المختصر النافع

الاشاره

عنوان و نام پدیدآور:المختصر النافع، جعفر بن حسن محقق حلی

المؤلف : المحقق الحلی

المجموعة : فقه الشیعة الی القرن الثامن

سنة الطبع : 1402 - 1410

فی فقه الإمامیة

ألفه الشیخ الأجل المحقق:

أبو القاسم نجم الدین جعفر بن الحسن الحلی المتوفی سنة 676 ه

عنوانهای دیگر:المختصر الشرایع

موضوع:محقق حلی، جعفربن حسن، 602 - 676ق . شرایع الاسلام فی مسائل الحلال والحرام -- نقد و تفسیر

موضوع:فقه جعفری -- قرن 7ق.

ص : 1

مقدمة المؤلف

اسم الکتاب: المختصر النافع فی فقه الإمامیة

المؤلف: العلامة الأکبر الشیخ جعفر الحلی

منشورات: قم الدراسات الإسلامیة فی مؤسسة البعثة

الطبعة الثانیة: طهران 1402 - الطبعة الثالثة: طهران 1410

التوزیع: مؤسسة البعثة

- طهران، شارع سمیه، ت: 821159، ص ب: 1361 - 15815.

- مشهد، شارع آیة الله شیرازی، زقاق آب میرزا

- قم، شارع إرم، سوق القدس

ص : 2

بسم الله الرحمن الرحیم

کلمة صاحب الفضیلة السید وزیر الأوقاف قضیة السنة والشیعة، هی فی نظری قضیة إیمان وعلم معا.

فإذا رأینا أن نحل مشکلاتها علی ضوء من صدق الإیمان وسعة العلم فلن تستعصی علینا عقدة، ولن یقف أمامنا عائق.

أما إذا ترکنا - للمعرفة القاصرة والیقین الواهی - أمر النظر فی هذه القضیة، والبت فی مصیرها فلن یقع إلا الشر.

وهذا الشر الواقع إذا جاز له أن ینتمی إلی نسب، أو یعتمد علی سبب فلیبحث عن کل نسب فی الدنیا، وعن کل سبب فی الحیاة، إلا نسبا إلی الإیمان الصحیح، أو سببا إلی المعرفة المنزهة نعم قضیة علم وإیمان...

فأما إنها قضیة علم، فإن الفریقین یقیمان صلتهما بالإسلام علی الإیمان بکتاب الله وسنة رسوله، ویتفقان اتفاقا مطلقا علی الأصول الجامعة فی هذا الدین فیما نعلم، فإن اشتجرت الآراء بعد ذلک فی الفروع الفقهیة والتشریعیة، فإن مذاهب المسلمین کلها سواء فی أن للمجتهد أجره، أخطأ أم أصاب، وثبوت الأجر له قاطع بداهة فی إبعاد الظنة ونفی الریبة أن تناله من قرب أو بعد، علی أن الخطأ العلمی - وتلک سماحة الإسلام فی تقدیره - لیس حکرا علی مذهب بعینه، ومن الشطط القول بذلک.

وعندما ندخل مجال الفقه المقارن، ونقیس الشقة التی یحدثها الخلاف العلمی بین رأی ورأی. أو بین تصحیح حدیث وتضعیفه، نجد أن المدی بین الشیعة والسنة

ص : 3

کالمدی بین المذهب الفقهی لأبی حنیفة، والمذهب الفقهی لمالک أو الشافعی، أو المدی بین من یعملون ظاهر النص ومن یأخذون بموضوعه وفحواه، ونحن نری الجمیع سواء فی نشدان الحقیقة وإن اختلفت الأسالیب.

ونری الحصیلة العلمیة لهذا الجهد الفقهی جدیرة بالحفاوة وإدمان النظر وإحسان الدراسة، فهی تراث علمی مقدور مشکور...

وأما إنها قضیة إیمان فإنی لا أحسب ضمیر مسلم یرضی بافتعال الخلاف وتسعیر البغضاء بین أبناء أمة واحدة، ولو کان ذلک لعلة قائمة.

فکیف لو لم تکن هناک علة قط؟

کیف یرضی المؤمن صادق الصلة بالله أن تختلق الأسباب اختلاقا لا فساد ما بین الأخوة، وإقامة علائقهم علی اصطیاد الشبه وتجسیم التوافه وإطلاق الدعایات الماکرة والتغریر بالسذج والهمل.

وهب ذلک یقع فیه امرؤ تعوزه التجربة، وتنقصه الخبرة فکیف تقع فیه أمة ذاقت الویلات من شؤم الخلاف، ولم یجد عدوها ثغرة للنفاذ إلی صمیمها إلا من هذا الخلل المصطنع عن خطأ أو عن تهور...

ولقد رأینا مع بعض رجال التقریب أن نقوم بعمل إیجابی لعله أن یکون حاسما، سدا لهذه الفجوة التی صنعتها الأوهام، بل إنهاء لهذه الفجوة التی خلقتها الأهواء، فرأیت أن تتولی وزارة الأوقاف ضم المذهب الفقهی للشیعة الإمامیة إلی فقه المذاهب الأربعة المدروسة فی مصر، وستتولی إدارة الثقافة تقدیم أبواب العبادات والمعاملات من هذا الفقه الإسلامی إلی جمهور المسلمین.

وسیری أولو الألباب عند مطالعة هذه الجهود العلمیة أن الشبه قریب بین ما ألفنا من قراءات فقهیة، وبین ما باعدتنا عنه الأحداث السیئة.

* * * *

ولیس أحب إلی نفسی من أن یکون هذا العمل فاتحة موفقة لتصفیة شاملة تنقی تراثنا الثقافی والتاریخی من أدران علقت به ولیست منه.

ص : 4

وأحسب أن کل بذل فی هذا السبیل مضاعف الأجر مذخور عند الله جل شأنه. وأن الثمرات المرتقبة منه فی عاجل أمرنا وآجله تغری بالمزید من العنایة، والمزید من التحمل والمصابرة.

علی أنه لن ینجح فی هذا المجال إلا من استجمع خلتین اثنتین: سعة القلم، وصدق الإیمان.

إن الأصالة الفکریة فی مجال البحث عن الحق وتعلیمه، تلتقی مع متانة الخلق، وبراءة النفس من العقد والعلل.. والثروة الطائلة من الثقافة تورث النفس رحابة تشبه الرحابة التی یورثها الإیمان الخالص النقی.

ذلک أن الحصیلة العلمیة الضخمة تجعل صاحبها بعید منادح النظر، وتجعله یعرف عن خبرة - آراء معارضیه، وکیف تکونت هذه الآراء، ومدی ما للملابسات المختلفة من عمل فی تکوینها... وصدق والإیمان یجعل المسلم بادی التلطف مع الناس، حذرا من قطع أو إصرهم، لبقا فی بیان الحق والدعوة إلیه، أمنیته الغالیة أن تنشرح الصدور بالهدی وأن تناءی عن مواطن الردی هیهات. أن یشمت، أو یعتد، أو یحقد، أو یشارک فی مراء وهو یرید لنفسه الغلب، ویبغی لصاحبه العطب، کلا کلا، فشرط الإخلاص لله ینفی هذا کله.. ونحن المسلمین بحاجة ماسة إلی أن نبنی علاقاتنا علی هذه الأسس وأن نزیح من طریقنا إلی المستقبل الطیب ما خلفته الأیام والأهواء من عقبات.

والله ولی التوفیق وهو المسؤول أن یتدارک برحمته أمتنا وأن یقیها عوادی السوء ومغبات التفرق والانقسام أحمد حسن الباقوری

ص : 5

ص : 6

تقدیم

لصاحب السماحة العلامة الأستاذ محمد تقی القمی

السکر تیر العام لجماعة التقریب

بسم الله نقدم کتاب " المختصر النافع " - وهو علی إیجازه - یعطی صورة واضحة لمذهب فقهی لا یقل أتباعه أتباع عن أی مذهب من المذاهب المعروفة، ذلک هو مذهب الإمامیة.

ولعل القارئ حین یطلع علی الکتاب، یعجب من أن هذا الفقه لم یکن فی متناول ید الجمهور إلی الیوم، ولکن لا غرابة، فإن الماضی قد شحن بکثیر من الأغراض التی دفعت إلی محاربة من یسند إلیهم هذا الفقه، فانسحب ذلک علی الفقه ذاته وإن لم یکن فیه ما یحارب.

إن مبدأ الخلافة والإمامة معروف، وهو الذی میز بین الطائفتین: السنة والشیعة وإن اتجاه الأنظار فی الإمامة إلی آل علی علیه السلام، جعل الفقه المسند إلیهم یناله ما نالهم من إیذاء وإرجاف، یرجع أکثره إلی أسباب سیاسیة تتعلق بالحکم ولولا هذا لم یکن مذهب الإمام جعفر بن محمد الصادق - وتقدیره عند أئمة المذاهب معروف - یقاطع ولا یدخل فی دائرة المذاهب المعروفة عند الجمهور، وکذلک یقال فی مذهب إمام کزید بن علی، ولیس یتسع المقام لسرد ما ترتب علی هذه القطیعة من حرمان وفراغ، ومن مصادرة لجانب عظیم من الفکر الإسلامی، ثم ما انتهت إلی هذه القطیعة من سوء ظن أدی إلی التشتت والأخذ بالأوهام وتقطیع أواصر الأخوة فی الدین.

إن ثروتنا الفقهیة - معشر المسلمین - ثروة ضخمة، لا مثیل لها فی أی تشریع من التشریعات. ولیس یغض من قیمة هذه الثروة أن فیها نقط خلاف إلی

ص : 7

جانب الآلاف من نقط الوفاق، فإن هذا وذاک له دلالته، أما الوفاق فیدل علی أن الأصول تتحکم ولا یهملها أحد، وأما الخلاف فیدل علی أن مجال النظر فیما یصح فیه الاجتهاد یحترم ویقدر، والفقه الذی بین أیدیکم قلما یوجد فیه رأی لا یکون له مثیل فی مذهب آخر.

وهذا الکتاب علی إیجازه، یتحدث عن العبادات، وعلیها تقوم الصلة بین العبد وربه، وعن المعاملات، وعلیها تقوم صلة الإنسان بالإنسان.

فهو یحدثنا عن الطهارة المائیة والترابیة، وعن الوضوء والأغسال، وعن النیة والقربة، وعن المسح علی القدمین المأخوذ من قراءة ثابتة معتد بها عند الجمیع، وعن منع مس المصحف لمن لیس علی طهارة، ولا یغفل حتی آداب الخلوة ومنها حرمة استقبال القبلة أو استدبارها عند قضاء الحاجة ولو فی الأبنیة، ثم هو یجعل للطهارة قداسة، ویحتاط فیها أشد الاحتیاط، لأنها مقدمة لعبادة أهم هی الصلاة.

وأما فی الصلاة فنری کثیرا جدا من وجوه الوفاق مع بقیة المذاهب: فلا صلاة إلا بتکبیرة الإحرام، ولا صلاة إلا بفاتحة الکتاب، ولا خلاف فی عدد الفرائض ولا فی الرکعات والسجدات، وهم یولون وجوههم شطر المسجد الحرام، ویشترطون القراءة بالعربیة ولا یجیزون الترجمة، ومن لا یعرف العربیة فعلیه أن یتعلم منها ما یؤدی به الصلاة، وهم لا یجیزون ترک الصلاة بحال حتی أن الموحل والغریق یومیان ویصلیان، فإن وجد خلاف ففی مثل أنهم یشترطون بعد الحمد سورة کاملة ولا یجتزئون ببعض السورة، ویشترطون الجهر بالبسملة وإرسال الیدین، والعدالة فی الإمام، والخروج من الصلاة بالتسلیم، وتلک خلافات لا تزید عما بین المذاهب الأخری بعضها وبعض، وأما القبلة فهی الکعبة مع الإمکان وإلا فجهتها وإن بعد المصلی وفی الصوم یذکر المؤلف أنه یبدأ بالرؤیة وینتهی بالرؤیة، ویعدد المفطرات، ولکن

ص : 8

الذی یلفت النظر أن الإمامیة یرون أن الکذب علی النبی صلی الله علیه وآله وسلم مفطر یجب فیه القضاء والکفارة. فإن وجد بعد ذلک خلاف فلا یعدو أن یکون من اشتراطهم التثبت من العدالة فی شهود الرؤیة أو اشتراطهم زوال الحمرة المشرقیة للإفطار لا مجرد مغیب الشمس، أی أنهم یتأخرون بعض الوقت بالإفطار.

أما النوافل فی رمضان فتجد من الإمامیة اهتماما کبیرا، وهم یطبقون فیها الحدیث الصحیح: " أفضل الصلاة: " صلاة الرجل فی بیته إلا المکتوبة ". وأما الحج فیأخذ فی کتب هذا الفقه حیزا أکبر مما یأخذه غیره نظرا للدقة فی تحدید شعائره، وهو عندهم من أعظم دعائم الإسلام، ویعتبرونه جهادا بالمال والبدن ویرون تارکه علی حد الکفر بالله. وإذا مات المکلف دون أن یحج اعتبر الحج دینا ویحج عنه، وبلغ من ثبوت هذا الحق أنه یؤدی بغیر إذن فیما لو حصل بید إنسان مال لمیت علیه الحج. وعلم أن الورثة لا یؤدون، فإنه یجوز له أن یقتطع قدر أجرة الحج ویبذلها لمن یحج عنه، لأن هذا دین الله وهو خارج عن ملک الورثة والدیون تقضی قبل التوریث. ودین الله أحق بالقضاء، ودرجة الوفاق فی الأرکان والمناسک والشعائر بین هذا الفقه وغیره کبیرة إلی حد یجعل الحج أعظم مظهر لوحدة المسلمین، ولعل هذا من برکات بیت الله العتیق أما الاعتکاف والزکاة والجهاد والأمر بالمعروف والنهی عن المنکر فقد أفرد لکل منها کتاب خاص.

هذا شأن الإمامیة فی علاقاتهم بربهم: یعبدونه لا یشرکون به شیئا، ویحتاطون لعبادتهم أعظم احتیاط. فما هو شأنهم مع الناس؟

إن أبواب المعاملات فی فقه الإمامیة تحدد کل جانب، وتلزم الکتاب والسنة والقواعد المستقاة منهما، فهم یکثرون من الشروط التی تربط معاملاتهم بالروح الإسلامی، ویستحبون البدء بالبسملة فی کل معاملة، ویشترطون الصیغة العربیة فی العقود.

ویکرهون التعامل مع تارک الصلاة والمستهتر، ویحرمون الاتجار بالمحرمات وما یترتب علیه فساد فی المجتمع.

ص : 9

والإمامیة فی النکاح والطلاق یتفقون مع بقیة المذاهب، فإن یکن خلاف ففی مثل أنهم یشترطون فی الطلاق شاهدین عدلین لا یقع بدونهما لقوله تعالی:

" فأمسکوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوی عدل منکم " ولا یوقعون طلاق الثلاث بلفظ واحد، أو متتابعا فی مجلس واحد، ولا ینعقد عندهم الطلاق بالحلف، وبعض هذا أخذ به أخیرا فی الأحوال الشخصیة فی مصر مما یدل علی فائدة الاطلاع والتعرف علی کل مذهب.

زواج المتعة، لیس أساس الخلاف فیه التردد فی أن الرسول صلی الله علیه وسلم شرعه، ولا أن من الصحابة من عمل به علی عهده، ولا أن بعضهم استمر یری بقاء هذه المشروعیة بعد وفاة الرسول، إنما الخلاف فی أن هذا الحکم نسخ أو لم ینسخ فثبت النسخ عند فریق، ولم یثبت عند الفریق الآخر. وسوف یدرک القارئ البون الشاسع بین ما أشیع عن هذا الزواج، وبین ما هو حقیقة یجیزها المذهب، فهو زواج امرأة خالیة من الموانع الشرعیة یلزم فیه عقد ومهر، ویترتب علیه میراث الولد وعدة الزوجة بانقضاء المدة أو الانفصال. وکما انتفع فی الأحوال الشخصیة ببعض ما عند الإمامیة من أحکام فی الطلاق، انتفع ببعض ما عندهم فی الوصایا والوقف.

أما عن الحدود والتعزیرات، فإن هذا الفقه یشدد فیها درءا للمفاسد وضربا علی ید کل من یقدم علی منکر. فحد الزنا الجلد أو الرجم، وحد اللواط القتل، وحد السرقة القطع، وجزاء من یدعی النبوة القتل، ومن قال: لا أدری أمحمد صادق أم کاذب وهو علی ظاهر الإسلام، فجزاؤه القتل، ومن سب النبی صلی الله علیه وآله وسلم فجزاؤه القتل. هذا عرض سریع لبعض ما فی هذا الجزء من الکتاب.

ص : 10

کلمة عن المؤلف

أما المؤلف: فهو جعفر بن الحسن بن یحیی بن الحسن بن سعید الحلی، المعروف بالمحقق، أو المحقق الحلی المتوفی سنة 676 ه. إمام من الفقهاء الأفذاذ الذین لم یخلقوا لعصر هم فحسب، والذین یستحقون خلود الاسم وبقاء الذکر. کان أستاذ مجتهدی عصره، وصاحب متون من أکبر المتون التی تدرس إلی الآن. لم یقتصر فی مطالعاته علی کتبه المذهبیة الخاصة، وإنما اطلع علی ما عند غیره، وهو فی مؤلفاته المفصلة یذکر آراء فقهاء المذاهب الأخری باحترام یلیق برجال العلم، ویناقش ما یخالف رأیه منها بهدوء ویبرز حجته فی غیر تحامل ولا تعسف.

ولم یکن فی بحوثه یقنع بالنظر الیسیر، أو یقول برأی ثم یتصید له ما یسنده.

بل کان موسوعة علمیة، یقول بالرأی ویدعمه بالمتخیر من الأسانید، یدل علی هذا ما ذکره فی إحدی وصایاه حین یقول " وأکثر من التطلع علی الأقوال لتظفر بمزایا الاحتمال، واستنفض البحث عن مستند المسائل لتکون علی بصیرة فیما تتخیره (1) ".

ویقول فی وصیة أخری: " لیکن تعلمک للنجاة لتسلم من الریاء والمراء، وبحثک لإصابة الحق لتخلص من قواطع الأهویة ومآلف الغشاء (1)... "

ثم هو من التقی والورع بحیث یری نفسه بین یدی الله حین یصدر الفتوی فیقول فی وصیة من وصایاه: " إنک فی حال فتواک، مخبر عن ربک وناطق بلسان شرعه، فما أسعدک إن أخذت بالحزم، وما أخیبک إن بنیت علی الوهم، فاجعل فهمک تلقاء قوله تعالی: (وأن تقولوا علی الله ما لا تعلمون) وانظر إلی قوله تعالی: (قل أرأیتم ما أنزل الله لکم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل الله أذن لکم أم علی الله تفترون) ثم یقول: " وتفطن کیف قسم - الله - مستند الحکم إلی القسمین فما لم یتحقق الإذن فأنت مفتر (1) " ومعنی هذا أن الأمر عنده دقیق، وأن من یفتی

ص : 11


1- (1) من وصایاه فی مقدمة کتابه " المعتبر "

یکون بین مأذون من الله أو مفتر علیه. ولیس وراء ذلک فی التحرز والاحتیاط غایة وهو یعطی صورة لما علیه فقهاء الإمامیة حین یفتون.

هذا هو " المحقق الحلی " کما عرفناه من أقواله. فماذا قیل عنه فی تراجم العلماء؟

یقول تلمیذه الشیخ الجلیل ابن داود الحلی (1) حین یتحدث عنه فی " کتاب الرجال ":

" جعفر بن الحسن بن یحیی بن سعید الحلی شیخنا نجم الدین أبو القاسم المحقق المدقق الإمام العلامة واحد عصره. کان ألسن أهل زمانه وأقومهم بالحجة وأسرعهم استحضارا... توفی فی شهر ربیع الآخر سنة ست وسبعین وستمائة. وله تصانیف حسنة محققة محررة عذبة. فمنها: کتاب شرائع الإسلام مجلدان، کتاب النافع فی مختصرها (المختصر النافع وهو مختصر الشرائع) مجلد، کتاب (المعتبر فی شرح المختصر) لم یتم - مجلدان، کتاب (نکت النهایة) مجلدان، کتاب (المسائل الغریة) مجلد کتاب (المسائل المصریة) مجلد، کتاب (المسلک فی أصول الدین) مجلد، کتاب (المعارج) فی أصول الفقه مجلد، کتاب (الکهنة) (2) فی المنطق مجلد، وله کتب غیر ذلک لیس هذا موضع استیفائها فأمرها ظاهر، وله تلامیذ فقهاء فضلاء رحمه الله ا ه.

وجاء فی إجازات بعض المشایخ ذکر کتب أخری للمحقق منها کتاب فی اختصار مراسم سلار الدیلمی (3) وکتاب سماه نهج الوصول إلی معرفة الأصول.

وهناک رسالة فی القبلة ذکرها جمال الدین بن فهد الحلی فی کتابه المهذب فی شرح المختصر بتمامها ویذکر سبب تألیف تلک الرسالة، وهو أن نصیر الدین الطوسی (4) حضر ذات یوم حلقه درس المحقق بالحلة، فقطع المحقق الدرس تعظیما له

ص : 12


1- (1) ابن داود تقی الدین الحسن بن علی بن داود الحلی ولد سنة 647.
2- (2) من الکهانة بالفتح بمعنی الصناعة.
3- (3) أبو یعلی سلار بن عبد العزیز الدیلمی صاحب کتاب المقنع فی المذهب والتقریب فی أصولی الفقه والمراسم فی الفقه - المتوفی سنة 463 ه
4- (4) نصیر الدین محمد بن محمد بن الحسن الطوسی الجهرودی. من کبار الحکماء المتکلمین. صاحب تجرید الکلام، وهو من کتب الإمامیة فی الکلام، یحق لمن یرید الاطلاع علی العقائد الکلامیة أن یطلع علیه: وعلیه شروح من علماء السنة والشیعة. ویقول علاء الدین علی بن محمد المشتهر بقوشجی من علماء الکلام عند الجمهور فی شرحه لهذا الکتاب: " إنه کتاب کثیر العلم جلیل الشأن حسن الانتظام مقبول عند الأئمة العظام لم یظفر بمثله علماء الأمصار.. " وله تلخیص المحصل للفخر الرازی وکذلک شرح قسم الإلهیات من الإشارات لابن سینا وغیرها من الکتب. توفی سنة 672 ه.

وإجلالا لمنزلته. فالتمس منه الطوسی إتمام الدرس. فجری البحث فی مسألة استحباب التیاسر للمصلی بالعراق. فقال نصیر الدین إنه لا وجه لهذا الاستحباب، لأن التیاسر إن کان من القبلة إلی غیر القبلة فهو حرام، وإن کان من غیرها إلیها فهو واجب، فقال المحقق فی الحال: إنه منها إلیها. فسکت نصیر الدین، ثم إن المحقق ألف رسالة بهذا المعنی وأرسلها إلیه فاستحسنها ا ه.

أما بعد. فإن رجلا هذا شأنه، لیس بغریب أن یربی نخبة من العلماء الأجلاء الذین صاروا من أئمة الفقهاء والمتکلمین. فمن تلامذته: ابن أخته جمال الدین العلامة الحلی (صاحب کتاب تذکرة الفقهاء) التی تعد مرجعا لمذهبه وللمذاهب الأخری ومنهم الشیخ رضی الدین علی بن یوسف. وابن داود الحلی. والسید عبد الکریم ابن أحمد بن طاووس. وحسن بن أبی طالب الیوسفی الأبی. والسید جلال الدین محمد بن علی بن طاوس. والشیخ صفی الدین عبد العزیز الحلی، والوزیر شرف الدین أبو القاسم. والشیخ شمس الدین محفوظ بن وشاح، وکثیر غیر هؤلاء ممن لهم آثار وتآلیف عدة.

أما هذا الکتاب - وهو المختصر النافع - فقد لخصه المؤلف من کتاب " شرائع الإسلام فی مسائل الحلال والحرام " الذی یعتبر متنا من المتون الحیة إلی الآن.

وهو مرتب علی أربعة أقسام (1): العبادات والعقود والإیقاعات والأحکام.

ص : 13


1- (1) جرت العادة عند المؤلفین من فقهاء الإمامیة أن یقسموا الموضوعات الفقهیة إلی أربعة أقسام: (العبادات - العقود - الإیقاعات - الأحکام). ولعل وجه الخصر أن المبعوث عنه فی الفقه إما أن یتعلق بالأمور الأخرویة - أی معاملة العبد ربه - أو الدنیویة فإن کان الأول فهو عبادات، أما الثانی: فإما أن یحتاج إلی صیغة أولا، فغیر المحتاج إلی صیغة هو الأحکام کالدیات والمیراث والقصاص والأطعمة، وما یحتاج إلی صیغه فقد یکون من الطرفین أو من طرف واحد، فمن طرف واحد یسمی الإیقاعات کالطلاق والعتق، ومن الطرفین یسمی العقود ویدخل فیها المعاملات والنکاح. وتبدأ العبادات بکتاب الطهارة کمقدمة للعبادات.

فقسم العبادات - یبدأ بکتاب الطهارة وینتهی بالأمر بالمعروف والنهی عن المنکر.

وقسم العقود - یبدأ بکتاب التجارة وینتهی بکتاب النکاح " الإیقاعات - " " الطلاق " " النذر " الأحکام - یبدأ بالصید والذباحة وینتهی بالدیات واشتمال کل قسم علی الکتب المشار إلیها بهذه الصورة هو المتعارف علیه فی مؤلفات الإمامیة منذ عصر المؤلف إلی الآن. أما قبل عصره فلم یکن الحال علی هذا النمط تماما. فمثلا فی أبواب العبادات یقول یحیی بن سعید الهذلی الحلی (1) فی مقدمة کتابه " نزهة الناظر فی الجمع بین الأشباه والنظائر ":

" قال شیخنا السعید أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسی قدس الله روحه عبادات الشرع خمس: الصلاة والزکاة والصوم والحج والجهاد. وقال الشیخ أبو جعفر محمد بن علی الطوسی المتأخر (2) رضی الله عنه فی " الوسیلة ": عبادات الشرع عشر، أضاف إلی هذه الخمس غسل الجنابة والاعتکاف والعمرة والرباط. وقال الشیخ أبو یعلی سلار: العبادات ست، أسقط الجهاد من الخمس الأولی وأضاف إلیها الطهارة والاعتکاف. وقال الشیخ أبو الصلاح (3): العبادات عشر، أسقط

ص : 14


1- (1) هو من کبار علماء الإمامیة صاحب کتاب " الجامع " فی الفقه " والمدخل " فی الأصول " ونزهة الناظر فی الجمع بین الأشباه والنظائر " المتوفی سنة 689 ه.
2- (2) عالم إمامی من فقهاء القرن الخامس یطلق علیه " ابن حمزة " له تصانیف فی الفقه منها " الوسیلة إلی نیل الفضیلة " و " الواسطة " ویشتمل علی جمیع أبواب الفقه، وهما من المتون الفقهیة المشهورة. وکتاب " الرائع فی الشرائع ومسائل الفقه ".
3- (3) هو من مشاهیر علماء " حلب " ومن کبار علماء الإمامیة. یعاصر شیخ الطائفة " الطوسی ": وله تصانیف منها " کتاب " " تقریب المعارف " و " الکافی فی الفقه " و " البدائع فی الفقه " و " شرح الذخیرة للسید المرتضی علم الهدی " وکتاب " البرهان علی ثبوت الإیمان.

الجهاد أیضا من الخمس الأولی وأصاف إلیها الوفاء بالنذر والعهود والوعود وبراهین الإیمان وتأدیة الأمانة والخروج عن الحقوق والوصایا ". ولأن الکتاب من المتون المختصرة فقد اهتموا کثیرا بشرحه. وله شروح متداولة تدرس إلی الآن. وبقدر ما یحضرنا نذکر بعض تلک الشروح.

1 - للمحقق الحلی نفسه شرح للمختصر سماه " المعتبر فی شرح المختصر "

2 - شرح عز الدین حسن بن أبی طالب الیوسفی الأبی. ذکره بحر العلوم وقال فی حقه أنه أول من شرح النافع، محقق فقیه قوی الفقاهة، وکان فراغه من تألیف الکتاب سنة 672 ه أی فی زمن المحقق.

3 - شرح الشیخ جمال الدین أحمد بن فهد الحلی. ویسمی " المهذب البارع فی شرح المختصر النافع ".

4 - شرح العلامة الحلی (1) علی المختصر.

5 - شرح السید محمد بن علی بن الحسین الموسوی الجبعی (2). وهو من کتاب النکاح إلی آخر کتاب النذر.

ص : 15


1- (1) الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر الحلی المعروف بالعلامة المتوفی سنة 726 ه من کبار الإمامیة. قرأ علی المحقق الحلی وجماعة من العلماء بعضهم من السنة، وقرأ علیه کثیر من أفاضل علماء الفریقین، وهو صاحب المؤلفات الکثیرة فی الفقه والأصولین والحکمة والتفسیر والحدیث. ومنها تذکرة الفقهاء، فی الفقه الاستدلالی المقارن، ومنتهی المطلب الذی قال فی حقه: " لم یعمل مثله ذکرنا فیه جمیع مذاهب المسلمین فی الفقه، وتلخیص المرام فی معرفة الأحکام، وتحریر الأحکام الشرعیة، ومختلف الشیعة فی أحکام الشریعة یذکر فیه الآراء المختلفة عند فقهاء الإمامیة. وکشف المراد فی شرح تجرید الاعتقاد، ونهایة المرام فی علم الکلام، وتهذیب الوصول إلی علم الأصول، وقواعد الأحکام فی معرفة الحلال والحرام، ونهج المسترشدین فی أصول الدین وغیر ذلک من کتبه النافعة.
2- (2) هو صاحب کتاب " مدارک الأحکام فی شرح شرائع الإسلام " خرج منه العبادات فی ثلاثة مجلدات وهو من أحسن الکتب الاستدلالیة فی فقه الإمامیة فرغ منه سنة 998 ه.

6 - شرح السید نور الدین العاملی (1). وقد أطال فی البحث والاستدلال إلا أنه لم یتم.

7 - الشرح الکبیر وهو " ریاض المسائل فی بیان أحکام الشرع بالدلائل وهو أکبر شرح للمختصر، ألفه المیر سید علی بن السید محمد علی بن السید أبو المعالی الطباطبائی المتوفی سنة 1231 ه. ویعد من أحسن الکتب الاستدلالیة فی الفقه، ولصاحب الریاض شرح آخر للمختصر یسمی " الشرح الصغیر ".

وقد علق بعض العلماء بحواش علی " الریاض " منهم الوالد (2) قدس سره فی کتابه " تعلیقات علی الریاض " وکذلک السید محمد بن عبد الصمد الشهشهانی علق بحاشیة سماها " أنوار الریاض علی الشرح الکبیر ". وغیر ذلک من الشروح والتعلیقات علی الشروح التی لو جمعت کلها لکونت مکتبة فقهیة حول هذا الکتاب.

إن الکتاب علی اختصاره واضح العبادة واف بالغرض. وما رأینا توضیحه - وهو قلیل - فسرناه بکلام المؤلف نفسه من کتبه الأخری لا سیما " شرائع الإسلام " و " المعتبر " أو بکلام بعض شراح کتبه أو کلام تلمیذه العلامة الحلی.

" فی تذکرة الفقهاء ".

ونحن لم نرد بهذا الکتاب تقدیم فقه استدلالی. بل اخترناه لإعطاء صورة عن فقه آل البیت. ومن یرید استقصاء الأدلة فعلیه بالکتب المفصلة - وقد ذکرنا بعضها - فلیرجع إلیها الباحث إذا شاء.

ص : 16


1- (1) هو أخو کل من صاحبی المدارک والمعالم والمتوفی 1068 ه.
2- (2) هو العلامة المجتهد الأقا أحمد القمی المتوفی سنة 1349 ه بطهران.

مصادر الأحکام عند الإمامیة

مصادر الأحکام عند الإمامیة أربعة: الکتاب، والسنة، والإجماع، والعقل أو الأدلة العقلیة.

الکتاب:

من أکبر نعم الله علی المسلمین، أنهم لا یختلفون فی کتابهم. فالمسلم فی أقصی المغرب لا یختلف کتابه عن المسلم فی أقصی المشرق. والمصاحف فی بلاد العرب هی نفسها فی کل بلد، لا یختلف فی آیة، ولا خط، ولا رسم حرف، فإن کتبت کلمة " رحمت " بتاء مفتوحة، ألفیت ذلک فی کل مصحف بأی أرض من بلاد المسلمین لا فرق بین عربی وعجمی أو سنی وشیعی.

وفوق هذا الاتفاق الکامل الشامل فی کتاب الله، یجمع المسلمون علی أن.

کتابهم هو حبل الله المتین، وأحد الثقلین، والأصل الأول للشریعة.

ولا بأس من أن نعطی فکرة عما یرویه الإمامیة عن علی أمیر المؤمنین عن رسول الله صلی الله علیه وسلم بشأن القرآن الکریم. قال: سمعت رسول الله صلی الله علیه وسلم یقول: إنها ستکون فتن، قلت فما المخرج منها یا رسول الله: قال کتاب الله، فیه خبر ما قبلکم، ونبأ ما بعدکم، وحکم ما بینکم. هو الفصل لیس بالهزل، هو الذی لا تزیغ به الأهواء. ولا تشبع منه العلماء. ولا یخلق عن کثرة رد. ولا تنقضی عجائبه. وهو الذی من ترکه من جبار قصمه الله، ومن ابتغی الهدی فی غیره أضله الله، هو حبل الله المتین، وهو الصراط المستقیم، وهو الذی من عمل به أجر.

ومن حکم به عدل، ومن دعا إلیه دعا إلی صراط مستقیم (1). هذا هو القرآن. وهذا هو الأصل الأول فی التشریع عند الإمامیة کما هو عند غیرهم

ص : 17


1- (1) مجمع البیان لعلوم القرآن للطبرسی.

السنة:

لا یختلف الشیعی عن السنی فی الأخذ بسنة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم، بل یتفق المسلمون جمیعا عن أنها المصدر الثانی للشریعة ولا خلاف بین مسلم وأخر فی أن قول الرسول وفعله وتقریره سنة لا بد من الأخذ بها إلا أن هناک فرقا بین من کان فی عصر الرسالة یسمع عن الرسول الله صلی الله علیه وآله وسلم، وبین من یصل إلیه الحدیث الشریف بواسطة أو وسائط. ومن هنا جاءت مسألة الاستیثاق من صحة الروایة.

واختلفت الأنظار، أی أن الاختلاف فی الطریق ولیس فی السنة، وهذا ما حدث بین السنة والشیعة فی بعض الأحایین. فالنزاع صغروی لا فی الکبری، فإن ما جاء به النبی لا خلاف فی الأخذ به، وإنما الکلام فی مواضع الخلاف ینصب علی أن الفرد المروی: هل صدر عن الرسول أو لا؟

وإذا کان ینقل عن أئمة المذاهب فی بعض المسائل روایتان، أو روایات مع قرب عهدهم بنا نسبیا، وإذا کان الإمام علی - وهو عند الشیعة الإمام المنصوص، وعند أهل السنة إمام یقتدی به - ینقل عنه فی المسائل الخلافیة روایتان مختلفتان، إحداهما أخذت بها السنة والأخری أخذت بها الشیعة، وإذا کنا نطلب الاستیثاق فی أقوال الأئمة وما یروی عنهم، فطبیعی أن الأمر بالنسبة للسنة النبویة یحتاج إلی دقة واستیثاق أکثر.

إن کلامه صلی الله علیه وآله وسلم تشریع، وهو المشرع الوحید للمسلمین، حلاله حلال إلی یوم القیامة، وحرامه حرام إلی یوم القیامة، والوصول إلی نص عبارته بحیث یعرف إن کان حدیثه مطلقا أو مقیدا. عاما أو خاصا، یتطلب إلمام الراوی بفنون التعبیر حتی لا یترک قرینة أو خصوصیة لها تأثیر فی بیان الحکم.

فلا خلاف فی أن السنة هی الأصل الثانی من أصول التشریع، إنما الخلاف فی ثبوت مروی أو عدم ثبوته، وهذا لیس خاصا بالسنة والشیعة، وإنما یوجد بین مذاهب السنة بعضها وبعض، فکم من مروی ثبت عند الشافعی ولم یثبت عند غیره.

ص : 18

ومع أن الجمهور یأخذون بروایة أی صحابی والشیعة تشترط أن تکون الروایة عن طریق أئمة أهل البیت لأسباب عدة، منها اعتقادهم أنهم أعرف الناس بالسنة.

فإن النتیجة فی أکثر الأحیان لا تختلف فهذه هی الصلاة لم یرد عنها فی القرآن تفضیلات. وکل ما جاء من ذلک کان عن طریق السنة ونقل ما فعله الرسول فی صلاته، ومع هذا فإنا نری الخلاف فیها بین الفریقین یسیرا علی کثرة ما فیها من الأرکان والفروع. وکذلک الحج وغیره.

وإذا کانت الشیعة تتبع أهل البیت وتقتدی بهم کأئمة، فلیس هذا إلا لما ثبت من فضلهم حسب ما هو مذکور فی کتب الفریقین.

وإذا سمیت طائفة بالسنة وطائفة بالشیعة. فلیس هذا إلا اصطلاحا، فإن الشیعة یعملون بالسنة، وأهل السنة یحبون آل البیت ویجلونهم أعظم الإجلال حسب ما فی کتبهم عنهم، مع فارق واحد هو أن الشیعة یعتقدون فیهم النص بالإمامة. ولذلک سموا " الإمامیة " وهذا أنسب لهم لاعتقادهم فی إمامة أهل البیت.

الإجماع

أما الإجماع فهو أصل من أصول التشریع عند الإمامیة کما هو عند غیرهم، ویذکر بعد الکتاب والسنة کأصل ثالث.

وإن إجماع العلماء علی حکیم یکشف فی الحقیقة عن حجة قائمة هی النص من المعصوم، ویورث عادة القطع بأن هذا العدد مع ورعهم فی الفتوی، لولا الحجة لما أجمعوا علی رأی واحد.

فإن هناک حجة، وحجیة الإجماع ترجع إلیها، والإجماع یکشف عنها.

العقل أو الدلائل العقلیة:

المعروف عن دلیل العقل أنه البراءة الأصلیة والاستصحاب، ویری البعض أن الاستصحاب ثبت بالسنة کما أن البعض الآخر یجعلون مع البراءة الأصلیة والاستصحاب التلازم بین الحکمین، وهو یشمل مقدمة الواجب. وأن الأمر بالشئ یستلزم

ص : 19

النهی من ضده الخاص، والدلالة الالتزامیة، وفسره البعض بلحن الخطاب، وفحوی الخطاب ودلیل الخطاب، وما ینفرد العقل بالدلالة علیه، وهذا هو رأی مؤلف هذا الکتاب فی دلیل العقل والاستصحاب نورده هنا من مقدمة کتابه " المعتبر ":

وأما دلیل العقل فقسمان:

أحدهما: ما یتوقف فیه علی الخطاب وهو ثلاثة:

(الأول) لحن الخطاب کقوله تعالی " أن اضرب بعصاک الحجر فانفجرت " أراد فضرب.

(الثانی) فحوی الخطاب وهو ما دل علی بالتنبیه کقوله تعالی: " ولا تقل لهما أف ".

(الثالث) دلیل الخطاب، وهو تعلق الحکم علی أحد وصفی الحقیقة کقوله " فی سائمة الغنم الزکاة " فالشیخ یقول هو حجة، وعلم الهدی ینکره، وهو الحق. أما تعلیق الحکم علی الشرط کقوله " إذا بلغ الماء قدر کر، لم ینجسه شئ " وکقوله تعالی: " وإن کن أولات حمل فأنفقوا علیهن حتی یضعن حملهن " فهو حجة. تحقیقا لمعنی الشرط. ولا کذا لو علقه علی الاسم کقوله اضرب زیدا خلافا للدقاق.

والقسم الثانی: ما ینفرد العقل بالدلالة علیه، وهو إما وجوب " کرد الودیعة أو قبح کالظلم والکذب، أو حسن کالإنصاف والصدق. ثم کل واحد من هذه کما یکون ضروریا فقد یکون کسبیا: کرد الودیعة مع الضرورة. وقبح الکذب مع النفع ".

وأما الاستصحاب، فأقسامه ثلاثة:

استصحاب حال الفعل: وهو التمسک بالبراءة الأصلیة... ومنه أن یختلف الفقهاء، فی حکم بالأقل والأکثر فیقتصر علی الأقل...

ص : 20

(الثانی): أن یقال عدم الدلیل علی کذا فیجب انتفاؤه، وهذا یصح فیما یعلم أنه لو کان هناک دلیل لظفر به، أما لا مع ذلک فإنه یجب التوقف ولا یکون ذلک الاستدلال حجة. ومنه القول بالإباحة لعدم دلیل الوجوب والحظر.

(الثالث): استصحاب حال الشرع کالمتیمم یجد الماء فی أثناء الصلاة فیقول المستدل علی الاستمرار: صلاة کانت مشروعة قبل وجود الماء فتکون کذلک بعده، ولیس هذا حجة لأن شرعیتها بشرط عدم الماء لا یستلزم الشرعیة معه. ثم مثل هذا لا یسلم عن المعارضة بمثله، لأنک تقول الذمة مغولة قبل الإتمام فتکون مشغولة بعده (1). من البدیهی أنه لیس فی إمکان من یکتب مقدمة وجیزة کهذه، إعطاء فکرة کاملة عن مذهب إسلامی یعد فقهه ثروة عظمی إلی جانب ما لعلمائه من ثمرات إنتاجیة فی شتی علوم الدین من تفسیر وحدیث وأصول ورجال وغیر ذلک، وإن ثمراتهم العلمیة فی هذه العلوم لا تقل عن ثمراتهم فی علم الفقه، وإن هذا وذاک لیکون مکتبة إسلامیة عظمی تعد مجلداتها الضخمة بعشرات الألوف.

ولعل مما یمهد لنا سبیل العذر فی عدم اضطلاعنا بهذا، وجود هذا العدد الضخم من الکتب فی شتی النواحی الدینیة، وکثیر منها مطبوع، وهی خیر مرجع لمن یرید الاطلاع علی ما فی هذا المذهب، وإنه لجدیر بالباحثین فی علوم الشریعة أن یعطوا مزیدا من العنایة لهذه الکتب، فإن الفکرة الإسلامیة فی أی مذهب، هی ملک للمسلمین جمیعا، لا لأصحاب هذا المذهب فحسب.

ص : 21


1- (1) وأما القیاس فلا یؤخذ به عند الإمامیة، ویقول صاحب الکتاب فی ذلک: " أما القیاس فلا یعتمد علیه عندنا لعدم الیقین بثمرته، فیکون العمل به عملا بالظن المنهی عنه ودعوی الإجماع من الصحابة علی العمل به لم تثبت بل أنکره جماعة منهم ". علی أن من مذاهب أهل السنة من لا یری العمل بالقیاس، ومن علمائهم من بین أن کل حکم قیل إنه مقیس قد أخذ عن دلیل نص أو إشارة أو نحوهما.

ثم إن هناک مبدأ علمیا هاما متفقا علیه بین الباحثین الراسخین، ذلک هو أن الإنصاف والأمانة العلمیة، تحتمان علی الباحث أن یستقی ما یریده من المعلومات من مصادره الصحیحة، وإنه ما دامت المراجع المعتمدة لمذهب ما میسرة. فلا یسوغ الرجوع إلی غیرها، ولا سیما إذا کانت تستند إلی الشائعات، أو تصدر عن عصبیات، وإنه لمن الخیر أن یطبق أهل العلم فی کل مذهب هذا المبدأ، وعندئذ سیتجلی لمن یدرس مذهب الإمامیة ویعرف أراءهم من الواقع الماثل أمامه، أی خبر وأی علم فی هذا المذهب، ثم یتجلی له مدی التجنی الذی ناله من المتحیزین أو المتعصبین علیه، حتی خلطوا بین الغلاة الذین ینتحلون وصف الشیعة، وبین الشیعة أنفسهم الذین یبرؤون إلی الله منهم، ویحکمون بکفرهم.

وکم من کتب خلطت بین الشیعة والفرق البائدة التی لا وجود لها إلا فی زوایا التاریخ، أو فی تفکیر المتحیزین.

إننا معشر المسلمین إذا تمسکنا بهذا المبدأ فی کتاباتنا وبحوثنا، فإنما نخلص للحقیقة ونساعد علی أن یزدهر هذا المیراث الثقافی الإسلامی ازدهارا یجعله موضع أنظار العالم الحدیث، کما کان موضع أنظار العالم القدیم، وإننا بهذا لنخطو خطوات کبری فی سبیل تحقیق الخیر الکثیر لامتنا. وفی سبیل إقامة وحدتنا. فی الدین، وأخوتنا فی الإیمان، " ربنا افتح بیننا وبین قومنا بالحق وأنت خیر الفاتحین ". " ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذین سبقونا بالإیمان ولا تجعل فی قلوبنا غلا للذین آمنوا، ربنا إنک رؤوف رحیم ".

محمد تقی القمی

القاهرة فی أوائل رمضان المبارک سنة 1376 ه

ص : 22

قام بمراجعة النسخة الخطیة (للمختصر النافع) وتحقیق نصها، والمقابلة بینها وبین أصولها للمؤلف وغیره، والإشراف علی إخراج الکتاب، لجنة علمیة من حضرات السادة:

صاحب السماحة العلامة الأستاذ محمد تقی القمی السکرتیر العام لجماعة التقریب بین المذاهب الإسلامیة.

صاحب الفضیلة الشیخ محمد محمد المدنی رئیس قسم العلوم الإسلامیة فی کلیة دار العلوم بجامعة القاهرة.

صاحب الفضیلة الشیخ عبد العزیز محمد عیسی أستاذ الفقه المساعد فی کلیة الشریعة بالجامع الأزهر.

من أعضاء اللجنة الثقافیة لدار التقریب صاحب الفضیلة الشیخ عبد الجواد السید البنا الأستاذ بقسم البحوث الإسلامیة بالجامع الأزهر.

صاحب الفضیلة الأستاذ الشیخ محمد الغزالی مدیر إدارة تفتیش المساجد بوزارة الأوقاف صاحب الفضیلة الأستاذ الشیخ سید سابق مدیر إدارة الثقافة بوزارة الأوقاف. عن وزارة الأوقاف.

ص : 23

مقدمة

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمد لله الذی صغرت فی عظمته عبادة العابدین، وحصرت عن شکر نعمته ألسنة الحامدین، وقصرت عن وصف کماله أفکار العالمین، وحسرت عن إدراک جلاله أبصار العالمین، (ذلکم الله ربکم لا إله إلا هو فادعوه مخلصین له الدین) وصلی الله علی أکرم المرسلین، وسید الأولین والآخرین، محمد خاتم النبیین، وعلی عترته الطاهرین، وذریته الأکرمین، صلاة تقصم ظهور الملحدین، وترغم أنواف الجاحدین.

أما بعد: فإنی مورد لک فی هذا المختصر خلاصة المذهب المعتبر، بألفاظ محبرة وعبارات محررة، تظفرک بنخبه، وتوصلک إلی شعبه، مقتصرا علی ما بان لی سبیله، ووضح لی دلیله.

فإن أحللت فطنتک فی مغانیه، وأجلت رویتک فی معانیه، کنت حقیقا أن تفوز بالطلب، وتعد فی حاملی المذهب وأنا أسال الله لی ولک الإمداد بالإسعاد، والإرشاد إلی المراد، والتوفیق للسداد، والعصمة من الخلل فی الإیراد، إنه أعظم من أفاد، وأکرم من سئل فجاد.

ص :1

کتاب الطهارة

اشارة

کتاب الطهارة

وأرکانه أربعة:

الرکن الأول: فی المیاه، والنظر فی المطلق والمضاف والأسآر (1).

أما المطلق فهو فی الأصل طاهر ومطهر، یرفع الحدث ویزیل الخبث، وکله ینجس باستیلاء النجاسة علی أحد أوصافه، ولا ینجس الجاری منه بالملاقاة، ولا الکثیر من الراکد وینجس القلیل من الراکد بالملاقاة علی الأصح.

وحکم ماء الحمام حکمه إذا کان له مادة (2)، وکذا ماء الغیث حال نزوله. وفی تقدیر الکثرة روایات، أشهرها ألف ومائتا رطل، وفسر الشیخان (3) بالعراقی. فی نجاسة البئر بالملاقاة قولان، أظهرهما التنجیس.

منزوحات البئر:

وینزح - لموت البعیر والثور وانصباب الخمر - ماؤها أجمع، وکذا قال الثلاثة (4) فی المسکرات. وألحق الشیخ (5) الفقاع (6) والمنی والدماء الثلاثة (7).

فإن غلب الماء تراوح علیها قوم اثنین اثنین یوما. ولموت البغل والحمار ینزح کر (8)، وکذا قال الثلاثة فی الفرس والبقرة.

ص :2


1- (1) جمع سؤر.
2- (2) أی أصل یمده.
3- (3) هما أبو جعفر الطوسی والشیخ المفید.
4- (4) هم الطوسی، والمفید والسید المرتضی.
5- (5) هو أبو جعفر الطوسی إمام الطائفة.
6- (6) ماء الشعیر المخمر.
7- (7) الحیض والنفاس والاستحاضة.
8- (8) السکر: ألف ومائتا رطل.

ولموت الإنسان سبعون دلوا.

وللعذرة عشرة، فإن ذابت فأربعون أو خمسون.

وفی الدم أقوال، والمروی فی دم ذبح الشاة من ثلاثین إلی أربعین، وفی القلیل.

دلاء یسیرة.

ولموت الکلب وشبهه أربعون، وکذا فی بول الرجل.

وألحق الشیخان بالکلب موت الثعلب والأرنب والشاة.

وروی فی الشاة تسع أو عشر. وللسنور أربعون، وفی روایة سبع.

ولموت الطیر واغتسال الجنب سبع، وکذا للکلب لو خرج حیا، وللفأرة إن تفسخت، وإلا فثلاث، وقیل: دلو.

ولبول الصبی سبع، وفی روایة ثلاث.

ولو کان رضیعا فدلو واحد، وکذا، فی العصفور وشبهه.

ولو غیرت النجاسة ماءها تنزح کلها.

ولو غلب الماء فالأولی أن تنزح حتی یزول التغیر، ویستوفی المقدر.

ولا ینجس البئر بالبالوعة ولو تقاربتا ما لم تتصل نجاستها، لکن یستحب تباعد هما قدر خمس أذرع إن کانت الأرض صلبة أو کانت البئر فوقها، وإلا فسبع.

وأما المضاف: فهو ما لا یتناوله الاسم بإطلاقه، ویصح سلبه عنه، کالمعتصر من الأجسام والمصعد (1) والممزوج بما یسلبه الإطلاق.

وکله طاهر لکن لا یرفع حدثا، وفی طهارة محل الخبث به قولان، أصحهما: المنع، وینجس بالملاقاة وإن کثر.

وکل ما یمازج المطلق ولم یسلبه الإطلاق لا یخرج عن إفادة التطهیر وإن غیر أحد أوصافه.

وما یرفع به الحدث الأصغر طاهر ومطهر، وما یرفع به الحدث الأکبر طاهر.

ص :3


1- (1) کماء الورد المعتبر المؤلف.

وفی رفع الحدث به ثانیا قولان، المروی: المنع.

وفیما یزال به الخبث إذا لم تغیره النجاسة قولان، أشبههما: التنجس عدا ماء الاستنجاء.

ولا یغتسل بغسالة الحمام إلا أن یعلم خلوها من النجاسة.

وتکره الطهارة بماء أسخن بالشمس فی الآنیة، وبماء أسخن بالنار فی غسل الأموات.

وأما الأسئار: فکلها طاهرة عدا سؤر الکلب والخنزیر والکافر.

وفی سؤر ما لا یؤکل لحمه قولان، وکذا فی سؤر المسوخ (1)، وکذا ما أکل الجیف مع خلو موضع الملاقاة من عین النجاسة، والطهارة فی الکل أظهر.

وفی نجاسة الماء بما لا یدرکه الطرف من الدم قولان، أحوطهما: النجاسة.

ولو نجس أحد الإناءین ولم یتعین اجتنب ماؤهما.

وکل ماء حکم بنجاسته لم یجز استعماله ولو اضطر معه إلی الطهارة تیمم.

الرکن الثانی - فی الطهارة المائیة، وهی وضوء وغسل.

الوضوء

فالوضوء یستدعی بیان أمور:

(الأول) فی موجباته. وهی خروج البول والغائط والریح من الموضع المعتاد والنوم الغالب علی الحاستین (2) والاستحاضة القلیلة.

وفی مس باطن الدبر وباطن الإحلیل قولان، أظهرهما أنه لا ینقض.

(الثانی) فی آداب الخلوة:

والواجب ستر العورة.

ص :4


1- (1) کالقردة مثلا.
2- (2) السمع والبصر.

ویحرم استدبار القبلة واستقبالها ولو کان فی الأبنیة علی الأشبه ویجب غسل مخرج البول ویتعین الماء لإزالته، وأقل ما یجزئ مثلا ما علی الحشفة، وغسل موضع الغائط بالماء، وحده الإنقاء، فإن لم یتعد المخرج تخیر بین الأحجار والماء.

ولا یجزئ أقل من ثلاثة ولو نقی بما دونها.

ویستعمل الخزف بدل الأحجار.

ولا یستعمل العظم ولا الروث ولا الحجر المستعمل.

وسننها (1): تغطیة الرأس عند الدخول. والتسمیة. وتقدیم الرجل الیسری والاستبراء والدعاء عند الدخول، وعند النظر إلی الماء، وعند الاستنجاء وعند الفراغ. والجمع بین الأحجار والماء، والاقتصار علی الماء إن لم یتعد. وتقدیم الیمنی عند الخروج.

(مکروهاتها): ویکره الجلوس فی الشوارع والمشارع ومواضع اللعن وتحت الأشجار المثمرة وفئ النزال. واستقبال الشمس والقمر، والبول فی الأرض الصلبة، وفی مواطن الهوام، وفی الماء جاریا وراکدا، واستقبال الریح به، والأکل والشرب والسواک، والاستنجاء بالیمین، وبالیسار وفیها خاتم علیه اسم الله تعالی، والکلام إلا بذکر الله أو لضرورة.

(الثالث): فی الکیفیة.

والفروض سبعة:

الأول: النیة مقارنة لغسل الوجه، ویجوز تقدیمها عند غسل الیدین، واستدامة حکمها حتی الفراغ.

والثانی: غسل الوجه، وطوله من قصاص شعر الرأس إلی الذقن، وعرضه ما اشتملت علیه الإبهام والوسطی.

ص :5


1- (1) أی الخلوة.

ولا یجب غسل ما استرسل من اللحیة ولا تخلیلها.

والثالث: غسل الیدین مع المرفقین مبتدئا بهما.

ولو نکس فقولان، أشبههما: أنه لا یجزئ.

وأقل الغسل ما یحصل به مسماه ولو دهنا (1).

والرابع: مسح مقدم الرأس ببقیة البلل بما یسمی مسحا.

وقیل: أقله ثلاث أصابع مضمومة، [ولو استقبل فالأشبه الکراهیة] (2) ویجوز علی الشعر أو البشرة، ولا یجزئ علی حائل کالعمامة.

والخامس: مسح الرجلین إلی الکعبین وهما قبتا القدم، ویجوز منکوسا، ولا یجوز علی حائل من خف وغیره إلا للضرورة.

والسادس: الترتیب: یبدأ بالوجه ثم بالیمنی ثم بالیسری ثم بالرأس ثم بالرجلین ولا ترتیب فیهما.

والسابع: الموالاة. وهی أن یکمل طهارة قبل الجفاف.

مسائل: والفرض فی الغسلات مرة، والثانیة سنة، والثالثة بدعة، ولا تکرار فی المسح، ویحرک ما یمنع وصول الماء إلی البشرة وجوبا کالخاتم، ولو لم یمنع حرکه استحبابا.

والجبائر تنزع إن أمکن، وإلا مسح علیها ولو فی موضع الغسل.

ولا یجوز أن یولی وضوءه غیره اختیارا.

ومن دام به السلس یصلی کذلک، وقیل یتوضأ لکل صلاة وهو حسن. وکذا المبطون، ولو فجأه الحدث فی الصلاة توضأ وبنی.

ص :6


1- (1) جاء فی کتاب (تذکرة الفقهاء) للعلامة الحلی المتوفی سنة 726 وهو کتاب مفصل فی الفقه المقارن ومن أمهات کتب الفقه الإمامی: ویجب فی الغسل مسماه وهو الجریان علی العضو، فالدهن إن صدق علیه الاسم أجزأ وإلا فلا وفی کتاب المعتبر للمؤلف فی شرح المختصر: (ولا یجری ما یسمی مسحا)
2- (2) هکذا فی المخطوطة التی بأیدینا. وفی شرائع الإسلام: (والأفضل مسح الرأس مقبلا، ویکره مدبرا علی الأشبه).

والسنن عشرة: وضع الإناء علی الیمین، والاغتراف بها، والتسمیة، وغسل الیدین مرة للنوم والبول، ومرتین للغائط قبل الاغتراف، والمضمضة، والاستنشاق، وأن یبدأ الرجل بظاهر ذراعیه والمرأة بباطنهما، والدعاء عند غسل الأعضاء، والوضوء بمد، والسواک عنده، ویکره الاستعانة فیه والتمندل (1). منه.

(الرابع) فی الأحکام:

فمن تیقن الحدث وشک فی الطهارة أو تیقنهما وجهل المتأخر تطهر.

ولو تیقن الطهارة وشک فی الحدث، أو شک فی شئ من أفعال الوضوء بعد انصرافه بنی علی الطهارة. ولو کان قبل انصرافه أتی به وبما بعده.

ولو تیقن ترک عضو أتی به علی الحالین وبما بعده ولو کان مسحا.

ولو لم تبق علی أعضائه نداوة أخذ من لحیته وأجفانه ولو لم تبق نداوة استأنف الوضوء.

ویعید الصلاة لو ترک غسل أحد المخرجین ولا یعید الوضوء، ولو کان الخارج أحد الحدثین غسل مخرجه دون الآخر.

وفی جواز مس کتابة المصحف للمحدث، قولان أصحهما المنع:

الغسل

(الغسل)

وأما الغسل ففیه الواجب والندب. فالواجب منه ستة.

(الأول) غسل الجنابة، والنظر فی موجبه وکیفیته وأحکامه.

أما الموجب: فأمران:

1 - إنزال الماء یقظة أو نوما ولو اشتبه اعتبر بالدفق وفتور البدن.

وتکفی فی المریض الشهوة.

ص :7


1- (1) تمندل بالمندیل: تمسح به.

ویغتسل المستیقظ إذا وجد منیا علی جسده أو ثوبه الذی ینفرد به.

2 - الجماع فی القبل. وحده غیبوبة الحشفة وإن أکسل. وکذا فی دبر المرأة علی الأشبه.

وفی وجوب الغسل بوطء الغلام تردد (1) وجزم علم الهدی (2) بالوجوب.

وأما کیفیته: فواجبها خمسة:

النیة مقارنة لغسل الرأس أو متقدمة عند غسل الیدین. واستدامة حکمها غسل البشرة بما یسمی غسلا ولو کان کالدهن (3). وتخلیل ما لا یصل الماء إلیه إلا به. والترتیب. یبدأ برأسه، ثم میامنه، ثم میاسره. ویسقط الترتیب بالارتماس (4) وسننها سبعة: الاستبراء، وهو أن یعصر ذکره من المقعدة إلی طرفه ثلاثا وینتره ثلاثا، وغسل یدیه ثلاثا، والمضمضة، والاستنشاق، وإمرار الید علی الجسد وتخلیل ما یصل (5) الماء إلیه والغسل، بصاع. وأما أحکامه: فیحرم علیه قراءة العزائم (6)، ومس کتابة القرآن، ودخول المساجد إلا اجتیازا، عدا المسجد الحرام ومسجد النبی (7) صلی الله علیه وآله وسلم ولو احتلم فیهما تیمم لخروجه. ووضع شئ فیها علی الأظهر.

ص :8


1- (1) الکلام إنما هو فی وجوب الغسل بمجرد الإدخال أو عدم وجوبه، مع حرمة الفعل.
2- (2) هو السید المرتضی
3- (3) جاء فی (تذکرة الفقهاء وهو بصدد أحکام الغسل:، فالدهن إن تحقق معه الجریان أجزأ وإلا فلا، لأن علیا علیه السلام کأن یقول: الغسل من الجنابة وضوء یجزئ منه ما جری مثل الدهن الذی یبل الجسد، فشرط الجریان).
4- (4) ارتمس فی الماء: مثل الغمس.
5- (5) أما ما لا یصل إلیه الماء فغسله واجب کما تقدم فی الواجبات:
6- (6) العزائم: السور التی بها السجدات الواجبة وهی ألم تنزیل (السجدة)، وحم السجدة، والنجم، وسورة أقرأ (العلق):
7- (7) فإنه محرم اجتیاز هما

ویکره قراءة ما زاد علی سبع آیات، ومس المصحف (1) وحمله، والنوم ما لم یتوضأ والأکل والشرب ما لم یتمضمض ویستنشق، والخضاب.

ولو رأی بللا بعد الغسل أعاد إلا مع البول أو الاجتهاد (2).

ولو أحدث فی أثناء غسله ففیه أقوال، أصحها: الإتمام والوضوء (3).

ویجزئ غسل الجنابة عن الوضوء، وفی غیره تردد أظهره أنه لا یجزئ (الثانی): غسل الحیض، والنظر فیه وفی أحکامه. وهو فی الأغلب دم أسود أو أحمر غلیظ حار له دفع.

فإن اشتبه بالعذرة حکم لها بتطوق القطنة.

ولا حیض مع سن الیأس ولا مع الصغر.

وهل یجتمع مع الحمل؟ فیه روایات، أشهرها أنه لا یجتمع.

وأکثر الحیض عشرة أیام، وأقله ثلاثة أیام.

فلو رأت یوما أو یومین فلیس حیضا، ولو کمل ثلاثة فی جملة عشرة فقولان، المروی أنه حیض.

وما بین الثلاثة إلی العشرة حیض وإن اختلف لونه، ما لم یعلم أنه لعذر أو قرح. ومع تجاوز العشرة ترجع ذات العادة إلیها.

والمبتدئة والمضطربة إلی التمیز، ومع فقده ترجع المبتدئة إلی عادة أهلها وأقرانها.

فإن لم یکن أو کن مختلفات رجعت هی والمضطربة إلی الروایات وهی ستة أو سبعة، أو ثلاثة من شهر وعشرة من آخر.

وتثبت العادة باستواء شهرین فی أیام رؤیة الدم ولا تثبت بالشهر الواحد.

ولو رأت فی أیام العادة صفرة أو کدرة، وقبلها أو بعدها بصفة الحیض وتجاوز العشرة، فالترجیح للعادة، وفیه قول آخر.

ص :9


1- (1) أی غیر الکتابة وأما الکتابة فقد تقدم أن مسها حرام.
2- (2) یرید أنه إذا کان قد بال أو اجتهد قبل الغسل فلیس علیه إعادة للغسل إذا رأی بللا، والمراد بالاجتهاد الاستبراء.
3- (3) یرید أن إتمامه یجزئ غسلا ولا یجزئ وضوءا

وتترک ذات العادة الصوم والصلاة برؤیة الدم.

وفی المبتدئة والمضطربة تردد، والاحتیاط للعبادة أولی حتی یتیقن الحیض.

وذات العادة مع الدم تستظهر بعد عادتها بیوم أو یومین ثم تعمل ما تعمله المستحاضة، فإن استمر وإلا قضت الصوم.

وأقل الطهر عشرة أیام ولا حد لأکثره.

وأما الأحکام فلا ینعقد لها صلاة ولا صوم ولا طواف، ولا یرتفع لها حدث، ویحرم علیها دخول المساجد إلا اجتیازا عدا المسجدین، ووضع شئ فیها علی الأظهر، وقراءة العزائم (1)، ومس کتابة القرآن.

ویحرم علی زوجها وطؤها موضع الدم ولا یصح طلاقها مع دخوله بها وحضوره.

ویجب علیها الغسل مع النقاء، وقضاء الصوم دون الصلاة.

وهل یجوز أن تسجد لو سمعت السجدة؟ الأشبه نعم.

وفی وجوب الکفارة بوطئها علی الزوج روایتان أحوطهما الوجوب.

وهی أی الکفارة دینار فی أوله، ونصف فی وسطه وربع فی آخره.

ویستحب لها الوضوء لوقت کل فریضة، وذکر الله تعالی فی مصلاها بقدر صلاتها.

ویکره لها الخضاب، وقراءة ما عدا العزائم، وحمل المصحف ولمس هامشه، والاستمتاع منها بما بین السرة والرکبة، ووطؤها قبل الغسل.

وإذا حاضت بعد دخول الوقت فلم تصل مع الإمکان قضت، وکذا لو أدرکت من آخر الوقت قدر الطهارة والصلاة وجبت أداء ومع الإهمال قضاء.

وتغتسل کاغتسال الجنب لکن لا بد معه من الوضوء.

(والثالث) غسل الاستحاضة، ودمها فی الأغلب أصفر بارد رقیق.

ص :10


1- (1) سبق تفسیرها فی الهامش رقم 6 من الصفحة الثامنة.

لکن ما تراه بعد عادتها مستمرا أو بعد غایة النفاس وبعد الیأس وقبل البلوغ ومع الحمل علی الأشهر، فهو استحاضة ولو کان عبیطا، ویجب اعتباره. فإن لطخ باطن القطنة لزمها إبدالها والوضوء لکل صلاة.

وإن غمسها ولم یسل لزمها مع ذلک تغییر الخرقة وغسل للغداة.

وإن سال لزمها مع ذلک غسلان، غسل للظهر والعصر، تجمع بینهما، وغسل للمغرب والعشاء تجمع بینهما، کذا تجمع بین صلاة اللیل والصبح بغسل واحد إن کانت متنفلة، وإذا فعلت ذلک صارت طاهرا.

ولا تجمع بین صلاتین بوضوء واحد، وعلیها الاستظهار فی منع الدم من التعدی بقدر الإمکان.

وکذا یلزم من به السلس والبطن.

(الرابع) غسل النفاس، ولا یکون نفاس إلا مع الدم ولو ولدت تاما.

ثم لا یکون الدم نفاسا حتی تراه بعد الولادة أو معها.

ولا حد لأقله، وفی أکثره روایات أشهرها أنه لا یزید عن أکثر الحیض.

وتعتبر حالها عند انقطاعه قبل العشرة، فإن خرجت القطنة نقیة اغتسلت، وإلا توقعت النقاء أو انقضاء العشرة، ولو رأت بعدها دما فهو استحاضة والنفساء کالحائض فیما یحرم علیها ویکره، وغسل کغسلها فی الکیفیة، وفی استحباب تقدیم الوضوء علی الغسل وجواز تأخیره عنه.

(الخامس) غسل الأموات، والنظر فی أمور أربعة:

الأول الاحتضار:

والفرض فیه استقبال المیت بالقبلة علی أحوط القولین بأن یلقی علی ظهره ویجعل وجهه وباطن رجلیه إلیها.

والمسنون: نقله إلی مصلاه، وتلقینه الشهادتین، والإقرار بالنبی صلی الله علیه وسلم، وبالأئمة علیهم السلام، وکلمات الفرج، وأن تغمض عیناه، ویطبق فوه

ص :11

وتمد یداه إلی جنبیه، ویغطی بثوب، وأن یقرأ عنده القرآن، ویسرج عنده إن مات لیلا، ویعلم المؤمنون بموته، ویعجل تجهیزه إلا مع الاشتباه. ولو کان مصلوبا لا یترک أزید من ثلاثة أیام.

ویکره أن یحضره جنب أو حائض.

وقیل یکره أن یجعل علی بطنه حدید.

الثانی الغسل:

وفروضه: إزالة النجاسة عنه، وتغسیله بماء السدر ثم بماء الکافور ثم بالقراح، مرتبا کغسل الجنابة.

ولو تعذر السدر والکافور کفت المرة بالقراح.

وفی وجوب الوضوء قولان، والاستحباب أشبه.

ولو خیف من تغسیله تناثر جسده، ییمم.

وسننه: أن یوضع علی مرتفع موجها إلی القبلة مظللا، ویفتق جیبه وینزع ثوبه من تحته وتستر عورته وتلین أصابعه برفق ویغسل رأسه وجسده برغوة السدر ویغسل فرجه بالحرض (1).

ویبدأ بغسل یدیه ثم بشق رأسه الأیمن ویغسل کل عضو منه ثلاثا فی کل غسلة ویمسح بطنه فی الأولیین (2) إلا الحامل.

ویقف الغاسل عن یمینه، ویحفر للماء حفیرة، وینشف بثوب. ویکره إقعاده وقص أظفاره وترجیل شعره وجعله بین رجلی الغاسل، وإرسال الماء فی الکنیف، ولا بأس بالبالوعة.

الثالث فی الکفن:

والواجب منه، مئزر وقمیص وإزار مما تجوز الصلاة فیه للرجال.

ص :12


1- (1) الحرض: الأشنان.
2- (2) أی فی غسلی السدر والکافور

ومع الضرورة تجزئ اللفافة، وإمساس مساجده (1) بالکافور وإن قل.

والسنن: أن یغتسل قبل تکفینه أو یتوضأ، وأن یزاد للرجال حبرة یمنیة عبریة غیر مطرزة بالذهب، وخرقة لفخذیه وعمامة تثنی علیه محنکا، ویخرج طرفا العمامة من الحنک ویلقیان علی صدره.

ویکون الکفن قطنا وتطیب بالزریرة ویکتب علی الحبرة والقمیص واللفافة والجریدتین: فلان یشهد أن لا إله إلا الله.

ویجعل بین ألیتیه قطنا.

وتزاد المرأة لفافة أخری لثدییها ونمطا وتبدل بالعمامة قناعا.

ویسحق الکافور بالید، وإن فضل عن المساجد ألقی علی صدره.

وأن یکون درهما أو أربعة دراهم، وأکمله ثلاثة عشر درهما وثلثا.

ویجعل معه جریدتان، إحداهما من جانبه الأیسر بین قمیصه وإزاره، والأخری مع ترقوة جانبه الأیمن یلصقها بجلده، وتکونان من النخل وقیل: فإن فقد فمن السدر، وإلا فمن الخلاف (2)، وإلا فمن غیره من الشجر. ویکره بل الخیوط بالریق، وأن یعمل لما یبتدأ من الأکفان أکمام وأن یکفن فی السواد.

وتجمیر الأکفان أو تطییب بغیر الکافور والزریرة، ویکتب علیه بالسواد وأن یجعل فی سمع المیت أو بصره شئ من الکافور وقیل یکره أن یقطع الکفن بالحدید.

الرابع الدفن:

والفرض فیه مواراته فی الأرض علی جانبه الأیمن موجها إلی القبلة.

فلو کان فی البحر وتعذر البر (3) ثقل أو جعل فی وعاء وأرسل إلیه.

ص :13


1- (1) أی أعضاء سجوده
2- (2) الخلاف ککتاب: شجر الصفصاف:.
3- (3) أی تعذر الوصول إلی البر

ولو کانت ذمیة حاملة من مسلم، قیل: تدفن فی مقبرة المسلمین، یستدبر بها القبلة (1) إکراما للولد.

وسننه: اتباع الجنازة أو مع جانبیها وتربیعها (2) وحفر القبر قدر قامة أو إلی الترقوة، وأن یجعل له لحد، وأن یتحفی النازل إلیه ویحل أزراره ویکشف رأسه ویدعو عند نزوله، ولا یکون رحما إلا فی المرأة.

ویجعل المیت عند رجلی القبر إن کان رجلا، وقدامه إن کانت امرأة.

وینقل مرتین ویصبر علیه وینزل فی الثالثة سابقا برأسه، والمرأة عرضا.

ویحل عقد کفنه ویلقنه ویجعل معه تربة ویشرج اللحد ویخرج من قبل رجلیه ویهیل الحاضرون بظهور الأکف مسترجعین ولا یهیل ذو الرحم.

ثم یطم القبر ولا یوضع فیه من غیر ترابه.

ویرفع مقدار أربع أصابع مربعا، ویصب علیه الماء من رأسه دورا، فإن فضل ماء صبه علی وسطه.

ویضع الحاضرون الأیدی علیه مترحمین، ویلقنه الولی بعد انصرافهم.

ویکره فرش القبر بالساج - إلا مع الحاجة - وتجصیصه وتجدیده، ودفن میتین فی قبر واحد، ونقل المیت إلی غیر بلد موته إلا إلی المشاهد المشرفة. ویلحق بهذا الباب مسائل:

(الأولی) کفن المرأة علی زوجها ولو کان لها مال.

(الثانیة) کفن المیت من أصل ترکته قبل الوصیة والدین والمیراث.

(الثالثة) لا یجوز نبش القبر ولا نقل الموتی بعد دفنهم.

(الرابعة) الشهید إذا مات فی المعرکة لا یغسل ولا یکفن، بل یصلی علیه ویدفن بثیابه وینزع عنه الخفان والفرو.

ص :14


1- (1) لیقع وجه الولد إلی القبلة لما یقال من أن وجه الولد إلی ظهر أمه.
2- (2) أی حملها من جوانبها الأربعة

(الخامسة) إذا مات ولد الحامل قطع وأخرج، ولو ماتت هی دونه یشق جوفها من الجانب الأیسر وأخرج. وفی روایة، یخاط بطنها.

(السادسة) إذا وجد بعض المیت وفیه الصدر فهو کما لو وجد کله.

وإن لم یوجد الصدر غسل وکفن ما فیه عظم، ولف فی خرقة ودفن ما خلا من عظم.

قال الشیخان ولا یغسل السقط إلا استکمل شهورا أربعة، ولو کان لدونها لف فی خرقة ودفن.

(السابعة) لا یغسل الرجل إلا رجل وکذا المرأة.

ویغسل الرجل بنت ثلاث سنین مجردة، وکذا المرأة.

ویغسل الرجل محارمه من وراء الثیاب وکذا المرأة.

(الثامنة) من مات محرما کان کالمحل، لکن لا یقرب الکافور.

(التاسعة) لا یغسل الکافر ولا یکفن ولا یدفن بین مقبرة المسلمین.

(العاشرة) لو لاقی کفن المیت نجاسة غسلت ما لم یطرح فی القبر وقرضت بعد جعله فیه (السادس) غسل من مس میتا:

یجب الغسل بمس المیت الآدمی بعد برده (بالموت)، وقبل تطهیره بالغسل علی الأظهر.

وکذا یجب الغسل بمس قطعة فیها عظم، سواء أبینت من حی أو میت، وهو کغسل الحائض.

وأما المندوب من الأغسال: فالمشهور غسل الجمعة.

ووقته ما بین طلوع الفجر إلی الزوال، وکلما قرب من الزوال کان أفضل.

وأول لیلة من شهر رمضان، ولیلة النصف منه، ولیلة سبع عشرة وتسع عشرة، وإحدی وعشرین، وثلاث وعشرین، ولیلة الفطر. ویومی العیدین. ویوم عرفة.

ص :15

ولیلة النصف من رجب، ویوم المبعث (1). ولیلة النصف من شعبان، والغدیر (2) ویوم المباهلة (3). وغسل الإحرام. وزیارة النبی صلی الله علیه وآله وسلم، والأئمة علیهم السلام ولقضاء الکسوف. وللتوبة. ولصلاة الحاجة. والاستخارة. ولدخول الحرم، والمسجد الحرام. والکعبة. والمدینة، ومسجد النبی صلی الله علیه وآله وسلم. وغسل المولود.

التیمم

الرکن الثالث: فی الطهارة الترابیة، والنظر فی أمور أربعة:

الأول: شرط التیمم عدم الماء، أو عدم الوصلة إلیه، أو حصول مانع من استعماله، کالبرد والمرض.

ولو لم یوجد إلا ابتیاعا وجب وإن کثر الثمن، وقیل: ما لم یضر فی الحال، وهو الأشبه.

ولو کان معه ماء وخشی العطش تیمم إن لم یکن فیه سعة عن قدر الضرورة.

وکذا لو کان علی جسده نجاسة ومعه ما یکفیه لإزالتها أو للوضوء أزالها وتیمم، وکذا من معه ماء لا یکفیه لطهارته.

وإذا لم یوجد للمیت ماء یمم کالحی العاجز.

الثانی: فیما یتیمم به، وهو التراب الخالص دون ما سواه من المنسحقة کالأشنان والدقیق، والمعادن کالکحل والزرنیخ.

ولا بأس بأرض النورة والجص، ویکره بالسبخة والرمل.

