقلدهم الشیعة من العراق والخلیج وایران ومن جمیع انحاء العالم . ونجد عدداً کبیراً من المراجع العظام فی ایران ویقلدهم کذلک شیعة من کل أنحاء العالم ، وهکذا الحال فی باکستان

ص: 20

وایران ولبنان. فهل یمکن مثلاً : أن یجتمع المراجع العشرة الأوائل ( بحسب نسبة انتشار التقلید لهم ) لیکونوا مؤسسة مرجعیة . ثم یرشح کل مرجع اثنان من أکفأ وکلائه ، لنحصل علی عشرین وکیلاً کفوءاً یتوزعون علی لجان ( مالیة - تبلغیة – علمیة ( مدارس ) - شؤون اجتماعیة - إعلامیة ..... ) .

وإذا رحل مرجع ما الی ربه ، یکون کل شئ محفوظاً فی المرجعیة المؤسسة ، وتکون الحقوق مصانة الی أبعد قدر ممکن ومصروفة فی محلها ، وفی مقدمته إغناء الفقراء ، والتی هی أساس تشریع الحقوق . وباعتقادی القاصر ، لو تحقق هذا لما بقی فقیر شیعی ، وقد یتعدی الأمر الی غیر الشیعة من المسلمین .

فی ظل هذه المؤسسة سیحصد التبلیغ ثماراً سریعة لأهدافه فی تبلیغ علوم أهل البیت ، وما احتاج أکثر المبلغین لتلبیة رغبات العامة ( من نوع الأطوار والاقتصار علی موضوع معین وما شابه ذلک ) لأن المفروض فی المؤسسة أن تعین للمنطقة المبلغ أو الخطیب حسب الکفاءة ونوع المتلقی ، وأن تصرف المؤسسة الحقوق الکافیة للمبلغین ، فیکون المبلغ والخطیب وامام الجامع فی هذه الحالة یعمل وفق الأهداف المرسومة من المؤسسة المتفق علیها من المراجع العظام .

ص: 21

وفی الجانب الحقوقی أیضاً ، سیکون حال طلبة العلوم الدینیة فی ظل المؤسسة أحسن بکثیر مما هو علیه الأن ، إذ نجد الأن أکثر الطلبة یعملون من أجل تأمین أبسط حالات المعیشة لعوائلهم ، مما یؤثر سلباً علی الأبداًع العلمی لدیهم وهو واقع معاش الیوم .

وأهم من هذا کله ، سوف لا یکون هناک مجال واسع الأصحاب الطموحات الذاتیة ( وأقصد من غیر العلماء بل الذین یستفیدون من حالات المعارف والمحسوبیة ) .

وفی عصر المرجعیة المؤسسة یکون تفاعل أبناء الأمة أکثر حضوراً ، وخاصة فی المواقف السیاسیة والمواقف من الدولة ، ومن بعض الأحداث الاسلامیة ، حیث لا ینتظر کل مکلف رأی مرجعه ، بل یعود هنا الی الرأی المؤسسی ، والذی یخرج موحداً فی حال المؤسسة ، ومتضارباً فی بعض الأحیان فی حال الفرد .

وأطیر فی هذه القضیة کثیراً حیث أطمح أن تکون للمرجعیة المؤسسة اذاعة خاصة بها تنفذ برامجه ، وهنا یأتی دور الاستشاریین من المتخصصین فی المجالات السیاسیة والاعلامیة ، والمسائل المستحدثة فی العلم الحدیث .

وللحدیث بقیة ، وتقبلوا خالص التحیات .

ص: 22

- فأجابه قاسم جبر الله تاریخ 06-03-2000 :

الأخوة الکرام ، والأخ الفاضل الأستاذ الخزاعی :

الرجوع الی الفقیه الفرد والمرجع الواحد لیس فقط فی أبواب الصلاة والصیام والصوم ، فهذا التحدید یحتاج الی دلیل أیضاً .. وهذا اشتباه یقع فیه الکثیر ، ونقع فیه بین فترة وأخری .... الرجوع الی الفقیه والمرجع فی کل الأمور وبلا استثناء ، فکل المواقف الاجتماعیة أو السیاسیة لا یخرج حالها عن الأحکام الخمسة ، التی لا یستطیع أحد أن یحکم بها غیر الفقیه ، والمرجع الدینی المتخصص ، والقادر علی استنباط الأحکام ....

لسنا بحاجة الی مرجعیة سیاسیة بمعنی الالتزام بها علی نحو الالتزام بالفتوی التی یصل الیها الفقیه ، حیث لا دلیل علی حجیة مثل هذه المؤسسة الا من باب الرجوع الی أهل الخبرة فی تشخیص الموضوعات .. نعم اللجان السیاسیة مثلها مثل أهل الخبرة وأهل التشخیص فی تخصصهم ، الذی لا یتعدی تشخیص الموضوع الذی یحتاج الی تطبیق الحکم علیه .. والذی یقوم بدور اصدار الحکم علی هذا الموضوع هو الفقیه لاغیر ، هذا هو القدر المتیقن لبرائة الذمة ...وینبغی علینا ونحن نطرح مثل هذه

ص: 23

الاقتراحات المهمة أن لا تغیب علینا الأمور الأخری حتی لاتتداخل فیما بینها ...

فمرجعیة سیاسیة بمعنی أنها تعطی لنا السبل وتصدر الأحکام کالوجوب فی خصوص القضایا السیاسیة ، هذا أمر فیه من الشبهة مما لا یخفی .... بل لا بد من ترتیب العمل بین هذه اللجان وبین الفقیه والمرجع ، وهو عادة لا یتشخص فی فرد واحد ، بل الفقهاء المراجع عدیدون وکثیرون عادة .

- فأجابه الخزاعی بتاریخ 06-03-2000 :

الأخ العزیز جبر الله المحترم ، السلام علیکم :

لم أقصد بالرجوع فی غیر الصلاة والصوم و . . . الی المؤسسة ( لم أقصد الی لجان المؤسسة ) بل الرجوع الی المرجع المقلد أیضاً إذ افترضنا وجود مجموعة المراجع العظام ، والفتوی أو الحکم الصادر من المؤسسة هو رأیهم فی المسألة سواء أجمعوا علیه أم لا ،إذ المهم کون الرأی موحد هنا . وأعتقد أن التباساً ما قد حصل فی فهم ردی السابق . وللتوضیح أقول : اللجان المفروضة تلعب دور المنفذ لبرامج وأهداف المؤسسة المرجعیة لا غیر ، وثمة توضیح أکثر وهو یمکن ( بل لا بد منه ) أن یکون الولی الفقیه

ص: 24

أحد أعضاء المؤسسة المرجعیة إضافة الی تصدیه الی الأمور السیاسیة فی الدولة . المؤسسة المفترضة لیس مرجعیة سیاسیة لتکون بدیلاً عن الولی الفقیه . غایة الأمر هو الأنتقال من حالة الفردیة الی حال الجماعة .

ولاشک أن الرجوع للفقیه المرجع فی کل الأمور وبلا استثناء، وعندما ضربنا مثلاً بالرجوع فی بعض الأمور الی المؤسسة ، إنما الرجوع الی الفتوی التی تصدر من المرجعیة المؤسسة ، والتی اشترک فی الافتاء بها کل المراجع العظام أو أکثرهم ، وخاصة الأمور المستحدثة والمواقف ، یطرح الموضوع علی طاولة المراجع وتتم مداولة ومناقشة الأدلة فیما بینهم لیصدروا لنا رأیاً یمثلهم ویبرئ ذممنا .

وقد ذکرت أن المؤسسة المرجعیة هم المراجع العظام ، الذین یقلدهم الناس الأن ، فهم أصحاب الفتوی وهم المتخصصین والقادرین (کذا) علی استنباط الحکم الشرعی . مع تحیاتی لکم.

- فکتب قاسم جبر الله بتاریخ 06-03-2000 :

الأخ العزیز الأستاذ الخزاعی :

ص: 25

أنا أقصد من کل ما تقدم هو عدم امکانیة هذه المؤسسة فنیاً، بالفن العلمی الفقهی والأصولی ، لأن هذا المجلس الفروض فیه لا تتعدی فرضین حسب تقدیری ...

الأول منها : أن یکون أحد افراد المؤسسة هو الأعلم ، وعلیه لا یجوز الرجوع الا الی رأیه ، هذا علی القول بالأعلمیة فتذهب بذلک ثمرة المؤسسة . .

الثانی منها : أن یکونوا جمیعاً متساوین فی الأعلمیة ، وهنا اما ان یتفقوا جمیعاً فی الرأی وهذا بعید جداً فیتبع رأیهم ...وإما أن یختلفوا الی قسمین فی الرأی ، وهنا لا أحد یقول الأخذ بالرأی الأکثر شرعاً ، وفی هذه الحالة یجوز الأخذ بأی رأی . وهذا فیه انقسام للامة وذهاب الثمرة أیضاً من المؤسسة . وإما أن یختلفوا علی مستوی فردی وکل یخرج برأی فتتعدد الآراء ، فترجیح أحدها علی نحو الالزام ل امبرر له ولا مرجح ، وهنا أیضاً یحق لای أحد الأخذ بالرأی الذی یختاره ، والمتوقف بالأختیار للمرجع مسبقاً . . . . . هذا مع العلم أنه لا یحق لأی أحد منهم الرجوع الی رأی الآخر ، إذا کان له رأی حاضر فلایجوز له الاالتعبد بالرأی الذی استنبطه هو . فلا یقال یتفقون علی الرأی الغالب بینهم ... والسلام .

ص: 26

- وکتب الخزاعی بتاریخ 06-03-2000 :

صحیح جداً ما تفضلتم به . ولکن هناک من الآراء الکثیرة ، لا نرید بها معنی الفتوی ، فاتخاذ المواقف فی بعض الأحداث کالتأیید والشجب قد لا تأتی علی نحو الفتوی . وبما أنی أراکم تصرون علی عدم نجاح المؤسسة فی مجال الافتاء ، لندع هذا المحور جانبا الأن ، وقد نعود الیه .

وهل عدم الامکان یشمل عمل المؤسسة فی الجانب المالی ؟ فالمکلف یوصل الحقوق الی مرجعه والثانی بدوره یحولها الی المؤسسة بعد أن فرضنا أن له من یمثله فی هذه اللجنة أو تلک . وفرضنا أیضاً أن المراجع العظام قد اتفقوا ووضعوا برنامج صرف الأموال .

ثم ما رأیکم فی الجانب التبلیغی ، ولا أری ما أتی فی الفتوی یأتی هنا . أما تری أن المرجعیة المؤسسة بتنظیمها برامج تبلیغیة تختزل خطوات وخطوات فی جوانب المال والوقت وقطف ثمار تبلیغ علوم أهل البیت ، التی هی علوم الاسلام .

ص: 27

ثم الجانب الاجتماعی لا یرد فیه ما ورد فی الافتاء ، وهو مرتبط ارتباطاً وثیقاً بالجانب المالی من رعایة شؤون الفقراء والمحرومین والایتام .. ( وکاد الفقر أن یکون کفراً ) .

ونری کثیراً من الحالات هدراً للأموال ( ولیس السبب فی ذلک المراجع العظام قطعاً ) وفی موارد الحلال کالحج .. وهذا الواقع یحکی سفر سنویاً لبیت الله الحرام . خذ علی الأقل عدد من یذهب الی الحج ممثلین للمکاتب عن 15 مرجعا فیکون المجموع 200 علی الأقل (مجرد مثال) لیضرب فی 2.000 دولار للشخص الواحد فیکون 30.000 دولار سنویاً ، ونضربه فی عشرین سنة فیکون 600.000 دولار ، ونتخیل ما مقدار هذا الرقم علی مر السنین ، وکم نشبع ونکسی ونعلم من فقراء آل محمد ( ص ) فی هذه الأموال ؟!

أنا لا أقول بعدم صحةما یقومون به مما یؤدی الی صرف هذه الأموال ، فهو عمل ملازم للعمل الفردی . لکن یمکن توفیر90% منه اذا ولدت المؤسسة المفترضة . وهکذا فی الجوانب الأخری کالاعلام المسموع والمرئی والمقروء .

محاور أخری سأترکها لفرصة أخری إن شاء الله.

ص: 28

ولکم خالص الدعاء بالتوفیق .

- وکتب علی العلوی بتاریخ 06-03-2000 :

الأخ العاملی العزیز :

أنا وافقت مع القلم الساخر حول تحدیده للمشکلة ، وهی تحویل الفرد المفتی الی مؤسسة استفتائیة ، ولم أوافقه فی کل شئ. فقد عقبت علی کلامک حول الأختصاص بالتأکید علیه ، وانه لابد من الاختصاص للفتوی مثل الطب لا بد له من التخصص وغیره من العلوم .

فقط أحببت أن أبین أننی لم اوافق القلم الساخر 100% ، وهذا ما کتبته فی التعقیب بعد تعقیب الأخ العاملی .

- ثم کتب علی العلوی بتاریخ 02-03-2000 :

السلام علیکم إخوتی :

الظاهر أن المنحنی أخذ فی التشدد ، فهناک أغانی ومغنین واطیین ، ولکم مثال انوشکا وأمثالها ، ولکن هناک فن محترم ، ولا یتعارض مع الاسلام فلم نرکز علی الفن المنحط ، وننسی الفن المؤدب والمحترم والذی لا یحرمه الاسلام ( اعتماداً علی بعض الفقهاء ) .

ص: 29

أشکر الأخ العاملی : حول قضیة الفتوی نعم هناک متخصصون ، ولا بد من التخصص للافتاء ، ولابد للمتخصص أن یعایش الواقع والناس .

- وکتب

قاسم جبرالله بتاریخ 06-03-2000 :

الأخ المحترم الأستاذ الخزاعی :

إذا اتفقنا ، وقد قلت فی مداخلتی ما یتوافق مع فکرتک الأخیره هذه وعبارتی بالنص ( نعم فکرة المؤسسة لبیت المال لها وجه بحیث تعرض علی الفقیه المقلد والفقهاء المقلدون -بفتح اللام المشددة - وتعرض علیهم ایجابیاتها لیفتوا علی أثرها بجواز تسلیم الأخماس والزکوات والأموال الحسبیة الیها . ولکن هل من أحد یقوم بهذا ؟؟!!) وإلا فأموال بیت المال الاسلامی فی خطر وضیاع... بإرث أو غیره من حسبیات تحددهها المحاباة . والسلام علیکم.

- وکتب العاملی بتاریخ 07-03-2000 :

أشکر الأخوة الاعزاء علی مشارکتهم :

الأخ نقد ونظر ، والعلوی ، وجبرالله ، والخزاعی ..

ص: 30

وقد اتضح موقفک أیها الأخ العلوی ، وأنک تؤید فتوی المتخصص ولیس فتوی المؤسسة .. فمعذرة وشکراً .

یمکن أن نجمع الموضوع الی هنا بما یلی :

1- المطروح من الأخ الخزاعی هو ( مؤسسة تعاون المراجع ) الکبار الذین یرجع الیهم الشیعة فی العالم . وهذا التعاون یتصور فی المجال المالی بوضع نظام للحقوق الشرعیة ، وفی مجال الحوزات والتبلیغ والتوعیة ، وفی المجالات الأخری الاجتماعیة والسیاسیة.. وهو أمر حسن ، لکنه غیر تحویل المرجعیة الی مؤسسة فاقتراحه أشبه بالاتحاد الفیدرالی بین المراجع الذین هم کبار فقهاء الشیعة..

2- المطروح من الأخ قاسم جبرالله أن الفقه الاسلامی ( الشیعی والسنی ) یعطی لشخصیة اللجان والمؤسسات صفة المشاور فقط، ویبقی العزم والقرار مختصاً ب- ( الشخص ) الامام الخلیفة ، الحاکم ، القاضی ، المرجع ، المفتی .. وقد تربی المسلمون علی هذا النمط ، فلذلک تراهم ینظرون الی الحزب من خلال الشخص ، فهو الذی یعطی قیمة لحزبه ، حتی لو کان العکس صحیحاً .. وینظرون الی اللجنة بصفة الشخص المؤثر فیها.. فالمسألة المهمة شرعاً وعرفاً هی : شخصیة رئیس الهیئة الذی یؤثر

ص: 31

علی القرار ، ولیس نفس الهئیة ونظامها .. فالأخ قاسم یقول إن الفقه الاسلامی لا یسمح لنا أن نجعل المؤسسة مکان الشخص ..

3- رأی داعیکم ، ویتلخص بما یلی :

أولاً ، الموافقة علی السبب الذی ذکره الأخ قاسم جبرالله ، وهو أن الاسلام والفقه الاسلامی قد تبنی الشوری کصیغة مساعدة ، ولم یتبنها کصیغة عمل .

ثانیاً ، أن الهیئة الجماعیة أثبتت فشلها کصیغة عمل.. فکل شوری أو لجنة أومؤسسة ، تراها ناجحة ، فمعناه أنه یوجد فیها شخص قوی یستطیع أن یقنع الاعضاء أو یستعمرهم .. وإلا.. فهی فاشلة !!

ثالثاً ، أن المرجعیة الشیعیة کانت ویجب أن تبقی حالة شعبیة الی ظهور الامام المهدی علیه السلام.. وکل صیغة تمرکز فی هیئة ( مادیة ) للقرار المرجعی الشعبی یحمل خطر تدخل الدول والمخابرات الدولیة ..

وهذا الموضوع یشبه تحویل حالة الوعی الاسلامی فی مجتمع ، من حالة شعبیة مسجدیة متعددة الأنشطة .. الی حالة حزب متمرکز النشاط !!

ص: 32

رابعاً ، أن إمکانیة التعدد فی المرجعیة ضرورة ، وقد خطط لها الفقه الاسلامی ، وأسسها الأئمة علیهم السلام ! ولا یعنی ذلک ترجیح التعدد ، بل یعنی خطورة الحصر فی مؤسسة أو أشخاص.. فالمجال أمام المتدین یجب أن یبقی مفتوحاً لیرجع الی من یعتقد أعلمیته وجامعیته للشروط ، سواء کان ضمن مؤسسة ، أو خارجها .. ولا یجوز مصادرة حقه وحریته .

خامساً ، أن طرح مرجعیة المؤسسة نظری محض ، فحتی أولئک الذین کانوا یتصورون صحته ، وصلوا الی عدم إمکان تطبیقه عملیاً ، مثل الشهید الصدر رحمه الله .. فعلی الذین یطرحونه أن یقدموا الخطوة الأولی العملیة له .

سادساً ، إن استفادة المرجعیة من اللجان المتخصصة فی مجالات الاستنباط الفقهی ، والمجالات العملیة المختلفة.. أمر آخر، ولیس هو موضوعنا..

سابعاً ، التعاون بین المراجع الکبار فی المجالات المختلفة ، ابتداء من التنسیق ووصولاً الی الوحدة العملیه . أمر آخر ، ولیس هو موضوعنا أیضاً .

- فکتب

علی العلوی بتاریخ 07-03-2000 :

ص: 33

أخی العاملی العزیز :

أنا فی تصوری أؤید فتوی المؤسسة المتخصصة ، وأتمنی أن تستطیع مرجعیتنا من تجاوز الحالة الفردیة الی الحالة المؤسساتیة القائمة علی الکفائة العملیة الفقهیة . أی أنی أری المزاوجة بین الحالة المؤسساتیة والحالة التخصصیة .

- وکتب علاء الدین بتاریخ 07-03-2000 :

الأخ المحترم العلوی: کیف یمکن المزاوجة بین الحالة المؤسساتیة والحالة التخصصیة ؟ أعطنی مثالاً واقعیاً علی ذلک .

الشیخ العاملی : أشکرک علی هذا الطرح الرائع الواعی ، وکثر الله أمثالک فی خدمة الدین .

- وکتب

الراصد بتاریخ 07-03-2000 :

الأخوه الکرام ، السلام علیکم ورحمة الله .

من خلال متابعتی لهذا الموضوع وکان عنوانه " المرجعیه الدینیه عند الشیعه مالها وما علیها " لم أر تعقیباً واحداً علی هذا الموضوع ، وإنما أخذ طابع الحوار یتحول شیئاً فشیئاً الی موضوع جزئی من الموضوع العام ، الذی کتب حول المرجعیه مالها وما علیها ، وبما أن الحدیث یتمحور حول تحرک المرجعیه من خلال

ص: 34

عمل المؤسسات ، نحاول أن نسلط الضوء علی بعض آراء الفقهاء الذین یتحرکون لتفعیل هذا المشروع لکی نکون فی الصوره أولاً، ونتعرف علی کثیر من النقاط المبهمه ، أو تکون خافیه علینا ثانیاً .

ومن جملة هذه الآراء هو رأی سماحة آیة الله فضل الله ، حیث یحدد لنا من خلال التعرف علی رأیه منهجیة العمل لمؤسسة المرجعیه یقوم علی أساس دائرتین رئیسیتن :

الأولی : إبعاد المرجعیة عن الصفة الشخصیة ، فلا تکون معبّرة عن الوجود الشخصی لمرجع معین ، بحیث تموت بموته ، وتأخذ خصوصیاته الفردیة . إن فی ذلک ضیاعاً لجهود کبیرة وعطاءات متمیّزة ، قام بها المراجع فی فترات مختلفة .. هذا فضلاً عن تمیز المرجعیة بغلبة الصفة الفردیة ، علی الصعید النظری وتجزیئتها علی صعید الواقع التطبیقی .

وعلیه یکون وفق هذه الرؤیة العمل علی إنهاء هذه الحالة الفردیة للمرجعیة وجعلها مؤسسة متکاملة موحّدة لا تعیش الفواصل فی شخصیات المراجع ، ولا یتحدّد امتدادها الزمنی بحیاة المرجع .. إنّما تمثلّ حالة ثابتة لها مقّومات الاستمرار علی خط

ص: 35

استراتیجی واضح ، حتی مع تغیّر المراجع وتعاقب أدوارهم الحیاتیة ، بحیث یقول سماحته بهذا الصدد :

" أن تکون المرجعیة مؤسسة بحیث أنّ المرجع عندما یأتی ، یأتی إلی مؤسسة تختزن تجارب المراجع السابقین ، بحیث تکون کلّ الوثائق التی تمثّل علاقات المرجع بالعالم وتجاربها ، وخصوصیات القضایا التی عالجتها حتی فی مسألة الاستفتاءات والأسئلة والأجوبة ، متوفرة للمرجع الجدید الذی یجد کلّ هذه التجارب جاهزة فی مؤسسة المرجعیة لیبدأ من حیث انتهی المرجع السابق لا لیبدأ بعیداً عن کل التجارب السابقة " .

الدائرة الثانیة : أن تتخلّی المرجعیة عن حالتها التقلیدیة ، فی المیل إلی الوسط الحوزوی بعیداً عن الاهتمامات العامة فی حیاة المسلمین وفی الواقع الدولی بشکل عام . وعلی هذا فإن الاهتمام المرجعی یجب أن یتسع بسعة القضایا التی تتصل بالإسلام والمسلمین ، ممّا یعنی أن ترصد المرجعیة مجمل الأحداث والتحرکات من خلال کونها مؤسسة قیادیة فی الوسط الشیعی والإسلامی .

وهذا الأمر لا یمکن أن یتحقق إلاّ من خلال شخص المرجع ، فهو الذی یمکنه أن یضع الأسس المنهجیة لبناء المؤسسة المرجعیة.

ص: 36

وهذا ما یحتاج إلی جانب المؤهلات الشخصیة ، إلی خبرة عملیة توافر علیها الفقیه فی حیاته من خلال انفتاحه علی قضایا العالم ، وحضوره الفاعل فی الساحات الثقافیة والسیاسیة والاجتماعیة العامة ، ومدی الأنجازات التی حققها عبر تفاعله مع الأوساط الإسلامیة وغیر الإسلامیة فی مستویاتها ومجالاتها المتنوّعة .

إنّ هذه الخبرة أساسیة فی إنجاح المشروع الکبیر للمؤسسة الشیعیة ، لأننا أمام محاولة بناء ضخمة وسط تحدیات وتعقیدات سیاسیة محلیة وإقلیمیة وعالمیة تستهدف أی مشروع حیوی وإنمائی فی الحیاة الشیعیة والإسلامیة بشکل عام.

هذا إلی جانب الخلفیة التاریخیة الهائلة التی تحتاج إلی قدرة علی التعامل معها بصورة لا تحدث هزة عنیفة فی الجسم الشیعی .

إنّ هذه المسائل تفرض نفسها بقوة علی محاولة البناء المؤسسی للمرجعیة. وربما تتحول إلی عامل إعاقة کبیر یحبط المشروع من الأساس فیما لو افتقر المرجع إلی الرؤیة الشمولیة لتعقیدات الواقع العام المحیط بالأوساط الشیعیة والإسلامیة..

إن تحویل المرجعیة الشیعیة إلی مؤسسة إسلامیة عالمیة لیس عملاً اختباریاً یمکن فیه لشخص أن یجرّب مشاریعه . إنها قضیة خطیرة ذات حساسیة مفرطة نتیجة الأوضاع الخطیرة والحسّاسة

ص: 37

التی تحیط بحرکة الإسلام فی ظرفه الحاضر . مما یستوجب أهلیة عالیة یتمتع بها الفقیه فی المجالات العلمیة والسیاسیة والثقافیة والاجتماعیة ، حتی یحقق البناء دون ردود فعل مضادة ، ودون حدوث تصدّع فی الوسط الشیعی بدوائره الحوزویة والحرکیة والجماهیریة .

وعلی هذا الأساس یکون مشروع بناء المؤسسة المرجعیة هو محاولة جادة لإعطاء الإسلام دوره الحقیقی فی الحیاة ، وذلک من خلال مواجهة الحملة المضادة علی الإسلام والتشیع بوسائل معاصرة ، ومن ثم فتح الآفاق أمام حرکة الإسلام التاریخیة فی الحیاة .

هذا ما أردنا الحدیث عنه ، وأما الحدیث تحت عنوان المرجعیة مالها وما علیها سوف نکتب فیه موضوعاً مستقلاً إن شاء الله تعالی فی الأیام القادمة . وآجرکم الله جمیعاً .

- وکتب علی العلوی بتاریخ 7-3-2000 :

السلام علیکم أخی العزیز ، ما المانع من المزاوجة ؟ وأتصور فی النقاش بین الأخ الخزاعی وقاسم جبر الله بیان ذلک .

