مراقبات شهر رمضان

اشارة

سرشناسه : محمدي ري شهري، محمد، 1325 -

عنوان قراردادي : شهرالله:في الكتاب والسنة .برگزيده

عنوان و نام پديدآور : مراقبات شهر رمضان/ محمد الريشهري؛ بمساعدة رسول الافقي.

مشخصات نشر : قم: موسسه دارالحديث العلميه والثقافيه، مركز للطباعه والنشر، 1426ق.= 1384.

مشخصات ظاهري : 308 ص.

فروست : مركز بحوث دارالحديث؛ 98.

شابك : 20000 ريال:964-493-037-1 ؛ 36000 ريال: چاپ دوم 978-964-493-037-9 :

يادداشت : عربي.

يادداشت : چاپ دوم: 1431 ق.= 1389.

يادداشت : كتابنامه به صورت زيرنويس.

موضوع : دعاهاي ماه رمضان

موضوع : رمضان -- جنبه هاي قرآني

موضوع : رمضان -- احاديث

موضوع : نمازهاي مستحب

شناسه افزوده : افقي، رسول، 1345 -

شناسه افزوده : موسسه علمي - فرهنگي دارالحديث. سازمان چاپ و نشر

رده بندي كنگره : BP188/م37ش904217 1384

رده بندي ديويي : 297/354

شماره كتابشناسي ملي : 1042280

ص: 1

اشاره

ص: 2

ص: 3

ص: 4

ص: 5

ص: 6

ص: 7

المقدّمة

المقدّمةالحمد للّه ربّ العالمين والصلاة والسلام على عبده المصطفى محمّد وآله الطاهرين وأصحابه الأخيار الميامين . من المنظور الإسلامي تكمن فلسفة خلق الإنسان والغاية المرجوّة من وجوده ، بإعداده لبلوغ الكمال المطلق ، ومِن ثَمَّ فإنَّ كلّ ما جاء في النصوص الإسلامية باعتباره سرّا لبعث الأنبياء والرسل الإلهيّين كالعدالة والعلم والحرية ، إنّما هو مقدّمة لتربية الإنسان ، والارتفاع به إلى مستوى الإنسان الكامل . تأسيسا على هذا الفهم ينبغي لمن يؤمن بالإسلام وينتمي لهذا الدين ، أن يغتنم كلّ فرصة تسنح له ويستفيد منها لتحقيق هذا الهدف الجليل ، ولكن يبقى شهر رمضان بالنسبة للسالك إلى اللّه فرصة ثمينة لا تضاهى لمن يحسن أن يغتنمها ، إذ بمقدوره أن يتوغّل في هذا الطريق ويطوي في ليلة واحدة مسار ألف شهر ، على ما ينصّ عليه القرآن الكريم : « لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ » . (1) فاللّه سبحانه أعدّ في هذا الشهر الفضيل ضيافةً خاصّةً لتنمية الروح ، بحيث يصبحُ بمقدورها أن تُحدث في الحياة المعنوية للإنسان تحولاً عظيما يفضي به إلى السعادة الدائمة ، ويضمن له الفوز الأبدي . بيد أنّ المسألة المهمّة في هذا المسار هي أن يعرف الإنسان الّذي يعتزم أن يدلف إلى عالم هذه الضيافة الرحبة ، إلى أينَ ذاهب هو ؟ وما معنى ضيافة اللّه ؟ وكيف ينبغي له أن يدخلها ؟ ثُمَّ ماذا عليه أن يفعل ؟ وكيف ينهض بمسؤوليتها ؟

.


1- .القدر : 3 .

ص: 8

وكيف يخرج منها ؟ فمعرفة ذلك كلّه ضروري ، لكي ينعم الإنسان بهذه الضيافة ويستفيد منها كما ينبغي . ذكرنا أجوبة الأسئلة المذكورة بالتّفصيل ، وبالاستنارة والاستعانة بآيات الكتاب العزيز ، والأحاديث الإسلاميّة الشّريفة في كتاب شهر اللّه في الكتاب والسنّة ، وجعلناه في متناول القرّاء والمحقّقين الأعزّاء . ولعدم وجود الوقت المناسب لقراءته عند بعض الراغبين فيه ، لخّصناه تحت عنوان «مراقبات شهر رمضان» ، وها هو بين يدي القارئ الكريم . والجدير بالذكر أنّ هذه الخلاصة قد اشتملت على جميع المباحث الأصلية ، والتّحليلات الواردة في كتاب «شهر اللّه في الكتاب والسنّة» ، وإنّما اقتصرنا على حذف بعض الأحاديث الّتي وردت مضامينها ضمن أحاديث اُخرى ، كما حذفنا عددا من الأدعية المذكورة فيه . وفي الختام أتقدّم بالشّكر الجزيل لجميع الفضلاء الذينَ ساهموا وشاركوا في تدوين هذا السِّفر الجليل ، وبالخصوص الفاضل الجليل رسول الاُفقي الّذي أعانني في تأليفه وتلخيصه . وأسأل الباري عز و جل أن يتفضّل على الجميع بالأجر الجزيل . ربّنا ، تقبّل منّا ، إنّك أنت العزيز الحكيم . محمّد محمّدي الرَّيشَهري 15 ربيع الثاني / 1426 ه 2 خُرداد 1384 23 أيار 2005

.

ص: 9

المدخل

اشاره

المدخلينحدر لفظ رمضان من الجذر « رَمَضَ » بمعنى : المطر الّذي يهطل أوّل الخريف ، وينقّي الأجواء من غبار الصيف ، ويطهّرها من أتربته ، أو بمعنى : سخونة الصخر وحرارته من شدّة لهب الشمس . (1) أمّا عن علّة هذه التسمية ، فقد ذهب الزمخشري ( ت 528 ق ) إلى القول : « فإن قلتَ : لِمَ سُمّيَ شهر رمضان ؟ قلت : الصوم فيه عبادة قديمة ، فكأنّهم سمّوه بذلك لارتماضهم فيه من حرّ الجوع ومقاساة شدّته ، كما سمّوه ناتقا ؛ لأنّه كان ينتقهم أي يزعجهم إضجارا بشدّته عليهم . وقيل : لمّا نقلوا أسماء الشهور عن اللغة القديمة سمَّوها بالأزمنة الّتي وقعت فيها ، فوافق هذا الشهر أيّام رمض الحرّ » . (2) ثمَّ عَدَدٌ من الروايات علّلت التسمية على أساس ما ينهض به رمضان من دور في تطهير النفس ممّا يشوبها من لوث الذنوب ، وتنقية الروح من أدران الخطايا ، حيث روي عن النبي صلى الله عليه و آله ، قوله : « إنّما سُمّيَ رَمَضانُ ؛ لِأَ نَّهُ يُرمِضُ الذُّنوبَ » . (3) هذا الوجه في تعليل التسمية يتّسق مع الجذر اللغوي لكلمة « رمضان » من جهةٍ ، كما يتناسب مع بركات هذا الشهر ومعطياته ، وآثاره من جهة اُخرى .

.


1- .راجع : تفسير الفخر الرازي : ج 5 ص 89 والعين : ص 327 .
2- .الكشاف : ج 1 ص 113 .
3- .الفردوس : ج 2 ص 60 ح 2339 ، كنز العمّال : ج 8 ص 466 ح 23688 .

ص: 10

هل « رمضان » اسم اللّه ؟

أسماء شهر رمضان

هل « رمضان » اسم اللّه ؟يتحدّث عدد من النصوص الروائية الواردة عن الفريقين صراحةً ، على أنَّ « رمضان » اسم من أسماء اللّه سبحانه (1) ، ومِن ثَمَّ فقد نهت عن تسميته مجرّدا من دون إضافة لفظ « شهر » إليه (2) ، بحيث لا ينبغي للإنسان أن يقول « هذا رَمَضانُ » أو « جاءَ رَمَضانُ » أو « ذَهَبَ رَمَضانُ » أو « صُمتُ رَمَضانَ » ومن قاله فعليه أن يتصدّق ويصوم كفّارةً لقوله . (3) بَيدَ أنّ هذه الروايات تواجه العديد من الصعوبات ، وهي مخدوشة سندا ودلالةً ، كما يتّضح من الجوانب التالية : أوّلاً : ليست هناك رواية معتبرة سندا من بين النصوص الروائية المذكورة بهذا الشأن . ثانيا : عند مراجعة الأحاديث الّتي تضمّنت إحصاء أسماء اللّه سبحانه ، يلاحظ خلوّها من هذا الاسم . ثالثا : جاءت كلمة « رمضان » في عدد كبير من الروايات الصادرة عن النَّبي وأهل البيت _ صلوات اللّه عليهم أجمعين _ خاليةً غير مصدّرةٍ بكلمة « شهر » ، حيث من المستبعد جدّا أن يكون الرواة أنفسهم قد بادروا إلى حذف المضاف من جميع هذه الروايات . (4)

أسماء شهر رمضانوصفت الأحاديث الإسلامية «شهر رمضان» بأسماء ونعوت متعدّدة، تدلّل بأجمعها على عظمة هذا الشهر، وتحكيالدور الإيجابي العميق الفعّال الّذي ينهض به في رفعة

.


1- .راجع : السنن الكبرى : ج 4 ص 339 ح 7904 ؛ الكافي : ج 4 ص 70 ح 2 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 376 ح 1 .
2- .راجع : الهامش السابق . وأيضا : الكافي : ج 4 ص 70 ح 1 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 377 ح 2 و 3 .
3- .راجع : الجعفريّات : ص 241 وص 59 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 377 ح 3 .
4- .راجع : الميزان في تفسير القرآن : ج 2 ص 26 .

ص: 11

الإنسان وسموّه، وتحقيق سعادته في الدنيا والآخرة ، من هذه الأسماء والنعوت : شهر اللّه (1) ، شهر اللّه الأكبر (2) ، شهر ضيافة اللّه (3) ، شهر نزول القرآن (4) ، شهر تلاوة القرآن (5) ، شهر الصيام (6) ، شهر الإسلام (7) ، شهر الطهور (8) ، شهر التمحيص (9) ، شهر القيام (10) ، شهر العتق (11) ، شهر الصبر (12) ، شهر المواساة (13) ، شهر البركة (14) ، شهر المغفرة (15) ، شهر الرحمة (16) ، شهر التوبة (17) ، شهر الإنابة (18) ، شهر الاستغفار (19) ، شهر الدعاء 20 ، شهر العبادة 21 ، شهر الطاعة 22 ، شهر مبارك 23 ، شهر عظيم 24 ، شهر يزيد اللّه في رزق المؤمن 25 ، سيّد الشهور 26 ، عيد أولياء اللّه 27 ، ربيع القرآن 28 ،

.


1- .راجع : ح 4 و 5 و ح 77 و ح 84 و ح 89 و ح 93 و ح 188 .
2- .راجع : ح 327 .
3- .راجع : ص 29 (خصائص شهر رمضان / شهر ضيافة اللّه ) .
4- .راجع : ص 31 (خصائص شهر رمضان / فيه نزول القرآن) . و ح 89 .
5- .راجع : ح 89 . وص 120 (كثرة تلاوة القرآن) .
6- .راجع : ح 89 و ح 104 .
7- .راجع : ح 104 .
8- .راجع : ص 34 (بركات شهر رمضان / العتق من النار). و ح 89 و ح 215 .
9- .راجع : ح 85
10- .راجع : 86 .
11- .راجع : ح 89 و ح 92 .
12- .راجع : ح 89 و ح 92 و ح 215 .
13- .راجع : ح 89 و ح 215 .
14- .. راجع : ح 89 .
15- .راجع : ح 13 و ح 86 .
16- .راجع : ح 86 .
17- .راجع : ح 85 و 86 .
18- .راجع : ص 30 (خصائص شهر رمضان / سيّد الشهور) . و ح 11 و ح 87 و ح 91 .
19- .راجع : ح 181 .

ص: 12

خصائص شهر رمضان وبركاته

1 . أوّل السّنة

ربيع الفقراء (1) ، ربيع المؤمنين (2) ، المضمار (3) والمرزوق . (4)

خصائص شهر رمضان وبركاتهلشهر رمضان خصائص مهمّة ، هي منشأ ما يحظى به هذا الشهر من بركات عظيمة وهي الأساس لنعَمِه الّتي لا تعدّ ولا تحصى . (5) جلال هذا الشهر وعظمته وبركاته المعنوية والمادية الّتي تنهمر على أهل الإيمان ، هي ممّا ينأى عن الوصف من منظور الأحاديث الإسلامية ، فلو توفّر المسلمون على معرفةٍ صحيحةٍ ببركات هذا الشهر الفضيل ، وأدركوا عظيم مواهبه وحبواته ، لتمنّوا أن تكون السَّنة برمّتها شهر رمضان ، على ما يفيده الحديث النَّبوي الشريف بهذا الشأن : « لَو يَعلَمُ العِبادُ ما في رَمَضانَ ؛ لَتَمَنَّت أن يَكُونَ رَمَضانُ سَنَةً » . (6) على كثرة ما يحفل به هذا الشهر الفضيل من خصائص ، سنقتصر فيما يلي على بيان اثنتين منها بنحو مختصر، بحيث يعدّ كتابنا في حقيقته شرحا تفصيليا لهما لفرط أهمّيتهما.

1 . أوّل السّنةمن خصائص شهر رمضان الّتي ركّزت عليها روايات أهل البيت عليهم السلام (7) ، أنّ هذا

.


1- .راجع : ح 5 .
2- .قال الشيخ المفيد رحمه الله : هذا الشهر سيّد الشهور على الأثر المنقول عن سيّد المرسلين صلى الله عليه و آله ، وهو «ربيع المؤمنين» بالخبر الظاهر عن العترة الصادقين عليهم السلام ، وكان الصالحون يسمّونه «المضمار» (مسارّ الشيعة : ص 20) .
3- .راجع : الهامش السابق . و ح 346 .
4- .راجع : شهر اللّه في الكتاب والسنّة ح 72 .
5- .لقد تمّت الإشارة إلى بعض هذه الخصائص والبركات في نطاق الحديث عن أسامي الشهر الفضيل ، كما تمّ الحديث عن بعضها الآخر في الفصلين الثاني والثالث من القسم الأوّل ، على حين غطّى القسم الثاني جزءا منها جاء تحت عنوان : « بركات ضيافة اللّه » .
6- .فضائل الأشهر الثلاثة : ص 140 ح 151 ؛ صحيح ابن خزيمة : ج 3 ص 190 ح 1886 .
7- .راجع : ص 30 (خصائص شهر رمضان / أول السنة) .

ص: 13

معنى أوّل السّنة

الشهر هو أوَّل السَّنة . على هذا الضوء سيواجهنا سؤالان : الأوّل : ما معنى أوَّل السَّنة ، وما المقصود من ذلك ؟ الثاني : ألفت العرب أن يكون شهر « محرّم » هو أوَّل السَّنة ، وعلى هذا جرت سنّتها حاضرا إذ يعدّ « محرّم » أوّل سنتها الهجرية رسميّا ، وحينئذٍ كيف نفسّر ما ذهبت إليه الروايات الإسلامية من أنّ « شهر رمضان » هو رأس السَّنة وأوّلها ؟ يكتب السيّد ابن طاووس ( ت 664ق ) في هذا المضمار : « اعلم أنّني وجدت الروايات مختلفات في أنّه هل أوّل السَّنة المُحرَّمُ ، أو شهر رمضان ؟ لكنّني رأيت عَمَلَ من أدركته من علماء أصحابنا المعتبرين وكثيرا من تصانيف علمائهم الماضين ، أنّ أوّل السَّنة شهر رمضان على التعيين ، ولعلّ شهر الصيام أوّل العام في عبادات الإسلام والمُحرَّم أوّل السَّنة في غير ذلك من التواريخ ومهامّ الأنام » . (1) لكن الملاحظ أ نَّنا لم نعثر على روايات دالّة على أنَّ المُحرَّم هو أوّل السَّنة ، ومِن ثَمَّ يبدو من غير الصحيح ما بدا في كلام السيّد قدس سره من وجود تعارض في الروايات بين ما ينصّ على أنّ أوَّل السَّنة هو المُحرَّم ، أو « شهر رمضان » . أجل ، المشهور بين العرب أنَّ رأس سنتهم هو المُحرَّم على ما ذهب إليه العلاّمة المجلسي . (2) أمّا لماذا خالفت روايات أهل البيت هذه السنَّة الجارية بين العرب ، وذهبت إلى أنَّ « شهر رمضان » هو أوَّل السَّنة ، فهذا أمر يستبين الجواب عليه بعد اتّضاح معنى أول السَّنة وبيان المقصود من ذلك .

معنى أوّل السّنةليس هناك في الظاهر معنىً حقيقي لرأس السَّنة ، وذلك على النحو التكويني الّذي يبدأ فيه الزمان من لحظة خاصّة تعدّ وحدها لحظة بدء السنة دون غيرها من

.


1- .الإقبال : ج 1 ص 32 .
2- .راجع : بحار الأنوار : ج 58 ص 376 .

ص: 14

بداية السّنة وتجديد الحياة المعنوية

اللحظات ، وإنّما يبدو أنَّ هذه البداية هي من جملة الاُمور الاعتبارية الّتي تكتسب معاني مختلفة تبعا لتنوع الاعتبارات وتعدّدها (1) ، وعندئذٍ يمكن أن يكون كلّ يوم أوَّل السَّنة أو نهايتها تبعا لاعتبار خاص ، وهذا ما يفسّر الاختلاف الناشِئ بين الاُمم والأقوام في تحديد أوائل سنينها ، إذ اختارت فارس القديمة مطلع شهر « فروردين » [الموافق 21 آذار ميلادي ]بدايةً لسنتها وعدّت ذلك عيدا ، ولا تزال على ذلك أعرافها حتّى الوقت الحاضر ، على حين اتّخذ العرب أوّل « محرّم » بدايةً لسنتهم ، وفي المقابل اتّخذ النصارى « ميلاد السيّد المسيح » رأسا لسنتهم .

بداية السّنة وتجديد الحياة المعنويةعندما ندرس مفهوم أوَّل السَّنة على ضوء الثقافة الإسلامية ، نجد أنّ هذه الظاهرة في الإسلام تخضع لاعتبارات مختلفة ، فمن النصوص الإسلامية ما يركّز على أنَّ شهر رمضان أوَّل السَّنة (2) ، ومنها ما يسجّل أن « ليلة القدر » هي أوَّل السَّنة (3) ، كما أنّ فيها ما يذهب إلى تحديد أوَّل السَّنة ب_ « عيد الفطر » . (4) فكما أنّ « فروردين » هو أوّل السنة الطبيعية ، حيث تكتسي الأرض في هذا الشهر حُلّةً قشيبةً وتُورِق فيه الأشجار ، فكذلك يأتي شهر رمضان ليكون بداية سنة الإنسانية من منظور الإسلام ، ففي هذا الشهر الكريم تتجدّد الحياة المعنوية لأهل السير والسلوك الذين يُغِذّون السير صوب الكمال المطلق ، وتنبلج نفوسهم عن طاقات تجعلهم على اُهبة الاستعداد للقاء اللّه ، وبذا يمكن القول أن « فروردين » بداية تجديد دورة الحياة المادية للنباتات في عالم الطبيعة ، وأنَّ « شهر رمضان » بداية تجديد دورة الحياة المعنوية للإنسان في عالم الإنسانية .

.


1- .راجع : بحار الأنوار : ج 58 ص 376 وجواهر الكلام : ج 5 ص 25 .
2- .راجع : ص 30 (خصائص شهر رمضان / أوّل السَّنة) . و ص 280 ح 347 .
3- .راجع : ص 212 (خصائص ليلة القدر / هي أوّل السَّنة وآخرها) .
4- .راجع : ص 280 ح 347 .

ص: 15

2 . الضّيافة الإلهيّة

معنى ضيافة اللّه

أمّا الرواية الّتي تتحدّث عن أنّ « ليلة القدر » هي أوَّل السنة ، فبلحاظ أنّ هذه الليلة هي ليلة التقدير الّتي يقدّر فيها كلّ شيء يكون في السنة . وبشأن الرواية الّتي تتحدّث عن أنّ يوم « عيد الفطر » هو أوَّل السَّنة ؛ فالاعتبار في ذلك يرجع إلى أنّ هذا اليوم أوَّل يوم في السَّنة يحلّ فيه الأكل والشرب على ما صرّحت به الرواية نفسها ؛ أو لأنّها تومئ إلى أنَّ عيد الفطر بداية شوط جديد في حياة الإنسان واستئنافه العمل مجدّدا ، بعد أن رمضت ذنوبه في لهيب معاناة الصوم ، وانمحت من صحيفة أعماله واستُؤصلت منها تماما .

2 . الضّيافة الإلهيّةالخصيصة البارزة الثانية الّتي تتألّق في سماء هذا الشهر الفضيل ، هي الإمكانات الّتي يتيحها لضيافة اللّه سبحانه ، على ما نطق به رسول اللّه صلى الله عليه و آله بقوله في وصف هذه الخصلة : « هُوَ شَهرٌ دُعيتُم فيهِ إلى ضِيافَةِ اللّهِ ، وَجُعِلتُم فيهِ مِن أهلِ كَرامَةِ اللّهِ » . (1) هذه الخصيصة في الحقيقة هي أساس الخصوصية الاُولى ، بل هي منشأ جميع خصوصيات شهر رمضان المبارك ومنبثق كلّ البركات الّتي تحفّ به . بعبارة اُخرى ، يمكن القول إنَّ ضيافة اللّه في هذه المدّة الزمنية والأغذية المعنوية الخاصّة الّتي أعدّها سبحانه لضيوفه في هذه الضيافة ، هي منشأ التحوّلات المعنوية العميقة الّتي تطرأ على حياة الإنسان في هذا الشهر الفضيل ، وهي مائدة مفتوحة للجميع يصيب من ينهل منها بركات عظيمة تنأى على الحصر .

معنى ضيافة اللّهفي طليعة الأسئلة الّتي تحفّ بهذه الخصيصة البارزة ، ما يرتبط بمعنى ضيافة اللّه سبحانه لأحبّائه في شهر رمضان وما المقصود من ذلك ؟ أليس الناس جميعا وفي

.


1- .راجع : ص 65 ح 84 . وص 29 (خصائص شهر رمضان / شهر ضيافة اللّه ) .

ص: 16

الأوقات كلّها هُم ضيوف اللّه ونازلين في رحابه ؟ فضلاً عن أنّ قوام الضيافة هي بالطعام والشراب الّذي يهيّئه صاحب الضيافة للضيف ، فما عساها أن تكون هذه الضيافة الّتي يأتي الامتناع عن تناول الطعام والشراب في أوّل شروطها ؟ ! يأتي الجواب على هذه الأسئلة من واقع تحليل حقيقة الإنسان ومعرفة مكوّناته ، فالإنسان في الرؤية الإسلامية مركّب يتألّف من جسم وروح ، فكما يحتاج الجسم إلى الأغذية المادية الّتي تمدّه بقوام ديمومته ، كذلك تحتاج هوية الإنسان وحقيقته الإنسانية إلى أغذية معنوية من سنخها . على هذا الضوء يتبيّن أنَّ اللّه سبحانه لم يهيّئ الضيافة الرمضانية لاستضافة أجسام أحبّائه وما به قوام وجودهم المادي ، فأبدان هؤلاء _ كما جميع الخلق _ في ضيافة اللّه دائما وأبدا . وبتعبير شاعر شيراز : فرش الأرض سفرةً للجميع وحباها بطيّبات الربيعفإذا بالخوان يطعمُ منه كلّ عاصٍ وكلّ عبدٍ مطيع 1 بل أنَّ أعداء اللّه غالبا ما يستفيدون من هذه المائدة الممتدّة أكثر من غيرهم ، ممّا يشير إلى أن استضافة الجسم وتأمين المتطلّبات المادية ليس بالأمر المهمّ الذي يرتقي إلى مصاف القضايا المعنويّة ، خاصّةً وأن القرآن الكريم يسجّل صراحةً بأنّه لولا الخشية على الناس من جنوحهم إلى الكفر كافّة ، لحظي الكافر بأعلى الإمكانات المادية وأرفعها : « وَ لَوْلاَ أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَ حِدَةً لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَ_نِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفا مِّن فِضَّةٍ وَ مَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ * وَ لِبُيُوتِهِمْ أَبْوَ با وَ سُرُرا عَلَيْهَا يَتَّكِ_ونَ * وَ زُخْرُفا وَ إِن كُلُّ ذَ لِكَ لَمَّا مَتَ_عُ الْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَ الْأَخِرَةُ عِندَ

.

ص: 17

رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ » . (1) وفي الحديث النَّبوي الشريف : « لَو أنَّ الدُّنيا كانَت تَعدِلُ عِندَ اللّهِ عز و جل جَناحَ بَعُوضَةٍ ما سَقَى الكافِرَ وَالفاجِرَ مِنها شَربَةً مِن ماءٍ » . (2) لقد استضاف اللّه _ جلّ جلاله _ نفوس أحبّائه وأرواحهم في ضيافته الرمضانية ، وليس أبدانهم وقوامهم المادّي ، وهذه ضيافة لا يرقى إلى إدراك قيمتها أحد سواه ، ومن هنا قال اللّه _ سبحانه وتعالى _ : « الصَّومُ لي وَأنَا أجزي بِهِ » . (3) لابدَّ أن تأتي شروط هذه الضيافة وآدابها متوائمة مع ضيافة النفس ، ولابدَّ أن يكون الطعام والشراب فيها من سنخ ضيافة الروح ، وأن يكون الهدف المرجوّ منها هو إيجاد التحوّل الروحي وتجديد الحياة المعنوية للإنسان وتقوية بنيته الروحية . في هذا السياق ما أروع ما كتبه العالم الرباني الشيخ رضا ابن الفقيه والفيلسوف والعارف الجليل الشيخ محمّد حسين الإصفهاني طاب ثراهما ، وهو يقول في « الرسالة المجدية » عند شرح النبوي الشريف « شهر دعيتم فيه إلى ضيافة اللّه ، وجعلتم فيه من أهل كرامة اللّه » ما نصّه : « اعلم أنّ هذه الضيافة ليست استضافة الجسد ، وأنَّ بدنك ليس هو المدعوّ لهذه الضيافة ، فأنت تسكن في شهر رمضان في البيت نفسه الّذي كنت تسكن فيه في شهر شعبان ، وطعامك فيه هو الخبز والمرق نفسه الّذي كنت تتناوله بقية شهور السنة وأنت ممنوع منه في أيّام هذا الشهر ، إنّما المدعوّ لهذه الضيافة هي نفسك الّتي دعيت إلى منزل آخر وإلى أطعمة اُخرى روحيّة تتواءم مع الروح ومهيأة من سنخها .

.


1- .الزخرف : 33 _ 35 .
2- .الأمالي للطوسي : ص 531 ح 1162 ؛ سنن الترمذي : ج 4 ص 560 ح 2320 .
3- .راجع : ص 49 (الصوم للّه ) .

ص: 18

إنّ الدعوة إلى شهر رمضان دعوة إلى الجنّة ، وأطعمة هذه الضيافة من جنس أطعمة الجنّة ، والاثنان هما مَضيفا اللّه ، لكن اسم المَضيف هنا شهر رمضان ، واسمه هناك غرف الجنان ، هنا غيبٌ ، وهناك مشاهدةٌ وعَيانٌ ، هنا تسبيحٌ وتهليل ، وهناك عين سلسبيل ، وهنا نِعمٌ مستورة ومواهب مخزونة ، وهناك : « فَ_كِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ * وَ لَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ » . (1) فالنِعَم تبرز في كلّ عالم بلباس ذلك العالم ، وقد يحصل أحيانا أن تظهر للأنبياء والمعصومين في هذه الدنيا بصورتها الأخروية ، وما جاء في أخبار كثيرة من أنَّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله جاء للصّديقة الطاهرة [ فاطمة ] عليهاالسلام أو للحسنين عليهماالسلامبفاكهة من فاكهة الجنّة أو بحلل من حللها ، لدليل على هذا المطلب . أكثر من ذلك ، ربّما حصلت هذه الاُمور لخواصّ الشيعة أيضا تبعا لسعتهم الوجودية والمرتبة الّتي يحظون بها ، فقد سمعت مرّات وكرات ممّن هو أقرب الناس إليّ حسبا ونسبا (2) ، أنه يقول : كنت في أحد أيّام شهر رمضان مشغولاً بالزيارة المعروفة ب زيارة أمين اللّه في المرقد الشريف بالنجف ، وحين وصلت بعبارات الزيارة إلى : وموائد المستطعمين معدّةٌ ، ومناهل الظماء لديك مترعةٌ ، وفيما أنا أتأمّل بمعناها وأفكّر به ، تراءت لي فجأة مائدة مصفوف عليها أنواع الأطعمة والأشربة ممّا لم أكن أتصوّره قطّ ، وأنا أتناول من طعامها ، وفي تلك الأثناء كنت أفكّر بمسألة فقهية ، إنّها حالة عجيبة تبعث على الدهشة ! الواقع أن هذه هي حقيقة الغذاء ، وهي ليست مفطرة للصوم ... . الشراب الطهور في الحياة الدنيا هو محبّة اللّه ، والوقت الأفضل الّذي يغتنم لتحصيله هو هذه الضيافة الّتي يكون فيها الساقي هو المضيّف نفسه،

.


1- .الواقعة : 20 و 21 .
2- .يبدو أنّ من يقصده بذلك ، هو والده الجليل الشيخ محمّد حسين الإصفهاني قدس سره .

ص: 19

ولا تظنّنَّ أنَّ تعبيرات هذا العبد هي من قبيل خيالات الشعراء وأوهامهم ، أو من شطيّحات غلاة المتصوّفة ، فحاشى أن أتجاوز لسان الكتاب والسنّة ، أو أتخطّى في معتقدي غير ما جاء به اللّه والنَّبي وأمرا به ، وإنّما المقصود هو قول اللّه نفسه في سورة هل أتى حيث يقول سبحانه : « وَ سَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابا طَهُورا » » . (1) انطلاقا من هذه الرؤية لضيافة رمضان وللضيافة الإلهية في هذا الشهر الكريم ، توزّعت معالم الكتاب الّذي بين أيديكم إلى خمسة أقسام ، على النحو الّذي ستتمّ الإشارة إليه :

القسم الأوّل : فضائل شهر اللّهتوفّر القسم الأول من هذا الكتاب ، على دراسة فضائل الّتي تحظى بها الضيافة الرمضانية وقيمة هذه الضيافة من منظور الإسلام ، فمن خلال مادة هذا القسم يخرج الباحث عموما بمعرفة إجمالية لخصائص هذه الضيافة وبركاتها ، كما نهض الفصل الرابع من فصول هذا القسم ببيان الآثار السلبية الّتي تُلمّ بمن يُحرَم مِن بركات هذا الشهر ، ورصد التبعات المدمّرة الّتي تحيط بمن يخسر حظّ هذه الضيافة .

القسم الثّاني : التهيّؤ لضيافة اللّهبديهي لا يستطيع الإنسان أن ينفذ إلى عالم الضيافة الإلهية وينعم بها في سبيل تجديد الحياة المعنوية ، الّتي تعدّ بدورها النقطة الأساسية لفلسفة خلق الإنسان والذروة القصوى المرجوّة لوجوده ؛ من دون أن يتوفّر على الاستعدادات اللازمة والمؤهّلات الضرورية لولوج هذا المضمار . والبحث عن هذه الاستعدادت ورصد شروط التهيّؤ للضيافة والتأهّل لها ، هي

.


1- .جامع الدرر ، للعالم الرباني أُستاذ الأخلاق حجّة الإسلام والمسلمين السيّد حسين فاطمي رضوان اللّه عليه : ص 335 و ص 337 نقلاً عن الرسالة المجديّة .

ص: 20

المهمّة الّتي اضطلع بها القسم الثاني من الكتاب . لقد استلزمت المعرفة شرطا أوّليّا في طليعة الشروط الأساسية الّتي تستلزمها عملية الدخول إلى نطاق الضيافة الإلهية . والمعرفة هذه تكتنز اُفقا وسيعا يبدأ بمعرفة معنى ضيافة اللّه ، ويمتدّ إلى معرفة فلسفة الصوم ، والقيمة الّتي يحظى بها الصوم والصائم ، ثُمَّ دور الصيام في الحياة المادية والمعنوية للإنسان ، وكذلك معرفة مراتب الضيافة الربانية ، فمن دون أن يدرك ضيوف اللّه هذه المسائل ويستوعبوها لا يمكنهم التهيّؤ للتزوّد من ضيافته سبحانه والنهل من عطاياها . أهمّية المعرفة في نطاقها الشامل الّذي يستوعب مجموعة هذه المسائل ، هي الّتي تفسّر اختصاص الفصل الأوّل من القسم الثاني بها ، حيث جاء بعنوان « معرفة ضيافة اللّه » . النقطة الأساسية الاُخرى الّتي تنطوي على أهمّية كبيرة ، هي ضرورة التخطيط لتهيئة المسلمين وتأهيلهم للنفوذ إلى دائرة الضيافة الرمضانية ، فدراسة سيرة أهل البيت عليهم السلام في هذا المضمار تكشف عن العناية الخاصّة الّتي يبذلها هؤلاء الكرام في هذا الموضوع ، إذ يكفي لإثبات المدّعى وما تنطوي عليه هذه الفكرة من أهمّية ملاحظة خطب رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، والإمام أمير المؤمنين عليه السلام ، الّتي أدليا بها على مشارف شهر رمضان ولغرض التهيّؤ له واستقباله ، ممّا أثبتنا نصوصه في الفصل الثالث من هذا القسم . فمراجعة هذه الخطب تزيد من المسؤولية الّتي تقع على عاتق القيادات السياسية والدينية والثقافية في البلدان الإسلامية ، لجهة إعداد المسلمين وتهيئتهم للنفوذ إلى عالم الضيافة الإلهية وتأهيلهم للتزوّد من بركاتها ومواهبها . على أنَّ المسألة في التهيّؤ للضيافة الإلهية لا تقتصر على المعرفة وحدها ، بل ثَمَّ ضرورة لعدد من الأعمال والأدعية الّتي تصبّ في الاتّجاه ذاته وتحقّق الغاية المرجوّة ، كما توفّر على بيان ذلك الفصلان الثالث والرابع من القسم الثاني .

.

ص: 21

القسم الثالث : آداب ضيافة اللّهيمكن تقسيم آداب الضيافة الربانية إلى ثلاث مجموعات ، هي : المجموعة الاُولى : وتشمل الآداب الّتي تعدّ رعايتها والالتزام بها شرطا لا مندوحة عنه للدخول إلى الضيافة الإلهية ؛ وهذه تتمثّل باجتناب مفطرات الصوم بقصد القربة ، والفقه هو المجال الطبيعي الّذي يتوفّر على دراسة هذه الآداب والالتزامات وبحثها ، وما دامت الرسائل الفقهية قد استوعبت هذا الأمر فلا حاجة للاستفاضة بعرض تفاصيله في إطار هذه المجموعة . المجموعة الثانية : وتشمل الآداب الّتي تعدّ رعايتها شرطا ضروريّا لكي ينعم الإنسان بالضيافة الإلهية وينتفع من هباتها ، لجهة تجديد حياته المعنويّة وبلوغ تكامله الروحي ، وقد توفّر القسم الثالث من الكتاب على تغطية هذا النمط من الآداب واستيعابه قبل غيره من الآداب ، تحت عنوان « أهمّ الآداب » ، (1) والعنصر المشترك الجامع لهذه الآداب ، هو الورع عن محارم اللّه ، ولذلك جاء في الخطبة المعروفة الّتي خطبها النَّبي صلى الله عليه و آله في استقبال شهر رمضان ، أنَّ الإمام عليّ عليه السلام سأل أثناءها رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، بقوله : « يا رَسولَ اللّهِ ، ما أفضَلُ الأَعمالِ في هذَا الشَّهرِ ؟ » فَأَجابَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله : « الوَرَعُ عَن مَحارِمِ اللّهِ » . (2) يمكن القول بأنَّ الذنوب هي الآفات الّتي تهدّد الحياة المعنوية للإنسان وتحول دون ازدهارها ، ومن ثَمَّ لا يمكن للصيام أن يكون مؤثّرا قطّ في إيجاد التحوّل المعنوي لدى الإنسان ، إذا كانت الذنوب حائلاً يمنع عن ذلك ، فالصائم الّذي يبتلى بآفة الذنوب لا ينتفع من صيامه ، وبتعبير رسول اللّه صلى الله عليه و آله : « رُبَّ صائِمٍ حَظُّهُ مِن صِيامِهِ الجوعُ وَالعَطَشُ ، ورُبَّ قائِمٍ حَظُّهُ مِن قِيامِهِ

.


1- .راجع : ص 103 .
2- .فضائل الأشهر الثلاثة : ص 78 ح 61 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 358 ح 25 .

ص: 22

السَّهَرُ » . (1) أمّا الإمام عليّ عليه السلام ، فيقول بهذا الشأن : « كَم مِن صائِمٍ لَيسَ لَهُ مِن صِيامِهِ إلاَّ الجوعُ وَالظَّمَأُ ، وكَم مِن قائِمٍ لَيسَ لَهُ مِن قِيامِهِ إلاَّ السَّهَرُ والعَناءُ ، حَبَّذا نَومُ الأَكياسِ وإفطارُهُم » . (2) على هذا يتّضح بأنَّ اجتناب مفطرات الصوم هو شرط الدخول إلى الضيافة الإلهية ؛ وأنَّ اجتناب الذنوب والورع عن المحارم ، هو شرط النهل منها والانتفاع ببركاتها . المجموعة الثالثة : وتشمل الآداب الّتي تعدّ رعايتها شرطا لبلوغ الاستفادة القصوى من الضيافة الإلهية والتوفّر على الكمال فيها ، وإذا استثنينا الباب الأوّل من القسم الثالث ، فقد اختصّت بقيّة أبواب هذا القسم الّتي تؤلّف الحجم الأكبر من الكتاب بتناول هذه الآداب ، بحيث بادرنا إلى استقصاء جميع العناصر الّتي تنطوي عليها النصوص الإسلامية ممّا له علاقة بتحقيق أكبر قدر من الانتفاع بالضيافة الإلهية . لكن ينبغي الانتباه إلى الطابع الاستحبابي لهذه الآداب ، ومن ثَمَّ فإنَّ لكلّ إنسان أن يستفيد منها بقدر استعداده وحاله والفرصة المتاحة له .

القسم الرّابع : ليلة القدرليلة القدر هي أسمى ليالي شهر رمضان المبارك ، وأكثرها تألّقا وأعمّها بركات ، حيث يصفها القرآن الكريم بقوله : « لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ » . لهذا النصّ القرآني دلالته على البركات الّتي تحملها هذه الليلة الكريمة وما يكتنفها من عطايا وهبات لأهل المراقبة ؛ هذه البركات الّتي تفوق بركات الأعمال

.


1- .الأمالي للطوسي : ص 166 ح 277 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 289 ح 4 ؛ مسند ابن حنبل : ج 3 ص 307 ح 8865 .
2- .نهج البلاغة : الحكمة 145 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 294 ح 22 .

ص: 23

الصالحة لألف شهر أي لما يزيد على متوسط عمر الإنسان ! لذلك جاء عن النبي صلى الله عليه و آله ، قوله : « شَهرُ رَمَضانَ سَيِّدُ الشُّهورِ ، ولَيلَةُ القَدرِ سَيِّدةُ اللَّيالي » . (1) على ضوء ذلك كلّه توفّرت هذه المجموعة على تخصيص قسم مستقل ، يهدف إلى تبيين المعارف ذات الصلة بهذه الليلة وتغطية الآداب المرتبطة بها .

القسم الخامس : آداب الخروج من ضيافة اللّهللخروج من الضيافة الإلهية آدابه الّتي تختصّ به تماما ، كما الدخول إلى دائرة هذه الضيافة الكريمة ، وإنَّ رعاية هذه الآداب والالتزام بها يسهم في جبر النواقص الّتي تكتنف مدة إقامة الإنسان في نطاق هذه الضيافة ، ويتلافى ما بدر منه من نقاط ضعف وتقصير ، وتوفّر له حظا أكبر للاستزادة من بركاتها ؛ لما يخدم تقوية بنيته المعنوية ورصيده الروحي . وفاءً بمتطلبات هذه المهمّة اختصّ القسم الخامس من الكتاب ببيان هذه الآداب وتوضيحها ، حيث كان أبرز ما يلفت الانتباه على هذا الصعيد ويكتنز الدروس والعبر ، هو سيرة أهل البيت عليهم السلام في وداع شهر ضيافة اللّه . على ضوء هذه الملاحظات والنقاط ، اكتسب الكتاب هيكله المنهجي في تغطية شهر الضيافة الربانية ، من خلال خمسة أقسام مستمدّة من نصوص القرآن وتعاليمه ، وما جاء في الحديث الشريف حيال هذا الشهر ، وإليك شرح هذه الأقسام :

.


1- .بحار الأنوار : ج 40 ص 54 ح 89 نقلاً عن كنز الفوائد .

ص: 24

. .

ص: 25

القسم الأوّل : فضائل شهر اللّه

اشاره

القسم الأوّل : فضائل شهر اللّهالفصل الأوّل : عَظَمَةُ شَهرِ رَمَضانَ وحُرمَتُهُالفصل الثاني : خَصائِصُ شَهرِ رَمَضانَالفصل الثالث : بَرَكاتُ شَهرِ رَمَضانَالفصل الرابع : التَّأكيدُ عَلَى استِثمارِ بَرَكاتِهِ

.

ص: 26

. .

ص: 27

الفصل الأوّل : عظمة شهر رمضان وحرمته

الفصل الأوّل : عَظَمَةُ شَهرِ رَمَضانَ وحُرمَتُهُرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ عِندَ حُضورِ شَهرِ رَمَضانَ _: سُبحانَ اللّهِ! ماذا يَستَقبِلُكُم!؟ وماذا تَستَقبِلونَ!؟ _ قالَها ثَلاثا _ . (1)

عنه صلى الله عليه و آله :لَو يَعلَمُ العِبادُ ما في رَمَضانَ لَتَمَنَّت أن يَكونَ رَمَضانُ سَنَةً . (2)

عنه صلى الله عليه و آله :لا يَكونَنَّ شَهرُ رَمَضانَ عِندَكُم كَغَيرِهِ مِنَ الشُّهورِ ؛ فَإِنَّ لَهُ عِندَ اللّهِ حُرمَةً وفَضلاً عَلى سائِرِ الشُّهورِ ، ولا يَكونَنَّ شَهرُ رَمَضانَ يَومُ صَومِكُم كَيَومِ فِطرِكُم . (3)

راجع : ص 34 (جوامع بركاته وخصائصه) . وص 65 (تأهيل الناس لضيافة اللّه ) .

.


1- .فضائل الأشهر الثلاثة : ص 140 ح 150 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 347 ح 13 ؛ صحيح ابن خزيمة : ج 3 ص 189 ح 1885 .
2- .فضائل الأشهر الثلاثة : ص 140 ح 151 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 346 ح 12 ؛ صحيح ابن خزيمة : ج 3 ص 190 ح 1886 .
3- .فضائل الأشهر الثلاثة : ص 95 ح 78 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 340 ح 5 .

ص: 28

. .

ص: 29

الفصل الثاني : خصائص شهر رمضان

2 / 1 شهر اللّه

2 / 2 شهر ضيافة اللّه

الفصل الثاني : خَصائِصُ شَهرِ رَمَضانَ2 / 1شَهرُ اللّهِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :شَعبانُ شَهري ، وشَهرُ رَمَضانَ شَهرُ اللّهِ . (1)

عنه صلى الله عليه و آله :رَمَضانُ شَهرُ اللّهِ ، وهُوَ رَبيعُ الفُقَراءِ . (2)

2 / 2شَهرُ ضِيافَةِ اللّهِرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ في وَصفِ شَهرِ رَمَضانَ _: هُوَ شَهرٌ دُعيتُم فيهِ إلى ضِيافَةِ اللّهِ ، وجُعِلتُم فيهِ مِن أهلِ كَرامَةِ اللّهِ . (3)

لإمام الباقر عليه السلام :ا شَهرُ رَمَضانَ شَهرُ رَمَضانَ ، وَالصّائِمونَ فيهِ أضيافُ اللّهِ وأهلُ كَرامَتِهِ ، مَن دَخَلَ عَلَيهِ شَهرُ رَمَضانَ فَصامَ نَهارَهُ وقامَ وِردا مِن لَيلِهِ وَاجتَنَبَ ما حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ ، دَخَلَ الجَنَّةَ بِغَيرِ حِسابٍ . (4)

.


1- .فضائل الأشهر الثلاثة : ص 44 ح 20 ، بحار الأنوار : ج 97 ص 68 ح 4 .
2- .ثواب الأعمال : ص 84 ح 5 ، بحار الأنوار : ج 97 ص 75 ح 26 .
3- .فضائل الأشهر الثلاثة : ص 77 ح 61 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 356 ح 25 .
4- .فضائل الأشهر الثلاثة : ص 123 ح 130 .

ص: 30

2 / 3 سيّد الشّهور

2 / 4 أوّل السّنة

2 / 3سَيِّدُ الشُّهورِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :شَهرُ رَمَضانَ سَيِّدُ الشُّهورِ . (1)

الإمام الرضا عليه السلام :إذا كانَ يَومُ القِيامَةِ زُفَّتِ الشُّهورُ إلَى الحَشرِ يَقدُمُها شَهرُ رَمَضانَ عَلَيهِ مِن كُلِّ زينَةٍ حَسَنَةٍ ، فَهُوَ بَينَ الشُّهورِ يَومَئِذٍ كَالقَمَرِ بَينَ الكَواكِبِ ، فَيَقولُ أهلُ الجَمعِ بَعضُهُم لِبَعضٍ : وَدِدنا لَو عَرَفنا هذِهِ الصُّوَرَ! فَيُنادي مُنادٍ مِن عِندِ اللّهِ _ جَلَّ جَلالُهُ _ : «يا مَعشَرَ الخَلائِقِ ، هذِهِ صُوَرُ الشُّهورِ الَّتي عِدَّتُها عِندَ اللّهِ اثنا عَشَرَ شَهرا في كِتابِ اللّهِ يَومَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرضَ ، سَيِّدُها وأفضَلُها شَهرُ رَمَضانَ ، أبرَزتُها لِتَعرِفوا فَضلَ شَهري عَلى سائِرِ الشُّهورِ ، و لِيَشفَعَ لِلصّائِمينَ مِن عِبادي وإمائي واُشَفِّعَهُ فيهِم» . (2)

2 / 4أوَّلُ السَّنَةِالإمام عليّ عليه السلام :إنَّ أوَّلَ كُلِّ سَنَةٍ أوَّلُ يَومٍ مِن شَهرِ رَمَضانَ . (3)

عنه عليه السلام_ عِندَ حُضورِ شَهرِ رَمَضانَ _: أتاكُم شَهرُ رَمَضانَ ، وهُوَ سَيِّدُ الشُّهورِ وأوَّلُ السَّنَةِ . (4)

الإمام الصادق عليه السلام :إذا سَلِمَ شَهرُ رَمَضانَ سَلِمَتِ السَّنَةُ . [ وقالَ :] رَأسُ السَّنَةِ شَهرُ رَمَضانَ . (5)

.


1- .شرح الأخبار : ج 1 ص 223 ح 207 ؛ فضائل الأوقات للبيهقي : ص 89 ح 205 .
2- .فضائل الأشهر الثلاثة : ص 110 ح 102 .
3- .الإقبال : ج 1 ص 193 ، بحار الأنوار : ج 97 ص 350 .
4- .الإرشاد : ج 1 ص 14 ، بحار الأنوار : ج 41 ص 315 ح 40 .
5- .تهذيب الأحكام : ج 4 ص 333 ح 1046 ، الإقبال : ج 1 ص 31 وص 32 نحوه .

ص: 31

2 / 5 فيه ليلة القدر

2 / 6 فيه نزول القرآن

2 / 7 فيه نزول الكتب السّماويّة

2 / 5فيهِ لَيلَةُ القَدرِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :قَد جاءَكُم شَهرُ رَمَضانَ ؛ شَهرٌ مُبارَكٌ ... فيهِ لَيلَةُ القَدرِ خَيرٌ مِن ألفِ شَهرٍ ، مَن حُرِمَها فَقَد حُرِمَ . (1)

راجع : ص 215 (أيّ ليلة هي) .

2 / 6فيهِ نُزولُ القُرآنِالكتاب«شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْءَانُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَ بَيِّنَ_تٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ» . (2)

الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :اُنزِلَ القُرآنُ في ثَلاثٍ وعِشرينَ مِن شَهرِ رَمَضانَ . (3)

الإمام الرضا عليه السلام :إنَّ شَهرَ رَمَضانَ هُوَ الشَّهرُ الَّذي أنزَلَ اللّهُ تَعالى فيهِ القُرآنَ ، وفيهِ فَرَّقَ بَينَ الحَقِّ وَالباطِلِ ، كَما قالَ اللّهُ عز و جل : «شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْءَانُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَ بَيِّنَ_تٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ» . (4)

2 / 7فيهِ نُزولُ الكُتُبِ السَّماوِيَّةِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :نَزَلَت صُحُفُ إبراهيمَ في أوَّلِ لَيلَةٍ مِن شَهرِ رَمَضانَ ، واُنزِلَتِ

.


1- .تهذيب الأحكام : ج 4 ص 152 ح 422 ؛ سنن النسائي : ج 4 ص 129 .
2- .البقرة : 185 .
3- .الكافي : ج 2 ص 629 ح 6 .
4- .عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج 2 ص 116 ح 1 ، بحار الأنوار : ج 6 ص 80 ح 1 .

ص: 32

التَّوراةُ لِسِتٍّ مَضَينَ مِن شَهرِ رَمَضانَ ، واُنزِلَ الإِنجيلُ لِثَلاثَ عَشرَةَ لَيلَةً خَلَت مِن شَهرِ رَمَضانَ ، واُنزِلَ الزَّبورُ لِثَمانِيَ عَشرَةَ خَلَونَ مِن شَهرِ رَمَضانَ ، واُنزِلَ القُرآنُ في ثَلاثٍ وعِشرينَ مِن شَهرِ رَمَضانَ . (1)

.


1- .الكافي : ج 2 ص 629 ح 6 ؛ السنن الكبرى : ج 9 ص 317 ح 18649 نحوه .

ص: 33

الفصل الثالث : بركات شهر رمضان

3 / 1 غفران اللّه

الفصل الثالث : بَرَكاتُ شَهرِ رَمَضانَ3 / 1غُفرانُ اللّهِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :إنَّما سُمِّيَ رَمَضانُ ؛ لِأَ نَّهُ يُرمِضُ الذُّنوبَ . (1)

عنه صلى الله عليه و آله :مَن صامَ رَمَضانَ وقامَهُ إيمانا (2) وَاحتِسابا (3) غُفِرَ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ ، ومَن قامَ لَيلَةَ القَدرِ إيمانا وَاحتِسابا غُفِرَ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ . (4)

عنه صلى الله عليه و آله :مَن صامَ رَمَضانَ ؛ وعَرَفَ حُدودَهُ ؛ وتَحَفَّظَ مِمّا كانَ يَنبَغي لَهُ أن يَتَحَفَّظَ فيهِ ، كَفَّرَ ما قَبلَهُ . (5)

عنه صلى الله عليه و آله :إنَّ مَن تَمَسَّكَ في شَهرِ رَمَضانَ بِسِتِّ خِصالٍ غَفَرَ اللّهُ لَهُ ذُنوبَهُ : أن يَحفَظَ دينَهُ ، ويَصونَ نَفسَهُ ، ويَصِلَ رَحِمَهُ ، ولا يُؤذِيَ جارَهُ ، ويَرعى إخوانَهُ ، ويَخزُنَ

.


1- .الفردوس : ج 2 ص 60 ح 2339 ، كنز العمّال : ج 8 ص 466 ح 23688 .
2- .أي تصديقا باللّه وبوعده (مجمع البحرين : ج 1 ص 81) .
3- .أي طلبا لوجه اللّه وثوابه . والاحتساب في الأعمال الصالحة وعند المكروهات : هو البدار إلى طلب الأجر وتحصيله بالتسليم والصبر ، أو باستعمال أنواع البرّ ، والقيام بها على الوجه المرسوم فيها ؛ طلبا للثواب المرجوّ منها (النهاية : ج 1 ص 382) .
4- .سنن الترمذي : ج 3 ص 67 ح 683 ، صحيح البخاري : ج 2 ص 672 ح 1802 ؛ فضائل الأشهر الثلاثة : ص 105 ح 94 ، وليس فيهما «وقامه» ، بحار الأنوار : ج 96 ص 366 ح 42 وج 97 ص 17 ح 35 .
5- .مسند ابن حنبل : ج 4 ص 110 ح 11524 ؛ فضائل الأشهر الثلاثة : ص 131 ح 138 .

ص: 34

3 / 2 العتق من النّار

3 / 3 جوامع بركاته وخصائصه

لِسانَهُ . أمَّا الصِّيامُ فَلا يَعلَمُ ثَوابَ عامِلِهِ إلاَّ اللّهُ . (1)

3 / 2العِتقُ مِنَ النّارِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :سُمِّيَ شَهرُ رَمَضانَ شَهرَ العِتقِ ؛ لِأَنَّ للّهِِ في كُلِّ يَومٍ ولَيلَةٍ سِتَّمِئَةِ عَتيقٍ ، وفي آخِرِهِ مِثلَ ما أعتَقَ فيما مَضى . (2)

الإمام الصادق عليه السلام :إنَّ للّهِِ عز و جل في كُلِّ لَيلَةٍ مِن شَهرِ رَمَضانَ عُتَقاءَ وطُلَقاءَ مِنَ النّارِ إلاّ مَن أفطَرَ عَلى مُسكِرٍ ، فَإِذا كانَ في آخِرِ لَيلَةٍ مِنهُ أعتَقَ فيها مِثلَ ما أعتَقَ في جَميعِهِ . (3)

راجع : ص 65 (تأهيل الناس لضيافة اللّه ) .

3 / 3جَوامِعُ بَرَكاتِهِ وخَصائِصِهِرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ في فَضلِ شَهرِ رَمَضانَ _: هُوَ شَهرٌ أوَّلُهُ رَحمَةٌ ، وأوسَطُهُ مَغفِرَةٌ ، وآخِرُهُ الإِجابَةُ وَالعِتقُ مِنَ النّارِ . (4)

عنه صلى الله عليه و آله :إذا دَخَلَ شَهرُ رَمَضانَ فُتِّحَت أبوابُ الرَّحمَةِ ، وغُلِّقَت أبوابُ جَهَنَّمَ ، وسُلسِلَتِ الشَّياطينُ . (5)

عنه صلى الله عليه و آله :مَن صامَ شَهرَ رَمَضانَ فَحَفِظَ فَرجَهُ ولِسانَهُ وكَفَّ أذاهُ عَنِ النّاسِ ، غَفَرَ

.


1- .مستدرك الوسائل : ج 7 ص 370 ح 8443 نقلاً عن القطب الراوندي في لبّ اللباب .
2- .النوادر للأشعري : ص 18 ح 2 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 381 ح 6 .
3- .الكافي : ج 4 ص 68 ح 7 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 362 ح 31 .
4- .الكافي : ج 4 ص 67 ح 4 ؛ صحيح ابن خزيمة : ج 3 ص 192 ح 1887 .
5- .فضائل الأشهر الثلاثة : ص 142 ح 153 .

ص: 35

اللّهُ لَهُ ذُنوبَهُ ما تَقَدَّمَ مِنها وما تَأَخَّرَ ، وأعتَقَهُ مِنَ النّارِ ، وأحَلَّهُ دارَ القَرارِ ، وقَبِلَ شَفاعَتَهُ في عَدَدِ رَملِ عالِجٍ (1) مِن مُذنِبي أهلِ التَّوحيدِ . (2)

الخصال عن جابر بن عبد اللّه عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :اُعطِيَت اُمَّتي في شَهرِ رَمَضانَ خَمسا لَم يُعطَهُنَّ اُمَّةُ نَبِيٍّ قَبلي : أمّا واحِدَةٌ : فَإِذا كانَ أوَّلُ لَيلَةٍ مِن شَهرِ رَمَضانَ نَظَرَ اللّهُ عز و جل إلَيهِم ، ومَن نَظَرَ اللّهُ إلَيهِ لَم يُعَذِّبهُ أبَدا . وأمَّا الثّانِيَةُ : فَإِنَّ خُلوفَ (3) أفواهِهِم _ حينَ يُمسونَ _ عِندَ اللّهِ عز و جل أطيَبُ مِن ريحِ المِسكِ . وأمَّا الثّالِثَةُ : فَإِنَّ المَلائِكَةَ يَستَغفِرونَ لَهُم في لَيلِهِم ونَهارِهِم . وأمَّا الرّابِعَةُ : فَإِنَّ اللّهَ عز و جل يَأمُرُ جَنَّتَهُ أنِ استَغفِري وتَزَيَّني لِعِبادي ، فَيوشِكُ أن يَذهَبَ عَنهُم نَصَبُ الدُّنيا وأذاها ويَصيروا إلى جَنَّتي وكَرامَتي . وأمَّا الخامِسَةُ : فَإِذا كانَ آخِرُ لَيلَةٍ غُفِرَ لَهُم جَميعا . فَقالَ رَجُلٌ : في لَيلَةِ القَدرِ يا رَسولَ اللّهِ؟ فَقالَ : ألَم تَرَ إلَى العُمّالِ إذا فَرَغوا مِن أعمالِهِم وُفّوا؟! (4)

راجع : ص 55 (بركات ضيافة اللّه ) . ص 65 (تأهيل الناس لضيافة اللّه ) .

.


1- .رَمْل عالِج : جبال متواصلة يتّصل أعلاها بالدهناء وأسفلها بنجد ، ويتّسع اتّساعا كثيرا (المصباح المنير : ص 425) . وعوالج الرمال : جمع عالِج ؛ وهو ما تراكم من الرمل ودخل بعضه في بعض (النهاية : ج 3 ص 287) .
2- .الأمالي للصدوق : ص 71 ح 38 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 356 ح 24 .
3- .الخُلوفُ _ بضمّ الخاء على الأصحّ ، وقيل بفتحها _ : هو رائحة الفَم المتغيّر ، من قولهم : خَلَفَ فمُ الصائم خُلوفا : أي تغيّرت رائحة فمه (مجمع البحرين : ج 1 ص 543) .
4- .الخصال : ص 317 ح 101 ؛ مسند ابن حنبل : ج 3 ص 144 ح 7922 .

ص: 36

. .

ص: 37

كلام في تصفيد الشّياطين في شهر رمضان

كَلامٌ في تَصفيدِ الشَّياطينِ في شَهرِ رَمَضانَمرّت الإشارة في عدد كبير من أحاديث هذا الباب إلى أنَّ الشياطين تغلّ في شهر رمضان ، وعندئذٍ يثار عدد من الأسئلة في هذا السياق ، هي : ما الشيطان ؟ في نطاق ما يتّسم به نظام الخليقة والوجود من حكمة ، لماذا سُمح للشيطان بإغواء الإنسان ؟ ما الثغور الّتي تمتدّ إليها سلطة الشيطان على الإنسان ؟ لماذا صار اللّه سبحانه إلى تصفيد الشياطين ومنعها من ممارسة تأثيرها الضالّ في شهر رمضان ، في حين تركها حرّة فيما عداه من الشهور ؟ وأخيرا : إذا كانت الروايات الدالّة على هذا المعنى صحيحة ، فلماذا يجنح عدد من الصائمين إلى ارتكاب الذنوب واجتراح الخطايا في هذا الشهر ؟ في الحقيقة يتطلّب الجواب على هذه الأسئلة بنحوٍ مُسهب وافٍ فرصةً سانحةً (1) ، بَيدَ أنَّ ما يمكن قوله إجمالاً : إنَّ الرؤية الإسلامية تفيد بأنَّ الشياطين عبارة عن موجودات غير مرئيّة من جنس الجنّ ، تتحلّى بالإدراك والمعرفة وتحظى بالحرّية والقدرة على الاختيار ، لكنها تسيء استخدام حرّيتها لإغواء الإنسان وخداعه عن طريق تزويق الممارسات القبيحة وإضفاء صورة جميلة عليها ، ومن خلال تهييجه وإثارة نوازعه غير المشروعة .

.


1- .سنعرض للبحث في جواب هذه الأسئلة ، وندرس جوانب هذا الموضوع تفصيلاً ، في مدخل عنوان « الشيطان » من موسوعة ميزان الحكمة إن شاء اللّه تعالى .

ص: 38

1 . علّة تصفيد الشياطين في شهر رمضان

العلّة الاولى : الممانعة الطبيعية للصيام

أمّا الحكمة من وراء هذا الدور الإغوائي الّذي تلعبه الشياطين في نظام الخليقة ، فتكمن في تفتّق المواهب الإنسانية الكامنة وتربية الإنسان الكامل وإعداده في ظلّ المقاومة الّتي يبديها إزاء هذه المزالق والإغراءات ، أمّا ثغور سلطة الشياطين على الإنسان فهي لا تتعدّى نطاق الإثارة والوسوسة ، ومن ثَمَّ فهي تدعوه إلى القبائح ، بَيدَ أنّ قدرتها لا تمتد لإجباره على اقترافها . (1) على ضوء هذه الإيضاحات ، فإنَّ ما ينبغي دراسته على هذا الصعيد ، مسألتان: الاُولى : تصفيد الشياطين وغلّها في شهر رمضان . الثانية : البحث عن العوامل الكامنة وراء اجتراح الخطايا وظهور الذنوب في هذا الشهر ، على الرغم من تصفيد الشياطين وغياب دورها الإغوائي .

1 . علّة تصفيد الشياطين في شهر رمضانتفيد عملية دراسة النصوص الإسلامية وتحليلها ، وجود علّتين لغلّ الشياطين ومنعها في شهر رمضان ، على النحو الّذي تأتي فيه العلّة الثانية في طول العلّة الاُولى . وهاتان العلّتان هما :

العلّة الاُولى : الممانعة الطبيعية للصياميُزيل الصوم على نحو طبيعي الأرضية الّتي تتحرّك عليها سلطة الشيطان للتأثير على الإنسان وإغوائه ، وبتعبير أدقّ ليست السلسلة الّتي تقيّد الشيطان وتغلّه في شهر رمضان سوى الصوم نفسه ، ومن هنا ما جاء عن النَّبي في قوله صلى الله عليه و آله : « إنَّ الشَّيطانَ لَيَجري مِنِ ابنِ آدَمَ مَجرَى الدَّمِ فَضَيِّقوا مَجارِيَهُ بِالجوعِ ». (2) فهذا الحديث يدلّ بوضوح على أنَّ الصوم يمنع سلطة الشيطان عن الإنسان على نحو طبيعي .

.


1- .«وَ قَالَ الشَّيْطَ_نُ لَمَّا قُضِىَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَ عَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَ وَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَ مَا كَانَ لِىَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَ_نٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِى فَلاَ تَلُومُونِى وَلُومُواْ أَنفُسَكُم» ( إبراهيم : 22 ) .
2- .إحياء علوم الدين : ج 1 ص 347 ، صحيح البخاري : ج 6 ص 2624 ح 6750 وليس فيه ذيله .

ص: 39

العلّة الثانية : اللطف الإلهي الخاص

إنَّ السلسلة الّتي ينطوي عليها الصوم لا تقتصر على تصفيد الشيطان وحدَه ، بل تتخطّى ذلك إلى احتواء نوازع النفس الأمّارة وإلى أسرها ، ممّا يؤدّي إلى ردع سلطتها على الإنسان ، وكما قال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام : « نِعمَ العَونُ عَلى أسرِ النَّفسِ وكَسرِ عادَتِهَا التَّجَوُّعُ » . (1) على هذا الأساس ، فإنَّ جميع الروايات الّتي جاءت تمتدح الجوع وتثني على دوره في بناء النفس وتربيتها ، إنّما تهدف بالحقيقة إلى إيجاد المانع الطبيعي الّذي يصدّ سلطة الشيطان على الإنسان ويحصنه من نوازع النفس الأمّارة وإغواءاتها ، كما تهدف أيضا تحرير قواه العقلية وإطلاق قابليّاته الإنسانية ، على ما يبدو ذلك واضحا من النموذجين الروائيين التاليين اللذين اخترناهما من بين هذا النمط من الروايات (2) : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله : « جاهِدوا أنفُسَكُم بِالجوعِ وَالعَطَشِ ، فَإِنَّ الأَجرَ في ذلِكَ كَأَجرِ المُجاهِدِ في سَبيلِ اللّهِ » . (3) وعنه صلى الله عليه و آله أيضا : « أحيوا قُلوبَكُم بِقِلَّةِ الضِّحكِ وقِلَّةِ الشِّبَعِ ، وطَهِّروها بِالجوعِ تَصفو (4) وتَرِقّ » . (5)

العلّة الثانية : اللطف الإلهي الخاصبالإضافة إلى الرصيد الّذي يوفّره صوم شهر رمضان للصائمين طبيعيا ، متمثّلاً باحتواء سلطة الشيطان وردع إغواءاته عنهم ، فإنَّ هذه الممارسة العبادية تتحوّل

.


1- .عيون الحكم والمواعظ : ص 494 ، غرر الحكم : ح 9944 وفيه « أشر» بدل « أسر» .
2- .للاطّلاع على المزيد من هذه الروايات ، راجع : شهر اللّه في الكتاب والسنّة ص 88 (بركات ضيافة اللّه / الحكمة) و(التقرّب إلى اللّه ) ، وص 89 ، ح 176 و 177 وص 93 ، ح 199 و ح 202 .
3- .إحياء علوم الدين : ج 3 ص 124 ؛ المحجّة البيضاء : ج 5 ص 146 .
4- .كذا في المصدر والقياس : « تَصْفُ » .
5- .إحياء علوم الدين : ج 3 ص 129 ؛ المحجّة البيضاء : ج 5 ص 154 .

ص: 40

2 . علّة عدم الانتفاع من غلّ الشياطين

الجواب الأول : ليس الشيطان السبب الوحيد للذنوب

بنفسها إلى أرضية لانهمار ألطاف اللّه عليهم وشمولهم بها ، وحينئذٍ فإنَّ ما جاء في الأحاديث من تصفيد الشياطين ، وغلّها في هذا الشهر إنّما هو إشارة لهذا المعنى . بعبارة اُخرى ، إنَّ اللطف الإلهي ليس جزافا حتّى يصحّ السؤال : لماذا لم يمنع سبحانه سلطة الشياطين ويحول بينها وبين الإنسان في بقيّة الشهور ؟ كلاّ ، إنّما ينشأ مبدأ التوفيق الرباني واللطف الإلهي من واقع اختيار الإنسان نفسه ، ودخوله في رحاب الضيافة الرمضانية .

2 . علّة عدم الانتفاع من غلّ الشياطينفي إطار التحليل الّذي مرَّ ، فيما يفيده من أنَّ الشياطين تفقد سلطتها على الإنسان في هذا الشهر على الأقل بالنسبة إلى الصائمين ، ينبثق السؤال الرئيسي الثاني في هذا المضمار ، متمثّلاً بما نراه من غفلة الصائمين وابتلائهم بالخطايا والذنوب في هذا الشهر أحيانا ، كما يدلّ عليه تشريع الكفّارات الّذي جاء لعلاج هذه الحالات ، يصوّر السيّد ابن طاووس رحمه الله هذه المفارقة ، بقوله : «سألني بعض أهل الدين ، فقال : إنّني ما يظهر لي زيادة انتفاع بمنع الشياطين ، لأنَّني أرى الحال الّتي كنت عليها من الغفلة قبل شهر رمضان ، كأنّها على حالها ما نقصت بمنع أعوان الشيطان ...» . (1) يمكن تقديم جوابين لهذا السؤال ، هما :

الجواب الأول : ليس الشيطان السبب الوحيد للذنوبيتركز الجواب الأوّل حول معنى يفيد بأنَّ ما يصدر عن الانسان من خطايا وذنوب لا يرتبط بالشيطان وحدَه ولا ينشأ عن إغوائه وحسب ، بل له منشآن رئيسيان آخران ، هما : النفس الأمّارة ، والرين المتراكم من تبعات الذنوب السابقة

.


