عنوان و نام پديدآور:المفاتيح الجديده/ مكارم شيرازي ؛ بمساعده احمد قدسي، سعيد داودي .
مشخصات نشر:قم: دارالنشر الامام علي بن ابي طالب عليه السلام، 1431ق=1389.
مشخصات ظاهري:847ص.
وضعيت فهرست نويسي:در انتظار فهرستنويسي (اطلاعات ثبت)
يادداشت:الطبعه الاولي
تعداد جلد : 1
شماره كتابشناسي ملي:2438802
ص: 1
ص: 2
ص: 3
ص: 4
ص: 5
الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي جَعَلَ الدُّعَاءَ ذَرِيعَةً إِلَى رَحْمَتِهِ، وَسَبَباً لِإِجَابَتِهِ، وَقَالَ:
«أُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ» وَجَعَلَ زَيَارَةَ أَوْلِيَائِهِ وَسِيلَةً إِلَى رِضْوَانِهِ، وَسَبِيلًا إِلَى مَرْضَاتِهِ، وَنَيْلِ الشَّفَاعَةِ عِنْدَهُ.
ثُمَّ جَعَلَ جَمِيعَ ذلِكَ سَبَباً لِتَرْبِيَةِ النُّفُوسِ، وَتَهْذِيبِ الْقُلُوبِ، وَتَطْهِيرِ الْأَرْوَاحِ عَنْ دَنَسِ الذُّنُوبِ. وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ الطَّاهِرِينَ النُّجَباءِ، أَلَّذِينَ عَلَّمُونا طُرُقَ الزِّيَارَةِ وَالدُّعَاءِ، لَاسِيَّمَا بَقِيَّةَ اللَّهِ الْمُنْتَظَرَ أَرْوَاحُنَا فِدَاهُ، وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً.
مقدمه
يبدو من الضروريّ ذكر بعض الامور قبل الخوض في مباحث هذا الكتاب.
سعى عدد من الأعلام طيلة التأريخ الشيعيّ لجمع الأدعية والزيارات الصادرة عن النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله وأئمّة الهدى عليهم السلام ليرووا من هذا المعين العذب جميع عشّاق مناجاة اللَّه والوالهين لزيارة أولياء اللَّه، ومنهم:
1. المرحوم الكليني (مؤلف كتاب «الكافي» و «كتاب الدعاء» المتوفى عام 329 ه).
2. ابن قولويه (مؤلف كتاب «كامل الزيارات» المتوفى عام 368 ه).
3. الشيخ الصدوق (مؤلف كتاب «الدعاء والمزار» المتوفى عام 381 ه).
4. شيخ الطائفة الشيخ الطوسي (صاحب «مصباح المتهجد» المتوفى عام 460 ه).
ص: 6
5. السيد ابن طاووس (صاحب «مهج الدعوات» و «فلاح السائل» و «زهرة الربيع» و «جمال الاسبوع» و «إقبال الأعمال» و ... المتوفى سنة 664 ه).
6. ابن فهد الحلي (صاحب «عدّة الداعي» و «المزار» المتوفى عام 841 ه).
7. الكفعمي (صاحب «المصباح» و «البلد الأمين» المتوفى عام 905 ه).
8. الشيخ البهائي (صاحب «مفتاح الفلاح» المتوفى سنة 1031 ه).
9. العلّامة المجلسي (صاحب «زاد المعاد» و «ربيع الأسابيع» و «تحفة الزائر» و «مفاتيح الغيب» و «مقياس المصابيح» المتوفى سنة 1110 ه).
وقد قام كلّ علم من هؤلاء الأعلام برسالته بأحسن وجه في عصره حتّى برز المرحوم ثقةالمحدّثين الحاج الشيخ عباس القمّي رحمه الله المتوفى عام 1359 وقد خاض بما لديه من ذوق متدفّق وقريحة شفّافة وإحاطة واسعة بتراث أهل البيت عليهم السلام وكتب الماضين في الأدعية والزيارات، في تأليف كتابه الجامع «مفاتيح الجنان» الذي لاقى بفعل إخلاصه في النيّة انتشاراً عالميّاً، فشقّ طريقه إلى جميع المساجد والبيوت في مدّة قصيرة، فانتهل الجميع من المعين الزلال لهذا العالم المخلص.
جدير ذكره أنّ كتاب دعاء باسم «مفتاح الجنان» طبع قبل كتاب «مفاتيح الجنان» وانتشر في أغلب البيوت، كان يعتمده أكثر الناس في أدعيتهم، وللأسف كان ملوّثاً بالروايات الموضوعة والسقيمة، ممّا أغضب المرحوم الحاج الشيخ عباس القمّي واستاذه الحاج نوري (والذي انعكس بالتفصيل في «مفاتيح الجنان» ذيل زيارة وارث المطلقة) وهذا ما دفع المرحوم الحاج الشيخ لتأليف هذا الكتاب القيّم «مفاتيح الجنان» فأشار إلى ذلك في مقدّمة كتابه. ولكن حيث ألّف هذا الكتاب كسائر أغلب الكتب في ظلّ ظروف زمانية ومكانية خاصة، ويخاطب جماعة معيّنة، كان لابدّ أن يعاد النظر فيه بصورة شاملة في عصرنا الراهن؛ فتزول نواقصه ويغضّ الطرف عن بعض مطالبه الإضافية التي يمكن أن تستغلّ من البعض، ويعزّز بمدارك ومصادر الأدعية والزيارات و ...
ويذكر سرّ الأدعية والزيارات وفلسفتها وبركاتها، ثمّ يتبع تنظيم جديد لينبثق بصيغة كتاب دعاء وزيارة متكامل من جميع الجوانب ومتناسب مع عصرنا ولا سيّما لجيل الشباب.
-*-*-*-
كنت أفكر بهذا الأمر منذ سنين وأسأل اللَّه أن يوفقني إليه، وبعد دراسة وافية بهذا الخصوص
ص: 7
رأيت من الضروري إشراك شخصين من فضلاء الحوزة العلمية وأجلّائها المخلصين والفاعلين وهما كلّ من الاستاذ العزيز حجّة الإسلام والمسلمين الشيخ سعيد الداودي، والشيخ أحمد القدسي؛ والحمد للَّه فقد رحّبا بالعمل وخاضا فيه بمثابرة وتحمّلا العناء في تنقيح وتحقيق المباحث، وكنت أشرف على جهودهما طيلة المراحل وأضيف ما كنت أراه ضرورياً. وما أن تمّ الفراغ منه حتّى خضع ثانية للمراجعة وبحضورهما، وبالنتيجة أعتقد أنّ الكتاب الحاضر حقق تماماً الأهداف المذكورة، تقبّل اللَّه من جميع العاملين.
إنّ أحد الخصائص المهمّة لمدرسة أهل البيت عليهم السلام الأدعية السامية الروحية العظيمة المضامين والملهمة التي خلقها أولئك الأئمّة الأطهار عليهم السلام، حتّى أنّ بعضها ليشبه الإعجاز، من قبيل دعاء كميل، والصباح، والندبة، وأبو حمزة ودعاء عرفة. حقّاً لا تحفل مدرسة ولا طائفة بمثل هذه الأدعية. وتهدينا هذه الأدعية الغنية بالمعارف الإسلاميّة منهج التهذيب والتزكية و «السير والسلوك إلى اللَّه» وحيث يتوجّه فيها الكلام إلى اللَّه، فإنّها تتألق لتسمو على ذروة أفكار البشرية. ولا شكّ في أنّ للدعاء دوراً غاية في التأثير في تربية النفس البشرية وسوقها إلى مراتب الكمال ولعلّ الكثير من الداعين يغفلون ذلك، ومع أنّ اللَّه قريب من الإنسان، إلّاأنّ الإنسان يجانبه ويبتعد عنه إثر غفلته وعدم توجّهه، وهنا يأتي دور الدعاء والذكر الذي يزيل الحجاب بين الداعي واللَّه تعالى، فيلمس الإنسان القرب بصورة تامة. و «الدعاء» برعم الإيمان والإخلاص والحبّ والعبودية. و «الدعاء» نسيم قدسيّ روحيّ، نفس المسيح الذي يفيض الحياة «بإذن اللَّه» على «العظام الرميم». و «الدعاء» بحر زاخر بالمعاني الروحية التي تدعو إلى مكارم الأخلاق. وكلّ نفس مقرون بالدعاء يمدّ الحياة ويفرح الذات، وكلّ قلب يعيش نور الدعاء معمور بتقوى اللَّه. والداعي يسأل اللَّه بلوغ مقاصده الشخصية، واللَّه تعالى يريد تربيته الروحية عن طريق الدعاء، والباقي ذريعة! ومن هنا يمكن القول: الدعاء: الإكسير الأعظم، وكيمياء السعادة، وماء الحياة، وروح العبادة؛ كما جاء في الحديث «
الدُّعاءُ مُخُّ العِبادَةِ»(1)
والطريف- حسب شهادة القرآن- أنّ قيمة الإنسان عند اللَّه بدعائه قُلْ ما يَعبَؤُا بِكُم رَبِّي لَوْلَا دُعاؤُكُم (2). وزبدة الكلام:
ص: 8
الدعاء عنصر مهمّ في تهذيب روح الإنسان.
الدعاء يحول دون اليأس، ويبثّ نور الأمل في القلب.
الدعاء يمنح الإنسان القوّة إزاء المشاكل، ويلهمه درس المقاومة تجاه الخطوب والمحن.
الدعاء يختزن نشاط وحيوية الروح والقلب، وينقذ الإنسان من الضنك.
الدعاء يلهم الإنسان الصمود إزاء مصائب الحياة.
1. المزيّة الاولى أنّه كتب بلغة اليوم، ويسهل إدراكه من قِبل الجميع، خاصّة طبقة الشبّان.
2. سطّرت في كلّ قسم من الأدعية والزيارات مقدّمات مختصرة وعميقة المعنى لتساعد في تحصيل آثار الدعاء المعنوية وحالاته العرفانية.
3. وردت مصادر الأدعية والزيارات بدقّة تامّة في الهوامش، واستندت في كلّ موضع على مراجع مقبولة.
4. بالنظر إلى ضيق ومحدودية وقت الناس في عصرنا، فقد جرى اقتطاف أفضل الأعمال عند تشابه بعضها بالبعض الآخر.
5. منحت مطالب الكتاب نظاماً وترتيباً منطقياً واضحاً ليكون الظفر بالأدعية والزيارات أيسر وأسهل.
6. نحّيت المطالب الضعيفة والامور التي يمكن أن يستغلها الجهّال.
7. اكتفينا بالنسخة المتداولة عند تعدّد النسخ في الأدعية والزيارات المعروفة لتجنّب الحيرة (إلّا أن يكون اختلاف النسخة مهمّاً ويجدر الالتفات إليه) ووردت في الموارد الاخرى طبق المصدر المنقول.
8. جرى تلخيص بعض الروايات الواردة في فضيلة الدعاء والزيارة وغير ذلك دون المساس بمضمونها بهدف عدم الإطالة.
9. لمّا كان مضمون الرواية أحد علامات اعتبار سند الروايات، فقد ركّزنا على محتوى الأسانيد، بالإضافة إلى الدقّة فيها في انتخاب الأدعية والزيارات.
ص: 9
لا شكّ في أنّ روح الدعاء والصلاة بحضور القلب، وقلّما تتيسّر دونه الآثار التربوية والتهذيب والتزكية وصفاء الروح، وهذا ممّا لا ريب ولا شكّ فيه، والأمر المهم الذي ينبغي التركيز عليه، الطرق والسبل المؤدّية لحصوله؛ فما أكثر من يتلهّف للظفر بحضور القلب والخضوع في الصلاة والدعاء، ولكن لا يوفّقون لذلك مهما جهدوا. ولأجل نيل الخشوع وحضور القلب في الدعاء والصلاة وسائر العبادات، لابدّ من تحقيق هذه الامور:
1. حصول المعرفة التي تصغّر الدنيا وتعظّم اللَّه في نظر الإنسان، حتّى لا يسع أمر دنيويٌّ أن يستقطب نظره حين مناجاة المعبود ويصرفه عن اللَّه تعالى.
2. الإنشغال بالامور المختلفة والمتفرّقة في أثناء الصلاة والدعاء عادة ما يشتّت حواس الإنسان، وكلّما وفق الإنسان للحدّ من الإنشغال بتلك الأمور، ساعده ذلك في استحضار القلب في عباداته.
3. هنالك دور لاختيار مكان الصلاة والدعاء وسائر العبادات في هذا الشأن؛ ومن هنا تكره الصلاة أمام الأشياء التي تشغل ذهن المصلّي، وكذلك أمام الأبواب المفتوحة، ومواضع تردّد الآخرين، وإزاء المرآة والصورة وما شابه ذلك، وعلى هذا الأساس كلّما كانت دور العبادة والمساجد ومعابد المسلمين بسيطة ومتواضعة، ساعدت في حضور القلب.
4. اجتناب المعصية عامل مؤثّر آخر؛ فالمعصية تكدّر مرآة القلب وتحول دون انعكاس جمال المحبوب الحقيقي فيها، وتكون حجاباً لا يرى الداعي أو المصلّي نفسه حاضراً بين يدي اللَّه؛ وعليه لابدّ من هجر المعصية قبل كلّ صلاة ودعاء والتوجه إلى اللَّه، والتركيز على الأذكار الواردة في مقدّمة الصلاة أمر في غاية الأهميّة.
5. الوقوف على معاني الصلاة والدعاء وفلسفة أفعالها وأذكارها عنصر مهمّ آخر في حضور القلب؛ فطريق حضور القلب يتمهد إذا ما وقف الإنسان على معاني وفلسفة العبادات.
6. الإتيان بمستحبّات الصلاة والآداب الخاصة للعبادة والدعاء، سواء في المقدّمات أو أصل الصلاة، يساعد كثيراً في هذا الأمر.
7. بغضّ النظر عن كلّ ما سبق، فإنّ هذا الفعل كسائر الأفعال يتطلّب مراقبةً وتمريناً وجهوداً
ص: 10
كبيرة؛ وما أكثر أن يعيش الإنسان حضور القلب بضع لحظات، ولكن إن واصل هذا الأمر وداوم عليه وسعى جهده، فإنّه يبلغ قدرة بحيث يسعه أن يغلق بوّابة فكره على غير المعبود حين الصلاة والدعاء، ويمارس حضوره عند اللَّه فيسأله ويناجيه. ومن هنا نوصي الجميع- ولا سيّما الشبّان- بعدم اليأس من تشتّت الحواس وعدم حضور القلب في عباداتهم ومواصلة الدرب وسيكون النصر حليفهم إن شاء اللَّه.
8. تغيير الشكل الظاهري في بعض العبادات ذات الجانب التكراري له بالغ الأثر في حضور القلب. مثلًا يغيّر السورة التي تقرأ بعد الحمد في الصلاة، ويقرأ في بعض الركوعات والسجودات الذكر «
سبحان اللَّه
» والبعض الآخر «
سبحان ربّي العظيم وبحمده
» و «
سبحان ربّي الأعلى وبحمده
»، ويغيّر أدعية القنوت، أو يقرأ مثلًا دعاء كميل بصورة عادية تارة واخرى بصورة مرتّلة وثالثة بصوت أو بصورة إخفات، وأن يرى نفسه حين الصلاة والدعاء في حرم مكّة والمدينة وسائر المواقع المقدّسة، وقد دلّت التجربة على أنّ لهذا التغيير دوراً كبيراً في التركيز وحضور القلب.
9. الامتناع عن أكل الحرام والشبهة له عظيم الأثر بهذا الخصوص.
10. ناهيك عمّا مضى، لابدّ من سؤال اللَّه بنيّة خالصة، نعمته الفضيلة حضور القلب في الدعاء والصلاة والزيارة، فهو الكريم والرحيم الذي لا يردّ سائله ولا يخيب آمله.
هنالك آداب بالغة التأثير في استجابة الدعاء والتوجّه إلى الحبيب ونيل المزيد من فيض اللَّه ورحمته، ونشير هنا- بالاستعانة بالروايات- إلى أهمّها:
أ) معرفة اللَّه
يجدر بالداعي أن يعرف اللَّه حقّاً ويؤمن بمالكية اللَّه وقدرته وعظمته وعلمه وإحاطته بكلّ شي ء وكرمه ولطفه.
ب) حسن الظنّ باللَّه
صرّحت بعض الروايات بالثقة باللَّه حين الدعاء واستجابته، وإن لم يستجب الدعاء لبعض المصالح فإنّ اللَّه وعد بأفضل من ذلك (1).
ص: 11
ج) الدعاء مع الشعور بالحاجة
لابدّ أن يقترن الدعاء بالشعور بالحاجة والعجز بحيث يوقن الإنسان أن لا ملجأ له سوى اللَّه (1).
د) الدعاء المقرون بالتوجّه التام
لابدّ أن يخلي الداعي قلبه من كلّ ما سوى اللَّه ويتوجّه بقلبه إليه (2).
ه) الخضوع والانكسار في الدعاء
يجب أن يقبل الداعي على اللَّه بمنتهى الخشوع والتواضع ورقّة القلب (3)؛ وأن يرفع يديه إلى السماء (علامة تسليم وتعظيم)(4) ويسأل حاجته بعين باكية وقلب وجل (5).
و) الإستغفار والصلوات في الدعاء
أن يستهلّ الدعاء بحمد اللَّه والثناء عليه والاستغفار والتوبة والصلوات على محمّد وآله فهي مؤثّرة في استجابة الدعاء(6).
ز) الإلحاح في الدعاء
أوصى المعصومون: بالإلحاح في الدعاء(7) ولا ينبغي أن ييأس الداعي ويكفّ عن الدعاء.
وإضافة إلى النقاط المذكورة فممّا لا شك فيه أنّ للدعاء تأثيراً عظيماً في استجابته، في بعض الأوقات مثل ليلة الجمعة ونهارها والدعاء في جوف الليل والسحر ولا سيّما في شهر رمضان المبارك وليالي القدر وأمثال ذلك، وكذلك في بعض الأماكن كالمسجد الحرام ومسجد النبيّ صلى الله عليه و آله والمشاهد المشرّفة(8).
ونختتم هذا القسم بكلام العارف الكامل والعالم الربّاني ورجل العلم والعمل المرحوم السيد ابن طاووس إذ قال: «كن في طلبك الحوائج من سلطان العالمين كما يكون لو طلبت حاجة مهمّة من بعض ملوك الآدميين، فإنّك تتوصّل في رضاهم بكلّ اجتهادك وقت حاجتك إليهم، فكذلك اجتهد في رضا اللَّه عند حاجتك إليه، ولا يكن إقبالك عليه دون إقبالك عليهم، فإنّك إن قصدت اللَّه
ص: 12
في حاجة قد عجزت عنها أنت أو ملوك الدنيا بالكلّية، فكيف يجوز أن يكون اهتمامك برضا الجلالة الإلهيّة دون اهتمامك برضا من قد عجز عنها. ثمّ لا تكن في صوم الحاجة وصلاتها كالمجرّب، فإنّ الإنسان لا يجرّب إلّامن يسوء ظنّه به، وقد عرفت أنّ اللَّه قال: الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ(1) ولكن كن على ثقة كاملة من رحمة اللَّه وإنجاز وعوده أبلغ ممّا تكون لو قصدت حاتم الجواد في طلب قيراطٍ منه.
ولتكن نيّتك في صوم حاجتك وصلاتك لنازلتك، وتصلّي صلاة الحاجة للأهمّ فالأهمّ من حاجاتك الدينية، وأهمّها حاجات من أنت في حفاوة هدايته وحمايته من الصفوة النبوية، ثمّ لحوائجك الدينية وحاجتك التي عرضت لك الآن ...»(2).
يشكو البعض من تأخير أو عدم استجابة الدعاء، ولا يلتفت إلى أنّ لإجابة الدعاء شرائطها كسائر جميع الأعمال:
يجب أن نعلم بأنّ دعاء اللَّه مقرون برحمته من جانبين؛ الجانب الأوّل التوفيق للدعاء، والجانب الآخر أنّ استجابة الدعاء من اللَّه. فمجرّد دعاء الإنسان للَّه يعزى إلى توفيقه (سواء استجيب دعاؤه أم لم يستجب)؛ فليس لكلّ أحد توفيق التشرف بمناجاة الحقّ، وهذا بحدّ ذاته قيمة عظيمة لكلّ داعٍ، مع ذلك فقد ذكرت الروايات بعض عوامل عدم استجابة الدعاء، وأهمّها:
أ) الاكتفاء بالدعاء والكفّ عن السعي
لابدّ من أن نعلم بأنّ الدعاء لا يعني الكفّ عن السعي؛ لأنّ هذا الدعاء لا يستجاب؛ فلم يرد أي دعاء لتلافي الكسل والخمول. قال الإمام الصادق عليه السلام بشأن بعض من لا يستجاب دعاؤه:
«... وَرَجُلٌ جَلَسَ فِي بَيتِهِ وَقَالَ: يا رَبِّ ارْزُقْنِي، فَيُقَالَ لَهُ: أَلَم أجْعَلْ لَكَ السَّبِيلَ إلى طَلَبِ الرِّزْقِ ...»(3).
ب) المعصية والذنب
العديد من المعاصي تؤدّي إلى عدم استجابة الدعاء. قال عليّ عليه السلام لرجل شكا عدم الإجابة:
ص: 13
«... فأيُّ دُعاءٍ يُستجابُ لَكُمْ مَعَ هَذا؟ وَقَدْ سَدَدْتُم أبوابَهُ وطُرقَهُ؟ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأصْلِحُوا أعْمَالَكُمْ، وأخْلِصُوا سَرائرَكُم وأمرُوا بِالْمَعرُوفِ، وَانهَوا عَنِ الْمُنْكَرِ فَيستَجِيبُ اللَّهُ لَكُم دعاءَكُم»(1).
كما صرّحت بعض الروايات بأنّ من عوامل عدم استجابة الدعاء عقوق الوالدين (2) وخبث السريرة والنفاق وتأخير الصلاة عن وقتها وترك البرّ والإحسان والصدقة ولسان السوء و ...(3).
ج) الدعاء على المؤمنين
لو دعا ظلماً على مؤمن لم يستجب دعاؤه (4).
د) الدعاء وقت الشدة
لا يستجاب الدعاء إن اقتصر على الشدّة ونسي اللَّه عند الرخاء فقد جاء في الخبر: «
مَنْ سَرَّهُ أن يُستجابَ لَهُ فِي الشِّدَّةِ فَليُكْثَرِ الدُّعاءَ فِي الرَّخاءِ»(5).
ه) أكل الحرام والشبهة
جاء في الرواية «
مَن أحَبَّ أنْ يُستجابَ دُعاؤهُ فَليُطيِّبْ مَطعَمَهُ وَمَكسَبَهُ»(6)
وفي رواية اخرى أنّ شخصاً قال لرسول اللَّه صلى الله عليه و آله أحِبّ أن يُستَجاب دعائي فقال صلى الله عليه و آله له: «
طَهِّرْ مَأكَلَكَ وَلا تُدْخِلْ بَطنَكَ الحَرامَ»(7).
صرّحت بعض الروايات بجزيل الثواب على بعض الأدعية والزيارات والصلوات والأذكار بحيث يرد هنا سؤالان:
1. هل ينال هذا الثواب العظيم كلّ مسلم يقوم بهذه الأعمال السهلة، وما العلاقة بين هذه الأعمال وكلّ ذلك الثواب؟
2. رغم أنّ الرحمة الإلهيّة لامتناهية ولا تنقص مهما أخذ منها «
وَلا تَزيدُهُ كَثْرَةُ الْعَطاءِ إِلّا جُوداً
ص: 14
وَكَرماً»(1)
لكن أحياناً يزيد هذا الثواب على حدّ الحاجة في الحياة الآخرة، وربّما يكفي المؤمن أمناً ولذّة نيل ثواب معنويّ ومتميّز. ولابدّ من الالتفات في جواب السؤال الأوّل إلى أنّه:
أوّلًا: إن تلقّي هذا الثواب الجزيل طبق صريح الآيات والروايات يتوقّف على الإيمان والإخلاص والتقوى، فقد قال القرآن: إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ المُتَّقِينَ (2) وورد في رواية عن الإمام الصادق عليه السلام: «
مَنْ قَالَ لَا إلهَ إلّااللَّهُ مُخْلِصاً، دَخَلَ الْجَنّةَ، وَإخلاصُهُ أنْ يَحْجِزَهُ لا إلَه إلّااللَّهُ عَمّا حَرَّمَ اللَّهُ عَزَّوَجَلَّ»(3)
. وقد نقل المرحوم العلّامة المجلسي رحمه الله عدّة أحاديث بهذا المضمون في «بحار الأنوار»(4). كما وردت في بعض الروايات بشأن جزيل أجر الزيارات العبارة «
عارفاً بحقّه
» ومفهومها أن يعلم أنّ الإمام مفترض الطاعة ويأتمر بأوامره، ففي إحدى هذه الروايات عن الإمام الكاظم عليه السلام قال: «
إذَا عَرَفْتَ حَقَّهُ وَحُرمَتَهُ وَوِلَايَتَهُ ...»(5).
ثانياً: حفظ هذا الأجر والثواب مهم؛ لأنّ الإنسان قد يعدّ لنفسه ثواباً عظيماً بأعماله الصالحة، لكنّه يحرقه بنيران معاصيه وأعماله القبيحة. قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: «
مَنْ قَالَ لا إلهَ إلّااللَّهُ غُرِسَتْ لَهُ شَجَرَةٌ فِي الجَنَّةِ
» (كما ذكر النبيّ صلى الله عليه و آله مثل ذلك بالنسبة لأذكار اخرى) فقال رجل من قريش: فما أكثر أشجارنا في الجنّة. فقال صلى الله عليه و آله: «
نَعم وَلكِنْ إيّاكُمْ أن تُرسِلوا عَليها نِيراناً فَتُحرِقُوها»(6)
ثمّ استدلّ صلى الله عليه و آله بالآية 33 من سورة محمّد وَلا تُبْطِلُوا أَعمَالَكُم ....
ولابدّ من الالتفات في جواب السؤال الثاني إلى أنّ الأجر الجزيل للقيامة يتناسب مع ذلك العالم العظيم؛ فالدنيا التي نعيش فيها إزاء عالم الآخرة، بمنزلة دار متواضعة في مقابل جميع المنظومة الشمسية، أو أصغر من ذلك؛ وعليه فلا ينبغي التعجب من عظمة ذلك الثواب، بالإضافة إلى أنّ ثواب اللَّه يتناسب مع لطفه وكرمه لا مع أعمالنا، إلى جانب كون الأعداد والأرقام التي ترد أحياناً في هذه الروايات كناية عن سلسلة من الثواب المعنويّ الجزيل والذي بيّن بصيغة أجر مادّي يتناسب مع العالم الذي نعيش فيه.
ص: 15
يستفاد من بعض الروايات أنّ اللَّه لا يستجيب أحياناً لدعاء المؤمن، وبالمقابل يغفر له ذنوبه أو يدّخره له يوم القيامة. قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: «
مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدعُو اللَّهَ بِدُعَاءٍ إلّايَسْتَجِيبُ لَهُ فإمّا أنْ يُعَجَّلَ فِي الدُّنيا وإمّا أن يُدَّخَر للآخِرَةِ وإمّا أن يُكفَّر مِن ذُنوبهِ»(1).
وجاء في رواية اخرى: «
إنّ المُؤمِنَ لَيَدْعُو في حاجَتِهِ فَيَقُولُ اللَّهُ: أخِّروا حَاجَتَهُ، شَوْقاً إلى دُعَائِهِ فإذا كَانَ يَومُ القِيامَةِ يقولُ اللَّهُ: عَبْدِي دَعَوْتَنِي في كذا فَأَخَّرْتُ إجَابَتَك فِي ثَوابِكَ كذا، وَدَعَوْتَنِي في كذا فَأَخَّرْتُ إجابَتَكَ في ثَوابٍ، قال: فَيَتَمَنَّى الْمُؤمِنُ أنَّهُ لَمْ يُسْتَجَبْ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيا لِمَا يَرى مِنْ حُسْنِ ثَوابِهِ»(2)
. وممّا ينبغي الالتفات إليه أنّ الإنسان وبجهله يسأل اللَّه بكلّ كيانه حاجةً تضرّه فإن نالها فسدت دنياه وآخرته، فيمسكها اللَّه بلطفه ويفيض عليه نعمة اخرى بدلًا منها؛ فمعرفتنا وعلمنا محدود وعلمه تعالى مطلق.
ألفت نظر القرّاء الأعزاء إلى هذه الوصايا:
1. كلّ ما ورد في هذا الكتاب يعود إلى كتب معتبرة مثل «مصباح المتهجد» للشيخ الطوسي رحمه الله و «كامل الزيارات» لابن قولويه، وكتب المرحوم السيّد ابن طاووس، والمرحوم الكفعمي. كتب أولئك الأعلام الذين لا ينقلون شيئاً دون سند، وإن ذكروا دعاءً أو زيارة من رشحات أنفسهم الملكوتية والربانية صرّحوا به. وكان تحت تصرّفهم العديد من المصادر حين الكتابة، فخلّفوا هذه الآثار بالاقتباس منها. فقد كان لدى المرحوم السيّد ابن طاووس ألف وخمسمائة جزء حين ألف كتابه «الإقبال»(3) وصرّح في كتابه «كشف المحجّة» أنّ أكثر من ستين كتاباً منها كانت في الدعاء(4).
وكتب المحقّق المتتبع العالم الفذّ المرحوم آقا بزرك الطهراني في كتابه القيم «الذريعة» بشأن
ص: 16
السيّد ابن طاووس، وبالجملة، للسيد رضيّ الدين عليّ بن طاووس بتأليفه أجزاء كتاب التتمّات وجمعها من تلك الكتب، حقّ عظيم على جميع الشيعة، وكلّ من ألّف بعده كتاباً في الدعاء فهو عيال عليه، مغترف من حياضه، متناول من موائده، ويحقّ علينا تقدير عمله (1).
وعلى هذا الأساس واستناداً لما ألّفه السيّد ابن طاووس في الدعاء(2) كتكملة لكتاب «مصباح المتهجّد» لجدّه من امّه المرحوم الشيخ الطوسي، يتضحّ أنّ من يهيّى ء هذه الأجزاء الأحد عشر (المتعلّقة بهذين العلمين)، كأنّه جنى تقريباً مجموعة كاملة في الأدعية والأعمال والزيارات (وقد استعنّا بها جميعاً في هذا الكتاب)(3).
وقال بشأن كتاب مصباح الكفعمي «صرّح في مقدمة كتاب «جنّة الأمان الواقية» (المعروف بمصباح الكفعمي) أنّه جمعه من الكتب المعتبرة والموثوقة»(4).
وقال المرحوم العلّامة المجلسي رحمه الله في مقدّمة «زاد المعاد»: ذكرت في هذا الكتاب منتخباً من أعمال السنة وفضائل الأيّام والليالي وأعمالها التي وردت بسند صحيح ومعتبر. وكان أصحاب الأئمّة عليهم السلام يهتمّون بضبط ونقل صحيح الأحاديث والأدعية والعبارات الواردة عنهم عليهم السلام: قال أحد أصحاب الإمام الكاظم عليه السلام عبداللَّه بن زيد أنّ جماعة من خاصة صحابة أهل البيت عليهم السلام كانوا يأتون الإمام عليه السلام ويكتبون ما يقوله (وكانوا يذكرون العبارات والآداب كافّة)(5).
أيّها القارئ العزيز بالنظر لما ذكر سابقاً، لا يبقى مجال للشكّ في اعتبار المصادر التي اقتبس منها مضمون هذا الكتاب، وعليه يمكن العمل ببصيرة وضمير وادع بالأدعية والزيارات والأعمال الواردة في هذا الكتاب، خاصة إن انتبهنا لأمرين آخرين بهذا الخصوص: الأوّل كما ذكر أنّ المحتوى الشامخ وسموّ معاني أغلب هذه الأدعية والزيارات أفضل شاهد على صدورها عن المعصوم عليه السلام، فمثل هذه الألفاظ والمفاهيم لا يمكن أن تصدر سوى من روح المعصومين عليهم السلام، والآخر أنّه يمكن الاستفادة من قصد الرجاء، أي الإتيان بكلّ هذه الأدعية والأعمال المستحبّة
ص: 17
رجاء المطلوبية؛ حيث جاء في الحديث النبوي: «
مَنْ بَلَغَهُ شَي ءٌ مِنَ الثّوابِ عَلَى شَي ءٍ مِنَ الْخَيرِ فَعَمِلَ بِهِ كَانَ لَهُ أجرُ ذَلكَ»(1).
-
چ چ-
2.
وصيّتنا الاخرى للقرّاء الأعزّاء
- سيّما الشبّان المؤمنين الطاهرين- أن يهتمّوا بكيفية الدعاء وأجوائه المعنوية أكثر من اهتمامهم بكميّته، ويعلموا أنّ مجرّد قراءة دعاء كميل أو الندبة أو أبو حمزة أو دعاء عرفة للإمام الحسين عليه السلام بحضور قلب يخلق لديهم تحوّلًا وانقلاباً يغيّر مسيرة حياتهم ويعرج بأرواحهم إلى السماء ويقرنهم بالملائكة، وهنا يتضحّ سرّ وفلسفة هذا الثواب العظيم الوارد لبعض الأدعية.
أيّها الأعزّة: لنسعى جميعاً بالمرور على المطالب الواردة في بحث حضور القلب وآداب الدعاء وبالتفكير في مضامين الأدعية أن نعيش حين الدعاء والصلاة والزيارة حالة تكون ألذّ لحظات حياتنا وتقرّبنا كلّ آن أكثر فأكثر من اللَّه. ونسعى من خلال التدبّر في المحتوى والتوجّه بالمحضر الذي نرد فيه، والانتباه إلى القصور والتقصير وصغر أنفسنا من جانب وعظمة وشموخ من نناجي من جانب آخر لكي تتّصل أرواحنا بالعالم العلويّ وتناجي المحبوب الحقيقيّ. فإن قرأنا دعاءً المخاطب فيه اللَّه نشير إلى ما حبانا من لطف وحبّ طيلة عمرنا وما ستر علينا من ذنوب وقبائح وغذّانا به من نعم، فتلهج ألسنتنا لنلمس حبّه في صلاحنا وهدانا ونتلمّس قربه والانس به. وإن كانت زيارة من زيارات الأئمّة الطاهرين (صلوات اللَّه عليهم أجمعين) نركّز على قربهم ولطفهم ورحمتهم وكرامتهم وأنّهم شفعاؤنا عند اللَّه والمقرّبون له، وأنّهم يسمعون كلامنا ويردّون سلامنا ويرون مقامنا وموقعنا «
وأعْلَمُ أنَّ رَسولَكَ وَخُلَفاءَكَ أحياءٌ عِندَكَ يُرزَقُونَ، يَرَوْنَ مَقامي وَيَسْمَعُونَ كَلامي وَيَردُّونَ سَلامي»(2)
لنشعر بلذّة وحلاوة مناجاتهم «
وَفَتَحْتَ بابَ فَهْمِي
بِلَذِيذِ مُناجَاتِهِم»(3)
. فإن دعونا وزرنا كذلك يسعنا الوثوق بكلّ دعاء وزيارة، وكأننا شرّفنا بزيارة اللَّه والمعصومين عليهم السلام وجلّينا أرواحنا وقلوبنا وأزلنا ما علق بها من صدأ وظلمة، وهنا يحظى الدعاء والزيارة بمنزلته الحقيقية ويتحقّق هدفه الأصلي. ويجب عليّ في الختام أن أتقدم بالشكر
ص: 18
الجزيل إلى الفضلاء الأجلاء كافّة الذين مدّوا يد العون في إعداد هذا الكتاب وجهدوا في تطبيق المصادر والتصحيح والطبع والنشر ولا سيّما الأفاضل السادة محمّد رضا حامدي ومسعود مكارم والسيّد عبدالمهدي توكل والشيخ هاشم الصالحي (دامت تأييداتهم) داعياً اللَّه لهم الموفقية.
وأرجو من الجميع الدعاء وأن لا ينسوني وجميع من جهد في إعداد هذا الكتاب.
جدير ذكره: استغرق هذا الكتاب عدّة سنوات؛ فإن كان هنالك من ملاحظة نتقبلها برحابة صدر.
قم- ناصر مكارم الشيرازي
2005 م
ص: 19
1. سورة يس 11. سورة الزَّلزلة
2. سورة الرّحمن 12. سورة العاديات
3. سورة الواقعة 13. سورة التكاثر
4. سورة الجمعة 14. سورة الكوثر
5. سورة المنافقون 15. سورة الكافرون
6. سورة النّبأ (عمّ يتسائلون) 16. سورة النّصر
7. سورة الأعلى 17. سورة الإخلاص (قل هو اللَّه أحد)
8. سورة الشمس 18. سورة الفلق
9. سورة الشرح (ألم نشرح) 19. سورة النّاس
10. سورة القدر 20. آية الكرسيّ
ص: 20
ص: 21
مقدمه
بالنظر إلى أنّ العديد من السور والآيات القرآنية تقرأ في مختلف الصلوات، كالنوافل اليومية ونافلة الليل وصلوات الأئمّة الأطهار عليهم السلام وصلوات الزيارة وصلوات أيّام الأسبوع وقضاء الحاجة، وكذلك في مختلف الأزمنة والأماكن كليالي الإحياء والأيّام البيض وليالي شهر رجب وشعبان ورمضان وتعقيبات الصلوات اليومية، ولتحصيل بعض الآثار والبركات كغفران الذنوب والخلاص من المشاكل، كان من الضروريّ الإتيان ببعض هذه السور والآيات الكثيرة الاستعمال (وهذا بذاته دليل على أهميّتها) في مقدّمة هذا الكتاب عقب الإشارة إلى بعض فضائلها.
سورة (يس) بشهادة العديد من الأحاديث الواردة بهذا الخصوص، إحدى السور القرآنية المهمّة بحيث عبّرت عنها بعض الأحاديث «قلب القرآن»(1) وذلك لمضامينها التوحيدية المحور لجميع المسائل العقائدية.
قال الإمام الصادق عليه السلام: «
مَنْ قَرَأ سُورَةَ يس فِي نَهارِهِ، قَبل أن يُمسِي، كانَ فِي نَهارِهِ مِنَ
ص: 22
الْمَحفُوظينَ وَالمَرزوقِينَ حتّى يُمْسي، وَمَن قَرأها فِي لَيْلةٍ قَبلَ أنْ يَنامَ، وَكّلَ بِهِ ألفَ مَلَكٍ يَحْفَظُونَهُ مِنْ كُلِّ شَيطانٍ رَجيمٍ وَمِنْ كُلِّ آفَةٍ»(1).
من الواضح أنّ الثواب العظيم الوارد بشأن هذه السورة وسائر السور القرآنية في الروايات لا يترتّب على تلاوتها السطحيّة دون تدبّر وعمل؛ ولدينا العديد من الشواهد على أنّ هذا الثواب والبركة يختصّ بمن كيّف حياته مع مضمون هذه السور.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يس 1 وَالْقُرْءَانِ الْحَكِيمِ 2 إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ 3 عَلَى صِرطٍ مُّسْتَقِيمٍ 4 تَنزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ 5 لِتُنذِرَ قَوْماً مَّا أُنذِرَ ءَابَآؤُهُمْ فَهُمْ غفِلُونَ 6 لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَايُؤْمِنُونَ 7 إِنَّا جَعَلْنَا فِى أَعْنقِهِمْ أَغْللًا فَهِىَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُم مُّقْمَحُونَ 8 وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأَغْشَيْنهُمْ فَهُمْ لَايُبْصِرُونَ 9 وَسَوَآءٌ عَلَيْهِمْ ءَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ 10 إنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِىَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ 11 إِنَّا نَحْنُ نُحْىِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَءَاثرَهُمْ وَكُلَّ شَىْ ءٍ أَحْصَيْنهُ فِى إِمَامٍ مُّبِينٍ 12 وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا أَصْحبَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَآءَهَا الْمُرْسَلُونَ 13 إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُواْ إِنَّآ إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ 14 قَالُوا مَآ أَنتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمنُ مِن شَىْ ءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ 15 قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّآ إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ 16 وَمَا عَلَيْنَآ إِلَّا الْبَلغُ الْمُبِينُ 17 قَالُواْ إِنَّآ تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُواْ لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ 18
ص: 23
قَالُواْ طئِرُكُم مَّعَكُمْ أَئِن ذُكِّرْتُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ 19 وَجَآءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يقَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ 20 اتَّبِعُوا مَن لَّايَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَهُم مُّهْتَدُونَ 21 وَمَا لِىَ لَآأَعْبُدُ الَّذِى فَطَرَنِى وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ 22 ءَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ ءَالِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمنُ بِضُرٍّ لَّاتُغْنِ عَنِّى شَفعَتُهُمْ شَيْئاً وَلَا يُنقِذُونِ 23 إِنِّى إِذاً لَّفِى ضَللٍ مُّبِينٍ 24 إِنِّى ءَامَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ 25 قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يلَيْتَ قَوْمِى يَعْلَمُونَ 26 بِمَا غَفَرَ لِى رَبِّى وَجَعَلَنِى مِنَ الْمُكْرَمِينَ 27 وَمَآ أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِن جُندٍ مِّنَ السَّمَآءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلينَ 28 إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وحِدَةً فَإِذَا هُمْ خمِدُونَ 29 يحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ 30 أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَايَرْجِعُونَ 31 وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ 32 وَءَايَةٌ لَّهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ 33 وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنبٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ 34 لِيَأْكُلُوا مِن ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ 35 سُبْحنَ الَّذِى خَلَقَ الْأَزْوجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لَايَعْلَمُونَ 36 وَءَايَةٌ لَّهُمُ الَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ 37 وَالشَّمْسُ تَجْرِى لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ 38 وَالْقَمَرَ قَدَّرْنهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ 39 لَاالشَّمْسُ يَنبَغِى لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا الَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِى فَلَكٍ يَسْبَحُونَ 40 وَءَايَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ 41 وَخَلَقْنَا لَهُم مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ 42 وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنقَذُونَ 43 إِلَّا رَحْمَةً مِّنَّا وَمَتعاً إِلَى حِينٍ 44 وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ 45 وَمَاتَأْتِيهِم مِّنْ ءَايَةٍ مِّنْ ءَايتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ 46 وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ
ص: 24
كَفَرُوا لِلَّذِينَ ءَامَنُوا أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِى ضَللٍ مُّبِينٍ 47 وَيَقُولُونَ مَتَى هذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صدِقِينَ 48 مَا يَنظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ 49 فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَآ إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ 50 وَنُفِخَ فِى الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ 51 قَالُوا يوَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمنُ وَ صَدَقَ الْمُرْسَلُونَ 52 إن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ 53 فَالْيَوْمَ لَاتُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ 54 إِنَّ أَصْحبَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِى شُغُلٍ فكِهُونَ 55 هُمْ وَأَزْوجُهُمْ فِى ظِللٍ عَلَى الْأَرَآئِكِ مُتَّكِئُونَ 56 لَهُمْ فِيهَا فكِهَةٌ وَلَهُم مَّا يَدَّعُونَ 57 سَلمٌ قَوْلًا مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ 58 وَامْتزُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ 59 أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يبَنِى ءَادَمَ أَن لَّاتَعْبُدُوا الشَّيْطنَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ 60 وَأَنِ اعْبُدُونِى هذَا صِرطٌ مُّسْتَقِيمٌ 61 وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلّاً كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ 62 هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِى كُنتُمْ تُوعَدُونَ 63 اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ 64 الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ 65 وَلَوْ نَشَآءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرطَ فَأَ نَّى يُبْصِرُونَ 66 وَلَوْ نَشَآءُ لَمَسَخْنهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطعُوا مُضِيّاً وَلَا يَرْجِعُونَ 67 وَمَن نُّعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِى الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ 68 وَمَا عَلَّمْنهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِى لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْءَانٌ مُّبِينٌ 69 لِّيُنذِرَ مَن كَانَ حَيّاً وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكفِرِينَ 70 أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِّمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَآ أَنْعماً فَهُمْ لَهَا ملِكُونَ 71 وَذَلَّلْنهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ 72 وَ لَهُمْ فِيهَا مَنفِعُ وَ مَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ 73 وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ ءَالِهَةً لَّعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ 74 لَايَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُندٌ مُّحْضَرُونَ 75 فَلَا يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا
ص: 25
يُعْلِنُونَ 76 أَوَ لَمْ يَرَ الْإِنسنُ أَنَّا خَلَقْنهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ 77 وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِىَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحْىِ الْعِظمَ وَهِىَ رَمِيمٌ 78 قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِى أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ 79 الَّذِى جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَاراً فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ 80 أَوَلَيْسَ الَّذِى خَلَقَ السَّمو تِ وَالْأَرْضَ بِقدِرٍ عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَهُوَ الْخَلقُ الْعَلِيمُ 81 إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ 82 فَسُبْحنَ الَّذِى بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَىْ ءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ 83
لمّا كانت هذه السورة تثير لدى الإنسان الشعور بالشكر والامتنان بأسمى صوره وتضاعف في القلب شوق الطاعة والعبودية من خلال بيان النعم الماديّة والمعنويّة في الدنيا والآخرة، ذكرت الروايات عظيم الثواب على تلاوتها؛ طبعاً التلاوة النابعة من القلب والمحرّكة للإنسان.
ففي الحديث الشريف عن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أنّه قال: «
مَن قَرأ سُورَةَ الرّحمنِ رَحِمَ اللَّهُ ضَعفَهُ وَأدّى شُكْرَ مَا أنعَمَ اللَّهُ عَلَيهِ»(1).
وقال الإمام الصادق عليه السلام: «
مَن قَرأ سُورَةَ الرّحمنِ فَقَالَ عِندَ كُلِ
فَبِأيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
لا بِشَيْ ءٍ مِنْ ءَالَآئِكَ رَبّ أُكَذِّب فإن قَرَأها لَيلًا ثُمَّ مَاتَ مَاتَ شهيداً، وإن قَرَأها نَهاراً فَماتَ، مَاتَ شَهيدا»(2).
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الرَّحْمنُ 1 عَلَّمَ الْقُرْءَانَ 2 خَلَقَ الإنسنَ 3 عَلَّمَهُ الْبَيَانَ 4 الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ 5 وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ 6 وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ 7
ص: 26
أَلَّا تَطْغَوْا فِى الْمِيزَانِ 8 وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ 9 وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ 10 فِيهَا فكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ 11 وَالْحَبُّ ذُوالْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ 12 فَبِأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ 13 خَلَقَ الإنسنَ مِن صَلْصلٍ كَالْفَخَّارِ 14 وَ خَلَقَ الْجَآنَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ 15 فَبِأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ 16 رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَ رَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ 17 فَبِأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ 18 مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ 19 بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّايَبْغِيَانِ 20 فَبِأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ 21 يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ 22 فَبِأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ 23 وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنشَئَاتُ فِى الْبَحْرِ كَالْأَعْلمِ 24 فَبِأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ 25 كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ 26 وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَللِ وَالإكْرَامِ 27 فَبِأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ 28 يَسْئَلُهُ مَن فِى السَّمو تِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِى شَأْنٍ 29 فَبِأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ 30 سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ 31 فَبِأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ 32 يمَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمو تِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا لَاتَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطنٍ 33 فَبِأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ 34 يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنتَصِرَانِ 35 فَبِأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ 36 فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ 37 فَبِأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ 38 فَيَوْمَئِذٍ لَّايُسْئَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلَا جَانٌّ 39 فَبِأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ 40 يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمهُمْ فَيُؤخَذُ بِالنَّوصِى وَالْأَقْدَامِ 41 فَبِأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ 42 هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِى يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ 43 يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ ءَانٍ 44 فَبِأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ 45 وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ 46 فَبأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ 47 ذَوَاتَآ أَفْنَانٍ 48 فَبِأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ 49 فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ 50 فَبِأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ 51 فِيهِمَا مِن كُلِّ فكِهَةٍ
ص: 27
زَوْجَانِ 52 فَبِأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ 53 مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشِ م بَطَآئِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ 54 فَبِأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ 55 فِيهِنَّ قصِرَ تُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ 56 فَبِأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ 57 كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ 58 فَبِأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ 59 هَلْ جَزَاءُ الإحْسنِ إِلَّا الإحْسنُ 60 فَبِأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ 61 وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ 62 فَبأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ 63 مُدْهَامَّتَانِ 64 فَبأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ 65 فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ 66 فَبِأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ 67 فِيهِمَا فكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ 68 فَبِأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ 69 فِيهِنَّ خَيْرَ تٌ حِسَانٌ 70 فَبِأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ 71 حُورٌ مَّقْصُورَ تٌ فِى الْخِيَامِ 72 فَبِأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ 73 لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَآنٌّ 74 فَبِأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَاتُكَذِّبَانِ 75 مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِىٍّ حِسَانٍ 76 فَبِأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَاتُكَذِّبَانِ 77 تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِى الْجَللِ وَ الْإِكْرَامِ 78
وردت عدّة روايات في المصادر الإسلاميّة بشأن تلاوة هذه السورة. ففي الحديث النبويّ:
«مَنْ قَرأ سُورَةَ الواقعةِ كُتِبَ لَيسَ مِنَ الغافِلِينَ»(1)
. فآياتها محرّكة وموقظة، بحيث لا تدع للإنسان مجالًا للغفلة. وجاء في حديث نبويّ آخر: «
مَنْ قَرَأ سُورَةَ الْواقِعَةِ كُلَّ ليلةٍ لَمْ تُصِبْهُ فَاقةٌ أبداً»(2).
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ 1 لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ 2 خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ 3 إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ
ص: 28
رَجّاً 4 وَ بُسَّتِ الْجِبَالُ بَسّاً 5 فَكَانَتْ هَبَآءً مُّنبَثّاً 6 وَكُنتُمْ أَزْوجاً ثَلثَةً 7 فَأَصْحبُ الْمَيْمَنَةِ مَآ أَصْحبُ الْمَيْمَنَةِ 8 وَأَصْحبُ الْمَشْئَمَةِ مَآ أَصْحبُ الْمَشْئَمَةِ 9 وَالسبِقُونَ السبِقُونَ 10 أُوْلئِكَ الْمُقَرَّبُونَ 11 فِى جَنتِ النَّعِيمِ 12 ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ 13 وَ قَلِيلٌ مِّنَ الْأَخِرِينَ 14 عَلَى سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ 15 مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقبِلِينَ 16 يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُّخَلَّدُونَ 17 بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ 18 لَّايُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنزِفُونَ 19 وَفكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ 20 وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ 21 وَحُورٌ عِينٌ 22 كَأَمْثلِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ 23 جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ 24 لَايَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلَا تَأْثِيماً 25 إلَّاقِيلًا سَلماً سَلماً 26 وَأَصْحبُ الْيَمِينِ مَآ أَصْحبُ الْيَمِينِ 27 فِى سِدْرٍ مَّخْضُودٍ 28 وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ 29 وَظِلِّ مَّمْدُودٍ 30 وَمَآءٍ مَّسْكُوبٍ 31 وَفكِهَةٍ كَثِيرَةٍ 32 لَّامَقْطُوعَةٍ وَلَامَمْنُوعَةٍ 33 وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ 34 إِنَّآ أَنشَأْنهُنَّ إِنشَآءً 35 فَجَعَلْنهُنَّ أَبْكَاراً 36 عُرُباً أَتْرَاباً 37 لّاَصْحبِ الْيَمِينِ 38 ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ 39 وَثُلَّةٌ مِّنَ الْأَخِرِينَ 40 وَأَصْحبُ الشِّمَالِ مَا أَصْحبُ الشِّمَالِ 41 فِى سَمُومٍ وَحَمِيمٍ 42 وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ 43 لَّابَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ 44 إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُتْرَفِينَ 45 وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنثِ الْعَظِيمِ 46 وَ كَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُراباً وَعِظماً أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ 47 أَوَ ءَابَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ 48 قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْأَخِرِينَ 49 لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ 50 ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّآلُّونَ الْمُكَذِّبُونَ 51 لَأَكِلُونَ مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ 52 فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ 53 فَشرِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ 54 فَشرِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ 55 هذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ 56 نَحْنُ خَلَقْنكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ 57 أَفَرَءَيْتُم مَّا تُمْنُونَ 58 ءَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخلِقُونَ 59 نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ 60 عَلَى أَن نُّبَدِّلَ أَمْثلَكُمْ
ص: 29
وَنُنشِئَكُمْ فِى مَا لَاتَعْلَمُونَ 61 وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ 62 أَفَرَءَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ 63 ءَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزارِعُونَ 64 لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنهُ حُطماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ 65 إِنَّا لَمُغْرَمُونَ 66 بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ 67 أَفَرَءَيْتُمُ الْمَآءَ الَّذِى تَشْرَبُونَ 68 ءَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ 69 لَوْ نَشَآءُ جَعَلْنهُ أُجَاجاً فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ 70 أَفَرَءَيْتُمُ النَّارَ الَّتِى تُورُونَ 71 ءَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَآ أَمْ نَحْنُ الْمُنشِئُونَ 72 نَحْنُ جَعَلْنهَا تَذْكِرَةً وَمَتعاً لِّلْمُقْوِينَ 73 فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ 74 فَلَآ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ 75 وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ 76 إِنَّهُ لَقُرْءَانٌ كَرِيمٌ 77 فِى كِتبٍ مَّكْنُونٍ 78 لَّايَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ 79 تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعلَمِينَ 80 أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ أَنتُم مُّدْهِنُونَ 81 وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ 82 فَلَوْلَآ إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ 83 وَ أَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ 84 وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلكِن لَّاتُبْصِرُونَ 85 فَلَوْلَآ إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ 86 تَرْجِعُونَهَآ إِن كُنتُمْ صدِقِينَ 87 فَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ 88 فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ 89 وَأَمَّآ إِن كَانَ مِنْ أَصْحبِ الْيَمِينِ 90 فَسَلمٌ لَّكَ مِنْ أَصْحبِ الْيَمِينِ 91 وَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ 92 فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ 93 وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ 94 إِنَّ هذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ 95 فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ 96
قال النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله: «
مَن قَرأ سُورةَ الجُمعةِ اعطِي عَشرَ حَسناتٍ، بِعَدَدِ مَن أتى الجُمُعةَ وَبِعَدَدِ مَنْ لَمْ يأتِها فِي أمصارِ الْمُسلمينَ»(1).
ص: 30
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِى السَّموَ تِ وَمَا فِى الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ 1 هُوَ الَّذِى بَعَثَ فِى الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ ءَايتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتبَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِى ضَللٍ مُّبِينٍ 2 وَءَاخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ 3 ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَاللَّهُ ذُوالْفَضْلِ الْعَظِيمِ 4 مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بَايتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَايَهْدِى الْقَوْمَ الظلِمِينَ 5 قُلْ يأَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِن زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَآءُ لِلَّهِ مِن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صدِقِينَ 6 وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظلِمِينَ 7 قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِى تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى علِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهدَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ 8 يأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا نُودِىَ لِلصَّلَوةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ 9 فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَوةُ فَانتَشِرُوا فِى الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ 10 وَإِذَا رَأَوْا تِجرَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجرَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ 11
قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: «
مَن قَرأ سُورةَ المُنافِقُونَ بَرِئَ مِنَ النِفاقِ»(1)
وقال الإمام الصادق عليه السلام:
«الواجبُ عَلى كُلِّ مُؤْمٍن إذا كَانَ لَنَا شِيعةً أنْ يَقرأ فِي لَيلَةِ الْجُمعةِ بِالجُمعةِ وسبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلى
ص: 31
وَفِي صَلاةِ الظّهرِ بِالْجُمعة وَالمُنافِقُونَ، فإذا فعل ذلك فكأنّما يَعمَلُ بِعملِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه و آله وَكانَ جَزاؤُهُ وَثوابُهُ عَلَى اللَّهِ الجَنّةَ»(1).
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ إِذَا جَاءَكَ الْمُنفِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنفِقِينَ لَكذِبُونَ 1 اتَّخَذُوا أَيْمنَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ 2 ذلِكَ بِأَ نَّهُمْ ءَامَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَايَفْقَهُونَ 3 و إِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ 4 وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ 5 سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَايَهْدِى الْقَوْمَ الْفسِقِينَ 6 هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّموَ تِ وَالْأَرْضِ وَلكِنَّ الْمُنفِقِينَ لَايَفْقَهُونَ 7 يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلكِنَّ الْمُنفِقِينَ لَايَعْلَمُونَ 8 يأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَاتُلْهِكُمْ أَمْولُكُمْ وَلَا أَوْلدُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُوْلئِكَ هُمُ الْخسِرُونَ 9 وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِىَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِى إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصلِحِينَ 10 وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ 11
ص: 32
قال النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله: «
مَنْ قَرأ سُورَةَ عَمّ يَتَساءلُونَ سَقاهُ اللَّهُ بَرْدَ الشَرابِ يَومَ القِيامَة»(1)
. وقال الإمام الصادق عليه السلام: «
مَنْ قَرأ سُورةَ عَمّ يتساءلُونَ، لم يَخرُج سنَته إذا كانَ يُدمِنها فِي كلّ يومٍ، حتّى يَزورَ البيتَ الحرام»(2).
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ 1 عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ 2 الَّذِى هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ 3 كَلَّا سَيَعْلَمُونَ 4 ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ 5 أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهداً 6 وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً 7 وَخَلَقْنكُمْ أَزْوَاجاً 8 وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً 9 وَجَعَلْنَا الَّيْلَ لِبَاساً 10 وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشاً 11 وَ بَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً 12 وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً 13 وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَ تِ مَآءً ثَجَّاجاً 14 لِّنُخْرِجَ بِهِ حَبَّاً وَنَبَاتاً 15 وَجَنتٍ أَلْفَافاً 16 إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقتَاً 17 يَوْمَ يُنْفَخُ فِى الْصُّورِ فَتَأَتُونَ أَفْوَاجاً 18 وَفُتِحَتِ الْسَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَاباً 19 وَ سُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً 20 إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً 21 لِّلطغِينَ مَأَباً 22 لبِثِينَ فِيهَآ أَحْقَاباً 23 لَّايَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلَاشَرَاباً 24 إِلَّا حَمِيماً وَغَسَّاقاً 25 جَزَآءً وِفَاقاً 26 إِنَّهُمْ كَانُوا لَايَرْجُونَ حِسَاباً 27 وَكَذَّبُواْ بِأَيتِنَا كِذَّاباً 28 وَكُلَّ شَىْ ءٍ أَحْصَيْنهُ كِتباً 29 فَذُوقُواْ فَلَن نَّزِيدَكُمْ إلَّا عَذَاباً 30 إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً 31 حَدَآئِقَ وَأَعْنباً 32 وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً 33 وَكَأْسَاً دِهَاقاً 34 لَّايَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوَاً ولَا كِذَّاباً 35 جَزَآءً مِّن رَّبِّكَ عَطَآءً حِسَاباً 36 رَّبِّ السَّموَ تِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمنِ لَايَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً 37
ص: 33
يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلئِكَةُ صَفًّا لَّايَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقَالَ صَوَاباً 38 ذَ لِكَ الْيَومُ الْحَقُّ فَمَن شَآءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآباً 39 إِنَّآ أَنْذَرْنكُمْ عَذَاباً قَرِيباً يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يلَيْتَنِى كُنْتُ تُرَاباً 40
يكفي في فضل تلاوة هذه السورة ما ورد في الرواية أنّ أحد أصحاب عليّ عليه السلام قال: صلّيت خلفه عشرين ليلة وليس يقرأ إلّاسبّح اسم ربّك الأعلى وقال عليه السلام: «
لَو تَعلَمُونَ مَا فِيها لَقرأها الرّجلُ كُلّ يومٍ عِشرينَ مرّةً، وَأن مَنْ قَرَأها فَكأنّما قَرأ صُحُفَ مُوسى وإبراهيمَ الذي وَفّى (1).
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى 1 الَّذِى خَلَقَ فَسَوَّى 2 وَالَّذِى قَدَّرَ فَهَدَى 3 وَالَّذِى أَخْرَجَ الْمَرْعَى 4 فَجَعَلَهُ غُثَآءً أَحْوَى 5 سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنسَى 6 إِلَّا مَاشَآءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الجَهْرَ وَمَا يَخْفَى 7 وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى 8 فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى 9 سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَى 10 وَ يَتَجَنَّبُهَا الأَشْقَى 11 الَّذِى يَصْلَى النَّارَ الكُبْرَى 12 ثُمَّ لَايَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى 13 قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى 14 وَ ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى 15 بَلْ تُؤْثِرُونَ الحَيَوةَ الدُّنْيَا 16 وَالْاخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى 17 إِنَّ هذا لَفِى الصُّحُفِ الْأُولَى 18 صُحُفِ إِبْرهِيمَ وَمُوسَى 19
ص: 34
يكفي ما ورد في فضل هذه السورة أنّ النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله قال: «
مَنْ قَرأها كأنَّما تَصَدَّقَ بِكُلِّ شَي ءٍ طَلَعَتْ عَليهِ الشّمسُ وَالقمرُ»(1).
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَالشَّمْسِ وَضُحهَا 1 وَالْقَمَرِ إِذَا تَلهَا 2 وَالنَّهَارِ إِذَا جَلهَا 3 وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشهَا 4 وَالْسَّمَآءِ وَمَا بَنهَا 5 وَالْأَرْضِ وَمَا طَحهَا 6 وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا 7 فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا 8 قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكهَا 9 وَ قَدْ خَابَ مَن دَسهَا 10 كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَآ 11 إِذِ انْبَعَثَ أَشْقهَا 12 فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيهَا 13 فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا 14 وَ لَا يَخَافُ عُقْبهَا 15
قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله في فضل تلاوة هذه السورة: «
مَنْ قَرأها اعْطِيَ مِنَ الأجْرِ كَمَن لَقِيَ محمّداً صلى الله عليه و آله مُغتَمّاً فَفَرَّجَ عَنهُ»(2).
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ 1 وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ 2 الَّذِى أَنقَضَ ظَهْرَكَ 3 وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ 4 فَإِنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْراً 5 إِنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْراً 6 فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ 7 وَ إلَى رَبِّكَ فَارْغَب 8
ص: 35
قال النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله: «
مَنْ قَرَأَها (سورة القدر) اعْطِيَ مِنَ الأجْرِ، كمَن صامَ رمضان، وَأحيا ليلةَ القدرِ»(1).
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ إِنَّآ أَنزَلْنهُ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ 1 وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ 2 لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ 3 تَنَزَّلُ الْمَلئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ 4 سَلمٌ هِىَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ 5
وردت عدّة روايات في فضل هذه السورة، ففي الحديث النبويّ: «
مَنْ قَرأها فكأنّما قَرأ البَقَرَةَ وأُعْطِيَ مِنَ الأجْرِ كَمَن قَرأ رُبعَ القُرآنِ»(2).
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا 1 وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا 2 وَقَالَ الإِنْسنُ مَا لَهَا 3 يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا 4 بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا 5 يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِّيُرَوْاأَعْملَهُمْ 6 فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرَاً يَرَهُ 7 وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرَّاً يَرَهُ 8
ص: 36
قال الإمام الصادق عليه السلام: «
مَنْ قَرأ (والعاديات) وأدمَنَ قِراءَتَها، بَعَثَهُ اللَّهُ مَعَ أميرِالمُؤمنينَ عليه السلام يَومَ القيامَةِ خَاصّةً، وَكَانَ فِي حِجرِهِ ورفقائِهِ»(1).
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ وَالْعدِيتِ ضَبْحاً 1 فَالْمُورِيتِ قَدْحاً 2 فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحاً 3 فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعَاً 4 فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً 5 إِنَّ الْإِنسنَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ 6 وَإِنَّهُ عَلَى ذلِكَ لَشَهِيدٌ 7 وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ 8 أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِى الْقُبُورِ 9 وَحُصِّلَ مَا فِى الصُّدُورِ 10 إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ 11
قال النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله: «
ومَن قَرأها لَم يُحاسِبَهُ اللَّهُ بِالنّعيمِ الّذي أنعَمَ عَلَيهِ فِي دارِ الدّنيا، واعطِي مِنَ الأجرِ، كأنّما قرأ ألفَ آيَةٍ»(2).
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ أَلْهكُمُ التَّكَاثُرُ 1 حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ 2 كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ 3 ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ 4 كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ 5 لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ 6 ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ 7 ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ 8
ص: 37
قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله في فضيلة هذه السورة: «
مَنْ قَرَأها سَقاهُ اللَّه مِنْ أنهارِ الجنّةِ، واعطِيَ مِنَ الأجرِ بِعَددِ كُلِّ قُربانٍ قَرَّبهُ العِبادُ في يَوم عيدٍ، ويُقرّبون مِن أهلِ الكتابِ والمُشركِينَ»(1).
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ إِنَّآ أَعْطَيْنكَ الْكَوْثَرَ 1 فَصَلِّ لِرَبِّكَ وانْحَرْ 2 إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ 3
وردت عدّة روايات في فضل هذه السورة تفيد أهميّة محتواها، ومنها: عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال:
«مَنْ قَرأ
قُلْ يا أيّها الكافرونَ
فكأنّما قَرَأ رُبعَ القُرآنِ، وَتَباعدَتْ عَنه مَرَدَةُ الشّياطينِ، وبَرِى ءَ مِنَ الشِّركِ، وَيُعافى مِنَ الْفَزَعِ الأكبرِ»(2).
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ قُلْ يأَيُّهَا الْكفِرُونَ 1 لَآأَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ 2 وَلَآ أَنْتُمْ عبِدُونَ مَآ أَعْبُدُ 3 وَلَآ أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ 4 وَلَآ أَنْتُمْ عبِدُونَ مَآ أَعْبُدُ 5 لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِىَ دِينِ 6
قال النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله: «
مَنْ قَرَأها فَكَأنَّما شَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه و آله فَتَحَ مكَّة»(3).
ص: 38
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ إِذَا جَآءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ 1 وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِى دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً 2 فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ واسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا 3
ذكرت المصادر الإسلاميّة العديد من الروايات في فضل تلاوة هذه السورة، تكشف عن عظم أهميّتها، منها ما جاء عن النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله أنّه قال: «
مَنْ قَرأها فكأنّما قَرأ ثُلثَ القرآنِ، واعْطِيَ مِنَ الأجرِ عَشْرَ حَسناتٍ بِعَدَدِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَاليومِ الآخِرِ»(1).
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ 1 اللَّهُ الصَّمَدُ 2 لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ 3 وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ 4
قال النبيّ صلى الله عليه و آله: «
مَن قَرَأ (قُل أعُوذُ بِرَبِّ الْفَلقِ) وَ (قُلْ أعوذُ بِربّ الناسِ) فكأنّما قَرأ جَميعَ الكُتبِ الّتي أنزَلَها اللَّهُ عَلَى الأنبياءِ»(2).
وقال الإمام الباقر عليه السلام: «
مَن أوْتَرَ بالمُعَوِّذَتينِ، وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أحدٌ، قيل له: يا عَبدَاللَّهِ! أبْشِرْ فَقَدْ قَبِلَ اللَّهُ وِتْرَكَ»(3).
ص: 39
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ 1 مِن شَرِّ مَا خَلَقَ 2 وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ 3 وَ مِن شَرِّ النَّفثتِ فِى الْعُقَدِ 4 وَ مِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ 5
وردت عدّة روايات في فضل هذه السورة (غير الروايات التي سبقت في بيان فضيلة سورة الفلق (1).
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ 1 مَلِكِ النَّاسِ 2 إِلهِ النَّاسِ 3 مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ 4 الَّذِى يُوَسْوِسُ فِى صُدُورِ النَّاسِ 5 مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ 6
كفى في فضل هذه الآية ما روي عن النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله أنّه سأل أحد أصحابه «أيّ آية في كتاب اللَّه أعظم؟ «قال صلى الله عليه و آله:
اللَّه لا إله إلّاهو الحي القيوم
... فقال له صلى الله عليه و آله: «
لَيَهْنَئَكَ العِلمُ ...»(2).
وعن عليّ عليه السلام عن النبيّ صلى الله عليه و آله قال: «
... وسورَةُ البَقَرةِ سَيّدُ القرآنِ، وآيةُ الكرسيِّ سيّدُ سورةِ البقَرةِ، فيها خمسونَ كلمة، فِي كُلّ كَلِمةٍ بَرَكَة»(3).
وجاء في حديث آخر عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال: «
أتى أخَوانَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه و آله فَقَالا: انّا نُريدُ الشّامَ فِي تِجارةٍ، فَعَلِّمْنا ما نَقُولُ؛ فَقَالَ صلى الله عليه و آله: نَعَمْ إذا آويتُما إلى الْمَنزلِ، فَصَلِّيا العِشاءَ الآخرةِ فَإذا وَضَعَ
ص: 40
أحدُكُما جَنْبَهُ عَلى فِراشِهِ بَعدَ الصّلاةِ، فَلْيُسَبِّح تَسبيحَ فَاطمةَ عليها السلام، ثمَّ لِيَقْرأ آيةَ الْكُرٌسِيِّ فَإِنَّهُ مَحفُوظٌ مِنْ كُلِّ شَي ءٍ حَتّى يُصْبِحَ»(1).
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ اللَّهُ لَآإِلهَ إلَّاهُوَ الْحَىُّ الْقَيُّومُ لَاتَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَّهُ مَا فِى السَّموتِ وَ مَا فِى الْأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَ لَا يُحِيطُونَ بِشَىْ ءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَآءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّموتِ وَالْأَرْضَ وَلَايُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِىُّ الْعَظِيمُ 255 لَآإِكْرَاهَ فِى الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَىِّ فَمَن يَكْفُرْ بِالطغُوتِ وَ يُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَاانفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ 256 اللَّهُ وَلِىُّ الَّذِينَ ءَامَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمتِ أُوْلئِكَ أَصْحبُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ 257
كما ذكرنا في مستهلّ هذه السور، هنالك عدّة شواهد وقرائن تفيد أنّ هذه الآثار والبركات والثواب تصيب من يتدبّر مضمون هذه الآيات ويطبّقها في حياته.
-*-*-*-
ص: 41
1. المناجاة الخمس عشرة للإمام علي بن الحسين عليهما السلام
2. المناجاة المظلومة لأميرالمؤمنين عليه السلام
3. الأدعية القرآنية 10. دعاء المجير
4. دعاء الصباح 11. دعاء الجوشن الكبير
5. دعاء كميل 12. دعاء الجوشن الصغير
6. دعاء العشرات 13. دعاء التوسّل بالْأئمّة المعصومين عليهم السلام
7. دعاء السمات 14. دعاء مكارم الأخلاق
8. دعاء المشلول 15. دعاء الندبة
9. دعاء يستشير 16. دعاء الإمام المهدي عليه السلام
ص: 42
ص: 43
مقدمه
: كما مرّ في مقدّمة الكتاب، فإنّ الدعاء والمناجاة أحد أفضل سبل الارتباط المعنويّ باللَّه وبلوغ صفاء الباطن وتهذيب النفس. فلو علم الداعي من يناجي وأمام أيّ عظيم يترنّم ويستغيث والمفاهيم الرفيعة الواردة في الأدعية، لاستشعر لذّة ونشوة لا تعدلها لذّة في العالم. فالدعاء يهذّب النفس ويطهّر الروح وينوّر القلب.
فالتضرّع والخضوع للحقّ تعالى والاستغاثة في محضر المعبود المتعال، وانهمار الدموع على وجنات العبد وخدوده وغسل غبار الغفلة والخطيئة بماء الندم، كلّ ذلك علامات العبودية وامتياز الإنسان على سائر الموجودات، والوسيلة لكسب أعظم مفاخر عالم الخلقة.
فإن خشع القلب وانسابت الدموع على الخدود، وانطلق اللسان بالتسبيح والتقديس وأردف ذلك بكلمات الاستغفار والاعتذار، تحقّق الارتباط والاتّصال بمقام الأحديّة، وكان ذلك الوقت أعظم اللحظات لطلب الحاجة من اللَّه تعالى.
-*-*-*-
هنالك قيمة للوصول إلى العبودية بأيّ لسان وكلمة والاستغفار والتوبة وذكر الحاجة؛ لكن بلا شك أنّ الأدعية والمناجاة التي وصلت عن طريق أسمى مخلوقات عالم الإمكان وأفضل عباد اللَّه، جامعة خالية من النقص ومهذّبة للإنسان، وكلّ دعاء ينطوي على سلسلة من الدروس.
ص: 44
والمناجاة والأدعية التي وصلت من جانب المعصومين عليهم السلام حيث تتمتّع برؤية عميقة عارفة باللَّه وصادرة من الإنسان الكامل والراسخ في العلم، فهي موثوقة من جميع الجهات وليس فيها أيّ من العوارض الجارية في الأوراد التي يفرزها الفكر البشريّ. فكونهم عرفوا اللَّه ووقفوا على صفاته كان كلّ ما يرد على ألسنتهم من دعاء ومناجاة مهذّب من الخرافة والعبارات الشاذّة.
-*-*-*-
والأدعية الواصلة عن طريق أئمّة العصمة عليهم السلام على درجة من رفعة المضمون والمحتوى بحيث يكون ذلك دليلًا على صحّة سندها، ويدرك الإنسان بيسر أنّ مثل هذه الكلمات والأذكار لا يمكن أن تصدر سوى عن هذه الذوات القدسيّة، ولا يسع الآخرين الإتيان بمثل هذه المضامين. ونذكر هنا أدعية ومناجاة تتمتّع بشهرة وأسانيد معتبرة بالإضافة إلى سموّ ورفعة المضمون. ونؤكد مرّة اخرى أنّه يسعنا استغلال الدعاء والمناجاة بدقّة حين نتأمّل معانيها ونطبّقها على أنفسنا وننصت إلى رسالتها بمثابة دروس تهذيبية للإنسان.
-*-*-*-
ص: 45
عليهما السلام
قال المرحوم العلّامة المجلسي في بحارالأنوار: رأيت هذه المناجاة في كتب بعض الأصحاب والمرويّة عن الإمام زين العابدين عليه السلام (1).
مناجاة واستغاثة العبد التائب العائد إلى اللَّه.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ
الهى الْبَسَتْنِى الْخَطايا ثَوْبَ مَذَلَّتى وَجَلَّلَنِى التَّباعُدُ مِنْكَ لِباسَ مَسْكَنَتى وَاماتَ قَلْبى عَظِيمُ جِنايَتى فَاحْيِهِ بِتَوْبَةٍ مِنْكَ يا امَلى وَبُغْيَتى وَيا سُؤْلى وَمُنْيَتى فَوَعِزَّتِكَ ما اجِدُ لِذُنوُبى سِواكَ غافِراً، وَلا ارى لِكَسْرى غَيْرَكَ جابِراً، وَقَدْ خَضَعْتُ بِالْإِنابَةِ الَيْكَ، وَعَنَوْتُ بِالْاسْتِكانَةِ لَدَيْكَ، فَانْ طَرَدْتَنى مِنْ بابِكَ فَبِمَنْ الُوذُ، وَانْ رَدَدْتَنى عَنْ جَنابِكَ فَبِمَنْ اعُوذُ، فَوا اسَفاهُ مِنْ خَجْلَتى وَافْتِضاحى وَوالَهْفاهُ مِنْ سُوءِ عَمَلى وَاجْتِراحى اسْئَلُكَ يا غافِرَ الذَّنْبِ الْكَبيرِ، وَيا جابِرَ الْعَظْمِ الْكَسيرِ، انْ تَهَبَ لى مُوبِقاتِ الْجَرآئِرِ، وَتَسْتُرَ عَلَىَّ فاضِحاتِ السَّرآئِرِ، وَلا تُخْلِنى في مَشْهَدِ الْقِيامَةِ مِنْ بَرْدِ عَفْوِكَ وَغَفْرِكَ، وَلا تُعْرِنى مِنْ جَميلِ صَفْحِكَ وَسَتْرِكَ، الهى ظَلِّلْ عَلى ذُنُوبى غَمامَ رَحْمَتِكَ، وَارْسِلْ عَلى عُيُوبى سَحابَ رَاْفَتِكَ، الهى هَلْ يَرْجِعُ الْعَبْدُ الْابِقُ الَّا الى مَوْلاهُ، امْ هَلْ يُجيرُهُ مِنْ سَخَطِهِ احَدٌ سِواهُ، الهى انْ كانَ النَّدَمُ عَلَى الذَّنْبِ تَوْبَةً فَانّى وَعِزَّتِكَ مِنَ
ص: 46
النَّادِمينَ، وَانْ كانَ الْإِسْتِغْفارُمِنَ الْخَطيئَةِ حِطَّةً فَانّى لَكَ مِنَ الْمُسْتَغْفِرينَ، لَكَ الْعُتْبى حَتّى تَرْضى الهى بِقُدْرَتِكَ عَلَىَّ تُبْ عَلَىَّ، وَبِحِلْمِكَ عَنّىِ اعْفُ عَنّى وَبِعِلْمِكَ بى ارْفَقْ بى الهى انْتَ الَّذى فَتَحْتَ لِعِبادِكَ باباً الى عَفْوِكَ، سَمَّيْتَهُ التَّوْبَةَ، فَقُلْتَ: تُوبُوا الَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً. فَما عُذْرُ مَنْ اغْفَلَ دُخُولَ الْبابِ بَعْدَ فَتْحِهِ، الهى انْ كانَ قَبُحَ الذَّنْبُ مِنْ عَبْدِكَ فَلْيَحْسُنِ الْعَفْوُ مِنْ عِنْدِكَ، الهى ما ا نَا بِاوَّلِ مَنْ عَصاكَ فَتُبْتَ عَلَيْهِ، وَتَعَرَّضَ لِمَعْرُوفِكَ فَجُدْتَ عَلَيْهِ، يا مُجيبَ الْمُضْطَرِّ، يا كاشِفَ الضُّرِّ، يا عَظيمَ الْبِرِّ، يا عَليماً بِما فِى السِّرِّ، ياجَميلَ السِّتْرِ، اسْتَشْفَعْتُ بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ الَيْكَ، وَتَوَسَّلْتُ بِجَنابِكَ [بِحَنانِكَ وَتَرَحُّمِكَ لَدَيْكَ، فَاسْتَجِبْ دُعآئى وَلا تُخَيِّبْ فيكَ رَجآئى وَتَقَبَّلْ تَوْبَتى وَكَفِّرْ خَطيئَتى بِمَنِّكَ وَرَحْمَتِكَ، يا ارْحَمَ الرَّاحِمينَ (1).
مناجاة من يشتكي إلى اللَّه؛ يشكو إلى اللَّه النفس الأمارة بالسوء والطغيان ويشكو قسوة القلب ووساوس الشيطان ويسأل اللَّه التغلب عليها.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ
الهى الَيْكَ اشْكُو نَفْساً بِالسُّوءِ امَّارَةً، وَالىَ الْخَطيئَةِ مُبادِرَةً، وَبِمَعاصيكَ مُولَعَةً، وَبِسَخَطِكَ مُتَعَرِّضَةً، تَسْلُكُ بى مَسالِكَ الْمَهالِكِ، وَتَجْعَلُنى عِنْدَكَ اهْوَنَ هالِكٍ، كَثيرَةَ الْعِلَلِ، طَويلَةَ الْأَمَلِ، انْ مَسَّهَا الشَّرُّ تَجْزَعُ، وَانْ مَسَّهَا الْخَيْرُ تَمْنَعُ، مَيَّالَةً الَى اللَّعِبِ وَاللَّهْوِ، مَمْلُوَّةً بِالْغَفْلَةِ وَالسَّهْوِ، تُسْرِعُ بى الىَ الْحَوْبَةِ، وَتُسَوِّفُنى بِالتَّوْبَةِ، الهى اشْكُو الَيْكَ عَدُوّاً يُضِلُّنى وَشَيْطاناً يُغْوينى قَدْ مَلَأَ
ص: 47
بِالْوَسْواسِ صَدْرى وَاحاطَتْ هَواجِسُهُ بِقَلْبى يُعاضِدُ لِىَ الْهَوى وَيُزَيِّنُ لى حُبَّ الدُّنْيا، وَيَحُولُ بَيْنى وَبَيْنَ الطَّاعَةِ وَالزُّلْفى الهى الَيْكَ اشْكُو قَلْباً قاسِياً مَعَ الْوَسْواسِ مُتَقَلِّباً، وَبِالرَّيْنِ وَالطَّبْعِ مُتَلَبِّساً، وَعَيْناً عَنِ الْبُكآءِ مِنْ خَوْفِكَ جامِدَةً، وِالى ما يَسُرُّها طامِحَةً، الهى لا حَوْلَ لى وَلا قُوَّةَ الَّا بِقُدْرَتِكَ، وَلا نَجاةَ لى مِنْ مَكارِهِ الدُّنْياإِلَّا بِعِصْمَتِكَ، فَاسْئَلُكَ بِبَلاغَةِ حِكْمَتِكَ، وَنَفاذِ مَشِيَّتِكَ، انْ لا تَجْعَلَنى لِغَيْرِ جُودِكَ مُتَعَرِّضاً، وَلاتُصَيِّرَنى لِلْفِتَنِ غَرَضاً، وَكُنْ لى عَلَى الْأَعْدآءِ ناصِراً، وَعَلَى الْمَخازى وَالْعُيُوبِ ساتِراً، وَمِنَ الْبَلاءِ واقِياً، وَعَنِ الْمَعاصى عاصِماً، بِرَأْفَتِكَ وَرَحْمَتِكَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمينَ (1).
مناجاة من يخاف اللَّه ويتحدّث بلسان الخشية ويسأله العون؛ لكنّها في الحقيقة خوفهم من ذنوبهم وعدالة اللَّه في معاملتهم.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ
الهى اتَراكَ بَعْدَ الْإيمانِ بِكَ تُعَذِّبُنى امْ بَعْدَ حُبّى ايَّاكَ تُبَعِّدُنى امْ مَعَ رَجآئى لِرَحْمَتِكَ وَصَفْحِكَ تَحْرِمُنى امْ مَعَ اسْتِجارَتى بِعَفْوِكَ تُسْلِمُنى حاشا لِوَجْهِكَ الْكَريمِ انْ تُخَيِّبَنى لَيْتَ شِعْرى الِلشَّقآءِ وَلَدَتْنى امّى امْ لِلْعَنآءِ رَبَّتْنى فَلَيْتَها لَمْ تَلِدْنى وَلَمْ تُرَبِّنى وَلَيْتَنى عَلِمْتُ امِنْ اهْلِ السَّعادَةِ جَعَلْتَنى وَبِقُرْبِكَ وَجِوارِكَ خَصَصْتَنى فَتَقِرَّ بِذلِكَ عَيْنى وَتَطْمَئِنَّ لَهُ نَفْسى الهى هَلْ تُسَوِّدُ وُجُوهاً خَرَّتْ ساجِدةً لِعَظَمَتِكَ، اوْ تُخْرِسُ الْسِنَةً نَطَقَتْ بِالثَّنآءِ عَلى مَجْدِكَ وَجَلالَتِكَ، اوْ تَطْبَعُ عَلى قُلُوبٍ انْطَوَتْ عَلى مَحَبَّتِكَ، اوْ تُصِمُّ اسْماعاً تَلَذَّذَتْ بِسَماعِ ذِكْرِكَ
ص: 48
في ارادَتِكَ، اوْ تَغُلُّ اكُفّاً رَفَعَتْهَا الْأمالُ الَيْكَ رَجآءَ رَاْفَتِكَ، اوْ تُعاقِبُ ابْداناً عَمِلَتْ بِطاعَتِكَ حَتّى نَحِلَتْ في مُجاهَدَتِكَ، اوْ تُعَذِّبُ ارْجُلًا سَعَتْ في عِبادَتِكَ، الهى لاتُغْلِقْ عَلى مُوَحِّديكَ ابْوابَ رَحْمَتِكَ، وَلا تَحْجُبْ مُشْتاقيكَ عَنِ النَّظَرِ الى جَميلِ رُؤْيَتِكَ، الهى نَفْسٌ اعْزَزْتَها بِتَوْحيدِكَ، كَيْفَ تُذِلُّها بِمَهانَةِ هِجْرانِكَ، وَضَميرٌ انْعَقَدَ عَلى مَوَدَّتِكَ، كَيْفَ تُحْرِقُهُ بِحَرارَةِ نيرانِكَ، الهى اجِرْنى مِنْ اليمِ غَضَبِكَ وَعَظيمِ سَخَطِكَ، ياحَنَّانُ يا مَنَّانُ، يا رَحيمُ يا رَحْمنُ، يا جَبَّارُ يا قَهَّارُ، يا غَفَّارُ يا سَتَّارُ، نَجِّنى بِرَحْمَتِكَ مِنْ عَذابِ النَّارِ، وَفَضيحَةِ الْعارِ، اذَا امْتازَ الْأَخْيارُ مِنَ الْأَشْرارِ، وَحالَتِ الْأَحْوالُ، وَهالَتِ الْأَهْوالُ (1)، وَقَرُبَ الْمُحْسِنُونَ، وَبَعُدَ الْمُسيئُونَ، وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (2).
مناجاة من يخاطب اللَّه بلسان الأمل والرجاء؛ الرجاء بلطف اللَّه وستره وإحسانه وفضله.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ
يا مَنْ اذا سَئَلَهُ عَبْدٌ اعْطاهُ، وَاذا امَّلَ ما عِنْدَهُ بَلَّغَهُ مُناهُ، وَاذا اقْبَلَ عَلَيْهِ قَرَّبَهُ وَادْناهُ، وَاذا جاهَرَهُ بِالْعِصْيانِ سَتَرَ عَلى ذَنْبِهِ وَغَطَّاهُ، وَاذا تَوَكَّلَ عَلَيْهِ احْسَبَهُ وَكَفاهُ، الهى مَنِ الَّذى نَزَلَ بِكَ مُلْتَمِساً قِراكَ فَما قَرَيْتَهُ، وَمَنِ الَّذى اناخَ بِبابِكَ مُرْتَجِياً نَداكَ فَما اوْلَيْتَهُ، ايَحْسُنُ انْ ارْجِعَ عَنْ بابِكَ بِالْخَيْبَةِ مَصْرُوفاً، وَلَسْتُ اعْرِفُ سِواكَ مَوْلىً بِالْأِحْسانِ مَوْصُوفاً، كَيْفَ ارْجُو غَيْرَكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ بِيَدِكَ، وَكَيْفَ اؤَمِّلُ سِواكَ وَالْخَلْقُ وَالْأَمْرُ لَكَ، أَاقْطَعُ رَجآئى مِنْكَ وَقَدْ اوْلَيْتَنى ما لَمْ اسْئَلْهُ مِنْ فَضْلِكَ، امْ تُفْقِرُنى الى مِثْلى وَانَا اعْتَصِمُ بِحَبْلِكَ، يا مَنْ سَعَدَ بِرَحْمَتِهِ
ص: 49
الْقاصِدُونَ، وَلَمْ يَشْقَ بِنِقْمَتِهِ الْمُسْتَغْفِرُونَ، كَيْفَ انْسيكَ وَلَمْ تَزَلْ ذاكِرى وَكَيْفَ الْهُو عَنْكَ وَانْتَ مُراقِبى الهى بِذَيْلِ كَرَمِكَ اعْلَقْتُ يَدى وَلِنَيْلِ عَطاياكَ بَسَطْتُ امَلى فَاخْلِصْنى بِخالِصَةِ تَوْحيدِكَ، وَاجْعَلْنى مِنْ صَفْوَةِ عَبيدِكَ، يا مَنْ كُلُّ هارِبٍ الَيْهِ يَلْتَجِئُ، وَكُلُّ طالِبٍ ايَّاهُ يَرْتَجى يا خَيْرَ مَرْجُوٍّ، وَيا اكْرَمَ مَدْعُوٍّ، وَيا مَنْ لا يَرُدُّ سآئِلَهُ، وَلا يُخَيِّبُ امِلَهُ، يا مَنْ بابُهُ مَفْتُوحٌ لِداعيهِ، وَحِجابُهُ مَرْفُوعٌ لِراجيهِ، اسْئَلُكَ بِكَرَمِكَ انْ تَمُنَّ عَلَىَّ مِنْ عَطآئِكَ بِما تَقِرُّ بِهِ عَيْنى وَمِنْ رَجآئِكَ بِما تَطْمَئِنُّ بِهِ نَفْسى وَمِنَ الْيَقينِ بِما تُهَوِّنُ بِهِ عَلَىَّ مُصيباتِ الدُّنْيا، وَتَجْلُو بِهِ عَنْ بَصيرَتى غَشَواتِ الْعَمى بِرَحْمَتِكَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمينَ (1).
مناجاة من اشتاق لألطاف اللَّه والاستضاءة بأنوار القدس الربّانية، والوله لرؤية إحسانه وعظيم نعمائه.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ
الهى انْ كانَ قَلَّ زادى فِى الْمَسيرِ الَيْكَ، فَلَقَدْ حَسُنَ ظَنّى بِالتَّوَكُّلِ عَلَيْكَ، وَانْ كانَ جُرْمى قَدْاخافَنى مِنْ عُقُوبَتِكَ، فَانَّ رَجآئى قَدْ اشْعَرَنى بِالْأَمْنِ مِنْ نِقْمَتِكَ، وَانْ كانَ ذَنْبى قَدْ عَرَضَنى لِعِقابِكَ، فَقَدْ اذَنَنى حُسْنُ ثِقَتى بِثَوابِكَ، وَانْ انامَتْنِى الْغَفْلَةُ عَنِ الْإِسْتِعْدادِ لِلِقآئِكَ، فَقَدْ نَبَّهَتْنِى الْمَعْرِفَةُ بِكَرَمِكَ وَ الائِكَ، وَانْ اوْحَشَ ما بَيْنى وَبَيْنَكَ فَرْطُ الْعِصْيانِ وَالطُّغْيانِ، فَقَدْ انَسَنى بُشْرَى الْغُفْرانِ وَالرِّضْوانِ، اسْئَلُكَ بِسُبُحاتِ وَجْهِكَ، وَبِانْوارِ قُدْسِكَ، وَابْتَهِلُ الَيْكَ بِعَواطِفِ رَحْمَتِكَ وَلَطآئِفِ بِرِّكَ، انْ تُحَقِّقَ ظَنّى بِما اؤَمِّلُهُ مِنْ جَزيلِ اكْرامِكَ، وَجَميلِ انْعامِكَ فِى
ص: 50
الْقُرْبى مِنْكَ، وَالزُّلْفى لَدَيْكَ، وَالتَّمَتُّعِ بِالنَّظَرِ الَيْكَ، وَها ا نَا مُتَعَرِّضٌ لِنَفَحاتِ رَوْحِكَ وَعَطْفِكَ، وَمُنْتَجِعٌ غَيْثَ جُودِكَ وَلُطْفِكَ، فآرٌّ مِنْ سَخَطِكَ الى رِضاكَ، هارِبٌ مِنْكَ الَيْكَ، راجٍ احْسَنَ ما لَدَيْكَ، مُعَوِّلٌ عَلى مَواهِبِكَ، مُفْتَقِرٌ الى رِعايَتِكَ، الهى ما بَدَاْتَ بِهِ مِنْ فَضْلِكَ فَتَمِّمْهُ، وَما وَهَبْتَ لى مِنْ كَرَمِكَ فَلا تَسْلُبْهُ، وَما سَتَرْتَهُ عَلَىَّ بِحِلْمِكَ فَلا تَهْتِكْهُ، وَما عَلِمْتَهُ مِنْ قَبيحِ فِعْلى فَاغْفِرْهُ، الهى اسْتَشْفَعْتُ بِكَ الَيْكَ، وَاسْتَجَرْتُ بِكَ مِنْكَ، اتَيْتُكَ طامِعاً في احْسانِكَ، راغِباً فِى امْتِنانِكَ، مُسْتَسْقِياً وابِلَ طَوْلِكَ، مُسْتَمْطِراً غَمامَ فَضْلِكَ، طالِباً مَرْضاتَكَ، قاصِداً جَنابَكَ، وارِداً شَريعَةَ رِفْدِكَ، مُلْتَمِساً سَنِىَّ الْخَيْراتِ مِنْ عِنْدِكَ، وافِداً الى حَضْرَةِ جَمالِكَ، مُريداً وَجْهَكَ، طارِقاً بابَكَ، مُسْتَكيناً لِعَظَمَتِكَ وَجَلالِكَ، فَافْعَلْ بى ما أَنْتَ اهْلُهُ مِنَ الْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ، وَلا تَفْعَلْ بى ما ا نَا اهْلُهُ مِنْ الْعَذابِ وَالنِّقْمَةِ، بِرَحْمَتِكَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمينَ (1).
