سرشناسه:فیاض، محمداسحاق1930
عنوان و نام پدیدآور:آرشیو دروس خارج فقه آیت الله شیخ محمداسحاق الفیاض34 /محمداسحاق فیاض.
به همراه صوت دروس
منبع الکترونیکی : سایت مدرسه فقاهت
مشخصات نشر دیجیتالی:اصفهان:مرکز تحقیقات رایانه ای قائمیه اصفهان، 1396.
مشخصات ظاهری:نرم افزار تلفن همراه و رایانه
موضوع: خارج فقه
الموضوع : کتاب الصوم - حکم المحبوس الاسیر
کل من لم یقدر تشخیص شهر رمضان من الشهور واشتبه علیه فی هذا الحکم واما ذکر المحبوس والاسیر من باب المثال ولا خصوصیة لهما من هذه الناحیة المعروف والمشهور بین الاصحاب وبالتالی علیه الاجماع علی ان وظیفة المحبوس والاسیر العمل بالظن فاذا ظن ان هذا الشهر شهر رمضان یجب علیه صیامه وبذلک ینحل العلم الاجمالی ولا مانع من الرجوع الی اصالة البراءة وبه ینحل العلم الاجمالی وقد استدل علی ذلک بصحیحة عبد الرحمن عن ابی عبد لله علیه السلام قال قلت له رجل اسرته الروم ولم یدری ای شهر هو قال (یصوم شهر یتوخی فان کان الشهر الذی صامه قبل شهر رمضان لم یجزه وان کان بعد شهر رمضان یجزیه)وسائل الشیعة ج 10 هذا اذا ظهر الخلاف بعد ذلک واذا لم یظهر الخلاف فوظیفته العمل بالظن واستفاد من هذه الروایة من کلمة (یتوخی) معناها یظن فاذا ظن بان هذا الشهر شهر رمضان فیجب علیه الصیامه ومعنی یتوخی انه اعم من الظن وهو العمل بما هو اقرب الی الواقع فاذا کان احد الاحتمالین اقرب من الاخر وجب العمل به وهذه الصحیحة تدل علی ان وظیفة الاسیر والعمل بما هو اقرب الی الواقع فاذا کان احتمال کون هذا الشهر شهر رمضان اقرب من احتمال الشهر الثانی وجب علیه الصیام بالشهر الاول لما هو اقرب الی الواقع ولو بدرجة واحدة
فاذا هذه الصحیحة تدل علی ان وظیفة الاسیر العمل بالاحتمال الاقرب ومعنی ذلک ان الاحتمال الاقرب حجة علیه ووظیفته ذلک فحینئذ ینحل العلم الاجمالی بذلک ووظیفته العمل بالاحتمال الاقرب اذا کان احتمال کون الشهر الثانی رمضان اقرب من الشهر الاول والثالث فوظیفته صیام هذا الشهر وبالنسبة الی سائر الشهور لا مانع من الرجوع الی اصالة الواقع وبذلک ینحل العلم الاجمالی ولا مانع من الالتزام بتلک الصحیحة فأنها تدل علی ان الاحتمال الاقرب حجة للأسیر والمحبوس وان کان موردها الحجة للأسیر فینحل العلم الاجمالی بذلک ومع الاغماض عن هذه الصحیحة فمقتضی القاعدة فوجوب الاحتیاط علی الاسیر والمحبوس بمقتضی العلم الاجمالی فانه یعلم اجمالا بان احد هذه الشهور شهر رمضان ویعلم بوجوب صیامه علیه لذا مقتضی تنجیز العلم الاجمالی وعدم جریان الرخوص المرخصة او ان ادلة الاصول المرخصة بجمیع ارجائه او ان ادلة الاصول المرخصة منصرفة عن الاعناء بالعلم الاجمالی فأدلة الاصول المرخصة من جهة الموارد فی اطراف العلم الاجمالی او انها لا تشمل اطراف العلم الاجمالی من الاول وعلی کلا التقدیرین ان العلم الاجمالی منجز ولکن صوم جمیع الشهور حرجی علیه فان تمکن منه وجب ذلک اما اذا کان حرجی عند ذلک یکون الافطار شرعی بمقدار یرتفع به الحرج فهل هذا العلم بالاضطرار انه مانع عن تنجیز هذا العلم الاجمالی او غیر مانع فقد ذکر فی الوصول ان الاضطرار الی احد اطراف العلم الاجمالی معین فهو مانع عن تنجیز العلم الاجمالی ویوجب انحلاله کما یعلم الانسان بان احد الأناءین خمر اما الاناء الابیض او الاناء الاسود واضطر المکلف بسبب من الاسباب الی شرب الاناء الابیض فهذا الاضطرار رافع للحرمة اذا کانت متعلقة بالأناء الابیض وموجب انحلال العلم الاجمالی والشک بالنسبة للأناء الاسود شک بدوی لا مانع من الرجوع الی اصالة البراءة ، واما اذا کان الاضطرار لا الی احد بعینه الی الجامع فهذا الاضطرار لا یوجب انحلال العلم الاجمالی لان الاضطرار لا یکون رافع للحرمة لأنه تعلق بما لا یکون متعلق الحرمة اما لخصوص الاناء الاسود او خصوص الاناء الابیض والمعهود ان الاضطرار لم یتعلق بشیء منهما انما تعلق بالجامع والجامع لیس متعلق للحرمة فمن اجل ذلک هذا الاضطرار لا یکون رافع للحرمة ولا یوجب انحلال العلم الاجمالی فاذا شرب الاناء الابیض فیجب علیه الاجتناب عن الاناء الاسود ولا یعتمد علی اصالة البراءة واما فی المقام فالعلم وان کان یعلم المکلف انه سیضطر الی افطار بعض الشهور لا علی التعین لکن هذا العلم الاضطراری والعلم بالاضطرار لا اثر له ولهذا یجب علیه الصیام فی الشهر الثانی وفی الشهر الثالث فاذا فرضنا انه فی الشهر الرابع حرجی علیه الحرج علیه فعلی فاذا صار الحرج فعلی فهو رافع لوجوب الصیام علی تقدیر صوم الشهر الرابع هو شهر رمضان وکذلک الشهر الخامس حرجی والسادس حرجی فیکون رافع للحرمة فاذا فرضنا انه فی الشهر الثامن تمکن من الصیام وارتفع عنه الحرج بالإفطار فی هذه الشهور الثلاثة وتمکن من الصیام هل یجب علیه الصیام او لا یجب الظاهر لا یجب علیه الصیام لان العلم الاجمالی ینحل بالإفتاء بالفطار بهذه الشهور أی الشهر الرابع والخامس والسادس لاحتمال ان احد هذه الشهور شهر رمضان فاذا لا علم بوجود شهر رمضان فی الشهور الباقیة مجرد احتمال ولا مانع من الرجوع الی اصالة البراءة وهذا الحرج رافع للوجوب علی تقدیر کون هذا الشهر شهر رمضان وموجب لانحلال العلم الاجمالی ولا یجب الاحتیاط اذا تمکن من الصیام بعد ذلک
ص: 1
فاذا نکتة القاعدة اذا کان الصوم حرجی فعلیه الصیام اولا فی الشهر الاول والثانی وهکذا اذا کان صوم الشهر الرابع والخامس والسادس وبعد هذا ارتفع فی الشهر السادس الحرج فاذا لا یجب علیه الصیام لان العلم الاجمالی ینحل العلم الاجمالی لاحتمال ان شهر رمضان احد هذه الشهور والعلم الاجمالی ینحل بذلک وقد یقال کما قیل انه یمکن انحلال العلم الاجمالی بطریق اخر فاذا فرضنا انه تمکن من صیام جمیع الشهور ولا یکون حرجی علیه فمع ذلک یمکن انحلال العلم الاجمالی باستصحاب عدم دخول شهر رمضان فان الشهر الاول رمضان او لیس رمضان وعدم المانع من استصحاب عدم دخوله وهکذا الیوم الاول من الشهر فتن الیوم الاول من دخول الفجر اذا طلع یتخیل المکلف ان شهر رمضان دخل اما دخل سابقا وقد انقضی او دخل الان وهذا اول یوم من شهر رمضان وحیث انه لا یدری انه شهر رمضان دخل سابقا او دخل فعلا فیشک فی بقاء شهر رمضان بعد العلم بدخوله فی بقائه فلا مانع من استصحاب بقاء شهر رمضان فی الشهر الاخیر وبدعم هذا الاستصحاب الی الاستصحابات المتقدمة ینحل العلم الاجمالی بذلک هکذا قیل
وقد اجیب عن ذلک بان هذا الاستصحاب معارض باستصحاب عدم بقاء شهر رمضان فان الیوم الاول من الشهر الاخیر اذا دخل یعلم بحدوث هذا والاول هو العلم ببقاء شهر رمضان والعلم بدخول شهر رمضان والعدم بدخول شهر رمضان ویشک ببقائه الحادث الثانی هو العلم بعدم شهر رمضان الجامع بین العدم العملی وبین عدم الحادث ونقصد بعدم الحادث عدم المسبوق بالحدوث یعنی عدم شهر رمضان فانه فی الیوم الاول من هذا الشهر ان کان شهر رمضان دخل سابقا فعدمه باقی الی حد الان وان لم یکن داخل سابقا فالان دخل شهر رمضان انتقض بعدم الازلی بدخول هذا الشهر وهو متیقن بعدم شهر رمضان الجامع من العدم الازلی وبین العدم الحادث ویشک فی بقاء هذا العدم
ص: 2
فاذا استصحاب بقاء شهر رمضان معارض باستصحاب بقاء عدم شهر رمضان الی هذا الشهر فیسقطان من جهة المعارضة فیکون العلم الاجمالی منجز فان استصحاب عدم دخول لا یمکن جریانه فی جمیع الشهور للاستلزامه المخالفة القطعیة العملیة واما جریانه فی بعض الشهور مع الزمن دون الاخر ترجیح من غیر مرجح واما جریانه فی احد هذه فلا یمکن فأنها لیس فرد ثالث حتی یجری الاستصحاب وهو مردد والاستصحاب فی المردد لا یجری فالعلم الاجمالی یکون منجز هکذا اجیب علی ذلک وللمناقشة فی هذا الجواب مجال واسع فان کلا هذین الاستصحابین لا یجری فی نفسه لا استصحاب بقاء شهر رمضان ولا استصحاب عدم شهر رمضان وکلا الاستصحابین فی نفسه غیر جاری حتی یقع التعارض بینهما فیسقطان من جهة المعارضة وان ارید استصحاب بقاء شهر رمضان لاستصحاب الجامع فیبدو ان الجامع لیس موضوع للأثر وموضوع الاثر خصوص شهر رمضان بحده الفردی واما الجامع فلیس موضوع للأثر فاذا استصحاب البقاء لا یکفی لترتب الاثر علیه واما استصحاب الفرد لا یجری ایضا فان احد الفردین مقطوع البقاء واما الفرد الاخر مقطوع الارتفاع فان کان شهر رمضان دخل سابقا ارتفع یقینا وان دخل الان باقی یقینا فلا شک حتی یجری الاستصحاب
وبعبارة اخری ان الاستصحاب : فی المقام من الاستصحاب بالمردد و الاستصحاب فی الفرد المردد لا یجری لعدم تمامیة ارکان الاستصحاب فیه فان من ارکان الاستصحاب ان یکون الشک متمحض فی البقاء وفی الفرد المردد لا یتساوی ذلک فمن اجل ذلک لا یجری الاستصحاب فی الفرد المردد ، فاستصحاب بقاء شهر رمضان لا یجری فی نفسه لا فی الجامع لعدم اثره ولا فی الفرد من انه الاستصحاب فی الفرد المردد ومن اجل ذلک لا یجری .....
ص: 3
الموضوع : کتاب الصوم استصحاب عدم بقاء شهر رمضان
ذکرنا ان استصحاب بقاء شهر رمضان لا یجری فی نفسه کذلک استصحاب عدم بقاء شهر رمضان لا یجری فی نفسه لا انهما یجریان ویسقطان من جهة التغاض وذلک لأنه استصحاب بقاء شهر رمضان فان ارید من بقاء شهر رمضان الجامع بین بقائه سابقا وبقائه لاحقا وهذا الشهر الاخیر ان ارید الجامع بینهما فلا یجری الاستصحاب لأنه :
اولا : انه لا اثر للجامع وان الاثر مترتب علی الفرد بحده الفردی لا اثر له ومن اجل ذلک لا یجری الاستصحاب لعدم تمامیة ارکانه وذکرنا ان ارکان الاستصحاب ثلاثة الیقین بالحدوث والشک بالبقاء وترتب اثر عملی علی المستصحب ومع توفر هذه الارکان الثلاثة یجری الاستصحاب واما اذا لم تتوفر هذه الارکان او کان واحد بعضها الاستصحاب لا یجری فاستصحاب بقاء الجامع من اجل ترتب اثر عملی علیه لا یجری وهذا الاستصحاب لا یثبت ان شهر رمضان باقی ولا یثبت ان هذا الشهر الاخیر هو شهر رمضان الا علی القول بالأصل المثبت والاصل المثبت لا یکون حجة فاذا استصحاب بقاء شهر ر مضان وان کان لازمه ان هذا الشهر الاخیر هو شهر رمضان الا انه لا یسقط العذر الا بالقول بالأصل المثبت واما استصحاب بقاء الفرد فهو لا یجری فی الفرد الاول فاذا شهر رمضان دخل سابقا فقد ارتفع جزما فلا یبقی وان دخل شهر رمضان فی الشهر الاخیر فهو باقی جزما فاذا لاشک بالبقاء فأرکان الاستصحاب غیر تامه فی کلا الفردین احدهما مقطوع ارتفاعه والاخر علی تقدیر حدوثه مقطوع بقائه ولاشک فی البقاء ، واما استصحاب احد مصداقیه بنحو الفرد المردد فهو ایضا لا یجری فقد ذکرنا ان الاستصحاب فی الفرد المردد لا یجری لعدم تمامیة ارکان لاستصحاب فیه من ارکان الاستصحاب ان یکون الشک متمحض فی البقاء فهذا الحکم غیر متوفر فی الفرد المردد فمن اجل ذلک لا یجری الاستصحاب ، واما استصحاب بقاء عدم شهر رمضان فان ارید به عدم شهر رمضان الجامع بین عدم الحادث وعدم الازلی والعدم الازلی موجود ببقاء عدم شهر رمضان ان ارید ذلک فیرد علیه ان الجامع لا اثر له ومن اجل ذلک لا یجری الاستصحاب وایضا هذا الاستصحاب لا یثبت بقاء شهر رمضان الی هذا الشر الاخیر الا عدم القول فی الاصل المثبت ومن اجل ذلک لا یجری استصحاب بقاء شهر رمضان الجامع بین الحادث وبین عدم الازلی واما استصحاب الفرد فهو ایضا لا یجری فان الفرد الاول علی تقدیر حدوثه فهو مقطوع بقائه فان دخل شهر رمضان فی ضمن الشهور السابقة فعدمه مقطوع الی حد الان الی الشهر الاخیر وان لم یکن شهر رمضان داخل فی ضمن الشهور السابقة هذا العدم الازلی مقطوع بدخول الشهر الاخیر واحد الطرفین مقطوع الاتفاق والطرف الاخر مقطوع البقاء ومن اجل ذلک لا یجری الاستصحاب لعدم تمامیة ارکانه ، واما عدم الاستصحاب فی احدهما لا بعینه المصداقی فهو استصحاب فی الفرد المردد والاستصحاب فی الفرد المردد لا یجری فکلا الاستصحابین لا یجری بنفسه وعلی هذا العلم الاجمالی منجز واستصحاب عدم دخول شهر رمضان لا یجری فان جریانه فی جمیع الشهور یستلزم المخالفة القطعیة العملیة ، واما جریانه فی بعضه دون بعضه الاخر ترجیح من دون مرجح فیسقط هذا الاستصحاب من جهة المعارضة او ان دلیل الاستصحاب فی نفسه منصرف فی موارد العلم الاجمالی کما قویناه فی محله ان ادلة الاستصحاب وکذلک ادلة اصالة البراءة فی نفسها منصرفة عن شمول مواقع العلم الاجمالی او انها تشمل کما هو المشهور وعلی هذا مدرسة المحقق النائینی قدس سره ولکنها تسقط من جهة المعارضة وعلی کلا القولین العلم الاجمالی فی المقام منجز وقد جاء فی تقریر بحث السید الاستاذ قدس سره ان الاستصحابین یجریان ولکنهما یسقطان من جهة المعرضة وبعد سقوطهما تصل النوبة الی اصالة البراءة عن وجوب صوم هذا الیوم الاول من الشهر الاخیر فان المکلف یعلم اجمالا اما ان صوم هذا الیوم واجب علیه تعینا او انه مخیر بین صومه وبین صوم سائر الشهور ومقصودی من التخییر ان صوم هذا الیوم واجب علی المکلف اما اداء او قضاء فانه ترک الصیام فی سائر الشهور جمیعا فالشهر الاخیر اما انه شهر رمضان فصومه واجب علیه اداء او لم یکن شهر رمضان فومه واجب علیه قضاء وحیث ان وجوب القضاء موسع فهو مخیر بین ان یصوم قضاء فی هذا الشهر او فی سائر الشهور وهذا هو مقصودة قدس سره من التخییر ما صرح بعد ذلک ان صوم هذا الیوم واجب اما قضاء او اداء وکیف کان ما ذکره قدس سره غیر تام
ص: 4
اما ما ذکره من جریان کلا الاستصحابین فسقوطه بالمعارضة فقد عرفتم ان العلم غیر ذلک فان کلا الاستصحابین لا یجری فی نفسه حتی یقع التعارض بینهما لا استصحاب بقاء شهر رمضان ولا استصحاب بقاء عدم شهر رمضان فکلا الاستصحابین لا یجری فی نفسه حتی یقع التعارض بینهما ، واما علی تقدیر التسلیم کذلک الاستصحابین معا وسقوطهما فی المعارضة فتصل النوبة الی استصحاب عدم الدخول لا اصالة البراءة فأنها محکومة باستصحاب عدم دخول شهر رمضان فان کل واحد من هذه الشهور مشکوک انه من شهر رمضان فلا مانع من استصحاب عدم دخول شهر رمضان فی نفسه ولکن لا یجری فی الجمیع لاستلزامه المخالفة القطعیة العملیة بعد
ان سقوط کلا الاستصحابین علی تقدیر المعارضة وجریانهما وسقوطهما بالمعارضة فتصل النوبة الی استصحاب عدم الدخول لا اصالة البراءة فان لم یجری اصالة عدم الدخول فی نفسه فعند ذلک تصل النوبة الی اصالة البراءة فی جمیع الشهور لا بالنسبة الشهر الاخیر فقط وحیث ان هذا یجری بالنسبة الی جمیع الشهور وجریانها یستلزم المخالفة القطعیة العملیة فمن اجل ذلک تسقط اصالة البراءة ایضا والواجب الاحتیاط وکیف ما کان بعبارة التقریر مشوشة من جملة ما ذکره فی هذا التقریر ان الیوم الاول من الشهر الاخیر فالمکلف یعلم ان شهر رمضان قد دخل اما انه دخل الان فهذا الیوم اول ایام شهر رمضان او دخل سابقا فیعلم انه انقضی وفی هذا الیوم یعلم بحدوث حادثین متضادین ویشک بتقدم احدهما علی الاخر والامر لیس کذلک
نعم فی هذا الیوم یعلم بحدوث حادثین ولکن لا یشک فی تقدم احدهما علی الاخر فان الشک فی تقدم احدهما علی الاخر فهو فی ما اذا علم المکلف بانه نام فی ساعة و توضئ فی ساعة اخری ویشک فی تقدم احدهما علی الاخر فلا یدری ان الوضوء متقدم علی النوم حتی یعلم انه محدث فعلا او النوم متقدم علی الوضوء حتی یکون متطهر فعلا ففی مثل ذلک یشک فی تقدم احدهما علی الاخر وفی المقام لیس کذلک فانه کما یشک فی بقاء شهر رمضان فی الشهر الاخیر کذلک یشک فی بقاء عدم شهر رمضا ولیس الشک فی تقدم احدهما علی الاخر وکیف ما کان عبارة التقریر مشوشة من هذه الناحیة هذا کله بالنسبة الی شهر رمضان .
ص: 5
اما بالنسبة الی حرمة الصوم فی عید الفطر : وکذا فی عید الاضحی فان قلنا ان الحرمة حرمة تشریعیة فلا اشکال حینئذ ان الحرمة التشریعیة لا تمنع من الاحتیاط تنسجم مع الاحتیاط والمفروض ان المکلف یصوم هذه الشهور احتیاطا فمن الواضح حرمة الصوم فی یوم عید الفطر والاضحی لا تمنع من الاحتیاط ولا اشکال حینئذ ، واما اذا قلنا ان حرمة الصوم حرمة ذاتیة ولیست حرمة تشریعیة فهی تمنع عن وجوب الصوم فلا یمکن الاحتیاط حینئذ عند اذن العلم اجمالی بصوم احد هذه الشهور جعل الصوم واجب وکذا العلم الاجمالی ان احد یومین من هذه الشهور صومه محرم اما صوم اول کل شهر او صوم الیوم العاشر من کل شهر محرم فهنا علمان اجمالیان وکلا العلمین منجز فحینئذ ما هو العلاج ؟
الموضوع : کتاب الصوم
ذکری السید الاستاذ قدس الله نفسه انه لا مانع من جریان کلا الاستصحابین استصحاب بقاء شهر رمضان الذی نتیجته وجوب صوم یوم الاخیر من هذا الشهر ومن عدم بقاء استصحاب الشهر هذا الذی نتیجته عدم وجوب صوم هذا الشهر ولأجل ذلک یقع تعارض بینهما وبعد التعارض وسقوطهما تصل النوبة الی اصالة البراءة فی ما ذکره قدس سره مجموعة اشکالات :-
الاشکال الاول : ان هذین الاستصحابین لا یجریان فی نفسهما کما تقدم فان استصحاب بقاء الشهر الاول هذا لا یمکن ان یثبت وجوب صوم هذا الشهر الا ببقاء الاصل المثبت وکذلک استصحاب ببقاء عدم شهر رمضان لا یثبت عدم وجود صوم هذا الشهر الاخیر الا بالقول بالأصل المثبت ومع الاهمال عن ذلک
ص: 6
الاشکال الثانی : انما ذکره قدس سره انه بعد سقوط الاستصحابین تصل النوبة الی اصالة البراءة الامر لیس کذلک بل تصل الامر الی استصحابه وان سنة الاستصحاب مقدم علی اصالة البراءة باستصحاب عدم دخول شهر رمضان فانه بعد سقوط هذین الاستصحابین وعدم انحلال العلم الاجمالی فیه فالمرجع فی ذلک الاستصحاب بعدم دخول شهر رمضان باعتبار ان کل شهر من هذه الشهور بشرط ان یکون شهر رمضان فیها مشکوک فجریان هذا الاستصحاب من هذه الجهة لا یمکن وهو ترجیح بلا مرجح فیسقط من جهة المعارضة او ان الدلیل بنفسه قاصر عن شمول العلم الاجمالی فتصل النوبة الی اصالة البراءة وان کان غرضه قدس سره من اصالة البراءة عن اصالة البراءة عن وجوب صوم الشهر الاخیر فقط فهذه الاصالة لا تجری باعتبار ان هذه الاصالة مع استصحاب عدم دخول شهر رمضان فی الشهور السابقة اذا جری کلاهما یستلزم بمخالفة القطعیة العملیة من استصحاب عدم دخول شهر رمضان فی الشهور السابقة وفی هذا الشهر الاخیر وهو الشهر الثانی عشر اذا جرت اصلة البراءة عن وجوب ایصال ذلک الشهر لم یضر ذلک القطع المخالفة العملیة ومن اجل ذلک الاصالة تسقط من جهة المعارضة مع الاستصحاب فکلاهما لا یجری فی المقام
الاشکال الثالث : تخصیص هذا الاصل اصالة البراءة بالشهر الاخیر او بالیوم الاول لا وجه له فان نسبة اصالة البراءة علی جمیع الشهور علی حد سواء کأن المکلف شارک فی کل وجوب الصوم فی کل شهر من هذه الشهور فاذا تخصیص اصالة البراءة بالشهر الاخیر لا وجه له ولا فی تقیده بالیوم الاول من هذا الشهر لا وجه له ، هذا مضافا ان الکلام لیس فی وجوه الجزاء فان السید الاستاذ قدس سره قد ذکر ان الامر یدور بین التعیین والتخییر فان وجوب هذا الصوم ان کان هذا الصوم شهر رمضان فوجوب صومه مع الامر وان لم یکن شهر رمضان فوجوب صومه قضائی المکلف مخیر وان قضی وقته متسع المکلف مخیر بین صوم هذا الشهر وبین صومه فی سائر الشهور فالأمر یدور بین التعمیم والتفهیم واصالة البراءة تجری مع التعمیم او التعلیم ولا وجه لدرج القضاء فی الاداء فان حل القضاء فی وجوب صوم شهر رمضان اداء واما قضاء فهو قاضی للأداء فاذا فرضنا ان العلم الاجمالی یوجب الاحتیاط فان تمکن من الاحتیاط التام وصوم جمیع الشهور فقد امتثل صیام شهر رمضان وان لم یتمکن من جهة الحرج سواء کان وجوب الصوم قضائی او ادائی فهو یرتفع بالحرج ولا فرق من هذه الناحیة بین صوم القضاء وصوم الاداء اذا کان حرجی فهو مرتفع
ص: 7
النتیجة لما ذکره السید الاستاذ قدس سرة : علی ما فی تقریر بحثه مورد لمجموعة من الاشکالات ، واما صوم یوم العید فان قلنا بتحریمه تشریعا کما هو الصحیح فهو لا یمنع من الاحتیاط فلا واتیان الصوم فی جمیع الشهور اذا تمکن من ذلک فان حرمة صوم یوم العید حرمة تشریعیه فهی لا تمنع من الاحتیاط ، واما اذا کانت حرمته حرمه ذاتیة فعند اذا یتولد علمان اجمالیان اخران احدهما الاجمالی بحرمة صوم الیوم الاول من هذه الشهور لان الیوم الاول من هذه الشهور محرم ولکن لا یدری هذا الشهر وکذلک یعلم اجمالا الیوم العاشر من هذه الشهور صومه محرم فهو مردد بین هذه الشهور کما انه یعلم الاجمال من حرمة صوم اول یوم من شهر من هذه الشهور محرم وهو مردد بین هذه الشهور وهذان العلمان الاجمالیان ایضا منجزان العلم الاجمالی الاول منجز وکذا العلم الاجمالی الثانی منجز کما ان العلم الاجمالی بوجوب صوم شهر رمضان منجز فعندئذ فی اول یوم من شهر رمضان امر مردد بین حرمة صومه وبین وجوبه وکذا فی الیوم العاشر من الشهر مردد صومه بین الوجوب والحرمة فقد یقال کما یقال کما قیل انه مخیر بین ترک الصوم وبین فعله فی احد الشهر ترک الصوم وفی الشهر الاخر اتی بالصوم وبذلک لم یخالف العلم الاجمالی مخالفة قطعیه وان خالفه مخالفه احتمالیه لکنه اجتنب عن المخالفة القطعیة الا ان الامر لیس کذلک لان وجوب الصوم وجوب عبادی وبحاجه الی قصد القربی ومع احتمال الحرمة لا یمکن التقرب ولا یمکن الاحتیاط ایضا فلا یمکن ان یصوم فی اول یوم من کل شهر من الشهور لاحتمال حرمة صومه ذاتا وهذا الاحتمال مانع من التقرب فلا یمکن ان یصوم
ص: 8
اذا وظیفته ترک الصوم فی کل اول یوم من کل شهر حتی یحصل علی الموافقة القطعیة لهذا العلم الاجمالی لا انه مخیر بین الترک والفعل بین المحذورین اذا کانا توصلین لا مانع من الترخیص ولکن وجوب الصوم وجوب عبادی ولا یمکن الاتیان به فالعبادة مع عدم القربی احتمال المبغوضیه فی الواقع فحرمة الصوم فی اول یوم من کل شهر وفی العاشر من کل شهر ومن هنا یذهب انما هو المشهور بین الاصحاب من العمل بالظن اذا حصل النهی ذکرنا اذا کان الظن حجة فلا شبهه یوجب انحلال العلم الاجمالی حکما فیتعین العمل به واما اذا لم یحصل الظن فقد ذکر المشهور ان وظیفة الاسیر والمحبوس التخییر بمعنی انهم یختاران شهرا یختار الاسیر شهرا ویصومه وکذا المحبوس ولکن من مراعات المطابقة بین الشهرین فی السنة بان یکون الفاصل بینهما احد عشر شهرا فاصل بین الشهرین فی السنتین ومن هنا یذهب ان ما هو المشهور من التخییر لا یبتنی علی اساس صحیح لان مقتضی العلم الاجمالی الاحتیاط لا التخییر فی المقام هذا کله اذا لم یظهر الخلاف اما اذا ظهر الخلاف ..........
الموضوع : کتاب الصوم
الی هنا قد تبین انما هو المشهور من ان الاسیر والمحبوس ونحوهما اذا حصل لهما الظن فیعملان بالظن لأنه حجة بمقتضی صحیحة عبد الرحمن واما اذا لم یحصل الظن فالوظیفة هی التخییر والتخییر لا وجه له اصلا ولا مدرک له لاختیار شهرا ویصوم هذا الشهر ویترک الصوم فی سائر الشهور لا وجه لذلک اصلا وهو خلاف مقتضی الاعلم الاجمالی فی المقام ومقتضی العلم الاجمالی وجوب الاحتیاط التام ان امکن والا فالتبعیض فی الاحتیاط اما التخییر بالمعنی الذی ذکره المشهور لا دلیل علیه ولا وجه له اصلا وحمل کلام المشهور علی ان مرادهم من التخییر هو التبعیض فی الاحتیاط فلاف الظاهر جدا فان مرادهم من التخییر اختیار شهر واحد من بین هذه الشهور ویصوم هذا الشهر ویترک الصوم فی سائر الشهور فما ذکره المشهور لا مدرک له وهذا کله اذا لم ینکشف الخلاف
ص: 9
اما اذا انکشف الخلاف وتبین الواقع فهنا صور :-
الصورة الاولی : تبین ما صام من الشهور او شهر واحد کما فی صورة الظن بان هذا الشهر شهر رمضان یصوم هذا الشهر او یصوم شهرین او ثلاثة تبین بعد ذلک انه مطابق للواقع وان هذا الشهر الذی صامه هو شهر رمضان او شهر رمضان احد الشهور التی صامها وحینئذ لا اشکال فی هذه الصورة
الصورة الثانیة : تبین انه صام قبل شهر رمضان کما اذا صام شهر رجب او شهر شعبان او قبل ذلک او صام شهور قبل شهر رمضان تبین انه صام قبل شهر رمضان فهو لا یجزی ولا شبهه علی عدم الاجزاء لأنه صام شهرا لیس بشهر رمضان وان فرضنا انه ظن بهذا الشهر انه شهر رمضان والظن حجة ولکن بعد ظهور الخلاف لا یکون مجزی فانه لا دلیل علی اجزاء الامر الزائد علی الامر الواقع فلا یکون مجزیا
الصورة الثالثة : ما اذا ظهر انه صام بعد شهر رمضان مثلا ذی القعدة او محرم او غیر ذلک فهل یجزی عن صوم شهر رمضان او لا یجزی فقد ذکر الماتن قدس نفسه انه یجزی عن القضاء وان اتی بنیة الاداء لکن یجزی عن القضاء وذکر السید الاستاذ قدس سرة علی ما فی تقریر بحثه ان عنوان الاداء وعنوان القضاء من القصد هما ناحیتان متباینان فلا یجزیان احدهما علی الاخر فاذا نوی الاداء فلا یجزی عن القضاء کما اذا نوی القضاء لا یجزی عن الاداء کما فی الصلاة اذا نوی الظهر لا تجزی عن العصر کما اذا نوی اربعة رکعات بدون نیة الظهر لا تقع ظهرا وهکذا یقابل عنوان القضاء والاداء لکن بمقتضی صحیحة عبد الرحمن لا مناص من الالتزام بالأجزاء فان الصحیحة تقول بالأجزاء ومقتضی القاعدة عدم الاجزاء لأنه اتی بصوم هذا الشهر بنیة الاجزاء ومقتضی القاعدة عدم الاجزاء فان علیه قضاء شهر رمضان لکن مقتضی ذیل صحیحة عبد الرحمن (یصوم شهر یتوخی فان کان الشهر الذی صامه قبل شهر رمضان لم یجزه وان کان بعد شهر رمضان یجزیه) (1) الاجزاء ولا مناص من الالتزام بذلک هکذا ذکره قدس سرة علی ما فی تقریر بحثه وللمناقشة فیه مجال ، فان عنوان القضاء لیس من العناوین القصدیة المقومة وکذا عنوان الاداء ومن هنا یثبت للمکلف اذا صلی الصلاة الظهر واحد عن الاداء فلا شبهه فی صحة صلاته فلو کان عنوان الاداء من العناوین القصدیة المقومة فلا بد من قصد هذا العنوان ایضا وبدون قصده تقع الصلاة فاسدة کما انه لو اتی بأربع رکعات بدون قصد الظهر لم تقع ظهرا وتقع فاسدة وعنوان اذان الظهر لیس عنوان العصر وکذا عنوان القضاء کما اذا کان علیه قضاء الصلاة اتی بعنوان واحد ولا شبهه فی الاجزاء وان لم یقصد عنوان القضاء مع ذلک لا شبهه فی صحته واما بالنسبة لعنوان الظهر والعصر لا یکفی لذلک فاذا دخل الظهر واشتغل بأداء صلاة الظهر والعصر فلا یکفی بالإتیان بأربع رکعات بعنوان ما فی الذمة فلابد من قصد عنوان الظهر فاذا ما ذکره السید الاستاذ قدس سرة علی ما فی تقریر بحثه من ان عنوان القضاء والاداء من العناوین القصدیة المقومة لیس له ذلک
ص: 10
ثم ذکر الماتن قدس سرة : والأحوط إجراء أحکام شهر رمضان علی ما ظنه من الکفارة والمتابعة والفطرة وصلاة العید وحرمة صومه ما دام الاشتباه باقیا وإن بان الخلاف عمل بمقتضاه (1) کما اذا حصل الظن ان هذا الشهر شهر رمضان ولا شبهه فی ان هذا الظن حجة وحالها حال اخبار الثقة وهذا الظن یثبت ان هذا الیوم من شهر رمضان وعلی هذا اذا فطر فی هذا الیوم متعمد فلا شبهه فی وجوب الکفارة علیه فلا شبهه فی ترتب وجوب الکفارة علی الافطار العمدی فی الشهر الذی یظن انه من شهر رمضا فهذا الظن یثبت ان هذا الشهر رمضان وهذا الیوم من شهر رمضان ولا شبهة فیه وانما الکلام هل هذا الظن یثبت ان الیوم الواحد والثلاثین هو یوم العید ویحرم الصوم فیه ویستحب صلاة العید فیه وتجب الفطرة فیه وهل یثبت ذلک
الظاهر لا یثبت لان الظن لا یمکن ان یثبت لوازمه العقلیة فان المشهور من ان مثبتات الامارات حجة متلقات بلا فرق بین الامارات التی یکون اللسان لسان الحکایة عن الواقع ولسان الاخبار عن الواقع وبین الامارات التی لا للسان لها ولیس للسانها للسان الحکایة والاخبار عن الواقع کالظن فان الظن بالمقام حجة بمقتضی صحیحة عبد الرحمن او کالظن بالقبلة او کالظن فی عدد الرکعات وانه حجة ولکن هل یثبت لوازم الامارة فقد ذکرنا فی بحث الاصول المثبتة ان الامارات لا تثبت لوازمها المطلقة الا المارات التی یکون للسانها للسان الحکایة فی الواقع والاخبار بالواقع کالخبار الثقة والبینة والاقرار وما شاکل ذلک فان من اخبر عن شیء اخبر التزاما عن لوازمه ایضا الدلالة الالتزامیة کالدلالة المطابقیة حجة فاذا کان للسانه الاخبار فیشکل له دلالة الالتزامیة ایضا فاذا اخبر شخص عن ثبوت شیء اخبر عن ثبوت لوازمه ایضا بالالتزام وهذه الدلالة الالتزامیة حجة کالدلالة المطابقیة واما الامارة التی لا للسان لها فلیس لها هذه الدلالة الالتزامیة حتی تکون حجة فمن اجل ذلک الظن بان هذا الشهر شهر رمضان وصل ثلاثین یوما ولا یثبت ان یوم الواحد والثلاثین اول یوم من شهر شوال وهو یوم العید ولا یثبت هذا الازم حتی یحرم صوم هذا الیوم علیه وتجب الفطرة علیه
ص: 11
اذا الظن بان هذا الشهر شهر رمضان لا یثبت ذلک وقد ذکر السید الاستاذ قدس نفسه یمکن اثبات ذلک بضمیمة الروایات التی تدل علی انه اذا کان هناک مانع عن روئیة الهلال یصوم ثلاثین یوم ویجعل الیوم الواحد وثلاثین اول یوم من شهر شوال وهو یوم العید وهذه الروایة کلا المقام یسقط ان یوم واحد والثلاثین یوم عید لأنه اذا صام ثلاثین یوم فیوم واحد والثلاثین هو یوم الاول من شوال ولکن التعدی عن مورد هذه الروایات الی ما نحن فیه بحاجة الی قرینة لان الحکم علی خلاف الاصل فالشارع حکم بان الیوم الواحد والثلاثین یوم العید ولکن هذا الیوم یوم العید فی حکم الشارع اما فی الواقع یمکن ان یکون هذا الیوم یوم الثانی من شوال لاحتماله موجود لکن الشارع حکم ان هذا الیوم یوم العید یعنی یرتب علیه اثار العید والتعدی من مورد هذه الروایات الی المقام مشکل بحاجة الی قرینة ومن اجل ذلک لا یمکن الحکم بعد صوم الثلاثین یوم لا یمکن له فی الیوم الاول هو یوم العید واول شهر شوال لا یمکن اثبات ذلک .
الموضوع : کتاب الصوم الاشتباه بدخول شهر رمضان وغیره
الی هنا قد تبین ان المکلف اذا اشتبه علیه شهر رمضان فمقتضی القاعدة وجوب الاحتیاط من جهة العلم الاجمالی ولکن من الاحتیاط ما لم یستند الی حرج والشهور التی صام فیها احتیاط فلا تجری فیها احکام شهر رمضان کالکفارة او غیرها کما اذا صام شهرین او ثلاثة اشهر احتیاطا وافطر فی النهار متعمدا وهو شاک فی ثبوت الکفارة علیه من جهة الشک ان هذا النهار نهار شهر رمضان او لا فمن اجل ذلک یشک فی وجوب الکفارة والمرجع اصالة البراءة عن وجوب الکفارة نعم اذا حصل له الظن وقلنا بحجیة الظن کما هو ظاهر من صحیحة عبد الرحمن (یصوم شهر یتوخی فان کان الشهر الذی صامه قبل شهر رمضان لم یجزه وان کان بعد شهر رمضان یجزیه ) (1) فان المراد من الصحیحة ان الظن حجة اذا کان المراد من التوخی الظن وهو حجة فاذا کان حجة فهو یثبت ان هذا الشهر المظنون فاذا افطر فی نهاره فعلیه الکفارة فعندئذ لا شبهه ان الکفارة مترتبة علی الافطار العمدی واما لوازمه لا یمکن اثباته فاذا صام ثلاثین یوم فلا یمکن القول ان الواحد والثلاثین عید الا علی القول بالأصل المثبت وبذلک یثبت بقاء الصیام الی یوم الثلاثین ویثبت ان الواحد والثلاثین عیدا
ص: 12
ثم بعد ذلک ذکر الماتن قدس سرة : اذا اشتبه شهر رمضان بین شهرین او ثلاث اشهر مثلا فالأحواط صوم الجمیع ولا یبعد اجراء حکم الاسیر فمقتضی القاعدة ووجوب الاحتیاط لأنه یعلم ان احد الشهرین شهر رمضان (1) ومقتضی هذا العلم الاجمالی وجوب الاحتیاط لان الوجوب سابقه اما لا مقتضی لها او ان سقوطها مستند الی وجود المانع فاذا العلم الاجمالی منجز ووجوب الاحتیاط اذا کان حرجی فیصومه اذا لم یکن حرجی فاذا صار حرجی یجوز له الافطار ولا یجب علیه الصوم وهل یجری علی ذلک حکم الاسیر او لا فیه قولان : الظاهر الجریان کما ذکره الماتن قدس الله نفسه لما ذکرنا انه لا خصوصیة ولا موضوعیة للأسیر ولا للمسجون غایة الامر السجن والاسر سبب للاشتباه ولا موضوعیة لهذا السبب فکل مورد اذا کان شهر رمضان اشتبه علیه وتردد بین شهرین او ثلاثة اشهر او جمیع الشهور فمقتضی القاعدة وهی العلم الاجمالی وجوب الاحتیاط طال ما لم یستلزم الحرج فاذا استلزم الحرج یجوز له الافطار ولا یجب علیه الصوم والدعوی ان الاسیر فی الاسر مشتبه فی جمیع الشهور یعنی ان جمیع الشهور مشتبه علیه ولا یدری أی شهر من هذه الشهور شهر رمضان وهذه الدعوی مدفوعة فان صحیحة عبد الرحمن لا تدل علی ذلک ، نعم اشتباه جمیع الشهور مقطوع فاذا اشتبه شهر رمضان علیه فلا محال اشتبه صوم الشهور ایضا واذا علم شهر رجب لا یشتبه شهر رمضان ومعلوم ان شهر رمضان اذا اشتبه بین هذا الشهر او الشهر الاتی فمعناه ان شهر شعبان مشتبه وشهر رجب مشتبه وکذا جماد الاولی والثانیة وهکذا ولو کان شهر جماد الاولی ایضا مشتبه له فلا محال یشتبه شهر رمضان واشتباه شه رمضان بین شهرین او شهور یستلزم اشتباه جمیع الشهور والا لا یمکن الاجتباه بین ان یکون شهر رمضان بین شهرین او بین ثلاثة شهور او بین جمیع شهور السنة وصحیحة عبد الرحمن علی ذلک ولا فرق بین ان یکون منشئ الاشتباه الاصل او شیء اخر مقتضی القاعدة وجوب الاحتیاط ومقتضی صحیحة عبد الرحمن المتقدمة العمل بالظن اذا کان المراد منه مطلق الرجحان الاحتمال اما مقتضی سائر هذه الصحیحة ان رجحان الاحتمال علی احتمال اخر حجة والعمل به تعینا او قلنا ان الرجحان هو الظن غایة الامر اکبر مرتبه منه فاذا کان الاحتمالین متساویین فلا سبیل الیه واذا کان احدهما ارجح من الاخر فهو من ادنا مرتبة الظن فلا یفید من هذه الناحیة الا سواء کان ظن او لم یکن بمقتضی صحیحة عبد الرحمن واما اذا لم یحصل الظن ولم یرجح احد الاحتمالین علی الاحتمال الاخر فوظیفته الاحتیاط التام اذا امکن والا فالتبعیض فی الاحتیاط بمقدار الذی یکون الصوم حرجی نرفع الید عن الصوم ویجوز له الفطار واما اذا لم یکن علیه حرجی فیجب علیه ان یصومه بمقتضی العلم الاجمالی
ص: 13
ثم بعد ذلک ذکر الماتن قدس سره : اما اذا اشتبه الشهر المنذور صومه بین شهرین او ثلاثة فالظاهر وجوب الاحتیاط مالم یستلزم الحرج والا فیعمل بالظن ان حصل وان لم یحصل یتخیر (1) ، هکذا ذکره الماتن قدس سره والصوم المنذور یتصور علی نحوین کما ذکره السید الاستاذ قدس سره علی ما فی تقریر بحثه تارة هو یهلم انه نذر صوم شهر رجب ولکن شهر رجب اشتبه علیه بین شهرین او بین ثلاثة اشهر او اکثر تارة یکون کذلک ، وتارة انه لا یعلم انه نذر صوم شهر رجب او صوم شهر شعبان او غیره من الشهور ان المنذور مردد بین هذه الشهور اما فی الفرض الاول فهل هو حکمه حکم الاسیر او حکمه لا یکون حکم الاسیر السید الاستاذ الحقه بحکم الاسیر ولکن للحاقه بالأسیر مشکل من ناحیة اخری ناحیة ان الصحیحة صوم شهر رمضان والتعدی منه الی سائر الصیام بحاجة الی قرینه وان حصل الیقین بعدم الفرق بین کون صوم شهر رمضان وصوم المنذور المعین وان حصل الیقین او الاطمئنان بعدم الفرق فهو والا فالتعدی عن مورد الصحیحة الی سائر الصیام مشکل وبحاجه الی قرینه ولا قرینه لا فی نفس الصحیحة ولا من الخارج
ثم ذکر السید الاستاذ قدس سره یمکن ان یتمسک المکلف باستصحاب عدم دخول شهر رمضان استصحاب عدم دخول شهر رجب باعتبار ان الشهور مشتبهه علیه فاذا اشتبه شهر رجب بین ثلاثة شهور ففی الشهر الاول نشک ان شهر رجب دخل او لم یدخل لا مانع من استصحاب عدم دخول شهر رجب وکذا فی الشهر الثانی واما فی الشهر الثالث الیوم الاول یتیقن بدخول شهر رجب اما من الان او من السابق یعلم بدخول شهر رجب الجامع بین الدخول الان وان هذا الیوم الاول من شهر رجب او دخوله سابقا فعند اذ یشک ببقاء شهر رجب ولا مانع من استصحاب بقائه واستصحاب عدم الدخول لا یجری وبذلک تعین علیه صوم هذا الشهر الاخیر فقط دون سائر الشهور وبذلک ینحل العلم الاجمالی ، ثم ذکر ان هذا الاستصحاب معارض باستصحاب بقاء عدم دخول شهر رجب الجامع بین عدم الدخول الحادث وعدم الازلی من ان شهر رجب ان کان سابق وهذا العدم عدم الحادث وان لم یکن حادث فعدم الازلی باقی الی اول هذا الشهر ففی اول هذا الشهر یتلقی العدم بالعدم الجامع بالعدم الازلی والعدم الحادث فیشک بهذا العدم فاستصحاب بقاء شهر رمضان معارض باستصحاب بقاء العدم فیسقطان من جهة المعارضة کما ذکره قدس سره فی الفرع السابق ولکن شبهة ذلک الاستصحابین فی نفسه فان ارید من بقاء شهر رمضان بقاء الجامع والجامع مضاف الی ایس موضوع الاثر ولا یثبت هذا الفرد ان هذا الشهر الاخیر شهر رجب الا بالقول بالأصل المثبت فانه من اظهر مصادیق القول المثبت کذلک استصحاب بقاء عدم فانه ان ارید العدم الجامع مضافا الی انه لا اثر له فهو لا یثبت عدم الحادث باعتبار ان الباقی هو عدم الحادث فی الشهر الاخیر لا عدم الاثر انتفی قطعا وعدم الحاجه و هذا الاستصحاب لا یسقط هذا الا بالقول بالأصل المثبت ...