وفی جواز التیمم بالحجر تردد، وبالجواز قال الشیخان.

ص :16


1- (1) هو السابع والعشرون من رجب.
2- (2) هو یوم الثامن عشر من ذی الحجة.
3- (3) وهو الرابع والعشرون من ذی الحجة

ومع فقد الصعید تیمم بغبار الثوب واللبد وعرف الدابة، ومع فقده بالوحل.

الثالث: فی کیفیته:

ولا یصح قبل دخول الوقت ویصح مع تضیقه.

وفی صحته مع السعة قولان، أحوطهما التأخیر.

وهل یجب استیعاب الوجه والذراعین بالمسح؟ فیه روایتان، أشهر هما اختصاص المسح بالجبهة وظاهر الکفین.

وفی عدد الضربات أقوال، أجودها للوضوء ضربة، وللغسل اثنتان.

والواجب فیه النیة: واستدامة حکمها، والترتیب: یبدأ بمسح الجبهة ثم بظاهر الیمنی، ثم بظاهر الیسری.

الرابع: فی أحکامه وهی ثمانیة:

(الأول) لا یعید ما صلی بتیممه، ولو تعمد الجنابة لم یجزئ التیمم ما لم یخف التلف.

فإن خشی فتیمم وصلی ففی الإعادة تردد، أشبهه أنه لا یعید.

وکذا من أحدث فی الجامع ومنعه الزحام یوم الجمعة، تیمم وصلی وفی الإعادة قولان، الأجود الإعادة.

(الثانی) یجب علی من فقد الماء: الطلب فی الحزنة غلوة سهم، وفی السهلة غلوة سهمین.

فإن أخل فتیمم وصلی ثم وجد الماء، تطهر وأعاد.

(الثالث) لو وجد الماء قبل شروعه تطهر إجماعا، ولو کان بعد فراغه فلا إعادة.

ولو کان فی أثناء الصلاة فقولان، أصحهما البناء ولو کان علی تکبیرة الإحرام (1).

ص :17


1- (1) یعنی: أن له أی الاستمرار فی الصلاة بتیممه هذا ولو لم یکن أتی من أرکانها إلا بتکبیرة الإحرام

(الرابع) لو تیمم الجنب ثم أحدث ما یوجب الوضوء أعاد بدلا من الغسل.

(الخامس) لا ینقض التیمم إلا ما ینقض الطهارة المائیة، ووجود الماء مع التمکن من استعماله.

(السادس) یجوز التیمم لصلاة الجنازة مع وجود الماء ندبا.

(السابع) إذا اجتمع میت ومحدث وجنب وهناک ماء یکفی أحدهم تیمم المحدث.

وهل یخص به المیت أو الجنب؟ فیه روایتان أشهر هما أن یخص به الجنب.

(الثامن) روی فیمن صلی بتیمم فأحدث فی الصلاة ووجد الماء قطع وتطهر وأتم، ونزلها الشیخان علی النسیان.

الرکن الرابع: فی النجاسات، والنظر فی أعدادها وأحکامها:

وهی عشرة، البول، والغائط مما لا یؤکل لحمه ویندرج تحته الجلال، والمنی والمیتة مما یکون له نفس سائلة، وکذا الدم والکلب والخنزیر والکافر وکل مسکر والفقاع.

وفی نجاسة عرق الجنب من الحرام، وعرق الإبل الجلالة، ولعاب المسوخ، وذرق الدجاج والثعلب والأرنب والفأرة والوزغة اختلاف، والکراهیة أظهر.

وأما أحکامها فعشرة:

(الأول) کل النجاسات یجب إزالة قلیلها وکثیرها عن الثوب والبدن عدا الدم فقد عفی عما دون الدرهم سعة فی الصلاة، ولم یعف عما زاد عنه.

وفیما بلغ قدر الدرهم مجتمعا روایتان، أشهر هما وجوب الإزالة.

ولو کان متفرقا لم تجب إزالته، وقیل تجب مطلقا، وقیل بشرط التفاحش.

(الثانی) دم الحیض: تجب إزالته وإن قل.

وألحق الشیخ به دم الاستحاضة والنفاس.

وعفی عن دم القروح والجروح التی لا ترقأ، فإذا رقأ اعتبر فیه سعة الدرهم.

ص :18

(الثالث) یجوز الصلاة فیما لا یتم الصلاة فیه منفردا مع نجاسته کالتکة والجورب والقلنسوة.

(الرابع) یغسل الثیاب والبدن من البول مرتین، إلا من بول الصبی، فإنه یکفی صب الماء علیه، ویکفی إزالة عین النجاسة وإن بقی اللون.

(الخامس) إذا علم موضع النجاسة غسل، وإن جهل غسل کل ما یحصل فیه الاشتباه.

ولو نجس أحد الثوبین ولم یعلم عینه، صلی الصلاة الواحدة فی کل واحد مرة.

وقیل یطرحهما ویصلی عریانا.

(السادس) إذا لاقی الکلب أو الخنزیر أو الکافر ثوبا أو جسدا وهو رطب غسل موضع الملاقاة وجوبا، وإن کان یابسا رش الثوب بالماء استحبابا.

(السابع) من علم النجاسة فی ثوبه أو بدنه وصلی عامدا أعاد فی الوقت وبعده ولو نسی فی حال الصلاة فروایتان، أشهر هما: أن علیه الإعادة.

ولو لم یعلم وخرج الوقت فلا قضاء.

وهل یعید مع بقاء الوقت؟ فیه قولان، أشبههما أنه لا إعادة.

ولو رأی النجاسة فی أثناء الصلاة أزالها وأتم، أو طرح عنه ما هی فیه، إلا أن یفتقر ذلک إلی ما ینافی الصلاة فیبطلها.

(الثامن) المربیة للصبی إذا لم یکن لها إلا ثوب واحد اجتزأت بغسله فی الیوم واللیلة مرة واحدة.

(التاسع) من لم یتمکن من تطهیر ثوبه ألقاه وصلی عریانا، ولو منعه مانع صلی فیه، وفی الإعادة قولان، أشبههما أنه لا إعادة.

(العاشر) الشمس إذا جففت البول أو غیره عن الأرض والبواری والحصر جازت الصلاة علیه، وهل تطهر؟ الأشبه نعم، والنار ما أحالته.

ص :19

وتطهر الأرض باطن الخف والقدم مع زوال النجاسة.

وقیل فی الذنوب یلقی علی الأرض النجسة بالبول أنها تطهرها مع بقاء ذلک الماء علی طهارته.

ویلحق بذلک النظر فی الأوانی، ویحرم منها استعمال الأوانی الذهب، والفضة، فی الأکل وغیره، وفی المفضض قولان أشبههما الکراهیة.

وأوانی المشرکین طاهرة ما لم یعلم نجاستها بمباشرتهم أو بملاقاة نجاسة.

ولا یستعمل من الجلود إلا ما کان طاهرا فی حال حیاته مذکی.

ویکره مما لا یؤکل لحمه حتی یدبغ علی الأشبه، وکذا یکره من أوانی الخمر ما کان خشبا أو قرعا.

ویغسل الإناء من ولوغ الکلب ثلاثا، أولاهن بالتراب علی الأظهر.

ومن الخمر والفأرة ثلاثا، والسبع أفضل، ومن غیر ذلک مرة، والثلاث أحوط.

ص :20

کتاب الصلاة

اشارة

والنظر فی المقدمات والمقاصد

والمقدمات سبع:

(الأولی) فی الإعداد:

والواجبات تسع: الصلوات الخمس، وصلاة الجمعة، والعیدین، والکسوف، والزلزلة، والآیات، والطواف، والأموات، وما یلتزمه الإنسان بنذر وشبهه.

وما سواه مسنون.

والصلوات الخمس سبع عشرة رکعة فی الحضر، وإحدی عشرة رکعة فی السفر.

ونوافلها أربع وثلاثون رکعة علی الأشهر فی الحضر.

ثمان للظهر قبلها، وکذا العصر، وأربع للمغرب بعدها، وبعد العشاء رکعتان من جلوس تعدان بواحدة، وثمان للیل، ورکعتان للشفع، ورکعة للوتر، ورکعتان للغداة.

ویسقط فی السفر نوافل الظهرین، وفی سقوط الوتیرة (1) قولان.

ولکل رکعتین من هذه النوافل تشهد وتسلیم، وللوتر بانفراده.

(الثانیة) فی المواقیت، والنظر فی تقدیرها ولواحقها:

أما الأول: فالروایات فیه مختلفة، ومحصلها، اختصاص الظهر عند الزوال بمقدار أدائها، ثم یشترک الفرضان فی الوقت.

والظهر مقدمة حتی یبقی للغروب مقدار أداء العصر فتختص به ثم یدخل وقت المغرب، فإذا مضی مقدار أدائها اشترک الفرضان.

ص :21


1- (1) الوتیرة: الرکعتان اللتان تؤدیان بعد العشاء من جلوس وتعدان بواحده کما تقدم

والمغرب مقدمة حتی یبقی لانتصاف اللیل مقدار أداء العشاء فتختص به.

وإذا طلع الفجر دخل وقت صلاته ممتدا حتی تطلع الشمس.

ووقت نافلة الظهر حین الزوال حتی یصیر الفئ علی قدمین.

ونافلة العصر إلی أربعة أقدام.

ونافلة المغرب بعدها حتی تذهب حمرة المغربیة.

ورکعتا الوتیرة تمتد بامتداد العشاء، وصلاة اللیل بعد انتصافه، وکلما قرب من الفجر کان أفضل.

ورکعتا الفجر بعد الفراغ من الوتر، وتأخیرها حتی یطلع الفجر الأول أفضل، ویمتد حتی تطلع الحمرة.

وأما اللواحق: فمسائل:

(الأولی) یعلم الزوال بزیادة الظل بعد انتقاصه، وبمیل الشمس إلی الحاجب الأیمن ممن یستقبل القبلة، ویعرف الغروب بذهاب الحمرة المشرقیة.

(الثانیة) قیل لا یدخل وقت العشاء حتی تذهب الحمرة المغربیة، ولا تصلی قبله إلا مع العذر، والأظهر الکراهیة.

(الثالثة) لا تقدم صلاة اللیل علی الانتصاف إلا لشاب تمنعه رطوبة رأسه (1) أو لمسافر، وقضاؤها أفضل.

(الرابعة) إذا تلبس بنافلة الظهر ولو برکعة ثم خرج وقتها أتمها متقدمة علی الفریضة، وکذا العصر.

وأما نوافل المغرب فمتی ذهبت الحمرة ولم یکملها بدأ بالعشاء.

(الخامسة) إذا طلع الفجر الثانی فقد فاتت النافلة عدا رکعتی الفجر.

ص :22


1- (1) برید: یخشی نومه.

ولو تلبس من صلاة اللیل بأربع زاحم بها الصبح ما لم یخش فوات الفرض.

ولو کان التلبس بما دون الأربع ثم طلع الفجر، بدأ بالفریضة وقضی نافلة اللیل.

(السادسة) تصلی الفرائض أداء وقضاء، ما لم یتضیق وقت الفریضة الحاضرة، والنوافل ما لم یدخل وقت الفریضة.

(السابعة) یکره ابتداء النوافل عند طلوع الشمس، وغروبها، وقیامها نصف النهار، وبعد الصبح، والعصر، عدا النوافل المرتبة، وماله سبب.

(الثامنة) الأفضل فی کل صلاة تقدیمها فی أول أوقاتها، إلا ما نستثنیه فی مواضعه، إن شاء الله تعالی.

(التاسعة) إذا صلی ظانا دخول الوقت، ثم تبین الوهم، أعاد، إلا أن یدخل الوقت ولم یتم، وفیه قول آخر.

(الثالثة) فی القبلة:

وهی الکعبة مع الإمکان، وإلا فجهتها وإن بعد.

وقیل هی قبلة لأهل المسجد الحرام، والمسجد قبلة من صلی فی الحرم، والحرم قبلة أهل الدنیا، وفیه ضعف.

ولو صلی فی وسطها (1) استقبل أی جدرانها شاء.

ولو صلی علی سطحها أبرز بین یدیه شیئا منها ولو کان قلیلا، وقیل یستلقی ویصلی مومیا إلی البیت المعمور.

ویتوجه أهل کل إقلیم إلی سمت الرکن الذی یلیهم.

فأهل المشرق یجعلون المشرق إلی المنکب الأیسر، والمغرب إلی الأیمن، والجدی خلف المنکب الأیمن، والشمس عند الزوال محاذیة لطرف الحاجب الأیمن مما یلی الأنف.

ص :23


1- (1) أی فی جوف الکعبة

وقیل یستحب التیاسر لأهل الشرق عن سمتهم قلیلا وهو بناء علی أن توجههم إلی الحرم.

وإذا فقد العلم بالجهة والظن، صلی الفریضة إلی أربع جهات، ومع الضرورة أو ضیق لوقت یصلی إلی أی جهة شاء، ومن ترک الاستقبال عمدا أعاد.

ولو کانا ظانا أو ناسیا وتبین الخطأ لم یعد ما کان بین المشرق والمغرب.

ویعید الظان ما صلاه إلی المشرق والمغرب فی وقته لا ما خرج وقته، وکذا لو استدبر القبلة، وقیل یعید وإن خرج الوقت.

ولا یصلی الفریضة علی الراحلة اختیارا، ویرخص فی النافلة سفرا حیث توجهت الراحلة.

(الرابعة) فی لباس المصلی:

لا یجوز الصلاة فی جلد المیتة ولو دبغ، وکذا ما لا یؤکل لحمه ولو ذکی ودبغ، ولا فی صوفه وشعره ووبره ولو کان قلنسوة أو تکة. ویجوز استعماله لا فی الصلاة.

ولو کان مما یؤکل لحمه جاز فی الصلاة وغیرها، وإن أخذ من المیتة جزا أو قلعا مع غسل موضع الاتصال نتفا.

ویجوز فی الخز (1) الخالص لا المغشوش (2) بوبر الأرانب والثعالب.

وفی فرو السنجاب قولان، أظهرهما الجواز.

وفی الثعالب والأرانب روایتان أشهر هما، المنع.

ولا یجوز الصلاة فی الحریر المحض للرجال إلا مع الضرورة أو فی الحرب.

وهل یجوز للنساء من غیر ضرورة؟ فیه قولان أظهرهما الجواز.

وفی التکة والقلنسوة من الحریر تردد، أظهره الجواز مع الکراهیة وهل یجوز الرکوب علیه والافتراش له؟ المروی نعم، ولا بأس بثوب مکفوف به.

ص :24


1- (1) الخز دابة بحریة ذات أربع، ویطلق اسم الخز علی الثیاب المتخذة من وبرها
2- (2) والمراد بالمغشوش بوبر الأرانب والثعالب المخلوط به:

ولا یجوز فی ثوب مغصوب مع العلم، ولا فیما یستر ظهر القدم ما لم یکن له ساق کالخف.

ویستحب فی النعل العربیة، ویکره فی الثیاب السود ما عدا العمامة والخف.

وفی الثوب الذی یکون تحته وبر الأرانب والثعالب أو فوقه، وفی ثوب واحد للرجال، ولو حکی ما تحته لم یجز.

وأن یأتزر فوق القمیص، وأن یشتمل الصماء، وفی عمامة لا حنک لها، وأن یؤم بغیر رداء، وأن یصحب معه حدیدا ظاهرا، وفی ثوب یتهم صاحبه، وفی قباء فیه تماثیل، أو خاتم فیه صورة.

ویکره للمرأة أن تصلی فی خلخال له صوت، أو متنقبة.

ویکره للرجال اللثام، وقیل یکره فی قباء مشدود إلا فی الحرب.

مسائل ثلاث:

(الأولی) ما یصح فیه الصلاة یشترط فیه الطهارة، وأن یکون مملوکا أو مأذونا فیه.

(الثانیة) یجب للرجل ستر قبله ودبره، وستر ما بین السرة والرکبة أفضل، وستر جسده کله مع الرداء أکمل.

ولا تصلی الحرة إلا فی درع وخمار ساترة جمیع جسدها عدا الوجه والکفین، وفی القدمین تردد، أشبهه الجواز.

والأمة والصبیة تجتزئان بستر الجسد، وستر الرأس مع ذلک أفضل.

(الثالثة) یجوز الاستتار فی الصلاة بکل ما یستر العورة کالحشیش وورق الشجر والطین.

ولو لم یجد ساترا صلی عریانا قائما مومیا إذا أمن المطلع، ومع وجوده یصلی جالسا مومیا للرکوع والسجود.

ص :25

(الخامسة) فی مکان المصلی:

یصلی فی کل مکان إذا کان مملوکا أو مأذونا فیه.

ولا یصح فی المکان المغصوب مع العلم.

وفی جواز صلاة المرأة إلی جانب المصلی قولان، أحدهما المنع سواء صلت بصلاته أو منفردة محرما کانت أو أجنبیة، والآخر الجواز علی کراهیة.

ولو کان بینهما حائل، أو تباعدت عشرة أذرع فصاعدا أو کانت متأخرة عنه ولو بمسقط الجسد صحت صلاتهما.

ولو کانا فی مکان لا یمکن فیه التباعد صلی الرجل أولا ثم المرأة.

ولا یشترط طهارة موضع الصلاة إذا لم تتعد نجاسته، ولا طهارة موضع السجدة عدا موضع الجبهة.

ویستحب صلاة الفریضة فی المسجد إلا فی الکعبة (1)، والنافلة فی المنزل.

ویکره الصلاة فی الحمام، وبیوت الغائط، ومبارک الإبل، ومساکن، النمل ومرابط الخیل والبغال والحمیر، وبطون الأودیة، وأرض السبخة والثلج، إذا لم تتمکن جبهته من السجود (2)، وبین المقابر إلا مع حائل، وفی بیوت المجوس والنیران والخمور، وفی جوار الطرق، أن یکون بین یدیه نار مضرمة أو مصحف مفتوح أو حائط ینز من بالوعة، ولا بأس بالبیع والکنائس ومرابض الغنم.

وقیل یکره إلی باب مفتوح أو إنسان مواجه.

(السادسة) فیما یسجد علیه:

لا یجوز السجود علی ما لیس بأرض کالجلود والصوف، ولا ما یخرج باستحالته عن اسم الأرض کالمعادن.

ص :26


1- (1) یعنی فی جوفها، وفی تذکرة الفقهاء: (وتکره الفریضة جوف الکعبة.. لأنه باستقبال أی جهة شاء یستدبر قبلة أخری) أی یستدبر جزءا آخر من الکعبة.
2- (2) أی علی أصل الأرض.

الأذان والإقامة

ویجوز علی الأرض وما ینبت منها ما لم یکن مأکولا بالعادة.

وفی الکتان والقطن روایتان، أشهر هما المنع، إلا مع الضرورة.

ولا یسجد علی شئ من بدنه، فإن منعه الحر سجد علی ثوبه.

ویجوز السجود علی الثلج والقیر وغیره مع عدم الأرض وما ینبت منها، فإن لم یکن فعلی کفه.

ولا بأس بالقرطاس، ویکره منه ما فیه کتابة، ویراعی فیه أن یکون مملوکا أو مأذونا فیه، خالیا من نجاسة.

(السابعة) فی الأذان والإقامة:

والنظر فی المؤذن وما یؤذن له وکیفیة الأذان والإقامة ولو أحقهما.

أما المؤذن فیعتبر فیه العقل والإسلام، ولا یعتبر فیه البلوغ.

والصبی یؤذن، والعبد یؤذن، وتؤذن المرأة للنساء خاصة.

ویستحب أن یکون عادلا صیتا بصیرا بالأوقات متطهرا قائما علی مرتفع مستقبل القبلة، رافعا صوته، وتسر به المرأة، ویکره الالتفات به یمینا وشمالا.

ولو أخل بالأذان والإقامة ناسیا وصلی، تدارکهما ما لم یرکع واستقبل صلاته.

ولو تعمد لم یرجع.

وأما ما یؤذن له: فالصلوات الخمس لا غیر، أداء وقضاء، استحبابا للرجال والنساء، والمنفرد والجامع، وقیل یجبان فی الجماعة.

ویتأکد الاستحباب فیما یجهر فیه، وآکده الغداة والمغرب.

وقاضی الفرائض الخمس یؤذن لأول ورده، ثم یقیم لکل صلاة واحدة.

ولو جمع بین الأذان والإقامة لکل فریضة کان أفضل.

ویجمع یوم الجمعة بین الظهرین بأذان واحد وإقامتین.

ولو صلی فی مسجد جماعة ثم جاء الآخرون، لم یؤذنوا ولم یقیموا ما دامت الصفوف باقیة، ولو انفضت أذن الآخرون وأقاموا.

ص :27

ولو أذن بنیة الانفراد ثم أراد الاجتماع استحب له الاستئناف.

وأما کیفیته: فلا یؤذن لفریضة إلا بعد دخول وقتها، ویتقدم فی الصبح رخصة، لکن یعیده بعد دخوله.

وفصولهما علی أشهر الروایات خمسة وثلاثون فصلا، والأذان ثمانیة عشر فصلا (1)، والإقامة سبعة عشر فصلا (2).

وکله مثنی عدا التکبیر فی أول الأذان فإنه أربع، والتهلیل فی آخر الإقامة فإنه مرة، والترتیب فیه شرط.

والسنة فیه الوقوف علی فصوله، متأنیا فی الأذان، هادرا فی الإقامة.

والفصل بینهما برکعتین أو جلسة أو سجدة، أو خطوة، خلا المغرب، فإنه لا یفصل بین أذانیها إلا بخطوة، أو سکتة، أو تسبیحة.

ویکره الکلام فی خلالهما، والترجیع إلا للإشعار، وقول: الصلاة خیر من النوم.

وأما اللواحق فمن السنة حکایته عند سماعه، وقول ما یخل به المؤذن، والکف عن الکلام بعد قوله: (قد قامت الصلاة) إلا بما یتعلق بالصلاة.

ص :28


1- (1) هی: الله أکبر، الله أکبر، الله أکبر، الله أکبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حی علی الصلاة، حی علی الصلاة، حی علی الفلاح، حی علی الفلاح، حی علی خیر العمل، حی علی خیر العمل، الله أکبر، الله أکبر، لا إله إلا الله، لا إله إلا الله ا ه من المعتبر شرح المختصر للمؤلف.
2- (2) هی: الله أکبر، الله أکبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حی علی الصلاة، حی علی الصلاة، حی علی الفلاح، حی علی الفلاح، حی علی خیر العمل، حی علی خیر العمل، قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، الله أکبر، الله أکبر، لا إله إلا الله. حاشیة: نقل عن سید الساجدین علی بن الحسین وابن عمر أنهما کانا یقولان فی أذانیهما بعد حی علی الفلاح: (حی علی خیر العمل) وصح عن ابن عمر وأبی أمامة بن سهل بن حنیف أنهم کانوا یقولون فی أذانیهم: (حی علی خیر العمل: راجع السیرة الحلبیة وکتاب المحلی لابن حزم.

مسائل ثلاث:

(الأولی): إذا سمع الإمام أذانا جاز أن یجتزئ به فی الجماعة ولو کان المؤذن منفردا.

(الثانیة): من أحدث فی الصلاة أعادها، ولا یعید الإقامة إلا مع الکلام.

(الثالثة): من صلی خلف من لا یقتدی به أذن لنفسه وأقام.

ولو خشی فوات الصلاة اقتصر من فصوله علی تکبیرتین وقد (قامت الصلاة).

وأما المقاصد فثلاثة:

الأول: فی أفعال الصلاة، وهی واجبة ومندوبة.

فالواجبات ثمانیة:

(الأول): فی النیة، وهی رکن، وإن کانت بالشرط أشبه، فإنها تقع مقارنة.

ولا بد من نیة القربة والتعیین والوجوب أو الندب، والأداء أو القضاء.

ولا یشترط نیة القصر ولا الإتمام، ولو کان مخیرا.

ویتعین استحضارها عند أول جزء من التکبیر، واستدامتها حکما.

(الثانی) التکبیر. وهو رکن فی الصلاة، وصورته: الله أکبر، مرتبا، ولا ینعقد بمعناه، ولا مع الإخلال ولو بحرف.

ومع التعذر تکفی الترجمة، ویجب التعلم ما أمکن.

والأخرس ینطق بالممکن، ویعقد قلبه بها مع الإشارة.

ویشترط فیها القیام، ولا یجزئ قاعدا مع القدرة.

وللمصلی الخیرة فی تعیینها من السبع (1).

ص :29


1- (1) ستأتی فی مندوبات الصلاة: أن المصلی یتوجه بسبع تکبیرات، واحدة منها واجبة.

وسننها النطق بها علی وزن (أفعل) من غیر مد، وإسماع الإمام من خلفه، وأن یرفع بها المصلی یدیه محاذیا وجهه.

(الثالث) القیام: وهو رکن مع القدرة، ولو تعذر الاستقلال اعتمد.

ولو عجز عن البعض أتی بالممکن، ولو عجز أصلا صلی قاعدا.

وفی حد ذلک قولان، أصحهما مراعاة التمکن، ولو وجد القاعد خفة نهض قائما حتما.

ولو عجز عن القعود صلی مضطجعا مومیا. وکذا لو عجز صلی مستلقیا.

ویستحب أن یتربع القاعد قارئا، ویثنی رجلیه راکعا، وقیل یتورک متشهدا.

(الرابع) القراءة: وهی متعینة ب (الحمد) والسورة فی کل ثنائیة، وفی الأولیین من کل رباعیة وثلاثیة.

ولا تصح الصلاة مع الإخلال بها عمدا ولو بحرف، وکذا الإعراب، وترتیب آیاتها فی (الحمد) والسورة، وکذا البسملة فی (الحمد) والسورة، ولا تجزئ الترجمة، ولو ضاق الوقت قرأ ما یحسن بها. ویجب التعلم ما أمکن.

ولو عجز قرأ من غیرها ما تیسر، وإلا سبح الله وکبره وهلله بقدر القراءة.

ویحرک الأخرس لسانه بالقراءة ویعقد بها قلبه.

وفی وجوب سورة مع (الحمد) فی الفرائض للمختار مع سعة الوقت وإمکان التعلم قولان، أظهرهما الوجوب.

ولا یقرأ فی الفرائض عزیمة (1)، ولا ما یفوت الوقت بقراءتها، ویتخیر المصلی فی کل ثالثة ورابعة بین قراءة الحمد والتسبیح.

ویجهر من الخمس واجبا، فی الصبح وأولیی المغرب والعشاء، ویسر فی الباقی وأدناه أن یسمع نفسه. ولا تجهر المرأة.

ص :30


1- (1) السور أربع التی بها سجدات واجبة وهی مذکورة فی الهامش رقم 6 فی صفحة 8

ومن السنن: الجهر بالبسملة فی موضع الإخفات من أول (الحمد) والسورة، وترتیل القراءة، وقراءة سورة بعد (الحمد) فی النوافل، والاقتصار فی الظهرین والمغرب علی قصار المفصل، وفی الصبح علی مطولاته، وفی العشاء علی متوسطاته. وفی ظهری الجمعة بها (1) وب (المنافقین) وکذا لو صلی الظهر جمعة علی الأظهر.

ونوافل النهار، إخفات واللیل جهر. ویستحب إسماع الإمام من خلفه قراءته ما لم تبلغ العلو، وکذا الشهادتین.

مسائل أربع.

(الأولی) یحرم قول (آمین) آخر (الحمد) وقیل یکره (2).

(الثانیة) و (الضحی) و (ألم نشرح) سورة واحدة، وکذا (الفیل) و (الإیلاف)، وهل تعاد البسملة بینهما؟ قیل لا:، وهو الأشبه.

(الثالثة) یجزئ بدل (الحمد) من الأواخر (3) تسبیحات أربع صورتها، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أکبر.

وروی تسع، وقیل عشر، وقیل اثنا عشر، وهو الأحوط.

(الرابعة) لو قرأ فی النافلة إحدی العزائم سجد عند ذکره، ثم یقوم فیتم ویرکع.

ولو کان السجود فی آخرها قام وقرأ (الحمد) استحبابا، لیرکع عن قراءة.

(الخامسة) الرکوع: وهو واجب فی کل رکعة مرة، إلا فی الکسوف والزلزلة. وهو رکن فی الصلاة.

والواجب فیه خمسة. الانحناء قدر ما تصل معه کفاه إلی رکبتیه، ولو عجز اقتصر علی الممکن وإلا أومأ.

ص :31


1- (1) أی بسورة الجمعة.
2- (2) وجهة النظر فی هذا: أن لفظ (آمین) لیس من القرآن وأنه اسم فعل للدعاء ولیس بدعاء.
3- (3) أی ما بعد الأولیین من الرکعات.

والطمأنینة بقدر الذکر الواجب، وتسبیحة واحدة کبیرة صورتها: سبحان ربی العظیم وبحمده أو سبحان الله ثلاثا، ومع الضرورة تجزئ واحدة صغری وقیل یجزئ الذکر (1) فیه وفی السجود. ورفع الرأس. والطمأنینة فی الانتصاب. والسنة فیه: أن یکبر له رافعا یدیه، محاذیا بهما وجهه، ثم یرکع بعد إرسالهما ویضعهما علی رکبتیه، مفرجات لأصابع، رادا رکبتیه إلی خلفه، مسویا ظهره، مادا عنقه، داعیا أمام التسبیح، مسبحا ثلاثا کبری، فما زاد، قائلا بعد انتصابه:

سمع الله لمن حمده، داعیا بعده. ویکره أن یرکع ویداه تحت ثیابه.

(السادس) السجود: ویجب فی کل رکعة سجدتان، وهما رکن فی الصلاة، وواجباته سبع: السجود علی الأعضاء السبعة: الجبهة والکفین، والرکبتین، وإبهامی الرجلین. ووضع الجبهة علی ما یصح السجود علیه. وألا یکون موضع السجود عالیا بما یزید عن لبنة. ولو تعذر الانحناء رفع ما یسجد علیه.

ولو کان بجبهته دمل احتفر حفیرة لیقع السلیم علی الأرض.

ولو تعذر السجود سجد علی أحد الجبینین، وإلا فعلی ذقنه، ولو عجز أومأ، والذکر فیه أو التسبیح کالرکوع. والطمأنینة بقدر الذکر الواجب. ورفع الرأس مطمئنا عقیب الأولی.

وسننه: التکبیر الأول قائما، والهوی بعد إکماله سابقا بیدیه، وأن یکون موضع سجوده مساویا لموقفه، وأن یرغم بأنفه، ویدعو قبل التسبیح. والزیادة علی التسبیحة الواحدة: والتکبیرات ثلاثا. ویدعو بین السجدتین. والقعود متورکا.

والطمأنینة عقیب رفعه من الثانیة. والدعاء. ثم یقوم معتمدا علی یدیه سابقا برفع رکبتیه. ویکره الإقعاء بین السجدتین.

(السابع) التشهد: وهو واجب فی کل ثنائیة مرة. وفی الثلاثیة والرباعیة مرتین.

وکل تشهد یشتمل علی خمسة: الجلوس بقدره. والطمأنینة. والشهادتان.

والصلاة علی النبی وآله.

ص :32


1- (1) أی غیر التسبیح.

وأقله أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شریک له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ثم یأتی بالصلاة علی النبی وآله.

وسننه: أن یجلس متورکا. ویخرج رجلیه. ثم یجعل ظاهر الیسری إلی الأرض وظاهر الیمنی إلی باطن الیسری. والدعاء بعد الواجب. ویسمع الإمام من خلفه.

(الثامن) التسلیم: وهو واجب فی أصح القولین.

وصورته: السلام علینا وعلی عباد الله الصالحین، أو السلام علیکم ورحمة الله وبرکاته.

وبأیهما بدأ، کان الثانی مستحبا.

والسنة فیه: أن یسلم المنفرد تسلیمة إلی القبلة، ویومئ بمؤخر عینیه إلی یمینه.

والإمام بصفحة وجهه. والمأموم تسلیمتین یمینا وشمالا.

ومندوبات الصلاة خمسة:

(الأول): التوجه بسبع تکبیرات. واحدة منها الواجبة (1)، بینها ثلاثة أدعیة، یکبر ثلاثا ثم یدعو، واثنتین ثم یدعو، ثم اثنتین ویتوجه (2).

(الثانی): القنوت فی کل ثانیة قبل الرکوع، إلا فی الجمعة، فإنه فی الأولی قبل الرکوع، وفی الثانیة بعده. ولو نسی القنوت قضاه بعد الرکوع.

(الثالث): نظره قائما إلی موضع سجوده. وقانتا إلی باطن کفیه. وراکعا إلی ما بین رجلیه. وساجدا إلی طرف أنفه. ومتشهدا إلی حجره.

(الرابع): وضع الیدین قائما علی فخذیه بحذاء رکبتیه. وقانتا تلقاء وجهه.

وراکعا علی رکبتیه. وساجدا بحذاء أذنیه. ومتشهدا علی فخذیه.

(الخامس): التعقیب، ولا حصر له، وأفضله: تسبیح الزهراء علیها السلام (3).

ص :33


1- (1) وهی تکبیرة الإحرام وتتعین بالنیة کما سبق.
2- (2) المراد الاستفتاح بنحو (وجهت وجهی للذی فطر السماوات والأرض)..
3- (3) یکبر أربعا وثلاثین، ثم یحمد ثلاثا وثلاثین، ثم یسبح ثلاثا وثلاثین.

خاتمة فیما یقطع الصلاة وما یکره فیها وما یجوز للمصلی

خاتمة

یقطع الصلاة ما یبطل الطهارة ولو کان سهوا. والالتفات دبرا، والکلام بحرفین فصاعدا عمدا. وکذا القهقهة. والفعل الکثیر الخارج عن الصلاة. والبکاء لأمور الدنیا وفی وضع الیمین علی الشمال قولان، أظهرهما: الإبطال.

ویحرم قطع الصلاة إلا لخوف ضرر، مثل فوات غریم، أو تردی طفل، وقیل: یقطعها الأکل والشرب، إلا فی الوتر لمن عزم علی الصوم ولحقه عطش (1) وفی جواز الصلاة بشعر معقوص قولان، أشبههما: الکراهیة.

ویکره الالتفات یمینا وشمالا، والتثاؤب، والتمطی، والعبث، ونفخ موضع السجود، والتنخم، والبصاق، وفرقعة الأصابع، والتأوه بحرف، ومدافعة الأخبثین، ولبس الخف ضیقا.

ویجوز للمصلی تشمیت العاطس، ورد السلام، مثل قوله: السلام علیکم، والدعاء فی أحوال الصلاة بسؤال المباح دون المحرم.

المقصد الثانی: فی بقیة الصلوات: وهی واجبة ومندوبة.

فالواجبات منها:

ص :34


1- (1) جاء فی تذکرة الفقهاء: الأکل والشرب یبطلان، لأنهما فعل کثیر إذ تناول المأکول ومضغه وابتلاعه أفعال متعددة وکذا المشروب وبه قال الشافعی وأبو حنیفة وحکی عن سعید بن جبیر أنه شرب الماء فی صلاة النفل.. وبه قال الشیخ (الطوسی) فی کتاب (الحلاف) واستدل یقول الصادق علیه السلام: (إنی أرید الصوم وأکون فی الوتر وأعطش فأکره أن أقطع وأشرب وأکره أن أصبح وأنا عطشان..) فیختص الترخص بالوتر مع إرادة الصوم وخوف العطش وکونه فی دعاء الوتر.

صلاة الجمعة

الجمعة

وهی رکعتان یسقط معها الظهر.

ووقتها ما بین الزوال حتی یصیر ظل کل شئ مثله.

وتسقط بالفوات وتقضی ظهرا.

ولو لم یدرک الخطبتین أجزأته الصلاة. وکذا لو أدرک مع الإمام الرکوع ولو فی الثانیة.

ویدرک الجمعة بإدراکه راکعا علی الأشهر.

ثم النظر فی شروطها، ومن تجب علیه، ولواحقها، وسننها:

والشروط خمسة:

الأول: السلطان العادل.

الثانی: العدد، وفی أقله روایتان أشهر هما خمسة، الإمام أحدهم.

الثالث: الخطبتان، ویجب فی الأولی حمد الله والثناء علیه، والوصیة بتقوی الله، وقراءة سورة خفیفة، وفی الثانیة حمد الله تعالی والصلاة علی النبی صلی الله علیه وسلم وآله وأئمة المسلمین. والاستغفار للمؤمنین والمؤمنات.

ویجب تقدیمهما علی الصلاة، وأن یکون الخطیب قائما مع القدرة وفی وجوب الفصل بینهما بالجلوس تردد، أحوطه: الوجوب.

ولا یشترط فیهما الطهارة.

وفی جواز إیقاعهما قبل الزوال روایتان، أشهرهما: الجواز.

ویستحب أن یکون الخطیب بلیغا، مواظبا علی الصلاة متعمما مرتدیا ببرد یمنی، معتمدا فی حال الخطبة علی شئ، وأن یسلم أولا، ویجلس أمام الخطبة، ثم یقوم فیخطب جاهرا.

(الرابع) الجماعة، فلا تصح فرادی.

ص :35

(الخامس) ألا یکون بین الجمعتین أقل من ثلاثة أمیال (1). والذی تجب علیه: کل مکلف، ذکر حر سلیم من المرض والعرج، والعمی غیرهم (2) ولا مسافر.

وتسقط عنه لو کان بینه وبین الجمعة أزید من فرسخین.

ولو حضر أحد هؤلاء وجبت علیه، عدا الصبی والمجنون والمرأة.

وأما اللواحق فسبع:

(الأولی) إذا زالت الشمس وهو حاضر حرم علیه السفر، لتعین الجمعة، ویکره بعد الفجر.

(الثانیة) یستحب الإصغاء إلی الخطبة، وقیل یجب، وکذا الخلاف فی تحریم الکلام معها.

(الثالثة) الأذان الثانی بدعة، وقیل مکروه.

(الرابعة) یحرم البیع بعد النداء، ولو باع انعقد.

(الخامسة) إذا لم یکن الإمام موجودا وأمکن الاجتماع والخطبتان استحب الجماعة (3) ومنعه قوم.

(السادسة) إذا حضر إمام الأصل مصرا، لم یؤم غیره إلا لعذر.

(السابعة) لو رکع مع الإمام فی الأولی ومنعه زحام عن السجود، لم یرکع مع الإمام فی الثانیة.

فإذا سجد الإمام سجد ونوی بهما للأولی.

ولو نوی بهما للأخیرة بطلت الصلاة. وقیل: یحذفهما ویسجد للأولی.

ص :36


1- (1) أی لا یکون هناک جمعة أخری وبینهما دون ثلاثة أمیال، فإن اتفقتا بطلتا وإن سبقت إحداهما ولو بتکبیرة الإحرام بطلت المتأخرة (شرائع الإسلام).
2- (2) الهم الشیخ الفانی.
3- (3) إذا لم یکن الإمام موجودا، ولا من نصبه للصلاة، وأمکن الاجتماع والخطبتان قیل یستحب أن یصلی جمعة، وقیل: لا یجوز، والأول أظهر (شرائع الإسلام).

وسنن الجمعة: التنفل بعشرین رکعة، ست عند انبساط الشمس، وست عند ارتفاعها، وست قبل الزوال، ورکعتان عنده. وحلق الرأس، وقص الأظفار. والأخذ من الشارب. ومباکرة المسجد علی سکینة ووقار، متطیبا، لابسا أفضل ثیابه.

والدعاء أمام التوجه.

ویستحب الجهر جمعة وظهرا. وأن تصلی فی المسجد ولو کانت ظهرا، وأن یقدم المصلی ظهره إذا لم یکن الإمام مرضیا.

ولو صلی معه رکعتین وأتمهما بعد تسلیم الإمام جاز.

ومنها:

صلاة العیدین

وهی واجبة جماعة بشروط الجمعة ومندوبة مع عدمها جماعة وفرادی.

ووقتها ما بین طلوع الشمس إلی الزوال. ولو فاتت لم یقض.

وهی رکعتان یکبر فی الأولی خمسا، وفی الثانیة أربعا، بعد قراءة (الحمد) والسورة فی الرکعتین، وقیل تکبیر الرکوع علی الأشهر، ویقنت مع کل تکبیرة بالمرسوم استحبابا.

وسننها: الإصحار بها (1)، والسجود علی الأرض، وأن یقول المؤذن: الصلاة ثلاثا، وخروج الإمام حافیا، علی سکینة ووقار، وأن یطعم قبل خروجه فی الفطر وبعد عوده فی الأضحی مما یضحی به.

وأن یقرأ فی الأولی ب (الأعلی) وفی الثانیة ب (والشمس).

والتکبیر فی الفطر عقیب أربع صلوات: أولها المغرب، وآخرها صلاة العید.

وفی (الأضحی) عقیب خمس عشرة: أولها ظهر یوم العید لمن کان ب (منی) وفی غیرها عقیب عشر.

ص :37


1- (1) الإصحار بها: صلاتها فی الصحراء. والمذهب أن ذلک فی غیر مکة. جاء فی (تذکرة الفقهاء): (وأما استثناء مکة فلقول الصادق علیه السلام: السنة علی أهل الأمصار أن یبرزوا من أمصارهم فی العیدین إلا أهل مکة فإنهم یصلون فی المسجد. ولتمیزه عن غیره من المساجد بوجوب التوجه إلیه من جمیع الآفاق فلا یناسب الخروج عنه).

یقول الله أکبر، الله أکبر، لا إله إلا الله، والله أکبر الله أکبر علی ما هدانا. الله أکبر علی ما رزقنا من بهیمة الأنعام.

وفی الفطر یقول، الله أکبر ثلاثا، لا إله إلا الله، والله أکبر الله أکبر ولله الحمد، الله أکبر علی ما هدانا.

ویکره الخروج بالسلاح، وأن یتنفل قبل الصلاة وبعدها إلا بمسجد النبی صلی الله علیه وآله وسلم قبل خروجه.

مسائل خمس:

(الأولی) قیل: التکبیر الزائد واجب، والأشبه الاستحباب، وکذا القنوت.

(الثانیة) من حضر العید فهو بالخیار فی حضور الجمعة، ویستحب للإمام إعلامهم بذلک.

(الثالثة) الخطبتان بعد صلاة العیدین. وتقدیمهما بدعة، ولا یجب استماعهما (1).

(الرابعة) لا ینقل المنبر بل یعمل منبر من طین (الخامسة) إذا طلعت الشمس حرم السفر حتی یصلی العید، ویکره قبل ذلک.

ومنها:

صلاة الکسوف

والنظر فی سببها، وکیفیتها، وأحکامها:

وسببها: کسوف الشمس، أو خسوف القمر، والزلزلة.

وفی روایة تجب لأخاویف السماء.

ص :38


1- (1) جاء فی تذکرة الفقهاء: (الخطبتان واجبتان کما قلنا، للأمر وهو للوجوب وقال الجمهور بالاستحباب، ولا یجب حضورهما ولا استماعهما إجماعا، ولهذا أخرتا عن الصلاة لیتمکن المصلی من ترکهما. بل یستحب روی عبد الله بن السائب أن النبی صلی الله علیه وآله وسلم قال بعد صلاته (إنا نخطب فمن أحب أن یجلس للخطبة فلیجلس ومن أحب أن یذهب فلیذهب. وقال المؤلف فی المعتبر: (والخطبتان مستحبتان فیهما بعد الصلاة، وتقدیمهما أو إحداهما بدعة ولا یجب حضورهما ولا استماعهما أما استحبابهما فعلیه الإجماع وفعل النبی والصحابة والتابعین).

ووقتها من الابتداء إلی الأخذ فی الانجلاء.

ولا قضاء مع الفوات، وعدم العلم، واحتراق بعض القرص.

ویقضی لو علم وأهمل، أو نسی، وکذا لو احترق القرص کله علی التقدیرات.

وکیفیتها: أن ینوی ویکبر، ویقرأ (الحمد)، وسورة أو بعضها، ثم یرکع.

فإذا انتصب، قرأ (الحمد) ثانیا، وسورة إن کان أتم فی الأولی وإلا قرأ من حیث قطع.

فإذا أکمل خمسا (1) سجد اثنتین، ثم قام بغیر تکبیرة فقرأ ورکع معتمدا ترتیبه الأول ثم یتشهد ویسلم.

ویستحب فیها الجماعة، والإطالة بقدر الکسوف، وإعادة الصلاة إن فرغ قبل الانجلاء، وأن یکون رکوعه بقدر قراءته، وأن یقرأ السور الطوال مع السعة، ویکبر کلما انتصب من الرکوع، إلا فی الخامس والعاشر، فإنه یقول: سمع الله لمن حمده، وأن یقنت خمس قنوتات.

والأحکام فیها: اثنان:

(الأول) إذا اتفق فی وقت حاضرة، تخیر فی الإتیان بأیهما شاء، علی الأصح ما لم یتضیق الحاضرة، فیتعین الأداء.

ولو کانت الحاضرة نافلة فالکسوف أولی، ولو خرج وقت النافلة.

(الثانی) تصلی هذه الصلاة علی الراحلة، وماشیا. وقیل بالمنع، إلا مع العذر وهو أشبه.

ص :39


1- (1) مراده أن یقرأ خمس مرات یعقب کل قراءة رکوع فإذا انتصب من الرکوع الخامس هوی ساجدا.

ومنها:

صلاة الجنازة

والنظر فیمن یصلی علیه، والمصلی، وکیفیتها، وأحکامها:

تجب الصلاة علی کل مسلم، ومن بحکمه (1) ممن بلغ ست سنین، ویستوی الذکر والأنثی والحر والعبد.

ویستحب علی من لم یبلغ ذلک ممن ولد حیا.

ویقوم بها کل مکلف علی الکفایة.

وأحق الناس بالصلاة علی المیت أولاهم بالمیراث، والزوج أولی بالمرأة من الأخ.

ولا یؤم إلا وفیه شرائط الإمامة، وإلا استناب.

ویستحب تقدیم الهاشمی، ومع وجود الإمام فهو أولی بالتقدیم.

وتؤم المرأة النساء، وتقف فی وسطهن، ولا تبرز، وکذا العاری إذا صلی بالعراة.

ولا یؤم من لم یأذن له المولی.

وهی خمس تکبیرات، بینها أربعة أدعیة، ولا یتعین.

وأفضله أن یکبر ویتشهد الشهادتین، ثم یکبر ویصلی علی النبی وآله، ثم یکبر ویدعو للمؤمنین.

وفی الرابعة یدعو للمیت، وینصرف بالخامسة مستغفرا.

ولیست الطهارة من شرطها، وهی من فضلها، ولا یتباعد عن الجنازة بما یخرج عن العادة، ولا یصلی علی المیت إلا بعد تغسیله، وتکفینه.

ولو کان عاریا جعل فی القبر، وسترت عورته، ثم یصلی علیه.

وسننها: وقوف الإمام عند وسط الرجل وصدر المرأة.

ص :40


1- (1) (من یصلی علیه وهو کل من کان مظهرا للشهادتین أو طفلا له ست سنین ممن له حکم الإسلام) (شرائع الإسلام).

ولو اتفقا (1) جعل الرجل إلی الإمام، والمرأة إلی القبلة، یحاذی بصدرها وسطه ولو کان طفلا فمن ورائها.

ووقوف المأموم وراء الإمام ولو کان واحدا.

وأن یکون المصلی متطهرا، حافیا، رافعا یدیه بالتکبیر کله، داعیا للمیت فی الرابعة، إن کان مؤمنا وعلیه إن کان منافقا، وبدعاء المستضعفین مستضعفا، وأن یحشره مع من یتولاه، إن جهل حاله.

وفی الطفل: اللهم اجعله لنا ولأبویه فرطا شفیعا، ویقف موقفه حتی ترفع الجنازة والصلاة فی المواضع المعتادة.

وتکره الصلاة علی الجنازة الواحدة مرتین.

وأحکامها أربعة:

(الأول) من أدرک بعض التکبیرات أتم ما بقی ولاء،. وإن رفعت الجنازة،.

ولو علی القبر.

(الثانی) لو لم یصل علی المیت صلی علی قبره یوما ولیلة حسب.

(الثالث) یجوز أن یصلی هذه فی کل وقت، ما لم یتضیق وقت حاضرة.

(الرابع) لو حضرت جنازة فی أثناء الصلاة تخیر الإمام فی الإتمام علی الأولی والاستئناف علی الثانیة، وفی ابتداء الصلاة علیهما.

وأما المندوبات: فمنها صلاة الاستسقاء.

وهی مستحبة مع الجدب، وکیفیتها کصلاة العید، والقنوت بسؤال الرحمة وتوفیر المیاه، وأفضل ذلک: الأدعیة المأثورة.

ومن سننها: صوم الناس ثلاثا، والخروج فی الثالث، وأن یکون الاثنین أو الجمعة، والإصحار بها، حفاة، علی سکینة ووقار، واستصحاب الشیوخ والأطفال والعجائز من المسلمین خاصة، والتفریق بین الأطفال والأمهات، ویصلی جماعة،

ص :41


1- (1) أی اجتمع رجل وامرأة.

وتحویل الإمام الرداء، واستقبال القبلة، مکبرا، رافعا صوته، وإلی الیمین مسبحا، وإلی الیسار مهللا، واستقبال الناس داعیا، ویتابعه الناس، والخطبة بعد الصلاة، والمبالغة فی الدعاء، والمعاودة إن تأخرت الإجابة.

ومنها:

نافلة شهر رمضان:

وفی أشهر الروایات استحباب ألف رکعة، زیادة علی المرتبة فی کل لیلة عشرون رکعة:

بعد المغرب ثمان رکعات، وبعد العشاء اثنتا عشرة رکعة.

وفی العشر الأواخر، فی کل لیلة ثلاثون، وفی لیالی الإفراد فی کل لیلة مائة زیادة علی ما عین.

وفی روایة یقتصر علی المائة ویصلی فی الجمع أربعون بصلاة علی (1) وجعفر (2) وفاطمة علیهم السلام (3). وعشرون فی آخر جمعة بصلاة علی (ع)،. وفی عشیتها عشرون بصلاة فاطمة علیها السلام.

ومنها:

صلاة لیلة الفطر:

وهی رکعتان، فی الأولی مرة ب (الحمد) وب (الإخلاص) ألف مرة.

ص :42


1- (1) هی: أربع رکعات بتشهدین وتسلیمتین یقرأ فی کل رکعة (الحمد) مرة و (قل هو الله أحد) خمسین مرة.
2- (2) هی: أربع رکعات بتسلیمتین یقرأ فی الأولی (الحمد) مرة و (إذا زلزلت) مرة، ثم یقول خمس عشرة مرة: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أکبر، ثم یقولها عشرا فی کل من الرکوع والانتصاب والسجدتین والرفع منهما فیکون مجموعها 75 فی الرکعة ویقرأ فی الرکعات الباقیة علی الترتیب بعد (الحمد): (العادیات) و (إذا جاء نصر الله) و (قل هو الله أحد).
3- (3) هی رکعتان یقرأ فی الأولی (الحمد) مرة و (القدر) مائة مرة وفی الثانیة (الحمد) مرة وسورة التوحید مائة مرة.

وفی الثانیة ب (الحمد) مرة وب (الإخلاص) مرة.

ومنها:

صلاة یوم الغدیر:

وهی رکعتان، قبل الزوال بنصف ساعة.

ومنها:

صلاة لیلة النصف من شعبان: أربع رکعات.

ومنها:

صلاة لیلة البعث ویومها: وکیفیة ذلک وما یقال فیه وبعده مذکور فی کتب تخص به، وکذا سائر النوافل فلیطلب هناک.

المقصد الثالث،. فی التوابع وهی خمسة:

(الأول) فی الخلل الواقع فی الصلاة، وهو إما عمد، أو سهو، أو شک.

أما العمد: فمن أخل معه بواجب أبطل صلاته، شرطا کان أو جزءا أو کیفیة ولو کان جاهلا، عدا الجهر والإخفات، فإن الجهل عذر فیهما.

وکذا تبطل لو فعل ما یجب ترکه.

وتبطل الصلاة فی الثوب المغصوب، والموضع المغصوب، والسجود علی الموضع النجس مع العلم، لا مع الجهل بالغصبیة والنجاسة.

وأما السهو: فإن کان عن رکن وکان محله باقیا أتی به، وإن کان دخل فی آخر أعاد، کمن أخل بالقیام حتی نوی، أو بالنیة حتی افتتح، أو بالافتتاح حتی قرأ أو بالرکوع حتی سجد، أو بالسجدتین حتی رکع.

وقیل: إن کان فی الأخیرتین من الرباعیة، أسقط الزائد وأتی بالفائت.

ویعید لو زاد رکوعا أو سجدتین عمدا وسهوا.

ولو نقص من عدد الصلاة ثم ذکر أتم، ولو تکلم علی الأشهر.

ص :43

ویعید لو استدبر القبلة.

وإن کان السهو عن غیر رکن، فمنه ما لا یوجب تدارکا، ومنه ما یقتصر معه علی التدارک، ومنه ما یتدارک مع سجود السهو. (فالأول) من نسی القراءة، أو الجهر أو الإخفات، أو الذکر فی الرکوع أو الطمأنینة فیه، أو رفع الرأس منه، أو الطمأنینة فی الرفع أو الذکر فی السجود، أو السجود علی الأعضاء السبعة، أو الطمأنینة فیه، أو رفع الرأس فیه، أو الطمأنینة فی الرفع من الأولی، أو الطمأنینة فی الجلوس للتشهد.

(الثانی) من ذکر أنه لم یقرأ (الحمد) وهو فی السورة قرأ (الحمد) وأعادها أو غیرها.

ومن ذکر قبل السجود أنه لم یرکع قام فرکع، وکذا من ترک السجود أو التشهد، وذکر قبل رکوعه، قعد فتدارک.

ومن ذکر أنه لم یصل علی النبی وآله علیهم السلام بعد أن سلم، قضاهما.

(الثالث) من ذکر بعد الرکوع أنه لم یتشهد، أو ترک سجدة، قضی ذلک بعد التسلیم وسجد للسهو.

وأما الشک: فمن شک فی عدد الثنائیة أو الثلاثیة أعاد، وکذا من لم یدر کم صلی أو لم یحصل الأولیین من الرباعیة أعاد.

ولو شک فی فعل، فإن کان فی موضعة أتی به وأتم.

ولو ذکر أنه کان قد فعله، استأنف صلاته إن کان رکنا، وقیل فی الرکوع إذا ذکر وهو راکع أرسل نفسه.

ومنهم من خصه بالأخریین، والأشبه: البطلان، ولو لم یرفع رأسه ولو کان بعد انتقاله مضی فی صلاته، رکنا کان أو غیره.

فإن حصل الأولیین من الرباعیة عددا وشک فی الزائد، فإن غلب بنی علی ظنه، وإن تساوی الاحتمالان فصوره أربع:

ص :44

أن یشک بین الاثنین والثلاث، أو بین الثلاث والأربع، أو بین الاثنین والأربع، أو بین الاثنین والثلاث والأربع.

ففی الأول بنی علی الأکثر ویتم، ثم یحتاط برکعتین جالسا، أو رکعة قائما علی روایة.

وفی الثانی کذلک.

وفی الثالث برکعتین من قیام.

وفی الرابع برکعتین من قیام، ثم برکعتین من جلوس.

کل ذلک بعد التسلیم.

ولا سهو علی من کثر سهوه، ولا علی من سها فی سهو ولا علی المأموم، ولا علی الإمام إذا حفظ علیه من خلفه، ولو سها فی النافلة تخیر فی البناء.

وتجب سجدة السهو علی من تکلم ناسیا. ومن شک بین الأربع والخمس، ومن سلم قبل إکمال الرکعات، وقیل لکل زیادة أو نقصان. وللقعود فی موضع.

قیام، وللقیام فی موضع قعود.

وهما بعد التسلیم علی الأشهر، عقیبهما تشهد خفیف وتسلیم.

ولا یجب فیهما ذکر.

وفی روایة الحلبی: أنه سمع أبا عبد الله علیه السلام یقول فیهما: بسم الله وبالله وصلی الله علی محمد وآله.

وسمعه مرة أخری یقول: بسم الله وبالله، السلام علیک أیها النبی ورحمة الله وبرکاته.

والحق رفع منصب الإمامة عن السهو فی العبادة.

(الثانی) فی القضاء:

من أخل بالصلاة عمدا أو سهوا أو فاتته بنوم، أو سکر، مع بلوغه وعقله وإسلامه، وجب القضاء، عدا ما استثنی.

ص :45

ولا قضاء مع الإغماء المستوعب للوقت، إلا أن یدرک الطهارة والصلاة ولو برکعة، وفی قضاء الفائت لعدم ما یتطهر به تردد، أحوطه: القضاء.

وتترتب الفوائت کالحواضر، وفی الفائتة علی الحاضرة، وفی وجوب ترتیب الفوائت علی الحاضرة تردد، أشبه الاستحباب.

ولو قدم الحاضرة مع سعة وقتها ذاکرا أعاد، ولا یعید لو سها.

ویعدل عن الحاضرة إلی الفائتة لو ذکر بعد التلبس.

ولو تلبس بنافلة ثم ذکر فریضة أبطلها، واستأنف الفریضة.

ویقضی ما فات سفرا قصرا، ولو کان حاضرا، وما فات حضرا تماما، ولو کان مسافرا، ویقضی المرتد زمان ردته.

ومن فاتته فریضة من یوم ولا یعلمها، صلی اثنین وثلاثا وأربعا.

ولو فاته ما لم یحصه، قضی حتی یغلب الوفاء.

ویستحب قضاء النوافل المؤقتة، ولو فاتته بمرض لم یتأکد القضاء.

ویستحب الصدقة عن کل رکعتین بمد، فإن لم یتمکن، فعن کل یوم بمد.

(الثالث) فی الجماعة: والنظر فی أطراف:

(الأول) الجماعة مستحبة فی الفرائض، متأکدة فی الخمس.

ولا تجب إلا فی الجمعة والعیدین، مع الشرائط، ولا تجمع فی نافلة عدا ما استثنی.

ویدرک المأموم الرکعة بإدراک الرکوع، وبإدراکه راکعا علی تردد.

وأقل ما تنعقد، بالإمام ومؤتم.

ولا تصح وبین الإمام والمأموم ما یمنع المشاهدة، وکذا بین الصفوف.

ویجوز فی المرأة.

ولا یأتم بمن هو أعلی منه، بما یعتد به کالأبنیة علی روایة عمار.

ویجوز لو کانا علی أرض منحدرة، ولو کان المأمون أعلی منه صح.

ولا یتباعد المأموم بما یخرج عن العادة، إلا مع اتصال الصفوف.

ص :46

وتکره القراءة خلف الإمام فی الإخفاتیة علی الأشهر، وفی الجهریة لو سمع ولو همهمة، ولو لم یسمع قرأ.

ویجب متابعة الإمام، فلو رفع قبله ناسیا عاد، ولو کان عامدا استمر.

ولا یقف قدامه، ولا بد من نیة الإتمام.

ولو صلی اثنان وقال کل منهما: کنت مأموما أعادا، ولو قال: کنت إماما لم یعیدا.

ولا یشترط تساوی الفرضین، ویقتدی المفترض بمثله، وبالمتنفل، والمتنفل بمثله، وبالمفترض.

ویستحب أن یقف الواحد عن یمین الإمام والجماعة خلفه.

ولا یتقدم العاری أمام العراة، بل یجلس وسطهم بارزا برکبتیه.

ولو أمت المرأة النساء وقفن معها صفا.

ولو أمهن الرجل وقفن خلفه ولو کانت واحدة.

ویستحب أن یعید المنفرد صلاته إذا وجد جماعة، إماما أو مأموما، وأن یخص بالصف الأول الفضلاء، وأن یسبح المأموم حتی یرکع الإمام إن سبقه بالقراءة، وأن یکون القیام إلی الصلاة إذا قیل: (قد قامت الصلاة).

ویکره أن یقف المأموم وحده إلا مع العذر، وأن یصلی نافلة بعد الإقامة.

(الطرف الثانی): یعتبر فی الإمام العقل، والإیمان، والعدالة، وطهارة المولد، والبلوغ علی الأظهر.

ولا یؤم القاعد القائم، ولا الأمی القارئ، ولا المئوف اللسان بالسلیم، ولا المرأة ذکرا، ولا خنثی.

وصاحب المسجد والمنزل والإمارة أولی من غیره، وکذا الهاشمی.

وإذا تشاح الأئمة، قدم من یختاره المأموم.

ولو اختلفوا قدم الأقرأ، فالأفقه، فالأقدم هجرة، فالأحسن، فالأصبح وجها.

ص :47

ویستحب للإمام أن یسمع من خلفه الشهادتین.

ولو أحدث قدم من ینوبه، ولو مات أو أغمی علیه قدموا من یتم بهم.

ویکره أن یأتم الحاضر بالمسافر، والمتطهر بالمتیمم، وأن یستناب المسبوق، وأن یؤم الأجذم، والأبرص والمحدود بعد توبته، والأغلف. ومن یکرهه المأمومون، والأعرابی المهاجرین.

(الطرف الثالث) فی الأحکام ومسائله تسع:

(الأولی) لو علم فسق الإمام أو کفره أو حدثه بعد الصلاة لم یعد.

ولو کان عالما أعاد.

(الثانیة) إذا خاف فوت الرکوع عند دخوله فرکع جاز أن یمشی راکعا لیلحق.

(الثالثة) إذا کان الإمام فی محراب داخل، لم تصح صلاة من إلی جانبیه فی الصف الأول (1). (الرابعة) إذا شرع فی نافلة فأحرم الإمام قطعها إن خشی الفوات.

ولو کان فی فریضة، نقل نیته إلی النفل وأتم رکعتین استحبابا، ولو کان إمام الأصل، قطعها واستأنف معه.

ولو کان ممن لا یقتدی به، استمر علی حالته.

(الخامسة) ما یدرکه المأموم یکون أول صلاته، فإذا (حلم) الإمام أتم هو ما بقی.

(السادسة) إذا أدرکه بعد انقضاء الرکوع، کبر وسجد معه.

فإذا سلم الإمام، استقبل هو، وکذا لو أدرکه بعد السجود.

(السابعة) یجوز أن یسلم قبل الإمام، مع العذر، أو نیة الانفراد.

(الثامنة) النساء یقفن من وراء الرجال.

فلو جاء رجال، تأخرن وجوبا، إذا لم یکن لهم موقف أمامهن.

ص :48


1- (1) المراد المحراب الداخل فی المسجد، لا فی الحائط، ووجه بطلان صلاة من إلی جانبیه لعدم مشاهدتهم للإمام أو مشاهدة من یشاهده (کتاب المسالک).

(التاسعة) إذا استنیب المسبوق فانتهت صلاة المأمومین أومأ إلیهم لیسلموا، ثم یتم ما بقی.

خاتمه فیما یستحب فی المساجد و مایکره

خاتمة

یستحب أن تکون المساجد مکشوفة، والمیضات علی أبوابها والمنارة مع حائطها، وأن یقدم الداخل یمینه، ویخرج بیساره ویتعاهد نعله، ویدعو داخلا وخارجا، وکنسها، والإسراج فیها وإعادة ما استهدم.

ویجوز نقض المستهدم خاصة، واستعمال آلته فی غیره من المساجد.

ویحرم زخرفتها، ونقشها بالصور، وأن یؤخذ منها إلی غیرها من طریق أو ملک، ویعاد لو أخذ، وإدخال النجاسة إلیها، وغسلها فیها، وإخراج الحصی منها، ویعاد لو أخرج.

وتکره تعلیتها، وإن تشرفت، وأن تجعل محاریبها داخلة، أو تجعل طریقا.

ویکره فیها البیع والشراء، وتمکین المجانین، وإنفاذ الأحکام، وتعریف الضوال، وإقامة الحدود، وإنشاد الشعر، وعمل الصنائع، والنوم، ودخولها وفی الفم رائحة الثوم أو البصل، وکشف العورة، والبصاق فإن فعله، ستره بالتراب.

صلاة الخوف

(الرابع) فی صلاة الخوف:

وهی مقصورة سفرا وحضرا جماعة وفرادی.

وإذا صلیت جماعة والعدو فی خلاف القبلة ولا یؤمن هجومه وأمکن أن یقاومه بعض، ویصلی مع الإمام الباقون، جاز أن یصلوا بصلاة ذات الرقاع. وفی کیفیتها: روایتان، أشهرهما روایة الحلبی عن أبی عبد الله علیه السلام: قال یصلی الإمام بالأولی رکعة ویقوم فی الثانیة حتی یتم من خلفه، ثم تأتی الأخری، فیصلی بهم رکعة ثم یجلس، ویطیل حتی یتم من خلفه ثم یسلم بهم.

وفی المغرب یصلی بالأولی رکعة، ویقف بالثانیة حتی یتموا، ثم تأتی الأخری فیصلی بهم رکعتین، ثم یجلس عقیب الثالثة حتی یتم من خلفه، ثم یسلم بهم.

ص :49

وهل یجب أخذ السلاح؟ فیه تردد، أشبهه: الوجوب، ما لم یمنع أحد واجبات الفرض.

وهنا مسائل:

(الأولی) إذا انتهی الحال إلی المسایفة والمعانقة، فالصلاة بحسب الإمکان واقفا أو ماشیا أو راکبا، ویسجد علی قربوس سرجه، وإلا مومیا.

ویستقبل القبلة ما أمکن وإلا بتکبیرة الإحرام.

ولو لم یتمکن من الإیماء اقتصر علی تکبیرتین عن الثنائیة وثلاثة عن الثلاثیة.

ویقول فی کل واحدة: سبحان الله والحمد لله، ولا إله إلا الله والله أکبر، فإنه یجزئ عن الرکوع والسجود.

(الثانیة) کل أسباب الخوف یجوز معها القصر والانتقال إلی الإیماء مع الضیق، والاقتصار علی التسبیح إن خشی مع الإیماء ولو کان الخوف من لص أو سبع.

(الثالثة) الموتحل والغریق یصلیان بحسب الإمکان إیماء ولا یقصر أحدهما عدد صلاته إلا فی سفر أو خوف.

(الخامس) فی صلاة المسافر، والنظر فی الشروط والقصر.

أما الشروط فخمسة:

(الأول) المسافة، وهی أربعة وعشرون میلا.

والمیل أربعة آلاف ذراع، تعویلا علی المشهور بین الناس، أو قدر مد البصر من الأرض، تعویلا علی الوضع.

ولو کانت أربع فراسخ وأراد الرجوع لیومه قصر.

ولا بد من کون المسافة مقصودة.

فلو قصد ما دونها ثم قصد مثل ذلک أو لم یکن له قصد فلا قصر، ولو تمادی فی السفر.

ولو قصد مسافة فتجاوز سماع الأذان ثم توقع رفقة قصر ما بینه وبین شهر، ما لم ینو الإقامة، ولو کان دون ذلک أتم.

(والثانی) ألا یقطع السفر بعزم الإقامة.

ص :50

فلو عزم مسافة وله فی أثنائها منزل قد استوطنه ستة أشهر، أو عزم فی أثنائها إقامة عشرة أیام، أتم.

ولو قصد مسافة فصاعدا وله علی رأسها منزل قد استوطنه القدر المذکور، قصر فی طریقه وأتم فی منزله.

وإذا قصر ثم نوی الإقامة لم یعد، ولو کان فی الصلاة أتم.

(الثالث) أن یکون السفر مباحا.

فلا یترخص العاصی، کالمتبع للجائر، واللاهی بصیده.

ویقصر لو کان الصید للحاجة.

ولو کان للتجارة قیل: یقصر صومه ویتم صلاته.

(الرابع) ألا یکون سفره أکثر من حضره، کالراعی، والمکاری، والملاح، والتاجر، والأمیر، والرائد، والبرید، والبدوی.

وضابطه: ألا یقیم فی بلده عشرة، ولو أقام فی بلده أو غیر بلده ذلک قصر.

وقیل: هذا یختص المکاری، فیدخل فیه الملاح والأجیر.

ولو أقام خمسة قیل: یقصر صلاته نهارا ویتم لیلا، ویصوم شهر رمضان علی روایة.

(الخامس) أن تتواری جدران البلد الذی یخرج منه، أو یخفی أذانه فیقصر فی صلاته وصومه، وکذا فی العود من السفر علی الأشهر وأما القصر فهو عزیمة، إلا فی أحد المواطن الأربعة:

مکة، والمدینة، وجامع الکوفة، والحایر. فإنه مخیر فی قصر الصلاة.

والإتمام أفضل.

وقیل: من قصد أربع فراسخ ولم یرد الرجوع لیومه تخیر فی القصر والإتمام، ولم یثبت.

ولو أتم المقصر عامدا أعاد ولو کان جاهلا لم یعد، والناسی یعید فی الوقت لا مع خروجه.

ص :51

ولو دخل وقت الصلاة فسافر والوقت باق قصر علی الأشهر.

وکذا لو دخل من سفره أتم مع بقاء الوقت.

ولو فاتت اعتبر حال الفوات، لا حال الوجوب.

وإذا نوی المسافر الإقامة فی غیر بلده عشرة أیام أتم، ولو نوی دون ذلک قصر.

ولو تردد، قصر ما بینه وبین ثلاثین یوما، ثم أتم، ولو صلاة.

ولو نوی الإقامة ثم بدا له، قصر ما لم یصل علی التمام ولو صلاة.

ویستحب أن یقول عقیب الصلاة: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أکبر ثلاثین مرة، جبرا (1).

ولو صلی المسافر خلف المقیم لم یتم، واقتصر علی فرضه، وسلم منفردا.

ویجمع المسافر بین الظهر والعصر، وبین المغرب والعشاء.

ولو سافر بعد الزوال ولم یصل النوافل، قضاها سفرا وحضرا.

ص :52


1- (1) أی جبرا للفریضة.

کتاب الزکاة

اشارة

کتاب الزکاة

وهی قسمان:

الأول: زکاة المال، وأرکانها أربعة:

(الأول) من تجب علیه، وهو کل بالغ عاقل حر مالک للنصاب، متمکن من التصرف.

فالبلوغ یعتبر فی الذهب والفضة إجماعا.

نعم لو اتجر من إلیه النظر أخرجها استحبابا.

ولو ضمن الولی واتجر لنفسه کان الربح له، إن کان ملیا، وعلیه الزکاة استحبابا.

ولو لم یکن ملیا ولا ولیا ضمن ولا زکاة، والربح للیتیم.

وفی وجوب الزکاة فی غلات الطفل روایتان، أحوطهما: الوجوب.

وقیل: تجب فی مواشیهم، ولیس بمعتمد.

ولا تجب فی مال المجنون، صامتا کان أو غیره.

وقیل: حکمه حکم الطفل، والأول أصح.

والحریة معتبرة فی الأجناس کلها، وکذا التمکن من التصرف.

فلا تجب فی مال الغائب إذا لم یکن صاحبه متمکنا منه، ولو عاد اعتبر الحول بعد عوده.

ولو مضت علیه أحوال زکاه لسنة استحبابا.

ولا فی الدین، وفی روایة، إلا أن یکون صاحبه هو الذی یؤخره.

وزکاة القرض علی المقترض إن ترکه بحاله حولا.

ولو اتجر به استحب.

ص :53

4- نص المحبة

(الثانی) فیما تجب فیه وما یستحب.

تجب فی الأنعام الثلاثة: الإبل والبقر والغنم، وفی الذهب والفضة.

وفی الغلات الأربع: الحنطة، والشعیر، والتمر، والزبیب، ولا تجب فیما عداها.

ویستحب فی کل ما تنبته الأرض، مما یکال أو یوزن، عدا الخضر.

وفی مال التجارة قولان، أصحهما: الاستحباب.

وفی الخیل الإناث، ولا تستحب فی غیر ذلک، کالبغال والحمیر والرقیق.

ولنذکر ما یختص کل جنس إن شاء الله تعالی.

القول فی زکاة الأنعام، والنظر فی الشرائط واللواحق.

والشرائط أربعة:

(الأول) فی النصب.

وهی فی الإبل: اثنا عشر نصابا، خمسة، کل واحد خمس، وفی کل واحد شاة.

فإذا بلغت ستا وعشرین ففیها بنت مخاض.

فإذا بلغت ستا وثلاثین فیها بنت لبون.

وإذا بلغت ستا وأربعین ففیها حقة.

فإذا بلغت إحدی وستین ففیها جذعة.

فإذا بلغت ستا وسبعین ففیها بنتا لبون.

فإذا بلغت إحدی وتسعین ففیها حقتان.

ثم لیس فی الزائد شئ حتی یبلغ مائة وإحدی وعشرین، ففی کل خمسین حقة.

وفی کل أربعین بنت لبون دائما.

وفی البقر نصابان.

ثلاثون: وفیها تبیع أو تبیعة، وأربعون وفیها مسنة.

وفی الغنم خمسة نصب:

أربعون، وفیها شاة.

ص :54

5 - نص الفعال

ثم مائة وإحدی وعشرون، وفیها شاتان.

ثم مائتان وواحدة، ففیها ثلاث شیاه.

فإذا بلغت ثلاثمائة وواحدة فروایتان، أشهرهما، أن فیها (لأربع) شیاه حتی یبلغ أربعمائة فصاعدا، ففی کل مائة شاة، وما نقص فعفو.

وتجب الفریضة فی کل واحد من النصب. ولا یتعلق بما زاد.

وقد جرت العادة بتسمیة ما لا یتعلق به الزکاة من الإبل شنقا، ومن البقر وقصا (1)، ومن الغنم عفوا.

الشرط الثانی: السوم. فلا تجب فی المعلوفة ولو فی بعض الحول.

(الثالث) الحول. وهو اثنا عشر هلالا، وإن لم یکمل أیامه.

ولیس حول الأمهات حول السخال. بل یعتبر فیها الحول کما فی الأمهات.

ولو تم ما نقص عن النصاب فی أثناء الحول استأنف حوله من حین تمامه، ولو ملک مالا آخر کان له حول بانفراده.

ولو ثلم النصاب قبل الحول سقط الوجوب.

وإن قصد الفرار ولو کان بعد الحول لم یسقط.

(الرابع) ألا تکون عوامل.

وأما اللواحق فمسائل:

(الأولی) الشاة المأخوذة فی الزکاة، أقلها الجذع من الضأن، أو الثنی من المعز، ویجزئ الذکر والأنثی.

وبنت المخاض هی التی دخلت فی الثانیة، وبنت اللبون، هی التی دخلت فی الثالثة. والحقة هی التی دخلت فی الرابعة. والجذعة، هی التی دخلت فی الخامسة.

ص :55


1- (1) الشنق: ما بین الفریضتین فی الزکاة وفی الحدیث: لا شناق، أی لا یؤخذ من الشنق حتی یتم، والوقص کذلک، وفی مختار الصحاح: (وبعض العلماء یجعل الوقص فی البقر خاصة والشنق فی الإبل خاصة.

والتبیع، من البقر: هو الذی یستکمل سنة ویدخل فی الثانیة.

والمسنة: هی التی تدخل فی الثالثة.

ولا تؤخذ الربی (1) ولا المریضة ولا الهرمة ولا ذات العوار ولا تعد الأکولة (3) ولا فحل الضراب.

(الثانیة) من وجب علیه سن من الإبل ولیست عنده، وعنده أعلی منها بسن دفعها، وأخذ شاتین أو عشرین درهما، ولو کان عنده الأدون دفعها ومعها شاتان أو عشرون درهما.

ویجزئ ابن اللبون الذکر، عن بنت المخاض مع عدمها من غیر جبر.

ویجوز أن یدفع عما یجب فی النصاب من الأنعام وغیرها من غیر الجنس بالقیمة السوقیة، والجنس أفضل، ویتأکد فی النعم.

(الثالثة) إذا کانت النعم مراضا لم یکلف صحیحة.

ویجوز أن یدفع من غیر غنم البلد ولو کانت أدون.

(الرابعة) لا یجمع بین متفرق فی الملک، ولا یفرق بین مجتمع فیه ولا اعتبار بالخلطة.

القول فی زکاة الذهب والفضة:

ویشترط فی الوجوب النصاب، والحول، وکونهما منقوشین بسکة المعاملة.

وفی قدر النصاب الأول من الذهب روایتان، أشهرهما: عشرون دینارا، ففیها عشرة قراریط. ثم کلما زاد أربعة ففیها قیراطان. ولیس فیما نقص عن أربعة زکاة.

ونصاب الفضة الأول مائتا درهم ففیها خمسة دراهم، ثم کلما زاد أربعون، ففیها درهم، ولیس فیما نقص عن أربعین زکاة.

والدرهم ستة دوانیق، والدانق ثمانی حبات من الشعیر یکون قدر العشرة سبعة مثاقیل.

ص :56


1- (1) الربی: الشاة التی وضعت حدیثا. وقیل: التی تحبس فی البیت للبنها ا ه مصباح وفی (شرائع الإسلام) ولا تؤخذ الربی وهی الوالدة إلی خمسة عشر یوما، وقیل: إلی خمسین.