1- .الإقبال : ج 1 ص 73 . يسوق السيّد ابن طاووس رحمه الله خمسة أجوبة على السؤال المطروح كلّها غير مقنعة ما خلا الجواب الأخير ، الّذي سنذكره في المتن مشفوعا ببعض التوضيحات .

ص: 41

الجواب الثاني : نسبية تصفيد الشياطين

الّذي يؤدّي إلى تلوّث القلب واسودادهِ ، والواقع أنَّ اللطف الإلهي الّذي يكتنف الإنسان في شهر رمضان يلغي تأثير العامل الأوّل المتمثّل بالشيطان ، على حين يبقى العاملان المتبقّيان يمارسان دورهما ، وهما سببان كافيان لتهيئة الأرضية لانحراف الإنسان وتفسير ما يصدر عنه من ذنوب وبقائه على الغفلة . ولو افترضنا أنَّ الصوم قادر على استيعاب نوازع النفس الأمّارة والقضاء على دورها في دفعه صوب الخطايا والذنوب ، فإنَّ الرين المتراكم من الذنوب السابقة يكفي ليؤلّف خطرا يهدّد الصائم ويضعه بمعرض الغفلة وارتكاب الذنب .

الجواب الثاني : نسبية تصفيد الشياطينما اتّضح من التحليل السابق أنَّ السلسلة الّتي تقيّد الشيطان يتألّف قوامها من صوم شهر رمضان نفسه وليس من شيء آخر ، على هذا فكلّما اتّسم الصوم بالإتقان والتكامل ، زاد ذلك من إحكام السلسلة الّتي تغلّ الشيطان وتردع النفس الأمّارة ، ومن ثَمَّ أدّى ذلك إلى تضاؤل الغفلة والانحرافات الناجمة عنها . على هذا الضوء يمكن القول بأنَّ من تصدر عنهم الذنوب في شهر رمضان ، فإنَّ صومهم لم يكن صوما سالما .

.

ص: 42

. .

ص: 43

الفصل الرابع : التّأكيد على استثمار بركاته

الفصل الرابع : التَّأكيدُ عَلَى استِثمارِ بَرَكاتِهِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :إنَّ الشَّقِيَّ مَن حُرِمَ غُفرانَ اللّهِ في هذَا الشَّهرِ العَظيمِ . (1)

عنه صلى الله عليه و آله :إنَّ الشَّقِيَّ حَقَّ الشَّقِيِّ مَن خَرَجَ عَنهُ هذَا الشَّهرُ ولَم يُغفَر ذُنوبُهُ ، فَحينَئِذٍ يَخسَرُ حينَ يَفوزُ المُحسِنونَ بِجَوائِزِ الرَّبِّ الكَريمِ . (2)

عنه صلى الله عليه و آله :قَد جاءَكُم شَهرُ رَمَضانَ ؛ شَهرٌ مُبارَكٌ ... فيهِ لَيلَةُ القَدرِ خَيرٌ مِن ألفِ شَهرٍ ، مَن حُرِمَها فَقَد حُرِمَ . (3)

الإمام الصادق عليه السلام :مَن لَم يُغفَر لَهُ في شَهرِ رَمَضانَ لَم يُغفَر لَهُ إلى قابِلٍ ، إلاّ أن يَشهَدَ عَرَفَةَ . (4)

تعليق:أحاديث هذا الفصل هي تحذير وإنذار في ظاهرها ، وهي بشارة في باطنها ، خاصّةً أحاديث النَّبي صلى الله عليه و آله الّتي يدعو فيها على من لم تشمله المغفرة الإلهية في هذا الشهر الكريم وينعته بالشقاء . ولذا جاء عن العالم الرباني ملكي تبريزي ( ت 1343ق ) _ رضوان اللّه عليه _ قوله : « ومن أبلغ ما ورد في البشارة لشهر رمضان دعاء

.


1- .فضائل الأشهر الثلاثة : ص 77 ح 61 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 356 ح 25 .
2- .فضائل الأشهر الثلاثة : ص 73 ح 53 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 362 ح 30 .
3- .تهذيب الأحكام : ج 4 ص 152 ح 422 ؛ سنن النسائي : ج 4 ص 129 .
4- .الكافي : ج 4 ص 66 ح 3 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 342 ح 6 .

ص: 44

النَّبي صلى الله عليه و آله على من لم يُغفر له فيه ، حيث إنّه صلى الله عليه و آله قال : مَنِ انسَلَخَ عَنهُ شَهرُ رَمَضانَ وَلَم يُغفَر لَهُ فَلا غَفَرَ اللّهُ لَهُ (1) فإنّ هذا الدعاء بلحاظ أنّه صلى الله عليه و آله بُعث رحمة للعالمين ، بشارة عظيمة لسعة الرحمة وعموم الغفران في الشهر ، وإلاّ لم يكن مع كونه رحمة للعالمين يدعو لمسلم ولو كان مذنبا » . (2)

.


1- .الإقبال : ج 1 ص 454 وفيه «من انسلخ من شهر رمضان...» .
2- .المراقبات : ص 103 .

ص: 45

القسم الثانى : التهيّؤ لضيافة اللّه

اشاره

القسم الثانى : التَّهَيُّؤُ لِضِيافَةِ اللّهالفصل الأوّل : مَعرِفَةُ ضِيافَةِ اللّهالفصل الثاني : تَأهيلُ النّاسِ لِضِيافَةِ اللّهالفصل الثالث : أسبابُ التَّهَيُّوَلِضِيافَةِ اللّهالفصل الرابع : أدعِيَةُ التَّهَيُّوَ لِضِيافَةِ اللّه

.

ص: 46

. .

ص: 47

الفصل الأوّل : معرفة ضيافة اللّه

1 / 1 وجوب الصّيام

الفصل الأوّل : مَعرِفَةُ ضِيافَةِ اللّه1 / 1وُجوبُ الصِّيامِالكتاب« يَ_أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ » . (1)

الحديثالإمام زين العابدين عليه السلام :إنَّ اللّهَ افتَرَضَ خَمسا ولَم يَفتَرِض إلاّ حَسَنا جَميلاً : الصَّلاةَ ، وَالزَّكاةَ ، وَالحَجَّ ، وَالصِّيامَ ، ووِلايَتَنا أهلَ البَيتِ . (2)

الإمام الرضا عليه السلام_ فيما جَمَعَهُ الفَضلُ بنُ شاذانَ مِن كَلامِهِ في عِلَلِ الفَرائِضِ _: فَإِن قيلَ : فَلِمَ اُمِروا بِصَومِ شَهرِ رَمَضانَ ؛ لا أقَلَّ مِن ذلِكَ ولا أكثَرَ؟ قيلَ : لِأَ نَّهُ قُوَّةُ العِبادِ الَّذي يَعُمُّ فيهِ القَوِيُّ وَالضَّعيفُ. وإنَّما أوجَبَ اللّهُ الفَرائِضَ عَلى أغلَبِ الأَشياءِ وأعَمِّ القُوى ، ثُمَّ رَخَّصَ لِأَهلِ الضَّعفِ . وإنَّما أوجَبَ اللّهُ ورَغَّبَ أهلَ القُوَّةِ فِي الفَضلِ ، ولَو كانوا يَصلُحونَ عَلى أقَلَّ مِن ذلِكَ لَنَقَصَهُم ، ولَوِ احتاجوا إلى أكثَرَ مِن ذلِكَ لَزادَهُم . (3)

.


1- .البقرة : 183 .
2- .بشارة المصطفى : ص 108 وراجع الكافي : ج 8 ص 271 ح 399 .
3- .علل الشرايع : ص 270 ح 9 ، بحار الأنوار : ج 6 ص 80 ح 1 .

ص: 48

1 / 2 حكمة الصّيام

1 / 2حِكمَةُ الصِّيامِالإمام عليّ عليه السلام :حَرَسَ اللّهُ عِبادَهُ المُؤمِنينَ بِالصَّلَواتِ وَالزَّكَواتِ ومُجاهَدَةِ الصِّيامِ فِي الأَيّامِ المَفروضاتِ ؛ تَسكينا لِأَطرافِهِم ، وتَخشيعا لِأَبصارِهِم ، وتَذليلاً لِنُفوسِهِم ، وتَخفيضا لِقُلوبِهِم ، وإذهابا لِلخُيَلاءِ عَنهُم ، ولِما في ذلِكَ مِن تَعفيرِ عِتاقِ الوُجوهِ (1) بِالتُّرابِ تَواضُعا ، وَالتِصاقِ كَرائِمِ الجَوارِحِ بِالأَرضِ تَصاغُرا ، ولُحوقِ البُطونِ بِالمُتونِ مِنَ الصِّيامِ تَذَلُّلاً . (2)

عنه عليه السلام :فَرَضَ اللّهُ الصِّيامَ ابتِلاءً لاِءِخلاصِ الخَلقِ . (3)

الإمام الصادق عليه السلام_ في بَيانِ عِلَّةِ الصِّيامِ _: إنَّما فَرَضَ اللّهُ عز و جل الصِّيامَ لِيَستَوِيَ بِهِ الغَنِيُّ وَالفَقيرُ ؛ وذلِكَ أنَّ الغَنِيَّ لَم يَكُن لِيَجِدَ مَسَّ الجوعِ فَيَرحَمَ الفَقيرَ ؛ لِأَنَّ الغَنِيَّ كُلَّما أرادَ شَيئا قَدَرَ عَلَيهِ ، فَأَرادَ اللّهُ عز و جل أن يُسَوِّيَ بَينَ خَلقِهِ ، وأن يُذيقَ الغَنِيَّ مَسَّ الجوعِ وَالأَلَمِ ؛ لِيَرِقَّ عَلَى الضَّعيفِ فَيَرحَمَ الجائِعَ . (4)

الإمام الرضا عليه السلام_ فيما جَمَعَهُ الفَضلُ بنُ شاذانَ مِن كَلامِهِ في عِلَلِ الفَرائِضِ _: فَإِن قيلَ : فَلِمَ اُمِروا بِالصَّومِ؟ قيلَ : لِكَي يَعرِفوا ألَمَ الجوعِ وَالعَطَشِ ، ويَستَدِلّوا عَلى فَقرِ الآخِرَةِ ، ولِيَكونَ الصّائِمُ خاشِعا ذَليلاً مُستَكينا ، مَأجورا مُحتَسِبا عارِفا ، صابِرا عَلى ما أصابَهُ مِنَ الجوعِ وَالعَطَشِ ؛ فَيَستَوجِبَ الثَّوابَ مَعَ ما فيهِ مِنَ الإِمساكِ عَنِ الشَّهَواتِ ، ولِيَكونَ ذلِكَ واعِظا لَهُم فِي العاجِلِ ، ورائِضا لَهُم عَلى أداءِ ما كَلَّفَهُم ، ودَليلاً لَهُم فِي الأَجرِ ، ولِيَعرِفوا شِدَّةَ مَبلَغِ ذلِكَ عَلى أهلِ

.


1- .أي كرامها ، العتيق : الكريم الرائع من كلّ شيء (النهاية : ج 3 ص 179) .
2- .نهج البلاغة : الخطبة 192 .
3- .نهج البلاغة : الحكمة 252 .
4- .كتاب من لا يحضره الفقيه : ج 2 ص 73 ح 1766 .

ص: 49

1 / 3 فضل الصّيام

1 / 4 الصّوم للّه

الفَقرِ وَالمَسكَنَةِ فِي الدُّنيا فَيُؤَدّوا إلَيهِم ما فَرَضَ اللّهُ لَهُم في أموالهِمِ . (1)

عنه عليه السلام_ في عِلَّةِ الصَّومِ _: اِمتَحَنَهُم بِضَربٍ مِنَ الطّاعَةِ كَيما يَنالوا بِها عِندَهُ الدَّرَجاتِ ؛ لِيُعَرِّفَهُم فَضلَ ما أنعَمَ عَلَيهِم مِن لَذَّةِ الماءِ وطيبِ الخُبزِ ، وإذا عَطِشوا يَومَ صَومِهِم ذَكَروا يَومَ العَطَشِ الأَكبَرِ فِي الآخِرَةِ ، وزادَهُم ذلِكَ رَغبَةً (2) فِي الطّاعَةِ . (3)

1 / 3فَضلُ الصِّيامِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :جَعَلَ اللّهُ ... قُرَّةَ عَيني فِي الصَّلاةِ وَالصَّومِ . (4)

عنه صلى الله عليه و آله :قالَ حَبيبي جَبرَئيلُ : إنَّ مَثَلَ هذَا الدّينِ كَمَثَل شَجَرَةٍ ثابِتَةٍ ؛ الإِيمانُ أصلُها ، وَالصَّلاةُ عُروقُها ، وَالزَّكاةُ ماؤُها ، وَالصَّومُ سَعَفُها (5) . (6)

1 / 4الصَّومُ لِلّهِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :قالَ اللّهُ عز و جل : «الصَّومُ لي ، وأنَا أجزي بِهِ» . (7)

.


1- .علل الشرايع : ص 270 ح 9 ، عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج 2 ص 116 ح 1 وفيه «الانكسار» بدل «الإمساك» و«الآجل» بدل «الأجر» ، بحار الأنوار : ج 6 ص 79 ح 1 وج 96 ص 369 ح 51 .
2- .في المصدر : «رقبة» ، وما أثبتناه من بحار الأنوار .
3- .المناقب لابن شهرآشوب : ج 4 ص 355 ، بحار الأنوار : ج 6 ص 113 ح 6 .
4- .مكارم الأخلاق : ج 1 ص 83 ح 141 ، بحار الأنوار : ج 16 ص 249 .
5- .السَّعَفَة : غُصن النخل ، والجمع سَعَف (الصحاح : ج 4 ص 1374) .
6- .علل الشرايع : ص 249 ح 5 ، بحار الأنوار : ج 6 ص 109 ح 2 .
7- .تهذيب الأحكام : ج 4 ص 152 ح 420 ، الكافي : ج 4 ص 63 ح 6 وفيه «عليه» بدل «به» ؛ صحيح البخاري : ج 6 ص 2723 ح 7054 وص 2741 ح 7100 ، صحيح مسلم : ج 2 ص 807 ح 165 .

ص: 50

عنه صلى الله عليه و آله :كُلُّ عَمَلِ ابنِ آدَمَ يُضاعَفُ ؛ الحَسَنَةُ عَشرُ أمثالِها إلى سَبعِمِئَةِ ضِعفٍ ، قالَ اللّهُ عز و جل : «إلاَّ الصَّومَ فَإِنَّهُ لي ، وأنَا أجزي بِهِ ، يَدَعُ شَهوَتَهُ وطَعامَهُ مِن أجلي» . (1)

.


1- .صحيح مسلم : ج 2 ص 807 ح 164 ؛ فضائل الأشهر الثلاثة : ص 143 ح 156 نحوه .

ص: 51

كلام في شرح حديث «الصّوم لي»

كَلامٌ في شَرحِ حَديثِ «الصَّومُ لي»قال أبو حامدٍ الغزّالي في شرح الحديث : إنّما كانَ الصومُ للّهِ ومشرّفا بالنسبةِ إليهِ _ وإن كانت العبادات كلّها له كما شرّف البيت بالنسبةِ إليهِ والأرض كلّها له _ لمعنيين : أحدهما : أنّ الصوم كفّ وترك ، وهو في نفسه سرّ ليس فيه عمل يشاهد ، فجميع الطاعاتِ بمشهد من الخلق ومرأى ، والصوم لا يعلمه إلاّ اللّه تعالى ؛ فإنّه عمل في الباطن بالصبر المجرّد . والثاني : أنّه قهرٌ لعدوّ اللّه ؛ فإنّ وسيلة الشيطان _ لعنه اللّه _ الشهوات ، وإنّما يقوى الشهوات بالأكل والشرب ؛ ولذلك قال صلى الله عليه و آله : «إنَّ الشَّيطانَ لَيَجري مِنِ ابنِ آدَمَ مَجرَى الدَّمِ ؛ فَضَيِّقوا مَجارِيَهُ بِالجوعِ» ... فلمّا كان الصوم على الخصوص قمعا للشيطان وسدّا لمسالكه وتضييقا لمجاريه ، استحقّ التخصيص بالنسبة إلى اللّه ؛ ففي قمع عدوّ اللّه نصرة للّه ، ونصرة اللّه للعبد موقوفة على النصرة له ؛ قال اللّه : «إِن تَنصُرُواْ اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ» (1) ؛ فالبداية بالجهدِ مِنَ العَبدِ ، والجزاء بالهداية مِنَ اللّهِ ؛ ولذلكَ قالَ : «وَ الَّذِينَ جَ_هَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا» (2) ، وقالَ : «إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ» (3) ؛ وإنّما التغيير بكسر الشهواتِ ، فهي مرتعُ الشياطين ومرعاهم ، فما دامت مخصبة لم ينقطع تردّدهم ، وما داموا يتردّدون فلا ينكشف

.


1- .محمّد : 7 .
2- .العنكبوت : 69 .
3- .الرعد : 11 .

ص: 52

للعبدِ جلال اللّه ، وكان محجوبا عن لقائه ؛ قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «لَولا أنَّ الشَّياطينَ يَحومونَ عَلى قُلوبِ بَني آدَمَ لَنَظَروا إلى مَلَكوتِ السَّماءِ» . فمن هذا الوجه صار الصوم بابَ العبادة وصارَ جُنّةً . (1) وفي النهاية لابن الأثير : قد أكثر الناس في تأويل هذا الحديث وأنّه لِمَ خَصّ الصومَ والجزاءَ عليه بنفسه عز و جل ، وإن كانت العبادات كُلّها له وجَزاؤها منه ؟ وذكروا فيه وجوها مدارُها كُلّها على أنّ الصوم سِرٌّ بين اللّه والعبد لا يَطَّلِع عليه سِواه ، فلا يكون العبدُ صائما حَقيقةً إلاّ وهو مُخلص في الطاعة . وهذا وإن كان كما قالوا ؛ فإنَّ غير الصَّوم من العبادات يشاركه في سرّ الطاعة ، كالصلاة على غير طهارة أو في ثوبٍ نجس ، ونحو ذلك من الأسرار المقترنة بالعبادات الّتي لا يعرفها إلاّ اللّه وصاحبها . وأحسن ما سمعت في تأويل هذا الحديث : أنّ جميع العبادات الّتي يتقرّب بها العباد إلى اللّه عز و جل _ من صلاة ، وحجّ ، وصدقة ، واعتكاف ، وتبتُّل ، ودعاء ، وقُربان ، وهَدي ، وغير ذلك من أنواع العبادات _ قد عَبَدَ المشركون بها آلِهتَهم ، وما كانوا يتَّخذونه من دون اللّه أندادا ، ولم يُسمَع أنّ طائفة من طوائف المشركين وأرباب النِّحَلِ في الأزمان المُتَقادِمة عَبدت آلهتها بالصوم ، ولا تقرَّبت إليها به ، ولا عُرف الصوم في العبادات إلاّ من جهة الشرائع ، فلذلك قال اللّه عز و جل : «الصَّومُ لي وأنَا أجزي بِهِ» ؛ أي : لم يُشاركني أحدٌ فيه ، ولا عُبد به غيري ، فأنا حينئذٍ أجزي به وأتولَّى الجزاء عليه بنفسي ، لا أكِلُه إلى أحد من ملك مقرّب أو غيره على قدر اختصاصه بي . (2)

.


1- .المحجّة البيضاء : ج 2 ص 125 ؛ إحياء علوم الدين : ج 1 ص 346 .
2- .النهاية : ج 1 ص 270 .

ص: 53

1 / 5 قيمة الصّائم

1 / 5قيمَةُ الصّائِمِالكتاب« إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَ الْمُسْلِمَ_تِ وَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنَ_تِ وَ الْقَ_نِتِينَ وَ الْقَ_نِتَ_تِ وَ الصَّ_دِقِينَ وَ الصَّ_دِقَ_تِ وَ الصَّ_بِرِينَ وَالصَّ_بِرَ تِ وَ الْخَ_شِعِينَ وَ الْخَ_شِعَ_تِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَ الْمُتَصَدِّقَ_تِ وَ الصَّئِمِينَ وَالصَّئِمَ_تِ وَ الْحَ_فِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَ الْحَ_فِظَ_تِ وَ الذَّ كِرِينَ اللَّهَ كَثِيرا وَ الذَّ كِرَ تِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَ أَجْرا عَظِيما » . (1)

الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ في قَولِهِ تَعالى : « التَّئِبُونَ الْعَ_بِدُونَ الْحَ_مِدُونَ السَّئِحُونَ » (2) _: السّائِحونَ (3) وهُمُ الصّائِمونَ . (4)

عنه صلى الله عليه و آله :إنَّ للّهِِ مائِدَةً عَلَيها ما لا عَينٌ رَأَت ، ولا اُذُنٌ سَمِعَت ، ولا خَطَرَ عَلى قَلبِ بَشَرٍ ، لا يَقعُدُ عَلَيهَا إلاَّ الصّائِمونَ . (5)

عنه صلى الله عليه و آله :لِلصّائِمِ فَرحَتانِ : فَرحَةٌ عِندَ فِطرِهِ ، وفَرحَةٌ يَومَ القِيامَةِ ، يُنادِي المُنادي : «أينَ الظّامِئَةُ أكبادُهُم؟ وعِزَّتي ، لَأَروِيَنَّهُمُ اليَومَ» . (6)

الإمام عليّ عليه السلام :لَو دافَعتَ نَومَكَ _ يا غافِلاً _ بِالقِيامِ ، وقَطَعتَ يَومَكَ بِالصِّيامِ ،

.


1- .الأحزاب : 35 .
2- .التوبة : 112 .
3- .في الحديث : «سياحة هذه الاُمّة الصيام» ، قيل للصائم : سائح ؛ لأنّ الّذي يسيح في الأرض متعبّد يسيح ولا زاد له ولا ماء،فحين يجد يطعم . والصائم يُمضي نهاره لا يأكل ولا يشرب شيئاً فشُبّه به (النهاية : ج 2 ص 433) .
4- .الكافي : ج 5 ص 15 ح 1 ؛ المستدرك على الصحيحين : ج 2 ص 365 ح 3288 .
5- .المعجم الأوسط : ج 9 ص 170 ح 9443 ، كنز العمّال : ج 8 ص 452 ح 23620 .
6- .مسند زيد : 203 عن الإمام زين العابدين عن أبيه عن جدّه عليهم السلام .

ص: 54

1 / 6 دعاء الملائكة للصّائم

وَاقتَصَرتَ عَلَى القَليلِ مِن لَعقِ الطَّعامِ ، وأحيَيتَ مُجتَهِدا لَيلَكَ بِالقِيامِ ؛ كُنتَ أحرى أن تَنالَ أشرَفَ المَقامِ . (1)

الإمام الباقر عليه السلام :إنَّ المُؤمِنَ إذا قامَ لَيلَهُ ثُمَّ أصبَحَ صائِما نَهارَهُ لَم يُكتَب عَلَيهِ ذَنبٌ ، ولَم يَخطُ خُطوَةً إلاّ كَتَبَ اللّهُ لَهُ بِها حَسَنَةً ، ولَم يَتَكَلَّم بِكَلِمَةِ خَيرٍ إلاّ كَتَبَ اللّهُ لَهُ بِها حَسَنَةً ، وإن ماتَ في نَهارِهِ صُعِدَ بِروحِهِ إلى عِلِّيِّينَ ، وإن عاشَ حَتّى يُفطِرَ كَتَبَهُ اللّهُ مِنَ الأَوّابينَ . (2)

الإمام الصادق عليه السلام :مَن صامَ للّهِِ عز و جل يَوما في شِدَّةِ الحَرِّ فَأَصابَهُ ظَمَأٌ ، وَكَّلَ اللّهُ بِهِ ألفَ مَلَكٍ يَمسَحونَ وَجهَهُ ويُبَشِّرونَهُ ، حَتّى إذا أفطَرَ قالَ اللّهُ عز و جل لَهُ : «ما أطيَبَ ريحَكَ ورَوحَكَ ! مَلائِكَتِي ، اشهَدوا أنّي قَد غَفَرتُ لَهُ» . (3)

1 / 6دُعاءُ المَلائِكَةِ لِلصّائِمِالإمام الصادق عن آبائه عليهم السلام: إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله قالَ : «إنَّ اللّهَ عز و جل وَكَّلَ مَلائِكَتَهُ بِالدُّعاءِ لِلصّائِمينَ» . وقالَ : «أخبَرَني جَبرَئيلُ عليه السلام عَن رَبِّهِ أنَّهُ قالَ : ما أمَرتُ مَلائِكَتي بِالدُّعاءِ لِأَحَدٍ مِن خَلقي إلاَّ استَجَبتُ لَهُم فيهِ» . (4)

رسول اللّه صلى الله عليه و آله :ما مِن صائِمٍ يَحضُرُ قَوما يَطعَمونَ إلاّ سَبَّحَت لَهُ أعضاؤُهُ ، وكانَت

.


1- .البلد الأمين : ص 318 .
2- .المقنعة : ص 375 وص 305 .
3- .الكافي : ج 4 ص 64 ح 8 وص 65 ح 17 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 247 ح 5 .
4- .الكافي : ج 4 ص 64 ح 11 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 253 ح 26 .

ص: 55

1 / 7 بركات ضيافة اللّه

أ _ التّقوى

صَلاةُ المَلائِكَةِ عَلَيهِ ، وكانَت صَلاتُهُم استِغفارا . (1)

الإمام الصادق عليه السلام :إنَّ الصّائِمَ مِنكُم لَيَرتَعُ في رِياضِ الجَنَّةِ ، تَدعو لَهُ المَلائِكَةُ حَتّى يُفطِرَ . (2)

الإمام الرضا عليه السلام :إنَّ للّهِِ _ تَبارَكَ وتَعالى _ مَلائِكَةً مُوَكَّلينَ بِالصّائِمينَ وَالصّائِماتِ ، يَمسَحونَهُم بِأَجنِحَتِهِم ، ويُسقِطونَ عَنهُم ذُنوبَهُم . وإنَّ للّهِِ _ تَبارَكَ وتَعالى _ مَلائِكَةً قَد وَكَّلَهُم بِالاِستِغفارِ لِلصّائِمينَ وَالصّائِماتِ ، لا يَعلَمُ عَدَدَهُم إلاَّ اللّهُ عز و جل . (3)

1 / 7بَرَكاتُ ضِيافَةِ اللّهِأ _ التَّقوىالكتاب« يَ_أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ » . (4)

الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :الصِّيامُ جُنَّةٌ . (5)

عنه صلى الله عليه و آله :الصَّومُ جُنَّةٌ مِنَ النّارِ . (6)

عنه صلى الله عليه و آله :الصِّيامُ جُنَّةٌ وحِصنٌ حَصينٌ مِنَ النّارِ . (7)

.


1- .كتاب من لا يحضره الفقيه : ج 2 ص 87 ح 1805 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 247 ح 4 .
2- .الكافي : ج 8 ص 366 ح 556 ، بحار الأنوار : ج 27 ص 132 ح 123 .
3- .فضائل الأشهر الثلاثة : ص 104 ح 92 .
4- .البقرة : 183 .
5- .صحيح البخاري : ج 2 ص 670 ح 1795 ؛ تهذيب الأحكام : ج 2 ص 242 ح 958 .
6- .الكافي : ج 2 ص 19 ح 5 وج 4 ص 62 ح 1 ؛ سنن ابن ماجة : ج 1 ص 525 ح 1639 .
7- .مسند ابن حنبل : ج 3 ص 367 ح 9236 ، كنز العمّال : ج 8 ص 443 ح 23565 .

ص: 56

ب _ ذهاب الأشر والشّبق

عنه صلى الله عليه و آله :الصَّومُ جُنَّةٌ ما لَم يَخرِقها (1) . (2)

ب _ ذَهابُ الأَشَرِ وَالشَّبَقِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :عَلَيكُم بِالصَّومِ ؛ فَإِنَّهُ مَحسَمَةٌ لِلعِرقِ (3) ، مُذهِبٌ لِلأَشَرِ (4) . (5)

عنه صلى الله عليه و آله :يا مَعشَرَ الشَّبابِ ، عَلَيكُم بِالباهِ (6) ، فَإِن لَم تَستَطيعوهُ فَعَلَيكُم بِالصِّيامِ ؛ فَإِنَّهُ وِجاؤُهُ (7) . (8)

الكافي عن محمّد بن يحيى رفعه :جاءَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله رَجُلٌ فَقالَ : يا رَسولَ اللّهِ ، لَيسَ عِندي طَولٌ فَأَنكِحُ النِّساءَ ، فَإِلَيكَ أشكُو العُزوبِيَّةَ! فَقالَ : «وَفِّر شَعرَ جَسَدِكَ وأدِمِ الصِّيامَ» . فَفَعَلَ ، فَذَهَبَ ما بِهِ مِنَ الشَّبَقِ (9) . (10)

.


1- .قال الشريف الرضي رحمه الله _ بعد نقل الرواية _ : وهذه استعارة ؛ وذلك أنّه _ عليه الصلاة والسلام _ شبّه الصوم الّذي يُجنّ صاحبه من لواذع العذاب وقوارع العقاب إذا أخلص له النيّة وأصلح فيه السريرة ؛ فجعل _ عليه الصلاة والسلام _ من اعتصم في صومه من الزلل وتوقّى جرائر القول والعمل كمن صان تلك الجُنّة وحفظها ، وجعل من اتبع نفسه هواها وأوردها رداها كمن خرق تلك الجنّة وهتكها ، فصارت بحيث لا تُجِنّ من جارحة ولا تعصم من جانحة ، وذلك من أحسن التمثيلات وأوقع التشبيهات (المجازات النبويّة : ص 314 ح 241) .
2- .سنن النسائي : ج 4 ص 167 وص 168 ؛ نثر الدرّ : ج 1 ص 231 .
3- .مَحْسَمَة للعِرق : مقطعة للنكاح (النهاية : ج 1 ص 386) .
4- .الأشَر : البَطَر ، وقيل أشدّ البَطَر (لسان العرب : ج 4 ص 20) .
5- .الزهد لابن المبارك : ص 392 ح 1112 ؛ نثر الدرّ : ج 1 ص 208 .
6- .الباهُ _ مثل الجاه _ : لُغَة في الباءة ؛ وهي الجِماع (الصحاح : ج 6 ص 2228) .
7- .الوِجاء : أن تُرَضّ اُنثَيا الفحل رضّاً شديداً ، يُذهب شهوة الجماع ، ويتنزّل في قَطعه منزلة الخَصي ... أراد أنَّ الصوم يقطع النكاح كما يقطعه الوِجاء (النهاية : ج 5 ص 152) .
8- .الكافي : ج 4 ص 180 ح 2 ؛ سنن النسائي : ج 4 ص 169 .
9- .الشَّبَق : شدّةُ الميل إلى الجماع . يقال : شبِقَ الرجل شَبَقاً فهو شَبِقٌ : هاجت به شهوة الجماع (مجمع البحرين : ج 2 ص 926) .
10- .الكافي : ج 5 ص 564 ح 36 .

ص: 57

ج _ تباعد الشّيطان
د _ صحّة البدن
ه المقاومة في المصائب

ج _ تَباعُدُ الشَّيطانِالإمام الصادق عن آبائه عليهم السلام :إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله قالَ لِأَصحابِهِ : «ألا اُخبِرُكُم بِشَيءٍ إن أنتُم فَعَلتُموهُ تَباعَدَ الشَّيطانُ مِنكُم كَما تَباعَدَ المَشرِقُ مِنَ المَغرِبِ؟» قالوا : بَلى . قالَ : «الصَّومُ يُسَوِّدُ وَجهَهُ» . (1)

د _ صِحَّةُ البَدَنِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :صوموا تَصِحّوا . (2)

عنه صلى الله عليه و آله :إنَّ اللّهَ عز و جل أوحى إلى نَبِيٍّ مِن أنبِياءِ بَني إسرائيلَ أن «أخبِر قَومَكَ أن لَيسَ عَبدٌ يَصومُ يَوماً اِبتِغاءَ وَجهي إلاّ أصحَحتُ جِسمَهُ ، وأعظَمتُ أجرَهُ» . (3)

ه _ المُقاوَمَةُ فِي المَصائِبِالكتاب« يَ_أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَ الصَّلَوةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّ_بِرِينَ » . (4)

الحديثالإمام الصادق عليه السلام :إذا نَزَلَت [ بِ_ ] (5) الرَّجُلِ النّازِلَةُ (6) أوِ الشِّدَّةُ فَليَصُم ؛ فَإِنَّ اللّهَ عز و جل يَقولُ : « وَ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ » (7) يَعنِي الصِّيامَ . (8)

.


1- .الكافي : ج 4 ص 62 ح 2 .
2- .الدعوات : ص 76 ح 179 ؛ كنز العمّال : ج 8 ص 450 ح 23605 .
3- .شعب الإيمان : ج 3 ص 412 ح 3923 ، كنز العمّال : ج 8 ص 447 ح 23587 .
4- .البقرة : 153 .
5- .ما بين المعقوفين أثبتناه من بحار الأنوار .
6- .النازلة : المصيبة الشديدة (المصباح المنير : ص 601) .
7- .البقرة : 45 .
8- .فضائل الأشهر الثلاثة : ص 122 ح 125 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 254 ح 30 .

ص: 58

و _ الحكمة
ز _ التّقرّب إلى اللّه
ح _ إجابة الدّعاء
ط _ الأمن يوم القيامة

و _ الحِكمَةالإمام عليّ عليه السلام_ في حَديثِ المِعراجِ _: إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله سَأَلَ رَبَّهُ سُبحانَهُ لَيلَةَ المِعراجِ فَقالَ : ... يا رَبِّ ، وما ميراثُ الصَّومِ؟ قالَ : «الصَّومُ يورِثُ الحِكمَةَ ، وَالحِكمَةُ تورِثُ المَعرِفَةَ ، وَالمَعرِفَةُ تورِثُ اليَقينَ ؛ فَإِذَا استَيقَنَ العَبدُ لا يُبالي كَيفَ أصبَحَ ؛ بِعُسرٍ أم بِيُسرٍ» . (1)

ز _ التَّقَرُّبُ إلَى اللّهِرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ لاُِسامَةَ بنِ زَيدٍ _: يا اُسامَةُ ، عَلَيكَ بِالصَّومِ ؛ فَإِنَّهُ يُقَرِّبُ إلَى اللّهِ . إنَّهُ لَيسَ شَيءٌ أحَبَّ إلَى اللّهِ مِن ريحِ فَمِ الصّائِمِ تَرَكَ الطَّعامَ وَالشَّرابَ للّهِِ عز و جل ، فَإِنِ استَطَعتَ أن يَأتِيَكَ المَوتُ وبَطنُكَ جائِعٌ وكَبِدُكَ ظَمآنُ فَافعَل ؛ فَإِنَّكَ تُدرِكُ شَرَفَ المَنازِلِ فِي الآخِرَةِ ، وتَحِلُّ مَعَ النَّبِيِّينَ . (2)

ح _ إجابَةُ الدُّعاءِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :إنَّ لِكُلِّ صائِمٍ دَعوَةً . (3)

عنه صلى الله عليه و آله :الصّائِمُ لا تُرَدُّ دَعوَتُهُ . (4)

راجع : ص 113 (ما ينبغي عند الإفطار / الدعاء) .

ط _ الأَمنُ يَومَ القِيامَةِالإمام الباقر عليه السلام :لَمّا كَلَّمَ اللّهُ موسَى بنَ عِمرانَ عليه السلام قالَ موسى : ... إلهي ، فَما جَزاءُ مَن صامَ في بَياضِ النَّهارِ يَلتَمِسُ بِذلِكَ رِضاكَ؟

.


1- .إرشاد القلوب : ص 203 ، بحار الأنوار : ج 77 ص 27 ح 6 .
2- .تاريخ دمشق : ج 8 ح 76 ؛ التحصين لابن فهد : ص 20 ح 39 نحوه ، بحار الأنوار : ج 96 ص 258 ح 41 .
3- .الزهد لابن المبارك : ص 494 ح 1409 ؛ الدعوات : ص 26 ح 44 عن الإمام الكاظم عليه السلام .
4- .مسند ابن حنبل : ج 3 ص 519 ح 10187 ؛ عدّة الداعي : ص 117 .

ص: 59

ي _ الرّاحة يوم الحساب
ك _ الشّفاعة في الآخرة
ل _ التّباعد من النّار

قالَ : «يا موسى ، لَهُ جَنَّتي ، ولَهُ الأَمانُ مِن كُلِّ هَولٍ يَومَ القِيامَةِ ، وَالعِتقُ مِنَ النّارِ» . (1)

ي _ الرّاحَةُ يَومَ الحِسابِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :إذا كانَ يَومُ القِيامَةِ تَخرُجُ الصُّوّامُ مِن قُبورِهِم ، يُعرَفونَ بِرِياحِ صِيامِهِم ، أفواهُهُم أطيَبُ مِن ريحِ المِسكِ ، فَيُلقَونَ بِالمَوائِدِ وَالأَباريقِ مُخَتَّمَةً بِالمِسكِ ، فَيُقالُ لَهُم : «كُلوا فَقَد جُعتُم ، وَاشرَبوا فَقَد عَطِشتُم ، ذَرُوا النّاسَ وَاستَريحوا فَقَد أعيَيتُم إذِ استَراحَ النّاسُ» . فَيَأكُلونَ ويَشرَبونَ ويَستَريحونَ وَالنّاسُ في عَناءٍ وظَمَاً. (2)

ك _ الشَّفاعَةُ فِي الآخِرَةِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :الصِّيامُ وَالقُرآنُ يَشفَعانِ لِلعَبدِ يَومَ القِيامَةِ ؛ يَقولُ الصِّيامُ : أي رَبِّ ، مَنَعتُهُ الطَّعامَ وَالشَّهَواتِ بِالنَّهارِ ؛ فَشَفِّعني فيهِ ، وَيقولُ القُرآنُ : مَنَعتُهُ النَّومَ بِاللَّيلِ ؛ فَشَفِّعني فيهِ _ قالَ _ : فَيُشَفَّعانِ . (3)

ل _ التَّباعُدُ مِنَ النّارِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :مَن صامَ يَوما في سَبيلِ اللّهِ عز و جل باعَدَ اللّهُ مِنهُ جَهَنَّمَ مَسيرَةَ مِئَةِ عامٍ. (4)

عنه صلى الله عليه و آله :مَن صامَ يَوماً في سَبيلِ اللّهِ فَريضَةً باعَدَ اللّهُ مِنهُ جَهَنَّمَ كَما بَينَ السَّماواتِ وَالأَرَضينَ السَّبعِ ، ومَن صامَ يَوماً تَطَوُّعاً باعَدَ اللّهُ مِنهُ جَهَنَّمَ مَسيرَةً

.


1- .فضائل الأشهر الثلاثة : ص 89 ح 68 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 364 ح 34 .
2- .الدرّ المنثور : ج 1 ص 442 نقلاً عن أبي الشيخ في الثواب ، كنز العمّال : ج 8 ص 457 ح 23644 .
3- .مسند ابن حنبل : ج 2 ص 586 ح 6637 ، كنز العمّال : ج 8 ص 444 ح 23575 .
4- .سنن النسائي : ج 4 ص 174 ، كنز العمّال : ج 8 ص 449 ح 23597 .

ص: 60

م _ الفوز بالجنّة
ن _ جوامع البركات

كَما بَينَ السَّماءِ . (1)

راجع : ص 55 (بركات ضيافة اللّه / التقوى) .

م _ الفَوزُ بِالجَنَّةِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :مَن خُتِمَ لَهُ بِصِيامِ يَومٍ دَخَلَ الجَنَّةَ . (2)

عنه صلى الله عليه و آله :مَن مَنَعَهُ الصِّيامُ مِن طَعامٍ يَشتَهيهِ كانَ حَقّاً عَلَى اللّهِ أن يُطعِمَهُ مِن طَعامِ الجَنَّةِ ، ويَسقِيَهُ مِن شَرابِها . (3)

الإمام الحسن عليه السلام :مَن صامَ عَشَرَةَ أشهُرِ رَمَضانَ مُتَوالِياتٍ دَخَلَ الجَنَّةَ . (4)

رسول اللّه صلى الله عليه و آله :مَن صامَ رَمَضانَ ثُمَّ حَدَّثَ نَفسَهُ أن يَصومَ إن عاشَ ، فَإِن ماتَ بَينَ ذلِكَ دَخَلَ الجَنَّةَ . (5)

ن _ جَوامِعُ البَرَكاتِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :ما مِن مُؤمِنٍ يَصومُ شَهرَ رَمَضانَ احتِساباً إلاّ أوجَبَ اللّهُ _ تَبارَكَ وتَعالى _ لَهُ سَبعَ خِصالٍ : أوَّلُها : يَذوبُ الحَرامُ في جَسَدِهِ . وَالثّانِيَةُ : يَقرُبُ مِن رَحمَةِ اللّهِ عز و جل . وَالثّالِثَةُ : يَكونُ قَد كَفَّرَ خَطيئَةَ آدَمَ أبيهِ عليه السلام . وَالرّابِعَةُ : يُهَوِّنُ اللّهُ عَلَيهِ سَكَراتِ المَوتِ . وَالخامِسَةُ : أمانٌ مِنَ الجوعِ وَالعَطَشِ يَومَ القِيامَةِ . وَالسّادِسَةُ : يُعطيهِ اللّهُ بَراءَةً مِنَ النّارِ. وَالسّابِعَةُ : يُطعِمُهُ اللّهُ عز و جل مِن طَيِّباتِ الجَنَّةِ . (6)

فضائل الأشهر الثلاثة عن الضحّاك عن الإمام عليّ عليه السلام :قالَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : «شَعبانُ شَهري وشَهرُ رَمَضانَ شَهرُ اللّهِ ؛ فَمَن صامَ شَهري كُنتُ لَهُ شَفيعا يَومَ القِيامَةِ ،

.


1- .المعجم الكبير : ج 17 ص 120 ح 295 ، كنز العمّال : ج 4 ص 341 ح 10800 .
2- .كتاب من لا يحضره الفقيه : ج 4 ص 183 ح 5417 ؛ كنز العمّال : ج 8 ص 449 ح 23599 .
3- .الغارات : ج 2 ص 707 ؛ شُعب الإيمان : ج 3 ص 410 ح 3917 نحوه .
4- .الخصال : ص 445 ح 42 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 365 ح 39 .
5- .بحار الأنوار : ج 96 ص 345 ح 9 نقلاً عن القطب الراوندي في النوادر .
6- .كتاب من لا يحضره الفقيه : ج 2 ص 74 ح 1769 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 369 ح 49 .

ص: 61

1 / 8 درجات ضيافة اللّه

اشاره

ومَن صامَ شَهرَ اللّهِ عز و جل آنَسَ اللّهُ وَحشَتَهُ في قَبرِهِ ، ووَصَلَ وَحدَتَهُ ، وخَرَجَ مِن قَبرِهِ مُبيَضّا وَجهُهُ ، وأخَذَ الكِتابَ بِيَمينِهِ وَالخُلدَ بِيَسارِهِ حَتّى يَقِفَ بَينَ يَدَي رَبِّهِ عز و جل ، فَيَقولُ : عَبدي! فَيَقولُ : لَبَّيكَ سَيِّدي! فَيَقولُ عز و جل : صُمتَ لي؟ فَيَقولُ : نَعَم يا سَيِّدي ، فَيَقولُ _ تَبارَكَ وتَعالى _ : خُذوا بِيَدِ عَبدي حَتّى تَأتوا بِهِ نَبِيِّي (1) ، فَاُوتى بِهِ ، فَأَقولُ لَهُ : صُمتَ شَهري؟ فَيَقولُ : نَعَم ، فَأَقولُ : أنَا أشفَعُ لَكَ اليَومَ» . _ قالَ _ : «فَيَقولُ اللّهُ _ تَبارَكَ وتَعالى _ : أمّا حُقوقي فَقَد تَرَكتُها لِعَبدي ، وأمّا حُقوقُ خَلقي فَمَن عَفا عَنهُ فَعَلَيَّ عِوَضُهُ حَتّى يَرضى» . قالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله : «فَآخُذُ بِيَدِهِ حَتّى أنتَهِيَ بِهِ إلَى الصِّراطِ فَأَجِدُهُ دَحضا مَزلَقا ، لا يَثبُتُ عَلَيه أقدامُ الخاطِئينَ ، فَآخُذُ بِيَدِهِ فَيَقولُ لي صاحِبُ الصِّراطِ : مَن هذا يا رَسولَ اللّهِ؟ فَأَقولُ : هذا فُلانٌ مِن اُمَّتي ، كانَ قَد صامَ بِالدُّنيا شَهرِي ابتِغاءَ شَفاعَتي ، وصامَ شَهرَ رَبِّهِ ابتِغاءَ وَعدِهِ ، فَيَجوزُ الصِّراطَ بِعَفوِ اللّهِ عز و جل حَتّى يَنتَهِيَ إلى بابِ الجَنَّتَينِ ، فَأَستَفتِحُ لَهُ ، فَيَقولُ رِضوانُ : لَكَ اُمِرنا أن نَفتَحَ اليَومَ ولاُِمَّتِكَ» . قالَ ، ثُمَّ قالَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام : صوموا شَهرَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله يَكُن لَكُم شَفيعا ، وصوموا شَهرَ اللّهِ تَشرَبوا مِنَ الرَّحيقِ المَختومِ . (2)

راجع : ص 53 (قيمة الصائم) . ص 54 (دعاء الملائكة للصائم) . ص 33 (بركات شهر رمضان) .

1 / 8دَرَجاتُ ضِيافَةِ اللّهِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :إنَّ أيسَرَ مَا افتَرَضَ اللّهُ تَعالى عَلَى الصّائِمِ في صِيامِهِ ، تَركُ الطَّعامِ

.


1- .في المصدر : «منّي» ، والتصحيح من بحار الأنوار .
2- .فضائل الأشهر الثلاثة : ص 124 ح 132 و ص 64 ح 46 ، بحارالأنوار : ج 97 ص 83 ح 54 .

ص: 62

وَالشَّرابِ . (1)

الإمام عليّ عليه السلام :صَومُ الجَسَدِ الإِمساكُ عَنِ الأَغذِيَةِ بِإِرادَةٍ وَاختِيارٍ ؛ خَوفا مِنَ العِقابِ ورَغبَةً فِي الثَّوابِ وَالأَجرِ . (2)

عنه عليه السلام :صَومُ النَّفسِ إمساكُ الحَواسِّ الخَمسِ عَن سائِرِ المَآثِمِ ، وخُلُوُّ القَلبِ عَن جَميعِ أسبابِ الشَّرِّ . (3)

عنه عليه السلام :صَومُ النَّفسِ عَن لَذّاتِ الدُّنيا أنفَعُ الصِّيامِ . (4)

عنه عليه السلام :صِيامُ القَلبِ عَنِ الفِكرِ فِي الآثامِ أفضَلُ مِن صِيامِ البَطنِ عَنِ الطَّعامِ . (5)

عنه عليه السلام :صَومُ القَلبِ خَيرٌ مِن صِيامِ اللِّسانِ ، وصِيامُ اللِّسانِ خَيرٌ مِن صِيامِ البَطنِ . (6)

.


1- .المقنعة : ص 310 ، بحار الأنوار : ج 97 ص 352 .
2- .غرر الحكم : ح 5888 .
3- .غرر الحكم : ح 5889 .
4- .غرر الحكم : ح 5874 .
5- .غرر الحكم : ح 5873 .
6- .غرر الحكم : ح 5890 .

ص: 63

كلام حول مراتب الصيام
أوّلاً : صوم العوامّ
ثانيا : صوم الخواصّ

كَلامٌ حَولَ مَراتِبِ الصِّيامِيتبيّن لنا من الروايات الّتي سلفت ، وكذلك الّتي ستأتي في فصل آداب الصيام ، أنَّ الصوم يقسّم من حيث المراتب ومن زاوية الدور الّذي ينهض به في تكامل الإنسان ، إلى ثلاثة أقسام . وفي هذا السياق قسّم علماء الأخلاق وأرباب السَير والسلوك ، الصيام إلى صوم العوام ، وصوم الخواص ، وصوم خواصّ الخواصّ ، على ما سنتحدث عنه ملخّصا :

أوّلاً : صوم العوامّيتمثّل صوم العوامّ باجتناب مفطرات الصيام والإمساك عنها ، على التفصيل المذكور في الكتب الفقهية . وهذه المرتبة من الصوم تعدّ أيسر مراتبه وأدناها ، وما روي عن النَّبي صلى الله عليه و آله من قوله : « إنَّ أيسَرَ مَا افتَرَضَ اللّهُ تَعالى عَلَى الصّائِمِ في صِيامِه ، تَركُ الطَّعامِ وَالشَّرابِ » (1) إنَّما هو إشارة إلى هذه المرتبة من الصيام .

ثانيا : صوم الخواصّفي صوم الخواصّ لا يقتصر الصائم في صومه على الإمساك عن مفطرات الصيام ، إنّما يتجنّب كلّ المحرّمات الإلهية ويمتنع عنها أيضا . وبذلك يضحى الإمساك عن المفطرات هو شرط صحّة الصيام ، أمّا اجتناب المحرّمات فهو شرط قبوله . من هذا المنظور تعدّ جميع الروايات والأحاديث الّتي ستجيء تحت عنوان « أهمّ آداب الصوم » (2) إشارة إلى هذه المرتبة من الصيام .

.


1- .المقنعة : ص 310 ، بحار الأنوار : ج 97 ص 352 .
2- .راجع : ص 103 .

ص: 64

ثالثا : صوم خواصّ الخواصّ

ثالثا : صوم خواصّ الخواصّيتمثّل هذا الضرب من الصيام بكفّ القلب وتحصينه عن كلّ ما يشغله سوى اللّه سبحانه ، حلالاً كان الشاغل أم حراما . يقول أبو حامد الغزالي ( ت 505 ق ) في نعت هذه الدرجة من الصوم : « وأمّا صوم خصوص الخصوص فصوم القَلب عَن الهمم الدنيّة والأفكار الدنيويّة وكفّه عمّا سوى اللّه بالكلّية ؛ ويحصل الفطر في هذا الصوم بالفِكر فيما سوى اللّه واليوم الآخر ، وبالفكر في الدّنيا إلاّ دنيا تراد للدِّين فإنَّ ذلك زاد الآخرة وليس من الدّنيا حتّى قال أرباب القلوب : مَن تحرّكت همّته بالتصرّف في نهاره لتدبير ما يفطر عليه ، كتبت عليه خطيئة فإنَّ ذلك من قلّة الوثوق بفضل اللّه وقلّة اليقين برزقه الموعود ، وهذه رتبة الأنبياء والصدّيقين والمقرّبين،ولا يطوَّل النظر في تفصيلها قولاً ولكن في تحقيقها عملاً ، فإنّه إقبال بكنه الهمّة على اللّه وانصراف عن غير اللّه وتلبّس بمعنى قوله تعالى : « قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِى خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ » (1) » (2) . من جهته يُومِئ الإمام أمير المؤمنين عليّ عليه السلام إلى المراتب الثلاث هذه بقوله : «صَومُ القَلبِ خَيرٌ مِن صِيامِ اللِّسانِ وصِيامُ اللِّسانِ خَيرٌ مِن صِيامِ البَطنِ» (3) . على أنَّ لكلّ واحدة من المرتبتين الأخيرتين مراتب كثيرة بحسب مجاهدات الصائمين واستعدادهم ، كما يختلف الصوم أيضا من زاوية دوافع الصائم ، حيث يأتي في ذروة هذه المراتب حال الصائم حين لا يكون الباعث إلى صيامه الخوف من العقاب أو الطمع في الثواب ، وإنّما امتثال الأمر الإلهي والرغبة في قربه والطمع برضاه ولقائه سبحانه . نسأل اللّه سبحانه أن يوفّقنا لكي نبذل ما يزيد حظّنا من الضيافة الرمضانية الكريمة ، وأن يتفضّل علينا بأعلى درجات الصيام وأسماها .

.


1- .الأنعام : 91 .
2- .إحياء علوم الدين : ج 1 ص 350 ؛ المحجّة البيضاء : ج 2 ص 131 .
3- .غرر الحكم : ح 5890 .

ص: 65

الفصل الثاني : تأهيل النّاس لضيافة اللّه

2 / 1 خطابات النّبيّ عند حضور شهر رمضان

الفصل الثاني : تَأهيلُ النّاسِ لِضِيافَةِ اللّه2 / 1خطاباتُ النَّبِيِّ عِندَ حُضورِ شَهرِ رَمَضانَلإمام الرضا عن آبائه عن الإمام عليّ عليهم السلاما : إنَّ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله خَطَبَنا ذاتَ يَومٍ فَقالَ : «أيُّهَا النّاسُ ، إنَّهُ قَد أقبَلَ إلَيكُم شَهرُ اللّهِ بِالبَرَكَةِ وَالرَّحمَةِ وَالمَغفِرَةِ ، شَهرٌ هُوَ عِندَ اللّهِ أفضَلُ الشُّهورِ ، وَأيّامُهُ أفضَلُ الأَيّامِ ، ولَياليهِ أفضَلُ اللَّيالي ، وساعاتُهُ أفضَلُ السّاعاتِ . هُوَ شَهرٌ دُعيتُم فيهِ إلى ضِيافَةِ اللّهِ ، وجُعِلتُم فيهِ مِن أهلِ كَرامَةِ اللّهِ ، أنفاسُكُم فيهِ تَسبيحٌ ، ونَومُكُم فيهِ عِبادَةٌ ، وعَمَلُكُم فيهِ مَقبولٌ ، ودُعاؤُكُم فيهِ مُستَجابٌ . فَاسأَلُوا اللّهَ رَبَّكُم بِنِيّاتٍ صادِقَةٍ وقُلوبٍ طاهِرَةٍ أن يُوَفِّقَكُم لِصِيامِهِ وتِلاوَةِ كِتابِهِ ؛ فَإِنَّ الشَّقِيَّ مَن حُرِمَ غُفرانَ اللّهِ في هذَا الشَّهرِ العَظيمِ . وَاذكُروا بِجوعِكُم وعَطَشِكُم فيهِ جوعَ يَومِ القِيامَةِ وعَطَشَهُ ، وتَصَدَّقوا عَلى فُقَرائِكُم ومَساكينِكُم ، ووَقِّروا كِبارَكُم ، وَارحَموا صِغارَكُم ، وصِلوا أرحامَكُم ، وَاحفَظوا ألسِنَتَكُم ، وغُضّوا عَمّا لا يَحِلُّ النَّظَرُ إلَيهِ أبصارَكُم ، وعَمّا لا يَحِلُّ الاِستِماعُ إلَيهِ أسماعَكُم ، وتَحَنَّنوا عَلى أيتامِ النّاسِ يُتَحَنَّن عَلى أيتامِكُم ، وتوبوا إلَى اللّهِ مِن ذُنوبِكُم ، وَارفَعوا إلَيهِ أيدِيَكُم بِالدُّعاءِ في أوقاتِ صَلَواتِكُم ؛

.

ص: 66

فَإِنَّها أفضَلُ السّاعاتِ ، يَنظُرُ اللّهُ عز و جل فيها بِالرَّحمَةِ إلى عِبادِهِ ، يُجيبُهُم إذا ناجَوهُ ، ويُلَبّيهِم إذا نادَوهُ ويَستَجيبُ لَهُم إذا دَعَوهُ . يا أيُّهَا النّاسُ ، إنَّ أنفُسَكُم مَرهونَةٌ بِأَعمالِكُم فَفُكّوها بِاستِغفارِكُم ، وظُهورَكُم ثَقيلَةٌ مِن أوزارِكُم فَخَفِّفوا عَنها بِطولِ سُجودِكُم ، وَاعلَموا أنَّ اللّهَ _ تَعالى ذِكرُهُ _ أقسَمَ بِعِزَّتِهِ ألاّ يُعَذِّبَ المُصَلّينَ وَالسّاجِدينَ ، ولا يُرَوِّعَهُم بِالنّارِ يَومَ يَقومُ النّاسُ لِرَبِّ العالَمينَ . أيُّهَا النّاسُ ، مَن فَطَّرَ مِنكُم صائِما مُؤمِنا في هذَا الشَّهرِ كانَ لَهُ بِذلِكَ عِندَ اللّهِ عِتقُ نَسَمَةٍ ومَغفِرَةٌ لِما مَضى مِن ذُنوبِهِ» . فَقيلَ : يا رَسولَ اللّهِ ، ولَيسَ كُلُّنا يَقدِرُ عَلى ذلِكَ! فَقالَ صلى الله عليه و آله : «اِتَّقُوا النّارَ ولَو بِشِقِّ تَمرَةٍ ، اِتَّقُوا النّارَ ولَو بِشَربَةٍ مِن ماءٍ . أيُّهَا النّاسُ ، مَن حَسَّنَ مِنكُم في هذَا الشَّهرِ خُلُقَهُ كانَ لَهُ جَوازا عَلَى الصِّراطِ يَومَ تَزِلُّ فيهِ الأَقدامُ ، ومَن خَفَّفَ في هذَا الشَّهرِ عَمّا مَلَكَت يَمينُهُ خَفَّفَ اللّهُ عَنهُ حِسابَهُ ، ومَن كَفَّ فيهِ شَرَّهُ كَفَّ اللّهُ فيهِ غَضَبَهُ يَومَ يَلقاهُ ، ومَن أكرَمَ فيهِ يَتيما أكرَمَهُ اللّهُ يَومَ يَلقاهُ ، ومَن وَصَلَ فيهِ رَحِمَهُ وَصَلَهُ اللّهُ بِرَحمَتِهِ يَومَ يَلقاهُ ، ومَن قَطَعَ رَحِمَهُ قَطَعَ اللّهُ عَنهُ رَحمَتَهُ يَومَ يَلقاهُ ، ومَن تَطَوَّعَ فيهِ بِصَلاةٍ كُتِبَ لَهُ بَراءَةٌ مِنَ النّارِ ، ومَن أدّى فيهِ فَرضا كانَ لَهُ ثَوابُ مَن أدّى سَبعينَ فَريضَةً فيما سِواهُ مِنَ الشُّهورِ ، ومَن أكثَرَ فيهِ مِنَ الصَّلاةِ عَلَيَّ ثَقَّلَ اللّهُ ميزانَهُ يَومَ تَخَفَّفُ المَوازينُ ، ومَن تَلا فيهِ آيَةً مِنَ القُرآنِ كانَ لَهُ مِثلُ أجرِ مَن خَتَمَ القُرآنَ في غَيرِهِ مِنَ الشُّهورِ . أيُّهَا النّاسُ ، إنَّ أبوابَ الجِنانِ في هذَا الشَّهرِ مُفَتَّحَةٌ ، فَاسأَلوا رَبَّكُم ألاّ يُغلِقَها عَلَيكُم ، وأبوابَ النّيرانِ مُغَلَّقَةٌ فَاسأَلوا رَبَّكُم ألاّ يَفتَحَها عَلَيكُم ، وَالشَّياطينَ مَغلولَةٌ فَاسأَلوا رَبَّكُم ألاّ يُسَلِّطَها عَلَيكُم» .

.

ص: 67

قالَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام : فَقُمتُ فَقُلتُ : يا رَسولَ اللّهِ ، ما أفضَلُ الأَعمالِ في هذا الشَّهرِ؟ فَقالَ : «يا أبَا الحَسَنِ ، أفضَلُ الأَعمالِ في هذَا الشَّهرِ الوَرَعُ عَن مَحارِمِ اللّهِ عز و جل » . ثُمَّ بَكى ، فَقُلتُ : يا رَسولَ اللّهِ ، ما يُبكيكَ؟ فَقالَ : «يا عَلِيُّ ، أبكي لِما يُستَحَلُّ مِنكَ في هذَا الشَّهرِ ، كَأَنّي بِكَ وأنتَ تُصَلّي لِرَبِّكَ ، وقَدِ انبَعَثَ أشقَى الأَوَّلينَ وَالآخِرينَ ، شَقيقُ عاقِرِ ناقَةِ ثَمودَ ، فَضَرَبَكَ ضَربَةً عَلى فَرقِكَ (قَرنِكَ) فَخَضَّبَ مِنها لِحيَتَكَ» . قالَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام : فَقُلتُ : يا رَسولَ اللّهِ وذلِكَ في سَلامَةٍ مِن ديني؟ فَقالَ : «في سَلامَةٍ مِن دينِكَ» . ثُمَّ قالَ صلى الله عليه و آله : «يا عَلِيُّ ، مَن قَتَلَكَ فَقَد قَتَلَني ، ومَن أبغَضَكَ فَقَد أبغَضَني ، ومَن سَبَّكَ فَقَد سَبَّني ؛ لِأَنَّكَ مِنّي كَنَفسي ، وَروحُكَ مِن روحي ، وَطينَتُكَ مِن طينَتي . إنَّ اللّهَ _ تَبارَكَ وَتَعالى _ خَلَقَني وإيّاكَ ، وَاصطَفاني وَإيّاكَ ، وَاختارَني لِلنُّبُوَّةِ وَاختارَكَ لِلإِمامَةِ ، وَمَن أنكَرَ إمامَتَكَ فَقَد أنكَرَني نُبُوَّتي . يا عَلِيُّ ، أنتَ وَصِيِّي ، وأبو وُلدي ، وزَوجُ ابنَتي ، وخَليفَتي عَلى اُمَّتي في حَياتي وبَعدَ مَوتي ، أمرُكَ أمري ونَهيُكَ نَهيي . اُقسِمُ بِالَّذي بَعَثَني بِالنُّبُوَّةِ وجَعَلَني خَيرَ البَرِيَّةِ ، إنَّكَ لَحُجَّةُ اللّهِ عَلى خَلقِهِ ، وأمينُهُ عَلى سِرِّهِ ، وَخَليفَتُهُ عَلى عِبادِهِ» . (1)

الإمام الباقر عليه السلام :خَطَبَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله النّاسَ في آخِرِ جُمُعَةٍ مِن شَعبانَ ، فَحَمِدَ اللّهَ وأثنى عَلَيهِ ، ثُمَّ قالَ : «أيُّهَا النّاسُ ، قَد أظَلَّكُم شَهرٌ فيهِ لَيلَةٌ خَيرٌ مِن ألفِ شَهرٍ ، وهُوَ شَهرُ رَمَضانَ ؛

.


1- .فضائل الأشهر الثلاثة : ص 77 ح 61 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 356 ح 25 .

ص: 68

فَرَضَ اللّهُ عز و جل صِيامَهُ ، وجَعَلَ قِيامَ لَيلِهِ نافِلَةً ، فَمَن تَطَوَّعَ بِصَلاةِ لَيلَةٍ فيهِ كانَ كَمَن تَطَوَّعَ بِسَبعينَ لَيلَةً فيما سِواهُ مِنَ الشُّهورِ ، وجَعَلَ لِمَن تَطَوَّعَ فيهِ بِخَصلَةٍ مِن خِصالِ الخَيرِ وَالبِرِّ كَأَجرِ مَن أَدّى فَريضَةً مِن فَرائِضِ اللّهِ تَعالى ، ومَن أدّى فيهِ فَريضَةً مِن فَرائِضِ اللّهِ تَعالى كانَ كَمَن أدّى سَبعينَ فَريضَةً مِن فَرائِضِ اللّهِ تَعالى فيما سِواهُ مِنَ الشُّهورِ . وهُوَ شَهرُ الصَّبرِ ، وإنَّ الصَّبرَ ثَوابُهُ الجَنَّةُ ، وهُوَ شَهرُ المُواساةِ ، وهُوَ شَهرٌ يَزيدُ اللّهُ في رِزقِ المُؤمِنِ فيهِ ، ومَن فَطَّرَ فيهِ مُؤمِنا صائِما كانَ لَهُ عِندَ اللّهِ بِذلِكَ عِتقُ رَقَبَةٍ ومَغفِرَةٌ لِذُنوبِهِ فيما مَضَى» . فَقيلَ : يا رَسولَ اللّهِ ، لَيسَ كُلُّنا يَقدِرُ عَلى أن يُفَطِّرَ صائِما ! فَقالَ : «إنَّ اللّهَ كَريمٌ يُعطي هذَا الثَّوابَ لِمَن لا يَقدِرُ إلاّ عَلى مَذقَةٍ (1) مِن لَبَنٍ يُفَطِّرُ بِها صائِما ، أو شَربَةِ ماءٍ عَذبٍ ، أو تَمَراتٍ ، لا يَقدِرُ عَلى أكثَرَ مِن ذلِكَ . ومَن خَفَّفَ فيهِ عَن مَملوكِهِ خَفَّفَ اللّهُ عَنهُ حِسابَهُ . وهُوَ شَهرٌ أوَّلُهُ رَحمَةٌ ، وأوسَطُهُ مَغفِرَةٌ ، وآخِرُهُ الإِجابَةُ وَالعِتقُ مِنَ النّارِ . ولا غِنى بِكُم عَن أربَعِ خِصالٍ : خَصلَتانِ تُرضونَ اللّهَ عز و جل بِهِما ، وخَصلَتانِ لاغِنى بِكُم عَنهُما ، فَأَمَّا اللَّتانِ تُرضونَ اللّهَ عز و جل بِهِما : فَشَهادَةُ أن لا إلهَ إلاَّ اللّهُ ، وأنَّني رَسولُ اللّهِ . وأمَّا اللَّتانِ لا غِنى بِكُم عَنهُما : فَتَسأَلونَ اللّهَ فيهِ حَوائِجَكُم وَالجَنَّةَ ، وتَسأَلونَ اللّهَ العافِيَةَ ، وتَعوذونَ بِاللّهِ مِنَ النّارِ» . (2)

دعائم الإسلام :عَن رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله أنَّهُ خَطَبَ النّاسَ آخِرَ يَومٍ مِن شَعبانَ ، فَقالَ : «أيُّهَا النّاسُ ، إنَّهُ قَد أظَلَّكُم (3) شَهرٌ عَظيمٌ ، شَهرٌ مُبارَكٌ ، شَهرٌ فيهِ لَيلَةٌ العَمَلُ

.


1- .المذقة : الشربة من اللبن ، والمذيق : اللبن الممزوج بالماء (لسان العرب : ج 10 ص 339) .
2- .المقنعة : ص 306 ، الكافي : ج 4 ص 66 ح 4 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 359 ح 26 .
3- .أي أقبل عليكم ودنا منكم ، كأنّه ألقى عليكم ظِلّه (النهاية : ج 3 ص 160) .