مناجاة من يعتمد لسان الشكر ويقرّ ويعترف بعجزه عن شكر نعم اللَّه الجمّة، ويعتذر للَّه عن قصوره وتقصيره.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ
الهى اذْهَلَنى عَنْ اقامَةِ شُكْرِكَ تَتابُعُ طَوْلِكَ، وَاعْجَزَنى عَنْ احْصآءِ ثَنآئِكَ فَيْضُ فَضْلِكَ، وَشَغَلَنى عَنْ ذِكْرِ مَحامِدِكَ تَرادُفُ عَوآئِدِكَ، وَاعْيانى عَنْ نَشْرِ عَوارِفِكَ تَوالى اياديكَ، وَهذا مَقامُ مَنِ اعْتَرَفَ بِسُبُوغِ النَّعْمآءِ، وَقابَلَها بِالتَّقْصيرِ، وَشَهِدَ عَلى نَفْسِهِ بِالْإِهْمالِ وَالتَّضْييعِ، وَانْتَ الرَّؤُفُ الرَّحيمُ الْبَّرُ الْكَريمُ، الَّذى لا يُخَيِّبُ
ص: 51
قاصِديهِ، وَلا يَطْرُدُ عَنْ فِنآئِهِ امِليهِ، بِساحَتِكَ تَحُطُّ رِحالُ الرَّاجينَ، وَبِعَرْصَتِكَ تَقِفُ امالُ الْمُسْتَرْفِدينَ، فَلا تُقابِلْ امالَنا بِالتَّخْييبِ وَالْإِياسِ، وَلا تُلْبِسْنا سِرْبالَ الْقُنُوطِ وَالْإِبْلاسِ، الهى تَصاغَرَ عِنْدَ تَعاظُمِ آلائِكَ شُكْرى وَتَضآئَلَ في جَنْبِ اكْرامِكَ ايَّاىَ ثَنآئى وَنَشْرى جَلَّلَتْنى نِعَمُكَ مِنْ انْوارِ الْايمانِ حُلَلًا، وَضَرَبَتْ عَلَىَّ لَطآئِفُ بِرِّكَ مِنَ الْعِزِّ كِلَلًا، وَقَلَّدَتْنى مِنَنُكَ قَلائِدَ لا تُحَلُّ، وَطَوَّقَتْنى اطْواقاً لا تُفَلُّ، فَآلائُكَ جَمَّةٌ ضَعُفَ لِسانى عَنْ احْصآئِها، وَنَعْمآئُكَ كَثيرَةٌ قَصُرَ فَهْمى عَنْ ادْراكِها فَضْلًا عَنِ اسْتِقْصآئِها، فَكَيْفَ لى بِتَحْصيلِ الشُّكْرِ، وَشُكْرى ايَّاكَ يَفْتَقِرُ الى شُكْرٍ، فَكُلَّما قُلْتُ لَكَ الْحَمْدُ، وَجَبَ عَلَىَّ لِذلِكَ انْ اقُولَ لَكَ الْحَمْدُ، الهى فَكَما غَذَّيْتَنا بِلُطْفِكَ، وَرَبَّيْتَنا بِصُنْعِكَ، فَتَمِّمْ عَلَيْنا سَوابِغَ النِّعَمِ، وَادْفَعْ عَنَّا مَكارِهَ النِّقَمِ، وَآتِنا مِنْ حُظُوظِ الدَّارَيْنِ ارْفَعَها وَاجَلَّها، عاجِلًا وَآجِلًا، وَلَكَ الْحَمْدُ عَلى حُسْنِ بَلائِكَ، وَسُبُوغِ نَعْمآئِكَ، حَمْداً يُوافِقُ رِضاكَ، وَيَمْتَرِى الْعَظيمَ مِنْ بِرِّكَ وَنَداكَ، يا عَظيمُ يا كَريمُ، بِرَحْمَتِكَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمينَ (1).
مناجاة من يردف طاعة أوامر اللَّه بالسعي والجهد، ويسأل اللَّه أن يزيل عن بصره حجب الشكّ ليجعل سعيه في سبيله وهمّته في طاعته.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ
اللَّهُمَّ الْهِمْنا طاعَتَكَ، وَجَنِّبْنا مَعْصِيَتَكَ، وَيَسِّرْ لَنا بُلُوغَ ما نَتَمَنّى مِنِ ابْتِغآءِ رِضْوانِكَ، وَاحْلِلْنابُحْبُوحَةَ جِنانِكَ، وَاقْشَعْ عَنْ بَصآئِرِنا سَحابَ الْإِرْتِيابِ، وَاكْشِفْ عَنْ قُلُوبِنا اغْشِيَةَ الْمِرْيَةِ وَالْحِجابِ، وَازْهِقِ الْباطِلَ عَنْ ضَمآئِرِنا،
ص: 52
وَاثْبِتِ الْحَقَّ في سَرآئِرِنا، فَانَّ الشُّكوُكَ وَالظُّنُونَ لَواقِحُ الْفِتَنِ، وَمُكَدِّرَةٌ لِصَفْوِ الْمَنايِحِ وَالْمِنَنِ، اللَّهُمَّ احْمِلْنا في سُفُنِ نَجاتِكَ، وَمَتِّعْنا بِلَذيذِ مُناجاتِكَ، وَاوْرِدْنا حِياضَ حُبِّكَ، وَاذِقْنا حَلاوَةَ وُدِّكَ وَقُرْبِكَ، وَاجْعَلْ جِهادَنا فيكَ، وَهَمَّنا في طاعَتِكَ، وَاخْلِصْ نِيَّاتِنا في مُعامَلَتِكَ، فَانَّا بِكَ وَلَكَ، وَلاوَسيلَةَ لَنا الَيْكَ الَّا انْتَ، الهى اجْعَلْنى مِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ، وَالْحِقْنى بِالصَّالِحينَ الْأَبْرارِ، السَّابِقينَ الىَ الْمَكْرُماتِ، الْمُسارِعينَ الىَ الْخَيْراتِ، الْعامِلينَ لِلْباقِياتِ الصَّالِحاتِ، السَّاعينَ الى رَفيعِ الدَّرَجاتِ، انَّكَ عَلى كُلِّ شَىْ ءٍ قَديرٌ، وَبِالْإِجابَةِ جَديرٌ، بِرَحْمَتِكَ ياارْحَمَ الرَّاحِمينَ (1).
استغاثة من يتوجّه إليه سبحانه دون غيره ولا يروى سوى من فرات لطفه ولا يلتذّ سوى بمناجاته؛ فشوقه برمّته للحقّ، وولهه بالواحد الأحد.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ
سُبْحانَكَ ما اضْيَقَ الطُّرُقَ عَلى مَنْ لَمْ تَكُنْ دَليلَهُ، وَما اوْضَحَ الْحَقَّ عِنْدَ مَنْ هَدَيْتَهُ سَبيلَهُ، الهى فَاسْلُكْ بِنا سُبُلَ الْوُصُولِ الَيْكَ، وَسَيِّرْنا في اقْرَبِ الطُّرُقِ لِلْوُفُودِ عَلَيْكَ، قَرِّبْ عَلَيْنَا الْبَعيدَ، وَسَهِّلْ عَلَيْنَا الْعَسيرَ الشَّديدَ، وَالْحِقْنا بِعِبادِكَ الَّذينَ هُمْ بِالْبِدارِ الَيْكَ يُسارِعوُنَ، وَبابَكَ عَلَى الدَّوامِ يَطْرُقُونَ، وَايَّاكَ فِى اللَّيْلِ يَعْبُدُونَ، وَهُمْ مِنْ هَيْبَتِكَ مُشْفِقُونَ، الَّذينَ صَفَّيْتَ لَهُمُ الْمَشارِبَ، وَبَلَّغْتَهُمُ الرَّغآئِبَ، وَانْجَحْتَ لَهُمُ الْمَطالِبَ، وَقَضَيْتَ لَهُمْ مِنْ فَضْلِكَ الْمَأرِبَ، وَمَلَأْتَ لَهُمْ ضَمآئِرَهُمْ مِنْ حُبِّكَ، وَرَوَّيْتَهُمْ مِنْ صافى شِرْبِكَ، فَبِكَ الى لَذيذِ مُناجاتِكَ
ص: 53
وَصَلُوا، وَمِنْكَ اقْصى مَقاصِدِهِمْ حَصَّلُوا، فَيا مَنْ هُوَ عَلَى الْمُقْبِلينَ عَلَيْهِ مُقْبِلٌ، وَبِالْعَطْفِ عَلَيْهِمْ عآئِدٌ مُفْضِلٌ، وَبِالْغافِلينَ عَنْ ذِكْرِهِ رَحيمٌ رَؤُفٌ، وَبِجَذْبِهِمْ الى بابِهِ وَدُودٌ عَطُوفٌ، اسْئَلُكَ انْ تَجْعَلَنى مِنْ اوْفَرِهِمْ مِنْكَ حَظّاً، وَاعْلاهُمْ عِنْدَكَ مَنْزِلًا، وَاجْزَلِهِمْ مِنْ وُدِّكَ قِسْماً، وَافْضَلِهِمْ في مَعْرِفَتِكَ نَصِيباً، فَقَدِ انْقَطَعَتْ الَيْكَ هِمَّتى وَانْصَرَفَتْ نَحْوَكَ رَغْبَتى فَانْتَ لا غَيْرُكَ مُرادى وَلَكَ لا لِسِواكَ سَهَرى وَسُهادى وَلِقآؤُكَ قُرَّةُ عَيْنى وَوَصْلُكَ مُنى نَفْسى وَالَيْكَ شَوْقى وَفي مَحَبَّتِكَ وَلَهى وَالى هَواكَ صَبابَتى وَرِضاكَ بُغْيَتى وَرُؤْيَتُكَ حاجَتى وَجِوارُكَ طَلَبى وَقُرْبُكَ غايَةُ سُؤْلى وَفي مُناجاتِكَ رَوْحى وَراحَتى وَعِنْدَكَ دَوآءُ عِلَّتى وَشِفآءُ غُلَّتى وَبَرْدُ لَوْعَتى وَكَشْفُ كُرْبَتى فَكُنْ انيسى في وَحْشَتى وَمُقيلَ عَثْرَتى وَغافِرَ زَلَّتى وَقابِلَ تَوْبَتى وَمُجيبَ دَعْوَتى وَوَلِىَّ عِصْمَتى وَمُغْنِىَ فاقَتى وَلا تَقْطَعْنى عَنْكَ، وَلا تُبْعِدْنى مِنْكَ، يا نَعيمى وَجَنَّتى وَيا دُنْياىَ وَآخِرَتى [يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ (1).
مناجاة من يحبّ اللَّه ويعشقه؛ من يسأله حبّه ويسأله النظر إليه بالعطف والرأفة.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ
الهى مَنْ ذَا الَّذى ذاقَ حَلاوَةَ مَحَبَّتِكَ فَرامَ مِنْكَ بَدَلًا، وَمَنْ ذَا الَّذى آنَسَ بِقُرْبِكَ فَابْتَغى عَنْكَ حِوَلًا، الهى فَاجْعَلْنا مِمَّنِ اصْطَفَيْتَهُ لِقُرْبِكَ وَوِلايَتِكَ، وَاخْلَصْتَهُ لِوُدِّكَ وَمَحَبَّتِكَ، وَشَوَّقْتَهُ الى لِقآئِكَ، وَرَضَّيْتَهُ بِقَضآئِكَ، وَمَنَحْتَهُ بِالنَّظَرِ الى وَجْهِكَ، وَحَبَوْتَهُ بِرِضاكَ، وَاعَذْتَهُ مِنْ هَجْرِكَ وَقِلاكَ، وَبَوَّاْتَهُ مَقْعَدَ الصّدْقِ في
ص: 54
جِوارِكَ، وَخَصَصْتَهُ بِمَعْرِفَتِكَ، وَاهَّلْتَهُ لِعِبادَتِكَ، وَهَيَّمْتَ قَلْبَهُ لِإِرادَتِكَ، وَاجْتَبَيْتَهُ لِمُشاهَدَتِكَ، وَاخْلَيْتَ وَجْهَهُ لَكَ، وَفَرَّغْتَ فُؤادَهُ لِحُبِّكَ، وَرَغَّبْتَهُ فيما عِنْدَكَ، وَالْهَمْتَهُ ذِكْرَكَ، وَاوْزَعْتَهُ شُكْرَكَ، وَشَغَلْتَهُ بِطاعَتِكَ، وَصَيَّرْتَهُ مِنْ صالِحى بَرِيَّتِكَ، وَاخْتَرْتَهُ لِمُناجاتِكَ، وَقَطَعْتَ عَنْهُ كُلَّ شَىْ ءٍ يَقْطَعُهُ عَنْكَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنا مِمَّنْ دَأْبُهُمُ الْإِرْتِياحُ الَيْكَ وَالْحَنينُ، وَدَهْرُهُمُ الزَّفْرَةُ وَالْأَنينُ، جِباهُهُمْ ساجِدَةٌ لِعَظَمَتِكَ، وَعُيُونُهُمْ ساهِرَةٌ في خِدْمَتِكَ، وَدُمُوعُهُمْ سآئِلَةٌ مِنْ خَشْيَتِكَ، وَقُلُوبُهُمْ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحَبَّتِكَ، وَافْئِدَتُهُمْ مُنْخَلِعَةٌ مِنْ مَهابَتِكَ، يا مَنْ انْوارُ قُدْسِهِ لِأَبْصارِ مُحِبّيهِ رآئِقَةٌ، وَسُبُحاتُ وَجْهِهِ لِقُلُوبِ عارِفيهِ شآئِفَةٌ، يا مُنى قُلُوبِ الْمُشْتاقينَ، وَيا غايَةَ امالِ الْمُحِبّينَ، اسْئَلُكَ حُبَّكَ وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ، وَحُبَّ كُلِّ عَمَلٍ يُوصِلُنى الى قُرْبِكَ، وَانْ تَجْعَلَكَ احَبَّ الَىَّ مِمَّا سِواكَ، وَانْ تَجْعَلَ حُبّى ايَّاكَ قآئِداً الى رِضْوانِكَ، وَشَوْقى الَيْكَ ذائِداً عَنْ عِصْيانِكَ، وَامْنُنْ بِالنَّظَرِ الَيْكَ عَلَىَّ، وَانْظُرْ بِعَيْنِ الْوُدِّ وَالْعَطْفِ الَىَّ، وَلاتَصْرِفْ عَنّى وَجْهَكَ، وَاجْعَلْنى مِنْ اهْلِ الْإِسْعادِ وَالْحِظْوَةِ عِنْدَكَ، يا مُجيبُ يا ارْحَمَ الرَّاحِمينَ (1).
مناجاة من يخاطب اللَّه بالتوسّل على أساس العطف والشفقة، ويتولّه لشفاعة نبيّه فيجعلهما وسيلته لنيل الرحمة والرضوان.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ
الهى لَيْسَ لى وَسيلَةٌ الَيْكَ الَّا عَواطِفُ رَاْفَتِكَ، وَلا لى ذَريعَةٌ الَيْكَ الَّا عَوارِفُ (2) رَحْمَتِكَ، وَشَفاعَةُ نَبِيِّكَ نَبِىِّ الرَّحْمَةِ، وَمُنْقِذِ الْأُمَّةِ مِنَ الْغُمَّةِ، فَاجْعَلْهُما لى سَبَباً
ص: 55
الى نَيْلِ غُفْرانِكَ، وَصَيِّرْهُما لى وُصْلَةً الىَ الْفَوْزِ بِرِضْوانِكَ، وَقَدْ حَلَّ رَجآئى بِحَرَمِ كَرَمِكَ، وَحَطَّ طَمَعى بِفِنآءِ جُودِكَ، فَحَقِّقْ فيكَ امَلى وَاخْتِمْ بِالْخَيْرِ عَمَلى وَاجْعَلْنى مِنْ صَفْوَتِكَ الَّذينَ احْلَلْتَهُمْ بُحْبُوحَةَ جَنَّتِكَ، وَبوَّأْتَهُمْ دارَ كَرامَتِكَ، وَاقْرَرْتَ اعْيُنَهُمْ بِالنَّظَرِ الَيْكَ يَوْمَ لِقآئِكَ، وَاوْرَثْتَهُمْ مَنازِلَ الصِّدْقِ في جِوارِكَ، يا مَنْ لا يَفِدُ الْوافِدُونَ عَلى اكْرَمَ مِنْهُ، وَلا يَجِدُ الْقاصِدُونَ ارْحَمَ مِنْهُ، ياخَيْرَ مَنْ خَلا بِهِ وَحيدٌ، وَيا اعْطَفَ مَنْ اوى الَيْهِ طَريدٌ الى سَعَةِ عَفْوِكَ، مَدَدْتُ يَدى وَبِذَيْلِ كَرَمِكَ اعْلَقْتُ كَفّى فَلا تُولِنِى الْحِرْمانَ، وَلا تُبْلِنى بِالْخَيْبَةِ وَالْخُسْرانِ، يا سَميعَ الدٌّعآءِ [يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ (1).
مناجاة من ملأت الحاجة كيانه فيسأل اللَّه بغناه ويطلب منه دوام نعمته؛ ويلتمسه رفع كلّ همّه وغمه وبؤسه.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ
الهى كَسْرى لا يَجْبُرُهُ الَّا لُطْفُكَ وَحَنانُكَ، وَفَقْرى لا يُغْنيهِ الَّا عَطْفُكَ وَاحْسانُكَ، وَرَوْعَتى لايُسَكِّنُها الَّا امانُكَ، وَذِلَّتى لا يُعِزُّها الَّا سُلْطانُكَ، وَامْنِيَّتى لا يُبَلِّغُنيها الَّا فَضْلُكَ، وَخَلَّتى لايَسُدُّها الَّا طَوْلُكَ، وَحاجَتى لا يَقْضيها غَيْرُكَ، وَكَرْبى لا يُفَرِّجُهُ سِوى رَحْمَتِكَ، وَضُرّى لا يَكْشِفُهُ غَيْرُ رَاْفَتِكَ، وَغُلَّتى لا يُبَرِّدُها الَّا وَصْلُكَ، وَلَوْعَتى لا يُطْفيها الَّا لِقآؤُكَ، وَشَوْقى الَيْكَ لا يَبُلُّهُ الَّا النَّظَرُ الى وَجْهِكَ، وَقَرارى لا يَقِرُّ دُونَ دُنُوّى مِنْكَ، وَلَهْفَتى لا يَرُدُّها الَّا رَوْحُكَ، وَسُقْمى لايَشْفيهِ الَّا طِبُّكَ، وَغَمّى لا يُزيلُهُ الَّا قُرْبُكَ، وَجُرْحى لا يُبْرِئُهُ الَّا صَفْحُكَ، وَرَيْنُ
ص: 56
قَلْبى لا يَجْلُوهُ الَّا عَفْوُكَ، وَوَسْواسُ صَدْرى لا يُزيحُهُ الَّا امْرُكَ، فَيا مُنْتَهى امَلِ الْامِلينَ، وَيا غايَةَ سُؤْلِ السَّآئِلينَ، وَيا اقْصى طَلِبَةِ الطَّالِبينَ، وَيا اعْلى رَغْبَةِ الرَّاغِبينَ، وَيا وَلِىَّ الصَّالِحينَ، وَيا امانَ الْخآئِفينَ، وَيا مُجيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرّينَ، وَيا ذُخْرَ الْمُعْدِمينَ، وَيا كَنْزَ الْبآئِسينَ، وَيا غِياثَ الْمُسْتَغيثينَ، وَيا قاضِىَ حَوآئِجِ الْفُقَرآءِ وَالْمَساكينِ، وَيا اكْرَمَ الْأَكْرَمينَ، وَيا ارْحَمَ الرَّاحِمينَ، لَكَ تَخَضُّعى وَسُؤالى وَالَيْكَ تَضَرُّعى وَابْتِهالى اسْئَلُكَ انْ تُنيلَنى مِنْ رَوْحِ رِضْوانِكَ، وَتُديمَ عَلَىَّ نِعَمَ امْتِنانِكَ، وَها ا نَا بِبابِ كَرَمِكَ واقِفٌ، وَلِنَفَحاتِ بِرِّكَ مُتَعَرِّضٌ، وَبِحَبْلِكَ الشَّديدِ مُعْتَصِمٌ، وَبِعُرْوَتِكَ الْوُثْقى مُتَمَسِّكٌ، الهى ارْحَمْ عَبْدَكَ الذَّليلَ، ذَااللِّسانِ الْكَليلِ، وَالْعَمَلِ الْقَليلِ، وَامْنُنْ عَلَيْهِ بِطَوْلِكَ الْجَزيلِ، وَاكْنُفْهُ تَحْتَ ظِلِّكَ الظَّليلِ، يا كَريمُ يا جَميلُ، يا ارْحَمَ الرَّاحِمينَ (1).
مناجاة مَن يكلّم اللَّه عارفاً؛ مناجاة من أقرّ بعجزه عن إدراك كنه الذات ويحثّ الخطى لمعرفة أسمى للوقوف بكمالٍ على صفاته، وتجاوز حجب البصر والقلب والنفس والعطش في البحث عن ينابيع محبّة اللَّه والارتشاف من كأس العشق.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ
الهى قَصُرَتِ الْأَلْسُنُ عَنْ بُلُوغِ ثَنآئِكَ كَما يَليقُ بِجَلالِكَ، وَعَجَزَتِ الْعُقُولُ عَنْ ادْراكِ كُنْهِ جَمالِكَ، وَانْحَسَرَتِ الْأَبْصارُدُونَ النَّظَرِ الى سُبُحاتِ وَجْهِكَ، وَلَمْ تَجْعَلْ لِلْخَلْقِ طَريقاً الى مَعْرِفَتِكَ، الَّا بِالْعَجْزِ عَنْ مَعْرِفَتِكَ، الهى فَاجْعَلْنا مِنَ الَّذينَ تَرَسَّخَتْ اشْجارُ الشَّوْقِ الَيْكَ في حَدآئِقِ صُدُورِهِمْ، وَاخَذَتْ لَوْعَةُ
ص: 57
مَحَبَّتِكَ بِمَجامِعِ قُلُوبِهِمْ، فَهُمْ الى اوْكارِ الْأَفْكارِ يَاْوُونَ، وَ في رِياضِ الْقُرْبِ وَالْمُكاشَفَةِ يَرْتَعُونَ، وَمِنْ حِياضِ الْمَحَبَّةِ بِكَاْسِ الْمُلاطَفَةِ يَكْرَعُونَ، وَشَرايِعَ الْمُصافاتِ يَرِدُونَ، قَدْ كُشِفَ الْغِطآءُ عَنْ ابْصارِهِمْ، وَانْجَلَتْ ظُلْمَةُ الرَّيْبِ عَنْ عَقآئِدِهِمْ وَ ضَمآئِرِهِمْ، وَانْتَفَتْ مُخالَجَةُ الشَّكِّ عَنْ قُلُوبِهِمْ وَسَرآئِرِهِمْ، وَانْشَرَحَتْ بِتَحْقيقِ الْمَعْرِفَةِ صُدُورُهُمْ، وَعَلَتْ لِسَبْقِ السَّعادَةِ فِى الزَّهادَةِ هِمَمُهُمْ، وَعَذُبَ فِي مَعينِ الْمُعامَلَةِ شِرْبُهُمْ، وَطابَ في مَجْلِسِ الْأُنْسِ سِرُّهُمْ، وَامِنَ في مَوْطِنِ الْمَخافَةِ سِرْبُهُمْ، وَاطْمَانَّتْ بِالرُّجُوعِ الى رَبِّ الْأَرْبابِ انْفُسُهُمْ، وَتَيَقَّنَتْ بِالْفَوْزِ وَالْفَلاحِ ارْواحُهُمْ، وَقَرَّتْ بِالنَّظَرِ الى مَحْبُوبِهِمْ اعْيُنُهُمْ، وَاسْتَقَرَّ بِادْراكِ السُّؤْلِ وَنَيْلِ الْمَأْمُولِ قَرارُهُمْ، وَرَبِحَتْ في بَيْعِ الدُّنْيا بِالْاخِرَةِ تِجارَتُهُمْ، الهى ما الَذَّ خَواطِرَ الْإِلْهامِ بِذِكْرِكَ عَلَى الْقُلُوبِ، وَما احْلَى الْمَسيرَ الَيْكَ بِالْأَوْهامِ في مَسالِكِ الْغُيُوبِ، وَما اطْيَبَ طَعْمَ حُبِّكَ، وَما اعْذَبَ شِرْبَ قُرْبِكَ، فَاعِذْنا مِنْ طَرْدِكَ وَابْعادِكَ، وَاجْعَلْنا مِنْ اخَصِّ عارِفيكَ، وَاصْلَحِ عِبادِكَ، وَاصْدَقِ طآئِعيكَ، وَ اخْلَصِ عُبَّادِكَ، يا عَظيمُ يا جَليلُ، يا كَريمُ يا مُنيلُ، بِرَحْمَتِكَ وَمَنِّكَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمينَ (1).
مناجاة من يسأل ذكر اللَّه ويطلب منه ذكره على كلّ حال وأن يكون أنيسهم ومؤنسهم؛ فهو يعلم أنّ القلوب لا تقرّ وتطمئن إلّابذكره، ولا تسكن النفوس سوى بالرؤية المعنويّة لجمال الحقّ.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ
الهى لَوْلَا الْواجِبُ مِنْ قَبُولِ امْرِكَ، لَنَزَّهْتُكَ مِنْ ذِكْرى ايَّاكَ، عَلى انَّ ذِكْرى لَكَ
ص: 58
بِقَدْرى لا بِقَدْرِكَ، وَما عَسى انْ يَبْلُغَ مِقْدارى حَتّى اجْعَلَ مَحَلّاً لِتَقْديسِكَ، وَمِنْ اعْظَمِ النِّعَمِ عَلَيْنا جَرَيانُ ذِكْرِكَ عَلى الْسِنَتِنا، وَاذْنُكَ لَنا بِدُعآئِكَ وَتَنْزيهِكَ وَتَسْبيحِكَ، الهى فَالْهِمْنا ذِكْرَكَ فِى الْخَلاءِ وَالْمَلاءِ، وَاللَّيْلِ وَالنَّهارِ، وَالْإِعْلانِ وَالْإِسْرارِ، وَفِى السَّرَّآءِ وَالضَّرَّآءِ، وَآنِسْنا بِالذِّكْرِ الْخَفِىِّ، وَاسْتَعْمِلْنا بِالْعَمَل الزَّكِىِّ، وَالسَّعْىِ الْمَرْضِىِّ، وَجازِنا بِالْميزانِ الْوَفِىِّ، الهى بِكَ هامَتِ الْقُلُوبُ الْوالِهَةُ، وَعَلى مَعْرِفَتِكَ جُمِعَتِ الْعُقُولُ الْمُتَبايِنَةُ، فَلا تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ الَّا بِذِكْراكَ، وَلا تَسْكُنُ النُّفُوسُ الَّا عِنْدَ رُؤْياكَ، انْتَ الْمُسَبَّحُ في كُلِّ مَكانٍ، وَالْمَعْبُودُ في كُلِّ زَمانٍ، وَالْمَوْجُودُ في كُلِّ اوانٍ، وَالْمَدْعُوُّ بِكُلِّ لِسانٍ، وَالْمُعَظَّمُ في كُلِّ جَنانٍ، وَاسْتَغْفِرُكَ مِنْ كُلِّ لَذَّةٍبِغَيْرِ ذِكْرِكَ، وَمِنْ كُلِّ راحَةٍ بِغَيْرِ انْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ سُرُورٍ بِغَيْرِ قُرْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ شُغْلٍ بِغَيْرِ طاعَتِكَ، الهى انْتَ قُلْتَ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ: يا ايُّهَا الَّذينَ امَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثيراً، وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَاصيلًا. وَقُلْتَ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ: فَاذْكُرُونى اذْكُرْكُمْ. فَامَرْتَنا بِذِكْرِكَ، وَوَعَدْتَنا عَلَيْهِ انْ تَذْكُرَنا تَشْريفاً لَنا وَتَفْخيماً وَاعْظاماً، وَها نَحْنُ ذاكِرُوكَ كَما امَرْتَنا، فَانْجِزْ لَنا ما وَعَدْتَنا، يا ذاكِرَ الذَّاكِرينَ، وَيا ارْحَمَ الرَّاحِمينَ (1).
مناجاة من يلوذ باللَّه ويتمسّك بحبله المتين ويسأله العون على الوصول إلى السعادة.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ
اللَّهُمَّ يا مَلاذَ اللّائِذينَ، وَيا مَعاذَ الْعآئِذينَ، وَيا مُنْجِىَ الْهالِكينَ، وَيا عاصِمَ الْبآئِسينَ، وَيا راحِمَ الْمَساكينِ، وَيا مُجيبَ الْمُضْطَرّينَ، وَيا كَنْزَ الْمُفْتَقِرينَ، وَيا
ص: 59
جابِرَ الْمُنْكَسِرينَ، وَيا مَأوَى الْمُنْقَطِعينَ، وَيا ناصِرَ الْمُسْتَضْعَفينَ، وَيا مُجيرَ الْخآئِفينَ، وَيا مُغيثَ الْمَكْرُوبينَ، وَيا حِصْنَ اللّاجينَ، انْ لَمْ اعُذْ بِعِزَّتِكَ فَبِمَنْ اعُوذُ، وَانْ لَمْ ا لُذْ بِقُدْرَتِكَ فَبِمَنْ الُوذُ، وَقَدْ الْجَاتْنِى الذُّنُوبُ الىَ التَّشَبُّثِ بِاذْيالِ عَفْوِكَ، وَاحْوَجَتْنِى الْخَطايا الىَ اسْتِفْتاحِ ابْوابِ صَفْحِكَ، وَدَعَتْنِى الْإِسآئَةُ الَى الْإِناخَةِ بِفِنآءِ عِزِّكَ، وَحَمَلَتْنِى الْمَخافَةُ مِنْ نِقْمَتِكَ عَلَى الْتَّمَسُّكِ بِعُرْوَةِ عَطْفِكَ، وَما حَقُّ مَنِ اعْتَصَمَ بِحَبْلِكَ انْ يُخْذَلَ، وَلا يَليقُ بِمَنِ اسْتَجارَ بِعِزِّكَ انْ يُسْلَمَ اوْ يُهْمَلَ، الهى فَلا تُخْلِنا مِنْ حِمايَتِكَ، وَلا تُعْرِنا مِنْ رِعايَتِكَ، وَذُدْنا عَنْ مَوارِدِ الْهَلَكَةِ، فَانَّا بِعَيْنِكَ وَفى كَنَفِكَ وَلَكَ، اسْئَلُكَ بِاهْلِ خآصَّتِكَ مِنْ مَلائِكَتِكَ وَالصَّالِحينَ مِنْ بَرِيَّتِكَ، انْ تَجْعَلَ عَلَيْنا واقِيَةً تُنْجينا مِنَ الْهَلَكاتِ، وَتُجَنِّبُنا مِنَ الْافاتِ، وَتُكِنُّنا مِنْ دَواهِى الْمُصيباتِ، وَانْ تُنْزِلَ عَلَيْنا مِنْ سَكينَتِكَ، وَانْ تُغَشِّىَ وُجُوهَنا بِانْوارِ مَحَبَّتِكَ، وَانْ تُؤْوِيَنا الى شَديدِ رُكْنِكَ، وَانْ تَحْوِيَنا في اكْنافِ عِصْمَتِكَ، بِرَأفَتِكَ وَرَحْمَتِكَ يا ارْحَمَ الرّاحِمينَ (1).
مناجاة من وقف على مخاطر الدنيا وزخارفها؛ فهؤلاء يعرفون كيف تبتلع مستنقعات الدنيا من تهافت عليها، وتسوقه إلى الفناء والعدم، ومن هنا يسألون اللَّه الزهد في الدنيا وعدم المبالاة بزبرجها.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ
الهى اسْكَنْتَنا داراً حَفَرَتْ لَنا حُفَرَ مَكْرِها، وَعَلَّقَتْنا بِايْدِى الْمَنايا في حَبآئِلِ غَدْرِها، فَالَيْكَ نَلْتَجِئُ مِنْ مَكآئِدِ خُدَعِها، وَبِكَ نَعْتَصِمُ مِنَ الْإِغْتِرارِ بِزَخارِفِ
ص: 60
زينَتِها، فَانَّهَا الْمُهْلِكَةُ طُلَّابَهَا، الْمُتْلِفَةُ حُلّالَهَا، الْمَحْشُوَّةُ بِالْافاتِ، الْمَشْحُونَةُ بِالنَّكَباتِ، الهى فَزَهِّدْنا فيها، وَسَلِّمْنا مِنْها بِتَوْفيقِكَ وَعِصْمَتِكَ، وَانْزَعْ عَنَّا جَلابيبَ مُخالَفَتِكَ، وَتَوَلَّ امُورَنا بِحُسْنِ كِفايَتِكَ، وَاوْفِرْ مَزيدَنا مِنْ سَعَةِ رَحْمَتِكَ، وَاجْمِلْ صِلاتِنا مِنْ فَيْضِ مَواهِبِكَ، وَاغْرِسْ في افْئِدَتِنا اشْجارَ مَحَبَّتِكَ، وَاتْمِمْ لَنا انْوارَ مَعْرِفَتِكَ، وَاذِقْنا حَلاوَةَ عَفْوِكَ وَلَذَّةَ مَغْفِرَتِكَ، وَاقْرِرْ اعْيُنَنا يَوْمَ لِقآئِكَ بِرُؤْيَتِكَ، وَاخْرِجْ حُبَّ الدُّنْيا مِنْ قُلُوبِنا، كَما فَعَلْتَ بِالصَّالِحينَ مِنْ صَفْوَتِكَ، وَالْأَبْرارِ مِنْ خآصَّتِكَ، بِرَحْمَتِكَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمينَ، وَيا اكْرَمَ الْأَكْرَمينَ (1).
وهي المناجاة المرويّة عن «الصحيفة العلوية»(2).
لَكَ الْحَمْدُ يا ذَاالْجُودِ وَالْمَجْدِ وَالْعُلى تَبارَكْتَ تُعْطى مَنْ تَشاءُ وَتَمْنَعُ
الهى وَخَلّاقى وَحِرْزى وَمَوْئِلى الَيْكَ لَدَى الْإِعْسارِ وَالْيُسْرِ افْزَعُ
الهى لَئِنْ جَلَّتْ وَجَمَّتْ خَطيئَتى فَعَفْوُكَ عَنْ ذَ نْبى اجَلُّ وَاوْسَعُ
الهى لَئِنْ اعْطَيْتُ نَفْسِىَ سُؤْلَهافَها ا نَا في رَوْضِ النَّدامَةِ ارْتَعُ
الهى تَرى حالى وَفَقْرى وَفاقَتى وَانْتَ مُناجاتِى الخَفِيَّةَ تَسْمَعُ
الهى فَلا تَقْطَعْ رَجآئى وَلا تُزِغْ فُؤادى فَلى في سَيْبِ جُودِكَ مَطْمَعُ
الهى لَئِنْ خَيَّبْتَنى اوْ طَرَدْتَنى فَمَنْ ذَااَّلذى ارْجُو وَمَنْ ذا اشَفِّعُ
الهى اجِرْنى مِنْ عَذابِكَ انَّنى اسيرٌ ذَليلٌ خائِفٌ لَكَ اخْضَعُ
الهى فَآنِسْنى بِتَلْقِينِ حُجَّتى اذا كانَ لى فِى الْقَبْرِ مَثْوَىً وَمَضْجَعُ
ص: 61
الهى لَئِنْ عَذَّبْتَنى الْفَ حِجَّةٍفَحَبْلُ رَجآئى مِنْكَ لا يَتَقَطَّعُ
الهى اذِقْنى طَعْمَ عَفْوِكَ يَوْمَ لابَنُونَ وَلا مالٌ هُنالِكَ يَنْفَعُ
الهى لَئِنْ لَمْ تَرْعَنى كُنْتُ ضائِعاًوَانْ كُنْتَ تَرْعانى فَلَسْتُ اضَيَّعُ
الهى اذا لَمْ تَعْفُ عَنْ غَيْرِ مُحْسِنٍ فَمَنْ لِمُسى ءٍ بِالْهَوى يَتَمَتَّعُ
الهى لَئِنْ فَرَّطْتُ في طَلَبِ التُّقى فَها ا نَا اثْرَ الْعَفْوِ اقْفُو وَاتْبَعُ
الهى لَئِنْ اخْطَاْتُ جَهْلًا فَطالَمارَجَوْتُكَ حَتّى قيلَ ما هُوَ يَجْزَعُ
الهى ذُنُوبى بَذَّتِ الطَّوْدَ وَاْعتَلَتْ وَصَفْحُكَ عَنْ ذَنْبى اجَلُّ وَارْفَعُ
الهى يُنَحّى ذِكْرُ طَوْلِكَ لَوْعَتى وَذِكْرُ الْخَطايَا الْعَيْنَ مِنّى يُدَمِّعُ
الهى اقِلْنى عَثْرَتى وَامْحُ حَوْبَتى فَانّى مُقِرٌّ خائِفٌ مُتَضَرِّعُ
الهى انِلْنى مِنْك رَوْحاً وَراحَةًفَلَسْتُ سِوى ابْوابِ فَضْلِكَ اقْرَعُ
الهى لَئِنْ اقْصَيْتَنى اوْ اهَنْتَنى فَما حيلَتى يا رَبِّ امْ كَيْفَ اصْنَعُ
الهى حَليفُ الْحُبِّ في اللَّيْلِ ساهِرٌيُناجى وَيَدْعُو وَالْمُغَفَّلُ يَهْجَعُ
الهى وَهذَا الْخَلْقُ ما بَيْنَ نائِمٍ وَمُنْتَبهٍ في لَيْلِهِ يَتَضَرَّعُ
وكُلُّهُمُ يَرجُو نَوالَكَ راجِياًلِرَحْمَتِكَ الْعُظْمى وَفِى الْخُلْدِ يَطْمَعُ
الهى يُمَنّينى رَجآئى سَلامَةًوَقُبْحُ خَطيئاتِى عَلَىَّ يُشَنِّعُ
الهى فَانْ تَعْفُو فَعَفْوُكَ مُنْقِذى وَالَّا فَبِالذَّنْبِ الْمُدَمِّرِ اصْرَعُ
الهى بِحَقِّ الْهاشِمىِّ مُحَمَّدٍوَحُرْمَةِ اطْهارٍ هُمُ لَكَ خُضَّعُ
الهى بِحَقِّ الْمُصْطَفى وَابْنِ عَمِّهِ وَحُرْمَةِ ابْرارٍ هُمُ لَكَ خُشَّعُ
الهى فَانْشِرْنى عَلى دينِ احْمَدٍمُنيباً تَقِيّاً قانِتاً لَكَ اخْضَعُ
وَلا تَحْرِمَنّى يا الهى وَسَيِّدى شَفاعَتَهُ الْكُبْرى فَذاكَ الْمُشَفَّعُ
وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ما دَعاكَ مُوَحِّدٌوَناجاكَ اخْيارٌ بِبابِكَ رُكَّعُ
«إِلهي كَفى بِي عِزّاً أَنْ أَكُونَ لَكَ عَبْداً* وَكَفى بِي فَخْراً أَنْ تَكُونَ لِي رَبّاً* أَنْتَ كَما أُحِبُّ، فَاجْعَلْني كَما تُحِبُّ»(1).
بالإضافة إلى الآيات القرآنية التي أشارت إلى أهميّة الدعاء بصورة كلّيّة، فقد وردت نماذج من الأدعية القرآنية العميقة المضمون والمعنى، والتي يجدر الإتيان بها في قنوت الصلوات والسجدة الأخيرة، وبصورة عامة في مواقع الدعاء والتي يضاعف الأمل بإجابتها. وقد جرت بعض هذه الأدعية على لسان الأنبياء والبعض الآخر يعلّمها اللَّه عباده. وإليك قسم مهمّ من هذه الأدعية (حسب ترتيب السور القرآنية).
1. رَبَّنَا آتِنا فِى الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِى الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ(2).
2. رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (3).
3. رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَاطَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلينا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (4).
4. رَبَّنَا لَاتُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ (5).
5. رَبَّنَآ إِنَّنَآ ءَامَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ(6).
6. رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِى أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ
ص: 62
ص: 63
الْكَافِرِينَ (1).
7. رَبَّنَآ إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِى لِلْإِيمنِ أَنْ ءَامِنُوا بِرَبِّكُمْ فَأَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْلَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ(2).
8. رَبَّنَا وَءَاتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيمَةِ إِنَّكَ لَاتُخْلِفُ الْمِيعَادَ(3).
9. رَبَّنَا ظَلَمْنَآ أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخسِرِينَ (4).
10. رَبِّ اجْعَلْنِى مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِى رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَآءِ(5).
11. رَبَّنَا اغْفِرْ لِى وَلِولِدَىَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (6).
12. رَبِّ أَدْخِلْنِى مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِى مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِّى مِن لَّدُنْكَ سُلْطناً نَّصِيراً(7).
13. رَبَّنَآ ءَاتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً(8).
14. رَبِّ اشْرَحْ لِى صَدْرِى وَيَسِّرْ لِى أَمْرِى وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِى يَفْقَهُوا قَوْلِى (9).
15. رَبِّ إِنِّي مَسَّنِىَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمينَ (10).
16. لا الهَ الَّا انْتَ سُبْحانَكَ انّى كُنْتُ مِنَ الظَّالِمينَ (11).
17. رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّيطِينِ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ (12).
18. رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمينَ (13).
ص: 64
19. رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً(1).
20. رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوجِنَا وَذُرِّيتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً(2).
21. رَبِّ أَوْزِعْنِى أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِى أَنْعَمْتَ عَلَىَّ وَعَلى ولِدَىَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صلِحاً تَرْضهُ وَأَدْخِلْنِى بِرَحْمَتِكَ فِى عِبَادِكَ الصلِحِينَ (3).
22. رَبِّ إِنِّى لِمَآ أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ(4).
23. رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَىْ ءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُواْ وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (5).
24. رَبِّ انِّى مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ(6).
25. رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْونِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإيمنِ وَلَا تَجْعَلْ فِى قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ ءَامَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ (7).
26. رَبِّ اغْفِرْ لِى وَلِولِدَىَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِىَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ (8).
روي هذا الدعاء عن أميرالمؤمنين عليّ عليه السلام وهو دعاء عظيم المضمون ولذيذ ورائع. وقد ذكره المرحوم العلّامة المجلسي رحمه الله في بحاره- في كتاب الدعاء وكتاب الصلاة- وقال: هذا الدعاء من الأدعية المشهورة، لكنّي لم أجده في سائر الكتب المعتبرة سوى اختيار (المصباح) السيّد ابن باقي والمشهور أنّه يقرأ بعد صلاة الصبح (9).
ص: 65
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ
اللهُمَّ يا مَنْ دَلَعَ لِسانَ الصَّباحِ بِنُطْقِ تَبَلُّجِهِ، وَسَرَّحَ قِطَعَ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ بِغَياهِبِ تَلَجْلُجِهِ، وَاتْقَنَ صُنْعَ الْفَلَكِ الدَّوَّارِ في مَقاديرِ تَبَرُّجِهِ، وَشَعْشَعَ ضِيآءَ الشَّمْسِ بِنُورِ تَاجُّجِهِ، يا مَنْ دَلَّ عَلى ذاتِهِ بِذاتِهِ، وَتَنَزَّهَ عَنْ مُجانَسَةِ مَخْلُوقاتِهِ، وَجَلَّ عَنْ مُلائَمَةِ كَيْفِيَّاتِهِ، يا مَنْ قَرُبَ مِنْ خَطَراتِ الظُّنُونِ، وَبَعُدَ عَنْ لَحَظاتِ الْعُيُونِ، وَعَلِمَ بِما كانَ قَبْلَ انْ يَكُونَ، يا مَنْ ارْقَدَنى في مِهادِ امْنِهِ وَامانِهِ، وَايْقَظَنى الى ما مَنَحَنى بِهِ مِنْ مِنَنِهِ وَاحْسانِهِ، وَكَفَّ اكُفَّ السُّوءِ عَنّى بِيَدِهِ وَسُلْطانِهِ، صَلِّ اللهُمَّ عَلَى الدَّليلِ الَيْكَ فِى اللَّيْلِ الْأَلْيَلِ، وَالْماسِكِ مِنْ اسْبَابِكَ بِحَبْلِ الشَّرَفِ الْأَطْوَلِ، وَالنَّاصِعِ الْحَسَبِ في ذِرْوَةِ الْكاهِلِ الْأَعْبَلِ، وَالثَّابِتِ الْقَدَمِ عَلى زَحاليفِها فِى الزَّمَنِ الْأَوَّلِ، وَعَلى الِهِ الْأَخْيارِ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَبْرارِ، وَافْتَحِ اللهُمَّ لَنا مَصاريعَ الصَّباحِ بِمَفاتيحِ الرَّحْمَةِ وَالْفَلاحِ، وَالْبِسْنِى اللهُمَّ مِنْ افْضَلِ خِلَعِ الْهِدايَةِ وَالصَّلاحِ، وَاغْرِسِ اللهُمَّ بِعَظَمَتِكَ في شِرْبِ جَنانى يَنابيعَ الخُشُوعِ، وَاجْرِ اللهُمَّ لِهَيْبَتِكَ مِنْ اماقى زَفَراتِ الدُّمُوعِ، وَادِّبِ اللهُمَّ نَزَقَ الْخُرْقِ مِنّى بِازِمَّةِ الْقُنُوعِ، الهى انْ لَمْ تَبْتَدِئْنِى الرَّحْمَةُ مِنْكَ بِحُسْنِ التَّوْفيقِ، فَمَنِ السَّالِكُ بى الَيْكَ في واضِحِ الطَّريقِ، وَانْ اسْلَمَتْنى اناتُكَ لِقآئِدِ الْأَمَلِ وَالْمُنى فَمَنِ الْمُقيلُ عَثَراتى مِنْ كَبَواتِ الْهَوى وَانْ خَذَلَنى نَصْرُكَ عِنْدَ مُحارَبَةِ النَّفْسِ وَالشَّيْطانِ، فَقَدْ وَكَلَنى خِذْلانُكَ الى حَيْثُ النَّصَبِ وَالْحِرْمانِ، الهى اتَرانى مآ اتَيْتُكَ الَّا مِنْ حَيْثُ الْامالِ، امْ عَلِقْتُ بِاطْرافِ حِبالِكَ الَّا حينَ باعَدَتْنى ذُنُوبى عَنْ دارِ الْوِصالِ، فَبِئْسَ الْمَطِيَّةُ الَّتِى امْتَطَتْ نَفْسى مِنْ هَواها، فَواهاً لَها لِما سَوَّلَتْ لَها ظُنُونُها وَمُناها، وَتَبّاً لَها لِجُرْاتِها عَلى سَيِّدِها وَمَوْليها، الهى قَرَعْتُ بابَ رَحْمَتِكَ بِيَدِ رَجآئى وَهَرَبْتُ الَيْكَ لاجِئاً مِنْ فَرْطِ اهْوآئى وَعَلَّقْتُ بِاطْرافِ
ص: 66
حِبالِكَ انامِلَ وَلائى فَاْصْفَحِ اللهُمَّ عَمَّا كُنْتُ اجْرَمْتُهُ مِنْ زَلَلى وَخَطآئى وَاقِلْنى مِنْ صَرْعَةِ رِدآئى فَانَّكَ سَيِّدى وَمَوْلاىَ وَمُعْتَمَدى وَرَجائى وَانْتَ غايَةُ مَطْلُوبى وَمُناىَ في مُنْقَلَبى وَمَثْواىَ، الهى كَيْفَ تَطْرُدُ مِسْكيناً الْتَجَأَ الَيْكَ مِنَ الذُّنُوبِ هارِباً، امْ كَيْفَ تُخَيِّبُ مُسْتَرْشِداً قَصَدَ الى جَنابِكَ ساعِياً، امْ كَيْفَ تَرُدُّ ظَمْئانَ وَرَدَ الى حِياضِكَ شارِباً، كَلّا وَحِياضُكَ مُتْرَعَةٌ فى ضَنْكِ الْمُحُولِ، وَبابُكَ مَفْتُوحٌ لِلطَّلَبِ وَالْوُغُولِ، وَانْتَ غايَةُ الْمَسْئُولِ، وَنِهايَةُ الْمَاْمُولِ، الهى هذِهِ ازِمَّةُ نَفْسى عَقَلْتُها بِعِقالِ مَشِيَّتِكَ، وَهذِهِ اعْبآءُ ذُنُوبى دَرَاْتُها بِعَفْوِكَ وَرَحْمَتِكَ، وَهذِهِ اهْوآئِىَ الْمُضِلَّةُ وَكَلْتُها الى جَنابِ لُطْفِكَ وَرَاْفَتِكَ، فَاجْعَلِ اللهُمَّ صَباحى هذا نازلًا عَلَىَّ بِضِيآءِ الْهُدى وَبِالسَّلامَةِ فِى الدّينِ وَالدُّنْيا، وَمَسآئى جُنَّةً مِنْ كَيْدِ الْعِدى وَوِقايَهً مِنْ مُرْدِياتِ الْهَوى انَّكَ قادِرٌ عَلى ما تَشآءُ، تُؤْتِى الْمُلْكَ مَنْ تَشآءُ، وَتَنْزِ عُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشآءُ، وَتُعِزُّ مَنْ تَشآءُ، وَتُذِلُّ مَنْ تَشآءُ، بِيَدِكَ الْخَيْرُ، انَّكَ عَلى كُلّ شَىْ ءٍ قَديرٌ، تُولِجُ اللَّيْلَ في النَّهارِ، وَتُولِجُ النَّهارَ فِى اللَّيْلِ، وَتُخْرِجُ الْحَىَّ مِنَ الْمَيِّتِ، وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَىِّ، وَتَرْزُقُ مَنْ تَشآءُ بِغَيْرِ حِسابٍ، لا الهَ الَّا انْتَ، سُبْحانَكَ اللهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، مَنْ ذا يَعْرِفُ قَدْرَكَ فَلا يَخافُكَ، وَمَن ذا يَعْلَمُ ما انْتَ فَلا يَهابُكَ، الَّفْتَ بِقُدْرَتِكَ الْفِرَقَ، وَفَلَقْتَ بِلُطْفِكَ الْفَلَقَ، وَانَرْتَ بِكَرَمِكَ دَياجِىَ الْغَسَقِ، وَانْهَرْتَ الْمِياهَ مِنَ الصُّمِّ الصَّياخيدِ عَذْباً وَاجاجاً، وَانْزَلْتَ مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً، وَجَعَلْتَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لِلْبَرِيَّةِ سِراجاً وَهَّاجاً، مِنْ غَيْرِ انْ تُمارِسَ فيمَا ابْتَدَاْتَ بِهِ لُغُوباً وَلا عِلاجاً، فَيا مَنْ تَوَحَّدَ بِالْعِزِّ وَالْبَقآءِ، وَقَهَرَ عِبادَهُ بِالْمَوْتِ وَالْفَناءِ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الْاتْقِيآءِ، وَاسْمَعْ نِدآئى وَاسْتَجِبْ دُعآئى وَحَقِّقْ بِفَضْلِكَ امَلى وَرَجآئى يا خَيْرَ مَنْ دُعِىَ لِكَشْفِ الضُّرِّ، وَالْمَاْمُولِ لِكُلِّ عُسْرٍ وَيُسْرٍ، بِكَ انْزَلْتُ
ص: 67
حاجَتى فَلا تَرُدَّنى مِنْ سَنِىِّ مَواهِبِكَ خآئِباً، يا كَريمُ يا كَريمُ يا كَريمُ، بِرَحْمَتِكَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمينَ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلى خَيْرِ خَلْقِهِ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ اجْمَعينَ ثمّ يسجد ويقول: الهى قَلْبى مَحْجُوبٌ وَنَفْسى مَعْيُوبٌ، وَعَقْلى مَغْلُوبٌ، وَهَوآئى (هَواىَ) غالِبٌ، وَطاعَتى قَليلٌ، وَمَعْصِيَتى كَثيرٌ(1) وَلِسانى مُقِرٌّ بِالذُّنُوبِ، فَكَيْفَ حيلَتى يا سَتَّارَ الْعُيُوبِ، وَيا عَلَّامَ الْغُيُوبِ، وَياكاشِفَ الْكُرُوبِ، اغْفِرْ ذُنُوبى كُلَّها بِحُرْمَةِ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، يا غَفَّارُ يا غَفَّارُ يا غَفَّارُ، بِرَحْمَتِكَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمينَ.
(2) هذا الدعاء من الأدعية المباركة والمشهورة، ويتضمّن مضامين رفيعة ومهذّبة للإنسان، يلهم الإنسان طريق العبودية والإنابة ونيل صفاء القلب. ولو تدبّر الإنسان معانيه وتأمّل عباراته لأثّر بلا ريب في روحه ونفسه وأحدث فيه انقلاباً. وطبق الرواية التي نقلها السيّد ابن طاووس أنّ أميرالمؤمنين عليه السلام قال لكميل بن زياد: «
إنّهُ دُعاء الخِضر عليه السلام يَدعُو بِهِ كُلّ ليلةٍ جُمعة أو كُلّ شهرٍ أو كلّ سنةٍ أو مَرّة فِي العُمرِ، ويَجدي فِي كفاية شَرّ الأعداءِ وَفِي فَتحِ بابِ الرّزقِ وَفِي غُفرانِ الذّنوبِ»(3).
وروى المرحوم الكفعمي في المصباح عن كميل بن زياد أنّه رأى أميرالمؤمنين عليه السلام قرأ هذا الدعاء ليلة النصف من شعبان في السجدة(4).
كما ورد هذا الدعاء الشريف في «مصباح المتهجد» إضافة لما سبق (5).
ص: 68
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
اللهُمَّ انّى اسْئَلُكَ بِرَحْمَتِكَ الَّتى وَسِعَتْ كُلَّ شَىْ ءٍ، وَبِقُوَّتِكَ الَّتى قَهَرْتَ بِها كُلَّ شَىْ ءٍ، وَخَضَعَ لَها كُلُّ شَىْ ءٍ، وَذَلَّ لَها كُلُّ شَىْ ءٍ، وَبِجَبَرُوتِكَ الَّتى غَلَبْتَ بِها كُلَّ شَىْ ءٍ، وَبِعِزَّتِكَ الَّتى لا يَقُومُ لَها شَىْ ءٌ، وَبِعَظَمَتِكَ الَّتى مَلَأَتْ كُلَّ شَىْ ءٍ، وَبِسُلْطانِكَ الَّذى عَلا كُلَّ شَىْ ءٍ، وَبِوَجْهِكَ الْباقى بَعْدَ فَنآءِ كُلِّ شَىْ ءٍ، وَبِأَسْمائِكَ الَّتى مَلَأَتْ (1) ارْكانَ كُلِّ شَىْ ءٍ، وَبِعِلْمِكَ الَّذى احاطَ بِكُلِّ شَىْ ءٍ، وَبِنُورِوَجْهِكَ الَّذى اضآءَ لَهُ كُلُّ شىْ ءٍ، يا نُورُ يا قُدُّوسُ، يا اوَّلَ الْأَوَّلِينَ، وَيا اخِرَ الْأخِرينَ، اللهُمَّ اغْفِرْ لِىَ الذُّنُوبَ الَّتى تَهْتِكُ الْعِصَمَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِىَ الذُّنُوبَ الَّتى تُنْزِلُ النِّقَمَ، اللهُمَّ اغْفِرْلِىَ الذُّنُوبَ الَّتى تُغَيِّرُ النِّعَمَ، اللهُمَّ اغْفِرْ لىَ الذُّنُوبَ الَّتى تَحْبِسُ الدُّعآءَ، اللهُمَّ اغْفِرْ لِىَ الذُّنُوبَ الَّتى تُنْزِلُ الْبَلاءَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْلى كُلَّ ذَنْبٍ اذْنَبْتُهُ، وَكُلَّ خَطيئَةٍ اخْطَاْتُها، اللهُمَّ انّى اتَقَرَّبُ الَيْكَ بِذِكْرِكَ، وَاسْتَشْفِعُ بِكَ الى نَفْسِكَ، وَاسْئَلُكَ بِجُودِكَ انْ تُدْنِيَنى مِنْ قُرْبِكَ، وَانْ تُوزِعَنى شُكْرَكَ، وَانْ تُلْهِمَنى ذِكْرَكَ، اللهُمَّ انّى اسْئَلُكَ سُؤالَ خاضِعٍ مُتَذَلِّلٍ خاشِعٍ، انْ تُسامِحَنى وَتَرْحَمَنى وَتَجْعَلَنى بِقَسْمِكَ راضِياً قانِعاً، وَفى جَميعِ الْأَحْوالِ مُتَواضِعاً، اللهُمَّ وَاسْئَلُكَ سُؤالَ مَنِ اشْتَدَّتْ فاقَتُهُ، وَانْزَلَ بِكَ عِنْدَ الشَّدآئِدِ حاجَتَهُ، وَعَظُمَ فيما عِنْدَكَ رَغْبَتُهُ، اللهُمَّ عَظُمَ سُلْطانُكَ، وَعَلا مَكانُكَ، وَخَفِىَ مَكْرُكَ، وَظَهَرَ امْرُكَ، وَغَلَبَ قَهْرُكَ، وَ جَرَتْ قُدْرَتُكَ، وَلا يُمْكِنُ الْفِرارُ مِنْ حُكُومَتِكَ، اللَّهُمَّ لا اجِدُ لِذُنُوبى غافِراً، وَلا لِقَبائِحى ساتِراً، وَلا لِشَىْ ءٍ مِنْ عَمَلِىَ الْقَبيحِ بِالْحَسَنِ مُبَدِّلًا غَيْرَكَ، لا الهَ الَّا انْتَ، سُبْحانَكَ وَبِحَمْدِكَ، ظَلَمْتُ نَفْسى وَتَجَرَّأْتُ بِجَهْلى وَسَكَنْتُ الى قَديمِ ذِكْرِكَ لى مَنِّكَ عَلَىَّ، اللهُمَّ مَوْلاىَ كَمْ مِنْ قَبيحٍ
ص: 69
سَتَرْتَهُ، وَكَمْ مِنْ فادِحٍ مِنَ الْبَلاءِ اقَلْتَهُ، وَكَمْ مِنْ عِثارٍ وَقَيْتَهُ، وَكَمْ مِنْ مَكْرُوهٍ دَفَعْتَهُ، وَكَمْ مِنْ ثَنآءٍ جَميلٍ لَسْتُ اهْلًا لَهُ نَشَرْتَهُ، اللهُمَّ عَظُمَ بَلائى وَافْرَطَ بى سُوءُ حالى وَقَصُرَتْ بى اعْمالى وَقَعَدَتْ بى اغْلالى وَحَبَسَنى عَنْ نَفْعى بُعْدُ امَلى وَخَدَعَتْنِى الدُّنْيا بِغُرُورِها، وَنَفْسى بِجِنايَتِها، وَمِطالى يا سَيِّدى فَاسْئَلُكَ بِعِزَّتِكَ انْ لا يَحْجُبَ عَنْكَ دُعآئى سُوءُ عَمَلى وَفِعالى وَلا تَفْضَحْنى بِخَفِىِّ مَا اطَّلَعْتَ عَلَيْهِ مِنْ سِرّى وَلا تُعاجِلْنى بِالْعُقُوبَةِ عَلى ما عَمِلْتُهُ في خَلَواتى مِنْ سُوءِ فِعْلى وَاسآئَتى وَدَوامِ تَفْريطى وَجَهالَتى وَكَثْرَةِ شَهَواتى وَغَفْلَتى وَكُنِ اللَّهُمَّ بِعِزَّتِكَ لى في كُلِّ الْأَحْوالِ رَءُوفاً، وَعَلَىَّ في جَميعِ الْأُمُورِ عَطُوفاً، الهى وَرَبّى مَنْ لى غَيْرُكَ، اسْئَلُهُ كَشْفَ ضُرّى وَالنَّظَرَ في امْرى الهى وَمَوْلاىَ اجْرَيْتَ عَلَىَّ حُكْماً اتَّبَعْتُ فيهِ هَوى نَفْسى وَلَمْ احْتَرِسْ فيهِ مِنْ تَزْيينِ عَدُوّى فَغَرَّنى بِما اهْوى وَاسْعَدَهُ عَلى ذلِكَ الْقَضآءُ، فَتَجاوَزْتُ بِما جَرى عَلَىَّ مِنْ ذلِكَ بَعْضَ (1) حُدُودِكَ، وَخالَفْتُ بَعْضَ اوامِرِكَ، فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَىَّ في جَميعِ ذلِكَ (2)، وَلا حُجَّةَ لى فيما جَرى عَلَىَّ فيهِ قَضآؤُكَ، وَالْزَمَنى حُكْمُكَ وَبَلآؤُكَ، وَقَدْ اتَيْتُكَ يا الهى بَعْدَ تَقْصيرى وَاسْرافى عَلى نَفْسى مُعْتَذِراً نادِماً، مُنْكَسِراً مُسْتَقيلًا، مُسْتَغْفِراً مُنيباً، مُقِرّاً مُذْعِناً مُعْتَرِفاً، لااجِدُ مَفَرّاً مِمَّا كانَ مِنّى وَلا مَفْزَعاً اتَوَجَّهُ الَيْهِ في امْرى غَيْرَ قَبُولِكَ عُذْرى وَادْخالِكَ ايَّاىَ في سَعَةِ رَحْمَتِكَ، اللَّهُمَّ فَاقْبَلْ عُذْرى وَارْحَمْ شِدَّةَ ضُرّى وَفُكَّنى مِنْ شَدِّ وَثاقى يا رَبِّ ارْحَمْ ضَعْفَ بَدَنى وَرِقَّةَ جِلْدى وَدِقَّةَ عَظْمى يا مَنْ بَدَءَ خَلْقى وَذِكْرى وَتَرْبِيَتى وَبِرّى وَتَغْذِيَتى هَبْنى لِابْتِدآءِ كَرَمِكَ، وَسالِفِ بِرِّكَ بى يا الهى وَسَيِّدى وَرَبّى اتُراكَ مُعَذِّبى بِنارِكَ بَعْدَ تَوْحيدِكَ، وَبَعْدَ مَا انْطَوى عَلَيْهِ قَلْبى مِنْ مَعْرِفَتِكَ، وَلَهِجَ بِهِ لِسانى
ص: 70
مِنْ ذِكْرِكَ، وَاعْتَقَدَهُ ضَميرى مِنْ حُبِّكَ، وَبَعْدَ صِدْقِ اعْتِرافى وَدُعآئى خاضِعاً لِرُبُوبِيَّتِكَ، هَيْهاتَ انْتَ اكْرَمُ مِنْ انْ تُضَيِّعَ مَنْ رَبَّيْتَهُ، اوْ تُبْعِدَ مَنْ ادْنَيْتَهُ، اوْتُشَرِّدَ مَنْ آوَيْتَهُ، اوْ تُسَلِّمَ الَى الْبَلآءِ مَنْ كَفَيْتَهُ وَرَحِمْتَهُ، وَلَيْتَ شِعْرى يا سَيِّدى وَالهى وَمَوْلاىَ، اتُسَلِّطُ النَّارَ عَلى وُجُوهٍ خَرَّتْ لِعَظَمَتِكَ ساجِدَةً، وَعَلى الْسُنٍ نَطَقَتْ بِتَوْحيدِكَ صادِقَةً، وَبِشُكْرِكَ مادِحَةً، وَعَلى قُلُوبٍ اعْتَرَفَتْ بِالهِيَّتِكَ مُحَقِّقَةً، وَعَلى ضَمآئِرَ حَوَتْ مِنَ الْعِلْمِ بِكَ حَتّى صارَتْ خاشِعَةً، وَعَلى جَوارِحَ سَعَتْ الى اوْطانِ تَعَبُّدِكَ طآئِعَةً، وَاشارَتْ بِاسْتِغْفارِكَ مُذْعِنَةً، ما هكَذَا الظَّنُّ بِكَ، وَلا اخْبِرْنا بِفَضْلِكَ عَنْكَ، يا كَريمُ يا رَبِّ، وَانْتَ تَعْلَمُ ضَعْفى عَنْ قَليلٍ مِنْ بَلاءِ الدُّنْيا وَعُقُوباتِها، وَما يَجْرى فيها مِنَ الْمَكارِهِ عَلى اهْلِها، عَلى انَّ ذلِكَ بَلاءٌ وَمَكْرُوهٌ، قَليلٌ مَكْثُهُ، يَسيرٌ بَقآئُهُ، قَصيرٌ مُدَّتُهُ، فَكَيْفَ احْتمالى لِبَلاءِ الْاخِرَةِ، وَجَليلِ وُقُوعِ الْمَكارِهِ فيها، وَهُوَ بَلاءٌ تَطُولُ مُدَّتُهُ، وَيَدُومُ مَقامُهُ، وَلا يُخَفَّفُ عَنْ اهْلِهِ، لِأَنَّهُ لا يَكُونُ الَّا عَنْ غَضَبِكَ وَاْنتِقامِكَ وَسَخَطِكَ، وَهذا ما لاتَقُومُ لَهُ السَّمواتُ وَالْارْضُ، يا سَيِّدِى فَكَيْفَ لى وَانَا عَبْدُكَ الضَّعيفُ الذَّليلُ الْحَقيرُ الْمِسْكينُ الْمُسْتَكينُ، يا الهى وَرَبّى وَسَيِّدِى وَمَوْلاىَ، لِأَىِّ الْأُمُورِ الَيْكَ اشْكُو، وَلِما مِنْها اضِجُّ وَابْكى لِأَليمِ الْعَذابِ وَشِدَّتِهِ، امْ لِطُولِ الْبَلاءِ وَمُدَّتِهِ، فَلَئِنْ صَيَّرْتَنى لِلْعُقُوباتِ مَعَ اعْدآئِكَ، وَجَمَعْتَ بَيْنى وَبَيْنَ اهْلِ بَلائِكَ، وَفَرَّقْتَ بَيْنى وَبَيْنَ احِبَّآئِكَ وَاوْليآئِكَ، فَهَبْنى يا الهى وَسَيِّدِى وَمَوْلاىَ وَرَبّى صَبَرْتُ عَلى عَذابِكَ، فَكَيْفَ اصْبِرُ عَلى فِراقِكَ، وَهَبْنى صَبَرْتُ عَلى حَرِّ نارِكَ، فَكَيْفَ اصْبِرُ عَنِ النَّظَرِ الى كَرامَتِكَ، امْ كَيْفَ اسْكُنُ فِى النَّارِ وَرَجآئى عَفْوُكَ، فَبِعِزَّتِكَ يا سَيِّدى وَمَوْلاىَ اقْسِمُ صادِقاً، لَئِنْ تَرَكْتَنى ناطِقاً، لَأَضِجَّنَّ الَيْكَ بَيْنَ اهْلِها ضَجيجَ الْامِلينَ، وَلَأَصْرُخَنَّ الَيْكَ صُراخَ الْمَسْتَصْرِخينَ، وَلَابْكِيَنَ
ص: 71
عَلَيْكَ بُكآءَ الْفاقِدينَ، وَ لَأُنادِيَنَّكَ ايْنَ كُنْتَ يا وَلِىَّ الْمُؤْمِنينَ، يا غايَةَ امالِ الْعارِفينَ، يا غِياثَ الْمُسْتَغيثينَ، يا حَبيبَ قُلُوبِ الصَّادِقينَ، وَيا الهَ الْعالَمينَ، افَتُراكَ سُبْحانَكَ يا الهى وَبِحَمْدِكَ، تَسْمَعُ فيها صَوْتَ عَبْدٍ مُسْلِمٍ سُجِنَ فيها بِمُخالَفَتِهِ، وَذاقَ طَعْمَ عَذابِها بِمَعْصِيَتِهِ، وَحُبِسَ بَيْنَ اطْباقِها بِجُرْمِهِ وَجَريرَتِهِ، وَهُوَ يَضِجُّ الَيْكَ ضَجيجَ مُؤَمِّلٍ لِرَحْمَتِكَ، وَيُناديكَ بِلِسانِ اهْلِ تَوْحيدِكَ، وَيَتَوَسَّلُ الَيْكَ بِرُبُوبِيَّتِكَ، يا مَوْلاىَ فَكَيْفَ يَبْقى فِى الْعَذابِ وَهُوَ يَرْجُو ما سَلَفَ مِنْ حِلْمِكَ، امْ كَيْفَ تُؤْلِمُهُ النَّارُ وَهُوَ يَأْمَلُ فَضْلَكَ وَرَحْمَتَكَ، امْ كَيْفَ يُحْرِقُهُ لَهيبُها وَانْتَ تَسْمَعُ صَوْتَهُ وَتَرى مَكانَهُ، امْ كَيْفَ يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ زَفيرُها وَانْتَ تَعْلَمُ ضَعْفَهُ، امْ كَيْفَ يَتَقَلْقَلُ بَيْنَ اطْباقِها وَانْتَ تَعْلَمُ صِدْقَهُ، امْ كَيْفَ تَزْجُرُهُ زَبانِيَتُها، وَهُوَ يُناديكَ يا رَبَّهُ، امْ كَيْفَ (1) يَرْجُو فَضْلَكَ في عِتْقِهِ مِنْها فَتَتْرُكُهُ فيها، هَيْهاتَ ما ذلِكَ الظَّنُ بِكَ، وَلَاالْمَعْرُوفُ مِنْ فَضْلِكَ، وَلا مُشْبِهٌ لِما عامَلْتَ بِهِ الْمُوَحِّدينَ مِنْ بِرِّكَ وَاحْسانِكَ، فَبِالْيَقينِ اقْطَعُ لَوْلا ما حَكَمْتَ بِهِ مِنْ تَعْذيبِ جاحِديكَ، وَقَضَيْتَ بِهِ مِنْ اخْلادِ مُعانِديكَ، لَجَعَلْتَ النَّارَ كُلَّها بَرْداً وَسَلاماً، وَما كانَ لِأَحَدٍ فيها مَقَرّاً وَلامُقاماً، لكِنَّكَ تَقَدَّسَتْ اسْمآؤُكَ، اقْسَمْتَ انْ تَمْلَأَها مِنَ الْكافِرينَ، مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ اجْمَعينَ، وَانْ تُخَلِّدَ فيهَا الْمُعانِدينَ، وَانْتَ جَلَّ ثَناؤُكَ قُلْتَ مُبْتَدِئاً، وَتَطَوَّلْتَ بِالْإِنْعامِ مُتَكَرِّماً، افَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ، الهى وَسَيِّدى فَاسْئَلُكَ بِالْقُدْرَةِ الَّتى قَدَّرْتَها، وَبِالْقَضِيَّةِ الَّتى حَتَمْتَها وَحَكَمْتَها، وَغَلَبْتَ مَنْ عَلَيْهِ اجْرَيْتَها، انْ تَهَبَ لى في هذِهِ اللَّيْلَةِ وَفى هذِهِ السَّاعَةِ، كُلَّ جُرْمٍ اجْرَمْتُهُ، وَكُلَّ ذَنْبٍ اذْنَبْتُهُ، وَكُلَّ قَبِيحٍ اسْرَرْتُهُ، وَكُلَّ جَهْلٍ عَمِلْتُهُ، كَتَمْتُهُ اوْ اعْلَنْتُهُ، اخْفَيْتُهُ اوْ اظْهَرْتُهُ، وَكُلَّ سَيِّئَةٍ امَرْتَ بِاثْباتِهَا الْكِرامَ
ص: 72
الْكاتِبينَ، الَّذينَ وَكَّلْتَهُمْ بِحِفْظِ ما يَكُونُ مِنّى وَجَعَلْتَهُمْ شُهُوداً عَلَىَّ مَعَ جَوارِحى وَكُنْتَ انْتَ الرَّقيبَ عَلَىَّ مِنْ وَرآئِهِمْ، وَالشَّاهِدَ لِما خَفِىَ عَنْهُمْ، وَبِرَحْمَتِكَ اخْفَيْتَهُ، وَبِفَضْلِكَ سَتَرْتَهُ، وَانْ تُوَفِّرَ حَظّى مِنْ كُلّ خَيْرٍ انْزَلْتَهُ، اوْ احْسانٍ فَضَّلْتَهُ، اوْ بِرٍّ نَشَرْتَهُ، اوْ رِزْقٍ بَسَطْتَهُ، اوْ ذَنْبٍ تَغْفِرُهُ، اوْ خَطَأٍتَسْتُرُهُ، يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِّ، يا الهى وَسَيِّدى وَمَوْلاىَ وَمالِكَ رِقّى يا مَنْ بِيَدِهِ ناصِيَتى يا عَليماً بِضُرّى (1) وَمَسْكَنَتى يا خَبيراً بِفَقْرى وَفاقَتى يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِّ، اسْئَلُكَ بِحَقِّكَ وَقُدْسِكَ، وَاعْظَمِ صِفاتِكَ وَاسْمآئِكَ، انْ تَجْعَلَ اوْقاتى مِنَ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ بِذِكْرِكَ مَعْمُورَةً، وَبِخِدْمَتِكَ مَوْصُولَةً، وَاعْمالى عِنْدَكَ مَقْبُولَةً، حَتّى تَكُونَ اعْمالى وَاوْرادى كُلُّها وِرْداً واحِداً، وَحالى في خِدْمَتِكَ سَرْمَداً، يا سَيِّدى يا مَنْ عَلَيْهِ مُعَوَّلى يا مَنْ الَيْهِ شَكَوْتُ احْوالى يا رَبِّ يا رَبِّ يارَبِّ، قَوِّ عَلى خِدْمَتِكَ جَوارِحى وَاشْدُدْ عَلَى الْعَزيمَةِ جَوانِحى وَهَبْ لِىَ الْجِدَّ في خَشْيَتِكَ، وَالدَّوامَ فِى الْإِتِّصالِ بِخِدْمَتِكَ، حَتّى اسْرَحَ الَيْكَ في مَيادينِ السَّابِقينَ، وَاسْرِعَ الَيْكَ فِى الْبارِزينَ، وَاشْتاقَ الى قُرْبِكَ فِى الْمُشْتاقينَ، وَادْنُوَ مِنْكَ دُنُوَّ الْمُخْلِصينَ، وَاخافَكَ مَخافَةَ الْمُوقِنينَ، وَاجْتَمِعَ في جِوارِكَ مَعَ الْمُؤْمِنينَ، اللهُمَّ وَمَنْ ارادَنى بِسُوءٍ فَارِدْهُ، وَمَنْ كادَنى فَكِدْهُ، وَاجْعَلْنى مِنْ احْسَنِ عَبيدِكَ نَصيباً عِنْدَكَ، وَاقْرَبِهِمْ مَنْزِلَةً مِنْكَ، وَاخَصِّهِمْ زُلْفَةً لَدَيْكَ، فَانَّهُ لا يُنالُ ذلِكَ الَّا بِفَضْلِكَ، وَجُدْ لى بِجُودِكَ، وَاعْطِفْ عَلَىَّ بِمَجْدِكَ، وَاحْفَظْنى بِرَحْمَتِكَ، وَاجْعَلْ لِسانى بِذِكْرِكَ لَهِجاً، وَقَلْبى بِحُبِّكَ مُتَيَّماً، وَمُنَّ عَلَىَّ بِحُسْنِ اجابَتِكَ، وَاقِلْنى عَثْرَتى وَاغْفِرْ زَلَّتى فَانَّكَ قَضَيْتَ عَلى عِبادِكَ بِعِبادَتِكَ، وَامَرْتَهُمْ بِدُعآئِكَ، وَضَمِنْتَ لَهُمُ الْإِجابَةَ، فَالَيْكَ يارَبِّ نَصَبْتُ وَجْهى وَالَيْكَ يا رَبِّ مَدَدْتُ يَدى فَبِعِزَّتِكَ
ص: 73
اسْتَجِبْ لى دُعآئى وَبَلِّغْنى مُناىَ، وَلاتَقْطَعْ مِنْ فَضْلِكَ رَجآئى وَاكْفِنى شَرَّ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ مِنْ اعْدآئى يا سَريعَ الرِّضا، اغْفِرْ لِمَنْ لا يَمْلِكُ الَّا الدُّعآءَ، فَانَّكَ فَعَّالٌ لِما تَشآءُ، يا مَنِ اسْمُهُ دَوآءٌ، وَذِكْرُهُ شِفآءٌ، وَطاعَتُهُ غِنىً، ارْحَمْ مَنْ رَأْسُ مالِهِ الرَّجآءُ، وَسِلاحُهُ الْبُكآءُ، يا سابِغَ النِّعَمِ، يا دافِعَ النِّقَمِ، يا نُورَ الْمُسْتَوْحِشينَ فِى الظُّلَمِ، يا عالِماً لا يُعَلَّمُ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَافْعَلْ بى ما انْتَ اهْلُهُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ وَالْأَئِمَّةِ الْمَيامينِ مِنْ الِهِ، وَسَلَّمَ تَسْليماً كَثيراً.
(1) هذا الدعاء من الأدعية التامّة الاعتبار، الذي يستحبّ- لمن استطاع- أن يقرأه كلّ صبح وليل، إلّاأنّ أفضل وقت لقراءته عصر الجمعة. رواه المرحوم الكفعمي في المصباح عن الإمام الحسين عليه السلام (2). وورد الدعاء حسب نقل الشيخ الطوسي في مصباح المتهجد(3) هكذا:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ
سُبْحانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ للَّهِ، وَلا الهَ الَّا اللَّهُ وَاللَّهُ اكبَرُ، وَلا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلَّابِاللَّهِ الْعَلِىِّ الْعَظِيمِ، سُبْحانَ اللَّهِ آناءَ اللَّيْلِ وَاطْرافَ النَّهارِ، سُبْحانَ اللَّهِ بِالْغُدُوِّ وَالْاصالِ، سُبْحانَ اللَّهِ بِالْعَشِىِّ وَالْإِبْكارِ، سُبْحانَ اللَّهِ حينَ تُمْسُونَ وَحينَ تُصْبِحُونَ، وَلَهُ الْحَمْدُ فِى السَّمواتِ وَالْأَرْضِ، وَعَشِيّاً وَحينَ تُظْهِرُونَ، يُخْرِجُ الْحَىَّ مِنَ الْمَيِّتِ، وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَىِّ، وَيُحْيىِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها، وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ، سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلامٌ عَلَى المُرْسَلينَ، وَالْحَمْدُللَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ،
ص: 74
سُبْحانَ ذِى الْمُلْكِ وَالْمَلَكُوتِ، سُبْحانَ ذِى الْعِزَّةِ وَالْجَبَرُوتِ، سُبْحَانَ ذِى الْكِبْرِيآءِ وَالْعَظَمَةِ، الْمَلِكِ الْحَقِّ الْمُبينِ الْمُهَيْمِنِ الْقُدُّوسِ، سُبْحانَ اللَّهِ الْمَلِكِ الْحَىِّ الَّذِى لايَمُوتُ، سُبْحانَ اللَّهِ الْمَلِكِ الْحَىِّ الْقُدُّوسِ، سُبْحانَ الْقآئِمِ الدَّآئِمِ، سُبْحانَ الدَّآئِمِ الْقآئِمِ، سُبحَانَ رَبِّىَ الْعَظيِمِ، سُبْحانَ رَبِّىَ الْأَعْلى سُبْحانَ الْحَىِّ القَيُّومِ، سُبْحانَ الْعَلِىِّ الْأَعْلى سُبْحانَهُ وَتَعالى سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ، رَبُّنا وَرَبُّ الْمَلائِكَةِ وَالرُّوحِ،(1) سُبْحانَ الدَّآئِمِ غَيْرِ الْغافِلِ، سُبْحانَ الْعالِمِ بِغَيْرِ تَعْلِيمٍ، سُبْحانَ خالِقِ ما يُرى وَمَا لايُرى سُبْحانَ الَّذى يُدْرِكُ الْأَبْصارَ، وَلا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ، وَهُوَ اللَّطيفُ الْخَبِيرُ، اللهُمَّ إنّى اصْبَحْتُ وَامْسَيْتُ مِنْكَ في نِعْمَةٍ وَخَيْرٍ وَبَرَكَةٍ وَعافِيَةٍ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَاتْمِمْ عَلَىَّ نِعْمَتَكَ وَخَيْرَكَ، وَبَرَكاتِكَ وَعافِيَتَكَ بِنَجاةٍ مِنَ النَّارِ، وَارْزُقْنِى شُكْرَكَ وَعافِيَتَكَ وَفَضْلَكَ وَكَرامَتَكَ ابَداً ما ابْقَيْتَنِى اللهُمَّ بِنُورِكَ اهْتَدَيْتُ، وَبِفَضْلِكَ اسْتَغْنَيْتُ، وَبِنِعْمَتِكَ اصْبَحْتُ وَامْسَيْتُ، اللهُمَّ انّى اشْهِدُكَ وَكَفى بِكَ شَهِيداً، وَاشْهِدُ مَلائِكَتَكَ وانْبِيآئَكَ وَرُسُلَكَ، وَحَمَلَةَ عَرْشِكَ، وَسُكَّانَ سَمواتِكَ وَارْضِكَ، وَجَميعَ خَلْقِكَ، بِانَّكَ انْتَ اللَّهُ لا الهَ الَّا انْتَ، وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ، وانَّ مُحَمَّداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ، وَانَّكَ عَلى كُلِّ شَىْ ءٍ قَدِيرٌ، تُحْيى وَتُميتُ، وَتُميتُ وَتُحْيى وَاشْهَدُ انَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ، وَانَّ النَّارَ حَقٌّ، وَالنُّشُورَ حَقٌّ، وَالسَّاعَةَ اتِيَةٌ لا رَيْبَ فيهَا، وَانَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِى القُبُورِ، وَاشْهَدُ انَّ عَلِىَّ بْنَ ابيطالِبٍ اميرُ الْمُؤْمِنينَ حَقّاً حَقّاً، وَانَّ الْأَئِمَّةَ مِنْ وُلْدِهِ هُمُ الْأَئمَّةُ الهُداةُ الْمَهْدِيُّونَ، غَيْرُ الضَّآلّينَ وَلَا الْمُضِلِّينَ، وَانَّهُمْ اوْلِيآئُكَ الْمُصْطَفَوْنَ، وَحِزْبُكَ الْغالِبُونَ، وَصِفْوَتُكَ وَخِيَرَتُكَ مِنْ خَلْقِكَ، وَنُجَبآئُكَ الَّذِينَ انْتَجَبْتَهُمْ لِدينِكَ، وَاخْتَصَصْتَهُمْ مِنْ خَلْقِكَ، واصْطَفْيَتَهُمْ عَلى عِبادِكَ،
ص: 75
وَجَعَلْتَهُمْ حُجَّةً عَلَى الْعالَمينَ، صَلَواتُكَ عَلَيْهِمْ والسَّلامُ وَرَحْمةُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ، اللهُمَّ اكْتُبْ لى هذِهِ الشَّهادَةَ عِنْدَكَ، حَتّى تُلَقِّنيها يَوْمَ الْقِيمَةِ وَانْتَ عَنّى راضٍ، انَّكَ عَلى ما تَشآءُ قَديرٌ، اللهُمَّ لَكَ الْحَمدُ حَمْداً يَصْعَدُ اوَّلُهُ، وَلا يَنْفَدُ آخِرُهُ، اللهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ حَمْداً تَضَعُ لَكَ السَّمآءُ كَنَفَيْها، وَتُسَبِّحُ لَكَ الْأَرْضُ وَمَنْ عَلَيْها، اللهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ حَمْداً سَرْمَداً ابَداً، لَا انْقِطاعَ لَهُ وَلا نَفادَ، وَلَكَ يَنْبَغى وَالَيْكَ يَنْتَهى فِىَّ وَعَلَىَّ وَلَدَىَّ وَمَعى وَقَبْلى وَبَعْدى وَامامِى وَفَوْقى وَتَحْتى وَاذا مِتُّ وَبَقيتُ فَرْداً وَحيداً ثُمَّ فَنيتُ، وَلَكَ الْحَمْدُ اذا نُشِرْتُ وَبُعِثْتُ يا مَوْلاىَ، اللَّهُمَّ وَلَكَ الْحَمْدُ وَلَكَ الشُّكْرُ بِجَميعِ مَحامِدِكَ كُلِّها، عَلى جَميعِ نَعْمآئِكَ كُلِّها، حَتّى يَنْتَهِىَ الْحَمْدُ الى ما تُحِبُّ رَبَّنا وَتَرْضى اللهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلى كُلِّ اكْلَةٍ وَشَرْبَةٍ، وَبَطْشَةٍ وَقَبْضَةٍ وَبَسْطَةٍ، وَفي كُلِّ مَوْضِعِ شَعْرَةٍ، اللهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ حَمْداً خالِداً مَعَ خُلُودِكَ، ولَكَ الْحَمْدُ حَمْداً لا مُنْتَهى لَهُ دُونَ عِلْمِكَ، وَلَكَ الْحَمْدُ حَمْداً لا امَدَ لَهُ دُونَ مَشِيَّتِكَ، وَلَكَ الْحَمْدُ حَمْداً لا اجْرَ لِقآئِلِهِ الَّا رِضاكَ، وَلَكَ الْحَمْدُ عَلى حِلْمِكَ بَعْدَ عِلْمِكَ، وَلَكَ الْحَمْدُ عَلى عَفْوِكَ بَعْدَ قُدْرَتِكَ، وَلَكَ الْحَمْدُ باعِثَ الْحَمْدِ، وَلَكَ الْحَمْدُ وارِثَ الْحَمْدِ، ولَكَ الْحَمْدُ بَديعَ الْحَمْدِ، وَلَكَ الْحَمْدُ مُنْتَهَى الْحَمْدِ، وَلَكَ الحَمْدُ مُبتَدِعَ الْحَمْدِ، وَلَكَ الْحَمْدُ مُشْتَرِىَ الْحَمْدِ، وَلَكَ الْحَمْدُ وَلِىَّ الْحَمْدِ، وَلَكَ الْحَمْدُ قَديمَ الْحَمْدِ، وَلَكَ الْحَمْدُ صادِقَ الْوَعْدِ، وَفِىَّ الْعَهْدِ، عَزيزَ الجُنْدِ، قآئِمَ الْمَجْدِ، وَلَكَ الْحَمْدُ رَفيعَ الدَّرَجاتِ، مُجيبَ الدَّعَواتِ، مُنزِلَ الْاياتِ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمواتٍ، عَظيمَ الْبَرَكاتِ، مُخْرِجَ النُّورِ مِنَ الظُّلُماتِ، وَمُخْرِجَ مَنْ فِى الظُّلُماتِ الىَ النُّورِ، مُبَدِّلَ السَّيِّئاتِ حَسَناتٍ، وَجاعِلَ الْحَسَناتِ دَرَجاتٍ، اللهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ غافِرَ الذَّنْبِ، وَ قابِلَ التَّوْبِ، شَديدَ الْعِقابِ ذَا الطَّوْلِ، لا الهَ الَّا انْتَ، الَيْكَ الْمَصيرُ، اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ فِى اللَّيْلِ اذا يَغْشى وَلَكَ الْحَمْدُ فِى النَّهارِ
ص: 76
اذا تَجَلّى وَلَكَ الْحَمْدُ فِى الْاخِرَةِ وَالْأُولى وَلَكَ الْحَمْدُ عَدَدَ كُلِّ نَجْمٍ وَمَلَكٍ فِى السَّمآءِ، وَلَكَ الْحَمْدُ عَدَدَ الثَّرى وَالْحَصى وَالنَّوى وَلَكَ الْحَمْدُ عَدَدَ ما في جَوْفِ الأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ عَدَدَ اوْزانِ مِياهِ الْبِحارِ، وَلَكَ الْحَمْدُ عَدَدَ اوْراقِ الْأَشْجارِ، وَلَكَ الْحَمْدُ عَدَدَ ما عَلى وَجْهِ الْأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ عَدَدَ ما احْصى كِتابُكَ، وَلَكَ الْحَمْدُ عَدَدَ ما احاطَ بِهِ عِلْمُكَ، وَلَكَ الْحَمْدُ عَدَدَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ، وَالْهَوامِّ وَالطَّيْرِ، وَالْبَهآئِمِ والسِّباعِ، حَمْداً كَثيراً طَيِّباً مُبارَكاً فِيهِ، كَما تُحِبُّ رَبَّنا وَتَرْضى وَكَما يَنْبَغى لِكَرَمِ وَجْهِكَ وَعِزِّ جَلالِكَ. عندها عشر مرّات تقول: لا الهَ الَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ اللَّطيفُ الْخَبيرُ. وعشر مرّات: لا الهَ الَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، يُحْيى وَيُميتُ، وَيُميتُ وَيُحْيى وَهُوَ حَىٌّ لا يَمُوتُ، بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَىْ ءٍ قَديرٌ. وعشر مرّات: اسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِى لا الهَ الَّا هُوَالْحَىُ الْقَيُّومُ وَاتُوبُ الَيْهِ. وعشرمرات: يااللَّهُ يااللَّهُ. وعشرمرّات: يارَحْمنُ يا رَحْمنُ. وعشر مرّات: يا رَحيمُ يا رَحيمُ. وعشر مرّات: يا بَديعَ السَّمواتِ وَالْأَرْضِ.
وعشر مرّات: يا ذَاالْجَلالِ وَالْإِكْرامِ. وعشر مرّات: يا حَنَّانُ يا مَنَّانُ. وعشر مرّات: يا حىُّ يا قَيُّومُ. وعشر مرّات: يا حَىُّ لا الهَ الَّا انْتَ. وعشر مرّات: يا اللَّهُ لا الهَ الَّا انْتَ. وعشر مرّات: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. وعشر مرّات: اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ.
وعشر مرّات: اللهُمَّ افْعَلْ بى ما انْتَ اهْلُهُ. وعشر مرّات: آمينَ آمينَ. وعشر مرّات سورة قُلْ هُوَ اللَّهُ احَدٌ. وبعدها عشر مرّات تقول: اللَّهُمَّ اصْنَعْ بى ما انْتَ اهْلُهُ، وَلاتَصْنَعْ بى ما ا نَا اهْلُهُ، فَانَّكَ اهْلُ التَّقْوى وَاهْلُ الْمَغْفِرَةِ، وَانَا اهْلُ الذُّنُوبِ وَالْخَطايا، فَارْحَمْنى يا مَوْلاىَ وَانْتَ ارْحَمُ الرَّاحِمينَ. وكذلك عشر مرّات تقول: لا حَوْلَ لا قُوَّهَ الَّا بِاللَّهِ، تَوَكَّلْتُ عَلَى الْحَىِّ الَّذى لا يَمُوتُ، وَالْحَمْدُللَّهِ الَّذى لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَريكٌ في الْمُلْكِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِىٌّ مِنَ الذُّلِّ، وَكَبِّرْهُ تَكْبيراً.