ولا زکاة فی السبائک، ولا فی الحلی، وزکاته إعارته.

ولو قصد بالسبک الفرار قبل الحول لم تجب الزکاة، ولو کان بعد الحول لم تسقط.

ومن خلف لعیاله نفقة قدر النصاب فزائدا لمدة، وحال علیها الحول وجبت علیه زکاتها لو کان شاهدا، ولم تجب لو کان غائبا.

ولا یجیر الجنس بالجنس الآخر.

القول فی زکاة الغلات:

لا تجب الزکاة فی شئ من الغلات الأربع حتی تبلغ نصابا، وهو خمسة أوسق، وکل وسق ستون صاعا، یکون بالعراقی ألفین وسبعمائة رطل.

ولا تقدیر فیما زاد، بل تجب فیه وإن قل.

ویتعلق به الزکاة عند التسمیة حنطة أو شعیرا أو زبیبا أو تمرا.

وقیل: إذا احمر ثمر النخل أو اصفر. أو انعقد الحصرم.

ووقت الإخراج إذا صفت الغلة. وجمعت الثمرة.

ولا تجب فی الغلات إلا إذا نمت فی الملک، لا ما یبتاع حبا أو یستوهب.

وما یسقی سیحا أو بعلا أو عذیا (1) ففیه العشر.

وما یسقی بالنواضح والدوالی ففیه نصف العشر.

ولو اجتمع الأمران حکم للأغلب.

ولو تساویا أخذ من نصفه العشر، ومن نصفه نصف العشر، والزکاة بعد المؤونة.

القول فیما تستحب فیه الزکاة:

یشترط فی مال التجارة الحول، وأن یطلب برأس المال أو الزیادة فی الحول کله وأن یکون قیمته نصابا فصاعدا، فیخرج الزکاة حینئذ عن قیمته دراهم أو دنانیر.

ویشترط فی الخیل حؤول الحول، والسوم، وکونها إناثا.

ص :57


1- (1) فی مختار الصحاح: قال الأصمعی: العذی: ما سقته السماء، والبعل ما شرب بعروقه من غیر سقی ولا سماء.

فیخرج عن العتیق دیناران، وعن البزدون دینار.

وما یخرج من الأرض مما تستحب فیه الزکاة، حکمه حکم الأجناس الأربعة فی اعتبار السقی وقدر النصب وکمیة الواجب.

الرکن الثالث: فی وقت الوجوب

إذا أهل الثانی عشر وجبت الزکاة، وتعتبر شرائط الوجوب فیه کله.

وعند الوجوب یتعین دفع الواجب.

ولا یجوز تأخیره إلا لعذر، کانتظار المستحق وشبهه.

وقیل: إذا عزلها جاز تأخیرها شهرا أو شهرین.

والأشبه: أن جواز التأخیر مشروط بالعذر فلا یتقدر بغیر زواله.

ولو أخر مع إمکان التسلیم ضمن.

ولا یجوز تقدیمها قبل وقت الوجوب علی أشهر الروایتین.

ویجوز دفعها إلی المستحق قرضا واحتساب ذلک علیه من الزکاة، إن تحقق الوجوب وبقی القابض علی صفة الاستحقاق.

ولو تغیر حال المستحق استأنف المالک الإخراج.

ولو عدم المستحق فی بلده، نقلها، ولم یضمن لو تلفت، ویضمن لو نقلها مع وجوده، والنیة معتبرة فی إخراجها وعزلها.

الرکن الرابع: فی المستحق والنظر فی الأصناف والأوصاف واللواحق.

أما الأصناف فثمانیة:

الفقراء والمساکین. وقد اختلف فی أیهما أسوأ حالا ولا ثمرة مهمة فی تحقیقه.

والضابط: من لا یملک مؤونة سنة له ولعیاله، ولا یمنع لو ملک الدار والخادم، وکذا من فی یده ما یتمعیش به ویعجز عن استنماء الکفایة، ولو کان سبعمائة درهم.

ویمنع من یستنمی الکفایة ولو ملک خمسین، وکذا یمنع ذو الصنعة إذا نهضت بحاجته.

ص :58

ولو دفعها المالک بعد الاجتهاد فبان الآخذ غیر مستحق ارتجعت.

فإن تعذر فلا ضمان علی الدافع.

والعاملون، وهم جباة الصدقة.

والمؤلفة، وهم الذین یستمالون إلی الجهاد بالإسهام فی الصدقة وإن کانوا کفارا.

وفی الرقاب وهم المکاتبون والعبید الذین تحت الشدة، ومن وجب علیه کفارة ولم یجد ما یعتق ولو لم یوجد مستحق جاز ابتیاع العبد ویعتق.

والغارمون، وهم المدینون فی غیر معصیة دون من صرفه فی المعصیة.

ولو جهل الأمران قیل یمنع، وقیل لا، وهو أشبهه، ویجوز مقاصة المستحق بدین فی ذمته، وکذا لو کان الدین علی من یجب الإنفاق علیه جاز القضاء عنه حیا ومیتا.

وفی سبیل الله وهو کل ما کان قربة أو مصلحة، کالحج، والجهاد، وبناء القناطر، وقیل یختص بالجهاد.

وابن السبیل، وهو المنقطع به، ولو کان غنیا فی بلده، والضیف.

ولو کان سفر هما معصیة منعا.

وأما الأوصاف المعتبرة فی الفقراء والمساکین. فأربعة:

الإیمان: فلا یعطی منهم کافر، ولا مسلم غیر محق.

وفی صرفها إلی المستضعف مع عدم العارف تردد، أشبهه: المنع وکذا فی الفطرة، ویعطی أطفال المؤمنین.

ولو أعطی مخالف فریضة ثم استبصر، أعاد.

(والثانی) العدالة وقد اعتبرها قوم وهو أحوط.

واقتصر آخرون علی مجانبة الکبائر.

(الثالث) ألا یکون ممن تجب نفقته کالأبوین وإن علوا، والأولاد وإن نزلوا، والزوجة، والمملوک، ویعطی باقی الأقارب.

ص :59

(الرابع) ألا یکون هاشمیا، فإن زکاة غیر قبیلته محرمة علیه دون زکاة الهاشمی، ولو قصر الخمس عن کفایته، جاز أن یقبل الزکاة ولو من غیر الهاشمی.

وقیل لا یتجاوز قدر الضرورة، وتحل لموالیهم.

والمندوبة لا تحرم علی هاشمی ولا غیره.

والذین یحرم علیهم الواجبة، ولد عبد المطلب.

وأما اللواحق فمسائل:

(الأولی) یجب دفع الزکاة إلی الإمام إذا طلبها، ویقبل قول المالک لو ادعی الإخراج، ولو بادر المالک بإخراجها أجزأته.

ویستحب دفعها إلی الإمام ابتداء، ومع فقده إلی الفقیه المأمون من الإمامیة، لأنه أبصر بمواقعها.

(الثانیة) یجوز أن یخص بالزکاة أحد الأصناف ولو واحدا.

وقسمتها علی الأصناف أفضل.

وإذا قبضها الإمام أو الفقیه برئت ذمة المالک ولو تلفت.

(الثالثة) لو لم یجد مستحقا استحب عزلها والایصاء بها.

(الرابعة) لو مات العبد المبتاع من مال الزکاة ولا وارث له ورثته أرباب الزکاة، وفیه وجه آخر، وهذا أجود.

(الخامسة) أقل ما یعطی الفقیر ما یجب فی النصاب الأول، وقیل: ما یجب فی الثانی، والأول أظهر، ولا حد للأکثر فخیر الصدقة ما أبقت غنی.

(السادسة) یکره أن یملک ما أخرجه فی الصدقة اختیارا، ولا بأس أن یعود إلیه بمیراث وشبهه.

(السابعة) إذا قبض الإمام أو الفقیه الصدقة دعا لصاحبها استحبابا علی الأظهر.

(الثامنة) یسقط مع غیبة الإمام سهم السعاة والمؤلفة، وقیل: یسقط سهم السبیل وعلی ما قلناه لا یسقط

ص :60

(التاسعة) ینبغی أن یعطی زکاة الذهب والفضة أهل المسکنة وزکاة النعم أهل التحمل، والتوصل إلی المواصلة بها ممن یستحی من قبولها.

زکاة الفطر

القسم الثانی فی زکاة الفطر.

وأرکانها أربعة:

الأول: فیمن تجب علیه.

إنما تجب علی البالغ العاقل الحر الغنی.

یخرجها عن نفسه وعیاله، من مسلم وکافر وحر وعبد، وصغیر وکبیر، ولو عال تبرعا.

ویعتبر النیة فی أدائها، وتسقط عن الکافر لو أسلم.

وهذه الشروط تعتبر عند هلال شوال.

فلو أسلم الکافر أو بلغ الصبی أو ملک الفقیر القدر المعتبر قبل الهلال وجبت الزکاة.

ولو کان بعده لم تجب، وکذا لو ولد له أو ملک عبدا، وتستحب لو کان ذلک ما بین الهلال وصلاة العید.

والفقیر مندوب إلی إخراجها، عن نفسه، وعن عیاله، وإن قبلها ومع الحاجة یدبر علی عیاله صاعا ثم یتصدق به علی غیرهم.

(الثانی): فی جنسها وقدرها.

والضابط إخراج ما کان قوتا غالبا کالحنطة والشعیر والتمر والزبیب والأرز والأقط واللبن.

وأفضل ما یخرج التمر، ثم الزبیب، ویلیه ما یغلب علی قوت بلده.

وهی من جمیع الأجناس صاع، وهو تسعة أرطال بالعراقی، ومن اللبن أربعة أرطال، وفسره قوم بالمدنی.

ولا تقدیر فی عوض الواجب، بل یرجع إلی قیمة السوقیة.

ص :61

(الثالث): فی وقتها.

ویجب بهلال شوال، ویتضیق عند صلاة العید، ویجوز تقدیمها فی شهر رمضان، ولو من أوله أداء.

ولا یجوز تأخیرها عن الصلاة إلا لعذر، أو انتظار المستحق.

وهی قبل صلاة العید فطرة، وبعدها صدقة، وقیل یجب القضاء وهو أحوط.

وإذا عزلها وأخر التسلیم لعذر، لم یضمن لو تلفت، ویضمن لو أخرها مع إمکان التسلیم.

ولا یجوز نقلها مع وجود المستحق، ولو نقلها ضمن، ویجوز مع عدمه، ولا یضمن.

(الرابع): فی مصرفها.

وهو مصرف زکاة المال، ویجوز أن یتولی المالک إخراجها.

وصرفها إلی الإمام أو من نصبه أفضل، ومع التعذر إلی فقهاء الإمامیة.

ولا یعطی الفقیر أقل من صاع، إلا أن یجتمع من لا تتسع لهم، ویستحب أن یخص بها القرابة، ثم الجیران مع الاستحقاق.

ص :62

کتاب الخمس

کتاب الخمس

وهو یجب فی غنائم دار الحرب، والکنائز، والمعادن، والغوص، وأرباح التجارات، وأرض الذمی إذا اشتراها من مسلم، وفی الحرام إذا اختلط بالحلال ولم یتمیز.

ولا یجب فی الکنز حتی تبلغ قیمته عشرین دینارا، وکذا یعتبر فی المعدن علی روایة البزنطی، ولا فی الغوص حتی تبلغ دینارا، ولا فی أرباح التجارات إلا فیما فضل منها عن مؤونة السنة له ولعیاله، ولا یعتبر فی الباقیة مقدار.

ویقسم الخمس ستة أقسام (1) علی الأشهر: ثلاثة للإمام، وثلاثة للیتامی والمساکین وأبناء السبیل ممن ینتسب إلی عبد المطلب بالأب، وفی استحقاق من ینتسب إلیه بالأم قولان، أشبههما: أنه لا یستحق.

وهل یجوز أن تخص به طائفة حتی الواحد، فیه تردد، والأحوط بسطه علیهم.

ولو متفاوتا.

ولا یحمل الخمس إلی غیر بلده، إلا مع عدم المستحق فیه.

ویعتبر الفقر فی الیتیم، ولا یعتبر فی ابن السبیل.

ولا تعتبر العدالة، وفی اعتبار الإیمان تردد، واعتبار أحوط.

ویلحق بهذا الباب مسائل:

(الأولی) ما یخص به الإمام من الأنفال، وهو ما یملک من الأرض بغیر قتال، سلمها أهلها، أو انجلوا.

ص :63


1- (1) وذلک مأخوذ من قوله تعالی (واعلموا أن ما غنمتم من شئ فإن لله خمسه ولرسوله ولذی القربی والیتامی والمساکین وابن السبیل) فقوله (ما غنمتم) یعم الأنواع التی ذکرها المؤلف) والثلاثة الأقسام التی یأخذها الإمام هی ما کان لله ولرسوله ولذی القربی.

والأرض الموات التی باد أهلها، أو لم یکن لها أهل، ورؤس الجبال، وبطون الأودیة، والآجام وما یختص به ملوک أهل الحرب من الصوافی (1)، والقطائع غیر المغصوبة ومیراث من لا وارث له.

وفی اختصاصه بالمعادن، تردد أشبهه: أن الناس فیها شرع.

وقیل: إذا غزا قوم بغیر إذنه، فغنیمتهم له، والروایة مقطوعة.

(الثانیة) لا یجوز التصرف فیما یختص به مع وجوده، إلا بإذنه، وفی حال الغیبة لا بأس بالمناکح (1)، وألحق الشیخ المساکن والمتاجر.

(الثالثة) یصرف الخمس إلیه مع وجوده، وله ما یفضل عن کفایة الأصناف من نصیبهم، وعلیه الإتمام لو أعوز.

ومع غیبته یصرف إلی الأصناف الثلاثة مستحقهم.

وفی مستحقه علیه السلام أقوال، أشبهها: جواز دفعه إلی من یعجز حاصلهم من الخمس، عن قدر کفایتهم علی وجه التتمة لا غیر.

ص :64


1- (1) (صوافی الملوک) ما کان فی أیدیهم من غیر غصب.

کتاب الصوم

کتاب الصوم

وهو یستدعی بیان أمور:

(الأول) الصوم وهو الکف عن المفطرات مع النیة، ویکفی فی شهر رمضان نیة القربة، وغیره یفتقر إلی التعیین، وفی النذر المعین تردد.

ووقتها لیلا، ویجوز تجدیدها فی شهر رمضان إلی الزوال، وکذا فی القضاء ثم یفوت وقتها.

وفی وقتها للمندوب روایتان، أصحهما: مساواة الواجب.

وقیل: یجوز تقدیم نیة شهر رمضان علی الهلال ویجزئ فیه نیة واحدة.

ویصام یوم الثلاثین من شعبان بنیة الندب.

ولو اتفق من رمضان أجزأ، ولو صام بنیة الواجب لم یجز، وکذا لو ردد نیته، وللشیخ قول آخر.

ولو أصبح بنیة الإفطار فبان من رمضان جدد نیة الوجوب، ما لم تزل الشمس وأجزأه، ولو کان بعد الزوال أمسک واجبا، وقضاه.

(الثانی) فیما یمسک عنه [الصائم] وفیه مقصدان:

(الأول) یجب الإمساک عن تسعة: الأکل والشرب المعتاد وغیره، والجماع، والاستمناء وإیصال الغبار إلی الحلق متعدیا، والبقاء علی الجنابة حتی یطلع الفجر، ومعاودة النوم جنبا، والکذب علی الله ورسوله والأئمة علیهم السلام، والارتماس فی الماء، وقیل یکره، وفی السعوط ومضغ العلک تردد، أشبهه: الکراهیة.

وفی الحقنة قولان، أشبههما: التحریم بالمائع.

ص :65

والذی یبطل الصوم إنما یبطله عمدا اختیارا.

فلا یفسد بمص الخاتم ومضغ الطعام للصبی وزق الطائر.

وضابطه ما لا یتعدی الحلق، ولا استنقاع الرجل فی الماء، والسواک فی الصوم مستحب ولو بالرطب.

ویکره مباشرة النساء تقبیلا ولمسا وملاعبة، والاکتحال بما فیه صبر أو مسک، وإخراج الدم المضعف، ودخول الحمام کذلک، وشم الریاحین، ویتأکد فی النرجس، والاحتقان بالجامد، وبل الثوب علی الجسد، وجلوس المرأة فی الماء.

المقصد الثانی: وفیه مسائل:

(الأولی) تجب الکفارة والقضاء بتعمد الأکل والشرب والجماع، قبلا، ودبرا علی الأظهر، والأمناء بالملاعبة والملامسة وإیصال الغبار إلی الحلق.

وفی الکذب علی الله ورسول والأئمة علیهم السلام.

وفی الارتماس قولان، أشبههما: أنه لا کفارة.

وفی تعمد البقاء علی الجنابة إلی الفجر روایتان، أشهرها: الوجوب.

وکذا لو نام غیر ناو للغسل حتی طلع الفجر.

(الثانیة) الکفارة عتق رقبة، أو صیام شهرین متتابعین، أو إطعام ستین مسکینا، وقیل هی مرتبة.

وفی روایة یجب علی الإفطار بالمحرم کفارة الجمع (1).

(الثالثة) لا تجب الکفارة فی شئ من الصیام عدا شهر رمضان والنذر المعین وقضاء شهر رمضان بعد الزوال والاعتکاف علی وجه.

(الرابعة) من أجنب ونام ناویا للغسل حتی طلع الفجر، فلا قضاء ولا کفارة، ولو انتبه ثم نام ثانیا فعلیه القضاء.

ولو انتبه ثم نام ثالثة، قال الشیخان: علیه القضاء والکفارة.

ص :66


1- (1) أی أداء الخصال الثلاثة للکفارة دون تخییر.

(الخامسة) یجب القضاء دون الکفارة فی الصوم الواجب المتعین بسبعة أشیاء:

فعل المفطر والفجر طالع ظانا بقاء اللیل مع القدرة علی مراعاته.

وکذا مع الإخلاد إلی المخبر ببقاء اللیل مع القدرة علی المراعاة والفجر طالع.

وکذا لو ترک قول المخبر بالفجر لظنه کذبه ویکون صادقا.

کذا لو أخلد إلیه فی دخول اللیل فأفطر وبان کذبه مع القدرة علی المراعاة، والإفطار للظلمة الموهمة دخول اللیل.

ولو غلب علی ظنه دخول اللیل لم یقض، وتعمد القئ، ولو ذرعا لم یقض، وإیصال الماء إلی الحلق متعدیا لا للصلاة.

وفی إیجاب القضاء بالحقنة قولان، أشبههما: أنه لا قضاء.

وکذا من نظر إلی امرأة فأمنی.

(السادسة) تتکرر الکفارة مع تغیر الأیام.

وهل تتکرر بتکرر الوطئ فی الیوم الواحد؟ قیل: نعم، والأشبه: أنها لا تتکرر.

ویعزر من أفطر لا مستحلا، مرة وثانیة، فإن عاد ثالثة قتل.

(السابعة) من وطئ زوجته مکرها لها، لزمه کفارتان، ویعزر دونها.

ولو طاوعته، کان علی کل منهما کفارة، ویعزران.

(الثالث) من یصح منه.

ویعتبر فی الرجل العقل والإسلام، وکذا فی المرأة مع اعتبار الخلو من الحیض والنفاس.

فلا یصح من الکافر، وإن وجب علیه، ولا من المجنون، والمغمی علیه ولو سبقت منه النیة علی الأشبه، ولا من الحائض والنفساء، ولو صادف ذلک أول جزء من النهار أو آخر جزء منه، ولا یصح من الصبی غیر الممیز.

ویصح من الصبی الممیز، ومن المستحاضة مع فعل ما یجب علیها من الأغسال.

ص :67

ویصح من المسافر فی النذر المعین المشترط سفرا وحضرا علی قول مشهور، وفی ثلاثة أیام لدم المتعة (1) وفی بدل البدنة لمن أفاض من عرفات قبل الغروب عامدا.

ولا تصح فی واجب غیر ذلک علی الأظهر، إلا أن یکون سفره أکثر من حضره، أو یعزم الإقامة عشرة.

والصبی الممیز یؤخذ بالواجب لسبع استحبابا مع الطاقة، ویلزم به عند البلوغ فلا یصح من المریض مع التضرر به، ویصح لو لم یتضرر، ویرجع فی ذلک إلی نفسه.

(الرابع) فی أقسامه

وهی أربعة: واجب، وندب، ومکروه ومحظور.

فالواجب ستة، شهر رمضان، والکفارة، ودم المتعة، والنذر وما فی معناه، والاعتکاف علی وجه، وقضاء الواجب المعین.

أما شهر رمضان فالنظر فی علامته وشروطه وأحکامه:

(الأول) أما علامته، فهی رؤیة الهلال.

فمن رآه وجب علیه صومه، ولو انفرد بالرؤیة.

ولو رؤی شائعا، أو مضی من شعبان ثلاثون، وجب الصوم عاما.

ولو لم یتفق ذلک، یقبل الواحد احتیاطا للصوم خاصة، وقیل لا یقبل مع

الصحو إلا خمسون نفسا، أو اثنان من خارج.

وقیل یقبل شاهدان کیف کان، وهو أظهر.

ولا اعتبار بالجدول، ولا بالعدد (2)، ولا بالغیبوبة بعد الشفق (3)، ولا

ص :68


1- (1) متعة الحج.
2- (2) المراد بالعدد: عد شعبان ناقصا أبدا ورمضان تاما أبدا وقد صرح بذلک المصنف فی المعتبر فقال (ولا بالعدد فإن قوما من الحشویة یزعمون أن شهور السنة قسمان: ثلاثون یوما، وتسعة وعشرون یوما، فرمضان لا ینقص أبدا، وشعبان لا یتم أبدا).
3- (3) یرید أن الهلال إذا غاب بعد الشفق فقد یدل ذلک علی أنه ابن لیلتین فربما فهم أنه یجب قضاء الیوم السابق باعتباره من رمضان لکن الحکم غیر ذلک فلا عبرة بهذا لأن الرسول صلی الله علیه وآله وسلم یقول (صوموا لرؤیته وهو لم یر فی اللیلة السابقة. والأصل براءة الذمة فلا قضاء.

بالتطوق (1) ولا بعد خمسة أیام من هلال الماضیة (2).

وفی العمل برؤیته قبل الزوال تردد.

ومن کان بحیث لا یعلم الأهلة، توخی صیام شهر، فإن استمر الاشتباه أجزأه، وکذا إن صادف، أو کان بعده، ولو کان قبله استأنف.

ووقت الإمساک طلوع الفجر الثانی، فیحل الأکل والشرب حتی یتبین خیطه، والجماع حتی یبقی لطلوعه قدر الوقاع والاغتسال.

ووقت الإفطار ذهاب الحمرة المشرقیة.

ویستحب تقدیم الصلاة علی الإفطار إلا أن تنازع نفسه أو یکون من یتوقع إفطاره.

أما شروطه فقسمان:

(الأول) شرائط الوجوب:

وهی ستة: البلوغ، وکمال العقل فلو بلغ الصبی، أو أفاق المجنون، أو المغمی علیه، لم یجب علی أحدهم الصوم، إلا ما أدرک فجره کاملا، والصحة من المرض، والإقامة أو حکمها، ولو زال السبب قبل الزوال، ولم یتناول، أمسک واجبا وأجزأه.

ولو کان بعد الزوال أو قبله، وقد تناول أمسک ندبا وعلیه القضاء، والخلو من الحیض والنفاس.

(الثانی) شرائط القضاء:

وهی ثلاثة: البلوغ، وکمال العقل، والإسلام، فلا یقضی ما فاته لصغر، أو جنون، أو إغماء، أو کفر.

ص :69


1- (1) یعنی ظهور الهلال بمظهر الطوق فلیس دلیلا معتبرا بعده هلال اللیلة الثانیة.
2- (2) بمعنی أنه لو تحقق الهلال فی السنة الماضیة عد من أوله خمسة أیام وصام الیوم الخامس کما لو أهل فی الماضی یوم الأحد فیکون أول رمضان الثانی یوم الخمیس وبه روایات لا تبلغ حدا لصحته فلذلک یقرر الصنف أن لا عبرة به ا ه مبارک.

والمرتد یقضی ما فاته، وکذا کل تارک، عدا الأربعة، عامدا أو ناسیا وأما أحکامه ففیه مسائل:

(الأولی) المریض إذا استمر به المرض إلی رمضان آخر سقط القضاء علی الأظهر.

وتصدق عن الماضی، عن کل یوم بمد.

ولو برئ وکان فی عزمه القضاء ولم یقض صام الحاضر وقضی الأول ولا کفارة.

ولو ترک القضاء تهاونا صام الحاضر وقضی الأول، وکفر عن کل یوم منه بمد.

(الثانیة): یقضی عن المیت أکبر ولده ما ترکه من صیام لمرض وغیره، مما تمکن من قضائه ولم یقضه، ولو مات فی مرضه لم تقض عنه وجوبا، واستحب.

وروی القضاء عن المسافر، ولو مات فی ذلک السفر.

والأولی مراعاة التمکن لیتحقق الاستقرار، ولو کان ولیان قضیا بالحصص.

ولو تبرع بعض صح، ویقضی عن المرأة ما ترکته علی تردد.

(الثالثة): إذا کان الأکبر أنثی فلا قضاء، وقیل یتصدق من الترکة عن کل یوم بمد.

ولو کان علیه شهران متتابعان جاز أن یقضی الولی شهرا، ویتصدق عن شهر.

(الرابعة): قاضی رمضان مخیر حتی تزول الشمس، ثم یلزمه المضی، فإن أفطر لغیر عذر أطعم عشرة مساکین، ولو عجز صام ثلاثة أیام.

(الخامسة) من نسی غسل الجنابة حتی خرج الشهر، فالمروی قضاء الصلاة والصوم، والأشبه: قضاء الصلاة حسب.

وأما بقیة أقسام الصوم فستأتی فی أماکنها إن شاء الله تعالی.

والندب من الصوم، منه ما لا یختص وقتا، فإن الصوم جنة من النار، ومنه ما یختص وقتا.

والمؤکد منه أربعة عشرة، صوم أول خمیس من الشهر، وأول أربعاء من العشر الثانی، وآخر خمیس من العشر الأخیر، ویجوز تأخیرها مع المشقة من الصیف إلی الشتاء، ولو عجز تصدق عن کل یوم بمد.

ص :70

وصوم أیام البیض، ویوم الغدیر، ومولد النبی علیه الصلاة والسلام ومبعثه، ودحو الأرض، ویوم عرفة، لمن لم یضعفه الدعاء مع تحقق الهلال، وصوم عاشوراء حزنا، ویوم المباهلة، وکل خمیس وجمعة، وأول ذی الحجة، ورجب کله، وشعبان کله.

ویستحب الإمساک فی سبعة مواطن:

المسافر إذا قدم أهله (بلده) أو بلدا یعزم فیه الإقامة بعد الزوال أو قبله، وقد تناول، وکذا المریض إذا برئ، وتمسک الحائض والنفساء والکافر والصبی والمجنون والمغمی علیه، إذا زالت أعذارهم فی أثناء النهار، ولو لم یتناولوا.

ولا یصح صوم الضیف ندبا من غیر إذن مضیفه، ولا المرأة من غیر إذن الزوج، ولا الولد من غیر إذن الوالد، ولا المملوک بدون إذن مولاه.

ومن صام ندبا ودعی إلی طعام، فالأفضل الإفطار.

والمحظور صوم العیدین وأیام التشریق لمن کان ب " منی " وقیل: القاتل فی أشهر الحرم یصوم شهرین منها، وإن دخل فیهما العید وأیام التشریق لروایة زرارة، والمشهور: عموم المنع.

وصوم آخر شعبان بنیة الفرض، وندر المعصیة، والصمت والوصال وهو أن یجعل عشاءه سحوره، وصوم الواجب سفرا عدا ما استثنی.

(الخامس) فی اللواحق، وهی مسائل:

(الأولی) المریض یلزمه الإفطار مع ظن به الضرر، ولو تکلفه لم یجزه.

(الثانیة) المسافر یلزمه الإفطار، ولو صام عالما بوجوبه قضاه، ولو کان جاهلا لم یقض.

(الثالثة) الشروط المعتبرة فی قصر الصلاة، معتبرة فی قصر الصوم، ویشترط فی قصر الصوم تبییت النیة.

وقیل: الشرط خروجه قبل الزوال، وقیل: یقصر ولو خرج قبل الغروب.

ص :71

وعلی التقدیرات لا یفطر إلا حیث یتواری جدران البلد الذی یخرج منه، أو یخفی أذانه.

(الرابعة) الشیخ والشیخة إذا عجزا تصدقا عن کل یوم بمد.

وقیل: لا یجب علیهما مع العجز، ویتصدقان مع المشقة.

وذو العطاش یفطر ویتصدق عن کل یوم بمد، ثم إن برئ قضی.

والحامل المقرب والمرضع القلیلة اللبن، لهما الإفطار، ویتصدقان عن کل یوم بمد ویقضیان.

(الخامسة) لا یجب صوم النافلة بالشروع فیه، ویکره إفطاره بعد الزوال.

(السادسة) کل ما یشترط فیه التتابع إذا أفطر لعذر، بنی.

وإن أفطر لا لعذر استأنف، إلا ثلاثة مواضع:

من وجب علیه صوم شهرین متتابعین فصام شهرا ومن الثانی شیئا.

ومن وجب علیه شهر بنذر فصام خمسة عشر یوما.

وفی الثلاثة الأیام عن هدی التمتع، إذا صام یومین وکان الثالث العید، أفطر وأتم الثالث بعد أیام التشریق إن کان ب " منی ".

ولا یبنی لو کان الفاصل غیره.

ص :72

کتاب الاعتکاف

کتاب الاعتکاف

والنظر فی شروطه، وأقسامه، وأحکامه

أما الشروط فخمسة:

(1) النیة:

(2) والصوم: فلا یصح إلا فی زمان یصح صومه ممن یصح منه.

(3) والعدد: وهو ثلاثة أیام.

(4) والمکان: وهو کل مسجد جامع.

وقیل لا یصح إلا فی أحد المساجد الأربعة: مکة، والمدینة، وجامع الکوفة، والبصرة.

(5) والإقامة فی موضع الاعتکاف.

فلو خرج أبطله إلا لضرورة، أو طاعة مثل تشییع جنازة مؤمن أو عیادة مریض، أو شهادة.

ولا یجلس لو خرج، ولا یمشی تحت ظل، ولا یصلی خارج المسجد إلا بمکة وأما أقسامه فهو واجب، وندب.

فالواجب ما وجب بنذر وشبهه، وهو ما یلزم بالشروع.

والمندوب ما یتبرع به، ولا یجب بالشروع.

فإذا مضی یومان ففی وجوب الثالث قولان، المروی: أنه یجب.

وقیل: لو اعتکف ثلاثا فهو بالخیار فی الزائد، فإن اعتکف یومین آخرین وجب الثالث.

ص :73

وأما أحکامه فمسائل:

(الأولی): یستحب للمعتکف أن یشترط کالمحرم فإن شرط جاز له الرجوع ولم یجب القضاء.

ولو لم یشترط ثم مضی یومان وجب الإتمام علی الروایة، ولو عرض عارض خرج فإذا زال، وجب القضاء.

(الثانیة) یحرم علی المعتکف الاستمتاع بالنساء، والبیع، والشراء وشم الطیب.

وقیل یحرم علیه ما یحرم علی المحرم، ولم یثبت.

(الثالثة) یفسد الاعتکاف ما یفسد الصوم، ویجب الکفارة بالجماع فیه، مثل کفارة شهر رمضان، لیلا کان أو نهارا.

ولو کان فی نهار شهر رمضان لزمه کفارتان.

ولو کان بغیر الجماع مما یوجب الکفارة فی شهر رمضان، فإن وجب بالنذر المعین لزمت الکفارة، وإن لم یکن معینا، أو کان تبرعا فقد أطلق الشیخان لزوم الکفارة: ولو خصا ذلک بالثالث کان ألیق بمذهبهما.

ص :74

کتاب الحج

اشارة

کتاب الحج

والنظر فی المقدمات والمقاصد

المقدمة الأولی: الحج، اسم لمجموع المناسک المؤداة فی المشاعر المخصوصة.

وهو فرض علی المستطیع من الرجال، والخناثی والنساء.

ویجب بأصل الشرع مرة، وجوبا مضیقا.

وقد یجب بالنذر وشبهه، وبالاستیجار والإفساد.

ویستحب لفاقد الشرائط: کالفقیر والمملوک مع إذن مولاه.

المقدمة الثانیة: فی شرائط حجة الإسلام، وهی ستة: البلوغ، والعقل،والحریة، والزاد، والراحلة، والتمکن من المسیر.

ویدخل فیه الصحة وإمکان الرکوب وتخلیة السرب (1).

فلا تجب علی الصبی، ولا علی المجنون.

ویصح الإحرام من الصبی الممیز، وبالصبی غیر الممیز، وکذا یصح بالمجنون، ولو حج بهما لم یجزئهما عن الفرض.

ویصح الحج من العبد مع إذن المولی. لکن لا یجزئه عن الفرض، إلا أن یدرک أحد الموقفین معتقا.

ومن لا راحلة له ولا زاد لو حج کان ندبا، ویعید لو استطاع.

ولو بذل له الزاد والراحلة صار مستطیعا.

ولو حج به بعض إخوانه أجزأه عن الفرض.

ص :75


1- (1) السرب: الطریق والمراد عدم المانع من سلوکه: من لص أو عدو أو غیرهما والمرجع فی ذلک إلی ما یعلمه أو یغلب علی ظنه بقرائن الأحوال ا ه مدارک.

ولا بد من فاضل عن الزاد والراحلة یمون به عیاله حتی یرجع.

ولو استطاع فمنعه کبر أو مرض أو عدو، ففی وجوب الاستنابة قولان.

المروی أنه یستنیب.

ولو زال العذر حج ثانیا.

ولو مات مع العذر أجزأته النیابة.

وفی اشتراط الرجوع إلی صنعة أو بضاعة قولان، أشبههما: أنه لا یشترط.

ولا یشترط فی المرأة وجود محرم، ویکفی ظن السلامة.

ومع الشرائط لو حج ماشیا، أو فی نفقة غیره أجزأه.

والحج ماشیا أفضل إذا لم یضعفه عن العبادة.

وإذا استقر الحج فأهمل، قضی عنه من أصل ترکته، ولو لم یخلف سوی

الأجرة قضی عنه من أقرب الأماکن، وقیل من بلده مع السعة.

ومن وجب علیه الحج لا یحج تطوعا.

ولا تحج المرأة ندبا إلا بإذن زوجها، ولا یشترط إذنه فی الواجب.

وکذا فی العدة الرجعیة.

مسائل:

(الأولی) إذا نذر غیر حجة الإسلام لم یتداخلا.

ولو نذر حجا مطلقا، قیل: یجزئ إن حج بنیة النذر عن حجة الإسلام.

ولا تجزئ، حجة الإسلام عن النذر، وقیل: لا تجزئ إحداهما عن الأخری،

وهو أشبه.

(الثانیة) إذا نذر أن یحج ماشیا وجب، ویقوم فی مواضع العبور.

فإن رکب طریقه قضی ماشیا، وإن رکب بعضا قضی ومشی ما رکب، وقیل

یقضی ماشیا لإخلاله بالصفة.

ولو عجز قیل یرکب، ویسوق بدنة، وقیل یرکب ولا یسوق بدنة.

ص :76

وقیل إن کان مطلقا توقع المسکنة، وإن کان معینا بسنة یسقط لعجزه.

(الثالثة) المخالف إذا لم یخل برکن، لم یعد لو استبصر، وإن أخل أعاد.

القول فی النیابة

القول فی النیابة:

ویشترط فیه (1): الإسلام، والعقل، وألا یکون علیه حج واجب.

فلا تصح نیابة الکافر، ولا نیابة المسلم عنه، ولا عن مخالف إلا عن الأب،

ولا نیابة المجنون، ولا الصبی غیر الممیز.

ولا بد من نیة النیابة، وتعیین المنوب عنه فی المواطن بالقصد، ولا ینوب من

وجب علیه الحج.

ولو لم یجب علیه جاز. وإن لم یکن حج.

وتصح نیابة المرأة عن المرأة والرجل.

ولو مات النائب بعد الإحرام ودخول الحرم أجزأه.

ویأتی النائب بالنوع المشترط، وقیل یجوز أن یعدل إلی التمتع، ولا

یعدل عنه.

وقیل: لو شرط علیه الحج علی طریق، جاز الحج بغیرها.

ولا یجوز للنائب الاستنابة إلا مع الإذن.

ولا یؤجر نفسه لغیر المستأجر فی السنة التی استؤجر لها.

ولو صد قبل الإکمال استعید من الأجرة بنسبة المتخلف.

ولا یلزم إجابته، ولو ضمن الحج (2) علی الأشبه.

ولا یطاف عن حاضر متمکن من الطهارة، لکن یطاف به.

ویطاف عمن لم یجمع الوصفین.

ولو حمل إنسانا فطاف به احتسب لکل واحد منهما طواف.

ص :77


1- (1) فی النائب.
2- (2) فی المستقبل.

أنواع الحج

ولو حج عن میت تبرعا برئ المیت.

ویضمن الأجیر کفارة جنایته فی ماله.

ویستحب أن یذکر المنوب عنه فی المواطن، وأن یعید فاضل الأجرة، وأن

یتمم له ما أعوزه، وأن یعید المخالف حجه إذا استبصر وإن کانت مجزئة.

ویکره أن تنوب المرأة الصرورة (1).

مسائل:

(الأولی) من أوصی بحجة ولم یعین، انصرف إلی أجرة المثل.

(الثانیة) لو أوصی أن یحج عنه، ولم یعین فإن عرف التکرار حج عنه حتی

یستوفی ثلثه، وإلا اقتصر علی المرة.

(الثالثة) لو أوصی أن یحج عنه کل سنة بمال معین فقصر (جمع) ما یمکن به

الاستئجار ولو کان نصیب أکثر من سنة.

(الرابعة) لو حصل بید إنسان مال لمیت، وعلیه حجة مستقرة، وعلم أن الورثة

لا یؤدون، جاز أن یقتطع قدر أجرة الحج (2).

(الخامسة) من مات وعلیه حجة الإسلام وأخری منذورة أخرجت حجة

الإسلام من الأصل، والمنذورة من الثلث، وفیه وجه آخر.

المقدمة الثالثة: فی أنواع الحج، وهی ثلاثة: تمتع، وقران، وإفراد.

فالمتمتع هو الذی یقدم عمرته أمام حجه ناویا بها التمتع، ثم ینشئ إحراما آخر

بالحج من مکة.

وهذا فرض من لیس حاضری مکة، وحده: من بعد عنها ثمانیة وأربعون

میلا من کل جانب، وقیل اثنی عشر میلا فصاعدا من کل جانب.

ص :78


1- (1) المرأة الصرورة: التی لم تحج.
2- (2) قال فی شرائع الإسلام: (لأنه خارج عن ملک الورثة) أی إن هذا دین لله، والدیون تقضی قبل التوریث.

ولا یجوز لهؤلاء العدول عن التمتع إلی الإفراد والقران، إلا مع الضرورة.

وشروطه أربعة: النیة، ووقوعه فی أشهر الحج، وهی شوال وذو القعدة

وذو الحجة، وقیل: وعشر من ذی الحجة. وقیل: تسع. وحاصل الخلاف إنشاء

الحج فی زمان الذی یعلم إدراک المناسک فیه، وما زاد یصح أن یقع فیه بعض أفعال

الحج، کالطواف والسعی والذبح، وأن یأتی بالحج والعمرة فی عام واحد، وأن

یحرم بالحج له من مکة.

وأفضله المسجد. وأفضله مقام إبراهیم، وتحت المیزاب.

ولو أحرم بحج التمتع من غیر مکة لم یجزئه، ویستأنفه بها.

ولو نسی وتعذر العود أحرم من موضعه، ولو بعرفة.

ولو دخل مکة بمتعة وخشی ضیق الوقت جاز نقلها إلی الإفراد، ویعتمر

بمفردة بعده.

وکذا الحائض والنفساء لو منعهما عذرهما عن التحلل وإنشاء الإحرام بالحج.

والإفراد: وهو أن یحرم بالحج أولا من میقاته ثم یقضی مناسکه وعلیه عمرة

مفردة بعد ذلک.

وهذا القسم والقران فرض حاضری مکة.

ولو عدل هؤلاء. إلی التمتع اختیارا ففی جوازه قولان، أشبههما: المنع وهو مع

الاضطرار جائز.

وشروطه: النیة، وأن یقع فی أشهر الحج من المیقات، أو من دویرة أهله إن کانت

أقرب إلی عرفات.

والقارن کالمفرد، غیر أنه یضم إلی إحرامه سیاق الهدی.

وإذا لبی استحب له إشعار ما یسوقه من البدن بشق سنامه من الجانب الأیمن

ویلطخ صفحته بالدم ولو کانت بدنا دخل بینها وأشعرها یمینا وشمالا.

والتقلید أن یعلق فی رقبته نعلا قد صلی فیه، والغنم تقلد لا غیر.

ص :79

المواقیت

ویجوز للمفرد والقارن الطواف قبل المضی إلی عرفات، لکن یجددان التلبیة

عند کل طواف لئلا یحلا.

وقیل: إنما یحل المفرد، وقیل: لا یحل أحدهما إلا بالنیة، ولکن الأولی

تجدید التلبیة.

ویجوز للمفرد إذا دخل مکة العدول بالحج إلی المتعة.

لکن لا یلبی بعد طوافه وسعیه.

ولو لبی بعد أحدهما بطلت متعته وبقی علی حجه علی روایة.

ولا یجوز العدول للقارن.

والمکی إذا بعد ثم حج علی میقات أحرم منه وجوبا.

والمجاور بمکة إذا أراد حجة الإسلام وخرج إلی میقاته فأحرم منه، ولو تعذر

خرج إلی أدنی الحل، ولو تعذر (أی الخروج إلی أدنی الحل) أحرم من مکة.

ولو أقام سنتین انتقل فرضه إلی الإفراد والقران.

ولو کان له منزلان: بمکة وناء، اعتبر أغلبهما علیه.

ولو تساویا تخیر فی التمتع وغیره.

ولا یجب علی المفرد والقارن هدی، ویختص الوجوب بالتمتع.

ولا یجوز القران بین الحج والعمرة بنیة واحدة. ولا إدخال أحدهما علی الآخر.

المقدمة الرابعة: فی المواقیت وهی ستة: لأهل العراق (العقیق) وأفضله

(المسلخ) وأوسطه (غمرة) وآخره (ذات عرق).

ولأهل المدینة (مسجد الشجرة) وعند الضرورة (الجحفة) وهی میقات

لأهل الشام اختیارا.

وللیمن (یلملم).

ولأهل الطائف (قرن المنازل).

ومیقات المتمتع لحجه، مکة.

ص :80

وکل من کان منزله أقرب من المیقات فمیقاته منزله.

وکل من حج علی طریق فمیقاته میقات أهله، ویجرد الصبیان من فخ (1).

وأحکام المواقیت تشتمل علی مسائل:

(الأولی) لا یصح الإحرام قبل المیقات إلا لناذر. بشرط أن یقع فی أشهر

الحج، أو العمرة المفردة فی رجب لمن خشی تقضیه.

(الثانیة) لا یجاوز المیقات إلا محرما، ویرجع إلیه لو لم یحرم منه.

فإن لم یتمکن فلا حج له أن کان عامدا

ویحرم من موضعه إن کان ناسیا، أو جاهلا، أو لا یرید النسک.

ولو دخل مکة خرج إلی المیقات، ومع التعذر من أدنی الحل، ومع التعذر یحرم من مکة.

(الثالثة) لو نسی الإحرام حتی أکمل مناسکه، فالمروی: أنه لا قضاء.

وفیه وجه بالقضاء مخرج.

المقصد الأول: فی أفعال الحج:

اشارة

وهی الإحرام والوقوف بعرفات، وبالمشعر، والذبح ب " منی "، والطواف ورکعتاه، والسعی، وطواف النساء، ورکعتاه.

وفی وجوب رمی الجمار والحلق أو التقصیر تردد، أشبهه: الوجوب.

وتستحب الصدقة أمام التوجه، وصلاة رکعتین، وأن یقف علی باب دار ویدعو، أو یقرأ فاتحة الکتاب أمامه، وعن یمینه وشماله، وآیة الکرسی کذلک،

وأن یدعو بکلمات الفرج، وبالأدعیة المأثورة.

القول فی الإحرام:

والنظر فی مقدماته وکیفیته وأحکامه.

ومقدماته کلها مستحبة.

وهی توفیر شعر رأسه من أول ذی القعدة، إذا أراد التمتع، ویتأکد إذا أهل

ص :81


1- (1) فخ: اسم بئر قریبة من مکة. وتأخیر التجرید من المیقات إلی فخ رخصة لهم نظرا لضعفهم عن تحمل الحر والبرد.

ذو الحجة، وتنظیف جسده، وقص أظافره، والأخذ من شاربه وإزالة الشعر عن جسده وإبطیه بالنورة، ولو کان مطلیا أجزأه ما لم یمض خمسة عشر یوما، والغسل.

ولو أکل أو لبس ما لا یجوز له أعاد غسله استحبابا.

وقیل یجوز أن یقدم الغسل علی المیقات لمن خاف عوز الماء، ویعیده لو وجده.

ویجزی غسل النهار لیومه. وکذا غسل اللیل ما لم ینم.

ولو أحرم بغیر غسل أو بغیر صلاة أعاد.

وأن یحرم عقیب فریضة الظهر أو عقیب فریضة غیرها، ولو لم یتفق فعقیب ست رکعات.

وأقله رکعتان یقرأ فی الأولی (الحمد) و (الصمد) وفی الثانیة (الحمد) و (الجحد) (1)، ویصلی نافلة الإحرام ولو فی وقت الفریضة ما لم یتضیق.

وأما الکیفیة: فتشتمل الواجب والندب.

والواجب ثلاثة: النیة وهی أن یقصد بقلبه إلی الجنس من الحج أو العمرة والنوع من التمتع أو غیره، والصفة من واجب أو غیره، وحجة الإسلام أو غیرها.

ولو نوی نوعا ونطق بغیره، فالمعتبر النیة.

(الثانی) التلبیات الأربع، ولا ینعقد الإحرام للمفرد والمتمتع إلا بها.

وأما القارن فله أن یعقد بها أو بالإشعار أو التقلید علی الأظهر.

وصورتها: لبیک اللهم لبیک لبیک لا شریک لک لبیک.

وقیل یضیف إلی ذلک: إن الحمد والنعمة لک والملک. لا شریک لک.

وما زاد علی ذلک مستحب.

ولو عقد إحرامه ولم یلب لم یلزمه کفارة بما یفعله.

والأخرس یجزئه تحریک لسانه والإشارة بیده.

ص :82


1- (1) قال فی شرائع الإسلام: (یقرأ فی الأولی الحمد وقل یا أیها الکافرون، وفی الثانیة الحمد وقل هو الله أحد) والمراد بالجحد سورة الکافرون.

(الثالث) لبس ثوبی الإحرام، وهما واجبان.

والمعتبر ما یصح الصلاة فیه للرجل.

ویجوز لبس القباء مع عدمهما مقلوبا.

وفی جواز لبس الحریر للمرأة روایتان أشهرهما: المنع.

ویجوز أن یلبس أکثر من ثوبین، وأن یبدل ثیاب إحرامه ولا یطوف إلا فیهما استحبابا.

والندب: رفع الصوت بالتلبیة للرجل، إذا علت راحلته البیداء، إن حج علی طریق المدینة.

وإن کان راجلا فحیث یحرم.

ولو أحرم من مکة رفع بها إذا أشرف علی الأبطح، وتکرارها إلی یوم عرفة عند الزوال للحاج، وللمعتمر بالمتعة حتی یشاهد بیوت مکة، وبالمفردة إذا دخل الحرم إن کان أحرم من خارجه حتی یشاهد الکعبة إن أحرم من الحرم.

وقیل بالتخییر وهو أشبه.

والتلفظ بما یعزم علیه، والاشتراط أن یحله حیث حبسه.

وإن لم تکن حجة فعمرة.

وأن یحرم فی الثیاب القطن وأفضله البیض.

وأما أحکامه فمسائل:

(الأولی) المتمتع إذا طاف وسعی ثم أحرم بالحج قبل التقصیر ناسیا، مضی فی حجه ولا شئ علیه، وفی روایة علیه دم.

ولو أحرم عامدا بطلت متعته علی روایة أبی بصیر عن أبی عبد الله علیه السلام.

(الثانیة) إذا أحرم الولی بالصبی فعل به ما یلزم المحرم، وجنبه ما یتجنبه المحرم، وکل ما یعجز عنه یتولاه الولی.

ص :83

المحرمات أربعة عشر

ولو فعل ما یوجب الکفارة ضمن عنه.

ولو کان ممیزا جاز إلزامه بالصوم عن الهدی، ولو عجز صام الولی عنه.

(الثالثة) لو اشترط فی إحرامه ثم حصل المانع تحلل.

ولا یسقط هدی التحلل بالشرط، بل فائدته جواز التحلل للمحصور من غیر تربص.

ولا یسقط عنه الحج لو کان واجبا.

ومن اللواحق: التروک، وهی محرمات، ومکروهات.

فالمحرمات أربعة عشر: صید البر إمساکا وأکلا، ولو صاده محل، وإشارة، ودلالة، وإغلاقا، وذبحا، ولو ذبحه کان میتة، حراما علی المحل والمحرم، والنساء،

وطئا، وتقبیلا، ولمسا، ونظرا بشهوة، وعقدا له ولغیره، وشهادة علی العقد، والاستمناء، والطیب.

وقیل لا یحرم إلا أربع: المسک، والعنبر، والزعفران، والورس.

وأضاف فی (الخلاف) الکافور والعود، ولبس المخیط للرجال.

وفی النساء قولان، أصحهما: الجواز.

ولا بأس بالغلالة للحائض تتقی بها علی القولین.

ویلبس الرجل السروال إذا لم یجد إزارا.

ولا بأس بالطیلسان وإن کان له أزرار فلا یزره علیه.

ولبس ما یستر ظهر القدم کالخفین والنعل السندی وإن اضطر جاز.

وقیل یشق عن القدم.

والفسوق، وهو الکذب، والجدال، وهو الحلف، وقتل هوام الجسد، ویجوز نقله.

ولا بأس بإلقاء القراد والحلم.

ویحرم استعمال دهن فیه طیب.

ص :84

ولا بأس بما لیس بطیب مع الضرورة.

ویحرم إزالة الشعر، قلیله وکثیره ولا بأس به مع الضرورة.

وتغطیة الرأس للرجل دون المرأة وفی معناه الارتماس.

ولو غطی ناسیا ألقاه واجبا، وجدد التلبیة استحبابا.

وتسفر المرأة عن وجهها، ویجوز أن تسدل خمارها إلی أنفها ویحرم تظلیل المحرم سائرا، ولا بأس به للمرأة، وللرجل نازلا، فإن اضطر جاز.

ولو زامل علیلا أو امرأة اختصا بالظلال دونه.

ویحرم قص الأظفار وقطع الشجر والحشیش إلا أن ینبت فی ملکه.

ویجوز خلع الإذخر، وشجر الفواکه والنخل.

وفی الاکتحال بالسواد، والنظر فی المرآة، ولبس الخاتم للزینة ولبس المرأة ما لم تعتده من الحلی، والحجامة لا للضرورة، ودلک الجسد، ولبس السلاح لا مع

الضرورة، قولان، أشبههما: الکراهیة.

والمکروهات: الإحرام فی غیر البیاض.

ویتأکد فی السواد وفی الثیاب الوسخة، وفی المعلمة، والحناء للزینة، والنقاب للمرأة، ودخول الحمام، وتلبیة المنادی، واستعمال الریاحین.

ولا بأس بحک الجسد، والسواک ما لم یدم.

مسألتان:

(الأولی) لا یجوز لأحد أن یدخل مکة إلا محرما إلا المریض أو من یتکرر، کالحطاب والحشاش.

ولو خرج بعد إحرامه ثم عاد فی شهر خروجه أجزأه.

وإن عاد فی غیره أحرم ثانیا.

(الثانیة) إحرام المرأة کإحرام الرجل، إلا ما استثنی.

ولا یمنعها الحیض عن الإحرام لکن لا تصلی له.

ص :85

القول فی الوقوف بعرفات

ولو ترکته ظنا أنه لا یجوز رجعت إلی المیقات، وأحرمت منه. ولو دخلت مکة.

فإن تعذر أحرمت من أدنی الحل، ولو تعذر أحرمت من موضعها.

القول فی الوقوف بعرفات: والنظر فی المقدمة والکیفیة واللواحق.

أما المقدمة فتشتمل مندوبات خمسة:

الخروج إلی (منی) بعد صلاة الظهرین یوم الترویة، إلا لمن یضعف عن الزحام.

والإمام یتقدم لیصلی الظهر ب " منی "، والمبیت بها حتی یطلع الفجر.

ولا یجوز (1) وادی محسر حتی تطلع الشمس.

ویکره الخروج قبل الفجر إلا لمضطر، کالخائف والمریض.

ویستحب للإمام الإقامة بها حتی تطلع الشمس، والدعاء عند نزولها، وعند الخروج منها.

وأما الکیفیة، فالواجب فیها النیة، والکون بها إلی الغروب.

ولو لم یتمکن من الوقوف نهارا أجزأه الوقوف لیلا، ولو قبل الفجر.

ولو أفاض قبل الغروب عامدا عالما بالتحریم، لم یبطل حجه، وجبره ببدنة.

ولو عجز صام ثمانیة عشر یوما، ولا شئ علیه لو کان جاهلا أو ناسیا.

و (نمرة) و (ثویة) و (وذو المجاز) و (غرنة) و (الأراک) حدود، لا یجزئ الوقوف بها.

والمندوب: أن یضرب خباءه بنمرة، وأن یقف فی السفح مع میسرة الجبل فی السهل، وأن یجمع رحله، ویسد الخلل به وبنفسه، والدعاء قائما.

ویکره الوقوف فی أعلی الجبل، وقاعدا، أو راکبا.

وأما اللواحق فمسائل.

(الأولی) الوقوف رکن، فإن ترکه عامدا بطل حجه.

ص :86


1- (1) أی لا یجتازه.

القول فی الوقوف بالمشعر

ولو کان ناسیا تدارکه لیلا، ولو إلی الفجر.

ولو فات اجتزأ بالمشعر.

(الثانیة) لو فاته الوقوف الاختیاری (1) وخشی طلوع الشمس لو رجع، اقتصر علی المشعر لیدرکه قبل طلوع الشمس.

وکذا لو نسی الوقوف ب " عرفات " أصلا اجتزأ بإدراک المشعر قبل طلوع الشمس.

ولو أدرک (عرفات) قبل الغروب ولم یتفق له المشعر حتی طلعت الشمس أجزأه الوقوف به، ولو قبل الزوال.

(الثالثة) لو لم یدرک (عرفات) نهارا وأدرکها لیلا ولم یدرک المشعر حتی طلعت الشمس فقد فاته الحج وقیل: یصح حجه ولو أدرکه قبل الزوال

القول فی الوقوف بالمشعر والنظر فی مقدمته وکیفیته ولواحقه.

والمقدمة: تشتمل علی مندوبات خمسة.

الاقتصاد فی السیر، والدعاء عند الکثیب الأحمر (2).

وتأخیر المغرب والعشاء إلی المزدلفة ولو صار ربع اللیل والجمع بینهما بأذان واحد وإقامتین، وتأخیر نوافل المغرب حتی یصلی العشاء.

وفی الکیفیة واجبات ومندوبات.

فالواجبات: النیة، والوقوف به.

وحده ما بین المأزمین إلی الحیاض، إلی وادی محسر.

ویجوز الارتفاع إلی الجبل مع الزحام، ویکره لا معه.

ووقت الوقوف ما بین طلوع الفجر، إلی طلوع الشمس، للمضطر إلی الزوال.

ص :87


1- (1) قال فی شرائع الإسلام: (وقت الاختیار لعرفة من زوال الشمس إلی الغروب من ترکه عامدا فسد حجه، ووقت الاضطرار إلی طلوع الفجر من یوم النحر).
2- (2) بقوله. (اللهم ارحم موقفی وزدنی فی عملی، وسلم لی دینی، وتقبل مناسکی (شرائع الإسلام.

القول فی مناسک منی

ولو أفاض قبل الفجر عامدا عالما جبره بشاة، ولم یبطل حجه، إن کان وقف ب " عرفات ".

ویجوز الإفاضة لیلا للمرأة والخائف.

والمندوب: صلاة الغداة قبل الوقوف والدعاء، وأن یطأ الصرورة المشعر برجله.

وقیل: یستحب الصعود علی قزح، وذکر الله علیه.

ویستحب لمن عدا الإمام الإفاضة قبل طلوع الشمس وألا یجاوز وادی محسر حتی تطلع والهرولة فی الوادی، داعیا بالمرسوم، ولو نسی الهرولة رجع فتدارکها.

والإمام یتأخر بجمع حتی تطلع الشمس.

واللواحق ثلاثة:

(الأول) الوقوف بالمشعر رکن، فمن لم یقف به لیلا ولا بعد الفجر عامدا بطل حجه، ولا یبطل لو کان ناسیا.

ولو فاته الموقفان بطل ولو کان ناسیا.

(الثانی) من فاته الحج سقطت عنه أفعاله، ویستحب له الإقامة ب " منی "

إلی انقضاء أیام التشریق، ثم یتحلل بعمرة مفردة ثم یقضی الحج إن کان واجبا.

(الثالث) یستحب التقاط الحصی من جمع وهو سبعون حصاة.

ویجوز من أی جهات الحرم شاء، عدا المساجد.

وقیل: عدا المسجد الحرام ومسجد الخیف.

ویشترط أن یکون أحجارا من الحرم أبکارا.

ویستحب أن تکون رخوة برشا بقدر الأنملة ملتقطة منقطة.

ویکره الصلبة والمکسرة.

القول فی مناسک " منی " یوم النحر، وهی رمی جمرة العقبة، ثم الذبح: ثم الحلق.

أما الرمی: فالواجب فیه النیة، والعدد وهو سبع وإلقاؤها بما یسمی رمیا، وإصابة الجمرة بفعله.

ص :88

فلو تممها حرکة غیره لم یجز.

والمستحب، الطهارة، والدعاء.

ولا یتباعد بما یزید عن خمسة عشر ذراعا، وأن یرمی خذفا (1)، والدعاء مع کل

حصاة ویستقبل جمرة العقبة، ویستدبر القبلة.

وفی غیرها یستقبل الجمرة والقبلة.

وأما الذبح ففیه أطراف.

(الأول) فی الهدی، وهو واجب علی المتمتع خاصة، مفترضا ومتنفلا، ولو کان مکیا، ولا یجب علی غیر المتمتع.

ولو تمتع المملوک کان لمولاه إلزامه بالصوم، أو أن یهدی عنه.

ولو أدرک أحد الموقفین معتقا لزمه الهدی مع القدرة، والصوم مع التعذر وتشترط النیة فی الذبح، ویجوز أن یتولاه بنفسه وبغیره.

ویجب ذبحه ب " منی ".

ولا یجزئ الواحد إلا عن واحد فی الواجب.

وقیل: یجزئ عن سبعة، وعن سبعین عند الضرورة، لأهل الخوان الواحد، ولا بأس به فی الندب.

ولا یباع ثیاب التجمل فی الهدی.

ولو ضل فذبح لم یجز، ولا یخرج شیئا من لحم الهدی عن (منی) ویجب صرفه فی وجهه.

ویذبح یوم النحر وجوبا، مقدما علی الحلق، ولو قدم الحلق أجزأه، ولو کان عامدا، وکذا لو ذبحه فی بقیة ذی الحجة.

(الثانی) فی صفته: ویشترط أن یکون من النعم ثنیا غیر مهزول.

ص :89


1- (1) الحذف بالخاء: الرمی بالحصی.

ویجزئ من الضأن خاصة، الجذع لستة، وأن یکون تاما.

فلا یجوز العوراء، ولا العرجاء، ولا العضباء ولا ما نقص منها شئ کالخصی.

ویجزئ المشقوقة الأذن، وألا تکون مهزولة بحیث لا یکون علی کلیتیها شحم.

لکن لو اشتراها علی أنها سمینة فبانت مهزولة، أجزأته.

فالثنی من الإبل ما دخل فی السادسة، ومن البقر والمعز، ما دخل فی الثانیة.

ویستحب أن تکون سمینة تنظر فی سواد وتمشی فی سواد، وتبرک فی مثله،

أی لها ظل تمشی فیه.

وقیل: أن یکون هذه المواضع منها سودا، وأن یکون مما عرف (1) به، إناثا من الإبل أو البقر، ذکرانا من الضأن أو المعز وأن ینحر الإبل قائمة مربوطة بین الخف والرکبة، ویطعنها من الجانب الأیمن وأن یتولاه بنفسه، وإلا جعل یده مع ید الذابح، والدعاء وقسمته أثلاثا: یأکل ثلثه، ویهدی ثلثه، ویطعم القانع والمعتر ثلثه.

وقیل: یجب الأکل منه.

وتکره التضحیة بالثور والجاموس والموجوء.

(الثالث) فی البدل، فلو فقد الهدی ووجد ثمنه، استناب فی شرائه، وذبحه طول ذی الحجة، وقیل ینتقل فرضه إلی الصوم.

ومع فقد الثمن یلزمه الصوم، وهو ثلاثة أیام فی الحج متوالیات، وسبعة فی أهله.

ویجوز تقدیم الثلاثة من أول ذی الحجة، بعد التلبس بالحج، ولا یجوز قبل ذی الحجة.

ولو خرج ذو الحجة ولم یصم الثلاثة، تعین الهدی فی القابل ب " منی ".

ولو صام الثلاثة فی الحج ثم وجد الهدی لم یجب، لکنه أفضل.

ولا یشترط فی صوم السبعة التتابع.

ص :90


1- (1) هو الذی أحضر (عرفة) عشیة (عرفة) ا ه تذکرة الفقهاء.

ولو أقام بمکة انتظر أقل الأمرین من وصوله إلی أهله ومضی شهر.

ولو مات ولم یصم صام الولی عنه الثلاثة وجوبا، دون السبعة.

ومن وجب علیه بدنة فی کفارة أو نذر، وعجز، أجزأه سبع شیاه.

ولو تعین علیه الهدی ومات، أخرج من أصل ترکته.

(الرابع) فی هدی القارن: ویجب ذبحه أو نحره ب " منی " إن قرنه بالحج، وب " مکة " إن قرنه بالعمرة.

وأفضل مکة فناء الکعبة بالخرورة.

ولو هلک لم یقم بدله، ولو کان مضمونا لزمه البدل.

ولو عجز عن الوصول نحره أو ذبحه وأعلمه.

ولو أصابه کسر جاز بیعه والصدقة بثمنه أو إقامة بدله.

ولا یتعین الصدقة إلا بالنذر وإن أشعره أو قلده.

ولو ضل فذبح عن صاحبه أجزأه.

ولو ضل فأقام بدله ثم وجده فإن ذبح الأخیر استحب ذبح الأول.

ویجوز رکوبه وشرب لبنه ما لم یضر بولده.

ولا یعطی الجزار من الهدی الواجب، کالکفارات، والنذور، ولا یأخذ الناذر من جلودها، ولا یأکل منها فإن أخذ ضمنه.

ومن نذر بدنة فإن عین موضع النحر وإلا نحرها بمکة.

(الخامس) الأضحیة، وهی مستحبة.

ووقتها ب " منی " یوم النحر وثلاثة بعده، وفی الأمصار یوم النحر ویومان بعده.

ویکره أن یخرج من أضحیته شیئا عن " منی " ولا بأس بالسنام، ومما یضحیه غیره.

ویجزئ هدی (التمتع) عن الأضحیة والجمع أفضل.

ومن لم یجد الأضحیة تصدق بثمنها.

فإن اختلف أثمانها جمع الأول والثانی والثالث وتصدق بثلثها.

ص :91

ویکره التضحیة بما یربیه وأخذ شئ من جلودها وإعطاؤها الجزار.

وأما الحلق: فالحاج مخیر بینه وبین التقصیر، ولو کان صرورة أو ملبدا علی الأظهر. والحلق أفضل.

والتقصیر متعین علی المرأة، ویجزئ ولو قدر الأنملة، والمحل ب " منی " ولو رحل قبله دعا للحلق أو التقصیر.

ولو تعذر حلق أو قصر حیث کان وجوبا، وبعث بشعره إلی " منی " لیدفن بها استحبابا.

ومن لیس علی رأسه شعر، یجزیه إمرار الموسی.

والبدء برمی جمرة العقبة ثم بالذبح، ثم بالحلق، واجب. فلو خالف أثم ولم یعد.

ولا یزور البیت لطواف الحج إلا بعد الحلق أو التقصیر.

فلو طاف قبل ذلک عامدا لزمه دم شاة. ولو کان ناسیا لم یلزمه شئ، وأعاد طوافه.

ویحل من کل شئ عند فراغ مناسکه ب " منی " عدا الطیب والنساء والصید.

فإذا طاف لحجه حل له الطیب. وإذا طاف طواف النساء حللن له.

ویکره المخیط حتی یطوف للحج. والطیب حتی یطوف طواف النساء.

ثم یمضی إلی مکة للطواف، والسعی لیومه، أو من الغد.

ویتأکد فی جانب المتمتع.

ولو أخر أثم، وموسع للمفرد والقارن طول ذی الحجة علی کراهیة.

ویستحب له إذا دخل مکة الغسل، وتقلیم الأظفار، وأخذ الشارب، والدعاء عند باب المسجد.

القول فی الطواف: والنظر فی مقدمته وکیفیته وأحکامه:

أما المقدمة: فیشترط تقدیم الطهارة، وإزالة النجاسة عن الثوب والبدن، والختان فی الرجل.

ص :92

ویستحب مضغ الإذخر قبل دخول مکة، ودخولها من أعلاها حافیا علی سکینة ووقار، مغتسلا من بئر " میمون " أو " فخ ".

ولو تعذر اغتسل بعد الدخول، والدخول من باب بنی شیبة، والدعاء عنده.

وأما الکیفیة: فواجبها النیة، والبداءة بالحجر، والختم به والطواف علی الیسار، وإدخال الحجر فی الطواف، وأن یطوف سبعا، ویکون بین المقام والبیت.

ویصلی رکعتین فی المقام، فإن منعه زحام صلی حیاله، ویصلی النافلة حیث شاء من المسجد.

ولو نسیهما رجع فأتی بهما فیه ولو شق صلاهما حیث ذکر.

ولو مات قضی عنه الولی.

والقرآن مبطل فی الفریضة علی الأشهر، ومکروه فی النافلة.

ولو زاد سهوا أکملها أسبوعین (1)، وصلی رکعتی الواجب منهما قبل السعی

ورکعتی الزیادة بعده.

ویعید من طاف فی ثوب نجس، ولا یعید لو لم یعلم.

ولو علم فی أثناء الطواف أزاله وأتم.

ویصلی رکعتیه فی کل وقت ما لم یتضیق وقت حاضرة.

ولو نقص من طوافه وقد تجاوز النصف أتم، ولو رجع إلی أهله استناب.

ولو کان دون ذلک استأنف.

وکذا من قطع الطواف لحدث أو لحاجة.

ولو قطعه لصلاة فریضة حاضرة صلی، ثم أتم طوافه. ولو کان دون الأربع، وکذا للوتر.

ولو دخل فی السعی فذکر أنه لم یطف استأنف الطواف، ثم استأنف السعی.

ص :93


1- (1) الأسبوع من الطواف بضم الهمزة: سبع طوفات والجمع أسبوعات وأسابیع ا ه مصباح.

ولو ذکر أنه طاف ولم یتم قطع السعی وأتم الطواف ثم تمم السعی.

ومندوبه: الوقوف عند الحجر والدعاء، واستلامه، وتقبیله.

فإن لم یقدر أشار بیده، ولو کانت مقطوعة فبموضع القطع.

ولو لم یکن له ید أشار، وأن یقتصد فی مشیه، ویذکر الله سبحانه فی طوافه، ویلتزم المستجار، وهو بحذاء الباب من وراء الکعبة، ویبسط یدیه وخده علی حائطه، ویلصق بطنه به، ویذکر ذنوبه، ولو جاوز المستجار رجع والتزم.

وکذا یستلم الأرکان.

وآکدها رکن الحجر، والیمانی، ویتطوع بثلثمائة وستین طوافا، فإن لم یتمکن جعل العدة أشواطا.

ویقرأ فی رکعتی الطواف، ب (الحمد) و (الصمد) فی الأولی، وب (الحمد) و (الجحد) فی الثانیة. ویکره الکلام فیه، بغیر الدعاء والقراءة.

وأما أحکامه فثمانیة: -

(الأول) الطواف رکن، ولو ترکه عامدا بطل حجه، ولو کان ناسیا أتی به.

ولو تعذر العود استناب فیه، وفی روایة، لو علی وجه جهالة أعاد وعلیه بدنة.

(الثانی) من شک فی عدده بعد الانصراف، فلا إعادة علیه.

ولو کان فی أثنائه وکان بین السبعة وما زاد، قطع ولا إعادة.

ولو کان فی النقیصة أعاد فی الفریضة، وبنی علی الأقل فی النافلة.

ولو تجاوز الحجر فی الثامن وذکر قبل بلوغ الرکن قطع ولم یعد (الثالث) لو ذکر أنه لم یتطهر، أعاد طواف الفریضة، وصلاته.

ولا یعید طواف النافلة، ویعید صلاته استحبابا.

ولو نسی طواف الزیارة حتی رجع إلی أهله وواقع عاد وأتی به.

ومع التعذر یستنیب فیه.

وفی الکفارة تردد، أشبهه: أنها لا تجب إلا مع الذکر.

ص :94

ولو نسی طواف النساء استناب، ولو مات قضاه الولی.

(الرابع) من طاف فالأفضل له تعجیل السعی، ولا یجوز تأخیره إلی غده.

(الخامس) لا یجوز للمتمتع تقدیم طواف حجه وسعیه علی الوقوف وقضاء

المناسک، إلا لامرأة تخاف الحیض أو مریض أو هم (1)

وفی جواز تقدیم طواف النساء مع الضرورة روایتان، أشهرهما: الجواز.

ویجوز للقارن والمفرد تقدیم الطواف اختیارا، ولا یجوز تقدیم طواف النساء لمتمتع ولا لغیره.

ویجوز مع الضرورة والخوف من الحیض.

ولا یقدم علی السعی، ولو قدمه علیه ساهیا لم یعد.

(السادس) قیل: لا یجوز الطواف وعلیه برطلة (2). والکراهیة أشبه، ما لم یکن الستر محرما.

(السابع) کل محرم یلزمه طواف النساء، رجلا کان أو امرأة، أو صبیا، أو حصیا، إلا فی العمرة المتمتع بها.

(الثامن) من نذر أن یطوف علی أربع قیل: یجب علیه طوافان.

وروی ذلک فی امرأة نذرت.

وقیل: لا ینعقد، لأنه لا یتعبد بصورة النذر.

القول فی السعی. والنظر فی مقدمته، وکیفیته، وأحکامه.

أما المقدمة - فمندوبات عشرة:

الطهارة، واستلام الحجر، والشرب من زمزم، والاغتسال من الدلو المقابل للحجر، والخروج من باب الصفا، وصعود الصفا، واستقبال رکن الحجر، والتکبیرة والتهلیل سبعا، والدعاء بالمأثور.

ص :95


1- (1) (الهم) بکسر الهاء: الشیخ الفانی.
2- (2) (البرطلة) قلنسوة طویلة کانت تلبس قدیما وعدم الجواز نظرا إلی تحریم تغطیة الرأس ا ه من المدارک.

وأما الکیفیة - ففیها الواجب، والندب.

فالواجب أربعة: النیة، والبداءة بالصفا، والختم بالمروة، والسعی سبعا یعد ذهابه شوطا، وعوده آخر.

والمندوبات أربعة أشیاء:

المشی طرفیه، وإلاسراع ما بین المنارة إلی زقاق العطارین.

ولو نسی الهرولة رجع القهقری وتدارک، والدعاء، وأن یسعی ماشیا، ویجوز الجلوس فی خلاله للراحة.

وأما الأحکام - فأربعة:

(الأول) السعی رکن، یبطل الحج بترکه عمدا، ولا یبطل سهوا ویعود لتدارکه، فإن تعذر العود استناب فیه.

(الثانی) یبطل السعی بالزیادة عمدا، ولا یبطل بالزیادة سهوا.

ومن تیقن عدد الأشواط وشک فیما بدأ به، فإن کان فی الفرد علی الصفا أعاد ولو کان علی المروة لم یعد.

وبالعکس لو کان سعیه زوجا، ولو لم یحصل العدد أعاد.

ولو تیقن النقصان أتی به.

(الثالث) لو قطع سعیه لصلاة أو لحاجة، أو لتدارک رکعتی الطواف أو غیر ذلک، أتم ولو کان شوطا.

(الرابع) لو ظن إتمام سعیه فأحل وواقع أهله، أو قلم أظفاره ثم ذکر أنه نسی شوطا، أتم، وفی الروایات: یلزمه دم بقرة.

القول فی أحکام (منی):

بعد العود یجب المبیت ب (منی) لیلة الحادی عشر والثانی عشر.

ولو بات بغیرها، کان علیه شاتان، إلا أن یبیت بمکة مشتغلا بالعبادة.

ولو کان بمن یجب علیه المبیت اللیالی الثلاث لزمه ثلاث شیاه.

ص :96

وحد المبیت أن یکون بها لیلا حتی یجاوز نصف اللیل.

وقیل لا یدخل مکة حتی یطلع الفجر.

ویجب رمی الجمار فی الأیام التی یقیم بها: کل جمرة بسبع حصیات مرتبا، یبدأ بالأولی، ثم الوسطی جمرة العقبة.

ولو نکس أعاد علی الوسطی وجمرة العقبة.

ویحصل الترتیب بأربع حصیات علی الوسطی وجمرة العقبة.

ووقت الرمی ما بین طلوع الشمس إلی غروبها.

ولو نسی رمی یوم، قضاه من الغد مرتبا.

ویستحب أن یکون ما لامسه غدوة، وما لیومه بعد الزوال.

ولا یجوز الرمی لیلا إلا لعذر، کالخائف، والرعاة، والعبید. ویرمی عن المعذور کالمریض.

ولو نسی جمرة وجهل موضعها رمی علی کل جمرة حصاة.

ویستحب الوقوف عند کل جمرة، ورمیها عن یسارها مستقبل القبلة.

ویقف داعیا عدا جمرة العقبة فإنه یستدبر القبلة، ویرمیها عن یمینها ولا یقف.

ولو نسی الزمن حتی دخل مکة، رجع وتدارک، ولو خرج فلا حرج.

ولو حج فی القابل استحب القضاء، ولو استناب جاز.

وتستحب الإقامة ب " منی " أیام التشریق. ویجوز النفر فی الأول وهو الثانی عشر من ذی الحجة لمن اتقی الصید والنساء وإن شاء فی الثانی، وهو الثالث عشر.

ولو لم یتق تعین علیه الإقامة إلی النفر الأخیر. وکذا لو غربت الشمس لیلة الثالث عشر.

ومن نفر فی الأول، لا ینفر إلا بعد الزوال وفی الأخیر یجوز قبله.

ویستحب للإمام أن یخطب ویعلمهم ذلک.

والتکبیر ب " منی " مستحب (1)، وقیل یجب.

ص :97


1- (1) صورته: الله أکبر الله أکبر لا إله إلا الله، والله أکبر علی ما هدانا، والحمد لله علی ما أولانا ورزقنا من بهیمة الأنعام ا ه شرائع الإسلام

ومن قضی مناسکه فله الخیرة فی العود إلی مکة.

والأفضل العود لوداع البیت. ودخول الکعبة خصوصا للصرورة.

ومع عوده تستحب الصلاة فی زوایا البیت، وعلی الرخامة الحمراء، والطواف بالبیت واستلام الأرکان والمستجار والشرب من زمزم والخروج من باب الحناطین، والدعاء، والسجود مستقبل القبلة، والدعاء والصدقة بتمر یشتریه بدرهم.

ومن المستحب التحصیب والنزول بالمعرس علی طریق المدینة وصلاة رکعتین به، والعزم علی العود.

ومن المکروهات: المجاورة بمکة، والحج علی الإبل الجلالة ومنع دور مکة من السکنی، وأن یرفع بناء فوق الکعبة.

والطواف للمجاور بمکة أفضل من الصلاة وللمقیم بالعکس.