ص: 69

فيها خَيرٌ مِنَ العَمَلِ في ألفِ شَهرٍ . مَن تَقَرَّبَ فيهِ بِخَصلَةٍ مِن خِصالِ الخَيرِ كانَ كَمَن أدّى فَريضَةً فيما سِواهُ ، ومَن أدّى فيهِ فَريضَةً كانَ كَمَن أدّى سَبعينَ فَريضَةً فيما سِواهُ . وهُوَ شَهرُ الصَّبرِ ؛ وَالصَّبرُ ثَوابُهُ الجَنَّةُ ، وشَهرُ المُواساةِ ، شَهرٌ يُزادُ فيهِ في رِزقِ المُؤمِنِ ؛ مَن فَطَّرَ فيهِ صائِما كانَ لَهُ مَغفِرَةٌ لِذُنوبِهِ وعِتقُ رَقَبَتِهِ مِنَ النّارِ ، وكانَ لَهُ مِثلُ أجرِهِ مِن غَيرِ أن يَنقُصَ مِن أجرِهِ شَيءٌ» . فَقالَ بَعضُ القَومِ : يا رَسولَ اللّهِ ، لَيسَ كُلُّنا يَجِدُ ما يُفَطِّرُ الصّائِمَ! فَقالَ صلى الله عليه و آله : «يُعطِي اللّهُ هذَا الثَّوابَ مَن فَطَّرَ صائِما عَلى مَذقَةِ لَبَنٍ أو تَمرَةٍ أو شَربَةِ ماءٍ ، ومَن أشبَعَ صائِما سَقاهُ اللّهُ مِن حَوضي شَربَةً لا يَظمَأُ بَعدَها . وهُوَ شَهرٌ أوَّلُهُ رَحمَةٌ ، وأوسَطُهُ مَغفِرَةٌ ، وآخِرُهُ عِتقٌ مِنَ النّارِ ؛ مَن خَفَّفَ عَن مَملوكِهِ فيهِ غَفَرَ اللّهُ لَهُ وأعتَقَهُ مِنَ النّارِ . وَاستَكثِروا فيهِ مِن أربَعِ خِصالٍ ؛ خَصلَتانِ تُرضونَ بِهِما رَبَّكُم ، وخَصلَتانِ لا غِنى بِكُم عَنهُما ، فَأَمَّا الخَصلَتانِ اللَّتانِ تُرضونَ بِهِما رَبَّكُم : فَشَهادَةُ أن لا إلهَ إلاَّ اللّهُ ، وتَستَغفِرونَهُ ، وأمَّا اللَّتانِ لا غِنى بِكُم عَنهُما : فَتَسأَلونَ اللّهَ الجَنَّةَ ، وتَعوذونَ بِهِ مِنَ النّارِ» . (1)

الإمام الباقر عليه السلام :قالَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله لَمّا حَضَرَ شَهرُ رَمَضانَ وذلِكَ في ثَلاثٍ بَقينَ مِن شَعبانَ ، قالَ لِبِلالٍ : «نادِ فِي النّاسِ» ، فَجَمَعَ النّاسَ ، ثُمَّ صَعِدَ المِنبَرَ فَحَمِدَ اللّهَ وأثنى عَلَيهِ ، ثُمَّ قالَ : «أيُّهَا النّاسُ ، إنَّ هذَا الشَّهرَ قَد خَصَّكُمُ اللّهُ بِهِ وحَضَرَكُم ، وهُوَ سَيِّدُ الشُّهورِ ، لَيلَةٌ فيهِ خَيرٌ مِن ألفِ شَهرٍ ، تُغَلَّقُ فيهِ أبوابُ النّارِ وتُفَتَّحُ فيهِ أبوابُ الجِنانِ ؛ فَمَن أدرَكَهُ ولَم يُغفَر لَهُ فَأَبعَدَهُ اللّهُ ، ومَن أدرَكَ والِدَيهِ ولَم يُغفَر لَهُ فَأَبعَدَهُ اللّهُ ، ومَن ذُكِرتُ عِندَهُ فَلَم يُصَلِّ عَلَيَّ فَلَم يَغفِرِ اللّهُ لَهُ فَأَبعَدَهُ اللّهُ» . (2)

.


1- .دعائم الإسلام : ج 1 ص 268 ؛ صحيح ابن خزيمة : ج 3 ص 191 ح 1887 .
2- .الكافي : ج 4 ص 67 ح 5 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 363 ح 31 .

ص: 70

2 / 2 خطابات أمير المؤمنين عند حضور شهر رمضان

لإمام عليّ عليه السلام :ا لَمّا حَضَرَ شَهرُ رَمَضانَ قامَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله فَحَمِدَ اللّهَ وأثنى عَلَيهِ ، ثُمَّ قالَ : «أيُّهَا النّاسُ ، كَفاكُمُ اللّهُ عَدُوَّكُم مِنَ الجِنِّ وَالإِنسِ ، وقالَ : «ادْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ» (1) ووَعَدَكُمُ الإِجابَةَ ، ألا وأبوابُ السَّماءِ مُفَتَّحَةٌ مِن أوَّلِ لَيلَةٍ مِنهُ ، ألا وَالدُّعاءُ فيهِ مَقبولٌ . (2)

رسول اللّه صلى الله عليه و آله :إنَّ بَينَ شَعبانَ وشَوّالٍ شَهرَ رَمَضانَ الَّذي اُنزِلَ فيهِ القُرآنُ ، وهُوَ شَهرُ اللّهِ تَعالى ذِكرُهُ ، وهُوَ شَهرُ البَرَكَةِ ، وهُوَ شَهرُ المَغفِرَةِ ، وهُوَ شَهرُ الرَّحمَةِ ، وهُوَ شَهرُ التَّوبَةِ ، وهُوَ شَهرُ الإِنابَةِ ، وهُوَ شَهرُ قِراءَةِ القُرآنِ ، وهُوَ شَهرُ الاِستِغفارِ ، وهُوَ شَهرُ الصِّيامِ ، وهُوَ شَهرُ الدُّعاءِ ، وهُوَ شَهرُ العِبادَةِ ، وهَوُ شَهرُ الطّاعَةِ ، وهُوَ شَهرُ العِتقِ مِنَ النّارِ وَالفَوزِ بِالجَنَّةِ . مَن لَم يُغفَر لَهُ في شَهرِ رَمَضانَ لَم يُغفَر لَهُ إلى قابِلٍ ، فَأَيُّكُم مُتَّثِقٌ (يَثِقُ) بِبُلوغِ شَهرِ رَمَضانَ قابِلٍ؟! صوموهُ صِيامَ مَن يَرى أنَّهُ لا يَصومُ بَعدَهُ أبَدا ؛ فَكَم مِن صائِمٍ لَهُ عاما أوَّلَ أمسى عامَكُم هذا فِي القَبرِ مَدفونا ، وأصبَحَ فِي التُّرابِ وَحيدا فَريدا ! يُنَبِّهُكُمُ اللّهُ مِن رَقدَةِ الغافِلينَ ، وغَفَرَ لَنا ولَكُم يَومَ الدّينِ . (3)

2 / 2خِطاباتُ أميرِ المُؤمِنينَ عِندَ حُضورِ شَهرِ رَمَضانَالإمام عليّ عليه السلام_ كانَ إذا جاءَ شَهرُ رَمَضانَ خَطَبَ النّاسَ قائِلاً _:إنَّ هذَا الشَّهرَ المُبارَكَ الَّذِي افتَرَضَ اللّهُ صِيامَهُ ولَم يَفتَرِض قِيامَهُ قَد أتاكُم . ألا إنَّ الصَّومَ لَيسَ مِنَ الطَّعامِ وَالشَّرابِ وَحدَهُما ، ولكِن مِنَ اللَّغوِ وَالكَذِبِ وَالباطِلِ . (4)

.


1- .غافر : 60 .
2- .كتاب من لا يحضره الفقيه : ج 2 ص 98 ح 1837 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 372 ح 56 .
3- .فضائل الأشهر الثلاثة : ص 117 ح 112 .
4- .درر الأحاديث النبويّة : ص 75 . وراجع : السنن الكبرى : ج 4 ص 351 ح 7955 .

ص: 71

الإمام الباقر عن آبائه عليهم السلام :خَطَبَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام في أوَّلِ يَومٍ مِن شَهرِ رَمَضانَ في مَسجِدِ الكوفَةِ ، فَحَمِدَ اللّهَ بِأَفضَلِ الحَمدِ وأشرَفِها وأبلَغِها ، وأثنى عَلَيهِ بِأَحسَنِ الثَّناءِ ، وصَلّى عَلى مُحَمَّدٍ نَبِيِّهِ صلى الله عليه و آله ، ثُمَّ قالَ : «أيُّهَا النّاسُ ، إنَّ هذَا الشَّهرَ شَهرٌ فَضَّلَهُ اللّهُ عَلى سائِرِ الشُّهورِ كَفَضلِنا أهلَ البَيتِ عَلى سائِرِ النّاسِ ؛ وهُوَ شَهرٌ يُفَتَّحُ فيهِ أبوابُ السَّماءِ وأبوابُ الرَّحمَةِ ، ويُغَلَّقُ فيهِ أبوابُ النِّيرانِ ؛ وهُوَ شَهرٌ يُسمَعُ فيهِ النِّداءُ ، ويُستَجابُ فيهِ الدُّعاءُ ، ويُرحَمُ فيهِ البُكاءُ ؛ وهُوَ شَهرٌ فيهِ لَيلَةٌ نَزَلَتِ المَلائِكَةُ فيها مِنَ السَّماءِ ؛ فَتُسَلِّمُ عَلَى الصّائِمينَ وَالصّائِماتِ بِإِذنِ رَبِّهِم إلى مَطلَعِ الفَجرِ ، وهِيَ لَيلَةُ القَدرِ ؛ قُدِّرَ فيها وِلايَتي قَبلَ أن خُلِقَ آدَمُ عليه السلام بِأَلفَي عامٍ ، صِيامُ يَومِها أفضَلُ مِن صِيامِ ألفِ شَهرٍ ، وَالعَمَلُ فيها أفضَلُ مِنَ العَمَلِ في ألفِ شَهرٍ . أيُّهَا النّاسُ ، إنَّ شُموسَ شَهرِ رَمَضانَ لَتَطلُعُ عَلَى الصّائِمينَ وَالصّائِماتِ ، وإنَّ أقمارَهُ لَيَطلُعُ (1) عَلَيهِم بِالرَّحمَةِ ، وما مِن يَومٍ ولَيلَةٍ مِنَ الشَّهرِ إلاّ وَالبِرُّ مِنَ اللّهِ تَعالى يَتَناثَرُ مِنَ السَّماءِ عَلى هذِهِ الاُمَّةِ ، فَمَن ظَفِرَ مِن نِثارِ اللّهِ بِدُرَّةٍ كَرُمَ عَلَى اللّهِ يَومَ يَلقاها ، وما كَرُمَ عَبدٌ عَلَى اللّهِ إلاّ جَعَلَ الجَنَّةَ مَثواهُ . عِبادَ اللّهِ ، إنَّ شَهرَكُم لَيسَ كَالشُّهورِ ؛ أيّامُهُ أفضَلُ الأَيّامِ ، ولَياليهِ أفضَلُ اللَّيالي ، وساعاتُهُ أفضَلُ السّاعاتِ ؛ هُوَ شَهرٌ الشَّياطينُ فيهِ مَغلولَةٌ مَحبوسَةٌ ؛ هُوَ شَهرٌ يَزيدُ اللّهُ فيهِ الأَرزاقَ وَالآجالَ ، ويَكتُبُ فيهِ وَفدَ بَيتِهِ ؛ وهُوَ شَهرٌ يُقبَلُ أهلُ الإِيمانِ بِالمَغفِرَةِ وَالرِّضوانِ ، وَالرَّوحِ وَالرَّيحانِ ، ومَرضاةِ المَلِكِ الدَّيّانِ . أيُّهَا الصّائِمُ ، تَدَبَّر أمرَكَ ؛ فَإِنَّكَ في شَهرِكَ هذا ضَيفُ رَبِّكَ ، اُنظُر كَيفَ تَكونُ في لَيلِكَ ونَهارِكَ؟ وكَيفَ تَحفَظُ جَوارِحَكَ عَن مَعاصي رَبِّكَ؟ اُنظُر ألاّ تَكونَ بِاللَّيلِ نائِما وبِالنَّهارِ غافِلاً ؛ فَيَنقَضِيَ شَهرُكَ وقَد بَقِيَ عَلَيكَ وِزرُكَ ؛ فَتَكونَ عِندَ

.


1- .القياس أن يقال : «لَتَطلُعُ» .

ص: 72

استيفاءِ الصّائِمينَ اُجورَهُم مِنَ الخاسِرينَ ، وعِندَ فَوزِهِم بِكَرامَةِ مَليكِهِم مِنَ المَحرومينَ ، وعِندَ سَعادَتِهِم بِمُجاوَرَةِ رَبِّهِم مِنَ المَطرودينَ . أيُّهَا الصّائِمُ ، إن طُرِدتَ عَن بابِ مَليكِكَ فَأَيَ بابٍ تَقصِدُ؟ وإن حَرَمَكَ رَبُّكَ فَمَن ذَا الَّذي يَرزُقُكَ؟ وإن أهانَكَ فَمَن ذَا الَّذي يُكرِمُكَ؟ وإن أذَلَّكَ فَمَن ذَا الَّذي يُعِزُّكَ؟ وإن خَذَلَكَ فَمَن ذَا الَّذي يَنصُرُكَ؟ وإن لَم يَقبَلكَ في زُمرَةِ عَبيدِهِ فَإِلى مَن تَرجِعُ بِعُبودِيَّتِكَ؟ وإن لَم يُقِلكَ عَثرَتَكَ فَمَن تَرجو لِغُفرانِ ذُنوبِكَ؟ وإن طالَبَكَ بِحَقِّهِ فَماذا يَكونُ حُجَّتُكَ؟ أيُّهَا الصّائِمُ ، تَقَرَّب إلَى اللّهِ بِتِلاوَةِ كِتابِهِ في لَيلِكَ ونَهارِكَ ؛ فَإِنَّ كِتابَ اللّهِ شافِعٌ مُشَفَّعٌ يَشفَعُ يَومَ القِيامَةِ لِأَهلِ تِلاوَتِهِ ، فَيَعلونَ دَرَجاتِ الجَنَّةِ بِقِراءَةِ آياتِهِ . بَشِّر أيُّهَا الصّائِمُ ! فَإِنَّكَ في شَهرٍ صِيامُكَ فيهِ مَفروضٌ ، ونَفَسُكَ فيهِ تَسبيحٌ ، ونَومُكَ فيهِ عِبادَةٌ ، وطاعَتُكَ فيهِ مَقبولَةٌ ، وذُنوبُكَ فيهِ مَغفورَةٌ ، وأصواتُكَ فيهِ مَسموعَةٌ ، ومُناجاتُكَ فيهِ مَرحومَةٌ . ولَقَد سَمِعتُ حَبيبي رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله يَقولُ : «إنَّ للّهِِ _ تَبارَكَ وتَعالى _ عِندَ فِطرِ كُلِّ لَيلَةٍ مِن شَهرِ رَمَضانَ عُتَقاءَ مِنَ النّارِ لا يَعلَمُ عَدَدَهُم إلاَّ اللّهُ هُوَ في عِلمِ الغَيبِ عِندَهُ ، فَإِذا كانَ آخِرُ لَيلَةٍ مِنهُ أعتَقَ فيها مِثلَ ما أعتَقَ في جَميعِهِ» . فَقامَ إلَيهِ رَجُلٌ مِن هَمدانَ فَقالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، زِدنا مِمّا حَدَّثَكَ بِهِ حَبيبُكَ في شَهرِ رَمَضانَ . فَقالَ : «نَعَم ، سَمِعتُ أخي وَابنَ عَمّي رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله يَقولُ : مَن صامَ شَهرَ رَمَضانَ فَحَفِظَ فيهِ نَفسَهُ مِنَ المَحارِمِ دَخَلَ الجَنَّةَ» . قالَ الهَمدانِيُ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، زِدنا مِمّا حَدَّثَكَ بِهِ أخوكَ وَابنُ عَمِّكَ في شَهرِ رَمَضانَ . قالَ : «نَعَم ، سَمِعتُ خَليلي رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله يَقولُ : مَن صامَ رَمَضانَ إيمانا

.

ص: 73

2 / 3 كلام ثامن الحجج عند حضور شهر رمضان

وَاحتِسابا دَخَلَ الجَنَّةَ» . قالَ الهَمدانِيُّ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، زِدنا مِمّا حَدَّثَكَ بِهِ خَليلُكَ في هذَا الشَّهرِ . فَقالَ : «نَعَم ، سَمِعتُ سَيِّدَ الأَوَّلينَ وَالآخِرينَ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله يَقولُ : مَن صامَ رَمَضانَ فَلَم يُفطِر في شَيءٍ مِن لَياليهِ عَلى حَرامٍ دَخَلَ الجَنَّةَ» . فَقالَ الهَمدانِيُّ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، زِدنا مِمّا حَدَّثَكَ بِهِ سَيِّدُ الأَوَّلينَ وَالآخِرينَ في هذَا الشَّهرِ . فَقالَ : «نَعَم ، سَمِعتُ أفضَلَ الأَنبِياءِ وَالمُرسَلينَ وَالمَلائِكَةِ المُقَرَّبينَ يَقولُ : إنَّ سَيِّدَ الوَصِيِّينَ يُقتَلُ في سَيِّدِ الشُّهورِ . فَقُلتُ : يا رَسولَ اللّهِ ، وما سَيِّدُ الشُّهورِ ، ومَن سَيِّدُ الوَصِيِّينَ؟ قالَ : أمّا سَيِّدُ الشُّهورِ فَشَهرُ رَمَضانَ ، وأمّا سَيِّدُ الوَصِيِّينَ فَأَنتَ يا عَلِيُّ . فَقُلتُ : يا رَسولَ اللّهِ ، فَإِنَّ ذلِكَ لَكائِنٌ؟ قالَ : إي ورَبّي ، إنَّهُ يَنبَعِثُ أشقى اُمَّتي شَقيقُ عاقِرِ ناقَةِ ثَمودَ ، ثُمَّ يَضرِبُكَ ضَربَةً عَلى فَرقِكَ تُخضَبُ مِنها لِحيَتُكَ» . فَأَخَذَ النّاسُ بِالبُكاءِ وَالنَّحيبِ . فَقَطَعَ عليه السلام خُطبَتَهُ ونَزَلَ . (1)

2 / 3كَلامُ ثامِنِ الحُجَجِ عِندَ حُضورِ شَهرِ رَمَضانَالإمام الرضا عليه السلام :الحَسَناتُ في شَهرِ رَمَضانَ مَقبولَةٌ ، وَالسَّيِّئاتُ فيهِ مَغفورَةٌ . مَن قَرَأَ في شَهرِ رَمَضانَ آيَةً مِن كِتابِ اللّهِ عز و جل كانَ كَمَن خَتَمَ القُرآنَ في غَيرِهِ مِنَ الشُّهورِ ، ومَن ضَحِكَ فيهِ في وَجهِ أخيهِ المُؤمِنِ لَم يَلقَهُ يَومَ القِيامَةِ إلاّ ضَحِكَ في وَجهِهِ وبَشَّرَهُ بِالجَنَّةِ ، ومَن أعانَ فيهِ مُؤمِنا أعانَهُ اللّهُ تَعالى عَلَى الجَوازِ عَلَى

.


1- .فضائل الأشهر الثلاثة : ص 107 ح 101 .

ص: 74

الصِّراطِ يَومَ تَزِلُّ فيهِ الأَقدامُ ، ومَن كَفَّ فيهِ غَضَبَهُ كَفَّ اللّهُ عَنهُ غَضَبَهُ يَومَ القِيامَةِ ، ومَن نَصَرَ فيهِ مَظلوما نَصَرَهُ اللّهُ عَلى كُلِّ مَن عاداهُ فِي الدُّنيا ، ونَصَرَهُ يَومَ القِيامَةِ عِندَ الحِسابِ وَالميزانِ . شَهرُ رَمَضانَ شَهرُ البَرَكَةِ ، وشَهرُ الرَّحمَةِ ، وشَهرُ المَغفِرَةِ ، وشَهرُ التَّوبَةِ وَالإِنابَةِ ؛ مَن لَم يُغفَر لَهُ في شَهرِ رَمَضانَ فَفي أيِ شَهرٍ يُغفَرُ لَهُ؟! فَاسأَلُوا اللّهَ أن يَتَقَبَّلَ مِنكُم فيهِ الصِّيامَ ، ولا يَجعَلَهُ آخِرَ العَهدِ مِنكُم ، وأن يُوَفَّقَكُم فيهِ لِطاعَتِهِ ويَعصِمَكُم مِن مَعصِيَتِهِ ، إنَّهُ خَيرُ مَسؤولٍ . (1)

.


1- .فضائل الأشهر الثلاثة : ص 97 ح 82 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 341 ح 5 .

ص: 75

الفصل الثالث : أسباب التّهيّؤ لضيافة اللّه

3 / 1 تقديم التّوبة

الفصل الثالث : أسبابُ التَّهَيُّوَلِضِيافَةِ اللّه3 / 1تَقديمُ التَّوبَةِعيون أخبار الرضا عليه السلام عن عبد السلام بن صالح الهرويّ :دَخَلتُ عَلى أبِي الحَسَنِ عَلِيِ بنِ موسَى الرِّضا عليه السلام في آخِرِ جُمُعَةٍ مِن شَعبانَ ، فَقالَ لي : «يا أبَا الصَّلتِ ، إنَّ شَعبانَ قَد مَضى أكثَرُهُ ، وهذا آخِرُ جُمُعَةٍ مِنهُ ، فَتَدارَك فيما بَقِيَ مِنهُ تَقصيرَكَ فيما مَضى مِنهُ ، وعَلَيكَ بِالإِقبالِ عَلى ما يَعنيكَ وتَركِ ما لا يَعنيكَ ، وأكثِر مِنَ الدُّعاءِ وَالاِستِغفارِ وتِلاوَةِ القُرآنِ ، وتُب إلَى اللّهِ مِن ذُنوبِكَ ؛ لِيُقبِلَ شَهرُ اللّهِ إلَيكَ وأنتَ مُخلِصٌ للّهِِ عز و جل ، ولا تَدَعَنَّ أمانَةً في عُنُقِكَ إلاّ أدَّيتَها ، ولا في قَلبِكَ حِقدا عَلى مُؤمِنٍ إلاّ نَزَعتَهُ ، ولا ذَنبا أنتَ مُرتَكِبُهُ إلاّ [ أ]قلَعتَ عَنهُ ، وَاتَّقِ اللّهَ وتَوَكَّل عَلَيهِ في سِرِّ أمرِكَ وعَلانِيَتِكَ « وَ مَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَ__لِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَىْ ءٍ قَدْرا » (1) ، وأكثِر مِن أن تَقولَ فيما بَقِيَ مِن هذَا الشَّهرِ : اللّهُمَّ إن لَم تَكُن قَد غَفَرتَ لَنا فيما مَضى مِن شَعبانَ فَاغفِر لَنا فيما بَقِيَ مِنهُ . فَإِنَّ اللّهَ _ تَبارَكَ وتَعالى _ يُعتِقُ في هذَا الشَّهرِ رِقابا مِنَ النّارِ لِحُرمَةِ

.


1- .الطلاق : 3 .

ص: 76

3 / 2 صيام ثلاثة أيّام من آخر شعبان
3 / 3 إصلاح الطّعام
اشاره

شَهرِ رَمَضانَ» . (1)

3 / 2صِيامُ ثَلاثَةِ أيّامٍ مِن آخِرِ شَعبانَالسنن الكبرى عن أنس :قيلَ : يا رَسولَ اللّهِ ، أيُ الصَّومِ أفضَلُ؟ قالَ : «صَومُ شَعبانَ تَعظيما لِرَمَضانَ» . (2)

الإمام الصادق عليه السلام :مَن صامَ ثَلاثَةَ أيّامٍ مِن آخِرِ شَعبانَ ووَصَلَها بِشَهرِ رَمَضانَ ، كَتَبَ اللّهُ لَهُ صَومَ شَهرَينِ مُتَتابِعَينِ . (3)

3 / 3إصلاحُ الطَّعامِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :كُلُوا الحَلالَ يَتِمَّ لَكُم صَومُكُم . (4)

عدّة الداعي عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :«العِبادَةُ مَعَ أكلِ الحَرامِ كَالبِناءِ عَلَى الرَّملِ» . وقيلَ : عَلَى الماءِ . (5)

إرشاد القلوب عن حذيفة بن اليمان رفعه عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :«إنَّ قَوما يَجيؤونَ يَومَ القِيامَةِ ولَهُم مِنَ الحَسَناتِ أمثالُ الجِبالِ ، فَيَجعَلُهَا اللّهُ هَباءً مَنثورا ، ثُمَّ يُؤمَرُ بِهِم إلَى النّارِ» .

.


1- .عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج 2 ص 51 ح 198 ، بحار الأنوار : ج 97 ص 73 ح 17 .
2- .السنن الكبرى : ج 4 ص 503 ح 8517 ؛ ثواب الأعمال : ص 86 ح 14 .
3- .كتاب من لا يحضره الفقيه : ج 2 ص 94 ح 1829 ، بحار الأنوار : ج 97 ص 72 .
4- .كنز العمّال : ج 15 ص 844 ح 43356 نقلاً عن الديلمي .
5- .عدّة الداعي : ص 141 وص 284 وفيه «الدعاء» بدل «العبادة» ، بحار الأنوار : ج 103 ص 16 ح 73 .

ص: 77

فَقالَ سَلمانُ : صِفهُم لَنا يا رَسولَ اللّهِ . فَقالَ : «أما إنَّهُم قَد كانوا يَصومونَ ويُصَلّونَ ، ويَأخُذونَ اُهبَةً (1) مِنَ اللَّيلِ ، ولكِنَّهُم كانوا إذا عَرَضَ لَهُم شَيءٌ مِنَ الحَرامِ وَثَبوا عَلَيهِ» . (2)

.


1- .الاُهبة : العدّة ، وتأهّب : استعدّ ، وأخذ لذلك الأمر اُهبته : أي عُدّته (لسان العرب : ج 1 ص 217) .
2- .إرشاد القلوب : ص 191 . وراجع : تفسير القمّي : ج 2 ص 112 ، بحار الأنوار : ج 70 ص 293 ح 35 .

ص: 78

. .

ص: 79

كلام في الاستظهار للصيام بإصلاح الطعام
ضروب الأطعمة والأشربة المحرّمة

كَلامٌ فِي الاِستِظهارِ لِلصِّيامِ بِإِصلاحِ الطَّعامِتعدّ عملية تناول الطعام والشراب في وقتي الإفطار والسحر قوام عملية الصيام وروحها ، ومن ثَمَّ فإنَّ حلّية الأطعمة والأشربة وحرمتها ، وكمّها ونوعها ، وكذلك دوافع الصائمين في تناولها ، تلعب _ من منظور الإسلام _ دورا أساسيّا في مدى الانتفاع من الصيام ولها تأثيرها البليغ فيما يكسبه الصائم من بركات هذه الضيافة . فالشرط الأوّل للانتفاع من الصوم أن تكون الطاقة الّتي تؤمّنه والقوّة الّتي تعين الإنسان عليه من حلال ، فالطعام الحرام لا يقتصر دوره المخرّب على حرمان الإنسان من عطايا الصيام وبركاته وحسب ، بل هو آفة تهدّد العبادات كافّة ، على ما سلفت الإشارة إليه في الروايات السابقة . من هنا جاء عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، قوله : « العِبادَةُ مَعَ أكلِ الحَرامِ كَالبِناءِ عَلَى الرَّملِ » (1) . تأسيسا على هذا المعنى ، تستأثر معرفة الأطعمة المحرّمة بأهمّية بليغة بالنسبة إلى الصائم .

ضروب الأطعمة والأشربة المحرّمةتقسّم الأطعمة والأشربة المحرّمة إلى عدد من الأقسام ، هي : 1 . ما يتّسم بالحرمة الذاتية ، مثل : لحوم الحيوانات المحرّمة ، وبيوض الطيور المحرّمة ، وبعض أعضاء الحيوانات المحلّلة (مثل : الطحال ، والقضيب ، والرحم ، والأنثيين ، والمثانة ، والغدد ، والمرارة ، والنخاع وغيرها) ، والأعيان النجسة (مثل :

.


1- .عدّة الداعي : ص 141 ، بحار الأنوار : ج 103 ص 16 ح 73 .

ص: 80

اجتناب الأغذية المشتبهة

الميتة ، والدم ، ولحم الخنزير ، والشراب المسكر ، ويلحقه أي مائع آخر مسكر) . (1) 2 . ما يتّسم بالحرمة العرضية ، مثل : الأطعمة المتنجّسة بملاقاة الأعيان النجسة ، أو ما يتّسم بإلحاق الضرر الشديد بجسم الإنسان ونفسه . 3 . الأطعمة والأشربة الّتي تهيّأ من المال الحرام ، ويدخل في عدادها موائد الإفطار الّتي يُنفق عليها من بيت المال بدون إذن قانوني . 4 . ما تمّ إعداده من مال مختلط بالحرام . 5 . ما تمّ إعداده من مال لم تؤدَّ حقوقه الشرعية ، مثل الخمس والزكاة . 6 . ما تمّ إعداده من مال حلال ، لكن وقع الإسراف في نوعيّتِهِ ومقداره .

اجتناب الأغذية المشتبهةإذا أراد الصائم أن يستفيد من صومه وينتفع به ، فينبغي له ألاّ يقتصر على اجتناب الأغذية الّتي ثبتت حرمتها قطعا ، بل من الضروري له أن يجتنب الأطعمة المشتبهة أيضا . والأغذية الّتي تخالطها الشبهات ، وهي على قسمين : القسم الأوّل : أن يكون المشتبه محكوما بالحلّية في الظاهر ، كما هو حال الأطعمة الّتي يُهيّئها المضيّف المسلم لضيفه ، والضيف يحتمل أن يكون مصدرها من المال الحرام . القسم الثاني : ما هو محكوما بالحرمة بحسب الظاهر ، كما هو حال الأطعمة الّتي تعدّ من المال المختلط بالحرام ، على النحو الّذي لا يمكن فصل الحلال من الحرام . على أنَّ النقطة الّتي تبرز على هذا الصعيد ، أنَّ الإسلام أخذ الحيطة لمعالجة هذه الشبهات ودبّر طريقا للخروج من ربقتها ، متمثّلاً بإخراج خمس المال المشتبه عن هذا الطريق ، بمقدور الصائم أن يتخلّص من مشكلة الأطعمة المشتبهة الّتي يتناولها ويطعم منها ضيوفه خاصّةً ، ويطهّرها ممّا يلابسها من شبهات ، لكي يصفوَ له صيام

.


1- .للاطلاع على المزيد من التفاصيل حيال هذه المجموعة من المحرمات ، تراجع المصادر الفقهية ، وكذلك : رسالة الواجب والحرام ، لآية اللّه المشكيني دام ظلّه .

ص: 81

دوافع تناول الطعام والشراب

شهر رمضان المبارك وينعم بعطاياه المعنوية أكثر .

دوافع تناول الطعام والشرابإنَّ طبيعة الدافع الّذي يصدر منه الصائم في تناول الطعام والشراب في وقتَي الإفطار والسحر ، له تأثيره في بلوغ كمال الانتفاع من بركات الصوم . لقد جاء في أحد وصايا النَّبي صلى الله عليه و آله إلى الصحابي الجليل أبي ذرّ الغفاري ، قوله : « يا أبا ذَرٍّ لِيَكُن لَكَ في كُلِّ شَيءٍ نِيَّةٌ صالِحَةٌ حَتَّى الأَكلِ وَالنَّومِ » . (1) ثَمَّ فرق ولا ريب بين الصائم الّذي يتناول السحور والإفطار بباعث الجوع والعطش وحسب ، وبين من يتناولهما بقصد القربة ورضا اللّه سبحانه ، فالحالة النورية الوضّاءة لصوم الصائم الّذي تناول الطعام فيه بباعث القربة الإلهية ، لا يقارن مطلقا بالصوم الّذي يتمّ تناول الطعام فيه والتقوّي عليه بباعث حيواني وبمحض الشهوة ، بديهي أنَّ الدافع الإلهي في هذه الممارسة ، الّتي يقول فيها الصائم : إنّني أتناول الطعام قربةً إلى اللّه ، يحتاج تحقّقها إلى مقدّمات تتجاوب مع هذه الممارسة ولوازم تقترن معها ، منها أن يتناسب الطعام في النّوعيّة والمقدار مع حاجة البدن . على ضوء ما مرَّ من المقدّمات والإيضاحات يمكن تكثيف خلاصة الكلام في باب إصلاح الطعام ، بسعي الصائم الالتزام بثلاثة اُمور تقود رعايتها للانغمار بهذه الضيافة الإلهية والانتفاع من مواهبها أكثر فأكثر ، هذه الاُمور الثلاثة ، هي : 1 . حليّة المأكول والمشروب ، واجتناب الأطعمة المحرّمة وتلك الّتي تلابسها الشبهات . 2 . أن تأتي نوعيّة هذه الأطعمة والأشربة ومقدارها ، متّسقةً مع حاجة البدن ومتطلّباته ، وألاّ يُترف الصائم في طعامه بالألوان الكثيرة الّتي تفيض عن حاجته . 3 . أن يتناول ما يتناوله من الأطعمة والأشربة ، بقصد القربة وبباعث رضا اللّه وامتثال أمره سبحانه .

.


1- .مكارم الأخلاق : ج 2 ص 370 ح 2661 ، تنبيه الخواطر : ج 2 ص 58 .

ص: 82

بعد أن ينتهي العالم الرباني آية اللّه ملكي تبريزي قدس سره من بيان أصناف الصائمين لجهة طبيعة تعاملهم مع الطعام والشراب ، يقول : « ومنهم : من يكون مأكله ومتقلّبه كلّها محلّلة ولا يُسرف ولا يُترف ، بل يتواضع للّه في مقدار طعامه وشرابه عن الحدّ المحلّل وغير المكروه ، وهكذا يترك اللّذيذ ويقتصر في الأدام على لون واحد ، أو يترك بعض اللّذائذ وبعض الزيادة . فدرجاتهم عند ربّهم المراقِب لحفظ مجاهداتِهم ومراقباتِهم محفوظة مجزيّة مشكورة ولا يُظلَمون فتيلاً ، فيجزيهم ربّهم بأحسن ما كانوا يعملون ، ويزيدهم من فضله بغير حساب ، فلا تعلم نفس ما اُخفي لهم من قرّة أعين ، بل ولا خطر على قلب » . (1) اللّهمَّ اجعلنا منهم .

.


1- .المراقبات : ص 98 . انظر تمام كلامه قدس سره . وانظر أيضا : الإقبال : ج 1 ص 39 _ 42 .

ص: 83

الفصل الرابع : أدعية التّهيّؤ لضيافة اللّه
4 / 1 دعاء آخر ليلة من شعبان

الفصل الرابع : أدعِيَةُ التَّهَيُّوَ لِضِيافَةِ اللّه4 / 1دعاءُ آخِرِ لَيلَةٍ مِن شَعْبانَالإمام الصادق عليه السلام_ مِمّا كانَ يَقولُهُ في آخِرِ لَيلَةٍ مِن شَعبانَ وأوَّلِ لَيلَةٍ مِن شَهرِ رَمَضانَ _: اللّهُمَّ إنَّ هذَا الشَّهرَ المُبارَكَ الَّذي اُنزِلَ فيهِ القُرآنُ هُدىً لِلنّاسِ وبَيِّناتٍ مِنَ الهُدى وَالفُرقانِ قَد حَضَرَ ، فَسَلِّمنا فيهِ وَسَلِّمهُ لَنا وتَسَلَّمهُ مِنّا في يُسرٍ مِنكَ وعافِيَةٍ ، يا مَن أخَذَ القَليلَ وشَكَرَ الكَثيرَ اقبَل مِنِّي اليَسيرَ . اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ أن تَجعَلَ لي إلى كُلِّ خَيرٍ سَبيلاً ، ومِن كُلِّ ما لا تُحِبُّ مانِعا ، يا أرحَمَ الرّاحِمينَ ، يا مَن عَفا عَنّي وعَمّا خَلَوتُ بِهِ مِنَ السَّيِّئاتِ ، يا مَن لَم يُؤاخِذني بِارتِكابِ المَعاصي ، عَفوَكَ عَفوَكَ عَفوَكَ يا كَريمُ ، إلهي وَعَظتَني فَلَم أتَّعِظ ، وزَجَرتَني عَن مَحارِمِكَ فَلَم أنزَجِر ، فَما عُذري؟ فَاعفُ عَنّي يا كَريمُ ، عَفوَكَ عَفوَكَ . اللّهُمّ ، إنّي أسأَلُكَ الرّاحَةَ عِندَ المَوتِ ، وَالعَفوَ عِندَ الحِسابِ ، عَظُمَ الذَّنبُ مِن عَبدِكَ فَليَحسُنِ التَّجاوُزُ مِن عِندِكَ ، يا أهلَ التَّقوى ويا أهلَ المَغفِرَةِ ، عَفوَكَ عَفوَكَ .

.

ص: 84

اللّهُمَّ إنّي عَبدُكَ وَابنُ عَبدِكَ وَابنُ أمَتِكَ ، ضَعيفٌ فَقيرٌ إلى رَحمَتِكَ ، وأنتَ مُنزِلُ الغِنى وَالبَرَكَةِ عَلَى العِبادِ ، قاهِرٌ مُقتَدِرٌ ، أحصَيتَ أعمالَهُم وقَسَمتَ أرزاقَهُم ، وجَعَلتَهُم مُختَلِفَةً ألسِنَتُهُم وألوانُهُم ، خَلقا مِن بَعدِ خَلقٍ ، لا يَعلَمُ العِبادُ عِلمَكَ ، ولا يَقدِرُ العِبادُ قَدرَكَ ، وكُلُّنا فَقيرٌ إلى رَحمَتِكَ ، فَلا تَصرِف عَنّي وَجهَكَ ، وَاجعَلني مِن صالِحي خَلقِكَ فِي العَمَلِ وَالأَمَلِ وَالقَضاءِ وَالقَدَرِ . اللّهُمَّ أبقِني خَيرَ البَقاءِ ، وأفنِني خَيرَ الفَناءِ ؛ عَلى مُوالاةِ أولِيائِكَ ومُعاداةِ أعدائِكَ وَالرَّغبَةِ إلَيكَ وَالرَّهبَةِ مِنكَ ، وَالخُشوعِ وَالوَفاءِ وَالتَّسليمِ لَكَ ، وَالتَّصديقِ بِكِتابِكَ ، وَاتِّباعِ سُنَّةِ رَسولِكَ . اللّهُمَّ ما كانَ في قَلبي مِن شَكٍّ أو ريبَةٍ ، أو جُحودٍ أو قُنوطٍ ، أو فَرَحٍ أو بَذَخٍ ، أو بَطَرٍ أو خُيَلاءَ ، أو رِياءٍ أو سُمعَةٍ ، أو شِقاقٍ أو نِفاقٍ ، أو كُفرٍ أو فُسوقٍ أو عِصيانٍ ، أو عَظَمَةٍ أو شَيءٍ لا تُحِبُّ ، فَأَسأَلُكَ يا رَبِّ أن تُبدِلَني مَكانَهُ إيمانا بِوَعدِكَ ، ووَفاءً بِعَهدِكَ ، ورِضا بِقَضائِكَ ، وزُهدا فِي الدُّنيا ، ورَغبَةً فيما عِندَكَ ، واُثرَةً (1) وطُمَأنينَةً وتَوبَةً نَصوحا ، أسأَلُكَ ذلِكَ يا رَبَّ العالَمينَ . إلهي أنتَ مِن حِلمِكَ تُعصى ، ومِن كَرَمِكَ وَجودِكَ تُطاعُ ؛ فَكَأَنَّكَ لَم تُعصَ ، وأنَا ومَن لَم يَعصِكَ سُكّانُ أرضِكَ ، فَكُن عَلَينا بِالفَضلِ جَوادا ، وبِالخَيرِ عَوّادا ، يا أرحَمَ الرّاحِمينَ . وصَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِهِ صَلاةً دائِمَةً لا تُحصى ولا تُعَدُّ ، ولا يَقدِرُ قَدرَها غَيرُكَ ، يا أرحَمَ الرّاحِمينَ . (2)

.


1- .الاُثرة : المَكرُمة المتوارثة ، والبقيّة من العلم تؤثر (القاموس المحيط : ج 1 ص 362) .
2- .مصباح المتهجّد : ص 850 ح 911 .

ص: 85

4 / 2 أدعية رؤية هلال شهر رمضان

4 / 2أدعِيَةُ رُؤيَةِ هِلالِ شَهرِ رَمَضانَالإمام الباقر عليه السلام :كانَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله إذا اُهِلَّ (1) هِلالُ شَهرِ رَمَضانَ استَقبَلَ القِبلَةَ ورَفَعَ يَدَيهِ فَقالَ : اللّهُمَّ أهِلَّهُ (2) عَلَينا بِالأَمنِ وَالإِيمانِ ، وَالسَّلامَةِ وَالإِسلامِ ، وَالعافِيَةِ المُجَلِّلَةِ (3) ، وَالرِّزقِ الواسِعِ ، ودَفعِ الأَسقامِ . اللّهُمَّ ارزُقنا صِيامَهُ وقِيامَهُ وتِلاوَةَ القُرآنِ فيهِ . اللّهُمَّ سَلِّمهُ لَنا وتَسَلَّمهُ مِنّا وسَلِّمنا فيهِ . (4)

الإمام الصادق عن آبائه عليهم السلام: كانَ عَلِيٌّ عليه السلام إذا كانَ بِالكوفَةِ يَخرُجُ وَالنّاسُ مَعَهُ يَتَراءى هِلالَ شَهرِ رَمَضانَ ، فَإِذا رَآهُ قالَ : اللّهُمَّ أهِلَّهُ عَلَينا بِالأَمنِ وَالإِيمانِ ، وَالسَّلامَةِ وَالإِسلامِ ، وصِحَّةٍ مِنَ السُّقمِ ، وفَراغٍ لِطاعَتِكَ مِنَ الشُّغلِ ، وَاكفِنا بِالقَليلِ مِنَ النَّومِ . (5)

الإمام الصادق عليه السلام_ كانَ إذا اُهِلَّ هِلالُ شَهرِ رَمَضانَ قالَ _: اللّهُمَّ أدخِلهُ عَلَينا بِالسَّلامَةِ وَالإِسلامِ ، وَاليَقينِ وَالإِيمانِ ، وَالبِرِّ وَالتَّوفيقِ لِما تُحِبُّ وتَرضى . (6)

.


1- .أي إذا اُبْصِرَ (النهاية : ج 5 ص 271) .
2- .أهِلّه : أي أطلِعه علينا وأرِنا إيّاه . والمعنى : اجعل رؤيتنا مقرونة بالأمن والإيمان . ويحتمل أن يكون الإهلال بمعنى الدخول كقولهم : أهلَلْنا الهِلالَ : إذا دخلنا فيه (مجمع البحرين : ج 3 ص 1878) .
3- .المجلّلة : هي إمّا بكسر اللام المشدّدة ؛ أي الشاملة لجميع البدن ، يقال : سحابٌ مجلِّلٌ ؛ أي يجلّل الأرض بالمطر ؛ أي يعمّ . ذكره الجوهري . أو بفتحها ؛ أي العافية الّتي جلّلت علينا وجعلت كالجُلّ شاملة لنا ، من قولهم : اللّهمّ جَلِّلهم خزيا ؛ أي عظِّمهم به كما يتجلّل الرجل بالثوب . ذكره الجزري (مرآة العقول : ج 16 ص 217) .
4- .الكافي : ج 4 ص 70 ح 1 .
5- .الإقبال : ج 1 ص 65 .
6- .الكافي : ج 4 ص 74 ح 4 .

ص: 86

4 / 3 أدعية دخول شهر رمضان
أ _ دعاء النّبيّ
ب _ دعاء الإمام زين العابدين

4 / 3أدعِيَةُ دُخولِ شَهرِ رَمَضانَأ _ دُعاءُ النَّبِيِّالإمام الصادق عليه السلام :كانَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله إذا دَخَلَ شَهرُ رَمَضانَ يَقولُ : اللّهُمَّ إنَّهُ قَد دَخَلَ شَهرُ رَمَضانَ ، اللّهُمَّ رَبَّ شَهرِ رَمَضانَ الَّذي أنزَلتَ فيهِ القُرآنَ وجَعَلتَهُ بَيِّناتٍ مِنَ الهُدى وَالفُرقانِ . اللّهُمَّ فَبارِك لَنا في شَهرِ رَمَضانَ ، وأعِنّا عَلى صِيامِهِ وصَلاتِهِ ، وتَقَبَّلهُ مِنّا . (1)

ب _ دُعاءُ الإِمامِ زَينِ العابِدينَالإمام زين العابدين عليه السلام_ في دُعائِهِ إذا دَخَلَ شَهرُ رَمَضانَ _: الحَمدُ للّهِِ الَّذي هَدانا لِحَمدِهِ ، وجَعَلَنا مِن أهلِهِ ؛ لِنَكونَ لاِءِحسانِهِ مِنَ الشّاكِرينَ ، ولِيَجزِيَنا عَلى ذلِكَ جَزاءَ المُحسِنينَ . وَالحَمدُ للّهِِ الَّذي حَبانا (2) بِدينِهِ ، وَاختَصَّنا بِمِلَّتِهِ ، وسَبَّلَنا في سُبُلِ إحسانِهِ ، لِنَسلُكَها بِمَنِّهِ إلى رِضوانِهِ ؛ حَمدا يَتَقَبَّلُهُ مِنّا ، ويَرضى بِهِ عَنّا . وَالحَمدُ للّهِِ الَّذي جَعَلَ مِن تِلكَ السُّبُلِ شَهرَهُ رَمَضانَ ؛ شَهرَ الصِّيامِ ، وشَهرَ الإِسلامِ ، وشَهرَ الطَّهورِ ، وشَهرَ التَّمحيصِ ، وشَهرَ القِيامِ « الَّذِى أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْءَانُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَ بَيِّنَ_تٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ » . (3) فَأَبانَ فَضيلَتَهُ عَلى سائِرِ الشُّهورِ بِما جَعَلَ لَهُ مِنَ الحُرُماتِ المَوفورَةِ وَالفَضائِلِ

.


1- .الإقبال : ج 1 ص 137 ، بحار الأنوار : ج 97 ص 340 ح 1 .
2- .حبا فلانا : أعطاه بلا جزاء ولا منّ ، وحاباه : اختصّه (القاموس المحيط : ج 4 ص 315) .
3- .البقرة : 185 .

ص: 87

المَشهُورَةِ ، فَحَرَّمَ فيهِ ما أحَلَّ في غَيرِهِ إعظاما ، وحَجَرَ فيهِ المَطاعِمَ وَالمَشارِبَ إكراما ، وجَعَلَ لَهُ وَقتا بَيِّنا ؛ لا يُجيزُ _ جَلَّ وعَزَّ _ أن يُقَدَّمَ قَبلَهُ ، ولا يَقبَلُ أن يُؤَخَّرَ عَنهُ . ثُمَّ فَضَّلَ لَيلَةً واحِدَةً مِن لَياليهِ عَلى لَيالي ألفِ شَهرٍ ، وسَمّاها لَيلَةَ القَدرِ « تَنَزَّلُ الْمَلَئِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ » (1) ، سَلامٌ دائِمُ البَرَكَةِ إلى طُلوعِ الفَجرِ عَلى مَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ بِما أحكَمَ مِن قَضائِهِ . اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِهِ ، وألهِمنا مَعرِفَةَ فَضلِهِ ، وإجلالَ حُرمَتِهِ ، وَالتَّحَفُّظَ مِمّا حَظَرتَ فيهِ ، وأعِنّا عَلى صِيامِهِ بِكَفِّ الجَوارِحِ عَن مَعاصيكَ ، وَاستِعمالِها فيهِ بِما يُرضيكَ ؛ حَتّى لا نُصغِيَ بِأَسماعِنا إلى لَغوٍ ، ولا نُسرِعَ بِأَبصارِنا إلى لَهوٍ ، وحَتّى لا نَبسُطَ أيدِيَنا إلى مَحظورٍ ، ولا نَخطُوَ بِأَقدامِنا إلى مَحجورٍ ، وحَتّى لا تَعِيَ بُطونُنا إلاّ ما أحلَلتَ ، ولا تَنطِقَ ألسِنَتُنا إلاّ بِما مَثَّلتَ ، ولا نَتَكَلَّفَ إلاّ ما يُدني مِن ثَوابِكَ ، ولا نَتَعاطى إلاَّ الَّذي يَقي مِن عِقابِكَ ، ثُمَّ خَلِّص ذلِكَ كُلَّهُ مِن رِياءِ المُرائينَ ، وسُمعَةِ المُسمِعينَ ، لا نُشرِكُ فيهِ أحَدا دونَكَ ، ولا نَبتَغي فيهِ مُرادا سِواكَ . اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِهِ ، وقِفنا فيهِ عَلى مَواقيتِ الصَّلَواتِ الخَمسِ بِحُدودِهَا الَّتي حَدَّدتَ ، وفُروضِهَا الَّتي فَرَضتَ ، ووَظائِفِهَا الَّتي وَظَّفتَ ، وأوقاتِهَا الَّتي وَقَّتَّ ، وأنزِلنا فيها مَنزِلَةَ المُصيبينَ لِمَنازِلِها ؛ الحافِظينَ لِأَركانِها ؛ المُؤَدّينَ لَها في أوقاتِها ، عَلى ما سَنَّهُ عَبدُكَ ورَسولُكَ _ صَلَواتُكَ عَلَيهِ وآلِهِ _ في رُكوعِها وسُجودِها وجَميعِ فَواضِلِها ، عَلى أتَمِّ الطَّهورِ وأسبَغِهِ ، وأبيَنِ الخُشوعِ وأبلَغِهِ .

.


1- .القدر : 4 .

ص: 88

ووَفِّقنا فيهِ لِأَن نَصِلَ أرحامَنا بِالبِرِّ وَالصِّلَةِ ، وأن نَتَعاهَدَ جيرانَنا بِالاْءِفضالِ وَالعَطِيَّةِ ، وأن نُخَلِّصَ أموالَنا مِنَ التَّبِعاتِ ، وأن نُطَهِّرَها بِإِخراجِ الزَّكَواتِ . وأن نُراجِعَ مَن هاجَرَنا ، وأن نُنصِفَ مَن ظَلَمَنا ، وأن نُسالِمَ مَن عادانا ، حاشا مَن عودِيَ فيكَ ولَكَ ؛ فَإِنَّهُ العَدُوُّ الَّذي لا نُواليهِ ، وَالحِزبُ الَّذي لا نُصافيهِ . وأن نَتَقَرَّبَ إلَيكَ فيهِ مِنَ الأَعمالِ الزّاكِيَةِ بِما تُطَهِّرُنا بِهِ مِنَ الذُّنوبِ ، وتَعصِمُنا فيهِ مِمّا نَستَأنِفُ مِنَ العُيوبِ ؛ حَتّى لا يورِدَ عَلَيكَ أحَدٌ مِن مَلائِكَتِكَ إلاّ دونَ ما نورِدُ مِن أبوابِ الطّاعَةِ لَكَ ، وأنواعِ القُربَةِ إلَيكَ . اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِحَقِّ هذَا الشَّهرِ ، وبِحَقِّ مَن تَعَبَّدَ لَكَ فيهِ مِن ابتِدائِهِ إلى وَقتِ فَنائِهِ _ مِن مَلَكٍ قَرَّبتَهُ ، أو نَبِيٍ أرسَلتَهُ ، أو عَبدٍ صالِحٍ اِختَصَصتَهُ _ أن تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِهِ ، وأهِّلنا فيهِ لِما وَعَدتَ أولِياءَكَ مِن كَرامَتِكَ ، وأوجِب لَنا فيهِ ما أوجَبتَ لِأَهلِ المُبالَغَةِ في طاعَتِكَ ، وَاجعَلنا في نَظمِ مَنِ استَحَقَّ الرَّفيعَ الأَعلى بِرَحمَتِكَ . اَللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِهِ ، وجَنِّبنَا الإِلحادَ في تَوحيدِكَ ، وَالتَّقصيرَ في تَمجيدِكَ ، وَالشَّكَّ في دينِكَ ، وَالعَمى عَن سَبيلِكَ ، وَالإِغفالَ لِحُرمَتِكَ ، وَالاِنخِداعَ لِعَدُوِّكَ الشَّيطانِ الرَّجيمِ . اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِهِ ، وإذا كانَ لَكَ في كُلِّ لَيلَةٍ مِن لَيالي شَهرِنا هذا رِقابٌ يُعتِقُها عَفوُكَ أو يَهَبُها صَفحُكَ ، فَاجعَل رِقابَنا مِن تِلكَ الرِّقابِ ، وَاجعَلنا لِشَهرِنا مِن خَيرِ أهلٍ وأصحابٍ . اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِهِ ، وَامحَق ذُنوبَنا مَعَ امِّحاقِ هِلالِهِ ، وَاسلَخ عَنّا تَبِعاتِنا مَعَ انسِلاخِ أيّامِهِ ؛ حَتّى يَنقَضِيَ عَنّا وقَد صَفَّيتَنا فيهِ مِنَ الخَطيئاتِ وأخلَصتَنا فيهِ مِنَ السَّيِّئاتِ .

.

ص: 89

ج _ أدعية الإمام الصّادق

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِهِ ، وإن مِلنا فيهِ فَعَدِّلنا ، وإن زِغنا فيهِ فَقَوِّمنا ، وإنِ اشتَمَلَ عَلَينا عَدُوُّكَ الشَّيطانُ فَاستَنقِذنا مِنهُ . اللّهُمَّ اشحَنهُ (1) بِعِبادَتِنا إيّاكَ ، وزَيِّن أوقاتَهُ بِطاعَتِنا لَكَ ، وأعِنّا في نَهارِهِ عَلى صِيامِهِ ، وفي لَيلِهِ عَلَى الصَّلاةِ وَالتَّضَرُّعِ إلَيكَ ، وَالخُشوعِ لَكَ وَالذِّلَّةِ بَينَ يَدَيكَ ؛ حَتّى لا يَشهَدَ نَهارُهُ عَلَينا بِغَفلَةٍ ، ولا لَيلُهُ بِتَفريطٍ . اللّهُمَّ وَاجعَلنا في سائِرِ الشُّهورِ وَالْأَيّامِ كَذلِكَ ما عَمَّرْتَنا ، وَاجعَلنا مِن عِبادِكَ الصّالِحينَ «الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَ__لِدُونَ» (2) ، «وَ الَّذِينَ يُؤْتُونَ مَآ ءَاتَواْ وَّ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَ جِعُونَ» (3) ، ومِنَ الَّذينَ «يُسَ_رِعُونَ فِى الْخَيْرَ تِ وَ هُمْ لَهَا سَ_بِقُونَ» . (4) اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِهِ في كُلِّ وَقتٍ وكُلِّ أوانٍ وعَلى كُلِّ حالٍ ، عَدَدَ ما صَلَّيتَ عَلى مَن صَلَّيتَ عَلَيهِ ، وأضعافَ ذلِكَ كُلِّهِ بِالأَضعافِ الَّتي لا يُحصيها غَيرُكَ ، إنَّكَ فَعّالٌ لِما تُريدُ . (5)

ج _ أدعِيَةُ الإِمامِ الصّادِقِالإمام الصادق عليه السلام :إذا حَضَرَ شَهرُ رَمَضانَ فَقُل : اللّهُمَّ قَد حَضَرَ شَهرُ رَمَضانَ وقَدِ افتَرَضتَ عَلَينا صِيامَهُ ، وأنزَلتَ فيهِ القُرآنَ هُدىً لِلنّاسِ وبَيِّناتٍ مِنَ الهُدى وَالفُرقانِ . اللّهُمَّ أعِنّا عَلى صِيامِهِ ، اللّهُمَّ تَقَبَّلهُ مِنّا ، وسَلِّمنا فيهِ وتَسَلَّمهُ مِنّا في يُسرٍ مِنكَ وعافِيَةٍ ، إنَّكَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ ، يا أرحَمَ الرّاحِمينَ . (6)

.


1- .شَحَنَ : ملأ (الصحاح : ج 5 ص 2143) .
2- .المؤمنون : 11 .
3- .المؤمنون : 60
4- .المؤمنون : 61 .
5- .الصحيفة السجّاديّة : ص 165 الدعاء 44 ، مصباح المتهجّد : ص 607 ح 695 نحوه .
6- .الكافي : ج 4 ص 74 ح 5 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 383 ح 2 .

ص: 90

الإقبال :دُعاءٌ آخَرُ إن دَعَوتَ بِهِ أوَّلَ لَيلَةٍ في شَهرِ الصِّيامِ فَقَدِّم لَفظَ : «لَيلَتي هذِهِ» عَلى «يَومي هذا» ، وإن دَعَوتَ بِهِ أوَّلَ يَومٍ مِنَ الشَّهرِ فَادعُ بِاللَّفظَةِ الَّتي يَأتي فيهِ ، وَالَّذي رَجَحَ في خاطِري أنَّ الدُّعاءَ بِهِ في أوَّلِ يَومٍ مِنهُ . رَوَيناهُ بِإِسنادِنا إلى أبي مُحَمَّدٍ هارونَ بنِ موسَى التَّلَّعُكبَرِيِّ ، بِإِسنادِهِ إلى أبي عَبدِ اللّهِ عليه السلام قالَ : يَقولُ عِندَ حُضورِ شَهرِ رَمَضانَ : اللّهُمَّ هذا شَهرُ رَمَضانَ المُبارَكُ الَّذي أنزَلتَ فيهِ القُرآنَ وجَعَلتَهُ هُدىً لِلنّاسِ وبَيِّناتٍ مِنَ الهُدى وَالفُرقانِ قَد حَضَرَ ، فَسَلِّمنا فيهِ وسَلِّمهُ لَنا وتَسَلَّمهُ مِنّا في يُسرٍ مِنكَ وعافِيَةٍ . وأسأَلُكَ اللّهُمَّ أن تَغفِرَ لي في شَهري هذا ، وتَرحَمَني فيهِ ، وتُعتِقَ رَقَبَتي مِنَ النّارِ ، وتُعطِيَني فيهِ خَيرَ ما أعطَيتَ أحَدا مِن خَلقِكَ ، وخَيرَ ما أنتَ مُعطيهِ ، ولا تَجعَلهُ آخِرَ شَهرِ رَمَضانَ صُمتُهُ لَكَ مُنذُ أسكَنتَني أرضَكَ إلى يَومي هذا ، وَاجعَلهُ عَلَيَ أتَمَّهُ نِعمَةً ، وأعَمَّهُ عافِيَةً ، وأوسَعَهُ رِزقا ، وأجزَلَهُ وأهنَأَهُ . اللّهُمَّ إنّي أعوذُ بِكَ وبِوَجهِكَ الكَريمِ ومُلكِكَ العَظيمِ ، أن تَغرُبَ الشَّمسُ مِن يَومي هذا ، أو يَنقَضِيَ بَقِيَّةُ هذَا اليَومِ ، أو يَطلُعَ الفَجرُ مِن لَيلَتي هذِهِ ، أو يَخرُجَ هذَا الشَّهرُ ؛ ولَكَ قِبَلي مَعَهُ تَبِعَةٌ أو ذَنبٌ أو خَطيئَةٌ تُريدُ أن تُقايِسَني بِذلِكَ ، أو تُؤاخِذَني بِهِ ، أو تَقِفَني بِهِ مَوقِفَ خِزيٍ فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ ، أو تُعَذِّبَني بِهِ يَومَ ألقاكَ ، يا أرحَمَ الرّاحِمينَ . اَللّهُمَّ إنّي أدعوكَ لِهَمٍّ لا يُفَرِّجُهُ غَيرُكَ ، ولِرَحمَةٍ لا تُنالُ إلاّ بِكَ ، ولِكَربٍ لا يَكشِفُهُ إلاّ أنتَ ، ولِرَغبَةٍ لا تُبلَغُ إلاّ بِكَ ، ولِحاجَةٍ لا تُقضى دونَكَ . اللّهُمَّ فَكَما كانَ مِن شَأنِكَ ما أرَدتَني بِهِ مِن مَسأَلَتِكَ ، ورَحِمتَني بِهِ مِن ذِكرِكَ ، فَليَكُن مِن شَأنِكَ سَيِّدِي الإِجابَةُ لي فيما دَعَوْتُكَ ، وَالنَّجاةُ لي فيما قَد فَزِعتُ إلَيكَ مِنهُ .

.

ص: 91

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ ، وَافتَح لي مِن خَزائِنِ رَحمَتِكَ رَحمَةً لا تُعَذِّبُني بَعدَها أبَدا فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ ، وَارزُقني مِن فَضلِكَ الواسِعِ رِزقا حَلالاً طَيِّبا لا تُفقِرُني بَعدَهُ إلى أحَدٍ سِواكَ أبَدا ، تَزيدُني بِذلِكَ لَكَ شُكرا ، وإلَيكَ فاقَةً وفَقرا ، وبِكَ عَمَّن سِواكَ غِنىً وتَعَفُّفا . اللّهُمَّ إنّي أعوذُ بِكَ أن تَكونَ جَزاءَ إحسانِكَ الإِساءَةُ مِنّي ، اللّهُمَّ إنّي أعوذُ بِكَ أن اُصلِحَ عَمَلي فيما بَيني وبَينَ النّاسِ ، واُفسِدَهُ فيما بَيني وبَينَكَ . اللّهُمَّ إنّي أعوذُ بِكَ أن تُحَوِّلَ سَريرَتي بَيني وبَينَكَ ، أو تَكونَ مُخالِفَةً لِطاعَتِكَ . اللّهُمَّ إنّي أعوذُ بِكَ أن يَكونَ شَيءٌ مِنَ الأَشياءِ آثَرَ عِندي مِن طاعَتِكَ . اللّهُمَّ إنّي أعوذُ بِكَ أن أعمَلَ مِن طاعَتِكَ قَليلاً أو كَثيراً اُريدُ بِهِ أحَداً غَيرَكَ ، أو أعمَلَ عَمَلاً يُخالِطُهُ رِياءٌ . اللّهُمَّ إنّي أعوذُ بِكَ مِن هَوىً يُردي مَن يَركَبُهُ . اللّهُمَّ إنّي أعوذُ بِكَ أن أجعَلَ شَيئا مِن شُكري فيما أنعَمتَ بِهِ عَلَيَّ لِغَيرِكَ ؛ أطلُبُ بِهِ رِضا خَلقِكَ . اللّهُمَّ إنّي أعوذُ بِكَ أن أتَعَدّى حَدّا مِن حُدودِكَ ؛ أتَزَيَّنُ بِذلِكَ لِلنّاسِ ، وأركَنُ بِهِ إلَى الدُّنيا . اللّهُمَّ إنّي أعوذُ بِعَفوِكَ مِن عُقوبَتِكَ ، وأعوذُ بِرِضاكَ مِن سَخَطِكَ ، وأعوذُ بِطاعَتِكَ مِن مَعصِيَتِكَ ، وأعوذُ بِكَ مِنكَ ، جَلَّ ثَناءُ وَجهِكَ ، لا اُحصِي الثَّناءَ عَلَيكَ ولَو حَرَصتُ ، وأنتَ كَما أثنَيتَ عَلى نَفسِكَ ، سُبحانَكَ وبِحَمدِكَ . اللّهُمَّ إنّي أستَغفِرُكَ وأتوبُ إلَيكَ مِن مَظالِمَ كَثيرَةٍ لِعِبادِكَ عِندي ، فَأَيُّما عَبدٍ مِن عِبادِكَ أو أمَةٍ مِن إمائِكَ كانَت لَهُ قِبَلي مَظلِمَةٌ ظَلَمتُهُ إيّاها في مالِهِ أو بَدَنِهِ

.

ص: 92

أو عِرضِهِ لا أستَطيعُ أداءَ ذلِكَ إلَيهِ ولا أتَحَلَّلُها مِنهُ ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ ، وأرضِهِ أنتَ عَنّي بِما شِئتَ وكَيفَ شِئتَ ، وهَبها لي . وما تَصنَعُ يا سَيِّدي بِعَذابي وقَد وَسِعَت رَحمَتُكَ كُلَّ شَيءٍ !؟ وما عَلَيكَ يا رَبِّ أن تُكرِمَني بِرَحمَتِكَ ولا تُهينَني بِعَذابِكَ !؟ ولا يَنقُصُكَ يا رَبِّ أن تَفعَلَ بي ما سَأَلتُكَ وأنتَ واجِدٌ لِكُلِّ شَيءٍ ! اللّهُمَّ إنّي أستَغفِرُكَ وأتوبُ إلَيكَ مِن كُلِّ ذَنبٍ تُبتُ إلَيكَ مِنهُ ثُمَّ عُدتُ فيهِ ، ومِمّا ضَيَّعتُ مِن فَرائِضِكَ وأداءِ حَقِّكَ _ مِنَ الصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ، وَالصِّيامِ ، وَالجِهادِ ، وَالحَجِّ ، وَالعُمرَةِ ، وإسباغِ الوُضوءِ ، وَالغُسلِ مِنَ الجَنابَةِ ، وقِيامِ اللَّيلِ ، وكَثرَةِ الذِّكرِ ، وكَفّارَةِ اليَمينِ ، وَالاِستِرجاعِ فِي المَعصِيَةِ ، وَالصُّدودِ مِن كُلِّ شَيْءٍ قَصَّرتُ فيهِ ؛ مِن فَريضَةٍ أو سُنَّةٍ _ فَإِنّي أستَغفِرُكَ وأتوبُ إلَيكَ مِنهُ ، ومِمّا رَكِبتُ مِنَ الكَبائِرِ ، وأتَيتُ مِنَ المَعاصي ، وعَمِلتُ مِنَ الذُّنوبِ ، وَاجتَرَحتُ مِنَ السَّيِّئاتِ ، وأصَبتُ مِنَ الشَّهَواتِ ، وباشَرتُ مِنَ الخَطايا ، مِمّا عَمِلتُهُ مِن ذلِكَ عَمدا أو خَطَأً ؛ سِرّا أو عَلانِيَةً . فَإِنّي أتوبُ إلَيكَ مِنهُ ومِن سَفكِ الدَّمِ ، وعُقوقِ الوالِدَينِ ، وقَطيعَةِ الرَّحِمِ ، وَالفَرارِ مِنَ الزَّحفِ ، وقَذفِ المُحصَناتِ ، وأكلِ أموالِ اليَتامى ظُلما ، وشَهادَةِ الزّورِ ، وكِتمانِ الشَّهادَةِ ، وأن أشتَرِيَ بِعَهدِكَ في نَفسي ثَمَنا قَليلاً ، وأكلِ الرِّبا وَالغُلولِ (1) ، وَالسُّحتِ وَالسِّحرِ ، وَالكِتمانِ وَالطِّيَرَةِ (2) ، وَالشِّركِ وَالرِّياءِ ، وَالسَّرِقَةِ وشُربِ الخَمرِ ، ونَقصِ المِكيالِ وبَخسِ الميزانِ ، وَالشِّقاقِ (3)

.


1- .الغلول : الخيانة في المغنم ، والسرقة من الغنيمة قبل القسمة (النهاية : ج 3 ص 380) .
2- .الطِّيرة : التشاؤم بالشيء ، وأصله _ فيما يقال _ التطيّر بالسوانح [ وهو ما جاء عن يسارك ]والبوارح [ وهو ما جاء عن يمينك ] من الطير والظباء وغيرهما . وكان ذلك يصدّهم عن مقاصدهم ، فنفاه الشرع (النهاية : ج 3 ص 152) .
3- .الشِّقاق : الخِلافُ والعداوة (القاموس المحيط : ج 3 ص 251) .

ص: 93

وَالنِّفاقِ ، ونَقضِ العَهدِ وَالفِريَةِ ، وَالخِيانَةِ وَالغَدرِ ، وإخفارِ الذِّمَّةِ (1) وَالحَلفِ ، وَالغيبَةِ وَالنَّميمَةِ وَالبُهتانِ ، وَالهَمزِ وَاللَّمزِ وَالتَّنابُزِ بِالأَلقابِ ، وأذَى الجارِ ودُخولِ بَيتٍ بِغَيرِ إذنٍ ، وَالفَخرِ وَالكِبرِ وَالإِشراكِ وَالإِصرارِ وَالاِستِكبارِ ، وَالمَشيِ فِي الأَرضِ مَرَحا ، وَالجَورِ فِي الحُكمِ ، وَالاِعتِداءِ فِي الغَضَبِ ، ورُكوبِ الحَمِيَّةِ ، وتَعَضُّدِ الظّالِمِ ، وعَونٍ عَلَى الإِثمِ وَالعُدوانِ ، وقِلَّةِ العَدَدِ فِي الأَهلِ وَالمالِ وَالوَلَدِ ، ورُكوبِ الظَّنِّ وَاتِّباعِ الهَوى ، وَالعَمَلِ بِالشَّهوَةِ ، وَالأَمرِ بِالمُنكَرِ ، وَالنَّهيِ عَنِ المَعروفِ ، وفَسادٍ فِي الأَرضِ ، وجُحودِ الحَقِّ ، وَالإِدلاءِ إلَى الحُكّامِ بِغَيرِ حَقٍّ ، وَالمَكرِ وَالخَديعَةِ ، وَالبُخلِ ، وقَولٍ فيما لا أعلَمُ ، وأكلِ الميتَةِ وَالدَّمِ ولَحمِ الخِنزيرِ وما اُهِلَّ لِغَيرِ اللّهِ بِهِ ، وَالحَسَدِ وَالبَغيِ وَالدُّعاءِ إلَى الفاحِشَةِ . وَالتَّمَنّي بِما فَضَّلَ اللّهُ ، وَالإِعجابِ بِالنَّفسِ ، وَالمَنِّ بِالعَطِيَّةِ ، وَالاِرتِكابِ إلَى الظُّلمِ ، وجُحودِ القُرآنِ ، وقَهرِ اليَتيمِ ، وَانتِهارِ السّائِلِ (2) ، وَالحِنثِ فِي الأَيمانِ وكُلِّ يَمينٍ كاذِبَةٍ فاجِرَةٍ ، وظُلمِ أحَدٍ مِن خَلقِكَ في أموالِهِم وأشعارِهِم وأعراضِهِم وأبشارِهِم . (3) وما رَآهُ بَصَري ، وسَمِعَهُ سَمعي ، ونَطَقَ بِهِ لِساني ، وبَسَطَت إلَيهِ يَدي ، ونَقَلَت إلَيهِ قَدَمي ، وباشَرَهُ جِلدي ، وحَدَّثَت بِهِ نَفسي مِمّا هُوَ لَكَ مَعصِيَةٌ ، وكُلِّ يَمينٍ زورٍ . ومِن كُلِّ فاحِشَةٍ وذَنبٍ وخَطيئَةٍ عَمِلتُها في سَوادِ اللَّيلِ وبَياضِ النَّهارِ ، فِي مَلاءٍ أو خَلاءٍ ، مِمّا عَلِمتُهُ أو لَم أعلَمهُ ، ذَكَرتُهُ أو لَم أذكُرهُ ، سَمِعتُهُ أو لَم

.