ص: 77
(1) من الأدعية المشهورة التي اهتمّ بها أغلب العلماء الأعلام، ويستحبّ قراءته في آخر ساعة من يوم الجمعة. روي هذا الدعاء عن محمّد بن عثمان العمري رحمه الله أحد نوّاب الإمام الأربعة بسنده عن الإمام الباقر عليه السلام والإمام الصادق عليه السلام، والدعاء كما ورد في الرواية لرفع الهمّ والغمّ وظلم الأعداء وإجابة الأدعية(2). والدعاء طبق نقل «مصباح المتهجد»(3):
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ
اللهُمَّ انّى اسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الْعَظيمِ الْأَعْظَمِ (4)، الْأَعَزِّ الْأَجَلِّ الْأَكْرَمِ، الَّذى اذا دُعيتَ بِهِ عَلى مَغالِقِ ابْوابِ السَّمآءِ لِلْفَتْحِ بِالرَّحْمَةِ انْفَتَحَتْ، وَاذا دُعيتَ بِهِ عَلى مَضآئِقِ ابْوابِ الْأَرْضِ لِلْفَرَجِ انْفَرَجَتْ، وَاذا دُعيتَ بِهِ عَلَى العُسْرِ لِلْيُسْرِ تَيَسَّرَتْ، وَاذا دُعيتَ بِهِ عَلَى الْأَمْواتِ لِلنُّشُورِ انْتَشَرَتْ، وَاذا دُعيتَ بِهِ عَلى كَشْفِ الْبَاْسآءِ وَالضَّرَّآءِ انْكَشَفَتْ، وَبِجَلالِ وَجْهِكَ الْكَريمِ، اكْرَمِ الْوُجُوهِ وَاعَزِّ الْوُجُوهِ، الَّذى عَنَتْ لَهُ الْوُجُوهُ، وَخَضَعَتْ لَهُ الرِّقابُ، وَخَشَعَتْ لَهُ الْأَصْواتُ، وَوَجِلَتْ لَهُ الْقُلُوبُ مِنْ مَخافَتِكَ، وَبِقُوَّتِكَ الَّتى بِها تُمْسِكُ السَّمآءَ انْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ الَّا بِاذْنِكَ، وَتُمْسِكُ السَّمواتِ وَالْأَرْضَ انْ تَزُولا، وَبِمَشِيَّتِكَ الَّتى دانَ لَهَا الْعالَمُونَ، وَبِكَلِمَتِكَ الَّتى خَلَقْتَ بِهَا السَّمواتِ وَالْأَرْضَ، وَبِحِكْمَتِكَ الَّتى صَنَعْتَ بِهَا الْعَجآئِبَ، وَخَلَقْتَ بِهَا الظُّلْمَةَ وَجَعَلْتَها لَيْلًا، وَجَعَلْتَ اللَّيْلَ سَكَناً، وَخَلَقْتَ بِهَا النُّورَ وَجَعَلْتَهُ نَهاراً، وَجَعَلْتَ النَّهارَ نُشُوراً مُبْصِراً، وَخَلَقْتَ بِهَا الشَّمْسَ وَجَعَلْتَ
ص: 78
الشَّمْسَ ضِيآءً، وَخَلَقْتَ بِهَا الْقَمَرَ وَجَعَلْتَ الْقَمَرَ نُوراً، وَخَلَقْتَ بِهَا الْكَواكِبَ وَجَعَلْتَها نُجُوماً وَبُرُوجاً، وَمَصابيحَ وَزينَةً وَرُجُوماً، وَجَعَلْتَ لَها مَشارِقَ وَمَغارِبَ، وَجَعَلْتَ لَها مَطالِعَ وَمَجارِىَ، وَجَعَلْتَ لَها فَلَكاً وَمَسابِحَ، وَقَدَّرْتَها فِى السَّمآءِ مَنازِلَ فَاحْسَنْتَ تَقْديرَها، وَصَوَّرْتَها فَاحْسَنْتَ تَصْويرَها، وَاحْصَيْتَها بِاسْمآئِكَ احْصآءً، وَدَبَّرْتَها بِحِكْمَتِكَ تَدْبيراً فَاحْسَنْتَ تَدْبيرَها، وَسَخَّرْتَها بِسُلْطانِ اللَّيْلِ وَسُلْطانِ النَّهارِ، وَالسَّاعاتِ وَعَدَدِ السِّنينَ وَالْحِسابِ، وَجَعَلْتَ رُؤْيَتَها لِجَميعِ النَّاسِ مَرْئً واحِداً، وَاسْئَلُكَ اللَّهُمَّ بِمَجْدِكَ الَّذى كَلَّمْتَ بِهِ عَبْدَكَ وَرَسُولَكَ، مُوسَى بْنَ عِمْرانَ عَلَيْهِ السَّلامُ فِى الْمُقَدَّسينَ، فَوْقَ احْساسِ الْكَرُّوبينَ، فَوْقَ غَمآئِمِ النُّورِ، فَوْقَ تابُوتِ الشَّهادَةِ في عَمُودِ النَّارِ، وَفى طُورِ سَيْنآءَ، وَفى جَبَلِ حُوريثَ فِى الْوادِ الْمُقَدَّسِ فِى الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ، مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ مِنَ الشَّجَرَةِ، وَفى ارْضِ مِصْرَ بِتِسْعِ اياتٍ بَيِّناتٍ، وَيَوْمَ فَرَقْتَ لِبَنى اسْرآئيلَ الْبَحْرَ، وَفِى الْمُنْبَجِساتِ الَّتى صَنَعْتَ بِهَا الْعَجآئِبَ فى بَحْرِ سُوفٍ، وَعَقَدْتَ مآءَ الْبَحْرِ في قَلْبِ الْغَمْرِ كَالْحِجارَةِ، وَجاوَزْتَ بِبَنى اسْرآئيلَ الْبَحْرَ، وَتَمَّتْ كَلِمَتُكَ الْحُسْنى عَلَيْهِمْ بِما صَبَرُوا، وَاوْرَثْتَهُمْ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا الَّتى بارَكْتَ فيها لِلْعالَمينَ، وَاغْرَقْتَ فِرْعَوْنَ وَجُنُودَهُ وَمَراكِبَهُ فِى الْيَمِّ، وَبِاسْمِكَ الْعَظيمِ الْأَعْظَمِ الأَعْظَمِ الْأَعَزِّ الْأَجَلِّ الْأَكْرَمِ، وَبِمَجْدِكَ الَّذى تَجَلَّيْتَ بِهِ لِمُوسى كَليمِكَ عَلَيْهِ السَّلامُ في طُورِ سَيْنآءَ، وَلِإِبْراهيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ خَليلِكَ مِنْ قَبْلُ في مَسْجِدِ الْخَيْفِ، وَلِإِسْحقَ صَفِيِّكَ عَلَيْهِ السَّلامُ في بِئْرِ شِيَعٍ، وَلِيَعْقُوبَ نَبِيِّكَ عَلَيْهِ السَّلامُ في بَيْتِ ايلٍ، وَاوْفَيْتَ لِإِبْراهيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ بِميثاقِكَ، وَلِإِسْحقَ عَلَيْهِ السَّلامُ بِحَلْفِكَ، وَلِيَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلامُ بِشَهادَتِكَ، وَلِلْمُؤْمِنينَ بِوَعْدِكَ، وَلِلدَّاعينَ بِاسْمآئِكَ فَاجَبْتَ، وَبِمَجْدِكَ الَّذى ظَهَرَ لِمُوسَى بْنِ عِمْرانَ عَلَيْهِ
ص: 79
السَّلامُ عَلى قُبَّةِ الرُّمَّانِ، وَباياتِكَ الَّتى وَقَعَتْ عَلى ارْضِ مِصْرَ بِمَجْدِ الْعِزَّةِ وَالْغَلَبَةِ، باياتٍ عَزيزَةٍ، وَبِسُلْطانِ الْقُوَّةِ، وَبِعِزَّةِ الْقُدْرَةِ وَبِشَأْنِ الْكَلِمَةِ التَّآمَّةِ، وَبِكَلِماتِكَ الَّتى تَفَضَّلْتَ بِها عَلى اهْلِ السَّمواتِ وَالْأَرْضِ، وَاهْلِ الدُّنْيا وَالْاخِرَةِ، وَبِرَحْمَتِكَ الَّتى مَنَنْتَ بِها عَلى جَميعِ خَلْقِكَ، وَبِاسْتِطاعَتِكَ الَّتى اقَمْتَ بِها عَلَى الْعالَمينَ، وَبِنُورِكَ الَّذى قَدْ خَرَّمِنْ فَزَعِهِ طُورُ سَيْنآءَ، وَبِعِلْمِكَ وَجَلالِكَ وَكِبْرِيآئِكَ، وَعِزَّتِكَ وَجَبَرُوتِكَ الَّتى لَمْ تَسْتَقِلَّهَا الْأَرْضُ، وَانْخَفَضَتْ لَهَا السَّمواتُ، وَانْزَجَرَ لَهَا الْعُمْقُ الْأَكْبَرُ، وَرَكَدَتْ لَهَا الْبِحارُ وَالْأَنْهارُ، وَخَضَعَتْ لَهَا الْجِبالُ، وَسَكَنَتْ لَهَا الْأَرْضُ بِمَناكِبِها، وَاسْتَسْلَمَتْ لَهَا الْخَلائِقُ كُلُّها، وَخَفَقَتْ لَهَا الرِّياحُ في جَرَيانِها، وَخَمَدَتْ لَهَا النّيرانُ في اوْطانِها، وَبِسُلْطانِكَ الَّذى عُرِفَتْ لَكَ بِهِ الْغَلَبَةُ دَهْرَ الدُّهُورِ، وَحُمِدْتَ بِهِ فِى السَّمواتِ وَالْأَرَضينَ، وَبِكَلِمَتِكَ كَلِمَةِ الصِّدْقِ الَّتى سَبَقَتْ لِأَبينا ادَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ وَذُرِّيَّتِهِ بِالرَّحْمَةِ، وَاسْئَلُكَ بِكَلِمَتِكَ الَّتى غَلَبَتْ كُلَّ شَىْ ءٍ، وَبِنُورِ وَجْهِكَ الَّذى تَجَلَّيْتَ بِهِ لِلْجَبَلِ، فَجَعَلْتَهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً، وَبِمَجْدِكَ الَّذى ظَهَرَ عَلى طُورِ سَيْنآءَ، فَكَلَّمْتَ بِهِ عَبْدَكَ وَرَسُولَكَ مُوسَى بْنَ عِمْرانَ، وَبِطَلْعَتِكَ في ساعيرَ، وَظُهُورِكَ فى جَبَلِ فارانَ بِرَبَواتِ الْمُقَدَّسينَ، وَجُنُودِ الْمَلائِكَةِ الصَّآفّينَ، وَخُشُوعِ الْمَلائِكَةِ الْمُسَبِّحينَ، وَبِبَرَكاتِكَ الَّتى بارَكْتَ فيها عَلى ابْراهيمَ خَليلِكَ عَلَيْهِ السَّلامُ في امَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمْ، وَبارَكْتَ لِإِسْحقَ صَفِيِّكَ في امَّةِ عيسى عَلَيْهِمَا السَّلامُ، وَبارَكْتَ لِيَعْقُوبَ اسْرآئيلِكَ في امَّةِ مُوسى عَلَيْهِمَا السَّلامُ، وَبارَكْتَ لِحَبيبِكَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ في عِتْرَتِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَامَّتِهِ، اللهُمَّ وَكَما غِبْنا عَنْ ذلِكَ وَلَمْ نَشْهَدْهُ وَآمَنَّا بِهِ وَلَمْ نَرَهُ صِدْقاً وَعَدْلًا، انْ تُصَلِّىَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَانْ تُبارِكَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَتَرَحَّمَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ
ص: 80
مُحَمَّدٍ، كَافْضَلِ ما صَلَّيْتَ وَبارَكْتَ وَتَرَحَّمْتَ عَلى ابْراهيمَ وَآلِ ابْراهيمَ، انَّكَ حَميدٌ مَجيدٌ، فَعَّالٌ لِما تُريدُ، وَانْتَ عَلى كُلِّ شَىْ ءٍ قَديرٌ شَهيدٌ* ثم تطلب حاجتك وتقول: اللَّهُمَّ بِحَقِّ هذَا الدُّعآءِ، وَبِحَقِّ هذِهِ الْأَسْمآءِ الَّتى لا يَعْلَمُ تَفْسيرَها وَلا يَعْلَمُ باطِنَها غَيْرُكَ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَافْعَلْ بى ما انْتَ اهْلُهُ، وَلا تَفْعَلْ بى ما انَا اهْلُهُ، وَاغْفِرْ لى مِنْ ذُنُوبى ما تَقَدَّمَ مِنْها وَما تَأَخَّرَ، وَوَسِّعْ عَلَىَّ مِنْ حَلالِ رِزْقِكَ، وَاكْفِنى مَؤُنَةَ انْسانِ سَوْءٍ وَجارِ سَوْءٍ، وَقَرينِ سَوْءٍ وَسُلْطانِ سَوْءٍ، انَّكَ عَلى ما تَشآءُ قَديرٌ، وَبِكُلِّ شَىْ ءٍ عَليمٌ، آمينَ رَبَّ الْعالَمينَ.
يسمّى أيضاً «
دعاء الشابّ المأخوذ بذنبه»(1)
. وهو الدعاء الذي علّمه أميرالمؤمنين عليه السلام لشابّ مأخوذ بذنبه مشلولًا نتيجة ما عمله من الظلم في حقّ والده. فدعا بهذا الدعاء واضطجع فرأى النبيّ صلى الله عليه و آله في منامه وقد مسح يده عليه وقال: «
احتَفِظ باسمِ اللَّهِ الأعظَمِ فإنّ عَمَلَكَ يَكُونُ بِخيرٍ»(2)
. فانتبه معافى. والدعاء كما جاء في «البلد الأمين»(3) للكفعمي:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ
اللهُمَّ انّى اسْئَلُكَ بِاسْمِكَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ، يا ذَاالْجَلالِ وَالْإِكرامِ، يا حَىُّ يا قَيُّومُ، يا حَىُ لا الهَ الَّا انْتَ، ياهُوَ يا مَنْ لا يَعْلَمُ ما هُوَ، وَلا كَيْفَ هُوَ، وَلا ايْنَ هُوَ، وَلا حَيْثُ هُوَ الَّا هُوَ، يا ذَاالْمُلْكِ وَالْمَلَكُوتِ، ياذَا الْعِزَّةِ وَالْجَبَرُوتِ، يامَلِكُ
ص: 81
ياقُدُّوسُ، يا سَلامُ يا مُؤْمِنُ، يا مُهَيْمِنُ يا عَزيزُ، يا جَبَّارُ يا مُتَكَبِّرُ، يا خالِقُ يا بارِئُ، يا مُصَوِّرُ يا مُفيدُ، يا مُدَبِّرُ يا شَديدُ، يا مُبْدِئُ يا مُعيدُ، يا مُبيدُ يا وَدُودُ، يا مَحْمُودُ يا مَعْبُودُ، يا بَعيدُ يا قَريبُ، يا مُجيبُ يا رَقيبُ، يا حَسيبُ يا بَديعُ، يا رَفيعُ يا مَنيعُ، يا سَميعُ يا عَليمُ، يا حَليمُ يا كَريمُ، يا حَكيمُ يا قَديمُ، يا عَلِىُّ يا عَظيمُ، يا حَنَّانُ يا مَنَّانُ، يا دَيَّانُ يا هادى يا بادى يا اوَّلُ يا اخِرُ، يا ظاهِرُ يا باطِنُ، يا قآئِمُ يا دآئِمُ، يا عالِمُ يا حاكِمُ، ياقاضى يا عادِلُ، يا فاصِلُ يا واصِلُ، يا طاهِرُ يا مُطَهِّرُ، يا قادِرُ يا مُقْتَدِرُ، يا كَبيرُ يا مُتَكَبِّرُ، يا واحِدُ يا احَدُ يا صَمَدُ، يا مَنْ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً احَدٌ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ وَلا كانَ مَعَهُ وَزيرٌ، وَلَا اتَّخَذَ مَعَهُ مُشيراً، وَلَا احْتاجَ الى ظَهيرٍ، وَلاكانَ مَعَهُ الهٌ، لا الهَ الَّا انْتَ، فَتَعالَيْتَ عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوّاً كَبيراً، يا عَلِىُّ يا شامِخُ يا باذِخُ، يا فَتَّاحُ يا نَفَّاحُ، يا مُرْتاحُ يا مُفَرِّجُ، يا ناصِرُ يا مُنْتَصِرُ، يا مُدْرِكُ يا مُهْلِكُ، يا مُنْتَقِمُ يا باعِثُ، يا وارِثُ يا طالِبُ، يا غالِبُ يا مَنْ لا يَفُوتُهُ هارِبٌ، يا تَوَّابُ يا اوَّابُ، يا وَهَّابُ يا مُسَبِّبَ الْأَسْبابِ، يا مُفَتِّحَ الْأَبْوابِ، يا مَنْ حَيْثُ ما دُعِىَ اجابَ، يا طَهُورُ يا شَكُورُ، يا عَفُوُّ يا غَفُورُ، يا نُورَ النُّورِ، يا مُدَبِّرَ الْأُمُورِ، يا لَطيفُ يا خَبيرُ، يا مُجيرُ يا مُنيرُ، يا بَصيرُ يا ظَهيرُ، يا كَبيرُ يا وِتْرُ، يا فَرْدُ يا ابَدُ، يا سَنَدُ يا صَمَدُ، يا كافى يا شافى يا وافى يا مُعافى يا مُحْسِنُ يا مُجْمِلُ، يا مُنْعِمُ يا مُفْضِلُ، يا مُتَكَرِّمُ يا مُتَفَرِّدُ، يا مَنْ عَلا فَقَهَرَ، وَ يا مَنْ مَلَكَ فَقَدَرَ، يا مَنْ بَطَنَ فَخَبَرَ، وَيا مَنْ عُبِدَ فَشَكَرَ، وَيا مَنْ عُصِىَ فَغَفَرَ وَسَتَرَ، وَ يا مَنْ لا تَحْويهِ الْفِكَرُ، وَ لا يُدْرِكُهُ بَصَرٌ، وَلا يَخْفى عَلَيْهِ اثَرٌ، يا رازِقَ الْبَشَرِ، يا مُقَدِّرَ كُلِّ قَدَرٍ، يا عالِىَ الْمَكانِ، يا شَديدَ الْأَرْكانِ، يا مُبَدِّلَ الزَّمانِ، يا قابِلَ الْقُرْبانِ، يا ذَاالْمَنِّ وَالْإِحْسانِ، يا ذَا الْعِزِّ وَالسُّلْطانِ، يا رَحيمُ يا رَحمنُ، يا مَنْ هُوَ كُلَّ يَوْمٍ في شَاْنٍ، يا مَنْ لا يَشْغَلُهُ شَاْنٌ
ص: 82
عَنْ شَاْنٍ، يا عَظيمَ الشَّاْنِ، يا مَنْ هُوَ بِكُلِّ مَكانٍ، يا سامِعَ الْأَصْواتِ، يا مُجيبَ الدَّعَواتِ، يا مُنْجِحَ الطَّلِباتِ، يا قاضِىَ الْحاجاتِ، يا مُنْزِلَ الْبَرَكاتِ، يا راحِمَ الْعَبَراتِ، يامُقيلَ الْعَثَراتِ، يا كاشِفَ الْكُرُباتِ، يا وَلِىَّ الْحَسَناتِ، يا رافِعَ الدَّرَجاتِ، يا مُؤْتِىَ السُّؤُلاتِ، يا مُحْيِىَ الْأَمْواتِ، يا جامِعَ الشَّتاتِ، يا مُطَّلِعَ عَلَى النِّيَّاتِ، يا رادَّ ما قَدْ فاتَ، يا مَنْ لاتَشْتَبِهُ عَلَيْهِ الْأَصْواتُ، يا مَنْ لاتُضْجِرُهُ الْمَسْئَلاتُ، وَلا تَغْشاهُ الظُّلُماتُ، يا نُورَ الْأَرْضِ والسَّمواتِ، يا سابِغَ النِّعَمِ، يا دافِعَ النِّقَمِ، يا بارِئَ النَّسَمِ، يا جامِعَ الْأُمَمِ، يا شافِىَ السَّقَمِ، ياخالِقَ النُّورِ وَالظُّلَمِ، يا ذَاالْجُودِ وَالْكَرَمِ، يا مَنْ لا يَطَأُ عَرْشَهُ قَدَمٌ، يا اجْوَدَ الْأَجْوَدينَ، يا اكْرَمَ الْأَكْرَمينَ، يا اسْمَعَ السَّامِعينَ، يا ابْصَرَ النَّاظِرينَ، يا جارَ الْمُسْتَجيرينَ، يا امانَ الْخائِفينَ، ياظَهْرَ اللّاجينَ، يا وَلِىَّ الْمُؤْمِنينَ، يا غِياثَ الْمُسْتَغيثينَ، يا غايَةَ الطَّالِبينَ، يا صاحِبَ كُلِّ غَريبٍ، يا مُونِسَ كُلِّ وَحيدٍ، يا مَلْجَا كُلِّ طَريدٍ، يا مَاْوى كُلِّ شَريدٍ، يا حافِظَ كُلِّ ضآلَّةٍ، ياراحِمَ الشَّيْخِ الْكَبيرِ، يا رازِقَ الطِّفْلِ الصَّغيرِ، يا جابِرَ الْعَظْمِ الْكَسيرِ، يا فاكَّ كُلِّ اسيرٍ، يا مُغْنِىَ الْبآئِسِ الْفَقيرِ، يا عِصْمَةَ الْخائِفِ الْمُسْتَجيرِ، يا مَنْ لَهُ التَّدْبيرُ وَالتَّقْديرُ، يا مَنِ الْعَسيرُ عَلَيْهِ يَسيرٌ، يا مَنْ لا يَحْتاجُ الى تَفْسيرٍ، يا مَنْ هُوَ عَلى كُلِّ شَىْ ءٍ قَديرٌ، يا مَنْ هُوَ بِكُلِّ شَىْ ءٍ خَبيرٌ، يا مَنْ هُوَ بِكُلِّ شَىْ ءٍ بَصيرٌ، يا مُرْسِلَ الرِّياحِ، يا فالِقَ الْإِصْباحِ، يا باعِثَ الْأَرْواحِ، يا ذَاالْجُودِ وَالسَّماحِ، يا مَنْ بِيَدِهِ كُلُّ مِفْتاحٍ، يا سامِعَ كُلِّ صَوْتٍ، يا سابِقَ كُلِّ فَوْتٍ، يا مُحْيِىَ كُلِّ نَفْسٍ بَعْدَ الْمَوْتِ، يا عُدَّتى في شِدَّتى يا حافِظى في غُرْبَتى يا مُونِسى في وَحْدَتى يا وَلِيّى في نِعْمَتى يا كَهْفى حينَ تُعْيينِى الْمَذاهِبُ، وَتُسَلِّمُنِى الْأَقارِبُ، وَيَخْذُلُنى كُلُّ صاحِبٍ، يا عِمادَ مَنْ لا عِمادَ لَهُ، يا سَنَدَ مَنْ لا سَنَدَ لَهُ، يا ذُخْرَ مَنْ لا ذُخْرَ لَهُ، يا حِرْزَ مَنْ لا حِرْزَ لَهُ، يا كَهْفَ مَنْ لا كَهْفَ لَهُ، يا
ص: 83
كَنْزَ مَنْ لا كَنْزَ لَهُ، يا رُكْنَ مَنْ لا رُكْنَ لَهُ، يا غِياثَ مَنْ لا غِياثَ لَهُ، يا جارَ مَنْ لا جارَ لَهُ، يا جارِىَ اللَّصيقَ، يا رُكْنِىَ الْوَثيقَ، يا الهى بِالتَّحْقيقِ، يا رَبَّ الْبَيْتِ الْعَتيقِ، يا شَفيقُ يا رَفيقُ، فُكَّنى مِنْ حَلَقِ الْمَضيقِ، وَاصْرِفْ عَنّى كُلَّ هَمٍّ وَغَمٍّ وَضيقٍ، وَاكْفِنى شَرَّ ما لا اطيقُ، وَاعِنّى عَلى ما اطيقُ، يا رآدَّ يُوسُفَ عَلى يَعْقُوبَ، يا كاشِفَ ضُرِّ ايُّوبَ، يا غافِرَ ذَنْبِ داوُدَ، يا رافِعَ عيسَى بْنِ مَرْيَمَ، وَمُنَجِّيهِ مِنْ ايْدِى الْيَهُودِ، يا مُجيبَ نِدآءِ يُونُسَ فِى الظُّلُماتِ، يا مُصْطَفِىَ مُوسى بِالْكَلِماتِ، يا مَنْ غَفَرَ لِأدَمَ خَطيئَتَهُ، وَرَفَعَ ادْريسَ مَكاناً عَلِيّاً بِرَحْمَتِهِ، يا مَنْ نَجّى نُوحاً مِنَ الْغَرَقِ، يا مَنْ اهْلَكَ عاداً الْأُولى وَثَمُودَ فَما ابْقى وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ، انَّهُمْ كانُوا هُمْ اظْلَمَ وَاطْغى وَالْمُؤْتَفِكَةَ اهْوى يا مَنْ دَمَّرَ عَلى قَوْمِ لُوطٍ، وَدَمْدَمَ عَلى قَوْمِ شُعَيْبٍ، يا مَنِ اتَّخَذَ ابْراهيمَ خَليلًا، يا مَنِ اتَّخَذَ مُوسى كَليماً، وَاتَّخَذَ مُحَمَّداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَعَلَيْهِمْ اجْمَعينَ حَبيباً، يا مُؤْتِىَ لُقْمانَ الْحِكْمَةَ، وَالْواهِبُ لِسُلَيْمانَ مُلْكاً لايَنْبَغى لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ، يا مَنْ نَصَرَ ذَا الْقَرْنَيْنِ عَلَى الْمُلُوكِ الْجَبابِرَةِ، يا مَنْ اعْطَى الْخِضْرَ الْحَيوةَ، وَرَدَّ لِيُوشَعَ بْنِ نُونٍ الشَّمْسَ بَعْدَ غُرُوبِها، يا مَنْ رَبَطَ عَلى قَلْبِ امِّ مُوسى وَاحْصَنَ فَرْجَ مَرْيَمَ ابْنَتِ عِمْرانَ، يا مَنْ حَصَّنَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا مِنَ الذَّنْبِ، وَسَكَّنَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبَ، يا مَنْ بَشَّرَ زَكَرِيَّا بِيَحْيى يا مَنْ فَدا اسْماعيلَ مِنَ الذَّبْحِ بِذِبْحٍ عَظيمٍ، يا مَنْ قَبِلَ قُرْبانَ هابيلَ، وَجَعَلَ اللَّعْنَةَ عَلى قابيلَ، يا هازِمَ الْأَحْزابِ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَعَلى جَميعِ الْمُرْسَلينَ، وَمَلائِكَتِكَ الْمُقَرَّبينَ، وَاهْلِ طاعَتِكَ اجْمَعينَ، وَاسْئَلُكَ بِكُلِّ مَسْئَلَةٍ سَئَلَكَ بِها احَدٌ مِمَّنْ رَضيتَ عَنْهُ، فَحَتَمْتَ لَهُ عَلَى الْإِجابَةِ، يا اللَّهُ يا اللَّهُ يا اللَّهُ، يا رَحْمنُ يا رَحْمنُ يا رَحْمنُ، يا رَحيمُ يا رَحيمُ يا رَحيمُ، ياذَاالْجَلالِ وَالْإِكْرامِ، يا ذَاالْجَلالِ وَالْإِكْرامِ، يا ذَاالْجَلالِ
ص: 84
وَالْإِكْرامِ، بِهِ بِهِ بِهِ بِهِ بِهِ بِهِ بِهِ اسْئَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، اوْ انْزَلْتَهُ فى شَىْ ءٍ مِنْ كُتُبِكَ، اوِ اسْتَاْثَرْتَ بِهِ فِى عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، وَبِمَعاقِدِ الْعِزِّمِنْ عَرْشِكَ، وَبِمُنْتَهَى الرَّحْمَةِ مِنْ كِتابِكَ، وَبِما لَوْ انَّ ما فِى الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ اقْلامٌ، وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ ابْحُرٍ، ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ، انَّ اللَّهَ عَزيزٌ حَكيمٌ، وَاسْئَلُكَ بِاسْمآئِكَ الْحُسْنَى الَّتى نَعَتَّها في كِتابِكَ، فَقُلْتَ: وَللَّهِ الْأَسْمآءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها. وَقُلْتَ: ادْعُونى اسْتَجِبْ لَكُمْ. وَقُلْتَ: وَاذا سَئَلَكَ عِبادى عَنّى فَانّى قَريبٌ اجيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ اذا دَعانِ. وَقُلْتَ: يا عِبادِىَ الَّذينَ اسْرَفُوا عَلى انْفُسِهِمْ، لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، انَ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَميعاً، انَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحيمُ. وَانَا اسْأَ لُكَ يا الهى وَادْعُوكَ يارَبِّ، وَارْجُوكَ يا سَيِّدى وَاطْمَعُ في اجابَتى يا مَوْلاىَ كَما وَعَدْتَنى وَقَدْ دَعَوْتُكَ كَما امَرْتَنى فَافْعَلْ بى ما انْتَ اهْلُهُ يا كَريمُ، وَالْحَمْدُللَّهِ رَبِّ الْعالَمينَ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ اجْمَعينَ.
دعاء يستشير(1)
روى السيّد ابن طاووس في مهج الدعوات عن أميرالمؤمنين عليه السلام أنّه قال: «
عَلَّمَنِي رَسولُ اللَّه صلى الله عليه و آله هذا الدُّعاءَ وأمَرَني أنْ أدْعُوَ بِهِ لِكُلِّ شِدَّةٍ وَرَخاءٍ وأنْ أُعَلِّمَهُ خَلِيفَتِي مِنْ بَعْدِي وأمَرَني أن لا أُفارِقَهُ طُولَ عُمرِي حتّى ألقى اللَّهَ عزَّوجلَّ. وَقَالَ لِي: قُلْ هذا الدُّعاءَ حِينَ تُصْبِحُ وَتُمْسِي فإنَّهُ كَنزٌ مِن كُنوزِ العَرْشِ
». فطلب أُبيّ بن كعب من النبيّ صلى الله عليه و آله أن يحدّث بفضل هذا الدعاء، فأخبر النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله ببعض ثوابه الجزيل، منها غفران الذنوب ونزول الرحمة، كما بيّن صلى الله عليه و آله لسلمان الفارسيّ بعض خواصّه (2). والدعاء كما جاء في «البلد الأمين»(3) للكفعمي.
ص: 85
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ
الْحَمْدُ للَّهِ الَّذى لا الهَ الَّا هُوَ الحَىُّ القَيُّومُ، الدَّائِمُ الْمَلِكُ الْحَقُّ الْمُبينُ، الْمُدَبِّرُ بِلاوَزيرٍ، وَلا خَلْقٍ مِنْ عِبادِهِ يَسْتَشيرُ، الْأَوَّلُ غَيْرُ مَوْصُوفٍ، الْباقى بَعْدَ فَنآءِ الْخَلْقِ، الْعَظيمُ الرُّبُوبِيَّةِ، نُورُ السَّمواتِ وَالْأَرَضينَ، وَفاطِرُهُما وَمُبْتَدِعُهُما، خَلَقَهُما بِغَيْرِ تَرَوْنَهُ، وَفَتَقَهُما فَتْقاً، فَقامَتِ السَّمواتُ طآئِعاتٍ بِامْرِهِ، وَاسْتَقَرَّتِ الْأَرَضُ بِاوْتادِها فَوْقَ الْمآءِ، ثُمَّ عَلا رَبُّنا فِى السَّمواتِ الْعُلى الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى لَهُ ما فِى السَّمواتِ وَما فِى الْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى فَانَا اشْهَدُ بِانَّكَ انْتَ اللَّهُ لا الهَ الَّا انْتَ، لا رافِعَ لِما وَضَعْتَ، وَلا واضِعَ لِما رَفَعْتَ، وَلا مُعِزَّ لِمَنْ اذْلَلْتَ، وَلا مُذِلَّ لِمَنْ اعْزَزْتَ، وَلا مانِعَ لِما اعْطَيْتَ، وَلا مُعْطِىَ لِما مَنَعْتَ، وَانْتَ اللَّهُ لا الهَ الَّا انْتَ، كُنْتَ اذْ لَمْ تَكُنْ سَمآءٌ مَبْنِيَّةٌ، وَلا ارْضٌ مَدْحِيَّةٌ، وَلا شَمْسٌ مُضيئَةٌ، وَلا لَيْلٌ مُظْلِمٌ، وَلا نَهارٌ مُضيئٌ، وَلا بَحْرٌ لُجِّىٌّ، وَلا جَبَلٌ راسٍ، وَلا نَجْمٌ سارٍ، وَلا قَمَرٌ مُنيرٌ، وَلا ريحٌ تَهُبُّ، وَلا سَحابٌ يَسْكُبُ، وَلا بَرْقٌ يَلْمَعُ، وَلا رَعْدٌ يُسَبِّحُ، وَلا رُوحٌ يَتَنَفَّسُ، وَلا طآئِرٌ يَطيرُ، وَلا نارٌ تَتَوَقَّدُ، وَلامآءٌ يَطَّرِدُ، كُنْتَ قَبْلَ كُلِّ شَىْ ءٍ، وَكَوَّنْتَ كُلَّ شَىْ ءٍ، وَقَدَرْتَ عَلى كُلِّ شَىْ ءٍ، وَابْتَدَعْتَ كُلَّ شَىْ ءٍ، وَافْقَرْتَ وَاغْنَيْتَ، وَامَتَّ وَاحْيَيْتَ، وَاضْحَكْتَ وَابْكَيْتَ، وَعَلَى الْعَرشِ اسْتَوَيْتَ، تَبارَكْتَ يااللَّهُ وَتَعالَيْتَ، انْتَ اللَّهُ الَّذى لا الهَ الَّا انْتَ الْخَلَّاقُ الْعَليمُ، امْرُكَ غالِبٌ، وَعِلْمُكَ نافِذٌ، وَكَيْدُكَ غَريبٌ، وَوَعْدُكَ صادِقٌ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ، وَحُكْمُكَ عَدْلٌ، وَكَلامُكَ هُدىً، وَوَحْيُكَ نُورٌ، وَرَحْمَتُكَ واسِعَةٌ، وَعَفْوُكَ عَظيمٌ، وَفَضْلُكَ كَبيرٌ، وَعَطاؤُكَ جَزيلٌ، وَحَبْلُكَ مَتينٌ، وَامْكانُكَ عَتيدٌ، وَجارُكَ عَزيزٌ، وَ بَاْسُكَ شَديدٌ، وَمَكْرُكَ مَكيدٌ، انْتَ يا رَبِّ مَوْضِعُ كُلِّ شَكْوى
ص: 86
وَشاهِدُ كُلِّ نَجْوى وَحاضِرُ كُلِّ مَلَإٍ، وَمُنْتَهى كُلِّ حاجَةٍ، وَفَرَجُ كُلِّ حَزينٍ، وَغِنى كُلِّ فقيرٍ مِسْكينٍ، وَحِصْنُ كُلِّ هارِبٍ، وَامانُ كُلِّ خآئِفٍ، حِرْزُ الضُّعَفآءِ، كَنْزُ الْفُقَرآءِ، مُفَرِّجُ الْغَمَّآءِ، مُعينُ الصَّالِحينَ، ذلِكَ اللَّهُ رَبُّنا، لا الهَ الَّا هُوَ، تَكْفى مِنْ عِبادِكَ مَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْكَ، وَانْتَ جارُ مَنْ لاذَ بِكَ وَتَضَرَّعَ الَيْكَ، عِصْمَةُ مَنِ اعْتَصَمَ بِكَ مِنْ عِبادِك، ناصِرُ مَنِ انْتَصَرَ بِكَ، تَغْفِرُ الذُّنُوبَ لِمَنِ اسْتَغْفَرَكَ، جَبَّارُ الْجَبابِرَةِ، عَظيمُ الْعُظَمآءِ، كَبيرُ الْكُبَرآءِ، سَيِّدُ السَّاداتِ، مَوْلَى الْمَوالى صَريخُ الْمُسْتَصْرِخينَ، مُنَفِّسٌ عَنِ الْمَكْرُوبينَ، مُجيبُ دَعْوَةِ الْمُضْطَرِّينَ، اسْمَعُ السَّامِعينَ، ابْصَرُ النَّاظِرينَ، احْكَمُ الْحاكِمينَ، اسْرَعُ الْحاسِبينَ، ارْحَمُ الرَّاحِمينَ، خَيْرُ الْغافِرينَ، قاضى حَوآئِج الْمُؤْمِنينَ، مُغيثُ الصَّالِحينَ، انْتَ اللَّهُ لا الهَ الَّا انْتَ، رَبُّ الْعالَمينَ، انْتَ الْخالِقُ وَا نَا الْمَخْلُوقُ، وَانْتَ الْمالِكُ وَا نَا الْمَمْلُوكُ، وَانْتَ الرَّبُّ وَا نَا الْعَبْدُ، وَانْتَ الرَّازِقُ وَا نَا الْمَرْزُوقُ، وَانْتَ الْمُعْطى وَا نَا السَّآئِلُ، وَانْتَ الْجَوادُ وَا نَا الْبَخيلُ، وَانْتَ الْقَوِىُّ وَا نَا الضَّعيفُ، وَانْتَ الْعَزيزُ وَا نَا الذَّليلُ، وَانْتَ الْغَنِىُّ وَا نَا الْفَقيرُ، وَانْتَ السَّيِّدُ وَا نَا الْعَبْدُ، وَانْتَ الْغافِرُ وَا نَا الْمُسيئُ، وَانْتَ الْعالِمُ وَا نَا الْجاهِلُ، وَانْتَ الْحَليمُ وَا نَا الْعَجُولُ، وَانْتَ الرَّاحِمُ وَانَا الْمَرْحُومُ، وَانْتَ الْمُعافى وَا نَا الْمُبْتَلى وَانْتَ الْمُجيبُ وَانَا الْمُضْطَرُّ، وَانَا اشْهَدُ بِانَّكَ انْتَ اللَّهُ لا الهَ الَّا انْتَ، الْواحِدُ الْفَرْدُ، وَالَيْكَ الْمَصيرُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَاهْلِ بَيْتِهِ الطَّيِّبينَ الطَّاهِرينَ، وَاغْفِرْ لى ذُنُوبى وَاسْتُرْ عَلَىَّ عُيُوبى وَافْتَحْ لى مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً، وَرِزْقاً واسِعاً، ياارْحَمَ الرَّاحِمينَ، وَالْحَمْدُللَّهِ رَبِّ الْعالَمينَ، وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنْعِمَ الْوَكيلُ، وَلا حَوْلَ وَلاقُوَّةَ الَّا بِاللَّهِ الْعَلِىِّ الْعَظيمِ.
ص: 87
(1) ذكره المرحوم الكفعمي في البلد الأمين والمصباح (2)، وهو دعاء رفيع الشأن مرويّ عن النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله نزل به جبرئيل على النبيّ صلى الله عليه و آله وهو يصلّي في مقام إبراهيم عليه السلام. وجاء في فضله أنّ مَن دعا به في الأيّام البيض من شهر رمضان (الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر) غفرت ذنوبه ولو كانت عدد قطر المطر وورق الشجر، ويجدي في شفاء المريض وقضاء الدين والغنى من الفقر ويفرّج الغمّ ويكشف الكرب (3). وهو هذا الدعاء:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ
سُبْحانَكَ يا اللَّهُ، تَعالَيْتَ يا رَحْمنُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا رَحيمُ، تَعالَيْتَ يا كَريمُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا مَلِكُ، تَعالَيْتَ يا مالِكُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا قُدُّوسُ، تَعالَيْتَ يا سَلامُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا مُؤْمِنُ، تَعالَيْتَ يا مُهَيْمِنُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا عَزيزُ، تَعالَيْتَ يا جَبَّارُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا مُتَكَبِّرُ، تَعالَيْتَ يا مُتَجَبِّرُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا خالِقُ، تَعالَيْتَ يا بارِئُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا مُصَوِّرُ، تَعالَيْتَ يا مُقَدِّرُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا هادى تَعالَيْتَ يا باقى اجِرْنا مِنَ النَّارِ يامُجيرُ، سُبْحانَكَ يا وَهَّابُ، تَعالَيْتَ يا تَوَّابُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا فَتَّاحُ، تَعالَيْتَ يا مُرْتاحُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا سَيِّدِى تَعالَيْتَ يا مَوْلاىَ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا قَريبُ، تَعالَيْتَ يا رَقيبُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا
ص: 88
مُبْدِئُ، تَعالَيْتَ يا مُعيدُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا حَميدُ، تَعالَيْتَ يا مَجيدُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا قَديمُ، تَعالَيْتَ يا عَظيمُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يامُجيرُ، سُبْحانَكَ يا غَفُورُ، تَعالَيْتَ يا شَكُورُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا شاهِدُ، تَعالَيْتَ يا شَهيدُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا حَنَّانُ، تَعالَيْتَ يا مَنَّانُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا باعِثُ، تَعالَيْتَ يا وارِثُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا مُحْيى تَعالَيْتَ يامُميتُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا شَفيقُ، تَعالَيْتَ يا رَفيقُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا انيسُ، تَعالَيْتَ يا مُونِسُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا جَليلُ، تَعالَيْتَ يا جَميلُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا خَبيرُ، تَعالَيْتَ يا بَصيرُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا حَفِىُّ، تَعالَيْتَ يا مَلِىُّ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا مَعْبُودُ، تَعالَيْتَ يا مَوْجُودُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا غَفَّارُ، تَعالَيْتَ يا قَهَّارُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا مَذْكُورُ، تَعالَيْتَ يا مَشْكُورُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا جَوادُ، تَعالَيْتَ يا مَعاذُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا جَمالُ، تَعالَيْتَ يا جَلالُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا سابِقُ، تَعالَيْتَ يا رازِقُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا صادِقُ، تَعالَيْتَ يا فالِقُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا سَميعُ، تَعالَيْتَ يا سَريعُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا رَفيعُ، تَعالَيْتَ يا بديعُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا فَعَّالُ، تَعالَيْتَ يا مُتَعالُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا قاضى تَعالَيْتَ يا راضى اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا قاهِرُ، تَعالَيْتَ يا ظاهِرُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا عالِمُ، تَعالَيْتَ يا حاكِمُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا دآئِمُ، تَعالَيْتَ يا قآئِمُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ،
ص: 89
سُبْحانَكَ يا عاصِمُ، تَعالَيْتَ يا قاسِمُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا غَنِىُّ، تَعالَيْتَ يا مُغْنى اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا وَفِىُّ، تَعالَيْتَ يا قَوِىُّ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا كافى تَعالَيْتَ يا شافى اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا مُقَدِّمُ، تَعالَيْتَ يا مُؤَخِّرُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يامُجيرُ، سُبْحانَكَ يا اوَّلُ، تَعالَيْتَ يا آخِرُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا ظاهِرُ، تَعالَيْتَ يا باطِنُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا رَجآءُ، تَعالَيْتَ يا مُرْتَجى اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا ذَا الْمَنِّ، تَعالَيْتَ يا ذَا الطَّوْلِ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ ياحَىُّ، تَعالَيْتَ يا قَيُّومُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا واحِدُ، تَعالَيْتَ يا احَدُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا سَيِّدُ، تَعالَيْتَ يا صَمَدُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا قَديرُ، تَعالَيْتَ يا كَبيرُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا والى تَعالَيْتَ يا عالى اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا عَلِىُّ، تَعالَيْتَ يا اعْلى اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا وَلِىُّ، تَعالَيْتَ يا مَوْلى اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا ذارِئُ، تَعالَيْتَ يا بارِئُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا خافِضُ، تَعالَيْتَ يا رافِعُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا مُقْسِطُ، تَعالَيْتَ يا جامِعُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا مُعِزُّ، تَعالَيْتَ يا مُذِلُّ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا حافِظُ، تَعالَيْتَ يا حَفيظُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا قادِرُ، تَعالَيْتَ يا مُقْتَدِرُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا عَليمُ، تَعالَيْتَ يا حَليمُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا حَكَمُ، تَعالَيْتَ يا حَكيمُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا مُعْطى تَعالَيْتَ يا مانِعُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا ضآرُّ، تَعالَيْتَ يا نافِعُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا مُجيبُ، تَعالَيْتَ يا حَسيبُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يامُجيرُ، سُبْحانَكَ
ص: 90
يا عادِلُ، تَعالَيْتَ يا فاضِلُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا لَطيفُ، تَعالَيْتَ يا شَريفُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا رَبُّ، تَعالَيْتَ يا حَقُّ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا ماجِدُ، تَعالَيْتَ يا واحِدُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا عَفُوُّ، تَعالَيْتَ يا مُنْتَقِمُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا واسِعُ، تَعالَيْتَ يا مُوَسِّعُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا رَءُوفُ، تَعالَيْتَ يا عَطُوفُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا فَرْدُ، تَعالَيْتَ يا وِتْرُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا مُقيتُ، تَعالَيْتَ يا مُحيطُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا وَكيلُ، تَعالَيْتَ يا عَدْلُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا مُبينُ، تَعالَيْتَ يا مَتينُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا بَرُّ، تَعالَيْتَ يا وَدُودُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا رَشيدُ، تَعالَيْتَ يا مُرْشِدُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا نُورُ، تَعالَيْتَ يا مُنَوِّرُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا نَصيرُ، تَعالَيْتَ يا ناصِرُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا صَبُورُ، تَعالَيْتَ يا صابِرُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا مُحْصى تَعالَيْتَ يا مُنْشِئُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا سُبْحانُ، تَعالَيْتَ يا دَيَّانُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا مُغيثُ، تَعالَيْتَ يا غِياثُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا فاطِرُ، تَعالَيْتَ يا حاضِرُ، اجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا ذَا الْعِزِّ والْجَمالِ، تَبارَكْتَ يا ذَا الْجَبَرُوتِ وَالْجَلالِ، سُبْحانَكَ لا الهِ الَّا انْتَ، سُبْحانَكَ انّى كُنْتُ مِنَ الظَّالِمينَ، فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ، وَكَذلِكَ نُنْجىِ الْمُؤْمِنينَ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ اجْمَعينَ، وَالْحَمْدُللَّهِ رَبِّ الْعالَمينَ، وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكيلُ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ الَّا بِاللَّهِ الْعَلىِّ العَظيمِ.
ص: 91
(1) وهو دعاء مرويّ عن الإمام زين العابدين عن أبيه عن أميرالمؤمنين عليهم السلام عن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله.
وجاء بشأن هذا الدعاء: نزل به جبرئيل عليه السلام على رسول اللَّه صلى الله عليه و آله وهو في بعض غزواته وقد اشتدّت وعليه جوشن ثقيل آلمه، فدعا اللَّه تعالى فهبط جبرئيل عليه السلام وقال: «
يا مُحَمّد رَبُّكَ يَقْرأُ عَلَيكَ السَّلامَ وَيَقولُ لَكَ إخْلَعْ هذا الْجَوْشَنَ واقْرَأ هذا الدُّعاءَ فَهُوَ أمانٌ لَكَ وَلِأُمَّتِكَ. فَمَن قَرَأهُ عِندَ خُروجِهِ من مَنْزِله أو حَمَلَهُ حَفِظَهُ اللَّهُ وأوْجَبَ الجَنَّةَ عَليه ووَفَّقَهُ لِصالِحِ الأعمالِ وكانَ كأنَّما قَرأ الكُتُبَ الأربعة وأُعْطِيَ بِكُلِّ حَرفٍ زَوْجَتَيْنِ في الجَنَّةِ»(2)
. قال الإمام الحسين عليه السلام: «
أوْصَانِي أبي
بِحِفْظِ هذا الدُّعاءِ وتَعْظِيمِهِ وأن أكتُبَهُ على كَفَنِهِ وأن اعَلِّمَه أهْلِي وأحُثَّهُم عَلَيهِ»(3).
1. استحباب كتابة هذا الدُّعاء- كما ورد في الرواية- على الأكفانِ كما أشار المرحوم العلّامة بحرالعلوم رحمه الله بشعره:
وسُنَّ أن يُكْتَبَ بِالأكفانِ شَهادَةُ الإسلامِ والإيمانِ
وهكذا كِتابَةُ القُرآنِ والجَوْشَنُ المَنعوتُ بالأمانِ
2. عدّه المرحوم العلّامة المجلسي في كتابه «زاد المعاد» من أعمال ليلة القدر(4)، ويستفاد من الأخبار والروايات أن يقرأ ثلاث مرّات أو مرّة واحدة على الأقلّ في شهر رمضان المبارك (5).
3. رغم أنّ المشهور أنّ هذا الدعاء مائة فصل، وكلّ فصل يضمّ عشرة أسماء من أسماء اللَّه الحسنى، فيكون مجموعها ألف اسم، لكن يتضحّ أنّه ألف اسم وواحد، لأنّ الفصل 55 يشتمل على 11 إسماً. على كلّ حال نعوذ باللَّه آخر كلّ فصل ونقول «
سُبْحانَكَ يا لا إلهَ إلّاأنْتَ الغَوْث الغَوْث خَلِّصْنا مِنَ النّارِ يا رَبِ
ص: 92
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(1) اللهُمَّ انّى اسْئَلُكَ بِاسْمِكَ يا اللَّهُ يا رَحْمنُ، يا رَحيمُ يا كَريمُ، يا مُقيمُ يا عَظيمُ، ياقَديمُ يا عَليمُ، يا حَليمُ يا حَكيمُ، سُبْحانَكَ يا لا الهَ الَّا انْتَ، الْغَوْثَ، الْغَوْثَ، خَلِّصْنا مِنَ النَّارِ يا رَبِ (2) يا سَيِّدَ السَّاداتِ، يا مُجيبَ الدَّعَواتِ، يا رافِعَ الدَّرَجاتِ، يا وَلِىَ الْحَسَناتِ، يا غافِرَ الْخَطيئآتِ، يا مُعْطِىَ الْمَسْئَلاتِ، يا قابِلَ التَّوْباتِ، يا سامِعَ الْأَصْواتِ، يا عالِمَ الْخَفِيَّاتِ، يا دافِعَ الْبَلِيَّاتِ (3) يا خَيْرَ الْغافِرينَ، يا خَيْرَ الْفاتِحينَ، يا خَيْرَ النَّاصِرينَ، يا خَيْرَ الْحاكِمينَ، يا خَيْرَ الرَّازِقينَ، يا خَيْرَ الْوارِثينَ، يا خَيْرَ الْحامِدينَ، يا خَيْرَ الذَّاكِرينَ، يا خَيْرَ الْمُنْزِلينَ، يا خَيْرَ الْمُحْسِنينَ (4) يا مَنْ لَهُ الْعِزَّةُ وَالْجَمالُ، يا مَنْ لَهُ الْقُدْرَةُ وَالْكَمالُ، يا مَنْ لَهُ الْمُلْكُ وَالْجَلالُ، يا مَنْ هُوَ الْكَبيرُ الْمُتَعالُ، يا مُنْشِى ءَ السَّحابِ الثِّقالِ، يا مَنْ هُوَ شَديدُ الْمِحالِ، يا مَنْ هُوَ سَريعُ الْحِسابِ، يا مَنْ هُوَ شَديدُ الْعِقابِ، يا مَنْ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ، يا مَنْ عِنْدَهُ امُّ الْكِتابِ (5) اللهُمَّ انّى اسْئَلُكَ بِاسْمِكَ يا حَنَّانُ يا مَنَّانُ، يا دَيَّانُ يا بُرْهانُ، يا سُلْطانُ يا رِضْوانُ، يا غُفْرانُ ياسُبْحانُ، يا مُسْتَعانُ يا ذَاالْمَنِّ وَالْبَيانِ (6) يا مَنْ تَواضَعَ كُلُّ شَىْ ءٍ لِعَظَمَتِهِ، يا مَنِ اسْتَسْلَمَ كُلُّ شَىْ ءٍ لِقُدْرَتِهِ، يا مَنْ ذَلَّ كُلُّ شَىْ ءٍ لِعِزَّتِهِ، يا مَنْ خَضَعَ كُلُّ شَىْ ءٍ لِهَيْبَتِهِ، يا مَنِ انْقادَ كُلُّ شَىْ ءٍ مِنْ خَشْيَتِهِ، يا مَنْ تَشَقَّقَتِ الْجِبالُ مِنْ مَخافَتِهِ، يا مَنْ قامَتِ السَّمواتُ بِامْرِهِ، يا مَنِ اسْتَقَرَّتِ الْأَرَضُونَ بِاذْنِهِ، يا مَنْ يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ، يا مَنْ لا يَعْتَدى عَلى اهْلِ مَمْلَكَتِهِ (7) يا غافِرَ الْخَطايا، يا كاشِفَ الْبَلايا، يا مُنْتَهَى الرَّجايا، يا مُجْزِلَ الْعَطايا، يا واهِبَ الْهَدايا، يا رازِقَ الْبَرايا، يا قاضِىَ الْمَنايا، يا سامِعَ الشَّكايا، يا باعِثَ الْبَرايا، يا مُطْلِقَ الْأُسارى (8) ياذَا الْحَمْدِوَالثَّنآءِ، يا ذَاالْفَخْرِ وَاْلبَهآءِ، يا ذَا الْمَجْدِ وَالسَّنآءِ، يا ذَا الْعَهْدِ وَالْوَفآءِ، يا ذَا الْعَفْوِ وَالرِّضآءِ،
ص: 93
يا ذَا الْمَنِّ وَالْعَطآءِ، يا ذَا الْفَصْلِ وَالْقَضآءِ، يا ذَا الْعِزِّ وَالْبَقآءِ، يا ذَا الْجُودِ وَالسَّخآءِ، يا ذَا الْألاءِ وَالنَّعْمآءِ (9) اللهُمَّ انّى اسْئَلُكَ بِاسْمِكَ يا مانِعُ يا دافِعُ، يا رافِعُ يا صانِعُ، يا نافِعُ يا سامِعُ، يا جامِعُ يا شافِعُ، يا واسِعُ يامُوسِعُ (10) يا صانِعَ كُلِّ مَصْنُوعٍ، يا خالِقَ كُلِّ مَخْلُوقٍ، يا رازِقَ كُلِّ مَرْزُوقٍ، يا مالِكَ كُلِّ مَمْلُوكٍ، يا كاشِفَ كُلِّ مَكْرُوبٍ، يا فارِجَ كُلِّ مَهْمُومٍ، يا راحِمَ كُلِّ مَرْحُومٍ، يا ناصِرَ كُلِّ مَخْذُولٍ، يا ساتِرَ كُلِّ مَعْيُوبٍ، يا مَلْجَأَ كُلِّ مَطْرُودٍ (11) يا عُدَّتى عِنْدَ شِدَّتى يا رَجآئى عِنْدَ مُصيبَتى يا مُونِسى عِنْدَ وَحْشَتى يا صاحِبى عِنْدَ غُرْبَتى يا وَلِيّى عِنْدَ نِعْمَتى يا غِياثى عِنْدَ كُرْبَتى يا دَليلى عِنْدَ حَيْرَتى يا غَنآئى عِنْدَ افْتِقارى يا مَلْجَأى عِنْدَ اضْطِرارى يا مُعينى عِنْدَ مَفْزَعى (12) يا عَلَّامَ الْغُيُوبِ، يا غَفَّارَ الذُّنُوبِ، يا سَتَّارَ الْعُيُوبِ، يا كاشِفَ الْكُرُوبِ، يا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ، يا طَبيبَ الْقُلُوبِ، يا مُنَوِّرَ الْقُلُوبِ، يا انيسَ الْقُلُوبِ، يا مُفَرِّجَ الْهُمُومِ، يا مُنَفِّسَ الْغُمُومِ، (13) اللَّهُمَّ انّى اسْئَلُكَ بِاْسمِكَ يا جَليلُ يا جَميلُ، يا وَكيلُ يا كَفيلُ، يا دَليلُ يا قَبيلُ، يا مُديلُ يا مُنيلُ، يا مُقيلُ يا مُحيلُ (14) يا دَليلَ الْمُتَحَيِّرينَ، يا غِياثَ الْمُسْتَغيثينَ، يا صَريخَ الْمُسْتَصْرِخينَ، يا جارَ الْمُسْتَجيرينَ، يا امانَ الْخآئِفينَ، يا عَوْنَ الْمُؤْمِنينَ، يا راحِمَ الْمَساكينَ، يا مَلْجَأَ الْعاصينَ، يا غافِرَ الْمُذْنِبينَ، يا مُجيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرّينَ (15) يا ذَا الْجُودِ وَالْإِحْسانِ، يا ذَا الْفَضْلِ وَالْإِمْتِنانِ، يا ذَا الْأَمْنِ وَالْأَمانِ، يا ذَاالْقُدْسِ وَالسُّبْحانِ، يا ذَا الْحِكْمَةِ وَالْبَيانِ، يا ذَا الرَّحْمَةِ وَالرِّضْوانِ، ياذَا الْحُجَّةِ وَالْبُرْهانِ، يا ذَا الْعَظَمَةِ وَالسُّلْطانِ، يا ذَا الرَّأْفَةِ وَالْمُسْتَعانِ، يا ذَا العَفْوِ وَالْغُفْرانِ (16) يا مَنْ هُوَ رَبُّ كُلِّ شَىْ ءٍ، يا مَنْ هُوَ الهُ كُلِّ شَىْ ءٍ، يا مَنْ هُوَ صانِعُ كُلِّ شَىْ ءٍ، يا مَنْ هُوَ خالِقُ كُلِّ شَىْ ءٍ، يا مَنْ هُوَ قَبْلَ كُلِّ شَىْ ءٍ، يا مَنْ هُوَ بَعْدَ كُلِّ شَىْ ءٍ، يا مَنْ هُوَ فَوْقَ
ص: 94
كُلِ شَىْ ءٍ، يا مَنْ هُوَ عالِمٌ بِكُلِّ شَىْ ءٍ، يا مَنْ هُوَ قادِرٌ عَلى كُلِّ شَىْ ءٍ، يا مَنْ هُوَ يَبْقى وَيَفْنى كُلُّ شَىْ ءٍ (17) اللَّهُمَّ انّى اسْئَلُكَ بِاسْمِكَ يا مُؤْمِنُ يا مُهَيْمِنُ، يا مُكَوِّنُ يا مُلَقِّنُ، يا مُبَيِّنُ يا مُهَوِّنُ، يا مُمَكِّنُ يا مُزَيِّنُ، يامُعْلِنُ يا مُقَسِّمُ (18) يا مَنْ هُوَ في مُلْكِهِ مُقيمٌ، يا مَنْ هُوَ في سُلْطانِهِ قَديمٌ، يا مَنْ هُو في جَلالِهِ عَظيمٌ، يا مَنْ هُوَ عَلى عِبادِهِ رَحيمٌ، يا مَنْ هُوَ بِكُلِّ شَىْ ءٍ عَليمٌ، يا مَنْ هُوَ بِمَنْ عَصاهُ حَليمٌ، يا مَنْ هُوَ بِمَنْ رَجاهُ كَريمٌ، يا مَنْ هُوَ فى صُنْعِهِ حَكيمٌ، يا مَنْ هُوَ في حِكْمَتِهِ لَطيفٌ، يامَنْ هُوَ في لُطْفِهِ قَديمٌ (19) يا مَنْ لايُرْجى الَّا فَضْلُهُ، يا مَنْ لا يُسْئَلُ الَّا عَفْوُهُ، يا مَنْ لايُنْظَرُ الَّا بِرُّهُ، يا مَنْ لا يُخافُ الَّا عَدْلُهُ، يا مَنْ لا يَدُومُ الَّا مُلْكُهُ، يا مَنْ لا سُلْطانَ الَّا سُلْطانُهُ، يا مَنْ وَسِعَتْ كُلَّ شَىْ ءٍ رَحْمَتُهُ، يا مَنْ سَبَقَتْ رَحْمَتُهُ غَضَبَهُ، يا مَنْ احاطَ بِكُلِّ شَىْ ءٍ عِلْمُهُ، يا مَنْ لَيْسَ احَدٌمِثْلَهُ (20) يا فارِجَ الْهَمِّ، يا كاشِفَ الْغَمِّ، يا غافِرَ الذَّنْبِ، يا قابِلَ التَّوْبِ، يا خالِقَ الْخَلْقِ، يا صادِقَ الْوَعْدِ، يا مُوفِىَ الْعَهْدِ، يا عالِمَ السِّرِّ، يا فالِقَ الْحَبِّ، يارازِقَ الْأَنامِ (21) اللَّهُمَّ انّى اسْئَلُكَ بِاسْمِكَ يا عَلِىُّ يا وَفِىُّ، يا غَنِىُّ يا مَلِىُّ، يا حَفِىُّ يا رَضِىُّ، يا زَكِىُّ يا بَدِىُّ، يا قَوِىُّ يا وَلِىُ (22) يا مَنْ اظْهَرَ الْجَميلَ، يا مَنْ سَتَرَ الْقَبيحَ، يا مَنْ لَمْ يُؤاخِذْ بِالْجَريرَةِ، يا مَنْ لَمْ يَهْتِكِ السِّتْرَ، يا عَظيمَ الْعَفْوِ، يا حَسَنَ التَّجاوُزِ، يا واسِعَ الْمَغْفِرَةِ، يا باسِطَ الْيَدَيْنِ بِالرَّحْمَةِ، يا صاحِبَ كُلِّ نَجْوى يا مُنْتَهى كُلِّ شَكْوى (23) يا ذَاالنِّعْمَةِ السَّابِغَةِ، يا ذَا الرَّحْمَةِ الْواسِعَةِ، يا ذَا الْمِنَّةِ السَّابِقَةِ، يا ذَا الْحِكْمَةِ الْبالِغَةِ، يا ذَاالْقُدْرَةِ الْكامِلَةِ، يا ذَا الْحُجَّةِ الْقاطِعَةِ، يا ذَا الْكَرامَةِ الظَّاهِرَةِ، يا ذَا الْعِزَّةِ الدَّآئِمَةِ، يا ذَا الْقُوَّةِ الْمَتينَةِ، يا ذَاالْعَظَمَةِ الْمَنيعَةِ (24) يا بَديعَ السَّمواتِ، يا جاعِلَ الظُّلُماتِ، يا راحِمَ الْعَبَراتِ، يا مُقيلَ الْعَثَراتِ، يا ساتِرَ الْعَوْراتِ، يا مُحْيِىَ الْأَمْواتِ، يا مُنْزِلَ الْاياتِ، يا مُضَعِّفَ الْحَسَناتِ، يا ماحِىَ السَّيِّئاتِ، يا شَديدَ
ص: 95
النَّقِماتِ (25) اللَّهُمَّ انّى اسْئَلُكَ بِاسْمِكَ يا مُصَوِّرُ يا مُقَدِّرُ، يا مُدَبِّرُ يا مُطَهِّرُ، يا مُنَوِّرُ يا مُيَسِّرُ، يا مُبَشِّرُ يامُنْذِرُ، يا مُقَدِّمُ يا مُؤَخِّرُ (26) يا رَبَّ الْبَيْتِ الْحَرامِ، يا رَبَّ الشَّهْرِ الْحَرامِ، يا رَبَّ الْبَلَدِ الْحَرامِ، يا رَبَّ الرُّكْنِ وَالْمَقامِ، يا رَبَّ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ، يا رَبَّ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ، يا رَبَ الْحِلِّ وَالْحَرامِ، يا رَبَّ النُّورِ وَالظَّلامِ، يا رَبَّ التَّحِيَّةِ وَالسَّلامِ، يارَبَّ الْقُدْرَةِ فِى الْأَنامِ (27) يا احْكَمَ الْحاكِمينَ، يا اعْدَلَ الْعادِلينَ، يا اصْدَقَ الصَّادِقينَ، يا اطْهَرَ الطَّاهِرينَ، يا احْسَنَ الْخالِقينَ، يا اسْرَعَ الْحاسِبينَ، يا اسْمَعَ السَّامِعينَ، يا ابْصَرَ النَّاظِرينَ، يا اشْفَعَ الشَّافِعينَ، يا اكْرَمَ الْأَكْرَمينَ (28) يا عِمادَ مَنْ لا عِمادَ لَهُ، يا سَنَدَ مَنْ لا سَنَدَ لَهُ، ياذُخْرَ مَنْ لا ذُخْرَ لَهُ، يا حِرْزَ مَنْ لا حِرْزَ لَهُ، يا غِياثَ مَنْ لا غِياثَ لَهُ، يا فَخْرَ مَنْ لا فَخْرَ لَهُ، يا عِزَّ مَنْ لا عِزَّ لَهُ، يا مُعينَ مَنْ لا مُعينَ لَهُ، يا انيسَ مَنْ لا انيسَ لَهُ، يا امانَ مَنْ لا امانَ لَهُ (29) اللهُمَّ انّى اسْئَلُكَ بِاسْمِكَ يا عاصِمُ يا قائِمُ، يا دآئِمُ يا راحِمُ، يا سالِمُ يا حاكِمُ، يا عالِمُ يا قاسِمُ، يا قابِضُ يا باسِطُ (30) يا عاصِمَ مَنِ اسْتَعْصَمَهُ، يا راحِمَ مَنِ اسْتَرْحَمَهُ، يا غافِرَ مَنِ اسْتَغْفَرَهُ، يا ناصِرَ مَنِ اسْتَنْصَرَهُ، يا حافِظَ مَنِ اسْتَحْفَظَهُ، يا مُكْرِمَ مَنِ اسْتَكْرَمَهُ، يا مُرْشِدَ مَنِ اسْتَرْشَدَهُ، يا صَريخَ مَنِ اسْتَصْرَخَهُ، يا مُعينَ مَنِ اسْتَعانَهُ، يا مُغيثَ مَنِ اسْتَغاثَهُ (31) يا عَزيزاً لا يُضامُ، يا لَطيفاً لا يُرامُ، يا قَيُّوماً لا يَنامُ، يا دائِماً لا يَفُوتُ، يا حَيّاً لايَمُوتُ، يا مَلِكاً لا يَزُولُ، يا باقِياً لا يَفْنى يا عالِماً لا يَجْهَلُ، يا صَمَداً لا يُطْعَمُ، يا قَوِيّاً لايَضْعُفُ (32) اللَّهُمَّ انّى اسْئَلُكَ بِاسْمِكَ يا احَدُ يا واحِدُ، يا شاهِدُ يا ماجِدُ، يا حامِدُ يا راشِدُ، يا باعِثُ يا وارِثُ، يا ضآرُّ يا نافِعُ (33) يا اعْظَمَ مِنْ كُلِّ عَظيمٍ، يا اكْرَمَ مِنْ كُلِّ كَريمٍ، يا ارْحَمَ مِنْ كُلِّ رَحيمٍ، يا اعْلَمَ مِنْ كُلِّ عَليمٍ، يا احْكَمَ مِنْ كُلِّ حَكيمٍ، يا اقْدَمَ مِنْ كُلِّ قَديمٍ، يا اكْبَرَ مِنْ كُلِّ كَبيرٍ، يا الْطَفَ مِنْ كُلِّ لَطيفٍ، يا اجَلَّ مِن كُلِّ جَليلٍ، يا اعَزَّ مِنْ كُلِ
ص: 96
عَزيزٍ (34) يا كَريمَ الصَّفْحِ، يا عَظيمَ الْمَنِّ، يا كَثيرَ الْخَيْرِ، يا قَديمَ الْفَضْلِ، يا دآئِمَ اللُّطْفِ، يا لَطيفَ الصُّنْعِ، يا مُنَفِّسَ الْكَرْبِ، يا كاشِفَ الضُّرِّ، يا مالِكَ الْمُلْكِ، يا قاضِىَ الْحَقِ (35) يا مَنْ هُوَ في عَهْدِهِ وَفِىٌّ، يا مَنْ هُوَ في وَفآئِهِ قَوِىٌّ، يا مَنْ هُوَ في قُوَّتِهِ عَلِىٌّ، يا مَنْ هُوَ في عُلُوِّهِ قَريبٌ، يا مَنْ هُوَ في قُرْبِهِ لَطيفٌ، يا مَنْ هُوَ في لُطْفِهِ شَريفٌ، يا مَنْ هُوَ في شَرَفِهِ عَزيزٌ، يا مَنْ هُوَ في عِزِّهِ عَظيمٌ، يا مَنْ هُوَ فى عَظَمَتِهِ مَجيدٌ، يا مَنْ هُوَ في مَجْدِهِ حَميدٌ (36) اللهُمَّ انّى اسْئَلُكَ بِاسْمِكَ يا كافى يا شافى يا وافى يا مُعافى يا هادى يا داعى يا قاضى يا راضى ياعالى يا باقى (37) يا مَنْ كُلُّ شَىْ ءٍ خاضِعٌ لَهُ، يا مَنْ كُلُّ شَىْ ءٍ خاشِعٌ لَهُ، يا مَنْ كُلُّ شَىْ ءٍ كآئِنٌ لَهُ، يا مَنْ كُلُّ شَىْ ءٍ مَوْجُودٌ بِهِ، يا مَنْ كُلُّ شَىْ ءٍ مُنيبٌ الَيْهِ، يا مَنْ كُلُ شَىْ ءٍ خآئِفٌ مِنْهُ، يا مَنْ كُلُّ شَىْ ءٍ قآئِمٌ بِهِ، يا مَنْ كُلُّ شَىْ ءٍ صآئِرٌ الَيْهِ، يا مَنْ كُلُّ شَىْ ءٍ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ، يا مَنْ كُلُّ شَىْ ءٍ هالِكٌ الَّا وَجْهَهُ (38) يا مَنْ لا مَفَرَّ الَّا الَيْهِ، يا مَنْ لا مَفْزَعَ الَّا الَيْهِ، يا مَنْ لا مَقْصَدَ الَّا الَيْهِ، يا مَنْ لا مَنْجا مِنْهُ الَّا الَيْهِ، يا مَنْ لا يُرْغَبُ الَّا الَيْهِ، يا مَنْ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ الَّا بِهِ، يا مَنْ لا يُسْتَعانُ الَّا بِهِ، يا مَنْ لا يُتَوَكَّلُ الَّا عَلَيْهِ، يامَنْ لا يُرْجى الَّا هُوَ، يا مَنْ لا يُعْبَدُ الَّا هُوَ (39) يا خَيْرَ الْمَرْهُوبينَ، يا خَيْرَ الْمَرْغُوبينَ، يا خَيْرَ الْمَطْلُوبينَ، يا خَيْرَ الْمَسْئُولينَ، يا خَيْرَ الْمَقْصُودينَ، يا خَيْرَ الْمَذْكُورينَ، يا خَيْرَالْمَشْكُورينَ، يا خَيْرَ الْمَحْبُوبينَ، يا خَيْرَ الْمَدْعُوّينَ، يا خَيْرَ الْمُسْتَأْنِسينَ (40) اللهُمَّ انّى اسْئَلُكَ بِاسْمِكَ يا غافِرُ يا ساتِرُ، يا قادِرُ يا قاهِرُ، يا فاطِرُ يا كاسِرُ، يا جابِرُ يا ذاكِرُ، يا ناظِرُ يا ناصِرُ (41) يا مَنْ خَلَقَ فَسَوّى يا مَنْ قَدَّرَ فَهَدى يا مَنْ يَكْشِفُ الْبَلْوى يامَنْ يَسْمَعُ النَّجْوى يا مَنْ يُنْقِذُ الْغَرْقى يا مَنْ يُنْجِى الْهَلْكى يا مَنْ يَشْفِى الْمَرْضى يا مَنْ اضْحَكَ وَابْكى يا مَنْ اماتَ وَاحْيى يا مَنْ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْانْثى (42) يا مَنْ فىِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ سَبيلُهُ، يا
ص: 97
مَنْ فِى الْافاقِ اياتُهُ، يا مَنْ فِى الْاياتِ بُرْهانُهُ، يا مَنْ فِى الْمَماتِ قُدْرَتُهُ، يا مَنْ فِى الْقُبُورِ عِبْرَتُهُ، يا مَنْ فِى الْقِيمَةِ مُلْكُهُ، يا مَنْ فِى الْحِسابِ هَيْبَتُهُ، يا مَنْ فِى الْميزانِ قَضآئُهُ، يا مَنْ فِى الْجَنَّةِ ثَوابُهُ، يا مَنْ فِى النَّارِ عِقابُهُ (43) يا مَنْ الَيْهِ يَهْرَبُ الْخآئِفُونَ، يا مَنْ الَيْهِ يَفْزَعُ الْمُذْنِبُونَ، يا مَنْ الَيْهِ يَقْصِدُ الْمُنيبُونَ، يا مَنْ الَيْهِ يَرْغَبُ الزَّاهِدُونَ، يا مَنْ الَيْهِ يَلْجَأُ الْمُتَحَيِّرُونَ، يا مَنْ بِهِ يَسْتَأْنِسُ الْمُريدُونَ، يا مَنْ بِه يَفْتَخِرُ الْمُحِبُّونَ، يا مَنْ في عَفْوِهِ يَطْمَعُ الْخآطِئُونَ، يامَنْ الَيْهِ يَسْكُنُ الْمُوقِنُونَ، يا مَنْ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ (44) اللهُمَّ انّى اسْئَلُكَ بِاسْمِكَ يا حَبيبُ يا طَبيبُ، يا قَريبُ يا رَقيبُ، يا حَسيبُ يا مُهيبُ، يا مُثيبُ يا مُجيبُ، يا خَبيرُ يا بَصيرُ (45) يا اقَرَبَ مِنْ كُلِّ قَريبٍ، يا احَبَّ مِنْ كُلِّ حَبيبٍ، يا ابْصَرَ مِنْ كُلِّ بَصيرٍ، يا اخْبَرَ مِنْ كُلِّ خَبيرٍ، يا اشْرَفَ مِنْ كُلِّ شَريفٍ، يا ارْفَعَ مِنْ كُلِّ رَفيعٍ، يا اقْوى مِنْ كُلِّ قَوِىٍّ، يا اغْنى مِنْ كُلِّ غَنِىٍّ، يا اجْوَدَ مِنْ كُلِّ جَوادٍ، يا ارْافَ مِنْ كُلِّ رَؤُوفٍ، (46) يا غالِباً غَيْرَ مَغْلُوبٍ، يا صانِعاً غَيْرَ مَصْنُوعٍ، يا خالِقاً غَيْرَ مَخْلُوقٍ، يا مالِكاً غَيْرَ مَمْلُوكٍ، يا قاهِراً غَيْرَ مَقْهُورٍ، يا رافِعاً غَيْرَ مَرْفُوعٍ، يا حافِظاًغَيْرَ مَحْفُوظٍ، يا ناصِراً غَيْرَ مَنْصُورٍ، يا شاهِداً غَيْرَ غآئِبٍ، يا قَريباً غَيْرَ بَعيدٍ (47) يا نُورَالنُّورِ، يا مُنَوِّرَ النُّورِ، يا خالِقَ النُّورِ، يا مُدَبِّرَ النُّورِ، يا مُقَدِّرَ النُّورِ، يا نُورَ كُلِّ نُورٍ، يا نُوراً قَبْلَ كُلِّ نُورٍ، يا نُوراً بَعْدَ كُلِّ نُورٍ، يا نُوراً فَوْقَ كُلِّ نُورٍ، يا نُوراً لَيْسَ كَمِثْلِهِ نُورٌ (48) يامَنْ عَطآئُهُ شَريفٌ، يامَنْ فِعْلُهُ لَطيفٌ، يا مَنْ لُطْفُهُ مُقيمٌ، يا مَنْ احْسانُهُ قَديمٌ، يا مَنْ قَوْلُهُ حَقٌّ، يا مَنْ وَعْدُهُ صِدْقٌ، يا مَنْ عَفْوُهُ فَضْلٌ، يا مَنْ عَذابُهُ عَدْلٌ، يا مَنْ ذِكْرُهُ حُلْوٌ، يا مَنْ فَضْلُهُ عَميمٌ (49) اللهُمَّ انّى اسْئَلُكَ بِاسْمِكَ يا مُسَهِّلُ يا مُفَصِّلُ، يا مُبَدِّلُ يا مُذَلِّلُ، يا مُنَزِّلُ يامُنَوِّلُ، يا مُفْضِلُ يا مُجْزِلُ، يا مُمْهِلُ يا مُجْمِلُ (50) يا مَنْ يَرى وَلا يُرى يا مَنْ يَخْلُقُ وَلا يُخْلَقُ، يا مَنْ يَهْدى
ص: 98
وَلا يُهْدى يا مَنْ يُحْيى وَلا يُحْيى يا مَنْ يَسْئَلُ وَلا يُسْئَلُ، يا مَنْ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ، يا مَنْ يُجيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ، يا مَنْ يَقْضى وَلا يُقْضى عَلَيْهِ، يا مَنْ يَحْكُمُ وَلا يُحْكَمُ عَلَيْهِ، يا مَنْ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً احَدٌ (51) يا نِعْمَ الْحَسيبُ، يا نِعْمَ الطَّبيبُ، يا نِعْمَ الرَّقيبُ، يا نِعْمَ الْقَريبُ، يا نِعْمَ الْمُجيبُ، يا نِعْمَ الْحَبيبُ، يا نِعْمَ الْكَفيلُ، يا نِعْمَ الَوْكيلُ، يا نِعْمَ الْمَوْلى يا نِعْمَ النَّصيرُ (52) يا سُرُورَ الْعارِفينَ، يا مُنَى الْمُحِبّينَ، يا انيسَ الْمُريدينَ، يا حَبيبَ التَّوَّابينَ، يا رازِقَ الْمُقِلّينَ، يا رَجآءَ الْمُذْنِبينَ، يا قُرَّةَ عَيْنِ الْعابِدينَ، يا مُنَفِّسَ عَنِ الْمَكْرُوبينَ، يا مُفَرِّجَ عَنِ الْمَغْمُومينَ، يا الهَ الْأَوَّلينَ وَالْأخِرينَ (53) اللَّهُمَّ انّى اسْئَلُكَ بِاسْمِكَ يا رَبَّنا يا الهَنا، يا سَيِّدَنا يا مَوْلينا، يا ناصِرَنا يا حافِظَنا، يا دَليلَنا يا مُعينَنا، يا حَبيبَنا يا طَبيبَنا (54) يا رَبَّ النَّبيّينَ وَالْأَبْرارِ، يا رَبَّ الصِّدّيقينَ وَالْأَخْيارِ، يا رَبَّ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، يا رَبَّ الصِّغارِ وَالْكِبارِ، يا رَبَّ الْحُبُوبِ وَالثِّمارِ، يا رَبَّ الْأَنْهارِ وَالْأَشْجارِ، يا رَبَّ الصَّحارى وَالْقِفارِ، يا رَبَّ الْبَرارى وَالْبِحارِ، يا رَبَّ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ، يا رَبَّ الْأَعْلانِ وَالْأَسْرارِ (55) يا مَنْ نَفَذَ في كُلِّ شَىْ ءٍ امْرُهُ، يا مَنْ لَحِقَ بِكُلِّ شَىْ ءٍ عِلْمُهُ، يا مَنْ بَلَغَتْ الى كُلِّ شَىْ ءٍ قُدْرَتُهُ، يا مَنْ لا تُحْصِى الْعِبادُ نِعَمَهُ، يا مَنْ لا تَبْلُغُ الْخَلائِقُ شُكْرَهُ، يا مَنْ لاتُدْرِكُ الْأَفْهامُ جَلالَهُ، يا مَنْ لا تَنالُ الْأَوْهامُ كُنْهَهُ، يا مَنِ الْعَظَمَةُ وَالْكِبْرِيآءُ رِدآئُهُ، يا مَنْ لاتَرُدُّ الْعِبادُ قَضآئَهُ، يا مَنْ لا مُلْكَ الَّا مُلْكُهُ، يا مَنْ لا عَطآءَ الَّا عَطآئُهُ (56) يا مَنْ لَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى يا مَنْ لَهُ الصِّفاتُ الْعُلْيا، يا مَنْ لَهُ الْاخِرَةُ وَالْاولى يا مَنْ لَهُ الْجَنَّةُ الْمَاْوى يا مَنْ لَهُ الْاياتُ الْكُبْرى يا مَنْ لَهُ الْأَسْمآءُ الْحُسْنى يا مَنْ لَهُ الْحُكْمُ وَالْقَضآءُ، يا مَنْ لَهُ الْهَوآءُ وَالْفَضآءُ، يا مَنْ لَهُ الْعَرْشُ وَالثَّرى يا مَنْ لَهُ السَّمواتُ الْعُلى (57) اللهُمَّ انّى اسْئَلُكَ بِاسْمِكَ يا عَفُوُّ ياغَفُورُ، يا صَبُورُ يا شَكُورُ، يا رَءُوفُ ياعَطُوفُ، يا
ص: 99
مَسْئُولُ يا وَدُودُ، يا سُبُّوحُ يا قُدُّوسُ (58) يا مَنْ فِى السَّمآءِ عَظَمَتُهُ، يا مَنْ فِى الْأَرْضِ اياتُهُ، يا مَنْ في كُلِّ شَىْ ءٍ دَلائِلُهُ، يا مَنْ فِى الْبِحارِ عَجائِبُهُ، يا مَنْ فِى الْجِبالِ خَزآئِنُهُ، يا مَنْ يَبْدَءُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعيدُهُ، يا مَنْ الَيْهِ يَرْجِعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ، يا مَنْ اظْهَرَ في كُلِّ شَىْ ءٍ لُطْفَهُ، يا مَنْ احْسَنَ كُلَّ شَىْ ءٍ خَلْقَهُ، يا مَنْ تَصَرَّفَ فِى الْخَلائِقِ قُدْرَتُهُ (59) يا حَبيبَ مَنْ لا حَبيبَ لَهُ، يا طَبيبَ مَنْ لاطَبيبَ لَهُ، يا مُجيبَ مَنْ لا مُجيبَ لَهُ، يا شَفيقَ مَنْ لا شَفيقَ لَهُ، يا رَفيقَ مَنْ لا رَفيقَ لَهُ، يا مُغيثَ مَن لا مُغيثَ لَهُ، يا دَليلَ مَنْ لا دَليلَ لَهُ، يا انيسَ مَنْ لا انيسَ لَهُ، يا راحِمَ مَنْ لاراحِمَ لَهُ، يا صاحِبَ مَنْ لا صاحِبَ لَهُ (60) يا كافِىَ مَنِ اسْتَكْفاهُ، يا هادِىَ مَنِ اسْتَهْداهُ، يا كالِئَ مَنِ اسْتَكْلاهُ، يا راعِىَ مَنِ اسْتَرْعاهُ، يا شافِىَ مَنِ اسْتَشْفاهُ، يا قاضِىَ مَنِ اسْتَقْضاهُ، يا مُغْنِىَ مَنِ اسْتَغْناهُ، يا مُوفِىَ مَنِ اسْتَوْفاهُ، يا مُقَوِّىَ مَنِ اسْتَقْواهُ، يا وَلِىَّ مَنِ اسْتَوْلاهُ (61) اللهُمَّ انّى اسْئَلُكَ بِاسْمِكَ يا خالِقُ يا رازِقُ، يا ناطِقُ يا صادِقُ، يا فالِقُ يا فارِقُ، يا فاتِقُ ياراتِقُ، يا سابِقُ يا سامِقُ (62) يا مَنْ يُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ، يا مَنْ جَعَلَ الظُّلُماتِ وَالْأَنْوارَ، يا مَنْ خَلَقَ الظِّلَّ وَالْحَرُورَ، يا مَنْ سَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ، يا مَنْ قَدَّرَ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ، يا مَنْ خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيوةَ، يا مَنْ لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ، يا مَنْ لَمْ يَتَّخِذْ صاحِبَةً وَلا وَلَداً، يا مَنْ لَيْسَ لَهُ شَريكٌ فِى الْمُلْكِ، يا مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِىٌّ مِنَ الذُّلِ (63) يا مَنْ يَعْلَمُ مُرادَ الْمُريدينَ، يا مَنْ يَعْلَمُ ضَميرَ الصَّامِتينَ، يا مَنْ يَسْمَعُ انينَ الْواهِنينَ، يا مَنْ يَرى بُكآءَ الْخآئِفينَ، يا مَنْ يَمْلِكُ حَوائِجَ السَّآئِلينَ، يا مَنْ يَقْبَلُ عُذْرَ التَّآئِبينَ، يا مَنْ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدينَ، يا مَنْ لا يُضيعُ اجْرَالْمُحْسِنينَ، يا مَنْ لا يَبْعُدُ عَنْ قُلُوبِ الْعارِفينَ، يا اجْوَدَ الْأَجْودينَ (64) يا دآئِمَ الْبَقآءِ، يا سامِعَ الدُّعآءِ، يا واسِعَ الْعَطآءِ، يا غافِرَ الْخَطآءِ، يا بَديعَ السَّمآءِ، يا حَسَنَ الْبَلاءِ، يا جَميلَ الثَّنآءِ، يا قَديمَ السَّنآءِ، يا كَثيرَ
ص: 100
الْوَفآءِ، يا شَريفَ الْجَزآءِ (65) اللهُمَّ انّى اسْئَلُكَ بِاسْمِكَ يا سَتَّارُ يا غَفَّارُ، يا قَهَّارُ يا جَبَّارُ، يا صَبَّارُ يابآرُّ، يا مُخْتارُ يا فَتَّاحُ، يا نَفَّاحُ يا مُرْتاحُ (66) يا مَنْ خَلَقَنى وَسَوَّانى يا مَنْ رَزَقَنى وَرَبَّانى يا مَنْ اطْعَمَنى وَسَقانى يا مَنْ قَرَّبَنى وَادْنانى يا مَنْ عَصَمَنى وَكَفانى يا مَنْ حَفَظَنى وَكَلانى يا مَنْ اعَزَّنى وَاغْنانى يا مَنْ وَفَّقَنى وَهَدانى يا مَنْ انَسَنى وَآوانى يا مَنْ اماتَنى وَاحْيانى (67) يا مَنْ يُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ، يا مَنْ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ، يا مَنْ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ، يا مَنْ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ الَّا بِاذْنِهِ، يا مَنْ هُوَ اعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبيلِهِ، يا مَنْ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ، يا مَنْ لا رآدَّ لِقَضآئِهِ، يا مَنِ انْقادَ كُلُّ شَىْ ءٍ لِأَمْرِهِ، يا مَنِ السَّمواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمينِهِ، يا مَنْ يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَىْ رَحْمَتِهِ (68) يا مَنْ جَعَلَ الْأَرْضَ مِهاداً، يا مَنْ جَعَلَ الْجِبالَ اوْتاداً، يا مَنْ جَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً، يا مَنْ جَعَلَ الْقَمَرَ نُوراً، يا مَنْ جَعَلَ اللَّيْلَ لِباساً، يا مَنْ جَعَلَ النَّهارَ مَعاشاً، يا مَنْ جَعَلَ النَّوْمَ سُباتاً، يا مَنْ جَعَلَ السَّمآءَ بِنآءً، يا مَنْ جَعَلَ الْأَشْيآءَ ازْواجاً، يا مَنْ جَعَلَ النَّارَ مِرْصاداً (69) اللهُمَّ انّى اسْئَلُكَ بِاسْمِكَ يا سَميعُ يا شَفيعُ، يا رَفيعُ يا مَنيعُ، يا سَريعُ يا بَديعُ، يا كَبيرُ يا قَديرُ، يا خَبيرُ يا مُجيرُ (70) يا حَيّاً قَبْلَ كُلِّ حَىٍّ، يا حَيّاً بَعْدَ كُلِّ حَىٍّ، يا حَىُّ الَّذى لَيْسَ كَمِثْلِهِ حَىٌّ، يا حَىُّ الَّذى لا يُشارِكُهُ حَىٌّ، يا حَىُّ الَّذى لا يَحْتاجُ الى حَىٍّ، يا حَىُّ الَّذى يُميتُ كُلَّ حَىٍّ، يا حَىُّ الَّذى يَرْزُقُ كُلَّ حَىٍّ، ياحَيّاً لَمْ يَرِثِ الْحَيوةَ مِنْ حَىٍّ، يا حَىُّ الَّذى يُحْيِى الْمَوْتى يا حَىُّ يا قَيُّومُ لا تَاْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ (71) يا مَنْ لَهُ ذِكْرٌ لا يُنْسى يا مَنْ لَهُ نُورٌ لا يُطْفى يا مَنْ لَهُ نِعَمٌ لا تُعَدُّ، يا مَنْ لَهُ مُلْكٌ لا يَزُولُ، يا مَنْ لَهُ ثَنآءٌ لا يُحْصى يا مَنْ لَهُ جَلالٌ لا يُكَيَّفُ، يا مَنْ لَهُ كَمالٌ لا يُدْرَكُ، يا مَنْ لَهُ قَضآءٌ لا يُرَدُّ، يا مَنْ لَهُ صِفاتٌ لا تُبَدَّلُ، يا مَنْ لَهُ نُعُوتٌ لا تُغَيَّرُ (72) يا رَبَّ الْعالَمينَ، يا مالِكَ يَوْمِ الدّينِ، يا غايَةَ
ص: 101
الطَّالِبينَ، يا ظَهْرَ اللَّاجينَ، يا مُدْرِكَ الْهارِبينَ، يا مَنْ يُحِبُّ الصَّابِرينَ، يا مَنْ يُحِبُّ التَّوَّابينَ، يا مَنْ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرينَ، يا مَنْ يُحِبُّ الْمُحْسِنينَ، يا مَنْ هُوَ اعْلَمُ بِالْمُهْتَدينَ (73) اللهُمَّ انّى اسْئَلُكَ بِاسْمِكَ يا شَفيقُ يا رَفيقُ، يا حَفيظُ يا مُحيطُ، يا مُقيتُ يا مُغيثُ، يا مُعِزُّ يامُذِلُّ، يا مُبْدِئُ يا مُعيدُ (74) يا مَنْ هُوَ احَدٌ بِلا ضِدٍّ، يا مَنْ هُوَ فَرْدٌ بِلا نِدٍّ، يا مَنْ هُوَ صَمَدٌ بِلا عَيْبٍ، يا مَنْ هُوَ وِتْرٌ بِلا كَيْفٍ، يا مَنْ هُوَ قاضٍ بِلا حَيْفٍ، يا مَنْ هُوَ رَبٌّ بِلا وَزيرٍ، يا مَنْ هُوَ عَزيزٌ بِلا ذُلٍّ، يا مَنْ هُوَ غَنِىٌّ بِلافَقْرٍ، يا مَنْ هُوَ مَلِكٌ بِلا عَزْلٍ، يا مَنْ هُوَ مَوْصُوفٌ بِلا شَبيهٍ (75) يا مَنْ ذِكْرُهُ شَرَفٌ لِلذَّاكِرينَ، يا مَنْ شُكْرُهُ فَوْزٌ لِلشَّاكِرينَ، يا مَنْ حَمْدُهُ عِزٌّ لِلْحامِدينَ، يا مَنْ طاعَتُهُ نَجاةٌ لِلْمُطيعينَ، يا مَنْ بابُهُ مَفْتُوحٌ لِلطَّالِبينَ، يا مَنْ سَبيلُهُ واضِحٌ لِلْمُنيبينَ، يا مَنْ اياتُهُ بُرْهانٌ لِلنَّاظِرينَ، يا مَنْ كِتابُهُ تَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقينَ، يا مَنْ رِزْقُهُ عُمُومٌ لِلطَّآئِعينَ وَالْعاصينَ، يا مَنْ رَحْمَتُهُ قَريبٌ مِنَ الْمُحْسِنينَ (76) يا مَنْ تَبارَكَ اسْمُهُ، يا مَنْ تَعالى جَدُّهُ، يا مَنْ لا الهَ غَيْرُهُ، يا مَنْ جَلَّ ثَنآئُهُ، يا مَنْ تَقَدَّسَتْ اسْمآئُهُ، يا مَنْ يَدُومُ بَقآئُهُ، يا مَنِ الْعَظَمَةُ بَهآئُهُ، يا مَنِ الْكِبْرِيآءُ رِدآئُهُ، يا مَنْ لا تُحْصى الائُهُ، يا مَنْ لا تُعَدُّ نَعْمآئُهُ (77) اللهُمَّ انّى اسْئَلُكَ بِاسْمِكَ يا مُعينُ يا امينُ، يا مُبينُ يا مَتينُ، يا مَكينُ يا رَشيدُ، يا حَميدُ يا مَجيدُ، يا شَديدُ ياشَهيدُ (78) يا ذَاالْعَرْشِ الْمَجيدِ، يا ذَا الْقَوْلِ السَّديدِ، يا ذَا الْفِعْلِ الرَّشيدِ، يا ذَا الْبَطْشِ الشَّديدِ، ياذَا الْوَعْدِ وَالْوَعيدِ، يا مَنْ هُوَ الْوَلِىُّ الْحَميدُ، يا مَنْ هُوَ فَعَّالٌ لِما يُريدُ، يا مَنْ هُوَ قَريبٌ غَيْرُ بَعيدٍ، يا مَنْ هُوَ عَلى كُلِّ شَىْ ءٍ شَهيدٌ، يا مَنْ هُوَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبيدِ (79) يا مَنْ لا شَريكَ لَهُ وَلا وَزيرَ، يا مَنْ لا شَبيهَ لَهُ وَلا نَظيرَ، يا خالِقَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ الْمُنيرِ، يا مُغْنِىَ الْبآئِسِ الْفَقيرِ، يا رازِقَ الْطِّفْلِ الصَّغيرِ، يا راحِمَ الشَّيْخِ الْكَبيرِ، يا جابِرَ الْعَظْمِ الْكَسيرِ، يا عِصْمَةَ الْخآئِفِ الْمُسْتَجيرِ، يا
ص: 102
مَنْ هُوَ بِعِبادِهِ خَبيرٌ بَصيرٌ، يا مَنْ هُوَ عَلى كُلِّ شَىْ ءٍ قَديرٌ (80) يا ذَا الْجُودِ وَالنِّعَمِ، يا ذَا الْفَضْلِ وَالْكَرَمِ، يا خالِقَ اللَّوْحِ وَالْقَلَمِ، يا بارِئَ الذَّرِّ وَالنَّسَمِ، يا ذَا الْبَأْسِ وَالنِّقَمِ، يا مُلْهِمَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ، يا كاشِفَ الضُّرِّ وَالْأَلَمِ، يا عالِمَ السِّرِّ وَالْهِمَمِ، يارَبَّ الْبَيْتِ وَالْحَرَمِ، يا مَنْ خَلَقَ الْأَشيآءَ مِنَ الْعَدَمِ (81) اللهُمَّ انّى اسْئَلُكَ بِاسْمِكَ يا فاعِلُ يا جاعِلُ، يا قابِلُ يا كامِلُ، يا فاصِلُ يا واصِلُ، يا عادِلُ ياغالِبُ، يا طالِبُ يا واهِبُ (82) يا مَنْ انْعَمَ بِطَوْلِهِ، يا مَنْ اكْرَمَ بِجُودِهِ، يا مَنْ جادَ بِلُطْفِهِ، يا مَنْ تَعَزَّزَ بِقُدْرَتِهِ، يا مَنْ قَدَّرَ بِحِكْمَتِهِ، يا مَنْ حَكَمَ بِتَدْبيرِهِ، يا مَنْ دَبَّرَ بِعِلْمِهِ، يا مَنْ تَجاوَزَ بِحِلْمِهِ، يا مَنْ دَنى في عُلُوِّهِ، يا مَنْ عَلا في دُنُوِّهِ (83) يا مَنْ يَخْلُقُ ما يَشآءُ، يا مَنْ يَفْعَلُ ما يَشآءُ، يا مَنْ يَهْدى مَنْ يَشآءُ، يا مَنْ يُضِلُّ مَنْ يَشآءُ، يا مَنْ يُعَذِّبُ مَنْ يَشآءُ، يا مَنْ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشآءُ، يا مَنْ يُعِزُّ مَنْ يَشآءُ، يا مَنْ يُذِلُّ مَنْ يَشآءُ، يا مَنْ يُصَوِّرُ فِى الْأَرْحامِ ما يَشآءُ، يا مَنْ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشآءُ (84) يا مَنْ لَمْ يَتَّخِذْ صاحِبَةً وَلا وَلَداً، يا مَنْ جَعَلَ لِكُلِّ شَىْ ءٍ قَدْراً، يا مَنْ لا يُشْرِكُ في حُكْمِهِ احَداً، يا مَنْ جَعَلَ الْمَلائِكَةَ رُسُلًا، يا مَنْ جَعَلَ فِى السَّمآءِ بُرُوجاً، يا مَنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً، يا مَنْ خَلَقَ مِنَ الْمآءِ بَشَراً، يا مَنْ جَعَلَ لِكُلِّ شَىْ ءٍ امَداً، يا مَنْ احاطَ بِكُلِّ شَىْ ءٍ عِلْماً، يا مَنْ احْصى كُلَّ شَىْ ءٍ عَدَداً (85) اللهُمَّ انّى اسْئَلُكَ بِاسْمِكَ يا اوَّلُ يا اخِرُ، يا ظاهِرُ يا باطِنُ، يا بَرُّ يا حَقُّ، يا فَرْدُ يا وِتْرُ، يا صَمَدُ يا سَرْمَدُ (86) يا خَيْرَ مَعْرُوفٍ عُرِفَ، يا افْضَلَ مَعْبُودٍ عُبِدَ، يا اجَلَّ مَشْكُورٍ شُكِرَ، يا اعَزَّ مَذْكُورٍ ذُكِرَ، يا اعْلى مَحْمُودٍ حُمِدَ، يا اقْدَمَ مَوْجُودٍ طُلِبَ، يا ارْفَعَ مَوْصُوفٍ وُصِفَ، يا اكْبَرَ مَقْصُودٍ قُصِدَ، يا اكْرَمَ مَسْئُولٍ سُئِلَ، يا اشْرَفَ مَحْبُوبٍ عُلِمَ (87) يا حَبيبَ الْباكينَ، يا سَيِّدَ الْمُتَوَكِّلينَ، يا هادِىَ الْمُضِلّينَ، يا وَلِىَّ الْمُؤْمِنينَ، يا انيسَ الذَّاكِرينَ، يا مَفْزَعَ الْمَلْهُوفينَ، يا مُنْجِىَ الصَّادِقينَ، يا اقْدَرَ الْقادِرينَ، يا
ص: 103
اعْلَمَ الْعالِمينَ، يا الهَ الْخَلْقِ اجْمَعينَ (88) يا مَنْ عَلا فَقَهَرَ، يا مَنْ مَلَكَ فَقَدَرَ، يا مَنْ بَطَنَ فَخَبَرَ، يا مَنْ عُبِدَ فَشَكَرَ، يا مَنْ عُصِىَ فَغَفَرَ، يا مَنْ لا تَحْويهِ الْفِكَرُ، يا مَنْ لا يُدْرِكُهُ بَصَرٌ، يا مَنْ لا يَخْفى عَلَيْهِ اثَرٌ، يا رازِقَ الْبَشَرِ، يا مُقَدِّرَ كُلِّ قَدَرٍ (89) اللهُمَّ انّى اسْئَلُكَ بِاسْمِكَ يا حافِظُ يا بارِئُ، يا ذارِئُ يا باذِخُ، يا فارِجُ يا فاتِحُ، يا كاشِفُ يا ضامِنُ، يا امِرُ يا ناهى (90) يامَنْ لا يَعْلَمُ الْغَيْبَ الَّا هُوَ، يا مَنْ لا يَصْرِفُ السُّوءَ الَّا هُوَ، يا مَنْ لايَخْلُقُ الْخَلْقَ الَّا هُوَ، يا مَنْ لايَغْفِرُ الذَّنْبَ الَّا هُوَ، يامَنْ لا يُتِمُّ النِّعْمَةَ الَّا هُوَ، يا مَنْ لا يُقَلِّبُ الْقُلُوبَ الَّا هُوَ، يا مَنْ لا يُدَبِّرُ الْأَمْرَ الَّا هُوَ، يا مَنْ لايُنَزِّلُ الْغَيْثَ الَّا هُوَ، يا مَنْ لا يَبْسُطُ الرِّزْقَ الَّا هُوَ، يا مَنْ لايُحْيِى الْمَوْتى الَّا هُوَ (91) يا مُعينَ الضُّعَفآءِ، يا صاحِبَ الْغُرَبآءِ، يا ناصِرَ الْأَوْلِيآءِ، يا قاهِرَ الْأَعْدآءِ، يا رافِعَ السَّمآءِ، يا انيسَ الْأَصْفِيآءِ، يا حَبيبَ الْأَتْقِيآءِ، يا كَنْزَ الْفُقَرآءِ، يا الهَ الْأَغْنِيآءِ، يا اكْرَمَ الْكُرَمآءِ (92) يا كافِياً مِنْ كُلِّ شَىْ ءٍ، يا قآئِماً عَلى كُلِّ شَىْ ءٍ، يا مَنْ لا يُشْبِهُهُ شَىْ ءٌ، يا مَنْ لا يَزيدُ في مُلْكِهِ شَىْ ءٌ، يا مَنْ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَىْ ءٌ، يا مَنْ لا يَنْقُصُ مِنْ خَزآئِنِهِ شَىْ ءٌ، يا مَنْ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْ ءٌ، يا مَنْ لا يَعْزُبُ عَنْ عِلْمِهِ شَىْ ءٌ، يا مَنْ هُوَ خَبيرٌ بِكُلِّ شَىْ ءٍ، يا مَنْ وَسِعَتْ رَحْمَتُهُ كُلَّ شَىْ ءٍ (93) اللهُمَّ انّى اسْئَلُكَ بِاسْمِكَ يا مُكْرِمُ يا مُطْعِمُ، يا مُنْعِمُ يا مُعْطى يا مُغْنى يا مُقْنى يا مُفْنى يا مُحْيى يا مُرْضى يامُنْجى (94) يا اوَّلَ كُلِّ شَىْ ءٍ وَآخِرَهُ، يا الهَ كُلِّ شَىْ ءٍ وَمَليكَهُ، يا رَبَّ كُلِّ شَىْ ءٍ وَصانِعَهُ، يا بارِئَ كُلِّ شَىْ ءٍ وَخالِقَهُ، يا قابِضَ كُلِّ شَىْ ءٍ وَباسِطَهُ، يا مُبْدِئَ كُلِ شَىْ ءٍ وَمُعيدَهُ، يا مُنْشِئَ كُلِّ شَىْ ءٍ وَمُقَدِّرَهُ، يا مُكَوِّنَ كُلِّ شَىْ ءٍ وَمُحَوِّلَهُ، يا مُحْيِىَ كُلِّ شَىْ ءٍ وَمُميتَهُ، يا خالِقَ كُلِّ شَىْ ءٍ وَوارِثَهُ (95) يا خَيْرَ ذاكِرٍ وَمَذْكُورٍ، يا خَيْرَ شاكِرٍ وَمَشْكُورٍ، يا خَيْرَ حامِدٍ وَمَحْمُودٍ، يا خَيْرَ شاهِدٍ وَمَشْهُودٍ، يا خَيْرَ داعٍ وَمَدْعُوٍّ، يا خَيْرَ مُجيبٍ وَمُجابٍ، يا
ص: 104
خَيْرَ مُونِسٍ وَانيسٍ، يا خَيْرَ صاحِبٍ وَجَليسٍ، يا خَيْرَ مَقْصُودٍ وَمَطْلُوبٍ، يا خَيْرَ حَبيبٍ وَمَحْبُوبٍ (96) يا مَنْ هُوَ لِمَنْ دَعاهُ مُجيبٌ، يا مَنْ هُوَ لِمَنْ اطاعَهُ حَبيبٌ، يا مَنْ هُوَ الى مَنْ احَبَّهُ قَريبٌ، يا مَنْ هُوَ بِمَنِ اسْتَحْفَظَهُ رَقيبٌ، يا مَنْ هُوَ بِمَنْ رَجاهُ كَريمٌ، يا مَنْ هُوَ بِمَنْ عَصاهُ حَليمٌ، يا مَنْ هُوَ في عَظَمَتِهِ رَحيمٌ، يا مَنْ هُوَ في حِكْمَتِهِ عَظيمٌ، يا مَنْ هُوَ في احْسانِهِ قَديمٌ، يا مَنْ هُوَ بِمَنْ ارادَهُ عَليمٌ (97) اللهُمَّ انّى اسْئَلُكَ بِاسْمِكَ يامُسَبِّبُ يا مُرَغِّبُ، يا مُقَلِّبُ يا مُعَقِّبُ، يا مُرَتِّبُ يا مُخَوِّفُ، يا مُحَذِّرُ يا مُذَكِّرُ، يا مُسَخِّرُيا مُغَيِّرُ (98) يا مَنْ عِلْمُهُ سابِقٌ، يا مَنْ وَعْدُهُ صادِقٌ، يا مَنْ لُطْفُهُ ظاهِرٌ، يا مَنْ امْرُهُ غالِبٌ، يا مَنْ كِتابُهُ مُحْكَمٌ، يا مَنْ قَضآئُهُ كائِنٌ، يا مَنْ قُرْآنُهُ مَجيدٌ، يا مَنْ مُلْكُهُ قَديمٌ، يا مَنْ فَضْلُهُ عَميمٌ، يا مَنْ عَرْشُهُ عَظيمٌ (99) يا مَنْ لايَشْغَلُهُ سَمْعٌ عَنْ سَمْعٍ، يا مَنْ لا يَمْنَعُهُ فِعْلٌ عَنْ فِعْلٍ، يا مَنْ لا يُلْهيهِ قَوْلٌ عَنْ قَوْلٍ، يا مَنْ لا يُغَلِّطُهُ سُؤالٌ عَنْ سُؤالٍ، يا مَنْ لا يَحْجُبُهُ شَىْ ءٌ عَنْ شَىْ ءٍ، يا مَنْ لا يُبْرِمُهُ الْحاحُ الْمُلِحّينَ، يا مَنْ هُوَ غايَةُ مُرادِ الْمُريدينَ، يا مَنْ هُوَ مُنْتَهى هِمَمِ الْعارِفينَ، يا مَنْ هُوَ مُنْتَهى طَلَبِ الطَّالِبينَ، يا مَنْ لا يَخْفى عَلَيْهِ ذَرَّةٌ فِى الْعالَمينَ (100) يا حَليماً لا يَعْجَلُ، يا جَواداً لا يَبْخَلُ، يا صادِقاً لا يُخْلِفُ، يا وَهَّاباً لا يَمَلُّ، يا قاهِراً لا يُغْلَبُ، يا عَظيماً لا يُوصَفُ، يا عَدْلًا لا يَحيفُ، يا غَنِيّاً لا يَفْتَقِرُ، يا كَبيراً لا يَصْغُرُ، يا حافِظاً لا يَغْفُلُ، سُبْحانَكَ يا لا الهَ الَّا انْتَ، الْغَوْثَ، الْغَوْثَ، خَلِّصْنا مِنَ النَّارِ يا رَبّ.