واللواحق أربعة:

(الأول) من أحدث ولجأ إلی الحرم لم یقم علیه حد بجنایته، ولا تعزیر، ویضیق علیه فی المطعم والمشرب لیخرج، ولو أحدث فی الحرم قوبل بما تقتضیه جنایته.

(الثانی) لو ترک الحجاج زیارة النبی صلی الله علیه وآله وسلم أجبروا علی ذلک، وإن کان ندبا لأنه جفاء.

(الثالث) للمدینة حرم، وحده من عایر إلی وعیر لا یعضد شجره.

ولا بأس بصیده، إلا ما صید بین الحرتین.

(الرابع) یستحب الغسل لدخولها وزیارة النبی صلی الله علیه وآله وسلم استحبابا مؤکدا، وزیارة فاطمة علیها صلوات الله والسلام فی الروضة والأئمة علیهم السلام بالبقیع والصلاة بین المنبر والقبر وهو الروضة. وأن یصام بها الأربعاء ویومان بعده للحاجة. وأن یصلی لیلة الأربعاء عند أسطوانة أبی لبابة ولیلة الخمیس عند الأسطوانة

ص :98

التی تلی مقام الرسول صلی الله علیه وآله وسلم والصلاة فی المساجد وإتیان قبور الشهداء خصوصا قبر حمزة علیه السلام.

المقصد الثانی فی العمرة

وهی واجبة فی العمر مرة علی کل مکلف بالشرائط المعتبرة فی الحج.

وقد تجب بالنذر وشبهه وبالاستئجار والإفساد والفوات وبدخول مکة عدا من یتکرر والمریض.

وأفعالها ثمانیة: النیة، والإحرام، والطواف، ورکعتاه، والسعی، وطواف النساء ورکعتاه والتقصیر أو الحلق.

وتصح فی جمیع أیام السنة، (وأفضلها) رجب.

ومن أحرم بها فی أشهر الحج ودخل مکة، جاز أن ینوی بها التمتع، ویلزمه الدم.

ویصح الاتباع إذا کان بین العمرتین شهر، وقیل عشرة أیام.

وقیل: لا یکون فی السنة إلا عمرة واحدة. ولم یقدر (علم الهدی) بینهما حدا.

والتمتع بها یجزئ عن المفردة. وتلزم من لیس من حاضری المسجد الحرام.

ولا تصح إلا أشهر الحج، ویتعین فیها التقصیر، ولو حلق قبله لزمه شاة.

ولیس فیها طواف النساء.

وإذا دخل مکة متمتعا کره له الخروج لأنه مرتبط بالحج.

ولو خرج وعاد فی شهره فلا حرج، وکذا لو أحرم بالحج وخرج بحیث إذا أزف الوقوف عدل إلی عرفات.

ولو خرج لا کذلک وعاد فی غیر الشهر جدد عمرة وجوبا ویتمتع بالأخیرة دون الأولی.

المقصد الثالث فی اللواحق

اشارة

وهی ثلاثة:

فی الإحصار والصد

الأول فی الإحصار والصد.

ص :99

المصدود من منعه العدو. فإذا تلبس بالإحرام فصد، نحر هدیه وأحل من کل شئ.

ویتحقق الصد مع عدم التمکن من الوصول إلی مکة أو الموقفین (1) بحیث لا طریق غیر موضع الصد، أو کان، لکن لا نفقة.

ولا یسقط الحج الواجب مع الصد، ویسقط المندوب.

وفی وجوب الهدی علی المصدود قولان، أشبههما: الوجوب.

ولا یصح التحلل إلا بالهدی ونیة التحلل. وهل یسقط الهدی لو شرط حله حیث حبسه؟ فیه قولان، أظهرهما: أنه لا یسقط.

وفائدة الاشتراط جواز التحلل من غیر توقع.

وفی إجزاء هدی السیاق عن هدی التحلل قولان، أشبهها: أنه یجزئ.

والبحث فی المعتمر إذا صد عن مکة کالبحث فی الحاج.

والمحصر هو الذی یمنعه المرض.

وهو یبعث هدیة لو لم یکن ساق.

ولو ساق اقتصر علی هدی السیاق. ولا یحل حتی یبلغ الهدی محله وهو " منی " إن کان حاجا، و " مکة " إن کان معتمرا.

فهناک یقصر ویحل إلا من النساء، حتی یحج فی القابل، إن کان واجبا، أو یطاف عنه للنساء إن کان ندبا.

ولو بان أن هدیه لم یذبح، لم یبطل تحلله، ویذبح فی القابل.

وهل یمسک عما یمسک عنه المحرم؟ الوجه: لا ولو أحصر فبعث ثم زال العارض التحق، فإن أدرک أحد الموقفین صح حجه.

وإن فاتاه، تحلل بعمرة.

ص :100


1- (1) الوقوف بعرفات، والمشعر.

فی الصید

ویقضی الحج إن کان واجبا، ولا ندبا (1).

والمعتمر یقضی عمرته عند زوال المنع، وقیل: فی الشهر الداخل.

وقیل لو أحصر القارن حج فی القابل قارنا وهو علی الأفضل إلا أن یکون القران متعینا بوجه.

وروی استحباب بعث الهدی، والمواعدة لا شعاره، وتقلیده واجتناب ما یجتنبه (المحرم). وقت المواعدة، حتی یبلغ محله.

ولا یلبی لکن یکفر لو أتی (بما) یکفر له المحرم استحبابا.

الثانی فی الصید، وهو الحیوان المحلل الممتنع.

ولا یحرم صید البحر وهو ما یبیض ویفرخ فیه. ولا الدجاج الحبشی.

ولا بأس بقتل الحیة والعقرب والفأرة، ورمی الغراب والحدأة، ولا کفارة فی قتل السباع.

وروی فی الأسد کبش إذا لم یرده، وفیها ضعف.

ولا کفارة فی قتل الزنبور خطأ، وفی قتله عمدا صدقة بشئ من طعام.

ویجوز شراء القماری والدباسی، وإخراجها من مکة لا ذبحها.

وإنما یحرم علی المحرم صید البر.

وینقسم قسمین:

الأول: ما لکفارته بدل علی الخصوص، وهو خمسة:

(الأول) النعامة. وفی قتلها بدنة. فإن لم یجد فض ثمن البدنة علی البر وأطعم ستین مسکینا کل مسکین مدین.

ولا یلزمه ما زاد عن ستین، ولا ما زاد عن قیمتها.

فإن لم یجد، صام عن کل مدین یوما. فإن عجز صام ثمانیة عشر یوما.

ص :101


1- (1) أی ولا یقضه إن کان ندبا

(الثانی) فی بقرة الوحش، بقرة أهلیة.

فإن لم یجد أطعم ثلاثین مسکینا، کل مسکین مدین.

ولو کانت قیمة البقرة أقل اقتصر علی قیمتها.

فإن لم یجد صام عن کل مسکین یوما.

فإن عجز صام تسعة أیام.

وکذا الحکم فی حمار الوحش علی الأشهر.

(الثالث) الظبی، وفیه شاة.

فإن لم یجد فض ثمن الشاة علی البر وأطعم عشرة، کل مسکین مدین.

ولو قصرت قیمتها اقتصر علیها.

فإن لم یجد، صام عن کل مسکین یوما. فإن عجز صام ثلاثة أیام.

والإبدال فی الأقسام الثلاثة علی التخییر، وقیل: علی الترتیب وهو أظهر.

وفی الثعلب والأرنب شاة. وقیل: البدل فیهما کالظبی.

(الرابع) فی بیض النعام إذا تحرک الفرخ، فلکل بیضة بکرة.

وإن لم یحرک أرسل فحولة الإبل فی إناث بعدد البیض. فما نتج کان هدیا للبیت.

فإن عجز فعن کل بیضة شاة. فإن عجز فإطعام عشرة مساکین، فإن عجز صام ثلاثة أیام

(الخامس) فی بیض القطاة والقبج إذا تحرک الفرخ، من صغار الغنم.

وفی روایة، عن البیضة مخاض من الغنم.

وإن لم یتحرک أرسل فحولة الغنم فی إناث بعدد البیض، فما نتج کان هدیا.

ولو عجز کان فیه، ما فی بیض النعام.

الثانی: ما لا بدل لفدیته،. وهو خمسة:

الحمام، وهو کل طائر یهدر ویعب الماء، وقیل: کل مطوق.

ص :102

ویلزم المحرم فی قتل الواحدة شاة، وفی فرخها حمل، وفی بیضها درهم.

وعلی المحل فیها درهم، وفی فرخها نصف درهم، وفی بیضها ربع درهم.

ولو کان محرما فی الحرم اجتمع علیه الأمران کفارتان.

ویستوی فیه الأهلی وحمام الحرم. غیر أن حمام الحرم یشتری بقیمته علفا لحمامه.

وفی القطاة حمل قد فطم ورعی الشجر. وکذا فی الدراج وشبههما وفی روایة دم.

وفی الضب جدی، وکذا فی القنفذ والیربوع.

وفی العصفور مد من طعام، وکذا فی القنبرة والصعوة.

وفی الجراد کف من طعام، وکذا فی القملة یلقیها عن جسده، وکذا قیل فی قتل [الشاة].

ولو کان الجراد کثیرا فدم شاة.

ولو لم یمکن التحرز منه فلا إثم ولا کفارة.

ثم أسباب الضمان: إما مباشرة، وإما إمساک، وإما تسبب:

أما المباشرة، فمن قتل صیدا ضمنه، ولو أکله، أو شیئا منه لزمه فداء آخر، وکذا لو أکل ما ذبح فی الحل، ولو ذبحه المحل، ولو أصابه ولم یؤثر فیه فلا فدیة.

وفی یدیه کمال القیمة وکذا فی رجلیه، وفی قرنیه نصف قیمة.

ولو جرحه أو کسر رجله أو یده ورآه سویا فربع الفداء.

ولو جهل حاله ففداء کامل، قیل: وکذا لو لم یعلم حاله، أثر فیه أم لا.

وقیل فی کسر ید الغزال نصف قیمته، وفی یدیه کمال القیمة، و کذا فی رجلیه وفی قرنیه نصف قیمته وفی کل واحدة ربع، وفی المستند ضعف.

ولو اشترک جماعة فی قتله لزم کل واحدة منهم فداء.

ولو ضرب طیرا علی الأرض فقتله لزمه ثلاث قیم.

وقال الشیخ: دم وقیمتان.

ص :103

ولو شرب لبن ظبیة، لزمه دم وقیمة اللبن.

وأما الید (1): فإذا أحرم ومعه صید زال عنه ملکه ووجب إرساله، ولو تلف قبل الإرسال ضمنه.

ولو کان الصید نائیا عنه لم یخرج عن ملکه.

ولو أمسکه محرم فی الحل وذبحه بمثله (2) لزم کلا منهما فداء.

ولو کان أحدهما محلا، ضمنه المحرم.

وما یصیده المحرم فی الحل، لا یحرم علی المحل، وأما التسبب: فإذا أغلق علی حمام وفراخ وبیض، ضمن بالإغلاق.

الحمامة بشاة، والفرخ بحمل، والبیضة بدرهم، ولو أغلق قبل إحرامه ضمن الحمامة بدرهم، والفرخ بنصف، والبیضة بربع.

وشرط الشیخ مع الإغلاق الهلاک.

وقیل: إذا نفر حمام الحرم ولم یعد فعن کل طیر شاة.

ولو عاد فعن الجمیع شاة.

ولو رمی اثنان فأصاب أحدهما، ضمن کل واحد منهما فداء.

ولو أوقد جماعة نارا فاحترق فیها حمامة أو شبهها، لزمهم فداء.

ولو قصدوا ذلک، لزم کل واحد فداء.

ولو دل علی صید، أو أغری کلبه فقتل، ضمنه.

ص :104


1- (1) یعنی الإمساک.
2- (2) أی محرم آخر.

ومن أحکام الصید مسائل:

(الأولی) ما یلزم المحرم فی الحل، والمحل فی الحرم. یجتمعان علی المحرم فی الحرم ما لم یبلغ بدنة.

(الثانیة) یضمن الصید بقتله عمدا أو سهوا أو جهلا.

وإذا تکرر خطأ دائما، ضمن.

ولو تکرر عمدا، ففی ضمانه فی الثانیة روایتان، أشهرهما: أنه لا یضمن.

(والثالثة) ولو اشتری محل بیض نعام لمحرم فأکله المحرم ضمن کل بیضة بشاة، وضمن المحل عن کل بیضة درهما.

(الرابعة) لا یملک المحرم صیدا معه، ویملک ما لیس معه.

(الخامسة) لو اضطر إلی أکل صید ومیتة، فیه روایتان، أشهرهما: یأکل الصید ویفدیه.

وقیل: إذا لم یمکنه الفداء أکل المیتة.

(السادسة) إذا کان الصید مملوکا ففداؤه للمالک، ولو لم یکن مملوکا تصدق به.

وحمام الحرم یشتری بقیمته علفا لحمامه.

(السابعة) ما یلزم المحرم یذبحه أو ینحره (بمنی) ولو کان معتمرا فبمکة).

(الثامنة) من أصاب صیدا فداؤه شاة.

وإن لم یجد أطعم عشرة مساکین، فإن عجز صام ثلاثة أیام فی الحج.

ویلحق بهذا الباب صید الحرم، وهو برید (1) فی برید.

من قتل فیه صیدا ضمنه ولو کان محلا.

وهل یحرم وهو یؤم الحرم؟ الأشهر: الکراهیة.

ص :105


1- (1) البرید: اثنا عشر میلا

فی باقی المحظورات

ولو أصابه فدخل الحرم ومات لم یضمن علی أشهر الروایتین.

ویکره الصید بین البرید والحرم.

ویستحب الصدقة بشئ لو کسر قرنه أو فقأ عینه.

والصید المربوط فی الحل، یحرم إخراجه، لو دخل الحرم.

ویضمن المحل لو رمی الصید من الحرم فقتله فی الحل، وکذا لو رماه من الحل فقتله فی الحرم.

ولو کان الصید علی غصن فی الحل وأصله فی الحرم ضمنه القاتل.

ومن أدخل الحرم صیدا وجب علیه إرساله، ولو تلف فی یده ضمنه.

وکذا لو أخرجه فتلف قبل الإرسال.

ولو کان طائرا مقصوصا حفظه حتی یکمل ریشه ثم أرسله.

وفی تحریم حمام الحرم فی الحل تردد، أشبهه: الکراهیة.

ومن نتف ریشة من حمام الحرم فعلیه صدقة یسلمها بتلک الید.

وما یذبح من الصید فی الحرم میتة.

ولا بأس بما یذبح المحل فی الحل.

وهل یملک المحل (صیدها) فی الحرم؟ الأشبه: أنه یملک، ویجب إرسال ما یکون معه.

الثالث فی باقی المحظورات:

وهی تسعة: الاستمتاع بالنساء:

فمن جامع أهله قبل أحد الموقفین، قبلا أو دبرا، عامدا عالما بالتحریم، أتم حجه ولزمه بدنة والحج من قابل، فرضا کان حجه أو نفلا.

وهل الثانیة عقوبة؟ قیل: نعم.

والأولی فرضه، وقیل: الأولی فاسدة والثانیة فرضه. والأول هو المری:

ولو أکرهها وهی محرمة، حمل عنها الکفارة، ولا حج علیها فی القابل.

ص :106

ولو طاوعته لزمها ما یلزمه. ولم یتحمل عنها کفارة.

وعلیهما الافتراق إذا وصلا موضع الخطیئة حتی یقضیا المناسک.

ومعناه ألا یخلوا إلا مع ثالث.

ولو کان ذلک بعد الوقوف بالمشعر لم یلزمه الحج من قابل وجبره ببدنة.

ولو استمنی بیده لزمته البدنة حسب، وفی روایة: الحج من قابل.

ولو جامع أمته المحرمة بإذنه محل لزمه بدنة أو بقرة أو شاة.

ولو کان معسرا، فشاة أو صیام ثلاثة أیام.

ولو جامع قبل طواف الزیارة لزمه بدنة، فإن عجز فبقرة أو شاة.

ولو طاف من طواف النساء خمسة أشواط، ثم واقع، لم یلزمه الکفارة وأتم طوافه.

وقیل: یکفی فی البناء مجاوزة النصف.

ولو عقد المحرم لمحرم علی امرأة ودخل، فعلی کل واحد کفارة.

وکذا لو کان العاقد محلا علی روایة سماعة.

ومن جامع فی إحرام العمرة قبل السعی فعلیه بدنة وقضاء العمرة.

ولو أمنی بنظره إلی غیر أهله فبدنة إن کان موسرا، وبقرة، إن کان متوسطا، أو شاة، إن کان معسرا.

ولو نظر إلی أهله لم یلزمه شئ، إلا أن ینظر إلیها بشهوة فیمنی فعلیه بدنة.

ولو مسها بشهوة، فشاة، أمنی أو لم یمن.

ولو قبلها بشهوة کان علیه جزور، وکذا لو أمنی عن ملاعبة.

ولو کان عن تسمع علی مجامع، أو استماع إلی کلام امرأة من غیر نظر، لم یلزمه شئ.

والطیب: ویلزم باستعماله شاة، صبغا وإطلاء وبخورا وفی الطعام.

ولا بأس بخلوق الکعبة وإن مازجه الزعفران.

ص :107

والقلم: وفی کل ظفر مد من طعام.

وفی یدیه ورجلیه شاة إذا کان فی مجلس واحد.

ولو کل واحد منهما فی مجلس فدمان.

ولو أفتاه بالقلم فأدمی ظفره فعلی المفتی شاة.

والمخیط: یلزم به دم، ولو اضطر جاز. ولو لبس عدة فی مکان.

وحلق الشعر: فیه شاة أو إطعام ستة مساکین لکل مسکین مدان، أو عشرة، لکل مسکین مد، وصیام ثلاثة أیام مختارا، أو مضطرا.

وفی نتف الإبطین شاة. وفی أحدهما إطعام ثلاثة مساکین.

ولو مس لحیته أو رأسه وسقط من رأسه شعر تصدق بکف من طعام.

ولو کان بسبب الوضوء للصلاة فلا کفارة.

والتظلیل: فیه سائرا شاة. وکذا فی تغطیة الرأس ولو بالطین أو الارتماس أو حمل ما یستره.

والجدال: ولا کفارة فیما دون الثلاث صادقا. وفی الثلاث شاة.

وفی المرة کذبا شاة. وفی المرتین بقرة. وفی الثلاث بدنة.

وقیل: فی دهن للتطییب شاة. وکذا قیل فی قلع الضرس.

مسائل ثلاث:

(الأولی) فی قلع الشجر من الحرم الإثم، عدا ما استثنی، سواء کان أصلها فی الحرم أو فرعها. وقیل: فیها بقرة. وقیل: فی الصغیرة شاة، وفی الکبیرة بقرة.

(الثانیة) لو تکرر الوطء تکرر الکفارة.

ولو کرر اللبس، فإن اتحد اللبس لم یتکرر، وکذا لو کرر الطیب.

ویتکرر مع اختلاف المجلس.

(الثالثة) إذا أکل المحرم أو لبس ما یحرم علیه، لزمه دم شاة.

وتسقط الکفارة عن الناسی والجاهل إلا فی الصید.

ص :108

کتاب الجهاد

اشارة

کتاب الجهاد

والنظر فی أمور ثلاثة:

(الأول) من یجب علیه. وهو فرض علی کل من استکمل شروطا ثمانیة.

البلوغ، والعقل، والحریة، والذکورة، وألا یکون هما ولا مقعدا ولا أعمی ولا مریضا یعجز عنه.

وإنما یجب مع وجود الإمام العادل، أو من نصبه لذلک، ودعائه إلیه.

ولا یجوز مع الجائر إلا أن یدهم المسلمین من یخشی منه علی بیضة الإسلام أو یکون بین قوم ویغشاهم عدو فیقصد الدفع عن نفسه فی الحالین لا معاونة الجائر.

ومن عجز بنفسه وقدر علی الاستنابة وجبت، وعلیه القیام بما یحتاج إلیه النائب، ولو استناب مع القدرة جاز أیضا.

والمرابطة: إرصاد لحفظ الثغر (1)، وهی مستحبة. ولو کان الإمام مفقودا

لأنها لا تتضمن جهادا، بل حفظا وإعلاما.

ولو عجز جاز أن یربط فرسه هناک.

ولو نذر المرابطة وجبت مع وجود الإمام وفقده وکذا لو نذر أن یصرف شیئا إلی المرابطة وإن لم ینذره ظاهرا ولم یخف الشنعة، ولا یجوز صرف ذلک فی غیرها من وجوه البر علی الأشبه.

ص :109


1- (1) جاء فی (تذکرة الفقهاء:) قال سلمان: سمعت رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم یقول (رباط لیلة فی سبیل الله خیر من صیام شهر وقیامه).. وتستحب المرابطة بنفسه وغلامه وفرسه.. ولو عجز عن المرابطة بنفسه، رابط فرسه أو غلامه أو جاریته أو أعان المرابطین. ویستحب الحرس فی سبیل الله قال ابن عباس: سمعت رسول الله یقول: عینان لا تمسهما النار، عین بکت من خشیة الله، وعین باتت تحرس فی سبیل الله.

وکذا لو أخذ من غیره شیئا لیرابط له لم تجب علیه إعادته وإن وجده، وجاز له المرابطة أو وجبت.

النظر الثانی فیمن یجب جهادهم وهم ثلاثة:

(الأول) البغاة: یجب قتال من خرج علی إمام عادل إذا دعا إلیه هو أو من نصبه. والتأخر عنه کبیرة.

ویسقط بقیام من فیه غنی، ما لم یستنهضه الإمام علی التعیین.

والفرار منه فی حربهم کالفرار فی حرب المشرکین.

ویجب مصابرتهم حتی یفیئوا أو یقتلوا.

ومن کان له فئة أجهز علی جریحهم وتبع مدبرهم، وقتل أسیرهم.

ومن لا فئة له یقتصر علی تفریقهم.

فلا یذفف علی جریحهم ولا یتبع مدبرهم ولا یقتل أسیرهم ولا یسترق ذریتهم ولا نساءهم ولا تؤخذ أموالهم التی لیست فی العسکر.

وهل یؤخذ ما حواه العسکر مما ینقل؟ فیه قولان، أظهرهما: الجواز.

وتقسم کما تقسم أموال الحرب.

(الثانی) أهل الکتاب: والبحث فیمن تؤخذ الجزیة منه وکمیتها وشرائط الذمة.

وهی تؤخذ من الیهود والنصاری، وممن له شبهة کتاب، وهم المجوس.

ویقاتل هؤلاء کما یقاتل أهل الحرب حتی ینقادوا لشرائط الذمة، فهناک یقرون علی معتقدهم.

ولا تؤخذ الجزیة من الصبیان والمجانین والبله والنساء والهم علی الأظهر.

ومن بلغ منهم، أمر بالإسلام أو التزام الشرائط، فإن امتنع صار حربیا، والأولی ألا یقذ الجزیة فإنه أنسب بالصغار.

وکان علی علیه السلام یأخذ من الغنی ثمانیة وأربعین درهما، ومن المتوسط أربعة وعشرین، ومن الفقیر اثنی عشر درهما، لاقتضاء المصلحة، لا توظیفا لازما.

ص :110

ویجوز وضع الجزیة علی الرؤوس أو الأرض.

وفی جواز الجمع قولان، أشبههما: الجواز.

وإذا أسلم الذمی قبل الحول سقطت الجزیة.

ولو کان بعده وقبل الأداء فقولان، أشبههما: السقوط.

وتؤخذ من ترکته، لو مات بعد الحول ذمیا.

أما الشروط فخمسة. قبول الجزیة، وألا یؤذوا المسلمین، کالزنا بنسائهم أو السرقة لأموالهم، وألا یتظاهروا بالمحرمات کشرب الخمر، والزنا، ونکاح المحارم،

وألا یحدثوا کنیسة ولا یضربوا ناقوسا، وأن تجری علیهم أحکام الإسلام.

ویلحق بذلک: البحث فی الکنائس والمساجد والمساکن.

ولا یجوز استئناف البیع والکنائس فی بلاد الإسلام، وتزال لو استحدثت ولا بأس بما کان عادیا قبل الفتح، وبما أحدثوه فی أرض الصلح، ویجوز رمتها.

ولا یعلی الذمی بنیانه فوق المسلم ویقر ما ابتاعه من مسلم علی حاله ولو انهدم لم یعل به.

ولا یجوز لأحدهم دخول المسجد الحرام ولا غیره، ولو أذن له المسلم.

مسألتان

(الأولی) یجوز أخذ الجزیة من أثمان المحرمات کالخمر.

(الثانیة) یستحق الجزیة من قام مقام المهاجرین فی الذب عن الإسلام من المسلمین.

(الثالث) من لیس لهم کتاب ویبدأ بقتال من یلیه إلا مع اختصاص الأبعد بالخطر.

ولا یبدؤون إلا بعد الدعوة إلی الإسلام، فإن امتنعوا حل جهادهم ویختص بدعائهم الإمام، أو من یأمره.

وتسقط الدعوة عمن قوبل بها وعرفها.

ص :111

وإن اقتضت المصلحة المهادنة جاز، لکن لا یتولاها إلا الإمام، أو من یأذن له.

ویذم (1) الواحد من المسلمین للواحد، ویمضی ذمامه علی الجماعة ولو کان أدونهم.

ومن دخل بشبهة الأمان فهو آمن حتی یرد إلی مأمنه.

لو استذم فقیل: لا نذم، فظن أنهم أذنوا فدخل وجب إعادته إلی مأمنه نظرا فی الشبهة.

ولا یجوز الفرار إذا کان العدو علی الضعف أو أقل، إلا لمتحرف أو متحیز إلی فئة ولو غلب علی الظن العطب علی الأظهر، ولو کان أکثر جاز.

ویجوز المحاربة بکل ما یرجی به الفتح: کهدم الحصون، ورمی المناجیق.

ولا یضمن ما یتلف بذلک المسلمین بینهم.

ویکره بإلقاء النار، ویحرم بإلقاء السم، وقیل یکره.

ولو تترسوا بالصبیان والمجانین أو النساء ولم یمکن الفتح إلا بقتلهم جاز.

وکذا لو تترسوا بالأساری من المسلمین فلا دیة.

وفی الکفارة قولان.

ولا یقتل نساؤهم ولو عاون، إلا مع الاضطرار.

ویحرم التمثیل بأهل الحرب والغدر والغلول منهم.

ویقاتل فی أشهر الحرم من لا یری لها حرمة. ویکف عمن یری حرمتها.

ویکره القتال قبل الزوال، والتبییت، وأن تعرقب الدابة، والمبارزة بین الصفین بغیر إذن الإمام.

النظر الثالث فی التوابع وهی أربعة:

(الأول) فی قسمة الفئ: یجب إخراج ما شرطه الإمام أولا کالجعائل.

ثم بما تحتاج إلیه الغنیمة کأجرة الحافظ والراعی. وبما یرضخ (2) لمن لا قسمة له کالنساء والکفار والعبید.

ص :112


1- (1) أذمه: أجاره، ا ه مختار الصحاح.
2- (2) الرضخ: القلیل من العطیة.

ثم یخرج الخمس، ویقسم الباقی بین المقاتلة ومن حضر القتال وإن لم یقاتل حتی الطفل ولو ولد بعد الحیازة قبل القسمة.

وکذا من یلتحق بهم من المدد. للراجل سهم وللفارس سهمان.

وقیل: للفارس ثلاثة.

ولو کان معه أفراس أسهم للفرسین دون ما زاد.

وکذا یقسم لو قاتلوا فی السفن وإن استغنوا عن الخیل، ولا سهم لغیر الخیل، ویکون راکبها فی الغنیمة کالراجل.

والاعتبار بکونه فارسا عند الحیازة لا بدخول المعرکة.

والجیش یشارک سریته ولا یشارکها عسکر البلد.

وصالح النبی علیه السلام الأعراب عن ترک المهاجرة بأن یساعدوا إذا استنفر بهم، ولا نصیب لهم فی الغنیمة.

ولو غنم المشرکون أموال المسلمین وذراریهم ثم ارتجعوها لم تدخل فی الغنیمة.

ولو عرفت بعد القسمة فقولان، أشبههما: ردها علی المالک.

ویرجع الغانم علی الإمام بقیمتها مع التفرق، وإلا فعلی الغنیمة.

(الثانی) فی الأساری: والإناث منهم والأطفال یسترقون، ولا یقتلون.

ولو اشتبه الطفل بالبالغ، اعتبر بالإنبات.

والذکور البالغون یقتلون حتما، إن أخذوا والحرب قائمة ما لم یسلموا والإمام مخیر بین ضرب أعناقهم وقطع أیدیهم وأرجلهم من خلاف وترکهم حتی ینزفوا.

وإن أخذوا بعد انقضائها لم یقتلوا. وکان الإمام مخیرا بین المن والفداء والاسترقاق، ولا یسقط هذا الحکم لو أسلموا.

ولا یقتل الأسیر لو عجز عن المشی ولا یعد الذمام له ویکره أن یصبر علی القتل.

ولا یجوز دفن الحربی ویجب دفن المسلم.

ص :113

ولو اشتبهوا قیل: یواری من کان کمیشا کما أمر النبی صلی الله علیه وآله وسلم فی قتلی بدر.

وحکم الطفل حکم أبویه. فإن أسلما أو أسلم أحدهما لحق بحکمه.

ولو أسلم حربی فی دار الحرب حقن دمه وماله مما ینفل دون العقارات والأرضین ولحق به ولده الأصاغر.

ولو أسلم عبد فی دار الحرب قبل مولاه ملک نفسه.

وفی اشتراط خروجه تردد، المروی: أنه یشترط.

(الثالث) فی أحکام الأرضین وکل أرض فتحت عنوة وکانت محیاة فهی للمسلمین کافة، والغانمون فی الجملة، لا تباع ولا توقف ولا توهب ولا تملک علی الخصوص.

والنظر فیها إلی الإمام، یصرف حاصلها فی المصالح.

وما کان مواتا وقت الفتح فهو للإمام لا یتصرف إلا بإذنه.

وکل أرض فتحت صلحا علی أن الأرض لأهلها، والجزیة فیها، فهی لأربابها ولهم التصرف فیها.

ولو باعها المالک صح، وانتقل ما کان علیها من الجزیة إلی ذمة البائع.

ولو أسلم سقط ما علی أرضه أیضا، لأنه جزیة.

ولو شرطت الأرض للمسلمین کانت کالمفتوحة عنوة، والجزیة علی رقابهم.

وکل أرض أسلم أهلها طوعا فهی لهم.

ولیس علیهم سوی الزکاة فی حاصلها، مما تجب فیه الزکاة.

وکل أرض ترک أهلها عمارتها فللإمام تسلیمها إلی من یعمرها، وعلیه طسقها لأربابها.

وکل أرض موات سبق إلیها سابق فأحیاها فهو أحق بها.

وإن کان لا مالک فعلیه طسقها له.

ص :114

الامر بالمعروف والنهی عن المنکر

(الرابع) الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر.

وهما واجبان علی الأعیان فی أشبه القولین.

والأمر بالواجب واجب وبالمندوب مندوب، والنهی عن المنکر کله واجب.

ولا یجب أحدهما ما لم یستکمل شروطا أربعة:

العلم بأن ما یأمر به معروف، وما ینهی عنه منکر.

وأن یجوز تأثیر الإنکار، وألا یظهر من الفاعل أمارة الإقلاع.

وألا یکون فیه مفسدة.

وینکر بالقلب، ثم باللسان، ثم بالید.

ولا ینتقل إلی الأثقل إلا إذا لم ینجح الأخف.

ولو زال بإظهار الکراهیة اقتصر، ولو کان بنوع من إعراض.

ولو لم یثمر انتقل إلی اللسان.

ولو لم یرتفع إلا بالید، کالضرب جاز.

أما لو افتقر إلی الجراح أو القتل لم یجز إلا بإذن الإمام أو من نصبه.

وکذا الحدود لا ینفذها إلا الإمام أو من نصبه.

وقیل: یقیم الرجل الحد علی زوجته وولده.

وکذا قیل: یقیم الفقهاء الحدود فی زمان الغیبة إذا أمنوا، ویجب علی الناس مساعدتهم.

ولو اضطر الجائر إنسانا إلی إقامة حد جاز ما لم یکن قتلا محرما فلا تقیة فیه.

ولو أکرهه الجائر علی القضاء، اجتهد فی تنفیذ الأحکام علی الوجه الشرعی ما استطاع.

وإن اضطر عمل بالتقیة ما لم یکن قتلا.

ص :115

کتاب التجارة

اشارة

وفیه فصول:

الفصل الأول: فیما یکتسب به

والمحرم منه أنواع

(الأول) الأعیان النجسة، کالخمر، والأنبذة والفقاع، والمیتة، والدم، والأرواث، والأبوال مما لا یؤکل لحمه.

وقیل بالمنع من الأبوال مما لا یؤکل لحمه، وقیل بالمنع من الأبوال إلا أبوال الإبل، والخنزیر والکلاب عدا کلب الصید.

وفی کلب الماشیة والحائط والزرع قولان، والمائعات النجسة عدا الدهن لفائدة الاستصباح.

ولا یباع ولا یستصبح بما یذاب من شحوم المیتة وألبانها.

(الثانی) الآلات المحرمة کالعود والطبل والزمر وهیاکل العبادة المبتدعة، کالصنم والصلیب، وآلات القمار، کالنرد والشطرنج.

(الثالث) ما یقصد به المساعدة علی المحرم کبیع السلاح لأعداء الدین فی حال الحرب، وقیل مطلقا، وإجارة المساکن والحمولات للمحرمات، وبیع العنب لیعمل خمرا، والخشب لیعمل صنما، ویکره بیعه، ممن یعمله.

(الرابع) ما لا ینتفع به کالمسوخ، بریة کانت، کالدب والقرد أو بحریة، کالجری والسلاحف وکذا الضفادع والطافی.

ولا بأس بسباع الطیر والهر والفهد.

وفی بقیة السباع قولان، أشبههما: الجواز.

(الخامس) الأعمال المحرمة، کعمل الصور المجسمة، والغناء عدا المغنیة لزف

ص :116

العرایس، إذا لم تغن بالباطل ولم تدخل علیها الرجال. والنوح بالباطل.

أما بالحق فجایز.

وهجاء المؤمنین وحفظ کتب الظلال ونسخها لغیر النقض، وتعلم السحر والکهانة والقیافة والشعبذة والقمار والغش بما یخفی، وتدلیس الماشطة، ولا بأس بکسبها مع عدمه.

وتزیین الرجل بما یحرم علیه، وزخرفة المساجد والمصاحف، ومعونة الظالم، وأجرة الزانیة.

(السادس) الأجرة علی القدر الواجب من تغسیل الأموات وتکفینهم وحملهم ودفنهم، والرشا فی الحکم، والأجرة علی الصلاة بالناس، والقضاء.

ولا بأس بالرزق من بیت المال، وکذا علی الأذان.

ولا بأس بالأجرة علی عقد النکاح.

والمکروه: إما لإفضائه إلی المحرم غالبا کالصرف وبیع الأکفان، والطعام، الرقیق، والصباغة، والذباحة؟ وبیع ما یکن من السلاح لأهل الکفر، کالخفین والدرع.

وإما لضیعته کالحیاکة والحجامة إذا شرط الأجرة. وضراب الفحل.

ولا بأس بالختانة وخفض الجواری.

وإما لتطرق الشبهة، ککسب الصبیان ومن لا یجتنب المحارم.

ومن المکروه، الأجرة علی تعلیم القرآن ونسخه، وکسب القابلة مع الشرط ولا بأس به لو تجرد.

ولا بأس بأجرة تعلیم الحکم والآداب.

وقد یکره الاکتساب بأشیاء أخر تأتی إن شاء الله تعالی.

مسائل ست:

الأولی: لا یؤخذ ما ینثر فی الأعراس إلا ما یعلم معه الإباحة.

ص :117

الثانیة: لا بأس ببیع عظام الفیل واتخاذ الأمشاط منها.

الثالثة: یجوز أن یشتری من السلطان ما یأخذه باسم المقاسمة واسم الزکاة من ثمرة وحبوب ونعم. وإن لم یکن مستحقا له.

الرابعة: لو دفع إلیه مالا لیصرفه فی المحاویج وکان منهم فلا یأخذ منه إلا بإذنه علی الأصح.

ولو أعطی عیاله جاز إذا کانوا بالصفة، ولو عین له لم یتجاوز.

الخامسة: جوائز الظالم محرمة إن علمت بعینها، وإلا فهی حلال.

السادسة: الولایة من العادل جائزة، وربما وجبت، وعن الجائر محرمة إلا مع الخوف.

نعم لو تیقن التخلص من المآثم والتمکن من الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر استحبت.

ولو أکره لا مع ذلک أجاب دفعا للضریر، وینفذ أمره ولو کان محرما، إلا فی قتل المسلم.

الفصل الثانی: فی البیع وآدابه

أما البیع فهو الإیجاب والقبول اللذان تنتقل بهما العین المملوکة من مالک إلی غیره بعوض مقدر، وله شروط:

الأول: یشترط فی المتعاقدین کمال العقل والاختیار، وأن یکون البائع مالکا أو ولیا کالأب والجد للأب والحاکم وأمینه والوصی، أو وکیلا.

ولو باع الفضولی فقولان: أشبههما: وقوفه علی الإجازة.

ولو باع ما لا یملکه مالک کالحر، وفضلات الإنسان، والخنافس والدیدان لم ینعقد.

ولو جمع بین ما یملک وما لا یملک فی عقد واحد کعبده وعبد غیره صح فی عبده، ووقف الآخر علی الإجازة.

ص :118

أما لو باع العبد والحر، أو الشاة والخنزیر صح فیما یملک وبطل فی الآخر، ویقومان ثم یقوم أحدهما ویسقط من الثمن ما قابل الفاسد.

الثانی: الکیل أو الوزن أو العدد.

فلو بیع ما یکال أو یوزن أو یعد لا کذلک بطل.

ولو تعسر الوزن أو العدد أعتبر مکیال واحد بحسابه.

ولا یکفی مشاهدة الصبرة ولا المکیال المجهول.

ویجوز ابتیاع جزء مشاع بالنسبة من معلوم وإن اختلفت أجزاؤه.

الثالث: لا تباع العین الحاضرة إلا مع المشاهدة أو الوصف.

ولو کان المراد طعمها أو ریحها فلا بد من اختبارها إذا لم یفسد به.

ولو بیع ولما یختبر فقولان، أشبههما: الجواز، وله الخیار لو خرج معیبا، ویتعین الأرش بعد الإحداث فیه.

ولو أدی اختباره إلی إفساده کالجوز والبطیخ جاز شراؤه.

ویثبت الأرش لو خرج معیبا لا الرد، ویرجع بالثمن إن لم یکن لمکسوره قیمة.

وکذا یجوز بیع المسک فی فأره وإن لم یفتق.

ولا یجوز بیع سمک الآجام لجهالته ولو ضم إلیه القصب علی الأصح، وکذا اللبن فی الضرع ولو ضم إلیه ما یحتلب منه وکذا أصواف الغنم مع ما فی بطونها وکذا کل واحد منها منفردا، وکذا ما یلقح للفحل، وکذا ما یضرب الصیاد بشبکته.

الرابع: تقدیر الثمن وجنسه.

فلو اشتراه بحکم أحدهما فالبیع باطل ویضمن المشتری تلف المبیع مع قبضه ونقصانه.

وکذا فی کل ابتیاع فاسد.

ص :119

ویرد علیه ما زاد بفعله کتعلیم الصنعة والصبغ علی الأشبه، وإذا أطلق النقد انصرف إلی نقد البلد، وإن عین نقدا لزم.

ولو اختلفا فی قدر الثمن فالقول قول البائع مع یمینه، إن کان المبیع قائما، وقول المشتری مع یمینه إن کان تالفا.

ویوضع لظروف السمن والتمر ما هو معتاد لا ما یزید.

الخامس: القدرة علی تسلیمه.

فلو باع الآبق منفردا لم یصح، ویصح لو ضم إلیه شیئا.

وأما الآداب: فالمستحب التفقه فیه والتسویة بین المبتاعین، والإقالة لمن استقال، والشهادتان، والتکبیر عند الابتیاع، وأن یأخذ لنفسه ناقصا ویعطی راجحا.

والمکروه: مدح البائع، وذم المشتری، والحلف، والبیع فی موضع یستر فیه العیب، والربح علی المؤمن إلا مع الضرورة وعلی من بعده بالإحسان، والسوم ما بین طلوع الفجر إلی طلوع الشمس، ودخول السوق أولا، ومبایعة الأدنین وذوی العاهات..، والتعرض للکیل أو الوزن إذا لم یحسن، والاستحطاط بعد الصفقة، والزیادة وقت النداء، ودخوله فی سوم أخیه وأن یتوکل الحاضر للبادی، وقیل یحرم، وتلقی الرکبان، وحده أربعة فراسخ فما دون، ویثبت الخیار إن ثبت الغبن والزیادة فی السلعة مواطأة للبائع، وهو النجش والاحتکار وهو حبس الأقوات، وقیل یحرم.

وإنما یکون فی الحنطة والشعیر، والتمر والزبیب، والسمن، وقیل: وفی الملح، وتتحقق الکراهیة إذا استبقاه لزیادة الثمن، ولم یوجد بائع غیره.

وقیل: أن تستبقیه فی الرخص أربعین یوما، وفی الغلاء ثلاثة.

ویجبر المحتکر علی البیع. وهل یسعر علیه؟ الأصح: لا.

ص :120

الفصل الثالث : فی الخیار والنظر فی أقسامه وأحکامه

وأقسامه ستة:

(الأول) خیار المجلس وهو ثابت للمتبایعین فی کل مبیع لم یشترط فیه سقوطه ما لم یفترقا.

(الثانی) خیار الحیوان وهو ثلاثة أیام للمشتری خاصة، علی الأصح.

ویسقط لو شرط سقوطه، أو أسقطه المشتری بعد العقد، أو تصرف فیه المشتری، سواء کان تصرفا لازما کالبیع أو غیر لازم کالوصیة والهبة قبل القبض.

(الثالث) خیار الشرط وهو بحسب ما یشترط.

ولا بد أن تکون مدته مضبوطة.

ولو کانت محتملة لم تجز کقدوم الغزاة وإدراک الثمرات.

ویجوز اشتراط مدة یرد فیها البائع الثمن ویرتجع المبیع.

فلو انقضت ولما یرد لزم البیع.

ولو تلف فی المدة تلف من المشتری، وکذا لو حصل له نماء کان له.

(الرابع) خیار الغبن، ومع ثبوته وقت العقد بما لا یتغابن فیه غالبا وجهالة المغبون یثبت له الخیار فی الفسخ والإمضاء.

(الخامس) من باع ولم یقبض الثمن ولا قبض المبیع ولا اشترط التأخیر فالبیع لازم ثلاثة أیام. ومع انقضائها یثبت الخیار للبائع.

فإن تلف، قال المفید: یتلف فی الثلاثة من المشتری، وبعدها من البائع.

والوجه تلفه من البائع فی الحالین لأن التقدیر أنه لم یقبض.

ولو اشتری ما یفسد من یومه، ففی روایة یلزم البیع إلی اللیل، فإن لم یأت بالثمن فلا بیع له.

(السادس) خیار الرؤیة:

وهو یثبت فی بیع الأعیان الحاضرة من غیر مشاهدة.

ولا یصح حتی یذکر الجنس والوصف.

ص :121

فإن کان موافقا لزم. وإلا کان للمشتری الرد وکذا لو لم یره البائع واشتری بالوصف کان الخیار للبائع لو کان بخلاف الصفة.

وسیأتی خیار العیب إن شاء الله تعالی.

وأما الأحکام: فمسائل:

(الأولی) خیار المجلس، یختص البیع دون غیره.

(الثانیة) التصرف یسقط خیار الشرط.

(الثالثة) الخیار یورث، مشروطا کان أو لازما بالأصل.

(الرابعة) المبیع یملک بالعقد. وقیل: به وبانقضاء الخیار.

وإذا کان الخیار للمشتری، جاز له التصرف، وإن لم یوجب البیع علی نفسه.

(الخامسة) إذا تلف المبیع قبل قبضه، فهو من مال البائع وکذا بعد قبضه وقبل انقضاء خیار المشتری ما لم یفرط، ولو تلف بعد ذلک کان من المشتری.

(السادسة) لو اشتری ضیعة رأی بعضها ووصف له سائرها کان له الخیار فیها أجمع، إن لم یکن علی الوصف.

الفصل الرابع : فی لواحق البیع وهی خمسة

(الأول) النقد والنسیئة.

من أبتاع مطلقا فالثمن حال، کما لو شرط تعجیله.

ولو شرط التأجیل مع تعیین المدة صح.

ولو لم یعین بطل. وکذا لو عین أجلا محتملا کقدوم الغزاة.

وکذا لو قال: بکذا نقدا، وبکذا نسیئة، وفی روایة، له أقل الثمنین نسیئة.

ولو کان إلی أجلین بطل.

ویصح أن یبتاع ما باعه نسیئة قبل الأجل بزیادة ونقصان بجنس الثمن غیره، حالا ومؤجلا إذا لم یشترط ذلک.

ص :122

ولو حل فابتاعه من المشتری بغیر جنس الثمن أو بجنسه من غیر زیادة ولا نقصان صح ولو زاد عن الثمن أو نقص ففیه روایتان، أشبههما: الجواز.

ولا یجب دفع الثمن قبل حلوله وإن طلب. ولو تبرع بالدفع لم یجب القبض، ولو حل فدفع وجب القبض.

ولو امتنع البائع فهلک من غیر تفریط من الباذل تلف من البائع.

وکذا فی طرف البائع لو باع سلما.

ومن أبتاع بأجل وباع مرابحة فلیخبر المشتری بالأجل.

ولو لم یخبره، کان للمشتری الرد أو الإمساک بالثمن حالا.

وفی روایة، للمشتری من الأجل مثله.

مسألتان:

(الأولی) إذا باع مرابحة فلینسب الربح إلی السلعة.

ولو نسبه إلی المال (1) فقولان، أصحهما: الکراهیة (2).

(الثانیة) من اشتری أمتعة صفقة، لم یجز بیع بعضها مرابحة سواء قومها أو بسط الثمن علیها وباع خیارها.

ولو أخبر بذلک جاز لکن یخرج عن وضع المرابحة.

ولو قوم علی الدلال متاعا ولم یواجبه البیع وجعل له الزائد أو شارکه فیه أو جعل لنفسه منه قسطا وللدلال الزائد، لم یجز بیع ذلک مرابحة.

ویجوز لو أخبر بالصورة کما قلناه فی الأول، ویکون للدلال الأجرة.

والفائدة للتاجر، سواء کان التاجر دعاه أو الدلال ابتدأه.

ومن الأصحاب من فرق.

(الثانی) فیما یدخل فی المبیع.

من باع أرضا لم یدخل نخلها ولا شجرها إلا أن یشترط.

وفی روایة، إذا أبتاع الأرض بحدودها وما أغلق علیه بابها فله جمیع ما فیها.

ص :123


1- (1) بأن یقول رأس مالی مائة، مثلا، وبعتک بربح درهم فی کل عشرة المسالک
2- (2) لأنه وإن لم یکن ربا فی الواقع إلا أن عبارته موهمة ذلک.

ولو أبتاع دارا، دخل الأعلی والأسفل، إلا أن تشهد العادة للأعلی بالانفراد.

ولو باع نخلا مؤبرا، فالثمرة للبائع، إلا أن یشترط.

وکذا لو باع شجرة مثمرة أو دابة حاملا علی الأظهر.

ولو لم تؤبر النخلة فالطلع للمشتری.

(الثالث) فی القبض:

إطلاق العقد یقتضی تسلیم المبیع والثمن.

والقبض هو التخلیة فیما لا ینقل کالعقار. وکذا فیما ینقل.

وقیل: فی القماش هو الإمساک بالید. وفی الحیوان هو نقله.

ویجب تسلیم المبیع مفرغا، فلو کان فیه متاع فعلی البائع إزالته.

ولا بأس ببیع ما لم یقبض، ویکره فیما یکال أو یوزن.

وتتأکد الکراهیة فی الطعام، وقیل یحرم.

وفی روایة لا تبیعه حتی تقبضه، إلا أن تولیه.

ولو قبض المکیل وادعی نقصانه فإن حضر الاعتبار فالقول قول البائع مع یمینه.

وإن لم یحضره فالقول قوله مع یمینه.

وکذا القول فی الموزون والمعدود والمذروع.

(الرابع) فی الشروط:

ویصح منها ما کان سائغا داخلا تحت القدرة کقصارة الثوب.

ولا یجوز اشتراط غیر المقدور، کبیع الزرع علی أن یصیره سنبلا.

ولا بأس باشتراط تبقیته.

ومع إطلاق الابتیاع، یلزم البائع إبقاؤه إلی إدراکه، وکذا الثمرة ما لم یشترط الإزالة.

ویصح اشتراط العتق والتدبیر، والکتابة.

ولو اشترط ألا یعتق أو لا یطأ الأمة، قیل یبطل الشرط دون البیع.

ص :124

ولو شرط فی الأمة ألا تباع ولا توهب فالمروی: الجواز.

ولو باع أرضا جربانا معینة فنقصت فللمشتری الخیار بین الفسخ والإمضاء بالثمن.

وفی روایة، له أن یفسخ أو یمضی البیع بحصتها من الثمن.

وفی الروایة، إن کان للبائع أرض بجنب تلک الأرض لزم البائع أن یوفیه منها.

ویجوز أن یبیع مختلفین صفقة. وأن یجمع بین سلف وبیع.

(الخامس) فی العیوب.

وضابطها ما کان زائدا عن الخلقة الأصیلة أو ناقصا.

وإطلاق العقد یقتضی السلامة.

فلو ظهر عیب سابق تخیر المشتری بین الرد والأرش ولا خیرة للبائع.

ویسقط الرد بالبراءة من العیب ولو إجمالا. وبالعلم به قبل العقد. وبالرضا بعده. وبحدوث عیب عنده. وبإحداثه فی المبیع حدثا، کرکوب الدابة والتصرف الناقل ولو کان قبل العلم بالعیب.

أما الأرش. فیسقط بالثلاثة الأول، دون الأخیرین.

ویجوز بیع المعیب وإن لم یذکر عیبه، وذکره مفصلا أفضل.

ولو أبتاع شیئین فصاعدا صفقة فظهر العیب فی البعض، فلیس له رد المعیب منفردا، وله رد الجمیع أو الأرش.

ولو اشتری اثنان شیئا صفقة فلهما الرد بالعیب أو الأرش.

ولیس لأحدهما الانفراد بالرد علی الأظهر.

والوطئ یمنع رد الأمة إلا من عیب الحبل، ویرد معها نصف عشر قیمتها.

وهنا مسائل

(الأولی) التصریة (1) تدلیس، یثبت بها خیار الرد. ویرد معها مثل لبنها أو قیمته مع التعذر. وقیل صاع من بر.

ص :125


1- (1) صری الشاة تصریة: إذ لم یحلبها أیاما حتی یجتمع اللبن فی ضرعها. ا ه مختار.

(الثانیة) الثیوبة لیست عیبا.

نعم لو شرط البکارة فثبت سبق الثیوبة کان له الرد.

ولو لم یثبت التقدم فلا رد، لأن ذلک قد یذهب بالنزوة (1).

(الثالثة) لا یرد العبد بالإباق الحادث عند المشتری. ویرد بالسابق.

(الرابعة) لو اشتری أمة لا تحیض فی ستة أشهر فصاعدا ومثلها تحیض، فله الرد، لأن ذلک لا یکون إلا لعارض.

(الخامسة) لا یرد البزر (2) والزیت بما یوجد فیه من التفل المعتاد.

نعم لو خرج عن العادة جاز رده، إذا لم یعلم.

(السادسة) لو تنازعا فی التبری من العیب ولا بینة، فالقول قول منکره مع یمینه.

(السابعة) لو ادعی المشتری تقدم العیب ولا بینة. فالقول قول البائع مع یمینه ما لم یکن هنا قرینة حال تشهد لأحدهما.

(الثامنة) یقوم المبیع صحیحا ومعیبا، ویرجع المشتری علی البائع بنسبة ذلک من الثمن.

ولو اختلف أهل الخبرة رجع إلی القیمة الوسطی.

(التاسعة) لو حدث العیب بعد العقد وقبل القبض، کان للمشتری الرد.

وفی الأرش قولان، أشبههما الثبوت.

وکذا لو قبض المشتری بعضا وحدث فی الباقی کان الحکم ثابتا فیما لم یقبض.

الفصل الخامس: فی الربا

وتحریمه معلوم من الشرع.

حتی إن الدرهم منه أعظم من سبعین زنیة.

ص :126


1- (1) یرید الوثبة، وفی (شرائع الإسلام) قد یذهب بالخطوة.
2- (2) بالکسر وقیل بالفتح: (دهن؟) الکتان.

ویثبت فی کل مکیل أو موزون مع الجنسیة.

وضابط الجنس ما یتناوله اسم خاص، کالحنطة بالحنطة، والأرز بالأرز.

ویشترط فی بیع المثلین التساوی فی القدر.

فلو بیع بزیادة حرم نقدا ونسیئة.

ویجب إعادة الربا مع العلم بالتحریم.

فإن جهل صاحبه وعرف الربا تصدق به. وإن عرفه وجهل الربا صالح علیه.

وإن مزجه بالحلال وجهل المالک والقدر تصدق بخمسه.

ولو جهل التحریم کفاه الانتهاء.

وإن اختلفت أجناس العروض جاز التفاضل نقدا.

وفی النسیئة قولان، أشبههما: الکراهیة.

والحنطة والشعیر، جنس واحد فی الربا، وکذا ما یکون منهما کالسویق والدقیق والخبز.

وثمرة النخل وما یعمل منها جنس واحد، وکذا ثمرة الکرم وما یکون منه.

واللحوم تابعة للحیوان فی الاختلاف.

وما یستخرج من اللبن جنس واحد. وکذا الأدهان تتبع ما یستخرج منه.

وما لا کیل ولا وزن فیه فلیس بربوی کالثوب بالثوبین والعبد بالعبدین.

وفی النسیئة خلاف والأشبه: الکراهیة.

وفی ثوب الربا فی المعدود تردد، أشبهه: الانتفاء.

ولو بیع شئ کیلا أو وزنا فی بلد وفی بلد آخر جزافا، فلکل بلد حکمه.

وقیل یغلب تحریم التفاضل.

وفی بیع الرطب بالتمر روایتان، أشهرهما المنع.

وهل تسری العلة فی غیره کالزبیب بالعنب، والبسر بالرطب؟ الأشبه: لا.

ص :127

ولا یثبت الربا بین الوالد والولد، ولا بین الزوج والزوجة، ولا بین المملوک والمالک، ولا بین المسلم والحربی.

وهل یثبت بینه وبین الذمی؟ فیه روایتان أشهرهما أنه یثبت.

ویباع الثوب بالغزل ولو تفاضلا.

ویکره بیع الحیوان باللحم ولو تماثلا.

وقد یتخلص من الربا بأن یجعل مع الناقص متاع من غیر جنسه مثل درهم ومد من تمر بمدین، أو ببیع أحدهما سلعته لصاحبه ویشتری الأخری بذلک الثمن.

ومن هذا الباب، الکلام فی الصرف.

وهو بیع الأثمان بالأثمان.

ویشترط فیه التقابض فی المجلس. ویبطل لو افترقا قبله علی الأشهر.

ولو قبض البعض صح فیما قبض.

ولو فارقا المجلس مصطحبین لم یبطل ولو وکل أحدهما فی القبض فافترقا قبله بطل.

ولو اشتری منه دراهم ثم اشتری بها دنانیر قبل القبض لم یصح الثانی.

ولو کان له علیه دنانیر فأمره أن یحولها إلی الدراهم وساعره فقبل صح وإن لم یقبض، لأن النقدین من واحد.

ولا یجوز التفاضل فی الجنس الواحد منهما، ویجوز فی المختلف.

ویستوی فی اعتبار التماثل: الصحیح، والمکسور، والمصوغ.

وإذا کان فی أحدهما غش لم یبع بجنسه إلا أن یعلم مقدار ما فیه، فیزاد الثمن عن قدر الجوهر بما یقابل الغش.

ولا یباع تراب الذهب بالذهب. ولا تراب الفضة بالفضة ویباع بغیره.

ولو جمعا جاز بیعه بهما.

ویباع جوهر الرصاص والنحاس بالذهب أو الفضة وإن کان فیه یسیر من ذلک.

ص :128

ویجوز إخراج الدراهم المغشوشة إذا کانت معلومة الصرف.

ولو لم تکن کذلک لم یجز إلا بعد بیانها.

مسائل:

(الأولی) إذا دفع زیادة عما للبائع صح، وتکون الزیادة أمانة.

وکذا لو بان فیه زیادة لا یکون إلا غلطا أو تعمدا.

ولو کانت الزیادة مما یتفاوت به الموازین لم تجب إعادته.

(الثانیة) یجوز أن یبدل له درهما بدرهم. ویشترط صیاغة خاتم ولا یتعدی الحکم.

ویجوز أن یقرضه الدراهم ویشترط أن ینقدها بأرض أخری.

(الثالثة) الأوانی المصوغة من الذهب والفضة إن أمکن تخلیصها لم یبع بأحدهما، وإن تعذر وکان الغالب أحدهما بیعت بالأقل. وإن تساویا بیعت بهما.

(الرابعة) المراکب والسیوف المحلاة.

إن علم مقدار الحلیة بیعت بالجنس مع زیادة تقابل المراکب أو النصل نقدا.

ولو بیعت نسیئة نقد من الثمن ما قابل الحلیة.

وإن جهل بیعت بغیر الجنس.

وقیل: إن أراد بیعها بالجنس ضم إلیها شیئا.

(الخامسة) لا یجوز بیع شئ بدینار غیر درهم، لأنه مجهول.

(السادسة) ما یجتمع من تراب الصیاغة یباع بالذهب والفضة، أو بجنس غیرهما ویتصدق به، لأن أربابه لا یتمیزون.

الفصل السادس : فی بیع الثمار

لا یصح بیع ثمرة النخل قبل ظهورها ولا بعد ظهورها ما لم یبد صلاحها.

وهو أن یحمر أو یصفر علی الأشهر.

نعم لو ضم إلیها شئ أو بیعت أزید من سنة أو بشرط القطع جاز.

ص :129

ویجوز بیعها مع أصولها وإن لم یبد صلاحها.

وکذا لا یجوز بیع ثمرة الشجر حتی تظهر ویبدو صلاحها وهو أن ینعقد الحب.

وإذا أدرک ثمرة بعض البستان جاز بیع ثمرته أجمع.

وإن أدرک ثمرة بستان ففی جواز بیع بستان آخر لم یدرک منضما إلیه تردد، والجواز أشبه.

ویصح بیع ثمرة الشجر ولو کان فی أکمامه منضما إلی أصوله ومنفردا.

وکذا یجوز بیع الزرع قائما وحصیدا.

ویجوز بیع الخضر بعد انعقادها لقطة ولقطات.

وکذا یجوز، کالرطبة جزة وجزات.

وکذا ما یخرط کالحناء والتوت خرطة وخرطات.

ولو باع الأصول من النخل بعد التأبیر فالثمرة للبائع.

وکذا الشجر بعد انعقاد الثمرة ما لم یشترطها المشتری، وعلیه تبقیتها إلی أوان بلوغها.

ویجوز أن یستثنی البائع ثمرة شجرات بعینها، أو حصة مشاعة أو أرطالا معلومة ولو خاست الثمرة سقط من الثنیا بحسابه.

ولا یجوز بیع ثمرة النخل بثمر منها وهی المزابنة (1).

وهل یجوز بثمر من غیرها فیه قولان، أظهرهما: المنع.

وکذا لا یجوز بیع السنبل بحب منه وهی المحاقلة.

وفی بیعه بحب من غیره قولان، أظهرهما: التحریم.

ویجوز بیع العریة بخرصها، وهی النخلة تکون فی دار آخر فیشتریها صاحب المنزل بخرصها تمرا.

ویجوز بیع الزرع قصیلا وعلی المشتری قطعه، ولو امتنع فللبائع إزالته.

ولو ترکه کان له أن یطالبه بأجرة أرضه.

ص :130


1- (1) (المزابنة): مفاعلة من الزبن وهو الدفع، ومنه الزبانیة، لأنهم یدفعون الناس إلی النار سمیت بذلک، لأنها مبنیة علی التخمین، والغبن فیها یکثر، وکل منهما یرید دفعه عن نفسه إلی الآخر فیتدافعان ا ه من المسالک

ویجوز أن یبیع ما ابتاعه من الثمرة بزیادة عن الثمن قبل قبضها علی کراهیة.

ولو کان بین اثنین نخل فتقبل أحدهما بحصة صاحبه من الثمرة بوزن معلوم صح.

وإذا مر الإنسان بثمرة النخل جاز له أن یأکل ما لم یضر أو یقصد.

ولا یجوز أن یأخذ معه شیئا.

وفی جواز ذلک فی غیر النخل من الزرع والخضر تردد.

الفصل السابع: فی بیع الحیوان

إذا تلف الحیوان فی مدة الخیار فهو من مال البائع، ولو کان بعد القبض، إذا لم یکن بسببه ولا عن تفریط منه.

ولا یمنع العیب الحادث من الرد بالخیار.

وإذا بیعت الحامل فالولد للبائع علی الأظهر، ما لم یشترطه المشتری.

ویجوز ابتیاع بعض الحیوان مشاعا.

ولو باع واستثنی الرأس أو الجلد ففی روایة السکونی، یکون شریکا (بسبه) قیمة ثنیاه.

ولو اشترک جماعة فی شراء حیوان واشترط أحدهم الرأس والجلد بماله، کان له منه بنسبة ما نقد لا ما شرط.

ولو قال: اشتر حیوانا بشرکتی صح، وعلی کل واحد نصف الثمن.

ولو قال: الربح لنا ولا خسران علیک، لم یلزم الشرط.

وفی روایة: إذا شارک فی جاریة وشرط الشریک الربح دون الخسارة جاز.

ویجوز النظر إلی وجه المملوکة ومحاسنها إذا أراد شراءها.

ویستحب لمن اشتری رأسا (1) أن یغیر اسمه ویطعمه شیئا حلوا ویتصدق عنه بأربعة دراهم. ویکره أن یریه ثمنه فی المیزان.

ص :131


1- (1) یرید عبدا أو أمة.

ویلحق بهذا الباب مسائل:

(الأولی) المملوک یملک فاضل الضریبة وقیل: لا یملک شیئا.

(الثانیة) من اشتری عبدا له مال، کان ماله للبائع، إلا مع الشرط.

(الثالثة) یجب علی البائع استبراء الأمة قبل بیعها بحیضة، إن کانت ممن تحیض. وبخمسة وأربعین یوما، إن لم تحض وکانت من سن من تحیض.

وکذا یجب الاستبراء علی المشتری إذا لم یستبرئها البائع.

ویسقط الاستبراء علی الصغیرة والیائسة والمستبرأة، وأمة المرأة.

ویقبل قول العدل إذا أخبر بالاستبراء.

ولا توطأ الحامل قبلا حتی تمضی لحملها أربعة أشهر.

ولو وطئها عزل. ولو لم یعزل کره له بیع ولدها، واستحب أن یعزل له من میراثه قسطا.

(الرابعة) یکره التفرقة بین الأطفال وأمهاتهم حتی یستغنوا.

وحده سبع سنین. وقیل: أن یستغنی عن الرضاع، ومنهم من حرم.

(الخامسة) إذا وطئ المشتری الأمة ثم بان استحقاقها انتزعها المستحق.

وله عقرها نصف العشر إن کانت ثیبا والعشر إن کانت بکرا.

وقیل: یلزمه مهر أمثالها وعلیه قیمة الولد یوم سقط حیا.

ویرجع بالثمن وقیمة الولد علی البائع.

وفی رجوعه بالعقر قولان، أشبهها: الرجوع.

(السادسة) یجوز ابتیاع ما یسبیه الظالم وإن کان للإمام بعضه أو کله.

ولو اشتری أمة سرقت من أرض الصلح ردها علی البائع واستعاد ثمنها.

فإن مات ولا عقب له سعت الأمة فی قیمتها علی روایة مسکین السمان.

وقیل: یحفظها کاللقطة.

ولو قیل: یدفع إلی الحاکم ولا تکلف السعی، کان حسنا.

ص :132

(السابعة) إذا دفع إلی مأذون مالا لیشتری نسمة ویعتقها ویحج ببقیة المال فاشتری أباه وتحاق مولاه ومولی الأب وورثة الأمر بعد العتق والحج، وکل یقول:

اشتری بمالی، ففی روایة ابن أشیم مضت الحجة ویرد المعتق علی موالیه رقا.

ثم أی الفریقین أقام البینة، کان له رقا، وفی السند ضعف وفی الفتوی اضطراب.

ویناسب الأصل الحکم بإمضاء ما فعله المأذون ما لم یقم بینة تنافیه.

(الثامنة) إذا اشتری عبدا فدفع البائع إلیه عبدین لیختار أحدهما فأبق واحد، قیل: یرتجع نصف الثمن.

ثم إن وجده تخیر، وإلا کان الآخر بینهما نصفین، وفی الروایة ضعف.

ویناسب الأصل أن یضمن الآبق ویطالب بما ابتاعه.

ولو أبتاع عبدا من عبدین لم یصح، وحکی الشیخ فی الخلاف: الجواز.

(التاسعة) إذا وطئ أحد الشریکین الأمة سقط عنه من الحد ما قابل نصیبه وحد بالباقی مع انتفاء الشبهة.

ثم إن حملت قومت علیه حصص الشرکاء.

وقیل: تقوم بمجرد الوطئ وینعقد الولد حرا.

وعلی الواطئ قیمة حصص الشرکاء منه عند الولادة.

(العاشرة) المملوکان المأذون لهما فی التجارة إذا أبتاع کل منهما صاحبه حکم للسابق.

ولو اشتبه مسحت الطریق وحکم للأقرب.

فإن اتفقا بطل العقدان. وفی روایة یقرع بینهما.

الفصل الثامن: فی السلف

وهو ابتیاع مضمون إلی أجل بمال حاضر أو فی حکمه.

والنظر فی شروطه وأحکامه ولواحقه.

ص :133

الأولی - الشروط. وهی خمسة:

(الأول) ذکر الجنس والوصف.

فلا یصح فیما لا یضبطه الوصف کاللحم والخبز والجلود.

ویجوز فی الأمتعة والحیوان والحبوب وکل ما یمکن ضبطه.

(الثانی) قبض رأس المال قبل التفرق، ولو قبض بعض الثمن ثم افترقا صح فی المقبوض.

ولو کان الثمن دینا علی البائع صح علی الأشبه لکنه یکره.

(الثالث) تقدیر المبیع بالکیل أو الوزن، ولا یکفی العدد ولو کان مما یعد.

ولا یصح فی القصب أطنانا (1) ولا فی الحطب حزما ولا فی الماء قربا.

وکذا یشترط التقدیر فی الثمن وقیل: یکفی المشاهدة.

(الرابع) تعیین الأجل بما یرفع احتمال الزیادة والنقصان.

(الخامس) أن یکون وجوده غالبا وقت حلوله، ولو کان معدوما وقت العقد.

(الثانی) فی أحکامه. وهی خمسة مسائل:

الأولی لا یجوز بیع السلم قبل حلوله ویجوز بعده وإن لم یقبضه علی کراهیة فی الطعام علی من هو علیه وعلی غیره.

وکذا یجوز بیع بعضه وتولیة بعضه. وکذا بیع الدین.

فإن باعه بما هو حاضر صح. وکذا إن باعه بمضمون حال.

ولو شرط تأجیل الثمن قیل: یحرم، لأنه بیع دین بدین.

وقیل یکره، وهو الأشبه.

أما لو باع دینا فی ذمة زید، بدین المشتری فی ذمة عمرو فلا یجوز لأنه بیع دین بدین.

الثانیة إذا دفع دون الصفة وبرضی المسلم صح.

ولو دفع بالصفة وجب القبول وکذا لو دفع فوق الصفة، ولا کذا لو دفع أکثر.

ص :134


1- (1) فی المصباح الطن فیما یقال: حزمة من حطب أو قصب، والجمع أطنان.

الثالثة إذا تعذر عند الحلول أو انقطع فطالب، کان مخیرا بین الفسخ والصبر.

الرابعة إذا دفع من غیر الجنس ورضی الغریم ولم یساعره، احتسب بقیمة یوم الإقباض.

الخامسة عقد السلف قابل لاشتراط ما هو معلوم.

فلا یبطل باشتراط بیع، أو هبة، أو عمل محلل أو صنعة.

ولو أسلف فی غنم وشرط أصواف نعجات بعینها قیل: یصح.

والأشبه: المنع، للجهالة.

ولو شرط ثوبا من غزل امرأة معینة أو غلة من قراح (1) بعینه لم یضمن.

النظر الثالث: فی لواحقه وهی قسمان:

(الأول) فی دین المملوک، ولیس له ذلک إلا مع الإذن ولو بادر لزم ذمته یتبع به إذا أعتق ولا یلزم المولی.

ولو أذن له المولی لزمه دون المملوک إن استبقاه أو باعه.

ولو أعتقه فروایتان: إحداهما یسعی فی الدین والأخری لا یسقط عن ذمة المولی وهو الأشهر.

ولو مات المولی کان الدین فی ترکته.

ولو کان له غرماء کان غریم المملوک کأحدهم.

ولو کان مأذونا فی التجارة فاستدان لم یلزم المولی.

وهل یسعی العبد فیه؟ قیل: نعم. وقیل: یتبع به إذا أعتق وهو الأشبه.

القسم الثانی فی القرض.

وفیه أجر ینشأ من معونة المحتاج تطوعا ویجب الاقتصار علی العوض.

ولو شرط النفع ولو زیادة فی الصفة حرم.

نعم لو تبرع المقترض بزیادة فی العین أو الصفة لم یحرم.

ص :135


1- (1) القراح: المزرعة التی لیس علیها بناء ولا فیها شجر، ا ه مختار.

ویقترض الذهب والفضة وزنا، والحبوب کالحنطة والشعیر، کیلا ووزنا.

والخبز وزنا وعددا.

ویملک الشئ المقترض بالقبض، ولا یلزم اشتراط الأجل فیه.

ولا یتأجل الدین الحال مهرا کان أو غیره.

فلو غاب صاحب الدین غیبة منقطعة نوی المستدین قضاءه وعزله عند وفاته موصیا به.

ولو لم یعرفه اجتهد فی طلبه. ومع الیأس قیل: یتصدق به عنه.

ولا یصح المضاربة بالدین حتی یقبض. ولو باع الذمی ما لا یملکه المسلم (1) وقبض ثمنه جاز أن یقبضه المسلم عن حقه.

ولو أسلم الذمی قبل بیعه قیل یتولاه غیره وهو ضعیف.

ولو کان لاثنین دیون فاقتسماها، فما حصل لهما، وما توی (2) منهما.

ولو بیع الدین بأقل منه لم یلزم الغریم أن یدفع إلیه أکثر مما دفع علی تردد:

خاتمة فی أجرة الکیال ووزان المتاع

خاتمة

أجرة الکیال ووزان المتاع علی البائع.

وکذا أجرة بائع الأمتعة وأجرة الناقد ووزان الثمن علی المشتری، وکذا أجرة مشتری الأمتعة.

ولو تبرع الواسطة لم یستحق أجرة.

وإذا جمع بین الابتیاع والبیع فأجرة کل عمل علی الآمر به. ولا یجمع بینهما لواحد.

ولا یضمن الدلال ما یتلف فی یده ما لم یفرط.

ولو اختلفا فی التفریط ولا بینه، فالقول قول الدلال مع یمینه. وکذا لو اختلفا فی القیمة.

ص :136


1- (1) یعنی سلعة لا یصح للمسلم تملکها کالخمر والخنزیر
2- (2) (توی) أی هلک

کتاب الرهن

کتاب الرهن

وأرکانه أربعة:

الأول فی الرهن: وهو وثیقة لدین المرتهن. ولا بد فیه من الإیجاب والقبول وهل یشترط الإقباض؟ الأظهر: نعم.

ومن شرطه أن یکون عینا مملوکا یمکن قبضه.

ویصح بیعه منفردا کان أو مشاعا.

ولو رهن مالا یملک وقف علی إجازة المالک.

ولو کان یملک بعضه مضی فی ملکه. وهو لازم من جهة الراهن.

ولو شرطه مبیعا عند الأجل لم یصح.

ولا یدخل حمل الدابة ولا ثمرة النخل والشجر فی الرهن. نعم لو تجدد بعد الارتهان دخل. وفائدة الرهن للراهن.

ولو رهن رهنین بدینین ثم أدی عن أحدهما لم یجز إمساکه بالآخر.

ولو کان دینان، وبأحدهما رهن لم یجز إمساکه بهما.

ولم یدخل زرع الأرض فی الرهن سابقا کان أو متجددا.

الثانی فی الحق: ویشترط ثبوته فی الذمة مالا کان أو منفعة.

ولو رهن علی مال ثم استدان آخر فجعله علیهما صح.

الثالث فی الراهن: ویشترط فیه کمال العقل وجواز التصرف وللولی أن یرهن لمصلحة المولی علیه.

ولیس للراهن التصرف فی الرهن بإجارة ولا سکنی ولا وطء، لأنه تعریض للإبطال، وفیه روایة بالجواز مهجورة.

ولو باعه الراهن وقف علی إجازة المرتهن.

ص :137

وفی وقوف العتق علی إجازة المرتهن تردد، أشبهه: الجواز.

(الرابع) فی المرتهن: ویشترط فیه کمال العقل وجواز التصرف.

ویجوز اشتراط الوکالة فی الرهن. ولو عزل له لم ینعزل.

وتبطل الوکالة بموت الموکل دون الرهانة.

ویجوز للمرتهن ابتیاع الرهن.

والمرتهن أحق من غیره باستیفاء دینه من الرهن، سواء کان الراهن حیا أو میتا. وفی المیت روایة أخری.

ولو قصر الرهن عن الدین، ضرب مع الغرماء بالفاضل.

والرهن أمانة فی ید المرتهن، ولا یسقط بتلفه شئ من ماله ما لم یتلف بتعد أو تفریط.

ولیس له التصرف فیه، ولو تصرف من غیر إذن ضمن العین والأجرة.

ولو کان الرهن دابة قام بمؤنتها وتقاصا.

وفی روایة: الظهر یرکب والدر یشرب، وعلی الذی یرکب ویشرب النفقة.

وللمرتهن استیفاء دینه من الرهن إن خاف جحود الوارث.

ولو اعترف بالرهن وادعی الدین ولا بینة فالقول قول الوارث.

وله إحلافه إن ادعی علیه العلم.

ولو باع الرهن وقف علی الإجازة.

ولو کان وکیلا فباع بعد الحلول صح.

ولو أذن الراهن فی البیع قبل الحلول لم یستوف دینه حتی یحل.

ویلحق به مسائل النزاع. وهی أربع:

(الأولی) یضمن المرتهن قیمة الرهن یوم تلفه.

وقیل: أعلی القیم من حین القبض إلی حین التلف.

ص :138

ولو اختلفا، فالقول قول الراهن. وقیل القول قول المرتهن، وهو أشبه.

(الثانیة) لو اختلفا فیما علی الرهن فالقول قول الراهن.

وفی روایة القول قول المرتهن ما لم یدع زیادة عن قیمة الرهن.

(الثالثة) لو قال القابض: هو رهن، وقال المالک: هو ودیعة فالقول قول المالک مع یمینه. وفیه روایة أخری متروکة.

(الرابعة) لو اختلفا فی التفریط فالقول قول المرتهن مع یمینه.

ص :139

کتاب الحجر

کتاب الحجر

المحجور هو الممنوع من التصرف فی ماله.

وأسبابه ستة، الصغر والجنون، والرق، والمرض، والفلس، والسفه.

ولا یزول حجر الصغیر إلا بوصفین:

(الأول) البلوغ. وهو یعلم بإنبات الشعر الخشن علی العانة. أو خروج المنی الذی منه الولد من الموضع المعتاد. ویشترک فی هذین الذکور والإناث أو السنی وهو بلوغ خمس عشرة.

وفی روایة، من ثلاث عشرة إلی أربع عشرة.

وفی روایة أخری، بلوغ عشرة، وفی الأنثی بلوغ تسع.

(الثانی) الرشد. وهو أن یکون مصلحا لماله.

وفی اعتبار العدالة تردد.

ومع عدم الوصفین أو أحدهما یستمر الحجر ولو طعن فی السن.

ویعلم رشد الصبی باختباره بما یلائمه من التصرفات. ویثبت بشهادة رجلین فی الرجال. وبشهادة الرجال أو النساء فی النساء.