1- .أخفر الذّمة : أي لم يفِ بها (لسان العرب : ج 4 ص 253) .
2- .انتهره : زجره (لسان العرب : ج 5 ص 239) .
3- .أبشار : جمعُ جمعِ بَشَرَة ، وهو ظاهر جلد الإنسان (تاج العروس : ج 6 ص 84) .

ص: 94

أسمَعهُ ، عَصَيتُكَ فيهِ رَبّي طَرفَةَ عَينٍ ، وفيما سِواها مِن حِلٍّ أو حَرامٍ تَعَدَّيتُ فيهِ أو قَصَّرتُ عَنهُ ، مُنذُ يَومَ خَلَقتَني إلى أن جَلَستُ مَجلِسي هذا ، فَإِنّي أتوبُ إلَيكَ مِنهُ ، وأنتَ يا كَريمُ تَوّابٌ رَحيمٌ . اللّهُمَّ يا ذَا المَنِّ وَالفَضلِ وَالمَحامِدِ الَّتي لا تُحصى ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وَاقبَل تَوبَتي ، ولا تَرُدَّها لِكَثرَةِ ذُنوبي وما أسرَفتُ عَلى نَفسي ؛ حَتّى لا أرجِعَ في ذَنبٍ تُبتُ إلَيكَ مِنهُ ، فَاجعَلها يا عَزيزُ تَوبَةً نَصوحا صادِقَةً مَبرورَةً لَدَيكَ مَقبولةً مَرفوعَةً عِندَكَ ، في خَزائِنِكَ الَّتي ذَخَرتَها لِأَولِيائِكَ حينَ قَبِلتَها مِنهُم ورَضيتَ بِها عَنهُم . اللّهُمَّ إنَّ هذِهِ النَّفسَ نَفسُ عَبدِكَ ، وأسأَلُكَ أن تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ ، وأن تُحَصِّنَها مِنَ الذُّنوبِ وتَمنَعَها مِنَ الخَطايا وتَحرُزَها مِنَ السَّيِّئاتِ ، وتَجعَلَها في حِصنٍ حَصينٍ مَنيعٍ لا يَصِلُ إلَيها ذَنبٌ ولا خَطيئَةٌ ، ولا يُفسِدُها عَيبٌ ولا مَعصِيَةٌ ؛ حَتّى ألقاكَ يَومَ القِيامَةِ وأنتَ عَنّي راضٍ وأنَا مَسرورٌ ، تَغبِطُني مَلائِكَتُكَ وأنبِياؤُكَ وجَميعُ خَلقِكَ ، وقَد قَبِلتَني وجَعَلتَني طائِعا طاهِرا زاكِيا عِندَكَ مِنَ الصّادِقينَ . اللّهُمَّ إنّي أعتَرِفُ لَكَ بِذُنوبي ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاجعَلها ذُنوبا لا تُظهِرُها لِأَحَدٍ مِن خَلقِكَ ، يا غَفّارَ الذُّنوبِ يا أرحَمَ الرّاحِمينَ ، سُبحانَكَ اللّهُمَّ وبِحَمدِكَ عَمِلتُ سوءاً وظَلَمتُ نَفسي ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاغفِر لي ، إنَّكَ أنتَ الغَفورُ الرَّحيمُ . اللّهُمَّ إن كانَ مِن عَطائِكَ ومَنِّكَ وفَضلِكَ وفي عِلمِكَ وقَضائِكَ أن تَرزُقَنِي التَّوبَةَ ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِهِ ، وَاعصِمني بَقِيَّةَ عُمُري ، وأحسِن مَعونَتي فِي الجِدِّ وَالاِجتِهادِ وَالمُسارَعَةِ إلى ما تُحِبُّ وتَرضى وَالنَّشاطِ وَالفَرَحِ وَالصِّحَّةِ ، حَتّى أبلُغَ في عِبادَتِكَ وطاعَتِكَ الَّتي يَحِقُّ لَكَ عَلَيَ رِضاكَ .

.

ص: 95

د _ دعاء الإمام الكاظم

وأن تَرزُقَني بِرَحمَتِكَ ما اُقيمُ بِهِ حُدودَ دينِكَ ، وحَتّى أعمَلَ في ذلِكَ بِسُنَنِ نَبِيِّكَ صَلَواتُكَ عَلَيهِ وآلِهِ ، وَافعَل ذلِكَ بِجَميعِ المُؤمِنينَ وَالمُؤمِناتِ في مَشارِقِ الأَرضِ ومَغارِبِها ، اللّهُمَّ إنَّكَ تَشكُرُ اليَسيرَ وتَغفِرُ الكَثيرَ ، وأنتَ الغَفورُ الرَّحيمُ _ تَقولُها ثَلاثا_ . (1)

د _ دُعاءُ الإِمامِ الكاظِمِالكافي عن عليّ بن رئاب عن الإمام الكاظم عليه السلام :اُدعُ بِهذَا الدُّعاءِ في شَهرِ رَمَضانَ مُستَقبِلَ (2) دُخولِ السَّنَةِ ، وذَكَرَ أنَّهُ مَن دَعا بِهِ مُحتَسبِا مُخلِصا لَم تُصِبهُ في تِلكَ السَّنَةِ فِتنَةٌ ولا آفَةٌ يُضَرُّ بِها دينُهُ وبَدَنُهُ ، ووَقاهُ اللّهُ _ عَزَّ ذِكرُهُ _ شَرَّ ما يَأتي بِهِ تِلكَ السَّنَةَ : اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِاسمِكَ الَّذي دانَ (3) لَهُ كُلُّ شَيءٍ ، وبِرَحمَتِكَ الَّتي وَسِعَت كُلَّ شَيءٍ ، وبِعِزَّتِكَ الَّتي قَهَرتَ بِها كُلَّ شَيءٍ ، وبِعَظَمَتِكَ الَّتي تَواضَعَ لَها كُلُّ شَيءٍ ، وبِقُوَّتِكَ الَّتي خَضَعَ لَها كُلُّ شَيءٍ ، وبِجَبَروتِكَ الَّتي غَلَبَت كُلَّ شَيءٍ ، وبِعِلمِكَ الَّذي أحاطَ بِكُلِّ شَيءٍ ، يا نورُ يا قُدّوسُ ، يا أوَّلُ قَبلَ كُلِّ شَيءٍ ويا باقي بَعدَ كُلِّ شَيءٍ ، يا أللّهُ يا رَحمانُ يا أللّهُ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاغفِر لِيَ الذُّنوبَ الَّتي تُغَيِّرُ النِّعَمَ ، وَاغفِر لِيَ الذُّنوبَ الَّتي تُنزِلُ النِّقَمَ ، وَاغفِر لِيَ الذُّنوبَ الَّتي تَقطَعُ الرَّجاءَ ، وَاغفِر لِيَ الذُّنوبَ الَّتي تُديلُ الأَعداءَ ، وَاغفِر لِيَ الذُّنوبَ الَّتي تَرُدُّ الدُّعاءَ وَاغفِر لِيَ الذُّنوبَ الَّتي يُستَحَقُّ بِها نُزولُ البَلاءِ ، وَاغفِر لِيَ الذُّنوبَ الَّتي تَحبِسُ غَيثَ السَّماءِ ، وَاغفِر لِيَ الذُّنوبَ الَّتي

.


1- .الإقبال : ج 1 ص 119 ، بحار الأنوار : ج 97 ص 326 ح 1 .
2- .مستقبل : هو إمّا بكسر الباء أو بالفتح ، وعلى التقديرين فهو مبني على أنّ السنة الشرعية أوّلها شهر رمضان (مرآة العقول : ج 16 ص 219) .
3- .دان : ذلّ وأطاع (القاموس المحيط : ج 4 ص 225) .

ص: 96

تَكشِفُ الغِطاءَ ، وَاغفِر لِيَ الذُّنوبَ الَّتي تُعَجِّلُ الفَناءَ ، وَاغفِر لِيَ الذُّنوبَ الَّتي تورِثُ النَّدَمَ ، وَاغفِر لِيَ الذُّنوبَ الَّتي تَهتِكُ العِصَمَ ، وألبِسني دِرعَكَ الحَصينَةَ الَّتي لا تُرامُ ، وعافِني مِن شَرِّ ما اُحاذِرُ بِاللَّيلِ وَالنَّهارِ في مُستَقبِلِ سَنَتي هذِهِ . اللّهُمَّ رَبَّ السَّماواتِ السَّبعِ وَالأَرَضينَ السَّبعِ وما فيهِنَّ وما بَينَهُنَّ ورَبَّ العَرشِ العَظيمِ ، ورَبَّ السَّبعِ المَثاني وَالقُرآنِ العَظيمِ ، ورَبَّ إسرافيلَ وميكائيلَ وجَبرَئيلَ ، ورَبَّ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله وأهلِ بَيتِهِ سَيِّدِ المُرسَلينَ وخاتَمِ النَّبِيِّينَ ، أسأَلُكَ بِكَ وبِما سَمَّيتَ يا عَظيمُ ، أنتَ الَّذي تَمُنُّ بِالعَظيمِ وتَدفَعُ كُلَّ مَحذورٍ ، وتُعطي كُلَّ جَزيلٍ وتُضاعِفُ مِنَ الحَسَناتِ بِالقَليلِ وَالكَثيرِ وتَفعَلُ ما تَشاءُ ، يا قَديرُ يا أللّهُ ، يا رَحمانُ يا رَحيمُ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وأهلِ بَيتِهِ ، وألبِسني في مُستَقبِلِ هذِهِ السَّنَةِ سِترَكَ ، ونَضِّر وَجهي بِنورِكَ ، وأحِبَّني (1) بِمَحَبَّتِكَ ، وبَلِّغني رِضوانَكَ وشريفَ كَرامَتِكَ وجَزيلَ عَطائِكَ مِن خَيرِ ما عِندَكَ ومِن خَيرِ ما أنتَ مُعطٍ أحَدا مِن خَلقِكَ ، وألبِسني مَعَ ذلِكَ عافِيَتَكَ ، يا مَوضِعَ كُلِّ شَكوى ويا شاهِدَ كُلِّ نَجوى ، ويا عالِمَ كُلِّ خَفِيَّةٍ ويا دافِعَ كُلِّ ما تَشاءُ مِن بَلِيَّةٍ ، يا كَريمَ العَفوِ يا حَسَنَ التَّجاوُزِ ، تَوَفَّني عَلى مِلَّةِ إبراهيمَ (2) وفِطرَتِهِ ، وعَلى دينِ مُحَمَّدٍ وسُنَّتِهِ ، وعَلى خَيرِ وَفَاةٍ فَتَوَفَّني ؛ مُوالِيا لِأَولِيائِكَ مُعادِيا لِأَعدائِكَ . اللّهُمَّ وجَنِّبني في هذِهِ السَّنَةِ كُلَّ عَمَلٍ أو قَولٍ أو فِعلٍ يُباعِدُني مِنكَ ، وَاجلِبني إلى كُلِّ عَمَلٍ أو قَولٍ أو فِعلٍ يُقَرِّبُني مِنكَ في هذِهِ السَّنَةِ ، يا أرحَمَ الرّاحِمينَ ، وَامنَعني مِن كُلِّ عَمَلٍ أو فِعلٍ أو قَولٍ يَكونُ مِنّي أخافُ ضَرَرَ عاقِبَتِهِ وأخافُ مَقتَكَ إيّايَ عَلَيهِ ، حَذَرا أن تَصرِفَ وَجهَكَ الكَريمَ عَنّي فَأَستَوجِبَ بِهِ نَقصا

.


1- .في تهذيب الأحكام : «وأحيِني» .
2- .أي دِينه (مجمع البحرين : ج 3 ص 1721) .

ص: 97

ه _ دعاء الإمام الجواد

مِن حَظٍّ لي عِندَكَ ، يا رَؤوفُ يا رَحيمُ . اللّهُمَّ اجعَلني في مُستَقبِلِ هذِهِ السَّنَةِ في حِفظِكَ وجِوارِكَ وكَنَفِكَ ، وجَلِّلني سِترَ عافِيَتِكَ ، وهَب لي كَرامَتَكَ ، عَزَّ جارُكَ وجَلَّ ثَناءُ وَجهِكَ ولا إلهَ غَيرُكَ . اللّهُمَّ اجعَلني تابِعا لِصالِحِ مَن مَضى مِن أولِيائِكَ وألحِقني بِهِم ، وَاجعَلني مُسَلِّما لِمَن قالَ بِالصِّدقِ عَلَيكَ مِنهُم ، وأعوذُ بِكَ يا إلهي أن تُحيطَ بِهِ خَطيئَتي وظُلمي وإسرافي عَلى نَفسي وَاتِّباعي لِهَوايَ وَاشتِغالي بِشَهَواتي ، فَيَحولَ ذلِكَ بَيني وبَينَ رَحمَتِكَ ورِضوانِكَ ، فَأَكونَ مَنسِيّا عِندَكَ ، مُتَعَرِّضا لِسَخَطِكَ ونِقمَتِكَ . اللّهُمَّ وَفِّقني لِكُلِّ عَمَلٍ صالِحٍ تَرضى بِهِ عَنّي،وقَرِّبني بِهِ إلَيكَ زُلفى. اللّهُمَّ كَما كَفَيتَ نَبِيَّكَ مُحَمَّدا صلى الله عليه و آله هَولَ عَدُوِّهِ ، وفَرَّجتَ هَمَّهُ وكَشَفتَ غَمَّهُ وصَدَقتَهُ وَعدَكَ وأنجَزتَ لَهُ مَوعِدَكَ بِعَهدِكَ ، اللّهُمَّ بِذلِكَ فَاكفِني هَولَ هذِهِ السَّنَةِ وآفاتِها وأسقامَها وفِتنَتَها وشُرورَها وأحزانَها وضيقَ المَعاشِ فيها ، وبَلِّغني بِرَحمَتِكَ كَمالَ العافِيَةِ بِتَمامِ دَوامِ العافِيَةِ وَالنِّعمَةِ عِندي إلى مُنتَهى أجَلي ، أسأَلُكَ سُؤالَ مَن أساءَ وظَلَمَ وَاعتَرَفَ ، وأسأَلُكَ أن تَغفِرَ لي ما مَضى مِنَ الذُّنوبِ الَّتي حَصَرَتها حَفَظَتُكَ وأحصَتها كِرامُ مَلائِكَتِكَ عَلَيَ ، وأن تَعصِمَني إلهي مِنَ الذُّنوبِ فيما بَقِيَ مِن عُمُري إلى مُنتَهى أجَلي ، يا أللّهُ يا رَحمانُ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وعَلى أهلِ بَيتِ مُحَمَّدٍ وآتِني كُلَّ ما سَأَلتُكَ ورَغِبتُ إلَيكَ فيهِ ؛ فَإِنَّكَ أمَرتَني بِالدُّعاءِ وتَكَفَّلتَ لي بِالإِجابَةِ . (1)

ه _ دُعاءُ الإِمامِ الجَوادِالإقبال عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني :صَلّى أبو جَعفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ

.


1- .الكافي : ج 4 ص 72 ح 3 ، كتاب من لا يحضره الفقيه : ج 2 ص 102 ح 1848 .

ص: 98

الرِّضا عليه السلام صَلاةَ المَغرِبِ في لَيلَةٍ رَأى فيها هِلالَ شَهرِ رَمَضانَ ، فَلَمّا فَرَغَ مِنَ الصَّلاةِ ونَوَى الصِّيامَ رَفَعَ يَدَيهِ فَقالَ : اللّهُمَّ ، يا مَن يَملِكُ التَّدبيرَ وهُوَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ ، يا مَن يَعلَمُ خائِنَةَ الأَعيُنِ وما تُخفِي الصُّدورُ وتُجِنُّ الضَّميرُ وهُوَ اللَّطيفُ الخَبيرُ ، اللّهُمَّ اجعَلنا مِمَّن نَوى فَعَمِلَ ، ولا تَجعَلنا مِمَّن شَقِيَ فَكَسِلَ ، ولا مِمَّن هُوَ عَلى غَيرِ عَمَلٍ يَتَّكِلُ ، اللّهُمَّ صَحِّح أبدانَنا مِنَ العِلَلِ ، وأعِنّا عَلى مَا افتَرَضتَ عَلَينا مِنَ العَمَلِ ، حَتّى يَنقَضِيَ عَنّا شَهرُكَ هذا وقَد أدَّينا مَفروضَكَ فيهِ عَلَينا ، اللّهُمَّ أعِنّا عَلى صِيامِهِ ، ووَفِّقنا لِقِيامِهِ ، ونَشِّطنا فيهِ لِلصَّلاةِ ، ولا تَحجُبنا مِنَ القِراءَةِ ، وسَهِّل لَنا فيهِ إيتاءَ الزَّكاةِ . اللّهُمَّ لا تُسَلِّط عَلَينا وَصَبا (1) ولا تَعَبا ولا سَقَما ولا عَطَبا (2) ، اللّهُمَّ ارزُقنَا الإِفطارَ مِن رِزقِكَ الحَلالِ ، اللّهُمَّ سَهِّل لَنا فيهِ ما قَسَمتَهُ مِن رِزقِكَ ويَسِّر ما قَدَّرتَهُ مِن أمرِكَ ، وَاجعَلهُ حَلالاً طَيِّبا نَقِيّا مِنَ الآثامِ ، خالِصا مِنَ الآصارِ (3) وَالأَجرامِ . اللّهُمَّ ، لا تُطعِمنا إلاّ طَيِّبا غَيرَ خَبيثٍ ولا حَرامٍ ، وَاجعَل رِزقَكَ لَنا حَلالاً لا يَشوبُهُ دَنَسٌ ولا أسقامٌ ، يا مَن عِلمُهُ بِالسِّرِّ كَعِلمِهِ بِالإِعلانِ ، يا مُتَفَضِّلاً عَلى عِبادِهِ بِالإِحسانِ ، يا مَن هُوَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ ، وبِكُلِّ شَيءٍ عَليمٌ خَبيرٌ ، ألهِمنا ذِكرَكَ وجَنِّبنا عُسرَكَ ، وأنِلنا يُسرَكَ وَاهدِنا لِلرَّشادِ ، ووَفِّقنا لِلسَّدادِ ، وَاعصِمنا مِنَ البَلايا ، وصُنّا مِنَ الأَوزارِ وَالخَطايا ، يا مَن لا يَغفِرُ عَظيمَ الذُّنوبِ غَيرُهُ ، ولا يَكشِفُ السَّوءَ إلاّ هُوَ يا أرحَمَ الرّاحِمينَ وأكرَمَ الأَكرَمينَ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وأهلِ بَيتِهِ الطَّيِّبينَ ، وَاجعَل صِيامَنا مَقبولاً ، وبِالبِرِّ وَالتَّقوى

.


1- .الْوصَبُ : دوام الوجع ولزومه (النهاية : ج 5 ص 190) .
2- .العَطَبُ : الهلاك (لسان العرب : ج 1 ص 610) .
3- .الإصر : الذنب ، وجمعه آصار (لسان العرب : ج 1 ص 23) .

ص: 99

مَوصولاً ، وكَذلِكَ فَاجعَل سَعيَنا مَشكورا ، وقِيامَنا مَبرورا ، وقُرآنَنا مَرفوعا ، ودُعاءَنا مَسموعا ، وَاهدِنا لِلحُسنى ، وجَنِّبنَا العُسرى ، ويَسِّرنا لِليُسرى ، وأعلِ لَنَا الدَّرَجاتِ ، وضاعِف لَنَا الحَسَناتِ ، وَاقبَل مِنَّا الصَّومَ وَالصَّلاةَ ، وَاسمَع مِنَّا الدَّعَواتِ ، وَاغفِر لَنَا الخَطيئاتِ ، وتَجاوَز عَنَّا السَّيِّئاتِ ، وَاجعَلنا مِنَ العامِلينَ الفائِزينَ ولا تَجعَلنا مِنَ المَغضوبِ عَلَيهِم ولاَ الضّالّينَ ، حَتّى يَنقَضِيَ شَهرُ رَمَضانَ عَنّا وقَد قَبِلتَ فيهِ صِيامَنا وقِيامَنا ، وزَكَّيتَ فيهِ أعمالَنا ، وغَفَرتَ فيهِ ذُنوبَنا ، وأجزَلتَ فيهِ مِن كُلِّ خَيرٍ نَصيبَنا ، فَإِنَّكَ الإِلهُ المُجيبُ وَالرَّبُّ القَريبُ ، وأنتَ بِكُلِّ شَيءٍ مُحيطٌ . (1)

.


1- .الإقبال : ج 1 ص 76 .

ص: 100

. .

ص: 101

القسم الثالث : آداب ضيافة اللّه

اشاره

القسم الثالث : آدابُ ضِيافَةِ اللّهالفصل الأوّل : آدابُ الصِّيامِالفصل الثاني : ما يُؤَكَّدُ استِحبابُهُ مِنَ الأَعمالِالفصل الثالث : الأَدعِيَةُ المُشتَرَكَةُالفصل الرابع : الآدابُ المُختَصَّةُ بِاللَّياليالفصل الخامس : الآدابُ المُختَصَّةُ بِالأَيّامِالفصل السادس : الأَعمالُ المُختَصَّةُ بِالعَشرِ الأَواخِرِالفصل السابع : نَوافِلُ شَهرِ رَمَضانَ

.

ص: 102

. .

ص: 103

الفصل الأوّل : آداب الصّيام

1 / 1 أهمّ الآداب

أ _ الورع عن محارم اللّه

الفصل الأوّل : آدابُ الصِّيامِ1 / 1أهَمُّ الآدابِأ _ الوَرَعُ عَن مَحارِمِ اللّهِالإمام عليّ عليه السلام :قُلتُ : يا رَسولَ اللّهِ ، ما أفضَلُ الأَعمالِ في هذَا الشَّهرِ؟ فَقالَ : «يا أبَا الحَسَنِ ، أفضَلُ الأَعمالِ في هذَا الشَّهرِ الوَرَعُ عَن مَحارِمِ اللّهِ» . (1)

رسول اللّه صلى الله عليه و آله :يَقولُ اللّهُ عز و جل : «مَن لَم تَصُم جَوارِحُهُ عَن مَحارِمي ، فَلا حاجَةَ في أن يَدَعَ طَعامَهُ وشَرابَهُ مِن أجلي» . (2)

الإمام الباقر عليه السلام :قالَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله لِجابِرِ بنِ عَبدِ اللّهِ : «يا جابِرُ ، هذا شَهرُ رَمَضانَ ؛ مَن صامَ نَهارَهُ وقامَ وِردا مِن لَيلِهِ وعَفَّ بَطنَهُ وفَرجَهُ وكَفَّ لِسانَهُ ، خَرَجَ مِن ذُنوبِهِ كَخُروجِهِ مِنَ الشَّهرِ» . فَقالَ جابِرٌ : يا رَسولَ اللّهِ ، ما أحسَنَ هذَا الحَديثَ! فَقالَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : «يا جابِرُ ، وما أشَدَّ هذِهِ الشُّروطَ!» . (3)

.


1- .فضائل الأشهر الثلاثة : ص 78 ح 61 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 358 ح 25 .
2- .تاريخ أصبهان : ج 2 ص 124 ح 1280 ، كنز العمّال : ج 8 ص 508 ح 23867 .
3- .الكافي : ج 4 ص 87 ح 2 .

ص: 104

ب _ الاِجتناب عن الغيبة
ج _ الاِجتناب عن السّبّ

رسول اللّه صلى الله عليه و آله :مَن تَأَمَّلَ خَلفَ امرَأَةٍ حَتّى يَتَبَيَّنَ لَهُ حَجمُ عِظامِها مِن وَراءِ ثِيابِها وهُوَ صائِمٌ ، فَقَد أفطَرَ . (1)

فاطمة عليهاالسلام :ما يَصنَعُ الصّائِمُ بِصِيامِهِ إذا لَم يَصُن لِسانَهُ وسَمعَهُ وبَصَرَهُ وجَوارِحَهُ؟! (2)

ب _ الاِجتِنابُ عَنِ الغيبَةِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :الصّائِمُ في عِبادَةٍ وإن كانَ نائِماً عَلى فِراشِهِ ؛ ما لَم يَغتَب مُسلِماً . (3)

عنه صلى الله عليه و آله :إذَا اغتابَ الصّائِمُ أفطَرَ . (4)

عنه صلى الله عليه و آله :مَنِ اغتابَ مُسلِماً أو مُسلِمَةً لَم يَقبَلِ اللّهُ تَعالى صَلاتَهُ ولا صِيامَهُ أربَعينَ يَوماً ولَيلَةً ، إلاّ أن يَغفِرَ لَهُ صاحِبُهُ . (5)

مسند أبي يعلى عن عبيد مولى رسول اللّه صلى الله عليه و آله :إنَّ امرَأَتَينِ كانَتا صائِمَتَينِ ، فَكانَتا تَغتابانِ النّاسَ ، فَدَعا رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله بِقَدَحٍ ، فَقالَ لَهُما : «قيئا!» فَقاءَتا قَيحاً ودَماً ولَحماً عَبيطاً . (6) ثُمَّ قالَ : «إنَّ هاتَينِ صامَتا عَنِ الحَلالِ ، وأفطَرَتا عَلَى الحَرامِ» . (7)

ج _ الاِجتِنابُ عَنِ السَّبِّالإمام الصادق عليه السلام :إنَّ أبي عليه السلام قالَ : «سَمِعَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله امرَأَةً تُسابُّ جارِيَةً لَها وهِيَ صائِمَةٌ ، فَدَعا رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله بِطَعامٍ فَقالَ لَها : كُلي! فَقالَت : أنَا صائِمَةٌ يا رَسولَ اللّهِ!

.


1- .معاني الأخبار : ص 410 ح 95 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 290 ح 7 .
2- .دعائم الإسلام : ج 1 ص 268 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 295 ح 25 .
3- .فضائل الأشهر الثلاثة : ص 122 ح 124 .
4- .عوالي اللآلي : ج 1 ص 263 ح 53 ؛ نصب الراية : ج 2 ص 482 .
5- .جامع الأخبار : ص 412 ح 1141 ، بحار الأنوار : ج 75 ص 258 ح 53 .
6- .أي طريّاً غير نضيج (النهاية : ج 3 ص 172) .
7- .مسند أبي يعلى : ج 2 ص 234 ح 1573 .

ص: 105

د _ الاِجتناب عن الكذب
ه _ الاِجتناب عن الرّياء
و _ الاِجتناب عن كلّ ما يكرهه اللّه

فَقالَ : كَيفَ تَكونينَ صائِمَةً وقَد سَبَبتِ جارِيَتَكِ؟! إنَّ الصَّومَ لَيسَ مِنَ الطَّعامِ وَالشَّرابِ ، وإنَّما جَعَلَ اللّهُ ذلِكَ حِجاباً عَن سِواهُما مِنَ الفَواحِشِ مِنَ الفِعلِ وَالقَولِ يُفطِرُ الصّائِمَ . ما أقَلَّ الصُّوّامَ وأكثَرَ الجُوّاعَ!» . (1)

رسول اللّه صلى الله عليه و آله :ما مِن عَبدٍ صالِحٍ يُشتَمُ فَيَقولُ : إنّي صائِمٌ سَلامٌ عَلَيكَ لا أشتِمُكَ كَما شَتَمتَني ، إلاّ قالَ الرَّبُّ _ تَبارَكَ وتَعالى _ : «اِستَجارَ عَبدي بِالصَّومِ مِن شَرِّ عَبدي ، فَقَد أجَرتُهُ مِنَ النّارِ» . (2)

عنه صلى الله عليه و آله :لا تُسابَّ وأنتَ صائِمٌ ، فَإِن سَبَّكَ أحَدٌ فَقُل : إنّي صائِمٌ ، وإن كُنتَ قائِما فَاجلِس . (3)

د _ الاِجتِنابُ عَنِ الكِذبِالإمام الباقر عليه السلام :إنَّ الكَذبَةَ لَيُفطِرُ الصِّيامَ ، وَالنَّظرَةَ بَعدَ النَّظرَةِ ، وَالظُّلمَ كُلَّهُ ؛ قَليلَهُ وكَثيرَهُ . (4)

ه _ الاِجتِنابُ عَنِ الرِّياءِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :مَن صامَ يُرائي فَقَد أشرَكَ . (5)

و _ الاِجتِنابُ عَن كُلِّ ما يَكرَهُهُ اللّهُرسول اللّه صلى الله عليه و آله :إنَّ الصِّيامَ لَيسَ مِنَ الأَكلِ وَالشُّربِ فَقَط ؛ إنَّمَا الصِّيامُ مِنَ اللَّغوِ وَالرَّفَثِ (6) ، فَإِن سابَّكَ أحَدٌ أو جَهِلَ عَلَيكَ فَقُل : إنّي صائِمٌ . (7)

.


1- .النوادر للأشعري : ص 22 ح 10 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 293 ح 16 .
2- .الكافي : ج 4 ص 88 ح 5 .
3- .السنن الكبرى للنسائي : ج 2 ص 241 ح 3259 ، كنز العمّال : ج 8 ص 508 ح 23868 .
4- .الإقبال : ج 1 ص 195 ، بحار الأنوار : ج 97 ص 352 .
5- .مسند ابن حنبل : ج 6 ص 82 ح 17140 ؛ مجمع البيان : ج 6 ص 771 .
6- .رَفَثَ في منطقه : أفحش فيه (المصباح المنير : ص 232) .
7- .صحيح ابن حبّان : ج 8 ص 256 ح 3479 ، كنز العمّال : ج 8 ص 507 ح 23864 .

ص: 106

الإمام زين العابدين عليه السلام_ مِن دُعائِهِ عِندَ دُخولِ شَهرِ رَمَضانَ _:اللّهُمَّ ... وأعِنّا عَلى صِيامِهِ بِكَفِّ الجَوارِحِ عَن مَعاصيكَ وَاستِعمالِها فيهِ بِما يُرضيكَ ؛ حَتّى لا نُصغِيَ بِأَسماعِنا إلى لَغوٍ ، ولا نُسرِعَ بِأَبصارِنا إلى لَهوٍ ، وحَتّى لا نَبسُطَ أيدِيَنا إلى مَحظورٍ، ولا نَخطُوَ بِأَقدامِنا إلى مَحجورٍ ، وحَتّى لا تَعِيَ بُطونُنا إلاّ ما أحلَلتَ، ولا تَنطِقَ ألسِنَتُنا إلاّ بِما مَثَّلتَ ، ولا نَتَكَلَّفَ إلاّ ما يُدني مِن ثَوابِكَ ، ولا نَتَعاطى إلاَّ الَّذي يَقي مِن عِقابِكَ . (1)

الإمام الصادق عليه السلام :إذا صُمتَ فَليَصُم سَمعُكَ وبَصَرُكَ وفَرجُكَ ولِسانُكَ ، وتَغُضُّ بَصَرَكَ عَمّا لا يَحِلُّ النَّظَرُ إلَيهِ ، وَالسَّمعَ عَمّا لا يَحِلُّ استِماعُهُ إلَيهِ ، وَاللِّسانَ مِنَ الكَذِبِ وَالفُحشِ . (2)

عنه عليه السلام :صَومُ شَهرِ رَمَضانَ فَرضٌ في كُلِّ عامٍ ، وأدنى ما يَتِمُّ بِهِ فَرضُ صَومِهِ : العَزيمَةُ مِن قَلبِ المُؤمِنِ عَلى صَومِهِ بِنِيَّةٍ صادِقَةٍ ، وتَركُ الأَكلِ وَالشُّربِ وَالنِّكاحِ في نَهارِهِ كُلِّهِ ، وأن يَجمَعَ في صَومِهِ التَّوَقِّيَ لِجَميعِ جَوارِحِهِ وكَفَّها عَن مَحارِمِ اللّهِ رَبِّهِ مُتَقَرِّبا بِذلِكَ كُلِّهِ إلَيهِ ؛ فَإِذا فَعَلَ ذلِكَ كانَ مُؤَدِّيا لِفَرضِهِ . (3)

سعد السعود :مِن سُنَنِ إدريسَ عليه السلام : إذا دَخَلتُم فِي الصِّيامِ طَهِّروا نُفوسَكُم مِن كُلِّ دَنَسٍ ونَجَسٍ ، وصوموا للّهِِ بِقُلوبٍ خالِصَةٍ صافِيَةٍ مُنَزَّهَةٍ عَنِ الأَفكارِ السَّيِّئَةِ وَالهَواجِسِ المُنكَرَةِ ؛ فَإِنَّ اللّهَ يحيس (4) القُلوبَ اللَّطِخَةَ وَالنِّيّاتِ المَدخولَةَ ، ومَعَ صِيامِ أفواهِكُم مِنَ المَآكِلِ فَلتَصُم جَوارِحُكُم مِنَ المَآثِمِ ؛ فَإِنَّ اللّهَ لا يَرضى عَنكُم أن تَصوموا مِنَ المَطاعِمِ فَقَط،لكِن مِنَ المَناكيرِ كُلِّها

.


1- .الصحيفة السجّاديّة : ص 166 الدعاء 44 ، مصباح المتهجّد : ص 608 ح 695 وفيه «نَسرح» بدل «نسرع» .
2- .الهداية : ص 189 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 295 ح 26 .
3- .دعائم الإسلام : ج 1 ص 268 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 294 ح 25 .
4- .كذا في المصدر ، وفي بحار الأنوار «سيحبس» ، وفي مستدرك الوسائل : ج 7 ص 372 ح 8447 «يحبس» ، وفي عدّة الداعي «يستنجس» .

ص: 107

1 / 2 ما ينبغي قبل الصّيام

أ _ السّحور

وَالفَواحِشِ بِأَسرِها. (1)

راجع : ص 109 (ما لا ينبغي للصائم) .

1 / 2ما يَنبَغي قَبلَ الصِّيامِأ _ السَّحوررسول اللّه صلى الله عليه و آله :السَّحورُ (2) بَرَكَةٌ . (3)

عنه صلى الله عليه و آله :تَسَحَّروا مِن آخِرِ اللَّيلِ ؛ وهُوَ الغِذاءُ المُبارَكُ . (4)

عنه صلى الله عليه و آله :تَسَحَّروا ولَو بِجُرَعِ الماءِ ، ألا صَلَواتُ اللّهِ عَلَى المُتَسَحِّرينَ! (5)

عنه صلى الله عليه و آله :تَعاوَنوا بِأَكلِ السَّحورِ عَلى صِيامِ النَّهارِ ، وبِالنَّومِ عِندَ القَيلولَةِ عَلى قِيامِ اللَّيلِ . (6)

الكافي عَن أبي بصير عن الإمام الصادق عليه السلام ، قال :سَأَلتُهُ عَنِ السَّحورِ لِمَن أرادَ الصَّومَ ، أ واجِبٌ هُوَ عَلَيهِ؟ فَقالَ : «لا بَأسَ بِألاّ يَتَسَحَّرَ إن شاءَ ، وأمّا في شَهرِ رَمَضانَ فَإِنَّهُ أفضَلُ أن يَتَسَحَّرَ ، نُحِبُّ ألاّ يُترَكَ في شَهرِ رَمَضانَ» . (7)

.


1- .سعد السعود : ص 39 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 293 ح 17 .
2- .قال ابن الأثير في النهاية : وفيه (أي الحديث) ذكر «السحور» مكرّرا في غير موضع ، وهو بالفتح اسمُ ما يُتَسحَّرُ به من الطعام والشراب ، وبالضمّ المصدرُ والفعلُ نفسه . وأكثر ما يُروى بالفتح ، وقيل : إنّ الصواب بالضّمّ ؛ لأنّه بالفتح طعام ، والبركةُ والأجرُ والثوابُ في الفعل لا في الطعام (النهاية : ج 2 ص 347) .
3- .الكافي : ج 4 ص 95 ح 3 ؛ مسند أبي يعلى : ج 6 ص 58 ح 6416 .
4- .مسند الشاميّين : ج 3 ص 90 ح 1853 ، كنز العمّال : ج 8 ص 511 ح 23890 .
5- .تهذيب الأحكام : ج 4 ص 198 ح 566 ؛ كنز العمّال : ج 8 ص 525 ح 23974 .
6- .تهذيب الأحكام : ج 4 ص 199 ح 571 ؛ سنن ابن ماجة : ج 1 ص 540 ح 1693 .
7- .الكافي : ج 4 ص 94 ح 1 .

ص: 108

ب _ أفضل السّحور

1 / 3 ما ينبغي للصّائم

أ _ السّواك
ب _ الطّيب

ب _ أفضَلُ السَّحورِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :نِعمَ سَحورُ المُؤمِنِ التَّمرُ . (1)

الإمام الصادق عليه السلام :أفضَلُ سَحورِكُمُ السَّويقُ وَالتَّمرُ . (2)

تهذيب الأحكام عن جابر :سَمِعتُ أبا جَعفَرٍ عليه السلام يَقولُ : «كانَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله يُفطِرُ عَلَى الأَسوَدَينِ _ قُلتُ : رَحِمَكَ اللّهُ! ومَا الأَسوَدانِ؟ قالَ : التَّمرُ وَالماءُ ، وَالزَّبيبُ وَالماءُ _ ويَتَسَحَّرُ بِهِما» . (3)

راجع : ص 112 (ما يَنبَغي عِندَ الإِفطارِ / قِراءَةُ سورَةِ القَدرِ) .

1 / 3ما يَنبَغي لِلصّائِمِأ _ السِّواكرسول اللّه صلى الله عليه و آله :إذا صُمتُم فَاستاكوا بِالغَداةِ ولا تَستاكوا بِالعَشِيِّ ، فَإِنَّهُ لَيسَ مِن صائِمٍ تَيبَسُ شَفَتاهُ بِالعَشِيِّ إلاّ كانَ نورا بَينَ عَينَيهِ يَومَ القِيامَةِ . (4)

ب _ الطّيبالكافي عن الحسن بن راشد :كانَ أبو عَبدِ اللّهِ عليه السلام إذا صامَ تَطَيَّبَ بِالطّيبِ ، ويَقولُ : «الطّيبُ تُحفَةُ الصّائِمِ» . (5)

الإمام الصادق عليه السلام :مَن تَطَيَّبَ بِطيبٍ أوَّلَ النَّهارِ وهُوَ صائِمٌ لَم يَفقُد عَقلَهُ . (6)

.


1- .سنن أبي داود : ج 2 ص 303 ح 2345 ؛ بحار الأنوار : ج 62 ص 296 .
2- .تهذيب الأحكام : ج 4 ص 198 ح 567 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 312 ح 5 .
3- .تهذيب الأحكام : ج 4 ص 198 ح 569 ، بحار الأنوار : ج 98 ص 12 ح 2 .
4- .المعجم الكبير : ج 4 ص 78 ح 3696 ؛ مكارم الأخلاق : ج 1 ص 114 ح 260 .
5- .الكافي : ج 4 ص 113 ح 3 ، بحار الأنوار : ج 47 ص 54 ح 89 .
6- .كتاب من لا يحضره الفقيه : ج 2 ص 86 ح 1804 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 290 ح 9 .

ص: 109

ج _ القيلولة

1 / 4 ما لا ينبغي للصّائم

أ _ السّفر في شهر رمضان

ج _ القَيلولَةرسول اللّه صلى الله عليه و آله :أربَعٌ مَن فَعَلَهُنَّ قَوِيَ عَلى صِيامِهِ : أن يَكونَ أوَّلُ فِطرِهِ عَلى ماءٍ ... ولا يَدَعَ القائِلَةَ (1) . (2)

الإمام الكاظم عليه السلام :قيلوا ؛ فَإِنَّ اللّهَ يُطعِمُ الصّائِمَ ويَسقيهِ في مَنامِهِ . (3)

راجع : ص 107 ، ح 131 .

1 / 4ما لا يَنبَغي لِلصّائِمِأ _ السَّفَرُ في شَهرِ رَمَضانَالإمام عليّ عليه السلام :لَيسَ لِلعَبدِ أن يَخرُجَ في سَفَرٍ إذا حَضَرَ شَهرُ رَمَضانَ ؛ لِقَولِ اللّهِ عز و جل : «فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ» (4) . (5)

الإمام الصادق عليه السلام :إذا دَخَلَ شَهرُ رَمَضانَ فَلِلّهِ فيهِ شَرطٌ ، قالَ اللّهُ تَعالى : « فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ» ، فَلَيسَ للرَّجُلِ إذا دَخَلَ شَهرُ رَمَضانَ أن يَخرُجَ إلاّ في حَجٍّ ، أو عُمرَةٍ ، أو مالٍ يَخافُ تَلَفَهُ ، أو أخٍ يَخافُ هَلاكَهُ ، ولَيسَ لَهُ أن يَخرُجَ في إتلافِ مالِ أخيهِ ، فَإِذا مَضَت لَيلَةُ ثَلاثٍ وعِشرينَ فَليَخرُج حَيثُ شاءَ . (6)

.


1- .القائلة والقيلولة هي النوم عند الظهيرة (مجمع البحرين : ج 3 ص 1536) .
2- .الفردوس : ج 1 ص 371 ح 1496 ، كنز العمّال : ج 8 ص 525 ح 23971 .
3- .الكافي : ج 4 ص 65 ح 14 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 290 ح 8 .
4- .البقرة : 185 .
5- .الخصال : ص 614 ح 10 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 322 ح 3 .
6- .تهذيب الأحكام : ج 4 ص 216 ح 626 .

ص: 110

ب _ ما يؤدّي إلى الضّعف
ج _ ما يمكن أن يؤدّي إلى نقض الصّوم
د _ رواية الشّعر

ب _ ما يُؤَدّي إلَى الضَّعفِالكافي :عَن مُحمّدِ بنِ مسلمٍ عَن أبي جعفرٍ عليه السلام أنَّهُ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَدخُلُ الحَمّامَ وهُوَ صائِمٌ ، فَقالَ : «لا بَأسَ ما لَم يَخشَ ضَعفا» . (1)

تهذيب الأحكام عن سعيد الأعرج :سَأَلتُ أبا عَبدِ اللّهِ عليه السلام عَنِ الصّائِمِ يَحتَجِمُ؟ فَقالَ : «لا بَأسَ ، إلاّ أن يَتَخَوَّفَ عَلى نَفسِهِ الضَّعفَ» . (2)

ج _ ما يُمكِنُ أن يُؤَدِّيَ إلى نَقضِ الصَّومِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :إنَّ اللّهَ كَرِهَ لي سِتَّ خِصالٍ ، ثُمَّ كَرِهتُهُنَّ لِلأَوصِياءِ مِن وُلدي وأتباعِهِم مِن بَعدي : الرَّفَثُ (3) فِي الصَّومِ . (4)

تهذيب الأحكام عن أبي بصير :سَأَلتُ أبا عَبدِ اللّهِ عليه السلام عَن رَجُلٍ كَلَّمَ امرَأَتَهُ في شَهرِ رَمَضانَ وهُوَ صائِمٌ ؟ فَقالَ : «لَيسَ عَلَيهِ شَيءٌ ... ولا يَنبَغي لَهُ أن يَتَعَرَّضَ لِرَمَضانَ» . (5)

رسول اللّه صلى الله عليه و آله :أسبِغِ الوُضوءَ ... وبالِغ فِي الاِستِنشاقِ إلاّ أن تَكونَ صائِما . (6)

د _ رِوايَةُ الشِّعرِتهذيب الأحكام عن حمّاد بن عثمان :سَمِعتُ أبا عَبدِ اللّهِ عليه السلام يَقولُ : «يُكرَهُ رِوايَةُ الشِّعرِ لِلصّائِمِ ولِلمُحرِمِ ، وفِي الحَرَمِ وفي يَومِ الجُمُعَةِ ، وأن يَروِيَ بِاللَّيلِ» . قُلتُ : وإن كانَ شِعرَ حَقٍّ؟

.


1- .الكافي : ج 4 ص 109 ح 3 .
2- .تهذيب الأحكام : ج 4 ص 260 ح 774 .
3- .الرَّفَث : كلمة جامعة لكلّ ما يريده الرجل من المرأة (النهاية : ج 2 ص 241) .
4- .الكافي : ج 4 ص 89 ح 11 .
5- .تهذيب الأحكام : ج 4 ص 272 ح 824 .
6- .سنن أبي داود : ج 1 ص 36 ح 142 ، كنز العمّال : ج 9 ص 305 ح 26129 .

ص: 111

1 / 5 ما ينبغي عند الإفطار

أ _ التّعجيل
ب _ تقديم الصّلاة

قالَ : «وإن كانَ شِعرَ حَقٍّ» . (1)

راجع : ص 103 (أهمّ الآداب) .

1 / 5ما يَنبَغي عِندَ الإِفطارِأ _ التَّعجيلرسول اللّه صلى الله عليه و آله :لا تَزالُ اُمَّتي بِخَيرٍ ما عَجَّلُوا الإِفطارَ وأخَّرُوا السَّحورَ . (2)

عنه صلى الله عليه و آله :مِن فِقهِ الرَّجُلِ في دينِهِ تَعجيلُ فِطرِهِ وتَأخيرُ سَحورِهِ . (3)

دعائم الإسلام :رُوِّينا عَن عَلِيٍّ عليه السلام أنَّهُ قالَ : «السُّنَّةُ تَعجيلُ الفِطرِ ، وتَأخيرُ السَّحورِ ، وَالاِبتِداءُ بِالصَّلاةِ _ يَعني صَلاةَ المَغرِبِ قَبلَ الفِطرِ _ إلاّ أن يَحضُرَ الطَّعامُ ، فَإِن حَضَرَ بُدِئَ بِهِ ثُمَّ صَلّى ، ولَم يَدَعِ الطَّعامَ ويَقومُ إلَى الصَّلاةِ» . وذَكَرَ عليه السلام أنَّ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله اُتِيَ بِكَتِفِ جَزورٍ (4) مَشوِيَّةٍ وقَد أذَّنَ بِلالٌ ، فَأَمَرَهُ فَكَفَّ هُنَيهَةً (5) حَتّى أكَلَ وأكَلنا مَعَهُ ، ثُمَّ عادَ بِلَبَنٍ فَشَرِبَ وشَرِبنا ، ثُمَّ أمَرَ بِلالاً فَأَقامَ وصَلّى وصَلَّينا مَعَهُ . (6)

ب _ تَقديمُ الصَّلاةِالإمام الباقر عليه السلام :تُقَدِّمُ الصَّلاةَ عَلَى الإِفطارِ ، إلاّ أن تَكونَ مَعَ قَومٍ يَبتَدِئونَ

.


1- .تهذيب الأحكام : ج 4 ص 195 ح 558 .
2- .مسند ابن حنبل : ج 8 ص 71 ح 21370 ، كنز العمّال : ج 8 ص 510 ح 23885 .
3- .تاريخ دمشق : ج 52 ص 138 ح 10956 ، كنز العمّال : ج 8 ص 511 ح 23890 .
4- .الجزور : البعير ذكرا كان أو اُنثى ، واللفظة مؤنّثة (النهاية : ج 1 ص 266) .
5- .هُنيهةً : أي قليلاً من الزمان ، ويقال : هُنيّة أيضا (النهاية : ج 5 ص 279) .
6- .دعائم الإسلام : ج 1 ص 280 .

ص: 112

ج _ الصّدقة
د _ قراءة سورة القدر

بِالإِفطارِ فَلا تُخالِف عَلَيهِم وأفطِر مَعَهُم ، وإلاّ فَابدَأ بِالصَّلاةِ ؛ فَإِنَّها أفضَلُ مِنَ الإِفطارِ ، وتُكتَبُ صَلاتُكَ وأنتَ صائِمٌ أحَبُّ إلَيَّ . 1

ج _ الصَّدَقَةالإمام الرضا عليه السلام :مَن تَصَدَّقَ وَقتَ إفطارِهِ عَلى مِسكينٍ بِرَغيفٍ ، غَفَرَ اللّهُ لَهُ ذَنبَهُ ، وكَتَبَ لَهُ ثَوابَ عِتقِ رَقَبَةٍ مِن وُلدِ إسماعيلَ . (1)

الإمام الصادق عليه السلام :كانَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليهماالسلام إذا كانَ اليَومُ الَّذي يَصومُ فيهِ أمَرَ بِشاةٍ فَتُذبَحُ وتُقطَعُ أعضاءً وتُطبَخُ ، فَإِذا كانَ عِندَ المَساءِ أكَبَّ عَلَى القُدورِ حَتّى يَجِدَ ريحَ المَرَقِ وهُوَ صائِمٌ ، ثُمَّ يَقولُ : «هاتُوا القِصاعَ (2) ، اِغرِفوا لاِلِ فُلانٍ وَاغرِفوا لاِلِ فُلانٍ» ، ثُمَّ يُؤتى بِخُبزٍ وتَمرٍ فَيَكونُ ذلِكَ عَشاءَهُ ، صَلَّى اللّهُ عَلَيهِ وعَلى آبائِهِ . (3)

راجع : ص 119 (ما يؤكّد استحبابه من الأعمال / كثرة الإنفاق) .

د _ قِراءَةُ سورَةِ القَدرِالإمام زين العابدين عليه السلام :مَن قَرَأَ «إِنَّ_آ أَنزَلْنَ_هُ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ» عِندَ فُطورِهِ وعِندَ سَحورِهِ ، كانَ فيما بَينَهُما كَالمُتَشَحِّطِ بِدَمِهِ في سَبيلِ اللّهِ تَعالى . (4)

.


1- .فضائل الأشهر الثلاثة : ص 96 ح 80 وص 106 ح 97 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 318 ح 10 .
2- .القِصاع : جمع قَصعة ؛ الصَّحْفةُ أو الضخمة منها تُشبع العشرة (تاج العروس : ج 11 ص 375) .
3- .الكافي : ج 4 ص 68 ح 3 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 317 ح 6 .
4- .الإقبال : ج 1 ص 240 .

ص: 113

ه _ الدّعاء
و _ الدّعاء بالمأثور عند الإفطار

ه _ الدُّعاءرسول اللّه صلى الله عليه و آله :لِكُلِّ عَبدٍ صائِمٍ دَعوَةٌ مُستَجابَةٌ عِندَ إفطارِهِ ، اُعطِيَها فِي الدُّنيا أو ذُخِرَ لَهُ فِي الآخِرَةِ . (1)

و _ الدُّعاءُ بِالمَأثورِ عِندَ الإِفطارِسنن أبي داود :عَن مُعاذِ بنِ زُهرَةَ أنَّهُ بَلَغَهُ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله كانَ إذا أفطَرَ قالَ : اللّهُمَّ لَكَ صُمتُ وعَلى رِزقِكَ أفطَرتُ . (2)

رسول اللّه صلى الله عليه و آله :إنَّ لِلصّائِمِ عِندَ فِطرِهِ دَعوَةً : اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِرَحمَتِكَ الَّتي وَسِعَت كُلَّ شَيءٍ أن تَغفِرَ لي ذُنوبي . (3)

عنه صلى الله عليه و آله :ما مِن عَبدٍ يَصومُ فَيَقولُ عِندَ إفطارِهِ : «يا عَظيمُ يا عَظيمُ ؛ أنتَ إلهي لا إلهَ لي غَيرُكَ ، اِغفِر لِيَ الذَّنبَ العَظيمَ ؛ إنَّهُ لا يَغفِرُ الذَّنبَ العَظيمَ إلاَّ العَظيمُ» إلاّ خَرَجَ مِن ذُنوبِهِ كَيَومَ وَلَدَتهُ اُمُّهُ . (4)

الإمام الباقر عليه السلام :جاءَ قَنبَرٌ مَولى عَلِيٍّ عليه السلام بِفِطرِهِ إلَيهِ ... فَلَمّا أرادَ أن يَشرَبَ قالَ : بِاسمِ اللّهِ ، اللّهُمَّ لَكَ صُمنا وعَلى رِزقِكَ أفطَرنا ، فَتَقَبَّل مِنّا إنَّكَ أنتَ السَّميعُ العَليمُ . (5)

الإمام الحسن عليه السلام :إنَّ لِكُلِّ صائِمٍ عِندَ فُطورِهِ دَعوَةً مُستَجابَةً ، فَإِذا كانَ أوَّلُ لُقمَةٍ فَقُل :

.


1- .نوادر الاُصول : ج 1 ص 190 ، كنز العمّال : ج 8 ح 451 ص 23613 .
2- .سنن أبي داود : ج 2 ص 306 ح 2358 ؛ مكارم الأخلاق : ج 1 ص 300 ح 947 .
3- .المستدرك على الصحيحين : ج 1 ص 583 ح 1535 ، مستدرك الوسائل : ج 7 ص 361 ح 8417 نقلاً عن درر اللآلي وفيه «إنّ للصائم عند فطره دعوة لا تردّ ، فيقول إذا أفطر : ...» .
4- .الإقبال : ج 1 ص 240 ؛ تاريخ دمشق : ج 54 ص 238 ح 11479 .
5- .تهذيب الأحكام : ج 4 ص 200 ح 578 ، بحار الأنوار : ج 40 ص 339 ح 24 .

ص: 114

ز _ الإفطار بالتّمر ، أو الزّبيب ، أو الشيء الحلو ، أو اللّبن ، أو الماء الفاتر

بِاسمِ اللّهِ ، يا واسِعَ المَغفِرَةِ اغفِر لي . (1) فَإِنَّهُ مَن قالَها عِندَ إفطارِهِ غُفِرَ لَهُ . (2)

ز _ الإِفطارُ بِالتَّمرِ ، أوِ الزَّبيبِ ، أوِ الشَيءِ الحُلوِ ، أوِ اللَّبَنِ ، أوِ الماءِ الفاتِرِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :أفضَلُ ما يَبدَأُ بِهِ الصّائِمُ بِزَبيبٍ أو شَيءٍ حُلوٍ . (3)

الإمام الصادق عليه السلام :كانَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله أوَّلُ ما يُفطِرُ عَلَيهِ في زَمَنِ الرُّطَبِ الرُّطَبُ ، وفي زَمَنِ التَّمرِ التَّمرُ . (4)

الإمام الباقر عليه السلام :كانَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله إذا صامَ فَلَم يَجِدِ الحَلواءَ أفطَرَ عَلَى الماءِ . (5)

رسول اللّه صلى الله عليه و آله :أربَعٌ مَن فَعَلَهُنَّ قَوِيَ عَلى صِيامِهِ : أن يَكونَ أوَّلُ فِطرِهِ عَلى ماءٍ ، ولا يَدَعَ السَّحورَ ، ولا يَدَعَ القائِلَةَ ، وأن يَشُمَّ شَيئا مِن طيبٍ . (6)

الإمام الباقر عليه السلام :إنَّ عَلِيّا عليه السلام كانَ يَستَحِبُّ أن يُفطِرَ عَلَى اللَّبَنِ . (7)

عنه عليه السلام :أفطِر عَلَى الحُلوِ ، فَإِن لَم تَجِدهُ فَأَفطِر عَلَى الماءِ ؛ فَإِنَّ الماءَ طَهورٌ . (8)

الإمام الصادق عليه السلام :إذا أفطَرَ الرَّجُلُ عَلَى الماءِ الفاتِرِ نَقّى كَبِدَهُ ، وغَسَلَ الذُّنوبَ مِنَ القَلبِ ، وقَوَّى البَصَرَ وَالحَدَقَ . (9)

.


1- .وفي رِوايَةٍ اُخرى : «بِسمِ اللّه ِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ ، يا واسِعَ المَغفِرَةِ اغفِر لي» .
2- .الإقبال : ج 1 ص 244 ، بحار الأنوار : ج 98 ص 14 ح 2 .
3- .الفردوس : ج 1 ص 358 ح 1445 ؛ طبّ النبيّ صلى الله عليه و آله : ص 8 وفيه «الزبيب أو التمر أو شيء حلو» .
4- .الكافي : ج 4 ص 153 ح 6 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 314 ح 15 .
5- .الكافي : ج 4 ص 152 ح 1 .
6- .الفردوس : ج 1 ص 371 ح 1496 ، كنز العمّال : ج 8 ص 525 ح 23971 .
7- .تهذيب الأحكام : ج 4 ص 199 ح 574 ، بحار الأنوار : ج 98 ص 12 ح 2 .
8- .المقنعة : ص 317 ، بحار الأنوار : ج 80 ص 10 ح 7 .
9- .الكافي : ج 4 ص 152 ح 2 .

ص: 115

ح _ الشّكر إذا أفطر عند قوم

ح _ الشُّكرُ إذا أفطَرَ عِندَ قَومٍالإمام الصادق عليه السلام :كانَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله إذا طَعِمَ عِندَ أهلِ بَيتٍ قالَ لَهُم : «طَعِمَ عِندَكُمُ الصّائِمونَ ، وأكَلَ عِندَكُمُ الأَبرارُ ، وصَلَّت عَلَيكُمُ المَلائِكَةُ الأَخيارُ» . (1)

.


1- .الكافي : ج 6 ص 294 ح 10 ، بحار الأنوار : ج 75 ص 454 ح 20 .

ص: 116

. .

ص: 117

الفصل الثاني : ما يؤكّد استحبابه من الأعمال

2 / 1 التّطوّع بخصلة من خصال الخير
2 / 2 تفطير الصّائمين

الفصل الثاني : ما يُؤَكَّدُ استِحبابُهُ مِنَ الأَعمالِ2 / 1التَّطَوُّعُ بِخَصلَةٍ مِن خِصالِ الخَيرِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :مَن تَطَوَّعَ بِخَصلَةٍ مِن خِصالِ الخَيرِ في شَهرِ رَمَضانَ كانَ كَمَن أدّى سَبعينَ فَريضَةً مِن فَرائِضِ اللّهِ عز و جل ، ومَن أدّى فيهِ فَريضَةً مِن فَرائِضِ اللّهِ كانَ كَمَن أدّى سَبعينَ فَريضَةً مِن فَرائِضِ اللّهِ تَعالى فيما سِواهُ مِنَ الشُّهورِ . (1)

راجع : ص 65 (خطابات النبيّ عند حضور شهر رمضان) .

2 / 2تَفطيرُ الصّائِمينَرسول اللّه صلى الله عليه و آله :مَن فَطَّرَ (2) صائِما كانَ لَهُ مِثلُ أجرِهِ مِن غَيرِ أن يَنقُصَ مِنهُ شَيءٌ ،

.


1- .المقنعة : ص 341 .
2- .قال السيّد ابن طاووس قدس سره : اعلم أنّ فضل إطعام الطعام معقول فضله بأنوار العقول المصدّقة للأنبياء والمرسلين _ صلوات اللّه عليهم أجمعين _ وذلك : أنّ القيام لأهل الصيام بالطعام كأنّه تملّك لطاعتهم وسلب منهم لعبادتهم ؛ فإنّ القوّة الموجودة في الأجساد الّذين تؤثرهم بالزاد تصير كأنّها قوّة العبد المطعِم لهم الّتي في جسد مهجته . فكما أنّ قوّة جسده كلّما حصل بها كان معدودا مِن عبادته ، فكذا يكون كلّما صدر عن القوّة بتفطير الصائم تكون مكتوبة لمن يطعمه في ديوان طاعته (الإقبال : ج 1 ص 37) .

ص: 118

تعليق

وما عَمِلَ بِقُوَّةِ ذلِكَ الطَّعامِ مِن بِرٍّ . (1)

عنه صلى الله عليه و آله :فِطرُكَ لِأَخيكَ المُسلِمِ وإدخالُكَ السُّرورَ عَلَيهِ أعظَمُ أجرا مِن صِيامِكَ . (2)

عنه صلى الله عليه و آله_ لِعَلِيٍّ عليه السلام _: يا عَلِيُّ ، ثَلاثُ فَرَحاتٍ لِلمُؤمِنِ فِي الدُّنيا : لِقاءُ الإِخوانِ ، وتَفطيرُ الصّائِمِ ، وَالتَّهَجُّدُ مِن آخِرِ اللَّيلِ . (3)

عنه صلى الله عليه و آله :مَن فَطَّرَ مُؤمِنا في شَهرِ رَمَضانَ كانَ لَهُ بِذلِكَ عِتقُ رَقَبَةٍ ومَغفِرَةٌ لِذُنوبِهِ فيما مَضى ، فَإِن لَم يَقدِر إلاّ عَلى مَذقَةِ لَبَنٍ فَفَطَّرَ بِها صائِما أو شَربَةٍ مِن ماءٍ عَذبٍ وتَمرٍ لا يَقدِرُ عَلى أكثَرَ مِن ذلِكَ ، أعطاهُ اللّهُ هذَا الثَّوابَ . (4)

الإمام الباقر عليه السلام :لَأَن اُفَطِّرَ رَجُلاً مُؤمِنا في بَيتي أحَبُّ إلَيَّ مِن عِتقِ كَذا وكَذا نَسَمَةٍ مِن وُلدِ إسماعيلَ . (5)

راجع : ص 65 (خطابات النبيّ عند حضور شَهر رَمَضان) .

تعليق:قال العالم الرباني ملكي تبريزي قدس سره : من مهمّات أعمال هذا الشهر إفطار [ أي تفطير ]الصائمين ، وقد سمعتَ أجر ذلك في خطبة النبيّ صلى الله عليه و آله ، والأهمُّ في ذلك أيضا إخلاصُ النيّة والتأدّب بأدب اللّه _ جلّ جلاله _ وألاّ يكون باعِثُه على ذلك إلاّ تحصيل رضاه ، لا إظهار شرف الدنيا ولا شرف الآخرة ، ولا التقليد ولا رسوم العادات ، ويَهتَمّ في تخليص عمله من هذه القصود ، ويختبرها ببعض الكواشف ، ولا يطمئنّ من تلبيس الهوى والشيطان ، ويكون في ذلك مستمدّا من اللّه _ جلّ جلاله _ في أصل إفطاره ، وفي تعيين من يُفطّره من المؤمنين ، وفيما يفطّر به مِنَ الطعام ، وكيفيّة معاملته مع

.


1- .تهذيب الأحكام : ج 4 ص 202 ح 582 .
2- .الجعفريّات : ص 60 ، بحار الأنوار : ج 97 ص 126 ح 7 .
3- .كتاب من لا يحضره الفقيه : ج 4 ص 360 ح 5762 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 247 ح 8 .
4- .المحاسن : ج 2 ص 158 ح 1430 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 316 ح 4 .
5- .المحاسن : ج 2 ص 157 ح 1426 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 316 ح 3 .

ص: 119

2 / 3 كثرة الإنفاق

ضيفه ، فإنّ ذلك كلّه تختلف كيفيّاته مع القصود ، ويَعرف أهل اليقظة مداخل الشيطان فيها ، فيَجتَنِبُ عمّا يوافق أمرَه ويتّبع ما يوافق لأمر مولاه ورضا مالِكِ دينه ودنياه ، فيفوز بقبوله ومثوباته فوق آماله ومُناه . وهكذا يهتمّ في إخلاص قصده بقبول دعوة الغير للإفطار ويجتهد في ذلك ، وقد ينتفع المخلِصُ من قبول دعوة مؤمن وحضور مجلسه وإفطاره معه بما لا ينتفع غيره من عبادة دهر من الدهور ، ولذا كانت هِمَّةُ الأولياء على تخليص الأعمال لا تكثيرها اعتبارا من عمل آدم وإبليس ، وقد رُدَّت مِنَ الخبيث عبادةُ آلاف السنين وقُبِلَ من آدم توبة واحدة مع الإخلاص ، وصارَت سببا لاِجتِبائِه واصطِفائِه . (1)

2 / 3كَثرَةُ الإِنفاقِسنن الترمذي عن أنس :سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله : ... أيُّ الصَّدَقَةِ أفضَلُ؟ قالَ : «صَدَقَةٌ في رَمَضانَ» . (2)

حيح البخاري عن ابن عبّاس :ص كانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله أجوَدَ النّاسِ بِالخَيرِ ، وكانَ أجوَدُ ما يَكونُ في رَمَضانَ حينَ يَلقاهُ جِبريلُ ، وكانَ جِبريلُ عليه السلام يَلقاهُ كُلَّ لَيلَةٍ في رَمَضانَ حَتّى يَنسَلِ_خَ ، يَعرِضُ عَلَيهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله القُرآنَ ، فَإِذا لَقِيَهُ جِبريلُ عليه السلام كانَ أجوَدَ بِالخَيرِ مِنَ الرّيحِ المُرسَلَةِ . (3)

الإمام الصادق عليه السلام :مَن تَصَدَّقَ في شَهرِ رَمَضانَ بِصَدَقَةٍ صَرَفَ اللّهُ عَنهُ سَبعينَ نَوعا مِنَ البَلاءِ . (4)

.


1- .المراقبات : ص 139 .
2- .سنن الترمذي : ج 3 ص 51 ح 663 ، كنز العمّال : ج 8 ص 557 ح 24149 .
3- .صحيح البخاري : ج 2 ص 672 ح 1803 .
4- .ثواب الأعمال : ص 171 ح 19 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 179 ح 18 .

ص: 120

2 / 4 كثرة تلاوة القرآن

الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه السلام :أحسِنوا إلى عِيالِكُم ووَسِّعوا عَلَيهِم ؛ فَإِنَّهُ قَد أروي عَنِ العالِمِ عليه السلام أنَّهُ قالَ : «إنَّ اللّهَ لا يُحاسِبُ الصّائِمَ عَلى ما أنفَقَهُ في مَطعَمٍ ولا مَشرَبٍ ، وإنَّهُ لا إسرافَ في ذلِكَ» . (1)

راجع : ص 112 (ما ينبغي عند الإفطار / الصدقة) .

2 / 4كَثرَةُ تِلاوَةِ القُرآنِرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ في آدابِ شَهرِ رَمَضانَ _: أكثِروا فيهِ مِن تِلاوَةِ القُرآنِ . (2)

الإمام الباقر عليه السلام :لِكُلِّ شَيءٍ رَبيعٌ ، ورَبيعُ القُرآنِ شَهرُ رَمَضانَ . (3)

الكافي عن عليّ بن أبي حمزة :دَخَلتُ عَلى أبي عَبدِ اللّهِ عليه السلام فَقالَ لَهُ أبو بَصيرٍ : جُعِلتُ فِداكَ ! أقرَأُ القُرآنَ في شَهرِ رَمَضانَ في لَيلَةٍ؟ فَقالَ : «لا» . قالَ : فَفي لَيلَتَينِ؟ قالَ : «لا» . قالَ : فَفي ثَلاثٍ؟ قالَ : «ها» _ وأشارَ بِيَدِه (4) _ . ثُمَّ قالَ : «يا أبا مُحَمَّدٍ ، إنَّ لِرَمَضانَ حَقّا وحُرمَةً لا يُشبِهُهُ شَيءٌ مِنَ الشُّهورِ ، وكانَ أصحابُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله يَقرَأُ أحَدُهُمُ القُرآنَ في شَهرٍ أو أقَلَّ ؛ إنَّ القُرآنَ لا يُقرَأُ هَذرَمَةً (5) ولكِن يُرَتَّلُ تَرتيلاً ، فَإِذا مَرَرتَ بِآيَةٍ فيها ذِكرُ الجَنَّةِ فَقِف عِندَها وسَلِ اللّهَ عز و جل الجَنَّةَ ، وإذا مَرَرتَ بِآيَةٍ فيها ذِكرُ النّارِ فَقِف عِندَها وتَعَوَّذ بِاللّهِ مِنَ النّارِ» . (6)

.


