بطاقة تعريف: تربتي كربلايي، حيدر، 1338 -
عنوان واسم المؤلف: زيارات ذبيح آل محمد صلوات الله عليهم و سلم العاشورائيه/ آیه الله الشیخ حیدر التربتي الکربلایي.
تفاصيل المنشور: تهران: فرصاد، 1429ق= 2008م= 1387.
خصائص المظهر: 366 ص.
الشبك: 978-964-2992-28-4
حالة الاستماع: الاستعانة بمصادر خارجية.
يادداشت : عربي.
يادداشت : فهرس: ص 351 - 361؛ أيضا مع الترجمة.
عنوان : حسين بن علي علیه السلام، امام سوم، 4 - 61ق -- خطابات الحج
عنوان : حسين بن علي علیه السلام، امام سوم، 4 - 61ق -- مزار -- الحج
ترتيب الكونجرس: BP263/2/ت4ز9 1387
تصنيف ديوي: 297/7645
رقم الببليوغرافيا الوطنية: 1299145
الأعمال الخيرية الرقمية: جمعية الإمام زمان (عج) أصفهان المساعدة
ص: 1
زيارات ذبيح آل محمد صلوات الله عليهم و سلم العاشورائية
آیه الله الشیخ حیدر التربتي الکربلایي
التّربتي الكربلائي، آيةالله الشّيخ حيدر
زيارات ذبيح آل محمّد علیهم السلام العاشورائيّة
تأليف: آيةالله الشّيخ حيدر التّربتي اليربلائي، تهران، فرصاد ، 1429 ه / 2008ميلادي
ISBN: 978-964-2992-28-4
الكتاب عربي، 368 صفحة.
1. الحسین بن علی علیه السلام الامام الثالث 4-61 ه.ق-زیارت
2. الحسین بن علی علیه السلام الامام الثالث 4-61 ه.ق-المرقد الحسینی-الزیارة
3. الحسین بن علی علیه السلام الامام الثالث 4-61 آداب الزیارة و طقوسها
4. المراقد و العتبات الإسلاميّة – العراق.
5. الزّيارات. الف: عنوان.
زیارات ذبیح آل محمد علیهم السلام العاشورائیه
آیة الله الشیخ حیدر التربتی الکربلائی
فرصاد/طهران: 989125514426
الطبعة الاولی/3000 نسخة
1429 ه/ 2008 میلادی
ISBN: 978-964-2992-28-4
الاتصال بالمولف:
E-mail:Zabihe.ale.mohammad@gmail.com
جميع حقوق الطّبع محفوظة للمؤلّف
ص: 2
بسم الله الرحمن الرحیم
ص: 3
ص: 4
ص: 5
ص: 6
بسم الله الرحمن الرحیم
الحمد لله ربّ العالمين و صلّي الله علي محمّد و آله الطّيّبين الطّاهرين و لعنة الله علي أعدائهم و ظالميهم و غاصبي حقوقهم و مخالفيهم و منكري فضائلهم و مناقبهم و مدّعي شئونهم و مراتبهم و الرّاضين بذلك.
قال الله جلّ جلاله: «...قُلْ لَا أسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أجْراً إلّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً(1) نَزِدْ لَهُ فيها حُسْناً(2) إنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (3)
و قال رسول الله صلی الله عیه و آله و سلم: ... وَ الَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ نَبِيّاً إنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ فِي السَّمَاءِ أكْبَرُ مِنْهُ فِي الْأرْضِ، فَإنَّهُ لَمَكْتُوبٌ عَنْ يَمِينِ عَرْشِ اللَّهِ: مِصْبَاحُ هُدًى وَ سَفِينَةُ نَجَاةٍ، وَ إمَامُ غَيْرِ وَهْنٍ (خَيْرٍ وَ يُمْنٍ) وَ عِزٍّ وَ فَخْرٍ وَ بَحْرُ عِلْمٍ وَ ذُخْرٍ..(4)
ص: 7
و قال صلی الله علیه و آله و سلم لجماعة المسلمين في زمانه: يَا أيُّهَا النَّاسُ! هَذَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، فَاعْرِفُوهُ، فَوَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنَّهُ لَفِي الْجَنَّةِ، وَ مُحِبِّيهِ فِي الْجَنَّةِ، وَ مُحِبِّي مُحِبِّيهِ فِي الْجَنَّة.(1)
الأوجب بعد معرفة الله تعالى، معرفة الرّسول و الإمام؛ كما قال الرّسول الأكرم صلی الله علیه و آله و سلم: مَن مَاتَ وَ لَمْ يَعْرِفْ إمَامَ زَمَانِهِ مَاتَ مِيتَةً جَاهِليَّةً.(2)
و أداء حقّ الرّسالة مودّة أهل بيت النّبوّة علیهم السلام، الّتي هي أفضل الحسنات و القربات إلى الله تعالى. و الّتي تشمل الإقرار بهم و بمراتبهم و إظهار محبّتهم و تفدية ما نملكه من نفس و مال و أهل فيهم و في طريقهم و منها زيارتهم، خاصّة زيارة الإمام أبي عبدالله الحسين علیه السلام و بالخصوص في الأيّام الخاصّة، و من أفضل أوقات زيارة أبي عبدالله الحسين علیه السلام، يوم عاشوراء و أفضل الأمكنة حرمه الشّريف في كربلاء المقدّسة. في زيارة أبي عبدالله الحسين علیه السلام يتجلّى الإيمان، أداء حقّ الرّسول و آله الأطهار علیهم السلام؛ الّذين هم علّة التّكوين و التّشريع و الجزاء، و أركان التّوحيد و أساس الدّين(3). زيارة الحسين علیه السلام زيارة الله تعالى و إجابة الإمام يوم عاشوراء حين نادى:
ص: 8
هَلْ مِنْ ذَابٍّ يَذُبُّ عَنْ حَرَمِ رَسُولِ اللَّهِ، هَلْ مِنْ مُوَحِّدٍ يَخَافُ اللَّهَ فِينَا، هَلْ مِنْ مُغِيثٍ يَرْجُوا اللَّهَ فِي إغَاثَتِنَا...(1) .
ص: 9
و مبايعة الحسين علیه السلام و محاربة أعدائه عبر التّاريخ و إعلان البرائة من أعداء آل محمّد علیهم السلام و محاكمة الظّالمين و إعلان النّصرة و التّهيّؤ و الإعداد لنصرة طالب ثأرالحسين علیه السلام ، الإمام المنتظر عجل الله تعالی فرجه الشریف.
و من الزّيارات الخاصّة به علیه السلام؛ زيارته في يوم عاشوراء يوم مقتله علیه السلام؛ و هو اليوم العظيم الّذي لا مثيل له في التّاريخ، و وجدت خمسة منها منصوصة عن أهل بيت العصمة و الطّهارة، الإمام الباقر و الإمام الصّادق علیه السلام و الإمام المنتظر عجل الله تعالی فرجه الشریف.
و كتابنا هذا يشمل: سبعة أبواب في فضيلة زيارته علیه السلام، و زياراته الخمسة في يوم عاشوراء و زيارة أخيه أبي الفضل العبّاس علیه السلام و وداعه و وداع الإمام علیه السلام و الشّهداء عن مصادرها الأوليّة، مع ذكر إختلافات الألفاظ برواياتها عن نسخها العديدة. و أروي الجميع بأسانيدي، و منها عن سيّدي الأستاذ العلّامة الجليل و المدافع عن ولاية أهل البيت علیهم السلام، آية الله السيّد محمّد عليّ بن السيّد مرتضى الموسوي الموحّد الأبطحي الإصفهاني قدس سره هما، و قد استفدت من سماحته كثيراً في شتّى العلوم الإسلاميّة، عن مشايخه منهم سيّد الطّائفة و زعيم الشيعة في عصره، آية الله السيّد حسين الطّباطبائي البروجردي و آية الله السيّد عبد الهادي الشّيرازي و الشّيخ آقا بزرك الطّهراني صاحب «الذّريعة» و ساير مشايخه من تلامذة الآيات: النّائيني و العراقي و الإصفهاني و الحائري و ساير مشايخه قدس سره هم، بطرقهم إلى الحاجي ميرزا حسين النّوري صاحب «مستدرك الوسائل» بطرقه المسطورة في خاتمة كتابه، و عن سيّدي الأستاذ آية الله الأبطحي عن آية الله المرعشي قدس سره هم بطرقه عن كتب حديث الإماميّة عن أهل بيت العصمة و الطّهارة علیهم السلام.
و هناك أحاديث كثيرة حول التّربة المقدّسة لحرم الإمام علیه السلام المطهّر و الإستشفاء به و أحاديث في فضيلة زيارته في الأيّام الخاصّة و منها ليلة الجمعة و يومها و عرفة و العيدين و منتصف شعبان و... من الأوقات الخاصّة لزيارته علیه السلام، فمن أراد الإطّلاع فليراجع موسوعة بحارالأنوار:98 و وسائل الشّيعة:14 و مستدرك الوسائل:10 و جامع أحاديث الشّيعة الطبع الأوّل:12 و الطبع الثّاني:15.
ص: 10
هذا أقلّ الواجب من أصغر محبّي سيّد الأحرار و الشّهداء عبر التّاريخ، الإمام الحسين علیه السلام لزوّاره صلوات الله عليهم. و أسأل الله تعالى أن يتقبّله و يجعله ذخراً ليوم البعث(1) ، و أسأل الإمام علیه السلام الشّفاعة، و من زوّاره ألتمس الدّعاء.
و قد ساعدني في هذا المشروع بعض أهلي شكَّرالله سعيهنّ و أخصّ بالذكر ابنتي الفاضلتين، اسأل الله تعالي لهما دوام التّوفيق لخدمة تراث آل رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم و حسن العاقبة.
حيدر حسين حيدر التّربتيّ الكربلائي مولداً و الإصفهانيّ مسكناً و الكربلائيّ مسكناً و مدفناً و محشراً إن شاءالله تعالى.
تمّ في يوم عاشوراء الدّامية من شهر محرّم الحرام سنة 1429.
ص: 11
ص: 12
الإمام الصّادق علیه السلام:
اَللَّهُمَّ رَبَّ الْحُسَيْنِ، إِشْفِ صَدْرَ الْحُسَيْنِ، اَللَّهُمَّ رَبَّ الْحُسَيْنِ، أُطْلُبْ بِدَمِ الْحُسَيْنِ، اَللَّهُمَّ رَبَّ الْحُسَيْنِ، إِنْتَقِمْ مِمَّنْ رَضِيَ بِقَتْلِ الْحُسَيْنِ، اَللَّهُمَّ رَبَّ الْحُسَيْنِ، إِنْتَقِمْ مِمَّنْ خَالَفَ الْحُسَيْنَ، اَللَّهُمَّ رَبَّ الْحُسَيْنِ، إِنْتَقِمْ مِمَّنْ فَرِحَ بِقَتْلِ الْحُسَيْن(1) اَللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنَ الطَّالِبِينَ بِثَأْرِهِ مَعَ وَلِيِّهِ الْإِمَامِ الْمَهْدِيِّ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَ سَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.
ص: 13
ص: 14
قال سبحانه و تعالی الله و انا المحسن و هذا الحسین
ص: 15
قصص الأنبياء للراوندي:44 الفصل3 ح10: ... قال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم: لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَ نَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ، الْتَفَتَ آدَمُ يَمْنَةَ الْعَرْشِ، فَإذَا خَمْسَةُ أشْبَاحٍ، فَقَالَ: يَا رَبِّ! هَلْ خَلَقْتَ قَبْلِي مِنَ الْبَشَرِ أحَداً؟ قَالَ: لَا. قَالَ علیه السلام: فَمَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أرَى أسْمَاءَهُمْ؟ فَقَالَ: هَؤُلَاءِ خَمْسَةٌ مِنْ وُلْدِكَ، لَوْلَاهُمْ مَا خَلَقْتُكَ وَ لَا خَلَقْتُ الْجَنَّةَ وَ لَا النَّارَ، وَ لَا الْعَرْشَ وَ لَا الْكُرْسِيَّ، وَ لَا السَّمَاءَ وَ لَا الْأرْضَ، وَ لَا الْمَلَائِكَةَ وَ لَا الْجِنَّ وَ لَا الْإنْسَ. هَؤُلَاءِ خَمْسَةٌ شَقَقْتُ لَهُمْ إسْماً مِنْ أسْمَائِي، فَأنَا الْمَحْمُودُ وَ هَذَا مُحَمَّدٌ، وَ أنَا الْأعْلَى وَ هَذَا عَلِيٌّ، وَ أنَا الْفَاطِرُ وَ هَذِهِ فَاطِمَةُ، وَ أنَا ذُو الْإحْسَانِ وَ هَذَا الْحَسَنُ، وَ أَنَا الْمُحْسِنُ وَ هَذَا الْحُسَيْن، آلَيْتُ عَلَى نَفْسِي أنَّهُ لَا يَأْتِينِي أحَدٌ وَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ مَحَبَّةِ أحَدِهِمْ؛ إلَّا أدْخَلْتُهُ جَنَّتِي، وَ آلَيْتُ بِعِزَّتِي أنَّهُ لَا يَأْتِينِي أحَدٌ وَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنَ بُغْضِ أحَدِهِمْ إلَّا أدْخَلْتُهُ نَارِي. يَا آدَمُ! هَؤُلَاءِ صَفْوَتِي مِنْ خَلْقِي، بِهِمْ أُنْجِي مَنْ أُنْجِي، وَ بِهِمْ أُهْلِكُ مَنْ أُهْلِكُ. عنه البحار:27 /5 ب10 ح10.
ص: 16
المسلسلات فی الاجازات
مختومه علی اجازات علماء الاسلام فی حق والدی العلامه آیة الله العظمی السید ابی المعالی شهاب الدین الحسینی المرعشی النجفی
قدس سره الشریف
المجموعه الاول
اجازات الشیوخ بخطوطهم
جمعها نجله
السید محمود المرعشی
ص: 17
اجازات صفحه2
ص: 18
اجازات صفحه3
ص: 19
اجازات صفحه4
ص: 20
قال النبی صلی الله علیه و آله و سلم وَ بِالْحَسَنِ اُعْطيتُمُ الإْحسانُ وَ بِالْحُسَينِ تَسعَدونَ وَ بِهِ تَشقونَ ألا وَ إنَّ الْحُسَينَ بابٌ مِن أبوابِ الْجَنَّةِ مَن عاداهُ حَرَّمَ اللّه ُ عَلَيهِ ريحَ الْجَنَّةِ
ص: 21
البحار:35 /405 ح28- مناقب ابن شاذان، روي من طريق العامّة بإسنادهم إلى عبدالله بن عمر قال: قال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم: بِي أُنْذِرْتُمْ، وَ بِعَلِيِّ بْنِ أبِي طَالِبٍ اهْتَدَيْتُمْ. وَ قَرَأ: «إنَّما أنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ» وَ بِالْحَسَنِ أُعْطِيتُمُ الْإحْسَانَ وَبِالْحُسَيْنِ تَسْعَدُونَ وَ بِهِ تَشَبَّثُونَ أَلَا وَ إِنَّ الْحُسَيْنَ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ مَنْ عَانَدَهُ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ رِيحَ الْجَنَّةِ.
ص: 22
ص: 23
ص: 24
الرسول الأكرم أبوالقاسم محمّد صلی الله علیه و آله و سلم
1- عن أبي الحسن الفارسيّ قال:كُنْتُ كَثِيرَالزِّيَارَةِ لِمَوْلَانَا أبِي عَبْدِاللَّهِ علیه السلام فَقَلَّ مَالِي وَ ضَعُفَ مِنَ الْكِبَرِ جِسْمِي فَتَرَكْتُ الزِّيَارَةَ فَرَأيْتُ ذَاتَ لَيْلَةٍ رَسُولَ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم فِي الْمَنَامِ وَ مَعَهُ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ فَمَرَرْتُ بِهِمْ، فَقَالَ الْحُسَيْنُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَذَا الرَّجُلُ كَانَ يُكْثِرُ زِيَارَتِي فَانْقَطَعَ عَنِّي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم: أعَنْ مِثْلِ الْحُسَيْنِ تُهَاجِرُ وَ تَتْرُكُ زِيَارَتَهُ؟! فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! حَاشَا لِي أنْ أهْجُرَ مَوْلَايَ، لَكِنِّي ضَعُفْتُ وَ كَبِرْتُ وَ لِهَذَا عَزَّتْ زِيَارَتُهُ وَ لِقِلَّةِ مَالِي تَرَكْتُ زِيَارَتَهُ. فَقَالَ علیه السلام: إصْعَدْ كُلَّ لَيْلَةٍ عَلَى سَطْحِ دَارِكَ وَ أشِرْ بِإصْبَعِكَ السَّبَّابَةِ إلَيْهِ وَ قُلْ:
السَّلَامُ عَلَيْكَ وَ عَلَى جَدِّكَ وَ أبِيكَ، السَّلَامُ عَلَيْكَ وَ عَلَى أُمِّكَ وَ أخِيكَ، السَّلَامُ عَلَيْكَ وَ عَلَى الْأئِمَّةِ مِنْ بَنِيكَ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا صَاحِبَ الدَّمْعَةِ السَّاكِبَةِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَاصَاحِبَ الْمُصِيبَةِ الرَّاتِبَةِ، لَقَدْ أصْبَحَ كِتَابُ اللَّهِ فِيكَ مَهْجُوراً وَ رَسُولُ اللَّهِ فِيكَ مَحْزُوناً وَ عَلَيْكَ السَّلَامُ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ. السَّلَامُ عَلَى أنْصَارِ اللَّهِ وَ خُلَفَائِهِ، السَّلَامُ عَلَى أُمَنَاءِاللَّهِ وَ أحِبَّائِهِ، السَّلَامُ عَلَى مَحَالِّ مَعْرِفَةِ اللَّهِ وَ مَعَادِنِ حِكْمَةِ اللَّهِ وَ حَفَظَةِ سِرِّ اللَّهِ وَ حَمَلَةِ كِتَابِ اللَّهِ وَ أوْصِيَاءِ نَبِيِّ اللَّهِ وَ ذُرِّيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.
ص: 25
ثُمَّ سَلْ مَا شِئْتَ فَإنَّ زِيَارَتَكَ تُقْبَلُ مِنْ قَرِيبٍ وَ بَعِيدٍ.(1)
الإمام أبوعبدالله الحسين علیه السلام
2- قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ عُقْبَةَ: كَانَ جَارٌ لَنَا يُعْرَفُ بِعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: كُنْتُ أزُورُ الْحُسَيْنَ علیه السلام فِي كُلِّ شَهْرٍ، قَالَ: ثُمَّ عَلَتْ سِنِّي وَ ضَعُفَ جِسْمِي وَانْقَطَعْتُ عَنْهُ مُدَّةً، ثُمَّ وَقَعَ لِي أنَّهَا آخَرُ سَنِيِّ عُمْرِي، فَحَمَلْتُ عَلَى نَفْسِي وَ خَرَجْتُ مَاشِيَاً، فَوَصَلْتُ فِي أيَّامٍ فَسَلَّمْتُ وَ صَلَّيْتُ رَكْعَتَيِ الزِّيَارَةِ وَ نِمْتُ. فَرَأيْتُ الْحُسَيْنَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ قَدْ خَرَجَ مِنَ الْقَبْرِ فَقَالَ لِي: يَا عَلِيُّ لِمَ جَفَوْتَنِي وَ كُنْتَ لِي بَرّاً؟! فَقُلْتُ: يَاسَيِّدِي ضَعُفَ جِسْمِي وَ قَصُرَتْ خُطَايَ وَ وَقَعَ لِي أنَّهَا آخِرُ سَنِيِّ عُمْرِيَ فَأتَيْتُكَ فِي أيَّامٍ، وَ قَدْ رُوِيَ عَنْكَ شَيْ ءٌ أُحِبُّ أنْ أسْمَعَهُ مِنْكَ، فَقَالَ علیه السلام: قُلْ، قَالََ قُلْتُ: رُوِيَ عَنْكَ: مَنْ زَارَنِي فِي حَيَاتِهِ زُرْتُهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ! قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ، فَأرْوِهِ عَنْكَ: مَنْ زَارَنِي فِي حَيَاتِهِ زُرْتُهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ إرْوِ عَنِّي: مَنْ زَارَنِي فِي حَيَاتِهِ زُرْتُهُ بَعْدَ و فَاتِهِ وَ إنْ وَجَدْتُهُ فِي النَّارِ أخْرَجْتُهُ.(2)
الإمام أبوجعفر محمّد الباقر علیه السلام
3- عَنْ بَعْضِ أصْحَابِنَا عَنْ أبِي جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: كَمْ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ قَبْرِ الْحُسَيْنِ علیه السلام؟ قُلْتُ: سِتَّةُ عَشَرَ فَرْسَخاً، قَالَ: أوَ مَا تَأْتُونَهُ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: مَا أجْفَاكُمْ.(3)
ص: 26
4- عَنْ أبِي الْجَارُودِ عَنْ الْبَاقِرِ علیه السلام قَالَ قَالَ لِي: كَمْ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ قَبْرِ الْحُسَيْنِ علیه السلام قَالَ قُلْتُ: يَوْمٌ لِلرَّاكِبِ وَ يَوْمٌ وَ بَعْضُ يَوْمٍ لِلْمَاشِي، قَالَ: أفَتَأْتِيَهُ كُلَّ جُمُعَةٍ؟ قُلْتُ: لَا مَا آتِيهِ إلّا فِي حِينٍ، قَالَ: مَا أجْفَاكُمْ، أمَا لَوْ كَانَ قَرِيبَاً مِنَّا لَاتَّخَذْنَاهُ هِجْرَةً، أيْ نُهَاجِرُ إلَيْهِ.(1)
5- وَ قَالَ الْبَاقِرُ علیه السلام: مَنْ أرَادَ أنْ يَعْلَمَ أنَّهُ مِنْ أهْلِ الْجَنَّةِ فَلْيَعْرِضْ حُبَّنَا عَلَى قَلْبِهِ، فَإنْ قَبِلَهُ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَ مَنْ كَانَ لَنَا مُحِبّاً فَلْيَرْغَبْ فِي زِيَارَةِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ علیه السلام، فَمَنْ كَانَ لِلْحُسَيْنِ علیه السلام زَوَّاراً عَرَفْنَاهُ بِالْحُبِّ لَنَا أهْلَ الْبَيْتِ وَ كَانَ مِنْ أهْلِ الْجَنَّةِ، وَ مَنْ لَمْ يَكُنْ لِلْحُسَيْنِ زَوَّاراً كَانَ نَاقِصَ الْإيمَانِ.(2)
6- وَ قَالَ الْإمَامُ الْبَاقِرُ علیه السلام: مُرُوا شِيعَتَنَا بِزِيَارَةِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ علیه السلام، فَإنَّ إتْيَانَهُ يَزِيدُ فِي الرِّزْقِ وَ يَمُدُّ فِي الْعُمُرِ وَ يَدْفَعُ مَدَافِعَ السُّوءِ، وَ إتْيَانَهُ مُفْتَرَضٌ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ يُقِرُّ لِلْحُسَيْنِ بِالْإمَامَةِ مِنَ اللَّهِ.(3)
7- وَ قَالَ الْإمَامُ الْبَاقِرُ علیه السلام: مُرُوا شِيعَتَنَا بِزِيَارَةِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ علیه السلام، فَإنَّ زِيَارَتَهُ تَدْفَعُ الْهَدْمَ وَ الْغَرَقَ وَ الْحَرَقَ وَ أكْلَ السَّبُعِ، وَ زِيَارَتُهُ مُفْتَرَضَةٌ عَلَى مَنْ أقَرَّ لِلْحُسَيْنِ علیه السلام بِالْإمَامَةِ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.(4)
8- قَالَ الْبَاقِرُ علیه السلام: مُرُوا شِيعَتَنَا بِزِيَارَةِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ علیهماالسلام، فَإنَّ إتْيَانَهُ مُفْتَرَضٌ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ يُقِرُّ لِلْحُسَيْنِ بِالْإمَامَةِ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.(5)
ص: 27
الإمام محمّد الباقر أو جعفر الصّادق علیهماالسلام
9- عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أحَدِهِمَا علیهماالسلام أنَّهُ قَالَ: يَا زُرَارَةُ! مَا فِي الْأرْضِ مُؤْمِنَةٌ إلَّا وَ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهَا أنْ تُسْعِدَ فَاطِمَةَ علیهاالسلام فِي زِيَارَةِ الْحُسَيْنِ عیه السلام. ثُمَّ قَالَ: يَا زُرَارَةَ! أنَّهُ إذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ جَلَسَ الْحُسَيْنُ علیه السلام فِي ظِلِّ الْعَرْشِ وَ جَمَعَ اللَّهُ زُوَّارَهُ وَ شِيعَتَهُ لِيَصِيرُوا مِنَ الْكَرَامَةِ وَ النَّضْرَةِ وَ الْبَهْجَةِ وَ السُّرُورِ إلَى أمْرٍ لَا يَعْلَمُ صِفَتَهُ إلَّا اللَّهُ، فَيَأْتِيهِمْ رُسُلُ أزْوَاجِهِمْ مِنَ الْحُورِالْعِينِ مِنَ الْجَنَّةِ فَيَقُولُونَ إنَّا رُسُلُ أزْوَاجِكُمْ إلَيْكُمْ يَقُلْنَ إنَّا قَدِ اشْتَقْنَاكُمْ وَ أبْطَأْتُمْ عَنَّا فيَحْمِلُهُمْ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ السُّرُورِ وَ الْكَرَامَةِ إلَى أنْ يَقُولُوا لِرُسُلِهِمْ سَوْفَ نَجِيئُكُمْ إنْ شَاءَ اللَّهُ.(1)
الإمام أبوعبدالله جعفر الصّادق علیه السلام
10- قَالَ الْإمَامُ الصَّادِقُ علیه السلام: زِيَارَةُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ علیهماالسلام وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مَنْ يُقِرُّ لِلْحُسَيْنِ علیه السلام بِالْإمَامَةِ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.(2)
11- عَنِ الْحَلَبِيِّ عَنِ الْإمَامِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا تَقُولُ فِيمَنْ تَرَكَ زِيَارَتَهُ وَ هُوَ يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ؟ قَالَ: أقُولُ إنَّهُ قَدْ عَقَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم وَ عَقَّنَا وَ اسْتَخَفَّ بِأمْرٍ هُوَ لَهُ، وَ مَنْ زَارَهُ كَانَ اللَّهُ لَهُ مِنْ وَرَاءِ حَوَائِجِهِ، وَ كَفَى مَا أهَمَّهُ مِنْ أمْرِ دُنْيَاهُ وَ إنَّهُ لَيَجْلِبُ الرِّزْقَ عَلَى الْعَبْدِ وَ يُخَلِّفُ عَلَيْهِ مَا أنْفَقَ وَ يَغْفِرُ لَهُ ذُنُوبَ خَمْسِينَ سَنَةً، وَ يَرْجِعُ إلَى أهْلِهِ وَ مَا عَلَيْهِ وِزْرٌ وَ لَا خَطِيئَةٌ إلَّا وَ قَدْ مُحِيَتْ مِنْ صَحِيفَتِهِ، فَإنْ هَلَكَ فِي
ص: 28
سَفَرِهِ نَزَلَتِ الْمَلَائِكَةُ فَغَسَّلَتْهُ وَ فُتِحَتْ لَهُ أبْوَابُ الْجَنَّةِ وَ يَدْخُلُ(1) عَلَيْهِ رُوحُهَا حَتَّى يُنْشَرَ، وَ إنْ سَلِمَ فُتِحَ لَهُ الْبَابُ الَّذِي يَنْزِلُ مِنْهُ الرِّزْقُ وَ يُجْعَلُ لَهُ بِكُلِّ دِرْهَمٍ أنْفَقَهُ عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ وَ ذُخِرَ ذَلِكَ لَهُ، فَإذَا حُشِرَ قِيلَ لَهُ لَكَ بِكُلِّ دِرْهَمٍ عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَ إنَّ اللَّهَ نَظَرَ لَكَ وَ ذَخَرَهَا لَكَ عِنْدَهُ.(2)
12- قَالَ الْإمَامُ الصَّادِقُ علیه السلام: لَوْ أنَّ أحَدَكُمْ حَجَّ دَهْرَهُ، ثُمَّ لَمْ يَزُرِ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ علیهماالسلام، لَكَانَ تَارِكاً حَقّاً مِنْ حُقُوقِ الله وَ حُقُوقِ رَسُولِ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم، لِأنَّ حَقَّ الْحُسَيْنِ علیه السلام فَرِيضَةٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّوَجَلَّ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ.(3)
13- وَ قَالَ الْإمَامُ الصَّادِقُ علیه السلام: لَوْ أنَّ أحَدَكُمْ حَجَّ ألْفَ حَجَّةٍ، ثُمَّ لَمْ يَأْتِ قَبْرَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ لَكَانَ قَدْ تَرَكَ حَقّاً مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى (وَ حُقُوقِ رَسُولِ اللهِ).
وَ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: حَقُّ الْحُسَيْنِ علیه السلام مَفْرُوضٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ.(4)
14- وَ قَالَ الْإمَامُ الصَّادِقُ علیه السلام لأُمِّ سَعِيدٍ الْأحْمَسِيَّة: يَا أُمَّ سَعِيدٍ! تَزُورِينَ قَبْرَ الْحُسَيْنِ؟ قَالَتْ قُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ لِي: زُورِيهِ، فَإنَّ زِيَارَةَ قَبْرِ الْحُسَيْنِ
ص: 29
وَاجِبَةٌ عَلَى الرِّجَالِ وَ النِّسَاءِ.(1)
15- قَالَ الْإمَامُ الصَّادِقُ علیه السلام لِعَبْدِالْمَلِكِ الْخَثْعَمِيِّ: يَاعَبْدَالْمَلِكِ! لَاتَدَعْ زِيَارَةَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ وَ مُرْ أصْحَابَكَ بِذَلِكَ يَمُدُّ اللَّهُ فِي عُمُرِكَ وَ يَزِيدُ اللَّهُ فِي رِزْقِكَ وَ يُحْيِيَكَ اللَّهُ سَعِيداً وَ لَاتَمُوتُ إلَّا سَعِيداً(2) وَ يَكْتُبُكَ سَعِيداً.(3)
16- وَ قَالَ الْإمَامُ الصَّادِقُ علیه السلام: مَنْ أتَى عَلَيْهِ حَوْلٌ لَمْ يَأْتِ قَبْرَ الْحُسَيْنِ علیه السلام أنْقَصَ اللَّهُ مِنْ عُمُرِهِ حَوْلًا وَ لَوْ قُلْتُ إنَّ أحَدَكُمْ لَيَمُوتُ قَبْلَ أجَلِهِ بِثَلَاثِينَ سنَةً لَكُنْتُ صَادِقاً وَ ذَلِكَ لِأنَّكُمْ تَتْرُكُونَ زِيَارَةَ الْحُسَيْنِ علیه السلام، فَلَا تَدَعُوا زِيَارَتَهُ يَمُدُّ اللَّهُ فِي أعْمَارِكُمْ وَ يَزِيدُ فِي أرْزَاقِكُمْ، وَ إذَا تَرَكْتُمْ زِيَارَتَهُ نَقَصَ اللَّهُ مِنْ أعْمَارِكُمْ وَ أرْزَاقِكُمْ. فَتَنَافَسُوا فِي زِيَارَتِهِ وَ لَا تَدَعُوا ذَلِكَ، فَإنَّ الْحُسَيْنَ شَاهِدٌ لَكُمْ فِي ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ وَ عِنْدَ رَسُولِهِ وَ عِنْدَ فَاطِمَةَ وَ عِنْدَ أمِيرِ الْمُؤْْمِنِينَ.(4)
17- وَ قَالَ الْإمَامُ الصَّادِقُ علیه السلام: زُورُوا الْحُسَيْنَ علیه السلام وَ لَوْ كُلَّ سَنَةٍ، فَإنَّ كُلَّ مَنْ أتَاهُ عَارِفاً بِحَقِّهِ غَيْرَ جَاحِدٍ، لَمْ يَكُنْ لَهُ عِوَضٌ غَيْرَ الْجَنَّةِ وَ رُزِقَ رِزْقاً وَاسِعاً، وَ أتَاهُ اللَّهُ بِفَرَجٍ عَاجِلٍ. إنَّ اللَّهَ وَكَّلَ بِقَبْرِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ أرْبَعَةَ آلَافِ مَلَكٍ كُلُّهُمْ يَبْكُونَهُ وَ يُشَيِّعُونَ مَنْ زَارَهُ إلَى أهْلِهِ، فَإنْ مَرِضَ عَادُوهُ وَ إنْ مَاتَ شَهِدُوا جَنَازَتَهُ بِالِاسْتِغْفَارِ لَهُ وَ التَّرَحُّمِ عَلَيْهِ.(5)
ص: 30
18- سُئِلَ الْإمَامُ الصَّادِقُ علیه السلام: عَنْ زِيَارَةِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ علیه السلام قَالَ: نَعَمْ تَعْدِلُ عُمْرَةً وَ لَا يَنْبَغِي أنْ يُتَخَلَّفَ عَنْهُ أكْثَرُ مِنْ أرْبَعِ سِنِينَ.(1)
19- وَ قَالَ الْإمَامُ الصَّادِقُ علیه السلام: حَقٌّ عَلَى الْغَنِيِّ أنْ يَأْتِيَ قَبْرَ الْحُسَيْنِ علیه السلام فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ، وَ حَقٌّ عَلَى الْفَقِيرِ أنْ يَأْتِيَهُ فِي السَّنَةِ مَرَّةً.(2)
20- وَ قَالَ الْإمَامُ الصَّادِقُ علیه السلام: مَنْ لَمْ يَزُرْ قَبْرَ الْحُسَيْنِ علیه السلام فَقَدْ حُرِمَ خَيْراً كَثِيراً وَ نَقَصَ مِنْ عُمُرِهِ سَنَةً.(3)
21- وَ قَالَ الْإمَامُ الصَّادِقُ علیه السلام: مَنْ لَمْ يَأْتِ قَبْرَ الْحُسَيْنِ علیه السلام حَتَّى يَمُوتَ كَانَ مُنْتَقِصَ الْإيمَانِ مُنْتَقِصَ الدِّينِ، إنْ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ كَانَ دُونَ الْمُؤْمِنِينَ فِيهَا(4) . (5)
22- وَ قَالَ الْإمَامُ الصَّادِقُ علیه السلام: مَنْ لَمْ يَأْتِ قَبْرَ الْحُسَيْنِ علیه السلام وَ هُوَ يَزْعُمُ أنَّهُ لَنَا شِيعَةٌ حَتَّى يَمُوتَ؛ فَلَيْسَ هُوَ لَنَا بِشِيعَةٍ، وَ إنْ كَانَ مِنْ أهْلِ الْجَنَّةِ فَهُوَ مِنْ ضِيفَانِ أهْلِ الْجَنَّةِ.(6)
23- قَالَ الْإمَامُ الصَّادِقُ علیه السلام لِعَلِيِّ بْنِ مَيْمُونٍ الصَّائِغِ: يَا عَلِيُّ! زُرِ الْحُسَيْنَ
ص: 31
وَ لَا تَدَعْهُ، قَالَ قُلْتُ: مَا لِمَنْ أتَاهُ مِنَ الثَّوَابِ: قَالَ: مَنْ أتَاهُ مَاشِياً كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ حَسَنَةً وَ مَحَا عَنْهُ سَيِّئَةً وَ رَفَعَ لَهُ دَرَجَةً، فَإذَا أتَاهُ وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ مَلَكَيْنِ يَكْتُبَانِ مَا خَرَجَ مِنْ فِيهِ مِنْ خَيْرٍ وَ لَا يَكْتُبَانِ مَا يَخْرُجُ مِنْ فِيهِ مِنْ شَرٍّ وَ لَا غَيْرِ ذَلِكَ، فَإذَا انْصَرَفَ وَدَّعُوهُ وَ قَالُوا: يَا وَلِيَخ اللَّهِ مَغْفُورٌ لَكَ، أنْتَ مِنْ حِزْبِ اللَّهِ وَ حِزْبِ رَسُولِهِ وَ حِزْبِ أهْلِ بَيْتِ رَسُولِهِ، وَ اللَّهِ لَا تَرَى النَّارَ بِعَيْنِكَ أبَداً وَ لَا تَرَاكَ وَ لَا تَطْعَمُكَ أبَداً.(1)
24- قَالَ الْإمَامُ الصَّادِقُ علیه السلام لِمُعَاوِيَةِ بْنِ وَهَبٍ: يَامُعَاوِيَةُ! لَا تَدَعْ زِيَارَةَ قَبْرِ الْحُسَيْنِ علیه السلام لِخَوْفٍ، فَإنَّ مَنْ تَرَكَهُ رَأى مِنَ الْحَسْرَةِ مَا يَتَمَنَّى أنَّ قَبْرَهُ كَانَ عِنْدَهُ. أمَاتُحِبُّ أنْ يَرَى اللَّهُ شَخْصَكَ وَسَوَادَكَ فِيمَنْ يَدْعُو لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم وَ عَلِيٌّ وَ فَاطِمَةُ وَ الْأئِمَّةُ علیهم السلام؟ أمَا تُحِبُّ أنْ تَكُونَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ بِالْمَغْفِرَةِ لِمَا مَضَى وَ يَغْفِرُ لَهُ ذُنُوبَ سَبْعِينَ سَنَةً؟ أمَا تُحِبُّ أنْ تَكُونَ مِمَّنْ يَخْرُجُ مِنَ الدُّنْيَا وَ لَيْسَ عَلَيْهِ ذَنْبٌ يُتْبَعُ بِهِ؟ أمَا تُحِبُّ أنْ تَكُونَ غَداً مِمَّنْ يُصَافِحُهُ رَسُولُ اللَّهِصلی الله علیه و آله و سلم؟! (2)
25- وَ قَالَ الْإمَامُ الصَّادِقُ علیه السلام لِبَعْضِ أصْحَابِهِ: لَا تَدَعْ زِيَارَةَ الْحُسَيْنِ علیه السلام، أمَا تُحِبُّ أنْ تَكُونَ فِيمَنْ تَدْعُو لَهُ الْمَلَائِكَةُ.(3)
26- قَالَ الْإمَامُ الصَّادِقُ علیه السلام: زُورُوهُ (الْحُسَيْنَ) وَ لَاتَجْفُوهُ فَإنَّهُ سَيِّدُالشُّهَدَاءِ
ص: 32
وَ سَيِّدُ شَبَابِ أهْلِ الْجَنَّةِ (مِنَ الْخَلْقِ) (1). (2)
27- وَ سُئِلَ الْإمَامُ الصَّادِقُ علیه السلام: عَمَّنْ تَرَكَ الزِّيَارَةَ زِيَارَةَ قَبْرِ الْحُسَيْنِ علیه السلام مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ، فَقَالَ: هَذَا رَجُلٌ مِنْ أهْلِ النَّارِ.(3)
28- وَ قَالَ الْإمَامُ الصَّادِقُ علیه السلام: عَجَباً لِأقْوَامٍ يَزْعُمُونَ أنَّهُمْ شِيعَةٌ لَنَا؛ يُقَالُ إنَّ أحَدَهُمْ يَمُرُّ بِهِ دَهْرَهُ لَا يَأْتِي قَبْرَ الْحُسَيْنِ علیه السلام جَفَاءً مِنْهُ وَ تَهَاوُناً وَ عَجْزاً وَ كَسَلًا. أمَا وَ اللَّهِ لَوْ يَعْلَمُ مَا فِيهِ مِنَ الْفَضْلِ مَا تَهَاوَنَ وَ لَا كَسِلَ. قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ وَ مَا فِيهِ مِنَ الْفَضْلِ؟ قَالَ: فَضْلٌ وَ خَيْرٌ كَثِيرٌ، أمَا أوَّلُ مَا يُصِيبُهُ أنْ يُغْفَرَ لَهُ مَا مَضَى مِنْ ذُنُوبِهِ وَ يُقَالَ لَهُ: اسْتَأْنِفِ الْعَمَلَ.(4)
29- وَ قَالَ الْإمَامُ الصَّادِقُ علیه السلام لِأبَانِ بْنِ تَغْلِبَ: يَا أبَانُ! مَتَى عَهْدُكَ بِقَبْرِ الْحُسَيْنِ علیه السلام؟ قال قُلْتُ: لَا وَاللَّهِ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ مَا لِي بِهِ عَهْدٌ مُنْذُ حِينٍ. فَقَالَ علیه السلام: سُبْحَانَ اللهِ الْعَظِيمِ! وَ أنْتَ مِنْ رُؤَسَاءِ الشِّيعَةِ! تَتْرُكُ زِيَارَةَ الْحُسَيْنَ؟! لَا تَزُورُهُ؟! مَنْ زَارَ الْحُسَيْنَ علیه السلام كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ حَسَنَةً وَ مَحَا عَنْهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ سَيِّئَةً وَ غَفَرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَ مَا تَأخَّرَ. يَا أبَانَ! لَقَدْ قُتِلَ الْحُسَيْنُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَهَبَطَ عَلَى قَبْرِهِ سَبْعُونَ ألْفَ مَلَكٍ شُعْثٌ غُبْرٌ يَبْكُونَ عَلَيْهِ وَ يَنُوحُونَ عَلَيْهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.(5)
ص: 33
30- قَالَ صَفْوَانُ الْجَمَّالُ: سَألْتُ الْإمَامَ الصَّادِقَ علیه السلام وَ نَحْنُ فِي طَرِيقِ الْمَدِينَةِ وَ يُرِيدُ مَكَّةَ فَقُلْتُ لَهُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ! مَا لِي أرَاكَ كَئِيباً حَزِيناً مُنْكَسِراً؟ فَقَالَ لِي: لَوْ تَسْمَعُ مَا أسْمَعُ لَشَغَلَكَ عَنْ مُسَاءَلَتِي قُلْتُ: وَ مَا الَّذِي تَسْمَعُ؟ قَالَ: إبْتِهَالَ الْمَلَائِكَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى عَلَى قَتَلَةِ أمِيرِالْمُؤْمِنِينَ وَ عَلَى قَتَلَةِ الْحُسَيْنِ علیه السلام وَ نَوْحَ الْجِنِّ عَلَيْهِمَا وَ بُكَاءَ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ حَوْلَهُمْ وَ شِدَّةَ حُزْنِهِمْ، فَمَنْ يَتَهَنَّأُ مَعَ هَذَا بِطَعَامٍ أوْ شَرَابٍ أوْ نَوْمٍ؟!
قُلْتُ لَهُ: فَمَنْ يَأْتِيهِ زَائِراً ثُمَّ يَنْصَِرفُ، مَتَى يَعُودُ إلَيْهِ وَ فِي كَمْ يَوْمٍ يُؤْتَى وَ فِي كَمْ يَسَعُ النَّاسَ تَرْكَهُ؟ قَالَ: أمَّا الْقَرِيبُ فَلَا أقَلَّ مِنْ شَهْرٍ وَ أمَّا بَعِيدُ الدَّارِ فَفِي كُلِّ ثَلَاثِ سِنِينَ، فَمَا جَازَ الثَّلَاثَ سِنِينَ فَقَدْ عَقَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم وَ قَطَعَ رَحِمَهُ إلَّا مِنْ عِلَّةٍ، وَ لَوْ يَعْلَمُ زَائِرُ الْحُسَيْنِ علیه السلام مَا يَدْخُلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم وَ مَا يَصِلُ إلَيْهِ مِنَ الْفَرَحِ وَ إلَى أمِيرِالْمُؤْمِنِينَ وَ إلَى فَاطِمَةَ وَ إلَى الْأئِمَّةِ وَ الشُّهَدَاءِ مِنَّا أهْلَ الْبَيْتِ وَ مَا يَنْقَلِبُ بِهِ مِنْ دُعَائِهِمْ لَهُ وَ مَا لَهُ فِي ذَلِكَ مِنَ الثَّوَابِ فِي الْعَاجِلِ وَ الْآجِلِ وَ الْمَذْخُورِ لَهُ عِنْدَاللَّهِ؛ لَأحَبَّ أنْ يَكُونَ مَا ثَمَّ دَارُهُ مَا بَقِيَ، وَ إنَّ زَائِرَهُ لَيَخْرُجُ مِنْ رَحْلِهِ فَمَا يَقَعُ فَيْئُهُ عَلَى شَيْ ءٍ إلَّا دَعَا لَهُ، فَإذَا وَقَعَتِ الشَّمْسُ عَلَيْهِ أكَلَتْ ذُنُوبَهُ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ وَ مَا تُبْقِي الشَّمْسُ عَلَيْهِ مِنْ ذُنُوبِهِ شَيْئاً، فَيَنْصَرِفُ وَ مَا عَلَيْهِ مِنْ ذَنْبٍ وَ قَدْ رُفِعَ لَهُ مِنَ الدَّرَجَاتِ مَا لَا يَنَالُهُ الْمُتَشَحِّطُ بِدَمِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَ يُوَكَّلُ بِهِ مَلَكٌ يَقُومُ مَقَامَهُ وَ يَسْتَغْفِرُ لَهُ حَتَّى يَرْجِعَ إلَى الزِّيَارَةِ أوْ يَمْضِيَ ثَلَاثُ سِنِينَ أوْ يَمُوتَ.(1)
ص: 34
31- قَالَ عَلِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ الصَّائِغِ قَالَ لِي أبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: يَا عَلِيُّ! بَلَغَنِي أنَّ أُنَاساً مِنْ شِيعَتِنَا تَمُرُّ بِهِمُ السَّنَةُ وَ السَّنَتَانِ وَ أكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ لَا يَزُورُونَ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيِّ (بْنِ أبِي طَالِبٍ) (1)علیهماالسلام! قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ! إنِّي لَأعْرِفُ أُنَاساً كَثِيراً بِهَذِهِ الصِّفَةِ، فَقَالَ: أمَا وَ اللَّهِ لِحَظِّهِمْ أخْطَئُوا وَ عَنْ ثَوَابِ اللَّهِ زَاغُوا وَ عَنْ جِوَارِ مُحَمَّدٍصلی الله علیه و آله و سلم فِي الْجَنَّةِ تَبَاعَدُوا. قُلْتُ: فَإنْ أخْرَجَ عَنْهُ رَجُلًا أ يُجْزِي عَنْهُ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ وَ خُرُوجُهُ بِنَفْسِهِ أعْظَمُ أجْراً وَ خَيْراً لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ.(2)
الإمام أبوالحسن الرضا علیه اسلام
32- قال الْإمَامُ الرِّضَا علیه السلام: إنَّ لِكُلِّ إمَامٍ عَهْداً فِي عُنُقِ أوْلِيَائِهِ وَشِيعَتِهِ وَ إنَّ مِنْ تَمَامِ الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ وَ حُسْنِ الْأدَاءِ زِيَارَةَ قُبُورِهِمْ، فَمَنْ زَارَهُمْ رَغْبَةً فِي زِيَارَتِهِمْ وَ تَصْدِيقاً بِمَا رَغِبُوا فِيهِ كَانَ أئِمَّتُهُمْ شُفَعَاءَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.(3)
ص: 35
ص: 36
قال رَسُولُ اللّهِ صَلَّی اللّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ انَّ لِلْحُسَيْنِ فِي بَوَاطِنِ الْمُؤْمِنِينَ مَعْرِفَةٌ مَكْتُومَةٌ
ص: 37
الخرائج و الجرائح:2 /841: بإسناده عن المقداد بن الأسود الكنديّ رضی الله أنّ النّبيّ صلی الله علیه و آله و سلم خرج في طلب الحسن و الحسين و قد خرجا من البيت و أنا معه... فقلت: كأنّ الحسين أكبر. فقال النّبيّ صلی الله علیه و آله و سلم: إِنَّ لِلْحُسَيْنِ فِي بَوَاطِنِ الْمُؤْمِنِينَ مَعْرِفَةً مَكْتُومَةً سَلْ أُمَّهُ عَنْهُ... .
عنه البحار:43/ 271 ح39.
ص: 38
أمين وحي الله جبرائيل علیه السلام
1- رَوَى الْإمَامُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ السَّجَّادُ علیه السلام... عَنّ سَيِّدَتِنَا زَيْنَبَ الْكُبْرَى بِنْتِ عَلِيٍّ علیهماالسلام قَالَتْ:...فَوَ اللَّهِ إنَّ ذَلِكَ لَعَهْدٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم إلَى جَدِّكَ وَ أبِيكَ وَ عَمِّكَ وَ لَقَدْ أخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ أُنَاسٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ لَا تَعْرِفُهُمْ فَرَاعِنَةُ هَذِهِ الْأرْضِ وَ هُمْ مَعْرُوفُونَ فِي أهْلِ السَّمَاوَاتِ أنَّهُمْ يَجْمَعُونَ هَذِهِ الْأعْضَاءَ الْمُتَفَرِّقَةَ فَيُوَارُونَهَا وَ هَذِهِ الْجُسُومَ الْمُضَرَّجَةَ وَ يَنْصِبُونَ لِهَذَا الْطَّفِّ عَلَماً لِقَبْرِ أبِيكَ سَيِّدِ الشُّهَدَاءِ علیه السلام لَا يَدْرُسُ أثَرُهُ وَ لَا يَعْفُو رَسْمُهُ عَلَى كُرُورِ اللَّيَالِي وَالْأيَّامِ وَ لَيَجْتَهِدَنَّ أئِمَّةُ الْكُفْرِ وَ أشْيَاعُ الضَّلَالَةِ فِي مَحْوِهِ وَ تَطْمِيسِهِ فَلَا يَزْدَادُ أثَرُهُ إلَّا ظُهُوراً وَ أمْرُهُ إلَّا عُلُوّاً. فَقُلْتُ: وَ مَا هَذَا الْعَهْدُ وَ مَا هَذَا الْخَبَرُ؟ فَقَالَتْ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ أيْمَنَ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم زَارَ مَنْزِلَ فَاطِمَةَ علیهاالسلام فِي يَوْمٍ مِنَ الْأيَّامِ... ثُمَّ قَالَ جَبْرَئِيلُ علیه السلام:... وَ إنَّ سِبْطَكَ هَذَا (وَ أوْمَأ بِيَدِهِ إلَى الْحُسَيْنِ علیه السلام) مَقْتُولٌ فِي عِصَابَةٍ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ وَ أهْلِ بَيْتِكَ وَ أخْيَارٍ مِنْ أُمَّتِكَ بِضَفَّةِ الْفُرَاتِ بِأرْضٍ تُدْعَى كَرْبَلَاءَ مِنْ أجْلِهَا يَكْثُرُ الْكَرْبُ وَ الْبَلَاءُ عَلَى أعْدَائِكَ وَ أعْدَاءِ ذُرِّيَّتِكَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي لَا يَنْقَضِي كَرْبُهُ وَ لَا تَفْنَى حَسْرَتُهُ، وَ هِيَ أطْهَرُ بِقَاعِ الْأرْضِ وَ أعْظَمُهَا حُرْمَةً، وَ إنَّهَا لَمِنْ بَطْحَاءِ الْجَنَّةَ. فَإذَا كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي يُقْتَلُ فِيهِ سِبْطُكَ وَ أهْلُهُ وَ أحَاطَتْ بِهِمْ كَتَائِبُ أهْلِ الْكُفْرِ وَاللَّعْنَةِ تَزَعْزَعَتِ الْأرْضُ مِنْ أقْطَارِهَا وَمَادَتِ الْجِبَالُ
ص: 39
وَ كَثُرَ اضْطِرَابُهَا وَ اصْطَفَقَتِ الْبِحَارُ بِأمْوَاجِهَا، وَ مَاجَتِ السَّمَاوَاتُ بِأهْلِهَا غَضَباً لَكَ يَا مُحَمَّدُ وَ لِذُرِّيَّتِكَ وَ اسْتِعْظَاماً لِمَايُنْتَهَكُ مِنْ حُرْمَتِكَ وَ لِشَرِّ مَا تُكَافَى بِهِ فِي ذُرِّيَّتِكَ وَ عِتْرَتِكَ وَ لَايَبْقَى شَيْ ءٌ مِنْ ذَلِكَ إلَّا اسْتَأْذَنَ اللَّهَ عَزَّوَجَلَّ فِي نُصْرَةِ أهْلِكَ الْمُسْتَضْعَفِينَ الْمَظْلُومِينَ الَّذِينَ هُمْ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ بَعْدَكَ، فَيُوحِي اللَّهُ إلَى السَّمَاوَاتِ وَ الْأرْضِ وَ الْجِبَالِ وَ الْبِحَارِ وَ مَنْ فِيهِنَّ: أنِّي أنَا اللَّهُ الْمَلِكُ الْقَادِرُ الَّذِيلَا يَفُوتُهُ هَارِبٌ وَ لَا يُعْجِزُهُ مُمْتَنِعٌ وَ أنَا أقْدَرُ فِيهِ عَلَى الِانْتِصَارِ وَ الِانْتِقَامِ. وَ عِزَّتِي وَ جَلَالِي! لَأُعَذِّبَنَّ مَنْ وَتَرَ رَسُولِي وَ صَفِيِّي وَ انْتَهَكَ حُرْمَتَهُ وَ قَتَلَ عِتْرَتَهُ وَ نَبَذَ عَهْدَهُ وَ ظَلَمَ أهْلَهُ عَذاباً لا أُعَذِّبُهُ أحَداً مِنَ الْعالَمِينَ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَضِجُّ كُلُّ شَيْ ءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَ الْأرَضِينَ بِلَعْنِ مَنْ ظَلَمَ عِتْرَتَكَ وَ اسْتَحَلَّ حُرْمَتَكَ ، فَإذَا بَرَزَتْ تِلْكَ الْعِصَابَةُ إلَى مَضَاجِعِهَا تَوَلَّى اللَّهُ جَلَّ وَ عَزَّ قَبْضَ أرْوَاحِهَا بِيَدِهِ وَ هَبَطَ إلَى الْأرْضِ مَلَائِكَةٌ مِنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ مَعَهُمْ آنِيَةٌ مِنَ الْيَاقُوتِ وَ الزُّمُرُّدِ مَمْلُوءَةٌ مِنْ مَاءِ الْحَيَاةِ وَ حُلَلٌ مِنْ حُلَلِ الْجَنَّةِ وَ طِيبٌ مِنْ طِيبِ الْجَنَّةِ، فَغَسَّلُواجُثَثَهُمْ بِذَلِكَ الْمَاءِ وَألْبَسُوهَا الْحُلَلَ وَحَنَّطُوهَا بِذَلِكَ الطِّيبِ وَ صَلَّى الْمَلَائِكَةُ صَفّاً صَفّاً عَلَيْهِمْ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ قَوْماً مِنْ أُمَّتِكَ لَا يَعْرِفُهُمُ الْكُفَّارُ لَمْ يَشْرَكُوا فِي تِلْكَ الدِّمَاءِ بِقَوْلٍ وَ لَا فِعْلٍ وَ لَا نِيَّةٍ، فَيُوَارُونَ أجْسَامَهُمْ وَ يُقِيمُونَ رَسْماً لِقَبْرِ سَيِّدِ الشُّهَدَاءِ بِتِلْكَ الْبَطْحَاءِ يَكُونُ عَلَماً لِأهْلِ الْحَقِّ وَ سَبَباً لِلْمُؤْمِنِينَ إلَى الْفَوْزِ وَ تَحُفُّهُ مَلَائِكَةٌ مِنْ كُلِّ سَمَاءٍ مِائَةُ ألْفِ مَلَكٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَ لَيْلَةٍ وَ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ وَ يُسَبِّحُونَ اللَّهَ عِنْدَهُ وَ يَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لِزُوَّارِهِ وَ يَكْتُبُونَ أسْمَاءَ مَنْ يَأْتِيهِ زَائِراً مِنْ أُمَّتِكَ،
ص: 40
مُتَقَرِّباً إلَى اللَّهِ وَ إلَيْكَ بِذَلِكَ وَ أسْمَاءَ آبَائِهِمْ وَ عَشَائِرِهِمْ وَ بُلْدَانِهِمْ وَ يُسَمُّونَ فِي وُجُوهِهِمْ بِمِيسَمِ نُورِعَرْشِ اللَّهِ: هَذَا زَائِرُ قَبْرِ خَيْرِ الشُّهَدَاءِ وَ ابْنِ خَيْرِ الْأنْبِيَاءِ. فَإذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ سَطَعَ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أثَرِ ذَلِكَ الْمِيسَمِ نُورٌ تُغْشَى مِنْهُ الْأبْصَارُ يَدُلُّ عَلَيْهِمْ وَ يُعْرَفُونَ بِهِ. وَ كَأنِّي بِكَ يَا مُحَمَّدُ بَيْنِي وَ بَيْنَ مِيكَائِيلَ وَ عَلِيٌّ أمَامَنَا وَ مَعَنَا مِنْ مَلَائِكَةِ اللَّهِ مَا لَا يُحْصَى عَدَدُهُ وَ نَحْنُ نَلْتَقِطُ مَنْ ذَلِكَ الْمِيسَمُ فِي وَجْهِهِ مِنْ بَيْنِ الْخَلَائِقِ حَتَّى يُنْجِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ هَوْلِ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَ شَدَائِدِهِ وَ ذَلِكَ حُكْمُ اللَّهِ وَ عَطَاؤُهُ لِمَنْ زَارَ قَبْرَكَ يَا مُحَمَّدُ أوْ قَبْرَ أخِيكَ أوْ قَبْرَ سِبْطَيْكَ لَا يُرِيدُ بِهِ غَيْرَ اللَّهِ جَلَّ وَ عَزَّ وَ سَيَجِدُّ أُنَاسٌ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ مِنَ اللَّهِ اللَّعْنَةُ وَ السُّخْطُ أنْ يَعْفُوا رَسْمَ ذَلِكَ الْقَبْرِ وَ يَمْحُوا أثَرَهُ، فَلَا يَجْعَلُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَهُمْ إلَى ذَلِكَ سَبِيلًا..(1). .
الرسول الأكرم أبوالقاسم محمّد صلی الله علیه و آله و سلم
2- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم لِعَلِيٍّ علیه السلام:... يَا أبَاالْحَسَنِ! إنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ قَبْرَكَ وَ قَبْرَ وُلْدِكَ بِقَاعاً مِنْ بِقَاعِ الْجَنَّةِ وَ عَرْصَةً مِنْ عَرَصَاتِهَا، وَ إنَّ اللَّهَ تَعَالى جَعَلَ قُلُوبَ نُجَبَاءَ مِنْ خَلْقِهِ وَ صَفْوَةٍ مِنْ عِبَادِهِ تَحِنُّ إلَيْكُمْ وَ تَتَحَمَّلُ الْمَذَلَّةَ وَ الْأذَى فِيكُمْ، فَيَعْمُرُونَ قُبُورَكُمْ وَ يُكْثِرُونَ زِيَارَتَهَا تَقَرُّباً مِنْهُمْ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَوَدَّةً مِنْهُمْ لِرَسُولِهِ؛ أُولَئِكَ يَا عَلِيُّ الْمَخْصُوصُونَ بِشَفَاعَتِي وَ الْوَارِدُونَ حَوْضِي وَ هُمْ زُوَّارِي وَ جِيرَانِي غَدَاً فِي الْجَنَّةِ. يَاعَلِيُّ! مَنْ عَمَرَ قُبُورَكُمْ وَ تَعَاهَدَهَا فَكَأنَّمَا أعَانَ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ
ص: 41
عَلَى بِنَاءِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَ مَنْ زَارَ قُبُورَكُمْ عَدَلَ ذَلِكَ ثَوَابَ سَبْعِينَ حَجَّةً بَعْدَ حَجَّةِ الْإسْلَامِ، وَ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ حَتَّى يَرْجِعَ مِنْ زِيَارَتِكُمْ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ، فَأبْشِرْ وَ بَشِّرْ أوْلِيَاءَكَ وَ مُحِبِّيكَ مِنَ النَّعِيمِ وَ قُرَّةِ الْعَيْنِ بِمَا لَا عَيْنٌ رَأتْ وَ لَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَ لَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ. وَ لَكِنَّ حُثَالَةً مِنَ النَّاسِ يُعَيِّرُونَ زُوَّارَ قُبُورِكُمْ كَمَا تُعَيَّرُ الزَّانِيَةُ بِزِنَائِهَا، أُولَئِكَ شِرَارُ أُمَّتِي لَانَالَتْهُمْ شَفَاعَتِي وَ لَا يَرِدُونَ حَوْضِي.(1)
3- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم: يُقْبَرُ ابْنِي فِي أرْضٍ يُقَالُ لَهَا كَرْبَلَاءُ؛ هِيَ الْبُقْعَةُ الَّتِي كَانَ فِيْهَا قُبَّةُ الْإسْلَامِ، الَّتِي نَجَّا اللَّهُ عَلَيْهَا الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَ نُوحٍ فِي الطُّوفَانِ.(2)
4- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم: مَا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى خَلْقاً أكْثَرَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ إنَّهُ لَيَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ كُلَّ مَسَاءٍ سَبْعُونَ ألْفَ مَلَكٍ يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ لَيْلَتَهُمْ، حَتَّى إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ انْصَرَفُوا إلَى قَبْرِالنَّبِيِّ صلی الله علیه و آله و سلم فَيُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَأْتُونَ إلَى قَبْرِ أمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام فَيُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَأْتُونَ إلَى قَبْرِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ لیه االسلام فَيُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَأْتُونَ إلَى قَبْرِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ علیه السلام فَيُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَعْرُجُونَ إلَى السَّمَاءِ قَبْلَ أنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ. ثُمَّ تَنْزِلُ مَلَائِكَةُ النَّهَار سَبْعُونَ ألْفَ مَلَكٍ فَيَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ الْحَرَامِ نَهَاراً، حَتَّى إذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ انْصَرَفُوا إلَى قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم فَيُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَأْتُونَ قَبْرَأمِيرِالْمُؤْمِنِينَ علیه السلام فَيُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ ثُمَّ يَأْتُونَ قَبْرَالْحَسَنِ علیه السلام فَيُسَلِّمُونَ
ص: 42
عَلَيْهِ، ثُمَّ يَأْتُونَ قَبْرَالْحُسَيْنِ علیه السلام فَيُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَعْرُجُونَ إلَى السَّمَاءِ قَبْلَ أنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ. وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنَّ حَوْلَ قَبْرِهِ أرْبَعَةَ آلَافِ مَلَكٍ شُعْثاً غُبْراً يَبْكُونَ عَلَيْهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
وَ فِي رِوَايَةٍ:
قَدْ وَكَّلَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْحُسَيْنِ علیه السلام سَبْعِينَ ألْفَ مَلَكٍ شُعْثاً غُبْراً يُصَلُّونَ عَلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ وَ يَدْعُونَ لِمَنْ زَارَهُ، وَ رَئِيسُهُمْ مَلَكٌ يُقَالُ لَهُ مَنْصُورٌ. فَلَا يَزُورُهُ زَائِرٌ إلَّا اسْتَقْبَلُوهُ وَ لَاوَدَّعَهُ مُوَدِّعٌ إلَّا شَيَّعُوهُ وَ لَا يَمْرَضُ إلَّا عَادُوهُ وَ لَا مَيِّتٌ يَمُوتُ إلَّا صَلَّوْا عَلَى جِنَازَتِهِ وَ اسْتَغْفَرُوا لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ.(1)
5- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم: إنَّ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ علیه السلام سَألَ رَبَّهُ زِيَارَةَ قَبْرِهِ (أيْ مَوْضِعَ قَبْرِ الْحُسَيْنِ علیه السلام) لَمَّا أخْبَرَهُ رَبُّهُ بِقَتْلِهِ وَ فَضْلِ زِيَارَتِهِ، فَأذِنَ لَهُ فَزَارَهُ فِي سَبْعِينَ ألْفَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ.(2)
الإمام أمير المؤمنين علي علیه السلام
6- قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ علیه السلام... لِلْحُسَيْنِ علیه السلام: وَ أنْتَ يَا حُسَيْنُ! سَتَخْرُجُ لِمُجَاهَدَةِ ابْنِهِ يَزِيدَ، فَيَقْتُلُكَ مِنْ قَوْمِهِ أبْرَصٌ مَلْعُونٌ لَا يُرَاقِبُ فِيكَ إلًّا وَ لَا ذِمَّةً، وَ سَيُقْتَلُ مَعَكَ سَبْعَةُ عَشَرَ مِنْ أهْلِ بَيْتِكَ تَحْتَ أدِيمِ السَّمَاءِ، مَا لَهُمْ شَبِيهُونَ. وَ كَأنِّي بِكَ تَسْتَسْقِيُ الْمَاءَ فَلَاتُسْقَى، وَ تُنَادِيُ فَلَا تُجَابُ، وَ تَسْتَغِيثُ فَلَا تُغَاثُ وَ كَأنِّي بِأهْلِ بَيْتِكَ قَدْ سُبُوا وَبِثِقْلِكَ قَدْ نُهِبَ، وَ كَأنِّي بِالسَّمَاءِ قَدْ أمْطَرَتْ لِقَتْلِكَ دَمَاً وَ رَمَادَاً، وَ كَأنِّي بِالْجِنِّ قَدْ نَاحَتْ عَلَيْكَ،
ص: 43
وَ كَأنِّي بِمَوْضِعِ تُرْبَتِكَ قَدْ صَارَ مُخْتَلَفَ زُوَّارِكَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ الْمُؤْمِنِينَ.(1)
7- قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ علیه السلام: كَأنِّي بِالْقُصُورِ قَدْ شُيِّدَتْ حَوْلَ قَبْرِ الْحُسَيْنِ علیه السلام وَ كَأنِّي بِالْحَامِلِ(2) تَخْرُجُ مِنَ الْكُوفَةِ إلَى قَبْرِ الْحُسَيْنِ وَ لَا تَذْهَبُ اللَّيَالِي وَ الْأيَّامُ حَتَّى يُسَارَ إلَيْهِ مِنَ الْآفَاقِ وَ ذَلِكَ عِنْدَ انْقِطَاعِ مُلْكِ بَنِي مَرْوَانَ.(3)
الإمام أبوالحسن عليّ السّجّاد علیه السلام
8- قَالَ (علیه السلام: كَأنِّي بِالْقُصُورِ وَ قَدْ شُيِّدَتْ حَوْلَ قَبْرِ الْحُسَيْنِ علیه السلام، وَ كَأنِّي بِالْأسْوَاقِ قَدْ حُفَّتْ حَوْلَ قَبْرِهِ، فَلَا تَذْهَبُ الْأيَّامُ وَ اللَّيَالِي حَتَّى يُسَارَ إلَيْهِ مِنَ الْآفَاقِ وَ ذَلِكَ عِنْدَ انْقِطَاعِ مُلْكِ بَنِي مَرْوَانَ.(4)
9- وَ قَالَ زَيْنُ الْعَابِدِينَ علیه السلام: إتَّخَذَ اللَّهُ أرْضَ كَرْبَلَاءَ حَرَماً آمِناً مُبَارَكاً قَبْلَ أنْ يَخْلُقَ اللَّهُ أرْضَ الْكَعْبَةَ، وَ يَتَّخِذَهَا حَرَماً بِأرْبَعَةٍ وَ عِشْرِينَ ألْفَ عَامٍ، وَ إنَّهُ إذَا زَلْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى الْأرْضَ وَ سَيَّرَهَا رُفِعَتْ كَمَا هِيَ بِتُرْبَتِهَا نُورَانِيَّةً صَافِيَةً، فَجُعِلَتْ فِي أفْضَلِ رَوْضَةٍ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ وَ أفْضَلِ مَسْكَنٍ فِي الْجَنَّةِ؛ لَا يَسْكُنُهَا إلَّا النَّبِيُّونَ وَ الْمُرْسَلُونَ. أوْ قَالَ: أُولُوالْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ. فَإنَّهَا لَتَزْهَرُ بَيْنَ رِيَاضِ الْجَنَّةِ كَمَا يَزْهَرُ الْكَوْكَبُ الدُّرِّيُّ بَيْنَ الْكَوَاكِبِ لِأهْلِ الْأرْضِ، يَغْشَى نُورُهَا أبْصَارَ أهْلِ الْجَنَّةِ جَمِيعاً، وَ هِيَ تُنَادِي: أنَا أرْضُ اللَّهِ الْمُقَدَّسَةُ الطَّيِّبَةُ الْمُبَارَكَةُ الَّتِي تَضَمَّنَتْ سَيِّدَ الشُّهَدَاءِ
ص: 44
وَ سَيِّدَ شَبَابِ أهْلِ الْجَنَّةِ.(1)
10- قَالَ الإمَامُ السَّجَّادُ علیه السلام فِي قَوْلِهِ: «فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا» خَرَجَتْ(2) مِنْ دِمَشْقَ حَتَّى أتَتْ كَرْبَلَاءَ، فَوَضَعَتْهُ فِي مَوْضِعِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ علیه السلام ثُمَّ رَجَعَتْ مِنْ لَيْلَتِهَا.(3)
الإمام محمّد الباقر علیه السلام
11- قَالَ علیه السلام: مَرَّ عَلِيٌّ بِكَرْبَلَاءَ فِي إثْنَيْنِ مِنْ أصْحَابِهِ، قَالَ: فَلَمَّا مَرَّ بهَا، تَرَقْرَقَتْ عَيْنَاهُ لِلْبُكَاءِ، ثُمَّ قَالَ: هَذَا مُنَاخُ رِكَابِهِمْ، وَ هَذَا مُلْقَى رِحَالِهِمْ، هَاهُنَا تُهْرَاقُ دِمَاؤُهُمْ. طُوبَى لَكِ مِنْ تُرْبَةٍ عَلَيْكِ تُهْرَاقُ دِمَاءُ الْأحِبَّةِ.(4)
12- وَ قَالَ الْإمامُ الْبَاقِرُ علیه السلام: الْغَاضِرِيَّةُ هِيَ الْبُقْعَةُ الَّتِي كَلَّمَ اللَّهُ فِيهَا مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ علیه السلام، وَ نَاجَى نُوحاً فِيهَا، وَ هِيَ أكْرَمُ أرْضِ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَ لَوْ لَا ذَلِكَ مَا اسْتَوْدَعَ اللَّهُ فِيهَا أوْلِيَاءَهُ (وَ أبْنَاءَ نَبِيِّهِ)(5) ، فَزُورُوا قُبُورَنَا بِالْغَاضِرِيَّةِ.(6)
13- وَ قَالَ الْإمامُ الْبَاقِرُ علیه السلام: إنَّ وَلَايَتَنَا عُرِضَتْ عَلَى أهْلِ الْأمْصَارِ، فَلَمْ يَقْبَلْهَا قَبُولَ أهْلِ الْكُوفَةِ بِشَيْ ءٍ؛ وَ ذَلِكَ أنَّ قَبْرَ عَلِيٍّ علیه السلام فِيهِ، وَ إنَّ إلَى
ص: 45
لِزْقِهِ لَقَبْراً آخَرَ (يَعْنِي قَبْرَ الْحُسَيْنِ)، وَمَا مِنْ آتٍ أتَاهُ يُصَلِّي عِنْدَهُ رَكْعَتَيْنِ أوْ أرْبَعاً ثُمَّ يَسْألُ اللَّهَ حَاجَةً إلَّا قَضَاهَا لَهُ، وَ إنَّهُ لَتَحُفُّهُ كُلَّ يَوْمٍ ألْفُ مَلَكٍ.(1)
14- قَالَ الْإمامُ الْبَاقِرُ علیه السلام: أرْبَعَةُ آلَافِ مَلَكٍ شُعْثٌ غُبْرٌ يَبْكُونَ الْحُسَيْنَ علیه السلام إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. فَلَا يَأْتِيهِ أحَدٌ إلَّا اسْتَقْبَلُوهُ وَ لَا يَرْجِعُ أحَدٌ مِنْ عِنْدِهِ إلَّا شَيَّعُوهُ وَ لَا يَمْرَضُ أحَدٌ إلَّا عَادُوهُ وَ لَا يَمُوتُ أحَدٌ إلَّا شَهِدُوهُ.(2)
15- قَالَ الْإمامُ الْبَاقِرُ علیه السلام: لِمَالِكٍ الْجُهَنِيِّ: يَا مَالِكُ! إنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَمَّا قَبَضَ الْحُسَيْنَ علیه السلام بَعَثَ إلَيْهِ أرْبَعَةَ ألْفَ مَلَكٍ شُعْثاً غُبْراً يَبْكُونَهُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ؛ فَمَنْ زَارَهُ عَارِفاً بِحَقِّهِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَ مَا تَأخَّرَ وَ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ حَجَّةً وَ لَمْ يَزَلْ مَحْفُوظاً حَتَّى يَرْجِعَ إلَى أهْلِهِ. قَالَ: فَلَمَّا مَاتَ مَالِكٌ وَ قُبِضَ أبُو جَعْفَرٍ علیه السلام دَخَلْتُ عَلَى أبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَأخْبَرْتُهُ بِالْحَدِيثِ فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إلَى حَجَّةً قَالَ: وَ عُمْرَةً يَا مُحَمَّدُ.(3)
16- وَ قَالَ الْإمامُ الْبَاقِرُ علیه السلام: مَنْ زَارَ قَبْرَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ علیهماالسلام عَارِفاً بِحَقِّهِ كَتَبَهُ اللَّهُ فِي عِلِّيِّينَ. ثُمَّ قَالَ: إنَّ حَوْلَ قَبْرِ الْحُسَيْنِ علیه السلام سَبْعِينَ ألْفَ مَلَكٍ شَعْثَاءَ غَبْرَاءَ يَبْكُونَ عَلَيْهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.(4)
17- قَالَ الْإمامُ الْبَاقِرُ علیه السلام: خَلَقَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أرْضَ كَرْبَلَاءَ قَبْلَ أنْ يَخْلُقَ الْكَعْبَةَ بِأرْبَعَةٍ وَ عِشْرِينَ ألْفَ عَامٍ وَ قَدَّسَهَا وَ بَارَكَ عَلَيْهَا.