ص: 14
الموضوع : کتاب الصوم من اشتبه بصوم الشهر المنذور
ذکری الماتن قدس سره : اذا اشتبه الشهر المنذور صومه بین شهرین او ثلاثة اشهر فتارة یکون الشهر المنذور صومه معلوم کشهر رجب او شعبان ولکن شهر رجب مشتبه بین شهرین او ثلاثة اشهر ، واخری یکون المنذور مرددا ولا یدری انه نذر صوم شهر رجب او نذر صوم شهر شعبان او صوم جماد الاخرة او ما شاکل ذلک فیکون مردد بین شهرین او ثلاثة فقد ذکر قدس سرة : الظاهر وجوب الاحتیاط (1) ، وظیفته وجوب الاحتیاط وصوم شهرین معا او ثلاثة اشهر بمقتضی العلم الاجمالی الا اذا استلزم الحرج فعندئذ یعمل بالظن والا بالتخییر ، وما ذکره قدس سرة من هذا التفسیر مما الحق هذه المسالة بمسالة الاسیر او ان الاضطرار اضطرار الی العلم الاجمالی یوجب انحلاله ولکن کلا الامرین غیر صحیح اما الالحاق بمسالة الاسیر فی حجیة الظن فهذا غیر ممکن لان الصحیحة تدل علی حجیة الظن اذا فرضنا ان المراد من (التوخی) هو الظن تدل علی حجیة الظن فی صوم شهر رمضان فقط فان مقتضی الاصل الاول حجیة الظن واذا ثبت حجیته فی مورد بدلیل خاص فلا یمکن التعدی من هذا المورد الی سائر الموارد کحجیة الظن فی باب القبلة ولا یمکن التعدی الی حجیة الظن فی باب دخول الوقت او ما شاکل ذلک فلا یمکن التعدی الی سائر الموارد وما نحن فیه ایضا کذلک فان صحیحة عبد الرحمن تدل علی حجیة الظن فی صوم شهر رمضان اذا اشتبه بین شهور ولا یمکن التعدی منه الی الصوم المنذور
ص: 15
اذا اللحاق هذه المسالة بمسألة الاسیر لا یمکن اذ لا دلیل علی حجیة الظن فی المقام وان کان حجة بمقتضی الصحیحة فی صوم شهر رمضان فلا وجه لما ذکره قدس سره من العمل بالظن اذ لا حجیة من العمل بالظن فوظیفته الاحتیاط التام واذا کان حرجی فیجوز له الافطار بمقدار رفع الحرج فقط والا فلابد من الاحتیاط وما ذکره من العمل بالظن دون التخییر فلا وجه له اصلا ، واما اللحاق بمسالة الاضطرار الی احد اطراف العلم الاجمالی فقد ذکر السید الاستاذ قدس سره علی ما فی تقریر بحثه ان الاضطرار الی احد اطراف العلم الاجمالی لا علی التعین لا یوجب انحلال نفسه ان الاضطرار الی احد اطراف العلم الاجمالی غیر معین یوجب انحلال العلم الاجمالی وان کان بعد العلم الاجمالی اما مبنی علی ذلک فاذا انحل العلم الاجمالی فلا یجب علیه الاحتیاط فاذا حصل له الظن یعمل به والا فهو مخیر فعندئذ فلا مانع من العمل بالظن بملاک انه حجه وملاک احد طرفین التخییر مظنون فیعمل بالظن واذا کان متساویین فهو مخیر
الظاهر انه لا یمکن اللحاق بذلک ایضا لأنه ما نحن به لیس الاضطرار الی احد اطراف العلم الاجمالی بعینه نعم اذا فرضنا انه یعلم اجمالا بان صوم جمیع الشهور او صوم شهرین معا حرجی علیه ویعلم بذلک فتارة لا یعمل بذلک لأنه قادر لا علی صوم شهرین او شهور جمیعا بلا حرج فاذا فرضنا انه یعلم بذلک ان صوم شهرین او صوم الشهور حرجی فوظیفته الصیام فاذا صام الشهر الاول وفرضنا ان صوم الشهر الثانی حرجی الان الحرج فعلی وهذا الحرج الفعلی تعلق بنفس ما تعلق به التکلیف صوم هذا الیوم حرجی فاذا الحرج تعلق بنفس ما تعلق به الوجوب فلا محال یکون رافع للوجوب اما الاضطرار الی احد اطراف العلم الاجمالی لا یوجب الانحلال باعتبار انه لم یتعلق بما تعلق به التکلیف والتکلیف تعلق بالفرد بحقه الفردی والاضطرار تعلق بحده الجامع فهذا لا یکون رافع للتکلیف ، واما فی المقام فالاضطرار والحرج تعلق بنفس ما تعلق به الوجوب صوم هذا الیوم حرجی وصوم الیوم الثانی من هذا الشهر حرجی فهذا الاضطرار اتی بأطراف العلم الاجمالی بعینه لا اضطرار الی واحد لا بعینه ،اذا ما ذکره السید الاستاذ قدس سره لا یمکن المساعدة علیه وهذا الاضطرار هل یوجب انحلال العلم الاجمالی او لا ، فیه تفسیر یأتی فی مکانه وکیف ما کان ما ذکره قدس سره مبنی الی الاضطرار الی احد اطراف العلم الجمالی فما ذکره قدس سره لا دلیل علیه
ص: 16
ثم بعد ذلک ذکر قدس سره : اذا فرض ان المکلف فی مکان یومه ستة اشهر ولیله ستة اشهر او یومه ثلاثة اشهر ولیله ستة اشهر (1) فقد ذکر ان وظیفته فی الصلاة والصیام الرجوع الی الافراد المتوسطة ، والوجه فی ان یومه ستة اشهر ولیله ستة اشهر باعتبار ان سیر الشمس فی الخط الوهمی الذی یسمی خط الاستواء یقسم الکره الی نصفه شمالی ونصفها جنوبی وسیر الشمس ستة اشهر طرف الشمال وستة اشهر طرف الجنوب اذا کان میل الشمس من خط الاستواء المفروض من خط الشمال هو بدایة النقطة هو اعتدال الربیع ثلاثة اشهر بمسافة ثلاث وعشرین درجة میله الی طرف الشمال ورجوعه ایضا ثلاثة اشهر اذا وصل الی خط الاستواء یمیل الی طرف الجنوب وهذه النکتة فاذا کانت الشمس واقفه فی القطب الشمالی وهو یری ستة اشهر الشمس او اقل من ستة اشهر باعتبار ان بین الطلوعین اقله عشرین یوما لان النسبة بین الطلوعین للیوم نسبة الثمن تقریبا وثمن ستة اشهر عشرین یوما بین الطلوعین وباقی الایام یری الشمس باعتبار ان سیر الشمس افقی لیس عمودی یدور حول القطب ویری الشمس دائما ستة اشهر او اقل من ستة اشهر یری الشمس ولیس هنا غروب وطلوع وکذا الحال فی القط الجنوبی اذا کان الشخص فی القطب الجنوبی یری الشمس ستة اشهر او اقل فاذا ما هو تکلیفه فی هذه البلاد یومه ستة اشهر
القول الاول : ذکر الماتن قدس سره رجوعه الی البلدان المتوسطة فی الیوم والنهار یصوم بصومهم ویصلی بصلاتهم باعتبار لا غروب ولا طلوع یصوم بصوم هؤلاء ویصلی بصلاتهم
ص: 17
القول الثانی : سقوط التکلیف عنهم فان الصلاة وجوبها موقت عند طلوع الفجر یجب صلاة الفجر وعند دلوک الشمس وجوب صلاة الظهرین وعند غروب الشمس تجب العشاءین ولیس هنا غروب وطلوع وزوال فاذا ینتفی الحکم بانتفاء موضوعه ولا موضوع لوجوب الصلاة ولا شهر رمضان فینتفی وجوب الصوم بانتفاء موضوعه ویسقط عنه التکلیف ولهذا لا یجوز افتی بعضهم بعدم جواز البقاء فی هذه البلاد فلابد من الهجرة بهذه البلاد
القول الثالث : سقوط الصوم فقط لان الصلاة فی کل سنه مرة واحده واجبه مرة واحده صلاة الفجر ومرة واحده صلاة الظهرین ومرة واحده صلاة العشاءین مرة واحده واجب
القول الرابع : احتمال انه تابع لبلده الاصلی ، کل ذلک احتمال فلا دلیل علی شیء من هذه الاقوال ومقتضی القاعدة سقوط التکلیف عنه ولهذا المقتضی اهمیة الشارع بالصلاة فی الآیات والروایات وجوب الهجرة علی من یکون ساکن فی هذه البلدان وجوب الهجرة علیهم الی بلدانهم لأجل ان لا تفوت عنهم الصلاة والصیام والا فلا دلیل علی واحد من هذه الاقوال لا ما ذکره الماتن ولا سائر الاقوال
الموضوع : کتاب الصوم تکلیف من کان فی بلد لیله ستة اشهر ونهاره ستة اشهر
ذکرنا ان دوران الارض حول الشمس ستة اشهر من طرف الشمال وستة اشهر من طرف الجنوب من کان ساکنا فی نقطة الفصل بینه وبین خط الاستواء الموهوم ثلاثة وعشرین درجه کما هو غالب سکان الارض او اکثر من ذلک وهنا یتولد یوم ولیلة من حرکة الارض حول نفسها واما اذا کان ساکن فی بلد قریب من نقطة الشمال او نقطة الجنوب فیومه یطول الی ستة اشهر تقریبا فان الشمس تدور حولها افقیا لا ان الشمس تدور فوق راسه عمودیا ولهذا یطول الیوم تقریبا ستة اشهر بین الطلوعین تقریبا عشرین یوما وکذلک الحال فی اللیل الکلام فی تکلیف هذا الشخص فقد ذکر الماتن انه یرجع الی البلدان المتوسطة یصوم بصومهم ویصلی بصلاتهم ومن الواضح انه لا دلیل علی ذلک فان ادلة الصلاة ادلة موقته وکذا ادلة الصوم والوقت شرط للوجوب فی مرحلة الجعل وشرط الالتفاف الفعل فی مرحلة المبادئ ومع انتفاء الوقت کما انه لا وجوب للصلاة مثلا لا ملاک لها ایضا فان الصلاة قبل الوقت لا ملاک لها ولا محبوبیه لها ولا ارادة بها من المولی ولا فیها مصلحة ولا وجوب لان الوقت کما انه لجعل الوجوب کذلک شرط لاتصاف الصلاة بملاک وانتفاء الوقت یوجب انتفاء الملاک والوجوب معا والصلاة بلا وقت غیر مشروعه فما ذکره الماتن لا یمکن اتمامه بای دلیل وکذلک القول بان الساکن فی مثل هذا البلد یرجع الی بلده الاصلی اذا کان مهاجرا وهذا ایضا لا دلیل علیه اصلا وکذلک القول بالتفصیل بین الصوم والصلاة الصلاة تجب علی اهل هذا البلد فی کل سنة مرة واحده فاذا لا دلیل علیه فان ادلة التوقیت لا تدل علی ذلک انما تدل علی وجوب خمسة صلوات فی کل یوم اما وجوب خمسة صلوات فی کل سنة فلا دلیل علیه لا ادلة التوقیت ولا دلیل اخر ولهذا مقتضی القاعدة سقوط التکلیف عمن سکن فی مثل من سکن فی مثل هذه البلدان سقوط وجوب الصلاة ووجوب الصوم ولکن مع ذلک یمکن ان یقال ان الادلة المطلقة کالآیات والروایات واهتمام الشارع بالصلاة وانها لا تسقط بحال وانها عماد الدین ویمکن ان یستفاد من هذه الروایات تعدد المطلوب الصلاة مطلقا مطلوبة وکذا الصلاة بالوقت مطلوب کامل یمکن ان یستفاد من اهتمام الشارع بالصلاة وانها لا تسقط فاذا تعذر قید الوقت فهو ساقط فاصل الصلاة مطلوبة للشارع فیمکن الاتیان بها ویمکن الاتیان بخمسة صلوات فی کل اربعة وعشرین ساعة اما الرجوع الی البلدان المتعارفة المتوسطة لا دلیل علیه
ص: 18
اذا فی کل اربع وعشرین ساعة یأتی بخمس صلوات لان تقید بالوقت من جهة التعذر قد سقط واما اصل طبیعی الصلاة مطلوبیتها باقیة یمکن ان یقال بذلک ولو احتیاطا یأتی بخمس صلوات بکل اربع وعشرین ساعة هذا کله فی هذه المسالة
ثم ذکر الماتن قدس سره : فصل فی احکام القضاء : یجب قضاء الصوم ممن فاته بشروط البلوغ والعقل والاسلام فلا یجب علی البالغ ما فاته ایام صباهالعروة الوثقی ج3 وهذا واضح وهو من ضروریات المذهب بل یمکن ان یقال انه من ضروریات الدین فانه لم یرد فی شیء من الروایات لا الروایات العامة ولا الروایات الخاصة ولا الاوامر الشخصیة من الائمة الاطهار علیهم السلام فی أی زمان یأمر اولاده فی قضاء ما فات فی ایام الصبا من الصیام وایضا هذا امر ضروری بین المسلمین جمیعا
فاذا عدم وجوب قضاء ما فات فی ایام الصبا من ضروریات المذهب فلا حاجة حینئذ للاستدلال بالآیة الشریفة لان الآیة قد قسمة المکلف الی ثلاثة اقسام :- القسم الاول یجب علیه الصیام هو الحاضر القسم الثانی یجب علیه القضاء هو المسافر والمریض القسم الثالث یجب علیه الفداء دون الصوم هو الشیخ والشیخة ، لا حاجة الی الاستدلال بهذه الآیة لان الآیة قابله للتقید فلا مانع من تقیید اطلاق هذه الآیة بذلک ، کیف ما کان فلا حاجة الی الاستدلال بالآیة فالمسالة ضروریة ولا یحتاج الی التمسک بالآیة الشریفة نعم یجب علیه قضاء الیوم الذی بلغ فیه قبل طلوع الفجر فاذا بلغ قبل طلوع الفجر ولم یصم ذلک الیوم یجب علیه قضاء ذلک الیوم او حتی اذا بلغ مقارنا لطلوع الفجر اذا فات صومه یجب علیه قضاء ذلک الیوم واما اذا بلغ بعد طلوع الفجر واثناء النهار فلا یجب علیه قضاءه وان کان احوط وهذا الاحتیاط من الماتن احتیاط استحبابی بل لا وجه له للاستحباب ایضا اذ لا دلیل علی وجوب الصوم علیه لا ایة ولا روایة لاحتمال انه یجب علیه صوم ذلک الیوم غیر محتمل هذا مضافا اذا کان هذا الاحتیاط لو کان وجها فی ما اذا ابلغ اثناء النهار وافطر عند ذلک للاحتیاط مجال واما اذا لم یفطر ذلک الیوم وصامه فلا مجال لهذا الاحتیاط واما اذا شک فی انه بلغ قبل طلوع الفجر او بعد الطلوع مع الجهل بتاریخهما فلا یجب علیه القضاء فاذا کان المکلف جاهل بالتاریخ ولا یدری انه بلغ قبل طلوع الفجر او بعده فان بلغ قبل طلوع الفجر وجب علیه القضاء وان بلغ بعد طلوع الفجر فلا یجب القضاء علیه فاذا التاریخ فی کلیهما مجهول فهل یجری الاستصحاب فیهما معا ویسقطان من جهة المعارضة او لا یجری الاستصحاب فیهما المعروف والمشهور بین الاصحاب یعملان الاستصحاب فی کل الحادثین المجهولین ویسقطان من جهة المعارضة ولکن صاحب الکفایة قدس سره بنی علی عدم جریان الاستصحاب فی شیء منهما فانه قدس سره اعتبر فی جریان الاستصحاب امتثال زمان الیقین بزمان الشک وهذا الشرط غیر محرز فی ما اذا علم بوجود حادثین ونشک فی تقدم احدهما علی الاخر ففی مثل ذلک ذکر قدس سره ان احراز الامتثال لا یمکن ومع عدم احراز الامتثال لا یجری الاستصحاب هذا هو المعروف بین الاصحاب
ص: 19
ولکن عدم جریان الاستصحاب فی کلیهما معا لا من جهة ما ذکره صاحب الکفایة بل من جهة اخر ....
الموضوع : کتاب الصوم شک قبل الطلوع او بعده
کان کلامنا اذا شک فی ان البلوغ اذا تحقق قبل الفجری حتی یجب علیه الصوم او ان البلوغ تحقق بعد الفجر حتی لا یجب علیه الصوم فهو متصور علی صور
الصورة الاولی : ما اذا کان کلیهما مجهولین التاریخ وتاریخ کل منهما مجهول ولا نعلم ان البلوغ هل حدث قبل طلوع الفجر او ان طلوع الفجر حدث قبل البلوغ
الصورة الثانیة : ما اذا کان تاریخ البلوغ معلوما ونعلم ان البلوغ قد حدث بالساعة الفلانیة ونشک فی ان طلوع الفجر تحقق قبله او بعده ولا ندری بذلک وتاریخ الطلوع مجهول اما تاریخ البلوغ معلوم
الصورة الثالثة : عکس ذلک تاریخ الطلوع معلوم وتاریخ البلوغ مجهول ، اما الکلام فی الصورة الاولی فالمعروف بین الاصحاب ان کلا الاستصحابین فی نفسه یجری ولکنه یسقط من جهة المعارضة فاستصحاب عدم البلوغ یجری الی زمان الطلوع ویترتب علیه عدم وجوب الصوم وعدم وجوب القضاء واستصحاب عدم الطلوع الی زمان البلوغ به یترتب علیه وجوب الصوم ووجوب القضاء فیقع التعارض بین الاستصحابین احدهما ینفی عدم وجوب الصوم والاخر یثبت وجوب الصوم فیقع التعارض بینهما فیسقطان معا فالمرجع هو اصالة البراءة عن وجوب الصوم ووجوب القضاء ، وذهب صاحب الکفایة الی عدم جریان الاستصحاب وان المقتضی کاشف ودلیل الاستصحاب لا یشمل مثل هذه الموارد وعلل ذلک ان المعتبر فی جریان الاستصحاب باحراز زمان الیقین من زمان الشک ومع عدم الاحراز لا یجری الاستصحاب فان الدلیل غیر شامل لهذه المستفاد من ادلة الاستصحاب اتصال زمان الیقین بزمان الشک ومع عدم الاحراز فلا یکون مشمول له
ص: 20
اما ما ذکره المحقق الخرسانی فقد ذکرنا فی مبحث الاستصحاب ان الامر لیس کذلک اولا انه لا دلیل علی ان اتصال زمان الشک بزمان الیقین وان المعتبر هو الزمان المتیقن بالزمان المشکوک وثانیا مع الاغماض عن ذلک الفاصل بین ذلک الامور الوجدانیة واما الامر الواقع فلا یمکن ان یکون فاسد بینهما وفی المقام عدم احراز الاتصال من جهة احتمال ان الطلوع فی الساعة الاولی وزمان الشک فی الساعة الثالثة فاذا کان الطلوع فی الساعة الاولی فیفصل الیقین زمان الشک وجود البلوغ وحدوثه فی الواقع امر واقعی لا یمکن ان یکون فاسد بین امرین وجدانیین هما الیقین والشک فالفاصل بین الامرین الوجدانیین هو اوجدانی کالیقین علی تفصیل ذکرناه هناک ، واما ما ذکره المشهور من جریان کلا الاستصحابین فی المقام فلا یمکن المساعدة علیه فان کلا الاستصحابین لا یجری فی المقام والمقتضی فاسد لا من جهة ما ذکره صاحب الکفایة قدس سره انما من جهة اخری ویعنی ذلک انه لوحظ زمان کل منهما أی زمان طلوع الفجر وزمان البلوغ ان لوحظ واقع زمان کل منهما فزمان کل منهما مردد بین زمانین شخصیین لا یمکن الاشارة الیه الا بزمان البلوغ وبعنوان زمان البلوغ والطلوع فلا یمکن الی واقع زمان البلوغ المردد بین فردین شخصیین الا بعنوان زمان البلوغ وکذلک لا یمکن الاشارة الی واقع زمان الطلوع المردد بین زمانیین شخصیین لا یمکن الاشارة الذهنیة الیه بنبآء واحد زمان الطلوع وعلی هذا فان کان زمان الطلوع قیدا لعدم البلوغ استصحاب عدم البلوغ مقیدا بزمان الطلوع وکذلک زمان البلوغ قیدا للمستصحب أی عدم البلوغ الی زمان الطلوع المستصحب هو المقید أی عدم البلوغ المقید بزمان الطلوع وعدم الطلوع المقید بزمان البلوغ فاذا کان المستصحب المقید فلا دلالة سابقه فانا نشک بوجوده فلیس له حاله سابقه حتی تستصحب فمن اجل ذلک لا یجری الاستصحاب فان المعتبر فی الاستصحاب ان یکون الیقین بحدوث المستصحب والشک فی بقائه اما اذا لم تکن للشیء حالة سابقه فلا موضوع للاستصحاب فلیست لهذا المقید حالة سابقة لکی تستصحب اما استصحاب بقاء ذات المقید وههو عدم البلوغ او عدم الطلوع وان کانت لها حالة سابقه الا ان استصحاب بقائها لا یثبت التقید الا بالقول بالأصل المثبت فمن اجل ذلک هذا الاستصحاب لا یجری فی نفسه وان لوحظ واقع زمان کل منهما وان عنوان زمان البلوغ عنوان معرف مؤخوذ عنوان المعرفیة و المشیریة ولیس قید للمستصحب وانما اخذ قید العنوانیة والمشیریة الی ما هو واقع المستصحب وهو عدم الوقوع الی زان الطلوع والمستصحب هو عدم الوقوع الی واقع زمان الطلوع والمفروض ان زمان الطلوع مردد بین زمان یعلم بتحقق البلوغ فیه وزمان یعلم بعدم تحقق الطلوع فیه فاذا لیس هنا شک فی البقاء ویقین بعدم التحقق فأرکان الاستصحاب غیر تام فان المسألة داخله فی الاستصحاب فی الفرد المردد وهو لا یجری لعدم الشک فی البقاء والمعتبر فی جریان الاستصحاب ان یکون الشک متمحظ فی البقاء واما فی الفرد المردد فان الشک لا یکون متمحظ فی البقاء فان علی احد التقدیرین مقطوع البقاء وعلی التقدیر الاخر مقطوع ارتفاعه ، واما بالمقام زمان البلوغ مردد بین زمان یعلم بتحقق البلوغ فیه اذا کان الطلوع قبل البلوغ وزمان یعلم بعدم تحقق الطلوع فیه اذا کان زمان الطلوع متأخر عن زمان البلوغ وهکذا الحال بالنسبة الی البلوغ فان زمان الطلوع مردد بین زمان یتیقن بتحقق البلوغ فیه اذا کان البلوغ قبل الطلوع وبین زمان یعلم بعدم تحقق البلوغ فیه اذا کان تحقق البلوغ بعد الطلوع فزمان الواقع فی کل منهما مردد بین زمانین فلا یمکن الاشارة الیه فمن اجل ذلک لا یجری الاستصحاب لأنه من الاستصحاب فی الفرد المردد وهو لا یجری لان الشک لا یکون متمحظ بالبقاء
ص: 21
فاذا ارکان الاستصحاب غیر تامه فالنتیجة ان هذا الاستصحاب فی نفسه لا یجری أی کلا الاستصحابین فی نفسه غیر جاری واما اذا کان تاریخ احدهما معلوم کما اذا فرضنا ان تاریخ البلوغ معلوم ولکن تاریخ الطلوع مجهول فعندئذ لا مانع من استصحاب عدم الطلوع لا زمان البلوغ باعتبار ان زمان البلوغ معلوم لا یکون مردد ولا یکون هذا من الاستصحاب المردد ، واما استصحاب عدم البلوغ فهو لا یجری الی زمان الطلوع لانه مردد بین زمانین بنحو المحذور المتقدم فان زمان الطلوع کان قید فان المستصحب یکون قیدا فلیس له حالة سابقه لکی تستصحب وان کان معرفا ولیس قیدا فواقع الطلوع مردد بین زمانین لا یمکن الاشارة الیه وهو یدخل فی الاستصحاب فی الفرد المردد وهو لا یجری لعدم کون الشک متمحظ فی البقاء وهو معتبر فی جریان الاستصحاب فاذا الاستصحاب فی المجهول یجری واما الاستصحاب فی المعلوم لا یجری ، وکذا اذا کان تاریخ الطلوع معلوما وتاریخ البلوغ مجهولا فاستصحاب عدم البلوغ یجری الی زمان الطلوع لأنه معلوم واما استصحاب عدم الطلوع الی زمان البلوغ لا یجری لنفس المحذور المتقدم
الی هنا قد تبین ان الاستصحاب فی جمیع هذه الصور لا یجری الا فی مجعول التاریخ اذا کان تاریخ احدهما معلوم وهو فی نفسه لا مانع منه ولکن فی المقام هل یجری من جهة ان هذا الاستصحاب هل له اثر شرعی یجری فی هذه او لا یجری ..
الموضوع : کتاب الصوم الشک فی تاریخ البلوغ وطلوع الفجر
ذکرنا ان الاستصحاب فی مجموعی التاریخ لا یجری فی نفسه اذا کان مجهولی التاریخ فی مثل هذا المثال وما شاکله لکی لا تکون بیننهما مضادة فیمکن اجتماعهما فی زمن واحد فانه لا مضادة بین بلوغ المکلف وبین طلوع الفجر فاذا شککنا بطلوع الفجر قبل البلوغ او البلوغ قبل طلوع الفجر فزمان الشک زمان کل واحد منهما ونشک فی ان البلوغ تحقق فی زمان الطلوع او لا او الطلوع تحقق فی زمان البلوغ او لا فان کان زمان البلوغ قیدا لعدم البلوغ المقید بزمان الطلوع فهذا المقید لیست له حالة سابقه لکی تستصحب وکذا طلوع الفجر المقید بزمان البلوغ لیس له حالة مقید ، واما اذا کان زمان البلوغ فزمان الطلوع مأخوذ بنحو المعرفیة والمشیریة الی واقع زمانه وواقع زمانه مردد بین فردین احدهما مقطوع الاتباع علی تقدیر حدوثه والاخر مقطوع البقاء علی تقدیر حدوثه وهو مردد بین فردین فهذا من الاستصحاب بالفرد المردد فلا یجری لعدم کون الشک متمحض فی البقاء الذی هو من موارد جریان الاستصحاب ، هذا کله اذا لم تکن مضادة فی التاریخ واما اذا کان تاریخ احدهما معلوم فالاستصحاب فی مجهول التاریخ یجری الی زمان المعلوم ، واما الاستصحاب فی المعلوم لا یجری الی زمان المجهول بعینه ما ذکرناه من المحذور واما اذا کان بینهما مضادة فلا یمکن اجتماعهما فی زمن واحد کما اذا علم المکلف انه فی زمن کان محدث وفی زمن اخر کان متطهر ولکن لا یدری ان طهارته متقدمة علی حدثه او بالعکس فهنا ثلاثة ازمنه فیه فی الساعة الاولی یعلم بحدوث الحادثین وبالساعة الثانیة یعلم بحدوث الاخر والشک فی تقدم احدهما علی الاخر والساعة الثالثة ساعة الشک فی بقاء کل منهما فهذا التردد بین التقدیم والتأخیر سبب للشک فی کل منهما فی الساعة الثالثة فعندئذ اذا کان الاثر الشرعی مترتب علی هذا الاستصحاب فلا مانع من جریان کل منهما فی الساعة الثالثة لکن یسقطان من جهة المعارضة فلا بد حینئذ من الرجوع الی قاعدة الاشتغال واما بناءا علی مسلک صاحب الکفایة لا یجری کلا الاستصحابین لعدم احراز زمان الیقین من زمان الشک ومع عدم الاحراز لا یکون مشمول لدلیل الاستصحاب فالدلیل فی نفسه قاصر فعدم جریان الاستصحاب من جهة عدم المقتضی ومن ناحیة اخری مع الاغماض عن ما ذکرنا من عدم جریان کلا الاستصحابین فی مجهولی التاریخ اذا لم تکن بینهما مضادة وبنینا علی جریان الاستصحاب کالمشهور فهل یجری کلا الاستصحابین فی المقام
ص: 22
اما زمان عدم البلوغ الی الطلوع لا یجری فلا مانع من جریان هذا الاستصحاب ویترتب علیه عدم وجوب الصوم واذا فاته عدم وجوب القضاء فاذا استصحاب عدم البلوغ الی زمن الطلوع یجری ویترتب علیه الصوم وعدم وجوب القضاء اذا فات صوم هذا الیوم ، واما استصحاب عدم الطلوع الی زمان البلوغ هل یجری ام لا المشهور عدم الجریان ان موضوع وجوب الصوم هو طلوع الفجر بعد البلوغ فاذا طلع الفجر بعد البلوغ یترتب علیه وجوب الصوم واذا فاته فعلیه القضاء ذلک الیوم وعلی هذا بما ان المشهور لم یفرق فی حجیة الاستصحابین المثبت وغیر المثبت ویقول بحجیة الاستصحاب مطلقا ولهذا ذکروا ان استصحاب عدم طلوع الفجر الی زمان البلوغ یثبت لازمه وهو طلوع الفجر بعد البلوغ فیتحقق موضوع وجوب الصوم واذا فاته وجوب القضاء ولکن الصحیح ان الامر لیس کذلک فانه یکفی فی وجوب الصوم ان یکون المکلف بالغ فی زمن وان لم یطلع الفجر فی ذلک الزمن هذان الامر اذا تحقق کفا فی وجوب الصوم وکلا الامرین فی المقام متحقق فأما البلوغ امر وجدانی هو بالغ فی هذه الساعة سواء لم یطلع الفجر فی هذه الساعة یثبت بالاستصحاب فکلا الامرین متحقق کفا فی وجوب الصوم ان یکون المکلف بالغ فی زمن وان لم یطلع الفجر فیه وکلا الامرین ثابت بالوجدان والاخر بالتعهد وهذا یکفی فی جریان الاستصحاب فعندئذ یقع التعرض بین الاستصحابین فیسقطان فالمرجع حینئذ هو اصالة البراءة عن وجوب الصوم او وجوب القضاء
ثم بعد ذلک ذکر الماتن قدس سره : وکذا لا یجب علی المجنون ما فاته منه ایام جنونه بن غیر فرق بین ما کان من الله او من فعلهالعروة الوثقی ج3 ، اما عدم وجوب القضاء علی المجنون فهو واضح یمکن الاستدلال علی ذلک بوجوه :-
ص: 23
الوجه الاول : التسامح بین الاصحاب بل هو من ضروریات الفقه الامامی عدم وجوب قضاء صیام التی فات صیامها فی حال جنونه فلا شبهه فی عدم وجوب القضاء امر متسالم علیه بل هو من الضروریات الفقهیة
الوجه الثانی : ان العقل کالبلوغ کما ان البلوغ شرط للتکلیف کذلک العقل شرط للتکلیف فشرط وجوب الصوم فی مرحلة الجعل والاتساع الصوم بالملاک فی مرحلة المبادی ومع فقد العقل فلا حکم ولا ملاک للصوم فلا یصدق علیه عنوان الحکم حتی یجب علیه قضاءه لأنه فی حال الجنون لا وجوب للصوم ولا ملاک له کما هو الحال بالنسبة الی الصبی فانه اذا لا ملاک فلا وجوب علیه فلا فرق بینهما فی هذه الناحیة
الوجه الثالث : یمکن الاستدلال علی ذلک بتقسیم الآیة المبارکة فان الآیات قد قسمة المکلف الی اقسام المکلف الذی یجب علیه الصوم وهو المکلف الحاضر والمسافر المقیم والمسافر الذی یکون شغله السفر او المسافر الذی یکون سفره معصیه او سفره بالسیر اللهوی فوظیفة المکلف الصیام ، واما القسم الثانی فوظیفته القضاء کالمسافر الذی لا یکون معنون بأحد هذه العناوین والمریض الذی یکون علیه الصوم علیه حرجی فوظیفته القضاء ، ومن الواضح ان المجنون لا یدخل لا فی القسم الاول ولا فی القسم الثانی واما القسم الثالث هو الذی وظیفته الفداء وهو الشیخ والشیخة والمجنون لا یدخل فی شیء من هذه الاقسام فلا یجب علی المجنون لا القضاء ولا الاداء ولا الفداء هذا مضاف الی ان وجوب القضاء مناط بالأمر الادائی او بالأمر الجدید واما الامر الادائی فلا یتصور فی حق المجنون واما الامر القضائی بالجدید فموضوعه الفوت والمفروض انه لا یفوت من المجنون شیء حتی یجب علیه القضاء ولا فرق ان یکون جنونه قهری او باختیاره وای شیء اذا تحقق الجنون فلا تکلیف له ولا یجب علیه الاداء ولا القضاء
ص: 24
ثم ذکر الماتن قدس سره : وکذا لا یجب علی المغمی علیه سواء نوی الصوم فی قبل الاغماء او لاالعروة الوثقی ج3 ، وقد تقدم فی شرائط صحة الصوم ان المغمی علیه اذا نوی الصوم فی اللیل ثم عرض علیه الاغماء فی تمام النهار فصومه صحیح فان حال المغمی علیه کحال النائم لیس کحال المجنون غایة الاغماء قسم من النوم وهو النوم الشدید فلا فرق بینه وبن حال النائم
الموضوع : کتاب الصوم عدم وجوب الصوم علی المغمی علیه
وکذا لا یجب علی المغمی علیه سواء نوی الصوم قبل الإغماء أم لاالعروة الوثقی ج 3 ص 637 ، ان المغمی علیه اذا عرض علیه الصوم من اللیل ثم عرض علیه الاغماء فصومه صحیح ولا یجب علیه القضاء کما هو الحال فی یومه فاذا نوی الصوم من اللیل ثم نام وبقی علی النوم ولم یستیقظ الی غروب الشمس ودخول اللیل الاتی فصومه صحیح لان نیة الصوم واحدیة ولیست کالصلاة فان المکلف اذا نام فی اثناء صلاته فصلاته باطله ولیس الصوم کذلک فاذا نوی الصوم ونام تمام الیوم فصومه صحیح ولا یجب علیه القضاء فالاغماء کالنوم من هذه الناحیة فان الاغماء لا یوجب زوال العقل غایة الامر تتوقف حواسه وعن الحرکة واما قلبه ودماغه یشتغل فالاغماء لا یوجب زوال العقل بخلاف الجنون فالجنون موجب لزوال العقل فلا یقاس الاغماء بالجنون وفرق بینهما فالاغماء کالنوم من هذه الناحیة
وعلی هذا فلو قلنا بکفایة نیة واحد لتمام الشهر فاذا دخل شهر رمضان ونوی صوم شهر کامل من الاول الی الاخیر کفی ذلک ولا یجب علیه النیة کل یوم فان هذه النیة ثابته فی ارتکاز نفسه وهی کافیة وعلی هذا لا فرق بین عروض الاغماء قبل النیة او بعد النیة فان النیة من اللیل تأکید والا فلا حاجة الیها وعلی هذا اذا عرض علیه الاغماء فصومه صحیح وکذلک الحال فی النوم فصومه صحیح ولا یجب علیه القضاء هذا کله بحسب مقتضی القاعدة واما بحسب الروایات فهنا طوائف من الروایات :-
ص: 25
الطائفة الاولی : تدل علی عدم وجوب قضاء الصوم والصلاة معا لا یجب علی المغمی علیه لا قضاء الصوم ولا قضاء الصلاة
الطائفة الثانیة : تدل علی عدم وجوب القضاء لکن علل ذلک بما اذا کان الاغماء من قبل الله تعالی کلما فرض علیه فالله اولی بذلک قید بذلک القید
الطائفة الثالثة : تدل علی وجوب القضاء علی المغمی علیه ، والروایات هی منها صحیحة ابن نوح قال کتبت الی ابی الحسن الثالث علیه السلام اسأله عن المغمی علیه یوما او اکثر هل یقضی ما فاته فکتب علیه السلام (لا یقضی الصوم ولا یقضی الصلاة)وسائل الشیعة ج10 ص 226 فان هذه الصحیحة مطلقة تدل بإطلاقها علی عدم القضاء بلا فرق بان یکون الاغماء من قبل الله تعالی او باختیاره فبمقتضی اطلاقه عدم وجوب القضاء مطلقا ، ومنه صحیحة علی ابن محمد القاسانی قال کتبت الیه علیه السلام اسأله عن المغمی علیه یوم او اکثر هل یقضی ما فاته فکتب علیه السلام (لا یقضی الصوم)وسائل الشیعة ج10 ص 226 کتب علی الصوم فقط دون الصلاة هاتان الصحیحتان مطلقتان دلان علی عدم القضاء مطلقا سواء کان الاغماء من قبل الله تعالی او من قبل نفسه باختیاره فلا فرق ، الطائفة الثالثة صحیحة عبد لله ابن سنان عن ابی عبد لله علیه السلام قال (کلما غلب الله علیک فلیس علی صاحبه شیء)وسائل الشیعة ج 10 ص 226 هذه صحیحه مطلقه یشمل الصوم ایضا وهی بإطلاقها تدل علی ان الاغماء اذا کان من قبل الله تعالی فلا شیء علیه ولا یجب علیه القضاء ، واصرح من ذلک صحیحة علی ابن مهزیار انه سئل ابا الحسن علیه السلام عن هذه المسالة فقال (لا یقضی الصوم ولا الصلاة وکلما غلب الله علیه فالله اولی بالعذر)وسائل الشیعة ج 10 ص 227 فان هذه الصحیحة واضحة الدلالة فقد ارد بخصوص الاغماء وتدل علی ان الاغماء اذا کان من قبل لله تعالی فلا یجب علیه قضاء الصوم ولا الصلاة ، فهل یمکن تقید الطائفة الاولی بهذه الصحیحة او لا یمکن هذه الصحیحة لا تدل علی النقل بالمضمون ولا مضمون لها وایضا هذه الصحیحة لا تدل علی ان الاغماء اذا کان من قبل لله تعالی فهو عله منحصرة لا تدل علی ذلک ولیس لها مفهوم وکذلک لا تدل علی الحصر اذا لان علة القضاء منحصر بما اذا کان الاغماء من قبل الله تعالی فلا تدل علی الحصر اذا فلا موجب للتقید هذا مضافا الی انهما یسقطان وسوف نبین ان الدلیل المقید والمطلق اذا کانا مثبتین وکان الحکم المجعول ایضا انحلالی فلا وجه لحمل المطلق علی المقید ولهذا لا موجب لحمل المطلق علی المقید فاذا هذه الصحیحة لا مفهوم لها لکی یعارض اطلاق الروائیة فی الطائفة الاولی ولا تدل علی الحصر ولا مانع بأطلاق الروایة الاولی وان الطائفة الثانی ساقطه ولا تدل علی الحصر ولا مفهوم لها
ص: 26
واما الطائفة الثالثة منها صحیحة منصور ابن حازم عن ابی عبد لله علیه السلام انه سأله عن المغمی علیه شهرا او اربعین لیله فقال (ان شئت اخبرتک بما امر به نفسی وولدی ان تقضی کل ما فاتک) (1) وسائل الشیعة ج 10 ص227 من الصوم والصلاة فقد جاء فی تقریر السید الاستاذ ان هذا منصرف عن الصوم والامر لیس کذلک ان کل ما فاتک من الصوم والصلاة لا یجب قضائه فکل ما فات یشمل الصوم والصلاة معا فان هذه الصحیحة تدل علی وجوب القضاء ، ومنها روایة الحفص فان روایة الحفص ضعیفة من جهة السند فکیف ما کان ان هذه الصحیحة تدل علی وجوب القضاء واذا انتفی المعارضة بین هذه الطائفة والطائفة الاولی فان الطائفة الاولی تدل علی نفی القضاء وان هذه الطائفة تدل علی وجوب القضاء بالظهور فلا بد من تقدیم الطائفة الاولی علی هذه الطائفة من باب تقدیم الاظهر علی الظاهر الذی هو احد مراتب الجمع اذا لا مانع من تقدیم الطائفة الاولی علی هذه الطائفة ومه الاغماض عن ذلک فلا یمکن تقید الطائفة الاولی بهذه الطائفة لما ذکرناه من ان حمل المطلق علی المقید منوط بشرطین :-
الشرط الاول : ان یکون تقابل الاطلاق والتقید من تقابل الایجاب والسلب کما اذا قال المولی اکرم الشعراء ثم قال لا تکرم الفساق منهم فالتقابل بینهما من تقابل الایجاب والسلب وفی مثل ذلک یحمل المطلق علی المقید
الشرط الثانی : فیما اذا کان المطلق والمقید کلاهما مثبت لکن حمل المطلق علی المقید مشروط ان یکون الحکم واحد اما ثابت للمطلق او للمقید ولا ثالث فی البین ما اذا دل الدلیل علی وجوب الصلاة مستقبل القبلة فان المجعول لطبیعی الصلاة مطلقا او لحصة خاصه منها وهی الحصة المقیدة باستقبال القبلة وفی مثل ذلک لابد من حمل المطلق علی المقید واما اذا کلاهما مثبتین کما اذا قال المولی اکرم العلماء ثم قال اکرم العلماء العدول فلا یحمل المطلق علی المقید لان المقید لا یصلح ان یکون قرینه لتقید المطلق ولحمل المطلق علی المقید ولا مانع من الالتزام بالمطلق والمقید معا لعدم التنافی بینهما هذا الامر یحمل علی هذه الافراد وما نحن فیه کذلک بین الطائفة الثالثة والطائفة الاولی کلاهما مثبتین والحکم فی کلتیهما انحلالی وکذا بین الطائفة الثانیة والطائفة الاولی کلتاهما مثبت والحکم فیهما انحلالی فلا وجه لحمل المطلق علی المقید
ص: 27
فالنتیجة : انه لابد من الالتزام بعدم وجوب القضاء علی المغمی علیه والاشتباه بین الطائفة الاولی والطائفة الثانیة فاجمع بین الطائفة الاولی والثانیة کلاهما لیس مسقطین والتقابل بینهما من تقابل الایجاب والسلب ولکن لابد من حمل الطائفة الاولی علی الثانیة من باب حمل الظاهر علی الاثر او حمل الظاهر علی النفس فلا تعارض بینهما فالنتیجة عدم وجوب الصوم او الصلاة علی المغمی علیه
الموضوع : کتاب الصوم هل یجب القضاء علی من اسلم عن کفر
ذکر الماتن قدس سره :وکذا لا یجب علی من أسلم عن کفر إلا إذا أسلم قبل الفجر ولم یصم ذلک الیوم فإنه یجب علیه قضاؤه ولو أسلم فی أثناء نهار شهر رمضان لم یجب علیه صومهالعروة الوثقی ج3 ص 637
یقع الکلام هنا فی جهات :-
الجهة الاولی : هل الکافر مکلف بالفروع او انه لیس مکلف بالفروع ، المعروف والمشهور بین الاصحاب انه مکلف بالفروع وان الکافر بما انه مکلف بالأصول کذلک مکلف بالفروع وهو ظاهر الآیات الکریمة وخالف فی ذلک السید الاستاذ قدس سره وبنی علی ان الکافر لیس مکلف بالفروع وانما هو مکلف بالأصول وقد استند فی ذلک الی روایة وناقشنا فی هذه الروایة وانا غیر دالة دلالتها وکیف ما کان فلیس هنا محل الکلام فی البحث من هذه الناحیة فبناء علی ان الکافر مکلف بالفروع وهو المشهور فعندئذ یجب علیه القضاء سواء اسلم قبل الفجر ام بعد الفجر او فی اثناء النهار فیجب علیه القضاء وعدم وجوب القضاء بحاجة الی دلیل ویمکن یدل علی عدم الوجب امرین :-
ص: 28
اولا : السیرة القطعیة الجاریة بین المسلمین فانه لم یرد فی شیء من الروایات ولا نقل فی التاریخ ان من اسلم یکلف بقضاء ما فات من الصلاة والصیام وهذه السیرة القطعیة جاریة من زمن النبی الاکرم صلی الله علیه واله وسلم الی زمان الائمة علیهم السلام الی ما بعده
الثانی : الروایات التی تنص علی عدم وجوب القضاء منها صحیحة عیص ابن القاسم قال سالت ابا عبد لله علیه السلام عن قوم اسلموا فی شهر رمضان وقد مضی منه ایام هل علیهم ان یصوموا ما مضی منه او یومهم الذی اسلموا فیه فقال علیه السلام (لیس علیهم قضاء ولا یومهم الذی اسلموا فیه الا ان یکون اسلموا قبل طلوع الفجر)وسائل الشیعة ج 10 ص 327 فان هذه الصحیحة واضحه علی عدم وجوب الصوم الا اذا اسلموا قبل الفجر فیجب صیام ذلک الیوم ، ومنها صحیحة الحلبی عن ابی عبد لله علیه السلام انه سال عن رجل اسلم فی النصف من شهر رمضان ما علیه من صیامه قال (لیس علیه الا ما اسلم فیه)وسائل الشیعة ج 10 ص 328 فان هذه الصحیحة ایضا تدل علی عدم وجوب القضاء ما فات علیه ، ومنها موثقة مسعدة ابن صدقه عن ابی عبد لله علیه السلام عن ابائه علیهم السلام ان علی علیه السلام کان یقول فی رجل اسلم فی النصف من شهر رمضان ( انه لیس علیه الا ما یستقبل)وسائل الشیعة ج 10 ص 328 فان هذه الموثقة ایضا واضحة الدلالة علی عدم وجوب القضاء
اذا هذه الروایات المعتبرة تدل علی عدم وجوب القضاء علی من اسلم وانما الکلام هل یمکن تکلیف الکافر بوجوب القضاء اما تکلیفه بالفروع لا مانع منه لأنه قادر علی ذلک من جهة حجتهم علی الایمان بالله تعالی ورسالة الرسول الاکرم صلی الله علیه واله وسلم فعندئذ قادر علی الاتیان بالواجب واما تکلیفه بالقضاء فقد یقال کما قیل انه لا یمکن لأنه تکلیف بغیر المقدور فانه طال مالم یسلم لا یکون قادر علی القضاء فان الایمان شرط لصحة العبادة طال ما یکون کافر فلا یقدر علی القضاء واذا اسلم سقط عنه فاذا هو لا یقدر علی القضاء لا فی حال کفره ولا فی حال اسلامه هذا الذی افاده بعض الاصحاب متین جدا غایة الامر یمکن ان یعاقب علی ترک العقاب فان فوت الصوم کان مستند الی اختیاره فانه قادر علی الایمان بالله وحده لا شریک له وبالإقرار بنبوة الرسول الاکرم صلی الله علیه واله وسلم حتی یتمکن بالإتیان بالصوم وباختیاره لم یؤمن بالله ولا برسالة الرسول فترک الصوم وترک القضاء فترک القضاء وترک الصوم مستند الی اختیاره وامتناع الاختیار لا ینافی الاختیار فلا مانع من استحقاق العقوبة علی ترک القضاء فانه فی نهایة المطاف مستند الی اختیاره لترک الایمان اما تکلیفه فعلا بالقضاء فهو لغو ولا یمکن صدوره من المولی لأنه غیر قابل للامتثال لا فی حال کفره وفی حال اسلامه سقط عنه الامر بالقضاء
ص: 29
الجهة الثانیة : ان الکفار اذا کانوا مکلفین بالفروع فعندئذ یجب علیهم قضاء الصیام فاذا اسلم فی اثناء النهار قبل الظهر فهل یجب علیه ان ینوی الصیام او لا یجب علیه ، الظاهر عدم الوجوب لان الدلیل مورده المسافر اذا دخل فی بلده ولم یفطر فی الطریق قبل الزوال فعلیه ان یمضی الصیام وهو یجزی عن ذلک الیوم ولا یمکن التعدی عن مورده الی سائر الموارد فاذا لا دلیل علی ذلک ولکن هل یجب علیه الامساک عن الاکل والشرب تشبیها بالصائم ولا فرق بین هذه الناحیة بین من اسلم قبل الزوال او بعد الزوال او قبل الفجر او بعد الفجر لأنه مکلف بالصیام فان من کان مکلف بالصیام وافطر بالنهار فعلیه الامساک تشبیها بالصائم ولا یجوز علیه الاکل والشرب والمفروض ان الکافر مکلف بالصیام فاذا کان مکلف بالصیام وافطر صومه فی نهار شهر رمضان فیجب علیه الامساک تشبیها بالصائم فان مورد هذه الروایات التی تدل علی وجوب الامساک من الاکل والشرب تشبیها بالصائمین مورده من کان مکلف بالصوم واما من لم یکن مکلف بالصوم فیجوز له الاکل والشر ولا یجب علیه الامساک
فالکافر من هذه الناحیة یجب علیه الامساک فاذا بطل صومه من جهة عدم النیة او افطار باختیاره فیجب علیه الامساک فاذا اسلم فی اثناء النهار وجب علیه الامساک تشبیه بالصائمین
الجهة الثالثة : قد یشتبه ان الکافر اسلم قبل الفجر او بعد الفجر فاذا اسلم قبل الفجر وجب علیه صوم ذلک الیوم وان اسلم بعد الفجر لا یجب علیه صوم ذلک الیوم فتارة یکون کل من المسالة مجهولة التاریخ ونشک علی تقدم احدهما علی الاخر الاسلام متقدم علی طلوع الفجر او طلوع الفجر متقدم علی اسلامه واخری یکون تاریخ احدهما معلوم دون الاخر فالکلام فیه بعین ما تقدم فی البلوغ فقد ذکرنا ان الاستصحاب لا یجری فی مجهولی التاریخ فالمرجع حینئذ هو اصالة البراءة عن وجوب الصوم واما اذا کان تاریخ احدهما معلوم دون الاخر فالاستصحاب فی معلوم التاریخ لا یجری بعین ما ذکرناه فی مجهولی التاریخ واما الاستصحاب فی المجهول یجری الی زمان المعلوم وقد تقدم الکلام فی ذلک موسعا
ص: 30
الموضوع : کتاب الصوم امور لابد من ذکرها
الی هنا قد تبین علی المشهور من کون الکفار مکلفین بالفروع ومقتضی القاعدة وجوب قضاء الصیام علیهم ولکن السیرة القطعیة جاریة فی زمن النبی الاکرم صلی الله علیه واله وسلم وکذا فی زمن الائمة الاطهار علیهم السلام علی عدم وجوب القضاء اذ لم یرد فی شیء من الروایات ان النبی الاکرم صلی الله علیه واله وسلم یأمر من دخل بالإسلام بقضاء ما فات من الصلاة والصیام وکذا الحال فی زمن الائمة علیهم السلام وهذا یکشف ان القضاء علیهم وهذه منت من الاسلام واما استدلال بروایة ان الاسلام یحجب ما قبله فهذا الروایة لم تثبت عندنا وانما نقلة بطریق اخر غیر طریقنا
فاذا هذه الروایة غیر مطابقة للسیرة والعمدة هی السیرة مضافا الی ذلک ان الروایات تدل علی عدم وجوب القضاء ، بقی هنا امور :-
الامر الاول : ان هذه الروایات معارضة بصحیحة الحلبی فأنها تدل علی وجوب القضاء قال سألت ابا عبد لله علیه السلام عن رجل اسلم بعدما دخل شهر رمضان ایام فقال علیه السلام (لیقضی ما فاته)وسائل الشیعة ج 10 ص 329 فان هذه الصحیحة واضحة الدلالة علی وجوب ما فات من الصیام ولکن هذه الصحیحة لابد من رفع الید من ظهورها فی الوجوب فأنها معارضة مع السیرة القطعیة الجاریة علی عدم الوجوب لابد من حملها علی استحباب القضاء هذا مضاف الی ان الحمل معارض للقاعدة فان الروایات المتقدمة ناصه علی عدم الوجوب وتدل بالصراحة علی عدم وجوب القضاء وهذه الصحیحة ظاهرة بوجوب القضاء فالمعارضة بین الاظهر والظاهر وهذه المعارضة غیر مستقرة ولا تصغی الی دلیل الحجیة فلابد من الجمع الدلالی بینهما من حمل الظاهر علی الاظهر او علی النص فإذا صحیحة الحلبی محمولة علی الاستحباب فان القضاء امر مستحب و لا بئس به
ص: 31
الامر الثانی : اذا کان الاسلام اسلامه معلوم وکذا طلوع الفجر معلوما فعندئذ فان کان اسلامه قبل طلوع الفجر وجب علیه صیام ذلک الیوم وان کان بعده لم یجب علیه صیام ذلک الیوم واما اذا کانا مجهولین فالمعروف والمشهور جریان کلا الاستصحابین استصحاب عدم الاسلام الی زمان الفجر واستصحاب عدم تحقق الفجر الی زمان الاسلام لکنهما یسقطان من جهة المعارضة ایضا والتعارض بینهما مبنی علی ان یکون لکل منهما اثر شرعی واما اذا کان الاثر الشرعی مترتب علی احدهما دون الاخر فلا تعارض بینهما اما استصحاب عدم الاسلام الی زمن طلوع الفجر یترتب علیه عدم وجوب الصوم واما استصحاب عدم طلوع الفجر الی زمان الاسلام فالمعروف ان الموضوع وجوب الصوم ان یکون طلوع الفجر بعد الاسلام وعنوان البعدیة معتبر فی موضوع وجوب الصوم ولکن المشهور بما انهم لم یفرقوا بین الاصل المثبت وغیر المثبت وحکموا بحجیة استصحاب المثبت کاستصحاب عدم المثبت لذا ذکروا ان استصحاب عدم طلوع الفجر الی زمان الاسلام یثبت ان طلوع الفجر بعد الاسلام ویترتب علیه وجوب الصوم فاذا یقع التعارض بینهما ، واما بناءا علی ما هو الصحیح من ان الاستصحاب المثبت لا یکون حجة فانه من اوضح انحاء الاصل المثبت استصحاب عدم طلوع الفجر الی زمن الاسلام لا یثبت طلوع الفجر بعد الاسلام الا علی القول بالأصل المثبت فلا تعارض فی البین الا ان یقال ان الموضوع مرکب وعنوان البعدیة غیر مأخوذ فی موضوع وجوب الصوم ویکفی فی وجوب الصوم کون الاسلام فی زمان ولم یطلع الفجر فی ذلک الزمن والمفروض ان کلیهما ثابت والاول ثابت بالوجدان وعدم الطلوع ثابت بالتعبد فیکفی ذلک فی تحقق موضوع المرکب احد جزئیه ثابت بالوجدان والاخر ثابت بالتعبد فاذا یتحقق من وجوب الصوم ویکفی بوجوب الصوم باستصحاب عدم طلوع الفجر الی زمان الاسلام فیقع التعارض بینهما هذا بناءا علی المشهور واما بناءا علی ما ذکرناه کما تقدم ان الاستصحاب فی نفسه لا یجری لا استصحاب الکلی ولا استصحاب الجزئی شیء منهما لا یجری فی المقام
ص: 32
الامر الثالث : اذا اسلم فی اثناء النهار فان کان قبل الزوال فهل یجب علیه تجدید النیة والصوم او لا یجب ذهب الشیخ علی وجوب الصوم بتجدید النیة اذا اسلم قبل الزوال وما ذکره الشیخ علیه الرحمة لا دلیل علیه فان مورد الروایات الواردة فی هذه المسالة هو المسافر ان المسافر اذا دخل بلده قبل الزوال ولم یفطر فی الطریق فعلیه تجدید نیة الصوم ویکفی صوم الناقص عن الصوم التام بحکم الشارع صوم نصف الیوم عن تمام الیوم ولا یمکن التعدی من هذه الروایات الی سائر الموارد لان الحکم یکون علی خلاف القاعدة ولابد من الالتزام بموارده والتعدی بحاجة الی قرینة ولا قرینة علی التعدی بالمقام فاذا ما ذکره الشیخ الطوسی لا دلیل علیه ولم ترد هناک روایة تدل علی ذلک فلا دلیل علی وجوب تجدید النیة ولا یجب علیه صوم ذلک الیوم هذا مضافا علی ان صحیحة عیص ابن القاسم ناصه علی عدم وجوب القضاء وان کان اسلامه قبل الزوال فالدلیل علی عدم وجوب النیة موجود
اما وجوب الامساک تشبیها بالصائمین : وتأدبا فهو واجب فن الروایات التی تدل علی ذلک تشمل الکافر ایضا لان الکافر ایضا مکلف بالفروع وکل من کان مکلف بالصوم اذا بطل صومه اثناء النهار بسبب من الاسباب یجب علیه الامساک تأدبا وتشبیها بالصائمین سواء کان البطلان قبل الزوال او بعد الزوال
ثم بعد ذلک ذکر الماتن قدس الله نفسه : یجب علی المرتد قضاء ما فاته ایام ردته سواء کان عن ملة او عن فطرةالعروة الوثقی ج3 ص 637 ، هذا هو المشهور بین الاصحاب وجوب قضاء ما فات من الصلاة والصیام علی المرتد ایام ارتداده وقد استدل علی ذلک بعموم من فاتته فریضة فیقضیها ولکن هذه الروایة مرسلة لا سند لها فلا یمکن الاعتماد علیها نعم ورد فی باب الصلاة یقضی ما فاته کما فات ولکنه مختص بالصلاة ولا یمکن التعدی عن هذا الباب الی باب الصوم فلیست فی المسألة دلیل عام یدل علی وجوب قضاء الصوم علی المرتد سواء کان فطری او کان ملی ومن هنا ذکر السید الاستاذ قدس سره علی ما فی تقریر بحثه ان الصحیح هو التمسک بإطلاقات ادلة التکلیف فان المرتد کسائر المسلمین مکلفون بالفروع سواء کان فطریا او کان ملی فاذا کان حکمه حکم المسلم اذا فاتته الصلاة یجب علیه القضاء واذا فاته الصوم یجب علیه القضاء فکذا الحال فی المرتد هکذا ذکره السید الاستاذ قدس سره علی ما فی تقریر بحثه ، فیقع الکلام اولا هل المرتد حکمه حکم الکافر او حکمه حکم المسلم سواء کان فطری او کان ملی اولا نتکلم بذلک ثم نتکلم عن حکمه هل یجب علیه قضاء ما فاته او لا یجب .......