ص: 38

فما المانع من أن یکون هناک مجلس فقهائی منتخب من قبل مجلس عموم اهل الخبرة فی تحدید المجلس المرجعی لعموم المسلمین الشیعة . فکل من ینضم للهیئة العمومیة ( مجلس العموم ) یکون من أهل الخبرة . وکل من یترشح للمجلس المرجعی لا بد أن یکون فقهیا حسب معاییر الحوزة العلمیة وأهل الخبرة ثم تتم عملیة الأنتخاب من قبل الهیئة العمومیة والتی تتمتع بالخبرة فی تحدید الاصلح بین الفقهاء الذین یتصدون للافتاء ودائماً یکون الرأی الجماعی الممحص بالنقاش أقوی من الرأی الفردی .

إذن المؤسسة الاستفتائیة أو المرجیعة فی تصوری لا بد أن تؤسس علی التخصص الفقهی المؤهل حسب مقاییس الحوزة العملیة . فلایستطیع الدخول لمجلس العموم أو الهیئة العمومیة إلا شخص مؤهل ، ومن ثم لا یستطیع ان یترشح للمجلس المرجعی الا فقیه معتبر .

وهکذا تتم المزاوجة بین التخصص والحالة المؤسساتیة .

- فکتب

قاسم جبرالله بتاریخ 08-03-2000 :

الأخ المحترم والعزیز علی العلوی :

ص: 39

لیس الاشکال فی تجمیع الفقهاء تحت مظلة واحدة .. ولیس الاشکال فی الطریقة لجمع الفقهاء نظریاً تحت هذه المظلة .. فالطرق الی جمع الفقهاء ممکنة .. ولکن الاشکال فی الرأی الوأحد لهذا التجمع .. فی الفتوی المتفق علیها لهذا التجمع ... لا یمکن أن نتصور رأیاً واحداً علی نحو الدوام وفی جمیع القضایا ، بل أکثرها ، بل مجموعة منها متفق علیه لجمیع الفقهاء فی اطار مؤسسة أو غیرها... وقد ذکرت اشکالات علی هذا الأمر وعدم إمکانیة تصویرها خارجیاً ، وعلی نحو الوقوع أیضاً ..

أنت تصور لنا حسب ما فهمت أنا من کلامک .. أن بالامکان أن یتحد الفقهاء تحت المؤسسة ، ویتدارسوا ویحققوا فی مسألة واحدة ، لیصل الجمیع الی رأی وأحد ... هذا الأمر وإن أمکن نظریاً فلا یمکن وقوعا أصلاً لأن یلزم أن یتفق جمیع الفقهاء فی المبانی الأصولیة.. المبانی الفقهیه... المبانی الرجالیة ... المبانی العلاجیة لتعارض الأدلة .. وغیرها بکثیر من مبانی یتبناها کل فقیه علی حدة .. فلو اتفق فقیه مع آخر فی مبنی أو اثنین أو ثلاثة، فلا نضمن الاتفاق فی المبنی الرابع وهکذا ..

هذا بالنسبة الی فقیهین اثنین .. وکلما کثر الفقهاء وهم کذلک ، کثرت احتمالات الاختلاف فی المبنی أکثر وأکثر ..

ص: 40

وهذا الاختلاف المبنائی له أثره الکبیر فی الفتوی.... فمن الصعب أن تکون نتیجة المدارسة بینهم رأیاً واحداً یخرج باسم الجمیع أو باسم المؤسسة ...

حتی لو قلنا جدلاً بامکان أن یتفقوا فی الواضحات فی المسائل الاجتماعیة أو السیاسیة أو المسائل المتعلقة بالفروع ، فمن الصعب القول باتفاقهم فی المسائل الکثیرة الابتلاء والغیر واضحة الابعاد والهویة والنوع ، وهی کثیرة فی عصرنا الحاضر ... مع ذلک مسألة الأعلمیة لها الدور الکبیر فی استحالة مثل هذا المجلس أو المؤسسة .. والسلام .

- وکتب العاملی بتاریخ 08-03-2000 :

من الأمور التی کانت تقال فی النجف الاشرف فی أوساط الطلبة المثقفین المتحررین :

إنه ینبغی تحویل المرجعیة من مرجعیة شخص الی مرجعیة مؤسسة ، تختزن مؤسسات وتجارب المرجع السابق ، ووثائق ارتباطه بقضایا العالم .. وکان یعبر بعضهم بالمرجعیة الذاتیة والمرجعیة الموضوعیة .. أو بالمرجعیة الصالحة ، إشارة الی المرجعیة

ص: 41

غیر الصالحة .. أو بالمرجعیة الرشیدة ، إشارة الی المرجعیة التی لم تبلغ سن الرشد .. الخ .

هذا من ناحیة ، ومن ناحیة أخری : کانت هناک دعوة الی خروج المرجعیة مما یعبر عنه بعضهم ب- ( قوقعة ) اهتماماتها الحوزویة ، الی الاهتمامات العامة بوضع الشعب فی بلدها ، وأوضاع المسلمین الشیعة فی العالم ، وقضایا العالم الاجتماعیة والسیاسیة .... الخ. وهوکلام فی ظاهره مقبول وجمیل ، لکن تکمن فیه أخطاء وأخطار .. ویتضح ذلک بالمسائل التالیة :

المسألة الأولی : مسألة تبدید التجربة المرجعیة واختزانها :

من الواضح أن التجارب القیادیة فی الأمة ، ومنها القیادة الدینیة ، تختزن فی أذهان الأمة تجارب قیمة ، هی الموجهة للامة فی تعاملها مع القیادة الجدیدة ولتلک القیادة فی تعاملها مع الأمة.. ویمکن أن نسمیها السوابق والقوانین والتقالید غیر المکتوبة .. فهناک تجارب وتقالید لأنتخاب الرئیس فی أمریکا ورئیس الوراء فی بریطانیا وفرنسا واسرائیل ، وتقالید لانتخاب البابا رئیس الکنیسة ..الخ .

ص: 42

والأصح أن نسمیها فی موضوعنا تجارب أجیال الشیعة فی اختیار المرجعیة ، أو ( سیرة المتشرعین فی أمر المرجعیة ) وتشمل سیرة الفقهاء المراجع وغیرهم ، وسیرة المتدینین فی التعامل المرجعیة العلیا عند الشیعة ..

هذه التجارب المختزنة فی واقع الأمة ، هی قوانین غیر مکتوبة، ویصعب کتابتها علی شکل نصوص قانونیة ، لأنها أشبه بالحس الاجتماعی الذی یزن به الناس الأمور ، ویتخذون منها المواقف .

ونصل هنا الی السؤال المحوری : ماهو المقصود من اختزان تجربة المرجع السابق ؟ إن کان المقصود التجارب والخبرات المختزنة فی أذهان الشیعة فی العالم ، فهی موجودة وفاعلة. وإن کان المقصود أن تکون عند الشیعة مؤسسة فی مبنی معین فی بلد معین ، تشمل ملفات قضایا ، ووثائق ملکیة ووقف الحوزات والمؤسسات التابعة للمرجعیة فی العالم ، وموظفین أهل خبرة بتعامل المرجع مع العالم ؟ فهذا یستبطن عدة أمور خطیرة :

1 - فهو یعنی أن تخضع المرجعیة للبلد الذی فیه المرکز ، شئنا أم أبینا .

ص: 43

2 - وأن یخضع المرجع الجدید للعمل فی تلک الموسسة وموظفیها ، شبیهاً بالوزیر الذی علیه أن یعمل فی مبنی وزارته ، ومع مدرائها وموظفیها .

3 - وأن یکون الشیعی فی العالم ملزماً بتقلید المرجع الذی تختاره تلک المؤسسة ، حتی لو کان یشک أنه جامع لشروط المرجعیة .

4 - وأن یوجد مرکز قوة له نفوذ کبیر فی اختیار المرجعیة وهو هیئة الأمناء التی تتولی تلک المؤسسة ، وتسلمها الی المرجع الجدید ...

الی آخر الأمور التی لا ینسجم أی منها مع الأحکام الشرعیة للتقلید ، ولا مع المحافظة علی سلامة المرجعیة الدینیة من التدخلات السیاسیة ..

وبذلک یتبین أن الوضع الفعلی المتبع لاختیار المرجع أقوی وأصح وآصل .. فهو یعتمد علی قناعة المتدینین الشیعة فی العالم بأعلمیة وتقوی فقیه موجود فی أی نقطة من العالم ، فیرجعون الیه فی الاستفتاءات ودفع الحقوق الشرعیة الیه ، ویقوم هو بإدارة الحوزات والمراکز إدارة کاملة إن کانت وقفیتها ترتبط به ، أو

ص: 44

إدارة توجیهیة بصفته المرجع صاحب الکلمة المسموعة شرعاً ، وبصفته ممول الحوزة أو المشروع کلیاً أو جزئیاً .

أما کیف یعرف المتدینون المرجع الجدید ، فطریقه الشرعی أن یسألوا أهل الخبرة الذین یعرفونهم ..

إن الاختیار الطبیعی بهذه الطریقة ، یضمن للمرجع حریته من الخضوع لأی ضغوط سیاسیة ، أو مؤسسیة . ویضمن للمتدین الشیعی حریته فی اختیار مرجع تقلیده حسب قناعته بینه وبین ربه ..

وبهذا یعطی للمرجعیة الشیعیة صفة الواقعیة والتأثیر الحقیقی فی حیاة الشیعة وقضایا العالم ، ولیس التأثیر الرسمی الشکلی ..

وکل هذه الأمور غیرمضمونة أبداًفی صیغة المؤسسة المرجعیة!!

المسألة الثانیة : نقاط الضعف والخطر فی مشروع مجلس الخبراء لاختیار مرجع التقلید : ( یتبع إن شاء الله )..

- کتب الخزاعی بتاریخ 08-03-2000 :

الأخوة الکرام والاساتذة الأفاضل ، السلام علیکم جمیعاً :

سئل الشهید الصدر الثانی عن إعلأنه لأعلمیته وأنها سابقة لم تحصل بالحوزة والمرجعیة ؟ فأجاب ( رض ) : إن سائر المراجع

ص: 45

دیدنهم إثبات مرجعیتهم بلسان حالهم وإن لم یصرحوا بذلک بلسان مقالهم ، وذلک فیما إذا کان المرجع یذهب الی وجوب تقلید الأعلم ، ومع ذلک طبع رسالة عملیة وعرض نفسه للتقلید، فلو لم یکن أعلم لکان ذلک محرماً علیه لأنه لا یری نفسه مصداقا له .. انتهی کلام الشهید .

من المفاهیم التی طرحها السید الشهید محمد باقر الصدر مفهوم المرجعیة الرشیدة وأعطی خطوطها العامة وصاحب النظریة وتلمیذه الصدر الثانی خیر مثال للتطبیق العملی ، وواقعها هو القیام والامتثال لما تملیه علیه النیابة عن المعصوم (ما أخذ الله علی العلماء أن لا یقاروا علی کظة ظالم وسغب مظلوم) وخلاصة المطلب أن یعیش المرجع النائب عن المعصوم لیل نهار نیابته ، ویعیش لیل نهار آمال آلام أمته .

أخوتی وأساتذتی الکرام : نحن بصدد مناقشة الفکرة ، لذلک علینا أن لا نجزم قاطعین أنه لیس بالامکان أفضل مما کان . ولنستمع الی ما قاله المرجع الشهید محمد باقر الصدر ، ولا یخفی ما کان علیه من العلم والفکر الفذ ، یقول فی هذا المضمار : ( وأما العمل فی سبیل هذه النظریة ... ففی أسالیب العمل

ص: 46

الخارجی ، کانت لدینا حالة أنا أستطیع أن أسمیها حالة النزعة الاستصحابیة ، الاستصحاب الذی قرأناه فی علم الأصول ، طبقناه علی أسالیب العمل وطبقناه علی حیاتنا ، فکنا نتجه دائماً الی ما کان ، ولا نفکر أبداً فی أنه هل بالامکان أفضل مما کان!! هذه النزعة الاستصحابیة – والکلام لا یزال للسید الشهید - النزعة الی ما کان والحفاظ علی ما کان ، یجعلنا غیر صالحین لمواصلة مسؤولیتنا ، ذلک لأن أسالیب العمل ترتبط بالعلم ، ترتبط بالبستان الذی نرید أن نزرع فیه ، وهی الأمة التی نرید أن نزرع فیها بذور الخیر والورع والایمان ، لیست حالة واحدة ، الأمة تتغیر . نعم إسلامک لا یتغیر ، لکن الأمة تتغیر ، الیوم الأمة غیر الأمة بالامس فی مستواها الفکری ، فی مستواها الأخلاقی ، فی علائقها الاجتماعیة ، فی أوضاعها الاقتصادیة ، فی کل ظروفها .. الأمة الیوم غیر الأمة بالأمس .. لهذا یجب أن تأخذ بعین الاعتبار الظروف والتغیرات والتصورات التی توجد فی الأمة .. هذه التصورات والتغیرات تحدد لنا أسالیب العمل ، إذ لیس بالامکان أن یکون هناک أسلوب واحد یصدق علی الأمة الیوم وعلی الأمة بالأمس وعلی الأمة غداً ). انتهی .

ص: 47

ثم یصرخ السید الشهید ثائراً علی هذا النمط من التفکیر لیقول :

( لا بد لنا أن نتحرر من النزعة الاستصحابیة ومن نزعة التمسک بما کان حرفیاً بالنسبة الی کل أسالیب العمل ، هذه النزعة التی تبلغ القمة عند بعضنا ، حتی إن کتابا دراسیاً ... أمثل بأبسط الأمثلة - والکلام للسید الشهید - إذا أرید تغییره الی کتاب دراسی أفضل منه ، حینئذ تقف هذه النزعة الاستصحابیة فی مقابل ذلک... إذا أرید تغییر کتاب بکتاب آخر فی مجال التدریس وهذا أضأل مظاهر التغییر ، حینئذ یقال : لا.. لیس الأمر هکذا ، لابد من الوقوف ، لا بد من الثبات والاستمرار علی نفس الکتاب الذی کان یدرس فیه الشیخ الأنصاری رحمه الله ، أو المحقق القمی رحمه الله ) . انتهی .

ویقول السید الشهید ( رض ) أیضاً :

( هذه النزعة الاستصحابیة التی تجعلنا دائماً نعیش مع أمة قد مضی وقتها ، ومع أمة ماتت وانتهت بظروفها وملابساتها ، لأننا نعیش بأسالیب کانت منسجمة مع أمة لم یبق منها أحد ، وقد انتهت ، وحدثت أمة أخری ذات أفکار أخری ، ذات ظروف وملابسات أخری ...... وحینئذ من الطبیعی أن لا نوفق فی

ص: 48

العمل ، لأننا نتعامل مع أمة ماتت ، والأمة الحیة لا نتعامل معها ، ومهما یکن لنا من تأثیر سوف یکون هذا التأثیر سلبیاً ، لأن موضوع العمل غیر موجود فی الخارج ، موضوع العمل میت ، والموجود فی الخارج لا نتعامل معه ... ) . انتهی کلام الشهید الصدر .

وهذا کلام لعالم آخر: ( وقد بدت المؤسسة الدینیة فی النجف وغیرها متخشبة الی حد أنها کانت تجهض کل محاولة ولو بسیطة وسطحیة لتحدیث بعض الجوانب ، أو المظاهر فی حیاة المؤسسة المذکورة ، ویکفی للدلالة علی عدم واقعیة النظام الدراسی القائم فعلاً أنه نظام لا یفشل فیه طالب ، ولا یرسب فیه طالب ، وأن جمیع المنتسبین الیه یتخرجون .. هذا النظام لا یزال حتی کتابة هذه الکلمات علی الحال التی کان علیها منذ مئات السنین ، فهو یقوم علی نظام ،إنه فوضی ... وما أکثر الذین یکتسبون صفتهم الدینیة والعلمیة من عدد السنین التی قضوها فی النجف دون أن یکتسبوا منها شیئاً سوی بعض الحذلقة الکلامیة )

( نشرة الرأی الآخر ، العدد الثالث- عن کتاب مواقف وتأملات فی قضایا الفکر والسیاسة فی سلسلة اخترنا لک " الطبعة الثانیة 1992 ، من مقال للشیخ محمد مهدی شمس الدین تحت عنوان ( المرجعیة آفاق وتطلعات ) ص

ص: 49

215 ) ، ونکتفی بهذا القدر من التعلیق عسی أن نعاود مرة أخری . وهو فی الحقیقة لیس تعلیقاً وإنما آراء واجتهادات ورؤی علماء محسوبین علی هذه المؤسسة أو هذا الکیان . عذراً للإطالة، وللجمیع خالص التحیات ، والدعاء بالتوفیق .

- وکتب

العاملی بتاریخ 08-03-2000 :

الأخوة الاعزاء ، أعرف أنه یوجد عند بعض الشباب اتجاه للدعوة الی جعل المرجعیة مؤسسة شبیهة بالفاتیکان .. ولکنها فی اعتقادی دعوة بالغة الخطورة علی المرجعیة والتشیع ..

وهی طموح من أصحابها لا یملک تقدیراً صحیحاً للصورة المشوهة التی سیولد بها المشروع إذا قدر له ، لا سمح الله ، أن یولد .

طموحٌ لا یعلم المتحمسون له أنه عمل یستمیت من أجله أعداؤنا لتکبیل المرجعیة الدینیة الشیعیة ، باعتبارها الطاقة الهائلة والقیادة الدینیة الوحیدة التی مازالت مستقلة فی العالم !!

لذا أری من واجبی بیان مخاطرها.. وینبغی أولاً أن أوضح نفطتین :

ص: 50

الأولی ، أن رفض مرجعیة المؤسسة ، لا یعنی معارضة اسفادة المرجع من المؤسسات .. فمراجعنا استفادوا ویستفیدون من المؤسسات والشخصیات أهل الخبرة ، بمقدار حاجتهم وإمکاناتهم. .

والثانیة ، أن ذلک لا یعنی عدم نقل مؤسسات وممتلکات المرجعیة السابقة الی المرجعیة الجدیدة .. فإن سیرة مراجعنا فی أوقافهم أن یجعلوا تولیتها الی المرجع الجدید .. وآخر مثل علی ذلک المرحوم السید الخوئی رحمه الله ، الذی سجل مؤسسات المرجعیة فی العراق ولندن ولبنان والهند وغیرها ، باسم هیآت أمناء وجعل الولایة علیها للمرجع الجدید ، الذی ترجع الیه أکثر الشیعة فی العالم .

وأرانی قبل الدخول فی بحث مجلس الخبراء العالمی لاختیار المرجع الجدید ، بحاجة الی التذکیر بالحریات الخمس ، أو العناصر الخمسة ، التی تمتاز بها المرجعیة الشیعیة .. وأن کل مشروع یصادرها کلاً أو بعضاً ، أو یخشی أن یضر بها .. فهو دعوة الی التنازل عن أصالة المرجعیة الشیعیة واستقلالها ، أو تعریض أصالتها واستقلالها للخطر !!

ص: 51

الأولی ، حریة المکلف الشیعی فی أن یختار مرجعه الذی یعتقد أن تقلیده مبرئ لذمته ، بدون أی نوع من الالزام الخارجی .

الثانیة ، حریة مرجع التقلید فی أن یعتمد أسلوب العمل الذی یقتنع به .. لأن معنی الاعتراف بأنه مرجع أن رأیه حجة شرعیة فی الأحکام ، وفی الموضوعات التی یری وجوب التقلید فیها ، ورأیه محترم فی الموضوعات الباقیة. فمن أول حقوقه أن یعترف له بحقه فی اختیار أسالیب عمله .

الثالثة ، حریة مرجع التقلید فی أن یتدخل فی السیاسة ، أو لا یتدخل .. فهذا معنی أنه مرجع ورأیه حجة علیه وعلی مقلدیه . أمامحاولة فرض العمل السیاسی علیه ، فهو فرض مرجعیة علی المرجعیة !!

وهو من نوع الجهل بشریعة الاسلام ، بل وبأخلاقیتها .. فمهما فرضنا مبررات الداعین الی العمل السیاسی والقائلین بأن البعد عنه وعن التدخل فی قضایا الأمة والعالم جمود لا مبرر له .. فقد یکون عند المرجع قناعة بضرورة الأنکماش السیاسی فی هذا البلد أو هذا العصر ، أو أن واجب الشیعة الأنکماش الحضاری

ص: 52

لحفظ ماعندهم وعدم ذوبانهم ، حتی تأتی ظروف أفضل.. وما دمنا فرضناه مرجعا جامع الشرائط فلا بد أن نحترم رأیه !

الرابعة ، حریة المرجع من نفوذ حکومة البلد الذی یعیش فیه ، وضغوطات الحکومات الأخری ، حتی لو کان هذا البلد هو الجمهوریة الاسلامیة الشیعیة ، التی یحکمها فقیه أو مرجع .

الخامسة ، المحافظة علی المرجعیة وعملیة اختیار الشیعة لمرجعهم الأعلی ، بالحریة الشخصیة التامة ، بعیداً عن تأثیرات القوی الدولیة ، وأجهزة مخابراتها .

- وکتب قاسم جبرالله بتاریخ 09-03-2000 :

شکراً جزیلاً لفضیلة الشیخ والأستاذ الجلیل العاملی ، علی بیان الرأی السدید فی هذه المسألة الخطیرة جداً ..

هذا الرأی الذی انطلق من خلال تجربة عملیة طویلة فی العلم والعمل . وأن مثل هذه الاطروحات ماهی إلا أحلام شباب من أمثالی ، ومن دون تعمق ودراسة مسهبة تخصصیة . والسلام علی الجمیع .

- وکتب

الخزاعی بتاریخ 09-03-2000 :

الأخوة جمیعاً ، السلام علیکم :

ص: 53

لابد من التأکید والتوضیح علی أن الدعوة للمرجعیة المؤسسة هی لیست الغاء لدور المرجع الفرد أولاً ، ولا هی دعوة للنیل من استقلالیة المرجعیة ثانیاً، فالمراجع الأفراد الذین نقلدهم الأن هم طاقم المؤسسة المفترضة ، تقلیدهم محفوظ ورأیهم متبع . والتعلیل بتأثیرات القوی الدولیة ومخابراتها لا وجود له فی حال المؤسسة ، أو لا أقل هو أوضح فی حالة الفرد ،إذ اختراق الفرد أهون وأیسر من اختراق الجماعة ، وتواطؤ الفرد مع المخابرات (فرض جدلی) أقرب الیدائرة الامکان منه الی المؤسسة والجماعة.

وهی لیست دعوة شباب ! وقد نقلت لکم آراء بعض العلماء ومنهم المراجع کالشهید الصدر ، وبالمناسبة لقد ولی رسول الله (ص) أسامة إمرة جیش المسلمین وهو فی عنفوان الشباب !!

وللتوضیح أکثر : لاتعنی المؤسسة المفترضة ، دائرة علی المرجع أن یأتی صباحاًللدوام الرسمی ویسجل اسمه فی غرفة الاستعلامات!

یا أخوتی : المؤسسة ممکنة التصور وکل مرجع فی مکتبه وبلده مع وسائل الاتصال الحدیثة کما ترون !

أضف الی أن المؤسسة ترفع الضغوطات عن المرجع من خلال الحکومات فی البلدان المختلفة ، لأن وراء المرجع مؤسسة تمثل

ص: 54

کل الشیعة مما یشکل المرجع من خلال المؤسسة ضغوطات علی الحکومات . فانقلبت الآیة !

وکل ما عانت المرجعیة وتعانی فی ظل الحکومات الجائرة ، ما هو إلا نتیجة لفقدان ید الجماعة والمؤسسة . ولک فی الشهداء الصدر الأول ، الشیخ الغروی ، الشیخ البروجردی ، والصدر الثانی خیر مثل . . . فلو تصورنا وجود المؤسسة ما حصل الذی حصل .

ومع المؤسسة لا یوجد أی نوع یعرقل من حریة المکلف الشیعی فی اختیار مرجعه ، ولیس هناک أی نوع من الالزام الخارجی ، لأننا افترضنا المؤسسة المکونة من المراجع الذین یقلدهم المکلفین باختیارهم .

إن أعلام الحوزة المعاصرین بدءا بالامام الخمینی (رض) الذی ندد ( بالجهلة والأغبیاء والمتخلفین والمتحجرین والأفاعی ) علی حد تعبیره ، مروراً بسماحة السید الخامنئ حفظه الله حول تنقیة الشعائر الحسینیة من البدع والخرافات کما قال ، وتکریس فعالیة مدرسة الوعی مقابل مدرسة التسطیح ، ودعوته الحوزة بأن تنحی منحی التخصص .

ص: 55

وقال سماحة السید الخامنئی فی جمع من طلبة العلوم الدینیة : ( وإلا ما شأن الجیل المعاصر بمثل هذه الشبهات ، وأین هو من ( شبهة ابن کمونة ) التی لم تزد أمنیة البعض إذا وفق للقاء الامام المهدی عجل الله فرجه یوماً أن یسأله عن جواب هذه الشبهة . . . ) . وأضاف : ( إنما هناک شبهات وأسئلة غیرها تشغل الاذهان وتساور الوعی الانسانی ) . ثم دعا الی تجدید الکتب الدراسیة من قبیل الرسائل والمکاسب والکفایة ، والتی کان لا یجرؤ أحد علی الاقتراب منها أو مسها ... ) – صحیفة کیهان العربی 22 حزیران 1995 .

وقال أمام مسؤولی وکوادر الحکومة الاسلامیة سنة 1412 ه- :

( إن خطر التحجر والروح الرجعیة عند ..! هذا الخطر لا یقل عن خطر الهجوم المعادی ، بل یزید علیه أضعافاً ) .

إن النظرة الاستصحابیة التی نطبقنا علی جمیع مفردات حیاتنا، هی التی تحکم تفکیرنا ، لنردد دائماً أن لیس بالامکان أفضل مما کان .. متناسین أن الأمم تتغیر والشعوب تتغیر ( فیأتی دور الشباب ) وأن الامام علیاً (ع) کان یقول : لا تقسروا أولادکم علی تربیتکم ( أو أخلاقکم ) فإنهم خلقوا لزمان غیر زمانکم ) .

ص: 56

ومتناسین أیضاً ما أوصی به الامام علی(ع) ولدیه الحسن والحسین ( ع ) فقال : ( أوصیکم بتقوی الله ونظم أمرکم ..) فلم یقل ( أمورکم ) لأن أمرهم ( ع ) واحد ، والمراجع نواب الامام ( ع ) ، وأمرهم واحد لا أمور شتی ..