ص: 46
فَمَا زَالَتْ قَبْلَ خَلْقِ اللَّهِ الْخَلْقَ مُقَدَّسَةً مُبَارَكَةً وَ لَا تَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يَجْعَلَهَا اللَّهُ أفْضَلَ أرْضٍ فِي الْجَنَّةِ وَ أفْضَلَ مَنْزِلٍ وَ مَسْكَنٍ يُسْكِنُ اللَّهُ فِيهِ أوْلِيَاءَهُ فِي الْجَنَّةِ.(1)
الإمام أبوعبدالله جعفر الصّادق علیه السلام
18- قَالَ الْإمَامُ الصَّادِقُ علیه السلام: الْغَاضِرِيَّةُ تُرْبَةٌ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ.(2)
19- قَالَ الْإمَامُ الصَّادِقُ علیه السلام: إنَّ أرْضَ الْكَعْبَةِ قَالَتْ: مَنْ مِثْلِي وَ قَدْ بَنَى اللهُ بَيْتَهُ(3) عَلَى ظَهْرِي، يَأْتِينِي النَّاسُ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ وَ جُعِلْتُ حَرَمَ اللَّهِ وَ أمْنَهُ. فَأوْحَى اللَّهُ إلَيْهَا أنْ: كُفِّي وَ قِرِّي. فَوَعِزَّتِي وَ جَلَالِي! مَا فَضْلُ مَا فُضِّلْتِ بِهِ فِيمَا أُعْطِيَتْ بِهِ أرْضُ كَرْبَلَاءَ إلَّا بِمَنْزِلَةِ الْإبْرَةِ غُرِسَتْ(4) فِي الْبَحْرِ فَحَمَلَتْ مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ وَ لَوْلَا تُرْبَةُ كَرْبَلَاءَ مَا فَضَّلْتُكِ وَ لَوْلَا مَنْ تَضَمَّنَهُ أرْضُ كَرْبَلَاءَ مَا خَلَقْتُكِ وَ لَاخَلَقْتُ الْبَيْتَ الَّذِي بِهِ افْتَخَرْتِ. فَقِرِّي وَ اسْتَقِرِّي وَ كُونِي دَنِيَّاً مُتَوَاضِعاً ذَلِيلًا مَهِيناً غَيْرَ مُسْتَنْكِفٍ وَ لَا مُسْتَكْبِرٍ لِأرْضِ كَرْبَلَاءَ وَ إلَّا سُخْتُ بِكِ وَ هَوَيْتُ بِكِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ.(5)
20- قَالَ الْإمَامُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیه السلام: إنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فَضَّلَ الْأرَضِينَ وَ الْمِيَاهَ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، فَمِنْهَا مَا تَفَاخَرَتْ وَ مِنْهَا مَا بَغَتْ. فَمَا مِنْ مَاءٍ وَ لَا أرْضٍ إلَّا عُوقِبَتْ لِتَرْكِ التَّوَاضُعِ لِلَّهِ، حَتَّى سَلَّطَ اللَّهُ
ص: 47
الْمُشْرِكِينَ عَلَى الْكَعْبَةِ وَ أرْسَلَ إلَى زَمْزَمَ مَاءً مَالِحاً حَتَّى أفْسَدَ طَعْمَهُ. وَ إنَّ كَرْبَلَاءَ وَ مَاءَ الْفُرَاتِ أوَّلُ أرْضٍ وَ أوَّلُ مَاءٍ قَدَّسَ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى. فَبَارَكَ اللهُ عَلَيْهِمَا فَقَالَ لَهَا: تَكَلَّمِي بِمَا فَضَّلَكِ اللَّهُ تَعَالَى فَقَدْ تَفَاخَرَتِ الْأرَضُونَ وَالْمِيَاهُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، قَالَتْ: أنَا أرْضُ اللَّهِ الْمُقَدَّسَةُ الْمُبَارَكَةُ الشِّفَاءُ فِي تُرْبَتِي وَ مَائِي وَ لَا فَخْرَ، بَلْ خَاضِعَةٌ ذَلِيلَةٌ لِمَنْ فَعَلَ بِي ذَلِكَ، وَ لَا فَخْرَ عَلَى مَنْ دُونِي، بَلْ شُكْراً لِلَّهِ. فَأكْرَمَهَا وَ زَادَ فِي تَوَاضُعِهَا(1) وَ شُكْرِهَا اللَّهَ بِالْحُسَيْنِ علیه السلام وَ أصْحَابِهِ. ثُمَّ قَالَ أبُوعَبْدِاللَّهِ علیه السلام: مَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ رَفَعَهُ اللَّهُ وَ مَنْ تَكَبَّرَ وَضَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى.(2)
21- وَ قَالَ الْإمَامُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیه السلام لِرَجُلٍ مِنْ مَوَالِيهِ: يَا فُلَانُ! أتَزُورُ قَبْرَ أبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ علیهماالسلام؟ قَالَ: نَعَمْ إنِّي أزُورُهُ بَيْنَ ثَلَاثِ سِنِينَ أوْ سَنَتَيْنِ مَرَّةً، فَقَالَ لَهُ وَ هُوَ مُصْفَرُّ الْوَجْهِ: أمَا وَ اللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ لَوْ زُرْتَهُ لَكَانَ أفْضَلَ لَكَ مِمَّا أنْتَ فِيهِ. فَقَالَ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ أ كُلُّ هَذَا الْفَضْلِ؟! فَقَالَ:نَعَمْ وَاللَّهِ لَوْ أنِّي حَدَّثْتُكُمْ بِفَضْلِ زِيَارَتِهِ وَبِفَضْلِ قَبْرِهِ لَتَرَكْتُمُ الْحَجَّ رَأْساً وَ مَا حَجَّ مِنْكُمْ أحَدٌ. وَيْحَكَ! أمَاتَعْلَمُ أنَّ اللَّهَ اتَّخَذَ (بِفَضْلِ قَبْرِهِ) كَرْبَلَاءَ حَرَماً آمِناً مُبَارَكاً قَبْلَ أنْ يَتَّخِذَ مَكَّةَ حَرَماً؟! قَالَ ابْنُ أبِي يَعْفُورٍ فَقُلْتُ لَهُ: قَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَى النَّاسِ حِجَّ الْبَيْتِ وَ لَمْ يَذْكُرْ زِيَارَةَ قَبْرِ الْحُسَيْنِ علیه السلام؟! فَقَالَ: وَ إنْ كَانَ كَذَلِكَ، فَإنَّ هَذَا شَيْ ءٌ جَعَلَهُ اللَّهُ هَكَذَا. أمَا سَمِعْتَ قَوْلَ أبِي أمِيرِالْمُؤْمِنِينَ حَيْثُ يَقُولُ: إنَّ بَاطِنَ الْقَدَمِ أحَقُّ
ص: 48
بِالْمَسْحِ مِنْ ظَاهِرِ الْقَدَمِ وَ لَكِنَّ اللَّهَ فَرَضَ هَذَا عَلَى الْعِبَادِ؟ أوَ مَا عَلِمْتَ أنَّ الْمَوْقِفَ لَوْ كَانَ فِي الْحَرَمِ كَانَ أفْضَلَ لِأجْلِ الْحَرَمِ، وَ لَكِنَّ اللَّهَ صَنَعَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ؟(1)
22- وَ قَالَ الْإمَامُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیه السلام: لِمَوْضِعِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ علیه السلام حُرْمَةٌ مَعْلُومَةٌ(2) ، مَنْ عَرَفَهَا وَ اسْتَجَارَ بِهَا أُجِيرَ. قُلْتُ: صِفْ لِي مَوْضِعَهَا (جُعِلْتُ فِدَاكَ)(3) قَالَ: إمْسَحْ مِنْ مَوْضِعِ قَبْرِهِ الْيَوْمَ خَمْسَةً وَ عِشْرِينَ ذِرَاعاً مِنْ قُدَّامِهِ وَ خَمْسَةً وَ عِشْرِينَ ذِرَاعاً عِنْدَ رَأْسِهِ وَ خَمْسَةً وَ عِشْرِينَ ذِرَاعاً مِنْ نَاحِيَةِ رِجْلَيْهِ وَ خَمْسَةً وَ عِشْرِينَ ذِرَاعاً مِنْ خَلْفِهِ، وَ مَوْضِعُ قَبْرِهِ مِنْ يَوْمَ دُفِنَ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ وَ مِنْهُ مِعْرَاجٌ يُعْرَجُ مِنْهُ بِأعْمَالِ زُوَّارِهِ إلَى السَّمَاءِ، وَ لَيْسَ مِنْ مَلَكٍ وَ لَا نَبِيٍّ فِي السَّمَاوَاتِ (وَ لَا فِي الْأرْضِ)(4) إلَّا وَ هُمْ يَسْألُونَ اللَّهَ أنْ يَأْذَنَ لَهُمْ فِي زِيَارَةِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ علیه السلام، فَفَوْجٌ يَنْزِلُ وَ فَوْجٌ يَعْرُجُ.(5)
23- قَالَ الْإمَامُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیه السلام: زُورُوا كَرْبَلَاءَ وَ لَا تَقْطَعُوهُ، فَإنَّ خَيْرَ أوْلَادِ الْأنْبِيَاءِ ضُمِّنَتْهُ. ألَا وَ إنَّ الْمَلَائِكَةَ زَارَتْ كَرْبَلَاءَ ألْفَ عَامٍ مِنْ قَبْلِ أنْ يَسْكُنَهُ جَدِّيَ الْحُسَيْنُ علیه السلام، وَ مَا مِنْ لَيْلَةٍ تَمْضِي إلَّا وَ جَبْرَائِيلُ
ص: 49
وَ مِيكَائِيلُ يَزُورَانِهِ، فَاجْتَهِدْ يَا يَحْيَى أنْ لَا تَفَقَّدُ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْطِنِ.(1)
24- وَ قَالَ الْإمَامُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیه السلام: خَرَجَ أمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام يَسِيرُ بِالنَّاسِ، حَتَّى إذَا كَانَ مِنْ كَرْبَلَاءَ عَلَى مَسِيرَةِ مِيلٍ أوْ مِيلَيْنِ، فَتَقَدَّمَ بَيْنَ أيْدِيهِمْ، حَتَّى إذَا صَارَ بِمَصَارِعِ الشُّهَدَاءِ قَالَ: قُبِضَ فِيهَا مِائَتَا نَبِيٍّ وَ مِائَتَا وَصِيٍّ وَ مِائَتَا سِبْطٍ شُهَدَاءَ بِأتْبَاعِهِمْ فَطَافَ بِهَا عَلَى بَغْلَتِهِ خَارِجاً رِجْلَيْهِ مِنَ الرِّكَابِ وَ أنْشَأ يَقُولُ: مُنَاخُ رِكَابٍ وَ مَصَارِعُ شُهَدَاءَ لَا يَسْبِقُهُمْ مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ وَ لَايَلْحَقُهُمْ مَنْ كَانَ بَعْدَهُمْ.(2)
25- وَ قَالَ الْإمَامُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیه السلام: مَا خَلَقَ اللَّهُ خَلْقاً أكْثَرَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَ إنَّهُ لَيَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ كُلَّ مَسَاءٍ سَبْعُونَ ألْفَ مَلَكٍ، يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ الْحَرَامِ لَيْلَتَهُمْ، حَتَّى إذَاطَلَعَ الْفَجْرُ انْصَرَفُوا إلَى قَبْرِ النَّبِيِّ صلی الله علیه و آله و سلم فَيُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَأْتُونَ قَبْرَ أمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام فَيُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَأْتُونَ قَبْرَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ علیه السلام فَيُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَأْتُونَ قَبْرَالْحُسَيْنِ علیه السلام فَيُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَعْرُجُونَ إلَى السَّمَاءِ قَبْلَ أنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ، ثُمَّ تَنْزِلُ مَلَائِكَةُ النَّهَارِ سَبْعُونَ ألْفَ مَلَكٍ فَيَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ الْحَرَامِ نَهَارَهُمْ، حَتَّى إذَا غَرُبَتِ الشَّمْسُ انْصَرَفُوا إلَى قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم فَيُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَأْتُونَ قَبْرَ أمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام فَيُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَأْتُونَ قَبْرَ الْحَسَنِ علیه السلام فَيُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَأْتُونَ قَبْرَ الْحُسَيْنِ علیه السلام فَيُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَعْرُجُونَ إلَى السَّمَاءِ قَبْلَ أنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ.(3)
ص: 50
26- قَالَ الْإمَامُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیه السلام: إنَّهُ يُصَلِّي عِنْدَ قَبْرِ الْحُسَيْنِ علیه السلام أرْبَعَةُ آلَافِ مَلَكٍ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى أنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ، ثُمَّ يَصْعَدُونَ وَ يَنْزِلُ مِثْلُهُمْ، فَيُصَلُّونَ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ فَلَا يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أنْ يَتَخَلَّفَ عَنْ زِيَارَةِ قَبْرِهِ أكْثَرَ مِنْ أرْبَعِ سِنِينَ.(1)
27- وَ قَالَ علیه السلام لِصَفْوَانِ الْجَمَّالِ: لَمَّا أتَى الْحَيْرَةَ، هَلْ لَكَ فِي قَبْرِ الْحُسَيْنِ؟ قُلْتُ: وَ تَزُورُهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ؟ قَالَ: وَ كَيْفَ لَا أزُورُهُ، وَ اللَّهُ يَزُورُهُ فِي كُلِّ لَيْلَةِ جُمْعَةٍ، يَهْبِطُ مَعَ الْمَلَائِكَةِ إلَيْهِ وَ الْأنْبِيَاءُ وَ الْأوْصِيَاءُ، وَ مُحَمَّدٌ أفْضَلُ الْأنْبِيَاءِ وَ نَحْنُ أفْضَلُ الْأوْصِيَاءِ. فَقَالَ صَفْوَانُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ! فَتَزُورُهُ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ حَتَّى تُدْرِكَ زِيَارَةَ الرَّبِّ؟ قَالَ: نَعَمْ يَا صَفْوَانُ، إلْزَمْ تُكْتَبُ لَكَ زِيَارَةُ قَبْرِ الْحُسَيْنِ وَ ذَلِكَ تَفْضِيلٌ.(2)
28- وَ قَالَ الْإمَامُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیه السلام: كَأنِّي أنْظُرُ إلَى الْقَائِمِ عجل الله تعالی فرجه الشریف عَلَى ظَهْرِ نَجَفَ [النَّجَفِ]، فَإذَا اسْتَوَى عَلَى ظَهْرِ النَّجَفِ، رَكِبَ فَرَساً أدْهَمَ أبْلَقَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ شِمْرَاخٌ، ثُمَّ يَنْتَفِضُ بِهِ فَرَسُهُ، فَلَا يَبْقَى أهْلُ بَلْدَةٍ إلَّا وَ هُمْ يَظُنُّونَ أنَّهُ مَعَهُمْ فِي بِلَادِهِمْ، فَإذَا نَشَرَ رَايَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم انْحَطَّ عَلَيْهِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ ألْفَ مَلَكٍ وَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ مَلَكاً كُلُّهُمْ يَنْتَظِرُونَ الْقَائِمَ عجل الله تعالی فرجه الشریف، وَ هُمُ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ نُوحٍ علیه السلام فِي السَّفِينَةِ وَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ إبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ علیه السلام حَيْثُ أُلْقِيَ فِي النَّارِ وَ كَانُوا مَعَ عِيسَى علیه السلام حِينَ رُفِعَ، وَ أرْبَعَةُ
ص: 51
آلَافٍ مُسَوِّمِينَ وَ مُرْدِفِينَ وَ ثَلَاثُمِائَةٍ وَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ مَلَكاً يَوْمَ بَدْرٍ وَ أرْبَعَةُ آلَافِ مَلَكٍ الَّذِينَ هَبَطُوا يُرِيدُونَ الْقِتَالَ مَعَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ علیه السلام فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُمْ فَصَعِدُوا فِي الِاسْتِئْذَانِ وَ هَبَطُوا وَ قَدْ قُتِلَ الْحُسَيْنُ علیه السلام فَهُمْ شُعْثٌ غُبْرٌ يَبْكُونَ عِنْدَ قَبْرِالْحُسَيْنِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَا بَيْنَ قَبْرِالْحُسَيْنِ إلَى السَّمَاءِ مُخْتَلَفُ الْمَلَائِكَةِ.(1)
29- وَ قَالَ الْإمَامُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیه السلام: كَأنِّي بِالْقَائِمِ عجل الله تعالی فرجه الشریف عَلَى نَجَفِ الْكُوفَةِ... فَيَنْحَطُّ عَلَيْهِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ آلافَ مَلَكٍ وَ... أرْبَعَةُ آلَافِ مَلَكٍ هَبَطُوا يُرِيدُونَ الْقِتَالَ مَعَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ علیه السلام فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُمْ فِي الْقِتَالِ، فَهُمْ عِنْدَ قَبْرِهِ شُعْثٌ غُبْرٌ يَبْكُونَهُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَ رَئِيسُهُمْ مَلَكٌ يُقَالُ لَهُ مَنْصُورٌ، فَلَا يَزُورُهُ زَائِرٌ إلَّا اسْتَقْبَلُوهُ وَ لَا يُوَدِّعُهُ مُوَدِّعٌ إلَّا شَيَّعُوهُ وَ لَا يَمْرَضُ مَرِيضٌ إلَّا عَادُوهُ وَ لَا يَمُوتُ مَيِّتٌ إلَّا صَلَّوْا عَلَى جِنَازَتِهِ وَ اسْتَغْفَرُوا لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَ كُلُّ هَؤُلَاءِ فِي الْأرْضِ يَنْتَظِرُونَ قِيَامَ الْقَائِمِ إلَى وَقْتِ خُرُوجِهِعجل الله تعالی فرجه الشریف.(2)
30- قَالَ الْإمَامُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیه السلام: وَكَّلَ اللَّهُ بِقَبْرِ الْحُسَيْنِ علیه السلام أرْبَعَةَ آلَافِ مَلَكٍ شُعْثٍ غُبْرٍ يَبْكُونَهُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَمَنْ زَارَهُ عَارِفاً بِحَقِّهِ شَيَّعُوهُ حَتَّى يُبْلِغُوهُ مَأْمَنَهُ وَ إنْ مَرِضَ عَادُوهُ غُدْوَةً وَ عَشِيَّةً وَ إنْ مَاتَ شَهِدُوا جَنَازَتَهُ وَ اسْتَغْفَرُوا لَهُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.(3)
ص: 52
31- رُوِيَ أنَّ (الصّادِقَ علیه السلام) مَرِضَ فَأمَرَ مَنْ عِنْدَهُ أنْ يَسْتَأْجِرُوا لَهُ أجِيراً يَدْعُو لَهُ عِنْدَ قَبْرِ الْحُسَيْنِ علیه السلام فَوَجَدُوا رَجُلًا؛ فَقَالُوا لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: أنَا أمْضِي وَ لَكِنَّ الْحُسَيْنَ إمَامٌ مُفْتَرَضُ الطَّاعَةِ وَ هُوَ إمَامٌ مُفْتَرَضُ الطَّاعَةِ، فَرَجَعُوا إلَى الصَّادِقِ علیه السلام وَ أخْبَرُوهُ فَقَالَ: هُوَ كَمَا قَالَ وَ لَكِنْ أمَا عَرَفَ أنَّ لِلَّهِ تَعَالَى بِقَاعاً يُسْتَجَابُ فِيهَا الدُّعَاءُ، فَتِلْكَ الْبُقْعَةُ مِنْ تِلْكَ الْبِقَاعِ.(1)
32- وَ قَالَ الْإمَامُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیه السلام: مَرَّ بِقَبْرِهِ - الْحُسَيْنِ علیه السلام- سَبْعُونَ ألْفَ مَلَكٍ، فَصَعَدُُوا إلَى السَّمَاءِ فَأوْحَى اللهُ تَعَالَى إلَيْهِمْ: يَا مَلَائِكَتِي! مَرَرْتُمْ بِابْنِ بِنْتِ نَبِيٍّ يُقْتَلُ فَلَمْ تَنْصُرُوهُ؟ إهْبِطُوا إلَى قَبْرِهِ. فَهُمْ عِنْدَ قَبْرِهِ شُعَثَاً غُبَرَاً يَبْكُونَ عَلَيْهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.(2)
33- عَنْ رِبِعِيٍّ قَالَ قُلْتُ لِأبِي عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقِ علیه السلام بِالْمَدِينَةِ: أيْنَ قُبُورُ الشُّهَدَاءِ؟ فَقَالَ: ألَيْسَ أفْضَلُ الشُّهَدَاءِ عِنْدَكُمُ الْحُسَيْنُ؟! أمَا وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِه! إنَّ حَوْلَهُ أرْبَعَةُ آلَافِ مَلَكٍ شُعْثاً غُبْراً يَبْكُونَهُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.(3)
34- وَ قَالَ الْإمَامُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیه السلام: هَبَطَ أرْبَعَةُ آلَافِ مَلَكٍ يُرِيدُونَ الْقِتَالَ مَعَ الْحُسَيْنِ علیه السلام فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُمْ فِي الْقِتَالِ، فَرَجَعُوا فِي الِاسْتِئْمَارِ(4) فَهَبَطُوا وَ قَدْ قُتِلَ الْحُسَيْنُ(5) علیه السلام وَ لُعِنَ قَاتِلُهُ وَ مَنْ أعَانَ عَلَيْهِ وَ مَنْ شَرِكَ فِي دَمِهِ، فَهُمْ عِنْدَ قَبْرِهِ شُعْثٌ غُبْرٌ يَبْكُونَهُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، رَئِيسُهُمْ مَلَكٌ يُقَالُ لَهُ مَنْصُورٌ، فَلَا يَزُورُهُ زَائِرٌ إلَّا اسْتَقْبَلُوهُ وَ لَا يُوَدِّعُهُ
ص: 53
مُوَدِّعٌ إلَّا شَيَّعُوهُ وَ لَا يَمْرَضُ إلَّا عَادُوهُ وَ لَا يَمُوتُ إلَّا صَلَّوْا عَلَى جِنَازَتِهِ وَاسْتَغْفَرُوا لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَكُلُّ هَؤُلَاءِ فِي الْأرْضِ يَنْتَظِرُونَ قِيَامَ الْقَائِمِ عچل الله تعالی فرجه الشریف.(1)
35- وَ قَالَ الْإمَامُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیه السلام: وَكَّلَ اللَّهُ بِقَبْرِ الْحُسَيْنِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ أرْبَعَةَ آلَافِ مَلَكٍ شُعْثاً غُبْراً يَبْكُونَهُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَ إتْيَانُهُ تَعْدِلُ حَجَّةً وَ عُمْرَةً وَ قُبُورَ الشُّهَدَاءِ.(2)
36- وَ قَالَ الْإمَامُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیه السلام: وَكَّلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى بِقَبْرِ الْحُسَيْنِ علیه السلام سَبْعِينَ ألْفَ مَلَكٍ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ شُعْثاً غُبْراً مِنْ يَوْمَ قُتِلَ إلَى مَا شَاءَ اللَّهُ (يَعْنِي بِذَلِكَ قِيَامَ الْقَائِمِ عجل الله تعالی فرجه الشریف) وَ يَدْعُونَ لِمَنْ زَارَهُ وَ يَقُولُونَ: يَا رَبِّ هَؤُلَاءِ زُوَّارُ الْحُسَيْنِ علیه السلام افْعَلْ بِهِمْ وَ افْعَلْ بِهِمْ (كَذَا وَ كَذَا)(3).
37- وَ قَالَ الْإمَامُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیه السلام: وَكَّلَ اللَّهُ بِقَبْرِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيّ ٍعلیه السلام سَبْعِينَ ألْفَ مَلَكٍ يَعْبُدُونَ اللَّهَ عِنْدَهُ، الصَلَاةُ الْوَاحِدَةُ مِنْ صَلَاةِ أحَدِهِمْ تَعْدِلُ ألْفَ صَلَاةٍ مِنْ صَلَاةِ الْآدَمِيِّينَ، يَكُونُ ثَوَابُ صَلَاتِهِمْ لِزُوَّارِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ وَ عَلَى قَاتِلِهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَ الْمَلَائِكَةِ وَ النَّاسِ أجْمَعِينَ أبَدَ الْآبِدِينَ.(4)
38- قَالَ الْإمَامُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیه السلام: مَوْضِعُ قَبْرِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ
ص: 54
صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا مُنْذُ يَوْمَ دُفِنَ فِيهِ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ.(1)
39- وَ قَالَ الْإمَامُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیه السلام: مَوْضِعُ قَبْرِ الْحُسَيْنِ تُرْعَةٌ مِنْ تُرَعِ الْجَنَّةِ.(2)
40- قَالَ الْإمَامُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیه السلام: إنَّ إلَى جَانِبِكُمْ قَبْراً مَا أتَاهُ مَكْرُوبٌ إلَّا نَفَّسَ اللَّهُ كُرْبَتَهُ وَ قَضَى حَاجَتَهُ، وَ إنَّ عِنْدَهُ لَأرْبَعَةَ آلَافِ مَلَكٍ مُنْذُ قُبِضَ شُعْثاً غُبْراً يَبْكُونَهُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَمَنْ زَارَهُ شَيَّعُوهُ وَ مَنْ مَرِضَ عَادُوهُ وَ مَنْ مَاتَ اتَّبَعُوا جَنَازَتَهُ.(3)
41- وَ قَالَ الْإمَامُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیه السلام: إنَّ اللَّهَ وَكَّلَ بِالْحُسَيْنِ علیه السلام مَلَكاً فِي أرْبَعَةِ آلَافِ مَلَكٍ يَبْكُونَهُ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِزُوَّارِهِ وَ يَدْعُونَ اللَّهَ لَهُمْ.(4)
42- قَالَ إسْحَاقُ بْنُ عَمَّارٍ قُلْتُ لِأبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: جُعِلْتُ فِدَاكَ! يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ! كُنْتُ فِي الْحَيْرَةِ لَيْلَةَ عَرَفَةَ، فَرَأيْتُ نَحْواً مِنْ ثَلَاثَةِ آلَافٍ أوْ أرْبَعَةِ آلَافِ رَجُلٍ جَمِيلَةً وُجُوهُهُمْ، طَيِّبَةً رِيحُهُمْ، شَدِيدَةً بَيَاضُ ثِيَابِهِمْ، يُصَلُّونَ اللَّيْلَ أجْمَعَ، فَلَقَدْكُنْتُ أُرِيدُ أنْ آتِي قَبْرَالْحُسَيْنِ علیه السلام وَ أُقَبِّلَهُ وَ أدْعُوَ بِدَعَوَاتِي، فَمَا كُنْتُ أصِلُ إلَيْهِ مِنْ كَثْرَةِ الْخَلْقِ، فَلَمَّا طَلَعَ الْفَجْرُ سَجَدْتُ سَجْدَةً فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَلَمْ أرَ مِنْهُمْ أحَداً، فَقَالَ لِي أبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: أ تَدْرِي مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قُلْتُ: لَا جُعِلْتُ فِدَاكَ، فَقَالَ: أخْبَرَنِي أبِي عَنْ أبِيهِ قَالَ مَرَّ
ص: 55
بِالْحُسَيْنِ علیه السلام أرْبَعَةُ آلَافِ مَلَكٍ وَ هُوَ يُقْتَلُ، فَعَرَجُوا إلَى السَّمَاءِ فَأوْحَى اللَّهُ إلَيْهِمْ: يَا مَعْشَرَ الْمَلَائِكَةِ مَرَرْتُمْ بِابْنِ حَبِيبِي وَ صَفِيِّي مُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله و سلم وَ هُوَ يُقْتَلُ وَ يُضْطَهَدُ مَظْلُوماً فَلَمْ تَنْصُرُوهُ؟ فَانْزِلُوا إلَى الْأرْضِ إلَى قَبْرِهِ فَابْكُوهُ شُعْثاً غُبْراً إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَهُمْ عِنْدَهُ إلَى أنْ تَقُومَ القِيَامَةَ (1). (2)
43- وَ قَالَ الْإمَامُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیه السلام: إنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً مُوَكَّلِينَ بِقَبْرِ الْحُسَيْنِ علیه السلام، فَإذَا هَمَّ بِزِيَارَتِهِ الرَّجُلُ أعْطَاهُمُ اللَّهُ ذُنُوبَهُ فَإذَا خَطَا مَحَوْهَا ثُمَّ إذَا خَطَا ضَاعَفُوا لَهُ حَسَنَاتِهِ، فَمَا تَزَالُ حَسَنَاتُهُ تُضَاعَفُ حَتَّى تُوجِبَ لَهُ الْجَنَّةَ، ثُمَّ اكْتَنَفُوهُ وَ قَدَّسُوهُ وَ يُنَادُونَ مَلَائِكَةَ السَّمَاءِ أنْ: قَدِّسُوا زُوَّارَحَبِيبِ حَبِيبِ اللَّهِ، فَإذَا اغْتَسَلُوا نَادَاهُمْ مُحَمَّدٌ صلی الله علیه و آله و سلم: يَا وَفْدَاللَّهِ أبْشِرُوا بِمُرَافَقَتِي فِي الْجَنَّةِ، ثُمَّ نَادَاهُمْ أمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام: أنَا ضَامِنٌ لِقَضَاءِ حَوَائِجِكُمْ وَ رَفْعِ الْبَلَاءِ عَنْكُمْ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ، ثُمَّ الْتَقَاهُمُ(3) النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله و سلم (وَ عَلِيٌّ علیه السلام)(4) عَنْ أيْمَانِهِمْ وَ عَنْ شَمَائِلِهِمْ حَتَّى يَنْصَرِفُوا إلَى أهَالِيهِمْ.(5)
44- وَ قَالَ الْإمَامُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیه السلام: كَأنِّي بِالْمَلَائِكَةِ وَ اللَّهِ قَدْ إزْدَحَمُوا الْمُؤْمِنِينَ عَلَى قَبْرِ الْحُسَيْنِ علیه السلام، قَالَ قُلْتُ: فَيَتَرَاءَوْنَ لَهُ؟ قَالَ: هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ قَدْ لَزِمُوا وَ اللَّهِ الْمُؤْمِنِينَ حَتَّى إنَّهُمْ لَيَمْسَحُونَ وُجُوهَهُمْ بِأيْدِيهِمْ، قَالَ: وَ يُنْزِلُ اللَّهُ عَلَى زُوَّارِ الْحُسَيْنِ غُدْوَةً وَ عَشِيَّةً مِنْ
ص: 56
طَعَامِ الْجَنَّةِ وَخُدَّامُهُمُ الْمَلَائِكَةُ، لَا يَسْألُ اللهَ عَبْدٌ حَاجَةً مِنْ حَوَائِجِ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ إلَّا أعْطَاهَا إيَّاهُ. قَالَ قُلْتُ: هَذِهِ وَ اللَّهِ الْكَرَامَةُ قَالَ لِي: يَا مُفَضَّلُ أزِيدُكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ سَيِّدِي قَالَ: كَأنِّي بِسَرِيرٍ مِنْ نُورٍ قَدْ وُضِعَ وَ قَدْ ضُرِبَتْ عَلَيْهِ قُبَّةٌ مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ مُكَلَّلَةٌ بِالْجَوَاهِرِ وَ كَأنِّي بِالْحُسَيْنِ علیه السلام جَالِسٌ عَلَى ذَلِكَ السَّرِيرِ وَ حَوْلَهُ تِسْعُونَ ألْفَ قُبَّةٍ خَضْرَاءَ، وَ كَأنِّي بِالْمُؤْمِنِينَ يَزُورُونَهُ وَ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّوَجَلَّ لَهُمْ: أوْلِيَائِي سَلُونِي فَطَالَمَا أُوذِيتُمْ وَذُلِّلْتُمْ وَاضْطُهِدْتُمْ، فَهَذَا يَوْمٌ لَاتَسْألُونِّي حَاجَةً مِنْ حَوَائِجِ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ إلَّا قَضَيْتُهَا لَكُمْ. فَيَكُونُ أكْلُهُمْ وَ شُرْبُهُمْ فِي الْجَنَّةِ، فَهَذِهِ وَ اللَّهِ الْكَرَامَةُ الَّتِي لَا انْقِضَاءَ لَهَا وَ لَايُدْرَكُ مُنْتَهَاهَا.(1)
45- وَ قَالَ الْإمَامُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیه السلام لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ: يَا ابْنَ بُكَيْرٍ! إنَّ اللَّهَ اخْتَارَ مِنْ بِقَاعِ الْأرْضِ سِتَّةً؛ الْبَيْتَ الْحَرَامَ وَ الْحَرَمَ وَ مَقَابِرَ الْأنْبِيَاءِ وَ مَقَابِرَ الْأوْصِيَاءِ وَ مَقَاتِلَ الشُّهَدَاءِ وَ الْمَسَاجِدَ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ. يَا ابْنَ بُكَيْرٍ! هَلْ تَدْرِي مَا لِمَنْ زَارَ قَبْرَ أبِي عَبْدِاللَّهِ الْحُسَيْنِ علیه السلام إذْ جَهِلَهُ الْجَاهِلُ؟ مَا مِنْ صَبَاحٍ إلَّا وَ عَلَى قَبْرِهِ هَاتِفٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ يُنَادِي: يَا طَالِبَ الْخَيْرِ أقْبِلْ إلَى خَالِصَةِ اللَّهِ تَرْحَلْ بِالْكَرَامَةِ وَ تَأْمَنِ النَّدَامَةَ، يَسْمَعُ أهْلُ الْمَشْرِقِ وَ أهْلُ الْمَغْرِبِ إلَّا الثَّقَلَيْنِ وَ لَايَبْقَى فِي الْأرْضِ مَلَكٌ مِنَ الْحَفَظَةِ إلَّا عَطَفَ إلَيْهِ عِنْدَ رُقَادِ الْعَبْدِ حَتَّى يُسَبِّحَ اللَّهَ عِنْدَهُ وَ يَسْألَ اللَّهَ الرِّضَا عَنْهُ وَ لَايَبْقَى مَلَكٌ فِي الْهَوَاءِ يَسْمَعُ الصَّوْتَ إلَّا أجَابَ بِالتَّقْدِيسِ لِلَّهِ تَعَالَى، فَتَشْتَدُّ أصْوَاتُ
ص: 57
الْمَلَائِكَةِ فَيُجِيبُهُمْ أهْلُ السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَتَشْتَدُّ أصْوَاتُ الْمَلَائِكَةِ وَ أهْلُ السَّمَاءِ الدُّنْيَا، حَتَّى تَبْلُغَ أهْلَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، فَيُسْمِعُ اللهُ أصْوَاتَهُمُ النَّبِيِّينَ(1) فَيَتَرَحَّمُونَ وَ يُصَلُّونَ عَلَى الْحُسَيْنِ علیه السلام وَ يَدْعُونَ لِمَنْ زَارَهُ.(2)
46- وَ قَالَ الْإمَامُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیه السلام لِمُفَضَّلِ بْنِ عَمْروٍ: كَمْ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ قَبْرِ الْحُسَيْنِ علیه السلام؟ قَالَ قُلْتُ: بِأبِي أنْتَ وَ أُمِّي يَوْمٌ وَ بَعْضُ يَوْمٍ آخَرَ، قَالَ: فَتَزُورُهُ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، قَالَ فَقَالَ: أ لَا أُبَشِّرُكَ أ لَا أُفَرِّحُكَ بِبَعْضِ ثَوَابِهِ؟ قُلْتُ: بَلَى جُعِلْتُ فِدَاكَ، قَالَ فَقَالَ لِي: إنَّ الرَّجُلَ مِنْكُمْ لَيَأْخُذُ فِي جِهَازِهِ وَ يَتَهَيَّأُ لِزِيَارَتِهِ فَيَتَبَاشَرُ بِهِ أهْلُ السَّمَاءِ، فَإذَا خَرَجَ مِنْ بَابِ مَنْزِلِهِ رَاكِباً أوْ مَاشِياً وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ أرْبَعَةَ آلَافِ مَلَكٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ حَتَّى يُوَافِيَ قَبْرَالْحُسَيْنِ علیه السلام، يَامُفَضَّلُ! إذَا أتَيْتَ قَبْرَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ علیه السلام فَقِفْ بِالْبَابِ وَ قُلْ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ، فَإنَّ لَكَ بِكُلِّ كَلِمَةٍ كِفْلًا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ. فَقُلْتُ: مَا هِيَ جُعِلْتُ فِدَاكَ؟ قَالَ: تَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ آدَمَ صَفْوَةِ اللَّهِ... السَّلَامُ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.
ثُمَّ تَسْعَى فَلَكَ بِكُلِّ قَدَمٍ رَفَعْتَهَا أوْ وَضَعْتَهَا كَثَوَابِ الْمُتَشَحِّطِ بِدَمِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَإذَا سَلَّمْتَ عَلَى الْقَبْرِ فَالْتَمِسْهُ بِيَدِكَ وَ قُلْ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَاحُجَّةَ اللَّهِ فِي سَمَائِهِ وَ أرْضِهِ، ثُمَّ تَمْضِي إلَى صَلَاتِكَ وَ لَكَ بِكُلِّ رَكْعَةٍ رَكَعْتَهَا عِنْدَهُ كَثَوَابِ مَنْ حَجَّ وَ اعْتَمَرَ ألْفَ عُمْرَةٍ وَ أعْتَقَ ألْفَ رَقَبَةٍ، وَ كَأنَّمَا وَقَفَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ألْفَ مَرَّةٍ مَعَ نَبِيٍّ مُرْسَلٍ، فَإذَا انْقَلَبْتَ مِنْ عِنْدِ
ص: 58
قَبْرِ الْحُسَيْنِ علیه السلام نَادَاكَ مُنَادٍ لَوْ سَمِعْتَ مَقَالَتَهُ لَأ قَمْتَ عُمُرَكَ عِنْدَ قَبْرِ الْحُسَيْنِ علیه السلام وَ هُوَ يَقُولُ: طُوبَى لَكَ أيُّهَا الْعَبْدُ قَدْ غَنِمْتَ وَ سَلِمْتَ قَدْ غُفِرَ لَكَ مَا سَلَفَ فَاسْتَأْنِفِ الْعَمَلَ، فَإنْ هُوَ مَاتَ مِنْ عَامِهِ أوْ فِي لَيْلَتِهِ أوْ يَوْمِهِ لَمْ يَلِ قَبْضَ رُوحِهِ إلَّا اللَّهُ، وَ تُقْبِلُ الْمَلَائِكَةُ مَعَهُ وَيَسْتَغْفِرُونَ لَهُ وَ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ حَتَّى يُوَافِيَ مَنْزِلَهُ، وَ تَقُولُ الْمَلَائِكَةُ: يَارَبِّ هَذَا عَبْدُكَ قَدْ وَافَى قَبْرَ ابْنِ نَبِيِّكَ صلی الله علیه و آله و سلم وَ قَدْ وَافَى مَنْزِلَهُ فَأيْنَ نَذْهَبُ؟ فَيُنََادِيهِمُ النِّدَاءُ مِنَ السَّمَاءِ: يَا مَلَائِكَتِي قِفُوا بِبَابِ عَبْدِي فَسَبِّحُوا وَقَدِّسُوا وَ اكْتُبُوا ذَلِكَ فِي حَسَنَاتِهِ إلَى يَوْمِ يُتَوَفَّى، قَالَ: فَلَا يَزَالُونَ بِبَابِهِ إلَى يَوْمِ يُتَوَفَّى يُسَبِّحُونَ اللَّهَ وَ يُقَدِّسُونَهُ وَ يَكْتُبُونَ ذَلِكَ فِي حَسَنَاتِهِ وَ إذَا تُوُفِّيَ شَهِدُوا جِنَازَتَهُ وَ كَفَنَهُ وَ غُسْلَهُ وَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ وَيَقُولُونَ: رَبَّنَا وَكَّلْتَنَا بِبَابِ عَبْدِكَ وَ قَدْ تُوُفِّيَ فَأيْنَ نَذْهَبُ؟ فَيُنَادِيهِمْ: يَا مَلَائِكَتِي! قِفُوا بِقَبْرِ عَبْدِي فَسَبِّحُوا وَ قَدِّسُوا وَ اكْتُبُوا ذَلِكَ فِي حَسَنَاتِهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.(1)
47- قَالَ الْإمَامُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیه السلام: إنَّ إلَى جَانِبِكُمْ قَبْراً مَا أتَاهُ مَكْرُوبٌ إلَّا نَفَّسَ اللَّهُ كُرْبَتَهُ وَقَضَى حَاجَتَهُ، وَ إنَّ عِنْدَهُ أرْبَعَةُ آلَافِ مَلَكٍ مُنْذُ يَوْمِ قُبِضَ شُعْثاً غُبْراً يَبْكُونَهُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَمَنْ زَارَهُ شَيَّعُوهُ إلَى مَأْمَنِهِ وَ مَنْ مَرِضَ عَادُوهُ وَ مَنْ مَاتَ اتَّبَعُوا جَنَازَتَهُ.(2)
48- وَ قَالَ الْإمَامُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیه السلام لِسَدِيرٍ: يَاسَدِيرُ! تَزُورُ قَبْرَ الْحُسَيْنِ علیه السلام فِي كُلِّ يَوْمٍ؟ قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ لَا قَالَ: مَا أجْفَاكُمْ، فَتَزُورُهُ
ص: 59
فِي كُلِّ شَهْرٍ؟ قُلْتُ: لَا. قَالَ: فَتَزُورُهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ؟ قُلْتُ: قَدْ يَكُونُ ذَلِكَ. قَالَ: يَا سَدِيرُ مَا أجْفَاكُمْ لِلْحُسَيْنِ علیه السلام، أمَا عَلِمْتَ أنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى ألْفَ ألْفِ مَلَكٍ شُعْثٍ غُبْرٍ يَبْكُونَ وَ يَزُورُونَ وَ لَايَفْتُرُونَ وَ مَا عَلَيْكَ يَاسَدِيرُ أنْ تَزُورَ قَبْرَ الْحُسَيْنِ علیه السلام فِي كُلِّ جُمْعَةٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ أوْ فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّةً، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُ فَرَاسِخُ كَثِيرَةٌ، فَقَالَ لِي: إصْعَدْ فَوْقَ سَطْحِكَ ثُمَّ الْتَفِتْ يَمْنَةً وَ يَسْرَةً، ثُمَّ ارْفَعْ رَأْسَكَ إلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ تَنْحُو نَحْوَ الْقَبْرِ فَتَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَاأبَاعَبْدِاللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُاللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ تُكْتَبُ لَكَ بِذَلِكَ زَوْرَةٌ وَ الزَّوْرَةُ حَجَّةٌ وَ عُمْرَةٌ. قَالَ سَدِيرٌ: فَرُبَّمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ فِي الشَّهْرِ أكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ مَرَّةً.(1)
49- عَنْ أبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: حُرْمَةُ قَبْرِ الْحُسَيْنِ علیه السلام فَرْسَخٌ فِي فَرْسَخٍ مِنْ أرْبَعَةِ جَوَانِبِهِ.(2)
50- قَالَ أبُوعَبْدِاللَّهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیه السلام: حَرِيمُ قَبْرِالْحُسَيْنِ علیه السلام فَرْسَخٌ فِي فَرْسَخٍ فِي فَرْسَخٍ فِي فَرْسَخٍ.(3)
51- عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ سَمِعْتُ أبَاعَبْدِاللَّهِ علیه السلام يَقُولُ: قَبْرُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ علیه السلام عِشْرُونَ ذِرَاعاً فِي عِشْرِينَ ذِرَاعاً مُكَسَّراً رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ وَ فِيهِ(4) مِعْرَاجُ الْمَلَائِكَةِ إلَى السَّمَاءِ، وَ لَيْسَ مِنْ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ وَ لَا نَبِيٍّ
ص: 60
مُرْسَلٍ إلَّا وَ هُوَ يَسْألُ اللَّهَ تعالى أنْ يَزُورَهُ، فَفَوْجٌ يَهْبِطُ وَ فَوْجٌ يَصْعَدُ.(1)
52- قَالَ أبُو عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیه السلام: مِنْ مَخْزُونِ عِلْمِ اللَّهِ الْإتْمَامُ فِي أرْبَعِ مَوَاطِنَ حَرَمِ اللَّهِ وَ حَرَمِ رَسُولِهِ وَ حَرَمِ أمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَحَرَمِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ(2).
53- عَنْ أبِي بَصِيرٍ عَنْ أبِي عَبْدِاللَّهِ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: تَتِمُّ الصَّلَاةُ فِي أرْبَعَةِ مَوَاطِنَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَ مَسْجِدِ الرَّسُولِ صلی الله علیه و آله و سلم وَ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ وَ حَرَمِ الْحُسَيْنِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ.(3)
54- وَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: مِنَ الْأمْرِ الْمَذْخُورِ إتْمَامُ الصَّلَاةِ فِي أرْبَعَةِ مَوَاطِنَ
ص: 61
بِمَكَّةَ وَ الْمَدِينَةِ وَ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ وَ حَائِرِ(1) الْحُسَيْنِ علیه السلام(2)
55- عَنْ أبِي عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: تَتِمُّ الصَّلَاةُ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاطِنَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَ مَسْجِدِ الرَّسُولِ صلی الله علیه و آله و سلم وَ عِنْدَ قَبْرِالْحُسَيْنِ علیه السلام. (3)
56- قَالَ أبُو عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیه السلام: تُتَمُّ الصَّلَاةُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَ مَسْجِدِ الرَّسُولِ وَ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ وَ حَرَمِ الْحُسَيْنِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ.(4)
57- وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ: فِي حَرَمِ اللَّهِ وَ حَرَمِ رَسُولِهِ وَ حَرَمِ أمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَحَرَمِ الْحُسَيْن علیه السلام(5).
58- عَنِ الْإمَامِ الصَّادِقِ علیه السلام أنَّهُ قَالَ: إنَّ حَرَمَ الْحُسَيْنِ علیه السلام الَّذِي اشْتَرَاهُ أرْبَعَةُ أمْيَالٍ فِي أرْبَعَةِ أمْيَالٍ، فَهُوَ حَلَالٌ لِوُلْدِهِ وَ مَوَالِيهِ حَرَامٌ عَلَى غَيْرِهِمْ مِمَّنْ خَالَفَهُمْ، وَ فِيهِ الْبَرَكَةُ.(6)
59- رُوِيَ: أنَّ الْحُسَيْنَ علیه السلام اشْتَرَى النَّوَاحِيَ الَّتِي فِيهَا قَبْرُهُ مِنْ أهْلِ نَيْنَوَى وَ الْغَاضِرِيَّةِ بِسِتِّينَ ألْفِ دِرْهَمٍ وَ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْهِمْ وَ شَرَطَ أنْ يُرْشِدُوا إلَى
ص: 62
قَبْرِهِ وَ يُضَيِّفُوا مَنْ زَارَهُ ثَلَاثَةَ أيَّامٍ... (1).
الإمام أبو الحسن الرّضا علیه السلام
60- قَالَ علیه السلام فِي أوَّلِ يَوْمٍ مِنَ الْمُحَرَّمِ لِإبْنِ شَبِيبٍ: يَا ابْنَ شَبِيبٍ!...وَ لَقَدْ نَزَلَ إلَى الْأرْضِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ أرْبَعَةُ آلَافٍ لِنَصْرِهِ فَوَجَدُوهُ قَدْ قُتِلَ، فَهُمْ عِنْدَ قَبْرِهِ شُعْثٌ غُبْرٌ إلَى أنْ يَقُومَ الْقَائِمُ، فَيَكُونُونَ مِنْ أنْصَارِهِ وَشِعَارُهُمْ: يَا لَثَارَاتِ الْحُسَيْنِ... (2).
الإمام أبو الحسن علي الهادي علیه السلام
61- عَنْ أبِي هَاشِمٍ الْجَعْفَرِيِّ قَالَ: بَعَثَ إلَيَّ أبُو الْحَسَنِ علیه السلام فِي مَرَضِهِ وَ إلَى مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ فَسَبَقَنِي إلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَمْزَةَ وَ أخْبَرَنِي مُحَمَّدٌ مَا زَالَ - الْإمَامُ أبُوالْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَادِيِ علیه السلام - يَقُولُ: إبْعَثُوا إلَى الْحَيْرِ، ابْعَثُوا إلَى الْحَيْرِ. فَقُلْتُ لِمُحَمَّدٍ: ألَا قُلْتَ لَهُ أنَا أذْهَبُ إلَى الْحَيْرِ؟ ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَيْهِ وَ قُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ أنَا أذْهَبُ إلَى الْحَيْرِ، فَقَالَ: انْظُرُوا فِي ذَاكَ، ثُمَّ قَالَ لِي: إنَّ مُحَمَّداً لَيْسَ لَهُ سِرٌّ مِنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ وَ أنَا أكْرَهُ أنْ يَسْمَعَ ذَلِكَ، قَالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَلِيِّ بْنِ بِلَالٍ، فَقَالَ: مَا كَانَ يَصْنَعُ بِالْحَيْرِ وَ هُوَ الْحَيْرُ؟! فَقَدِمْتُ الْعَسْكَرَ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ لِي: اجْلِسْ حِينَ أرَدْتُ الْقِيَامَ، فَلَمَّا رَأيْتُهُ أنِسَ بِي ذَكَرْتُ لَهُ قَوْلَ عَلِيِّ بْنِ بِلَالٍ فَقَالَ علیه السلام لِي: ألَا قُلْتَ لَهُ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم كَانَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ یُقَبِّلُ الْحَجَرَ وَ حُرْمَةُ النَّبِيِّ وَ الْمُؤْمِنِ أعْظَمُ مِنْ حُرْمَةِ الْبَيْتِ، وَ أمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أنْ يَقِفَ بِعَرَفَةَ وَ إنَّمَا هِيَ
ص: 63
مَوَاطِنُ يُحِبُّ اللَّهُ أنْ يُذْكَرَ فِيهَا، فَأنَا أُحِبُّ أنْ يُدْعَى اللَّهُ لِي حَيْثُ يُحِبُّ اللَّهُ أنْ يُدْعَى فِيهَا (وَ الْحَايِرُ مِنْ تِلْكَ الْمَوَاضِعِ)(1) . وَ ذَكَرَ عَنْهُ أنَّهُ قَالَ (وَ لَمْ أحْفَظْ عَنْهُ) قَالَ: إنَّمَا هَذِهِ مَوَاضِعُ يُحِبُّ اللَّهُ أنْ يُتَعَبَّدَ لَهُ فِيهَا فَأنَا أُحِبُّ أنْ يُدْعَى لِي حَيْثُ يُحِبُّ اللَّهُ أنْ يُعْبَدَ هَلَّاقُلْتَ لَهُ كَذَا (وَ كَذَا)؟!(2)
62- وَ قَالَ الْإمَامُ الْهَادِيُ علیه السلام لِأبِي هَاشِمِ الْجَعْفَرِيِّ: يَاأبَاهَاشِمٍ! إبْعَثْ رَجُلًا مِنْ مَوَالِينَا إلَى الْحَائِرِ يَدْعُو اللَّهَ لِي، فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ فَاسْتَقْبَلَنِي عَلِيُّ بْنُ بِلَالٍ فَأعْلَمْتُهُ مَا قَالَ لِي وَ سَألْتُهُ أنْ يَكُونَ الرَّجُلَ الَّذِي يَخْرُجُ، فَقَالَ: السَّمْعَ وَ الطَّاعَةَ وَلَكِنَّنِي أقُولُ إنَّهُ أفْضَلُ مِنَ الْحَائِرِ إذَا كَانَ بِمَنْزَلَةِ مَنْ فِي الْحَائِرِوَ دُعَاؤُهُ لِنَفْسِهِ أفْضَلُ مِنْ دُعَائِي لَهُ بِالْحَائِرِ. فَأعْلَمْتُهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ مَا قَالَ فَقَالَ لِي: قُلْ لَهُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم أفْضَلَ مِنَ الْبَيْتِ وَ الْحَجَرِ وَ كَانَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَ يَسْتَلِمُ الْحَجَرَ، وَ إنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى بِقَاعاً يُحِبُّ أنْ يُدْعَى فِيهَا فَيَسْتَجِيبَ لِمَنْ دَعَاهُ وَالْحَائِرُ مِنْهَا.(3)
عن أهل بيت العصمة و الطّهارة علیهم السلام
63- أنَّ اللَّهَ عَوَّضَ الْحُسَيْنَ علیه السلام مِنْ قَتْلِهِ أرْبَعَ خِصَالٍ، جَعَلَ الشِّفَاءَ فِي تُرْبَتِهِ وَ إجَابَةَ الدُّعَاءِ تَحْتَ قُبَّتِهِ وَ الْأئِمَّةَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ وَ أنْ لَا تُعَدَّ أيَّامُ زَائِرِيهِ مِنْ أعْمَارِهِمْ.(4)
ص: 64
بعض الشّيعة
64- قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ أبِي حَمْزَةَ: خَرَجْتُ فِي آخِرِ زَمَنِ بَنِي أُمَيَّةَ وَ أنَا أُرِيدُ قَبْرَ الْحُسَيْنِ علیه السلام فَانْتَهَيْتُ إلَى الْغَاضِرِيَّةِ حَتَّى إذَا نَامَ النَّاسُ اغْتَسَلْتُ ثُمَّ أقْبَلْتُ أُرِيدُ الْقَبْرَ حَتَّى إذَا كُنْتُ عَلَى بَابِ الْحَائِرِ خَرَجَ إلَيَّ رَجُلٌ جَمِيلُ الْوَجْهِ طَيِّبُ الرِّيحِ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ، فَقَالَ: انْصَرِفْ فَإنَّكَ لَا تَصِلُ. فَانْصَرَفْتُ إلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ فَأنِسْتُ بِهِ حَتَّى إذَا كَانَ نِصْفُ اللَّيْلِ اغْتَسَلْتُ ثُمَّ أقْبَلْتُ أُرِيدُ الْقَبْرَ فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إلَى بَابِ الْحَائِرِ خَرَجَ إلَيَّ الرَّجُلُ بِعَيْنِهِ فَقَالَ: يَا هَذَا انْصَرِفْ فَإنَّكَ لَا تَصِلُ، فَانْصَرَفْتُ. فَلَمَّا كَانَ آخِرُ اللَّيْلِ اغْتَسَلْتُ ثُمَّ أقْبَلْتُ أُرِيدُ الْقَبْرَ فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إلَى بَابِ الْحَائِرِ خَرَجَ إلَيَّ ذَلِكَ الرَّجُلُ فَقَالَ: يَاهَذَا إنَّكَ لَاتَصِلُ، فَقُلْتُ: فَلِمَ لَا أصِلُ إلَى ابْنِ رَسُولِ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم وَ سَيِّدِ شَبَابِ أهْلِ الْجَنَّةِ وَ قَدْ جِئْتُ أمْشِي مِنَ الْكُوفَةِ و هِيَ لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ وَ أخَافُ أنْ أُصْبِحَ هَاهُنَا وَ تَقْتُلَنِي مَسْلَحَةُ بَنِي أُمَيَّةَ؟ فَقَالَ: انْصَرِفْ فَإنَّكَ لَا تَصِلُ. فَقُلْتُ: وَ لِمَ لَا أصِلُ؟ فَقَالَ: إنَّ مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ اسْتَأْذَنَ رَبَّهُ فِي زِيَارَةِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ علیه السلام فَأذِنَ لَهُ فَأتَاهُ وَ هُوَ فِي سَبْعِينَ ألْفَ، فَانْصَرِفْ فَإذَا عَرَجُوا إلَى السَّمَاءِ فَتَعَالَ. فَانْصَرَفْتُ، وَ جِئْتُ إلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ حَتَّى إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ اغْتَسَلْتُ وَ جِئْتُ فَدَخَلْتُ فَلَمْ أرَ عِنْدَهُ أحَداً فَصَلَّيْتُ عِنْدَهُ الْفَجْرَ وَ خَرَجْتُ إلَى الْكُوفَةِ.(1)
65- عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ بِنْتِ أبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ قَالَ: خَرَجْتُ فِي آخِرِ زَمَانِ بَنِي مَرْوَانَ إلَى قَبْرِ الْحُسَيْنِ علیه السلام مُسْتَخْفِياً مِنْ أهْلِ الشَّامِ حَتَّى انْتَهَيْتُ
ص: 65
إلَى كَرْبَلَاءَ فَاخْتَفَيْتُ فِي نَاحِيَةِ الْقَرْيَةِ حَتَّى إذَا ذَهَبَ مِنَ اللَّيْلِ نِصْفُهُ أقْبَلْتُ نَحْوَ الْقَبْرِ فَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْهُ أقْبَلَ نَحْوِي رَجُلٌ فَقَالَ لِي: انْصَرِفْ مَأْجُوراً فَإنَّكَ لَا تَصِلُ إلَيْهِ. فَرَجَعْتُ فَزِعاً، حَتَّى إذَا كَادَ يَطْلُعُ الْفَجْرُ أقْبَلْتُ نَحْوَهُ حَتَّى إذَا دَنَوْتُ مِنْهُ خَرَجَ إلَيَّ الرَّجُلُ فَقَالَ لِي: يَا هَذَا إنَّكَ لَاتَصِلُ إلَيْهِ، فَقُلْتُ لَهُ: عَافَاكَ اللَّهُ وَ لِمَ لَا أصِلُ إلَيْهِ وَ قَدْ أقْبَلْتُ مِنَ الْكُوفَةِ أُرِيدُ زِيَارَتَهُ فَلَا تَحُلْ بَيْنِي وَ بَيْنَهُ عَافَاكَ اللَّهُ وَ أنَا أخَافُ أنْ أُصْبِحَ فَيَقْتُلُونِّي أهْلُ الشَّامِ إنْ أدْرَكُونِي هَاهُنَا. قَالَ فَقَالَ لِي: اصْبِرْ قَلِيلًا فَإنَّ مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ علیه السلام سَألَ اللَّهَ أنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي زِيَارَةِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ علیه السلام فَأذِنَ لَهُ فَهَبَطَ مِنَ السَّمَاءِ فِي سَبْعِينَ ألْفِ مَلَكٍ فَهُمْ بِحَضْرَتِهِ مِنْ أوَّلِ اللَّيْلِ يَنْتَظِرُونَ طُلُوعَ الْفَجْرِ ثُمَّ يَعْرُجُونَ إلَى السَّمَاءِ. قَالَ فَقُلْتُ: فَمَنْ أنْتَ عَافَاكَ اللَّهُ؟ قَالَ: أنَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ أُمِرُوا بِحَرَسِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ علیه السلام وَ الِاسْتِغْفَارِ لِزُوَّارِهِ. فَانْصَرَفْتُ وَ قَدْ كَادَ أنْ يَطِيرَ عَقْلِي لِمَا سَمِعْتُ مِنْهُ. قَالَ: فَأقْبَلْتُ لَمَّا طَلَعَ الْفَجْرُ نَحْوَهُ فَلَمْ يَحُلْ بَيْنِي وَ بَيْنَهُ أحَدٌ فَدَنَوْتُ مِنَ الْقَبْرِ وَ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَ دَعَوْتُ اللَّهَ عَلَى قَتَلَتِهِ وَ صَلَّيْتُ الصُّبْحَ وَ أقْبَلْتُ مُسْرِعاً مَخَافَةَ أهْلِ الشَّامِ.(1)
ص: 66
قال رَسُولُ اللّهِ صَلَّی اللّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ فُدیتُ مَن فَدَیتُهُ بِابنی إبراهیمَ
ص: 67
مناقب إبن شهرآشوب:4/ 81 تفسير النّقّاش بإسناده عن سفيان الثّوريّ، عن قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه عن ابن عبّاسٍ، قال كنت عند النّبيّ صلی الله علیه و آله و سلم و على فخذه الأيسر ابنه إبراهيم و على فخذه الأيمن الحسين بن عليٍّ و هو تارةً يقبّل هذا و تارةً يقبّل هذا، إذ هبط جبرئيل بوحيٍ من ربّ العالمين، فلمّا سرّي عنه قال: أتَانِي جَبْرَئِيلُ مِنْ رَبِّي فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ! إنَّ رَبَّكَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ، وَ يَقُولُ: لَسْتُ أجْمَعُهُمَا فَافْدِ أحَدَهُمَا بِصَاحِبِهِ. فَنَظَرَ النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله و سلم إلَى إبْرَاهِيمَ فَبَكَى وَ نَظَرَإلَى الْحُسَيْنِ فَبَكَى، و قال: إنَّ إبْرَاهِيمَ أُمُّهُ أمَةٌ وَ مَتَى مَاتَ لَمْ يَحْزَنْ عَلَيْهِ غَيْرِي، وَ أُمُّ الْحُسَيْنِ فَاطِمَةُ وَ أبُوهُ عَلِيٌّ ابْنُ عَمِّي لَحْمِي وَ دَمِي، وَ مَتَى مَاتَ حَزِنَتِ ابْنَتِي وَ حَزِنَ ابْنُ عَمِّي وَ حَزِنْتُ أنَا عَلَيْهِ، وَ أنَا أُؤْثِرُ حُزْنِي عَلَى حُزْنِهِمَا، يَا جَبْرَئِيلُ، يُقْبَضُ إبْرَاهِيمُ، فَدَيْتُهُ لِلْحُسَيْنِ. قال: فقبض بعد ثلاث. فكان النّبيّ صلی الله علیه و آله و سلم إذا رأى الحسين مقبلاً قبّله و ضمّه إلى صدره و رشف ثناياه و قال: فُدِيتُ مَنْ فَدَيْتُهُ بِابْنِي إِبْرَاهِيمَ.
الطرائف:1 /202 ح289: من الجمع بين الصّحاح الستة عن سفيان مثله، كشف اليقين:321، مثير الأحزان:21 كلّهم عن العامّة عن إبن عبّاس مثله.
ص: 68
فضيلة زيارته عليه السّلام و الصّلاة عنده و آثار زيارته الدّنيويّة و الأخرويّة و منها: المغفرة، طول العمر، حفظ النّفس و المال، زيادة الرّزق،قضاء الحوائج و تنفّس الكرب
اللّه تبارك و تعالى
1- قَالَ ذَرِيحٌ الْمُحَارِبِيِّ قُلْتُ لِأبِي عَبْدِ اللَّهِ قال رَسُولُ اللّهِ صَلَّی اللّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: مَا ألْقَى مِنْ قَوْمِي وَ مِنْ بَنِيَّ إذَا أنَا أخْبَرْتُهُمْ بِمَا فِي إتْيَانِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ مِنَ الْخَيْرِ إنَّهُمْ يُكَذِّبُونِي وَ يَقُولُونَ إنَّكَ تَكْذِبُ عَلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: يَا ذَرِيحُ دَعِ النَّاسَ يَذْهَبُونَ حَيْثُ شَاءُوا، وَاللَّهِ إنَّ اللَّهَ لَيُبَاهِي بِزَائِرِ الْحُسَيْنِ، وَ الْوَافِدُ يَفِدُهُ الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَ حَمَلَةُ عَرْشِهِ حَتَّى إنَّهُ لَيَقُولُ لَهُمْ: أمَا تَرَوْنَ زُوَّارَ قَبْرِ الْحُسَيْنِ أتَوْهُ شَوْقاً إلَيْهِ وَ إلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ. أمَا وَ عِزَّتِي وَجَلَالِي وَعَظَمَتِي! لَأُوجِبَنَّ لَهُمْ كَرَامَتِي وَ لَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّتِيَ؛ الَّتِي أعْدَدْتُهَا لِأوْلِيَائِي وَ لِأنْبِيَائِي وَ رُسُلِي. يَا مَلَائِكَتِي! هَؤُلَاءِ زُوَّارُ الْحُسَيْنِ، حَبِيبِ مُحَمَّدٍ رَسُولِي وَ مُحَمَّدٌ حَبِيبِي وَ مَنْ أحَبَّنِي أحَبَّ حَبِيبِي وَ مَنْ أحَبَّ حَبِيبِي أحَبَّ مَنْ يُحِبُّهُ وَ مَنْ أبْغَضَ حَبِيبِي أبْغَضَنِي وَ مَنْ أبْغَضَنِي كَانَ حَقّاً عَلَيَّ أنْ أُعَذِّبَهُ بِأشَدِّ عَذَابِي، وَ أُحْرِقَهُ بِحَرِّ نَارِي، وَ أجْعَلَ جَهَنَّمَ مَسْكَنَهُ وَ مَأْوَاهُ، وَ أُعَذِّبَهُ عَذَاباً لا أُعَذِّبُهُ أحَداً مِنَ الْعالَمِينَ.(1)
الرسول الأكرم أبوالقاسم محمّد صلی الله علیه و آله و سلم
2- عَنِ الْإمَامِ أبِي عَبْدِ اللَّهِ الصّادِقِ قال رَسُولُ اللّهِ صَلَّی اللّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ قَالَ: بَيْنَمَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ علیهماالسلام فِي حِجْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم إذْ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ لَهُ: يَا أبَةِ مَا لِمَنْ زَارَكَ بَعْدَ
ص: 69
مَوْتِكَ؟ فَقَالَ صلی الله علیه و آله و سلم: يَا بُنَيَّ مَنْ أتَانِي زَائِراً بَعْدَ مَوْتِي فَلَهُ الْجَنَّةُ، وَ مَنْ أتَى أبَاكَ زَائِراً بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَهُ الْجَنَّةُ، وَمَنْ أتَى أخَاكَ زَائِراً بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَهُ الْجَنَّةُ وَ مَنْ أتَاكَ زَائِراً بَعْدَ مَوْتِكَ فَلَهُ الْجَنَّةُ.(1)
3- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم: إذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نُصِبَ لِفَاطِمَةَ علیهاالسلام قُبَّةٌ مِنْ نُورٍ وَ أقْبَلَ الْحُسَيْنُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ رَأْسُهُ فِي يَدِهِ، فَإذَا رَأتْهُ شَهَقَتْ شَهْقَةً لَا يَبْقَى فِي الْجَمْعِ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَ لَا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ وَ لَا عَبْدٌ مُؤْمِنٌ إلَّا بَكَى لَهَا، فَيُمَثِّلُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ رَجُلًا لَهَا فِي أحْسَنِ صُورَةٍ وَ هُوَ يُخَاصِمُ قَتَلَتَهُ بِلَا رَأْسٍ فَيَجْمَعُ اللَّهُ قَتَلَتَهُ وَ الْمُجَهِّزِينَ عَلَيْهِ وَ مَنْ شَرِكَ فِي قَتْلِهِ، فَيَقْتُلُهُمْ حَتَّى أتَى عَلَى آخِرِهِمْ، ثُمَّ يُنْشَرُونَ فَيَقْتُلُهُمْ أمِيرُالْمُؤْمِنِينَ علیه السلام، ثُمَّ يُنْشَرُونَ فَيَقْتُلُهُمُ الْحَسَنُ علیه السلام، ثُمَّ يُنْشَرُونَ فَيَقْتُلُهُمُ الْحُسَيْنُ علیه السلام، ثُمَّ يُنْشَرُونَ فَلَا يَبْقَى مِنْ ذُرِّيَّتِنَا أحَدٌ إلَّا قَتَلَهُمْ قَتَلَةً، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَكْشِفُ اللَّهُ الْغَيْظَ وَ يُنْسِي الْحُزْنَ.
ثُمَّ قَالَ أبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: رَحِمَ اللَّهُ شِيعَتَنَا، شِيعَتُنَا وَ اللَّهِ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ، فَقَدْ وَاللَّهِ شَرَكُونَا فِي الْمُصِيبَةِ بِطُولِ الْحُزْنِ وَ الْحَسْرَةِ.(2)
الإمام أبوعبدالله الحسين علیه السلام
4- قَالَ علیه السلام: أنَا قَتِيلُ الْعَبْرَةِ، قُتِلْتُ مَكْرُوباً وَ حَقِيقٌ(3) عَلَىَ اللَّهِ أنْ لَايَأْتِيَنِي
ص: 70
مَكْرُوبٌ (قَطُّ)(1) إلَّا رَدَّهُ (اللهُ)(2) وَ أقْلَبَهُ إلَى أهْلِهِ مَسْرُوراً.(3)
الإمام أبوالحسن عليّ السّجّاد علیه السلام
5- كَانَ علیه السلام يَقُولُ: أيُّمَا مُؤْمِنٍ دَمَعَتْ عَيْنَاهُ لِقَتْلِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ علیهماالسلام دَمْعَةً حَتَّى تَسِيلَ عَلَى خَدِّهِ بَوَّأهُ اللَّهُ بِهَا فِي الْجَنَّةِ غُرَفاً يَسْكُنُهَا أحْقَاباً، وَ أيُّمَا مُؤْمِنٍ دَمَعَتْ عَيْنَاهُ حَتَّى تَسِيلَ عَلَى خَدِّهِ (فِينَا)(4) لِأذَى مَسَّنَا مِنَ عَدُوِّنَا فِي الدُّنْيَا بَوَّأهُ اللَّهُ مُبَوَّأ صِدْقٍ فِي الْجَنَّةِ، وَ أيُّمَا مُؤْمِنٍ مَسَّهُ أذًى فِينَا ص:72 فَدَمَعَتْ عَيْنَاهُ حَتَّى تَسِيلَ عَلَى خَدَّيْهِ مِنْ مَضَاضَةِ مَا أُوذِيَ فِينَا صَرَفَ اللَّهُ عَنْ وَجْهِهِ الْأذَى وَ آمَنَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَخَطِهِ وَ النَّارِ.(5)
الإمام أبوجعفر محمّد الباقر علیه السلام
6- عن محمّدبن مسلم عن أبي جعفر علیه السلام قَالَ: لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي زِيَارَةِ الْحُسَيْنِ علیه السلام مِنَ الْفَضْلِ لَمَاتُوا شَوْقاً وَ تَقَطَّعَتْ أنْفُسُهُمْ عَلَيْهِ حَسَرَاتٍ. قُلْتُ: وَ مَا فِيهِ؟ قَالَ: مَنْ أتَاهُ تَشَوُّقاً كَتَبَ اللَّهُ لَهُ ألْفَ حَجَّةٍ مُتَقَبَّلَةٍ وَ ألْفَ عُمْرَةٍ مَبْرُورَةٍ وَ أجْرَ ألْفِ شَهِيدٍ مِنْ شُهَدَاءِ بَدْرٍ وَ أجْرَ ألْفِ صَائِمٍ وَ ثَوَابَ ألْفِ صَدَقَةٍ مَقْبُولَةٍ وَ ثَوَابَ ألْفِ نَسَمَةٍ أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ، وَ لَمْ يَزَلْ مَحْفُوظاً سَنَتَهُ مِنْ كُلِّ آفَةٍ أهْوَنُهَا الشَّيْطَانُ وَ وُكِّلَ بِهِ مَلَكٌ كَرِيمٌ يَحْفَظُهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ وَ عَنْ يَمِينِهِ وَ عَنْ شِمَالِهِ وَ مِنْ فَوْقِ رَأْسِهِ وَ مِنْ تَحْتِ قَدَمِهِ، فَإنْ مَاتَ سَنَتَهُ حَضَرَتْهُ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ يَحْضُرُونَ غُسْلَهُ
ص: 71
وَ إكْفَانَهُ وَ الِاسْتِغْفَارَ لَهُ وَ يُشَيِّعُونَهُ إلَى قَبْرِهِ بِالِاسْتِغْفَارِ لَهُ وَ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ، وَ يُؤْمِنُهُ اللَّهُ مِنْ ضَغْطَةِ الْقَبْرِ وَ مِنْ مُنْكَرٍ وَ نَكِيرٍ أنْ يُرَوِّعَانِهِ وَ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إلَى الْجَنَّةِ وَ يُعْطَى كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ، وَ يُعْطَى لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ نُوراً يُضِي ءُ لِنُورِهِ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ يُنَادِي مُنَادٍ: هَذَا مَنْ زَارَ الْحُسَيْنَ شَوْقاً إلَيْهِ، فَلَا يَبْقَى أحَدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلَّا تَمَنَّى يَوْمَئِذٍ أنَّهُ كَانَ مِنْ زُوَّارِ الْحُسَيْنِ علیه السلام.(1)
7- قَالَ الإمَامُ أبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ علیه السلام: إنَّ الْحُسَيْنَ صَاحِبَ كَرْبَلَاءَ، قُتِلَ مَظْلُوماً مَكْرُوباً عَطْشَاناً لَهْفَاناً(2) وَ حَقٌّ عَلَى اللهِ عَزَّ وَ جَلَّ أنْ لَايَأْتِيَهُ لَهْفَانٌ وَ لَا مَكْرُوبٌ وَ لَا مُذْنِبٌ وَ لَا مَغْمُومٌ وَ لَا عَطْشَانٌ وَ لَا ذُوعَاهَةٍ ثُمَّ دَعَا عِنْدَهُ وَ تَقَرَّبَ بِالْحُسَيْنِ علیه السلام إلَى اللَّهِ عَزَّوَجَلَّ إلَّا نَفَّسَ اللَّهُ كُرْبَتَهُ، وَ أعْطَاهُ مَسْألَتَهُ، وَ غَفَرَ ذُنُوبَهُ(3) ، وَ مَدَّ فِي عُمُرِهِ وَ بَسَطَ فِي رِزْقِهِ، فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأبْصارِ.(4)
8- قَالَ الإمَامُ أبُوجَعْفَرٍ الْبَاقِرِ علیه السلام: إنَّ وَلَايَتَنَا عُرِضَتْ عَلَى أهْلِ الْأمْصَارِ، فَلَمْ يَقْبَلْهَا قَبُولَ أهْلِ الْكُوفَةِ؛ وَ ذَلِكَ لِأنَّ قَبْرَ عَلِيٍّ علیه السلام فِيهَا، وَ أنَّ إلَى لِزْقِهِ لَقَبْراً آخَرَ (يَعْنِي قَبْرَالْحُسَيْنِ علیه السلام) فَمَا مِنْ آتٍ يَأْتِيهِ يُصَلِّي عِنْدَهُ رَكْعَتَيْنِ أوْ أرْبَعَةً ثُمَّ يَسْألُ اللَّهَ حَاجَةً إلَّا قَضَاهَا لَهُ، وَ إنَّهُ لَيَحُفُّ بِهِ كُلَّ يَوْمٍ ألْفُ مَلَكٍ.(5)
ص: 72
9- قَالَ زُرَارَةُ قُلْتُ لِأبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ علیه السلام: مَا تَقُولُ فِيمَنْ زَارَ أبَاكَ عَلَى خَوْفٍ؟ قَالَ: يُؤْمِنُهُ اللَّهُ يَوْمَ الْفَزَعِ الْأكْبَرِ، وَ تَلَقَّاهُ الْمَلَائِكَةُ بِالْبِشَارَةِ، وَ يُقَالُ لَهُ: لَاتَخَفْ وَ لَا تَحْزَنْ هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي فِيهِ فَوْزُكَ.(1)
10- عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ قَالَ لِي علیه السلام: هَلْ تَأْتِي قَبْرَالْحُسَيْنِ علیه السلام؟ قُلْتُ: نَعَمْ عَلَى خَوْفٍ وَ وَجَلٍ، فَقَالَ: مَا كَانَ مِنْ هَذَا أشَدَّ فَالثَّوَابُ فِيهِ عَلَى قَدْرِ الْخَوْفِ وَ مَنْ خَافَ فِي إتْيَانِهِ آمَنَ اللَّهُ رَوْعَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ، وَ انْصَرَفَ بِالْمَغْفِرَةِ، وَ سَلَّمَتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ، وَ زَارَهُ(2) النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله و سلم (وَ مَايَصْنَعُ) وَ دَعَا لَهُ وَ انْقَلَبَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُ سُوءٌ وَ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ.(3)
11- عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أعْيَنَ قَالَ: زُرْتُ قَبْرَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ علیهماالسلام فَلَمَّا قَدِمْتُ جَائَنِي أبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ (الْبَاقِرُ)... فَقَالَ أبُو جَعْفَرٍ علیه السلام: أبْشِرْ يَا حُمْرَانُ فَمَنْ زَارَ قُبُورَ شُهَدَاءِ آلِ مُحَمَّدٍ علیهم السلام يُرِيدُ اللهَ بِذَلِكَ وَ صِلَةَ نَبِيِّهِ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ.(4)
12- عَنْ سَدِيرٍ الصَّيْرَفِيِّ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أبِي جَعْفَر - الْبَاقِرُ- علیه السلام فَذَكَرَ فَتًى قَبْرَ الْحُسَيْنِ علیه السلام فَقَالَ لَهُ أبُوجَعْفَرٍ علیه السلام: مَا أتَاهُ عَبْدٌ فَخَطَا خُطْوَةً إلَّا كَتَبَ اللهُ لَهُ حَسَنَةً وَ حَطَّ عَنْهُ سَيِّئَةً.(5)
ص: 73
الإمام محمّد الباقر أو جعفر الصّادق علیهماالسلام
13- قَالَ أحَدُهُمَا علیهماالسلام: مَنْ أحَبَّ أنْ يَكُونَ مَسْكَنَهُ الْجَنَّةَ وَ مَأْوَاهُ الْجَنَّةَ؛ فَلَا يَدَعْ زِيَارَةَ الْمَظْلُومِ. قُلْتُ: مَنْ هُوَ؟ قَالَ: الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ صَاحِبُ كَرْبَلَاءَ، مَنْ أتَاهُ شَوْقاً إلَيْهِ وَ حُبَّاً لِرَسُولِ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم وَ حُبَّاً لِفَاطِمَةَ وَ حُبَّاً لِأمِيرِالْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ، أقْعَدَهُ اللَّهُ عَلَى مَوَائِدِ الْجَنَّةِ يَأْكُلُ مَعَهُمْ وَ النَّاسُ فِي الْحِسَابِ.(1)
الإمام أبوعبدالله جعفر الصّادق علیه السلام
14- قَالَ علیه السلام: مَا مِنْ أحَدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلَّا وَ هُوَ يَتَمَنَّى أنَّهُ مِنْ زُوَّارِ الْحُسَيْنِ علیه السلام لِمَا يَرَى مِمَّا يُصْنَعُ بِزُوَّارِ الْحُسَيْنِ علیه السلام مِنْ كَرَامَتِهِمْ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى.(2)
15- قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا قَالَ الْإمَامُ الصَّادِقُ علیه السلام: إنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَبْدَأُ بِالنَّظَرِ إلَى زُوَّارِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ علیه السلام عَشِيَّةَ عَرَفَةَ. قَالَ قُلْتُ: قَبْلَ نَظَرِهِ لِأهْلِ الْمَوْقِفِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: كَيْفَ ذَلِكَ؟ قَالَ: لِأنَّ فِي أُولَئِكَ أوْلَادَ زِنَا وَ لَيْسَ فِي هَؤُلَاءِ أوْلَادُ زِنَا.(3)
16- قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا قُلْتُ لِلصَّادِقِ علیه السلام: إنَّ اللَّهَ يَبْدَأُ بِالنَّظَرِ إلَى زُوَّارِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ علیهماالسلام عَشِيَّةَ عَرَفَةَ قَبْلَ نَظَرِهِ إلَى أهْلِ الْمَوْقِفِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: وَ كَيْفَ ذَلِكَ؟ قَالَ: لِأنَّ فِي أُولَئِكَ أوْلَادَ زِنًى وَ لَيْسَ فِي هَؤُلَاءِ
ص: 74
أوْلَادُ زِنًى.(1)
17- وَ قَالَ الْإمَامُ الصَّادِقُ علیه السلام: مَنْ أتَى الْحُسَيْنَ عَارِفاً بِحَقِّهِ كَتَبَهُ اللَّهُ فِي أعْلَى عِلِّيِّينَ.(2)
18- عَنْ أبِي عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقِ علیه السلام سُئِلَ عَنْ زِيَارَةِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ علیه السلام فَقَالَ: إنَّهُ أفْضَلُ مَا يَكُونُ مِنَ الْأعْمَالِ.(3)
19- عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ قَالَ: شَهِدْتُ أبَاعَبْدِاللَّهِ الصَّادِقِ علیه السلام وَ قَدْ أتَاهُ قَوْمٌ مِنْ أهْلِ خُرَاسَانَ فَسَألُوهُ عَنْ إتْيَانِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ علیه السلام وَ مَا فِيهِ مِنَ الْفَضْلِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أبِي عَنْ جَدِّي أنَّهُ كَانَ يَقُولُ: مَنْ زَارَهُ يُرِيدُ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ، أخْرَجَهُ اللَّهُ مِنْ ذُنُوبِهِ كَمَوْلُودٍ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ وَ شَيَّعَتْهُ الْمَلَائِكَةُ فِي مَسِيرِهِ، فَرَفْرَفَتْ عَلَى رَأْسِهِ، قَدْصَفُّوا بِأجْنِحَتِهِمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَرْجِعَ إلَى أهْلِهِ وَ سَألَتِ الْمَلَائِكَةُ الْمَغْفِرَةَ لَهُ مِنْ رَبِّهِ، وَ غَشِيَتْهُ الرَّحْمَةُ مِنْ أعْنَانِ السَّمَاءِ وَ نَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ: طِبْتَ وَ طَابَ مَنْ زُرْتَ، وَ حُفِظَ فِي أهْلِهِ.(4)
20- قَالَ الْإمَامُ الصَّادِقُ علیه السلام: مَنْ زَارَ قَبْرَ الْحُسَيْنِ علیه السلام وَ هُوَ يُرِيدُ اللَّهَ عَزَّوَجَلَّ؛ شَيَّعَهُ جَبْرَئِيلُ وَ مِيكَائِيلُ وَ إسْرَافِيلُ حَتَّى يَرِدَ إلَى مَنْزِلِهِ.(5)
21- وَ قَالَ الْإمَامُ الصَّادِقُ علیه السلام: إنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَتَجَلَّى لِزُوَّارِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ قَبْلَ أهْلِ عَرَفَاتٍ، وَ يَقْضِي حَوَائِجَهُمْ وَ يَغْفِرُ
ص: 75
ذُنُوبَهُمْ وَ يُشَفِّعُهُمْ فِي مَسَائِلِهِمْ، ثُمَّ يُثْنِي بِأهْلِ عَرَفَاتٍ فَيَفْعَلُ ذَلِكَ بِهِمْ.(1)
22- عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: إسْتَأْذَنْتُ عَلَى أبِي عَبْدِاللَّهِ - الصّادِقِ - علیه السلام فَقِيلَ لِي: أُدْخُلْ. فَدَخَلْتُ، فَوَجَدْتُهُ فِي مُصَلَّاهُ فِي بَيْتِهِ، فَجَلَسْتُ حَتَّى قَضَى صَلَاتَهُ، وَسَمِعْتُهُ وَ هُوَ يُنَاجِي رَبَّهُ وَ هُوَ يَقُولُ:
اللَّهُمَّ يَا مَنْ خَصَّنَا بِالْكَرَامَةِ، وَ وَعَدَنَا بِالشَّفَاعَةِ، (وَ حَمَلَنَا الرِّسَالَةَ، وَ جَعَلَنَا وَرَثَةَ الْأنْبِيَاءِ، وَ خَتَمَ بِنَا الْأُمَمَ السَّالِفَةَ)(2)
وَ خَصَّنَا بِالْوَصِيَّةِ، وَ أعْطَانَا عِلْمَ مَا مَضَى، وَ (عِلْمَ)(3) مَا بَقِيَ، وَ جَعَلَ أفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إلَيْنَا؛ إغْفِرْ لِي وَ لِإخْوَانِي وَ زُوَّارِ قَبْرِ أبِيَ الْحُسَيْنِ، الَّذِينَ أنْفَقُوا أمْوَالَهُمْ وَ أشْخَصُوا أبْدَانَهُمْ، رَغْبَةً فِي بِرِّنَا، وَ رَجَاءً لِمَا عِنْدَكَ فِي صِلَتِنَا، وَ سُرُوراً أدْخَلُوهُ عَلَى نَبِيِّكَ (مُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آل و سلم)(4) ، وَ إجَابَةً مِنْهُمْ لِأمْرِنَا، وَ غَيْظاً أدْخَلُوهُ عَلَى عَدُوِّنَا، أرَادُوا بِذَلِكَ رِضَاكَ، فَكَافِئْهِمْ عَنَّا بِالرِّضْوَانِ، وَ اكْلَأْهُمْ بِاللَّيْلِ وَ النَّهَارِ، وَ اخْلُفْ عَلَى أهَالِيهِمْ وَ أوْلَادِهِمُ الَّذِينَ خُلِّفُوا بِأحْسَنِ الْخَلَفِ، وَ اصْحَبْهُمْ وَ اكْفِهِمْ شَرَّ كُلِّ جَبَّارٍعَنِيدٍ، وَ كُلِّ ضَعِيفٍ مِنْ خَلْقِكَ وَ شَدِيدٍ، وَ شَرَّشَيَاطِينِ الْجِنِّ وَ الْإنْسِ، وَ أعْطِهِمْ أفْضَلَ مَا أمَّلُوا مِنْكَ فِي غُرْبَتِهِمْ عَنْ أوْطَانِهِمْ، وَ مَا آثَرُوانَا بِهِ عَلَى أبْنَائِهِمْ وَ أهَالِيهِمْ وَ قَرَابَاتِهِمْ، اللَّهُمَّ إنَّ أعْدَاءَنَا عَابُوا عَلَيْهِمْ عَلَى خُرُوجِهِمْ، فَلَمْ يَنْهَهُمْ ذَلِكَ عَنِ (النُّهُوضِ وَ) الشُّخُوصِ إلَيْنَا خِلَافاً مِنْهُمْ عَلَى مَنْ خَالَفَنَا، فَارْحَمْ تِلْكَ الْوُجُوهَ الَّتِي غَيَّرَتْهَا الشَّمْسُ، وَ ارْحَمْ تِلْكَ الْوُجُوهَ الَّتِي
ص: 76
تَتَقَلَّبُ عَلَى حُفْرَةِ(1) أبِي عَبْدِ اللَّهِ (الْحُسَيْنِ علیه السلام)(2) ، وَ ارْحَمْ تِلْكَ الْأعْيُنَ الَّتِي خَرَجَتْ(3) دُمُوعُهَا رَحْمَةً لَنَا، وَ ارْحَمْ تِلْكَ الْقُلُوبَ الَّتِي جَزِعَتْ وَ احْتَرَقَتْ لَنَا، وَارْحَمْ تِلْكَ الصَّرْخَةَ الَّتِي كَانَتْ لَنَا، اللَّهُمَّ إنِّي أسْتَوْدِعُكَ تِلْكَ الْأنْفُسَ وَ تِلْكَ الْأبْدَانَ، حَتَّى نُوَافِيَهُمْ(4) عَلَى الْحَوْضِ يَوْمَ الْعَطَشِ (الْأكْبَرِ)(5) .