-*-*-*-
ص: 105
(1) ورد هذا الدعاء في مختلف الكتب (2) وله شأن رفيع ومنزلة عظيمة مفيد في البلاء ودفع الظالم.
جاء في كتاب مهج الدعوات: لما همّ موسى بن المهدي العباسي بقتل الإمام الكاظم عليه السلام وبلغ شيعته وأهل بيته الخبر، اغتمّوا، فقال عليه السلام: «
لِيُفْرِخْ رَوْعُكُم أنَّهُ لا يَرِدُ أوَّلُ كِتابٍ مِنَ العِراقِ إلّا بِمَوْتِ مُوسى بنِ المَهْدِيِّ وهَلَاكِه
». فقال: وما ذاك؟ فقال عليه السلام: «
سَنَح لي جَدِّي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و آله في مَنامِي فَشَكَوْتُ إلَيهِ مُوسى بنَ المَهْدِيّ. فقال لي: لِتَطُبْ نَفْسُك، قَدْ أهْلَكَ اللَّهُ آنِفاً عَدوَّكَ فَلْتُحْسِنْ للَّهِ شُكْرَك
». فاستقبل عليه السلام القبلة وقرأ هذا الدعاء، طبق نقل «البلد الأمين».
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ
الهى كَمْ مِنْ عَدُوٍّ انْتَضى عَلَىَّ سَيفَ عَداوَتِهِ، وَشَحَذَ لى ظُبَةَ مِدْيَتِهِ، وَارْهَفَ لى شَباحَدِّهِ، وَدافَ لى قَواتِلَ سُمُومِهِ، وَسَدَّدَ الَىَّ صَوائِبَ سِهامِهِ، وَلَمْ تَنَمْ عَنّى عَيْنُ حِراسَتِهِ، وَاضْمَرَ انْ يَسُومَنِى الْمَكْرُوهَ، وَيُجَرِّعَنى ذُعافَ مَرارَتِهِ، نَظَرْتَ الى ضَعْفى عَنِ احْتِمالِ الْفَوادِحِ، وَعَجْزى عَنِ الْإِنْتِصارِ مِمَّنْ قَصَدَنى بِمُحارَبَتِهِ، وَوَحْدَتى فى كَثيرٍ مِمَّنْ ناوانى وَارْصادِهِمْ لى فيما لَمْ اعْمِلْ فيهِ فِكْرى في الْإِرْصادِ لَهُمْ بِمِثْلِهِ، فَايَّدْتَنى بِقُوَّتِكَ، وَشَدَدْتَ ازْرى بِنُصْرَتِكَ، وفَلَلْتَ لى شَباحَدِّهِ، وَخَذَلْتَهُ بَعْدَ جَمْعِ عَديدِهِ وَحَشْدِهِ، واعْلَيْتَ كَعْبى عَلَيْهِ، وَوَجَّهْتَ ما سَدَّدَ الَىَّ مِنْ مَكائِدِهِ الَيْهِ، وَرَدَدْتَهُ عَلَيْهِ، وَلَمْ تَشْفِ غَليلَهُ، وَلَمْ تَبْرُدْ حَزازاتُ غَيْظِهِ، وَقَدْ عَضَّ عَلَىَّ انامِلَهُ، وَادْبَرَ مُوَلِّياً قَدْ اخْفَقَتْ سَراياهُ، فَلَكَ الْحَمْدُ يا رَبِّ مِنْ مُقْتَدِرٍ لا يُغْلَبُ، وَذى اناةٍ لا يَعْجَلُ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاجْعَلْنى
ص: 106
لِنَعْمآئِكَ مِنَ الشَّاكِرينَ، وَلِالائِكَ مِنَ الذَّاكِرينَ، الهى وَكَمْ مِنْ باغٍ بَغانى بِمَكايِدِهِ، وَنَصَبَ لى اشْراكَ مَصايِدِهِ، وَوَكَّلَ بى تَفَقُّدَ رِعايَتِهِ، وَضَبَأَ الَىَّ ضَبْ ءِ السَّبُعِ لِطَريدَتِهِ، انْتِظاراً لِانْتِهازِ فُرْصَتِهِ، وَهُوَ يُظْهِرُبَشاشَةَ الْمَلَقِ، وَيَبْسُطُ لى وَجْهاً غَيْرَ طَلِقٍ، فَلَمَّا رَايْتَ دَغَلَ سَريرَتِهِ، وَقُبْحَ مَا انْطَوى عَلَيْهِ لِشَريكِهِ في مِلَّتِهِ، واصْبَحَ مُجْلِباً لى في بَغْيِهِ، ارْكَسْتَهُ لِأُمِّ رَاْسِهِ، واتَيْتَ بُنْيانَهُ مِنْ اساسِهِ، فَصَرَعْتَهُ في زُبْيَتِهِ، وَارْدَيْتَهُ في مَهْوى حُفْرَتِهِ، وَجَعَلْتَ خَدَّهُ طَبَقاً لِتُرابِ رِجْلِهِ، وَشَغَلْتَهُ في بَدَنِهِ وَرِزْقِهِ، وَرَمَيْتَهُ بِحَجَرِهِ، وَخَنَقْتَهُ بِوَتَرِهِ، وَذَكَّيْتَهُ بِمَشاقِصِهِ، وَكَبَبْتَهُ لِمَنْخَرِهِ، وَرَدَدْتَ كَيْدَهُ في نَحْرِهِ، وَوَثَقْتَهُ بِنَدامَتِهِ، وَفَثَأتَهُ بِحَسْرَتِهِ، فَاسْتَخْذَأَ وَاسْتَخْذَلَ وَتَضآئَلَ بَعْدَ نَخْوَتِهِ، وانْقَمَعَ بَعْدَ اسْتِطالَتِهِ، ذَليلًا مَاْسُوراً في رِبْقِ حِبائِلِهِ، الَّتى كانَ يُؤَمِّلُ انْ يَرانى فيها يَوْمَ سَطْوَتِهِ، وَقَدْ كِدْتُ يا رَبِّ لَوْلا رَحْمَتُكَ انْ يَحُلَّ بى ما حَلَّ بِساحَتِهِ، فَلَكَ الْحَمْدُ يا رَبِّ مِنْ مُقْتَدِرٍ لا يُغْلَبُ، وَذى اناةٍ لا يَعْجَلُ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاجْعَلنى لِنَعْمآئِكَ مِنَ الشَّاكِرينَ، ولِالائِكَ مِنَ الذَّاكِرينَ، الهى وَكَمْ مِنْ حاسِدٍ شَرِقَ بِحَسَدِهِ، وَعَدُوٍّ شَجِىَ بِغَيْظِهِ، وَسَلَقَنى بِحَدِّلِسانِهِ، وَوَخَزَنى بِمُوقِ عَيْنِهِ، وَجَعَلَ عِرْضى غَرَضاً لِمراميهِ، وَقَلَّدَنى خِلالًا لَمْ تَزَلْ فِيهِ، فَنادَيْتُكَ يا رَبِّ مُسْتَجيراً بِكَ، واثِقاً بِسُرْعَةِ اجابَتِكَ، مُتَوَكِّلًا عَلى ما لَمْ ازَلْ اتَعَرَّفُهُ مِنْ حُسْنِ دِفاعِكَ، عالِماً انَّهُ لا يُضْطَهَدُ مَنْ آوى الى ظِلِّ كَنَفِكَ وَكِفائَتِكَ، واعْتَضَدَ بِوِلايَتِكَ، وَلَنْ تَقْرَعَ الْحَوادِثُ مَنْ لَجَأَ الى مَعْقِلِ الْإِنْتِصارِ بِكَ، فَحَصَّنْتَنى مِنْ باْسِهِ بِقُدْرَتِكَ، فَلَكَ الْحْمدُ يا رَبِّ مِنْ مُقْتَدِرٍ لا يُغْلَبُ، وَذى اناةٍ لا يَعْجَلُ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، واجْعَلْنى لِنَعْمآئِكَ مِنَ الشَّاكِرينَ، وَلِألائِكَ مِنَ الذَّاكِرينَ، الهى وَكَمْ مِنْ سَحايِبِ مَكْرُوهٍ جَلَّيْتَها، وَسَمآءِ نِعْمَةٍ امْطَرْتَها، وَجَداوِلِ كَرامَةٍ اجْرَيْتَها، واعْيُنِ احْداثٍ
ص: 107
طَمَسْتَها، وَناشِيَةِ رَحْمَةٍ نَشَرْتَهَا، وَجُنَّةِ عافِيَةٍ الْبَسْتَها، وَغَوامِرِ كُرُباتٍ كَشَفْتَها، وامُورٍ جارِيَةٍ قَدَّرْتَها، لَمْ تُعْجِزْكَ اذْ طَلَبْتَها، وَلَمْ تَمْتَنِعْ عَلَيْكَ اذْ ارَدْتَهَا، فَلَكَ الْحَمْدُ يا رَبِّ مِنْ مُقْتَدِرٍ لا يُغْلَبُ، وَذى اناةٍ لا يَعْجَلُ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاْجَعْلنى لِنَعْمآئِكَ مِنَ الشَّاكِرينَ، وَلِألائِكَ مِنَ الذَّاكِرينَ، الهى وكَمْ مِنْ ظَنٍّ حَسَنٍ حَقَّقْتَ، وَمِنْ كَسْرِ امْلاقٍ جَبَرْتَ، وَمِنْ مَسْكَنَةٍ فادِحَةٍ حَوَّلْتَ، وَمِنْ صَرْعَةٍ مُهْلِكَةٍ نَعَشْتَ، وَمِنْ مَشَقَّةٍ ارَحْتَ، لاتُسْئَلُ عَمَّا تَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ، وَلايَنْقُصُكَ يا سَيِّدى ما انْفَقْتَ، وَلَقَدْ سُئِلْتَ فَاعْطَيْتَ، وَلَمْ تُسْئَلْ فابْتَدَاْتَ، وَاسْتُميحَ بابُ فَضْلِكَ فَما اكْدَيْتَ، ابَيْتَ الَّا انْعاماً وَامْتِناناً، وَالَّا تَطَوُّلًا يا رَبِّ وَاحْساناً، وابَيْتُ الَّا انْتِهاكاً لِحُرُماتِكَ، وَاجْتِرآءً عَلى مَعاصِيكَ، وَتَعَدِّياً لِحُدُودِكَ، وَغَفْلَةً عَنْ وَعيدِكَ، وَطاعَةً لِعَدُوّى وَعَدُوِّكَ، لَمْ يَمْنَعْكَ يا الهى وناصِرى اخْلالى بِالشُّكْرِ عَنْ اتْمامِ احْسانِكَ، وَلَا حَجَزَنى ذلِكَ عَنِ ارْتِكابِ مَساخِطِكَ، اللهُمَّ وَهذا مَقامُ عَبْدٍ ذَليلٍ اعْتَرَفَ لَكَ بِالتَّوْحيدِ، وَاقَرَّ عَلى نَفْسِهِ بِالتَّقْصيرِ في ادآءِ حَقِّكَ، وَشَهِدَ لَكَ بِسُبُوغِ نِعْمَتِكَ عَلَيْهِ، وَجَميلِ عادَتِكَ عِنْدَهُ، واحْسانِكَ الَيْهِ، فَهَبْ لى يا الهى وَسَيِّدِى مِنْ فَضْلِكَ ما اريدُهُ سَبَباً الى رَحْمَتِكَ، واتَّخِذُهُ سُلَّماً اعْرُجُ فيهِ الى مَرْضاتِكَ، وَ امَنُ بِهِ مِنْ سَخَطِكَ، بِعِزَّتِكَ وَطَوْلِكَ، وَبِحَقِّ نَبِيِّكَ مَحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَالْأَئِمَّةِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ، فَلَكَ الْحَمْدُ يا رَبِّ مِنْ مُقْتَدِرٍ لايُغْلَبُ، وَذى اناةٍ لا يَعْجَلُ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاجْعَلْنى لِنَعْمآئِكَ مِنَ الشَّاكِرينَ، وَلِألائِكَ مِنَ الذَّاكِرينَ، الهى وَكَمْ مِنْ عَبْدٍ امْسى وَاصْبَحَ في كَرْبِ الْمَوْتِ، وَحَشْرَجَةِ الصَّدْرِ، وَالنَّظَرِ الى ما تَقْشَعِرُّ مِنْهُ الْجُلُودُ، وَتَفْزَعُ لَهُ الْقُلُوبُ، وانَا في عافِيَةٍ مِنْ ذلِكَ كُلِّهِ، فَلَكَ الْحَمْدُ يا رَبِّ مِنْ مُقْتَدِرٍ لا يُغْلَبُ، وَذى اناةٍ لايَعْجَلُ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاجْعَلْنى لِنَعمآئِكَ مِنَ
ص: 108
الشَّاكِرينَ، وَلِألائِكَ مِنَ الذَّاكِرينَ، الهى وَكَمْ مِنْ عَبْدٍ امْسى وَاصْبَحَ سَقِيماً مُوجِعاً مُدْنَفاً، في انينٍ وَعَويلٍ، يَتَقَلَّبُ في غَمِّهِ لا يَجِدُ مَحيصاً، وَلا يُسيغُ طَعاماً وَلا شَراباً، وَا نَا في صِحَّةٍ مِنَ الْبَدَنِ، وَسَلامَةٍ فِى النَّفْسِ مِنَ الْعَيْشِ، كُلُّ ذلِكَ مِنْكَ، فَلَكَ الْحَمْدُ يا رَبِّ مِنْ مُقْتَدِرٍ لايُغْلَبُ، وَذى اناةٍ لا يَعْجَلُ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، واجْعَلْنى لِنَعْمآئِكَ مِنَ الشَّاكِرينَ، وَلِألائِكَ مِنَ الذَّاكِرينَ، الهى وَكَمْ مِنْ عَبْدٍ امْسى وَاصْبَحَ خآئِفاً مَرْعُوباً، مُسَهَّداً مُشْفِقاً، وَحيداً وَجِلًا، هارِباً طَريداً، مُنْحَجِزاً في مَضيقٍ، اوْ مَخْبَاةٍ مِنَ الْمَخابِئِ، قَدْ ضاقَتْ عَلَيْهِ الْأرْضُ بِرُحْبِها، لايَجِدُ حيلَةً وَلا مَنْجى وَلامَأْوى وَانَا في امْنٍ وَطُمَاْنينَةٍ، وَعافِيَةٍ مِنْ ذلِكَ كُلِّهِ، فَلَكَ الْحَمْدُ يا رَبِّ مِنْ مُقْتَدرٍلا يُغْلَبُ، وَذى اناةٍ لايَعْجَلُ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاْجعَلْنى لِنَعْمآئِكَ مِنَ الشَّاكِرينَ، وَلِألائِكَ مِنَ الذَّاكِرينَ، الهى وَسَيِّدى وَكَمْ مِنْ عَبْدٍامْسى وَاصْبَحَ مَغْلُولًا مُكَبَّلًا فِى الْحَديدِ بِايْدِى الْعُداةِ لا يَرْحَمُونَهُ، فَقيداً مِنْ اهْلِهِ وَوَلَدِهِ، مُنْقَطِعاًعَنْ اخْوانِهِ وَبَلَدهِ، يَتَوَقَّعُ كُلَّ ساعَةٍ بِاىِّ قِتْلَةٍ يُقْتَلُ وَبِاىِّ مُثْلَةٍ يُمَثَّلُ بِهِ، وَانَا فى عافِيَةٍ مِنْ ذلِكَ كُلِّهِ، فَلَكَ الْحَمْدُ يا رَبِّ مِنْ مُقْتَدرٍ لا يُغْلَبُ، وَذى اناةٍ لا يَعْجَلُ، صَلِ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاجْعَلْنى لِنَعْمآئِكَ مِنَ الشَّاكِرينَ، وَلِألائِكَ مِنَ الذَّاكِرينَ، الهى وَسَيِّدى وَكَمْ مِنْ عَبْدٍامْسى وَاصْبَحَ يُقاسِى الْحَرْبَ، وَمُباشَرَةَ الْقِتالِ بِنَفْسِهِ، قَدْ غَشِيَتْهُ الْأعْدآءُ مِنْ كُلِّ جانِبٍ بِالسُّيُوفِ وَالرِّماحِ وَآلَةِ الْحَرْبِ، يَتَقَعْقَعُ فِى الْحَديدِقَدْ بَلَغَ مَجْهُودَهُ، لا يَعْرِفُ حيلَةً وَلا يَجِدُ مَهْرَباً، قَدْ ادْنِفَ بِالْجِراحاتِ، اوْ مُتَشَحِّطاً بِدَمِهِ تَحْتَ السَّنابِكِ وَالْأَرْجُلِ، يَتَمَنّى شَرْبَةً مِنْ مآءٍ، اوْ نَظْرَةً الى اهْلِهِ وَوَلَدِهِ، وَلا يَقْدِرُ عَلَيْها، قَدْ شَرَبَتِ الْأرْضُ مِنْ دَمِهِ، وَاكَلَتِ السِّباعُ وَالطَّيْرُ مِنْ لَحْمِهِ، وَانَا في عافِيَةٍ مِنْ ذلِكَ كُلِّهِ، فَلَكَ الْحَمْدُ يا رَبِّ مِنْ مُقْتَدِرٍ لايُغْلَبُ، وَذى اناةٍ لا
ص: 109
يَعْجَلُ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاْجَعَلْنى لِنَعْمآئِكَ مِنَ الشَّاكِرينَ، وَلِألائِكَ مِنَ الذَّاكِرينَ، الهى وَكَمْ مِنْ عَبْدٍ امْسى وَاصْبَحَ في ظُلُماتِ الْبِحارِ، وَعَواصِفِ الرِّياحِ الْأَهْوالِ وَالْأمْواجِ، يَتَوقَّعُ الْغَرَقَ وَالْهَلاكَ، لا يَقْدِرُ عَلى حيلَةٍ، اوْ مُبْتَلىً بِصاعِقَةٍ اوْ هَدْمٍ اوْ حَرْقٍ، اوْ شَرْقٍ اوْ خَسْفٍ، اوْ مَسْخٍ اوْ قَذْفٍ، وَانَا في عافِيَةٍ مِنْ ذلِكَ كُلِّهِ، فَلَكَ الْحَمْدُ يا رَبِّ مِنْ مُقْتَدِرٍ لا يُغْلَبُ، وَذى اناةٍ لا يَعْجَلُ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاجْعَلْنى لِنَعْمآئِكَ مِنَ الشَّاكِرينَ، وَلِألائِكَ مِنَ الذَّاكِرينَ، الهى وكَمْ مِنْ عَبْدٍ امْسى واصْبَحَ مُسافِراً شاخِصاً عَنْ اهْلِهِ وَوَطِنِهِ وَوَلَدِهِ، مُتَحَيِّراً فِى الْمَفاوِزِ، تائِهاً مَعَ الْوُحُوشِ وَ الْبَهآئِمِ وَالْهَوآمِّ، وَحِيداً فَريداً لا يَعْرِفُ حيلَةً وَلا يَهْتَدى سَبيلًا، اوْ مُتَاذِّياً بِبَرْدٍ اوْ حَرٍّ اوْ جُوعٍ اوْ عَطَشٍ اوْ عُرْىٍ، اوْ غَيْرِهِ مِنَ الشَّدآئِدِ مِمَّا ا نَا مِنْهُ خِلْوٌ، في عافِيَةٍ مِنْ ذلِكَ كُلِّهِ، فَلَكَ الْحَمْدُ يا رَبِّ مِنْ مُقْتَدِرٍ لا يُغْلَبُ، وَذى اناةٍ لا يَعْجَلُ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، واجْعَلْنى لِنَعْمآئِكَ مِنَ الشَّاكِرينَ، ولِألائِكَ مِنَ الذَّاكِرينَ، الهى وَسَيِّدى و كَمْ مِنْ عَبْدٍ امْسى وَاصْبَحَ فَقيراً عآئِلًا، عارِياً مُمْلِقاً، مُخْفِقاً مَهْجُوراً، خائِفاً جائِعاً ظَمْئاناً، يَنْتَظِرُ مَنْ يَعُودُ عَلَيْهِ بِفَضْلٍ، اوْ عَبْدٍ وَجيهٍ عِنْدَكَ هُوَ اوْجَهُ مِنّى عِنْدَكَ، وَاشدُّ عِبادَةً لَكَ، مَغْلُولًا مَقْهُوراً، قَدْ حُمِّلَ ثِقْلًا مِنْ تَعَبِ الْعَنآءِ، وَشِدَّةِ الْعُبُودِيَّةِ، وَكُلْفَةِ الرِّقِّ، وَثِقْلِ الضَّريبَةِ، اوْ مُبْتَلىً بِبَلآءٍ شَديدٍ لا قِبَلَ لَهُ بِهِ الّا بِمَنِّكَ عَلَيْهِ، وانَا الْمَخْدُومُ الْمُنَعَّمُ الْمُعافَى الْمَكَرَّمُ، في عافِيَةٍ مِمَّا هُوَ فيهِ، فَلَكَ الْحَمْدُ عَلى ذلِكَ كُلِّهِ، مِنْ مُقْتَدرٍ لايُغْلَبُ، وَذى اناةٍ لا يَعْجَلُ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاْجَعْلنى لِنَعْمآئِكَ مِنَ الشَّاكِرينَ، وَلِألائِكَ مِنَ الذَّاكِرينَ، [الهى وَمَوْلاىَ وَسَيِّدى وَكَمْ مِنْ عَبْدٍ امْسى واصْبَحَ شَريداً طَريداً حَيرانَ، مُتَحَيِّراً جآئِعاً خائِفاً، خاسِراً فِى الصَّحارى وَالْبَرارى قَدْاحْرَقَهُ الْحَرُّ وَالْبَرْدُ، وَهُوَ في ضَرٍّ مِنَ الْعَيْشِ
ص: 110
وَضَنْكٍ مِنَ الْحَيوةِ، وَذُلٍّ مِنَ المَقامِ، يَنْظُرُ الى نَفْسِهِ حَسْرَةً، لا يَقْدِرُ لَها عَلى ضَرٍّ وَلا نَفْعٍ، وَانَا خِلْوٌ مِنْ ذلِكَ كُلِّهِ بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ، فَلا الهَ الَّا انْتَ، سُبْحانَكَ مِنْ مُقْتَدرٍ لا يُغْلَبُ، وَذى اناةٍ لا يَعْجَلُ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، واجْعَلْنى لأَنْعُمِكَ مِنَ الشّاكِرينَ، وَلِألائِكَ مِنَ الذَّاكِرينَ، وَارْحَمْنى بِرَحْمَتِكَ، يا ارْحَمَ الرَّاحِمينِ (1) الهى وَسَيِّدى وَكَمْ مِنْ عَبْدٍ امْسى وَاصْبَحَ عَليلًا مَريضاً، سَقيماً مُدْنِفاً، عَلى فُرُشِ العِلَّةِ وَفى لِباسِها، يَتَقَلَّبُ يَميناً وشِمالًا، لايَعْرِفُ شَيْئاً مِنْ لَذَّةِ الطَّعامِ، وَلا مِنْ لَذَّةِ الشَّرابِ، يَنْظُرُ الى نَفْسِهِ حَسْرَةً، لا يَسْتَطيعُ لَها ضَرّاً وَلا نَفْعاً، وَانَا خِلْوٌ مِنْ ذلِكَ كُلِّهِ بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ، فَلا الهَ الَّا انْتَ، سُبْحانَكَ مِنْ مُقْتَدرٍ لا يُغْلَبُ، وَذى اناةٍ لا يَعْجَلُ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاْجعَلْنى لَكَ مِنَ الْعابِدينَ، وَلِنعَمآئِكَ مِنَ الشَّاكِرينَ، وَلِألائِكَ مِنَ الذَّاكِرينَ، وَارْحَمْنى بِرحْمَتِكَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمينَ، مَوْلاىَ وَسَيِّدى وَكَمْ مِنْ عَبْدٍ امْسى وَاصْبَحَ، وَقَدْ دَنا يَوْمُهُ مِنْ حَتْفِهِ، واحْدَقَ بِهِ مَلَكُ الْمَوْتِ في اعْوانِهِ، يُعالِجُ سَكَراتِ الْمَوْتِ وَحِياضَهُ، تَدُورُ عَيْناهُ يَميناً وَ شِمالًا، يَنْظُرُ الى احِبَّآئِهِ وَاوِدَّآئِهِ واخِلّائِهِ، قَدْ مُنِعَ مِنَ الكَلامِ، وَحُجِبَ عَنِ الْخِطابِ، يَنْظُرُ الى نَفْسِهِ حَسْرَةً، فَلا يَسْتَطيعُ لَها ضَرّاً وَلا نَفْعاً، وَا نَا خِلْوٌ مِنْ ذلِكَ كُلِّهِ بِجُودِكَ وَكَرمِكَ، فَلا الهَ الَّا انْتَ، سُبْحانَكَ مِنْ مُقْتَدِرٍ لا يُغْلَبُ، وَذى اناةٍ لا يَعْجَلُ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، واجْعَلْنى لِنَعْمآئِكَ مِنَ الشَّاكِرينَ، وَلِألائِكَ مِنَ الذَّاكِرينَ، وَارْحَمْنى بِرَحْمَتِكَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمينَ، مَوْلاىَ وَسَيِّدى وَكَمْ مِنْ عَبْدٍ امْسى وَاصْبَحَ في مَضائِقِ الْحُبُوسِ وَالسُّجُونِ، وَكُرَبِها وَذُلِّها وَحَديدِها، يَتَداوَلُهُ اعْوانُها وَزَبانِيَتُها، فَلا يَدْرى اىُّ حالٍ يُفْعَلُ بِهِ، وَاىُّ مُثْلَةٍ يُمَثَّلُ بِهِ، فَهُوَ في ضُرٍّ مِنَ
ص: 111
الْعَيْشِ، وَضَنْكٍ مِنَ الْحَيوةِ، يَنْظُرُ الى نَفْسِهِ حَسْرَةً، لايَسْتَطيعُ لَها ضَرّاً وَلا نَفْعاً، وَانَا خِلْوٌ مِنْ ذلِكَ كُلِّهِ بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ، فَلا الهَ الَّا انْتَ، سُبْحانَكَ مِنْ مُقْتَدِرٍ لايُغْلَبُ، وَذى اناةٍ لا يَعْجَلُ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاجْعَلْنى لَكَ مِنَ الْعابِدينَ، ولِنَعْمآئِكَ مِنَ الشَّاكِرينَ، وَلِألائِكَ مِنَ الذَّاكِرينَ، وَارْحَمْنى بِرَحْمَتِكَ، يا ارْحَمَ الرَّاحِمينَ، سَيِّدِى وَمَوْلاىَ، وَكَمْ مِنْ عَبْدٍ امْسى وَاصْبَحَ قَدِ اسْتَمَرَّ عَلَيْهِ القَضآءُ، وَاحْدَقَ بِهِ الْبَلاءُ، وَفارَقَ اوِدَّآئَهُ وَاحِبَّآئَهُ وَاخِلّائَهُ، وَامْسى اسيراً حَقيراً ذَليلًا في ايْدِى الْكُفَّارِ وَالْأعْدآءِ، يَتَداوَلُونَهُ يَميناً وَشِمالًا، قَدْ حُصِرَ فِى الْمَطاميرِ، وَثُقِّلَ بِالْحَديدِ، لا يَرى شَيْئاً مِنْ ضِيآءِ الدُّنْيا وَلا مِنْ رَوْحِها، يَنْظُرُ الَى نَفْسِهِ حَسْرَةً، لا يَسْتَطيعُ لَها ضَرّاً وَلا نَفْعاً، وَانَا خِلْوٌ مِنْ ذلِكَ كُلِّهِ بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ، فَلا الهَ إلَّاانْتَ، سُبْحانَكَ مِنْ مُقْتَدِرٍ لا يُغْلَبُ، وَذى اناةٍ لا يَعْجَلُ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاجْعَلْنى لَكَ مِنَ الْعابِدينَ، وَلِنَعْمآئِكَ مِنَ الشَّاكِرينَ، وَلِألائِكَ مِنَ الذَّاكِرينَ، وَارْحَمْنى بِرَحْمَتِكَ، يا ارْحَمَ الرَّاحِمينَ، مَوْلاىَ وَسَيِّدِى وَكَمْ مِنْ عَبْدٍ امْسى وَاصْبَحَ قَدِ اشتاقَ الَى الدُّنْيا للِرَّغْبَةِ فيها، الى انْ خاطَرَ بِنَفْسِهِ وَمالِهِ حِرْصاً مِنْهُ عَلَيْها، قَدْ رَكِبَ الْفُلْكَ وَكُسِرَتْ بِهِ، وَهُوَ في آفاقِ الْبِحارِ وَظُلَمِها، يَنْظُرُ الى نَفْسِهِ حَسْرَةً، لا يَقْدِرُ لَها على ضَرٍّ وَلا نَفْعٍ، وَانَا خِلْوٌ مِنْ ذلِكَ كُلِّهِ بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ، فَلا الهَ الَّا انْتَ، سُبْحانَكَ مِنْ مُقْتَدِرٍ لا يُغْلَبُ، وَذى اناةٍ لايَعْجَلُ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاجْعَلْنى لَكَ مِنَ الْعابِدينَ، وَلِنَعْمآئِكَ مِنَ الشَّاكِرينَ، وَلِألائِكَ مِنَ الذَّاكِرينَ، وَارْحَمْنى بِرَحْمَتِكَ، يا ارْحَمَ الرَّاحِمينَ، مَولاىَ وَسَيِّدى وَكَمْ مِنْ عَبْدٍ امْسى وَاصْبَحَ قَدِ اسْتَمَرَّ عَلَيْهِ الْقَضآءُ، وَاحْدَقَ بِهِ الْبَلاءُ، والْكُفّارُ والْأَعْداءُ، وَاخَذَتْهُ الرِّماحُ وَالسُّيُوفُ وَالسِّهامُ، وَجُدِّلَ صَريعاً، وَقَدْ شَرِبَتِ الْأَرْضُ مِنْ دَمِهِ، واكَلَتِ السِّباعُ وَالطَّيْرُ مِنْ لَحْمِهِ، وَا نَا خِلْوٌ مِنْ ذلِكَ
ص: 112
كُلِّهِ بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ، لا بِاسْتِحْقاقٍ مِنّى لا الهَ الَّا انْتَ، سُبْحانَكَ مِنْ مُقْتَدِرٍ لا يُغْلَبُ، وَذى اناةٍ لا يَعْجَلُ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاجْعَلْنى لِنَعْمآئِكَ مِنَ الشَّاكِرينَ، وَلِألائِكَ مِنَ الذَّاكِرينَ، وَارْحَمْنى بِرَحْمَتِكَ، يا ارْحَمَ الرَّاحِمينَ، وَعِزَّتِكَ يا كَريمُ لَاطْلُبَنَّ مِمَّا لَدَيْكَ، وَلَأُلِحَّنَّ عَلَيْكَ، ولَأَلْجَأَنَّ الَيْكَ، وَلَأَمُدَّنَّ يَدى نَحْوَكَ مَعَ جُرْمِها الَيْكَ، يا رَبِّ فَبِمَنْ اعُوذُ، وَبِمَنْ الُوذُ، لا احَدَ لى الَّا انْتَ، افَتَرُدُّنى وَانْتَ مُعَوَّلى وَعَلَيْكَ مُتَّكَلى اسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذى وَضَعْتَهُ عَلَى السَّمآءِ فَاْستَقَلَّتْ، وَعَلَى الْأَرْضِ فَاسْتَقَرَّتْ وَعَلَى الْجِبالِ فَرَسَتْ، وَعَلَى اللَّيْلِ فَاظْلَمَ، وَعَلَى النَّهارِ فَاسْتَنارَ، انْ تُصَلِّىَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمِّدٍ، وَانْ تَقْضِىَ لى جَميعَ حَوآئِجى كُلِّها، وَتَغْفِرَ لى ذُنُوبى كُلَّها، صَغيرَها وَكَبيرَها، وَتُوَسِّعَ عَلَىَّ مِنَ الرِّزْقِ ما تُبَلِّغُنى بِهِ شَرَفَ الدُّنْيا وَالْأخِرَةِ، يا ارْحَمَ الرَّاحِمينَ، مَوْلاىَ بِكَ اسْتَعَنْتُ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ واعِنّى وَبِكَ اسْتَجَرْتُ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَجِرْنى واغْنِنى بِطاعَتِكَ عَنْ طاعَةِ عِبادِكَ، وَبِمَسْئَلَتِكَ عَنْ مَسْئَلَةِ خَلْقِكَ، وَانْقُلْنى مِنْ ذُلِّ الْفَقْرِ الى عِزِّ الْغِنى وَمِنْ ذُلِّ الْمَعاصى الى عِزِّ الطَّاعَةِ، فَقَدْ فَضَّلْتَنى عَلى كَثيرٍ مِنْ خَلْقِكَ جُوداً مِنْكَ وَكَرَماً، لا بِاسْتِحْقاقٍ مِنّى الهى فَلَكَ الْحَمْدُ عَلى ذلِكَ كُلِّهِ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاجْعَلْنى لِنَعْمآئِكَ مِنَ الشَّاكِرينَ، وَلِألائِكَ مِنَ الذَّاكِرينَ، وَارْحَمْنى بِرَحْمَتِكَ، يا ارْحَمَ الرَّاحِمينَ* ثم أسجد وقل: سَجَدَ وَجْهِىَ الذَّليلُ، لِوَجْهِكَ الْعَزيزِ الْجَليلِ، سَجَدَ وَجْهِىَ الْبالِى اْلفانى لِوَجْهِكَ الدَّآئِمِ الْباقى سَجَدَ وَجْهِىَ الْفَقيرُ، لِوَجْهِكَ الْغَنِىِّ الْكَبيرِ، سَجَدَ وَجْهى وَسَمْعى وَبَصَرى وَلَحْمى وَدَمى وَجِلْدى وَعَظْمى وَما اقَلَّتِ الْأَرْضُ مِنّى للَّهِ رَبِّ الْعالَمينَ، اللَّهُمَّ عُدْ عَلى جَهْلى بِحِلْمِكَ، وَعَلى فَقْرى بِغِناكَ، وَعَلى ذُلّى بِعِزِّكَ وَسُلْطانِكَ، وَعَلى ضَعْفى بِقُوَّتِكَ، وَعَلى خَوْفى بِامْنِكَ، وَعَلى ذُنُوبى
ص: 113
وَخطاياىَ بِعَفْوِكَ وَرَحْمَتِكَ، يا رَحْمنُ يا رَحيمُ، اللهُمَّ انّى ادْرَءُ بِكَ في نَحْرِ فُلانِ بْنِ فُلانٍ (تذكر بدلًا عن فُلان بن فُلان اسم العدو)، واعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ، فَاكْفِنيهِ بِما كَفَيْتَ بِهِ انْبِيآئَكَ وَاوْلِيآئَكَ مِنْ خَلْقِكَ، وَصالِحى عِبادِكَ مِنْ فَراعِنَةِ خَلْقِكَ، وَطُغاةِ عُداتِكَ، وَشَرِّ جَميعِ خَلْقِكَ، بِرَحْمَتِكَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمينَ، انَّكَ عَلى كُلِّ شَىْ ءٍ قَديرٌ، وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكيلُ.
المراد من التوسّل هنا جعل الصالحين من أولياء اللَّه وسيلة إلى اللَّه وطلب شي ء من اللَّه بواسطتهم والذي أكّدته الآيات والروايات (فاللَّه واهب النعم وأولئك الأولياء يشفعون عنده). قال تعالى: يا أيّها الذينَ آمنُوا اتّقوا اللَّهَ وابتَغُوا إليهِ الوسِيلَةَ(1). طبعاً وسائل التقرّب إلى اللَّه متنوّعة- كما صرّحت بذلك الروايات- ومنها شفاعة الأنبياء والأئمّة وعباد اللَّه الصالحين. خاطب القرآن الكريم الرسول الكريم صلى الله عليه و آله: وَلو أنَّهم إذ ظَلمُوا أنفُسَهُم جاءُوكَ فاستغفَروا اللَّهَ واستغفر لَهم الرَّسولُ لَوجَدوا اللَّهَ تَواباً رَحيماً(2). وقد وردت مسألة التوسّل بالنبيّ صلى الله عليه و آله وأهل بيته عليهم السلام في روايات الفريقين ولا ينكرها سوى من ليس لديه علم بالآيات القرآنية والروايات الإسلاميّة(3). قال المرحوم العلّامة المجلسي: روى الصدوق هذا التوسل عن الأئمّة عليهم السلام وقال: «ما توسّلتُ لأمرٍ مِنَ الامور إلّاوَجَدتُ أثرَ الإجابةِ سَرِيعاً»(4) وهو:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ
اللَّهُمَّ انّى اسْئَلُكَ وَاتَوَجَّهُ الَيْكَ بِنَبِيِّكَ نَبِىِّ الرَّحْمَةِ، مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، يا ابَاالْقاسِمِ يا رَسُولَ اللَّهِ، يا امامَ الرَّحْمَةِ، يا سَيِّدَنا وَمَوْلينا، انَّا تَوَجَّهْنا وَاسْتَشْفَعْنا
ص: 114
وَتَوَسَّلْنا بِكَ الَى اللَّهِ، وَقَدَّمْناكَ بَيْنَ يَدَىْ حاجاتِنا، يا وَجيهاً عِنْدَ اللَّهِ، اشْفَعْ لَنا عِنْدَ اللَّهِ، يا ابَا الْحَسَنِ يا اميرَالْمُؤْمِنينَ، يا عَلِىَّ بْنَ ابيطالِبٍ، يا حُجَّةَ اللَّهِ عَلى خَلْقِهِ، يا سَيِّدَنا وَمَوْلينا، انَّا تَوَجَّهْنا وَاسْتَشْفَعْنا وَتَوَسَّلْنا بِكَ الَى اللَّهِ، وَقَدَّمْناكَ بَيْنَ يَدَىْ حاجاتِنا، يا وَجيهاً عِنْدَاللَّهِ، اشْفَعْ لَنا عِنْدَاللَّهِ، يا فاطِمَةُ الزَّهْرآءُ يا بِنْتَ مُحَمَّدٍ، يا قُرَّةَ عَيْنِ الرَّسُولِ، يا سَيِّدَتَنا وَمَوْلاتَنا، انَّا تَوَجَّهْنا وَاسْتَشْفَعْنا وَتَوَسَّلْنا بِكِ الَى اللَّهِ، وَقَدَّمْناكِ بَيْنَ يَدَىْ حاجاتِنا، يا وَجيهَةً عِنْدَاللَّهِ، اشْفَعى لَنا عِنْدَاللَّهِ، يا ابا مُحَمَّدٍ ياحَسَنَ بْنَ عَلِىٍّ، ايُّهَا الْمُجْتَبى يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، يا حُجَّةَ اللَّهِ عَلى خَلْقِهِ، يا سَيِّدَنا وَمَوْلينا، انَّا تَوَجَّهْنا وَاسْتَشْفَعْنا وَتَوَسَّلْنا بِكَ الَى اللَّهِ، وَقَدَّمْناكَ بَيْنَ يَدَىْ حاجاتِنا، يا وَجيهاً عِنْدَاللَّهِ، اشْفَعْ لَنا عِنْدَاللَّهِ، يا اباعَبْدِاللَّهِ ياحُسَيْنَ بْنَ عَلِىٍّ، ايُّهَا الشَّهيدُ يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، يا حُجَّةَ اللَّهِ عَلى خَلْقِهِ، يا سَيِّدَنا وَمَوْلينا، انَّا تَوَجَّهْنا وَاسْتَشْفَعْنا وَتَوَسَّلْنا بِكَ الَى اللَّهِ، وَ قَدَّمْناكَ بَيْنَ يَدَىْ حاجاتِنا، يا وَجيهاً عِنْدَاللَّهِ، اشْفَعْ لَنا عِنْدَاللَّهِ، يا ابَاالْحَسَنِ يا عَلِىَّ بْنَ الْحُسَيْنِ، يا زَيْنَ الْعابِدينَ يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، يا حُجَّةَ اللَّهِ عَلى خَلْقِهِ، يا سَيِّدَنا وَمَوْلينا، انَّا تَوَجَّهْنا وَاسْتَشْفَعْنا وَتَوَسَّلْنا بِكَ الَى اللَّهِ، وَقَدَّمْناكَ بَيْنَ يَدَىْ حاجاتِنا، يا وَجيهاً عِنْدَاللَّهِ، اشْفَعْ لَنا عِنْدَاللَّهِ، يا ابا جَعْفَرٍ يا مُحَمَّدَ بْنَ عَلِىٍّ، ايُّهَا الْباقِرُ يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، يا حُجَّةَ اللَّهِ عَلى خَلْقِهِ، يا سَيِّدَنا وَمَوْلينا، انَّا تَوَجَّهْنا وَاسْتَشْفَعْنا وَتَوَسَّلْنا بِكَ الَى اللَّهِ، وَقَدَّمْناكَ بَيْنَ يَدَىْ حاجاتِنا، يا وَجيهاً عِنْدَاللَّهِ، اشْفَعْ لَنا عِنْدَاللَّهِ، يا ابا عَبْدِ اللَّهِ يا جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ، ايُّهَا الصَّادِقُ يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، ياحُجَّةَ اللَّهِ عَلى خَلْقِهِ، يا سَيِّدَنا وَمَوْلينا، انَّا تَوَجَّهْنا وَاسْتَشْفَعْنا وَتَوَسَّلْنا بِكَ الَى اللَّهِ، وَقَدَّمْناكَ بَيْنَ يَدَىْ حاجاتِنا، يا وَجيهاً عِنْدَ اللَّهِ، اشْفَعْ لَنا عِنْدَاللَّهِ، يا ابَا الْحَسَنِ يا مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ، ايُّهَا الْكاظِمُ يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، يا حُجَّةَ اللَّهِ عَلى خَلْقِهِ، يا سَيِّدَنا
ص: 115
وَمَوْلينا، انَّا تَوَجَّهْنا وَاسْتَشْفَعْنا وَ تَوَسَّلْنا بِكَ الَى اللَّهِ، وَقَدَّمْناكَ بَيْنَ يَدَىْ حاجاتِنا، يا وَجيهاً عِنْدَاللَّهِ، اشْفَعْ لَنا عِنْدَاللَّهِ، يا ابَاالْحَسَنِ يا عَلِىَّ بْنَ مُوسى ايُّهَا الرِّضا يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، يا حُجَّةَ اللَّهِ عَلى خَلْقِهِ، يا سَيِّدَنا وَمَوْلينا، انَّا تَوَجَّهْنا وَاسْتشْفَعْنا وَتَوَسَّلْنا بِكَ الَى اللَّهِ، وَقَدَّمْناكَ بَيْنَ يَدَىْ حاجاتِنا، يا وَجيهاً عِنْدَاللَّهِ، اشْفَعْ لَنا عِنْدَ اللَّهِ، يا ابا جَعْفَرٍ يا مُحَمَّدَ بْنَ عَلِىٍّ، ايُّهَا التَّقِىُّ الْجَوادُ يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، يا حُجَّةَ اللَّهِ عَلى خَلْقِهِ، يا سَيِّدَنا وَمَوْلينا، انَّا تَوَجَّهْنا وَاسْتَشْفَعْنا وَتَوَسَّلْنا بِكَ الَى اللَّهِ، وَقَدَّمْناكَ بَيْنَ يَدَىْ حاجاتِنا، يا وَجيهاً عِنْدَاللَّهِ، اشْفَعْ لَنا عِنْدَاللَّهِ، يا ابَا الْحَسَنِ يا عَلِىَّ بْنَ مُحَمَّدٍ، ايُّهَا الْهادِى النَّقِىُّ يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، يا حُجَّةَ اللَّهِ عَلى خَلْقِهِ، يا سَيِّدَنا وَمَوْلينا، انَّا تَوَجَّهْنا وَاسْتَشْفَعْنا وَتَوَسَّلْنا بِكَ الَى اللَّهِ، وَقَدَّمْناكَ بَيْنَ يَدَىْ حاجاتِنا، يا وَجيهاً عِنْدَاللَّهِ، اشْفَعْ لَنا عِنْدَاللَّهِ، يا ابا مُحَمَّدٍ يا حَسَنَ بْنَ عَلِىٍّ، ايُّهَا الزَّكِىُّ الْعَسْكَرِىُّ يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، يا حُجَّةَ اللَّهِ عَلى خَلْقِهِ، يا سَيِّدَنا وَمَوْلينا، انَّا تَوَجَّهْنا وَاسْتَشْفَعْنا وَتَوَسَّلْنا بِكَ الَى اللَّهِ، وَقَدَّمْناكَ بَيْنَ يَدَىْ حاجاتِنا، يا وَجيهاً عِنْدَ اللَّهِ، اشْفَعْ لَنا عِنْدَ اللَّهِ، يا وَصِىَّ الْحَسَنِ وَالْخَلَفَ الْحُجَّةَ، ايُّهَا الْقآئِمُ الْمُنْتَظَرُ الْمَهْدِىُّ، يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، يا حُجَّةَ اللَّهِ عَلى خَلْقِهِ، يا سَيِّدَنا وَمَوْلينا، انَّا تَوَجَّهْنا وَاسْتَشْفَعْنا وَتَوَسَّلْنا بِكَ الَى اللَّهِ، وَقَدَّمْناكَ بَيْنَ يَدَىْ حاجاتِنا، يا وَجيهاً عِنْدَ اللَّهِ، اشْفَعْ لَنا عِنْدَ اللَّهِ* ثم سل حاجتك تقضى إن شاء اللَّه، وورد في رواية أخرى (1) أن تقول بعد ذلك:
يا سادَتى وَمَوالِىَّ، انّى تَوَجَّهْتُ بِكُمْ ائِمَّتى وَعُدَّتى لِيَوْمِ فَقْرى وَحاجَتى الَى اللَّهِ، وَتَوَسَّلْتُ بِكُمْ الَى اللَّهِ، وَاسْتَشْفَعْتُ بِكُمْ الَى اللَّهِ، فَاشْفَعُوا لى عِنْدَاللَّهِ، وَاسْتَنْقِذُونى مِنْ ذُنُوبى عِنْدَاللَّهِ، فَانَّكُمْ وَسيلَتى الَى اللَّهِ، وَبِحُبِّكُمْ وَبِقُرْبِكُمْ
ص: 116
ارْجُو نَجاةً مِنَ اللَّهِ، فَكُونُواعِنْدَاللَّهِ رَجآئى يا سادَتى يا اوْلِيآءَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ اجْمَعينَ، وَلَعَنَ اللَّهُ اعْدآءَ اللَّهِ ظالِميهِمْ مِنَ الْأَوَّلينَ وَالْاخِرينَ، امينَ رَبَّ الْعالَمينَ.
هذا الدعاء كما يبدو من اسمه سؤال اللَّه رفع الصفات القبيحة والذميمة وكسب الفضائل والسير على النهج المرضيّ عند للَّه. فالإمام السجّاد عليه السلام عدّد بلسان الدعاء أغلب الرذائل والمعاصي لاجتنابها، واستعرض سلسلة من الفضائل الأخلاقية وطلب من اللَّه أن يزيّنه بتلك الصفات ليقتدي به المؤمنون في كسب هذه الصفات. وجاء هذا الدعاء في الصحيفة السجاديّة القيّمة (الدعاء العشرون).
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ
اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَبَلِّغْ بِايمانى اكْمَلَ الْإيمانِ، وَاجْعَلْ يَقينى افْضَلَ الْيَقينِ، وَانْتَهِ بِنِيَّتى الى احْسَنِ النِّيَّاتِ، وَبِعَمَلى الى احْسَنِ الْأَعْمالِ، اللهُمَّ وَفِّرْ بِلُطْفِكَ نِيَّتى وَصَحِّحْ بِما عِنْدَكَ يَقينى وَاسْتَصْلِحْ بِقُدْرَتِكَ ما فَسَدَ مِنّى اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَاكْفِنى ما يَشْغَلُنِى الْإِهْتِمامُ بِهِ، وَاسْتَعْمِلْنى بِما تَسْئَلُنى غَداً عَنْهُ، وَاسْتَفْرِغْ ايَّامى فيما خَلَقْتَنى لَهُ، وَاغْنِنى وَاوْسِعْ عَلَىَّ في رِزْقِكَ، وَلا تَفْتِنّى بِالنَّظَرِ، وَاعِزَّنى وَلا تَبْتَلِيَنّى بِالْكِبْرِ، وَعَبِّدْنى لَكَ، وَلاتُفْسِدْ عِبادَتى بِالْعُجْبِ، وَاجْرِ لِلنَّاسِ عَلى يَدَىَّ الْخَيْرَ، وَلا تَمْحَقْهُ بِالْمَنِّ، وَهَبْ لى مَعالِىَ الْأَخْلاقِ، وَاعْصِمْنى مِنَ الْفَخْرِ، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَلا تَرْفَعْنى فِى النَّاسِ دَرَجَةً الَّا حَطَطْتَنى عِنْدَ نَفْسى مِثْلَها، وَلا تُحْدِثْ لى عِزّاً ظاهِراً
ص: 117
الَّا احَدَثْتَ لى ذِلَّةً باطِنَةً عِنْدَ نَفْسى بِقَدَرِها، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَمَتِّعْنى بِهُدىً صالِحٍ لا اسْتَبْدِلُ بِهِ، وَطَريقَةِ حَقٍّ لا ازيغُ عَنْها، وَنِيَّةِ رُشْدٍ لا اشُكُّ فيها، وَعَمِّرْنى ما كانَ عُمْرى بِذْلَةً في طاعَتِكَ، فَاذا كانَ عُمْرى مَرْتَعاً لِلشَّيْطانِ، فَاقْبِضْنى الَيْكَ قَبْلَ انْ يَسْبِقَ مَقْتُكَ الَىَّ، اوْ يَسْتَحْكِمَ غَضَبُكَ عَلَىَّ، اللَّهُمَّ لا تَدَعْ خَصْلَةً تُعابُ مِنّى الَّا اصْلَحْتَها، وَلا عآئِبَةً اؤَنَّبُ بِها الَّا حَسَّنْتَها، وَلا اكْرُومَةً فِىَّ ناقِصَةً الَّا اتْمَمْتَها، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَابْدِلْنى مِنْ بِغْضَةِ اهْلِ الشَّنانِ الْمَحَبَّةَ، وَمِنْ حَسَدِ اهْلِ الْبَغْىِ الْمَوَدَّةَ، وَمِنْ ظِنَّةِ اهْلِ الصَّلاحِ الثِّقَةَ، وَمِنْ عَداوَةِ الْأَدْنَيْنَ الْوَلايَةَ، وَمِنْ عُقُوقِ ذَوِى الْأَرْحامِ الْمَبَرَّةَ، وَمِنْ خِذْلانِ الْأَقْرَبينَ النُّصْرَةَ، وَمِنْ حُبِّ الْمُدارينَ تَصْحيحَ الْمِقَةِ، وَمِنْ رَدِّ الْمُلابِسينَ كَرَمَ الْعِشْرَةِ، وَمِنْ مَرارَةِ خَوْفِ الظَّالِمينَ حَلاوَةَ الْأَمَنَةِ، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَاجْعَلْ لى يَداً عَلى مَنْ ظَلَمَنى وَلِساناً عَلى مَنْ خاصَمَنى وَظَفَراً بِمَنْ عانَدَنى وَهَبْ لى مَكْراً عَلى مَنْ كايَدَنى وَقُدْرَةً عَلى مَنِ اضْطَهَدَنى وَتَكْذيباً لِمَنْ قَصَبَنى وَسَلامَةً مِمَّنْ تَوَعَّدَنى وَوَفِّقْنى لِطاعَةِ مَنْ سَدَّدَنى وَمُتابَعَةِ مَنْ ارْشَدَنى اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَسَدِّدْنى لِأَنْ اعارِضَ مَنْ غَشَّنى بِالنُّصْحِ، وَاجْزِىَ مَنْ هَجَرَنى بِالْبِرِّ، وَاثيبَ مَنْ حَرَمَنى بِالْبَذْلِ، وَاكافِىَ مَنْ قَطَعَنى بِالصِّلَةِ، وَاخالِفَ مَنِ اغْتابَنى الى حُسْنِ الذِّكْرِ، وَانْ اشْكُرَ الْحَسَنَةَ، وَاغْضِىَ عَنِ السَّيِّئَةِ، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَحَلِّنى بِحِلْيَةِ الصَّالِحينَ، وَالْبِسْنى زينَةَ الْمُتَّقينَ في بَسْطِ الْعَدْلِ، وَكَظْمِ الْغَيْظِ، وَاطْفآءِ النَّآئِرَةِ، وَضَمِّ اهْلِ الْفُرْقَةِ، وَاصْلاحِ ذاتِ الْبَيْنِ، وَافْشآءِ الْعارِفَةِ، وَسَتْرِ الْعآئِبَةِ، وَلينِ الْعَريكَةِ، وَخَفْضِ الْجَناحِ، وَحُسْنِ السّيرَةِ، وَسُكُونِ الرّيحِ، وَطيبِ الْمُخالَقَةِ، وَالسَّبْقِ الىَ الْفَضيلَةِ، وَايثارِ التَّفَضُّلِ، وَتَرْكِ التَّعْييرِ، وَالْإِفْضالِ عَلى غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ، وَالْقَوْلِ
ص: 118
بِالْحَقِّ وَانْ عَزَّ، وَاسْتِقْلالِ الْخَيْرِ وَانْ كَثُرَ مِنْ قَوْلى وَفِعْلى وَاسْتِكْثارِ الشَّرِّ وَانْ قَلَّ مِنْ قَوْلى وَفِعْلى وَاكْمِلْ ذلِكَ لى بِدَوامِ الطَّاعَةِ، وَلُزُومِ الْجَماعَةِ، وَرَفْضِ اهْلِ الْبِدَعِ، وَمُسْتَعْمِلِ الرَّاْىِ الْمُخْتَرَعِ، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَاجْعَلْ اوْسَعَ رِزْقِكَ عَلَىَّ اذا كَبِرْتُ، وَاقْوى قُوَّتِكَ فِىَّ اذا نَصِبْتُ، وَلا تَبْتَلِيَنّى بِالْكَسَلِ عَنْ عِبادَتِكَ، وَلَا الْعَمى عَنْ سَبيلِكَ، وَلا بِالتَّعَرُّضِ لِخِلافِ مَحَبَّتِكَ، وَلا مُجامَعَةِ مَنْ تَفَرَّقَ عَنْكَ، وَلا مُفارَقَةِ مَنِ اجْتَمَعَ الَيْكَ، اللهُمَّ اجْعَلْنى اصُولُ بِكَ عِنْدَ الْضَّرُورَةِ، وَاسْئَلُكَ عِنْدَ الْحاجَةِ، وَاتَضَرَّعُ الَيْكَ عِنْدَ الْمَسْكَنَةِ، وَلا تَفْتِنّى بِالْإِسْتِعانَةِ بِغَيْرِكَ اذَا اضْطُرِرْتُ، وَلا بِالْخُضُوعِ لِسُؤالِ غَيْرِكَ اذَا افْتَقَرْتُ، وَلا بِالتَّضَرُّعِ الى مَنْ دُونَكَ اذا رَهِبْتُ، فَاسْتَحِقَّ بِذلِكَ خِذْلانَكَ، وَمَنْعَكَ وَاعْراضَكَ، يا ارْحَمَ الرَّاحِمينَ، اللهُمَّ اجْعَلْ ما يُلْقِى الشَّيْطانُ في رُوعى مِنَ التَّمَنّى وَالتَّظَنّى وَالْحَسَدِ، ذِكْراً لِعَظَمَتِكَ، وَتَفَكُّراً في قُدْرَتِكَ، وَتَدْبيراً عَلى عَدُوِّكَ، وَما اجْرى عَلى لِسانى مِنْ لَفْظَةِ فُحْشٍ اوْ هَجْرٍ، اوْ شَتْمِ عِرْضٍ، اوْ شَهادَةِ باطِلٍ، اوِ اغْتِيابِ مُؤْمِنٍ غآئِبٍ، اوْ سَبِّ حاضِرٍ، وَما اشْبَهَ ذلِكَ نُطْقاً بِالْحَمْدِ لَكَ، وَاغْراقاً فِى الثَّنآءِ عَلَيْكَ، وَذَهاباً في تَمْجيدِكَ، وَشُكْراً لِنِعْمَتِكَ، وَاعْتِرافاً بِإِحْسانِكَ، وَاحْصآءً لِمِنَنِكَ، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَلا اظْلَمَنَّ وَانْتَ مُطيقٌ لِلدَّفْعِ عَنّى وَلا اظْلِمَنَّ وَانْتَ الْقادِرُ عَلَى الْقَبْضِ مِنّى وَلا اضِلَّنَّ وَقَدْ امْكَنَتْكَ هِدايَتى وَلا افْتَقِرَنَّ وَمِنْ عِنْدِكَ وُسْعى وَلا اطْغَيَنَّ وَمِنْ عِنْدِكَ وُجْدى اللهُمَّ الى مَغْفِرَتِكَ وَفَدْتُ، وَالى عَفْوِكَ قَصَدْتُ، وَالى تَجاوُزِكَ اشْتَقْتُ، وَبِفَضْلِكَ وَثِقْتُ، وَلَيْسَ عِنْدى ما يُوجِبُ لى مَغْفِرَتَكَ، وَلا في عَمَلى ما اسْتَحِقُّ بِهِ عَفْوَكَ، وَمالى بَعْدَ انْ حَكَمْتُ عَلى نَفْسى الَّا فَضْلُكَ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَتَفَضَّلْ عَلَىَّ، اللهُمَّ وَانْطِقْنى بِالْهُدى وَالْهِمْنِى التَّقْوى وَوَفِّقْنى لِلَّتى
ص: 119
هِىَ ازْكى وَاسْتَعْمِلْنى بِما هُوَ ارْضى اللهُمَّ اسْلُكْ بِىَ الطَّريقَةَ الْمُثْلى وَاجْعَلْنى عَلى مِلَّتِكَ امُوتُ وَاحْيى اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَمَتِّعْنى بِالْإِقْتِصادِ، وَاجْعَلْنى مِنْ اهْلِ السَّدادِ، وَمِنْ ادِلَّةِ الرَّشادِ، وَمِنْ صالِحِى الْعِبادِ، وَارْزُقْنى فَوْزَ الْمَعادِ، وَسَلامَةَ المِرْصادِ، اللهُمَّ خُذْ لِنَفْسِكَ مِنْ نَفْسى ما يُخَلِّصُها، وَابْقِ لِنَفْسى مِنْ نَفْسى ما يُصْلِحُها، فَانَّ نَفْسى هالِكَةٌ اوْ تَعْصِمَها، اللهُمَّ انْتَ عُدَّتى انْ حَزِنْتُ، وَانْتَ مُنْتَجَعى انْ حُرِمْتُ، وَبِكَ اسْتِغاثَتى انْ كَرَثْتُ، وَعِنْدَكَ مِمَّا فاتَ خَلَفٌ، وَلِما فَسَدَ صَلاحٌ، وَفيما انْكَرْتَ تَغْييرٌ، فَامْنُنْ عَلَىَّ قَبْلَ الْبَلاءِ بِالْعافِيَةِ، وَقَبْلَ الطَّلَبِ بِالْجِدَةِ، وَقَبْلَ الضَّلالِ بِالرَّشادِ، وَاكْفِنى مَؤُنَةَ مَعَرَّةِ الْعِبادِ، وَهَبْ لى امْنَ يَوْمِ الْمَعادِ، وَامْنِحْنى حُسْنَ الْإِرْشادِ، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَادْرَأْ عَنّى بِلُطْفِكَ، وَاغْذُنى بِنِعْمَتِكَ، وَاصْلِحْنى بِكَرَمِكَ، وَداوِنى بِصُنْعِكَ، وَاظِلَّنى في ذَراكَ، وَجَلِّلْنى رِضاكَ، وَوَفِّقْنى اذَااشْتَكَلَتْ عَلَىَّ الْأُمُورُ لِأَهْداها، وَاذا تَشابَهَتِ الْأَعْمالُ لِأَزْكاها، وَاذا تَناقَضَتِ الْمِلَلُ لِأَرْضاها، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَتَوِّجْنى بِالْكِفايَةِ، وَسُمْنى حُسْنَ الْوِلايَةِ، وَهَبْ لى صِدْقَ الْهِدايَةِ، وَلا تَفْتِنّى بِالسَّعَةِ، وَامْنِحْنى حُسْنَ الدَّعَةِ، وَلا تَجْعَلْ عَيْشى كَدّاً كَدّاً، وَلا تَرُدَّ دُعآئى عَلَىَّ رَدّاً، فَانّى لا اجْعَلُ لَكَ ضِدّاً، وَلا ادْعُو مَعَكَ نِدّاً، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَامْنَعْنى مِنَ السَّرَفِ، وَحَصِّنْ رِزْقى مِنَ التَّلَفِ، وَوَفِّرْ مَلَكَتى بِالْبَرَكَةِ فيهِ، وَاصِبْ بى سَبيلَ الْهِدايَةِ لِلْبِرِّ فيما انْفِقُ مِنْهُ، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَاكْفِنى مَؤُنَةَ الْإِكْتِسابِ، وَارْزُقْنى مِنْ غَيْرِ احْتِسابٍ، فَلا اشْتَغِلَ عَنْ عِبادَتِكَ بِالطَّلَبِ، وَلا احْتَمِلَ اصْرَ تَبِعاتِ الْمَكْسَبِ، اللهُمَّ فَأَطْلِبْنى بِقُدْرَتِكَ ما اطْلُبُ، وَاجِرْنى بِعِزَّتِكَ مِمَّا ارْهَبُ، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَصُنْ وَجْهى بِالْيَسارِ، وَلا تَبْتَذِلْ جاهى بِالْإِقْتارِ، فَاسْتَرْزِقَ اهْلَ
ص: 120
رِزْقِكَ، وَاسْتَعْطِىَ شِرارَ خَلْقِكَ، فَافْتَتِنَ بِحَمْدِ مَنْ اعْطانى وَابْتَلى بِذَمِّ مَنْ مَنَعَنى وَانْتَ مِنْ دُونِهِمْ وَلِىُّ الْإِعْطآءِ وَالْمَنْعِ، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَارْزُقْنى صِحَّةً في عِبادَةٍ، وَفَراغاً في زَهادَةٍ، وَعِلْماً فِى اسْتِعْمالٍ، وَوَرَعاً في اجْمالٍ، اللهُمَّ اخْتِمْ بِعَفْوِكَ اجَلى وَحَقِّقْ في رَجآءِ رَحْمَتِكَ امَلى وَسَهِّلْ الى بُلوُغِ رِضاكَ سُبُلى وَحَسِّنْ في جَميعِ احْوالى عَمَلى اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍوَآلِهِ، وَنَبِّهْنى لِذِكْرِكَ في اوْقاتِ الْغَفْلَةِ، وَاسْتَعْمِلْنى بِطاعَتِكَ في ايَّامِ الْمُهْلَةِ، وَانْهَجْ لى الى مَحَبَّتِكَ سَبيلًا سَهْلَةً، اكْمِلْ لى بِها خَيْرَ الدُّنْيا وَالْأخِرَةِ، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، كَافْضَلِ ما صَلَّيْتَ عَلى احَدٍ مِنْ خَلْقِكَ قَبْلَهُ، وَانْتَ مُصَلٍّ عَلى احَدٍ بَعْدَهُ، وَآتِنا فِى الدُّنْيا حَسَنَةً، وَفِى الْأخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنى بِرَحْمَتِكَ عَذابَ النَّارِ.
(1) إنّ التوجّه لوليّ العصر- عجّل اللَّه تعالى فرجه- والدعاء له والتعبير عن التعلّق به وعشقه والدعاء لتعجيل ظهوره، كلّ ذلك دلالة على التشيّع الحقيقيّ. ولكن ممّا لا شكّ فيه أنّ مَن يدعو لظهور المصلح العالميّ، يجدّ لإصلاح نفسه ومجتمعه، ومن ينتظر منقذ البشرية والإمام الحقّ، يسعى لأن يكون جنديّاً باسلًا ومطيعاً ومضحّياً في سبيل الإسلام وإنقاذ المستضعفين. ودعاء الندبة نجوى العشّاق والرمز لكلّ شيعي منتظر ليدعو بالترنّم به والتوجّه لمضمونه لإمام الزمان عليه السلام، كما يبرز حبّه وعشقه للإمام، ويعلم سرّ التضحية ويتعرّف على نبذة من تاريخ الأنبياء وأدلة ولاية أميرالمؤمنين عليه السلام. يستحبّ دعاء الندبة في الأعياد الأربعة: الجمعة والفطر والأضحى وعيد الغدير(2).
ص: 121
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ
الْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعالَمينَ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ نَبِيِّهِ وَآلِهِ، وَسَلَّمَ تَسْليماً، اللهُمَ لَكَ الْحَمْدُ عَلى ما جَرى بِهِ قَضآئُكَ في اوْلِيآئِكَ، الَّذينَ اسْتَخْلَصْتَهُمْ لِنَفْسِكَ وَدينِكَ، اذِ اخْتَرْتَ لَهُمْ جَزيلَ ما عِنْدَكَ مِنَ النَّعيمِ الْمُقيمِ، الَّذى لا زَوالَ لَهُ وَلَا اضْمِحْلالَ، بَعْدَ انْ شَرَطْتَ عَلَيْهِمُ الزُّهْدَ في دَرَجاتِ هذِهِ الدُّنْيَا الدَّنِيَّةِ، وَزُخْرُفِها وَزِبْرِجِها، فَشَرَطُوا لَكَ ذلِكَ، وَعَلِمْتَ مِنْهُمُ الْوَفآءَ بِهِ، فَقَبِلْتَهُمْ وَقَرَّبْتَهُمْ، وَقَدَّمْتَ لَهُمُ الذِّكْرَ الْعَلِىَّ، وَالثَّنآءَ الْجَلِىَّ، وَاهْبَطْتَ عَلَيْهِمْ مَلآئِكَتَكَ، وَكَرَّمْتَهُمْ بِوَحْيِكَ، وَرَفَدْتَهُمْ بِعِلْمِكَ، وَجَعَلْتَهُمُ الذَّريعَةَ الَيْكَ، وَالْوَسيلَةَ الى رِضْوانِكَ، فَبَعْضٌ اسْكَنْتَهُ جَنَّتَكَ الى انْ اخْرَجْتَهُ مِنْها، وَبَعْضٌ حَمَلْتَهُ في فُلْكِكَ، وَنَجَّيْتَهُ وَمَنْ آمَنَ مَعَهُ مِنَ الْهَلَكَةِ بِرَحْمَتِكَ، وَبَعْضٌ اتَّخَذْتَهُ لِنَفْسِكَ خَليلًا، وَسَئَلَكَ لِسانَ صِدْقٍ فِى الْاخِرينَ فَاجَبْتَهُ، وَجَعَلْتَ ذلِكَ عَلِيّاً، وَبَعْضٌ كَلَّمْتَهُ مِنْ شَجَرَةٍ تَكْليماً، وَجَعَلْتَ لَهُ مِنْ اخيهِ رِدْءاً وَوَزيراً، وَبَعْضٌ اوْلَدْتَهُ مِنْ غَيْرِ ابٍ، وَآتَيْتَهُ الْبَيِّناتِ، وَايَّدْتَهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ، وَكُلٌّ شَرَعْتَ لَهُ شَريعَةً، وَنَهَجْتَ لَهُ مِنْهاجاً، وَتَخَيَّرْتَ لَهُ اوْصِيآءَ مُسْتَحْفِظاً بَعْدَ مُسْتَحْفِظٍ، مِنْ مُدَّةٍ الى مُدَّةٍ، اقامَةً لِدينِكَ، وَحُجَّةً عَلى عِبادِكَ، وَلِئَلَّا يَزُولَ الْحَقُّ عَنْ مَقَرِّهِ، وَيَغْلِبَ الْباطِلُ عَلى اهْلِهِ، وَلا يَقُولَ احَدٌ لَوْلا ارْسَلْتَ الَيْنا رَسُولًا مُنْذِراً، وَاقَمْتَ لَنا عَلَماً هادِياً، فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ انْ نَذِلَّ وَنَخْزى الى انِ انْتَهَيْتَ بِالْأَمْرِ الى حَبيبِكَ وَنَجيبِكَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، فَكانَ كَمَا انْتَجَبْتَهُ سَيِّدَ مَنْ خَلَقْتَهُ، وَصَفْوَةَ مَنِ اصْطَفَيْتَهُ، وَافْضَلَ مَنِ اجْتَبَيْتَهُ، وَاكْرَمَ مَنِ اعْتَمَدْتَهُ، قَدَّمْتَهُ عَلى انْبِيآئِكَ، وَبَعَثْتَهُ الَى الثَّقَلَيْنِ مِنْ عِبادِكَ، وَاوْطَاْتَهُ مَشارِقَكَ، وَمَغارِبَكَ، وَسَخَّرْتَ لَهُ
ص: 122
الْبُراقَ، وَعَرَجْتَ بِهِ [بِرُوحِهِ الى سَمآئِكَ، وَاوْدَعْتَهُ عِلْمَ ما كانَ وَما يَكُونُ الَى انْقِضآءِ خَلْقِكَ، ثُمَّ نَصَرْتَهُ بِالرُّعْبِ، وَحَفَفْتَهُ بِجَبْرَئيلَ وَميكآئيلَ، وَالْمُسَوِّمينَ مِنْ مَلآئِكَتِكَ، وَوَعَدْتَهُ انْ تُظْهِرَ دينَهُ عَلَى الدّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ، وَذلِكَ بَعْدَ انْ بَوَّئْتَهُ مُبَوَّءَ صِدْقٍ مِنْ اهْلِهِ، وَجَعَلْتَ لَهُ وَلَهُمْ اوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ، لَلَّذى بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمينَ، فيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ، مَقامُ ابْراهيمَ، وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً، وَقُلْتَ انَّما يُريدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ اهْلَ الْبَيْتِ، وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهيراً، ثُمَّ جَعَلْتَ اجْرَ مُحَمَّدٍ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ مَوَدَّتَهُمْ في كِتابِكَ، فَقُلْتَ قُلْ لا اسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ اجْراً الَّا الْمَوَدَّةَ فِى الْقُرْبى وَقُلْتَ ما سَئَلْتُكُمْ مِنْ اجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ، وَقُلْتَ ما اسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ اجْرٍ الَّا مَنْ شآءَ انْ يَتَّخِذَ الى رَبِّهِ سَبيلًا، فَكانُوا هُمُ السَّبيلَ الَيْكَ، وَالْمَسْلَكَ الى رِضْوانِكَ، فَلَمَّاانْقَضَتْ ايَّامُهُ، اقامَ وَلِيَّهُ عَلِىَّ بْنَ ابيطالِبٍ صَلَواتُكَ عَلَيْهِما وَآلِهِما هادِياً، اذْ كانَ هُوَ الْمُنْذِرَ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ، فَقالَ وَالْمَلَأُ امامَهُ مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَعَلِىٌّ مَوْلاهُ، اللهُمَّ والِ مَنْ والاهُ، وَعادِ مَنْ عاداهُ، وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ، وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ، وَقالَ مَنْ كُنْتُ انَا نَبِيُّهُ فَعَلِىٌّ اميرُهُ، وَقالَ انَا وَعَلِىٌّ مِنْ شَجَرَةٍ واحِدَةٍ، وَسائِرُ النَّاسِ مِنْ شَجَرٍ شَتّى وَاحَلَّهُ مَحَلَّ هارُونَ مِنْ مُوسى فَقال لَهُ انْتَ مِنّى بِمَنْزِلَةِ هارُونَ مِنْ مُوسى الَّا انَّهُ لا نَبِىَّ بَعْدى وَزَوَّجَهُ ابْنَتَهُ سَيِّدَةَ نِسآءِ الْعالَمينَ، وَاحَلَّ لَهُ مِنْ مَسْجِدِهِ ما حَلَّ لَهُ، وَسَدَّ الْأَبْوابَ الَّا بابَهُ، ثُمَّ اوْدَعَهُ عِلْمَهُ وَحِكْمَتَهُ، فَقالَ ا نَا مَدينَةُ الْعِلْمِ وَعَلِىٌّ بابُها، فَمَنْ ارادَ الْمَدينَةَ وَالْحِكْمَةَ، فَلْيَاْتِها مِنْ بابِها، ثُمَّ قالَ انْتَ اخى وَوَصِيّى وَوارِثى لَحْمُكَ مِنْ لَحْمى وَدَمُكَ مِنْ دَمى وَسِلْمُكَ سِلْمى وَحَرْبُكَ حَرْبى وَالْإِيمانُ مُخالِطٌ لَحْمَكَ وَدَمَكَ، كَما خالَطَ لَحْمى وَدَمى وَانْتَ غَداً عَلَى الْحَوْضِ خَليفَتى وَانْتَ تَقْضى دَيْنى وَتُنْجِزُ عِداتى وَشيعَتُكَ عَلى مَنابِرَ مِنْ
ص: 123
نُورٍ، مُبْيَضَّةً وُجُوهُهُمْ حَوْلى فِى الْجَنَّةِ، وَهُمْ جيرانى وَلَوْلا انْتَ يا عَلِىُّ لَمْ يُعْرَفِ الْمُؤْمِنُونَ بَعْدى وَكانَ بَعْدَهُ هُدىً مِنَ الضَّلالِ، وَنُوراً مِنَ الْعَمى وَحَبْلَ اللَّهِ الْمَتينَ، وَصِراطَهُ الْمُسْتَقيمَ، لا يُسْبَقُ بِقَرابَةٍ في رَحِمٍ، وَلا بِسابِقَةٍ في دينٍ، وَلا يُلْحَقُ في مَنْقَبَةٍ مِنْ مَناقِبِهِ، يَحْذُو حَذْوَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِما وَآلِهِما، وَيُقاتِلُ عَلَى التَّاْويلِ، وَلا تَاْخُذُهُ فِى اللَّهِ لَوْمَةُ لآئِمٍ، قَدْ وَتَرَ فيهِ صَناديدَ الْعَرَبِ، وَقَتَلَ ابْطالَهُمْ وَناوَشَ ذُؤْبانَهُمْ، فَاوْدَعَ قُلُوبَهُمْ احْقاداً بَدْرِيَّةً وَخَيْبَرِيَّةً وَحُنَيْنِيَّةً وَغَيْرَهُنَّ، فَاضَبَّتْ عَلى عَداوَتِهِ، وَاكَبَّتْ عَلى مُنابَذَتِهِ، حَتّى قَتَلَ النَّاكِثينَ وَالْقاسِطينَ وَالْمارِقينَ، وَلَمَّا قَضى نَحْبَهُ، وَقَتَلَهُ اشْقَى الْاخِرينَ يَتْبَعُ اشْقَى الْأَوَّلينَ، لَمْ يُمْتَثَلْ امْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فِى الْهادينَ بَعْدَ الْهادينَ، وَالْأُمَّةُ مُصِرَّةٌ عَلى مَقْتِهِ، مُجْتَمِعَةٌ عَلى قَطيعَةِ رَحِمِهِ، وَاقْصآءِ وُلْدِهِ، الَّا الْقَليلَ مِمَّنْ وَفى لِرِعايَةِ الْحَقِّ فيهِمْ، فَقُتِلَ مَنْ قُتِلَ، وَسُبِىَ مَنْ سُبِىَ، وَاقْصِىَ مَنْ اقْصِىَ، وَجَرَى الْقَضآءُ لَهُمْ بِما يُرْجى لَهُ حُسْنُ الْمَثُوبَةِ، اذْ كانَتِ الْأَرْضُ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشآءُ مِنْ عِبادِهِ، وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقينَ، وَسُبْحانَ رَبِّنا انْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولًا، وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَهُوَ الْعَزيزُ الْحَكيمُ، فَعَلَى الْأَطائِبِ مِنْ اهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ وَعَلِىٍّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِما وَ آلِهِما، فَلْيَبْكِ الْباكُونَ، وَايَّاهُمْ فَلْيَنْدُبِ النَّادِبُونَ، وَلِمِثْلِهِمْ فَلْتَذْرَفِ الدُّمُوعُ، وَلْيَصْرُخِ الصَّارِخُونَ، وَيَضِجَّ الضَّآجُّونَ، وَيَعِجَّ الْعآجُّوَن، ايْنَ الْحَسَنُ ايْنَ الْحُسَيْنُ، ايْنَ ابْنآءُ الْحُسَيْنِ، صالِحٌ بَعْدَصالِحٍ، وَصادِقٌ بَعْدَ صادِقٍ، ايْنَ السَّبيلُ بَعْدَ السَّبيلِ، ايْنَ الْخِيَرَةُ بَعْدَ الْخِيَرَةِ، ايْنَ الشُّمُوسُ الطَّالِعَةُ، ايْنَ الْأَقْمارُ الْمُنيرَةُ، ايْنَ الْأَنْجُمُ الزَّاهِرَةُ، ايْنَ اعْلامُ الدّينِ وَقَواعِدُ الْعِلْمِ، ايْنَ بَقِيَّةُ اللَّهِ الَّتى لا تَخْلُو مِنَ الْعِتْرَةِ الْهادِيَةِ، ايْنَ الْمُعَدُّ لِقَطْعِ دابِرِ الظَّلَمَةِ، ايْنَ الْمُنْتَظَرُ لِإِقامَةِ الْأَمْتِ وَاْلعِوَجِ، ايْنَ الْمُرْتَجى لِإِزالَةِ
ص: 124
الْجَوْرِ وَالْعُدْوانِ، ايْنَ الْمُدَّخَرُ لِتَجْديدِ الْفَرآئِضِ وَالسُّنَنِ، ايْنَ الْمُتَخَيَّرُ لِإِعادَةِ الْمِلَّةِ وَالشَّريعَةِ، ايْنَ الْمُؤَمَّلُ لِإِحْيآءِ الْكِتابِ وَحُدُودِهِ، ايْنَ مُحْيى مَعالِمِ الدّينِ وَاهْلِهِ، ايْنَ قاصِمُ شَوْكَةِ الْمُعْتَدينَ، ايْنَ هادِمُ ابْنِيَةِ الشِّرْكِ وَالنِّفاقِ، ايْنَ مُبيدُ اهْلِ الْفُسُوقِ وَالْعِصْيانِ وَالطُّغْيانِ، ايْنَ حاصِدُ فُرُوعِ الْغَىِّ وَالشِّقاقِ، ايْنَ طامِسُ آثارِ الزَّيْغِ وَالْأَهْوآءِ، ايْنَ قاطِعُ حَبآئِلِ الْكِذْبِ وَالْإِفْتِرآءِ، ايْنَ مُبيدُ الْعُتاةِ وَالْمَرَدَةِ، ايْنَ مُسْتَاْصِلُ اهْلِ الْعِنادِ وَالتَّضْليلِ وَالْإِلْحادِ، ايْنَ مُعِزُّ الْأَوْلِيآءِ وَمُذِلُّ الْأَعْدآءِ، ايْنَ جامِعُ الْكَلِمَةِ عَلَى التَّقْوى ايْنَ بابُ اللَّهِ الَّذى مِنْهُ يُؤْتى ايْنَ وَجْهُ اللَّهِ الَّذى الَيْهِ يَتَوَجَّهُ الْأَوْلِيآءُ، ايْنَ السَّبَبُ الْمُتَّصِلُ بَيْنَ الْأَرْضِ وَالسَّمآءِ، ايْنَ صاحِبُ يَوْمِ الْفَتْحِ وَناشِرُ رايَةِ الْهُدى ايْنَ مُؤَلِّفُ شَمْلِ الصَّلاحِ وَالرِّضا، ايْنَ الطَّالِبُ بِذُحُولِ الْأَنْبِيآءِ وَابْنآءِ الْأَنْبِيآءِ، ايْنَ الطَّالِبُ بِدَمِ الْمَقْتُولِ بِكَرْبَلآءَ، ايْنَ الْمَنْصُورُ عَلى مَنِ اعْتَدى عَلَيْهِ وَافْتَرى ايْنَ الْمُضْطَرُّ الَّذى يُجابُ اذا دَعى ايْنَ صَدْرُ الْخَلائِقِ ذُوالْبِرِّ وَالتَّقْوى ايْنَ ابْنُ النَّبِىِّ الْمُصْطَفى وَابْنُ عَلِىٍّ الْمُرْتَضى وَابْنُ خَديجَةَ الْغَرَّآءِ، وَابْنُ فاطِمَةَ الْكُبْرى بِابى انْتَ وَامّى وَنَفْسى لَكَ الْوِقآءُ وَالْحِمى يَا بْنَ السَّادَةِ الْمُقَرَّبينَ، يَا بْنَ النُّجَبآءِ الْأَكْرَمينَ، يَا بْنَ الْهُداةِ الْمَهْدِيّينَ، يَا بْنَ الْخِيَرَةِ الْمُهَذَّبينَ، يَا بْنَ الْغَطارِفَةِ الْأَنْجَبينَ، يَا بْنَ الْأَطآئِبِ الْمُطَهَّرينَ، يَا بْنَ الْخَضارِمَةِ الْمُنْتَجَبينَ، يَا بْنَ الْقَماقِمَةِ الْأَكْرَمينَ، يَا بْنَ الْبُدُورِ الْمُنيرَةِ، يَا بْنَ السُّرُجِ الْمُضيئَةِ، يَا بْنَ الشُّهُبِ الثَّاقِبَةِ، يَا بْنَ الْأَنْجُمِ الزَّاهِرَةِ، يَا بْنَ السُّبُلِ الْواضِحَةِ، يَا بْنَ الْأَعْلامِ الّلآئِحَةِ، يَا بْنَ الْعُلُومِ الْكامِلَةِ، يَابْنَ السُّنَنِ الْمَشْهُورَةِ، يَا بْنَ الْمَعالِمِ الْمَأثُورَةِ، يَا بْنَ الْمُعْجِزاتِ الْمَوْجُودَةِ، يَا بْنَ الدَّلائِلِ الْمَشْهُودَةِ، يَا بْنَ الصِّراطِ الْمُسْتَقيمِ، يَا بْنَ النَّبَأِ الْعَظيمِ، يَا بْنَ مَنْ هُوَ في امِّ الْكِتابِ لَدَى اللَّهِ عَلِىٌّ حَكيمٌ، يَا بْنَ الْاياتِ وَالْبَيِّناتِ، يَا بْنَ الدَّلائِلِ الظَّاهِراتِ، يَا بْنَ الْبَراهينِ
ص: 125
الْواضِحاتِ الْباهِراتِ، يَا بْنَ الْحُجَجِ الْبالِغاتِ، يَا بْنَ النِّعَمِ السَّابِغاتِ، يَا بْنَ طه وَالْمُحْكَماتِ، يَا بْنَ يس وَالذَّارِياتِ، يَا بْنَ الطُّورِ وَالْعادِياتِ، يَا بْنَ مَنْ دَنى فَتَدَلّى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ اوْ ادْنى دُنُوّاً وَاقْتِراباً مِنَ الْعَلِىِّ الْأَعْلى لَيْتَ شِعْرى ايْنَ اسْتَقَرَّتْ بِكَ النَّوى بَلْ اىُّ ارْضٍ تُقِلُّكَ اوْ ثَرى ابِرَضْوى اوْغَيْرِها، امْ ذى طُوى عَزيزٌ عَلَىَّ انْ ارَى الْخَلْقَ وَلا تُرى وَلا اسْمَعُ لَكَ حَسيساً وَلا نَجْوى عَزيزٌ عَلَىَّ انْ تُحيطَ بِكَ دُونِىَ الْبَلْوى وَلايَنالُكَ مِنّى ضَجيجٌ وَلا شَكْوى بِنَفْسى انْتَ مِنْ مُغَيَّبٍ لَمْ يَخْلُ مِنَّا، بِنَفْسى انْتَ مِنْ نازِحٍ ما نَزَحَ عَنَّا، بِنَفْسى انْتَ امْنِيَّةُ شائِقٍ يَتَمَنّى مِنْ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ ذَكَرا فَحَنَّا، بِنَفْسى انْتَ مِنْ عَقيدِ عِزٍّ لايُسامى بِنَفْسى انْتَ مِنْ اثيلِ مَجْدٍ لايُجارى (1)، بِنَفْسى انْتَ مِنْ تِلادِ نِعَمٍ لا تُضاهى بِنَفْسى انْتَ مِنْ نَصيفِ شَرَفٍ لا يُساوى الى مَتى احارُ فيكَ يا مَوْلاىَ، وَالى مَتى وَاىَّ خِطابٍ اصِفُ فيكَ، وَاىَّ نَجْوى عَزيزٌ عَلَىَّ انْ اجابَ دُونَكَ وَاناغى عَزيزٌ عَلَىَّ انْ ابْكِيَكَ وَيَخْذُلَكَ الْوَرى عَزيزٌ عَلَىَّ انْ يَجْرِىَ عَلَيْكَ دُونَهُمْ ما جَرى هَلْ مِنْ مُعينٍ فَاطيلَ مَعَهُ الْعَويلَ وَالْبُكآءَ، هَلْ مِنْ جَزُوعٍ فَاساعِدَ جَزَعَهُ اذا خَلا، هَلْ قَذِيَتْ عَيْنٌ فَساعَدَتْها عَيْنى عَلَى الْقَذى هَلْ الَيْكَ يَا بْنَ احْمَدَ سَبيلٌ فَتُلْقى هَلْ يَتَّصِلُ يَوْمُنا مِنْكَ بِعِدَةٍ(2) فَنَحْظى مَتى نَرِدُ مَناهِلَكَ الرَّوِيَّةَ فَنَرْوى مَتى نَنْتَقِعُ مِنْ عَذْبِ مآئِكَ فَقَدْ طالَ الصَّدى مَتى نُغاديكَ وَنُراوِحُكَ فَنُقِرَّ(3) عَيْناً، مَتى تَرانا وَنَريكَ، وَقَدْ نَشَرْتَ لِوآءَ النَّصْرِ تُرى اتَرانانَحُفُّ بِكَ وَانْتَ تَامُّ الْمَلَأَ، وَقَدْ مَلَأْتَ الْأَرْضَ عَدْلًا، وَاذَقْتَ اعْدآئَكَ هَواناً وَعِقاباً، وَابَرْتَ الْعُتاةَ وَجَحَدَةَ الْحَقِّ، وَقَطَعْتَ دابِرَ الْمُتَكَبِّرينَ، وَاجْتَثَثْتَ اصُولَ الظَّالِمينَ،
ص: 126
وَنَحْنُ نَقُولُ الْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعالَمينَ، اللهُمَّ انْتَ كَشَّافُ الكُرَبِ وَالْبَلْوى وَالَيْكَ اسْتَعْدى فَعِنْدَكَ الْعَدْوى وَانْتَ رَبُّ الْاخِرَةِ وَالدُّنْيا(1)، فَاغِثْ يا غِياثَ الْمُسْتَغيثينَ، عُبَيْدَكَ الْمُبْتَلى وَارِهِ سَيِّدَهُ يا شَديدَ الْقُوى وَازِلْ عَنْهُ بِهِ الْأَسى وَالْجَوى وَبَرِّدْ غَليلَهُ يا مَنْ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى وَمَنْ الَيْهِ الرُّجْعى وَالْمُنْتَهى اللهُمَّ وَنَحْنُ عَبيدُكَ التَّآئِقُونَ الى وَلِيِّكَ الْمُذَكِّرِ بِكَ وَبِنَبِيِّكَ، خَلَقْتَهُ لَنا عِصْمَةً وَمَلاذاً، وَاقَمْتَهُ لَنا قِواماً وَمَعاذاً، وَجَعَلْتَهُ لِلْمُؤْمِنينَ مِنَّا اماماً، فَبَلِّغْهُ مِنَّا تَحِيَّةً وَسَلاماً، وَزِدْنا بِذلِكَ يارَبِّ اكْراماً، وَاجْعَلْ مُسْتَقَرَّهُ لَنا مُسْتَقَرّاً وَمُقاماً، وَاتْمِمْ نِعْمَتَكَ بِتَقْديمِكَ ايَّاهُ امامَنا، حَتّى تُورِدَنا جِنانَكَ وَمُرافَقَةَ الشُّهَدآءِ مِنْ خُلَصآئِكَ، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ جَدِّهِ وَرَسُولِكَ السَّيِّدِ الأَكْبَرِ، وَعَلى ابيهِ السَّيِّدِ الأَصْغَرِ، وَجَدَّتِهِ الصِّدّيقَةِ الْكُبْرى فاطِمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ، وَعَلى مَنِ اصْطَفَيْتَ مِنْ آبآئِهِ الْبَرَرَةِ، وَعَلَيْهِ افْضَلَ وَاكْمَلَ وَاتَمَّ وَادْوَمَ وَاكْثَرَ وَاوْفَرَ ما صَلَّيْتَ عَلى احَدٍ مِنْ اصْفِيآئِكَ وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ، وَصَلِّ عَلَيْهِ صَلاةً لا غايَةَ لِعَدَدِها، وَلانِهايَةَ لِمَدَدِها، وَلا نَفادَ لِأَمَدِها، اللهُمَّ وَاقِمْ بِهِ الْحَقَّ، وَادْحِضْ بِهِ الْباطِلَ، وَادِلْ بِهِ اوْلِيآئَكَ، وَاذْلِلْ بِهِ اعْدآئَكَ، وَصِلِ اللَّهُمَّ بَيْنَنا وَبَيْنَهُ وُصْلَةً تُؤَدّى الى مُرافَقَةِ سَلَفِهِ، وَاجْعَلْنا مِمَّنْ يَاْخُذُ بِحُجْزَتِهِمْ، وَيَمْكُثُ في ظِلِّهِمْ، وَاعِنَّا عَلى تَاْدِيَةِ حُقُوقِهِ الَيْهِ، وَالْإِجْتِهادِ في طاعَتِهِ، وَاجْتِنابِ مَعْصِيَتِهِ، وَامْنُنْ عَلَيْنا بِرِضاهُ، وَهَبْ لَنا رَأْفَتَهُ وَرَحْمَتَهُ، وَدُعآئَهُ وَخَيْرَهُ، مانَنالُ بِهِ سَعَةً مِنْ رَحْمَتِكَ، وَفَوْزاً عِنْدَكَ، وَاجْعَلْ صَلاتَنا بِهِ مَقْبُولَةً، وَذُنُوبَنا بِهِ مَغْفُورَةً، وَدُعآئَنا بِهِ مُسْتَجاباً، وَاجْعَلْ ارْزاقَنا بِهِ مَبْسُوطَةً، وَهُمُومَنا بِهِ مَكْفِيَّةً، وَحَوآئِجَنا بِهِ مَقْضِيَّةً، وَاقْبِلْ الَيْنا بِوَجْهِكَ الْكَريمِ، وَاقْبَلْ تَقَرُّبَنا الَيْكَ، وَانْظُرْ الَيْنا نَظْرَةً
ص: 127
رَحيمَةً، نَسْتَكْمِلُ بِهَا الْكَرامَةَ عِنْدَكَ، ثُمَّ لا تَصْرِفْها عَنَّا بِجُودِكَ، وَاسْقِنا مِنْ حَوْضِ جَدِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، بِكَاْسِهِ وَبِيَدِهِ، رَيّاً رَوِيّاً هَنيئاً سآئِغاً، لا ظَمَأَ بَعْدَهُ يا ارْحَمَ الرَّاحِمينَ.