ص :140

والسفیه هو الذی یصرف أموال فی غیر الأغراض الصحیحة.

فلو باع والحال هذه لم یمض بیعه. وکذا لو وهب أو أقر بمال.

ویصح طلاقه وظهاره وإقراره بما لا یوجب مالا.

والمملوک ممنوع من التصرفات إلا بإذن المولی.

والمریض ممنوع من الوصیة بما زاد علی الثلث. وکذا فی التبرعات المنجزة علی الخلاف.

والأب والجد للأب یلیان علی الصغیر والمجنون. فإن فقدا فالوصی. فإن فقد فالحاکم.

ص :141

کتاب الضمان

کتاب الضمان

وهو عقد شرع للتعهد بنفس أو مال. وأقسامه ثلاثة.

(الأول) ضمان المال.

ویشترط فی الضامن التکلیف، وجواز التصرف.

ولا بد من رضا المضمون له ولا عبرة بالمضمون عنه.

ولو علم فأنکر لم یبطل الضمان علی الأصح.

وینقل المال من ذمة المضمون عنه إلی الضامن وتبرأ ذمة المضمون عنه.

ویشترط فیه الملاءة أو علم المضمون له بإعساره. ولو بان إعساره کان المضمون له مخیرا.

والضمان المؤجل جائز. وفی المعجل قولان، أصحهما: الجواز.

ویرجع الضامن علی المضمون عنه، إن ضمن بسؤاله. ولا یؤدی أکثر مما دفع.

ولو وهبه المضمون له أو أبرأه لم یرجع علی المضمون عنه بشئ ولو کان بإذنه.

وإذا تبرع الضامن بالضمان فلا رجوع.

ولو ضمن ما علیه صح وإن لم یعلم کمیته علی الأظهر.

ویثبت علیه ما تقوم به البینة، لا ما یثبت فی دفتر وحساب، ولا ما یقر به المضمون عنه.

القسم الثانی: الحوالة:

وهی مشروعة لتحویل المال من ذمة إلی ذمة مشغولة بمثله.

ویشترط رضاء الثلاثة. وربما اقتصر بعض علی رضاء المحیل والمحتال.

ولا یجب قبول الحوالة ولو کان علی ملئ. نعم لو قبل لزمت ولا یرجع المحتال علی المحیل ولو افتقر المحال علیه.

ص :142

ویشترط ملاءته وقت الحوالة أو علم المحتال بإعساره.

ولو بان فقره رجع ویبرأ المحیل وإن لم یبرئه المحتال.

وفی روایة، وإن لم یبرئه فله الرجوع.

القسم الثالث: الکفالة:

وهی التعهد بالنفس.

ویعتبر رضاء الکافل والمکفول له دون المکفول عنه.

وفی اشتراط الأجل قولان.

وإن اشترط أجلا فلا بد من کونه معلوما.

وإذا دفع الکافل الغریم فقد برئ.

وإن امتنع کان للمکفول له حبسه حتی یحضر الغریم، أو ما علیه.

ولو قال: إن لم أحضره إلی کذا، کان علی کذا، کان کفیلا أبدا ولم یلزمه المال ولو قال: علی کذا إلی کذا إن لم أحضره کان ضامنا للمال إن لم یحضره فی الأجل.

ومن خلی غریما من ید غریمه قهرا لزمه إعادته أو أداء ما علیه.

ولو کان قاتلا أعاده أو یدفع الدیة:

وتبطل الکفالة بموت المکفول.

ص :143

کتاب الصلح

کتاب الصلح (1) وهو مشروع لقطع المنازعة:

ویجوز مع الاقرار والإنکار إلا ما حرم حلالا، أو حلل حراما (2).

ویصح مع علم المصطلحین بما وقعت المنازعة فیه. ومع جهالتهما دینا تنازعا أو عینا. وهو لازم من طرفیه. ویبطل بالتقایل.

ولو اصطلح الشریکان علی أن الخسران علی أحدهما والربح له وللآخر رأس ماله صح.

ولو کان بید اثنین درهمان فقال أحدهما: هما لی، وقال الآخر: هما بینی وبینک، فللمدعی الکل، درهم ونصف، وللآخر ما بقی.

وکذا لو أودعه إنسان درهمین وآخر درهما فامتزجت لا عن تفریط وتلف واحد فلصاحب الاثنین، درهم ونصف، وللآخر ما بقی.

ولو کان لواحد ثوب بعشرین درهما، وللآخر ثوب بثلاثین فاشتبها، فإن خیر أحدهما صاحبه فقد أنصفه وإلا بیعا وقسم الثمن بینهما أخماسا.

وإذا ظهر استحقاق أحد العوضین بطل الصلح.

ص :144


1- (1) وفی شرائع الإسلام: وهو عقد شرع لقطع التجاذب ولیس فرعا علی غیره ولو أفاد فائدته. وجاء فی تذکرة الفقهاء: الصلح عند علمائنا أجمع عقد قائم بنفسه، لیس فرعا علی غیره بل هو أصل فی نفسه منفرد بحکمه ولا یتبع غیره فی الأحکام لعدم الدلیل علی تبعیته علی الغیر، والأصل فی العقود الأصالة.. (تذکرة الفقهاء)
2- (2) لإطلاق النصوص بجوازه من غیر تقیید بالخصومة کقول النبی صلی الله علیه وآله وسلم (الصلح جائز بین المسلمین إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا).. والأصل فی العقود الصحة وللأمر بالوفاء بها (عن المسالک).

کتاب المضاربة

کتاب المضاربة

وهی أن یدفع الإنسان إلی غیره مالا لیعمل فیه بحصة من ربحه.

ولکل منهما الرجوع سواء کان المال ناضا أو مشتغلا.

ولا یلزم فیها اشتراط الأجل. ویقتصر علی ما تعین له من التصرف.

ولو أطلق، تصرف فی الاستثمار کیف شاء. ویشترط کون الربح مشترکا.

ویثبت للعامل ما شرط له من الربح ما لم یستغرقه.

وقیل للعامل أجرة المثل.

وینفق العامل فی السفر من الأصل کمال النفقة ما لم یشترطه.

ولا یشتری العامل إلا بعین المال.

ولو اشتری فی الذمة وقع الشراء له والربح له.

ولو أمر بالسفر إلی جهة فقصد غیرها ضمن. ولو ربح کان الربح بینهما بمقتضی الشرط.

وکذا لو أمره بابتیاع شئ فعدل إلی غیره.

وموت کل واحد منهما یبطل المضاربة.

ویشترط فی مال المضاربة أن یکون عینا: دنانیر أو دراهم. ولا تصلح بالعروض.

ولو قوم عروضا وشرط للعامل حصة من ربحه کان الربح للمالک، وللعامل الأجرة.

ولا یکفی مشاهدة رأس مال المضاربة ما لم یکن معلوم القدر، وفیه قول بالجواز.

ولو اختلفا فی قدر رأس المال فالقول قول العامل مع یمینه. ویملک العامل نصیبه من الربح بظهوره وإن لم ینض.

ولا خسران علی العامل إلا عن تعد أو تفریط.

وقوله مقبول فی التلف. ولا یقبل فی الرد إلا ببینة علی الأشبه.

ص :145

کتاب الشرکة

کتاب الشرکة

وهی اجتماع حق مالکین فصاعدا فی الشئ علی سبیل الشیاع.

ویصح مع امتزاج المالین المتجانسین علی وجه لا یمتاز أحدهما عن الآخر ولا ینعقد بالأبدان والأعمال (؟).

ولو اشترکا کذلک کان لکل واحد أجرة عمله.

ولا أصل لشرکة الوجوه والمفاوضة.

وإذا تساوی المالان فی القدر فالربح بینهما سواء. ولو تفاوتا فالربح کذلک وکذا الخسران بالنسبة.

ولو شرط أحدهما فی الربح زیادة، فالأشبه: أن الشرط لا یلزم.

ومع الامتزاج لیس لأحد الشرکاء التصرف إلا مع الأذن من الباقین.

ویقتصر فی التصرف علی ما تناوله الأذن ولو کان الأذن مطلقا صح.

ولو شرط الاجتماع لزم.

وهی جائزة من الطرفین. وکذا الأذن فی التصرف.

ولیس لأحد الشرکاء الامتناع من القسمة عند المطالبة إلا أن یتضمن ضررا.

ولا یلزم أحد الشریکین إقامة رأس المال، ولا ضمان علی أحد الشرکاء ما لم (؟) یکن بتعد أو تفریط.

ولا تصح مؤجلة، وتبطل بالموت.

وتکره مشارکة الذمی، وإبضاعه، وإیداعه.

ص :146

ولو اشتری العامل أباه فظهر فیه ربح عتق نصیب العامل من الربح وسعی العبد فی باقی ثمنه.

ومتی فسخ المالک المضاربة صح وکان للعامل أجرته إلی ذلک الوقت.

ولو ضمن صاحب المال العامل صار الربح له.

ولا یطأ المضارب جاریة القراض، ولو کان المالک أذن له. وفیه روایة بالجواز متروکة.

ولا یصح المضاربة بالدین حتی یقبض.

ولو کان فی یده مضاربة فمات، فإن عینها لواحد بعینه أو عرفت منفردة وإلا تحاص فیها الغرماء.

ص :147

کتاب المزارعة والمساقاة

کتاب المزارعة والمساقاة

أما المزارعة: فهی معاملة علی الأرض بحصة من حاصلها.

وتلزم المتعاقدین. لکن لو تقایلا صح ولا تبطل بالموت.

وشروطها ثلاثة:

(1) أن یکون الماء مشاعا، تساویا فیه أو تفاضلا.

(2) وأن تقدر لها مدة معلومة.

(3) وأن تکون الأرض مما یمکن الانتفاع بها.

وله أن یزرع الأرض بنفسه وبغیره ومع غیره إلا أن یشترط علیه زرعها بنفسه.

وأن یزرع ما شاء إلا أن یعین له.

وخراج الأرض علی صاحبها إلا أن یشترط علی الزارع. وکذا لو زاد السلطان زیادة.

ولصاحب الأرض أن یخرص علی الزارع، والزارع بالخیار فی القبول. فإن قبل، کان استقراره مشروطا بسلامة الزرع.

وتثبت أجرة المثل فی کل موضع تبطل فیه المزارعة.

وتکره إجارة الأرض للزراعة بالحنطة أو الشعیر. وأن یؤجرها بأکثر مما (یستأجرها؟) به إلا أن یحدث فیها حدثا، أو یؤجرها بغیر الجنس الذی استأجرها به.

وأما المساقاة: فهی معاملة علی الأصول بحصة من ثمرها. ویلزم المتعاقدین کالإجارة.

ویصح قبل ظهور الثمرة وبعدها إذا بقی للعامل عمل فیه المستزاد.

ولا تبطل بموت أحدهما علی الأشبه إلا أن یشترط تعیین العامل.

وتصح کل علی أصل ثابت له ثمرة ینتفع بها مع بقائه.

ص :148

ویشترط فیها المدة المعلومة التی یمکن حصول الثمرة فیها غالبا.

ویلزم العامل من العمل ما فیه مستزاد الثمرة.

وعلی المالک بناء الجدران وعمل النواضح، وخراج الأرض إلا أن یشترط علی العامل.

ولا بد أن تکون الفائدة مشاعة، فلو اختص بها أحدهما لم یصح. وتملک بالظهور.

وإذا اختل أحد شروط المساقاة کانت الفائدة للمالک، وللعامل الأجرة.

ویکره أن یشترط المالک مع الحصة شیئا من ذهب أو فضة.

ویجب الوفاء به لو شرط ما لم تتلف الثمرة.

ص :149

کتاب الودیعة والعاریة

کتاب الودیعة والعاریة

أما الودیعة: فهی استنابة فی الاحتفاظ. وتفتقر إلی القبول قولا کان أو فعلا.

ویشترط فیهما الاختیار.

وتحفظ کل ودیعة بما جرت به العادة.

ولو عین المالک حرزا اقتصر علیه ولو نقلها إلی أدون أو أحرز ضمن إلا مع الخوف (1).

وهی جائزة من الطرفین. وتبطل بموت کل واحد منها.

ولو کانت دابة وجب علفها وسقیها، ویرجع به علی المالک.

والودیعة أمانة لا یضمنها المستودع إلا مع التفریط أو العدوان.

ولو تصرف فیها باکتساب ضمن، وکان الربح للمالک.

ولا یبرأ بردها إلی الحرز. وکذا لو تلفت فی یده بتعد أو تفریط فرد مثلها إلی الحرز.

بل لا یبرأ إلا بالتسلیم إلی المالک أو من یقوم مقامه.

ولا یضمنها لو قهره علیها ظالم لکن إن أمکنه الدفع وجب.

ولو أحلفه أنها لیست عنده حلف موریا. وتجب إعادتها إلی المالک مع المطالبة.

ولو کانت غصبا منعه وتوصل فی وصولها إلی المستحق.

ولو جهله، عرفها کاللقطة حولا، فإن وجده وإلا تصدق بها عن المالک إن شاء. ویضمن إن لم یرض.

ولو کانت مختلطة بمال المودع ردها علیه إن لم یتمیز.

ص :150


1- (1) ولو عین له موضع الاحتفاظ اقتصر علیه فلو نقلها ضمن إلا إلی الأحرز أو مثله علی قول ولا یجوز نقلها إلی ما دونه ولو کان حرزا إلا مع الخوف) ا ه - شرائع.

وإذا ادعی المالک التفریط، فالقول قول المستودع مع یمینه.

ولو اختلفا فی مال، هل هو ودیعة أو دین، فالقول قول المالک مع یمینه أنه لم یودع إذا تعذر الرد أو تلف العین.

ولو اختلفا فی القیمة فالقول قول المالک مع یمینه.

وقیل: القول قول المستودع وهو أشبه.

ولو اختلفا فی الرد فالقول قول المستودع.

ولو مات المودع وکان الوارث جماعة دفعها إلیهم أو إلی من یرتضونه. ولو دفعها إلی البعض، ضمن حصص الباقین.

وأما العاریة: فهی الأذن فی الانتفاع بالعین تبرعا ولیست لازمة لأحد المتعاقدین.

ویشترط فی المعیر کمال العقل وجواز التصرف.

وللمستعیر الانتفاع بما جرت به العادة.

ولا یضمن التلف ولا النقصان لو اتفق بالانتفاع.

بل لا یضمن إلا مع تفریط أو عدوان أو اشتراط، إلا أن تکون العین ذهبا أو فضة فالضمان یلزم وإن لم یشترط.

ولو استعار من الغاصب مع العلم ضمن. وکذا لو کان جاهلا لکن یرجع علی المعیر بما یغترم.

وکل ما یصح الانتفاع به مع بقائه تصح إعارته. ویقتصر المستعیر علی ما یؤذن له.

ولو اختلفا فی التفریط. فالقول قول المستعیر مع یمینه.

ولو اختلفا فی الرد، فالقول قول المعیر.

ولو اختلفا فی القیمة فقولان، أشبههما: قول الغارم مع یمینه.

ولو استعار ورهن من غیر إذن المالک، انتزع المالک العین ویرجع المرتهن بماله علی الراهن.

ص :151

کتاب الإجارة

کتاب الإجارة

وهی تملیک منفعة معلومة بعوض معلوم.

ویلزم من الطرفین وتنفسخ بالتقایل.

ولا تبطل بالبیع ولا بالعتق.

وهل تبطل بالموت. قال الشیخان: نعم. وقال المرتضی: لا تبطل وهو أشبه.

وکل ما تصح إعارته تصح إجارته.

وإجارة المشاع جائزة. والعین أمانة لا یضمنها المستأجر ولا ما ینقص منها، إلا مع تعد أو تفریط، وشرائطها خمسة:

(1) أن یکون المتعاقدان کاملین جائزی التصرف.

(2) وأن تکون الأجرة معلومة، کیلا أو وزنا. وقیل تکفی المشاهدة ولو کان مما یکال أو یوزن.

وتملک الأجرة بنفس العقد معجلة مع الإطلاق أو اشتراط التعجیل.

ویصح تأجیلها نجوما، أو إلی أجل واحد.

ولو استأجر من یحمل له متاعا إلی موضع فی وقت معین بأجرة معینة، فإن لم یفعل، نقص من أجرته شیئا معینا صح، ما لم یحط بالأجرة.

(3) وأن تکون المنفعة مملوکة للمؤجر أو لمن یؤجر عنه.

وللمستأجر أن یؤجر إلا أن یشترط علیه استیفاء المنفعة بنفسه.

(4) وأن تکون المنفعة مقدرة بنفسها کخیاطة الثوب المعین. أو بالمدة المعینة کسکنی الدار. وتملک المنفعة بالعقد.

وإذا مضت مدة یمکن استیفاء المنفعة والعین فی ید المستأجر استقرت الأجرة ولو لم ینتفع.

ص :152

وإذا عین جهة الانتفاع لم یتعدها المستأجر ویضمن مع التعدی.

ولو تلفت العین قبل القبض أو امتنع المؤجر من التسلیم مدة الإجارة بطلب الإجارة. ولو منعه الظالم بعد القبض لم تبطل. وکان الدرک علی الظالم.

ولو انهدم المسکن تخیر المستأجر فی الفسخ وله إلزام المالک بإصلاحه.

ولا یسقط مال الإجارة لو کان الهدم بفعل المستأجر.

(5) وأن تکون المنفعة مباحة.

فلو آجره لیحمل الخمر ولیعلمه الغناء لم تنعقد ولا تصح إجارة الآبق.

ولا یضمن صاحب الحمام الثیاب إلا أن یودع فیفرط.

ولو تنازعا فی الاستئجار فالقول قول المنکر مع یمینه.

ولو اختلفا فی رد العین فالقول قول المالک مع یمینه. وکذا لو کان فی قدر الشئ المستأجر.

ولو اختلفا فی قدر الأجرة فالقول قول المستأجر مع یمینه. وکذا لو ادعی علیه التفریط.

وتثبت أجرة المثل فی کل موضع تبطل فیه الإجارة.

ولو تعدی بالدابة المسافة المشترطة ضمن، ولزمه فی الزائد أجرة المثل.

وأن اختلفا فی قیمة الدابة أو أرش نقصها فالقول قول الغارم. وفی روایة، القول قول المالک.

ویستحب أن یقاطع (1) من یستعمله علی الأجرة ویجب إیفاؤه عند فراغه.

ولا یعمل أجیر الخاص لغیر المستأجر.

ص :153


1- (1) (یقاطع) أی یتفق المستأجر مع الأجیر علی مبلغ معین لئلا یتنازعا فیما بعد. وکلمة (المقاطعة) بمعنی الاتفاق علی قدر معین شائعة وبعض البلاد السوریة کمدینة (حمص) وضواحیها.

کتاب الوکالة

کتاب الوکالة

وهی تستدعی فصولا:

(الأول) الوکالة، عبارة عن الإیجاب والقبول الدالین علی الاستنابة فی التصرف. ولا حکم لوکالة المتبرع.

ومن شرطها أن تقع منجزة. فلا یصح معلقة علی شرط ولا صفة.

ویجوز تنجیزها وتأخیر التصرف إلی مدة. ولیست لازمة لأحدهما.

ولا ینعزل ما لم یعلم العزل وإن أشهد بالعزل علی الأصح.

وتصرفه قبل العلم ماض علی الموکل.

وتبطل بالموت والجنون والإغماء وتلف ما یتعلق به.

ولو باع الوکیل بثمن فأنکر الموکل الأذن بذلک القدر، فالقول قول الموکل مع یمینه.

ثم تستعاد العین إن کانت موجودة، ومثلها إن کانت مفقودة، أو قیمتها إن لم یکن لها مثل. وکذا لو تعتذر استعادتها.

(الثانی) ما تصح فیه الوکالة.

وهو کل فعل لا یتعلق غرض الشارع فیه بمباشر معین، کالبیع، والنکاح.

وتصح الوکالة فی الطلاق للغائب والحاضر علی الأصح.

ویقتصر الوکیل علی ما عینه الموکل.

ولو عمم الوکالة صح إلا ما یقتضیه الاقرار.

(الثالث) الموکل:

ویشترط کونه مکلفا جائز التصرف.

ولا یوکل العبد إلا بإذن مولاه. ولا الوکیل إلا أن یؤذن له.

وللحاکم أن یوکل عن السفهاء والبله.

ص :154

ویکره لذوی المروءات أن یتولوا المنازعة بنفوسهم.

(الرابع) الوکیل:

ویشترط فیه کمال العقل.

ویجوز أن تلی المرأة عقد النکاح لنفسها ولغیرها.

والمسلم یتوکل للمسلم علی المسلم، والذمی. وللذمی علی الذمی.

وفی وکالته له علی المسلم تردد.

والذمی یتوکل علی الذمی للمسلم والذمی ولا یتوکل علی مسلم.

والوکیل أمین لا یضمن إلا مع تعد أو تفریط.

(الخامس) فی الأحکام وهی مسائل:

(الأولی) لو أمره بالبیع حالا فباع مؤجلا ولو بزیادة لم تصح ووقف علی الإجازة. وکذا لو أمره ببیعه مؤجلا بثمن فباع بأقل حالا.

ولو باع. بمثله أو أکثر صح إلا أن یتعلق بالأجل غرض.

ولو أمره بالبیع فی موضع فباع فی غیره بذلک الثمن صح.

ولا کذا لو أمره ببیعه من إنسان فباع من غیره فإنه یقف علی الإجازة ولو باع بأزید.

(الثانیة) إذا اختلفا فی الوکالة، فالقول قول المنکر مع یمینه.

ولو اختلفا فی العزل أو فی الإعلام أو فی التفریط فالقول قول الوکیل. وکذا لو اختلفا فی التلف.

ولو اختلفا فی الرد فقولان.

أحدهما: القول قول الموکل مع یمینه.

والثانی، القول قول الوکیل ما لم یکن بجعل وهو أشبه.

(الثالثة) إذا زوجه مدعیا وکالته فأنکر الموکل فالقول قول المنکر مع یمینه. وعلی الوکیل مهرها. وروی نصف مهرها لأنه ضیع حقها.

وعلی الزوج أن یطلقها سرا أن کان وکل

ص :155

کتاب الوقوف والصدقات والهبات

کتاب الوقوف والصدقات والهبات

أما الوقف: فهو تحبیس الأصل وإطلاق المنفعة.

ولفظه الصریح (وقفت) وما عداه یفتقر إلی القرینة الدالة علی التأیید. ویعتبر فیه القبض.

ولو کان مصلحة کالقناطر أو موضع عبادة کالمساجد قبضه الناظر فیها.

ولو کان علی طفل قبضه الولی، کالأب والجد للأب أو الوصی.

ولو وقف علیه الأب أو الجد صح، لأنه مقبوض بیده.

والنظر إما فی الشروط أو اللواحق:

والشروط أربعة أقسام:

(الأول) فی الوقف:

ویشترط فیه التنجیز والدوام، والإقباض وإخراجه عن نفسه.

فلو کان إلی أمد کان حبسا.

ولو جعله لم ینقرض غالبا صح. ویرجع بعد موت الموقوف علیه إلی ورثة الواقف طلقا.

وقیل: ینتقل إلی ورثة الموقوف علیه. والأول مروی.

ولو شرط عوده عند الحاجة، فقولان، أشبههما: البطلان.

(الثانی) فی الموقوف:

ویشترط أن یکون عینا مملوکة ینتفع بها مع بقائها انتفاعا محللا.

ویصح إقباضها، مشاعة کانت أو مقسومة.

(الثالث) فی الواقف:

ویشترط فیه البلوغ وکمال العقل وجواز التصرف.

ص :156

وفی وقف من بلغ عشرا تردد، المروی: جواز صدقته والأولی: المنع.

ویجوز أن یجعل الواقف النظر لنفسه علی الأشبه وإن أطلق فالنظر لأرباب الوقف.

(الرابع) فی الموقوف علیه:

ویشترط وجوده وتعیینه. وأن یکون ممن یملک. وألا یکون الوقف علیه محرما.

فلو وقف علی من سیوجد لم یصح.

ولو وقف علی موجود وبعده علی من یوجد صح.

والوقف علی البر یصرف إلی الفقراء ووجه القرب.

ولا یصح وقف المسلم علی البیع والکنائس.

ولو وقف علی ذلک الکافر صح، وفیه وجه آخر.

ولا یقف المسلم علی الحربی ولو کان رحما ویقف علی الذمی ولو کان أجنبیا.

ولو وقف المسلم علی الفقراء انصرف إلی فقراء المسلمین.

ولو کان کافرا انصرف إلی فقراء نحلته.

والمسلمون من صلی إلی القبلة (1)، والمؤمنون الاثنا عشریة وهم الإمامیة. وقیل:

مجتنبوا الکبائر خاصة. والشیعة: الإمامیة والجارودیة والزیدیة: من قال بإمامة زید.

والفطحیة: من قال بالأفطح. والإسماعیلیة: من قال بإسماعیل بن جعفر علیه السلام.

والناووسیة: من وقف علی جعفر بن محمد. والواقفیة: من وقف علی موسی بن جعفر علیهما السلام. والکیسانیة: من قال بإمامة محمد بن الحنفیة.

ص :157


1- (1) جاء فی شرائع الإسلام للمؤلف: (ولو وقف علی المسلمین انصرف إلی من صلی إلی القبلة، ولو وقف علی المؤمنین انصرف إلی الاثنی عشریة وقیل إلی مجتنی الکبائر والأول أشبه. ولو وقف علی الشیعة فهم الإمامیة والجارودیة وولد غیرهم من فرق الزیدیة. وهکذا إذا وصف الموقوف علیه بنسبة دخل فیهما کل من أطلقت علیه فلو وقف علی الإمامیة کان للاثنی عشریة، ولو وقف علی الزیدیة کان للقائلین بإمامة زید بن علی علیه السلام. ا ه

ولو وصفهم بنسبة إلی عالم، کان لمن دان بمقالته، کالحنفیة.

ولو نسبهم إلی أب، کان لمن انتسب إلیه بالأبناء دون البنات علی الخلاف، کالعلویة والهاشمیة. ویتساوی فیه الذکور والإناث.

وقومه أهل لغته، وعشیرته الأدنون فی نسبه. ویرجع بالجیران إلی العرف وقیل بمن یلی داره إلی أربعین ذراعا. وقیل إلی أربعین دارا. وهو مطرح.

ولو وقف علی مصلحة فبطلت قیل یصرف إلی البر.

وإذا شرط إدخال من یوجد مع الموجود صح.

ولو أطلق الوقف وأقبض لم یصح إدخال غیرهم معهم، أولادا کانوا أو أجانب.

وهل له ذلک مع أصاغر ولده؟ فیه خلاف، والجواز مروی.

أما النقل عنهم فغیر جائز.

وأما اللواحق فمسائل:

(الأولی) إذا وقف فی سبیل الله. انصرف إلی القرب، کالحج، والجهاد، والعمرة، وبناء المساجد.

(الثانیة) إذا وقف علی موالیه دخل الأعلون والأدنون.

(الثالثة) إذا وقف علی أولاده، اشترک أولاده البنون والبنات، الذکور والإناث بالسویة.

(الرابعة) إذا وقف علی الفقراء انصرف إلی فقراء البلد ومن یحضره.

وکذا کل قبیل متبدد کالعلویة والهاشمیة والتمیمیة.

ولا یجب تتبع من لم یحضره.

(الخامسة) لا یجوز إخراج الوقف عن شرطه، ولا بیعه إلا أن یقع خلف یؤدی إلی فساده علی تردد.

(السادسة) إطلاق الوقف یقتضی التسویة، فإن فضل لزم.

(السابعة) إذا وقف علی الفقراء وکان منهم جاز أن یشرکهم.

ومن اللواحق: مسائل السکنی والعمری.

ص :158

وهی تفتقر إلی الإیجاب والقبول والقبض.

وفائدتهما التسلیط علی استیفاء المنفعة تبرعا مع بقاء الملک للمالک. وتلزم لو عین المدة، وإن مات المالک.

وکذا لو قال له: عمرک، لم تبطل بموت المالک.

وتبطل بموت الساکن. ولو قال: حیاة المالک، لم تبطل بموت الساکن وانتقل ما کان له إلی ورثته.

وإن أطلق ولم یعین مدة ولا عمرا تخیر المالک فی إخراجه مطلقا.

ولو مات المالک والحال هذه کان المسکن میراثا لورثته وبطلت السکنی ویسکن الساکن معه من جرت العادة به کالولد والزوجة والخادم.

ولیس له أن یسکن معه غیره إلا بإذن المالک.

ولو باع المالک الأصل لم تبطل السکنی إن وقتت بأمد أو عمر.

ویجوز حبس الفرس والبعیر فی سبیل الله. والغلام والجاریة فی خدمة بیوت العبادة.

ویلزم ذلک ما دامت العین باقیة.

وأما الصدقة: فهی التطوع بتملیک العین بغیر عوض.

ولا حکم لها ما لم تقبض بإذن المالک.

وتلزم بعد القبض وإن لم یعوض عنها.

ومفروضها محرم علی (بنی هاشم) إلا صدقة أمثالهم أو مع الضرورة ولا بأس بالمندوبة.

والصدقة سرا أفضل منها جهرا إلا أن یتهم.

وأما الهبة: فهی تملیک العین تبرعا مجردا عن القربة.

ولا بد فیها من الإیجاب والقبول والقبض.

ویشترط إذن الواهب فی القبض.

ص :159

ولو وهب الأب أو الجد للولد الصغیر لزم، لأنه مقبوض بید الولی.

وهبة المشاع جائزة کالمقسوم.

ولا یرجع فی الهبة لأحد الوالدین بعد القبض، وفی غیرهما من ذوی الرحم علی الخلاف.

ولو وهب أحد الزوجین الآخر ففی الرجوع تردد أشبهه: الکراهیة.

ویرجع فی هبة الأجنبی ما دامت العین باقیة ما لم یعوض عنها.

وفی الرجوع مع التصرف قولان، أشبههما: الجواز.

ص :160

کتاب السبق والرمایة

کتاب السبق والرمایة

ومستندهما قوله علیه السلام لا سبق إلا فی نصل أو خف أو حافر.

ویدخل تحت النصل، السهام والحراب والسیف. وتحت الخف الإبل.

وتحت الحافر الخیل والبغال والحمیر، ولا یصح فی غیرها.

ویفتقر انعقادها إلی إیجاب وقبول. وفی لزومها تردد، أشبهه: اللزوم.

ویصح أن یکون السبق عینا أو دینا.

ولو بذل السبق غیر المتسابقین جاز. وکذا لو بذل أحدهما. أو بذل من بیت المال.

ولا یشترط المحلل (1) عندنا.

ویجوز جعل السبق للسابق منهما. وللمحلل إن سبق.

وتفتقر المسابقة إلی تقدیر المسافة والخطر وتعیین ما یسابق علیه. وتساوی ما به السباق فی احتمال السبق.

وفی اشتراط التساوی فی الموقف تردد.

ویتحقق السبق بتقدم الهادی (2) وتفتقر المراماة إلی شروط تقدیر الرشق وعدد الإصابة وصفتها وقدر المسافة والغرض والسبق.

ص :161


1- (1) السبق: بسکون الباء المصدر، بالتحریک العوض
2- (2) المحلل: هو الذی یدخل بین المتراهنین إن سبق أخذ وإن سبق لم یغرم. وسمی محللا لأن العقد لا یحل بدونه عند ابن الجنید من الإمامیة وکذا عند الشافعی

وفی اشتراط المبادرة والمحاطة تردد.

ولا یشترط تعیین السهم ولا القوس.

ویجوز المناضلة علی الإصابة وعلی التباعد.

ولو فضل أحدهما الآخر فقال: اطرح الفضل بکذا، لم تصح لأنه مناف للغرض من النضال.

ص :162

کتاب الوصایا

کتاب الوصایا

وهی تستدعی فصولا:

(الأول) الوصیة تملیک عین أو منفعة، أو تسلیط علی تصرف بعد الوفاة.

ویفتقر إلی الإیجاب والقبول.

وتکفی الإشارة الدالة علی القصد، ولا تکفی الکتابة، ما لم تنضم القرینة الدالة علی الإرادة.

ولا یجب العمل بما یوجد بخط المیت.

وقیل إن عمل الورثة ببعضها لزمهم العمل بجمیعها، وهو ضعیف.

ولا تصح الوصیة بمعصیة کمساعدة الظالم. وکذا وصیة المسلم للبیعة والکنیسة

(الثانی) فی الموصی: ویعتبر فیه کمال العقل والحریة.

وفی وصیة من بلغ عشرا فی البر تردد، والمروی: الجواز.

ولو جرح نفسه بما فیه هلاکها ثم أوصی لم تقبل، ولو أوصی ثم جرح قبلت.

وللموصی الرجوع فی الوصیة متی شاء.

(الثالث) فی الموصی له: ویشترط وجوده.

فلا تصح لمعدوم، ولا لمن ظن بقاؤه وقت الوصیة فبان میتا.

وتصح الوصیة للوارث - کما تصح للأجنبی. وللحمل بشرط وقوعه حیا.

وللذمی ولو کان أجنبیا وفیه أقوال.

ولا تصح للحربی، ولا لمملوک غیر الموصی ولو کان مدبرا أو أم ولد.

نعم لو أوصی لمکاتب قد تحرر بعضه مضت الوصیة فی قدر نصیبه من الحریة.

وتصح لعبد الموصی ومدبره ومکاتبه وأم ولده.

ویعتبر ما یوصی به لمملوکه بعد خروجه من الثلث.

ص :163

فإن کان بقدر قیمته أعتق، وکان الموصی به للورثة.

وإن زاد أعطی العبد الزائد، وإن نقص عن قیمته سعی فی الباقی.

وقیل: إن کانت قیمته ضعف الوصیة بطلت، وفی المستند ضعف.

ولو أعتقه عند موته ولیس غیره وعلیه دین، فإن کان قیمته بقدر الدین مرتین صح العتق، وإلا بطل، وفیه وجه آخر ضعیف.

ولو أوصی لأم ولده صح، وهل تعتق من الوصیة أو من نصیب الولد؟ قولان.

فإن أعتقت من نصیب الولد کان لها الوصیة.

وفی روایة أخری تعتق من الثلث ولها الوصیة.

وإطلاق الوصیة تقتضی التسویة ما لم ینص علی التفضیل.

وفی الوصیة لأخواله وأعمامه روایة بالتفضیل کالمیراث والأشبه: التسویة.

وإذا أوصی لقرابته فهم المعروفون بنسبه.

وقیل: لمن یتقرب إلیه بآخر أب فی الإسلام.

ولو أوصی لأهل بیته دخل الأولاد والآباء.

والقول فی العشیرة والجیران والسبیل والبر والفقراء کما مر فی الوقف.

وإذا مات الموصی له قبل الموصی انتقل ما کان إلی ورثته، ما لم یرجع الموصی علی الأشهر.

ولو لم یخلف وارثا رجعت إلی ورثة الموصی، وإذا قال: أعطوا فلانا دفع إلیه یصنع به ما شاء.

ویستحب الوصیة لذوی القرابة، وارثا کان أو غیره.

(الرابع) فی الأوصیاء: ویعتبر التکلیف والإسلام.

وفی اعتبار العدالة تردد، أشبهه أنها لا تعتبر (1).

ص :164


1- (1) فی شرائع الإسلام: وهل یعتبر العدالة؟ قیل نعم، لأن الفاسق لا أمانة له. وقیل لا، لأن المسلم محل الأمانة کما فی الوکالة والاستیداع، ولأنها ولایة تابعة لاختیار الموصی فیتحقق بتعیینه أما لو أوصی إلی العدل ففسق بعد موت الموصی أمکن القول ببطلان وصیته، لأن الوثوق ربما کان باعتبار صلاحه فلم یتحقق عند زواله، فحینئذ یعزله الحاکم ویستنیب مکانه ا ه

أما لو أوصی إلی عدل ففسق بطلت وصیته.

ولا یوصی إلی المملوک إلا بإذن مولاه.

ویصح إلی الصبی منضما إلی کامل لا منفردا.

ویتصرف الکامل حتی یبلغ الصبی، ثم یشترکان ولیس له نقض ما أنفذه الکامل بعد بلوغه.

ولا تصح الوصیة من المسلم إلی الکافر وتصح من مثله.

وتصح الوصیة إلی المرأة.

ولو أوصی إلی اثنین وأطلق، أو شرط الاجتماع، فلیس لأحدهما الانفراد.

ولو تشاحا لم یمض إلا ما لا بد منه، کمؤونة الیتیم.

وللحاکم جبرهما علی الاجتماع.

فإن تعذر جاز الاستبدال، ولو التمسا القسمة لم یجز، ولو عجز أحدهما ضم إلیه.

أما لو شرط لهم الانفراد تصرف کل واحد منهما، وإن انفرد، ویجوز أن یقتسما.

وللموصی تغییر الأوصیاء، وللموصی إلیه رد الوصیة، ویصح إن بلغ الرد.

ولو مات الموصی قبل بلوغه لزمت الوصیة، وإذا ظهر من الوصی خیانة استبدل به.

والوصی أمین لا یضمن إلا مع تعد أو تفریط.

ویجوز أن یستوفی دینه مما فی یده، وأن یقوم مال الیتیم علی نفسه، وأن یقترضه إذا کان ملیئا.

وتختص ولایة الوصی بما عین له الموصی، عموما کان أو خصوصا.

ویأخذ الوصی أجرة المثل، وقیل قدر الکفایة، هذا مع الحاجة.

وإذا أذن له فی الوصیة جاز، ولو لم یؤذن فقولان، أشبههما: أنه لا یصح ومن لا وصی له فالحاکم وصی ترکته.

ص :165

(الخامس) فی الموصی به، وفیه أطراف.

(الأول) فی متعلق الوصیة: ویعتبر فیه الملک.

فلا تصح بالخمر ولا بآلات اللهو. ویوصی بالثلث فما نقص.

ولو أوصی بزیادة عن الثلث صح فی الثلث وبطل الزائد.

فإن أجاز الورثة بعد الوفاة صح. وإن أجاز بعض صح فی حصته.

وإن أجازوا قبل الوفاة ففی لزومه قولان، المروی: اللزوم.

ویملک الموصی به بعد الموت.

وتصح الوصیة بالمضاربة بمال ولده الأصاغر.

ولو أوصی بواجب وغیره، أخرج الواجب من الأصل والباقی من الثلث.

ولو حصر الجمیع فی الثلث بدئ بالواجب.

ولو أوصی بأشیاء تطوعا، فإن رتبه بدئ بالأول فالأول حتی یستوفی الثلث، وبطل ما زاد.

وإن جمع أخرجت من الثلث ووزع النقص. وإذا أوصی بعتق ممالیکه دخل فی ذلک المنفرد والمشترک.

(الثانی) فی المبهمة: من أوصی بجزء من ماله، کان العشر، وفی روایة السبع، وفی أخری سبع الثلث.

ولو أوصی بسهم کان ثمنا. ولو کان بشئ کان سدسا. ولو أوصی بوجوه فنسی الوصی وجها صرف فی البر، وقیل: یرجع میراثا.

ولو أوصی بسیف وهو فی جفن وعلیه حلیة، دخل الجمیع فی الوصیة علی روایة، یجبر ضعفها الشهرة.

وکذا لو أوصی بصندوق وفیه مال، دخل المال فی الوصیة. وکذا قیل:

لو أوصی بسفینة وفیها طعام استنادا إلی فحوی روایة.

ولا یجوز إخراج الولد من الإرث ولو أوصی الأب، وفیه روایة مطرحة.

ص :166

(الطرف الثالث) فی أحکام الوصیة. وفیه مسائل:

(الأولی) إذا أوصی بوصیة ثم عقبها بمضادة لها عمل بالأخیرة ولو لم یضادها عمل بالجمیع.

فإن قصر الثلث، بدئ بالأول فالأول حتی یستوفی الثلث.

(الثانیة) تثبت الوصیة بالمال بشهادة رجلین. وبشهادة أربع نساء. وبشهادة الواحدة فی الربع.

وفی ثبوتها بشاهد ویمین تردد.

أما الولایة فلا تثبت إلا بشهادة رجلین.

(الثالثة) لو أشهد عبدین له علی أن حمل المملوکة منه ثم ورثهما غیر الحمل فأعتقا فشهدا للحمل بالبنوة صح وحکم له. ویکره له تملکهما.

(الرابعة) لا تقبل شهادة الوصی فیما هو وصی فیه، وتقبل للموصی فی غیر ذلک.

(الخامسة) إذا أوصی بعتق عبده. أو أعتقه عند الوفاة ولیس له سواه انعتق ثلثه.

ولو أعتق ثلثه عند الوفاة وله مال، أعتق الباقی من ثلثه.

ولو أعتق ممالیکه عند الوفاة أو أوصی بعتقهم ولا مال سواهم أعتق ثلثهم بالقرعة.

ولو رتبهم أعتق الأول فالأول حتی یستوفی الثلث، وبطل ما زاد.

(السادسة) إذا أوصی بعتق رقبة، أجزأ الذکر والأنثی، الصغیر والکبیر.

ولو قال: مؤمنة لزم. فإن لم یجد: أعتق من لا یعرف بنصب.

ولو ظنها مؤمنة فأعتقها، ثم بانت بخلافه أجزأت.

(السابعة) إذا أوصی بعتق رقبة بثمن معین، فإن لم یجد توقع.

وإن وجد بأقل أعتقها ودفع إلیها الفاضل.

(الثامنة) تصرفات المریض.

إن کانت مشروطة بالوفاة فهی من الثلث. وإن کانت منجزة وکان فیها محاباة أو عطیة محضة فقولان، أشبههما: أنها من الثلث.

ص :167

أما الاقرار للأجنبی فإن کان متهما علی الورثة فهو من الثلث. وإلا فهو من الأصل.

وللوارث من الثلث علی التقدیرین.

ومنهم من سوی بین القسمین.

(التاسعة) أرش الجراح ودیة النفس، یتعلق بهما الدیون والوصایا کسائر أموال المیت.

ص :168

کتاب النکاح

اشارة

وأقسامه ثلاثة:

الأول: فی الدائم وهو یستدعی فصولا:

الأول:فی صیغة العقد وأحکامه وآدابه.

أما الصیغة: فالإیجاب والقبول.

ویشترط النطق بأحد ألفاظ ثلاثة: زوجتک، وأنکحتک، ومتعتک (1).

والقبول وهو الرضاء بالإیجاب.

وهل یشترط وقوع تلک الألفاظ بلفظ الماضی؟ الأحوط نعم، لأنه صریح فی الإنشاء.

ولو أتی بلفظ الأمر کقوله للولی: زوجنیها، فقال: زوجتک، قیل: یصح کما فی قصة سهل الساعدی.

ولو أتی بلفظ المستقبل کقوله: أتزوجک، قیل: یجوز کما فی خبر أبان عن الصادق علیه السلام فی المتعة: أتزوجک، فإذا قالت: نعم، فهی امرأتک.

ولو قال زوجت بنتک من فلان فقال نعم فقال الزوج قبلت. صح، لأنه یتضمن السؤال.

ولا یشترط تقدیم الإیجاب.

ولا تجزی الترجمة مع القدرة علی النطق، وتجزی مع العذر، کالأعجم وکذا الإشارة للأخرس

ص :169


1- (1) وفی (تذکرة الفقهاء): ولا ینعقد الدائم بلفظ (المتعة) عند أکثر علمائنا: وقال بعضهم: ینعقد والأول أقوی.

وأما الحکم فمسائل:

(الأولی) لا حکم لعبارة الصبی ولا المجنون ولا السکران.

وفی روایة: إذا زوجت السکری نفسها ثم أفاقت فرضیت به أو دخل بها وأقرته کان ماضیا.

(الثانیة) لا یشترط حضور شاهدین (1) ولا ولی، إذا کانت الزوجة بالغة رشیدة علی الأصح.

(الثالثة) لو ادعی زوجیة امرأة وادعت أختها زوجیته، فالحکم لبینة الرجل إلا أن یکون مع المرأة ترجیح من دخول أو تقدیم تاریخ.

ولو عقد علی امرأة وادعی آخر زوجیتها لم یلتفت إلی دعواه إلا مع البینة.

(الرابعة) لو کان لرجل عدة بنات فزوج واحدة ولم یسمها ثم اختلفا فی

ص :170


1- (1) جاء فی تذکرة الفقهاء: یستحب الإعلان والإظهار فی النکاح الدائم والإشهاد، ولیس الإشهاد شرطا فی صحة العقد عند علمائنا أجمع وبه قال مالک وأحمد فی إحدی الروایتین، وبه قال ابن عمر وابن الزبیر وعبد الرحمن بن مهدی ویزید بن هارون وأهل الظاهر: داود وغیره، وفعله ابن الحسن بن علی وابن الزبیر، وسالم وحمزة ابنا عمر وبه قال عبد الله بن إدریس والعنبری وابن ثور وابن المنذر والزهری ومالک إلا؟ أن مالکا شرط عدم التواطؤ علی الکتمان، للأصل ولامتناع اشتراط ما لیس بشرط فی القرآن مع ذکر ما لیس بشرط فیه فإن الله تعالی لم یذکر الشهادة فی النکاح وذکر الشهادة فی البیع والدین مع أن الحکم فی الشهادة فی النکاح أکثر لما فیها من حفظ النسب وزوال التهم والتوارث وغیره من توابع النکاح فلو کان الإشهاد فیه شرطا لما أهمله الله تعالی فی القرآن لأنه مناف للحکمة، ولما رواه العامة عن مالک بن أنس قال اشتری النبی صلی الله علیه وآله وسلم جاریة بسبعة أرواس وقال الناس ما ندری أتزوجها؟ فعلموا أنه تزوجها فاستدلوا علی تزوجها بالحجاب، وعن النبی صلی الله علیه وآله وسلم أنه لما تزوج بصفیة أو لم بتمر وأقط فقال الناس تری أنه تزوج بها أم جعلها أم ولده ثم قالوا إن حجبها فهی امرأته ولو کان أشهد ما اختلفوا لا یقال إنه من خصائصه علیه الصلاة والسلام ترک الإشهاد، أو عدم النقل لا یدل علی العدم فجاز أنه أشهد ولم ینقل لأنا نقول یجب أن یبین أنه من خصائصه لعموم دلیل التأسی وهو مما تعم به البلوی فلا یترک نقله لو فعله ومن طریق الخاصة ما رواه محمد بن مسیلم عن الباقر ع قال إنما جعلت البینة فی النکاح من أجل المواریث. وعن زرارة أنه سأل الصادق ع رجل تزوج منه بغیر شهود؟ قال لا بأس بالتزویج البتة بغیر شهود فیما بینه وبین الله تعالی وإنما جعل الشهود من تزویج السنة من أجل الولد لولا ذلک لم یکن به بأس).

المعقود علیها فالقول قول الأب، وعلیه أن یسلم إلیه التی قصدها فی العقد إن کان الزوج رآهن.

وإن لم یکن رآهن فالعقد باطل.

وأما الآداب فقسمان:

(الأول) آداب العقد.

ویستحب له أن یتخیر من النساء البکر العفیفة الکریمة الأصل، وأن یقصد السنة لا الجمال والمال فربما حرمهما.

ویصلی رکعتین ویسأل الله تعالی أن یرزقه من النساء أعفهن وأحفظهن وأوسعهن رزقا وأعظمهن برکة.

ویستحب الإشهاد والإعلان والخطبة أمام العقد وإیقاعه لیلا.

ویکره والقمر فی العقرب، وأن یتزوج العقیم.

(القسم الثانی)، فی آداب الخلوة:

یستحب صلاة رکعتین إذا أراد الدخول، والدعاء، وأن یأمرها بمثل ذلک عند الانتقال، وأن یجعل یده علی ناصیتها ویکونا علی طهر، ویقول: اللهم علی کتابک تزوجتها إلی آخر الدعاء، وأن یکون الدخول لیلا، ویسمی عند الجماع، وأن یسأل الله تعالی أن یرزقه ولدا ذکرا.

ویکره الجماع لیلة الخسوف ویوم الکسوف، وعند الزوال، وعند الغروب حتی یذهب الشفق، وفی المحاق، وبعد الفجر حتی تطلع الشمس، وفی أول لیلة من کل شهر إلا شهر رمضان، وفی لیلة النصف، وفی السفر إذا لم یکن معه ماء للغسل، وعند الزلزلة والریح الصفراء والسوداء، ومستقبل القبلة ومستدبرها، وفی السفینة، وعاریا، وعقیب الاحتلام قبل الغسل أو الوضوء، والجماع، وعنده من ینظر إلیه، والنظر إلی فرج المرأة، والکلام عند الجماع بغیر ذکر الله تعالی.

ص :171

مسائل:

(الأولی) یجوز النظر إلی وجه امرأة یرید نکاحها وکفیها.

وفی روایة إلی شعرها ومحاسنها.

وکذا إلی أمة یرید شراءها. وإلی أهل الذمة لأنهن بمنزلة الإماء ما لم یکن لتلذذ.

وینظر إلی جسد زوجته باطنا وظاهرا. وإلی محارمه ما خلا العورة.

(الثانیة) الوطئ فی الدبر، فیه روایتان، أشهرهما الجواز علی الکراهیة.

(الثالثة) العزل عن الحرة بغیر إذنها، قیل یحرم وتجب به دیة: النطفة عشرة دنانیر، وقیل مکروه وهو أشبه، ورخص فی الإماء.

(الرابعة) لا یدخل بالمرأة حتی یمضی لها تسع سنین.

ولو دخل قبل ذلک لم تحرم علی الأصح.

(الخامسة) لا یجوز للرجل ترک وطء المرأة أکثر من أربعة أشهر.

(السادسة) یکره للمسافر أن یطرق أهله لیلا.

(السابعة) إذا دخل بالصبیة لم تبلغ تسعا فأفضاها حرم علیه وطؤها مؤبدا ولم تخرج عن حبالته. ولم یفضها لم یحرم علی الأصح.

الفصل الثانی: فی أولیاء العقد

الفصل الثانی

فی أولیاء العقد

لا ولایة فی النکاح لغیر الأب، والجد للأب وإن علا، والوصی، والمولی، والحاکم.

وولایة الأب والجد ثابتة علی الصغیرة ولو ذهبت بکارتها بزنی أو غیره (1)

ص :172


1- (1) لما کان مناط الولایة للأب والجد علی البنت صغرها فلا فرق مع وجود الوصف بین کونها بکرا أو ثیبا لوجود المقتضی فیها ا ه مسالک.

ولا یشترط فی ولایة الجد بقاء الأب، وقیل یشترط وفی المستند ضعف.

ولا خیار للصبیة مع البلوغ وفی الصبی قولان، أظهرهما: أنه کذلک.

ولو زوجاها فالعقد للسابق، فإن اقترنا ثبت عقد الجد.

ویثبت ولایتهما علی البالغ مع فساد عقله ذکرا کان أو أنثی ولا خیار له لو أفاق.

والثیب تزوج نفسها، ولا ولایة علیها لأب ولا لغیره.

ولو زوجها من غیر إذنها وقف علی إجازتها.

أما البکر البالغة الرشیدة فأمرها بیدها.

ولو کان أبوها حیا قیل: لها الانفراد بالعقد دائما کان أو منقطعا.

وقیل: العقد مشترک بینها وبین الأب فلا ینفرد أحدهما به.

وقیل أمرها إلی الأب ولیس لها معه أمر.

ومن الأصحاب من أذن لها فی المتعة دون الدائم، ومنهم من عکس، والأول أولی.

ولو عضلها الولی سقط اعتبار رضاه إجماعا.

ولو زوج الصغیرة غیر الأب والجد وقف علی رضاها عند البلوغ، وکذا الصغیر.

وللمولی أن یزوج المملوکة، صغیرة وکبیرة بکرا وثیبا، عاقلة ومجنونة ولا خیرة لها، وکذا العبد.

ولا یزوج الوصی إلا من بلغ فاسد العقل مع اعتبار المصلحة، وکذا الحاکم.

ویلحق بهذا الباب مسائل:

(الأولی) الوکیل فی النکاح، لا یزوجها من نفسه.

ولو أذنت فی ذلک فالأشبه الجواز. وقیل: لا، وهی روایة عمار.

(الثانیة) النکاح یقف علی الإجازة فی الحر والعبد.

ویکفی فی الإجازة سکوت البکر، ویعتبر فی الثیب النطق.

(الثالثة) لا ینکح الأمة إلا بإذن المولی، رجلا کان المولی أو امرأة.

ص :173

وفی روایة سیف: یجوز نکاح أمة المرأة من غیر إذنها متعة، وهی منافیة للأصل.

(الرابعة) إذا زوج الأبوان الصغیرین صح وتوارثا، ولا خیار لأحدهما عند البلوغ.

ولو زوجهما غیر الأبوین وقف علی إجازتهما.

فلو ماتا أو مات أحدهما بطل العقد.

ولو بلغ أحدهما فأجاز ثم مات عزل من ترکته نصیب الباقی فإذا بلغ وأجاز أحلف أنه لم یجز للرغبة (1) وأعطی نصیبه.

(الخامسة) إذا زوجها الأخوان برجلین، فإن تبرعا اختارت أیهما شاءت.

وإن کانا وکیلین وسبق أحدهما فالعقد له.

ولو دخلت بالآخر لحق به الولد وأعیدت إلی الأول بعد قضاء العدة ولها المهر للشبهة وإن اتفقا بطلا،. وقیل: یصح عقد الأکبر.

(السادسة) لا ولایة للأم.

فلو زوجت الولد فأجاز صح، ولو أنکر بطل.

وقیل: یلزمها المهر. ویمکن حمله علی دعوی الوکالة عنه.

ویستحب للمرأة أن تستأذن أباها بکرا أو ثیبا، وأن توکل أخاها إذا لم یکن لها أب ولا جد وأن تعول علی الأکبر، وأن تختار خیرته من الأزواج

الفصل الثالث: فی أسباب التحریم

الفصل الثالث

فی أسباب التحریم وهی ستة:

(الأول) النسب: ویحرم به سبع. الأم وإن علت،. والبنت وإن سفلت، والأخت وبناتها وإن سفلن، والعمة وإن ارتفعت،. وکذا الخالة، وبنات الأخ وإن هبطن.

ص :174


1- (1) أی فی المیراث

(الثانی) الرضاع: ویحرم منه من النسب. وشروطه أربعة:

(الأول) أن یکون اللبن عن نکاح.

فلو در أو کان عن زنی لم ینشر.

(الثانی) الکمیة. وهی ما أنبت اللحم وشد العظم،. أو رضاع یوم ولیلة.

ولا حکم لما دون العشر، وفی العشر روایتان، أشهرهما: أنها لا ینشر.

ولو رضع خمس عشرة رضعة تنشر ویعتبر فی الرضعات قیود ثلاثة، کمال الرضعة، وامتصاصها من الثدی، وألا یفصل بین الرضعات برضاع غیر المرضعة.

(الثالث) أن یکون فی الحولین، وهو یراعی فی المرتضع دون ولد المرضعة علی الأصح

(الرابع) أن یکون اللبن لفحل واحد.

فیحرم الصبیان یرتضعان بلبن واحد ولو اختلفت المرضعتان.

ولا یحرم لو رضع کل واحد من لبن فحل آخر، وإن اتحدت المرضعة.

ویستحب أن یتخیر للرضاع المسلمة الوضیئة العفیفة العاقلة.

ولو اضطر إلی الکافرة استرضع الذمیة، ویمنعها من شرب الخمر ولحم الخنزیر.

ویکره تمکینها من حمل الولد إلی منزلها.

ویکره استرضاع المجوسیة، ومن لبنها عن زنی.

وفی روایة: إذا أحلها مولاها طاب لبنها.

وهنا مسائل:

(الأولی) إذا أکملت الشرائط صارت المرضعة أما، وصاحب اللبن أبا، وأختها خالة وبنتها أختا ویحرم أولاد صاحب اللبن ولادة ورضاعا علی المرتضع وأولاد المرضعة ولادة لا رضاعا

(الثانیة) لا ینکح أب المرتضع فی أولاد صاحب اللبن ولادة ورضاعا لأنهم فی حکم ولده.

ص :175

وهل تنکح أولاده الذین لم یرتضعوا فی أولاد هذه [المرضعة وأولاد فحلها]

قال فی الخلاف: لا، والوجه الجواز.

(الثالثة) لو تزوج رضیعة فأرضعتها امرأته حرمتا إن کان دخل بالمرضعة وإلا حرمت المرضعة حسب.

ولو کان له زوجتان فأرضعتها واحدة حرمتا مع الدخول.

ولو أرضعتها الأخری فقولان، أشبههما: أنها تحرم أیضا.

ولو تزوج رضیعتین فأرضعتهما امرأته حرمن کلهن إن کان دخل بالمرضعة، وإلا حرمت المرضعة.

(السبب الثالث) فی المصاهرة: والنظر فی الوطء والنظر واللمس.

(أما الأول) فمن وطئ امرأة بالعقد أو الملک حرمت علیه أم الموطوءة وإن علت وبناتها وإن سفلن، سواء کن قبل الوطء أو بعده.

وحرمت الموطوءة علی أبی الواطئ وإن علا وأولاده وإن نزلوا.

ولو تجرد العقد عن الوطء حرمت أمها علیه عینا علی الأصح، وبنتها جمعا لا عینا.

فلو فارق الأم حلت البنت.

ولا تحرم مملوکة الابن علی الأب بالملک، وتحرم بالوطء. وکذا مملوکة الأب.

ولا یجوز لأحدهما أن یطأ مملوکة الآخر ما لم یکن عقد أو تحلیل.

نعم یجوز أن یقوم الأب مملوکة ابنه الصغیر علی نفسه ثم یطأها.

ومن توابع هذا الفصل تحریم أخت الزوجة جمع لا عینا، وکذا بنت أخت الزوجة وبنت أخیها، فإن أذنت إحداهما صح.

ولا کذا لو أدخل العمة أو الخالة علی بنت الأخ والأخت.

ولو کان عنده العمة أو الخالة فبادر بالعقد علی بنت الأخ أو الأخت کان العقد باطلا.

وقیل: تتخیر العمة أو الخالة بین الفسخ والإمضاء أو فسخ عقدها.

ص :176

وفی تحریم المصاهرة بوطء الشبهة تردد، أشبهه: أنه لا یحرم.

وأما الزنی فلا تحرم الزانیة (1) ولا الزوجة وإن أصرت علی الأشهر.

وهل تنشر حرمة المصاهرة؟ قیل: نعم إن کان سابقا، ولا تنشر إن کان لاحقا، والوجه: أنه لا ینشر ولو زنی بالعمة أو الخالة حرمت علیه بناتهما.

وأما اللمس والنظر بما لا یجوز لغیر المالک فمنهم من نشر به الحرمة علی أب اللامس والناظر وولده.

ومنهم من خص التحریم بمنظورة الأب. والوجه الکراهیة فی ذلک کله.

ولا یتعدی التحریم إلی أم الملموسة والمنظورة ولا بنتیهما.

ویلحق بهذا الباب مسائل:

(الأولی) لو ملک أختین فوطئ واحدة حرمت الأخری ولو وطئ الثانیة أثم ولم تحرم الأولی.

واضطربت الروایة، ففی بعضها تحرم الأولی حتی تخرج الثانیة عن الملک لا للعود.

وفی أخری: إن کان جاهلا لم تحرم، وإن کان عالما حرمتا علیه.

(الثانیة) یکره أن یعقد الحر علی الأمة، وقیل: یحرم إلا أن یعدم الطول ویخشی العنت.

(الثالثة) لا یجوز للعبد أن یتزوج أکثر من حرتین، أو حرة وأمتین، أو أربع إماء.

(الرابعة) لا یجوز نکاح الأمة علی الحرة إلا بإذنها.

ولو بادر کان العقد باطلا.

ص :177


1- (1) أی علی الزانی بشرط ألا یکون لها بعل - وفی شرائع الإسلام: ولو زنی بذات بعل أو فی عدة رجعیة، حرمت علیه أبدا فی قول مشهور. وسیشیر المؤلف إلی ذلک فیما یلی: (12 - المختصر النافع - فی فقه الشیعة الإمامیة)

وقیل: کان للحرة الخیرة بین إجازته وفسخه.

وفی روایة: لها أن تفسخ عقد نفسها وفی الروایة ضعف ولو أدخل الحرة علی الأمة جاز.

وللحرة الخیار إن لم تعلم، إن کانت الأمة زوجة.

ولو جمع بینهما فی عقد صح عقد الحرة دون الأمة.

(الخامسة) لا یحل العقد علی ذات البعل ولا تحرم به.

نعم لو زنی بها حرمت، وکذا فی الرجعیة خاصة.

(السادسة) من تزوج امرأة فی عدتها جاهلا، فالعقد فاسد.

ولو دخل حرمت أبدا ولحق به الولد ولها المهر بوطء الشبهة.

وتتم العدة للأول وتستأنف أخری للثانی، وقیل: تجزی عدة واحدة.

ولو کان عالما حرمت بالعقد.

ولو تزوج محرما عالما حرمت وإن لم یدخل،. ولو کان جاهلا فسد ولم تحرم ولو دخل (1).

(السابعة) من لاط بغلام فأوقبه حرمت علیه أم الغلام وبنته وأخته.

(السبب الرابع) فی استبقاء العدد:

إذا استکمل الحر أربعا بالغبطة (2) حرم علیه ما زاد.

ویحرم علیه من الإماء ما زاد علی اثنتین.

وإذا استکمل العبد حرتین أو أربعا من الإماء غبطة حرم علیه ما زاد.

ولکل منهما أن یضیف إلی ذلک بالعقد المنقطع ویملک الیمین ما شاء.

وإذا طلق واحدة من الأربع حرم علیه ما زاد غبطة حتی یخرج من العدة أو تکون المطلقة بائنة.

ص :178


1- (1) (إذا عقد المحرم علی امرأة عالما بالتحریم حرمت علیه أبدا، ولو کان جاهلا فسد عقده ولم تحرم (شرائع الإسلام).
2- (2) أی بالعقد الدائم دون مالک الیمین ونحوه.

2 - المسائل العزیة [الثانیة] وهی تشتمل علی سبع مسائل:

وکذا لو طلق امرأة وأراد نکاح أختها.

ولو تزوجهما فی عقد بطل وقیل: یتخیر، والروایة مقطوعة.

ولو کان معه ثلاث فتزوج اثنتین فی عقد، فإن سبق بإحداهما صح دون اللاحقة، وإن قرن بینهما بطل فیهما. وقیل یتخیر أیتهما شاء.

وفی روایة جمیل لو تزوج خمسا فی عقد واحد یتخیر أربعا ویخلی باقیهن.

وإذا استکملت الحرة طلقات ثلاثا حرمت حتی تنکح زوجا غیره، ولو کانت تحت عبد. وإذا استکملت الأمة طلقتین حرمت حتی تنکح زوجا غیره، ولو کانت تحت حر.

والمطلقة تسعا للعدة تحرم علی المطلق أبدا.

(السبب الخامس) اللعان. ویثبت به التحریم المؤبد. وکذا قذف الزوج امرأته الصماء أو الخرساء بما یوجب اللعان (السبب السادس) الکفر. ولا یجوز للمسلم أن ینکح غیر الکتابیة إجماعا.

وفی الکتابیة قولان: أظهرهما: أنه لا یجوز غبطة. ویجوز متعة، وبالملک فی الیهودیة والنصرانیة.

وفی المجوسیة قولان، أشبههما: الجواز.

ولو ارتد أحد الزوجین قبل الدخول وقع الفسخ فی الحال.

ولو کان بعد الدخول وقف علی انقضاء العدة إلا أن یکون الزوج مولودا علی الفطرة فإنه لا یقبل عوده وتعتد زوجته عدة الوفاة.

وإذا أسلم زوج الکتابیة فهو علی نکاحه،. سواء کان قبل الدخول أو بعده.

ولو أسلمت زوجته دونه، انفسخ فی الحال، إن کان قبل الدخول ووقف علی انقضاء العدة إن کان بعده.

وقیل: إن کان بشرائط الذمة کان نکاحه باقیا ولا یمکن من الدخول علیها لیلا، ولا من الخلوة بها نهارا وغیر الکتابیین یقف علی انقضاء العدة بإسلام أیهما اتفق.

ص :179

ولو أسلم الذمی وعنده أربع فما دون لم یتخیر.

ولو کان عنده أکثر من أربع تخیر أربعا.

وروی عمار عن أبی عبد الله علیه السلام: أن إباق العبید بمنزلة الارتداد.

فإن رجع والزوجة فی العدة فهو أحق بها وإن خرجت من العدة فلا سبیل له علیها، وفی الروایة ضعف.

مسائل سبع:

(الأولی) التساوی فی الإسلام شرط فی صحة العقد.

وهل یشترط التساوی فی الإیمان؟ الأظهر: لا، لکنه یستحب ویتأکد فی المؤمنة.

نعم لا یصح نکاح الناصب ولا الناصبة بالعداوة لأهل البیت علیهم السلام.

ولا یشترط تمکن الزوج من النفقة.

ولا یتخیر الزوجة لو تجدد العجز عن الإنفاق.

ویجوز نکاح الحرة العبد، والهاشمیة غیر الهاشمی، والعربیة العجمی وبالعکس.

وإذا خطب المؤمن القادر علی النفقة وجب إجابته وإن کان أخفض نسبا، وإن منعه الولی کان عاصیا.

ویکره أن یزوج الفاسق ویتأکد فی شارب الخمر، وأن تزوج المؤمنة المخالف.

ولا بأس بالمستضعف والمستضعفة ومن لا یعرف بعناد.

(الثانی) إذا انتسب إلی قبیلة وبان من غیرها ففی روایة الحلبی: تفسخ النکاح.

(الثالث) إذا تزوج امرأة ثم علم أنها کانت زنت فلیس له الفسخ ولا الرجوع علی الولی بالمهر.

وفی روایة لها الصداق بما استحل من فرجها، ویرجع به علی الولی، وإن شاء ترکها.

ص :180

(الرابعة) لا یجوز التعریض بالخطبة لذات العدة الرجعیة ویجوز فی غیرها،.

ویحرم التصریح فی الحالین.

(الخامسة) إذا خطب فأجابت کره لغیره خطبتها ولا تحرم.

(السادسة) نکاح الشغار باطل وهو أن تتزوج امرأتان برجلین، علی أن مهر کل واحدة نکاح الأخری.

(السابعة) یکره العقد علی القابلة المربیة وبنتها،. وأن یزوج ابنه بنت زوجته إذا ولدتها بعد مفارقته لها: ولا بأس بمن ولدتها قبل ذلک. وأن یتزوج بمن کانت صرة لأمه مع غیر أبیه.

ویکره الزانیة قبل أن تتوب.

القسم الثانی: فی النکاح المنقطع

والنظر فی أرکانه وأحکامه:

وأرکانه أربعة:

(الأول) الصیغة. وهو ینعقد بأحد الألفاظ الثلاثة خاصة (1).

وقال (علم الهدی): ینعقد فی الإماء بلفظ الإباحة والتحلیل.

(الثانی) الزوجة: ویشترط کونها مسلمة أو کتابیة.

ولا یصح بالمشرکة والناصبة.

ویستحب اختیار المؤمنة العفیفة وأن یسألها عن حالها مع التهمة ولیس شرطا.

ویکره بالزانیة ولیس شرطا.

وأن یستمتع ببکر لیس لها أب، فإن فعل فلا یفتضها. ولیس محرما،. ولا حصر فی عددهن.

ویحرم أن یستمتع أمة علی حرة إلا بإذنها، وأن یدخل علی المرأة بنت أخیها أو بنت أختها ما لم تأذن.

ص :181


1- (1) وهی زوجتک، وأنکحتک، ومتعتک.

(الثالث) المهر وذکره شرط ویکفی فیه المشاهدة، ویتقدر بالتراضی ولو بکف من بر (1).

ولو لم یدخل ووهبها المدة فلها النصف ویرجع بالنصف علیها لو کان دفع المهر وإذا دخل استقر المهر تماما. ولو أخلت بشئ من المدة قاصها.

ولو بان فساد العقد فلا مهر إن لم یدخل. ولو دخل فلها ما أخذت وتمنع ما بقی.

والوجه أنها تستوفیه مع جهالتها ویستعاد منها مع علمها.

ولو قیل بمهر المثل مع الدخول وجهلها کان حسنا.

(الرابع) الأجل. وهو شرط فی العقد.

ویتقدر بتراضیهما کالیوم والسنة والشهر ولا بد من تعیینه.

ولا یصح ذکر المرة والمرات مجردة عن زمان مقدر. وفیه روایة بالجواز، فیها ضعف.

وأما الأحکام فمسائل:

(الأولی) الإخلال بذکر المهر مع ذکر الأجل یبطل العقد.

وذکر المهر من دون الأجل یقلبه دائما.

(الثانیة) لا حکم للشروط قبل العقد. ویلزم لو ذکرت فیه.

(الثالثة) یجوز اشتراط إثباتها لیلا أو نهارا وألا یطأها فی الفرج، ولو رضیت به بعد العقد جاز. والعزل من دون إذنها.

ویلحق الولد وإن عزل، لکن لو نفاه لم یحتج إلی اللعان.

(الرابعة) لا یقع بالمتعة طلاق إجماعا. ولا لعان علی الأظهر. ویقع الظهار علی تردد.

(الخامسة) لا یثبت بالمتعة میراث بین الزوجین (2).

وقال المرتضی: یثبت، ما لم یشترط السقوط. نعم لو شرط المیراث لزم.

(السادسة) إذا انقضی أجلها فالعدة حیضتان علی الأشهر.

ص :182


1- (1) فی صحیح مسلم عن جابر: (کنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقیق علی عهد رسول الله صلی علیه وسلم..) وأبی بکر حتی نهی عمر فی شأن عمرو بن حریث،
2- (2) من شرائع الإسلام ا ه وأما النسبة للولد فإنه یرثهما ویرثانه من غیر خلاف.

وإن کانت ممن تحیض ولم تحض فخمسة وأربعون یوما.

ولو مات عنها ففی العدة روایتان أشبههما: أربعة أشهر وعشرة أیام.

(السابعة - لا یصح تجدید العقد قبل انقضاء الأجل.

ولو أراده وهبها ما بقی من المدة واستأنف.

القسم الثالث: فی نکاح الإماء

والنظر إما فی العقد وإما فی الملک.

أما العقد فلیس للعبد ولا للأمة أن یعقدا لأنفسهما نکاحا ما لم یأذن المولی.

ولو بادر أحدهما ففی وقوفه علی الإجازة قولان، ووقوفه علی الإجازة أشبه.

وإن أذن المولی ثبت فی ذمة مولی العبد المهر والنفقة، ویثبت لمولی الأمة المهر.

ولو لم یأذنا فالولد لهما.

ولو أذن أحدهما کان للآخر.

وولد المملوکین رق لمولاهما.

ولو کانا لاثنین فالولد بینهما بالسویة ما لم یشترطه أحدهما.

وإذا کان أحد الأبوین حرا فالولد حر إلا أن یشترط المولی رقیته، علی تردد.

ولو تزوج الحر أمة من غیر إذن مالکها، فإن وطئها قبل الإجازة عالما فهو زان والولد رق للمولی وعلیه الحد والمهر.

ویسقط الحد لو کان جاهلا دون المهر، ویلحقه الولد: وعلیه قیمته یوم سقط حیا.

وکذا لو ادعت الحریة فتزوجها علی ذلک.

وفی روایة: یلزمه بالوطء عشر القیمة إن کانت بکرا، ونصف العشر لو کانت ثیبا.

ولو أولدها فکهم بالقیمة.

ولا عجز سعی فی قیمتهم، ولو أبی عن السعی قیل: یفدیهم الإمام وفی المستند ضعف. ولو لم یدخل بها فلا مهر.

ص :183

المسألة الثانیة: فی أن المطلوب بالتکلیف أهو مجرد الفعل أو وجهه أوهما ولو تزوجت الحرة عبدا مع العلم فلا مهر وولدها رق، ومع الجهل یکون الولد حرا ولا یلزمها قیمته.

ویلزم العبد مهرها إن لم یکن مأذونا ویتبع به إذا تحرر.

ولو تسافح المملوکان فلا مهر والولد رق لمولی الأمة وکذا لو زنی بها الحر.

ولو اشتری الحر نصیب أحد الشریکین من زوجته بطل عقده.

ولو أمضی الشریک العقد لم یحل وطؤها، وبالتحلیل روایة فیها ضعف.

وکذا لو کان بعضها حرا، أو لو هایأها مولاها علی الزمان ففی جواز العقد علیها متعة فی زمانها تردد، أشبهه: المنع. ویستحب لمن زوج عبده أمته أن یعطیها شیئا ولو مات المولی کان للورثة الخیار فی الإجازة والفسخ، ولا خیار للأمة.

ثم الطوارئ ثلاثة: العتق، والبیع، والطلاق.

أما العتق: فإذا أعتقت الأمة تخیرت فی فسخ نکاحها وإن کان الزوج حرا علی الأظهر.

ولا خیرة للعبد لو أعتق ولا لزوجته ولو کانت حرة.

وکذا تتخیر الأمة لو کانا لمالک فأعتقا أو أعتقت.

ویجوز أن یتزوجها ویجعل العتق صداقها.

ویشترط تقدیم لفظ (التزویج) فی العقد.

وقیل: یشترط تقدیم العتق.

وأم الولد رق وإن کان ولدها باقیا. ولو مات جاز بیعها.

وتنعتق بموت المولی من نصیب ولدها.

ولو عجز النصیب سعت فی المتخلف.

ولا یلزم الولد السعی علی الأشبه.

وتباع مع وجود الولد فی ثمن رقبتها إن لم یکن غیرها.

ص :184

المسألة الثالثة: فی أن الإرادة هی الداعی أم أمر زائد علیه ولو اشتری الأمة نسیئة فأعتقها وتزوجها وجعل عتقها مهرها فحملت ثم مات ولم یترک ما یقوم بثمنها فالأشبه: أن العتق لا یبطل ولا یرق الولد.

وقیل: تباع فی ثمنها ویکون حملها کهیئتها لروایة هشام بن سالم.

وأما البیع: فإذا بیعت ذات البعل تخیر المشتری فی الإجازة والفسخ تخیرا علی الفور وکذا لو بیع العبد وتحته أمة. وکذا قیل لو کان تحته حرة لروایة فیها ضعف.

ولو کانا لمالک فباعهما لاثنین فلکل منهما الخیار. وکذا لو باع أحدهما لم یثبت العقد ما لم یرض کل واحد منهما.

ویملک المولی المهر بالعقد. فإن دخل الزوج استقر، ولا یسقط لو باع.

أما لو باع قبل الدخول سقط. فإن أجاز المشتری کان المهر له، لأن الإجازة کالعقد.

وأما الطلاق: فإذا کانت زوجة العبد حرة أو أمة لغیر مولاه فالطلاق بیده ولیس لمولاه إجباره.

ولو کانت أمة لمولاه کان التفریق إلی المولی، ولا یشترط لفظ الطلاق.

النظر الثانی فی الملک: وهو نوعان:

(الأول) ملک الرقبة ولا حصر فی النکاح به.

وإذا زوج أمته حرمت علیه وطئا ولمسا ونظرا بشهوة ما دامت فی العقد.

ولیس للمولی انتزاعها،. ولو باعها تخیر المشتری دونه ولا یحل لأحد الشریکین وطء المشترکة.

ویجوز ابتیاع ذوات الأزواج من أهل الحرب وأبنائهم وبناتهم.

ولو ملک الأمة فأعتقها حل له وطؤها بالعقد وإن لم یستبرئها، ولا تحل لغیره حتی تعتد کالحرة.

ویملک الأب موطوءة ابنه وإن حرم علیه وطؤها وکذا الابن.

ص :185

العیوب وأقسامها واحکامها المهر

(النوع الثانی): ملک المنفعة.

وصیغته أن یقول: أحللت لک وطأها أو جعلتک فی حل من وطئها ولم یتعدهما الشیخ.

واتسع آخرون بلفظ الإباحة ومنع الجمیع لفظ العاریة.

وهل هو إباحة أو عقد؟ قال: (علم الهدی): هو عقد متعة.

وفی تحلیل أمته لمملوکه تردد، ومساواته بالأجنبی أشبه.

ولو ملک بعض الأمة فأحلته نفسها لم یصح.

وفی تحلیل الشریک تردد والوجه: المنع.

ویستبیح ما یتناوله اللفظ.

فلو أحل التقبیل اقتصر علیه، وکذا اللمس.

لکن لو أحل الوطء حل له ما دونه. ولو أحل الخدمة لم یتعرض للوطء.

وکذا لا یستبیح بتحلیل الوطء.

وولد المحللة حر.

فإن شرط الحریة فی العقد فلا سبیل علی الأب. وإن لم یشترط ففی إلزامه قیمة الولد روایتان، أشبههما: أنه لا تلزم.

ولا بأس أن یطأ الأمة وفی البیت غیره، وأن ینام بین أمتین.