ص: 33
الموضوع : کتاب الصوم وجوب القضاء علی المرتد
کان کلامنا بوجوب القضاء علی المرتد بعد ارتداده ذکر السید الاستاذ قدس سره انه لا یمکن الاستدلال بوجوب القضاء بما ورد فی روایة (من فاتته الفریضة فلیقضها)عوالی اللئالی ج2 ص 54 فان هذه الروایة مرسلة فلا تکون حجة فلا یمکن الاستدلال بها وذکر قدس سره فی هذه المسالة امور :-
الامر الاول : انه لا یمکن الاستدلال بما ورد فی باب الصلاة یقضی ما فاته کما فات لا یمکن الاستدلال به لکن بدون التعرض لوجه ذلک انه لا یمکن الاستدلال به
الامر الثانی : ذکر قدس سره ان عمدة الدلیل علی وجوب القضاء علی المرتد سواء کان ملی او فطری اطلاقات ادلة التکلیف فان حال المرتد حال سائر المسلمین فکما ان سائر المسلمین مکلفون بهذه التکالیف اداءا واذا فاتت فقضاء فکذلک المرتد فانه مکلف بهذه التکالیف اداء واما مع فوتها منه فیؤدها قضاء وعمدة المستند علی وجوب قضاء ما فات علی المرتد فعمدتها اطلاقات ادلت التکالیف
الامر الثالث : ذکر قدس سره ان النزاع المعروف بین الفقهاء فی ان الکفار مکلفون بالفروع او لا فهذا النزاع غیر جاری فی المرتد اذ لا موجب ولا وجه لسقوط التکالیف علی المرتد بل ولا قائل بالسقوط فالمرتد لا یجری علیه احکام الکافر
الامر الرابع : ان المرتد الفطری اذا تاب قبل توبته واقعا ولکن الاحکام الثابتة للمرتد لا تسقط عنه منها قتله فان بالتوبة لا یسقط وجوب قتله فورا وکذلک لا یسقط حصول البینونة بینه وبین زوجته وایضا لا یسقط تقسیم امواله بین ورثته هذه الاحکام لا تسقط بالتوبة وان قبلت توبته وصار مسلما لکن هذه الاحکام لا تسقط عنه ، هکذا ذکر السید الاستاذ فی هذه المسألة
ص: 34
اما الامر الاول فان قوله علیه السلام (یقضی ما فاته کما فاته)عوالی اللئالی ج2 ص54 فان ما الموصول مطلق بهذه الصحیحة وغیر مقید بالصلاة غایة الامر ان الامام علیه السلام کان یطبق هذه الجملة علی الصلاة والصلاة من احد موارد هذه الجملة لا انها مختصة بالصلاة لیس بالجملة شیء یدل علی الاختصاص والامام کان یطبق هذه الجملة علی الصلاة فاذا قضاء الصلاة من احد موارد هذه الجملة ولا مانع من تطبیق هذه الجملة علی الصوم ایضا یقضی ما فات کما فات کما ینطبق علی الصلاة ینطبق علی الصوم ایضا فلا مانع من تطبقه علی الصوم ایضا فیمکن الاستدلال بهذه الروایة علی وجوب قضاء الصوم علی المرتد بعد دخوله بالإسلام
واما الکلام ان المرتد فی ارتداده داخل بأحد اقسام الکفر فانه ان کان مؤمن برسالة عیسی علیه الاسلام فهو نصرانی ولا شبهه بکل من امن برسالة عیسی علیه السلام فهو نصرانی وان کان مؤمن برسالة موسی علیه السلام فهو یهودی وهذا مما لا شبهه فیه وان لم یؤمن بشیء فهو ملحد وان امن بالأصنام فهو مشرک فهو لا یخلو عن احد هذه الاقسام ، وعلی هذا فهو اذا کان کافرا فیمکن الاستدلال علی عدم وجوب القضاء بالسیرة وان ناقشنا بالسیرة فأنها لا تشمل المرتد او عدم احراز شمول السیرة للمرتد فیکف فیکفی اطلاقات الروایات فان الروایات مطلقه فتدل علی من اسلم فلا یجب علیه القضاء ویصدق هذا العنوان علی المرتد ایضا وانه بعد ما صار یهودیا او نصرانیا اذا دخل بالإسلام وامن برسالة الرسول الاکرم صلی الله علیه واله وسلم فهو مشمول بأطلاق هذه الروایات ولکن ان السید الاستاذ قدس سره ظاهره ان المرتد لا یدخل فی اقسام الکافر ولا یجری علی احکام الکفر وعلی هذا ما ذکره السید الاستاذ قدس سره بناء علی مسلکه تام فان حکم المرتد حکم المسلم کما ان هذه الاحکام اذا فاتت علی المسلم وجب علیه القضاء کذلک اذا فاتت علی المرتد ایام کفره وجب علیه قضائها فلا فرق من هذه الناحیة ولا فرق فی البطلان من جهة الافطار او من جهة عدم النیة فلا فرق من هذه الناحیة فالعبرة هی بطلان الصوم فاذا بطل وجب قضائه واما ما ذکره فی الامر الرابع من ان توبته تقبل فهذا الظاهر لا شبهه فیه فان معنی التوبة الرجوع الی الله تعالی والایمان برسالة الرسول الاکرم صلی الله علیه واله وسلم فاذا امن فهو مشمول لکل ما دل علی الاسلام فان حقیقة الاسلام متمثلة بکلمتین التوحید الایمان بالله وحده لا شریک له والایمان برسالة الرسول الاکرم فمن امن بهما فهو مسلم محقون الدم والعرض والمال والمفروض ان هذا المرتد بعد توبته ورجوعه امن برسالة الرسول فهو مسلم هذا معنی قبول توبته فلا شبهه فی ان توبته تقبل لکن ما ذکره قدس سره من انها لا تقبل بالنسبة الی الاحکام الثابتة علیه قتله او البینونة بینه وبین زوجته او تقسیم امواله بین ورثته ففی هذا محل الکلام فان احتمال هذه الاحکام تدور حال ارتداده طال ما یکون مرتد فهذه الاحکام ثابته له کوجوب قتله والبینونة بینه وبین زوجته وتقسیم امواله بین ورثته واما اذا رجع وامن برسالة الرسول الاکرم صلی الله علیه واله وسلم ومسلم حقیقة ولیس بکافر ولیس بمرتد فعندئذ لا دلیل علی بقاء هذه الاحکام ولکن المعروف والمشهور بین الاصحاب انه لا تقبل توبته ولکن ذلک لا یرجع الی معنی المحصل فان معنی التوبة هو الرجوع والایمان برسالة الرسول بعد الایمان بالله لا شریک له فلا شبهه انه مسلم ولذا حمل السید الاستاذ قدس سره عدم قبول توبته بالنسبة الی هذه الاحکام لا تقبل توبته یعنی ان التوبة لا توجب سقوط هذه الاحکام عنه وما ذکره السید الاستاذ قابل للمناقشة
ص: 35
ثم ذکر الماتن قدس سره : یجب قضاء ما فاته من الصیام لسکرا بلا فرق بین ان یکون للتداوی او علی وجه الحرامالعروة الوثقی ج3 ص638 ، هل السکران کالمجنون او انه کالمغمی علیه وکالنائم ، فان قلنا السکران کالمغمی علیه او کالنائم فاذا عرض علیه السکر بعد نیة الصوم فصومه صحیح کما هو الحال فی المغمی علیه وفی النائم واما اذا عرض علیه السکر قبل النیة فصومه باطل هذا فیما اذا قلنا ان النیة الواحدة لشهر رمضان لا تکفی او انها تکفی ولکنه لم ینوی صوم تمام شهر رمضان من اول لیلته واما اذا نوی صوم تمام شهر رمضان من اول لیلته وهذه النیة بما انها ثابته ارتکازا فی اعماق نفسه فهی کافیة ولا یحتاج الی تجدیدها فی کل لیلة وعندئذ سواء نوی الصوم قبل عروض السکر علیه او لم ینوی فصومه صحیح اذا کان حاله حال المغمی علیه او کالنائم واما اذا قلنا بان السکران کالمجنون وهو غیر بعید فان السکر موجب لزوال العقل بینما المغمی علیه لیس کذلک فان المغمی علیه تتوقف حواسه اما قلبه فیشتغل وکذلک مخه یشتغل لکن توقفت حرکات احساساته اما السکران فلیس له عقل ولا یدرک شیء وعلی هذا اذا کان حاله حال المجنون فصومه باطل فهل یجب علیه القضاء ام لا تقدم الکلام فیه
الموضوع : کتاب الصوم من استمر به النوم الی بعد الفجر ولم ینوی
الی هنا قد تبین ان المرتد حکمه حکم الکافر فهو کافرا موضوعا اما انه نصرانیا او یهودی او ملحد او مشرک ولا خامس لها اما انه لیس بمسلم جزما اذا کان ارتداده ملی اما اذا کان فطریا فهو مسلم حقیقة غایة الامر انه متجاهر بالفسق ولیس مرتد بالمعنی الواقعی فحکمه حکم الکافر فان قلنا ان الکافر مکلف بالفروع فهو ایضا مکلف لها وان قلنا ان الکافر لیس مکلف بالفروع فهو ایضا لا یکون مکلف بها فلا فرق بینمها من الناحیة ولیس حکمه حکم المسلم فانه موضوعا لیس بمسلم وهو موضوعا کافر فعندئذ اذا کان مکلف بالفروع فوجوب القضاء علیه علی القاعدة لکنه مع ذلک لا یجب علیه بالسیرة القطعیة والروایات ولو ناقشنا شمول السیرة للمرتد لا شبهه ان اطلاق الروایات تشمل المرتد اذن وعلی هذا المرتد اذا رجع الی الاسلام وامن برسالة الرسول الکرم صلی الله علیه واله وسلم وامن بها من جدید ویکون مشمول للروایات التی تدل علی عدم وجوب القضاء علیه وسقوط وجوب القضاء عنه
ص: 36
ثم ذکر الماتن قدس سره : یجب القضاء علی من فاته لسکر من غیر فرق بین ما کان للتداوی أو علی وجه الحرام العروة الوثقی ج3 ص 638، اللحق السکران بالنائم والمغمی علیه وحاله حال المغمی علیه وحال النائم وعلی هذا فاذا نوی الصوم قبل عروض السکر علیه ثم عرض علیه السکر فصومه صحیح کما هو الحال فی المغمی علیه والنائم لکن الظاهر ان السکران ملحق بالمجنون لأنه لا شعور له وذهب عقله فلا یمیز بین الحسن والقبح فلا عقل له وهو مجنون حکمه حکم المجنون فلا یجب علیه القضاء فإذا حکم السکران حکم المجنون ولیس حکم المغمی علیه وحکم النائم
ثم ذکر الماتن قدس سره : یجب علی الحائض والنفساء قضاء ما فاتهما حال الحیض والنفاس وأما المستحاضة فیجب علیها الأداء وإذا فات منها فالقضاء العروة الوثقی ج3 ص 638، تقدم هذه المسالة فی محلها وذکرنا هناک ان الروایات الخاصة تدل علی وجوب قضاء الصوم علی الحائض والنفساء هذا مضافا الی امکان الاستدلال بإطلاقات ادلة التکلیف فان مطلق اطلاقات تلک الادلة وجوب القضاء علیهما فان ادلة الصلاة مقتضاه وجوب الاداء ولدا فوتها وجوب القضاء وکذا الحال فی الصوم وکیف ما کان فلا شبهه فی وجوب قضاء الصوم علی الحائض والنفساء دون الصلاة
ثم بعد ذلک ذکر الماتن قدس سره : المخالف اذا استبصر فیجب علیه قضاء ما فاته واما ما اتی به علی طبق مذهبه فلا قضاء علیه العروة الوثقی ج3 ص 638، المخالف المستبصر تارة یکون تارک للصلاة والصوم قبل الاستبصار ثم استبصر فلا شبهه فی وجوب القضاء علیه لما فاته قبل استبصاره وکذلک اذا اتی بالصلاة ولکن الصلاة باطلة فی مذهبه واتی بالصوم والصوم بالطل فی مذهبه فلا شبهه فی وجوب القضاء علیه ، واما اذا اتی بالصلاة لکنها باطلة فی مذهبه وصحیحه علی مذهب الخاصة واتی بالصوم وهو فاسد وباطل علی مذهبه وصحیح علی مذهب الخاصة فهل یحکم بوجوب القضاء علیه فان ما اتی به من الصوم والصلاة فهو صحیح علی ضوء مذهب الخاصة وباطل فی مذهبه فهل علیه قضائه بعد استبصاره او لیس علیه القضاء ، المعروف والمشهور وجوب القضاء علیه والمستثنی صورة واحده وهو ما اذا اتی به قبل استبصاره موافق لمذهبه وصحیح فی مذهبه فانه لا یجب علیه قضائه واما اذا کان باطل فی مذهبه وان کان صحیح علی ضوء مذهب الخاصة فیجب علیه قضائه لکن ذکرنا فی محله انه لا یجب علیه قضائه فی هذا الفرد ایضا لأنه اتی بما هو الواجب علیه فی الواقع اتی بالصلاة التی هی واجبة علیه فی الواقع بعد استبصاره واتی بالصوم ایضا علی طبق مذهب الخاصة ذکرنا انه لا یجب علیه القضاء فی الصورتین اذا ما اتی به موافق لمذهبه فلا یجب علیه قضائه بعد استبصاره او موافق لمذهب الخاصة ایضا لا یجب علیه القضاء ولکن المعروف والمشهور علی خلاف ذلک
ص: 37
ثم ذکر الماتن قدس سره : یجب القضاء علی من فاته الصوم للنوم بأن کان نائما قبل الفجر إلی الغروب من غیر سبق نیة العروة الوثقی ج3 ص638، ما ذکره قدس سره من وجوب القضاء اذا نام قبل النیة فلا شبهة فیه واذا لم ینوی الصوم ونام واستمر نومه فلا شبهه فی بطلان صومه ووجوب القضاء علیه ولکن تخصیص ذلک بما اذا استمر نومه الی اللیل لا وجه له فانه اذا نام قبل ان ینوی الصوم ولم یستمر نومه واستیقظ بعد الفجر بساعة او اقل فصومه غیر صحیح لأنه نومه فی هذه الفترة القلیلة بلا نیه فهو باطل والمفروض ان الصوم واجب مرکب من الاجزاء الطولیة المرتبة بعضها بالبعض الاخر ثبوتا وسقوطا فاذا سقط جزء منها سقط الکل واذا ثبت جزء ثبت الکل والمفروض صومه الان بعد الفجر باطل من جهة عدم النیة فاذا بطل صوم هذا الجزء فلا شبهه ببطلان باقی الاجزاء فصوم هذا الیوم بالطل من جهة عدم النیة فاذا ما ذکره قدس سره من تقید النوم من استمراره الی اللیل لا وجه له سواء استمر او لم یستر فاذا نام قبل الفجر بدون نیة ولم یستمر نومه واستیقظ بعد الفجر بساعة او اقل فصوم هذا الیوم باطل فیجب علیه القضاء
الموضوع : کتاب الصوم من فاته صوم ایام لمرض او لسفر
ذکر الماتن قدس سره : یجب القضاء علی من فاته الصوم للنوم بأن کان نائما قبل الفجر إلی الغروب من غیر سبق نیة العروة الوثقی ج3 ص638، فصومه باطل یجب علیه قضائه اما اصل وجوب القضاء فلا شبهه فیه واما تقید الماتن قدس سره الی اللیل فلا وجه له فانه اذا نام قبل الفجر وقبل ان ینوی صوم الغد واستیقظ بعد الفجر بدقائق مع ذلک صومه باطل فان هذه الدقائق صیامه والمفروض ان الصوم واجب مرکب من الاجزاء الطولیة الاثباتیة فاذا سقط جزء من الصوم سقط الکل فاذا لا وجهه لما ذکره الماتن من التقید بالاستمرار وکذا الحال اذا کان غافلا فالأمر کذلک
ص: 38
ثم ذکر الماتن قدس سره : إذا علم أنه فاته أیام من شهر رمضان ودار بین الأقل والأکثر یجوز له الاکتفاء بالأقل ولکن الأحوط قضاء الأکثر العروة الوثقی ج3 ص638: یقع الکلام علی مقامین :-
المقام الاول : اما ان یکون الشک فی افطار مقتضی ویعلم انه افطر فی ایام شبابه او ایام اخری لکن لا یدری انه افطر خمسة ایام او اکثر
المقام الثانی : ما یکون الشک فی المانع وهو یعلم انه سافر وفات عنه الصوم او کان مریضا وفات منه الصوم ولکن لا یدری ان افطاره طال الی اربعة ایام او الی خمسة ایام وکذلک یشک فی سفره طال الی اربعة ایام او الی عشرة ایام وهو یعلم انه یوم الخامس سافر ولکن لا یدری انه رجع فی الیوم الثانی حتی یکون الفائت ثلاثة ایام او رجع یوم التاسع حتی یکون الفائت اربعة ایام واخری یشک فی الارتفاع وبقاء المانع واخری یکون شک فی اصل الحدوث وهو یعلم انه حظر من السفر یوم الثانی او براء من السفر الیوم الاخر ولکن لا یدر ان سفره کان فی یوم الخمیس او الاربعاء ولا یدری فاذا کان سفره کان یوم الخامس الفائت منه ثلاثة ایام
اما الکلام فی المقام الاول : فلا شبهة فی استصحاب عدم افطار الزائد هو یعلم بانه خمسة ایام قد افطر ویشک فی الافطار الزائد فلا شبه فی استصحاب عدم الافطار الزائد فان دار الامر بین الاقل والاکثر الاستقلالین ولیس هنا علم اجمالی بل علم تفصیلی بإفطار بخمسة ایام وهو شک بدوی بذلک ولا مانع من الرجوع الی استصحاب عدم الافطار ، ولو ناقشنا فی ذلک الاستصحاب ان موضوع الوجوب القضاء والفوت عدم الافطار لا یستلزم عدم الفوت فلا مانع من استصحاب عدم الفوت ونشک انه فات منه الصوم فی الیوم السادس وفی الیوم السابع فلا مانع من استصحاب عدم الفوت وفی هذا ینفی وجوب القضاء فی صومه ومع الاغماض عن هذا الاصل الموضوعی فلا مانع من الرجوع الی الحکم وهو اصالة البراءة عن وجوب القضاء فانه یعلم بوجوب القضاء تفصیلا خمسة ایام ویشک فی وجوب قضاء الیوم السادس او السابع فالمفروض انه شک بدوی فلا مانع من التمسک بأصالة البراءة فاذا هذه الصورة واضحة والدعوی انه اذا افطر فی الیوم السادس فی الواقع فیجب علیه القضاء وهو یعلم بهذا الوجوب فاذا یکون الشک فی الحکم منجز فلو وجب القضاء فهو الوجوب المنجز کما هو الحال فی الشبهات قبل الحکم او فی موارد العلم الاجمالی فالحکم فی کل طرف من اطرافه مشکوک لکن المشکوک الحکم المنجز ولهذا لا تجری الاصول المرخصة لا الاستصحاب ولا اصالة البراءة فان المورد مورد قاعدة الاشتغال وهذه الدعوی غریبة ولا اصل لها فان التنجز اثر للعلم ویدور مداره حدوثا وبقاء ولیس للتنجز واقع موضوعی یشک فیه انه منجز او غیر منجز کما انه لیس للعلم واقع موضوعی یشک فی انه عالم او جاهل العلم امر وجدانی اما موجود او معلوم ولا یتصور فیه ثالث وکذا الحال فی اثره وهو التنجز فالعلم غیر موجود فالتنجز ایضا غیر موجود ولا محتمل فهذه الدعوی لا اصل لها بل هی غریبة جدا ، اما فی الشبهات البدویة فالحکم منجز لیس من جهة العلم وکذا فی اطراف العلم الاجمالی فتنجز الحکم لیس من طرفه فان العلم لیس موجود فی کل طرف من العلم الاجمالی العلم موجود بالنسبة للجامع فقط وتفصیل ذلک فی محله
ص: 39
واما الکلام فی المقام الثانی : ففی هذا المقام ذکرنا ان هناک صورتین الصورة الاولی ان یکون الشک فی المبدئ لا فی الارتفاع فانه یعلم بانه حظر فی بلده فی الیوم الثامن ولکنه یشک فی ابتداء سفره هل کان الیوم الخامس او الیوم الرابع فان کان یوم الرابع فائت منه اربعة ایام فیجب قضاءها وان کان ابتداء سفره الیوم الخامس فیجب علی قضاء ثلاثة ایام واخری یکون الشک فی الارتفاع والبقاء واما فی الابتداء معلوم هو یعلم انه سافر الیوم الخامس او مرض یوم الخامس لمنه شاک انه رجع من سفره الیوم الثامن حتی یکون الفائت منه ثلاثة ایام او رجع الیوم التاسع حتی یکون الفائت اربعة ایام ، اما فی الصورة الاولی فلا مانع من استصحاب عدم سفره یوم الرابع باعتباره انه یشک انه سافر یوم الرابع او لا فلا مانع من استصحاب عدم سفره یوم الرابع اما فی الفرض الثانی فیستصحب بقاء سفره الی الیوم التاسع وهل یجری هذا الاستصحاب استصحاب بقاء سفره الی الیوم التاسع او لا یجری
فقد ذکر السید الاستاذ انه یجری ویترتب علیه وجوب القضاء ولکن الامر لیس کذلک فان موضوع وجوب القضاء الفوت لیس السفر ولا المرض موضوع لوجوب القضاء فحیث انه فی السفر یفوت عنه الصوم فمن اجل ذلک یجب علیه القضاء واذا مرض فات عنه الصوم فمن اجل ذلک یجب علیه القضاء اما اذا شک ببقاء السفر استصحاب بقاء السفر بمفاد کان التامة لا یثبت عنوان الفوت علی القول بالأصل المثبت ومن اجل ذلک هذا الاستصحاب لا یجری وکذلک هذا الاستصحاب لا یثبت انه مسافر بهذا الیوم فانه بمفاد کان التامة لا یثبت مفاد کان الناقصة الا علی القول بالأصل المثبت اذا هذا الاستصحاب فی نفسه لا یجری لکن ذکر السید الاستاذ قدس سره ان هذا الاستصحاب یجری لکن یستشکل علی هذا الاستصحاب انه محکوم بقاعدة الصحة باعتبار کما اذا علم انه صام بالسفر فسفره غیر مشروع صام الی یوم الثامن لکن یشک فی صحة الیوم الثامن انه صحیح او غیر صحیح فان کان مسافر فهو غیر صحیح وان لم یکن مسافر فهو صحیح ولا مانع من التمسک بقاعدة الصحة فان قاعدة الصحة هی قاعدة الفراغ قبل القول بقاعدة الفراغ کما فی العبادات وقد یعبر عنها بقاعدة الصحة لکن قاعدة الصحة لا تجری فی المقام لان قاعدة الصحة اذا کان الامر محرز والشک اذا کان فی مقام الامتثال کما اذا شک بعد الفراغ من الصلاة ان صلاته صحیحه او فاسده ففی مثل ذلک تجری قاعدة الصحة وقاعدة الفراغ ویحکم بصحة ما اتی به واما فی المقام الامر غیر محرز فانه ان کان مسافر الیوم الثامن فلا امر بالصوم وان کان حاضر فالأمر موجود فهذا التردد منشئ للشک فی وجود الامر وعدم احرازه فمن اجل ذلک لا تجری قاعدة الصحة فی المقام فلا مانع من الاستصحاب
ص: 40
الموضوع : کتاب الصوم
ذکر الماتن قدس سره : إذا علم أنه فاته أیام من شهر رمضان ودار بین الأقل والأکثر یجوز له الاکتفاء بالأقل ولکن الأحوط قضاء الأکثر العروة الوثقی ج3 ص638: یقع الکلام علی مقامین :-
المقام الاول : اما ان یکون الشک فی افطار مقتضی ویعلم انه افطر فی ایام شبابه او ایام اخری لکن لا یدری انه افطر خمسة ایام او اکثر
المقام الثانی : ما یکون الشک فی المانع وهو یعلم انه سافر وفات عنه الصوم او کان مریضا وفات منه الصوم ولکن لا یدری ان افطاره طال الی اربعة ایام او الی خمسة ایام وکذلک یشک فی سفره طال الی اربعة ایام او الی عشرة ایام وهو یعلم انه یوم الخامس سافر ولکن لا یدری انه رجع فی الیوم الثانی حتی یکون الفائت ثلاثة ایام او رجع یوم التاسع حتی یکون الفائت اربعة ایام واخری یشک فی الارتفاع وبقاء المانع واخری یکون شک فی اصل الحدوث وهو یعلم انه حظر من السفر یوم الثانی او براء من السفر الیوم الاخر ولکن لا یدر ان سفره کان فی یوم الخمیس او الاربعاء ولا یدری فاذا کان سفره کان یوم الخامس الفائت منه ثلاثة ایام
اما الکلام فی المقام الاول : فلا شبهة فی استصحاب عدم افطار الزائد هو یعلم بانه خمسة ایام قد افطر ویشک فی الافطار الزائد فلا شبه فی استصحاب عدم الافطار الزائد فان دار الامر بین الاقل والاکثر الاستقلالین ولیس هنا علم اجمالی بل علم تفصیلی بإفطار بخمسة ایام وهو شک بدوی بذلک ولا مانع من الرجوع الی استصحاب عدم الافطار ، ولو ناقشنا فی ذلک الاستصحاب ان موضوع الوجوب القضاء والفوت عدم الافطار لا یستلزم عدم الفوت فلا مانع من استصحاب عدم الفوت ونشک انه فات منه الصوم فی الیوم السادس وفی الیوم السابع فلا مانع من استصحاب عدم الفوت وفی هذا ینفی وجوب القضاء فی صومه ومع الاغماض عن هذا الاصل الموضوعی فلا مانع من الرجوع الی الحکم وهو اصالة البراءة عن وجوب القضاء فانه یعلم بوجوب القضاء تفصیلا خمسة ایام ویشک فی وجوب قضاء الیوم السادس او السابع فالمفروض انه شک بدوی فلا مانع من التمسک بأصالة البراءة فاذا هذه الصورة واضحة والدعوی انه اذا افطر فی الیوم السادس فی الواقع فیجب علیه القضاء وهو یعلم بهذا الوجوب فاذا یکون الشک فی الحکم منجز فلو وجب القضاء فهو الوجوب المنجز کما هو الحال فی الشبهات قبل الحکم او فی موارد العلم الاجمالی فالحکم فی کل طرف من اطرافه مشکوک لکن المشکوک الحکم المنجز ولهذا لا تجری الاصول المرخصة لا الاستصحاب ولا اصالة البراءة فان المورد مورد قاعدة الاشتغال وهذه الدعوی غریبة ولا اصل لها فان التنجز اثر للعلم ویدور مداره حدوثا وبقاء ولیس للتنجز واقع موضوعی یشک فیه انه منجز او غیر منجز کما انه لیس للعلم واقع موضوعی یشک فی انه عالم او جاهل العلم امر وجدانی اما موجود او معلوم ولا یتصور فیه ثالث وکذا الحال فی اثره وهو التنجز فالعلم غیر موجود فالتنجز ایضا غیر موجود ولا محتمل فهذه الدعوی لا اصل لها بل هی غریبة جدا ، اما فی الشبهات البدویة فالحکم منجز لیس من جهة العلم وکذا فی اطراف العلم الاجمالی فتنجز الحکم لیس من طرفه فان العلم لیس موجود فی کل طرف من العلم الاجمالی العلم موجود بالنسبة للجامع فقط وتفصیل ذلک فی محله
ص: 41
واما الکلام فی المقام الثانی : ففی هذا المقام ذکرنا ان هناک صورتین الصورة الاولی ان یکون الشک فی المبدئ لا فی الارتفاع فانه یعلم بانه حظر فی بلده فی الیوم الثامن ولکنه یشک فی ابتداء سفره هل کان الیوم الخامس او الیوم الرابع فان کان یوم الرابع فائت منه اربعة ایام فیجب قضاءها وان کان ابتداء سفره الیوم الخامس فیجب علی قضاء ثلاثة ایام واخری یکون الشک فی الارتفاع والبقاء واما فی الابتداء معلوم هو یعلم انه سافر الیوم الخامس او مرض یوم الخامس منه شاک انه رجع من سفره الیوم الثامن حتی یکون الفائت منه ثلاثة ایام او رجع الیوم التاسع حتی یکون الفائت اربعة ایام ، اما فی الصورة الاولی فلا مانع من استصحاب عدم سفره یوم الرابع باعتباره انه یشک انه سافر یوم الرابع او لا فلا مانع من استصحاب عدم سفره یوم الرابع اما فی الفرض الثانی فیستصحب بقاء سفره الی الیوم التاسع وهل یجری هذا الاستصحاب استصحاب بقاء سفره الی الیوم التاسع او لا یجری
فقد ذکر السید الاستاذ انه یجری ویترتب علیه وجوب القضاء ولکن الامر لیس کذلک فان موضوع وجوب القضاء الفوت لیس السفر ولا المرض موضوع لوجوب القضاء فحیث انه فی السفر یفوت عنه الصوم فمن اجل ذلک یجب علیه القضاء واذا مرض فات عنه الصوم فمن اجل ذلک یجب علیه القضاء اما اذا شک ببقاء السفر استصحاب بقاء السفر بمفاد کان التامة لا یثبت عنوان الفوت علی القول بالأصل المثبت ومن اجل ذلک هذا الاستصحاب لا یجری وکذلک هذا الاستصحاب لا یثبت انه مسافر بهذا الیوم فانه بمفاد کان التامة لا یثبت مفاد کان الناقصة الا علی القول بالأصل المثبت اذا هذا الاستصحاب فی نفسه لا یجری لکن ذکر السید الاستاذ قدس سره ان هذا الاستصحاب یجری لکن یستشکل علی هذا الاستصحاب انه محکوم بقاعدة الصحة باعتبار کما اذا علم انه صام بالسفر فسفره غیر مشروع صام الی یوم الثامن لکن یشک فی صحة الیوم الثامن انه صحیح او غیر صحیح فان کان مسافر فهو غیر صحیح وان لم یکن مسافر فهو صحیح ولا مانع من التمسک بقاعدة الصحة فان قاعدة الصحة هی قاعدة الفراغ قبل القول بقاعدة الفراغ کما فی العبادات وقد یعبر عنها بقاعدة الصحة لکن قاعدة الصحة لا تجری فی المقام لان قاعدة الصحة اذا کان الامر محرز والشک اذا کان فی مقام الامتثال کما اذا شک بعد الفراغ من الصلاة ان صلاته صحیحه او فاسده ففی مثل ذلک تجری قاعدة الصحة وقاعدة الفراغ ویحکم بصحة ما اتی به واما فی المقام الامر غیر محرز فانه ان کان مسافر الیوم الثامن فلا امر بالصوم وان کان حاضر فالأمر موجود فهذا التردد منشئ للشک فی وجود الامر وعدم احرازه فمن اجل ذلک لا تجری قاعدة الصحة فی المقام فلا مانع من اصالة البراءة
ص: 42
ولکن الاستصحاب فی الفرد الاول او اصالة البراءة فی الفرد الاول محکوم بقاعدة الحیلولة اما فی الفرد الثانی اصالة البراءة محکومة بقاعدة الصحة وهی قاعدة الفراغ فأنها حاکمه علی الاستصحاب وحاکمه علی اصالة البراءة وقاعدة الحیلولة التی هی قاعدة التجاوز وهی حاکمه علی اصالة البراءة فانا نشک فی الفرد الاول فی صحة صوم الیوم الرابع انه صام او لم یصم فهو شک فی اصل الوجود ففی مثل ذلک لا مانع من التمسک بقاعدة الحیلولة لأثبات انه صام فی یوم الرابع فان قاعدة الحیلولة کقاعدة التجاوز اذا کان المشکوک وجد الشیء مثل اذا شک فی القراءة بعد التجاوز عن محلها فقاعدة الفراغ تثبت انه قرء واتی بالقراءة وفی المقام اذا شک اتی بصوم یوم الرابع فقاعدة الحیلولة تثبت انه صام یوم الرابع ولکن یرد علی هذا ان قاعدة الحیلولة انما تجری اذا کان الامر بالعبادة ثابت ویشک فی انه اتی بها فی مرحلة الامتثال او لا فاشک هو فی مرحلة الامتثال بعد ثبوت الامر انه اتی بها ام لم یأتی بها فقاعدة الحیلولة تحکم انه اتی بها اما اذا کان اصل الامر غیر موجود فهو لیس من موارد قاعدة الحیلولة لأنها لیست قاعدة مشرعة انما هی قاعدة فی مرحلة الامتثال فقط لا فی مرحلة الجعل ، اما فی الثانی فهو یعلم بانه صام الیوم الثامن ویشک فی صحة هذا الصوم وفساده فان کان مسافر فهو غیر صحیح وان کان غیر مسافر فهو صحیح فلا مانع من الرجوع الی قاعدة الفارغ ولکن یرد علیه ان قاعدة الفراغ انما تجری اذا کان الامر ثابت والشک فی مرحلة الامتثال هو یعلم ان الصلاة مأمور بها وقد اتی بها وبعد الفارغ یشک بصحتها وفسادها واما فی المقام الامر بهذا الصوم مشکوک ولا یعلم هذا الصوم الیوم ثامن معمول به او لا وقاعدة الفراغ لا تثبت الامر لأنها لیست قاعدة مشرعة بل هی قاعدة تجری فی مرحلة الامتثال فقط
ص: 43
فاذا قاعدة الحیلولة لا تجر ی فی المقام ولا قاعدة الفراغ وقاعدة الصحة ایضا لا تجری فی المقام فالمرجع هو الاستصحاب وان لم یجری فهو اصالة البراءة وقد تعرض السید الاستاذ قدس سره علی ما هو فی تقریر بحثه ان موضوع وجوب القضاء فی الصوم هل هو الفوت او انه لیس بفوت .....