هذا الدعاء من الأدعية المشهورة والمعروفة، وله مضمون رفيع، رواه المرحوم الكفعمي في المصباح (1).
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ
اللهُمَّ ارْزُقْنا تَوْفيقَ الطَّاعَةِ، وَبُعْدَ الْمَعْصِيَةِ، وَصِدْقَ النِّيَّةِ، وَعِرْفانَ الْحُرْمَةِ، وَاكْرِمْنابِالْهُدى وَالْإِسْتِقامَةِ، وَسَدِّدْ الْسِنَتَنا بِالصَّوابِ وَالْحِكْمَةِ، وَامْلَأْ قُلُوبَنا بِالْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ، وَطَهِّرْ بُطُونَنا مِنَ الْحَرامِ وَالشُّبْهَةِ، وَاكْفُفْ ايْدِيَنا عَنِ الظُّلْمِ وَالسَّرِقَةِ، وَاغْضُضْ ابْصارَنا عَنِ الْفُجُورِ وَالْخِيانَةِ، وَاسْدُدْ اسْماعَنا عَنِ اللَّغْوِ وَالْغيبَةِ، وَتَفَضَّلْ عَلى عُلَمآئِنا بِالزُّهْدِ وَالنَّصيحَةِ، وَعَلَى الْمُتَعَلِّمينَ بِالْجُهْدِ وَالرَّغْبَةِ، وَعَلَى الْمُسْتَمِعينَ بِالْإِتِّباعِ وَالْمَوْعِظَةِ، وَعَلى مَرْضَى الْمُسْلِمينَ بِالشِّفآءِ وَالرَّاحَةِ، وَعَلى مَوْتاهُمْ بِالرَّاْفَةِ وَالرَّحْمَةِ، وَعَلى مَشايِخِنا بِالْوَقارِ وَالسَّكينَةِ، وَعَلَى الشَّبابِ بِالْإِنابَةِ وَالتَّوْبَةِ، وَعَلَى النِّسآءِ بِالْحَيآءِ وَالْعِفَّةِ، وَعَلَى الْأَغْنِيآءِ بِالتَّواضُعِ وَالسَّعَةِ، وَعَلَى الْفُقَرآءِ بِالصَّبْرِ وَالْقَناعَةِ، وَعَلَى الْغُزاةِ بِالنَّصْرِ وَالْغَلَبَةِ، وَعَلَى الْأُسَرآءِ بِالْخَلاصِ وَالرَّاحَةِ، وَعَلَى الْأُمَرآءِ بِالْعَدْلِ وَالشَّفَقَةِ، وَعَلَى الرَّعِيَّةِ بِالْإِنْصافِ وَحُسْنِ السّيرَةِ، وَبارِكْ لِلْحُجَّاجِ وَالزُّوَّارِ فِى
ص: 128
الزَّادِ وَالنَّفَقَةِ، وَاقْضِ ما اوْجَبْتَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، بِفَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمينَ.
رواه المرحوم السيّد ابن طاووس في مهج الدعوات (1).
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ
الهى بِحَقِّ مَنْ ناجاكَ، وَبِحَقِّ مَنْ دَعاكَ فِى الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، تَفَضَّلْ عَلى فُقَرآءِ الْمُؤْمِنينَ وَ الْمُؤْمِناتِ بالْغَنآءِ وَالثَّرْوَةِ، وَعَلى مَرْضَى الْمُؤْمِنينَ والْمُؤْمِناتِ بِالشِّفآءِ وَالصِّحَةِ، وَعَلى احْيآءِ الْمُؤْمِنينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِاللُّطْفِ وَالْكَرامَةِ، وَعَلى امْواتِ الْمُؤْمِنينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ، وَعَلى غُرَبآءِ الْمُؤْمِنينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِالرَّدّ الى اوْطانِهِمْ سالِمينَ غانِمينَ، بِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ اجْمَعينَ.
- چ چ-
ص: 129
مقدّمة
مقدّمات وآداب الزيارة
إذن الدخول
الفصل الأوّل: في زيارة النّبيّ صلى الله عليه و آله والزهراء عليها السلام و أئمّة البقيع عليهم السلام وسائر المشاهد والمساجد في المدينة المنوّرة
الفصل الثاني: فضيلة أرض النجف و زيارة أميرالمؤمنين علي عليه السلام
الفصل الثالث: فضل الكوفة ومسجدها الأعظم، ومواضع الزيارة
الفصل الرابع: فضل مسجد السهلة وأعماله وأعمال مسجد زيد وصعصعة
الفصل الخامس: زيارة الإمام الحسين عليه السلام
الفصل السادس: زيارة الكاظمين عليهما السلام
الفصل السابع: زيارة الإمام الرضا عليه السلام
الفصل الثامن: زيارة العسكريين (الإمام الهادي والإمام الحسن العسكري عليهما السلام)
الفصل التاسع: زيارة صاحب الأمر عليه السلام
الفصل العاشر: الزيارات الجامعة
الفصل الحادي عشر: الأدعية بعد الزيارات
الفصل الثاني عشر: زيارة الأنبياء العظام وأبناء الأئمّة الكرام وقبور المؤمنين
ص: 130
ص: 131
مقدمه
زيارة المعصومين عليهم السلام طريق إلى اللَّه:
إنّ زيارة النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله والأئمّة المعصومين عليهم السلام والذي يعني مدّ جسور الإرتباط الروحيّ وخلق الاتّصال القلبيّ بأولئك العظام (سواء عن طريق التشرّف بمراقدهم، أو الاتّصال بهم من بعيد، والسلام عليهم وتحيّتهم والإعراب عن إرادتهم والإخلاص لهم مع بيان فضائلهم وكراماتهم وعباداتهم وطاعتهم وخدماتهم) تنطوي على آثار بنّاءة في تربية وتهذيب نفوس الزائرين وتسامي أرواحهم وبلورة القيم المعنوية والأخلاقية لديهم؛ وإن عرف الزائر ماذا يفعل وماذا يقول وماذا يريد؛ لاستطاع طيّ سبيل القرب إلى اللَّه بسرعة، ولوسعه العودة من زيارة قبورهم بصفاء روح وطهارة قلب واستعداد للطاعة، والإتيان بالوظائف والتكاليف، وذلك لما يلي:
أوّلًا: كيف لا يكون للتوجّه إلى المقامات الشامخة لأولئك العظام وذكر صفاتهم وسجاياهم، انعكاس على زائرهم وجذبه إليهم وصبغته بالتدريج بصبغتهم؟! كيف يسعني أنا الزائر، أن أكون ملوّثاً بالإثم من رأسي إلى قدمي وألهج في نفس الوقت بعشق وحبّ أطهار العالم وأصفيائه؟ أو يسوغ لي أن أطأَ حرمهم الطاهر دون التوبة وإعادة النظر في أعمالي وتصرّفاتي؟!.
ثانياً: كيف أعرض عندهم حاجاتي المعنويّة والماديّة وأسألهم الشفاعة لي عند اللَّه بينما لا أقوم بما يليق بهم ويوجب رضاهم؟! أو لا يكفي التوجّه لهذه الامور في التوبة من الذنب والتطهّر والتهذيب؟!
ص: 132
ثالثاً: إنّ من لديه أدنى معرفة بالمسائل النفسية للإنسان وروحية الاقتداء، يوقن أنّ الزائر لو تشرّف بزيارة مراقد أولئك الأطهار بحضور قلب، وتأمّل «المحتوى الرفيع لكلمات وعبارات الزيارة» فإنّ في كلّ جملة من هذه الزيارة درس تربويّ مهمّ ومهذّب للإنسان؛ على سبيل المثال هنالك دروس عجيبة كامنة في الزيارة الجامعة الكبيرة التي تعدّ أجمع الزيارات، ومنها:
1. يتحدّث أثناء الزيارة عن محبّتهم وتوحيدهم ومناهضتهم للشرك وطاعتهم المحضة للَّه ويقول: «
السَّلامُ عَلَى الدُّعاةِ الَى اللَّهِ، وَالْأَدِلّاءِ عَلى مَرْضاتِ اللَّهِ، وَالْمُسْتَقِرّينَ في أَمْرِ اللَّهِ، وَالتَّامّينَ في مَحَبَّةِ اللَّهِ، وَالْمُخْلِصينَ في تَوْحيدِ اللَّهِ، وَالْمُظْهِرينَ لِأَمْرِ اللَّهِ وَنَهْيِهِ، وَعِبادِهِ الْمُكْرَمينَ، الَّذينَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ، وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ
».(1) لا يمكن أن يلهج الزائر بهذه الكلمات على أساس المعرفة وينزع إلى الشرك والنفاق، ولا يحثّ الخطى نحو التوحيد والإخلاص!
2. لا يمكن أن يلهج لسان الزائر بتقواهم وصدقهم ومحورية وحدانيتهم وعصمتهم من الخطأ والزلل وطهارتهم من الدنس ويعلن أنّي أشهد أنّكم الأئمّة المتّقون، الصادقون، القائمون بأمر اللَّه والعاملون بإرادته، وأنتم أركان التوحيد والهداة إلى الصراط المستقيم، وأنّ اللَّه عصمكم من الزلل وطهّركم من الرجس، وفي ذات الوقت لا يعقد العزم على التقوى والصدق والكفّ عن المعاصي والاستقامة على الصراط المستقيم.
3. لا يمكن أن يقبل عليهم الزائر ويتحدّث عن صبرهم واستقامتهم وجهادهم وتضحيتهم في سبيل اللَّه وإقامتهم الصلاة وأدائهم الزكاة وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر ويقول: «
فَعَظَّمْتُمْ جَلالَهُ، وَاكْبَرْتُمْ شَأْنَهُ، وَمَجَّدْتُمْ كَرَمَهُ، وَادَمْتُمْ ذِكْرَهُ، وَوَكَّدْتُمْ ميثاقَهُ، وَاحْكَمْتُمْ عَقْدَ طاعَتِهِ، وَنَصَحْتُمْ لَهُ فِي السِّرِّ وَالْعَلانِيَةِ، وَدَعَوْتُمْ الى سَبيلِهِ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ، وَبَذَلْتُمْ انْفُسَكُمْ في مَرْضاتِهِ، وَصَبَرْتُمْ عَلى ما اصابَكُمْ في جَنْبِهِ، وَ اقَمْتُمُ الصَّلاةَ، وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ، وَامَرْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهَيْتُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَجاهَدْتُمْ فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ، حَتّى اعْلَنْتُمْ دَعْوَتَهُ، وَبَيَّنْتُمْ فَرآئِضَهُ، وَاقَمْتُمْ حُدُودَهُ، وَنَشَرْتُمْ شَرايِعَ احْكامِهِ
».(2) بينما لا يتحلّى بالصبر والجهاد ولا يهتمّ كما ينبغي بالصلاة والزكاة ولا يبالي بالحدود والأحكام الشرعية.
4. كيف يناديهم: (
مُنْتَظِرٌ لِامْرِكُمْ، مُرْتَقِبٌ لِدَوْلَتِكُمْ، آخِذٌ بِقَوْلِكُمْ، عامِلٌ بِامْرِكُمْ ... وَمُقَدِّمُكُمْ امامَ
ص: 133
طَلِبَتي وَحَوآئِجي وَارادَتي في كُلِّ احْوالي وَامُوري)(1)
ويولي ظهره لكلّ هذه الأقوال عند العمل؟!
5. أم كيف يخاطبهم: (
وَجَعَلَ صَلَوتِنا عَلَيْكُمْ، وَما خَصَّنا بِهِ مِنْ وِلايَتِكُمْ، طيباً لِخُلْقِنا، وَطَهارَةً لِأَنْفُسِنا، وَتَزْكِيَةً لَنا، وَكَفَّارَةً لِذُنُوبِنا)(2)
أو يرفع يده بالدعاء قائلًا: (
فَثَبَّتَنِىَ اللَّهُ ابَداً ما حَييتُ عَلى
مُوالاتِكُمْ وَمَحَبَّتِكُمْ وَدينِكُمْ، وَوَفَّقَني لِطاعَتِكُمْ، وَرَزَقَنى شَفاعَتَكُمْ، وَجَعَلَني مِنْ خِيارِ مَواليكُمُ التَّابِعينَ لِما دَعَوْتُمْ الَيْهِ، وَجَعَلَني مِمَّنْ يَقْتَصُّ آثارَكُمْ، وَيَسْلُكُ سَبيلَكُمْ)(3)
، أو يدعو اللَّه ثبات القدم ويتحدّث عن إيمانه باللَّه ورسوله: (
رَبَّنا آمَنَّا بِما انْزَلْتَ، وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ، فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدينَ، رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ اذْ هَدَيْتَنا، وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً، انَّكَ انْتَ الْوَهَّابُ)(4)
أو يطلب شفاعتهم عليهم السلام ويسأل غفران ذنوبه: (
يا وَلِيَّ اللَّهِ، انَّ بَيْني وَبيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ذُنُوباً، لا يَاْتي عَلَيْها الّا رِضاكُمْ، فَبِحَقِّ مَنِ ائْتَمَنَكُمْ عَلى سِرِّهِ، وَاسْتَرْعاكُمْ امْرَ خَلْقِهِ، وَقَرَنَ طاعَتَكُمْ بِطاعَتِهِ، لَمَّا اسْتَوْهَبْتُمْ ذُنُوبي، وَكُنْتُمْ شُفَعآئي)(5)
بينما لم يعزم على الابتعاد عن الذنوب والمعاصي ويندفع اثر خطاهم ونشر معارفهم ويسعى جهده لمواصلة نهجهم والثبات على الحقّ؟!
6. أم كيف يناديهم: (
فَانّى لَكُمْ مُطيعٌ، مَنْ اطاعَكُمْ فَقَدْ اطاعَ اللَّهَ، وَمَنْ عَصاكُمْ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ، وَمَنْ احَبَّكُمْ فَقَدْ احَبَّ اللَّهَ، وَمَنْ ابْغَضَكُمْ فَقَدْ ابْغَضَ اللَّهَ)(6)
في حين لا ينطلق في مقام العمل بما يثبت صدقه في هذه الإدّعاءات؟! وهكذا سائر العبارات العميقة المضمون لهذه الزيارة وسائر الزيارات.
حقّاً ما أغفل أولئك الذين يصدّون الناس عن زيارة أولئك الأطهار تحت الذريعة الجوفاء «اجتناب الشرك» رغم كلّ تلك البركات المعنوية والمادية- التي اشير سابقاً إلى جانب منها- ويزعمون أنّهم مسلمون، مع أنّهم بعيدون عن حقيقة الإسلام؛ وذلك لأنّ زيارة أولئك الأولياء بالصيغة المذكورة بصفتهم «
أولياء اللَّه
» والتوسّل بهم على أنّهم «
شفعاء اللَّه
» و «
عباده الصالحون
» هي عين التوحيد وسبب تربية روح التقوى والإيمان. كأنّهم لا يعلمون أنّ في بعض الزيارات
ص: 134
يذكر اللَّه أحياناً مائة مرّة، وزيارة الجامعة مثلًا تبتدأ بمئة تكبيرة وتختتم بصلاة الزيارة التي تمثّل التوجّه الخالص للَّه، وكأنّهم يجهلون بعض الزيارات كزيارة «أمين اللَّه» (إحدى الزيارات المعتبرة) المفعمة بأروع وأعمق مناجاة اللَّه؛ فالزائر بعد أن يسلّم على الإمام بصفته «أمين اللَّه في أرضه» يناجي اللَّه بإخلاص قائلًا: «
اللهُمَّ فَاجْعَلْ نَفْسي مُطْمَئِنَّةً بِقَدَرِكَ، راضِيَةً بِقَضآئِكَ، مُولِعَةً بِذِكْرِكَ وَدُعآئِكَ، مُحِبَّةً لِصَفْوَةِ اوْلِيآئِكَ» وثم يتمتم: «اللهُمَّ انَّ قُلُوبَ الْمُخْبِتينَ الَيْكَ والِهَةٌ، وَسُبُلَ الرَّاغِبينَ الَيْكَ شارِعَةٌ، وَاعْلامَ الْقاصِدينَ الَيْكَ واضِحَةٌ»(1)
ويطلب في الختام الغفران للأولياء وقطع دابر الأعداء وغلبة كلمة الحقّ ودحض كلمة الباطل (
انْتَ الهي وَسَيِّدي وَمَوْلايَ، اغْفِرْ لِأَوْلِيآئِنا، وَكُفَّ عَنَّا اعْدآئَنا، وَاشْغَلْهُمْ عَنْ اذانا، وَاظْهِرْ كَلِمَةَ الْحَقِّ، وَاجْعَلْهَا الْعُلْيا، وَادْحِضْ كَلِمَةَ الْباطِلِ، وَاجْعَلْهَا السُّفْلى انَّكَ عَلى كُلِّ شَي ءٍ قَديرٌ)(2)
. حقّاً ليس هنالك من دليل لتجاهل هذه الزيارات وعدّ عباراتها من الشرك سوى إسوداد القلب والانغماس في الضلال وعدم العلم بكرامات ومعجزات أولئك العظام، والآثار والبركات الماديّة والمعنويّة الجمّة التي تفيضها تلك الأرواح القدسيّة على زوّارها، وبالتالي- كما مضى- الجهل بالمضامين السامية للزيارات التي تختزن التوبة والإنابة والدعاء والعبوديّة والخضوع بين يدي اللَّه الواحد الأحد والإنابة إليه؛ الحقيقة التي تعكسها أدنى معرفة بآداب الزيارة وتفصح عن آثارها التربوية الخارقة.
على هذا الضوء تظافرت روايات أهل البيت عليهم السلام بعدّة مضامين وعبارات في الحَثّ على زيارتهم وإعمار قبورهم، فبعضها عامّ يتعلّق بجميع الأئمّة، وبعضها الآخر خاصّ، وسنكتفي هنا بذكر سبعة تعبيرات عامّة(3).
1. يستفاد من الكثير من الروايات أنّ الإنسان إن أراد الوفاء بعهده إزاء كلّ إمام، عليه زيارة قبورهم، فمن زارهم راغباً وصادقاً حلّت عليه شفاعتهم يوم القيامة «
إِنَّ لِكُلِّ إمامٍ عَهْداً فِي عُنُقِ
ص: 135
أَوْلِيائِهِ وَشيعَتِهِ، وَإنَّ مِنْ تَمامِ الوَفَاءِ بِالْعَهْدِ، وَحُسْنِ الأداءِ، زِيارةَ قُبُورِهِمْ، فَمَنْ زارَهُمْ رَغْبَةً في زِيارَتِهِمْ، وَتَصْديقاً بِما رَغِبُوا فيهِ، كانَ أَئِمَّتُهم شُفَعاءَهُم يَوْمَ القِيامَةِ»(1).
2. قال زيد الشحام: قُلْتُ لِأَبي عَبْدِاللّهِ عليه السلام: ما لِمَنْ زارَ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله؟ قالَ: «
كَمَنْ زارَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فوق عَرْشِهِ
». قالَ: قُلْتُ: فَما لِمَنْ زارَ احَداً مِنْكُمْ؟ قالَ: «
كَمَنْ زارَ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله»(2).
3. في رواية جابر: قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله حين أخبر عن شهادة أهل بيته وسأله ولده الحسين عليه السلام عن زوّار قبورهم: «
يا بُنَيَّ، اولئِكَ طَوائِفُ مِنْ أُمَّتي، يَزُورُونَكُمْ، فَيَلْتَمِسُونَ بِذلِكَ الْبَرَكَةَ، وَحَقيقٌ عَلَيَّ أَنْ آتيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ، حَتَّى أُخَلِّصَهُمْ مِنْ أَهْوالِ السَّاعَةِ مِنْ ذُنُوبِهِمْ، وَيُسْكِنَهُمُ اللّهُ الْجَنَّةَ»(3).
4. عن عيسى بن راشد قال: سألت الإمام الصادق عليه السلام فقلت: جعلت فداك ما لمن زار قبر إمام مفترض طاعته وصلّى عنده ركعتين؟ قال عليه السلام: «
كُتبتْ لَه حِجَّة وعُمْرة»(4).
5. قال الإمام الصادق عليه السلام: إنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قال لعليّ عليه السلام: «
إنّ اللَّهَ تَعالى جَعَلَ قَبرَكَ وَقَبرَ وُلدِكَ بِقاعاً مِنْ بِقاعَ الجَنّةِ وَعَرَصَةً مِنْ عَرصَاتِها وإنّ اللَّهَ جَعَلَ قُلوبَ نُجباءِ مِنْ خَلقِهِ وَصَفْوَةٍ مِنْ عِبادِهِ تَحُنُّ إليكُمْ وَتَحتَمِلُ المَذَلّةَ والأذى فَيعمُرونَ قُبُورَكُم وَيُكثِرونَ زَيارتَها تَقرُّباً إلى اللَّهِ وَمودَّةً مِنْهُم لِرسولِ اللَّهِ أولئكَ المَخصوصونَ بِشفاعتِي الواردُونَ حَوضي وَهُم زُوّاري غَداً في الجنّة، يا عَليُّ مَنْ عَمَّرَ قُبورَكُم وَتَعاهَدها فكأنّما أعانَ سُليمانَ بنَ داودَ على بِناءِ بَيتِ المَقدسِ وَمَنْ زارَ قُبُورَكُم عَدلَ ذَلكَ ثَوابَ سَبعينَ حِجّةً وَخَرَجَ مِن ذُنُوبِهِ حَتّى يَرجعَ مِنْ زِيارَتِكُمْ كَيومٍ وَلدتْهُ امّهُ فأبْشِر وَبَشِّر مُحبِّيكَ مِنَ النّعيمِ بِما لا عَينٌ رأتْ ولا اذُنٌ سَمِعَتْ ولا خَطَرَ على قَلبِ بشرٍ»(5).
6. سأل عبدالرحمن بن مسلم الإمام الكاظم عليه السلام عن أفضل الزيارات (وهل زيارة أميرالمؤمنين أفضل أم ...) قال عليه السلام:
«مَن زَارَ أوّلَنا فَقَد زَارَ آخِرَنا ومَن زَارَ آخِرَنا فَقَد زَارَ أوَّلَنا ومَنْ تَوَلّى أوَّلَنا فَقَد تَوَلّى آخِرَنا وَمَنْ تَوَلّى آخِرَنا فَقَد تَولّى أوَّلَنا وَمَنْ قَضى حَاجةً لأحَدٍ مِنْ أوليائنا فَكأنّما قَضاهَا لِجمِيعِنا»(6).
ص: 136
7. كما روى هذا الراوي عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال:
«مَن زارَنا في مَماتِنا فَكأنّما زَارَنا فِي حَياتِنا وَمَنْ جَاهَدَ عَدوَّنا فَكأنّما جَاهدَ مَعنا وَمَنْ تَولّى مُحِبَّنا فَقَد أحبّنا وَمَنْ سَرَّ مؤمناً فَقَد سَرَّنا وَمَنْ أعانَ فَقِيرَنا كَانَ مُكافأتُهُ عَلى جَدّنا مُحمَّد صلى الله عليه و آله»(1).
تنبيه: جدير ذكره أنّ استقبال زوّار أهل البيت عليهم السلام ولقاءَهم والسلام عليهم وتهنئتهم تحظى بأهميّة فائقة، ويكتب لمن أتى بها- حسب رواية المعلى بن خنيس- ثواب الزائر(2).
ويبدو من الضروريّ ذكر ثلاث نقاط قبل الدخول في بحث زيارات المعصومين عليهم السلام:
1. مقدّمات وآداب السفر.
2. آداب الزيارة.
3. إذن الدخول.
نظراً إلى أنّ الذهاب للزيارة يقترن غالباً بالسفر (وبعبارة اخرى: الزيارة من مصاديق السفر) ينبغي للزائر أن لا يغفل آداب السفر ومقدّماته؛ ومجمل هذه الآداب والمقدّمات (التي وردت مفصّلة في بحارالأنوار: ج 97 ص 101 كتاب المزار، ووسائل الشيعة: ج 8 ص 238 أبواب آداب السفر من كتاب الحجّ) عبارة عن:
1. جاء في بعض الروايات (3) استحباب السفر في بعض أيّام الاسبوع، لكن من بدأ سفره بالصدقة(4) والدعاء(5) فلن يواجه مشكلة إن شاء اللَّه.
2. أن ينطلق بالأمل ويتجنّب التشاؤم، حيث ورد في الروايات أنّ ما تتفأل به يقع، إن سَهْل فسَهْل وإن صَعْب فصَعْب، وإن لم يكترث له فلا يقع (6).
ص: 137
3. التصدّق قبل السفر، ففي الخبر عن الإمام الباقر عليه السلام:
«كانَ عَلِيُّ بنُ الحُسين عليهما السلام إذا أرادَ الخُروجَ إلى بَعض أموالِهِ اشترى السّلامَة مِنَ اللَّهِ عَزّ وجَلّ بِما تَيَسَّرَ لَه وَيَكُون ذَلِكَ إذا وَضَعَ رِجلَهُ فِي الرِّكابِ فَإذا سَلّمهُ اللَّهُ عَزّ وجَلّ وانصرفَ حَمِدَ اللَّه تَعالى وَشَكَرَهُ وَتَصَدَّقَ بِمَا تَيَسَّرَ لَهُ»(1).
وقال الإمام الصادق عليه السلام:
«تَصَدَّق واخرُج أيَّ يَومٍ شِئْتَ»(2)
، وَقال الإمام الكاظم عليه السلام:
«إذا وَقَعَ
فِي نَفْسِكَ شَي ءٌ فَتَصدّقْ عَلى أوّلِ مِسكينٍ ثُمّ امضِ فإنَّ اللَّهَ يَدفَعُ عَنكَ»(3).
4. يصلّي ركعتين قبل السفر ويفوّض كلّ شي ء للَّه، ويقول:
«اللَّهُمَّ إِنّي أَسْتَوْدِعُكَ نَفْسي، وَأَهْلي، وَمالي، وَذُرِّيَّتي، وَدُنْياي وَآخِرَتي، وَأَمانَتي، وَخاتِمَةَ عَمَلي .
فقد روي بسند معتبر أنّ هذه الصلاة والدعاء أفضل خلف لأهل بيته، ومن قرأ هذا الدعاء قضيت حاجته (4).
5. يقف بالباب مستقبلًا الضريح ويقرأ من الأمام واليمين والشمال سورة الحمد وآية الكرسيّ والفلق والناس والإخلاص ويقول:
«اللَّهُمَّ احْفَظْني، وَاحْفَظْ ما مَعِيَ، وَسَلِّمْني، وَسَلِّمْ ما مَعِيَ، وَبَلِّغْني، وَبَلِّغْ ما مَعِيَ بِبَلاغِكَ الْحَسَنِ الْجَميلِ .
فإن فعل، حفظه اللَّه ومن معه وأعطاه حاجته (5).
6. أن يأخذ شيئاً من تربة الحسين عليه السلام ويقول:
«اللهُمَّ إِنَّ هذِهِ طينَةُ قَبْرِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَلِيِّكَ وَابْنِ وَلِيِّكَ، اتَّخَذْتُها حِرْزاً لِما اخافُ، وَلِما لا اخافُ».
فإن فعل، كان في أمان اللَّه (6).
ص: 138
7. فإن انطلق قال:
«اللَّهُمَّ خَلِّ سَبيلَنا، وَأَحْسِنْ تَسْييرَنا، وَأَحْسِنْ عافِيَتَنا»(1).
8. ويقول: بِسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ، وَمِنَ اللَّهِ وَالَى اللَّهِ، وَفي سَبِيلِ اللَّهِ، اللهُمَّ الَيْكَ اسْلَمْتُ نَفْسي، وَالَيْكَ وَجَّهْتُ وَجْهي، وَالَيْكَ فَوَّضْتُ امْري، فَاحْفَظْني بِحِفْظِ الْإِيْمانِ، مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفي، وَعَنْ يَميني وَعَنْ شِمالي، وَمِنْ فَوْقي وَمِنْ تَحْتي، وَادْفَعْ عَنّي بِحَوْلِكَ وَقُوَّتِكَ، فَانَّهُ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ الَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظيمِ.(2)
9. فإن استوى على المركب، قال:
بِسْمِ اللَّهِ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، «الْحَمْدُلِلَّهِ الَّذي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدانَا اللَّهُ»(3)، «سُبْحانَ الّذي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهْ مُقْرِنينَ»(4).
فإن فعل ذلك، كان هو ومركبه محفوظاً حتى ينزل من مركبه (5).
10. ويقرأ عند الخطر الآية 80 من سورة الإسراء:
«رَبِّ أَدْخِلْني مُدْخَلَ صِدْقٍ، وَأَخْرِجْني مُخْرَجَ صِدْقٍ، وَاجْعَلْ لي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصيراً».
كما يستحبّ أيضاً قراءة آية الكرسيّ (6).
11. إن بلغ منزلًا للراحة، يسبّح تسبيح الزهراء عليها السلام ويقرأ آية الكرسيّ، يكون في أمان اللَّه (7).
12. إن سافر لوحده، يقول:
«ما شاءَ اللَّهُ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلَّابِاللَّهِ، اللَّهُمَّ آنِسْ وَحْشَتي، وَأَعِنّي عَلى وَحْدَتي، وَأَدِّ غَيْبَتي»(8).
والأفضل أن لا يسافر وحده (9).
ص: 139
13. أن يساعد أصحابه في السفر ولا يحجم عن السعي في حوائجهم، وأن يتواضع لهم. قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله:
«مَا اصْطَحَبَ إِثْنانِ إِلَّا كانَ أَعْظَمُهُما أَجْراً وَأَحَبَّهُما إِلَى اللَّهِ أَرْفَقَهُما لِصاحِبِهِ»(1).
وروي أنّ الإمام السجاد عليه السلام كان لا يسافر إلّامع رفقاء لا يعرفونه، ليخدمهم في الطريق (2).
وفي رواية أنّ النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله كان مع بعض صحابته في الأسفار فأرادوا ذبح شاة فقال أحدهم: عليَّ ذبحها. وقال آخر: عليَّ سلخ جلدها، وقال الآخر: عليَّ طبخها. فقال صلى الله عليه و آله: «
عليَّ الاحتطاب
». فقالوا: يا رسول اللَّه نحن نعمل ذلك فلا تتكلّفه أنت. فأجاب: «
أنا أعلَمُ أنّكُم تَعمَلُونَهُ وَلكن لا يَسّرني أنْ أمتازَ عَنكُم فإنّ اللَّهَ يَكرَهُ أنْ يرى عَبدَهُ قَد فَضَّلَ نَفْسَهُ عَلى أصحابِهِ»(3).
14. وأن يصاحب في السفر من يماثله في الإنفاق حتّى لا يشعر بالهوان (4).
15. الأمر المهمّ للغاية، المحافظة على الفرائض، فمن أتمّ غفلة الزائر أن يضيّع الفرائض بتأخيرها عن وقتها وعدم الالتفات إليها، مع أنّه يسافر للتقرّب إلى اللَّه ونيل ثواب الزيارة والحجّ والعمرة والمراقد المطهّرة، وقد روي عن الإمام الصادق عليه السلام: «
صَلاةُ فَرِيضَةٍ خَيْرٌ مِنْ عِشْرِينَ حِجَّة»(5).
16. لا يدع بعد الصلاة المقصورة- إن كان لديه وقت- التسبيحات الأربعة، ثلاثين مرّة فهي من السنن المؤكدة(6).
17. من الواضح أنّ ما ذكر سابقاً بشأن الدعاء والصدقة لحفظ النفس والمال والأهل لا يعني ترك الإنسان للاحتياط والتخلّي عن المراقبة الضرورية لحفظ النفس والمال، بل المراد الإتيان بما في وسعه من أجل حفظ النفس والمال وتفويض الباقي إلى اللَّه، فقد جاء في الخبر أنّ دعاء المتقاعس لا يستجاب- وعليه لابدّ من الابتعاد عن الطرق الخطرة، ولا سيّما في قيادة السيّارات اليوم، حيث ينبغي اتّخاذ الاحتياطات كافّة واجتناب السرعة، وحمل الوسائل الضروريّة المطلوبة في الأسفار الشتوية والصيفية.
ونختتم هذا البحث بما قاله الإمام الصادق عليه السلام لأحد أصحابه: «
إِعْقِلْ راحِلَتَكَ وَتَوَكَّلْ»(7).
ص: 140
بعد الفراغ من بيان آداب السفر التي تمثّل مقدّمة الزيارة، نتّجه صوب آداب الزيارة، وهي كثيرة نكتفي هنا بذكر أهمها:
1. من أحبّ أن يطلبه الإمام المعصوم عليه السلام ويأذن له بالتشرّف بزيارته أن يطلب الحِلِّيَّة من جميع من يحتمل أنّه آذاه أو كدّر قلبه، خاصة أولئك الذين يعدّون من مواليهم عليهم السلام ومحبّيهم.
وهنالك عدّة شواهد على هذا المطلب، ومنها قصّة إبراهيم الجمّال وعليّ بن يقطين، من خاصّة أصحاب الإمام الكاظم عليه السلام ووزير هارون الرشيد (طبعاً بإذن الإمام وبغية نجاة المظلومين) حيث حجبه الإمام عليه السلام عن رؤيته حين امتنع عن رؤية إبراهيم الجمّال، وقال له عليه السلام:
«أبى اللَّهُ أن يَشْكُرَ سَعْيَكَ، أو يَغْفِرَ لَكَ إبراهيمُ الجَمّال».
فذهب إليه وتواضع له وطلب منه الصفح، فلمّا عاد، أذن له الإمام بالدخول وقبله (1).
2. أن يؤدّي حقوق الناس، ومنها الخمس وزكاة الأموال- خاصّة حين الحجّ- فأموال الإنسان ما لم تطهر لا تصحّ الأعمال بالاستفادة منها ولا يستحقّ القرب الإلهيّ.
3. أن يغتسل للزيارة ويدعو أثناء الغسل أو بعده:
«أللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لي نُوراً وَطَهُوراً وَحِرْزاً، وَشِفاءً مِنْ كُلِّ داءٍ وَآفَةٍ وَعاهَةٍ، اللَّهُمَّ طَهِّرْ بِهِ قَلْبي، وَاشْرَحْ بِهِ صَدْري، وسَهِّلْ بِهِ أَمْرِي»(2).
4. الطهارة، فإن كان عليه غسل واجب أتى به، فقد دخل أبو بصير مجنباً على الإمام الصادق عليه السلام فقال له:
«أَما تَعْلَمُ أَنَّهُ لا يَنْبَغي لِلْجُنُبِ أَنْ يَدْخُلَ بُيُوتَ الْأَنْبِياءِ»(3)
. قال الراوي: لمّا سمع أبو بصير ذلك، انصرف ودخلنا على الإمام. وبالنظر إلى عدم تفاوت النبيّ صلى الله عليه و آله والإمام عليه السلام في هذه الامور حيّاً وميّتاً، فبالنتيجة لا فرق بين حرمهم وبيوتهم عليهم السلام.
5. أن يخلع نعليه لأنّه يطأ وادياً مقدّساً: فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوى (4).
ص: 141
6. أن يقف على باب الحرم الشريف كما قال العالم الجليل الشهيد الأوّل في كتاب الدروس (1) ويستأذن بالدخول ويقرأ إذن الدخول (الذي سيرد قريباً في ص 143) ويسعى لتحصيل الرقّة والخضوع والانكسار والتفكير في عظمة صاحب ذلك المرقد وجلاله، وأنّه يرى مقامه ويسمع كلامه ويردّ سلامه (كما يدلّ على هذا المطلب صراحة ما سيرد في إذن الدخول) والتدبّر في لطفهم وحبّهم لشيعتهم وزوّارهم والتأمّل في فساد حال نفسه وفي جفائه لهم.
7. أن يكبّر إذا شاهد القبر المطهّر ويذكر عظمة اللَّه، حيث جاء في الخبر:
إنّ من كبّر أمام الإمام عليه السلام وقال: «لا الهَ الَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ» كُتِبَ له رِضوانُ اللَّه الأكبر(2).
8. لا شكّ في أنّ مجرّد الحضور عند الإمام والوقوف أو الجلوس بأدب أمام ضريحه، زيارة، كما أنّ مجرّد القول: «
السَّلامُ عَلَيْكُمْ
» كذلك (3).
9. أن يتجنّب قراءة الزيارات غير المعتبرة، وإن لم يكن له وقت لقراءة الزيارة المأثورة يمكنه السلام وصلاة ركعتين وإهدائها لصاحب القبر، ويطلب حاجته. فقد جاء في الرواية أنّ عبدالرحيم القصير قال: دخلت على الإمام الصادق عليه السلام فقلت: جعلت فداك اخترعت دعاءً.
فقال عليه السلام:
«دَعنِي عَن اختِراعِكَ، إذا نَزَلَ بِكَ أمرٌ فافزَع إلى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه و آله وَصَلّ رَكعَتَينِ وَتَهدِيهما إلى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه و آله ...»(4).
10. أن يصلّي صلاة الزيارة، وأقلّها ركعتان، والأفضل تلاوة سورة يس بعد الحمد في الركعة الاولى والرحمن في الثانية(5). والأفضل أن يؤتى بها عند الرأس الشريف (6) وأن يدعو بعد الزيارة والصلاة بما سنح له في امور دينه ودنياه وليعمّم الدعاء فإنّه أقرب للإجابة.
ورد هذا المطلب (الصلاة عند الرأس) في رواية أبي حمزة الثمالي متعلّقاً بزيارة الإمام الحسين عليه السلام؛ إلّاأنّ المرحوم الشهيد قال ذلك بشأن جميع الأئمّة: «إن كانت الزيارة للنبيّ صلى الله عليه و آله
ص: 142
فليصلّ الصلاة في الروضة، وإن كانت لأحد الأئمّة فعند الرأس، ولو صلّاها في مسجد آخر والمسجد الحرام، جاز»(1).
11. يستحبّ تقبيل أطراف الضريح بعد الزيارة والصلاة، وبصورة عامّة بعد الحضور ما لم يسبّب إرهاقاً لسائر الزائرين (2).
12. إضافة لما قيل، ينبغي للزائر المحترم لبس الثياب الطاهرة النظيفة المناسبة ويتطيّب ويشغل لسانه بذكر اللَّه وحمده والصلوات على النبيّ وآله.
13. يسعى لاستحضار قلبه ويستغفر من المعاصي ويقطع العزم على إصلاح أقواله وأفعاله وتغيير وضعه في المستقبل.
14. ينبغي على الزوّار المحترمين احترام خدمة الروضات المقدّسة، كما ينبغي على الخدّام تحمّل مشاكل الزائرين ومعاملتهم بأدب.
15. مدّ يد العون لفقراء تلك المنطقة ومساكينها، فثواب ذلك مضاعف.
16. ينبغي عند ازدحام الزائرين أن يكتفي الزائر بمقدار من الزيارة ويفسح المجال للآخرين، ولابدّ أن يعلم أنّ المهمّ في الزيارة، الكيفية، لا المقدار والكمية، فربّما كان السلام القصير أحياناً بديلًا لزيارة طويلة، وقد وردت الوصايا في بعض الروايات بالإنصراف العاجل.
17. ينبغي أن تكون النساء أثناء الزيارة منفصلات عن الرجال والأجانب وبحجاب كامل وليعلمنّ أنّ الزيارة مستحبّة ومراعاة الحجاب والعفّة واجبة؛ والحذار من التضحية بالواجب لمستحبّ.
وفي الختام لابدّ من ذكر هذه النقطة، وهي ضرورة حفظ الإخوة الزوّار لحجاب وعفاف أزواجهم وبناتهم في هذه الأماكن المقدّسة (بل في كلّ زمان ومكان) حتّى لا تتأذى لا سمحَ اللَّه أرواح أولئك المعصومين عليهم السلام وتتحوّل زيارتهم إلى جفاء.
لابدّ من اجتناب هذه الامور:
1. عدم رفع الصوت عند الزيارة كما يفهم من الآية: يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ
ص: 143
فَوْقَ صَوْتِ النَّبيّ ...(1) فالآية وإن كانت متعلّقة بحياة النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله لكن كما سبق لا فرق بين حياته ومماته، كما لا فرق- كما مضى في الرواية- بينه وبين أهل بيته عليهم السلام بهذا الشأن، وزيارة أيّ من الأئمّة زيارة للنبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله.
2. لو دخل المرقد وحلّ وقت الفريضة فلا يؤخّرها، وليبدأ بالصلاة قبل الزيارة، سيّما إذا أقيمت جماعة؛ كما إذا دخلت وسط الزيارة. وعلى خدّام المراقد دعوة الزائرين لهذه الأوامر الشرعية.
3. أن يتجنّب الزائر اللغو والكلام الدنيويّ في المرقد المطهّر، فهذا لا يليق بشأن الزائر، ويعطّر فمه بدل ذلك بتلاوة القرآن ويهدي ثوابه لصاحب تلك البقعة المباركة، وليعلم أنّ عمله تعظيم لذلك الوليّ وثوابه يعود عليه، كما يُستحبّ الإشتغال بذكر اللَّه، فهذه المواضع كما ورد في الآية:
في بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ انْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فيها بِالْغُدُوِّ وَالآصالِ (2).
4. تجنّب كلّ ما من شأنه إزعاج الآخرين، وعدم الإصرار على تقبيل الضريح حين الزحام فذلك يؤذي الآخرين، وليعلم أن تقبيل الضريح- كما يظنّ بعض العوامّ- ليس شرطاً لقبول الزيارة، وليسعَ لعدم تلويث هذه الأماكن المقدّسة، والحفاظ قدر المستطاع على النظافة التي تمثّل بعض أهم التعاليم الإسلاميّة.
نطلب من المعصومين عليهم السلام إذن الدخول قبل دخول مراقدهم، ونودّعهم عند الانصراف، ومفهوم ذلك أنّنا نعتبرهم عليهم السلام خالدين يعلمون بإذن اللَّه بأحوال وبواطن جميع الزائرين. وحيث يخجل كلّ فرد ملوّث أن يضع قدمه على البساط الطاهر لأولياء اللَّه، فإنّه يتوب هناك ويخلع عنه لباس المعصية ويدخل بلباس الورع والتقوى. يدخل ببطء ويلهج بذكر اللَّه حتّى يصل المرقد الطاهر. ومضمون إذن الدخول لهذه المراقد القدسية تعليميّ وتربويّ، له عظيم الأثر في إيقاظ القلب وحضوره والالتفات إلى منزلة ذلك المرقد والتعرّف على صاحبه وإزالة غبار الغفلة عن الروح والنفس، وحسب تصريح بعض عبارات إذن الدخول أنّ الزائر يقول حين الدخول:
ص: 144
«وَ اعْلَمُ انَّ رَسُولَكَ وَخُلَفآءَكَ عَلَيْهِمُ السَّلامُ، احْيآءٌ عِنْدَكَ يُرْزَقُونَ، يَرَوْنَ مَقامي، وَيَسْمَعُونَ كَلامي، وَيَرُدُّونَ سَلامي
». فإن دخل الزائر بهذا الاعتقاد منذ بداية تشرّفه بزيارة المعصوم عليه السلام وأذعن قلباً لهذا الاعتقاد أنّهم يرونه ويسمعون كلامه ويردّون سلامه، فستكون لزيارته نكهة خاصّة، ويجدر بالزائر المحترم الالتفات بدقّة لمضامين هذا الإذن. وكما مضى فإنّ أحد الآداب التي ذكرها الأعلام للزيارة إذن الدخول، وهو على صورتين:
الاولى: ما ذكره المحدّث الفاضل المرحوم الحاج الشيخ عبّاس القمّي عن الكفعمي (1) للمراقد المشرفة كافّة، وذكره العلّامة المجلسي (2) في باب زيارة النبيّ صلى الله عليه و آله في المدينة تحت عنوان إذن الدخول لزيارته صلى الله عليه و آله. لكنّه كما يبدو من عباراته، خاصّة العبارة «
وَ أَسْتَأْذِنُ خَليفَتَكَ الْمَفْرُوضَ عَلَيَّ طاعَتُهُ
» لا تختصّ بزيارة النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله وتشمل جميع المراقد المطهّرة. وإليك عبارة إذن الدخول:
اللهُمَّ انّى وَقَفْتُ عَلى بابٍ مِنْ ابْوابِ بُيُوتِ نَبِيِّكَ، صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَ الِهِ، وَقَدْ مَنَعْتَ النَّاسَ انْ يَدْخُلُوا الَّا بِاذْنِهِ، فَقُلْتَ يا ايُّهَا الَّذينَ امَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِىِّ الَّا انْ يُؤْذَنَ لَكُمْ، اللهُمَّ انّى اعْتَقِدُ حُرْمَةَ صاحِبِ هذَا الْمَشْهَدِ الشَّريفِ في غَيْبَتِهِ، كَما اعْتَقِدُها في حَضْرَتِهِ، وَاعْلَمُ انَّ رَسُولَكَ وَخُلَفآئَكَ عَلَيْهِمُ السَّلامُ، احْيآءٌ عِنْدَكَ يُرْزَقُونَ، يَرَوْنَ مَقامى وَيَسْمَعُونَ كَلامى وَيَرُدُّونَ سَلامى وَا نَّكَ حَجَبْتَ عَنْ سَمْعى كَلامَهُمْ، وَفَتَحْتَ بابَ فَهْمى بِلَذيذِ مُناجاتِهِمْ، وَانّى اسْتَاذِنُكَ يا رَبِّ اوَّلًا، وَاسْتَاْذِنُ رَسُولَكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ثانِياً، وَاسْتَاْذِنُ خَليفَتَكَ الْإِمامَ الْمَفْروُضَ (3) عَلَىَّ طاعَتُهُ، فُلانَ بْنَ فُلانٍ*
يذكر بدل: فلان بن فلان، الإمام الذي يروم زيارته وكذلك اسم أبيه، مثلًا إذا أراد زيارة الإمام الحسين عليه السلام يقول:
الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ عليه السلام
وإذا أراد زيارة الإمام الرضا عليه السلام يقول:
عَلِيَّ بْنَ مُوسَى
ص: 145
الرِّضا عليه السلام
وثم يقول:
وَالْمَلائِكَةَ الْمُوَكِّلينَ بِهذِهِ الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ ثالِثاً، ءَادْخُلُ يا رَسُولَ اللَّهِ، ءَادْخُلُ يا حُجَّةَ اللَّهِ، ءَادْخُلُ يا مَلآئِكَةَ اللَّهِ الْمُقَرَّبينَ الْمُقيمينَ في هذَا الْمَشْهَدِ، فَاْذَنْ لى يا مَوْلاىَ في الدُّخُولِ افْضَلَ ما اذِنْتَ لِأَحَدٍ مِنْ اوْلِيآئِكَ، فَانْ لَمْ اكُنْ اهْلًا لِذلِكَ فَانْتَ اهْلٌ لَهُ* ثم تقول: بِسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ، وَفى سَبيلِ اللَّهِ، وَعَلى مِلَّةِ رَسوُلِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، اللَّهُمَّ اغْفِرْلى وَارْحَمْنى وَتُبْ عَلَىَّ انَّكَ انْتَ التَّوَّابُ الرَّحيمُ.
-*-*-*-
الثانية: الاستئذان الذي رواه العلّامة المجلسيّ عن نسخة قديمة من مؤلّفات علماء الشيعة للدخول في السرداب المقدّس، وفي البقاع المنوّرة للأئمّة عليهم السلام وهو هذا:
اللهُمَّ انَّ هذِهِ بُقْعَةٌ طَهَّرْتَها، وَعَقْوَةٌ شَرَّفْتَها، وَمَعالِمُ زَكَّيْتَها، حَيْثُ اظْهَرْتَ فيها ادِلَّةَ التَّوْحيدِ، وَاشْباحَ الْعَرْشِ الْمَجيدِ، الَّذينَ اصْطَفَيْتَهُمْ مُلُوكاً لِحِفْظِ النِّظامِ، وَاخْتَرْتَهُمْ رُؤَسآءَ لِجَميعِ الْأَنامِ، وَبَعَثْتَهُمْ لِقِيامِ الْقِسْطِ فِى ابْتِداءِ الْوُجُودِ الى يَوْمِ الْقِيمَةِ، ثُمَّ مَنَنْتَ عَلَيْهِمْ بِاسْتِنابَةِ انْبِيآئِكَ، لِحِفْظِ شَرايِعِكَ وَاحْكامِكَ، فَاكْمَلْتَ بِاسْتِخْلافِهِمْ رِسالَةَ الْمُنْذِرينَ، كَما اوْجَبْتَ رِياسَتَهُمْ في فِطَرِ الْمُكَلَّفينَ، فَسُبْحانَكَ مِنْ الهٍ ما ارْا فَكَ، وَلا الهَ الَّا انْتَ مِنْ مَلِكٍ ما اعْدَلَكَ، حَيْثُ طابَقَ صُنْعُكَ ما فَطَرْتَ عَلَيْهِ الْعُقُولَ، وَوافَقَ حُكْمُكَ ما قَرَّرْتَهُ فِى الْمَعْقُولِ وَالْمَنْقُولِ، فَلَكَ الْحَمْدُ عَلى تَقْديرِكَ الْحَسَنِ الْجَميلِ، وَلَكَ الشُّكْرُ عَلى قَضآئِكَ الْمُعَلَّلِ بِاكْمَلِ التَّعْليلِ، فَسُبْحانَ مَنْ لا يُسْئَلُ عَنْ فِعْلِهِ، وَلا يُنازَعُ فى امْرِهِ، وَسُبْحانَ مَنْ كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ قَبْلَ ابْتِدآءِ خَلْقِهِ، وَالْحَمْدُللَّهِ الَّذى مَنَّ عَلَيْنا بِحُكَّامٍ يَقُومُونَ مَقامَهُ لَوْ كانَ حاضِراً فِى الْمَكانِ، وَلا اله الَّا اللَّهُ الَّذى
ص: 146
شَرَّفَنا بِاوْصِيآءَ يَحْفَظُونَ الشَّرايِعَ في كُلِّ الْأَزْمانِ، وَاللَّهُ اكْبَرُ الَّذى اظْهَرَهُمْ لَنا بِمُعْجِزاتٍ يَعْجُزُ عَنْهَا الثَّقَلانِ، لاحَوْلَ وَلا قُوَّةَ الَّا بِاللَّهِ الْعَلِىِّ الْعَظيمِ، الَّذى اجْرانا عَلى عَوآئِدِهِ الْجَميلَةِ فِى الْأُمَمِ السَّالِفينَ، اللهُمَّ فَلَكَ الْحَمْدُ وَالثَّنآءُ الْعَلِىُّ، كَما وَجَبَ لِوَجْهِكَ الْبَقآءُ السَّرْمَدِىُّ، وَكَما جَعَلْتَ نَبِيَّنا خَيْرَ النَّبِيّينَ، وَمُلُوكَنا افْضَلَ الْمَخْلُوقينَ، وَاخْتَرْتَهُمْ عَلى عِلْمٍ عَلَى الْعالَمينَ، وَفِّقْنا للِسَّعْىِ الى ابْوابِهِمُ الْعامِرَةِ الى يَوْمِ الدّينِ، وَاجْعَلْ ارْواحَنا تَحِنُّ الى مَوْطِئِ اقْدامِهِمْ، وَنُفُوسَنا تَهْوِى النَّظَرَ الى مَجالِسِهِمْ وَعَرَصاتِهِمْ، حَتَّى كَا نَّنا نُخاطِبُهُمْ في حُضُورِ اشْخاصِهِمْ، فَصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سادَةٍ غائِبينَ، وَمِنْ سُلالَةٍ طاهِرينَ، وَمِنْ ائِمَّةٍ مَعْصُومينَ، اللهُمَّ فَاْذَنْ لَنا بِدُخُولِ هذِهِ الْعَرَصاتِ، الَّتِى اسْتَعْبَدْتَ بِزِيارَتِها اهْلَ الْأَرَضينَ وَالسَّمواتِ، وَارْسِلْ دُمُوعَنا بِخُشُوعِ الْمَهابَةِ، وَذَلِّلْ جَوارِحَنا بِذُلِّ الْعُبُودِيِّةِ وَفَرْضِ الطَّاعَةِ، حَتَّى نُقِرَّ بِما يَجِبُ لَهُمْ مِنَ الْأَوْصافِ، وَنَعْتَرِفَ بِانَّهُمْ شُفَعآءُ الْخَلايِقِ اذا نُصِبَتِ الْمَوازينُ في يَوْمِ الْأَعْرافِ، وَالْحَمْدُ للَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذينَ اصْطَفى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرينَ.
ثمّ ادخل وأنت خاشع، فذلك إذن منهم عليهم السلام في الدخول (1).
والآن بعد أن عرفنا إذن الدخول، نتّجه إلى زيارات كلّ واحد من المعصومين عليهم السلام ونبتدئ بزيارة النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله وسائر مراقد المدينة المشرّفة.
- چ چ-
ص: 147
والزهراء عليها السلام و ائمة بقيع عليهم السلام و سائر المشاهد والمساجد في المدينة المنورة
زيارة النبي صلى الله عليه و آله من قرب
يستحبّ استحباباً أكيداً للمسلمين كافّة ولا سيّما للحجّاج أن يتشرّفوا بزيارة قبر النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله في المدينة المنوّرة، وقد وردت عدّة روايات في فضل زيارته منها:
1. قال الإمام الصادق عليه السلام: «
قَالَ الحُسينُ عليه السلام لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه و آله مَا جَزاءُ مَنْ زَارَكَ؟ فَقال: يا بُنيّ مَنْ زَارَني حَيّاً أو ميِّتاً أو زَارَ أباكَ أو زَارَ أخاكَ أو زَارَكَ كَانَ حَقّاً عَلَيَّ أَنْ أَزُورَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ، حَتّى أُخَلِّصَهُ مِنْ ذُنُوبِهِ»(1).
2. كما جاء في عدّة روايات أنّ من زاره صلى الله عليه و آله مخلصاً كان شفيعه يوم القيامة ودخل الجنّة إن شاءاللَّه (2).
3. زيارة النبيّ صلى الله عليه و آله تعدل حجّة مقبولة معه صلى الله عليه و آله (3).
4. قال صلى الله عليه و آله: «
مَنْ زَارَني فِي حَياتِي أو بَعدَ مَوتِي كانَ فِي جِوارِي يَوْمَ الْقِيامَةِ»(4).
5. قال صلى الله عليه و آله: «
ما بَيْنَ بَيْتي وَمِنْبَري، رَوْضَةٌ مِنْ رِياضِ الْجَنَّةِ ...»(5).
6. روى المرحوم الصدوق عن أميرالمؤمنين عليه السلام أنّه قال: «
أتِمّوا بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه و آله حَجَّكُم، (أي بزيارته) إذا خَرَجْتُم إلى بَيتِ اللَّهِ فَإنّ تَرْكَهُ جَفاءٌ»(6).
ص: 148
1. روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنّ- الحاجّ- يغتسل قبل دخول المدينة(1).
2. وذكر الشيخ الطوسي غسلًا آخر لدخول مسجد النبيّ صلى الله عليه و آله وزيارته (2).
يقرأ إذن الدخول الذي ذكره الكفعمي وآخرون، ومرّ سالفاً (ص 144).
4. طبق ما رواه ابن قولويه في كامل الزيارات عن الإمام الصادق عليه السلام يقف- الحاجّ- عند الاسطوانة من جانب القبر الأيمن مستقبل القبلة ويسلّم على النبيّ صلى الله عليه و آله ويقول:
اشْهَدُ انْ لا الهَ الَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وَاشْهَدُ انَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَاشْهَدُ انَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، وَانَّكَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ، وَاشْهَدُ انَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ رِسالاتِ رَبِّكَ، وَنَصَحْتَ لِأُمَّتِكَ، وَجاهَدْتَ في سَبيلِ اللَّهِ، وَعَبَدْتَ اللَّهَ حَتّى اتيكَ الْيَقينُ، بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ، وَادَّيْتَ الَّذى عَلَيْكَ مِنَ الْحَقِّ، وَانَّكَ قَدْ رَؤُفْتَ بِالْمُؤْمِنينَ، وَغَلُظْتَ عَلَى الْكافِرينَ، فَبَلَّغَ اللَّهُ بِكَ افْضَلَ شَرَفِ مَحَلِّ الْمُكَرَّمينَ، الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِى اسْتَنْقَذَنا بِكَ مِنَ الشِّرْكِ وَالضَّلالَةِ، اللهُمَّ اجْعَلْ صَلَواتِكَ وَصَلَواتِ مَلائِكَتِكَ الْمُقَرَّبينَ، وَعِبادِكَ الصَّالِحينَ، وَانْبِيآئِكَ الْمُرْسَلينَ، وَاهْلِ السَّمواتِ وَالْأَرَضينَ، وَمَنْ سَبَّحَ لِرَبِّ الْعالَمينَ مِنَ الْأَوَّلينَ وَالْآخِرينَ، عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، وَنَبِيِّكَ وَامينِكَ وَنَجِيِّكَ، وَحَبيبِكَ وَصَفِيِّكَ، وَصَفْوَتِكَ وَخآصَّتِكَ، وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ، اللهُمَّ وَاعْطِهِ الدَّرَجَةَ وَالْوَسيلَةَ مِنَ الْجَنَّةِ، وَابْعَثْهُ مَقاماً مَحْمُوداً يَغْبِطُهُ بِهِ الْأَوَّلُونَ وَالْأخِرُونَ، اللهُمَّ انَّكَ قُلْتَ وَلَوْ انَّهُمْ اذْ ظَلَمُوا انْفُسَهُمْ جآءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ، وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحيماً، وَانّى اتَيْتُ نَبِيَّكَ مُسْتَغْفِرًا تآئِباً مِنْ ذُنُوبى وَانّى اتَوَجَّهُ الَيْكَ بِنَبِيِّكَ نَبِىِّ الرَّحْمَةِ، مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، يا مُحَمَّدُ إِنِّى اتَوَجَّهُ الَى اللَّهِ رَبّى وَرَبِّكَ، لِيَغْفِرَ لى ذُنُوبى
ص: 149
ثمّ قال: فإن كانت لك حاجة فاستقبل القبلة وارفع يدك وسل حاجتك، فإنّها أحرى أن تنقضي إن شاء اللَّه (1).
5. وجاء في رواية اخرى عن الإمام الصادق عليه السلام في ذلك الكتاب:
«إذا فَرَغْتَ مِنَ الدُّعاءِ فَقِفْ عِنْدَ الْقَبْرِ وسَلْ حاجَتَكَ بَعْدَ حَمْدِ اللَّهِ وَالثَّناءِ عَلَيهِ، فَقَدْ قالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله: «مَا بَيْنَ قَبْرِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِياضِ الجَنَّةِ». ثُمَّ صَلِّ ما بَدا لَكَ»(2).
6. قال إسحاق بن عمّار: دخلت على الإمام الصادق عليه السلام فقلت: علّمني تسليماً خفيفاً على النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله. قال عليه السلام: قل:
«أَسْأَلُ اللَّهَ الَّذى انْتَجَبَكَ وَاصْطَفاكَ وَاخْتارَكَ، وَهَداكَ وَهَدى بِكَ، انْ يُصلِّيَّ عَلَيْكَ صَلاةً كَثيرةً طَيِّبَةً»(3).
7. سأل البزنطيّ الإمام الرضا عليه السلام: كيف السلام على النبيّ صلى الله عليه و آله؟ قال: قل:
«السَّلامُ عَلى رَسُولِ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا رَسُولَ اللَّه، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا خِيَرَةَ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا حَبيبَ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا صَفْوَةَ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيَكَ يا امينَ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ نَصَحْتَ لِأُمَّتِكَ، وَجاهَدْتَ في سَبيلِ رَبِّكَ، وَعَبَدْتَهُ حَتَّى أَتاكَ الْيَقينُ، فَجَزاكَ اللَّهُ أَفْضَلَ ما جَزى نَبِيّاً عَنْ أُمَّتِهِ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، أَفْضَلَ ما صَلَّيْتَ عَلى إِبْراهيمَ وَآلِ إبْراهيمَ، إِنَّكَ حَميدٌ مَجيدٌ»(4).
8. الإكثار من الصلاة في مسجد النبيّ صلى الله عليه و آله حيث قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: «
الصّلاة فيهِ بألفِ صَلاةٍ في سائرِ المَساجدِ وَالصّلاةُ فِي المَسجدِ الحَرام بِألفِ صَلاةٍ فِي مَسجدِي
» (مسجد النبيّ) (أي ثواب مليون صلاة)(5).
ص: 150
1. قال أحد أصحاب الإمام الصادق عليه السلام: أمرني أبو عبداللَّه عليه السلام أن أُكثر من الصلاة في مسجد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله ما استطعت، وقال: «
إنَّكَ لا تَقْدِرُ عَلَيهِ كُلَّما شِئْتَ
» وقال لي: «
تأتي قَبْرَ رَسولِ اللَّه صلى الله عليه و آله
؟» فقلت: نعم. فقال: «
أمّا إنّه يَسْمَعُكَ مِن قَرِيبٍ ويُبْلِغُه عَنْكَ إذا كُنْتَ تائِباً»(1).
2. قال عليّ عليه السلام قال النبيّ صلى الله عليه و آله:
«مَنْ سَلَّمَ عَليَّ فِي شَي ءٍ مِنَ الأرضِ أبلغتُهُ، وَمَن سَلَّمَ عَليّ عِندَ القَبرِ سَمِعْتُهُ»(2).
3. قال الإمام السجّاد عليه السلام: قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله:
«مَنْ زَارَ قَبْرِي بَعدَ مَوْتِي كانَ كَمَن هاجَرَ إليّ فِي حَياتِي فإن لَم تَستطيعوا (أن تزوروا قبري) فابعَثُوا إليّ السّلام فإنّه يَبلُغُنِي»(3).
1. قال أحد أصحاب الإمام الرضا عليه السلام: سألته: كيف الصلاة على رسول اللَّه صلى الله عليه و آله في دبر المكتوبة؟ قال عليه السلام: قل:
السَّلامُ عَلَيْكَ يا رَسُولَ اللَّهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مُحَمَّدَ بْنَ عَبدِاللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا خِيَرَةَ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا حَبيبَ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا صَفْوةَ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أَمينَ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبدِاللَّهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ نَصَحْتَ لِأُمَّتِكَ، وَجاهَدْتَ في سَبيلِ رَبِّكَ، وَعَبَدْتَهُ حَتَّى أَتاكَ الْيَقينُ، فَجَزاكَ اللَّهُ يا رَسُولَ اللَّهِ أَفْضَلَ ما جَزى نَبِيّاً عَنْ أُمَّتِهِ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، أَفْضَلَ ما صَلَّيْتَ عَلى ابراهيمَ وَآلِ إبْراهيمَ، إِنَّكَ حَميدٌ مَجيدٌ»(4).
ص: 151
2. روى السيّد ابن طاووس في مصباح الزائر عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: «
مَنْ أرادَ أن يَزورَ قَبرَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه و آله وقُبورَ سائرِ الأئمّةِ عليهم السلام وهو في بَلَدِه فَلْيَغْتَسِلْ في يَوْمِ الجُمُعَةِ وَلْيَلْبَسْ ثَوْبَيْنِ نَظِيفَينِ وَلْيَخْرُجْ إلى فَلاةٍ مِنَ الأرْضِ ثُمَّ يُصَلّي أرْبَعَ رَكَعاتٍ يَقْرَأُ فِيهِنَّ ما تَيَسَّرَ مِن السُّورَةِ، فإذا تَشَهَّدَ وَسَلَّم فَلْيَقُمْ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةَ ولْيَقُلْ:
«السَّلامُ عَلَيْكَ ايُّهَا النَّبِىُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِىُّ الْمُرْسَلُ، وَالْوَصِىُّ الْمُرْتَضى، وَالسَّيِّدَةُ الْكُبْرى وَالسَّيِّدَةُ الزَّهْراءُ، وَالسِّبْطانِ الْمُنْتَجَبانِ، وَالْأَوْلادُ الْأَعْلامُ، وَالْأُمَناءُ الْمُنْتَجِبُونَ، جِئْتُ انْقِطاعاً الَيْكُمْ وَالى آبائِكُمْ، وَوَلَدِكُمُ الْخَلَفِ عَلى بَرَكَةِالْحَقِّ، فَقَلْبى لَكُمْ مُسَلِّمٌ، وَنُصْرَتى لَكُمْ مُعَدَّةٌ، حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ لِدِينِهِ، فَمَعَكُمْ مَعَكُمْ لا مَعَ عَدُوِّكُمْ، إِنِّي لَمِنَ الْقائِلِينَ بِفَضْلِكُمْ، مُقِرٌّ بِرَجْعَتِكُمْ، لا انْكِرُ لِلّهِ قُدْرَةً، وَلا أَزْعَمُ إلّا ما شاءَ اللَّهُ، سُبْحانَ اللَّهِ ذِى الْمُلْكِ وَالْمَلَكُوتِ، يُسَبِّحُ لِلَّهِ بِاسْمائِهِ جَمِيعُ خَلْقِهِ، وَالسَّلامُ عَلى أَرْواحِكُمْ وَأَجْسادِكُمْ، وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكاتُهُ»(1).
3. ستأتي زيارتان للنبيّ صلى الله عليه و آله في فصل «أعمال أيّام الاسبوع» (ص 668) فمن أراد يمكنه الرجوع إليهما ويستفيض بقراءتهما.
4. وينبغي أن يصلّي عليه بما صلّى به أميرالمؤمنين عليه السلام في بعض خطبه في يوم الجمعة، كما في كتاب روضة الكافي:
«انَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىِّ، يا ايُّها الَّذينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْليماً، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَ الِ مُحَمَّدٍ، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَ الِ مُحَمَّدٍ، وَتَحَنَّنْ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَسَلِّمْ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، كَافْضَلِ ما صَلَّيْتَ وَبارَكْتَ وَتَرَحَّمْتَ وَتَحَنَّنْتَ وَسَلَّمْتَ عَلى ابْراهيمَ وَآلِ ابْراهيمَ، انَّكَ حَميدٌ مَجيدٌ، اللهُمَّ اعْطِ مُحَمَّداً الْوَسيلَةَ، وَالشَّرَفَ وَالْفَضيلَةَ، وَالْمَنْزِلَةَ الْكَريمَةَ،
ص: 152
اللهُمَّ اجْعَلْ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ اعْظَمَ الْخَلايِقِ كُلِّهِمْ شَرَفاً يَوْمَ الْقِيمَةِ، وَاقْرَبَهُمْ مِنْكَ مَقْعَداً، وَاوْجَهَهُمْ عِنْدَكَ يَوْمَ الْقِيامَةِ جاهاً، وَافْضَلَهُمْ عِنْدَكَ مَنْزِلَةً وَنَصيباً، اللهُمَّ اعْطِ مُحَمَّداً اشْرَفَ الْمَقامِ، وَحِبآءَ السَّلامِ، وَشَفاعَةَ الْإِسْلامِ، اللهُمَّ وَالْحِقْنا بِهِ غَيْرَ خَزايا، وَلا ناكِبينَ وَلا نادِمينَ وَلا مُبَدِّلينَ، الهَ الْحَقِّ آمينَ»(1).
5. لا يغفل عشّاق النبي صلى الله عليه و آله وأهل بيته عليهم السلام عن الزيارة الجامعة التي ذكرها الشيخ الطوسي في المصباح عن الحسن العسكريّ عليه السلام وسترد علينا أواخر قسم الزيارات تحت عنوان «الصلوات على المعصومين الأربعة عشر في ص 371» فإنّ آثارها عظيمة.
عليها السلام
1. روى المرحوم العلّامة المجلسيّ عن الإمام الصادق عليه السلام عن أجداده الطاهرين عليهم السلام: «
مَنْ زَارَ قَبْرَ الطاهِرَةِ فَاطِمَةَ عليها السلام وقال: السَّلامُ عَلَيْكِ يا سَيِّدةَ نِساءِ العالَمين ...
(أوّل زيارة من الزيارات التي ستأتي)
ثُمَّ استَغْفَرَ اللَّهَ، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ وأدْخَلَهُ الجَنَّة»(2).
2. قال أبو الحسن إبراهيم بن محمّد الهمدانيّ: كتبت إلى الإمام الهادي عليه السلام أن تخبرني عن بيت أمّك فاطمة عليها السلام، فكتب: «
هِيَ مَع جَدِّي صَلواتُ اللَّهِ عَلَيهِ وآلِهِ»(3).
3. قال المرحوم الصدوق: الصحيح عندي أنّها دفنت في بيتها، فلمّا زاد بنو اميّة في المسجد صارت في المسجد(4).
وقال المرحوم العلّامة المجلسي، الأظهر أنّها صلوات اللَّه عليها دفنت في بيتها(5). وظاهر ذلك الرواية عمّن سأل الإمام الرضا عليه السلام من أصحابه عن قبر الزهراء عليها السلام فقال عليه السلام: «
دُفِنَتْ فِي بَيتِهَا
ص: 153
فَلمّا زادتْ بَنُوأميّةَ فِي المَسْجِدِ صَارَتْ فِي المَسْجِدِ»(1)
وعليه، فكلّ من يقف قرب قبر النبيّ صلى الله عليه و آله والروضة المقدّسة ويزور سيّدة النساء، أدرك إن شاء اللَّه فضيلة زيارتها. طبعاً يمكن زيارتها في البقيع برجاء المطلوبية.
4. روى العلّامة المجلسي عن مصباح الأنوار عن عليّ عليه السلام عن فاطمة عليها السلام أنّها قالت:
قال لي رسولُ اللَّه صلى الله عليه و آله: «يا فاطِمَةُ مَنْ صَلَّى عَلَيْكِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ، وَأَلْحَقَهُ بي حَيْثُ كُنْتُ مِنَ الْجَنَّةِ»(2).
5. روى يزيد بن عبدالملك عن أبيه عن جدّه قال: دخلت على فاطمة عليها السلام فبدأتني بالسلام ثمّ قالت: «
ما غدا بك
»، قلت: طلب البركة. قالت: «
أخْبَرَنِي أبي أنَّ مَنْ سَلَّمَ عَلَيهِ وعَلَيَّ ثَلاثَةَ أيّامٍ أوْجَبَ اللَّهُ لَهُ الَجنَّةَ
»، قلت لها:
فِي حَياتِهِ وحَياتِكِ؟
قالت: «
نَعَمْ وبَعْدَ مَوْتِنا»(3).
تنبيه: الظاهر أنّ هذه الرواية وسابقتها تشمل الزيارة عن بعد وقرب.
الزيارة الاولى:
الزيارة القصيرة التي أشير إليها في الرواية الاولى من روايات فضل زيارتها:
السَّلامُ عَلَيْكِ يا سِيِّدَةَ نِسآءِ الْعالَمينَ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا والِدَةَ الْحُجَجِ عَلَى النَّاسِ أجْمَعينَ، السَّلامُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا الْمَظْلومَةُ الْمَمْنُوعَةُ حَقُّها. بعدها قل:
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى أَمَتِكَ وَابنَةِ نَبيِّكَ، وَزَوْجَةِ وَصِىِّ نَبِيِّكَ، صَلاةً تُزْلِفُها فَوقَ زُلفى عِبادِكَ الْمُكَرَّمينَ، مِنْ أهْلِ السَّمواتِ وَأَهْلِ الْأَرَضينَ (4).
- چ چ-
الزيارة الثانية:
روى محمّد بن عيسى عن الإمام الباقر عليه السلام قال: «
إنْ كُنْتَ عِنْدَ قَبْرِ جَدَّتي فاطِمَة عليها السلام فَقُلْ
»: يا مُمْتَحَنَةُ، امْتَحَنَكِ اللَّهُ الَّذى خَلَقَكِ قَبْلَ انْ يَخْلُقَكِ، فَوَجَدَكِ لِما امْتَحَنَكِ
ص: 154
صابِرَةً، وَزَعَمْنا انَّا لَكِ اوْلِيآءُ وَمُصَدِّقُونَ، وَصابرُونَ لِكُلِّ ما اتانا بِهِ ابُوكِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَاتانا بِهِ وصِيُّهُ، فَانَّا نَسْئَلُكِ انْ كُنَّا صَدَّقْناكِ، إلَّاالْحَقْتِنا بِتَصْديقِنا لَهُما، لِنُبشِّرَ انْفُسَنا بانَّا قَدْ طَهُرْنا بِوِلايَتِكِ (1).
- چ چ-
الزيارة الثالثة:
روى المرحوم الشيخ الطوسي في التهذيب عن كبار الشيعة زيارة اخرى هي:
السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ نَبِىِّ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ حَبيبِ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ خَليلِ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ صَفِىِّ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ امينِ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ خَيْرِ خَلْقِ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ افْضَلِ انْبِيآءِ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَمَلائِكَتِهِ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ خَيْرِ الْبَرِيَّةِ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا سِيِّدَةَ نِسآءِ الْعالَمينَ مِنَ الْأَوَّلينَ وَالْأ خِرينَ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا زَوْجَةَ وَلِىِّ اللَّهِ، وَخَيْرِ الْخَلْقِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا امَّ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ سَيِّدَىْ شَبابِ اهْلِ الْجَنَّةِ، السَّلامُ عَلَيْكِ ايَّتُهَا الصِّدّيقَةُ الشَّهيدَةُ، السَّلامُ عَلَيْكِ ايَّتُهَا الرَّضِيَّةُ الْمَرْضِيَّةُ، السَّلامُ عَلَيْكِ ايَّتُهَا الْفاضِلَةُ الزَّكِيَّةُ، السَّلامُ عَلَيْكِ ايَّتُهَا الْحَوْرآءُ الْإِنْسِيَّةُ، السَّلامُ عَلَيْكِ ايَّتُهَا التَّقِيَّةُ النَّقِيَّةُ، السَّلامُ عَلَيْكِ ايَّتُهَا الْمُحَدَّثَةُ الْعَليمَةُ، السَّلامُ عَلَيْكِ ايَّتُهَا الْمَظْلُومَةُ الْمَغْصُوبَةُ، السَّلامُ عَلَيْكِ ايَّتُهَا الْمُضْطَهَدَةُ الْمَقْهُورَةُ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا فاطِمَةُ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكِ وَعَلى رُوحِكِ وَبَدَنِكِ، اشْهَدُ ا نَّكِ مَضَيْتِ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكِ، وَانَّ مَنْ سَرَّكِ فَقَدْ سَرَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَمَنْ جَفاكِ فَقَدْ جَفا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَمَنْ آذاكِ فَقَدْ آذى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَمَنْ وَصَلَكِ فَقَدْ وَصَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَمَنْ قَطَعَكِ فَقَدْ
ص: 155
قَطَعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، لِأَنَّكِ بَضْعَةٌ مِنْهُ، وَرُوحُهُ الَّتى بَيْنَ جَنْبَيْهِ، كَما قالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، اشْهِدُ اللَّهَ وَرُسُلَهُ وَمَلائِكَتَهُ ا نّى راضٍ عَمَّنْ رَضيتِ عَنْهُ، ساخِطٌ عَلى مَنْ سَخِطْتِ عَلَيْهِ، مُتَبَرِّءٌ مِمَّنْ تَبَرَّئْتِ مِنْهُ، مُوالٍ لِمَنْ والَيْتِ، مُعادٍ لِمَنْ عادَيْتِ، مُبْغِضٌ لِمَنْ ابْغَضْتِ، مُحِبٌّ لِمَنْ احْبَبْتِ، وَكَفى بِاللَّهِ شَهيداً وَحَسيباً، وَجازِياً وَمُثيباً.
ثم تصلّي على الرسول الأكرم صلى الله عليه و آله والأئمّة الأطهار عليهم السلام (1).
-*-*-*-
الزيارة الرابعة:
الزيارة التي ستأتي في قسم أعمال الأشهر، لليوم الثالث من جمادي الثانية، (ص 416) يوم وفاتها عليها السلام.
الزيارة الخامسة:
الزيارة الاخرى التي ذكرها السيّد ابن طاووس في الإقبال للعشرين من جمادي الثانية ولادة الزهراء عليها السلام كالزيارة المذكورة حتّى «
ساخِطٌ عَلى مَنْ سَخِطْتِ عَلَيْهِ
» وبعدها كما يلي:
وَوَلِىٌّ لِمَنْ والاكِ، وَعَدُوٌّ لِمَنْ عاداكِ، وَحَرْبٌ لِمَنْ حارَبَكِ، انَا يا مَوْلاتى بِكِ بِابيكِ وَبَعْلِكِ، وَالْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِكِ مُوقِنٌ، وَبِوِلايَتِهِمْ مُؤْمِنٌ، وَبِطاعَتِهِمْ مُلْتَزِمٌ، اشْهَدُ انَّ الدّينَ دينُهُمْ، وَالْحُكْمَ حُكْمُهُمْ، وَهُمْ قَدْ بَلَّغُوا عَنِ اللَّهِ عَزَّوَجَلَّ، وَدَعَوْا الى سَبيلِ اللَّهِ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ، لا تَاْخُذُهُمْ فِى اللَّهِ لَوْمَةُ لآئِمٍ، وَصَلَواتُ اللَّهِ عَلَيْكِ وَعَلى ابيكِ وَبَعْلِكِ، وَابْنَيْكِ وَذُرِّيَّتِكِ الْأَئِمَّةِ الطَّاهِرينَ، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَاهْلِ بَيْتِهِ، وَصَلِّ عَلَى الْبَتُولِ الطَّاهِرَةِ، الصِّديقَةِ الْمَعْصُومَةِ، التَّقِيَّةِ النَّقِيَّةِ، الرَّضِيَّةِ الزَّكِيَّةِ الرَّشيدَةِ، الْمَظْلُومَةِ الْمَقْهُورَةِ، الْمَغْصُوبَةِ حَقُّهَا، الْمَمْنُوعَةِ ارْثُهَا، الْمَكْسُورَةِ ضِلْعُهَا، الْمَظْلُومِ بَعْلُهَا، الْمَقْتُولِ وَلَدُها، فاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِكَ، وَبِضْعَةِ لَحْمِهِ، وَصَميمِ قَلْبِهِ، وَفِلْذَةِ كَبِدِهِ، وَالنُّخْبَةِ
ص: 156
مِنْكَ لَهُ، وَالتُّحْفَةِ خَصَصْتَ بِها وَصِيَّهُ، وَحَبيبَةِ الْمُصْطَفى، وَقَرينَةِ الْمُرْتَضى وَسَيَّدَةِ النِّساءِ، وَمُبَشِّرَةِ الْأَوْلِيآءِ، حَليفَةِ الْوَرَعِ وَالزُّهْدِ، وَتُفَّاحَةِ الفِرْدَوْسِ، وَالْخُلْدِ الَّتى شَرَّفْتَ مَوْلِدَها بِنِسآءِ الْجَنَّةِ، وَسَلَلْتَ مِنْها انْوارَ الْأَئِمَّةِ، وَارْخَيْتَ دُونَها حِجابَ النُّبُوَّةِ، اللهُمَّ صَلِّ عَلَيْها صَلاةً تَزيدُ في مَحَلِّها عِنْدَكَ، وَشَرَفِها لَدَيْكَ، وَمَنْزِلَتِها مِنْ رِضاكَ، وَبَلِّغْها مِنَّا تَحِيَّةً وَسَلاماً، وَآتِنا مِنْ لَدُنْكَ في حُبِّها فَضْلًا وَاحْساناً، وَرَحْمَةً وَغُفْراناً، انَّكَ ذُوالْعَفْوِ الْكَريمِ.
ثمّ تصلّي صلاة الزيارة وإن استطعت صلّ صلاتها (ركعتان كلّ ركعة ستّون مرّة الإخلاص بعد الحمد) وإن لم تستطع، ركعتين: الحمد والإخلاص، والحمد والكافرون، وقل بعد السلام: اللَّهُمَّ إِنّى أَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنا مُحَمَّدٍ وَبِأَهْلِ بَيْتِهِ صَلَواتُكَ عَلَيْهِمْ، وَأَسْئَلُكَ بَحَقِّكَ الْعَظيمِ عَلَيْهِمْ، الَّذي لا يَعْلَمُ كُنْهَهُ سِواكَ، وَأَسْئَلُكَ بِحَقِّ مَنْ حَقُّهُ عِنْدَكَ عَظيمٌ، وَبِأَسْمائِكَ الْحُسْنى، الَّتي أَمَرْتَني أَنْ أَدْعُوكَ بِها، وَاسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الْأَعْظَمِ الَّذي أَمَرْتَ بِهِ ابْراهيمَ انْ يَدْعُوَ بِهِ الطَّيرَ فَأَجابَتْهُ، وَبِاسْمِكَ الْعَظيمِ الَّذي قُلْتَ لِلنَّارِ بِهِ كُونى بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهيمَ فَكانَتْ بَرْداً، وَبِأَحَبِّ الْأَسْماءِ إِلَيْكَ، وَأَشْرَفِها وَأَعْظَمِها لَدَيْكَ، وَأَسْرَعِها إِجابَةً، وَأَنْجَحِها طَلِبَةً، وَبِما أَنْتَ أَهْلُهُ وَمُسْتَحِقُّهُ وَمُسْتَوْجِبُهُ، وَأَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ وَأَرْغَبُ إِلَيْكَ، وَأَتَضَرَّعُ الَيْكَ وَأَلَحُّ عَلَيْكَ، وَأَسْئَلُكَ بِكُتُبِكَ الَّتى أَنْزَلْتَها عَلى أَنْبِيائِكَ وَرُسُلِكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِمْ، مِنَ التَّوْريةِ وَالْانْجيلِ، وَالزَّبُورِ وَالْقُرآنِ الْعَظيمِ، فَإِنَّ فيهَا اسْمُكَ الْأَعْظَمُ، وَبِمافيها مِنْ أَسْمائِكَ الْعُظْمى، انْ تُصَلِّىَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تُفَرِّجَ عَنْ آلِ مُحَمَّدٍ وَشيعَتِهِمْ وَمُحِبّيهِمْ وَعَنّي وَتَفْتَحَ أَبْوابَ السَّماءِ لِدُعائي وَ تَرْفَعَهُ في عِلّيّينَ، وَتَأْذَنَ في هذَا الْيَوْمِ، وَفي هذِهِ السَّاعَةِ بِفَرَجى وَإِعْطاءِ أَمَلى وَسُؤْلي فِى الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ، يا مَنْ لا يَعْلَمُ أَحَدٌ كَيْفَ هُوَ وَقُدْرَتُهُ إِلَّا هُوَ، يا مَنْ سَدَّ الْهَواءَ بِالسَّماءِ،
ص: 157
وَكَبَسَ الْأَرْضَ عَلَى الْماءِ، وَاخْتارَ لِنَفْسِهِ أَحْسَنَ الْأَسْماءِ، يا مَنْ سَمّى نَفْسَهُ بِالْاسْمِ الَّذي تُقْضى بِهِ حاجَةُ مَنْ يَدْعُوهُ، أَسْئَلُكَ بِحَقِّ ذلِكَ الْاسْمِ، فَلا شَفيعَ أَقْوى لي مِنْهُ، انْ تُصَلِّىَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَتَقْضِيَ لي حَوائِجى وَتَسْمَعَ بِمُحَمَّدٍ وَعَلىٍّ وَفاطِمَةَ، وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، وَعَلىِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلىٍّ، وَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، وَعَلِىِّ بْنِ مُوسى وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِىٍّ، وَعَلِىِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِىٍّ، وَالْحُجَّةِ الْمُنْتَظِرِ لِإِذْنِكَ، صَلَواتُكَ وَسَلامُكَ وَ رَحْمَتُكَ وَبَرَكاتُكَ عَلَيْهِمْ صَوْتي لِيَشْفَعُوا لي إِلَيْكَ، وَتُشَفِّعَهُمْ فِيَّ، وَلا تَرُدَّني خائِباً، بِحَقِّ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ. ثمّ سلّ حاجتك، تقضى إن شاء اللَّه (1).
1. روى الشيخ الصدوق عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: «
إذا حَجَّ أَحَدُكُمْ فَلْيَخْتِمْ حَجَّهُ بِزيارَتِنا لأنَّ ذلكَ مِنْ تَمامِ الْحَجِّ»(2).
2. قال العلّامة المجلسي: روي في حديث معتبر عن ابن عباس أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله قال: «
مَنْ زارَ الْحَسَنَ عليه السلام فِي بَقِيعِهِ ثَبَتَتْ قَدَمُهُ عَلَى الصِّراطِ يَومَ تَزِلُّ فيهِ الأقدامَ»(3).
3. روى الشيخ المفيد في المقنعة عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: «
مَن زَارَنِي غُفِرَتْ لَهُ ذُنُوبُهُ وَلَم يَمُتْ فَقيراً»(4).
4. روى ابن قولويه في كامل الزيارات ضمن حديث طويل عن هشام بن سالم عن الإمام
ص: 158
الصادق عليه السلام أنّه أتاه رجل فقال له: هل يزار والدك؟ فقال:
«نعم».
قال: فما لمن زاره. قال:
«الجَنَّةَ إنْ كانَ يأتَمُّ به
». قال: فَما لمن تركه رغبة عنه. قال: «
الحَسْرَةُ يَوْمَ الحَسْرَةِ
...»(1).
5. روى الإمام الصادق عليه السلام عن آبائه عن الإمام الحسن عليهم السلام أنّه سألَ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله «
يا أبَه، مَا جَزاءُ مَن زَارَكَ؟ فَقَالَ: مَن زَارَنِي أو زَارَ أباكَ أو زَارَكَ أو زَارَ أخاكَ كانَ حقّاً عَليَّ أن أزُورَهُ يَومَ القيامةِ حَتّى أُخلِّصَهُ مِن ذُنُوبِهِ»(2).
6. روى في كامل الزيارات عن الإمام الباقر عليه السلام عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال: «
مَنْ زَارَنِي أو زَارَ أحَداً مِنْ ذُرِيَّتِي زُرْتُهُ يَومَ القِيَامَةِ فأنقَذْتُهُ مِنْ أهوالِهَا»(3).
7. وقال صلى الله عليه و آله لعليّ عليه السلام: «
يا عَليّ مَنْ زَارَني فِي حَياتِي أو بَعدَ مَوتِي أو زارَكَ فِي حَياتِكَ أو بَعدَ مَوتِكَ أو زَارَ إبنَيْكَ فِي حَياتِهِما أو بَعدَ مَوتِهِما ضَمِنْتُ لَهُ يَومَ القِيامَةِ أن أُخَلِّصَهُ مِنْ أهوالِها وَشدائِدهَا حَتّى أُصَيِّرَهُ مَعِي فِي دَرجَتِي»(4).
إذا أردت زيارتهم فاعمل بما سبق من آداب الزيارة كالغسل والكون على الطهارة ولبس الثياب الطاهرة النظيفة والتطيّب، واقرأ إحدى هذه الزيارات:
الزيارة الاولى:
الزيارة التي ذكرها المرحوم ابن قولويه في كامل الزيارات عن أحد الأئمّة المعصومين عليهم السلام وهي (5):
ص: 159
فإن تشرّفت بزيارة قبور أئمّة البقيع عليهم السلام (إن لم يمنعوا) فاقترب من قبورهم المقدّسة واستقبلها واستدبر القبلة وقل:
السَّلامُ عَلَيْكُمْ ائِمَّةَ الْهُدى السَّلامُ عَلَيْكُمْ اهْلَ البِرِّ وَالتَّقْوى السَّلامُ عَلَيْكُمْ ايُّهَا الْحُجَجُ على اهْلِ الدُّنْيا، السَّلامُ عَلَيْكُمْ ايُّهَا الْقُوَّامُ (1) فِى الْبَرِيَّةِ بِالْقِسْطِ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ اهْلَ الصَّفْوَةِ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ آلَ (2) رَسُولِ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ اهْلَ النَّجْوى اشْهَدُ انَّكُمْ قَدْ بَلَّغْتُمْ وَنَصَحْتُمْ وَصَبَرْتُمْ فى ذاتِ اللَّهِ، وَكُذِّبْتُمْ، وَاسيئَ الَيْكُمْ فَغَفَرْتُمْ، وَاشْهَدُ انَّكُمُ الْأَئِمَّةُ الرَّاشِدُونَ الْمُهْتَدُونَ، وَانَّ طاعَتَكُمْ مَفْرُوضَةٌ، وَانَّ قَوْلَكُمُ الصِّدْقُ، وَانَّكُمْ دَعَوْتُمْ فَلَمْ تُجابُوا، وَامَرْتُمْ فَلَمْ تُطاعُوا، وَانَّكُمْ دَعائِمُ الدّينِ وَارْكانُ الْأَرْضِ، لَمْ تَزالُوا بِعَيْنِ اللَّهِ، يَنْسَخُكُمْ مِنْ اصْلابِ كُلِّ مُطَهَّرٍ، وَيَنْقُلُكُمْ مِنْ ارْحامِ الْمُطَهَّراتِ، لَمْ تُدَنِّسْكُمُ الْجاهِلِيَّةُ الْجَهْلاءُ، وَلَمْ تَشْرَكْ فيكُمْ فِتَنُ الْأَهْوآءِ، طِبْتُمْ وَطابَ مَنْبَتُكُمْ، مَنَّ بِكُمْ عَلَيْنا دَيَّانُ الدّينِ، فَجَعَلَكُمْ فى بُيُوتٍ اذِنَ اللَّهُ انْ تُرْفَعَ، وَيُذْكَرَ فيهَا اسْمُهُ، وَجَعَلَ صَلاتَنا عَلَيْكُمْ رَحْمَةً لَنا، وَكَفَّارَةً لِذُنُوبِنا، اذِ اخْتارَكُمُ اللَّهُ لَنا، وَطَيَّبَ خَلْقَنا بِما مَنَّ عَلَيْنا مِنْ وِلايَتِكُمْ، وَكُنَّا عِنْدَهُ مُسَمّينَ بِعِلْمِكُمْ، مُعْتَرِفينَ بِتَصْديقِنا ايَّاكُمْ، وَهذا مَقامُ مَنْ اسْرَفَ وَاخْطَا وَاسْتَكانَ وَاقَرَّ بِما جَنى وَرَجى بِمَقامِهِ الْخَلاصَ، وَانْ يَسْتَنْقِذَهُ بِكُمْ مُسْتَنْقِذُ الْهَلْكى مِنَ الرَّدى فَكُونُوا لى شُفَعآءَ، فَقَدْ وَفَدْتُ الَيْكُمْ اذْ رَغِبَ عَنْكُمْ اهْلُ الدُّنْيا، وَاتَّخَذُوا آياتِ اللَّهِ هُزُواً، وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها، يا مَنْ هُوَ قآئِمٌ لا يَسْهُو، وَدآئِمٌ لايَلْهُو، وَمُحيطٌ بِكُلِّ شَىْ ءٍ، لَكَ الْمَنُّ بِما وَفَّقْتَنى وَعَرَّفْتَنى بِما(3) اقَمْتَنى عَلَيْهِ اذْ صَدَّ عَنْهُ عِبادُكَ، وَجَهِلُوا مَعْرِفَتَهُ، وَاسْتَخَفُّوا بِحَقِّهِ، وَمالُوا الى سِواهُ،
ص: 160
فَكانَتِ الْمِنَّةُ مِنْكَ عَلَىَّ مَعَ اقْوامٍ خَصَصْتَهُمْ بِما خَصَصْتَنى بِهِ، فَلَكَ الْحَمْدُ اذْ كُنْتُ عِنْدَكَ فى مَقامى هذا مَذْكُوراً مَكْتُوباً، فَلا تَحْرِمْنى ما رَجَوْتُ، وَلا تُخَيِّبْنى فيما دَعَوْتُ، بِحُرْمَةِ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرينَ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ(1).