فَمَا زَالَ يَدْعُو وَ هُوَ سَاجِدٌ بِهَذَا الدُّعَاءِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ! لَوْ أنَّ هَذَا الَّذِي سَمِعْتُ مِنْكَ كَانَ لِمَنْ لَا يَعْرِفُ اللَّهَ جَلَّ وَ عَزَّ، لَظَنَنْتُ أنَّ النَّارَ لَا تَطْعَمُ مِنْهُ شَيْئاً أبَداً، وَ اللَّهِ لَقَدْ تَمَنَّيْتُ أنِّي كُنْتُ زُرْتُهُ وَ لَمْ أحُجَّ. فَقَالَ لِي: مَا أقْرَبَكَ مِنْهُ فَمَا الَّذِي يَمْنَعُكَ مِنْ إتْيَانِهِ ؟ثُمَّ قَالَ: يَا مُعَاوِيَةُ! لِمَ تَدَعُ ذَلِكَ؟ قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ لَمْ أدْرِ(6) أنَّ الْأمْرَ يَبْلُغُ هَذَا كُلَّهُ، فَقَالَ:
يَامُعَاوِيَةُ! مَنْ يَدْعُوا لِزُوَّارِهِ فِي السَّمَاءِ أكْثَرُ مِمَّنْ يَدْعُوا لَهُمْ فِي الْأرْضِ.(7)
23- وَ قَالَ الْإمَامُ الصَّادِقُ علیه السلام: مِنْ أحَبِّ الْأعْمَالِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى زِيَارَةُ قَبْرِ الْحُسَيْنِ علیه السلام، وَ أفْضَلُ الْأعْمَالِ عِنْدَاللَّهِ إدْخَالُ السُّرُورِ عَلَى الْمُؤْمِنِ، وَ أقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَ هُوَ سَاجِدٌ بَاكٍ.(8)
24- قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ الْبَصْرِيِّ قَالَ - الصَّادِقُ - علیه السلام: إنَّ عِنْدَكُمْ، أوْ قَالَ: فِي قُرْبِكُمْ لَفَضِيلَةً مَا أُوتِيَ أحَدٌ مِثْلَهَا، وَ مَا أحْسَبُكُمْ تَعْرِفُونَهَا كُنْهَ
ص: 77
مَعْرِفَتِهَا، وَ لَا تُحَافِظُونَ عَلَيْهَا، وَ لَا عَلَى الْقِيَامِ بِهَا، وَ إنَّ لَهَا لَأهْلًا خَاصَّةً قَدْ سُمُّوا لَهَا وَ أُعْطُوهَا بِلَا حَوْلٍ مِنْهُمْ وَ لَا قُوَّةٍ إلَّا مَا كَانَ مِنْ صُنْعِ اللَّهِ لَهُمْ، وَ سَعَادَةٍ حَبَاهُمْ اللهُ بِهَا، وَ رَحْمَةٍ وَ رَأْفَةٍ وَ تَقَدُّمٍ. قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ! وَ مَا هَذَا الَّذِي وَصَفْتَ وَ لَمْ تُسَمِّهِ؟ قَالَ: زِيَارَةُ جَدِّيَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ علیهماالسلام فَإنَّهُ غَرِيبٌ بِأرْضِ غُرْبَةٍ، يَبْكِيهِ مَنْ زَارَهُ، وَ يَحْزَنُ لَهُ مَنْ لَمْ يَزُرْهُ، وَ يَحْتَرِقُ لَهُ مَنْ لَمْ يَشْهَدْهُ، وَ يَرْحَمُهُ مَنْ نَظَرَ إلَى قَبْرِ ابْنِهِ عِنْدَ رِجْلِهِ فِي أرْضِ فَلَاةٍ، لَا حَمِيمَ قُرْبَهُ وَ لَا قَرِيبَ، ثُمَّ مُنِعَ الْحَقَّ وَ تَوَازَرَ عَلَيْهِ أهْلُ الرِّدَّةِ، حَتَّى قَتَلُوهُ وَ ضَيَّعُوهُ وَ عَرَضُوهُ لِلسِّبَاعِ، وَ مَنَعُوهُ شُرْبَ مَاءِ الْفُرَاتِ الَّذِي يَشْرَبُهُ الْكِلَابُ، وَ ضَيَّعُوا حَقَّ رَسُولِ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم وَ وَصِيَّتَهُ بِهِ وَ بِأهْلِ بَيْتِهِ، فَأمْسَى مَجْفُوّاً فِي حُفْرَتِهِ، صَرِيعاً بَيْنَ قَرَابَتِهِ وَ شِيعَتِهِ بَيْنَ أطْبَاقِ التُّرَابِ، قَدْ أُوحِشَ قُرْبُهُ فِي الْوَحْدَةِ وَ الْبُعْدِ عَنْ جَدِّهِ، وَ الْمَنْزِلِ الَّذِي لَا يَأْتِيهِ إلَّا مَنِ امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبَهُ لِلْإيمَانِ، وَ عَرَّفَهُ حَقَّنَا. فَقُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ! قَدْ كُنْتُ آتِيهِ حَتَّى بُلِيتُ بِالسُّلْطَانِ وَ فِي حِفْظِ أمْوَالِهِمْ، وَ أنَا عِنْدَهُمْ مَشْهُورٌ، فَتَرَكْتُ لِلتَّقِيَّةِ إتْيَانَهُ، وَ أنَا أعْرِفُ مَا فِي إتْيَانِهِ مِنَ الْخَيْرِ، فَقَالَ: هَلْ تَدْرِي مَا فَضْلُ مَنْ أتَاهُ وَ مَا لَهُ عِنْدَنَا مِنْ جَزِيلِ الْخَيْرِ؟ فَقُلْتُ: لَا، فَقَالَ: أمَّا الْفَضْلُ فَيُبَاهِيهِ مَلَائِكَةُ السَّمَاءِ، وَ أمَّا مَا لَهُ عِنْدَنَا فَالتَّرَحُّمُ عَلَيْهِ كُلَّ صَبَاحٍ وَ مَسَاءٍ، وَ لَقَدْحَدَّثَنِي أبِي أنَّهُ لَمْ يَخْلُ مَكَانُهُ مُنْذُ قُتِلَ مِنْ مُصَلٍّ يُصَلِّي عَلَيْهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، أوْ مِنَ الْجِنِّ أوْ مِنَ الْإنْسِ، أوْ مِنَ الْوَحْشِ، وَ مَا مِنْ شَيْ ءٍ إلَّا وَ هُوَ يَغْبِطُ زَائِرَهُ، وَ يَتَمَسَّحُ بِهِ، وَيَرْجُو فِي النَّظَرِ إلَيْهِ الْخَيْرَ لِنَظَرِهِ إلَى قَبْرِهِ علیه السلام، ثُمَّ قَالَ: بَلَغَنِي أنَّ
ص: 78
قَوْماً يَأْتُونَهُ مِنْ نَوَاحِي الْكُوفَةِ وَ نَاساً مِنْ غَيْرِهِمْ وَ نِسَاءً يَنْدُبْنَهُ، وَ ذَلِكَ فِي النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، فَمِنْ بَيْنِ قَارِئٍ يَقْرَأُ وَ قَاصٍّ يَقُصُّ وَ نَادِبٍ يَنْدُبُ وَ قَائِلٍ يَقُولُ الْمَرَاثِيَ؟ فَقُلْتُ لَهُ: نَعَمْ جُعِلْتُ فِدَاكَ! قَدْ شَهِدْتُ بَعْضَ مَا تَصِفُ، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِي النَّاسِ مَنْ يَفِدُ إلَيْنَا وَ يَمْدَحُنَا وَ يَرْثِي لَنَا، وَ جَعَلَ عَدُوَّنَا مَنْ يَطْعُنُ عَلَيْهِمْ مِنْ قَرَابَتِنَا وَ غَيْرِهِمْ يَهَُدُّونَهُمْ(1) وَ يُقَبِّحُونَ مَا يَصْنَعُونَ.(2)
25- وَ قَالَ الْإمَامُ الصَّادِقُ علیه السلام: مَنْ أرَادَ اللَّهُ بِهِ الْخَيْرَ قَذَفَ فِي قَلْبِهِ حُبَّ الْحُسَيْنِ علیه السلام وَ حُبَّ زِيَارَتِهِ، وَ مَنْ أرَادَ اللَّهُ بِهِ السُّوءَ قَذَفَ فِي قَلْبِهِ بُغْضَ الْحُسَيْنِ علیه السلام وَ بُغْضَ زِيَارَتِهِ.(3)
26- قَالَ زَيْدٌ الشَّحَّامُ: قُلْتُ لَهُ - الصَّادِقِ - علیه السلام: مَا لِمَنْ زَارَ الْحُسَيْنَ علیه السلام؟ قَالَ: كَانَ كَمَنْ زَارَ اللَّهَ فِي عَرْشِهِ. قَالَ قُلْتُ: مَا لِمَنْ زَارَ أحَداً مِنْكُمْ؟ قَالَ: كَمَنْ زَارَ رَسُولَ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم.(4)
27- قَالَ بَشِيرٌ الدَّهَّانُ: كُنْتُ أحُجُّ فِي كُلِّ سَنَةٍ، فَأبْطَأْتُ سَنَةً عَنِ الْحَجِّ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ قَابِلٍ حَجَجْتُ وَ دَخَلْتُ عَلَى أبِي عَبْدِاللَّه - الصَّادِقِ - علیه السلام فَقَالَ لِي: يَا بَشِيرُ! مَا أبْطَأكَ عَنِ الْحَجِّ فِي عَامِنَا الْمَاضِي؟ قَالَ قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ! مَالٌ كَانَ لِي عَلَى النَّاسِ، خِفْتُ ذَهَابَهُ غَيْرَ أنِّي عَرَّفْتُ عِنْدَ قَبْرِ الْحُسَيْنِ ، قَالَ فَقَالَ لِي: مَا فَاتَكَ شَيْ ءٌ مِمَّا كَانَ فِيهِ أهْلُ الْمَوْقِفِ،
ص: 79
يَابَشِيرُ! مَنْ زَارَ قَبْرَ الْحُسَيْنِ علیه السلام عَارِفاً بِحَقِّهِ كَانَ كَمَنْ زَارَ اللَّهَ فِي عَرْشِهِ.(1)
28- قَالَ دَاوُدُ بْنُ فَرْقَدٍ قُلْتُ لَهُ علیه السلام: مَا لِمَنْ زَارَ الْحُسَيْنَ علیه السلام فِي كُلِّ شَهْرٍ مِنَ الثَّوَابِ؟ قَالَ: لَهُ مِنَ الثَّوَابِ ثَوَابُ مِائَةِ ألْفِ شَهِيدٍ مِثْلِ شُهَدَاءِ بَدْرٍ.(2)
29- وَ قَالَ الْإمَامُ الصَّادِقُ علیه السلام: مَنِ اغْتَسَلَ فِي الْفُرَاتِ وَ زَارَ الْحُسَيْنَ علیه السلام كُتِبَ لَهُ مِنَ الْفَضْلِ مَا لَايُحْصَى، فَمَتَى مَا رَجَعَ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي اغْتَسَلَ فِيهِ، وَ تَوَضَّأ وَ زَارَ الْحُسَيْنَ علیه السلام كُتِبَ لَهُ ذَلِكَ الثَّوَابُ.(3)
30- قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ ثُوَيْرِ بْنِ أبِي فَاخِتَة قَالَ - الصَّادِقُ - علیه السلام لِي: يَاحُسَيْنُ! مَنْ خَرَجَ مِنْ مَنْزِلِهِ يُرِيدُزِيَارَةَ قَبْرِالْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ(بْنِ أبِي طَالِبٍ)(4) علیهم السلام إنْ كَانَ مَاشِياً كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ حَسَنَةً وَ مَحَى عَنْهُ سَيِّئَةً، حَتَّى إذَا صَارَ فِي الْحَائِرِ كَتَبَهُ اللَّهُ مِنَ الْمُصْلِحِينَ الْمُنْتَجَبِينَ(5) ، حَتَّى إذَا قَضَى مَنَاسِكَهُ كَتَبَهُ اللَّهُ مِنَ الْفَائِزِينَ، حَتَّى إذَا أرَادَ الِانْصِرَافَ أتَاهُ مَلَكٌ فَقَالَ لَهُ: إنَّ رَسُولَ اللهِ(6) يُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ يَقُولُ لَكَ: إسْتَأْنِفِ الْعَمَلَ، فَقَدْ غُفِرَ لَكَ مَا مَضَى.(7)
ص: 80
31- وَ قَالَ الْإمَامُ الصَّادِقُ علیه السلام: مَنْ أتَى قَبْرَ الْحُسَيْنِ مَاشِياً كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ وَ بِكُلِّ قَدَمٍ يَرْفَعُهَا وَ يَضَعُهَا عِتْقَ رَقَبَةٍ مِنْ وُلْدِ إسْمَاعِيلَ، وَ مَنْ أتَاهُ بِسَفِينَةٍ فَكُفَتْ بِهِمْ سَفِينَتُهُمْ نَادَى مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: طِبْتُمْ وَ طَابَتْ لَكُمُ الْجَنَّةُ.(1)
32- قَالَ أبُوالصَّامِتِ سَمِعْتُ - الصَّادِقَ - علیه السلام يَقُولُ: مَنْ أتَى قَبْرَالْحُسَيْنِ علیه السلام مَاشِياً كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ ألْفَ حَسَنَةٍ وَ مَحَا عَنْهُ ألْفَ سَيِّئَةٍ وَ رَفَعَ لَهُ ألْفَ دَرَجَةٍ، فَإذَا أتَيْتَ الْفُرَاتَ فَاغْتَسِلْ وَ عَلِّقْ نَعْلَيْكَ وَ امْشِ حَافِياً وَ امْشِ مَشْيَ الْعَبْدِ الذَّلِيلِ، فَإذَا أتَيْتَ بَابَ الْحَائِرِ فَكَبِّرْ أرْبَعاً، ثُمَّ امْشِ قَلِيلًا، ثُمَّ کَبِّرْ أرْبَعاً، ثُمَّ ائْتِ رَأْسَهُ، فَقِفْ عَلَيْهِ فَكَبِّرْ أرْبَعاً(2) وَ صَلِّ أرْبَعَاً وَ اسْألِ اللَّهَ حَاجَتَكَ.(3)
33- قَالَ عَبْدُاللهِ بْنِ النَّجَّارُ قَالَ علیه السلام لِي: تَزُورُونَ الْحُسَيْنَ علیه السلام وَ تَرْكَبُونَ السُّفُنَ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: أمَا عَلِمْتَ أنَّهَا إذَا انْكَفَتْ بِكُمْ نُودِيتُمْ: ألَا طِبْتُمْ وَ طَابَتْ لَكُمُ الْجَنَّةُ.(4)
34- وَ قَالَ الْإمَامُ الصَّادِقُ علیه السلام: إنَّ إلَى جَانِبِكُمْ لَقَبْراً مَا أتَاهُ مَكْرُوبٌ إلَّا نَفَّسَ اللَّهُ كُرْبَتَهُ وَ قَضَى حَاجَتَهُ.(5)
35- وَ قَالَ الْإمَامُ الصَّادِقُ علیه السلام: إنَّ الْحُسَيْنَ علیه السلام قُتِلَ مَكْرُوباً وَ حَقِيقٌ عَلَى
ص: 81
اللَّهِ أنْ لَا يَأْتِيَهُ مَكْرُوبٌ إلَّا رَدَّهُ اللَّهُ مَسْرُوراً.(1)
36- وَقَالَ الْإمَامُ الصَّادِقُ علیه السلام: إنَّ بِظَهْرِ الْكُوفَةِ لَقَبْراً مَا أتَاهُ مَكْرُوبٌ قَطُّ إلَّا فَرَّجَ اللَّهُ كُرْبَتَهُ (يَعْنِي قَبْرَ الْحُسَيْنِ علیه السلام).(2)
37- قَالَ عَبْدُاللهِ بْنِ أبِي يَعْفُورٍ: قُلْتُ لِأبِي عَبْدِاللَّهِ علیه السلام دَعَانِي الشَّوْقُ إلَيْكَ أنْ تَجَشَّمْتُ إلَيْكَ عَلَى مَشَقَّةٍ، فَقَالَ لِي: لَا تَشْكُ رَبَّكَ، فَهَلَّا أتَيْتَ مَنْ كَانَ أعْظَمَ حَقّاً عَلَيْكَ مِنِّي؟ فَكَانَ مِنْ قَوْلِهِ: فَهَلَّا أتَيْتَ مَنْ كَانَ أعْظَمَ حَقّاً عَلَيْكَ مِنِّي أشَدَّ عَلَيَّ مِنْ قَوْلِهِ لَا تَشْكُ رَبَّكَ، قُلْتُ: وَ مَنْ أعْظَمُ عَلَيَّ حَقّاً مِنْكَ؟ قَالَ: الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ علیهماالسلام، ألَّا أتَيْتَ الْحُسَيْنَ علیه السلام فَدَعَوْتَ اللَّهَ عِنْدَهُ وَ شَكَوْتَ إلَيْهِ حَوَائِجَكَ؟(3)
38- قَالَ الْإمَامُ الصَّادِقُ علیه السلام: إنَّ أيَّامَ زَائِرِي الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ علیهماالسلام لَاتُحْسَبُ مِنْ أعْمَارِهِمْ وَ لَا تُعَدُّ مِنْ آجَالِهِمْ.(4)
39- قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنِ هِلَالٍ قُلْتُ لَهُ علیه السلام: جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا أدْنَى مَا لِزُوَّارِ الْحُسَيْنِ علیه السلام فَقَالَ لِي: يَا عَبْدَ اللَّهِ! إنَّ أدْنَى مَا يَكُونُ لَهُ أنَّ اللهَ يَحْفَظُهُ فِي نَفْسِهِ (وَ أهْلِهِ) وَ مَالِهِ، حَتَّى يَرُدَّهُ إلَى أهْلِهِ، فَإذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ كَانَ اللَّهُ الْحَافِظُ لَهُ.(5)
ص: 82
40- وَقَالَ الْإمَامُ الصَّادِقُ علیه السلام: مَنْ أتَى قَبْرَ الْحُسَيْنِ علیه السلام ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي كُلِّ سَّنَةٍ أمِنَ مِنَ الْفَقْرِ.(1)
41- وَ قَالَ الْإمَامُ الصَّادِقُ علیه السلام: زَائِرُ الْحُسَيْنِ علیه السلام مُشَفَّعٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِمِائَةِ رَجُلٍ كُلُّهُمْ قَدْ وَجَبَتْ لَهُمُ النَّارُ مِمَّنْ كَانَ فِي الدُّنْيَا مِنَ الْمُسْرِفِينَ.(2)
42- وَ قَالَ الْإمَامُ الصَّادِقُ علیه السلام: سَمِعْتُ أبِي يَقُولُ لِرَجُلٍ مِنْ مَوَالِيهِ وَ سَألَهُ عَنِ الزِّيَارَةِ فَقَالَ لَهُ: مَنْ تَزُورُ وَ مَنْ تُرِيدُ بِهِ؟ قَالَ: اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى، فَقَالَ: مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ صَلَاةً وَاجِبَةً(3) يُرِيدُ بِهَا اللَّهَ، لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ يَلْقَاهُ وَ عَلَيْهِ مِنَ النُّورِ مَا يَغْشَى لَهُ كُلُّ شَيْ ءٍ يَرَاهُ، وَ اللَّهُ يُكْرِمُ زُوَّارَهُ وَ يَمْنَعُ النَّارَ أنْ تُنَالَ مِنْهُمْ شَيْئاً، وَ إنَّ الزَّائِرَ لَهُ لَا يَتَنَاهَى لَهُ دُونَ الْحَوْضِ وَ أمِيرُالْمُؤْمِنِينَ علیه السلام قَائِمٌ عَلَى الْحَوْضِ يُصَافِحُهُ وَ يَرْوِيهِ مِنَ الْمَاءِ، وَ مَا يَسْبِقُهُ أحَدٌ إلَى وُرُودِهِ الْحَوْضَ حَتَّى يَرْوِيَ ثُمَّ يَنْصَرِفُ إلَى مَنْزِلِهِ مِنَ الْجَنَّةِ؛ مَعَهُ مَلَكٌ مِنْ قِبَلِ أمِيرِالْمُؤْمِنِينَ يَأْمُرُ الصِّرَاطَ أنْ يَذِلَّ لَهُ، وَ يَأْمُرُ النَّارَ أنْ لَا يُصِيبَهُ مِنْ لَفَحِهَا شَيْ ءٌ حَتَّى يَجُوزَهَا وَ مَعَهُ رَسُولُهُ الَّذِي بَعَثَهُ أمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام(4)
43- قَالَ الْإمَامُ الصَّادِقُ علیه السلام: إنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ علیهماالسلام عِنْدَ رَبِّهِ عَزَّوَجَلَّ يَنْظُرُ إلَى مَوْضِعِ مُعَسْكَرِهِ وَ مَنْ حَلَّهُ مِنَ الشُّهَدَاءِ مَعَهُ، وَ يَنْظُرُ إلَى زُوَّارِهِ وَ هُوَ أعْرَفُ بِحَالِهِمْ وَ بِأسْمَائِهِمْ وَ أسْمَاءِ آبَائِهِمْ وَ بِدَرَجَاتِهِمْ وَ مَنْزِلَتِهِمْ
ص: 83
عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ أحَدِكُمْ بِوَلَدِهِ، وَ إنَّهُ لَيَرَى مَنْ يَبْكِيهِ فَيَسْتَغْفِرُ لَهُ وَ يَسْألُ آبَاءَهُ علیه السلام أنْ يَسْتَغْفِرُوا لَهُ، وَ يَقُولُ لَوْ يَعْلَمُ زَائِرِي مَا أعَدَّ اللَّهُ لَهُ لَكَانَ فَرَحُهُ أكْثَرَ مِنْ جَزَعِهِ، وَ إنَّ زَائِرَهُ لَيَنْقَلِبُ وَ مَا عَلَيْهِ مِنْ ذَنْبٍ.(1)
44- وَ قَالَ الْإمَامُ الصَّادِقُ علیه السلام: مَنْ أرَادَ أنْ يَكُونَ فِي كَرَامَةِاللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَ فِي شَفَاعَةِ مُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آل و سلم فَلْيَكُنْ لِلْحُسَيْنِ زَائِراً، يَنَالُ مِنَ اللَّهِ الْفَضْلَ وَ الْكَرَامَةَ(2) وَ حُسْنَ الثَّوَابِ وَ لَايَسْألُهُ عَنْ ذَنْبٍ عَمِلَهُ فِي حَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَوْكَانَتْ ذُنُوبُهُ عَدَدَرَمْلِ عَالِجٍ وَجِبَالِ تِهَامَةَ وَ زَبَدِالْبَحْرِ، إنَّ الْحُسَيْنَ علیه السلام قُتِلَ مَظْلُوماً مُضْطَهَداً نَفْسُهُ وَ عَطْشَاناً هُوَ وَ أهْلُ بَيْتِهِ وَ أصْحَابُهُ.(3)
45- وَ قَالَ الْإمَامُ الصَّادِقُ علیه السلام: مَنْ زَارَ قَبْرَ الْحُسَيْنِ علیه السلام لِلَّهِ وَ فِي اللَّهِ أعْتَقَهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ، وَ آمَنَهُ يَوْمَ الْفَزَعِ الْأكْبَرِ، وَ لَمْ يَسْألِ اللَّهَ تَعَالَى حَاجَةً مِنْ حَوَائِجِ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ إلَّا أعْطَاهُ.(4)
46- وَ قَالَ الْإمَامُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیه السلام: إذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ: أيْنَ زُوَّارُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ؟ فَيَقُومُ عُنُقٌ مِنَ النَّاسِ لَايُحْصِيهِمْ إلَّا اللَّهُ تَعَالَى، فَيَقُولُ لَهُمْ: مَا أرَدْتُمْ بِزِيَارَةِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ علیه السلام؟ فَيَقُولُونَ: يَارَبِّ أتَيْنَاهُ حُبّاً لِرَسُولِ اللَّهِ صلی الله علیه و آل و سلم وَ حُبّاً لِعَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ وَ رَحْمَةً لَهُ مِمَّا ارْتُكِبَ مِنْهُ، فَيُقَالُ لَهُمْ: هَذَا مُحَمَّدٌ وَ عَلِيٌّ وَ فَاطِمَةُ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ، فَالْحَقُوا بِهِمْ، فَأنْتُمْ مَعَهُمْ فِي دَرَجَتِهِمْ، إلْحَقُوا بِلِوَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم، فَيَنْطَلِقُونَ
ص: 84
إلَى لِوَاءِ رَسُولِ اللهِ فَيَكُونُونَ فِي ظِلِّهِ وَ الْلِّوَاءُ فِي يَدِ عَلِيٍّ علیه السلام، حَتَّى يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ جَمِيعاً، فَيَكُونُونَ أمَامَ اللِّوَاءِ وَ عَنْ يَمِينِهِ وَ عَنْ يَسَارِهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ.(1)
47- عَنْ أبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: يُنَادِي مُنَادٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " أيْنَ شِيعَةُ آلِ مُحَمَّدٍ؟" فَيَقُومُ عُنُقٌ مِنَ النَّاسِ لَايُحْصِيهِمْ إلَّا اللَّهُ فَيَقُومُونَ نَاحِيَةً مِنَ النَّاسِ، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ "أيْنَ زُوَّارُ قَبْرِ الْحُسَيْنِ علیه السلام؟" فَيَقُومُ أُنَاسٌ كَثِيرٌ. فَيُقَالُ لَهُمْ: خُذُوا بِيَدِ مَنْ أحْبَبْتُمْ انْطَلِقُوا بِهِمْ إلَى الْجَنَّةِ، فَيَأْخُذُ الرَّجُلُ مَنْ أحَبَّ حَتَّى إنَّ الرَّجُلَ مِنَ النَّاسِ يَقُولُ لِرَجُلٍ: يَا فُلَانُ! أمَا تَعْرِفُنِي أنَا الَّذِي قُمْتُ لَكَ يَوْمَ كَذَا وَ كَذَا؟ فَيُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ لَا يُدْفَعُ وَ لَا يُمْنَعُ.(2)
48- قَالَ هَارُونُ بْنُ خَارِجَةَ قُلْتُ لِلصَّادِقِ علیه السلام: جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا لِمَنْ أتَى قَبْرَالْحُسَيْنِ زَائِراً لَهُ عَارِفاً بِحَقِّهِ يُرِيدُ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى وَ الدَّارَ الْآخِرَةَ؟ فَقَالَ: يَا هَارُونُ! مَنْ أتَى قَبْرَ الْحُسَيْنِ علیه السلام زَائِراً لَهُ عَارِفاً بِحَقِّهِ يُرِيدُ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ وَ الدَّارَالْآخِرَةَ، غَفَرَ اللَّهُ (وَ اللهِ) لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَ مَا تَأخَّرَ. ثُمَّ قَالَ لِي ثَلَاثاً: ألَمْ أحْلِفْ لَكَ؟ ألَمْ أحْلِفْ لَكَ؟ ألَمْ أحْلِفْ لَكَ؟(3)
49- قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ قُلْتُ لِأبِي عَبْدِ اللَّهِ - الصَّادِقِ - علیه السلام: مَا لِمَنْ أتَى قَبْرَ الْحُسَيْنِ علیه السلام؟ قَالَ: مَنْ أتَاهُ شَوْقاً إلَيْهِ كَانَ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ الْمُكْرَمِينَ، وَ كَانَ تَحْتَ لِوَاءِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، حَتَّى يُدْخِلَهُمَا اللَّهُ الْجَنَّةَ.(4)
ص: 85
50- قَالَ الْإمَامُ الصَّادِقُ علیه السلام: إنَّ لِزُوَّارِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ علیهماالسلام يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَضْلًا عَلَى النَّاسِ. قُلْتُ: وَ مَا فَضْلُهُمْ؟ قَالَ: يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ النَّاسِ بِأرْبَعِينَ عَاماً وَ سَائِرُ النَّاسِ فِي الْحِسَابِ وَ الْمَوْقِفِ.(1)
51- وَ قَالَ الْإمَامُ الصَّادِقُ علیه السلام: إنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله و سلم تَحْضُرُ زُوَّارَ قَبْرِ ابْنِهَا الْحُسَيْنِ علیه السلام فَتَسْتَغْفِرُ لَهُمْ ذُنُوبَهُمْ.(2)
52- وَقَالَ الْإمَامُ الصَّادِقُ علیه السلام: مَنْ أتَى قَبْرَالْحُسَيْنِ تَشَوُّقاً إلَيْهِ كَتَبَهُ اللَّهُ مِنَ الْآمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ أُعْطِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ وَ كَانَ تَحْتَ لِوَاءِ الْحُسَيْنِ علیه السلام حَتَّى يَدْخُلَ الْجَنَّةَ، فَيُسْكِنَهُ فِي دَرَجَتِهِ، إنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ.(3)
53- قَالَ الْإمَامُ الصَّادِقُ علیه السلام: مَنْ أرَادَ أنْ يَكُونَ فِي جِوَارِ نَبِيِّهِ صلی الله علیه و آله و سلم وَ جِوَارِ عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ، فَلَا يَدَعْ زِيَارَةَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ.(4)
54- وَ قَالَ الْإمَامُ الصَّادِقُ علیه السلام:مَنْ سَرَّهُ أنْ يَكُونَ عَلَى مَوَائِدِ نُورٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَلْيَكُنْ مِنْ زُوَّارِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ علیهماالسلام.(5)
55- قَالَ رَجُلٌ طُوسِيٌّ لِأبِي عَبْدِاللَّهِ(الصّادِقِ) علیه السلام: يَاابْنَ رَسُولِ اللَّهِ! مَالِمَنْ زَارَ قَبْرَ أبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ علیهماالسلام؟ فَقَالَ لَهُ: يَا طُوسِيُّ! مَنْ زَارَ قَبْرَ أبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ علیهماالسلام وَ هُوَ يَعْلَمُ أنَّهُ إمَامٌ مِنَ اللَّهِ مُفْتَرَضُ الطَّاعَةِ عَلَى الْعِبَادِ، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَ مَا تَأخَّرَ،
ص: 86
وَقَبِلَ شَفَاعَتَهُ فِي سَبْعِينَ مُذْنِباً، وَ لَمْ يَسْألِ اللَّهَ جَلَّ وَ عَزَّ عِنْدَ قَبْرِهِ حَاجَةً إلَّا قَضَاهَا لَهُ... .(1)
56- عَنْ أبِي عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: إنَّ الرَّجُلَ يَخْرُجُ إلَى قَبْرِ الْحُسَيْنِ علیه السلام فَلَهُ إذَا خَرَجَ مِنْ أهْلِهِ بِأوَّلِ خُطْوَةٍ مَغْفِرَةُ ذُنُوبِهِ، ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يُقَدَّسُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ حَتَّى يَأْتِيَهُ، فَإذَا أتَاهُ نَاجَاهُ اللَّهُ تَعَالَى فَقَالَ: عَبْدِي سَلْنِي أُعْطِكَ، أُدْعُنِي أُجِبْكَ، أُطْلُبْ مِنِّي أُعْطِكَ، سَلْنِي حَاجَةً أقْضِيهَا لَكَ. قَالَ وَ قَالَ أبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: وَ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ أنْ يُعْطِيَ مَا بَذَلَ.(2)
57- عَنْ أبِي عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: مَنْ زَارَ الْحُسَيْنَ علیه السلام مِنْ شِيعَتِنَا لَمْ يَرْجِعْ حَتَّى يُغْفَرَ لَهُ كُلُّ ذَنْبٍ، وَ يُكْتَبَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ خَطَاهَا وَ كُلِّ يَدٍ رَفَعَتْهَا دَابَّتُهُ ألْفُ حَسَنَةٍ، وَ مُحِيَ عَنْهُ ألْفُ سَيِّئَةٍ، وَ تُرْفَعُ لَهُ ألْفُ دَرَجَةٍ.(3)
58- عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: إنَّ زَائِرَ الْحُسَيْنِ علیه السلام جُعِلَ ذُنُوبُهُ جِسْراً بَابَ دَارِهِ، ثُمَّ عَبَرَهَاكَمَا يُخَلِّفُ أحَدُكُمُ الْجِسْرَ وَرَاءَهُ إذَا عَبَرَ.(4)
59- قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ خَالِدٍ سَمِعْتُ (الصّادِقَ) علیه السلام يَقُولُ: إنَّ لِلَّهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَ لَيْلَةٍ مِائَةَ ألْفِ لَحْظَةٍ إلَى الْأرْضِ، يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ مِنْهُ وَ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ مِنْهُ، وَ يَغْفِرُ لِزَائِرِي قَبْرِ الْحُسَيْنِ علیه السلام خَاصَّةً، وَ لِأهْلِ بَيْتِهِمْ وَ لِمَنْ يَشْفَعُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَائِناً مَنْ كَانَ، وَ إنْ كَانَ رَجُلًا قَدِ اسْتَوْجَبَهُ النَّارُ. قَالَ قُلْتُ:
ص: 87
وَ إنْ كَانَ رَجُلًا قَدِ اسْتَوْجَبَهُ النَّارَ؟ قَالَ: وَ إنْ كَانَ مَا لَمْ يَكُنْ نَاصِبِيّاً.(1)
60- قَالَ الْعَمْرَكِيُّ قُلْتُ لِأبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فَمَا لِمَنْ صَلَّى عِنْدَهُ - يَعْنِي الْحُسَيْنَ علیه السلام- قَالَ: مَنْ صَلَّى عِنْدَهُ رَكْعَتَيْنِ لَمْ يَسْألِ اللَّهَ شَيْئاً إلَّا أعْطَاهُ إيَّاهُ، فَقُلْتُ: فَمَا لِمَنِ اغْتَسَلَ مِنْ مَاءِ الْفُرَاتِ ثُمَّ أتَاهُ؟ قَالَ: إذَا اغْتَسَلَ مِنْ مَاءِ الْفُرَاتِ وَ هُوَ يُرِيدُهُ تَسَاقَطَتْ عَنْهُ خَطَايَاهُ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ، قُلْتُ: فَمَا لِمَنْ جَهَّزَ إلَيْهِ وَ لَمْ يَخْرُجْ لِعِلَّةٍ؟ قَالَ: يُعْطِيهِ اللَّهُ كُلَّ دِرْهَمٍ أنْفَقَهُ مِنَ الْحَسَنَاتِ مِثْلَ جَبَلِ أُحُدٍ، وَ يُخَلِّفُ عَلَيْهِ أضْعَافَ مَا أنْفَقَ، وَ يَصْرِفُ عَنْهُ مِنَ الْبَلَاءِ مِمَّا قَدْ نَزَلَ، فَيُدْفَعُ وَ يُحْفَظُ فِي مَالِهِ.(2)
61- عَنْ أبِي عَبْدِاللَّهِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: إنَّ الرَّجُلَ إذَا خَرَجَ مِنْ مَنْزِلِهِ يُرِيدُ زِيَارَةَ الْحُسَيْنِ علیه السلام، شَيَّعَهُ سَبْعَ مِائَةِ مَلَكٍ مِنْ فَوْقِ رَأْسِهِ وَ مِنْ تَحْتِهِ وَ عَنْ يَمِينِهِ وَ عَنْ شِمَالِهِ وَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ، حَتَّى يَبْلُغُوهُ مَأْمَنَهُ، فَإذَا زَارَ الْحُسَيْنَ علیه السلام نَادَاهُ مُنَادٍ: قَدْ غُفِرَ لَكَ فَاسْتَأْنِفِ الْعَمَلَ. ثُمَّ يَرْجِعُونَ مَعَهُ مُشَيِّعِينَ لَهُ إلَى مَنْزِلِهِ، فَإذَا صَارُوا إلَى مَنْزِلِهِ قَالُوا: نَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ. فَلَا يَزَالُونَ يَزُورُونَهُ إلَى يَوْمِ مَمَاتِهِ، ثُمَّ يَزُورُونَ قَبْرَ الْحُسَيْنِ علیه السلام فِي كُلِّ يَوْمٍ وَ ثَوَابُ ذَلِكَ لِلرَّجُلِ.(3)
62- عَنْ أبِي عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: أهْوَنُ مَا يَكْسِبُ زَائِرُ الْحُسَيْنِ علیه السلام فِي كُلِّ حَسَنَةٍ ألْفُ ألْفِ حَسَنَةٍ، وَ السَّيِّئَةُ وَاحِدَةٌ وَ أيْنَ الْوَاحِدَةُ مِنْ ألْفِ ألْفٍ؟! ثُمَّ قَالَ: يَا صَفْوَانُ! أبْشِرْ، فَإنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً مَعَهَا قُضْبَانٌ مِنْ نُورٍ، فَإذَا
ص: 88
أرَادَ الْحَفَظَةُ أنْ تَكْتُبَ عَلَى زَائِرِالْحُسَيْنِ علیه السلام سَيِّئَةً، قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ لِلْحَفَظَةِ: كُفِّي، فَتَكُفُّ، فَإذَا عَمِلَ حَسَنَةً قَالَتْ لَهَا: أُكْتُبِي، أُولَئِكَ الَّذِينَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ.(1)
63- قَالَ شُعَيْبٌ الْعَقَرْقُوفِيُّ قُلْتُ لِلصَّادِقِ علیه السلام: مَنْ أتَى قَبْرَ الْحُسَيْنِ علیه السلام مَا لَهُ مِنَ الثَّوَابِ وَ الْأجْرِ جُعِلْتُ فِدَاكَ؟ قَالَ: يَا شُعَيْبُ! مَا صَلَّى عِنْدَهُ أحَدٌ الصَّلَاةَ إلَّا قَبِلَهَا اللَّهُ مِنْهُ، وَ لَا دَعَا عِنْدَهُ أحَدٌ دَعْوَةً إلَّا اسْتُجِيبَتْ لَهُ عَاجِلَةً وَ آجِلَةً، فَقُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ! زِدْنِي فِيهِ. قَالَ: يَاشُعَيْبُ! أيْسَرُ مَا يُقَالُ لِزَائِرِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ علیهماالسلام: قَدْ غُفِرَ لَكَ يَاعَبْدَاللَّهِ، فَاسْتَأْنِفِ (الْعَمَلَ)(2) عَمَلًا جَدِيداً.(3)
64- عَنْ الْإمَامِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: مَنِ اغْتَسَلَ بِمَاءِ الْفُرَاتِ وَ زَارَ قَبْرَ الْحُسَيْنِ علیه السلام، كَانَ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ صِفْراً مِنَ الذُّنُوبِ وَ لَوِ اقْتَرَفَهَا كَبَائِرَ، وَ كَانُوا يُحِبُّونَ الرَّجُلَ إذَا زَارَ قَبْرَالْحُسَيْنِ علیه السلام اغْتَسَلَ، فَإذَا وَدَّعَ لَمْ يَغْتَسِلْ وَ مَسَحَ يَدَهُ عَلَى وَجْهِهِ إذَا وَدَّعَ.(4)
65- عَنْ الْإمَامِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: إنَّ مَنْ خَرَجَ إلَى قَبْرِ الْحُسَيْنِ علیه السلام عَارِفاً بِحَقِّهِ وَ بَلَغَ الْفُرَاتَ وَ اغْتَسَلَ فِيهِ وَ خَرَجَ مِنَ الْمَاءِ كَانَ كَمِثْلِ الَّذِي خَرَجَ مِنَ الذُّنُوبِ، فَإذَا مَشَى إلَى الْحَائِرِ لَمْ يَرْفَعْ قَدَماً وَ لَمْ يَضَعْ أُخْرَى إلَّا
ص: 89
كَتَبَ اللَّهُ لَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ وَ مَحَا عَنْهُ عَشْرَ سَيِّئَاتٍ.(1)
66- عَنْ الْإمَامِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: صَلِّ عِنْدَ رَأْسِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ علیه السلام(2)
67- قَالَ أبُو الْيَسَعِ: سَألَ رَجُلٌ عَنْ - الْإمَامِ الصَّادِقِ - علیه السلام وَ أنَا أسْمَعُ قَالَ: إذَا أتَيْتُ قَبْرَ الْحُسَيْنِ علیه السلام أجْعَلُهُ قِبْلَةً إذَا صَلَّيْتُ؟ قَالَ: تَنَحَّ هَكَذَا نَاحِيَةً... . (3)
68- قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ الْحَلَبِيُّ قُلْتُ لِأبِي عَبْدِاللهِ (الصّادِقِ) علیه السلام: إنَّا نَزُورُ قَبْرَ الْحُسَيْنِ علیه السلام فَكَيْفَ نُصَلِّي عِنْدَهُ؟ قَالَ: تَقُومُ خَلْفَهُ عِنْدَ كَتِفَيْهِ، ثُمَّ تُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلی الله علیه و آله و سلم وَ تُصَلِّي عَلَى الْحُسَيْنِ علیه السلام.(4)
69- رَوَى هِشَامُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ أبِي عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: أتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ هَلْ يُزَارُ وَالِدُكَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ وَ يُصَلَّى عِنْدَهُ. وَ قَالَ: يُصَلَّى خَلْفَهُ وَ لَا يُتَقَدَّمُ عَلَيْهِ. قَالَ: فَمَا لِمَنْ أتَاهُ؟ قَالَ: الْجَنَّةُ إنْ كَانَ يَأْتَمُّ بِهِ. قَالَ: فَمَا لِمَنْ تَرَكَهُ رَغْبَةً عَنْهُ؟ قَالَ: الْحَسْرَةُ يَوْمَ الْحَسْرَةِ. قَالَ: فَمَا لِمَنْ أقَامَ عِنْدَهُ؟ قَالَ: كُلُّ يَوْمٍ بِألْفِ شَهْرٍ، قَالَ: فَمَا لِلْمُنْفِقِ فِي خُرُوجِهِ إلَيْهِ وَ الْمُنْفِقِ عِنْدَهُ؟ قَالَ: دِرْهَمٌ بِألْفِ دِرْهَمٍ. قَالَ: فَمَا لِمَنْ مَاتَ فِي سَفَرِهِ إلَيْهِ؟ قَالَ: تُشَيِّعُهُ الْمَلَائِكَةُ تَأْتِيهِ بِالْحَنُوطِ وَ الْكِسْوَةِ مِنَ الْجَنَّةِ وَ تُصَلِّي عَلَيْهِ إذَا كُفِّنَ وَ تُكَفِّنُهُ فَوْقَ أكْفَانِهِ وَ تَفْرُشُ لَهُ الرَّيْحَانَ تَحْتَهُ وَ تَدْفَعُ الْأرْضَ حَتَّى تَصَوَّرَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أمْيَالٍ وَ مِنْ خَلْفِهِ مِثْلَ ذَلِكَ وَ عِنْدَ رَأْسِهِ مِثْلَ ذَلِكَ وَ عِنْدَ رِجْلَيْهِ مِثْلَ ذَلِكَ وَ يُفْتَحَ لَهُ بَابٌ
ص: 90
مِنَ الْجَنَّةِ إلَى قَبْرِهِ وَ يَدْخُلُ عَلَيْهِ رَوْحُهَا وَ رَيْحَانُهَا حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ. قُلْتُ: فَمَا لِمَنْ صَلَّى عِنْدَهُ؟ قَالَ: مَنْ صَلَّى عِنْدَهُ رَكْعَتَيْنِ لَمْ يَسْألِ اللَّهَ تَعَالَى شَيْئاً إلَّا أعْطَاهُ إيَّاهُ. قُلْتُ: فَمَا لِمَنِ اغْتَسَلَ مِنْ مَاءِ الْفُرَاتِ ثُمَّ أتَاهُ؟ قَالَ: إذَا اغْتَسَلَ مِنْ مَاءِ الْفُرَاتِ وَ هُوَ يُرِيدُهُ تَسَاقَطَتْ عَنْهُ خَطَايَاهُ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ، قَالَ قُلْتُ: فَمَا لِمَنْ يُجَهِّزَ إلَيْهِ وَ لَمْ يَخْرُجْ لِعِلَّةٍ تُصِيبُهُ؟ قَالَ: يُعْطِيَهُ اللَّهُ بِكُلِّ دِرْهَمٍ أنْفَقَهُ مِثْلَ أُحُدٍ مِنَ الْحَسَنَاتِ وَ يُخْلِفُ عَلَيْهِ أضْعَافَ مَاأنْفَقَ وَ يَصْرِفُ عَنْهُ مِنَ الْبَلَاءِ مِمَّا قَدْنَزَلَ لِيُصِيبَهُ وَيُدْفَعُ عَنْهُ وَ يُحْفَظُ فِي مَالِهِ. قَالَ قُلْتُ: فَمَا لِمَنْ قُتِلَ عِنْدَهُ جَارٌ عَلَيْهِ سُلْطَانٌ فَقَتَلَهُ؟ قَالَ: أوَّلُ قَطْرَةٍ مِنْ دَمِهِ يُغْفَرُ لَهُ بِهَا كُلُّ خَطِيئَةٍ وَ تُغْسَلُ طِينَتُهُ الَّتِي خُلِقَ مِنْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تَخْلُصَ كَمَا خَلَصَتِ الْأنْبِيَاءُ الْمُخْلَصِينَ وَ يُذْهَبَ عَنْهَا مَاكَانَ خَالَطَهَا مِنْ أجْنَاسِ طِينِ أهْلِ الْكُفْرِ وَ يُغْسَلُ قَلْبُهُ وَ يُشْرَحُ صَدْرُهُ وَ يُمْلَأُ إيمَاناً فَيَلْقَى اللَّهَ وَ هُوَ مُخْلَصٌ مِنْ كُلِّ مَاتُخَالِطُهُ الْأبْدَانُ وَ الْقُلُوبُ وَ يُكْتَبُ لَهُ شَفَاعَةٌ فِي أهْلِ بَيْتِهِ وَ ألْفٍ مِنْ إخْوَانِهِ وَ تَوَلَّى الصَّلَاةَ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ مَعَ جَبْرَئِيلَ وَ مَلَكِ الْمَوْتِ وَ يُؤْتَى بِكَفَنِهِ وَ حَنُوطِهِ مِنَ الْجَنَّةِ وَ يُوَسَّعُ قَبْرُهُ عَلَيْهِ وَ يُوضَعُ لَهُ مَصَابِيحُ فِي قَبْرِهِ وَ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ مِنَ الْجَنَّةِ وَ تَأْتِيهِ الْمَلَائِكَةُ بِالطُّرَفِ مِنَ الْجَنَّةِ وَ يُرْفَعُ بَعْدَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْماً إلَى حَظِيرَةِ الْقُدْسِ فَلَا يَزَالُ فِيهَا مَعَ أوْلِيَاءِ اللَّهِ حَتَّى تُصِيبَهُ النَّفْخَةُ الَّتِي لَا تُبْقِي شَيْئاً فَإذَا كَانَتِ النَّفْخَةُ الثَّانِيَةُ وَ خَرَجَ مِنْ قَبْرِهِ كَانَ أوَّلُ مَنْ يُصَافِحُهُ رَسُولَ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم وَ أمِيرَالْمُؤْمِنِينَ وَ الْأوْصِيَاءَ وَ يُبَشِّرُونَهُ وَ يَقُولُونَ لَهُ الْزَمْنَا وَ يُقِيمُونَهُ عَلَى الْحَوْضِ فَيَشْرَبُ مِنْهُ وَ يَسْقِي مَنْ أحَبَّ. قُلْتُ: فَمَا لِمَنْ
ص: 91
حُبِسَ فِي إتْيَانِهِ؟ قَالَ: لَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ يُحْبَسُ وَ يَغْتَمُّ فَرْحَةٌ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَإنْ ضُرِبَ بَعْدَ الْحَبْسِ فِي إتْيَانِهِ كَانَ لَهُ بِكُلِّ ضَرْبَةٍ حَوْرَاءُ وَبِكُلِّ وَجَعٍ يَدْخُلُ عَلَيْهِ ألْفُ ألْفِ حَسَنَةٍ وَ يُمْحَى بِهَا عَنْهُ ألْفُ ألْفِ سَيِّئَةٍ وَ يُرْفَعُ لَهُ بِهَا ألْفُ ألْفِ دَرَجَةٍ وَ يَكُونُ مِنْ مُحَدَّثِي رَسُولِ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم حَتَّى يَفْرُغَ مِنَ الْحِسَابِ وَ يُصَافِحُهُ حَمَلَةُ الْعَرْشِ وَ يُقَالُ لَهُ: سَلْ مَا أحْبَبْتَ. وَ يُؤْتَى بِضَارِبِهِ لِلْحِسَابِ فَلَا يُسْألُ عَنْ شَيْ ءٍ وَ لَا يُحْتَسَبُ بِشَيْ ءٍ وَ يُؤْخَذُ بِضَبْعَيْهِ حَتَّى يُنْتَهَى بِهِ إلَى مَلَكٍ يَحْبُوهُ وَيُتْحِفُهُ بِشَرْبَةٍ مِنَ الْحَمِيمِ وَ شَرْبَةٍ مِنَ الْغِسْلِينِ وَ يُوضَعُ عَلَى مِثَالٍ فِي النَّارِ وَيُقَالُ لَهُ: ذُقْ مَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ فِيمَا أتَيْتَ إلَى هَذَا الَّذِي ضَرَبْتَهُ وَ هُوَ وَفْدُ اللَّهِ وَ وَفْدُ رَسُولِهِ وَ يُؤْتَى بِالْمَضْرُوبِ إلَى بَابِ جَهَنَّمَ فَيُقَالُ انْظُرْ إلَى ضَارِبِكَ وَ إلَى مَا قَدْ لَقِيَ فَهَلْ شَفَيْتَ صَدْرَكَ وَ قَدِ اقْتُصَّ لَكَ مِنْهُ؟ فَيَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي انْتَصَرَ لِي وَ لِوُلْدِ رَسُولِهِ مِنْهُ.(1)
70- قَالَ أبُوشِبْلٍ: قُلْتُ لِأبِي عَبْدِاللَّهِ (الصّادِقِ) علیه السلام أزُورُ قَبْرَ الْحُسَيْنِ علیه السلام؟ قَالَ: زُرِ الطَّيِّبَ وَ أتِمَّ الصَّلَاةَ عِنْدَهُ. قُلْتُ: أُتِمُّ الصَّلَاةَ عِنْدَهُ؟ قَالَ: أتِمَّ. قُلْتُ: بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَرْوِي التَّقْصِيرَ؟ قَالَ: إنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الضَّعَفَةُ.(2)
71- عَنْ أبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إذَا أرَدْتَ(3) زِيَارَةَ الْحُسَيْنِ علیه السلام فَزُرْهُ وَ أنْتَ
ص: 92
(كَئِيبٌ)(1) حَزِينٌ مَكْرُوبٌ شَعِثٌ مُغْبَرٌّ جَائِعٌ عَطْشَانُ، (فَإنَّ الْحُسَيْنَ قُتِلَ (وَ هُوَ كَئِيبٌ) حَزِينَاً مَكْرُوبَاً شُعَثَاً مُغْبَرَّاً جَائِعَاً عَطْشَانَاً)(2) ، وَ سَلْهُ الْحَوَائِجَ وَ انْصَرِفْ عَنْهُ وَ لَا تَتَّخِذْهُ وَطَناً.(3)
72- عَنْ أبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ لِرَجُلٍ: تَأْتُونَ قَبْرَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: أفَتَتَّخِذُونَ لِذَلِكَ سُفْرَاً؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: أَمَا لَوْ أَتَيْتُمْ قُبُورَ آبَائِكُمْ وَ أُمَّهَاتِكُمْ لَمْ تَفْعَلُوا ذَلِكَ، قَالَ قُلْتُ: أَيَّ شَيْ ءٍ نَأْكُلُ؟ قَالَ: الْخُبْزَ وَ اللَّبَن.(4)
73- قَالَ خِزَامٌ لِأبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: جُعِلْتُ فِدَاكَ! إنَّ قَوْماً يَزُورُونَ قَبْرَ الْحُسَيْنِ علیه السلام فَيُطَيِّبُونَ السُّفَرَ. قَالَ:فَقَالَ أبُوعَبْدِاللَّهِ علیه السلام: أمَا إنَّهُمْ لَوْ زَارُوا قُبُورَ آبَائِهِمْ مَا فَعَلُوا ذَلِكَ.(5)
74- قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: بَلَغَنِي أنَّ قَوْماً إذَا زَارُوا الْحُسَيْنَ علیه السلام حَمَلُوا مَعَهُمُ السُّفْرَةَ فِيهَا الْجِدَاءُ وَ الْأخْبِصَةُ وَ أشْبَاهُهُ! لَوْ زَارُوا قُبُورَ أحِبَّائِهِمْ مَاحَمَلُوا مَعَهُمْ هَذَا.(6)
75- قَالَ مُفَضَّلُ بْنُ عَمْرٍ قَالَ أبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: تَزُورُونَ خَيْرٌ مِنْ أنْ
ص: 93
لَاتَزُورُونَ، وَ لَا تَزُورُونَ خَيْرٌ مِنْ أنْ تَزُورُونَ. قُلْتُ: قَطَعْتَ ظَهْرِي. قَالَ: تَاللَّهِ إنَّ أحَدَكُمْ لَيَذْهَبُ إلَى قَبْرِ أبِيهِ كَئِيباً حَزِيناً وَ تَأْتُونَهُ أنْتُمْ بِالسُّفَرِ كَلَّا حَتَّى تَأْتُونَهُ شُعْثاً غُبْراً.(1)
76- قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ قُلْتُ لَهُ علیه السلام: إذَا خَرَجْنَا إلَى أبِيكَ أفَكُنَّا فِي حَجٍّ؟ قَالَ: بَلَى. قُلْتُ: فَيَلْزَمُنَا مَا يَلْزَمُ الْحَاجَّ؟ قَالَ: مِنْ مَاذَا؟ قُلْتُ: مِنَ الْأشْيَاءِ الَّتِي يَلْزَمُ الْحَاجَّ، قَالَ: يَلْزَمُكَ حُسْنُ الصَّحَابَةِ لِمَنْ يَصْحَبُكَ وَ يَلْزَمُكَ قِلَّةُ الْكَلَامِ إلَّا بِخَيْرٍ، وَ يَلْزَمُكَ كَثْرَةُ ذِكْرِاللَّهِ، وَ يَلْزَمُكَ نَظَافَةُ الثِّيَابِ، وَ يَلْزَمُكَ الْغُسْلُ قَبْلَ أنْ تَأْتِيَ الْحَايِرَ، وَ يَلْزَمُكَ الْخُشُوعُ وَ كَثْرَةُ الصَّلَاةِ وَ الصَّلَاةُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ يَلْزَمُكَ التَّوْقِيرُ لِأخْذِ مَا لَيْسَ لَكَ، وَ يَلْزَمُكَ أنْ تَغُضَّ بَصَرَكَ، وَ يَلْزَمُكَ أنْ تَعُودَ إلَى أهْلِ الْحَاجَةِ مِنْ إخْوَانِكَ إذَا رَأيْتَ مُنْقَطِعاً، وَ الْمُوَاسَاةُ، وَ يَلْزَمُكَ التَّقِيَّةُ الَّتِي قِوَامُ دِينِكَ بِهَا، وَ الْوَرَعُ عَمَّا نُهِيتَ عَنْهُ، وَ الْخُصُومَةِ وَ كَثْرَةِ الْأيْمَانِ وَ الْجِدَالِ الَّذِي فِيهِ الْأيْمَانُ، فَإذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ تَمَّ حَجُّكَ وَ عُمْرَتُكَ وَ اسْتَوْجَبْتَ مِنَ الَّذِي طَلَبْتَ مَا عِنْدَهُ بِنَفَقَتِكَ وَ اغْتِرَابِكَ عَنْ أهْلِكَ وَ رَغْبَتِكَ فِيمَا رَغِبْتَ أنْ تَنْصَرِفَ بِالْمَغْفِرَةِ وَ الرَّحْمَةِ وَ الرِّضْوَانِ.(2)
77- قَالَ أبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام لِيُونُسِ بْنِ عَمَّارٍ: إذَا كُنْتَ مِنْهُ قَرِيباً (يَعْنِي الْحُسَيْنَ علیه السلام) فَإنْ أصَبْتَ غُسْلًا فَاغْتَسِلْ وَ إلَّا فَتَوَضَّأْ ثُمَّ آتِهِ.(3)
ص: 94
78- عَنْ أبِي بَصِيرٍ عَنْ أبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إذَا أتَيْتَ الْحُسَيْنَ علیه السلام فَمَا تَقُولُ؟ قُلْتُ: أشْيَاءَ أسْمَعُهَا مِنْ رُوَاةِ الْحَدِيثِ مِمَّنْ سَمِعَ مِنْ أبِيكَ، قَالَ: أفَلَا أُخْبِرُكَ عَنْ أبِي عَنْ جَدِّي عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ علیه السلام كَيْفَ كَانَ يُصْنَعُ فِي ذَلِكَ؟ قَالَ قُلْتُ: بَلَى جُعِلْتُ فِدَاكَ، قَالَ: إذَا أرَدْتَ الْخُرُوجَ إلَى أبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَصُمْ قَبْلَ أنْ تَخْرُجَ ثَلَاثَةَ أيَّامٍ، يَوْمَ الْأرْبِعَاءِ وَ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَإذَا أمْسَيْتَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ فَصَلِّ صَلَاةَ اللَّيْلِ ثُمَّ قُمْ فَانْظُرْ فِي نَوَاحِي السَّمَاءِ وَ اغْتَسِلْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ قَبْلَ الْمَغْرِبِ، ثُمَّ تَنَامُ عَلَى طُهْرٍ، فَإذَا أرَدْتَ الْمَشْيَ إلَيْهِ فَاغْتَسِلْ وَ لَا تَطَيَّبْ وَ لَا تَدَّهِنْ وَ لَا تَكْتَحِلْ حَتَّى تَأْتِيَ الْقَبْرَ.(1)
الإمام أبو الحسن موسي الكاظم علیه السلام
79- عَنْهُ علیه السلام: مَنْ أتَى الْحُسَيْنَ عَارِفاً بِحَقِّهِ، غَفَرَاللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَ مَا تَأخَّرَ.(2)
80- قَالَ قَايِدُ دَخَلْتُ عَلَى - الْكَاظِمِ - علیه السلام فَقُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ إنَّ الْحُسَيْنَ قَدْ زَارَهُ النَّاسُ مَنْ يَعْرِفُ هَذَا الْأمْرَ وَ مَنْ يُنْكِرُهُ وَ رَكِبَتْ إلَيْهِ النِّسَاءُ وَ وَقَعَ حَالُ الشُّهْرَةِ وَ قَدِ انْقَبَضْتُ مِنْهُ لِمَا رَأيْتُ مِنَ الشُّهْرَةِ. قَالَ: فَمَكَثَ مَلِيّاً لَا يُجِيبُنِي ثُمَّ أقْبَلَ عَلَيَّ فَقَالَ: يَا عِرَاقِيُّ! إنْ شَهَرُوا أنْفُسَهُمْ فَلَاتَشْهَرْ أنْتَ نَفْسَكَ، فَوَاللَّهِ مَا أتَى الْحُسَيْنَ علیه السلام آتٍ عَارِفاً بِحَقِّهِ إلَّا غَفَرَاللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَ مَا تَأخَّرَ.(3)
81- عَنْ أبِي إبْرَاهِيمَ - الْكَاظِم - علیه السلام قَالَ: مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ يُرِيدُ زِيَارَةَ
ص: 95
قَبْرِ أبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ علیهماالسلام، وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ مَلَكاً فَوَضَعَ(1) إصْبَعَهُ فِي قَفَاهُ، فَلَمْ يَزَلْ يَكْتُبُ مَا يَخْرُجُ مِنْ فِيهِ حَتَّى يَرِدَ الْحَائِرَ، فَإذَا خَرَجَ مِنْ بَابِ الْحَائِرِ وَضَعَ كَفَّهُ وَسَطَ ظَهْرِهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: أمَّا مَا مَضَى فَقَدْ غُفِرَ لَكَ، فَاسْتَأْنِفِ الْعَمَلَ.(2)
82- عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي حَمْزَةَ قَالَ سَألْتُ الْعَبْدَ الصَّالِحَ - الْكَاظِم - علیه السلام عَنْ زِيَارَةِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ علیه السلام، فَقَالَ: مَا أُحِبُّ لَكَ تَرْكَهُ. قُلْتُ: مَا تَرَى فِي الصَّلَاةِ عِنْدَهُ وَ أنَا مُقَصِّرٌ قَالَ: صَلِّ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مَا شِئْتَ تَطَوُّعاً، وَ فِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ مَا شِئْتَ تَطَوُّعاً، وَ عِنْدَ قَبْرِ الْحُسَيْنِ علیه السلام، فَإنِّي أُحِبُّ ذَلِكَ، قَالَ:وَ سَألْتُهُ عَنِ الصَّلَاةِ بِالنَّهَارِ عِنْدَ قَبْرِالْحُسَيْنِ علیه السلام تَطَوُّعاً، فَقَالَ: نَعَمْ(3).
الإمام أبوالحسن عليّ الرضا علیه السلام
83- قَالَ علیه السلام: مَنْ زَارَ قَبْرَ الْحُسَيْنِ علیه السلام بِشَطِّ الْفُرَاتِ كَانَ كَمَنْ زَارَ اللَّهَ فَوْقَ عَرْشِهِ.(4)
84- وَقَالَ الْإمَامُ الرِّضَا علیه السلام: مَنْ زَارَ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ علیهماالسلام عَارِفاً بِحَقِّهِ كَانَ مِنْ مُحَدَّثِي اللَّهِ فَوْقَ عَرْشِهِ، ثُمَّ قَرَأ: «إنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَ نَهَرٍ» فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (5) . (6)
ص: 96
85- قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍالْقُمِّيِّ قَالَ - الْإمَامُ الرِّضَا- علیه السلام: مَنْ زَارَ قَبْرَ أبِي بِبَغْدَادَ كَانَ كَمَنْ زَارَ رَسُولَ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم وَ أمِيرَالْمُؤْمِنِينَ، إلَّا أنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم وَ لِأمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَضْلَهُمَا. قَالَ: ثُمَّ قَالَ: مَنْ زَارَ قَبْرَ أبِي عَبْدِاللَّهِ بِشَطِّ الْفُرَاتِ كَانَ كَمَنْ زَارَ اللَّهَ فَوْقَ كُرْسِيِّهِ.(1)
86- قَالَ الْإمَامُ الرِّضَا علیه السلام لِابْنِ شَبِيبٍ:...يَاابْنَ شَبِيبٍ! إنْ سَرَّكَ أنْ تَلْقَى اللَّهَ عَزَّوَجَلَّ وَ لَاذَنْبَ عَلَيْكَ فَزُرِالْحُسَيْنَ علیه السلام، يَاابْنَ شَبِيبٍ! إنْ سَرَّكَ أنْ تَسْكُنَ الْغُرَفَ الْمَبْنِيَّةَ فِي الْجَنَّةِ مَعَ النَّبِيِّ صلی الله علیه و آله و سلم فَالْعَنْ قَتَلَةَ الْحُسَيْنِ، يَا ابْنَ شَبِيبٍ! إنْ سَرَّكَ أنْ يَكُونَ لَكَ مِنَ الثَّوَابِ مِثْلَ مَا لِمَنِ اسْتُشْهِدَ مَعَ الْحُسَيْنِ فَقُلْ مَتَى مَا ذَكَرْتَهُ: يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً، يَا ابْنَ شَبِيبٍ! إنْ سَرَّكَ أنْ تَكُونَ مَعَنَا فِي الدَّرَجَاتِ الْعُلَى مِنَ الْجِنَانِ فَاحْزَنْ لِحُزْنِنَا وَ افْرَحْ لِفَرَحِنَا وَ عَلَيْكَ بِوَلَايَتِنَا، فَلَوْ أنَّ رَجُلًا تَوَلَّى حَجَراً لَحَشَرَهُ اللَّهُ مَعَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.(2)
الإمام أبو الحسن علي الهادي علیه السلام
87- قَالَ الإمامُ الْهادِي علیه السلام: مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ يُرِيدُ زِيَارَةَ الْحُسَيْنِ علیه السلام، فَصَارَ إلَى الْفُرَاتِ فَاغْتَسَلَ مِنْهُ كُتِبَ(3) مِنَ الْمُفْلِحِينَ، فَإذَا سَلَّمَ عَلَى أبِي عَبْدِاللَّهِ علیه السلام كَتَبَ اللهُ(4) مِنَ الْفَائِزِينَ، فَإذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ أتَاهُ مَلَكٌ فَقَالَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم يُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ يَقُولُ لَكَ: أمَّا ذُنُوبُكَ فَقَدْ
ص: 97
غُفِرَ لَك إسْتَأْنِفِ الْعَمَلَ.(1)
الإمام أبوصالح المهدي عجل الله تعالی فرجه الشریف
88- كتب الإمام الحجّة عجل الله تعالی فرجه الشریف مجيباً: وَ أمَّا الصَّلَاةُ فَإنَّهَا خَلْفَهُ - قَبْرَ الْأئِمَّةِ - وَ يَجْعَلُ الْقَبْرَ أمَامَهُ، وَ لَايَجُوزُ أنْ يُصَلِّيَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَ لَا عَنْ يَمِينِهِ وَ لَا عَنْ يَسَارِهِ، لِأنَّ الْإمَامَ علیه السلام لَا يُتَقَدَّمُ عَلَيْهِ وَ لَا يُسَاوَى.(2)
عن أهل بيت العصمة و الطّهارة علیهم السلام
و بعض الشّيعة
89- رُوِيَ: أنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَخْلُقُ مِنْ عَرَقِ زُوَّارِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ علیه السلام مِنْ كُلِّ عَرْقَةٍ سَبْعِينَ ألْفَ مَلَكٍ، يُسَبِّحُونَ اللَّهَ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ وَ لِزُوَّارِالْحُسَيْنِ علیه السلام إلَى أنْ تَقُومَ السَّاعَةُ.(3)
90- عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا قَالَ: مَنْ سَرَّهُ أنْ يَنْظُرَ إلَى اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَتَهُونَ عَلَيْهِ سَكْرَةُ الْمَوْتِ وَ هَوْلُ الْمُطَّلَعِ، فَلْيُكْثِرْ زِيَارَةَ قَبْرِ الْحُسَيْنِ علیه السلام، فَإنَّ زِيَارَةَ الْحُسَيْنِ زِيَارَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم.(4)
91- عنْ سليمان الْأعْمَشِ قَالَ: كُنْتُ نَازِلًا بِالْكُوفَةِ، وَ كَانَ لِي جَارٌ كَثِيراً مَاكُنْتُ أقْعُدُ إلَيْهِ وَ كَانَ لَيْلَةَ الْجُمْعَةِ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا تَقُولُ فِي زِيَارَةِ الْحُسَيْنِ علیه السلام؟ فَقَالَ لِي: بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَ كُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.