ویکره فی الحرائر. وکذا یکره وطء الفاجرة ومن ولدت من الزنا.

ویلحق بالنکاح، النظر فی أمور خمسة:

(الأول) فی العیوب والبحث فی أقسامها وأحکامها:

عیوب الرجل أربعة: الجنون والخصاء والعنن والجب.

وعیوب المرأة سبعة: الجنون والجذام والبرص والقرن والافضاء والعمی والإقعاد.

وفی الرتق تردد أشبهه: ثبوته عیبا لأنه یمنع الوطء.

ولا ترد بالعور ولا بالزنا ولو حدت فیه، ولا بالعرج علی الأشبه.

ص :186

وأما الأحکام فمسائل:

(الأولی) لا یفسخ النکاح بالعیب المتجدد بعد الدخول.

وفی المتجدد بعد العقد تردد عدا العنن.

وقیل تفسخ المرأة بجنون الرجل المستغرق لأوقات الصلاة وإن تجدد (الثانیة) الخیار فیه علی الفور وکذا فی تدلیس.

(الثالثة) الفسخ فیه لیس طلاقا، فلا یطرد معه تنصیف المهر.

(الرابعة) لا یفتقر الفسخ بالعیوب إلی الحاکم، ویفتقر فی العنن لضرب الأجل.

(الخامسة) إذا فسخ الزوج قبل الدخول فلا مهر. ولو فسخ بعده فلها المسمی ویرجع به الزوج علی المدلس.

وإذا فسخت الزوجة قبل الدخول فلا مهر إلا فی العنن ولو کان بعده فلها المسمی.

ولو فسخت بالخصاء ثبت لها المهر مع الخلوة ویعذر.

(السادسة) لو ادعت عننه فأنکر فالقول قوله مع یمینه.

ومع ثبوته یثبت لها الخیار ولو کان متجددا، إذا عجز عن وطئها قبلا ودبرا وعن وطء غیرها.

ولو ادعی الوطء فأنکرت، فالقول قوله مع یمینه.

(السابعة) إن صبرت مع العنن فلا بحث وإن رفعت أمرها إلی الحاکم أجلها سنة من حین الترافع.

فإن عجز عنها وعن غیرها فلها الفسخ ونصف المهر.

تتمة

لو تزوج علی أنها حرة فبانت أمة فله الفسخ. فلا مهر لو لم یدخل ولو دخل فلها المهر علی الأشبه ویرجع به علی المدلس.

وقیل: لمولاها العشر أو نصف العشر إن لم یکن مدلسا.

ص :187

المسألة الرابعة: فی معنی قول السید المرتضی: إن القدرة لا تبقی وکذا تفسخ هی لو بان زوجها مملوکا.

ولا مهر قبل الدخول ولها المهر بعده.

ولو اشترط کونها بنت مهیرة فبانت بنت أمة فله الفسخ ولا مهر، ویثبت لو دخل.

ولو تزوج بنت مهیرة فأدخلت علیه بنت الأمة ردها ولها المهر مع الوطء للشبهة ویرجع به علی من ساقها، وله زوجته.

ولو تزوج اثنان فأدخلت امرأة کل منهما علی الآخر، کان لکل موطوءة مهر المثل علی الواطئ للشبهة وعلیها العدة وتعاد إلی زوجها وعلیه مهر ها الأصلی.

ولو تزوجها بکرا فوجدها ثیبا فلا رد.

وفی روایة ینقص مهرها.

(النظر الثانی) فی المهر. وفیه أطراف:

(الطرف الأول) کل ما یملکه المسلم یکون مهرا، عینا کان أو دینا أو منفعة کتعلیم الصنعة والسورة، ویستوی فیه الزوج والأجنبی.

أما لو جعلت المهر استئجاره مدة فقولان، أشبههما: الجواز.

ولا تقدیر للمهر فی القلة ولا فی الکثرة علی الأشبه بل یتقدر بالتراضی.

ولا بد من تعیینه بالوصف أو الإشارة ویکفی المشاهدة عن کیله ووزنه.

ولو تزوجها علی خادم فلم یتعین، فلها وسطه. وکذا لو قال: دار أو بیت.

ولو قال علی السنة کان خمسمائة درهم.

ولو سمی لها مهرا ولأبیها شیئا سقط ما سمی له.

ولو عقد الذمیان علی خمر أو خنزیر صح.

ولو أسلما أو أحدهما قبل القبض فلها (القیمة) عینا، أو مضمونا.

ولا یجوز عقد المسلم علی الخمر ولو عقد صح.

ولها مع الدخول مهر المثل وقیل: یبطل العقد.

ص :188

المسألة الخامسة: فی معنی قول السید المرتضی: وما یدخل فیه معنی النسخ

(الطرف الثانی) التفویض. لا یشترط فی الصحة ذکر المهر.

فلو أغفله أو شرط ألا مهر لها فالعقد صحیح.

ولو طلق فلها المتعة قبل الدخول، وبعده لها مهر المثل.

ویعتبر فی مهر المثل حالها فی الشرف والجمال. وفی المتعة حاله.

فالغنی یتمتع بالثوب المرتفع أو عشرة دنانیر فأزید.

والفقیر بالخاتم أو الدرهم. والمتوسط بینهما.

ولو جعل الحکم لأحدهما فی تقدیر المهر صح.

ویحکم الزوج بما شاء وإن قل.

وإن حکمت المرأة لم تتجاوز مهر السنة.

ولو مات الحاکم قبل الدخول وقبل الحکم فالمروی لها المتعة.

(الطرف الثالث) فی الأحکام وهی عشرة:

(الأول) تملک المرأة المهر بالعقد. وینتصف بالطلاق. ویستقر بالدخول وهو الوطء قبلا أو دبرا.

ولا یسقط معه لو لم یقبض، ولا یستقر بمجرد الخلوة علی الأشهر.

(الثانی) قیل إذا لم یسم لها مهرا وقدم لها شیئا قبل الدخول کان ذلک مهرا ما لم یشترط غیره.

(الثالث) إذا طلق قبل الدخول رجع بالنصف إن کان أقبضها أو طالبت بالنصف إذا لم یکن أقبضها.

ولا یستعید الزوج ما تجدد من النماء بین العقد والطلاق، متصلا کان، کاللبن أو منفصلا کالولد.

ولو کان النماء موجودا وقت العقد رجع بنصفه کالحمل.

ولو کان تعلیم صنعة أو علم فعلمها رجع بنصف أجرته.

ولو أبرأته من الصداق رجع بنصفه.

ص :189

القسم والنشوز والشقاق

(الرابع) لو أمهرها مدبرة ثم طلق صارت بینهما نصفین.

وقیل یبطل التدبیر بجعلها مهرا، وهو أشبه.

(الخامس) لو أعطاها عوض المهر متاعا أو عبدا آبقا وشیئا ثم طلق رجع بنصف المسمی دون العوض.

(السادس) إذا شرط فی العقد ما یخالف المشروع فسد الشرط دون العقد والمهر.

کما لو شرطت ألا یتزوج أو لا یتسری.

وکذا لو شرطت تسلیم المهر فی أجل،. فإن تأخر عنه فلا عقد.

أما لو شرطت ألا یفتضها صح، ولو أذنت بعده جاز.

ومنهم من حض جواز الشرط بالمتعة.

(السابع) لو شرط ألا (یخرجها) من بلدها لزم.

ولو شرط لها مائة إن خرجت معه، وخمسین إن لم تخرج، فإن أخرجها إلی بلد الشرک فلا شرط له ولزمته المائة.

وإن أرادها إلی بلد الإسلام فله الشرط.

(الثامن) لو اختلفا فی أصل المهر فالقول قول الزوج مع یمینه ولو کان بعد الدخول، وکذا لو خلا فادعت المواقعة.

(التاسع) یضمن الأب مهر ولده الصغیر إن لم یکن له مال وقت العقد، ولو کان له مال کان علی الولد.

(العاشر) للمرأة أن تمتنع حتی تقبض مهرها.

وهل لها ذلک بعد الدخول؟ فیه قولان، أشبههما: أنه لیس لها ذلک.

(النظر الثالث) فی القسم والنشوز والشقاق.

أما القسم: فللزوجة الواحدة لیلة، وللاثنین لیلتان، وللثلاث ثلاث.

والفاضل من الأربع له أن یضعه حیث شاء.

ص :190

المسألة السادسة: فی بیان المقصود من " عدة من أصحابنا " فی کلام الشیخ الطوسی ولو کن أربعا فلکل واحدة لیلة.

ولا یجوز الإخلال إلا مع العذر أو الإذن والواجب المضاجعة لا المواقعة.

ویختص الوجوب باللیل دون النهار، وفی روایة الکرخی. إنما علیه أن یکون عندها فی لیلتها ویظل عندها فی صبیحتها.

ولو اجتمعت مع الحرة أمة بالعقد فللحرة لیلتان وللأمة لیلة، والکتابیة کالأمة.

ولا قسمة للموطوءة بالملک.

ویختص البکر عند الدخول بثلاث إلی سبع، والثیب بثلاث.

ویستحب التسویة بین الزوجات فی الإنفاق وإطلاق الوجه والجماع، وأن یکون فی صبیحة کل لیلة عند صاحبتها.

وأما النشوز: فهو ارتفاع أحد الزوجین عن طاعة صاحبه فیما یجب له.

فمتی ظهر من المرأة أمارة العصیان وعظها، فإن لم ینجع هجرها فی المضجع.

وصورته أن یولیها ظهره فی الفراش.

فإن لم تنجع ضربها مقتصرا علی ما یؤمل معه طاعتها ما لم یکن مبرحا.

ولو کان النشوز منه فلها المطالبة بحقوقها.

ولو ترکت بعض ما یجب أو کله استمالة جاز له القبول.

وأما الشقاق: فهو أن یکره کل منهما صاحبه.

فإذا خشی الاستمرار بعث کل منهما حکما من أهله، ولو امتنع الزوجان بعثهما الحاکم، ویجوز أن یکونا أجنبیین.

وبعثهما تحکیم لا توکیل، فیصلحان إن اتفقا، ولا یفرقان إلا مع إذن الزوج فی الطلاق والمرأة فی البذل.

ولو اختلف الحکمان لم یمض لهما حکم.

ص :191

فی احکام الأولاد

(النظر الرابع) فی أحکام الأولاد.

ولد الزوجة الدائمة یلحق به مع الدخول ومضی ستة أشهر من حین الوطء ووضعه لمدة الحمل أو أقل، وهی تسعة أشهر، وقیل عشرة أشهر وهو حسن، وقیل سنة وهو متروک.

فلو اعتزلها أو غاب عنها عشرة أشهر فولدت بعدها لم یلحق به.

ولو أنکر الدخول فالقول قوله مع یمینه.

ولو اعترف به ثم أنکر الولد لم ینتف عنه إلا باللعان.

ولو اتهمها بالفجور أو شاهد زناها لم یجز له نفیه.

ویلحق به الولد ولو نفاه لم ینتف إلا باللعان. وکذا لو اختلفا فی مدة الولادة.

ولو زنی بامرأة فأحبلها لم یجز إلحاقه به وإن تزوج بها. وکذا لو أحبل أمة غیره بزنی ثم ملکها.

ولو طلق زوجته فاعتدت وتزوجت غیره وأتت بولد لدون ستة أشهر فهو للأول.

ولو کان لستة فصاعدا فهو للأخیر.

ولو لم تتزوج فهو للأول ما لم یتجاوز أقصی الحمل، وکذا الحکم فی الأمة لو باعها بعد الوطء.

وولد الموطوءة بالملک یلحق بالمولی ویلزمه الاقرار به.

لکن لو نفاه انتفی ظاهرا، ولا یثبت بینهما لعان.

ولو اعترف به بعد النفی ألحق به، وفی حکمه ولد المتعة.

وکل من أقر بولد ثم نفاه لم یقبل نفیه.

ولو وطئها المولی وأجنبی حکم به للمولی، فإن حصل فیه أمارة یغلب معها الظن أنه لیس منه لم یجز له إلحاقه ولا نفیه، بل یستحب أن یوصی له بشئ ولا یورثه میراث الأولاد.

ولو وطئها البائع والمشتری فالولد للمشتری، إلا أن یقصر الزمان عن ستة أشهر.

ص :192

المسألة السابعة: فی أن الوصی یجب علیه إخراج الخمس من ترکة الموصی إذا علم أن فی ماله الخمس

ولو وطئها المشترکون فولدت وتداعوه أقرع بینهم وألحق بمن یخرج اسمه ویغرم حصص الباقین من قیمته وقیمة أمه.

ولا یجوز نفی الولد لمکان العزل، ولا مع التهمة بالزنی.

والموطوءة بالشبهة یلحق ولدها بالواطئ.

ولو تزوج امرأة لظنه خلوها من بعل فباتت محصنة ردت علی الأول بعد الاعتداد من الثانی، وکانت الأولاد للواطئ مع الشرائط.

ویلحق بذلک أحکام الولادة، وسننها استبداد النساء بالمرأة وجوبا إلا مع عدمهن، ولا بأس بالزوج وإن وجدن.

ویستحب غسل المولود، والأذان فی أذنه الیمنی، والإقامة فی الیسری، وتحنیکه بتربة الحسین علیه السلام، وبماء الفرات، ومع عدمه بماء فرات، ولو لم یوجد إلا ماء ملح خلط بالعسل أو التمر.

ویستحب تسمیته الأسماء المستحسنة (1)، وأن یکنیه. ویکره أن یکنی محمدا بأبی القاسم، وأن یسمی حکما، أو حکیما، أو خالدا، أو حارثا، أو مالکا، أو ضرارا.

ویستحب حلق رأسه یوم السابع مقدما علی العقیقة، والتصدق بوزن شعره ذهبا أو فضة، ویکره القنازع (2).

ویستحب ثقب أذنه وختانه فیه، ولو أخر جاز.

ولو بلغ وجب علیه الاختتان.

وخفض الجاریة مستحب، وأن یعق عنه فیه أیضا ولا تجزئ الصدقة بثمنها ولو عجز توقع المکنة.

ص :193


1- (1) وأفضلها ما یتضمن العبودیة لله سبحانه ا ه شرائع الإسلام.
2- (2) القنزعة: الخصلة من الشعر تترک علی الرأس. وفی شرائع الإسلام: ویکره أن یحلق من رأسه موضع ویترک موضع وهی القنازع.

باب الوصیة وما یصح منها ومالا یصح حکم الوصیة بأکثر من الثلث

ویستحب فیها شروط الأضحیة وأن تخص القابلة بالرجل والورک، ولو کانت ذمیة أعطیت ثمن الربع.

ولو لم تکن قابلة تصدقت به الأم، ولو لم یعق الوالد استحب للولد إذا بلغ ولو مات الصبی فی السابع قبل الزوال سقطت، ولو مات بعد الزوال لم یسقط لاستحباب.

ویکره أن یأکل منها الوالدان، وأن یکسر شئ من عظامها، بل یفصل مفاصل الأعضاء.

ومن التوابع: الرضاع والحضانة وأفضل ما رضع لبن أمه.

ولا تجبر الحرة علی إرضاع ولدها ویجبر الأمة مولاها.

وللحرة الأجرة علی الأب إن اختارت إرضاعه، وکذا لو أرضعته خادمتها.

ولو کان الأب میتا، فمن مال الرضیع.

ومدة الرضاع حولان. ویجوز الاقتصار علی أحد وعشرین شهرا لا أقل، والزیادة بشهر أو بشهرین لا أکثر.

ولا یلزم الوالد أجرة ما زاد عن حولین.

والأم أحق بإرضاعه إذا تطوعت أو قنعت بما تطلب غیرها، ولو طلبت زیادة عن ما قنع غیرها فللأب نزعه واسترضاع غیرها.

وأما الحضانة: فالأم أحق بالولد بمدة الرضاع إذا کانت حرة مسلمة.

وإذا فصل فالحرة أحق بالبنت إلی سبع سنین، وقیل إلی تسع سنین. والأب أحق بالابن.

ولو تزوجت الأم سقطت حضانتها.

ولو مات الأب فالأم أحق به من الوصی. وکذا لو کان الأب مملوکا أو کافرا کانت الأم الحرة أحق به ولو تزوجت.

فإن أعتق الأب فالحضانة له.

ص :194

فی النفقات

(النظر الخامس): فی النفقات:

وأسبابها ثلاثة: الزوجیة، والقرابة، والملک.

أما الزوجیة: فیشترط فی وجوب نفقتها شرطان.

العقد الدائم، فلا نفقة لمستمتع بها، والتمکین الکامل، فلا نفقة لناشزة.

ولو امتنعت لعذر شرعی لم تسقط کالمرض والحیض وفعل الواجب.

أما المندوب: فإن منعها منه فاستمرت سقطت نفقتها، وتستحق الزوجة النفقة ولو کانت ذمیة أو أمة. وکذا تستحقها المطلقة الرجعیة دون البائن والمتوفی عنها زوجها إلا أن تکون حاملا فتثبت نفقتها فی الطلاق علی الزوج حتی تضع، وفی الوفاة من نصیب الحمل علی إحدی الروایتین (1).

ونفقة الزوجة مقدمة علی نفقة الأقارب وتقضی لو فاتت.

وأما القرابة: فالنفقة علی الأبوین والأولاد لازمة.

وفیمن علا من الآباء والأمهات تردد، أشبهه اللزوم.

ولا تجب علی غیرهم من الأقارب بل تستحب وتتأکد فی الوارث.

ویشترط فی الوجوب الفقر والعجز عن الاکتساب.

ولا تقدیر للنفقة بل یجب بذل الکفایة من الطعام والکسوة والمسکن.

ونفقة الولد علی الأب، ومع عدمه أو فقره أب الأب وإن علا مرتبا، ومع عدمهم تجب علی الأم وآبائها الأقرب فالأقرب.

ولا تقضی نفقة الأقارب لو فاتت.

وأما المملوک فنفقته واجبة علی مولاه، وکذا الأمة.

ص :195


1- (1) وفی الحامل المتوفی عنها زوجها روایتان، أشهرهما: أنه لا نفقة لها، والأخری ینفق علیها من نصیب ولدها ا ه شرائع الإسلام.

فصل فی بیان زیارة النبی صلی الله علیه وآله

ویرجع فی قدر النفقة إلی عادة ممالیک أمثال المولی.

ویجوز مخارجة (1) المملوک علی شئ. فما فضل یکون له، فإن کفاه وإلا أتمه المولی.

وتجب النفقة علی البهائم المملوکة، فإن امتنع مالکها أجبر علی بیعها أو ذبحها إن کانت مقصودة بالذبح.

ص :196


1- (1) المخارجة: هی ضرب خراج معلوم علی الرفیق یؤدیه کل یوم أو مدة مما یکتسبه ا ه. مسالک.

کتاب الطلاق

کتاب الطلاق

والنظر فی أرکانه وأقسامه ولواحقه:

(الرکن الأول) فی المطلق: ویعتبر فیه البلوغ والعقل والاختیار والقصد.

فلا اعتبار بطلاق الصبی. وفیمن بلغ عشرا روایة بالجواز فیها ضعف.

ولو طلق عنه الولی لم یقع إلا أن یبلغ فاسد العقد.

ولا یصح طلاق المجنون، ولا السکران، ولا المکره، ولا المغضب، مع ارتفاع القصد.

(الرکن الثانی) فی المطلقة: ویشترط فیها الزوجیة والدوام والطهارة من الحیض والنفاس، إذا کانت مدخولا بها، وزوجها حاضرا معها ولو کان غائبا صح.

وفی قدر الغیبة اضطراب، محصلة: انتقالها من طهر إلی آخر.

ولو خرج فی طهر لم یقربها فیه صح طلاقها من غیر تربص ولو اتفق فی الحیض.

والمحبوس عن زوجته کالغائب.

ویشترط رابع وهو أن یطلق فی طهر لم یجامعها فیه.

ویسقط اعتباره فی الصغیرة والیائسة والحامل.

أما المسترابة (1). فإن تأخرت الحیضة صبرت ثلاثة أشهر ولا یقع طلاقها قبله وفی اشتراط تعین المطلقة تردد.

(الرکن الثالث) فی الصیغة: ویقتصر علی (طالق) تحصیلا لموضع الاتفاق.

ولا یقع بخلیة ولا بریة، وکذا لو قال: اعتدی.

ص :197


1- (1) المسترابة: هی التی لا تحیض، وفی سنها من تحیض

ویقع لو قال هل طلقت فلانة فقال: نعم.

ویشترط تجریده عن الشرط والصفة.

ولو فسر الطلقة باثنین أو ثلاث صحت واحدة وبطل التفسیر.

وقیل. یبطل الطلاق.

ولو کان المطلق یعتقد الثلاثة لزم (1).

(الرکن الرابع) فی الإشهاد: ولا بد من شاهدین یسمعانه (2).

ولا یشترط استدعاؤهما إلی السماع، ویعتبر فیهما العدالة، وبعض الأصحاب یکتفی بالإسلام.

ولو طلق ولم یشهد ثم أشهد، کان الأول لغوا ولا تقبل فیه شهادة النساء.

النظر الثانی فی أقسامه: وینقسم إلی بدعة وسنة:

فالبدعة طلاق الحائض مع الدخول وحضور الزوج أو غیبته دون المدة المشترطة وفی طهر قد قربها فیه. وطلاق الثلاث المرسلة (3). وکله لا یقع. وطلاق السنة ثلاث: بائن، ورجعی، وللعدة.

فالبائن ما لا یصح معه الرجعة. وهو طلاق الیائسة علی الأظهر. ومن لم یدخل بها. والصغیرة. والمختلعة والمبارأة ما لم ترجعا فی البذل. والمطلقة ثلاثا بینها رجعتان والرجعی ما یصح معه الرجعة ولو لم یرجع.

وطلاق العدة ما یرجع فیه ویواقع ثم یطلق.

فهذه تحرم فی التاسعة تحریما مؤبدا.

وما عداها تحرم فی کل ثالثة حتی تنکح غیره.

وهنا مسائل خمسة:

(الأولی) لا یهدم استیفاء العدة تحریم الثلاثة.

ص :198


1- (1) لو کان المطلق من مذهب یری وقوعه لزمه.
2- (2) لقوله تعالی: (وأشهدوا ذوی عدل منکم) سورة الطلاق.
3- (3) أی طلاق الثلاث من غیر رجعة بینها، شرائع الإسلام.

(الثانیة) یصح طلاق الحامل للسنة کما تصح للعدة علی الأشبه.

(الثالثة) یصح أن یطلق ثانیة فی الطهر الذی طلق فیه وراجع فیه، ولم یطأ لکن لا یقع للعدة.

(الرابعة) لو طلق غائبا ثم حضر ودخل بها ثم ادعی الطلاق لم تقبل دعواه ولا بینته، ولو أولدها لحق به.

(الخامسة) إذا طلق الغائب وأراد العقد علی أختها، أو علی خامسة تربص تسعة أشهر احتیاطا. النظر الثالث. فی اللواحق وفیه مقاصد:

(الأول) یکره طلاق المریض، ویقع لو طلق، ویرث زوجته فی العدة الرجعیة، وترثه هی ولو کان الطلاق بائنا إلی سنة، ما لم تتزوج أو یبرأ من مرضه ذلک.

المقصد الثانی: فی المحلل:

ویعتبر فیه البلوغ والوطء فی القبل بالعقد الصحیح الدایم.

وهل یهدم ما دون الثلاث؟ فیه روایتان أشهرهما: أنه یهدم.

ولو ادعت أنها تزوجت ودخل وطلقها فالمروی: القبول إذا کانت ثقة.

المقصد الثالث: فی الرجعة:

تصح نطقا، کقوله: راجعت وفعلا کالوطء والقبلة واللمس بالشهوة.

ولو أنکر الطلاق کان رجعة.

ولا یجب فی الرجعة الإشهاد بل یستحب.

ورجعة الأخرس بالإشارة، وفی روایة بأخذ القناع.

ولو ادعت انقضاء العدة فی الزمان الممکن قبل.

المقصد الرابع: فی العدد، والنظر فی فصول:

(الأول) لا عدة علی من لم یدخل بها عدا المتوفی عنها زوجها.

ص :199

ونعنی بالدخول الوطء قبلا أو دبرا، ولا تجب بالخلوة.

(الثانی) فی المستقیمة الحیض. وهی تعتد بثلاثة أطهار علی الأشهر إذا کانت حرة. وإن کانت تحت عبد.

وتحتسب بالطهر الذی طلقها فیه. ولو حاضت بعد الطلاق بلحظة، وتبین برؤیة الدم الثالث.

وأقل ما تنقضی به عدتها ستة وعشرون یوما ولحظتان، ولیست الأخیرة من العدة بل دلالة الخروج.

(الثالث) فی المسترابة: وهی لا تحیض، وفی سنها من تحیض، وعدتها ثلاثة أشهر.

وهذه تراعی الشهور والحیض وتعتد بأسبقهما.

أما لو رأت فی الثالث حیضة وتأخرت الثانیة أو الثالثة، صبرت تسعة أشهر لاحتمال الحمل ثم اعتدت بثلاثة أشهر.

وفی روایة عمار تصبر سنة ثم تعتد بثلاثة أشهر.

ولا عدة علی الصغیرة. ولا الیائسة علی الأشهر.

وفی حد الیأس روایتان، أشهرهما: خمسون سنة.

ولو رأت المطلقة الحیض مرة ثم بلغت الیأس أکملت العدة بشهرین.

ولو کانت لا تحیض إلا فی خمسة أشهر أو ستة اعتدت بالأشهر.

(الرابع) فی الحامل: وعدتها فی الطلاق بالوضع ولو بعد الطلاق بلحظة، ولو لم یکن تاما مع تحققه حملا.

ولو طلقها فادعت الحمل تربص بها أقصی الحمل.

ولو وضعت توأما بانت به علی تردد، ولا تنکح حتی تضع الآخر.

ولو طلقها رجعیا ثم مات استأنفت عدة الوفاة.

ولو کان بائنا اقتصرت علی إتمام عدة الطلاق.

ص :200

(الخامس) فی عدة الوفاة: تعتد الحرة بأربعة أشهر وعشرة أیام إذا کانت حایلا، صغیرة کانت أو کبیرة دخل بها أو لم یدخل. وبأبعد الأجلین إن کانت حاملا.

ویلزمها الحداد وهو ترک الزینة دون المطلقة. ولا حداد علی أمة.

(السادس) فی المفقود: لا خیار لزوجته إن عرف خبره أو کان له ولی ینفق علیها.

ثم إن فقد الأمران ورفعت أمرها إلی الحاکم أجلها أربع سنین.

فإن وجده وإلا أمرها بعدة الوفاة ثم أباحها النکاح.

فإن جاء فی العدة فهو أملک بها.

وإن خرجت وتزوجت فلا سبیل له.

وإن خرجت ولم تتزوج فقولان، أظهرهما: أنه لا سبیل له علیها.

(السابع) فی عدد الإماء والاستبراء:

عدة الأمة فی الطلاق مع الدخول قرآن، وهما طهران علی الأشهر.

ولو کانت مسترابة فخمسة وأربعون یوما، تحت عبد کانت أو تحت حر.

ولو أعتقت ثم طلقت لزمها عدة الحرة، وکذا لو طلقها رجعیا ثم أعتقت فی العدة، أکملت عدة الحرة.

ولو طلقها بائنا أتمت عدة الأمة.

وعدة الذمیة کالحرة فی الطلاق والوفاة علی الأشبه.

وتعتد الأمة من الوفاة بشهرین وخمسة أیام.

ولو کانت حاملا اعتدت مع ذلک بالوضع.

وأم الولد تعتد من وفاة الزوج کالحرة.

ولو طلقها الزوج رجعیة ثم مات وهی فی العدة استأنفت عدة الحرة.

ولو لم تکن أم ولد استأنفت عدة الأمة للوفاة.

ولو مات زوج الأمة ثم أعتقت أتمت عدة الحرة، تغلیبا لجانب الحریة.

ص :201

ولو وطئ المولی أمته ثم أعتقها اعتدت بثلاثة أقراء.

ولو کانت زوجة الحر أمة فابتاعها بطل نکاحه، وله وطؤها من غیر استبراء.

تتمة

لا یجوز لمن طلق رجعیا أن یخرج الزوجة من بیته إلا أن تأتی بفاحشة، وهو ما یجب به الحد.

وقیل أدناه أن تؤذی أهله.

ولا تخرج هی فإن اضطرت خرجت بعد انتصاف اللیل وعادت قبل الفجر.

ولا یلزم ذلک فی البائن ولا المتوفی عنها زوجها، بل تبیت کل واحد منهما حیث شاءت.

وتعتد المطلقة من حین الطلاق حاضرا کان المطلق أو غائبا إذا عرفت الوقت.

وفی الوفاة من حین یبلغها الخبر.

ص :202

کتاب الخلع والمباراة

کتاب الخلع والمباراة

والکلام فی العقد والشرائط واللواحق.

وصیغة الخلع أن یقول: خلعتک أو فلانة مختلعة علی کذا.

وهل یقع بمجرده؟ قال (علم الهدی) نعم. وقال (الشیخ): لا حتی تتبع بالطلاق.

ولو تجرد کان طلاقا عند (المرتضی) وفسخا عند (الشیخ) لو قال بوقوعه مجردا.

وما صح أن یکون مهرا، صح فدیة فی الخلع، ولا تقدیر فیه، بل یجوز أن یأخذ منها زائدا عما وصل إلیها منه.

ولا بد من تعیین الفدیة وصفا أو إشارة.

أما الشرائط: فیعتبر فی الخالع البلوغ، وکمال العقل، والاختیار، والقصد.

وفی المختلعة مع الدخول، الطهر الذی لم یجامعها فیه، إذا کان زوجها حاضرا، وکان مثلها تحیض، وأن یکون الکراهیة منها خاصة صریحا.

ولا یجب لو قالت: لأدخلن علیک من تکره بل یستحب.

ویصح خلع الحامل مع الدم لو قیل إنها تحیض.

ویعتبر فی العقد حضور الشاهدین عدلین وتجریده عن الشرط.

ولا بأس بشرط یقتضیه العقد، کما لو شرط الرجوع إن رجعت.

وأما اللواحق فمسائل:

(الأولی) لو خالعها والأخلاق ملتئمة لم یصح، ولم یملک الفدیة.

(الثانیة) لا رجعة للخالع. نعم لو رجعت فی البذل رجع إن شاء.

ویشترط رجوعها فی العدة، ثم لا رجوع بعدها.

ص :203

(الثالثة) لو أراد مراجعتها ولم ترجع فی البذل افتقر إلی عقد جدید فی العدة أو بعدها.

(الرابعة) لا توارث بین المختلعین ولو مات أحدهما فی العدة لانقطاع العصمة بینهما.

والمباراة: هو أن یقول: بارأتک علی کذا.

وهی تترتب علی کراهیة الزوجین کل منهما صاحبه.

ویشترط اتباعها بالطلاق علی قول الأکثر.

والشرائط المعتبرة فی الخالع والمختلعة مشترطة هنا.

ولا رجوع للزوج إلا أن ترجع هی فی البذل.

وإذا خرجت من العدة فلا رجوع لها.

ویجوز أن تفادیها بقدر ما وصل إلیها منه فما دون، ولا یحل له ما زاد عنه.

ص :204

کتاب الظهار

کتاب الظهار

وینعقد بقوله: أنت علی کظهر أمی، وإن اختلفت حرف الصلة.

وکذا یقع لو شبهها بظهر ذوی رحم نسبا، ورضاعا.

ولو قال کشعر أمی أو یدها لم یقع، وقیل: یقع بروایة فیها ضعف.

ویشترط أن یسمع نطقه شاهدا عدل.

وفی صحته مع الشرط روایتان، أشهرهما: الصحة.

ولا یقع فی یمین ولا إضرار ولا غضب ولا سکر.

ویعتبر فی المظاهر البلوغ، وکمال العقل، والاختیار، والقصد.

وفی المظاهرة طهر لم یجامعها فیه، إذا کان زوجها حاضرا ومثلها تحیض.

وفی اشتراط الدخول تردد، المروی: الاشتراط.

وفی وقوعه بالتمتع بها قولان، أشبههما: الوقوع، وکذا الموطوءة بالملک، والمروی: أنها کالحرة.

وههنا مسائل:

(الأولی) الکفارة تجب بالعود وهو إرادة الوطء.

والأقرب أنه لا استقرار لوجوبها.

(الثانیة) لو طلقها وراجع فی العدة لم تحل حتی یکفر.

ولو خرجت فاستأنف النکاح، فیه روایتان، أشهرهما: أنه لا کفارة.

(الثالثة) لو ظاهر من أربع بلفظ واحد لزمه أربع کفارات.

وفی روایة کفارة واحدة وکذا البحث لو کرر ظهار الواحدة.

(الرابعة) یحرم الوطء قبل التکفیر.

فلو وطئ عامدا لزمه کفارتان، ولو کرر لزمه بکل وطء کفارة.

ص :205

(الخامسة) إذا أطلق الظهار حرمت مجامعتها حتی یکفر. ولو علقه بشرط لم تحرم حتی یحصل الشرط.

وقال بعض الأصحاب: أو یواقع وهو بعید، ویقرب إذا کان الوطء هو الشرط.

(السادسة) إذا عجز عن الکفارة قیل یحرم وطؤها حتی یکفر.

وقیل تجزی بالاستغفار وهو أشبه.

(السابعة) مدة التربص ثلاثة أشهر من حین المرافعة.

وعند انقضائها یضیق علیه حتی یفئ أو یطلق.

ص :206

کتاب الایلاء

کتاب الإیلاء

ولا ینعقد إلا باسم الله سبحانه.

ولو حلف بالطلاق أو العتاق لم یصح، ولا تنعقد إلا فی الإضرار.

فلو حلف لصلاح لم ینعقد کما لو حلف لاستضرارها بالوطء، أو لا صلاح اللبن.

ولا یقع حتی یکون مطلقا أو أزید من أربعة أشهر.

ویعتبر فی المولی البلوغ، وکمال العقل، والاختیار، والقصد.

وفی المرأة الزوجیة، والدخول.

وفی وقوعه بالمتمتع بها قولان، المروی: أنه لا یقع.

وإذا رافعته أنظره الحاکم أربعة أشهر.

فإن أصر علی الامتناع ثم رافعته بعد المدة، خیره الحاکم بین الفیئة والطلاق.

فإن امتنع حبسه وضیق علیه فی المطعم والمشرب حتی یکفر ویفئ، أو یطلق.

وإذا طلق وقع رجعیا، وعلیها العدة من یوم طلقها.

ولو ادعی الفیئة فأنکرت فالقول قوله مع یمینه.

وهل یشترط فی ضرب المدة المرافعة؟ قال الشیخ: نعم والروایات مطلقة.

ولنتبع ذلک بذکر: الکفارات، وفیه مقصدان:

(الأول) فی حصرها: وتنقسم إلی مرتبة ومخیرة، وما یجتمع الأمران، وکفارة الجمع.

فالمرتبة: کفارة الظهار: وهی عتق رقبة، فإن لم یجد فصیام شهرین متتابعین، فإن لم یستطع فإطعام ستین مسکینا ومثلها کفارة قتل الخطأ.

ص :207

وکفارة من أفطر یوما من قضاء شهر رمضان بعد الزوال عامدا إطعام عشرة مساکین، فإن لم یجد صام ثلاثة أیام متتابعات.

والمخیرة: کفارة شهر رمضان، وهی عتق رقبة، أو صیام شهرین متتابعین أو إطعام ستین مسکینا.

ومثله کفارة من أفطر یوما منذورا علی التعیین، وکفارة خلف العهد علی التردد.

أما کفارة خلف النذر ففیه قولان. أشبههما: أنه لصغیرة.

وما فیه الأمران: کفارة یمین، وهی عتق رقبة أو إطعام عشرة مساکین أو کسوتهم فإن لم یجد صام ثلاثة أیام متتابعات.

وکفارة الجمع: کقتل المؤمن عمدا عدوانا، وهی عتق رقبة وصیام شهرین متتابعین وإطعام ستین مسکینا.

مسائل ثلاث:

(الأولی) قیل من حلف بالبراءة لزمه کفارة ظهار.

ومن وطئ فی الحیض عامدا لزمه دینار فی أوله ونصف فی وسطه وربع فی آخره.

ومن تزوج امرأة فی عدتها فارقها وکفر بخمسة أصواع من دقیق.

ومن نام عن العشاء الآخرة حتی جاوز نصف اللیل أصبح صائما. والاستحباب فی الکل أشبه.

(الثانیة) فی جز المرأة شعر رأسها فی المصاب کفارة شهر رمضان، وقیل کفارة مرتبة، وفی نتفه فی المصاب کفارة یمین، وکذا فی خدش وجهها. وکذا فی شق الرجل ثوبه بموت ولده أو زوجته.

(الثالثة) من نذر صوم یوم فعجز عنه، تصدق عنه بإطعام المسکین مدین من طعام. فإن عجز عنه، تصدق بما استطاع. فإن عجز استغفر الله.

ص :208

المقصد الثانی: فی خصال الکفارة.

وهی العتق والإطعام والکسوة والصیام

أما العتق فیتعین علی الواحد فی المرتبة.

ویتحقق ذلک بملک الرقبة أو الثمن مع إمکان الابتیاع.

ولا بد من کونها مؤمنة أو مسلمة، وأن تکون سلیمة من العیوب التی تعتق بها.

وهل یجزی المدبر؟ قال فی (النهایة): لا، وفی غیرها بالجواز وهو أشبه.

ویجزئ الآبق ما لم یعلم موته، وأم الولد.

وأما الصیام: فیتعین مع العجز عن العتق فی المرتبة.

ولا تباع ثیاب البدن، ولا المسکن فی الکفارة، إذا کان قدر الکفایة، ولا الخادم.

ویلزم الحر فی کفارة قتل الخطأ أو الظهار صوم شهرین متتابعین، والمملوک صوم شهر.

فإذا صام الحر شهرا ومن الثانی شیئا ولو یوما أتم.

ولو أفطر قبل ذلک أعاد إلا لعذر کالحیض، والنفاس، والإغماء، والمرض، والجنون.

وأما الإطعام: فیتعین فی المرتبة مع العجز عن الصیام.

ویجب إطعام العدد لکل واحد مد من طعام، وقیل مدان مع القدرة ولا یجزی إعطاؤه لما دون العدد.

ولا یجوز التکرار من الکفارة الواحدة مع التمکن، ویجوز مع التعذر.

ویطعم ما یغلب علی قوته، ویستحب أن یضم إلیه أدما أعلاه اللحم، وأوسطه الخل، وأدناه الملح.

ولا یجزی إطعام الصغار منفردین ویجوز منضمین.

ص :209

ولو انفردوا احتسب الاثنان بواحد.

مسائل:

(الأولی) کسوة الفقیر ثوبان مع القدرة. وفی روایة یجزی الثوب الواحد وهو أشبه.

وکفارة الإیلاء مثل کفارة الیمین.

(الثانیة) من عجز عن العتق فدخل فی الصیام ثم تمکن من العتق لم یلزمه العود وإن کان أفضل.

(الثالثة) کل من وجب علیه صوم شهرین متتابعین فعجز صام ثمانیة عشر یوما.

فإن لم یقدر تصدق عن کل یوم بمد من طعام، فإن لم یستطع استغفر الله سبحانه.

(الرابعة) یشترط فی المکفر البلوغ، وکمال العقل، والإیمان، ونیة القربة، والتعیین.

ص :210

کتاب اللعان

کتاب اللعان

والنظر فی أمور أربعة:

الأول: السبب، وهو أمران.

(الأول) قذف الزوجة بالزنی مع ادعاء المشاهدة وعدم البینة.

ولا یثبت لو قذفها فی عدة بائنة، ویثبت لو قذفها فی رجعیة.

(الثانی) إنکار من ولد علی فراشه لستة أشهر فصاعدا من زوجة موطوءة بالعقد الدائم، ما لم یتجاوز أقصی الحمل.

وکذا لو أنکره بعد فراقها ولم تتزوج، أو بعد أن تزوجت وولدت لأقل من ستة أشهر منذ دخل.

الثانی: فی الشرائط ویعتبر فی الملاعن البلوغ وکمال العقل.

وفی لعان الکافر قولان أشبههما: الجواز، وکذا المملوک.

وفی الملاعنة البلوغ، وکمال العقل، والسلامة من الصمم والخرس.

ولو قذفها مع أحدهما بما یوجب اللعان حرمت علیه.

وأن یکون عقدها دائما.

وفی اعتبار الدخول قولان، المروی: أنه لا یقع قبله.

وقال ثالث بثبوته بالقذف دون النفی للولد.

ویثبت بین الحر والمملوکة، وفیه روایة بالمنع، وقول ثالث بالفرق.

ویصح لعان الحامل، لکن لا یقام علیها الحد حتی تضع.

الثالث: الکیفیة: وهو أن یشهد الرجل أربعا بالله، إنه لمن الصادقین فیما رماها به، ثم یقول إن لعنة الله علیه إن کان من الکاذبین. ثم تشهد المرأة أربعا إنه لمن الکاذبین فیما رماها به.

ص :211

ثم تقول: إن غضب الله علیها إن کان من الصادقین.

والواجب فیه النطق بالشهادة، وأن یبدأ الرجل بالتلفظ باللفظ العربی مع القدرة والمستحب أن یجلس الحاکم مستدبر القبلة، وأن یقف الرجل عن یمینه، والمرأة عن یساره، وأن یحضر من یسمع اللعن.

ووعظ الرجل بعد الشهادة قبل اللعن، وکذا المرأة قبل ذکر الغضب.

الرابع: فی الأحکام. وهی أربعة:

(الأول) یتعلق بالقذف وجوب الحد علی الزوج. وبلعانه سقوطه وثبوت الرجم علی المرأة إن اعترفت أو نکلت ومع لعانها سقوطه عنها، وانتفاء الولد عن الرجل، وتحریمها علیه مؤبدا.

ولو نکل عن اللعان، أو اعترف بالکذب حد للقذف.

(الثانی) لو اعترف بالولد فی أثناء اللعان لحق به وتوارثا وعلیه الحد.

ولو کان بعد اللعان لحق به وورثه الولد ولم یرثه الأب ومن لا یتغرب به، ویرثه الأم، ومن یتغرب بها.

وفی سقوط الحد هنا روایتان، أشهرهما: السقوط.

ولو اعترفت المرأة بعد اللعان بالزنی لم یثبت الحد إلا أن تقر أربعا علی تردد.

(الثالث) لو طلق فادعت الحمل منه فأنکر، فإذا أقامت بینة أنه أرخی علیها الستر لاعنها وبانت منه، وعلیه المهر کملا. وهی روایة علی بن جعفر عن أخیه. وفی (النهایة) وإن لم تقم بینه لزمه نصف المهر وضربت مائة سوط. وفی إیجاب الجلد: إشکال.

(الرابع) إذا قذفها فماتت قبل اللعان فله المیراث وعلیه الحد للوارث.

وفی روایة (أبی بصیر) إن قام رجل من أهلها فلاعنه فلا میراث له.

وقیل: لا یسقط الإرث لاستقراره بالموت، وهو حسن.

ص :212

کتاب الحدود والتعزیرات

وفیه فصول:

الفصل الأول

فی حد الزنا

والنظر فی الموجب، والحد، واللواحق:

أما الموجب: فهو إیلاج الإنسان فرجه فی فرج امرأة من غیر عقد ولا ملک ولا شبهة.

ویتحقق بغیبوبة الحشفة قبلا أو دبرا.

ویشترط فی ثبوت الحد: البلوغ، والعقل، والعلم بالتحریم، والاختیار.

فلو تزوج محرمة کالأم أو المحصنة، سقط الحد مع الجهالة بالتحریم، ویثبت مع العلم. ولا یکون العقد بمجرده شبهة فی السقوط.

ولو تشبهت الأجنبیة بالزوجیة فعلیها الحد دون واطئها.

وفی روایة: یقام علیها الحد جهرا وعلیه سرا وهی متروکة.

ولو وطئ المجنون عاقلة، ففی وجوب الحد تردد، أوجبه الشیخان (1) ولا حد علی المجنونة.

ویسقط الحد بادعاء الزوجیة، وبدعوی ما یصلح شبهة بالنظر إلی المدعی.

ولا یثبت الإحصان الذی یجب معه الرجم حتی یکون الزانی بالغا حدا له فرج مملوک بالعقد الدائم أو الملک، یغدو علیه ویروح.

ص :213


1- (1) الطوسی والمفید.

ویستوی فیه المسلمة والذمیة.

وإحصان المرأة کإحصان الرجل لکن یراعی فیها العقل إجماعا.

ولا تخرج المطلقة رجعیة عن الإحصان، وتخرج البائن وکذا المطلق.

ولو تزوج معتدة عالما حد مع الدخول، وکذا المرأة.

ولو ادعیا الجهالة أو أحدهما قبل علی الأصح إذا کان ممکنا فی حقه.

ولو راجع المخالع لم یتوجه علیه الرجم حتی یطأ، وکذا العبد لو أعتق، والمکاتب إذا تحرر.

ویجب الحد علی الأعمی، فإن ادعی الشبهة فقولان، أشبهها: القبول مع الاحتمال.

وفی التقبیل والمضاجعة والمعانقة: التعزیر.

ویثبت الزنا بالإقرار أو البینة.

ولا بد من بلوغ المقر، وکماله، واختیاره، وحریته، وتکرار الاقرار أربعا.

وهل یشترط اختلاف مجالس الاقرار؟ أشبهه: أنه لا یشترط.

ولو أقر بحد ولم یبینه ضرب حتی ینهی عن نفسه.

ولو أقر بما یوجب الرجم ثم أنکر سقط عنه، ولا یسقط غیره.

ولو أقر ثم تاب کان الإمام مجزی فی الإقامة، رجما کان أو غیره.

ولا یکفی فی البینة أقل من أربعة رجال، أو ثلاثة وامرأتین.

ولو شهد رجلان وأربع نساء یثبت بهم الجلد لا الرجم.

ولا تقبل شهادة ست نساء ورجل، ولا شهادة النساء منفردات.

ولو شهد ما دون الأربع لم یثبت، وحدوا للفریة.

ولا بد فی الشهادة من ذکر المشاهدة، کالمیل فی المکحلة ولا بد من تواردهم علی الفعل الواحد فی الزمان الواحد والمکان الواحد.

ص :214

ولو أقام الشهادة بعض حدوا لو لم یرتقب إتمام البینة.

وتقبل شهادة الأربعة علی الاثنین فما زاد.

ولا یسقط الحد بالتوبة بعد قیام البینة. ویسقط لو کانت قبلها، رجما کان أو غیره.

النظر الثانی فی الحد:

یجب القتل علی الزانی بالمحرمة، کالأم والبنت، وألحق (الشیخ) کذلک امرأة الأب. وکذا یقتل الذمی إذا زنی بالمسلمة، والزانی قهرا. ولا یعتبر الإحصان. ویتساوی فیه الحر والعبد، والمسلم والکافر.

وفی جلده قبل القتل تردد.

ویجب الرجم علی المحصن إذا زنی ببالغة عاقلة.

ویجمع للشیخ والشیخة بین الحد والرجم إجماعا.

وفی الشاب روایتان، أشبههما: الجمع.

ولا یجب الرجم بالزنا بالصغیرة والمجنونة، ویجب الجلد. وکذا لو زنی بالمحصنة صغیر.

ولو زنی بها المجنون لم یسقط عنها الرجم.

ویجز رأس البکر مع الحد، ویغرب عن بلده سنة.

والبکر من لیس بمحصن، وقیل: الذی أملک ولم یدخل.

ولا تغریب علی المرأة ولا جز.

والمملوک یجلد خمسین، ذکرا کان أو أنثی، محصنا أو غیر محصن ولا جز علی أحدهما ولا تغریب.

ولو تکرر الزنی، کفی حد واحد.

ولو حد مع کل واحد مرة قتل فی الثالثة، وقیل: فی الرابعة وهو أحوط.

ص :215

والمملوک إذا أقیم علیه حد الزنی سبعا قتل فی الثامنة، وقیل: فی التاسعة.

وهو أولی.

وللحاکم فی الذمی الخیار فی إقامة الحد علیه وتسلیمه إلی أهل نحلته لیقیموا الحد علی معتقدهم.

ولا یقام علی الحامل حد ولا قصاص حتی تضع وتخرج من نفاسها وترضع الولد، ولو وجد له کافل جاز.

ویرجم المریض والمستحاضة، ولا یحد أحدهما حتی یبرأ.

ولو رأی الحاکم التعجیل ضربه بالضغث المشتمل علی العدد.

ولا یسقط الحد باعتراض الجنون.

ولا یقام فی الحر الشدید، ولا البرد الشدید، ولا فی أرض العدو، ولا علی من التجأ إلی الحرم.

ویضیق علیه فی المطعم والمشرب حتی یخرج للإقامة. ولو أحدث فی الحرم ما یوجب حدا، حد فیه.

وإذا اجتمع الحد والرجم جلد أولا.

ویدفن المرجوم إلی حقویه، والمرأة إلی صدرها.

فإن فر أعید. ولو ثبت الموجب بالإقرار لم یعد.

وقیل: إن لم تصبه الحجارة أعید.

ویبدأ الشهود بالرجم. ولو کان مقرا بدأ الإمام.

ویجلد الزانی قائما مجردا.

وقیل: إن وجد شابة جلد بها أشد الضرب، وقیل متوسطا.

ویفرق علی جسده، ویتقی فرجه ووجهه.

وتضرب المرأة جالسة، وتربط ثیابها.

ص :216

ولا یضمن دیته لو قتله الحد.

ویدفن المرجوم عاجلا. ویستحب إعلام الناس لیتوفروا.

ویجب أن یحضره طائفة، وقیل: یستحب، وأقلها واحد.

ولا یرجمه من لله قبله حد، وقیل یکره.

النظر الثالث: فی اللواحق.

وفیه مسائل:

(الأولی) إذا شهد أربعة بالزنی قبلا فشهدت أربع نساء بالبکارة فلا حد، وفی حد الشهود قولان.

(الثانیة) إذا کان الزوج أحد الأربعة فیه روایتان.

ووجه السقوط أن یسبق منه القذف.

(الثالثة) یقیم الحاکم حدود الله تعالی، أما حقوق الناس فتقف علی المطالبة.

(الرابعة) من افتض بکرا بأصبعه فعلیه مهرها.

ولو کانت أمة فعلیه عشر قیمتها.

(الخامسة) من زوج أمته ثم وطئها فعلیه الحد.

(السادسة) من أقر أنه زنی بفلانة فعلیه مع تکرار الاقرار حدان.

ولو أقر مرة فعلیه حد القذف، وکذا المرأة، وفیهما تردد.

(السابعة) من تزوج أمة علی حرة مسلمة فوطئها قبل الإذن فعلیه ثمن حد الزنی.

(الثامنة) من زنی فی زمان شریف أو مکان شریف (1)، عوقب زیادة علی الحد.

ص :217


1- (1) کمثل رمضان أو العیدین أو عرفة أو الحرم أو أحد المساجد.

الفصل الثانی

فی اللواط والسحق والقیادة

فاللواط یثبت بالإقرار أربعا، ولو أقر دون ذلک عزر.

ویشترط فی المقر التکلیف والاختیار والحریة، فاعلا کان أو مفعولا.

ولو شهد أربعة یثبت، ولو کانوا دون ذلک حدوا.

ویقتل الموقب ولو لاط بصغیر أو مجنون، ویؤدب الصغیر، ولو کانا بالغین قتلا، وکذا لو لاط بعبده.

ولو ادعی العبد إکراهه درئ عنه الحد.

ولو لاط الذمی بمسلم قتل وإن لم یوقب.

ولو لاط بمثله فللإمام الإقامة أو دفعه إلی أهل ملته لیقیموا علیه حدهم.

وموجب الإیقاب القتل للفاعل والمفعول إذا کان بالغا عاقلا، ویستوی فیه کل موقب.

ولا یحد المجنون ولو کان فاعلا علی الأصح.

والإمام مجزی فی الموقب بین قتله ورجمه وإلقائه من جدار وإحراقه.

ویجوز أن یضم الإحراق إلی غیره من الآخرین.

ومن لم یوقب فحده مائة علی الأصح، ویستوی فیه الحر والعبد.

ولو تکرر مع الحد قتل فی الرابعة علی الأشبه.

ویعزر المجتمعان تحت إزار مجردین ولا رحم بینهما، من ثلاثین سوطا إلی تسعة وتسعین. ولو تکرر مع تکرار التعزیر حدا فی الثالثة. وکذا یعزر من قبل غلاما بشهوة.

ویثبت السحق بما یثبت به اللواط.

ص :218

والحد فیه مائة جلدة، حرة کانت أو أمة، محصنة کانت أو غیر محصنة، للفاعلة والمفعولة.

وقال فی (النهایة): ترجم مع الإحصان وتقتل، المساحقة فی الرابعة مع تکرار الحد ثلاثا.

ویسقط الحد بالتوبة قبل البینة کاللواط، ولا یسقط بعد البینة.

ویعزر المجتمعان تحت إزار واحد مجردتین.

ولو تکرر مرتین مع التعزیر أقیم علیهما الحد فی الثالثة. ولو عادتا قال فی (النهایة) قتلتا.

مسألتان:

(الأولی) لا کفالة فی الحد ولا تأخیر إلا لعذر، ولا شفاعة فی إسقاطه.

(الثانیة) لو وطئ زوجته فساحقت بکرا فحملت من مائه فالولد له، وعلی زوجته الحد والمهر وعلی الصبیة الجلد.

وأما القیادة:

فهی الجمع بین الرجال والنساء للزنا. أو الرجال والصبیان للواط.

ویثبت بشاهدین أو الاقرار مرتین.

والحد فیه خمس وسبعون جلدة. وقیل: یحلق رأسه ویشهر.

ویستوی فیه الحر والعبد والمسلم والکافر. وینفی بأول مرة.

وقال المفید: فی الثانیة. والأول مروی.

ولا نفی علی المرأة ولا جز.

ص :219

الفصل الثالث

فی حد القذف

ومقاصده أربعة:

(الأول) فی الموجب: وهو الرمی بالزنا أو اللواط.

وکذا لو قال: یا منکوحا فی دبره بأی لغة اتفق، إذا کانت مفیدة للقذف فی عرف القائل. ولا یحد مع جهالته فائدتها.

وکذا لو قال لمن أقر بنوته: لست ولدی.

ولو قال: زنی بک أبوک، فالقذف لأبیه. أو زنت بک أمک فالقذف لأمه.

ولو قال: یا بن الزانیین فالقذف لهما.

ویثبت الحد إذا کانا مسلمین ولو کان المواجه کافرا.

ولو قال للمسلم: یا بن الزانیة وأمه کافرة، فالأشبه: التعزیر، وفی (النهایة) یحد.

ولو قال: یا زوج الزانیة فالحد لها (1). ولو قال: یا أبا الزانیة، أو یا أخا الزانیة فالحد للمنسوبة إلی الزنا دون المواجه.

ولو قال: زنیت بفلانة، فللمواجه حد، وفی ثبوته للمرأة تردد.

والتعریض یوجب التعزیر. وکذا لو قال لامرأته لم أجدک عذراء.

ولو قال لغیره ما یوجب أذی، کالخسیس والوضیع، وکذا لو قال یا فاسق ویا شارب الخمر ما لم یکن متظاهرا.

ویثبت القذف بالإقرار مرتین من المکلف الحر المختار أو بشهادة عدلین.

ویشترط فی القاذف البلوغ والعقل.

فالصبی لا یحد بالقذف ویعزر، وکذا المجنون.

(الثانی) فی المقذوف.

ویشترط فیه: البلوغ، وکمال العقل، والحریة، والإسلام، والستر.

ص :220


1- (1) یعنی أنها صاحبة الحق فیه، وکذا یقال فیما بعده.

فمن قذف صبیا أو مجنونا أو مملوکا أو کافرا أو متظاهرا بالزنی لم یحد بل یعزر.

وکذا الأب لو قذف ولده.

ویحد الولد لو قذفه. وکذا الأقارب.

(الثالث) فی الأحکام:

فلو قذف جماعة بلفظ واحد، فعلیه حد إن جاءوا وطالبوا مجتمعین، وإن افترقوا فلکل واحد حد.

وحد القذف یورث کما یورث المال. ولا یرثه الزوج ولا الزوجة.

ولو قال ابنک زان أو بنتک زانیة فالحد لهما.

وقال فی (النهایة): له المطالبة والعفو.

ولو ورث الحد جماعة فعفا أحدهم کان لمن بقی الاستیفاء علی التمام.

ویقتل القاذف فی الرابعة إذا حد ثلاثا، وقیل فی الثالثة.

والحد ثمانون جلدة، حرا کان القاذف أو عبدا.

ویجلد بثیابه ولا یجرد. ویضرب متوسطا.

ولا یعزر الکفار مع التنابز.

(الرابع) فی اللواحق، وهی مسائل:

(الأولی) یقتل من سب النبی صلی الله علیه وسلم. وکذا من سب أحد الأئمة علیهم السلام. ویحل دمه لکل سامع إذا أمن.

(الثانیة) یقتل مدعی النبوة. وکذا من قال لا أدری محمد - علیه الصلاة والسلام - صادق أو لا، إذا کان علی ظاهر الإسلام.

(الثالثة) یقتل الساحر إذا کان مسلما. ویعزر إن کان کافرا.

(الرابعة) یکره أن یزاد فی تأدیب الصبی عن عشره أسواط.

وکذا العبد، ولو فعل استحب عتقه.

(الخامسة) یعزر من قذف عبده أو أمته. وکذا کل من فعل محرما أو ترک واجبا: بما دون الحد.

ص :221

الفصل الرابع

فی حد المسکر

والنظر فی أمور ثلاثة. - (الأول) فی الموجب: وهو تناول المسکر والفقاع اختیارا مع العلم بالتحریم.

ویشترط البلوغ، والعقل.

فالتناول یعم الشارب والمستعمل فی الأدویة والأغذیة ویتعلق الحکم ولو بالقطرة.

وکذا العصیر إذا غلا ما لم یذهب ثلثاه. وکل ما حصلت فیه الشدة المسکرة.

ویسقط الحد عمن جهل المشروب أو التحریم.

ویثبت بشهادة عدلین أو الاقرار مرتین من مکلف حر مختار.

(الثانی) فی الحد: وهو ثمانون جلدة.

ویستوی فیه الحر والعبد والکافر مع التظاهر.

ویضرب الشارب عریانا علی ظهره وکتفیه ویتقی وجهه وفرجه.

ولا یحد حتی یفیق.

وإذا حد مرتین قتل فی الثالثة وهو المروی.

وقال (الشیخ) فی الخلاف: یقتل فی الرابعة.

ولو شرب مرارا ولم یحد کفی حد واحد.

(الثالث) فی الأحکام: وفیه مسائل: -

(الأولی) لو شهد واحد یشربها وآخر بقیئها حد.

(الثانیة) من شربها مستحلا استتیب، فإن تاب أقیم علیه الحد، وإلا قتل وقیل: حکمه حکم المرتد، وهو قوی.

ص :222

ولا یقتل مستحل غیر الخمر (1) بل یحد مستحلا ومحرما.

(الثالثة) من باع الخمر مستحلا استتیب. فإن تاب وإلا قتل. وفیما سواها یعزر.

(الرابعة) لو تاب قبل قیام البینة سقط الحد. ولا یسقط لو تاب بعد البینة، وبعد الاقرار یتخیر الإمام فی الإقامة. ومنهم من حتم الحد.

الفصل الخامس

فی حد السرقة

وهو یعتمد فصولا:

(الأول) فی السارق:

ویشترط فیه: التکلیف، وارتفاع الشبهة، وألا یکون الوالد من ولده، وأن یهتک الحرز ویخرج المتاع بنفسه ویأخذ سرا.

فالقیود إذا ستة. فلا یحد الطفل، ولا المجنون لکن یعزران.

وفی النهایة یعفی عن الطفل أولا، فإن عاد أدب، فإن عاد حکت أنامله حتی تدمی، فإن عاد قطعت أنامله، فإن عاد قطع کما یقطع البالغ.

ولو سرق الشریک ما یظنه نصیبا لم یقطع.

وفی سرقة أحد الغانمین من الغنیمة روایتان، إحداهما: لا یقطع، والأخری: یقطع لو زاد عن نصیبه قدر النصاب.

ولو هتک الحرز غیره وأخرج هو لم یقطع.

والحر والعبد، والمسلم والکافر، والذکر والأنثی سواء.

ولا یقطع عبد الإنسان بسرقة ماله. ولا عبد الغنیمة بالسرقة منها.

ویقطع الأجیر إذا أحرز المال من دونه علی الأظهر.

ص :223


1- (1) قال فی (شرائع الإسلام): (وأما سائر المسکرات فلا یقتل مستحلها لتحقق الخلاف بین المسلمین فیها، ویقام الحد مع شربها مستحلا ومحرما).

والزوج والزوجة وکذا الضیف، وفی روایة لا یقطع.

وعلی السارق إعادة المال ولو قطع.

(الثانی) فی المسروق:

ونصاب القطع ربع دینار، ذهبا خالصا، مضروبا بسکة المعاملة أو ما قیمته.

ذلک، ولا بد من کونه محرزا، بقفل أو غلق أو دفن.

وقیل: کل موضع لیس لغیر المالک دخوله إلا بإذنه فهو حرز.

ولا یقطع من سرق من المواضع المأذون فی غشیانها، کالحمامات، والمساجد.

وقیل إذا کان المالک مراعیا للمال کان محرزا.

ولا یقطع من سرق من جیب إنسان أو کمه الظاهرین، ویقطع لو کانا باطنین.

ولا یقطع فی الثمر علی الشجر، ویقطع سارقه بعد إحرازه.

وکذا لا یقطع فی سرقة مأکول، فی عام مجاعة.

ویقطع من سرق مملوکا، ولو کان حرا فباعه قطع لفساده، لا حدا.

ویقطع سارق الکفن لأن القبر حرز له ویشترط بلوغه النصاب، وقیل: لا یشترط، لأنه لیس حد السرقة، بل لحسم الجرأة.

ولو نبش ولم یأخذ عزر ولو تکرر وفات السلطان جاز قتله ردعا.

(الثالث) یثبت الموجب بالإقرار مرتین أو بشهادة عدلین. ولو أقر مرة عزر ولم یقطع.

ویشترط فی المقر: التکلیف، والحریة، والاختیار. ولو أقر بالضرب لم یقطع.

نعم لو رد السرقة بعینها قطع،. وقیل: لا یقطع لتطرق الاحتمال وهو أشبه.

ولو أقر مرتین تحتم ولو أنکر.

(الرابع) فی الحد.

وهو قطع الأصابع الأربع من ید الیمنی، وتترک الراحة والإبهام.

ص :224

ولو سرق بعد ذلک قطعت رجله الیسری من مفصل القدم ویترک العقب.

ولو سرق ثلاثة حبس دائما.

ولو سرق فی السجن قتل.

ولو تکررت السرقة من غیر حد کفی حد واحد.

ولا یقطع الیسار مع وجود الیمنی بل یقطع الیمنی ولو کانت شلاء.

وکذا لو کانت الیسار شلاء.

ولو لم یکن یسار قطع الیمنی. وفی الروایة: لا یقطع.

وقال الشیخ (فی النهایة): ولو لم یکن یسار قطعت رجله الیسری. ولو لم یکن له رجل لم یکن علیه أکثر من الحبس، وفی الکل تردد.

ویسقط الحد بالتوبة قبل البینة لا بعدها.

(ویتخیر) الإمام معها بعد الاقرار فی الإقامة علی روایة فیها ضعف.

والأشبه تحتم الحد ولا یضمن سرایة الحد.

الخامس فی اللواحق، وفیه مسائل:

(الأولی) إذا سرق اثنان نصابا، قال فی (النهایة): یقطعان.

وفی الخلاف: اشترط نصیب کل واحد نصابا.

(الثانیة) لو قامت الحجة بالسرقة ثم أمسک لیقطع. ثم شهدت علیه بأخری قال (فی النهایة) قطعت یده بالأولی ورجله بالأخری، وبه روایة.

والأولی التمسک بعصمة الدم إلا فی موضع الیقین.

(الثالثة) قطع السارق موقوف علی مرافعة المسروق منه.

فلو لم یرافعه لم یرفعه الإمام، ولو رافعه لم یسقط الحد ولو وهبه قطع.

ص :225

الفصل السادس

فی المحارب

وهو کل مجرد سلاحا فی بر أو بحر، لیلا أو نهارا، لا خافة السابلة وإن لم یکن من أهلها علی الأشبه.

ویثبت ذلک بالإقرار ولو مرة أو بشهادة عدلین.

ولو شهد بعض اللصوص علی بعض لم تقبل. وکذا لو شهد بعض المأخوذین لبعض.

وحده: القتل، أو الصلب، أو القطع مخالفا، أو النفی.

وللأصحاب اختلاف قال المفید: بالتخییر وهو الوجه.

وقال الشیخ: بالترتیب یقتل إن قتل، ولو عفا ولی الدم قتل حدا.

ولو قتل وأخذ المال استعید منه وقطعت یده الیمنی ورجله الیسری، ثم قتل وصلب.

وإن أخذ المال ولم یقتل قطع مخالفا ونفی.

ولو جرح ولم یأخذ المال اقتص منه ونفی.

ولو شهر السلاح.. نفی لا غیر.

ولو تاب قبل القدرة علیه سقطت العقوبة ولم تسقط حقوق الناس.

ولو تاب بعد ذلک لم تسقط.

ویصلب المحارب حیا علی القول بالتخییر، ومقتولا، علی القول الآخر.

ولا یترک علی خشبته أکثر من ثلاثة أیام، وینزل ویغسل علی القول بصلبه حیا ویکفن ویصلی علیه ویدفن.

وینفی المحارب عن بلده ویکتب بالمنع من مؤاکلته ومجالسته ومعاملته حتی یثوب.

واللص محارب، وللإنسان دفعه إذا غلب السلامة، ولا ضمان علی الدافع.

ویذهب دم المدفوع هدرا. وکذا لو کابر امرأة علی نفسها، أو غلاما فدفع، فأدی إلی تلفه، أو دخل دارا فزجره ولم یخرج فأدی الزجر والدفع إلی تلفه، أو ذهاب

ص :226

بعض أعضائه، ولو ظن العطب سلم المال.

ولا یقطع المستلب ولا المختلس والمحتال، ولا المبنج ولا من سقی غیره مرقدا (1)، بل یستعاد منهم ما أخذوا، ویعزرون بما یردع.

الفصل السابع

فی إتیان البهائم ووطء الأموات وما یتبعه إذا وطئ البالغ العاقل بهیمة مأکولة اللحم، کالشاة والبقرة، حرم لحمها ولحم نسلها.

ولو اشتبهت فی قطیع قسم نصفین وأفرغ هکذا حتی تبقی واحدة فتذبح وتحرق ویغرم قیمتها إن لم یکن له.

ولو کان المهم (2) ما یرکب ظهرها لا لحمها کالبغل والحمار والدابة أغرم ثمنها إن لم تکن له، وأخرجت إلی غیر بلده وبیعت.

وفی الصدقة بثمنها قولان، والأشبه: أنه یعاد علیه. ویعزر الواطئ علی التقدیرین ویثبت هذا الحکم بشهادة عدلین أو الاقرار ولو مرة. ولا یثبت بشهادة النساء منفردات ولا منضمات.

ولو تکرر الوطء مع التعزیر ثلاثا، قتل فی الرابعة.

ووطء المیتة کوطء الحیة فی الحد واعتبار الإحصان، ویغلظ هنا.

ولو کانت زوجة فلا حد ویعزر.

ولا یثبت إلا بأربعة شهود وفی روایة، یکفی اثنان لأنها شهادة علی واحد.

ومن لاط بمیت کمن لاط بحی ویعزر زیادة علی الحد.

ومن استمنی بیده عزر بما یراه الإمام.

ویثبت بشهادة عدلین أو الاقرار مرتین ولو قیل: یکفی المرة کان حسنا

ص :227


1- (1) لکن إن جنی ذلک شیئا ضمن الجنایة. (شرائع الإسلام)
2- (2) یعنی لو کان المقصود من البهیمة رکوب ظهرها لا أکل لحمها، أغرم ثمنها الخ.

کتاب العتق

کتاب العتق

والنظر فی الرق وأسباب الإزالة:

أما الرق فیختص بأهل الحرب دون أهل الذمة، ولو أخلوا بشرائطها جاز تملکهم.

ومن أقر علی نفسه بالرقیة مختارا فی صحة من رأیه، حکم برقیته.

وإذا بیع فی الأسواق ثم ادعی الحریة لم یقبل منه إلا ببینة.

ولا یملک الرجل ولا المرأة أحد الأبوین وأن علوا، ولا الأولاد وإن سفلوا. وکذا لا یملک الرجل ذوات الرحم من النساء المحرمات کالخالة والعمة وبنت الأخت وبنت الأخ، وینعتق هؤلاء بالملک، ویملک غیرهم من الرجال والنساء علی کراهیة، ویتأکد فیمن یرثه.

وهل ینعتق علیه بالرضاع من ینعتق بالنسب. فیه روایتان، أشهرهما: أنه ینعتق. ولا ینعتق علی المرأة سوی العمودین.

وإذا ملک أحد الزوجین صاحبه بطل العقد بینهما وثبت الملک.

أما إزالة الرق فأسبابها أربعة: الملک، والمباشرة، والسرایة، والعوارض.

وقد سلف الملک.

أما المباشرة: فالعتق، والکتابة، والتدبیر، والاستیلاد.

وأما العتق: فعبارته الصریحة التحریر. وفی لفظ العتق تردد، ولا اعتبار بغیر ذلک من الکنایات وإن قصد بها العتق، ولا تکفی الإشارة ولا الکتابة مع القدرة علی النطق، ولا یصح جعله یمینا، ولا بد من تجریده عن شرط متوقع أو صفة، ویجوز أن یشترط مع العتق شئ، ولو شرط إعادته فی الرق إن خالف فقولان، المروی: اللزوم.

ویشترط فی المعتق جواز التصرف، والاختیار، والقصد، والقربة.

ص :228

وفی عتق الصبی إذا بلغ عشرا روایة بالجواز حسنة. ولا یصح عتق السکران وفی وقوعه من الکافر تردد، ویعتبر فی المعتق أن یکون مملوکا حال العتق مسلما، ولا یصح لو کان کافرا، ویکره لو کان مخالفا. ولو نذر عتق أحدهما لزم. ولو شرط المولی علی المعتق الخدمة زمانا معینا صح، ولو أبق ومات المولی فوجد بعد المدة فهل للورثة استخدامه؟ المروی: لا. وإذا طلب المملوک البیع لم تجب إجابته.

ویکره التفریق بین الولد وأمه. وقیل: یحرم. وإذا أتی علی المملوک المؤمن سبع سنین یستحب عتقه، وکذا لو ضرب مملوکه ما هو حد.

مسائل سبع:

(الأولی): لو نذر تحریر أول مملوک یملکه فملک جماعة تخیر فی أحدهم، وقیل: یقرع بینهم، وقال ثالث: لا یلزمه عتق.

(الثانیة): لو نذر عتق أول ما تلده، فولدت توأمین عتقا.

(الثالثة): لو أعتق بعض ممالیکه فقیل له: هل أعتقت ممالیکک؟ فقال:

نعم. لم ینعتق إلا من سبق عتقه.

(الرابعة): لو نذر أمته إن وطأها صح فإن أخرجهما عن ملکه انحلت الیمین وإن عادت بملک مستأنف.

(الخامسة): لو نذر عتق کل عبد قدیم فی ملکه أعتق من کان له فی ملکه ستة أشهر فصاعدا.

(السادسة): مال المعتق لمولاه وإن لم یشترط. وقیل: إن لم یعلم به فهو له، وإن علم ولم یستثنه، فهو للعبد.

(السابعة): إذا أعتق ثلث عبیده استخرج الثلث بالقرعة.

وأما السرایة: فمن أعتق شقصا من عبده عتق کله، ولو کان له شریک قوم علیه نصیبه إن کان موسرا، وسعی العبد فی فک باقیه إن کان المعتق معسرا

ص :229

وقیل: إن قصد الإضرار فکه إن کان موسرا وبطل العتق إن کان معسرا، وإن قصد القربة لم یلزمه فکه، وسعی العبد فی حصة الشریک، فإن امتنع العبد استقر ملک الشریک علی حصته. وإذا أعتق الحامل تحرر الحمل ولو استثنی رقه لروایة السکونی. وفیه مع ضعف السند إشکال منشأه عدم القصد إلی عتقه.

وأما العوارض: فالعمی، والجذام، وتنکیل المولی بعبده، وألحق الأصحاب الإقعاد، فمتی حصل أحد هذه الأسباب فیه انعتق، وکذا إذا أسلم العبد فی دار الحرب سابقا علی مولاه، وکذا لو کان العبد وارثا ولا وارث غیره دفعت قیمته علی مولاه.

کتاب التدبیر والمکاتبة والاستیلاد

أما التدبیر. فلفظه الصریح: أنت حر بعد وفاتی، ولا بد فیه من النیة ولا حکم لعبارة الصبی. ولا المجنون، ولا السکران. ولا المحرج الذی لا قصد له. وفی اشتراط القربة تردد. ولو حملت المدبرة من مولاها، لم یبطل تدبیرها وتنعتق بوفاته من الثلث. ولو حملت من غیره بعد التدبیر فالولد مدبر کهیئتها، ولو رجع فی تدبیرها لم یصح رجوعه فی تدبیر الأولاد، وفیه قول آخر ضعیف. ولو أولد المدبر من مملوکة کان ولده مدبرا. ولو مات الأب قبل المولی لم یبطل تدبیر الأولاد وعتقوا بعد موت المولی من ثلثه. ولو قصر سعوا فیما بقی منهم ولو دبر الحبلی لم یسر إلی ولدها، وفی روایة إن علم بحبلها فما فی بطنها بمنزلتها.

ویعتبر فی المدبر جواز التصرف والاختیار والقصد.

وفی صحته من الکافر تردد. أشبهه: الجواز.

والتدبیر وصیة یرجع فیه المولی متی شاء. فلو رجع قولا صح قطعا، أما لو باعه أو وهبه. فقولان. أحدهما: یبطل به التدبیر، وهو الأشبه.

ص :230

الآخر: لا یبطل ویمضی البیع فی خدمته (1) وکذا الهبة. والمدبر رق، ویتحرر بموت المولی من ثلثه. والدین مقدم علی التدبیر سواء کان سابقا علی التدبیر أو متأخرا. وفیه روایة بالتفصیل متروکة.

ویبطل التدبیر بإباق المدبر. ولو أولد له فی حال إباقه کان أولاده رقا، ولو جعل خدمة عبده لغیره ثم قال: هو حر بعد وفاة المخدوم صح علی الروایة، ولو أبق لم یبطل تدبیره فصار حرا بالوفاة ولا سبیل علیه. وأما المکاتبة: فتستدعی بیان أرکانها وأحکامها.

والأرکان أربعة: العقد، والملک، والمکاتب، والعوض، والکتابة مستحبة مع الدیانة وإمکان الاکتساب. وتتأکد بسؤال المملوک، وتستحب مع إلتماسه ولو کان عاجزا. وهی قسمان: فإن اقتصر علی العقد فهی مطلقة، وإن اشترط عوده رقا مع العجز فهی مشروطة. وفی الإطلاق یتحرر منه بقدر ما أدی. وفی المشروطة یرد رقا مع العجز، وحده أن یؤخر النجم من محله. وفی روایة أن یؤخر نجما إلی نجم، وکذا لو علم منه العجز. ویستحب للمولی الصبر لو عجز. وکل ما یشترطه المولی علی المکاتب لازم ما لم یخالف المشروع.

ویعتبر فی المالک جواز التصرف والاختیار والقصد، وفی اعتبار الإسلام تردد، أشبهه: أنه لا یعتبر. ویعتبر فی المملوک التکلیف، وفی کتابة الکافر تردد، أظهره المنع. ویعتبر فی العوض کونه دینا مؤجلا معلوم القدر والوصف مما یصح تملکه للمولی، ولا حد لأکثره لکن یکره أن یتجاوز قیمته، ولو دفع ما علیه قبل

ص :231


1- (1) عبارة شرائع الإسلام: مضی البیع فی خدمته دون رقبته وتحرر بموت مولاه.

الأجل فالولی فی قبضه بالخیار. ولو عجز المطلق عن الأداء فکه الإمام من سهم الرقاب وجوبا.