ثم اطلب لنفسك ما تشاء(2).
الزيارة الثانية:
الزيارة الجامعة التي ستأتي إن شاءاللَّه (ص 356)، ويراها العلّامة المجلسيّ وآخرون من أفضل الزيارات.
الزيارة الثالثة:
الزيارة التي سترد في أيّام الاسبوع. بالإضافة إلى الصلوات عليهم عليهم السلام وسترد في أواخر قسم الزيارات (ص 672).
عليهم السلام
وردت عدّة روايات في فضل زيارتهم عليهم السلام من بعد ومنها:
1. روى ابن أبي عمير عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: «
إِذا بَعُدَتْ بِأَحَدِكُمْ الشُّقَّةُ وَنَأَتْ بِهِ الدَّارُ فَلْيَعْلُ أَعْلى مَنْزِلٍ لَهُ، فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَلْيَوُمِ بِالسَّلامِ إِلى قُبُورِنا، فَإِنَّ ذلكَ يَصِلُ إِلَيْنا»(3).
2. روى سليمان بن عيسى عن أبيه، قلت للإمام الصادق عليه السلام: كيف أزورك ولم أقدر على ذلك؟ قال: «
يَا عيسى إذا لَم تَقْدِرْ عَلى المَجِي ء فإذا كانَ يَومُ الجُمُعَةِ فَاغتَسِلْ أو تَوَضَّأ واصْعَدْ إلى سَطْحِكَ وَصَلّ رَكْعَتينِ وَتَوَجَّه نَحوي فإنّهُ مَن زَارَنِي فِي حَيَاتِي فَقَد زَارَنِي فِي مَماتِي وَمَنْ زَارَنِي فِي مَماتِي فَقَد زَارَنِي فِي حَياتِي»(4).
تنبيه: أ) كما ذكر المرحوم العلّامة المجلسي (5) جواز زيارة الإمام من بُعد كما جاء في هذه الرواية، وهذا دليل على إمكانية زيارة الحجّة عليه السلام في كلّ مكان.
ص: 161
ب) رغم ما يستفاد من هاتين الروايتين أنّ السلام والزيارة من بعد ممكنة بأيّة عبارات، لكن من أراد زيارتهم بالزيارة المرويّة عن المعصوم عليه السلام فليرجع لفصل زيارة النبيّ صلى الله عليه و آله من بعد (ص 150) حيث نقلنا هناك زيارته صلى الله عليه و آله وسائر الأئمّة عليهم السلام عن بعد، عن السيّد ابن طاووس.
جاء في كتب الزيارة: تقف، عند قبر إبراهيم (في مقبرة البقيع) وتقول:
السَّلامُ عَلى رَسُولِ اللَّهِ، السَّلامُ عَلى نَبِىِّ اللَّهِ، السَّلامُ عَلى حَبيبِ اللَّهِ، السَّلامُ عَلى صَفِىِّ اللَّهِ، السَّلامُ عَلى نَجِىِّ اللَّهِ، السَّلامُ عَلى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، سَيِّدِ الْأَنْبِيآءِ وَخاتَمِ الْمُرْسَلينَ، وَخِيَرَةِاللَّهِ مِنْ خَلْقِهِ فى ارْضِهِ وَسَمآئِهِ، السَّلامُ عَلى جَميعِ انْبِياءِ اللَّهِ وَرُسُلِهِ، السَّلامُ عَلَى السُّعَدآءِ وَالشُّهَدآءِ وَالصَّالِحينَ، السَّلامُ عَلَيْنا وَعَلى عِبادِ اللَّهِ الصَّالِحينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ ايَّتُهَا الرُّوحُ الزَّاكِيَةُ، السَّلامُ عَلَيْكَ ايَّتُهَا النَّفْسُ الشَّريفَةُ، السَّلامُ عَلَيْكَ ايَّتُهَا السُّلالَةُ الطَّاهِرَةُ، السَّلامُ عَلَيْكَ ايَّتُهَا النَّسَمَةُ الزَّاكِيَةُ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَابْنَ خَيْرِ الْوَرى، السَّلامُ عَلَيْكَ يَابْنَ النَّبِىِّ الْمُجْتَبى، السَّلامُ عَلَيْكَ يَابْنَ الْمَبْعُوثِ الى كافَّةِ الْوَرى السَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ الْبَشيرِ النَّذيرِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَابْنَ السِّراجِ الْمُنيرِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ الْمُؤَيَّدِ بِالْقُرآنِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَابْنَ الْمُرْسَلِ الَى الْإِنْسِ وَالْجآنِّ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَابْنَ صاحِبِ الرَّايَةِ وَالْعَلامَةِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَابْنَ الشَّفيعِ يَوْمَ الْقِيمَةِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَابْنَ مَنْ حَباهُ اللَّهُ بِالْكَرامَةِ، السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ، اشْهَدُ انَّكَ قَدِ اخْتارَ اللَّهُ لَكَ دارَ انْعامِهِ، قَبْلَ انْ يَكْتُبَ عَلَيْكَ احْكامَهُ، اوْ يُكَلِّفَكَ حَلالَهُ وَحَرامَهُ، فَنَقَلَكَ الَيْهِ طَيِّباً زاكِياً مَرْضِيِّاً، طاهِراً مِنْ كُلِّ نَجَسٍ، مُقَدَّساً مِنْ كُلِّ دَنَسٍ، وَبَوَّئَكَ جَنَّةَ الْمَاْوى وَرَفَعَكَ الَى الدَّرَجاتِ الْعُلى وَصَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ صَلاةً يَقِرُّ بِها عَيْنُ
ص: 162
رَسُولِهِ، وَيُبَلِّغُهُ اكْبَرَ مَاْمُولِهِ، اللهُمَّ اجْعَلْ افْضَلَ صَلَواتِكَ وَازْكاها، وَانْمى بَرَكاتِكَ وَاوْفاها، عَلى رَسُولِكَ وَنَبِيِّكَ، وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ، مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيّينَ، وَعَلى ما نَسَلَ مِنْ اوْلادِهِ الطَّيِّبينَ، وَعَلى ما خَلَّفَ مِنْ عِتْرَتِهِ الطَّاهِرينَ، بِرَحْمَتِكَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمينَ، اللهُمَّ انّى اسْئَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ صَفِيِّكَ، وَابْراهِيمَ نَجْلِ نَبِيِّكَ، انْ تَجْعَلَ سَعْيى بِهِمْ مَشْكُوراً، وَذَنْبى بِهِمْ مَغْفُوراً، وَحَياتى بِهِمْ سَعيدَةً، وَعاقِبَتى بِهِمْ حَميدَةً، وَحَوآئِجى بِهِمْ مَقْضِيَّةً، وَافْعالِى بِهِمْ مَرْضِيَّةً، وَامُورى بِهِمْ مَسْعُودَةً، وَشُئُونى بِهِمْ مَحْمُودَةً، اللهُمَّ وَاحسِنْ لِىَ التَّوْفيقَ، وَنَفِّسْ عَنِّى كُلَّ هَمٍّ وَضيقٍ، اللهُمَّ جَنِّبْنى عِقابَكَ، وَامْنَحْنى ثَوابَكَ، وَاسْكِنِّى جَنَّاتِكَ، وَارْزُقْنى رِضْوانَكَ وَامانَكَ، وَاشْرِكْ لى فى صالِحِ دُعائى والِدَىَّ وَوُلْدى وَجَميعَ الْمُؤمِنينَ وَالْمُؤمِناتِ، الْأَحْيآءَ مِنْهُمْ وَالْأَمْواتِ، انَّكَ وَلِىُّ الْباقِياتِ الصَّالِحاتِ، آمينَ رَبَّ الْعالَمينَ.
ثمّ تصلّي ركعتين وتطلب حاجتك (1). (و نظراً إلى عدم إمكان إقامة هذه الصلاة إلى جانب هذه القبور المقدّسة فيمكن إقامتها في مسجد النبيّ صلى الله عليه و آله القريب من البقيع).
نقل «العلّامه المجلسي» عن «الشيخ المفيد» و «السيّد ابن طاووس» و «الشهيد الأوّل» رضوان اللَّه تعالى عليهم زيارة لفاطمة بنت أسد أُمّ الإمام عليّ عليه السلام المدفونة في البقيع بهذه الصورة:
السَّلامُ عَلى نَبِىِّ اللَّهِ، السَّلامُ عَلى رَسُولِ اللَّهِ، السَّلامُ عَلى مُحَمَّدٍ سَيِّدِ الْمُرْسَلينَ، السَّلامُ عَلى مُحَمَّدٍ سَيِّدِ الْأَوَّلينَ، السَّلامُ عَلى مُحَمَّدٍ سَيِّدِ الْأخِرينَ، السَّلامُ عَلى مَنْ بَعَثَهُ اللَّهُ رَحْمَةً لِلْعالَمينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ ايُّهَا النَّبِىُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ،
ص: 163
السَّلامُ عَلى فاطِمَةَ بِنْتِ اسَدٍ الْهاشِمِيَّةِ، السَّلامُ عَلَيْكِ ايَّتُهَا الصِّدّيقَةُ الْمَرْضِيَّةُ، السَّلامُ عَلَيْكِ ايَّتُهَا التَّقِيَّةُ النَّقِيَّةُ، السَّلامُ عَلَيْكِ ايَّتُهَا الْكَريمَةُ الرَّضِيَّةُ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا كافِلَةَ مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيّينَ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا والِدَةَ سَيِّدِ الْوَصِيّينَ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا مَنْ ظَهَرَتْ شَفَقَتُها عَلى رَسُولِ اللَّهِ خاتَمِ النَّبيّينَ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا مَنْ تَرْبِيَتُها لِوَلِىِّ اللَّهِ الْأَمينِ، السَّلامُ عَلَيْكِ وَعَلى رُوحِكِ وَبَدَنِكِ الطَّاهِرِ، السَّلامُ عَلَيْكِ وَعَلى وَلَدِكِ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ، اشْهَدُ انَّكِ احْسَنْتِ الْكِفالَةَ، وَادَّيْتِ الْأَمانَةَ، وَاجْتَهَدْتِ فى مَرْضاتِ اللَّهِ، وَبالَغْتِ فى حِفْظِ رَسُولِ اللَّهِ، عارِفَةً بِحَقِّهِ، مُؤْمِنَةً بِصِدْقِهِ، مُعْتَرِفَةً بِنُبُوَّتِهِ، مُسْتَبْصِرَةً بِنِعْمَتِهِ، كافِلَةً بِتَرْبِيَتِهِ، مُشْفِقَةً عَلى نَفْسِهِ، واقِفَةً عَلى خِدْمَتِهِ، مُخْتارَةً رِضاهُ، وَاشْهَدُ انَّكِ مَضَيْتِ عَلَى الْإِيمانِ، وَالتَّمَسُّكِ بِاشْرَفِ الْأَدْيانِ، راضِيَةً مَرْضِيَّةً، طاهِرَةً زَكِيَّةً، تَقِيَّةً نَقِيَّةً، فَرَضِىَ اللَّهُ عَنْكِ وَارْضاكِ، وَجَعَلَ الْجَنَّةَ مَنْزِلَكِ وَمَاْويكِ، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَانْفَعْنى بِزِيارَتِها، وَثَبِّتْنى عَلى مَحَبَّتِها، وَلا تَحْرِمْنى شَفاعَتَها، وَشَفاعَةَ الْأَئِمَّةِ مِنْ ذُرِّيَّتِها، وَارْزُقْنى مُرافَقَتَها، وَاحْشُرْنى مَعَها وَمَعَ اوْلادِهَا الطَّاهِرينَ، اللهُمَّ لا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيارَتى ايّاها، وَارْزُقْنِى الْعَوْدَ الَيْها ابَداً ما ابْقَيْتَنى وَاذا تَوَفَّيْتَنى فَاحْشُرْنى فى زُمْرَتِها، وَادْخِلْنى فى شَفاعَتِها، بِرَحْمَتِكَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمينَ، اللَّهُمَّ بِحَقِّها عِنْدَكَ، وَمَنْزِلَتِها لَدَيْكَ، اغْفِرْ لى وَلِوالِدَىَّ، وَلِجَمِيعِ الْمُؤْمِنينَ وَالْمُؤْمِناتِ، وَآتِنا فِى الدُّنْيا حَسَنَةً، وَفِى الْأخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنا بِرَحْمَتِكَ عَذابَ النَّارِ.
ثم تصلّي ركعتين، صلاة الزيارة وتدعو ما تشاء(1).
- چ چ-
ص: 164
1. قال أحد أصحاب الإمام الصادق عليه السلام: إنّي آتي المساجد التي حول المدينة فبأيّها أبدأ؟
فقال عليه السلام: «
إبْدَأ بِقَبَا فَصَلِّ فيه وأكْثِرْ فإنَّهُ أوَّلُ مَسْجِدٍ صَلّى فيه رَسولُ اللَّه صلى الله عليه و آله فِي هذِهِ العَرَصَةِ ثُمَّ ائْتِ مَشْرَبَةَ امِّ إبراهيمَ فَصَلِّ فيها فَإنَّهُ مَسْكَنُ رَسولِ اللَّه صلى الله عليه و آله وَمُصَلّاهُ، ثُمَّ تَأتِي مَسْجِدَ «الفَضِيخ»(1)
(ويُسمّى مسجد ردّالشمس أيضاً) فَصَلِّ فِيه رَكْعَتَيْنِ فَقَدْ صَلّى فيه نَبِيُّكَ. فَإذا قَضَيْتَ هذا الجَانِب فأئْتِ جانِبَ احُدٍ وابْدَأ بالمَسْجِدِ الّذي دونَ الحَرَّةِ، ثُمَّ بِقَبْرِ حَمْزَةَ فسلِّم عليه: «السَّلامُ عَلَيْكُمْ يا اهْلَ الدِّيارِ، أَنْتُمْ لَنا فَرَطٌ، وَإِنَّا بِكُمْ لاحِقُونَ»(2).
ثُمَّ تأتِي المَسْجِدَ الّذِي جَنْبَ الجَبَلِ عن يَمِينِكَ حتّى تَدْخُلَ احُدَ فَتُصَلِّي فيه ... ثُمَّ تَأْتِي مَسْجِدَ الأحزابِ (ويسمّى مَسْجِد فتح) فَتُصَلّي فيه، فإنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه و آله دَعا فيه يَوْمَ الأحْزابِ وقال:
«يا صَريخَ الْمَكْرُوبينَ، وَيا مُجيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرّينَ، وَيا مُغيثَ الْمَهْمُومينَ، اكْشِفْ هَمّى وَكَرْبي وَغَمّى فَقَدْ تَرى حالى وَحالَ اصْحابى (3).
2. طبقاً لما ورد في «مصباح الزائر»(4) وعن «السيد ابن طاووس» يستطيع الزائر أن يغيّر الدعاء لنفسه كما ورد عن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله عندما قرأ هذا الدعاء في مسجد الأحزاب، ثم يصلّي ركعتين ويقول: ياصَريخَ الْمَكْرُوبينَ، وَيا مُجيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرّينَ، وَيا مُغيثَ الْمَهْمُومينَ، اكْشِفْ عَنّى ضُرّى وَهَمّى وَكَرْبى وَغَمّى كَما كَشَفْتَ عَنْ نَبِيِّكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ هَمَّهُ، وَكَفَيْتَهُ هَوْلَ عَدُوِّهِ، وَاكْفِنى ما اهَمَّنى مِنْ امْرِ الدُّنْيا وَالْأخِرَةِ، يا ارْحَمَ الرَّاحِمينَ.
3. ثمّ قال السيّد ابن طاووس (5) تصلّي ما بدا لك عند الإمام زين العابدين عليه السلام وجعفر
ص: 165
الصادق عليه السلام ومسجد سلمان الفارسيّ ومسجد أميرالمؤمنين عليه السلام المحاذي لقبر حمزة ومسجد المباهلة، وتطلب حاجتك (1).
وأغلب هذه المساجد موجودة اليوم وتسمّى المساجد السبعة، وعادة ما يزورها الحجّاج في يوم واحد، إلّاأن بعضها الآخر لا وجود له.
عليه السلام
1. روى فخر المحقّقين في رسالة «النيّة» أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله قال: «
مَن زَارَنِي ولم يَزُر عَمِّي حَمزةَ فَقَد جَفانِي»(2).
2. وروى المحدّث القمّي في بيت الأحزان أنّ فاطمة عليها السلام كانت تخرج يومي الإثنين والخميس من كلّ اسبوع بعد وفاة أبيها إلى زيارة حمزة عليه السلام وباقي شهداء أُحُد فتصلّي هناك وتدعو، إلى أن توفّيت، وقيل: إنّها كانت تأتي قبر حمزة وتبكي هناك، فلمّا كان في بعض الأيّام أتيت قبر حمزة فوجدتها تبكي هناك فأمهلتها حتّى سكتت، فأتيتها وسلّمت عليها وقلت: يا سيّدَةَ النِّسْوانِ: قد واللَّه قطّعت، أنياط قلبي من بكائك. فقالت: «
يَحِقُّ لي البُكاءُ، فَلَقَدْ أُصِبْتُ بِخَيرِ الآباء
». ثمّ قالت: «
واشَوْقاهُ إِلى رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه و آله
» ثمّ أنشدت تقول:
إِذا ماتَ يَوْماً مَيِّتٌ قَلَّ ذِكرُهُ وَذِكْرُ أَبي مُذْ ماتَ وَاللَّهِ أَكْثَرُ
(3) 3. وقال الشيخ المفيد: وكان رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أمر في حياته بزيارة قبر حمزة، وكان يلمّ به وبالشهداء، ولم تزل فاطمة عليها السلام بعد وفاته صلى الله عليه و آله تغدو إلى قبره وتروح والمسلمون يتناوبون على زيارته وملازمة قبره (4).
روى العلّامة المجلسي عن الشيخ المفيد والسيّد ابن طاووس والشهيد الأوّل «رضوان اللَّه تعالى عليهم» تقول: عند قبره في احد:
ص: 166
السَّلامُ عَلَيْكَ يا عَمَّ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا خَيْرَالشُّهَدآءِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا اسَدَ اللَّهِ وَاسَدَ رَسُولِهِ، اشْهَدُ انَّكَ قَدْ جاهَدْتَ فِى اللَّهِ عَزَّوَجَلَّ، وَجُدْتَ بِنَفْسِكَ، وَنَصَحْتَ رَسُولَ اللَّهِ، وَكُنْتَ فيما عِنْدَاللَّهِ سُبْحانَهُ راغِباً، بِابى انْتَ وَامّى اتَيْتُكَ مُتَقَرِّباً الى رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، بِذلِكَ راغِباً الَيْكَ فِى الشَّفاعَةِ، ابْتَغى بِزِيارَتِكَ خَلاصَ نَفْسى مُتَعَوِّذاً بِكَ مِنْ نارٍ اسْتَحَقَّها مِثْلى بِما جَنَيْتُ عَلى نَفْسى هارِباً مِنْ ذُنُوبِىَ الَّتِى احْتَطَبْتُها عَلى ظَهْرى فَزِعاً الَيْكَ رَجآءَ رَحْمَةِ رَبّى اتَيْتُكَ مِنْ شُقَّةٍ بَعيدَةٍ، طالِباً فَكاكَ رَقَبَتى مِنَ النَّارِ، وَقَدْ اوْقَرَتْ ظَهْرى ذُنُوبى وَاتَيْتُ ما اسْخَطَ رَبّى وَلَمْ اجِدْ احَدًا افْزَعُ الَيْهِ خَيْراً لى مِنْكُمْ اهْلَ بَيْتِ الرَّحْمَةِ، فَكُنْ لى شَفيعاً يَوْمَ فَقْرى وَحاجَتى فَقَدْ سِرْتُ الَيْكَ مَحْزُوناً، وَاتَيْتُكَ مَكْرُوباً، وَسَكَبْتُ عَبْرَتى عِنْدَكَ باكِياً، وَصِرْتُ الَيْكَ مُفْرَداً، وَانْتَ مِمَّنْ امَرَنِىَ اللَّهُ بِصِلَتِهِ، وَحَثَّنى عَلى بِرِّهِ، وَدَلَّنى عَلى فَضْلِهِ، وَهَدانى لِحُبِّهِ، وَرَغَّبَنى فِى الْوِفادَةِ الَيْهِ، وَالْهَمَنى طَلَبَ الْحَوائِجِ عِنْدَهُ، انْتُمْ اهْلُ بَيْتٍ لا يَشْقى مَنْ تَوَلّاكُمْ، وَلا يَخيبُ مَنْ اتاكُمْ، وَلا يَخْسَرُ مَنْ يَهْويكُمْ، وَلا يَسْعَدُ مَنْ عاداكُمْ* ثم تستقبل القبلة وتصلّي ركعتي الزيارة وبعد ذلك (في حدّ المقدور) تقترب من القبر الشريف وتقول: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍوَ آلِ مُحَمَّدٍ، اللَّهُمَّ انّى تَعَرَّضْتُ لِرَحْمَتِكَ بِلُزُومى لِقَبْرِ عَمِّ نَبِيِّكَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، لِتُجيرَنى مِنْ نِقْمَتِكَ فى يَوْمٍ تَكْثُرُ فيهِ الْأَصْواتُ، وَتَشْغَلُ كُلُّ نَفْسٍ بِما قَدَّمَتْ، وَتُجادِلُ عَنْ نَفْسِها، فَانْ تَرْحَمْنِى الْيَوْمَ فَلا خَوْفٌ عَلَىَّ وَلا حُزْنٌ، وَانْ تُعاقِبْ فَمَوْلىً لَهُ الْقُدْرَةُ عَلى عَبْدِهِ، وَلا تُخَيِّبْنى بَعْدَ الْيَوْمِ، وَلا تَصْرِفْنى بِغَيْرِ حاجَتى فَقَدْ لَصِقْتُ بِقَبْرِ عَمِّ نَبِيِّكَ، وَتَقَرَّبْتُ بِهِ الَيْكَ ابْتِغآءَ مَرْضاتِكَ، وَرَجآءَ رَحْمَتِكَ، فَتَقَبَّلْ مِنّى وَعُدْ بِحِلْمِكَ عَلى جَهْلى وَبِرَاْفَتِكَ عَلى جِنايَةِ نَفْسى فَقَدْ عَظُمَ جُرْمى وَما اخافُ انْ
ص: 167
تَظْلِمَنى وَلكِنْ اخافُ سُوءَ الْحِسابِ، فَانْظُرِ الْيَوْمَ تَقَلُّبى عَلى قَبْرِ عَمِّ نَبِيِّكَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، فَبِهِما فُكَّنى مِنَ النَّارِ، وَلا تُخَيِّبْ سَعْيى وَلا يَهوُنَنَّ عَلَيْكَ ابْتِهالى وَلاتَحْجُبَنَّ عَنْكَ صَوْتى وَلاتَقْلِبْنى بِغَيْرِ حَوائِجى يا غِياثَ كُلِّ مَكْرُوبٍ وَمَحْزُونٍ، وَيا مُفَرِّجاً عَنِ الْمَلْهُوفِ الْحَيْرانِ الْغَريقِ الْمُشْرِفِ عَلَى الْهَلَكَةِ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَانْظُرْ الَىَّ نَظْرَةً لا اشْقى بَعْدَها ابَداً، وَارْحَمْ تَضَرُّعى وَعَبْرَتى وَانْفِرادى فَقَدْ رَجَوْتُ رِضاكَ، وَتَحَرَّيْتُ الْخَيْرَ الَّذى لا يُعْطيهِ احَدٌ سِواكَ، فَلا تَرُدَّ امَلى اللهُمَّ انْ تُعاقِبْ فَمَوْلىً لَهُ الْقُدْرَةُ عَلى عَبْدِهِ، وَجَزآئِهِ بِسُوءِ فِعْلِهِ، فَلااخيبَنَ الْيَوْمَ، وَلاتَصْرِفْنى بِغَيْرِ حاجَتى وَلا تُخَيِّبَنَّ شُخُوصى وَوِفادَتى فَقَدْ انْفَدْتُ نَفَقَتى وَاتْعَبْتُ بَدَنى وَقَطَعْتُ الْمَفازاتِ، وَخَلَّفْتُ الْأَهْلَ وَالْمالَ وَما خَوَّلْتَنى وَآثَرْتُ ما عِنْدَكَ عَلى نَفْسى وَلُذْتُ بِقَبْرِ عَمِّ نَبِيِّكَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَتَقَرَّبْتُ بِهِ ابْتِغآءَ مَرْضاتِكَ، فَعُدْ بِحِلْمِكَ عَلى جَهْلى وَبِرَاْفَتِكَ عَلى ذَنْبى فَقَدْ عَظُمَ جُرْمى بِرَحْمَتِكَ يا كَريمُ يا كَريمُ (1).
ذكر العلّامة المجلسي في بحار الأنوار زيارة سائر شهداء احد:
السَّلامُ عَلى رَسوُلِ اللَّهِ، السَّلامُ عَلى نَبِىِّ اللَّهِ، السَّلامُ عَلى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ، السَّلامُ عَلى اهْلِ بَيْتِهِ الطَّاهِرينَ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ ايُّهَا الشُّهَدآءُ الْمُؤْمِنُونَ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ يا اهْلَ بَيْتِ الْإيمانِ وَالتَّوْحيدِ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ يا انْصارَ دينِ اللَّهِ وَانْصارَ رَسُولِهِ، عَلَيْهِ وَ الِهِ السَّلامُ، سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ، اشْهَدُ انَّ اللَّهَ اخْتارَكُمْ لِدينِهِ، وَاصْطَفاكُمْ لِرَسُولِهِ، وَاشْهَدُ انَّكُمْ قَدْ جاهَدْتُمْ فِى اللَّهِ حَقَ
ص: 168
جِهادِهِ، وَذَبَبْتُمْ عَنْ دينِ اللَّهِ وَعَنْ نَبِيِّهِ، وَجُدْتُمْ بِانْفُسِكُمْ دُونَهُ، وَاشْهَدُ انَّكُم قُتِلْتُمْ عَلى مِنْهاجِ رَسُولِ اللَّهِ، فَجَزاكُمُ اللَّهُ عَنْ نَبِيِّهِ وَعَنِ الْإِسْلامِ وَاهْلِهِ افْضَلَ الْجَزآءِ، وَعَرَّفَنا وُجُوهَكُمْ فى مَحَلِّ رِضْوانِهِ، وَمَوْضِعِ اكْرامِهِ، مَعَ النَّبِيّينَ وَالصِّدّيقينَ وَالشُّهَدآءِ وَالصَّالِحينَ، وَحَسُنَ اولئِكَ رَفيقاً، اشْهَدُ انَّكُمْ حِزْبُ اللَّهِ، وَانَّ مَنْ حارَبَكُمْ فَقَدْ حارَبَ اللَّهَ، وَانَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبينَ الْفائِزينَ، الَّذينَ هُمْ احْيآءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ، فَعَلى مَنْ قَتَلَكُمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ اجْمَعينَ، اتَيْتُكُمْ يا اهْلَ التَّوْحيدِ زائِراً، وَبِحَقِّكُمْ عارِفاً، وِبِزِيارَتِكُمْ الَى اللَّهِ مُتَقَرِّباً، وَبِما سَبَقَ مِنْ شَريفِ الْأَعْمالِ وَمَرْضِىِّ الْأَفْعالِ عالِماً، فَعَلَيْكُمْ سَلامُ اللَّهِ وَرَحْمَتُهُ وَبَرَكاتُهُ، وَعَلى مَنْ قَتَلَكُمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَغَضَبُهُ وَسَخَطُهُ، اللهُمَّ انْفَعْنى بِزِيارَتِهِمْ، وَثَبِّتْنى عَلى قَصْدِهِمْ، وَتَوَفَّنى عَلى ماتَوَفَّيْتَهُمْ عَلَيْهِ، وَاجْمَعْ بَيْنى وَبَيْنَهُم فى مُسْتَقَرِّ دارِ رَحْمَتِكَ، اشْهَدُ انَّكُمْ لَنا فَرَطٌ، وَنَحْنُ بِكُمْ لاحِقُونَ.
ثم تقرأ سورة «انَّا انزلناه» مهما تقدر عليها، وبعدها ترجع (1).
1. روى أحد خواصّ الإمام الصادق عليه السلام معاوية بن عمّار أنّه عليه السلام قال: «
إذا أرَدْتَ أن تَخْرُجَ مِنَ المَدينةِ فاغْتَسِلْ وامْضِ إلى قَبرِ النّبيّ صلى الله عليه و آله واعمَل ما كُنتَ تَعمَلُهُ مِن قَبل»
وقل:
اللهُمَّ لا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيارَتى قَبْرَ نَبِيِّكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، فَانْ تَوَفَّيْتَنى قَبْلَ ذلِكَ، فَانّى اشْهَدُ فى مَماتى عَلى ما اشْهَدُ عَلَيْهِ فى حَياتى انْ لا الهَ الَّا انْتَ، وَانَّ مُحَمَّداً عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ.
ص: 169
2. سأل أحد أصحاب الإمام الصادق عليه السلام عن وداع رسول اللَّه صلى الله عليه و آله فقال: قل:
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ، السَّلامُ عَلَيْكَ، لا جَعَلَهُ اللَّهُ آخِرَ تَسْليمي عَلَيْكَ (1).
- چ چ-
ص: 170
1. طبق بعض الروايات أنّ النجف أرض الأخيار، يحشر من ظهرها سبعون ألفاً يدخلون الجنّة بغير حساب. وعلى هذا الأساس اشتراها عليّ عليه السلام من الدهاقين ليحشر أولئك السبعون ألفاً من ملكه (1).
2. وروى الديلمي في إرشاد القلوب أنّه وردت الأخبار الصحيحة عن أهل البيت عليهم السلام من خواصّ تربته إسقاط عذاب القبر وترك محاسبة منكر ونكير(2)، وأضاف: إنّ أميرالمؤمنين عليه السلام نظر إلى ظهر الكوفة (وكانت تشمل النجف) وقال: «
ما أحسَنَ مَنظَرَكَ وأطيَبَ قَعرَكَ، اللّهمّ اجعَل قَبرِي بِها»(3).
3. وروي عن أميرالمؤمنين عليه السلام أنّه إذا أراد الخلوة بنفسه أتى إلى طرف الغريّ. فبينما هو ذات يوم مشرف على النجف فإذا رجل قد أقبل من البريّة راكباً على ناقة وقدّامه جنازة، فحين رأى عليّاً عليه السلام قصده حتّى وصل إليه فسلّم عليه فردّ عليه السلامَ وقال عليه السلام: «
من أين
»؟ قال: من اليمن.
قال عليه السلام: «
وَما هذِه الجَنَازَةُ الّتِي مَعَك
»؟ قال: جنازة أبي لأدفنه في هذه الأرض. فقال عليه السلام: «
لِمَ لا دَفَنْتَهُ في أرْضِكُم؟
» قال: أوصى بذلك وقال: إنّه يدفن هناك رَجُلٌ يدخل في شفاعته مثل ربيعة ومضر. فقال له عليه السلام: «
أتَعْرِفُ ذلِكَ الرَّجُلَ؟
» قال: لا. قال عليه السلام: «
أنَا واللَّهِ ذلِكَ الرّجلُ (ثلاثاً) فَادفُن»(4).
ص: 171
4. وروي عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: «
ما مِن مُؤمِنٍ يَمُوتُ فِي شَرقِ الأرضِ وَغَربِها إلّا وَحَشَرَ اللَّهُ رُوحَهُ إلى وَادِي السّلامِ»(1).
5. قال حبّة العرنيّ: خرجت مع أميرالمؤمنين عليه السلام إلى ظهر الكوفة فوقف بوادي السلام كأنّه مخاطب لأقوام فقمت بقيامه حتّى أعييت، ثمّ جلست حتّى مللت، ثمّ قمت حتّى نالني مثل ما نالني أوّلًا، ثمّ جلست حتّى مللت، ثمّ قمت وجمعت رِدائي فقلت: يا أميرالمؤمنين إني قد اشفقت عليك من طول القيام، فراحة ساعة. ثمّ طرحت الرداء ليجلس عليه فقال: «
يا حَبَّةُ إن هو إلّا مُحَادَثَةُ مُؤمِنٍ أو مُؤانَسَتُه
». قال: قلت: يا أميرالمؤمنين وإنّهم لكذلك؟ قال: «
نَعَمْ ولو كُشِفَ لَكَ لَرَأيْتَهُم حَلَقاً حَلَقاً مُجْتَمِعين يَتَحادَثونَ
». فَقُلتُ: أجسام أم أرواح؟ فقال: «
أرواحٌ وَما مِنْ مُؤمِنٍ يَموتُ فِي بُقعَةٍ مِنْ بِقاعِ الأرضِ إلّاقِيلَ لِرُوحِهِ الحَقي بِوادِي السّلام وَإنّها لَبقعَةٌ مِن جنّة عَدنٍ»(2).
1. روى الشيخ الطوسي في الأمالي أنّ الإمام الصادق عليه السلام قال:
«مَا خَلَقَ اللَّهُ خَلقاً أكثرَ مِنَ المَلائكَةِ وَأنّه لَينزِلُ كُلَّ يَومٍ سَبعُونَ ألفَ مَلكٍ فَيأتُونَ البيتَ المَعمُور فَيَطُوفُونَ بِهِ، فإذا هُم طَافُوا بِهِ نَزَلُوا فَطَافُوا بِالكَعبةِ، فإذا طَافُوا بِها أتَوا قَبرَ النّبِيّ صلى الله عليه و آله فَسلّموا عَليهِ، ثمّ أتَوا قَبرَ أميرالمؤمنين عليه السلام فَسلّمُوا عَليهِ، ثُمّ أتَوا قَبرَ الحُسَينِ عليه السلام فَسَلّمُوا عَليهِ، ثُمّ عَرَجُوا، وَيَنزِلُ مِثلُهُم أبَداً إلى يَومِ القِيامَةِ. وقال عليه السلام: مَن زارَ أميرَالمؤمنين عليه السلام عارفاً بِحَقِّهِ، غَيرَ مَتَجَبِّرٍ وَلا مُتَكَبِّرٍ، كَتَبَ اللَّهُ لَهُ أجرَ مائة ألفِ شهيدٍ، وَغَفَرَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ وَمَا تَأخَّرَ، وَبَعَثَهُ مِنَ الآمِنينَ وَهَوَّنَ عَليهِ الحِسابَ، وَاستَقْبَلَتْهُ المَلائِكةُ، فإذا انصَرَفَ شَيَّعَتْهُ إلى مَنزلِهِ، فإنْ مَرِضَ عادُوهُ وإن ماتَ تَبِعُوهُ بِالْاسْتِغْفارِ إلى قَبرِهِ»(3)
. (جدير ذكره أنّ هذا الثواب لمن كان عارفاً بحقّه وسائراً على نهجه).
2. قال أبو وهب البصريّ: دخلت المدينة فأتيت أبا عبداللَّه عليه السلام فقلت: جعلت فداك أتيتك ولم أزر قبر أميرالمؤمنين عليه السلام، قال:
ص: 172
«بِئسَ ما صَنَعتَ لَولا أنّكَ من شِيعَتِنا ما نَظَرتُ إليكَ، ألا تَزورُ مَنْ يَزُورُهُ اللَّهُ تَعالى مَعَ الملائكةِ ويزُورُهُ الأنبياءَ مَعَ المُؤمِنينَ»(1).
3. وخاطب عليه السلام المفضّل بن عمر:
«إنّ زائِرهُ تُفتَحُ لَهُ أبوابُ السّماءِ عِندَ دَعوتِهِ فَلا تَكُن عَنِ الخَيرِ نَوّاماً»(2).
4. قال الحسن عليه السلام لرسول اللَّه صلى الله عليه و آله:
«يا أبتِ مَا جَزاءُ مَن زَارَكَ؟ قال: بُني مَنْ زَارَنِي حَيّاً أو ميّتاً أو زَارَ أباكَ كان حقّاً على اللَّه أنْ أزورَهُ يَومَ القِيامةِ»(3).
5. روى خلف بن حمّاد عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال:
«بِظَهْرِ الكُوفَةِ قَبرٌ ما يَلوذُ بِهِ ذو عاهةٍ إلّاشَفاهُ اللَّهُ»(4).
6. روى حسّان بن مهران عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال:
«يا حَسّانُ أتَزورُ قُبورَ الشُّهداءِ قِبَلَكُم؟
قُلتُ: أيُّ الشُّهَداءِ؟
قال: عَليّ وحُسَين.
قُلتُ: إنّا لَنزُورُهُما فَنُكثِرُ.
قَالَ: أولئكَ الشُّهداءُ المَرزوقُونَ فَزُوروهُم وافزَعوا عِندَهُم وارفَعُوا بِحَوائِجِكُم»(5)
. (يجيبها اللَّه). 7. روى عبداللَّه بن حازم قال: خرجنا يوماً مع الرشيد من الكوفة (للصيد) فصرنا إلى الغريّين (النجف) فرأينا ظباء، فأرسلنا عليها الصقور والكلاب فجاولتها ساعة ثمّ لجأت إلى أكمة.
فتراجعت الصقور والكلاب عنها، فتعجّب الرشيد، ثمّ إنّ الظباء هبطت من الأكمة فسقطت الطيور والكلاب عليها، فرجعت الظباء إلى الأكمة، فتراجعت الصقور والكلاب عنها مرّة ثانية، ثمّ فعلت ذلك مرّة اخرى، فقال الرشيد: اركضوا إلى الكوفة فاتوني بأكبرها سنّاً، فأُتي بشيخ من بني أسد.
فقال الرشيد: أخبِرني ما هذه الأكمة؟ قال: حدّثني أبي عن آبائه أنّهم كانوا يقولون أنّ هذه الأكمة قبر عليّ بن أبي طالب، جعله اللَّه حرَماً لا يأوي إليه شي ء(6).
ص: 173
وردت عدّة زيارات له عليه السلام مطلقة (الزيارات غير المقيّدة بزمان خاصّ، بل يمكن قراءتها في أيّ وقت) وزيارات خاصة (الزيارات المقيّدة بالزمان) ونكتفي هنا بما ورد في الكتب المعتبرة مثل «كامل الزيارات» و «الكافي» وغيرهما. وقبل الخوض فيها نلفت انتباه الزوّار الأعزّاء إلى قضيّة مهمّة لا تختصّ بالحرم الشريف لأميرالمؤمنين عليه السلام بل سارية في جميع المشاهد المشرّفة، حيث تستفاد من مضامين الروايات المارة في الفصل السابق (زيارة مرقد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله في المدينة) وتأكّدت في مقدّمة قسم الزيارات وهي: المهمّ في باب الزيارة نفس الحضور في الحرم والتوجّه القلبيّ لذلك المرقد الملكوتي، وعقد الارتباط الروحيّ بصاحبه، وما بيّنّاه في الفصل السابق في فضل زيارة قبر أميرالمؤمنين عليه السلام (وكذلك سائر الأئمّة) يحصل بهذا الحضور في الحرم والتوجّه القلبيّ نحوهم عليهم السلام وعلى هذا الأساس إن لم يكن للزائر الكريم وقت ونفس لقراءة الزيارة كفاه مجرّد الحضور أو القول «
السَّلامُ عَلَيْكَ يا اميرَالْمُؤْمِنينَ
» وإن تمكّن قبَّل الضريح وإلّا انصرف، أو يتوقّف لحظة أو ساعة جوار ذلك الكهف الحصين ويفكّر في عظمة وجلال ومكارم أولئك العظام، ونقصه وخطيئته، ويتوب من ذنوبه ويرسخ سعادته ويخطّط لما يفعل بحيث لا يفقد ما حصل عليه في هذه الزيارة ويدّخره في قبره ليوم القيامة ويديم هذا الارتباط. كما يسعه أن يقف ويصلّي ركعتين أو عدّة ركعات ويهدي ثوابها لذلك الإمام المعصوم.
جاء في
كامل الزيارات
عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: «
إلى جَانبِ الكُوفَةِ قَبرٌ لا يَأتِيهِ مَكروبٌ فَيُصلّي عِندَهُ أربَع رَكعاتٍ (الَّا رَجَعَهُ اللَّهُ مَسْرُوراً بِقَضاءِ حاجَتِهِ)»(1).
وقال أبان بن تغلب: كنت مع أبي عبداللَّه عليه السلام فمرّ بظهر الكوفة فنزل وصلّى ركعتين ثمّ تقدّم قليلًا فصلّى ركعتين، ثمّ سار قليلًا فنزل فصلّى ركعتين، ثمّ قال عليه السلام: «
هذا مَوْضِعُ قَبْرَ أميرِالمؤمنِين
». قلت: جعلت فداك فما للمَوضِعين اللذين صلّيت فيهما؟ قال عليه السلام: «
مَوْضِعُ رأسِ الحُسَينِ عليه السلام وَمَوضِعُ مِنْبَرِ القائِم عليه السلام»(2).
على كلّ حال إن وفّق شخص ولم يرد الاكتفاء بهذا المقدار، بل استعدّ لقراءة زيارة من الزيارات الواردة، يمكنه أن يقرأ إحدى الزيارات المطلقة التي لا تختصّ بزمان معيّن.
ص: 174
ذهب العلّامة المجلسي إلى أنّ هذه الزيارة من أصحّ الزيارات سنداً(1) وبذلك صرّح الشيخ عباس القمي (في مفاتيح الجنان). روى جابر الجعفي عن الإمام الباقر عليه السلام قال: «
كانَ أبي عَليّ بن الحُسين عليهما السلام قَد اتّخَذَ مَنزِلَهُ مِنْ بَعدِ مَقتَل أبيهِ الحُسينِ عليه السلام (مِنَ الحُزنِ وَالأسى) بَيتاً مِنَ الشَّعر كَراهيةً لِمخالطةِ النّاسِ وَملابَستِهِمْ وَكَانَ يَصيرُ مِنَ الباديةِ بِمَقامِهِ بِها إلى العِراقِ زائراً لأبيهِ وَجدِّه عليه السلام ولا يُشعِرُ بذلِكَ مِن فعلِهِ. وَخَرجَ يوماً مَتَوجّهاً إلى العِراقِ لِزيارةِ أميرِالمؤمنينَ عليه السلام وأنا مَعَهُ وَلَيسَ مَعنا ذو روحٍ إلّاالنَّاقَتَينِ فَلمّا انتهى إلى النجف- من بلاد الكوفة- وَصَارَ إلى مَكانٍ مِنهُ فَبَكى حتّى اخْضَلَّتْ لِحيَتُهُ وَقَالَ: السّلامُ عَلَيكَ يَا أميرَالمؤمنينَ ...»
إلى آخر الزيارة التي ستأتي (2).
على كلّ حال السند الوارد في المزار الكبير لهذه الزيارة: روى جابر الجعفي عن الإمام الباقر عليه السلام أنّ الإمام زين العابدين جاء لزيارة قبر أميرالمؤمنين عليه السلام فوقف عند القبر وبكى وقال:
السَّلامُ عَلَيْكَ يا امينَ اللَّهِ فى ارْضِهِ، وَحُجَّتَهُ عَلى عِبادِهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا اميرَ الْمُؤْمِنينَ، اشْهَدُ انَّكَ جاهَدْتَ فِى اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ، وَعَمِلْتَ بِكِتابِهِ، وَاتَّبَعْتَ سُنَنَ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، حَتّى دَعاكَ اللَّهُ الى جِوارِهِ، فَقَبَضَكَ الَيْهِ بِاخْتِيارِهِ، وَالْزَمَ اعْدائَكَ الْحُجَّةَ مَعَ مالَكَ مِنَ الْحُجَجِ الْبالِغَةِ عَلى جَميعِ خَلْقِهِ، اللهُمَّ فَاجْعَلْ نَفْسى مُطْمَئِنَّةً بِقَدَرِكَ، راضِيَةً بِقَضآئِكَ، مُولِعَةً بِذِكْرِكَ وَدُعآئِكَ، مُحِبَّةً لِصَفْوَةِ اوْلِيآئِكَ، مَحْبُوبَةً فى ارْضِكَ وَسَمآئِكَ، صابِرَةً عَلى نُزُولِ بَلائِكَ، شاكِرَةً لِفَواضِلِ نَعْمآئِكَ، ذاكِرَةً لِسَوابِغِ آلآئِكَ، مُشْتاقَةً الى فَرْحَةِ لِقآئِكَ، مُتَزَوِّدَةً التَّقْوى لِيَوْمِ جَزآئِكَ، مُسْتَنَّةً بِسُنَنِ اوْلِيآئِكَ، مُفارِقَةً لِأَخْلاقِ اعْدائِكَ، مَشْغُولَةً عَنِ الدُّنْيا بِحَمْدِكَ وَثَنآئِكَ* ثمّ وضع خدّه المبارك على القبر الشريف وقال: اللهُمَّ انَّ قُلُوبَ الْمُخْبِتينَ الَيْكَ والِهَةٌ، وَسُبُلَ الرَّاغِبينَ الَيْكَ شارِعَةٌ، وَاعْلامَ الْقاصِدينَ
ص: 175
الَيْكَ واضِحَةٌ، وَافْئِدَةَ الْعارِفينَ مِنْكَ فازِعَةٌ، وَاصْواتَ الدَّاعينَ الَيْكَ صاعِدَةٌ، وَابْوابَ الْإِجابَةِ لَهُمْ مُفَتَّحَةٌ، وَدَعْوَةَ مَنْ ناجاكَ مُسْتَجابَةٌ، وَتَوْبَةَ مَنْ انابَ الَيْكَ مَقْبُولَةٌ، وَعَبْرَةَ مَنْ بَكى مِنْ خَوْفِكَ مَرْحُومَةٌ، وَالْإِغاثَةَ لِمَنِ اسْتَغاثَ بِكَ مَوْجُودَةٌ، وَالْإِعانَةَ لِمَنِ اسْتَعانَ بِكَ مَبْذُولَةٌ، وَعِداتِكَ لِعِبادِكَ مُنْجَزَةٌ، وَزَلَلَ مَنِ اسْتَقالَكَ مُقالَةٌ، وَاعْمالَ الْعامِلينَ لَدَيْكَ مَحْفُوظَةٌ، وَارْزاقَكَ الَى الْخَلائِقِ مِنْ لَدُنْكَ نازِلَةٌ، وَعَوآئِدَ الْمَزيدِ الَيْهِمْ واصِلَةٌ، وَذُنُوبَ الْمُسْتَغْفِرينَ مَغْفُورَةٌ، وَحَوآئِجَ خَلْقِكَ عِنْدَكَ مَقْضِيَّةٌ، وَجَوآئِزَ السَّآئِلينَ عِنْدَكَ مُوَفَّرَةٌ، وَعَوآئِدَ الْمَزيدِ مُتَواتِرَةٌ، وَمَوآئِدَ الْمُسْتَطْعِمينَ مُعَدَّةٌ، وَمَناهِلَ الظِّمآءِ مُتْرَعَةٌ، اللهُمَّ فَاسْتَجِبْ دُعآئى وَاقْبَلْ ثَنآئى وَاجْمَعْ بَيْنى وَبَيْنَ اوْلِيآئى بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَعَلِىٍّ وَفاطِمَةَ، وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، انَّكَ وَلِىُّ نَعْمآئى وَمُنْتَهى مُناىَ، وَغايَةُ رَجائى فى مُنْقَلَبى وَمَثْواىَ* ورد في «كامل الزيارات» بعد هذه الزيارة، هذه الفقرات أيضاً: أَنْتَ الهى وَسَيِّدى وَمَوْلاىَ، اغْفِرْ لِأَوْلِيآئِنا، وَكُفَّ عَنَّا اعْدآئَنا، وَاشْغَلْهُمْ عَنْ اذانا، وَاظْهِرْ كَلِمَةَ الْحَقِّ وَاجْعَلْهَا الْعُلْيا، وَادْحِضْ كَلِمَةَ الْباطِلِ وَاجْعَلْهَا السُّفْلى انَّكَ عَلى كُلِّ شَىْ ءٍ قَديرٌ(1).
ثمّ قال الإمام الباقر عليه السلام: «
ما قَالَ هَذا الكلامَ ولا دَعا به أحدٌ مِنْ شِيعَتِنا عِندَ قَبرِ أميرِالمؤمنينَ أو عِندَ قَبرِ أحدٍ مِنَ الأئمّة عليهم السلام إلّارُفِعَ دُعاؤُهُ فِي دَرجٍ مِنْ نورٍ وَطُبِعَ عَلَيهِ بِخَاتمِ مُحَمّدٍ صلى الله عليه و آله وَكَانَ مَحفُوظاً كَذلِكَ حَتّى يَسلَّمَ إلى قائمِ آلِ مُحَمّد عليه السلام»(2).
وطبق ما ورد في «المزار الكبير» و «بحار الأنوار» أنّ هذه الزيارة الشريفة من الزيارات المطلقة والمخصوصة ليوم الغدير والزيارات الجامعة التي تقرأ عند جميع الأئمّة عليهم السلام (3).
ص: 176
روى المرحوم الكليني في الكافي وابن قولويه في كامل الزيارات أنّ الإمام عليّ الهادي عليه السلام كان يقول عند قبر أميرالمؤمنين عليه السلام:
السَّلامُ عَلَيْكَ يا وَلِىَّ اللَّهِ، انْتَ اوَّلُ مَظْلُومٍ، وَاوَّلُ مَنْ غُصِبَ حَقُّهُ، صَبَرْتَ وَاحْتَسَبْتَ حَتّى اتيكَ الْيَقينُ، فَاشْهَدُ انَّكَ لَقيتَ اللَّهَ وَانْتَ شَهيدٌ، عَذَّبَ اللَّهُ قاتِلَكَ بِانْواعِ الْعَذابِ، وَجَدَّدَ عَلَيْهِ الْعَذابَ، جِئْتُكَ عارِفاً بِحَقِّكَ، مُسْتَبْصِراً بِشَاْنِكَ، مُعادِياً لِأَعْدآئِكَ وَمَنْ ظَلَمَكَ، الْقى عَلى ذلِكَ رَبّى انْ شآءَ اللَّهُ، يا وَلِىَّ اللَّهِ، انَّ لى ذُنُوباً كَثيرَةً، فَاشْفَعْ لى الى رَبِّكَ، فَانَّ لَكَ عِنْدَاللَّهِ مَقاماً مَحْمُوداً مَعْلُوماً، وَانَّ لَكَ عِنْدَاللَّهِ جاهاً وَشَفاعَةً، وَ قَدْ قالَ اللَّهُ تَعالى وَلا يَشْفَعُونَ الَّا لِمَنِ ارْتَضى (1).
قال سيف بن عميرة: خرجت مع صفوان الجمّال وجماعة من أصحابنا لزيارة أميرالمؤمنين عليه السلام فلمّا فرغنا من الزيارة، صرف صفوان وجهه إلى ناحية أبي عبداللَّه عليه السلام وقال:
نزور الحسين بن عليّ عليهما السلام من هذا المكان من عند رأس أميرالمؤمنين عليه السلام. وقال صفوان: وردت مع سيّدي الإمام الصادق عليه السلام فدعا بهذا الدعاء بعد أن صلّى وودّع ثمّ قال لي: «
يا صَفوانُ تَعَاهَدْ هذهِ الزيارةَ وادْعُ بِهَذا الدُّعاءِ وزُرْهُمَا بِهذِهِ الزّيارَةِ فإنّي ضامِنٌ عَلَى اللَّهِ لِكُلِّ مَن زَارَهُمَا بِهذِه الزّيارة وَدَعَا بِهَذا الدّعاء مِن قُربٍ أو بُعدٍ أنّ زَيارَتَهُ مَقبُولَةٌ وَأنّ سَعيَهُ مَشكُورٌ وَسَلامَهُ واصِلٌ غَيرُ مَحجوبٍ وَحَاجَتَهُ مَقْضِيّةٌ مِنَ اللَّهِ ...
» والزيارة أن تقف مقابل قبره عليه السلام وتقول:
السَّلامُ عَلَيْكَ يا رَسُولَ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا صَفْوَةَ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا امينَ اللَّهِ، السَّلامُ عَلى مَنِ اصْطَفاهُ اللَّهُ، وَاخْتَصَّهُ وَاخْتارَهُ مِنْ بَرِيَّتِهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا خَليلَ اللَّهِ ما دَجَى اللَّيْلُ وَغَسَقَ، وَاضاءَ النَّهارُ وَاشْرَقَ، السَّلامُ عَلَيْكَ ما صَمَتَ صامِتٌ،
ص: 177
وَنَطَقَ ناطِقٌ، وَ ذَرَّ شارِقٌ، وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ، السَّلامُ عَلى مَوْلانا اميرِ الْمُؤْمِنينَ عَلِىِّ بْنِ ابيطالِبٍ، صاحِبِ السَّوابِقِ وَالْمَناقِبِ وَالنَّجْدَةِ، وَمُبيدِ الْكَتائِبِ، الشَّديدِ الْبَاْسِ، الْعَظيمِ الْمِراسِ، الْمَكينِ الْأَساسِ، ساقِى الْمُؤْمِنينَ بِالْكَاْسِ مِنْ حَوْضِ الرَّسُولِ الْمَكينِ الْأَمينِ، السَّلامُ عَلى صاحِبِ النُّهى وَالْفَضْلِ وَالطَّوائِلِ، وَالْمَكْرُماتِ وَالنَّوائِلِ، السَّلامُ عَلى فارِسِ الْمُؤْمِنينَ، وَلَيْثِ الْمُوَحِّدينَ، وَقاتِلِ الْمُشْرِكينَ، وَوَصِىِّ رَسُولِ رَبِّ الْعالَمينَ، وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكاتُهُ، السَّلامُ عَلى مَنْ ايَّدَهُ اللَّهُ بِجَبْرَئيلَ، وَاعانَهُ بِميكائيلَ، وَازْلَفَهُ فِى الدَّارَيْنِ، وَ حَباهُ بِكُلِّ ما تَقِرُّ بِهِ الْعَيْنُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلى آلِهِ الطَّاهِرينَ، وَعَلى اوْلادِهِ الْمُنْتَجَبينَ، وَعَلَى الْأَئِمَّةِ الرَّاشِدينَ، الَّذينَ امَرُوا بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ، وَفَرَضُوا عَلَيْنا الصَّلَواتِ، وَ امَرُوا بِايتآءِ الزَّكاةِ، وَعَرَّفُونا صِيامَ شَهْرِ رَمَضانَ، وَقِرائَةَ الْقُرْآنِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا اميرَ الْمُؤْمِنينَ، وَ يَعْسُوبَ الدّينِ، وَقآئِدَ الْغُرِّ الْمُحَجَّلينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا بابَ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا عَيْنَ اللَّهِ النَّاظِرَةَ، وَيَدَهُ الْباسِطَةَ، وَ اذُنَهُ الْواعِيَةَ، وَحِكْمَتَهُ الْبالِغَةَ، وَنِعْمَتَهُ السَّابِغَةَ، السَّلامُ عَلى قَسيمِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، السَّلامُ عَلى نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَى الْأَبْرارِ، وَنِقْمَتِهِ عَلَى الْفُجَّارِ، السَّلامُ عَلى سَيِّدِ الْمُتَّقينَ الْأَخْيارِ، السَّلامُ عَلى اخى رَسُولِ اللَّهِ، وَابْنِ عَمِّهِ وَزَوْجِ ابْنَتِهِ، وَالْمَخْلُوقِ مِنْ طينَتِهِ، السَّلامُ عَلَى الْأَصْلِ الْقَديمِ، وَالْفَرْعِ الْكَريمِ، السَّلامُ عَلَى الثَّمَرِ الْجَنِىِّ، السَّلامُ عَلى ابِى الْحَسَنِ عَلِىٍّ، السَّلامُ عَلى شَجَرَةِ طُوبى وَسِدْرَةِ الْمُنْتَهى السَّلامُ عَلى آدَمَ صَفْوَةِ اللَّهِ، وَنُوحٍ نَبِىِّ اللَّهِ، وَابْراهيمَ خَليلِ اللَّهِ، وَمُوسى كَليمِ اللَّهِ، وَ عيسى رُوحِ اللَّهِ، وَ مُحَمَّدٍ حَبيبِ اللَّهِ، وَمَنْ بَيْنَهُمْ مِنَ النَّبِيّينَ، وَالصِّدّيقينَ، وَالشُّهَدآءِ وَالصَّالِحينَ، وَ حَسُنَ اولئِكَ رَفيقاً، السَّلامُ عَلى نُورِ الْأَنْوارِ، وَسَليلِ الْأَطْهارِ، وَ عَناصِرِ الْأَخْيارِ، السَّلامُ عَلى
ص: 178
والِدِ الْأَئِمَّةِ الْأَطْهارِ، السَّلامُ عَلى حَبْلِ اللَّهِ الْمَتينِ، وَجَنْبِهِ الْمَكينِ، وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكاتُهُ، السَّلامُ عَلى امينِ اللَّهِ فى ارْضِهِ وَخَليفَتِهِ، وَ الْحاكِمِ بِامْرِهِ، وَالْقَيِّمِ بِدينِهِ، وَالنَّاطِقِ بِحِكْمَتِهِ، وَ الْعامِلِ بِكِتابِهِ، اخِ الرَّسُولِ، وَزَوْجِ الْبَتُولِ، وَسَيْفِ اللَّهِ الْمَسْلُولِ، السَّلامُ عَلى صاحِبِ الدَّلالاتِ، وَالْاياتِ الْباهِراتِ، وَالْمُعْجِزاتِ الْقاهِراتِ، وَالْمُنْجى مِنَ الْهَلَكاتِ، الَّذى ذَكَرَهُ اللَّهُ فى مُحْكَمِ الْاياتِ، فَقالَ تَعالى وَ انَّهُ فى امِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِىٌّ حَكيمٌ، السَّلامُ عَلَى اسْمِ اللَّهِ الرَّضى وَ وَجْهِهِ الْمُضيىِ، وَجَنْبِهِ الْعَلِىِّ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ، السَّلامُ عَلى حُجَجِ اللَّهِ وَاوْصِيآئِهِ، وَخآصَّةِ اللَّهِ وَ اصْفِيآئِهِ، وَخالِصَتِهِ وَامَنآئِهِ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكاتُهُ، قَصَدْتُكَ يامَوْلاىَ يا امينَ اللَّهِ وَ حُجَّتَهُ، زائِراً عارِفاً بِحَقِّكَ، مُوالِياً لِأَوْلِيآئِكَ، مُعادِياً لِأَعْدآئِكَ، مُتَقَرِّباً الَى اللَّهِ بِزِيارَتِكَ، فَاشْفَعْ لى عِنْدَاللَّهِ رَبّى وَرَبِّكَ، فى خَلاصِ رَقَبَتى مِنَ النَّارِ، وَقَضآءِ حَوآئِجى حَوآئِجِ الدُّنْيا وَالْأخِرَةِ* ثم التصق بالقبر وقبّله وقل: سَلامُ اللَّهِ وَ سَلامُ مَلآئِكَتِهِ الْمُقَرَّبينَ، وَالْمُسَلِّمينَ لَكَ بِقُلُوبِهِمْ يا اميرَ الْمُؤْمِنينَ، وَالنَّاطِقينَ بِفَضْلِكَ، وَ الشَّاهِدينَ عَلى انَّكَ صادِقٌ امينٌ صِدِّيْقٌ، عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكاتُهُ، وَاشْهَدُ انَّكَ طُهْرٌ طاهِرٌ مُطَهَّرٌ، مِنْ طُهْرٍ طاهِرٍمُطَهَّرٍ، اشْهَدُ لَكَ يا وَلِىَّ اللَّهِ وَوَلِىَّ رَسُولِهِ بِالْبَلاغِ وَالْأَداءِ، وَاشْهَدُ انَّكَ جَنْبُ اللَّهِ وَبابُهُ، وَانَّكَ حَبيبُ اللَّهِ وَوَجْهُهُ الَّذى يُؤْتى مِنْهُ، وَانَّكَ سَبيلُ اللَّهِ، وَانَّكَ عَبْدُ اللَّهِ وَاخُورَسُولِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، اتَيْتُكَ مُتَقَرِّباً الَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِزِيارَتِكَ، راغِباً الَيْكَ فِى الشِّفاعَةِ، ابْتَغى بِشَفاعَتِكَ خَلاصَ رَقَبَتى مِنَ النَّارِ، وَ مُتَعَوِّذاً بِكَ مِنَ النَّارِ، هارِباً مِنْ ذُنُوبِىَ الَّتِى احْتَطَبْتُها عَلى ظَهْرى فَزِعاً الَيْكَ رَجآءَ رَحْمَةِ رَبّى اتَيْتُكَ اسْتَشْفِعُ بِكَ يا مَوْلاىَ، وَاتَقَرَّبُ بِكَ الَى اللَّهِ لِيَقْضِىَ بِكَ حَوآئِجى فَاشْفَعْ لى يا اميرَ الْمُؤْمِنينَ الَى اللَّهِ، فَانّى عَبْدُاللَّهِ وَمَوْلاكَ وَزائِرُكَ، وَلَكَ عِنْدَاللَّهِ
ص: 179
الْمَقامُ الْمَحْمُودُ، وَالْجاهُ الْعَظيمُ، وَ الشَّأْنُ الْكَبيرُ، وَالشَّفاعَةُ الْمَقْبُولَةُ، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَصَلِّ عَلى اميرِ الْمُؤْمِنينَ عَبْدِكَ الْمُرْتَضى وَامينِكَ الْأَوْفى وَ عُرْوَتِكَ الْوُثْقى وَيَدِكَ الْعُلْيا، وَجَنْبِكَ الْأَعْلى وَ كَلِمَتِكَ الْحُسْنى وَحُجَّتِكَ عَلَى الْوَرى وَصِدّيقِكَ الْأَكْبَرِ، وَسَيِّدِالْأَوْصِيآءِ، وَ رُكْنِ الْأَوْلِيآءِ، وَعِمادِ الْأَصْفِيآءِ، اميرِ الْمُؤْمِنينَ، وَيَعْسُوبِ الدّينِ، وَ قُدْوَةِ الصَّالِحينَ، وَامامِ الْمُخْلِصينَ، وَ الْمَعْصُومِ مِنَ الْخَلَلِ، الْمُهَذَّبِ مِنَ الزَّلَلِ، الْمُطَهَّرِ مِنَ الْعَيْبِ، الْمُنَزَّهِ مِنَ الرَّيْبِ، اخى نَبِيِّكَ، وَ وَصِىِّ رَسُولِكَ، الْبآئِتِ عَلى فِراشِهِ، وَالْمُواسى لَهُ بِنَفْسِهِ، وَكاشِفِ الْكَرْبِ عَنْ وَجْهِهِ، الَّذى جَعَلْتَهُ سَيْفاً لِنُبُوَّتِهِ، وَآيَةً لِرِسالَتِهِ، وَشاهِداً عَلى امَّتِهِ، وَدِلالَةً لِحُجَّتِهِ، وَحامِلًا لِرايَتِهِ، وَ وِقايَةً لِمُهْجَتِهِ، وَهادِياً لِامَّتِهِ، وَيَداً لِبَاْسِهِ، وَتاجاً لِرَاْسِهِ، وَباباً لِسِرِّهِ، وَمِفْتاحاً لِظَفَرِهِ، حَتّى هَزَمَ جُيُوشَ الشِّرْكِ بِاذْنِكَ، وَابادَ عَساكِرَ الْكُفْرِ بِامْرِكَ، وَبَذَلَ نَفْسَهُ فى مَرْضاةِ رَسُولِكَ، وَجَعَلَها وَقْفاً عَلى طاعَتِهِ، فَصَلِّ اللَّهُمَّ عَلَيْهِ صَلاةً دآئِمَةً باقِيَةً* وقل: السَّلامُ عَلَيْكَ يا وَلِىَّ اللَّهِ، وَالشِّهابَ الثَّاقِبَ، وَالنُّورَ الْعاقِبَ، يا سَليلَ الْأَطآئِبِ، يا سِرَّ اللَّهِ، انَّ بَيْنى وَبَيْنَ اللَّهِ تَعالى ذُنُوباً قَدْ اثْقَلَتْ ظَهْرى وَلا يَاْتى عَلَيْها الَّا رِضاهُ، فَبِحَقِّ مَنِ ائْتَمَنَكَ عَلى سِرِّهِ، وَاسْتَرْعاكَ امْرَ خَلْقِهِ، كُنْ لى الَى اللَّهِ شَفيعاً، وَ مِنَ النَّارِ مُجيراً، وَ عَلَى الدَّهْرِ ظَهيراً، فَانّى عَبْدُاللَّهِ وَ وَلِيُّكَ وَ زآئِرُكَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ.
ثمّ صلّ ست ركعات (كلّ ركعتين بسلام) وسل ما شئت، ثمّ توجّه لقبر أميرالمؤمنين عليه السلام وقل:
السَّلامُ عَلَيْكَ يا اميرَ الْمُؤمِنينَ، عَلَيْكَ مِنّى سَلامُ اللَّهِ ابَداً ما بَقِيتُ وَ بَقِىَ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ* ثمّ توجه لقبر الإمام الحسين عليه السلام وقل: السَّلامُ عَلَيْكَ يا ابا عَبْدِ اللَّهِ، السَّلامُ
ص: 180
عَلَيْكَ يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ (1)* ثمّ تخاطب (أميرالمؤمنين والحسين عليهما السلام) وقل (2): يا امِيرَالْمُؤْمِنِينَ، يا اباعَبْدِاللَّهِ، اتَيْتُكُما زائِراً وَمُتَوَسِّلًا الَى اللَّهِ تَعالى رَبّى وَرَبِّكُما، وَ مُتَوَجِّهاً الَيْهِ بِكُما، وَمُسْتَشْفِعاً بِكُما الَى اللَّهِ فى حاجَتى هذِهِ فَاشْفَعا لى فَانَّ لَكُما عِنْدَاللَّهِ الْمَقامَ الْمَحْمُودَ، وَالْجاهَ الْوَجيهَ، وَ الْمَنْزِلَ الرَّفيعَ وَالْوَسيلَةَ، انّى انْقَلِبُ مِنْكُما مُنْتَظِراً لِتَنَجُّزِ الْحاجَةِ وَقَضآئِها وَنَجاحِها مِنَ اللَّهِ، بِشَفاعَتِكُما لى الَى اللَّهِ فى ذلِكَ، فَلا اخيبُ وَلا يَكُونُ مُنْقَلَبى مُنْقَلَباً خآئِباً خاسِراً، بَلْ يَكُونُ مُنْقَلَبى مُنْقَلَباً راجِحاً مُفْلِحاً مُنْجِحاً، مُسْتَجاباً بِقَضآءِ جَميعِ الْحَوائِجِ، وَ تَشَفَّعا لى الَى اللَّهِ، انْقَلِبُ عَلى ما شآءَ اللَّهُ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ الَّا بِاللَّهِ، مُفَوِّضاً امْرى الَى اللَّهِ، مُلْجِأً ظَهْرى الَى اللَّهِ، مُتَوَكِّلًا عَلَى اللَّهِ، وَاقُولُ حَسْبِىَ اللَّهُ وَكَفى سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ دَعى لَيْسَ لى وَرآءَ اللَّهِ وَوَرآ ئَكُمْ يا سادَتى مُنْتَهى ما شآءَ رَبّى كانَ، وَ ما لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ الَّا بِاللَّهِ، اسْتَوْدِعُكُمَا اللَّهَ، وَلا جَعَلَهُ اللَّهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنّى الَيْكُما، انْصَرَفْتُ يا سَيِّدى يا اميرَ الْمُؤْمِنينَ وَمَوْلاىَ، وَانْتَ يا ابا عَبْدِاللَّهِ يا سَيِّدى وَسَلامى عَلَيْكُما مُتَّصِلٌ مَا اتَّصَلَ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ، واصِلٌ ذلِكَ الَيْكُما، غَيْرُ مَحْجُوبٍ عَنْكُما سَلامى انْ شآءَ اللَّهُ، وَاسْئَلُهُ بِحَقِّكُما انْ يَشآءَ ذلِكَ وَيَفْعَلَ، فَانَّهُ حَميدٌ مَجيدٌ، انْقَلَبْتُ يا سَيِّدَىَّ عَنْكُما تآئِباً حامِداً للَّهِ، شاكِراً راجِياً لِلْإِجابَةِ، غَيْرَ آيِسٍ وَلا قانِطٍ، ائِباً عآئِداً راجِعاً الى زِيارَتِكُما، غَيْرَ راغِبٍ عَنْكُما، وَلا مِنْ زِيارَتِكُما، بَلْ راجِعٌ عآئِدٌ انْ شآءَ اللَّهُ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ الَّا بِاللَّهِ الْعَلِىِّ الْعَظيمِ، يا سادَتى رَغِبْتُ الَيْكُما وَ الى زِيارَتِكُما، بَعْدَ انْ زَهِدَ فيكُما وَ فى زِيارَتِكُما اهْلُ الدُّنْيا، فَلا خَيَّبَنِىَ اللَّهُ ما رَجَوْتُ، وَما امَّلْتُ فى زِيارَتِكُما،
ص: 181
انَّهُ قَريبٌ مُجيبٌ.
ثمّ استقبل القبلة واقرأ دعاء علقمة(1):
يا اللَّهُ يا اللَّهُ يا اللَّهُ، يا مُجيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرِّينَ، يا كاشِفَ كُرَبِ الْمَكْرُوبينَ، يا غِياثَ الْمُسْتَغيثينَ، وَ يا صَريخَ الْمُسْتَصْرِخينَ، وَيا مَنْ هُوَ اقْرَبُ الَىَّ مِنْ حَبْلِ الْوَريدِ، يا مَنْ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ، وَيا مَنْ هُوَ بِالْمَنْظَرِ الْأَعْلى وَ بِالْأُفُقِ الْمُبينِ، وَيا مَنْ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحيمُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى وَيا مَنْ يَعْلَمُ خآئِنَةَ الْأَعْيُنِ، وَما تُخْفِى الصُّدُورُ، وَيا مَنْ لا تَخْفى عَلَيْهِ خافِيَةٌ، يا مَنْ لا تَشْتَبِهُ عَلَيْهِ الْأَصْواتُ، وَيا مَنْ لا تُغَلِّطُهُ الْحاجاتُ، وَيا مَنْ لا يُبْرِمُهُ الْحاحُ الْمُلِحّينَ، يا مُدْرِكَ كُلِّ فَوْتٍ، وَيا جامِعَ كُلِّ شَمْلٍ، وَيا بارِئَ النُّفُوسِ بَعْدَ الْمَوْتِ، يا مَنْ هُوَ كُلَّ يَوْمٍ فى شَاْنٍ، يا قاضِىَ الْحاجاتِ، يا مُنَفِّسَ الْكُرُباتِ، يا مُعْطِىَ السُّؤُلاتِ، يا وَلِىَّ الرَّغَباتِ، يا كافِىَ الْمُهِمَّاتِ، يا مَنْ يَكْفى مِنْ كُلِّ شَىْ ءٍ، وَلا يَكْفى مِنْهُ شَىْ ءٌ فِى السَّمواتِ وَالْأَرْضِ، اسْئَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيِّينَ، وَ عَلِىٍّ اميرِالْمُؤْمِنينَ، وَ بِحَقِّ فاطِمَةَ بِنْتِ نَبِيِّكَ، وَبِحَقِّ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، فَانّى بِهِمْ اتَوَجَّهُ الَيْكَ فى مَقامى هذا، وَبِهِمْ اتَوَسَّلُ، وَبِهِمْ اتَشَفَّعُ الَيْكَ، وَبِحَقِّهِمْ اسْئَلُكَ وَاقْسِمُ وَاعْزِمُ عَلَيْكَ، وَ بِالشَّاْنِ الَّذى لَهُمْ عِنْدَكَ، وَ بِالْقَدْرِ الَّذى لَهُمْ عِنْدَكَ، وَبِالَّذى فَضَّلْتَهُمْ عَلَى الْعالَمينَ، وَبِاسْمِكَ الَّذى جَعَلْتَهُ عِنْدَهُمْ، وَبِهِ خَصَصْتَهُمْ دُونَ الْعالَمينَ، وَبِهِ ابَنْتَهُمْ وَابَنْتَ فَضْلَهُمْ مِنْ فَضْلِ الْعالَمينَ، حَتّى فاقَ فَضْلُهُمْ فَضْلَ الْعالَمينَ جَميعاً، اسْئَلُكَ انْ تُصَلِّىَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَانْ تَكْشِفَ عَنّى غَمّى وَهَمّى وَكَرْبى وَتَكْفِيَنِى الْمُهِمَّ مِنْ امُورى وَتَقْضِىَ عَنّى دَيْنى وَ تُجيرَنى مِنَ الْفَقْرِ، وَتُجيرَنى مِنَ الْفاقَةِ، وَتُغْنِيَنى عَنِ الْمَسْئَلَةِ الَى الْمَخْلُوقينَ،
ص: 182
وَتَكْفِيَنى هَمَّ مَنْ اخافُ هَمَّهُ، وَ جَوْرَ مَنْ اخافُ جَوْرَهُ، وَعُسْرَ مَنْ اخافُ عُسْرَهُ، وَحُزُونَةَ مَنْ اخافُ حُزُونَتَهُ، وَشَرَّ مَنْ اخافُ شَرَّهُ، وَمَكْرَ مَنْ اخافُ مَكْرَهُ، وَبَغْىَ مَنْ اخافُ بَغْيَهُ، وَ جَوْرَ مَنْ اخافُ جَوْرَهُ، وَسُلْطانَ مَنْ اخافُ سُلْطانَهُ، وَكَيْدَ مَنْ اخافُ كَيْدَهُ، وَمَقْدُرَةَ مَنْ اخافُ مَقْدُرَتَهُ عَلَىَّ، وَ تَرُدَّ عَنّى كَيْدَ الْكَيَدَةِ، وَمَكْرَ الْمَكَرَةِ، اللهُمَّ مَنْ ارادَنى فَارِدْهُ، وَمَنْ كادَنى فَكِدْهُ، وَاصْرِفْ عَنّى كَيْدَهُ وَمَكْرَهُ وَبَاْسَهُ وَامانِيَّهُ، وَامْنَعْهُ عَنّى كَيْفَ شِئْتَ وَانّى شِئْتَ، اللهُمَّ اشْغَلْهُ عَنّى بِفَقْرٍ لا تَجْبُرُهُ، وَبِبَلاءٍ لا تَسْتُرُهُ، وَبِفاقَةٍ لا تَسُدَّها، وَبِسُقْمٍ لا تُعافيهِ، وَذُلٍّ لا تُعِزُّهُ، وَبِمَسْكَنَةٍ لا تَجْبُرُها، اللهُمَّ اضْرِبْ بِالذُّلِّ نَصْبَ عَيْنَيْهِ، وَادْخِلْ عَلَيْهِ الْفَقْرَ فى مَنْزِلِهِ، وَالْعِلَّةَ وَالسُّقْمَ فى بَدَنِهِ، حَتّى تَشْغَلَهُ عَنّى بِشُغْلٍ شاغِلٍ لا فَراغَ لَهُ، وَانْسِهِ ذِكْرى كَما انْسَيْتَهُ ذِكْرَكَ، وَخُذْ عَنّى بِسَمْعِهِ وَبَصَرِهِ، وَلِسانِهِ وَيَدِهِ وَرِجْلِهِ وَقَلْبِهِ، وَجَميعِ جَوارِحِهِ، وَادْخِلْ عَلَيْهِ فى جَميعِ ذلِكَ السُّقْمَ، وَلا تَشْفِهِ حَتّى تَجْعَلَ ذلِكَ لَهُ شُغْلًا شاغِلًا بِهِ عَنّى وَعَنْ ذِكْرى وَاكْفِنى يا كافِىَ مالا يَكْفى سِواكَ، فَانَّكَ الْكافى لا كافِىَ سِواكَ، وَمُفَرِّجٌ لا مُفَرِّجَ سِواكَ، وَمُغيثٌ لا مُغيثَ سِواكَ، وَجارٌ لا جارَ سِواكَ، خابَ مَنْ كانَ جارُهُ سِواكَ، وَمُغيثُهُ سِواكَ، وَمَفْزَعُهُ الى سِواكَ، وَمَهْرَبُهُ الى سِواكَ، وَ مَلْجَأُهُ الى غَيْرِكَ، وَ مَنْجاهُ مِنْ مَخْلُوقٍ غَيْرِكَ، فَانْتَ ثِقَتى وَرَجآئى وَ مَفْزَعى وَمَهْرَبى وَمَلْجَأى وَمَنْجاىَ، فَبِكَ اسْتَفْتِحُ وَبِكَ اسْتَنْجِحُ، وَبِمُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ اتَوَجَّهُ الَيْكَ، وَاتَوَسَّلُ وَاتَشَفَّعُ، فَاسْئَلُكَ يا اللَّهُ يا اللَّهُ يا اللَّهُ، فَلَكَ الْحَمْدُ وَلَكَ الشُّكْرُ، وَالَيْكَ الْمُشْتَكى وَانْتَ الْمُسْتَعانُ، فَاسْئَلُكَ يا اللَّهُ يا اللَّهُ يا اللَّهُ، بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، انْ تُصَلِّىَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَانْ تَكْشِفَ عَنّى غَمّى وَهَمّى وَكَرْبى فى مَقامى هذا، كَما كَشَفْتَ عَنْ نَبِيِّكَ هَمَّهُ وَغَمَّهُ وَ كَرْبَهُ، وَكَفَيْتَهُ هَوْلَ عَدُوِّهِ، فَاكْشِفْ عَنّى كَما كَشَفْتَ عَنْهُ، وَفَرِّجْ عَنّى كَما
ص: 183
فَرَّجْتَ عَنْهُ، وَاكْفِنى كَما كَفَيْتَهُ، وَاصْرِفْ عَنّى هَوْلَ ما اخافُ هَوْلَهُ، وَمَؤُنَةَ ما اخافُ مَؤُنَتَهُ، وَهَمَّ ما اخافُ هَمَّهُ، بِلا مَؤُنَةٍ عَلى نَفْسى مِنْ ذلِكَ، وَاصْرِفْنى بِقَضآءِ حَوائِجى وَكِفايَةِ ما اهَمَّنى هَمُّهُ مِنْ امْرِ آخِرَتى وَ دُنْياىَ. فإن أردت وداعهما فقل: يا اميرَالْمُؤمِنينَ، وَ يا اباعَبْدِاللَّهِ، عَلَيْكُما مِنِّى سَلامُ اللَّهِ ابَداً ما بَقِىَ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ وَلا جَعَلَهُ اللَّهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيارَتِكُما وَلا فَرَّقَ بَيْنى وَبَيْنَكُما(1).
روى المرحوم السيّد ابن طاووس في «فرحة الغريّ» عن صفوان الجمّال قال: لما وافيت مع جعفر الصادق عليه السلام الكوفة يريد أبا جعفر المنصور قال لي: «يا صَفْوانُ أنِخ الراحِلَةَ، فهذا قَبْرُ جَدِّي أميرِالمؤمنين عليه السلام» فأنختُها ثمّ نزل فاغتسل وغيّر ثوبه وتحفّى وقال لي: «
إفْعَلْ مِثْلَ ما أفْعَلُهُ
»، ثمّ أخذ نحو الذكوة وقال لي: «
قَصِّرْ خُطَاكَ وألْقِ ذَقِنَكَ إلى الأرْضِ فإنَّ اللَّهَ يَكتُبُ لَكَ بِكُلِّ خُطْوَةٍ مائةَ ألف حَسَنة
» ... ثمّ مشى ومشيت معه وعلينا السكينة والوقار نسبّح ونقدّس ونهلّل إلى أن بلغنا الذَكَوات فوقف عليه السلام ونظر يمنةً ويَسرةً وخطّ بعكازته، فقال لي: «أُطلُب». فطَلَبتُ فإذا أثَر القَبرِ، ثمّ
ص: 184
أرسَل دموعه على خدّه وقال: انَّا للَّهِ وَانَّا الَيْهِ راجِعُونَ وقال: السَّلامُ عَلَيْكَ ايُّهَا الْوَصِىُّ الْبَرُّ التَّقِىُّ، السَّلامُ عَلَيْكَ ايُّهَا النَّبَأُ الْعَظيمُ، السَّلامُ عَلَيْكَ ايُّهَا الصِّدّيقُ الرَّشيدُ، السَّلامُ عَلَيْكَ ايُّهَا الْبَرُّ الزَّكىُّ السَّلامُ عَلَيْكَ يا وَصِىَّ رَسُولِ رَبِّ الْعالَمينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا خِيَرَةَ اللَّهِ عَلَى الْخَلْقِ اجْمَعينَ، اشْهَدُ انَّكَ حَبيبُ اللَّهِ، وَ خاصَّتُهُ وَخالِصَتُهُ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وَلِىَّ اللَّهِ، وَمَوْضِعَ سِرِّهِ، وَ عَيْبَةَ عِلْمِهِ، وَخازِنَ وَحْيِهِ. ثمّ التصق بالقبر وقال: بِابى انْتَ وَامِّى يا اميرَ الْمُؤْمِنينَ، بِابى انْتَ وَ امّى يا حُجَّةَ الْخِصامِ، بِابى انْتَ وَامِّى يا بابَ الْمَقامِ، بِابى انْتَ وَامِّى يا نُورَ اللَّهِ التَّآمَّ، اشْهَدُ انَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ عَنِ اللَّهِ وَعَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، ما حُمِّلْتَ، وَ رَعَيْتَ مَا اسْتُحْفِظْتَ، وَحَفِظْتَ مَا اسْتُوْدِعْتَ، وَحَلَّلْتَ حَلالَ اللَّهِ، وَحَرَّمْتَ حَرامَ اللَّهِ، وَاقَمْتَ احْكامَ اللَّهِ، وَلَمْ تَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ، وَعَبَدْتَ اللَّهَ مُخْلِصاً حَتّى اتيكَ الْيَقينُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ وَعَلَى الْأَئِمَّةِ مِنْ بَعْدِكَ.
ثمّ قام فصلّى عند الرأس ركعات وقال: «
يا صَفوانُ! مَن زَارَ أميرالمؤمنين عليه السلام بِهذهِ الزّيارَةِ وصَلّى بِهذِهِ الصَّلاةِ رَجَعَ إلى أهلِهِ مَغفوراً ذنبُهُ، مشكوراً سَعيُهُ، ويُكتَبُ لَهُ ثَوابُ كلِّ مَن زَارَهُ مِنَ الملائكةِ
». قلت: ثواب كلّ من يزوره من الملائكة؟! قال عليه السلام: «
يَزُورُهُ فِي كُلِّ لَيلةٍ سبعُونَ قَبيلةٍ
». قلت: كم القبيلة؟ قال: «
مائة ألف
». ثم رجع من عنده القهقرى وهو يقول:
يا جَدَّاهُ يا سَيِّداهُ، يا طَيِّباهُ يا طاهِراهُ، لا جَعَلَهُ اللَّهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْكَ، وَرَزَقَنِى الْعَوْدَ الَيْكَ، وَالْمَقامَ في حَرَمِكَ، وَالْكَوْنَ مَعَكَ وَمَعَ الْأَبْرارِ مِنْ وُلْدِكَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ، وَ عَلَى الْمَلآئِكَةِ الْمُحْدِقينَ بِكَ.
قلت: يا سيّدي أتاذن لي أن أخبر أصحابنا من أهل الكوفة؟ فقال: «
نَعَمْ
» وأعطاني دراهم وأصْلحتُ القبر(1).
ص: 185
روى المرحوم الحاج النوري عن كتاب المزار القديم عن الإمام الباقر عليه السلام أنّه قال:
مَضَيْتُ مع والدي لزيارَةِ قَبرِ جَدّي أميرالمؤمنين عليه السلام في النّجف، فوقف عليه ثمّ بكى وقال:
السَّلامُ عَلى ابِى الْأَئِمَّةِ، وَخَليلِ النُّبُوَّةِ، وَالْمَخْصُوصِ بِالْأُخُوَّةِ، السَّلامُ عَلى يَعْسُوبِ الْإيمانِ، وَميزانِ الْأَعْمالِ، وَسَيْفِ ذِى الْجَلالِ، السَّلامُ عَلى صالِحِ الْمُؤْمِنينَ، وَوارِثِ عِلْمِ النَّبِيّينَ، الْحاكِمِ فى يَوْمِ الدّينِ، السَّلامُ عَلى شَجَرَةِ التَّقْوى السَّلامُ عَلى حُجَّةِ اللَّهِ الْبالِغَةِ، وَنِعْمَتِهِ السَّابِغَةِ، وَنِقْمَتِهِ الدَّامِغَةِ، السَّلامُ عَلَى الصِّراطِ الْواضِحِ، وَالنَّجْمِ الّلائِحِ، وَالْإِمامِ النَّاصِحِ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ* ثم قال: انْتَ وَسيلَتى الَى اللَّهِ وَ ذَريعَتى وَ لى حَقُّ مُوالاتى وَ تَاْميلى فَكُنْ لى شَفيعى الَى اللَّهِ عَزَّوَجَلَّ فِى الْوُقُوفِ عَلى قَضآءِ حاجَتى وَ هِىَ فَكاكُ رَقَبَتى مِنَ النَّارِ، وَاصْرِفْنى فى مَوْقِفى هذا بِالنُّجْحِ، وَ بِما سَئَلْتُهُ كُلَّهُ بِرَحْمَتِهِ وَقُدْرَتِهِ، اللَّهُمَّ ارْزُقْنى عَقْلًا كامِلًا، وَلُبّاً راجِحاً، وَقَلْباً زَكِيّاً، وَعَمَلًا كَثيراً، وَادَباً بارِعاً، وَاجْعَلْ ذلِكَ كُلَّهُ لى وَلا تَجْعَلْهُ عَلَىَّ، بِرَحْمَتِكَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمينَ (1).
جاء في كامل الزيارات عن الإمام الكاظم عليه السلام:
إذا أرَدْتَ أن تُوَدِّع قبرَ أميرِالمؤمنين عليه السلام فقُل:
السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ، اسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ وَاسْتَرْعيكَ، وَاقْرَءُ عَلَيْكَ السَّلامَ، آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرُّسُلِ، وَبِما جآئَتْ بِهِ، وَدَعَتْ الَيْهِ وَدَلَّتْ عَلَيْهِ، فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدينَ، اللهُمَّ لا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيارَتى ايَّاهُ، فَانْ تَوَفَّيْتَنى قَبْلَ ذلِكَ، فَانّى اشْهَدُ فى مَماتى عَلى ما كُنْتُ شَهِدْتُ عَلَيْهِ فى حَياتى اشْهَدُ انَّكُمُ الْأَئِمَّةُ، اميرَ الْمُؤْمِنينَ عَلِيّاً، وَالْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ، وَ عَلِىَّ بْنَ الْحُسَيْنِ، وَمُحَمَّدَ بْنَ عَلِىٍّ،
ص: 186
وَجَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ، وَمُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ، وَعَلِىَّ بْنَ مُوسى وَ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِىٍّ، وَعَلِىَّ بْنَ مُحَمَّدٍ، وَالْحَسَنَ بْنَ عَلِىٍّ، وَالْحُجَّةَ بْنَ الْحَسَنِ، صَلَواتُكَ عَلَيْهِمْ اجْمَعينَ، وَ اشْهَدُ انَّ مَنْ قَتَلَهُمْ وَحارَبَهُمْ مُشْرِكُونَ، وَ مَنْ رَدَّ عِلْمَهُمْ وَرَدَّ عَلَيْهِمْ فى اسْفَلِ دَرَكٍ مِنَ الْجَحيمِ، وَاشْهَدُ انَّ مَنْ حارَبَهُمْ لَنا اعْدآءٌ، وَنَحْنُ مِنْهُمْ بُرَءآءُ، وَانَّهُمْ حِزْبُ الشَّيْطانِ، وَ عَلى مَنْ قَتَلَهُمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَ الْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ اجْمَعينَ، وَمَنْ شَرِكَ فيهِمْ، وَمَنْ سَرَّهُ قَتْلُهُمْ، اللهُمَّ انّى اسْئَلُكَ بَعْدَ الصَّلاةِ وَ التَّسْليمِ، انْ تُصَلِّىَ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلىٍّ وَ فاطِمَةَ، وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ، وَعَلِىٍّ وَمُحَمَّدٍ، وَجَعْفَرٍ وَمُوسى وَعَلِىٍّ وَمُحَمَّدٍ، وَ عَلِىٍّ وَالْحَسَنِ، وَالْحُجَّةِ، وَ لا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيارَتِهِ، فَانْ جَعَلْتَهُ فَاحْشُرْنى مَعَ هؤُلآءِ الْمُسَمَّيْنَ الْائِمَّةِ، اللهُمَّ وَ ذَلِّلْ قُلُوبَنا لَهُمْ بِالطَّاعَةِ، وَالْمُناصَحَةِ وَالْمَحَبَّةِ، وَحُسْنِ الْمُوازَرَةِ وَالتَّسْليمِ (1).
هنالك زيارات مخصوصة للإمام عليّ عليه السلام بالإضافة للزيارات السابقة العامّة.
روى السيّد ابن طاووس في الإقبال عن البزنطيّ أنّ الإمام الرضا عليه السلام قال: «
أينَما كُنتَ فاحضُر يَومَ الغَديرِ عِندَ أميرالمؤمنينَ عليه السلام فإنّ اللَّهَ تَعالى يَغفِرُ لِكُلِّ مُؤمِنٍ وَمُؤمِنَةٍ ومُسلِمٍ وَمُسلِمَةٍ، وَاللَّهِ لَو عَرَفَ الناسُ فَضلَ هَذا اليومِ لَصَافَحَتْهُمُ المَلائكةُ كُلّ يَومٍ»(2).
وقد وردت عدّة زيارات في هذا اليوم:
الزيارة الاولى:
زيارة أمين اللَّه التي عدّها بعض الأصحاب من الزيارات المخصوصة في هذا
ص: 187
اليوم ومرّت في الزيارات المطلقة (ص 174).
الزيارة الثانية:
الزيارة الجامعة رواها الإمام العسكريّ عليه السلام عن أبيه (1): فإن أردت زيارته فقف على باب القبّة المنوّرة واستأذن (إذن الدخول الذي ذكرناه في مستهلّ قسم الزيارات (ص 144):
«اللَّهُمَّ إِنِّي وَقَفْتُ عَلى بابٍ مِنْ ...