فالدعوة الی المؤسسة المرجعیة ونظم أمرها ، منطلقة من صمیم الحرص علی المذهب ومراجعه العظام رحم الله الماضین ، وحفظ الباقین جمیعاً .

- کتب العاملی بتاریخ 10-03-2000 :

المسألة الثانیة :

نقاط الضعف والخطر فی مشروع مجلس الخبراء لاختیار مرجع التقلید :

یتبادر الی الذهن سؤال :

هل یوجد فرق بین مجلس الخبراء لاختیار الفقیه الحاکم فی بلد.. وبین مجلس الخبراء لاختیار مرجع التقلید الأعلی للشیعة فی العالم ؟

والجواب الفقهی عند عامة فقهائنا : کلا ، لا یوجد فرق .. وقد کان المرحوم الامام الخمینی ممن یرون هذا الرأی ، وأفتی أن القیادة الشرعیة إنما هی للفقیه الأعلم الجامع للشروط فقط ..

ص: 57

وأن غیر الأعلم لا بدأن یکون منصوباً منه ، وحاکماً باسمه . ولکنه قبل وفاته رحمه الله وفی قضیة عزله لنائبه الشیخ المنتظری غیَّر رأیه ، وأفتی بأن قائد الجمهوریة الاسلامیة لا یجب أن یکون الأعلم ، ویکفی أن یکون مجتهداً یختاره مجلس الخبراء . وبذلک فصل بین المرجعیة وولایة الفقیه ، وکلف هیئة لاجراء تعدیل فی الدستور بموجبه .. ودخل ذلک فی الدستور الایرانی ، وجری علیه العمل .

لهذا ، لا علاقة لموضوعنا بمجلس الخبراء فی الجمهوریة الاسلامیة ، لأنه تابع للدستور هناک .. وعندما یطرح أحد تأسیس مجلس باسم ( مجلس علماء الشیعة فی العالم ) مثلاً ، فهو یرید أن یکون هیئة علیا من علماء الشیعة فی العالم ، له حق النظر واتخاذ القرارات فی قضایا الشیعة العامة ، ومنها اختیار المرجع الدینی الأعلی .

والسؤال الأول : من الذی یعطی هذا المجلس هذه الشرعیة والولایة ؟

والجواب : یمکن أن یعطیه نفس المرجع الفعلی ، أو المراجع . کما أن هؤلاء العلماء الذین یشکلون أعضاء فی هذا المجلس بأنفسهم لهم صفة تمثیل واسعة ، ولهم نوع من الشرعیة ، فعندما

ص: 58

یوقعون علی صیغة عمل لهم فی المجلس ، یکون لها صفة الزام أدبی ..

وعندما یمضی مراجع التقلید عملهم یصبح لها صفة الشرعیة الالزامیة . وبذلک یتضح أن صفة الشرعیة والالزام ، لا بد أن تکون من مرجع التقلید ، أو مراجعه .

والسؤال الثانی : لو فرضنا تشکیل هذا المجلس ، وأن أعضاءه اتخذوا قراراً بالاجماع بأن المرجع الأعلی للشیعة هو فلان .. وکانت قناعة الشیعة فی هذه المنطقة أو تلک خلاف ذلک ، فلم یقلدوه وقلدوا غیره ، لأنهم یرونه أعلم وأتقی .. فماذا سیکون موقف المجلس ؟!

والسؤال الثالث : إذا اجتمع هذا المجلس بعد وفاة المرجع الأعلی مثلا ً، واختلفت آراء أعضائه ، فصوت أکثر من نصفهم أو ثلثیهم علی مرجعیة شخص .. وکان المخالفون أو الخارجون عن عضویة المجلس أکثر نفوذاً فی العالم الشیعی ، فسألهم الناس عن المرجع برأیهم ، فأجابوا : لقد أرجع المجلس الی فلان ، ونحن نری أن فلاناً أفقه وأتقی ، فتبعهم أکثریة الشیعة ورجعوا الیه.. ألا یعنی ذلک أن یصیر عندنا مرجع للمجلس ، ومرجع لغیر المجلس ؟!

ص: 59

والسؤال الرابع : ماهو الموقف من العلماء المشهود بعلمهم وتقواهم ، الذین یرفضون الدخول فی هذا المجلس ، لأی سبب ، مثل تخیلهم أنه عمل سیاسی ولیس دینیاً ؟ ألا یعنی تجاوز هؤلاء أننا نؤسس هیئة علمائیة رسمیة ، تقابلها هیئة علمائیة شعبیة موجودة وفاعلة ، غیر متشکلة ؟!

والسؤال الخامس : ماهی شروط العضویة فی هذا المجلس ، ولنفرض أنها الاجتهاد ، فمن له الحق فی إعطاء هذه الدرجة ، وإجراء الامتحان لها ؟ ونحن نری أنه یوجد فی کل عصر علماء متفوقون متفق علی اجتهادهم ، وآخرون مختلف فی اجتهادهم ..

ثم.. الاجتهاد الذی هو شرط العضویة ماهوتعریفه وحدوده.. هل هو الاجتهاد بالمفهوم المتشدد الذی لا یعتقد باجتهاد کثیر ممن یسمون ( آیة الله ) أم بالمفهوم المتسامح الذی یعطی درجة الاجتهادلمن لا یستطیع أن یرجع الی مصادر مسألة فقهیة وأدلتها، ویکتب شهر صفر بالسین ، ویری أن المرأة لها حق الطلاق کالزوج ، وإن لم تشترط ذلک ضمن العقد ؟؟!!

( یتبع إن شاء الله )..

- وکتب الخزاعی بتاریخ 10-3-2000 :

ص: 60

الأخ الکریم العاملی :

إسمح لی أن أقول إن ردکم الأخیر خرج عن الموضوع نوعاً ما، باستثناء مسألة مجلس الخبراء . لدینا مراجع مقلدون لا یتجاوزون 10 الی 20 . ولدینا مئات المجتهدین . والمجلس المفترض یشمل جمیع مراجع التقلید دون المجتهدین فقط . والمفروض فی الفکرة أن یتشکل هذا المجلس من کل مراجع التقلید بعد موافقتهم جمیعاً وقبول الفکرة قبل التشکیل ، وعندها تکون صفة الالزام والشرعیة لهذا المجلس المتأتیة من الشرعیة والالزام الأصلیین للمراجع الأفراد الذین یشکلون الکتلة .

ولا یوجد فی تاریخنا أن الشیعة قاطبة أجمعوا علی مرجع واحد .. ولیس ثمة حاجة لاختیار المرجع الأعلی من قبل المجلس .. وکذا الشیعة لا یختارون مرجعاً من خارج المجلس ، اذ المفروض أن المجلس یضم کل مراجع التقلید ، وبهذا ینتفی السؤال الثالث کذلک .

وکذا السؤال الرابع أیضاً ، لا مجال له ، لأن الأصل فی المؤسسة أن تضم کل مراجع الشیعة فینتفی موضوعه .

ص: 61

وشرط العضویة فی هذا المجلس کون المرجع یشغل مساحة ( أیاً کانت ) فی حیز التقلید الشیعی ، سواء کتب صفر بالسین أم کتب حوزة بالضاد !!

إذا تشکل المجلس المفترض بالنقاط أعلاه - وأهمها شمولیته لکل المراجع- یصبح له الحق أن یثبت أو ینفی اجتهاد أی عالم ، وله صفة الالزام والشرعیة .

- وکتب العاملی بتاریخ 11-03-2000 :

الأخ الکریم الخزاعی :

إن التنسیق والتعاون بین مراجع الشیعة ضرورة ، وتوحید عملهم فی إطار أی مجلس أو هیئة، وتحت أی عنوان ، مطلب مهم، لو أمکن .. وکذلک إنشاء مؤسسات ومراکز ، علمیة ، وثقافیة ومالیة ، تحت إشرافهم .. وذلک فی اعتقادی هو البدیل الصحیح عن مشروع تحویل المرجعیة الدینیة الی مؤسسة .

ولکنا بحثنا فی مشروع تحویل المرجعیة الی مؤسسة ، والذی یطرح ذلک فی بیروت ، یجعل نموذجه البابویة المسیحیة الأمر الذی یعنی أنه یقصد الوحدة الکاملة ، والمرکزیة فی المرجعیة ..

وفیما یلی بحث فی مسألة الوحدة والتعدد فی المرجعیة الشیعیة:

ص: 62

یبدو بالنظرة الأولی أن الوحدة خیر من التعدد ، لأن الاتفاق خیر من الاختلاف .. ولکن لیس کل ما یبدو جاذباً لأعیننا هو الصحیح ، ولا کل ما تهفو الیه عاطفتنا هو الصواب . فموضوعنا هو ( قیادة دینیة ) لطائفة تتبع مذهب أهل البیت النبوی الطاهر وتتمسک به ، وقد شاء الله تعالی أن یغیب عنها إمامها المهدی الموعود علیه السلام ، ویتسلم قیادتها فی کل عصر أکفأ الفقهاء بنظر أتباع المذهب.. وهو مهما فرضنا علمه وتقواه ، شخص غیر معصوم .. فموضوعنا إذن ( القیادة الدینیة لشخص غیر معصوم ) .

وهنا أسمح لنفسی أن أدعی أن فتح الباب للوحدة والتعدد ، حسب قناعة الشیعة فی کل عصر ، هو الصحیح ، وأن فرض الوحدة أو العمل لفرضها هو الخطأ !! وأقرب مثل تقریبی یوضح الدلیل : حکومة الحزب الواحد ، والأحزاب المتعددة .. فمشروع تحویل المرجعیة عند الشیعیة الی مؤسسة ، هو عمل باتجاه توحیدها والمنع من تعددها .. بل یغالی بعضهم ویقول :

( ما المانع من فرض مرجعیة واحدة قویة علی الشیعة فی کل عصر ، بدل هذا التعدد والتفرق والاختلاف الذی نراه ؟!! ألیس

ص: 63

المطلوب أن یکون لنا فقیه جامع الشروط یفتی للشیعة ، ویصرف الأخماس والحقوق الشرعیة علی الحوزات العلمیة والاعمال الثقافیة ، ویتخذ المواقف الشرعیة فی قضایانا العامة؟ فمادام هذا هو الهدف ، فإن وحدة المرجعیة خیر من تعددها ، ووحدة المرجع خیر من اختلاف المراجع ، وأتباعهم ؟!) .

لکن فات هؤلاء أن هذا الحکم ساذج ، وأن الموضوع مسار عام لطائفة واسعة فی عصور وظروف متعددة ومتغیرة .. وأن مضار فرض التوحید أضعاف أضرار التعدد !!

أولاً ، إن قیمة المرجعیة وقوتها بأن الانسان الشیعی ( المکلف شرعاً ) یقتنع بأن هذا المرجع یصلح أن یکون حجة شرعیة بینه وبین ربه ، وأنه خبیر فی الشریعة وأمین علی أحکامها ، فیقلده فی عباداته ومعاملاته ، وحتی فی فتواه فی وجوب بذل ماله ونفسه..

وهذه القناعة لا تحصل بالفرض بل بالحریة .. ولا تحصل بین عشیة وضحاها بالاعلام ، وإن تأثرت به .. وکل تفریط بها ، أو عدم أخذها بعین الاعتبار فی مشاریع تطویر المرجعیة .. یعنی مصادرة حریة الانسان الشیعی فی ( التقلید الشرعی ) ، وبالنتیجة التخلف عن رکب جماهیر الشیعة وتفکیرهم وقناعاتهم !

ص: 64

ثانیاً ، ینبغی لأصحاب مشروع المؤسسة الواحدة للمرجعیة أن یسألوا أنفسهم : لو نجحنا فی توحید المرجعیة فی مؤسسة مثل الفاتیکان ، وصار المرجع العالمی للشیعة واحداً لا معارض له .. ألا یمکن أن یأتی یوم یقع هذا المرجع تحت مؤثرات ما ، فیتخذ موقفاً سیاسیاً أو فقهیاً یضر بوضع الشیعة ومستقبلهم فی العالم ، ثم لا یکون عند غیره القدرة علی معارضته ؟

والجواب : نعم ، ذلک محتمل لأنه غیر معصوم !!.

وبهذا یکون معنی توحید المرجعیة أن نسلم قیادة الشیعة لغیر معصوم ، ونسلب منهم حق المعارضة !! فهل یوجد خطر علی طائفة ومذهب أبلغ من ذلک ؟!! وهل یختلف ذلک عن رجل یوظف کل رأسماله فی بلد واحد معرض للخطر ، بدل أن یوزعه فی بلدان وأعمال متعددة ؟!

ثالثاً ، أصحاب هذا المشروع یطمحون عادة الی مرجعیة دینیة تتصدی للعمل والمواقف السیاسیة ؟ ویریدونها موحدة قویة حتی لا یوجد من یعارضها ویخرب عملها . وهذا أمر لم یدع الیه المرحوم الامام الخمینی ، المرجع الذی شهد له العالم بقدرات سیاسیة متمیزة .. فقد حافظ رحمه الله علی أمرین أساسیین فی المرجعیة الشیعیة ولم یسمح لنفسه أن یخدش أصالتهما :

ص: 65

الأول : حریة المکلف فی أن یختار مرجع تقلیده ، وإن أدی ذلک الی التعدد وإضعاف المرجع القائد .. والثانی : حفظ استقلال الحوزات الدینیة والعلماء عن الدولة ، حتی لو کانت دولة شیعیة یقودها مرجع من الحوزة .

رابعاً ، مضافاً الی ما تقدم ، نجد فی سیرة الأئمة المعصومین صلوات الله علیهم ، أنهم قبلوا بالتعدد فی أصحابهم ، وعملوا له هم فی بعض الأحیان ، من أجل البقیا علیهم .. ولا یتسع المجال لبحث روایاته ..

بل إن إرجاع الأئمة للشیعة فی الغیبة الی من یرونه فقیهاً حافظاً لدینه .. الی آخر الشروط .. بستبطن الرضا بتعدد المرجعیة لو حصل ، لأنه خیر من الوحدة التی لا تؤمن عواقبها .

من هذه الأدلة وغیرها مما لم نذکره ، یتضح لنا أن الأختیار الطبیعی الحر لمرجع التقلید ، فیه واقعیة ومیزات ، لا تتوفر فی غیره..ویتضح أن الحکم الشرعی بأن علی الانسان الشیعی نفسه أن یختار ، یفرض علیه مسؤولیة ، وفی نفس الوقت یعطیه حریة لا یمکن أن تنتزع منه ! ومن جهة أخری یقرر أن قانون ( الانتخاب

ص: 66

الطبیعی ) إذا صح التعبیر ، هو ضرورة دینیة ، حتی لو نتج عنه تعدد المرجعیة ، فذلک خیر من مرجعیة واحدة یصادر فیها هذا الحق الأساسی ، وتتحول فیها المرجعیة الی شکل دینی ، أو لعبة سیاسیة !!

نعم إن علینا مع مراعاة هذا الحق المقدس للانسان الشیعی ، ولمرجع التقلید علینا واجب التوعیة لعامة الشیعة ، والعمل لتقویة المرجعیة بشبکة مؤسسات ومراکز تجعل أعمالها مؤسسیة بالمعنی العام .

- فکتب الخزاعی بتاریخ 11-03-2000 :

الأخ الکریم العاملی :

قلتم ( إن التنسیق والتعاون بین مراجع الشیعة ضرورة وتوحید عملهم فی اطار أی مجلس أو هیئة ، وتحت أی عنوان ، مطلب مهم ، لو أمکن . ). انتهی .

أصبت ، وهذا ما أکدته فی کل مداخلاتی السابقة وهو ما أصبو الیه .

قلتم ( وفی اعتقادی هو البدیل الصحیح عن مشروع تحویل المرجعیة الدینیة الی مؤسسة .. ) . انتهی .

ص: 67

أصبتم أیضاً ، وقد ذکرت أیضاً فی أحد ردودی أن لیس المقصود من المؤسسة هو دائرة لها غرفة استعلامات یسجل فیها المرجع اسمه عند الدوام الرسمی . بل تدار المؤسسة ( الهیئة ... ) من مکاتب المراجع ولا یخفی ما وصل الیه العلم فی مجال الاتصالات الیوم .

قلتم ( وهنا أسمح لنفسی أن أدعی أن فتح باب للوحدة والتعدد حسب قناعة الشیعة فی کل عصر ، هو الصحیح، وأن فرض الوحدة أو العمل لفرضها هو الخطأ ) . انتهی .

وهذا الذی نتوخاه من إثارة الموضوع . ومن نحن لنفرض علی المراجع الوحدة !؟ واذا أمعنتم النظر فی ردودی السابقة لوجدتم أننی أؤکد علی التعددیة ، وأن الهیئة المفترضة مکونة من أفراد مراجع کل له من یقلده ، وللمکلف الحریة التامة فی تقلید من شاء منهم أو العدول الی آخر . أما فی مغالاة البعض فی إیجاد مرجع واحد

للشیعة ، فأنا خارج عنها ، لأن هذا لا یتم مع فتح باب الاجتهاد ، بل هو یعنی بصورة غیر مباشرة غلق باب الاجتهاد . وعلیه فلا نعمل علی مصادرة حریة الانسان الشیعی فی التقلید الشرعی .

ص: 68

وعلی ما أوضحناه أعلاه وبالمداخلات السابقة صار واضحاً أننا لا نرید مرجعاً عالمیاً واحداً للشیعة لا معارض له .. کیف ندعی هذا ونحن الشیعة نجعل مجلساً للخبراء یراقب عمل الولی الفقیه .. وأعتقد أن المسألة فهمت من خلال الخلط بین الولی الفقیه المتصدی ، وبین المرجع .

وکذلک لا نطمح الی مرجعیة دینیة تتصدی للعمل والمواقف السیاسیة .. نعم هذا جزء من الطموح وهو متوفر فی الولی الفقیه المتصدی للدولة .. وقد ذکرنا کثیراً من الطموحات فی الردود السابقة ، أهمها إغناء فقراء الشیعة والاستفادة من أموال الامام بطریقة تخدم المذهب بأفضل ما علیه الآن .

ومسألة حفظ استقلال الحوزات الدینیة والعلماء عن الدولة ، هو مما أکدناه فی الردود السابقة وقد قلت فی أحدها أن المراجع فی ظل المؤسسة یشکلون ضغوطاً علی الحکومات بدل العکس .

وبهذا نکون قد أعطینا الحق ( الانتخاب الطبیعی ) للانسان الشیعی ولمراجع التقلید .. فما علینا إذن إلا واجب التوعیة العامة الشیعة ، والعمل لتقویة المرجعیة بشکل مؤسسات ومراکز ،

ص: 69

تجعل أعمالها مؤسسیة فی ضمن إطار وحدوی أو تنسیقی ، بعد أن لا یمانع فی ذلک المراجع العظام .

مع خالص التحیات .

- فأجابه

العاملی بتاریخ 27-03-2000 :

الحمد لله أن أفکارنا متقاریة أیها الأخ الخزاعی ..

وأرجو أن تشارک فی الموضوع الآخر الذی فتحه الأخوة حول مالیة المرجعیة ، فهو استکمال لهذا الموضوع ، علی أن موضوعنا عریض ومسائله متعددة .. وشکراً .

ص: 70

الفصل الثانی : ضرورة توحید فهمنا للمرجعیة العلیا للشیعة

- کتب العاملی فی شبکة هجر الثقافیة بتاریخ 30-3-2000 ، موضوعاً بعنوان ( قبل الاطروحات ومناقشتها .. ینبغی أن نوحد فهمنا للمرجعیة العلیا للشیعة ) ، قال فیه :

الأخوة الاعزاء ، خاصة السید العلوی والأخ حبیب الشعب ،

وجدت أن الأختلاف بیننا فی الطروحات للمرجعیة ومالیتها ، ناشئ من اختلاف فهمنا لأصل المرجعیة الدینیة العلیا فی مذهب

ص: 71

أهل البیت علیهم السلام . لذا أحاول أن أطرح تصوری ، لکی یتکامل بما تتفضلون به من مناقشة إن شاء الله .

تقوم المرجعیة الدینیة عند الشیعة علی عدة أسس هی :

الاساس الأول: أنها منصب خبروی ، فالمرجع خبیر فی الشریعة الاسلامیة المقدسة علی مذهب أهل البیت علیهم السلام ، بل هو کبیر الخبراء ، وأعلم الفقهاء .. ویتفرع عن هذا الاساس أن المرجع لایمکن حصره فی بلد معین أو جنسیة .. فکل عالم شیعی من أی بلد وقومیة ، وصل الی هذه المرتبة السامیة واستوفی بقیة الشروط ، فمرجعیة الشیعة حقه وواجبه .

ویتفرع علیه أن تعدد المرجعیة أمر طبیعی مشروع ، بحکم أن آراء الخبراء والمکلفین تتفاوت فی تشخیص المرجع الأعلم .

الأساس الثانی : أن المرجع الأعلی مرجع ، ولیس مقلداً تابعاً ! ویتفرع علیه أنه لا یجوز أن نلزمه بأی سلوک عملی ، بحجة أننا مقتنعون به .. فمقیاسه فی عمله قناعته هو وفتواه هو ولیس قناعتنا أو فتوانا. ولنسم هذا الاساس :

( الحریة المشروعة للمرجع ) .

الأساس الثالث : أن اجتهادات المراجع فی عصر الغیبة متکافئة فی کونها اجتهادات شرعیة فی أحکام مذهب أهل البیت علیهم

ص: 72

السلام . ومعنی ذلک أن المرجع الذی یوصله اجتهاده الی ضرورة ابتعاد المرجعیة الدینیة عن السیاسة والعمل السیاسی ،بحجة أن نتیجته الضرر علی المذهب والشیعة فی العالم .. فاجتهاده محترم ونافذ علی مقلدیه ، لأنه حکم شرعی علی أصول الاجتهاد المتفق علیه فی فقه المذهب الشیعی .

وکذلک الذی یوصله اجتهاده الی ضرورة العمل السیاسی فی عصر الغیبة.. فاجتهاده محترم ، ونافذ علی مقلدیه . وکل منهما له الحریة فی أن یدعو الشیعة الی اجتهاده .. نعم لا یجوز له فرضه علی الأخر .

وینبغی أن نعرف أن مراجعنا یتفقون فی أمر العمل علی وجوب التوعیة الدینیة وتبلیغ الأحکام ، ووجوب الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر ، ووجوب الجهاد الدفاعی إذا تعرض بلد مسلم لخطر خارجی ..

أما فی العمل السیاسی للقیام بثورة ، أوالوصول الی سلطة ، فلهم ثلاث فتاوی : وجوب العمل لذلک ، وحرمة العمل لذلک، وجوازه بشروط مشددة وقیادة مرجع جامع الشرائط ..

ص: 73

وتبعاً لذلک من الطبیعی أن یکون المکلفون الشیعة علی ثلاثة أنواع أیضاً .

الأساس الرابع : أن الأنسان الشیعی البالغ مکلف بأن یختار مرجع تقلیده . ولنسم هذا الاساس ( الحریة المشروعة للمکلف ) وتشمل هذه الحریة أخذ الفتاوی والتوجیهات من مرجعه ، وصرف حقوقه الشرعیة برأیه وإجازته .

الاساس الخامس : أنه یوجد مجموعة أحکام شرعیة للمرجعیة مجمع علیها عند فقهاء الطائفة ، کما توجد سیرة لمراجعنا ولمتدینی الشیعة عبر العصور ، حتی تصل الی الأئمة المعصومین صلوات الله علیهم .. وهذه الأحکام والسیرة لا یصح تجاهلها لأنها سیرة للمرجعیة متصلة بالمعصوم وممضاة منه ..

ومفردات هذه السیرة کثیرة ، ومنها قطعیة ومنها ظنیة ، وکلامنا عن القطعی منها ، ومنه ما یخص البنیة العامة للمرجعیة ، وسلوکها وقیمها...

- فکتب حبیب الشعب بتاریخ 31-03-2000 :

الأخ الفاضل العاملی :

ص: 74

السلام علیکم ورحمة الله وبرکاته ، وشکراً لک علی هذا الطرح المنهجی .

(1) قلت یا أخی إن أساس المرجعیة الاجتهاد وشروط أخری لاشک تقصد منها العدالة ، ولکن وعلی الرغم من وجود خلاف فی مسألة وجوب تقلید الأعلم ، واحتیاط کثیر من فقهائنا الکبار فیه ، وعدم إفتائهم به ، إلا أنه لم یقل أحد بأن تحمل المرجعیة واجب علی کل مجتهد جامع للشروط ، وهذه ملاحظة ثانویة .

(2) لا خلاف أن الفقهاء بما هم فقهاء ، متخصصون فی استنباط الأحکام الشرعیة فحسب ، أما تشخیص موضوعات الأحکام کمعرفة الأوضاع السیاسیة والاجتماعیة والثقافیة ، فلیست من اختصاصهم وإن کان المتابع منهم - ومن کل الناس أیضاً – لهذه الأوضاع والغائص فی تعقیداتها یستطیع تشخیصها ، فإذا کان هذا المتابع عارفاً بالأحکام استطاع معرفة الحکم الصحیح فی الموضع الصحیح . وهذا هو جوهر الموضوع برمته..

فمعظم مراجعنا تقلیدیاً لیس لهم احتکاک بهذه الأوضاع ، ومع ذلک فلا أحد یرید أن یفرض علیهم شیئاً بل ما یراد هو أن یقتنعوا بضرورة معایشة هموم الأمة ومشاکلها فی ساحات

ص: 75

الصراع کافة ، لیکونوا الراعین لحرکتها فی جهاد أعدائها والرقی بحالها .

فالمهم هو أن یخرج المرجع من کهفه إلی الفضاء الرحب ثم لینظر رأیه ، ألا تری أن لیس لمعظم مراجعنا حتی نشاط ثقافی فی طرح الفکر الإسلامی مقابل الأفکار التی تغزو الساحة وتستقطب الشباب ؟ رغم أن إلقاء محاضرات للعامة فی المساجد والجامعات أو الکتابة فی الصحف أو التألیف فی هذا المجال لا یکلفهم عادة شیئاً یخشون فیه علی شئ ، وإذا کان الأمر مختلفاً فی العراق مثلاً فمن قبل لم یکن مختلفاً .