1- .الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه السلام : ص 206 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 317 ح 7 .
2- .فضائل الأشهر الثلاثة : ص 95 ح 78 .
3- .الكافي : ج 2 ص 630 ح 10 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 386 ح 1 .
4- .«ها» كلمة تنبيه للمخاطب ينبّه به على ما يساق إليه من الكلام . و«أشار بيده» كأنّه أشار إليه أن يسكت (مرآة العقول : ج 12 ص 505 وص 504) .
5- .الهَذْرَمة : السرعة في القراءة (مجمع البحرين : ج 3 ص 1869) .
6- .الكافي : ج 2 ص 617 ح 2 .

ص: 121

2 / 5 كثرة الاِستغفار
2 / 6 كثرة الدّعاء والذّكر

2 / 5كَثرَةُ الاِستِغفارِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :إنَّ في رَمَضانَ يُنادي مُنادٍ بَعدَ ثُلُثِ اللَّيلِ الأَوَّلِ ، أو ثُلُثِ اللَّيلِ الآخِرِ : ألا سائِلٌ يَسأَلُ فَيُعطى؟ ألا مُستَغفِرٌ يَستَغفِرُ فَيُغفَرَ لَهُ؟ ألا تائِبٌ يَتوبُ فَيَتوبَ اللّهُ عَلَيهِ؟ (1)

الإمام عليّ عليه السلام :عَلَيكُم في شَهرِ رَمَضانَ بِكَثرَةِ الاِستِغفارِ وَالدُّعاءِ ؛ فَأَمَّا الدُّعاءُ فَيُدفَعُ بِهِ عَنكُمُ البَلاءُ ، وأمَّا الاِستِغفارُ فَيَمحى ذُنوبَكُم . (2)

الإمام الصادق عليه السلام :كانَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليهماالسلام إذا كانَ شَهرُ رَمَضانَ لَم يَتَكَلَّم إلاّ بِالدُّعاءِ وَالتَّسبيحِ وَالاِستِغفارِ وَالتَّكبيرِ . (3)

راجع : ص 65 (تأهيل الناس لضيافة اللّه ) . ص 75 (أسباب التهيّؤ لضيافة اللّه / تقديم التوبة) .

2 / 6كَثرَةُ الدُّعاءِ وَالذِّكرِالكتاب« وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِى عَنِّى فَإِنِّى قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِى وَلْيُؤْمِنُواْ بِى لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ » . (4)

الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ في دُعاءِ اللَّيلَةِ الثّامِنَةِ مِن شَهرِ رَمَضانَ _: اللّهُمَّ هذا شَهرُكَ الَّذي

.


1- .شُعب الإيمان : ج 3 ص 311 ح 3628 ، كنز العمّال : ج 2 ص 112 ح 3393 .
2- .الكافي : ج 4 ص 88 ح 7 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 378 ح 2 .
3- .الكافي : ج 4 ص 88 ح 8 ، بحار الأنوار : ج 46 ص 65 ح 35 .
4- .البقرة : 186 .

ص: 122

2 / 7 كثرة الصّلاة

أمَرتَ فيهِ عِبادَكَ بِالدُّعاءِ وضَمِنتَ لَهُمُ الإِجابَةَ ، وقُلتَ : «وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِى عَنِّى فَإِنِّى قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ» . (1)

ضائل الأوقات عن عائشة :ف كانَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله إذا دَخَلَ رَمَضانُ تَغَيَّرَ لَونُهُ ، وكَثُرَت صَلاتُهُ ، وَابتَهَلَ فِي الدُّعاءِ وأشفَقَ مِنهُ . (2)

رسول اللّه صلى الله عليه و آله :رَمَضانُ شَهرُ اللّهِ _ تَبارَكَ وتَعالى _ اِستَكثِروا فيهِ مِنَ التَّهليلِ وَالتَّكبيرِ وَالتَّحميدِ وَالتَّمجيدِ وَالتَّسبيحِ . (3)

راجع : ص 65 (تأهيل الناس لضيافة اللّه ) .

2 / 7كَثرَةُ الصَّلاةِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :مَن قامَ رَمَضانَ إيمانا وَاحتِسابا غُفِرَ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ . (4)

عنه صلى الله عليه و آله :مَن صَلّى مِنكُم في هذَا الشَّهرِ للّهِِ عز و جل رَكعَتَينِ يَتَطَوَّعُ بِهِما ، غَفَرَ اللّهُ لَهُ . (5)

الإمام الصادق عليه السلام :كانَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله إذا جاءَ شَهرُ رَمَضانَ زادَ فِي الصَّلاةِ ، وأنَا أزيدُ فَزيدوا . (6)

مصباح المتهجّد عن أبي حمزة الثمالي :كانَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ سَيِّدُ العابِدينَ _ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيهِما _ يُصَلّي عامَّةَ اللَّيلِ في شَهرِ رَمَضانَ ، فَإِذا كانَ السَّحَرُ

.


1- .الإقبال : ج 1 ص 269 ، بحار الأنوار : ج 98 ص 27 ح 2 .
2- .فضائل الأوقات للبيهقي : ص 49 ح 84 ؛ الإقبال : ج 1 ص 69 .
3- .النوادر للأشعري : ص 17 ح 2 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 381 ح 6 .
4- .صحيح البخاري : ج 1 ص 22 ح 37 .
5- .عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج 1 ص 293 ح 46 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 361 ح 29 .
6- .تهذيب الأحكام : ج 3 ص 60 ح 204 .

ص: 123

2 / 8 العُمرَةُ بَعدَ مُضِيِّ لَيلَةِ الثّالثِ والعشرين

دَعا بِهذَا الدُّعاءِ : إلهي لا تُؤَدِّبني بِعُقوبَتِكَ ... . (1)

الإمام الصادق عليه السلام :شَهرُ رَمَضانَ لا يُشبِهُهُ شَيءٌ مِنَ الشُّهورِ ؛ لَهُ حَقٌّ وحُرمَةٌ ، أكثِر مِنَ الصَّلاةِ مَا استَطَعتَ . (2)

الإمام الرضا عليه السلام :كانَ أبي يَزيدُ فِي العَشرِ الأَواخِرِ مِن شَهرِ رَمَضانَ في كُلِّ لَيلَةٍ عِشرينَ رَكعَةً . (3)

راجع : ص 201 (نوافل شهر رمضان) .

2 / 8العُمرَةُ بَعدَ مُضِيِّ لَيلَةِ الثّالثِ والعشرينرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ لاِمرَأَةٍ مِنَ الأَنصارِ _: إذا كانَ رَمَضانُ اعتَمِري فيهِ ؛ فَإِنَّ عُمرَةً في رَمَضانَ حَجَّةٌ . (4)

الكافي عن الوليد بن صبيح :قُلتُ لِأَبي عَبدِ اللّهِ عليه السلام : بَلَغَنا أنَّ عُمرَةً في شَهرِ رَمضانَ تَعدِلُ حَجَّةً . فَقالَ : «إنَّما كانَ ذلِكَ فِي امرَأَةٍ وَعَدَها رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله فَقالَ لَها : اِعتَمِري في شَهرِ رَمَضانَ فَهِيَ لَكِ حَجَّةٌ» . (5)

الكافي عن حمّاد بن عثمان :كانَ أبو عَبدِ اللّهِ عليه السلام إذا أرادَ العُمرَةَ انتَظَرَ إلى صَبيحَةِ ثَلاثٍ وعِشرينَ مِن شَهرِ رَمَضانَ ، ثُمَّ يَخرُجُ مُهِلاًّ في ذلِكَ اليَومِ . (6)

.


1- .مصباح المتهجّد : ص 582 ح 691 ، بحار الأنوار : ج 98 ص 82 ح 2 .
2- .الكافي : ج 2 ص 619 ح 5 وج 4 ص 154 ح 1 وفيه «لشهر رمضان حرمة وحقّ لا يشبهه شيء من الشهور ، صلّ ما استطعت في شهر رمضان تطوّعا بالليل والنهار» .
3- .تهذيب الأحكام : ج 3 ص 67 ح 219 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 384 ح 2 .
4- .صحيح البخاري : ج 2 ص 631 ح 1690 ؛ الجعفريّات : ص 67 .
5- .الكافي : ج 4 ص 535 ح 1 .
6- .الكافي : ج 4 ص 536 ح 4 ، بحار الأنوار : ج 83 ص 118 ح 44 .

ص: 124

2 / 9 الاِعتكاف
2 / 10 قراءة سورة الفتح في التّطوّع

2 / 9الاِعتِكافرسول اللّه صلى الله عليه و آله :اِعتِكافُ عَشرِ شَهرِ رَمَضانَ يَعدِلُ حَجَّتَينِ وعُمرَتَينِ . (1)

الإمام الصادق عليه السلام :اِعتَكَفَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله في شَهرِ رَمَضانَ فِي العَشرِ الأَوَّلِ ، ثُمَّ اعتَكَفَ فِي الثّانِيَةِ فِي العَشرِ الوُسطى ، ثُمَّ اعتَكَفَ فِي الثّالِثَةِ فِي العَشرِ الأَواخِرِ ، ثُمَّ لَم يَزَل يَعتَكِفُ فِي العَشرِ الأَواخِرِ . (2)

2 / 10قِراءَةُ سورَةِ الفَتحِ فِي التَّطَوُّعِالإقبال عن يزيد بن هارون عن المسعودي :بَلَغَني أنَّهُ مَن قَرَأَ في كُلِّ لَيلَةٍ مِن شَهرِ رَمَضانَ : «إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحا مُّبِينا» (3) فِي التَّطَوُّعِ ، حُفِظَ ذلِكَ العامَ . (4)

.


1- .كتاب من لا يحضره الفقيه : ج 2 ص 188 ح 2101 ؛ المعجم الكبير : ج 3 ص 128 ح 2888 .
2- .الكافي : ج 4 ص 175 ح 3 ، بحار الأنوار: ج 98 ص 4 ح 2 .
3- .الفتح : 1 .
4- .الإقبال : ج 1 ص 75 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 350 ح 19 نقلاً عن القطب الراوندي في النوادر وفيه «من قرأ أوّل ليلة من شهر رمضان «إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحا مُّبِينا» حفظ إلى مثلها من قابل» .

ص: 125

الفصل الثالث : الأدعية المشتركة

3 / 1 أدعية الصّلوات المكتوبة
أ _ دعاء «اللّهمّ أدخل على أهل القبور السّرور»
ب _ دعاء الحجّ

الفصل الثالث : الأَدعِيَةُ المُشتَرَكَةُ3 / 1أدعِيَةُ الصَّلَواتِ المَكتوبَةِأ _ دُعاءُ «اللّهُمَّ أدخِل عَلى أهلِ القُبورِ السُّرورَ»رسول اللّه صلى الله عليه و آله :مَن دَعا بِهذَا الدُّعاءِ في شَهرِ رَمَضانَ بَعدَ المَكتوبَةِ ، غَفَرَ اللّهُ لَهُ ذُنوبَهُ إلى يَومِ القِيامَةِ ، وهُوَ : اللّهُمَّ أدخِل عَلى أهلِ القُبورِ السُّرورَ ، اللّهُمَّ أغنِ كُلَّ فَقيرٍ ، اللّهُمَّ أشبِ_ع كُلَّ جائِعٍ ، اللّهُمَّ اكسُ كُلَّ عُريانٍ ، اللّهُمَّ اقضِ دَينَ كُلِّ مَديونٍ (1) ، اللّهُمَّ فَرِّجِ عَن كُلِّ مَكروبٍ ، اللّهُمَّ رُدَّ كُلَّ غَريبٍ ، اللّهُمَّ فُكَّ كُلَّ أسيرٍ ، اللّهُمَّ أصلِح كُلَّ فاسِدٍ مِن اُمورِ المُسلِمينَ ، اللّهُمَّ اشفِ كُلَّ مَريضٍ ، اللّهُمَّ سُدَّ فَقرَنا بِغِناكَ ، اللّهُمَّ غَيِّر سُوءَ حالِنا بِحُسنِ حالِكَ ، اللّهُمَّ اقضِ عَنَّا الدَّينَ وأغنِنا مِنَ الفَقرِ ، إنَّكَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ . (2)

ب _ دُعاءُ الحَجِّالإمام الصادق والإمام الكاظم عليهماالسلام :تَقولُ في شَهرِ رَمَضانَ مِن أوَّلِهِ إلى آخِرِهِ بَعدَ

.


1- .وفي البلد الأمين ص 222 : «مدينٍ» بدل «مديونٍ» .
2- .المصباح للكفعمي : ص 816 ، بحار الأنوار : ج 98 ص 120 ح 3 .

ص: 126

ج _ دعاء «يا عليّ يا عظيم»

كُلِّ فَريضَةٍ : اللّهُمَّ ارزُقني حَجَّ بَيتِكَ الحَرامِ في عامي هذا وفي كُلِّ عامٍ ما أبقَيتَني في يُسرٍ مِنكَ وعافِيَةٍ وسَعَةِ رِزقٍ ، ولا تُخلِني مِن تِلكَ المَواقِفِ الكَريمَةِ وَالمَشاهِدِ الشَّريفَةِ ، وزِيارَةِ قَبرِ نَبِيِّكَ صَلَواتُكَ عَلَيهِ وآلِهِ وفي جَميعِ حَوائِجِ الدُّنيا وَالآخِرَةِ فَكُن لي . اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ فيما تَقضي وتُقَدِّرُ مِنَ الأَمرِ المَحتومِ في لَيلَةِ القَدرِ مِنَ القَضاءِ الَّذي لا يُرَدُّ ولا يُبَدَّلُ ، أن تَكتُبَني مِن حُجّاجِ بَيتِكَ الحَرامِ ، المَبرورِ حَجُّهُمُ ، المَشكورِ سَعيُهُمُ ، المَغفورِ ذُنوبُهُمُ ، المُكَفَّرِ عَنهُم سَيِّئاتُهُم ، وَاجعَل فيما تَقضي وتُقَدِّرُ أن تُطيلَ عُمُري في طاعَتِكَ ، وتُوَسِّعَ عَلَيَّ رِزقي ، وتُؤَدِّيَ عَنّي أمانَتي ودَيني ، آمينَ رَبَّ العالَمينَ . (1)

ج _ دُعاءُ «يا عَلِيُّ يا عَظيمُ»الإقبال :تَدعو عَقيبَ كُلِّ فَريضَةٍ في شَهرِ رَمَضانَ لَيلاً كانَ أو نَهارا فَتَقولُ : يا عَلِيُّ يا عَظيمُ يا غَفورُ يا رَحيمُ ، أنتَ الرَّبُّ العَظيمُ الَّذي لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ وهُوَ السَّميعُ البَصيرُ ، وهذا شَهرٌ عَظَّمتَهُ وكَرَّمتَهُ وشَرَّفتَهُ وفَضَّلتَهُ عَلَى الشُّهورِ ، وهُوَ الشَّهرُ الَّذي فَرَضتَ صِيامَهُ عَلَيَّ وهُوَ شَهرُ رَمَضانَ الَّذي أنزَلتَ فيهِ القُرآنَ هُدىً لِلنّاسِ وبَيِّناتٍ مِنَ الهُدى وَالفُرقانِ ، وجَعَلتَ فيهِ لَيلَةَ القَدرِ وجَعَلتَها خَيرا مِن ألفِ شَهرٍ ، فَيا ذَا المَنِّ ولا يُمَنُّ عَلَيكَ ، مُنَّ عَلَيَّ بِفَكاكِ رَقَبَتي مِنَ النّارِ فيمَن تَمُنُّ عَلَيهِ ، وأدخِلنِي الجَنَّةَ بِرَحمَتِكَ يا أرحَمَ الرّاحِمينَ . (2)

.


1- .الإقبال : ج 1 ص 79 .
2- .الإقبال : ج 1 ص 79 .

ص: 127

3 / 2 أدعية كلّ ليلة
أ _ الدّعاء للحجّ
ب _ دعاء حسن القضاء

3 / 2أدعِيَةُ كُلِّ لَيلَةٍأ _ الدُّعاءُ لِلحَجِّالإمام الصادق عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ في كُلِّ لَيلَةٍ مِن شَهرِ رَمَضانَ _: اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ فيما تَقضي وتُقَدِّرُ مِنَ الأَمرِ المَحتومِ فِي الأَمرِ الحَكيمِ مِنَ القَضاءِ الَّذي لا يُرَدُّ ولا يُبَدَّلُ ، أن تَكتُبَني مِن حُجّاجِ بَيتِكَ الحَرامِ ، المَبرورِ حَجُّهُمُ ، المُكَفَّرِ عَنهُم سَيِّئاتُهُمُ ، المَغفورِ ذُنوبُهُمُ ، المَشكورِ سَعيُهُم ، وأن تَجعَلَ فيما تَقضي وتُقَدِّرُ مِنَ الأَمرِ المَحتومِ فِي الأَمرِ الحَكيمِ في لَيلَةِ القَدرِ مِنَ القَضاءِ الَّذي لا يُرَدُّ ولا يُبَدَّلُ أن تُطيلَ عُمُري وأن تُوَسِّعَ عَلَيَّ في رِزقي ، وأن تَجعَلَني مِمَّن تَنتَصِرُ بِهِ لِدينِكَ ولا تَستَبدِلَ بي غَيري . (1)

الإقبال :عَن مُحَمَّدِ بنِ أبي عُمَيرٍ عَمَّن ذَكَرَهُ عَن بَعضِ آلِ مُحَمَّدٍ عليهم السلامأنَّهُ قالَ : مَن قالَ هذَا الدُّعاءَ في كُلِّ لَيلَةٍ مِن شَهرِ رَمَضانَ غُفِرَت لَهُ ذُنوبُ أربَعينَ سَنَةً : اللّهُمَّ رَبَّ شَهرِ رَمَضانَ الَّذي أنزَلتَ فيهِ القُرآنَ وَافتَرَضتَ عَلى عِبادِكَ فيهِ الصِّيامَ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وَارزُقني حَجَّ بَيتِكَ الحَرامِ في عامي هذا وفي كُلِّ عامٍ ، وَاغفِر لي تِلكَ الذُّنوبَ العِظامَ ؛ فَإِنَّهُ لا يَغفِرُها غَيرُكَ يا رَحمانُ يا عَلاّمُ . (2)

ب _ دُعاءُ حُسنِ القَضاءِالإمام الصادق عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ عِندَ كُلِّ لَيلَةٍ مِن شَهرِ رَمَضانَ _: اللّهُمَ إنّي أسأَلُكَ فيما تَقضي وتُقَدِّرُ مِنَ الأَمرِ المَحتومِ فِي الأَمرِ الحَكيمِ في لَيلَةِ

.


1- .الكافي : ج 4 ص 161 ح 3 .
2- .الإقبال : ج 1 ص 144 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 311 ح 5 .

ص: 128

ج _ الصّلاة على محمّد وآله
د _ دعاء الاِفتتاح

القَدرِ فِي القَضاءِ الَّذي لا يُرَدُّ ولا يُبَدَّلُ ، أن تُطيلَ عُمُري وأن تُوَسِّعَ عَلَيَ في رِزقي،وأن تَجعَلَني مِمَّن تَنتَصِرُ بِهِ ولا تَستَبدِلَ بي غَيري. (1)

ج _ الصَّلاةُ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِهِالإمام الجواد عليه السلام :يُستَحَبُّ أن تُكثِرَ مِن أن تَقولَ في كُلِّ وَقتٍ مِن لَيلٍ أو نَهارٍ مِن أوَّلِ الشَّهرِ إلى آخِرِهِ : يا ذَا الَّذي كانَ قَبلَ كُلِّ شَيءٍ ، ثُمَّ خَلَقَ كُلَّ شَيءٍ ، ثُمَّ يَبقى ويَفنى كُلُّ شَيءٍ ، يا ذَا الَّذي لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ ، ويا ذَا الَّذي لَيسَ فِي السَّماواتِ العُلى ولا فِي الأَرَضينَ السُّفلى ولا فَوقَهُنَّ ولا تَحتَهُنَّ ولا بَينَهُنَّ إلهٌ يُعبَدُ غَيرُهُ . لَكَ الحَمدُ حَمدا لا يَقوى عَلى إحصائِهِ إلاّ أنتَ . فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ صَلاةً لا يَقوى عَلى إحصائِها إلاّ أنتَ . (2)

د _ دُعاءُ الاِفتِتاحِالإقبال عن أبي عمرو محمّد بن محمّد بن نصر السكوني :سَأَلتُ أبا بَكرٍ أحمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ عُثمانَ البَغدادِيَّ أن يُخرِجَ إلَيَّ أدعِيَةَ شَهرِ رَمَضانَ الَّتي كانَ عَمُّهُ أبو جَعفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عُثمانَ بنِ السَّعيدِ العَمرِيُّ يَدعو بِها ، فَأَخرَجَ إلَيَّ دَفتَرا مُجَلَّدا بِأَحمَرَ ، فَنَسَختُ مِنهُ أدعِيَةً كَثيرَةً ، وكانَ مِن جُملَتِها : وتَدعو بِهذَا الدُّعاءِ في كُلِّ لَيلَةٍ مِن شَهرِ رَمَضانَ ؛ فَإِنَّ الدُّعاءَ في هذَا الشَّهرِ تَسمَعُهُ المَلائِكَةُ وتَستَغفِرُ لِصاحِبِهِ ، وهُوَ : اللّهُمَّ إنّي أفتَتِحُ الثَّناءَ بِحَمدِكَ وأنتَ مُسَدِّدٌ لِلصَّوابِ بِمَنِّكَ ، وأيقَنتُ أنَّكَ أرحَمُ الرّاحِمينَ في مَوضِعِ العَفوِ وَالرَّحمَةِ ، وأشَدُّ المُعاقِبينَ في مَوضِعِ النَّكالِ

.


1- .تهذيب الأحكام : ج 3 ص 102 ح 264 .
2- .المقنعة : ص 320 .

ص: 129

وَالنَّقِمَةِ ، وأعظَمُ المُتَجَبِّرينَ في مَوضِعِ الكِبرِياءِ وَالعَظَمَةِ . اللّهُمَّ أذِنتَ لي في دُعائِكَ ومَسأَلَتِكَ ، فَاسمَع يا سَميعُ مِدحَتي ، وأجِب يا رَحيمُ دَعوَتي ، وأقِل يا غَفورُ عَثرَتي ، فَكَم يا إلهي مِن كُربَةٍ قَد فَرَّجتَها! وهُمومٍ قَد كَشَفتَها ! وعَثرَةٍ قَد أقَلتَها ! ورَحمَةٍ قَد نَشَرتَها ! وحَلقَةِ بَلاءٍ قَد فَكَكتَها ! الحَمدُ للّهِِ الَّذي لَم يَتَّخِذ صاحِبَةً ولا وَلَدا ولَم يَكُن لَهُ شَريكٌ فِي المُلكِ ولَم يَكُن لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وكَبِّرهُ تَكبيرا . الحَمدُ للّهِِ بِجَميعِ مَحامِدِهِ كُلِّها عَلى جَميعِ نِعَمِهِ كُلِّها . الحَمدُ للّهِِ الَّذي لا مُضادَّ لَهُ في مُلكِهِ ولا مُنازِعَ لَهُ في أمرِهِ . الحَمدُ للّهِِ الَّذي لا شَريكَ لَهُ في خَلقِهِ ، ولا شَبيهَ لَهُ في عَظَمَتِهِ . الحَمدُ للّهِِ الفاشي فِي الخَلقِ أمرُهُ وحَمدُهُ ، الظّاهِرِ بِالكَرَمِ مَجدُهُ ، الباسِطِ بِالجودِ يَدَهُ ، الَّذي لا تَنقُصُ خَزائِنُهُ ولا تَزيدُهُ كَثرَةُ العَطاءِ إلاّ جودا وكَرَما ، إنَّهُ هُوَ العَزيزُ الوَهّابُ . اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ قَليلاً مِن كَثيرٍ مَعَ حاجَةٍ بي إلَيهِ عَظيمَةٍ وغِناكَ عَنهُ قَديمٌ ، وهُوَ عِندي كَثيرٌ وهُوَ عَلَيكَ سَهلٌ يَسيرٌ . اللّهُمَّ إنَّ عَفوَكَ عَن ذَنبي وتَجاوُزَكَ عَن خَطيئَتي ، وصَفحَكَ عَن ظُلمي وسَترَكَ عَلى قَبيحِ عَمَلي ، وحِلمَكَ عَن كَثيرِ جُرمي عِندَما كانَ مِن خَطَئي وعَمدي ، أطمَعَني في أن أسأَلَكَ ما لا أستَوجِبُهُ مِنكَ الَّذي رَزَقتَني مِن رَحمَتِكَ وأرَيتَني مِن قُدرَتِكَ وعَرَّفتَني مِن إجابَتِكَ ، فَصِرتُ أدعوكَ آمِنا وأسأَلُكَ مُستَأنِسا لا خائِفا ولا وَجِلاً ، مُدِلاًّ عَلَيكَ فيما قَصَدتُ فيهِ إلَيكَ، فَإِن أبطَأَ عَنّي عَتَبتُ بِجَهلي عَلَيكَ ، ولَعَلَّ الَّذي أبطَأَ عَنّي هُوَ خَيرٌ لي ؛ لِعِلمِكَ بِعاقِبَةِ الاُمورِ ، فَلَم أرَ مَولىً كَريما أصبَرَ عَلى عَبدٍ لَئيمٍ مِنكَ عَلَيَّ .

.

ص: 130

يا رَبِّ ، إنَّكَ تَدعوني فَاُوَلّي عَنكَ ، وتَتَحَبَّبُ إلَيَّ فَأَتَبَغَّضُ إلَيكَ ، وتَتَوَدَّدُ إلَيَّ فَلا أقبَلُ مِنكَ ، كَأَنَّ لِيَ التَّطَوُّلَ عَلَيكَ ، فَلَم يَمنَعكَ ذلِكَ مِنَ الرَّحمَةِ لي وَالإِحسانِ إلَيَّ وَالتَّفَضُّلِ عَلَيَّ بِجودِكَ وكَرَمِكَ ، فَارحَم عَبدَكَ الجاهِلَ وجُد عَلَيهِ بِفَضلِ إحسانِكَ إنَّكَ جَوادٌ كَريمٌ . الحَمدُ للّهِِ مالِكِ المُلكِ مُجرِي الفُلكِ ، مُسَخِّرِ الرِّياحِ فالِقِ الإِصباحِ ، دَيّانِ الدّينِ رَبِّ العالَمينَ ، الحَمدُ للّهِِ عَلى حِلمِهِ بَعدَ عِلمِهِ ، الحَمدُ للّهِِ عَلى عَفوِهِ بَعدَ قُدرَتِهِ ، الحَمدُ للّهِِ عَلى طولِ أناتِهِ في غَضَبِهِ وهُوَ القادِرُ عَلى ما يُريدُ ، الحَمدُ للّهِِ خالِقِ الخَلقِ باسِطِ الرِّزقِ ذِي الجَلالِ وَالإِكرامِ وَالفَضلِ وَالإِنعامِ ، الَّذي بَعُدَ فَلا يُرى وقَرُبَ فَشَهِدَ النَّجوى تَبارَكَ وتَعالى ، الحَمدُ للّهِِ الَّذي لَيسَ لَهُ مُنازِعٌ يُعادِلُهُ ولا شَبيهٌ يُشاكِلُهُ ولا ظَهيرٌ يُعاضِدُهُ ، قَهَرَ بِعِزَّتِهِ الأَعِزّاءَ وتَواضَعَ لِعَظَمَتِهِ العُظَماءُ فَبَلَغَ بِقُدرَتِهِ ما يَشاءُ ، الحَمدُ للّهِِ الَّذي يُجيبُني حينَ اُناديهِ ، ويَستُرُ عَلَيَّ كُلَّ عَورَةٍ وأنَا أعصيهِ ، ويُعَظِّمُ النِّعمَةَ عَلَيَّ فَلا اُجازيهِ ، فَكَم مِن مَوهِبَةٍ هَنيئَةٍ قَد أعطاني! وعَظيمَةٍ مَخوفَةٍ قَد كَفاني! وبَهجَةٍ مونِقَةٍ قَد أراني ! فَاُثني عَلَيهِ حامِدا وأذكُرُهُ مُسَبِّحا . الحَمدُ للّهِِ الَّذي لا يُهتَكُ حِجابُهُ ولا يُغلَقُ بابُهُ ، ولا يُرَدُّ سائِلُهُ ولا يُخَيَّبُ آمِلُهُ . الحَمدُ للّهِِ الَّذي يُؤمِنُ الخائِفينَ ويُنَجِّي الصّالِحينَ ، ويَرفَعُ المُستَضعَفينَ ويَضَعُ المُستَكبِرينَ ، ويُهلِكُ مُلوكا ويَستَخلِفُ آخَرينَ ، وَالحَمدُ للّهِِ قاصِمِ الجَبّارينَ مُبيرِ الظّالِمينَ ، مُدرِكِ الهارِبينَ نَكالِ الظّالِمينَ ، صَريخِ المُستَصرِخينَ مَوضِعِ حاجاتِ الطّالِبينَ مُعتَمَدِ المُؤمِنينَ ، الحَمدُ للّهِِ الَّذي مِن خَشيَتِهِ تَرعَدُ السَّماءُ وسُكّانُها ، وتَرجُفُ الأَرضُ وعُمّارُها ، وتَموجُ البِحارُ ومَن يَسبَحُ (1)

.


1- .ويمكن ضبطها أيضا بهذا الشكل : «يُسَبِّحُ» .

ص: 131

في غَمَراتِها ، (الحَمدُ للّهِِ الَّذي هَدانا لِهذا وما كُنّا لِنَهتَدِيَ لَولا أن هَدانَا اللّهُ) (1) الحَمدُ للّهِِ الَّذي يَخلُقُ ولَم يُخلَق ويَرزُقُ ولا يُرزَقُ (2) ويُطعِمُ ولا يُطعَمُ ، ويُميتُ الأَحياءَ ويُحيِي المَوتى وهُوَ حَيٌّ لا يَموتُ ، بِيَدِهِ الخَيرُ وهُوَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ . اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ عَبدِكَ ورَسولِكَ وأمينِكَ وصَفِيِّكَ وحَبيبِكَ وخِيَرَتِكَ مِن خَلقِكَ ، وحافِظِ سِرِّكَ ومُبَلِّغِ رِسالاتِكَ ، أفضَلَ وأحسَنَ وأجمَلَ وأكمَلَ وأزكى وأنمى وأطيَبَ وأطهَرَ وأسنى وأكثَرَ ما صَلَّيتَ وبارَكتَ وتَرَحَّمتَ وتَحَنَّنتَ وسَلَّمتَ عَلى أحَدٍ مِن عِبادِكَ وأنبِيائِكَ ورُسُلِكَ وصَفوَتِكَ وأهلِ الكَرامَةِ عَلَيكَ مِن خَلقِكَ . اللّهُمَّ صَلِّ عَلى عَلِيٍّ أميرِ المُؤمِنينَ ووَصِيِّ رَسولِ رَبِّ العالَمينَ ، (عَبدِكَ ووَلِيِّكَ وأخي رَسولِكَ وحُجَّتِكَ عَلى خَلقِكَ وآيَتِكَ الكُبرى وَالنَّبَاِالعَظيمِ) (3) وصَلِّ عَلَى الصِّدّيقَةِ الطّاهِرَةِ فاطِمَةَ سَيِّدَةِ نِساءِ العالَمينَ ، وصَلِّ عَلى سِبطَيِ الرَّحمَةِ وإمامَيِ الهُدى الحَسَنِ وَالحُسَينِ سَيِّدَي شَبابِ أهلِ الجَنَّةِ ، وصَلِّ عَلى أئِمَّةِ المُسلِمينَ : عَلِيِ بنِ الحُسَينِ ومُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ وجَعفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ وموسَى بنِ جَعفَرٍ وعَليِ بنِ موسى ومُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍ وعَلِيِ بنِ مُحَمَّدٍ وَالحَسَنِ بنِ عَلِيٍ وَالخَلَفِ المَهدِيِّ حُجَجِكَ عَلى عِبادِكَ واُمنَائِكَ في بِلادِكَ صَلاةً كَثيرَةً دائِمَةً . اللّهُمَّ وصَلِّ عَلى وَلِيِ أمرِكَ القائِمِ المُؤَمَّلِ وَالعَدلِ المُنتَظَرِ ، وحُفَّهُ بِمَلائِكَتِكَ المُقَرَّبينَ وأيِّدهُ بِروحِ القُدُسِ يا رَبَّ العالَمينَ . اللّهُمَّ اجعَلهُ الدّاعِيَ إلى كِتابِكَ وَالقائِمَ بِدينِكَ ، وَاستَخلِفهُ فِي الأَرضِ كَمَا

.


1- .ما بين القوسين أثبتناه من الطبعة الحجريّة للمصدر .
2- .في الطبعة المعتمدة «ولم يرزق» ، والتصويب من الطبعة الحجريّة .
3- .ما بين القوسين لا يوجد في مصباح المتهجّد وتهذيب الأحكام .

ص: 132

استَخلَفتَ الَّذينَ مِن قَبلِهِ ، مَكِّن لَهُ دينَهُ الَّذي ارتَضَيتَهُ لَهُ ، أبدِلهُ مِن بَعدِ خَوفِهِ أمنا يَعبُدُكَ لا يُشرِكُ بِكَ شَيئا . اللّهُمَّ أعِزَّهُ وأعزِز بِهِ ، وَانصُرهُ وَانتَصِر بِهِ وَانصُرهُ نَصرا عَزيزا (وَافتَح لَهُ فَتحا مُبينا وَاجعَل لَهُ مِن لَدُنكَ سُلطانا نَصيرا) (1) . اللّهُمَّ أظهِر بِهِ دينَكَ وسُنَّةَ نَبِيِّكَ ؛ حَتّى لا يَستَخفِيَ بِشَيءٍ مِنَ الحَقِّ مَخافَةَ أحَدٍ مِنَ الخَلقِ . اللّهُمَّ إنّا نَرغَبُ إلَيكَ في دَولَةٍ كَريمَةٍ تُعِزُّ بِهَا الإِسلامَ وأهلَهُ وتُذِلُّ بِهَا النِّفاقَ وأهلَهُ ، وتَجعَلُنا فيها مِنَ الدُّعاةِ إلى طاعَتِكَ وَالقادَةِ إلى سَبيلِكَ ، وتَرزُقُنا بِها كَرامَةَ الدُّنيا وَالآخِرَةِ . اللّهُمَّ ما عَرَّفتَنا مِنَ الحَقِّ فَحَمِّلناهُ وما قَصُرنا عَنهُ فَبَلِّغناهُ . اللّهُمَّ المُم بِهِ شَعَثَنا (2) وَاشعَب بِهِ صَدعَنا (3) وَارتُق بِهِ فَتقَنا ، وكَثِّر بِهِ قِلَّتَنا ، وأعِزَّ بِهِ ذِلَّتَنا ، وأغنِ بِهِ عائِلَنا (4) ، وَاقضِ بِهِ عَن مَغرَمِنا ، وَاجبُر بِهِ فَقرَنا ، وسُدَّ بِهِ خَلَّتَنا، ويَسِّر بِهِ عُسرَنا ، وبَيِّض بِهِ وُجوهَنا ، وفُكَّ بِهِ أسرَنا، وأنجِح بِهِ طَلِبَتَنا ، وأنجِز بِهِ مَواعيدَنا ، وَاستَجِب بِهِ دَعوَتَنا ، (وأعطِنا بِهِ سُؤلَنا ، وبَلِّغنا بِهِ مِنَ الدُّنيا وَالآخِرَةِ آمالَنا) 5 ، وأعطِنا بِهِ آمالَنا ، وأعطِنا بِهِ فَوقَ رَغبَتِنا ، يا خَيرَ المَسؤولينَ وأوسَعَ المُعطينَ ، اِشفِ بِهِ صُدورَنا ، وأذهِب بِهِ غَيظَ قُلوبِنا ، وَاهدِنا بِهِ لِمَا اختُلِفَ فيهِ مِنَ الحَقِّ بِإِذنِكَ ؛ إنَّكَ تَهدي مَن تَشاءُ إلى صِراطٍ

.


1- .ما بين القوسين أثبتناه من الطبعة الحجريّة للمصدر .
2- .الشَّعَث : انتشار الأمر ، يقال : لمَّ اللّه ُ شعثَك : أي جمع أمرك المنتشِر (مجمع البحرين : ج 2 ص 954) .
3- .شعبت الشيء : جمعته وأصلحته ، أي أصلح به ما تشعّب منّا . والصدع : الشقّ (مجمع البحرين : ج 2 ص 954 وص 1016) .
4- .العائل : الفقير (النهاية : ج 3 ص 330) .

ص: 133

ه _ دعاء «الدّخول في الصّالحين»

مُستَقيمٍ ، وَانصُرنا بِهِ عَلى عَدُوِّكَ وعَدُوِّنا إلهَ الحَقِّ آمينَ . اللّهُمَّ إنّا نَشكو إلَيكَ فَقدَ نَبِيِّنا _ صَلَواتُكَ عَلَيهِ وآلِهِ _ وغَيبَةَ إمامِنا ، وكَثرَةَ عَدُوِّنا ( وقِلَّةَ عَدَدِنا) (1) وشِدَّةَ الفِتَنِ بِنا ، وتَظاهُرَ الزَّمانِ عَلَينا ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وأعِنّا عَلى ذلِكَ بِفَتحٍ تُعَجِّلُهُ ، وبِضُرٍّ تَكشِفُهُ ونَصرٍ تُعِزُّهُ ، وسُلطانِ حَقٍّ تُظهِرُهُ ، ورَحمَةٍ مِنكَ تُجَلِّلُناها وعافِيَةٍ [ مِنكَ ]تُلبِسُناها بِرَحمَتِكَ يا أرحَمَ الرّاحِمينَ . (2)

ه _ دُعاءُ «الدُّخولُ فِي الصّالِحينَ»الإقبال :دُعاءٌ آخَرُ في كُلِّ لَيلَةٍ مِنهُ : اللّهُمَّ بِرَحمَتِكَ فِي الصّالِحينَ فَأَدخِلنا ، وفي عِلِّيِّينَ فَارفَعنا ، وبِكَأسٍ مِن مَعينٍ مِن عَينٍ سَلسَبيلٍ فَاسقِنا ، ومِنَ الحورِ العينِ بِرَحمَتِكَ فَزَوِّجنا ، ومِنَ الوِلدانِ المُخَلَّدينَ كَأنَّهُم لُؤلُؤٌ مَكنونٌ فَأَخدِمنا ، ومِن ثِمارِ الجَنَّةِ ولُحومِ الطَّيرِ فَأَطعِمنا ، ومِن ثِيابِ السُّندُسِ وَالحَريرِ وَالإِستَبرَقِ فَأَلبِسنا ، ولَيلَةَ القَدرِ وحَجَّ بَيتِكَ الحَرامِ وقَتلاً في سَبيلِكَ فَوَفِّق لَنا ، وصالِحَ الدُّعاءِ وَالمَسأَلَةِ فَاستَجِب لَنا ، يا خالِقَنَا اسمَع وَاستَجِب لَنا . وإذا جَمَعتَ الأَوَّلينَ وَالآخِرينَ يَومَ القِيامَةِ فَارحَمنا ، وبَراءَةً مِنَ النّارِ فَاكتُب لَنا ، وفي جَهَنَّمَ فَلا تَغُلَّنا ، وفي عَذابِكَ وهَوانِكَ فَلا تَبتَلِنا ، ومِنَ الزَّقّومِ وَالضَّريعِ فَلا تُطعِمنا ، ومَعَ الشَّياطينِ فَلا تَجمَعنا ، وفِي النّارِ عَلى وُجوهِنا فَلا تَكُبَّنا ، ومِن ثِيابِ النّارِ وسَرابيلِ القَطِرانِ فَلا تُلبِسنا ، ومِن كُلِّ سوءٍ يا لا إلهَ إلاّ أنتَ بِحَقِّ لا إلهَ إلاّ أنتَ فَنَجِّنا . (3)

.


1- .ما بين القوسين أثبتناه من الطبعة الحجريّة للمصدر .
2- .الإقبال : ج 1 ص 138 ، تهذيب الأحكام : ج 3 ص 108 ، مصباح المتهجّد : ص 577 ص 690 .
3- .الإقبال : ج 1 ص 143 .

ص: 134

3 / 3 أدعية الأسحار
أ _ دعاء أبي جعفر عليه السلام

3 / 3أدعِيَةُ الأَسحارِ1أ _ دُعاءُ أبي جَعفَرٍ عليه السلامالإقبال :عَن أيّوبَ بنِ يَقطينٍ أنَّهُ كَتَبَ إلى أبِي الحَسَنِ الرِّضا عليه السلام يَسأَلُهُ أن يُصَحِّحَ لَهُ هذَا الدُّعاءَ ، فَكَتَبَ إلَيهِ : «نَعَم ، وهُوَ دُعاءُ أبي جَعفَرٍ عليه السلام بِالأَسحارِ في شَهرِ رَمَضانَ . قالَ أبي عليه السلام : قالَ أبو جَعفَرٍ عليه السلام : لَو يَعلَمُ النّاسُ مِن عِظَمِ هذِهِ المَسائِلِ عِندَ اللّهِ وسُرعَةِ إجابَتِهِ لِصاحِبِها لاَقتَتَلوا عَلَيهِ ولَو بِالسُّيوفِ ، وَاللّهُ يَختَصُّ بِرَحمَتِهِ مَن يَشاءُ . وقالَ أبو جَعفَرٍ عليه السلام : لَو حَلَفتُ لَبَرِرتُ أنَّ اسمَ اللّهِ الأَعظَمَ قَد دَخَلَ فيها ، فَإِذا دَعَوتُم فَاجتَهِدوا فِي الدُّعاءِ فَإِنَّهُ مِن مَكنونِ العِلمِ ، وَاكتُموهُ إلاّ مِن أهلِهِ ، ولَيسَ مِن أهلِهِ المُنافِقونَ وَالمُكَذِّبونَ وَالجاحِدونَ ، وهُوَ دُعاءُ المُباهَلَةِ تَقولُ : اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ مِن بَهائِكَ بِأَبهاهُ وكُلُّ بَهائِكَ بَهِيٌّ ، اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِبَهائِكَ كُلِّهِ ؛ اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ مِن جَمالِكَ بِأَجمَلِهِ وكُلُّ جَمالِكَ جَميلٌ ، اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِجَمالِكَ كُلِّهِ ؛ اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ مِن جَلالِكَ بِأَجَلِّهِ وكُلُّ جَلالِكَ جَليلٌ ،

.

ص: 135

اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِجَلالِكَ كُلِّهِ ؛ اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ مِن عَظَمَتِكَ بِأَعظَمِها وكُلُّ عَظَمَتِكَ عَظيمَةٌ ، اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِعَظَمَتِكَ كُلِّها ؛ اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ مِن نورِكَ بِأَنوَرِهِ وكُلُّ نورِكَ نَيِّرٌ ، اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِنورِكَ كُلِّهِ ؛ اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ مِن رَحمَتِكَ بِأَوسَعِها وكُلُّ رَحمَتِكَ واسِعَةٌ ، اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِرَحمَتِكَ كُلِّها ؛ اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ مِن كَلِماتِكَ بِأَتَمِّها وكُلُّ كَلِماتِكَ تامَّةٌ ، اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِكَلِماتِكَ كُلِّها ؛ اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ مِن كَمالِكَ بِأَكمَلِهِ وكُلُّ كَمالِكَ كامِلٌ ، اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِكَمالِكَ كُلِّهِ ؛ اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ مِن أسمائِكَ بِأَكبَرِها وكُلُّ أسمائِكَ كَبيرَةٌ ، اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِأَسمائِكَ كُلِّها ؛ اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ مِن عِزَّتِكَ بِأَعَزِّها وكُلُّ عِزَّتِكَ عَزيزَةٌ ، اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِعِزَّتِكَ كُلِّها ؛ اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ مِن مَشِيَّتِكَ بِأَمضاها وكُلُّ مَشِيَّتِكَ ماضِيَةٌ ، اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِمَشِيَّتِكَ كُلِّها ؛ اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ مِن قُدرَتِكَ بِالقُدرَةِ الَّتِي استَطَلتَ بِها عَلى كُلِّ شَيءٍ وكُلُّ قُدرَتِكَ مُستَطيلَةٌ ، اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِقُدرَتِكَ كُلِّها ؛ اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ مِن عِلمِكَ بِأَنفَذِهِ وكُلُّ عِلمِكَ نافِذٌ ، اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِعِلمِكَ كُلِّهِ ؛ اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ مِن قَولِكَ بِأَرضاهُ وكُلُّ قَولِكَ رَضِيٌ،اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِقَولِكَ كُلِّهِ ؛ اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ مِن مَسائِلِكَ بِأَحَبِّها إلَيكَ وكُلُّ مَسائِلِكَ إلَيكَ حَبيبَةٌ ، اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِمَسائِلِكَ كُلِّها ؛ اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ مِن شَرَفِكَ بِأَشرَفِهِ وكُلُّ شَرَفِكَ شَريفٌ ، اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِشَرَفِكَ كُلِّهِ ؛ اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ مِن سُلطانِكَ بِأَدوَمِهِ وكُلُّ سُلطانِكَ دائِمٌ ، اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِسُلطانِكِ كُلِّهِ ؛ اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ مِن مُلكِكَ بِأَفخَرِهِ وكُلُّ مُلكِكَ فاخِرٌ ، اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِمُلكِكَ كُلِّهِ ؛ اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ مِن عُلُوِّكَ بِأَعلاهُ وكُلُّ عُلُوِّكَ عالٍ ، اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِعُلُوِّكَ كُلِّهِ ؛ اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ مِن مَنِّكَ بِأَقدَمِهِ وكُلُّ مَنِّكَ قَديمٌ ، اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِمَنِّكَ كُلِّهِ ؛ اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ مِن آياتِكَ بِأَكرَمِها وكُلُّ آياتِكَ كَريمَةٌ ، اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِآياتِكَ كُلِّها ؛ اللّهُمَّ

.

ص: 136

ب _ دعاء أبي حمزة الثّماليّ

إنّي أسأَلُكَ بِما أنتَ فيهِ مِنَ الشَّأنِ وَالجَبَروتِ ، وأسأَلُكَ بِكُلِّ شَأنٍ وَحدَهُ وَجَبَروتٍ وَحدَها ، اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِما تُجيبُني بِهِ حينَ أسأَلُكَ فَأَجِبني يا أللّهُ ، وَافعَل بي كَذا وكَذا . وتَذكُرُ حاجَتَكَ ، فَإِنَّكَ تُعطاها إن شاءَ اللّهُ تَعالى» . (1)

ب _ دُعاءُ أبي حَمزَةَ الثُّمالِيِّمصباح المتهجّد عن أبي حمزة الثمالي :كانَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ سَيِّدُ العابِدينَ _ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيهِما _ يُصَلّي عامَّةَ اللَّيلِ في شَهرِ رَمَضانَ ، فَإِذا كانَ ( فِي) السَّحَرِ دَعا بِهذَا الدُّعاءِ : إلهي لا تُؤَدِّبني بِعُقوبَتِكَ ، ولا تَمكُر بي في حيلَتِكَ ، مِن أينَ لِيَ الخَيرُ يا رَبِّ ولا يوجَدُ إلاّ مِن عِندِكَ ، ومِن أينَ لِيَ النَّجاةُ ولا تُستَطاعُ إلاّ بِكَ ، لاَ الَّذي أحسَنَ استَغنى عَن عَونِكَ ورَحمَتِكَ ولاَ الَّذي أساءَ وَاجتَرَأَ عَلَيكَ ولَم يُرضِكَ خَرَجَ عَن قُدرَتِكَ ، يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِّ _ حَتّى يَنقَطِعَ النَّفَسُ _ بِكَ (2) عَرَفتُكَ وأنتَ دَلَلتَني عَلَيكَ ودَعَوتَني إلَيكَ ، ولَولا أنتَ لَم أدرِ ما أنتَ . الحَمدُ للّهِِ الَّذي أدعوهُ فَيُجيبُني وإن كُنتُ بَطيئاً حينَ يَدعوني ، وَالحَمدُ للّهِِ الَّذي أسأَلُهُ فَيُعطيني وإن كُنتُ بَخيلاً حينَ يَستَقرِضُني ، وَالحَمدُ للّهِِ الَّذي اُناديهِ كُلَّما شِئتُ لِحاجَتي وأخلو بِهِ حَيثُ شِئتُ لِسِرّي بِغَيرِ شَفيعٍ فَيَقضي لي حاجَتي . الحَمدُ للّهِِ الَّذي لا أدعو (3) غَيرَهُ ، ولَو دَعَوتُ غَيرَهُ لَم يَستَجِب لي دُعائي ، وَالحَمدُ للّهِِ الَّذي لا أرجو (4) غَيرَهُ ، ولَو رَجَوتُ غَيرَهُ لَأَخلَفَ رَجائي، وَالحَمدُ

.


1- .الإقبال : ج 1 ص 175 ، بحار الأنوار : ج 98 ص 94 ح 2 .
2- .لفظة «بك» ليست في المصدر وأثبتناها من المصادر الاُخرى .
3- .في الإقبال والمصباح للكفعمي : «أدعوه ولا أدعو غيره» .
4- .في الإقبال والمصباح للكفعمي : «أرجوه ولا أرجو غيره» .

ص: 137

للّهِِ الَّذي وَكَلَني إلَيهِ فَأَكرَمَني ولَم يَكِلني إلَى النّاسِ فَيُهينوني ، وَالحَمدُ للّهِِ الَّذي تَحَبَّبَ إلَيَ وهُوَ غَنِيٌّ عَنّي ، وَالحَمدُ للّهِِ الَّذي يَحلُمُ عَنّي حَتّى كَأَنّي لاذَنبَ لي،فَرَبّي أحمَدُ شَيءٍ عِندي وأحَقُّ بِحَمدي. اللّهُمَّ إنّي أجِدُ سُبُلَ المَطالِبِ إلَيكَ مُشرَعَةً ، ومَناهِلَ الرَّجاءِ إلَيكَ مُترَعَةً ، وَالاِستِعانَةَ بِفَضلِكَ لِمَن أمَّلَكَ مُباحَةً ، وأبوابَ الدُّعاءِ إلَيكَ لِلصّارِخينَ مَفتوحَةً ، وأعلَمُ أنَّكَ لِلرّاجينَ (1) بِمَوضِعِ إجابَةٍ ولِلمَلهوفينَ بِمَرصَدِ إغاثَةٍ ، وأنَّ فِي اللَّهفِ إلى جودِكَ وَالرِّضا بِقَضائِكَ عِوَضا مِن مَنعِ الباخِلينَ ومَندوحَةً عَمّا في أيدِي المُستَأثِرينَ ، وأنَّ الرّاحِلَ إلَيكَ قَريبُ المَسافَةِ ، وأنَّكَ لا تَحتَجِبُ عَن خَلقِكَ إلاّ أن تَحجِبَهُمُ الأَعمالُ دونَكَ ، وقَد قَصَدتُ إلَيكَ بِطَلِبَتي وتَوَجَّهتُ إلَيكَ بِحاجَتي ، وجَعَلتُ بِكَ استِغاثَتي وبِدُعائِكَ تَوَسُّلي مِن غَيرِ استِحقاقٍ لاِستِماعِكَ مِنّي ولاَ استيجابٍ لِعَفوِكَ عَنّي ، بَل لِثِقَتي بِكَرَمِكَ وسُكوني إلى صِدقِ وَعدِكَ ولَجَئي إلَى الإِيمانِ بِتَوحيدِكَ ، ويَقيني (2) بِمَعرِفَتِكَ مِنّي ألاّ رَبَّ لي غَيرُكَ ، ولا إلهَ إلاّ أنتَ وَحدَكَ لا شَريكَ لَكَ . اللّهُمَّ أنتَ القائِلُ وقَولُكَ حَقٌّ ووَعدُكَ صِدقٌ : وَاسأَلُوا اللّهَ مِن فَضلِهِ إنَّ اللّهَ كانَ بِكُم رَحيما ، ولَيسَ مِن صِفاتِكَ يا سَيِّدي أن تَأمُرَ بِالسُّؤالِ وتَمنَعَ العَطِيَّةَ ، وأنتَ المَنّانُ بِالعَطِيّاتِ عَلى أهلِ مَملَكَتِكَ وَالعائِدُ عَلَيهِم بِتَحَنُّنِ رَأفَتِكَ . إلهي رَبَّيتَني في نِعَمِكَ وإحسانِكَ صَغيرا ونَوَّهتَ بِاسمي كَبيرا ، فَيا مَن رَبّاني فِي الدُّنيا بِإِحسانِهِ وتَفَضُّلِهِ ونِعَمِهِ ، وأشارَ لي فِي الآخِرَةِ إلى عَفوِهِ وكَرَمِهِ ، مَعرِفَتي يا مَولايَ دَلَّتني (دَليلي) عَلَيكَ ، وحُبّي لَكَ شَفيعي إلَيكَ ، وأنَا واثِقٌ مِن دَليلي بِدَلالَتِكَ وساكِنٌ مِن شَفيعي إلى شَفاعَتِكَ ، أدعوكَ يا سَيِّدي بِلِسانٍ

.


1- .في المصدر : «للراجي» ، وما أثبتناه من المصادر الاُخرى ، إذ هو المناسب للسياق .
2- .في المصدر : «ثقتي» ، وما أثبتناه من المصادر الاُخرى .

ص: 138

قَد أخرَسَهُ ذَنبُهُ ، رَبِّ اُناجيكَ بِقَلبٍ قَد أوبَقَهُ جُرمُهُ ، أدعوكَ يا رَبِّ راهِبا راغِبا راجِيا خائِفا ، إذا رَأَيتُ مَولايَ ذُنوبي فَزِعتُ ، وإذا رَأَيتُ كَرَمَكَ طَمِعتُ ، فَإِن عَفَوتَ فَخَيرُ راحِمٍ ، وإن عَذَّبتَ فَغَيرُ ظالِمٍ ، حُجَّتي يا أللّهُ في جُرأَتي عَلى مَسأَلَتِكَ مَعَ إتياني ما تَكرَهُ : جودُكَ وكَرَمُكَ ، وعُدَّتي في شِدَّتي مَعَ قِلَّةِ حَيائي : رَأفَتُكَ ورَحمَتُكَ ، وقَد رَجَوتُ ألاّ تُخَيِّبَ بَينَ ذَينِ وذَينِ مُنيَتي ، فَحَقِّق رَجائي (1) وَاسمَع دُعائي يا خَيرَ مَن دَعاهُ داعٍ وأفضَلَ مَن رَجاهُ راجٍ ، عَظُمَ يا سَيِّدي أمَلي وساءَ عَمَلي ، فَأَعطِني مِن عَفوِكَ بِمِقدارِ أمَلي ولا تُؤاخِذني بِأَسوَءِ عَمَلي ، فَإِنَّ كَرَمَكَ يَجِلُّ عَن مُجازاةِ المُذنِبينَ ، وحِلمَكَ يَكبُرُ عَن مُكافاةِ المُقَصِّرينَ ، وأنَا يا سَيِّدي عائِذٌ بِفَضلِكَ هارِبٌ مِنكَ إلَيكَ ، مُنتَجِزٌ (مُتَنَجِّزٌ) ما وَعَدتَ مِنَ الصَّفحِ عَمَّن أحسَنَ بِكَ ظَنّاً ، وما أنَا يا رَبِّ وما خَطَري ، هَبني بِفَضلِكَ وتَصَدَّق عَلَيَّ بِعَفوِكَ ، أي رَبِّ جَلِّلني بِسِترِكَ وَاعفُ عَن تَوبيخي بِكَرَمِ وَجهِكَ ، فَلَوِ اطَّلَعَ اليَومَ عَلى ذَنبي غَيرُكَ ما فَعَلتُهُ ، ولَو خِفتُ تَعجيلَ العُقوبَةِ لاَجتَنَبتُهُ ، لا لِأَنَّكَ أهوَنُ النّاظِرينَ إلَيَ وأخَفُّ المُطَّلِعينَ عَلَيَ ، بَلِ لِأَنَّكَ يا رَبِّ خَيرُ السّاتِرينَ وأحكَمُ الحاكِمينَ وأكرَمُ الأَكرَمينَ ، سَتّارُ العُيوبِ غَفّارُ الذُّنوبِ عَلاّمُ الغُيوبِ ، تَستُرُ الذَّنبَ بِكَرَمِكَ وتُؤَخِّرُ العُقوبَةَ بِحِلمِكَ ، فَلَكَ الحَمدُ عَلى حِلمِكَ بَعدَ عِلمِكَ وعَلى عَفوِكَ بَعدَ قُدرَتِكَ ، ويَحمِلُني ويُجَرِّئُني عَلى مَعصِيَتِكَ حِلمُكَ عَنّي ، ويَدعوني إلى قِلَّةِ الحَياءِ سَترُكَ عَلَيَ ، ويُسرِعُني إلَى التَّوَثُّبِ عَلى مَحارِمِكَ مَعرِفَتي بِسَعَةِ رَحمَتِكَ وعَظيمِ عَفوِكَ . يا حَليمُ يا كَريمُ ، يا حَيُ يا قَيّومُ ، يا غافِرَ الذَّنبِ يا قابِلَ التَّوبِ ، يا عَظيمَ المَنِّ يا قَديمَ الإِحسانِ ، أينَ سِترُكَ الجَميلُ؟ أينَ عَفوُكَ الجَليلُ؟ أينَ فَرَجُكَ

.


1- .في الإقبال : «فصلّ على محمّد وآل محمّد وحقّق رجائي ...» .

ص: 139

القَريبُ؟ أينَ غِياثُكَ السَّريعُ؟ أينَ رَحمَتُكَ الواسِعَةُ؟ أينَ عَطاياكَ الفاضِلَةُ؟ أينَ مَواهِبُكَ الهَنيئَةُ؟ أينَ صَنائِعُكَ السَّنِيَّةُ؟ أينَ فَضلُكَ العَظيمُ؟ أينَ مَنُّكَ الجَسيمُ؟ أينَ إحسانُكَ القَديمُ (1) ؟ أينَ كَرَمُكَ يا كَريمُ؟ بِهِ (2) فَاستَنقِذني وبِرَحمَتِكَ فَخَلِّصني . يا مُحسِنُ يا مُجمِلُ ، يا مُنعِمُ يا مُفضِلُ ، لَسنا نَتَّكِلُ (3) فِي النَّجاةِ مِن عِقابِكَ عَلى أعمالِنا ، بَل بِفَضلِكَ عَلَينا لِأَنَّكَ أهلُ التَّقوى وأهلُ المَغفِرَةِ ، تُبدِئُ بِالإِحسانِ نِعَما وتَعفو عَنِ الذَّنبِ كَرَما ، فَما نَدري ما نَشكُرُ ، أجَميلَ ما تَنشُرُ أم قَبيحَ ما تَستُرُ؟ أم عَظيمَ ما أبلَيتَ وأولَيتَ؟ أم كَثيرَ ما مِنهُ نَجَّيتَ وعافَيتَ؟ يا حَبيبَ مَن تَحَبَّبَ إلَيكَ ، ويا قُرَّةَ عَينِ مَن لاذَ بِكَ وَانقَطَعَ إلَيكَ ، أنتَ المُحسِنُ ونَحنُ المُسيؤونَ ، فَتَجاوَز يا رَبِّ عَن قَبيحِ ما عِندَنا بِجَميلِ ما عِندَكَ ، وأيُ جَهلٍ يا رَبِّ لا يَسَعُهُ جودُكَ ، أو أيُ زَمانٍ أطوَلُ مِن أناتِكَ ، وما قَدرُ أعمالِنا في جَنبِ نِعَمِكَ ، وكَيفَ نَستَكثِرُ أعمالاً نُقابِلُ بِها كَرَمَكَ ، بَل كَيفَ يَضيقُ عَلَى المُذنِبينَ ما وَسِعَهُم مِن رَحَمَتِكَ ، يا واسِعَ المَغفِرَةِ ، يا باسِطَ اليَدَينِ بِالرَّحمَةِ ، فَوَعِزَّتِكَ يا سَيِّدي لَو نَهَرتَني ما بَرِحتُ مِن بابِكَ ولا كَفَفتُ عَن تَمَلُّقِكَ لِمَا انتَهى إلَيَ مِنَ المَعرِفَةِ بِجودِكَ وكَرَمِكَ ، وأنتَ الفاعِلُ لِما تَشاءُ ، تُعَذِّبُ مَن تَشاءُ بِما تَشاءُ كَيفَ تَشاءُ ، وتَرحَمُ مَن تَشاءُ بِما تَشاءُ كيفَ تَشاءُ . لا تُسأَلُ عَن فِعلِكَ ، ولا تُنازَعُ في مُلكِكَ ، ولا تُشارَكُ في أمرِكَ ، ولا تُضادُّ في حُكمِكَ ولا يَعتَرِضُ عَلَيكَ أحَدٌ في تَدبيرِكَ ، لَكَ الخَلقُ وَالأَمرُ تَبارَكَ اللّهُ رَبُّ العالَمينَ .

.


1- .ليس في الإقبال من «أين صنائعك» إلى «إحسانك القديم» .
2- .في نسخة : «به وبمحمّد وآل محمّد» .
3- .في المصدر : «لست أتّكل» ، وما في المتن أثبتناه من بعض النسخ الخطيّة للمصدر ، وكذلك في الإقبال .

ص: 140

يا رَبِّ هذا مَقامُ مَن لاذَ بِكَ وَاستَجارَ بِكَرَمِكَ وألِفَ إحسانَكَ ونِعَمَكَ ، وأنتَ الجَوادُ الَّذي لا يَضيقُ عَفوُكَ ولا يَنقُصُ فَضلُكَ ولا تَقِلُّ رَحمَتُكَ ، وقَد تَوَثَّقنا مِنكَ بِالصَّفحِ القَديمِ وَالفَضلِ العَظيمِ وَالرَّحمَةِ الواسِعَةِ ، أفَتُراكَ يا رَبِّ تُخلِفُ ظُنونَنا أو تُخَيِّبُ آمالَنا؟ كَلاّ يا كَريمُ لَيسَ هذا ظَنُّنا بِكَ ولا هذا فيكَ طَمَعُنا ، يا رَبِّ ، إنَّ لَنا فيكَ أمَلاً طَويلاً كَثيرا ، إنَّ لَنا فيكَ رَجاءً عَظيما ، عَصَيناكَ ونَحنُ نَرجو أن تَستُرَ عَلَينا ودَعَوناكَ ونَحنُ نَرجو أن تَستَجيبَ لَنا ، فَحَقِّق رَجاءَنا مَولانا فَقَد عَلِمنا ما نَستَوجِبُ بِأَعمالِنا ، ولكِنَّ عِلمَكَ فينا وعِلمَنا بِأَنَّكَ لا تَصرِفُنا عَنكَ ( حَثَّنا عَلَى الرَّغبَةِ إلَيكَ ) (1) وإن كُنّا غَيرَ مُستَوجِبينَ لِرَحمَتِكَ فَأَنتَ أهلٌ أن تَجودَ عَلَينا وعَلَى المُذنِبينَ بِفَضلِ سَعَتِكَ ، فَامنُن عَلَينا بِما أنتَ أهلُهُ وجُد عَلَينا فَإِنّا مُحتاجونَ إلى نَيلِكَ ، يا غَفّارُ بِنورِكَ اهتَدَينا ، وبِفَضلِكَ استَغنَينا ، وبِنِعمَتِكَ أصبَحنا وأمسَينا ، ذُنوبُنا بَينَ يَدَيكَ نَستَغفِرُكَ اللّهُمَّ مِنها ونَتوبُ إلَيكَ ، تَتَحَبَّبُ إلَينا بِالنِّعَمِ ونُعارِضُكَ بِالذُّنوبِ ، خَيرُكَ إلَينا نازِلٌ وشَرُّنا إلَيكَ صاعِدٌ ، ولَم يَزَل ولا يَزالُ مَلَكٌ كَريمٌ يَأتيكَ عَنّا بِعَمَلٍ قَبيحٍ فَلا يَمنَعُكَ ذلِكَ أن تَحوطَنا بِنِعَمِكَ وتَتَفَضَّلَ عَلَينا بِآلائِكَ ، فَسُبحانَكَ ما أحلَمَكَ وأعظَمَك وأكرَمَكَ مُبدِئا ومُعيدا ، تَقَدَّسَت أسماؤُكَ وجَلَّ ثَناؤُكَ وكَرُمَ صَنائِعُكَ وفِعالُكَ ، أنتَ إلهي أوسَعُ فَضلاً وأعظَمُ حِلما مِن أن تُقايِسَني بِفِعلي وخَطيئَتي ، فَالعَفوَ العَفوَ سَيِّدي سَيِّدي سَيِّدي . اللّهُمَّ اشغَلنا بِذِكرِكَ ، وأعِذنا مِن سَخَطِكَ وأجِرنا مِن عَذابِكَ ، وَارزُقنا مِن مَواهِبِكَ ، وأنعِم عَلَينا مِن فَضلِكَ ، وَارزُقنا حَجَّ بَيتِكَ وزِيارَةَ قَبرِ نَبِيِّكَ صَلَواتُكَ ورَحمَتُكَ ومَغفِرَتُكَ ورِضوانُكَ عَلَيهِ وعَلى أهلِ بَيتِهِ إنَّكَ قَريبٌ مُجيبٌ ، وَارزُقنا عَمَلاً بِطاعَتِكَ ، وتَوَفَّنا عَلى مِلَّتِكَ وسُنَّةِ نَبِيِّكَ صَلَّى

.


1- .ما بين القوسين أثبتناه من المصادر الاُخرى .

ص: 141

اللّهُ عَلَيهِ وآلِهِ . اللّهُمَّ اغفِر (1) لي ولِوالِدَيَّ وَارحَمهُما كَما رَبَّياني صَغيرا ، اِجزِهِما بِالإِحسانِ إحسانا وبِالسَّيِّئاتِ غُفرانا ، اللّهُمَّ اغفِر لِلمُؤمِنينَ وَالمُؤمِناتِ الأَحياءِ مِنهُم وَالأَمواتِ،وتابِ_ع بَينَنا وبَينَهُم فِي الخَيراتِ ، اللّهُمَّ اغفِر لِحَيِّنا ومَيِّتِنا ، شاهِدِنا وغائِبِنا ، ذَكَرِنا واُنثانا ، صَغيرِنا وكَبيرِنا ، حُرِّنا ومَملوكِنا ، كَذِبَ العادِلونَ بِاللّهِ وضَلّوا ضَلالاً بَعيدا وخَسِروا خُسرانا مُبينا . اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وَاختِم لي بِخَيرٍ وَاكفِني ما أهَمَّني مِن أمرِ دُنيايَ وآخِرَتي ولا تُسَلِّط عَلَيَ مَن لا يَرحَمُني ، وَاجعَل عَلَيَ مِنكَ واقِيَةً باقِيَةً ، ولا تَسلُبني صالِحَ ما أنعَمتَ بِهِ عَلَيَ ، وَارزُقني مِن فَضلِكَ رِزقا واسِعا حَلالاً طَيِّبا ، اللّهُمَّ احرُسني بِحَراسَتِكَ وَاحفَظني بِحِفظِكَ وَاكلَأني بِكِلاءَتِكَ ، وَارزُقني حَجَّ بَيتِكَ الحَرامِ في عامِنا هذا وفي كُلِّ عامٍ وزِيارَةِ قَبرِ نَبِيِّكَ (2) ، ولا تُخلِني يا رَبِّ مِن تِلكَ المَشاهِدِ الشَّريفَةِ وَالمَواقِفِ الكَريمَةِ . اللّهُمَّ تُب عَلَيَ حَتّى لا أعصِيَكَ وألهِمنِي الخَيرَ وَالعَمَلَ بِهِ ، وخَشيَتَكَ بِاللَّيلِ وَالنَّهارِ ما أبقَيتَني يا رَبَّ العالَمينَ . اللّهُمَّ إنّي (3) كُلَّما قُلتُ : قَد تَهَيَّأتُ وتَعَبَّأتُ وقُمتُ لِلصَّلاةِ بَينَ يَدَيكَ وناجَيتُكَ ، ألقَيتَ عَلَيَ نُعاسا إذا أنَا صَلَّيتُ ، وسَلَبتَني مُناجاتَكَ إذا أنَا ناجَيتُ ، ما لي كُلَّما قُلتُ : قَد صَلَحَت سَريرَتي وقَرُبَ مِن مَجالِسِ التَّوابينَ مَجلِسي ، عَرَضَت لي بَلِيَّةٌ أزالَت قَدَمي وحالَت بَيني وبَينَ خِدمَتِكَ . سَيِّدي لَعَلَّكَ عَن بابِكَ طَرَدتَني وعَن خِدمَتِكَ نَحَّيتَني ، أو لَعَلَّكَ رَأَيتَني

.