ص: 98
فَقُمْتُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ أنَا مُمْتَلِئٌ غَيْظَاً(1) وَ قُلْتُ: إذَا كَانَ السَّحَرُ أتَيْتُهُ وَ حَدَّثْتُهُ مِنْ فَضَائِلِ أمِيرِالْمُؤْمِنِينَ مَا يُسَخِّنُ اللَّهُ بِهِ عَيْنَيْهِ. قَالَ: فَأتَيْتُهُ وَ قَرَعْتُ عَلَيْهِ الْبَابَ، فَإذَا أنَا بِصَوْتٍ مِنْ وَرَاءِ الْبَابِ: أنَّهُ قَدْ قَصَدَ الزِّيَارَةَ فِي أوَّلِ اللَّيْلِ، فَخَرَجْتُ مُسْرِعاً فَأتَيْتُ الْحَيْرَ، فَإذَا أنَا بِالشَّيْخِ سَاجِدٌ لَايَمَلُّ مِنَ السُّجُودِ وَ الرُّكُوعِ. فَقُلْتُ لَهُ: بِالْأمْسِ تَقُولُ لِي: بِدْعَةٌ وَ كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَ كُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ، وَ الْيَوْمَ تَزُورُهُ؟! فَقَالَ لِي: يَا سُلَيْمَانُ! لَا تَلُمْنِي، فَإنِّي مَا كُنْتُ أُثْبِتُ لِأهْلِ هَذَا الْبَيْتِ إمَامَةً حَتَّى كَانَتْ لَيْلَتِي هَذِهِ، فَرَأيْتُ رُؤْيَا أرْعَبَتْنِي. فَقُلْتُ: مَا رَأيْتَ أيُّهَا الشَّيْخُ؟ قَالَ: رَأيْتُ رَجُلًا لَا بِالطَّوِيلِ الشَّاهِقِ وَ لَا بِالْقَصِيرِ اللَّاصِقِ، لَا أُحْسِنُ أصِفُهُ مِنْ حُسْنِهِ وَ بَهَائِهِ، مَعَهُ أقْوَامٌ يَحُفُّونَ بِهِ حَفِيفاً، وَ يَزِفُّونَهُ زَفّاً، بَيْ يَدَيْهِ فَارِسٌ عَلَى فَرَسٍ لَهُ ذَنُوبٌ، عَلَى رَأْسِهِ تَاجٌ، لِلتَّاجِ أرْبَعَةُ أرْكَانٍ فِي كُلِّ رُكْنٍ جَوْهَرَةٌ تُضِي ءُ مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أيَّامٍ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟فَقَالُوا: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ علیهماالسلام فَقُلْتُ: وَ الْآخَرُ؟ فَقَالُوا: وَصِيُّهُ عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ علیهماالسلام، ثُمَّ مَدَدْتُ عَيْنِي فَإذَا أنَابِنَاقَةٍ مِنْ نُورٍعَلَيْهَا هَوْدَجٌ مِنْ نُورٍ تَطِيرُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأرْضِ، فَقُلْتُ: لِمَنِ النَّاقَةُ؟ قَالُوا: لِخَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ وَ فَاطِمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ، قُلْتُ: وَالْغُلَامُ؟ قَالُوا: الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، قُلْتُ: فَأيْنَ يُرِيدُونَ؟ قَالَ: يَمْضُونَ بِأجْمَعِهِمْ إلَى زِيَارَةِ الْمَقْتُولِ ظُلْماً الشَّهِيدِ بِكَرْبَلَاءَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، ثُمَّ قَصَدْتُ الْهَوْدَجَ وَإذَا أنَا بِرِقَاعٍ تَسَاقَطُ مِنَ السَّمَاءِ أمَاناً مِنَ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ لِزُوَّارِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ لَيْلَةَ الْجُمْعَةِ، ثُمَّ
ص: 99
هَتَفَ بِنَا هَاتِفٌ: ألَا إنَّا وَ شِيعَتَنَا فِي الدَّرَجَةِ الْعُلْيَا مِنَ الْجَنَّةِ، وَ اللَّهِ يَاسُلَيْمَانُ! لَا أُفَارِقُ هَذَا الْمَكَانَ حَتَّى تُفَارِقَ رُوحِي جَسَدِي.(1)
92- عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أصْحَابِنَا قَالَ: لَمَّا بَلَغَ أهْلَ الْبُلْدَانِ مَا كَانَ مِنْ أبِي عَبْدِاللَّهِ علیه السلام قَدِمَتْ كُلُّ امْرَأةٍ نَزُورٍ وَ كَانَتِ الْعَرَبُ تَقُولُ لِلْمَرْأةِ لَا تَلِدُ أبَداً إلَّا أنْ تَحْضُرَ قَبْرَ رَجُلٍ كَرِيمٍ وَ قَالَتِ الْعَرَبُ النَّزُورُ الَّتِي لَا تَلِدُ أبَداً إلَّا أنْ تَخَطَّى قَبْرَ رَجُلٍ كَرِيمٍ فَلَمَّا قِيلَ لِلنَّاسِ إنَّ الْحُسَيْنَ ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم قَدْ وَقَعَ أتَتْهُ مِائَةُ ألْفِ امْرَأةٍ مِمَّنْ كَانَتْ لَا تَلِدُ فَوَلَدْنَ كُلُّهُنَ.(2)
ص: 100
قالَ رَسُولُ اللّهِ صلّى اللّه علیه و آله وَ سلم اِنَّ لِقَتْلِ الْحُسَیْنِ علیه السّلام حَرارَةً فى قُلُوبِ الْمُؤمنینَ لا تَبْرُدُ اَبَداً بِأَبِي قَتِيلُ كُلِّ عَبْرَةٍ
ص: 101
المستدرك:10 /318 ح13- عن الإمام الصّادق بِأَبِي قَتِيلُ كُلِّ عَبْرَةٍ قال: نَظَرَ النَّبِيُّ صلی الله علیه و اله و سلم إلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ علیهماالسلام وَ هُوَ مُقْبِلٌ، فَأجْلَسَهُ فِي حِجْرِهِ وَ قَالَ: إِنَّ لِقَتْلِ الْحُسَيْنِ حَرَارَةً فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لَا تَبْرُدُ أَبَداً. ثُمَّ قَالَ صلی الله علیه و آله و سلم: بِأَبِي قَتِيلُ كُلِّ عَبْرَة. قيل: و ما قتيل كلّ عبرة ياابن رسول الله؟ قَالَ: لَا يَذْكُرُهُ مُؤْمِنٌ إلَّا بَكَى.
ص: 102
1- عَنْ جَبْرَئِيلَ علیه السلام قَالَ: ...وَ أمَّا الْحُسَيْنُ فَإنَّهُ يُظْلَمُ وَ يُمْنَعُ حَقَّهُ وَ تُقْتَلُ عِتْرَتُهُ وَ تَطَؤُهُ الْخُيُولُ وَ يُنْهَبُ رَحْلُهُ وَ تُسْبَى نِسَاؤُهُ وَ ذَرَارِيُّهُ وَ يُدْفَنُ مُرَمَّلًا بِدَمِهِ وَ يَدْفِنُهُ الْغُرَبَاءُ، فَبَكَيْتُ وَ قُلْتُ: هَلْ يَزُورُهُ أحَدٌ؟ قَالَ: يَزُورُهُ الْغُرَبَاءُ، قُلْتُ: فَمَا لِمَنْ زَارَهُ مِنَ الثَّوَابِ؟ قَالَ: يُكْتَبُ لَهُ ثَوَابُ ألْفِ حَجَّةٍ وَ ألْفِ عُمْرَةٍ كُلُّهَا مَعَكَ، فَضَحِكْتُ.(1)
الرسول الأكرم أبوالقاسم محمّد صلی الله علیه و اله و سلم
2- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم عِنْدَ وَفَاتِهِ:...كَأنِّي بِهِ - الْحُسَيْنَ بِأَبِي قَتِيلُ كُلِّ عَبْرَةٍ- وَ قَدْ خُضِبَتْ شَيْبَتُهُ مِنْ دَمِهِ، يَدْعُوا فَلَا يُجَابُ وَ يَسْتَنْصِرُ فَلَا يُنْصَرُ. قُلْتُ: فَمَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: شِرَارُ أُمَّتِي، مَا لَهُمْ؟ لَا أنَالَهُمُ اللَّهُ شَفَاعَتِي.
ثُمَّ قَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ! مَنْ زَارَهُ عَارِفاً بِحَقِّهِ كُتِبَ لَهُ ثَوَابُ ألْفِ حَجَّةٍ وَ ألْفِ عُمْرَةٍ، ألَا وَ مَنْ زَارَهُ فَكَأنَّمَا قَدْ زَارَنِي، وَ مَنْ زَارَنِي فَكَأنَّمَا قَدْ زَارَ اللَّهَ، وَ حَقُّ الزَّائِرِ عَلَى اللَّهِ أنْ لَا يُعَذِّبَهُ بِالنَّارِ، وَ إنَّ الْإجَابَةَ تَحْتَ قُبَّتِهِ، وَ الشِّفَاءَ فِي تُرْبَتِهِ، وَ الْأئِمَّةَ مِنْ وُلْدِهِ ... .(2)
الإمام أبوجعفر محمّد الباقر علیه السلام
3- قَالَ البَاقِرُ علیه السلام لِرَجُلٍ: يَا فُلَانُ! مَا يَمْنَعُكَ إذَا عَرَضَتْ لَكَ حَاجَةٌ أنْ
ص: 103
تَأْتِيَ قَبْرَ الْحُسَيْنِ علیه السلام فَتُصَلِّيَ عِنْدَهُ أرْبَعَ رَكَعَاتٍ ثُمَّ تَسْألَ حَاجَتَكَ؟ فَإنَّ الصَّلَاةَ الْفَرِيِضَةَ عِنْدَهُ تَعْدِلُ حَجَّةً وَ (الصَّلَاةَ)(1) النَّافِلَةَ تَعْدِلُ عِنْدَهُ عُمْرَةً.(2)
الإمام محمّدالباقر و جعفر الصّادق علیهماالسلام
4-إنَّ زِيَارَةَ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم وَ زِيَارَةَ قُبُورِ الشُّهَدَاءِ وَ زِيَارَةَ قَبْرِ الْحُسَيْنِ علیه السلام تَعْدِلُ حَجَّةً مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم.(3)
الإمام أبوعبدالله الصّادق علیه السلام
5- قَالَ علیه السلام لِأُمِّ سَعِيدٍ الْأحْمَسِيَّةِ: يَا أُمَّ سَعِيدٍ أيُّ شَيْ ءٍ هَذِهِ الدَّابَّةُ؟ أيْنَ تَبْغِينَ تَذْهَبِينَ؟ قَالَتْ قُلْتُ: أزُورُ قُبُورَ الشُّهَدَاءِ، قَالَ أُخْرَى ذَلِكَ الْيَوْمَ: مَا أعْجَبَكُمْ يَا أهْلَ الْعِرَاقِ! تَأْتُونَ الشُّهَدَاءَ مِنْ سَفَرٍ بَعِيدٍ وَ تَتْرُكُونَ سَيِّدَالشُّهَدَاءِ لَا تَأْتُونَهُ! قَالَتْ قُلْتُ لَهُ: مَنْ سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ؟ فَقَالَ: الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ علیهماالسلام، قَالَتْ قُلْتُ: إنِّي امْرَأةٌ، فَقَالَ: لَا بَأْسَ لِمَنْ كَانَ مِثْلَكِ أنْ تَذْهَبَ إلَيْهِ وَ تَزُورَهُ، قُلْتُ: أيُّ شَيْ ءٍ لَنَا فِي زِيَارَتِهِ؟ قَالَ: تَعْدِلُ حَجَّةً وَ عُمْرَةً وَ اعْتِكَافَ شَهْرَيْنِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَ صِيَامَهُمَا وَ خَيْرَهُمَا كَذَا، قَالَتْ: وَ بَسَطَ يَدَيْهِ وَ ضَمَّهَا ضَمّاً ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.(4)
6- قَالَ علیه السلام لِأُمِّ سَعِيدٍ الْأحْمَسِيَّةِ: يَا أُمَّ سَعِيدَ! فَمَا يَمْنَعُكِ مِنْ أنْ تَأْتِيَ قَبْرَ سَيِّدِالشُّهَدَاءِ؟ قَالَتْ: فَطَمِعْتُ أنْ يَدُلَّنِي عَلَى قَبْرِ عَلِيٍّ بْنِ أبيِ طَالِبٍ علیهماالسلام فَقُلْتُ: بِأبِي أنْتَ وَ أُمِّي وَ مَنْ سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ؟ قَالَ: الْحُسَيْنُ بْنُ فَاطِمَةَ علیهماالسلام،
ص: 104
يَا أُمَّ سَعِيدَ! مَنْ أتَاهُ بِبَصِيرَةٍ وَ رَغْبَةٍ فِيهِ كَانَ لَهُ حَجَّةٌ مَبْرُورَةٌ وَ عُمْرَةٌ مُتَقَبَّلَةٌ وَ كَانَ لَهُ مِنَ الْفَضْلِ هَكَذَا وَ هَكَذَا.(1)
7- قَالَ بَشِيرُ الدَّهَّانِ - لِلصَّادِقِ - علیه السلام: لَمْ أحِجَّ عَامَ قَبْلِ وَ لَكِنْ عَرَّفْتُ عِنْدَ قَبْرِ الْحُسَيْنِ علیه السلام يَوْمَ عَرَفَةَ فَقَالَ علیه السلام: يَا بَشِيرُ! مَنْ زَارَ قَبْرَ الْحُسَيْنِ علیه السلام يَوْمَ عَرَفَةَ كَانَتْ لَهُ ألْفَ حَجَّةٍ مَبْرُورَةٍ وَ ألْفَ عُمْرَةٍ مَبْرُورَةٍ وَ ألْفَ غَزْوَةٍ مَعَ نَبِيٍّ مُرْسَلٍ أوْ إمَامٍ عَادِلٍ لَا عِنْدَ عَدُوٍّ لِلّهِ تَعَالَى، قَالَ قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ! مَا كُنْتُ أرَى هَاهُنَا ثَوَابَاً مِثْلَ ثَوَابِ الْمَوْقِفِ! قَالَ: فَنَظَرَ إلَيَّ مُغْضِبَاً وَ قَالَ: يَا بَشِيرُ! مَنِ اغْتَسَلَ فِي الْفُرَاتِ ثُمَّ مَشَى إلَى قَبْرِ الْحُسَيْنِ علیه السلام كَانَتْ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ حَجَّةً مَبْرُورَةً مَعَ مَنَاسِكِهَا.(2)
8- قَالَ ابْنُ سِنَانٍ -لِلصَّادِقِ - علیه السلام: جُعِلْتُ فِدَاكَ إنَّ أبَاكَ كَانَ يَقُولُ: فِي الْحَجِّ يُحْسَبُ لَهُ بِكُلِّ دِرْهَمٍ أنْفَقَهُ ألْفُ دِرْهَمٍ، فَمَا لِمَنْ يُنْفِقُ فِي الْمَسِيرِ إلَى أبِيكَ الْحُسَيْنِ علیه السلام؟فَقَالَ علیه السلام: يَا ابْنَ سِنَانٍ! يُحْسَبُ لَهُ بِالدِّرْهَمِ ألْفٌ وَ ألْفٌ حَتَّى عَدَّ عَشَرَةً وَ يُرْفَعُ لَهُ مِنَ الدَّرَجَاتِ مِثْلُهَا، وَ رِضَا اللَّهِ خَيْرٌ لَهُ، وَ دُعَاءُ مُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله و سلم وَ دُعَاءُ أمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْأئِمَّةِ خَيْرٌ لَهُ.(3)
9- قَالَ الْإمَامُ الصَّادِقُ علیه السلام لِرَجُلٍ يَمَانِيٍّ: إنَّ زِيَارَةَ الْحُسَيْنِ علیه السلام تَعْدِلُ حَجَّةً مَقْبُولَةً زَاكِيَةً مَعَ رَسُولِ اللَّهِ، فَتَعَجَّبَ مِنْ ذَلِكَ. فَقَالَ: إي وَ اللَّهِ وَ حَجَّتَيْنِ مَبْرُورَتَيْنِ مُتَقَبَّلَتَيْنِ زَاكِيَتَيْنِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم فَتَعَجَّبَ فَلَمْ يَزَلْ أبُوعَبْدِاللَّهِ علیه السلام يَزِيدُ حَتَّى قَالَ: ثَلَاثِينَ حَجَّةً مَبْرُورَةً مُتَقَبَّلَةً زَاكِيَةً مَعَ
ص: 105
رَسُولِ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم.(1)
10- قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا - الشِّيعَةِ لِلصَّادِقِ - علیه السلام: إنَّ فُلَاناً أخْبَرَنِي أنَّهُ قَالَ لَكَ: إنِّي حَجَجْتُ تِسْعَ عَشْرَةَ حَجَّةً وَ تِسْعَ عَشْرَةَ عُمْرَةً، فَقُلْتَ لَهُ: حُجَّ حَجَّةً أُخْرَى وَ اعْتَمِرْ عُمْرَةً أُخْرَى يُكْتَبْ لَكَ زِيَارَةُ قَبْرِ الْحُسَيْنِ علیه السلام؟! فَقَالَ علیه السلام: أيُّمَا أحَبُّ إلَيْكَ أنْ تَحُجَّ عِشْرِينَ حَجَّةً وَ تَعْتَمِرَ عِشْرِينَ عُمْرَةً أوْ تُحْشَرَ مَعَ الْحُسَيْنِ علیه السلام؟ فَقُلْتُ:لَا بَلْ أُحْشَرُ مَعَ الْحُسَيْنِ علیه السلام قَالَ: فَزُرْ أبَاعَبْدِاللَّهِ علیه السلام(2)
11- قَالَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِالْمَلِكِ: كُنْتُ مَعَ - الصَّادِقِ - علیه السلام فَمَرَّ قَوْمٌ عَلَى حَمِيرٍ قَالَ: أيْنَ يُرِيدُونَ هَؤُلَاءِ؟ قُلْتُ: قُبُورَ الشُّهَدَاءِ، قَالَ: فَمَا يَمْنَعُهُمْ مِنْ زِيَارَةِ الشَّهِيدِ الْغَرِيبِ؟ قَالَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ أهْلِ الْعِرَاقِ: زِيَارَتُهُ وَاجِبَةٌ؟ قَالَ: زِيَارَتُهُ خَيْرٌ مِنْ حَجَّةٍ وَ عُمْرَةٍ، حَتَّى عَدَّ عِشْرِينَ حَجَّةً وَ عُمْرَةً، ثُمَّ قَالَ: مَبْرُورَاتٍ مُتَقَبَّلَاتٍ، قَالَ: فَوَ اللَّهِ مَا قُمْتُ مِنْ عِنْدِهِ حَتَّى أتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ: إنِّي قَدْ حَجَجْتُ تِسْعَ عَشْرَةَ حَجَّةً، فَادْعُ اللَّهَ لِي أنْ يَرْزُقَنِي تَمَامَ الْعِشْرِينَ، قَالَ: فَهَلْ زُرْتَ قَبْرَ الْحُسَيْنِ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: إنَّ زِيَارَتَهُ خَيْرٌ مِنْ عِشْرِينَ حَجَّةً.(3)
12- قَالَ الْإمَامُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیه السلام: مَنْ أتَى قَبْرَ الْحُسَيْنِ علیه السلام عَارِفاً بِحَقِّهِ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ أجْرَ مَنْ أعْتَقَ ألْفَ نَسَمَةٍ، وَ كَمَنْ حَمَلَ عَلَى ألْفِ فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مُسْرَجَةٍ مُلْجَمَةٍ.
ص: 106
قال المحدّث الفقيه ابن قولويه قدس سره: حدثني أبي رحمه الله و محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى العطار عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب بإسناده مثله.(1)
13- قَالَ أبُو سَعِيدٍ الْمَدَائِنِيُّ قُلْتُ - للصَّادِقِ - (علیه السلام: جُعِلْتُ فِدَاكَ! آتِي قَبْرَ الْحُسَيْنِ؟ قَالَ: نَعَمْ يَا أبَاسَعِيدٍ! إئْتِ قَبْرَ ابْنِ رَسُولِ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم، أطْيَبِ الطَّيِّبِينَ وَ أطْهَرِ الْأطْهَرِينَ وَ أبَرِّ الْأبْرَارِ، فَإذَا زُرْتَهُ كَتَبَ اللَّهُ لَكَ عِتْقَ خَمْسٍ وَ عِشْرِينَ رَقَبَةً .(2)
حدثني محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن محمد بن إسماعيل بإسناده مثله.(3)
14- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ أتَى قَبْرَ الْحُسَيْنِ علیه السلام عَارِفاً بِحَقِّهِ كَانَ كَمَنْ حَجَّ مِائَةَ حَجَّةٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم.(4)
15- وَ قَالَ الْإمَامُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیه السلام: كَانَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ علیهماالسلام ذَاتَ يَوْمٍ فِي حِجْرِ النَّبِيِّ صلی الله علیه و آله و سلم يُلَاعِبُهُ وَيُضَاحِكُهُ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: يَارَسُولَ اللَّهِ! مَا أشَدَّ إعْجَابَكَ بِهَذَا الصَّبِيِّ؟! فَقَالَ لَهَا: وَيْلَكِ وَ كَيْفَ لَا أُحِبُّهُ وَ لَا أُعْجَبُ بِهِ وَ هُوَ ثَمَرَةُ فُؤَادِي وَ قُرَّةُ عَيْنِي؟! أمَا إنَّ أُمَّتِي سَتَقْتُلُهُ، فَمَنْ زَارَهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ حَجَّةً مِنْ حِجَجِي، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! حَجَّةً مِنْ حِجَجِكَ؟! قَالَ: نَعَمْ حَجَّتَيْنِ مِنْ حِجَجِي، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ حَجَّتَيْنِ مِنْ حِجَجِكَ؟! قَالَ: نَعَمْ وَ أرْبَعَةً، قَالَ: فَلَمْ تَزَلْ تَزَادُهُ وَ يَزِيدُ وَ يُضْعِفُ حَتَّى
ص: 107
بَلَغَ تِسْعِينَ حَجَّةً مِنْ حِجَجِ رَسُولِ اللَّهِ صلی الله عیه و آله و سلم بِأعْمَارِهَا.(1)
16- قَالَ عَبْدُاللهِ الْقَدَّاحُ قُلْتُ - للصَّادِقِ - علیه السلام: مَا لِمَنْ أتَى قَبْرَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ علیهماالسلام زَائِراً عَارِفاً بِحَقِّهِ غَيْرَ مُسْتَنْكِفٍ وَ لَا مُسْتَكْبِرٍ؟ قَالَ علیه السلام: يُكْتَبُ لَهُ ألْفُ حَجَّةٍ مَقْبُولَةٍ وَ ألْفُ عُمْرَةٍ مَبْرُورَةٍ، وَ إنْ كَانَ شَقِيّاً كُتِبَ سَعِيداً، وَ لَمْ يَزَلْ يَخُوضُ فِي رَحْمَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.(2)
17- قَالَ الْإمَامُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیه السلام: مَنْ زَارَ الْحُسَيْنَ مُحْتَسِباً، لَاأشِراً وَ لَابَطِراً وَ لَارِيَاءً وَ لَاسُمْعَةً، مُحِّصَتْ عَنْهُ ذُنُوبُهُ كَمَا يُمَحَّصُ(3) الثَّوْبُ بِالْمَاءِ، فَلَايَبْقَى عَلَيْهِ دَنَسٌ وَ يُكْتَبُ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ حَجَّةٌ، وَ كُلَّمَا رَفَعَ قَدَماً عُمْرَةٌ.(4)
18- قَالَ بَشِيرٌ الدَّهَّانُ لِلصَّادِقِ علیه السلام: رُبَّمَا فَاتَنِي الْحَجُّ فَأُعَرِّفُ عِنْدَ قَبْرِ الْحُسَيْنِ علیه السلام فَقَالَ - الصَّادِقُ - علیه السلام: أحْسَنْتَ يَا بَشِيرُ! أيُّمَا مُؤْمِنٍ أتَى قَبْرَ الْحُسَيْنِ علیه السلام عَارِفاً بِحَقِّهِ فِي غَيْرِ يَوْمِ عِيدٍ، كَتَبَ اللَّهُ لَهُ عِشْرِينَ حَجَّةً وَ عِشْرِينَ عُمْرَةً مَبْرُورَاتٍ مَقْبُولَاتٍ، وَ عِشْرِينَ حَجَّةً وَ عُمْرَةً مَعَ نَبِيٍّ مُرْسَلٍ أوْ إمَامٍ عَدْلٍ، وَ مَنْ أتَاهُ فِي يَوْمِ عِيدٍ، كَتَبَ اللَّهُ لَهُ مِائَةَ حَجَّةٍ وَ مِائَةَ عُمْرَةٍ وَ مِائَةَ غَزْوَةٍ مَعَ نَبِيٍّ مُرْسَلٍ أوْ إمَامٍ عَدْلٍ، قَالَ قُلْتُ لَهُ: كَيْفَ لِي بِمِثْلِ الْمَوْقِفِ؟ قَالَ: فَنَظَرَ إلَيَّ شِبْهَ الْمُغْضَبِ ثُمَّ قَالَ لِي: يَا بَشِيرُ! إنَّ
ص: 108
الْمُؤْمِنَ إذَا أتَى قَبْرَ الْحُسَيْنِ علیه السلام يَوْمَ عَرَفَةَ وَ اغْتَسَلَ مِنَ الْفُرَاتِ ثُمَّ تَوَجَّهَ إلَيْهِ، كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ حَجَّةً بِمَنَاسِكِهَا، وَ لَاأعْلَمُهُ إلَّا قَالَ: وَ غَزْوَةً.(1)
19- قَالَ الْإمَامُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیه السلام: إذَا أرَدْتَ الْحَجَّ وَ لَمْ يَتَهَيَّأْ لَكَ فَائْتِ قَبْرَالْحُسَيْنِ علیه السلام، فَإنَّهَا تُكْتَبُ لَكَ حَجَّةً، وَ إذَا أرَدْتَ الْعُمْرَةَ وَ لَمْ يَتَهَيَّأْ لَكَ فَائْتِ قَبْرَ الْحُسَيْنِ علیه السلام، فَإنَّهَا تُكْتَبُ لَكَ عُمْرَةً.(2)
20- قَالَ الْإمَامُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیه السلام: زِيَارَةُ قَبْرِالْحُسَيْنِ علیه السلام تَعْدِلُ عِشْرِينَ حَجَّةً وَ أفْضَلُ، وَ مِنْ عِشْرِينَ عُمْرَةً وَ حَجَّةً.(3)
21- وَ قَالَ الْإمَامُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیه السلام: زِيَارَةُ الْحُسَيْنِ علیه السلام تَعْدِلُ مِائَةَ حَجَّةٍ مَبْرُورَةٍ وَ مِائَةَ عُمْرَةٍ مُتَقَبَّلَةٍ.(4)
22- قَالَ - الصَّادِقُ - علیه السلام لِمُفَضَّلِ بْنِ عَمْرٍو:...ثُمَّ تَمْضِي يَا مُفَضَّلُ إلَى صَلَاتِكَ وَ لَكَ بِكُلِّ رَكْعَةٍ تَرْكَعُهَا عِنْدَهُ، كَثَوَابِ مَنْ حَجَّ ألْفَ حَجَّةٍ وَ اعْتَمَرَ ألْفَ عُمْرَةٍ وَ أعْتَقَ ألْفَ رَقَبَةٍ، وَ كَأنَّمَا وَقَفَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ألْفَ مَرَّةٍ مَعَ نَبِيٍّ مُرْسَلٍ ... .(5)
23- سُئِلَ علیه السلام عَنِ الزَّائِرِ لِقَبْرِ الْحُسَيْنِ علیه السلام فَقَالَ: مَنِ اغْتَسَلَ فِي الْفُرَاتِ
ص: 109
ثُمَّ مَشَى إلَى قَبْرِ الْحُسَيْنِ علیه السلام، كَانَ لَهُ بِكُلِّ قَدَمٍ يَرْفَعُهَا وَ يَضَعُهَا حَجَّةٌ مُتَقَبَّلَةٌ بِمَنَاسِكِهَا.(1)
ص: 110
قالَ اَمیرُالمُوْمِنینَ لِسیّد الاشُهَداء صلوات الله علیهما یا ابا عَبد اللهِ اُسْوَهٌ اَنْتَ قَدْماً
ص: 111
كامل الزيارات:71 ب23 ح2- عن أبي عبدالله علیه السلام قال: قَالَ عَلِيٌّ لِلْحُسَيْنِ علیهماالسلام:
يَا أبَاعَبْدِاللَّهِ! أُسْوَةٌ أنْتَ قِدْماً. فَقَالَ: جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا حَالِي؟ قَالَ: عَلِمْتَ مَا جَهِلُوا وَ سَيَنْتَفِعُ عَالِمٌ بِمَا عَلِمَ، يَا بُنَيَّ اسْمَعْ وَ أبْصِرْ مِنْ قَبْلِ أنْ يَأْتِيَكَ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! لَيَسْفِكَنَّ بَنُو أُمَيَّةَ دَمَكَ ثُمَّ لَا يُرِيدُونَكَ (يُزِيلُونَكَ) عَنْ دِينِكَ وَ لَا يُنْسُونَكَ ذِكْرَ رَبِّكَ. فَقَالَ الْحُسَيْنُ علیه السلام: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَسْبِي وَ أقْرَرْتُ بِمَا أنْزَلَ اللَّهُ وَ أُصَدِّقُ نَبِيَّ اللَّهِ وَ لَا أُكَذِّبُ قَوْلَ أبِي.
عنه البحار:44 /262 ب31 ح17.
ص: 112
الإمام أبوعبدالله الصّادق علیه السلام
1- قَالَ الْإمَامُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیه السلام: مَنْ زَارَ قَبْرَ أبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ عارِفاً بِحَقِّهِ، كَانَ كَمَنْ زَارَاللَّهَ تَعَالَى فِي عَرْشِهِ.(1)
2- وَ قَالَ الْإمَامُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیه السلام: مَنْ زَارَ الْحُسَيْنَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ.(2)
3- وَ قَالَ الْإمَامُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیه السلام: مَنْ أرَادَ أنْ يَقْضِيَ حَقَّ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه و آله و سلم وَ حَقَّ أمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ حَقَّ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنِ علیهماالسلام، فَلْيَزُرِ الْحُسَيْنَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ.(3)
4- وَ قَالَ الْإمَامُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیه السلام: مَنْ زَارَ الْحُسَيْنَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَ مَا تَأخَّرَ.(4)
5- قَالَ الْإمَامُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیه السلام: مَنْ بَاتَ عِنْدَ قَبْرِالْحُسَيْنِ علیه السلام لَيْلَةَ عَاشُورَاءَ، لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَطَّخاً بِدَمِهِ وَ كَأنَّمَا قُتِلَ مَعَهُ فِي
ص: 113
عَرْصَةِ كَرْبَلَاءَ.(1)
6- وَ قَالَ الْإمَامُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیه السلام: مَنْ زَارَهُ علیه السلام وَ بَاتَ عِنْدَهُ لَيْلَةَ عَاشُورَاءَ حَتَّى يُصْبِحَ، حَشَرَهُ اللهُ تَعَالَى مُلَطَّخَاً بِدَمِ الْحُسَيْنِ علیه السلام فِي جُمْلَةِ الشُّهَدَاءِ مَعَهُ علیهم السلام(2).
7- عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهماالسلام فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ فَقَالَ لِي: هَؤُلَاءِ زُوَّارُ اللَّهِ، وَ حَقٌّ عَلَى الْمَزُورِ أنْ يُكْرِمَ الزَّائِرَ، مَنْ بَاتَ عِنْدَ قَبْرِ الْحُسَيْنِ علیه السلام لَيْلَةَ عَاشُورَاءَ، لَقِيَ اللَّهَ مُلَطَّخاً بِدَمِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأنَّمَا قُتِلَ مَعَهُ فِي عَرْصَتِهِ وَ قَالَ: مَنْ زَارَ قَبْرَ الْحُسَيْنِ علیه السلام أيْ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَ(3) بَاتَ عِنْدَهُ كَانَ كَمَنِ اسْتُشْهِدَ بَيْنَ يَدَيْهِ.(4)
8- وَ قَالَ الْإمَامُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیه السلام: مَنْ زَارَ الْحُسَيْنَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَ بَاتَ عِنْدَهُ كَانَ كَمَنِ اسْتُشْهِدَ بَيْنَ يَدَيْهِ.(5)
9- وَ قَالَ الْإمَامُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیه السلام: مَنْ زَارَهُ (الْحُسَيْنَ علیه السلام) يَوْمَ عَاشُورَاءَ حَتَّى يَظَلَّ عِنْدَهُ بَاكِياً حَزِيناً، كَانَ كَمَنِ اسْتُشْهِدَ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى يُشَارِكَهُمْ فِي مَنَازِلِهِمْ فِي الْجَنَّةِ.(6)
الإمام أبو الحسن الرّضا علیه السلام
10- قَالَ علیه السلام: مَنْ تَرَكَ السَّعْيَ فِي حَوَائِجِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ قَضَى اللَّهُ لَهُ
ص: 114
حَوَائِجَ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ، وَ مَنْ كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ يَوْمَ مُصِيبَتِهِ وَ حُزْنِهِ وَ بُكَائِهِ جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَوْمَ فَرَحِهِ وَ سُرُورِهِ وَ قَرَّتْ بِنَا فِي الْجِنَانِ عَيْنُهُ، وَ مَنْ سَمَّى يَوْمَ عَاشُورَاءَ يَوْمَ بَرَكَةٍ وَ ادَّخَرَ فِيهِ لِمَنْزِلِهِ شَيْئاً لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيمَا ادَّخَرَ، وَ حُشِرَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ يَزِيدَ وَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ وَ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ لَعَنَهُمُ اللَّهُ إلَى أسْفَلِ دَرْكٍ مِنَ النَّارِ.(1)
عن أهل بيت العصمة و الطّهارة علیهم السلام
11- مَنْ زَارَ (قَبْرَ) الْحُسَيْن علیه السلام يَوْمَ عَاشُورَاءَ كَانَ كَمَنْ تَشَحَّطَ بِدَمِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ .(2)
«خِتامُهُ مِسْكٌ وَ في ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ(3) ».(4)
ص: 115
ص: 116
ص: 117
ص: 118
قَالَ سَیِّدَتَنا فاطمةَ الشهیده صلوات الله علیها لَخَابَتْ أُمَّةٌ قَتَلَتْ ابْنَ بِنْتِ نَبِيِّهَا
ص: 119
المنتخب للشيخ فخر الدّين الطّريحي قدس سره:146 عن ابن عباس في ميلاد الإمام الحسين علیه السلام و نزول جبرئيل علیه السلام علي النبي صلی الله علیه و آله و سلم و إخباره بشهادة الحسين علیه السلام و إخبار النبيّ صلی الله علیه و آله و سلم الزهراء علیهاالسلام و لمّا سمعت بمقتله قالت: لَخَابَتْ أُمَّةٌ قَتَلَتْ ابْنَ بِنْتِ نَبِيِّهَا.
و الحديث طويل فراجع، و عنه السّيّد الجليل هاشم البحراني قدس سره في مدينة المعاجز:2 /86 ب3- معجزات مولده ح952 /5، ط الأعلمي- بيروت.
ص: 120
الإمام الحسين و السّجّاد علیهماالسلام
1- قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ رضی الله عنها: كَانَ النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله و سلم عِنْدِي وَ أتَاهُ جَبْرَئِيلُ علیه السلام، فَكَانَا فِي الْبَيْتِ يَتَحَدَّثَانِ إذْ دَقَّ الْبَابَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فَخَرَجْتُ أفْتَحُ لَهُ الْْبَابَ فَإذَا الْحُسَيْنُ مَعَهُ فَدَخَلَا،... فَجَعَلَ جَبْرَئِيلُ يُومِئُ بِيَدِهِ كَالْمُتَنَاوِلِ شَيْئاً فَإذَا بِيَدِهِ تُفَّاحَةٌ وَ سَفَرْجَلَةٌ وَ رُمَّانَةٌ، فَنَاوَلَ الْحَسَنُ ثُمَّ أوْمَئ بِيَدِهِ مِثْلَ ذَلِكَ فَنَاوَلَ الْحُسَيْنُ علیه السلام فَفَرِحَا وَ تَهَلَّلَتْ وُجُوهَهُمَا وَ سَعَيَا إلَى جَدِّهِمَا علیهماالسلام، فَأخَذَ التُّفَاحَةَ وَ الرُّمَّانَةَ وَ السَّفَرْجَلَةَ فَشَمَّهَا ثُمَّ رَدَّهَا إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَهَيْئَتِهِمَا، ...فَأكَلَ النَّبِيُّ وَ عَلِيُّ وَ فَاطِمَةُ وَالْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ علیهماالسلام وَ أطْعَمُوا أُمُّ سَلَمَةَ فَلَمْ يَزَلْ الرُّمَّانُ وَ السَّفَرْجَلُ وَ التُّفَّاحُ كُلَّمَا أكَلَ مِنْهُ عَادَ إلَى مَا كَانَ حَتَّى قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه و آله و سلم، قَالَ الْحُسَيْنُ علیه السلام: فَلَمْ يُلْحِقُهُ التَّغْيِيرُ وَ النُّقْصَانُ أيَّامَ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه و آله و سلم فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ علیهاالسلام فَقَدْنَا الرُّمَّانَ وَ بَقِيَ التُّفَّاحُ وَ السَّفَرْجَلُ أيَّامَ أبِي، فَلَمَّا اسْتُشْهِدَ أمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام فُقِدَ السَّفَرْجَلُ وَبَقِيَ التُّفَّاحُ عَلَى هَيْئَتِهِ عِنْدَ الْحَسَنِ حَتَّى مَاتَ فِي سَمِّهِ، ثُمَّ بَقِيَ التُّفَّاحَةُ إلَى الْوَقْتِ الَّذِي حُوصِرْتُ عَنِ الْمَاءِ فَكُنْتُ أشَمُّهَا إذَا عَطِشْتُ فَتَكْسُرُ لَهَبُ عَطَشِي، فَلَمَّا اشْتَدَّ عَلَيَّ الْعَطَشُ عَضَضْتُهَا وَ أيْقَنْتُ بِالْفَنَاءِ.
قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ علیهماالسلام: سَمِعْتُهُ يَقُولُ ذَلِكَ قَبْلَ مَقْتَلِهِ بِسَاعَةٍ، فَلَمَّا قَضَى نَحْبَهُ وُجِدَ رِيحُهَا مِنْ مَصْرَعِهِ، فَالْتَمَسْتُ فَلَمْ يُرَ لَهَا أثَرٌ، فَبَقِيَ
ص: 121
رِيحُهَا بَعْدَ الْحُسَيْنِ علیه السلام، وَ لَقَدْ زُرْتُ قَبْرَهُ فَوَجَدْتُ رِيحَهَا تَفُوحُ مِنْ قَبْرِهِ، فَمَنْ أرَادَ ذَلِكَ مِنْ شِيعَتِنَا الزَّائِرِينَ لِلْقَبْرِ فَلْيَلْتَمِسْ ذَلِكَ فِي أوْقَاتِ السَّحَرِ، فَإنَّهُ يَجِدُهُ إذَا كَانَ مُخْلِصاً.(1)
الإمام أبوعبدالله الصّادق علیه السلام
2- عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ شُعَيْبٍ قَالَ سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام يَقُولُ: إنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ علیهماالسلام لَمَّا وُلِدَ، أمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ جَبْرَئِيلَ أنْ يَهْبِطَ فِي ألْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَيُهَنِّئَ رَسُولَ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مِنْ جَبْرَئِيلَ، قَالَ: وَ كَانَ مَهْبَطُ جَبْرَئِيلُ عَلَى جَزِيرَةٍ فِي الْبَحْرِ فِيهَا مَلَكٌ يُقَالُ لَهُ فُطْرُسُ، كَانَ مِنَ الْحَمَلَةِ فَبُعِثَ فِي شَيْ ءٍ فَأبْطَأ فِيهِ فَكُسِرَ جَنَاحَهُ وَ أُلْقِيَ فِي تِلْكَ الْجَزِيرَةِ يَعْبُدُ اللَّهَ (تَبَارَكَ وَ تَعَالَى) فِيهَا سِتَّمِائَةِ عَامٍ حَتَّى وُلِدَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ علیهماالسلام، فَقَالَ الْمَلَكُ لِجَبْرَئِيلَ علیه السلام: يَا جَبْرَئِيلُ! أيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى أنْعَمَ عَلَى مُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله و سلم بِنِعْمَةٍ فَبُعِثْتُ أُهَنِّئُهُ مِنَ اللَّهِ وَ مِنِّي، فَقَالَ: يَا جَبْرَئِيلُ! احْمِلْنِي مَعَكَ لَعَلَّ مُحَمَّداً صلی الله علیه و آله و سلم يَدْعُوا اللهَ لِي، قَالَ: فَحَمَلَهُ، قَالَ: فَلَمَّا دَخَلَ جَبْرَئِيلُ عَلَى النَّبِيِّ صلی الله علیه و آله و سلم هَنَّأهُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ هَنَّأهُ مِنْهُ وَ أخْبَرَهُ بِحَالِ فُطْرُسَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه و آله و سلم: قُلْ لَهُ: تَمَسَّحْ بِهَذَا الْمَوْلُودِ وَ عُدْ إلَى مَكَانِكَ، قَالَ: فَتَمَسَّحَ فُطْرُسُ بِالْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ علیهماالسلام وَ ارْتَفَعَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أمَا إنَّ أُمَّتَكَ سَتَقْتُلُهُ وَ لَهُ عَلَيَّ مُكَافَاةٌ ألَّا يَزُورَهُ زَائِرٌ إلَّا بَلَّغْتُهُ عَنْهُ وَ لَا يُسَلِّمَ عَلَيْهِ مُسَلِّمٌ إلَّا بَلَّغْتُهُ سَلَامَهُ
ص: 122
وَ لَا يُصَلِّي عَلَيْهِ مُصَلٍّ إلَّا بَلَّغْتُهُ عَلَيْهِ صَلَاتَهُ، ثُمَّ ارْتَفَعَ.(1)
3- عَنْ أبِي عَبْدِ اللَّهِ - الصّادق - علیه السلام قَالَ: لَمَّا سَارَ أبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مِنَ الْمَدِينَةِ، لَقِيَهُ أفْوَاجٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ الْمُسَوَّمَةِ، فِي أيْدِيهِمُ الْحِرَابُ عَلَى نُجُبٍ مِنْ نُجُبِ الْجَنَّةِ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ وَ قَالُوا: يَاحُجَّةَ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ بَعْدَ جَدِّهِ وَ أبِيهِ وَأخِيهِ، إنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أمَدَّ جَدَّكَ بِنَا فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ، وَ إنَّ اللَّهَ أمَدَّكَ بِنَا، فَقَالَ لَهُمُ: الْمَوْعِدُ حُفْرَتِي وَ بُقْعَتِيَ الَّتِي أُسْتَشْهَدُ فِيهَا وَ هِيَ كَرْبَلَاءُ، فَإذَا وَرَدْتُهَا فَأْتُونِي، فَقَالُوا: يَا حُجَّةَ اللَّهِ مُرْنَا نَسْمَعْ وَ نُطِعْ فَهَلْ تَخْشَى مِنْ عَدُوٍّ يَلْقَاكَ فَنَكُونَ مَعَكَ؟ فَقَالَ: لَا سَبِيلَ لَهُمْ عَلَيَّ وَ لَا يَلْقَوْنِي بِكَرِيهَةٍ أوْ أصِلَ إلَى بُقْعَتِي. وَ أتَتْهُ أفْوَاجُ مُسْلِمِي الْجِنِّ فَقَالُوا: يَا سَيِّدَنَا نَحْنُ شِيعَتُكَ وَ أنْصَارُكَ فَمُرْنَا بِأمْرِكَ وَ مَا تَشَاءُ، فَلَوْ أمَرْتَنَا بِقَتْلِ كُلِّ عَدُوٍّ لَكَ وَ أنْتَ بِمَكَانِكَ لَكَفَيْنَاكَ ذَلِكَ، فَجَزَاهُمُ الْحُسَيْ نُ خَيْراً وَ قَالَ لَهُمْ: أوَ مَا قَرَأْتُمْ كِتَابَ اللَّهِ الْمُنْزَلَ عَلَى جَدِّي رَسُولِ اللَّهِ «أيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ»(2) وَ قَالَ سُبْحَانَهُ: « لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إلى مَضاجِعِهِمْ(3)» وَ إذَا أقَمْتُ بِمَكَانِي فَبِمَاذَا يُبْتَلَى هَذَا الْخَلْقُ الْمَتْعُوسُ؟ وَبِمَاذَا يُخْتَبَرُونَ؟ وَ مَنْ ذَا يَكُونُ سَاكِنَ حُفْرَتِي بِكَرْبَلَاءَ؟ وَ قَدِ اخْتَارَهَا اللَّهُ يَوْمَ دَحَا الْأرْضَ وَ جَعَلَهَا مَعْقِلًا لِشِيعَتِنَا (وَ مُحِبِّينَا؟ تُقْبَلُ أعْمَالُهُمْ وَ صَلَاتُهُمْ وَ تُسْمَعُ وَ تُجَابُ دَعَوَاتُهُمْ وَ سَكَنَ إلَيْهَا شِيعَتُنَا
ص: 123
وَ تَكُونُ)(1) وَ يَكُونُ لَهُمْ أمَاناً فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ؟ وَ لَكِنْ تَحْضُرُونَ يَوْمَ السَّبْتِ وَ هُوَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ الَّذِي فِي آخِرِهِ أُقْتَلُ، وَ لَا يَبْقَى بَعْدِي مَطْلُوبٌ مِنْ أهْلِي وَ نَسَبِي وَ إخْوَتِي وَأهْلِ بَيْتِي، وَ يُسَارُ بِرَأْسِي إلَى يَزِيدَ لَعَنَهُ اللَّهُ. فَقَالَتِ الْجِنُّ: نَحْنُ وَاللَّهِ يَا حَبِيبَ اللَّهِ وَ ابْنَ حَبِيبِهِ لَوْلَا أنَّ أمْرَكَ طَاعَةٌ وَ أنَّهُ لَا يَجُوزُ لَنَا مُخَالَفَتُكَ، قَتَلْنَا جَمِيعَ أعْدَائِكَ قَبْلَ أنْ يَصِلُوا إلَيْكَ، فَقَالَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ لَهُمْ: نَحْنُ وَاللَّهِ أقْدَرُ عَلَيْهِمْ مِنْكُمْ وَ لَكِنْ «لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَ يَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ (2)» (3)
الإمام أبو الحسن الرّضا علیه السلام
4- قَالَ علیه السلام: إنَّ الْمُحَرَّمَ شَهْرٌ كَانَ أهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يُحَرِّمُونَ فِيهِ الْقِتَالَ، فَاسْتُحِلَّتْ فِيهِ دِمَاؤُنَا، وَ هُتِكَ فِيهِ حُرْمَتُنَا، وَ سُبِيَ فِيهِ ذَرَارِيُّنَا وَ نِسَاؤُنَا، وَ أُضْرِمَتِ النِّيرَانُ فِي مَضَارِبِنَا، وَ انْتُهِبَ مَا فِيهَا مِنْ ثِقْلِنَا، وَ لَمْ تُرْعَ لِرَسُولِ اللَّهِ حُرْمَةٌ فِي أمْرِنَا، إنَّ يَوْمَ الْحُسَيْنِ أقْرَحَ جُفُونَنَا، وَ أسْبَلَ دُمُوعَنَا، وَ أذَلَّ عَزِيزَنَا بِأرْضِ كَرْبٍ وَ بَلَاءٍ، أوْرَثَتْنَا الْكَرْبَ وَ الْبَلَاءَ إلَى يَوْمِ الِانْقِضَاءِ، فَعَلَى مِثْلِ الْحُسَيْنِ فَلْيَبْكِ الْبَاكُونَ، فَإنَّ الْبُكَاءَ عَلَيْهِ يَحُطُّ الذُّنُوبَ الْعِظَامَ. ثُمَّ قَالَ علیه السلام: كَانَ أبِي إذَا دَخَلَ شَهْرُ الْمُحَرَّمِ لَايُرَى ضَاحِكاً، وَ كَانَتِ الْكَآبَةُ تَغْلِبُ عَلَيْهِ حَتَّى يَمْضِيَ مِنْهُ عَشَرَةُ أيَّامٍ، فَإذَا كَانَ يَوْمُ
ص: 124
الْعَاشِرِ كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ يَوْمَ مُصِيبَتِهِ وَ حُزْنِهِ وَبُكَائِهِ، وَ يَقُولُ: هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ الْحُسَيْنُ عَلَيْهِ السَّلَامُ.(1)
عن أهل بيت العصمة و الطّهارة علیهم السلام
5- وَ رُوِيَ: أنَّ الْحُورَ الْعِينَ إذَا بَصُرَتْ بِوَاحِدٍ مِنَ الْأمْلَاكِ يَهْبِطُ إلَى الْأرْضِ لِأمْرٍمَا، يَسْتَهْدِينَ مِنْهُ السُّبَحَ وَ التُّرْبَةَ مِنْ طِينِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ علیه السلام(2)
ص: 125
ص: 126
قَالَ الِامام الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا وَ لَكِنْ لَا يَوْمَ كَيَوْمِكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَزْدَلِفُ إِلَيْكَ ثَلَاثُونَ أَلْفَ رَجُلٍ يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ مِنْ أُمَّةِ جَدِّنَا مُحَمَّدٍ
ص: 127
أمالي الصدوق:115 المجلس24: باسناده عن الصّادق جعفر بن محمّدٍ عن أبيه عن جدّه علیهم السلام أنّ: الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ علیهماالسلام دَخَلَ يَوْماً إلَى الْحَسَنِ علیه السلام فَلَمَّا نَظَرَ إلَيْهِ بَكَى، فَقَالَ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ يَا أبَا عَبْدِ اللَّهِ؟ قَالَ: أبْكِي لِمَا يُصْنَعُ بِكَ، فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ علیه السلام: إنَّ الَّذِي يُؤْتَى إلَيَّ سَمٌّ يُدَسُّ إلَيَّ فَأُقْتَلُ بِهِ. وَ قَالَ: وَ لَكِنْ لَا يَوْمَ كَيَوْمِكَ يَا أبَا عَبْدِ اللَّهِ يَزْدَلِفُ إلَيْكَ ثَلَاثُونَ ألْفَ رَجُلٍ يَدَّعُونَ أنَّهُمْ مِنْ أُمَّةِ جَدِّنَا مُحَمَّدٍ صلی الله عیه و آله و سلم وَ يَنْتَحِلُونَ دِينَ الْإسْلَامِ فَيَجْتَمِعُونَ عَلَى قَتْلِكَ وَ سَفْكِ دَمِكَ وَ انْتِهَاكِ حُرْمَتِكَ وَ سَبْيِ ذَرَارِيكَ وَ نِسَائِكَ وَ انْتِهَابِ ثِقْلِكَ فَعِنْدَهَا تَحِلُّ بِبَنِي أُمَيَّةَ اللَّعْنَةُ وَ تُمْطِرُ السَّمَاءُ رَمَاداً وَ دَماً وَ يَبْكِي عَلَيْكَ كُلُّ شَيْ ءٍ حَتَّى الْوُحُوشِ فِي الْفَلَوَاتِ وَ الْحِيتَانِ فِي الْبِحَارِ.
عنه البحار:45/ 218 ب40 ح44.
ص: 128
1- صيام ثلاثة أيّام.
2- الإغتسال قبل الخروج و ترك الطّيب.
3- جمع الأهل و الأولاد و توديعهم بالمأثور.(1)
4- الغسل قبل دخول المشهد.(2)
5- من أحدث قبل الزّيارة فليغتسل ثانيةً ليكون زائراً على غسل.(3)
6- الإغتسال من ماء الفرات.(4)
7- النّزول بشاطئ الفرات و الإغتسال منه.(5)
8- المشي لزيارته حافياً.(6)
9- إتيان المشهد في ثيابٍ طاهرةٍ نظيفةٍ جددٍ.(7)
10- إتيانه بخضوعٍ و خشوعٍ.(8)
11- إتيانه بسكينةٍ و وقارٍ.(9)
12- الوقوف على باب المشهد و الدّعاء و الإستئذان بالمأثور، فإن وجد خشوعاً دخل الحرم.(10)
ص: 129
13- إتيانه حزيناً مكروباً شعثاً مغبرّاً جائعاً عطشاناً.(1)
14- تقديم الرّجل اليمنى عند الدّخول و اليسرى عند الخروج.(2)
15- الوقوف على الضّريح ملاصقاً له... فقد نصّ على الإتّكاء على الضّريح و تقبيله.(3)
16- إستقبال وجه المزور و إستدبار القبلة حال الزّيارة.(4)
17- المبالغة في الدّعاء و الإلحاح.(5)
18- وضع الخدّ الأيمن ثمّ الأيسر علي الضريح المطهّر و الدّعاء بالمأثور.(6)
19- الإبتهال و التّضرّع و السّؤال من الله بحقّه و حقّ صاحب القبر أن يجعله من أهل شفاعته.(7)
20- إتيان الزّيارة حبّاً لله و لرسوله و لأمير المؤمنين و لفاطمة و رحمة له ممّا ارتكب منه.(8)
21- تقبيل العتبة و سجدة الشّكر لله تعالى على هذه الكرامة.(9)
ص: 130
22- صلاة ركعتي الزّيارة عند الرّأس الشّريف.(1)
23- إتيان الصّلاة خلف المقام.(2)
24- تسبيح الزّهراء علیهاالسلام و الدّعاء بعد الرّكعتين بالمأثور.(3)
25- البكاء على الحسين علیه السلام و على أهل بيته و انصاره.(4)
26- تلاوة شيءٍ من القرآن عندالضّريح المقدّس وإهدائه الى الإمام علیه السلام(5)
27- إحضار القلب في جميع الأحوال و التّوبة من الذّنوب و الإستغفار.(6)
28- (7)إظهار المودّة بتقبيل الحرم و الضّريح المقدّس.(8)
29- التّوديع بالمأثور عند الإنصراف.(9)
30- المشي عند الخروج بالقهقرى حتّى يتوارى.(10)
31- تكرار الزّيارة مادام مقيماً في كربلاء أو قريباً منه. (11)
32- الجهد البالغ لأن يكون الزّائر خيراً من قبلها.(12)
33- حسن الصّحبة لمن صحبه.
ص: 131
34- قلّة الكلام الّا بخير.(1)
35- كثرة الدّعاء لنفسه و لوالديه و لإخوانه المؤمنين و أخواته المؤمنات.(2)
36- الصّدقة على المحاويج بتلك البقعة فإنّ الصدقة مضاعفةً.(3)
37- التّصدّق على السّدنة و الحفظة للمشهد بإكرامهم و إعظامهم، فإنّ فيه إكرام صاحب المشهد علیه الصلاه و السلام و ينبغي لهؤلاء أن يكونوا من أهل الخير و الصّلاح و الدّين و المروّة و الإحتمال و الصّبر و كظم الغيظ خالين من الغلظة على الزّائرين، قائمين بحوائج المحتاجين، مرشدين ضالّ الغرباء و الواردين و ليتعهّد أحوالهم الناظر فيه، فإن وجد من أحد منهم تقصيرا نبهّه عليه فإن أصرّ زجره فإن كان من المحرّم جاز ردعه بالضرب إن لم يجد التعنيف من باب النّهي عن المنكر.(4)
38- إتيان الفرائض و النّوافل في المشهد المقدّس.(5)
39- كثرة الصّلاة عنده.(6)
40- ترك الّلهو و التّجنّب من ملاذّ الطّعام و الشّراب.(7)
41- ترك الخصومة و الأيمان و الجدال.(8)
42- الإتيان بصلاة جعفر الطّيّار.(9)
ص: 132
43- الإتيان بصلاة الإمام الحسين علیه السلام عند ضريحه المطهّر.(1)
44- التّوجّه الى الإمام و أهدافه المقدّسة.(2)
45- إتمام الصّلاة في حرمه الشّريف للمسافر.(3)
46- و لا يرفع الصّوت في الروضة المقدّسة.(4)
47- كثرة الدّعاء لسلامة الحجّة المنتظر عجل الله تعالی فرجه الشریف و تعجيل فرجه.(5)
48- لبس السّواد و إظهار الحزن طوال شهر محرّم و صفر إلى نهاية يوم الثّامن من شهر ربيع الأوّل ألّتى تشمل عزاء الإمام الحسين و شهادته
ص: 133
و إسارة أهل بيته و شهادة الإمام السّجّاد و رقيّه بنت الحسين و الإمام الكاظم و المجتبى و الرّسول الأكرم والإمام الرّضا و الأربعين و إحراق بيت فاطمة و شهادة السّيّد محسن بن عليٍّ و فاطمةٍ و بالنّهاية شهادة الأمام العسكري صلوات الله عليهم أجمعين كما فعله أهل البيت علیهم السلام.(1)
49- كمال الأدب بحضرته لأنّ الإمام حيٌّ عند ربّه يرزق و أنّه يرانا و يسمع و يجيب.(2)
50 - المعرفة بمقامه عندالله تعالى و أنّه إمام مفترض الطّاعة على الجميع حيّاً و شهيداً.(3)
ص: 134
قال سیدنا الاحرار صلوات الله علیه
أَنَا الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِی *** آلَیْتُ أَنْ لَا أَنْثَنِی
أَحْمِی عِیَالَاتِ اَبِی *** أَمْضِی عَلَى دِینِ النَّبِی
ص: 135
بحارالأنوار:45 /49.
ص: 136
ص: 137
ص: 138
ص: 139
ص: 140
قال شيخ الطّائفة الحقّة و فقيهها المقدّم أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه القمّي قدس سره المتوفّي سنة367 ه.ق (1): حدّثني حكيم بن داود بن حكيم و غيره، عن محمّد بن موسي الهمداني عن محمّد بن خالد الطّيالسي عن سيف بن عميرة و صالح بن عقبة جميعا عن علقمة بن محمّد الحضرميّ؛ و محمّد بن إسماعيل عن صالح بن عقبة عن مالك الجهنيّ(2) عن أبي جعفر الباقر عليه السّلام قال:
مَنْ زَارَ الْحُسَيْنَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ مِنَ الْمُحَرَّمِ حَتَّى يَظَلَّ عِنْدَهُ
ص: 141
بَاكِياً، لَقِيَ اللَّهَ تَعالى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِثَوَابِ ألْفَيْ(1) ألْفِ حَجَّةٍ وَ ألْفَيْ(2) ألْفِ عُمْرَةٍ وَ ألْفَيْ ألْفِ غَزْوَةٍ وَ ثَوَابُ كُلِّ حَجَّةٍ وَ عُمْرَةٍ وَ غَزْوَةٍ كَثَوَابِ مَنْ حَجَّ وَ اعْتَمَرَ وَ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ مَعَ الْأئِمَّةِ الرَّاشِدِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أجْمَعينَ.
قَالَ قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ! فَمَا لِمَنْ كَانَ فِي بُعْدِ الْبِلَادِ وَ أقَاصِيهَا وَ لَمْ يُمْكِنْهُ الْمَصِيرُ(3) إلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ؟ قَالَ:
اذَا كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ، بَرَزَ إلَى الصَّحْرَاءِ أوْ صَعِدَ سَطْحاً مُرْتَفِعاً فِي دَارِهِ، وَ أوْمَئَ إلَيْهِ بِالسَّلَامَ وَ اجْتَهَدَ عَلَى قَاتِلِهِ بِالدُّعَاءِ وَ صَلَّى بَعْدَهُ رَكْعَتَيْنِ، يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي صَدْرِ النَّهَارِ قَبْلَ الزَّوَالِ، ثُمَّ لْيَنْدُبِ الْحُسَيْنَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ يَبْكِيهِ وَ يَأْمُرُ مَنْ فِي دَارِهِ بِالْبُكَاءِ عَلَيْهِ وَيُقِيمُ فِي دَارِهِ مُصِيبَتَهُ بِإظْهَارِ الْجَزَعِ عَلَيْهِ وَ يَتَلَاقَوْنَ بِالْبُكَاءِ بَعْضُهُمْ بَعْضاً في البُيوتِ وَ لِيُعَزِّ بَعْضُهُمْ بَعْضاً بِمُصَابِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَأنَا ضَامِنٌ لَهُمْ إذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ جَمِيعَ هَذَا الثَّوَابِ.
فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ! وَ أنْتَ الضَّامِنُ لَهُمْ إذَا فَعَلُوا ذَلِكَ وَ الزَّعِيمُ بِهِ؟قَالَ:
أنَا الضَّامِنُ لَهُمْ ذَلِكَ وَ الزَّعِيمُ لِمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ.
قَالَ قُلْتُ: فَكَيْفَ يُعَزِّي بَعْضُهُمْ بَعْضاً؟ قَالَ:
يَقُولُونَ"عَظَّمَ اللَّهُ أُجُورَنَا بِمُصَابِنَا بِالْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ جَعَلَنَا وَ إيَّاكُمْ مِنَ الطَّالِبِينَ بِثَأْرِهِ مَعَ وَلِيِّهِ الْإمَامِ الْمَهْدِيِّ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله و سلم"فَإنِ اسْتَطَعْتَ
ص: 142
أنْ لَا تَنْتَشِرَ يَوْمَكَ فِي حَاجَةٍ فَافْعَلْ، فَإنَّهُ يَوْمٌ نَحْسٌ لَا تُقْضَى فِيهِ حَاجَةٌ(1) وَ إنْ قُضِيَتْ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهَا وَ لَمْ يَرَ رُشْداً، وَ لَا تَدَّخِرَنَّ لِمَنْزِلِكَ شَيْئاً، فَإنَّهُ مَنِ ادَّخَرَ لِمَنْزِلِهِ شَيْئاً فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيمَا يَدَّخِرُهُ وَ لَا يُبَارَكُ لَهُ فِي أهْلِهِ. فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ كُتِبَ لَهُ ثَوَابُ ألْفِ ألْفِ حَجَّةٍ وَ ألْفِ ألْفِ عُمْرَةٍ وَ ألْفِ ألْفِ غَزْوَةٍ كُلُّهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَ كَانَ لَهُ ثَوَابُ مُصِيبَةِ كُلِّ نَبِيٍّ وَ رَسُولٍ وَ صِدِّيقٍ وَ شَهِيدٍ مَاتَ أوْ قُتِلَ مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ الدُّنْيَا إلَى أنْ تَقُومَ السَّاعَةُ.
قَالَ صَالِحُ بْنُ عُقْبَةَ الْجُهَنِيُّ وَ سَيْفُ بْنُ عَمِيرَةَ: قَالَ عَلْقَمَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَضْرَمِيُّ: فَقُلْتُ لِأبي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ: عَلِّمْنِي دُعَاءً أدْعُو بِهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ إذَا أنَا زُرْتُهُ مِنْ قَرِيبٍ وَدُعَاءً أدْعُو بِهِ إذَا لَمْ أزُرْهُ مِنْ قَرِيبٍ، وَ أوْمَأْتُ إلَيْهِ مِنْ بُعْدِ الْبِلَادِ وَ مِنْ سَطْحِ دَارِي بِالْسَّلامِ. قَالَ: فَقَالَ:
يَا عَلْقَمَةُ! إذَا أنْتَ صَلَّيْتَ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ أنْ تُومِئَ إلَيْهِ بِالسَّلَامِ وَ قُلْتَ عِنْدَ الْإيمَاءِ إلَيْهِ وَ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ هَذَا الْقَوْلَ، فَإنَّكَ إذَا قُلْتَ ذَلِكَ، فَقَدْ دَعَوْتَ بِمَا يَدْعُو بِهِ مَنْ زَارَهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَ كَتَبَ اللَّهُ لَكَ بِهَا ألْفَ ألْفِ حَسَنَةٍ وَ مَحَا عَنْكَ ألْفَ ألْفِ سَيِّئَةٍ وَ رَفَعَ لَكَ مِائَةَ ألْفِ ألْفِ دَرَجَةٍ وَ كُنْتَ مِمَّنِ اسْتُشْهِدَ مَعَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِمَاالسَّلأمُ حَتَّى تُشَارِكَهُمْ فِي دَرَجَاتِهِمْ، وَ لَا تُعْرَفُ إلَّا فِي الشُّهَدَاءِ الَّذِينَ اسْتُشْهِدُوا مَعَهُ، وَ كُتِبَ لَكَ ثَوَابُ كُلِّ نَبِيٍّ وَ رَسُولٍ وَ زِيَارَةِ (كُلِّ)(2) مَنْ زَارَ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ عَلَيْهِمَاالسَّلأمُ مُنْذُ يَوْمَ قُتِلَ (صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ، تَقُولُ)(3) :
ص: 143
السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أبَا عَبْدِ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا خِيَرَةَ اللَّهِ وَ ابْنَ خِيَرَتِهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ أمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ ابْنَ سَيِّدِ الْوَصِيِّينَ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ فَاطِمَةَ سَيِّدَةِ نِساءِ الْعالَمينَ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ثَارَ اللَّهِ وَ ابْنَ ثَارِهِ وَ الْوِتْرَ الْمَوْتُورَ، السَّلَامُ عَلَيْكَ وَ عَلَى الْأرْوَاحِ الَّتِي حَلَّتْ بِفِنَائِكَ وَ أناخَتْ بِرَحْلِكَ، عَلَيْكُمْ مِنِّي جَمِيعاً سَلَامُ اللَّهِ أبَداً مَا بَقِيتُ وَ بَقِيَ اللَّيْلُ وَ النَّهَارُ. يَا أبَا عَبْدِ اللَّهِ لَقَدْ عَظُمَتِ الرَّزيَّةُ وَ جَلَّتِ الْمُصِيبَةُ بِكَ عَلَيْنَا وَ عَلَى جَمِيعِ أهْلِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأرْضِ، فَلَعَنَ اللَّهُ أُمَّةً أسَّسَتْ أسَاسَ الظُّلْمِ وَ الْجَوْرِ عَلَيْكُمْ أهْلَ الْبَيْتِ، وَ لَعَنَ اللَّهُ أُمَّةً دَفَعَتْكُمْ عَنْ مَقَامِكُمْ وَ أزَالَتْكُمْ عَنْ مَرَاتِبِكُمُ الَّتِي رَتَّبَكُمُ اللَّهُ فِيهَا، وَ لَعَنَ اللَّهُ أُمَّةً قَتَلَتْكُمْ، وَ لَعَنَ اللَّهُ الْمُمَهِّدِينَ لَهُمْ بِالتَّمْكِينِ مِنْ قِتَالِكُمْ(1) بَرِئْتُ إلَى اللهِ وَ إلَيْكُمْ مِنْهُمْ وَ مِنْ أشْياعِهِمْ وَ أتْباعِهِمْ. يَا أبَا عَبْدِ اللَّهِ، إنِّي سِلْمٌ لِمَنْ سَالَمَكُمْ وَ حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبَكُمْ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَلَعَنَ اللَّهُ آلَ زِيَادٍ وَ آلَ مَرْوَانَ، وَ لَعَنَ اللَّهُ بَنِي أُمَيَّةَ قَاطِبَةً، وَ لَعَنَ اللَّهُ ابْنَ مَرْجَانَةَ، وَ لَعَنَ اللَّهُ عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ، وَ لَعَنَ اللَّهُ شِمْراً(2) ، وَ لَعَنَ اللَّهُ أُمَّةً أسْرَجَتْ وَ ألْجَمَتْ وَ تَهَيَّأتْ لِقِتَالِكَ. يَا أبَا عَبْدِ اللَّهِ بِأبي أنْتَ وَ أُمِّي، لَقَدْ عَظُمَ مُصَابي بِكَ، فَأسْألُ اللَّهَ الَّذِي أكْرَمَ مَقَامَكَ أنْ يُكْرِمَنِي بِكَ، وَ يَرْزُقَنِي طَلَبَ ثَارِكَ مَعَ إمَامٍ مَنْصُورٍ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَ آلِهِ. اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي وَجِيهاً
ص: 144
عِنْدَكَ بِالْحُسَيْنِ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ. يَا سَيِّدِي يَا أبَا عَبْدِ اللَّهِ إنِّي أتَقَرَّبُ إلَى اللَّهِ تَعالى وَ إلَى رَسُولِهِ وَ إلَى أمِيرِالْمُؤْمِنِينَ وَ إلَى فَاطِمَةَ وَ إلَى الْحَسَنِ وَ إلَيْكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ وَ سَلَّمَ وَ عَلَيْهِمْ بِمُوَالَاتِكَ يَا أبَا عَبْدِ اللَّهِ وَ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ أعْدائِكَ وَ مِمَّنْ قَاتَلَكَ وَ نَصَبَ لَكَ الْحَرْبَ، وَ مِنْ جَمِيعِ أعْدَائِكُمْ، وَ بِالْبَرَاءَةِ مِمَّنْ أسَّسَ الْجَوْرَ وَ بَنَى عَلَيْهِ بُنْيَانَهُ وَ أجْرَى ظُلْمَهُ وَ جَوْرَهُ عَلَيْكُمْ وَ عَلَى أشْيَاعِكُمْ، بَرِئْتُ إلَى اللَّهِ وَ إلَيْكُمْ مِنْهُمْ، وَ أتَقَرَّبُ إلَى اللَّهِ ثُمَّ إلَيْكُمْ بِمُوَالَاتِكُمْ وَ مُوَالَاةِ وَلِيِّكُمْ، وَ بِالْبَرَائَةِ مِنْ أعْدَائِكُمْ وَ مِنَ النَّاصِبِينَ لَكُمُ الْحَرْبَ، وَ الْبَرَاءَةِ مِنْ أشْيَاعِهِمْ وَ أتْبَاعِهِمْ. إنِّي سِلْمٌ لِمَنْ سَالَمَكُمْ وَ حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبَكُمْ وَ وَليٌّ(1) لِمَنْ والاكُمْ وَ عَدُوٌ لِمَنْ عاداكُم، فَأسْألُ اللَّهَ الَّذِي أكْرَمَنِي بِمَعْرِفَتِكُمْ وَ مَعْرِفَةِ أو ْلِيَائِكُمْ، وَ رَزَقَنِي الْبَرَاءَةَ مِنْ أعْدَائِكُمْ، أنْ يَجْعَلَنِي مَعَكُمْ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ، وَ أنْ يُثَبِّتَ لِي عِنْدَكُمْ قَدَمَ صِدْقٍ فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ، وَ أسْألُهُ أنْ يُبَلِّغَنِي الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ لَكُمْ عِنْدَاللَّهِ، وَ أنْ يَرْزُقَنِي طَلَبَ ثَارِكُمْ مَعَ إمَامٍ مَهْدِيٍّ نَاطِقٍ لَكُمْ، وَ أسْألُ اللَّهَ بِحَقِّكُمْ وَ بِالشَّأْنِ الَّذِي لَكُمْ عِنْدَهُ أنْ يُعْطِيَنِي بِمُصَابي بِكُمْ أفْضَلَ مَا أعْطَى مُصَاباً بِمُصِيبَةٍ(2) ، أقُولُ إنَّا لِلَّهِ وَ إنَّا إلَيْهِ راجِعُونَ، يَا لَهَا مِنْ مُصِيبَةٍ، مَا أعْظَمَهَا وَ أعْظَمَ رَزِيَّتَهَا فِي الْإسْلَامِ وَ فِي جَمِيعِ أهْلِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأرْضِ (3). اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي فِي مَقَامِي هَذَا مِمَّنْ تَنَالُهُ مِنْكَ صَلَوَاتٌ وَ رَحْمَةٌ وَ مَغْفِرَةٌ. اللَّهُمَّ اجْعَلْ مَحْيَايَ مَحْيَا مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ مَمَاتِي مَمَاتَ مُحَمَّدٍ
ص: 145
وَ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَ آلِهِ. اللَّهُمَّ إنَّ هَذَا يَوْمٌ تَنَزَّلَتْ(1) فِيهِ اللَّعْنَةُ عَلَى آلِ زِيَادٍ وَ آلِ أُمَيَّةَ وَ ابْنِ آكِلَةِ الْأكْبَادِ، اللَّعِينِ بْنِ اللَّعِينِ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكَ فِي كُلِّ مَوْطِنٍ وَ مَوْقِفٍ وَقَفَ فِيهِ نَبِيُّكَ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَ آلِهِ. اللَّهُمَّ الْعَنْ أبَاسُفْيَانَ وَ مُعَاوِيَةَ وَ عَلَى يَزِيدَِ بْنِ مُعَاوِيَةَ اللَّعْنَةُ أبَدَ الْآبِدِينَ. اللَّهُمَّ فَضَاعِفْ عَلَيْهِمُ اللَّعْنَةَ أبَداً لِقَتْلِهِمْ الْحُسَيْنَ عَلَيْهِ السَّلامُ. اللَّهُمَّ إنِّي أتَقَرَّبُ إلَيْكَ فِي هَذَا الْيَوْمِ فِي مَوْقِفِي هَذَا وَ أيَّامِ حَيَاتِي بِالْبَرَاءَةِ مِنْهُمْ وَ اللَّعنَةِ(2) عَلَيْهِمْ وَ بِالْمُوَالَاةِ لِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ وَ أهْلِ بَيْتِ نَبِيِّكَ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَ عَلَيْهِمْ أجْمَعينَ.
ثُمَّ تَقُولُ مِائَةَ مَرَّةٍ:
اللَّهُمَّ الْعَنْ أوَّلَ ظَالِمٍ ظَلَمَ حَقَّ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ(3) وَ آخِرَ تَابِعٍ لَهُ عَلَى ذَلِكَ. اللَّهُمَّ الْعَنِ الْعِصَابَةَ الَّتِي حَارَبَتِ(4) الْحُسَيْنَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)(5) وَ شَايَعَتْ وَ بَايَعَتْ(6) أعْدائَهُ عَلَى قَتْلِهِ وَ قَتْلِ أنْصَارِهِ، اللَّهُمَّ الْعَنْهُمْ جَمِيعاً.
ثُمَّ قُلْ مِائَةَ مَرَّةٍ:
السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أبَا عَبْدِ اللَّهِ وَ عَلَى الْأرْوَاحِ الَّتِي حَلَّتْ بِفِنَائِكَ وَ أنَاخَتْ بِرَحْلِكَ، عَلَيْكُمْ مِنِّي سَلَامُ اللَّهِ أبَداً مَا بَقِيتُ وَ بَقِيَ اللَّيْلُ وَ النَّهَارُ، وَ لَا جَعَلَهُ اللَّهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيَارَتِكُمْ. السَّلَامُ عَلَى الْحُسَيْنِ وَ عَلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَ عَلَى أصْحَابِ الْحُسَيْنِ، صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ.