وأما الأحکام فمسائل:

(الأولی): إذا مات المشروط (1) بطلت الکتابة وکان ماله وأولاده لمولاه وإن مات المطلق وقد أدی شیئا تحرر منه بقدره وکان للمولی من ترکته بنسبة ما بقی من رقبته ولورثته بنسبة الحریة إن کانوا أحرارا فی الأصل وإلا تحرر منهم بقدر ما تحرر منه وألزموا بما بقی من مال الکتابة فإذا أدوه تحرروا، ولو لم یکن لهم مال سعوا فیما بقی منهم، وفی روایة یؤدون ما بقی من مال الکتابة وما فضل لهم.

والمطلق إذا أوصی أو أوصی له، صح نصیب الحریة (2) وبطل فی الزائد.

وکذا لو وجب علیه حد أقیم علیه من حد الأحرار بنسبة ما فیه من الحریة. ومن ومن حد العبد بنسبة ما فیه من الرقبة. ولو زنی المولی بمکاتبته المطلقة سقط عنه من الحد بقدر نصیبه منها وحد بما تحرر.

(الثانیة): لیس للمکاتب التصرف فی ماله بهبة ولا عتق ولا إقراض إلا بإذن المولی ولیس للمولی التصرف فی ماله بغیر الاستیفاء. ولا یحل له وطء المکاتبة بالملک ولا بالعقد ولو وطئها مکرها لزمه مهرها. ولا تتزوج إلا بإذنه ولو حملت بعد الکتابة کان حکم ولدها حکمها إذا لم یکونوا أحرارا.

(الثالثة): یجب علی المولی إعانته من الزکاة ولو لم یکن، استحب تبرعا.

وأما الاستیلاد: فهو یتحقق بعلوق أمته منه فی ملکه وهی مملوکة. لکن لا یجوز بیعها ما دام ولدها حیا إلا فی ثمن رقبتها إذا کان دینا علی مولاها ولا جهة لقضائه غیرها، ولو مات ولدها جاز بیعها، وتتحرر بموت المولی من نصیب ولدها ولو لم یخلف المیت سواها عتق منها نصیب ولدها وسعت فیما بقی.

ص :232


1- (1) المشروط والمطلق وصفان للمکاتب.
2- (2) صح له منها بقدر ما فیه من الحریة.

کتاب الاقرار

وفی روایة تقوم علی ولدها إن کان موسرا، وفی روایة محمد بن قیس عن أبی جعفر علیه السلام فی ولیدة نصرانیة أسلمت وولدت من مولاها غلاما ومات فأعتقت وتزوجت نصرانیا وتنصرت فقال: ولدها لابنها من سیدها وتحبس حتی تضع وتقتل. وفی (النهایة) یفعل بها ما یفعل بالمرتدة. والروایة شاذة.

کتاب الاقرار

والنظر فی الأرکان واللواحق

والأرکان أربعة:

(الأول): الاقرار: وهو إخبار الإنسان بحق لازم له، ولا یختص لفظا وتقوم مقامه الإشارة. لو قال: لی علیک کذا، فقال: نعم أو أجل فهو إقرار. وکذا لو قال: ألیس لی علیک کذا؟ فقال: بلی، ولو قال: نعم، قال الشیخ:

لا یکون إقرارا. وفیه تردد. ولو قال: أنا مقر لم یلزمه إلا أن یقول به. ولو قال: بعنیه أو هبنیه فهو إقرار. ولو قال: لی علیک کذا. فقال: اتزن أو انتقد لم یکن شیئا. وکذا لو قال: أتزنها أو انتقدها. أما لو قال: أجلتنی بها أو قضیتکها فقد أقر وانقلب المقر مدعیا.

(الثانی): المقر: ولا بد من کونه مکلفا حرا مختارا جائز التصرف.

فلا یقبل إقرار الصغیر ولا المجنون ولا العبد بماله. ولا حد ولا جنایة ولو أوجبت قصاصا.

(الثالث): فی المقر له: ویشترط فیه أهلیة التملک: ویقبل لو أفر للحمل تنزیلا علی الاحتمال وإن بعد. وکذا لو أقر لعبد ویکون للمولی.

(الرابع): فی المقر به. ولو قال: له علی مآل قبل تفسیره بما یملک وإن

ص :233

قل: ولو قال: شئ فلا بد من تفسیره بما یثبت فی الذمة. ولو قال: ألف ودرهم رجع فی تفسیر الألف إلیه. ولو قال: مئة وعشرون درهما فالکل دراهم. وکذا کنایته عن الشئ، فلو قال: کذا درهم فالإقرار بدرهم. وقال الشیخ: لو قال:

کذا کذا درهما لم یقبل تفسیره بأقل من أحد عشر. ولو قال: کذا وکذا لم یقبل أقل من أحد وعشرین. والأقرب الرجوع فی تفسیره إلی المقر ولا یقبل أقل من درهم. ولو أقر بشئ مؤجلا فأنکر الغریم الأجل لزمه حالا، وعلی الغریم الیمین.

واللواحق ثلاثة:

(الأول): فی الاستثناء ومن شروطه الاتصال العادی، ولا یشترط الجنسی ولا نقصان المستثنی عن المستثنی منه. فلو قال: له علی عشرة إلا ستة لزمه أربعة. ولو قال: ینتقص ستة لم تقبل منه. ولو قال: له عشرة إلا خمسة إلا ثلاثة لزمه ثمانیة. ولو قال: له عشرة إلا ثلاثة إلا ثلاثة کان الاقرار بالأربعة. ولو قال: درهم ودرهم إلا درهمان لزمه درهمان. ولو قال: له عشرة إلا ثوبا سقط من العشرة قیمة الثوب ویرجع إلیه تفسیر القیمة ما لم یستغرق العشرة.

(الثانی): فی تعقیب الاقرار بما ینافیه. فلو قال: هذا لفلان بل لفلان فهو للأول ویغرم القیمة للثانی. ولو قال: له علی مال من ثمن خمر لزمه المال.

ولو قال: ابتعت بخیار وأنکر البائع الخیار قبل إقراره فی البیع دون الخیار.

وکذا لو قال: من ثمن مبیع لم أقبضه.

(الثالث): الاقرار بالنسب: ویشترط فی الاقرار بالولد الصغیر إمکان البنوة وجهالة نسب الصغیر وعدم المنازع ولا یشترط التصدیق لعدم الأهلیة. ولو بلغ فأنکر لم یقبل. ولا بد فی التکبیر من التصدیق وکذا فی غیره من الأنساب.

وإذا تصادقا توارثا بینهما. ولا یتعدی المتصادقین. ولو کان للمقر ورثة مشهورون لم یقبل إقراره بالنسب ولو تصادقا. فإذا أقر الوارث بآخر وکان

ص :234

کتاب الأیمان

أولی منه دفع إلیه ما فی یده. وإن کان مشارکا دفع إلیه بنسبة نصیبه من الأصل.

ولو أقر باثنتین فتناکرا لم یلتفت إلی تناکرهما. ولو أقر بأولی منه ثم بمن هو أولی من المقر له فإن صدقه الأول دفع إلی الثانی وإن کذبه ضمن المقر ما کان نصیبه. ولو أقر بمساو له فشارکه ثم أقر بمن هو أولی منهما فإن صدقه المساوی دفعا إلیه ما معهما، وإن أنکر غرم للثانی ما کان فی یده ولو أقر للمیتة بزوج دفع إلیه مما فی یده بنسبة نصیبه. ولو أقر بآخر لم یقبل إلا أن یکذب نفسه فیغرم له أن أنکر الأول. وکذا الحکم فی الزوجات إذا أقر بخامسة. ولو أقر اثنان عادلان من الورثة صح النسب وقاسم الوارث. ولو لم یکونا مرضیین لم یثبت النسب ودفعا إلیه مما فی أیدیهما بنسبة نصیبه من الترکة.

کتاب الأیمان

والنظر فی أمور ثلاثة:

(الأول): ما به ینعقد، ولا ینعقد إلا بالله وبأسمائه الخاصة وما ینصرف إطلاقه إلیه کالخالق والباری دون ما لا ینصرف إطلاقه إلیه کالموجود. ولا ینعقد لو قال:

أقسم أو أحلف حتی یقول بالله، ولو قال: لعمر الله کان یمینا، ولا کذا لو قال:

وحق الله. ولا ینعقد الحلف بالطلاق والعتاق والظهار ولا بالحرم ولا بالکعبة ولا بالمصحف. وینعقد لو قال: حلف برب المصحف. ولو قال: هو یهودی أو نصرانی أو حلف بالبراءة من الله أو رسوله أو الأئمة لم یکن یمینا، والاستثناء بالمشیئة فی الیمین یمنعها الانعقاد إذا اتصل بما جرت العادة. ولو تراخی عن ذلک عن غیر عذر لزمت الیمین وسقط الاستثناء إلی أربعین یوما وهی متروکة.

(الثانی): الحالف: ویعتبر فیه البلوغ والتکلیف والاختیار والقصد: فلو

ص :235

حلف عن غیر نیة کانت لغوا، ولو کان اللفظ صریحا، ولا یمین للسکران ولا المکره ولا الغضبان إلا أن یکون لأحدهم قصد إلی الیمین. وتصح الیمین من الکافر، وفی الخلاف لا یصح، ولا ینعقد یمین الولد مع الوالد إلا بإذنه. ولو بادر کان للوالد حلها إن لم تکن فی واجب أو ترک محرم. وکذا الزوجة مع زوجها والمملوک مع مولاه.

(الثالث): فی متعلق الیمین. ولا یمین إلا مع العلم. ولا یجب بالغموس کفارة وتنعقد لو حلف علی فعل واجب أو مندوب أو علی ترک محرم أو مکروه. ولا ینعقد لو حلف علی ترک فعل واجب أو مندوب أو فعل محرم أو مکروه. ولو حلف علی مباح وکان الأولی مخالفته فی دینه أو دنیاه فلیأت لما هو خیر له ولا إثم ولا کفارة. وإذا تساوی فعل ما تعلقت به الیمین وترکه وجب العمل بمقتضی الیمین. ولو حلف لزوجته ألا یتزوج أو یتسری لم تنعقد یمینه. وکذا لو حلفت هی أن لا تتزوج بعده. وکذا لو حلفت أن لا تخرج معه. ولا تنعقد لو قال لغیره: والله لنفعلن. ولا یلزم أحدهما. وکذا لو حلف لغریمه علی الإقامة بالبلد وخشی مع الإقامة الضرر، وکذا لو حلف لیضربن عبده فالعفو أفضل ولا إثم ولا کفارة. ولو حلف علی ممکن فتجدد العجز انحلت الیمین. ولو حلف علی تخلیص مؤمن أو دفع أذیة لم یأثم ولو کان کاذبا وإن أحسن التوریة وری ومن هذا لو وهب له مالا وکتب له ابتیاع وقبض ثمن فتنازعه الوارث علی تسلیم الثمن حلف ولا إثم. ویوری بما یخرجه عن الکذب وکذا لو حلف أن ممالیکه أحرار وقصد التخلص من ظالم. لم یأثم ولم یتحرروا. ویکره الحلف علی القلیل وإن کان صادقا.

مسألتان:

(الأولی): روی ابن عطیة فیمن حلف ألا یشرب من لبن عنزة له ولا یأکل من لحمها: أنه یحرم علیه لبن أولادها ولحومهم لأنهم منها، وفی الروایة ضعف.

ص :236

وقال فی النهایة: إن شرب لحاجة لم یکن علیه شئ والتقیید حسن.

(الثانیة): روی أبو بصیر عن أبی عبد الله علیه السلام فی رجل أعجبته جاریة عمته فخاف الإثم فحلف بالأیمان ألا یمسها أبدا، فورث الجاریة أعلیه جناح أن یطأها؟ فقال: إنما حلف علی الحرام ولعل الله رحمه فورثه إیاها لما علم من عفته.

کتاب النذور والعهود

والنظر فی أمور أربعة

(الأولی): الناذر، ویعتبر فیه التکلیف والإسلام والقصد.

ویشترط فی نذر المرأة إذن الزوج. وکذا نذر المملوک، فلو بادر أحدهما کان للزوج والمالک فسخه ما لم یکن فعل واجب أو ترک محرم. ولا ینعقد فی سکر یرفع القصد ولا غضب کذلک (1).

(الثانی): الصیغة: وهی أن تکون شکرا کقوله: إن رزقت ولدا فلله علی کذا. أو استدفاعا، کقوله: إن برئ المریض فلله علی کذا، أو زجرا کقوله:

إن فعلت کذا من المحرمات أو إن لم أفعل کذا من الطاعات فلله علی کذا.

أو تبرعا کقوله لله علی کذا. ولا ریب فی انعقاده مع الشرط. وفی انعقاد التبرع قولان، أشبههما: الانعقاد. ویشترط النطق بلفظ الجلالة، فلو قال علی کذا لم یلزم، ولو اعتقد أنه إن کان کذا فلله علیه کذا ولم یتلفظ بالجلالة، فقولان، أشبههما: أنه لا ینعقد، وإن کان الإتیان به أفضل. وصیغة العهد أن یقول:

عاهدت الله متی کان کذا فعلی کذا. وینعقد نطقا. وفی انعقاده اعتقادا قولان

ص :237


1- (1) وفی شرائع الإسلام للمؤلف: ویشترط فیه القصد فلا یصح من المکره ولا السکران ولا الغضبان الذی لا قصد له.

أشبههما: أنه لا ینعقد ویشترط فیه القصد کالنذر.

(الثالث): فی متعلق النذر: وضابطه ما کان طاعة لله مقدورا للناذر ولا ینعقد مع العجز، ویسقط لو تجدد العجز، والسبب إذا کان طاعة لله وکان النذر شکرا لزم. ولو کان زجرا لم یلزم. وبالعکس لو کان السبب معصیة. ولا ینعقد لو قال: لله علی نذر واقتصر به. وینعقد لو قال: علی قربة، ویبر بفعل قربة، ولو صوم یوم أو صلاة رکعتین. ولو نذر صوم حین صام ستة أشهر. ولو قال: زمانا، صام خمسة أشهر. ولو نذر الصدقة بمال کثیر کان ثمانین درهما. ولو نذر عتق کل عبد قدیم أعتق من کان له فی ملکه ستة أشهر فصاعدا، هذا إذا لم ینو شیئا غیره.

ومن نذر فی سبیل الله صرفه فی البر. ولو نذر الصدقة بما یملک لزم، فإن شق قومه وأخرج شیئا فشیئا حتی یوفی.

(الرابع): اللواحق: وهی مسائل.

(الأولی): لو نذر یوما معینا فاتفق له السفر أفطر وقضاه. وکذا لو مرض أو حاضت المرأة أو نفست. ولو شرط صومه سفرا وحضرا صام وإن اتفق فی السفر.

ولو اتفق یوم عید أفطر. وفی القضاء تردد. ولو عجز عن صومه أصلا قیل:

یسقط. وفی روایة یتصدق عنه بمد.

(الثانیة): ما لم یعین بوقت یلزم الذمة مطلقا. وما قید بوقت یلزم فیه ولو أخل لزمته الکفارة. وما علقه بشرط ولم یقرنه بزمان فقولان، أحدهما: یتضیق فعله عند الشرط، والأخیر: لا یتضیق، وهو أشبه.

(الثالثة): من نذر الصدقة فی مکان معین أو الصوم والصلاة فی وقت معین لزم، فإن فعل ذلک فی غیره أعاد.

(الرابعة): لو نذر: إن برأ مریضه أو قدم مسافره فبان البرء والقدوم قبل النذر لم یلزم، ولو کان بعده لزم.

(الخامسة): من نذر إن رزق ولدا حج به أو حج عنه ثم مات، حج به

ص :238

کتاب الصید والذبائح

أو عنه من أصل الترکة.

(السادسة): من جعل دابته أو جاریته هدیا لبیت الله بیع ذلک وصرف ثمنه فی معونة الحاج والزائرین.

(السابعة): روی إسحاق بن عمار عن أبی إبراهیم علیه السلام فی رجل کانت علیه حجة الإسلام فأراد أن یحج، فقیل له: تزوج ثم حج، قال: (إن تزوجت قبل أن أحج فغلامی حر، فبدأ بالنکاح، فقال: تحرر الغلام) وفیه إشکال إلا أن یکون نذرا.

(الثامنة): روی رفاعة عن أبی عبد الله علیه السلام فی رجل نذر الحج ولم یکن له مال فحج عن غیره أیجزی عن نذره؟ قال: (نعم) وفیه إشکال إلا أن یقصد ذلک بالنذر.

(التاسعة): قیل من نذر ألا یبیع خادما أبدا لزمه الوفاء وإن احتاج إلی ثمنه، وهو استنادا إلی روایة مرسلة.

(العاشرة): العهد کالیمین یلزم حیث تلزم. ولو تعلق بما الأعود (1)

مخالفته دینا أو دنیا خالف إن شاء، ولا إثم ولا کفارة.

کتاب الصید والذبائح

یؤکل من الصید ما قتله السیف والرمح والسهم والمعراض إذا خرق، ولو أصاب السهم معترضا حل إن کان فیه حدیدة، ولو خلا منها لم یؤکل إلا أن یکون حادا فیخترق وکذا ما یقتله الکلب المعلم دون غیره من الجوارح. ولا یؤکل ما قتله الفهد وغیره من جوارح البهائم. ولا ما قتله العقاب وغیره من جوارح

ص :239


1- (1) الأکثر فائدة ونفعا.

الطیر إلا أن یذکی. وإدراک ذکاته بأن یجده ورجله ترکض أو عینه تطرف.

وضابطه حرکة الحیوان. ویشترط فی الکلب أن یکون معلما یسترسل إذا أغری وینزجر إذا زجر وألا یعتاد أکل صیده، ولا عبرة بالندرة. ویعتبر فی المرسل أن یکون مسلما أو بحکمه قاصدا بإرساله الصید مسمیا عند الإرسال. فلو ترک التسمیة عامدا لم یؤکل صیده، ویؤکل لو نسی إذا اعتقد الوجوب. ولو أرسل وسمی غیره لم یؤکل صیده إلا أن یذکیه، ویعتبر ألا یغیب عنه، فلو غاب وحیاته مستقرة ثم وجده مقتولا أو میتا لم یؤکل. وکذا السهم ما لم یعلم أنه القاتل ویجوز الاصطیاد بالشرک والحبالة وغیرهما من الآلة وبالجوارح لکن لا یحل منه إلا ما ذکی.

والصید ما کان ممتنعا، ولو قتل بالسهم فرخا أو قتل الکلب طفلا (1) غیر ممتنع لم یحل ولو رمی طائرا فقتله وفرخا لم یطر حل الطائر دون فرخه.

مسائل: من أحکام الصید:

(الأولی): إذا تقاطعته الکلاب قبل إدراکه حل.

(الثانیة): لو رماه بسهم فتردی من جبل أو وقع فی ماء فمات لم یحل وینبغی هنا اشتراط استقرار الحیاة (2).

ص :240


1- (1) الطفل: المولود، وولد کل وحشیة أیضا طفل. ا ه مختار الصحاح.
2- (2) هذا استدراک علی الحکم السابق، لأنه یفید عدم حله سواء أکان قبل موته مستقر الحیاة أم لا. مع أن عدم الحل إنما هو حکم خاص بمستقر الحیاة قبل التردی وبعد الإصابة والسهم. ویدل علی ذلک عبارته فی شرائع الإسلام وهذا نصها: (ولو رمی صیدا فتردی من جبل أو وقع فی ماء فمات، لم یحل لاحتمال أن یکون موته من السقطة نعم لو صیر حیاته غیر مستقرة، حل لأنه یجری مجری المذبوح).

(الثالثة): لو قطعه السیف اثنین فلم یتحرکا حلا، ولو تحرک أحدهما فهو الحلال إن کانت حیاته مستقرة لکن بعد التذکیة. ولو لم تکن مستقرة حلا.

وفی روایة یؤکل الأکبر دون الأصغر وهی شاذة. ولو أخذت الحبالة منه قطعة فهی میتة.

(الرابعة): إذا أدرک الصید وفیه حیاة مستقرة ولا آلة لیذکیه لم یحل حتی یذکی. وفی روایة جمیل: یدع الکلب حتی یقتله.

(الخامسة): لو أرسل کلبه فأرسل کافر کلبه فقتلا صیدا، أو مسلم لم یسم أو لم یقصد الصید، لم یحل.

(السادسة): لو رمی صیدا فأصاب غیره حل. ولو رمی لا للصید فقتل صیدا لم یحل.

(السابعة): إذا کان الطیر مالکا جناحه فهو لصائده إلا أن یعرف مالکه فیرده إلیه. ولو کان مقصوصا لم یؤخذ لأن له مالکا. ویکره أن یرمی الصید بما هو أکبر منه ولو اتفق قیل یحرم والأشبه الکراهیة. وکذا یکره أخذ الفراخ من أعشاشها. والصید بکلب علمه مجوسی. وصید السمک یوم الجمعة قبل الصلاة.

وصید الوحش والطیر باللیل.

والذبائح: تستدعی بیان فصول:

(الأول): الذابح: ویشترط فیه الإسلام أو حکمه ولو کان أنثی.

وفی الکتابی روایتان، أشهرهما: المنع. وفی روایة ثالثة: إذا سمعت تسمیته فکل والأفضل أن یلیه المؤمن. نعم لا تحل ذبیحة المعادی لأهل البیت علیهم السلام.

(الثانی): الآلة ولا تصح إلا بالحدید مع القدرة، ویجوز بغیره مما یفری الأوداج عند الضرورة، ولو مروة أو لیطة أو زجاجة. وفی الظفر والسن مع الضرورة تردد.

(الثالث): الکیفیة: وهی قطع الأعضاء الأربعة: المرئ، والودجان،

ص :241

والحلقوم، وفی الروایة: إذا قطع الحلقوم وخرج الدم فلا بأس. ویکفی فی النحر الطعن فی الثغرة: ویشترط استقبال القبلة بالذبیحة مع الإمکان، والتسمیة، فلو أخل بأحدهما عمدا لم یحل، ولو کان نسیانا حل، ویشترط نحر الإبل وذبح ما عداها. فلو نحر المذبوح أو ذبح المنحور لم یحل. ولا یحل حتی یتحرک بعد التذکیة حرکة الحی، وأدناه أن یتحرک الذنب أو تطرف العین ویخرج الدم المعتدل، وقیل: یکفی الحرکة، وقیل: یکفی أحدهما، وهو أشبه.

وفی إبانة الرأس بالذبح قولان، المروی: أنها تحرم ولو سبقت السکین فأبانته لم تحرم الذبیحة.

ویستحب فی الغنم ربط یدی المذبوح وإحدی رجلیه وإمساک صوفه أو شعره حتی یبرد. وفی البقر عقد یدیه ورجلیه وإطلاق ذنبه. وفی الإبل ربط أخفافه إلی إبطیه. وفی الطیر إرساله. ویکره الذباحة لیلا، ونخع الذبیحة (1)

وقلب السکین فی الذبح، وأن یذبح حیوانا وآخر ینظر إلیه، وأن یذبح بیده ما رباه من النعم. ویحرم سلخ الذبیحة قبل بردها. وقیل یکره، وهو أشبه.

ویلحق به أحکام:

(الأول): ما یباع فی أسواق المسلمین یجوز ابتیاعه من غیر تفحص.

(الثانی): ما یتعذر ذبحه أو نحره من الحیوان کالمستعصی والمتردی فی بئر یجوز عقره بالسیف وغیره مما یجرح إذا خشی تلفه.

(الثالث): ذکاة السمک: إخراجه من الماء حیا. ولا یعتبر فی المخرج الإسلام ولا التسمیة، ولو وثب أو نضب عنه الماء فأخذ حیا حل. وقیل:

ص :242


1- (1) نخعت الشاة نخعا من باب نخع: جاوزت بالسکین منتهی الذبح إلی النخاع ا ه. مصباح.

کتاب الأطعمة والأشربة

یکفی إدراکه یضطرب، ولو صید وأعید فی الماء فمات لم یحل وإن کان فی الآلة.

وکذا الجراد ذکاته أخذه حیا. ولا یشترط إسلام الآخذ ولا التسمیة ولا یحل ما یموت قبل أخذه. وکذا لو أحرقه قبل أخذه. ولا یحل منه ما لم یستقل بالطیران.

(الرابع): ذکاة الجنین ذکاة أمه إذا تمت خلقته. وقیل: یشترط مع إشعاره ألا تلجه الروح وفیه بعد. ولو خرج حیا لم یحل إلا بالتذکیة.

کتاب الأطعمة والأشربة

والنظر فیه یستدعی أقساما:

(الأول): فی حیوان البحر: ولا یؤکل منه إلا سمک له فلس ولو زال عنه کالکنعت. ویؤکل الربیثا والأربیان والطمر والطبرانی والایلامی. ولا یؤکل السلحفاة، ولا الضفادع ولا السرطان. وفی الجری روایتان، أشهرها التحریم. وفی الزمار والمارماهی والرهو، روایتان. والوجه: الکراهیة.

ولو وجد فی جوف سمکة سمکة أخری حلت إن کانت مما یؤکل. ولو قذفت الحیة تضطرب، فهی حلال إن لم تنسلخ فلوسها. ولا یؤکل الطافی وهو الذی یموت فی الماء وإن کان فی شبکة أو حظیرة.

ولو اختلط الحی فیهما بالمیت حل والاجتناب أحوط. ولا یؤکل جلال السمک حتی یطعم علفا طاهرا یوما ولیلة. وبیض السمک المحرم مثله. ولو اشتبه أکل منه الخشن لا الأملس.

(الثانی): فی البهائم: ویؤکل من الأنسیة: النعم، ویکره الخیل والحمر وکراهیة البغل أشد. ویحرم الجلال منها علی الأصح وهو ما یأکل عذرة

ص :243

الإنسان محضا. ویحل مع الاستبراء بأن یربط ویطعم العلف. وفی کمیته اختلاف، محصله: استبراء الناقة بأربعین یوما والبقرة بعشرین، والشاة بعشرة. ویؤکل من الوحشیة البقر، والکباش الجبلیة، والحمر، والغزلان، والیحامیر. ویحرم کل ما له ناب، وضابطه: ما یفترس کالأسد. والثعلب، ویحرم الأرنب، والضب، والیربوع، والحشار: کالفأرة، والقنفذ، والحیة، والخنافس، والصراصر، وبنات الوردان، والقمل.

(القسم الثالث): فی الطیر: ویحرم منه ما کان سبعا کالبازی والرخمة. وفی الغراب روایتان، والوجه: الکراهیة. ویتأکد فی الأبقع. ویحرم من الطیر ما کان صفیفه أکثر من دفیفه، وما لیس له قانصة ولا حوصلة ولا صیصیة. ویحرم الخفاش والطاووس. وفی الخطاف تردد.

والکراهیة أشبه.

ویکره الفاختة والقبرة. وأغلظ من ذلک کراهیة الهدهد، والصرد، والصوام، والشقراق. ولو کان أحد المحللة جلالا حرم حتی یستبرأ، فالبطة وما أشبهها بخمسة أیام. والدجاجة ثلاثة أیام، ویحرم الزنابیر، والذباب، والبق والبرغوث، وبیض ما لا یؤکل لحمه. ولو اشتبه أکل منه ما اختلف طرفاه وترک ما اتفق.

مسألتان:

(الأولی): إذا شرب المحلل لبن الخنزیرة کره. ولو اشتد به عظمه حرم لحمه ولحم نسله.

(الثانیة): لو شرب خمرا لم یحرم بل یغسل، ولا یؤکل ما فی جوفه.

ولو شرب بولا لم یحرم وغسل ما فی جوفه.

(القسم الرابع): فی الجامد وهو خمسة:

(الأول): المیتات: والانتفاع بها محرم. ویحل منها ما لا تحله الحیاة إذا

ص :244

کان الحیوان طاهرا فی حال الحیاة وهو عشرة: الصوف، والشعر، والوبر، والریش، والقرن، والعظم، والسن، والظلف، والبیض إذا اکتسی القشر الأعلی، والإنفحة. وفی اللبن روایتان، والأشبه التحریم. (الثانی): ما یحرم من الذبیحة وهو خمسة: القضیب، والأنثیان، والطحال، والفرث، والدم.

وفی المثانة والمرارة تردد، أشبهه: التحریم للاستخباث.

وفی الفرج، والعلباء، والنخاع، وذات الأشاجع، والغدد، وخرزة الدماغ، والحدق خلاف، أشبهه: الکراهیة.

وتکره الکلی، والقلب والعروق.

وإذا شوی الطحال مثقوبا فما تحته حرام وإلا فهو حلال (1)..

(الثالث): الأعیان النجسة: کالعذرات وما أبین من حی، والعجین إذا عجن بالماء النجس، وفیه روایة بالجواز بعد خبزه، لأن النار قد طهرته.

(الرابع): الطین: وهو حرام إلا طین قبر الحسین علیه السلام للاستشفاء ولا یتجاوز قدر الحمصة.

(الخامس): السموم القاتلة، قلیلها وکثیرها، وما یقتل کثیره فالمحرم ما بلغ ذلک الحد.

(القسم الخامس): فی المائعات. والمحرم خمسة:

(الأول): الخمر، وکل مسکر، والعصیر إذا غلا.

(الثانی): الدم. وکذا العلقة ولو فی البیضة، وفی نجاستها تردد، أشبه:

النجاسة. ولو وقع قلیل دم فی قدر وهی تغلی، لم یحرق المرق، ولا ما فیها إذا ذهب بالغلیان. ومن الأصحاب من منع من المائع وأوجب غسل التوابل وهو

ص :245


1- (1) ولو شوی الطحال مع اللحم، ولم یکن مثقوبا لم یحرم اللحم، وکذا لو کان اللحم فوقه، أما لو کان مثقوبا. وکان اللحم تحته حرم

حسن، کما لو وقع غیره من النجاسة.

(الثالث): کل مانع لاقته نجاسة فقد نجس، کالخمر، والدم، والمیتة، والکافر الحربی.

وفی الذمی روایتان، أشهرهما: النجاسة.

وفی روایة: إذا اضطر إلی مؤاکلته أمره بغسل یده وهی متروکة.

ولو کان ما وقعت فیه النجاسة جامدا ألقی ما یکتنف النجاسة وحل ما عداه.

ولو کان المائع دهنا جاز بیعه للاستصباح به تحت السماء خاصة لا تحت الأظلة.

ولا یحل ما یقطع من ألیات الغنم، ولا یستصبح بما یذاب منها، وما یموت فیه ما له نفس سائلة من المائع نجس دون ما لا نفس له.

(الرابع): أبوال ما لا یؤکل لحمه. وهل یحرم بول ما یؤکل لحمه؟

قیل: نعم، إلا بول الإبل، والتحلیل أشبه.

(الخامس): ألبان الحیوان المحرم کاللبوة، والذئبة، والهرة، ویکره ما کان لحمه مکروها کالأتن حلیبه وجامده.

(القسم السادس): فی اللواحق، وهی سبع:

(الأولی): شعر الخنزیر نجس سواء أخذ من حی أو میت علی الأظهر.

فإن اضطر استعمل ما دسم فیه وغسل یده.

ویجوز الاستقاء بجلود المیتة ولا یصلی بمائها.

(الثانیة): إذا وجد لحم فاشتبه ألقی فی النار فإن انقبض فهو ذکی وإن انبسط فهو میتة. ولو اختلط الذکی بالمیتة اجتنبا.

وفی روایة الحلبی: یباع ممن یستحل المیتة. علی الأصح.

(الثالثة): لا یأکل الإنسان من مال غیره إلا بإذنه. وقد رخص مع عدم الإذن فی الأکل من بیوت من تضمنته الآیة إذا لم یعلم الکراهیة. وکذا ما یمر الإنسان به من ثمرة النخل. وفی ثمرة الزرع والشجر تردد. ولا یقصد ولا یحمل.

ص :246

کتاب الغصب

(الرابعة): من شرب خمرا أو شیئا نجسا، فبصاقه طاهر ما لم یکن متغیرا بالنجاسة.

(الخامسة): إذا باع ذمی خمرا ثم أسلم فله قبض ثمنها.

(السادسة): الخمر تحل إذا انقلبت خلا، ولو کان بعلاج، ولا تحل لو ألقی فیها خل استهلکها. وقیل: لو ألقی فی الخل خمر من إناء فیه خمر لم یحل حتی یصیر ذلک الخمر خلا وهو متروک.

(السابعة): لا یحرم الربوبات والأشربة وإن شم منها رائحة المسکر. ویکره الأسلاف فی العصیر. وأن یستأمن علی طبخه من یستحله قبل أن یذهب ثلثاه، والاستشفاء بمیاه الجبال الحارة التی یشم منها رائحة الکبریت.

کتاب الغصب

والنظر فی أمور:

(الأول): الغصب هو الاستقلال بإثبات الید علی مال الغیر عدوانا. ولا

یضمن لو منع المالک من إمساک الدابة المرسلة. وکذا لو منعه من القعود علی بساطه ویصح (1) غصب العقار کالمنقول ویضمن بالاستقلال به. ولو سکن الدار قهرا مع صاحبها ففی الضمان قولان، ولو قلنا بالضمان ضمن النصف. ویضمن حمل الدابة لو غصبها. وکذا الأمة. ولو تعاقبت الأیدی علی المغصوب فالضمان علی الکل. ویتخیر المالک. والحر لا یضمن ولو کان صغیرا لکن لو أصابه تلف بسبب الغاصب ضمنه. ولو کان لا بسببه کالموت ولدغ الحیة فقولان. ولو حبس

ص :247


1- (1) أی: یتحقق ویتصور. ا ه من الشرح الکبیر.

صانعا لم یضمن أجرته. ولو انتفع به ضمن أجرة الانتفاع. ولا یضمن الخمر لو غصبت من مسلم ویضمنها لو غصبها من ذمی، وکذا الخنزیر. ولو فتح بابا علی مال ضمن السارق دونه. ولو أزال القید عن فرس فشرد أو عن عبد مجنون فأبق ضمن. ولا یضمن لو أزاله عن عاقل.

(الثانی): فی الأحکام: یجب رد المغصوب وإن تعسر کالخشبة فی البناء واللوح فی السفینة. ولو عاب (1) ضمن الأرش. ولو تلف أو تعذر العود ضمن مثله إن کان متساوی الأجزاء. وقیمته یوم الغصب إن کان مختلفا. وقیل: أعلی القیم من حین الغصب إلی حین التلف، وفیه وجه آخر. ومع رده لا یرد زیادة القیمة السوقیة. وترد الزیادة لزیادة فی العین أو الصفة. ولو کان المغصوب دابة فعابت، ردها مع الأرش. ویتساوی بهیمة القاضی والشوکی، ولو کان عبدا وکان الغاصب هو الجانی رده ودیة الجنایة إن کانت مقدرة. وفیه قول آخر.

ولو مزج الزیت بمثله رد العین. وکذا لو کان بأجود منه، ولو کان بأدون ضمن المثل. ولو زادت قیمة المغصوب فهو لمالکه، أما لو کانت الزیادة لانضیاف عین کالصبغ والآلة فی الأبنیة أخذ العین الزائدة ورد الأصل، ویضمن الأرش إن نقص.

(الثالث): فی اللواحق. وهی ستة.

(الأولی): فوائد المغصوب للمالک منفصلة کانت کالولد أو متصلة کالصوف والسمن، أو منفعة کأجرة السکنی ورکوب الدابة. ولا یضمن من الزیادة المتصلة ما لم تزد به القیمة کما لو سمن المغصوب وقیمته واحدة.

(الثانیة): لا یملک المشتری ما یقبضه بالبیع الفاسد أو یضمنه وما یحدث من منافعه وما یزاد فی قیمته لزیادة صفة فیه.

(الثالثة): إذا اشتراه عالما بالغصب فهو کالغاصب ولا یرجع المشتری بالثمن البائع بما یضمن، ولو کان جاهلا دفع العین إلی مالکها ویرجع بالثمن علی البائع

ص :248


1- (1) عاب المتاع: صار ذا عیب.

کتاب الشفعة

وبجمیع ما غرمه مما لم یحصل له فی مقابلته عوض کقیمة الولد. وفی الرجوع بما یضمن من المنافع کعوض الثمرة وأجرة السکنی تردد.

(الرابعة): إذا غصب حبا فزرعه، أو بیضة فأفرخت، أو خمرا فخللها، فالکل للمغصوب منه.

(الخامسة): إذا غصب أرضا فزرعها فالزرع لصاحبه وعلیه أجرة الأرض ولصاحبها إزالة الغرس وإلزامه طم الحفرة والأرش إن نقصت. ولو بذل صاحب الأرض قیمة الغرس لم تجب إجابته.

(السادسة): لو تلف المغصوب واختلفا فی القیمة فالقول قول الغاصب.

وقیل: قول المغصوب منه.

کتاب الشفعة

وهی: استحقاق فی حصة الشریک لانتقالها بالبیع.

والنظر فیه یستدعی أمورا:

(الأول): ما تثبت فیه: وتثبت فی الأرضین والمساکن إجماعا. وهل تثبت فیما ینقل کالثیاب والأمتعة؟ فیه قولان، والأشبه: الاقتصار علی موضع الإجماع.

وتثبت فی النخل والشجر والأبنیة تبعا للأرض، وفی ثبوتها فی الحیوان قولان، المروی: إنها لا تثبت. ومن فقهائنا من أثبتها فی العبد دون غیره. ولا تثبت فیما لا ینقسم کالعضاید والحمامات والنهر والطریق الضیق علی الأشبه. ویشترط انتقاله بالبیع فلا تثبت لو انتقل بهبة أو صلح أو صداق أو صدقة أو إقرار. ولو کان الوقف مشاعا مع طلق فباع صاحب الطلق لم تثبت للموقوف علیه. وقال المرتضی: تثبت، وهو أشبه.

(الثانی): فی الشفیع، وهو کل شریک بحصة مشاعة قادر علی الثمن (1).

ص :249


1- (1) فی شرائع الإسلام: ویشترط فیه الإسلام إذا کان المشتری مسلما.

فلا تثبت للذمی علی مسلم. ولا بالجوار. ولا لعاجز عن الثمن. ولا فیما قسم ومیز إلا بالشرکة فی الطریق أو النهر إذا بیع أحدهما أو هما مع الشقص. وتثبت بین شریکین. ولا تثبت لما زاد علی أشهر الروایتین. ولو ادعی غیبة الثمن أجل ثلاثة أیام، فإن لم یحضره بطلت. ولو قال إنه فی بلد آخر، أجل بقدر وصوله وثلاثة أیام ما لم یتضرر المشتری. وتثبت للغائب والسفیه والمجنون والصبی ویأخذ لهم الولی مع الغبطة، ولو ترک الولی فبلغ الصبی أو أفاق المجنون فله الأخذ.

(الثالث): فی کیفیة الأخذ: ویأخذ بمثل الثمن الذی وقع علیه العقد، ولو لم یکن الثمن مثلیا کالرقیق والجواهر أخذه بقیمته. وقیل: تسقط الشفعة استنادا إلی روایة فیها احتمال.

وللشفیع المطالبة فی الحال. ولو أخر لا لعذر بطلت شفعته. وفیه قول آخر. ولو کان لعذر لم یبطل. وکذا لو توهم زیادة ثمن أو جنسا من الثمن فبان غیره. ویأخذ الشفیع من المشتری ودرکه علیه. ولو انهدم المسکن أو عاب بغیر فعل المشتری أخذ الشفیع بالثمن أو ترک. وإن کان بفعل المشتری أخذ بحصته من الثمن. ولو اشتری بثمن مؤجل قیل: هو بالخیار بین الأخذ عاجلا، والتأخیر، وأخذه بالثمن فی محله. وفی النهایة یأخذ الشقص ویکون الثمن مؤجلا ویلزم کفیلا إن لم یکن ملیئا وهو أشبه. ولو دفع الشفیع الثمن قبل حلوله لم یلزم البائع أخذ ولو ترک الشفیع قبل البیع لم تبطل. أما لو شهد علی البائع أو بارک للمشتری أو للبائع أو أذن فی البیع ففیه التردد. والسقوط أشبه.

ومن اللواحق مسألتان:

(الأولی): قال الشیخ: الشفعة لا تورث. وقال المفید، وعلم الهدی: تورث، وهو أشبه. ولو عفا أحد الورثة عن نصیبه أخذه الباقون ولم تسقط.

(الثانیة): لو اختلف المشتری والشفیع فی الثمن فالقول قول المشتری مع یمینه لأنه ینتزع الشئ من یده.

ص :250

کتاب احیاء الموات

والعامر ملک لأربابه لا یجوز التصرف فیه إلا بإذنهم. وکذا ما به صلاح العامر کالطریق والشرب والمراح.

والموات ما لا ینتفع به لعطلته مما لم یجر علیه ملک أو ملک وباد أهله، فهو للإمام لا یجوز إحیاؤه إلا بإذنه، ومع إذنه یملک بالإحیاء. ولو کان الإمام غائبا فمن سبق إلی إحیائه کان أحق به، ومع وجوده له رفع یده. ویشترط فی التملک بالإحیاء: ألا یکون فی ید مسلم. ولا حریما لعامر. ولا مشعرا للعبادة کعرفة ومنی. ولا مقطعا (1) ولا محجرا، والتحجیر یفید أولویة لا ملکا مثل أن ینصب علیها مرزابا. وأما الإحیاء فلا تقدیر للشرع فیه ویرجع فی کیفیته إلی العادة.

ویلحق بهذا مسائل:

(الأولی): الطریق المبتکر فی المباح إذا تشاح أهله فحده: خمسة أذرع، وفی روایة سبعة أذرع.

(الثانیة): حریم بئر المعطن: أربعون ذراعا. والناضح ستون ذراعا.

والعین ألف ذراع. وفی الصلبة خمسمائة.

(الثالثة): من باع نخلا واستثنی واحدة کان له المدخل إلیها والمخرج ومدی جرائدها.

(الرابعة): إذا تشاح أهل الوادی فی مائه حبسه الأعلی للنخل إلی الکعب.

وللزرع إلی الشراک. ثم یسرحه إلی الذی یلیه.

ص :251


1- (1) کما أقطع النبی صلی الله علیه وآله وسلم الدار وأرضا بحضرموت.

(الخامسة): یجوز للإنسان أن یحمی المرعی فی ملکه خاصة. وللإمام مطلقا.

(السادسة): لو کان له رحا علی نهر لغیره لم یجز له أن یعدل بالماء عنها إلا برضاء صاحبها.

(السابعة): من اشتری دارا فیها زیادة من الطریق ففی روایة: إن کان ذلک

فیما اشتری فلا بأس. وفی النهایة إن لم یتمیز لم یکن له علیه شئ. وإن تمیز رده ورجع علی البائع بالدرک، والروایة ضعیفة، وتفصیل النهایة فی موضع المنع، والوجه: البطلان. وعلی تقدیر الامتیاز یفسخ إن شاء ما لم یعلم.

(الثامنة): من له نصیب فی قناة أو نهر جاز له بیعه بما شاء.

(التاسعة): روی إسحاق بن عمار عن العبد الصالح (1) فی رجل لم یزل فی یده وید آبائه دار، وقد علم أنها لیست لهم ولا یظن مجئ صاحبها. قال:

ما أحب أن یبیع ما لیس له، ویجوز أن یبیع سکناه. والروایة مرسلة، وفی طریقها: الحسن بن سماعة، وهو واقفی، وفی النهایة یبیع تصرفه فیها، ولا یبیع أصلها، ویمکن تنزیلها علی أرض عاطلة أحیاها غیر المالک بإذنه فللمحیی التصرف والأصل للمالک.

ص :252


1- (1) هو الإمام أبو إبراهیم موسی بن جعفر الکاظم (ع).

کتاب اللقطة

وأقسامها ثلاثة:

(الأول): فی اللقیط: وهو کل صبی أو مجنون ضائع لا کافل له. ویشترط فی الملتقط التکلیف. وفی اشتراط الإسلام تردد. ولا یلتقط المملوک إلا بإذن مولاه. وأخذ اللقیط مستحب واللقیط فی دار الإسلام حر، وفی دار الشرک رق.

وإذا لم یتول أحدا فعاقلته ووارثه: الإمام إذا لم یکن له وارث ویقبل إقراره علی نفسه بالرقیة مع بلوغه ورشده. وإذا وجد الملتقط سلطانا استعان به علی نفقته فإن لم یجد استعان بالمسلمین. فإن تعذر الأمر أنفق الملتقط ورجع علیه إذا نوی الرجوع. ولو تبرع لم یرجع.

القسم الثانی - فی الضوال: وهی کل حیوان مملوک ضائع. وأخذه فی صورة الجواز مکروه. ومع تحقق التلف مستحب. فالبعیر لا یؤخذ ولو أخذ ضمنه الآخذ وکذا حکم الدابة والبقرة. ویؤخذ لو ترکه صاحبه من جهد فی غیر کلا ولا ماء، ویملکه الآخذ. والشاة إن وجدت فی الفلاة أخذها الواجد لأنها لا تمنع من ضرر السباع ویضمنها وفی روایة ضعیفة: یحبسها عنده ثلاثة أیام فإن جاء صاحبها وإلا تصدق بثمنها. وینفق الواجد علی الضالة إن لم یتفق سلطان ینفق من بیت المال. وهل یرجع علی المالک؟ الأشبه: نعم، ولو کان للضالة نفع کالظهر أو اللبن قال الشیخ فی النهایة: کان بإزاء ما أنفق، والوجه التقاص.

القسم الثالث - وفیه ثلاث فصول:

(الأول): اللقطة: کل مال ضائع أخذ ولا ید علیه فما دون الدرهم ینتفع به بغیر تعریف. وفی قدر الدرهم روایتان، وما کان أزید، فإن وجده فی الحرم کره أخذه وقیل یحرم ولا یحل أخذه إلا مع نیة التعریف، ویعرف حولا فإن جاء صاحبه

ص :253

وإلا تصدق به عنه أو استبقاه أمانة، ولا یملک. ولو تصدق به بعد الحول فکره المالک لم یضمن الملتقط علی الأشهر. وإن وجده فی غیر الحرم یعرف حولا. ثم الملتقط بالخیار بین التملک والصدقة وإبقائها أمانة. ولو تصدق بها فکره المالک ضمن الملتقط ولو کانت مما لا یبقی کالطعام قومها عند الوجدان وضمنها وانتفع بها وإن شاء دفعها إلی الحاکم، ولا ضمان. ویکره أخذ الإدواة، والمخصرة، والنعلین. والشظاظ، والعصا، والوتد، والحبل، والعقال، وأشباهها.

مسائل:

(الأولی): ما یوجد فی خربة أو فلاة أو تحت الأرض فهو لواجده. ولو وجده فی أرض لها أو بائع ولو کان مدفونا، عرفه المالک أو البائع فإن عرفه فهو أحق به وإلا کان للواجد. وکذا ما یجده فی دابته. ولو وجد فی جوف سمکة قال الشیخ: أخذه بلا تعریف.

(الثانیة): ما وجده فی صندوقه أو داره فهو له، ولو شارکه فی التصرف کان کاللقطة إذا أنکره.

(الثالثة): لا تملک اللقطة بحول الحول وإن عرفها ما لم ینو التملک.

وقیل: تملک بمضی الحول.

(الثانی): الملتقط من له أهلیة الاکتساب. فلو التقط الصبی أو المجنون جاز ویتولی الولی التعریف. وفی المملوک تردد، أشبهه: الجواز. وکذا المکاتب، والمدبر، وأم الولد.

(الثالث): فی الأحکام وهی ثلاثة:

(الأول): لا یدفع اللقطة إلا بالبینة. ولا یکفی الوصف، وقیل: یکفی فی الأموال الباطنة کالذهب والفضة، وهو حسن.

(الثانی) لا بأس بجعل الآبق فإن عینه لزم بالرد، وإن لم یعینه ففی رد العبد من المصر: دینار، ومن خارج البلد: أربعة دنانیر، علی روایة ضعیفة یؤیدها

ص :254

الشهرة وألحق الشیخان: البعیر، وفیما عداهما أجرة المثل.

(الثالث): لا یضمن الملتقط فی الحول لقطة ولا لقیطا ولا ضالة ما لم یفرط.

کتاب المواریث

اشارة

والنظر فی المقدمات، والمقاصد، واللواحق والمقدمات ثلاث:

1- فی موجبات الارث

(الأولی): فی موجبات الإرث، وهی: نسب، وسبب.

فالنسب ثلاث مراتب:

1 - الأبوان، والولد وإن نزل.

2 - والأجداد وإن علوا، والأخوة وأولادهم وإن نزلوا.

3 - والأعمام والأخوال.

والسبب قسمان: زوجیة وولاء. والولاء ثلاث مراتب: ولاء العتق، ثم ولاء تضمن الجریرة (1) ثم ولاء الإمامة.

2- فی موانع الارث

(الثانیة): فی موانع الإرث، وهی ثلاثة: الکفر، والرق، والقتل.

أما الکفر فإنه یمنع فی طرف الوارث. فلا یرث الکافر مسلما، حربیا کان الکافر أو ذمیا أو مرتدا ویرث الکافر أصلیا ومرتدا فمیراث المسلم لوارثه المسلم انفرد بالنسب أو شارکه الکافر أو کان أقرب حتی لو کان ضامن جریرة مع ولد کافر فالمیراث للضامن. ولو لم یکن وارث مسلم فمیراثه للإمام. والکافر یرثه المسلم إن اتفق ولا یرثه الکافر إلا إذا لم یکن وارث مسلم. ولو کان وارث مسلم کان أحق بالإرث وإن بعد وقرب الکافر، وإذا أسلم الکافر، علی میراث قبل قسمته شارک إن کان مساویا فی النسب وحاز المیراث إن کان أولی سواء کان الموروث مسلما أو کافرا.

ص :255


1- (1) هو المعروف عند فقهاء السنة بولاء الموالاة.

ولو کان الوارث المسلم واحدا لم یزاحمه الکافر وإن أسلم لأنه لا تتحقق هنا قسمة.

مسائل:

(الأولی): الزوج المسلم أحق بمیراث زوجته من ذوی قرابتها الکفار، کافرة کانت أو مسلمة، له النصف بالزوجیة والباقی بالرد وللزوجة المسلمة الربع مع الورثة الکفار والباقی للإمام. ولو أسلموا أو أسلم أحدهم، قال الشیخ:

یزد علیهم ما فضل عن سهم الزوجیة، وفیه تردد.

(الثانیة): روی مالک بن أعین عن أبی جعفر علیه السلام فی نصرانی مات وله ابن أخ وابن أخت مسلمان وأولاد صغار: لابن الأخ الثلثان، ولابن الأخت الثلث، وینفقان علی الأولاد بالنسبة فإن أسلم الصغار دفع المال إلی الإمام فإن بلغوا علی الإسلام دفعة الإمام إلیهم. فإن لم یبقوا دفع إلی ابن الأخ الثلثین وإلی ابن الأخت الثلث.

(الثالث): إذا کان أحد أبوی الصغیر مسلما الحق به فلو بلغ أجبر علی الإسلام. ولو أبی کان کالمرتد.

(الرابعة) المسلمون یتوارثون وإن اختلفت آراؤهم، وکذا الکفار وإن اختلفت مللهم.

(الخامسة): المرتد عن فطرة (1) یقتل ولا یستتاب، وتعتد امرأته عدة الوفاة. وتقسم أمواله. ومن لیس عن فطرة یستتاب. فإن تاب وإلا یقتل وتعتد زوجته عدة الطلاق مع الحیاة وعدة الوفاة لا معها. والمرأة لا تقتل بل تحبس وتضرب أوقات الصلاة حتی تتوب ولو کانت عن فطرة.

(السادسة): لو مات المرتد کان میراثه لوارثه المسلم. ولو لم یکن وارث إلا کافرا کان میراثه للإمام علی الأظهر.

وأما القتل فیمنع الوارث من الإرث إذا کان عمدا ظلما ولا یمنع لو کان خطأ.

ص :256


1- (1) هو من کان أبواه مسلمین عند بدء الحمل به.

وقال الشیخان: یمنع من الدیة حسب. ولو اجتمع القاتل وغیره فالمیراث لغیر القاتل وإن بعد، سواء تقرب بالقاتل أو بغیره. ولو لم یکن وارث سوی القاتل فالإرث للإمام. وهنا مسائل:

(الأولی): الدیة کأموال المیت تقضی منها دیونه وتنفذ وصایاه وإن قتل عمدا إذا أخذت الدیة (1). وهل للدیان منع الوارث من القصاص؟ الوجه: لا، وفی روایة لهم المنع حتی یضمن الوارث الدین.

(الثانیة): یرث الدیة من یتقرب بالأب ذکرانا أو إناثا، والزوج والزوجة ولا یرث من یتقرب بالأم، وقیل: یرثها من یرث المال.

(الثالثة): إذا لم یکن للمقتول عمدا وارث سوی الإمام فله القود أو الدیة مع التراضی ولیس له العفو، وقیل: له العفو.

أما الرق، فیمنع فی الوارث والموروث. ولو اجتمع مع الحر فالمیراث للحر دونه ولو بعد وقرب المملوک، ولو أعتق علی میراث قبل القسمة شارک إن کان مساویا وحاز الإرث إن کان أولی ولو کان الوارث واحدا فأعتق الرق لم یرث وإن کان أقرب لأنه لا قسمة، ولو لم یکن وارث سوی المملوک أجبر مولاه علی أخذ قیمته وینعتق لیحوز الإرث. ولو قصر المال عن قیمته لم یفک. وقیل:

یفک ویسعی فی باقیه ویفک الأبوان والأولاد دون غیرهما وقیل: یفک ذو القرابة.

وفیه روایة ضعیفة. وفی الزوج والزوجة تردد. ولا یرث المدبر ولا أم الولد ولا المکاتب المشروط. ومن تحرر بعضه یرث بما فیه من الحریة ویمنع بما فیه من الرقیة.

3- فی السهام

المقدمة الثالثة: فی السهام: وهی ستة: النصف، والربع، والثمن، والثلثان

ص :257


1- (1) یرید إذا صولح علی القصاص علیهما.

والثلث، والسدس.

فالنصف للزوج مع عدم الولد وإن نزل، وللبنت، والأخت للأب والأم أو للأب.

والربع للزوج مع الولد وإن نزل وللزوجة مع عدمه.

والثمن للزوجة مع الولد وإن نزل.

والثلثان للبنتین فصاعدا وللأختین فصاعدا للأب والأم، أو للأب والثلث للأم مع عدم من یحجبها من الولد وإن نزل أو الأخوة، وللاثنین فصاعدا من ولد الأم.

والسدس لکل واحد من الأبوین مع الولد وإن نزل. وللأم مع من یحجبها عن الزائد. وللواحد من کلالة الأم ذکرا کان أو أنثی.

والنصف یجتمع مع مثله، مع الربع، والثمن، ومع الثلث والسدس.

ولا یجتمع الربع مع الثمن.

ویجتمع الربع مع الثلثین والثلث والسدس.

ویجتمع الثمن مع الثلثین والسدس.

ولا یجتمع مع الثلث، ولا الثلث مع السدس.

مسألتان:

(الأولی): التعصیب باطل. وفاضل الترکة یرد علی ذوی السهام عدا الزوج والزوجة. والأم مع وجود من یحجبها علی تفصیل یأتی:

(الثانیة) لا عول فی الفرائض لاستحالة أن یفرض الله سبحانه فی مال ما لا یفی بل یدخل النقص علی البنت أو البنتین، أو علی الأب أو من یتقرب به.

وسیأتی بیانه إن شاء الله تعالی.

وأما المقاصد فثلاثة:

ص :258

فی الانساب و مراتبهم

(الأول): فی الأنساب. ومراتبهم ثلاث:

(الأولی): الآباء والأولاد: فالأب یرث المال إذا انفرد. والأم الثلث والباقی بالرد. ولو اجتمعا فللأم الثلث وللأب الباقی. ولو کان له أخوة کان لها السدس. ولو شارکهما زوج أو زوجة، فللزوج النصف، وللزوجة الربع.

وللأم ثلث الأصل إذا لم یکن حاجب والباقی للأب، ولو کان لها حاجب کان لها السدس.

ولو انفرد الابن فالمال له. ولو کانوا أکثر اشترکوا بالسویة. ولو کانوا ذکرانا وإناثا فللذکر سهمان، وللأنثی سهم. ولو اجتمع معهما الأبوان فلهما السدسان والباقی للأولاد ذکرانا کانوا أو إناثا أو ذکرانا وإناثا ولو کانت بنت فلها النصف وللأبوین السدسان، والباقی یرد أخماسا.

ولو کان من یحجب الأم رد علی الأب والبنت أرباعا.

ولو کانت بنتان فصاعدا فللأبوین: السدسان، وللبنتین أو البنات:

الثلثان بالسویة.

ولو کان معهما أو معهن أحد الأبوین کان له: السدس، ولهما أو لهن: الثلثان والباقی یرد أخماسا.

ولو کان مع البنت والأبوین زوج أو زوجة کان للزوج: الربع، وللزوجة الثمن، وللأبوین: السدسان، والباقی للبنت. وحیث یفضل عن النصف یرد الزائد علیها وعلی الأبوین أخماسا ولو کان من یحجب الأم رددناه علی البنت والأب أرباعا. ویلحق مسائل:

(الأولی): الأولاد یقومون مقام آبائهم عند عدمهم ویأخذ کل فریق نصیب من یتقرب به، ویقسمونه للذکر مثل حظ الأنثیین، أولاد ابن کانوا أو أولاد البنت علی الأشبه. (ویمنع) الأقرب الأبعد. ویرد علی ولد البنت کما یرد

ص :259

علی أمه ذکرا کان أو أنثی. ویشارکون الأبوین کما یشارکهما الأولاد للصلب علی الأصح.

(الثانیة): یحبی الولد الأکبر بثیاب بدن المیت وخاتمه وسیفه ومصحفه إذا خلف المیت غیر ذلک. ولو کان الأکبر بنتا أخذه الأکبر من الذکور ویقضی عنه ما ترک من صیام أو صلاة. وشرط بعض الأصحاب ألا یکون سفیها ولا فاسد الرأی.

(الثالثة): لا یرث مع الأبوین ولا مع الأولاد جد ولا جدة ولا أحد من ذوی القرابة. لکن یستحب للأب أن یطعم أباه وأمه: السدس من أصل الترکة بالسویة، إذا حصل له الثلثان. وتطعم الأم أباها وأمها: النصف من نصیبها بالسویة إذا حصل لها الثلث فما زاد.

ولو حصل لأحدهما نصیبه الأعلی دون الآخر استحب له طعمة الجد والجدة دون صاحبه. ولا طعمة لأحد الأجداد إلا مع وجود من یتقرب به.

(الرابعة): لا یحجب الأخوة الأم إلا بشروط أربعة:

أن یکون أخوین أو أخا وأختین أو أربع أخوات فما زاد لأب وأم أو لأب مع وجود الأب، غیر کفرة ولا رق. وفی القتلة قولان، أشبههما: عدم الحجب وأن یکونوا منفصلین لا حملا.

(المرتبة الثانیة): الأخوة والأجداد إذا لم یکن أحد الأبوین، ولا ولد وإن نزل، فالمیراث للأخوة والأجداد.

فالأخ الواحد للأب والأم یرث المال، وکذا الأخوة. والأخت إنما ترث النصف بالتسمیة، والباقی بالرد.

وللأختین فصاعدا الثلثان بالتسمیة والباقی بالرد.

ولو اجتمع الأخوة والأخوات لهما کان المال بینهم للذکر سهمان وللأنثی سهم.

ص :260

وللواحد من ولد الأم السدس ذکرا کان أو أنثی. وللاثنین فصاعدا الثلث بینهم بالسویة ذکرانا کانوا أو إناثا.

ولا یرث مع الإخوة للأب والأم ولا مع أحدهم أحد من ولد الأب، لکن یقومون مقامهم عند عدمهم. ویکون حکمهم فی الانفراد والاجتماع ذلک الحکم.

ولو اجتمع الکلالات کان لولد الأم السدس إن کان واحدا، والثلث إن کانوا أکثر، والباقی لولد الأب والأم ویسقط أولاد الأب. فإن أبقت الفریضة فالرد علی کلالة الأب والأم، وإن أبقت الفریضة مع ولد الأم وولد الأب، ففی الرد قولان، أحدهما: یرد علی کلالة الأب، لأن النقص یدخل علیهم، مثل أخت لأب مع واحد أو اثنین فصاعدا من ولد الأم، أو أختین للأب، مع واحد من ولد الأم. والآخر: یرد علی الفریقین بنسبة مستحقهما وهو أشبه.

وللجد المال إذا انفرد لأب کان أو لأم. وکذا الجدة.

ولو اجتمع جد وجدة، فإن کانا لأب فلهما المال، للذکر مثل حظ الأنثیین وإن کانا لأم فالمال بالسویة.

وإذا اجتمع الأجداد المختلفون، فلمن یتقرب بالأم الثلث علی الأصح، واحدا کان أو أکثر. ولمن یتقرب بالأب الثلثان ولو کان واحدا. ولو کان معهم زوج أو زوجة أخذ النصیب الأعلی. ولمن یتقرب بالأم ثلث الأصل. والباقی لمن یتقرب بالأب.

والجد الأدنی یمنع الأعلی.

وإذا اجتمع معهم الإخوة، فالجد کالأخ والجدة کالأخت.

مسألتان:

(الأولی): لو اجتمع أربعة أجداد لأب ومثلهم لأم کان لأجداد الأم الثلث بینهم أرباعا. ولأجداد الأب وجداته الثلثان، لأبوی أبیه ثلثا الثلثین

ص :261

أثلاثا ولأبوی أمه الثلث أثلاثا أیضا فیصح من مئة وثمانیة.

(الثانیة): الجد وإن علا یقاسم الأخوة والأخوات.

وأولاد الإخوة والأخوات وإن نزلوا، یقومون مقام آبائهم عند عدمهم فی مقاسمة الأجداد والجدات ویرث کل واحد منهم نصیب من یتقرب به. ثم إن کانوا أولاد أخوة أو أخوات لأب اقتسموا المال، للذکر مثل حظ الأنثیین.

وإن کانوا لأم اقتسموا بالسویة.

(المرتبة الثانیة): الأعمام والأخوال:

المعم المال إذا انفرد. وکذا للعمین فصاعدا. وکذا العمة والعمتان والعمات.

والعمومة والعمات: للذکر مثل حظ الأنثیین.

ولو کانوا متفرقین، فلمن تقرب بالأم السدس إن کان واحدا، والثلث إن کانوا أکثر بالسویة. والباقی لمن یتقرب بالأب والأم للذکر مثل حظ الأنثیین ویسقط من یتقرب بالأب معهم. ویقومون مقامهم عند عدمهم.

ولا یرث الأبعد مع الأقرب مثل ابن خال مع خال أو عم. أو ابن عم مع خال أو عم، إلا ابن عم لأب وأم مع عم لأب فابن العم أولی.

وللخال المال إذا أنفرد. وکذا للخالین والأخوال والخالة والخالتین والخالات. ولو اجتمعوا فالمال بینهم بالسویة کیف کانوا.

ولو کانوا متفرقین، فلمن یتقرب بالأم السدس إن کان واحدا، والثلث إن کانوا أکثر. والثلثان لمن یتقرب بالأب والأم. ویسقط من یتقرب بالأم معهم.

والقسمة بینهم للذکر مثل حظ الأنثیین.

ولو اجتمع الأخوال والأعمام فللأخوال الثلث وللأعمام الثلثان.

ولو کان معهم زوج أو زوجة فلهما النصیب الأعلی. ولمن یتقرب بالأم ثلث الأصل. والباقی لمن یتقرب بالأب.

ولو اجمتع عم الأب وعمته وخاله وخالته وعم الأم وعمتها وخالها وخالتها کان

ص :262

لمن یتقرب بالأم الثلث بینهم أرباعا. ولمن یتقرب بالأب الثلثان: ثلثاه لعمه وعمته أثلاثا. وثلثه لخاله وخالته بالسویة، علی قول.

مسائل:

(الأولی): عمومة المیت وعماته وخئولته وخالاته وأولادهم وإن نزلوا أولی من عمومة أبیه وخئولته.

وکذا أولاد کل بطن أقرب. أولی من البطن الأبعد.

ویقوم أولاد العمومة والعمات والخئولة والخالات مقام آبائهم عند عدمهم، ویأخذ کل منهم نصیب من یتقرب به واحدا کان أو أکثر.

(الثانیة): من اجتمع له سببان ورث بهما ما لم یمنع أحدهما الآخر.

فالأول کابن عم لأب هو خال لأم، وزوج هو ابن عم، وعمة لأب هی خالة لأم.

والثانی کابن عم هو أخ لأم.

(الثالثة): حکم أولاد العمومة والخئولة مع الزوج والزوجة حکم آبائهم، یأخذ من یتقرب بالأم ثلث الأصل والزوج نصیبه الأعلی. وما یبقی لمن یتقرب بالأب.

فی میراث الأزواج

المقصد الثانی فی میراث الأزواج:

للزوج مع عدم الولد النصف، وللزوجة الربع. ومع وجوده وإن نزل نصف النصیب. ولو لم یکن وارث سوی الزوج، رد علیه الفاضل. وفی الزوجة قولان:

أحدهما: لها الربع والباقی للإمام.

والآخر: یرد علیها الفاضل کالزوج. وقال ثالث: بالرد مع عدم الإمام والأول: أظهر.

وإذا کن أکثر من واحدة فهن مشترکات فی الربع أو الثمن.

وترث الزوجة وإن لم یدخل بها الزوج. وکذا الزوج. وکذا فی العدة

ص :263

الرجعیة خاصة. لکن لو طلقها مریضا ورثت وإن کان بائنا ما لم تخرج السنة ولم یبرأ ولم تتزوج. ولا ترث البائن إلا هنا.

ویرث الزوج من جمیع ما ترکته المرأة، وکذا المرأة عدا العقار، وترث من قیمة الآلات والأبنیة، ومنهم من طرد الحکم فی أرض المزارع والقری، وعلم الهدی یمنعها العین دون القیمة.

مسألتان:

(الأولی): إذا طلق واحدة من أربع وتزوج أخری فاشتبهت کان للأخیرة ربع الثمن مع الولد أو ربع الربع مع عدمه، والباقی بین الأربعة بالسویة.

(الثانیة): نکاح المریض مشروط بالدخول، فإن مات قبله فلا مهر لها ولا میراث.

فی ولاء العتق

المقصد الثالث فی الولاء وأقسامه ثلاثة.

(القسم الأول): ولاء العتق: ویشترط التبرع بالعتق وألا یتبرأ من ضمان جریرته.

فلو کان واجبا کان المعتق سائبة. وکذا لو تبرع بالعتق وتبرأ من الجریرة ولا یرث المعتق مع وجود مناسب وإن بعد.

ویرث مع الزوج والزوجة.

وإذا اجتمعت الشروط ورثه المنعم إن کان واحدا، واشترکوا فی المال إن کانوا أکثر.

ولو عدم المنعم فللأصحاب فیه أقوال، أظهرهما. انتقال الولاء إلی الأولاد الذکور دون الإناث. فإن لم یکن الذکور، فالولاء لعصبة المنعم.

ولو کان المعتق امرأة فإلی عصبها دون أولادها ولو کانوا ذکورا.

ولا یرث الولاء من یتقرب بأم المنعم.

ولا یصح بیعه ولا هبته. ویصح جره من مولی الأم إلی مولی الأب إذا کان الأولاد مولودین علی الحریة.

ص :264

فی ولاء تضمن الجریرة

القسم الثانی ولاء تضمن الجریرة:

من توالی إنسانا یضمن حدثه: ویکون ولاؤه له. ثبت له المیراث ولا یتعدی الضامن، ولا یضمن إلا سائبة کالمعتق فی النذر والکفارات أو من لا وارث له.

ولا یرث الضامن إلا مع فقد کل مناسب ومع فقد المعتق. ویرث معه الزوج والزوجة نصیبهما الأعلی وما بقی له، وهو أولی من بیت مال الإمام.

فی ولاء الإمام

القسم الثالث ولاء الإمامة:

ولا یرث إلا مع فقد وارث عدا الزوجة فإنها تشارکه علی الأصح.

ومع وجوده (ع) فالمال له یصنع به ما شاء.

وکان علی علیه السلام یعطیه فقراء بلده تبرعا.

ومع غیبته یقسم فی الفقراء ولا یعطی الجائر إلا مع الخوف.

وأما اللواحق فأربعة:

فی ولاء ابن الملاعنة

(الأول): فی میراث ابن الملاعنة: میراثه لأمه وولده، للأم السدس والباقی للولد. ولو انفردت کان لها الثلث والباقی بالرد.

ولو انفردت الأولاد فللواحد النصف وللاثنتین فصاعدا الثلثان.

وللذکران المال بالسویة. وإن اجتمعوا فللذکر سهمان وللأنثی سهم.

ویرث الزوج والزوجة نصیبهما الأعلی مع عدم الولد وإن نزل، والأدنی معهم.

ولو عدم الولد یرثه من تقرب بأمه الأقرب فالأقرب الذکر والأنثی سواء.

ومع عدم الوارث یرثه الإمام. ویرث هو أمه ومن یتقرب بها علی الأظهر.

ولا یرث أباه ولا من یتقرب به ولا یرثونه.

ولو اعترف به الأب لحق به، وورث هو أباه دون غیره من ذوی قرابة أبیه ولا عبرة بنسب الأب.

فلو ترک إخوة لأب وأم مع أخ أو أخت لأم کانوا سواء فی المال.

وکذا لو ترک جدا لأم مع أخ أو أخت أو إخوة أو أخت من أب وأم.

ص :265

خاتمة تشتمل علی مسائل

(الأولی): ولد الزنا لا ترثه أمه ولا غیرها من الأنساب. ویرثه ولده إن نزل والزوج أو الزوجة. ولو لم یکن أحدهم فمیراثه للإمام.

وقیل: ترثه أمه کابن الملاعنة.

(الثانیة): الحمل یرث إن سقط حیا وتعتبر حرکة الأحیاء کالاستهلال، والحرکات الإرادیة، دون التقلص.

(الثالثة): قال الشیخ: یوقف للحمل نصیب ذکرین احتیاطا.

ولو کان ذو فرض أعطوا النصیب الأدنی.

(الرابعة): یرث دیة الجنین أبواه ومن یتقرب بهما أو بالأب.

(الخامسة): إذا تعارفا بما یقتضی المیراث توارثا ولم یکلف أحدهما البینة.

(السادسة): المفقود یتربص بماله. وفی قدر التربص روایات: أربع سنین، وفی سندها ضعف. وعشر سنین وهی فی حکم خاص. وفی ثالثة یقتسمه الورثة إذا کانوا ملاء، وفیها ضعف أیضا. وقال فی الخلاف حتی یمضی مدة لا یعیش مثله إلیها، وهو أولی فی الاحتیاط وأبعد من التهجم علی الأموال المعصومة بالأخبار الموهومة.

(السابعة): لو تبرأ من جریرة ولده ومیراثه، ففی روایة یکون میراثه للأقرب إلی أبیه، وفی الروایة ضعف.

(الثانی): فی میراث الخنثی:

من له فرج الرجال والنساء یعتبر بالبول، فمن أیهما سبق یورث علیه. فإن

ص :266

بدر منهما قال الشیخ: یورث علی الذی ینقطع منه أخیرا، وفیه تردد.

وإن تساویا، قال فی الخلاف: یعمل فیه بالقرعة، وقال المفید وعلم الهدی:

تعد أضلاعه.

وقال فی النهایة والإیجاز والمبسوط: یعطی نصف میراث رجل ونصف امرأة، وهو أشهر.

ولو اجتمع مع الأنثی ذکر وأنثی، قیل: للذکر أربعة، وللخنثی ثلاثة وللأنثی سهمان.

وقیل: تقسم الفریضة مرتین فتفرض مرة ذکرا ومرة أنثی ویعطی نصف النصیبین وهو أظهر. مثاله خنثی وذکر تفرضهما ذکرین تارة وذکرا وأنثی أخری، وتطلب أقل مال له نصف ولنصفه نصف وله ثلث ولثلثه نصف، فیکون اثنا عشر فیحصل للخنثی خمسة وللذکر سبعة.

ولو کان بدل الذکر أنثی حصل للخنثی سبعة وللأنثی خمسة.

ولو شارکهم زوج أو زوجة صححت فریضة الخنثی ثم ضربت فخرج نصیب الزوج أو الزوجة فی تلک الفریضة فما ارتفع فمنه تصح.

ومن لیس له فرج النساء ولا الرجال یورث بالقرعة.

ومن له رأسان أو بدنان علی حقو واحد یوقظ أو یصاح به، فإن انتبه أحدهما فهما اثنان.

(الثالث): فی الغرقی والمهدوم علیهم: وهؤلاء یرث بعضهم إذا کان لهم أو لأحدهم مال وکانوا یتوارثون واشتبه المتقدم فی الموت بالمتأخر.

وفی ثبوت هذا الحکم بغیر سبب الغرق والهدم تردد.

ومع الشرائط یورث الأضعف أولا، ثم الأقوی، ولا یورث مما ورث منه.

وفیه قول آخر. والتقدیم علی الاستحباب علی الأشبه.

فلو غرق أب وابن، ورث الأب أولا نصیبه، ثم ورث الابن من أصل ترکة

ص :267

أبیه مما لا ورث منه، ثم یعطی نصیب کل منهما لوارثه.

ولو کان لأحدهما وارث أعطی ما اجتمع لدی الوراث لهم، وما اجتمع للآخر للإمام.

ولو لم یکن لهما غیرهما انتقل مال کل منهما إلی الآخر ثم منهما إلی الإمام.

وإذا لم یکن بینهما تفاوت فی الاستحقاق سقط اعتبار التقدیم، کأخوین، فإن کان لهما مال ولا مشارک لهما انتقل مال کل منهما إلی صاحبه ثم منهما إلی ورثتهما.

وإن کان لأحدهما مال صار ماله لأخیه، ومنه إلی ورثته ولم یکن للآخر شئ ولو لم یکن لهما وارث انتقل المال إلی الإمام.

ولو ماتا حتف أنفهما لم یتوارثا، وکان میراث کل منهما لورثته.

(الرابع): فی میراث المجوس: وقد اختلف الأصحاب فیه.

فالمحکی عن یونس أنه لا یورثهم إلا بالصحیح من النسب والسبب.

وعن الفضل بن شاذان: أنه یورثهم بالنسب، صحیحه وفاسده.

والسبب الصحیح خاصة، وتابعه المفید رحمه الله.

وقال الشیخ: یورثون بالصحیح والفاسد فیهما.

واختیار الفضل أشبه.

ولو خلف أما هی زوجة، فلها نصیب الأم دون الزوجة.

ولو خلف جدة هی أخت ورثت بهما.

ولا کذا لو خلف بنتا هی أخت، لأنه لا میراث للأخت مع البنت.

ص :268

خاتمة فی حساب الفرائض

مخارج الفروض ستة:

ونعنی بالمخرج أقل عدد یخرج منه ذلک الجزء صحیحا.

فالنصف من اثنین، والربع من أربعة، والثمن من ثمانیة، والثلثان والثلث من ثلاثة، والسدس من ستة.

والفریضة إما بقدر السهام أو أقل أو أکثر: فما کان بقدرها فإن انقسم من غیر کسر وإلا فاضرب عدد من انکسر علیهم فی أصل الفریضة مثل: أبوین وخمس بنات، تنکسر الأربعة علی الخمسة، فتضرب خمسة فی أصل الفریضة فما اجتمع فمنه الفریضة، لأنه لا وفق بین نصیبهن وعددهن.

ولو کان وفق ضربت الوفق من العدد لا من النصیب فی أصل الفریضة مثل:

أبوین وست بنات، للبنات أربعة، وبین نصیبهن وهو أربعة وتعددهن وهو ستة، وفق، وهو النصف فیضرب الوفق من العدد وهو ثلاثة فی أصل الفریضة وهو ستة فما اجتمع صحت منه.

ولو نقصت الفریضة بدخول الزوج أو الزوجة فلا عول ویدخل النقص علی البنت أو البنات أو من یتقرب بالأب والأم، أو الأب، مثل: أبوین، وزوج وبنت. فللأبوین السدسان وللزوج الربع، والباقی للبنت.

وکذا الأبوان أو أحدهما، وبنت أو بنات وزوج، النقص یدخل علی البنت أو البنات، واثنان من ولد الأم والأختان للأب والأم أو للأب مع زوج أو زوجة یدخل النقص علی من یتقرب بالأب والأم، أو الأب خاصة. ثم إن انقسمت الفریضة علی صحة وإلا ضربت سهام من انکسر علیهم. فی أصل الفریضة.

ص :269

ولو زادت الفریضة کان الرد علی ذوی السهام دون غیرهم.

ولا تعصیب.

ولا یرد علی الزوج والزوجة، ولا علی الأم مع وجود من یحجبها، مثل أبوین وبنت.

فإذا لم یکن حاجب فالرد أخماسا.

وإن کان حاجب فالرد أرباعا تضرب فخرج سهام الرد فی أصل الفریضة فما اجتمع صحت منه الفریضة.