1- .في الإقبال : «اللّهُمَّ صلّ على محمّد وآله واغفر ...» .
2- .زاد في المصباح للكفعمي : «والأئمّة عليهم السلام» .
3- .في الإقبال : «إلهي ما لي» بدل «اللّهُمَّ إنّي» .

ص: 142

مُستَخِفّا بِحَقِّكَ فَأَقصَيتَني ، أو لَعَلَّكَ رَأَيتَني مُعرِضا عَنكَ فَقَلَيتَني ، أو لَعَلَّكَ وَجَدتَني في مَقامِ الكاذِبينَ فَرَفَضتَني ، أو لَعَلَّكَ رَأَيتَني غَيرَ شاكِرٍ لِنَعمائِكَ فَحَرَمتَني ، أو لَعَلَّكَ فَقَدتَني مِن مَجالِسِ العُلَماءِ فَخَذَلتَني ، أو لَعَلَّكَ رَأَيتَني فِي الغافِلينَ فَمِن رَحمَتِكَ آيَستَني ، أو لَعَلَّكَ رَأَيتَني آلِفَ مَجالِسِ البَطّالينَ فَبَيني وبَينَهُم خَلَّيتَني ، أو لَعَلَّكَ لَم تُحِبَّ أن تَسمَعَ دُعائي فَباعَدتَني ، أو لَعَلَّكَ بِجُرمي وجَريرَتي كافَيتَني ، أو لَعَلَّكَ بِقِلَّةِ حَيائي مِنكَ جازَيتَني ، فَإِن عَفَوتَ يا رَبِّ فَطالَما عَفَوتَ عَنِ المُذنِبينَ قَبلي ؛ لِأَنَّ كَرَمَكَ أي رَبِّ يَجِلُّ عَن ( مُجازاةِ المُذنِبينَ ، وحِلمَكَ يَكبُرُ عَن ) (1) مُكافاةِ المُقَصِّرينَ ، وأنَا عائِذٌ بِفَضلِكَ هارِبٌ مِنكَ إلَيكَ ، مُنتَجِزٌ (مُتَنَجِّزٌ) ما وَعَدتَ مِنَ الصَّفحِ عَمَّن أحسَنَ بِكَ ظَنّاً . إلهي أنتَ أوسَعُ فَضلاً وأعظَمُ حِلما مِن أن تُقايِسَني بِعَمَلي ، أو أن تَستَزِلَّني بِخَطيئَتي ، وما أنَا يا سَيِّدي وما خَطَري؟! هَبني بِفَضلِكَ سَيِّدي ، وتَصَدَّق عَلَيَ بِعَفوِكَ وجَلِّلني بِسِترِكَ ، وَاعفُ عَن تَوبيخي بِكَرَمِ وَجهِكَ . سَيِّدي أنَا الصَّغيرُ الَّذي رَبَّيتَهُ ، وأنَا الجاهِلُ الَّذي عَلَّمتَهُ ، وأنَا الضّالُّ الَّذي هَدَيتَهُ ، و( أنَا) الوَضيعُ الَّذي رَفَعتَهُ ، وأنَا الخائِفُ الَّذي آمَنتَهُ ، وَالجائِعُ الَّذي أشبَعتَهُ ، وَالعَطشانُ الَّذي أروَيتَهُ ، وَالعارِي الَّذي كَسَوتَهُ وَالفَقيرُ الَّذي أغنَيتَهُ ، وَالضَّعيفُ الَّذي قَوَّيتَهُ ، وَالذَّليلُ الَّذي أعزَزتَهُ ، وَالسَّقيمُ الَّذي شَفَيتَهُ ، وَالسّائِلُ الَّذي أعطَيتَهُ ، وَالمُذنِبُ الَّذي سَتَرتَهُ والخاطِئُ الَّذي أقَلتَهُ ، وأنَا القَليلُ الَّذي كَثَّرتَهُ ، وَالمُستَضعَفُ الَّذي نَصَرتَهُ ، وأنَا الطَّريدُ الَّذي آوَيتَهُ . أنَا يا رَبِّ الَّذي لَم أستَحيِكَ فِي الخَلاءِ ولَم اُراقِبكَ فِي المَلاءِ ، أنَا صاحِبُ الدَّواهِي العُظمى ، أنَا الَّذي عَلى سَيِّدِهِ اجتَرى ، أنَا الَّذي عَصَيتُ جَبّارَ السَّماءِ ،

.


1- .ما بين القوسين أثبتناه من الإقبال .

ص: 143

أنَا الَّذي أعطَيتُ على مَعاصِي الجَليلِ الرُّشا ، أنَا الَّذي حينَ بُشِّرتُ بِها خَرَجتُ إلَيها أسعى ، أنَا الَّذي أمهَلتَني فَمَا ارعَوَيتُ ، وسَتَرتَ عَلَيَ فَمَا استَحيَيتُ ، وعَمِلتُ بِالمَعاصي فَتَعَدَّيتُ ، وأسقَطتَني مِن عَينِكَ فَما بالَيتُ ، فَبِحِلمِكَ أمهَلتَني وبِسِترِكَ سَتَرتَني ، حَتّى كَأَنَّكَ أغفَلتَني ، ومِن عُقوباتِ المَعاصي جَنَّبتَني حَتّى كَأَنَّكَ استَحيَيتَني . إلهي لَم أعصِكَ حينَ عَصَيتُكَ وأنَا بِرُبوبِيَّتِكَ جاحِدٌ ، ولا بِأَمرِكَ مُستَخِفٌّ ، ولا لِعُقوبَتِكَ مُتَعَرِّضٌ ، ولا لِوَعيدِكَ مُتَهاوِنٌ ، لكِن خَطيئَةٌ عَرَضَت وسَوَّلَت لي نَفسي وغَلَبَني هَوايَ وأعانَتني عَلَيها شِقوَتي، وغَرَّني سِترُكَ المُرخى عَلَيَ ، فَقَد عَصَيتُكَ وخالَفتُكَ بِجَهدي ، فَالآنَ مِن عَذابِكَ مَن يَستَنقِذُني؟ ومِن أيدِي الخُصَماءِ غَدا مَن يُخَلِّصُني؟ وبِحَبلِ مَن أتَّصِلُ إن أنتَ قَطَعتَ حَبلَكَ عَنّي؟ فَوا سَوأَتا عَلى ما أحصى كِتابُكَ مِن عَمَلِيَ الَّذي لَولا ما أرجو مِن كَرَمِكَ وسَعَةِ رَحمَتِكَ ، ونَهيِكَ إيّايَ عَنِ القُنوطِ لَقَنَطتُ عِندَما أتَذَكَّرُها ، يا خَيرَ مَن دَعاهُ داعٍ وأفضَلَ مَن رَجاهُ راجٍ . اللّهُمَّ بِذِمَّةِ الإِسلامِ أتَوَسَّلُ إلَيكَ ، وبِحُرمَةِ القُرآنِ أعتَمِدُ عَلَيكَ ، وبِحُبِّ النَّبِيِ الاُمِّيِ القُرَشِيِ الهاشِمِيِ العَرَبِيِ التَّهامِيِ المَكِّيِ المَدَنِيِ أرجُو الزُّلفَةَ لَدَيكَ ، فَلا توحِشِ استيناسَ إيماني ، ولا تَجعَل ثَوابي ثَوابَ مَن عَبَدَ سِواكَ ، فَإِنَّ قَوما آمَنوا بِأَلسِنَتِهِم لِيَحقِنوا بِهِ دِماءَهُم فَأَدرَكوا ما أمَّلوا ، وإنّا آمَنّا بِكَ بِأَلسِنَتِنا وقُلوبِنا لِتَعفُوَ عَنّا فَأَدرِكنا ما أمَّلنا ، وثَبِّت رَجاءَكَ في صُدورِنا،ولا تُزِغ قُلوبَنا بَعدَ إذ هَدَيتَنا وهَب لَنا مِن لَدُنكَ رَحمَةً إنَّكَ أنتَ الوَهّابُ ، فَوَعِزَّتِكَ لَوِ انتَهَرتَني ما بَرِحتُ مِن بابِكَ ولا كَفَفتُ عَن تَمَلُّقِكَ لِما اُلهِمَ قَلبي مِنَ المَعرِفَةِ بِكَرَمِكَ وسَعَةِ رَحمَتِكَ ، إلى مَن يَذهَبُ العَبدُ إلاّ إلى مَولاهُ ، وإلى مَن يَلتَجِئُ المَخلوقُ إلاّ إلى خالِقِهِ .

.

ص: 144

إلهي لَو قَرَنتَني بِالأَصفادِ ، ومَنَعتَني سَيبَكَ (1) مِن بَينِ الأَشهادِ ، ودَلَلتَ عَلى فَضائِحي عُيونَ العِبادِ ، وأمَرتَ بي إلَى النّارِ وحُلتَ بَيني وبَينَ الأَبرارِ ، ما قَطَعتُ رَجائي مِنكَ وما صَرَفتُ تَأميلي لِلعَفوِ عَنكَ ، ولا خَرَجَ حُبُّكَ مِن قَلبي ، أنَا لا أنسى أيادِيَكَ عِندي وسِترَكَ عَلَيَ في دارِ الدُّنيا . سَيِّدي أخرِج حُبَّ الدُّنيا مِن قَلبي ، اِجمَع بَيني وبَينَ المُصطَفى وآلِهِ خِيَرَتِكَ مِن خَلقِكَ وخاتَمِ النَّبِيِّينَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللّهُ عَلَيهِ وآلِهِ وسَلَّمَ ، وَانقُلني إلى دَرَجَةِ التَّوبَةِ إلَيكَ ، وأعِنّي بِالبُكاءِ عَلى نَفسي فَقَد أفنَيتُ بِالتَّسويفِ وَالآمالِ عُمُري ، وقَد نَزَلتُ مَنزِلَةَ الآيِسينَ مِن خَيري ، فَمَن يَكونُ أسوَأَ حالاً مِنّي إن أنَا نُقِلتُ عَلى مِثلِ حالي إلى قَبري (2) ، لَم اُمَهِّدهُ لِرَقدَتي ولَم أفرُشهُ بِالعَمَلِ الصّالِحِ لِضَجعَتي ، وما لي لا أبكي وما أدري إلى ما يَكونُ مَصيري ، وأرى نَفسي تُخادِعُني وأيّامي تُخاتِلُني؟ وقَد خَفَقَت عِندَ رَأسي أجنِحَةُ المَوتِ ، فَما لي لا أبكي؟! أبكي لِخُروجِ نَفسي ، أبكي لِظُلمَةِ قَبري ، أبكي لِضيقِ لَحدي ، أبكي لِسُؤالِ مُنكَرٍ ونَكيرٍ إيّايَ ، أبكي لِخُروجي مِن قَبري عُريانا ذَليلاً حامِلاً ثِقلي عَلى ظَهري ، أنظُرُ مَرَّةً عَن يَميني واُخرى عَن شِمالي ، إذِ الخَلائِقُ في شَأنٍ غَيرِ شَأني ، لِكُلِّ امرِىًمِنهُم يَومَئِذٍ شَأنٌ يُغنيهِ ، وُجوهٌ يَومَئِذٍ مُسفِرَةٌ ضاحِكَةٌ مُستَبشِرَةٌ ، ووُجوهٌ يَومَئِذٍ عَلَيها غَبَرَةٌ تَرهَقُها قَتَرَةٌ وذِلَّةٌ ، سَيِّدي عَلَيكَ مُعَوَّلي ومُعتَمَدي ورَجائي وتَوَكُّلي ، وبِرَحمَتِكَ تَعَلُّقي ، تُصيبُ بِرَحمَتِكَ مَن تَشاءُ وتَهدي بِكَرامَتِكَ مَن تُحِبُّ ، فَلَكَ الحَمدُ عَلى ما نَقَّيتَ مِنَ الشِّركِ قَلبي ، ولَكَ الحَمدُ عَلى بَسطِ لِساني ، أفَبِلِساني هذا الكالِّ أشكُرُكَ؟ أم بِغايَةِ جَهدي في عَمَلي اُرضيكَ؟ وما قَدرُ لِساني يا رَبِّ في جَنبِ شُكرِكَ وما

.


1- .السَّيب : العطاء (القاموس المحيط : ج 1 ص 84) .
2- .في الإقبال والمصباح للكفعمي : «إلى قبر» .

ص: 145

قَدرُ عَمَلي في جَنبِ نِعَمِكَ وإحسانِكَ إلَيَ . إلهي (1) إنَّ جودَكَ بَسَطَ أمَلي ، وشُكرَكَ قَبِلَ عَمَلي ، سَيِّدي إلَيكَ رَغبَتي وإلَيكَ رَهبَتي وإلَيكَ تَأميلي ، قَد ساقَني إلَيكَ أمَلي وعَلَيكَ يا واحِدي عَلِقَت هِمَّتي (2) وفيما عِندَكَ انبَسَطَت رَغبَتي ، ولَكَ خالِصُ رَجائي وخَوفي ، وبِكَ أنِسَت مَحَبَّتي وإلَيكَ ألقَيتُ بِيَدي ، وبِحَبلِ طاعَتِكَ مَدَدتُ رَهبَتي . مَولايَ بِذِكرِكَ عاشَ قَلبي ، وبِمُناجاتِكَ بَرَّدتَ ألَمَ الخَوفِ عَنّي ، فَيا مَولايَ ويا مُؤَمَّلي ويا مُنتَهى سُؤلي ، فَرِّق بَيني وبَينَ ذَنبِيَ المانِعِ لي مِن لُزومِ طاعَتِكَ ، فَإِنَّما أسأَلُكَ لِقَديمِ الرَّجاءِ فيكَ وعَظيمِ الطَّمَعِ مِنكَ ، الَّذي أوجَبتَهُ عَلى نَفسِكَ مِنَ الرَّأفَةِ وَالرَّحمَةِ ، فَالأَمرُ لَكَ وَحدَكَ ، وَالخَلقُ كُلُّهُم عِيالُكَ (3) وفي قَبضَتِكَ ، وكُلُّ شَيءٍ خاضِعٌ لَكَ تَبارَكتَ يا رَبَّ العالَمينَ . إلهِي ارحَمني إذَا انقَطَعَت حُجَّتي ، وكَلَّ عَن جَوابِكَ لِساني وطاشَ عِندَ سُؤالِكَ إيّايَ لُبّي ، فَيا عَظيمَ رَجائي لا تُخَيِّبني إذَا اشتَدَّت فاقَتي ، ولا تَرُدَّني لِجَهلي ، ولا تَمنَعني لِقِلَّةِ صَبري ، أعطِني لِفَقري وَارحَمني لِضَعفي ، سَيِّدي عَلَيكَ مُعتَمَدي ومُعَوَّلي ورَجائي وتَوَكُّلي ، وبِرَحمَتِكَ تَعَلُّقي وبِفَنائِكَ أحُطُّ رَحلي ، ولِجودِكَ أقصُدُ طَلِبَتي ، وبِكَرَمِكَ أي رَبِّ أستَفتِحُ دُعائي ، ولَدَيكَ أرجو غِنى (4) فاقَتي ، وبِغِناكَ أجبُرُ عَيلتي ، وتَحتَ ظِلِّ عَفوِكِ قِيامي ، وإلى جودِكَ وكَرَمِكَ أرفَعُ بَصَري ، وإلى مَعروفِكَ اُديمُ نَظَري ، فَلا تُحرِقني بِالنّارِ وأنتَ مَوضِعُ أمَلي ، ولا تُسكِنِّي الهاوِيَةَ فَإِنَّكَ قُرَّةُ عَيني ، يا سَيِّدي لا تُكَذِّب ظَنّي بِإِحسانِكَ ومَعروفِكَ ، فَإِنَّكَ ثِقَتي ولا تَحرِمني ثَوابَكَ فَإِنَّكَ العارِفُ

.


1- .في الإقبال والمصباح للكفعمي : «إلاّ» بدل «إلهي» .
2- .في بعض نسخ المصدر الخطيّة والمصادر الاُخرى : «عَكَفتَ» بدل «علقت» .
3- .في الإقبال : «عبادك» بدل «عيالك» .
4- .ليس في المصباح للكفعمي : «غنى» ، وفي الإقبال : «سدّ فاقتي» .

ص: 146

بِفَقري . إلهي إن كانَ قَد دَنا أجَلي ولَم يُقَرِّبني مِنكَ عَمَلي ، فَقَد جَعَلتُ الاِعترافَ إلَيكَ بِذَنبي وَسائِلَ عِلَلي . إلهي إن عَفَوتَ فَمَن أولى مِنكَ (1) وإن عَذَّبتَ فَمَن أعدَلُ مِنكَ فِي الحُكمِ . اِرحَم في هذِهِ الدُّنيا غُربَتي ، وعِندَ المَوتِ كُربَتي ، وفِي القَبرِ وَحدَتي ، وفِي اللَّحدِ وَحشَتي وإذا نُشِرتُ لِلحِسابِ بَينَ يَدَيكَ ذُلَّ مَوقِفي ، وَاغفِر لي ما خَفِيَ عَلَى الآدَمِيِّينَ مِن عَمَلي ، وأدِم لي ما بِهِ سَتَرتَني ، وَارحَمني صَريعا عَلَى الفِراشِ تُقَلِّبُني أيدي أحِبَّتي ، وتَفَضَّل عَلَيَ مَمدودا عَلَى المُغتَسَلِ يُقَلِّبُني (2) صالِحُ جيرَتي ، وتَحَنَّن عَلَيَ مَحمولاً قَد تَناوَلَ الأَقرِباءُ أطرافَ جِنازَتي ، وجُد عَلَيَ مَنقولاً قَد نَزَلتُ بِكَ وَحيدا في حُفرَتي ، وَارحَم في ذلِكَ البَيتِ الجَديدِ غُربَتي حَتّى لا أستَأنِسَ بِغَيرِكَ ، يا سَيِّدي إن وَكَلتَني إلى نَفسي هَلَكتُ ، سَيِّدي فَبِمَن أستَغيثُ إن لَم تُقِلني عَثرَتي؟ فَإِلى مَن أفزَعُ إن فَقَدتُ عِنايَتَكَ في ضَجعَتي؟وإلى مَن ألتَجِئُ إن لَم تُنَفِّس كُربَتي؟ سَيِّدي مَن لي ومَن يَرحَمُني إن لَم تَرحَمني؟ وفَضلَ مَن اُؤَمِّلُ إن عَدِمتُ فَضلَكَ يَومَ فاقَتي؟ وإلى مَنِ الفِرارُ مِنَ الذُّنوبِ إذَا انقَضى أجَلي؟ سَيِّدي لا تُعَذِّبني وأنَا أرجوكَ . إلهي حَقِّق رَجائي وآمِن خَوفي فَإِنَّ كَثرَةَ ذُنوبي لا أرجو فيها إلاّ عَفوَكَ ، سَيِّدي أنَا أسأَلُكَ ما لا أستَحِقُّ وأنتَ أهلُ التَّقوى وأهلُ المَغفِرَةِ فَاغفِر لي ، وألبِسني مِن نَظَرِكَ ثَوبا يُغَطّي عَلَيَ التَّبِعاتِ وتَغفِرُها لي ولا اُطالَبُ بِها ، إنَّكَ ذو مَنٍّ قَديمٍ وصَفحٍ عَظيمٍ وتَجاوُزٍ كَريمٍ . إلهي أنتَ الَّذي تُفيضُ سَيبَكَ عَلى مَن لا يَسأَلُكَ وعَلَى الجاحِدينَ بِرُبوبِيَّتِكَ ،

.


1- .زاد في المصباح للكفعمي هنا : «بالعفو» .
2- .في الإقبال والمصباح للكفعمي : «يغسّلني» بدل «يقلّبني» .

ص: 147

فَكَيفَ سَيِّدي بِمَن سَأَلَكَ وأيقَنَ أنَّ الخَلقَ لَكَ وَالأَمرَ إلَيكَ؟ تَبارَكتَ وتَعالَيتَ يا رَبَّ العالَمينَ ، سَيِّدي عَبدُكَ بِبابِكَ أقامَتهُ الخَصاصَةُ (1) بَينَ يَدَيكَ ، يَقرَعُ بابَ إحسانِكَ بِدُعائِهِ ويَستَعطِفُ جَميلَ نَظَرِكَ بِمَكنونِ رَجائِهِ،فَلا تُعرِض بِوَجهِكَ الكَريمِ عَنّي وَاقبَل مِنّي ما أقولُ ، فَقَد دَعَوتُكَ بِهذَا الدُّعاءِ وأنَا أرجو ألاّ تَرُدَّني مَعرِفَةً مِنّيبِرَأفَتِكَ ورَحمَتِكَ ، إلهي أنتَ الَّذي لايُحفيكَ سائِلٌ ولا يَنقُصُكَ نائِلٌ؛أنتَ كَما تَقولُ وفَوقَ ما نَقولُ. اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ صَبرا جَميلاً وفَرَجا قَريبا وقَولاً صادِقا وأجرا عَظيما ، أسأَلُكَ يا رَبِّ مِنَ الخَيرِ كُلِّهِ ما عَلِمتُ مِنهُ وما لَم أعلَم ، أسأَلُكَ اللّهُمَّ مِن خَيرِ ما سَأَلَكَ مِنهُ عِبادُكَ الصّالِحونَ ، يا خَيرَ مَن سُئِلَ وأجوَدَ مَن أعطى ، أعطِني سُؤلي في نَفسي وأهلي ووالِدَيَ ووَلَدي وأهلِ حُزانَتي (2) وإخواني فيكَ ، وأرغِد عَيشي وأظهِر مُرُوَّتي وأصلِح جَميعَ أحوالي ، وَاجعَلني مِمَّن أطَلتَ عُمُرَهُ وحَسَّنتَ عَمَلَهُ ، وأتمَمتَ عَلَيهِ نِعمَتَكَ ورَضيتَ عَنهُ ، وأحيَيتَهُ حَياةً طَيِّبَةً في أدوَمِ السُّرورِ وأسبَغِ الكَرامَةِ وأتَمِّ العَيشِ ، إنَّكَ تَفعَلُ ما تَشاءُ ولا يَفعَلُ ما يَشاءُ غَيرُكَ . اللّهُمَّ خُصَّني مِنكَ بِخاصَّةِ ذِكرِكَ ، ولا تَجعَل شَيئا مِمّا أتَقَرَّبُ بِهِ في آناءِ اللَّيلِ وأطرافِ النَّهارِ رِياءً ولا سُمعَةً ولا أشَرا ولا بَطَرا وَاجعَلني لَكَ مِنَ الخاشِعينَ . اللّهُمَّ أعطِنِي السَّعَةَ فِي الرِّزقِ ، وَالأَمنَ فِي الوَطَنِ ، وقُرَّةَ العَينِ فِي الأَهلِ وَالمالِ وَالوَلَدِ وَالمُقامَ في نِعَمِكَ عِندي ، وَالصِّحَّةَ فِي الجِسمِ وَالقُوَّةَ فِي البَدَنِ وَالسَّلامَةَ فِي الدّينِ ، وَاستَعمِلني بِطاعَتِكَ وطاعَةِ رَسولِكَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللّهُ عَلَيهِ وآلِهِ أبَدا مَا استَعمَرتَني ، وَاجعَلني مِن أوفَرِ عِبادِكَ عِندَكَ نَصيبا في كُلِّ خَيرٍ

.


1- .الخَصاصة : الفقر والحاجة إلى الشيء (النهاية : ج 2 ص 37) .
2- .الحزانة : عِيال الرجل الّذي يتحزن لهم (مجمع البحرين : ج 1 ص 398) .

ص: 148

أنزَلتَهُ وتُنزِلُهُ في شَهرِ رَمَضانَ في لَيلَةِ القَدرِ وما أنتَ مُنزِلُهُ في كُلِّ سَنَةٍ ، مِن رَحمَةٍ تَنشُرُها وعافِيَةٍ تُلبِسُها وبَلِيَّةٍ تَدفَعُها وحَسَناتٍ تَتَقَبَّلُها وسَيِّئاتٍ تَتَجاوَزُ عَنها ، وَارزُقني حَجَّ بَيتِكَ الحَرامِ في عامي هذا وفي كُلِّ عامٍ ، وَارزُقني رِزقا واسِعا مِن فَضلِكَ الواسِعِ ، وَاصرِف عَنّي يا سَيِّدِي الأَسواءَ ، وَاقضِ عَنِّي الدَّينَ وَالظُّلاماتِ حَتّى لا أتَأَذّى بِشَيءٍ مِنهُ ، وخُذ عَنّي بِأَسماعِ وأبصارِ أعدائي وحُسّادي وَالباغينَ عَلَيَ وَانصُرني عَلَيهِم ، وأقِرَّ عَيني وفَرِّح قَلبي ، وَاجعَل لي مِن هَمّي وكَربي فَرَجا ومَخرَجا ، وَاجعَل مَن أرادَني بِسوءٍ مِن جَميعِ خَلقِكَ تَحتَ قَدَمَيَ ، وَاكفِني شَرَّ الشَّيطانِ وشَرَّ السُّلطانِ وسَيِّئاتِ عَمَلي ، وطَهِّرني مِنَ الذُّنوبِ كُلِّها ، وأجِرني مِنَ النّارِ بِعَفوِكَ وأدخِلنِي الجَنَّةَ بِرَحمَتِكَ وزَوِّجني مِنَ الحورِ العينِ بِفَضلِكَ ، وألحِقني بِأَولِيائِكَ الصّالِحينَ مُحَمَّدٍ وآلِهِ الأَبرارِ الطَّيِّبينَ الطّاهِرينَ الأَخيارِ صَلَواتُكَ عَلَيهِم وعَلى أجسادِهِم وأرواحِهِم ورَحمَةُ اللّهِ وبَرَكاتُهُ . إلهي وسَيِّدي وعِزَّتِكَ وجَلالِكَ لَئِن طالَبتَني بِذُنوبي لاَُطالِبَنَّكَ بِعَفوِكَ ، ولَئِن طالَبتَني بِلُؤمي لاَُطالِبَنَّكَ بِكَرَمِكَ ، ولَئِن أدخَلتَنِي النّارَ لاَُخبِرَنَّ أهلَ النّارِ بِحُبّي لَكَ . إلهي وسَيِّدي إن كُنتَ لا تَغفِرُ إلاّ لِأَولِيائِكَ وأهلِ طاعَتِكَ فَإِلى مَن يَفزَعُ المُذنِبونَ؟وإن كُنتَ لاتُكرِمُ إلاّ أهلَ الوَفاءِ بِكَ فَبِمَن يَستَغيثُ المُسيؤونَ؟ إلهي إن أدخَلتَنِي النّارَ فَفي ذلِكَ سُرورُ عَدُوِّكَ ، وإن أدخَلتَنِي الجَنَّةَ فَفي ذلِكَ سُرورُ نَبِيِّكَ ، وأنَا وَاللّهِ أعلَمُ أنَّ سُرورَ نَبِيِّكَ أحَبُّ إلَيكَ مِن سُرورِ عَدُوِّكَ . اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ أن تَملَأَ قَلبي حُبّا لَكَ وخَشيَةً مِنكَ وتَصديقا لَكَ وإيمانا بِكَ وفَرَقا مِنكَ وشَوقا إلَيكَ ، يا ذَا الجَلالِ وَالإِكرامِ ، حَبِّب إلَيَ لِقاءَكَ وأحبِب لِقائي ، وَاجعَل لي في لِقائِكَ الرّاحَةَ وَالفَرَجَ وَالكَرامَةَ .

.

ص: 149

اللّهُمَّ ألحِقني بِصالِحِ مَن مَضى وَاجعَلني مِن صالِحِ مَن بَقِيَ ، وخُذ بي سَبيلَ الصّالِحينَ وأعِنّي عَلى نَفسي بِما تُعينُ بِهِ الصّالِحينَ عَلى أنفُسِهِم ، وَاختِم عَمَلي بِأَحسَنِهِ وَاجعَل ثَوابي مِنهُ الجَنَّةَ بِرَحمَتِكَ ، وأعِنّي عَلى صالِحِ ما أعطَيتَني ، وثَبِّتني يا رَبِّ ولا تَرُدَّني في سوءٍ اِستَنقَذتَني مِنهُ يا رَبَّ العالَمينَ . اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ إيمانا لا أجَلَ لَهُ دونَ لِقائِكَ ، أحيِني ما أحيَيتَني عَلَيهِ وتَوَفَّني إذا تَوَفَّيتَني عَلَيهِ ، وَابعَثني إذا بَعَثتَني عَلَيهِ وأبرِئ قَلبي مِنَ الرِّياءِ وَالشَّكِّ وَالسُّمعَةِ في دينِكَ حَتّى يَكونَ عَمَلي خالِصا لَكَ . اللّهُمَّ أعطِني بَصيرَةً في دينِكَ وفَهما في حُكمِكَ وفِقها في عِلمِكَ ، وكِفلَينِ مِن رَحمَتِكَ ووَرَعا يَحجُزُني عَن مَعاصيكَ وبَيِّض وَجهي بِنورِكَ وَاجعَل رَغبَتي فيما عِندَكَ ، وتَوَفَّني في سَبيلِكَ وعَلى مِلَّةِ رَسولِكَ صَلَّى اللّهُ عَلَيهِ وآلِهِ . اللّهُمَّ إنّي أعوذُ بِكَ مِنَ الكَسَلِ وَالفَشَلِ وَالهَمِّ وَالجُبنِ وَالبُخلِ وَالغَفلَةِ وَالقَسوَةِ وَالذِّلَّةِ وَالمَسكَنَةِ وَالفَقرِ وَالفاقَةِ وكُلِّ بَلِيَّةٍ ، وَالفَواحِشِ ما ظَهَرَ مِنها وما بَطَنَ ، وأعوذُ بِكَ مِن نَفسٍ لا تَقنَعُ وبَطنٍ لا يَشبَعُ وقَلبٍ لا يَخشَعُ ودُعاءٍ لا يُسمَعُ وعَمَلٍ لايَنفَعُ،وأعوذُ بِكَ يا رَبِّ عَلى نَفسي وديني ومالي وعَلى جَميعِ ما رَزَقتَني مِنَ الشَّيطانِ الرَّجيمِ إنَّكَ أنتَ السَّميعُ العَليمُ . اللّهُمَّ إنَّهُ لا يُجيرُني مِنكَ أحَدٌ ولا أجِدُ مِن دونِكَ مُلتَحَدا ، فَلا تَجعَل نَفسي في شَيءٍ مِن عَذابِكَ ، ولا تَرُدَّني بِهَلَكَةٍ ولا تَرُدَّني بِعَذابٍ أليمٍ . اللّهُمَّ تَقَبَّل مِنّي وأعلِ ذِكري وَارفَع دَرَجَتي وحُطَّ وِزري ولا تُذَكِّرني بِخَطيئَتي ، وَاجعَل ثَوابَ مَجلسي وثَوابَ مَنطِقي وثَوابَ دُعائي رِضاكَ وَالجَنَّةَ ، أعطِني يا رَبِّ جَميعَ ما سَأَلتُكَ وزِدني مِن فَضلِكَ ، إنّي إلَيكَ راغِبٌ يا رَبَّ العالَمينَ .

.

ص: 150

ج _ دعاء «يا عدّتي في كربتي»

اللّهُمَّ إنَّكَ أنزَلتَ في كِتابِكَ أن نَعفُوَ عَمَّن ظَلَمَنا ، وقَد ظَلَمنا أنفُسَنا فَاعفُ عَنّا فَإِنَّكَ أولى بِذلِكَ مِنّا ، وأمَرتَنا ألاّ نَرُدَّ سائِلاً عَن أبوابِنا وقَد جِئتُكَ سائِلاً فَلا تَرُدَّني إلاّ بِقَضاءِ حاجَتي ، وأمَرتَنا بِالإِحسانِ إلى ما مَلَكَت أيمانُنا ونَحنُ أرِقّاؤُكَ فَأَعتِق رِقابَنا مِنَ النّارِ . يا مَفزَعي عِندَ كُربَتي ، ويا غَوثي عِندَ شِدَّتي ، إلَيكَ فَزَعتُ وبِكَ استَغَثتُ ولُذتُ ، لا ألوذُ بِسِواكَ ولا أطلُبُ الفَرَجَ إلاّ مِنكَ ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ فَأَغِثني وفَرِّج عَنّي ، يا مَن يَقبَلُ اليَسيرَ ويَعفو عَنِ الكَثيرِ ، اِقبَل مِنِّي اليَسيرَ وَاعفُ عَنِّي الكَثيرَ إنَّكَ أنتَ الرَّحيمُ الغَفورُ . اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ إيمانا تُباشِرُ بِهِ قَلبي،ويَقينا حَتّى أعلَمَ أنَّهُ لَن يُصيبَني إلاّ ما كَتَبتَ لي ، ورَضِّني مِنَ العَيشِ بِما قَسَمتَ لي يا أرحَمَ الرّاحِمينَ . (1)

ج _ دُعاءُ «يا عُدَّتي في كُربَتي»مصباح المتهجّد :ويَدعو أيضا فِي السَّحَرِ بِهذَا الدُّعاءِ : يا عُدَّتي في كُربَتي ، ويا صاحِبي في شِدَّتي ، ويا وَلِيِّي في نِعمَتي ، ويا غايَتي في رَغبَتي ، أنتَ السّاتِرُ عَورَتي وَالمُؤمِنُ رَوعَتي وَالمُقيلُ عَثرَتي ، فَاغفِر لي خَطيئَتي . اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ خُشوعَ الإِيمانِ قَبلَ خُشوعِ الذُّلِّ فِي النّارِ ، يا واحِدُ يا أحَدُ يا صَمَدُ يا مَن لَم يَلِد ولَم يولَد ولَم يَكُن لَهُ كُفُوا أحَدٌ ، يا مَن يُعطي مَن سَأَلَهُ تَحَنُّنا مِنهُ ورَحمَةً ، ويَبتَدِئُ بِالخَيرِ مَن لَم يَسأَلهُ تَفَضُّلاً مِنهُ وكَرَما ، بِكَرَمِكَ الدّائِمِ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وأهلِ بَيتِهِ ، وهَب لي رَحمَةً واسِعَةً جامِعَةً أبلُغُ بِها خَيرَ الدُّنيا وَالآخِرَةِ .

.


1- .مصباح المتهجّد : ص 582 ح 691 ، الإقبال : ج 1 ص 157 ، المصباح للكفعمي : ص 781 .

ص: 151

اللّهُمَّ إنّي أستَغفِرُكَ لِما تُبتُ إلَيكَ مِنهُ ثُمَّ عُدتُ فيهِ ، وأستَغفِرُكَ لِكُلِّ خَيرٍ أرَدتُ بِهِ وَجهَكَ فَخالَطَني فيهِ ما لَيسَ لَكَ . اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وَاعفُ عَن ظُلمي وجُرمي بِحِلمِكَ وجودِكَ يا كَريمُ ، يا مَن لا يَخيبُ سائِلُهُ ولا يَنفَدُ نائِلُهُ ، يا مَن عَلا فَلا شَيءَ فَوقَهُ ودَنا فَلا شَيءَ دونَهُ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وَارحَمني يا فالِقَ البَحرِ لِموسى ، اللَّيلَةَ اللَّيلَةَ اللَّيلَةَ ، السّاعَةَ السّاعَةَ السّاعَةَ . اللّهُمَّ طَهِّر قَلبي مِنَ النِّفاقِ ، وعَمَلي مِنَ الرِّياءِ ، ولِساني مِنَ الكَذِبِ ، وعَيني مِنَ الخِيانَةِ فَإِنَّكَ تَعلَمُ خائِنَةَ الأَعيُنِ وما تُخفِي الصُّدورِ . يا رَبِّ هذا مَقامُ العائِذِ بِكَ مِنَ النّارِ ، هذا مَقامُ المُستَجيرِ بِكَ مِنَ النّارِ ، هذا مَقامُ المُستَغيثِ بِكَ مِنَ النّارِ ، هذا مَقامُ الهارِبِ إلَيكَ مِنَ النّارِ ، هذا مَقامُ مَن يَبوءُ لَكَ بِخَطيئَتِهِ ويَعتَرِفُ بِذَنبِهِ ويَتوبُ إلى رَبِّهِ ، هذا مَقامُ البائِسِ الفَقيرِ ، هذا مَقامُ الخائِفِ المُستَجيرِ ، هذا مَقامُ المَحزونِ المَكروبِ ، هذا مَقامُ المَحزونِ المَغمومِ المَهمومِ ، هذا مَقامُ الغَريبِ الغَريقِ ، هذا مَقامُ المُستَوحِشِ الفَرِقِ ، هذا مَقامُ مَن لا يَجِدُ لِذَنبِهِ غافِرا غَيرَكَ ولا لِضَعفِهِ مُقَوِّيا إلاّ أنتَ ، ولا لِهَمِّهِ مُفَرِّجا سِواكَ . يا أللّهُ يا كَريمُ ، لا تُحرِق وَجهي بِالنّارِ بَعدَ سُجودي لَكَ وتَعفيري بِغَيرِ مَنٍّ مِنّي عَلَيكَ ، بَل لَكَ الحَمدُ وَالمَنُّ وَالتَّفَضُّلُ عَلَيَ . اِرحَم أي رَبِّ أي رَبِّ أي رَبِّ _ حَتّى يَنقَطِعَ النَّفَسُ _ ضَعفي وقِلَّةَ حيلَتي ورِقَّةَ جِلدي وتَبَدُّدَ أوصالي وتَناثُرَ لَحمي وجِسمي وجَسَدي ووَحدَتي ووَحشَتي في قَبري وجَزَعي مِن صَغيرِ البَلاءِ . أسأَلُكَ يا رَبِّ قُرَّةَ العَينِ وَالاِغتِباطَ يَومَ الحَسرَةِ وَالنَّدامَةِ ، بَيِّض وَجهي يا رَبِّ يَومَ تَسوَدُّ فيهِ الوُجوهُ ، آمِنِّي مِنَ الفَزَعِ الأَكبَرِ ، أسأَلُكَ البُشرى يَومَ تُقَلَّبُ فيهِ القُلوبُ وَالأَبصارُ ، وَالبُشرى عِندَ فِراقِ الدُّنيا . الحَمدُ للّهِِ الَّذي

.

ص: 152

أرجوهُ عَونا في حَياتي ، واُعِدُّهُ ذُخرا لِيَومِ فاقَتي ، الحَمدُ للّهِِ الَّذي أدعوهُ (و) لا أدعو غَيرَهُ ولَو دَعَوتُ غَيرَهُ لَخَيَّبَ دُعائي . الحَمدُ للّهِِ الَّذي أرجوهُ ولا أرجو غَيرَهُ ولَو رَجَوتُ غَيرَهُ لَأَخلَفَ رَجائي ، الحَمدُ للّهِِ المُنعِمِ المُحسِنِ المُجمِلِ المُفضِلِ ذِي الجَلالِ وَالإِكرامِ ، وَلِيِ كُلِّ نِعمَةٍ ، وصاحِبِ كُلِّ حَسَنَةٍ ، ومُنتَهى كُلِّ رَغبَةٍ ، وقاضِي كُلِّ حاجَةٍ . اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ ، وَارزُقنِي اليَقينَ وحُسنَ الظَّنِّ بِكَ ، وأثبِت رَجاكَ في قَلبي ، وَاقطَع رَجائي عَمَّن سِواكَ حَتّى لا أرجُوَ غَيرَكَ ولا أثِقَ إلاّ بِكَ . يا لَطيفا لِما يَشاءُ ، الطُف لي في جَميعِ أحوالي بِما تُحِبُّ وتَرضى . يا رَبِّ إنّي ضَعيفٌ عَلَى النّارِ فَلا تُعَذِّبني بِالنّارِ . يا رَبِّ ارحَم دُعائي وتَضَرُّعي وخَوفي وذُلّي ومَسكَنَتيوتَعويذي وتَلويذي . يا رَبِّ إنّي ضَعيفٌ عَن طَلَبِ الدُّنيا وأنتَ واسِعٌ كَريمٌ ، أسأَلُكَ يا رَبِّ بِقُوَّتِكَ عَلى ذلِكَ وقُدرَتِكَ عَلَيهِ وغِناكَ عَنهُ وحاجَتي إلَيهِ ، أن تَرزُقَني في عامي هذا وشَهري ويَومي هذا وساعَتي هذِهِ رِزقا تُغنيني بِهِ عَن تَكَلُّفِ ما في أيدِي النّاسِ ؛ مِن رِزقِكَ الحَلالِ الطَّيِّبِ . أي رَبِّ ، مِنكَ أطلُبُ وإلَيكَ أرغَبُ وإيّاكَ أرجو وأنتَ أهلُ ذلِكَ ، لا أرجو غَيرَكَ ولا أثِقُ إلاّ بِكَ يا أرحَمَ الرّاحِمينَ . أي رَبِّ ، ظَلَمتُ نَفسي فَاغفِر لي وَارحَمني وعافِني ، يا سامِعَ كُلِّ صَوتٍ ، ويا جامِعَ كُلِّ فَوتٍ ، ويا بارِئَ النُّفوسِ بَعدَ المَوتِ،يا مَن لا تَغشاهُ الظُّلُماتُ ولا تَشتَبِهُ عَلَيهِ الأَصواتُ ، ولا يَشغَلُهُ شَيءٌ عَن شَيءٍ أعطِ مُحَمَّدا صَلَّى اللّهُ عَلَيهِ وآلِهِ أفضَلَ ما سَأَلَكَ وأفضَلَ ما سَأَلتَ لَهُ وأفضَلَ ما أنتَ مَسؤولٌ لَهُ إلى يَومِ القِيامَةِ ، وهَب لِيَ العافِيَةَ حَتّى تُهَنِّئَنِي المَعيشَةَ ، وَاختِم لي بِخَيرٍ حَتّى لا تَضُرَّنِيَ الذُّنوبُ . اللّهُمَّ رَضِّني بِما قَسَمتَ لي حَتّى لا أسأَلَ أحَدا شَيئا ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ

.

ص: 153

د _ دعاء «يا مفزعي عند كربتي»

وآلِ مُحَمَّدٍ وَافتَح لي خَزائِنَ رَحمَتِكَ ، وَارحَمني رَحمَةً لا تُعَذِّبُني بَعدَها أبَدا فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ ، وَارزُقني مِن فَضلِكَ الواسِعِ رِزقا حَلالاً طَيِّبا لا تُفقِرُني إلى أحَدٍ بَعدَهُ سِواكَ ، تَزيدُني بِذلِكَ شُكرا وإلَيكَ فاقَةً وفَقرا وبِكَ عَمَّن سِواكَ غِنىً وتَعَفُّفا ، يا مُحسِنُ يا مُجمِلُ ، يا مُنعِمُ يا مُفضِلُ ، يا مَليكُ يا مُقتَدِرُ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وَاكفِنِي المُهِمَّ كُلَّهُ ، وَاقضِ لي بِالحُسنى بارِك لي في جَميعِ اُموري وَاقضِ لي جَميعَ حَوائِجي . اللّهُمَّ يَسِّر لي ما أخافُ تَعسيرَهُ فَإِنَّ تَيسيرَ ما أخافُ تَعسيرَهُ عَلَيكَ يَسيرٌ ، وسَهِّل لي ما أخافُ حُزونَتَهُ (1) ، ونَفِّس عَنّي ما أخافُ ضيقَهُ ، وكُفَّ عَنّي ما أخافُ غَمَّهُ ، وَاصرِف عَنّي ما أخافُ بَلِيَّتَهُ يا أرحَمَ الرّاحِمينَ . اللّهُمَّ املَأ قَلبي حُبّا لَكَ وخَشيَةً مِنكَ ، وتَصديقا وإيمانا بِكَ وفَرَقا مِنكَ وشَوقا إلَيكَ ، يا ذَا الجَلالِ وَالإِكرامِ . اللّهُمَّ إنَّ لَكَ حُقوقا فَتَصَدَّق بِها عَلَيَّ ، ولِلنّاسِ قِبَلي تَبِعاتٌ فَتَحَمَّلها عَنّي ، وقَد أوجَبتَ لِكُلِّ ضَيفٍ قِرىً وأنا ضَيفُكَ فَاجعَل قِرايَ اللَّيلَةَ الجَنَّةَ ، يا وَهّابَ الجَنَّةِ ، يا وَهّابَ المَغفِرَةِ ، ولا حَولَ ولا قُوَّةَ إلاّ بِكَ . (2)

د _ دُعاءُ «يا مَفزَعي عِندَ كُربَتي»الإقبال :دعاءٌ آخَرُ فِي السَّحرِ نُقِلَ مِن أصلٍ عتيقٍ مِن اُصولِ أصحابِنا ، أوَّلُ رِوايَتِهِ عَنِ الحَسَنِ بنِ مَحبوبٍ ، وتاريخُ كِتابَتِهِ سَنَةُ ثَلاثٍ وسَبعينَ وثَلاثِمِئَةٍ : يا مَفزَعي عِندَ كُربَتي ، ويا غَوثي عِندَ شِدَّتي ، إلَيكَ فَزِعتُ وبِكَ استَغَثتُ وبِكَ لُذتُ ، لا ألوذُ بِسِواكَ ولا أطلُبُ الفَرَجَ إلاّ مِنكَ ، فَأَغِثني وفَرِّج عَنّي ،

.


1- .الحزونة : الخشونة . والحَزْن : المكان الغليظ الخشِن (النهاية : ج 1 ص 380) .
2- .مصباح المتهجّد : ص 598 ح 692 ، بحار الأنوار : ج 98 ص 95 ح 2 .

ص: 154

ه _ التّسبيح

يا مَن يَقبَلُ اليَسيرَ ويَعفو عَنِ الكَثيرِ ، اِقبَل مِنِّي اليَسيرَ وَاعفُ عَنِّي الكَثيرَ إنَّكَ أنتَ الغَفورُ الرَّحيمُ . اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ إيمانا تُباشِرُ بِهِ قَلبي، ويَقينا حَتّى أعلَمَ أنَّهُ لَن يُصيبَني إلاّ ما كَتَبتَ لي ، ورَضِّني مِنَ العَيشِ بِما قَسَمتَ لي يا أرحَمَ الرّاحِمينَ . يا عُدَّتي في كُربَتي ، ويا صاحِبي في شِدَّتي ، ويا وَلِيِّي في نِعمَتي ، ويا غايَتي في رَغبَتي ، أنتَ السّاتِرُ عَورَتي وَالآمِنُ رَوعَتي وَالمُقيلُ عَثرَتي ، فَاغفِر لي خَطيئَتي يا أرحَمَ الرّاحِمين . (1)

ه _ التَّسبيحالإقبال :وقالَ فِي الكِتابِ المَذكورِ (2) : التَّسبيحُ فِي السَّحرِ : سُبحانَ مَن يَعلَمُ جَوارِحَ القُلوبِ ، سُبحانَ مَن يُحصي عَدَدَ الذُّنوبِ ، سُبحانَ مَن لا تَخفى عَلَيهِ خافِيَةٌ فِي السَّماواتِ وَالأَرَضينَ ، سُبحانَ الرَّبِّ الوَدودِ ، سُبحانَ الفَردِ الوَترِ ، سُبحانَ العَظيمِ الأَعظَمِ ، سُبحانَ مَن لا يَعتَدي عَلى أهلِ مَملَكَتِهِ ، سُبحانَ مَن لا يُؤاخِذُ أهلَ الأَرضِ بِأَلوانِ العَذابِ ، سُبحانَ الحَنّانِ المَنّانِ ، سُبحانَ الرَّؤوفِ الرَّحيمِ ، سُبحانَ الجَبّارِ الجَوادِ ، سُبحانَ الحَليمِ الكَريمِ ، سُبحانَ البَصيرِ العَليمِ ، سُبحانَ البَصيرِ الواسِعِ ، سُبحانَ اللّهِ عَلى إقبالِ النَّهارِ ، سُبحانَ اللّهِ عَلى إدبارِ النَّهارِ ، سُبحانَ اللّهِ عَلى إدبارِ اللَّيلِ وإقبالِ النَّهارِ ، ولَهُ الحَمدُ وَالمَجدُ وَالعَظَمَةُ وَالكِبرِياءُ مَعَ كُلِّ نَفَسٍ ، وكُلِّ طَرفَةِ عَينٍ وكُلِّ لَمحَةٍ سَبَقَ في عِلمِهِ ، سُبحانَكَ مِل ءَ ما أحصى كِتابُكَ ، سُبحانَكَ زِنَةَ عَرشِكَ ، سُبحانَكَ سُبحانَكَ سُبحانَكَ . (3)

.


1- .الإقبال : ج 1 ص 183 ، بحار الأنوار : ج 98 ص 100 ح 2 .
2- .أي : من أصل عتيق من اُصول أصحابنا .
3- .الإقبال : ج 1 ص 184 ، بحار الأنوار : ج 98 ص 100 ح 2 .

ص: 155

3 / 4 أدعية كلّ يوم
أ _ دعاء عليّ بن الحسين

3 / 4أدعِيَةُ كُلِّ يَومٍأ _ دُعاءُ عَلِيِّ بنِ الحُسَينِالكافي :عَن عَبدِ الرَّحمنِ بنِ بَشيرٍ عَن بَعضِ رِجالِهِ أنَّ عَلِيَ بنَ الحُسَينِ عليهماالسلامكانَ يَدعو بِهذَا الدُّعاءِ في كُلِّ يَومٍ مِن شَهرِ رَمَضانَ : اللّهُمَّ إنَّ هذا شَهرُ رَمَضانَ ، وهذا شَهرُ الصِّيامِ ، وهذا شَهرُ الإِنابَةِ، وهذا شَهرُ التَّوبَةِ، وهذا شَهرُ المَغفِرَةِ وَالرَّحمَةِ، وهذا شَهرُ العِتقِ مِنَ النّارِ وَالفَوزِ بِالجَنَّةِ، اللّهُمَّ فَسَلِّمهُ لي وتَسَلَّمهُ مِني، وأعِنّي عَلَيهِ بِأَفضَلِ عَونِكَ، ووَفِّقني فيهِ لِطاعَتِكَ ، وفَرِّغني فيهِ لِعِبادَتِكَ ودُعائِكَ وتِلاوَةِ كِتابِكَ ، وأعظِم لي فيهِ البَرَكَةَ وأحسِن لي فيهِ العاقِبَةَ ، وأصِحَّ لي فيهِ بَدَني وأوسِع فيهِ رِزقي ، وَاكفِني فيهِ ما أهَمَّني وَاستَجِب لي فيهِ دُعائي وبَلِّغني فيهِ رَجائي . اللّهُمَّ أذهِب عَنّي فيهِ النُّعاسَ وَالكَسَلَ وَالسَّآمَةَ وَالفَترَةَ وَالقَسوَةَ وَالغَفلَةَ وَالغِرَّةَ . اللّهُمَّ جَنِّبني فيهِ العِلَلَ وَالأَسقامَ ، وَالهُمومَ وَالأَحزانَ ، وَالأَعراضَ وَالأَمراضَ ، وَالخَطايا وَالذُّنوبَ ، وَاصرِف عَنّي فيهِ السّوءَ وَالفَحشاءَ وَالجَهدَ وَالبَلاءَ وَالتَّعَبَ وَالعَناءَ إنَّكَ سَميعُ الدُّعاءِ . اللّهُمَّ أعِذني فيهِ مِنَ الشَّيطانِ الرَّجيمِ وهَمزِهِ (1) ولَمزِهِ (2) ونَفثِهِ (3) ونَفخِهِ ووَسواسِهِ

.


1- .الَهمْز : النخس والغمز (النهاية : ج 5 ص 273) .
2- .اللّمْز : العيب والوقوع في الناس (النهاية : ج 4 ص 269) .
3- .النفث: أقلّ من التفل ، لأنّ التفل لا يكون إلاّ معه ريق (لسان العرب: ج 2 ص 195) .

ص: 156

ب _ دعاء «اللّهمّ ربّ شهر رمضان»

وكَيدِهِ ومَكرِهِ وحِيَلِهِ وأمانِيِّهِ وخُدَعِهِ وغُرورِهِ وفِتنَتِهِ ورَجلِهِ (1) وشَرَكِهِ وأعوانِهِ وأتباعِهِ وأخدانِهِ (2) وأشياعِهِ وأولِيائِهِ وشُرَكائِهِ وجَميعِ كَيدِهِم . اللّهُمَّ ارزُقني فيهِ تَمامَ صِيامِهِ وبُلوغَ الأَمَلِ في قِيامِهِ ، وَاستِكمالَ ما يُرضيكَ فيهِ صَبرا وإيمانا ويَقينا وَاحتِسابا ، ثُمَّ تَقَبَّل ذلِكَ مِنّا بِالأَضعافِ الكَثيرَةِ وَالأَجرِ العَظيمِ . اللّهُمَّ ارزُقني فيهِ الجِدَّ وَالاِجتِهادَ وَالقُوَّةَ وَالنَّشاطَ وَالإِنابَةَ وَالتَّوبَةَ وَالرَّغبَةَ وَالرَّهبَةَ وَالجَزَعَ وَالرِّقَّةَ وصِدقَ اللِّسانِ ، وَالوَجَلَ مِنكَ وَالرَّجاءَ لَكَ وَالتَّوَكُّلَ عَلَيكَ وَالثِّقَةَ بِكَ ، وَالوَرَعَ عَن مَحارِمِكَ بِصالِحِ القَولِ ومَقبولِ السَّعيِ ومَرفوعِ العَمَلِ ومُستَجابِ الدُّعاءِ ولا تَحُل بَيني وبَينَ شَيءٍ مِن ذلِكَ بِعَرَضِ ولا مَرَضٍ ولا هَمٍّ ولا غَمٍّ بِرَحمَتِكَ يا أرحَمَ الرّاحِمينَ . (3)

ب _ دُعاءُ «اللّهُمَّ رَبَّ شَهرِ رَمَضانَ»البلد الأمين :ثُمَّ ادعُ بِما ذَكَرَهُ السَّيِّدُ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ بنِ باقي رحمه الله فِي اختِيارِهِ ؛ فَقَد رُوِيَ أنَّهُ مَن دَعا بِهِ كُلَّ يَومٍ مِن شَهرِ رَمَضانَ غَفَرَ اللّهُ لَهُ ذُنوبَ أربَعينَ سَنَةً ، وهُوَ : اللّهُمَّ رَبَّ شَهرِ رَمَضانَ الَّذي أنزَلتَ فيهِ القُرآنَ وَافتَرَضتَ عَلى عِبادِكَ فيهِ الصِّيامَ ، اُرزُقني حَجَّ بَيتِكَ الحَرامِ في هذَا العامِ وفي كُلِّ عامٍ ، وَاغفِر لِيَ الذُّنوبَ العِظامَ ؛ فَإِنَّهُ لا يَغفِرُها غَيرُكَ يا ذَا الجَلالِ وَالإِكرامِ . (4)

.


1- .الرَّجْل : جماعة الراجِل ، كالرَّكْب (المحيط في اللغة : ج 7 ص 81) .
2- .الأخدان : جمع خِدْن وخَدِين وهو الصديق (لسان العرب : ج 13 ص 139) .
3- .الكافي : ج 4 ص 75 ح 7 .
4- .البلد الأمين : ص 223 ، المزار الكبير : ص 628 .

ص: 157

3 / 5 دعاء الجوشن الكبير

3 / 5دُعاءُ الجَوشَنِ الكَبيرِالإمام زين العابدين عن أبيه عن جدّه عليهم السلام: نَزَلَ جَبرَئيلُ عليه السلام عَلَى النَّبِيِ صلى الله عليه و آله وهُوَ في بَعضِ غَزَواتِهِ وعَلَيهِ جَوشَنٌ ثَقيلٌ آلَمَهُ ثِقلُهُ ، وقالَ : «يا مُحَمَّدُ رَبُّكَ يُقرِئُكَ السَّلامَ ويَقولُ لَكَ : اِخلَع هذَا الجَوشَنَ وَاقرَأ هذَا الدُّعاءَ ، فَهُوَ أمانٌ لَكَ ولاُِمَّتِكَ ؛ فَمَن قَرَأَهُ عِندَ خُروجِهِ مِن مَنزِلِهِ أو حَمَلَهُ ، حَفِظَهُ اللّهُ وأوجَبَ حَقَّهُ عَلَيهِ ، ووَفَّقَهُ اللّهُ تَعالى لِصالِحِ الأَعمالِ ... . ومَن دَعا بِهِ بِنِيَّةٍ خالِصَةٍ في أوَّلِ شَهرِ رَمَضانَ رَزَقَهُ اللّهُ تَعالى لَيلَةَ القَدرِ ، وخَلَقَ لَهُ سَبعينَ ألفَ مَلَكٍ يُسَبِّحونَ اللّهَ ويُقَدِّسونَهُ ، وجَعَلَ ثَوابَهُم لَهُ . [ يا مُحَمَّدُ ، مَن دَعا بِهِ لَم يَبقَ بَينَهُ وبَينَ اللّهِ تَعالى حِجابٌ ، ولَم يَطلُب مِنَ اللّهِ تَعالى شَيئا إلاّ أعطاهُ] (1) ... . ومَن دَعا بِهِ في شَهرِ رَمَضانَ ثَلاثَ مَرّاتٍ 2 [ أو مَرَّةً واحِدَةً] 3 حَرَّمَ اللّهُ تَعالى جَسَدَهُ عَلَى النّارِ ، وأوجَبَ لَهُ الجَنَّةَ ، وَوَكَّلَ اللّهُ بِهِ مَلَكَينِ يَحفَظانِهِ مِنَ

.


1- .ما بين المعقوفين أثبتناه من بحار الأنوار .

ص: 158

المَعاصي ، وكانَ في أمانِ اللّهِ طولَ حَياتِهِ ، يا مُحَمَّدُ ، ولا تُعَلِّمهُ إلاّ لِمُؤمِنٍ تَقِيٍ» . قالَ الحُسَينُ عليه السلام : أوصاني أبي عَلِيُ بنُ أبي طالِبٍ عليه السلام بِحِفظِ هذَا الدُّعاءِ وتَعظيمِهِ ، وأن أكتُبَهُ عَلى كَفَنِهِ ، وأن اُعَلِّمَهُ أهلي وأحُثَّهُم عَلَيهِ ، وهُوَ ألفُ اسمٍ وفيهِ الاِسمُ الأَعظَمُ . (1)

المصباح للكفعمي(2) : دُعاءُ الجَوشَنِ الكَبيرِ مَروِيٌ عَنِ النَّبِيِ صلى الله عليه و آله وهُوَ مِئَةُ فَصلٍ كُلُّ فَصلٍ عَشَرَةُ أسماءٍ (3) ، وتَقولُ في آخِرِ كُلِّ فَصلٍ مِنها : سُبحانَكَ يا لا إلهَ إلاّ أنتَ الغَوثَ الغَوثَ خَلِّصنا مِنَ النّارِ يا رَبِّ . الأَوَّل : اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِاسمِكَ يا أللّهُ ، يا رَحمانُ ، يا رَحيمُ ، يا كَريمُ ، يا مُقيمُ ، يا عَظيمُ ، يا قَديمُ ، يا عَليمُ ، يا حَليمُ ، يا حَكيمُ . الثّاني : يا سَيِّدَ السّاداتِ ، يا مُجيبَ الدَّعَواتِ ، يا رافِعَ الدَّرَجاتِ ، يا وَلِيَ الحَسَناتِ ، يا غافِرَ الخَطيئاتِ ، يا مُعطِيَ المَسأَلاتِ ، يا قابِلَ التَّوباتِ ، يا سامِعَ الأَصواتِ ، يا عالِمَ الخَفِيّاتِ ، يا دافِعَ البَلِيّاتِ . الثّالِث : يا خَيرَ الغافِرينَ ، يا خَيرَ الفاتِحينَ ، يا خَيرَ النّاصِرينَ ، يا خَيرَ الحاكِمينَ ، يا خَيرَ الرّازِقينَ ، يا خَيرَ الوارِثينَ ، يا خَيرَ الحامِدينَ ، يا خَيرَ الذّاكِرينَ ، يا خَيرَ المُنزِلينَ ، يا خَيرَ المُحسِنينَ . الرّابِع : يا مَن لَهُ العِزَّةُ وَالجَمالُ ، يا مَن لَهُ القُدرَةُ وَالكَمالُ ، يا مَن لَهُ المُلكُ

.


1- .المصباح للكفعمي : ص 332 أورده في الحاشية ، بحار الأنوار : ج 94 ص 382 وج 81 ص 331 ح 32 .
2- .وقال في البلد الأمين : دعاء الجوشن الكبير مرويّ عن النبيّ صلى الله عليه و آله ، وهو مئة فصل ، كلّ فصل عشرة أسماء ، وتبسمل في أوّل كلّ فصل منها وتقول في آخره : «سبحانك يا لا إله إلا أنت الغوث الغوث صلّ على محمّد وآله وخلّصنا من النار يا ربّ يا ذا الجلال والإكرام يا أرحم الراحمين» .
3- .إلاّ الفصل الخامس والخمسون فإنّه أحد عشر اسما .

ص: 159

وَالجَلالُ ، يا مَن هُوَ الكَبيرُ المُتَعالِ ، يا مُنشِئَ السَّحابِ الثِّقالِ ، يا مَن هُوَ شَديدُ المِحالِ ، يا مَن هُوَ سَريعُ الحِسابِ ، يا مَن هُوَ شَديدُ العِقابِ ، يا مَن عِندَهُ حُسنُ الثَّوابِ ، يا مَن عِندَهُ اُمُّ الكِتابِ . الخامِس : اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِاسمِكَ يا حَنّانُ ، يا مَنّانُ ، يا دَيّانُ ، يا بُرهانُ ، يا سُلطانُ ، يا رِضوانُ ، يا غُفرانُ ، يا سُبحانُ ، يا مُستَعانُ ، يا ذَا المَنِّ وَالبَيانِ . السّادِس : يا مَن تَواضَعَ كُلُّ شَيءٍ لِعَظَمَتِهِ ، يا مَنِ استَسلَمَ كُلُّ شَيءٍ لِقُدرَتِهِ ، يا مَن ذَلَّ كُلُّ شَيءٍ لِعِزَّتِهِ ، يا مَن خَضَعَ كُلُّ شَيءٍ لِهَيبَتِهِ ، يا مَنِ انقادَ كُلُّ شَيءٍ مِن خَشيَتِهِ ، يا مَن تَشَقَّقَتِ الجِبالُ مِن مَخافَتِهِ ، يا مَن قامَتِ السَّماواتُ بِأَمرِهِ ، يا مَنِ استَقَرَّتِ الأَرَضونَ بِإِذنِهِ ، يا مَن يُسَبِّحُ الرَّعدُ بِحَمدِهِ ، يا مَن لا يَعتَدي عَلى أهلِ مَملَكَتِهِ . السّابِع : يا غافِرَ الخَطايا ، يا كاشِفَ البَلايا ، يا مُنتَهَى الرَّجايا ، يا مُجزِلَ العَطايا ، يا واهِبَ الهَدايا ، يا رازِقَ البَرايا ، يا قاضِيَ المَنايا ، يا سامِعَ الشَّكايا ، يا باعِثَ البَرايا ، يا مُطلِقَ الاُسارى . الثّامِن : يا ذَا الحَمدِ وَالثَّناءِ ، يا ذَا الفَخرِ وَالبَهاءِ يا ذَا المَجدِ وَالسَّناءِ ، يا ذَا العَهدِ وَالوَفاءِ ، يا ذَا العَفوِ وَالرِّضاءِ ، يا ذَا المَنِّ وَالعَطاءِ ، يا ذَا الفَصلِ وَالقَضاءِ ، يا ذَا العِزِّ وَالبَقاءِ ، يا ذَا الجودِ وَالسَّخاءِ ، يا ذَا الآلاءِ وَالنَّعماءِ . التّاسِع : اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ يا مانِعُ ، يا دافِعُ ، يا رافِعُ ، يا صانِعُ ، يا نافِعُ ، يا سامِعُ ، يا جامِعُ ، يا شافِعُ ، يا واسِعُ ، يا مُوَسِّعُ . العاشِر : يا صانِعَ كُلِّ مَصنوعٍ ، يا خالِقَ كُلِّ مَخلوقٍ ، يا رازِقَ كُلِّ مَرزوقٍ ، يا مالِكَ كُلِّ مَملوكٍ ، يا كاشِفَ كُلِّ مَكروبٍ ، يا فارِجَ كُلِّ مَهمومٍ ، يا راحِمَ كُلِّ مَرحومٍ ، يا ناصِرَ كُلِّ مَخذولٍ ، يا ساتِرَ كُلِّ مَعيوبٍ ، يا مَلجَأَ كُلِّ مَطرودٍ . الحادي عَشَر : يا عُدَّتي عِندَ شِدَّتي ، يا رَجائي عِندَ مُصيبَتي ، يا مُؤنِسي عِندَ

.

ص: 160

وَحشَتي ، يا صاحِبي عِندَ غُربَتي ، يا وَلِيِّي عِندَ نِعمَتي ، يا غِياثي عِندَ كُربَتي ، يا دَليلي عِندَ حَيرَتي ، يا غِنائي عِندَ افتِقاري ، يا مَلجَئي عِندَ اضطِراري ، يا مُعيني عِندَ مَفزَعي . الثّاني عَشَر : يا عَلاّمَ الغُيوبِ ، يا غَفّارَ الذُّنوبِ ، يا سَتّارَ العُيوبِ ، يا كاشِفَ الكُروبِ ، يا مُقَلِّبَ القُلوبِ ، يا طَبيبَ القُلوبِ ، يا مُنَوِّرَ القُلوبِ ، يا أنيسَ القُلوبِ ، يا مُفَرِّجَ الهُمومِ ، يا مُنَفِّسَ الغُمومِ . الثّالِث عَشَر : اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِاسمِكَ يا جَليلُ ، يا جَميلُ ، يا وَكيلُ ، يا كَفيلُ ، يا دَليلُ ، يا قَبيلُ ، يا مُديلُ ، يا مُنيلُ ، يا مُقيلُ ، يا مُحيلُ . الرّابع عَشَر : يا دَليلَ المُتَحَيِّرينَ ، يا غِياثَ المُستَغيثينَ ، يا صَريخَ المُستَصرِخينَ ، يا جارَ المُستَجيرينَ ، يا أمانَ الخائِفينَ ، يا عَونَ المُؤمِنينَ ، يا راحِمَ المَساكينِ ، يا مَلجَأَ العاصينَ ، يا غافِرَ المُذنِبينَ ، يا مُجيبَ دَعوَةِ المُضطَرّينَ . الخامِس عَشَر : يا ذَا الجودِ وَالإِحسانِ ، يا ذَا الفَضلِ وَالاِمتِنانِ ، يا ذَا الأَمنِ وَالأَمانِ ، يا ذَا القُدسِ وَالسُّبحانِ ، يا ذَا الحِكمَةِ وَالبَيانِ ، يا ذَا الرَّحمَةِ وَالرِّضوانِ ، يا ذَا الحُجَّةِ وَالبُرهانِ ، يا ذَا العَظَمَةِ وَالسُّلطانِ ، يا ذَا الرَّأفَةِ وَالمُستَعانِ ، يا ذَا العَفوِ وَالغُفرانِ . السّادِس عَشَر : يا مَن هُوَ رَبُّ كُلِّ شَيءٍ ، يا مَن هُوَ إلهُ كُلِّ شَيءٍ ، يا مَن هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيءٍ ، يا مَن هُوَ صانِعُ كُلِّ شَيءٍ ، يا مَن هُوَ قَبلَ كُلِّ شَيءٍ ، يا مَن هُوَ بَعدَ كُلِّ شَيءٍ ، يا مَن هُوَ فَوقَ كُلِّ شَيءٍ ، يا مَن هُوَ عالِمٌ بِكُلِّ شَيءٍ ، يا مَن هُوَ قادِرٌ عَلى كُلِّ شَيءٍ ، يا مَن هُوَ يَبقى ويَفنى كُلُّ شَيءٍ . السّابِع عَشَر : اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِاسمِكَ يا مُؤمِنُ ، يا مُهَيمِنُ ، يا مُكَوِّنُ ، يا مُلَقِّنُ ، يا مُبَيِّنُ ، يا مُهَوِّنُ ، يا مُمَكِّنُ ، يا مُزَيِّنُ ، يا مُعلِنُ ، يا مُقَسِّمُ .