وبهذا یتضح أمر الأساس الثالث لاسیما وأن قضایا کالثورة والوصول إلی الحکم لیست مطروحة بالضرورة ، إذ یکفینا ما هو أدنی منها بکثیر .

(3) رغم حریة المکلف فی اختیار المرجع إذا لم یکن هناک ملزم له بتقلید فرد ما بسبب الأعلمیة أو غیرها ، رغم هذا فإن توحید جهود الفقهاء فی مؤسسة شاملة من مهامها تعیین مرجع وحید أمر لا ینافیه ؛ لأنه أصلاً مشروط بعدم وجود ملزم له بتقلید فرد معین ، ولاشک أن إجماع الفقهاء الأحیاء أو المراجع منهم علی أحدهم لیکون مرجعاً وحیداً أو علی آلیة لاختیار

ص: 76

المرجع الوحید حجة علی هذا المکلف ، لأنه صادر عن مرجعه أو عن من یفترض أن یکون مرجعه حسب الفرض .

هذا إذا قلنا بأن من مهام المؤسسة ذلک ، وإلا فلندع مسألة تعیین مرجع وحید جانباً ولنجعل عمل المؤسسة فی رعایة الواقع الشیعی من جمیع جوانبه ومنها الجانب المتعلق بصرف الحقوق والتبرعات لخدمة الإسلام والمسلمین وإقامة مشاریع خیریة تمثل المرجعیة حفظاً لها إذا مات المرجع ، وحفظاً للمال من الضیاع فی حیاة المرجع أیضاً .

(4) أعتقد أن کثیراً من الأفکار المطروحة لتطویر المرجعیة وتفعیلها لیست مقابل أحکام مجمع علیها ، لأنها مطروحة من علماء من الوزن الثقیل من قبیل الإمام الخمینی والشهید السعید السید محمد باقر الصدر (ره) ، والمرجعیة لم تتبلور فی صورتها الراهنة فی حیاة الأئمة (ع) حتی نقول بإمضائهم لها ، بل إن سیرة الأئمة (ع) کانت فی متابعة التطورات ومخالطة الناس وإظهار المواقف تجاه الأحداث السیاسیة والاجتماعیة الفکریة والتصدی لها ، ما أمکنهم إلی ذلک من سبیل .

ص: 77

وهذا موضوع طویل ، ولکن المهم هنا أن أکثر مراجعنا لیس عندهم ما یعوقهم عن التصدی لکثیر من الأحداث ، لاسیما الاجتماعیة والفکریة .

- فکتب العاملی بتاریخ 31-03-2000 :

الأخ الکریم :ذکرت مسائل ونسبتها الی الشیعة وفقههم ، وهی أول الکلام .

نبدأ منها بشرط الأعلم فی مرجع التقلید .. ثم نبحث مقولة أن المرجع لا یتدخل فی تشخیص أی موضوع من الموضوعات !

وشرط الأعلم فی المرجع بحث فقهی مفصل ، بحثه فقهاؤنا ، رضوان الله علی الماضین منهم وحفظ الباقین ، وأوردوا أدلته النقلیة والعقلیة . لکنی أکتفی منها بدلیلین یوجبان تقلید الأعلم :

الأول ، أن المسلم المکلف فی عباداته ومعاملاته ( وسیاساته ) إذا قلد أعلم الفقهاء فی عصره ، یحصل له العلم ببراءة ذمته عند ربه ، لأنه أخذ فتاواه ممن اطمأن أنه أخبر فقهاء عصره فی الشریعة ، ونفذها. أما إذا قلد غیر الأعلم ، فلا یحصل له الیقین ببراءة ذمته ، لاحتمال أن یکون الواجب علیه الرجوع الی الأعلم

ص: 78

.. وهذا ما یعبر عنه الفقهاء بدوران الأمر بین براءة الذمة الیقینیة من التکالیف ، وبراءة الذمة الاحتمالیة.. فیجب تحصیل الیقین .

والثانی ، نقول للذین أخذوا فی عصرنا یروجون أن مذهب التشیع لا یوجب تقلید الفقیه الأعلم ، ویعملون لتخفیض الشروط فی مرجع التقلید :

أولاً ، ماذا تصنعون بالأدلة العقلیة والنقلیة وسیرة الطائفة علی الرجوع الی أعلم فقهاء عصرها ما أمکنها السبیل الی ذلک ؟

وثانیاً ، لماذا إذن تعترضون علی المخالفین مثل ابن أبی الحدید الذی یقول : الحمد لله الذی قدم المفضول علی الفاضل ؟!!

- فکتب حبیب الشعب بتاریخ 01-04-2000 :

الأخ الفاضل العاملی :

أنا لم أقل أن المرجع لا یتدخل فی تشخیص الموضوعات ، فضلاً عن " أی من الموضوعات". وأخشی أن یقرأ هذا الموضوع غیر طلبة الحوزة فلا یفهمون المعنی إن استخدمت مصطلحات علمیة فقط ؛ لهذا فسأبسّط الموضوع .

أنا قلت فی النقطة الثانیة : أما تشخیص موضوعات الأحکام کمعرفة الأوضاع السیاسیة والاجتماعیة والثقافیة فلیست من

ص: 79

اختصاصهم وإن کان المتابع منهم لهذه الأوضاع والغائص فی تعقیداتها یستطیع تشخیصها .

الحرمة حکم موضوعها الخمر مثلاً،والوجوب حکم موضوعه الصلاة مثلاً ، الفقیه هو المتخصص فی استنباط الأحکام الشرعیة. قد لا یعرف الفقیه أن فی إناء معین خمر فلا یعرف أنه حرام .

فی کثیر من القضایا کالقضایا السیاسیة لیس هناک أحکام واضحة لموضوعات واضحة ، بل الأحکام فیها عامة ، فمثلاً إذا کانت المصلحة الإسلامیة العلیا فی أن یدخل الإسلامیون فی البلاد العلمانیة فی المجالس التشریعیة وغیرها من مؤسسات النظام وجب علیهم ذلک ، أو إذا اقتضت المصلحة أن تقیم أو تقطع الدولة الإسلامیة علاقات مع دولة معادیة الإسلام لکون الإیجابیات أکثر أو أقل من السلبیات، فیجب أو یحرم علیها ذلک، وهلمّ جراً . من الذی یحدد أن المصلحة تقتضی أو لا تقتضی ؟ لا شک أنه المتابع والخبیر فی هذه الشؤون ، فقد یکون هو الفقیه نفسه .

أما مسألة تقلید الأعلم فلیست مشکلة فی هذا المقام حتی أننی تجاوزتها ، ولکن للتوضیح کلامی السابق فإن مدرسة السید صاحب العروة الوثقی أبو الحسن الإصفهانی من مثلهما ومثل

ص: 80

الإمام الخمینی والکلبایکانی وغیرهم یحتاطون فی المسألة ولا یفتون کما أنها من المسائل غیر المبحوثة عند المتقدمین والمتأخرین .

لن أزید علی ذلک فی هذه الصفحة لأن جوابی علی مقالک لا یتوقف علیها وقد قبلتها وتجاوزتها فیه جدلاً لهذا السبب ، ولا أریدها أن تکون محور کلامنا فیضیع الموضوع الأساسی . ولک خالص شکری .

ونکتفی بما تقدم من هذا الموضوع .. خشیة الاطالة .

ص: 81

ص: 82

الفصل الثالث : خطر تحویل المرجعیة الی مؤسسة مثل الفاتیکان !

- کتب المدعو ( حبیب الشعب ) فی شبکة هجر الثقافیة، بتاریخ 1-4-2000 ، موضوعاً بعنوان : (

المرجعیة المؤسسة عند سماحة السید فضل الله - صفات المرجع المعاصر )، قال فیه:

فیما یلی عرض للخطوط والمعالم الأساسیة للمرجعیة المؤسسة من وجهة نظر آیة الله العظمی السید فضل الله :یمکن لنا أن نحدّد إطار المرجعیة المؤسسة فی مصطلح ( المرجعیة الشاملة ) بمعنی أنها تتسع بسعة دور الإسلام الشامل

ص: 83

فی الحیاة ، بحیث یُنطلق فی المشروع من شخصیة المرجع وینتهی بالعالم کواقع سیاسی وثقافی واجتماعی . وذلک بالاستناد إلی ثلاثة مرتکزات أساسیة : - المرجع - المؤسسة المرجعیة - الأمة الإسلامیة . وسنحاول هنا أن نقف مع کل وأحد من مرتکزات المشروع المرجعی ، وفق الصورة التی یرسم ملامحها سماحته :

المرجع الدینی : حول المواصفات الذاتیة لشخصیة المرجع ، لا یری سماحته أن الأعلمیة لدیه منحصرة فی الفقه والأصول ، ولا بد من إضافة عناصر أخری لیکون فیها الفقیه مرجعاً لا مفتیاً حیث یقول :

" إننی من الأشخاص الذین لا یقولون بالأعلمیة شرطاً فی المرجعیة ، ولکنّنی عندما أتحدث حتی فی الجو العام الذی یری الأعلمیة أساسیة فی هذا الموضوع أجد انه لا بد أن نضیف إلی الأعلمیة فی الفقه والأصول صفات أخری لیکون فیها الأنسان مرجعاً لا مفتیاً ، لأن المسألة المطروحة الأن فی الواقع أن الأعلمیة تعنی التقدم فی الفتیا ، ولکنها لا تعنی التقدم فی الجانب الأخر..

الی آخر مقال من کتاب لفضل الله اسمه ( بحث المرجعیة ، آراء فی المرجعیة ، الواقع والمقتضی ) ص 123 ، وکتاب لسلیم

ص: 84

الحسنی ، اسمه ( المعالم الجدیدة للمرجعیة الشیعیة ) ، دار الملاک ، ص 58، ط 3، 1994

- فکتب العاملی بتاریخ 01-04-2000 :

الأخ الکریم .. أولاً ، سأحاول ترجمة ما نقلته الی لغة عربیة واضحة ، فأعطنی رأیک .. یقول فضل الله :

لا یشترط أن یکون المرجع أعلم فی الفقه ، ویجب أن یضاف الیه شرط جدید هو الانفتاح علی قضایا عصره .

والسؤال : 1- ماهو الدلیل الفقهی علی إلغاء شرط الأعلمیة فی المرجع ؟ وهل یوافقه أحد من فقهاء الشیعة عبر العصور ؟ مع ذکر نص عبارته ؟

2- ما معنی هذا الشرط الجدید ، ومن الذی یشترطه ، ومن یشخصه ، وماهو دلیله الفقهی ؟ وهل یوافقه أحد من فقهاء الشیعة عبر العصور ؟!

هذا علی صعید النظریة .. أما عملیاً ، فهل طرح فضل الله مشروعاً محدداً لمجلس الفقهاء الذین لهم صلاحیة اختیار المرجع ؟

ثانیاً ، السید الخوئی رحمه الله مرجع تقلیدی ، وقد أوقف المؤسسات التابعة لمرجعیته فی العالم ، وجعل تولیتها لهیئة أمناء ،

ص: 85

وأوجب علیهم أن یعملوا برأی المرجع الدینی الجدید ، الذی ترجع الیه أکثریة الطائفة الشیعیة ..

والسید فضل الله مرجع عصری .. فهل صحیح أنه سجل المؤسسات التابعة له باسمه واسم أولاده ؟

للعلم أنه فی السنة الماضیة أصیب بسکتة. والانسان معرض للموت دائماً .

ثالثاً، السید فضل الله مرجع عصری برأیکم ، فهل أطلع وکلاءه علی مالیته ، وأخبرهم بخلاصة سنویة موثقة للوارد والصادر .

- فکتب أبو حسین :

یازهراء أدرکینی . اللهم صل علی محمد و آل محمد .

ولایتی لأمیر

النحل تکفینی * بعد الممات و تغسیلی و تکفینی

وطینتی خلقت من قبل تکوینی * بحب حیدر کیف النار تکوینی

- وکتب حبیب الشعب بتاریخ 02-04-2000 :

أخی العزیز والفاضل العاملی :

الأخوة الکرام السلام علیکم ورحمة الله وبرکاته ، أما بعد:

ص: 86

أعتقد أن کلام سماحة السید فضل الله حفظه الله لیس بحاجة إلی ترجمة ، وهو لم یبن کلامه فی صفات المرجع المعاصر - وهو موضوع هذه الصفحة - علی عدم اشتراط الأعلمیة ، بل هو یقول أنه حتی لو اشترطنا الأعلمیة فینبغی أن نشترط معها أموراً أخری حتی یتحقق ما یری أنه أهلیة المرء لیکون مرجعاً شاملاً ، لا مجرد مفتٍ فقط .

وفی رأی الشهید السعید الصدر لیکون مرجعاً صالحاً وموضوعیاً لا ذاتیاً .

وهذا هو الموضوع الذی نناقشه هنا ، وسأکون فی خدمتکم إن فتحتم للأعلمیة صفحة مستقلة إن شاء الله ، فأرجو المعذرة ، فقد رأیت کیف انحرفت کثیر من حوارات عن موضوعاتها فی کل منتدیات الحوار التی زرتها ، ووصل بها الأمر أن ضاع الموضوع الأساس ، وصار کل الحوار فی موضوعات أخری ، ولقد أجبتکم باختصار عن شبه له فی صفحة سابقة .

أما عن مشروع السید فهو مازال مشروعاً للحوار لکی یثری ویقتنع به الناس والعلماء ، لهذا فمن الطبیعی بل من اللازم أن یکون مجملاً ، فهو یقوم علی أسس من صفات لشخصیة المرجع، ومن عمل مؤسسی جماعی منظم ومن نظرة موضوعیة إلی دور

ص: 87

المرجعیة فی رعایة الأمة والإشراف علی حرکتها من جمیع نواحیها ، ویبقی للمستقبل ولأهل الرأی أن یثروا الفکرة أکثر ، ویقیموا سلبیاتها وإیجابیاتها ، ثم تأتی إن شاء الله مرحلة الإعداد والبلورة ، ومن ثم مرحلة التنفیذ إن قدر الله لها ذلک ، وکل المشاریع هکذا .

ولم یدّع سماحته أن عنده مشروعاً مفصلاً تفصیلاً .

وأود أن أشیر إلی ما أشرت إلیه فی النهایة ، فکلنا یعلم الخلاف بین سماحة السید السیستانی وهیئة الأمناء فی مؤسسة السید الخوئی ، وعدم ارتضائهم من عینه السید السیستانی علیها، لماذا ؟ لو کانت المرجعیة مؤسسة فالأشخاص یموتون والمؤسسة باقیة ، فلا یتغیر وضع مؤسسة السید الخوئی بعد وفاته . وإنشاء مؤسسة مرجعیة لمثل هذا الغرض مما أکده السید الشهید الصدر من قبل . ولا علم لی بتسجیل السید فضل الله مؤسساته باسمه أو بأسماء أولاده ، ولکنی أعلم أن مکتب السید یصدر سنویاً بیاناً بما جاءه من مال وبما أنفقه ، والله أعلم .

وأتمنی ألا یکون کلامنا مرکزاً حول الأشخاص سواء أحسنوا فی نظرنا ، أم أساءوا ، لأننا نقتنع بالأفکار ، والأفکار لیست شیئاً

ص: 88

خاصاً شخصیاً بل هی عامة لکل الناس ، فینبغی أن یکون حوارنا منطقیاً وموضوعیاً فی دراسة الفکرة والفکرة المقابلة ، فلا تضیع الفکرة فی دهالیز الشخوص مهما کانوا .

وأنا مع عرفانی بما قدمه ومازال یقدمه السید فضل الله ، مما شهد به الموالف والمخالف حتی صار قطباً فی مواجهة الاستکبار العالمی والصهیونیة ، حتی ارتکزت علیه الحرکات الإسلامیة الشیعیة والسنیة . فإننی لا أطرح هذه الفکرة إلا لاقتناعی بصحتها وما فیها من خیر علی خط أهل البیت الأطهار (ع) وشیعتهم ، ولا یهمنی أن یعیش السید لیکون رأس المؤسسة المرجعیة . اللهم ربما أکون مخطئاً فقد جل من لا یخطئ. اللهم ارحم من یهدی إلی عیوبی .

- فأجابه العاملی بتاریخ 02-04-2000 :

الأخ الکریم : تکیل المدح الخیالی لأشخاص ، وتقول نحن نبحث الفکرة ولا نبحث الأشخاص .. مع ذلک لا بأس ..

الموضوع : مشروع إلغاء شرط الأعلمیة فی مرجع التقلید . وقد عرفنا أن الأدلة الفقهیة لا تسمح به..

ص: 89

لکن لو فرضنا جدلاً أنا مشینا بهذا المشروع ، فماذا تکون نتیجته فی المجتمعات والأوساط الشیعیة؟ ماهو المیزان لوصول العالم الی درجة الاجتهاد ؟ وکم یشترط أن یشهد له بذلک من فقهاء عصره المسلَّم اجتهادهم ، أو مرجعیتهم ؟! نحن الآن مع أنا نشترط الأعلمیة، ومع أن الناس یسألون ویدققون فی هذا الشرط ..

نتفاجأ بأشخاص یدعون المرجعیة ولیس عندهم مستوی اجتهاد ، ولا شهادة اجتهاد من أحد ، ویساندهم حکومة أو أشخاص بالدعایة للتأثیر علی بعض الشیعة !!

ألا یسبب ذلک تشتیت المرجعیة وکثرة المتصدین لها ، وبالتالی تضعیف مقام المرجعیة ؟

ألا یسبب التنازل عن شرط الأعلمیة الی الاتجاه للتنازل عن شرط الاجتهاد أیضاً ، ووصول مقام المرجعیة الی الحفاة علمیاً ؟!

ألا یسبب ذلک أن یسألک الشیعی أو السنی : مادمت تعترف أن زیداً الفقیه أعلم فی الشریعة وأتقی ، ثم تقلد عمراً الذی لا یصل الی مستوی کبار تلامذته ؟! فلماذا تعترض علی الذین قدموا علی أمیر المؤمنین علی علیه السلام من هم أقل منه ؟!!

ص: 90

فهل نکون بإلغاء هذا الشرط عمقنا ثقة الشیعی بمذهبه وبفتوی المرجعیة ، أم ضعفناها؟ وهل نکون سعینا نحو وحدة الشیعة ومرجعیاتهم ، أو نحو تشتتها؟

أتصور أن حبنا لأشخاص مع وجود أفقه منهم فی الطائفة ، یدفعنا الی محاولة التغییر فی شروط المرجعیة حتی تنطبق علیهم !

لکن ذلک غیر ممکن.. وإن أمکن فی شخص أو ظرف محدود، فهو عرض طارئ لایعیش فی فقه الشیعة ، ولا فی حیاة متدینهم.

- فکتب حبیب الشعب 03-04-2000 :

أشکرک یا أستاذی الفاضل علی هذه التنبیهات .

- کتب المدعو حبیب الشعب فی شبکة هجر الثقافیة ، موضوعاً بتاریخ 28-3-2000 ، بعنوان : ( هل یصلح المجلس الفقهی بدیلاً عن المرجعیة الفردیة ؟ ) قال فیه :

هذا المقال تتمة للمقال "سلبیات المرجعیة الشیعیة بصورته الفردیة" :

ص: 91

المجلس الفقهی : یطرح بعض العلماء " المجلس الفقهی" کبدیل عن المرجعیة ویؤسس هؤلاء طرحهم علی مسألة الأعلمیة : منها أن " اجتماع مجتهدین یملکون الکفاءة الفقهیة علی رأی وأحد قد یفسح المجال لأن یکون إدراک الحکم الشرعی الواقعی بطریقة أکثر سلامة من رأی مجتهد واحد وحتی لو کان الأعلم لأن الآراء المجتمعة عادة تمثل دراسة متکاملة أکثر من الدراسة الفردیة، وبذلک حسب وجهة النظر هذه نتخلص من المشاکل التی تطرحها

مسألة انتقال التقلید من شخص إلی شخص عندما یموت شخص أعلم لیخلفه شخص آخر فی المجلس الفقهی (3) وبالتالی فإن ذلک قد یسبب الأختلاف بین تقلید العالم السابق والعالم اللاحق ویربک ساحة الجمهور .

کما أنه قد یؤخذ علی المجلس الفقهی فی حال اختلاف المجتهدین ، هل یتبع الأکثریة ؟ وما هو الدلیل علی صحة رأی الأکثریة أمام الأقلیة ؟ خاصة فی حال عدم وجود أسس محدودة تغلّب رأی الأکثریة من العلماء علی رأی الأقلیة (4) .

أما عن تعیین المجتهدین فی المجلس الفقهی فتعترضه عدة معوقات ، فهل یتم هذا التعیین من قبل الولی أم بالتصویت

ص: 92

الشعبی؟ وبالتالی ما قیمة هذا التصویت فی اختیار المجتهدین .. خاصة وأن الناس لیس لدیهم القدرة علی اختیار المجتهدین . وهذا مما یعنی أن المجلس لن یستطیع الاطلاع بدور المرجع لأن المرجعیة فی وعی الناس لیست مجرد قضیة فتوائیة ، بل أن المرجع عندهم له صورة القائدة حتی لو لم یکن ممارساً لقیادته .

کما أن المجلس لن یستطیع إنقاذ الناس من حالة الإرباک فی الفتوی باعتبار أنه لا یملک الاستمراریة الزمنیة . فقد یحل مکانه مجلس فقهی آخر قد تکون أراء هذا المجلس الجدید مختلفة عما سبق (5) .

هذا بالإضافة إلی ما یمکن أن یتأتی عن إلغاء المرجعیة باستبدالها بالمجلس الفقهی مع وجود هذه الثغرات .

أیضاً قد تطرح ملاحظات شبیهة حول موضوع الولایة باعتبارها العنوان التنفیذی لحرکیة المرجعیة القیادیة إذا ما حصل أی تغییر أو تبدیل بشأن الولی وهذا أمر محتمل إذا طرأت ظروف معینة فد تخلق خلافاً بین المجتهدین حول النظریة نفسها وبهذا الشأن قد تعود الأمور إلی التعقید من جدید فی حال لم یتحصل الإجماع حول الولایة العتیدة .

ص: 93

ولعل حل المسألة هو بتطور المرجعیة بکافة أشکالها الأنفة لتتحول إلی مرجعیة مؤسسة لها أصولها وهرمیتها ومؤسساتها التی تضمن استمراریة الإشراف علی شؤون الأمة مهما تغیرت الظروف وتبدلت الأوضاع وتوالی المراجع علی رأس هذه المؤسسة الشمولیة .

(1) الشهید الصدر ، المرجعیة الصالحة ، ص 15

(2) السید فضل الله ، بحث المرجعیة ، آراء فی المرجعیة ، الواقع والمقتضی ص (120 - 121)

(3) السید فضل الله، بحث المرجعیة، آراء فی المرجعیة ، الواقع والمقتضی ص 121

(4) السید فضل الله ، المصدر نفسه ص 122

(5) السید فضل الله ، المصدر نفسه ص 123

- فکتب الخزاعی :

الأخ الکریم حبیب الشعب . السلام علیکم :

کل شئ ممکن اذا تفهم المراجع الفکرة واطلعوا علی العالم الخارجی من حولهم مباشرة . لکن المشکلة أن أکثر مراجعنا العظام حفظهم الله هم بمعزل عن المحیط الخارجی ، أی أنهم یعتمدون علی مسؤولی المکاتب أو الوکلاء المطلقین ، وهؤلاء یصورون المحیط الخارجی من وجهة نظرهم .

ص: 94

هذه المقدمة التی قدمتها لکی أقترح تکوین لجنة تضم لجنة من الفضلاء یلتقون المراجع ( جمیعاً ) مباشرة ویتم طرح الفکرة ( المؤسسة ) علیهم وتوضیح ایجابیاتها وسلبیات الحالة القدیمة .

- فکتب حبیب الشعب بتاریخ 29-03-2000:

الأخ الخزاعی ، السلام علیکم ورحمة الله وبرکاته:

نعمت الفکرة والله ، فإن بعض مراجعنا العظام یعیشون فی زوایا یحسبونها کل العالم الخارجی ، والحواشی التی تحیط بهم وهم مساعدون ووسائل اتصالهم بالعالم الخارجی قد اختیروا بطریقة عفویة غیر مدروسة ، لأنهم قد أحاطوا بهم ولازموهم فی مجالسهم .

لیته یحصل لقاء ودّی صریح بین شباب مثقف من الحوزة والمراجع حتی یتبین الجمیع ما هی أفضل الوسائل لخدمة هذا الدین ومذهب أهل البیت (ع) بالطرق المعاصرة .

- فکتب علی العلوی :

السلام علیکم أخوای حبیب الشعب والخزاعی العزیزین :

کل ما أقوله أن الحمد لله والشکر له لوجود شباب واع مثلکما فی الحوزة. وفقکما الله .

- فکتب حبیب الشعب بتاریخ 31-03-2000 :

ص: 95

أخی الفاضل ، أشکرک کثیراً علی هذا الشعور الطیب وبارک الله فیک .

- وکتب العاملی بتاریخ 31-03-2000 :

أعرف مرجعاً جلیلاً له صفات ممیزة فی دقته العلمیة ، وتقواه ، وإرادته الحدیدیة ، هو المرحوم السید أحمد الخونساری ..کان یری أن عمل المرحوم الامام الخمینی حرام وقلة معرفة ، ولکنه لم یعارض الثورة بحرف ، کما أنه لم یؤیدها بحرف !! وکنت أتصور أنه لایری وجوب العمل السیاسی ، لأنه کغیره من المراجع یعیشون فی عزلة عن العالم وقضایاه .. ثم عرفته عن قرب فرأیت أن آراءه الفقهیة

والسیاسیة ، وبعده عما نسمیه القضایا العامة ونرید من المرجع أن یدخل فیها .. کل ذلک ناتج عن مبان فقهیة وسیاسیة ، ولیس عن قصور أو تقصیر .

وزاد من احترامی له أن المرحوم الامام الخمینی کان یحترمه جداً ، وعندما یرسل الیه شخصا لینبهه علی بعض الأمور ، کان الامام الخمینی یصغی الی الرسول باحترام ، وینفذ توصیاته ما وجد الی ذلک سبیلا !!

ص: 96

وفی مسألة فتوی الشطرنج ، وأنه إن خرج عن کونه قماراً فهو حلال ، التی ضج العلماء بسببها ، رأینا الامام الخمینی یؤید کلامه ببعض کلمات السید الخونساری رحمهما الله !!