تتمة فی (المناسخات)

ونعنی به أن یموت الإنسان فلا تقسم ترکته، ثم یموت أحد وراثه ویتعلق الغرض بقسمة الفریضتین من أصل واحد.

فإن اختلف الوارث أو الاستحقاق أو هما ونهض نصیب الثانی بالقسمة علی وراثه وإلا فاضرب الوفق من الفریضة الثانیة فی الفریضة الأولی، إن کان بین الفریضتین وفق.

وإن لم یکن فاضرب الفریضة الثانیة فی الأولی فما بلغ صحت منه الفریضتان.

ص :270

کتاب القضاء

والنظر فی الصفات، والآداب، وکیفیة الحکم، وأحکام الدعوی.

والصفات ست: التکلیف، والإیمان، والعدالة، وطهارة المولد، والعلم، والذکورة ویدخل فی العدالة اشتراط الأمانة والمحافظة علی الواجبات.

ولا ینعقد إلا لمن له أهلیة الفتوی، ولا یکفیه فتوی العلماء.

ولا بد أن یکون ضابطا، فلو غلبه النسیان لم ینعقد له القضاء.

وهل یشترط علمه بالکتابة؟ الأشبه: نعم، لاضطراره إلی ما لا یتیسر لغیر النبی صلی الله علیه وآله إلا بها، ولا ینعقد للمرأة.

وفی انعقاده للأعمی تردد، والأقرب: أنه لا ینعقد لمثل ما ذکرناه فی الکتابة وفی اشتراط الحریة تردد، الأشبه: أنه لا یشترط.

ولا بد من إذن الإمام ولا ینعقد بنصب العوام له.

نعم لو تراضی اثنان بواحد من الرعیة فحکم بینهما لزم.

ومع عدم الإمام ینفذ قضاء الفقیه من فقهاء أهل البیت علیهم السلام، الجامع للصفات.

وقبول القضاء عن السلطان العادل مستحب لمن یثق بنفسه، وربما وجب النظر الثانی فی الآداب: وهی مستحبة ومکروهة.

فالمستحب: إشعار رعیته بوصوله إن لم یشتهر خبره. والجلوس فی قضائه مستدبر القبلة، وأن یأخذ ما فی ید المعزول من حجج الناس وودائعهم. والسؤال عن أهل السجون وإثبات أسمائهم، والبحث عن موجب اعتقالهم لیطلق من یجب إطلاقه، وتفریق الشهود عند الإقامة، فإنه أوثق، خصوصا فی موضع الریبة.

ص :271

عدا ذوی البصائر، لما یتضمن من الغضاضة، وأن یستحضر من أهل العلم من یخاوضه (1) فی المسائل المشتبهة.

والمکروهات: الاحتجاب وقت القضاء، وأن یقضی مع ما یشغل النفس، کالغضب، والجوع، والعطش، والغم، والفرح، والمرض، وغلبة النعاس، وأن یرتب قوما للشهادة، وأن یشفع إلی الغریم فی إسقاط أو إبطال.

مسائل:

(الأولی): للإمام أن یقضی بعلمه مطلقا فی الحقوق، ولغیره فی حقوق الناس، وفی حقوق الله قولان.

(الثانیة): إن عرف عدالة الشاهدین حکم، وإن عرف فسقهما اطرح، وإن جهل الأمرین، فالأصح: التوقف حتی یبحث عنهما.

(الثالثة): تسمع شهادة التعدیل مطلقة، ولا تسمع شهادة الجرح إلا مفصلة.

(الرابعة): إذا التمس الغریم إحضار الغریم وجب إجابته ولو کان امرأة إن کانت برزة.

ولو کان مریضا أو امرأة غیر برزة استناب الحاکم من یحکم بینهما.

(الخامسة): الرشوة علی الحاکم حرام وعلی المرتشی إعادتها.

النظر الثالث فی کیفیة الحکم، وفیه مقاصد:

(الأول): فی وظائف الحاکم، وهی أربع:

(الأولی): التسویة بین الخصوم فی السلام، والکلام، والمکان، والنظر، والإنصات، والعدل فی الحکم.

ولو کان أحد الخصمین کافرا جاز أن یکون الکافر قائما والمسلم قاعدا أو أعلی منزلا.

(الثانیة): لا یجوز أن یلقن أحد الخصمین شیئا یستظهر به علی خصمه.

ص :272


1- (1) خاض القوم فی الحدیث وتخاوضوا: أی تفاوضوا فیه. ا ه مختار.

(الثالثة): إذا سکتا استحب له أن یقول: تکلما، أو إن کنتما حضرتما لشئ فاذکراه أو ما ناسبه.

(الرابعة): إذا بدر أحد الخصمین سمع منه. ولو قطع علیه غریمه منعه حتی تنتهی دعواه أو حکومته. ولو ابتدرا الدعوی. سمع من الذی عن یمین صاحبه.

وإن اجتمع خصوم کتب أسماء المدعین واستدعی من یخرج اسمه.

المقصد الثانی - فی جواب المدعی علیه. وهو إما إقرار، أو إنکار، أو سکوت، أما الاقرار فیلزم إذا کان جائز الأمر، رجلا کان أو امرأة. فإن التمس المدعی الحکم به حکم له.

ولا یکتب علی المقر حجة إلا بعد المعرفة باسمه ونسبه أو یشهد بذلک عدلان إلا أن یقنع المدعی بالحلیة.

ولو امتنع المقر من التسلیم أمر الحاکم خصمه بالملازمة، ولو التمس حبسه حبس. ولو ادعی الإعسار کلف البینة، ومع ثبوته ینظر.

وفی تسلیمه إلی الغرماء روایة، وأشهر منها: تخلیته.

ولو ارتاب بالمقر توقف فی الحکم حتی یستبین حاله.

وأما الإنکار فعنده یقال للمدعی: ألک بینة؟ فإن قال: نعم، أمر بإحضارها فإذا حضرت سمعها. ولو قال: البینة غائبة، أجل بمقدار إحضارها.

وفی تکفیل المدعی علیه تردد، ویخرج من الکفالة عند انقضاء الأجل. وإن قال: لا بینة، عرفه الحاکم أن له الیمین.

ولا یجوز إحلافه حتی یلتمس المدعی. فإن تبرع أو أحلفه الحاکم لم یعتد بها، وأعیدت مع التماس المدعی.

ثم المنکر: إما أن یحلف أو یرد أو ینکل، فإن حلف سقطت الدعوی، ولو ظفر له المدعی بمال لم یجز له المقاصة. ولو عاود الخصومة لم تسمع دعواه. ولو

ص :273

أقام بینة لم تسمع، وقیل: یعمل بها ما لم یشترط الحالف سقوط الحق بها. ولو أکذب نفسه جاز مطالبته وحل مقاصته.

فإن رد الیمین علی المدعی صح. فإن حلف استحق. وإن امتنع سقطت دعواه.

ولو نکل المنکر عن الیمین وأصر، قضی علیه بالنکول، وهو المروی.

وقیل: یرد الیمین علی المدعی، فإن حلف ثبت حقه، وإن نکل بطل.

ولو بذل المنکر الیمین بعد الحکم بالنکول لم یلتفت إلیه.

ولا یستحلف المدعی مع بینة إلا فی الدین علی المیت یستحلف علی بقائه فی ذمته استظهارا.

وأما السکوت: فإن کان لآفة توصل إلی معرفة إقراره أو إنکاره. ولو افتقر إلی مترجم لم یقتصر علی الواحد. ولو کان عنادا حبسه حتی یجیب.

المقصد الثالث - فی کیفیة الاستحلاف:

ولا یستحلف أحد إلا بالله ولو کان کافرا، لکن إن رأی الحاکم إحلاف الذمی بما یقتضیه دینه أردع جاز.

ویستحب للحاکم تقدیم العظة.

ویجزیه أن یقول: والله ما له قبلی کذا.

ویجوز تغلیظ الیمین بالقول والزمان والمکان.

ولا تغلیظ لما دون نصاب القطع.

ویحلف الأخرس بالإشارة، وقیل: یوضع یده علی اسم الله تعالی فی المصحف وقیل: یکتب الیمین فی لوح ویغسل ویؤمر بشربه بعد إعلامه فإن شربه کان حالفا وإن امتنع ألزم الحق.

ولا یحلف الحاکم أحدا إلا فی مجلس قضائه إلا معذورا کالمریض، أو امرأة غیر برزة.

ص :274

ولا یحلف المنکر إلا علی القطع. ویحلف علی فعل غیره علی نفی العمل کما لو ادعی علی الوارث فأنکر، أو ادعی أن یکون وکیله قبض أو باع.

وأما المدعی ولا شاهد له، فلا یمین علیه إلا مع الرد أو مع نکول المنکر علی قول. ویحلف علی الجزم.

ویکفی مع الإنکار الحلف علی نفی الاستحقاق. فلو ادعی المنکر الإبراء أو الأداء انقلب مدعیا. والمدعی منکرا، فیکفیه الیمین علی بقاء الحق.

ولا یتوجه علی الوارث بالدعوی علی موروثه إلا مع دعوی علمه بموجبه أو إثباته وعلمه بالحق وأنه ترک فی یده مالا.

ولا تسمع الدعوی فی الحدود مجردة عن البینة. ولا یتوجه بها یمین علی المنکر. ولو ادعی الوارث لموروثه مالا سمع دعواه سواء کان علیه دین یحیط بالترکة أو لم یکن.

ویقضی بالشاهد والیمین فی الأموال والدیون.

ولا یقبل فی غیره مثل الهلال والحدود والطلاق والقصاص.

ویشترط شهادة الشاهد أولا، وتعدیله. ولو بدأ بالیمین وقعت لاغیة. ویفتقر إلی إعادتها بعد الإقامة.

ولا یحلف مع عدم العلم ولا یثبت مال غیره (1).

مسألتان:

(الأولی): لا یحکم الحاکم بأخبار لحاکم آخر، ولا بقیام البینة بثبوت الحکم عند غیره. نعم لو حکم بین الخصوم وأثبت الحکم وأشهد علی نفسه فشهد شاهدان

ص :275


1- (1) إی: مال لغیره. وفی الشرح الکبیر: فلو ادعی غریم المیت مالا له (للمیت) علی آخر مع شاهد فإن حلف الوارث ثبت وإن امتنع لم یحلف الغریم ولا یجبر الوارث علیه.. لأن یمینه لإثبات مال الغیر.

یحکم عند آخر وجب علی المشهود عنده إنفاذ ذلک الحکم.

(الثانیة): القسمة تمیز الحقوق ولا یشترط حضور قاسم بل هو أحوط فإذا عدلت السهام کفت القرعة فی تحقق القسمة.

وکل ما یتساوی إجزاؤه یجبر الممتنع علی قسمته کالحنطة، والشعیر، وکذا ما لا یتساوی أجزاؤه إذا لم یکن فی القسمة ضرر. کالأرض، والخشب. ومع الضرر لا یجبر الممتنع.

المقصد الرابع - فی الدعوی. وهی تستدعی فصولا:

(الأول) فی المدعی: وهو الذی یترک لو ترک الخصومة. وقیل: هو الذی یدعی خلاف الأصل أو أمرا خفیا.

ویشترط التکلیف، وأن یدعی لنفسه أو لمن له ولایة الدعوی عنه، وإیراد الدعوی بصیغة الجزم وکون المدعی به مملوکا.

ومن کانت دعواه عینا فله انتزاعها. ولو کان دینا والغریم مقر باذل أو مع جحوده علیه حجة لم یستقل المدعی بالانتزاع من دون الحاکم.

ولو فات أحد الشروط وحصل للغریم فی ید المدعی مال کان له المقاصة ولو کان من غیر جنس الحق.

وفی سماع الدعوی المجهولة تردد، أشبهه: الجواز.

مسائل:

(الأولی): من انفرد بالدعوی لما لا ید علیه قضی له به. ومن هذا أن یکون بین جماعة کیس فیدعیه أحدهم.

(الثانیة): لو انکسرت سفینة فی البحر فما أخرجه البحر فهو لأهله.

وما أخرج بالغوص فهو لمخرجه، وفی الروایة ضعف.

(الثالثة): روی فی رجل دفع إلی رجل دراهم بضاعة یخلطها بماله ویتجر بها، فقال: ذهبت، وکان لغیره معه مال کثیر فأخذوا أموالهم، قال: یرجع علیه

ص :276

بماله ویرجع هو علی أولئک بما أخذوا. ویمکن حمل ذلک علی من خلط المال ولم یأذن له صاحبه وأذن الباقون.

(الرابعة): لو وضع المستأجر الأجرة علی ید أمین فتلفت کان المستأجر ضامنا إلا أن یکون الآجر دعاه إلی ذلک فحقه حیث وضعه.

(الخامسة): یقضی علی الغائب مع قیام البینة، ویباع ماله، ویقضی دینه ویکون الغائب علی حجته، ولا یدفع إلیه المال إلا بکفلاء.

(الفصل الثانی): فی الاختلاف فی الدعوی: وفیه مسائل:

(الأولی): لو کان فی ید رجل وامرأة جاریة فادعی أنها مملوکته وادعت المرأة حریتها وأنها بنتها، فإن أقام أحدهما بینة قضی له وإلا ترکت الجاریة حتی تذهب حیث شاءت. (الثانیة): لو تنازعا عینا فی یدهما قضی لهما بالسویة ولکل منهما إحلاف صاحبه. ولو کانت فی ید أحدهما قضی بها للمتشبث وللخارج إحلافه. ولو کانت فی ید ثالث وصدق أحدهما قضی له، وللآخر إحلافه. ولو صدقهما قضی لهما بالسویة. ولکل منهما إحلاف الآخر وإن کذبهما أقرت فی یده.

(الثالثة): إذا تداعیا خصا قضی لمن إلیه القمط (1) وهی روایة عمرو بن شمر عن جابر، وفی عمرو ضعف. وعن منصور بن حازم عن أبی عبد الله علیه السلام أن علیا علیه السلام قضی بذلک، وهی قضیة فی واقعة.

(الرابعة): إذا ادعی أبو المیتة عاریة بعض متاعها کلف البینة وکان کغیره من الأنساب. وفیه روایة بالفرق ضعیفة.

(الخامسة): إذا تداعی الزوجان متاع البیت فله ما للرجال، ولها ما للنساء وما یصلح لهما یقسم بینهما. وفی روایة: هو للمرأة وعلی الرجال البینة.

ص :277


1- (1) القمط بالکسر: الحبل الذی یشد به الخص.

کتاب الشهادات

وفی المبسوط: إذا لم یکن بینة ویدهما علیه کان بینهما.

(الثالث): فی تعارض البینات:

یقضی مع التعارض للخارج إذا شهدتا بالملک المطلق علی الأشبه. ولصاحب الید لو انفردت بینته بالسبب کالنتاج وقدیم الملک وکذا الابتیاع. ولو تساویا فی السبب فروایتان، أشبههما: القضاء للخارج.

ولو کانت یداهما علیه قضی لکل منهما بما فی ید الآخر، فیکون بینهما نصفین.

ولو کان المدعی به فی ید ثالث قضی بالأعدل فالأکثر، فإن تساویا عدالة وکثرة أقرع بینهما، فمن خرج اسمه أحلف وقضی له. ولو امتنع أحلف الآخر.

ولو امتنعا قسم بینهما.

وفی المبسوط: یقرع بینهما إن شهدتا بالملک المطلق. ویقسم إن شهدتا بالملک المقید. والأول أشبه.

کتاب الشهادات

والنظر فی أمور أربعة:

(الأول): فی صفات الشاهد، وهی ستة:

(الأول): البلوغ، فلا تقبل شهادة الصبی ما لم یصر مکلفا. وقیل: تقبل إذا بلغ عشرا، وهو شاذ.

واختلفت عبارة الأصحاب فی قبول شهادتهم فی الجنایات ومحصلها القبول فی الجراح مع بلوغ العشر ما لم یختلفوا، ویؤخذ بأول قولهم.

وشرط الشیخ فی الخلاف: ألا یفترقوا.

(الثانی): کمال العقل: فالمجنون لا تقبل شهادته. ومن یناله الجنون أدوارا تقبل فی حال الوثوق باستکمال فطنته.

ص :278

(الثالث): الإیمان: فلا تقبل شهادة غیر المؤمن. وتقبل شهادة الذمی فی الوصیة خاصة مع عدم المسلم. وفی اعتبار الغربة تردد.

وتقبل شهادة المؤمن علی أهل الملل، ولا تقبل شهادة أحدهم علی المسلم ولا غیره. وهل تقبل علی أهل ملته؟ فیه روایة بالجواز ضعیفة، والأشبه: المنع.

(الرابع): العدالة: ولا ریب فی زوالها بالکبائر. وکذا فی الصغائر مصرا.

وأما الندرة من اللمم فلا. ولا یقدح اتخاذ الحمام للأنس، وإنفاذ الکتب. أما الرهان علیها فقادح لأنه قمار.

واللعب بالشطرنج ترد به الشهادة. وکذا الغناء وسماعه، والعمل بآلات اللهو وسماعها، والدف إلا فی الأملاک والختان. ولبس الحریر للرجل إلا فی الحرب.

والتختم بالذهب، والتحلی به للرجال.

ولا تقبل شهادة القاذف. وتقبل لو تاب وحد توبته أن یکذب نفسه. وفیه قول آخر متکلف.

(الخامسة): ارتفاع التهمة: فلا تقبل شهادة الجار نفعا، کالشریک فیما هو شریک فیه. والوصی فیما له فیه ولایة. ولا شهادة ذی العداوة الدنیویة، وهو الذی یسر بالمساءة ویساء بالمسرة. والنسب لا یمنع القبول.

وفی قبول شهادة الولد علی أبیه خلاف، أظهره: المنع.

وکذا تقبل شهادة الزوج لزوجته. وشرط بعض الأصحاب انضمام غیره من أهل الشهادة. وکذا فی الزوجة. وربما صح فیها الاشتراط.

والصحبة لا تمنع القبول، کالضیف والأجیر علی الأشبه. ولا تقبل شهادة السائل بکفه، لما یتصف به من مهانة النفس، فلا یؤمن خدعه.

وفی قبول شهادة المملوک روایتان، أشهرهما: القبول. وفی شهادته علی المولی قولان، أظهرهما: المنع. ولو أعتق قبلت للمولی وعلیه.

ولو أشهد عبدیه بحمل أنه ولده، فورثهما غیر الحمل وأعتقهما الوارث فشهدا

ص :279

للحمل قبلت شهادتهما ورجع الإرث إلی الولد، ویکره له استرقاقهما.

ولو تحمل الشهادة الصبی أو الکافر أو العبد أو الخصم أو الفاسق ثم زال المانع وشهدوا قبلت شهادتهم.

(السادس): طهارة المولد: فلا تقبل شهادة ولد الزنا، وقیل: تقبل فی الشئ الدون، وبه روایة نادرة.

ویلحق بهذا الباب مسائل:

(الأولی): التبرع بالأداء قبل الاستنطاق یمنع القبول لتطرق التهمة. وهل یمنع فی حقوق الله فیه تردد.

(الثانیة): الأصم. تقبل شهادته فیما لا یفتقر إلی السماع. وفی روایة:

یؤخذ بأول قوله. وکذا تقبل شهادة الأعمی فیما لا یفتقر إلی الرؤیة.

(الثالثة): لا تقبل شهادة النساء فی الهلال، والطلاق. وفی قبولها فی الرضاع تردد، أشبهه: القبول. ولا تقبل فی الحدود.

وتقبل مع الرجال فی الرجم علی تفصیل یأتی. وفی الجراح والقتل بأن یشهد رجل وامرأتان، ویجب بشهادتهن. الدیة لا القود. وفی الدیون مع الرجال.

ولو انفردن کامرأتین مع الیمین فالأشبه: عدم القبول.

وتقبلن منفردات فی العذرة وعیوب النساء الباطنة.

وتقبل شهادة القابلة فی ربع میراث المستهل، وامرأة واحدة فی ربع الوصیة.

وکذا کل امرأة یثبت شهادتها فی الربع حتی تکملن أربعا فتقبل شهادتهن فی الوصیة أجمع.

ولا ترد شهادة أرباب الصنائع المکروهة، کالصیاغة. ولا الصنائع الدنیئة.

کالحیاکة والحجامة، ولو بلغت الدناءة کالزبال والوقاد، ولا ذوی العاهات کالأجذم والأبرص.

ص :280

(الثانی): فیما یصیر به شاهدا، وضابطه: العلم، ومستنده: المشاهدة أو السماع. فالمشاهدة للأفعال: کالغصب، والقتل، والسرقة، والرضاع، والولادة والزنا، واللواط.

أما السماع، فیثبت به النسب، والملک، والوقف، والزوجیة.

ویصیر الشاهد متحملا بالمشاهدة لما یکفی فیه المشاهدة، والسماع لما یکفی فیه السماع وإن لم یستدعه المشهود علیه. وکذا لو قیل له: لا تشهد فسمع من القائل ما یوجب حکما. وکذا لو خبئ فنطق المشهود علیه.

وإذا دعی الشاهد للإقامة وجب إلا مع ضرر غیر مستحق (1). ولا یحل الامتناع مع التمکن.

ولو دعی للتحمل فقولان، المروی: الوجوب. ووجوبه علی الکفایة. ویتعین مع عدم من یقوم بالتحمل.

ولا یشهد إلا مع المعرفة أو شهادة عدلین بالمعرفة.

ویجوز أن تسفر المرأة لیعرفها الشاهد.

ویشهد علی الأخرس بالإشارة. ولا یقیمها بالإقرار (1).

مسائل:

(الأولی): قیل یکفی فی الشهادة بالملک مشاهدته یتصرف فیه، وبه روایة، والأولی الشهادة بالتصرف لأنه دلالة الملک ولیس بملک.

(الثانیة): یجوز الشهادة علی ملک لا یعرفه الشاهد إذا عرفه المتبایعان.

(الثالثة): لا یجوز إقامة الشهادة إلا مع الذکر، ولو رأی خطه. وفی روایة:

ص :281


1- (1) فی الشرح: إلا مع خوف ترتب ضرر بسبب الشهادة غیر مستحق علی الشاهد أو المشهود علیه أو بعض المؤمنین.

إن شهد معه آخر جاز إقامتها، وفی الروایة تردد.

(الرابعة): من حضر حسابا، وسمع شهادة ولم یستشهد کان بالخیار فی الإقامة ما لم یحس بطلان الحق إن امتنع. وفی الروایة تردد.

ویکره أن یشهد لمخالف إذا خشی أنه لو استدعاه إلی الحاکم یرد شهادته.

(الثالث): فی الشهادة علی الشهادة:

وهی مقبولة فی الدیون، والأموال، والحقوق، ولا تقبل فی الحدود.

ولا یجزئ إلا اثنان علی شاهد الأصل.

وتقبل الشهادة علی شهادة النساء فی الموضع الذی تقبل فیه شهادتهن علی تردد (1).

وأجلی الألفاظ أن یقول: أشهد علی شهادتی أننی أشهد علی کذا.

ولا تقبل شهادة الفرع إلا مع تعذر حضور شاهد الأصل لمرض أو غیبة أو موت.

ولو شهد الفرع فأنکر شاهد الأصل، فالمروی: العمل بأعدلهما، فإن تساویا اطرح الفرع، وفیه إشکال، لأن قبول شهادة الفرع مشروط بعدم شاهد الأصل.

ولا تقبل شهادة علی شهادة علی شهادة فی شئ.

(الرابع): فی اللواحق، وفیه مسائل:

(الأولی): إذا رجع الشاهدان قبل القضاء لم یحکم. ولو رجعا بعد القضاء لم ینقض الحکم وضمن الشهود.

وفی (النهایة): إن کانت العین قائمة ارتجعت ولم یغرما. وإن کانت تالفة ضمن الشهود.

(الثانیة): إذا ثبت أنهما شاهدا زور نقض الحکم واستعیدت العین مع بقائها

ص :282


1- (1) هکذا فی النسخة المخطوطة، وفی الشرح الکبیر ما نصه: ویقبل علی الشهادة: شهادة النساء فی الموضوع الذی یقبل فیه شهادتهن.

6 - المسائل الکمالیة وهی تشتمل علی عشر مسائل:

ومع تلفها، أو تعذرها، یضمن الشهود.

(الثالثة): لو کان المشهود به قتلا، أو رجما، أو قطعا، فاستوفی، ثم رجع الشهود، فإن قالوا: تعمدنا اقتص منهم أو من بعضهم، ویرد البعض ما وجب علیهم، ویتم الولی إن بقی علیه شئ.

ولو قالوا: أخطأنا لزمتهم الدیة، ولو قال بعضهم: أخطأنا لزمه نصیبه من الدیة، ولم یمض إقراره علی غیره. ولو قال: تعمدت رد علیه الولی ما یفضل، ویقتص منه إن شاء.

وفی (النهایة): یرد الباقون من شهود الزنا ثلاثة أرباع الدیة ویقتل، والروایة صحیحة السند، غیر أن فیها تسلطا علی الأموال المعصومة بقول واحد.

(الرابعة): لو شهدا بطلاق امرأة فزوجت، ثم رجعا ضمنا المهر وردت إلی الأول بعد الاعتداد من الثانی. وتحمل هذه الروایة علی أنها نکحت بسماع الشهادة لا مع حکم الحاکم، ولو حکم لم یقبل الرجوع.

(الخامسة): لو شهد اثنان علی رجل بسرقة فقطع ثم قالا: أو همنا، والسارق غیره. أغرما دیة ید الأول، ولم یقبلا فی الأخیر لما یتضمن من عدم الضبط.

(السادسة): تجب شهرة شاهد الزور، وتعزیره بما یراه الإمام حسما للجرأة.

ص :283

کتاب القصاص

اشارة

وهو: إما فی النفس وإما فی الطرف. والقود موجبه: إزهاق البالغ العاقل النفس المعصومة المکافئة عمدا.

ویتحقق العمد بالقصد إلی القتل بما یقتل ولو نادرا، أو القتل بما یقتل غالبا وإن لم یقصد القتل. ولو قتل بما لا یقتل غالبا ولم یقصد القتل فاتفق، فالأشهر: أنه خطأ کالضرب بالحصاة والعود الخفیف.

أما الرمی بالحجر الغامز (1) أو بالسهم المحدد فإنه یوجب القود لو قتل.

وکذا لو ألقاه فی النار أو ضربه بعصا مکررا ما لا یحتمله مثله فمات.

وکذا لو ألقاه إلی الحوت فابتلعه أو إلی الأسد فافترسه لأنه کالآلة عادة.

ولو أمسک واحد وقتل الآخر ونظر الثالث، فالقود علی القاتل، ویحبس الممسک أبدا، وتفقأ عین الناظر.

ص :284


1- (1) الغامز: الکابس علی البدن لثقله ا ه من الشرح الکبیر.

ولو أکره علی القتل فالقصاص علی القاتل، لا المکره.

وکذا لو أمره بالقتل، فالقصاص علی المباشر ویحبس الآمر أبدا.

ولو کان المأمور عبده، فقولان، أشبههما أنه کغیره. والمروی: یقتل به السید. قال فی الخلاف: إن کان العبد صغیرا أو مجنونا سقط القود ووجبت الدیة علی المولی.

ولو جرح جان فسرت الجنایة دخل قصاص الطرف فی النفس، أما لو جرحه وقتله، فقولان: أحدهما لا یدخل قصاص الطرف فی النفس، والآخر: یدخل.

وفی (النهایة). إن فرقه لم یدخل، ومستندها روایة محمد بن قیس.

وتدخل دیة الطرف فی دیة النفس إجماعا.

مسائل من الاشتراک:

(الأولی): لو اشترک جماعة فی قتل حر مسلم فللولی قتل الجمیع، ویرد علی کل واحد ما فضل من دیته عن جنایته.

وله قتل البعض ویرد الآخرون قدر جنایتهم فإن فضل للمقتولین فضل قام به الولی وإن فضل منهم کان له.

(الثانیة): یقتص من الجماعة فی الأطراف کما یقتص فی النفس. فلو قطع یده جماعة کان له التخییر فی قطع الجمیع ویرد فاضل الدیة. وله قطع البعض ویرد علیهم الآخرون.

(الثالثة): لو اشترکت فی قتله امرأتان قتلتا ولا رد إذ لا فاضل لهما.

ولو کان أکثر رد الفاضل إن قتلهن. وإن قتل بعضا رد البعض الآخر.

ولو اشترک رجل وامرأة فللولی قتلهما ویختص الرجل بالرد. والمفید:

جعل الرد أثلاثا. ولو قتل الرجل ردت علیه نصف دیته. ولو قتل المرأة فلا رد له وله مطالبة الرجل بنصف الدیة.

(الرابعة): لو اشترک حر وعبد فی قتل حر عمدا، قال فی (النهایة) له قتلهما

ص :285

الشرائط المعتبرة فی القصاص

ویرد علی سید العبد نصف قیمته. وله قتل الحر ویرد علیه سید العبد خمسة آلاف درهم أو یسلم العبد إلیهم أو یقتلوا العبد ولیس لمولاه علی الحر سبیل.

والحق أن نصف الجنایة علی الحر، ونصفها علی العبد، فلو قتلهما الولی رد علی الحر نصف دیته وعلی مولی العبد ما فضل من قیمته عن نصف الدیة ولو قتل الحر رد مولی العبد علیه نصف الدیة أو دفع العبد ما لم تزد قیمته عن النصف فتکون الزیادة للمولی. ولو قتل العبد رد علی المولی ما فضل عن نصف الدیة إن کان فی العبد فضل.

ولو قتلت امرأة وعبد فعلی کل واحد منهما نصف الدیة. فلو قتل العبد وکانت قیمته بقدر جنایته فلا رد فإن زادت ردت علی مولاه الزیادة.

القول فی الشرائط المعتبرة فی القصاص: وهی خمسة:

(الأول): الحریة. فیقتل الحر بالحر ولا رد، وبالحرة مع الرد، والحرة بالحرة وبالحر. وهل یؤخذ منهما الفضل؟ الأصح: لا، وتتساوی المرأة والرجل فی الجراح قصاصا ودیة حتی یبلغ ثلث دیة الحر فتنصف دیتها ویقتص لها مع رد التفاوت، وله منها ولا رد.

ویقتل العبد بالعبد، والأمة بالأمة وبالعبد.

ولا یقتل الحر بالعبد بل یلزمه قیمته لمولاه یوم القتل ولا یتجاوز دیة الحر.

ولو اختلفا فی القیمة فالقول قول الجانی مع یمینه. ویعزر القاتل، ویلزمه الکفارة.

ولو کان العبد ملکه عزر وکفر. وفی الصدقة بقیمته روایة فیها ضعف. وفی روایة:

إن اعتاد ذلک قتل به.

ودیة المملوکة قیمتها ما لم تتجاوز به الحرة. وکذا لا یتجاوز بدیة عبد الذمی دیة الحر منهم. ولا بدیة الأمة دیة الذمیة.

ولو قتل العبد حرا لم یضمن مولاه وولی الدم بالخیار بین قتله واسترقاقه، ولیس للمولی فکه مع کراهیة الولی.

ص :286

ولو جرح حرا فللمجروح القصاص، وإن شاء استرقه إن استوعبته الجنایة وإن قصرت استرق منه بنسبة الجنایة أو یباع فیأخذ من ثمنه حقه. ولو افتداه المولی فداه بأرش الجنایة. ویقاد العبد لمولاه إن شاء الولی.

ولو قتل عبدا مثله عمدا فإن کانا لواحد فالمولی بالخیار بین الاقتصاص والعفو.

وإن کانا لاثنین فللمولی قتله إلا أن یتراضی الولیان بدیة أو أرش.

ولو کانت الجنایة خطأ کان لمولی القاتل فکه بقیمته. وله دفعه، وله منه ما فضل من قیمته عن قیمة المقتول، ولا یضمن ما یعوز (1).

والمدبر کالقن ولو استرقه ولی الدم ففی خروجه عن التدبیر قولان، وبتقدیر ألا یخرج هل یسعی فی فک رقبته؟ المروی: أنه یسعی.

والمکاتب إن لم یؤد وکان مشروطا فهو کالرق المحض. وإن کان مطلقا وقد أدی شیئا فإن قتل حرا مکافئا (2) عمدا قتل. وإن قتل مملوکا فلا قود. وتعلقت الجنایة بما فیه من الرقیة مبعضة، ویسعی فی نصیب الحریة ویسترق الباقی منه أو یباع فی نصیب الرق.

ولو قتل خطأ فعلی الإمام بقدر ما فیه من الحریة. وللمولی الخیار بین فک ما فیه من الرقیة بالأرش، أو تسلیم حصة الرق لیقاص بالجنایة وفی روایة علی بن جعفر علیه السلام: إذا أدی نصف ما علیه فهو بمنزلة الحر.

مسائل:

(الأولی): لو قتل حر حرین فلیس للأولیاء إلا قتله. ولو قتل العبد حرین

ص :287


1- (1) أی: ما ینقص من قیمة الجانی.
2- (2) أی: مکافئا له فی الحریة. وفی الشرح الکبیر: المکاتب إن کان مطلقا وقد أدی شیئا تحرر منه بقدر ما أدی فإن قتل حرا مکافئا له ولو کان عبدا من حرة. ما لم تنقص حریته عن حریته وإلا فلا یقتص له منه ما لم تتساوی حریتهما أو ترد حریة المقتول علی حریة القاتل

علی التعاقب ففی روایة هو لأولیاء الأخیر، وفی أخری: یشترکان فیه ما لم یحکم به لولی الأول.

(الثانیة): لو قطع یمنی رجلین قطعت یمینه للأول ویسراه للثانی.

قال الشیخ فی (النهایة): ولو قطع یدا ولیس له یدان قطعت رجله بالید.

وکذا لو قطع أیدی جماعة قطعت یداه بالأول فالأول والرجل بالأخیر فالأخیر، ولمن یبقی بعد ذلک الدیة. ولعله استنادا إلی روایة حبیب السجستانی عن أبی عبد الله (1) علیه السلام.

(الثالثة): إذا قتل العبد حرا عمدا فأعتقه مولاه ففی العتق تردد، أشبهه:

أنه لا ینعتق، لأن للولی التخییر للاسترقاق. ولو کان خطأ ففی روایة عمرو بن شجر عن جابر عن أبی عبد الله علیه السلام: یصح، ویضمن المولی الدیة. وفی عمرو ضعف، والأشبه: اشتراط الصحة بتقدم الضمان.

الشرط الثانی - الدین: فلا یقتل المسلم بکافر، ذمیا کان أو غیره، ولکن یعزر ویغرم دیة الذمی.

ولو اعتاد ذلک جاز الاقتصاص مع رد فاضل دیة المسلم.

ویقتل الذمی بالذمی وبالذمیة بعد رد فاضل دیته. والذمیة بمثلها وبالذمی ولا رد.

ولو قتل الذمی مسلما عمدا دفع هو وماله إلی أولیاء المقتول، ولهم الخیرة بین قتله واسترقاقه. وهل یسترق ولده الصغار؟ الأشبه: لا، ولو أسلم بعد القتل کان کالمسلم.

ولو قتل خطأ لزمت الدیة فی ماله. ولو لم یکن له مال کان الإمام عاقلته دون قومه.

الشرط الثالث -: ألا یکون القاتل أبا. فلو قتل ولده لم یقتل به. وعلیه

ص :288


1- (1) هکذا فی النسخة الخطیة. وفی المسالک والشرح الکبیر عن أبی جعفر الباقر علیه السلام.

الدیة والکفارة والتعزیر.

ویقتل الولد بأبیه. وکذا الأم تقتل بالولد. وکذا الأقارب. وفی قتل الجد بولد الولد تردد.

الشرط الرابع -: کمال العقل. فلا یقاد المجنون ولا الصبی، وجنایتهما عمدا وخطأ علی العاقلة. وفی روایة یقتص من الصبی إذا بلغ عشرا. وفی أخری: إذا بلغ خمسة أشبار، وتقام علیه الحدود. والأشهر: إن عمده خطأ حتی یبلغ التکلیف.

أما لو قتل العاقل ثم جن لم یسقط القود.

ولو قتل البالغ الصبی قتل به علی الأشبه.

ولا یقتل العاقل بالمجنون. وتثبت الدیة علی القاتل إن کان عمدا أو شبیها.

وعلی العاقلة إن کان خطأ.

ولو قصد العاقل دفعه کان هدرا. وفی روایة: دیته من بیت المال.

ولا قود علی النائم وعلیه الدیة.

وفی الأعمی تردد، أشبهه: أنه کالمبصر فی توجه القصاص.

وفی روایة الحلبی عن أبی عبد الله علیه السلام: أن جنایته خطأ یلزم العاقلة فإن لم یکن له عاقلة فالدیة فی ماله تؤخذ فی ثلاث سنین. وهذه فیها مع الشذوذ تخصیص لعموم الآیة. الشرط الخامس -: أن یکون المقتول محقون الدم.

القول فی ما یثبت به. وهو: الإقرار، أو البینة، أو القسامة.

أما الاقرار: فیکفی المرة. وبعض الأصحاب یشترط التکرار مرتین.

ویعتبر فی المقر: البلوغ، والعقل، والاختیار، والحریة.

ولو أقر واحد بالقتل عمدا والآخر خطأ تخیر الولی تصدیق أحدهما.

ولو أمر واحد بقتله عمدا فأقر آخر أنه هو الذی قتله ورجع الأول درئ عنهما القصاص والدیة، وودی من بیت المال، وهو قضاء الحسن بن علی (ع).

ص :289

أما البینة: فهی: شاهدان عدلان. ولا تثبت بشاهد ویمین. ولا بشاهد وامرأتین. ویثبت بذلک ما یوجب الدیة: کالخطأ، ودیة الهاشمة، والمنقلة، والجائفة، وکسر العظام.

ولو شهد اثنان أن القاتل زید. وآخران أن القاتل عمرو. قال الشیخ فی (النهایة) یسقط القصاص ووجبت الدیة نصفین. ولو کان خطأ کانت الدیة علی عاقلتهما.

ولعله احتیاط فی عصمة الدم لما عرض من تصادم البینتین.

ولو شهد بأنه قتله عمدا، فأقر آخر أنه هو القاتل دون المشهود علیه.

ففی روایة زرارة عن أبی جعفر علیه السلام: للولی قتل المقر، ثم لا سبیل علی المشهود علیه.

وله قتل المشهود علیه ویرد المقر علی أولیاء المشهود علیه نصف الدیة. وله قتلهما ویرد علی أولیاء المشهود علیه خاصة نصف الدیة.

وفی قتلهما إشکال، لانتفاء العلم بالشرکة. وکذا فی إلزامهما بالدیة نصفین لکن الروایة من المشاهیر.

مسائل:

(الأولی): قیل: یحبس المتهم بالدم ستة أیام، فإن ثبتت الدعوی وإلا خلی سبیله، وفی المستند ضعف، وفیه تعجیل لعقوبة لم یثبت سببها.

(الثانیة): لو قتل وادعی أنه وجد المقتول مع امرأته قتل به إلا أن یقیم البینة بدعواه.

(الثالثة): خطأ الحاکم فی القتل والجرح علی بیت المال.

ومن قال: حذار، لم یضمن.

وإن اعتدی علیه فاعتدی بمثله لم یضمن وإن تلفت (1).

وأما القسامة: فلا تثبت إلا مع اللوث. وهو أمارة یغلب معها الظن بصدق المدعی کما لو وجد فی دار قوم، أو محلتهم، أو قریتهم، أو بین قریتهم، أو بین

ص :290


1- (1) أی: وإن أدی الجزاء بالمال إلی تلف النفس

قریتین وهو إلی إحداهما أقرب. فهو لوث.

ولو تساوت مسافتهما کانتا سواء فی اللوث.

أما من جهل قاتله، کقتیل الزحام، والفزعات، ومن وجد فی فلاة، أو فی معسکر، أو سوق، أو جمعة فدیته فی بیت المال.

ومع اللوث یکون للأولیاء إثبات الدعوی بالقسامة.

وهی فی العمد: خمسون یمینا، وفی الخطأ: خمسة وعشرون علی الأظهر.

ولو لم یکن للمدعی قسامة کررت علیه الأیمان.

ولو لم یحلف وکان للمنکر من قومه قسامة حلف کل منهم حتی یکملوا.

وإن لم یکن له قسامة کررت علیه الأیمان حتی یأتی بالعدد.

ولو نکل ألزم الدعوی عمدا أو خطأ.

ویثبت الحکم فی الأعضاء بالقسامة مع التهمة، فما کانت دیته دیة النفس کالأنف واللسان، فالأشهر: أن القسامة ستة رجال یقسم کل منهم یمینا ومع عدمهم یحلف الولی ستة أیمان.

ولو لم یکن قسامة أو امتنع أحلف المنکر مع قومه ستة. ولو لم یکن له قوم أحلف هو الستة.

وما کانت دیته دون دیة النفس فبحسابه من ستة.

القول فی کیفیة الاستیفاء:

قتل العمد یوجب القصاص. ولا تثبت الدیة فیه إلا صلحا. ولا تخیر للولی ولا یقضی بالقصاص ما لم یتیقن التلف بالجنایة.

وللولی الواحد المبادرة بالقصاص. وقیل یتوقف علی إذن الحاکم.

ولو کانوا جماعة توقف علی الاجتماع.

قال الشیخ: ولو بادر أحدهم جاز، وضمن الدیة عن حصص الباقین.

ولا قصاص إلا بالسیف أو ما جری مجراه. ویقتصر علی ضرب العنق غیر ممهل

ص :291

ولو کانت الجنایة بالتحریق أو التغریق أو الرضخ بالحجارة.

ولا یضمن سرایة القصاص ما لم یتعد المقتص.

وهنا مسائل:

(الأولی): لو اختار بعض الأولیاء الدیة فدفعها القاتل لم یسقط القود علی الأشبه، وللآخرین القصاص بعد أن یردوا علی المقتص منه نصیب من فأداه.

ولو عفا البعض لم یقتص الباقون حتی یردوا علیه نصیب من عفا.

(الثانیة): لو فر القاتل حتی مات، فالمروی: وجوب الدیة فی ماله.

ولو لم یکن له مال أخذت من الأقرب فالأقرب. وقیل: لا دیة.

(الثالثة): لو قتل واحد رجلین أو رجالا قتل بهم، ولا سبیل إلی ماله.

ولو تراضوا بالدیة فلکل واحد دیة.

(الرابعة) إذا ضرب الولی الجانی وتر که ظنا أنه مات فبرأ، ففی روایة یقتص من الولی ثم یقتله الولی أو یتتارکان، والراوی أبان بن عثمان، وفیه ضعف مع إرسال الروایة.

والوجه: اعتبار الضرب، فإن کان بما یسوغ به الاقتصاص لم یقتص من الولی.

ولو قطع صحیح مقطوع الید، فأراد الولی قتله رد دیة الید إن کانت قطعت فی قصاص أو أخذ دیتها، وإن شاء طرح دیة الید وأخذ الباقی.

وإن ذهبت من غیر جنایة جناها ولا أخذ لها دیة کاملة قتل قاتله ولا رد، وهی روایة سورة بن کلیب عن أبی عبد الله علیه السلام.

القسم الثانی -: فی قصاص الطرف:

ویشترط فیه التساوی کما فی قصاص النفس. فلا یقتص فی الطرف لمن لا یقتص له فی النفس. ویقتص للرجال من المرأة، ولا رد. وللمرأة من الرجل مع الرد فیما زاد علی الثلث.

ویعتبر التساوی فی السلامة، فلا یقطع العضو الصحیح بالأشل. ویقطع الأشل

ص :292

بالصحیح ما لم یعرف أنه لا ینحسم

ویقتص للمسلم من الذمی ویأخذ منه ما بین الدیتین.

ولا یقتص للذمی من المسلم ولا للعبد من الحر.

ویعتبر التساوی فی الشجاج مساحة طولا وعرضا لا نزولا بل یراعی حصول اسم الشجة.

ویثبت القصاص فیما لا تعزیر فیه کالحارضة (1) والموضحة.

ویسقط فیما فیه التعزیر، کالهاشمة، والمنقلة والمأمومة، والجائفة وکسر الأعضاء.

وفی جواز الاقتصاص قبل الاندمال تردد، أشبهه: الجواز.

ویجتنب القصاص فی الحر الشدید والبرد الشدید، ویتوخی اعتدال النهار.

ولو قطع شحمة أذن فاقتص منه فألصقها المجنی علیه کان للجانی إزالتها لیتساویا فی السنین ویقطع الأنف الشام بعادم الشمم. والأذن الصحیحة بالصماء.

ولا یقطع ذکر الصحیح بالعنین، ویقطع عین الأعور الصحیحة بعین ذی العینین وإن عمی. وکذا یقتص له منه بعین واحدة.

وفی رد نصف الدیة قولان، أشبههما: الرد.

وسنی الصبی ینتظر به فإن عادت ففیها الأرش وإلا کان فیها القصاص.

ولو جنی بما أذهب النظر مع سلامة الحدقة اقتص منه بأن یوضع علی أجفانها القطن المبلول ویفتح العین ویقابل بمرآة محماة مقابلة للشمس حتی یذهب النظر.

ولو قطع کفا مقطوعة الأصابع، ففی روایة: یقطع کف القاطع ویرد علیه دیة الأصابع.

ولا یقتص ممن لجأ إلی الحرم. ویضیق علیه فی المأکل والمشرب حتی یخرج فیقتص منه ویقتص ممن جنی فی الحرم فیه.

ص :293


1- (1) الحارصة: الشجة هی التی تشق الجلد قلیلا.

کتاب الدیات

والنظر فی أمور أربعة:

(الأول): أقسام القتل، ومقادیر الدیات.

وأقسامه ثلاثة: عمد محض، وخطأ محض، وشبیه بالعمد.

فالعمد أن یقصد إلی الفعل والقتل، وقد سلف مقاله.

والشبیه بالعمد: أن یقصد إلی الفعل دون القتل، مثل أن یضرب للتأدیب، أو یعالج للإصلاح فیموت.

والخطأ المحض: أن یخطئ فیهما، مثل أن یرمی للصید فیخطئه السهم إلی إنسان فیقتله.

فدیة العمد: مئة من مسان الإبل، أو مئتا بقرة، أو مئتا حلة، کل حلة ثوبان من برود الیمن، أو ألف دینار، أو ألف شاة، أو عشرة آلاف درهم، وتستأدی فی سنة واحدة من مال الجانی، ولا تثبت إلا بالتراضی.

وفی دیة شبیه العمد روایتان أشهرهما: ثلاث وثلاثون بنت لبون، وثلاث وثلاثون حقة، وأربع وثلاثون ثنیة طروقة الفحل. ویضمن هذه الجانی لا العاقلة وقال المفید: تستأدی فی سنتین.

وفی دیة الخطأ أیضا روایتان، أشهرهما: عشرون بنت مخاض، وعشرون ابن لبون، وثلاثون بنت لبون. وثلاثون حقة. وتستأدی فی ثلاث سنین، ویضمنها العاقلة لا الجانی.

ولو قتل فی الشهر الحرام ألزم دیة وثلثا تغلیظا.

وهل یلزم مثل ذلک فی الحرم؟ قال الشیخان: نعم، ولا أعرف الوجه.

ص :294

ودیة المرأة علی النصف من الجمیع:

ولا تختلف دیة الخطأ والعمد فی شئ من المقادیر عدا النعم.

وفی دیة الذمی روایات، والمشهور: ثمانمائة درهم. ودیات نسائهم علی النصف من ذلک.

ولا دیة لغیرهم من أهل الکفر.

وفی ولد الزنا قولان، أشبههما: أن دیته کدیة المسلم الحر وفی روایة:

کدیة الذمی، وهی ضعیفة.

ودیة العبد قیمته، ولو تجاوزت دیة الحر ردت إلیها.

وتؤخذ من مال الجانی إن قتله عمدا أو شبیها بالعمد. ومن عاقلته إن قتله خطأ. ودیة أعضائه بنسبة قیمته: فما فیه من الحر دیته فمن العبد قیمته، کاللسان والذکر. وما فیه دون ذلک فبحسابه.

والعبد أهل للحر فیما لا تقدیر فیه.

ولو جنی جان علی العبد بما فیه قیمته، فلیس للمولی المطالبة حتی یدفع العبد برمته. ولو کانت الجنایة بما دون ذلک أخذ أرش الجنایة ولیس له دفعه والمطالبة بالقیمة.

ولا یضمن المولی جنایة العبد، لکن یتعلق برقبته، وللمولی فکه بأرش الجنایة، ولا تخیر لمولی المجنی علی.

ولو کانت جنایته لا تستوعب قیمته تخیر المولی فی دفع الأرش أو تسلیمه لیستوفی المجنی علی قدر الجفایة استرقاقا أو بیعا. ویستوی فی ذلک الرق المحض والمدبر، ذکرا کان أو أنثی أو أم ولد علی التردد النظر الثانی -: فی موجبات الضمان: والبحث إما فی المباشرة، أو التسبب، أو تزاحم الموجبات.

أما المباشرة: فضابطها الاتلاف لا مع القصد: فالطبیب یضمن فی ماله من یتلف

ص :295

بعلاجه. ولو أبرأه المریض أو الولی، فالوجه: الصحة، لا مساس الضرورة إلی العلاج: ویؤیده روایة السکونی عن أبی عبد الله علیه السلام. وقیل: لا یصح، لأنه إبراء مما لم یجب. وکذا البحث فی البیطار.

والنائم إذا انقلب علی إنسان، أو فحص برجله فقتل ضمن فی ماله علی تردد.

أما الظئر: فإن طلبت بالمظائرة العجز ضمنت الطفل فی مالها إذا انقلبت علیه فمات. وإن کان للفقر فالدیة علی العاقلة.

ولو أعنف بزوجته جماعا أو ضما فماتت ضمن الدیة. وکذا الزوجة.

وفی (النهایة) إن کانا مأمونین فلا ضمان. وفی الروایة ضعف.

ولو حمل علی رأسه متاعا فکسره أو أصاب إنسانا ضمن ذلک فی ماله.

وفی روایة السکونی: إن علیا علیه السلام ضمن ختانا قطع حشفة غلام.

وهی مناسبة للمذهب. ولو وقع علی إنسان من علو فقتل (1) فإن قصد وکان یقتل غالبا قید به، وإن لم یقصد فهو شبیه عمد یضمن الدیة. وإن دفعه الهواء أو زلق، فلا ضمان. ولو دفعه دافع فالضمان علی الدافع.

وفی (النهایة): دیة المقتول علی المدفوع ویرجع بها علی الدافع.

ولو رکبت جاریة أخری فنخستها ثالثة فقمصت فصرعت الراکبة فماتت قال فی (النهایة) الدیة من الناخسة والقامصة نصفان. وفی (المقنعة): علیهما ثلثا الدیة. ویسقط الثلث لرکوبها عبثا. والأول روایة أبی جمیلة، وفیه ضعف.

وما ذکره المفید حس.

وخرج متأخر (2) وجها ثالثا، فأوجب الدیة علی الناخسة إن کانت ملجئة وعلی القامصة إن لم تکن ملجئة.

وإذا اشترک فی هدم الحائط ثلاثة فوقع علی أحدهم فمات، ضمن الآخران

ص :296


1- (1) أی: وقع إنسان علی غیره فقتله.
2- (2) هو محمد بن إدریس الحلی. ا ه من الشرح الکبیر. وقع سهوا فی الرقم بدل أن یجعل 317 وینتهی فی 324 جعل رقم 321 إلی رقم 28

دیته. وفی الروایة ضعف، والأشبه: أن یضمن کل واحد ثلثا. ویسقط ثلث لمساعدة التالف.

ومن اللواحق مسائل:

(الأولی): من دعا غیره فأخرجه من منزله لیلا ضمنه حتی یرجع إلیه ولو وجد مقتولا وادعی قتله علی غیره وعدم البینة. ففی القود تردد، أشبهه:

أنه لا قود، وعلیه الدیة. ولو وجد میتا ففی لزوم الدیة قولان، أشبههما: اللزوم.

(الثانیة): إذا عادت الظئر بالطفل فأنکره أهله. صدقت ما لم یثبت کذبها فیلزمها الدیة أو إحضاره، أو من یحتمل أنه هو.

(الثالثة): لو دخل لص فجمع متاعا ووطئ صاحبة المنزل قهرا فثار ولدها فقتله اللص ثم قتلته المرأة ذهب دمه هدرا، ویضمن موالیه دیة الغلام. وکان لها أربعة آلاف درهم لمکابرته علی فرجها. وهی روایة عبد الله بن طلحة عن أبی عبد الله علیه السلام.

وعنه فی امرأة أدخلت الحجلة صدیقا لها لیلة بنائها، فاقتتل هو وزوجها فقتله الزوج فقتلت المرأة الزوج ضمنت دیة الصدیق وقتلت بالزوج، والوجه أن دم الصدیق هدر.

(الرابعة): لو شرب أربعة فسکروا فوجد جریحان وقتیلان، ففی روایة محمد بن قیس: أن علیا علیه السلام قضی بدیة المقتولین علی المجروحین بعد أن أسقط جراحة المجروحین من الدیة. وفی روایة السکونی عن أبی عبد الله علیه السلام:

أنه جعل دیة المقتولین علی قبائل الأربعة وأخذ دیة المجروحین من دیة المقتولین:

والوجه أنها قضیة فی واقعة، وهو أعلم بما أوجب ذلک الحکم.

ولو کان فی الفرات ستة غلمان فغرق واحد فشهد اثنان منهم علی الثلاثة أنهم غرقوه وشهد الثلاثة علی الاثنین، ففی روایة السکونی ومحمد بن قیس جمیعا عن أبی عبد الله علیه السلام، وعن أبی جعفر علیه السلام أن علیا علیه السلام قضی بالدیة أخماسا بنسبة

ص :297

الشهادة. وهی متروکة، فإن صح النقل، فهی واقعة فی عین فلا یعتدی لاحتمال ما یوجب الاختصاص.

البحث الثانی فی التسبیب:

وضابطه: ما لولاه لما حصل التلف، لکن علته غیر السبب کحفر البئر، ونصب السکین، وطرح المعاثر والمزالق فی الطریق، وإلقاء الحجر، فإن کان ذلک فی ملکه لم یضمن. ولو کان فی غیر ملکه أو کان فی طریق مسلوک ضمن. ومنه نصب المیازیب، وهو جائز إجماعا. وفی ضمان ما یتلف به قولان، أحدهما: لا یضمن، وهو الأشبه. وقال الشیخ: یضمن، وهو روایة السکونی.

ولو هجمت دابة علی أخری ضمن صاحب الداخلة جنایتها، ولم یضمن صاحب المدخول علیها. والوجه اعتبار التفریط فی الأول. ولو دخل دارا فعقره کلبها ضمن أهلها إن دخل بإذنهم وإلا فلا ضمان. ویضمن راکب الدابة ما تجنیه بیدیها. وکذا القائد. ولو وقف بها ضمن جنایتها ولو برجلیها. وکذا لو ضربها فجنت. ولو ضربها غیره ضمن الضارب.

وکذا السائق یضمن جنایتها. ولو رکبها اثنان تساویا فی الضمان. ولو کان معها صاحبها ضمن دون الراکب. ولو ألقت الراکب لم یضمن المالک إلا أن یکون بتنفیره.

ولو أرکب المملوک دابته ضمن المولی. ومن الأصحاب من شرط فی ضمان المولی صغر المملوک.

البحث الثالث فی تزاحم الموجبات:

إذا اتفق المباشر والسبب ضمن المباشر کالدافع مع الحافر، والممسک مع الذابح ولو جهل المباشر السبب ضمن السبب کمن غطی بئرا حفرها فی غیر ملکه فدفع غیره ثالثا فالضمان علی الحافر علی تردد.

ومن الباب واقعة الزبیة: وصورتها وقع واحد تعلق بآخر والثانی بالثالث

ص :298

وجذب الثالث رابعا، فأکلهم الأسد فیه روایتان: إحداهما روایة محمد بن قیس عن أبی جعفر علیه السلام، قال: قضی أمیر المؤمنین علی علیه السلام فی الأول فریسة الأسد، وأغرم أهله ثلث الدیة للثانی. وغرم الثانی لأهل الثالث ثلثی الدیة، وغرم الثالث لأهل الرابع الدیة. والآخر فی روایة مسمع عن أبی عبد الله علیه السلام أن علیا علیه السلام: قضی للأول ربع الدیة وللثانی ثلث الدیة وللثالث نصف الدیة وللرابع الدیة تماما، وجعل ذلک علی عاقلة الذین ازدحموا. وفی سند الأخیرة إلی مسمع ضعف، فهی ساقطة. والأولی مشهورة. وعلیها فتوی الأصحاب النظر الثالث فی الجنایة علی الأطراف، ومقاصده ثلاثة:

(الأول): فی دیة الأعضاء. وفی شعر الرأس: الدیة. وکذا اللحیة. فإن نبتا فالأرش. قال المفید: إن لم ینبتا فمئة دینار: وقال الشیخ فی اللحیة: إن نبتت ثلث الدیة. وفی الروایة ضعف. وفی شعر رأس المرأة دیتها. فإن نبت فمهر مثلها. وفی الحاجبین خمسمائة دینار. وفی کل واحد مئتان وخمسون. وفی بعضه بحسابه.

وفی العینین الدیة. وفی کل واحدة نصف الدیة. وفی الأجفان الدیة. قال فی (المبسوط) وفی کل واحد ربع الدیة. وفی الخلاف فی الأعلی الثلثان وفی الأسفل الثلث وفی (النهایة) فی الأعلی ثلث الدیة، وفی الأسفل النصف. وعلیه الأکثر.

وفی عین الأعور الصحیحة الدیة الکاملة إذا کان العور خلقة أو ذهبت بشئ من قبل الله. وفی خسف (1) العوراء روایتان، أشهرهما ثلث الدیة.

وفی الأنف الدیة. وکذا لو قطع مارنه ففسد. ولو جبر علی غیر عیب فمئة دینار. وفی شلله ثلثا دیته. وفی الحاجز نصف الدیة وفی أحد المنخرین نصف

ص :299


1- (1) خسف العین: فقأها.

الدیة. وفی روایة ثلث الدیة.

وفی الأذنین: الدیة. وفی کل واحد نصف الدیة. وفی بعضها بحساب دیتها.

وفی شحمتها ثلث دیتها. وفی خرم الشحمة ثلث دیتها.

وفی الشفتین الدیة. وفی تقدیر دیة کل واحدة خلاف. قال فی (المبسوط):

فی العلیا الثلث. وفی السفلی الثلثان. واختاره المفید. وقال فی (الخلاف):

فی العلیا أربعمائة دینار. وفی السفلی ستمائة. وکذا فی (النهایة). وبه روایة فیها ضعف. وقال ابن بابویه: فی العلیا نصف الدیة. وفی السفلی الثلثان. وقال ابن أبی عقیل: فی کل واحدة نصف الدیة، وهو قوی. وفی قطع بعضها بحساب دیتها.

وفی اللسان الصحیح: الدیة الکاملة، وإن قطع بعضه اعتبر بحروف المعجم وهی ثمانیة وعشرون حرفا. وفی روایة: تسعة وعشرون حرفا، وهی مطروحة.

وفی لسان الأخرس ثلث دیته. وفی بعضه بحساب دیته، ولو ادعی ذهاب نطقه، ففی روایة: یضرب لسانه بالإبرة فإن خرج الدم أسود صدق.

وفی الأسنان الدیة، وهی ثمانیة وعشرون منها المقادیم، اثنا عشر، فی کل واحدة: خمسون دینارا. والمآخیر ستة عشر فی کل واحدة: خمسة وعشرون، ولا دیة للزائد لو قلعت منضمة. ولها ثلث دیة الأصلیة لو قلعت منفردة.

وفی اسوداد السن ثلثا الدیة. وکذا روی فی انصداعها ولم تسقط. وفی الروایة ضعف، فالحکومة أشبه. وفی قلع السوداء ثلث الدیة.

ویتربص بسن الصبی الذی لم یثغر. فإن نبت فله الأرش. وإن لم (ینبت) فله دیة المثغر (1) وفی روایة: فیها بعیر من غیر تفصیل، وهی روایة السکونی ومسمع والسکونی ضعیف، والطریق إلی مسمع فی هذه ضعیف أیضا.

ص :300


1- (1) وفی شرائع الإسلام: وینظر بسن الصغیر فإن نبت لزم الأرش وإن لم ینبت فدیة سن المثغر.

وفی الیدین الدیة. وفی کل واحدة نصف الدیة. وحدها المعصم. وفی الأصابع الدیة. وفی کل واحدة عشر الدیة. وقیل: فی الإبهام ثلث دیة الید. ودیة کل إصبع مقسومة علی ثلاث عقد وفی الإبهام علی اثنتین وفی الإصبع الزائدة ثلث الأصلیة. وفی شلل الأصابع أو الیدین ثلثا دیتها.

وفی الظفر إذا لم ینبت أو نبت أسود: عشرة دنانیر، فإن نبت أبیض فخمسة دنانیر، وفی الروایة ضعف.

وفی الظهر إذا کسر الدیة، وکذا لو احدودب أو صار بحیث لا یقدر علی القعود. ولو صلح فثلث الدیة.

وفی ثدیی المرأة دیتها. وفی کل واحد نصف الدیة. وقال ابن بابویه:

فی حلمة ثدی الرجل ثمن الدیة مئة وخمسة وعشرون دینارا.

وفی حشفة الرجل فما زاد وإن استؤصل الدیة. وفی ذکر العنین ثلث الدیة.

وفیما قطع منه بحسابه. وفی الخصیتین الدیة. وفی کل واحدة نصف الدیة. وفی روایة:

فی الیسری ثلثا الدیة لأن الولد منها. وفی الخصیتین أربعمائة، فإن فحج فلم یقدر علی الشئ فثمانمائة دینار.

وفی الشفرتین الدیة. وفی کل واحدة نصف الدیة. وفی الإفضاء الدیة وهو أن یصیر المسکین واحدا. وقیل: أن یخرق الحاجز بین مخرج البول ومخرج الحیض. ویسقط ذلک عن الزوج لو وطئها بعد البلوغ. أما لو کان قبله ضمن الدیة مع المهر لزمه الإنفاق علیها حتی یموت أحدهما.

وفی الرجلین الدیة. وفی کل واحدة نصف الدیة. وحدهما مفصل الساق وفی أصابعهما ما فی أصابع الیدین.

مسائل:

(الأولی): دیة کسر الضلع: خمسة وعشرون دینارا إن کانت مما یخالط القلب.

ص :301

وعشرة دنانیر إن کان مما یلی العضدین.

(الثانیة): لو کسر بعصوص (1) الإنسان أو عجانه (2) فلم یملک غائطه ولا بوله ففیه الدیة.

(الثالثة): قال الشیخان: فی کسر عظم من عضو خمس دیته. فإن جبر علی غیر عیب: فأربعة أخماس دیة کسره. وفی موضحته ربع دیة کسره. وفی رضه ثلث دیة العضو. فإن برأ علی غیر عیب فأربعة أخماس دیة رضه. وفی فکه بحیث یتعطل ثلثا دیته، فإن جبر علی غیر عیب فأربعة أخماس دیة فکة

(الرابعة): قال بعض الأصحاب: فی الترقوة إذا کسرت فجبرت علی غیر عیب أربعون دینارا والمستند کتاب (ظریف).

(الخامسة): روی: أن من داس علی بطن إنسان حتی أحدث دیس بطنه أو یفتدی ذلک بثلث الدیة. وهی روایة السکونی، وفیه ضعف.

(السادسة): من افتض بکرا بإصبعه فخرق مثانتها فلم تملک بولها ففیه دیتها ومهر نسائها علی الأشهر. وفی روایة ثلث دیتها.

المقصد الثانی فی الجنایة علی المنافع:

فی العقل الدیة. ولو شجه فذهب لم تتداخل الجنایتان. وفی روایة: أن کان بضربة واحدة تداخلتا. ولو ضربه علی رأسه فذهب عقله انتظر به سنة فإن مات قید به. وإن بقی ولم یرجع عقله فعلیه الدیة.

وفی السمع دیة. وفی سمع کل أذن نصف الدیة. وفی بعض السمع بحسابه من الدیة. وتقاس الناقصة إلی الأخری بأن تسد الناقصة وتطلق الصحیحة ویصاح به حتی یقول: لا أسمع. وتعتبر المسافة بین جوانبه الأربع. ویصدق مع التساوی

ص :302


1- (1) البعصوص: العصعص وهو عجب الذنب.
2- (2) العجان بکسر العین: ما بین الخصیة وحلقة الدبر.

ویکذب مع التفاوت. ثم تطلق الناقصة وتسد الصحیحة، ویفعل به کذلک، ویؤخذ من دیتها بنسبة التفاوت ویتوخی القیاس فی سکون الهواء. وفی ضوء العینین الدیة. ولو ادعی ذهاب نظره عقیب الجنایة وهی قائمة أحلف بالله القسامة، وفی روایة: تقابل بالشمس فإن بقیتا مفتوحتین صدق. ولو ادعی نقصان أحداهما قیست إلی الأخری. وفعل فی النظر بالمنظور کما فعل بالسمع.

ولا یقاس من عین فی یوم غیم. ولا فی أرض مختلفة.

وفی الشمم الدیة. ولو ادعی ذهابه اعتبر بتقریب الحراق فإن دمعت عیناه وحول أنفه فهو کاذب.

ولو أصیب فتعذر المنی کان فیه الدیة.

وقیل: فی سلس البول الدیة. وفی روایة إن دام إلی اللیل لزمه الدیة. وإلی الزوال ثلثا الدیة. وإلی الضحوة ثلث الدیة.

المقصد الثالث فی الشجاج والجراح:

والشجاج ثمان: الحارصة، والدامیة، والمتلاحمة، والسمحاق، والموضحة، والهاشمة، والمنقلة، والمأمومة، والجائفة.

فالحارصة: هی التی تقشر الجلد، وفیها بعیر، وهل هی الدامیة؟ قال الشیخ:

نعم، والأکثرون علی خلافه. فهی إذن التی تأخذ فی اللحم یسیرا وفیها بعیران.

والمتلاحمة: هی التی تأخذ فی اللحم کثیرا، وهل هی غیر الباضعة؟ فمن قال: الدامیة غیر الحارصة، فالباضعة هی المتلاحمة. ومن قال: الدامیة هی الحارصة فالباضعة غیر المتلاحمة. ففی المتلاحمة إذن ثلاثة أبعرة.

والسمحاق: هی التی تقف علی السمحاقة، وهی الجلدة المغشیة للعظم وفیها أربعة أبعرة.

والموضحة: هی التی تکشف عن العظم، وفیها خمسة أبعرة.

والهاشمة هی التی تهشم العظم، وفیها عشرة أبعرة.

ص :303

والمنقلة: هی التی تحوج إلی نقل العظم، وفیها خمسة عشر بعیرا.

والمأمومة: هی التی تصل إلی أم الرأس، وهی الخریطة الجامعة للدماغ.

ثلاثة وثلاثون بعیرا.

والجائفة: هی التی تبلغ الجوف، وفیها ثلث الدیة مسائل:

(الأولی): دیة النافذة فی الأنف ثلث دیته، فإن صلحت فخمس دیته. ولو کانت فی أحد المنخرین إلی الحاجز، فعشر الدیة.

(الثانیة): فی شق الشفتین حتی تبدو الأسنان: ثلث دیتهما، ولو برأ فخمس دیتهما. ولو کانت فی إحداهما: فثلث دیتها، ومع البرء فخمس دیتها.

(الثالثة): إذا أنفذت نافذة فی شئ من أطراف الرجل فدیتها مئة دینار.

(الرابعة): فی احمرار الوجه بالجنایة دینار ونصف. وفی اخضراره ثلاثة دنانیر. وفی اسوداده ستة، وقیل: فیه کما فی الاخضرار. وقال جماعة منا: وهی البدن علی النصف.

(الخامسة): کل عضو له دیة مقدرة، ففی شلله: ثلثا دیته. وفی قطعه بعد شلله ثلث دیته.

(السادسة): دیة الشجاج فی الرأس والوجه سواء. وفی البدن بنسبة العضو الذی یتفق فیه.

(السابعة): کل ما فیه من الرجل دیته، ففیه من المرأة دیتها، ومن الذمی دیته، ومن العبد قیمته، وکل ما فیه من الحر مقدر فهو من المرأة بنسبة دیتها. ومن الذمی کذلک. ومن العبد بنسبة قیمته، لکن الحرة تساوی الحر حتی تبلغ الثلث ثم یرجع إلی النصف.

والحکومة والأرش عبارة عن معنی واحد، ومعناه: أن یقوم سلیما أن لو کان عبدا، ومجروحا کذلک. وینسب التفاوت إلی القیمة ویؤخذ من الدیة بحسابه.

ص :304

(الثامنة): من لا ولی له فالإمام ولی دمه، وله المطالبة بالقود أو الدیة.

وهل له العفو؟ المروی: لا.

النظر الرابع فی اللواحق وهی أربعة:

(الأول): دیة الجنین الحر المسلم إذا اکتسی اللحم ولم تلجه الروح: مئة دینار، ذکرا کان أو أنثی.

ولو کان ذمیا فعشر دیة أبیه. وفی روایة السکونی: عشر دیة أمه.

ولو کان مملوکا فعشر قیمة أمه المملوکة، ولا کفارة.

ولو ولجته الروح فالدیة کاملة للذکر ونصفها للأنثی.

ولو لم یکتسی اللحم ففی دیته قولان، أحدهما: غرة، والآخر: توزیع الدیة علی حالاته، ففیه عظما ثمانون، ونصفه ستون، وعلقة أربعون ونطفة بعد استقرارها فی الرحم عشرون.

وقال الشیخ: وفیما بینهما بحسابه.

ولو قتلت المرأة فمات ولدها معها، فللأولیاء دیة المرأة ونصف الدیتین علی الجنین إن جهل حاله. وإن علم ذکرا کان أو أنثی کانت الدیة بحسابه.

وقیل: مع الجهالة یستخرج بالقرعة لأنه مشکل، وهو غلط لأنه لا إشکال مع النقل.

ولو ألقته مباشرة أو تسبیبا فعلیها دیة ما ألقته ولا نصیب لها من الدیة، ولو کان بإفزاع مفزع فالدیة علیه. ویستحق دیة الجنین وراثه. ودیة جراحاته بنسبة دیته.

ومن أفزع مجامعا فعزل فعلیه عشرة دنانیر.

ولو عزل عن زوجته اختیارا قیل: یلزمه دیة النطفة عشرة دنانیر، والأشبه: الاستحباب.

(الثانی): فی الجنایة علی الحیوان.

ص :305

من أتلف حیوانا مأکولا کالنعم بالذکاة لزمه الأرش، وهل لمالکه دفعه والمطالبة بقیمته؟ قال الشیخان: نعم، والأشبه: لا، لأنه إتلاف لبعض منافعه فیضمن التالف. ولو أتلفه لا بالذکاة لزمه قیمته یوم إتلافه. ولو قطع بعض جوارحه أو کسر شیئا من عظامه فلمالک الأرش.

وإن کان مما لا یؤکل ویقع علیه الذکاة کالأسد والنمر ضمن أرشه.

وکذا فی قطع أعضائه من استقرار حیاته.

ولو أتلفه لا بالذکاة ضمن قیمته حیا.

ولو کان مما لا یقع علیه الذکاة کالکلب والخنزیر، ففی کلب الصید أربعون درهما. وفی روایة السکونی: یقوم، وکذا کلب الغنم وکلب الحائط، والأول أشهر.

وفی کلب الغنم کبش، وقیل: عشرون درهما، وکذا قیل فی کلب الحائط، ولا أعرف الوجه. وفی کلب الزرع قفیز من بر. ولا یضمن المسلم ما عدا ذلک.

أما ما یملکه الذمی کالخنزیر فالمتلف یضمن قیمته عند مستحلیه.

وفی الجنایة علی أطرافه الأرش، ویشترط فی ضمانه استتار الذمی به مسائل:

(الأولی): قیل قضی علی علیه السلام فی البعیر بین أربعة عقله أحدهم فوقع فی بئر فانکسر: أن علی الشرکاء حصته، لأنه حفظه وضیع الباقون. وهو حکم فی واقعة فلا یعدی.

(الثانیة): فی جنین البهیمة عشر قیمتها. وفی عین الدابة ربع قیمتها.

(الثالثة): روی السکونی عن أبی جعفر علیه السلام عن أبیه علی علیه السلام قال:

کان لا یضمن ما أفسدت البهائم نهارا ویضمن ما أفسدته لیلا. والروایة مشهورة غیر أن فی السکونی ضعفا. والأولی اعتبار التفریط لیلا کان أو نهارا.

(الثالث): فی کفارة القتل.

ص :306

تجب کفارة الجمع (1) بقتل العمد والمرتبة بقتل الخطأ مع المباشرة دون التسبیب. فلو طرح حجرا فی ملک غیره أو سابلة فهلک به عاثر، ضمن الدیة ولا کفارة (2) وتجب بقتل المسلم ذکرا کان أو أنثی، صبیا أو مجنونا، حرا أو عبدا، ولو کان ملک القاتل.

وکذا تجب بقتل الجنین إن ولجته الروح. ولا تجب قبل ذلک.

ولا تجب بقتل الکافر ذمیا کان أو معاهدا.

ولو قتل المسلم مثله فی دار الحرب عالما لا لضرورة فعلیه القود والکفارة.

ولو ظنه حربیا فبان مسلما فلا دیة وعلیه کفارة.

(الرابع): فی العاقلة، والنظر فی المحل وکیفیة التقسیط واللواحق.

أما المحل: فالعصبة والمعتق، وضامن الجریرة، والإمام.

والعصبة: من تقرب إلی المیت بالأبوین أو بالأب کالأخوة وأولادهم، والعمومة وأولادهم، والأجداد وإن علوا. وقیل: هم الذین یرثون دیة القاتل لو قتل، والأول أظهر. ومن الأصحاب من شرک بین من یتقرب بالأم من یتقرب بالأب والأم أو بالأب، وهو استناد إلی روایة مسلمة بن کهیل، وفیه ضعف.

ویدخل الآباء والأولاد فی العقل علی الأشبه. ولا یشرکهم القاتل.

ولا تعقل المرأة ولا الصبی ولا المجنون وإن ورثوا من الدیة. وتحمل العاقلة دیة الموضحة فما فوقها اتفاقا. وفیما دون الموضحة قولان، المروی: أنها لا تحمله، غیر أن فی الروایة ضعفا. وإذا لم یکن عاقلة من قومه ولا ضامن جریرة ضمن الإمام جنایته.

ص :307


1- (1) وهی الخصال الثلاث: العتق، وصیام شهرین متتابعین، وإطعام ستین مسکینا.
2- (2) فی شرائع الإسلام: فلو طرح حجرا أو حفر بئرا أو نصب سکینا فی غیر ملکه فعثر عاثر فهلک بها ضمن الدیة دون الکفارة.

وجنایة الذمی فی ماله وإن کانت خطأ، فإن لم یکن له مال فعاقلته الإمام لأنه یؤدی إلیه ضریبته. ولا یعقله قومه. وأما کیفیة التقسیط: فقد تردد فیه الشیخ. والوجه وقوفه علی رأی الإمام أو من نصبه للحکومة بحسب ما یراه من أحوال العاقلة. ویبدأ بالتقسیط علی الأقرب فالأقرب، ویؤجلها علیهم علی ما سلف.

وأما اللواحق فمسائل:

(الأولی): لو قتل الأب ولده عمدا دفعت الدیة منه إلی الوارث. ولا نصیب للأب منها. ولو لم یکن وارث فهی للإمام. ولو قتله خطأ فالدیة علی العاقلة ویرثها الوارث. وفی توریث الأب قولان، أشبههما: أنه لا یرث ولو لم یکن وارث سوی العاقلة فإن قلنا: الأب لا یرث فلا دیة، وإن قلنا: یرث ففی أخذه الدیة من العاقلة تردد.

(الثانیة): لا تعقل العاقلة عمدا ولا إقرارا ولا صلحا ولا جنایة للإنسان بالجنایة علی نفسه، ولا یعقل المولی عبدا کان أو مدبرا أو أم ولد علی الأظهر.

(الثالثة): لا تعقل العاقلة بهیمة ولا إتلاف مال، ویختص ضمانها بالجنایة علی الآدمی حسب.

خاتمة

(فهذا آخر ما أردنا ذکره، وقصدنا حصره، مختصرین مطوله، مجردین محصله، ونسأل الله سبحانه أن یجعلنا ممن شکر عمله، وغفر الله، وجعل الجنة منقلبة ومنقله، إنه لا یخیب من سأله، ولا یخسر من أمله، إنه ولی الإعانة والتوفیق، والصلاة والسلام علی محمد وآله أجمعین...).

ص :308

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.