الموضوع : کتاب الصوم
بقی هنا شیء وهو انه من البعید جدا اطلاق صحیحة حفص ابن المخترم لها بحیث یشمل الصوم مطلقا فاذا فرضنا ان شخص نذر فی کل سنه ان یصوم شهر رجب وشهر شعبان لکنه عصی وترک فلازم ذلک یقضی ولیه وهذا بعید جدا الالتزام به مشکل جدا هذا مضاف ان وجوب النذر انما جاء من قبل التزام الناذر ولیس واجب مباشر من قبل لله تعالی بل بواسطة واطلاق الصحیحة لمثل ذلک مشکل جدا واما صوم کفارة شهر رمضان فهو لیس بواجب علی المکلف الواجب هو الجامع بین صوم شهرین متتابعین وبین اطعام ستین مسکینا وبین العتق فالجامع هو الواجب ولکن قد یکون المکلف غیر قادر علی بعض الافراد فهذا لا یوجب سقوط الجامع عن ذمته اذا کان قادرا علی بعض الافراد اذا فرضنا انه غیر قادر علی العتق و غیر قادر علی اطعام ستین مسکینا ولکنه قادر علی صوم شهرین متابعین فان صوم شهرین متتابعین وان کان واجب علیه واجب منة باب تطبیق الجامع علیه فهو فرد الواجب لان الوجوب تعلق بالواجب فاذا شمول قوله علیه السلام علیه صلاة او صیام لمثل وجوه صوم الکفارة مشکل وکیف ما کان فالتمسک بأطلاق هذه الصحیحة ووجوب الصوم علی الولی سواء کان صوم کفارة او صوم یوم النذر لا یخلو عن اشکال
ص: 44
ثم بعد ذلک ذکر الماتن قدس سره : لا یجوز لصائم قضاء شهر رمضان الافطار بعد الزوال بل تجب علیه الکفارة به هی کما مر اطعام عشر مساکین لکل مسکین مد ومع العجز علیه صیام ثلاثة ایام ، یقع الکلام تارة فی وجوب الکفارة واخری فی عدم جواز الافطار بعد الزوال اما وجوب الکفارة فهو المعروف والمشهور بین الاصحاب ان من افطر فی قضاء شهر رمضان بعد الزوال فعلیه کفارة وفی الکفارة خلاف بین الاصحاب ذهب جماعة علی ان الکفارة اطعام ستین مسکینا وذهب جماعة الی ان اطعام عشرة مساکین ومنشأ هذا الاختلاف هو اختلاف الروایات فهنا ثلاثة طوائف من الروایات :-
الطائفة الاولی : تدل علی ان کفارة افطار قضاء شهر رمضان بعد الزوال اطعام عشرة مساکین ومع العجز فیها صوم ثلاثة ایام
الطائفة الثانیة : تدل علی ان کفارة افطاره اطعام ستین مسکینا
الطائفة الثالثة : تدل علی عدم وجوب الکفارة وانما هو اثم فقط ولیس علیه کفارة ، ومن هنا قوینا عدم وجوب الکفارة لان الطائفة الثالثة ناصه فی عدم وجوب الکفارة والطائفة الاولی والثانیة ظاهرتان فی وجوب الکفارة ومقتضی الجمع العرفی بینهما هو حمل الظاهر علی النص یحمل وجوب الکفارة علی الاستحباب الاقوی عدم وجوب الکفارة لمن یصوم قضاء شهر رمضان ویفطر بعد الزوال ولکنه اثم ، اما عدم جوازه فلا شبهه فیه وتدل علیه جمل من الروایات علی عدم جواز الافطار بعد الزوال
منها صحیحة برید العجلی عن ابی جعفر علیه السلام فی رجل اتی اهله فی یوم یقضی فیه یوم من شهر رمضان فقال (ان کان اتی اهله قبل زوال الشمس فلا شیء علیه وان کان اتی اهله بعد زوال الشمس فان علیه ان یتصدق علی عشرة مساکین فان لم یقدر صام یوم مکان یوم وصام ثلاثة ایام کفارة ما صنع) (1) فان هذه الصحیحة تدل علی عدم الجواز فان وجوب الکفارة مساوق لعدم الجواز
ص: 45
ومنها صحیحة جمیل ابن دراج عن ابی عبد لله علیه السلام انه قال (الذی یقضی شهر رمضان انه بالخیار الی زوال الشمس فان کان تطوع فانه الی اللیل بالخیار) (1) فان هذه الصحیحة تدل علی جواز الافطار الی زوال الشمس وبمفهوم الروایة تدل علی عدم الجواز بعد الزوال مضافا الی المقابلة بینه وبین صوم المستحب فان الصوم اذا کان مستحب یجوز الافطار الی اللیل فالمقابلة بینهما تدل علی انه لا یجوز له الافطار بعد الزوال فان دلالة هذه الصحیحة علی عدم الجواز واضحة
ومنها موثقة اسحاق ابن عمار عن ابی عبد لله علیه السلام قال (الذی یقضی شهر رمضان هو بالخیار بالإفطار ما بینه وبین ان تزول الشمس وفی التطوع بینه وبین ان تغیب الشمس) (2) فهذه الروایة واضحة الدلالة غایة الامر ان هذه الروایة من ناحیة السند غیر تامة فان فی سندها زکریا المؤمن وهو لم یوثق غیر وروده فی اسناد کامل الزیارات وهو لا یکفی فی توثیقه ومن اجل ذلک لا یعتمد علی تلک الروایة من جهة ضعف السند واما دلالتها فهی تامة
ومنها موثقة عمار الساباطی (عن أبی عبدالله ( علیه السلام ) أنه سئل عن الرجل یکون علیه أیام من شهر رمضان _ إلی أن قال : _ سُئل فإن نوی الصوم ثم افطر بعد ما زالت الشمس ؟ قال : قد أساء ولیس علیه شیء إلا قضاء ذلک الیوم الذی أراد أن یقضیه) (3) فان هذه الموثقة تدل علی الحرمة وهذه الموثقة تدل علی عدم جواز الافطار بعد الزوال
ص: 46
فالنتیجة : انه لا یجوز الافطار لمن یقضی شهر رمضان عن نفسه لا یجوز له الافطار بعد الزوال اما قبل الزوال فلا مانع منه اما اذا کان قضاء شهر رمضان عن غیره للإجارة او للتبرع فالأقوی جواز الافطار بعد الزوال وان کان الاحوط الترک بل الاقوی الجواز مطلق الواجب الموسع کالنذر والکفارة ونحو ذلک اما التبرع فهو واضح لان التبرع داخل بالصوم المستحب وفی الصوم المستحب یجوز الافطار الی اللیل ولا شبهه فیه هذا مضاف الی انه لیس علیه أی الزام فیجوز له ان یصوم ویجوز له ان یفطر سواء قبل الزوال ام بعد الزوال واما اذا کان صوم قضاء واجب علیه بالإجارة او واجب علی الولد الاکبر فهل یجوز له الافطار بعد الزوال او لا فالظاهر انه جائز لان الروایات المتقدمة لا تشمل ذلک لان مورد الروایات المتقدمة هو ان یقضی عن نفسه لا یقضی عن غیره فالأجیر یقضی عن غیر ه وکذا الولی فلا دلیل علی عدم جواز الافطار بعد الزوال وکذلک الحال فی سائر الواجبات الموسعة کالنذر والکفارة لا دلیل علیه نعم قد یستدل بروایتین علی عدم الجواز :-
الروایة الاولی روایة سماعة عن ابی عبد لله علیه السلام فی قوله (الصائم بالخیار الی زوال الشمس ذلک فی الفرض اما النافلة فله ان یفطر فی أی وقت شاء الی غروب الشمس) (1) فان هذه الروایة مطلقة وبإطلاقها تشمل کل صوم الواجب سواء قضاء شهر رمضان او صوم النذر او صوم الکفارة وقضاء شهر رمضان سواء کان عن نفسه او عن غیره وهذه الروایة مطلقة من هذه الناحیة ومقتضی مفهوم الآیة انه یجوز الافطار قبل الزوال
ص: 47
ومنها روایة عبد لله ابن سنان عن ابی عبد لله علیه السلام قال(صوم النافلة لک أن تفطر ما بینک وبین اللیل متی ما شئت وصوم قضاء الفریضة لک أن تفطر إلی زوال الشمس ، فإذا زالت الشمس فلیس لک أن تفطر) (1) هذه الروایة موردها قضاء شهر رمضان سواء کان لنفسه او لغیره تشمل کلا الفردین معا
لکن کلتا الروایتین ضعیفتین السند لان فی الروایة الاولی محمد ابن سنان وفی الروایة الثانیة عبد الله ابن الحسین فانهما غیر موثقین ومن اجل ذلک کلتا الروایتین ضعیفة من ناحیة السند ولا یمکن الاعتماد علیهما
فالنتیجة لا دلیل علی عدم جواز الافطار فی غیر قضاء شهر رمضان عن نفسه لا دلیل فی جواز الافطار بعد الزوال ومقتضی القاعدة جواز الافطار نعم اذا کان صوم الواجب مضیق کما اذا نذر یوما خاصا فعندئذ لا یجوز له قبل الزوال او بعد الجواز او کان الواجب المعین مقیدا فانه لا یجوز الافطار قبل الزوال ولا بعد الزوال اما اذا کان وقت الواجب متسع فیجوز الافطار بعد الزوال فضلا عن قبل الزوال .
الموضوع : کتاب الصوم الکفارات
الکلام فی کفارة الصوم وهو اقسام منها ما یجب الصوم مع غیره کما فی کفارة القتل العمی وکفارة الافطار علی الحرام فی شهر رمضان ومنها ما یجب الصوم بعد العجز کما فی کفارة الظهار وکفارة القتل الخطأ اما اصل وجوب کفارة الجمع فی القتل العمدی فلا شبهة فیه وقد استدل علی ذلک تارة بالأجماع واخری بالروایات اما الاستدلال بالإجماع فهو غیر تام لما ذکرناه غیر مره فان الاجماع الموجود بین المتأخرین فلا طریق لإحراز وجوده بین المتقدمین فضلا عن احراز وجوده فی زمن الائمة علیهم السلام ووصوله الینا طبقه بعد طبقة فمن اجل ذلک لا یمکن الاعتماد علی الاجماع فان الاجماع بنفسه لا یکون حجة الا بتقریر الائمة علیهم السلام ولإثبات لذلک ، واما الروایات فهی کثیرة تدل علی ان کفارة القتل العمدی هی الجمع بین الخصال الثلاث منها معتبرة ومنها غیر معتبره
ص: 48
فالنتیجة : انه لا شبهه فی ان کفارة القتل العمدی الجمع بین الخصال وانما الکلام فی ان هذه الکفارة ثابته فی موارد القتل مطلقا سواء کان قاتل للقصاص او الحکم جاری من دون الاقتصاص فان ثبوت الدیة فی موارد عفوا الاولیاء عن القاتل والا فان للأولیاء حق ولکن اذا عفی عن ذلک فیثبت لهم الدیة وهل الکفارة مختصة بموارد ثبوت الدیة او انها تشمل جمیع موارد القتل وان کان حکم القاتل الاقتصاص ومع ذلک علیه کفارة الجمع ، المعروف والمشهور التعمیم عدم الفرق بین موارد القصاص وموارد ثبوت الدیة فالکفارة ثابته فی موارد القتل مطلقا ولکن المذهب من الروایات ان الکفارة مختصه بموارد ثبوت الدیة کما فی موارد عفوا الاولیاء او کان المقتول به عبد القاتل ففی هذه الموارد تثبت الدیة فالمعروف والمشهور ثبوت الکفارة مطلقا فی جمیع موارد القتل لکن یفهم من الروایات الکفارة فی موارد ثبوت الدیة فان الوارد فی الروایات ان توبة القاتل انما هو الاقتصاص منه اذا قتل مؤمن متعمدا فقد ورد فی الروایات اذا قتل مؤمن متعمدا فهل له توبة فقال الامام علیه السلام (فان قتل الایمان به فلا توبة له وان قتل لخطأ او لسبب اخر فتوبته الاقتصاص منه وان عفی عنه فعلیه فتوبته دیته والکفارة عتق رقبة مؤمنه وصیام شهرین متتابعین واطعام ستین مسکین) ، وان هذه الصحیحة ذاهبه فی ان سقوط الکفارة فی موارد ثبوت الدیة لا فی مورد القصاص فاذا توبته فی مورد اقتصاص الاولیاء فاذا اقتصوا منه فهی توبته واما توبته فی صورة الدیه و الکفارة صوم شهرین متتابعین وعتق رقبة مؤمنه واطعام ستین مسکین وهذه هی توبته وهذه تدل علی ان الکفارة مختصه فی صورة ثبوت الدیة ، واما کفارة الافطار علی الحرام فقد تقدم الکلام فی ذلک وذکرنا هناک انه لا دلیل علی ذلک فان الروایة التی تدل علی ذلک فهی ضعیفة من ناحیة السند فحیث انها ضعیفة من ناحیة السند فلا یمکن الاعتماد علیها فلا دلیل علی ان الافطار علی الحرام یوجب کفارة الجمع فلا فرق بین ان یکون فی نهار شهر رمضان بالحرام او بالحلال فکفارته کفارة التخییر لا کفارة الجمع وان ما یجب الصوم بعد العجز عن العتق کما فی کفارة الظهار فان الآیة تدل علی ذلک بوجوه وناصه فی ذلک بوضوح (َالَّذِینَ یُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ یَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِیرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ یَتَمَاسَّا ذَلِکُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِیرٌ فَمَنْ لَمْ یَجِدْ فَصِیَامُ شَهْرَیْنِ مُتَتَابِعَیْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ یَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ یَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّینَ مِسْکِینًا) (1) فالآیة ناصه بان الواجب اولا العتق فان لم یجد فالواجب علیه صیام شهرین متتابعین ومن لم یستطع علی الصیام فالواجب علیه اطعام ستین مسکین فالآیة المبارکة واضحة الدلالة ، وهناک طائفتان من الروایات الطائفة الاولی موافقه للآیة المبارکة وتدل علی الترتیب والطائفة الثانیة تدل علی التخییر فهذه الطائفة لا تکون حجة لأنها مخالفة للآیة الکریمة ولابد من طرحها او حملها علی التقسیم ان الغرض من هذه الطائفة من الروایات هو التقسیم لا علی التخییر فأما ان یحمل علی ذلک او یطرح باعتبار انها مخالفه للآیة المبارکة والآیة ناصه علی الترتیب والقتل الخطأ ایضا کذلک الترتیب بین العتق والصوم والاطعام فالواجب الاول علی من قتل مؤمن خطأ کما فی الآیة المبارکة (َمَا کَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ یَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِیرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِیَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَی أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ یَصَّدَّقُوا فَإِنْ کَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَکُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِیرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ کَانَ مِنْ قَوْمٍ بَیْنَکُمْ وَبَیْنَهُمْ مِیثَاقٌ فَدِیَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَی أَهْلِهِ وَتَحْرِیرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ یَجِدْ فَصِیَامُ شَهْرَیْنِ مُتَتَابِعَیْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَکَانَ اللَّهُ عَلِیمًا حَکِیمًا) (2) الاطعام غیر مذکور فی الآیة المبارکة ولکن یستفاد من الروایات الکثیرة تدل علی الترتیب بین هذه الخصال الواجب اولا العتق فمن لم یجد فعلیه صیام شهرین متتابعین فمن لم یستطع فعلیه اطعام ستین مسکینا فالروایات تدل علی ذلک والآیة المبارکة تدل علی الترتیب بین العتق وبین الصوم وساکته عن الاطعام
ص: 49
الموضوع : کتاب الصوم الکفارات
تحصل مما ذکرنا ان کفارة القتل کفارة الجمع وهو ثابت فی موارد ثبوت الدیه بحسب للسان الروایة وان کان المشهور عدم الفرق بین ثبوت القصاص علی القاتل وثبوت الدیه ولکن الظاهر من الروایات عدم ثبوت الکفارة فی موارد القصاص منها صحیحة عبد الله ابن سنان عن ابی عبد لله علیه السلام قال سئل عن المؤمن یقتل مؤمن متعمدا هل له توبة فقال ان کان قتله عمدا فلا کفارة له وان کان قتله لخطأ او لسبب فان توبته فان هذه الصحیحة تدل علی ان توبته ان یقتص منه ویفاد من هذا هو توبته وان لم یکن عمل به انطلق به الی اولیاء المقتول فان عفو عنه فلم یقتلوه اتاهم الدیة وعتق نسمه وصوم شهرین متتابعین واطعام ستین مسکینا توبة من الله عز وجل فالتفصیل بین اقتصاص منه والتفصیل بین الدیه والکفارة قاطع للشک فیه فاذا الکفارة مختصه بحالة ثبوت الدیة اما فی حالة استقرار القصاص والاقتصاص من القاتل ففی هذه الحالة توبته قتله واما فی موارد ثبوت الدیة توبته اعطاء الدیة والکفارة والتفصیل بینهما فی هذه الصحیحة قاطع للشک وتدل علی ذلک روایات اخری ایضا فی روایة من قتل مؤمن متعمد قال (توبته یمکن نفسه للقصاص) فاذا من الروایات یستفاد انه فی صورة الاقتصاص من القاتل الکفارة غیر ثابته واما فی حال ثبوت الدیه فی حال عفو اولیاء المقتول انتقل الامر الی الدیة والکفارة معا عتق رقبه وصوم شهریین متتابعین واطعام ستین مسکین
وایضا کفارة الجمع فی من افطر فی شهر رمضان علی الحرام فقد ذکرنا فی محله ان الروایة التی تدل علی ذلک ضعیفة ولم تثبت کفارة الجمع فی الافطار علی الحرام ولا فرق بین ان یکون الافطار بالحلال او بالحلال فکفارته التخییر بین الخصال الثلاثة واما کفارة الظهار فهی علی نحو الترتیب والآیة المبارکة تدل علی ذلک بوضوح وهی علی الترتیب العتق فمن لم یجد فصوم شهریین متتابعین وان لم یستطع فإطعام ستین مسکینا (َالَّذِینَ یُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ یَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِیرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ یَتَمَاسَّا ذَلِکُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِیرٌ فَمَنْ لَمْ یَجِدْ فَصِیَامُ شَهْرَیْنِ مُتَتَابِعَیْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ یَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ یَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّینَ مِسْکِینًا) (1) وجمله من الروایات موافقه للآیة المبارکة وبعض الروایات علی التخییر دون الترتیب ولکن لابد من حمل هذه الروایات اما علی التقسیم او طرح هذه الروایات لأنها معارضة للکتاب ولا تکون حجة ، فکفارة الظهار وکفارة القتل خطأ الترتیب (َمَا کَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ یَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِیرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِیَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَی أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ یَصَّدَّقُوا فَإِنْ کَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَکُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِیرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ کَانَ مِنْ قَوْمٍ بَیْنَکُمْ وَبَیْنَهُمْ مِیثَاقٌ فَدِیَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَی أَهْلِهِ وَتَحْرِیرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ یَجِدْ فَصِیَامُ شَهْرَیْنِ مُتَتَابِعَیْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَکَانَ اللَّهُ عَلِیمًا حَکِیمًا) (2) والاطعام غیر مذکور فی الآیة لکن الروایات تذکر وتدل علی ذلک مع العجز من العتق الصوم ومع العجز عن الصوم اطعام ستین مسکین
ص: 50
ثم ذکر الماتن قدس سره : کفارة قضاء شهر رمضان وهی اطعام عشرة مساکین فان لم یقدر فصیام ثلاثة ایام ، وقد ذکرنا فی محله فی موارد ثبوت الکفارة وقلنا الاظهر عدم ثبوت الکفارة فی قضاء شهر رمضان فان الروایات الواردة فی الکفارة ثلاث طوائف : الطائفة الاولی تدل علی ان کفارة قضاء شهر رمضان ککفارة افطار شهر رمضان صوم شهرین متتابعین او اطعام ستین مسکین فلا فرق بین کفارة قضاء شهر رمضان اذا افطر بعد الزوال وبین کفارة صوم شهر رمضان
الطائفة الثانیة : تدل علی ان کفارة قضاء شهر رمضان اطعام عشر مساکین فان لم یقدر فصوم ثلاثة ایام ، الطائفة الثالثة : تنص علی عدم وجوب الکفارة فان الکفارة غیر واجبة ، ومقتضی الجمع بینهما هو کفارة قضاء شهر صوم شهر رمضان فلا فرق بینهما هذا هو مورد الجمع بین الطائفتین الاولیین ولکن الطائفة الثالثة حاکمه علیهما فلابد من منع ظهور تلک الطائفتین بالوجوب والحمل علی الاستحباب بمقتضی نص الطائفة الثالثة فالنتیجة تنص علی عدم وجوب الکفارة کفارة من افطر فی قضاء شهر رمضان فلا شیء علیه وان اساء اذا علی القاعدة عدم وجوب الکفارة فی قضاء شهر رمضان لمن افطر
کفارة الیمین اطعام عشرة مساکین وتدل علی ذلک الآیة الکریمة (لا یؤاخذکم الله فی اللغو فی ایمانکم ولکن یؤاخذکم بما عقتم الایمان) فهذه الآیة تدل بوضوح علی ذلک وهکذا الروایات ایضا تدل علی ذلک فکفارة الیمین اطعام عشرة مساکین من اوسط ما تطعمون اهلیکم او کسوتهم فان لم یتمکن من ذلک فصیام ثلاثة ایام هذه هی کفارة الیمین
ثم ذکر ان الکفارة صید النعامة وصید البقر الوحشی وصید الغزال اما کفارة صید النعامة الابل وکفارة صید البقر الوحشی البقر وکفارة الغزال الشاة وهذا یستفاد من الآیة المبارکة (یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آَمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّیْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْکُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) (1) المثلیة تقتضی ذلک مثل النعامة الابل مثل البقر الوحشی البقر ومثل الغزال الشاة فالآیة المبارکة تدل علی ذلک وهکذا الروایات
ص: 51
الموضوع : کتاب الصوم الکفارات
ذکر الماتن قدس سره : وکفارة صید النعامة وکفارة صید البقر الوحشی وکفارة صید الغزال فإن فی الأول تجب بدنة ومع العجز عنها صیام ثمانیة عشر یوما وفی الثانی یجب ذبح بقرة ومع العجز عنها صوم تسعة أیام وفی الثالث یجب فیه شاة ومع العجز عنها صوم ثلاثة أیام (1) ، وهکذا ذکره الماتن قدس سره ، یقع الکلام هنا فی امور :-
الامر الاول : ان الماتن قدس سره لم یذکر الاطعام فانه مذکور فی الروایات منها:
صحیحة علی بن جعفر فی کتابه عن أخیه موسی بن جعفر ( علیهما السلام ) قال : سألته عن رجل محرم أصاب نعامة ما علیه ؟ قال : علیه بدنة فإن لم یجد فلیتصدق علی ستین مسکینا فإن لم یجد فلیصم ثمانیة عشر یوما (2)
ان هذه الصحیحة واضحة الدلالة علی ان بعد العجز وعدم التمکن من الفداء فوظیفته اطعام ستین مسکینا لا صیام ثمانیة عشر یوما ، وسألته عن محرم أصاب بقرة ما علیه ؟ قال علیه بقرة ، فإن لم یجد فلیتصدق علی ثلاثین مسکینا ، فإن لم یجد فلیصم تسعة ، وهذه ایضا تدل علی ان کفارة صید البقرة اولا بقرة فان لم یجد فإطعام ثلاثین مسکین فان لم یتمکن فصیام تسعة ایام ،
وایضا تتمة الصحیحة قال : وسألته عن محرم أصاب ظبیا ما علیه ؟ قال : علیه شاة فإن لم یجد فلیتصدق علی عشرة مساکین ، فإن لم یجد فلیصم ثلاثة أیام (3) ، فان هذه الصحیحة واضحة الدلالة علی ذلک اما الماتن قدس سره لم یذکر الاطعام فی هذه الکفارات
ص: 52
وایضا صحیحة محمد بن علی بن الحسین بإسناده عن جمیل ، عن محمد بن مسلم وزرارة ، عن أبی عبدالله ( علیه السلام ) فی محرم قتل نعامة ، قال : علیه بدنة فإن لم یجد فإطعام ستین مسکینا ، فإن کانت قیمة البدنة أکثر من إطعام ستین مسکینا لم یزد علی إطعام ستین مسکینا ، وإن کانت قیمة البدنة أقل من طعام ستین مسکینا لم یکن علیه إلا قیمة البدنة. (1)
فهذه الصحیحة ایضا تدل علی ذلک ،
ومنها صحیحة معاویة ابن عمار قال ابو عبد الله علیه السلام من أصاب شیئا فداؤه بدنة من الإبل فإن لم یجد ما یشتری بدنة فأراد أن یتصدق فعلیه أن یطعم ستین مسکینا کل مسکین مدا ، فإن لم یقد علی ذلک صام مکان ذلک ثمانیة عشر یوما ، مکان کل عشرة مساکین ثلاثة أیام ، ومن کان علیه شیء من الصید فداؤه بقرة ، فإن لم یجد فلیطعم ثلاثین مسکینا ، فإن لم یجد فلیصم تسعة أیام ، ومن کان علیه شاة فلم یجد فلیطعم عشرة مساکین ، فمن لم یجد فصیام ثلاثة أیام (2)
فهذه الروایات واضحة الدلالة علی ان کفارة صید النعامة تأتی فیه اولها بدنة وان لم یتمکن منها اطعام ستین مسکین وان لم یتمکن من الاطعام صام ثمانیة عشر یوما وهکذا فی صید البقرة وکفارة صید الغزال.
الامر الثانی : هل یجب علیه اطعام اکثر من ستین یوما اذا کانت قیمة البدنة اکثر من اطعام ستین مسکینا وهل یجب علیه اطعام اکثر من ستین مسکین کإطعام سبعین مسکینا او لا یجب فاذا کانت قیمة البدنة اقل من قیمت اطعام ستین مسکینا فهل یجب علیه الاقل دون الاکثر فالروایة تدل علی ان قیمة البدنة اذا کانت اکثر من اطعام ستین مسکینا فلا یجب علیه الا اطعام ستین مسکین واما اذا کانت اقل من اطعام ستین مسکینا فلا یجب علیه الاکثر ویجوز له الاکتفاء بالأقل وتنص علی صحیحة محمد ابن مسلم فی محرم قتل نعامة قال بدنة فان لم یجد فاطعام ستین مسکینا فان کانت قیمة البدنة اکثر من اطعام ستین مسکینا وان کانت قیمة البدنة اقل من اطعام ستین مسکینا لم یکن علیه الا قیمة البدنة وفان هذه الصحیحة واضحة الدلالة من هذه الناحیة
ص: 53
الامر الثالث : ان ما ذکره الماتن من کفارة صید النعامة وکفارة صید البقر الوحشی وکفارة صید الغزال هل الاقتصار علی هذه الثلاثة هل من باب المثال او من باب الحصر؟
ذکر السید الاستاذ قدس سره ان ظاهر الامر انه من باب الحصر ثم اشکل علیه ان الامر لیس کذلک بل الحال فی کفارة صید الارنب کذلک وهکذا فی صید الحمار الوحشی ایضا کذلک کما فی الروایات الحمار الوحشی کفارته ککفارة البقر الوحشی ولا فرق بینهما بل فی بعض الروایات ان فی صید الحمار الوحشی بدنة وفی بعض الروایات بقرة وهذا الاختلاف یوجب التخییر فان المعمول به بین الروایتین ممکن لان کلا الروایتین تنفی بالإطلاق الناشئ من السقوط فی مقام البیان تنفی الاخر روایة البدنة تنفی البقرة بالإطلاق الناشئ من السقوط فی مقام البیان فان قید هذا الاطلاق بالصراحة کل منها وان الروایة التی تدل کفارة صید حمار الوحش بقرة تقید بذلک وهکذا بالعکس فالنتیجة المکلف مخیر بین البقرة وبین البدنة فی صید الحمار الوحشی
والظاهر ان الماتن ذکر هذه الثلاثة بالاقتصار علیها من باب المثال لیس الماتن من باب الحصر والحمار الوحشی حکمه حکم الثلاثة فی الانتقال بین الخصال الثلاثة للکفارة
ثم بعد ذلک ذکر قدس سره : فی کفارة الخروج من العلقة قبل الغروب بدنة اذا خرج من العلقة قبل الغروب متعمدا فکفارته بدنة فان عجز عنها فصیام ثمانیة عشر یوما ، هذا ثابت ولا شبهه علی ذلک وتدل علی ذلک الروایات
ثم ذکر الماتن قدس سره : کفارة خدش وجه المرأة ونتف شعرها او الرجل شق الثوب علی زوجته او علی ولده فکفارة شق الثوب کفارة الیمین وکفارة الخدش کفارة الیمین
ص: 54
واما کفارة جز الشعر کفارة افطار شهر رمضان عتق رقبة او اطعام ستین مسکین او صوم شهریین متتابعین ولا دلیل علی شیء من ذلک فان عمدة الدلیل علی ذلک روایة حنان بن سدیر وهذه الروایة ضعیفة من ناحیة السند فلا یمکن الاعتماد علیها فالحکم وان کان مشهور بین الاصحاب فلا دلیل علیه فان حنان ابن سدیر غیر موثق والدعوی علی الاجبار بالمشهور ایضا غیر جابر فالشهرة لا تکون حجة فکیف تکون جابرة فمن اجل ذلک لا دلیل علی شیء من هذه الکفارات.
الموضوع : المسألة (15)
ذکر الماتن (قده) لو نذر اعتکاف اربعة ایام فاخل بالیوم الرابع ولم یشترط التتابع ولا کان منساقا من نذره وجب قضاء ذلک الیوم وضم یومین آخرین والاولی ان یکون الیوم المقضی اول الثلاثة وان کان مختارا فی جعله ایا منها شاء .
ذکر الماتن (قده) اذا نذر اربعة ایام فاخل بالیوم الرابع لا شبهة فی وجوب اتیانه بالیوم الرابع , وحیث ان الاعتکاف لا یکون مشروعا فی اقل من ثلاثة ایام لابد من ضم یومین آخرین الیه , والاولی ان یجعل المقضی اول الثلاثة وان کان مختارا فی ای من هذه الایام الثلاثة شاء واراد .
ذکر السید الاستاذ علی ما فی تقریر بحثه ان هذا مبنی علی ان قصد الوفاء بالنذر معتبر فی تفریغ ذمة المکلف , فان کان معتبرا فلابد من قصده اما فی الیوم الاول او فی الیوم الثانی او فی الیوم الثالث , فان لم یقصد فی شیء من هذه الایام لم یفرغ ذمته عن وجوب الوفاء بالنذر , واما بناءا علی ما ذکرناه کما ذکره السید الاستاذ من ان قصد الوفاء بالنذر غیر معتبر فان معنی الوفاء اتمام الواجب والاتیان به والمفروض ان الامر بالوفاء بالنذر امر توصلی ولیس تعبدیا ولا یتوقف سقوطه علی قصد القربة وعلی هذا فاذا اعتکف فی الایام الثلاثة ولا یقصد الوفاء بالنذر لا فی الیوم الاول ولا فی الیوم الثانی ولا فی الیوم الثالث سقط الامر عن ذمته وان کان لا یعلم بذلک ولا یعلم انطباق المنذور علی الیوم الاول او انطباق المنذور علی الیوم الثانی او علی الاعتکاف فی الیوم الثالث سقط نذره ولایجب علیه الوفاء بالنذر فی تفریغ ذمته عن وجوب الوفاء بالنذر , هکذا ذکره السید الاستاذ (قده) علی ما فی تقریر بحثه .
ص: 55
وقد تقدم ان قصد الوفاء باللنذر وان لم یکن وقوما للعبادة والواجب الا انه ممیز فمن اجل ذلکیکون معتبرا , فاذا کان علیه صوم کفارة وصوم نذر وصام بدون ان یقصد الوفاء بالنذر ولاینوی صوم الکفارة ایضا فلا یقع شیء منهما , بل یقع الصوم مستحبا , باعتبار ان الصوم المستحب لا یکون معنونا بای عنوان , طبیعی الصوم یصدق علی الصوم المستحب , فاذا لم یاتی الوفاء بالنذر ولا الکفارة لم یقع شیء منهما اذ لم یکن هذا الصوم مصداقا لا للوفاء بالنذر ولا للوفاء بالکفارة , بل یقع مصداقا للصوم المستحب , بل اذا کان الصوم نذریا ولکنه صام بدون ان بنوی الوفاء بالنذر لم یکن هذا الصوم مصداقا للصوم المنذور بل یقع مصاقا للصوم المستحب فان الصوم المستحب لا یکون معنونا بای عنوان خاص , فلهذا اذا لم یقصد ای عنوان خاص فهو مصداق للصوم المستحب , فاذا لم ینو الوفاء بالنذر فیقع مصداقا للصوم المستحب فمن اجل ذلک یجب قصد الوفاء اما بالیوم الاول بان ینوی الاعتکاف بالیوم الاول او بالیوم الثانی او بالیوم الثالث , واما اذا لم ینو الوفاء بالنذر لا فی الیوم الاول ولا فی الیوم الثانی ولا فی الیوم الثالث یقع مصداقا للصوم المستحب , ولا یقع مصداقا للصوم المنذور ولا تفر ذمته عن الصوم المنذور .
هذا من جانب ومن جانب آخر قد یقال کما قیل : ان الامر بقضاء صوم المنذور بنفسه امر بضم الیومین الاخرین , باعتبار ان الاعتکاف اعتکاف بثلاثة ایام واجب واحد وعبادة واحدة وواجب بوجوب واحد نفسی , فالامر تعلق بمجموع هذه الایام الثلاثة , وکل یوم من هذه الایام الثلاثة جزء الموضوع لاتمام الموضوع , وعلی هذا فباعتبار ان الاعتکاف مرکب من الثلاثة ایام وهو واجب واحد وعبادة واحدة ومحکوم بوجوب واحد نفسی ومشتمل علی مصلحة واحدة فاذا المجموع مصداق للنذر لا الیوم الاول ولا الیوم الثانی ولا الثالث , فمجموع الایام الثلاثة واجب بوجوب واحد نفسی ومشتمل علی ملاک واحد وهو مصداق للوفاء بالنذر.
ص: 56
والجواب عن ذلک بحاجة الی بیان مقدمة: وهی ان الشروط علی قسمین :
القسم الاول : شروط الوجوب .
القسم الثانی : شروط الواجب .
اما شروط الوجوب فهی شروط للوجوب فی مرحلة الجعل وللملاک فی مرحلة المبادیء کالاستطاعة فان الاستطاعة شرط لوجوب الحج فی مرحلة الجعل وشرط للاتصاف بالملاک فی مرحلة المبادیء , وقبل الاستطاعة لاوجوب للحج ولا ملاک , وکذلک بالنسبة الی وجوب الصلاة فالوضوء شرط لوجوب الصلاة فی مرحلة الجعل ولاتصاف الصلاة بالملاک فی مرحلة المبادیء , وقبل الوضوء لا مصلحة للصلاة ولا ملاک , وکذلک بالنسبة للعقل ودخول الوقت .
فشروط الوجوب شروط للوجوب فی مرحلة الجعل وللملاک فی مرحلة المبادیء ,
واما شروط الواجب فهی شروط للصحة وشروط لترتب الملاک علی الواجب فی الخارج کطهارة البدن , وطهارة الثوب , والطهارة من الحدث , والستر , واستقبال القبلة ,
فاذا اتی المکلف بالصلاة واجدة لجمیع شروطها یترتب علیها ملاکها ویترتب علیها مصلحتها واما اذا کانت فاقدة للشروط فلا تترتب علیها مصلحتها . فهی شروط لترتب المصلحة للواجب فی الخارج ای لوجود الواجب فی الخارج ,
هذا من ناحیة ومن ناحیة اخری ذکر السید الاستاذ (قده) کما فی تقریر بحثه ان الواجبات المرکبة کالصلاة ونحوها ان لکل جزء منها حیثیتان : حیثیة الامر الضمنی المنبسط , فان الامر المتعلق بالصلاة ینبسط علی اجزاءها ویکون کل جزء من اجزاءها متعلق لجزء حصة من الامر وجزء من الامر المسمی الوجوب الضمنی . وحیثیة کونه مقدمة وحصة للجزء الآخر مثلا- التکبیرة منوطة ومشروطة بکونها ملحوقة بفاتحة الکتاب , ففاتحة الکتاب قید لصحة التکبیرة ومقدمة لصحة التکبیرة , وصحة القراءة مشروطة بکونها مسبوقة بتکبیرة الاحرام وملحوقة بالرکوع , وصحة الرکوع مشروطا بکونه مسبوقا بفاتحة الکتاب وملحوقا بالسجود وهکذا .....
ص: 57
وذکر (قده) ان ما نحن فیه کذلک فان الاعتکاف ایضا مرکب من الاعتکاف فی الایام الثلاثة , کل یوم جزء الواجب فالوجوب تعلق بالمجموع فهو واجب بوجوب واحد نفسی فالوجوب ینبسط علی اجزاءه وکل جزء واجب بوجوب ضمنی منبسط . هکذا ذکره السید الاستاذ وغیره کذلک .
وقد ذکرنا سابقا ان الوجوب الضمنی لا اصل له لان الوجوب امر اعتباری وفعل المولی مباشرة ولا یعقل فیه الانبساط ولا یعقل فیه الانحلال , ومعنی الانحلال انه لیس فعل المولی , المنحل لیس فعل المولی وفعل المولی الوجوب المستقل والوجوب الضمنی لیس فعل المولی ,مع ان الوجوب امر اعتباری وهو فعل المولی مباشرة ولا یعقل الانبساط والانحلال کما لا یعقل العلیة والمعلولیة فیه والسببیة والمسببیة فی الامور الاعتباریة مطلقا .
ومع الاغماض عن ذلک وتسلیم الوجوب النفسی فما ذکره السید الاستاذ (قده) من ان لکل جزء من الواجب المرکب حیثیتین حیثیة الامر النفسی الضمنی المتعلق به , حیثیة کونه قیدا ومقیدا لا یرجع الی معنی صحیح , فانه لا یعقل ان یکون کل جزء قیدا لجزء آخر , فان وجوب کل جزء جزء الوجوب للکل ولا شان له فی الاطلاق والتقیید الا شان وجوب الکل واطلاقه باطلاقه وتقییده بتقییده فلا بعقل ان یکون الوجوب الضمنی مقید بقید ولکن لا یمکن ان یکون وجوب الکل مقیدا بذلک القید وغیر معقول .
اضافة الی ان ذلک یستلزممحذور الدور , فان صحة التکبیرة تتوقف علی القراءة باعتبار ان القراءة قید لها , والمفروض ان صحة القراءة تتوقف علی التکبیرة باعتبار انها ایضا قید لها وهذا دور واضح . فلا یعقل کون الجزء قیدا لجزء آخر , فان کل جزء جزء الواجب , وهو تابع للواجب ولا شأن له الا شأن الواجب بالاطلاق والتقیید ولا یعقل ان یکون الجزء مقیدا بقید واما الواجب الکل فلا یکون مقیدا بهذا القید اذ معناه انه لیس جزء الواجب بل هو واجب مستقل وهذا خلف ,
ص: 58
فالنتیجة ان ما ذکره السید الاستاذ لا یمکن المساعدة علیه
واما فی المقام : فان فی المقام تارة یکون متعلق النذر اعتکاف ثلاثة ایام فعندئذ وجوب واحد متعلق بمجموع الاعتکاف فی ثلاثة ایام واعتکاف کل یوم جزء الواجب والمجموع واجب بوجوب واحد نفسی ومشتمل علی ملاک واحد. واخری یتعلق النذر باعتکاف یوم واحد , وحیث ان اعتکاف یوم واحد لایکون مشروعا الا بضم یومین آخرین , فضم یومین آخرین من باب المقدمة لا انه جزء الواجب , وفی هذا الاعتراض خلط بین کون النذر متعلقا باعتکاف مجموع الایام الثلاثة وبین کونه متعلقا بیوم واحد , وان کان متعلقا بالاعتکاف بالایام الثلاثة فعندئذ اعتکاف کل یوم جزء الواجب والمجموع واجب بوجوب واحد نفسی , واما اذا تعلق النذر باعتکاف یوم واحد فحیث ان اعتکاف یوم واحد لا یکون مشروعا الا بضم یومین, فضم یومین من باب المقدمة ولیس جزء الواجب , فاذا ما فی هذا الاعتراض من جعل جزء الواجب فهو مبنی علی هذا الخلط ولهذا فان هذا الاعتراض غیر صحیح ....
تحصل مما ذکرنا ان ما ذکره السید الاستاذ (قده) من ان جزء کل واجب مرکب کالصلاة ونحوها مشتمل علی حیثیتین , حیثیة الامر النفسی الضمنی المنبسط , وحیثیة کونه قیدا لصحة الجزء الآخر, فمن اجل ذلک کل جزء مقدمة للجزء الآخر غایة الامر من المقدمات الداخلیة لا المقدمات الخارجیة .
ولکن ذکرنا : ان اصل الوجوب المنبسط غیر معقول ولا اصل للوجوب الضمنی, فان الوجوب امر اعتباری غیر قابل للانبساط والتحلیل ,
ومع الاغماض عن ذلک فلا یمکن ان یکون وجوب کل جزء مشروطا بوجوب الجزء الآخر,او صحة لک جزء مشروطة لصحة الجزء الآخر - مثلا- صحة التکبیرة مشروطة بکونها ملحوقة بالقراءة , وصحة القراءة مشروطة بکونها مسبوقة بالتکبیرة , وملحوقة بالرکوع , کل ذلک لایمکن فان صحة التکبیرة نفس صحة القراءة والشرطیة تقتضی الاثنینیة والتغایر والمفروض ان هناک صحة واحدة وتنحل الی اجزاء وحصص باعتبار تعدد الاجزاء , فصحة التکبیرة مرتبطة ذاتا یصحة القراءة , وصحة القراءة مرتبطة ذاتا بصحة الرکوع وهکذا الی التسلیم ... فالمجموع صحة واحدة فلا یمکن ان تکون صحة التکبیرة مشروطة بصحة القراءة فان الشرطیة تقتضی الاثنینیة والتغایر ولا تغایر بینهما,
ص: 59
وایضا لزم الدور فان صحة التکبیرة متوقفة علی صحة القراءة , وصحة القراءة متوقفة ایضا علی صحة التکبیرة فان صحة التکبیرة مشروطة بکونها ملحوقة بصحة القراءة وصحة القراءة مشروطة بکونها مسبوقة بصحة التکبیرة , وملحوقة بصحة الرکوع فیلزم الدور ولایمکن ذلک .
وایضا لا یمکن ان یکون صحة کل جزء مشروطة بصحة الجزء الآخر , فان صحة کل جزء تابع لصحة الکل فی الاطلاق والاشتراط وفی جمیع الاحکام ولیس لها شأن فی مقابل صحة الکل , تابع لها فی الاطلاق والتقیید والاشتراط . فلا یمکن ان تکون صحة الجزء مشروطة بشیء من دون ان تکون صحة الکل مشروطة به , هذا غیر معقول .فلا یمکن ان تکون صحة التکبیرة مشروطة بصحة القراءة من دون ان تکون صحة الکل مشروطة بهذا الشرط , فان صحة الکل لا یعقل ان تکون مشروطة بهذا الشرط , فمن هذه الناحیة ما ذکره السید الاستاذ (قده) فی الاصول وفی المقام وکذلک غیره لایمکن المساعدة علیه بالتحلیل .
وعلی هذا ففی المقام الاشکال فی الاعتکاف مبنی علی الخلط فی کون النذر متعلقا بثلاثة ایام وکونه متعلقا بیوم واحد , فان النذر اذا تعلق بالاعتکاف ثلاثة ایام فالاعتکاف ثلاثة ایام واجب بوجوب واحد نفسی ومشتمل علی الملاک , من غیر فرق بین الاعتکاف یوم الاول او الثانی اوالثالث , وکل یوم منهما یکون جزء الواجب . واما اذا تعلق النذر باعتکاف یوم واحد , فالیوم الواحد هو المتعلق بالوجوب النفسی واما اعتکاف الیومین الآخرین فمن باب المقدمة لصحة هذا الاعتکاف , لا من باب انها جزء الواجب . والاشکال مبنی علی الخلط بینهما.
المسألة (16) :
ص: 60
ذکر الماتن (قده) : لو نذر اعتکاف خمسة ایام وجب ان یضم الیها سادسا , سواء تابع او فرق بین الثلاثتین .
_____________________________________________________________________________________________________________________________________________________________________
الامر کما افاده الماتن (قده) فانه اذا اعتکف ثلاثة ایام ثم اعتکف یومین وجب ضم الیه یوم ثالث , سواء تابع (ای کان متصلا بالثلاثة ایام الاولی او تفرق بعد یومین ) وجب علیه ضم یوم ثالث , وذلک لاطلاق صحیحة عبید بن زرارة عن ابی جعفر (ع) فی حدیث : قال من اعتکف ثلاثة ایام فهو فی یوم الرابع بالخیا , ان شاء اضاف ثلاثة ایام أخر , وان شاء خرج من المسجد , فان اقام یومین بعد الثلاثة فلا یخرج من المسجد حتی یتم ثلاثة ایام أخر (1) .
فان هذه الصحیحة تدل علی انه اذا اعتکف یومین أخرین وجب علیه ضم یوم ثالث , حتی یتم الثلاثة ایام.
واشکل علی ذلک المحقق الاردبیلی (قده) : بان الصحیحة مختصة بالاعتکاف المندوب فلا تشمل الاعتکاف المنذور , وعلی هذا فاذا اعتکف الاعتکاف المستحب المندوب فوظیفته ذلک , واما اذا نذر اعتکاف خمسة ایام فهذا الاعتکاف واجب علیه وهذا غیر مشمول لصحیحة عبید بن زرارة, فاذا لم یکن مشمولا للصحیحة فلا دلیل علی ضم الیوم الثالث , فاذا اعتکف خمسة ایام فلا یجب علیه ان یضم الیوم السادس لان المنذور اعتکاف خمسة ایام وهو غیر مشمول للصحیحة , فلا دلیل علی وجوب ضم یوم سادس الیه .هکذا ذکر المحقق الاردبیلی علی ما ذکره السید الاستاذ علی ما فی تقریر بحثه .
ص: 61
واشکل علیه : بان الصحیحة وان کانت مختصة بالمندوب الا ان الاعتکاف حقیقة واحدة وعبادة واحدة , ولها فردان : فرد منذور وواجب , وفرد مستحب , فاذا ثبت حکم لفرد ثبت لفرد آخر لاشتراکهما فی الحقیقة , باعتبار ااشتراک الفردین فی الحقیقة الواحدة , وحیث ان هذا الحکم (وجوب الیوم السادس) ثبت للاعتکاف المندوب فهو ثابت للاعتکاف الواجب ایضا . هکذا اشکل علی المحقق الاردبیلی (قده).
واشکل علیه السید الاستاذ (قده) علی ما فی تقریر بحثه : بان الحکم اذا ثبت فی مورد لفرد فلا یمکن التعدی منه الی مورد آخر لفرد آخر , فالتعدی بحاجة الی دلیل وقرینة , فاذا لم یکن هناک قرینة فلا یمکن التعدی من مورد الی مورد آخر , عن وفرد الی فرد آخر , نعم اذا ثبت الحکم للحقیقة (ای للجامع المشترک) فهو ثابت للفردین , واما اذا ثبت الحکم لفرد فلا یمکن التعدی منه الی فرد آخر والحکم بالثبوت , وهو بحاجة الی دلیل .
والصحیح فی المقام ان یقال : ان الاعتکاف حقیقة واحدة , اصا الاعتکاف المجعول فی الشریعة المقدسة هو مندوب ومستحب کسائر المستحبات ولیس بواجب , ووجوبه انما هو بالعرض (ای بعنوان ثانوی) کالنذر او العهد او الشرط او اذا اعتکف یومین فوجب الیوم الثالث , فالوجوب انما هو بعنوان ثانوی , ومن الواضح ان العنوان الثانوی لا یقید الحکم المستحب کما لو نذر صلاة اللیل فانها واجبة علیه بالنذر الا ان هذا الوجوب الجائی من قبل النذر (ای من العنوان الثانوی) لایغیر احکام صلاة اللیل , فان من احکام النوافل مثلا الزیادة لا تکون مبطلة , فاذا شک فی النافلة بالزائد والناقص بنی علی الناقص وما شاکل ذلک , فان هذه الحکام ثابتة سواء کانت واجبة بالعنوان الثانوی ام لم تکن واجبة , فالعنوان الثانوی لا یغیر حکم ماهو ثابت بالعنوان الاولی , وما نحن فیه کذلک وما هو ثابت للاعتکاف بالعنوان الاولی المستحب فاذا وجب بعنوان ثانوی فهو لا یغیر حکمه . فعلی هذا یجب علیه ان یضم الیوم السادس فان الحکم الاولی هو ضم الیوم السادس اذا اعتکف یومین آخرین بعد الثلاثة ایام وجب ضم الیوم الثالث , وکذلک اذا نذر اعتکاف خمسة ایام وجب ضم یوم ثالث فلا فرق من هذه الناحیة فان عنوان النذر عنوان ثانوی , والوجوب بالعنوان الثانوی لا یغیر ما ثبت له بعنوان اولی ,
ص: 62
فلا وجه لهذا الاشکال فان الحکم لا یثبت للفرد والحکم ثابت للاعتکاف بالعنوان الاولی لا للفرد حتی یقال انه لا یجوز التعدی من فرد الی فرد آخر , والتعدی بحاجة الی دلیل . والحکم ثابت للاعتکاف بعنوان اولی واذا طرأ علیه عنوان ثانوی فوجب بعنوان ثانوی فهو لا یوجب تغییر ما ثبت بعنوان اولی , فهذا الحکم ثابت سواء کان العنوان ثانوی کالنذر او العهد او ماشاکل ذلک .
الموضوع : الاعتکاف
تحصل مما ذکرناه ان الاعتکاف حقیقة واحدة وهو عبارة عن اللبث فی المسجد والمکث فیه ، وله احکام وشروط ، والشارع جعله مستحبا ومندوبا ، وقد یطرأ علیه الوجوب بعنوان ثانوی کالنذر والعهد ، وطروء الوجوب علیه بالعنوان الثانوی لا یوجب تغییره ، فان الوجوب امر اعتباری لا یصلح ان یکون مغیرا لشیء ، کما ان النذر امر اعتباری لا یمکن ان یکون مغیرا لشیء.
فعروض الوجوب علیه بعنوان ثانوی کعنوان النذر او الشرط او العهد لا یوجب التغییر فی الموضوع ، فالواجب لیس فرد آخر غیر المندوب وهو المندوب حقیقة وصار واجب بالعرض ، کما اذا نذر نافلة اللیل فانه لا یغیر النافلة وهی باقیة علی جمیع احکامها ، او نذر نافلة مرتبة فالنافلة باقیة علی جمیع احکامها ومجرد عروض الوجوب علیها بعنوان ثانوی کالنذر او العهد لا یوجب التغییر .
فما فی الجواب عن المحقق الاردبیلی من ان هناک فردین احدهما المندوب والآخر الواجب لیس الامر کذلک ، بل هما فرد واحد قد یطرأ علیه الوجوب بعنوان ثانوی ، وله حکم واحد وشروط واحدة .