فاسمحوا لی أیها الأخوة أن أقول إن الامام الخمینی أفهم منا لشخصیة هؤلاء العظماء وأفکارهم ..

ماذا نستطیع أن نقول لمرجع یقول لنا : أنتم مشتبهون فی فهم فقه أهل البیت علیهم السلام ، وفی تخیلکم أن الله تعالی أعطی للفقیه فی عصر الغیبة ولایة علی عباده شبیها بولایة المعصوم !!

ویقول لنا : إن هذا ناشئ من عدم فهمکم لله تعالی وأفعاله وخطته فی عباده ، وعدم فهمکم للمعصوم علیه السلام ، ولغیر المعصوم ، وما یسببه المنصب من ضغط علی أعصاب البشر .. إنکم تنسبون الی الله تعالی أنه یسلم عباده الی غیر معصوم .. وهذا أمر عظیم . وتتصورون أن عمل المرجع فی السیاسة من مصلحة المذهب والشیعة ، لأنکم تنظرون الی الحاضر ، ولا تعرفون عواقب الأحداث السیاسیة بعد سنین وعقود وقرون !!.. الخ .

لا أرید أن أتبنی هذا الموقف ، ولا أن أدافع عنه ..

ص: 97

ولکنی أرید من الأخوة أن یدرکوا أن هؤلاء المراجع لیسوا فی کهوف ، ولا محاصرین بحاشیتهم ، بل هم أصحاب رؤیة ومبانی فقهیة وسیاسیة ، وأننا إن لم نقتنع بها ، فلا یصح أن نهزأها!! فإن السید الامام رحمه الله ، والسید القائد حفظه الله یحترمهم، ویعتبر أنهم اصحاب وجهة نظر فقهیة وسیاسیة .. وأنهم شئنا أم أبینا وجود أصیل فی هذه الطائفة بل قد یری البعض أن وجودهم ضروری حتی للعاملین فی السیاسة !!

فی المقابل .. أعرف عالماً دینیاً له مسؤولیة سیاسیة ،وهو یعیش بین الصحف والمراسلین ، وتصل الی خدمته آخر أخبار وکالات الأنباء وتطورات العالم ! وقد أحاط نفسه بعدة أشخاص ، عوجان السلیقة ، سیئی الظن ، معقدی الأنفس ، فصاروا عینیه ولسانه وشفتیه ! فهو لا یری إلا بعیونهم ، ولا یسمع إلا بآذانهم ، ولا یتکلم إلا بألسنتهم ! حتی عزلوه عزلاً تاماً عن واقع مؤسسته وواقع الناس ورأیهم فیه ، فصار الواقع عنده خلاف الواقع .. ودخل فی عالمه الخیالی وکهفه المحبب الی قلبه ، الذی صنعه لنفسه عن عمد ، فهو یرفض أن یعترف بوجود غیره !!

ص: 98

إن التکهف والتقوقع إنما یبدأ وینبع من داخل نفس الشخص، ولیس من خارجها.. فهو فی عمقه صفة للشخصیة التی قد تکون تقلیدیة فتتقوقع .. وقد تکون فی آخر درجات العصرنة ، فتدخل فی قوقعة عصریة ..

إنه حالة نفسیة کحالة الترف ، التی قد توجد فی الغنی ، وقد توجد فی الفقیر أیضاً فیصاب بالنقنقة والتنوق فی ملبسه وطعامه وشرابه.. فلایعجبه العجب ولا الصیام فی رجب !

أیها الاعزاء ، کلها اجتهادات فی عصر الغیبة ، وهی متکافئة فی نسبتها الی المذهب ، فاحترموها کلها ، فذلک من مصلحة المذهب علی المدی الطویل ، ودلیل علی حیویته فی الحریة والاستیعاب .. وشکراً .

- فکتب حبیب الشعب بتاریخ 01-04-2000 :

الأخ الفاضل العاملی :

لقد قلتها یا أخی بنفسک إن السید أحمد الخونساری کان یری فعل السید الإمام حراماً وقلة معرفة ، فعلام یدلنا هذا ؟ وإن کان قال ذلک فقد فعل غیره أکثر منه ما أفسد فیه علی الدولة الناشئة الکثیر وعقد أحوالها المعقدة أصلاً ، ولم یعرف کیف

ص: 99

تکون المعارضة الصحیحة علی الرغم من أن السید الإمام کان یرید الاستفادة من کل الطاقات فی الحوزة واستیعاب المخالفین له والاستماع لهم . وربما کان للسؤال المتقدم أجوبة شتی منها ما یضع الید علی جراحات کبیرة فی الحوزة من ضیق الصدر وغیره، ولکن فلنجتنبها الأن .

ما یهمنی الآن هو هل صحیحة طریقة السید الخونساری فی التعبیر عن رأیه؟ لا أرید جواباً فربما اقتضی ذلک دراسة الظرف الذی قاله فیه ، ولکن فلنلاحظ أن طریقة کثیر من العلماء فی نقد الحوزة والمرجعیة لا تزید عن طریقة الخونساری ، هذا وما قاله الخونساری یعد رأیاً اجتهادیاً حدسیاً أما القول إن المراجع یعیشون فی زوایا ویتصلون بالعالم من خلال الحواشی هو قول عن أمر محسوس ومرئی ، فالکثیرون لا یعرفون غیر بیوتهم والمسجد الذی یلقون فیه دروسهم .

أخانا الفاضل : دعنا من العمل السیاسی فماذا عن العمل الثقافی ؟

لماذا لا یتصدی المراجع إلی التألیف أو إلقاء المحاضرات أو التحدث إلی وسائل الإعلام فی الشأن الثقافی ، فی الوقت الذی ینجرف شباب الأمة نحو الأفکار غیر الإسلامیة ؟! ولماذا لا

ص: 100

یتصدی المراجع الکرام للتنظیر للمذهب الإسلامی فی الاقتصاد مثلاً کما فعل السید الشهید الصدر ؟!

وهم لا شغل لهم إلا التدریس ، لاسیما قبل تحمل المرجعیة ، لاسیما والساحة الإسلامیة بحاجة إلی هذا الأمر حاجة ماسة .

نحن لا نستهزئ بأحد، وإنما نصف واقعاً نراه بأمهات عیوننا، وهذا لا ینافی الاحترام ، فنحن نحترم کل مراجعنا ولکننا لا نقدسهم .

أما ما ذکرت عن أحد العلماء ذی المسؤولیة السیاسیة ، فلو صح ما قلته عنه فإشکال وارد علیه هو أیضاً ، وإن کنت لم أفهم کیف یعیش بین وکالات الأنباء ویحمل مسؤولیة سیاسیة وهو ینظر بعیون حاشیته .

وتذکّر أنک بکلامک هذا قد نقدته، وجرّحت حاشیته بشدة، ورأیت ذلک من حقک . وکما قلت لک أکثر من مرة فإن الهدف من طرح المشروع إقناع الحوزة والشیعة بالفکرة لا فرضها علی أحد . ولک خالص شکری .

- وکتب الخزاعی :

الأخ الفاضل حبیب الشعب :

ص: 101

ممکن ترسل لی کی أتمکن من معرفة بریدک .

- وکتب العاملی :

قلت لک أیها الأخ إن الامام الخمینی کان یحترم السید الخونساری ویعذره علی رأیه ، ویستمع الی ملاحظاته رحمهما الله .. وتجیبنی إنه مخطئ ..الخ ..!

لا بأس هو مخطئ ، لکنه صاحب اجتهاد ورؤیة سیاسیة ولیس فی کهف ! واجتهاده من حیث النبسة الی المذهب متکافئ مع اجتهاد الامام الخمینی ، لأنه مستند الی المذهب ، ومعه فیه کبار مراجع المذهب عبر التاریخ ، إلا من قل ! وعلیه فحقه فی التعبیر عن رأیه والدعوة الیه ، مثل حق المرحوم الامام الخمینی ، قدس الله نفسیهما ، ومقلدوه معذورون شرعاً ، ولا یمکنک أن تکلفهم بخلاف قناعتهم وقناعة مرجعهم !! متی کان فی مذهبنا قانون الإرهاب للرأی المخالف ، ومسحه من الوجود ؟!! أما یکفینا أنا بکینا دما من سیاسة فرض الرأی الوأحد بالسیف من یوم السقیفة ؟!!

ص: 102

ومتی کان المرجع الثوری أو العصری یقول : رأیی فقط هو المذهب ، وما عداه من آراء کبار الفقهاء القدماء والمعاصرین خارج عن المذهب ؟!!

إن مذهبنا أوسع مما یتصوره البعض ویرید أن یفصل له أثواباً علی مقاسات فهمه هو فقط ..فالمذهب یبقی .. وهو یذهب ، ولا یجد ثوبه من یلبسه .

- وکتب الخزاعی :

قلت سابقاً إننی أتابع هذه المواضیع أول بأول ، لکنی أحاول قدر المستطاع أن لا أشارک ، لأننی أری فی أول موضوع ( المرجعیة ما لها وما عیلها ) وصل الی نتائج معینة من الحوار لا تصل الی أکثر منه المواضیع الحالیة ..

لا شک أن لکل مجتهد رأیه ، وآراء الجمیع محترمة عندنا ، ویجب أن تکون محترمة لأننا لا نقبل ممن لا یطعن بآراء المرجع الذی نقلده ، وهذه القضیة تشملنا جمیعاً .

لکننا فی صدد نقاش قضیة المرجعیة المؤسسة أو المجلس الفقهی أو التعاون المرجعی أو ماشئت فعبر ، ولم نکسب مما ندعو الله شیئاً سوی حرق أعصابنا ، وما یهون الخطب أننا نشعر بین وبینا

ص: 103

ربنا أن حرق الاعصاب هذا هو خالص لوجهه ، وربما ومن الممکن جداً أن نکون علی خطأ .

لکننی مع الأسف لم أجد الی الآن من خلال هذه الحوارات ما یثبت خظأنا بوضوح . نعم فتاوی وآراء المرجع محترمة وهی حجة علیه قبل غیره ، لکننا لسنا بصدد آرائهم ، فإن قضیتنا هی ان أننا نری أن المرجعیة المؤسسة تعود بالنفع علی التشیع أکثر مما تعود علیه المرجعیة الفردیة ، ومن غیر المعقول أن نبقی علی نفس الطریقة والأسلوب الذی جاء به الشیج الطوسی قبل ألف عام وإن تغیر قلیلا ، لکن الأعم الأغلب هو هو .

ولا توجد لدینا فتوی من العلماء تنص علی حرمة المرجعیة المؤسسة حتی لا یکون من حقنا أن نطرح هکذا فکرة .

ثم أیها الأخوة لا نُقحم الجانب السیاسی فی الموضوع أکثر مما یستحق ، فالسیاسة مجال من المجالات العدیدة فی المرجعیة ، فلا نترک کل الموضوع من أجل فرد من أفراده ..

قرأت رد الأخ حبیب الشعب فلم أجد أنه قال السید الخوانساری مخطیء ، بل أشار الی دراسة الظرف الذی قاله فیه.. وعلی کل حال المصنف حی .

ص: 104

أما قضیة عدم التدخل بالسیاسة فلا أستطیع هضمها بصراحة ( مع کل التقدیر للآراء المختلفة ) وأن تعلل بالحفاظ علی الکیان الشیعی لوقت ما .. الکیان الشیعی الیوم تأکله الکلاب المستعرة ابتداءا من الصهاینة وأمریکا وعملائهم الحکام ، وانتهاءا بجیوش تستحل دم الشیعة ، ومع هذا فالشیعة الیوم هم أقوی من أی یوم مضی ، وربما لا سمح الله لا نکون بمثل هذه القوة فی المستقبل ، فلنستثمر هذه الفرص .

إضافة الی ذلک : کیف نفسر النظریة القائلة ب- ( الممهدون للامام المهدی) فمع الانزواء وعدم التدخل بالسیاسة نقع بالتناقض !

- وکتب العاملی :

شکراً أیها الأخ علی تفهمک .. ومادمنا اعترفنا بشرعیة اجتهاد من یخالفونا فی الرأی من المراجع ومقلدیهم ، وأنهم جزء أصیل من المذهب .. فلا یصح أن نطرح مشروعاً للمرجعیة یتجاوزهم .

أما تأکیدی علی الجانب السیاسی فی مجلس خبراء المرجعیة ، فسببه أن الجانب السیاسی فیه قوی لا یمکن إنکاره .. أفرض أنا

ص: 105

الآن نرید البدء بوضع مواد لهذا المجلس ومراسلة أعضائه للترشیح .. فأول ما یصادفنا العقبات السیاسیة .. ویکفی سؤال وأحد لأن یجعلک تتوقف :

هل یکون المجلس بعیداً عن الثورة والدولة فی ایران ، أم لا ؟

إن قلت نعم صرت معادیاً ، وإن قلت لا ، صرت عند الکثیرین تابعاً وإن قلت نحن لنا شغل بعلماء ایران بدون الجهاز السیاسی ، جاءک السؤال: لک شغل بالعلماء المعارضین منهم ، أم الموالین ..؟ هذه هی العقبة الأولی ..

ثم یأتیک الذین یخالفون العمل السیاسی . . . . الخ .

ثم ، لو استطعنا أن نشکل مجلسا یضم 500 عالماً محترماً .. ولنفرض فرضاً أنهم اختاروا بالاجماع مرجعاً یتصدی للأمور السیاسیة .. فسیجدون أنفسهم مع مرجعهم المنتخب أمام الأکثریة الصامتة فی العالم الشیعی ، وهی أکثریة مؤثرة ، تهتم بالتقلید ، وتدفع الحقوق الشرعیة ، وقد وصلت الی قناعة أن تقلد مرجعاً بعیداً عن السیاسة ، لا یتدخل فیها إلا فی حالات نادرة جداً ! فماذا تصنع لهم ؟!

إن ما تصبو الیه أیها الأخ من التنسیق والتعاون وتوحید الجهود بین المراجع أمر ممکن ، وقد کان یحصل عند ماکانت

ص: 106

المرجعیة بین اثنین أو ثلاثة ، ولم یکن لنا دولة . أما الآن وقد شتتوا المرجعیة ورخصوا بعض حالاتها ، فصار التعاون وتوحید الجهود بینهم أمراً صعباً مع الأسف ، حتی مع الذین یلتقون علی خط مؤید للجمهوریة الاسلامیة ( عصری ) ، أو خط تقلیدی !!

وفی اعتقادی أن هذه الحالة لاتدوم ، وأنه بعد زوال هذا التشتییت ، وترکز المرجعیة فی عدد قلیل ، یکون أمر التعاون أسهل .

علی أن التنسیق الطبیعی موجود الآن والحمد لله ، فالعالم الشیعی یزخر بأعمال مراجع متنوعة ، وکلها تصب فی طریق واحد .. فلماذا حرق الاعصاب علی واقع فیه الجید والردئ ، مثل کل عصر ..؟

وادع الله معی أیها الأخ أن یحفظ لنا أصل شجرة المرجعیة العریقة الراسخة بعراقتها ورسوخها وبنیتها ..فما الثورة والدولة فی ایران إلا ثمرة ثمراتها.. فما رأیک بالذین یریدون التضحیة بالشجرة ، من أجل الحفاظ علی الثمرة ؟!

- فکتب حبیب الشعب بتاریخ 2-4-2000 :

ص: 107

أخی العزیز والفاضل العاملی ، السلام علیکم ورحمة الله وبرکاته :

أما بعد یشهد الله أنی أکتب مقالاتی وردودی ببرودة أعصاب وباهتمام وبما أستطیعه من احترام الطرف المقابل ، وأحب أن أری فیک ذلک .

شیخنا الکریم أین قلت إنه مخطئ ؟ أنا سألت سؤالاً لأبنی علیه أمراً ..کیف ؟ فی البدایة قدّمت مقدمة لما فعله بعض الفقهاء والمراجع مما مثل خطراً علی الدولة الولیدة وغیر المستقرة، وهذا أمر معروف لاخلاف فیه ، مما أجبر السید الإمام علی حذفهم من الساحة لأنهم لم یعارضوا بالطریقة الصحیحة للمعارضة التی لا یؤدی إلی تقویض ما بذل الإمام عمره مع تضحیات الشعب لانجازه ، بغض النظر عن أی الرأیین صواب .

ثم قلت ربما یقول البعض إن السید الخونساری کان مثل هؤلاء لکن بدرجة دانیة فأعلن أن الإمام لا یفقه کثیراً مما یفعل وأن عمله هذا حرام ، ولکن الإمام لم یر فی قوله هذا الخطر الذی رآه فی عمل الآخرین فلم یحذفه ، ولسعة صدره کان یستمع إلیه ویستشهد بکلامه ، هذا ما یقوله البعض .

ص: 108

ولولم یصح فهناک الشواهد الأخری وهی تدل علی ما یتسم به جو الحوزة من ضیق الصدر ، وما ینتج عنه من مشاکل جمة ، وهذه کانت ملاحظة عابرة ذکرتها للمناسبة فقط .

ثم سألت سؤالاً آخر عن صحة طریقة الخونساری فی المعارضة لتحدید السؤال الأول أکثر ، وقلت إن الجواب علیه ینبغی أن یأخذ بعین الاعتبار الظرف الذی قاله فیه ، فلو قال ذلک مثلاً فی مقام التحریض علی الإمام بحیث یمثل خطراً علی النظام الولید فقد نخطئه ، ولو کان ذلک مثلاً فی مقام خاص لبیان وجهة نظره أو فی رسالة وجهها إلی الإمام لنصحه ، فقد نصحح عمله .

ثم تجاوزت السؤال لأنه لیس موضوعنا فبنیت علیه ما أود بناءه وهو أنه بناء علی مقالک السابق ورأیک فی الاختلاف بین الإمام والخونساری ، ینبغی أن نقبل بأن یقول قائل إن کثیراً من المراجع یعیش فی زوایا ضیقة ، لأنه بالإضافة إلی کونه أخف لهجة من کلام الخونساری فهو أمر محسوس نراه بأمهات عیوننا ولیس أمراً نظریاً اجتهادیاً ، وهذا هو المهم .

إخوانی الأفاضل : لماذا نضطر إلی أن نبتعد عن مواضیعنا الأساسیة دائماً لنناقش مثلاً الجواب علی سؤال : أین قلت إنه مخطئ ؟ ؟

ص: 109

ولا أرید أن أسأل " لماذا نضطر " أخری عن موضوع الإرهاب الفکری ومسح الرأی الآخر من الوجود ، وفرض الرأی الواحد بالسیف ، إلا إذا أثبت لی أحد إخوتی وأساتذتی الأفاضل أن مقالی السابق یوحی أو یدل علیه . وشکراً لک من قلبی أیها الأخ الخزاعی . أخوکم التلمیذ الصغیر .

ص: 110

الفصل الرابع : الحقوق الشرعیة .. أو مالیة المرجعیة

اشارة

- کتب المدعو علی العلوی فی شبکة هجر ، بتاریخ 25-3- 2000 ، موضوعاً بعنوان : ( الأموال الشرعیة هل لنا الحق فی المساءلة ) .

السلام علیکم إخوتی الکرام :

قد یکون الموضوع فی غایة الحساسیة ، ولکن لابد من مناقشته ، وخصوصاً أن فیما بیننا طلبة فی قم ، قد یؤثرون فی الواقع ایجابا أم سلباً .

ص: 111

لا أرید أن أکون متحاملاً ولا صاحب ظن سئ ، لکن الأمر یثیر التساؤل وهو أین أثر هذه الأموال ؟!

نحن نری أن الفرق الضالة من بهائیة وقادیانیة لها سیاسة مالیه محترمة جداً بحیث یستثمرون الأموال التی ترد لهم ومن ثم یستخدمونها فی مشاریعهم التبشیریة ، ویحسنون من حال أتباعهم.

السؤال هنا : هل الأموال الشرعیة التی ترد علی الفقهاء من أخماس وزکوات و غیرها تستثمر بالطریقة الصحیحة وتستغل الاستغلال السلیم ؟

لماذا الدعوة لمذهب الآل والتبشیر بالاسلام دائماً ، یکون مجهودا فردیا ولیس مشروعا تقوم علیه الحوزة وتموله من الأموال الشرعیة.لماذا لا نری الأثر الکبیر لهذه الأموال فی الواقع الشیعی؟! هذا مجرد تساؤل برئ .

- فکتب

الخزاعی بتاریخ 25-03-2000 :

أدخل للتحیة ، وأقول أنا علی الخط .

وسیکون هذا الموضوع أسخن المواضیع .. أترک الرد لأننی منفعل جداً بسبب نقاش حاد حول نفس الموضوع خارج ساحات الحوار .. وسأعود إن شاء الله . تحیاتی أخی العلوی .

ص: 112

- وکتب علی العلوی بتاریخ 25-03-2000 :

أشکرک أخی الخزاعی المحترم .

نعم لو تقوم الحوزة أو المراجع بإنشاء لجنة قائمة علی الاستثمار ولجنة قائمة علی وضع هذه الأموال فی موضعها الصحیح . ویتم استثمار هذه الأموال فی مشاریع ، ومن عائد هذه الأموال تباشر الحوزة مشاریعها الخیریة والدعویة. وبالامکان تکوین بنک أو مصرف للحقوق وخصوصاً أن الله أنعم علینا بجمهوریة اسلامیة الیوم ، ومن هذا المصرف یتم الاستثمار وتقدیم القروض من غیر أرباح .

المال إن لم یستثمر یذهب هدراً ، ولو کان مال قارون أو أمریکا .

فدخول الأموال ولو کانت بالملایین من جهة وخروجها من الجهة الأخری من غیر استثمار لهذه الأموال ، یعتبر هدراً لطاقات الأمة وتبذیرا .

ومن هذه الأموال یمکن رعایة وإقامة مشاریع الدعوة للاسلام ونشر مذهب الآل علیهم السلام . ولابد من أن تستعین الحوزة بالأخصائیین فی مجالات الاستثمار والمحاسبة والتجارة وغیرها.

ص: 113

ما أحلی أن یحلم الأنسان ، وما أمر أن یفیق من النوم لیجد أن حلمه ماکان إلا أضغاث أحلام . بانتظار ردودکم .

- وکتب العاملی بتاریخ 25-03-2000 :

أرجو أن تقدر أیها السید مجموع مالیة الحقوق الشرعیة التی تصل الی المراجع سنویاً ، ولو برقم تقریبی ، وتذکر المصارف الشهریة التی لا بد منها ، والفائض الذی تفترح له المشاریع ، أو تعترض علی کیفیة صرفه ؟

- وکتب علی العلوی بتاریخ 26-03-2000 :

شیخنا العزیز العاملی :

أنا أقول تساؤل برئ ، وأعلم أن هناک من یدفع الحقوق ، وأتصور أنه من الصعب أن یتنبأ بالمدخول ، وذلک لأن الموضوع غیر منظم ، وهو أن الأموال تدخل وتصرف ، ولا أحد یعلم أو یسائل کیف تصرف ، لأنه ببساطة شدیدة لا توجد آلیة لمراقبة أو محاسبة الحواشی ، وکیف یتم صرف الأموال .

المشکلة یاشیخنا الغالی أن الأموال لا تستثمر کما أسلفت سابقاً ، فلو یتم التقصیر الیوم علی بعض المستحقین فی سبیل الاستثمار ، والذی عندما یؤتی أکله یصبح العطاء أکثر وأکبر ،

ص: 114

ویکون هناک مصدر متجدد مستقل استثماری ویتضخم کلما ورد علیه المزید من الحقوق .

وفی هذه الحالة تحقق الحوزة استقلال ( کذا ) حتی فیما لو توقف الناس کلهم عن دفع الحقوق . وبدل أن تأخذ الحوزة سوف تعطی وتبذل ، والکل یعرف أنه بالمال یمکنک فعل المعجزات .

- وکتب حبیب الشعب بتاریخ 26-03-2000 :

الأخوة الأفاضل العلوی والخزاعی والعاملی :

السلام علیکم ورحمة الله وبرکاته .

فی البدایة أشکر الأخ علی العلوی علی هذا الموضوع القیم ، الذی یحتاج حقاً إلی البحث والحوار . ولقد فهمت من طرحه أن هناک مسألتین مسألة استثمار الأموال التی ترد علی المراجع ، وعلی کثیر من العلماء من وکلاء وغیرهم من حقوق شرعیة وتبرعات ، ومسألة أن کل المشاریع تقوم بمجهود فردی من قبل فرد أو جهة خاصة .

وفی المسألة الأولی یمکن القول إن جزءاً من هذه الأموال یذهب هدراً بتکرار المشاریع من مدارس دینیة وحسینیات

ص: 115

وغیرها ، حسب الجهات التی تقوم بها ، وتنافسها علی بسط نفوذها علی الساحة ، وبعدم تنظیم الصرف علی المستحقین حیث نجد علی سبیل المثال أن البعض یستغل حالة اللانظام ، فیأخذ مساعدات من جهات کثیرة دون أن تعلم أیة جهة منها بما أعطته الجهات الأخری ، وبالأنفاق علی الصراعات التی تحکم بعض الجهات تبعاً لمصالحها الخاصة ، کتمویل طباعة المنشورات والکتب التی تهاجم الجهات الأخری ، علی سبیل المثال أیضاً ، وبغیر ذلک .

وفی المسألة الأخری ، فلا أظن أنها ستتغیر إلا بمشروع کبیر هو أن تکون هناک مؤسسة جامعة لکل الطاقات المخلصة فی الحوزة تمثل المرجعیة الشیعیة ، تقود وتنظم وتشرف علی جمیع هذه المشاریع .

وأعتقد أن ملاحظة الأخ العاملی فی محلها ، ولکن المشکلة فی عدم وجود شفافیة فی مصادر التمویل وکمیته ومصارفه .

همسة فی أذن الأخ الخزاعی :

لا داعی للانفعال فأنت التیار الجدید إن شاء الله .

- وکتب علی العلوی بتاریخ 26-03-2000 :

ص: 116

السلام علیکم .