ص: 146
ثُمَّ تَقُولُ مَرَّةً وَاحِدَةً:
اللَّهُمَّ خُصَّ أنْتَ أوَّلَ ظَالِمٍ ظَلَمَ آلَ نَبِيِّكَ بِاللَّعْنِ، ثُمَّ الْعَنْ أعْدَاءَ آلِ مُحَمَّدٍ مِنَ الْأوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ. اللَّهُمَّ الْعَنْ يَزِيدَ وَ أبَاهُ وَ الْعَنْ عُبَيْدَاللَّهِ بْنِ زِيَادٍ وَ آلَ مَرْوَانَ وَ بَنِي أُمَيَّةَ قَاطِبَةً إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
ثُمَّ تَسْجُدُ سَجْدَةً تَقُولُ فِيهَا:
اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ حَمْدَ الشَّاكِرِينَ عَلَى مُصَابِهِمْ، الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى عَظِيمِ مُصابي وَ رَزِيَّتِي فِيهِمْ. اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي شَفَاعَةَ الْحُسَيْنِ يَوْمَ الْوُرُودِ، وَ ثَبِّتْ لِي قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَكَ مَعَ الْحُسَيْنِ وَ أصْحَابِ الْحُسَيْنِ، الَّذِينَ بَذَلُوا مُهَجَهُمْ دُونَ الْحُسَيْنِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ.
قَالَ عَلْقَمَةُ: قالَ أبُوجَعْفَرٍ الباقِرُ عَلَيْهِ السَّلامُ:
يَا عَلْقَمَةُ! إنِ اسْتَطَعْتَ أنْ تَزُورَهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ بِهَذِهِ الزِّيَارَةِ مِنْ دَهْرِكَ فَافْعَلْ، فَلَكَ ثَوَابُ جَمِيعِ ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.(1)
ص: 147
ص: 148
قالَت سَیّدتُنا زَینَب العقیله سلام الله علیها مَا رَأَیْتُ إِلَّا جَمِیلًا
ص: 149
قال السّيّد الجليل ابن طاووس في كتاب اللهوف :160 المسلك الثالث:
ثمّ إنّ ابن زيادٍ جلس في القصر للنّاس و أذن إذناً عامّاً و جي ء برأس الحسين علیه السلام فوضع بين يديه و أدخل نساء الحسين و صبيانه إليه فجلست زينب بنت عليٍّ علیهماالسلام متنكّرةً فسأل عنها فقيل هذه زينب بنت عليٍّ فأقبل عليها، فقال: الحمد للّه الّذي فضحكم وأكذب أحدوثتكم، فقالت: إِنَّمَا يَفْتَضِحُ الْفَاسِقُ وَ يَكْذِبُ الْفَاجِرُ وَ هُوَ غَيْرُنَا. فقال ابن زيادٍ: كيف رأيت صنع اللّه بأخيك و أهل بيتك؟ فقالت: مَا رَأَيْتُ إِلَّا جَمِيلًا، هَؤُلَاءِ قَوْمٌ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْقَتْلَ، فَبَرَزُوا إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَ سَيَجْمَعُ اللَّهُ بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُمْ فَتُحَاجُّ وَ تُخَاصَمُ فَانْظُرْ لِمَنِ الْفَلْجُ يَوْمَئِذٍ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا ابْنَ مَرْجَانَةَ! قال فغضب و كأنّه همّ بها فقال له عمرو بن حريثٍ: إنّها امرأةٌ و المرأة لا تؤاخذ بشي ءٍ من منطقها. فقال لها ابن زيادٍ: لقد شفى اللّه قلبي من طاغيتك الحسين و العصاة المردة من أهل بيتك. فقالت: لَعَمْرِي لَقَدْ قَتَلْتَ كَهْلِي وَ قَطَعْتَ فَرْعِي وَ اجْتَثَثْتَ أَصْلِي فَإِنْ كَانَ هَذَا شِفَاءَكَ فَقَدِ اشْتَفَيْتَ. فقال ابن زيادٍ: هذه سجّاعةٌ و لعمري لقد كان أبوك سجّاعاً شاعراً. فقالت: يَا ابْنَ زِيَادٍ مَا لِلْمَرْأَةِ وَ السَّجَاعَةَ.
و في الفتوح لأحمد بن أعثم الكوفي: 5/ 122- 123 مثله و فيه: فقالت زينب: الْحَمْدُلِلّهِ الَّذِي أكْرَمَنَا بِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ وَ طَهَّرَنَا فِي كِتاَبِهِ تَطْهِيراً ، وَ إنَّمَا يَفْضَحُ الْفَاسِقُ وَ يَكْذِبُ الْفَاجِرُ ... فقال ابن زياد : هذه شجاعة لا حرج ، لعمري لقد كان أبوك شاعرا شجاعا ، فقالت زينب علیهاالسلام: يابن زياد ! وَ مَا لِلْمَرْأَةِ وَ الشَّجَاعَةَ.
و في مثيرالأحزان:90 كما في الّلهوف، البحار:45/ 115ب39 و العوالم:17 /383 عن الّلهوف و مثيرالأحزان. و في ارشاد المفيد:2/ 116 و إعلام الوري للطبرسي:1/ 472 و كشف الغمّة:2 /276 باختلاف.
و تاريخ الأمم و الملوك للطبري:5/ 457 و الكامل في التاريخ لإبن الأثير:4/ 87 و الطّبقات لإبن سعد تاريخ الامام الحسين علیه السلام:79 و جواهر المطالب للباعوني:2/ 292 و الرد علي المتعصّب العنيد لإبن الجوزي:43 و تذكرة الخواص:147له و نهاية الإرب
ص: 150
للنويري:20/ 465 و الحدائق الوردية للمحلّي:1/ 124 و البداية و النهاية لإبن كثير:8/ 193 كلهم كما في الفتوح بإختلاف و نقص و زيادة.
ص: 151
ص: 152
قال شيخ الطّائفة الحقّة أبوجعفر محمّد بن الحسن الطّوسي قدس سره المتوفّي سنة460ه.ق: شرح زيارة أبي عبد الله الحسين عليه السّلام في يوم عاشوراء من قرب أو بعد.
روي محمّد بن إسماعيل بن بزيع عن صالح بن عقبة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: مَنْ زَارَ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ عَلَيْهِمَا السَّلامُ فِي يَوْمِ عَاشُورَا مِنَ الْمُحَرَّمِ حَتَّى يَظَلَّ عِنْدَهُ بَاكِياً، ألْقَى اللَّهَ عَزَّوَجَلَّ يَوْمَ يَلْقاهُ بِثَوَابِ ألْفَيْ حَجَّةٍ وَ ألْفَيْ عُمْرَةٍ وَ ألْفَيْ غَزْوَةٍ وَ ثَوَابُ كُلِّ غَزْوَةٍ وَحَجَّةٍ وَ عُمْرَةٍ كَثَوَابِ مَنْ حَجَّ وَ اعْتَمَرَ وَ غَزَى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ مَعَ الْأئِمَّةِ الرَّاشِدِينَ. قَالَ: قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ! فَمَا لِمَنْ كَانَ فِي بَعيدِ الْبِلَادِ وَ أقَاصِيهِ وَ لَمْ يُمْكِنْهُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ؟ قَالَ:
إذَا كَانَ كَذَلِكَ، بَرَزَ إلَى الصَّحْرَاءِ أوَ صَعِدَ سَطْحاً مُرْتَفِعاً فِي دَارِهِ وَ أوْمَأ إلَيْهِ بِالسَّلَامِ وَ اجْتَهَدَ فِي الدُّعَاءِ عَلَى قَاتِلِهِ، وَ صَلَّى مِنْ بَعْدُ رَكْعَتَيْنِ وَ لِيَكُنْ ذَلِكَ فِي صَدْرِ النَّهَارِ قَبْلَ أنْ تَزُولَ الشَّمْسُ، ثُمَّ لْيَنْدُبِ الْحُسَيْنَ عَلَيْهِ السَّلامُ وَ يَبْكِيهِ وَ يَأْمُرُ مَنْ فِي دَارِهِ مِمَّنْ لا يَتَّقِيهِ بِالْبُكَاءِ عَلَيْهِ، وَ يُقِيمُ فِي دَارِهِ ألمُصِيبَةَ بِإظْهَارِ الْجَزَعِ عَلَيْهِ وَ لِيُعَزِّ (فِيهَ) بَعْضُهُمْ بَعْضاً بِمُصَابِهِمْ بِالْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَ أنَا الضَّامِنُ لَهُمْ إذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ(1)تَعالَى جَمِيعَ ذَلِكَ.
قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ! أنْتَ الضَّامِنُ (ذَلَِكَ) لَهُمْ وَ الزَّعِيمُ؟ قَالَ:
ص: 153
أنَا الضَّامِنُ وَ أنَا الزَّعِيمُ لِمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ.
قُلْتُ: فَكَيْفَ يُعَزِّي بَعْضُنَا بَعْضاً؟ قَالَ:
تَقُولُونَ "أعْظَمَ اللَّهُ أُجُورَنَا (وَ أجُورَكُمْ) بِمُصَابِنَا بِالْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلامُ وَ جَعَلَنَا وَ إيَّاكُمْ مِنَ الطَّالِبِينَ بِثَارِهِ مَعَ وَلِيِّهِ الْإمَامِ الْمَهْدِيِّ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمُ السَّلامُ". وَ إنِ اسْتَطَعْتَ أنْ لَا تَنْتَشِرَ يَوْمَكَ فِي حَاجَةٍ فَافْعَلْ، فَإنَّهُ يَوْمٌ نَحْسٌ لَا تُقْضَى(1) فِيهِ حَاجَةُ مُؤْمِنٍ، فَإنْ قُضِيَتْ لَمْ يُبَارَكُ لَهُ (فِيهَا) وَ لَمْ يُرَ فِيهَا رُشْداً وَ لَا يَدَّخِرَنَّ أحَدُكُمْ لِمَنْزِلِهِ فِيهِ شَيْئاً، فَمَنِ ادَّخَرَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ شَيْئاً لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيمَا ادَّخَرَهُ وَ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِي أهْلِهِ، فَإذَا فَعَلُوا ذَلِكَ كَتَبَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُمْ ثَوَابَ ألْفِ حَجَّةٍ وَ ألْفِ عُمْرَةٍ وَ ألْفِ غَزْوَةٍ كُلُّهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ كَانَ لَهُ أجْرُ(2) وَ ثَوَابُ مُصِيبَةِِ كُلِّ نَبِيِّ وَ رَسُولٍ وَ وَصِيٍّ وَ صِدِّيقٍ وَ شَهِيدٍ مَاتَ أوْ قُتِلَ مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ الدُّنْيَا إلَى أنْ تَقُومَ السَّاعَة
قَالَ صَالِحُ بْنُ عُقْبَةَ وَ سَيْفُ بْنُ عَمِيرَةَ: قَالَ عَلْقَمَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَضْرَمِيُّ: قُلْتُ لِأبي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلامُ: عَلِّمْنِي دُعَاءً أدْعُو بِهِ ذَلِكَ الْيَوْمِ إذَا أنَا زُرْتُهُ مِنْ قَرْبٍ وَ دُعَاءً أدْعُو بِهِ إذَا لَمْ أزُرْهُ مِنْ قَرْبٍ وَ أوْمَأْتُ مِنْ بُعْدِ الْبِلَادِ وَ مِنْ دَارِي بِالْسَّلامِ(3) إلَيْهِ. قَالَ: فَقَالَ لِي:
يَا عَلْقَمَةُ! إذَا أنْتَ صَلَّيْتَ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ أنْ تُومِئَ إلَيْهِ بِالسَّلَامِ، فَقُلْ عِنْدَ الْإيمَاءِ إلَيْهِ مِنْ بَعْدَ التَّكْبِيرِ هَذَا الْقَوْلَ، فَإنَّكَ إذَا قُلْتَ ذَلِكَ، فَقَدْ دَعَوْتَ بِمَا يَدْعُوا بِهِ زُوَّارُهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَ كَتَبَ اللَّهُ لَكَ مِئَةَ ألْفَ ألْفِ دَرَجَةٍ
ص: 154
وَ كُنْتَ كَمَنِ اسْتُشْهِدَ مَعَ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلامُ حَتَّى تُشَارِكَهُمْ فِي دَرَجَاتِهِمْ، ثُمَّ لَا تُعْرَفُ إلَّا فِي الشُّهَدَاءِ الَّذِينَ اسْتُشْهِدُوا مَعَهُ، وَ كُتِبَ لَكَ ثَوَابَ زِيَارَةِ كُلِّ نَبِيٍّ وَ كُلِّ رَسُولٍ وَ زِيَارَةِ كُلِّ مَنْ زَارَ الْحُسَيْنَ عَلَيْهِ السَّلامُ مُنْذُ يَوْمَ قُتِلَ عَلَيْهِ السَّلامُ وَ عَلَى أهْلِ بَيْتِهِ.
الزِّيَارَةُ، تَقُولُ:
السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أبَا عَبْدِ اللَّهِ، (السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ)، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ أمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ ابْنَ سَيِّدِ الْوَصِيِّينَ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ فَاطِمَةَ (الزَّهْرَاءِ) سَيِّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ثَارَ اللَّهِ وَ ابْنَ ثَارِهِ وَ الْوِتْرَ الْمَوْتُورَ، السَّلَامُ عَلَيْكَ وَ عَلَى الْأرْوَاحِ الَّتِي حَلَّتْ بِفِنَائِكَ (وَ أنَاخَتْ بِرَحْلِكَ)(1) ، عَلَيْكُمْ مِنِّي جَمِيعاً سَلَامُ اللَّهِ أبَداً مَابَقِيتُ وَ بَقِيَ اللَّيْلُ وَ النَّهَارُ. يَا أبَا عَبْدِ اللَّهِ لَقَدْ عَظُمَتِ الرَّزِيَّةُ وَ جَلَّتْ وَ عَظُمَتِ الْمُصِيبَةُ بِكَ(2) عَلَيْنَا وَ عَلَى جَمِيعِ أهْلِ الْإسْلَامِ، وَ جَلَّتْ وَ عَظُمَتْ مُصِيبَتُكَ فِي السَّمَاوَاتِ عَلَى جَمِيعِ أهْلِ السَّمَاوَاتِ. فَلَعَنَ اللَّهُ أُمَّةً أسَّسَتْ أسَاسَ الظُّلْمِ وَ الْجَوْرِ عَلَيْكُمْ أهْلَ الْبَيْتِ، وَ لَعَنَ اللَّهُ أُمَّةً دَفَعَتْكُمْ عَنْ مَقَامِكُمْ وَ أزَالَتْكُمْ عَنْ مَرَاتِبِكُمُ الَّتِي رَتَّبَكُمُ اللَّهُ فِيهَا، وَ لَعَنَ اللَّهُ أُمَّةً قَتَلَتْكُمْ، وَ لَعَنَ اللَّهُ الْمُمَهِّدِينَ لَهُمْ بِالتَّمْكِينِ مِنْ قِتَالِكُمْ، بَرِئْتُ إلَى اللَّهِ وَ إلَيْكُمْ مِنْهُمْ وَ مِنْ أشْيَاعِهِمْ وَ أتْبَاعِهِمْ وَ أوْلِيَائِهِمْ. يَا أبَا عَبْدِ اللَّهِ إنِّي سِلْمٌ لِمَنْ سَالَمَكُمْ وَ حَرْبٌ لِمَنْ
ص: 155
حَارَبَكُمْ (وَ وَلِيٌّ لِمَنْ وَالَاكُمْ وَ عَدُوٌّ لِمَنْ عَادَاكُمْ) إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَ لَعَنَ اللَّهُ آلَ زِيَادٍ وَ آلَ مَرْوَانَ وَ لَعَنَ اللَّهُ بَنِي أُمَيَّةَ قَاطِبَةً وَ لَعَنَ اللَّهُ ابْنَ مَرْجَانَةَ، وَ لَعَنَ اللَّهُ عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ وَ لَعَنَ اللَّهُ شِمْراً(1) ، وَ لَعَنَ اللَّهُ أُمَّةً أسْرَجَتْ وَ ألْجَمَتْ (وَ تَهَيَّأتْ)(2) وَ تَنَقَّبَتْ لِقِتَالِكَ. بِأبي أنْتَ وَ أُمِّي (يَا أبَا عَبْدِ اللَّهِ) لَقَدْ عَظُمَ مُصَابي بِكَ، فَأسْألُ اللَّهَ الَّذِي أكْرَمَ مَقَامَكَ وَ أكْرَمَنِي بِكَ أنْ يَرْزُقَنِي طَلَبَ ثَارِكَ مَعَ إمَامٍ مَنْصُورٍ(3) مِنْ أهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَ آلِهِ. اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي عِنْدَكَ وَجِيهاً بِالْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلامُ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ (وَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ). يَا أبَا عَبْدِاللَّهِ إنِّي أتَقَرَّبُ إلَى اللَّهِ تَعَالى وَ إلَى رَسُولِهِ وَ إلَى أمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ إلَى فَاطِمَةَ وَ إلَى الْحَسَنِ وَ إلَيْكَ بِمُوَالَاتِكَ (وَ مُوَالَاتِ أوْلِيَائِكَ) وَ بِالْبَرَاءَةِ مِمَّنْ قَاتَلَكَ وَ نَصَبَ لَكَ الْحَرْبَ، وَ بِالْبَرَاءَةِ مِمَّنْ أسَّسَ (أسَاسَ)(4) الظُّلْمَ وَ الْجَوْرَ عَلَيْكُمْ وَعَلَى أشْيَاعِكُمْ، وَ أبْرَأُ إلَى اللَّهِ وَ إلَى رَسُولِهِ بِالْبَرَاءَةِ مِمَّنْ أسَّسَ أسَاسَ ذَلِكَ وَ بَنَى عَلَيْهِ بُنْيَانَهُ وَ جَرَى فِي ظُلْمِهِ وَ جَوْرِهِ عَلَيْكُمْ وَ عَلَى أشْيَاعِكُمْ، بَرِئْتُ إلَى اللَّهِ وَ إلَيْكُمْ مِنْهُمْ وَ أتَقَرَّبُ إلَى اللَّهِ (وَ إلَى رَسُولِهِ) ثُمَّ إلَيْكُمْ بِمُوَالَاتِكُمْ وَ مُوَالَاةِ وَلِيِّكُمْ وَ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ أعْدَائِكُمْ وَ النَّاصِبِينَ لَكُمُ الْحَرْبَ وَ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ أشْيَاعِهِمْ وَ أتْبَاعِهِمْ. (يَا أبَاعَبْدِاللهِ) إنِّي سِلْمٌ لِمَنْ سَالَمَكُمْ وَ حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبَكُمْ وَ وَلِيٌّ لِمَنْ وَالَاكُمْ وَ عَدُوٌّ لِمَنْ عَادَاكُمْ، فَأسْألُ اللَّهَ الَّذِي أكْرَمَنِي بِمَعْرِفَتِكُمْ وَ مَعْرِفَةِ أوْلِيَائِكُمْ وَ رَزَقَنِي(5) الْبَرَاءَةَ مِنْ أعْدَائِكُمْ أنْ يَجْعَلَنِي مَعَكُمْ فِي
ص: 156
الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ، وَ أنْ يُثَبِّتَ لِي عِنْدَكُمْ قَدَمَ صِدْقٍ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ، وَ أسْألُهُ(1) أنْ يُبَلِّغَنِي الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ (ألَّذِي)(2) لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ، وَ أنْ يَرْزُقَنِي طَلَبَ ثَارِكُمْ(3) مَعَ إمَامٍ مَهْدِيٍّ(4) ظَاهِرٍ نَاطِقٍ بِالْحَقِّ مِنْكُمْ، وَ أسْألُ اللَّهَ بِحَقِّكُمْ وَ بِالشَّأْنِ الَّذِي لَكُمْ عِنْدَهُ أنْ يُعْطِيَنِي بِمُصَابي بِكُمْ أفْضَلَ مَا يُعْطِي مُصَاباً بِمُصِيبَتِهِ. (يَا لَهَا مِنْ مُصِيبَةٍ)(5) مُصِيبَةً مَا أعْظَمَهَا وَ أعْظَمَ رَزِيَّتَهَا فِي الْإسْلَامِ وَ فِي جَمِيعِ أهْلِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأرْضِ.(6) اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي فِي مَقَامِي هَذَا مِمَّنْ تَنَالُهُ مِنْكَ صَلَوَاتٌ وَ رَحْمَةٌ وَ مَغْفِرَةٌ. اللَّهُمَّ اجْعَلْ مَحْيَايَ مَحْيَا مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ مَمَاتِي مَمَاتَ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَ آلِهِ. اللَّهُمَّ إنَّ هَذَا يَوْمٌ تَبَرَّكَتْ بِهِ بَنُو أُمَيَّةَ وَ ابْنُ آكِلَةِ الْأكْبَادِ اللَّعِينُ بْنُ اللَّعِينِ عَلَى لِسَانِكَ وَ لِسَانِ نَبِيِّكَ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي كُلِّ مَوْطِنٍ وَ مَوْقِفٍ وَقَفَ فِيهِ نَبِيُّكَ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ (صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَ آلِهِ). اللَّهُمَّ الْعَنْ أبَاسُفْيَانَ وَ مُعَاوِيَةَ (ابْنَ أبِي سُفْيَانَ)(7) وَ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ (وَ مَرْوَانَ)(8) (وَ آلَ مَرْوَانَ)(9) عَلَيْهِمْ مِنْكَ اللَّعْنَةُ أبَدَ الْآبِدِينَ وَ هَذَا يَوْمٌ فَرِحَتْ بِهِ(10) آلُ زِيَادٍ وَ آلُ مَرْوَانَ (عَلَيْهِمُ اللَّعْنَةُ) بِقَتْلِهِمُ الْحُسَيْنَ عَلَيْهِ السَّلَامُ(11) . اللَّهُمَّ
ص: 157
فَضَاعِفْ عَلَيْهِمُ اللَّعْنَ (مِنْكَ)(1) وَ الْعَذَابَ (الألِيمَ)(2) . اللَّهُمَّ إنِّي أتَقَرَّبُ إلَيْكَ فِي هَذَا الْيَوْمِ وَ فِي مَوْقِفِي هَذَا وَ أيَّامِ حَيَاتِي بِالْبَرَاءَةِ مِنْهُمْ وَ اللَّعْنَةِ عَلَيْهِمْ وَ بِالْمُوَالَاةِ لِنَبِيِّكَ وَ آلِ نَبِيِّكَ عَلَيْهِ وَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ.
ثُمَّ تَقُولُ:
اللَّهُمَّ الْعَنْ أوَّلَ ظَالِمٍ(3) ظَلَمَ حَقَّ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ آخِرَ تَابِعٍ لَهُ عَلَى ذَلِكَ. اللَّهُمَّ الْعَنِ الْعِصَابَةَ الَّتِي جَاهَدَتِ الْحُسَيْنَ (عَلَيْهِ الصَّلوةُ وَ السَّلَامُ) وَشَايَعَتْ وَ بَايَعَتْ(4) عَلَى قَتْلِهِ اللَّهُمَّ الْعَنْهُمْ جَمِيعاً.
تَقُولُ ذَلِكَ مِائَةَ مَرَّةٍ(5). ثُمَّ تَقُولُ:
السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أبَا عَبْدِ اللَّهِ وَ عَلَى الْأرْوَاحِ الَّتِي حَلَّتْ بِفِنَائِكَ (وَ أنَاخَتْ بِرَحْلِكَ)(6) ، عَلَيْكَ مِنِّي سَلَامُ اللَّهِ (أبَداً)(7) مَا بَقِيتُ وَ بَقِيَ اللَّيْلُ وَ النَّهَارُ وَ لَاجَعَلَهُ اللَّهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنِّي لِزِيَارَتِكُمْ(8) (أهْلِ الْبَيْتِ). السَّلَامُ عَلَى (الْحَسَنِ
ص: 158
وَ) الْحُسَيْنِ وَ عَلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (وَ عَلَى أوْلَادِ الْحُسَيْنِ)(1) وَ عَلَى أصْحَابِ الْحُسَيْنِ (ألَّذِينَ بَذَلُوا مُهَجَهُمْ(2) دُونَ الْحُسَيْنِ).
تَقُولُ ذَلِكَ مِائَةَ مَرَّةٍ. ثُمَّ تَقُولُ:
اللَّهُمَّ خُصَّ أنْتَ أوَّلَ ظَالِمٍ بِاللَّعْنِ مِنِّي وَ ابْدَأْ بِهِ أوَّلًا ثُمَّ الثَّانِيَ وَ الثَّالِثَ وَ الرَّابِعَ(3) ، اللَّهُمَّ الْعَنْ يَزِيدَ (بْنَ مُعَاوِيَةَ)(4) خَامِساً وَ الْعَنْ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ وَ ابْنَ مَرْجَانَةَ وَ عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ وَ شِمْراً(5) (وَ سَنَاناً)(6) وَ آلَ أبي سُفْيَانَ وَ آلَ زِيَادٍ وَ آلَ مَرْوَانَ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
ثُمَّ تَسْجُدُ وَ تَقُولُ:
اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ حَمْدَ الشَّاكِرِينَ لَكَ عَلَى مُصَابِهِمْ، الْحَمْدُلِلَّهِ عَلَى عَظِيمِ رَزِيَّتِي. اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي شَفَاعَةَ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ لسَّلَامُ يَوْمَ الْوُرُودِ وَ ثَبِّتْ لِي قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَكَ مَعَ الْحُسَيْنِ (وَ أوْلَادِ الْحُسَيْنِ)(7) وَ أصْحَابِ الْحُسَيْنِ، الَّذِينَ
ص: 159
بَذَلُوا مُهَجَهُمْ(1) دُونَ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
قَالَ عَلْقَمَةُ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ:
(وَ) إنِ اسْتَطَعْتَ أنْ تَزُورَهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ بِهَذِهِ الزِّيارَةِ مِنْ(2) دَارِكَ فَافْعَلْ فَلَكَ ثَوَابُ جَمِيعِ ذَلِكَ.(3)
ص: 160
ص: 161
ص: 162
قال الامام الصادق علیه السلام مَنْ يَدْعُو لِزُوَّارِهِ فِي السَّمَاءِ أَكْثَرُ مِمَّنْ يَدْعُو لَهُمْ فِي الْأَرْضِ
ص: 163
ص: 164
ص: 165
ص: 166
المزار القديم لِ-؟: عن علقمة بن محمّد الحضرميّ عن أبي جعفر الباقر عليه السّلام قال فيه:
مَنْ أرَادَ زِيَارَةَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أبِي طَالِبٍ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَ هُوَ الْيَوْمُ الْعَاشِرُ مِنَ الْمُحَرَّمِ، فَيَظَلُّ فِيهِ بَاكِياً مُتَفَجِّعاً حَزِيناً، لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بِثَوَابِ ألْفَيْ حَجَّةٍ وَ ألْفَيْ عُمْرَةٍ وَ ألْفَيْ غَزْوَةٍ، ثَوَابُ كُلِّ حَجَّةٍ وَ عُمْرَةٍ وَ غَزْوَةٍ كَثَوَابِ مَنْ حَجَّ وَ اعْتَمَرَ وَ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ مَعَ الْأئِمَّةِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ.
قَالَ عَلْقَمَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَضْرَمِيُّ: قُلْتُ لِأبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ! فَمَا يَصْنَعُ مَنْ كَانَ فِي بُعْدِ الْبِلَادِ وَ أقَاصِيهَا وَ لَمْ يُمْكِنْهُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ؟ قَالَ:
إذَا كَانَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ - يَعْنِي يَوْمَ عَاشُورَاءَ- فَلْيَغْتَسِلْ مَنْ أحَبَّ مِنَ النَّاسِ أنْ يَزُورَهُ مِنْ أقَاصِي الْبِلَادِ أوْ قَرِيبِهَا، فَلْيَبْرُزْ إلَى الصَّحْرَاءِ أوْ يَصْعَدُ سَطْحَ دَارِهِ، فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ يَقْرَأُ فِيهِمَا سُورَةَ الْإخْلَاصِ، فَإذَا سَلَّمَ، أوْمَأ إلَيْهِ بِالسَّلَامِ وَ يَقْصِدُ إلَيْهِ بِتَسْلِيمِهِ وَ إشَارَتِهِ وَ نِيَّتِهِ إلَى الْجِهَةِ الَّتِي فِيهَا أبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ.
قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ثُمَّ تَقُولُ وَ أنْتَ خَاشِعٌ مُسْتَكِينٌ:
السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ الْبَشِيرِ النَّذِيرِ، وَ ابْنَ سَيِّدِ الْوَصِيِّينَ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ فَاطِمَةَ سَيِّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ، السَّلَامُ
ص: 167
عَلَيْكَ يَا خِيَرَةَ اللَّهِ وَ ابْنَ خِيَرَتِهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ثَارَ اللَّهِ وَ ابْنَ ثَارِهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أيُّهَا الْوِتْرُ الْمَوْتُورُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أيُّهَا الْإمَامُ الْهَادِي الزَّكِيُّ و عَلَى أرْوَاحٍ حَلَّتْ بِفِنَائِكَ وَ أقَامَتْ فِي جِوَارِكَ وَ وَفَدَتْ مَعَ زُوَّارِكَ، السَّلَامُ عَلَيْكَ مِنِّي مَا بَقِيتُ وَ بَقِيَ اللَّيْلُ وَ النَّهَارُ. فَلَقَدْ عَظُمَتْ بِكَ الرَّزِيَّةُ وَ جَلَّتْ فِي الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُسْلِمِينَ وَ فِي أهْلِ السَّمَاوَاتِ وَ أهْلِ الْأرَضِينَ أجْمَعِينَ. فَإنَّا لِلَّهِ وَ إنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ وَ تَحِيَّاتُهُ عَلَيْكَ يَاأبَاعَبْدِاللَّهِ الْحُسَيْنَ وَ عَلَى آبَائِكَ الطَّيِّبِينَ الْمُنْتَجَبِينَ وَ عَلَى ذُرِّيَّاتِكُمُ الْهُدَاةِ الْمَهْدِيِّينَ. لَعَنَ اللَّهُ أُمَّةً خَذَلَتْكَ وَ تَرَكَتْ نُصْرَتَكَ وَ مَعُونَتَكَ، وَ لَعَنَ اللَّهُ أُمَّةً أسَّسَتْ أسَاسَ الظُّلْمِ لَكُمْ وَ مَهَّدَتِ الْجَوْرَ عَلَيْكُمْ وَ طَرَّقَتْ إلَى أذِيَّتِكُمْ وَ تَحَيُّفِكُمْ وَ جَارَتْ ذَلِكَ فِي دِيَارِكُمْ وَ أشْيَاع ِكُمْ، بَرِئْتُ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ و إلَيْكُمْ يَا سَادَاتِي وَ مَوَالِيَّ وَ أئِمَّتِي مِنْهُمْ وَ مِنْ أشْيَاعِهِمْ وَ أتْبَاعِهِمْ. وَ أسْألُ اللَّهَ الَّذِي أكْرَمَ يَا مَوَالِيَّ مَقَامَكُمْ وَ شَرَّفَ مَنْزِلَتَكُمْ وَ شَأْنَكُمْ أنْ يُكْرِمَنِي بِوَلَايَتِكُمْ وَ مَحَبَّتِكُمْ وَ الِائْتِمَامِ بِكُمْ وَ الْبَرَائَةِ مِنْ أعْدَائِكُمْ. وَ أسْألُ اللَّهَ الْبَرَّ الرَّحِيمَ أنْ يَرْزُقَنِي مَوَدَّتَكُمْ وَ أنْ يُوَفِّقَنِي لِلطَّلَبِ بِثَارِكُمْ مَعَ الْإمَامِ الْمُنْتَظَرِ الْهَادِي مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أنْ يَجْعَلَنِي مَعَكُمْ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ وَ أنْ يُبَلِّغَنِي الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ. وَ أسْألُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بِحَقِّكُمْ وَ بِالشَّأْنِ الَّذِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ أنْ يُعْطِيَنِي بِمُصَابِي بِكُمْ أفْضَلَ مَا أعْطَى مُصَاباً بِمُصِيبَةٍ. إنَّا لِلَّهِ وَ إنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ، يَا لَهَا مِنْ مُصِيبَةٍ مَا أفْجَعَهَا وَ أنْكَاهَا لِقُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُسْلِمِينَ، فَإنَّا لِلَّهِ وَ إنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ. اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَم َّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ اجْعَلْنِي فِي مَقَامِي مِمَّنْ تَنَالُهُ مِنْكَ صَلَاةٌ
ص: 168
وَ رَحْمَةٌ وَ مَغْفِرَةٌ، وَ اجْعَلْنِي عِنْدَكَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ وَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ، فَإنِّي أتَقَرَّبُ إلَيْكَ بِمُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ. اللَّهُمَّ وَ إنِّي أتَوَسَّلُ وَ أتَوَجَّهُ بِصَفْوَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ وَ خِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ وَ الطَّيِّبِينَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا. اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ اجْعَلْ مَحْيَايَ مَحْيَاهُمْ وَ مَمَاتِي مَمَاتَهُمْ وَ لَا تُفَرِّقْ بَيْنِي وَ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ، إنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ. اللَّهُمَّ وَ هَذَا يَوْمٌ تُجَدِّدُ فِيهِ النَّقِمَةَ وَ تُنَزِّلُ فِيهِ اللَّعْنَةَ عَلَى اللَّعِينِ يَزِيدَ وَ عَلَى آلِ يَزِيدَ وَ عَلَى آلِ زِيَادٍ وَ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ وَ الشِّمْرِ. اللَّهُمَّ الْعَنْهُمْ وَ الْعَنْ مَنْ رَضِيَ بِقَوْلِهِمْ وَ فِعْلِهِمْ مِنْ أوَّلٍ وَ آخِرٍ، لَعْناً كَثِيراً وَ أصْلِهِمْ حَرَّ نَارِكَ وَ أسْكِنْهُمْ جَهَنَّمَ وَ سَاءَتْ مَصِيراً وَ أوْجِبْ عَلَيْهِمْ وَ عَلَى كُلِّ مَنْ شَايَعَهُمْ وَ بَايَعَهُمْ وَ تَابَعَهُمْ وَسَاعَدَهُمْ وَ رَضِيَ بِفِعْلِهِمْ وَ افْتَحْ لَهُمْ وَ عَلَيْهِمْ وَ عَلَى كُلِّ مَنْ رَضِيَ بِذَلِكَ لَعَنَاتِكَ الَّتِي لَعَنْتَ بِهَا كُلَّ ظَالِمٍ وَ كُلَّ غَاصِبٍ وَ كُلَّ جَاحِدٍ وَ كُلَّ كَافِرٍ وَ كُلَّ مُشْرِكٍ وَ كُلَّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ وَ كُلَّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ. اللَّهُمَّ الْعَنْ يَزِيدَ وَ آلَ يَزِيدَ وَ بَنِي مَرْوَانَ جَمِيعاً. اللَّهُمَّ وَ ضَعِّفْ غَضَبَكَ وَ سَخَطَكَ وَ عَذَابَكَ وَ نَقِمَتَكَ عَلَى أوَّلِ ظَالِمٍ ظَلَمَ أهْلَ بَيْتِ نَبِيِّكَ. اللَّهُمَّ وَ الْعَنْ جَمِيعَ الظَّالِمِينَ لَهُمْ وَ انْتَقِمْ مِنْهُمْ، إنَّكَ ذُو نَقِمَةٍ مِنَ الْمُجْرِمِينَ. اللَّهُمَّ وَ الْعَنْ أوَّلَ ظَالِمٍ ظَلَمَ آلَ بَيْتِ مُحَمَّدٍ وَ الْعَنْ أرْوَاحَهُمْ وَ دِيَارَهُمْ وَ قُبُورَهُمْ. وَ الْعَنِ اللَّهُمَّ الْعِصَابَةَ الَّتِي نَازَلَتِ الْحُسَيْنَ ابْنَ بِنْتِ نَبِيِّكَ وَحَارَبَتْهُ وَ قَتَلَتْ أصْحَابَهُ وَ أنْصَارَهُ وَ أعْوَانَهُ وَ أوْلِيَاءَهُ وَ شِيعَتَهُ وَمُحِبِّيهِ وَ أهْلَ بَيْتِهِ وَ ذُرِّيَّتِهِ. وَ الْعَنِ اللَّهُمَّ الَّذِينَ نَهَبُوا مَالَهُ وَ سَبَوْا حَرِيمَهُ وَ لَمْ يَسْمَعُوا كَلَامَهُ وَ لَا مَقَالَهُ. اللَّهُمَّ
ص: 169
وَ الْعَنْ كُلَّ مَنْ بَلَغَهُ ذَلِكَ فَرَضِيَ بِهِ مِنَ الْأوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ وَ الْخَلَائِقِ أجْمَعِينَ إلَى يَوْمِ الدِّينِ. السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أبَا عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنَ وَ عَلَى مَنْ سَاعَدَكَ وَ عَاوَنَكَ وَ وَاسَاكَ بِنَفْسِهِ وَ بَذَلَ مُهْجَتَهُ فِي الذَّبِّ عَنْكَ. السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مَوْلَايَ وَ عَلَيْهِمْ وَ عَلَى رَوْحِكَ وَ عَلَى أرْوَاحِهِمْ وَ عَلَى تُرْبَتِكَ وَ عَلَى تُرْبَتِهِمْ. اللَّهُمَّ لَقِّهِمْ رَحْمَةً وَ رِضْوَاناً وَ رَوْحاً وَ رَيْحَاناً. السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مَوْلَايَ يَا أبَا عَبْدِ اللَّهِ، يَا ابْنَ خَاتِمِ النَّبِيِّينَ وَ يَا ابْنَ سَيِّدِ الْوَصِيِّينَ وَ يَا ابْنَ سَيِّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا شَهِيدُ، يَا ابْنَ الشَّهِيدِ. اللَّهُمَّ بَلِّغْهُ عَنِّي فِي هَذِهِ السَّاعَةِ وَ فِي هَذَا الْيَوْمِ وَ فِي هَذَا الْوَقْتِ وَ كُلِّ وَقْتٍ تَحِيَّةً وَ سَلَاماً. السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ سَيِّدِ الْعَالَمِينَ وَ عَلَى الْمُسْتَشْهَدِينَ مَعَكَ، سَلَاماً مُتَّصِلًا مَا اتَّصَلَ اللَّيْلُ وَ النَّهَارُ. السَّلَامُ عَلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ الشَّهِيدِ. السَّلَامُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ الشَّهِيدِ، السَّلَامُ عَلَى الْعَبَّاسِ بْنِ أمِيرِالْمُؤْمِنِينَ الشَّهِيدِ. السَّلَامُ عَلَى الشُّهَدَاءِ مِنْ وُلْدِ أمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، السَّلَامُ عَلَى الشُّهَدَاءِ مِنْ وُلْدِ جَعْفَرٍ وَ عَقِيلٍ، السَّلَامُ عَلَى كُلِّ مُسْتَشْهَدٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ بَلِّغْهُمْ عَنِّي تَحِيَّةً. السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ عَلَيْكَ السَّلَامُ وَ رَحْمَةُاللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، أحْسَنَ اللَّهُ
ص: 170
لَكَ الْعَزَاءَ فِي وَلَدِكَ الْحُسَيْنُ. السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أبَا الْحَسَنِ يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَ عَلَيْكَ السَّلَامُ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، أحْسَنَ اللَّهُ لَكَ الْعَزَاءَ فِي وَلَدِكَ الْحُسَيْنِ. السَّلَامُ عَلَيْكِ يَا فَاطِمَةُ يَا بِنْتَ رَسُولِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَ عَلَيْكِ السَّلَامُ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، أحْسَنَ اللَّهُ لَكِ الْعَزَاءَ فِي وَلَدِكِ الْحُسَيْنِ. السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أبَامُحَمَّدٍ الْحَسَنَ وَ عَلَيْكَ السَّلَامُ وَ رَحْمَةُاللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، أحْسَنَ اللَّهُ لَكَ الْعَزَاءَ فِي أخِيكَ الْحُسَيْنِ. السَّلَامُ عَلَى أرْوَاحِ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ الْأحْيَاءِ مِنْهُمْ وَ الْأمْوَاتِ وَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، أحْسَنَ اللَّهُ لَهُمُ الْعَزَاءَ فِي مَوْلَاهُمُ الْحُسَيْنِ. اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنَ الطَّالِبِينَ بِثَأْرِهِ مَعَ إمَامٍ عَدْلٍ تُعِزُّ بِهِ الْإسْلَامَ وَ أهْلَهُ، يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.
ثُمَّ اسْجُدْ وَ قُلْ:
اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى مَا نَابَ مِنْ خَطْبٍ، وَ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى كُلِّ أمْرٍ، وَ إلَيْكَ الْمُشْتَكَى فِي عَظِيمِ الْمُهِمَّاتِ بِخِيَرَتِكَ وَ أوْلِيَائِكَ وَ ذَلِكَ لِمَا أوْجَبْتَ لَهُمْ مِنَ الْكَرَامَةِ وَ الْفَضْلِ الْكَثِيرِ. اللَّهُمَ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ ارْزُقْنِي شَفَاعَةَ الْحُسَيْنِ يَوْمَ الْوُرُودِ وَ الْمَقَامَ الْمَشْهُودَ وَ الْحَوْضَ الْمَوْرُودَ، وَ اجْعَلْ لِي قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَكَ مَعَ الْحُسَيْنِ وَ أصْحَابِ الْحُسَيْنِ الَّذِينَ وَاسَوْهُ بِأنْفُسِهِمْ وَ بَذَلُوا دُونَهُ مُهَجَهُمْ وَ جَاهَدُوا مَعَهُ أعْدَاءَكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِكَ وَ رَجَائِكَ وَ تَصْدِيقاً بِوَعْدِكَ وَ خَوْفاً مِنْ وَعِيدِكَ إنَّكَ لَطِيفٌ لِمَا تَشَاءُ يَا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
قَالَ الصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: هَذِهِ الزِّيَارَةُ يُزَارُ بِهَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ مِنْ عِنْدِ رَأْسِ أمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ.
قَالَ عَلْقَمَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَضْرَمِيُّ عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ:
إنِ اسْتَطَعْتَ يَا عَلْقَمَةُ أنْ تَزُورَهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ بِهَذِهِ الزِّيَارَةِ فِي دَارِكَ وَ نَاحِيَتِكَ وَ حَيْثُ كُنْتَ مِنَ الْبِلَادِ فِي أرْضِ اللَّهِ فَافْعَلْ ذَلِكَ، وَ لَكَ ثَوَابُ جَمِيعِ ذَلِكَ، فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ عَلَى قَاتِلِهِ وَ عَدُوِّهِ، وَ يَكُونُ فِي صَدْرِ
ص: 171
النَّهَارِ قَبْلَ الزَّوَالِ. يَاعَلْقَمَةُ! وَ انْدُبُوا الْحُسَيْنَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ ابْكُوهُ وَ لْيَأْمُرْ أحَدُكُمْ مَنْ فِي دَارِهِ بِالْبُكَاءِ عَلَيْهِ، وَ لْيُقِمْ عَلَيْهِ فِي دَارِهِ الْمُصِيبَةَ بِإظْهَارِ الْجَزَعِ وَ الْبُكَاءِ، وَ تَلَاقَوْا يَوْمَئِذٍ بِالْبُكَاءِ بَعْضُكُمْ إلَى بَعْضٍ فِي الْبُيُوتِ، وَ حَيْثُ تَلَاقَيْتُمْ وَ لْيُعَزِّ بَعْضُكُمْ بَعْضاً بِمُصَابِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
قُلْتُ: أصْلَحَكَ اللَّهُ، كَيْفَ يُعَزِّي بَعْضُنَا بَعْضاً؟ قَالَ:
تَقُولُونَ " أحْسَنَ اللَّهُ أُجُورَنَا بِمُصَابِنَا بِأبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ جَعَلَنَا مِنَ الطَّالِبِينَ بِثَأْرِهِ مَعَ الْإمَامِ الْمَهْدِيِّ إلَى الْحَقِّ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ ". وَ إنِ اسْتَطَاعَ أحَدُكُمْ أنْ لَايَمْضِيَ يَوْمَهُ فِي حَاجَةٍ فَافْعَلُوا، فَإنَّهُ يَوْمٌ نَحْسٌ لَا تُقْضَى فِيهِ حَاجَةُ مُؤْمِنٍ، وَ إنْ قُضِيَتْ لَمْ يُبَارَكْ فِيهَا، وَلَمْ يُرْشَدْ، وَ لَا يَدَّخِرَنَّ أحَدُكُمْ لِمَنْزِلِهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ شَيْئاً، فَإنَّهُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يُبَارَكْ فِيهِ.
قَالَ الْبَاقِرُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أنَا ضَامِنٌ لِمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَا تَقَدَّمَ بِهِ الذِّكْرُ مِنْ عَظِيمِ الثَّوَابِ وَ حَشَرَهُ اللَّهُ فِي جُمْلَةِ الْمُسْتَشْهَدِينَ مَعَ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ.(1)
ص: 172
قال الامام الصادق علیه السلام و ارحم تلك الصّرخة التی کانت لنا
ص: 173
ص: 174
ص: 175
ص: 176
كتاب المزار لشيخ الطائفة الحقّة و فقيهها أبي عبد الله محمّد بن محمّد بن النعمان العكبري البغدادي المفيد قدس سره المتوفّي سنة 413 ه.ق- علي ما نقله عنه العلامة محمّدباقر بن محمّد تقي المجلسي قدس سرهما المتوفّي سنة 1111 ه.ق- قال: أورد الشيخ المفيد رحمه الله هذه الزيارة بأدني تغييرمع زيادات، فنتببع لفظه لأنّه أسبق و أوثق، قالرحمه الله:
تَتِمَّةٌ فِي ذِكْرِ زِيَارَةِ مَوْلَانَا أبِي الْحَسَنِ أمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ أبِي عَبْدِاللَّهِ الْحُسَيْنِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا جَمِيعاً وَ هِيَ مَرْوِيَّةٌ عَنْ أبِي عَبْدِاللَّهِ عَلَيْهِ السَّلامُ: إذَا أرَدْتَ ذَلِكَ: فَقِفْ مُتَوَجِّهاً إلَى قَبْرِ أمِيرِالْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ قُلِ:
السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّه...
وَ قُلْ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، عَلَيْكَ مِنِّي سَلَامُ اللَّهِ أبَداً مَا بَقِيتُ وَ بَقِيَ اللَّيْلُ وَ النَّهَارُ.
ثُمَّ أوْمِئْ إلَى الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلامُ وَ قُلْ:
السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أبَا عَبْدِ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، أتَيْتُكُمَا زَائِراً وَ مُتَوَسِّلًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى رَبِّي وَ رَبِّكُمَا، وَ مُتَوَجِّهاً إلَى اللَّهِ بِكُمَا، (وَ)(1) مُسْتَشْفِعاً بِكُمَا إلَى اللَّهِ فِي حَاجَتِي هَذِهِ، فَاشْفَعَا لِي، فَإنَّ لَكُمَا عِنْدَ اللَّهِ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ وَ الْجَاهَ الْوَجِيهَ وَ الْمَنْزِلَ الرَّفِيعَ وَ الْوَسِيلَةَ، إنِّي أنْقَلِبُ
ص: 177
عَنْكُمَا مُنْتَظِراً لِتَنَجُّزِ الْحَاجَةِ وَ قَضَائِهَا وَ نَجَاحِهَا مِنَ اللَّهِ بِشَفَاعَتِكُمَا لِي إلَى اللَّهِ فِي ذَلِكَ، فَلَا أخِيبُ وَ لَا يَكُونُ مُنْقَلَبِي عَنْكُمَا مُنْقَلَباً خَاسِراً، بَلْ يَكُونُ مُنْقَلَبِي مُنْقَلَباً رَاجِحاً مُفْلِحاً مُنْجِحاً مُسْتَجَاباً لِي بِقَضَاءِ جَمِيعِ الْحَوَائِجِ، فَاشْفَعَا لِي، أنْقَلِبُ عَلَى مَا شَاءَ اللَّهُ، لَاحَوْلَ وَ قُوَّةَ إلَّا بِاللَّهِ، مُفَوِّضاً أمْرِي إلَى اللَّهِ، مُلْجِئاً ظَهْرِي إلَى اللَّهِ، مُتَوَكِّلاً عَلَى اللَّهِ، وَ أقُولُ حَسْبِيَ اللَّهُ وَ كَفَى، سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ دَعَا لَيْسَ وَرَاءَاللَّهِ وَ وَرَاءَكُمْ يَا سَادَتِي مُنْتَهًى مَا شَاءَ اللَّهُ رَبِّي كَانَ وَ مَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ. يَا سَيِّدِي يَا أمِيرَالْمُؤْمِنِينَ وَ مَوْلَايَ وَ أنْتَ يَا أبَا عَبْدِ اللَّهِ، سَلَامِي عَلَيْكُمَا مُتَّصِلٌ مَا اتَّصَلَ اللَّيْلُ وَ النَّهَارُ، وَاصِلٌ إلَيْكُمَا غَيْرُ مَحْجُوبٍ عَنْكُمَا سَلَامِي إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَ أسْألُهُ بِحَقِّكُمَا أنْ يَشَاءَ ذَلِكَ وَ يَفْعَلَ فَإنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ. أنْقَلِبُ يَا سَيِّدَيَّ عَنْكُمَا تَائِباً حَامِداً لِلَّهِ شَاكِراً رَاضِياً (رَاجِياً)(1) مُسْتَيْقِناً لِلْإجَابَةِ غَيْرَ آيِسٍ وَ لَا قَانِطٍ، عَائِداً رَاجِعاً إلَى زِيَارَتِكُمَا غَيْرَ رَاغِبٍ عَنْكُمَا بَلْ رَاجِعٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى إلَيْكُمَا، يَا سَادَاتِي رَغِبْتُ إلَيْكُمَا بَعْدَ أنْ زَهِدَ فِيكُمَا وَ فِي زِيَارَتِكُمَا أهْلُ الدُّنْيَا فَلَا يُخَيِّبُنِي اللَّهُ فِيمَا رَجَوْتُ وَ مَا أمَّلْتُ فِي زِيَارَتِكُمَا، إنَّهُ قَرِيبٌ مُجِيبٌ.
ثُمَّ اسْتَقْبِلْ(2) إلَى الْقِبْلَةِ وَ قُلْ:
يَا اللَّهُ يَا اللَّهُ، يَا مُجِيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرِّينَ، وَ يَا كَاشِفَ كَرْبِ(3) الْمَكْرُوبِينَ، وَ يَا غِيَاثَ الْمُسْتَغِيثِينَ، وَ يَا صَرِيخَ الْمُسْتَصْرِخِينَ، وَ يَا مَنْ هُوَ أقْرَبُ إلَيَّ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ. يَا مَنْ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَ قَلْبِهِ (وَ يَا مَنْ هُوَ بِالْمَنْظَرِ
ص: 178
الْأعْلى وَ بِالْاُفُقِ الْمُبِينِ)(1) ، وَ يَا مَنْ هُوَ الرَّحْمَانُ الرَّحِيمُ، يَا مَنْ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى، يَا مَنْ يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأعْيُنِ وَ ما تُخْفِي الصُّدُورُ، وَ يَا مَنْ لَا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ. يَا مَنْ لَا تَشْتَبِهُ عَلَيْهِ الْأصْوَاتُ، يَا مَنْ لَا تُغَلِّطُهُ الْحَاجَاتُ، يَا مَنْ لَا يُبْرِمُهُ إلْحَاحُ الْمُلِحِّينَ، يَا مُدْرِكَ كُلِّ فَوْتٍ، يَا جَامِعَ كُلِّ شَمْلٍ، يَا بَارِئَ النُّفُوسِ بَعْدَ الْمَوْتِ، يَا مَنْ هُوَ كُلُّ يَوْمٍ فِي شَأْنٍ، يَا قَاضِيَ الْحَاجَاتِ، يَا مُنَفِّسَ الْكُرُبَاتِ، يَا مُعْطِيَ السُؤُلَاتِ، يَا وَلِيَّ الرَّغَبَاتِ، يَا كَافِيَ الْمُهِمَّاتِ، يَا مَنْ يَكْفِي مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ وَ لَا يَكْفِي مِنْهُ شَيْ ءٌ فِي السَّمَاوَاتِ وَ الْأرْضِ. أسْألُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ أمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ بِحَقِّ فَاطِمَةَ بِنْتِ نَبِيِّكَ وَ بِحَقِّ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ، فَإنِّي بِهِمْ أتَوَجَّهُ إلَيْكَ فِي مَقَامِي هَذَا، وَ بِهِمْ أتَوَسَّلُ وَ بِهِمْ أسْتَشْفِعُ إلَيْكَ، وَ بِحَقِّهِمْ أسْألُكَ وَ أُقْسِمُ وَ أعْزِمُ عَلَيْكَ، وَ بِالشَّأْنِ الَّذِي لَهُمْ عِنْدَكَ، وَ بِالَّذِي فَضَّلْتَهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ، وَ بِاسْمِكَ الَّذِي جَعَلْتَهُ عِنْدَهُمْ وَ بِهِ خَصَصْتَهُمْ دُونَ الْعَالَمِينَ وَ بِهِ أبَنْتَهُمْ وَ أبَنْتَ فَضْلَهُمْ مِنْ كُلِّ فَضْلٍ، حَتَّى فَاقَ فَضْلُهُمْ فَضْلَ الْعَالَمِينَ جَمِيعاً. وَ أسْألُكَ أنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ أنْ تَكْشِفَ عَنِّي غَمِّي وَ هَمِّي وَ كَرْبِي وَ أنْ تَكْفِيَنِي الْمُهِمَّ مِنْ أمْرِي(2) وَ تَقْضِيَ عَنِّي دَيْنِي وَ تُجِيرَنِي مِنَ الْفَقْرِ وَ الْفَاقَةِ وَ تُغْنِيَنِي عَنِ الْمَسْألَةِ إلَى الْمَخْلُوقِينَ. وَ تَكْفِيَنِي هَمَّ مَنْ أخَافُ هَمَّهُ وَ عُسْرَ مَنْ أخَافُ عُسْرَهُ وَ حُزُونَةَ مَنْ أخَافُ حُزُونَتَهُ وَ شَرَّ مَنْ أخَافُ شَرَّهُ وَ مَكْرَ مَنْ أخَافُ مَكْرَهُ وَ بَغْيَ مَنْ أخَافُ بَغْيَهُ وَ جَوْرَ مَنْ أخَافُ جَوْرَهُ وَ سُلْطَانَ مَنْ أخَافُ سُلْطَانَهُ وَ كَيْدَ مَنْ أخَافُ كَيْدَهُ، وَ اصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُ
ص: 179
وَ مَكْرَهُ وَ مَقْدُرَةَ مَنْ أخَافُ مَقْدُرَتَهُ عَلَيَّ وَ تَرُدَّ عَنِّي كَيْدَ الْكَيَدَةِ وَ مَكْرَ الْمَكَرَةِ. اللَّهُمَّ مَنْ أرَادَنِي بِسُوءٍ فَأرِدْهُ، وَ مَنْ كَادَنِي فَكِدْهُ، وَ اصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُ وَ بَأْسَهُ وَ أمَانِيَّهُ، وَ امْنَعْهُ عَنِّي كَيْفَ شِئْتَ وَ أنَّى شِئْتَ. اللَّهُمَّ اشْغَلْهُ عَنِّي بِفَقْرٍ لَا تَجْبُرُهُ وَ بَلَاءٍ لَا تَسْتُرُهُ وَ بِفَاقَةٍ لَاتَسُدُّهَا وَ بِسُقْمٍ لَا تُعَافِيهِ وَ بِذُلٍّ لَا تُعِزُّهُ وَ مَسْكَنَةٍ لَا تَجْبُرُهَا. اللَّهُمَّ اجْعَلِ الذُّلَّ نُصْبَ عَيْنَيْهِ وَ أدْخِلِ (عَلَيْهِ) الْفَقْرَ فِي مَنْزِلِهِ وَ السُّقْمَ فِي بَدَنِهِ حَتَّى تَشْغَلَهُ عَنِّي بِشُغُلٍ شَاغِلٍ لَا فَرَاغَ لَهُ، وَ أنْسِهِ ذِكْرِي كَمَا أنْسَيْتَهُ ذِكْرَكَ، وَ خُذْ عَنِّي بِسَمْعِهِ وَ بَصَرِهِ وَ لِسَانِهِ وَ يَدِهِ وَ رِجْلِهِ وَ قَلْبِهِ وَ جَمِيعِ جَوَارِحِهِ، وَ أدْخِلْ عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ السُّقْمَ وَ لَا تَشْفِهِ حَتَّى تَجْعَلَ لَهُ ذَلِكَ شُغُلًا شَاغِلًا عَنِّي وَ عَنْ ذِكْرِي، وَ اكْفِنِي يَا كَافِيَ مَا لَا يَكْفِي سِوَاكَ. يَا مُفَرِّجَ مَنْ لَا مُفَرِّجَ لَهُ سِوَاكَ، وَ مُغِيثَ مِنْ لَا مُغِيثَ لَهُ سِوَاكَ، وَ جَارَ مَنْ لَا جَارَ لَهُ سِوَاكَ، وَ مَلْجَأ مَنْ لَا مَلْجَأ لَهُ غَيْرُكَ، أنْتَ ثِقَتِي وَ رَجَائِي وَ مَفْزَعِي وَ مَهْرَبِي وَ مَلْجَئِي وَ مَنْجَايَ، فَبِكَ أسْتَفْتِحُ وَ بِكَ أسْتَنْجِحُ وَ بِمُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ أتَوَجَّهُ إلَيْكَ وَ أتَوَسَّلُ وَ أتَشَفَّعُ. يَا اللَّهُ يَا اللَّهُ يَا اللَّهُ، وَ لَكَ الْحَمْدُ وَ لَكَ الْمِنَّةُ وَ إلَيْكَ الْمُشْتَكَى وَ أنْتَ الْمُسْتَعَانُ. فَأسْألُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ أنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَ أنْ تَكْشِفَ عَنِّي غَمِّي وَ هَمِّي وَ كَرْبِي فِي مَقَامِي هَذَا كَمَا كَشَفْتَ عَنْ نَبِيِّكَ غَمَّهُ وَ كَرْبَهُ وَ هَمَّهُ وَ كَفَيْتَهُ هَوْلَ عَدُوِّهِ، فَاكْشِفْ عَنِّي كَمَا كَشَفْتَ عَنْهُ وَ فَرِّجْ عَنِّي كَمَا فَرَّجْتَ عَنْهُ، وَ اكْفِنِي كَمَا كَفَيْتَهُ، وَ اصْرِفْ عَنِّي هَوْلَ مَا أخَافُ هَوْلَهُ وَ مَئُونَةَ مَنْ
ص: 180
أخَافُ مَئُونَتَهُ وَ هَمَّ مَنْ أخَافُ هَمَّهُ بِلَا مَئُونَةٍ عَلَى نَفْسِي مِنْ ذَلِكَ، وَ اصْرِفْنِي بِقَضَاءِ حَاجَتِي وَ كِفَايَةِ مَا أهَمَّنِي هَمُّهُ مِنْ أمْرِ دُنْيَايَ وَ آخِرَتِي يَا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
ثُمَّ تَلْتَفِتُ إلَى أمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ تَقُولُ:
السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أمِيرَالْمُؤْمِنِينَ وَ السَّلَامُ عَلَى أبِي عَبْدِاللَّهِ الْحُسَيْنِ مَا بَقِيتُ وَ بَقِيَ اللَّيْلُ وَ النَّهَارُ وَ لَا جَعَلَهُ اللَّهُ آخِرَالْعَهْدِ مِنِّي لِزِيَارَتِكُمَا وَ لَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمَا.
ثُمَّ تَنْصَرِفُ.(1)
ص: 181
ص: 182
قال شيخ الطّائفة الحقّة أبوجعفر محمّد بن الحسن الطّوسي قدس سره: و روي محمّد بن خالد الطّيالسي عن سيف بن عميرة قال خرجت مع صفوان بن مهران الجمّال و (عندنا) جماعة من أصحابنا إلي الغريّ بعد ما خرج أبو عبد الله (الصّادق) عليه السّلام، وجهه إلي ناحية أبي عبد الله الحسين عليه السّلام فقال لنا: تزورون الحسين عليه السّلام من هذا المكان من عند رأس أمير المؤمنين عليه السّلام(1) ، من هاهنا أومئ إليه أبو عبد الله الصّادق عليه السّلام(2) و أنا معه.
قال: فدعا صفوان بالزّيارة الّتي رواها علقمة بن محمّد الحضرمي عن أبي جعفر عليه السّلام في يوم عاشورا(ء)، ثمّ صلّي ركعتين عند رأس أمير المؤمنين (عليه السّلام) و ودّع في دبرهما(3) أميرالمؤمنين (عليه السّلام) و أومئ إلي الحسين (عليه السّلام) بالسّلام(4) منصرفا وجهه(5) نحوه و ودّع و كان(6) فيما دعا في دبرهما:(7)
يَا اللَّهُ يَا اللَّهُ يَا اللَّهُ، يَا مُجِيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرِّينَ،(وَ) يَا كَاشِفَ كُرَبِ(8) الْمَكْرُوبِينَ، (وَ)(9) يَا غِيَاثَ الْمُسْتَغِيثِينَ، (وَ)(10) يَا صَرِيخَ الْمُسْتَصْرِخِينَ،
ص: 183
يَا مَنْ هُوَ أقْرَبُ إلَيَّ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ، (وَ)(1) يَا مَنْ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَ قَلْبِهِ، وَ يَا مَنْ هُوَ بِالْمَنْظَرِ الْأعْلَى وَ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ، وَ يَا مَنْ هُوَ الرَّحْمَانُ الرَّحِيمُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى، (وَ)(2) يَا مَنْ(3) يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأعْيُنِ وَ ما تُخْفِي الصُّدُورُ، (وَ)(4) يَا مَنْ لَا تَخْفَى(5) عَلَيْهِ خَافِيَةٌ، (وَ)(6) يَا مَنْ لَا تَشْتَبِهُ عَلَيْهِ الْأصْوَاتُ، (وَ)(7) يَا مَنْ لَا تُغَلِّطُهُ(8) الْحَاجَاتُ، (وَ)(9) يَا مَنْ لَا يُبْرِمُهُ إلْحَاحُ الْمُلِحِّينَ. (وَ) يَا مُدْرِكَ كُلِّ فَوْتٍ وَ يَا جَامِعَ كُلِّ شَمْلٍ وَ يَا بَارِئَ النُّفُوسِ(10) بَعْدَ الْمَوْتِ، يَا مَنْ هُوَ كُلُّ يَوْمٍ فِي شَأْنٍ، يَا قَاضِيَ الْحَاجَاتِ، يَا مُنَفِّسَ الْكُرُبَاتِ، يَا مُعْطِيَ السُّؤُالَاتِ(11) ، يَا وَلِيَّ الرَّغَبَاتِ، يَا كَافِيَ الْمُهِمَّاتِ، يَا مَنْ يَكْفِي مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ وَ لَا يَكْفِي مِنْهُ شَيْ ءٌ فِي السَّمَاوَاتِ وَ الْأرْضِ. أسْألُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ (خَاتِمِ الْنَّبِيِّينَ) (نَبِيّكَ)(12) وَ (بِحَقِّ) عَلِيٍّ(13) (أميرِ الْمُؤْمِنينَ)(14) (وَصِيِّ نَبِيِّكَ)(15) وَ بِحَقِّ فَاطِمَةَ (الزَّهْرَاءِ)(16) بِنْتِ نَبِيِّكَ وَ بِحَقِّ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ (وَ التِّسْعَةِ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ)(17) (عَلِيٍّ وَ مُحَمَّدٍ وَ جَعْفَرٍ وَ مُوسى
ص: 184
وَ عَلِيٍّ وَ مُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُجَّةِ)(1) (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)(2) ، فَإنِّي بِهِمْ أتَوَجَّهُ إلَيْكَ فِي مَقَامِي هَذَا وَ بِهِمْ أتَوَسَّلُ وَ بِهِمْ أتَشَفَّعُ(3) إلَيْكَ، وَ بِحَقِّهِمْ أسْألُكَ وَ أُقْسِمُ وَ أعْزِمُ عَلَيْكَ، وَ بِالشَّأْنِ الَّذِي لَهُمْ عِنْدَكَ، وَ بِالْقَدْرِ الَّذِي لَهُمْ عِنْدَكَ، وَ بِالَّذِي فَضَّلْتَهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ، وَ بِاسْمِكَ الَّذِي جَعَلْتَهُ عِنْدَهُمْ، وَ بِهِ خَصَصْتَهُمْ(4) دُونَ الْعَالَمِينَ، وَ بِهِ أبَنْتَهُمْ وَ أبَنْتَ(5) فَضْلَهُمْ مِنْ(6) فَضْلِ الْعَالَمِينَ حَتَّى فَاقَ فَضْلُهُمْ فَضْلَ الْعَالَمِينَ جَمِيعَاً، أسْألُكَ أنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ أنْ تَكْشِفَ عَنِّي غَمِّي وَ هَمِّي(7) وَ كَرْبِي وَ تَكْفِيَنِي الْمُهِمَّ مِنْ أُمُورِي(8) وَ تَقْضِيَ عَنِّي دَيْنِي(9) ، وَ تُجِيرَنِي(10) مِنَ الْفَقْر وَ تُجِيرَنِي(11) مِنَ الْفَاقَةِ، وَ تُغْنِيَنِي عَنِ الْمَسْألَةِ إلَى الْمَخْلُوقِينَ(12) . وَ تَكْفِيَنِي هَمَّ مَنْ أخَافُ هَمَّهُ وَ جَوْرَ مَنْ أخَافُ جَوْرَهُ وَ عُسْرَ مَنْ أخَافُ عُسْرَهُ وَ حُزُونَةَ مَنْ أخَافُ حُزُونَتَهُ وَ شَرَّ مَنْ(13) أخَافُ شَرَّهُ وَ مَكْرَ مَنْ(14) أخَافُ مَكْرَهُ وَ بَغْيَ مَنْ أخَافُ بَغْيَهُ (وَ جَوْرَ مَنْ أخَافُ جَوْرَهُ)(15) وَ سُلْطَانَ مَنْ أخَافُ سُلْطَانَهُ وَ كَيْدَ
ص: 185
مَنْ أخَافُ كَيْدَهُ وَ مَقْدُرَةَ مَنْ(1) أخَافُ مَقْدُرَتَهُ(2) عَلَيَّ وَ تَرُدَّ عَنِّي كَيْدَ الْكَيَدَةِ وَ مَكْرَ الْمَكَرَةِ. اللَّهُمَّ مَنْ أرَادَنِي (بِسُوءٍ)(3) فَأرِدْهُ، وَ مَنْ كَادَنِي فَكِدْهُ(4) ، وَ اصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُ وَ مَكْرَهُ وَ بَأْسَهُ وَ أمَانِيَّهُ، وَ امْنَعْهُ عَنِّي كَيْفَ شِئْتَ وَ أنَّى شِئْتَ. اللَّهُمَّ اشْغَلْهُ عَنِّي بِفَقْرٍ لَا تَجْبُرُهُ وَ بِبَلَاءٍ لَا تَسْتُرُهُ وَ بِفَاقَة لَا تَسُدُّهَا وَ بِسُقْمٍ(5) لَا تُعَافِيهِ، وَ ذُلٍّ لَا تُعِزُّهُ، وَ بِمَسْكَنَةٍ(6) لَا تَجْبُرُهَا. اللَّهُمَّ اضْرِبْ بِالذُّلِّ نَصْبَ(7) عَيْنَيْهِ وَ أدْخِلْ عَلَيْهِ الْفَقْرَ فِي مَنْزِلِهِ وَ الْعِلَّةَ وَ السُّقْمَ(8) فِي بَدَنِهِ، حَتَّى تَشْغَلَهُ(9) عَنِّي بِشُغْلٍ(10) شَاغِلٍ(11) لَا فَرَاغَ لَهُ وَ أنْسِهِ ذِكْرِي كَمَا أنْسَيْتَهُ ذِكْرَكَ وَ خُذْ عَنِّي بِسَمْعِهِ وَ بَصَرِهِ وَ لِسَانِهِ وَ يَدِهِ وَ رِجْلِهِ وَ قَلْبِهِ وَ جَمِيعِ جَوَارِحِهِ، وَ أدْخِلْ عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ السُّقْمَ وَ لَا تَشْفِهِ حَتَّى تَجْعَلَ ذَلِكَ لَهُ شُغُلًا شَاغِلًا بِهِ عَنِّي وَ عَنْ ذِكْرِي، وَ اكْفِنِي يَا كَافِيَ مَا لَا يَكْفِي سِوَاكَ، فَإنَّكَ الْكَافِي(12) لَا كَافِيَ سِوَاكَ، وَ مُفَرِّجٌ لَا مُفَرِّجَ سِوَاكَ، وَ مُغِيثٌ(13) لَا مُغِيثَ سِوَاكَ، وَ جَارٌ لَاجَارَ سِوَاكَ، خَابَ(14) مَنْ كَانَ جَارُهُ(15) سِوَاكَ وَ مُغِيثُهُ(16) سِوَاكَ وَ مَفْزَعُهُ إلَى سِوَاكَ وَ مَهْرَبُهُ إلَى سِوَاكَ
ص: 186
وَ مَلْجَأُهُ إلَى غَيْرِكَ(1) وَ مَنْجَاهُ مِنْ مَخْلُوقٍ غَيْرِكَ، فَأنْتَ(2) ثِقَتِي وَ رَجَائِي وَ مَفْزَعِي وَ مَهْرَبِي وَ مَلْجَئِي (وَ مَنْجَايَ)، فَبِكَ أسْتَفْتِحُ وَ بِكَ أسْتَنْجِحُ وَ بِمُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ أتَوَجَّهُ إلَيْكَ وَأتَوَسَّلُ وَ أتَشَفَّعُ(3) . فَأسْألُكَ يَا اللَّهُ يَا اللَّهُ يَا اللَّهُ، فَلَكَ الشُّكْرُ وَ لَكَ الْحَمْدُ(4) وَ إلَيْكَ الْمُشْتَكَى وَ أنْتَ الْمُسْتَعَانُ. فَأسْألُكَ يَا اللَّهُ يَا اللَّهُ يَا اللَّهُ، بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، أنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ أنْ تَكْشِفَ عَنِّي غَمِّي وَ هَمِّي وَ كَرْبِي فِي مَقَامِي هَذَا كَمَا كَشَفْتَ عَنْ نَبِيِّكَ هَمَّهُ وَ غَمَّهُ وَ كَرْبَهُ وَ كَفَيْتَهُ هَوْلَ عَدُوِّهِ، فَاكْشِفْ عَنِّي كَمَا كَشَفْتَ عَنْهُ وَ فَرِّجْ عَنِّي كَمَا فَرَّجْتَ عَنْهُ، وَ اكْفِنِي كَمَا كَفَيْتَهُ وَ اصْرِفْ عَنِّي هَوْلَ مَا أخَافُ هَوْلَهُ، وَ مَؤُنَةَ مَا أخَافُ مَؤُنَتَهُ، وَ هَمَّ مَا أخَافُ هَمَّهُ، بِلَا مَؤُنَةٍ عَلَى نَفْسِي مِنْ ذَلِكَ، وَ اصْرِفْنِي بِقَضَاءِ حَوَائِجِي وَ كِفَايَةِ مَا أهَمَّنِي(5) هَمُّهُ مِنْ أمْرِ آخِرَتِي وَ دُنْيَايَ. يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَ يَا أبَا عَبْدِ اللهِ عَلَيْكُمَا(6) مِنِّي سَلَامُ اللَّهِ أبَداً (مَا بَقِيتُ وَ)(7) مَا بَقِيَ اللَّيْلُ وَ النَّهَارُ وَ لَا جَعَلَهُ اللَّهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيَارَتِكُمَا وَ لَا فَرَّقَ اللهُ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمَا. اللَّهُمَّ أحْيِنِي حَيَاةَ(8) مُحَمَّدٍ (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَ آلِهِ)(9) وَ ذُرِّيَّتِهِ(10) ، وَ أمِتْنِي مَمَاتَهُمْ وَ تَوَفَّنِي عَلَى مِلَّتِهِمْ وَ احْشُرْنِي فِي زُمْرَتِهِمْ وَ لَا تُفَرِّقْ بَيْنِي
ص: 187
وَ بَيْنَهُمْ طَرْفَةَ عَيْنٍ أبَداً فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ.
يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَ يَا أبَا عَبْدِ اللَّهِ(1) أتَيْتُكُمَا زَائِراً وَ مُتَوَسِّلًا إلَى اللَّهِ رَبِّي وَ رَبِّكُمَا، وَ مُتَوَجِّهاً إلَيْهِ بِكُمَا، وَ مُسْتَشْفِعاً (بِكُمَا)(2) إلَى اللَّهِ تَعَالى فِي حَاجَتِي هَذِهِ، فَاشْفَعَا لِي فَإنَّ لَكُمَا عِنْدَاللَّهِ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ وَ الْجَاهَ الْوَجِيهَ وَ الْمَنْزِلَ الرَّفِيعَ وَ الْوَسِيلَةَ، إنِّي(3) أنْقَلِبُ عَنْكُمَا(4) مُنْتَظِراً لِتَنَجُّزِ الْحَاجَةِ وَ قَضَائِهَا وَ نَجَاحِهَا مِنَ اللَّهِ بِشَفَاعَتِكُمَا لِي إلَى اللَّهِ، فِي ذَلِكَ فَلَا اُخَيَّبُ(5) وَ لَا يَكُونُ مُنْقَلَبِي مُنْقَلَباً خَائِباً خَاسِراً، بَلْ يَكُونُ مُنْقَلَبِي مُنْقَلَباً رَاجِحاً(6) مُفْلِحاً مُنْجِحاً مُسْتَجَاباً(7) بِقَضَاءِ جَمِيعِ الحَوَائِجِ(8) ، وَ تَشْفَّعَا لِي إلَى اللَّهِ، أنْقَلِبُ(9) عَلَى مَا شَاءَ اللَّهُ وَ لَاحَوْلَ وَ لَاقُوَّةَ إلَّا بِاللَّهِ، وَ مُفَوِّضاً أمْرِي إلَى اللَّهِ، مُلْجِئاً ظَهْرِي إلَى اللَّهِ(10) ، مُتَوَكِّلًا عَلَى اللَّهِ، وَ أقُولُ حَسْبِيَ اللَّهُ وَ كَفَى(11)، سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ دَعَا لَيْسَ (لِي) وَرَاءَ اللَّهِ وَ وَرَاءَكُمْ. يَا سَادَتِي مُنْتَهَى مَا شَاءَ رَبِّي(12) كَانَ وَ مَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ وَ لَاحَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إلَّا بِاللَّهِ، أسْتَوْدِعُكُمَا اللَّهَ وَ لَا جَعَلَهُ اللَّهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنِّي إلَيْكُمَا. انْصَرَفْتُ يَا سَيِّدِي يَا أمِيرَالْمُؤْمِنِينَ وَ مَوْلَايَ وَ أنْتَ يَا أبَاعَبْدِاللَّهِ يَا سَيِّدِي (وَ)(13) سَلَامِي عَلَيْكُمَا مُتَّصِلٌ مَا اتَّصَلَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَاصِلٌ إلَيْكُمَا ذَلِكَ(14) غَيْرُ مَحْجُوبٍ عَنْكُمَا سَلَامِي إنْ شَاءَ اللَّهُ،
ص: 188
وَأسْألُهُ بِحَقِّكُمَا أنْ يَشَاءَ ذَلِكَ وَ يَفْعَلَ فَإنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ. إنْقَلَبْتُ يَا سَيِّدَيَّ عَنْكُمَا تَائِباً، حَامِداً لِلَّهِ (تَعَالى) شَاكِراً رَاجِياً لِلْإجَابَةِ غَيْرِ آيِسٍ(1) وَ لَا قَانِطٍ آئِباً عَائِداً رَاجِعاً(2) إلَى زِيَارَتِكُمَا غَيْرَ رَاغِبٍ عَنْكُمَا وَ لَا عَنْ(3) زِيَارَتِكُمَا، بَلْ رَاجِعٌ عَائِدٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ. يَا سَيِّدَيَّ(4) رَغِبْتُ إلَيْكُمَا وَ إلَى زِيَارَتِكُمَا بَعْدَ أنْ زَهِدَ فِيكُمَا وَ فِي زِيَارَتِكُمَا أهْلُ الدُّنْيَا، فَلَا خَيَّبَنِيَ(5) اللَّهُ مَا رَجَوْتُ وَ مَا أمَّلْتُ فِي زِيَارَتِكُمَا إنَّهُ قَرِيبٌ مُجِيبٌ.