ص: 63
کما ان ما ذکره السید الاستاذ (قده) من انه لا یمکن التعدی من حکم فرد الی حکم فرد آخر، لیس الامر کذلک لیس هنا فردان لکی یکون احدهما محکوم بحکم ویمکن التعدی الی حکم فرد آخر لیس محکوما بهذا الحکم .
ثم ذکر السید الاستاذ (قده) علی ما فی تقریر بحثه : والصحیح ان الصحیحة تشمل الواجب والمندوب معا ، ولا تختص بالاعتکاف المندوب بل تشمل الواجب ایضا ، غایة الامر تشمل الواجب الموسع ولا تشمل الواجب المعین ، باعتبار ان الوارد فی الصحیحة (اذا اعتکف ثلاثة ایام وهو فی الیوم الرابع بالخیار یرید ان یخرج من المسجد ویرید ان یعتکف ) فالصحیحة تشمل الواجب ولکنه الواجب الموسع ، فان الواجب الموسع لا ینافی ان یکون فی الیوم الرابع هو بالخیار ، ولا یشمل الواجب المعین .
الظاهر ان الصحیحة فی مورد بیان حکم الاعتکاف ، ولیست ناظرة الی انه واجب او مستحب ، واردة فی بیان حکم الاعتکاف وان المکلف اذا اعتکف ثلاثة ایام انتهی هذا الاعتکاف ، واما بالنسبة الی الاعتکاف الثانی فهو مخیر بین ان یعتکف یومین آخرین وضم یوم ثالث ، او لا یخرج من المسجد. ای انه مخیر بین التفریق والتتابع ، وهذا الحکم یعم الواجب ایضا فاذا طرأ علیه الوجوب (وجوب التتابع) حکم التتابع مذکور فی هذه الصحیحة فان هذه الصحیحة تدل علی ان المکلف مخیر بین التتابع وبین التفریق ، فاذا اعتکف بعد الایام الثلاثة متتابعا فی الیوم الرابع والیوم الخامس وجب علیه ضم الیوم السادس ، وکذلک الحال فی فرض التفریق ، فعلی هذا اذا نذر اعتکاف خمسة ایام وبعد الثلاثة اعتکف الیوم الرابع والیوم الخامس متتابعاوجب علیه ضم الیوم السادس ، فهذا المعنی هو المستفاد من الصحیحة ، فان الصحیحة تدل علی حکم التفریق وحکم التتابع کلیهما معا ، سواء أکان التتابع فی نفسه جائزا او واجبا ، والتفریق جائزا او واجبا ، لا فرق فی ذلک والصحیحة بینت حکم التفریق والتتابع معا ، فلا فرق بین کون الواجب والمستحب ، فان الواجب لیس فردا آخر والصحیحة فی مقام بیان حکم الاعتکاف ولا نظر لها الی انه واجب او مستحب ، باعتبار ان الواجب لیس فردا آخر حتی یقال ان الصحیحة تشمله او لا تشمله .
ص: 64
المسألة (17):
لو نذر زمانا معینا شهرا او غیره وترکه نسیانا او عصیانا او اضطرارا وجب قضاؤه . (1)
ذکر السید الاستاذ (قده) :علی ما فی تقریر بحثه ان عمدة الدلیل علی وجوب القضاء هو الاجماع ، فقد ادعی الاجماع علی وجوب القضاء فی هذه المسألة ، والتزم بهذا الاجماع من لم یلتزم بالاجماع کصاحب المدارک (قده) فانه لا یلتزم بالاجماعات المنقولة مع ذلک فی المقام التزم بذلک وذکر ان الحکم مقطوع به عند الاصحاب فلا یبعد تحقق الاجماع فی المقام .
وکیفما کان فقد ذکر السید الاستاذ ان عمدة الدلیل هو الاجماع ، واما الروایات فلا یمکن الاستدلال بها ، فانه لا یمکن الاستدلال بالمرسل النبوی (اقض ما فات کما فات) فانه ضعیف من ناحیة الارسال فلا یمکن الاستدلال به . وکذلک بالمرسلة الاخری (من فاتته فریضة فلیقضها ) فانه لا یمکن الاستدلال بها من جهة ضعفها سندا .
واما صحیحة زرارة (یقضی ما فاته کما فاته (2) ) فقد ذکر ان الصحیحة مختصة بالصلاة ولا یمکن التعدی من موردها الی باقی الموارد.
ولکن ذکرنا بان الصحیحة مطلقة وتطبیقها فی الصلاة والتطبیق لا یوجب التخصیص ، وان کلمة (ما) الموصولة مطلقة ، فالصحیحة تدل علی امرین :
احدهما : وجوب قضاء ما فات .
والآخر : اعتبار المماثلة بین المقضی والفائت .
ص: 65
فالمماثلة معتبرة بین المقضی والفائت ، فلا مانع من التمسک باطلاق هذه الصحیحة لاثبات وجوب القضاء فی المقام .
وقد یستدل علی ذلک بجملة من الروایات الأخری :
منها الروایات الواردة فی المرأة الحائض اوفی المریض :
صحیحة عبد الرحمن بن الحجاج : عن ابی عبد الله (ع) قال : اذا مرض المعتکف او طمثت المرأة المعتکفة فانه یأتی بیته ثم یعید اذا بریء ویصوم ) وسائل الشیعة، الشیخ حر العاملی، ج10، ص554، باب جواز خروج المعتکف لمرض او حیض، باب11، الحدیث1، ط آل البیت. . وناقش فیه السید الاستاذ (قده) بان هذه الصحیحة لا تدل علی وجوب القضاء وتدل علی وجوب الاعادة، والامر بالاعادة امر ارشادی ، ارشاد الی بطلان الاعتکاف بالمرض ، باعتبار انه اذا صار مریضا لا یقدر علی الصوم ، او اذا صارت المرأة حائضا لا تقدر علی المکث فی المسجد او الصوم،فمن اجل ذلک الاعتکاف باطل.فالامر بالاعادة فی هذه الصحیحة ارشاد الی بطلان الاعتکاف الاول والامر باعادة الاعتکاف الاول ، ولا تدل علی وجوب القضاء ، فان وجوب القضاء منوط بان یکون الاعتکاف موقتا بوقت خاص وقد فات الاعتکاف فی وقته فعندئذ هل یجب قضاءه فی خارج الوقت ؟ او لا یجب القضاء فی خارج الوقت ؟ والروایة خالیة عن ذلک وهی تدل علی ان الرجل اوالمرأة اعتکف فی المسجد ومرض ولم یقدرعلی الصیام بطل اعتکافه وامر الامام (ع) بالاعادة فانه ظاهر فی ان الامر بالاعادة ارشاد الیبطلان الاعتکاف الاول واعادته مرة اخری .فهذه الصحیحة لا تدل علی وجوب القضاء .
ومنها صحیحة ابی بصیر عن ابی عبد الله (ع) :فی المعتکفة اذا طمثت ؟ قال : ترجع الی بیتها فاذا طهرت رجعت وقضت ما علیها . وسائل الشیعة، الشیخ حر العاملی، ج10، ص555، باب جواز خروج المعتکف لمرض او حیض، باب11، الحدیث3، ط آل البیت. قال (قده) ان المراد من القضاء معناه اللغوی ( مطلق الاتیان ) فان اعتکافها قد بطل بمجیء الحیض ، فاذا بطل فعلیها اعادة هذا الاعتکاف . فحال هذه الصحیحة حال الصحیحة الاولی ، وان الامر بالقضاء ارشاد الی بطلان الاعتکاف الاول واعادته ، ولا تدل علی وجوب القضاء . وعلی تقدیر الدلالة علی وجوب القضاء لا یمکن التعدی عن مورد هذه الروایات الی مورد تلک الموارد فان التعدی بحاجة الی قرینة ، فاذا فات الاعتکاف بترکه نسیانا او عصیانا او اضطرارا فالتعدی عن مورد هذه الروایات الی وجوب القضاء فی هذه الموارد بحاجة الی دلیل .
ص: 66
الموضوع : قضاء الاعتکاف
ذکرنا ان السید الاستاذ (قده) قد ذکران عمدة الدلیل علی وجوب قضاء الاعتکاف المنذور الاجماع ولا دلیل غیر الاجماع، واما الروایات فهی لا تدل علی وجوب القضاء، لانها اما ضعیفة من ناحیة السند کالمرسلتین، او من ناحیة الدلالة کصحیحة زرارة.
ولکن ذکرنا ان صحیحة زرارة لا مانع من شمولها للمقام، فانها مطلقة، غایة الامر ان تطبیقها علی باب الصلاة لا یوجب التخصیص والتقیید .
فالصحیحة تدل علی امرین :
احدهما : وجوب قضاء الفائت .
والآخر : اعتبار المماثلة بین المقضی وبین الفائت .
وربما استدل علی وجوب القضاء بما دل علی وجوب قضاء الصوم المنذور المعین، فاذا نذر صوم یوم معین کیوم الجمعة او ما شاکله، وترکه عصیانا او نسیانا او اضطرارا، وجب علیه قضاءه . ویمکن الاستدلال به علی وجوب القضاء فی المقام، فان الاعتکاف یستلزم الصوم، فالصوم صوم معین بمقتضی ما دل علی وجوب قضاء الصوم المعین یجب قضاءه، ووجوب قضاءه یستلزم وجوب قضاء الاعتکاف ایضا بالدلالة الالتزامیة فی المقام .
ولکن لا یمکن الاستدلال علی ذلک، فان مورد النذر فی المقام ومصب النذر هو الاعتکاف، غایة الامر الصوم شرط فی صحة الاعتکاف، واما مورد الروایات فمصب النذر ومورده هو صوم الیوم المعین، فلا یمکن التعدی عن مورد هذه الروایات الی المقام، والتعدی بحاجة الی قرینة ولا قرینة علی التعدی .
واما الروایات الواردة فی المریض والحائض، فلا یمکن العمل بهذه الروایات وان کانت تامة من ناحیة السند، فانه لا شبهة فی عدم وجوب اعادة الاعتکاف، فان الاعتاف فی نفسه مستحب، ولا یحتمل انه اذا ابطل اعتکافه او بطل اعتکافه بالاخلال به وجب اعادته، هذا غیر محتمل . فالعمل بظاهر هذه الروایات الدالة علی وجوب الاعادة او وجوب القضاء لا یمکن الأخذ به . نعم استحباب الاعادة فلا بأس به وکذلک استحباب القضاء، کاستحباب قضاء النوافل، ولکن وجوب الاعادة کما هو ظاهر الروایة او وجوب القضاء فلا یمکن العمل به .
ص: 67
فالأخذ بظاهر هذه الروایات لا یمکن، والتعدی بحاجة الی قرینة فلا یمکن العمل بهذه الروایات والاستدلال بها .
وهنا روایة أخری الامر فیها کذلک وهی موثقة ابی بصیر عن ابی عبد الله (ع) قال : أی امرأة کانت معتکفة، ثم حرمت علیها الصلاة فخرجت من المسجد وطهرت، فلیس ینبغی لزوجها ان یجامعها حتی تعود الی المسجد وتقضی اعتکافها (1)
.
فانه لا یمکن الأخذ بظاهرهذه الروایة، أذ معناه ان اعتکافها باق علی ذمتها فهی غیر باطلة، وبعد الطهارة فلا یجوز لزوجها ان یجامعها حتی تعود الی المسجد وتتم اعتکافها، فهذه الروایة وان کانت تامة سندا الّا انه لا یمکن الأخذ بظاهر هذه الروایة .
فالنتیجة انه (علی ما ذکره السید الاستاذ (قده)) لا یوجد دلیل علی وجوب القضاء غیر الاجماع .
ولکن ذکرنا غیر مرة ان الاعتماد علی الاجماع لا یمکن، ولا یمکن اثبات الحکم منه، فان الاجماع فی نفسه لا یکون حجة، وحجیته من جهة انه واصل الینا من زمن الائمة (ع) یدا بید وطبقة بعد طبقة، ولا طریق لنا الی ذلک، ولا طریق لنا الی الاجماعات المنقولة بین المتأخرین، فان اثبات ان هذه الاجماعات ثابتة عند المتقدمین مشکل، فضلا عن ان هذه الاجماعات قد وصلت الینا من زمن الائمة (ع)، فلا یمکن الاعتماد علی الاجماع، والعمدة اطلاق صحیحة زرارة، ومقتضی هذا الاطلاق انه لا مانع من الحکم بوجوب القضاء .
ثم ذکر الماتن (قده) : ولو عمت الشهور فلم یتعین عنده ذلک المعین عمل بالظن، ومع عدمه یتخیر بین موارد الاحتمال .
ص: 68
هذا لعله المعروف والمشهور بین الاصحاب، اذا لم یتمکن المکلف من الامتثال القطعی فتصل النوبة الی الامتثال الظنی، واذا لم یتمکن من الامتثال الظنی لعدم حصول الظن له فوظیفته التخییر، مخیر بین افراد الاحتمال.
والسید الماتن (قده) فی المقام بنی علی ذلک، فاذا فرضنا ان الشهر المنذور اشتبه بین شهور، فلا یدری انه هذا الشهر او الشهر الثانی او الشهر الثالث، فان ظن بأن هذا الشهر او الشهر الثانی عمل بهذا الظن واعتکف فی هذا الشهر المظنون، واما اذا لم یظن بذلک تخیر بین ان یعتکف فی الشهر الاول او الشهر الثانی او الثالث، ولکن من الواضح انه لا دلیل علی حجیة الظن حتی نعمل به، بل فی المقام العلم الاجمالی موجود، ومقتضی هذا العلم الاجمالی هو الاحتیاط، فهو یعلم ان هذا الشهر المنذور اعتکافه أحد هذه الشهور فیجب علیه الاحتیاط والاعتکاف فی جمیع هذه الشهور، الاّ اذا کان حرجیا علیه فهو مرفوع وجوبه بمقدار الحرج، فطالما لم یکن حرجیا فیجب علیه الاعتکاف من باب الاحتیاط .
فمقتضی القاعدة فی المقام هو وجوب الاحتیاط ، لا العمل بالتخییر ولا العمل بالظن والاحتیاط ان امکن ولم یکن حرجیا .
وهل یمکن التمسک بالاستصحاب ؟ استصحاب بقاء الشهر المنذور الی الشهر الأخیر ؟ او لا یمکن ؟
ذکر السید الاستاذ (قده) ان هذا الاستصحاب معارض باستصحاب بقاء عدمه المردد بین العدم الازلی والعدم الحادث .
وقد تقدم تفصیل ذلک سابقا.
وهنا مسألة اخری نتعرض لها وهی : فی باب الاسیر اذا لم یعلم شهر رمضان فیعمل بالظن وقد ورد ذلک فی الروایة، وهی صحیحة عبد الرحمن بن ابی عبد الله عن ابی عبد الله (ع) قال : قلت له رجل أسرته الروم ولم یصح له شهر رمضان، ولم یدر ای شهر هو، قال یصوم شهر یتوخی ویحسب، فان کان الشهر الذی صامه قبل شهر رمضان لم یجزه، وان کان بعد شهر رمضان أجزأه . (1)
ص: 69
فهذه الصحیحة تدل علی ذلک، ولکن موردها الأسیر، ولکن التعدی من موردها الی مورد نذر اعتکاف شهر معین بحاجة الی دلیل والی قرینة .
واما ما ذکره السید الاستاذ (قده) فی المقام من ان استصحاب بقاء شهر المنذور الی الشهر الأخیر معارض باستصحاب بقاء عدمه المردد بین عدمه الأزلی وعدمه الحادث فسوف نتکلم فی انه معارض ام لا ؟
الموضوع : عدم استصحاب الشهر المنذور
ذکر الماتن (قده) : لو عمت الشهور ولم یتعین عنده ذلک المعین ، عمل یالظن ومع عدمه یتخیر بین موارد الاحتمال (1) .
هذا وان کان معروفا ولکن استشکل علیه السید الاستاذ(قده) علی ما فی تقریر بحثه ان الظن لا یکون حجة ولا أثر للظن والمرجع الاحتیاط فی المقام ، للعلم الاجمالی بان الشهر المنذور احد هذه الشهور ، فاذا فرضنا ان الشهر المنذور مردد بین ثلاثة شهور یعلم اجمالا بان الشهر المنذور احد هذه الشهور ، ومقتضی العلم الاجمالی هو الاحتیاط ، والاعتکاف فی تمام هذه الشهور الاّ اذا کان حرجیا ، طالما لم یکن حرجیا وجب علیه ذلک بمقتضی العلم الاجمالی .
ولکن قد یقال کما قیل : ان استصحاب بقاء الشهر المنذور الی الشهر الاخیر یوجب انحلال هذا العلم الاجمالی ، بتقریب انه فی الیوم الاول من الشهر الاخیر یعلم ان الشهر المنذور قد دخل اما من الآن وهذا الیوم اول یوم الشهر المنذور ، او دخل من السابق من الشهرین السابقین ، فهو یعلم اجمالا من الآن بدخول الشهر المنذور اما من الآن او من السابق ، وشک فی بقاءه وان هذا التردد منشأه الشک فی البقاء فیستصحب بقاء الشهر المنذور الی الشهر الاخیر ، وهذا الاستصحاب موجب لانحلال العلم الاجمالی حکما ، فان الاصل العملی اذا جری فی بعض اطراف العلم الاجمالی دون البعض الاخر فهو یوجب انحلال الحکم وما نحن فیه کذلک .
ص: 70
ولکن اورد علیه السید الاستاذ (قده) : بان هذا الاستصحاب معارض باستصحاب بقاء عدم الشهر المنذور ، لان المکلف فی هذا الوقت - ای فی اول الشهر الثالث کما یعلم بدخول الشهر المنذور اما من الآن او من السابق کذلک یعلم بعدمه الجامع بین العدم الازلی والعدم الحادث ، فان الشهر المنذور ان حدث فی الشهرین السابقین فعدم الحادث باق الآن ، وان لم یحدث فالعدم الازلی باق الی الآن ، فهو یعلم بالعدم الجامع بین العدم الازلی والعدم الحادث . وهذا الترتب منشأ للشک فی بقاء هذا العدم ، وعندئذ استصحاب بقاء الشهر المنذور معارض باستصحاب بقاء العدم الجامع بین العدم الازلی والعدم الحادث ویسقطان من جهة المعارضة والمرجع اصالة الاحتیاط فی المقام .
ولکن قد ذکرنا فی محله ان کلا الاستصحابین لا یجری فی نفسه ، لا استصحاب بقاء الشهر المنذور ، ولا استصحاب بقاء العدم ، کلا الاستصحابین لا یجری فی نفسه حتی یقع التعارض بینهما :
اما استصحاب بقاء الشهر المنذور : فان ارید من بقاء الشهر المنذور بقاء الجامع بین الشهر السابق وبین الشهر اللاحق کما هو المفروض ، لان الجامع هو المعلوم بالاجمال لا الفرد ، فانه من الآن یعلم اجمالا بتحقق الشهر المنذور اما من الآن او من السابق ، فالمعلوم انما هو الجامع وعندئذ یشک فی بقاء الجامع .
فیرد علیه ان الجامع لیس موضوعا للاثر حتی یجری استصحاب بقاءه ، فانا ذکرنا ان الاستصحاب متقوم بثلاثة عناصر :
العنصر الاول : الیقین بالحدوث .
العنصر الثانی : الشک فی البقاء .
العنصر الثالث : ترتب اثر شرعی علی المستصحب .
ص: 71
والمفروض ان الاثر الشرعی غیر مترتب علی الجامع ، والاثر الشرعی مترتب علی الفرد ووالشهر المنذور المعین الذی هو فرد خارجی . فالمستصحب اذا کان هو الجامع فلا اثر له ، فلا یجری الاستصحاب بلحاظ الجامع .
وان ارید به واقع الشهر ، فهو مردد بین فردین مقطوع الارتفاع وبین فرد مقطوع البقاء علی تقدیر الحدوث ، فان الشهر المنذور ان تحقق سابقا فهو مقطوع الارتفاع ، وان تحقق فعلا فهو مقطوع البقاء ، فیدور الامر بین فردین مترددین احدهما مقطوع الارتفاع علی تقدیر الحدوث ، والآخر مقطوع البقاء علی تقدیر الحدوث ، فلا یکون الشک فی بقاء شیء منهما حتی یجری الاستصحاب . الاستصحاب فی الفرد المردد غیر جاری ، لان الشک لیس متمحضا فی البقاء ، وفی المقام الشک لیس متمحضا فی البقاء لان احد الفردین مقطوع الارتفاع علی تقدیر حدوثه ، والفرد الآخر مقطوع البقاء علی تقدیر حدوثه ، فلا الیقین بالحدوث موجود النسبة الی الفردین ، ولا الشک فی البقاء ، فارکان الاستصحاب غیر تامة حتی یجری .
فالنتیجة : ان ارید من استصحاب بقاء الشهر الجامع بین الشهرین فالجامع لیس موضوعا للاثر حتی یجری الاستصحاب بلحاظه ، وان ارید واقع الشهر فهو مردد بین فردین احدهما مقطوع الارتفاع ، والآخر مقطوع البقاء علی تقدیر الحدوث فلا یجری الاستصحاب .
واما استصحاب بقاء العدم الجامع بین العدم الازلی والعدم الحادث :
فان ارید من استصحاب بقاء العدم بقاء الجامع العدم بین العدم الازلی وبین العدم الحادث ، والجامع العدم لیس موضوعا للاثر وموضوع الاثر عدم الشهر المنذور وهو عدم خاص ، واما الجامع العدم فلیس موضوعا للاثر حتی یجری الاستصحاب بلحاظه ، فارکان الاستصحاب وان کانت تامة الاّ ان المستصحب لیس موضوعا للاثر فمن اجل ذلک لا یجری الاستصحاب .
ص: 72
وان ارید بذلک واقع جامع العدم ، وواقع العدم مردد بین فرد مقطوع الارتفاع ، وبین فرد مقطوع البقاء علی تقدیر حدوثه ، فان العدم الازلی مقطوع الارتفاع علی تقدیر حدوث الشهر المنذور فی ضمن الشهرین السابقین ، واما العدم الحادث فهو مقطوع البقاء علی تقدیر حدوث الشهر المنذور فی احد الشهرین السابقین ، فارکان الاستصحاب غیر تامة من الیقین بالحدوث والشک فی البقاء ، فان ارکان الاستصحاب الیقین بالحدوث متمحضا بالحدوث والشک متمحضا فی البقاء ، وهی فی المقام غیر تامة بالنسبة الی الفردین الواقعیین . فمن اجل ذلک لا یجری استصحاب بقاء عدم الشهر المنذور ، ولا یجری فی نفسه حتی یقع التعارض بین الاستصحابین ولا استصحاب بقاء الشهر حتی یقع التعارض بینهما .
واما استصحاب عدم دخول الشهر المنذور : فان المکلف یشک فی الشهر الاول انه دخل الشهر المنذور او لم یدخل ؟ فلا مانع من استصحاب عدم دخوله ، وکذلک فی الشهر الثانی ، وفی الشهر الثالث یعلم بدخوله سابقا او لاحقا ، ولکن هذا الاستصحاب ایضا معارض ، فان استصحاب عدم الدخول لا یجری فی جمیع الشهور لاستلزامه المخالفة القطعیة العملیة ، وجریانه فی البعض دون البعض الآخر ترجیح من غیر مرجح ، فاستصحاب عدم الدخول ایضا لا یجری .
کما لا یمکن التمسک باصالة البراءة : فان اصالة البراءة عن وجوب الاعتکاف بالنسبة الی جمیع الشهور لا تجری ، لاستلزام جریانها المخالفة القطعیة العملیة ، کما ان جریانها فی بعض الشهور دون البعض الآخر ترجیح من غیر مرجح .
فمن اجل ذلک لا تجری لا اصالة البراءة عن الجمیع ، ولا استصحاب عدم الدخول ، ولا استصحاب بقاء الشهر المنذور ، ولا استصحاب بقاء عدمه .
ص: 73
فلا یجری شیء من هذه الاصول، فلا مناص من الاحتیاط والاعتکاف فی جمیع الشهور، لان العلم الاجمالی فی المقام منجز، والاصل العملی المؤمن لا یجری فی اطرافه ، الاّ اذا استلزم الحرج والضرر ، فطالما لم یستلزم الحرج والضرر یجب علیه الاعتکاف .
الموضوع : المسألة (18) : یعتبر فی الاعتکاف الواحد وحدة المسجد فلا یجوز ان یجعله فی مسجدین سواء اکانا متصلین ام منفصلین نعم لو کان متصلین علی وجه یعد مسجدا واحدا فلا مانع .
الامر کما افاده (قده) وذلک لامور :
الامر الاول : ان سیرة المتشرعة جاریة من زمن الرسول الاکرم (ص) الی زماننا هذا , ان الاعتکاف فی مسجد واحد وهو المسجد الجامع او مسجد یصلی فیه الجمعة او الجماعة علی ما تقدم البحث فیه . فهذه السیرة بما انها متصلة بزمان الائمة (ع) فتکون حجة , وخلافها لم یظهر من هذه السیرة .
الامر الثانی : ان المنصرف من الروایات التی تدل علی الاعتکاف فی مسجد منصرف الی الاعتکاف فی مسجد واحد , اما اذا اعتکف فی مسجدین او اکثر بان یکون مکثه فی یوم فی مسجد وفی یوم ثانی فی مسجد آخر وفی یوم ثالث فی مسجد ثالث هذا غیر منصرف من هذه الروایات , المنصرف منها هو الاعتکاف واللبث فی مسجد واحد.
الامر الثالث : الروایات التی تدل علی ان من خرج من المسجد لضرورة فیجب علیه ان یرجع الی نفس المسجد , فان هذه الروایات تدل علی انه لا یجوز تعدد الاعتکاف فی مسجدین :
ص: 74
منها : صحیحة منصور بن حازم عن ابی عبد الله (ع) : قال : المعتکف بمکة یصلی فی ای بیوتها شاء , والمعتکف بغیرها لا یصلی الاّ فی المسجد الذی سماه (1) . فان مکة بما انها حرم الله تعالی یجوز الاعتکاف فی تمام مکة لانها بمنزلة مسجد واحد , وهی تدل بوضوح علی عدم جواز الاعتکاف فی مسجدین .
ومنها : صحیحة عبد الله بن سنان عن ابی عبد الله (ع) :قال : سمعته یقول المعتکف فی مکة یصلی فی ای بیوتها شاء , سواء علیه صلی فی المسجد او فی بیوتها ....الی ان قال ولا یصلی المعتکف فی بیت غیر المسجد الذی اعتکف فیه الاّ بمکة (2) . فان هذه الصحیحة تدل علی ان المعتکف فی المسجد لا یصلی الاّ فی نفس هذا المسجد ولا یصلی فی غیره .
ومنها : صحیحة داود بن سرحان عن ابی عبد الله (ع) فی حدیث قال : ولا ینبغی للمعتکف ان یخرج من المسجد الجامع الاّ لحاجة لابد منها , ثم لا یجلس حتی یرجع (3) . فقوله ( حتی یرجع ) ظاهر فی الرجوع الی نفس المسجد . لا انه یرجع الی مسجد آخر .
ص: 75
ومثلها صحیحة الحلبی : ولا ینبغی للمعتکف ان یخرج من المسجد الجامع الاّ لحاجة لابد منها , ثم لا یجلس حتی یرجع (1) .
ومنها صحیحته الاخری (داود بن سرحان) قال : کنت بالمدینة فی شهر رمضان فقلت لابی عبد الله (ع) انی ارید ان اعتکف فماذا اقول وماذا افرض علی نفسی ؟ فقال : لا تخرج من المسجد الاّ لحاجة لا بد منها , ولا تقعد تحت ظلال حتی تعود الی مجلسک (2) . فان هذه الصحیحة واضحة الدلالة .
وکیفما کان فلا یجوز الاعتکاف فی المسجدین , ان لم یثبت مشروعیة الاعتکاف فی المسجدین فلابد ان یکون الاعتکاف فی مسجد واحد .
المسألة (19) : لو اعتکف فی مسجد ثم اتفق مانع من اتمامه فیه من خوف او هدم او نحو ذلک بطل , ووجب علیه استئنافه او قضاؤه ان کان واجبا فی مسجد آخر او ذلک المسجد اذا ارتفع عنه المانع .
لان المعتبر فی صحة الاعتکاف امران : احدهما : ان یکون فی مسجد واحد . الثانی : ان تکون ثلاثة ایام متصلة ولا یجوز الفاصل بینها .
فلا یجوز اتمامه فی مسجد آخر لانه لا یجوز الاعتکاف فی مسجدین بل لابد ان یکون فی مسجد واحد , ولا یجوز اتمامه بعد ارتفاع المانع لانه یوجب الفصل بین ایام الاعتکاف. فمن اجل ذلک بطل اعتکافه , فلا یجوز له اتمامه فی مسجد آخر , ولا اتمامه فی هذا المسجد بعد ارتفاع المانع .
ص: 76
المسألة (20) : سطح المسجد وسردابه ومحرابه منه ما لم یعلم خروجها , وکذا مضافاته اذا جعلت جزء منه کما لو وسع فیه.
لم یتعرض الماتن (قده) لصورة الشک , وظاهره دخولها فی المستثنی منه ( ما لم یعلم خروجها ) , العلم بأنه لیس بمسجد غیر مجز , اما ما لم یعلم بان السطح لیس من المسجد , او سردابه لیس من المسجد , ما لم یعلم بذلک فمعناه انه یجزی , ویمکن توجیه کلام الماتن (قده) : بان المکلف شاک فی ان الواقف جعل المسجد بنحو یشمل سطح المسجد ومحرابه وسردابه جمیعا ؟ او جعل المسجد بنحو لا یشمل سطح المسجد ولا سردابه ولا محرابه؟ الشک فی سعة الجعل وضیقه وان الجعل مضیق او متسع , فهو شاک فی سعة الجعل وضیقه , وفی مثل ذلک لا مانع من التمسک بالاصل العملی , فانه یشک فی انه یتعین علیه الاعتکاف فی داخل المسجد او انه مخییر بین الاعتکاف فی داخل المسجد او الاعتکاف علی سطحه , او انه یتعین علیه الاعتکاف فی داخل المسجد او مخییر بین الاعتکاف فیه والاعتکاف فی سردابه , فلا مانع من الرجوع الی اصالة البراءة عن التعیین وهو مخییر بین ان یعتکف فی داخل المسجد او ان یعتکف فی سردابه او فی سطح المسجد , مخییر بینهما , فانه من دوران الامر بین التعیین والتخییر واصالة البراءة تجری عن التعیین , فوظیفة المکلف هی التخییر . فیمکن تصحیح ما ذکره الماتن (قده) بذلک .
واما السید الاستاذ (قده) علی ما فی تقریر بحثه : اعتبر العلم بانه من المسجد , اذا لم یعلم انه من المسجد فلا یجوز الاعتکاف فیه , واذا علم ان سردابه من المسجد جاز الاعتکاف فیه , واما اذا لم یعلم فلا یجوز , وکذلک سطح المسجد فانه اذا علم انه من المسجد جاز الاعتکاف فیه والاّ فلا یجوز . وتمسک باصالة العدم ( اصالة عدم کونه مسجدا ) , والکلام فی جریان هذه الاصالة (اصالة العدم ) - ای اصالة عدم سعة الجعل لان المسجدیّة لیست ذاتیة فهی مجعولة . فهل هذه الاصالة تجری وتثبت بان المسجد مضیق وان سطح المسجد لیس بمسجد وان سردابه لیس بمسجد ؟ او انها معارضة باصالة عدم ضیق الجعل ؟ او انها لا تجری لأنها لا تثبت ان الجعل مضیق ألاّ علی القول بالاصل المثبت , فمن اجل ذلک لا تجری , کما ان اصالة عدم الضیق لا تجری لانه لا یثبت ان الجعل موسع , فلابد من الرجوع الی اصالة البراءة عن التعیین عند دوران الامر بین التعیین والتخییر , فلا محالة المرجع هو اصالة البراءة عن التعیین لان فیه کلفة زائدة . والمرجع هو التخییر فالمکلف مخییر فی ذلک .
ص: 77
المسألة (21) : اذا عین موضعا خاصا من المسجد محلا لاعتکافه لم یتعین وکان قصده لغوا .
الامر کما افاده (قده) , ولا أثر لتعیین المحل فی المسجد للاعتکاف.
المسألة (22) : قبر مسلم وهانی لیس جزءا من مسجد الکوفة علی الظاهر .
وهو کما افاده (قده) .
الموضوع : المسألة (22) : اذا شک فی موضع من المسجد انه جزء منه او من مرافقه لم یجر علیه حکم المسجد .
هذا یتصور علی نحوین :
الاول : علی نحو الشبهة الموضوعیة . الثانی : علی نحو الشبهة الحکمیة .
اما اذا کان بنحو الشبهة الموضوعیة کما اذا کانت حدود المسجد معلومة ولا یشک فی حدود المسجد , ولکنه شک فی ان هذه النقطة من المسجد او انها لیست من المسجد من جهة الاشتباه فی الامور الخارجیة , کما لو کان المکلف أعمی ولا یدری ان هذه النقطة داخلة فی المسجد او انها خارجة عنه , او کان فی اللیل المظلم , ففی مثل ذلک لا یجوز الاعتکاف فی هذه النقطة لاستصحاب عدم کونه مسجداً .
واما اذا کانت بنحو الشبهة الحکمیة کما اذا لم تکن حدود المسجد معلومة ولا نعلم سعة المسجد وضیقه , کما هو الحال فی مسجد الکوفة , لذا فقد اعتبر بعضهم ان قبر مسلم بن عقیل (ع) وهانی بن عروة داخل فی المسجد , وبعضهم اعتبر ان الغرف الموجودة فی المسجد خارجة عن المسجد ولیست داخلة فی المسجد , فحدود مسجد الکوفة غیر معلومة , مرددة بین السعة والضیق , وهذا منشأ لجعل المسجد مردد بین السعة والضیق , ففی مثل ذلک مفهوم مسجد الکوفة مجملٌ ومردد بین الأقل والأکثر , وفی مثل ذلک هل یمکن اثبات ان هذه النقطة لیست مسجداً بالأستصحاب ؟ أو لا یمکن إثبات ذلک ؟
ص: 78
الظاهر انه لا یمکن اثبات ذلک لان استصحاب عدم سعة الجعل او استصحاب عدم سعة المسجد لایثبت عدم دخول هذه النقطة فی المسجد الاّ علی القول بالأصل المثبت , فان استصحاب الکلی لا یثبت الفرد الاّ علی القول بالأصل المثبت , او ان إستصحاب العدم الکلی لا یثبت عدم الفرد الاّ علی القول بالأصل المثبت , فاستصحاب عدم سعة المسجد لا یثبت عدم مسجدیة هذه النقطة , فلا یمکن اثبات عدم کون هذه النقطة مسجدا بالأصل المحرز کالإستصحاب .
ودعوی : ان الوقف یتوقف علی الملک {لاوقف الاّ فی ملک} والمسجد وقف , فاذا شککنا فی ان هذه النقطة مسجدٌ او غیر مسجدٍ , فان کانت مسجدٌ فهی خارجةٌ عن ملک الواقف , وان لم تکن مسجداً فهی داخلةٌ فی ملک الواقف , ففی مثل ذلک لا مانع من استصحاب بقاء هذه النقطة فی ملک الواقف .
مدفوعة :
اولاً : ان المسجدیة لا تتوقف علی الملک , فانه یکفی اختصاص الارض به , فاذا کان مستولیاً علی الارض وکان له حق الاختصاص بها فانه یکفی فی جعل هذه الأرض مسجداً , ولا یتوقف علی الملک . ثانیاً : مع الاغماض عن ذلک وتسلیم انه یتوقف علی الملک الاّ انا لا نعلم ان هذه النقطة داخلة فی ملک الواقف , فهل خرجت عن ملکه او لا ؟ فان کانت هذه النقطة مسجداً فهی داخلة فی ملک الواقف وقد خرجت عن ملکه , وان لم تکن مسجدا فلا نعلم انها داخلة فی ملک الواقف وان الواقف مالک لها او لا ؟ فلیست هناک حالة سابقة لکی یستصحب بقاء ملکیته .
ص: 79
فالنتیجة انه لیس لنا اصول محرزةُ لأحراز عدم کون هذه النقطة مسجداً , فالمرجع هو الأصول الحکمیة فان الأمر یدور فی المقام بین التعیین والتخییر , فبالنسبة للأعتکاف فهل یتعین علیه مشروعیة الأعتکاف فی نقطة یعلم انها مسجدٌ , او انه مخییر بین الاعتکاف فی ها والاعتکاف فی هذه النقطة , فاذا دار الأمر بین التعیین والتخییر فالمرجع اصالة البراءة عن التعیین لان فیه کلفة زائدة .
فالنتیجة هی التخییر وانه مخییر بین الاعتکاف فی تلک النقطة او فی هذه النقطة فلا مانع من التمسک باصالة البراءة عن التعیین فی المقام , لان الأمر یدور بین التعیین والتخییر .
ونظیر ذلک ذکرنا فی مسألة ( منی ) فان ارض منی مجهولة ولم یتعین فی الروایات حدود عرضها , اما طولاً فهو محدد واما عرضاً فغیر محدد فی الروایات , فاذا شککنا فی نقطة انها من منی او انها لیست من منی فهل یتعین علیه الاتیان باعمال منی فی النقطة التی یعلم انها من منی , او أنه مخییر بین الأتیان باعمال منی فی تلک النقطة او فی هذه النقطة المشکوکة ؟ فهی من دوران الأمر بین التعیین والتخییر فالمرجع أصالة البراءة عن التعیین . فالنتیجة هی التخییر .
وکیفما کان فلا مانع فی المقام من الرجوع الی أصالة البراءة عن التعیین وانه مخییر بین الاعتکاف فی تلک النقطة وبین الاعتکاف فی هذه النقطة المشکوکة . اذا کانت الشبهة حکمیة کما هو المفروض .
المسألة (23) : لابد من ثبوت کونه مسجداً او جامعاً بالعلم الوجدانی او الشیاع المفید للعلم او البینة الشرعیة , وفی کفایة خبر العدل الواحد إشکال .
ص: 80
المعروف والمشهور بین الأصحاب ان خبر العدل الواحد لایکون حجة فی الموضوعات, والحجة فی الموضوعات هی البینة ولکن الصحیح ان الأمر لیس کذلک فان سیرة العقلاء الجاریة علی حجیة أخبار الثقة مطلقة , تشمل الأحکام الشرعیة فی الشبهات الموضوعیة والحکمیة معاً , فتدل علی ان خبر الثقة کما انه حجة فی الشبهات الحکمیة , کذلک انه حجة فی الشبهات الموضوعیة , وهذه السیرة العقلائیة الممضاة شرعاً المرتکزة فی اعماق النفوس فلا شبهة فی انها مطلقة , فخبر الثقة حجة فی الموضوعات وکذلک خبر العدل الواحد حجة فی الموضوعات . نعم استثنی ذلک فی مجموعة من الموارد التی یعتبر فیها شهادة العدلین , او شهادة عدل واحد مع ضم الیمین , او شهادة اربعة شهود , او شهادة ثلاثة مع ضم شهادة أمرأتین , فهذا ثبت بدلیل خاص یخصص ویقیید أطلاق سیرة العقلاء بغیر هذه الموارد , اما فی غیر هذه الموارد فلا دلیل علی عدم حجیة خبر الثقة وخبر العدل . واما روایة مسعدة بن صدقة [.....والأشیاء کلها علی هذا حتی تستبین او تقوم به البینة (1) ] فهی : أولاً : ضعیفة من ناحیة السند . فان مسعدة بن صدقة لم یرد توثیقه الاّ فی أسناد کامل الزیارات , وحیث انه لا یمکن الاعتماد علیه فالروایة ساقطة من ناحیة السند . ثانیاً : مضافا الی انها ساقطة من ناحیة الدلالة , فانه ذکر أمثلة ثلاثة : 1- {الثوب ولعله سرقه}فانه حکم بحلیته من باب ید المسلم وانه اشتراه من المسلم .
ص: 81
2- {أمرأة تحتک لعلها أختک أو رضیعتک} یمکن الحکم بذلک باستصحاب عدم النسب او عدم الرضاع .
3- { العبد ولعله حر قهر فبیع }هذا محکوم بسوق المسلمین فان سوق المسلمین حجة وهو اشتراه من سوق المسلمین , وسوق المسلمین أمارة علی انه عبد وان البیع صحیح .
وفی ذیل هذه الروایة [والأشیاء کلها علی هذا حتی یستبین لک غیر ذلک او تقوم به البینة ] حمل هذه البینة علی الشهادتین , شهادة شاهدین عدلین . والظاهر ان الأمر لیس کذلک فالمراد من البینة مطلق الحجة التی تشمل خبر العدل الواحد وخبر الثقة الواحد , وان البینة معناها اللغوی والعرفی مطلق الحجة , وهی بالمعنی الأصطلاحی عبارة عن شهادة الشاهدین العدلین , وهذا المعنی لیس معنی عرفیاً للبینة ولا معنی لغویاً , وکذلک ورد فی الآیات والروایات بمعناه اللغوی .
فالنتیجة أنه تثبت المسجدیّة بخبر العدل الواحد , وکذلک بخبر الثقة الواحد , ولا یحتاج الی البینة او الی الشیاع المفید للعلم .
ذکرنا ان السیرة القطعیة للعقلاء قد جرت علی حجیة اخبار الثقة , وهذه السیرة ممضاة من الشرع ولا رادع لها .
ودعوی : ان روایة مسعدة بن صدقة رادعة عن هذه السیرة , فان هذه الروایة تدل علی ان الأشیاء کلها علی الأباحة حتی یستبین لک او تقوم علیه البینة , فمعنی ذلک ان شهادة او اخبار العدل الواحد لا یکفی , او اخبار الثقة لا یکفی , فتکون هذه الروایة رادعة عن السیرة فلا تکون السیرة حجة فی اخبار الثقة فی الموضوعات , وفی حجیة اخبار العدل الواحد فی الموضوعات .
ص: 82
والجواب عن ذلک :
اولاً : ان الروایة ضعیفة من ناحیة السند فلا یمکن الأعتماد علیها .
ثانیاً : ان المراد من البینة لیست البینة المصطلحة , وان الحقیقة الشرعیة لم تثبت , والبینة فی مصطلح الشرع أسم لشهادة العدلین وهذا الأصطلاح لم یثبت , والبینة معناها اللغوی والعرفی مطلق الحجة , کما ورد فی الروایات والآیات کما فی قوله تعالی [َلمْ یَکُنِ الَّذِینَ کَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْکِتَابِ وَالْمُشْرِکِینَ مُنفَکِّینَ حَتَّی تَأْتِیَهُمُ الْبَیِّنَةُ ] (1) . المراد من البینة الحجة , او قوله تعالی [وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِینَ أُوتُوا الْکِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَیِّنَةُ ] (2) . المراد من البینة مطلق الحجة , وکذا فی قوله تعالی [فَإِن کَذَّبُوکَ فَقَدْ کُذِّبَ رُسُلٌ مِّن قَبْلِکَ جَآؤُوا بِالْبَیِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْکِتَابِ الْمُنِیرِ ] (3) . فان المراد من البینة مطلق الحجة , وقد ورد فی الآیات والروایات البینة ولیس المراد منها شهادة العدلین فقط .
هذا مضافا الی ان هذا الحصر غیر صحیح , لو سلمنا ان المراد من البینة شهادة العدلین فان الحرمة کما تثبت بالبینة , تثبت بالأقرار , وحکم الحاکم , وبالشیاع المفید للأطمئنان , وبالأستصحاب , وما شاکل ذلک , فان الحرمة کما تثبت بالعلم الوجدانی وبشهادة العدلین تثبت باقرار ذی الید ایضا وبالشیاع المفید للأطمئنان ایضاً وبأستصحاب عدم التزکیة ایضاً,وهکذا .. فالحصرالوارد فی الروایة [ الأشیاء کلها علی ذلک حتی تستبین او تقوم به البینة ] غیر صحیح , فاذا لم یکن حصر فلا مانع من الحکم بان اخبار الثقة حجة وکذلک اخبار العدل الواحد .
ص: 83
فالنتیجة ان هذه الروایة علی تقدیر تسلیم سندها لا یمکن ان تکون رادعة عن السیرة .
ثم ذکرالماتن (قده) : والظاهر کفایة حکم الحاکم الشرعی .
وهذا مبنی علی ان حکم الحاکم فی غیر المرافعات والدعاوی هل هو نافذ وحجة او لا یکون حجة ؟ فان قلنا بحجیة حکم الحاکم ونفوذه فهل هو حجة فی المقام او لا یکون حجة فی المقام ؟ فانا بنینا علی ثبوت الهلال بحکم الحاکم من جهة صحیحة محمد بن قیس (1) , فان ظاهر الصحیحة هو ان حکم الحاکم نافذ اذا شهد عدلان عند الامام , وذکرنا ان المراد من الامام من بیده الامر , ولیس المراد من الأمام الأمام المعصوم (ع) بل شهد عند الأمام شاهدان انهما رأیا الهلال , فاذا حکم الحاکم حکم الأمام بذلک , ففیه عنایة زائدة وألاّ فالأمام (ع) یقول أفطر اذا شهد شاهدان برؤیة الهلال , فالمراد من الأمام من بیده الأمر وهو یشمل الحاکم الشرعی ایضاً , فمن أجل ذلک بنینا علی ان الهلال یثبت بحکم الحاکم الشرعی .
واما فی المقام فهل ثبوت کون هذا المکان مسجداً مورداً لحکم الحاکم الشرعی او انه لیس مورداً لحکم الحاکم ؟ فان حکم الحاکم لابد من ان یکون فی المسائل العامة البلوی والمهمة مثل مسألة ثبوت الهلال وان هذا الیوم یوم العید او ان هذا الیوم اول یوم من شهر رمضان او حکم الحاکم بالجهاد او ما شاکل ذلک اذا رأی مصلحة فی ذلک , واما فی المقام فهل هو مورد لحکم الحاکم او لا ؟ فاثبات کون ذلک موردا لحکم الحاکم مشکل . فمن هذه الناحیة لا یمکن الجزم بثبوت کون المکان مسجدا بحکم الحاکم .
ص: 84
المسألة (25) : لو اعتکف فی مکان باعتقاد المسجدیة او الجامعیة فبان الخلاف تبین البطلان .
الامر واضح فان الاعتکاف لابد ان یکون فی مکان یکون مسجدا واقعا ولا یکفی فی مشروعیة الاعتکاف المسجد الأعتقادی الخیالی .
المسألة (26) : لا فرق فی وجوب کون الاعتکاف فی المسجد الجامع بین الرجل والمرأة فلیس لها الاعتکاف فی المکان الذی أعدته للصلاة فی بیتها بل ولا فی مسجد القبیلة ونحوها .
باعتبار ما ورد فی الروایات من کون مسجد المرأة بیتها , والظاهر ان نظر الماتن فی هذه المسألة لیس من ناحیة الفرق بین الرجل والمرأة فی وجوب الاعتکاف فی المسجد کما هو الظاهر من تقریر السید الأستاذ (قده) , فمن الواضح انه لا فرق بینهما , بل ان فی بعض الروایات التصریح بذلک کما فی صحیحة (داود بن سرحان) (1) فقد صرح بان المرأة مثل الرجل , بل نظر الماتن الی احتمال انه یجوز للمرأة الاعتکاف فی بیتها فی المکان الذی اعدته للصلاة , فالفرق من هذه الناحیة ونظر الماتن الی هذه الناحیة وهی جواز اعتکاف المرأة فی بیتها فان هذا الأحتمال فی الرجل غیر موجود وفی المرأة موجود , او فی مسجد القبیلة اذا کان قریباً منها باعتبار انه مناسب لحال المرأة اذا کان المسجد الجامع بعیداً عنها , فنظر الماتن الی الفرق بینهما من هذه الناحیة لا فی أصل الاعتکاف فانه لا فرق بینهما .