») ثمّ ادخل مقدّماً رجلكَ اليُمنى على اليسرى وامشِ حتّى تقف على الضريح واستقبله واجعل القبلة بين كَتِفَيك وقل:
السَّلامُ عَلى مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ خاتَمِ النَّبِيّينَ، وَسَيِّدِ الْمُرْسَلينَ، وَصَفْوَةِ رَبِّ الْعالَمينَ، امينِ اللَّهِ عَلى وَحْيِهِ، وَعَزآئِمِ امْرِهِ، وَالْخاتِمِ لِما سَبَقَ، وَالْفاتِحِ لِمَا اسْتُقْبِلَ، وَالْمُهَيْمِنِ عَلى ذلِكَ كُلِّهِ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ وَصَلَواتُهُ وَتَحِيَّاتُهُ، السَّلامُ عَلى انْبِيآءِ اللَّهِ وَرُسُلِهِ، وَ مَلآئِكَتِهِ الْمُقَرَّبينَ، وَعِبادِهِ الصَّالِحينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا اميرَالْمُؤْمِنينَ، وَسَيِّدَ الْوَصِيّينَ، وَ وارِثَ عِلْمِ النَّبِيّينَ، وَوَلِىَّ رَبِّ الْعالَمينَ، وَمَوْلاىَ وَمَوْلَى الْمُؤْمِنينَ، وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكاتُهُ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَوْلاىَ يا اميرَ الْمُؤْمِنينَ، يا امينَ اللَّهِ فى ارْضِهِ، وَ سَفيرَهُ فى خَلْقِهِ، وَ حُجَّتَهُ الْبالِغَةَ عَلى عِبادِهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا دينَ اللَّهِ الْقَويمَ، وَصِراطَهُ الْمُسْتَقيمَ، السَّلامُ عَلَيْكَ ايُّهَا النَّبَأُ الْعَظيمُ، الَّذى هُمْ فيهِ مُخْتَلِفُونَ، وَعَنْهُ يُسْئَلُونَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا اميرَ الْمُؤْمِنينَ، آمَنْتَ بِاللَّهِ وَهُمْ مُشْرِكُونَ، وَصَدَّقْتَ بِالْحَقِّ وَهُمْ مُكَذِّبُونَ، وَجاهَدْتَ وَهُمْ مُحْجِمُونَ، وَعَبَدْتَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدّينَ صابِراً مُحْتَسِباً، حَتّى اتيكَ الْيَقينُ، الا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا سَيِّدَالْمُسْلِمينَ، وَيَعْسُوبَ الْمُؤْمِنينَ، وَامامَ الْمُتَّقينَ، وَقآئِدَ الْغُرِّ الْمُحَجَّلينَ، وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ، اشْهَدُ انَّكَ اخُو رَسُولِ اللَّهِ وَوَصِيُّهُ، وَوارِثُ عِلْمِهِ وَامينُهُ عَلى شَرْعِهِ، وَخَليفَتُهُ فى امَّتِهِ، وَاوَّلُ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ، وَصَدَّقَ بِما انْزِلَ عَلى نَبِيِّهِ، وَاشْهَدُ انَّهُ قَدْ
ص: 188
بَلَّغَ عَنِ اللَّهِ ما انْزَلَهُ فيكَ، فَصَدَعَ بِامْرِهِ، وَاوْجَبَ عَلى امَّتِهِ فَرْضَ طاعَتِكَ وَوِلايَتِكَ، وَعَقَدَ عَلَيْهِمُ الْبَيْعَةَ لَكَ، وَجَعَلَكَ اوْلى بِالْمُؤْمِنينَ مِنْ انْفُسِهِمْ، كَما جَعَلَهُ اللَّهُ كَذلِكَ، ثُمَّ اشْهَدَ اللَّهَ تَعالى عَلَيْهِمْ، فَقالَ الَسْتُ قَدْ بَلَّغْتُ، فَقالُوا اللهُمَّ بَلى فَقالَ اللهُمَّ اشْهَدْ وَ كَفى بِكَ شَهيداً وَحاكِماً بَيْنَ الْعِبادِ، فَلَعَنَ اللَّهُ جاحِدَ وِلايَتِكَ بَعْدَ الْإِقْرارِ، وَناكِثَ عَهْدِكَ بَعْدَ الْميثاقِ، وَاشْهَدُ انَّكَ وَفَيْتَ بِعَهْدِ اللَّهِ تَعالى وَانَّ اللَّهَ تَعالى مُوفٍ لَكَ بِعَهْدِهِ، وَمَنْ اوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتيهِ اجْراً عَظيماً، وَاشْهَدُ انَّكَ اميرُ الْمُؤْمِنينَ الْحَقُّ، الَّذى نَطَقَ بِوِلايَتِكَ التَّنْزيلُ، وَاخَذَ لَكَ الْعَهْدَ عَلَى الْأُمَّةِ بِذلِكَ الرَّسُولُ، وَاشْهَدُ انَّكَ وَعَمَّكَ وَاخاكَ الَّذينَ تاجَرْتُمُ اللَّهَ بِنُفُوسِكُمْ، فَانْزَلَ اللَّهُ فيكُمْ: انَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنينَ انْفُسَهُمْ وَامْوالَهُمْ بِانَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ، يُقاتِلُونَ فى سَبيلِ اللَّهِ، فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ، وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِى التَّوْريةِ وَالْإِنْجيلِ وَالْقُرْآنِ، وَمَنْ اوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ، فَاسْتَبْشِروُا بِبِيْعِكُمُ الَّذى بايَعْتُمْ بِهِ، وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظيمُ، التَّآئِبُونَ الْعابِدوُنَ، الْحامِدوُنَ السَّآئِحُونَ، الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ، الْامِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِاللَّهِ، وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنينَ. اشْهَدُ يا اميرَ الْمُؤْمِنينَ، انَّ الشَّآكَّ فيكَ ما آمَنَ بِالرَّسُولِ الْأَمينِ، وَانَّ الْعادِلَ بِكَ غَيْرَكَ عانِدٌ عَنِ الدّينِ الْقَويمِ، الَّذِى ارْتَضاهُ لَنا رَبُّ الْعالَمينَ، وَاكْمَلَهُ بِوِلايَتِكَ يَوْمَ الْغَديرِ، وَاشْهَدُ انَّكَ الْمَعْنِىُّ بِقَوْلِ الْعَزيزِ الرَّحيمِ: وَانَّ هذا صِراطى مُسْتَقيماً فَاتَّبِعُوهُ، وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبيلِهِ. ضَلَّ وَاللَّهِ وَاضَلَّ مَنِ اتَّبَعَ سِواكَ، وَعَنَدَ عَنِ الْحَقِّ مَنْ عاداكَ، اللهُمَّ سَمِعْنا لِأَمْرِكَ وَاطَعْنا، وَاتَّبَعْنا صِراطَكَ الْمُسْتَقيمَ، فَاهْدِنا رَبَّنا وَلا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ اذْ هَدَيْتَنا الى طاعَتِكَ، وَاجْعَلْنا مِنَ الشَّاكِرينَ لِأَنْعُمِكَ، وَاشْهَدُ انَّكَ لَمْ تَزَلْ لِلْهَوى مُخالِفاً، وَللِتُّقى مُحالِفاً، وَعَلى كَظْمِ الْغَيْظِ قادِراً، وَعَنِ النَّاسِ عافِياً
ص: 189
غافِراً، وَاذا عُصِىَ اللَّهُ ساخِطاً، وَاذا اطيعَ اللَّهُ راضياً، وَبِما عَهِدَ الَيْكَ عامِلًا، راعِياً لِمَا اسْتُحْفِظْتَ، حافِظاً لِمَا اسْتُودِعْتَ، مُبَلِّغاً ما حُمِّلْتَ، مُنْتَظِراً ما وُعِدْتَ، وَاشْهَدُ انَّكَ مَا اتَّقَيْتَ ضارِعاً، وَلا امْسَكْتَ عَنْ حَقِّكَ جازِعاً، وَلا احْجَمْتَ عَنْ مُجاهَدَةِ غاصِبيكَ ناكِلًا، وَلا اظْهَرْتَ الرِّضى بِخِلافِ ما يُرْضِى اللَّهَ مُداهِناً، وَلا وَهَنْتَ لِما اصابَكَ فى سَبيلِ اللَّهِ، وَلا ضَعُفْتَ وَلَا اسْتَكَنْتَ عَنْ طَلَبِ حَقِّكَ مُراقِباً، مَعاذَ اللَّهِ انْ تَكُونَ كَذلِكَ، بَلْ اذْ ظُلِمْتَ احْتَسَبْتَ رَبَّكَ، وَفَوَّضْتَ الَيْهِ امْرَكَ، وَذَكَّرْتَهُمْ فَمَا ادَّكَرُوا، وَ وَعَظْتَهُمْ فَمَا اتَّعَظُوا، وَخَوَّفْتَهُمُ اللَّهَ فَما تَخَوَّفُوا، وَاشْهَدُ انَّكَ يا اميرَ الْمُؤْمِنينَ، جاهَدْتَ فِى اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ، حَتّى دَعاكَ اللَّهُ الى جِوارِهِ، وَقَبَضَكَ الَيْهِ بِاخْتِيارِهِ، وَالْزَمَ اعْدائَكَ الْحُجَّةَ بِقَتْلِهِمْ ايَّاكَ، لِتَكُونَ الْحُجَّةُ لَكَ عَلَيْهِمْ، مَعَ ما لَكَ مِنَ الْحُجَجِ الْبالِغَةِ عَلى جَميعِ خَلْقِهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا اميرَ الْمُؤْمِنينَ، عَبَدْتَ اللَّهَ مُخْلِصاً، وَجاهَدْتَ فِى اللَّهِ صابِراً، وَجُدْتَ بِنَفْسِكَ مُحْتَسِباً، وَعَمِلْتَ بِكِتابِهِ، وَاتَّبَعْتَ سُنَّةَ نَبِيِّهِ، وَاقَمْتَ الصَّلاةَ، وَآتَيْتَ الزَّكاةَ، وَامَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهَيْتَ عَنِ الْمُنْكَرِ مَا اسْتَطَعْتَ، مُبْتَغِياً ما عِنْدَاللَّهِ، راغِباً فيما وَعَدَاللَّهُ، لا تَحْفِلُ بِالنَّوائِبِ، وَلا تَهِنُ عِنْدَ الشَّدآئِدِ، وَلا تُحْجِمُ عَنْ مُحارِبٍ، افِكَ مَنْ نَسَبَ غَيْرَ ذلِكَ الَيْكَ، وَافْتَرى باطِلًا عَلَيْكَ، وَاوْلى لِمَنْ عَنَدَ عَنْكَ، لَقَدْ جاهَدْتَ فِى اللَّهِ حَقَّ الْجِهادِ، وَ صَبَرْتَ عَلَى الْأَذى صَبْرَ احْتِسابٍ، وَانْتَ اوَّلُ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ، وَصَلّى لَهُ وَ جاهَدَ، وَابْدى صَفْحَتَهُ فى دارِ الشِّرْكِ، وَالْأَرْضُ مَشْحُونَةٌ ضَلالَةً، وَالشَّيْطانُ يُعْبَدُ جَهْرَةً، وَانْتَ الْقائِلُ لاتَزيدُنى كَثْرَةُ النَّاسِ حَوْلى عِزَّةً، وَلا تَفَرُّقُهُمْ عَنّى وَحْشَةً، وَلَوْ اسْلَمَنِى النَّاسُ جَميعاً لَمْ اكُنْ مُتَضَرِّعاً، اعْتَصَمْتَ بِاللَّهِ فَعَزَزْتَ، وَآثَرْتَ الْأخِرَةَ عَلَى الْأُولى فَزَهِدْتَ، وَايَّدَكَ اللَّهُ وَهَداكَ، وَاخْلَصَكَ وَاجْتَبيكَ، فَما تَناقَضَتْ افْعالُكَ، وَلَا اخْتَلَفَتْ اقْوالُكَ، وَلا تَقَلَّبَتْ احْوالُكَ، وَلَا
ص: 190
ادَّعَيْتَ وَلَا افْتَرَيْتَ عَلَى اللَّهِ كَذِباً، وَلا شَرِهْتَ الَى الْحُطامِ، وَلا دَنَّسَكَ الْآثامُ، وَلَمْ تَزَلْ عَلى بَيِّنةٍ مِنْ رَبِّكَ، وَيَقينٍ مِنْ امْرِكَ، تَهْدى الَى الْحَقِّ وَالى صِراطٍ مُسْتَقيمٍ، اشْهَدُ شَهادَةَ حَقٍّ، وَاقْسِمُ بِاللَّهِ قَسَمَ صِدْقٍ، انَّ مُحَمَّداً وَآلَهُ صَلَواتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ساداتُ الْخَلْقِ، وَانَّكَ مَوْلاىَ وَمَوْلَى الْمُؤْمِنينَ، وَانَّكَ عَبْدُ اللَّهِ وَوَلِيُّهُ، وَاخُو الرَّسُولِ وَوَصِيُّهُ وَوارِثُهُ، وَانَّهُ الْقآئِلُ لَكَ، وَالَّذى بَعَثَنى بِالْحَقِّ ما آمَنَ بى مَنْ كَفَرَ بِكَ، وَلا اقَرَّ بِاللَّهِ مَنْ جَحَدَكَ، وَقَدْ ضَلَّ مَنْ صَدَّ عَنْكَ، وَلَمْ يَهْتَدِ الَى اللَّهِ وَلا الَىَّ مَنْ لا يَهْتَدى بِكَ، وَ هُوَ قَوْلُ رَبّى عَزَّوَجَلَّ، وَانّى لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى الى وِلايَتِكَ، مَوْلاىَ فَضْلُكَ لا يَخْفى وَ نُورُكَ لا يُطْفَأُ، وَانَّ مَنْ جَحَدَكَ الظَّلُومُ الْأَشْقى مَوْلاىَ انْتَ الْحُجَّةُ عَلَى الْعِبادِ، وَالْهادى الَى الرَّشادِ، وَالْعُدَّةُ لِلْمَعادِ، مَوْلاىَ لَقَدْ رَفَعَ اللَّهُ فِى الْأُولى مَنْزِلَتَكَ، وَاعْلى فِى الْأخِرَةِ دَرَجَتَكَ، وَبَصَّرَكَ ما عَمِىَ عَلى مَنْ خالَفَكَ، وَحالَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ مَواهِبِ اللَّهِ لَكَ، فَلَعَنَ اللَّهُ مُسْتَحِلِّى الْحُرْمَةِ مِنْكَ، وَذائِدِى الْحَقِّ عَنْكَ، وَاشْهَدُ انَّهُمُ الْأَخْسَرُونَ، الَّذينَ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فيها كالِحُونَ، وَاشْهَدُ انَّكَ ما اقْدَمْتَ وَلا احْجَمْتَ، وَلا نَطَقْتَ وَلا امْسَكْتَ، الَّا بِامْرٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، قُلْتَ وَالَّذى نَفْسى بِيَدِهِ، لَقَدْ نَظَرَ الَىَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، اضْرِبُ بِالسَّيْفِ قُدْماً، فَقالَ يا عَلِىُّ انْتَ مِنّى بِمَنْزِلَةِ هارُونَ مِنْ مُوسى الَّا انَّهُ لانَبِىَّ بَعدْى وَاعْلِمُكَ انَّ مَوْتَكَ وَحَيوتَكَ مَعى وَعَلى سُنَّتى فَوَ اللَّهِ ما كَذِبْتُ وَلا كُذِبْتُ، وَلا ضَلَلْتُ وَلا ضُلَّ بى وَلا نَسيتُ ما عَهِدَ الَىَّ رَبّى وَانّى لَعَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبّى بَيَّنَها لِنَبِيِّهِ وَبَيَّنَهَا النَّبِىُّ لى وَانّى لَعَلَى الطَّريقِ الْواضِحِ، الْفِظُهُ لَفْظاً، صَدَقْتَ وَاللَّهِ وَقُلْتَ الْحَقَّ، فَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ ساواكَ بِمَنْ ناواكَ، وَاللَّهُ جَلَّ اسْمُهُ يَقُولُ: هَلْ يَسْتَوِى الَّذينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذينَ لايَعْلَمُونَ. فَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ عَدَلَ بِكَ مَنْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ وِلايَتَكَ،
ص: 191
وَانْتَ وَلِىُّ اللَّهِ وَاخُو رَسُولِهِ، وَالذَّآبُّ عَنْ دينِهِ، وَالَّذى نَطَقَ الْقُرْآنُ بِتَفْضيلِهِ، قالَ اللَّهُ تَعالى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدينَ عَلَى الْقاعِدينَ اجْراً عَظيماً، دَرَجاتٍ مِنْهُ وَ مَغْفِرَةً وَ رَحْمَةً، وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحيماً. وَقالَ اللَّهُ تَعالى اجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحآجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ، كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوِم الْأخِرِ وَجاهَدَفى سَبيلِ اللَّهِ، لا يَسْتَوُونَ عِنْدَاللَّهِ، وَاللَّهُ لا يَهْدِى الْقَوْمَ الظَّالِمينَ، الَّذينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فى سَبيلِ اللَّهِ بِامْوالِهِمْ وَانْفُسِهِمْ اعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَاللَّهِ، وَاولئِكَ هُمُ الْفآئِزُونَ، يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ، وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فيها نَعيمٌ مُقيمٌ، خالِدينَ فيها ابَداً، انَّ اللَّهَ عِنْدَهُ اجْرٌ عَظيمٌ. اشْهَدُ انَّكَ الْمَخْصُوصُ بِمِدْحَةِ اللَّهِ، الْمُخْلِصُ لِطاعَةِ اللَّهِ، لَمْ تَبْغِ بِالْهُدى بَدَلًا، وَلَمْ تُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّكَ احَداً، وَانَّ اللَّهَ تَعالَى اسْتَجابَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فيكَ دَعْوَتَهُ، ثُمَّ امَرَهُ بِاظْهارِ ما اوْلاكَ لِأُمَّتِهِ اعْلاءً لِشَاْنِكَ، وَ اعْلاناً لِبُرْهانِكَ، وَدَحْضاً لِلْأَباطيلِ، وَقَطْعاً لِلْمَعاذيرِ، فَلَمَّا اشْفَقَ مِنْ فِتْنَةِ الْفاسِقينَ، وَاتَّقى فيكَ الْمُنافِقينَ، اوْحى الَيْهِ رَبُّ الْعالَمينَ: يا ايُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما انْزِلَ الَيْكَ مِنْ رَبِّكَ، وَانْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ، وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ. فَوَضَعَ عَلى نَفْسِهِ اوْزارَ الْمَسيرِ، وَنَهَضَ فى رَمْضاءِ الْهَجيرِ، فَخَطَبَ وَاسْمَعَ وَنادى فَابْلَغَ، ثُمَّ سَئَلَهُمْ اجْمَعَ فَقالَ هَلْ بَلَّغْتُ، فَقالُوا اللَّهُمَّ بَلى فَقالَ اللَّهُمَّ اشْهَدْ، ثُمَّ قالَ الَسْتُ اوْلى بِالْمُؤْمِنينَ مِنْ انْفُسِهِمْ، فَقالُوا بَلى فَاخَذَ بِيَدِكَ وَقالَ مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَهذا عَلِىٌّ مَوْلاهُ، اللهُمَّ والِ مَنْ والاهُ، وَعادِ مَنْ عاداهُ، وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ، وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ، فَما آمَنَ بِما انْزَلَ اللَّهُ فيكَ عَلى نَبِيِّهِ الَّا قَليلٌ، وَلا زادَ اكْثَرَهُمْ غَيْرَ تَخْسيرٍ، وَلَقَدْ انْزَلَ اللَّهُ تَعالى فيكَ مِنْ قَبْلُ وَهُمْ كارِهُونَ: يا ايُّهَا الَّذينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دينِهِ، فَسَوْفَ يَاْتِى اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ، اذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنينَ اعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرينَ، يُجاهِدُونَ فى سَبيلِ اللَّهِ وَلَا
ص: 192
يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ، ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتيهِ مَنْ يَشآءُ، وَاللَّهُ واسِعٌ عَليمٌ، انَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَالَّذينَ آمَنُوا الَّذينَ يُقيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ، وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذينَ آمَنُوا، فَانَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ، رَبَّنا آمَنَّا بِما انْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدينَ، رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ اذْ هَدَيْتَنا، وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً، انَّكَ انْتَ الوَهَّابُ. اللهُمَّ انَّا نَعْلَمُ انَّ هذا هُوَ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِكَ، فَالْعَنْ مَنْ عارَضَهُ وَاسْتَكْبَرَ، وَكَذَّبَ بِهِ وَكَفَرَ، وَسَيَعْلَمُ الَّذينَ ظَلَمُوا اىَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا اميرَالْمُؤْمِنينَ، وَسَيِّدَ الْوَصِيّينَ، وَاوَّلَ الْعابِدينَ، وَ ازْهَدَ الزَّاهِدينَ، وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ، وَ صَلَواتُهُ وَ تَحِيَّاتُهُ، انْتَ مُطْعِمُ الطَّعامِ عَلى حُبِّهِ مِسْكيناً وَيَتيماً وَاسيراً لِوَجْهِ اللَّهِ، لا تُريدُ مِنْهُمْ جَزآءً وَلا شُكُوراً، وَفيكَ انْزَلَ اللَّهُ تَعالى وَيُؤْثِرُونَ عَلى انْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ، وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَاولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. وَانْتَ الْكاظِمُ لِلْغَيْظِ، وَالْعافى عَنِ النَّاسِ، وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنينَ، وَانْتَ الصَّابِرُ فِى الْبَاْسآءِ وَالضَّرَّآءِ وَحينَ الْبَاْسِ، وَانْتَ الْقاسِمُ بِالسَّوِيَّةِ وَالْعادِلُ فِى الرَّعِيَّةِ، وَالْعالِمُ بِحُدُودِ اللَّهِ مِنْ جَميعِ الْبَرِيَّهِ، وَاللَّهُ تَعالى اخْبَرَعَمَّا اوْلاكَ مِنْ فَضْلِهِ بِقَوْلِهِ: افَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ، امَّا الَّذينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَاْوى نُزُلًا بِما كانُوا يَعْمَلُونَ. وَانْتَ الْمَخْصُوصُ بِعِلْمِ التَّنْزيلِ، وَحُكْمِ التَّاْويلِ، وَنَصِّ الرَّسُولِ، وَلَكَ الْمَواقِفُ الْمَشْهُودَةُ، وَالْمَقاماتُ الْمَشْهُورَةُ، وَالْأَيَّامُ الْمَذْكُورَةُ، يَوْمَ بَدْرٍ وَيَوْمَ الْأَحْزابِ، اذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ، وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ، وَ تَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونا، هُنالِكَ ابْتُلِىَ الْمُؤْمِنُونَ، وَ زُلْزِلُوا زِلْزالًا شَديداً، وَاذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذينَ فى قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ، ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ الَّا غُرُوراً، وَاذْ قالَتْ طآئِفَةٌ مِنْهُمْ يا اهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا، وَيَسْتَأْذِنُ فَريقٌ مِنْهُمُ النَّبِىَّ، يَقُولُونَ انَّ بُيُوتَنا
ص: 193
عَوْرَةٌ وَما هِىَ بِعَوْرَةٍ، انْ يُريدُونَ الَّا فِراراً، وَقالَ اللَّهُ تَعالى وَلَمَّا رَاى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ، قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَما زادَهُمْ الَّا ايماناً وَتَسْليماً. فَقَتَلْتَ عَمْرَهُمْ، وَهَزَمْتَ جَمْعَهُمْ، وَرَدَّ اللَّهُ الَّذينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً، وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنينَ الْقِتالَ، وَكانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزيزاً، وَيَوْمَ احُدٍ اذْ يُصْعِدُونَ وَلا يَلْوُونَ عَلى احَدٍ، وَالرَّسُولُ يَدْعُوهُمْ فى اخْريهُمْ، وَانْتَ تَذُودُ بُهَمَ الْمُشْرِكينَ عَنِ النَّبِىِّ ذاتَ الْيَمينِ وَذاتَ الشِّمالِ، حَتّى رَدَّهُمُ اللَّهُ تَعالى عَنْكُما خائِفينَ، وَنَصَرَ بِكَ الْخاذِلينَ، وَيَوْمَ حُنَيْنٍ عَلى مانَطَقَ بِهِ التَّنْزيلُ: اذْ اعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ، فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً، وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ، ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرينَ، ثُمَّ انْزَلَ اللَّهُ سَكينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنينَ. وَالْمُؤْمِنُونَ انْتَ وَمَنْ يَليكَ، وَعَمُّكَ الْعَبَّاسُ يُنادِى الْمُنْهَزِمينَ، يا اصْحابَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، يا اهْلَ بَيْعَةِ الشَّجَرَةِ، حَتَّى اسْتَجابَ لَهُ قَوْمٌ قَدْ كَفَيْتَهُمُ الْمَؤُنَةَ، وَتَكَفَّلْتَ دُونَهُمُ الْمَعُونَةَ، فَعادُوا ايِسينَ مِنَ الْمَثُوبَةِ، راجينَ وَعْدَ اللَّهِ تَعالى بِالتَّوْبَةِ، وَذلِكَ قَوْلُ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عَلى مَنْ يَشآءُ. وَانْتَ حائِزٌ دَرَجَةَ الصَّبْرِ، فائِزٌ بِعَظيمِ الْأَجْرِ، وَيَوْمَ خَيْبَرَ اذْ اظْهَرَ اللَّهُ خَوَرَ الْمُنافِقينَ، وَقَطَعَ دابِرَ الْكافِرينَ، وَالْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعالَمينَ، وَلَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الْأَدْبارَ، وَكانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا، مَوْلاىَ انْتَ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ، وَ الْمَحَجَّةُ الْواضِحَةُ، وَالنِّعْمَةُ السَّابِغَةُ، وَالْبُرْهانُ الْمُنيرُ، فَهَنيئاً لَكَ بِما اتيكَ اللَّهُ مِنْ فَضْلٍ، وَتَبّاً لِشانِئِكَ ذِى الْجَهْلِ، شَهِدْتَ مَعَ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، جَميعَ حُرُوبِهِ وَمَغازيهِ، تَحْمِلُ الرَّايَةَ امامَهُ، وَتَضْرِبُ بِالسَّيْفِ قُدَّامَهُ، ثُمَّ لِحَزْمِكَ الْمَشْهُورِ، وَ بَصيرَتِكَ فِى الْأُمُورِ، امَّرَكَ فِى الْمَواطِنِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ اميرٌ، وَكَمْ مِنْ امْرٍ صَدَّكَ عَنْ امْضآءِ عَزْمِكَ فيهِ التُّقى وَاتَّبَعَ غَيْرُكَ فى مِثْلِهِ الْهَوى فَظَنَّ الْجاهِلُونَ انَّكَ عَجَزْتَ عَمَّا
ص: 194
الَيْهِ انْتَهى ضَلَّ وَاللَّهِ الظَّآنُّ لِذلِكَ وَمَا اهْتَدى وَلَقَدْ اوْضَحْتَ ما اشْكَلَ مِنْ ذلِكَ لِمَنْ تَوَهَّمَ وَامْتَرى بِقَوْلِكَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ، قَدْ يَرَى الْحُوَّلُ الْقُلَّبُ وَجْهَ الْحيلَةِ، وَ دُونَها حاجِزٌ مِنْ تَقْوَى اللَّهِ، فَيَدَعُها رَاْىَ الْعَيْنِ، وَيَنْتَهِزُ فُرْصَتَها مَنْ لا حَريجَةَ لَهُ فِى الدّينِ، صَدَقْتَ وَخَسِرَ الْمُبْطِلُونَ، وَاذْ ما كَرَكَ النَّاكِثانِ فَقالا نُريدُ الْعُمْرَةَ، فَقُلْتَ لَهُما لَعَمْرُكُما ما تُريدانِ الْعُمْرَةَ، لكِنْ تُريدانِ الْغَدْرَةَ، فَاخَذْتَ الْبَيْعَةَ عَلَيْهِما، وَجَدَّدْتَ الْميثاقَ فَجَدَّا فِى النِّفاقِ، فَلَمَّا نَبَّهْتَهُما عَلى فِعْلِهِما، اغْفَلا وَعادا وَمَا انْتَفَعا، وَكانَ عاقِبَةُ امْرِهِما خُسْراً، ثُمَّ تَلاهُما اهْلُ الشَّامِ فَسِرْتَ الَيْهِمْ بَعْدَ الْإِعْذارِ، وَ هُمْ لا يَدينُونَ دينَ الْحَقِّ، وَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ، هَمَجٌ رَعاعٌ ضآلُّونَ، وَبِالَّذى انْزِلَ عَلى مُحَمَّدٍ فيكَ كافِرُونَ، وَلِأَهْلِ الْخِلافِ عَلَيْكَ ناصِرُونَ، وَقَدْ امَرَ اللَّهُ تَعالى بِاتِّباعِكَ، وَنَدَبَ الْمُؤْمِنينَ الى نَصْرِكَ، وَقالَ عَزَّوَجَلَّ: يا ايُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ، وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقينَ. مَوْلاىَ بِكَ ظَهَرَ الْحَقُّ، وَقَدْ نَبَذَهُ الْخَلْقُ، وَ اوْضَحْتَ السُّنَنَ بَعْدَ الدُّرُوسِ وَ الطَّمْسِ، فَلَكَ سابِقَةُ الْجِهادِ عَلى تَصْديقِ التَّنْزيلِ، وَلَكَ فَضيلَةُ الْجِهادِ عَلى تَحْقيقِ التَّأْويلِ، وَعَدُوُّكَ عَدُوُّ اللَّهِ، جاحِدٌ لِرَسُولِ اللَّهِ، يَدْعُو باطِلًا، وَيَحْكُمُ جائِراً، وَ يَتَامَّرُ غاصِباً، وَيَدْعُو حِزْبَهُ الَى النَّارِ، وَ عَمَّارٌ يُجاهِدُ وَيُنادى بَيْنَ الصَّفَّيْنِ، الرَّواحَ الرَّواحَ الَى الْجَنَّةِ، وَلَمَّا اسْتَسْقى فَسُقِىَ اللَّبَنُ، كَبَّرَ وَقالَ قالَ لى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، آخِرُ شَرابِكَ مِنَ الدُّنْيا ضَياحٌ مِنْ لَبَنٍ، وَتَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْباغِيَةُ، فَاعْتَرَضَهُ ابُو الْعادِيَةِ الْفَزارِى فَقَتَلَهُ، فَعَلى ابِى الْعادِيَةِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَلَعْنَةُ مَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ اجْمَعينَ، وَعَلى مَنْ سَلَّ سَيْفَهُ عَلَيْكَ، وَسَلَلْتَ سَيْفَكَ عَلَيْهِ يا اميرَالْمُؤْمِنينَ، مِنَ الْمُشْرِكينَ وَالْمُنافِقينَ الى يَوْمِ الدّينِ، وَعَلى مَنْ رَضِىَ بِما سائَكَ وَلَمْ يَكْرَهْهُ، وَاغْمَضَ عَيْنَهُ وَلَمْ يُنْكِرْ، اوْ اعانَ عَلَيْكَ بِيَدٍ اوْ لِسانٍ، اوْ قَعَدَ عَنْ نَصْرِكَ، اوْ خَذَلَ
ص: 195
عَنِ الْجِهادِ مَعَكَ، اوْ غَمَطَ فَضْلَكَ، وَجَحَدَ حَقَّكَ، اوْ عَدَلَ بِكَ مَنْ جَعَلَكَ اللَّهُ اوْلى بِهِ مِنْ نَفْسِهِ، وَصَلَواتُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُاللَّهِ وَبَرَكاتُهُ، وَ سَلامُهُ وَ تَحِيّاتُهُ، وَعَلَى الْأَئِمَّةِ مِنْ آلِكَ الطَّاهِرينَ، انَّهُ حَميدٌ مَجيدٌ، وَ الْأَمْرُ الْأَعْجَبُ وَالْخَطْبُ الْأَفْظَعُ بَعْدَ جَحْدِكَ حَقَّكَ، غَصْبُ الصِّديقَةِ الطَّاهِرَةِ الزَّهْرآءِ سَيِّدَةِ النِّسآءِ فَدَكاً، وَرَدُّ شَهادَتِكَ وَ شَهادَةِ السَّيِّدَيْنِ سُلالَتِكَ، وَعِتْرَةِ الْمُصْطَفى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكُمْ، وَقَدْ اعْلَى اللَّهُ تَعالى عَلَى الْأُمَّةِ دَرَجَتَكُمْ، وَرَفَعَ مَنْزِلَتَكُمْ، وَابانَ فَضْلَكُمْ، وَشَرَّفَكُمْ عَلَى الْعالَمينَ، فَاذْهَبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ وَطَهَّرَكُمْ تَطْهيراً، قالَ اللَّهُ عَزَّوَجَلَّ: انَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً، اذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً، وَاذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً، الَّا الْمُصَلّينَ. فَاسْتَثْنَى اللَّهُ تَعالى نَبِيَّهُ الْمُصْطَفى وَانْتَ يا سَيِّدَ الْأَوْصِيآءِ مِنْ جَميعِ الْخَلْقِ، فَما اعْمَهَ مَنْ ظَلَمَكَ عَنِ الْحَقِّ، ثُمَّ اقْرَضُوكَ سَهْمَ ذَوِى الْقُرْبى مَكْراً، وَاحادُوهُ عَنْ اهْلِهِ جَوْراً، فَلَمَّا الَ الْأَمْرُ الَيْكَ اجْرَيْتَهُمْ عَلى ما اجْرَيا، رَغْبَةً عَنْهُما بِما عِنْدَاللَّهِ لَكَ، فَاشْبَهَتْ مِحْنَتُكَ بِهِما مِحَنَ الْأَنْبِيآءِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ عِنْدَ الْوَحْدَةِ وَعَدَمِ الْأَنْصارِ، وَاشْبَهْتَ فِى الْبَياتِ عَلَى الْفِراشِ الذَّبيحَ عَلَيْهِ السَّلامُ، اذْ اجَبْتَ كَما اجابَ، وَاطَعْتَ كَما اطاعَ اسْمعيلُ صابِراً مُحْتَسِباً، اذْ قالَ لَهُ: يا بُنَىَّ انّى ارى فِى الْمَنامِ انّى اذْبَحُكَ، فَانْظُرْ ماذا تَرى قالَ يا ابَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنى انْشآءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرينَ. وَكَذلِكَ انْتَ لَمَّا اباتَكَ النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَامَرَكَ انْ تَضْجَعَ فى مَرْقَدِهِ واقياً لَهُ بِنَفْسِكَ، اسْرَعْتَ الى اجابَتِهِ مُطيعاً، وَلِنَفْسِكَ عَلَى الْقَتْلِ مُوَطِّناً، فَشَكَرَ اللَّهُ تَعالى طاعَتَكَ، وَابانَ عَنْ جَميلِ فِعْلِكَ بِقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرى نَفْسَهُ ابْتِغآءَ مَرْضاتِ اللَّهِ. ثُمَّ مِحْنَتُكَ يَوْمَ صِفّينَ، وَقَدْ رُفِعَتِ الْمَصاحِفُ حيلَةً وَمَكْراً، فَاعْرَضَ الشَّكُّ وَ عُزِفَ الْحَقُّ، وَاتُّبِعَ الظَّنُّ، اشْبَهَتْ مِحْنَةَ هرُونَ اذْ امَّرَهُ مُوسى عَلى قَوْمِهِ فَتَفَرَّقُوا عَنْهُ،
ص: 196
وَهرُونُ يُنادى بِهِمْ وَيَقُولُ يا قَوْمِ انَّما فُتِنْتُمْ بِهِ، وَانَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ فَاتَّبِعُونى وَاطيعُوا امْرى قالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفينَ حَتّى يَرْجِعَ الَيْنا مُوسى وَكَذلِكَ انْتَ لَمَّا رُفِعَتِ الْمَصاحِفُ، قُلْتَ ياقَوْمِ انَّما فُتِنْتُمْ بِها وَخُدِعْتُمْ، فَعَصَوْكَ وَخالَفُوا عَلَيْكَ، وَاسْتَدْعَوْا نَصْبَ الْحَكَمَيْنِ فَابَيْتَ عَلَيْهِمْ، وَتَبَرَّأْتَ الَى اللَّهِ مِنْ فِعْلِهِمْ، وَفَوَّضْتَهُ الَيْهِمْ، فَلَمَّا اسْفَرَ الْحَقُّ وَسَفِهَ الْمُنْكَرُ، وَاعْتَرَفُوا بِالزَّلَلِ وَالْجَوْرِ عَنِ الْقَصْدِ، اخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِهِ، وَ الْزَمُوكَ عَلى سَفَهِ التَّحْكيمِ الَّذى ابَيْتَهُ وَ احَبُّوهُ، وَحَظَرْتَهُ وَاباحُوا ذَنْبَهُمُ الَّذِى اقْتَرَفُوهُ، وَانْتَ عَلى نَهْجِ بَصيرَةٍ وَهُدىً، وَهُمْ عَلى سُنَنِ ضَلالَةٍ وَعَمىً، فَما زالُوا عَلَى النِّفاقِ مُصِرّينَ، وَفِى الْغَىِّ مُتَرَدِّدينَ، حَتىَّ اذاقَهُمُ اللَّهُ وَبالَ امْرِهِمْ، فَاماتَ بِسَيْفِكَ مَنْ عانَدَكَ فَشَقِىَ وَهَوى وَاحْيى بِحُجَّتِكَ مَنْ سَعَدَ فَهُدِىَ، صَلَواتُ اللَّهِ عَلَيْكَ غادِيَةً وَرآئِحَةً، وَعاكِفَةً وَذاهِبَةً، فَما يُحيطُ الْمادِحُ وَصْفَكَ، وَلا يُحْبِطُ الطَّاعِنُ فَضْلَكَ، انْتَ احْسَنُ الْخَلْقِ عِبادَةً، وَاخْلَصُهُمْ زَهادَةً، وَاذَبُّهُمْ عَنِ الدّينِ، اقَمْتَ حُدُودَ اللَّهِ بِجُهْدِكَ، وَفَلَلْتَ عَساكِرَ الْمارِقينَ بِسَيْفِكَ، تُخْمِدُ لَهَبَ الْحُرُوبِ بِبَنانِكَ، وَتَهْتِكُ سُتُورَ الشُّبَهِ بِبَيانِكَ، وَتَكْشِفُ لَبْسَ الْباطِلِ عَنْ صَريحِ الْحَقِّ، لا تَاْخُذُكَ فِى اللَّهِ لَوْمَةُ لائِمٍ، وَفى مَدْحِ اللَّهِ تَعالى لَكَ غِنىً عَنْ مَدْحِ الْمادِحينَ، وَتَقْريظِ الْواصِفينَ، قالَ اللَّهُ تَعالى مِنَ الْمُؤْمِنينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ، وَمابَدَّلُوا تَبْديلًا. وَلَمَّا رَأَيْتَ انْ قَتَلْتَ النَّاكِثينَ وَالْقاسِطينَ وَالْمارِقينَ، وَصَدَقَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَعْدَهُ، فَاوْفَيْتَ بِعَهْدِهِ، قُلْتَ اما انَ انْ تُخْضَبَ هذِهِ مِنْ هذِهِ، امْ مَتى يُبْعَثُ اشْقاها، واثِقاً بِانَّكَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكَ، وَبَصيرَةٍ مِنْ امْرِكَ، قادِمٌ عَلَى اللَّهِ، مُسْتَبْشِرٌ بِبَيْعِكَ الَّذى بايَعْتَهُ بِهِ، وَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظيمُ، اللهُمَّ الْعَنْ قَتَلَةَ انْبِيآئِكَ، وَاوْصِيآءِ انْبِيآئِكَ بِجَميعِ لَعَناتِكَ،
ص: 197
وَاصْلِهِمْ حَرَّ نارِكَ، وَالْعَنْ مَنْ غَصَبَ وَلِيَّكَ حَقَّهُ، وَانْكَرَ عَهْدَهُ، وَجَحَدَهُ بَعْدَ الْيَقينِ وَالْإِقْرارِ بِالْوِلايَةِ لَهُ يَوْمَ اكْمَلْتَ لَهُ الدّينَ، اللهُمَّ الْعَنْ قَتَلَةَ اميرِ الْمُؤْمِنينَ وَ مَنْ ظَلَمَهُ، وَاشْياعَهُمْ وَانْصارَهُم، اللهُمَّ الْعَنْ ظالِمى الْحُسَيْنِ وَقاتِليهِ، وَالْمُتابِعينَ عَدُوَّهُ وَ ناصِريهِ، وَالرَّاضينَ بِقَتْلِهِ وَخاذِليهِ لَعْناً وَبيلًا، اللهُمَّ الْعَنْ اوَّلَ ظالِمٍ ظَلَمَ آلَ مُحَمَّدٍ وَمانِعيهِمْ حُقُوقَهُمْ، اللهُمَّ خُصَّ اوَّلَ ظالِمٍ وَغاصِبٍ لِآلِ مُحَمَّدٍ بِاللَّعْنِ، وَكُلَّ مُسْتَنٍّ بِماسَنَّ الى يَوْمِ الْقِيمَةِ، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيّينَ، وَعَلى عَلِىٍّ سَيِّدِ الْوَصِيّينَ، وَآلِهِ الطَّاهِرينَ، وَاجْعَلْنا بِهِمْ مُتَمَسِّكينَ، وَ بِوِلايَتِهِمْ مِنَ الْفآئِزينَ الْآمِنينَ، الَّذينَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ.
تنبيه: المؤمنون الذين لا يُوفّقون لزيارة أميرالمؤمنين عليه السلام في يوم الغدير من قرب، الأولى لهم أن يزوروه من أوطانهم ومناطقهم، ويعتبروها غنيمة عظمية.
-*-*-*-
الزيارة الثالثة:
زيارة رواها السيّد ابن طاووس في الإقبال عن الإمام الصادق عليه السلام في يوم الغدير لمن كان في بعد عنه لا يملك وقتاً كافياً للزيارة السابقة، فلهم أن يقرأوا هذه الزيارة.
فقال: إذا كنت يوم الغدير في مشهد مولانا أميرالمؤمنين عليه السلام فادنُ من قبره بعد الصلاة والدعاء وإن كنت في بُعد منه فأومِ إليه بعد الصلاة:
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى وَلِيِّكَ وَاخى نَبِيِّكَ، وَوَزيرِهِ وَحَبيبِهِ وَخَليلِهِ، وَمَوْضِعِ سِرِّهِ وَخِيَرَتِهِ مِنْ اسْرَتِهِ، وَوَصِيِّهِ وَصَفْوَتِهِ، وَخالِصَتِهِ وَامينِهِ وَوَلِيِّهِ، وَاشْرَفِ عِتْرَتِهِ الَّذينَ آمَنُوا بِهِ، وَابى ذُرِّيَّتِهِ، وَبابِ حِكْمَتِهِ، وَالنَّاطِقِ بِحُجَّتِهِ، وَالدَّاعى الى شَريعَتِهِ، وَالْماضى عَلى سُنَّتِهِ، وَ خَليفَتِهِ عَلى امَّتِهِ، سَيِّدِ الْمُسْلِمينَ وَاميرِالْمُؤْمِنينَ، وَقآئِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلينَ، افْضَلَ ما صَلَّيْتَ عَلى احَدٍ مِنْ خَلْقِكَ، وَاصْفِيآئِكَ وَاوْصِيآءِ انْبِيآئِكَ، اللهُمَّ انّى اشْهَدُ انَّهُ قَدْ بَلَّغَ عَنْ نَبِيِّكَ صَلَّى اللَّهُ
ص: 198
عَلَيْهِ وَآلِهِ ما حُمِّلَ، وَرَعى مَا اسْتُحْفِظَ، وَحَفِظَ مَا اسْتُودِعَ، وَحَلَّلَ حَلالَكَ، وَحَرَّمَ حَرامَكَ، وَاقامَ احْكامَكَ، وَدَعا الى سَبيلِكَ، وَ والى اوْلِيآئَكَ، وَعادى اعْدآئَكَ، وَجاهَدَ النَّاكِثينَ عَنْ سَبيلِكَ، وَالْقاسِطينَ وَالْمارِقينَ عَنْ امْرِكَ، صابِراً مُحْتَسِباً، مُقْبِلًا غَيْرَ مُدْبِرٍ، لا تَاْخُذُهُ فِى اللَّهِ لَوْمَةُ لائِمٍ، حَتّى بَلَغَ فى ذلِكَ الرِّضا، وَسَلَّمَ الَيْكَ الْقَضآءَ، وَعَبَدَكَ مُخْلِصاً، وَنَصَحَ لَكَ مُجْتَهِداً، حَتّى اتيهُ الْيَقينُ، فَقَبَضْتَهُ الَيْكَ شَهيداً سَعيداً، وَلِيّاً تَقِيّاً، رَضِيّاً زَكِيّاً، هادِياً مَهْدِيّاً، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ، افْضَلَ ما صَلَّيْتَ عَلى احَدٍ مِنْ انْبِيآئِكَ وَاصْفِيآئِكَ، يا رَبَّ الْعالَمينَ (1).
روى المرحوم العلّامة المجلسي عن الشيخ المفيد والشهيد الأوّل والسيّد ابن طاووس أنّ الإمام الصادق عليه السلام زار أميرالمؤمنين عليه السلام بهذه الزيارة وعلّمها محمّد مسلم الثقفيّ فقال:
إذا أتَيْتَ مَشْهَدَ أميرِالمُؤمنين عليه السلام فاغْتَسِلْ للزِيارَةِ والْبَسْ أنْظَفَ ثِيابِكَ وشمَّ شَيْئاً مِنَ الطِّيبِ وسِرْ وعَلَيك السَّكِينةُ والوِقارُ، فإذا وَصَلْتَ بَابَ السَّلامِ فاستَقْبِلِ القِبْلَةَ وَكَبِّرْ ثَلاثينَ مرَّة وقل
: السَّلامُ عَلى رَسُولِ اللَّهِ، السَّلامُ عَلى خِيَرَةِ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَى الْبَشيرِ النَّذيرِ، السِّراجِ الْمُنيرِ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ، السَّلامُ عَلَى الطُّهْرِ الطَّاهِرِ، السَّلامُ عَلَى الْعَلَمِ الزَّاهِرِ، السَّلامُ عَلَى الْمَنْصُورِ الْمُؤَيَّدِ، السَّلامُ عَلى ابِى الْقاسِمِ مُحَمَّدٍ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ، السَّلامُ عَلى انْبِيآءِ اللَّهِ الْمُرْسَلينَ، وَعِبادِاللَّهِ الصَّالِحينَ، السَّلامُ عَلى مَلائِكَةِ اللَّهِ الْحآفّينَ بِهذَا الْحَرَمِ وَبِهذَا الضَّريحِ، الّلائِذينَ بِهِ*
ثمّ ادنُ من القَبْرِ وقُلْ:
السَّلامُ عَلَيْكَ يا وَصِىَّ الْأَوْصِيآءِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا عِمادَ الْأَتْقِيآءِ، السَّلامُ عَلَيْكَ
ص: 199
يا وَلِىَّ الْأَوْلِيآءِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا سَيِّدَ الشُّهَدآءِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا آيَةَ اللَّهِ الْعُظْمى السَّلامُ عَلَيْكَ يا خامِسَ اهْلِ الْعَبآءِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا قآئِدَ الْغُرِّ الْمُحَجَّلينَ الْأَتْقِيآءِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا عِصْمَةَ الْأَوْلِيآءِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا زَيْنَ الْمُوَحِّدينَ النُّجَبآءِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا خالِصَ الْأَخِلَّاءِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا والِدَ الْأَئِمَّةِ الْأُمَنآءِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا صاحِبَ الْحَوْضِ وَحامِلَ اللِّوآءِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا قَسيمَ الْجَنَّةِ وَلَظى السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَنْ شُرِّفَتْ بِهِ مَكَّةُ وَمِنى السَّلامُ عَلَيْكَ يا بَحْرَ الْعُلُومِ وَكَنَفَ الْفُقَرآءِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَنْ وُلِدَ فِى الْكَعْبَةِ، وَزُوِّجَ فِى السَّمآءِ بِسَيِّدَةِ النِّسآءِ، وَكانَ شُهُودُهَا الْمَلائِكَةُ الْأَصْفِيآءُ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مِصْباحَ الضِّيآءِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَنْ خَصَّهُ النَّبِىُّ بِجَزيلِ الْحِبآءِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَنْ باتَ عَلى فِراشِ خاتَمِ الْأَنْبِيآءِ، وَوَقاهُ بِنَفْسِهِ شَرَّ الْأَعْداءِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَنْ رُدَّتْ لَهُ الشَّمْسُ فَسامى شَمْعُونَ الصَّفا، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَنْ انْجَى اللَّهُ سَفينَةَ نُوحٍ بِاسْمِهِ وَاسْمِ اخيهِ، حَيْثُ الْتَطَمَ الْمآءُ حَوْلَها وَطَمى السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَنْ تابَ اللَّهُ بِهِ وَبِاخيهِ عَلى آدَمَ اذْ غَوى السَّلامُ عَلَيْكَ يا فُلْكَ النَّجاةِ الَّذى مَنْ رَكِبَهُ نَجى وَمَنْ تَاخَّرَ عَنْهُ هَوى السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَنْ خاطَبَ الثُّعْبانَ وَذِئْبَ الْفَلا، السَّلامُ عَلَيْكَ يا اميرَالْمُؤْمِنينَ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ اللَّهِ عَلى مَنْ كَفَرَ وَانابَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا امامَ ذَوِى الْأَلْبابِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَعْدِنَ الْحِكْمَةِ وَفَصْلَ الْخِطابِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا ميزانَ يَوْمِ الْحِسابِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا فاصِلَ الْحُكْمِ النَّاطِقَ بِالصَّوابِ، السَّلامُ عَلَيْكَ ايُّهَا الْمُتَصَدِّقُ بِالْخاتَمِ فِى الْمِحْرابِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَنْ كَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنينَ الْقِتالَ بِهِ يَوْمَ الْأَحْزابِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَنْ اخْلَصَ للَّهِ الْوَحْدانِيَّةَ وَانابَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا قاتِلَ خَيْبَرَ وَقالِعَ الْبابِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَنْ دَعاهُ خَيْرُ الْأَنامِ لِلْمَبيتِ
ص: 200
عَلى فِراشِهِ، فَاسْلَمَ نَفْسَهُ لِلْمَنِيَّةِ وَاجابَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَنْ لَهُ طُوبى وَحُسْنُ مَأبٍ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وَلِىَّ عِصْمَةِ الدّينِ وَيا سَيِّدَ السَّاداتِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا صاحِبَ الْمُعْجِزاتِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَنْ نَزَلَتْ فى فَضْلِهِ سُورَةُ الْعادِياتِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَنْ كُتِبَ اسْمُهُ فِى السَّمآءِ عَلَى السُّرادِقاتِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مُظْهِرَ الْعَجآئِبِ وَالْا ياتِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا اميرَ الْغَزَواتِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مُخْبِراً بِما غَبَرَ وَ بِما هُوَ اتٍ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مُخاطِبَ ذِئْبِ الْفَلَواتِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا خاتِمَ الْحَصى وَمُبَيِّنَ الْمُشْكِلاتِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَنْ عَجِبَتْ مِنْ حَمَلاتِهِ فِى الْوَغا مَلائِكَةُ السَّمواتِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَنْ ناجَى الرَّسُولَ فَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَىْ نَجْويهُ الصَّدَقاتِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا والِدَ الْأَئِمَّةِ الْبَرَرَةِ السَّاداتِ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا تالِىَ الْمَبْعُوثِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ عِلْمِ خَيْرِ مَوْرُوثٍ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا امامَ الْمُتَّقينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا غِياثَ الْمَكْرُوبينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا عِصْمَةَ الْمُؤْمِنينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مُظْهِرَ الْبَراهينِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا طه وَيس السَّلامُ عَلَيْكَ يا حَبْلَ اللَّهِ الْمَتينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَنْ تَصَدَّقَ فى صَلاتِهِ بِخاتَمِهِ عَلَى الْمِسْكينِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا قالِعَ الصَّخْرَةِ عَنْ فَمِ الْقَليبِ، وَمُظْهِرَ الْمآءِ الْمَعينِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا عَيْنَ اللَّهِ النَّاظِرَةِ، وَيَدَهُ الْباسِطَةَ، وَلِسانَهُ الْمُعَبِّرَعَنْهُ فى بَرِيَّتِهِ اجْمَعينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ عِلْمِ النَّبِيّينَ، وَ مُسْتَوْدَعَ عِلْمِ الْأَوَّلينَ وَالْأخِرينَ، وَصاحِبَ لِوآءِ الْحَمْدِ، وَساقِىَ اوْلِيآئِهِ مِنْ حَوْضِ خاتَمِ النَّبِيّينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا يَعْسُوبَ الدّينِ، وَقائِدَ الْغُرِّ الْمُحَجَّلينَ، وَوالِدَ الْأَئِمَّةِ الْمَرْضِيّينَ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ، السَّلامُ عَلَى اسْمِ اللَّهِ الرَّضِىِّ، وَوَجْهِهِ الْمُضيئِ، وَجَنْبِهِ الْقَوِىِّ، وَصِراطِهِ السَّوِىِّ، السَّلامُ عَلَى الْإِمامِ التَّقِىِّ، الْمُخْلِصِ الصَّفِىِّ، السَّلامُ عَلَى الْكَوْكَبِ الدُّرِّىِّ،
ص: 201
السَّلامُ عَلَى الْإِمامِ ابِى الْحَسَنِ عَلِىٍّ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ، السَّلامُ عَلى ائِمَّةِ الْهُدى وَمَصابيحِ الدُّجى وَاعْلامِ التُّقى وَمَنارِ الْهُدى وَذَوِى النُّهى وَكَهْفِ الْوَرى وَالْعُرْوَةِ الْوُثْقى وَالْحُجَّةِ عَلى اهْلِ الدُّنْيا، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ، السَّلامُ عَلى نُورِ الْأَنْوارِ، وَحُجَّةِ الْجَبَّارِ، وَوالِدِ الْأَئِمَّةِ الْأَطْهارِ، وَقَسيمِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، الْمُخْبِرِ عَنِ الْأثارِ، الْمُدَمِّرِ عَلَى الْكُفَّارِ، مُسْتَنْقِذِ الشّيعَةِ الْمُخْلِصينَ مِنْ عَظيمِ الْأَوْزارِ، السَّلامُ عَلَى الْمَخْصُوصِ بِالطَّاهِرَةِ التَّقِيَّةِ، ابْنَةِ الْمُخْتارِ، الْمَوْلُودِ فِى الْبَيْتِ ذِى الْأَسْتارِ، الْمُزَوَّجِ فِى السَّمآءِ بِالْبَرَّةِ الطَّاهِرَةِ الرَّضِيَّةِ الْمَرْضِيَّةِ، والِدَةِ الْأَئِمَّةِ الْأَطْهارِ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ، السَّلامُ عَلَى النَّبَأِ الْعَظيمِ، الَّذى هُمْ فيهِ مُخْتَلِفُونَ، وَعَلَيْهِ يُعْرَضُونَ، وَعَنْهُ يُسْئَلُونَ، السَّلامُ عَلى نُورِاللَّهِ الْأَنْوَرِ، وَضِيآئِهِ الْأَزْهَرِ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وَلِىَّ اللَّهِ وَحُجَّتَهُ، وَخالِصَةَ اللَّهِ وَخآصَّتَهُ، اشْهَدُ انَّكَ يا وَلِىَ اللَّهِ وَحُجَّتَهُ، لَقَدْ جاهَدْتَ فى سَبيلِ اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ، وَاتَّبَعْتَ مِنْهاجَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَحَلَّلْتَ حَلالَ اللَّهِ، وَحَرَّمْتَ حَرامَ اللَّهِ، وَشَرَعْتَ احْكامَهُ، وَاقَمْتَ الصَّلاةَ وَآتَيْتَ الزَّكاةَ، وَامَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَيْتَ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَجاهَدْتَ فى سَبيلِ اللَّهِ صابِراً ناصِحاً مُجْتَهِداً، مُحْتَسِباً عِنْدَ اللَّهِ عَظيمَ الْأَجْرِ، حَتّى اتيكَ الْيَقينُ، فَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ دَفَعَكَ عَنْ حَقِّكَ، وَازالَكَ عَنْ مَقامِكَ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ بَلَغَهُ ذلِكَ فَرَضِىَ بِهِ، اشْهِدُ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ وَانْبِيآئَهُ وَرُسُلَهُ، انّى وَلِىٌّ لِمَنْ والاكَ، وَ عَدُوٌّ لِمَنْ عاداكَ، السَّلامُ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ* ثمّ انكبَّ عَلَى الْقَبْرِ وقَبِّلْهُ وقل: اشْهَدُ انَّكَ تَسْمَعُ كَلامى وَتَشْهَدُ مَقامى وَاشْهَدُ لَكَ يا وَلِىَّ اللَّهِ بِالْبَلاغِ وَالْأَدآءِ، يا مَوْلاىَ يا حُجَّةَ اللَّهِ، يا امينَ اللَّهِ، يا وَلِىَّ اللَّهِ، انَّ بَيْنى وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّوَجَلَّ ذُنُوباً قَدْ اثْقَلَتْ ظَهْرى وَمَنَعَتْنى مِنَ الرُّقادِ، وَذِكْرُها يُقَلْقِلُ احْشآئى وَقَدْ هَرَبْتُ الَى اللَّهِ عَزَّوَجَلَّ وَالَيْكَ، فَبِحَقِّ مَنِ ائْتَمَنَكَ عَلى سِرِّهِ،
ص: 202
وَاسْتَرْعاكَ امْرَ خَلْقِهِ، وَقَرَنَ طاعَتَكَ بِطاعَتِهِ، وَ مُوالاتَكَ بِمُوالاتِهِ، كُنْ لى الَى اللَّهِ شَفيعاً، وَمِنَ النَّارِ مُجيراً، وَعَلَى الدَّهْرِ ظَهيراً* ثم انكب على القبر وقبّله وقل:
يا وَلِىَّ اللَّهِ، يا حُجَّةَ اللَّهِ، يا بابَ حِطَّةِ اللَّهِ، وَلِيُّكَ وَزائِرُكَ، وَاللّائِذُ بِقَبْرِكَ، وَالنَّازِلُ بِفِنآئِكَ، وَالْمُنيخُ رَحْلَهُ فى جِوارِكَ، يَسْئَلُكَ انْ تَشْفَعَ لَهُ الَى اللَّهِ فى قَضآءِ حاجَتِهِ، وَنُجْحِ طَلِبَتِهِ فِى الدُّنْيا وَالْأخِرَةِ، فَانَّ لَكَ عِنْدَ اللَّهِ الْجاهَ الْعَظيمَ، وَالشَّفاعَةَ الْمَقْبُولَةَ، فَاجْعَلْنى يا مَوْلاىَ مِنْ هَمِّكَ، وَادْخِلْنى فى حِزْبِكَ، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ وَعَلى ضَجيعَيْكَ آدَمَ وَنُوحٍ، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ وَعَلى وَلَدَيْكَ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، وَعَلَى الْأَئِمَّةِ الطَّاهِرينَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ.
ثُمَّ صَلِّ سِتَّ رَكَعاتٍ، لأميرِالمؤمِنينَ عليه السلام رَكْعَتَيْنِ للزيارة، ولآدَمَ عليه السلام رَكْعَتَيْنِ وكذلِكَ لِنوحٍ عليه السلام وادْعُ اللَّهَ كَثِيراً يُجابُ إن شاء اللَّه تعالى»(1).
تنبيه:
1. قال المرحوم العلّامة المجلسي: إنّ هذه الزيارة من الزيارات المطلقة(2) وعليه يمكن زيارته بها في جميع الأوقات.
2. قال المرحوم الحاج الشيخ عباس القمي رحمه الله عن مؤلف المزار الكبير: إنّه يزار بهذه الزيارة عند طلوع الشمس. وقال المجلسي: إنّها من أحسن الزيارات وهي مرويّة بالأسناد المعتبرة في الكتب المعتبرة(3).
3. لو سأل سائل فقال: قد رويت زيارة مخصوصة في يوم المولد فكيف ذلك، ولم يرد خبر بزيارته صلى الله عليه و آله (سوى بعض العبارات في بداية هذه الزيارة الطويلة)؟ (كما يرد هذا السؤال بشأن يوم المبعث).
وهناك عدّة أجوبة لهذا السؤال:
أ) قال النبي الأكرم صلى الله عليه و آله: «
أَنَا مَدينَةُ الْعِلْمِ وَ عَليٌّ بابُها
» والذي يستفاد منه إتيان النبيّ صلى الله عليه و آله عن
ص: 203
طريق عليّ عليه السلام.
ب) كمال الاتّحاد بين هذين النورين بحيث أصبحا روحاً ونفساً واحدة؛ والشاهد على ذلك كلمة «أنفسنا» في آية المباهلة، ويلزم من ذلك أنّ زيارة أحدهما زيارة الآخر.
ج) روي في كامل الزيارات عن الإمام الصادق عليه السلام رواية ظاهرها أنّ زيارة النجف بمنزلة زيارة النبيّ صلى الله عليه و آله (1).
كما روى العلّامة المجلسي عن كتاب المزار الكبير عن إسحاق بن عمّار قال: سمعت أبا عبداللَّه الصادق عليه السلام يقول: «
أتى أعْرابِيٌّ إلى رَسولِ اللَّه صلى الله عليه و آله فقال: يارسولَ اللَّه صلى الله عليه و آله: إنّ مَنْزِلي نَاءٍ عن مَنْزِلِك وإنّي أشْتاقُكَ وأشتاقُ إلى زِيارَتِك وأقدِمُ فَلا أجِدُكَ وأجِدُ عليَّ بنَ أبي طالب عليه السلام فَيُؤنِسُني بِحَديثِه ومَواعِظِه وأنا أرجِعُ وأنا مُتَأسِّفٌ على رُؤيَتِك فقال صلى الله عليه و آله: مَنْ زارَ عَلِيّاً فقد زارَني ومَن أحَبَّهُ فَقد أحَبَّني ومَن أبْغَضَهُ فَقد أبْغَضَنِي أبْلِغْ قَوْمَكَ هذا عَنّي ومَن أتاهُ زائِراً فَقَدْ أتانِي وأنا المُجازِي لَهُ يَوْمَ القِيامَةِ وجَبْرَئِيلُ وَصَالِحُ المؤمنين»(2).
د) بغضّ النظر عن ذلك، كان غالب الشيعة في العراق قلّما يصلون قبر النبي صلى الله عليه و آله ومن هنا وردت الوصية بزيارة وصيّه بالحقّ في هذا اليوم.
زيارة أوردها العلّامة المجلسي عن الشيخ المفيد والسيّد ابن طاووس والشهيد الأوّل رحمهم الله: إذا أردت زيارة أميرالمؤمنين عليه السلام في ليلة المبعث أو يومه فقف على باب القبة الشريفة مقابل قبره عليه السلام وقل:
اشْهَدُ انْ لا الهَ الَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وَاشْهَدُ انَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَانَّ عَلِىَّ بْنَ ابى طالِبٍ اميرَ الْمُؤْمِنينَ عَبْدُاللَّهِ، وَاخُو رَسُولِهِ، وَانَّ الْأَئِمَّةَ الطَّاهِرينَ مِنْ وُلْدِهِ حُجَجُ اللَّهِ عَلى خَلْقِهِ* ثمّ ادخل وقف عند القبر مستقبلًا القبر والقبلة بين كتفيك وكبّر اللَّه مائة مرّة وقل: السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ آدَمَ خَليفَةِ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ
ص: 204
نُوحٍ صَفْوَةِ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ ابْراهيمَ خَليلِ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ مُوسى كَليمِ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ عيسى رُوحِ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ مُحَمَّدٍ سَيِّدِ رُسُلِ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا اميرَ الْمُؤْمِنينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا امامَ المُتَّقينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا سَيِّدَ الْوَصِيّينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وَصِىَ رَسُولِ رَبِّ الْعالَمينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ عِلْمِ الْأَوَّلينَ وَالْأخِرينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ ايُّهَا النَّبَأُ الْعَظيمُ، السَّلامُ عَلَيْكَ ايُّهَا الصِّراطُ الْمُسْتَقيمُ، السَّلامُ عَلَيْكَ ايُّهَا الْمُهَذَّبُ الْكَريمُ، السَّلامُ عَلَيْكَ ايُّهَا الْوَصِىُّ التَّقِىُّ، السَّلامُ عَلَيْكَ ايُّهَا الرَّضِىُّ الزَّكِىُّ، السَّلامُ عَلَيْكَ ايُّهَا الْبَدْرُ الْمُضى ءُ، السَّلامُ عَلَيْكَ ايُّهَا الصِّديقُ الْأَكْبَرُ، السَّلامُ عَلَيْكَ ايُّهَا الْفارُوقُ الْأَعْظَمُ، [السَّلامُ عَلَيْكَ ايُّهَا السِّراجُ الْمُنيرُ](1)، السَّلامُ عَلَيْكَ يا امامَ الْهُدى السَّلامُ عَلَيْكَ يا عَلَمَ التُّقى السَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ اللَّهِ الْكُبْرى السَّلامُ عَلَيْكَ يا خاصَّةَ اللَّهِ وَخالِصَتَهُ، وَامينَ اللَّهِ وَ صَفْوَتَهُ، وَ بابَ اللَّهِ وَحُجَّتَهُ، وَمَعْدِنَ حُكْمِ اللَّهِ وَسِرِّهِ، وَعَيْبَةَ عِلْمِ اللَّهِ وَخازِنَهُ، وَسَفيرَ اللَّهِ فى خَلْقِهِ، اشْهَدُ انَّكَ قَدْ اقَمْتَ الصَّلاةَ، وَآتَيْتَ الزَّكاةَ، وَامَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهَيْتَ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَاتَّبَعْتَ الرَّسُولَ، وَتَلَوْتَ الْكِتابَ حَقَّ تِلاوَتِهِ، وَبَلَّغْتَ عَنِ اللَّهِ، وَوَفَيْتَ بِعَهْدِ اللَّهِ، وَتَمَّتْ بِكَ كَلِماتُ اللَّهِ، وَجاهَدْتَ فِى اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ، وَنَصَحْتَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَجُدْتَ بِنَفْسِكَ صابِراً مُحْتَسِباً، مُجاهِداً عَنْ دينِ اللَّهِ، مُوَقِّياً لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وِ آلِهِ، طالِباً ما عِنْدَاللَّهِ، راغِباً فيما وَعَدَ اللَّهُ، وَمَضَيْتَ لِلَّذى كُنْتَ عَلَيْهِ شَهيداً وَشاهِداً وَمَشْهُوداً، فَجَزاكَ اللَّهُ عَنْ رَسُولِهِ وَعَنِ الْإِسْلامِ وَاهْلِهِ مِنْ صِدّيقٍ افْضَلَ الْجَزآءِ، اشْهَدُ انَّكَ كُنْتَ اوَّلَ الْقَوْمِ اسْلاماً، وَاخْلَصَهُمْ ايماناً، وَاشَدَّهُمْ يَقيناً، وَاخْوَفَهُمْ للَّهِ، وَاعْظَمَهُمْ عَنآءً، وَاحْوَطَهُمْ عَلى
ص: 205
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَافْضَلَهُمْ مَناقِبَ، وَاكْثَرَهُمْ سَوابِقَ، وَارْفَعَهُمْ دَرَجَةً، وَاشْرَفَهُمْ مَنِزْلَةً، وَاكْرَمَهُمْ عَلَيْهِ، فَقَويتَ حينَ وَهَنُوا، وَلَزِمْتَ مِنْهاجَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَاشْهَدُ انَّكَ كُنْتَ خَليفَتَهُ حَقّاً، لَمْ تُنازَعْ بِرَغْمِ الْمُنافِقينَ، وَغَيْظِ الْكافِرينَ، وَضِغْنِ الْفاسِقينَ، وَقُمْتَ بِالْأَمْرِ حينَ فَشِلُوا، وَنَطَقْتَ حينَ تَتَعْتَعُوا، وَمَضَيْتَ بِنُورِ اللَّهِ اذْ وَقَفُوا، فَمَنِ اتَّبَعَكَ فَقَدِ اهْتَدى كُنْتَ اوَّلَهُمْ كَلاماً، وَاشَدَّهُمْ خِصاماً، وَاصْوَبَهُمْ مَنْطِقاً، وَاسَدَّهُمْ رَاْياً، وَاشْجَعَهُمْ قَلْباً، وَاكْثَرَهُمْ يَقيناً، وَاحْسَنَهُمْ عَمَلًا، وَ اعْرَفَهُمْ بِالْأُمُورِ، كُنْتَ لِلْمُؤْمِنينَ اباً رَحيماً، اذْ صارُوا عَلَيْكَ عِيالًا، فَحَمَلْتَ اثْقالَ ما عَنْهُ ضَعُفُوا، وَحَفِظْتَ ما اضاعُوا، وَرَعَيْتَ ما اهْمَلُوا، وَشَمَّرْتَ اذْ جَبَنُوا، وَعَلَوْتَ اذْ هَلِعُوا، وَصَبَرْتَ اذْ جَزِعُوا، كُنْتَ عَلَى الْكافِرينَ عَذاباً صَبّاً، وَغِلْظَةً وَغَيْظاً، وَلِلْمُؤْمِنينَ غَيْثاً وَخِصْباً وَعِلْماً، لَمْ تُفْلَلْ حُجَّتُكَ، وَلَمْ يَزِغْ قَلْبُكَ، وَلَمْ تَضْعُفْ بَصيرَتُكَ، وَلَمْ تَجْبُنْ نَفْسُكَ، كُنْتَ كَالْجَبَلِ لاتُحَرِّكُهُ الْعَواصِفُ، وَلا تُزيلُهُ الْقَواصِفُ، كُنْتَ كَما قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ قَوِيّاً فى بَدَنِكَ، مُتَواضِعاً فى نَفْسِكَ، عَظيماً عِنْدَاللَّهِ، كَبيراً فِى الْأَرْضِ، جَليلًا فِى السَّمآءِ، لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ فيكَ مَهْمَزٌ، وَلا لِقآئِلٍ فيكَ مَغْمَزٌ، وَلا لِخَلْقٍ فيكَ مَطْمَعٌ، وَلا لِأَحَدٍ عِنْدَكَ هَوادَةٌ، يُوجَدُ الضَّعيفُ الذَّليلُ عِنْدَكَ قَوِيّاً عَزيزاً، حَتّى تَاْخُذَ لَهُ بِحَقِّهِ، وَالْقَوِىُّ الْعَزيزُ عِنْدَكَ ضَعيفاً ذَليلًا حَتّى تَاْخُذَ مِنْهُ الْحَقَّ، الْقَريبُ وَالْبَعيدُ عِنْدَكَ فى ذلِكَ سَوآءٌ، شَاْنُكَ الْحَقُّ وَالصِّدْقُ وَالرِّفْقُ، وَقَوْلُكَ حُكْمٌ وَحَتْمٌ، وَامْرُكَ حِلْمٌ وَعَزْمٌ، وَرَاْيُكَ عِلْمٌ وَجَزْمٌ، اعْتَدَلَ بِكَ الدّينُ، وَسَهُلَ بِكَ الْعَسيرُ، وَاطْفِئَتْ بِكَ النّيرانُ، وَقَوِىَ بِكَ الْإيمانُ، وَثَبَتَ بِكَ الْإِسْلامُ، وَهَدَّتْ مُصيبَتُكَ الْأَنامَ، فَانَّا للَّهِ وَانَّا الَيْهِ راجِعُونَ، لَعَنَ اللَّهُ مَنْ قَتَلَكَ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ خالَفَكَ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنِ افْتَرى عَلَيْكَ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ ظَلَمَكَ وَغَصَبَكَ حَقَّكَ، وَلَعَنَ
ص: 206
اللَّهُ مَنْ بَلَغَهُ ذلِكَ فَرَضِىَ بِهِ، انَّا الَى اللَّهِ مِنْهُمْ بُرَآءُ، لَعَنَ اللَّهُ امَّةً خالَفَتْكَ، وَجَحَدَتْ وِلايَتَكَ، وَتَظاهَرَتْ عَلَيْكَ وَقَتَلَتْكَ، وَحادَتْ عَنْكَ وَخَذَلَتْكَ، الْحَمْدُ للَّهِ الَّذى جَعَلَ النَّارَ مَثْويهُمْ، وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ، اشْهَدُ لَكَ يا وَلِىَّ اللَّهِ وَ وَلِىَّ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ بِالْبَلاغِ وَالْأَدآءِ، وَاشْهَدُ انَّكَ جَنْبُ اللَّهِ وَبابُهُ، وَانَّكَ حَبيبُ اللَّهِ وَوَجْهُهُ الَّذى مِنْهُ يُؤْتى وَانَّكَ سَبيلُ اللَّهِ، وَانَّكَ عَبْدُ اللَّهِ وَاخُو رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، اتَيْتُكَ زائِراً لِعَظيمِ جَلالَتِكَ وَمَنْزِلَتِكَ عِنْدَاللَّهِ و عِنْدَ رَسُولِهِ، مُتَقَرِّباً الَى اللَّهِ بِزِيارَتِكَ، راغِباً الَيْكَ فِى الشَّفاعَةِ، ابْتَغى بِشَفاعَتِكَ خَلاصَ نَفْسى مُتَعَوِّذاً بِكَ مِنَ النَّارِ، هارِباً مِنْ ذُنُوبِىَ الَّتِى احْتَطَبْتُها عَلى ظَهْرى فَزِعاً الَيْكَ رَجآءَ رَحْمَةِ رَبّى اتَيْتُكَ اسْتَشْفِعُ بِكَ يا مَوْلاىَ الَى اللَّهِ، وَاتَقَرَّبُ بِكَ الَيْهِ لِيَقْضِىَ بِكَ حَوآئِجى فَاشْفَعْ لى يا اميرَ الْمُؤْمِنينَ الىَ اللَّهِ، فَانّى عَبْدُ اللَّهِ وَمَوْلاكَ وَزآئِرُكَ، وَلَكَ عِنْدَ اللَّهِ الْمَقامُ الْمَعْلُومُ، وَالْجاهُ الْعَظيمُ، وَالشَّاْنُ الْكَبيرُ، وَالشَّفاعَةُ الْمَقْبُولَةُ، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَصَلِّ عَلى عَبْدِكَ وَامينِكَ الْأَوْفى وَعُرْوَتِكَ الْوُثْقى وَيَدِكَ الْعُلْيا، وَكَلِمَتِكَ الْحُسْنى وَحُجَّتِكَ عَلَى الْوَرى وَصِدِّيقِكَ الْأَكْبَرِ سَيِّدِ الْأَوْصِيآءِ، وَرُكْنِ الْأَوْلِيآءِ، وَعِمادِ الْأَصْفِيآءِ، اميرِ الْمُؤْمِنينَ، وَيَعْسُوبِ الْمُتَّقينَ، وَقُدْوَةِ الصِّدّيقينَ، وَامامِ الصَّالِحينَ، الْمَعْصُومِ مِنَ الزَّلَلِ، وَالْمَفْطُومِ مِنَ الْخَلَلِ، وَالْمُهَذَّبِ مِنَ الْعَيْبِ، وَالْمُطَهَّرِ مِنَ الرَّيْبِ، اخى نَبِيِّكَ وَوَصِىِّ رَسُولِكَ، وَالْبآئِتِ عَلى فِراشِهِ، وَالْمُواسى لَهُ بِنَفْسِهِ، وَ كاشِفِ الْكَرْبِ عَنْ وَجْهِهِ، الَّذى جَعَلْتَهُ سَيْفاً لِنُبُوَّتِهِ، وَمُعْجِزاً لِرِسالَتِهِ، وَدِلالَةً واضِحَةً لِحُجَّتِهِ، وَحامِلًا لِرايَتِهِ، وَ وِقايَةً لِمُهْجَتِهِ، وَهادِياً لِأُمَّتِهِ، وَيَداً لِبَاْسِهِ، وَتاجاً لِرَاْسِهِ، وَباباً لِنَصْرِهِ، وَمِفْتاحاً لِظَفَرِهِ، حَتّى هَزَمَ جُنُودَ الشِّرْكِ بِايْدِكَ، وَابادَ عَساكِرَ الْكُفْرِ بِامْرِكَ، وَبَذَلَ نَفْسَهُ فى مَرْضاةِ رَسُولِكَ، وَجَعَلَها وَقْفاً عَلى
ص: 207
طاعَتِهِ، وَمَجِنّاً دوُنَ نَكْبَتِهِ، حَتّى فاضَتْ نَفْسُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فى كَفِّهِ، وَاسْتَلَبَ بَرْدَها، وَمَسَحَهُ عَلى وَجْهِهِ، وَاعانَتْهُ مَلائِكَتُكَ على غُسْلِهِ وَتَجْهيزِهِ، وَصَلّى عَلَيْهِ، وَوارى شَخْصَهُ، وَقَضى دَيْنَهُ، وَانْجَزَ وَعْدَهُ، وَلَزِمَ عَهْدَهُ، وَاحْتَذى مِثالَهُ، وَحَفِظَ وَصِيَّتَهُ، وَحينَ وَجَدَ انْصاراً نَهَضَ مُسْتَقِلّاً بِاعْبآءِ الْخِلافَةِ، مُضْطَلِعاً بِاثْقالِ الْإِمامَةِ، فَنَصَبَ رايَةَ الْهُدى فى عِبادِكَ، وَنَشَرَ ثَوْبَ الْأَمْنِ فى بِلادِكَ، وَبَسَطَ الْعَدْلَ فى بَرِيَّتِكَ، وَحَكَمَ بِكِتابِكَ فى خَليقَتِكَ، وَاقامَ الْحُدُودَ، وَقَمَعَ الْجُحُودَ، وَقَوَّمَ الزَّيْغَ، وَسَكَّنَ الْغَمْرَةَ، وَابادَ الْفَتْرَةَ، وَسَدَّ الْفُرْجَةَ، وَقَتَلَ النَّاكِثَةَ وَالْقاسِطَةَ وَالْمارِقَةَ، وَلَمْ يَزَلْ عَلى مِنْهاجِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَ وَتيرَتِهِ وَلُطْفِ شاكِلَتِهِ، وَجَمالِ سيرَتِهِ، مُقْتَدِياً بِسُنَّتِهِ، مُتَعَلِّقاً بِهِمَّتِهِ، مُباشِراً لِطَريقَتِهِ، وَامْثِلَتُهُ نَصْبُ عَيْنَيْهِ، يَحْمِلُ عِبادَكَ عَلَيْها، وَيَدْعُوهُمْ الَيْها الى انْ خُضِبَتْ شَيْبَتُهُ مِنْ دَمِ رَاْسِهِ، اللهُمَّ فَكَما لَمْ يُؤْثِرْ فى طاعَتِكَ شَكّاً عَلى يَقينٍ، وَلَمْ يُشْرِكْ بِكَ طَرْفَةَ عَيْنٍ، صَلِّ عَلَيْهِ صَلاةً زاكِيَةً نامِيَةً، يَلْحَقُ بِها دَرَجَةَ النُّبُوَّةِ فى جَنَّتِكَ، وَبَلِّغْهُ مِنَّا تَحِيَّةً وَسَلاماً، وَآتِنا مِنْ لَدُنْكَ فى مُوالاتِهِ فَضْلًا وَاحْساناً وَمَغْفِرَةً وَرِضْواناً، انَّكَ ذُو الْفَضْلِ الْجَسيمِ، بِرَحْمَتِكَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمينَ.
ثمّ قبّل الضريح وصلِّ ركعتي الزيارة وادعُ بما بدا لك بعدها وقل بعد تسبيح الزهراء عليها السلام:
اللَّهُمَّ انَّكَ بَشَّرْتَنى عَلى لِسانِ رَسُولِكَ مُحَمَّدٍ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ، فَقُلْتَ: وَبَشِّرِ الَّذينَ آمَنُوا انَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ. اللَّهُمَّ وَانّى مُؤْمِنٌ بِجَميعِ انْبِيآئِكَ وَرُسُلِكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِمْ، فَلا تَقِفْنى بَعْدَ مَعْرِفَتِهِمْ مَوْقِفاً تَفْضَحُنى فيهِ عَلى رُؤُسِ الْخَلايِقِ (1)، بَلْ قِفْنى مَعَهُمْ، وَتَوَفَّنى عَلَى التَّصْديقِ بِهِمْ، اللَّهُمَّ وَانْتَ خَصَصْتَهُمْ بِكَرامَتِكَ، وَامَرْتَنى بِاتِّباعِهِمْ، اللَّهُمَّ وَانّى عَبْدُكَ وَزآئِرُكَ، مُتَقَرِّباً
ص: 208
الَيْكَ بِزِيارَةِ اخى رَسُولِكَ، وَ عَلى كُلِّ مَاْتِىٍّ وَمَزُورٍ حَقٌّ لِمَنْ اتاهُ وَ زارَهُ، وَانْتَ خَيْرُ مَاْتِىٍّ وَاكْرَمُ مَزُورٍ، فَاسْئَلُكَ يا اللَّهُ يا رَحْمنُ يا رَحيمُ، يا جَوادُ يا ماجِدُ، يا احَدُ يا صَمَدُ، يا مَنْ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً احَدٌ، وَلَمْ يَتَّخِذْ صاحِبَةً وَلا وَلَداً، انْ تُصَلِّىَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَ انْ تَجْعَلَ تُحْفَتَكَ ايَّاىَ مِنْ زِيارَتى اخا رَسُولِكَ فَكاكَ رَقَبَتى مِنَ النَّارِ، وَانْ تَجْعَلَنى مِمَّنْ يُسارِعُ فِى الْخَيْراتِ، وَيَدْعُوكَ رَغَباً وَرَهَباً، وَتَجْعَلَنى مِنَ الْخاشِعينَ، اللَّهُمَّ انَّكَ مَنَنْتَ عَلَىَّ بِزِيارَةِ مَوْلاىَ عَلِىِّ بْنِ ابيطالِبٍ، وَ وِلايَتِهِ وَمَعْرِفَتِهِ، فَاجْعَلْنى مِمَّنْ يَنْصُرُهُ وَيَنْتَصِرُ بِهِ، وَمُنَّ عَلَىَّ بِنَصْرِكَ لِدينِكَ، اللَّهُمَّ وَاجْعَلْنى مِنْ شيعَتِهِ، وَتَوَفَّنى عَلى دينِهِ، اللَّهُمَّ اوْجِبْ لى مِنَ الرَّحْمَةِ وَالرِّضْوانِ، وَالْمَغْفِرَةِ وَالْإِحْسانِ، وَالرِّزْقِ الْواسِعِ الْحَلالِ الطَّيِّبِ ما انْتَ اهْلُهُ، يا ارْحَمَ الرَّاحِمينَ وَالْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعالَمينَ (1).
روى المرحوم الشيخ عباس القمي بسند معتبر أنّ الخضر عليه السلام أسرع إلى دار أميرالمؤمنين عليه السلام يوم شهادته وهو يبكي ويسترجع فوقف على الباب وقال:
رَحِمَكَ اللَّهُ يا ابَا الْحَسَنِ، كُنْتَ اوَّلَ الْقَوْمِ اسْلاماً، وَاخْلَصَهُمْ ايماناً، وَاشَدَّهُمْ يَقيناً، وَ اخْوَفَهُمْ للَّهِ.
وعدّ كثيراً من فضائله بما يقرب من هذه العبائر الواردة في هذه الزيارة، فمن المناسب أن يزار بهذه الزيارة (من باب التأسي بالخضر عليه السلام)(2).
تنبيه: سيرد في قسم أعمال الأشهر ضمن أعمال ليلة المبعث كلام عن رسالة ابن بطّوطة في السفر بشأن أهميّة المرقد المبارك لأميرالمؤمنين عليه السلام من المناسب الانتباه إليه (ص 441).
ص: 209
رغم أنّ بعض أهل الكوفة أفراد غدرة وقساة جفاة وجبناء، والشيعة تحتفظ بذكريات أليمة عن الكوفة، لكن لا ينبغي نسيان أنّ أغلب أصحاب الأئمّة عليهم السلام وكبار الشخصيات الأوفياء نهضوا من الكوفة، ومن هنا وردت عدّة روايات في فضل الكوفة، منها:
1. الكوفة أحد البلدان الأربعة التي اختارها اللَّه تعالى (1).
2. طور سينين في سورة البلد والذي أقسم به اللَّه، فُسِّرَ بهذه المنطقة(2).
3. أنّها حرم اللَّه وحرم رسوله صلى الله عليه و آله وحرم أميرالمؤمنين عليه السلام (3).
4. درهم واحد يتصدّق به فيها يعدل مائة درهم يتصدّق بها في غيرها(4).
5. صلاة ركعتين فيها تعدل مائة ركعة في غيرها(5).
6. روضة من رياض الجنّة، فيها قبر نوح وقبر إبراهيم ... وقبر سيّد الأوصياء أميرالمؤمنين عليه السلام (6)
(ويتضحّ من هذا الحديث أنّ الكوفة في هذه الروايات تشمل النجف أيضاً).
- چ چ-
ص: 210
كما وردت عدّة روايات في فضيلة مسجد الكوفة والصلاة والعبادة فيه، وإليك بعضاً منها:
1. روى أبو حمزة الثمالي: أنّ علي بن الحسين عليهما السلام أتي مسجد الكوفة عمداً من المدينة فصل فيه ركعتين ثمّ جاء حتّى ركب راحلته وأخذ الطريق (1).
2. ورد عن أميرالمؤمنين عليه السلام أنّه قال: «
وَقَدْ صَلّى فِي هَذا المَسجدِ ألفُ نَبيٍّ وَألفُ وَصِيٍّ»(2).
3. وروي عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: «
أتُصَلِّى الصَّلاةَ كُلّها في مَسجدِ الكُوفَة
» قلت: لا، قال: «
أما لو كُنتُ بحَضْرَتِه (مَسجدِ الكوفة) لَرَجَوْتُ أنْ لاتَفُوتَنِي فِيهِ صَلاةٌ
». قال: «
وَتَدْرِي ما فَضْلُهُ؟
» قلت: لا، قال: «
ما مِنْ عَبدٍ صالِحٍ ولا نَبِيٍّ إلّاوقد صلّى في مَسْجِد الكوفَان حتّى أنَّ رَسولَ اللَّهِ صلى الله عليه و آله لمّا أُسرِيَ به قال له جَبْرَئيلُ: أتَدْرِي أيْنَ أنْتَ السّاعة يا مُحَمّد؟
قال: لا، قال:
أنتَ مُقابِلَ مَسْجِدِ كُوفان
، فقال:
أسْتَأذِنُ رَبَّك حتّى أهبط فأُصَلّي فيه، فاستأذن فأذن له فهبط فصلى فيه رَكْعَتَيْنِ، وإنّ الصلاة المكتوبة فيه تعدِلُ بألف صلاة، وإنّ النافلة فيه تعدل بخمس مائة صلاة، وإنّ مقدّمة لروضة من رياض الجنة، وإنّ ميمنته روضةٌ من رياض الجنة، وإنّ ميسرته روضةٌ من رياض الجنة، وإنّ مؤخّره روضة من رياض الجنة وإنَّ الجُلوسَ فِيهِ بِغَيرِ صلاة ولا ذِكْرٍ لَعِبادَةٌ ...»(3).
قال الإمام الصادق عليه السلام: «
قَالَ أميرُالمؤمنينَ عليه السلام لِذلِكَ الشَّخْصِ الّذي أرادَ أن يُدرِكَ فَضيلَةَ المَسْجِدِ الأقْصى وَأتاهُ لِيُوَدِّعَهُ: بِعْ رَاحِلَتَكَ وَكُلْ زادَكَ وَصَلِّ فِي هذا المَسْجِد، فإنَّ الصَّلاةَ المَكتُوبَةَ فِيهِ حِجَّةٌ مَبرورَةٌ والنافِلَةُ عُمْرَةٌ مَبرورَةٌ ... ما دعا فيه مَكروبٌ بمسألةٍ فِي حاجةٍ مِنَ الحَوائجِ إلّا أجابَهُ اللَّهُ وَفَرّجَ عَنهُ كَرْبَهُ»(4).
5. وفي الخبر المرويّ عن أميرالمؤمنين عليه السلام أنّ مسجد الكوفة بيت آدم عليه السلام ونوح وإدريس ومصلّى إبراهيم الخليل والخضر عليهم السلام، وأحد المساجد الأربعة التي اختارهااللَّه، ويشفع لمن صلّى فيه يوم القيامة فلاتردّ شفاعته؛ ومصلّى الإمام المهديّ عليه السلام وليس من مؤمن في الأرض إلّايحنّ إليه (5).
6. مسجد الكوفة أحد المواطن الأربعة التي يكون المسافر فيها مختاراً بين القصر والإتمام.
ص: 211
قال الإمام الصادق عليه السلام: «
مِنْ مَخْزُونِ عِلْمِ اللَّهِ الإتمَامُ فِي أربعةِ مَواطِن: حَرَمُ اللَّهِ وَحَرَمُ رَسُولِهِ صلى الله عليه و آله وَحَرَمُ أميرِالمؤمنينَ عليه السلام وَحَرَمُ الحُسين بن علي عليهما السلام»(1).
قل حينما تدخل مدينة الكوفة:
بِسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ وَفى سَبيلِ اللَّهِ، وَعَلى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، اللهُمَّ انْزِلْنى مُنْزَلًا مُبارَكاً، وَانْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلينَ* ثمّ سر إلى مسجد الكوفة وقل: اللَّهُ اكْبَرُ، وَلا الهَ الَّا اللَّهُ، وَالْحَمْدُللَّهِ، وَسُبْحانَ اللَّهِ* حتّى تصل باب المسجد(3) فقف على الباب وقل: السَّلامُ عَلى سَيِّدِنا رَسُولِ اللَّهِ، مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ وَآلِهِ الطَّاهِرينَ، السَّلامُ عَلى مَوْلانا اميرِ الْمُؤْمِنينَ عَلِىِّ بْنِ ابيطالِبٍ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ، وَعَلى مَجالِسِهِ، وَمَشاهِدِهِ وَمَقامِ حِكْمَتِهِ، وَآثارِ آبائِهِ آدَمَ وَنُوحٍ، وَابْرهيمَ وَاسْمعيلَ، وَتِبْيانِ بَيِّناتِهِ، السَّلامُ عَلَى الْإِمامِ الْحَكيمِ الْعَدْلِ الصِّدّيقِ الْأَكْبَرِ، الْفارُوقِ بِالْقِسْطِ الَّذى فَرَّقَ اللَّهُ بِهِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْباطِلِ، وَالْكُفْرِ وَالْإيمانِ، وَالشِّرْكِ وَالتَّوْحيدِ، لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ، وَيَحْيى مَنْ حَىَّ عَنْ بَيِّنَةٍ، اشْهَدُ انَّكَ اميرُ الْمُؤْمِنينَ، وَخاصَّةُ نَفْسِ الْمُنْتَجَبينَ، وَزَيْنُ الصِّدّيقينَ، وَصابِرُ الْمُمْتَحَنينَ، وَانَّكَ حَكَمُ اللَّهِ فى ارْضِهِ، وَقاضى امْرِهِ، وَبابُ حِكْمَتِهِ، وَعاقِدُ عَهْدِهِ، وَالنَّاطِقُ
ص: 212
بِوَعْدِهِ، وَالْحَبْلُ الْمَوْصُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عِبادِهِ، وَكَهْفُ النَّجاةِ، وَمِنْهاجُ التُّقى، وَالدَّرَجَةُ الْعُلْيا، وَمُهَيْمِنُ الْقاضِى الْأَعْلى يا اميرَ الْمُؤْمِنينَ بِكَ اتَقَرَّبُ الَى اللَّهِ زُلْفى انْتَ وَليِّى وَسَيِّدى وَوَسيلَتى فِى الدُّنْيا وَالْأخِرَةِ* فادخل المسجد وقل: اللَّهُ اكْبَرُ اللَّهُ اكْبَرُ اللَّهُ اكْبَرُ، هذا مَقامُ الْعائِذِ بِاللَّهِ، وَبِمُحَمَّدٍ حَبيبِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَبِوِلايَةِ اميرِ الْمُؤْمِنينَ، وَالْأَئِمَّةِ الْمَهْدِيّينَ الصَّادِقينَ النَّاطِقينَ الرَّاشِدينَ، الَّذينَ اذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهَّرَهُمْ تَطْهيراً، رَضيتُ بِهِمْ ائِمَّةً وَهُداةً وَمَوالِىَّ، سَلَّمْتُ لِأَمْرِ اللَّهِ لا اشْرِكُ بِهِ شَيْئاً، وَلا اتَّخِذُ مَعَ اللَّهِ وَلِيّاً، كَذِبَ الْعادِلُونَ بِاللَّهِ وَضَلُّوا ضَلالًا بَعيداً، حَسْبِىَ اللَّهُ وَاوْلِيآءُ اللَّهِ، اشْهَدُ انْ لا الهَ الَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وَاشْهَدُ انَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَانَّ عَلِيّاً وَالْأَئِمَّةَ الْمَهْدِيّينَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ اوْلِيآئى وَحُجَّةُ اللَّهِ عَلى خَلْقِهِ.
ثمّ سر إلى الاسطوانة الرابعة بحذاء الخامسة وهي اسطوانة إبراهيم عليه السلام فصلّ عندها أربع ركعات، ركعتان
بالحمد
و «
قُلْ هُوَ اللَّهُ احَدٌ
» وركعتان
بالحمد
و «
انَّا انْزَلْناهُ في لَيْلَةِ الْقَدْرِ
». فإذا فرغت منها فسبِّح تسبيح الزهراء عليها السلام وقل سبعاً:
السَّلامُ عَلى عِبادِ اللَّهِ الصَّالِحينَ الرَّاشِدينَ، الَّذينَ اذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهَّرَهُمْ تَطْهيراً، وَجَعَلَهُمْ انْبِيآءَ مُرْسَلينَ، وَحُجَّةً عَلَى الْخَلْقِ اجْمَعينَ، وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلينَ، وَالْحَمْدُللَّهِ رَبِّ الْعالَمينَ، ذلِكَ تَقْديرُ الْعَزيزِ الْعَليمِ، سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِى الْعالَمينَ* ثمّ قل: نَحْنُ عَلى وَصِيَّتِكَ يا وَلِىَّ الْمُؤْمِنينَ، الَّتى اوْصَيْتَ بِها ذُرِّيَّتَكَ مِنَ الْمُرْسَلينَ وَالصِّدّيقينَ، وَنَحْنُ مِنْ شيعَتِكَ وَشيعَةِ نَبِيِّنا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَعَلَيْكَ وَعَلى جَميعِ الْمُرْسَلينَ، وَالْأَنْبِيآءِ وَالصِّدِيقينَ، وَنَحْنُ عَلى مِلَّةِ ابْرهيمَ، وَدينِ مُحَمَّدٍ النَّبِىِّ الْأُمِّىِّ، وَالْأَئِمَّةِ الْمَهْدِيّينَ، وَوِلايَةِ مَوْلانا عَلِىٍّ اميرِالْمُؤْمِنينَ، السَّلامُ عَلَى الْبَشيرِ النَّذيرِ، صَلَواتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَرَحْمَتُهُ وَرِضْوانُهُ وَبَرَكاتُهُ، وَعَلى وَصِيِّهِ وَخَليفَتِهِ الشَّاهِدِ للَّهِ مِنْ بَعْدِهِ عَلى
ص: 213
خَلْقِهِ، عَلِىٍّ اميرِ الْمُؤْمِنينَ الصِّديقِ الْأَكْبَرِ، وَالْفارُوقِ الْمُبينِ، الَّذى اخَذْتَ بَيْعَتَهُ عَلَى الْعالَمينَ، رَضيتُ بِهِمْ اوْلِيآءَ وَمَوالِىَّ، وَ حُكَّاماً فى نَفْسى وَوُلْدى وَاهْلى وَمالى وَقِسْمى وَحِلّى وَاحْرامى وَاسْلامى وَدينى وَدُنْياىَ وَآخِرَتى وَمَحْياىَ وَمَماتى انْتُمُ الْأَئِمَّةُ فِى الْكِتابِ، وَفَصْلُ الْمَقامِ وَفَصْلُ الْخِطابِ، وَاعْيُنُ الْحَىِّ الَّذى لا يَنامُ، وَانْتُمْ حُكَمآءُ اللَّهِ فى ارْضِهِ، وَبِكُمْ حَكَمَ اللَّهُ، وَبِكُمْ عُرِفَ حَقُّ اللَّهِ، لا الهَ الَّا اللَّهُ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، انْتُمْ نُورُ اللَّهِ مِنْ بَيْنِ ايْدينا وَمِنْ خَلْفِنا، انْتُمْ سُنَّةُ اللَّهِ الَّتى بِها سَبَقَ الْقَضآءُ، يا اميرَ الْمُؤْمِنينَ، انَا لَكُمْ مُسَلِّمٌ تَسْليماً لا اشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئاً، وَلا اتَّخِذُ مِنْ دوُنِهِ وَلِيّاً، الْحَمْدُللَّهِ الَّذى هَدانى بِكُمْ، وَما كُنْتُ لِأَهْتَدِىَ لَوْلا انْ هَدانِىَ اللَّهُ، اللَّهُ اكْبَرُ، اللَّهُ اكْبَرُ، اللَّهُ اكْبَرُ، الْحَمْدُ للَّهِ عَلى ما هَدانا(1).