قَالَ سَيْفُ (بْنُ عَمِيرَةَ): فَسَألْتُ صَفْوَانَ(6) فَقُلْتُ لَهُ: إنَّ عَلْقَمَةَ (بْنَ مُحَمَّدٍ الْحَضْرَمِيِّ) لَمْ يَأْتِنَا بِهَذَا عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلامُ، إنَّمَا أتَانَا بِدُعَاءِ الزِّيَارَةِ!. فَقَالَ صَفْوَانُ: وَرَدْتُ مَعَ سَيِّدِي أبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلامُ إلَى هَذَا الْمَكَانِ فَفَعَلَ مِثْلَ الَّذِي فَعَلْنَاهُ فِي زيَارَتِنَا وَ دَعَا بِهَذَا الدُّعَاءِ عِنْدَالْوَدَاعِ بَعْدَ أنْ صَلَّى كَمَا صَلَّيْنَا(هُ) وَ وَدَّعَ كَمَا وَدَّعْنَا(هُ). ثُمَّ قَالَ لِي صَفْوَانُ قَالَ لِي أبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلامُ):
تَعَاهَدْ هَذِهِ الزِّيَارَةَ وَادْعُ بِهَذَا الدُّعَاءِ وَ زُرْ بِهِ فَإنِّي ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ (تَعَالَى) لِكُلِّ مَنْ زَارَ بِهَذِهِ الزِّيَارَةِ وَ دَعَا بِهَذَا الدُّعَاءِ مِنْ قُرْبٍ أوْ بُعْدٍ، أنَّ زِيَارَتَهُ مَقْبُولَةٌ وَ سَعْيَهُ مَشْكُورٌ وَ سَلَامَهُ وَاصِلٌ غَيْرُ مَحْجُوبٍ وَ حَاجَتَهُ مَقْضِيَّةٌ مِنَ اللَّهِ (تَعَالَى)، بَالِغاً مَا بَلَغَتْ وَ لَا يُخَيِّبُهُ(7) . يَا صَفْوَانُ! وَجَدْتُ هَذِهِ الزِّيَارَةَ مَضْمُونَةً بِهَذَا الضَّمَانِ عَنْ أبِي، وَ أبِي عَنْ أبِيهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ
ص: 189
(عَلَيْهِمَا السَّلامُ)،مَضْمُوناً بِهَذَا الضَّمَانِ عَنِ الْحُسَيْنِ، وَ الْحُسَيْنُ عَنْ أخِيهِ الْحَسَنِ مَضْمُوناً بِهَذَا الضَّمَانِ وَ الْحَسَنُ عَنْ أبِيهِ أمِيرِالْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِمُ السَّلامُ) مَضْمُوناً بِهَذَا الضَّمَانِ وَ أمِيرُالْمُؤْمِنِينَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَ آلِهِ (وَ سَلَّمَ) مَضْمُوناً بِهَذَا الضَّمَانِ (وَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَنْ جَبْرَئِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَضْمُوناً بِهَذَا الضَّمَانِ، وَ جَبْرَئِيلُ عَنِ اللَّهِ(1) عَزَّ وَ جَلَّ مَضْمُوناً بِهَذَا الضَّمَانِ. وَ قَدْ آلَى اللَّهُ عَلَى نَفْسِهِ عَزَّوَجَلَّ أنَّ مَنْ زَارَ الْحُسَيْنَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِهَذِهِ الزِّيَارَةِ مِنْ قُرْبٍ أوْ بُعْدٍ وَ دَعَا بِهَذَا الدُّعَاءِ، قَبِلْتُ مِنْهُ زِيَارَتَهُ وَ شَفَّعْتُهُ فِي مَسْألَتِهِ، بَالِغاً مَا بَلَغَتْ(2) ، وَ أعْطَيْتُهُ سُؤْلَهُ، ثُمَّ لَا يَنْقَلِبُ عَنِّي خَائِباً وَ أقْلِبُهُ مَسْرُوراً قَرِيراً عَيْنُهُ بِقَضَاءِ حَاجَتِهِ وَ الْفَوْزِ بِالْجَنَّةِ وَ الْعِتْقِ مِنَ النَّارِ وَ شَفَّعْتُهُ فِي كُلِّ مَنْ يَشْفَعُ(3) خَلَا نَاصِبٍ لَنَا أهْلَ الْبَيْتِ، آلَى اللَّهُ (تَعَالَى) بِذَلِكَ عَلَى(4) نَفْسِهِ، وَ أشْهَدَنَا بِمَا شَهِدَتْ(5) بِهِ مَلَائِكَةُ مَلَكُوتِهِ (عَلَى ذَلِكَ). ثُمَّ قَالَ جَبْرَئِيلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أرْسَلَنِي (اللهُ) إلَيْكَ سُرُوراً وَ بُشْرَى(6) لَكَ، وَ سُرُوراً وَ بُشْرَى(7) لِعَلِيِّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ وَ (إلَى) الْأئِمَّةِ مِنْ وُلْدِكَ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. فَدَامَ يَامُحَمَّدُ سُرُورُكَ وَ سُرُورُ عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ وَ الْأئِمَّةِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) وَ شِيعَتِكُمْ إلَى يَوْمِ الْبَعْثِ .(8)
ص: 190
ثُمَّ قَالَ(1) صَفْوَانُ: قَالَ لِي أبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ:
يَا صَفْوَانُ! إذَا حَدَثَ لَكَ إلى اللهِ حَاجَةٌ، فَزُرْ بِهَذِهِ الزِّيَارَةِ مِنْ حَيْثُ كُنْتَ وَ ادْعُ بِهَذَا الدُّعَاءِ، وَ سَلْ(2) رَبَّكَ حَاجَتَكَ، تَأْتِكَ مِنَ اللَّهِ وَ اللَّهُ غَيْرُ مُخْلِفٍ وَعْدَهُ رَسُولَهُ(3) صَلَّى الله عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِمَنِّهِ (وَ رَحْمَتِهِ) وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ.(4)
ص: 191
ص: 192
قال سید الکونین حسين منّي و انا من حسین
ص: 193
ص: 194
ص: 195
ص: 196
قال الشّيخ أبو جعفر محمّد بن الحسن الطّوسي قدس سره: زيارة أخرى في يوم عاشوراء، روي عبدالله بن سنان قال: دَخَلْتُ عَلَى سَيِّدِي أبِي عَبْدِاللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ، فَألْقَيْتُهُ كَاسِفَ اللَّوْنِ، ظَاهِرَ الْحُزْنِ وَ دُمُوعُهُ تَنْحَدِرُ مِنْ عَيْنَيْهِ كَاللُّؤْلُؤِ الْمُتَسَاقِطِ، فَقُلْتُ: يَاابْنَ رَسُولِ اللَّهِ! مِمَّ بُكَاؤُكَ، لَا أبْكَى اللَّهُ عَيْنَيْكَ؟ فَقَالَ لِي:
أوَ فِي غَفْلَةٍ أنْتَ؟ أمَا عَلِمْتَ أنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أُصِيبَ فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ؟
فَقُلْتُ: يَا سَيِّدِي! فَمَا قَوْلُكَ فِي صَوْمِهِ؟ فَقَالَ لِي:
صُمْهُ مِنْ غَيْرِ تَبْيِيتٍ وَ أفْطِرْهُ مِنْ غَيْرِ تَشْمِيتٍ، وَ لَا تَجْعَلْهُ يَوْمَ صَوْمٍ كَمُلاً، وَ لْيَكُنْ إفْطَارُكَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ بِسَاعَةٍ عَلَى شَرْبَةٍ مِنْ مَاءٍ، فَإنَّهُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْوَقْتِ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ، تَجَلَّتِ الْهَيْجَاءُ عَنْ آلِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَ آلِهِ)(1) ، وَ انْكَشَفَتِ الْمَلْحَمَةُ عَنْهُمْ، وَ فِي الْأرْضِ مِنْهُمْ ثَلَاثُونَ صَرِيعاً فِي مَوَالِيهِمْ، يَعِزُّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَ آلِهِ)(2) مَصْرَعُهُمْ، وَ لَوْ كَانَ فِي الدُّنْيَا يَوْمَئِذٍ حَيّاً، لَكَانَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ (وَ آلِهِ)(3) هُوَ الْمُعَزَّى بِهِمْ.
قَالَ: وَ بَكَى أبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَتَّى اخْضَلَّتْ لِحْيَتُهُ بِدُمُوعِهِ، ثُمَّ قَالَ:
ص: 197
إنَّ اللَّهَ جَلَّ ذِكْرُهُ(1) لَمَّا خَلَقَ النُّورَ، خَلَقَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي تَقْدِيرِهِ فِي أوَّلِ يَوْمِ شَهْرٍ مِنْ رَمَضَانَ، وَ خَلَقَ الظُّلْمَةَ فِي يَوْمِ الْأرْبِعَاءِ، يَوْمَ عَاشُورَاءَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ (اليوم)(2) ، يَعْنِي يَوْمَ الْعَاشِرِ مِنْ شَهْرِ الْمُحَرَّمِ فِي تَقْدِيرِهِ، وَ جَعَلَ لِكُلٍ مِنْهُمَا شِرْعَةً وَ مِنْهَاجاً. يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سِنَانٍ! إنَّ أفْضَلَ مَا تَأْتِي بِهِ فِي هَذَا الْيَوْمِ: أنْ تَعْمِدَ إلَى ثِيَابٍ طَاهِرَةٍ فَتَلْبَسَهَا وَ تَتَسَلَّبَ.
قَالَ: وَ مَا التَّسَلُّبُ؟ قَالَ:
تُحَلِّلُ أزْرَارَكَ، وَ تَكْشِفُ عَنْ ذِرَاعَيْكَ كَهَيْئَةِ أصْحَابِ الْمَصَائِبِ، ثُمَّ تَخْرُجُ إلَى أرْضٍ مُقْفِرَةٍ أوْ مَكَانٍ لَا يَرَاكَ بِهِ أحَدٌ أوْ تَعْمِدُ إلَى مَنْزِلٍ لَكَ خَالٍ أوْ فِي خَلْوَةٍ، مُنْذُ حِينِ يَرْتَفِعُ النَّهَارُ، فَتُصَلِّي أرْبَعَ رَكَعَاتٍ، تُحْسِنُ رُكُوعَهَا وَ سُجُودَهَا وَخُشُوعَهَا، وَ تُسَلِّمُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، تَقْرَأُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى سُورَةَ الْحَمْدِ وَ قُلْ يَا أيُّهَا الْكَافِرُونَ وَ فِي الثَّانِيَةِ الْحَمْدَ وَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أحَدٌ، ثُمَّ تُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ اُخْرَيَيْنِ تَقْرَأُ فِي (الرَّكْعَةِ)(3) الْأُولَى الْحَمْدَ وَ سُورَةَ الْأحْزَابِ وَ فِي الثَّانِيَةِ الْحَمْدَ وَ (سُورَةَ)(4) إذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ أوْ مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ تُسَلِّمُ وَ تُحَوِّلُ وَجْهَكَ نَحْوَ قَبْرِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَمَضْجَعِهِ، فَتُمَثِّلُ لِنَفْسِكَ مَصْرَعَهُ، وَ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ وُلْدِهِ وَ أهْلِهِ، وَتُسَلِّمُ وَ تُصَلِّي عَلَيْهِ، وَ تَلْعَنُ قَاتِلِيهِ، فَتَبَرَّأُ مِنْ أفْعَالِهِمْ، يَرْفَعُ اللَّهُ عَزَّوَجَلَّ لَكَ بِذَلِكَ فِي الْجَنَّةِ مِنَ الدَّرَجَاتِ، وَ يَحُطُّ عَنْكَ مِنَ السَّيِّئَاتِ.
ص: 198
ثُمَّ تَسْعَى مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي أنْتَ فِيهِ، إنْ كَانَ صَحْرَاءَ أوْ فَضَاءً أوْ أيَّ شَيْ ءٍ كَانَ خُطُوَاتٍ تَقُولُ فِي ذَلِكَ: إنَّا لِلَّهِ وَ إنَّا إلَيْهِ راجِعُونَ، رِضًى بِقَضَاءِ اللهِِ وَ تَسْلِيماً لِأمْرِهِ، وَ لْيَكُنْ عَلَيْكَ فِي ذَلِكَ الْكَآبَةُ وَ الْحُزْنُ، وَ أكْثِرْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَ الْإسْتِرْجَاعِ فِي ذَلِكَ، فَإذَا فَرَغْتَ مِنْ سَعْيِكَ وَ فِعْلِكَ هَذَا، فَقِفْ فِي مَوْضِعِكَ الَّذِي صَلَّيْتَ فِيهِ. ثُمَّ قُلِ:
اللَّهُمَّ عَذِّبِ الْفَجَرَةَ، الَّذِينَ شَاقُّوا رَسُولَكَ، وَ حَارَبُوا أوْلِيَاءَكَ، وَ عَبَدُوا غَيْرَكَ، وَ اسْتَحَلُّوا مَحَارِمَكَ، وَ الْعَنِ الْقَادَةَ وَ الْأتْبَاعَ وَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ، فَخَبَّ(1) وَ أوْضَعَ مَعَهُمْ، أوْ رَضِيَ بِفِعْلِهِمْ، لَعْناً كَثِيراً. اللَّهُمَّ وَ عَجِّلْ فَرَجَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ اجْعَلْ صَلَوَاتِكَ عَلَيْهِمْ، وَ اسْتَنْقِذْهُمْ مِنْ أيْدِي الْمُنَافِقِينَ(2) الْمُضِلِّينَ وَ الْكَفَرَةِ الْجَاحِدِينَ، وَافْتَحْ لَهُمْ فَتْحاً يَسِيراً، وَ أتِحْ لَهُمْ رَوْحاً وَ فَرَجاً قَرِيباً وَ اجْعَلْ لَهُمْ مِنْ لَدُنْكَ عَلَى عَدُوِّكَ وَ عَدُوِّهِمْ سُلْطَاناً نَصِيراً. ثُمَّ ارْفَعْ يَدَيْكَ وَ اقْنُتْ بِهَذَا الدُّعَاءِ وَ قُلْ وَ أنْتَ تُومِئُ إلَى أعْدَاءِ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَْى اللهُ عَلَيْهِ وَ عَلَيْهِمْ (3):
اللَّهُمَّ إنَّ كَثِيراً مِنَ الْأُمَّةِ نَاصَبَتِ الْمُسْتَحْفَظِينَ مِنَ الْأئِمَّةِ، وَ كَفَرَتْ بِالْكَلِمَةِ، وَ عَكَفَتْ عَلَى الْقَادَةِ الظَّلَمَةِ، وَ هَجَرَتِ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَ عَدَلَتْ عَنِ الْحَبْلَيْنِ اللَّذَيْنِ أمَرْتَ بِطَاعَتِهِمَا وَ التَّمَسُّكِ بِهِمَا، فَأمَاتَتِ الْحَقَّ، وَ جَارَتْ(4) عَنِ الْقَصْدِ، وَ مَالَأتِ الْأحْزَابَ، وَحَرَّفَتِ الْكِتَابَ، وَ كَفَرَتْ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهَا، وَ تَمَسَّكَتْ بِالْبَاطِلِ لَمَّا اعْتَرَضَهَا، وَضَيَّعَتْ حَقَّكَ، وَ أضَلَّتْ
ص: 199
خَلْقَكَ، وَ قَتَلَتْ أوْلَادَ نَبِيِّكَ وَ خِيَرَةَ عِبَادِكَ وَ حَمَلَةَ عِلْمِكَ وَ وَرَثَةَ حِكْمَتِكَ وَ وَحْيِكَ. اللَّهُمَّ فَزَلْزِلْ أقْدَامَ أعْدَائِكَ وَ أعْدَاءِ رَسُولِكَ وَ أهْلَ بَيْتِ رَسُولِكَ، اللَّهُمَّ وَ أخْرِبْ دِيَارَهُمْ، وَ افْلُلْ سِلَاحَهُمْ، وَ خَالِفْ بَيْنَ كَلِمَتِهِمْ، وَفُتَّ فِي أعْضَادِهِمْ، وَ أوْهِنْ كَيْدَهُمْ، وَ اضْرِبْهُمْ بِسَيْفِكَ الْقَاطِعِ، وَ ارْمِهِمْ بِحَجَرِكَ الدَّامِغِ، وَ طُمَّهُمْ بِالْبَلَاءِ طَمّاً، وَ قُمَّهُمْ بِالْعَذَابِ قَمّاً، وَ عَذِّبْهُمْ عَذَاباً نُكْراً، وَ خُذْهُمْ بِالسِّنِينَ وَ الْمَثُلَاتِ الَّتِي أهْلَكْتَ بِهَا أعْدَاءَكَ، إنَّكَ ذُو نَقِمَةٍ مِنَ الْمُجْرِمِينَ. اللَّهُمَّ إنَّ سُنَّتَكَ ضَائِعَةٌ، وَ أحْكَامَكَ مُعَطَّلَةٌ، وَ عِتْرَةَ نَبِيِّكَ فِي الْأرْضِ هَائِمَةٌ. اللَّهُمَّ فَأعِزَّ(1)الْحَقَّ وَ أهْلَهُ، وَ اقْمَعِ الْبَاطِلَ وَ أهْلَهُ، وَ مُنَّ عَلَيْنَا بِالنَّجَاةِ، وَ اهْدِنَا إلَى الْإيمَانِ، وَ عَجِّلْ فَرَجَنَا وَ انْظِمْهُ بِفَرَجِ أوْلِيَائِكَ، وَ اجْعَلْهُمْ لَنَا وُدّاً وَ اجْعَلْنَا لَهُمْ وَفْداً. اللَّهُمَّ وَ أهْلِكْ مَنْ جَعَلَ يَوْمَ قَتْلِ ابْنِ نَبِيِّكَ وَ خِيَرَتِكَ (مِنْ خَلْقِكَ)(2)عِيداً، وَ اسْتَهَلَّ بِهِ فَرَحاً وَ مَرَحاً، وَ خُذْ آخِرَهُمْ كَمَا أخَذْتَ أوَّلَهُمْ، وَ أضْعِفِ اللَّهُمَّ الْعَذَابَ وَ التَّنْكِيلَ عَلَى ظَالِمِي أهْلِ بَيْتِ نَبِيِّكَ، وَ أهْلِكْ أشْيَاعَهُمْ وَ قَادَتَهُمْ، وَ أبِرْ حُمَاتَهُمْ وَجَمَاعَتَهُمْ. اللَّهُمَّ وَ ضَاعِفْ صَلَوَاتِكَ وَ رَحْمَتَكَ وَ بَرَكَاتِكَ عَلَى عِتْرَةِ نَبِيِّكَ، الْعِتْرَةِ الضَّائِعَةِ الْخَائِفَةِ الْمُسْتَذَلَّةِ، بَقِيَّةٍ مِنَ الشَّجَرَةِ الطَّيِّبَةِ الزَّاكِيَةِ الْمُبَارَكَةِ، وَ أعْلِ اللَّهُمَّ كَلِمَتَهُمْ، وَ أفْلِجْ حُجَّتَهُمْ، وَ اكْشِفِ الْبَلَاءَ وَ اللَّأْوَاءَ وَ حَنَادِسَ الْأبَاطِيلِ وَ الْعَمَى(3)عَنْهُمْ، وَ ثَبِّتْ قُلُوبَ شِيعَتِهِمْ وَ حِزْبِكَ عَلَى طَاعَتِهِمْ(4)وَ وَلَايَتِهِمْ وَ نُصْرَتِهِمْ وَ مُوَالَاتِهِمْ، وَ أعِنْهُمْ
ص: 200
وَ امْنَحْهُمُ الصَّبْرَ عَلَى الْأذَى فِيكَ. وَ اجْعَلْ لَهُمْ أيَّاماً مَشْهُودَةً، وَ أوْقَاتاً (مَحْمُودَةً مَسْعُودَةً)(1)، تُوشِكُ فِيهَا فَرَجَهُمْ، وَ تُوجِبُ فِيهَا تَمْكِينَهُمْ وَ نَصْرَهُمْ، كَمَا ضَمِنْتَ لِأوْلِيَائِكَ فِي كِتَابِكَ الْمُنْزَلِ، فَإنَّكَ قُلْتَ وَ قَوْلُكَ الْحَقُّ: «وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أمْناً (يَعْبُدُونَنِي لايُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً)»(2)».(3).اللَّهُمَّ فَاكْشِفْ غُمَّتَهُمْ(4)، يَا مَنْ لَا يَمْلِكُ كَشْفَ الضُّرِّ(5)إلَّا هُوَ، (يَا وَاحِدُ)(6)، يَا أحَدُ، يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، وَ أنَا يَا إلَهِي عَبْدُكَ الْخَائِفُ مِنْكَ، وَ الرَّاجِعُ إلَيْكَ، السَّائِلُ لَكَ، الْمُقْبِلُ عَلَيْكَ، اللَّاجِئُ إلَى فِنَائِكَ، الْعَالِمُ بِأنَّهُ(7)لا مَلْجَأ مِنْكَ إلَّا إلَيْكَ. اللَّهُمَّ فَتَقَبَّلْ(8)دُعَائِي وَ اسْتَمِعْ يَا إلَهِي عَلَانِيَتِي وَ نَجْوَايَ، وَ اجْعَلْنِي مِمَّنْ رَضِيتَ عَمَلَهُ، وَ قَبِلْتَ نُسُكَهُ، وَ نَجَّيْتَهُ بِرَحْمَتِكَ، إنَّكَ أنْتَ الْعَزِيزُ (الحَكِيمُ)(9)الْكَرِيمُ (الْوَهّابُ). اللَّهُمَّ وَ صَلِّ أوَّلًا وَ آخِراً عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ ارْحَمْ مُحَمَّداً وَ آلَ مُحَمَّدٍ، بِأكْمَلِ وَ أفْضَلِ مَاصَلَّيْتَ وَ بَارَكْتَ وَ تَرَحَّمْتَ عَلَى أنْبِيَائِكَ وَ رُسُلِكَ وَ مَلَائِكَتِكَ وَ حَمَلَةِ عَرْشِكَ بِلَا إلَهَ إلَّا أنْتَ. اللَّهُمَّ وَ لَا تُفَرِّقْ بَيْنِي وَ بَيْنَ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ
ص: 201
صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَ عَلَيْهِمْ، وَ اجْعَلْنِي يَا مَوْلَايَ(1)مِنْ شِيعَةِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ وَ ذُرِّيَّتِهِمُ الطَّاهِرَةِ الْمُنْتَجَبَةِ، وَ هَبْ(2)لِيَ التَّمَسُّكَ بِحَبْلِهِمْ وَ الرِّضَا بِسَبِيلِهِمْ، وَ الْأخْذَ بِطَرِيقَتِهِمْ، إنَّكَ جَوَادٌ كَرِيمٌ. ثُمَّ عَفِّرْ وَجْهَكَ فِي(3)الْأرْضِ وَ قُلْ:
يَا مَنْ يَحْكُمُ مَا يَشَاءُ، وَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ، أنْتَ حَكَمْتَ، فَلَكَ الْحَمْدُ مَحْمُوداً مَشْكُوراً، فَعَجِّلْ(4)يَا مَوْلَايَ فَرَجَهُمْ وَ فَرِّجْنَا(5) بِهِمْ، فَإنَّكَ ضَمِنْتَ إعْزَازَهُمْ بَعْدَ الذِّلَّةِ، وَ تَكْثِيرَهُمْ بَعْدَ الْقِلَّةِ، وَ إظْهَارَهُمْ بَعْدَ الْخُمُولِ، يَا أصْدَقَ الصَّادِقِينَ وَ يَا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. فَأسْألُكَ يَا إلَهِي وَ سَيِّدِي مُتَضَرِّعاً إلَيْكَ بِجُودِكَ وَ كَرَمِكَ، بَسْطَ أمَلِي، وَ التَّجَاوُزَ عَنِّي، وَ قَبُولَ قَلِيلِ عَمَلِي وَ كَثِيرِهِ، وَ الزِّيَادَةَ فِي أيَّامِي وَ تَبْلِيغِي ذَلِكَ الْمَشْهَدَ، وَ أنْ تَجْعَلَنِي مِمَّنْ يُدْعَى فَيُجِيبُ إلَى طَاعَتِهِمْ وَ مُوَالَاتِهِمْ وَ نَصْرِهِمْ ، وَ تُرِيَنِي ذَلِكَ قَرِيباً سَرِيعاً فِي عَافِيَةٍ، إنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ.
ثُمَّ ارْفَعْ رَأْسَكَ(6) إلَى السَّمَاءِ وَ قُلْ:
أعُوذُ بِكَ (مِنْ)(7)أنْ أكُونَ مِنَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أيَّامَكَ، فَأعِذْنِي يَا إلَهِي بِرَحْمَتِكَ مِنْ ذَلِكَ.
ص: 202
فَإنَّ هَذَا أفْضَلُ يَا ابْنَ سِنَانٍ مِنْ كَذَا وَ كَذَا حَجَّةً وَ كَذَا وَ كَذَا عُمْرَةً، (تَ) تَطَوَّعُهَا وَ تُنْفِقُ فِيهَا مَالَكَ وَ تَنْصِبُ(1)فِيهَا بَدَنَكَ وَتُفَارِقُ فِيهَا أهْلَكَ وَ وَلَدَكَ. وَ اعْلَمْ أنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُعْطِي مَنْ صَلَّى هَذِهِ الصَّلَاةَ فِي هَذَا الْيَوْمِ وَ دَعَا بِهَذَا الدُّعَاءِ مُخْلِصاً وَ عَمِلَ هَذَا الْعَمَلَ مُوقِناً مُصَدِّقاً عَشْرَ خِصَالٍ، مِنْهَا: أنْ يَقِيَهُ(2)اللَّهُ مِيتَةَ السَّوْءِ، وَ يُؤْمِنَهُ مِنَ الْمَكَارِهِ وَ الْفَقْرِ، وَ لَا يُظْهِرَ عَلَيْهِ عَدُوّاً إلَى أنْ يَمُوتَ، وَ يَقِيَهُ اللَّهُ مِنَ الْجُنُونِ وَ الْجُذَامِ وَ الْبَرَصِ فِي نَفْسِهِ وَوُلْدِهِ إلَى أرْبَعَةِ أعْقَابٍ لَهُ، وَ لَا يَجْعَلَ لِلشَّيْطَانِ وَ لَا لِأوْلِيَائِهِ عَلَيْهِ وَ لَا عَلَى نَسْلِهِ إلَى أرْبَعَةِ أعْقَابٍ سَبِيلًا.
قَالَ ابْنُ سِنَانٍ: فَانْصَرَفْتُ وَ أنَا أقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي مَنَّ عَلَيَّ بِمَعْرِفَتِكُمْ وَ حُبِّكُمْ، وَ أسْألُهُ الْمَعُونَةَ عَلَى الْمُفْتَرَضِ(3) عَلَيَّ مِنْ طَاعَتِكُمْ، بِمَنِّهِ وَ رَحْمَتِه.(4)
ص: 203
ص: 204
زیارة عاشوراء الرابعة
بروایة عبدالله بن سنان عن الامام ابی عبدالله جعفر الصادق علیه السلام
علی ما نقله السید بن طاوس قدس سره
قال سيّد الجليل علي بن موسي بن طاووس الحسني قدس سره المتوفّي سنة664: فيما نذكره من ألفاظ الزّيارة المنصوص عليها يوم عاشوراء، فمن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلي عبدالله بن جعفر الحميري، قال حدّثنا الحسن بن علي الكوفي عن الحسن بن محمّد الحضرمي عن عبدالله بن سنان قال: دَخَلْتُ عَلَى مَوْلَايَ أبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَ هُوَ مُتَغَيِّرُ اللَّوْنِ، وَ دُمُوعُهُ تَنْحَدِرُ عَلَى خَدَّيْهِ كَاللُّؤْلُؤِ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا سَيِّدِي! مِمَّا بُكَاؤُكَ، لَا أبْكَى اللَّهُ عَيْنَيْكَ؟ فَقَالَ لِي:
أمَا عَلِمْتَ أنَّ فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ أُصِيبَ الْحُسَيْنُ عَلَيْهِ السَّلَامُ؟
فَقُلْتُ: بَلَى يَا سَيِّدِي، وَ إنَّمَا أتَيْتُكَ مُقْتَبِسٌ مِنْكَ فِيهِ عِلْماً، وَ مُسْتَفِيدٌ مِنْكَ، لِتُفِيدَنِي فِيهِ. قَالَ: سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ وَ عَمَّا شِئْتَ. فَقُلْتُ: مَا تَقُولُ يَا سَيِّدِي فِي صَوْمِهِ؟ قَالَ: صُمْهُ مِنْ غَيْرِ تَتْبيتٍ وَ أفْطِرْهُ مِنْ غَيْرِ تَشْمِيتٍ، وَ لَا تَجْعَلْهُ يَوْماً كَامِلًا، وَ لَكِنْ أفْطِرْ بَعْدَ الْعَصْرِ بِسَاعَةٍ وَ لَوْ بِشَرْبَةٍ مِنْ مَاءٍ، فَإنَّ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ، تَجَلَّتِ الْهَيْجَاءُ عَنْ آلِ الرَّسُولِ عَلَيْهِ وَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَانْكَشَفَتِ الْمَلْحَمَةُ عَنْهُمْ، وَ فِي الْأرْضِ مِنْهُمْ ثَلَاثُونَ صَرِيعاً، يَعَزُّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَ آلِهِ مَصْرَعُهُمْ.
قَالَ: ثُمَّ بَكَى بُكَاءً شَدِيداً حَتَّى اخْضَلَّتْ لِحْيَتُهُ بِالدُّمُوعِ، وَ قَالَ:
أ تَدْرِي أيَّ يَوْمٍ كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ؟ قُلْتُ: أنْتَ أعْلَمُ بِهِ مِنِّي يَا مَوْلَايَ. قَالَ:
إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ النُّورَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي أوَّلِ يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَ خَلَقَ الظُّلْمَةَ فِي يَوْمِ الْأرْبِعَاءِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَ جَعَلَ لِكُلٍ مِنْهُمَا شِرْعَةً وَ مِنْهَاجاً.
ص: 205
يَاعَبْدَاللَّهِ بْنَ سِنَانٍ! أفْضَلُ مَاتَأْتِي بِهِ هَذَا الْيَوْمَ أنْ: تَعْمِدَ إلَى ثِيَابٍ طَاهِرَةٍ فَتَلْبَسَهَا وَ تُحِلَّ أزْرَارَكَ وَ تَكْشِفَ عَنْ ذِرَاعَيْكَ وَ عَنْ سَاقَيْكَ، ثُمَى تَخْرُجَ إلَى أرْضٍ مُقْفِرَةٍ حَيْثُ لَا يَرَاكَ أحَدٌ، أوْ فِي دَارِكَ، حِينَ يَرْتَفِعُ النَّهَارُ، وَ تُصَلِّي أرْبَعَ رَكَعَاتٍ، تُسَلِّمُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، تَقْرَأُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى سُورَةَ الْحَمْدِ وَ قُلْ يَا أيُّهَا الْكَافِرُونَ وَفِي الثَّانِيَةِ سُورَةَ الْحَمْدِوَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أحَدٌ، وَ فِي الثَّالِثَةِ سُورَةَ الْحَمْدِ وَ سُورَةَ الْأحْزَابِ وَ فِي الرَّابِعَةِ الْحَمْدَ وَ الْمُنَافِقِينَ، ثُمَّ تُسَلِّمُ وَ تُحَوِّلُ وَجْهَكَ نَحْوَ قَبْرِ أبِي عَبْدِاللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ تُمَثِّلُ بَيْنَ يَدَيْكَ مَصْرَعَهُ، وَ تُفْرِغُ ذِهْنَكَ وَ جَمِيعَ بَدَنِكَ، وَ تَجْمَعُ لَهُ عَقْلَكَ، ثُمَّ تَلْعَنُ قَاتِلَهُ ألْفَ مَرَّةٍ، يُكْتَبُ لَكَ بِكُلِّ لَعْنَةٍ ألْفُ حَسَنَةٍ وَ يُمْحَى عَنْكَ ألْفُ سَيِّئَةٍ، وَ يُرْفَعُ لَكَ ألْفُ دَرَجَةٍ فِي الْجَنَّةِ، ثُمَّ تَسْعَى مِنَ الْ َوْضِعِ الَّذِي صَلَّيْتَ فِيهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَ أنْتَ تَقُولُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ مِنْ سَعْيِكَ: إنَّا لِلَّهِ وَ إنَّا إلَيْهِ راجِعُونَ رِضًا بِقَضَاءِ اللَّهِ وَ تَسْلِيماً لِأمْرِهِ، سَبْعَ مَرَّاتٍ وَ أنْتَ فِي كُلِّ ذَلِكَ عَلَيْكَ الْكَآبَةُ وَ الْحَزَنُ، ثَاكِلًا حَزِيناً مُتَأسِّفاً. فَإذَا فَرَغْتَ مِنْ ذَلِكَ، وَقَفْتَ فِي مَوْضِعِكَ الَّذِي صَلَّيْتَ فِيهِ، وَقُلْتَ سَبْعِينَ مَرَّةً: اللَّهُمَّ عَذِّبِ الَّذِينَ حَارَبُوا رُسُلَكَ، وَ شَاقُّوكَ، وَ عَبَدُوا غَيْرَكَ، وَ اسْتَحَلُّوا مَحَارِمَكَ، وَ الْعَنِ الْقَادَةَ وَ الْأتْبَاعَ، وَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ، وَمَنْ رَضِيَ بِفِعْلِهِمْ، لَعْناً كَثِيراً.
ثُمَّ تَقُولُ:
اللَّهُمَّ فَرِّجْ عَنْ أهْلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ، وَ اسْتَنْقِذْهُمْ مِنْ أيْدِي الْمُنَافِقِينَ وَ الْكُفَّارِ وَ الْجَاحِدِينَ، وَ امْنُنْ عَلَيْهِمْ، وَ افْتَحْ لَهُمْ
ص: 206
فَتْحاً يَسِيراً، وَ اجْعَلْ لَهُمْ مِنْ لَدُنْكَ عَلَى عَدُوِّكَ وَ عَدُوِّهِمْ سُلْطَاناً نَصِيراً.
ثُمَّ اقْنُتْ بَعْدَ الدُّعَاءِ وَ قُلْ فِي قُنُوتِكَ:
اللَّهُمَّ إنَّ الْأُمَّةَ خَالَفَتِ الْأئِمَّةَ، وَ كَفَرُوا بِالْكَلِمَةِ، وَ أقَامُوا عَلَى الضَّلَالَةِ وَ الْكُفْرِ وَ الرَّدَى، وَ الْجَهَالَةِ وَ الْعَمَى، وَ هَجَرُوا الْكِتَابَ الَّذِي أمَرْتَ بِمَعْرِفَتِهِ وَ الْوَصِيَّ الَّذِي أمَرْتَ بِطَاعَتِهِ، فَأمَاتُوا الْحَقَّ، وَ عَدَلُوا عَنِ الْقِسْطِ، وَ أضَلُّوا الْأُمَّةَ عَنِ الْحَقِّ، وَ خَالَفُوا السُّنَّةَ، وَ بَدَّلُوا الْكِتَابَ، وَ مَلَكُوا الْأحْزَابَ، وَ كَفَرُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ، وَ تَمَسَّكُوا بِالْبَاطِلِ، وَ ضَيَّعُوا الْحَقَّ، وَ أضَلُّوا خَلْقَكَ، وَقَتَلُوا أوْلَادَ نَبِيِّكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ خِيَرَةَ عِبَادِكَ وَ أصْفِيَائِكَ، وَ حَمَلَةَ عَرْشِكَ، وَ خَزَنَةَ سِرِّكَ، وَ مَنْ جَعَلْتَهُمُ الْحُكَّامَ فِي سَمَاوَاتِكَ وَ أرْضِكَ. اللَّهُمَّ فَزَلْزِلْ أقْدَامَهُمْ، وَ أخْرِبْ دِيَارَهُمْ، وَ اكْفُفْ سِلَاحَهُمْ وَ أيْدِيَهُمْ، وَ ألْقِ الِاخْتِلَافَ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَ أوْهِنْ كَيْدَهُمْ وَ اضْرِبْهُمْ بِسَيْفِكَ الصَّارِمِ، وَ حَجَرِكَ الدَّامِغِ، وَ طُمَّهُمْ بِالْبَلَاءِ طَمّاً، وَ ارْمِهِمْ بِالْبَلَ ءِ رَمْياً، وَ عَذِّبْهُمْ عَذَاباً شَدِيداً نُكْراً، وَ ارْمِهِمْ بِالْغَلَاءِ، وَخُذْهُمْ بِالسِّنِينَ الَّذِي أخَذْتَ بِهَا أعْدَاءَكَ، وَ أهْلِكْهُمْ بِمَا أهْلَكْتَهُمْ بِهِ. اللَّهُمَّ وَ خُذْهُمْ أخْذَ الْقُرَى وَ هِيَ ظالِمَةٌ، إنَّ أخْذَهَا ألِيمٌ شَدِيدٌ. اللَّهُمَّ إنَّ سُبُلَكَ ضَائِعَةٌ، وَ أحْكَامَكَ مُعَطَّلَةٌ، وَ أهْلَ نَبِيِّكَ فِي الْأرْضِ هَائِمَةٌ كَالْوَحْشِ السَّائِمَةِ. اللَّهُمَّ أعْلِ الْحَقَّ، وَ اسْتَنْقِذِ الْخَلْقَ، وَ امْنُنْ عَلَيْنَا بِالنَّجَاةِ، وَ اهْدِنَا لِلْإيمَانِ، وَ عَجِّلْ فَرَجَنَا بِالْقَائِمِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَ اجْعَلْهُ لَنَا رِدْءاً، وَاجْعَلْنَا لَهُ رِفْداً. اللَّهُمَّ وَ أهْلِكْ مَنْ جَعَلَ قَتْلَ أهْلِ بَيْتِ نَبِيِّكَ عِيداً، وَ اسْتَهَلَّ فَرَحاً وَ سُرُوراً وَ خُذْ آخِرَهُمْ بِمَا أخَذْتَ بِهِ أوَّلَهُمْ. اللَّهُمَّ أضْعِفِ الْبَلَاءَ وَ الْعَذَابَ وَ التَّنْكِيلَ عَلَى الظَّالِمِينَ،
ص: 207
مِنَ الْأوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ، وَ عَلَى ظَالِمِي آلِ بَيْتِ نَبِيِّكَ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ زِدْهُمْ نَكَالًا وَ لَعْنَةً، وَ أهْلِكْ شِيعَتَهُمْ وَ قَادَتَهُمْ وَ جَمَاعَتَهُمْ. اللَّهُمَّ ارْحَمِ الْعِتْرَةَ الضَّائِعَةَ الْمَقْتُولَةَ الذَّلِيلَةَ مِنَ الشَّجَرَةِ الطَّيِّبَةِ الْمُبَارَكَةِ. اللَّهُمَّ أعْلِ كَلِمَتَهُمْ، وَ أفْلِجْ حُجَّتَهُمْ، وَ ثَبِّتْ قُلُوبَهُمْ وَ قُلُوبَ شِيعَتِهِمْ عَلَى مُوَالَاتِهِمْ وَ انْصُرْهُمْ، وَ أعِنْهُمْ وَ صَبِّرْهُمْ عَلَى الْأذَى فِي جَنْبِكَ، وَ اجْعَلْ لَهُمْ أيَّاماً مَشْهُودَةً، وَ أيَّاماً مَعْلُومَةً، كَمَا ضَمِنْتَ لِأوْلِيَائِكَ فِي كِتَابِكَ الْمُنْزَلِ، فَإنَّكَ قُلْتَ: «وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أمْناً »(1).اللَّهُمَّ أعْلِ كَلِمَتَهُمْ، يَا لَا إلَهَ إلَّا أنْتَ يَا لَا إلَهَ إلَّا أنْتَ يَا لَا إلَهَ إلَّا أنْتَ،يَا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، فَإنِّي عَبْدُكَ الْخَائِفُ مِنْكَ، وَ الرَّاجِعُ إلَيْكَ، وَ السَّائِلُ لَدَيْكَ، وَ الْمُتَوَكِّلُ عَلَيْكَ، وَ اللَّاجِئُ بِفِنَائِكَ، فَتَقَبَّلْ دُعَائِي، وَ اسْمَعْ نَجْوَايَ، وَ اجْعَلْنِي مِمَّنْ رَضِيتَ عَمَلَهُ وَ هَدَيْتَهُ، وَ قَبِلْتَ نُسُكَهُ وَ انْتَجَبْتَهُ(2)بِرَحْمَتِكَ إنَّكَ أنْتَ الْعَزِيزُ الْوَهَّابُ. أسْألُكَ يَا اللَّهُ، بِلَا إلَهَ إلَّا أنْتَ ألَّا تُفَرِّقَ بَيْنِي وَ بَيْنَ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، الْأئِمَّةِ
صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ وَ اجْعَلْنِي مِنْ شِيعَةِ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ.
(وَ تَذْكُرُهُمْ وَاحِداً وَاحِداً بِأسْمَائِهِمْ إلَى الْقَائِمِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)(3)، وَ أدْخِلْنِي فِيمَا أدْخَلْتَهُمْ فِيهِ، وَ أخْرِجْنِي مِمَّا أخْرَجْتَهُمْ مِنْهُ.
ثُمَّ عَفِّرْ خَدَّيْكَ عَلَى الْأرْضِ وَ قُلْ:
ص: 208
يَا مَنْ يَحْكُمُ بِمَا يَشَاءُ، وَ يَعْمَلُ مَا يُرِيدُ، أنْتَ حَكَمْتَ فِي أهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ مَا حَكَمْتَ، فَلَكَ الْحَمْدُ مَحْمُوداً مَشْكُوراً، وَ عَجِّلْ فَرَجَهُمْ وَ فَرَجَنَا بِهِمْ فَإنَّكَ ضَمِنْتَ إعْزَازَهُمْ بَعْدَ الذِّلَّةِ وَ تَكْثِيرَهُمْ بَعْدَ الْقِلَّةِ، وَ إظْهَارَهُمْ بَعْدَ الْخُمُولِ، يَا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. أسْألُكَ يَا إلَهِي وَ سَيِّدِي بِجُودِكَ وَ كَرَمِكَ، أنْ تُبْلِغَنِي أمَلِي، وَتَشْكُرَ قَلِيلَ عَمَلِي، وَ أنْ تَزِيدَ فِي أيَّامِي، وَ تُبَلِّغَنِي ذَلِكَ الْمَشْهَدَ، وَتَجْعَلَنِي مِنَ الَّذِينَ دُعِيَ فَأجَابَ إلَى طَاعَتِهِمْ وَ مُوَالَاتِهِمْ، وَ أرِنِي ذَلِكَ قَرِيباً سَرِيعاً إنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ.
وَ ارْفَعْ رَأْسَكَ إلَى السَّمَاءِ، فَإنَّ ذَلِكَ أفْضَلُ مِنْ حَجَّةٍ وَ عُمْرَةٍ. وَ اعْلَمْ أنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يُعْطِي مَنْ صَلَّى هَذِهِ الصَّلَاةَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَ دَعَا بِهَذَا الدُّعَاءِ عَشْرَ خِصَالٍ، مِنْهَا: أنَّ اللَّهَ عَزَّوَجَلَّ يُوقِيهِ مِنْ مِيتَةِ السَّوْءِ، وَ لَا يُعَاوِنُ عَلَيْهِ عَدُوّاً إلَى أنْ يَمُوتَ، وَ يُوقِيهِ مِنَ الْمَكَارِهِ وَ الْفَقْرِ، وَ يُؤْمِنُهُ اللَّهُ مِنَ الْجُنُونِ وَ الْجُذَامِ، وَ يُؤْمِنُ وُلْدَهُ مِنْ ذَلِكَ إلَى أرْبَعِ أعْقَابٍ، وَ لَا يَجْعَلُ لِلشَّيْطَانِ وَ لَا لِأوْلِيَائِهِ عَلَيْهِ سَبِيلًا.
قَالَ: قُلْتُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي مَنَّ عَلَيَّ بِمَعْرِفَتِكُمْ وَ مَعْرِفَةِ حَقِّكُمْ وَ أدَاءِ مَا افْتَرَضَ لَكُمْ، بِرَحْمَتِهِ وَ مَنِّهِ وَ هُوَ حَسْبِي وَ نِعْمَ الْوَكِيل.(1)
ص: 209
ص: 210
قَالَ الْحُجَّةُ عَجَّلَ اللَّهُ فَرْجَهُ
فلأَندُبَنَّكَ صَباحاً وَ مَساءاً و لأَبكِيَنَّ عَلَيكَ لک بَدَلَ الدُّمُوعِ دَماً
ص: 211
ص: 212
ص: 213
ص: 214
قال الشّيخ المفيد قدّس اللّه روحه: زيارة أخْرى في يوْم عاشوراء برواية أخرى(1)إذا أردْت زيارته بها في هذا اليوم فقف عليه صلوات الله عليه(2)وقل:
السَّلَامُ عَلَى آدَمَ صَفْوَةِ اللَّهِ مِنْ خَلِيقَتِهِ، السَّلَامُ عَلَى شَيْثٍ وَلِيِّ اللَّهِ وَ خِيَرَتِهِ، السَّلَامُ عَلَى إدْرِيسَ الْقَائِمِ لِلَّهِ بِحُجَّتِهِ، السَّلَامُ عَلَى نُوحٍ الْمُجَابِ فِي دَعْوَتِهِ، السَّلَامُ عَلَى هُودٍ الْمَمْدُودِ مِنَ اللَّهِ بِمَعُونَتِهِ، السَّلَامُ عَلَى صَالِحٍ الَّذِي تَوَّجَهُ اللهُ بِكَرَامَتِهِ، السَّلَامُ عَلَى إبْرَاهِيمَ الَّذِي حَبَاهُ اللَّهُ بِخَلَّتِهِ، السَّلَامُ عَلَى إسْمَاعِيلَ الَّذِي فَدَاهُ اللَّهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ مِنْ جَنَّتِهِ، السَّلَامُ عَلَى إسْحَاقَ الَّذِي جَعَلَ اللَّهُ النُّبُوَّةَ فِي ذُرِّيَّتِهِ، السَّلَامُ عَلَى يَعْقُوبَ الَّذِي رَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ بَصَرَهُ بِرَحْمَتِهِ، السَّلَامُ عَلَى يُوسُفَ الَّذِي نَجَّاهُ اللَّهُ مِنَ الْجُبِّ بِعَظَمَتِهِ، السَّلَامُ عَلَى مُوسَى الَّذِي فَلَقَ اللَّهُ الْبَحْرَ لَهُ بِقُدْرَتِهِ، السَّلَامُ عَلَى هَارُونَ الَّذِي خَصَّهُ اللَّهُ بِنُبُوَّتِهِ، السَّلَامُ عَلَى شُعَيْبٍ الَّذِي نَصَرَهُ اللَّهُ عَلَى
ص: 215
أُمَّتِهِ، السَّلَامُ عَلَى دَاوُدَ الَّذِي تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ خَطِيئَتِهِ، السَّلَامُ عَلَى سُلَيْمَانَ الَّذِي ذَلَّتْ لَهُ الْجِنُّ بِعِزَّتِهِ، السَّلَامُ عَلَى أيُّوبَ الَّذِي شَفَاهُ اللَّهُ مِنْ عِلَّتِهِ، (السَّلَامُ عَلَى يُونُسَ الَّذِي أنْجَزَ اللَّهُ لَهُ مَضْمُونَ عِدَتِهِ)(1)، السَّلَامُ عَلَى عُزَيْرٍ الَّذِي أحْيَاهُ اللَّهُ بَعْدَ مَيْتَتِهِ، السَّلَامُ عَلَى زَكَرِيَّا الصَّابِرِ فِي مِحْنَتِهِ، السَّلَامُ عَلَى يَحْيَى الَّذِي أزْلَفَهُ اللَّهُ بِشَهَادَتِهِ، السَّلَامُ عَلَى عِيسَى رُوحِ اللَّهِ وَ كَلِمَتِهِ، السَّلَامُ عَلَى مُحَمَّدٍ حَبِيبِ اللَّهِ وَ صَفْوَتِهِ، السَّلَامُ عَلَى أمِيرِالْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أبِي طَالِبٍ الْمَخْصُوصِ بِأُخُوَّتِهِ، (السَّلَامُ عَلَى فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ ابْنَتِهِ، السَّلَامُ عَلَى أبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ وَصِيِّ أبِيهِ وَ خَلِيفَتِهِ، السَّلَامُ عَلَى الْحُسَيْنِ الَّذِي سَمَحَتْ نَفْسُهُ بِمُهْجَتِهِ. السَّلَامُ عَلَى مَنْ أطَاعَ اللَّهَ فِي سِرِّهِ وَ عَلَانِيَتِهِ، السَّلَامُ عَلَى مَنْ جَعَلَ اللَّهُ الشِّفَاءَ فِي ت رْبَتِهِ، السَّلَامُ عَلَى مَنِ الْإجَابَةُ تَحْتَ قُبَّتِهِ، السَّلَامُ عَلَى مَنِ الْأئِمَّةُ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ. السَّلَامُ عَلَى ابْنِ خَاتَمِ الْأنْبِيَاءِ، السَّلَامُ عَلَى ابْنِ سَيِّدِ الْأوْصِيَاءِ، السَّلَامُ عَلَى ابْنِ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ، السَّلَامُ عَلَى ابْنِ خَدِيجَةَ الْكُبْرَى، السَّلَامُ عَلَى ابْنِ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، السَّلَامُ عَلَى ابْنِ جَنَّةِ الْمَأْوَى، السَّلَامُ عَلَى ابْنِ زَمْزَمَ وَ الصَّفَا. السَّلَامُ عَلَى الْمُرَمَّلِ بِالدِّمَاءِ، السَّلَامُ عَلَى الْمَهْتُوكِ الْخِبَاءِ، السَّلَامُ عَلَى خَامِسِ أصْحَابِ أهْلِ الْكِسَاءِ، السَّلَامُ عَلَى غَرِيبِ الْغُرَبَاءِ، السَّلَامُ عَلَى شَهِيدِ الشُّهَدَاءِ، السَّلَامُ عَلَى قَتِيلِ الْأدْعِيَاءِ، السَّلَامُ عَلَى سَاكِنِ كَرْبَلَاءَ، السَّلَامُ عَلَى مَنْ بَكَتْهُ مَلَائِكَةُ السَّمَاءِ، السَّلَامُ عَلَى مَنْ ذُرِّيَّتُهُ الْأزْكِيَاءُ. السَّلَامُ عَلَى يَعْسُوبِ الدِّينِ، السَّلَامُ عَلَى مَنَازِلِ الْبَرَاهِينِ. السَّلَامُ عَلَى الْأئِمَّةِ السَّادَاتِ، السَّلَامُ عَلَى الْجُيُوبِ
ص: 216
الْمُضَرَّجَاتِ، السَّلَامُ عَلَى الشِّفَاهِ الذَّابِلَات، السَّلَامُ عَلَى النُّفُوسِ الْمُصْطَلَمَاتِ، السَّلَامُ عَلَى الْأرْوَاحِ الْمُخْتَلَسَاتِ، السَّلَامُ عَلَى الْأجْسَادِ الْعَارِيَاتِ، السَّلَامُ عَلَى الْجُسُومِ الشَّاحِبَاتِ، السَّلَامُ عَلَى الدِّمَاءِ السَّائِلَاتِ، السَّلَامُ عَلَى الْأعْضَاءِ الْمُقَطَّعَاتِ، السَّلَامُ عَلَى الرُّءُوسِ الْمُشَالَاتِ، السَّلَامُ عَلَى النِّسْوَةِ الْبَارِزَاتِ. السَّلَامُ عَلَى حُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، السَّلَامُ عَلَيْكَ وَ عَلَى آبَائِكَ الطَّاهِرِينَ، السَّلَامُ عَلَيْكَ وَ عَلَى أبْنَائِكَ الْمُسْتَشْهَدِينَ، السَّلَامُ عَلَيْكَ وَ عَلَى ذُرِّيَّتِكَ النَّاصِرِينَ، السَّلَامُ عَلَيْكَ وَ عَلَى الْمَلَائِكَةِ الْمُضَاجِعِينَ. السَّلَامُ عَلَى الْقَتِيلِ الْمَظْلُومِ، السَّلَامُ عَلَى أخِيهِ الْمَسْمُومِ. السَّلَامُ عَلَى عَلِيٍّ الْكَبِيرِ، السَّلَامُ عَلَى الرَّضِيعِ الصَّغِيرِ. السَّلَامُ عَلَى الْأبْدَانِ السَّلِيبَةِ، السَّلَامُ عَلَى الْعِتْرَةِ الْقَرِيبَةِ. السَّلَامُ عَلَى الْمُجَدَّلِين فِي الْفَلَوَاتِ. السَّلَامُ عَلَى النَّازِحِينَ عَنِ ال أوْطَانِ، السَّلَامُ عَلَى الْمَدْفُونِينَ بِلَا أكْفَانٍ، السَّلَامُ عَلَى الرُّءوُسِ الْمُفَرَّقَةِ عَنِ الْأبْدَانِ. السَّلَامُ عَلَى الْمُحْتَسِبِ الصَّابِرِ، السَّلَامُ عَلَى الْمَظْلُومِ بِلَا نَاصِرٍ.
السَّلَامُ عَلَى سَاكِنِ التُّرْبَةِ الزَّاكِيَةِ)(1)، السَّلَامُ عَلَى صَاحِبِ الْقُبَّةِ السَّامِيَةِ. السَّلَامُ عَلَى مَنْ طَهَّرَهُ الْجَلِيلُ، السَّلَامُ عَلَى مَنِ افْتَخَرَ بِهِ جَبْرَئِيلُ، السَّلَامُ عَلَى مَنْ نَاغَاهُ فِي الْمَهْدِ مِيكَائِيلُ. السَّلَامُ عَلَى مَنْ نُكِثَتْ ذِمَّتُهُ، السَّلَامُ عَلَى مَنْ هُتِكَتْ حُرْمَتُهُ، السَّلَامُ عَلَى مَنْ أُرِيقَ بِالظُّلْمِ دَمُهُ. السَّلَامُ عَلَى الْمُغَسَّلِ(2)بِدَمِ الْجِرَاحِ، السَّلَامُ عَلَى الْمُجَرَّعِ بِكَأسَاتِ الرِّمَاحِ، السَّلَامُ عَلَى الْمُضَامِ الْمُسْتَبَاحِ. السَّلَامُ عَلَى الْمَنْحُور(3)فِي الْوَرَى، السَّلَامُ عَلَى مَنْ (تَوَلَّى)(4)دَفْنَهُ
ص: 217
أهْلُ الْقُرَى. السَّلَامُ عَلَى الْمَقْطُوعِ الْوَتِينِ، السَّلَامُ عَلَى الْمُحَامِي بِلَا مُعِينٍ. السَّلَامُ عَلَى الشَّيْبِ الْخَضِيبِ، السَّلَامُ عَلَى الْخَدِّ التَّرِيبِ، السَّلَامُ عَلَى الْبَدَنِ السَّلِيبِ، السَّلَامُ عَلَى الثَّغْرِ الْمَقْرُوعِ بِالْقَضِيبِ. (السَّلَامُ عَلَى الْوَدْجِ الْمَقْطُوع)(1) ، السَّلَامُ عَلَى الرَّأْسِ الْمَرْفُوعِ. السَّلَامُ عَلَى الْأجْسَامِ الْعَارِيَةِ فِي الْفَلَوَاتِ، تَنْهَشُهَا الذِّئَابُ الْعَادِيَاتُ، وَتَخْتَلِفُ إلَيْهَا السِّبَاعُ الضَّارِيَاتُ. السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مَوْلَايَ وَ عَلَى الْمَلَائِكَةِ الْمَرْفُوفِينَ حَوْلَ قُبَّتِكَ، الْحَافِّينَ بِتُرْبَتِكَ، الطَّائِفِينَ بِعَرْصَتِكَ، الْوَارِدِينَ لِزِيَارَتِكَ. السَّلَامُ عَلَيْكَ فَإنِّي قَصَدْتُ إلَيْكَ، وَ رَجَوْتُ الْفَوْزَ لَدَيْكَ. السَّلَامُ عَلَيْكَ سَلَامَ الْعَارِفِ بِحُرْمَتِكَ، الْمُخْلِصِ فِي وَلَايَتِكَ، الْمُتَقَرِّبِ إلَى اللَّهِ بِمَحَبَّتِكَ، الْبَرِي ءِ مِنْ أعْدَائِكَ . سَلَامَ مَنْ قَلْبُهُ بِمُصَابِكَ مَقْرُوحٌ، وَ دَمْعُهُ عِنْدَ ذِكْرِكَ مَسْفُوحٌ؛ سَلَامَ الْمَفْجُوعِالْحَزِينِ(2)، الْوَالِهِ الْمُسْتَكِينِ؛ سَلَامَ مَنْ لَوْ كَانَ مَعَكَ بِالطُّفُوفِ، لَوَقَاكَ بِنَفْسِهِ حَدَّ السُّيُوفِ، وَ بَذَلَ حُشَاشَتَهُ دُونَكَ لِلْحُتُوفِ وَ جَاهَدَ بَيْنَ يَدَيْكَ، وَ نَصَرَكَ عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيْكَ، وَ فَدَاكَ بِرُوحِهِ وَ جَسَدِهِ وَ مَالِهِ وَ وَلَدِهِ، وَ رُوحُهُ لِرُوحِكَ فِدَاءٌ، وَ أهْلُهُ لِأهْلِكَ وِقَاءٌ ؛ فَلَئِنْ أخَّرَتْنِي الدُّهُورُ، وَ عَاقَنِي عَنْ نَصْرِكَ الْمَقْدُورُ، وَ لَمْ أكُنْ لِمَنْ حَارَبَكَ مُحَارِباً، وَ لِمَنْ نَصَبَ لَكَ الْعَدَاوَةَ مُنَاصِباً، فَلَأنْدُبَنَّكَ صَبَاحاً وَ مَسَاءً، وَ لَأبْكِيَنَّ لَكَ(3) بَدَلَ الدُّمُوعِ دَماً(4)،
ص: 218
حَسْرَةً عَلَيْكَ وَ تَأسُّفاً عَلَى مَا دَهَاكَ، وَ تَلَهُّفاً حَتَّى أمُوتَ بِلَوْعَةِ الْمُصَابِ، وَ غُصَّةِ الِاكْتِيَابِ. أشْهَدُ أنَّكَ قَدْ أقَمْتَ الصَّلَاةَ، وَ آتَيْتَ الزَّكَاةَ، وَ أمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ، وَ نَهَيْتَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ الْعُدْوَانِ، وَ أطَعْتَ اللَّهَ وَ مَا عَصَيْتَهُ، وَ تَمَسَّكْتَ بِهِ وَ بِحَبْلِهِ فَأرْضَيْتَهُ وَ خَشِيتَهُ، وَ رَاقَبْتَهُ وَ اسْتَجَبْتَهُ، وَ سَنَنْتَ السُّنَنَ وَ أطْفَأْتَ الْفِتَنَ وَ دَعَوْتَ إلَى الرَّشَادِ وَ أوْضَحْتَ سُبُلَ السَّدَادِ وَ جَاهَدْتَ فِي اللَّهِ حَقَّ الْجِهَادِ، وَ كُنْتَ لِلَّهِ طَائِعاً، وَ لِجَدِّكَ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَ آلِهِ تَابِعاً، وَ لِقَوْلِ أبِيكَ سَامِعاً، وَإلَى وَصِيَّةِ أخِيكَ مُسَارِعاً، وَ لِعِمَادِ الدِّينِ رَافِعاً، وَ لِلطُّغْيَانِ قَامِعاً، وَ لِلطُّغَاةِ مُقَارِعاً، وَ لِلْأُمَّةِ نَاصِحاً، وَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ سَابِحاً، وَ لِلْفُسَّاقِ مُكَافِحاً، وَ بِحُجَجِ اللَّهِ قَائِماً، وَ لِلْإسْلَامِ وَ الْمُسْلِمِينَ
رَاحِماً، وَ لِلْحَقِّ نَاصِراً، وَ عِنْدَ الْبَلَاءِ صَابِراً، وَ لِلدِّينِ كَالِئاً، وَ عَنْ حَوْزَتِهِ مُرَامِياً، (وَ عَنْ شَرِيعَتِهِ مُحَامِيَاً)(1).تَحُوطُ الْهُدَى وَ تَنْصُرُهُ، وَ تَبْسُطُ الْعَدْلَ وَ تَنْشُرُهُ وَ تَنْصُرُ الدِّينَ وَ تُظْهِرُهُ، وَ تَكُفُّ الْعَابِثَ وَ تَزْجُرُهُ ؛ وَ تَأْخُذُ لِلدَّنِيِّ مِنَ الشَّرِيفِ، وَ تُسَاوِي فِي الْحُكْمِ بَيْنَ الْقَوِيِّ وَ الضَّعِيفِ. كُنْتَ رَبِيعَ الْأيْتَامِ، وَ عِصْمَةَ الْأنَامِ، وَ عِزَّ الْإسْلَامِ، و مَعْدِنَ الْأحْكَامِ، وَ حَلِيفَ الْإنْعَامِ.
ص: 219
سَالِكاً طَرَائِقَ جَدِّكَ وَ أبِيكَ، مُشَبَّهاً(1)فِي الْوَصِيَّةِ لِأخِيكَ. وَفِيَّ الذِّمَمِ، رَضِيَّ الشِّيَمِ، ظَاهِرَ الْكَرَمِ، مُتَهَجِّداً فِي الظُّلَمِ. قَوِيمَ الطَّرَائِقِ، كَرِيمَ الْخَلَائِقِ، عَظِيمَ السَّوَابِقِ. شَرِيفَ النَّسَبِ، مُنِيفَ الْحَسَبِ، رَفِيعَ الرُّتَبِ. كَثِيرَ الْمَنَاقِبِ، مَحْمُودَ الضَّرَائِبِ، جَزِيلَ الْمَوَاهِبِ. حَلِيمٌ رَشِيدٌ، مُنِيبٌ جَوَادٌ، عَلِيمٌ شَدِيدٌ، إمَامٌ شَهِيدٌ، أوَّاهٌ مُنِيبٌ، حَبِيبٌ مَهِيبٌ. كُنْتَ لِلرَّسُولِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَلَداً، وَ لِلْقُرْآنِ مُنْقِذاً، وَ لِلْأُمَّةِ عَضُداً، وَ فِي الطَّاعَةِ مُجْتَهِداً. حَافِظاً لِلْعَهْدِ وَ الْمِيثَاقِ، نَاكِباً عَنِ سُبُلِ الْفُسَّاقِ ؛ (وَ)(2)بَاذِلًا لِلْمَجْهُودِ، طَوِيلَ الرُّكُوعِ وَ السُّجُودِ. زَاهِداً فِي الدُّنْيَا زُهْدَ الرَّاحِلِ عَنْهَا، نَاظِراً إلَيْهَا بِعَيْنِ الْمُسْتَوْحِشِينَ مِنْهَا. آمَالُكَ عَنْهَا مَكْفُوفَةٌ وَ هِمَّتُكَ عَنْ زِينَتِهَا مَصْرُوفَةٌ وَ ألْحَاظُكَ عَنْ بَهْجَتِهَا مَطْرُوفَةٌ وَ رَغْبَتُكَ فِي الْآخِرَةِ مَعْرُوفَةٌ. حَتَّى إذَاالْجَوْرُ مَدَّ بَاعَهُ وَ أسْفَرَ الظُّلْمُ قِنَاعَهُ وَ دَعَا الْغَيُّ أتْبَاعَهُ وَ أنْتَ فِي حَرَمِ جَدِّكَ قَاطِنٌ وَ لِلظَّالِمِينَ مُبَايِنٌ. جَلِيسُ الْبَيْتِ وَ الْمِحْرَابِ، مُعْتَزِلٌ عَنِ اللَّذَّاتِ وَ الشَّهَوَاتِ. تُنْكِرُ الْمُنْكَرَ بِقَلْبِكَ وَ لِسَانِكَ، عَلَى حَسَبِ(3)طَاقَتِكَ وَ إمْكَانِكَ. ثُمَّ اقْتَضَاكَ الْعِلْمُ لِلْإنْكَارِ، وَ لَزِمَكَ أنْ تُجَاهِدَ الْفُجَّارَ؛ فَسِرْتَ فِي أوْلَادِكَ وَ أهَالِيكَ، وَ شِيعَتِكَ وَ مَوَالِيكَ، وَ صَدَعْتَ بِالْحَقِّ وَ الْبَيِّنَةِ، وَ دَعَوْتَ إلَى اللَّهِ بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ، وَ أمَرْتَ بِإقَامَةِ الْحُدُودِ وَ الطَّاعَةِ لِلْمَعْبُودِ، وَ نَهَيْتَ عَنِ الْخَبَائِثِ وَ الطُّغْيَانِ، وَ وَاجَهُوكَ بِالظُّلْمِ وَ الْعُدْوَانِ؛ فَجَاهَدْتَهُمْ بَعْدَ الْإيعَازِ لَهُمْ وَ تَأْكِيدِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ،
ص: 220
فَنَكَثُوا ذِمَامَكَ وَ بَيْعَتَكَ، وَ أسْخَطُوا رَبَّكَ وَجَدَّكَ، وَ بَدَءُوكَ بِالْحَرْبِ، فَثَبَتَّ لِلطَّعْنِ وَ الضَّرْبِ، وَ طَحَنْتَ جُنُودَ الْفُجَّارِ، وَ اقْتَحَمْتَ قَسْطَلَ الْغُبَارِ، مُجَالِداً بِذِي الْفَقَارِ، كَأنَّكَ عَلِيٌّ الْمُخْتَارُ؛ فَلَمَّا رَأوْكَ ثَابِتَ الْجَأْشِ، غَيْرَ خَائِفٍ وَ لَا خَاشٍ ؛ نَصَبُوا لَكَ غَوَائِلَ مَكْرِهِمْ، وَ قَاتَلُوكَ بِكَيْدِهِمْ وَ شَرِّهِمْ؛ وَ أمَرَ اللَّعِينُ جُنُودَهُ، فَمَنَعُوكَ الْمَاءَ وَ وُرُودَهُ ؛ وَ نَاجَزُوكَ الْقِتالُ، وَ عَاجَلُوكَ النُّزَّالُ، وَ رَشَقُوكَ بِالسِّهَامِ وَ النِّبَالِ، وَ بَسَطُوا إلَيْكَ أكُفَّ الِاصْطِلَامِ؛ وَ لَمْ يَرْعَوْا لَكَ ذِمَاماً، وَ لَا رَاقَبُوا فِيكَ أثَاماً، فِي قَتْلِهِمْ أوْلِيَاءَكَ، وَ نَهْبِهِمْ رِحَالَكَ؛ وَ أنْتَ مُقَدَّمٌ فِي الْهَبَوَاتِ، وَ مُحْتَمِلٌ لِلْأذِيَّاتِ، (1)قَدْ عَجِبَتْ مِنْ صَبْرِكَ مَلَائِكَةُ السَّمَاوَاتِ، فَأحْدَقُوا بِكَ مِنْ كُلِّ الْجِهَاتِ ؛ وَ أثْخَنُوكَ بِالْجِرَاحِ، وَ حَالُوا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ الرَّوَاحِ ؛ وَ لَمْ يَبْقَ لَكَ نَاصِرٌ، وَ أنْتَ مُحْتَسِبٌ صَابِرٌ ؛تَذُبُّ عَنْ نِسْوَتِكَ وَ أوْلَادِكَ، حَتَّى نَكَسُوكَ عَنْ جَوَادِكَ؛ فَهَوَيْتَ إلَى الْأرْضِ جَرِيحاً، تَطَئُوكَ الْخُيُولُ بِحَوَافِرِهَا(2)، أوْ تَعْلُوكَ الطُّغَاةُ بِبَوَاتِرِهَا. قَدْ رَشَحَ لِلْمَوْتِ جَبِينُكَ، وَ اخْتَلَفَتْ بِالِانْقِبَاضِ وَ الِانْبِسَاطِ شِمَالُكَ وَيَمِينُكَ. تُدِيرُ طَرْفاً خَفِيّاً إلَى رَحْلِكَ وَ بَيْتِكَ، وَ قَدْ شُغِلْتَ بِنَفْسِكَ عَنْ وُلْدِكَ وَ أهَالِيكَ(3).وَ أسْرَعَ فَرَسُكَ شَارِداً، (وَ)(4)إلَى خِيَامِكَ قَاصِداً، مُحَمْحِماً بَاكِياً. فَلَمَّا رَأيْنَ النِّسَاءُ جَوَادَكَ مَخْزِياً، وَ نَظَرْنَ سَرْجَكَ عَلَيْهِ مَلْوِيّاً ؛بَرَزْنَ مِنَ الْخُدُورِ، نَاشِرَاتِ الشُّعُورِ، عَلَى الْخُدُودِ لَاطِمَاتِ الْوُجُوهِ سَافِراتٍ، وَ بِالْعَوِيلِ دَاعِيَاتٍ، وَ بَعْدَ الْعِزِّ مُذَلَّلَاتٍ، وَ إلَى
ص: 221
مَصْرَعِكَ مِبَادِرَاتٍ. وَ الشِّمْرُ جَالِسٌ عَلَى صَدْرِكَ، وَ مُولِغٌ سَيْفَهُ عَلَى نَحْرِكَ، قَابِضٌ عَلَى شَيْبَتِكَ بِيَدِهِ، ذَابِحٌ لَكَ بِمُهَنَّدِهِ. قَدْ سَكَنَتْ حَوَاسُّكَ، وَ خَفِيَتْ أنْفَاسُكَ، وَ رُفِعَ عَلَى الْقَنَاةِ رَأْسُكَ. وَ سُبِيَ أهْلُكَ كَالْعَبِيدِ، وَ صُفِّدُوا فِي الْحَدِيدِ فَوْقَ أقْتَابِ الْمَطِيَّاتِ، تَلْفَحُ وُجُوهَهُمْ حَرُّ الْهَاجِرَاتِ، يُسَاقُونَ فِي الْبَرَارِي وَ الْفَلَوَاتِ ؛ أيْدِيهِمْ مَغْلُولَةٌ إلَى الْأعْنَاقِ، يُطَافُ بِهِمْ فِي الْأسْوَاقِ، فَالْوَيْلُ لِلْعُصَاةِ الْفُسَّاقِ. لَقَدْ قَتَلُوا بِقَتْلِكَ الْإسْلَامَ، وَ عَطَّلُوا الصَّلَاةَ وَ الصِّيَامَ، وَ نَقَضُوا السُّنَنَ وَ الْأحْكَامَ، وَ هَدَمُوا قَوَاعِدَ الْإيمَانِ، وَ حَرَّفُوا آيَاتِ الْقُرْآنِ وَ هَمْلَجُوا فِي الْبَغْيِ وَ الْعُدْوَانِ. لَقَدْ أصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَ آلِهِ مَوْتُوراً، وَ عَادَ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّوَجَلَّ مَهْجُوراً، وَ غُودِرَ الْحَقُّ إذْ قُهِرْتَ مَقْهُوراً وَ فُقِدَ بِفَقْدِكَ التَّكْبِيرُ وَ التَّهْلِيلُ، وَ التَّحْرِيمُ وَ التَّحْلِيل، وَ التَّنْزِيلُ وَ التَّأْوِيلُ، وَ ظَهَرَ بَعْدَكَ التَّغْيِيرُ وَ التَّبْدِيلُ، وَ الْإلْحَادُ وَ التَّعْطِيلُ، وَ الْأهْوَاءُ وَ الْأضَالِيلُ، وَ الْفِتَنُ وَ الْأبَاطِيلُ. فَقَامَ نَاعِيكَ عِنْدَ قَبْرِ جَدِّكَ الرَّسُولِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَ آلِهِ، فَنَعَاكَ إلَيْهِ بِالدَّمْعِ الْهَطُولِ، قَائِلًا: «يَا رَسُولَ اللَّهِ! قُتِلَ سِبْطُكَ وَ فَتَاكَ، وَ اسْتُبِيحَ أهْلُكَ وَ حَمَاكَ، وَ سُبِيَتْ بَعْدَكَ ذَرَارِيكَ، وَ وَقَعَ الْمَحْذُورُ بِعِتْرَتِكَ وَ ذَوِيكَ» ؛ فَانْزَعَجَ الرَّسُولُ، وَ بَكَى قَلْبُهُ الْمَهُولُ، وَ عَزَّاهُ بِكَ الْمَلَائِكَةُ وَ الْأنْبِيَاءُ، وَ فُجِعَتْ بِكَ أُمُّكَ الزَّهْرَاءُ وَ اخْتَلَفَتْ جُنُودُ الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ، تُعَزِّي أبَاكَ أمِيرَالْمُؤْمِنِينَ، وَ أُقِيمَتْ لَكَ الْمَآتِمُ فِي أعْلَى عِلِّيِّينَ، وَ لَطَمَتْ عَلَيْكَ الْحُورُ الْعِينُ وَ بَكَتِ السَّمَاءُ وَ سُكَّانُهَا، وَ الْجِنَانُ وَ خُزَّانُهَا، وَ الْهِضَابُ وَ أقْطَارُهَا(1)، وَ الْبِحَارُ
ص: 222
وَ حِيتَانُهَا، (وَ مَكَّةَ وَ بُنْيَانُهَا)(1)، وَ الْجِنَانُ وَ وِلْدَانُهَا ؛ وَ الْبَيْتُ وَ الْمَقَامُ وَ الْمَشْعَرُ الْحَرَامُ، وَ الْحِلُّ وَ الْإحْرَامُ. اللَّهُمَّ فَبِحُرْمَةِ هَذَا الْمَكَانِ الْمُنِيفِ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ احْشُرْنِي فِي زُمْرَتِهِمْ، وَ أدْخِلْنِي الْجَنَّةَ بِشَفَاعَتِهِمْ. اللَّهُمَّ (فَ)(2)إنِّي أتَوَسَّلُ إلَيْكَ، يَا أسْرَعَ الْحَاسِبِينَ، وَ يَا أكْرَمَ الْأكْرَمِينَ وَ يَا أحْكَمَ الْحَاكِمِينَ، بِمُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ، رَسُولِكَ إلَى الْعَالَمِينَ أجْمَعِينَ، وَ بِأخِيهِ وَ ابْنِ عَمِّهِ الْأنْزَعِ الْبَطِينِ، الْعَالِمِ الْمَكِينِ، عَلِيٍّ أمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَ بِفَاطِمَةَ سَيِّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ، وَ بِالْحَسَنِ الزَّكِيِّ عِصْمَةِ الْمُتَّقِينَ، وَ بِأبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنِ أكْرَمِ الْمُسْتَشْهَدِينَ، وَ بِأوْلَادِهِ الْمَقْتُولِينَ، وَ بِعِتْرَتِهِ الْمَظْلُومِينَ، وَ بِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ زَيْنِ الْعَابِدِينَ، وَ بِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قِبْلَةِ الْأوَّابِينَ، وَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ أصْدَقِ الصَّادِقِينَ، وَ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ مُظْهِرِ الْبَرَاهِينِ، وَ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى نَاصِرِ الدِّينِ، وَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قُدْوَةِ الْمُهْتَدِينَ، وَعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ أزْهَدِ الزَّاهِدِينَ، وَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَارِثِ الْمُسْتَخْلَفِينَ، وَ الْحُجَّةِ عَلَى الْخَلْقِ أجْمَعِينَ، أنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِينَ الْأبَرِّينَ، آلِ طَهَ وَ يَس، وَ أنْ تَجْعَلَنِي فِي الْقِيَامَةِ مِنَ الْآمِنِينَ الْمُطْمَئِنِّينَ، الْفَائِزِينَ الْفَرِحِينَ الْمُسْتَبْشِرِينَ. اللَّهُمَّ اكْتُبْنِي فِي الْمُسْلِمِينَ، وَ ألْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ، وَ اجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ، وَ انْصُرْنِي عَلَى الْبَاغِينَ، وَ اكْفِنِي كَيْدَ الْحَاسِدِينَ، وَ اصْرِفْ عَنِّي مَكْرَ الْمَاكِرِينَ، وَ اقْبِضْ عَنِّي أيْدِي الظَّالِمِينَ، وَ اجْمَعْ بَيْنِي وَ بَيْنَ السَّادَةِ الْمَيَامِينِ، فِي أعْلَى عِلِّيِّينَ، مَعَ الَّذِينَ أنْعَمْتَ
ص: 223
عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ، بِرَحْمَتِكَ يَا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. اللَّهُمَّ إنِّي أُقْسِمُ عَلَيْكَ بِنَبِيِّكَ الْمَعْصُومِ، وَ بِحُكْمِكَ الْمَحْتُومِ، وَ نَهْيِكَ الْمَكْتُومِ، وَ بِهَذَا الْقَبْرِ الْمَلْمُومِ، الْمُوَسَّدِ فِي كَنَفِهِ الْإمَامُ الْمَعْصُومُ، الْمَقْتُولُ الْمَظْلُومُ، أنْ تَكْشِفَ مَا بِي مِنَ الْغُمُومِ، وَتَصْرِفَ عَنِّي شَرَّ الْقَدَرِ الْمَحْتُومِ، وَ تُجِيرَنِي مِنَ النَّارِ ذَاتِ السَّمُومِ. اللَّهُمَّ جَلِّلْنِي بِنِعْمَتِكَ، وَ رَضِّنِي بِقِسْمِكَ، وَ تَغَمَّدْنِي بِجُودِكَ وَ كَرَمِكَ، وَ بَاعِدْنِي مِنْ مَكْرِكَ وَ نَقِمَتِكَ. اللَّهُمَّ اعْصِمْنِي مِنَ الزَّلَلِ، وَ سَدِّدْنِي فِي الْقَوْلِ وَ الْعَمَلِ، وَ افْسَحْ لِي فِي مُدَّةِ الْأجَلِ، وَ اعْفِنِي مِنَ الْأوْجَاعِ وَ الْعِلَلِ، وَ بَلِّغْنِي بِمَوَالِيَّ، وَ بِفَضْلِكَ أفْضَلَ الْأمَلَ. اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ اقْبَلْ تَوْبَتِي، وَ ارْحَمْ عَبْرَتِي(1)، وَ أقِلْنِي عَثْرَتِي، وَ نَفِّسْ كُرْبَتِي، وَ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي، وَ أصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي. اللَّهُمَّ لَا تَدَعْ لِي فِي هَذَا الْمَشْهَدِ الْمُعَظَّمِ، وَ الْمَحَلِّ الْمُكَرَّمِ، ذَنْباً إلَّا غَفَرْتَهُ، وَ لَا عَيْباً إلَّا سَتَرْتَهُ، وَ لَا غَمّاً إلَّا كَشَفْتَهُ، وَ لَا رِزْقاً إلَّا بَسَطْتَهُ، وَ لَا جَاهاً إلَّا عَمَّرْتَهُ، وَ لَا فَسَاداً إلَّا أصْلَحْتَهُ، وَ لَا أمَلًا إلَّا بَلَّغْتَهُ، وَ لَا دُعَاءً إلَّا أجَبْتَهُ، وَ لَا مُضَيَّقاً إلَّا فَرَّجْتَهُ، وَ لَا شَمْلًا إلَّا جَمَعْتَهُ، وَ لَا أمْراً إلَّا أتْمَمْتَهُ، وَ لَا مَالًا إلَّا كَثَّرْتَهُ، وَ لَاخُلُقاً إلَّا حَسَّنْتَهُ، وَ لَا إنْفَاقاً إلَّا أخْلَفْتَهُ، وَ لَا حَالًا إلَّا عَمَّرْتَهُ، وَ لَا حَسُوداً إلَّا قَمَعْتَهُ، وَ لَا عَدُوّاً إلَّا أرْدَيْتَهُ، وَ لَا شَرّاً إلَّا كَفَيْتَهُ، وَ لَا مَرَضاً إلَّا شَفَيْتَهُ، وَ لَا بَعِيداً إلَّا أدْنَيْتَهُ، وَ لَا شَعِثاً إلَّا لَمَمْتَهُ، وَ لَا سُؤَالًا إلَّا أعْطَيْتَهُ. اللَّهُمَّ إنِّي أسْألُكَ خَيْرَ الْعَاجِلَةِ، وَ ثَوَابَ الْآجِلَةِ. اللَّهُمَّ أغْنِنِي بِحَلَالِكَ عَنِ الْحَرَامِ، وَ بِفَضْلِكَ عَنْ جَمِيعِ الْأنَامِ. اللَّهُمَّ إنِّي أسْألُكَ
ص: 224
عِلْماً نَافِعاً، وَ قَلْباً خَاشِعاً، وَ يَقِيناً شَافِياً، وَ عَمَلًا زَاكِياً، وَ صَبْراً جَمِيلًا، وَ أجْراً جَزِيلًا. اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي شُكْرَ نِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَ زِدْ فِي إحْسَانِكَ وَ كَرَمِكَ إلَيَّ، وَ اجْعَلْ قَوْلِي فِي النَّاسِ مَسْمُوعاً، وَ عَمَلِي عِنْدَكَ مَرْفُوعاً، وَ أثَرِي فِي الْخَيْرَاتِ مَتْبُوعاً، وَ عَدُوِّي مَقْمُوعاً. اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ الْأخْيَارِ، فِي آنَاءِ اللَّيْلِ وَ أطْرَافِ النَّهَارِ، وَ اكْفِنِي شَرَّ الْأشْرَارِ، وَ طَهِّرْنِي مِنَ الذُّنُوبِ وَ الْأوْزَارِ، وَأجِرْنِي مِنَ النَّارِ، وَ أحِلَّنِي(1) دَارَ الْقَرَارِ، وَ اغْفِرْ لِي وَ لِجَمِيعِ إخْوَانِي فِيكَ وَ أخَوَاتِيَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ، بِرَحْمَتِكَ يَا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
ثُمَّ تَوَجَّهْ إلَي الْقِبْلَةِ وَ صَلَّ رَكْعَتَيْنِ وَ اقْرَأْ فِي الْأوُلَي سُورَةَ الْأنْبِيَاءِ وَ فِي الثَّانِيَةِ الْحَشْرِ وَ اقْنُتْ وَ قُلْ:
لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَ الْأرَضِينَ السَّبْعِ، وَ مَا فِيهِنَّ وَ مَابَيْنَهُنَّ خِلَافاً لِأعْدَائِهِ، وَ تَكْذِيباً لِمَنْ عَدَلَ بِهِ، وَ إقْرَاراً لِرُبُوبِيَّتِهِ، وَ خُضُوعاً(2)لِعِزَّتِهِ ؛ الْأوَّلُ بِغَيْرِأوَّلٍ، وَ الْآخِرُ إلَى غَيْرِ(3) آخِرٍ ؛ الظَّاهِرُ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ بِقُدْرَتِهِ، الْبَاطِنُ دُونَ كُلِّ شَيْ ءٍ بِعِلْمِهِ وَلُطْفِهِ ؛ لَا تَقِفُ الْعُقُولُ عَلَى كُنْهِ عَظَمَتِهِ، وَ لَا تُدْرِكُ الْأوْهَامُ حَقِيقَةَ مَاهِيَّتِهِ، وَ لَا تَتَصَوَّرُ الْأنْفُسُ مَعَانِيَ كَيْفِيَّتِهِ ؛ مُطَّلِعاً عَلَى الضَّمَائِرِ، عَارِفاً بِالسَّرَائِرِ، يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأعْيُنِ، وَ مَا تُخْفِي الصُّدُورُ. اللَّهُمَّ إنِّي أُشْهِدُكَ عَلَى تَصْدِيقِي رَسُولَكَ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ إيمَانِي بِهِ،
ص: 225
وَ عِلْمِي بِمَنْزِلَتِهِ، وَ إنِّي أشْهَدُ أنَّهُ النَّبِيُّ الَّذِي نَطَقَتِ الْحِكْمَةُ بِفَضْلِهِ، وَ بَشَّرَتِ الْأنْبِيَاءُ بِهِ، وَ دَعَتْ إلَى الْإقْرَارِ بِمَا جَاءَ بِهِ وَ حَثَّتْ عَلَى تَصْدِيقِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: «الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ الْإنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَ يُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَ يَضَعُ عَنْهُمْ إصْرَهُمْ وَ الْأغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ»(1).
فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ رَسُولِكَ إلَى الثَّقَلَيْنِ، وَ سَيِّدِ الْأنْبِيَاءِ الْمُصْطَفَيْنَ، وَ عَلَى أخِيهِ وَ ابْنِ عَمِّهِ، الَّذَيْنِ لَمْ يُشْرِكَا بِكَ طَرْفَةَ عَيْنٍ أبَداً، وَ عَلَى فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ سَيِّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ، وَ عَلَى سَيِّدَيْ شَبَابِ أهْلِ الْجَنَّةِ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ؛ صَلَاةً خَالِدَةَ الدَّوَامِ، عَدَدَ قَطْرِ الرِّهَامِ، وَ زِنَةَ الْجِبَالِ وَ الْآكَامِ، مَا أوْرَقَ السَّلَامُ، وَ اخْتَلَفَ الضِّيَاءُ وَ الظَّلَامُ، وَ عَلَى آلِهِ الطَّاهِرِينَ، الْأئِمَّةِ الْمُهْتَدِينَ، الذَّائِدِينَ عَنِ الدِّينِ، عَلِيٍّ وَ مُحَمَّدٍ وَ جَعْفَرٍ وَ مُوسَى وَ عَلِيٍّ وَ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُجَّةِ؛ الْقُوَّامِ بِالْقِسْطِ، وَ سُلَالَةِ السِّبْطِ. اللَّهُمَّ إنِّي أسْألُكَ بِحَقِّ هَذَا الْإمَامِ فَرَجاً قَرِيباً، وَ صَبْراً جَمِيلًا، وَ نَصْراً عَزِيزاً، وَ غِنًى عَنِ الْخَلْقِ، وَ ثَبَاتاً فِي الْهُدَى، وَ التَّوْفِيقِ لِمَا تُحِبُّ وَ تَرْضَى، وَ رِزْقاً وَاسِعاً، حَلَالًا طَيِّباً، مَرِيئاً دَارَّاً، سَائِغاً فَاضِلًا مُفْضِلًا، صَبّاً صَبّاً، مِنْ غَيْرِ كَدٍّ وَ لَا نَكَدٍ وَ لَا مِنَّةٍ مِنْ أحَدٍ، وَ عَافِيَةً مِنْ كُلِّ بَلَاءٍ وَ سُقْمٍ وَ مَرَضٍ، وَ الشُّكْرَ عَلَى الْعَافِيَةِ وَالنَّعْمَاءِ، وَ إذَا جَاءَ الْمَوْتُ، فَاقْبِضْنَا عَلَى أحْسَنِ مَا يَكُونُ لَكَ طَاعَةً عَلَى مَا أمَرْتَنَا مُحَافِظِينَ، حَتَّى تُؤَدِّيَنَا إلَى جَنَّاتِ النَّعِيمِ، بِرَحْمَتِكَ يَا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ،
ص: 226
وَ أوْحِشْنِي مِنَ الدُّنْيَا، وَ آنِسْنِي بِالْآخِرَةِ، فَإنَّهُ لَا يُوحِشُ مِنَ الدُّنْيَا إلَّا خَوْفُكَ، وَ لَا يُؤْنِسُ بِالْآخِرَةِ إلَّا رَجَاؤُكَ. اللَّهُمَّ لَكَ الْحُجَّةُ لَا عَلَيْكَ، وَ إلَيْكَ الْمُشْتَكَى لَا مِنْكَ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ، وَ أعِنِّي عَلَى نَفْسِيَ الظَّالِمَةِ الْعَاصِيَةِ، وَ شَهْوَتِيَ الْغَالِبَةِ، وَ اخْتِمْ لِي(1)بِالْعَافِيَةِ. اللَّهُمَّ إنَّ اسْتِغْفَارِي إيَّاكَ، وَ أنَا مُصِرٌّ عَلَى مَا نَهَيْتَ قِلَّةُ حَيَاءٍ وَ تَرْكِيَ الِاسْتِغْفَارَ، مَعَ عِلْمِي بِسَعَةِ حِلْمِكَ تَضْيِيعٌ لِحَقِّ الرَّجَاءِ. اللَّهُمَّ إنَّ ذُنُوبِي تُؤْيِسُنِي أنْ أرْجُوَكَ، وَ إنَّ عِلْمِي بِسَعَةِ رَحْمَتِكَ يَمْنَعُنِي أنْ أخْشَاكَ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ صَدِّقْ رَجَائِي لَكَ، وَ كَذِّبْ خَوْفِي مِنْكَ، وَ كُنْ لِي عِنْدَ أحْسَنِ ظَنِّي بِكَ، يَا أكْرَمَ الْأكْرَمِينَ. اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ أيِّدْنِي بِالْعِصْمَةِ، وَ أنْطِقْ لِسَانِي بِالْحِكْمَةِ، وَ اجْعَلْنِي مِمَّنْ يَنْدَمُ عَلَى مَا ضَيَّعَهُ فِي أمْسِهِ، وَ لَا يَغْبَنُ حَظَّهُ فِي يَوْمِهِ، وَ لَا يَهُمُّ لِرِزْقِ غَدِهِ. اللَّهُمَّ إنَّ الْغَنِيَّ مَنِ اسْتَغْنَى بِكَ وَ افْتَقَرَ إلَيْكَ، وَ الْفَقِيرُ مَنِ اسْتَغْنَى بِخَلْقِكَ عَنْكَ ؛ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ أغْنِنِي عَنْ خَلْقِكَ بِكَ، وَ اجْعَلْنِي مِمَّنْ لَا يَبْسُطُ كَفّاً إلَّا إلَيْكَ.
اللَّهُمَّ إنَّ الشَّقِيَّ مَنْ قَنَطَ وَ أمَامَهُ التَّوْبَةُ وَ وَرَاءَهُ الرَّحْمَةُ وَ إنْ كُنْتُ ضَعِيفَ الْعَمَلِ، فَإنِّي فِي رَحْمَتِكَ قَوِيُّ الْأمَلِ، فَهَبْ لِي ضَعْفَ عَمَلِي لِقُوَّةِ أمَلِي.
اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ مَا فِي عِبَادِكَ مَنْ هُوَ أقْسَى قَلْباً مِنِّي، وَ أعْظَمُ مِنِّي ذَنْباً، فَإنِّي أعْلَمُ أنَّهُ لَا مَوْلَى أعْظَمُ مِنْكَ طَوْلًا، وَ أوْسَعُ رَحْمَةً وَ عَفْواً ؛ فَيَا مَنْ هُوَ أوْحَدُ فِي رَحْمَتِهِ، اغْفِرْ لِمَنْ لَيْسَ بِأوْحَدَ فِي خَطِيئَتِهِ. اللَّهُمَّ إنَّكَ أمَرْتَنَا فَعَصَيْنَا، وَ نَهَيْتَ فَمَا انْتَهَيْنَا، وَ ذَكَرْتَ فَتَنَاسَيْنَا، وَ بَصَّرْتَ
ص: 227
فَتَعَامَيْنَا، وَ حَذَّرْتَ(1) فَتَعَدَّيْنَا، وَ مَا كَانَ ذَلِكَ جَزَاءَ إحْسَانِكَ إلَيْنَا، وَ أنْتَ أعْلَمُ بِمَا أعْلَنَّا وَ أخْفَيْنَا، وَ أخْبَرُ بِمَا نَأْتِي وَ مَا أتَيْنَا ؛ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ لَا تُؤَاخِذْنَا بِمَا أخْطَأْنَا وَ نَسِينَا، وَ هَبْ لَنَا حُقُوقَكَ لَدَيْنَا، وَ أتِمَّ إحْسَانَكَ إلَيْنَا، وَأسْبِلْ رَحْمَتَكَ عَلَيْنَا. اللَّهُمَّ إنَّا نَتَوَسَّلُ إلَيْكَ بِهَذَا الصِّدِّيقِ الْإمَامِ، وَ نَسْألُكَ بِالْحَقِّ الَّذِي جَعَلْتَهُ لَهُ وَ لِجَدِّهِ رَسُولِكَ، وَ لِأبَوَيْهِ عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ أهْلِ بَيْتِ الرَّحْمَةِ ؛ إدْرَارَ الرِّزْقِ الَّذِي بِهِ قِوَامُ حَيَاتِنَا، وَ صَلَاحُ أحْوَالِ عِيَالِنَا، فَأنْتَ الْكَرِيمُ الَّذِي تُعْطِي مِنْ سَعَةٍ وَ تَمْنَعُ مِنْ قُدْرَةٍ، وَنَحْنُ نَسْألُكَ مِنَ الرِّزْقِ مَا يَكُونُ صَلَاحاً لِلدُّنْيَا وَ بَلَاغاً لِلْآخِرَةِ. اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ اغْفِرْ لَنَا وَ لِوَالِدَيْنَا وَ لِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ وَ الْمُسْلِمِينَ وَ الْمُسْلِمَاتِ، الْأحْيَءِ مِنْهُمْ وَ الْأمْوَاتِ، وَ آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً، وَ فِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَ قِنا عَذابَ النَّارِ.
ثُمَّ تَرْكَعُ وَ تَسْجُدُ وَتَجْلِسُ وَ تَتَشَهَّدُ وَ تُسَلِّمُ فَإِذَا سَبَّحْتَ فَعَفِّرْ خَدَّيْك وَ قُلْ:
سُبْحَانَ اللَّهِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَ اللَّهُ أكْبَرُ.
أَرْبَعِينَ مَرَّةً وَ اسْأَلِ اللَّهَ الْعِصْمَةَ وَ النَّجَاةَ وَ الْمَغْفِرَةَ وَ التَّوْفِيقَ بِحُسْنِ(2)الْعَمَلِ وَ الْقَبُولَ لِمَا تَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَيْهِ وَ تَبْتَغِي بِهِ وَجْهَهُ. وَ قِفْ عِنْدَ الرَّأْسِ، ثُمَّ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ثُمَّ انْكَبَّ عَلَى الْقَبْرِ وَ قُل:
زَادَ اللَّهُ فِي شَرَفِكُمْ وَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.
ص: 228
وَ ادْعُ لِنَفْسِكَ وَ لِوَالِدَيْكَ وَ لِمَنْ أرَدْتَ (وَ أنْصَرِفْ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالى) (1).(2)
ص: 229
ص: 230
قَائِمُ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ علیهم وَ سَلَّمَ عِنْدَ الظُّهُورِ یُنادی
أَلا یا أهْلَ الْعالَمِ اَنَّ جَدّیَ الْحُسَیْن قَتَلوهُ عَطْشاناً....
ص: 231
إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب:2/ 246: في الموائد: إذا ظهر القائم عجل الله تعالی فرجه الشریف قام بين الركن و المقام و ينادي بنداءات خمسة:
الأوّل: أَلا يَا أَهْلَ الْعالَمْ! أَنَا الْإِمَامُ الْقَائِمُ.
الثّاني: أَلا يَا أَهْلَ الْعَالَمْ! أَنَا الصَّمْصَامُ الْمُنْتَقِمُ.
الثّالث: أَلا يَا أَهْلَ الْعَالَمْ! إِنَّ جَدِّيَ الْحُسَيْنَ علیه السلام قَتَلُوهُ عَطْشَاناً.
الرّابع: أَلا يَا أَهْلَ الْعَالَمْ! إِنَّ جَدِّيَ الْحُسَيْنَ علیه السلام طَرَحُوهُ عُرْيَاناً.
الخامس: أَلا يَا أَهْلَ الْعَالَمْ! إِنَّ جَدِّيَ الْحُسَيْنَ علیه السلام سَحَقُوهُ عُدْوَاناً.
ص: 232
زیارة عاشوراء الخامسة
الصّادرة من النّاحية المقدّسة عجّل اللّه فرجه الشّريف برواية الشّريف المرتضى قدس سره
قال السّيد الجليل علي بن موسي بن طاووس الحسني قدس سره: زيارة ثانية بألفاظ شافية، يذكر فيها بعض مصائب يوم الطّف، يزار بها، يزار بها الحسين صلوات الله عليه و سلامه، زار بها المرتضي علم الهدي رضوان الله عليه، و سأذكرها علي الوصف الّذي أشار هو إليه، قال:
إذا أردت الخروج من بيتك فقل:
اللَّهُمَّ إلَيْكَ تَوَجَّهْتُ، وَ عَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَ بِكَ اسْتَعَنْتُ، وَ وَجْهَكَ طَلَبْتُ، وَ لِزِيَارَةِ ابْنِ نَبِيِّكَ أرَدْتُ، وَ لِرِضْوَانِكَ تَعَرَّضْتُ. اللَّهُمَّ احْفَظْنِي فِي سَفَرِي وَ حَضَرِي، وَ مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَ مِنْ خَلْفِي، وَ عَنْ يَمِينِي وَ عَنْ شِمَالِي، وَ مِنْ فَوْقِي وَ مِنْ تَحْتِي، وَأعُوذُ بِعَظَمَتِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ ذِي شَرٍّ. اللَّهُمَّ احْفَظْنِي بِمَا حَفِظْتَ بِهِ كِتَابَكَ الْمُنَزَلَ، عَلَى نَبِيِّكَ الْمُرْسَلِ، يَا مَنْ قَالَ، وَ هُوَ أصْدَقُ الْقَائِلِينَ: «إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إنَّا لَهُ لَحافِظُونَ».(1)
وَ إذَا بَلَغْتَ الْمَنْزِلَ تَقُولُ:
«رَبِّ أنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبارَكاً وَ أنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ»(2)«رَبِّ أدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَ أخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَ اجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً»(3).اللَّهُ أكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ، اللَّهُمَّ إنِّي أسْألُكَ خَيْرَ هَذِهِ الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ،
ص: 233
وَ خَيْرَ أهْلِهَا، وَ أعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا، وَ شَرِّ أهْلِهَا. اللَّهُمَّ حَبِّبْنِي إلَى خَلْقِكَ، وَ أفِضْ عَلَيَّ مِنْ سَعَةِ رِزْقِكَ، وَ وَفِّقْنِي لِلْقِيَامِ بِأدَاءِ حَقِّكَ، بِرَحْمَتِكَ وَ رِضْوَانِكَ، وَ مَنِّكَ وَ إحْسَانِكَ، يَا كَرِيمُ.
فَإذَا رَأيْتَ الْقُبَّةَ فَقُلْ: (1)
«الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ سَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى آللَّهُ خَيْرٌ أمَّا يُشْرِكُونَ»(2)
«وَ سَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ»(3) «وَ سَلَامٌ عَلَى آلِ يس * إنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِين»َ(4)«وَ السَّلَامُ عَلَى الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ، الْأوْصِيَاءِ الصَّادِقِينَ، الْقَائِمِينَ بِأمْرِ اللَّهِ، وَ حُجَجِهِ الدَّاعِينَ إلَى سَبِيلِ اللَّهِ، الْمُجَاهِدِينَ فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ، وَ النَّاصِحِينَ لِجَمِيعِ عِبَادِهِ، الْمُسْتَخْلَفِينَ فِي بِلَادِهِ، الْمُرْشِدِينَ إلَى هِدَايَتِهِ وَ رَشَادِهِ (5)، إنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.
فَإذَا قَرُبْتَ مِنَ الْمَشْهَدِ تَقُولُ:(6)
اللَّهُمَّ إلَيْكَ قَصَدَ الْقَاصِدُونَ، وَ فِي فَضْلِكَ طَمَعَ الرَّاغِبُونَ، وَ بِكَ اعْتَصَمَ الْمُعْتَصِمُونَ، وَ عَلَيْكَ تَوَكَّلَ الْمُتَوَكِّلُونَ، وَ قَدْ قَصَدْتُكَ وَافِداً، وَ إلَى سِبْطِ نَبِيِّكَ وَارِداً، وَ بِرَحْمَتِكَ طَامِعاً، وَ لِعِزَّتِكَ خَاضِعاً، وَ لِوُلَاةِ أمْرِكَ طَائِعاً، وَ لِأمْرِهِمْ مُتَابِعاً، وَ بِكَ وَ بِمَنِّكَ عَائِذاً، وَ بِقَبْرِ وَلِيِّكَ مُتَمَسِّكاً، وَ بِحَبْلِكَ مُعْتَصِماً. اللَّهُمَّ ثَبِّتْنِي عَلَى مَحَبَّةِ أوْلِيَائِكَ، وَ لَا تَقْطَعْ أثَرِي عَنْ زِيَارَتِهِمْ، وَ احْشُرْنِي فِي زُمْرَتِهِمْ، وَ أدْخِلْنِي الْجَنَّةَ بِشَفَاعَتِهِمْ.
ص: 234
فَإذَا بَلَغْتَ مَوْضِعَ الْقَتْلِ فَقُلْ:(1)
«أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ»(2)«وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أمْواتاً بَلْ أحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ يَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ ألَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَ فَضْلٍ وَ أنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أجْرَ الْمُؤْمِنِينَ»(3)«قُلِ اللَّهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَ الْأرْضِ عالِمَ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ أنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ فِي ما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ»(4)«وَ لا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأبْصارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَ أفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ * وَ أنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنا أخِّرْنا إلى أجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَ نَتَّبِعِ الرُّسُلَ * أ وَ لَمْ تَكُونُوا أقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ ما لَكُمْ مِنْ زَوالٍ * وَ سَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ وَ ضَرَبْنا لَكُمُ الْأمْثالَ * وَ قَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَ عِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَ إنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ * فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقامٍ»(5)«وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ(6)«مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَ ما بَدَّلُوا
ص: 235
تَبْدِيلًا»(1).عِنْدَ اللَّهِ نَحْتَسِبُ مُصِيبَتَنَا، فِي سِبْطِ نَبِيِّنَا وَ سَيِّدِنَا وَ إمَامِنَا. أعْزِزْ عَلَيْنَا يَا أبَا عَبْدِ اللَّهِ بِمَصْرَعِكَ هَذَا فَرِيداً وَحِيداً، قَتِيلًا غَرِيباً عَنِ الْأوْطَانِ، بَعِيداً عَنِ الْأهْلِ وَ الْإخْوَانَ، مَسْلُوبَ الثِّيَابِ، مُعَفَّراً فِي التُّرَابِ. قَدْ نُحِرَ نَحْرُكَ، وَ خُسِفَ صَدْرُكَ وَ اسْتُبِيحَ حَرِيمُكَ، وَ ذُبِحَ فَطِيمُكَ، وَ سُبِيَ أهْلُكَ وَ انْتُهِبَ رَحْلُكَ ؛ تَقَلَّبُ يَمِيناً وَ شِمَالًا، وَ تَتَجَرَّعُ مِنَ الْغُصَصِ أهْوَالًا، لَهْفِي عَلَيْكَ، (وَ أنْتَ)(2)لَهْفَانٌ، وَ أنْتَ مُجَدَّلٌ عَلَى الرَّمْضَاءِ، ظَمْآنٌ لَا تَسْتَطِيعُ خِطَاباً، وَ لَا تَرُدُّ جَوَاباً، قَدْ فُجِعَتْ بِكَ نِسْوَانُكَ وَ وُلْدُكَ، وَ احْتُزَّ رَأْسُكَ مِنْ جَسَدِكَ. لَقَدْ صُرِعَ بِمَصْرَعِكَ الْإسْلَامُ، وَ تَعَطَّلَتِ الْحُدُودُ وَ الْأحْكَامُ، وَ أظْلَمَتِ الْأيَّامُ، وَ انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ وَ أظْلَمَ الْقَمَرُ وَ احْتُبِسَ الْغَيْثُ وَ الْمَطَرُ وَ اهْتُزَّ الْعَرْشُ وَ السَّمَاءُ، وَ اقْشَعَرَّتِ الْأرْضُ وَ الْبَطْحَاءُ، وَ شَمِلَ الْبَلَاءُ، وَ اخْتَلَفَتِ الْأهْوَاءُ ؛ وَ فُجِعَ بِكَ الرَّسُولُ، وَ أُزْعِجَتِ الْبَتُولُ، وَ طَاشَتِ الْعُقُولُ. فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى مَنْ جَارَعَلَيْكَ وَظَلَمَكَ، وَ مَنَعَكَ الْمَاءَ وَاهْتَضَمَكَ، وَ غَدَرَ بِكَ وَخَذَلَكَ، وَ ألَبَّ عَلَيْكَ وَ قَتَلَكَ، وَ نَكَثَ بَيْعَتَكَ وَعَهْدَكَ (وَ وَعْدَكَ)، وَ أخْلَفَ مِيثَاقَكَ وَ وَعْدَكَ، وَ أعَانَ عَلَيْكَ ضِدَّكَ، وَ أغْضَبَ بِفِعَالِهِ جَدَّكَ. وَ سَلَامُ اللَّهِ وَ رِضْوَانُهُ وَ بَرَكَاتُهُ وَ تَحِيَّاتُهُ عَلَيْكَ، وَ عَلَى الْأزْكِيَاءِ مِنَ ذُرِّيَّتِكَ، وَ النُّجَبَاءِ مِنْ عِتْرَتِكَ، إنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.
ثُمَّ تَدْخُلْ القُبَّةَ الشَّرِيفَةَ وَ تَقِفُ عَلَي الْقَبْرِ الشَّرِيفِ وَ تَقُولُ:
ص: 236
السَّلَامُ عَلَى آدَمَ صَفْوَةِ اللَّهِ فِي خَلِيقَتِهِ، السَّلَامُ عَلَى شَيْثٍ وَلِيِّ اللَّهِ وَ خِيَرَتِهِ، السَّلَامُ عَلَى إدْرِيسَ الْقَائِمِ لِلَّهِ بِحُجَّتِهِ، السَّلَامُ عَلَى نُوحٍ الْمُجَابِ فِي دَعْوَتِهِ، السَّلَامُ عَلَى هُودٍ الْمُؤَيَّدِ مِنَ اللَّهِ بِمَعُونَتِهِ، السَّلَامُ عَلَى صَالِحٍ الَّذِي تَوَّجَهُ اللَّهُ بِكَرَامَتِهِ، السَّلَامُ عَلَى إبْرَاهِيمَ الَّذِي حَبَاهُ اللَّهُ بِخَلَّتِهِ، السَّلَامُ عَلَى إسْمَاعِيلَ الَّذِي فَدَاهُ اللَّهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ مِنْ جَنَّتِهِ، السَّلَامُ عَلَى إسْحَاقَ الَّذِي جَعَلَ اللَّهُ النُّبُوَّةَ فِي ذُرِّيَّتِهِ، السَّلَامُ عَلَى يَعْقُوبَ الَّذِي رَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ بَصَرَهُ بِرَحْمَتِهِ، السَّلَامُ عَلَى يُوسُفَ الَّذِي نَجَّاهُ اللَّهُ مِنَ الْجُبِّ بِعَظَمَتِهِ، السَّلَامُ عَلَى مُوسَى الَّذِي فَلَقَ اللَّهُ لَهُ الْبَحْرَ بِقُدْرَتِهِ، السَّلَامُ عَلَى هَارُونَ الَّذِي خَصَّهُ اللَّهُ بِنُبُوَّتِهِ، السَّلَامُ عَلَى شُعَيْبٍ الَّذِي نَصَرَهُ اللَّهُ عَلَى أُمَّتِهِ، السَّلَامُ عَلَى دَاوُدَ الَّذِي تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ بَعْدِ خَطِيئَتِهِ، السَّلَامُ عَلَى سُلَيْمَانَ الَّذِي ذَلَّتْ لَهُ الْجِنُّ بِعِزَّتِهِ، السَّلَامُ عَلَى أيُّوبَ الَّذِي شَفَاهُ اللَّهُ مِنْ عِلَّتِهِ، السَّلَامُ عَلَى يُونُسَ الَّذِي أنْجَزَ اللَّهُ لَهُ مَضْمُونَ عِدَتِهِ، السَّلَامُ عَلَى زَكَرِيَّا الصَّابِرِ عَلَى مِحْنَتِهِ، السَّلَامُ عَلَى عُزَيْرٍ الَّذِي أحْيَاهُ اللَّهُ بَعْدَ مَيْتَتِهِ، السَّلَامُ عَلَى يَحْيَى الَّذِي أزْلَفَهُ اللَّهُ بِشَهَادَتِهِ، السَّلَامُ عَلَى عِيسَى الَّذِي هُوَ رُوحُ اللَّهِ وَ كَلِمَتُهُ، السَّلَامُ عَلَى مُحَمَّدٍ حَبِيبِ اللَّهِ وَ صَفْوَتِهِ، السَّلَامُ عَلَى أمِيرِالْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أبِي طَالِبٍ الْمَخْصُوصِ بِكَرَامَتِهِ وَ (بِ-) أُخُوَّتِهِ، السَّلَامُ عَلَى فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ ابْنَتِهِ، السَّلَامُ عَلَى أبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ وَصِيِّ أبِيهِ وَ خَلِيفَتِهِ، السَّلَامُ عَلَى الْحُسَيْنِ الَّذِي سَمَحَتْ نَفْسُهُ بِمُهْجَتِهِ، السَّلَامُ عَلَى مَنْ أطَاعَ اللَّهَ فِي سِرِّهِ وَ عَلَانِيَتِهِ، السَّلَامُ عَلَى مَنْ جَعَلَ اللَّهُ الشِّفَاءَ فِي
ص: 237
تُرْبَتِهِ، السَّلَامُ عَلَى مَنِ الْإجَابَةُ تَحْتَ قُبَّتِهِ، السَّلَامُ عَلَى مَنِ الْأئِمَّةُ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ. السَّلَامُ عَلَى ابْنِ خَاتَمِ الْأنْبِيَاءِ، السَّلَامُ عَلَى ابْنِ سَيِّدِ الْأوْصِيَاءِ، السَّلَامُ عَلَى ابْنِ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ، السَّلَامُ عَلَى ابْنِ خَدِيجَةَ الْكُبْرَى، السَّلَامُ عَلَى ابْنِ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، السَّلَامُ عَلَى ابْنِ جَنَّةِ الْمَأْوَى، السَّلَامُ عَلَى ابْنِ زَمْزَمَ وَ الصَّفَا. السَّلَامُ عَلَى الْمُرَمَّلِ بِالدِّمَاءِ، السَّلَامُ عَلَى الْمَهْتُوكِ الْخِبَاءِ، السَّلَامُ عَلَى خَامِسِ أصْحَابِ(1)الْكِسَاءِ، السَّلَامُ عَلَى غَرِيبِ الْغُرَبَاءِ، السَّلَامُ عَلَى شَهِيدِ الشُّهَدَاءِ، السَّلَامُ عَلَى قَتِيلِ الْأدْعِيَاءِ، السَّلَامُ عَلَى سَاكِنِ كَرْبَلَاءَ، السَّلَامُ عَلَى مَنْ بَكَتْهُ مَلَائِكَةُ السَّمَاءِ، السَّلَامُ عَلَى مَنْ ذُرِّيَّتُهُ الْأزْكِيَاءُ. السَّلَامُ عَلَى يَعْسُوبِ الدِّينِ، السَّلَامُ عَلَى مَنَازِلِ الْبَرَاهِينِ. السَّلَامُ عَلَى الْأئِمَّةِ السَّادَاتِ، السَّلَامُ عَلَى الْجُيُوبِ الْمُضَرَّجَاتِ، السَّلَامُ عَلَى الشِّفَاهِ الذَّابِلَاتِ، السَّلَامُ عَلَى النُّفُوسِ الْمُصْطَلَمَاتِ، السَّلَامُ عَلَى الْأرْوَاحِ الْمُخْتَلَسَاتِ، السَّلَامُ عَلَى الْأجْسَادِ الْعَارِيَاتِ، السَّلَامُ عَلَى الْجُسُومِ الشَّاحِبَاتِ، السَّلَامُ عَلَى الدِّمَاءِ السَّائِلاتِ، السَّلَامُ عَلَى الْأعْضَاءِ الْمُقَطَّعَاتِ، السَّلَامُ عَلَى الرُّءُوسِ الْمُشَالَاتِ، السَّلَامُ عَلَى النِّسْوَةِ الْبَارِزَاتِ. السَّلَامُ عَلَى حُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، السَّلَامُ عَلَيْكَ وَ عَلَى آبَائِكَ الطَّاهِرِينَ الْمُسْتَشْهَدِينَ (2).السَّلَامُ عَلَيْكَ وَ عَلَى ذُرِّيَّتِكَ النَّاصِرِينَ، السَّلَامُ عَلَيْكَ وَ عَلَى الْمَلَائِكَةِ الْمُضَاجِعِينَ. السَّلَامُ عَلَى الْقَتِيلِ الْمَظْلُومِ، السَّلَامُ عَلَى أخِيهِ الْمَسْمُومِ، السَّلَامُ عَلَى عَلِيٍّ الْكَبِيرِ، السَّلَامُ عَلَى الرَّضِيعِ الصَّغِيرِ. السَّلَامُ عَلَى الْأبْدَانِ السَّلِيبَةِ، السَّلَامُ عَلَى الْعِتْرَةِ الْغَرِيبَةِ. (السَّلَامُ عَلَى
ص: 238
الْأئِمَّةِ السَّادَاتِ)(1)، السَّلَامُ عَلَى الْمُجَدَّلِينَ فِي الْفَلَوَاتِ. السَّلَامُ عَلَى النَّازِحِينَ عَنِ الْأوْطَانِ، السَّلَامُ عَلَى الْمَدْفُونِينَ بِلَا أكْفَانٍ، السَّلَامُ عَلَى الرُّءُوسِ الْمُفَرِّقَةِ عَنِ الْأبْدَانِ. السَّلَامُ عَلَى الْمُحْتَسِبِ الصَّابِرِ، السَّلَامُ عَلَى الْمَظْلُومِ بِلَا نَاصِرٍ. السَّلَامُ عَلَى سَاكِنِ التُّرْبَةِ الزَّاكِيَةِ، السَّلَامُ عَلَى صَاحِبِ الْقُبَّةِ السَّامِيَةِ. السَّلَامُ عَلَى مَنْ طَهَّرَهُ الْجَلِيلُ، السَّلَامُ عَلَى مَنْ بَشَّرَ(2) بِهِ جَبْرَئِيلُ، السَّلَامُ عَلَى مَنْ نَاغَاهُ فِي الْمَهْدِ مِيكَائِيلُ. السَّلَامُ عَلَى مَنْ نُكِثَتْ ذِمَّتُهُ وَ ذِمَّةُ حَرَمِهِ، السَّلَامُ عَلَى مَنِ انْتُهِكَتْ حُرْمَةُ الْإسْلَامِ فِي إرَاقَةِ دَمِهِ. السَّلَامُ عَلَى الْمُغَسَّلِ بِدَمِ الْجِرَاحِ، السَّلَامُ عَلَى الْمُجَرَّعِ بِكَاسَاتِ مَرَارَاتِ الرِّمَاحِ، السَّلَامُ عَلَى الْمُسْتَضَامِ الْمُسْتَبَاحِ. السَّلَامُ عَلَى الْمَهْجُورِ فِي الْوَرَى، السَّلَامُ عَلَى الْمُنْفَرِدِ بِالْعَرَاءِ، السَّلَامُ عَلَى مَنْ تَوَلَّى دَفْنَهُ أهْلُ الْقُرَى. السَّلَامُ عَلَى الْمَقْطُوعِ الْوَتِينِ، السَّلَامُ عَلَى الْمُحَامِي بِلَامُعِينٍ. السَّلَامُ عَلَى الشَّيْبِ الْخَضِيبِ، السَّلَامُ عَلَى الْخَدِّ التَّرِيبِ، السَّلَامُ عَلَى الْبَدَنِ السَّلِيبِ، السَّلَامُ عَلَى الثَّغْرِ الْمَقْرُوعِ بِالْقَضِيبِ. السَّلَامُ عَلَى الْوَدَجِ الْمَقْطُوعِ، السَّلَامُ عَلَى الرَّأْسِ الْمَرْفُوعِ، السَّلَامُ عَلَى الشِّلْوِ الْمَوْضُوعِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.
ثُمَّ تَحَوَّلْ إلَي عِنْدِ الرَّأْسِ وَ قُلْ:
السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أبَا عَبْدِ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ سَيِّدِالْوَصِيِّينَ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ خِيَرَةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ سَيِّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ خَدِيجَةَ
ص: 239
الْكُبْرَى (أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ)(1).السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مَنْ بَكَتْ فِي مُصَابِهِ السَّمَاوَاتُ الْعُلَى، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مَنْ بَكَتْ لِفَقْدِهِ الْأرَضُونَ السُّفْلَى، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللَّهِ عَلَى أهْلِ الدُّنْيَا، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا صَرِيعَ الدَّمْعَةِ السَّاكِبَةِ الْعَبْرَى، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مُذِيبَ الْكَبِدِ الْحَرَّى. السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ يَعْسُوبِ الدِّينِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا عِصْمَةَ الْمُتَّقِينَ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا عَلَمَ الْمُهْتَدِينَ. السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللَّهِ الْكُبْرَى. السَّلَامُ عَلَى الْإمَامِ الْمَفْطُومِ مِنَ الزَّلَلِ، الْمُبَرَّءِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ وَ خَطَلٍ. السَّلَامُ عَلَى ابْنِ الرَّسُولِ وَ قُرَّةِ عَيْنِ الْبَتُولِ. السَّلَامُ عَلَى مَنْ (كَانَ)(2)يُنَاغِيهِ جَبْرَئِيلُ وَ يُلَاعِبُهُ مِيكَائِيلُ. السَّلَامُ عَلَى التِّينِ وَ الزَّيْتُونِ، السَّلَامُ عَلَى كِفَّتَيِ الْمِيزَانِ الْمَذْكُورِ فِي سُورَةِ الرَّحْمَانِ، الْمُعَبَّرِ عَنْهُمَا بِاللُّؤْلُؤِ وَ الْمَرْجَانِ، السَّلَامُ عَلَى أُمَنَاءِ الْمُهَيْمِن الْمَنَّانِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ. السَّلَامُ عَلَى الْمَقْتُولِ الْمَظْلُومِ، السَّلَامُ عَلَى الْمَمْنُوعِ مِنْ مَاءِ الْفُرَاتِ، السَّلَامُ عَلَى سَيِّدِ السَّادَاتِ، السَّلَامُ عَلَى قَائِدِ الْقَادَاتِ، السَّلَامُ عَلَى حَبْلِ اللَّهِ الْمَتِينِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللَّهِ وَ ابْنَ حُجَّتِهِ وَ أبَا حُجَجِهِ. أشْهَدُ لَقَدْ طَيَّبَ اللَّهُ بِكَ التُّرَابَ، وَ أوْضَحَ بِكَ الْكِتَابَ، وَ أعْظَمَ بِكَ الْمُصَابَ، وَ جَعَلَكَ وَ جَدَّكَ وَ أبَاكَ وَ أُمَّكَ وَ أخَاكَ (وَ بَنِيكَ)(3)عِبْرَةً لِأُولِي الْألْبَابِ، (يَا ابْنَ الْمَيَامِينِ الْأطْيَابِ، التَّالِينَ الْكِتَابَ. وَجَّهْتُ سَلَامِي إلَيْكَ وَ عَوَّلْتُ فِي قَضَاءِ حَوَائِجِي بَعْدَ اللَّهِ عَلَيْكَ، مَا خَابَ مَنْ تَمَسَّكَ بِكَ وَ لَجَأ إلَيْكَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ، وَ جَعَلَ أفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي
ص: 240
إلَيْكَ وَ السَّلَامُ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ)(1).السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ خِيَرَةِ الْأخْيَارِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ عُنْصُرِ الْأبْرَارِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ قَسِيمِ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ. السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ بَقِيَّةِ النَّبِيِّينَ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ صَالِحِ الْمُؤْمِنِينَ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ النَّبَإ الْعَظِيمِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ. أشْهَدُ أنَّكَ حُجَّةُ اللَّهِ فِي أرْضِهِ، وَ أشْهَدُ أنَّ الَّذِينَ خَالَفُوكَ، وَ أنَّ الَّذِينَ قَتَلُوكَ، وَ الَّذِينَ خَذَلُوكَ، وَ أنَّ الَّذِينَ جَحَدُوا حَقَّكَ، وَ مَنَعُوكَ إرْثَكَ، مَلْعُونُونَ عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ، وَ قَدْ خَابَ مَنِ افْتَرى، لَعَنَ اللَّهُ الظَّالِمِينَ لَكُمْ مِنَ الْأوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ، وَ ضَاعَفَ عَلَيْهِمُ(2) الْعَذَابَ الْألِيمَ، عَذَاباً لَا يُعَذِّبُهُ أحَداً مِنَ الْعَالَمِينَ.
ثُمَّ انْكَبَّ عَلَي الضَّرِيحِ وَ قَبِّلِ التُّرْبَةَ وَ قُلْ:
السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أوَّلَ مَظْلُومٍ انْتُهِكَ دَمُهُ، وَ ضُيِّعَتْ فِيهِ حُرْمَةُ الْإسْلَامِ. فَلَعَنَ اللَّهُ أُمَّةً أسَّسَتْ أسَاسَ الظُّلْمِ وَ الْجَوْرِعَلَيْكُمْ أهْلَ الْبَيْتِ. أشْهَدُ أنِّي سِلْمٌ لِمَنْ سَالَمْتَ، وَ حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبْتَ، مُبْطِلٌ لِمَا أبْطَلْتَ، مُحَقِّقٌ لِمَا حَقَّقْتَ، فَاشْفَعْ لِي عِنْدَ رَبِّي وَ رَبِّكَ فِي خَلَاصِ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ، وَ قَضَاءِ حَوَائِجِي فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ. صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.
ثُمَّ تَحَوَّلُ إلَي جَانِبِ الْقَبْرِ وَ تَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَ تَرْفَعُ يَدَيْكَ وَ تَقُولُ:
اللَّهُمَّ إنَّ اسْتِغْفَارِي إيَّاكَ، وَ أنَا مُصِرٌّ عَلَى مَا نَهَيْتَ قِلَّةَ حَيَاءٍ، وَ تَرْكِيَ الِاسْتِغْفَارَ، مَعَ عِلْمِي بِسَعَةِ حِلْمِكَ تَضْيِيعٌ لِحَقِّ الرَّجَاءِ. اللَّهُمَّ إنَّ ذُنُوبِي تُؤْيِسُنِي أنْ أرْجُوكَ، وَ إنَّ عِلْمِي بِسَعَةِ رَحْمَتِكَ يُؤْمِنُنِي أنْ أخْشَاكَ. فَصَلِّ
ص: 241
عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ حَقِّقْ رَجَائِي لَكَ، وَ كَذِّبْ خَوْفِي مِنْكَ، وَ كُنْ لِي عِنْدَ أحْسَنِ ظَنِّي بِكَ، يَا أكْرَمَ الْأكْرَمِينَ. وَ أيِّدْنِي بِالْعِصْمَةِ، وَ أنْطِقْ لِسَانِي بِالْحِكْمَةِ، وَ اجْعَلْنِي مِمَّنْ يَنْدَمُ عَلَى مَا صَنَعَهُ فِي أمْسِهِ. اللَّهُمَّ إنَّ الْغَنِيَّ مَنِ اسْتَغْنَى عَنْ خَلْقِكَ بِكَ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ أغْنِنِي يَا رَبِّ عَنْ خَلْقِكَ، وَ اجْعَلْنِي مِمَّنْ لَا يَبْسُطُ كَفَّهُ إلَّا إلَيْكَ. اللَّهُمَّ إنَّ الشَّقِيَّ مَنْ قَنَطَ وَ أمَامَهُ التَّوْبَةُ وَخَلْفَهُ الرَّحْمَةُ، وَ إنْ كُنْتُ ضَعِيفَ الْعَمَلِ، فَإنِّي فِي رَحْمَتِكَ قَوِيُّ الْأمَلِ، فَهَبْ لِي ضَعْفَ عَمَلِي لِقُوَّةِ أمَلِي. اللَّهُمَّ أمَرْتَ فَعَصَيْنَا، وَ نَهَيْتَ فَمَا انْتَهَيْنَا، وَ ذَكَّرْتَ فَتَنَاسَيْنَا، وَ بَصَّرْتَ فَتَعَامَيْنَا، وَ حَذَّرْتَ فَتَعَدَّيْنَا، وَ مَا كَانَ ذَلِكَ جَزَاءَ إحْسَانِكَ إلَيْنَا، وَ أنْتَ أعْلَمُ بِمَا أعْلَنَّا وَ مَا أخْفَيْنَا، وَ أخْبَرُ بِمَا نَأْتِي وَ مَا أتَيْنَا. فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ لَا تُؤَاخِذْنَا بِمَا أخْطَأْنَا فِيهِ وَ نَسِينَا، وَ هَبْ لَنَا حُقُوقَكَ لَدَيْنَا، وَ تَمِّمْ إحْسَانَكَ إلَيْنَا، وَ أسْبِغْ رَحْمَتَكَ عَلَيْنَا. إنَّا نَتَوَسَّلُ إلَيْكَ بِهَذَا الصِّدِّيقِ الْإمَامِ، وَ نَسْألُكَ بِالْحَقِّ الَّذِي جَعَلْتَهُ لَهُ، وَ لِجَدِّهِ رَسُولِكَ، وَ لِأبَوَيْهِ عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ أهْلِ بَيْتِ الرَّحْمَةِ، إدْرَارَ الرِّزْقِ الَّذِي بِهِ قِوَامُ حَيَاتِنَا، وَ صَلَاحُ أحْوَالِ عِيَالِنَا. فَأنْتَ الْكَرِيمُ الَّذِي تُعْطِي مِنْ سَعَةٍ، وَ تَمْنَعُ عَنْ قُدْرَةٍ، وَنَحْنُ نَسْألُكَ مِنَ الْخَيْرِ مَا يَكُونُ صَلَاحاً لِلدُّنْيَا، وَ بَلَاغاً لِلْآخِرَةِ، وَ آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً، وَ فِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَ قِنا عَذابَ النَّارِ.
ثُمَّ تَحَوَّلْ إلَي عِنْدِ الرِّجْلَيْنِ وَ قُلْ:
السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَ عَلَى مَلَائِكَةِ اللَّهِ الْمُرَفْرَفِينَ حَوْلَ قُبَّتِكَ، الْحَافِّينَ بِتُرْبَتِكَ، الطَّائِفِينَ بِعَرْصَتِكَ، الْوَارِدِينَ لِزِيَارَتِكَ. السَّلَامُ عَلَيْكَ،
ص: 242
فَإنِّي قَصَدْتُ إلَيْكَ، وَ رَجَوْتُ الْفَوْزَ لَدَيْكَ. السَّلَامُ عَلَيْكَ سَلَامَ الْعَارِفِ بِحُرْمَتِكَ، الْمُخْلِصِ فِي وَلَايَتِكَ، الْمُتَقَرِّبِ إلَى اللَّهِ بِمَحَبَّتِكَ، الْبَرِي ءِ مِنْ أعْدَائِكَ، سَلَامَ مَنْ قَلْبُهُ بِمُصَابِكَ مَقْرُوحٌ، وَ دَمْعُهُ عِنْدَ ذِكْرِكَ مَسْفُوحٌ، سَلَامَ الْمَفْجُوعِ الْمَحْزُونِ، الْوَالِهِ الْمِسْكِينِ. سَلَامَ مَنْ لَوْ كَانَ مَعَكَ بِالطُّفُوفِ، لَوَقَاكَ بِنَفْسِهِ مِنْ حَدِّ السُّيُوفِ، وَ بَذَلَ حُشَاشَتَهُ دُونَكَ لِلْحُتُوفِ؛ وَ جَاهَدَ بَيْنَ يَدَيْكَ، وَ نَصَرَكَ عَلَى مَنْ بَغَىَ عَلَيْكَ وَ فَدَاكَ بِرُوحِهِ وَ جَسَدِهِ وَ مَالِهِ وَ وُلْدِهِ، وَ رُوحُهُ لِرُوحِكَ الْفِدَاءُ، وَ أهْلُهُ لِأهْلِكَ وِقَاءٌ. فَلَئِنْ أخَّرَتْنِي الدُّهُورُ، وَ عَاقَنِي عَنْ نُصْرَتِكَ الْمَقْدُورُ، وَ لَمْ أكُنْ لِمَنْ حَارَبَكَ مُحَارِباً، وَ لِمَنْ نَصَبَ لَكَ الْعَدَاوَةَ مُنَاصِباً، فَلَأنْدُبَنَّكَ صَبَاحاً وَ مَسَاءً وَ لَأبْكِيَنَّ عَلَيْكَ بَدَلَ الدُّمُوعِ دَماً، حَسْرَةً عَلَيْكَ، وَ تَأسُّفاً وَ تَحَسُّراً عَلَى مَا دَهَاكَ، وَ تَلَهُّفاً حَتَّى أمُوتَ بِلَوْعَةِ الْمُصَابِ، وَ غُصَّةِ الِاكْتِئَابِ. وَ أشْهَدُ أنَّكَ قَدْ أقَمْتَ الصَّلَاةَ، وَ آتَيْتَ الزَّكَاةَ، وَ أمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهَيْتَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ الْعُدْوَانِ، وَ أطَعْتَ اللَّهَ وَ مَا عَصَيْتَهُ، وَ تَمَسَّكْتَ بِحَبْلِهِ فَارْتَضَيْتَهُ، وَ خَشِيتَهُ وَ رَاقَبْتَهُ وَ اسْتَحْيَيْتَهُ وَ سَنَنْتَ السُّنَنَ وَ أطْفَأْتَ الْفِتَنَ، وَ دَعَوْتَ إلَى الرَّشَادِ وَ أوْضَحْتَ سُبُلَ السَّدَادِ، وَجَاهَدْتَ فِي اللَّهِ حَقَّ الْجِهَادِ؛ وَ كُنْتَ لِلَّهِ طَائِعاً، وَلِجَدِّكَ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَ آلِهِ تَابِعاً وَ لِقَوْلِ أبِيكَ سَامِعاً، وَإلَى وَصِيَّةِ أخِيكَ مُسَارِعاً، وَ لِعِمَادِ الدِّينِ رَافِعاً، وَ لِلطُّغْيَانِ قَامِعاً، وَ لِلطُّغَاةِ مُقَارِعاً، وَ لِلْأُمَّةِ نَاصِحاً، وَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ سَابِحاً، وَ لِلْفُسَّاقِ مُكَافِحاً، وَ بِحُجَجِ اللَّهِ قَائِماً، وَ لِلْإسْلَامِ عَاصِماً، وَ لِلْمُسْلِمِينَ رَاحِماً وَ لِلْحَقِّ نَاصِراً وَ عِنْدَ الْبَلَاءِ صَابِراً وَ لِلدِّينِ كَالِئاً، وَ عَنْ حَوْزَتِهِ مُرَامِياً، وَ عَنِ الشَّرِيعَةِ مُحَامِياً. تَحُوطُ الْهُدَى
ص: 243
وَ تَنْصُرُهُ، وَ تَبْسُطُ الْعَدْلَ وَ تَنْشُرُهُ، وَ تَنْصُرُ الدِّينَ وَتُظْهِرُهُ، وَ تَكُفُّ الْعَابِثَ وَ تَزْجُرُهُ. تَأْخُذُ لِلدَّنِيِّ مِنَ الشَّرِيفِ، وَتُسَاوِي فِي الْحُكْمِ بَيْنَ الْقَوِيِّ وَ الضَّعِيفِ. كُنْتَ رَبِيعَ الْأيْتَامِ، وَ عِصْمَةَ الْأنَامِ، وَ عِزَّ الْإسْلَامِ، وَ مَعْدِنَ الْأحْكَامِ، وَ حَلِيفَ الْإنْعَامِ، سَالِكاً(1)طَرِيقَةَ جَدِّكَ وَ أبِيكَ، مُشْبِهاً فِي الْوَصِيَّةِ لِأخِيكَ. وَفِيَّ الذِّمَمِ رَضِيَّ الشِّيَمِ، (ظَاهِرَ الْكَرَمِ)(2)، مُجْتَهِداً فِي الْعِبَادَةِ فِي حِنْدِسِ الظُّلَمِ. قَوِيمَ الطَّرَائِقِ، عَظِيمَ السَّوَابِقِ، شَرِيفَ النَّسَبِ، مُنِيفَ الْحَسَبِ، رَفِيعَ الرُّتَبِ، كَثِيرَ الْمَنَاقِبِ، مَحْمُودَ الضَّرَائِبِ، جَزِيلَ الْمَوَاهِبِ. حَلِيماً شَدِيداً، عَلِيماً رَشِيداً، إمَاماً شَهِيداً، أوَّأهاً مُنِيباً، جَوَاداً مُثِيباً، حَبِيباً مَهِيباً. كُنْتَ لِلرَّسُولِ وَلَداً، وَ لِلْقُرْآنِ سَنَداً، وَ لِلْأُمَّةِ عَضُداً، وَ فِي الطَّاعَةِ مُجْتَهِداً، حَافِظاً لِلْعَهْدِ وَ الْمِيثَاقِ، نَاكِباً عَنْ سَبِيلِ الْفُسَّاقِ. تَتَأوَّهُ تَأوُّهَ الْمَجْهُودِ، طَوِيلَ الرُّكُوعِ وَ السُّجُودِ. زَاهِداً فِي الدُّنْيَا إذْ زُهِدَ الرَّاحِلُ عَنْهَا(3)، نَاظِراً إلَيْهَا بِعَيْنِ الْمُسْتَوْحِشِ مِنْهَا. آمَالُكَ عَنْهَا مَكْفُوفَةٌ، وَ هِمَّتُكَ عَنْ زِينَتِهَا مَصْرُوفَةٌ، وَ لِحَاظُكَ عَنْ بَهْجَتِهَا مَطْرُوفَةٌ، وَ رَغْبَتُكَ فِي الْآخِرَةِ مَعْرُوفَةٌ. حَتَّى إذَا الْجَوْرُ مَدَّ بَاعَهُ، وَ أسْفَرَ الظُّلْمُ قِنَاعَهُ، وَ دَعَا الْغَيُّ أتْبَاعَهُ ؛ وَ أنْتَ فِي حَرَمِ جَدِّكَ قَاطِنٌ، وَ لِلظَّالِمِينَ مُبَايِنٌ ؛جَلِيسُ الْبَيْتِ وَ الْمِحْرَابِ، مُعْتَزِلٌ عَنِ اللَّذَّاتِ وَ الْأحْبَابِ ؛ تُنْكِرُ الْمُنْكَرَ بِقَلْبِكَ وَ لِسَانِكَ، عَلَى حَسَبِ طَاقَتِكَ وَ إمْكَانِكَ. ثُمَّ اقْتَضَاكَ الْعِلْمُ لِلْإنْكَار، وَ أرَدْتَ أنْ تُجَاهِدَ الكُفَّارَ(4).فَسِرْتَ فِي أوْلَادِكَ وَ أهَالِيكَ وَ شِيعَتِكَ وَ مَوَالِيكَ
ص: 244
وَ صَدَعْتَ بِالْحَقِّ وَ الْبَيِّنَةِ وَ دَعَوْتَ إلَى اللَّهِ بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ. وَ أمَرْتَ بِإقَامَةِ الْحُدُودِ، وَ طَاعَةِ الْمَعْبُودِ؛ وَنَهَيْتَ عَنِ الْخِيَانَةِ وَ الطُّغْيَانِ، فَوَاجَهُوكَ بِالظُّلْمِ وَ الْعُدْوَانِ. فَجَاهَدْتَهُمْ بَعْدَ الْإيعَادِ إلَيْهِمْ، وَ تَأْكِيدِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ. فَنَكَثُوا ذِمَامَكَ وَ بَيْعَتَكَ، وَ أسْخَطُوا رَبَّكَ، وَ أغْضَبُوا جَدَّكَ، وَ أنْذَرُوكَ بِالْحَرْب، فَثَبَتَّ لِلطَّعْنِ وَ الضَّرْبِ وَ طَحْطَحْتَ جُنُودَ الْكُفَّارِ وَ شَرَّدْتَ جُيُوشَ الْأشْرَارِ وَ اقْتَحَمْتَ قَسْطَلَ الْغُبَارِ، مُجَالِداً بِذِي الْفَقَارِ، كَأنَّكَ عَلِيٌّ الْمُخْتَارُ. فَلَمَّا رَأوْكَ ثَابِتَ الْجَأْشِ، غَيْرَ خَائِفٍ وَ لَا خَاشٍ، نَصَبُوا لَكَ غَوَائِلَ مَكْرِهِمْ، وَ قَاتَلُوكَ بِكَيْدِهِمْ وَ شَرِّهِمْ ؛ وَ أجْلَبَ اللَّعِينُ عَلَيْكَ جُنُودَهُ، وَ مَنَعُوكَ الْمَاءَ وَ وُرُودَهُ ؛ وَ نَاجَزُوكَ الْقِتَالَ، وَ عَاجَلُوكَ النِّزَالَ، وَ رَشَقُوكَ بِالسِّهَامِ، وَ بَسَطُوا إلَيْكَ الْأكُفَّ لِلِاصْطِلَامِ، وَ لَمْ يَرْعَوْا لَكَ الذِّمَامَ، وَ لَا رَاقَبُوا فِيكَ الْأنَامَ(1)، وَ فِي قَتْلِهِمْ أوْلِيَاءَكَ، وَ نَهْبِهِمْ رِحَالَكَ، وَ أنْتَ مُقَدَّمٌ فِي الْهَبَوَاتِ، مُحْتَمِلُ لِلْأذِيَّاتِ(2)، وَ قَدْ عَجِبَتْ مِنْ صَبْرِكَ مَلَائِكَةُ السَّمَاوَاتِ، وَ أحْدَقُوا بِكَ مِنْ كُلِّ الْجِهَاتِ، وَ أثْخَنُوكَ بِالْجِرَاحِ، وَ حَالُوا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ مَاءِ الْفُرَاتِ. وَ لَمْ يَبْقَ لَكَ نَاصِرٌ، وَ أنْتَ مُحْتَسِبٌ صَابِرٌ، تَذُبُّ عَنْ نِسْوَانِكَ وَ أوْلَادِكَ، فَهَوَيْتَ إلَى الْأرْضِ طَرِيحاً، ظَمْآنَ جَرِيحاً، تَطَؤُكَ الْخُيُولُ بِحَوَافِرِهَا، وَ تَعْلُوكَ الطُّغَاةُ(3)بِبَواتِرِهَ؛ قَدْ رَشَحَ لِلْمَوْتِ جَبِينُكَ، وَ اخْتَلَفَتْ بِالِانْبِسَاطِ وَ الِانْقِبَاضِ شِمَالُكَ وَ يَمِينُكَ، تُدِيرُ طَرَفاً مُنْكَسِراً إلَى رَحْلِكَ، وَ قَدْ شُغِلْتَ بِنَفْسِكَ عَنْ وُلْدِكَ وَ أهْلِكَ؛ وَ أسْرَعَ فَرَسُكَ شَارِداً، وَ أتَى(4)
ص: 245
خِيَامَكَ قَاصِداً، مُحَمْحِماً بَاكِياً؛ فَلَمَّا رَأيْنَ النِّسَاءُ جَوَادَكَ مَخْزِيّاً، وَ أبْصَرْنَ سَرْجَكَ مَلْوِيّاً(1)، بَرَزْنَ مِنَ الْخُدُورِ، لِلشُّعُورِ نَاشِرَاتٍ، وَلِلْخُدُودِ لَاطِمَاتٍ، وَ لِلْوُجُوهِ سَافِرَاتٍ، وَ بِالْعَوِيلِ دَاعِيَاتٍ، وَ بَعْدَ الْعِزِّ مُذَلَّلَاتٍ، وَ إلَى مَصْرَعِكَ مُبَادِرَاتٍ ؛ وَ شِمْرٌ جَالِسٌ عَلَى صَدْرِكَ، مُولِغٌ سَيْفَهُ فِي نَحْرِكَ، قَابِضٌ شَيْبَتَكَ بِيَدِهِ، ذَابِحٌ لَكَ بِمُهَنَّدِهِ ؛ وَ قَدْ سَكَنَتْ حَوَاسُّكَ، وَ خَمَدَتْ أنْفَاسُكَ، وَ وَرَدَ عَلَى الْقَنَاةِ رَأْسُكَ، وَ سُبِيَ أهْلُكَ كَالعَبِيدِ، وَ صُفِّدُوا فِي الْحَدِيدِ. فَوْقَ أقْتَابِ الْمَطِيَّاتِ، تَلْفَحُ وُجُوهَهُمْ حَرُورُالْهَاجِرَاتِ، يُسَاقُونَ فِي الْفَلَوَاتِ ؛ أيْدِيهِمْ مَغْلُولَةٌ إلَى الْأعْنَاقِ يُطَافُ بِهِمْ فِي الْأسْوَاقِ فَالْوَيْلُ لِلْعُصَاةِ الْفُسَّاقِ. لَقَدْ قَتَلُوا بِقَتْلِكَ الْإسْلَامَ، وَ عَطَّلُوا الصَّلَاةَ وَ الصِّيَامَ، وَ نَقَضُوا السُّنَنَ وَ الْأحْكَامَ، وَ هَدَمُوا قَوَاعِدَ الْإيمَانِ، وَ حَرَّفُوا آيَاتِ الْقُرْآنِ، وَ هَمْلَجُوا فِي الْبَغْيِ وَ الْعُدْوَانِ. لَقَدْ أصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَ آلِهِ مِنْ أجْلِكَ مَوْتُوراً، وَ عَادَ كِتَابُ اللَّهِ مَهْجُوراً وَ غُودِرَ الْحَقُّ إذْ قُهِرْتَ مَقْهُوراً ؛ وَ فُقِدَ بِفَقْدِكَ التَّكْبِيرُ وَ التَّهْلِيلُ، وَ التَّحْرِيمُ وَ التَّحْلِيلُ، وَ التَّنْزِيلُ وَ التَّأْوِيلُ، وَ ظَهَرَ بَعْدَكَ التَّغْيِيرُ وَ التَّبْدِيلُ، وَ الْإلْحَادُ وَ التَّعْطِيلُ، وَ الْأهْوَاءُ وَ الْأضَالِيلُ، وَ الْفِتَنُ وَ الْأبَاطِيلُ. وَ قَامَ نَاعِيكَ عِنْدَ قَبْرِ جَدِّكَ الرَّسُولِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَ آلِهِ، فَنَعَاكَ إلَيْهِ بِالدَّمْعِ الْهَطُولِ، قَائِلًا: «يَا رَسُولَ اللَّهِ! قُتِلَ سِبْطُكَ وَ فَتَاكَ، وَاسْتُبِيحَ أهْلُكَ وَحِمَاكَ، وَ سُبِيَ بَعْدَكَ ذَرَارِيُّكَ، وَ وَقَعَ الْمَحْذُورُ بِعِتْرَتِكَ وَ بَنِيكَ»؛ فَنَزَعَ الرَّسُولُ الرِّدَاءَ، وَ عَزَّاهُ بِكَ الْمَلَائِكَةُ وَ الْأنْبِيَاءُ، وَ فُجِعَتْ بِكَ أُمُّكَ فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءُ، وَ اخْتَلَفَتْ جُنُودُ الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ،
ص: 246
تُعَزِّي أبَاكَ أمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَ أُقِيمَتْ عَلَيْكَ الْمَآتِمُ فِي أعْلَى عِلِّيِّينَ، تَلْطِمُ عَلَيْكَ فِيهَا الْحُورُ الْعِينُ ؛ وَ تَبْكِيكَ السَّمَاوَاتُ وَ سُكَّانُهَا، وَ الْجِبَالُ وَ خُزَّانُهَا وَ السَّحَابُ وَ أقْطَارُهَا، وَ الْأرْضُ وَ قِيعَانُهَا، وَ الْبِحَارُ وَ حِيتَانُهَا، وَ مَكَّةُ وَ بُنْيَانُهَا، وَ الْجِنَانُ وَ وِلْدَانُهَا، وَ الْبَيْتُ وَ الْمَقَامُ وَ الْمَشْعَرُ الْحَرَامُ، وَ الْحَطِيمُ وَ زَمْزَمُ، وَ الْمِنْبَرُ الْمُعَظَّمُ، وَ النُّجُومُ الطَّوَالِعُ، وَ الْبُرُوقُ اللَّوَامِعُ، وَ الرُّعُودُ الْقَعَاقِعُ، وَ الرِّيَاحُ الزَّعَازِعُ وَ الْأفْلَاكُ الرَّوَافِعُ. فَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ قَتَلَكَ وَ سَلَبَكَ، وَ اهْتَضَمَكَ وَ غَصَبَكَ، وَ بَايَعَكَ وَ اعْتَزَلَكَ(1) ، وَ حَارَبَكَ وَ سَاقَكَ، وَ جَهَّزَ الْجُيُوشَ إلَيْكَ، وَ وَثَّبَ الظَّلَمَةُ عَلَيْكَ. أبْرَأُ إلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ مِنَ الْآمِرِ وَ الْفَاعِلِ وَ الْغَاشِمِ وَ الْخَاذِلِ. اللَّهُمَّ فَثَبِّتْنِي عَلَى الْإخْلَاصِ وَ الْوَلَاءِ وَ التَّمَسُّكِ بِحَبْلِ أهْلِ الْكِسَاءِ وَ انْفَعْنِي بِمَوَدَّتِهِمْ، وَ احْشُرْنِي فِي زُمْرَتِهِمْ، وَ أدْخِلْنِي الْجَنَّةَ بِشَفَاعَتِهِمْ، إنَّكَ وَلِيُّ ذَلِكَ، يَا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
ذِكْرُ زِيَارَةِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ:
ثُمَّ تَحَوَّلْ إِلَى عِنْدِ رِجْلَيِ الْحُسَيْنِ وَ قِفْ(2) عَلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ وَ قُلِ:
السَّلَامُ عَلَيْكَ أيُّهَا الصِّدِّيقُ، الطَّيِّبُ الطَّاهِرُ، (وَ)(3)الزَّكِيُّ الْحَبِيبُ الْمُقَرَّبُ، وَ ابْنُ رَيْحَانَةِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَ آلِهِ)(4)، السَّلَامُ عَلَيْكَ مِنْ شَهِيدٍ مُحْتَسِبٍ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ. مَا أكْرَمَ مَقَامَكَ، وَ أشْرَفَ مُنْقَلَبَكَ، أشْهَدُ لَقَدْ شَكَرَ اللَّهُ سَعْيَكَ، وَ أجْزَلَ ثَوَابَكَ. وَ ألْحَقَكَ بِالذِّرْوَةِ الْعَالِيَةِ، حَيْثُ
ص: 247
الشَّرَفُ كُلُّ الشَّرَفِ، فِي الْغُرَفِ السَّامِيَةِ، فِي الْجَنَّةِ فَوْقَ الْغُرَفِ، كَمَا مَنَّ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ، وَ جَعَلَكَ مِنْ أهْلِ الْبَيْتِ، الَّذِينَ أذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَ طَهَّرَهُمْ تَطْهِيراً. وَ اللَّهِ مَا ضَرَّكَ الْقَوْمُ بِمَا نَالُوا مِنْكَ وَ مِنْ أبِيكَ الطَّاهِرِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْكُمَا، وَ لَا ثَلَمُوا مَنْزِلَتَكُمَا مِنَ الْبَيْتِ الْمُقَدَّسِ، وَ لَا وَهَنْتُمَا بِمَا أصَابَكُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَ لَا مِلْتُمَا إلَى الْعَيْشِ فِي الدُّنْيَا، وَ لَا تَكَرَّهْتُمَا مُبَاشَرَةَ الْمَنَايَا، إذْ كُنْتُمَا قَدْ رَأيْتُمَا مَنَازِلَكُمَا فِي الْجَنَّةِ، قَبْلَ أنْ تَصِيرَا إلَيْهَا، فَاخْتَرْتُمَاهَا قَبْلَ أنْ تَنْتَقِلَا إلَيْهَا، فَسُرِرْتُمْ وَ سَرَرْتُمْ. فَهَنِيئاً لَكُمْ يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ التَّمَسُّكُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، بِالسَّيِّدِ السَّابِقِ، حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَ قَدِمْتُمَا عَلَيْهِ، وَ قَدْ أُلْحِقْتُمَا بِأوْثَقِ عُرْوَةٍ، وَ أقْوَى سَبَبٍ. صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ أيُّهَا الصِّدِّيقُ الشَّهِيدُ الْمُكَرَّمُ، وَ السَّيِّدُ الْمُقَدَّمُ، الَّذِي عَاشَ سَعِيداً، وَ مَاتَ شَهِيداً، وَ ذَهَبَ فَقِيداً، فَلَمْ تَتَمَتَّعْ مِنَ الدُّنْيَا إلَّا بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَ لَمْ تَتَشَاغَلْ إلَّا بِالْمَتْجَرِ الرَّابِحِ. أشْهَدُ أنَّكَ مِنَ الْفَرِحِينَ «بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ يَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أنْ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ»(1)وَ تِلْكَ مَنْزِلَةُ كُلِّ شَهِيدٍ، (فَكَيْفَ)(2)مَنْزِلَةُ الْحَبِيبِ إلَى اللَّهِ، الْقَرِيبِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، زَادَكَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فِي كُلِّ لَفْظَةٍ وَ لَحْظَةٍ، وَ سُكُونٍ وَ حَرَكَةٍ، مَزِيداً يَغْبِطُ وَ يَسْعَدُ أهْلُ عِلِّيِّينَ بِهِ. يَا كَرِيمَ النَّفْسِ، يَا كَرِيمَ الْأبِ، يَا كَرِيمَ الْجَدِّ، إلَى أنْ يَتَنَاهَى(3)،رَفَعَكُمُ اللَّهُ مِنْ أنْ يُقَالَ: رَحِمَكُمُ اللَّهُ،
ص: 248
وَ افْتَقَرَ إلَى ذَلِكَ غَيْرُكُمْ مِنْ كُلِّ مَنْ خَلَقَ اللَّهُ.