المسألة (27) : الأقوی صحة اعتکاف الصبی الممیز فلا یشترط فیه البلوغ .
ص: 85
الکلام فی مشروعیة عبادات الصبی یقع فی موردین :
الاول : فی العبادات الواجبة کالصلاة والصیام والحج .
الثانی : فی العبادات المستحبة کالاعتکاف وصلاة اللیل والصوم المستحب وما شاکل ذلک .
اما الکلام فی الاول : فقد استدل جماعة منهم السید الحکیم (قده) فی المستمسک علی مشروعیة عبادات الصبی بان اطلاقات ادلة الصلاة والصوم والحج والزکاة تشمل البالغ وغیره , فان هذه الاطلاقات تدل علی امرین :
أحدهما : الوجوب . وألآخر : المحبوبیة للفعل .
وحدیث رفع القلم عن الصبی یرفع الوجوب فقط . واما اصل المحبوبیة فهی باقیة , فمن أجل ذلک تکون الصلاة محبوبة للصبی , وهکذا الصوم والحج .
ولکن هذا البیان غیر تام , اذ لا شبهة فی ان لهذه الاطلاقات مدلولاً واحداً وهو الوجوب وهو لیس مرکباً من ( طلب الفعل والمنع من الترک ) واما المحبوبیة فهی ملاک الوجوب , فالمصلحة والمحبوبیة هی ملاک الوجوب , نعم هذه الاطلاقات تدل علی الوجوب بالمطابقة وعلی المحبوبیة بالألتزام , ولیست دلالتها علی المحبوبیة فی عرض دلالتها علی الوجوب , بل دلالتها بالألتزام , فاذا کان حدیث رفع القلم یرفع الوجوب فقد سقطت الدلالة المطابقیة ومع سقوطها تسقط الدلالة الألتزامیة ایضاً , فلا طریق لنا الی ان الصلاة محبوبة او الصوم محبوب او الحج محبوب , فلا یمکن اثبات مشروعیة عبادات الصبی بهذه الاطلاقات لان دلالتها علی محبوبیة الصلاة انما هی بالدلالة الألتزامیة وهی تسقط بسقوط الدلالة المطابقیة . فبعد سقوط الوجوب لا طریق لنا الی ان الصلاة او الصوم او الحج محبوب .
ص: 86
انما ثبتت مشروعیتها بالروایات الخاصة الدالة علی أمر الأولیاء صبیانهم بالصلاة والصیام ( مروا صبیانکم بالصلاة والصیام ) (1) فان امر شخص لشخص آخر أمر لهذا الشخص فالامر من المولی تعلق بصلاة الصبی وصومه وحجه , وهذا الأمر یدل علی المشروعیة .
فالنتیجة ان مشروعیة عبادات الصبی انما هی ثابتة بالروایات الخاصة .
واما المورد الثانی : وهو العبادات المستحبة فان اطلاقاتها کافیة لمشروعیة العبادات المستحبة علی الصبی , فان حدیث رفع القلم لا یشمل المستحبات , کما ان حدیث الرفع لا یشمل المستحبات وخاص بالأحکام الألزامیة , وأدلة العبادات المستحبة مطلقة , وباطلاقها تشمل البالغ وغیر البالغ . فهذه العبادات کما انها مستحبة للبالغ کذلک مستحبة لغیر البالغ ایضاً .
تحصل مما ذکرناه ان مشروعیة عبادات الصبی انما ثبتت من جهة الروایات الخاصة کقوله (ع) : ( مروا صبیانکم بالصلاة والصیام فی سبع أو ست ) (2) . وهذه الروایات واضحة الدلالة علی الأستحباب , ولا یمکن اثبات الأستحباب من اطلاقات ادلة العبادات کالصلاة والصیام او الحج وما شاکل ذلک , واما العبادات المستحبة فلا شبهة فی مشروعیتها للصبی کصلاة اللیل وما شاکل ذلک , فانه یکفی فی اثبات مشروعیتها اطلاقات تلک الأدلة الشاملة لعبادات الصبی ولا یکون مقیداً بالبلوغ . فلا مانع من التمسک بادلة العبادات المستحبة لاثبات مشروعیتها للصبی ایضاً .
ص: 87
المسألة (28) : لو إعتکف العبد بدون أذن المولی بطل .
والوجه فی ذلک واضح , لأن العبد ملک للمولی ولا یجوز له ان یتصرف فی ملک المولی إلاّ بأذنه وتصرفه بدون إذنه محرم ومبغوض , فمن اجل ذلک لو اعتکف بدون اذن المولی بطل اعتکافه .
ثم ذکر الماتن (قده) : ولو اعتق فی اثنائه لم یجب علیه اتمامه .
وهذا ایضاً واضح , فان اتمام الاعتکاف غیر واجب اذا کان بدون اذن المولی حتی ولو کان فی الیوم الثالث .
ثم ذکر الماتن (قده) : ولو شرع فیه باذن المولی ثم اعتق فی الاثناء فان کان فی الیوم الاول او الثانی لم یجب علیه الاتمام الاّ ان یکون من الاعتکاف الواجب وان کان بعد تمام الیومین وجب علیه الثالث وان کان بعد تمام الخمسة وجب السادس .
وهذا ایضا واضح لا اشکال فیه .
المسألة (29) : اذا اذن المولی لعبده فی الاعتکاف جاز له الرجوع عن اذنه ما لم یمض یومان ولیس له الرجوع بعد بعدهما لوجوب اتمامه حینئذ .
فقد فصل (قده) بین ان یکون رجوع المولی عن اذنه فی الیوم الاول او الثانی فیجوز له ذلک ( ای الرجوع ) ولا یجوز له الرجوع عن اذنه فی الیوم الثالث , لانه فی الیوم الثالث یکون الاعتکاف واجب علی العبد , ولا یجوز ترک الاعتکاف وترک الواجب اطاعة لسیده ومولاه اذ لا طاعة لمخلوق فی معصیة الخالق , وأکد علی ذلک السید الاستاذ (قده) علی ما فی تقریر بحثه .
وللمناقشة فی ذلک مجال : لان مشروعیة اعتکاف العبد تتوقف علی اذن المولی , فاذا لم یأذن المولی او رجع عن اذنه انتهت المشروعیة بانتهاء موجبها وموضوعها , فاذا فرضنا ان الاعتکاف فی الیوم الثالث واجب ووجوبه من جهة مشروعیة هذا الاعتکاف من جهة اذن المولی , فاذا رجع المولی عن اذنه انتفت المشروعیة بانتفاء موضوعها وسببها , وعندئذ لا یکون رفع الید عن هذا الاعتکاف معصیة لله تعالی حتی یقال بانه ( لا طاعة لمخلوق فی معصیة الخالق ) لیس رفع الید عن الاعتکاف فی الیوم الثالث من العبد عصیان للمولی , بل بطلان الاعتکاف من جهة عدم مشروعیته من جهة عدم اذن المولی , فانتفاء الوجوب بانتفاء سببه وموضوعه ولیس من جهة العصیان لکی یقال انه لا طاعة للمخلوق فی عصیان الخالق . ولا یمکن قیاس ذلک بالفرائض الیومیة فانها لا تحتاج الی اذن المولی , فانه یجب علی العبد الاتیان بالصلاة ولو منع المولی عن ذلک , لیس لمنع المولی أثر فضلاً عن أذنه , فان الفرائض تکلیف ألهی علی العبد ولا یتوقف هذا التکلیف علی اذن المولی ولا یقاس بالاعتکاف ونحوه .
ص: 88
ثم ذکر الماتن (قده) : وکذا لا یجوز له الرجوع اذا کان الاعتکاف واجباً بعد الشروع فیه من العبد .
کما اذا فرضنا ان المولی اذن لعبده ان ینذر الاعتکاف , فصار الاعتکاف واجبا علیه وشرع فی هذا الاعتکاف , فذکرالماتن انه لا یجوز للمولی الرجوع فی اذنه .
واشکل علیه السید الاستاذ (قده) علی ما فی تقریر بحثه : بتقریب ان صحة النذر تتوقف علی ان یکون متعلقه راجحاً , ومع رجحانه فالنذر محکوم بالصحة , واما اذا لم یکن راجحاً فلا یکون صحیحاً , وعلی هذا فاذا رجع المولی عن أذنه فلا یکون الاعتکاف راجحاً , واذا لم یکن راجحاً بطل نذره من جهة عدم رجحان متعلقه بقاءاً , فلا معصیة للخالق حتی یقال (لا اطاعة للمخلوق فی معصیة الخالق ) فان النذر ینتفی بانتفاء موضوعه ومتعلقه لان الرجحان معتبر فی صحة النذر , فاذا لم یکن متعلقه راجحاً فالنذر باطل . ونظیر ذلک ما ذکره السید الأستاذ (قده) فیما اذا نذر شخص انه فی کل سنة یزور الامام الحسین (ع) فی یوم عرفة , ثم بعد ذلک استطاع للحج وجب علیه الحج فلا شبهة فی بطلان نذره , لانه اذا وجب علیه الحج صار متعلق النذر مرجوحاً , ومع کونه مرجوحاً بطل نذره من جهة ان متعلقه مرجوحاً , فالسید الأستاذ (قده) فرق بین ما اذا اذن المولی لعبده بنذر الاعتکاف ثم رجع , وبین ما اذا اذن بالاعتکاف ثم رجع , ففی هذا الفرض فصل بین الیوم الاول والثانی وبین الیوم الثالث ,واما فی النذر یجوز له الرجوع فی اذنه , فاذا رجع بطل نذره من جهة عدم رجحان متعلقه .
ص: 89
والأمر کما افاده السید الأستاذ (قده) وذلک لما ذکرناه من ان المستفاد من ادلة وجوب الوفاء بالنذر , وادلة الوفاء بالشرط , وبالعهد , والیمین , وما شاکل ذلک , فان الوارد فی هذه الأدلة أن شرط الله قبل شرطکم , والمراد من شرط الله هو (حکم الله) ای ان حکم الله قبل حکمکم , فاعتبار وجوب الوفاء بالنذر من قبل العبد حم العبد , وکذا وجوب الوفاء بالشرط او العهد او الیمین , فعندئذ وجوب الوفاء بالنذر مشروط بان لا یکون هناک شرط من الله , فاذا کان هناک حکم من الله فهو رافع له ووارد علیه , یرتفع بارتفاع موضوعه , فلا وجود له لان شرط الله قبل شرطکم , معناه انه لا شرط لکم مع وجود شرط الله تعالی , ولا حکم لکم مع حکم الله تعالی , فوجوب الوفاء بالنذر بصرف وجوب الحج علیه , وکذا فی المقام ینتفی وجوب الوفاء بمجرد الرجوع , بمجرد ان متعلقه صار مرجوحاً , کما فی نهی الوالد عن نذر ولده فمع نهیه عنه صار متعلقه مرجوحاً , ینتفی نذره بانتفاء رجحان متعلقه .
ذکر السید الأستاذ (قده) ان النذر مشروط صحته بکون متعلقه راجحاً , واما اذا رجع المولی عن اذنه صار مرجوحاً , ومعه ینحل نذره ویبطل ولا شیء علیه , وذکر (قده) نظیر ذلک فیما اذا نذر المکلف زیارة الحسین (ع) فی کل لیلة عرفة فی کل سنة ثم استطاع لوجوب الحج , فذکر (قده) علی ما فی تقریر بحثه ان وجوب الحج علیه یوجب مرجوحیة النذر وینحل بذلک .
هذا الذی ذکره (قده) مخالف لما ذکره فی الأصول : فانه یقع التزاحم بین وجوب الوفاء بالنذر ووجوب بالحج , والسید الماتن (قده) قد فصل بین ان یکون نذره قبل الستطاعة وبین ان یکون بعد الأستطاعة , فان کان نذره قبل الأستطاعة فیجب علیه الوفاء بالنذر دون وجوب الحج , وان کان بعد الأستطاعة فیجب علیه الحج . واما السید الأستاذ (قده) فقد ذکر وجوب الحج مطلقاً بلا فرق بین ان یکون نذره قبل الأستطاعة او بعد الأستطاعة , لاهمیة وجوب الحج بالنسبة الی وجوب النذر , فان وجوب الحج من احد ارکان الأسلام , واهم بکثیر بالنسبة الی وجوب الوفاء بالنذر فلابد من تقدیمه علیه , فالتقدیم من جهة اهمیته مطلقاً , بلا فرق بین ان یکون نذره قبل الأستطاعة او بعده .
ص: 90
ودعوی : ان وجوب الحج مشروط بالقدرة الشرعیة , ووجوب الوفاء بالنذر مشروط بالقدرة العقلیة .
مدفوعة : فان وجوب الحج مشروط بالقدرة التکوینیة المساوقة للقدرة العقلیة , فان وجوب الحج مشروط بالأستطاعة , والأستطاعة مساوقة للقدرة العقلیة , فالقدرة التکوینیة مساوقة للقدرة العقلیة . مضافاً الی ان وجوب الوفاء بالنذر لم یکن مشروطاً بالقدرة العقلیة , وانما هو مشروط بالقدرة الشرعیة بمعنی عدم المانع , الأعم من المانع التکوینی والمانع المولوی , فان مجرد وجوب شیء آخر فی مقابل وجوب الوفاء بالنذر فهو مانع عن وجوب الوفاء بالنذر وهذا المعنی هو المستفاد من الروایات الدالة علی ان شرط الله قبل شرطکم , فالمستفاد من هذه الروایات ان وجوب الوفاء بالنذر ووجوب الوفاء بالعهد مشروط بعدم المانع , الأعم من عدم المانع التکوینی وعدم المانع التشریعی , وثبوت وجوب شرعی مانع مولوی عن وجوب الوفاء بالنذر , فثبوت الحج بعد الأستطاعة مانع مولوی عن وجوب الوفاء بالنذر .
فالنتیجة ان ما ذکره السید الأستاذ (قده) فی هذه المسألة علی ما هو ظاهر عبارته لا ینسجم مع مسلکه (قده) .
المسألة (30) : یجوز للمعتکف الخروج من المسجد لأقامة الشهادة او لحضور الجماعة اولتشییع الجنازة وان لم یتعین علیه هذه الأمور , وکذا فی سایر الضرورات العرفیة او الشرعیة الواجبة او الراجحة سواء کانت متعلقة بامور الدنیا او الآخرة .
باعتبار ان هذه المذکورات مما ورد النص علیها . وکل ذلک مما تقدم البحث عنه فی ضمن المسائل المتقدمة .
المسألة (31) : لو أجنب فی المسجد ولم یمکن الأغتسال فیه وجب علیه الخروج ولو لم یخرج بطل اعتکافه لحرمة لبثه فیه .
ص: 91
اما وجوب الخروج فی صورة عدم التمکن من الأغتسال فی المسجد فهو ظاهر , لأنه لایجوز له المکث فی المسجد وهو جنبُ فیجب علیه الخروج من المسجد . واما اذا تمکن من الأغتسال فیه فهل یجب علیه الخروج ایضاً اولا یجب ؟ فلا بد من ملاحظة مقدار الخروج من المسجد, فان کان اقل من مقدار الغسل مثلا ان الغسل یشغل من الزمن بمقدار عشر دقائق , وان الخروج یشغل من الزمن خمس دقائق فعندئذ یجب علیه الخروج , فان المکث الزائد علی مقدار الخروج غیر جائز , واما اذا کان مساویاً او کان زمان الغسل اقل من زمان الخروج , فعندئذ لا یجب علیه الخروج , ویجوز له الأغتسال فی المسجد , بل یجب علیه الأغتسال فی المسجد اذا کان زمان الخروج اکثر من زمان الغسل . بل قیل : انه فی صورة التساوی لا یجوز له الخروج ایضاً , فان الخروج عن المسجد انما یجوز للضرورة وفی هذا الفرض لیست هناک ضرورة للخروج , فانه متمکن من الغسل فی المسجد , ومع تمکنه من الغسل فی المسجد فی زمان یکون مساویاً لزمان الخروج فلیس الخروج ضروریاً , فاذا لم یکن ضروریاً فلا یجوز الخروج .
واما ما ذکره الماتن (قده) من انه اذا لم یخرج بطل اعتکافه لان مکثه فی المسجد حرام , والحرام لا یمکن ان یکون مصداقاً للواجب , والمکث هو حقیقة الاعتکاف , فاذا کان المکث حراماً فلا یکون مصداقاً للمأمور به , ولا ینطبق علیه المأمور به , فمن هذه الجهة یکون اعتکافه باطلاً .
وأستشکل علی ذلک السید الأستاذ (قده) علی ما فی تقریر بحثه : فان بطلان الاعتکاف باحد الأمرین :
ص: 92
اولاً : من جهة وجود المانع .
ثانیاً : من جهة ترک الجزء او الشرط متعمداً .
اما المانع ففی المقام غیر موجود , فان مجرد ارتکاب الحرام اذا لم یکن مانعاً فلا یکون مبطلاً للأعتکاف , کما اذا کذب او قام بغیبة شخص باظهار عیوبه , فانه ارتکب محرماً ومع ذلک لا یکون اعتکافه باطلاً , فالمبطل هو ایجاد المانع عن الاعتکاف , فاذا أوجد المانع فهو مبطل له , ومجرد ارتکاب الحرام فی المسجد لا یکون مانعا عن الاعتکاف , فلا یکون اعتکافه باطلاً , فمکثه الزائد فی المسجد وان کان حراماً الاّ انه لا یکون مانعاً عن صحة الاعتکاف .هکذا ذکره (قده) , ولکن صحیح ان المکث فی المسجد حرامٌ ولیس بمانع الاّ ان الحرام باعتبار انه لا یمکن ان یکون مصداق للمأمور به فالبطلان من هذه الناحیة , فان الاعتکاف المأمور به لا یمکن ان ینطبق علی الفرد المحرم , والمفروض ان مکثه فی المسجد محرم , فاذا کان مکثه فی المسجد محرم فلا ینطبق علیه الاعتکاف المأمور به فیحکم بالفساد . فالفساد من هذه الناحیة لا من ناحیة وجود المانع .
واما ترک الجزء او ترک الشرط ففیه تفصیل نتکلم فیه ان شاء الله تعالی .
ذکر السید الأستاذ (قده) علی ما فی تقریر بحثه ان بطلان الاعتکاف باحد امرین :
اما بایجاد المانع , او بترک جزء او شرط عالماً ملتفتاً . او بغیر عمد وهو فی بعض الموارد .
اما الأول فهو لم یتحقق , لان ارتکاب الحرام لا یوجب البطلان طالما لم یکن مانعاً , کما لو اغتاب احداً , او کذب , او هتک مؤمناً , او ما شاکل ذلک . فانه ارتکب محرماً ولکنه لا یوجب بطلان الاعتکاف , وکذلک بقاءه فی المسجد جنباً فانه محرم ولکنه لا یوجب بطلان الاعتکاف لانه لیس بمانع ,
ص: 93
ولکن ذکرنا ان بقاءه ومکثه فی المسجد وان لم یکن موجباً لبطلان الاعتکاف من جهة انه مانع , بل من جهة انه محرم فلا یمکن انطباق الاعتکاف المأمور به علیه , فمن هذه الناحیة موجب لبطلان الاعتکاف فانه لیس مصداقاً للاعتکاف المأمور به , فان المبغوض لا یمکن ان یکون مصداقاً للمحبوب .
واما ترک الجزء او الشرط : فقد ذکر(قده) انه لابد من التفصیل فی المقام , فان حقیقة الاعتکاف هو المکث فی المسجد ثلاثة ایام , وظاهر هذا الدلیل استمرار المکث فی المسجد لیلاً ونهاراً الی ان یتم ثلاثة ایام و ولکن قد ورد علیه الأستثناء بجواز الخروج من المسجد عند الضرورة العرفیة او الشرعیة او لأجل تشییع الجنازة او لأجل الشهادة او لأجل عیادة المریض او ما شاکل ذلک , فهذا المقدار لیس جزءاً من الاعتکاف , وکذلک الحال فی الجنب فانه اذا تمکن من الغسل فی المسجد بمقدار زمان الغسل وما یتوقف علیه من المقدمات کتحصیل الماء او غیر ذلک من المقدمات , بمقدار هذا الزمان لا یکون جزءاً من الاعتکاف , فاذا فرضنا ان اعتکافه فی مسجد الکوفة وتحصیل الماء من النهر بحاجة الی وقتٍ - مثلا - نصف ساعة اذا ذهب الی النهر واغتسل فیه ثم رجع الی المسجد , او ان یبعث شخصاً آخر لیجلب الماء له ویغتسل به یحتاج الی وقت مقداره نصف ساعة , فهذا المقدار من الوقت (نصف ساعة) لیس جزءاً للأعتکاف , ویجب علی الجنب ان یخرج من السجد وینتظر الی وقت المجیء بالماء , لان بقاءه فی المسجد وان لم یکن جزءاً للاعتکاف ولکنه محرم , واما اذا ذهب الی النهر بنفسه واغتسل ثم ذهب الی مکان آخر لقضاء حاجة او للأکل او الشرب وهذا یستغرق من الوقت اکثر من نصف ساعة , فهذا الزائد یوجب بطلان الاعتکاف , لانه ترک جزءاً من الاعتکاف عمداً , وترک الجزء موجب للبطلان , لان المستثنی بمقدار نصف ساعة دون الأکثر من ذلک .
ص: 94
هذا الذی ذکره (قده) صحیح . وانما الکلام فی ان الجنب اذا ارسل شخصاً لجلب الماء, ویجب علیه الخروج من المسجد والانتظار خارجه , فذکر انه اذا بقی فی المسجد فمکثه فی المسجد حرام ولکنه لا یوجب بطلان الاعتکاف لانه لیس مصداقاً للأعتکاف .
وهذا لا یخلو عن اشکال , فان من یجوز له الخروج من المسجد انما لحاجة ضروریة عرفیة او شرعیة , فاذا فرضنا انه لم یخرج ومکث فی المسجد فهل هذا المکث لیس جزءاً من الاعتکاف باعتبار انه یجوز له الخروج من المسجد لاجل حاجة ضروریة بمقدار نصف ساعة او اقل او اکثر, فاذا لم یخرج وبقی فی المسجد فلا شبهة فی ان هذا المکث جزء الاعتکاف , وان کان یجوز له ترکه والخروج من المسجد لتشییع جنازة او شهادة او عیادة مریض او ما شاکل ذلک بمقدار نصف ساعة , واما اذا لم یخرج فلا شبهة فی ان المکث فی المسجد جزء الاعتکاف , وکذلک الحال فی الجنب فیجب علیه الخروج من المسجد , واما اذا عصی ولم یخرج من المسجد ومکث فیه , فهذا المکث لو لم یکن جنباً فلا شبهة فی انه جزء الأعتکاف , ولکنه اذا صار حراماً فلا یکون مصداقاً له من جهة حرمته و مبغوضیته . ومن أجل ذلک لایبعد الحکم بالبطلان اذا لم یخرج من المسجد وینتظر خارج المسجد. وفی هذا الفرض ( اذا لم یخرج وبقی فی المسجد ینتظر وارتکب الحرام ) ذکر السید الأستاذ (قده) انه لا یوجب البطلان لان هذا الوقت مستثنی ویجوز له ترک الاعتکاف فیه , والمکث فی هذا الوقت لیس جزء الاعتکاف ,
ولکن اتمام ذلک مشکل کما هو الحال فی سائر الضروریات , فیجوز له الخروج بمقدار نصف ساعة فاذا لم یخرج فلا شبهة فی ان مکثه فی المسجد جزء الاعتکاف .
ص: 95
المسألة (32) : اذا غصب مکاناً من السجد سبق الیه غیره بان ازاله وجلس فیه فالاقوی بطلان اعتکافه , وکذا اذا جلس علی فراش مغصوب .
وهذا مبنی علی ان جلوسه فی المسجد للصلاة او لقراءة القرآن او ما شاکل ذلک من الاعمال العبادیة یوجب ثبوت حقه فی هذا المکان , واذا زاحمه غیره وازاله عن هذا المکان وجلس فیه فقد تصرف فی حقه , وحیث ان التصرف فی حقه غیر جائز فمکثه فی هذا المکان محرم لانه تصرف فی حق الغیر ومبغوض ولا یکون مصداقاً للواجب ولا یکون مصداقا للاعتکاف المأمور به , فلا محالة یکون اعتکافه باطلاً .
واما اذا قلنا انه لا یوجب حدوث حق له , ولکن لا یجوز مزاحمته تکلیفاً , فاذا سبقه غیره الی مکان فی المسجد للصلاة او نحوها فلا یجوز مزاحمته تکلیفاً , واما اذا ازاله وجلس فیه فعبادته صحیحة , ولیس جلوسه حراماً بل ازالته حرامٌ لا تجوز, واما بعد الأزالة فالمقام مباح یجوز له الجلوس فیه والصلاة والاعتکاف وغیر ذلک .
الظاهر ان الأمر الثانی هو الصحیح , وان مجرد جلوسه فیه لا یوجب اثبات حق له فیه , فحیث لا یجوز التصرف فیه اذا ازاله وجلس فیه , فهو تصرف فی حقه وجلوسه محرم , لیس الأمر کذلک وهو بحاجة الی دلیل ولا دلیل علی ذلک ,
وقد استدل علی ذلک بجملة من الروایات :
منها : مرسلة محمد بن اسماعیل عن ابی عبد الله (ع) : قال : فقلت نکون بمکة او بالمدینة او الحیرة او المواضع التی یرجی فیها الفضل فربما خرج الرجل یتوضأ فیجیء آخر فیصیر مکانه , فقال : من سبق الی موضع فهو احق به یومه ولیلته . (1)
ص: 96
قد یستدل بهذه الروایة علی ان من سبق الی مکان فهو احق به , لانه یوجب حدوث حق له فیه .
ولکن الروایة ضعیفة من ناحیة الأرسال فلا یمکن الأعتماد علیها , مضافاً الی ان الأخذ بدلالتها مشکل , فان قوله (أحق به یومه ولیلته ) لا یلتزم به أحد , فانه طالما یوجد فی هذا المکان فله حق فیه , واما اذا رفع الید عن هذا المکان فلا یبقی حقه فیه واما انه یبقی حقه یومه ولیلته فهذا مما لم یقل به أحد , بل هو خلاف المرتکز فی الأذهان . فان المرتکز ان من اخذ مکاناً فی المسجد فله حق فیه طالما هو فیه واما اذا ترکه فلا حق له فیه فیجوز لکل احد الجلوس فیه للصلاة او لقراءة القرآن وغیرهما لهذا لا یمکن الالتزام بدلالة هذه الروایة .
فالنتیجة ان هذه الروایة ضعیفة السند والروایة .
ومنها : روایة طلحة بن زید عن ابی عبد الله (ع) :قال : قال امیر المؤمنین (ع) : سوق المسلمین کمسجدهم , فمن سبق الی مکان فهو احق به الی اللیل , وکان لا یأخذ علی بیوت السوق کراء . (1)
فان هذه الروایة تدل علی ان سوق المسلمین کمسجدهم , فمن سبق الیه فهو احق به الی اللیل , وهذا مطابق للمتعارف باعتبار ان السوق باقٍ الی اللیل لاعمال التجارة وهذا امر متعارف , وفی المسجد کذلک فمن سبق الیه فهو احق به الی ان یرفع الید عن المکان فیجوز لغیره الصلاة فیه , لا انه یبقی الی اللیل فانه لا ینطبق فی المسجد کما انطبق فی السوق .
ص: 97
واما الکلام فی السند فیأتی ان شاء الله تعالی .
کان کلامنا فی احقیة السابق فی المسجد او فی السوق من الله , هل هو حق شرعی کحق الاختصاص مانع من تصرف الغیر فیه کالملک او انه لیس بحق شرعی وانما لا تجوز مزاحمة السابق الیه , فیه قولان فی المسألة , وتقدم ان الظاهر منهما هو الثانی , وانه لا تجوز مزاحمة السابق لا انه یحدث له حق شرعی کحق الاختصاص , فلا یجوز التصرف فیه الاّ باذنه کما لو کان المکان ملکاً له , وقد استدل علی ذلک بجملة من الروایات : منها : مرسلة اسماعیل بن بزیع , وذکرنا ان هذه الروایة ضعیفة من ناحیة السند والدلالة , فان فیها قوله ( فهو احق به یومه ولیلته ) وهذا غیر محتمل , فان من صلی فی مکان من المسجد معناه انه لا یجوز لغیره ان یصلی فیه بعد ترکه المکان لیومه ولیلته , وهذا غیر محتمل , فمن اجل ذلک لا یمکن الأخذ بهذه الروایة لا سنداً ولا دلالة .
ومنها : روایة طلحة بن زید وفیها ورد ( سوق المسلمین کمسجدهم , فمن سبق الی مکان فهو احق به الی اللیل ) اما سند هذه الروایة فالظاهر ان الروایة معتبرة , فان الشیخ (رض) ذکر عند ترجمة (طلحة بن زید) ان له کتاباً معتبراً , وهذا التعبیر من الشیخ یدل علی انه یعتمد روایة کتابه , وانه یری انه ثقة , وهو عبارة اخری عن توثیقه , ویؤید ذلک وروده فی اسناد کتاب کامل الزیارات واسناد التفسیر المنسوب الی علی بن ابراهیم القمی . وکیفما کان فالروایة لا بأس بها سنداً وکذلک لا بأس بها دلالة . فان التقدیر الی اللیل فهو حسب المتعارف فان السوق مفتوح ومشغول بالعمل الی اللیل وغالباً السوق کذلک , فالتقدیر هو حسب الغالب والمتعارف ولا مانع منه , واما فی المسجد فحسب الحاجة فلو صلی فی مکان او یقرأ القرآن فی مکان طالما یکون مشغولاً بالعبادة فهو احق به ولا یجوز مزاحمته , واما اذا ترکه ورفع الید عنه وذهب فقد انتهت احقیته , فلا حق له بعد ذلک , او انه ازاله عن المکان جبراً , فان ازالته وان کانت لا تجوز وهو ارتکب معصیة الاّ انه بعد الازالة اذا جلس فی المکان او جلس شخص آخر فیه فلا اشکال فیه , فالمراد من کونه احق به هو ( اولی به ) مادام انه موجود فیه فهو اولی به , لا انه یحدث له حقاً شرعیاً کحق الاختصاص ونحوه ,
ص: 98
ونظیر ذلک مضمون ما ورد فی الروایات ( ان اولی الناس بمیراثه اولی الناس بصلاته ) (1) بالنسبة الی اولیاء المیت , فلا یجوز لغیر الاولیاء ان تزاحم الاولیاء فی الصلاة علی المیت , واما اذا لم یصل الولی علی المیت فیجوز لغیره الصلاة علیه , فلا حاجة الی الاذن وانه مبنی علی الاحتیاط , فمزاحمته لا تجوز . فمعنی کونه احق به انه اولی به طالما هو موجود فیه , واما اذا ذهب فقد انتهت احقیته بانتفاء الموضوع وعندئذ یجوز لغیره الانتفاع به .
وهنا روایة ثالثة : وهی مرسلة ابن ابی عمیر وقد ورد فی هذه المرسلة نفس المضمون الوارد فی روایة طلحة بن زید ( سوق المسسلمین کمسجدهم فمن سبق الی مکان فهو احق به الی اللیل ) (2) . یعنی اذا سبق الی السوق کان له مثل المسجد , فان هذه الروایة بحسب الدلالة واضحة , ولا تدل علی انه یحدث له حقاً شرعیاً , ولا تدل الاّ علی انه اولی بهذا المکان واحق به طالما انه موجودٌ لا مطلقاً , الاّ ان هذه الروایة من جهة السند یشکل العمل بها , الاّ اذا قلنا بان مراسیل ابن ابی عمیر کمسانیده کما هو المعروف والمشهور بین الاصحاب , بدعوی انه لا یروی الاّ عن ثقة , وذکر السید الاستاذ (قده) ان منشأ هذا القول هو اجتهاد الشیخ (رض) وانه ( لا یروی الاّ عن ثقة) وهی مبنیة علی الحدس والاجتهاد منه (رض) ولیست مبنیة علی الحس فلو کانت مبنیة علی الحس لامکن اعتبارها اذا کان فی اکثر الموارد لا یروی الاّ عن ثقة , واما روایته عن غیر الثقة فشاذ ونادر , فاذا فرضنا ان روایته عن الثقة بنسبة (90%) وروایته عن غیر الثقة بنسبة (10%) فعلی هذا فبحساب الاحتمالات اذا شککنا فی روایة انه یروی عن الثقة او انه لا یروی عن الثقة فلا مانع من الحاقه بالغالب اذا کان الغالب موجبا للثبوت او الوثوق والاطمئنان .
ص: 99
لکن هذه الشهادة لما کانت مبنیة علی الاجتهاد والحدس فلا اثر لها , مضافاً الی ان ابن ابی عمیر روی عن الضعفاء ایضا فی عدد من الموارد . وکیفما کان فالروایة ضعیفة من ناحیة السند فلا یمکن الاعتماد علیها .
ثم ذکر الماتن (قده) : وکذا اذا جلس علی الفراش المغصوب .
وقد اشکل علیه السید الاستاذ (قد) : بانه لا وجه للبطلان فان الجلوس علی الفراش المغصوب وان کان محرماً الاّ انه غیر المکث فی المسجد ,والمکث فی المسجد غیر حقیقة الاعتکاف وان کانا متلازمین , ولکن الحرمة لا تسری من احد المتلازمین الی الملازم الآخر , فلا مانع من الحکم بصحة الاعتکاف وان ارتکب محرماً من جهة الجلوس علی الفراش المغصوب , وهذا نظیر من اعتکف بلباس مغصوب فان تصرفه فیه محرم ومع ذلک لا یضر بصحة الاعتکاف .
ثم ذکر الماتن (قده) : بل الاحوط الاجتناب عن الجلوس علی ارض المسجد المفروش بتراب مغصوب علی وجه لا یمکن ازالته .
ذکر الماتن ان الاحوط بطلان اعتکافه , وان الاحوط الاجتناب عن الجلوس علی التراب المغصوب المفروش فی المسجد وکذلک الآجر .
وذکر السید الاستاذ (قده) : انه ذکرنا ان المال اذا تلف سقط عن الملکیة والمالیة , فالتصرف الحرام انما موضوعه المال , فلا یجوز التصرف فی مال المسلم , واما اذا سقط عن المالیة کما اذا غصب تراب شخص او غصب آجره وفرش به المسجد او البیت فانه قد اتلف مال الغیر فلا شبهة فی انه ضامن بعد الاتلاف , وهل یجوز تصرفه بهذا المال بعد اتلافه ؟ او تصرف شخص آخر به ؟ سیأتی الکلام عنه ان شاء الله تعالی .
ص: 100
تقدم الکلام فی ما ذکره الماتن (قد) من انه اذا ازال شخصاً من مکان وجلس فی مکانه بطل اعتکافه , وکذلک اذا جلس علی فراش مغصوب ,
ولکن ذکرنا انه لا وجه للبطلان فی کلتا المسألتین , اما المسألة الاولی فان مجرد جلوس الشخص فی مکان معین لا یحدث له حقاً شرعیاً کحق الاختصاص او ما شاکل ذلک , غایة الامر انه اولی بهذا المکان طالما هو موجود فیه , واما اذا ذهب فلا حق له اصلاً , واما اذا ازاله عن هذا المکان فالازالة محرمة وهو آثم ولکنه اذا جلس فی المکان لم یتصرف فی حقه وجلوسه مباح ولا شیء علیه واعتکافه صحیح , واما فی المسألة الثانیة فهو یختلف فان تصرفه فی الفرش المغصوب حرام واما تصرفه فی المسجد ومکثه فیه فلیس بمحرم , وفرق بینهما فان مکثه علی الفرش مباشرة واما مکثه فی المسجد فبالواسطة وبغیر المباشرة فحرمة احدهما لا تسری الی الآخر , فحرمة التصرف فی الفرش المغصوب لا تسری الی اللبث فی المسجد والمکث فیه , وما ذکره الماتن (قده) لا یمکن المساعدة علیه .
ثم ذکر الماتن (قده) ان المسجد اذا کان مفروشاً بتراب او آجر مغصوب ولا یمکن ازالته فاحتاط بعدم الجلوس علیها , واما اذا امکن ازالتها فحالها حال الفرش فلا یجوز الجلوس علیها واذا جلس فاعتکافه باطل کما ان اعتکافه باطل اذا جلس علی الفرش المغصوب , ولهذا قیّد بعدم التمکن من ازالتها عن المسجد او ان ازالتها من المسجد تؤدی الی تلفها وسقوط قیمتها المالیة ولا یبذل المال بازائها . وهنا مسألتان :
ص: 101
المسألة الاولی : اذا عدّ هذا المال ( الآجر او التراب المغصوب المفروش به المسجد ) تالفاً بنظر العرف , ومع تلفها فتسقط مالیتها , ولا یبذل العقلاء المال بازائها .
المسألة الثانیة : ان الغاصب اذا کان ضامناً لها مع التلف , فاذا کانت قیمیّة فیضمن القیمة , واذا کانت مثلیّة فیضمن المثل , فهل یکون التالف من هذه الاشیاء ملکاً للغاصب وخرج عن ملکیة المالک باعتبار ان المالک یملک بدلها ؟ واذا ملک بدل هذه الاشیاء من القیمة او المثل فتنتقل هذه الاشیاء الی ملک الغاصب لکن لا مالیة لها بل مجرد ملک لها , او متعلق لحق الغاصب فلا یجوز التصرف فیها ومزاحمة الغاصب فیها .
اما المسألة الاولی : فقد ذکر السید الاستاذ (قده) علی ما فی تقریر بحثه ان هذه الاشیاء اذا عدّت تالفة عند العرف سقطت ملکیتها ومالیتها معاً , فلا مالیة لها ولا ملکیة وخرجت عن ملک المالک .
الظاهر ان ما ذکره هنا مخالف لما ذکره فی بحث الفقه من المکاسب , من انه فرق بین الملکیة والمالیة , وسقوط المالیة لا یستلزم سقوط الملکیة فیمکن ان یکون الشیء مملوکاً ولا مالیة له , کحبة من الحنطة فانها مملوکة ولا ماهیة لها , او کأس من الماء بالقرب من النهر فانه مالک له ولیس له مالیة ولا یبذل المال بازائه , فالتفکیک بین الملکیة والمالیة واضح , فاذا تلفت هذه الاشیاء وعدّت تالفة بنظر العرف سقطت مالیتها , واما حرمة التصرف فموضوعها المال ولیس الملک , فاذا سقطت عن المالیة فیجوز التصرف فیها , کما اذا وقعت دار الشخص فی الطریق واصبحت شارعا بامر من الحکومة او بستانا او ما شاکل ذلک فقد خرجت عن المالیة ولکن ملکیتها باقیة فاذا عادت فالمالک یبقی مالک لهذه الدار , ولهذا یجوز التصرف فی هذا الشارع بالمشی والجلوس فیه ولا یکون محرماً , لانها سقطت عن المالیة .
ص: 102
واما هنا فقد ذکر (قده) انها سقطت عن الملکیة ایضاّ وتبقی متعلقة لحقه , کما لو مات حیوانه فانه لا مالیة له ولا ملکیة ولکنه متعلق لحقه , فلا تجوز مزاحمته فیه , وکذلک اذا انکسر اناءه فالمکسور متعلق لحقه فلا یجوز مزاحمته فیه . ولکن الظاهر انه مخالف لما ذکره فی بحث المکاسب من ان سقوط المالیة لا یستلزم سقوط الملکیة حتی وان وقعت داره فی الشارع والملکیة تبقی واذا عاد الشارع عما علیه فهذا المقدار من الارض ملک له ولا یخرج عن ملکیته .
واما المسألة الثانیة : فاذا کان الغاصب ضامناً للتالف من المثل او القیمة فالظاهر ان المال التالف صار ملکاً للغاصب , اذ لا یمکن ان یبقی فی ملک المالک لانه جمع بین العوضین معاً , فاذا ملک المالک بدل ماله من المثل او القیمة فالمال یخرج عن ملکه ویصیر ملک للغاصب وان لم تکن له مالیة , فلا یجوز التصرف فیه الاّ باذنه اذا قلنا ان جواز التصرف منوط بالملک , ولکن الامر لیس کذلک فان جواز التصرف وحرمة التصرف منوط بالمال , اذا کان مالاً فلا یجوز التصرف فیه الاّ باذن المالک , واما اذا لم یکن له مالیة کحبة من الحنطة فلا یمنع من التصرف فیه ولا یکون التصرف فیه حراماً لعدم الدلیل , فان الدلیل دل علی حرمة التصرف فی مال الغیر ولم یرد فی ای دلیل ان حرمة التصرف فی ملک الغیر , فالنتیجة ان البدل اذا انتقل الی المالک فالمبدل ینتقل الی الغاصب ویکون ملکاً له .
المسألة (33) : اذا جلس علی المغصوب ناسیاً او جاهلاً او مکرهاً او مضطراً لم یبطل اعتکافه .
ص: 103
اما فی فرض النسیان فلا شبهة فیه لما ذکرناه من ان الناسی خارج من عمومات الأدلة ومستثنی منها , فاذا نسی ان هذا المکان مغصوب فهو حلال له واقعاً ومکثه فیه وتصرفه فیه حلال واقعاً , کما اذا نسی ان هذا الماء مغصوب وتوضأ به فلا شبهة ان وضوئه صحیح او اغتسل فیه فلا شبهة ان غسله صحیح , وکذا الحال فی المکره اذا کان مکرهاً علی ارتکاب حرام او ترک واجب فلا شبهة انه یجوز له ذلک واقعاً وهو ایضا مستثنی من اطلاقات ادلة التحریم , وکذلک المضطر , فالناسی والمکره والمضطر والخاطیء والغافل کل ذلک خارج من اطلاقات الادلة ومستثناة من الادلة فی الواقع , واما الجاهل فان کان جهله مرکباً فهو داخل فی الغافل فلا یکون مکلفاً بشیء وهو غافل حقیقة واطلاق الجهل المرکب علیه مسامحة اذ لا معنی لکون الجهل مرکباً , واما اذا کان جهله بسیطاً فان کان مقصراً فوظیفته وجوب الاحتیاط والواقع منجز , فان کان الماء فی الواقع مغصوباً فحرمته منجزة علیه ویجب علیه الاحتیاط وترک الوضوء به ولو توضأ به فلا شبهة فی بطلان وضوئه , فان کان جهله عن تقصیر فلا شبهة فی وجوب الاحتیاط علیه ولا یجوز له التصرف فی مشکوک الغصبیة کالماء والارض او ما شاکل ذلک , واما اذا کان جهله عن قصور فالمرجع الاصول المؤمنة کاصالة البراءة او الاستصحاب او ما شاکل ذلک کقاعدة الید ونحو ذلک , ففی مثل ذلک هل یمکن الحکم بالصحة ؟ کما اذا کان جهله بان هذا الماء مغصوب , فهذا الجهل جهل بسیط ولکن من غیر تقصیر بل عن قصور فلو کان هذا الماء فی الواقع مغصوباً لم تکن حرمته منجزة علیه فهل یصح الوضوء به او لا یصح ؟
ص: 104
المعروف والمشهور بین الاصحاب صحة الوضوء به , بل قد ادعی علیه الاجماع , ولکن اشکل علیه السید الاستاذ(قده) بما سیأتی الکلام عنه .
ذکرنا ان الجهل اذا کان مرکباً فهو فی الحقیقة غافل فلا یکون مکلفاً بشیء , فان الغافل والناسی والمضطر والمکروه والخاطیء خارج عن عمومات ادلة التکلیف ومن المستثنیات ولا یکونوا مکلفین فی الواقع واما الجاهل اذا کان بسیطاً فان کان مقصراً فلا شبهة فی انه مکلف فی الواقع علی تقدیر ثبوته کما اذا کانت الشبهة قبل الفحص فان احتمال التکلیف منجز ولا یمکن له التمسک باصالة المؤمن فیجب علیه الاحتیاط فی المقام , فلا یجوز له ارتکاب الجلوس فی مشکوک الغصبیة او الوضوء او الغسل بالماء المشکوک الغصبیة او ما شاکل ذلک , واما اذا کان جهله عن قصور لا عن تقصیر فلا یکون الواقع منجزاً علیه من جهة الاصول المؤمنة التی هی مانعة عن تنجیز الحکم الواقعی فی الواقع علی تقدیر ثبوته , کما اذا شککنا فی ماء انه مغصوب او مباح ففی مثل ذلک اذا فرضنا انه لا مانع من الرجوع الی اصالة البراءة عن حرمته او استصحاب عدم کونه ملکاً لغیره ففی مثل ذلک فالحرمة الواقعیة علی تقدیر ثبوتها لا تکون منجزة فلا یجب علیه الاحتیاط .
وهل هذه الحرمة غیر المنجزة مانعة عن صحة الوضوء ؟ فاذا توضأ بهذا الماء فهل وضوئه فاسد او انه صحیح ؟ المعروف والمشهور بین الاصحاب ان وضوئه صحیح فالجاهل مثل الناسی , فکما ان وضوء الناسی من هذا الماء صحیح فکذلک وضوء الجاهل صحیح , بل قد ادعی علیه الاجماع ایضاً .
ص: 105
واشکل علیه السید الاستاذ (قده) : انه لا مجال لدعوی الاجماع فی المقام فان المسألة مبنیة علی القواعد العقلیة والشرعیة ولا مجال لدعوی الاجماع فیها , ولو کان هناک اجماع فمدرکه القواعد , ولیس اجماعاً تعبدیاً , وکیفما کان فلا أثر لدعوی الاجماع . واما ان المسألة هل هی من مسألة النهی فی العبادات او انها من مسألة اجتماع الامر والنهی ؟ ذهب المحقق صاحب الکفایة (قده) الی انها من مسألة الامر والنهی ولیست من مسألة النهی عن العبادات , ولکن ذکر السید الاستاذ (قده) انها من مسألة النهی فی العبادات .
والظاهر ان الصحیح هو ما ذکره المحقق صاحب الکفایة (قده) : فان المال المشکوک الغصبیة لا نعلم انه مغصوب او مباح , فاذا توضأ من هذا الماء نظیر الارض مشکوکة الغصبیة فان الصلاة فیها صحیحة او فاسدة , فالمسألة بین الامر بالصلاة والنهی عن الغصب لا محالة من مسالة اجتماع الامر والنهی , وفی المقام بین الامر بالوضوء والنهی عن الغصب اذا کان فی الواقع مغصوباً , ولیس النهی متعلقاً بالعبادة مباشرة کما هو الحال فی مسالة النهی عن العبادات, فان النهی متعلق بالعبادة مباشرة , واما فی المقام فالنهی تعلق بالتصرف الغصبی ولم یتعلق بالعبادات مباشرة , واما تعلق النهی بالوضوء فمن جهة انه مصداق للغصب , فالمسالة من اجتماع الامر والنهی .
الاّ ان الظاهر انه لا ثمرة بین کون المسالة من مسالة اجتماع الامر والنهی او من مسالة النهی فی العبادة , وعلی کلا التقدیرین فالوضوء من هذا الماء منهی عنه وحرام اذا کان فی الواقع مغصوباً , علی تقدیر حرمة التصرف فی هذا الماء . وذکر السید الاستاذ (قده) : ان المانع من صحة العبادة والوضوء من هذا الماء هو ان المانع الحرمة الواقعیة الفعلیة وان لم تکن منجزة فی الواقع باعتبار ان الحرام لا یکون مصداقاً للواجب , ولیس المانع عدم قصد القربة لامکان التقرب فی المقام فان المانع عن التقرب انما هو الحرمة المنجزة والحرمة غیر منجزة , وکذلک لیس المانع هو الحرمة المنجزة بل المانع هو الحرمة الفعلیة وان لم تکن منجزة باعتبار ان الحرام لا یمکن ان یکون مصداقاً للواجب , فمانعیة الحرمة لا تتوقف علی العلم بها وعلی کونها منجزة , نعم فی باب التزاحم المانعیة منوطة بالعلم بالحرمة , فاذا وقع التزاحم بین الحرام والواجب , او بین الواجبین او بین الحرامین فالتزاحم منوط بالعلم بالوجوب او العلم بالحرمة , واما اذا کان جاهلا بحرمة احدهما فلا تزاحم فی البین واما فی باب التعارض فلا یعتبر ذلک فلا تکون المانعیة مشروطة بالعلم بها فالحرمة الواقعیة الفعلیة مانعة وان لم یعلم بها , وان لم تکن منجزة فهی مانعة .