.

ص: 161

الثّامِن عَشَر : يا مَن هُوَ في مُلكِهِ مُقيمٌ ، يا مَن هُوَ في سُلطانِهِ قَديمٌ ، يا مَن هُوَ في جَلالِهِ عَظيمٌ ، يا مَن هُوَ عَلى عِبادِهِ رَحيمٌ ، يا مَن هُوَ بِكُلِّ شَيءٍ عَليمٌ ، يا مَن هُوَ بِمَن عَصاهُ حَليمٌ ، يا مَن هُوَ بِمَن رَجاهُ كَريمٌ ، يا مَن هُوَ في صُنعِهِ حَكيمٌ ، يا مَن هُوَ في حِكمَتِهِ لَطيفٌ ، يا مَن هُوَ في لُطفِهِ قَديمٌ . التّاسِع عَشَر : يا مَن لا يُرجى إلاّ فَضلُهُ ، يا مَن لا يُسأَلُ إلاّ عَفوُهُ ، يا مَن لا يُنظَرُ إلاّ بِرُّهُ ، يا مَن لا يُخافُ إلاّ عَدلُهُ ، يا مَن لا يَدومُ إلاّ مُلكُهُ ، يا مَن لا سُلطانَ إلاّ سُلطانُهُ ، يا مَن وَسِعَت كُلَّ شَيءٍ رَحمَتُهُ ، يا مَن سَبَقَت رَحمَتُهُ غَضَبَهُ ، يا مَن أحاطَ بِكُلِّ شَيءٍ عِلمُهُ ، يا مَن لَيسَ أحَدٌ مِثلَهُ . العِشرون : يا فارِجَ الهَمِّ ، يا كاشِفَ الغَمِّ ، يا غافِرَ الذَّنبِ ، يا قابِلَ التَّوبِ ، يا خالِقَ الخَلقِ ، يا صادِقَ الوَعدِ ، يا موفِيَ العَهدِ ، يا عالِمَ السِّرِّ ، يا فالِقَ الحَبِّ ، يا رازِقَ الأَنامِ . الحادي وَالعِشرون: اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِاسمِكَ يا عَلِيُ ، يا وَفِيُ ، يا غَنِيُ، يا مَلِيُ (1) ، يا حَفِيُ (2) ، يا رَضِيُ ، يا زَكِيُ ، يا بَدِيُ ، يا قَوِيُ ، يا وَلِيُ . الثّاني وَالعِشرون : يا مَن أظهَرَ الجَميلَ ، يا مَن سَتَرَ القَبيحَ ، يا مَن لَم يُؤاخِذ بِالجَريرَةِ ، يا مَن لَم يَهتِكِ السِّترَ ، يا عَظيمَ العَفوِ ، يا حَسَنَ التَّجاوُزِ ، يا واسِعَ المَغفِرَةِ ، يا باسِطَ اليَدَينِ بِالرَّحمَةِ ، يا صاحِبَ كُلِّ نَجوى ، يا مُنتَهى كُلِّ شَكوى . الثّالث والعِشرون : يا ذَا النِّعمَةِ السّابِغَةِ ، يا ذَا الرَّحمَةِ الواسِعَةِ ، يا ذَا المِنَّةِ السّابِقَةِ ، يا ذَا الحِكمَةِ البالِغَةِ ، يا ذَا القُدرَةِ الكامِلَةِ ، يا ذَا الحُجَّةِ القاطِعَةِ ، يا ذَا الكَرامَةِ الظّاهِرَةِ ، يا ذَا العِزَّةِ الدّائِمَةِ ، يا ذَا القُوَّةِ المَتينَةِ ، يا ذَا العَظَمَةِ المَنيعَةِ .

.


1- .المَليء _ بالهمز _ : الثقة الغنيّ . قد اُولع الناس فيه بترك الهمز وتشديد الياء (النهاية : ج 4 ص 352) .
2- .الحَفِيّ : العالم ومعنى ثانٍ أنّه اللطيف المحتفي بك ببرِّك وبلطفك (بحار الأنوار : ج 4 ص 194) .

ص: 162

الرّابِع والعِشرون : يا بَديعَ السَّماواتِ ، يا جاعِلَ الظُّلُماتِ ، يا راحِمَ العَبَراتِ ، يا مُقيلَ العَثَراتِ ، يا ساتِرَ العَوراتِ ، يا مُحيِيَ الأَمواتِ ، يا مُنزِلَ الآياتِ ، يا مُضَعِّفَ الحَسَناتِ ، يا ماحِيَ السَّيِّئاتِ ، يا شَديدَ النَّقِماتِ . الخامِس وَالعِشرون : اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِاسمِكَ يا مُصَوِّرُ ، يا مُقَدِّرُ ، يا مُدَبِّرُ ، يا مُطَهِّرُ ، يا مُنَوِّرُ ، يا مُيَسِّرُ ، يا مُبَشِّرُ ، يا مُنذِرُ ، يا مُقَدِّمُ ، يا مُؤَخِّرُ . السّادِس وَالعِشرون : يا رَبَّ البَيتِ الحَرامِ ، يا رَبَّ الشَّهرِ الحَرام ، يا رَبَّ البَلَدِ الحَرامِ ، يا رَبَّ الرُّكنِ وَالمَقامِ ، يا رَبَّ المَشعَرِ الحَرامِ ، يا رَبَّ المَسجِدِ الحَرامِ ، يا رَبَّ الحِلِّ وَالحَرامِ ، يا رَبَّ النّورِ وَالظَّلامِ ، يا رَبَّ التَّحِيَّةِ وَالسَّلامِ ، يا رَبَّ القُدرَةِ فِي الأَنامِ . السّابِع وَالعِشرون : يا أحكَمَ الحاكِمينَ ، يا أعدَلَ العادِلينَ ، يا أصدَقَ الصّادِقينَ ، يا أطهَرَ الطّاهِرينَ ، يا أحسَنَ الخالِقينَ ، يا أسرَعَ الحاسِبينَ ، يا أسمَعَ السّامِعينَ ، يا أبصَرَ النّاظِرينَ ، يا أشفَعَ الشّافِعينَ ، يا أكرَمَ الأَكرَمينَ . الثّامِن وَالعِشرون : يا عِمادَ مَن لا عِمادَ لَهُ ، يا سَنَدَ مَن لا سَنَدَ لَهُ ، يا ذُخرَ مَن لا ذُخرَ لَهُ ، يا حِرزَ مَن لا حِرزَ لَهُ ، يا غِياثَ مَن لا غِياثَ لَهُ ، يا فَخرَ مَن لا فَخرَ لَهُ ، يا عِزَّ مَن لا عِزَّ لَهُ ، يا مُعينَ مَن لا مُعينَ لَهُ ، يا أنيسَ مَن لا أنَيسَ لَهُ ، يا أمانَ مَن لا أمانَ لَهُ . التّاسِع وَالعِشرون : اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِاسمِكَ يا عاصِمُ ، يا قائِمُ ، يا دائِمُ ، يا راحِمُ ، يا سالِمُ ، يا حاكِمُ ، يا عالِمُ ، يا قاسِمُ ، يا قابِضُ ، يا باسِطُ . الثَّلاثون : يا عاصِمَ مَنِ استَعصَمَهُ ، يا راحِمَ مَنِ استَرحَمَهُ ، يا غافِرَ مَنِ استَغفَرَهُ ، يا ناصِرَ مَنِ استَنصَرَهُ ، يا حافِظَ مَنِ استَحفَظَهُ ، يا مُكرِمَ مَنِ استَكرَمَهُ ، يا مُرشِدَ مَنِ استَرشَدَهُ ، يا صَريخَ مَنِ استَصرَخَهُ ، يا مُعينَ مَنِ استَعانَهُ ، يا مُغيثَ مَنِ استَغاثَهُ .

.

ص: 163

الحادي وَالثَّلاثون : يا عَزيزا لا يُضامُ ، يا لَطيفا لا يُرامُ ، يا قَيّوما لا يَنامُ ، يا دائِما لا يَفوتُ ، يا حَيّا لا يَموتُ ، يا مَلِكا لا يَزولُ ، يا باقِيا لا يَفنى ، يا عالِما لا يَجهَلُ يا صَمَدا لا يُطعَمُ ، يا قَوِيّا لا يُضعَفُ . الثّاني وَالثَّلاثون : اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِاسمِكَ يا أحَدُ ، يا واحِدُ ، يا شاهِدُ ، يا ماجِدُ ، يا حامِدُ ، يا راشِدُ ، يا باعِثُ ، يا وارِثُ ، يا ضارُّ ، يا نافِعُ . الثّالِث وَالثَّلاثون : يا أعظَمَ مِن كُلِّ عَظيمٍ ، يا أكرَمَ مِن كُلِّ كَريمٍ ، يا أرحَمَ مِن كُلِّ رَحيمٍ ، يا أعلَمَ مِن كُلِّ عَليمٍ ، يا أحكَمَ مِن كُلِّ حَكيمٍ ، يا أقدَمَ مِن كُلِّ قَديمٍ ، يا أكبَرَ مِن كُلِّ كَبيرٍ ، يا ألطَفَ مِن كُلِّ لَطيفٍ ، يا أجَلَّ مِن كُلِّ جَليلٍ ، يا أعَزَّ مِن كُلِّ عَزيزٍ . الرّابِع وَالثَّلاثون : يا كَريمَ الصَّفحِ ، يا عَظيمَ المَنِّ ، يا كَثيرَ الخَيرِ ، يا قَديمَ الفَضلِ ، يا دائِمَ اللُّطفِ ، يا لَطيفَ الصُّنعِ ، يا مُنَفِّسَ الكَربِ ، يا كاشِفَ الضُّرِّ ، يا مالِكَ المُلكِ ، يا قاضِيَ الحَقِّ . الخامِس وَالثَّلاثون : يا مَن هُوَ في عَهدِهِ وَفِيٌ ، يا مَن هُوَ في وَفائِهِ قَوِيٌّ ، يا مَن هُوَ في قُوَّتِهِ عَلِيٌّ ، يا مَن هُوَ في عُلُوِّهِ قَريبٌ ، يا مَن هُوَ في قُربِهِ لَطيفٌ ، يا مَن هُوَ في لُطفِهِ شَريفٌ ، يا مَن هُوَ في شَرَفِهِ عَزيزٌ ، يا مَن هُوَ في عِزِّهِ عَظيمٌ ، يا مَن هُوَ في عَظَمَتِهِ مَجيدٌ ، يا مَن هُوَ في مَجدِهِ حَميدٌ . السّادِس وَالثَّلاثون : اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِاسمِكَ يا كافي ، يا شافي ، يا وافي ، يا مُعافي ، يا هادي ، يا داعي ، يا قاضي ، يا راضي ، يا عالي ، يا باقي . السّابِ_ع وَالثَّلاثون : يا مَن كُلُّ شَيءٍ خاضِعٌ لَهُ ، يا مَن كُلُّ شَيءٍ خاشِعٌ لَهُ ، يا مَن كُلُّ شَيءٍ كائِنٌ لَهُ ، يا مَن كُلُّ شَيءٍ مَوجودٌ بِهِ ، يا مَن كُلُّ شَيءٍ مُنيبٌ إلَيهِ ، يا مَن كُلُّ شَيءٍ خائِفٌ مِنهُ ، يا مَن كُلُّ شَيءٍ قائِمٌ بِهِ ، يا مَن كُلُّ شَيءٍ صائِرٌ إلَيهِ ، يا مَن كُلُّ شَيءٍ يُسَبِّحُ بِحَمدِهِ ، يا مَن كُلُّ شَيءٍ هالِكٌ إلاّ وَجهَهُ .

.

ص: 164

الثّامِن وَالثَّلاثون : يا مَن لا مَفَرَّ إلاّ إلَيهِ ، يا مَن لا مَفزَعَ إلاّ إلَيهِ ، يا مَن لا مَقصَدَ إلاّ إلَيهِ ، يا مَن لا مَنجى مِنهُ إلاّ إلَيهِ ، يا مَن لا يُرغَبُ إلاّ إلَيهِ ، يا مَن لا حَولَ ولا قُوَّةَ إلاّ بِهِ ، يا مَن لا يُستَعانُ إلاّ بِهِ ، يا مَن لا يُتَوَكَّلُ إلاّ عَلَيهِ ، يا مَن لا يُرجى إلاّ هُوَ ، يا مَن لا يُعبَدُ إلاّ إيّاهُ . التّاسِ_ع وَالثَّلاثون : يا خَيرَ المَرهوبينَ ، يا خَيرَ المَرغوبينَ ، يا خَيرَ المَطلوبينَ ، يا خَيرَ المَسؤولينَ ، يا خَيرَ المَقصودينَ ، يا خَيرَ المَذكورينَ ، يا خَيرَ المَشكورينَ ، يا خَيرَ المَحبوبينَ ، يا خَيرَ المَدعُوّينَ ، يا خَيرَ المُستَأنِسينَ . الأَربَعون : اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِاسمِكَ يا غافِرُ ، يا ساتِرُ ، يا قادِرُ ، يا قاهِرُ ، يا فاطِرُ ، يا كاسِرُ ، يا جابِرُ ، يا ذاكِرُ ، يا ناظِرُ ، يا ناصِرُ . الحادي وَالأَربَعون : يا مَن خَلَقَ فَسَوّى ، يا مَن قَدَّرَ فَهَدى ، يا مَن يَكشِفُ البَلوى ، يا مَن يَسمَعُ النَّجوى ، يا مَن يُنقِذُ الغَرقى ، يا مَن يُنَجِّي الهَلكى ، يا مَن يَشفِي المَرضى ، يا مَن أضحَكَ وأبكى ، يا مَن أماتَ وأحيا ، يا مَن خَلَقَ الزَّوجَينِ الذَّكَرَ وَالاُنثى . الثّاني وَالأَربَعون : يا مَن فِي البَرِّ وَالبَحرِ سَبيلُهُ ، يا مَن فِي الآفاقِ آياتُهُ ، يا مَن فِي الآياتِ بُرهانُهُ ، يا مَن فِي المَماتِ قُدرَتُهُ ، يا مَن فِي القُبورِ عِبرَتُهُ ، يا مَن فِي القِيامَةِ مُلكُهُ ، يا مَن فِي الحِسابِ هَيبَتُهُ ، يا مَن فِي الميزانِ قَضاؤُهُ ، يا مَن فِي الجَنَّةِ ثَوابُهُ ، يا مَن فِي النّارِ عِقابُهُ . الثّالِث وَالأَربَعون : يا مَن إلَيهِ يَهرَبُ الخائِفونَ ، يا مَن إلَيهِ يَفزَعُ المُذنِبونَ ، يا مَن إلَيهِ يَقصُدُ المُنيبونَ ، يا مَن إلَيهِ يَرغَبُ الزّاهِدونَ ، يا مَن إلَيهِ يَلجَأُ المُتَحَيِّرونَ ، يا مَن بِهِ يَستَأنِسُ المُريدونَ ، يا مَن بِهِ يَفتَخِرُ المُحِبّونَ ، يا مَن في عَفوِهِ يَطمَعُ الخاطِئونَ يا مَن إلَيهِ يَسكُنُ الموقِنونَ ، يا مَن عَلَيهِ يَتَوَكَّلُ المُتَوَكِّلونَ .

.

ص: 165

الرّابِع وَالأَربَعون : اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِاسمِكَ يا حَبيبُ ، يا طَبيبُ ، يا قَريبُ ، يا رَقيبُ ، يا حَسيبُ ، يا مُهيبُ ، يا مُثيبُ ، يا مُجيبُ ، يا خَبيرُ ، يا بَصيرُ . الخامِس وَالأَربَعون : يا أقرَبَ مِن كُلِّ قَريبٍ ، يا أحَبَّ مِن كُلِّ حَبيبٍ ، يا أبصَرَ مِن كُلِّ بَصيرٍ ، يا أخبَرَ مِن كُلِّ خَبيرٍ ، يا أشرَفَ مِن كُلِّ شَريفٍ ، يا أرفَعَ مِن كُلِّ رَفيعٍ ، يا أقوى مِن كُلِّ قَوِيٍّ ، يا أغنى مِن كُلِّ غَنِيٍّ ، يا أجوَدَ مِن كُلِّ جَوادٍ ، يا أرأَفَ مِن كُلِّ رَؤوفٍ . السّادِس وَالأَربَعون : يا غالِبا غَيرَ مَغلوبٍ ، يا صانِعا غَيرَ مَصنوعٍ ، يا خالِقا غَيرَ مَخلوقٍ ، يا مالِكا غَيرَ مَملوكٍ ، يا قاهِرا غَيرَ مَقهورٍ ، يا رافِعا غَيرَ مَرفوعٍ ، يا حافِظا غَيرَ مَحفوظٍ ، يا ناصِرا غَيرَ مَنصورٍ ، يا شاهِدا غَيرَ غائِبٍ ، يا قَريبا غَيرَ بَعيدٍ . السّابِ_ع والأَربَعون : يا نورَ النّورِ ، يا مُنَوِّرَ النّورِ ، يا خالِقَ النّورِ ، يا مُدَبِّرَ النّورِ ، يا مُقَدِّرَ النّورِ ، يا نورَ كُلِّ نورٍ ، يا نورا قَبلَ كُلِّ نورٍ ، يا نورا بَعدَ كُلِّ نورٍ ، يا نورا فَوقَ كُلِّ نورٍ ، يا نورا لَيسَ كَمِثلِهِ نورٌ . الثّامِن وَالأَربَعون : يا مَن عَطاؤُهُ شَريفٌ ، يا مَن فِعلُهُ لَطيفٌ ، يا مَن لُطفُهُ مُقيمٌ ، يا مَن إحسانُهُ قَديمٌ ، يا مَن قَولُهُ حَقٌّ ، يا مَن وَعدُهُ صِدقٌ ، يا مَن عَفوُهُ فَضلٌ ، يا مَن عَذابُهُ عَدلٌ ، يا مَن ذِكرُهُ حُلوٌ ، يا مَن فَضلُهُ عَميمٌ . التّاسِ_ع وَالأَربَعون : اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِاسمِكَ يا مُسَهِّلُ ، يا مُفَضِّلُ ، يا مُبَدِّلُ ، يا مُذَلِّلُ ، يا مُنَزِّلُ ، يا مُنَوِّلُ ، يا مُفَصِّلُ ، يا مُجزِلُ ، يا مُمهِلُ ، يا مُجمِلُ . الخَمسون : يا مَن يَرى ولا يُرى ، يا مَن يَخلُقُ ولا يُخلَقُ ، يا مَن يَهدي ولا يُهدى ، يا مَن يُحيي ولا يُحيا ، يا مَن يُسأَلُ ولا يَسأَلُ ، يا مَن يُطعِمُ ولا يُطعَمُ ، يا مَن يُجيرُ ولا يُجارُ عَلَيهِ ، يا مَن يَقضي ولا يُقضى عَلَيهِ ، يا مَن يَحكُمُ ولا يُحكَمُ عَلَيهِ ، يا مَن لَم يَلِد ولَم يولَد ولَم يَكُن لَهُ كُفُوا أحَدٌ .

.

ص: 166

الحادي وَالخَمسون : يا نِعمَ الحَسيبِ ، يا نِعمَ الطَّبيبِ ، يا نِعمَ الرَّقيبِ ، يا نِعمَ القَريبِ ، يا نِعمَ المُجيبِ ، يا نِعمَ الحَبيبِ ، يا نِعمَ الكَفيلِ ، يا نِعمَ الوَكيلِ ، يا نِعمَ المَولى ، يا نِعمَ النَّصيرِ . الثّاني وَالخَمسون : يا سُرورَ العارِفينَ ، يا مُنَى المُحِبّينَ ، يا أنيسَ المُريدينَ ، يا حَبيبَ التَّوّابينَ، يا رازِقَ المُقِلّينَ، يا رَجاءَ المَدينينَ (1) ، يا قُرَّةَ عَينِ العابِدينَ، يا مُنَفِّسا عَنِ المَكروبينَ ، يا مُفَرِّجا عَنِ المَغمومينَ ، يا إلهَ الأَوَّلينَ وَالآخِرينَ . الثّالِث وَالخَمسون : اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِاسمِكَ يا رَبَّنا ، يا إلهَنا ، يا سَيِّدَنا ، يا مَولانا ، يا ناصِرَنا ، يا حافِظَنا ، يا دَليلَنا ، يا مُعينَنا ، يا حَبيبَنا ، يا طَبيبَنا . الرّابِ_ع وَالخَمسون : يا رَبَّ النَّبِيِّينَ وَالأَبرارِ ، يا رَبَّ الصِّدّيقينَ وَالأَخيارِ ، يا رَبَّ الجَنَّةِ وَالنّارِ ، يا رَبَّ الصِّغارِ وَالكِبارِ ، يا رَبَّ الحُبوبِ وَالثِّمارِ ، يا رَبَّ الأَنهارِ وَالأَشجارِ ، يا رَبَّ الصَّحاري وَالقِفارِ (2) ، يا رَبَّ البَراري وَالبِحارِ ، يا رَبَّ اللَّيلِ وَالنَّهارِ ، يا رَبَّ الإِعلانِ وَالإِسرارِ . الخامِس وَالخَمسون : يا مَن نَفَذَ في كُلِّ شَيءٍ أمرُهُ ، يا مَن لَحِقَ بِكُلِّ شَيءٍ عِلمُهُ ، يا مَن بَلَغَت إلى كُلِّ شَيءٍ قُدرَتُهُ ، يا مَن لا تُحصِي العِبادُ نِعَمَهُ ، يا مَن لا تَبلُغُ الخَلائِقُ شُكرَهُ ، يا مَن لا تُدرِكُ الأَفهامُ جَلالَهُ ، يا مَن لا تَنالُ الأَوهامُ كُنهَهُ ، يا مَنِ العَظَمَةُ وَالكِبرِياءُ رِداؤُهُ ، يا مَن لا تَرُدُّ العِبادُ قَضاءَهُ ، يا مَن لا مُلكَ إلاّ مُلكُهُ ، يا مَن لا عَطاءَ إلاّ عَطاؤُهُ . السّادِس وَالخَمسون : يا مَن لَهُ المَثَلُ الأَعلى ، يا مَن لَهُ الصِّفاتُ العُليا ، يا مَن لَهُ الآخِرَةُ وَالاُولى ، يا مَن لَهُ جَنَّةُ المَأوى ، يا مَن لَهُ الآياتُ الكُبرى ، يا مَن لَهُ الأَسماءُ الحُسنى ، يا مَن لَهُ الحُكمُ وَالقَضاءُ ، يا مَن لَهُ الهَواءُ وَالفَضاءُ يا مَن لَهُ

.


1- .في البلد الأمين : «يا رجاء المذنبين» .
2- .القِفار : جمع القَفْر ؛ وهي الخلاء من الأرض لا نباتَ به ولا ماءَ (تاج العروس : ج 7 ص 410) .

ص: 167

العَرشُ وَالثَّرى ، يا مَن لَهُ السَّماواتُ العُلى . السّابِ_ع وَالخَمسون : اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِاسمِكَ يا عَفُوُّ ، يا غَفورُ ، يا صَبورُ ، يا شَكورُ، يا رَؤوفُ ، يا عَطوفُ ، يا مَسؤولُ ، يا وَدودُ ، يا سُبّوحُ، يا قُدّوسُ . الثّامِن وَالخَمسون : يا مَن فِي السَّماواتِ عَظَمَتُهُ ، يا مَن فِي الأَرضِ آياتُهُ ، يا مَن في كُلِّ شَيءٍ دَلائِلُهُ، يا مَن فِي البِحارِ عَجائِبُهُ ، يا مَن فِي الجِبالِ خَزائِنُهُ، يا مَن يَبدَأُ الخَلقَ ثُمَّ يُعيدُهُ ، يا مَن إلَيهِ يَرجِعُ الأَمرُ كُلُّهُ ، يا مَن أظهَرَ في كُلِّ شَيءٍ لُطفَهُ ، يا مَن أحسَنَ كُلَّ شَيءٍ خَلَقَهُ ، يا مَن تُصَرَّفُ فِي الخَلائِقِ قُدرَتُهُ . التّاسِع وَالخَمسون : يا حَبيبَ مَن لا حَبيبَ لَهُ ، يا طَبيبَ مَن لا طَبيبَ لَهُ ، يا مُجيبَ مَن لا مُجيبَ لَهُ ، يا شَفيقَ مَن لا شَفيقَ لَهُ ، يا رَفيقَ مَن لا رَفيقَ لَهُ ، يا مُغيثَ مَن لا مُغيثَ لَهُ ، يا دَليلَ مَن لا دَليلَ لَهُ ، يا أنيسَ مَن لا أنيسَ لَهُ ، يا راحِمَ مَن لا راحِمَ لَهُ ، يا صاحِبَ مَن لا صاحِبَ لَهُ . السِّتّون : يا كافِيَ مَنِ استَكفاهُ ، يا هادِيَ مَنِ استَهداهُ، يا كالِئَ مَنِ استَكلاهُ ، يا راعِيَ مَنِ استَرعاهُ ، يا شافِيَ مَنِ استَشفاهُ ، يا قاضِيَ مَنِ استَقضاهُ ، يا مُغنِيَ مَنِ استَغناهُ، يا موفِيَ مَنِ استَوفاهُ، يا مُقَوِّيَ مَنِ استَقواهُ ، يا وَلِيَ مَنِ استَولاهُ . الحادي وَالسِّتّون : اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِاسمِكَ يا خالِقُ يا رازِقُ ، يا ناطِقُ يا صادِقُ ، يا فالِقُ يا فارِقُ ، يا فاتِقُ يا راتِقُ ، يا سابِقُ يا سامِقُ . الثّاني وَالسِّتّون : يا مَن يُقَلِّبُ اللَّيلَ وَالنَّهارَ ، يا مَن جَعَلَ الظُّلُماتِ وَالأَنوارَ ، يا مَن خَلَقَ الظِّلَّ وَالحَرورَ ، يا مَن سَخَّرَ الشَّمسَ وَالقَمَرَ ، يا مَن قَدَّرَ الخَيرَ وَالشَّرَّ ، يا مَن خَلَقَ المَوتَ وَالحَياةَ ، يا مَن لَهُ الخَلقُ وَالأَمرُ ، يا مَن لَم يَتَّخِذ صاحِبَةً ولا وَلَدا ، يا مَن لَيسَ لَهُ شَريكٌ فِي المُلكِ ، يا مَن لَم يَكُن لَهُ وَلِيٌ مِنَ الذُّلِّ . الثّالِثُ وَالسِّتّون : يا مَن يَعلَمُ مُرادَ المُريدينَ ، يا مَن يَعلَمُ ضَميرَ الصّامِتينَ ،

.

ص: 168

يا مَن يَسمَعُ أنينَ الواهِنينَ ، يا مَن يَرى بُكاءَ الخائِفينَ ، يا مَن يَملِكُ حَوائِجَ السّائِلينَ ، يا مَن يَقبَلُ عُذرَ التّائِبينَ ، يا مَن لا يُصلِحُ عَمَلَ المُفسِدينَ ، يا مَن لا يُضيعُ أجرَ المُحسِنينَ ، يا مَن لا يَبعُدُ عَن قُلوبِ العارِفينَ ، يا أجوَدَ الأَجوَدينَ . الرّابِ_عُ وَالسِّتّون : يا دائِمَ البَقاءِ ، يا سامِعَ الدُّعاءِ ، يا واسِعَ العَطاءِ ، يا غافِرَ الخَطاءِ ، يا بَديعَ السَّماءِ ، يا حَسَنَ البَلاءِ ، يا جَميلَ الثَّناءِ ، يا قَديمَ السَّناءِ ، يا كَثيرَ الوَفاءِ ، يا شَريفَ الجَزاءِ . الخامِسُ وَالسَّتّون : اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِاسمِكَ يا سَتّارُ يا غَفّارُ ، يا قَهّارُ يا جَبّارُ ، يا صَبّارُ يا بارُّ ، يا مُختارُ يا فَتّاحُ ، يا نَفّاحُ (1) يا مُرتاحُ (2) . السّادِسُ وَالسِّتّون : يا مَن خَلَقَني وسَوّاني ، يا مَن رَزَقَني ورَبّاني ، يا مَن أطعَمَني وسَقاني ، يا مَن قَرَّبَني وأدناني ، يا مَن عَصَمَني وكَفاني ، يا مَن حَفِظَني وكَلاني ، يا مَن أعَزَّني وأغناني ، يا مَن وَفَّقَني وهَداني ، يا مَن آنَسَني وآواني ، يا مَن أماتَني وأحياني . السّابِ_ع وَالسِّتّون : يا مَن يُحِقُّ الحَقَّ بِكَلِماتِهِ ، يا مَن يَقبَلُ التَّوبَةَ عَن عِبادِهِ ، يا مَن يَحولُ بَينَ المَرءِ وقَلبِهِ ، يا مَن لا تَنفَعُ الشَّفاعَةُ إلاّ بِإِذنِهِ ، يا مَن هُوَ أعلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبيلِهِ ، يا مَن لا مُعَقِّبَ لِحُكمِهِ ، يا مَن لا رادَّ لِقَضائِهِ ، يا مَنِ انقادَ كُلُّ شَيءٍ لِأَمرِهِ ، يا مَنِ السَّماواتُ مَطوِيّاتٌ بِيَمينِهِ ، يا مَن يُرسِلُ الرِّياحَ بُشرا بَينَ يَدَي رَحمَتِهِ .

.


1- .النَفّاح : المُنعم على عباده (لسان العرب : ج 2 ص 624) .
2- .الارتياح من اللّه : الرحمة (مجمع البحرين : ج 2 ص 751) . وقال المولى هادي السبزواري قدس سره : الارتياح : الابتهاج ، إن جُعل اسمَ المفعول فهو مبتهَج به لأهله ، بل لغيرهم وإن لم يستشعروا ، وإن جُعل اسمَ الفاعل فهو مبتهِج بذاته وبآثار ذاته بما هي آثار ذاته (شرح الأسماء الحسنى : ص 616) .

ص: 169

الثّامِنُ وَالسِّتّون : يا مَن جَعَلَ الأَرضَ مِهادا ، يا مَن جَعَلَ الجِبالَ أوتادا ، يا مَن جَعَلَ الشَّمسَ سِراجا ، يا مَن جَعَلَ القَمَرَ نورا ، يا مَن جَعَلَ اللَّيلَ لِباسا ، يا مَن جَعَلَ النَّهارَ مَعاشا ، يا مَن جَعَلَ النَّومَ سُباتا ، يا مَن جَعَلَ السَّماءَ بِناءً ، يا مَن جَعَلَ الأَشياءَ أزواجا ، يا مَن جَعَلَ النّارَ مِرصادا . التّاسِ_عُ وَالسِّتّون : اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِاسمِكَ يا سَميعُ يا شَفيعُ ، يا رَفيعُ يا مَنيعُ ، يا سَريعُ يا بَديعُ ، يا كَبيرُ يا قَديرُ ، يا خَبيرُ يا مُجيرُ . السَّبعون : يا حَيّا قَبلَ كُلِّ حَيٍ ، يا حَيّا بَعدَ كُلِّ حَيٍ ، يا حَيُّ الَّذي لَيسَ كَمِثلِهِ حَيٌ ، يا حَيُ الَّذي لا يُشارِكُهُ حَيٌ ، يا حَيُ الَّذي لا يَحتاجُ إلى حَيٍ ، يا حَيُ الَّذي يُميتُ كُلَّ حَيٍّ ، يا حَيُ الَّذي يَرزُقُ كُلَّ حَيٍ ، يا حَيّا لَم يَرِثِ الحَياةَ مِن حَيٍ ، يا حَيُ الَّذي يُحيِي المَوتى ، يا حَيُ يا قَيّومُ لا تَأخُذُهُ سِنَةٌ ولا نَومٌ . الحادي وَالسَّبعون : يا مَن لَهُ ذِكرٌ لا يُنسى ، يا مَن لَهُ نورٌ لا يُطفى ، يا مَن لَهُ نِعَمٌ لا تُعَدُّ ، يا مَن لَهُ مُلكٌ لا يَزولُ ، يا مَن لَهُ ثَناءٌ لا يُحصى ، يا مَن لَهُ جَلالٌ لا يُكَيَّفُ ، يا مَن لَهُ كَمالٌ لا يُدرَكُ ، يا مَن لَهُ قَضاءٌ لا يُرَدُّ ، يا مَن لَهُ صِفاتٌ لا تُبَدَّلُ ، يا مَن لَهُ نُعوتٌ لا تُغَيَّرُ . الثّاني وَالسَّبعون : يا رَبَّ العالَمينَ ، يا مالِكَ يَومِ الدّينِ ، يا غايَةَ الطّالِبينَ ، يا ظَهرَ اللاّجِئينَ ، يا مُدرِكَ الهارِبينَ ، يا مَن يُحِبُّ الصّابِرينَ ، يا مَن يُحِبُّ التَّوّابينَ ، يا مَن يُحِبُّ المُتَطَهِّرينَ ، يا مَن يُحِبُّ المُحسِنينَ ، يا مَن هُوَ أعلَمُ بِالمُهتَدينَ . الثّالِثُ وَالسَّبعون : اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِاسمِكَ يا شَفيقُ يا رَفيقُ ، يا حَفيظُ يا مُحيطُ ، يا مُقيتُ يا مُغيثُ ، يا مُعِزُّ يا مُذِلُّ ، يا مُبدِئُ يا مُعيدُ . الرّابِعُ وَالسَّبعون : يا مَن هُوَ أحَدٌ بِلا ضِدٍّ ، يا مَن هُوَ فَردٌ بِلا نِدٍّ ، يا مَن هُوَ صَمَدٌ بِلا عَيبٍ ، يا مَن هُوَ وَترٌ بِلا كَيفٍ ، يا مَن هُوَ قاضٍ بِلا حَيفٍ (1) ، يا مَن هُوَ رَبٌّ

.


1- .الحَيف : الجور والظلم (النهاية : ج 1 ص 469) .

ص: 170

بِلا وَزيرٍ ، يا مَن هُوَ عَزيزٌ بِلا ذُلٍّ ، يا مَن هُوَ غَنِيٌ بِلا فَقرٍ ، يا مَن هُوَ مَلِكٌ بِلا عَزلٍ ، يا مَن هُوَ مَوصوفٌ بِلا شَبيهٍ . الخامِسُ وَالسَّبعون : يا مَن ذِكرُهُ شَرَفٌ لِلذّاكِرينَ ، يا مَن شُكرُهُ فَوزٌ لِلشّاكِرينَ ، يا مَن حَمدُهُ عِزٌّ لِلحامِدينَ ، يا مَن طاعَتُهُ نَجاةٌ لِلمُطيعينَ ، يا مَن بابُهُ مَفتوحٌ لِلطّالِبينَ ، يا مَن سَبيلُهُ واضِحٌ لِلمُنيبينَ ، يا مَن آياتُهُ بُرهانٌ لِلنّاظِرينَ ، يا مَن كِتابُهُ تَذكِرَةٌ لِلمُتَّقينَ ، يا مَن رِزقُهُ عُمومٌ لِلطّائِعينَ وَالعاصينَ ، يا مَن رَحمَتُهُ قَريبٌ مِنَ المُحسِنينَ . السّادِسُ وَالسَّبعون : يا مَن تَبارَكَ اسمُهُ ، يا مَن تَعالى جَدُّهُ (1) ، يا مَن لا إلهَ غَيرُهُ ، يا مَن جَلَّ ثَناؤُهُ ، يا مَن تَقَدَّسَت أسماؤُهُ ، يا مَن يَدومُ بَقاؤُهُ ، يا مَنِ العَظَمَةُ بَهاؤُهُ ، يا مَنِ الكِبرِياءُ رِداؤُهُ ، يا مَن لا تُحصى آلاؤُهُ ، يا مَن لا تُعَدُّ نَعماؤُهُ . السّابِ_عُ وَالسَّبعون : اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِاسمِكَ يا مُعينُ يا أمينُ ، يا مُبينُ يا مَتينُ ، يا مَكينُ يا رَشيدُ ، يا حَميدُ يا مَجيدُ ، يا شَديدُ يا شَهيدُ . الثّامِنُ وَالسَّبعون : يا ذَا العَرشِ المَجيدِ ، يا ذَا القَولِ السَّديدِ ، يا ذَا الفِعلِ الرَّشيدِ ، يا ذَا البَطشِ الشَّديدِ ، يا ذَا الوَعدِ وَالوَعيدِ ، يا مَن هُوَ الوَلِيُ الحَميدُ ، يا مَن هُوَ فَعّالٌ لِما يُريدُ ، يا مَن هُوَ قَريبٌ غَيرُ بَعيدٍ ، يا مَن هُوَ عَلى كُلِّ شَيءٍ شَهيدٌ ، يا مَن هُوَ لَيسَ بِظَلاّمٍ لِلعَبيدِ . التّاسِ_عُ وَالسَّبعون : يا مَن لا شَريكَ لَهُ ولا وَزيرَ ، يا مَن لا شَبيهَ لَهُ ولا نَظيرَ ، يا خالِقَ الشَّمسِ وَالقَمَرِ المُنيرِ ، يا مُغنِيَ البائِسِ الفَقيرِ ، يا رازِقَ الطِّفلِ الصَّغيرِ ، يا راحِمَ الشَّيخِ الكَبيرِ ، يا جابِرَ العَظمِ الكَسيرِ ، يا عِصمَةَ الخائِفِ المُستَجيرِ ، يا مَن هُوَ بِعِبادِهِ خَبيرٌ بَصيرٌ ، يا مَن هُوَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ .

.


1- .جَدُّه : أي جلاله وعظمته . والمعنى : تعالى بجلاله وعظمته أن يوصف بما لا يليق به (مجمع البحرين : ج 1 ص 273) .

ص: 171

الثَّمانون : يا ذَا الجُودِ وَالنِّعَمِ ، يا ذَا الفَضلِ وَالكَرَمِ ، يا خالِقَ اللَّوحِ وَالقَلَمِ ، يا بارِئَ الذَّرِّ وَالنَّسَمِ ، يا ذَا البَأسِ وَالنِّقَمِ ، يا مُلهِمَ العَرَبِ وَالعَجَمِ ، يا كاشِفَ الضُّرِّ وَالأَلَمِ ، يا عالِمَ السِّرِّ وَالهِمَمِ ، يا رَبَّ البَيتِ وَالحَرَمِ ، يا مَن خَلَقَ الأَشياءَ مِنَ العَدَمِ . الحادي وَالثَّمانون : اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِاسمِكَ يا فاعِلُ يا جاعِلُ ، يا قابِلُ يا كامِلُ ، يا فاضِلُ يا فاصِلُ ، يا عادِلُ يا غالِبُ ، يا طالِبُ يا واهِبُ . الثّاني وَالثَّمانون : يا مَن أنعَمَ بِطَولِهِ ، يا مَن أكرَمَ بِجودِهِ ، يا مَن جادَ بِلُطفِهِ ، يا مَن تَعَزَّزَ بِقُدرَتِهِ ، يا مَن قَدَّرَ بِحِكمَتِهِ ، يا مَن حَكَمَ بِتَدبيرِهِ ، يا مَن دَبَّرَ بِعِلمِهِ ، يا مَن تَجاوَزَ بِحِلمِهِ ، يا مَن دَنا في عُلُوِّهِ ، يا مَن عَلا في دُنُوِّهِ . الثّالِثُ وَالثَّمانون : يا مَن يَخلُقُ ما يَشاءُ ، يا مَن يَفعَلُ ما يَشاءُ ، يا مَن يَهدي مَن يَشاءُ ، يا مَن يُضِلُّ مَن يَشاءُ ، يا مَن يُعَذِّبُ مَن يَشاءُ ، يا مَن يَغفِرُ لِمَن يَشاءُ ، يا مَن يُعِزُّ مَن يَشاءُ ، يا مَن يُذِلُّ مَن يَشاءُ ، يا مَن يُصَوِّرُ فِي الأَرحامِ ما يَشاءُ ، يا مَن يَختَصُّ بِرَحمَتِهِ مَن يَشاءُ . الرّابِعُ وَالثَّمانون : يا مَن لَم يَتَّخِذ صاحِبَةً ولا وَلَدا ، يا مَن جَعَلَ لِكُلِّ شَيءٍ قَدرا ، يا مَن لا يُشرِكُ في حُكمِهِ أحَدا ، يا مَن جَعَلَ المَلائِكَةَ رُسُلاً ، يا مَن جَعَلَ فِي السَّماءِ بُروجا ، يا مَن جَعَلَ الأَرضَ قَرارا ، يا مَن خَلَقَ مِنَ الماءِ بَشَراً ، يا مَن جَعَلَ لِكُلِّ شَيءٍ أمَدا ، يا مَن أحاطَ بِكُلِّ شَيءٍ عِلما ، يا مَن أحصى كُلَّ شَيءٍ عَدَدا . الخامِسُ وَالثَّمانون : اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِاسمِكَ يا أوَّلُ يا آخِرُ ، يا باطِنُ يا ظاهِرُ ، يا بَرُّ يا حَقُّ ، يا فَردُ يا وَترُ ، يا صَمَدُ يا سَرمَدُ . السّادِسُ وَالثَّمانون : يا خَيرَ مَعروفٍ عُرِفَ ، يا أفضَلَ مَعبودٍ عُبِدَ ، يا أجَلَّ مَشكورٍ شُكِرَ ، يا أعَزَّ مَذكورٍ ذُكِرَ ، يا أعلى مَحمودٍ حُمِدَ ، يا أقدَمَ مَوجودٍ

.

ص: 172

طُلِبَ ، يا أرفَعَ مَوصوفٍ وُصِفَ ، يا أكبَرَ مَقصودٍ قُصِدَ ، يا أكرَمَ مَسؤولٍ سُئِلَ ، يا أشرَفَ مَحبوبٍ عُلِمَ . السّابِ_عُ وَالثَّمانون : يا حَبيبَ الباكينَ ، يا سَيِّدَ المُتَوَكِّلينَ ، يا هادِيَ المُضِلّينَ ، يا وَلِيَ المُؤمِنينَ ، يا أنيسَ الذّاكِرينَ ، يا مَفزَعَ المَلهوفينَ ، يا مُنجِيَ الصّادِقينَ ، يا أقدَرَ القادِرينَ ، يا أعلَمَ العالِمينَ ، يا إلهَ الخَلقِ أجمَعينَ . الثّامِنُ وَالثَّمانون : يا مَن عَلا فَقَهَرَ ، يا مَن مَلَكَ فَقَدَرَ ، يا مَن بَطَنَ فَخَبَرَ ، يا مَن عُبِدَ فَشَكَرَ ، يا مَن عُصِيَ فَغَفَرَ ، يا مَن لا تَحويهِ الفِكَرُ ، يا مَن لا يُدرِكُهُ بَصَرٌ ، يا مَن لا يَخفى عَلَيهِ أثَرٌ ، يا رازِقَ البَشَرِ ، يا مُقَدِّرَ كُلِّ قَدَرٍ . التّاسِ_عُ وَالثَّمانون : اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِاسمِكَ يا حافِظُ يا بارِئُ ، يا ذارِئُ يا باذِخُ (1) ، يا فارِجُ يا فاتِحُ ، يا كاشِفُ يا ضامِنُ ، يا آمِرُ يا ناهي . التِّسعون : يا مَن لا يَعلَمُ الغَيبَ إلاّ هُوَ ، يا مَن لا يَصرِفُ السُّوءَ إلاّ هُوَ ، يا مَن لا يَخلُقُ الخَلقَ إلاّ هُوَ ، يا مَن لا يَغفِرُ الذَّنبَ إلاّ هُوَ ، يا مَن لا يُتِمُّ النِّعمَةَ إلاّ هُوَ ، يا مَن لا يُقَلِّبُ القُلوبَ إلاّ هُوَ ، يا مَن لا يُدَبِّرُ الأَمرَ إلاّ هُوَ ، يا مَن لا يُنَزِّلُ الغَيثَ إلاّ هُوَ ، يا مَن لا يَبسُطُ الرِّزقَ إلاّ هُوَ ، يا مَن لا يُحيِي المَوتى إلاّ هُوَ . الحادي وَالتِّسعون : يا مُعينَ الضُّعَفاءِ ، يا صاحِبَ الغُرَباءِ ، يا ناصِرَ الأَولِياءِ ، يا قاهِرَ الأَعداءِ ، يا رافِعَ السَّماءِ ، يا أنيسَ الأَصفِياءِ ، يا حَبيبَ الأَتقِياءِ ، يا كَنزَ الفُقَراءِ ، يا إلهَ الأَغنِياءِ ، يا أكرَمَ الكُرَماءِ . الثاني وَالتِّسعون : يا كافِيا مِن كُلِّ شَيءٍ ، يا قائِما عَلى كُلِّ شَيءٍ ، يا مَن لا يُشبِهُهُ شَيءٌ ، يا مَن لا يَزيدُ في مُلكِهِ شَيءٌ ، يا مَن لا يَخفى عَلَيهِ شَيءٌ ، يا مَن لا يَنقُصُ مِن خَزائِنِهِ شَيءٌ ، يا مَن لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ ، يا مَن لا يَعزُبُ عَن عِلمِهِ

.


1- .الباذخ : العالي (النهاية : ج 1 ص 110) .

ص: 173

شَيءٌ ، يا مَن هُوَ خَبيرٌ بِكُلِّ شَيءٍ ، يا مَن وَسِعَت رَحمَتُهُ كُلَّ شَيءٍ . الثّالِثُ وَالتِّسعون : اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِاسمِكَ يا مُكرِمُ يا مُطعِمُ ، يا مُنعِمُ يا مُعطي ، يا مُغني يا مُقني (1) ، يا مُفني يا مُحيي ، يا مُرضي يا مُنجي . الرّابِ_عُ وَالتِّسعون : يا أوَّلَ كُلِّ شَيءٍ وآخِرَهُ ، يا إلهَ كُلِّ شَيءٍ ومَليكَهُ ، يا رَبَّ كُلِّ شَيءٍ وصانِعَهُ ، يا بارِئَ كُلِّ شَيءٍ وخالِقَهُ ، يا قابِضَ كُلِّ شَيءٍ وباسِطَهُ ، يا مُبدِئَ كُلِّ شَيءٍ ومُعيدَهُ ، يا مُنشِئَ كُلِّ شَيءٍ ومُقَدِّرَهُ ، يا مُكَوِّنَ كُلِّ شَيءٍ ومُحَوِّلَهُ ، يا مُحيِيَ كُلِّ شَيءٍ ومُميتَهُ ، يا خالِقَ كُلِّ شَيءٍ ووارِثَهُ . الخامِسُ وَالتِّسعون : يا خَيرَ ذاكِرٍ ومَذكورٍ ، يا خَيرَ شاكِرٍ ومَشكورٍ ، يا خَيرَ حامِدٍ ومَحمودٍ ، يا خَيرَ شاهِدٍ ومَشهودٍ ، يا خَيرَ داعٍ ومَدعُوٍّ ، يا خَيرَ مُجيبٍ ومُجابٍ ، يا خَيرَ مُؤنِسٍ وأنيسٍ ، يا خَيرَ صاحِبٍ وجَليسٍ ، يا خَيرَ مَقصودٍ ومَطلوبٍ ، يا خَيرَ حَبيبٍ ومَحبوبٍ . السّادِسُ وَالتِّسعون : يا مَن هُوَ لِمَن دَعاهُ مُجيبٌ ، يا مَن هُوَ لِمَن أطاعَهُ حَبيبٌ ، يا مَن هُوَ إلى مَن أحَبَّهُ قَريبٌ ، يا مَن هُوَ بِمَنِ استَحفَظَهُ رَقيبٌ ، يا مَن هُوَ بِمَن رَجاهُ كَريمٌ ، يا مَن هُوَ بِمَن عَصاهُ حَليمٌ ، يا مَن هُوَ في عَظَمَتِهِ رَحيمٌ ، يا مَن هُوَ في حِكمَتِهِ عَظيمٌ ، يا مَن هُوَ في إحسانِهِ قَديمٌ ، يا مَن هُوَ بِمَن أرادَ عَليمٌ . السّابِعُ وَالتِّسعون : اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِاسمِكَ يا مُسَبِّبُ ، يا مُرَغِّبُ ، يا مُقَلِّبُ ، يا مُعَقِّبُ ، يا مُرَتِّبُ ، يا مُخَوِّفُ ، يا مُحَذِّرُ ، يا مُذَكِّرُ ، يا مُسَخِّرُ ، يا مُغَيِّرُ . الثّامِنُ وَالتِّسعون : يا مَن عِلمُهُ سابِقٌ ، يا مَن وَعدُهُ صادِقٌ ، يا مَن لُطفُهُ ظاهِرٌ ، يا مَن أمرُهُ غالِبٌ ، يا مَن كِتابُهُ مُحكَمٌ ، يا مَن قَضاؤُهُ كائِنٌ ، يا مَن قُرآنُهُ مَجيدٌ ، يا مَن مُلكُهُ قَديمٌ ، يا مَن فَضلُهُ عَميمٌ ، يا مَن عَرشُهُ عَظيمٌ .

.


1- .أقناه اللّه : أي أعطاه . وأقناه أيضا : أرضاه (الصحاح : ج 6 ص 2468) .

ص: 174

التّاسِ_عُ وَالتِّسعون : يا مَن لا يَشغَلُهُ سَمعٌ عَن سَمعٍ ، يا مَن لا يَمنَعُهُ فِعلٌ عَن فِعلٍ ، يا مَن لا يُلهيهِ قَولٌ عَن قَولٍ ، يا مَن لا يُغَلِّطُهُ سُؤالٌ عَن سُؤالٍ ، يا مَن لا يَحجُبُهُ شَيءٌ عَن شَيءٍ ، يا مَن لا يُبرِمُهُ إلحاحُ المُلِحّينَ ، يا مَن هُوَ غايَةُ مُرادِ المُريدينَ ، يا مَن هُوَ مُنتَهى هِمَمِ العارِفينَ ، يا مَن هُوَ مُنتَهى طَلَبِ الطّالِبينَ ، يا مَن لا يَخفى عَلَيهِ ذَرَّةٌ فِي العالَمينَ . المِئَة : يا حَليما لا يَعجَلُ ، يا جَوادا لا يَبخَلُ ، يا صادِقا لا يُخلِفُ ، يا وَهّابا لا يَمَلُّ ، يا قاهِرا لا يُغلَبُ ، يا عَظيما لا يوصَفُ ، يا عَدلاً لا يَحيفُ ، يا غَنِيّا لا يَفتَقِرُ ، يا كَبيرا لا يَصغَرُ ، يا حافِظا لا يَغفُلُ . سُبحانَكَ يا لا إلهَ إلاّ أنتَ ، الغَوثَ الغَوثَ ، خَلِّصنا مِنَ النّارِ يا رَبِّ . (1)

.


1- .المصباح للكفعمي : ص 334 ، البلد الأمين : ص 402 ، بحار الأنوار : ج 94 ص 384 .

ص: 175

الفصل الرابع : الآداب المختصّة باللّيالي

4 / 1 آداب اللّيلة الاولى
أ _ الغسل
ب _ الصّلاة
ج _ الدّعاء

الفصل الرابع : الآدابُ المُختَصَّةُ بِاللَّيالي4 / 1آدابُ اللَّيلَةِ الاُولىأ _ الغُسلالإمام الصادق عليه السلام :غُسلُ أوَّلِ لَيلَةٍ مِن شَهرِ رَمَضانَ يُستَحَبُّ . (1)

ب _ الصَّلاةعنه عليه السلام :مَن صَلّى أوَّلَ لَيلَةٍ مِنَ الشَّهرِ رَكعَتَينِ بِسورَةِ الأَنعامِ وسَأَلَ اللّهَ أن يَكفِيَهُ ، كَفاهُ اللّهُ تَعالى ما يَخافُهُ في ذلِكَ الشَّهرِ ، ووَقاهُ مِنَ المَخاوِفِ وَالأَسقامِ . (2)

ج _ الدُّعاءالمقنعة :إذا صلّيت المغرب من هذه الليلة وهي أوّل ليلة في الشهر فادعُ بهذا الدعاء وهو دعاء الحجّ فتقول (3) :

.


1- .الكافي : ج 3 ص 40 ح 2 .
2- .الإقبال : ج 1 ص 75 ، بحارالأنوار : ج 91 ص 382 ح 6 وج 97 ص 133 ح 1 .
3- .في الكافي ج 4 ص 74 ح 6 : «كان أبوعبد اللّه عليه السلام يدعو بهذا الدعاء في شهر رمضان» بدل ما في المتن ، وفي الإقبال ج 1 ص 78 : «عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : ادع للحجِّ في ليالي شهر رمضان بعد المغرب ...» ، وفي بحار الأنوار ج 98 ص 1 ح 1 . : «دعاء الحجّ يدعى به أوّل ليلة من شهر رمضان» .

ص: 176

اللّهُمَّ (1) مِنكَ أطلُبُ حاجَتي ، ومَن طَلَبَ حاجَتَهُ إلى أحَدٍ مِنَ النّاس فَإِنّي لا أطلُبُ حاجَتي إلاّ مِنكَ وَحدَكَ لاشَريكَ لَكَ ، وأسأَلُكَ بِفَضلِكَ ورِضوانِكَ أن تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وأن تَجعَلَ لي مِن عامي هذا إلى بَيتِكَ الحَرامِ سَبيلاً حَجَّةً مَبرورَةً مُتَقَبَّلَةً زاكِيَةً خالِصَةً لَكَ تَقَرُّ بِها عَيني وتَرفَعُ بِها دَرَجَتي وتَرزُقَني أن أغُضَّ بَصَري وأن أحفَظَ فَرجي وأن أكُفَّ عَن جَميعِ مَحارِمِكَ حَتّى لا يَكونَ شَيءٌ آثَرَ عِندي مِن طاعَتِكَ وخَشيَتِكَ وَالعَمَلِ بِما أحبَبتَ وَالتَّركِ لِما كَرِهتَ ونَهَيتَ عَنهُ ، وَاجعَل ذلِكَ في يُسرٍ وعافِيَةٍ (2) و[أوزِعني شُكرَ] (3) ما أنعَمتَ بِهِ عَلَيَّ . وأسأَلُكَ أن تَجعَلَ وَفاتي قَتلاً في سَبيلِكَ تَحتَ رايَةِ نَبِيِّكَ محمّد صلَّى اللّهُ عَلَيهِ وآلِهِ مع أولِيائِكَ وأسأَلُكَ أن تَقتُلَ بي أعداءَكَ وأعداءَ رَسولِكَ ، وأسأَلُكَ أن تُكرِمَني بِهَوانِ مَن شِئتَ مِن خَلقِكَ ولا تُهِنِّي بِكَرامَةِ أحَدٍ مِن أولِيائِكَ . اللّهُمَّ اجعَل لي مَعَ الرَّسولِ سَبيلاً حَسبِيَ اللّهُ ، ما شاءَ اللّهُ وصلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِهِ الطّاهِرينَ . (4)

الإمام الصادق عليه السلام :إذا كانَ أوَّلُ لَيلَةٍ مِن شَهرِ رَمَضانَ فَقُل : اللّهُمَّ رَبَّ شَهرِ رَمَضانَ ومُنزِلَ القُرآنِ ، هذا شَهرُ رَمَضانَ الَّذي أنزَلتَ فيهِ القُرآنَ وأنزَلتَ فيهِ آياتٍ بَيِّناتٍ مِنَ الهُدى وَالفُرقانِ ، اللّهُمَّ ارزُقنا صِيامَهُ وأعِنّا عَلى قِيامِهِ ، اللّهُمَّ سَلِّمهُ لَنا وسَلِّمنا فيهِ وتَسَلَّمهُ مِنّا في يُسرٍ مِنكَ ومُعافاةٍ ، وَاجعَل فيما تَقضي وتُقَدِّرُ مِنَ الأَمرِ المَحتومِ فيما يُفرَقُ (5) مِنَ الأَمرِ الحَكيمِ في لَيلَةِ القَدرِ مِنَ القَضاءِ الَّذي لا يُرَدُّ ولا يُبَدَّلُ ، أن تَكتُبَني مِن حُجّاجِ بَيتِكَ الحَرامِ ، المَبرورِ حَجُّهُمُ المَشكورِ سَعيُهُمُ ، المَغفورِ ذَنبُهُمُ المُكَفَّرِ عَنهُم

.


1- .في المصادر الاُخرى : «اللّهمّ إنّي بك ومنك أطلب ...» .
2- .في بعض نسخ المصدر : «في يسر منك وعافية» وفي الكافي والإقبال : «في يسر ويسار وعافية» .
3- .ما بين المعقوفين أثبتناه من المصادر الاُخرى .
4- .المقنعة : ص 313 .
5- .في الإقبال : «وفيما تفرق» .

ص: 177

4 / 2 آداب اللّيلة الخامسة عشرة
أ _ الغسل

سَيِّئاتُهُم ، وَاجعَل فيما تَقضي وتُقَدِّرُ أن تُطيلَ لي في عُمُري وتُوَسِّعَ عَلَيَّ مِنَ الرِّزقِ الحَلالِ . (1)

راجع : ص 83 (أدعية التهيّؤ لضيافة اللّه ) .

4 / 2آدابُ اللَّيلَةِ الخامِسَةَ عَشرَةَاللّيلة الخامسة عشرة من شهر رمضان المبارك هي ليلة ولادة الإمام الحسن المجتبى عليه السلام ، وفي رواية أنّها ليلة ولادة الإمام الجواد عليه السلام . قال الشيخ المفيد قدس سره : في يوم النصف منه سنة ثلاث من الهجرة كان مولد سيّدنا أبي محمّد الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليهماالسلام . وفي مثل هذا اليوم سنة خمس وتسعين ومِئة ولد سيّدنا أبو جعفر محمّد بن عليّ ابن موسى عليهم السلام (2) ، وهو يوم سرور المؤمنين . ويستحبّ فيه الصدقة والتطوّع بالخيرات ، والإكثار من شكر اللّه تعالى على ظهور حجّته وإقامة دينه بخليفته في العالمين وابن نبيّه سيّد المرسلين صلوات اللّه عليه وآله وسلّم . (3) وفيما يلي آداب ليلة النّصف منه :

أ _ الغُسلالإقبال_ في بَيانِ استِحبابِ الغُسلِ في هذِهِ اللَّيلَةِ _: أمَّا الغُسلُ فَرَوَيناهُ عَنِ الشَّيخِ المُفيدِ رحمه الله . (4) وفي رِوايَةٍ عَن أبي عَبدِ اللّهِ عليه السلام أنَّهُ يُستَحَبُّ لَيلَةَ النِّصفِ مِن شَهرِ رَمَضانَ . (5)

.


1- .الكافي : ج 4 ص 71 ح 2 ، الإقبال : ج 1 ص 77 وص 145 .
2- .المشهور أنّ ولادته عليه السلام كانت في غير هذا اليوم .
3- .مسارّ الشيعة : ص 24 .
4- .قال الشيخ المفيد قدس سره في مسارّ الشيعة ص23 : في ليلة النصف منه يستحبّ الغسل . وقال في المقنعة ص311 : من سننه الغسل في ستّ ليال منه ... وليلة النصف منه .
5- .الإقبال : ج 1 ص 293 ، بحارالأنوار : ج 98 ص 40 ح 2 .

ص: 178

ب _ الزّيارة
ج _ الصّلاة مئة ركعة
4 / 3 آداب اللّيلة السّابعة والعشرين
أ _ الغسل

ب _ الزِّيارَةالإقبال :عَن أبِي المُفَضَّلِ الشَّيبانِيِّ ، بِإِسنادِهِ مِن كِتابِ عَليِّ بنِ عبدِ الواحدِ النَّهديِّ في حَديثٍ ، يَقولُ فيهِ عَنِ الصّادِقِ عليه السلام ، أنَّهُ قيلَ لَهُ : فَما تَرى لِمَن حَضَرَ قَبرَهُ _ يَعنِي الحُسَينَ عليه السلام _ لَيلَةَ النِّصفِ مِن شَهرِ رَمَضانَ؟ فَقالَ : «بَخٍ بَخٍ! مَن صَلّى عِندَ قَبرِهِ لَيلَةَ النِّصفِ مِن شَهرِ رَمَضانَ عَشرَ رَكَعاتٍ مِن بَعدِ العَشاءِ مِن غَيرِ صَلاةِ اللَّيلِ ، يَقرَأُ في كُلِّ رَكعَةٍ بِ_«فاتِحَةِ الكِتابِ» و« قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ » عَشرَ مَرّاتٍ ، وَاستَجارَ بِاللّهِ مِنَ النّارِ ، كَتَبَهُ اللّهُ عَتيقاً مِنَ النّارِ ، ولَم يَمُت حَتّى يَرى في مَنامِهِ مَلائِكَةً يُبَشِّرونَهُ بِالجَنَّةِ ، ومَلائِكَةً يُؤَمِّنونَهُ مِنَ النّارِ» . (1)

ج _ الصَّلاةُ مِئَةَ رَكعَةٍرسول اللّه صلى الله عليه و آله :مَن صَلّى لَيلَةَ النِّصفِ مِن شَهرِ رَمَضانَ مِئَةَ رَكعَةٍ ، يَقرَأُ في كُلِّ رَكعَةٍ «الحَمدَ» ، و « قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ » عَشرَ مَرّاتٍ ، أهبَطَ اللّهُ إلَيهِ عَشَرَةَ أملاكٍ يَدرَؤونَ عَنهُ أعداءَهُ مِنَ الجِنِّ وَالإِنسِ ، وأهبَطَ اللّهُ عِندَ مَوتِهِ ثَلاثينَ مَلَكاً يُبَشِّرونَهُ بِالجَنَّةِ ، وثَلاثينَ مَلَكاً يُؤَمِّنونَهُ مِنَ النّارِ . (2)

4 / 3آدابُ اللَّيلَةِ السّابِعَةِ وَالعِشرينَأ _ الغُسلالإقبال عن ابن أبي يعفور عن الإمام الصادق عليه السلام ، قال :سَأَلتُهُ عَنِ الغُسلِ في شَهرِ

.


1- .الإقبال : ج 1 ص 294 ، بحارالأنوار : ج 101 ص 349 ح 2 و ج 98 ص 40 ح 2 .
2- .الإقبال : ج 1 ص 293 .

ص: 179

ب _ الصّلاة
ج _ الدّعاء

رَمَضانَ ، فَقالَ : «اِغتَسِل لَيلَةَ تِسعَ عَشرَةَ ، وإحدى وعِشرينَ ، وثَلاثٍ وعِشرينَ ، وسَبعٍ وعِشرينَ ، وتِسعٍ وعِشرينَ» . (1)

ب _ الصَّلاةرسول اللّه صلى الله عليه و آله :إنَّ مَن صَلّى لَيلَةَ سَبعٍ وعِشرينَ رَكعَتَينِ يَقرَأُ في كُلِّ رَكعَةٍ «فاتِحَةَ الكِتابِ» ، و « إِنَّ_آ أَنزَلْنَ_هُ » مَرَّةً ، و « قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ » خَمساً وعِشرينَ مَرَّةً ، فَإِذا سَلَّمَ استَغفَرَ مِئَةَ مَرَّةٍ ، وصَلّى عَلَى النَّبِيِّ وآلِهِ مِئَةَ مَرَّةٍ ، فَقَد أدرَكَ لَيلَةَ القَدرِ . 2

ج _ الدُّعاءالإقبال عن زيد بن عليّ عليه السلام :سَمِعتُ أبي عَلِيَّ بنَ الحُسَينِ عليه السلام لَيلَةَ سَبعٍ وعِشرينَ مِن شَهرِ رَمَضانَ يَقولُ مِن أوَّلِ اللَّيلِ إلى آخِرِهِ : اللّهُمَّ ارزُقنِي التَّجافِيَ عَن دارِ الغُرورِ وَالإِنابَةَ إلى دارِ الخُلودِ ، وَالاِستِعدادَ لِلمَوتِ قَبلَ حُلولِ الفَوتِ . (2)

.


1- .الإقبال : ج 1 ص 400 ، بحارالأنوار : ج 98 ص 61 ح 2 .
2- .الإقبال : ج 1 ص 402 ، بحارالأنوار : ج 98 ص 63 ح 1 .

ص: 180

. .

ص: 181

الفصل الخامس : الآداب المختصّة بالأيّام
5 / 1 آداب اليوم الأوّل
أ _ الغسل
ب _ الصّلاة

الفصل الخامس : الآدابُ المُختَصَّةُ بِالأَيّامِ5 / 1آدابُ اليَومِ الأَوَّلِأ _ الغُسلالإمام عليّ عليه السلام :مَنِ اغتَسَلَ أوَّلَ يَومٍ مِنَ السَّنَةِ في ماءٍ جارٍ ، وصَبَّ عَلى رَأسِهِ ثَلاثينَ غُرفَةً ، كانَ دَواءً لِسَنَتِهِ ، وإنَّ أوَّلَ كُلِّ سَنَةٍ أوَّلُ يَومٍ مِن شَهرِ رَمَضانَ . (1)

ب _ الصَّلاةالإقبال عن الوَشّاء ، قال :كانَ أبو جَعفَرٍ عليه السلام إذا دَخَلَ شَهرٌ جَديدٌ يُصَلِّي أوَّلَ يَومٍ مِنهُ رَكعَتَينِ ، يَقرَأُ لِكُلِّ يَومٍ مِنهُ إلى آخِرِهِ « قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ » فِي الرَّكعَةِ الاُولى ، وفِي الرَّكعَةِ الثّانِيَةِ « إِنَّ_آ أَنزَلْنَ_هُ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ » (2) ، ويَتَصَدَّقُ بِما يَتَسَهَّلُ ، فَيَشتَري بِهِ سَلامَةَ ذلِكَ الشَّهرِ كُلِّهِ . (3)

الإمام الكاظم عليه السلام :مَن صَلّى عِندَ دُخولِ شَهرِ رَمَضانَ رَكعَتَينِ تَطَوُّعاً ، قَرَأَ في

.


1- .الإقبال : ج 1 ص 193 ، بحارالأنوار : ج 97 ص 350 ح 3 .
2- .يَعني : يَقرَأُ فِي الرَّكعَةِ الاُولى «الحَمْدَ» مَرَّةً و« قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ » ثَلاثينَ مَرَّةً ، وفِي الرَّكعَةِ الثّانِيَةِ : «الحَمدَ» مَرَّةً و« إِنَّ_آ أَنزَلْنَ_هُ »ثَلاثينَ مَرَّةً . انظر الدروع الواقية : ص 43 _ 46 فإنّه قدس سره أورده فيه مع الشرح والتفصيل .
3- .الإقبال : ج 1 ص 197 ، بحارالأنوار : ج 91 ص 381 ح 1 و ج 97 ص 133 ح 1 .

ص: 182

5 / 2 أدعية كلّ يوم

اُولاهُما «اُمَّ الكِتابِ» ، و « إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحا مُّبِينا » وَالاُخرى ما أحَبَّ ، دَفَعَ اللّهُ تَعالى عَنهُ سوءَ سَنَتِهِ ، ولَم يَزَل في حِرزِ اللّهِ تَعالى إلى مِثلِها مِن قابِلٍ . (1)

5 / 2أدعِيَةُ كُلِّ يَومٍالمصباح للكفعمي :يُستَحَبُّ أن يَدعُوَ في أيّامِ شَهرِ رَمَضانَ بِهذِهِ الأَدعِيَةِ لِكُلِّ يَومٍ دُعاءٌ عَلى حِدَةٍ مِن أوَّلِهِ إلى آخِرِهِ ، مِن كِتابِ الذَّخيرَةِ رَواهَا ابنُ عَبّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله : تَقولُ فِي اليَومِ الأَوَّلِ : «اللّهُمَّ اجعَل صِيامي فيهِ صِيامَ الصّائِمينَ ، وهَب لي جُرمي فيهِ يا إلهَ العالَمينَ ، وَاعفُ عَنّي يا عافِياً عَنِ المُجرِمينَ» (2) لِيُعطى ألفَ ألفِ حَسَنَةٍ . الخبر . وفِي اليَومِ الثّاني : «اللّهُمَّ قَرِّبني فيهِ إلى مَرضاتِكَ وجَنِّبني فيهِ سَخَطَكَ ونَقِماتِكَ ، ووَفِّقني فيهِ لِقِراءَةِ آياتِكَ بِرَحمَتِكَ يا أرحَمَ الرّاحِمينَ» لِيُعطى بِكُلِّ خُطوَةٍ لَهُ في جَميعِ عُمُرِهِ عِبادَةَ سَنَةٍ صائِماً نَهارَها قائِماً لَيلَها . وفِي اليَومِ الثّالِثِ : «اللّهُمَّ ارزُقني فيهِ الذِّهنَ وَالتَّنبيهَ وأبعِدني مِنَ السَّفاهَةِ وَالتَّمويهِ (3) ، وَاجعَل لي نَصيباً في كُلِّ خَيرٍ اُنزِلَ فيهِ (4) يا أجوَدَ الأَجوَدينَ» لِيُبنى لَهُ بَيتٌ في جَنَّةِ الفِردَوسِ . الخبر .