ثُمَّ تَقُولُ:
صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رِضْوَانُهُ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، فَاشْفَعْ لِي أيُّهَا السَّيِّدُ الطَّاهِرُ، إلَى رَبِّكَ فِي حَطِّ الْأثْقَالِ عَنْ ظَهْرِي، وَ تَخْفِيفِهَا عَنِّي، وَ ارْحَمْ ذُلِّي وَ خُضُوعِي لَكَ، وَ لِلسَّيِّدِ أبِيكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكُمَا.
ثُمَّ انْكَبَّ عَلَي الْقَبْرِ وَ قُلْ:
زَادَ اللَّهُ فِي شَرَفِكُمْ فِي الْآخِرَةِ كَمَا شَرَّفَكُمْ فِي الدُّنْيَا، وَ أسْعَدَكُمْ كَمَا أسْعَدَ بِكُمْ، وَ أشْهَدُ أنَّكُمْ أعْلَامُ الدِّينِ، وَ نُجُومُ الْعَالَمِينَ.
زِيَارَةُ الشُّهَدَاءِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِم:
ثُمَّ تَتَوَجَّهُ إِلَى الْبَيْتِ الَّذِي عِنْدَ رِجْلَيْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ وَ تَقُولُ:
السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أبَا عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنَ، سَلَاماً لَا يَفْنَى أمَدُهُ، وَ لَا يَنْقَطِعُ مَدَدُهُ، سَلَاماً تَسْتَوْجِبُهُ بِاجْتِهَادِكَ، وَ تَسْتَحِقُّهُ بِجِهَادِكَ، عِشْتَ حَمِيداً، وَ ذَهَبْتَ فَقِيداً. لَمْ يُمِلْ بِكَ حُبُّ الشَّهَوَاتِ، وَ لَمْ يُدَنِّسْكَ طَمَعُ النَّزِهَاتِ، حَتَّى كَشَفَتْ لَكَ الدُّنْيَا عَنْ عُيُوبِهَا، وَ رَأيْتَ سُوءَ عَوَاقِبِهَا(1)، وَ قُبْحَ مَصِيرِهَا، فَبِعْتَهَا بِالدَّارِ الْآخِرَةِ، وَ شَرَيْتَ نَفْسَكَ شِرَاءَ الْمُتَاجِرَةِ؛ فَأرْبَحْتَهَا أكْرَمَ الْأرْبَاحِ، وَ لَحِقْتَ بِهَا «الَّذِينَ أنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً * ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَ كَفَى بِاللَّهِ عَلِيماً»(2).السَّلَامُ عَلَى الْقَاسِمِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ
ص: 249
وَ بَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ حَبِيبِ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ رَيْحَانَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَ آلِهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ مِنْ حَبِيبٍ لَمْ يَقْضِ مِنَ الدُّنْيَا وَطَراً، وَ لَمْ يَشْفِ مِنْ أعْدَاءِ اللَّهِ صَدْراً، حَتَّى عَاجَلَهُ الْأجَلُ، وَ فَاتَهُ الْأمَلُ، وَ هَنِيئاً(1)لَكَ يَا حَبِيبَ حَبِيبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، مَا أسْعَدَ جَدَّكَ، وَ أنْجَزَ(2) مَجْدَكَ، وَ أحْسَنَ مُنْقَلَبَكَ. السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا عَوْنَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أبِي طَالِبٍ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ النَّاشِي فِي حِجْرِ رَسُولِ اللَّهِ، وَ الْمُقْتَدِي بِأخْلَاقِ رَسُولِ اللَّهِ، وَ الذَّابِّ عَنْ حَرِيمِ رَسُولِ اللَّهِ صَبِيّاً، وَ الذَّائِدِ عَنْ حَرَمِ رَسُولِ اللَّهِ. مُبَاشِراً لِلْحُتُوفِ، مُجَاهِداً بِالسُّيُوفِ، قَبْلَ أنْ يَقْوَى جِسْمُهُ، وَ يَشْتَدَّ عَظْمُهُ، وَ يَبْلُغَ أشُدَّهُ. مَا زِلْتَ مِنَ العُلَا(3)مُنْذُ يَفَعْتَ، تَطْلُبُ الْغَايَةَ الْقُصْوَى فِي الْخَيْرِ مُنْذُ تَرَعْرَعْتَ، حَتَّى رَأيْتَ أنْ تَنَالَ الْحَظَّ السَّنِيَّ فِي الْآخِرَةِ، بِبَذْلِ الْجِهَادِ، وَالْقِتَالِ لِأعْدَاءِاللَّهِ(4).فَتَقَرَّبْتَ وَ الْمَنَايَا دَانِيَةٌ، وَ زَحَفْتَ وَ النَّفْسُ مُطْمَئِنَّةٌ طَيِّبَةٌ. تَلَقَّى بِوَجْهِكَ بَوَادِرَ السِّهَامِ، وَ تُبَاشِرُ بِمُهْجَتِكَ حَدَّ الْحُسَامِ، حَتَّى وَفَدْتَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِأحْسَنِ عَمَلٍ وَ أرْشَدِ سَعْيٍ إلَى أكْرَمِ مُنْقَلَبٍ، وَ تَلَقَّاكَ مَا أعَدَّهُ لَكَ مِنَ النَّعِيمِ الْمُقِيمِ، الَّذِي يَزِيدُ وَ لَا يَبِيدُ، وَ الْخَيْرِ الَّذِي يَتَجَدَّدُ، وَ لَا يَنْفَدُ، فَصَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْكَ تَتْرَى، تَتَّبِعُ أُخْرَاهُنَّ الْأُولَى. السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَانِ بْنَ عَقِيلِ بْنِ أبِي طَالِبٍ، صِنْوَ الْوَصِيِّ أمِيرِالْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، عَلَيْكَ وَ عَلَى أبِيكَ مَا دَجَى لَيْلٌ وَ أضَاءَ نَهَارٌ، وَ مَا طَلَعَ هِلَالٌ وَ مَا أخْفَاهُ
ص: 250
سِرَارٌ. وَ جَزَاكَ اللَّهُ عَنِ ابْنِ عَمِّكَ وَ الْإسْلَامِ، أحْسَنَ مَا جَازى(1) الْأبْرَارَ الْأخْيَارَ، الَّذِينَ نَابَذُوا الْفُجَّارَ وَ جَاهَدُوا الْكُفَّارَ، فَصَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْكَ يَا خَيْرَ ابْنِ عَمٍّ لِخَيْرِ ابْنِ عَمٍّ، زَادَكَ اللَّهُ فِيمَا آتَاكَ، حَتَّى تَبْلُغَ رِضَاكَ، كَمَا بَلَغْتَ غَايَةَ رِضَاهُ، وَ جَاوَزَ بِكَ أفْضَلَ مَا كُنْتَ تَتَمَنَّاهُ. السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا جَعْفَرَ بْنَ عَقِيلِ بْنِ أبِي طَالِبٍ، سَلَاماً يَقْضِي حَقَّكَ، فِي نَسَبِكِ وَ قَرَابَتِكَ، وَ قَدْرِكَ فِي مَنْزِلَتِكَ وَ عَمَلِكَ فِي مُوَاسَاتِكَ وَ مُسَاهَمَتِكَ ابْنَ عَمِّكَ بِنَفْسِكَ، وَ مُبَالَغَتِكَ فِي مُوَاسَاتِهِ ؛ حَتَّى شَرِبْتَ بِكَأْسِهِ، وَ حَلَلْتَ مَحَلَّهُ فِي رَمْسِهِ، وَاسْتَوْجَبْتَ ثَوَابَ مَنْ بَايَعَ اللَّهُ فِي نَفْسِهِ. فَاسْتَبْشَرَ بِبَيْعِهِ الَّذِي بَايَعَهُ بِهِ، وَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ. فَاجْتَمَعَ لَكَ مَا وَعَدَكَ اللَّهُ بِهِ مِنَ النَّعِيمِ، بِحَقِّ الْمُبَالَغَةِ(2)إلَى مَا أوْجَبَهُ اللَّهُ عَزَّوَجَلَّ لَكَ، بِحَقِّ النَّسَبِ وَ الْمُشَارَكَةِ، فَفُزْتَ فَوْزَيْنِ، لَا يَنَالُهُمَا إلَّا مَنْ كَانَ مِثْلَكَ فِي قَرَابَتِهِ وَ مَكَانَتِهِ(3)، وَ بَذَلَ مَالَهُ وَ مُهْجَتَهُ، لِنُصْرَةِ إمَامِهِ وَ ابْنِ عَمِّهِ، فَزَادَكَ اللَّهُ حُبّاً وَ كَرَامَةً، حَتَّى تَنْتَهِيَ إلَى أعْلَى عِلِّيِّينَ، فِي جِوَارِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا عَبْدَاللَّهِ بْنَ مُسْلِمِ بْنِ عَقِيلٍ، فَمَا أكْرَمَ مَقَامَكَ، فِي نُصْرَةِ ابْنِ عَمِّكَ، وَ مَا أحْسَنَ فَوْزَكَ، عِنْدَ رَبِّكَ، فَلَقَدْ(4)كَرُمَ فِعْلُكَ(5)، وَ أُجِلَّ أمْرُكَ(6)، وَ أُعْظِمَ فِي الْإسْلَامِ سَهْمُكَ(7).رَأيْتَ الِانْتِقَالَ إلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، خَيْراً مِنْ مُجَاوَرَةِ الْكَافِرِينَ ؛ وَ لَمْ تَرَ شَيْئاً لِلِانْتِقَالِ، أكْرَمَ مِنَ الْجِهَادِ وَ الْقِتَالِ ؛ فَكَافَحْتَ الْفَاسِقِينَ، بِنَفْسٍ لَا تَخِيمُ
ص: 251
عِنْدَ النَّاسِ(1)وَ يَدٍ لَا تَلِينُ عِنْدَ الْمِرَاسِ، حَتَّى قَتَلَكَ الْأعْدَاءُ، مِنْ بَعْدِ أنْ رَوَّيْتَ سَيْفَكَ وَ سِنَانَكَ، مِنْ أوْلَادِ الْأحْزَابِ وَ الطُّلَقَاءِ، وَ قَدْ عَضَّكَ السِّلَاحُ، وَ أثْبَتَكَ الْجِرَاحُ، فَغَلَبْتَ عَلَى ذَاتِ نَفْسِكَ، غَيْرَ مُسَالِمٍ وَ لَا مُسْتَأْسِرٍ، فَأدْرَكْتَ مَا كُنْتَ تَتَمَنَّاهُ، وَ جَاوَزْتَ مَا كُنْتَ تَطْلُبُهُ وَ تَهْوَاهُ، فَهَنَّاكَ اللَّهُ بِمَا صِرْتَ إلَيْهِ، وَزَادَكَ مَا ابْتَغَيْتَ الزِّيَادَةَ عَلَيْهِ. السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَلِيِّ بْنِ أبِي طَالِبٍ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، فَإنَّكَ الْغُرَّةُ الْوَاضِحَةُ، وَ اللُّمْعَةُ اللَّائِحَةُ، ضَاعَفَ اللَّهُ رِضَاهُ عَنْكَ، وَ أحْسَنَ لَكَ ثَوَابَ مَا بَذَلْتَهُ مِنْكَ، فَلَقَدْ وَاسَيْتَ أخَاكَ وَ بَذَلْتَ مُهْجَتَكَ فِي رِضَى رَبِّكَ. السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَانِ بْنَ عَقِيلِ بْنِ أبِي طَالِبٍ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، سَلَاماً يُرَجِّيهِ الْبَيْتُ الَّذِي أنْتَ فِيهِ أضَأْتَ، وَ النُّورُ الَّذِي فِيهِ اسْتَضَأْتَ، وَ الشَّرَفُ الَّذِي فِيهِ اقْتَدَيْتَ، وَ هَنَّاكَ اللَّهُ بِالْفَوْزِ الَّذِي إلَيْهِ وَصَلْتَ، وَ بِالثَّوَابِ الَّذِي ادَّخَرْتَ. لَقَدْ عَظُمَتْ مُوَاسَاتُكَ بِنَفْسِكَ، وَ بَذَلْتَ(2)مُهْجَتَكَ فِي رِضَى رَبِّكَ وَ نَبِيِّكَ وَ أبِيكَ وَ أخِيكَ، فَفَازَ قِدْحُكَ، وَ زَادَ رِبْحُكَ، حَتَّى مَضَيْتَ شَهِيداً، وَ لَقِيتَ اللَّهَ سَعِيداً، صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْكَ، وَ عَلَى أخِيكَ، وَعَلَى إخْوَتِكَ، الَّذِينَ أذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُمُ الرِّجْسَ، وَ طَهَّرَهُمْ تَطْهِيراً.
السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أبَا بَكْرِ بْنَ عَلِيِّ بْنِ أبِي طَالِبٍ(3)وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، مَا أحْسَنَ بَلَاءَكَ، وَ أزْكَى سَعْيَكَ وَ أسْعَدَكَ، بِمَا نِلْتَ مِنَ الشَّرَفِ، وَ فُزْتَ بِهِ مِنَ الشَّهَادَةِ، فَوَاسَيْتَ أخَاكَ وَ إمَامَكَ، وَمَضَيْتَ عَلَى يَقِينِكَ، حَتَّى لَقِيتَ رَبَّكَ،
ص: 252
صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْكَ، وَ ضَاعَفَ اللَّهُ مَا أحْسَنَ بِهِ عَلَيْكَ(1).السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا عُثْمَانَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ أبِي طَالِبٍ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، فَمَا أجَلَّ قَدْرَكَ، وَ أطْيَبَ ذِكْرَكَ، وَ أبْيَنَ أثَرَكَ، وَ أشْهَرَ خَيْرَكَ، وَ أعْلَى مَدْحَكَ، وَ أعْظَمَ مَجْدَكَ. فَهَنِيئاً لَكُمْ يَا أهْلَ بَيْتِ الرَّحْمَةِ، وَ مُخْتَلَفَ الْمَلَائِكَةِ، وَ مَفَاتِيحَ الْخَيْرِ، تَحِيَّاتُ اللَّهِ غَادِيَةً وَ رَائِحَةً، فِي كُلِّ يَوْمٍ وَ طَرْفَةِ عَيْنٍ وَ لَمْحَةٍ، وَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ، يَا أنْصَارَ دِينِ اللَّهِ وَ أنْصَارَ أهْلِ الْبَيْتِ مِنْ مَوَالِيهِمْ وَ أشْيَاعِهِمْ، فَلَقَدْ(2) نِلْتُمُ الْفَوْزَ، وَ حُزْتُمُ الشَّرَفَ، فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ. يَاسَادَاتِي يَا أهْلَ الْبَيْتِ، وَلِيُّكُمْ الزَّائِرُ(لَكُمُ)(3)الْمُثْنِى عَلَيْكُمْ، بِمَا أوْلَاكُمُ اللهُ، وَ أنْتُمْ لَهُ أهْلٌ، الْمُجِيبُ لَكُمْ بِسَائِرِ(4)جَوَارِحِهِ، يَسْتَشْفِعُ بِكُمْ إلَى اللَّهِ رَبِّكُمْ وَ رَبِّهِ، فِي إحْيَاءِ قَلْبِهِ، وَ ت زْكِيَةِ عَمَلِهِ، وَ إجَابَةِ دُعَائِهِ، وَ تَقَبُّلِ مَا يَتَقَرَّبُ بِهِ، وَ الْمَعُونَةِ عَلَى أمْرِ دُنْيَاهُ وَ آخِرَتِهِ، فَقَدْ سَألَ اللَّهَ تَعَالَى ذَلِكَ، وَ تَوَسَّلَ إلَيْهِ بِكُمْ، وَهُوَ نِعْمَ الْمَسْئُولُ، وَ نِعْمَ الْمَوْلى وَ نِعْمَ النَّصِيرُ.
ثُمَّ تُسَلِّمُ عَلَي الشُّهَدَاءِ مِنْ أصْحَابِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ وَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ
وَ تَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَ تَقُولُ:
السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أنْصَارَ اللَّهِ، وَ أنْصَارَ رَسُولِهِ، وَ أنْصَارَ عَلِيِّ بْنِ أبِي طَالِبٍ، وَ أنْصَارَ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ، وَ أنْصَارَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ، وَ أنْصَارَ الْإسْلَامِ. أشْهَدُ لَقَدْ نَصَحْتُمْ لِلَّهِ، وَ جَاهَدْتُمْ فِي سَبِيلِهِ، فَجَزَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الْإسْلَامِ وَ أهْلِهِ، أفْضَلَ الْجَزَاءِ، فُزْتُمْ وَ اللَّهِ فَوْزاً عَظِيماً، (يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَكُمْ فَأفُوزَ فَوْزاً
ص: 253
عَظِيماً)(1).أشْهَدُ أنَّكُمْ أحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّكُمْ تُرْزَقُونَ، وَ أشْهَدُ أنَّكُمُ الشُّهَدَاءُ وَ أنَّكُمُ السُّعَدَاءُ، وَ أنَّكُمْ فِي دَرَجَاتِ الْعُلَى، وَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَةُاللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.
ثُمَّ عُدْ إِلَى مَوْضِعِ رَأْسِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ(2)وَ اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ وَ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ صَلَاةَ الزِّيَارَةِ، تَقْرَأُ فِي الْأولَى الْحَمْدَ وَ سُورَةَ الْأنْبِيَاءِ وَ فِي الثَّانِيَةِ الْحَمْدَ وَ سُورَةَ الْحَشْرِ أَوْ مَا تَهَيَّأ لَكَ مِنَ الْقُرْآنِ فَإِذَا فَرَغْتَ مِنَ الصَّلَاةِ فَقُلْ:سُبْحَانَ ذِي الْقُدْرَةِ وَ الْجَبَرُوتِ، سُبْحَانَ ذِي الْعِزَّةِ وَ الْمَلَكُوتِ، سُبْحَانَ الْمُسَبَّحِ لَهُ بِكُلِّ لِسَانٍ، سُبْحَانَ الْمَعْبُودِ فِي كُلِّ أوَانٍ، الْأوَّلُ وَ الْآخِرُ، وَ الظَّاهِرُ وَ الْباطِنُ، وَ هُوَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ، ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ، فَتَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ، لا إلهَ إلَّا هُوَ، فَتَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ. اللَّهُمَّ ثَبِّتْنِي عَلَى الْإقْرَارِ بِكَ، وَ احْشُرْنِي عَلَيْهِ، وَ ألْحِقْنِي بِالْعَصَبَةِ الْمُعْتَقِدِينَ لَهُ، الَّذِينَ لَمْ يَعْتَرِضْهُمْ فِيكَ الرَّيْبُ، وَ لَمْ يُخَالِطْهُمُ الشَّكُّ، الَّذِينَ أطَاعُوا نَبِيَّكَ وَ وَازَرُوهُ، وَ عَاضَدُوهُ وَنَصَرُوهُ، وَ اتَّبَعُوا ا نُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ، وَ لَمْ يَكُنِ اتِّبَاعُهُمْ إيَّاهُ طَلَبَ الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ، وَ لَا انْحِرَافاً عَنِ الْآخِرَةِ الْبَاقِيَةِ، وَ لَا حُبَّ الرِّئَاسَةِ وَ الْإمْرَةِ، وَ لَا إيْثَارَ الثَّرْوَةِ، بَلْ تَاجَرُوا بِأمْوَالِهِمْ وَ أنْفُسِهِمْ، وَ رَبِحُوا حِينَ خَسِرَ الْبَاخِلُونَ، وَ فَازُوا حِينَ خَابَ الْمُبْطِلُونَ، وَ أقَامُوا حُدُودَ مَا أمَرْتَ بِهِ، مِنَ الْمَوَدَّةِ فِي ذَوِي الْقُرْبَى، الَّتِي جَعَلْتَهَا أجْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، فِيمَا أدَّاهُ إلَيْنَا مِنَ الْهِدَايَةِ إلَيْكَ، وَ أرْشَدَنا إلَيْهِ مِنَ التَّعَبُّدِ(3)، وَ تَمَسَّكُوا بِطَاعَتِهِمْ، وَ لَمْ يَمِيلُوا إلَى غَيْرِهِمْ. اللَّهُمَّ إنِّي أُشْهِدُكَ أنِّي مَعَهُمْ
ص: 254
وَ فِيهِمْ وَ بِهِمْ، وَ لَا أمِيلُ عَنْهُمْ وَ لَا أنْحَرِفُ إلَى غَيْرِهِمْ، وَ لَا أقُولُ لِمَنْ خَالَفَهُمْ، هؤُلاءِ أهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا. اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ عِتْرَتِهِ، صَلَاةً تُرْضِيهِ وَ تُحْظِيهِ، وَ تُبْلِغُهُ أقْصَى رِضَاهُ وَ أمَانِيهِ، وَ عَلَى ابْنِ عَمِّهِ، وَ أخِيهِ الْمُهْتَدِي بِهِدَايَتِهِ، الْمُسْتَبْصِرِ بِمِشْكَاتِهِ، الْقَائِمِ مَقَامَهُ فِي أُمَّتِهِ، وَ عَلَى الْأئِمَّةِ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ، الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ وَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ وَ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى وَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَ الْحُجَّةِ بْنِ الْحَسَنِ. اللَّهُمَّ إنَّ هَذَا مَقَامٌ إنْ رَبِحَ فِيهِ الْقَائِمُ بِأهْلِ ذَلِكَ، فَهُوَ مِنَ الْفَائِزِينَ، وَ إنْ خَسِرَ فَهُوَ مِنَ الْهَالِكِينَ. اللَّهُمَّ إنِّي لَا أعْلَمُ شَيْئاً يُقَرِّبُنِي مِنْ رِضَاكَ، فِي هَذَا الْمَقَامِ، إلَّا التَّوْبَةَ مِنْ مَعَاصِيكَ، وَ الِاسْتِغْفَارَ مِنَ الذُّنُوبِ، وَ التَّوَسُّلَ بِهَذَا الْإمَامِ الصِّدِّيقِ ابْنِ رَسُولِ اللَّهِ. وَ أنَا بِحَيْثُ تَنْزِلُ الرَّحْمَةُ وَ تُرَفْرِفُ الْمَلَائِكَةُ، وَ تَأْتِيهِ الْأنْبِيَاءُ، وَ تَغْشَاهُ الْأوْصِيَاءُ، فَإنْ خِفْتُ مَعَ كَرْمِكَ وَ مَعَ هَذِهِ الْوَسِيلَةِ إلَيْكَ أنْ تُعَذِّبَنِي، فَقَدْ ضَلَّ سَعْيِي وَ خَسِرَ عَمَلِي، فَيَاحَسْرَةَ نَفْسِي وَ إنْ لَمْ تَغْفِرْ لِي وَ تَرْحَمْنِي، فَأنْتَ أرْحَمُ الرَّاحِمِينَ.
ثُمَّ قَبِّلِ الضَّرِيحَ وَ قُلْ:
(السَّلَامُ عَلَيْكَ)(1)أيُّهَا الْإمَامُ الْكَرِيمُ، وَ ابْنَ الرَّسُولِ الْكَرِيمِ، أتَيْتُكَ بِزِيَارَةِ الْعَبْدِ لِمَوْلَاهُ، الرَّاجِي فَضْلَهُ وَ جَدْوَاهُ، الْآمِلِ قَضَاءَ الْحَقِّ الَّذِي أظْهَرَهُ اللَّهُ لَكَ، وَ كَيْفَ أقْضِي حَقَّكَ مَعَ عَجْزِي وَ صِغَرِ جَدِّي، وَ جَلَالَةِ أمْرِكَ، وَ عَظِيمِ قَدْرِكَ، وَ هَلْ هِيَ إلَّا الْمُحَافَظَةُ عَلَى ذِكْرِكَ، وَ الصَّلَاةُ عَلَيْكَ، مَعَ
ص: 255
أبِيكَ وَ جَدِّكَ، وَ الْمُتَابَعَةُ لَكَ، وَالْبَرَاءَةُ مِنْ أعْدَائِكَ وَ الْمُنْحَرِفِينَ عَنْكَ. فَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ خَالَفَكَ فِي سِرِّهِ وَ جَهْرِهِ، وَ مَنْ أجْلَبَ عَلَيْكَ بِخَيْلِهِ وَ رَجِلِهِ، وَ مَنْ كَثَّرَ أعْدَاءَكَ بِنَفْسِهِ وَ مَالِهِ، وَ مَنْ سَرَّهُ مَاسَاءَكَ، وَ مَنْ أرْضَاهُ مَا أسْخَطَكَ، وَ مَنْ جَرَّدَ سَيْفَهُ لِحَرْبِكَ، وَمَنْ شَهَرَ نَفْسَهُ فِي مُعَادَاتِكَ، وَ مَنْ قَامَ فِي الْمَحَافِلِ بِذَمِّكَ، وَ مَنْ خَطَبَ فِي الْمَجَالِسِ بِلَوْمِكَ سِرّاً وَ جَهْراً. اللَّهُمَّ جَدِّدْ عَلَيْهِمُ اللَّعْنَةَ كَمَا جَدَّدْتَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ لَا تَدَعْ لَهُمْ دِعَامَةً إلَّا قَصَمْتَهَا، وَ لَا كَلِمَةً مُجْتَمِعَةً إلَّا فَرَّقْتَهَا، اللَّهُمَّ أرْسِلْ عَلَيْهِمْ مِنَ الْحَقِّ يَداً حَاصِدَةً، تَصْرَعُ قَائِمَهُمْ، وَ تَهْشِمُ سُوقَهُمْ، وَ تَجْدَعُ مَعَاطِسَهُمْ. اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ عِتْرَتِهِ الطَّاهِرِينَ، الَّذِينَ بِذِكْرِهِمْ يَنْجَلِي الظَّلَامُ، وَ يَنْزِلُ الْغَمَامُ، وَ عَلَى أشْيَاعِهِمْ وَ مَوَالِيهِمْ وَ أنْصَارِهِمْ، وَ احْشُرْنِي مَعَهُمْ، وَ تَحْتَ لِوَائِهِمْ. أيُّهَا الْإمَامُ الْكَرِيمُ، اذْكُرْنِي بِحُرْمَةِ جَدِّكَ عِنْدَ رَبِّكَ، ذِكْراً يَنْصُرُنِي عَلَى مَنْ يَبْغِي عَلَيَّ، وَ يُعَانِدُنِي فِيكَ، وَ يُعَادِينِي مِنْ أجْلِكَ، وَ اشْفَعْ(1) لِي إلَى رَبِّكَ، فِي إتْمَامِ النِّعْمَةِ لَدَيَّ، وَ إسْبَاغِ الْعَافِيَةِ عَلَيَّ، وَ سَوْقِ الرِّزْقِ إلَيَّ، وَ تُوَسِّعُهُ(2)عَلَيَّ، لِأعُودَ بِالْفَضْلِ مِنْهُ عَلَى مُبْتَغِيهِ، فَمَا أسْألُ مَعَ الْكَفَافِ، إلَّا مَا أكْتَسِبُ بِهِ الثَّوَابَ، فَإنَّهُ لَا ثَوَابَ لِمَنْ لَا يُشَارِكُكَ فِي مَالِهِ، وَ لَا حَاجَةَ لِي فِيمَا يُكْنَزُ فِي الْأرْضِ، وَ لَا يُنْفَقُ فِي نَافِلَةٍ وَ لَا فَرْضٍ. اللَّهُمَّ إنِّي أسْألُكَ وَ أبْتَغِيهِ مِنْ لَدُنْكَ حَلَالًا طَيِّباً، فَأعِنِّي عَلَى ذَلِكَ وَ أقْدِرْنِي عَلَيْهِ، وَ لَا تَبْتَلِينِي بِالْحَاجَةِ فَأتَعَرَّضَ بِالرِّزْقِ،
ص: 256
لِلْجِهَاتِ الَّتِي يَقْبُحُ أمْرُهَا، وَ يَلْزَمُنِي وِزْرُهَا. اللَّهُمَّ وَ مُدَّ لِي فِي الْعُمُرِ مَا دَامَتِ الْحَيَاةُ مَوْصُولَةً بِطَاعَتِكَ، مَشْغُولَةً بِعِبَادَتِكَ، فَإذَاصَارَتِ الْحَيَاةُ مَرْتَعَةً لِلشَّيْطَانِ، فَاقْبِضْنِي إلَيْكَ قَبْلَ أنْ يَسْبِقَ إلَيَّ مَقْتُكَ، وَ يُسْتَحْكَمَ عَلَيَّ سَخَطُكَ. اللَّهُمََ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ يَسِّرْ لِيَ الْعَوْدَ إلَى هَذَا الْمَشْهَدِ، الَّذِي عَظَّمْتَ حُرْمَتَهُ فِي كُلِّ حَوْلٍ، بَلْ فِي كُلِّ شَهْرٍ، بَلْ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ، فَإنَّ زِيَارَتَهُ فِي كُلِّ حَوْلٍ، مَعَ قَبُولِكَ ذَلِكَ، بَرَكَةٌ شَامِلَةٌ، فَكَيْفَ إذَا قَرُبَتِ الْمُدَّةُ، وَ تَلَاحَقَتِ الْقُدْرَةُ. اللَّهُمَّ إنَّهُ لَاعُذْرَ لِي فِي التَّأخُّرِ عَنْهُ وَ الْإخْلَالِ بِزِيَارَتِهِ، مَعَ قُرْبِ الْمَسَافَةِ إلَّا الْمَخَاوِفُ الْحَائِلَةُ بَيْنِي وَ بَيْنَهُ، وَ لَوْلَا ذَلِكَ لَتَقَطَّعَتْ نَفْسِي، حَسْرَةً لِانْقِطَاعِي عَنْهُ، أسَفاً عَلَى مَا يَفُوتُنِي مِنْهُ. اللَّهُمَّ يَسِّرْ لِيَ الْإتْمَامَ، وَ أعِنِّي عَلَى تَأدِّيهِ، وَ مَا(1)أُضْمِرُهُ فِيهِ، وَ أرَاهُ أهْلَهُ وَ مُسْتَوْجِبَهُ، فَأنْتَ بِنِعْمَتِكَ الْهَادِي إلَيْهِ، وَ الْمُعِينُ عَلَيْهِ. اللَّهُمَّ فَتَقَبَّلْ فَرْضِي، وَ نَوَافِلِي وَ زِيَارَتِي، وَ اجْعَلْهَا زِيَارَةً مُسْتَمِرَّةً، وَ عَادَةً مُسْتَقِرَّةً، وَ لَا تَجْعَلْ ذَلِكَ مُنْقَطِعَ التَّوَاتُرِ، يَا كَرِيمُ.
فَإذَا أَرَدْتَ الْوَدَاعَ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَ قُلْ:
السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا خَيْرَ الْأنَامِ، لِأكْرَمِ إمَامٍ، وَ أكْرَمِ رَسُولٍ، وَلِيُّكَ يُوَدِّعُكَ، تَوْدِيعَ غَيْرِ قَالٍ (لِقُرْبِكَ)(2)، وَ لَا سَئِمٍ لِلْمُقَامِ لَدَيْكَ، وَ لَا مُؤْثِرٍ لِغَيْرِكَ عَلَيْكَ، وَ لَا مُنْصَرِفٍ لِمَا هُوَ أنْفَعُ لَهُ مِنْكَ، تَوْدِيعَ مُتَأسِّفٍ عَلَى فِرَاقِكَ، وَ مُتَشَوِّقٍ إلَى عَوْدِ لِقَائِكَ، وَدَاعَ مَنْ يَعُدُّ الْأيَّامَ لِزِيَارَتِكَ، وَ يُؤْثِرُ الْغُدُوَّ وَ الرَّوَاحَ إلَيْكَ، وَ يَتَلَهَّفُ عَلَى الْقُرْبِ مِنْكَ، وَ مُشَاهَدَةِ نَجْوَاكَ. صَلَّى اللَّهُ
ص: 257
عَلَيْكَ مَا اخْتَلَفَ الْجَدِيدَانِ، وَ تَنَاوَحَ الْعَصْرَانِ، وَ تَعَاقَبَ الْأيَّامُ.
ثُمَّ انْكَبَّ عَلَي الْقَبْرِ وَ قُلْ:
يَا مَوْلَايَ مَا تَرْوَى النَّفْسُ مِنْ مُنَاجَاتِكَ، وَ لَا يَقْنَعُ الْقَلْبُ إلَّا بِمُجَاوَرَتِكَ، فَلَوْ عَذَرْتَنِي الْحَالَ الَّتِي وَرَائِي لَتَرَكْتُهَا، وَ لَا اسْتَبْدَلْتُ بِهَا جِوَارَكَ، فَمَا أسْعَدَ مَنْ يُغَادِيكَ وَ يُرَاوِحُكَ، وَ مَا أرْغَدَ عَيْشَ مَنْ يُمَسِّيكَ وَ يُصَبِّحُكَ. اللَّهُمَّ احْرُسْ هَذِهِ الْآثَارَ مِنَ الدُّرُوسِ، وَ أدِمْ لَهَا مَا هِيَ عَلَيْهِ مِنَ الْأُنْسِ وَ الْبَرَكَاتِ وَ السُّعُودِ، وَ مُوَاصَلَةِ مَا كَرَّمْتَهَا بِهِ مِنْ زُوَّارِ الْأنْبِيَاءِ، وَ الْمَلَائِكَةِ وَ الْوَافِدِينَ إلَيْهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ وَ سَاعَةٍ، وَ اعْمُرِ الطَّرِيقَ بِالزَّائِرِينَ لَهَا، وَ آمِنْ سُبُلَهَا إلَيْهَا. اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ لَا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيَارَتِهِمْ، وَ إتْيَانِ مَشَاهِدِهِمْ، إنَّكَ وَلِيُّ الْإجَابَةِ يَا كَرِيمُ.(1)
ص: 258
قَالَ الامام الحسین لاخیه الْعَبَّاسِ علیهما السَّلَامُ
يا عَبّاسُ إركَبْ ، بِنَفسي أنتَ يا أخي
ص: 259
الإرشاد:2 /90- قال له العبّاس بن عليٍّ رحمة الله عليه: يَا أَخِي أَتَاكَ الْقَوْمُ، فنهض ثمّ قال: يَاعَبَّاسُ! إرْكَبْ بِنَفْسُي أنْتَ يَا أَخِي، حَتَّى تَلْقَاهُمْ وَ تَقُولَ لَهُمْ مَا لَكُمْ وَ مَا بَدَا لَكُمْ وَ تَسْأَلَهُمْ عَمَّا جَاءَ بِهِمْ، فأتاهم العبّاس في نحو من عشرين فارساً منهم (فيهم) زهير بن القين و حبيب بن مظاهر... .
روضةالواعظين ط1: 157، إعلام الورى:237 الفصل4، مثيرالأحزان:53، البحار:44 /391 ب37، العوالم:17 /242، الدّمعة السّاكبة4 /267، معالي السّبطين:1 /331.
تاريخ الأمم و الملوك:5 /418، تجارب الأمم:2 /418، المنتظم:5 /337، الكامل في التّاريخ:3 /284، نهاية الإرب:20 /432.
ص: 260
ص: 261
ص: 262
1- قال شيخ الطّائفة الحقّة و فقيهها المقدّم أبوالقاسم جعفر بن محمّد بن قولويه القمّيّ قدس سره المتوفّى سنة 367ه.ق: حدّثني أبوعبدالرّحمان محمّد بن أحمد بن الحسين العسكري بالعسكر عن الحسن بن علي بن مهزيار عن أبيه عن علي بن مهزيار عن محمّد بن أبي عمير عن محمّد بن مروان عن أبي حمزة الثّمالي قال قال الصّادق علیه السلام : إذَا أرَدْتَ زِيَارَةَ قَبْرِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَلِيٍّ علیه السلام وَ هُوَ عَلَى شَطِّ الْفُرَاتِ بِحِذَاءِ الْحَايِرِ فَقِفْ عَلَى بَابِ السَّقِيفَةِ وَ قُلْ:
سَلَامُ اللَّهِ وَ سَلَامُ مَلَائِكَتِهِ الْمُقَرَّبِينَ وَ أنْبِيَائِهِ الْمُرْسَلِينَ وَ عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ وَ جَمِيعِ الشُّهَدَاءِ وَ الصِّدِّيقِينَ، وَ الزَّاكِيَاتِ الطَّيِّبَاتِ فِيمَا تَغْتَدِي وَ تَرُوحُ، عَلَيْكَ يَا ابْنَ أمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (وَ رَحْمَةُ اللهِ وَ بَرَكَاتُهُ)(1) ، أشْهَدُ لَكَ بِالتَّسْلِيمِ وَ التَّصْدِيقِ وَ الْوَفَاءِ وَ النَّصِيحَةِ، لِخَلَفِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)(2)الْمُرْسَلِ وَ السِّبْطِ الْمُنْتَجَبِ وَ الدَّلِيلِ الْعَالِمِ وَ الْوَصِيِّ الْمُبَلِّغِ وَ الْمَظْلُومِ الْمُهْتَضَمِ(3)، فَجَزَاكَ اللَّهُ عَنْ رَسُولِهِ وَ عَنْ أمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (وَ عَنْ فَاطِمَةَ)(4) وَ عَنِ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، أفْضَلَ الْجَزَاءِ بِمَا صَبَرْتَ وَ احْتَسَبْتَ وَ أعَنْتَ، فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ، لَعَنَ اللَّهُ مَنْ قَتَلَكَ (وَ لَعَنَ اللهُ مَنْ ظَلَمَكْ)(5) وَ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ جَهِلَ حَقَّكَ وَ اسْتَخَفَّ بِحُرْمَتِكَ وَ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ حَالَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ مَاءِ الْفُرَاتِ. أشْهَدُ أنَّكَ قُتِلْتَ مَظْلُوماً وَ أنَّ اللَّهَ مُنْجِزٌ لَكُمْ (ثَأْرَ)6 مَا وَعَدَكُمْ، جِئْتُكَ يَا ابْنَ أمِيرِالْمُؤْمِنِينَ وَافِداً إلَيْكُمْ، وَ قَلْبِي مُسَلِّمٌ
ص: 263
لَكُمْ (وَ تَابِعٌ)(1)، وَ أنَا لَكُمْ تَابِعٌ، وَ نُصْرَتِي لَكُمْ مُعَدَّةٌ، حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ (بِأمْرِهِ)(2)وَ هُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ، فَمَعَكُمْ مَعَكُمْ لَا مَعَ عَدُوِّكُمْ، إنِّي بِكُمْ وَ بِإيَابِكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَ بِمَنْ خَالَفَكُمْ وَ قَتَلَكُمْ مِنَ الْكَافِرِينَ، قَتَلَ اللَّهُ أُمَّةً قَتَلَتْكُمْ بِالْأيْدِي وَ الْألْسُنِ.
ثُمَّ ادْخُلْ وَ انْكَبَّ عَلَي الْقَبْرِ وَ قُلْ (وَ أنْتَ مُسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ)(3):
السَّلَامُ عَلَيْكَ أيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ الْمُطِيعُ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِأمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ (صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ)(4)، (وَ الْحَمْدُ للهِ وَ سَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الّذِينَ اصْطَفَي مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ)(5)، السَّلَامُ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ (وَ مَغْفِرَتُهُ)(6) وَ رِضْوَانُهُ وَ عَلَى رُوحِكَ وَ بَدَنِكَ. أشْهَدُ وَ أُشْهِدُ اللَّهَ أنَّكَ مَضَيْتَ عَلَى مَا مَضَى بِهِ(7)الْبَدْرِيُّونَ (وَ)(8)الْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، الْمُنَاصِحُونَ لَهُ فِي جِهَادِ أعْدَائِهِ، (وَ)(9) الْمُبَالِغُونَ فِي نُصْرَةِ أوْلِيَائِهِ، الذَّابُّونَ عَنْ أحِبَّائِهِ، فَجَزَاكَ اللَّهُ أفْضَلَ الْجَزَاءِ وَ أكْثَرَ الْجَزَاءِ وَ أوْفَرَ الْجَزَاءِ، وَ أوْفَى جَزَاءِ أحَدٍ مِمَّنْ وَفَى بَيْعَتَهُ، وَ اسْتَجَابَ لَهُ دَعْوَتَهُ، وَ أطَاعَ وُلَاةَ أمْرِهِ، وَ أشْهَدُ أنَّكَ قَدْ بَالَغْتَ فِي النَّصِيحَةِ، وَ أعْطَيْتَ غَايَةَ الْمَجْهُودِ، فَبَعَثَكَ اللَّهُ فِي الشُّهَدَاءِ، وَ جَعَلَ رُوحَكَ مَعَ أرْوَاحِ الشُّهَدَاءِ(10)، وَ أعْطَاكَ مِنْ
ص: 264
جِنَانِهِ أفْسَحَهَا مَنْزِلًا وَ أفْضَلَهَا غُرَفاً، وَ رَفَعَ ذِكْرَكَ فِي عِلِّيِّينَ(1)، وَ حَشَرَكَ مَعَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ، وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً، أشْهَدُ أنَّكَ لَمْ تَهِنْ وَ لَمْ تَنْكُلْ، وَ (أشْهَدُ)(2)أنَّكَ مَضَيْتَ عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْ أمْرِكَ، مُقْتَدِياً بِالصَّالِحِينَ وَ مُتَّبِعاً لِلنَّبِيِّينَ، فَجَمَعَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ رَسُولِهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)(3)وَ أوْلِيَائِهِ(4)فِي مَنَازِلِ الْمُخْبِتِينَ(5)، فَإنَّهُ أرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (وَ السَّلَامُ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اللهِ وَ بَرَكَاتُهُ )(6).(7)
2- قال شيخ الطّائفة الحقّة و فقيهها أبوعبْدالله محمّد بن محمّد بن النّعْمان العكبريّ البغداديّ المفيد قدس سره المتوفّى سنة 413 ه.ق : ثُمَّ انْحَرِفْ إلَى عِنْدِ الرَّأْسِ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ صَلِّ بَعْدَهُمَا مَا بَدَا لَكَ وَادْعُ اللَّهَ كَثِيراً وَ قُلْ عَقِيبَ الرَّكَعَاتِ (الصَّلَاةِ) (8):
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ لَا تَدَعْ لِي فِي هَذَا الْمَكَانِ الْمُكَرَّمِ وَ الْمَشْهَدِ الْمُعَظَّمِ ذَنْباً إلَّا غَفَرْتَهُ وَ لَا هَمّاً إلَّا فَرَّجْتَهُ وَ لَا كَرْبَاً إلّا كَشَفْتَهُ وَ لَامَرَضاً إلَّا شَفَيْتَهُ وَ لَا عَيْباً إلَّا سَتَرْتَهُ وَ لَا رِزْقاً إلَّا بَسَطْتَهُ وَ لَا خَوْفاً إلَّا آمَنْتَهُ وَ لَا شَمْلًا إلَّا جَمَعْتَهُ وَ لَا غَائِباً إلَّا حَفِظْتَهُ وَ أدَّيْتَهُ (أدْنَيْتَهُ) وَ لَا حَاجَةً مِنْ حَوَائِجِ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ لَكَ فِيهَا رِضًى وَ لِي فِيهَا صَلَاحٌ إلَّا قَضَيْتَهَا
ص: 265
يَا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
ثُمَّ عُدْ إلَي الضَّرِيحِ فَقِفْ عِنْدَ الرِّجْلَيْنِ وَ قُلْ:
السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أبَاالْفَضْلِ الْعَبَّاسَ بْنَ أمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ سَيِّدِ الْوَصِيِّينَ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ أوَّلِ الْقَوْمِ إسْلَاماً وَ أقْدَمِهِمْ إيمَاناً وَ أقْوَمِهِمْ بِدِينِ اللَّهِ وَ أحْوَطِهِمْ عَلَى الْإسْلَامِ، أشْهَدُ لَقَدْ نَصَحْتَ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِأخِيكَ، فَنِعْمَ الْأخُ الْمُوَاسِي، فَلَعَنَ اللَّهُ أُمَّةً قَتَلَتْكَ وَ لَعَنَ اللَّهُ أُمَّةً ظَلَمَتْكَ وَ لَعَنَ اللَّهُ أُمَّةً اسْتَحَلَّتْ مِنْكَ الْمَحَارِمَ وَ انْتَهَكَتْ فِيكَ حُرْمَةَ الْإسْلَامِ، فَنِعْمَ الصَّابِرُ الْمُجَاهِدُ الْمُحَامِي النَّاصِرُ وَ الْأخُ الدَّافِعُ عَنْ أخِيهِ، الْمُجِيبُ إلَى طَاعَةِ رَبِّهِ، الرَّاغِبُ فِيمَا زَهِدَ فِيهِ غَيْرُهُ مِنَ الثَّوَابِ الْجَزِيلِ وَ الثَّنَاءِ الْجَمِيلِ، فَألْحَقَكَ اللَّهُ بِدَرَجَةِ آبَائِكَ فِي دَارِ(1)النَّعِيمِ، اللَّهُمَّ إنِّي(2)تَعَرَّضْتُ (وَ)(3) لِزِيَارَةِ أوْلِيَائِكَ، (قَصَدْتُ)(4) رَغْبَةً فِي ثَوَابِكَ وَ رَجَاءً لِمَغْفِرَتِكَ وَ جَزِيلِ إحْسَانِكَ فَأسْألُكَ أنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّاهِرِينَ(5) وَ أنْ تَجْعَلَ رِزْقِي بِهِمْ دَارّاً، وَ عَيْشِي قَارّاً، وَ زِيَارَتِي بِهِمْ مَقْبُولَةً، (وَ ذَنْبِي بِهِمْ مَغْفُوراً، وَ اقْلُبْنِي بِهِمْ مُفْلِحَاً مُنْجِحاًمُسْتَجَابَاً لِي دُعَائِي بِأفْضَلِ مَا يَنْقَلِبُ بِهِ أحَدٌ مِنْ زُوَّارِهِ الْقَاصِدِينَ إلَيْهِ، بِرَحْمَتِكَ يَا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ)(6) وَ حَيَاتِي بِهِمْ طَيِّبَةً، وَ أدْرِجْنِي إدْرَاجَ الْمُكَرَّمِينَ، وَ اجْعَلْنِي مِمَّنْ يَنْقَلِبُ مِنْ زِيَارَةِ مَشَاهِدِ أحِبَّائِكَ (مُفْلِحَاً)(7) مُنْجِحاً، قَدِ اسْتَوْجَبَ غُفْرَانَ الذُّنُوبِ
ص: 266
وَ سَتْرَ الْعُيُوبِ وَ كَشْفَ الْكُرُوبِ، إنَّكَ أهْلُ التَّقْوى وَ أهْلُ الْمَغْفِرَةِ.(1)
ص: 267
ص: 268
ص: 269
ص: 270
قال الشيخ أبوالقاسم جعفر بن محمّد بن قولويه القمّيّ قدس سره: حدّثني أبوعبدالرّحمان محمّد بن أحمد بن الحسين العسكريّ بالعسكر عن الحسن بن عليّ بن مهزيار عن أبيه عليّ بن مهزيار عن محمّد بن أبي عميرٍ عن محمّد بن مروان عن أبي حمزة الثّماليّ عن أبي عبد اللّه علیه السلام قال: إذَا وَدَّعْتَ الْعَبَّاسَ فَأْتِهِ وَ قُلْ(1):
أَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ وَ أَسْتَرْعِيكَ وَ أَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ، آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ وَ بِكِتَابِهِ وَ بِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ اكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ، اللَّهُمَّ لَاتَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيَارَةِ(2) قَبْرَ(3) ابْنِ أَخِي(4) نَبِيِّكَ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)(5) وَ ارْزُقْنِي زِيَارَتَهُ أَبَداً مَا أَبْقَيْتَنِي، وَ احْشُرْنِي مَعَهُ وَ مَعَ آبَائِهِ فِي الْجِنَانِ، اللَّهُمَّ وَ عَرِّفْ بَيْنِي وَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ رَسُولِكَ وَ أَوْلِيَائِكَ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ(6)آلِ مُحَمَّدٍ، وَ تَوَفَّنِي عَلَى الْإِيمَانِ بِكَ وَ التَّصْدِيقِ بِرَسُولِكَ وَ الْوَلَايَةِ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ الْأَئِمَّةِ(7)مِنْ وُلْدِهِ(8)(عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)(9)وَ الْبَرَاءَةِ مِنْ عَدُوِّهِمْ(10)، فَإِنِّي قَدْ رَضِيتُ بِذَلِكَ يَا رَبِّ .(11)
ص: 271
(1)وَ تَدْعُو لِنَفْسِكَ وَ لِوَالِدَيْكَ(2)وَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُسْلِمِينَ(3)وَ تَخَيَّرْ مِنَ الدُّعَاءِ(4).(5)
ص: 272
قال الامام زین العابدین صلوات الله علیه
رَحِمَ اللّهُ العَبّاسَ فَلَقَد آثَرَ وأبلى وفَدى أخاهُ بِنَفسِهِ حَتّى قُطِعَت یداهُ، فَأَبدَلَهُ اللّهُ بِهِما جَناحَینِ یطیرُ بِهِما مَعَ المَلائِکةِ فِی الجَنَّةِ
ص: 273
الخصال:1/ 168 ح101و أمالي الصدوق:462 المجلس70 ح10 باسناده عن ثابت بن أبي صفيّة الثّماليّ قال: نظر عليّ بن الحسين سيّد العابدين علیه السلام إلى عبيد الله بن العبّاس بن عليّ بن أبي طالبٍ علیه السلام فاستعبر ثمّ قال: مَا مِنْ يَوْمٍ أَشَدَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلی الله علیه و آله مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ قُتِلَ فِيهِ عَمُّهُ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَسَدُ اللَّهِ وَ أَسَدُ رَسُولِهِ وَ بَعْدَهُ يَوْمَ مُؤْتَةَ قُتِلَ فِيهِ ابْنُ عَمِّهِ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ثُمَّ قَالَ علیه السلام: وَ لَا يَوْمَ كَيَوْمِ الْحُسَيْنِ، إزْدَلَفَ إِلَيْهِ ثَلَاثُونَ أَلْفَ رَجُلٍ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ كُلٌّ يَتَقَرَّبُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِدَمِهِ وَ هُوَ بِاللَّهِ يُذَكِّرُهُمْ فَلَا يَتَّعِظُونَ حَتَّى قَتَلُوهُ بَغْياً وَ ظُلْماً وَ عُدْوَاناً ثُمَّ قَالَ علیه السلام : رَحِمَ اللَّهُ الْعَبَّاسَ فَلَقَدْ آثَرَ وَ أَبْلَى وَ فَدَى أَخَاهُ بِنَفْسِهِ حَتَّى قُطِعَتْ يَدَاهُ فَأَبْدَلَ اللَّهُ عَزَّوَجَلَّ بِهِمَا جَنَاحَيْنِ يَطِيرُ بِهِمَا مَعَ الْمَلَائِكَةِ فِي الْجَنَّةِ كَمَا جَعَلَ لِجَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیه السلام وَ إِنَّ لِلْعَبَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَنْزِلَةً يَغْبِطُهُ بِهَا جَمِيعُ الشُّهَدَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَة.
البحار:22 /274ب5 ح21 و 44 /298 ح4.
ص: 274
ص: 275
ص: 276
زيارة وداع ذبیح آل محمد صلوات الله علیهم و سلم 1
1- قال المحدّث الجليل ثقة الإسلام أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني الرازي قدس سره المتوفّي سنة 328 أو 329 ه.ق: عدّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيّوب عن نعيم بن الوليد عن يونس الكناسي عن أبي عبدالله علیه السلام قَال:... وَ إذَا أرَدْتَ أنْ تُوَدِّعَهُ فَقُلِ:
السَّلَامُ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، أسْتَوْدِعُكَ(1) اللَّهَ وَ أقْرَأُ(2) عَلَيْكَ السَّلَامَ، آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِالرَّسُولِ وَ بِمَا جِئْتَ بِهِ وَ دَلَلْتَ(3)عَلَيْهِ وَ اتَّبَعْنَا الرَّسُولَ (يَا رَبِّ)(4) فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ. اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنَّا وَ مِنْهُ. اللَّهُمَّ إنِّي أسْألُكَ(5) أنْ تَنْفَعَنَا بِحُبِّهِ. اللَّهُمَّ ابْعَثْهُ مَقَاماً مَحْمُوداً تَنْصُرُ بِهِ دِينَكَ وَ تَقْتُلُ بِهِ عَدُوَّكَ وَ تُبِيرُ بِهِ مَنْ نَصَبَ حَرْباً لآلِ مُحَمَّدٍ، فَإنَّكَ وَعَدْتَ(6) ذَلِكَ وَ أنْتَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ، (وَ)(7) السَّلَامُ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ. أشْهَدُ أنَّكُمْ شُهَدَاءُ (وَ)(8) نُجَبَاءُ(9)، جَاهَدْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ قُتِلْتُمْ عَلَى مِنْهَاجِ رَسُولِ اللَّهِ (وَ ابْنِ رَسُولِهِ)(10) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً.(11)
ص: 277
2- أنْتُمُ السَّابِقُونَ وَ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأنْصَارُ، أشْهَدُ أنَّكُمْ أنْصَارُ اللَّهِ وَ أنْصَارُ رَسُولِهِ، فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَكُمْ وَعْدَهُ وَ أرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ، وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ(1)وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ. اللَّهُمَّ لَا تَشْغَلْنِي فِي الدُّنْيَا عَنْ ذِكْرِ نِعْمَتِكَ، لَا بِإكْثَارٍ تُلْهِينِي عَجَائِبُ بَهْجَتِهَا وَ تَفْتِنُنِي زَهَرَاتُ زِينَتِهَا، وَ لَا بِإقْلَالٍ يُضِرُّ بِعَمَلِي كَدُّهُ، وَ يَمْلَأُ صَدْرِي هَمُّهُ، أعْطِنِي مِنْ ذَلِكَ غِنًى
عَنْ شِرَارِ خَلْقِكَ، وَ بَلَاغاً أنَالُ بِهِ رِضَاكَ، يَا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَ عَلَى أهْلِ بَيْتِهِ الطَّيِّبِينَ الْأخْيَارِ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.(2)
ص: 278
زيارة وداع ذبیح آل محمد صلوات الله علیهم و سلم 2
قال الشيخ أبوالقاسم جعفر بن محمّد بن قولويه القمّيّ قدس سره: حدّثني أبوعبدالرّحمان محمّد بن أحمد بن الحسين العسكريّ بعسكر مكرم عن الحسن بن علي بن مهزيار عن أبيه عن محمّد بن أبي عمير عن محمّد بن مروان عن أبي حمزة الثّمالي عن أبي عبدالله علیه السلام قال: إذَا أرَدْتَ الْوَدَاعَ بَعْدَ فَرَاغِكَ مِنَ الزِّيَارَاتِ فَأكْثِرْ مِنْهَا مَا اسْتَطَعْتَ وَ لْيَكُنْ مُقَامُكَ بِالنَّيْنَوَى أوِ الْغَاضِرِيَّةِ، وَ مَتَى أرَدْتَ الزِّيَارَةَ فَاغْتَسِلْ وَ زُرْ زَوْرَةَ الْوَدَاعِ، فَإذَا فَرَغْتَ مِنْ زِيَارَتِكَ فَاسْتَقْبِلْ بِوَجْهِكَ وَجْهَهُ وَ الْتَمِسِ الْقَبْرَ وَ قُلِ:
السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أبَا عَبْدِ اللَّهِ، أنْتَ لِي جُنَّةٌ مِنَ الْعَذَابِ، وَ هَذَا أوَانُ انْصِرَافِي عَنْكَ غَيْرَ رَاغِبٍ عَنْكَ، وَ لَا مُسْتَبْدِلٍ بِكَ سِوَاكَ، وَ لَا مُؤْثِرٍ عَلَيْكَ غَيْرَكَ، وَ لَا زَاهِدٍ فِي قُرْبِكَ، وَ جُدْتُ بِنَفْسِي لِلْحَدَثَانِ وَ تَرَكْتُ الْأهْلَ وَ الْأوْطَانَ، فَكُنْ لِي (شَافِعَاً)(1) يَوْمَ حَاجَتِي وَ فَقْرِي وَ فَاقَتِي، وَ يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنِّي وَالِدَيَّ وَ لَا وُلْدِي، وَ لَا حَمِيمِي وَ لَا رَفِيقِي وَ لَا قَرِيبِي(2)، أسْألُ اللَّهَ الَّذِي قَدَّرَ وَ خَلَقَ أنْ يُنَفِّسَ بِكَ(3)كَرْبِي، وَ أسْألُ اللَّهَ الَّذِي قَدَّرَ عَلَيَّ فِرَاقَ مَكَانِكَ، أنْ لَا يَجْعَلَهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنِّي وَ مِنْ رَجْعَتِي(4)، وَ أسْألُ اللَّهَ الَّذِي أبْكَى عَلَيْكَ عَيْنِي، أنْ يَجْعَلَهُ سَنَداً لِي، وَ أسْألُ اللَّهَ الَّذِي نَقَلَنِي(5)إلَيْكَ مِنْ رَحْلِي وَ أهْلِي، أنْ يَجْعَلَهُ ذُخْراً لِي، وَ أسْألُ اللَّهَ الَّذِي أرَانِي
ص: 279
مَكَانَكَ، وَ هَدَانِي لِلتَّسْلِيمِ عَلَيْكَ وَ لِزِيَارَتِي إيَّاكَ، أنْ يُورِدَنِي حَوْضَكُمْ (1)، وَ يَرْزُقَنِي مُرَافَقَتَكُمْ(2) فِي الْجِنَانِ، مَعَ آبَائِكَ الصَّالِحِينَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ. السَّلَامُ عَلَيْكَ يَاصَفْوَةَ اللَّهِ (وَ ابْنَ صَفْوَتِهِ)(3)، السَّلَامُ (عَلَيْكَ وَ)(4)عَلَى رَسُولِ اللهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ حَبِيبِ اللَّهِ وَ صَفْوَتِهِ وَ أمِينِهِ وَ رَسُولِهِ وَ سَيِّدِ النَّبِيِّينَ(5)، السَّلَامُ عَلَى أمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَ وَصِيِّ رَسُولِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَ قَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ، السَّلَامُ عَلَى الْأئِمَّةِ الرَّاشِدِينَ، (السَّلَامُ عَلَى الْأئِمَّةِ)(6)الْمَهْدِيِّينَ، السَّلَامُ عَلَى مَنْ فِي الْحَايِرِ(7) مِنْكُمْ (وَ رَحْمَةُ اللهِ وَ بَرَكَاتُهُ)(8)السَّلَامُ عَلَى مَلَائِكَةِ اللَّهِ الْبَاقِينَ الْمُسَبِّحِينَ الْمُقِيمِينَ، الَّذِينَ هُمْ بِأمْرِ رَبِّهِمْ قَائِمُونَ(9)، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَ عَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.
(ثُمَّ أشِرْ إلَي الْقَبْرِ بِمُسَبِّحَتِكَ الْيُمْنَي وَ قُلْ)(10) وَ تَقُولُ:
سَلَامُ اللَّهِ وَ سَلَامُ مَلَائِكَتِهِ الْمُقَرَّبِينَ وَ أنْبِيَائِهِ الْمُرْسَلِينَ وَ عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ عَلَيْكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، وَ عَلَى رُوحِكَ وَ بَدَنِكَ، وَ عَلَى ذُرِّيَّتِكَ وَ مَنْ حَضَرَكَ مِنْ أوْلِيَائِكَ. أسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ وَ أسْتَرْعِيكَ وَ أقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ وَ بِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِاللَّهِ اللَّهُمَّ اكْتُبْنَا(11)مَعَ الشَّاهِدِينَ.
ص: 280
(ثُمَّ ارْفَعْ يَدَيْكَ إلَي السَّمَاءِ وَ قُلْ)(1)وَ تَقُولُ:اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ لَا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيَارَتِي ابْنَ رَسُولِكَ(2)، وَ ارْزُقْنِي زِيَارَتَهُ أبَداً مَا أبْقَيْتَنِي. اللَّهُمَّ وَ انْفَعْنِي بِحُبِّهِ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ. اللَّهُمَّ (ابْعَثْنِي مَعَهُ وَ)(3)ابْعَثْهُ مَقَاماً مَحْمُوداً، إنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ. اللَّهُمَّ إنِّي أسْألُكَ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَ التَّسْلِيمِ، أنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ أنْ لَا تَجْعَلَهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيَارَتِي إيَّاهُ، فَإنْ جَعَلْتَهُ يَا رَبِّ فَاحْشُرْنِي مَعَهُ، وَ مَعَ آبَائِهِ وَ أوْلِيَائِهِ، وَ إنْ أبْقَيْتَنِي يَا رَبِّ فَارْزُقْنِي الْعَوْدَ إلَيْهِ، ثُمَّ الْعَوْدَ إلَيْهِ بَعْدَ الْعَوْدِ، بِرَحْمَتِكَ يَا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي أوْلِيَائِكَ، وَ حَبِّبْ إلَيَّ مَشَاهِدَهُمْ. اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ لَا تَشْغَلْنِي عَنْ ذِكْرِكَ، بِإكْثَارٍ عَلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا، تُلْهِينِي عَجَائِبُ بَهْجَتِهَا، وَ تَفْتِنَنِي زَهَرَاتُ زِينَتِهَا، وَ لَا بِإقْلَالٍ يُضِرُّ(4) بِعَمَلِي كَدُّهُ، وَ يَمْلَأُ صَدْرِي هَمُّهُ، أعْطِنِي بِذَلِكَ(5) غِنًى عَنْ شِرَارِ(6)خَلْقِكَ، وَ بَلَاغاً أنَالُ بِهِ رِضَاكَ يَا رَحْمَانُ(7).وَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا مَلَائِكَةَ اللَّهِ، وَ زُوَّارَ قَبْرِ أبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ .(8)
ثُمَّ ضَعْ خَدَّكَ الْأيْمَنَ عَلَي الْقَبْرِ مَرَّةً وَ الْأيْسَرَ مَرَّةً وَ ألِحَّ فِي الدُّعَاءِ وَ الْمَسْألَةِ
ص: 281
(فَإنَّكَ فِي مَوْضِعَ ذَلِكَ)(1).فَإذَا خَرَجْتَ فَلَا تُوَلِّ وَجْهَكَ عَنِ الْقَبْرِ حَتَّي تَخْرُجَ.(2)
ص: 282
زيارة وداع ذبیح آل محمد صلوات الله علیهم و سلم3
1- قال الشّيخ المفيد قدّس اللّه روحه: فإذا أردت الإ نصراف من مشهده علیه السلام ، فقف على القبر كوقوفك عليه في أوّل الزّيارة و قل:
السَّلَامُ عَلَيْكَ (يَامَوْلَايَ)(1)يَا أبَاعَبْدِاللَّهِ، هَذَا أوَانُ انْصِرَافِي غَيْرَ رَاغِبٍ عَنْكَ وَ لَا مُسْتَبْدِلٍ بِكَ غَيْرَكَ، فَأسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ وَ أقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ، آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِالرَّسُولِ، وَ بِمَا جِئْتَ بِهِ وَ دَلَلْتَ عَلَيْهِ. اللَّهُمَّ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ، اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ زِيَارَتِي هَذِهِ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيَارَتِهِ(2)، وَ ارْزُقْنِي الْعَوْدَ إلَيْهِ أبَداً مَا أحْيَيْتَنِي، فَإنْ(3)تَوَفَّيْتَنِي فَاحْشُرْنِي مَعَهُ، وَ اجْمَعْ بَيْنِي وَ بَيْنَهُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيم.
ثم ادع بما احببت.(4)
ص: 283
زيارة وداع ذبیح آل محمد صلوات الله علیهم و سلم4
كتاب العتيق الغروي لِ-مؤلّفه ؟ قال فيه: فإذا أردت وداعه فقل:
اَلْحَمْد لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْعَلِيِّ، وَ السَّلَامُ عَلَى الْإمَامِ الصَّالِحِ الزَّكِيِّ، أُودِعُكَ شَهَادَةً مِنِّي لَكَ، تُقَرِّبُنِي إلَيْكَ فِي يَوْمِ شَفَاعَتِكَ، بَلْ بِرَجَاءِ حَيَاتِكَ أُحْيِيَتْ قُلُوبُ شِيعَتِكَ، وَ بِضِيَاءِ نُورِكَ اهْتَدَى الطَّالِبُونَ إلَيْكَ، سَيِّدِي أشْهَدُ أنَّكَ نُورُ اللَّهِ الَّذِي لَمْ يُطْفَأْ وَ لَا يُطْفَأُ أبَداً، وَ أشْهَدُ أنَّ هَذِهِ التُّرْبَةَ تُرْبَتُكَ وَ الْحَرَمَ حَرَمُكَ وَ الْمَصْرَعَ مَصْرَعُ بَدَنِكَ، مَوْلَايَ لَا ذَلِيلٌ وَاللَّهِ مُعِزُّكَ، وَ لَا مَغْلُوبٌ وَ اللَّهِ نَاصِرُكَ، هَذِهِ شَهَادَةٌ لِي عِنْدَكَ إلَى قَبْضِ نَفْسِي بِحَضْرَتِكَ. السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا عَبْرَةَ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَ مُؤْمِنَةٍ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، وَ عَلَى أنْصَارِكَ مِنْ أهْلِ بَيْتِكَ وَ أهْلِ شَهَادَتِكَ، وَ عَلَى الْمَلَائِكَةِ الْحَافِّينَ بِكَ، وَ عَلَى زُوَّارِكَ الْعَارِفِينَ بِكَ، وَ عَلَى شِيعَتِكَ الْمُسْتَبْصِرِينَ بِحَقِّكَ، مِنِّي وَ مِنْ لَحْمِي وَ دَمِي، وَ مِنْ وَالِدَيَّ وَ أهْلِي وَ وُلْدِي، وَ إخْوَتِي وَ أخَوَاتِي، وَ مِمَّنْ حَمَّلَنِي الرِّسَالَةَ إلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، إنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ. أسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ وَ أقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ، آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِالرَّسُولِ، وَ بِمَا جِئْتَ بِهِ وَ دَلَلْتَ عَلَيْهِ، وَ اتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ. اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنَّا وَ مِنْ زِيَارَةِ ابْنِ رَسُولِكَ، وَ ارْزُقْنِي زِيَارَتَهُ أبَداً مَا أبْقَيْتَنِي. اللَّهُمَّ إنَّا نَسْألُكَ أنْ تَنْفَعَنَا بِحُبِّهِ، اللَّهُمَّ أقِمْهُ مَقَاماً مَحْمُوداً، تَنْتَصِرُ بِهِ لِدِينِكَ، وَ تَقْتُلُ بِهِ عَدُوَّكَ وَ تُبِيرُ بِهِ مَنْ نَصَبَ حَرْباً لآلِ مُحَمَّدٍ(صَلَّى الله عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، فَإنَّكَ
ص: 284
وَعَدْتَهُ ذَلِكَ، وَ أنْتَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ. السَّلَامُ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ. أشْهَدُ أنَّكُمْ جَاهَدْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَ قُتِلْتُمْ عَلَى مِنْهَاجِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ عَلَيْكُمْ أجْمَعِينَ، أنْتُمْ السَّابِقُونَ الْأوَّلُونَ وَ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأنْصَارُ، وَ أشْهَدُ أنَّكُمْ أنْصَارُ أبْنَاءِ رَسُولِهِ (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ )، وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَكُمْ وَعْدَهُ، وَ أرْوَاحَكُمْ بِالْحَيَاةِ، وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ سَيِّدِ الْأوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ، وَ عَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ أجْمَعِينَ وَ سَلَّمَ تَسْلِيماً. اللَّهُمَّ اغْفِرْ وَ ارْحَمْ وَ تَجَاوَزْ عَمَّا تَعْلَمُ، إنَّكَ أنْتَ الْأعَزُّ الْأكْرَمُ، وَ حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ، وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيم.(1)
ص: 285
ص: 286
ص: 287
ص: 288
زیارة وداع قبور الشهداء صلوات الله علیهم و سلم
قال الشّيخ أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه القمّي قدس سره: وداع قبور الشّهداء عليهم السّلام تقول:
(السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَةُ اللهِ وَ بَرَكَاتُهُ)(1)، اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيَارَتِي إيَّاهُمْ، وَ أشْرِكْنِي مَعَهُمْ، وَ أدْخِلْنِي فِي صَالِحِ مَا أعْطَيْتَهُمْ، عَلَى نَصْرِهِمْ(2) ابْنَ بِنْتِ نَبِيِّكَ وَ حُجَّتَكَ عَلَى خَلْقِكَ وَ جِهَادِهِمْ مَعَهُ فِي سَبِيلِكَ. اللَّهُمَّ اجْمَعْنَا وَ إيَّاهُمْ فِي جَنَّتِكَ، مَعَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ، وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً. أسْتَوْدِعُكُمُ اللَّهَ وَ أقْرَأُ عَلَيْكُمُ السَّلَامَ. اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي الْعَوْدَ إلَيْهِمْ، وَ احْشُرْنِي مَعَهُمْ، يَا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.(3)
ص: 289
ص: 290
ص: 291
ص: 292
الدعاء
بعد وداع ذبيح آل محمّد صلوات اللّه عليهم و سلّم
قال الشّيخ المفيد قدّس اللّه روحه: ثمّ اخرج و لاتولّ وجهك عن القبر حتّى يغيب عن معاينتك و قف قبل الباب(1)متوجّهاً إلى القبلة و قل:
اللَّهُمَّ إنِّي أسْألُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ بِحُرْمَةِ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ بِالشَّأْنِ الَّذِي جَعَلْتَهُ لِمُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ أنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أنْ تَتَقَبَّلَ عَمَلِي، وَ تَشْكُرَ سَعْيِي، وَ تُعَرِّفَنِيَ الْإجَابَةَ فِي جَمِيعِ دُعَائِي وَ لَا تُخَيِّبْ سَعْيِي وَ لَا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنِّي(2)، وَ ارْدُدْنِي إلَيْهِ بِبِرٍّ وَ تَقْوَى، وَ عَرِّفْنِي بَرَكَةَ زِيَارَتِهِ فِي الدِّينِ وَ الدُّنْيَا، وَ وَسِّعْ(3) عَلَيَّ مِنْ فَضْلِكَ الْوَاسِعِ الْفَاضِلِ الْمُفْضِلِ الطَّيِّبِ، وَ ارْزُقْنِي رِزْقاً وَاسِعاً حَلَالًا كَثِيراً عَاجِلًا، صَبّاً صَبّاً، مِنْ غَيْرِ كَدٍّ وَ لَا نَكِدٍ وَ لَا مَنٍّ مِنْ أحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ، وَ اجْعَلْهُ وَاسِعاً مِنْ فَضْلِكَ، كَثِيراً مِنْ عَطِيَّتِكَ، فَإنَّكَ قُلْتَ: «وَ سْئَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ»(4)فَمِنْ فَضْلِكَ أسْألُ وَ مِنْ عَطِيَّتِكَ أسْألُ، وَ مِنْ كَثِيرِ مَا عِنْدَكَ أسْألُ، وَ مِنْ خَزَائِنِكَ أسْألُ، وَ مِنْ يَدِكَ الْمَلْأَى(5)أسْألُ، فَلَا تَرُدَّنِي خَائِباً، فَإنِّي ضَعِيفٌ، فَضَاعِفْ لِي وَ عَافِنِي إلَى مُنْتَهَى أجَلِي، وَ اجْعَلْ لِي فِي كُلِّ نِعْمَةٍ أنْعَمْتَهَا عَلَى عِبَادِكَ أوْفَرَ النَّصِيبِ، وَ اجْعَلْنِي خَيْراً مِمَّا أنَا عَلَيْهِ وَ اجْعَلْ مَا أصِيرُ
ص: 293
إلَيْهِ خَيْراً لِي مِمَّا يَنْقَطِعُ عَنِّي، وَ اجْعَلْ سَرِيرَتِي خَيْراً مِنْ عَلَانِيَتِي، وَ أعِذْنِي مِنْ أنْ يَرَى(1)النَّاسُ(2)فِيَّ خَيْراً وَ لَا خَيْرَ فِيَّ، وَ ارْزُقْنِي مِنَ التِّجَارَةِ أوْسَعَهَا رِزْقاً(3) ، وَ آتِنِي يَا سَيِّدِي وَ عِيَالِي بِرِزْقٍ وَاسِعٍ تُغْنِينَا بِهِ عَنْ دُنَاةِ(4)خَلْقِكَ، وَ لَاتَجْعَلْ لِأحَدٍ مِنَ الْعِبَادِ فِيهِ مَنّاً غَيْرَكَ، وَاجْعَلْنِي مِمَّنِ اسْتَجَابَ لَكَ وَ آمَنَ بِوَعْدِكَ وَ اتَّبَعَ أمْرَكَ، وَ لَا تَجْعَلْنِي أخْيَبَ وَفْدِكَ وَ زُوَّارِ ابْنِ نَبِيِّكَ، وَ أعِذْنِي مِنَ الْفَقْرِ وَ مَوَاقِفِ الْخِزْيِ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ، (وَ اصْرِفْ عَنِّي شَرَّ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ)(5).وَ اقْلِبْنِي مُفْلِحاً مُنْجِحاً مُسْتَجَاباً لِي بِأفْضَلِ مَا يَنْقَلِبُ بِهِ أحَدٌ مِنْ زُوَّارِ أوْلِيَائِكَ، وَ لَا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيَارَتِهِمْ، وَ إنْ لَمْ تَكُنِ اسْتَجَبْتَ لِي(6)وَ غَفَرْتَ لِي وَ رَضِيتَ عَنِّي، فَمِنَ الْآنَ فَاسْتَجِبْ لِي وَ اغْفِرْ لِي وَ ارْضَ عَنِّي قَبْلَ أنْ تَنْأى عَنِ ابْنِ نَبِيِّكَ دَارِي، فَهَذَا أوَانُ انْصِرَافِي إنْ كُنْتَ أذِنْتَ لِي، غَيْرَ رَاغِبٍ عَنْكَ وَ لَا عَنْ أوْلِيَائِكَ، وَ لَا مُسْتَبْدِلٍ بِكَ وَ لَا بِهِمْ. اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَ مِنْ خَلْفِي وَ عَنْ يَمِينِي وَ عَنْ شِمَالِي حَتَّى تُبَلِّغَنِي أهْلِي، فَإذَا بَلَّغْتَنِي(7) فَلَاتَبْرَأْ مِنِّي وَ ألْبِسْنِي وَ إيَّاهُمْ دِرْعَكَ الْحَصِينَةَ وَ اكْفِنِي مَئُونَةَ(8)جَمِيعِ خَلْقِكَ، وَ امْنَعْنِي مِنْ أنْ يَصِلَ إلَيَّ أحَدٌ مِنْ خَلْقِكَ بِسُوءٍ، فَإنَّكَ وَلِيُّ(9)ذَلِكَ وَ الْقَادِرُ عَلَيْهِ، وَ أعْطِنِي جَمِيعَ
ص: 294
مَا سَألْتُكَ، وَ مُنَّ عَلَيَّ بِهِ، وَ زِدْنِي مِنْ فَضْلِكَ، يَا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
(ثمّ انصرف و أنت تحمد الله و تسبّحه و تهلّله و تكبّره إن شاء الله تعالي(1)).(2)
ص: 295
ص: 296
قَالَ الامام الْحَسَنِ الزَّکیُّ العَسکَریُّ صَلَوَاتُ اللَّهِ علیه الل