ص: 106
ثم ذکر السید الاستاذ (قده) : انه لا فرق فی ذلک بین الواجب العبادی والواجب التوصلی , فاذا اطعم شخص زوجته من مال مغصوب لم تسقط نفقتها عن ذمته فانه لیس مصداق للانفاق الواجب علی الزوج فلا یجزی .
وما ذکره السید الاستاذ (قده) قابل للمناقشة : فان الحرمة اذا لم تکن منجزة فلا أثر لها ووجودها کالعدم , فان الاصول المؤمنة تجری فی المقام وهی مانعة عن تنجیزها , فاذا لم تکن منجزة لم تکن المفسدة الموجودة فی متعلقها منجزة, فالمفسدة اذا لم تکن منجزة فلا أثر لها ووجودها کالعدم , وکذلک الحرمة فمثل هذه الحرمة لا تصلح مانعة عن انطباق المامور به علی الفرد الماتی به , فالفرد الماتی به وان کان فی الواقع حراما ولکن حرمته لا اثر لها ووجودها کالعدم ,ومثل هذه الحرمة لا تصلح ان تکون مانعة , فاذا لم یکن لها ای اثر فکیف تکون مانعة عن انطباق المامور به علی الفرد الماتی به فی الخارج .
واما ما ذکره (قده) فی الانفاق فالظاهران الامر لیس کذلک فان الزوج اذا غصب مالا واطعم زوجته به فهو ضامن لهذا المال بالمثل او القیمة , ومع ضمانه له فهو یملک المال التالف , فاذا کان مالکاً فیسقط عن ذمته الانفاق , والانفاق لیس مصداقا للحرام فان ذمته مشغولة بالمثل او القیمة ومع اشتغالها بمثل هذا المال او قیمته فهذا المال خرج عن ملک المالک ودخل فی ملک الغاصب , وعندئذ لا مانع من کونه مصداقا للانفاق وسقوط ذمته عن الانفاق .
فالنتیجة ان ما ذکره (قده) قابل للمناقشة فان الحرمة اذا لم تکن منجزة فمجرد وجودها فی الواقع لا اثر له ,ووجودها کالعدم ولا تصلح ان تکون مانعة عن الانطباق .
ص: 107
واما ما ذکره الماتن (قده) من انه اذا جلس علی المغصوب ناسیا او جاهلا فهذا مبنی علی مسلکه (قده) من ان الجلوس علی المغصوب مبطل للاعتکاف , واما بناءاً علی ما ذکرناه من انه لا یکون مبطلا للاعتکاف فالجلوس عالما عامدا لا یکون مبطلا للاعتکاف فضلا عن کونه ناسیا او جاهلا او مضطرا او مکرها , فان الجلوس علی المغصوب لا یکون مبطلا لاعتکافه کما تقدم .
المسألة (34) : اذا وجب علیه الخروج لاداء دین واجب الاداء علیه او لاتیان واجب اخر متوقف علی الخروج ولم یخرج اثم ولکن لا یبطل اعتکافه علی الاقوی .
ما ذکره (قده) من عدم بطلان الاعتکاف هو الصحیح لامور :
اولاً : من جهة الترتب : فان الامر بالاعتکاف مشروط بعدم الخروج , والخروج واجب ولا یتمکن من الجمع بینهما وامتثال کلیهما معاً , امتثال الامر بالاعتکاف وامتثال الامر بالخروج , وبطبیعة الحال یکون الامر بالاعتکاف مشروطاً بعدم الخروج واذا خرج سقط اطلاق الامر بالاعتکاف , واما اذا لم یخرج فالامر بالاعتکاف ثابت ومترتب علی عدم الخروج - بناءاً علی امکان القول بالترتب ولا مانع من الحکم بصحة الاعتکاف من جهة الترتب .
ودعوی : ان الامر بالشیء یقتضی النهی عن ضده , فالامر بالخروج یقتضی النهی عن الاعتکاف , فالاعتکاف یکون منهی عنه , فاذا کان منهیاً عنه فیقع باطلاً .
مدفوعة : بانا لو سلمنا ان الامر بالشیء یقتضی النهی عن ضده , الاّ ان هذا النهی نهی غیری ولیس بمولوی , ولا اثر له ولا عقوبة علی مخالفته , ولا مثوبة علی موافقته , ولا ملاک فی متعلقه , فانه ناشیء من ملاک فی الخروج فان النهی الغیری ناشیء من ملاک موجود فی الخروج , واما تعلقه بالاعتکاف لا یکشف عن وجود مفسدة فیه , ومن هنا النهی الغیری لیس بنهی مولوی شرعی ولا یترتب علیه ای اثر لا المثوبة ولا العقوبة ولا یکشف عن وجود ملاک فی متعلقه , فمن اجل ذلک وجود هذا النهی او عدم وجوده لا یمنع من الترتب , ولا یقتضی فساد متعلقه .
ص: 108
ثانیاً : اذا لم نقل بالترتب فلا مانع من القول بصحة الاعتکاف . وسیاتی الکلام فیه ان شاء الله تعالی .
لا شبهة فی ان اطلاقات الادلة تشمل الجاهل ولا یمکن تخصیصها بالعالم بها , اما انه مستحیل کما هو المعروف والمشهور , فان اخذ العلم بالحکم فی موضوع نفسه مستحیل ولا یمکن ذلک , ولاجل ذلک لا یمکن تخصیص اطلاقات ادلة التکالیف بالعالم بها , والاّ لزم اخذ العلم فی موضوع نفسه وهو مستحیل علی المشهور , ولکن ذکرنا فی مورده انه لا مانع منه فان اخذ العلم بالحکم فی موضوع نفسه مستحیل فی مرتبة واحدة , واما اخذ العلم بالحکم فی مرتبة فی موضوع نفسه فی مرتبة أخری فلا مانع منه ولا یلزم منه ای محذور ولکنه بحاجة الی دلیل , وهذا وان کان ممکنا ثبوتا ولکنه فی مقام الاثبات بحاجة الی دلیل ولا دلیل علی ذلک , وعلی هذا فالحرمة اذا کانت فی مرحلة الجعل فلا اثر لها , واما اذا کانت فی مرحلة الفعلیة بفعلیة موضوعها فی الخارج , او کانت لا موضوع لها فی الخارج کالکذب والغیبة وما شاکل ذلک , فانها فعلیة بمجرد جعلها فی الخارج , فلا یتوقف علی وجود موضوعها فی الخارج , وموضوعها المکلف فاذا کان موجودا فهو فعلی , واما اذا کانت الحرمة فعلیة ولم تکن منجزة ایضا فلا اثر لها , فان المفسدة وان کانت موجودة الاّ انها لیست تامة ولا تقتضی المبغوضیة , والمبغوضیة انما هی من اثار المفسدة التامة التی توفرت شروط تاثیرها , وکذلک المحبوبیة من اثار المصلحة التامة التی توفرت شروط تاثیرها , واما اذا لم تکن تامة فلا تؤثر فی المبغوضیة ولا فی المحبوبیة .
ص: 109
وما ذکره الماتن (قده) من انه اذا وجب الخرج لاداء دین او لاتیان واجب یتوقف الاتیان به علی الخروج . فقد ذکرنا ان وجوب الخروج لا یکون مانعا عن صحة الاعتکاف , ویمکن تصحیح الاعتکاف بالترتب , فان الامر بالترتب مشروط بعدم الخروج من المسجد لاداء دین واجب علیه او لاتیان واجب یتوقف الاتیان به علی الخروج من المسجد , فالامر بالاعتکاف یتوقف علی عدم الخروج وعصیانه , فاذا عصی ولم یخرج فقد تحقق الامر بالاعتکاف لان الخروج من المسجد والاعتکاف من الضدین , فاذا لم یخرج وعصی الامر بالخروج یتحقق الامر بالاعتکاف مترتبا علی عصیان الامر بالخروج , وعندئذ لا مانع من الاتیان بالاعتکاف بداعی امره , واما اذا فرضنا انا لا نقول بالترتب فایضا لا مانع من الحکم بصحة الاعتکاف فان وجوب الخروج عن المسجد لاداء دین او للاتیان بواجب داخل فی الروایات المتقدمة التی تدل علی الخروج لضرورة شرعیة او عرفیة , فان الضرورة الشرعیة تشمل مثل هذه الموارد ( الخروج لاداء الدین او الاتیان بالواجب ) وهذا المقدار من زمان الخروج وقضاء الحاجة الضروریة لا یضر بصحة الاعتکاف , فان هذا المقدار من الزمان مستثنی من الاعتکاف فی المسجد فاذا خرج من المسجد ورجع فلا مانع من صحة اعتکافه , واما اذا لم یخرج وعصی الامر بالخروج فایضا لا مانع من الحکم بصحة الاعتکاف ولا یحتمل ان تکون صحة الاعتکاف مشروطة بالخروج , وهو نظیر التزاحم بین ازالة النجاسة من المسجد وبین الصلاة , فاذا فرضنا ان الامر بالازالة اهم من الامر بالصلاة کما اذا کان فی سعة الوقت , فاذا ترک الازالة وعصی الامر بها واتی بالصلاة فلا شبهة فی صحة صلاته , سواء قلنا بالترتب او لا .
ص: 110
ودعوی : ان الامر بشیء یقتضی النهی عن ضده وهذا النهی یوجب فساد الصلاة فان الامر بالازالة یوجب النهی عن الصلاة وهذا النهی یدل علی فساد الصلاة .
مدفوعة : بان هذا النهی نهی غیری ولا اثر له ولا یدل علی فساد العبادة , لانه لا یکون ناشئا عن وجود مفسدة ومبغوضیة فی متعلقه , وانما هو ناشیء عن وجود مصلحة فی الازالة , فان المصلحة فی الازالة هی المنشأ لهذا النهی الغیری , ومن هنا قلنا ان النهی الغیری لیس بنهی مولوی ولا یترتب علیه ای اثر لا العقوبة علی مخالفته ولا المثوبة علی موافقته فلا مانع من الحکم بصحة الصلاة , واحتمال ان صحة الصلاة مشروطة بالترتب غیر محتمل سواء قلنا بالترتب ام لا , وفی المقام ایضا کذلک فانه اذا ترک الخروج وعصی الامر به واعتکف فی المسجد فلا مانع من الحکم بصحة الاعتکاف , واحتمال ان النهی الغیری یوجب فساد الاعتکاف مدفوع بان النهی الغیری لا یصلح ان یکون موجبا لفساد العبادة , واحتمال ان صحة الاعتکاف مشروطة بالخروج غیر محتمل وبحاجة الی دلیل ولا دلیل علی ذلک .
فالنتیجة انه لا مانع من الحکم بصحة الاعتکاف سواء قلنا بالترتب ام لم نقل به .
المسألة (35) : اذا خرج عن المسجد لضرورة فالاحوط مراعاة اقرب الطرق , ویجب عدم المکث الا بمقدار الحاجة والضرورة .
وذکر السید الاستاذ (قده) انه الاقوی , الظاهر انه لیس لذلک ضابط کلی فان الواجب علی من خرج لقضاء ضرورة شرعیة او عرفیة لابد ان تکون بالمقدار المتعارف , لان المستثنی هو المقدار المتعارف , واختیار الطریق المتعارف وان کان اطول من الطریق غیر المتعارف , کما لوفرضنا ان هناک طریقین متعارف وغیر متعارف , کما اذا کان الطریق الجبلی غیر متعارف والفرق بینهما عشر دقائق مثلا فاذا اختار الطریق المتعارف فلا مانع منه فان المستثنی هو المقدار المتعارف , واما اذا کان هناک طریقین وکلاهما متعارف ولکن احدهما اقصر من الآخر والتفاوت بینهما ثلاثین دقیقة فلا شبهة فی عدم جواز ذلک فانه یبقی فی خارج المسجد اکثر مما تقتضیه الضرورة فلا یکون مستثنی فلا شبهة فی الاخلال باعتکافه اذا کان متعمداً , ومن هنا لا یجوز له ان یجلس فی الطریق تحت الظل , وقد منع من ذلک صریحا فی (صحیحة داود بن سرحان (1) ) فان الجلوس عمدا وباختیار یوجب فساد الاعتکاف لان الضرورة لا تقتضی ذلک .
ص: 111
فالنتیجة ان الواجب علیه هو المقدار المتعارف واختیار الطریق المتعارف وان کان اطول من الطریق غیر المتعارف وهو غیر مضر ولا یوجب بطلان الاعتکاف .
ذکرنا ان المستفاد من الروایات المتقدمة التی تدل علی جواز الخروج من المسجد من اجل حاجة ضروریة شرعیة او عرفیة او من اجل تشییع جنازة او عیادة مریض المتفاهم العرفی منها هو الخروج علی النحو المتعارف فی المشی باختیار الطریق وفی قضاء الحاجة بحیث لا یکون متسامحا ومتساهلا فی قضاء الحاجة , فاذا فرضنا ان قضاء حاجة یستغرق من الوقت نصف ساعة مثلاً وهو یتسامح ویتساهل ویأخذ من الوقت بمقدار ساعة فهذا لا یجوز فان تاخیره بمثل الساعة کان عمدیا وهو موجب لبطلان الاعتکاف ولا یجوز له ان یبقی خارج المسجد , فان بقاءه خارج المسجد اکثر من المتعارف اذا کان عمدیا فهو مبطل , وکذلک الحال فی المشی اذا کان متأنیاً بحیث یکون المتعارف من المشی یمکنه طی هذه المسافة بربع ساعة مثلا وهو یستغرق اکثر من نصف ساعة , فلا یجوز بقاءه فی خارج المسجد بهذا المقدار الزائد من الوقت فانه یبقی فی الخارج متعمدا وهو مبطل لاعتکافه . وکذلک الحال فی الطریقین اذا کان احدهما اقرب من الآخر , فاذا کان الطریق الاقرب طریقاً غیر متعارف کما اذا کان طریقا جبلیا ولا یذهب فیه بحسب المتعارف الاّ نادراً فلا یجب علیه اختیار هذا الطریق ویجوز له اختیار الطریق المتعارف الآخر وان کان اطول منه , ولا یجب علیه اختیار اقصر الطریقین , واما اذا کان هناک طریقان وکلاهما متعارف ولکن احدهما اقصر من الآخر لخصوصیة فهل یجب علیه اختیار الطریق الاقصر او لا یجب ؟ الظاهر عدم الوجوب فان یجوز له اختیار الطریق المتعارف فی المشی والوصول الی مکان حاجته وکلا الطریقین متعارف وان کان احدهما اقصر من الآخر فالمستفاد من الروایات المتقدمة اختیار الطریق المتعارف والمشی المتعارف ولا یجب علیه الاسراع فی المشی , فلا یجب علیه اختیار الطریق الاقصر اذا کان کلاهما متعارفاً , وعلی هذا فما ذکره الماتن (قده) من الاحتیاط مطلقاً وکذلک ما ذکره السید الاستاذ (قده) من الفتوی مطلقاً بوجوب اختیار الطریق الاقصر لا یتم علی اطلاقه بل لابد من التفصیل فی المقام .
ص: 112
ثم ذکر الماتن (قده) : ویجب ایضاً ان لا یجلس تحت الظلال مع الامکان .
هذا منصوص ودلت علیه صحیحة داود بن سرحان( (1) ) , واما الماتن (قده) فقد قیده بالامکان وهذا القید لم یرد فی الروایات , والظاهر ان مراده (قده) به الامکان العرفی - ای اذا لم تکن هناک حاجة او ضرورة للجلوس فلا یجلس تحت الظلال , واما مع الحاجة او الضرورة فلا بأس - .
ثم ذکر الماتن (قده) : بل الاحوط ان لا یمشی تحته ایضاً .
وذکر صاحب الوسائل (قده) انه لا یجوز ان یجلس تحت الظلال ولا یمشی تحته( (2) ) , اما المشی تحت الظلال فلا دلیل علیه اصلاً ولم یرد فی شیء من الروایات . والوارد هو عدم جواز الجلوس تحت الظلال والنهی عنه , ولا یمکن قیاس المعتکف بالمحرم , فان المحرم لا یجوز له المشی تحت الظلال المتحرک واما الظلال الثابت کجدران البیوت او ظلال الاشجار او الجبال او النفق او الجسر فلا مانع من ان یمشی تحته , فالنتیجة ان ما ذکره صاحب الوسائل (قده) من عدم الجواز , وما ذکره الماتن (قده) من الاحتیاط فلا دلیل علیه .
ثم ذکر الماتن (قده) : بل الاحوط عدم الجلوس مطلقاً الاّ مع الضرورة .
الاحوط عدم الجلوس مطلقاّ تحت الظلال او لا , وتدل علی ذلک روایتان :
ص: 113
الروایة الاولی : صحیحة داود بن سرحان عن ابی عبد الله (ع) فی حدیث : قال : ولا ینبغی للمعتکف ان یخرج من المسجد الجامع الاّ لحاجة لابد منها , ثم لا یجلس حتی یرجع , والمرأة مثل ذلک ( (1) ) . تدل علی عدم جواز الجلوس مطلقاً سواء تحت الظلال او لا .
الروایة الثانیة : صحیحة الحلبی عن ابی عبد الله(ع) قال : لا ینبغی للمعتکف ان یخرج من المسجد الاّ لحاجة لابد منها , ثم لا یجلس حتی یرجع , ولا یخرج فی شیء الاّ لجنازة , او یعود مریضأ , ولا یجلس حتی یرجع , قال : واعتکاف المرأة مثل ذلک ( (2)
) . فان هاتین الصحیحتین تدلان علی عدم جواز الجلوس تحت الظلال مطلقاً . واما السید الاستاذ (قده) علی ما فی تقریر بحثه فقد ذکر انه لابد من رفع الید عن هذا الاطلاق باحد امرین :
الامر الاول : ان خروجه لتشییع الجنازة یمکن ان یکون بلا جلوس , واما عیادة المریض فغالباً لا یمکن ان تکون بلا جلوس , فتستلزم الجلوس بحسب المتعارف کخمس دقائق او اکثر او اقل , فلابد من رفع الید عن اطلاق عدم جواز الجلوس بمثل عیادة المریض فانه لابد من الجلوس عرفاً , وعیادة المریض بلا جلوس غیر متعارف .
الامر الثانی : حمل المطلق علی المقید لا بملاک حمل المطلق علی المقید فان هذا الحمل لا یجری فی النواهی کما فی تقریر بحثه بل من جهة ما ذکره (قده) فی الاصول من الالتزام بمفهوم الوصف , بمعنی انه لابد ان یکون الحکم غیر ثابت للطبیعی علی نحو الاطلاق فانه ورد فی صحیحة الحلبی ( لا یجلس ) مطلقاً , وورد فی صحیحة داود بن سرحان ان ( لا یجلس تحت الظلال ) فانه قرینة علی ان هذا الحکم غیر ثابت للجلوس تحت الظلال مطلقا والاّ لکان قید (الظلال ) لغواً , فلو لم یجز الجلوس تحت الظلال مطلقاً لکان التقیید بتحت الظلال لغواً , فمن اجل ذلک لابد من رفع الید عن الاطلاق , لا من باب حمل المطلق علی المقید فانه لا یجری فی باب النواهی .
ص: 114
ما ذکره (قده) قد تقدم فی باب الاصول انه لیس من المفاهیم فی شیء , بل هو انتفاء شخص الحکم بانتفاء القید . وکیفما کان فان حمل المطلق علی المقید لا یجری فی النواهی من جهة ان الحکم انحلالی , ولا یجری حمل المطلق علی المقید , لا ان للنهی خصوصیة , وکذلک الحال فی المثبتین من الاوامر اذا کان الحکم انحلالی کما اذا قال المولی (أکرم العلماء ) ثم قال (أکرم العلماء العدول ) فانه لا یحمل المطلق علی المقید بل یحمل المقید علی افضل الافراد اذ لا تنافی بینهما , وکذلک الحال فی النواهی , فلا مانع من ان یکون الجلوس تحت الظلال غیر جائز , والجلوس مطلقاً غیر جائز ایضاً ولا تنافی بینهما , غایة الامر ان عدم جواز الجلوس تحت الظلال اهم من عدم جواز الجلوس مطلقاً , فالمقید محمول علی الاهم , لا انه یحمل المطلق علی المقید . فما فی عبارة التقریر من ان حمل المطلق علی المقید لا یجری فی باب النواهی فهو من هذه الناحیة اذ لا موجب لحمله بل یحمل المقید علی الاهم کما هو الحال فی الاوامر.
المسألة (36) : لو خرج لضرورة وطال خروجه بحیث إنمحت صورة الاعتکاف بطل .
الامر کما افاده (قده) بل اطلاق البطلان علیه مبنی علی التسامح لان شیئیة الشیء انما هی بصورته لا بمادته او بهیولاه , فان فعلیة الشیء انما هی بصورته , فاذا انمحت صورة الاعتکاف فلا اعتکاف حتی یحکم بصحته او بطلانه فالاعتکاف غیر موجود , فما ذکره الماتن (قده) من الحکم بالبطلان مبنی علی التسامح والاّ فلا اعتکاف فی البین .
ص: 115
المسألة (37) : لا فرق فی اللبث فی المسجد بین انواع الکون من القیام والجلوس والنوم والمشی ونحو ذلک فاللازم الکون فیه بای نحو ما کان .
فان کل هذه الافعال مصداق للمکث فی المسجد , فان المعتبر فی الاعتکاف هو اللبث والمکث فی المسجد سواء کان بشکل القیام او بشکل الجلوس او المشی او النوم او ما شاکل ذلک فان کل هذه الافعال الخاصة مصداق للمکث فی المسجد .
المسألة (38) : اذا طلقت المرأة المعتکفة فی اثناء اعتکافها طلاقاً رجعیاً وجب علیها الخروج الی منزلها للاعتداد وبطل اعتکافها . ویجب استینافه اذا کان واجباً موسعاً بعد الخروج من العدة , واما اذا کان واجبا معیناً فلا یبعد التخییر .
اما اذا کان الطلاق بائناً او مات زوجها فلا یوجب بطلان اعتکافها , ویجوز لها اتمام اعتکافها ولا یکون باطلا , لان الطلاق یوجب البینونة بینها وبین زوجها وکذلک الموت , واما اذا کان الطلاق رجعیاً وکان الاعتکاف مستحباً کما فی الیومین الاولین او واجبا موسعا مع عدم اذن الزوج بالبقاء فی المسجد فیجب علیها الخروج من المسجد الی بیتها للاعتداد , لان الواجب علی الماة المطلقة الرجعیة ان تعتد فی بیت زوجها ولا یجوز لها الخروج منه کما لا یجوز لزوجها اخراجها من بیته الاّ اذا اتت بفاحشة فعندئذ یجوز له اخراجها , واما مع اذنه لها بعد الطلاق باتمام اعتکافها فالظاهر انه لا مانع منه واعتکافها صحیح ولا باس به ولا یجب علیها الخروج من المسجد الی بیت زوجها , ویؤکد ذلک ما ورد فی الروایات من انه یجوز للمراة المطلقة الرجعیة ان تحج باذن زوجها حجاً مستحبا( (1) ), وعندئذ یجوز للمطلقة الرجعیة الخروج من البیت باذن زوجها للاعتکاف والزیارة والحج , وحالها حال زوجته ولا فرق بینها وبین زوجته فی الاحکام المترتبة علی الزوجة فتترتب علی المطلقة الرجعیة ایضاً , واما اذا کان الاعتکاف واجبا علیها کما فی الیوم الثالث او واجبا بالاجارة فی وقت معین او بالنذر او ما شاکل ذلک ففی مثل ذلک هل یجب علیها اتمام الاعتکاف او یجب علیها الخروج من المسجد ؟ فاذا فرضنا ان زوجها لم یاذن بالبقاء فی المسجد فهل یجب علیها الخروج من المسجد الی بیت زوجها والاعتداد فیه او یجب علیها اتمام الاعتکاف ؟
ص: 116
ذکر الماتن (قده) بل لعله المعروف بین الاصحاب انه تقع المزاحمة بین الواجبین بین الاعتکاف الواجب علیها وبین الخروج والذهاب الی بیت زوجها والاعتداد فیه , وحیث انه لا ترجیح فی البین اذ لیس لنا علم باهمیة احدهما دون الاخر حکم الماتن بالتخییر وانها مخیرة بین ان تتم اعتکافها وبین ان تخرج من المسجد الی بیت زوجها للاعتداد فیه ,وذکر السید الاستاذ (قده) علی ما فی تقریر بحثه ان المراة المطلقة الرجعیة هی زوجته حقیقة ولم تنقطع العلقة الزوجیة بینهما , فلهذا لها ان تتزین امام زوجها , کما یجوز للزوج الاستمتاع بها , بل لو قاربها باعتقاد انه زناً فهذا مرده الی انه رجوع الی الزوجة وهی ترجع زوجته , وان علقة الطلاق قد انتهت بهذا العمل , فالطلاق انما یکون مؤثرا بعد العدة , وطالما تکون فی العدة فالعلقة الزوجیة بینهما موجودة , وتمام الاثار الزوجیة مترتبة علی المطلقة الرجعیة , فالطلاق وان کان انشاؤه من الآن الاّ ان تاثیره بعد اتمام العدة , کما هو الحال فی بیع الصرف والسلم او الهبة فان انشاؤها وان کان من الیوم الاّ ان صحته منوطة بالقبض , فطالما لم یقبض الموهوب له المال فالهبة محکومة بالبطلان فلا تحصل الملکیة - وهی انتقال المال الموهوب من الواهب الی الموهوب- وهو منوط بالقبض , وهکذا الحال فی المقام فالطلاق انشاؤه وان کان من الآن الاّ ان تاثیره بعد انتهاء العدة , فاذا انتهت العدة حصلت البینونة بینهما وانتهت العلقة الزوجیة . هکذا ذکره السید الاستاذ (قده) .
والظاهر ان ما ذکره (قده) هو الصحیح وهو المستفاد من الروایات وانها تبقی فی بیت زوجها وانها تتزین امام زوجها لکسب رغبته الیها وما شاکل ذلک , وهذه الاثار اثار الزوجیة والاّ فلا یجوز للاجنبیة ان تتزین امام الاجنبی , وهذه الاثار تکشف عن ان العلقة الزوجیة باقیة , کما ان للرجل ان یستمتع بها متی شاء سواء قصد الرجوع ام لم یقصد , غایة الامر انه فی الجماع لا حاجة الی قصد الرجوع فان نفس الجماع رجوع وان لم یکن بقصد الرجوع , واما سائر الاستمتاعات فهی بحاجة الی قصد الرجوع . وکیفما کان فالمستفاد من الروایات ان العلقة الزوجیة باقیة وانما تنتهی هذه العلقة بعد انتهاء العدة , فاذا انتهت العدة حصلت البینونة بینها وبین الزوج . فلا تزاحم فی البین فانه یجب علی المراة اتمام اعتکافها ولا یجوز لها ترکه , اذ لا طاعة للمخلوق فی معصیة الخالق , فالاعتکاف واجب علیها فلا یجوز لها ترکه اطاعة لزوجها , وبعد الانتهاء من الاعتکاف تخرج الی بیت زوجها للاعتداد فیه .
ص: 117
فالنتیجة ان المراة المطلقة الرجعیة ان لم تکن زوجة له فهذه الاثار اثار العدة لا اثار الزوجیة , والعدة لابد ان تکون فی بیت زوجها , فخروجها من بیت زوجها لا یجوز الاّ باذن الزوج , فاذا کانت من اثار العدة فیقع التزاحم بین الواجبین ولابد من الرجوع الی مرجحات باب التزاحم ان کانت , وان کانت هذه الاثار من اثار الزوجیة فلا تزاحم فی البین فیجب علی المراة ان تتم اعتکافها ولا یجوز لها ترک الواجب (الاعتکاف) اطاعة لزوجها فانه معصیة للخالق , ولا یجوز معصیة الخالق اطاعة للمخلوق.
فالنتیجة ان هذین القولین مبنیان علی ذلک .
المسألة (39) : قد عرفت ان الاعتکاف اما واجب معین او واجب موسع واما مندوب , فالاول یجب بمجرد الشروع بل قبله ولا یجوز الرجوع عنه , واما الاخیران فالاقوی فیهما جواز الرجوع قبل اکمال الیومین واما بعده فیجب الیوم الثالث. لکن الاحوط فیهما ایضا وجوب الاتمام بالشروع خصوصا الاول منهما .
الاعتکاف ان کان واجبا مضیقا فیجب الشروع فیه ولا یجوز الرجوع عنه , واما اذا کان موسعا فیجوز الرجوع فی الیومین الاولین , نعم لا یجوز له الرجوع فی الیوم الثالث لان الاعتکاف فی هذا الیوم واجب علیه , وکذلک الحال اذا کان الاعتکاف مندوبا فیجوز له رفع الید عن الاعتکاف فی الیومین الاولین ولکن لا یجوز له ذلک اذا بدأ الیوم الثالث , فیجب علیه اتمامه , فحال الاعتکاف المندوب کحال الواجب الموسع فلا فرق بینهما فیجوز الرجوع فی الیومین الاولین ولا یجوز فی الیوم الثالث
المسألة (40) : یجوز له ان یشترط حین النیة الرجوع متی شاء حتی فی الیوم الثالث , سواء علق الرجوع علی عروض عارض او لا , بل یشترط الرجوع متی شاء حتی بلا سبب عارض .
ص: 118
اما اصل جواز الاشتراط فلا شبهة فیه وانه یجوز اشتراط الرجوع فی الاعتکاف , وانما الکلام فی موردین :
المورد الاول : هل یجوز هذا الاشتراط فی الیوم الثالث الذی هو واجب ؟
ذهب بعضهم الی عدم الجواز بدعوی انه لا یجوز اشتراط ترک الواجب , فرفع الید عن الواجب لا یجوز, فلا یجوز الاشتراط فی الیوم الثالث لانه واجب , واما فی الیومین الاولین فلا مانع منه وان کان لا فائدة من الاشتراط فیهما , فانه فی نفسه یجوز الرجوع فیهما ورفع الید عن الاعتکاف والاشتراط فیهما یکون تأکید لذلک ولا فائدة له . ولکن الصحیح جواز الاشتراط حتی فی الیوم الثالث بمقتضی صحیحة محمد بن مسلم عن ابی جعفر (ع) قال : اذا اعتکف یوما ولم یکن اشترط فله ان یخرج ویفسخ الاعتکاف , وان اقام یومین ولم یکن اشترط فلیس له ان یفسخ اعتکافه حتی تمضی ثلاثة ایام. (1) فالمراد من هذا الشرط شرط الاستمرار , وهی تدل بمفهوم الشرط علی انه یجوز له مع الشرط , فان مضی یومین ولم یشترط فلیس له رفع الید عن الاعتکاف فی الیوم الثالث حتی تمضی ثلاثة ایام , واما اذا اشترط الرجوع فیجوز له الرجوع فی الیوم الثالث عن الاعتکاف ولا یجب علیه اتمام ثلاثة ایام . فهذه الصحیحة واضحة الدلالة علی جواز فسخ الاعتکاف حتی فی الیوم الثالث اذا اشترط الرجوع حین نیة الاعتکاف متی شاء .
المورد الثانی : هل یعتبر فی صحة هذا الاشتراط ان یکون لسبب عارض کما هو الحال فی الاحرام ؟ فان اشتراط التحلیل فی الاحرام انما هو لعروض عارض کالحبس وما شاکل ذلک , فیشترط التحلیل من الاحرام والخروج منه . فهل یعتبر ذلک فی الاعتکاف ایضا اشتراط الرجوع عن الاعتکاف منوط بعروض عارض او حاجة - ؟
ص: 119
ذهب جماعة الی انه لابد له من ذلک , وهذا الاشتراط انما یصح لعروض سبب او عارض , کما هو الحال فی الاشتراط الاحرامی , ولکن مقتضی صحیحة محمد بن مسلم جواز هذا الاشتراط بلا ای سبب کان فان الوارد فیها ( اذا اعتکف یوما ولم یکن اشترط ) فالاشتراط مطلق وهو اشتراط الاستمرار سواء اکان هناک سبب ام لم یکن , ولم یکن اشترط الاستمرار فیجوز له الرجوع وفسخ الاعتکاف والخروج , وان اقام یومین ولم یکن اشترط فلیس له ان یفسخ اعتکافه حتی تمضی ثلاثة ایام , مقتضی اطلاق الصحیحة جواز اشتراط الرجوع بلا ای سبب کان کما هو مقتضی فتوی السید الماتن (قده) , ولکن هناک روایتان قد یستفاد منهما ان الاشتراط لابد ان یکون لسبب او من اجل عروض عارض :
الروایة الاولی : صحیحة ابی بصیر عن ابی عبد الله (ع) فی حدیث قال : ینبغی للمعتکف اذا اعتکف ان یشترط کما یشترط الذی یحرم (1) . اشتراط الاحرام لابد ان یکون بسبب , فاشتراط التحلیل منوط بعروض عارض و سبب عارض علیه, فتشبیه اشتراط الرجوع من الاعتکاف بالتحلیل من الاحرام یدل علی ان الاشتراط فی الاعتکاف کالاشتراط فی الاحرام ولا فرق بینهما .
الروایة الثانیة : صحیحة عمر بن یزید عن ابی عبد الله (ع) فی حدیث قال : واشترط علی ربک فی اعتکافک کما تشترط فی احرامک ان یحلک من اعتکافک عند عارض ان عرض لک من علة تنزل بک من امر الله تعالی (2) . فان هذه الصحیحة اوضح من الصحیحة الاولی فانها تدل علی ان تشترط فی اعتکافک کما تشترط فی احرامک الذی یحللک عند عروض عارض او عند وجود سبب , فهی تدل علی ان الاشتراط لابد ان یکون بسبب , فالحاق الاشتراط فی الاعتکاف بالاشتراط فی الاحرام یدل علی انه لابد ان یکون بسبب , فلا یصح هذا الاشتراط بلا سبب وبدون عروض عارض .
ص: 120
فهاتان الصحیحتان تدلان علی جواز الاشتراط , بل استحباب الاشتراط فان قوله (ینبغی لک ) یدل علی الاستحباب , وکذا الصحیحة الاخری تدل علی استحباب الاشتراط , واما صحیحة محمد بن مسلم فلا تنافی استحباب هذا الشرط وتدل علی الجواز وهو ینسجم مع استحباب هذا الشرط .
وانما الکلام فی انه هل یعتبر فی صحة هذا الشرط ان یکون معلقا علی عروض سببه ؟ کما اذا عرضت علیه حاجة ولیست ضروریة فهل یرفع الید عن هذا الاعتکاف ویفسخه ویخرج من المسجد ؟ او ان هاتین الصحیحتین لا تدلان علی ذلک ؟
الظاهر ان الصحیحة الثانیة لا باس بدلالتها علی ذلک , فانها تدل علی انه لابد من احراز ذلک , تشترط فی اعتکافک الرجوع کما تشترط فی احرامک ان یحللک عند عروض عارض , فان مقتضی سیاق هذه الصحیحة ان هذا السبب معتبر فی صحة اشتراط الرجوع فی الاعتکاف ایضاً , واما بدون عروض عارض وبدون التعلیق فیشکل الحکم بصحة اشتراط الرجوع من هذا الاعتکاف بلا ای سبب وعارض عرض علیه.
الموضوع : المسألة 40 : ذکر الماتن (قده) : ولا یجوز له اشتراط جواز المنافیات کالجماع ونحوه مع بقاء الاعتکاف علی حاله .
اولاً انه لا دلیل علی ذلک , فان الدلیل منحصر بما اذا اشترط الرجوع اما مطلقا او عند عروض عارض , ولا دلیل فی المقام علی جواز اشتراط جواز الاتیان بمنافیات الاعتکاف , هذا مضافا الی ان مثل هذا الشرط داخل فی الشرط المخالف للکتاب والسنة فلا یکون مثل هذا الشرط نافذاً , فان کل شرط یکون محللا للحرام فهو غیرُ نافذٍ ومردودٌ ولا اثر له . فمثل هذا الشرط غیر جائز ولا یعتنی به .
ص: 121
ثم ذکر الماتن (قده) : ویعتبر ان یکون الشرط حال النیة فلا اعتبار بالشرط قبلها او بعد الشروع فیه وان کان قبل الدخول فی الیوم الثالث .
فان ما ذکره (قده) موافق لمعنی الشرط عرفا ولغة , فان معنی الشرط هو الارتباط بالشیء والالتصاق به , والزام الشیء والالتزام به فی ضمن عقد او ایقاع , والشرط معناه الارتباط عرفا ولغة , ومن هنا لا معنی لتفسیر الشرط من انه التزام فی التزام آخر فانه لیس معناه الالتزام کما یطلق عرفا شریط البحر او شریط النهر او شریط المساحة بمعنی الالتصاق , ومن هنا اطلاق الشرط علی الشرط الابتدائی مشکل فان الشرط الابتدائی مجرد وعد ولا یجب الوفاء بالوعد ولیس هو شرط لکی یجب الوفاء به , ولیس عدم وجوب الوفاء به من جهة الاجماع , لان الشرط لا یصدق علیه حتی یجب الوفاء به , فانه من قبیل السالبة بانتفاء الموضوع , فالشرط بمعنی الارتباط بالشیء , ولهذا یعتبر بهذا الشرط ان یکون حال نیة الاعتکاف واما اذا کان قبلها فهو شرط بدائی ولا اثر له , او بعد الشروع فیه وهو ایضا شرط بدائی ولا اثر له ولابد ان یکون حین النیة , ومن اجل ذلک قیده الماتن (قده) بانه حین النیة .
ثم ذکر الماتن (قده) : ولو شرط حین النیة ثم بعد ذلک اسقط حکم شرطه فالظاهر عدم سقوطه وان کان الاحوط ترتیب آثار السقوط من الاتمام بعد اکمال الیومین .
یقع الکلام فی ان هذا الشرط هل هو من الحقوق حتی یکون قابلا للاسقاط ؟ او لیس من الحقوق بل هو حکم شرعی غیر قابل للاسقاط ؟ اوحال هذا الشرط کحال الشروط فی ضمن العقد فان تلک الشروط من الحقوق وقابلة للاسقاط وهذا الشرط ایضا کذلک او انه لیس کذلک ؟ فیقع الکلام هنا فی مقامین :
ص: 122
المقام الاول : فی هذا الشرط فانه شرط العقد مع الله تعالی فی عبادة کالاعتکاف ونحوه فهل هذا الشرط من الحقوق وقابل للاسقاط او انه لیس من الحقوق ؟ الظاهر انه لا دلیل علی انه من الحقوق وان ما دل علیه الدلیل هو الشروط فی ضمن العقد وهو الشروط بین المتعاقدین لا بین العبد وربه , فان هذا الشرط من الحقوق وقابل للاسقاط , واما هذا الشرط الذی هو بین العبد وربه فی عبادة کالاعتکاف ونحوه فلا دلیل علی انه من الحقوق وقابل للاسقاط , فما ذکره الماتن (قده) من انه لا یسقط بالاسقاط فهو الصحیح وانه غیر قابل للاسقاط , واما الشروط فی ضمن العقد کما اذا باع بشرط خیاطة ثوب او اشتری عبدا بشرط کونه کاتباً او ما شاکل ذلک فمرجع هذا الشرط لیس الی تعلیق العقد علیه فان المعروف والمشهور ان تعلیق البیع علی الشرط غیر صحیح , فان تعلیق الانشاء علی الشرط غیر صحیح فان تعلیق الانشاء فی نفسه غیر معقول , لان الانشاء یدور امره بین الوجود والعدم , فهو اما موجود او معدوم وهو غیر قابل للتعلیق , فان القابل للتعلیق وجوده مطلق تارة واخری معلق , واما الانشاء فلا یعقل وجوده معلقاً لانه اما موجود او معدوم ولا ثالث لهما , فالانشاء غیر قابل للتعلیق حتی یقال ان تعلیقه باطل , واما المنشأ فهو ایضا غیر قابل للتعلیق بوجوده الانشائی فان وجوده الانشائی قد تحقق وهو غیر قابل للتعلیق الاّ ان ینشأه معلقاً بان ینشأ الملکیة معلقة علی شیء , واما بوجوده الفعلی فلا مانع منه ثبوتاً واثباتاً , فلا مانع من ان تکون فعلیة المنشأ معلقة , کما اذا انشأ ملکیة مالٍ لزیدٍ بعد شهرٍ فانه لا مانع من ذلک , فان الانشاء وان کان من الآن والمنشأ بوجوده الانشائی من الآن لکن وجوده الفعلی معلق الی ما بعد شهر , کما هو الحال فی الوصیة التملیکیة فان الانشاء فیها من حین الوصیة وانشاء الملکیة من هذا الحین , والمنشأ بوجوده الانشائی تحقق من هذا الحین , واما وجوده الفعلی فهو انما یتحقق بعد الموت , فالمعلق هو وجوده الفعلی واما وجوده الانشائی فهو متحقق ولا یعقل ان یکون معلقا , فالانشاء والمنشأ الذی هو عین الانشاء ولا اختلاف بینهما الاّ بالاعتبار لا یتصور فیه التعلیق , فالتعلیق انما یتصور فی الوجود الفعلی للمنشأ ولا مانع منه ثبوتا واثباتا , فلا وجه لدعوی الاجماع علی بطلان التعلیق بهذا المعنی ای تعلیق الملکیة الفعلیة لزمان متأخر کما فی الوصیة وبیع الصرف والسلم والهبة فان الملکیة الفعلیة انما تتحقق بالقبض , واما قبل القبض فالملکیة موجودة بوجودها الانشائی فقط لا بوجودها الفعلی , وکذلک الحال فی بیع الصرف والسلم , وعلی هذا فاذا باع زیدٌ داره واشترط علی المشتری خیاطة ثوبه او اشترط علیه زیارة الامام الحسین (ع) فمرجع هذا الشرط لیس الی التعلیق فی فعلیة المنشأ , بل مرجعه الی ان التزام البائع بهذا البیع مشروط بهذا الشرط , فان المشتری اذا أتی بهذا الشرط ووفی به فالبائع ملتزم بهذا البیع , واما اذا لم یأت به فیثبت للبائع الخیار من جهة تخلف المشتری عن الشرط , فتخلفه عن الشرط یوجب الخیار , وتخلفه مطلقا سواء اکان الشرط اختیاریا او لم یکن اختیاریا فتخلفه یوجب الخیار فقط , کما اذا باع او اشتری عبداً بشرط ان یکون کاتباً ثم تخلف وظهر انه لیس کاتباً ثبت للمشتری خیار تخلف الشرط , ولا فرق فی ذلک بین ان یکون الشرط منصوصا فی ضمن العقد او شرطا ضمنیا بان یکون العقد مبنیاً علیه ارتکازاً , فتخلف الشرط مطلقا یوجب الخیار فقط ولا یوجب بطلان العقد , لان العقد غیر معلق , واما تعلیق الانشاء والمنشأ بوجوده الانشائی غیر معقول , واما بوجوده الفعلی فهو بحاجة الی دلیل , فهذه الشروط مرجعها الی ثبوت الخیار عند تخلفها ولیس مرجعها الی تعلیق المنشأ علیها , وان ورد فی بعض کلمات تقریر السید الاستاذ (قده) تعلیق المنشأ علی هذا الشرط , وقسم هذا الشرط الی قسمین احدهما مرجعه الی جعل الخیار کشرط الکتابة والخیاطة والزیارة وما شاکل ذلک , والآخر مرجعه الی تعلیق المنشأ علی هذا الشرط , ومرجعه الی الزام الشارط او البائع المشتری الی الوفاء بالشرط , والظاهر ان مرجع الشرط لیس الی تعلیق المنشأ بوجوده الانشائی فانه غیر معقول , واما بوجوده الفعلی فهو بحاجة الی دلیل کما فی الوصیة وما شاکل ذلک کبیع الصرف والسلم والهبة . واما فی العقود المتعارفة فلیس الامر کذلک .
ص: 123
فالنتیجة ان هذه الشروط الموجودة فی العقد مرجعها الی ان تخلفها یوجب الخیار , لا ان الخیار مجعول کما ورد فی تقریر السید الاستاذ (قده) , فانه ورد فی تقریره ان المجعول فی هذه الشروط فی الحقیقة هو الخیار , والظاهر ان الامر لیس کذلک وان المجعول هو الشرط غایة الامر تخلفه یوجب الخیار , لان التزام البائع بهذا العقد مشروط بهذا الشرط فان وفی المشتری بهذا الشرط فهو یفی بهذا العقد والاّ لم یلتزم بهذا العقد ومعناه ثبوت الخیار .
کان کلامنا فی الشروط , وقد ذکرنا ان مرجع هذه الشروط لیس الی تعلیق العقد علیها, فان تعلیق الانشاء وکذلک تعلیق المنشأ بوجوده الانشائی غیر معقول فی نفسه , واما تعلیق المنشأ بوجوده الفعلی فهو امر معقول ولکن فی مقام الاثبات بحاجة الی دلیل کما فی باب الوصیة او باب الصرف والسلم وما شاکل ذلک , واما الشروط فی العقود فیمکن تقسیمها الی ثلاثة اقسام :
القسم الاول : ما اذا فرضنا ان المشتری یشتری فرساً من البائع ویشترط علیه شروطاً واوصافاً له , او یشتری عبداً ویشترط علیه ان یکون کاتباً او عالماً او ثقة او ما شاکل ذلک , فمثل هذه الشروط مرجعه الی جعل الخیار , فلا یمکن ان یکون التزام المشتری بالوفاء بالعقد منوطاً بالتزام البائع بهذه الاوصاف لانها خارجة عن تحت قدرة البائع , فلهذا مرجع هذا الاشتراط الی جعل الخیار فاذا لم یکن المبیع واجداً لهذه الصفات ثبت الخیار للمشتری , واما مرجع هذا الاشتراط الی تعلیق الملکیة الفعلیة فهذا وان کان ممکناً الاّ انه بحاجة الی دلیل ولا یستفاد من هذه الشروط .
ص: 124
القسم الثانی : ما اذا اشترط البائع علی المشتری او المشتری علی البائع فعلاً , کما اذا اشترط البائع فی ضمن العقد خیاطة الثوب او الکتابة او ما شاکل ذلک , او ان المشتری یشترط علی البائع ذلک , ومرجع هذا الشرط الی ان التزام البائع بالوفاء بهذا العقد مشروط بالتزام المشتری بهذا العمل ای بالکتابة او الخیاطة فاذا قام بهذا العمل فالبائع ملتزم بالوفاء بهذا العقد , واما اذا لم یعمل بهذا الشرط ثبت للبائع خیار تخلف الشرط فله ان یفسخ المعاملة وله ان یمضیها .