أنا أتصور بما أننا ندفع الحقوق لمرجع معین ، فلنا الحق فی المساءلة أین وکیف صرفت هذه الأموال ؟ وإذا کان العذر فی عدم النظام ، وأنه لا یمکن حصر المدخولات والمصروفات ، وتحدید الفائض أو العجز ، فإن هذه المشکلة مشکلة الحوزة والمراجع فی عدم مجاراة التطور الحاصل فی العلوم والادارة ، ولا بد للحوزة لکی تتبوأ مرکز قیادی لشیعة محمد وآله (ع) فلا بد من الاستفادة من العلوم الحدیثة ، ومن أخصائیین فی المحاسبة والادارة والتدقیق فی الحسابات ، فهکذا أصغر تجارة فی السوق أی سوق من أسواق الیوم یسیر ، فکیف بمرکز قیادی لما یقارب 300 ملیون مسلم .

أعتقد أننا لابد أن نراجع الکثیر من الأمور . أتصور أن الکثیر من المشاکل التی نعانیها فی کل أماکن تواجدنا ، ماهی إلا إفرازات لمشاکل الحوزة وعدم مجاراة علوم العصر وتطویر آلیاتها وأسالیبها . الیوم الکثیر من الناس یبصرون نور أهل البیت ویعتنقون المذهب عن طریق مجهودهم الذاتی فی البحث ، فهل عندنا إمکانیة أن نوصل لمن لم یصل له هذا النور .

ص: 117

إن عدم تنظیم أمور الحقوق التی هی مصدر للقوة المادیة ، هو إجرام فی حق البشریة التی لم تصل لمعرفة نور أهل البیت ، وذلک نتیجة تقصیرنا .

- فکتب العاملی بتاریخ 26-03-2000 :

أعرف أن الأخوة المتسائلین مثقفون شیعة ، یحبون أن یروا مرجعیتهم بمظهر معنوی ومادی یتناسب مع العصر ، ومع طموحاتهم لدورها حسب تصورهم وقناعاتهم .. ولذا أستبعد أی سوء نیة من طرحهم لتحویل المرجعیة الی مؤسسة دینیة فقهیة فکریة سیاسیة ، وأموالها وأوقافها الی مؤسسة مالیة .

لکن اسمحوا لی أن أکتب أولاً سطوراً عن الذین یفکرون للمرجعیة الشیعیة من خارج البیت ، وخارج الاخلاص !

عیونهم علی المرجعیة وعلی میزانیتها :

یعرف الجمیع أن المرجعیات الدینیة فی العالم واقعة تحت سیطرة دولها ، والدول الکبری .. فالحاخامات جزء من اللعبة الیهودیة ، وواحدة من وسائل القوارین .. ولا نستثنی منهم إلا بعض الطوائف الیهودیة الصغیرة جداً المتعصبة دینیاً مثل أسلافهم

ص: 118

الموکابیین ( راجع سفر الموکابیین ) وهم یخطئون هرتزل ، ویرون أن تجمع الیهود فی فلسطین تجمع لمذبحتهم الکبری !!

ولکن هؤلاء لا أثر یذکر لهم فی واقع الیهود .

أما المسیحیة وقیادة الکنیسة ، فیشاهد الجمیع ما وصلت الیه من ذل ، ظهر جلیاً فی عصرنا بفتوی تبرئة الیهود من دم المسیح ، ثم باعتذار البابا المهین للیهود من ظلم المسیحیة لهم علی مدی ألفی عام ! مع أن الیهود هم بنص الانجیل أعداء للمسیح ، قتلة.. وأفاعی !!!

إن مجلس الکرادلة الذی ینتخب البابا من بین أعضائه مسیَّسٌ تماماً ، وفی قبضة النفوذ الغربی ! ومادامت أمریکا والغرب مسیسة للیهود ، فهو مجلس خاضع لهم ! وستبقی نتیجة انتخاب البابا معروفة قبل ختام مسرحیة الانتخاب ، التی تنتهی بتصاعد الدخان الأبیض ، ومن باطنه دخان أسود !!

أما المسلمون السنیون ، فقد فقدوا مرجعیتهم العالمیة بضرب الخدیویین للازهر ثم قضاء عبد الناصر علیه .. والمرجعیات المحلیة فیهم خاضعة لسلطة بلدها ، والبلد الذی له فیه نفوذ ، وفی أکثر البلدان تعین المرجعیة وتعزل بمرسوم من رئیس الوزراء ، أو رئیس الجمهوریة ، أو الملک .

ص: 119

نعم توجد مرجعیات مستقلة وشبه مستقلة فی عدد من البلاد الاسلامیة، خاصة فی إفریقیا والهند ، ولکنها مرجعیات الصوفیین، وقد ضعفت أخیراً .

والمرجعیة الوحیدة الخارجة عن النفوذ السیاسی المحلی والدولی هی المرجعیة الشیعیة، ومن هنا کانت أمراً مزعجاً للحکومات المحلیة والاجانب !! فمرجع الشیعة له نفوذ کبیر علی الطائفة التی تبلغ ملایین فی العالم .. ولا یعرفون کیف یختار الشیعة مرجعهم، ولا یأمنون أن یأتی مرجع ضدهم !!

مرجع له نفوذ علی قلبوب ملایین الشیعة .. لا یعرف من این ینبع .. فلا قومیته محددة ، ولا بلده ، ولا منتخبوه محددون ولا قومیتهم ولا بلدهم ! ومعنی هذا فی الحساب السیاسی أن ( باب المرجعیة الشیعیة مفتوح لأی احتمال ) ومثل هذا الباب یجب سده !! لأن احتماله خطیر یؤرقهم .. فیجب استبداله الاحتمال بیقین یریحهم الی مئات السنین ، والباب بجدار أمین یطمئنهم !! ولا بد أن تکون مرجعیة الشیعة تحت السیطرة ، وأن تحدد بالأرقام الهیئة التی تختارها !!

إن عمل الامام الخمینی رحمه الله ، وخطر المرجعیة الشیعیة علی العالم ، مازال ماثلاً فی أذهانهم .. وإذا بقیت المرجعیة فی

ص: 120

ظروف کتلک التی سمحت بظهوره ، فلا ضمان لعدم ظهور مرجعیة للشیعة فی أی وقت مشابهة له ، أو أشد خطراً !!

عندما تقول لسیاسی عربی أو عجمی أو غربی : إن الذین یختارون المرجع هم أهل الخبرة من العلماء غیر المراجع . فالشیعة بعد وفاة المرجع أو فی حیاته ، فی کل منطقة ، یسألون من یثقون به من العلماء عن الشخص الذی تجتمع فیه الشروط برأیه ، ویسمعون الشهادات المتعارضة ، ویقرر کل منهم من یختاره مرجعا ، ویرجع الیه ویأخذ منه فتاواه ، ویدفع الیه أو الی وکیله أخماسه .. وبالنتیجة یکون المرجع الأعلی الشخص الذی یرجع الیه الأکثریة فی العالم الشیعی بشکل طبیعی واستفتاء طبیعی ..

وعندما تخبره أن أن مرجعیته قد تکون قویة عندما یقلده نسبة تسعین بالمئة من الشیعة فی العالم مثلاً ، ولا تکون فی عصره مرجعیة تذکر لغیره .

وقد تکون أقل قوة عندما یقلده ستون فی المئة من الشیعة فی العالم مثلاً ، ویوجد غیره مراجع بدرجات أقل منه . . . .

عندما یسمع منک هذا الکلام أحد السیاسیین المؤلفة قلوبهم للغرب ، یقول لک : هذا غیر معقول ، لا بد من آلیة محددة لانتخاب المرجعیة !!!

ص: 121

إن همهم وغمهم وهاجسهم : کیف ننزع المرجعیة الشیعیة من خارج السیطرة الی داخل السیطرة ؟!!

وهمهم وغمهم وهاجسهم : کیف نجرد المرجعیة الشیعیة من مالیتها ، حتی تحتاج الی مرسوم لتعیینها ، والی مرتب شهری للمرجع ، کمرتب شیخ الأزهر ، ومرتب البابا ؟!!

وهنا تتوالی أفکار وأطروحاتهم .. وکلها ترید تحدید ( أهل الحل والعقد الذین یختارون المرجع العالمی للشیعة ) وترید توجیه الشیعة لیدفعوا أخماسهم بدل المرجع الی مؤسسة مالیة عالمیة ، تتحدد ملکیاتها ومشاریعها فی بنوک ومؤسسات مالیة فی بلدها ، أو فی العالم !!

إنها أفکار عصریة فی ظاهرها.. لکن غرضها وضع المسجد فی ید السلطان! غرضها السیطرة علی هذا ( المارد ) الذی لا یعرف أحد کیف یختاره الشیعة ویلتفون حوله ، ویدفعون الیه عن طیب خاطر أخماسهم الشرعیة ، ویشکل ما بین عشیة وضحاها قوة عالمیة لا تحتاج الی الحکومات ولا الی الغربیین !!

( یتبع .. إن شاء الله ) .

- فکتب حبیب الشعب بتاریخ 27-03-2000 :

ص: 122

السلام علیکم ورحمة الله وبرکاته :

الأخ الفاضل العاملی ، إن السیطرة علی المرجعیة أسهل فی حالة الفرد من حالة الجماعة ، وأعتقد أن تشبیه مراجع الشیعة بمراجع الطوائف الأخری هو قیاس مع فارق کبیر ، وهو أن مراجع الشیعة کانوا وما زالوا مستقلین مالیاً عن الدول التی عاشوا فی ظلها ، خلافاً لما علیه نظراؤهم من الطوائف الأخری ، فلم تسیطر الحکومات علی هؤلاء ، بعد أن وحدوا عملهم وجهدهم فی المؤسسة جامعة أو غیر جامعة .

فإذا کان بالإمکان اختراق بعض الفقهاء والمراجع ، فإن ذلک سهل جداً فی حال عدم وجود شفافیة فی مصادر تمویل المراجع وکمیته ومصارفه .

إن وجود مؤسسة تابعة لمجلس یضم مراجع التقلید ، ترعی المشاریع التی تمول من الحقوق والتبرعات ، وتصدر کتاباً سنویاً تبین فیه لأتباعهم الواردات وحجم الانفاق ، لهو خیر داع إلی ثقة الناس والمزید من الدعم .

ولا ننس أن الذین یدعون إلی هذا الأمر هم من کبار فقهائنا المتمیزین ، مثل الشهید السعید الصدر محمد باقر الصدر ، الذی

ص: 123

وصف المرجعیة الراهنة بالمرجعیة الذاتیة ، وقال بضرورة تحویلها إلی مؤسسة لجعلها مرجعیة موضوعیة صالحة ، قادرة علی مواجهة التحدیات العظیمة . ومعروف ما یمثله الشهید من خبرة فی العمل الدعوی الاجتماعی والثقافی .

- وکتب علی العلوی بتاریخ 27-03-2000 :

السلام علیکم شیخنا العاملی الغالی :

أنا لم أقرأ کل ردک وسوف أقرؤه کله بالتفصیل ، لأنی أحب قراءة مشارکاتک فهی مفیدة جداً ، ومعبرة عن التوجه والنظرة العامة للحوزة .

ولکن لاحظت بنظرة سریعة أنک تحاول تبریر عدم التطویر والتطور فی الحوزة وآلیاتها بالخوف من فقدان الاستقلال ، وأنا لا أتصور أن الاستقلال یمکن أن یحافظ علیه عن طریق اللانظام ، أو الطریقة التقلیدیة .

أری أن أسلوب معالجة هذا الموضوع یأخذ الطابع الدفاعی عن الوضع القائم ، ومحاولة زخرفة الواقع والذی فیه الکثیر من السلبیات ، وبالرغم من أننا بشر مقلدین ومراجع ، ونخطئ فی

ص: 124

التقدیر والأسالیب ، ولذلک دائماً نحتاج الی مراجعة أسالیبنا وآلیاتنا ، للوصول للاهداف المنشودة .

شیخنا العاملی ، أرجو أن تجیبنی علی التساؤل التالی :

هل المرجعیة بوضعها الحالی یمکنها من إیصال نور محمد وأهل بیته لکل البشریة ؟ وهل المرجعیة بوضعها الحالی غیر مقصرة مع شیعة أهل البیت فی کل العالم ؟ وأرجو شیخنا العاملی أن لا أشغلک هنا عن الرد علی أعداء أهل البیت فی شیعة لینک . والسلام علیکم .

- وکتب بریفمان بتاریخ 30-3-2000 :

الله الله فی أنفسکم ... لا تدسوا السم فی العسل ، وتسقوه أنفسکم ، واحذروا من هکذا تساؤلات قد تبدو مبررة ...

أنا منطقی وأحب أن أبین لکم أن هکذا نهج فی السؤال والطرح یعتمد علی سوء النیة فی الباطن 100% وبدل أن أجاملکم لذا هذا لا یلیق بالشیعة أن یقولوه عن أنفسهم !!

قصدی واضح وصریح ویتلخص فی طلب عدم دس السم...

کلامک سیدی العاملی نعم الکلام ، ولکن صدقنی لا تحسن الظن لهذه الدرجة ، فتکون تخدع نفسک والآخرین ، لکنک عداک العیب بأنک ردیت علی الأخوة بالصواب... سددکم الله.

ص: 125

لا تغضبوا علی یا موالین ، غیرتی علی الحق دافعی الوحید !

- وکتب علی العلوی بتاریخ 30-3-2000 :

السلام علیکم أخی بریف مان ، أنا استغربت کثیراً من أسلوبک الاتهامی فی تعاطیک مع تساؤلی .

أنا مسلم شیعی اثناعشری موالی ، وأعتقد أن هذه المنحة الالهیة لنا بأن ولدنا علی مذهب الحق یحتم علینا أن نکون دعاة وناشرین لهذا النور ، ولیس کاتمین له . وأعتقد أننا مقصرون ، وکل التقصیر وأکبره یقع علی العلماء والمثقفین . لایجب علینا أن نفکر بطریقة الکهوف والمتحصنین فی القلاع ، والذین یخافون من کل شئ وکل

شئ یعتبرونه تهدیداً ، وکل عملیة إصلاح یعتبرونها محاولة لهدم الحصون .

إننا نعانی والکل یعانی من أمور لیست بخافیة علی أحد ، والتساؤل من حق کل موالی ، ویحرم علینا مصادرة الرأی الآخر باتهامه بالعمالة وسوء النیة . أنا أقدر مخاوف البعض وخصوصاً من یعیشون تحت أنظمة قمعیة ، والتی تحاول أن تصادر مواقع القوة لدینا ، ولکن ولکن ولکن ، هذا لا یبرر أن نتغافل عن أمور وسلبیات وتقصیر واضح للعیان .

ص: 126

نرید أن ندعو للاصلاح من الداخل ، بدل أن یأتینا الأعداء ویستخدموا هذه السلبیات لضربنا وللاساءة لمذهب الحق مذهب أهل البیت .

أخی بریف مان ، علینا أن نواجه الواقع بکل شجاعة ، ونصحح السلبیات، بدل التغافل عنها ومحاولة زخرفتها . وعلینا تقبل الرأی الآخر المخلص بدون کیل الاتهامات والصاق التهم .

أوَ لم نعانی نحن شیعة المصطفی وأهل بیته من هذه الأسالیب ، أی أسالیب الصاق التهم واطلاق التسمیات من قبل القوی المتسلطة والمستبدة ، فلماذا نستخدمها ضد بعضنا البعض ؟!

- فکتب علی العلوی بتاریخ 30-03-2000 :

لا تتصور یا أخی أننا لا نملک أی غیرة علی الحق ومذهب أهل البیت ، فکما تشعر أنت بهذه الغیرة نشعر بها نحن کذلک ، ولکن لا یعنی أن لا نناقش أموراً یدیرها بشر مثلنا ، ولیسوا أنبیاء ولا أئمة .

- وکتب العاملی بتاریخ 30-03-2000 :

ص: 127

الأخ بریفمان ، التساؤلات حول هذه المواضیع طبیعیة ، ولم نرَ من الأخ العلوی إلا کل أدب ، وحب ماهو أفضل فی أوضاع العلماء والطائفة ..

فی اعتقادی نحتاج الحوار من أجل توحید نظرتنا الی أصل المرجعیة ، ولذا فتحت موضوعاً لهذا الغرض .. وشکراً .

- وکتب علی العلوی بتاریخ 01-04-2000 :

بارک الله فیک شیخنا العاملی العزیز .

- وکتب العاملی بتاریخ 01-04-2000 :

الأخ العلوی ، سؤالک الأول : ( هل المرجعیة بوضعها الحالی یمکنها من ایصال نور محمد وأهل بیته صلوات الله علیهم لکل البشریة ) ؟

والجواب : لا ، لأن الوحید الذی یمکنه أن یحقق هذا الهدف العظیم الذی ذکرته ، هو الامام المهدی الموعود صلوات علیه فقط ، حسب ما دلت الأحادیث الصحیحة عند الجمیع .

وبتعبیر آخر : إن اتساع نور النبی وآله صلی الله علیهم وهداهم ، کانت نتیجته فی کل العصور أکثر من المقدمات ، لأنه

ص: 128

أمر تکفل الله تعالی بحفظه وبقائه الی ظهور ولیه وحجته.. وهو سبحانه الذی یهیئ له أحداثاً وأوضاعاً وأشخاصاً ، یکونون العلة الظاهریة لبقائه واتساعه.. وهذه الفکرة تعنی الیقین بوعد الله تعالی ، ولیس الاتکالیة . لکن یبدو أن سؤالک من زاویة أخری :

هل أن وضع علمائنا ومرجعیتنا الفعلی یتناسب مع الواجب الملقی علی عاتقنا من إیصال مذهب أهل البیت علیهم السلام ونورهم الی العالم ؟

والجواب : أیضاً لا ، لأن الواجب کبیر والطموحات أکبر .

تجیبنی : إذن معی حق فی المطالبة بتحدیث المرجعیة ، وتغییر وسائل العمل وأدواته. فأجیبک : نعم معک حق ، وطموحک مشروع ، لکن بشروط أربعة:

1 - أن لا نمس الأحکام الشرعیة المتعلقة بالمرجعیة .

2 - ولا نمس قداستهاکمنصب یمثل النیابة العامة للمولی صلوات الله علیه .

3 - ولانمس بنیتها الطبیعیة، التی هی سیرة المراجع والمتشرعة.

4 - وأن لا نحسب القصور تقصیراً ونحاسب علیه .

ص: 129

وینبغی أن تعلم أیها الأخ المحترم أن المرجعیة بعد ثورة ایران تسلطت علیها الأضواء من جهة .. ولکنها أصیبت بالضعف داخل ایران وخارجها من جهة أخری ! ومن أسباب ضعفها محاولات بعضهم توحید المرجعیة بوسائل غیر منطقیة ، ومحاولات بعضهم تعویم المرجعیة وحذف بعض شروطها ، ومساعدة الاعلام العالمی علی بلبلة أذهان الشیعة ، وتشتیت مرجعیتهم .

وبهذا یتضح جواب سؤالک الثانی : ( وهل المرجعیة بوضعها الحالی غیر مقصرة مع شیعة أهل البیت فی کل العالم ؟)

والجواب : أن کثیراً مما تحسبه تقصیراً هو قصور وعدم قدرة ، بسبب أعمال التضعیف والتشتیت . ولا أنکر تقصیر بعض وکلاء المرجعیة .. ولکنه جزء صغیر من المشکلة .

- فکتب علی مدد بتاریخ 01-04-2000 :

السلام علی الأخ العلوی ، الذی أرجو أن یکون علویاً فی فکره وتوجهاته ، وعلی الأخوة المشارکین وعلی کل من رأی الحق وتبعه ، وبعد ،

أما التساؤل المذکور فأرجو أن یکون عن حسن نیة ، وهذا ماشممته ، ولکن یا أخی المؤمن لا بد أن نفهم شیئاً ، وهو بما أننا

ص: 130

نحارب من جهات کثیرة ، فهذا یحتم علینا سریة العمل ومنه کیفیة بذل الأموال ، وخصوصاً فی نشر مذهب أهل البیت علیهم السلام ، وما یهم ذلک من مشاریع اسلامیة لهدایة الناس لطریق الحق ، وعدم اطلاعنا علی هذه المشاریع لا یدل علی عدم وجودها، وکما یقولون عدم الوجداًن لا یدل علی عدم الوجود.

ونحن نعرف ورع المجتهدین الکرام وخصوصاً فی صرف الحقوق ، لأن هذه الأموال لا بد من التأکد من صرفها . وأنا اعرف وکلاء عندهم مشاریع وخطط للاستفادة من الحقوق الشرعیة ، لکن کما تعرف الوضع .

ومقارنتنا بهذه الفرق غیر صحیح ، لأن بذل الأموال عندنا لله لا للدعایة کما هو حاصل عند البعض ، وأنت تعلم أن الغرب الخبیث یدفع لهذه الفرق لأجل ضرب التشیع ، مهما یکنه من الأموال .

ثم یا أخی لا بد أن نطلع علی النشاطات التی هی حاصلة فی الدول الأخری ، التی أکثرها بإعانة المراجع الکرام ، لا کما تقولون إنها فردیة ، بل ید الغیب معها المتمثلة فی الحقوق الشرعیة.

ص: 131

فیا أخی لابد أن نکون واعین ، ونطرح مشاریع جدیدة ، مع إلمام کامل بنتائجها ، ونساعد مراجعنا فیما یرضی الله . والسلام علی من اتبع الهدی .

عمیت عین لاتراک علیها رقیبا .

وخسرت صفقة عبد لم تجعل له من حبک نصیبا .

- وکتب الأنصاری بتاریخ 02-04-2000 :

لا أدری کیف أصفکم یا موالین ؟؟

لقد أتممتم جمیع جوانب هذا الموضوع ، وکنت أتمنی لو ترکتم لی أدنی مساحة لکی أساهم معکم فیها .

لقد قام الأخ علی العلوی بإثارة الأسئلة التی کانت تحرق صدورنا ، والشکر للأخ العاملی الذی بدأ بتحری جوانب القضیة ، والأخ حبیب الشعب والأخ العزیز BraveMan ولا تخف یا Brave Man ، فأنا معک فیما قلته أیضاً .

والی الأخ علی مدد أقول لک : بأن تفکیرک مثل تفکیری ، لولا ما کتبته أنت لأضفته من عندی ، أنا لا أحاول بأن أکون طفیلیاً ولکن أحاول المشارکة ، ولا أجد ثغرة أضع فیها

ص: 132

مشارکتی ، إلا إن رأیتم لی هذه الثغرة.. وشکراً للجمیع ، والسلام علیکم و رحمة الله و برکاته .

- وکتب علی العلوی حرر بتاریخ 02-04-2000 :

أخی العزیز الأنصاری .

لا تحولنی بطریقة کلامک معادیاً وأنا ابن هذا الأمة الوسط ، وابن مدرسة أهل البیت ، وأبی من علماء الدین ، ولا أحتاج أن أکرر ذلک ، فالرجاء الکف عن أسلوب الحکم علی النیات ، ومصادرة الرأی الآخر بعنوان سوء النیة . والموضوع لم یستکمل کل جوانبه کما قلت ، ولکن توقفت عن المشارکة بسبب أسلوب بریف مان ، ومن ثم أسلوبک فی مواجهتی برمی بسوء النیة ، وبسبب إدراکی أن هناک سلبیات لا أرید أن أناقشها علی الملأ ، لکی لا یستغلها أعداء أهل البیت .

أنا أقدر أن هناک الکثیر من شیعة أهل البیت یعیشون تحت ظل أنظمة قمعیة ترید مصادرة مصادر قوتنا وهی المرجعیة والحقوق الشرعیة ، وأنا بالرغم من أننی مقیم فی الغرب ، إلا أننی بحرانی ولی علم بهذه المشاعر . وقد حاول نظام آل خلیفة الجائر مصادرة هذه الأموال بتکوینه مجلس اسلامی أعلی یشرف علی

ص: 133

الافتاء والأموال الشرعیة ، وهو موجه بالدرجة الأولی ضد الشیعة ، ولکن أفشلت محاولته بفضل جهود أبناء البحرین المخلصین .

ولکن کما أسلفت فی ایران توجد لدینا جمهوریة اسلامیة ، یعنی لا یوجد خوف من النظام الحاکم ، وکذلک فی الغرب توجد حریة یمکننا أن نستغلها بالاستثمار وغیره من المشاریع ، فهناک فی ایران والغرب لا توجد مثل الضغوط ضد الشیعة ، فلماذا لا نستغل هذه الحریة الیوم فی تنظیم شئوننا . وأکرر ، یا جماعة حرام علیکم والله حرام أن ترموننی بسوء النیة . المشتکی لله .

- وکتب العاملی بتاریخ 02-04-2000 :

لم أشعر من الأخوة اتهامک أیها الأخ الکریم .. وأکرر أنا لم نر منک إلا حسن النیة والغیرة علی مذهب أهل البیت الطاهرین صلوات الله علیهم . فواصل مقترحاتک ، وتحمل منی الجواب من فضلک .

- وکتب علی العلوی بتاریخ 03-04-2000 :

ص: 134

شیخنا العاملی العزیز :

أنا أشعر أن الکلام یثیر بعض إخوتی محبی الآل ، ومن خلال ردی بریف مان والأنصاری ، فهمت أنهما منزعجان ، ولا أحب أن أغیظ مؤمناً .

سوف أبداً بمعاودة النقاش حالما تنتهی عشرة محرم الحرام وذلک لانشغالی بحضور مجالس التعزیة فی لندن ، وتعرف یا شیخنا أن لندن تتحول فی عشرة محرم وکأنها بلد مسلم شیعی ، فمجالس التعزیة منتشرة وعامرة فی مختلف مناطقها ، وخصوصاً فی الشمال الغربی منها ، والمجالس عامرة جداً ، وخصوصاً من الأخوة العراقیین أبناء حبیب بن مظاهر ، واللبنانیین أبناء أبا ذر الغفاری .

- وکتب الأنصاری بتاریخ 03-04-2000 :

الأخ العزیز علی العلوی :

سوف أقوم بالرد علیک إن شاء الله بموضوعیة مفصلة ، و أتنمنی بأن أغطی جمیع الإستفهامات التی عندک ، وأرجو بأن تقدر الواقع فیها ، لأنک وبصراحة تامة بعید کل البعد عنه .

ص: 135

الصرف من الحقوق الشرعیة علی مواقع الانترنت

- کتب عبدالله فی شبکة هجر الثقافیة بتاریخ11-8-2001، موضوعاً بعنوان ( المواقع االشیعیة والحقوق الشرعیة ) قال فیه :

کثرة المواقع الشیعیة علی الشبکة الإنترنتیة ظاهرة مبارکة وخطوة ضروریة للتعریف بالمذهب والإسلام.