دكّة القضاء كانت بناءً في جامع الكوفة يجلس عليها أميرالمؤمنين عليه السلام للقضاء والحكم، وكانت هناك اسطوانة قصيرة(2) كتب عليها الآية إِنَّ اللَّهَ يَاْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ (3). وبيت الطست هو المكان الذي برزت فيه معجزة لأميرالمؤمنين عليه السلام في نجاة بنت من تهمة ظاهرة(4). على كلّ حال سر بعد أعمال الاسطوانة الرابعة إلى دكّة القضاء وصلّ ركعتين بالحمد وسورة وقل بعد الصلاة وتسبيح الزهراء عليها السلام:
يا مالِكى وَمُمَلِّكى وَمُتَغَمِّدى بِالنِّعَمِ الْجِسامِ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْقاقٍ، وَجْهى خاضِعٌ لِما تَعْلُوهُ الْأَقْدامُ لِجَلالِ وَجْهِكَ الْكَريمِ، لا تَجْعَلْ هذِهِ الشِّدَّةَ وَلا هذِهِ الْمِحْنَةَ مُتَّصِلَةً بِاسْتيصالِ الشَّاْفَةِ، وَامْنَحْنى مِنْ فَضْلِكَ ما لَمْ تَمْنَحْ بِهِ احَداً مِنْ غَيْرِ مَسْئَلَةٍ، انْتَ الْقَديمُ الْأَوَّلُ الَّذى لَمْ تَزَلْ وَلا تَزالُ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ،
ص: 214
وَاغْفِرْ لى وَارْحَمْنى وَزَكِّ عَمَلى وَبارِكْ لى فى اجَلى وَاجْعَلْنى مِنْ عُتَقآئِكَ وَطُلَقآئِكَ مِنَ النَّارِ، بِرَحْمَتِكَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمينَ وتصلّي في بيتِ الطّست ركعتين فإذا سلّمت وسبّحت فقل: اللهُمَّ انّى ذَخَرْتُ تَوْحيدى ايَّاكَ وَمَعْرِفَتى بِكَ، وَاخْلاصى لَكَ وَاقْرارى بِرُبُوبِيَّتِكَ، وَذَخَرْتُ وِلايَةَ مَنْ انْعَمْتَ عَلَىَّ بِمَعْرِفَتِهِمْ مِنْ بَرِيَّتِكَ، مُحَمَّدٍ وَعِتْرَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ، لِيَوْمِ فَزَعى الَيْكَ عاجِلًا وَآجِلًا، وَقَدْ فَزِعْتُ الَيْكَ وَالَيْهِمْ يا مَوْلاىَ فى هذَا الْيَوْمِ، وَفى مَوْقِفى هذا، وَسَئَلْتُكَ سَعادَتى مِنْ نِعْمَتِكَ، وَازاحَةَ ما اخْشاهُ مِنْ نِقْمَتِكَ، وَالْبَرَكَةَ فيما رَزَقْتَنيهِ، وَتَحْصينَ صَدْرى مِنْ كُلِّ هَمٍّ وَ جائِحَةٍ وَمَعْصِيَةٍ، فى دينى وَدُنْياىَ وَآخِرَتى يا ارْحَمَ الرَّاحِمينَ ثمّ سر إلى وسط المسجد وصلّ ركعتين تقرأ في الاولى
الحمد
و «
قُلْ هُوَ اللَّهُ احَدٌ
» وفي الثانية الحمد والجحد «
قُلْ يا ايُّهَا الْكافِرُونَ
» فإذا سلّمت وسبّحت فقل:
اللهُمَّ انْتَ السَّلامُ وَمِنْكَ السَّلامُ، وَالَيْكَ يَعُودُ السَّلامُ، وَدارُكَ دارُ السَّلامِ، حَيِّنا رَبَّنا مِنْكَ بِالسَّلامِ، اللهُمَّ انّى صَلَّيْتُ هذِهِ الصَّلاةَ ابْتِغآءَ رَحْمَتِكَ وَرِضْوانِكَ وَمَغْفِرَتِكَ، وَتَعْظيماً لِمَسْجِدِكَ، اللهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَارْفَعْها فى عِلِّيّينَ، وَتَقَبَّلْها مِنّى يا ارْحَمَ الرَّاحِمينَ (1).
تنبيه: قال المحدّث الجليل المرحوم الحاج الشيخ عباس القمّي: قد دعي هذا المقام بدكّة المعراج، ووجه التسمية على ما يظهر أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله استأذن اللَّه تعالى ليلة المعراج فهبط إلى الأرض في هذه البقعة فصلّى ركعتين، مرّت علينا أوائل هذا الفصل (2).
مقدّمة:
وردت عدّة روايات في فضيلة هذه الاسطوانة، منها:
ص: 215
1. روى الكليني بسند معتبر أنّه كان أميرالمؤمنين عليه السلام يصلّي إلى الاسطوانة السابعة(1).
2. وفي رواية معتبرة اخرى أنّه ينزل كلّ ليلة ستّون ألف ملك فيصلّون عند الاسطوانة السابعة(2).
3. وفي حديث معتبر عن الإمام الصادق عليه السلام أنّ الاسطوانة السابعة هي مقام إبراهيم عليه السلام (3).
4. روى الكليني في الكافي بسند صحيح عن أبي إسماعيل السّراج قال: أخذ بيدي أبو حمزة الثمالي وقال لي: أخذ بيدي الأصبغ بن نباتة فأراني الاسطوانة السابعة فقال: هذا مقام أميرالمؤمنين عليه السلام قال: وكان الحسن عليه السلام يصلّي عند الاسطوانة الخامسة، فإذا غاب أميرالمؤمنين عليه السلام صلّى فيها الحسن عليه السلام (4). قف عند هذه الاسطوانة مستقبلًا القبلة وقل:
بِسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ، وَعَلى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَلا الهَ الَّا اللَّهُ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، السَّلامُ عَلى ابينا آدَمَ وَامِّنا حَوَّآءَ، السَّلامُ عَلى هابيلَ الْمَقْتُولِ ظُلْماً وَ عُدْواناً عَلى مَواهِبِ اللَّهِ وَرِضْوانِهِ، السَّلامُ عَلى شَيْثٍ صَفْوَةِ اللَّهِ الْمُخْتارِ الْأَمينِ، وَعَلَى الصَّفْوَةِ الصَّادِقينَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ الطَّيِّبينَ، اوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ، السَّلامُ عَلى ابْرهيمَ وَ اسْمعيلَ، وَاسْحقَ وَيَعْقُوبَ، وَعَلى ذُرِّيَّتِهِمُ الْمُخْتارينَ، السَّلامُ عَلى مُوسى كَليمِ اللَّهِ، السَّلامُ عَلى عيسى رُوحِ اللَّهِ، السَّلامُ عَلى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ خاتَمِ النَّبِيّينَ، السَّلامُ عَلى عَلِىٍّ اميرِالْمُؤْمِنينَ، وَذُرِّيَّتِهِ الطَّيّبينَ، وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ فِى الْأَوَّلينَ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ فِى الْأخِرينَ، السَّلامُ عَلى فاطِمَةَ الزَّهْراءِ، السَّلامُ عَلَى الْأَئِمَّةِ الْهادينَ، شُهَدآءِ اللَّهِ عَلى خَلْقِهِ، السَّلامُ عَلَى الرَّقيبِ الشَّاهِدِ عَلَى الْامَمِ للَّهِ رَبِّ الْعالَمينَ.
ثمّ صلّ أربع ركعات تقرأ في الاولى بعد
الحمد «انَّا انْزَلْناهُ فِي الليلةِ»
وفي الثانية بعد
الحمد «قُلْ هُوَ اللَّهُ احَدٌ»
وتفعل ذلك في الركعتين الثالثة والرابعة فإن فرغت فقل بعد تسبيح الزهراء عليها السلام:
اللهُمَّ انْ كُنْتُ قَدْ عَصَيْتُكَ، فَانّى قَدْ اطَعْتُكَ فِى الْإيمانِ مِنّى بِكَ مَنّاً مِنْكَ عَلَىَّ،
ص: 216
لا مَنّاً مِنّى عَلَيْكَ، وَاطَعْتُكَ فى احَبِّ الْأَشْيآءِ لَكَ لَمْ اتَّخِذْ لَكَ وَلَداً، وَلَمْ ادْعُ لَكَ شَريكاً، وَقَدْ عَصَيْتُكَ فى اشْيآءَ كَثيرَةٍ عَلى غَيْرِ وَجْهِ الْمُكابَرَةِ لَكَ، وَلَا الْخُرُوجِ عَنْ عُبُودِيَّتِكَ، وَلَا الْجُحُودِ لِرُبُوبِيَّتِكَ، وَلكِنِ اتَّبَعْتُ هَواىَ، وَازَلَّنِى الشَّيْطانُ بَعْدَ الْحُجَّةِ عَلَىَّ وَالْبَيانِ، فَانْ تُعَذِّبْنى فَبِذُنُوبى غَيْرُ ظالِمٍ لى وَانْ تَعْفُ عَنّى وَتَرْحَمْنى فَبِجُودِكَ وَكَرَمِكَ يا كَريمُ، اللهُمَّ انَّ ذُنُوبى لَمْ يَبْقَ لَها الَّا رَجآءُ عَفْوِكَ، وَقَدْ قَدَّمْتُ آلَةَ الْحِرْمانِ، فَا نَا اسْئَلُكَ اللَّهُمَّ ما لا اسْتَوْجِبُهُ، وَاطْلُبُ مِنْكَ ما لا اسْتَحِقُّهُ، اللهُمَّ انْ تُعَذِّبْنى فَبِذُنُوبى وَلَمْ تَظْلِمْنى شَيْئاً، وَانْ تَغْفِرْ لى فَخَيْرُ راحِمٍ انْتَ يا سَيِّدى اللَّهُمَّ انْتَ انْتَ، وَ ا نَا ا نَا، انْتَ الْعَوَّادُ بِالْمَغْفِرَةِ، وَ ا نَا الْعَوَّادُ بِالذُّنُوبِ، وَانْتَ الْمُتَفَضِّلُ بِالْحِلْمِ، وَ ا نَا الْعَوَّادُ بِالْجَهْلِ، اللهُمَّ فَانّى اسْئَلُكَ يا كَنْزَ الضُّعَفاءِ، يا عَظيمَ الرَّجآءِ، يا مُنْقِذَ الْغَرْقى يا مُنْجِىَ الْهَلْكى يا مُميتَ الْأَحْيآءِ، يا مُحْيِىَ الْمَوْتى انْتَ اللَّهُ لا الهَ الَّا انْتَ، انْتَ الَّذى سَجَدَ لَكَ شُعاعُ الشَّمْسِ وَدَوِىُّ الْمآءِ، وَحَفيفُ الشَّجَرِ، وَنُورُ الْقَمَرِ، وَظُلْمَةُ اللَّيْلِ وَضَوْءُ النَّهارِ، وَخَفَقانُ الطَّيْرِ، فَاسْئَلُكَ اللَّهُمَّ يا عَظيمُ بِحَقِّكَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الصَّادِقينَ، وَبِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الصَّادِقينَ عَلَيْكَ، وَبِحَقِّكَ عَلى عَلِىٍّ، وَبِحَقِّ عَلِىٍّ عَلَيْكَ، وَبِحَقِّكَ عَلى فاطِمَةَ، وَبِحَقِّ فاطِمَةَ عَلَيْكَ، وَبِحَقِّكَ عَلَى الْحَسَنِ، وَ بِحَقِّ الْحَسَنِ عَلَيْكَ، وَبِحَقِّكَ عَلَى الْحُسَيْنِ، وَبِحَقِّ الْحُسَيْنِ عَلَيْكَ، فَانَّ حُقُوقَهُمْ عَلَيْكَ مِنْ افْضَلِ انْعامِكَ عَلَيْهِمْ، وَبِالشَّاْنِ الَّذى لَكَ عِنْدَهُمْ، وَبِالشَّاْنِ الَّذى لَهُمْ عِنْدَكَ، صَلِّ عَلَيْهِمْ يا رَبِّ صَلاةً دائِمَةً مُنْتَهى رِضاكَ، وَاغْفِرْ لى بِهِمُ الذُّنُوبَ الَّتى بَيْنى وَبَيْنَكَ، وَأرْضِ عَنِّى خَلْقَكَ، وَ اتْمِمْ عَلَىَّ نِعْمَتَكَ، كَما اتْمَمْتَها عَلى آبائى مِنْ قَبْلُ، وَلا تَجْعَلْ لِأَحَدٍ مِنَ الْمَخْلُوقينَ عَلَىَّ فيهَا امْتِناناً، وَامْنُنْ عَلَىَّ كَما مَنَنْتَ عَلى آبائى مِنْ قَبْلُ، يا كهيعص، اللهُمَّ كَما صَلَّيْتَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، فَاسْتَجِبْ
ص: 217
لى دُعآئى فيما سَئَلْتُ، يا كَريمُ يا كَريمُ يا كَريمُ* ثمّ اسجد وقل: يا مَنْ يَقْدِرُ عَلى حَوآئِجِ السَّآئِلينَ، وَيَعْلَمُ ما فى ضَميرِ الصَّامِتينَ، يا مَنْ لايَحْتاجُ الَى التَّفْسيرِ، يا مَنْ يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِى الصُّدُورُ، يا مَنْ انْزَلَ الْعَذابَ عَلى قَوْمِ يُونُسَ وَهُوَ يُريدُ انْ يُعَذِّبَهُمْ، فَدَعَوْهُ وَتَضَرَّعُوا الَيْهِ فَكَشَفَ عَنْهُمُ الْعَذابَ، وَمَتَّعَهُمْ الى حينٍ، قَدْ تَرى مَكانى وَتَسْمَعُ دُعآئى وَتَعْلَمُ سِرّى وَعَلانِيَتى وَحالى صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاكْفِنى ما اهَمَّنى مِنْ امْرِ دينى وَدُنْياىَ وَآخِرَتى ثمّ قل سبعين مرّة: يا سَيِّدي ثمّ ارفع رأسك من السجدة وقل: يا رَبِّ اسْئَلُكَ بَرَكةَ هذَا الْمَوْضِعِ وَبَرَكَةَ اهْلِهِ، وَاسْئَلُكَ انْ تَرْزُقَنى مِنْ رِزْقِكَ رِزْقاً حَلالًا طَيِّباً، تَسُوقُهُ الَىَّ بِحَوْلِكَ وَقُوَّتِكَ، وَ ا نَا خآئِضٌ فى عافِيَةٍ يا ارْحَمَ الرَّاحِمينَ (1).
تنبيه: جاء في رواية معتبرة عن أبي حمزة الثمالي قال: بينا أنا قائد يوماً في المسجد عند السابعة إذا برجل ممّا يلي أبواب كندة قد دخل فنظرت إلى أحسن النّاس وجهاً وأطيبهم ريحاً وأنظفهم ثوباً معمّم بلاطيلسان ولا إزار عليه قميص ودراعة وعمامة وفي رجليه نعلان عربيان فخلع نعليه، ثمَّ قام عند السابعة ورفع مسبّحتيه حتّى بلغا شحمتي أذنيه ثم أرسلهما بالتكبير فلم تبق في بدني شعرة إلّاقامت ثمّ صلّى أربع ركعات أحسن ركوعهنّ وسجودهنّ وقال:
الهى انْ كُنْتُ قَدْ عَصَيْتُكَ، فَقَدْ اطَعْتُكَ فى احَبِّ الْأَشْيآءِ الَيْكَ، لَمْ اتَّخِذْ لَكَ وَلَداً، وَلَمْ ادْعُ لَكَ شَريكاً، وَقَدْ عَصيتُكَ فى اشْيآءَ كَثيرَةٍ عَلى غَيْرِ وَجْهِ الْمُكابَرَةِ لَكَ، وَلَا الْاسْتِكْبارِ عَنْ عِبادَتِكَ، وَلَا الْجُحُودِ لِرُبُوبِيَّتِكَ، وَلَا الْخُرُوجِ عَنِ الْعُبُودِيَّةِ لَكَ، وَلكِنِ اتَّبَعْتُ هَواىَ، وَ ازَلَّنِى الشَّيْطانُ بَعْدَ الْحُجَّةِ وَالْبَيانِ، فَانْ تُعَذِّبْنى فَبِذُنُوبى غَيْرُ ظالِمٍ انْتَ لى وَانْ تَعْفُ عَنّى وَتَرْحَمْنى فَبِجُودِكَ وَكَرَمِكَ يا كَريمُ.
ثمّ خرّ ساجداً يقولها حتّى إنقطع نفسه وقال أيضاً في سجوده: «
يا مَنْ يَقْدِرُ عَلى حَوائِجِ
ص: 218
السَّائِلينَ
...» إلى آخر الدعاء الذي ورد في الصفحة السابقة. ثمّ قال سبعين مرّة «
يا سيّدي
». قال:
ثمّ رفع رأسه فتأمّلته فاذا هو مولاى زين العابدين على بن الحسين عليهما السلام فانكببت على يديه أقبّلهما فنزع يده منّي وأومأ إليّ بالسكوت، فقلت: يا مولاي أنا من عرفته في ولائكم فما الّذي أدقمك الى هاهنا؟ قال: «
هو ما رأيت»(1).
مقدّمة:
إعلم أنّ من جملة المقامات ذات المزيّة في جامع الكوفة، الاسطوانة الخامسة، ينبغي أن تصلّي عندها وتطلب حوائجك، ففي رواية معتبرة أنّها بقعة صلّى فيها إبراهيم الخليل عليه السلام (2). ولا ينافي هذا ما في سائر الروايات، فلعلّه عليه السلام صلّى في مختلف هذه المواضع الواردة في مختلف الروايات. ففي رواية معتبرة عن الإمام الصادق عليه السلام أنّ الاسطوانة الخامسة هي مقام جبرئيل عليه السلام (3) وفي الرواية السابقة أنّها مقام الحسن عليه السلام (4). تصلّي عند هذه الاسطوانة ركعتين تقرأ فيهما الحمد وما شئت من السور فإذا سلّمت وسبّحت تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام فقل:
اللهُمَّ انّى اسْئَلُكَ بِجَميعِ اسْمآئِكَ كُلِّها، ما عَلِمْنا مِنْها وَما لا نَعْلَمُ، وَاسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الْعَظيمِ الْأَعْظَمِ الْكَبيرِ الْأَكْبَرِ، الَّذى مَنْ دَعاكَ بِهِ اجَبْتَهُ، وَمَنْ سَئَلَكَ بِهِ اعْطَيْتَهُ، وَمَنِ اسْتَنْصَرَكَ بِهِ نَصَرْتَهُ، وَمَنِ اسْتَغْفَرَكَ بِهِ غَفَرْتَ لَهُ، وَمَنِ اسْتَعانَكَ بِهِ اعَنْتَهُ، وَمَنِ اسْتَرْزَقَكَ بِهِ رَزَقْتَهُ، وَمَنِ اسْتَغاثَكَ بِهِ اغَثْتَهُ، وَمَنِ اسْتَرْحَمَكَ بِهِ رَحِمْتَهُ، وَ مَنِ اسْتَجارَكَ بِهِ اجَرْتَهُ، وَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْكَ بِهِ كَفَيْتَهُ، وَمَنِ اسْتَعْصَمَكَ بِهِ عَصَمْتَهُ، وَمَنِ اسْتَنْقَذَكَ بِهِ مِنَ النَّارِ انْقَذْتَهُ، وَمَنِ اسْتَعْطَفَكَ بِهِ تَعَطَّفْتَ لَهُ، وَمَنْ امَّلَكَ بِهِ اعْطَيْتَهُ، الَّذِى اتَّخَذْتَ بِهِ آدَمَ صَفِيّاً، وَنُوحاً نَجِيّاً، وَابْرهيمَ خَليلًا، وَمُوسى كَليماً، وَ عيسى رُوحاً، وَ مُحَمَّداً حَبيباً، وَ عَلِيّاً وَصِيّاً، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ اجْمَعينَ، انْ تَقْضِىَ لى حَوآئِجى وَ تَعْفُوَ عَمَّا سَلَفَ مِنْ ذُنُوبى وَ تَتَفَضَّلَ عَلَىَ
ص: 219
بِما انْتَ اهْلُهُ، وَلِجَميعِ الْمُؤْمِنينَ وَالْمُؤْمِناتِ لِلدُّنْيا وَالْأخِرَةِ، يا مُفَرِّجَ هَمِّ الْمَهْمُومينَ، وَيا غِياثَ الْمَلْهُوفينَ، لا الهَ الَّا انْتَ، سُبْحانَكَ يا رَبَّ الْعالَمينَ (1).
ثمّ امض إلى دكّة زين العابدين عليه السلام وهي عند الاسطوانة الثالثة فتصلّي ركعتين تقرأ فيهما الحمد وما أردت من السور فإذا سلّمت وسبّحت تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام فقل:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ، اللهُمَّ انَّ ذُنُوبى قَدْ كَثُرَتْ، وَلَمْ يَبْقَ لَها الَّا رَجآءُ عَفْوِكَ، وَقَدْ قَدَّمْتُ آلَةَ الْحِرْمانِ الَيْكَ، فَا نَا اسْئَلُكَ اللَّهُمَّ ما لا اسْتَوْجِبُهُ، وَاطْلُبُ مِنْكَ ما لا اسْتَحِقُّهُ، اللهُمَّ انْ تُعَذِّبْنى فَبِذُنُوبى وَلَمْ تَظْلِمْنى شَيْئاً، وَانْ تَغْفِرْ لى فَخَيْرُ راحِمٍ انْتَ يا سَيِّدى اللهُمَّ انْتَ انْتَ، وَ ا نَا ا نَا، انْتَ الْعَوَّادُ بِالْمِغْفِرَةِ، وَ ا نَا الْعَوَّادُ بِالذُّنُوبِ، وَانْتَ الْمُتَفَضِّلُ بِالْحِلْمِ، وَ ا نَا الْعَوَّادُ بِالْجَهْلِ، اللهُمَّ فَانّى اسْئَلُكَ يا كَنْزَ الضُّعَفآءِ، يا عَظيمَ الرَّجآءِ، يا مُنْقِذَ الْغَرْقى يا مُنْجِىَ الْهَلْكى يا مُميتَ الْأَحْيآءِ، يا مُحْيِىَ الْمَوْتى انْتَ اللَّهُ الَّذى لا الهَ الَّا انْتَ، انْتَ الَّذى سَجَدَ لَكَ شُعاعُ الشَّمْسِ، وَنُورُ الْقَمَرِ، وَظُلْمَةُ اللَّيْلِ، وَضَوْءُ النَّهارِ، وَ خَفَقانُ الطَّيْرِ، فَاسْئَلُكَ اللَّهُمَّ يا عَظيمُ، بِحَقِّكَ يا كَريمُ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الصَّادِقينَ، وَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الصَّادِقينَ عَلَيْكَ، وَبِحَقِّكَ عَلى عَلِىٍّ، وَبِحَقِّ عَلِىٍّ عَلَيْكَ، وَبِحَقِّكَ عَلى فاطِمَةَ، وَبِحَقِّ فاطِمَةَ عَلَيْكَ، وَبِحَقِّكَ عَلَى الْحَسَنِ، وَبِحَقِّ الْحَسَنِ عَلَيْكَ، وَبِحَقِّكَ عَلَى الْحُسَيْنِ، وَبِحَقِّ الْحُسَيْنِ عَلَيْكَ، فَانَّ حُقُوقَهُمْ مِنْ افْضَلِ انْعامِكَ عَلَيْهِمْ، وَبِالشَّاْنِ الَّذى لَكَ عِنْدَهُمْ، وَبِالشَّاْنِ الَّذى لَهُمْ عِنْدَكَ، صَلِّ يا رَبِّ عَلَيْهِمْ صَلاةً دآئِمَةً مُنْتَهى رِضاكَ، وَاغْفِرْ لى بِهِمُ الذُّنُوبَ الَّتى بَيْنى وَبَيْنَكَ، وَاتْمِمْ
ص: 220
نِعْمَتَكَ عَلَىَّ كَما اتْمَمْتَها عَلى آبائى مِنْ قَبْلُ، يا كهيعص، اللهُمَّ كَما صَلَّيْتَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، فَاسْتَجِبْ لى دُعآئى فيما سَئَلْتُكَ.
ثمّ اسجد وضع خدّك الأيمن على الأرض وقل:
يا سَيِّدى يا سَيِّدى يا سَيِّدى صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاغْفِرْ لى
وأكثر من هذه الكلمة ثم ضع خدّك الأيسر على الأرض واقرأ هذا الدعاء ثم اطلب حاجتك (1).
فإذا فرغت من عمل الاسطوانة الثالثة فامض إلى دكّة باب أميرالمؤمنين عليه السلام فصلِّ ركعتين بالحمد وما شئت من السور، فإذا فرغت وسبّحت تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام فقل:
اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاقْضِ حاجَتى يا اللَّهُ، يا مَنْ لا يَخيبُ سآئِلُهُ، وَلا يَنْفَدُ نائِلُهُ، يا قاضِىَ الْحاجاتِ، يا مُجيبَ الدَّعَواتِ، يا رَبَّ الْأَرَضينَ وَالسَّمواتِ، يا كاشِفَ الْكُرُباتِ، يا واسِعَ الْعَطِيّاتِ، يا دافِعَ النَّقِماتِ، يا مُبَدِّلَ السَّيِّئاتِ حَسَناتٍ، عُدْ عَلَىَّ بِطَوْلِكَ وَفَضْلِكَ وَاحْسانِكَ، وَاسْتَجِبْ دُعآئى فيما سَئَلْتُكَ وَطَلَبْتُ مِنْكَ، بِحَقِّ نَبِيِّكَ وَوَصِيِّكَ وَاوْلِيآئِكَ الصَّالِحينَ.
وصلِّ ركعتين ثمّ قل بعد السلام والتسبيح: اللهُمَّ انّى حَلَلْتُ بِساحَتِكَ لِعِلْمى بِوَحْدانِيَّتِكَ وَصَمَدانِيَّتِكَ، وَ انَّهُ لا قادِرَ عَلى قَضاءِ حاجَتى غَيْرُكَ، وَقَدْ عَلِمْتُ يا رَبِّ انَّهُ كُلَّما شاهَدْتُ نِعْمَتَكَ عَلَىَّ، اشْتَدَّتْ فاقَتى الَيْكَ، وَقَدْ طَرَقَنى يا رَبِّ مِنْ مُهِمِّ امْرى ما قَدْ عَرَفْتَهُ، لِأَنَّكَ عالِمٌ غَيْرُ مُعَلَّمٍ، وَاسْئَلُكَ بِالْإِسْمِ الَّذى وَضَعْتَهُ عَلَى السَّمواتِ فَانْشَقَّتْ، وَعَلَى الْأَرَضينَ فَانْبَسَطَتْ، وَعَلَى النُّجُومِ فَانْتَشَرَتْ، وَعَلَى الْجِبالِ فَاسْتَقَرَّتْ، وَاسْئَلُكَ بِالْإِسْمِ الَّذى جَعَلْتَهُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعِنْدَ عَلِىٍّ، وَعِنْدَ الْحَسَنِ وَعِنْدَ الْحُسَيْنِ، وَعِنْدَ الْأَئِمَّةَ كُلِّهِمْ صَلَواتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ اجْمَعينَ، انْ
ص: 221
تُصَلِّىَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَانْ تَقْضِىَ لى يا رَبِّ حاجَتى وَتُيَسِّرَ عَسيرَها، وَتَكْفِيَنى مُهِمَّها، وَتَفْتَحَ لى قُفْلَها، فَانْ فَعَلْتَ ذلِكَ فَلَكَ الْحَمْدُ، وَانْ لَمْ تَفْعَلْ فَلَكَ الْحَمْدُ، غَيْرُ جائِرٍ فى حُكْمِكَ، وَلا حآئِفٍ فى عَدْلِكَ* ثمّ تبسط خدّك الأيمن على الأرض وتقول: اللَّهُمَّ انَّ يُونُسَ بْنَ مَتّى عَلَيْهِ السَّلامُ عَبْدَكَ وَنَبِيَّكَ، دَعاكَ فى بَطْنِ الْحُوتِ فَاسْتَجَبْتَ لَهُ، وَ ا نَا ادْعُوكَ فَاسْتَجِبْ لى بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ. وعندها اسأل من اللَّه تعالى ما تحبّ، ثم تبسط خدّك الأيسر على الأرض ثمّ تعود إلى السجود وتقول:
اللهُمَّ انَّكَ امَرْتَ بِالدُّعآءِ، وَتَكَفَّلْتَ بِالْإِجابَةِ، وَ انَا ادْعُوكَ كَما امَرْتَنى فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاسْتَجِبْ لى كَما وَعَدْتَنى يا كَريمُ* ثمّ اسجد وقل:
يامُعِزَّ كُلِّ ذَليلٍ، وَيا مُذِلَّ كُلِّ عَزيزٍ، تَعْلَمُ كُرْبَتى فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَفَرِّجْ عَنّى يا كَريمُ* فإن أردت فصلِّ أربع ركعات فإذا فرغت وسبّحت تسبيح فاطمةالزهراء عليها السلام فقل:
اللهُمَّ انّى اسْئَلُكَ يا مَنْ لا تَراهُ الْعُيُونُ، وَلاتُحيطُ بِهِ الظُّنُونُ، وَلايَصِفُهُ الْواصِفُونَ، وَلا تُغَيِّرُهُ الْحَوادِثُ، وَلا تُفْنيهِ الدُّهُورُ، تَعْلَمُ مَثاقيلَ الْجِبالِ، وَمَكائيلَ الْبِحارِ، وَوَرَقَ الْأَشْجارِ، وَرَمْلَ الْقِفارِ، وَما اضآئَتْ بِهِ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ، وَاظْلَمَ عَلَيْهِ اللَّيْلُ، وَوَضَحَ عَلَيْهِ النَّهارُ، وَ لا تُوارى مِنْكَ سَمآءٌ سَمآءً، وَلا ارْضٌ ارْضاً، وَلا جَبَلٌ ما فى اصْلِهِ، وَلا بَحْرٌ ما فى قَعْرِهِ، اسْئَلُكَ انْ تُصَلِّىَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَانْ تَجْعَلَ خَيْرَ امْرى آخِرَهُ، وَخَيْرَ اعْمالى خَواتيمَها، وَخَيْرَ ايَّامى يَوْمَ الْقاكَ، انَّكَ عَلى كُلِّ شَىْ ءٍ قَديرٌ، اللهُمَّ مَنْ ارادَنى بِسُوءٍ فَارِدْهُ، وَمَنْ كادَنى فَكِدْهُ، وَمَنْ بَغانى بِهَلَكَةٍ فَاهْلِكْهُ، وَاكْفِنى ما اهَمَّنى مِمَّنْ دَخَلَ هَمُّهُ عَلَىَّ، اللَّهُمَّ ادْخِلْنى فى دِرْعِكَ الْحَصينَةِ، وَاسْتُرْنى بِسِتْرِكَ الْواقى يا مَنْ يَكْفى مِنْ كُلِّ شَىْ ءٍ، وَلا يَكْفى مِنْهُ شَىْ ءٌ، اكْفِنى ما اهَمَّنى مِنْ امْرِ الدُّنْيا وَالْأخِرَةِ، وَصَدِّقْ قَوْلى وَفِعْلى ياشَفيقُ يا رَفيقُ، فَرِّجْ عَنِّى الْمَضيقَ، وَلا تُحَمِّلْنى ما
ص: 222
لااطيقُ، اللهُمَّ احْرُسْنى بِعَيْنِكَ الَّتى لاتَنامُ، وَارْحَمْنى بِقُدْرَتِكَ عَلَىَّ يا ارْحَمَ الرَّاحِمينَ، يا عَلِىُّ يا عَظيمُ، انْتَ عالِمٌ بِحاجَتى وَعَلى قَضآئِها قَديرٌ، وَهِىَ لَدَيْكَ يَسيرٌ، وَ ا نَا الَيْكَ فَقيرٌ، فَمُنَّ عَلَىَّ بِها يا كَريمُ، انَّكَ عَلى كُلِّ شَىْ ءٍ قَديرٌ* ثمّ تسجد وتقول: الهى قَدْ عَلِمْتَ حَوائِجى فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَاقْضِها، وَقَدْ احْصَيْتَ ذُنُوبى فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَاغْفِرها يا كَريمُ* ثمّ ابسط خدك الأيمن وقل: انْ كُنْتُ بِئْسَ الْعَبْدُ فَانْتَ نِعْمَ الرَّبُّ، افْعَلْ بى ما انْتَ اهْلُهُ، وَلا تَفْعَلْ بى ما انَا اهْلُهُ، يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ* ثمّ ابسط خدّك الأيسر وقل: اللهُمَّ انْ عَظُمَ الذَّنْبُ مِنْ عَبْدِكَ، فَلْيَحْسُنِ الْعَفْوُ مِنْ عِنْدِكَ ياكَريمُ* ثمّ تعود إلى السجود وتقول: ارْحَمْ مَنْ اسآءَ وَاقْتَرَفَ، وَاسْتَكانَ وَاعْتَرَفَ (1).
ثمّ تصلّي في محراب أميرالمؤمنين عليه السلام (المكان الذي ضرب فيه) ركعتين بالفاتحة وسورة من السور وتقول بعد تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام:
يا مَنْ اظْهَرَ الْجَميلَ، وَسَتَرَ الْقَبيحَ، يا مَنْ لَمْ يُؤاخِذْ بِالْجَريرَةِ، وَلَمْ يَهْتِكِ السِّتْرَ وَالسَّريرَةَ، ياعَظيمَ الْعَفْوِ، يا حَسَنَ التَّجاوُزِ، يا واسِعَ الْمَغْفِرَةِ، يا باسِطَ الْيَدَيْنِ بِالرَّحْمَةِ، يا صاحِبَ كُلِّ نَجْوى يا مُنْتَهى كُلِّ شَكْوى يا كَريمَ الْصَّفْحِ، يا عَظيمَ الرَّجآءِ، يا سَيِّدى صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَافْعَلْ بى ما انْتَ اهْلُهُ يا كَريمُ (2) والمناسب أن تقرأ في ذلك المكان مناجاته: اللهُمَّ انّى اسْئَلُكَ الْأَمانَ يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ، الَّا مَنْ اتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَليمٍ، وَاسْئَلُكَ الْأَمانَ يَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ، يَقُولُ يا لَيْتَنِى اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبيلًا، وَاسْئَلُكَ الْأَمانَ يَوْمَ يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسيماهُمْ، فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصى وَالْأَقْدامِ، وَاسْئَلُكَ الْأَمانَ يَوْمَ لا يَجْزى
ص: 223
والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ، وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً، انَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ، وَاسْئَلُكَ الْأَمانَ يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمينَ مَعْذِرَتُهُمْ، وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ، وَاسْئَلُكَ الْأَمانَ يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً، وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ للَّهِ، وَاسْئَلُكَ الْأَمانَ يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ اخيهِ، وَامِّهِ وَابيهِ، وَصاحِبَتِهِ وَبَنيهِ، لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنيهِ، وَاسْئَلُكَ الْأَمانَ يَوْمَ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدى مِنْ عَذابِ يَوْمَئِذٍ بِبَنيهِ، وَصاحِبَتِهِ وَاخيهِ، وَفَصيلَتِهِ الَّتى تُؤْويهِ، وَ مَنْ فِى الْأَرْضِ جَميعاً ثُمَّ يُنْجيهِ، كَلَّا انَّها لَظى نَزَّاعَةً لِلشَّوى مَوْلاىَ يامَوْلاىَ، انْتَ الْمَوْلى وَ انَا الْعَبْدُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الْعَبْدَ الَّا الْمَوْلى مَوْلاىَ يا مَوْلاىَ، انْتَ الْمالِكُ وَ ا نَا الْمَمْلُوكُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الْمَمْلُوكَ الَّا الْمالِكُ، مَوْلاىَ يا مَوْلاىَ، انْتَ الْعَزيزُ وَ ا نَا الذَّليلُ، وَ هَلْ يَرْحَمُ الذَّليلَ الَّا الْعَزيزُ، مَوْلاىَ يا مَوْلاىَ، انْتَ الْخالِقُ وَ ا نَا الْمَخْلُوقُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الْمَخْلُوقَ الَّا الْخالِقُ، مَوْلاىَ يا مَوْلاىَ، انْتَ الْعَظيمُ وَ ا نَا الْحَقيرُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الْحَقيرَ الَّا الْعَظيمُ، مَوْلاىَ يا مَوْلاىَ، انْتَ الْقَوِىُّ وَ ا نَا الضَّعيفُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الضَّعيفَ الَّا الْقَوِىُّ، مَوْلاىَ يا مَوْلاىَ، انْتَ الْغَنِىُّ وَ ا نَا الْفَقيرُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الْفَقيرَ الَّا الْغَنِىُّ، مَوْلاىَ يا مَوْلاىَ، انْتَ الْمُعْطى وَانَا السَّآئِلُ، وَهَلْ يَرْحَمُ السَّآئِلَ الَّا الْمُعْطى مَوْلاىَ يا مَوْلاىَ، انْتَ الْحَىُّ وَ ا نَا الْمَيِّتُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الْمَيِّتَ الَّا الْحَىُّ، مَوْلاىَ يا مَوْلاىَ، انْتَ الْباقى وَ ا نَا الْفانى وَ هَلْ يَرْحَمُ الْفانِىَ الَّا الْباقى مَوْلاىَ يا مَوْلاىَ، انْتَ الدَّآئِمُ وَ ا نَا الزَّآئِلُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الزَّآئِلَ الَّا الدَّائِمُ، مَوْلاىَ يا مَوْلاىَ، انْتَ الرَّازِقُ وَ ا نَا الْمَرْزُوقُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الْمَرْزُوقَ الَّا الرَّازِقُ، مَوْلاىَ يا مَوْلاىَ، انْتَ الْجَوادُ وَ ا نَا الْبَخيلُ، وَ هَلْ يَرْحَمُ الْبَخيلَ الَّا الْجَوادُ، مَوْلاىَ يا مَوْلاىَ، انْتَ الْمُعافى وَ ا نَا الْمُبْتَلى وَ هَلْ يَرْحَمُ الْمُبْتَلى الَّا الْمُعافى مَوْلاىَ يا مَوْلاىَ، انْتَ الْكَبيرُ وَ ا نَا الصَّغيرُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الصَّغيرَ الَّا الْكَبيرُ، مَوْلاىَ يا
ص: 224
مَوْلاىَ، انْتَ الْهادى وَ ا نَا الضَّآلُّ، وَ هَلْ يَرْحَمُ الضَّآلَّ الَّا الْهادى مَوْلاىَ يا مَوْلاىَ، انْتَ الرَّحْمنُ وَ انَا الْمَرْحُومُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الْمَرْحُومَ الَّا الرَّحْمنُ، مَوْلاىَ يا مَوْلاىَ، انْتَ السُّلْطانُ وَ ا نَا الْمُمْتَحَنُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الْمُمْتَحَنَ الَّا السُّلْطانُ، مَوْلاىَ يا مَوْلاىَ، انْتَ الدَّليلُ وَانَا الْمُتَحَيِّرُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الْمُتَحَيِّرَ الَّا الدَّليلُ، مَوْلاىَ يا مَوْلاىَ، انْتَ الْغَفُورُ وَ ا نَا الْمُذْنِبُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الْمُذْنِبَ الَّا الْغَفُورُ، مَوْلاىَ يامَوْلاىَ، انْتَ الْغالِبُ وَ ا نَا الْمَغْلُوبُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الْمَغْلُوبَ الَّا الْغالِبُ، مَوْلاىَ يا مَوْلاىَ، انْتَ الرَّبُّ وَ ا نَا الْمَرْبُوبُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الْمَرْبُوبَ الَّا الرَّبُّ، مَوْلاىَ يا مَوْلاىَ، انْتَ الْمُتَكَبِّرُ وَ ا نَا الْخاشِعُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الْخاشِعَ الَّا الْمُتَكَبِّرُ، مَوْلاىَ يا مَوْلاىَ، ارْحَمْنى بِرَحْمَتِكَ، وَارْضَ عَنّى بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ وَفَضْلِكَ، يا ذَاالْجُودِ وَالْإِحْسانِ، وَالطَّوْلِ وَالْإِمْتِنانِ، بِرَحْمَتِكَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمينَ (1).
ثمّ امض إلى مقام الإمام الصادق عليه السلام وهو قريب من مسلم بن عقيل عليه السلام فصلِّ فيه ركعتين فإذا سلّمت وسبّحت تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام فقل:
يا صانِعَ كُلِّ مَصْنُوعٍ، وَيا جابِرَ كُلِّ كَسيرٍ، وَيا حاضِرَ كُلِّ مَلَإٍ، وَيا شاهِدَ كُلِّ نَجْوى وَيا عالِمَ كُلِّ خَفِيَّةٍ، وَيا شاهِداً غَيْرَ غائِبٍ، وَيا غالِباً غَيْرَ مَغْلُوبٍ، وَيا قَريباً غَيْرَ بَعيدٍ، وَيا مُونِسَ كُلِّ وَحيدٍ، وَيا حَىُّ حينَ لا حَىَّ غَيْرُهُ، يا مُحيِىَ الْمَوْتى وَمُمِيتَ الْأَحْياءِ، الْقآئِمَ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ، لا الهَ الَّا انْتَ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ.
ثمّ ادع بما أحببت (2).
ص: 225
عن الإمام الصادق عليه السلام: «
مَنْ صَلّى فِي جامِعِ الكُوفَةَ رَكْعَتَيْنِ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ الحَمْدُ وَالمُعَوِّذَتَيْنِ والإخْلاصِ وَالكافِرونَ والنَّصْرَ والقَدْرَ و «سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلى فَإذا سَلَّمَ سَبَّحَ تَسْبِيحَ الزَّهراءِ عليها السلام ثُمَّ سَألَ اللَّهَ ما شاءَ، قَضى اللَّهُ حاجَتَهُ»(1).
تنبيه: يجدر ذكره أنّ الزائر المحترم إن لم يكن لديه الوقت الكافي للإتيان بكلّ هذه الأعمال فله أن يأتِيَ ببَعضِها، والمُهِمّ حصولُ التوجّه إلى المعبود والدّعاء والمناجاة في هذا المكان المقدس.
إذا فَرغتَ من أعمالِ جامع الكوفة فامضِ إلى قبر مسلم بن عقيل- رضوان اللَّه عليه- سفير الحسين عليه السلام وأوّل شهيد في ركب كربلاء- وقل عنده:
الْحَمْدُ للَّهِ الْمَلِكِ الْحَقِّ الْمُبينِ، الْمُتَصاغِرِ لِعَظَمَتِهِ جَبابِرَةُ الطَّاغينَ، الْمُعْتَرِفِ بِرُبُوبِيَّتِهِ جَميعُ اهْلِ السَّمواتِ وَالْأَرَضينَ، الْمُقِرِّ بِتَوْحيدِهِ سآئِرُ الْخَلْقِ اجْمَعينَ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلى سَيِّدِ الْأَنامِ، وَاهْلِ بَيْتِهِ الْكِرامِ، صَلاةً تُقِرُّ بِها اعْيُنَهُمْ، وَتُرْغَمُ بِها انْفَ شانِئِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ اجْمَعينَ، سَلامُ اللَّهِ الْعَلىِّ الْعَظيمِ، وَسَلامُ مَلائِكَتِهِ الْمُقَرَّبينَ، وَانْبِيآئِهِ الْمُرْسَلينَ، وَ ائِمَّتِهِ الْمُنْتَجَبينَ، وَعِبادِهِ الصَّالِحينَ، وَجَميعِ الشُّهَدآءِ وَالصِّدّيقينَ، وَالزَّاكِياتُ الطَّيِّباتُ فيما تَغْتَدى وَتَرُوحُ، عَلَيْكَ يا مُسْلِمَ بْنَ عَقيلِ بْنِ ابيطالِبٍ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ، اشْهَدُ انَّكَ قَدْ اقَمْتَ الصَّلاةَ، وَآتَيْتَ الزَّكاةَ، وَامَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهَيْتَ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَجاهَدْتَ فِى اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ، وَقُتِلْتَ عَلى مِنْهاجِ الْمُجاهِدينَ فى سَبيلِهِ، حَتّى لَقيتَ اللَّهَ عَزَّوَجَلَّ، وَ هُوَ عَنْكَ راضٍ، وَاشْهَدُ انَّكَ وَفَيْتَ بِعَهْدِ اللَّهِ، وَبَذَلْتَ نَفْسَكَ فى نُصْرَةِ حُجَّةِ اللَّهِ وَابْنِ حُجَّتِهِ، حَتّى اتيكَ الْيَقينُ، اشْهَدُ لَكَ بِالتَّسْليمِ وَالْوَفآءِ وَالنَّصيحَةِ، لِخَلَفِ النَّبِىِ
ص: 226
الْمُرْسَلِ، وَالسِّبْطِ الْمُنْتَجَبِ، وَالدَّليلِ الْعالِمِ، وَالْوَصِىِّ الْمُبَلِّغِ، وَالْمَظْلُومِ الْمُهْتَضَمِ، فَجَزاكَ اللَّهُ عَنْ رَسُولِهِ وَعَنْ اميرِ الْمُؤْمِنينَ، وَعَنِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، افْضَلَ الْجَزآءِ بِما صَبَرْتَ وَاحْتَسَبْتَ وَاعَنْتَ، فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ، لَعَنَ اللَّهُ مَنْ قَتَلَكَ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ امَرَ بِقَتْلِكَ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ ظَلَمَكَ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنِ افْتَرى عَلَيْكَ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ جَهِلَ حَقَّكَ، وَاسْتَخَفَّ بِحُرْمَتِكَ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ بايَعَكَ وَ غَشَّكَ، وَخَذَلَكَ وَاسْلَمَكَ، وَمَنْ الَبَّ عَلَيْكَ وَ لَمْ يُعِنْكَ، الْحَمْدُللَّهِ الَّذى جَعَلَ النَّارَ مَثْويهُمْ، وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ، اشْهَدُ انَّكَ قُتِلْتَ مَظْلُوماً، وَانَّ اللَّهَ مُنْجِزٌ لَكُمْ ما وَعَدَكُمْ، جِئْتُكَ زائِراً عارِفاً بِحَقِّكُمْ، مُسَلِّماً لَكُمْ، تابِعاً لِسُنَّتِكُمْ، وَنُصْرَتى لَكُمْ مُعَدَّةٌ، حَتّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَ هُوَ خَيْرُ الْحاكِمينَ، فَمَعَكُمْ مَعَكُمْ لامَعَ عَدُوِّكُمْ، صَلَواتُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ، وَ عَلى ارْواحِكُمْ وَاجْسادِكُمْ وَشاهِدِكُمْ وَغائِبِكُمْ، وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكاتُهُ، قَتَلَ اللَّهُ امَّةً قَتَلَتْكُمْ بِالْأَيْدى وَ الْأَلْسُنِ (1).
تنبيه: جعل المزار الكبير هذه الكلمات بمنزلة الاستئذان (2)، وقال بعد ذكرها. ثمّ أشر إلى الضريح وقل: السَّلامُ عَلَيْكَ ايُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ، الْمُطيعُ للَّهِ وَلِرَسُولِهِ، وَلِاميرِالْمُؤْمِنينَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ، الْحَمْدُ للَّهِ، وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذينَ اصْطَفى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُاللَّهِ وَبَرَكاتُهُ وَمَغْفِرَتُهُ، وَعَلى رُوحِكَ وَبَدَنِكَ، اشْهَدُ انَّكَ مَضَيْتَ عَلى ما مَضى عَلَيْهِ الْبَدْرِيُّونَ والْمُجاهِدُونَ فى سَبيلِ اللَّهِ، الْمُبالِغُونَ فى جِهادِ اعْدآئِهِ وَ نُصْرَةِ اوْلِيآئِهِ، فَجَزاكَ اللَّهُ افْضَلَ الْجَزآءِ، وَاكْثَرَ الْجَزآءِ، وَاوْفَرَ جَزآءِ احَدٍ مِمَّنْ وَفى بِبَيْعَتِهِ، وَاسْتَجابَ لَهُ دَعْوَتَهُ، وَاطاعَ وُلاةَ امْرِهِ، اشْهَدُ انَّكَ قَدْ بالَغْتَ فِى النَّصيحَةِ، وَاعْطَيْتَ غايَةَ الْمَجْهُودِ، حَتّى بَعَثَكَ اللَّهُ
ص: 227
فِى الشُّهَدآءِ، وَجَعَلَ رُوحَكَ مَعَ ارْواحِ السُّعَدآءِ، وَاعْطاكَ مِنْ جِنانِهِ افْسَحَها مَنْزِلًا، وَافْضَلَها غُرَفاً، وَرَفَعَ ذِكْرَكَ فِى الْعِلِّيّينَ، وَحَشَرَكَ مَعَ النَّبِيّينَ وَالصِّدّيقينَ وَالشُّهَدآءِ وَالصَّالِحينَ، وَحَسُنَ اوُلئِكَ رَفيقاً، اشْهَدُ انَّكَ لَمْ تَهِنْ وَلَمْ تَنْكُلْ، وَانَّكَ قَدْ مَضَيْتَ عَلى بَصيرَةٍ مِنْ امْرِكَ، مُقْتَدِياً بِالصَّالِحينَ، وَمُتَّبِعاً لِلنَّبِيّينَ، فَجَمَعَ اللَّهُ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ، وَبَيْنَ رَسُولِهِ وَاوْلِيآئِهِ فى مَنازِلِ الْمُخْبِتينَ، فَانَّهُ ارْحَمُ الرَّاحِمينَ* ثمّ صلِّ رَكعتين في جانب الرأس واهدِهما إلى جنابِه وقل: اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَلا تَدَعْ لى .... وهذا هو الدعاء الذي يُدعى به في مرقد العباس عليه السلام وسيأتي ذكره (ص 257). فإذا شِئت أن تودّعه فودِّعه بالوداع الذي سيذكر في زيارة العباس عليه السلام (1) (ص 258).
تقف عند قبره وتسلّم على رسول اللَّه صلى الله عليه و آله وتقول:
سَلامُ اللَّهِ الْعَظيمِ وَصَلَواتُهُ عَلَيْكَ يا هانِىَ بْنَ عُرْوَةَ، السَّلامُ عَلَيْكَ ايُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ، النَّاصِحُ للَّهِ وَلِرَسُولِهِ، وَلِأَميرِ الْمُؤْمِنينَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ، اشْهَدُ انَّكَ قُتِلْتَ مَظْلُوماً، فَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ قَتَلَكَ، وَاسْتَحَلَّ دَمَكَ، وَحَشى قُبُورَهُمْ ناراً، اشْهَدُ انَّكَ لَقيتَ اللَّهَ وَ هُوَراضٍ عَنْكَ بِما فَعَلْتَ وَنَصَحْتَ، وَاشْهَدُ انَّكَ قَدْ بَلَغْتَ دَرَجَةَ الشُّهَدآءِ، وَجُعِلَ رُوحُكَ مَعَ ارْواحِ السُّعَدآءِ، بِما نَصَحْتَ للَّهِ وَلِرَسُولِهِ مُجْتَهِداً، وَبَذَلْتَ نَفْسَكَ فى ذاتِ اللَّهِ وَمَرْضاتِهِ، فَرَحِمَكَ اللَّهُ وَرَضِىَ عَنْكَ، وَحَشَرَكَ مَعَ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرينَ، وَجَمَعَنا وَايَّاكَ مَعَهُمْ فى دارِ النَّعيمِ، وَسَلامٌ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ.
ثمّ صلِّ ركعتين وأهدهما إلى هانئ وادع لنفسك بما شئت (2).
ص: 228
بعد مسجد الكوفة يأتي مسجد السهلة الذي اصطلحت عليه بعض الروايات بمسجد «سُهَيل» ورواية اخرى «الشَّرى» وثالثة مسجد «بني ظفر»(1) وموضع عشّاق بقية اللَّه الأعظم إمام العصر والزمان (صلوات اللَّه عليه) وذكرت الروايات العديد من فضائله ومنها:
1. كان بيت إدريس عليه السلام وإبراهيم عليه السلام ومنزل الأنبياء والأوصياء والصالحين (2).
2. جاء في بعض الروايات «
فيه المعراج»(3)
الذي يمكن أن يكون إشارة إلى عروج المؤمنين المعنويّ من هذا المسجد، أو إشارة إلى أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله بعد أن هبط ليلة المعراج في مسجد الكوفة (حيث ورد في بعض الروايات أنّه صلى الله عليه و آله هبط وصلّى ركعتين في مسجد الكوفة)(4) دخل مسجد السهلة ومنه عرج إلى السماء.
3. ما صلّى فيه أحد فدعا اللَّه بنيّةٍ صادقةٍ إلّاصرفه اللَّه بقضاء حاجته ... وما من أحد استجاره إلّا أجاره اللَّه ممّا يخاف منه (5).
4. ما بعث اللَّه نبيّاً إلّاوقد صلّى فيه (6).
ص: 229
5. روى الشيخ الطوسي في التهذيب عن الإمام الصادق عليه السلام: «
فَإنَّهُ لَمْ يَأْتِهِ مَكْروبٌ إلّافَرَّجَ اللَّه كُرْبَتَهُ أو قَضى حاجَتَهُ»(1).
6. قال الإمام الصادق عليه السلام لأبي بصير: «
هُوَ مِنَ البِقاعِ الّتي أحَبَّ اللَّهُ أن يُدعى فِيها، وَمَا مِنْ يَومٍ وَلا لَيلةٍ إلّاوَالملائكةُ تَزورُ هَذا المَسجِدَ، يَعبُدونَ اللَّهَ فِيهِ»(2).
7. طبق رواية الصادق عليه السلام: «
المُقِيمُ فِيه (للعِبادَةِ) كالمُقِيمِ في فِسْطَاطِ رَسولِ اللَّهِ صلى الله عليه و آله وَما مِنْ مُؤمِنٍ وَلا مُؤمِنَةٍ إلّاوَقَلْبُهُ يَحِنُّ إلَيهِ»(3).
1. كما مضى، الصلاة ركعتين بين العشاءين ما صلّاها مكروب ودعا اللَّه إلّافرّج عنه كربته إن شاء اللَّه.
2. الأعمال التي ذكرها جمع من الأصحاب في مختلف الكتب (4)، واعتبر بعض الأعلام الإتيان بها ليلة الأربعاء أفضل من غيره من الأوقات (5) (ويستفاد من بعض الروايات- كما سيأتي- أنّ بعض هذه الأعمال من تعليم الخضر عليه السلام والأعمال هي: إذا أردت أن تدخل المسجد فقف على الباب وقل:
بِسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ، وَمِنَ اللَّهِ وَالَى اللَّهِ، وَما شآءَ اللَّهُ، وَخَيْرُ الْأَسْمآءِ للَّهِ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ، وَلا حَوْلَ وَ لا قُوَّةَ الَّا بِاللَّهِ الْعَلِىِّ الْعَظيمِ، اللهُمَّ اجْعَلْنى مِنْ عُمَّارِ مَساجِدِكَ وَبُيُوتِكَ، اللهُمَّ انّى اتَوَجَّهُ الَيْكَ بِمُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَ اقَدِّمُهُمْ بَيْنَ يَدَىْ حَوآئِجى فَاجْعَلْنِى اللهُمَّ بِهِمْ عِنْدَكَ وَجيهاً فِى الدُّنْيا وَالأخَرةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبينَ،
ص: 230
اللهُمَّ اجْعَلْ صَلاتى بِهِمْ مَقْبُولَةً، وَذَنْبى بِهِمْ مَغْفُوراً، وَرِزْقى بِهِمْ مَبْسُوطاً، وَدُعآئى بِهِمْ مُسْتَجاباً، وَحَوآئِجى بِهِمْ مَقْضِيَّةً، وَانْظُرْ الَىَّ بِوَجْهِكَ الْكَريمِ نَظْرَةً رَحيمَةً، اسْتَوْجِبُ بِهَا الْكَرامَةَ عِنْدَكَ، ثُمَّ لا تَصْرِفْهُ عَنّى ابَداً، بِرَحْمَتِكَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمينَ، يا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ وَالْأَبْصارِ، ثَبِّتْ قَلْبى عَلى دينِكَ، وَ دينِ نَبِيِّكَ وَوَلِيِّكَ، وَلا تُزِغْ قَلْبى بَعْدَ اذْ هَدَيْتَنى وَهَبْ لى مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً، انَّكَ انْتَ الْوَهَّابُ، اللهُمَّ الَيْكَ تَوَجَّهْتُ، وَمَرْضاتَكَ طَلَبْتُ، وَثَوابَكَ ابْتَغَيْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، اللهُمَّ فَاقْبِلْ بِوَجْهِكَ الَىِّ، وَاقْبِلْ بِوَجْهى الَيْكَ.
ثمّ اقرأ
آية الكرسيّ والمعوّذتين وسبّح اللَّه
سبع مرّات و
أحمده
سبعاً و
هلِّله
سبعاً و
كبّره
سبعاً ثمّ قل:
اللهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى ما هَدَيْتَنى وَلَكَ الْحَمْدُ عَلى ما فَضَّلْتَنى وَلَكَ الْحَمْدُ عَلى ما شَرَّفْتَنى وَلَكَ الْحَمْدُ عَلى كُلِّ بَلاءٍ حَسَنٍ ابْتَلَيْتَنى اللهُمَّ تَقَبَّلْ صَلاتى وَدُعآئى وَطَهِّرْ قَلْبى وَاشْرَحْ لى صَدْرى وَتُبْ عَلَىَّ انَّكَ انْتَ التَّوَّابُ الرَّحيمُ (1).
وادخل المسجد فصلِّ ركعتين وارفع يديك إلى السماء وقل:
انْتَ اللَّهُ لا الهَ الَّا انْتَ، مُبْدِئُ الْخَلْقِ وَمُعيدُهُمْ، وَانْتَ اللَّهُ لا الهَ الَّا انْتَ، خالِقُ الْخَلْقِ وَرازِقُهُمْ، وَانْتَ اللَّهُ لا الهَ الَّا انْتَ، الْقابِضُ الْباسِطُ، وَانْتَ اللَّهُ لا الهَ الَّا انْتَ، مُدَبِّرُ الأُمُورِ، وَباعِثُ مَنْ فِى الْقُبُورِ، انْتَ وارِثُ الْأَرْضِ وَمَنْ عَلَيْها، اسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الْمَخْزُونِ الْمَكْنُونِ الْحَىِّ الْقَيُّومِ، وَانْتَ اللَّهُ لا الهَ الَّا انْتَ، عالِمُ السِّرّ وَاخْفى اسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذى اذا دُعيتَ بِهِ اجَبْتَ، وَاذا سُئِلْتَ بِهِ اعْطَيْتَ، وَاسْئَلُكَ بِحَقِّكَ عَلى مُحَمَّدٍ وَاهْلِ بَيْتِهِ، وَ بِحَقِّهِمُ الَّذى اوْجَبْتَهُ عَلى نَفْسِكَ، انْ تُصَلِّىَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَانْ تَقْضِىَ لى حاجَتى السَّاعَةَ السَّاعَةَ، يا سامِعَ
ص: 231
الدُّعآءِ، يا سَيِّداهُ يا مَوْلاهُ يا غِياثاهُ، اسْئَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، اوِاسْتَاْثَرْتَ بِهِ فى عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، انْ تُصَلِّىَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَانْ تُعَجِّلَ فَرَجَنَا السَّاعَةَ، يا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ وَالأَبْصارِ، يا سَميعَ الدُّعآءِ.
ثمّ اسجد واخشع وادعُ اللَّه بما تريد(1)، ثمّ صلِّ ركعتين في الموضع المعروف بدار إبراهيم الخليل عليه السلام وقل بعد تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام:
اللَّهُمَّ بِحَقِّ هذِهِ الْبُقْعَةِ الشَّريفَةِ، وَبِحَقِّ مَنْ تَعَبَّدَ لَكَ فيها، قَدْ عَلِمْتَ حَوائِجى فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاقْضِها، وَقَدْ احْصَيْتَ ذُنُوبى فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاغْفِرْها لى اللَّهُمَّ احْيِنى ما كانَتِ الْحَياةُ خَيْراً لى وَامِتْنى اذا كانَتِ الْوَفاةُ خَيْراً لى عَلى مُوالاةِ اوْلِيآئِكَ، وَ مُعاداةِ اعْدآئِكَ، وَافْعَلْ بى ما انْتَ اهْلُهُ، يا ارْحَمَ الرَّاحِمينَ.
ثمّ تصلّي ركعتين في الزاوية الغربية الاخرى التي تقع في جهة القبلة، ثمّ ترفع يديك وتقول:
اللَّهُمَّ انّى صَلَّيْتُ هذِهِ الصَّلاةَ ابْتِغآءَ مَرْضاتِكَ، وَ طَلَبَ نآئِلِكَ، وَرَجآءَ رِفْدِكَ وَ جَوآئِزِكَ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَتَقَبَّلْها مِنّى بِاحْسَنِ قَبُولٍ، وَ بَلِّغْنى بِرَحْمَتِكَ الْمَأْمُولَ، وَافْعَلْ بى ما انْتَ اهْلُهُ، يا ارْحَمَ الرَّاحِمينَ.
ثمّ اهو إلى السجود وضع خدّيك على التراب ثمّ امعن إلى الزاوية الشرقية فصلِّ ركعتين وابسط يديك وقل:
اللَّهُمَّ انْ كانَتِ الذُّنُوبُ وَالْخَطايا قَدْ اخْلَقَتْ وَجْهى عِنْدَكَ، فَلَمْ تَرْفَعْ لى الَيْكَ صَوْتاً، وَلَمْ تَسْتَجِبْ لى دَعْوَةً، فَانّى اسْئَلُكَ بِكَ يا اللَّهُ، فَانَّهُ لَيْسَ مِثْلَكَ احَدٌ، وَاتَوَسِّلُ الَيْكَ بِمُحَمَّدٍ وَ آلِهِ، وَاسْئَلُكَ انْ تُصَلِّىَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَانْ
ص: 232
تُقْبِلَ الَىَّ بِوَجْهِكَ الْكَريمِ وَ تُقْبِلَ بِوَجْهى الَيْكَ، وَلا تُخَيِّبْنى حَيْنَ ادْعُوكَ، وَلا تَحْرِمْنى حَيْنَ ارْجُوكَ، يا ارْحَمَ الرَّاحِمينَ.
ثمّ ضع جانبي وجهك على التراب (وادع اللَّه)(1)، ثمّ تصلّي في البيت الذي وسط المسجد (المعروف بمقام زين العابدين عليه السلام) ركعتين وتقول:
يا مَنْ هُوَ اقْرَبُ الَىَّ مِنْ حَبْلِ الْوَريدِ، يا فَعَّالًا لِما يُريدُ، يا مَنْ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَ حُلْ بَيْنَنا وَ بَيْنَ مَنْ يُؤْذينا بِحَوْلِكَ وَقُوَّتِكَ، يا كافى مِنْ كُلِّ شَىْ ءٍ، وَلا يَكْفى مِنْهُ شَىْ ءٌ، اكْفِنَا الْمُهِمَّ مِنْ امْرِ الدُّنْيا وَالأخِرَةِ، يا ارْحَمَ الرَّاحِمينَ. ثمّ ضع جانبي وجهك على التراب (2).
جاء في بعض الروايات: ثمّ خرج (الخضر عليه السلام) من مسجد السهلة، وسألناه عن هذا المكان فقال: هذا المكان مقام الصالحين والأنبياء والمرسلين (3).
ويقرب من هذه البقعة موضع يعرف بمقام المهديّ عليه السلام ومن المناسب فيه زيارته عليه السلام، ونقل عن بعض الكتب أنّه ينبغي أن يزوره الزائر هنا بهذه الزيارة: «
سَلَامُ اللَّهِ الكامِلُ التَّامُّ ...»(4)
والتي سترد تحت عنوان الاستغاثة بإمام الزمان (عجّل اللَّه تعالى فرجه الشريف) (ص 344).
في بعض الروايات عن عليّ بن إبراهيم عن أبيه: ثمّ مضى (الخضر) من مسجد السهلة ودخل مسجداً صغيراً (قرب مسجد السهلة) وعليه السكينة والوقار فصلّى فيه ركعتين وبسط يديه وقال:
ص: 233
الهى قَدْ مَدَّ الَيْكَ الْخاطِئُ الْمُذْنِبُ يَدَيْهِ بِحُسْنِ ظَنِّهِ بِكَ، الهى قَدْ جَلَسَ الْمُسيى ءُ بَيْنَ يَدَيْكَ، مُقِرّاً لَكَ بِسُوءِ عَمَلِهِ، وَراجِياً مِنْكَ الصَّفْحَ عَنْ زَلَلِهِ، الهى قَدْ رَفَعَ الَيْكَ الظَّالِمُ كَفَّيْهِ، راجِياً لِما لَدَيْكَ، فَلا تُخَيِّبْهُ بِرَحْمَتِكَ مِنْ فَضْلِكَ، الهى قَدْ جَثَا الْعآئِدُ الَى الْمَعاصى بَيْنَ يَدَيْكَ، خآئِفاً مِنْ يَوْمٍ تَجْثُو فيهِ الْخَلائِقُ بَيْنَ يَدَيْكَ، الهى جآءَكَ الْعَبْدُ الْخاطِئُ فَزِعاً مُشْفِقاً، وَرَفَعَ الَيْكَ طَرْفَهُ حَذِراً راجِياً، وَفاضَتْ عَبْرَتُهُ مُسْتَغْفِراً نادِماً، وَعِزَّتِكَ وَجَلالِكَ ما ارَدْتُ بِمَعْصِيَتى مُخالَفَتَكَ، وَما عَصَيْتُكَ اذْ عَصَيْتُكَ وَانَا بِكَ جاهِلٌ، وَلا لِعُقُوبَتِكَ مُتَعَرِّضٌ، وَ لا لِنَظَرِكَ مُسْتَخِفٌّ، وَلكِنْ سَوَّلَتْ لى نَفْسى وَاعانَتْنى عَلى ذلِكَ شِقْوَتى وَغَرَّنى سِتْرُكَ الْمُرْخى عَلَىَّ، فَمِنَ الأنَ مِنْ عَذابِكَ مَنْ يَسْتَنْقِذُنى وَ بَحَبْلِ مَنْ اعْتَصِمُ انْ قَطَعْتَ حَبْلَكَ عَنّى فَيا سَوْاتاهُ غَداً مِنَ الْوُقُوفِ بَيْنَ يَدَيْكَ، اذا قيلَ لِلْمُخِفّينَ جُوزُوا، وَلِلْمُثْقِلينَ حُطُّوا، افَمَعَ الْمُخِفّينَ اجُوزُ، امْ مَعَ الْمُثْقِلينَ احُطُّ، وَيْلى كُلَّما كَبُرَ سِنّى كَثُرَتْ ذُنُوبى وَيْلى كُلَّما طالَ عُمْرى كَثُرَتْ مَعاصِىَّ، فَكَمْ اتُوبُ وَكَمْ اعُودُ، اما آنَ لى انْ اسَتَحْيِىَ مِنْ رَبّى اللَّهُمَ فَبِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، اغْفِرْ لى وَارْحَمْنى يا ارْحَمَ الرَّاحِمينَ، وَخَيْرَ الْغافِرينَ.
ثمّ بكى ووضع خدَّه الأيمن على الأرض وقال:
ارْحَمْ مَنْ اسآءَ وَاقْتَرَفَ وَاسْتَكانَ وَاعْتَرَفَ.
ثمّ بكى ووضع خدَّه الأيسر على التراب وقال:
عَظُمَ الذَّنْبُ مِنْ عَبْدِكَ، فَلْيَحْسُنِ الْعَفْوُ مِنْ عِنْدِكَ يا كَريمُ.
ثمّ مضى، فسألناه عن هذا المكان فقال: إنّه مسجد زيد بن صوحان صاحبَ عليِّ بن أبي طالبٍ عليه السلام وَهَذا دُعاؤُهُ وَتَهَجُّدهُ، ثمّ غاب عنّا فَلَم نَرَهُ (1).
ص: 234
تنبيه: قال المرحوم السيّد ابن طاووس في مصباح الزائر: ثمّ عد إلى السجود وقل:
العفو العفو
مائة مرّة(1).
ذكر المرحوم السيّد ابن طاووس في مصباح الزائر(2) الصلاة ركعتان في هذا المسجد والدعاء:
«اللَّهُمَّ يا ذَا الْمِنَنِ السَّابِغَةِ وَالْآلاءِ الْوازِعَةِ
...» الذي ورد في أعمال أيّام شهر رجب. رغم ما رواه المرحوم العلّامة المجلسي (3) عن مزار الشهيد والمزار الكبير وإقبال السيّد ابن طاووس: أنّه شوهد فيه الإمام الغائب صاحب العصر عليه السلام شاهده فيه جمع من الأصحاب في شهر رجب يصلّي ركعتين ويدعو بالدعاء (لعلّه عليه السلام دعا بهذا الدعاء بمناسبة شهر رجب لا من باب أنّه مختصّ بهذا المسجد) لكن من المناسب قراءة هذه المناجاة الرفيعة والعميقة المعاني في هذا المسجد في سائر الأوقات.
ينسب المسجدان لزيد بن صوحان وصعصعة بن صوحان وهما أخوان من أصحاب عليّ عليه السلام.
زيد من كبار أصحاب أميرالمؤمنين عليه السلام ويعدُّ من الأبدال، وقد استشهد في ركابه عليه السلام في واقعة الجمل (4) والدعاء السالف هو دعاؤه الذي كان يدعو به في نافلة الليل (5). أخوه صعصعة بن صوحان أيضاً من أصحاب أميرالمؤمنين عليه السلام ومن العارفين بحقّه ومن أكابر المؤمنين، وقد بلغ في الفصاحة والبلاغة مبلغاً حيث لقبّه أميرالمؤمنين عليه السلام بالخطيب الشحشح (6). وأثنى عليه بالفصاحة وجودة الخطب، كما مدحه بقلّة المؤونة وكثرة المعونة(7). وقد حضر صعصعة تشييع جثمانه الشريف ليلًا، ولمّا لحد أميرالمؤمنين عليه السلام وقف صعصعة على القبر وأخذ كفّاً من التراب
ص: 235
فأهاله على رأسه وقال: بأبي أنت وامّي يا أميرالمؤمنين، هنيئاً لك يا أبا الحسن، فلقد طاب مولدك وقوي صبرك وعظم جهادك وبلغت ما أمّلت وربحت تجارتك ومضيت إلى ربّك ... وبكى بكاءً شديداً وأبكى كلّ من كان معه (1). وبذلك فقد انعقد في جوف الليل مأتم يخطب فيه صعصعة ويحضره الإمامان الحسنان عليهما السلام ومحمّد بن الحنفيّة وأبوالفضل العبّاس وغيرهم من أبنائه وأقاربه. رحمة اللَّه ورضوانه عليه.
-*-*-*-
ص: 236
لما كانت الروايات الواردة في فضل زيارة الحسين عليه السلام كثيرة جدّاً، رأينا من المناسب أن نضع فهرستاً لعظيم الفضل في هذه الروايات، وتوصلنا إلى الإشارة إلى أهم المصادر المعتمدة لدى أعلام الشيعة، أي كتاب «كامل الزيارات»(1) (تأليف المحدّث والفقيه الجليل صاحب الصدق والأمانة استاذ المرحوم الشيخ المفيد رحمه الله وجمع من الأعلام الأفاضل، جعفر بن محمّد بن قولويه)؛ والذي اعتمدناه في الفصل المتعلّق بزيارة النبيّ صلى الله عليه و آله وسائر الأئمّة عليهم السلام 83 باباً من بين 108 أبواب هذا الكتاب تتعلّق بفضائل الإمام الحسين عليه السلام وبعض أصحابه فضمّ أكثر من 560 رواية، وسنكتفي بالمرور على الروايات الكثيرة المرويّة في زيارته عليه السلام:
1. «
لَيْسَ مِن مَلَكٍ مُقَرّبٍ وَلا نَبِيٍ مُرْسَلٍ إلّاوهو يَسْألُ اللَّه تعالى أن يَزورَ الحُسَينَ عليه السلام فَفَوْجٌ يَهْبِطُ وَفَوْجٌ يَصْعَدُ»(2).
2. «
يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ كُلَّ مَساءٍ سَبْعُونَ ألْفَ مَلَكٍ يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ الْحَرامِ ثُمَّ يَزُورُونَ قَبْرَ رَسولِ اللَّهِ صلى الله عليه و آله وَقَبْرَ أميرِالمُؤمِنين عليه السلام ثُمَّ يأتُونَ قَبْرَ الحُسَينِ عليه السلام ثُمَّ يَعْرُجونَ إلى السَّماءِ قَبْلَ أن تَغِيبَ الشَّمْسُ»(3).
3. روى أحد أصحاب الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: «
إنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه و آله وعليّ عليه السلام وفَاطِمة عليها السلام
ص: 237
والأئمّة عليهم السلام يَدعُونَ لِزوّارِ الحُسينِ عليه السلام»(1)
. وروى قائلًا: دخلت على الصادق عليه السلام فسمعته يناجي ربّه ويدعو في سجوده بهذا الدعاء ... (دعاء غاية في العظمة والمضامين الرفيعة بحقّ زوّار الإمام الحسين عليه السلام والذي ورد في كامل الزيارات) فلمّا رفع رأسه قال «
مَن يَدعُو لِزوّارِهِ فِي السَّماءِ أكثَرُ ممّن يَدعُو لَهُم فِي الأرضِ»(2)
وروى أنّه عليه السلام قال: «
أما تُحبُّ أنْ تَكُونَ غَداً فِي مَنْ يَأتِي وَلَيسَ عَلَيهِ
ذَنْبٌ فيتبَع بهِ؟ أما تُحبّ أن تَكُونَ ممّنْ يُصافِحُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه و آله؟»(3)
. (فلا تنس زيارته عليه السلام).
4. «
أربَعةُ آلافِ مَلَكٍ عِندَ قَبرِ الحُسَينِ عليه السلام، لا يَزورُهُ زائِرٌ إلّااسْتَقْبَلوهُ، وَلا يُوَدِّعُهُ مُوَدِّعٌ إلّا شَيَّعُوهُ، وَلا يَمْرضُ إلّاعادُوه، ولا يَموتُ إلّاصَلُّوا على جَنازَتِه، واستَغْفَروا له بَعد مَوتِه»(4)
. وطبق رواية اخرى: «
فإن هلك في سفره نزلت الملائكة فغسّلته، وفُتِحَتْ له أبواب الجنّة»(5).
5. «
وَكَّلَ اللَّهُ بِقَبْرِ الحُسَينِ عليه السلام سَبْعينَ ألفَ مَلَكٍ يَعبُدون اللَّهَ عِندَه، الصَّلاةُ الواحِدَةُ مِن صَلاةِ أحَدِهِم تَعْدِلُ ألْفَ صَلاةٍ مِن صَلاةِ الآدَميّين، يَكونُ ثَوابُ صَلاتِهِم لِزُوّارِ الحُسَينِ عليه السلام»(6).
6. «
مَنْ صَلّى عِندَه رَكْعَتَيْنِ لَمْ يَسألِ اللَّهَ تَعالى شَيْئاً إلّاأعْطاهُ إيّاهُ. وإذا اغْتَسَلَ مِن مَاءِ الفُراتِ وهو يُريدُه تَساقَطَتْ عَنهُ خَطاياهُ كَيَومِ وَلَدَتْهُ امُّهُ، ولِمَن يُجَهِّزُ إلَيهِ يُعطِيهِ اللَّهُ بِكُلِّ دِرْهَمٍ أنْفَقَهُ مِثل أُحُدَ مِنَ الحَسَناتِ وَيَصْرِفُ عَنهُ مِنَ البَلاءِ مِمّا قَدْ نَزَل لِيُصِيبَهُ ويَدْفَعُ عنه ويُحْفَظُ في مَالِه»(7).
7. روى أحد أصحاب الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: «
مَن أتى قَبرَ أبي عَبداللَّهِ عليه السلام فَقَد وَصلَ رَسولَ اللَّهِ صلى الله عليه و آله وَوصَلَنا وَحَرُمَت غِيبَتُهُ وَحَرمَ لَحمُهُ عَلَى النَّارِ، وَكانَ اللَّهُ لَهُ مِن وَراءِ حَوائِجِهِ وَحُفِظَ فِي كُلِّ ما خَلّفَ، ولم يَسألِ اللَّهَ شَيئاً إلّاأعطاهُ وأجابَهُ فِيهِ إمّا أنْ يُعَجِّلَهُ وإمّا أن يُؤَخِّرَهُ لَهُ»(8).
وطبق رواية اخرى: «
يُكْتَبُ لَهُ بِكُلِّ دِرْهَمٍ أَنْفَقَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَيَعودُ إلى أهْلِهِ ولا ذَنْبَ عَلَيهِ»(9)
. وطبق رواية اخرى: «
ورِضا اللَّه خَيْرٌ لَه ودُعاءُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله ودُعاءُ أميرِالمؤمنينَ والأئِمَّةُ خَيْرٌ له»(10).
8. «
وَلِمَنْ تَرَكَ زِيارَةَ الحُسَينِ عليه السلام رَغْبَةً عنهُ، الحَسْرَةُ يَوْمَ الحَسْرَةِ»(11)
، «وقَدْ عَقَّ رَسولَ اللَّهِ صلى الله عليه و آله
وعَقَّنا»(12).
ص: 238
9. روى بشير الدّهان أنّ الإمام الصادق عليه السلام قال له: «
إذا خَرَجَ مِن أهلِهِ بأوَّلِ خُطْوَةٍ مَغْفِرةُ ذنُوبِهِ، ثُمّ لَم يَزلْ يُقدّس بكلِّ خُطوةٍ حَتّى يَأتِيَهُ، فإذا أتاهُ ناجاهُ اللَّهُ تَعالى فَقَالَ: عَبدِي سَلْنِي أُعْطِكَ، ادعُنِي أُجِبْكَ، أُطْلُبْ مِنّي أُعْطِكَ، وَحَقٌّ عَلى اللَّهِ أن يُعطِيَ ما بَذلَ»(1).
وجاء في رواية اخرى: «
إنَّ للَّهِ مَلائِكةً مُوَكَّلِين بِقَبْرِ الحُسَينِ عليه السلام فإذا همَّ بِزِيارَتِهِ الرَّجُلُ أعْطاهُمُ اللَّهُ ذُنوبَهُ، فإذا خَطا مَحَوْها، ثُمَّ إذا خَطا ضاعَفُوا لَهُ حَسَناتِه، فَما تَزالُ حَسَناتُهُ تَتَضاعَفُ حَتّى تُوجِبُ لَهُ الجَنَّةَ، ثُمَّ اكتَنَفُوهُ وقَدَّسُوهُ ويُنادونَ مَلائِكَةَ السَّماءِ أن قَدِّسُوا زُوّارَ حَبيبِ حَبيبِ اللَّه، فإذا اغْتَسَلوا نَاداهُم مُحَمَّدٌ صلى الله عليه و آله: يا وَفْدَ اللَّهِ أبْشِرُوا بِمُرافَقَتِي في الجَنَّةِ، ثُمَّ ناداهُم أميرُالمُؤْمِنين عليه السلام: أنا ضامِنٌ لِقَضاءِ حَوائِجِكُمْ ودَفْعِ البَلاءِ عَنكُم في الدُّنيا والآخِرَةِ، ثُمَّ التَقاهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله عَن أيْمانِهِم وعَن شَمائِلِهم حَتّى يَنْصَرِفوا إلى أهالِيهم»(2).
تنبيه مهمّ:
معلوم أنّ هذا الثواب العظيم والأجر الجزيل لمن كان عارفاً بحقّ الحسين عليه السلام عالماً بالهدف الذي ثار من أجله، والطريق الذي استشهد لأجله، ويجعل إرتباطه به حين الزيارة، ويقتدي بأهدافه ويستنّ عملياً بمضامين الزيارة، ويعود بروحية جديدة من زيارة قبره، ومن هنا استهلّت رواية ابن عبّاس عن النّبيّ صلى الله عليه و آله في جزيل أجر زيارة الحسين عليه السلام بالعبارة «
عارفاً بحقّه»(3).
الآداب التي ينبغي للزائر مراعاتها في طريقه إلى الزيارة كما يلي (طبعاً بعض هذه الآداب ليست متيسّرة في الظروف القائمة، نكتفي بما أمكن منها):
1. أن يصوم ثلاثة أيّام قبل الخروج من بيته ويغتسل في اليوم الثالث، ويجمع أهله وعياله ويقول:
اللَّهُمَّ انّى اسْتَوْدِعُكَ الْيَوْمَ نَفْسى وَاهْلى وَمالى وَ وُلْدى وَكُلَّ مَنْ كانَ مِنّى بِسَبيلٍ، الشَّاهِدَ مِنْهُمْ وَالْغآئِبَ، اللهُمَّ احْفَظْنا بِحِفْظِ الْإيمانِ، وَاحْفَظْ عَلَيْنا،
ص: 239
اللهُمَّ اجْعَلْنا فى حِرْزِكَ، وَلا تَسْلُبْنا نِعْمَتَكَ، وَلا تُغَيِّرْ ما بِنا مِنْ نِعْمَةٍ وَعافِيَةٍ، وَزِدْنا مِنْ فَضْلِكَ، انَّا الَيْكَ راغِبُونَ (1).
2. ثمّ يخرج من منزله خاشعاً ويُكثِر من قول «
لَا الهَ إِلَّا اللَّه
» و «
اللَّهُ اكْبَر
» و «
الْحَمْدُ لِلَّهِ
» والصلاة على النّبيّ وآله صلوات اللَّه عليهم ويمضي وعليه السكينة والوقار(2) ويعلم أنّ لكلّ مشقّة يتحمّلها ثواباً وأجراً عظيماً.
3. قال الإمام الصادق عليه السلام: «
إذا أردتَ زِيارةَ الحُسينِ عليه السلام فَزُرْهُ وأنتَ كَئِيبٌ حَزِينٌ مَكرُوبٌ، شَعثاً، مُغْبَرّاً، جَائِعاً، عَطشاناً، فإنّ الحُسينَ عليه السلام قُتِلَ حَزيناً مكروباً شَعثاً مُغْبَرّاً جَائعاً عطشَاناً، وَسَلْهُ الحَوائجَ وانصَرِف عَنهُ ولا تَتَّخِذْهُ وَطَناً»(3).
4. أن لا يتّخذ الزاد في سفر زيارته عليه السلام ممّا لذّ وطاب من الغذاء، بل يتغذّى بالخبز واللبن، فقد قال الإمام الصادق عليه السلام: «
بَلَغني أنّ قَوماً إذا زاروا الحُسينَ عليه السلام حَمَلوا مَعَهُم السُّفْرَةَ فِيها الجِداء والأخْبِصَة وأشْباهِه، ولو زَارُوا قُبورَ أحِبّائهِم ما حَمَلوا مَعَهم هذا»(4).
5. ممّا ندب إليه في سفر الزيارة، التواضع والتذلّل، قال الإمام الصادق عليه السلام: «
مَن أتى قَبرَ الحُسينِ عليه السلام ماشِياً كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ ألفَ حَسَنَةٍ»(5).
6. فإذا أتَيْتَ الفُراتَ فَاغتَسِلْ وامْشِ حافِياً(6).
يمرّ شطّ الفرات بكربلاء وقريباً من النجف، أي الكوفة المتّصلة الآن بالنجف. وقد وردت عدّة روايات في مصادرنا الروائية ومنها كامل الزيارات لابن قولويه في فضيلة ماء الفرات وبركاته ومنها:
ص: 240
أ) روى أحد أصحاب الإمام الباقر عليه السلام أنّ رجلًا من أهل الكوفة أتى الإمام عليه السلام فسأله عليه السلام:
«أتَغْتَسِل مِن فُراتِكُم فِي كُلِّ يَومٍ مَرّةً؟ قَالَ: لا. قَالَ: فَفِي كُلِّ جُمُعَةٍ؟ فَقالَ: لا. قَالَ: كُلّ شَهرٍ؟ قَالَ:
لا. قَالَ: كلّ سَنةٍ؟ قال: لا. فقال: إنّك لَمَحرُومٌ مِنَ الخَيرِ»(1).
ب) فسّر الإمام الصادق عليه السلام الآية: وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ (2) التي وردت بشأن مريم وابنها عيسى عليهما السلام، بالنجف وماء الفرات (3).
ج) قال في رواية اخرى: «
لَو كُنتُ عِندَهُ لأحْبَبْتُ أنْ آتِيهِ طَرَفَي النَّهارِ»(4).
د) وورد في رواية معتبرة عن علي عليه السلام أنّه قال: «
الماءُ سَيّد شَرابِ الدُّنْيا وَالآخِرةِ، وأربَعةُ أنْهارٍ فِي الدُّنْيا مِنَ الجَنَّةِ: الفُراتُ، وَالنِّيلُ، وَسَيحانُ وَجَيْحانُ. الفُراتُ: المَاء، وَالنِّيلُ: العَسَل، وسَيحان:
الخَمْر وَجَيحان: اللَّبَن»(5).
تنبيه: لا يلزم الإغتسال في نفس النّهر للتبرُّك بماء الفرات، بل يمكن الاستفادة من الأنابيب الممتدّة من ماء الفرات له، هذه البركة إن شاء اللَّه.
7. مساعدة المعوزين والمتخلّفين في الطريق والاهتمام قدر المستطاع بحلّ مشاكلهم وإيصالهم إلى منازلهم؛ فقد روى الشيخ الكليني بسند معتبر، أنّ الإمام الصادق عليه السلام خاطب جماعة ممّن حضروا عنده فقال: «
مَا لَكُمْ تَسْتَخِفُّونَ بِنا؟
» قال: فقام إليه رجل من خراسان فقال:
معاذ لوجه اللَّه أن نستخفّ بك أو بشي ء من أمرك، فقال عليه السلام: «
بَلى لِأنَّكَ أحَدُ مَنِ اسْتَخَفَّ بِي
». فقال: معاذ لوجه اللَّه أن استخفّ بك. فقال عليه السلام: «
وَيْحَكَ أوَلَمْ تَسْمَع فُلاناً وَنَحْنُ بِقُرْبِ الجُحْفَةِ وَهُوَ يَقُولُ لَك: احْمِلْني قَدْرَ مِيلٍ فَقَدْ واللَّهِ أعْيَيتُ، واللَّهِ ما رَفَعْتَ بهِ رَأْساً ولَقَدِ اسْتَخْفَفْتَ بِهِ ومَنِ اسْتَخَفَّ بِمُؤمنٍ فَبِنا اسْتَخَفَّ وضَيَّعَ حُرْمَةَ اللَّهِ عزَّوجلَّ»(6).
جدير ذكره أنّ هذه النقطة لا تختصّ بزوّار الحسين عليه السلام، فلابدّ من التركيز عليها في كلّ سفر للزيارة، كالقصة التي مضت في عليّ بن يقطين بشأن آداب مطلق الزيارات.
8. يلزم زائر الحسين عليه السلام حسن الصحبة لمن يصحبه، وقلّة الكلام إلّابخير، وكثرة ذكر اللَّه ونظافة الثياب والغسل قبل أن يأتي الحائر، والخشوع وكثرة الصلاة، والصلاة على محمّد وآل
ص: 241
محمّد، وغضّ البصر، والمواساة للإخوان إن انقطعوا، والورع عمّا نهي عنه، وقد روى محمّد بن مسلم كلّ هذه الآداب عن الإمام الصادق عليه السلام (1).
9. روي عن أبي سعيد المدائنيّ قال: «
دَخلَتُ على أبي عبداللَّه الصّادقِ عليه السلام فَقُلتُ: جُعِلتُ فِداكَ آتى قَبرَالحُسينِ عليه السلام؟ قالَ: نَعم يا أباسَعيد إئتِ قَبرَ الحُسينِ أطْيَبِ الطَّيّبينِ وأطْهَرِ الأطْهَرينَ وأبَرِّ الأبرارِ فإذا زُرتَهُ فسَبّح عِندَ رأسهِ تَسْبِيحَ أميرِالْمُؤْمِنينَ عليه السلام ألْفَ مَرّةٍ وَسَبِّح عِندَ رِجلَيهِ تَسْبِيحَ فاطِمةَ الزّهراءِ عليها السلام ألفَ مَرّةٍ ثُمّ صلِّ رَكْعَتَيْنِ تَقرأ فِيهِما يس والرّحمن، فإذا فَعَلتَ ذَلكَ كَتَبَ اللَّهُ لَكَ ثَوابَ ذَلِكَ»(2).
10. أن تصلّي الفرائض والنوافل عند قبر الحسين عليه السلام فإنّ الصلاة عنده مقبولة، فالفريضة عنده تعدل الحجّ والنافلة تعدل العمرة(3).
تنبيه: أ) ظاهر الأخبار أنّه يمكن الإتيان بصلاة الزيارة وغيرها خلف قبره عليه السلام (4)، (طبعاً من أراد الصلاة عند رأسه فليتراجع إلى الخلف حتّى لا يكون محاذياً للقبر الشريف).
ب) الأفضل أن يقرأ في الركعة الاولى الحمد وسورة يس وفي الركعة الثانية الحمد والرحمن عند الرأس الشريف (5).
ج) روى ابن قولويه عن الإمام الباقر عليه السلام أنّه قال لشخص: «
ما يَمْنَعُكَ إذا عَرَضَتْ لَكَ حَاجَةٌ أن تأتِيَ قَبْرَ الحُسَيْنِ عليه السلام فَتُصَلّي عِندَهُ أرْبَعَ رَكَعاتٍ ثُمَّ تَسْأل حاجَتَك، فإنَّ الصَّلاةَ فَرِيضَةً عِندَه تَعْدِلُ حِجّةً، والصَّلاةُ نافِلَةً عِندَهُ تَعْدِلُ عُمْرَةً»(6).
ويفهم من رواية ابن أبي يعفور أنّ من يصلّي عنده ركعتين أو أربع ركعات ثمّ يسأل اللَّه حاجته قضاها له (7). ولما قال ابن أبي يعفور للإمام عليه السلام: دعاني الشوق إليك أن تجشّمت إليك على مشقّة، فقال لي: «
لا تَشُكَّ فِي رَبِّكَ، فَهَلّا أتَيْتَ مَن كانَ أعْظَمُ حَقّاً عَلَيك مِنّي
». قال ابن أبي يعفور: فكان من قوله: «
فَهَلّا أتَيْتَ مَن كان أعْظَمَ حَقّاً عليك مِنّي
» أشَدّ عليَّ مِن قوله: «
لا تَشُكّ في رَبِّك
»، قلت:
ص: 242
ومن أعظَمِ عليَّ حقّاً منّك؟ قال: «
الحُسَينُ بنُ عَليٍّ عليهما السلام، ألَا أتَيْتَ الحُسَينَ عليه السلام فدَعَوْتَ اللَّهَ عِندَهُ وَشَكَوْتَ إليه حَوائِجَك»(1).
جاء في الروايات (2) أنّ اللَّه أعطى الحسين عليه السلام بقتله: «
أرْبَع خِصالٍ: جَعَلَ الشِّفاءَ فِي تُرْبَتِهِ،
وإجابَةَ الدُّعاءِ تَحتَ قُبَّتِهِ وَالائِمّةَ مِن ذُريّتِه وأن لا يَعدَّ أيّام زائريهِ مِن أعْمارِهِم»(3)
. ذكر الشيخ عباس القمي رحمه الله إنّ ما صرّحت به الروايات من إجابة الدعاء:
«تَحْتَ قُبَّتِهِ»
من الامور التي أعطاها اللَّه الحسين عليه السلام ولذلك ينبغي أن يغتنم الزائر ذلك فيجدّ بالتضرع والدعاء والإنابة ويتوسّل إلى اللَّه بأفضل الأدعية. ونشير هنا إلى أربعة منها:
أوّلًا: الدعاء الوارد في زيارة أمين اللَّه (ص 174) إلى جانب هذه الزيارة (التي تعتبر كما مضى من الزيارات المطلقة لأميرالمؤمنين والمعتبرة) فيزور بها الإمام الحسين عليه السلام، فكما أسلفنا يمكن الزيارة بها في جميع المشاهد الشريفة.
ثانياً: الدعاء الذي ورد أواخر هذا القسم بعد