القسم الثالث : معنی الشرط الالتزام فی ضمن الالتزام العقدی - ای فی العقود التی لا تقبل الخیار کما فی النکاح او الطلاق او ما شاکلهما - فان النکاح لا یقبل الخیار وانما ثبت الخیار للزوج فی العیوب الخاصة بالمرأة کما ثبت الخیار للمرأة فی العیوب الخاصة بالرجل , واما الخیار المطلق فلا یدخل فی النکاح کخیار تخلف الشرط او ما شاکل ذلک , او یشترط الخیار فی ضمن العقد نصاً فلا یجوز فی النکاح والطلاق والخیار انما هو ثابت بالعیوب الخاصة , ففی مثل ذلک اذا اشترط الزوج علی زوجته ان تشتغل فی البیت للتنظیف او الطبخ وما شاکل ذلک فلیس معناه ان الزوج ملتزم بالوفاء بعقد النکاح شریطة ان تکون المرأة ملتزمة بهذه الاعمال لان کلاهما الزوج والزوجة ملتزمان بالوفاء بهذا العقد سواء تحقق هذا الشرط او لم یتحقق , فالعقد لازم علی کلیهما سواء اشترط الزوج علی الزوجة او بالعکس , بل معنی هذا الشرط هو الوفاء بهذا الشرط بدلیل الشرط وهو [المؤمنون عند شروطهم ] فان الزوج اذا اشترط علی الزوجة یجب علی الزوجة العمل بالشرط بمقتضی ادلة الشروط واما اذا لم تعمل بالشروط فلا أثر له غیر العصیان فلا یترتب علیه ای أثر , وکذلک الحال اذا اشترطت الزوجة علی الزوج فانه اذا لم یعمل الزوج ولم یأت بالشرط فهو آثم فقط ولا یترتب علیه ای أثر آخر . وهل یجوز تعلیق الزوجیة علی هذا الشرط او لا یجوز ؟ ذکر السید الاستاذ (قده) علی ما فی تقریر بحثه ان تعلیق الزوجیة یجوز بالشرط اذا کان حاصلاً فعلاً وموجوداً فعلاً , کما اذا فرضنا انه علق الزوجیة علی ان یکون هذا الیوم یوم الجمعة وقال [ انکحتک هذه المرأة ان کان هذا الیوم یوم الجمعة ] هذا التعلیق صحیح , ولکن فی الحقیقة هذا لیس تعلیقاً بل مجرد لقلة لسان وان الزوجیة لیست معلقة علی کون هذا الیوم یوم الجمعة , واما اذا کان الشرط متأخراً فلا یجوز التعلیق علیه , ولکن ذکرنا انه لا مانع من التعلیق ثبوتاً بان تکون الزوجیة الفعلیة معلقة علی امر مستقبل ولکنه بحاجة الی دلیل فی مقام الاثبات طالما لم یکن دلیل فلا یمکن الأخذ به . هذا فی الشروط الموجودة فی العقود وهذه الشروط حقوق یجوز اسقاطها . واما الشرط فی المقام الذی هو بین العبد وربه فی اعتکافه فالظاهر انه لا یجوز اسقاطه ولا یسقط بالاسقاط لانه لم یثبت کونه حقاً , ولا دلیل علی سقوطه بالاسقاط .
ص: 125
المسألة (41) : کما یجوز اشتراط الرجوع فی الاعتکاف حین عقد نیته کذلک یجوز اشتراطه فی نذره کأن یقول لله علیّ ان اعتکف بشرط ان یکون لی الرجوع عند عروض کذا او مطلقاً , وحینئذ فیجوز له الرجوع .
ما ذکره الماتن (قده) هو المشهور بین الاصحاب بل ادعی علیه الاجماع ایضاً , ولکن اتمامه بالدلیل مشکل ولا دلیل علیه فان الشرط المشروع انما هو شرط الرجوع فی الاعتکاف واما فی النذر ولو کان متعلقه الاعتکاف بحاجة الی دلیل , فان متعلق النذر قد یکون اعتکافاً وقد یکون غیره ولا دلیل علیه .
وبعبارة اخری الاعتکاف علی قسمین : الاعتکاف المطلق , والاعتکاف المشروط الرجوع فیه , وکلاهما مشروع , والنذر اذا تعلق بالاعتکاف المطلق فلا یجوز اشتراط الرجوع فیه , وهو بحاجة الی دلیل , بل هو من الشروط التی تکون محللة للحرام فلا تکون صحیحة ونافذة , وحینئذ فان اشترط الرجوع بنذر الاعتکاف المطلق فهو غیر مشروع , وان اشترط الرجوع فی الاعتکاف المشروط فهو لغو فان النذر لم یتعلق بالاعتکاف المشروط فیه الرجوع وانما تعلق بالاعتکاف المطلق , فمن اجل ذلک ظاهر عبارة الماتن (قده) تعلق النذر بالاعتکاف المطلق , وصحة اشتراط الرجوع فی النذر - ای جواز الرجوع فی المنذور وفسخه ونقضه - مثل الاشتراط فی العقد . فما ذکره الماتن (قده) لا یمکن المساعدة علیه . ومن هنا حمل السید الاستاذ (قده) علی ما فی تقریر بحثه ان مراد الماتن (قده) تعلق النذر بالاعتکاف المشروط لا بالاعتکاف المطلق . ولکن هذا الحمل بعید جداً فان ظاهر عبارته ان الشرط انما هو فی نذر الاعتکاف , وان النذر تعلق بالاعتکاف والشرط انما هو فی هذا النذر - ومعنی الشرط فی نذر الاعتکاف هو جواز فسخ المنذور وجواز رفع الید عن المنذور- فحمل کلام الماتن (قده) علی ما ذکره السید الاستاذ (قده) بعید , بان یکون مراد الماتن (قده) نذر الاعتکاف المشروط بعید جداً .
ص: 126
فالنتیجة ان ما ذکره الماتن (قده) بظاهره لا یمکن المساعدة علیه الاّ ان یحمل علی ما ذکره السید الاستاذ (قده)
الموضوع : الشرط اذا کان فی ضمن نذر الاعتکاف
تحصل مما ذکرناه ان الشرط اذا کان فی ضمن نذر الاعتکاف لا دلیل علی صحته , فان الروایات التی تدل علی صحة هذا الشرط انما هو فیما اذا کان فی ضمن اعتکاف , واما اذا کان فی ضمن نذر متعلق بالاعتکاف فلا دلیل علی صحته فان الاعتکاف المشروع علی قسمین احدهما مطلق والآخر مشروط بشرط الرجوع فاذا تعلق النذر بالاعتکاف المطلق فلا دلیل علی صحة هذا الشرط شرط الرجوع واما اذا تعلق بالاعتکاف المشروط فلا مانع منه فان معنی تعلق النذر بالاعتکاف المشروط انه یجب علیه ان ینوی الاعتکاف المنذور ای حین النیة یشترط هذا الشرط فاذا نوی الاعتکاف وحین نیته اشترط شرط الرجوع فقد وفی بنذره وحصل الوفاء بالنذر , لانه نذر الاعتکاف المشروط وهذا هو الاعتکاف المشروط , واما الشرط فی ضمن هذا النذر فهو لغو ولا اثر , فالنذر تعلق بالاعتکاف المشروط فاذا اشترط الرجوع فی ضمن هذا النذر ایضا فهو لغو ولا اثر لهذا الشرط .وهذا هو ظاهر عبارة الماتن (قده) من تعلق النذر بالاعتکاف المطلق , واما حمله علی تعلق النذر بالاعتکاف المشروط فهو خلاف الظاهر وان حمله السید الاستاذ (قده) علی ذلک .
المسألة (42) : لا یصح ان یشترط فی اعتکاف ان یکون له الرجوع فی اعتکاف آخر له غیر الذی ذکر الشرط فیه , وکذا لا یصح ان یشترط فی اعتکافه جواز فسخ اعتکاف شخص آخر من ولده او عبده او اجنبی .
ص: 127
ما ذکره (قده) صحیح اذ لا دلیل علی صحة هذا الشرط فان الدلیل انما دل علی صحة هذا الشرط فی ضمن اعتکافه , واما اذا اشترط فی ضمن اعتکاف بجواز الرجوع فی اعتکاف آخر فلا دلیل علی صحة هذا الشرط , وکذلک اذا اشترط فی ضمن اعتکاف جواز فسخ اعتکاف شخص آخر کولده او عبده او ما شاکل ذلک فلا دلیل علی صحة هذاالشرط , وتمسک بعضهم بدلیل [ المؤمنون عند شروطهم ] فی غیر محله , فان معنی المؤمنون عند شروطهم نفوذ الشرط علی المؤمن فان الشخص اذا اشترط شیء علی نفسه فهو نافذ لغیره , ای شروط المؤمنون نافذة علی انفسهم لغیرهم , واما فی المقام فقد یکون اشترط شیئاً بالنسبة الی غیره فلا دلیل علی نفوذه , فانه فی المقام اشترط علی الله الرجوع فاذا امضاه صح هذا الشرط فهذا الشرط خارج عن عموم المؤمنون عند شروطهم ولا دلیل علی صحة هذا الشرط .
المسألة (43) : لا یجوز التعلیق فی الاعتکاف فلوعلقه بطل الاّ اذا علقه علی شرط معلوم الحصول حین النیة فانه فی الحقیقة لا یکون من التعلیق .
کما اذا اعتکف علی ان یکون هذا الیوم یوم الجمعة وهو فی الواقع یوم الجمعة , واما اذا کان التعلیق علی امر استقبالی فهو غیر صحیح , اما التعلیق بالنسبة الی المکث واللبث فهو غیر متصور فان الفعل الخارجی غیر قابل للتعلیق کالمکث واللبث فی المسجد والقیام والقعود والضرب وما شاکل ذلک کما اذا ضرب شخصاً معلقاً علی انه بکر فلا معنی له فان الضرب وقع فی الخارج فهذا التعلیق لا اثر له , فالافعال الخارجیة غیر قابلة للتعلیق وامرها یدور بین الوجود والعدم , وکذلک الانشاء غیر قابل للتعلیق کما ذکرنا وامره یدور بین الوجود والعدم , وکذلک المنشأ بوجوده الانشائی فانه بوجوده الانشائی عین الانشاء ولا فرق بینهما الاّ بالاعتبار کالایجاد والوجود فی الامور التکوینیة , واما بوجوده الفعلی فلا مانع من التعلیق کما اذا انشا ملکیة مالٍ بعد شهر او بعد سنة فان الانشاء من الآن قد تحقق والمنشا بوجوده الانشائی قد تحقق من الآن ولکن فعلیة الملکیة بعد سنة فهذا فی نفسه لا مانع منه وقد دل الدلیل علی ذلک فی مقام الاثبات فی بعض الموارد کما فی الوصیة التملیکیة وهکذا فی بیع الصرف والسلم وما شاکل ذلک , او فرضنا ان المرأة علقت زوجیتها من شخص بعد شهر فلا مانع من ذلک فی نفسه فان انشاء الزوجیة قد تحقق من الآن والمنشأ بوجوده الانشائی تحقق من الآن لکن بوجوده الفعلی یتحقق بعد شهر فهذا فی نفسه لا مانع منه ولکن فی مقام الاثبات بحاجة الی دلیل , وذکر السید الاستاذ (قده) ان بطلان ذلک لا یحتاج الی الاجماع الذی ادعی علی ان التعلیق فی العقود والایقاعات باطل بل هو فی نفسه باطل لانه غیر معهود عند العقلاء , فان تملیک مال بعد شهر او بعد سنة فهو غیر معهود عند العقلاء وغیر متعارف , وکذلک الحال فی الزوجیة والنکاح فانه غیر معهود عند العقلاء وغیر متعارف فلا یکون مشمولاً لأدلة الامضاء [ اوفوا بالعقود ] و [ احلّ الله البیع ] وما شاکل ذلک .
ص: 128
الظاهر ان مثل هذا البیع وان لم یکن معهوداً سابقاً الاّ انه فی الوقت الحاضر متعارف عند العقلاء کما فی الاسواق المالیة وفی البورصات فان هذه المعاملات متعارفة عند العقلاء وتترتب علیها آثار الصحة , بل فی الاسواق المالیة الثمن والمثمن کلاهما غیر موجود یبیع عشرة اطنان من الحنطة باوصاف مذکورة بعد خمسة اشهر والحنطة غیر موجودة فی الوقت الحاضر , او یبیع عشرة اطنان من النفط بعد خمسة اشهر والنفط غیر موجود فی الوقت الحاضر , وفی وقته یحضر المبیع من الحنطة او النفط ویسلمه الی المشتری , فهذه المعاملات المتبادلة الواقعة فی الاسواق المالیة المتعارفة غالباً مبنیة علی ذلک , مع ان المعروف عند الفقهاء بطلان مثل هذا البیع فان المبیع اذا کان معدوماً فلا یجوز بیعه ولا دلیل علی صحة بیعه , فان المعروف عند العقلاء بطلان مثل هذا البیع , ولکننا صححنا مثل هذه البیوع بدلیل قوله [یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُواْ لاَ تَأْکُلُواْ أَمْوَالَکُمْ بَیْنَکُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَکُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنکُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَکُمْ إِنَّ اللّهَ کَانَ بِکُمْ رَحِیماً سورة النساء /الآیة 29 ] فلا شبهة فی کونها تجارة والتراضی ایضاً موجود وان لم یصدق علیها عنوان البیع ولکن عنوان التجارة عن تراضٍ یصدق علیها , وهذا العنوان عنوان عام فعندئذ لا مانع من صحة هذه المعاملات بهذا العنوان , وفی المقام کذلک لا مانع من تملیک مالٍ للغیر بعد اشهرٍ او بعد ثلاثة اشهر , وفی المقام ایضاً کذلک فان انشاء الالتزام بالاعتکاف غیر قابل للتعلیق , واما المنشأ وهو الالتزام بوجوده الفعلی فهو وان کان قابلا للتعلیق الاّ ان الحکم بصحته مشکل بان یکون اعتکافه معلقاً علی مجیء زید او علی امر آخر , فهذا لا دلیل علیه ولا یستفاد من الروایات ولا دلیل علی صحته , والمستفاد من الروایات ان یکون الالتزام بالاعتکاف , واما الالتزام بالاعتکاف معلقاً علی شیء فلا دلیل علی صحته .
ص: 129
هذا تمام الکلام فی الاعتکاف وشرائطه ویقع الکلام فی احکام الاعتکاف ان شاء الله تعالی.
الموضوع : فصل فی احکم الاعتکاف
یحرم علی المعتکف امور : احدها : مباشرة النساء بالجماع فی القبل اوالدبر .
ولا شبهة فی حرمته وتدل علی ذلک مضافاً الی دعوی الاجماع فی المسألة الذی مرّ انه لا یمکن الاعتماد علیه مجموعة من الروایات :
الروایة الاولی : موثقة الحسن بن فضال عن الحسن بن الجهم عن ابی الحسن (ع) قال سالته عن المعتکف یاتی اهله , فقال لا یاتی اهله لیلاً او نهاراً وهو معتکف (1) . فان هذه الموثقة تدل بوضوح علی عدم جواز الجماع لا لیلا ولا نهارا اذا کان الشخص معتکفاً .
الروایة الثانیة : صحیحة زرارة : قال سالت ابا جعفر (ع) عن المعتکف یجامع ؟ قال اذا فعل ذلک فعلیه ما علی المظاهر (2) . ای علیه کفارة الظهار فهذه الصحیحة تدل علی حرمة الجماع وانه موجب للکفارة ایضاً .
الروایة الثالثة : موثقة سماعة : قال : سالت ابا عبد الله (ع) عن معتکف واقع اهله ؟ فقال : هو بمنزلة من افطر یوما من شهر رمضان (3) . ای بمعنی ان علیه الکفارة والحرمة , فان الافطار فی نهار شهر رمضان محرم وموجب للکفارة وهذا بمثابة من افطر فی نهار شهر رمضان .
ص: 130
الروایة الرابعة : موثقة سماعة : قال سالته عن معتکف واقع اهله قال : علیه ما علی الذی افطر یوما من شهر رمضان متعمداً عتق رقبة او صیام شهرین متتابعین او اطعام ستین مسکیناً (1) .
فلا شبهة فی ان الجماع محرم علی المعتکف وعلیه الکفارة .
ثم ذکر الماتن (قده) : وباللمس والتقبیل بشهوة .
وقد ادعی علیه الاجماع بان لمس المعتکف النساء او التقبیل بشهوة محرم , ولکن لا دلیل علیهما ما عدا دعوی الاجماع فی المسألة , فان تم الاجماع فهو والاّ فلا دلیل علی حرمته , واما قوله تعالی [وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاکِفُونَ فِی الْمَسَاجِدِ تِلْکَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا ] (2) لا تدل علی ان المراد اللمس والتقبیل , والظاهر ان المراد من لفظ المباشرة فی الآیة المبارکة هو الجماع والمواقعة ولا تشمل اللمس والتقبیل وما شاکل ذلک , اذ لو حملناها علی ذلک فمعناه ان مطلق التقبیل واللمس حرام وان لم یکن بشهوة ولم یقل بذلک احد , فالآیة المبارکة اشارة الی الجماع کما ان فی بعض الایات کآیة الوضوء التعبیر باللمس [أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء ] (3) فاللمس کنایة عن الجماع , وکذلک المباشرة فی الآیة المبارکة کنایة عن الجماع ولا تشمل اللمس والتقبیل , فلا دلیل علی حرمة اللمس والتقبیل للزوجة عن شهوة وهو معتکف .
ثم ذکر الماتن (قده) : لا فرق فی ذلک بین الرجل والمرأة فیحرم علی المعتکفة ایضاً الجماع واللمس والتقبیل بشهوة .
ص: 131
کما ان الجماع حرام علی الرجل فهو حرام علی المراة ایضا , وکما ان علی الرجل کفارة فکذلک علیها الکفارة ایضاً وتدل علی ذلک مضافا الی الروایات - قاعدة الاشتراک فی التکالیف بین الرجل والمراة اذا لم یؤخذ فی موضوع التکلیف النساء کما فی الحیض والنفاس والاستحاضة وما شاکل ذلک , فحکم الاعتکاف مشترک بینهما ولا فرق بینهما , واما الروایات :
الروایة الاولی : صحیحة الحلبی عن ابی عبد الله (ع) قال : لا ینبغی للمعتکف ان یخرج من المسجد الا لحاجة لابد منها ثم لا یجلس حتی یرجع ولا یخرج فی شیء الا لجنازة او یعود مریضا , قال : واعتکاف المراة مثل ذلک (1) . فان هذه الصحیحة تدل علی ان اعتکاف المراة مثل اعتکاف الرجل فی جمیع ما یترتب علی اعتکاف الرجل یترتب علی اعتکاف المراة ایضاً سواء الاحکام المذکورة فی هذه الروایة او الاحکام غیر المذکورة فیها ولا یختص هذا التنزیل بالاحکام المذکورة فی نفس الصحیحة فان مقتضی اطلاق هذا التنزیل ان اعتکاف المراة یشترک مع اعتکاف الرجل فی جمیع الاحکام المذکورة فیها وغیرها .
الروایة الثانیة : صحیحة داود بن سرحان عن ابی عبد الله (ع) فی حدیث قال : ولا ینبغی للمعتکف ان یخرج من المسجد الجامع الا لحاجة لابد منها ثم لا یجلس حتی یرجع والمرأة مثل ذلک (2) .
وناقش فی دلالة ذلک السید الاستاذ (قده) علی ما فی تقریر بحثه , بان التنزیل هنا هو تنزیل المرأة بمنزلة الرجل لا تنزیل اعتکاف المرأة بمنزلة اعتکاف الرجل کما فی صحیحة الحلبی , فان مقتضی عموم تنزیل اعتکاف المرأة منزلة اعتکاف الرجل هو الاشتراک فی جمیع الاحکام ای جمیع ما یترتب علی اعتکاف الرجل یترتب علی اعتکاف المرأة , اما فی هذه الصحیحة فهو تنزیل المرأة بمنزلة الرجل , غایة الامر هذا لا یدل علی اکثر من ان الاحکام المذکورة فی هذه الصحیحة فهی احکام مشترکة بینهما , والظاهر انه لا فرق بین هذه الصحیحة وصحیحة الحلبی , لان المراد ان المرأة المعتکفة کالرجل المعتکف , فالتنزیل لیس تنزیل المرأة بمنزلة الرجل ولا شبهة فی ان تنزیل المرأة المعتکفة بمنزلة الرجل المعتکف , وظاهر هذا التنزیل واطلاقه ان جمیع ما یترتب علی الرجل المعتکف من الاحکام فهو مترتب علی المرأة المعتکفة بلا فرق بین ان تکون تلک الاحکام مذکورة فی نفس هذه الصحیحة او لم تکن مذکورة , فلا فرق بین هذه الصحیحة وصحیحة الحلبی .
ص: 132
الروایة الثالثة : صحیحة ابی ولاد : قال سالت ابا عبد الله (ع) عن امرأة کان زوجها غائباً وقدم وهی معتکفة باذن زوجها فخرجت حین بلغها قدومه من المسجد الی بیتها فتهیأت لزوجها حتی واقعها , قال : ان کانت خرجت من المسجد قبل ان تقضی ثلاثة ایام ولم تکن اشترطت فی الاعتکاف فان علیها ما علی المظاهر (1) . والکلام فی هذه الصحیحة فی ان الکفارة علی الجماع او انها علی خروجها من المسجد؟ ذکر السید الاستاذ (قده) علی ما فی تقریر بحثه ان الکفارة علی الجماع ولیس الکفارة علی الخروج فان هذا المقدار من الخروج مشمول للادلة وهو خروج لحاجة ضروریة ولو کانت لاخبار زوجها انها بعد فی الاعتکاف , فان هذا المقدار من الخروج لا یضر , فحینئذ هذه الکفارة انما هی علی المواقعة ولیست علی الخروج .
الظاهر من هذا انه یمکن حمل الروایة علی ذلک وان کانت فی نفسها ظاهرة فی ان الکفارة علی الخروج , ولکن مناسبة الحکم والموضوع بملاحظة ان خروجها لیس من جهة الاشتراط ای لم تشترط رجوعها متی شاءت او عند عروض عارض لها وکان خروجها فی اثناء الاعتکاف ولم تتم ثلاثة ایام فحکم علیها بالکفارة ظاهره ان الکفارة علی الخروج لا علی المواقعة , ولکن ان مناسبة الحکم والموضوع تقتضی ان الکفارة علی المواقعة لا علی الخروج فان هذا المقدار من الخروج لحاجة مستثنی ولا یضر باعتکافها ولکن الجماع فی اثناء الاعتکاف موجب لثبوت الکفارة علیها لانه کما یحرم علی الرجل المعتکف کذلک یحرم علی المرأة المعتکفه , وکما علی الرجل المعتکف الکفارة کذلک علی المرأة المعتکفة .
ص: 133
الموضوع : الاعتکاف
ذکرنا ان الماتن (قده) ذکر انه لا فرق فی ذلک بین الرجل والمرأة , وقد استدل علی ذلک بامور :
الاول : قاعدة الاشتراک فی التکلیف وقد تقدم الکلام فیها .
الثانی : صحیحة الحلبی فانها تدل علی تنزیل اعتکاف المرأة بمنزلة اعتکاف الرجل , واطلاق التنزیل یقتضی ان جمیع ما یترتب علی اعتکاف الرجل فهو مترتب علی اعتکاف المرأة ایضاً من الحرمة والکفارة وما شاکل ذلک , وکذلک صحیحة داود بن سرحان فانها تدل علی تنزیل المرأة المعتکفة بمنزلة الرجل المعتکف , وذکرنا ان مقتضی اطلاق هذا التنزیل ان جمیع ما یترتب من الاحکام علی الرجل المعتکف تترتب علی المرأة المعتکفة , وبصحیحة ابی ولاد ایضاً .فلا شبهة من هذه الناحیة ,
ومن ناحیة اخری قد ورد فی صحیحة ابی ولاد وصحیحة زرارة ان کفارة الجماع فی حال الاعتکاف کفارة الظهار وهی الترتیب بین العتق وبین الصوم وبین الاطعام , فیجب علیه العتق اذا امکن , واذا لم یمکن فیجب علیه الصوم اذا امکن , واما مع عدم التمکن فتنتقل النویة الی الاطعام : وقد ورد فی روایتین لسماعة ان کفارة الجماع کفارة الافطار :
الروایة الاولی : صحیحة زرارة : قال سالت ابا جعفر (ع) عن المعتکف یجامع ؟ قال اذا فعل ذلک فعلیه ما علی المظاهر (1) . فان هذه الصحیحة تدل علی ان کفارته کفارة الظهار .
الروایة الثانیة : صحیحة ابی ولاد : قال سالت ابا عبد الله (ع) عن امرأة کان زوجها غائباً وقدم وهی معتکفة بإذن زوجها فخرجت حین بلغها قدومه من المسجد الی بیتها فتهیأت لزوجها حتی واقعها , قال : ان کانت خرجت من المسجد قبل ان تقضی ثلاثة ایام ولم تکن اشترطت فی الاعتکاف فان علیها ما علی المظاهر (2) . فهذه الصحیحة ایضاً تدل علی ان کفارة الجماع فی حال الاعتکاف کفارة الظهار .
ص: 134
وفی مقابل ذلک :
الروایة الاولی : موثقة سماعة : قال : سالت ابا عبد الله (ع) عن معتکف واقع اهله ؟ فقال : هو بمنزلة من افطر یوما من شهر رمضان (1) . ای کفارة الافطار , وفی موثقته الاخری قد صرح فی ذلک :
الروایة الثانیة : موثقة سماعة : قال سالته عن معتکف واقع اهله؟ قال : علیه ما علی الذی افطر یوما من شهر رمضان متعمداً عتق رقبة او صیام شهرین متتابعین او اطعام ستین مسکیناً (2) .
فتقع المعارضة بین الصحیحتین اللتین تدلان علی ان کفارة الجماع فی الاعتکاف کفارة الظهار وبین الموثقتین اللتین تدلان علی ان کفارة الجماع فی حال الاعتکاف کفارة الافطار فی شهر رمضان وهی التخییر , وکفارة التخییر معناها ان الواجب هو الجامع بین الخصال الثلاثة , والتخییر بین افراد الواجب عقلیّ کالتخییر بین افراد الصلاة فالمکلف مخییر بین ان یصلی اول الوقت او فی وسط الوقت , ومخیر بین ان یصلی فی البیت او فی المسجد , فبناءاً علی ان کفارة الجماع فی حال الاعتکاف هی کفارة الافطار فی شهر رمضان فیکون الواجب علیه هو الجامع فهو مخیر بین العتق وبین الصیام وبین الاطعام , واما اذا کانت کفارة الجماع فی حال الاعتکاف هی کفارة الظهار فالواجب هو الفرد بنحو الترتیب فالاول العتق لکن مشروطاً بالتمکن فلا یجوز الانتقال الی الصوم مع التمکن من العتق ولا یجزی الصوم , واما مع عدم التمکن من العتق فتنتقل وظیفته الی الصوم واما مع التمکن من الصوم فلا یجزی الاطعام , ومع عدم التمکن من الصوم تنتقل وظیفته الی الاطعام , فالواجب هو الفرد بحده الفردی لکن بنحو الترتیب , فکل من الطائفتین تدل بالمطابقة علی مدلولها وبالالتزام علی نفی مدلول الآخر فان الطائفة الاولی مثلا تدل علی ان الواجب هو الجامع بالمطابقة وعلی نفی وجوب الفرد بالالتزام , والطائفة الثانیة تدل علی ان الواجب هو الفرد بنحو الترتیب بالمطابقة وتدل بالالتزام علی نفی وجوب الجامع , فتقع المعارضة بینهما , وحیث لا ترجیح فی البین , ولا یمکن الجمع الدلالی العرفی بینهما فتسقطان معاً عن الحجیة ولا یکون شیء من الطائفتین مشمولاً لدلیل الحجیة فالمرجع هو الاصل العملی وهو اصالة البراءة عن وجوب الکفارة , وان کان الاولی والأجدر ان یحتاط فی المسألة بالترتیب بالاتیان بالعتق اذا امکن او الصوم اذا امکن وإلاّ فالأطعام , فان بالترتیب یجمع بین الخصال سواء أکان الواجب من الاول الترتیب او الواجب من الاول التخییر فعملاً یجمع بینهما , فاذا اتی بالعتق سواء کان الواجب الترتیب او التخییر سقط عن ذمته .
ص: 135
ثم ذکر الماتن (قده) : والاقوی عدم حرمة النظر بشهوة الی من یجوز النظر الیه وان کان الاحوط اجتنابه ایضاً .
الامر کما افاده (قده) اذ لا دلیل علی حرمة ذلک , حتی لو قلنا ان المراد من المباشرة فی الآیة المبارکة [وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاکِفُونَ فِی الْمَسَاجِدِ تِلْکَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا ] (البقرة / 187) الأعم من الجماع لکنه لا یشمل النظر فلا یصدق علی النظر عنوان المباشرة , نعم یشمل اللمس والتقبیل وما شاکل ذلک , فلا دلیل علی حرمة النظر .
ثم ذکر الماتن (قده) : الثانی : الاستمناء علی الاحوط , وان کان علی الوجه الحلال کالنظر الی حلیلته الموجب له .
حیث لا دلیل علی حرمة الاستمناء ولا علی وجوب الکفارة علی المعتکف فان النصوص خالیة عن ذلک , وان کانت المسألة معروفة بین الاصحاب بل ادعی علیها الاجماع , فالاصحاب قد اعتمدوا علی حرمة الاستمناء فی الاعتکاف علی الاجماع , فانهم الحقوا الاستمناء بالجماع فی الحکم بالاجماع , وحیث انه لا یمکن الاعتماد علی الاجماع فلا دلیل علیه , واما السید الاستاذ (قده) علی ما فی تقریر بحثه فقد ذکر ان موثقة سماعة تشمل الاستمناء فی حال الاعتکاف ایضاً [ بل ورد هذا ایضاً فی مجموعة من الروایات منها صحیحة عبد الرحمن بن الحجاج عن ابی عبد الله (ع) قال:سالته عن رجل یعبث بامراته حتی یمنی وهو محرم من غیر جماع او یفعل ذلک فی شهر رمضان؟فقال (ع) علیهما جمیعاً الکفارة مثل ما علی الذی یجامع (1) . فهذه الصحیحة وان لم تشمل الاعتکاف لکنه الحق الاستمناء بالجماع ] وموثقة سماعة هی : سألته عن رجل لزق باهله فانزل , قال :علیه اطعام ستین مسکیناً مد لکل مسکین (2) . فقد استدل باطلاق هذه الموثقة , فانها لم ترد فی خصوص الصوم ومقتضی اطلاقها تنزیل الاستمناء منزلة الجماع وان حال الاستمناء حال الجماع کما ان الجماع یوجب الکفارة فکذلک الاستمناء فهی تدل علی انه فی کل مورد یکون الجماع موجبا للکفارة فالاستمناء ایضا مثل الجماع یوجب الکفارة , وحیث ان الجماع یوجب الکفارة فی باب الصوم وفی باب الاحرام وفی باب الاعتکاف فالاستمناء ایضا یوجب الکفارة فی هذه الابواب , فهذه الموثقة تدل علی ان الاستمناء کالجماع وفی کل مورد یکون الجماع سببا وموجبا للکفارة فالاستمناء ایضا کذلک , هکذا ذکره السید الاستاذ (قده) .
ص: 136
الظاهر ان هذه الموثقة لیست فی مقام البیان من هذه الجهة - ای الحاق الاستمناء بالجماع - بل فی مقام بیان ان فی باب الصوم کفارة الصوم لا تختص بالجماع , فکما ان هذه الکفارة ثابتة فی الجماع فکذلک ثابتة فی الاستمناء ایضاً , سواء أکان الاستمناء من جهة اللصوق باهله او من جهة المماسة معها او من جهة النظر الیها بشهوة او ما شاکل ذلک , کما ورد فی نظیر هذه الروایة ان الاستمناء فی باب الصوم ملحق بالجماع ولا نظر فیها الی ان الاستمناء کالجماع مطلقاً , بل فی مقام بیان ان الاستمناء فی باب الصوم کالجماع , فکما ان الجماع فی باب الصوم یوجب الکفارة فکذلک الاستمناء .
فالنتیجة انه لا دلیل علی ان الاستمناء ملحق بالجماع فی باب الاعتکاف الاّ الاجماع وهو ایضاً غیر تام .
الموضوع : کتاب الاعتکاف
ذکرنا ان مجموعة من الروایات قد وردت فی ان الاستمناء کالجماع , ولکن مورد هذه الروایات الصوم , وفی بعضها قد صرح بالصوم وفی بعضها لم یصرح بذلک کما فی موثقة سماعة فالاستدلال علی اطلاق هذه الموثقة لا یمکن کما ذکره السید الاستاذ (قده) علی ما فی تقریر بحثه من ان مفاد الموثقة ان فی کل مورد یکون الجماع حراما وموجبا للکفارة فالاستمناء ایضا کذلک , فلا یستفاد من هذه الموثقة هذه الکبری الکلیة , فان هذه الکبری الکلیة لا تکون متبادرة ومتفاهمة من هذه الموثقة , بل حال هذه الموثقة حال سائر الروایات فی هذا الباب کصحیحة ابن الحجاج وغیرها , ومرسلة ابن ابی عمیر وروایة ابی بصیر وما شاکل ذلک , فالنتیجة ان موثقة سماعة لا یکون المتفاهم العرفی منها الاطلاق والکبری الکلیة , وعلی هذا فلا دلیل علی حرمة الاستمناء فی باب الاعتکاف ولا انه موجب الکفارة اذا کان الاستمناء محللاً کما اذا نظر الی زوجته فانزل او لامس زوجته او ما شاکل ذلک , فلا دلیل علی حرمته ولا دلیل علی انه یوجب الکفارة کالجماع وان کان الاحوط .
ص: 137
ثم ذکر الماتن (قده) : الثالث : شم الطیب مع التلذذ وکذا الریحان , واما مع عدم التلذذ کما اذا کان فاقداً لحاسة الشم مثلاً فلا بأس به .
هذا هو المتفاهم العرفی من صحیحة ابی عبیدة عن أبی جعفر علیه السلام قال : المعتکف لا یشم الطیب ، ولا یتلذذ بالریحان ، ولا یماری ، ولا یشتری ، ولا یبیع (1) . فان النهی عن شم الطیب والریحان فیها هو من جهة الالتذاذ , والاّ مجرد الشم من دون الالتذاذ لا یکون المتفاهم من هذه الصحیحة انه حرام , فالحرام انما هو شم الطیب , وکذا الریحان للالتذاذ والاستفادة من رائحته , واما اذا لم یستفد من رائحته کما اذا کان الشخص فاقدا لحاسة الشم ,او کان الطیب والریحان فاقدا لرائحته فعندئذ لا باس بشمه , فالمتفاهم العرفی من النهی عن شم الطیب والریحان فی صحیحة ابی عبیدة بمناسبة الحکم والموضوع هو النهی عن الشم للالتذاذ برائحته , لا من جهة ان المنصرف من هذه الروایات ذلک بل هو المتفاهم العرفی,وکیفما کان فالظاهر ان المتفاهم العرفی من النهی فی هذه الصحیحة هو الشم للالتذاذ برائحته , واما اذا کانت فاقدة للرائحة او کان الشخص فاقدا لحاسة الشم فلا اثر لذلک وشمه لها کشمه لسائر الاشیاء التی لا رائحة لها .
ثم ذکرالماتن (قده) : الرابع : البیع والشراء بل مطلق التجارة مع عدم الضرورة علی الاحوط .
لا یحتمل ان صرف وجود البیع محرم او صرف وجود الشراء محرم فهذا غیر محتمل او صرف وجود التجارة محرم فغیر محتمل , فالمحتمل فی المقام احد امرین :
ص: 138
الاحتمال الاول : انه یشتغل بالبیع والشراء بحیث یصدق علیه ان شغله البیع والشراء لا الاعتکاف بالمسجد , فان مکثه فی المسجد للبیع والشراء وللتجارة , فمن اجل ذلک فالبیع والشراء محرم .
الاحتمال الثانی : من جهة ان البیع والشراء منافی للغرض الاصلی من الاعتکاف فان حقیقة الاعتکاف هو المکث فی المسجد والغرض الاصلی من المکث هو المناجاة مع الله تعالی والذکر والدعاء وقراءة القرآن والصلاة ومذاکرة العلم وما شاکل ذلک, واما اذا کان شغله البیع والشراء والتجارة فهذا منافی للغرض الاصلی من الاعتکاف فمن اجل ذلک یکون محرما , والاّ فصرف وجود البیع لا یحتمل ان یکون محرماً , او صرف وجود الشراء او صرف وجود التجارة , وکذلک الحال فی سائر الامور المباحة کالخیاطة والنساجة وما شاکل ذلک فان الخیاطة انما تکون محرمة اذا کانت منافیة للغرض الاصلی من الاعتکاف , او کان منافیا للاعتکاف بحیث لا یصدق علیه عنوان المعتکف فهذا یصدق علیه انه خیاط ولیس بمعتکف , ففی مثل ذلک لا یجوز الاشتغال بالخیاطة او النساجة او ما شاکل ذلک من الامور المباحة فی نفسها ,
فالنتیجة ان الحرام هو البیع والشراء المنافی للغرض الاصلی من الاعتکاف , او بحیث لا یصدق علیه عنوان المعتکف بل یصدق علیه عنوان التاجر او البائع او المشتری ففی مثل ذلک یکون محرما , والاّ فمجرد البیع کما اذا باع کتبه فی المسجد لشخص او داره او بستانه او محلته فلا مانع من ذلک او اشتری کتابا من شخص او اشتری داره او ارضه فلا مانع من ذلک. وهذا هو المتفاهم العرفی من صحیحة ابی عبیدة .
ص: 139
ثم ذکر الماتن (قده) : الخامس : المماراة ای المجادلة علی امر دنیوی اودینی بقصد الغلبة واظهار الفضیلة واما بقصد اظهار الحق ورد الخصم من الخطأ فلا بأس به بل هو من افضل الطاعات فالمدار علی القصد والنیة .
فهذه المجادلة تختلف باختلاف القصد فان کان القصد منها اظهار الغلبة علی غیره او اظهار الفضیلة علی غیره فهی محرمة, واما اذا کان القصد منها اظهار الحق وبیانه وابطال الباطل فهو امر محبوب بل هو من افضل الطاعات عند الله تعالی .
ثم ذکر الماتن (قده) : والاقوی عدم وجوب اجتناب ما یحرم علی المحرم من الصید وازالة الشعر ولبس المخیط ونحو ذلک وان کان احوط .
لا شبهة فی انها غیر محرمة علی المعتکف فان هذه الاحکام من احکام الاحرام ومحرمات الاحرام ولیست من محرمات الاعتکاف ویظهر من الروایات الواردة فی اعتکاف الرسول الاکرم (ص) وکذا فی اعتکاف الأئمة (ع) جواز لبس المخیط ولا یجب علیه لبس ثوبی الاحرام فی الاعتکاف .
فالنتیجة انه لا شبهة فی ان لبس المخیط غیر حرام علی المعتکف وکذلک التظلیل والصید ونحوها فهی محرمة علی المحرم .
المسألة (1) :لا فرق فی حرمة المذکورات علی المعتکف بین اللیل والنهار , نعم المحرمات من حیث الصوم کالأکل والشرب والإرتماس ونحوها مختصة بالنهار .
الامر کما افاده (قده) .
الموضوع : المسألة (2) : یجوز للمعتکف الخوض فی المباح والنظر فی معاشه مع الحاجة وعدمها .
ص: 140
تقدم الکلام فی ذلک وانه یجوز للمعتکف الاشتغال بالمباح ولا مانع منه .
المسألة (3) : کلما یفسد الصوم یفسد الاعتکاف اذا وقع فی النهار من حیث اشتراط الصوم فیه فبطلانه یوجب بطلانه .وکذا یفسد الجماع سواء کان فی اللیل او النهار وکذا اللمس والتقبیل بشهوة بل الاحوط بطلانه بسایر ما ذکر من المحرمات من البیع والشراء وشم الطیب وغیرها مما ذکر .
یقع الکلام هنا تارة فی ان حرمة هذه الامور هل هی حرمة تکلیفیة او انها حرمة وضعیة ؟ مثلا حرمة شم الطیب او الریحان او البیع والشراء او التجارة هل حرمتها حرمة تکلیفیة او ان حرمتها حرمة وضعیة ؟ یقع الکلام تارة فی الجماع واخری فی سائر المحرمات ,
اما الجماع : فلا شبهة فی ان حرمته تکلیفیة ووضعیة معاً , فانه لا شبهة فی حرمته سواء کان فی اللیل او فی النهار وسواء کان فی المسجد او خارجه فی جمیع الحالات لا یجوز للمعتکف الجماع مع اهله , فانه موجب لبطلانه وهو محرم , فحرمته تکلیفیة ووضعیة , ونقصد بالحرمة الوضعیة انه مانع عن صحة الاعتکاف وعدمه قید له فان عدم المانع قید وشرط للصحة ویمکن الاستدلال علی ذلک ( حرمة الجماع التکلیفیة ) بامرین :
الاول : ترتب الکفارة علیه فان ترتب الکفارة علی الجماع فی حال الاعتکاف دلیل علی انه حرام فلو کان جائزا فلا مقتضی للکفارة.
الثانی : موثقة سماعة : قال : سالت ابا عبد الله (ع) عن معتکف واقع اهله ؟ فقال : هو بمنزلة من افطر یوما من شهر رمضان (الوسائل (آل البیت) / ج 10 / ص 547 / باب 6 / کتاب الاعتکاف / الحدیث 2 (1) ) . فان هذا التنزیل یدل علی ان الجماع محرم , کما انه فی نهار شهر رمضان محرم فکذلک فی الاعتکاف محرم , فهذا التنزیل یدل علی الحرمة .
ص: 141
وهل یمکن الجمع بین الحرمة التکلیفیة والحرمة الوضعیة فی دلیل واحد؟ وهل یمکن استفادة کلتا الحرمتین من دلیل واحد ؟ فقد جاء فی تقریر السید الاستاذ (قده) انه لا یمکن فان الحرمة اذا کانت وضعیة فمفاد الدلیل الارشاد , والارشاد معناه الاخبار عن شیء , والاخبار لا یمکن ان یجتمع مع الانشاء فی دلیل واحد , فاذا ورد فی الدلیل (لا یجوز للمعتکف المواقعة مع اهله) لا یمکن ان یراد منه الحرمة التکلیفیة والوضعیة معاً , لان معنی الحرمة الوضعیة اخبار , ومعنی الحرمة التکلیفیة انشاء , والجمع بین الانشاء والاخبار لا یمکن , هکذا جاء فی تقریر بحث السید الاستاذ (قده) ,
اما علی مسلکه (قده) فالظاهر انه لا مانع من الحکم فانه یری ان الانشاء عبارة عن اظهار الامر الاعتباری النفسانی , فیمکن للمولی ان یعتبر کلا الامرین فی نفسه اعتبار الحرمة التکلیفیة واعتبار الحرمة الوضعیة فاعتبر کلا الامرین فی نفسه ویبرز ذلک فی الخارج بمبرز ولا مانع من ذلک ولا یبرز منه ای محذور , هذا مضافا الی ان الحرمة الوضعیة لیست مفاد الدلیل الارشاد بمعنی الاخبار , فان الحرمة الوضعیة حکم وضعی مولوی ومجعول من قبل المولی غایة الامر تارة یکون المجعول الحرمة التکلیفیة واخری یکون المجعول مانعیة الشیء او شرطیة الشیء , فالإرشاد انما یکون اخبارا اذا لم یکن متکفلاً لای جعل کالامر بالطاعة والنهی عن المعصیة فانه فی الحقیقة اخبار والنهی ارشاد محض ولا یتکفل ای جعل للحکم , فالامر بالاطاعة اخبار فی الحقیقة , واما فی المقام فالحرمة الوضعیة معناها جعل المانعیة , فالشارع جعل الجماع مانعاً عن صحة الاعتکاف , وجعل عدم الجماع شرطاً فی صحة الاعتکاف , ومعنی الارشاد هنا فی مقابل جعل الحرمة التکلیفیة ای جعل الحرمة الوضعیة لا جعل الحرمة التکلیفیة , وعلی هذا فلا مانع من الجمع بینهما علی مسلک السید الاستاذ (قده) , فان المولی فی نفسه اعتبر امران اعتبر مانعیة الجماع واعتبر الحرمة التکلیفیة ویبرزهما فی الخارج بمبرز , فلا مانع من ذلک , غایة الامر فی مقام الابراز بحاجة الی قرینة تدل علی انه اعتبر فی نفسه امرین احدهما الحرمة التکلیفیة والآخر الحرمة الوضعیة فعلی مسلکه (قده) لا مانع من الجمع بینهما , ولیس الجمع بینهما کالجمع بین الانشاء والاخبار , اذ لیس فی المقام اخبار , بل جعل , اما جعل الحرمة التکلیفیة او جعل المانعیة , وکیفما کان فلا شبهة فی ان الجماع مانع عن صحة الاعتکاف کما انه لا شبهة فی انه محرم تکلیفاً وعلیه عقوبة وأثم , بلا فرق بین ان یکون فی اللیل او النهار او فی المسجد او خارجه فلا فرق من هذه الناحیة .
ص: 142
واما سائر المحرمات : اما التقبیل واللمس بشهوة فقد تقدم انه لا دلیل علی حرمته , واما البیع والشراء والتجارة فقد ورد النهی عنهما , ونهی عن شم الطیب والریحان , ولا شبهة فی ان هذا النهی ظاهر فی المانعیة فان النهی الوارد فی ابواب العبادات وابواب المعاملات من العقود والایقاعات ظاهر فی الارشاد الی المانعیة , انقلب ظهوره من الحرمة الی الارشاد الی المانعیة فان النهی فی نفسه ظاهر فی الحرمة , واما اذا کان فی العبادات مثل ما لو ورد ( لا تصلی فی ما لا یأکل لحمه ) فان هذا النهی ارشاد الی مانعیة لبس ما لا یأکل فی الصلاة او ( لا تصلی فی الثوب النجس ) فان هذا النهی ارشاد الی مانعیة لبس النجس فی الصلاة , فالنهی فی باب العبادات وکذلک فی باب المعاملات کالنهی عن البیع الغرری ارشاد الی مانعیة الغرر عن صحة البیع , فالنهی الوارد فی باب العبادات وفی باب المعاملات انقلب عن الظهور الاصلی الی الظهور الثانوی وهو ظهوره فی الارشاد الی المانعیة , والامر الوارد فی باب العبادات والمعاملات ایضأ کذلک , فان الامر فی نفسه ظاهر فی الوجوب واما اذا ورد فی باب العبادات والمعاملات انقلب ظهوره عن الوجوب الی الشرطیة کما اذا ورد فی دلیل ( صلّ مستقبل القبلة ) فانه ارشاد الی ان استقبال القبلة شرط فی صحة الصلاة , او(صلّ فی ساتر مباح ) فانه ارشاد الی شرطیة الاباحة فی الساتر , او(صلّ فی ثوب طاهر ) ارشاد الی شرطیة طهارة الثوب فی الصلاة وهکذا . فالامر ظاهر فی الارشاد الی الشرطیة , فالامر الوارد فی باب العبادات وکذلک فی باب المعاملات من العقود والایقاعات ظاهر فی الارشاد الی الشرطیة , وعلی هذا فالبیع والشراء مانع عن صحة الاعتکاف , فاذا باشر البیع والشراء فی حال الاعتکاف فهو مانع عن صحة الاعتکاف , او شم الطیب او الریحان فهو مانع عن صحة الاعتکاف , وکذلک الاستمناء اذا ثبت حرمته (فانه حلال), فاذا ثبتت حرمته فهو کذلک مانع عن صحة الاعتکاف , فمحرمات الاعتکاف تختلف عن محرمات الاحرام , فمحرمات الاحرام حرام فقط ولیست مانعة عن صحة الاحرام , واما محرمات الاعتکاف فهی مانعة عن صحة الاعتکاف .
ص: 143