وعلی الرغم مما یبذل من جهد وحرفنة فی عمل التصمیم للموقع وکثافة المادة وجودتها ، إلا أن المشکلة تبقی فی عدد الزوار للموقع .

بعض المواقع ( والتی تکلف أموالاً کثیرة ) لایتجاوز عدد زوارها الخمسین زائرا ، من ضمنهم الإداریین والمتابعین لحرکة الموقع ومعارفهم ، ولاتبتعد بقیة المواقع عن هذا الرقم کثیراً .

بعض المواقع تدار من قبل هیئة کاملة ، وعندما تسأل عن مصادر التمویل لدفع رواتب هذه الهیئة یأتیک الجواب بأنها من الحقوق الشرعیة .

إن البعض یستغل ثقة العلماء ، ویبرر لهم بأن الوجود ضروری علی الإنترنت للدفاع عن المذهب ، وهو یعرف جیداً

ص: 136

بأن موقعه لایزوره إلا هو ومشرفیه وبعض معارفه ، ولایستفید منه أحد .

لکم الله یافقراء الشیعة فی جنوب العراق وجنوب لبنان وجنوب الخلیج.

- وکتب العاملی بتاریخ 12-8-2001، الثانیة عشرة والنصف ظهراً :

الأخ العزیز عبدالله :

یعجبنی فیک أن فکرک یعمل ، وأنک مستقل الرأی .. ولست إمعة لشخص أو حزب .. فعن الامام الکاظم علیه السلام قال :

قل خیراً واعمل خیراً ولا تکن إمعة .. قیل وما الإمعة ؟ قال : یقول أنا من الناس مع الناس ! فإنما هما نجدان .. نجد خیر ونجد شر ..

لکن أرجو أن تقبل منی أن کل موضوع له أکثر من زاویة.. وأن علینا قبل أن ننظر الیه من زاویة .. أن نفکر أکثر فی اختیارها ..

ماذکرته.. هو نظرة الی موضوع الحقوق الشرعیة وصرفها .. من زاویة الأولویات الفقهیة فی الصرف .. ومن زاویة شهادة

ص: 137

بعضهم لمرجع التقلید بأولویة العمل الفلانی علی العمل الفلانی.. وهما موضوعان .. لهما أحکام شرعیة .. وأسالیب عملیة .. لکن للموضوع زوایا أخری متعددة :

مثلاً أن نقول .. إن تعدد المواقع الشیعیة ضرورة .. ومن الطبیعی فی هذا أن توجد بعض الأضرار .

أو نقول .. إن أکثر المواقع الشیعیة لیست مصارفها من الحقوق الشرعیة . وما کان من الحقوق .. بعضه فی محله.. وبعضه فی غیر محله..وهذا طبیعی ..

أو نقول .. إن الممولین الذین یعطون الحقوق ، لهم نوع من الولایة یراعیها المراجع .. فیأتی شخص ویطلب إجازة لبناء مسجد أو حسینیة.. أو مدرسة ، أو طبع کتاب ، أو إنشاء موقع .. الخ . فإن لم یجزه المرجع لذلک ، فهو غیر مستعد لأن یعطی الحقوق الشرعیة لعمل آخر ..

وبعض المراجع فی هذه الحالة لایجیز .. ویقول له إن المنطقة التی ترید لها المسجد غیر محتاجة ..

وبعضهم یری أنه لایجوز التفریط بتبرئة ذمة هذا الشخص وتوسیع النفع العام ، حتی لو أصر مموله علی عمل قلیل النفع .

ص: 138

أو نقول.. إن کل مصارف الشبکات الشیعیة لو فرضناها کلها من الحقوق الشرعیة .. لا تبلغ شیئاً یذکر ..

فلماذا نطرح موضوعها ونزهد الناس فی عمل الخیر وخدمة المذهب .. ؟ أو نشکک لاسمح الله فی فکر المراجع وصرفهم للحقوق ؟ إن کل الحقوق الشرعیة عند الشیعة فی العالم.. لا تبلغ میزانیة وزارة .. أو مؤسسة رجل أعمال معروف .. فلماذا نلاحقها وننقدها.. ولا ننقد مصارف الملایین من الحکومات والمؤسسات التی باسم الدین .. ؟!

أو نقول .. لو سلمنا بوجود نقاط ضعف فی صرف الحقوق الشرعیة .. فهل الأفضل أن ننتقد المراجع والمؤسسات التابعة لهم .. ونزهد الناس فی دفع الحقوق الیهم.. أم الأفضل أن نقدم مشروعاً بدیلاً .. ونراسلهم ونراسل المؤسسات التی یمولونها أو یساعدونها..

الی آخر الزوایا .. التی لا بد انک تعرفها ..

أما ما ذکرت عن فقراء الشیعة .. فأخبرک أن أکثر المراجع أفتوا لشیعة العراق فی ضائقتهم الاقتصادیة ، وکذا لشیعة لبنان وأفغانستان .. أن یصرفوا الحقوق الشرعیة علی ذویهم وأهل

ص: 139

بلدهم .. وقد سمعت أن ذلک سبب نقص الوارد من الحقوق الشرعیة الی حد کبیر .

- وکتب عبدالله بتاریخ 12-8-2001، الحادیة عشرة والثلث صباحاً:

الشیخ العاملی سلمه الله :

لا أرید تنفیر أحد من الإلتزام بتکلیفه الشرعی ، فوظیفتی عکس ذلک تماما. یکفی أننی نبهت إلی موطن ، أظنه خلل .

أعرف حالة العراق التی أشرتم إلیها ولا أعرف عن باکستان أو افغانستان .

بعض المواقع الشیعیة تستحق أن یصرف علیهاملایین الدولارات، وخیر مثال موقع رافد .

وربما یجاورکم الآن فی لبنان موقع تصرف له آلاف الدولارات کرواتب مصممین وإداریین ، مع أن الموقع یحتاج المصممین لمرة واحدة فقط لا کموظفین دائمین .

فی حلوقنا غصة یا مولانا ... لایمکننا السکوت وإلا متنا قهراً وکمداً . وما یزید الطین بلة ، أن کل أخطائنا نلقی بها علی کاهل العلماء عندما لانجد تبریراً لها . انتهی .

ص: 140

استقلالیة المرجعیة سیاسیاً ومالیاً

- وکتب فرات فی شبکة الحق الثقافیة بتاریخ 2-1-2001 ، الحادیة عشرة لیلاً موضوعاً بعنوان : ( استقلالیة المرجعیة الشیعیة عن السلطة السیاسیة ) ، قال فیه :

لعل واحدة من أهم الخصوصیات التی تمتاز بها المرجعیة الدینیة والحوزة العلمیة الشیعیة هی استقلالیتها عن السلطة السیاسیة عبر العصور المختلفة، بخلاف سائر المجامع الدینیة للمذاهب الإسلامیة المختلفة فإنها ظلت تحت إشراف السلطة السیاسیة الحاکمة فی

بلدها ، فشیخ الأزهر مثلا یعینه رئیس الدولة بمرسوم جمهوری ، وهکذا سائر رؤساء مجالس الأفتاء والمتصدین للشؤون الدینیة فی سائر الدول الإسلامیة .

فالحوزة العلمیة لدی علماء الإمامیة بجمیع مکوناتها من فقیه مرجع مجتهد واساتذة علماء وطلاب ومناهج دراسیة وأنظمة مالیة، بقیت مستقله منذ نشأتها حتی الیوم عن السلطات السیاسیة المتعاقبة علی الحکم سواء کان فی العراق أو فی الدول المجاورة للعراق وستبقی هکذا إن شاء الله تعالی ، بفعل الضوابط المتینة التی تؤطر عمل وسیر الحرکة العلمیة ، وهذا ما یجعلها حرة فی

ص: 141

حرکتها ، متحررة عن إیة وصایة أو أی ارتباط مشبوه قد یؤدی إلی مسلکیة معنیه تحرف الحکم الشرعی عن طریقة وتحوله إلی سلک خاضع لإرادة السلطة .

فعلی سبیل المثال نجد فی زماننا المعاصر کم حاول النظام الحاکم فی العراق الضغط علی مراجع الدین الشیعة فی النجف الأشرف لاستصدار فتوی تدعو للقتال ضد إیران فی حرب السنوات الثمان فلم یفلح فی ذلک ولذا دفعت الحوزة العلمیة مثنا باهضا جراء استقلالیتها فذهب عشرات العلماء ضحیة تغطرس النظام الذی حاول استمالة الحوزة بای شکل من الأشکال أو أرهابها وکان مصیر محاولاته الفشل .

بخلاف دول آخری کالسعودیة مثلاً فإنها تستطیع وبسهولة استصدار فتوی من ( ابن باز ) لاستقدام القوات الأمریکیة وغیرها من الدول الکافرة للحرب ضد العراق وأی فتوی أخری ترغب السلطة فیها .

ومسألة استقلالیة المرجعیة الدینیة عن حکام الجور والسلاطین من المسائل ذات الأهمیة القصوی ، والبحث فیها یتطلب المزید

ص: 142

من الدقة والتأمل لعلنا نوفق لبیان جانب منه إن شاء الله تعالی . والسلام علیکم .

- وکتب بشیر بتاریخ 5-1-2001 ، العاشرة والثلث مساء :

لاشک فی لزوم استقلالیة رجال الدین وعلمائهم والقیادة الدینیة والأنظمة الدینیة المتعلقة بهم عن الحکومات والسلطات ، سواء فی کانت فی بلادهم أو خارج البلاد ، ولا فرق بین أن الحکومة کانت مسلمة أو اسلامیة أم غیر ذلک ، کما لا فرق بینما أن رجال الدین کانوا متصدین للحکم والسلطة أم لا، فعلی کل حال یلزم أن یبقی نظام الدین ورجاله ومتعلقاته مستقلاً عن الحکومات. وهذا أمر یحتاج إلیه جمیع المذاهب وجمیع فرق المسلمین.

ص: 143

ص: 144

الفصل الخامس : رد شبهات أحمد الکاتب علی التقلید والمرجعیة

اشارة

- کتب المدعو أحمد الکاتب، وکان یکتب باسم (noon11) فی شبکة هجر الثقافیة بتاریخ 3-7-2001، الحادیة عشرة صباحاً ، موضوعاً بعنوان : ( التقلید مصطلح أصولی جدید علی الفقه الاسلامی ؟؟ ) ، وقد ناقشه عدد من الکتاب الشیعة ، ولایتسع المجال لایراد جمیع مناقشاتهم ، فنختار منها ما یلی .. قال أحمد الکاتب :

ص: 145

( التقلید من الأمور التی یتمیز بها الامامیة ولازلت أبحث عن جذورها ومدی مشروعیتها وعلی حد علمی القاصر:

1 - أول من أفرد باباً للتقلید هو صاحب العروة الوثقی ، إذ لانجد له ذکراً فی کتب الشیعه المهمة حتی کتاب وسائل الشیعة، وهو أفضل ما صنف عند الامامیة ، لم یفرد له باًبا خاصاً .

2- أغلب الأدله المطروحة للاستدلال علیه هی أدلة عقلیه فلسفیه ، ولم توفق أی محاوله لتأصیلها الشرعی ، حتی ذکر السید الخوئی بأن الدلیل علی وجوب التقلید هو دلیل عقلی لا شرعی .

3- التقلید أکسب الشیعه تنظیماً متمیزاً بین الطوائف ، مما عاد علیهم بثماره الجنیة " کثورة التنباک ، والثورة الایرانیه "

4- من مساوئ التقلید أنه قضی علی تطور الخطاب الدینی الفقهی ، فلا نجد أحداً من المجتهدین فی " الرسائل العملیه" یکلف نفسه بذکر الأدله الشرعیه من الروایات والأحادیث المعتبرة ، مما جعل المقلدین یعتقدون بقدسیة الاحکام الفقهیة الضعیفه ، ویقبلون استحسانات وأخطاء الفقهاء من دون مساء لة أو احتجاج " فالراد علی المجتهد کالراد علی الله" ) . انتهی .

ص: 146

- وکتب الکاظمینی بتاریخ 3-7-2001، الثانیة عشرة وعشر دقائق :

الأخ الکریم :

رجوع الجاهل الی العالم واجب ، وینقسم هذا الواجب الی ثلاث أنواع : الاول : وجوب شرعی .

الثانی : وجوب عقلی من باب شکر المنعم .

الثالث : وجوب فطری من باب دفع الضرر .

ومسألة التقلید هی باختصار رجوع الجاهل الی العالم . وهذا الأمر کان موجوداً فی زمان الأئمة علیهم السلام. وإذا قبلنا أن رجوع الجاهل الی العالم فلا فرق بین أن نصنفها تحت إحدی هذه العنوانین التی ذکرتها بالبدایة .

وأما کلامک حول الفتاوی وکأنها مقدسة فأقول : نعم هی مقدسة، لأن مصدرها القرآن والسنة ، ولیست من وحی الخیال.

وأما عدم ذکر الدلیل فهذا أمر موکول الی الکتب المطولة فی الاستدلال الفقهی ، فیمکن لمن یملک معرفة کافیة فی فهم علم الاصول والقواعد أن یراجع هذه الکتب فإنها لیست کتب محکورة علی العلماء ، وإنما یستطیع أی إنسان إن یتناولها .

ص: 147

وأما روایة السید الخوئی فی کون التقلید دلیل عقلی وهو من باب شکر المنعم ، فله مبناه العلمی ، وکما أن السید الحکیم قدس سره الشریف یری أن الوجوب فطری من باب دفع الضرر وله مبناه ، ولک مراجعة کلام السیدین .

کما أنی أتمنی بل أطلب منک أن لا تتسرع بالحکم بالنسبة الی التقلید ، ولک مراجعة الأدلة الخاصة بالتقلید .

وإنی أری واقعاً نزاعک نزاع لفظی ، فإن شئت لا تسمی التقلید بالتقلید وإنما سمه برجوع الجاهل الی العالم ، أو سمه بما تشاء ، فالمحصلة واحدة .

- وکتب العاملی بتاریخ 03-07-2001 ، السادسة عصراً :

مع الأسف أن الأخ نون .. لایفرق بین الاسم والمضمون .. وقد أجاد الأخ الکاظمینی .. فإن قصدت التسمیة فلا مشاحة فی الأسماء .. وإن قصدت الدعوة الی ترک التقلید .. فأنت تدعو الشیعة الی تقلیدک فی ذلک !!

وأراک تستهین بالأدلة العقلیة ، وتسمیها الأدلة الفلسفیة وتحاول فرضها فی مقابل الأدلة النقلیة.. فهل تعرف أن لله تعالی علی عباده حجتین حجة باطنة هی العقول ، وحجة ظاهرة هی

ص: 148

الرسل ، فحجیة العقل القطعی کحجیة الأنبیاء والأوصیاء صلوات الله علیهم .

وأسألک عن أفکارک التی تدعو الیها .. کم واحدة منها عقلیة .. وکم منها النقلی ؟! ثم أراک ما زلت مصرا علی شعارک :

( لا یوجد حق مطلق ولا باطل مطلق إنما هی أفکارنا بنات عقولنا ) وهو شعار لیس نقلیاً قطعاً .. ولیس عقلیاً قطعاً .. بل إن قاعدتک المزعومة هذه .. نسبیة غربیة مردودة ..

فإن شملت نفسها فقد سقطت .. وإن استثنت نفسها .. فقد سقطت !!

لکن یظهر أنک مصر علی مازینته لک نفسک ، وإن خالف العقل والنقل !

- وکتب کمال بتاریخ 04-07-2001 ، الخامسة صباحاً :

الاخوة المحترمون :

إن التقبید أمر لا یختص بالشیعة ، بل الشیعة اختص عوامهم بالتقلید ، أما غیر الشیعة فإن علمائهم مقلدة بعد أن أصدرت الحکومة العباسیة أوامرها بالاقتصار علی اجتهاد الفقهاء الأربعة.

ص: 149

و أما حصر الناس بالتقسیم الی : مجتهد ، محتاط ، مقلد ، فهو حصر عقلی .

فمن لم یکن مجتهداً ولا محتاطاً وجب علیه الرجوع الی من له أهلیة الفتوی، والا کان متقولاً علی الله بلا علم .

- وکتب أحمد الکاتب بتاریخ 04-07-2001 ، الثامنة إلا عشر دقائق صباحاً :

الأخ الکاظمینی: قلت ( رجوع الجاهل الی العالم واجب .. )

أقول : ما ذکرته یدخل فی عموم الموضوعات العامة المطلقهوالوجوب المذکور یحتاج الی تفصیل یتسع باتساع معنی العلم والجهل ، لهذا فعبارتک عباره فضفاضة ، وأول ما یشکل علیها هو تخصیص هذه القاعده العقلیه لعلم الفقه وتخصیصها یالذات فی " العوام " و " المجتهدین " ، اذ لانجد نفس الفتوی تنطبق علی الفقیه حین یفتی فی الامور الطبیه والاقتصادیه والفلکیه وهو لم یتعلم القدر الکافی منها فهل الوجوب یشمل غیره للرجوع الیه ولا یشمله للرجوع الی غیره !!!مفارقه عجیبة!

قلت: ( ومسألة التقلید هی باختصار رجوع الجاهل الی العالم وهذا الامر کان موجود فی زمان الائمة علیهم السلام .....)

ص: 150

أقول: لو کانت مسألة التقلید مفتوحه بهذا الشکل المبسط لما اعترضنا علیها ، إذ أن الجاهل یجب علیه اتباع العالم أیاً کان إن وثق فی علمه ، ولکن لماذا لا یحوز اتباع العلماء الاموات ؟ ألیسوا علماء؟ ولماذا یبطل عملک ویذهب هباءا منثورا إذا لم تتبع الأعلم من العلماء ؟ وغیر ذلک من المسائل التی جعلت من عملیة التقلید منفذاً لبث الفرقه والشقاق والحسد بین العلماء وأتباعهم ؟

قلت : (نعم هی مقدسة لأن مصدرها القرآن والسنة ولیست من وحی الخیال . . . . . . . . )

أقول : الفتوی هی فهم العالم للدلیل فلا یجب أن تقدس بلاحاظها الذاتی لأنها فهمه الخاص ، وفهم العالم یعبر عن وجهة نظره لا عن وجهة نظر الاسلام " لأنه لیس نبیاً أو مفوضاً عن النبی " ومن هذا المنطلق تکون الساحة مفتوحه أمام العلماء والباحثین للادلاء بآرائهم فی المسائل الاجتهادیة ، وهذا ما لا یتوافق مع قدسیة آراء العلماء ، إذ لا قدسیة فی الحوار .

أما قولی بعدم ذکر الدلیل فهذا قد أثر کثبراً فی تخلف الخطاب الدینی الشیعی ، فمن المعلوم أن المسلم یتبع الدلیل مستعیناً بفهم العالم ، والحاصل الآن أن کلام العالم أصبح فی النفوس مثل کلام المعصوم ، وهذا ما یخلق المشاکل والفتن بین الأتباع .

ص: 151

قلت : ( وأما رویة السید الخوئی فی کون التقلید دلیل عقلی وهو من باب شکر المنعم فله مبناه العلمی ........)

وأقول : لا اعتراض لدی ، وإنما استشهدت بأحدهما ، وأما دور العقل فی تشریع الأحکام ففیه کلام آخر ، فالشرع لاتضعه العقول بل تفهمه..

-وکتب الفاطمی بتاریخ 4-7-2001، الخامسة ودقیقتان عصراً :

ننصح البعض بالرجوع الی الدورات الفقهیة لمراجعنا لیری کیف یناقشون أسانید الروایات وبعدها فلیقل : " مما جعل المقلدین یعتقدون بقدسیة الأحکام الفقهیة الضعیفه ویقبلون استحسانات وأخطاء الفقهاء من دون مساءلة أو احتجاج "

أو .. فلیذهب الی بعض الکتب الحدیثیة او ما تسمی بالصحاح لیری .. کیفیة الطعن بالنبی صلی الله علیه وآله والتجاسر علیه ! وبعدها .. فلیری علی أی الکتب ینطبق قوله أعلاه ؟! و.. ستبدی لک الأیام ما کان خافیاً !!

- وکتب الکاظمینی بتاریخ 4-7-2001 ، التاسعة والنصف مساء :

ص: 152

الاخ نون المحترم . بدایةً أشکر لک هذا النقاش الممتع العلمی .

وأحب أن أقول : بعد ثبوت أن الله سبحانه لم یخلق العالم عبثاً وبعد الفراغ من أن المولی جل وعلا کلفنا بأمور ویجب علینا امتثالها.. یکون الکلام فی طرق الامتثال. فنحن نعلم علی نحو الاجمال أن الله سبحانه قد کلفنا بواجبات وأمرنا الاجتناب عن المحرمات ، وللوصول الی تلک الاحکام التی فرضها الله علینا لافراغ الذمة من تلک التکالیف الشرعیة ، وجب علینا ان نسلک طریقا من أحد ثلاث .. الأول ، الاجتهاد وهو استفراغ الوسع لاستنباط الحکم الشرعی من موارده المقررة ( القرآن ، السنة ، الاجماع ، العقل ) .

الثانی ، الاحتیاط وهو بأن یتحفظ علی التکلیف فی مورد احتماله ، سواء قامت علیه الحجة أم لم تقم ، وهذا الطریق یتعسر علی أکثر الناس .

الثالث، بأن یرجع المکلف فیما لایعرفه من الاحکام للمجتهد العالم بها الذی یأخذها من أدلتها الشرعیة والعقلیة المعتبرة ، فیعمل بفتاواه فیها ، وهذا الطریق متیسر لعامة الناس .

ص: 153

وکما بینت لک أخی الکریم إن تنجز الاحکام الشرعیة فی ذمة المکلف ولو علی نحو الاجمال ، تستدعی الفراغ الیقینی لإبراء الذمة من هذه التکالیف وهذا بحکم العقل . ای کما انه حصل لنا العلم بالاشتغال فکذلک یجب تحصیل العلم بالفراغ بامتثال التکالیف التی یعلم اشتغال الذمة بها .

والتقسیم الذی ذکرته لک بالمقالة السابقة إنما هو تقسیم عقلی فی معنی الفراغ الیقینی المنحصر بالثلاث التی ذکرناها ، وهی الاجتهاد والاحتیاط والتقلید . والدلیل علیه هو التالی . . .

- وکتب ملک الظلام بتاریخ 7-7-2001 ، السابعة والنصف مساء :

کلامک یاأخ نون ... لیس فیه أی دلیل علی عدم جواز التقلید ، فأنت تبنی المسألة علی عدم قیام المرجع بالتدلیل علی قوله ... وکأنک استنبطت أن المرجع یتهرب من ذکر الدلیل ... وهذا واضح من قولک ( وکانوا یقصدون بالتقلید أی الأتباع بدون دلیل کما هو حاصل الآن )... ولا أقول لک سوی أن الرسائل العملیة معروفة بأنها مجردة من الدلیل للاختصار لاغیر ..

ص: 154

- وکتب الکاظمینی بتاریخ 7-7-2001 ، الثامنة والثلث مساء :

الأخ المحترم :

لو راجعت ما کتبته لک لوجدت أن التاصیل لمسألة التقلید کان منذ زمان الأئمة علیهم السلام ، ولا یحتاج الی بیان أکثر وإنما یحتاج الی مراجعة منک .

وأما بالنسبة الی الروایات التی تدل علی جواز التقلید فهی کثیرة ، وقد ذکرت لک ثلاث روایات لم تجبنی إلا علی واحدة، وحتی حوابک علی الواحدة فیه ما فیه ،حیث أن الافتاء المذموم هو الافتاء بدون علم ، وهذا لیس مقصوراً علی الامامیة ، بل هو متبنی کل الطوائف الاسلامیة دون استثناء ...

قال المؤلف : هنا مشارکات متعددة من السید الکاظمینی والفاطمی وملک الظلام ، ناقشوا روایات أحمد الکاتب التی جاء بها فی ذم التقلید ، وبینوا له أنها فی أصول الدین لا فی فروعه ، وفی القول بالرأی مقابل الاعتماد علی المتاب والسنة والأدلة المعتبرة .. وأتوا لأحمد الکاتب بعدد من الروایات الواردة فی الاجتهاد والتقلید ..

ص: 155

- ولکن أحمد الکاتب لم یقتنع فکتب بتاریخ 11-07-2001 ، الثامنة والربع مساء :

الأخ الکاظمینی ( وهو یکتبها دائماً الکاضمینی بالضاد ! ) :

أعتقد أننا مختلفان فی فهم معانی الافتاء والرأی والاجتهاد والتقلید ، الواردات فی الروایات ، ولعلک انطلقت مستمیتاً لتأویل المعانی الواردة حتی لا تتعارض مع ماتریده ، فالافتاء النمهی عنه هو الافتاء بغیر علم ، بینما إذا ورد الأمر بالافتاء فتؤوله بأنه یعنی کالاجتهاد الحاصل الآن ، والرأی هو الرأی المأخوذ خارج الروایات ، والاجتهاد هو الاجتهاد مقابل النص ، والتقلید هو متابعة العلماء المنحرفون ، وأن ورد الأامر به فهو بمعنی التقلید الحاصل الآن .

أنا أری ذلک مجانبة للموضوعیه ، وتحیز واضح لما ترید إثباته مسبقاً !

- وکتب العاملی بتاریخ 11-7-2001 ، العاشرة والربع صباحاً :

نصیحة أخویة یا أخ نون.. إذا أردت أن تفتح موضوعاً علمیاً .. فاقرأ حوله .. ولا تکتب علی بعل .. یعنی علی دیم ..

ص: 156

عنوان موضوعک یدل علی أنک لم تعرف أن التقلید مصطلح فقهی أو أصولی.. وکلامک فیه .. یدل علی أنک لم تقرأ کتاباً واحدا فی الموضوع ، مثل کتاب الاجتهاد والتقلید للسید الخوئی مثلاً .. ومؤلفات فقهائنا وفقهاء السنیین فی الموضوع ، قد تزید علی مئة کتاب ورسالة ..

ذلک أنک لم تفرق بین التقلید فی أصل الاعتقاد بالدین المنهی عنه .. والتقلید فی معرفة معالم الدین وأحکامه المأمور به فی مثل قوله تعالی : فاسألوا أهل الذکر .. والمعمول به فی کل مجتمعات العالم بالرجوع الی أخل التخصص ..

کما یدل کلامک علی أنک لاتعرف ماذا ترید .. وما هو البدیل عندک وأنت تدعو الی رفض التقلید .. هل تدعو الشیعة الی ترک تقلید مراجعهم وتقلیدک أنت .. أو تدعوهم الی أن یصیروا مجتهدین اجتهاداً دیمیاً ؟!

فارحموا الناس فیما تقدمونه لهم .. ولا تشککوهم فیما لا علم لکم به ..

إلا اتباع الظنون ، والاحتمالات ، والأوهام .

- فکتب أحمد الکاتب بتاریخ 12-07-2001، الخامسة صباحاً :

ص: 157

الأخ العاملی :

أنا معک فعلمی لا یرقی الی علمکم ، لذلک أرجوکم الافاده وأطلب منکم الرفادة . أما ما قلت ذلک أنک لم تفرق بین التقلید فی أصل الاعتقاد بالدین المنهی عنه .. والتقلید فی معرفة معالم الدین وأحکامه المأمور به فی مثل قوله تعالی : فاسألوا أهل الذکر.. والمعمول به فی کل مجتمعات العالم بالرجوع الی أهل التخصص ..

فأقول : إن معالم الدین لا تأخذ ممن یصیب ویخطئ ، بل یجب أن تأخذ من المعصوم ؟ ألیس کذلک ؟ وأهل الذکر هم المعصومون الأربعة عشر ، فهل تدعو الی اتباع الظن وهو الذی لا یغنی من الحق شیئا ؟!

وتقول : وما هو البدیل عندک وأنت تدعو الی رفض التقلید .. هل تدعو الشیعة الی ترک تقلید مراجعهم وتقلیدک أنت .. أو تدعوهم الی أن یصیروا مجتهدین اجتهاداً دیمیاً ؟!

وأقول لک : أنا لا أرفض فکرة التقلید ، ولکن أرفض أن تکون جزءا من الشریعة ، وأن تلبس لباس الحرام والحلال ، وهب لیست کذلک بالامکان الدعوة الی التباع والتنظیم بعیداً

ص: 158

عن تشریع أحکام جدیدة لا أصل لها . وأنت قلت بنفسک ان (( وما هو البدیل عندک وأنت تدعو الی رفض التقلید.. ))

أی إن هذا التساؤل کان دافعاً لتبلور مسألة التقلید عند الامامیة .

قال العاملی :

وبما تقدم .. اتضح أن أحمد الکاتب لم یستوعب مسألة الاجتهاد والتقلید ، لا عند الشیعة ولا عند السنة .. وأن مفهومها أساساً لم یتبلور فی ذهنه ..

أما عند الشیعة الامامیة فالاجتهاد والتقلید ، مبنی علی أدلة قطعیة من الکتاب والسنة والاجماع والعقل .. حاله حال بقیة عقائدهم وفروعهم والحمد لله .. ولیس مبنیاً علی التخرص والتظنی کما رأینا من أحمد الکاتب .. ومن قلدهم !

ص: 159

الحساسیة المفرطة من المرجعیة الشیعیة

- کتب أحمد الکاتب فی شبکة هجر الثقافیة بتاریخ 21-7-2001 ، الثامنة صباحاً موضوعاً بعنوان ( هل أنتم مع تقسیم الناس الی عامی وغیر عامی ؟ ) ، قال فیه :

یا تری من قسم الناس هذا التقسیم الجائر ؟! وهل هذا التقسیم لا زال حیاً فی عصر العولمه وثورة الاتصالات ؟!

هل یجب أن یختفی من أذهان الفقهاء الأسلوب القدیم فی التعامل مع الناس الأمیین الذین لا یقرؤون ولا یکتبون ، لیحل محله أسلوب جدید یحکمه احترام الآخرین ومخاطبتهم بالدلیل ؟

- وکتب العاملی بتاریخ 21-7-2001، التاسعة إلا ربعاً صباحاً :

سلم الله ذهنک یا أخ أحمد ، لماذا هذه الحساسیة من الأسماء الطبیعیة ؟! فمن الطبیعی أن نقول : المکلف بالاحکام الشرعیة إما عامی یعنی عادی من عوام الناس ، لایعرف الأحکام . وإما مجتهد .. أو محتاط ..

وإذا کنت ترید أن تشمل بثورتک العظیمة التسمیات .. فلماذا تقتصر علی المطالبة بحق الناس فی مقابل المجتهدین فقط ؟!

ص: 160

لابد أن ترفض مصطلح ( طبیب ومراجع ) فتقول مثلاً : ( طبیب ودفاع فلوس ) ! وتقول ( الموظف وسیده المراجع ) وتقول ( المحامی وضحیته المظلوم ) وتقول ( الحاکم وضحایاه المحکومین ) وتقول :

( الکاتب .. وضحایاه القراء ) !!!

وساخط .. وضحایاه کل المسخوط علیهم !!

- وکتب أبن أبی التراب بتاریخ 21-7-2001 ، العاشرة والثلث صباحاً :

أخی الکریم :ما علاقة الفقه بالعولمة وثورة الاتصالات ؟! أم أنک تظن أن مجردحصولک علی دیسک برامج فقهیة، فأنت أصبحت فقیهاً؟!!

- وکتب ( The student ) بتاریخ 21-7-2001 :

الأخ نون ، یظهر من کتاباتک أنک غیر راض عن التقلید والمقلدین .

ومن خلال متابعتی لکتاباتک أشعر أن فیها أمراً مهماً حول المنهج الفقهی الشیعی لابد أن یعلم ، ولکنی غیر قادر علی فهم

ص: 161

ماترید ان تقول بحکم عدم تخصصی فلو تختصر القضیة وتعطینا البدیل عن التقلید . وشکراً .

- وکتب ( moon light ) بتاریخ 21-7-2001 ، الثانیة عشرة لیلاً :

إذا وقفنا عند کل مسمی فلن نخلص أبداً ..!!

فماذا تعنی کلمة عمیل فی البنک وماذا تعنی کلمة عمیل فی السیاسة ، الکلمة واحدة ع م ی ل أربعة حروف فقط لکن المعنی مختلف جداً ..

من الطبیعی أن لکل مهنة بعض المصطلحات ، لایجب علینا التحسس منها أبداً .

- وکتب أحمد الکاتب بتاریخ 22-07-2001 ، العاشرة مساء :

وما هی حدود التخصص فی نظرکم؟

وأفهم من کلامکم أن الدبن أصبح مهنة کباقی المهن " الطبیب والمحامی.." هل هذا صحیح ؟

- وکتب الصیف بتاریخ 23-07-2001 ، الحادیة عشرة

صباحاً :

ص: 162

هل أنتم مع تقسیم الناس الی عامی وغیر عامی ؟

یا تری من قسم الناس هذا التقسیم الجائر .. أنت الخصم و الحکم ؟

أنا مع التقسیم .. کل له اختصاص ، ولیس بعیب أن نکون عوام فی هذه المسألة ، لأنها عین الحقیقة .

و لقد طرحت موضوعاً فی واحة أخری من حوالی الشهر عن تعدد الأدوار و أعتقد ان هذا التقسیم ینطبق علیه ، فمثلاً أنا متخصص فی العلوم الطبیعیة ولکنی عامی فی أمور الهندسة .. وهکذا . .

صحیح أنه لاکهنوت فی الاسلام ، ولکن هناک أفاضل متخصصون فی ذلک ، ویجب علینا احترامهم وتسمیتهم بما یلیق، وهذا لا ینتقص حق الآخرین ، سواء قلنا عنهم عامیین أو غیر ذلک .

- وکتب أحمد الکاتب بتاریخ 24-7-2001 ، التاسعة صباحاً :

الصیف :

ص: 163

إذا کان کما تقول فلا تدعوا أحذا من أهل المذاهب الأخری لمذهب أهل البیت ، فهو مثلک یقلد علماءه ، وبترک هذه الامور للمتخصصین . وبذلک فهو معذور أمام الله .

- وکتب ظافر بتاریخ 2-07-2001، الخامسة والنصف عصراً :

علی مهلک یا أحمد .. من قال إن التسمیة جائرة ؟

أوما قرأت بل أو ما سمعت : من کان (من الفقهاء) مخالفاً لهواه مطیعاً لأمر مولاه ، فعلی العوام تقلیده . بالمنانسبه عامی مفرد عوام ..

ثم لماذا هذه الحساسیه من هذه المفرده ؟ لوسألونی عن مقدار علمی فی هندسة الالکترون ، للأبتهم بلا تردد : إننی لا أعلم شیئاً .

- وکتب ملک الظلام بتاریخ 24-7-2001، الثامنة والنصف مساء :

للأسف یاأخ أحمد الکاتب... أنت کما کنت سابقاً.. تثیر بعض الکلام الفارغ وتدعی الکثیر من الأمور التی لا أساس لها

ص: 164

إلا فی ذهنک ... وعندما تجاب برد لا یمکنک مجابهته ... تتهرب من الإعتراف بذلک...وتطرح أسئلة أخری !!

یا أخوان ... الأخ أحمد ( نون ) یفتح الکثیر من المواضیع ولا یستمر فی نقاشها...یجیب إجابات لا معنی لها ، ویبقی علی عادة فتح المواضیع والردود التی یتضح فیها التهرب... أرجو منکم أن نقف مع بعضنا البعض ونطلب من المشرفین عدم السماح له بفتح مواضیع أخری قبل إنهاء هذه المواضیع التی یفحم فیها!

لآن . . .نفس الأسلوب الذی رأیناه منه سابقا ً. . . تهرب وادعاءات . . .

لا بد من وضع حد لها... ودمتم .

- وکتب أحمد الکاتب بتاریخ 25-07-2001، السادسة والنصف : شکراً جزیلاً یا ملک الظلام .. وأرجو مراجعة موضوع " الأعلمیة بین الممکن والمستحیل " لنری من یترک المواضیع بدون أن ینهیها والحمد لله أنک لم تکن مشرفاً لهذه الواحة .

- وکتب ظافر بتاریخ 25-07-2001 ، السابعة والربع صباحاً :

ص: 165

مالک یا أحمد ، ألم تقرأ ؟ أولم تسمع ؟ !

یبدو أنک لم تقرأ ماکتبت لک ، وإلا فأی موضوع ینفع مراجعته أمام ماذکرت لک ؟ یا أخی إن ماذکرته لک هو قول المعصوم علیه السلام ، لذلک أرجو أن تعید النظر بمقالتک أن التسمیة جائرة .. هدانا الله وایاک الی طریق الحق .

- وکتب د. ابن النفیس بتاریخ 25-07-2001 ، الثامنة صباحاص: تحیة. أنا لا أدری الأخ أحمد مستاء من التسمیة لماذا؟

مجال التخصص یفرض الأمر الواقع ، وهو من سیرة العقلاء ،

مثلاً .. العامی فی المصطلح الفقهی هو لکل من هو غیر مجتهد أو محتاط ویمکن تطبیق ذلک علی مجالات أخری ..

زید من الناس مجتهد فی الفقه ، ولکنه عامی فی الهندسة التحلیلیة والمقاولات و الکمبیوتر ..

عمرو من الناس مجتهد فی طبه وطبابته ، ولکنه عامی فی الفقة والهندسه والکمبیوتر .. وهکذا فی کل التخصصات ..

إذا کان المسمی قد أزعجک فقم باختراع تسمیات جدیدة ثم اطرحها علی ذوی الاختصاص وبدون زعل ، وکن دیموقراطیاً بالوسیلة ولیس بالتشریع .

ص: 166

تحیة للجمیع .

- وکتب أحمد الکاتب بتاریخ 19-08-2001، العاشرة وعشر دقائق صباحاً :

الاخوة الأعزاء :

أراکم تؤیدون أن ینحصر کل واحد فی تخصصه وتعیبون علی من امتدت یده الی تخصص غیره ، ولکن هلا أجبتمونی لماذا لا یلام الفقهاء علی تعدیهم علی تخصصات غبرهم کا لسیاسة والادارة ؟

هل یمکن لفقیه أمضی حیاته بین کتاب الطهاره وکتاب الارث ، أن یکون سیاسیاً ماهراً أو مرجعاً فی ادارة شؤون الملایین من الشیعة ؟

هل هذا احترام للتخصص ؟

- وکتب ملک الظلام بتاریخ 19-8-2001 ، العاشرة والنصف صباحاً :

مثلک...من المتهربین والمتقافزین...یا أخ أحمد ..لایحق له أن یقول... ( شکراً جزیلاً یا ملک الظلام وأرجو مراجعة موضوع

ص: 167

" الأعلمیة بین الممکن والمستحیل " لنری من یترک المواضیع بدون أن ینهیها والحمد لله أنک لم تکن مشرفا لهذه الواحة ) !!

إرجع إلی الموضوع وانظر إلی من تهرب...

http://forum.hajr.org/showthread.php?threadid=23560pagenumber=2

( أرجو من المشرف علی الواحة وضعه فی الأرشیف .. أحمد )... أین إجاباتک علی الإشکالات التی طرحت...یا أخ فی ذلک الرابط .. ؟!

لا إجابات...مجرد تهرب وتقافز ... اعتدنا علیها من مثلک...

ثم تفضل..یاأخ...وافهم ولو مرة واحدة أن السیاسی والإداری اکتسب خبراته فی تلک المجالات من جراء التعامل مع الأوضاع والأمور والأشخاص... وهذا أمر یحصل مع العلماء بکثرة . . . واکتسبوا خبراتهم من ذلک . . . فها أنت . . . یا صحفی . . . تدعی الخبرة فی السیاسة والإدارة والدین . . . رغم عدم تخصصک فی أی منهم . . .

وفی هذا الموضوع . . . أساسه رأی المشارکین فی التقسیم إلی عالم وعامی . . . لکنک لم تفتأ کالعادة لتحوله إلی وسیلة للطعن فی العلماء . . . ظناً منک أنک أفضل منهم ، وأکثر درکاً للمسائل . . . مع هذا . . . یبقی الحکم لله . . .

ص: 168

لا ترم الکلام علی عواهنه . . . وقسه بمیزان العقل . . . وراجع ردودک قبل أن ترمی شخصاً بالتهرب . . . وعد إلی مواضیعک التی ترکک فیها المتناقشون لعلمهم بتهربک کفصیل من مدیة الجزار . . .

ودمتم . . . وإیاک وهذه الإدعاءات مرة أخری . . .

- وکتب أحمد الکاتب بتاریخ 21-08-2001، الثانیة والنصف لیلاً :

لا أدری من هو الذی یتهرب ولکن یمکنک الدخول والحوار وسوف تری .

-وکتب ملک الظلام بتاریخ22-8-2001، الواحدة لیلاً:

أثبت فی الحوار... من دون تحویر ... ولا تقافز ... ولا کلام صحفی... ولا تهرب ... وکان الله مع المحق ... ودمتم .

- قال العاملی : وهرب أحمد الکاتب کعادته عندما یظهر ضعف أفکاره البائسة !

ص: 169

ص: 170

ختام .. لمصلحة من التشکیک فی المرجعیة ..؟!

- کتب العاملی فی شبکة هجر الثقافیة بتاریخ 10-7-2001 ، السابعة صباحاً ، موضوعا بعنوان ( لمصلحة من .. تشتیت مرجعیة الشیعة وحملات التشکیک فیها..؟! ) قال فیه :

المرجعیة الشیعیة من برکات النبی وأهل بیته الطاهرین .. صخرة عصیة تحطمت علیها حملات عاتیة عبر التاریخ ..

ولو أن المرجعیة الشیعیة خضعت کما خضعت مشیخة الاسلام الترکیة ، لکان وضع المسلمین الیوم أسوأ مما هو علیه بمراحل ..

لا أرید أن أعدد إنجازات المرجعیة الکبری فی تاریخ بلادنا .. بل أرید أن أؤکد أن وجود مرجع محترم یفتی فیسمع کلامه الشیعة .. یعتبر أمرا خطیرا عند أعداء الأمة وخصومها..

فهم

ص: 171

متفقون خاصة بعد ثورة ایران علی إنهاء المرجعیة الشیعیة إن استطاعوا .. والتشکیک فیها بما استطاعوا ..

ومع الأسف نری أن فئة من المثقفین وأصحاب النظرة الضیقة یساعدونهم من حیث لا یشعرون ..

لیتهم یقدمون بدیلاً معقولا لوضع المرجعیة ..

لیتهم عندما ینتقدون لا یشخصنون النقاش ..

لیتهم ینظرون الی الأمور بواقعیة ومنطق الحکم الشرعی ..

لیتهم ینظرون الی مسیرة الأمة الاسلامیة وطاقتها الکبری ( الشیعة ) بنظرة شمولیة مستقبلیة .. ویساعدون علی الحفاظ علی هذا المرکز العلمی القیادی الشعبی ، المستقل عن کل الحکومات حتی الحکومات الشیعیة ..

لیت ..؟

- وکتب الکاظمینی بتاریخ 10-7-2001، الثانیة عشرة والربع لیلاً :

شیخی الجلیل العاملی المحترم :

إن ما تفضلت به من طرح ، فعلاً ما تعانیه الشیعة فی هذه الفترة ،خصوصاً أنه بدأت هذه التشکیکات تصدر من بعض الشیعة الذین اشتبه علیهم الأمر فأخذوا ینظرون بواقعهم الخاص

ص: 172

دونما النظر الی واقع المرجعیة التی خدمت المذهب طوال فترة الغیاب ، فأصبحت هناک صیحات نسمع أصداءها بین الحین والآخر تنادی بالمرجعیة الحرکیة والمرجعیة الحدیثة والمرجعیة الشبابیة! وغیرها من هذه المسمیات التی تنم عن عدم إحاطة المنادی بتاریخ مرجعتینا المجید ، خصوصاً أن هذه الصیحات ابتدات خفافیش الفتن تصدح بها متأکلین علی تلک العقول المتحجرة فی الواقع ، مستغلین التخبط الفکری الذی یعیشه البعض ، فأصبح المتکلم عن الأعلمیة الفقهیة وبیان آراء الفقهاء بها متهم صاحب بالفتنة ، وأنه یرنو الی تشتیت الشیعة وتمزیقهم وتفریق کلمتهم ، حیث بات الکلام حول المرجعیة من الأمور التی یندی لها جبین الناس ، وکأن المرجعیة المتوقعة أصبحت فی کوکب آخر ، والکلام حولها یعد تعدی لخط الأحمر !

لم نکن یوماً کما نحن الیوم ! فهذا تاریخ علمائنا فی النجف الأشرف وفی قم المقدسة .. وما أراه إلا تاریخاً ناصع البیاض مشرقاً مجیداً خالیاً من تلک النعرات والحساسیات ، فکان فی زمان واحد مرجعان أو أکثر فی نفس المدینة وکان الذی یرجع الی مرجع کان یکن الاحترام والتقدیر للمرجع الآخر ولکل العلماء خلافاً لما هو الیوم .

ص: 173

فإذا ناقشت أحدأ حول أعلمیة مرجعه اتهمت بأنک تروج لمرجعک ، وکأن المسألة مسالة تنافس سوقی ، وما أری هذه الحالة إلا حالة یرثی لها، وصانعها هم العوام الذین وضعوا نفسهم فی أماکن غیرهم من ذوی الاختصاص ! وهذا فعلا ما لمسته فی السنوات القلیلة الماضیة فأصبح العامی یقرر أعلمیة المرجع ، ویقرر أن فلان أهل للتقلید !!

لا یخفی علی القارئ لو استمررنا فی هذا المنوال سوف نتردة أکثر فأکثر! أنا ادعو الناس خصوصاً الشباب أن یلتصقوا بالحوزة العلمیة ومراجعة علمائها فی کل صغیرة وکبیرة ، حتی تقوی الحوزة بهم ویقوی دینهم برجوعهم للحوزة . ودمتم لکل الخیر .

- وکتب المُحمدی بتاریخ 11-07-2001 ، الواحدة والربع صبحاً :

أحسنتم وجزیتم خیراً مولانا العاملی .

ولکن بعضهم مع الأسف قد قرأ کتاباً أو کتابین أو سمع محاضرة أو محاضرتین ، ومن ثم بدأ ینظَّر لحال المرجعیة الشیعیة .

اللهم أحینی محیا محمد وآل محمد . وأمتنی ممات محمد وآل محمد .

ص: 174

- وکتب الحقانی 11-07-2001، الواحدوالنصف ظهراً:

اللهم صلی علی محمد وآل محمد...

إخوتی الأفاضل وشیخنا العاملی جزاکم الله خیراً علی ما تفضلتم به .

وفی الحقیقة شیخنا الجلیل بأن ما تفضلت به هاجسی وهاجس کل شیعی موال ولایةحقیقة لأهل البیت علیهم السلام.

وللأسف هذا الواقع الذی نعیشه هذه الأیام ، والبعض بدأ یقدس العمامة فقط وتناسی أو نسی أن یقدس الفکر الأصیل والمنهج الصحیح الخالی من الشوائب ، والبعید کل البعد عن العاطفة الزائدة أو الزاویة الضیقة کما تفلضتم .

وحدیثک بالحقیقة ذکرنی باتفاقیة شرم الشیخ التی عقدت فی95 أو 96 إن لم تخنی ذاکرتی فی أیام شن المقاومة الاسلامیة حملاتها القویة ضد الیهود وکذلک التفجیرات الانتحاریة فی داخل القدس المحتلة ، حیث ذکر لی أحد السادة الأفاضل بأن من الاتفاقیات کیفیة الدخول بین الشیعة ونشر البلبلة والطائفیة بین الطائفة الواحدة ، وذلک قمة الابتلاءات التی ابتلینا بها .

ص: 175

أسال الله العلی القدیر بحق محمد وآل محمد أن یرد هذا الکید الی أعداء الأمة الاسلامیة ، وأن یخرجنا من بین أیدیهم سالمین وغانمین.. والله فوق کل ظالم ...

- وکتب عزام بتاریخ 11-07-2001، الثانیة بعدالظهر:

الاخوة المحترمون ، السلام علیکم :

لابد لنا من معالجة السبب فی الحالة المرضیة التی یعانیها الوضع الشیعی . وفی نظری أن السبب فی ذلک یعود الی جهل الشیعة بتاریخ المرجعیة ودورها المشرف ، فالعلاج لابد أن یکون متناسباً مع أسباب المرض .

وکذلک لابد من علاج للوقایة .

- وکتب أحمد الکاتب بتاریخ 11-07-2001 ، الثامنة صباحاً :

المرجعیه . . . فکرة تنظیمیة ألبست لباساً فقهیاً . لا أحد ینکر ما للمرجعیة من فوائد عادت علی الشیعة بل حفظت وجودهم ، فکل جماعه تفنی بدون قیادة . ولکن الملاحظ هو

ص: 176

الطرح الایدلوجی الواضح للمسأله وتلبیسها اللباس الفقهی ، بل وجعلها مدار قبول الأعمال من عدمه .

وأعتقد أن هذا المدخل هو نقطة الضعف التی ستقلل من قیمة المرجعیة فی نظر الأتباع ، ویکن مقارنتها بالطرح الایدلوجی لمسألة ولایة الفقیه وهو الحاصل فی ابران . أرجو من الاخوة الابتعاد عن أدلجة موضوع التقلید والاجتهاد ومناقشته بعیداً عن المصالح الطائفیة والفئویة .

- وکتب العاملی بتاریخ 1-7-2001، العاشرة والنصف صباحاً :

الأخ أحمد الکاتب (نون 11) :

لو أنصفت لقلت إن مرجعیة الأنبیاء والأوصیاء والعلماء .. حاجةٌ طبیعیة منطقیة عقلائیة لکل دین أنزله الله تعالی .. بل هی حاجة طبیعیة لکل منهج أرضی یشتمل علی نظرة معینة للکون والحیاة والانسان وتشریعات لحیاة الانسان ..

ولکن ( موتور ) ذهنک یعمل بطریقته الخاصة ، فنراک مغرماً بالرأی الشاذ مع الأسف .. ونراک تدعو لهدم البناء الطبیعی فی الأمة ، ولا تقدم له بدیلاً !!

ص: 177

یا أبا أمل .. أفرض أنه أسلم علی یدک مدینة بکاملها فی بریطانیا . . ألا یحتاج هؤلاء الی من یبین لهم معالم دینهم وأحکامه ؟ ماذا تقول لهم ؟ هل تقول لهم : اجتهدوا أنتم واعرفوا تفاصیل عقائد الاسلام وأحکامه ؟

هل تقول لهم : قلدونی أنا واترکوا المتخصصین من فقهاء الاسلام ؟

بالله علیک ماذا تقول لهم ؟!!

- وکتب ملک الظلام بتاریخ 11-7-2001، العاشرة والنصف مساء :

کلامک یا أخ أحمد الکاتب لیس فیه ولا دلیل واحد علی ما تدعیه . .

ساند کلامک بالأدلة واطلع علی الکتب قلیلاً ...وتعلم أن الطرق ثلاثة.. الإحتیاط.. الإجتهاد.. التقلید .. لکنک مصر علی الحصر طبقاً لما رأیته . . . ( وتلبیسها اللباس الفقهی بل وجعلها مدار قبول الأعمال من عدمه ) . . . واستعمال المصطلحات مثل ( إیدیولوجیة ) لا یصلح فی مثل هذه المواضیع

ص: 178

. . . لأن استعمالک له خاطئ . . . نظریاً وتطبیقیاً . . . فی الموضوع . . . لأنه ببساطة لا دخل له فیه !

تفضل وعدإلی موضوعک (الأعلمیة بین الممکن والمستحیل ؟) ... حدیثنا هناک لم ینته ... فقد أثبت بنفسک أنک لم تطلع علی حیثیات المسألة...وأخذت تقول وتصفف الکلام...لکنک أدنت نفسک بنفسک...

تم .. والحمد لله رب العالمین .

ص: 179

ص: 180

الفهرس

مقدمة..............................................................3

الفصل الأول: بین مرجعیة المؤسسة ومرجعیة الشخص .9

الفصل الثانی: ضرورة توحید فهمنا للمرجعیة العلیا للشیعة .........................71

الفصل الثالث: خطر تحویل المرجعیة الی مؤسسة مثل الفاتیکان !...................83

الفصل الرابع: الحقوق الشرعیة .. أو مالی-ة المرجعیة......111

الفصل الخامس: رد شبهات أحمد الکاتب علی التقلید والمرجعیة...................145

ختام .. لمصلحة من التشکیک فی المرجعیة ..؟!171

171

ص: 181

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.