.


1- .الإقبال : ج 1 ص 197 ، بحارالأنوار : ج 97 ص 353 ح 3 .
2- .في الإقبال ج 1 ص 229 : «اللّهمّ اجعل صيامي صيام الصائمين ، وقيامي قيام القائمين ، ونبّهني فيه عن نومة الغافلين ، وهب لي جرمي يا إله العالمين» .
3- .التَّمويه : التلبيس ، وقولٌ مُمَوَّهٌ : أي مزخرف ، أو ممزوج من الحقّ والباطل (مجمع البحرين : ج 3 ص 1737) .
4- .في الإقبال ج 1 ص 254 : «من كلّ خير تنزل فيه بجودك يا ...» .

ص: 183

وفِي اليَومِ الرّابِعِ : «اللّهُمَّ قَوِّني فيهِ عَلى إقامَةِ أمرِكَ (1) وأوزِعني لِأَداءِ شُكرِكَ بِكَرَمِكَ ، وَاحفَظني بِحِفظِكَ وسِترِكَ يا أبصَرَ النّاظِرينَ» لِيُعطى في جَنَّةِ الخُلدِ سَبعينَ ألفَ سَريرٍ عَلى كُلِّ سَريرٍ حَوراءُ . وفِي اليَومِ الخامِسِ : «اللّهُمَّ اجعَلني فيهِ مِنَ المُستَغفِرينَ ، وَاجعَلني فيهِ مِن عِبادِكَ الصّالِحينَ وَاجعَلني فيهِ مِن أولِيائِكَ المُتَّقينَ بِرَأفَتِكَ يا أكرَمَ الأَكرَمينَ» (2) لِيُعطى في جَنَّةِ المَأوى ألفَ ألفِ قَصعَةٍ ، في كُلِّ قَصعَةٍ ألفُ ألفِ لَونٍ مِنَ الطَّعامِ . وفِي اليَومِ السّادِسِ : «اللّهُمَّ لا تَخذُلني [ فيهِ] (3) لِتَعَرُّضِ مَعاصيكَ ، وأعِذني مِن سِياطِ نِقمَتِكَ ومَهاويكَ ، وأجِرني (4) مِن موجِباتِ سَخَطِكَ بِمَنِّكَ وأياديكَ يا مُنتَهى رَغبَةِ الرّاغِبينَ» لِيُعطِيَهُ اللّهُ أربَعينَ ألفَ مَدينَةٍ . الخبر . وفِي اليَومِ السّابِعِ : «اللّهُمَّ أعِنّي [ فيهِ] (5) عَلى صِيامِهِ وقِيامِهِ وجَنِّبني فيهِ مِن هَفَواتِهِ وآثامِهِ ، وَارزُقني ذِكرَكَ وشُكرَكَ بِدَوامِ هِدايَتِكَ يا هادِيَ المُؤمِنينَ» (6) لِيُعطى فِي الجَنَّةِ ما يُعطَى الشُّهَداءُ وَالسُّعَداءُ وَالأَولِياءُ . وفِي اليَومِ الثّامِنِ : «اللّهُمَّ ارزُقني فيهِ رَحمَةَ الأَيتامِ وإطعامَ الطَّعامِ وإفشاءَ السَّلامِ ، وَارزُقني فيهِ صُحبَةَ الكِرامِ ومُجانَبَةَ اللِّئامِ بِطَولِكَ يا أمَلَ الآمِلينَ» (7) لِيُرفَعَ عَمَلُهُ بِعَمَلِ ألفِ صِدّيقٍ .

.


1- .وزاد في الإقبال ج 1 ص 257 هنا : «وأذقني فيه حلاوة ذكرك» .
2- .في الإقبال ج 1 ص 260 : «يا أرحم الراحمين» بدل «يا أكرم الأكرمين».
3- .مابين المعقوفين أثبتناه من الإقبال : ج 1 ص 263 .
4- .في الإقبال : «ولاتضربني فيه بسياط نقمتك وزحزحني» بدل «وأعذني من سياط نقمتك ومهاويك وأجرني» .
5- .مابين المعقوفين أثبتناه من الإقبال : ج 1 ص 267 .
6- .في الإقبال : «بدوامه بتوفيقك يا وليّ المؤمنين» بدل «بدوام .. .».
7- .في الإقبال ج 1 ص 270 : «يا ملجأ الآملين» .

ص: 184

وفِي اليَومِ التّاسِعِ : «اللّهُمَّ اجعَل لي فيهِ نَصيباً مِن رَحمَتِكَ الواسِعَةِ ، وَاهدِني فيهِ بِبَراهينِكَ القاطِعَةِ (1) ، وخُذ بِناصِيَتي إلى مَرضاتِكَ الجامِعَةِ بِمَحَبَّتِكَ يا أمَلَ المُشتاقينَ» لِيُعطى ثَوابَ بَني إسرائيلَ . وفِي اليَومِ العاشِرِ : «اللّهُمَّ اجعَلني فيهِ مِنَ المُتَوَكِّلينَ عَلَيكَ ، الفائِزينَ لَدَيكَ ، المُقَرَّبينَ إلَيكَ [ بِإِحسانِكَ] (2) يا غايَةَ الطّالِبينَ» لِيَستَغفِرَ لَهُ كُلُّ شَيءٍ . وفِي اليَومِ الحادي عَشَرَ : «اللّهُمَّ حَبِّب إلَيَّ فيهِ الإِحسانَ وكَرِّه إلَيَّ فيهِ الفُسوقَ وَالعِصيانَ ، وحَرِّم عَلَيَّ فيهِ السَّخَطَ وَالنّيرانَ بِقُوَّتِكَ يا غَوثَ المُستَغيثينَ» لِيُكتَبَ لَهُ حَجَّةٌ مَقبولَةٌ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله . الخبر . وفِي اليَومِ الثّاني عَشَرَ : «اللّهُمَّ ارزُقني فيهِ السَّترَ وَالعَفافَ وألبِسني فيهِ لِباسَ القُنوعِ وَالكَفافِ ، ونَجِّني فيهِ مِمّا أحذَرُ وأخافُ (3) ، بِعِصمَتِكَ يا عِصمَةَ الخائِفينَ» لِيُغفَرَ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ وما تَأَخَّرَ ، ويُبَدِّلُ اللّهُ سَيِّئاتِهِ حَسَناتٍ . وفِي اليَومِ الثّالِثَ عَشَرَ : «اللّهُمَّ طَهِّرني فيهِ مِنَ الدَّنَسِ وَالأَقذارِ ، وصَبِّرني عَلى كائِناتِ الأَقدارِ ، ووَفِّقني لِلتُّقى وصُحبَةِ الأَبرارِ بِعَونِكَ يا قُرَّةَ عُيونِ المَساكينِ» لِيُعطى بِكُلِّ حَجَرٍ ومَدَرٍ حَسَنَةً ودَرَجَةً فِي الجَنَّةِ . وفِي اليَومِ الرّابِعَ عَشَرَ : «اللّهُمَّ لا تُؤاخِذني فيهِ بِالعَثَراتِ وأقِلني فيهِ مِنَ الخَطايا وَالهَفَواتِ ، ولا تَجعَلني غَرَضاً لِلبَلايا وَالآفاتِ بِعِزِّكَ يا عِزَّ المُسلِمينَ» فَكَأَنَّما صامَ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ وَالصّالِحينَ . وفِي اليَومِ الخامِسَ عَشَرَ : «اللّهُمَّ ارزُقني فيهِ طاعَةَ العابِدينَ ، وَاشرَح فيهِ

.


1- .في الإقبال ج 1 ص 273 : «لبراهينك الساطعة» .
2- .ما بين المعقوفين أثبتناه من الإقبال : ج 1 ص 276 .
3- .في الإقبال ج 1 ص 284 : «زيّنّي» بدل «ارزقني» و«وحلِّني فيه بحليّ الفضل والإنصاف» بدل «ونجّني فيه ممّا أحذر وأخاف» .

ص: 185

صَدري بِإِنابَةِ المُخبِتينَ (1) بِأَمانِكَ يا أمانَ الخائِفينَ» لِيَقضِيَ اللّهُ لَهُ ثَمانينَ حاجَةً مِن حَوائِجِ الدُّنيا . الخبر . وفِي اليَومِ السّادِسَ عَشَرَ : «اللّهُمَّ اهدِني فيهِ لِعَمَلِ الأَبرارِ ، وجَنِّبني فيهِ مُرافَقَةَ الأَشرارِ،وأدخِلني فيهِ بِرَحمَتِكَ دارَالقَرارِ بِإِلهِيَّتِكَ يا إلهَ العالَمينَ» لِيُعطى يَومَ خُروجِهِ مِن قَبرِهِ نوراً ساطِعاً يَمشي بِهِ وحُلَّةً يَلبَسُها وناقَةً يَركَبُها ويُسقى مِن شَرابِ الجَنَّةِ . وفِي اليَومِ السّابِعَ عَشَرَ : «اللّهُمَّ اهدِني فيهِ لِصالِحِ الأَعمالِ وَاقضِ لي فيهِ الحَوائِجَ وَالآمالَ ، يا مَن لا يَحتاجُ إلَى السُّؤالِ (2) ، يا عالِماً بِما في صُدورِ العالَمينَ» لِيُغفَرَ لَهُ ولَو كانَ مِنَ الخاسِرينَ . وفِي اليَومِ الثّامِنَ عَشَرَ : «اللّهُمَّ نَبِّهني فيهِ لِبَرَكاتِ أسحارِهِ ، ونَوِّر قَلبي بِضِياءِ أنوارِهِ ، وخُذ بِكُلِّ أعضائي إلَى اتِّباعِ آثارِهِ ، يا مُنَوِّرَ قُلوبِ العارِفينَ» لِيُعطى ثَوابَ ألفِ نَبِيٍّ . وفِي اليَومِ التّاسِعَ عَشَرَ : «اللّهُمَّ وَفِّر [ فيهِ] حَظّي بِبَرَكاتِهِ ، وسَهِّل سَبيلي إلى خَيراتِهِ ، ولا تَحرِمني قَبولَ حَسَناتِهِ ، يا هادِياً إلَى الحَقِّ المُبينِ» لِيَستَغفِرَ لَهُ مَلائِكَةُ السَّماواتِ وَالأَرضِ ويَدعوا لَهُ . وفِي اليَومِ العِشرينَ : «اللّهُمَّ افتَح لي فيهِ أبوابَ الجِنانِ ، وأغلِق عَنّي أبوابَ النِّيرانِ ، ووَفِّقني فيهِ لِتِلاوَةِ القُرآنِ ، يا مُنزِلَ السَّكينَةِ في قُلوبِ المُؤمِنينَ» لِيُكتَبَ لَهُ بِكُلِّ مَن صامَ شَهرَ رَمَضانَ سِتّينَ سَنَةً مَقبولَةً . الخبر . وفِي اليَومِ الحادي وَالعِشرينَ : «اللّهُمَّ اجعَل لي فيهِ إلى مَرضاتِكَ دَليلاً ، ولا تَجعَل عَلَيَّ فيهِ لِلشَّيطانِ سَبيلاً (3) ، يا قاضِيَ حَوائِجِ السّائِلينَ» لِيُنَوِّرَ اللّهُ قَبرَهُ ،

.


1- .في الإقبال ج 1 ص 297 : «الخاشعين وأشعر فيه قلبي إنابة المخلصين» بدل «العابدين ... المخبتين» .
2- .في الإقبال ج 1 ص 307 : «إلى التفسير والسؤال» .
3- .وزاد في الإقبال ج 1 ص 369 هنا : «واجعل الجنّة منزلاً لي ومقيلاً» .

ص: 186

ويُبَيِّضَ وَجهَهُ ، ويَمُرَّ عَلَى الصِّراطِ كَالبَرقِ الخاطِفِ . وفِي اليَومِ الثّاني وَالعِشرينَ : «اللّهُمَّ افتَح لي فيهِ أبوابَ فَضلِكَ وأنزِل عَلَيَّ فيهِ بَرَكاتِكَ ، ووَفِّقني فيهِ لِموجِباتِ مَرضاتِكَ ، وأسكِنّي فيهِ بُحبوحَةَ جَنّاتِكَ يا مُجيبَ دَعوَةِ المُضطَرّينَ» لِيُهَوِّنَ اللّهُ عَلَيهِ سَكَراتِ المَوتِ ، ومَسأَلَةَ مُنكَرٍ ونَكيرٍ ويُثَبِّتَهُ بِالقَولِ الثّابِتِ . وفِي اليَومِ الثّالِثِ وَالعِشرينَ : «اللّهُمَّ اغسِلني فيهِ مِنَ الذُّنوبِ وطَهِّرني فيهِ مِنَ العُيوبِ ، وَامتَحِن فيهِ قَلبي بِتَقوَى القُلوبِ يا مُقيلَ عَثَراتِ المُذنِبينَ» لِيَمُرَّ عَلَى الصِّراطِ كَالبَرقِ الخاطِفِ مَعَ النِّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ وَالصّالِحينَ . وفِي اليَومِ الرّابِعِ وَالعِشرينَ : «اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ فيهِ ما يُرضيكَ وأعوذُ بِكَ فيهِ مِمّا يُؤذيكَ ، بِأَن اُطيعَكَ ولا أعصِيَكَ ، يا عالِماً بِما في صُدورِ العالَمينَ (1) لِيُعطى بِعَدَدِ كُلِّ شَعرَةٍ عَلى رَأسِهِ وجَسَدِهِ ألفَ خادِمٍ وألفَ غُلامٍ كَالمَرجانِ وَالياقوتِ . وفِي اليَومِ الخامِسِ وَالعِشرينَ : (2) «اللّهُمَّ اجعَلني [ فيهِ] مُحِبّاً لِأَولِيائِكَ ومُعادِياً لِأَعدائِكَ ، ومُتَمَسِّكاً بِسُنَّةِ خاتَمِ أنبِيائِكَ يا عَظيماً في قُلوبِ النَّبِيِّينَ» لِيُبنى لَهُ فِي الجَنَّةِ مِئَةُ قَصرٍ عَلى كُلِّ قَصرٍ خَيمَةٌ خَضراءُ . وفِي اليَومِ السّادِسِ وَالعِشرينَ (3) : «اللّهُمَّ اجعَل سَعيي فيهِ مَشكوراً وذَنبي فيهِ مَغفوراً ، وعَمَلي فيهِ مَقبولاً ، وعَيبي فيهِ مَستوراً ، يا أسمَعَ السّامِعينَ» لِيُنادى فِي القِيامَةِ : لا تَخَف ولا تَحزَن فَقَد غُفِرَ لَكَ . وفِي اليَومِ السّابِعِ وَالعِشرينَ (4) : «اللّهُمَّ وَفِّر حَظّي فيهِ مِنَ النَّوافِلِ ، وأكرِمني فيهِ

.


1- .وفي الإقبال ج 1 ص 392 : «يا عالماً بأحوال السائلين» وزاد فيه «والتوفيق» قبل «بأن أطيعك» .
2- .أورد هذا الدعاء في الإقبال في اليوم السادس والعشرين وفيه «مستنّاً» بدل «متمسّكاً» و«يا عاصم قلوب النبيّين» بدل «يا عظيماً في قلوب النبيّين» .
3- .أورد هذا الدعاء في الإقبال في اليوم الخامس والعشرين وفيه «يا سامع أصوات المبتهلين» بدل «يا أسمع السامعين» .
4- .أورد هذا الدعاء في الإقبال فياليوم الثامن والعشرين وفيه «الأحلام فيالمسائل» بدل «الأحراز من المسائل» .

ص: 187

5 / 3 «دعاء المجير» للأيّام البيض من شهر رمضان

بِإِحضارِ الأَحرازِ مِنَ (1) المَسائِلِ ، وقَرِّب وَسيلَتي إلَيكَ مِن بَينِ الوَسائِلِ ، يا مَن لا يَشغَلُهُ إلحاحُ المُلِحّينَ» فَكَأَنَّما أطعَمَ كُلَّ جائِعٍ . الخبر . وفِي اليَومِ الثّامِنِ وَالعِشرينَ (2) : «اللّهُمَّ غَشِّني فيهِ بِالرَّحمَةِ وَالتَّوفيقِ وَالعِصمَةِ ، وطَهِّر قَلبي مِن عائِباتِ التُّهَمَةِ ، يا رَؤوفاً بِعِبادِهِ المُؤمِنينَ» لَو قيسَ نَصيبُهُ فِي الجَنَّةِ بِالدُّنيا لَكانَ مِثلَها أربَعينَ مَرَّةً . وفِي اليَومِ التّاسِعِ وَالعِشرينَ (3) : «اللّهُمَّ ارزُقني فيهِ لَيلَةَ القَدرِ ، وصَيِّر لي كُلَّ عُسرٍ إلى يُسرٍ ، وَاقبَل مَعاذيري وحُطَّ عَنِّي الوِزرَ يا رَحيماً بِعِبادِهِ المُؤمِنينَ» لِيُبنى لَهُ ألفُ مَدينَةٍ فِي الجَنَّةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ وَالزُّمُرُّدِ وَاللُّؤلُؤِ . وفِي اليَومِ الثَّلاثينَ : «اللّهُمَّ اجعَل صِيامي فيهِ بِالشُّكرِ وَالقَبولِ عَلى ما تَرضاهُ ويَرضاهُ الرَّسولُ ، مُحكَمَةً فُروعُهُ بِالاُصولِ ، بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وآلِهِ الطَّيِّبينَ الطّاهِرينَ» (4) لِيُكرِمَهُ اللّهُ تَعالى كَرامَةَ الأَنبِياءِ وَالأَوصِياءِ . (5)

5 / 3«دُعاءُ المُجيرِ» لِلأَيّامِ البيضِ مِن شَهرِ رَمَضانَرواه الكفعمي قدس سره في البلد الأمين والمصباح ، وقال في حاشية مصباحه : «هذا الدعاء يسمّى «دعاء المجير» ، رفيع الشأن عظيم المنزلة . وله نسخ كثيرة ، أكملها ما

.


1- .كذا في المصدر ولعلّ عبارة «الأحراز من» زائدة .
2- .أورد هذا الدعاء في الإقبال في اليوم التاسع والعشرين وفيه «غياهب» بدل «عائبات» و«المذنبين» بدل «المؤمنين» .
3- .أورد هذا الدعاء في الإقبال في اليوم السابع والعشرين وفيه «يا رؤوفاً بعباده الصالحين» بدل «يا رحيماً بعباده المؤمنين» .
4- .وزاد في الإقبال ج 1 ص 448 : «الأخيار الأبرار صلى اللّه عليهم».
5- .المصباح للكفعمي : ص 810 ، وأورد السيّد ابن طاووس قدس سره هذه الأدعية ومن دون إسناد إلى المعصوم في الإقبال موزّعة على الأبواب وباختلاف في بعض الألفاظ والعبارات كما أشرنا إلى أهمّها في الهوامش السابقة .

ص: 188

رقمناه ، وهو مرويّ عن النبيّ صلى الله عليه و آله ، نزل جبريل عليه السلام وهو يصلّي في مقام إبراهيم عليه السلام . وملخّص فضله أنّه من قرأه في الأيّام البيض من شهر رمضان غفرت ذنوبه ... وبه يشفي اللّه تعالى المريض ويقضي الدين ...» . (1)

البلد الأمين :دُعاءُ المُجيرِ وهُوَ مَروِيٌّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله : بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ سُبحانَكَ يا أللّهُ ، تَعالَيتَ يا رَحمانُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ.سُبحانَكَ يا رَحيمُ ، تَعالَيتَ يا كَريمُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ. سُبحانَكَ يا مَلِكُ ، تَعالَيتَ يا مالِكُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا قُدّوسُ ، تَعالَيتَ يا سَلامُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا مُؤمِنُ ، تَعالَيتَ يا مُهَيمِنُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا عَزيزُ ، تَعالَيتَ يا جَبّارُ،أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا مُتَكَبِّرُ ، تَعالَيتَ يا مُتَجَبِّرُ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا خالِقُ ، تَعالَيتَ يا بارِئُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا مُصَوِّرُ ، تَعالَيتَ يا مُقَدِّرُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا هادي ، تَعالَيتَ يا باقي ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا وَهّابُ ، تَعالَيتَ يا تَوّابُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا فَتّاحُ ، تَعالَيتَ يا مُرتاحُ (2) ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا سَيِّدي ، تَعالَيتَ يا مَولايَ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا قَريبُ ، تَعالَيتَ يا رَقيبُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا مُبدِئُ ، تَعالَيتَ يا مُعيدُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا حَميدُ ، تَعالَيتَ يا مَجيدُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ. سُبحانَكَ يا قَديمُ ، تَعالَيتَ يا عَظيمُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا غَفورُ ، تَعالَيتَ يا شَكورُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا شاهِدُ ، تَعالَيتَ يا شَهيدُ ، أجِرنا

.


1- .يعنى همه منافع ، چه دنيوى و چه اخروى .
2- .الارتياح من اللّه : الرحمة (مجمع البحرين : ج 2 ص 751) .

ص: 189

مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا حَنّانُ ، تَعالَيتَ يا مَنّانُ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا باعِثُ ، تَعالَيتَ يا وارِثُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا مُحيي ، تَعالَيتَ يا مُميتُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا شَفيقُ ، تَعالَيتَ يا رَفيقُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا أنيسُ ، تَعالَيتَ يا مُؤنِسُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا جَليلُ ، تَعالَيتَ يا جَميلُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا خَبيرُ ، تَعالَيتَ يا بَصيرُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا حَفِيُّ ، تَعالَيتَ يا مَلِيُّ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا مَعبودُ ، تَعالَيتَ يا مَوجودُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا غَفّارُ ، تَعالَيتَ يا قَهّارُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ. سُبحانَكَ يا مَذكورُ ، تَعالَيتَ يا مَشكورُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ. سُبحانَكَ يا جَوادُ ، تَعالَيتَ يا مَعاذُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا جَمالُ ، تَعالَيتَ يا جَلالُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا سابِقُ ، تَعالَيتَ يا رازِقُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا صادِقُ ، تَعالَيتَ يا فالِقُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا سَميعُ ، تَعالَيتَ يا سَريعُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا رَفيعُ ، تَعالَيتَ يا بَديعُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ. سُبحانَكَ يا فَعّالُ ، تَعالَيتَ يا مُتَعالِ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ. سُبحانَكَ يا قاضي ، تَعالَيتَ يا راضي ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا قاهِرُ ، تَعالَيتَ يا ظاهِرُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا عالِمُ ، تَعالَيتَ يا حاكِمُ،أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا دائِمُ ، تَعالَيتَ يا قائِمُ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا عاصِمُ ، تَعالَيتَ يا قاصِمُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا غَنِيُّ ، تَعالَيتَ يا مُغني ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا وَفِيُّ ، تَعالَيتَ يا قَوِيُّ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا كافي ، تَعالَيتَ يا شافي ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ

.

ص: 190

يا مُقَدِّمُ ، تَعالَيتَ يا مُؤَخِّرُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا أوَّلُ ، تَعالَيتَ يا آخِرُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا ظاهِرُ ، تَعالَيتَ يا باطِنُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا رَجاءُ ، تَعالَيتَ يا مُرتَجى ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا ذَا المَنِّ ، تَعالَيتَ يا ذَا الطَّولِ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا حَيُّ ، تَعالَيتَ يا قَيّومُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا واحِدُ ، تَعالَيتَ يا أحَدُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا سَيِّدُ ، تَعالَيتَ يا صَمَدُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا قَديرُ ، تَعالَيتَ يا كَبيرُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا والي ، تَعالَيتَ يا عالي ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا عَلِيُّ ، تَعالَيتَ يا أعلى ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا وَلِيُّ ، تَعالَيتَ يا مَولى ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا ذارِئُ ، تَعالَيتَ يا بارِئُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا خافِضُ ، تَعالَيتَ يا رافِعُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا مُقسِطُ ، تَعالَيتَ يا جامِعُ،أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا مُعِزُّ ، تَعالَيتَ يا مُذِلُّ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا حافِظُ ، تَعالَيتَ يا حَفيظُ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ.سُبحانَكَ يا قادِرُ ، تَعالَيتَ يا مُقتَدِرُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ. سُبحانَكَ يا عَليمُ ، تَعالَيتَ يا حَليمُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا حَكَمُ ، تَعالَيتَ يا حَكيمُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا مُعطي، تَعالَيتَ يا مانِعُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا ضارُّ، تَعالَيتَ يا نافِعُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا مُجيبُ ، تَعالَيتَ يا حَسيبُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا عادِلُ ، تَعالَيتَ يا فاضِلُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا لَطِيفُ ، تَعالَيتَ يا شَرِيفُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا رَبُّ ، تَعالَيتَ يا حَقُّ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا ماجِدُ ، تَعالَيتَ يا واحِدُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ

.

ص: 191

يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا عَفُوُّ ، تَعالَيتَ يا مُنتَقِمُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا واسِعُ ، تَعالَيتَ يا موسِعُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا رَؤوفُ ، تَعالَيتَ يا عَطوفُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا فَردُ ، تَعالَيتَ يا وَترُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا مُقيتُ ، تَعالَيتَ يا مُحيطُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا وَكيلُ ، تَعالَيتَ يا عَدلُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا مُبينُ ، تَعالَيتَ يا مَتينُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا بَرُّ ، تَعالَيتَ يا وَدودُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا رَشيدُ ، تَعالَيتَ يا مُرشِدُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا نورُ ، تَعالَيتَ يا مُنَوِّرُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا نَصيرُ ، تَعالَيتَ يا ناصِرُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ.سُبحانَكَ يا صَبورُ ، تَعالَيتَ يا صابِرُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ. سُبحانَكَ يا مُحصي ، تَعالَيتَ يا مُنشِي ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا سُبحانُ ، تَعالَيتَ يا دَيّانُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا مُغيثُ ، تَعالَيتَ يا غِياثُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا فاطِرُ ، تَعالَيتَ يا حاضِرُ ، أجِرنا مِنَ النّارِ يا مُجيرُ . سُبحانَكَ يا ذَا العِزِّ وَالجَمالِ ، تَبارَكتَ يا ذَا الجَبَروتِ وَالجَلالِ . سُبحانَكَ لا إلهَ إلاّ أنتَ ، سُبحانَكَ إنّي كُنتُ مِنَ الظّالِمينَ ، فَاستَجَبنا لَهُ ونَجَّيناهُ مِنَ الغَمِّ ، وكَذلِكَ نُنجِي المُؤمِنينَ ، وصَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِهِ (أجمَعينَ ، وَالحَمدُ للّهِِ رَبِّ العالَمينَ ، وحَسبُنَا اللّهُ ونِعمَ الوَكيلُ ؛ ولا حَولَ ولا قُوَّةَ إلاّ بِاللّهِ العَلِيِّ العَظيمِ) (1) . (2)

.


1- .أثبتنا مابين القوسين من المصباح ، وفي البلد الأمين : «ثمّ حمدِل وحسبِل وحولِق» .
2- .البلد الأمين : ص 362 ، المصباح للكفعمي : ص 358 .

ص: 192

. .

ص: 193

الفصل السادس : الأعمال المختصّة بالعشر الأواخر
6 / 1 الغسل
6 / 2 الدّعاء

الفصل السادس : الأَعمالُ المُختَصَّةُ بِالعَشرِ الأَواخِرِ6 / 1الغُسلالإمام الصادق عليه السلام :كانَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله يَغتَسِلُ في شَهرِ رَمَضانَ فِي العَشرِ الأَواخِرِ في كُلِّ لَيلَةٍ . (1)

6 / 2الدُّعاءالإمام الصادق عليه السلام :تَقولُ فِي العَشرِ الأَواخِرِ مِن شَهرِ رَمَضانَ في كُلِّ لَيلَةٍ : أعوذُ بِجَلالِ وَجهِكَ الكَريمِ ، أن يَنقَضِيَ عَنّي شَهرُ رَمَضانَ أو يَطلُعَ الفَجرُ مِن لَيلَتي هذِهِ ، ولَكَ قِبَلي ذَنبٌ أو تَبِعَةٌ تُعَذِّبُني عَلَيهِ . (2)

الكافي عن أيّوب بن يقطين أو غيره عنهم عليهم السلام: دُعاءُ العَشرِ الأَواخِرِ ، تَقولُ فِي اللَّيلَةِ الاُولى : يا مولِجَ اللَّيلِ فِي النَّهارِ ومولِجَ النَّهارِ فِي اللَّيلِ ، ومُخرِجَ الحَيِّ مِنَ المَيِّتِ

.


1- .الإقبال : ج 1 ص 358 ، بحارالأنوار : ج 81 ص 19 ح 24 .
2- .الكافي : ج 4 ص 160 ح 1 ، بحار الأنوار : ج 98 ص 156 ح 4 .

ص: 194

ومُخرِجَ المَيِّتِ مِنَ الحَيِّ ، يا رازِقَ مَن يَشاءُ بِغَيرِ حِسابٍ ، يا أللّهُ يا رَحمانُ يا أللّهُ يا رَحيمُ ، يا أللّهُ يا أللّهُ يا أللّهُ لَكَ الأَسماءُ الحُسنى وَالأَمثالُ العُليا وَالكِبرِياءُ وَالآلاءُ . أسأَلُكَ أن تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وعَلى أهلِ بَيتِهِ ، وأن تَجعَلَ اسمي في هذِهِ اللَّيلَةِ فِي السُّعَداءِ وروحي مَعَ الشُّهَداءِ وإحساني في عِلِّيِّينَ وإساءَتي مَغفورَةً ، وأن تَهَبَ لي يَقيناً تُباشِرُ بِهِ قَلبي وإيماناً يَذهَبُ بِالشَّكِّ عَنّي وتُرضِيَني بِما قَسَمتَ لي ، وآتِنا فِي الدُّنيا حَسَنَةً وفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وقِنا عَذابَ الحَريقِ ، وَارزُقنا فيها ذِكرَكَ وشُكرَكَ وَالرَّغبَةَ إلَيكَ وَالإِنابَةَ وَالتَّوفيقَ لِما وَفَّقتَ لَهُ مُحَمَّداً وآلَ مُحَمَّدٍ عليهم السلام . وتَقولُ فِي اللَّيلَةِ الثّانِيَةِ : يا سالِخَ النَّهارِ مِنَ اللَّيلِ فَإِذا نَحنُ مُظلِمونَ ، ومُجرِيَ الشَّمسِ لِمُستَقَرِّها بِتَقديرِكَ يا عَزيزُ يا عَليمُ ، ومُقَدِّرَ القَمَرِ مَنازِلَ حَتّى عادَ كَالعُرجونِ القَديمِ ، يا نورَ كُلِّ نورٍ ومُنتَهى كُلِّ رَغبَةٍ ووَلِيَّ كُلِّ نِعمَةٍ ، يا أللّهُ يا رَحمانُ ، يا أللّهُ يا قُدّوسُ يا أحَدُ يا واحِدُ يا فَردُ ، يا أللّهُ يا أللّهُ يا أللّهُ لَكَ الأَسماءُ الحُسنى وَالأَمثالُ العُليا [ وَالكِبرِياءُ وَالآلاءُ . أسأَلُكَ أن تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وعَلى أهلِ بَيتِهِ ، وأن تَجعَلَ اسمي في هذِهِ اللَّيلَةِ فِي السُّعَداءِ وروحي مَعَ الشُّهَداءِ وإحساني في عَلِّيِّينَ وإساءَتي مَغفورَةً ، وأن تَهَبَ لي يَقيناً تُباشِرُ بِهِ قَلبي وإيماناً يَذهَبُ بِالشَّكِّ عَنّي وتُرضِيَني بِما قَسَمتَ لي ، وآتِنا فِي الدُّنيا حَسَنَةً وفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وقِنا عَذابَ النّارِ الحَريقِ ، وَارزُقني فيها ذِكرَكَ وشُكرَكَ وَالرَّغبَةَ إلَيكَ وَالإِنابَةَ وَالتَّوفيقَ لِما وَفَّقتَ لَهُ مُحَمَّداً وآلَ مُحَمَّدٍ عليهم السلام] . (1)

.


1- .أثبتنا ما بين المعقوفين من مصباح المتهجّد والمصادر الاُخرى ، وفي المصدر بعد «والأمثال العليا» : «ثمّ تعود إلى الدعاء الأوّل إلى قوله : أسألك أن تصلّي على محمّد وأهل بيته إلى آخر الدعاء» .

ص: 195

وتَقولُ فِي اللَّيلَةِ الثّالِثَةِ : يا رَبَّ لَيلَةِ القَدرِ وجاعِلَها خَيراً مِن ألفِ شَهرٍ ، ورَبَّ اللَّيلِ وَالنَّهارِ وَالجِبالِ وَالبِحارِ وَالظُّلَمِ وَالأَنوارِ وَالأَرضِ وَالسَّماءِ ، يا بارِئُ يا مُصَوِّرُ ، يا حَنّانُ يا مَنّانُ ، يا أللّهُ يا رَحمانُ ، يا أللّهُ يا قَيّومُ ، يا أللّهُ يا بَديعُ ، يا أللّهُ يا أللّهُ يا أللّهُ لَكَ الأَسماءُ الحُسنى وَالأَمثالُ العُليا وَالكِبرِياءُ وَالآلاءُ . أسأَلُكَ أن تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ ، وأن تَجعَلَ اسمي في هذِهِ اللَّيلَةِ فِي السُّعَداءِ وروحي مَعَ الشُّهَداءِ وإحساني في عِلِّيِّينَ وإساءَتي مَغفورَةً ، وأن تَهَبَ لي يَقيناً تُباشِرُ بِهِ قَلبي وإيماناً يُذهِبُ الشَّكَّ عَنّي وتُرضِيَني بِما قَسَمتَ لي ، وآتِنا فِي الدُّنيا حَسَنَةً وفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وقِنا عَذابَ الحَريقِ ، وَارزُقني فيها ذِكرَكَ وشُكرَكَ وَالرَّغبَةَ إلَيكَ وَالإِنابَةَ وَالتَّوبَةَ وَالتَّوفيقَ لِما وَفَّقتَ لَهُ مُحَمَّداً وآلَ مُحَمَّدٍ عليهم السلام ... . وتَقولُ فِي اللَّيلَةِ الرّابِعَةِ : يا فالِقَ الإِصباحِ وجاعِلَ اللَّيلِ سَكَناً وَالشَّمسِ وَالقَمَرِ حُسباناً ، يا عَزيزُ يا عَليمُ ، يا ذَا المَنِّ وَالطَّولِ وَالقُوَّةِ وَالحَولِ وَالفَضلِ وَالإِنعامِ وَالمُلكِ وَالإِكرامِ ، (يا ذَا الجَلالِ وَالإِكرامِ) يا أللّهُ يا رَحمانُ ، يا أللّهُ يا فَردُ يا وَترُ ، يا أللّهُ يا ظاهِرُ يا باطِنُ ، يا حَيُّ يا لا إلهَ إلاّ أنتَ ، لَكَ الأَسماءُ الحُسنى وَالأَمثالُ العُليا وَالكِبرِياءُ . أسأَلُكَ أن تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وعَلى أهلِ بَيتِهِ ، وأن تَجعَلَ اسمي في هذِهِ اللَّيلَةِ فِي السُّعَداءِ وروحي مَعَ الشُّهَداءِ وإحساني في عِلِّيِّينَ وإساءَتي مَغفورَةً ، وأن تَهَبَ لي يَقيناً تُباشِرُ بِهِ قَلبي وإيماناً يُذهِبُ الشَّكَّ عَنّي ورِضىً بِما قَسَمتَ لي ، وآتِنا فِي الدُّنيا حَسَنَةً وفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وقِنا عَذابَ الحَريقِ ، وَارزُقني فيها

.

ص: 196

ذِكرَكَ وشُكرَكَ وَالرَّغبَةَ إلَيكَ وَالإِنابَةَ وَالتَّوبَةَ وَالتَّوفيقَ لِما وَفَّقتَ لَهُ مُحَمَّداً وآلَ مُحَمَّدٍ عليهم السلام. وتَقولُ فِي اللَّيلَةِ الخامِسَةِ : يا جاعِلَ اللَّيلِ لِباساً وَالنَّهارِ مَعاشاً وَالأَرضِ مِهاداً وَالجِبالِ أوتاداً ، يا أللّهُ يا قاهِرُ ، يا أللّهُ يا جَبّارُ ، يا أللّهُ يا سَميعُ ، يا أللّه يا قَريبُ ، يا أللّهُ يا مُجيبُ ، يا أللّهُ يا أللّهُ يا أللّهُ لَكَ الأَسماءُ الحُسنى وَالأَمثالُ العُليا وَالكِبرِياءُ وَالآلاءُ . أسأَلُكَ أن تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وعَلى أهلِ بَيتِهِ ، وأن تَجعَلَ اسمي في هذِهِ اللَّيلَةِ فِي السُّعَداءِ وروحي مَعَ الشُّهَداءِ وإحساني في عِلِّيِّينَ وإساءَتي مَغفورَةً ، وأن تَهَبَ لي يَقيناً تُباشِرُ بِهِ قَلبي وإيماناً يُذهِبُ الشَّكَّ عَنّي ورِضىً بِما قَسَمتَ لي ، وآتِنا فِي الدُّنيا حَسَنَةً وفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وقِنا عَذابَ الحَريقِ ، وَارزُقني فيها ذِكرَكَ وشُكرَكَ وَالرَّغبَةَ إلَيكَ وَالإِنابَةَ وَالتَّوبَةَ وَالتَّوفيقَ لِما وَفَّقتَ لَهُ مُحَمَّداً وآلَ مُحَمَّدٍ عليهم السلام. وتَقولُ فِي اللَّيلَةِ السّادِسَةِ : يا جاعِلَ اللَّيلِ وَالنَّهارِ آيَتَينِ ، يا مَن مَحا آيَةَ اللَّيلِ وجَعَلَ آيَةَ النَّهارِ مُبصِرَةً لِتَبتَغوا فَضلاً مِنهُ ورِضواناً ، يا مُفَصِّلَ كُلِّ شَيءٍ تَفصيلاً ، يا ماجِدُ يا وَهّابُ يا أللّهُ يا جَوادُ ، يا أللّهُ يا أللّهُ يا أللّهُ ، لَكَ الأَسماءُ الحُسنى وَالأَمثالُ العُليا وَالكِبرِياءُ وَالآلاءُ . أسأَلُكَ أن تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وعَلى أهلِ بَيتِهِ وأن تَجعَلَ اسمي في هذِهِ اللَّيلَةِ فِي السُّعَداءِ وروحي مَعَ الشُّهَداءِ وإحساني في عِلِّيِّينَ وإساءَتي مَغفورَةً ، وأن تَهَبَ لي يَقيناً تُباشِرُ بِهِ قَلبي وإيماناً يُذهِبُ الشَّكَّ عَنّي وتُرضِيَني بِما قَسَمتَ لي ، وآتِنا فِي الدُّنيا حَسَنَةً وفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وقِنا عَذابَ الحَريقِ ، وَارزُقني

.

ص: 197

فيها ذِكرَكَ وشُكرَكَ وَالرَّغبَةَ إلَيكَ وَالإِنابَةَ وَالتَّوبَةَ وَالتَّوفيقَ لِما وَفَّقتَ لَهُ مُحَمَّداً وآلَ مُحَمَّدٍ عليهم السلام. وتَقولُ فِي اللَّيلَةِ السّابِعَةِ : يا مادَّ الظِّلِّ ولَو شِئتَ لَجَعَلتَهُ ساكِناً وجَعَلتَ الشَّمسَ عَلَيهِ دَليلاً ثُمَّ قَبَضتَهُ إلَيكَ قَبضاً يَسيراً ، يا ذَا الجودِ وَالطَّولِ وَالكِبرِياءِ وَالآلاءِ ، لا إلهَ إلاّ أنتَ عالِمُ الغَيبِ وَالشَّهادَةِ الرَّحمنُ الرَّحيمُ ، لا إلهَ إلاّ أنتَ يا قُدّوسُ يا سَلامُ ، يا مُؤمِنُ يا مُهَيمِنُ ، يا عَزيزُ يا جَبّارُ ، يا مُتَكَبِّرُ يا أللّهُ يا خالِقُ يا بارِئُ يا مُصَوِّرُ ، يا أللّهُ يا أللّهُ يا أللّهُ لَكَ الأَسماءُ الحُسنى وَالأَمثالُ العُليا وَالكِبرِياءُ وَالآلاءُ . أسأَلُكَ أن تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وعَلى أهلِ بَيتِهِ ، وأن تَجعَلَ اسمي في هذِهِ اللَّيلَةِ فِي السُّعَداءِ وروحي مَعَ الشُّهَداءِ وإحساني في عِلِّيِّينَ وإساءَتي مَغفورَةً ، وأن تَهَبَ لي يَقيناً تُباشِرُ بِهِ قَلبي وإيماناً يُذهِبُ الشَّكَّ عَنّي وتُرضِيَني بِما قَسَمتَ لي ، وآتِنا فِي الدُّنيا حَسَنَةً وفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وقِنا عَذابَ الحَريقِ ، وَارزُقني فيها ذِكرَكَ وشُكرَكَ وَالرَّغبَةَ إلَيكَ وَالإِنابَةَ وَالتَّوبَةَ وَالتَّوفيقَ لِما وَفَّقتَ لَهُ مُحَمَّداً وآلَ مُحَمَّدٍ عليهم السلام. وتَقولُ فِي اللَّيلَةِ الثّامِنَةِ : يا خازِنَ اللَّيلِ فِي الهَواءِ وخازِنَ النّورِ فِي السَّماءِ ، ومانِعَ السَّماءِ أن تَقَعَ عَلَى الأَرضِ إلاّ بِإِذنِهِ وحابِسَهُما أن تَزولا ، يا عَليمُ يا غَفورُ ، يادائِمُ يا أللّهُ ، يا وارِثُ يا باعِثَ مَن فِي القُبورِ ، يا أللّهُ يا أللّهُ يا أللّهُ لَكَ الأَسماءُ الحُسنى وَالأَمثالُ العُليا وَالكِبرِياءُ وَالآلاءُ . أسأَلُكَ أن تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وعَلى أهلِ بَيتِهِ ، وأن تَجعَلَ اسمي في هذِهِ اللَّيلَةِ فِي السُّعَداءِ وروحي مَعَ الشُّهَداءِ وإحساني في عِلِّيِّينَ وإساءَتي مَغفورَةً ، وأن

.

ص: 198

تَهَبَ لي يَقيناً تُباشِرُ بِهِ قَلبي وإيماناً يُذهِبُ الشَّكَّ عَنّي وتُرضِيَني بِما قَسَمتَ لي ، وآتِنا فِي الدُّنيا حَسَنَةً وفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وقِنا عَذابَ الحَريقِ ، وَارزُقني فيها ذِكرَكَ وشُكرَكَ وَالرَّغبَةَ إلَيكَ وَالإِنابَةَ وَالتَّوبَةَ وَالتَّوفيقَ لِما وَفَّقتَ لَهُ مُحَمَّداً وآلَ مُحَمَّدٍ عليهم السلام. وتَقولُ فِي اللَّيلَةِ التّاسِعَةِ : يا مُكَوِّرَ اللَّيلِ عَلَى النَّهارِ ومُكَوِّرَ النَّهارِ عَلَى اللَّيلِ ، يا عَليمُ يا حَكيمُ يا أللّهُ ، يا رَبَّ الأَربابِ وسَيِّدَ السّاداتِ لا إلهَ إلاّ أنتَ ، يا أقرَبَ إلَيَّ مِن حَبلِ الوَريدِ ، يا أللّهُ يا أللّهُ يا أللّهُ لَكَ الأَسماءُ الحُسنى وَالأَمثالُ العُليا وَالكِبرِياءُ وَالآلاءُ . أسأَلُكَ أن تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وعَلى أهلِ بَيتِهِ ، وأن تَجعَلَ اسمي في هذِهِ اللَّيلَةِ فِي السُّعَداءِ وروحي مَعَ الشُّهَداءِ وإحساني في عِلِّيِّينَ وإساءَتي مَغفورَةً ، وأن تَهَبَ لي يَقينا تُباشِرُ بِهِ قَلبي وإيمانا يُذهِبُ الشَّكَّ عَنّي وتُرضِيَني بِما قَسَمتَ لي ، وآتِنا فِي الدُّنيا حَسَنَةً وفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وقِنا عَذابَ الحَريقِ ، وَارزُقني فيها ذِكرَكَ وشُكرَكَ وَالرَّغبَةَ إلَيكَ وَالإِنابَةَ وَالتَّوبَةَ وَالتَّوفيقَ لِما وَفَّقتَ لَهُ مُحَمَّدا وآلَ مُحَمَّدٍ عليهم السلام. وتَقولُ فِي اللَّيلَةِ العاشِرَةِ : الحَمدُ للّهِِ لا شَريكَ لَهُ ، الحَمدُ للّهِِ كَما يَنبَغي لِكَرَمِ وَجهِهِ وعِزِّ جَلالِهِ وكَما هُوَ أهلُهُ ، يا قُدّوسُ يا نورَ القُدسِ ، يا سُبّوحُ يا مُنتَهَى التَّسبيحِ ، يا رَحمانُ يا فاعِلَ الرَّحمَةِ ، يا عَليمُ يا كَبيرُ يا أللّهُ ، يا لَطيفُ يا جَليلُ يا أللّهُ ، يا سَميعُ يا بَصيرُ يا أللّهُ ، يا أللّهُ يا أللّهُ لَكَ الأَسماءُ الحُسنى وَالأَمثالُ العُليا وَالكِبرِياءُ وَالآلاءُ . أسأَلُكَ أن تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وعَلى أهلِ بَيتِهِ ، وأن تَجعَلَ اسمي في هذِهِ اللَّيلَةِ فِي السُّعَداءِ وروحي مَعَ الشُّهَداءِ وإحساني في عِلِّيِّينَ وإساءَتي مَغفورَةً ، وأن

.

ص: 199

6 / 3 الاعتكاف
تعليق

تَهَبَ لي يَقينا تُباشِرُ بِهِ قَلبي وإيمانا يُذهِبُ الشَّكَّ عَنّي وتُرضِيَني بِما قَسَمتَ لي ، وآتِنا فِي الدُّنيا حَسَنَةً وفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وقِنا عَذابَ الحَريقِ ، وارزُقني فيها ذِكرَكَ وشُكرَكَ وَالرَّغبَةَ إلَيكَ وَالإِنابَةَ وَالتَّوبَةَ وَالتَّوفيقَ لِما وَفَّقتَ لَهُ مُحَمَّدا وآلَ مُحَمَّدٍ عليهم السلام . (1)

6 / 3الاِعتِكافالكافي عن الحلبي عن الإمام الصادق عليه السلام :«كانَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله إذا كانَ العَشرُ الأَواخِرُ اعتَكَفَ فِي المَسجِدِ ، وضُرِبَت لَهُ قُبَّةٌ مِن شَعرٍ ، وشَمَّرَ المِئزَرَ (2) ، وطَوى فِراشَهُ» 3 . وقالَ بَعضُهُم : وَاعتَزَلَ النِّساءَ . فَقالَ أبو عَبدِ اللّهِ عليه السلام : «أمَّا اعتِزالُ النِّساءِ فَلا» . (3)

تعليققال السيّد ابن طاووس قدس سره : اعلم أنّ كمال الاعتكاف هو إيقاف العقول والقلوب والجوارح على مجرّد العمل الصالح ، وحبسها على باب اللّه جلّ جلاله ، ومقدّس

.


1- .الكافي : ج 4 ص 164 ح 2 ، بحار الأنوار : ج 98 ص 154 ح 4 .
2- .شمّر المِئْزَر : أي شدّه ، وقيل : أراد تشميره للعبادة (النهاية : ج 1 ص 44) .
3- .الكافي : ج 4 ص 175 ح 1 ، بحار الأنوار : ج 16 ص 273 ح 102 .

ص: 200

6 / 4 الاِجتِهاد في العبادة

إرادته ، وتقييدها بقيود مراقباته ، وصيانتها عمّا يصون الصائم كمال صونه عنه ، ويزيد على احتياط الصائم في صومه زيادة معنى المراد من الاعتكاف ، والتلزّم بإقباله على اللّه وترك الإعراض عنه . فمتى أطلق المعتكف خاطرا لغير اللّه في طرق أنوار عقله وقلبه ، أو استعمل جارحة في غير الطاعة لربّه ، فإنّه يكون قد أفسد من حقيقة كمال الاعتكاف بقدر ما غفل أو هوّن به من كمال الأوصاف . (1)

راجع : ص 124 (ما يؤكد استحبابه من الأعمال / الاعتكاف) .

6 / 4الاِجتِهادُ فِي العِبادَةِالإمام عليّ عليه السلام :إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله كانَ يوقِظُ أهلَهُ فِي العَشرِ الأَواخِرِ مِن رَمَضانَ . (2)

الإمام الصادق عليه السلام :كانَ رَسولُ اللّهِ إذا دَخَلَ العَشرُ الأَواخِرُ شَدَّ المِئزَرَ ، وَاجتَنَبَ النِّساءَ ، وأحيَا اللَّيلَ ، وتَفَرَّغَ لِلعِبادَةِ . (3)

.


1- .الإقبال : ج 1 ص 357 .
2- .سنن الترمذي : ج 3 ص 161 ح 795 ؛ مجمع البيان : ج 10 ص 787 .
3- .الكافي : ج 4 ص 155 ح 3 .

ص: 201

الفصل السابع : نوافل شهر رمضان
7 / 1 صلاة ركعتين في كلّ ليلة
7 / 2 ألف ركعة في كلّ يوم وليلة

الفصل السابع : نَوافِلُ شَهرِ رَمَضانَ7 / 1صَلاةُ رَكعَتَينِ في كُلِّ لَيلَةٍرسول اللّه صلى الله عليه و آله :مَن صَلّى في شَهرِ رَمَضانَ في كُلِّ لَيلَةٍ رَكعَتَينِ ، يَقرَأُ في كُلِّ رَكعَةٍ : بِ_ «فاتِحَةِ الكِتابِ» مَرَّةً ، و «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ » ثَلاثَ مَرّاتٍ _ إن شاءَ صَلاّهُما في أوَّلِ اللَّيلِ وإن شاءَ في آخِرِ اللَّيلِ _ وَالَّذي بَعَثَني بِالحَقِّ نَبِيّا ، إنَّ اللّهَ عز و جل يَبعَثُ بِكُلِّ رَكعَةٍ مِئَةَ ألفِ مَلَكٍ يَكتُبونَ لَهُ الحَسَناتِ ويَمحونَ عَنهُ السَّيِّئاتِ ويَرفَعونَ لَهُ الدَّرَجاتِ ، وأعطاهُ ثَوابَ مَن أعتَقَ سَبعينَ رَقَبَةً . (1)

7 / 2ألفُ رَكعَةٍ في كُلِّ يَومٍ ولَيلَةٍالإمام الصادق عليه السلام :إنِ استَطَعتَ أن تُصَلِّيَ في شَهرِ رَمَضانَ وغَيرِهِ فِي اليَومِ وَاللَّيلَةِ ألفَ رَكعَةٍ فَافعَل ؛ فَإِنَّ عَلِيّاً عليه السلام كانَ يُصَلِّي فِي اليَومِ وَاللَّيلَةِ ألفَ رَكعَةٍ . (2)

.


1- .بحار الأنوار : ج 96 ص 346 ح 11 نقلاً عن النوادر للراوندي .
2- .تهذيب الأحكام : ج 3 ص 61 ح 209 .

ص: 202

7 / 3 ألف ركعة في الشّهر
اشاره

7 / 3ألفُ رَكعَةٍ فِي الشَّهرِوهِيَ المُسَمّاةُ بِ_ «نَوافِلِ شَهرِ رَمَضانَ»الإمام الصادق عليه السلام :يُصَلّى في شَهرِ رَمَضانَ إلى ألفِ رَكعَةٍ . (1)

المقنعة :ومِن سُنَّتِهِ قِيامُ لَيلِهِ بِأَلفِ رَكعَةٍ سِوَى الإِحدى وَالخَمسينَ . (2)

.


1- .المعتبر : ج 2 ص 368 ، وسائل الشيعة : ج 8 ص 35 ح 12 وفيه «تصلّي في شهر رمضان ألف ركعة» .
2- .المقنعة : ص 311 .

ص: 203

كلام في نوافل شهر رمضان وترتيبها
اشاره

كَلامٌ في نَوافِلِ شَهرِ رَمَضانَ وتَرتيبهايحفل شهر رمضان بنوافل إضافية غير نوافل الصلوات الخمس ، فقد حثّت روايات أهل البيت عليهم السلام على نوافل اُخرى ، جاءت التوصية بها كما يلي : 1 . زيادة الصلوات مطلقا (1) . 2 . صلاة ركعتين في كلّ ليلة (2) . 3 . النوافل المختصّة باللّيالي التاسعة عشرة ، والحادية والعشرين والثالثة والعشرين (3) . 4 . النوافل المختصّة باللّيالي الثالثة عشرة ، والرابعة عشرة والخامسة عشرة (4) . 5 . النوافل المختصّة بليلة النصف من رمضان (5) . 6 . صلاة ألف ركعة في كلّ يوم وليلة ، بل في كلّ يوم وفي كلّ ليلة (6) .

.


1- .راجع : شهر اللّه في الكتاب والسنّة ص 205 (ما يؤكد استحبابه من الأعمال / كثرة الصلاة) . وأيضا وسائل الشيعة : ج 8 ص 22 باب 2 .
2- .راجع : شهر اللّه في الكتاب والسنّة ص 337 (نوافل شهر رمضان / صلاة ركعتين في كلّ ليلة) .
3- .راجع : شهر اللّه في الكتاب والسنّة ص 458 (آداب ليلة القدر المشتركة / الصلاة) . وأيضا وسائل الشيعة : ج 8 ص 17 باب 1 .
4- .راجع : وسائل الشيعة : ج 8 ص 24 باب 3 .
5- .راجع : شهر اللّه في الكتاب والسنّة ص 294 (آداب الليلة الخامسة عشرة / الصلاة مِئَة ركعة) . وأيضا وسائل الشيعة : ج 8 ص 25 باب 4 و ص 27 باب 6 .
6- .راجع : شهر اللّه في الكتاب والسنّة ص 342 (نوافل شهر رمضان / ألف ركعة في كلّ يوم وليلة) . وأيضا وسائل الشيعة : ج 8 ص 26 باب 5 .

ص: 204

أوّلاً : حرّية المصلّي في الاختيار
ثانيا : عدم التزاحم مع عبادة أهمّ
ثالثا : استحباب ألف ركعة في شهر رمضان

7 . صلاة ألف ركعة في شهر رمضان كلّه (1) . 8 . الصلوات المختصّة بكلّ ليلة على حدة (2) . بشأن هذه النوافل والصلوات الإضافية ، ثَمَّ عدد من النقاط المهمّة الّتي تسترعي الانتباه ، هي :

أوّلاً : حُرّية المصلّي في الاختياريظهر أنَّ الباعث من وراء حثّ روايات أهل البيت عليهم السلام على نوافل شهر رمضان بهذه الكثافة ، يعود لإعطاء المصلّي الفرصة لكي ينتخب منها ما يشاء بحسب حاله وعمله وقدرته والفرصة المتاحة له ، ولما يحقّق له الحظّ الأوفر من بركات هذا الشهر وفيوضاته المعنويّة ، وإلاّ فإنَّ الالتزام بجميع هذه النوافل في شهر رمضان لا يتيسّر للإنسان عمليّا .

ثانيا : عدم التزاحم مع عبادة أهمّإنَّ الحثّ عليها مشروط بألاّ يزاحم أداؤها أداءَ تكليف واجب أو مستحبّ أهمّ ، وإلاّ غدا تركها في حال المزاحمة لازما وضروريّا .

ثالثا : استحباب ألف ركعة في شهر رمضانهناك تركيز خاصّ على أداء ألف ركعة نافلة شهر رمضان ، وقد توفّرت الأخبار على بيان كيفيّتها عن النَّبي صلى الله عليه و آله ، وأئمّة أهل البيت عليهم السلام . والمشهور عند فقهاء مدرسة أهل البيت عليهم السلام ، ذهابهم إلى استحباب صلاة ألف ركعة في هذا الشهر الفضيل علاوة على بقيّة النوافل . يذكر الفاضل النراقي ( ت 1245 ق ) في « مستند الشيعة » عند ذكر صلوات

.


1- .راجع : شهر اللّه في الكتاب والسنّة ص 342 (نوافل شهر رمضان / ألف ركعة في الشهر) . وأيضا وسائل الشيعة : ج 8 ص 28 باب 7 .
2- .راجع : شهر اللّه في الكتاب والسنّة ص 337 (نوافل شهر رمضان / الصلوات المختصّة بكلّ ليلة على حدة) .

ص: 205

رابعا : ترتيب ألف ركعة النافلة في شهر رمضان

النوافل غير اليوميّة ، ما نصّه : « الثالثة : ألف ركعة نافلة شهر رمضان زيادة على النوافل المرتّبة ؛ فإنَّها مستحبَّة على الأشهر روايةً وفتوىً ، بل عليه الإجماع عن السيّد (1) والحلِّي (2) والديلمي (3) خلافا للمحكي عن الصدوق (4) ، وفي الخلاف عن قوم من أصحابنا (5) ، ولطائفة من الأخبار (6) . وهما مردودان بالشذوذ ، مع أنّ ظاهر الصدوق في الفقيه الجواز المستلزم للاستحباب 7 ، فيكون الجواز إجماعيّا » (7) .

رابعا : ترتيب ألف ركعة النافلة في شهر رمضانتؤدّى الألف ركعة النافلة في شهر رمضان ، على أحد الترتيبين التاليين : 1 . يتنفّل في كلّ ليلة بعشرين ركعة إلى تمام عشرين ليلة ، ثماني ركعات منها

.


1- .الانتصار : ص 169 .
2- .السرائر : ج 1 ص 310 .
3- .المراسم العلوية : ص 81 .
4- .حكاه عنه في الرياض : ج 4 ص 195 .
5- .الخلاف : ج 1 ص 531 .
6- .راجع : كتاب من لا يحضره الفقيه : ج 2 ص 137 ح 1965 و 1966 ، وسائل الشيعة : ج 8 ص 42 _ 44 أبواب نافلة شهر رمضان باب 9 ح 1 _ 3 . وراجع كلام الشيخ الحرّ العاملي في تأويل هذه الروايات .
7- .مستند الشيعة : ج 6 ص 377 . انظر تمام كلامه قدس سره .

ص: 206

بعد صلاة المغرب ، واثنتي عشرة بعد العشاء الآخرة أو بالعكس ، ويضيف في العشر الأواخر في كلّ ليلة عشر ركعات بعد صلاة العشاء ، ويضيف أيضا في ليالي القدر الثلاث في كلّ ليلة مئة ركعة (1) . 2 . يصلِّي في كلّ ليلة حتّى اللّيلة التاسعة عشرة بعشرين ركعة ، ويصلِّي في اللّيالي التّاسعة عشرة والحاديّة والعشرين والثّالثة والعشرين في كلّ منها مئة ركعة ، ثُمَّ يصلِّي في الليالي الثماني الأواخر في كلّ ليلة ثلاثين ركعة ليكون المجموع ( 920 ) ركعة (2) . أمّا الثمانون ركعة الباقية ، فتؤدّى على النحو التالي : تصلِّي في كلّ يوم جمعة في شهر رمضان أربع ركعات صلاة الإمام أمير المؤمنين عليّ عليه السلام ، وركعتين صلاة السيّدة فاطمة عليهاالسلام ، وأربع ركعات صلاة جعفر الطيّار ، وتصلِّي في ليلة الجمعة الأخيرة عشرين ركعة للإمام عليّ عليه السلام ، وتصلِّي في عشيّتها ليلة السبت عشرين ركعة للسيّدة فاطمة عليهاالسلام (3) . اتّضح من النصوص الحديثية في المتن أنَّ هناك روايات دالّة على الصيغتين كلتيهما ، ومن ثَمَّ فإنَّ مقتضى الجمع بين الروايات هو التخيير كما ذهب إليه في «مستند الشيعة» .

.


1- .راجع : شهر اللّه في الكتاب والسنّة ص 345 ، ح 590 ، وص 346 ، ح 592 .
2- .راجع : شهر اللّه في الكتاب والسنّة ص 345 ، ح 590 ، وص 347 ، ح 594 _ 596 .
3- .راجع : شهر اللّه في الكتاب والسنّة ص 348 ، ح 596 ، وص 350 ، ح 597 .

ص: 207

القسم الرابع : ليلة القدر

اشاره

القسم الرابع : لَيلَةُ القَدرِالفصل الأوّل : فَضائِلُها وخَصائِصُهاالفصل الثاني : أيُّ لَيلَةٍ هِيَ؟الفصل الثالث : آدابُ لَيلَةِ القَدرِ المُشتَرَكَةُالفصل الرابع : مايَختَصُّ بِإِحدَى اللَّيالي

.

ص: 208

. .

ص: 209

الفصل الأوّل : فضائلها وخصائصها

1 / 1 فضائل ليلة القدر

الفصل الأوّل : فَضائِلُها وخَصائِصُها1 / 1فَضائِلُ لَيلَةِ القَدرِالقرآن«إِنَّ_آ أَنزَلْنَ_هُ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَ مَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَئِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ * سَلَ_مٌ هِىَ حَتَّى مَطْ_لَعِ الْفَجْرِ» . (1)

«ح_م * وَ الْكِتَ_بِ الْمُبِينِ * إِنَّ_آ أَنزَلْنَ_هُ فِى لَيْلَةٍ مُّبَ_رَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْرا مِّنْ عِندِنَآ إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ» . (2)

«شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْءَانُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَ بَيِّنَ_تٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ» . (3)

الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :شَهرُ رَمَضانَ سَيِّدُ الشُّهورِ ، ولَيلَةُ القَدرِ سَيِّدَةُ اللَّيالي . (4)

عنه صلى الله عليه و آله :قالَ موسى : إلهي اُريدُ قُربَكَ . قالَ : «قُربي لِمَن يَستَيقِظُ لَيلَةَ القَدرِ» .

.


1- .القدر : 1 _ 5 .
2- .الدخان : 1 _ 5 .
3- .البقرة : 185 .
4- .بحار الأنوار : ج 40 ص 54 ح 89 نقلاً عن كنز الفوائد .

ص: 210

قالَ : إلهي اُريدُ رَحمَتَكَ . قالَ : «رَحمَتي لِمَن رَحِمَ المَساكينَ لَيلَةَ القَدرِ» . قالَ : إلهي اُريدُ الجَوازَ عَلَى الصِّراطِ . قالَ : «ذلِكَ لِمَن تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ في لَيلَةِ القَدرِ» . قالَ : إلهي اُريدُ أشجارَ الجَنَّةِ وثِمارَها . قالَ : «ذلِكَ لِمَن سَبَّحَ تَسبيحَةً في لَيلَةِ القَدرِ» . قالَ : إلهي اُريدُ النَّجاةَ مِنَ النّارِ . قالَ : «ذلِكَ لِمَن استَغفَرَ في لَيلَةِ القَدرِ» . قالَ : إلهي اُريدُ رِضاكَ . قالَ : «رِضايَ لِمَن صَلّى رَكعَتَينِ في لَيلَةِ القَدرِ» . (1)

ثواب الأعمال :عَن حُمرانَ أنَّهُ سَأَلَ أبا جَعفَرٍ عليه السلام عَن قَولِ اللّهِ عز و جل : «إِنَّ_آ أَنزَلْنَ_هُ فِى لَيْلَةٍ مُّبَ_رَكَةٍ» . قالَ : «نَعَم ، هِيَ لَيلَةُ القَدرِ ، وهِيَ مِن كُلِّ سَنَةٍ في شَهرِ رَمَضانَ فِي العَشرِ الأَواخِرِ ، فَلَم يُنزَلِ القُرآنُ إلاّ في لَيلَةِ القَدرِ . قالَ اللّهُ عز و جل : « فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ » قالَ : يُقَدَّرُ في لَيلَةِ القَدرِ كُلُّ شَيءٍ يَكونُ في تِلكَ السَّنَةِ إلى مِثلِها مِن قابِلٍ مِن خَيرٍ أو شَرٍّ ، أو طاعَةٍ أو مَعصِيَةٍ ، أو مَولودٍ أو أجَلٍ أو رِزقٍ ، فَما قُدِّرَ في تِلكَ اللَّيلَةِ وقُضِيَ فَهُوَ مِنَ المَحتومِ وللّهِِ فيهِ المَشِيَّةُ» . قالَ : قُلتُ لَهُ : « لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ» أيُّ شَيءٍ عُنِيَ بِها؟ قالَ : «العَمَلُ الصّالِحُ فيها مِنَ الصَّلاةِ وَالزَّكاةِ وأنواعِ الخَيرِ ، خَيرٌ مِنَ العَمَلِ في ألفِ شَهرٍ لَيسَ فيها لَيلَةُ القَدرِ ، ولَولا ما يُضاعِفُ اللّهُ لِلمُؤمِنينَ ما بَلَغوا ، ولكِنَّ اللّهَ عز و جل يُضاعِفُ لَهُمُ الحَسَناتِ . (2)

.


1- .الإقبال : ج 1 ص 345 ، بحار الأنوار : ج 98 ص 145 ح 3 .
2- .ثواب الأعمال : ص 92 ح 11 ، بحار الأنوار : ج 97 ص 19 ح 41 .

ص: 211

1 / 2 خصائص ليلة القدر

أ _ فيها تقدير كلّ شيء يكون في السّنة

الإمام الصادق عليه السلام :قَلبُ شَهرِ رَمَضانَ لَيلَةُ القَدرِ . (1)

1 / 2خَصائِصُ لَيلَةِ القَدرِأ _ فيها تَقديرُ كُلِّ شَيءٍ يَكونُ فِي السَّنَةِالقرآن«تَنَزَّلُ الْمَلَئِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ» . (2)

«فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ» . (3)

الحديثالإمام الباقر عليه السلام_ في قَولِ اللّهِ تعالى : «تَنَزَّلُ الْمَلَئِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيهَا » _: تَنَزَّلُ فيهَا المَلائِكَةُ وَالكَتَبَةُ إلَى السَّماءِ الدُّنيا ، فَيَكتُبونَ ما يَكونُ فِي السَّنَةِ مِن اُمورِ ما يُصيبُ العِبادَ ، وَالأَمرُ عِندَهُ مَوقوفٌ ، لَهُ فيهِ المَشِيَّةُ ، فَيُقَدِّمُ ما يَشاءُ ، ويُؤَخِّرُ ما يَشاءُ ، ويَمحو ما يَشاءُ ويُثبِتُ ، وعِندَهُ اُمُّ الكِتابِ . (4)

الإمام الصادق عليه السلام_ مِن وَصِيَّتِهِ لِوُلدِهِ عِندَ دُخولِ شَهرِ رَمَضانَ _:فَاجهَدوا أنفُسَكُم فَإِنَّ فيهِ تُقسَمُ الأَرزاقُ ، وتُكتَبُ الآجالُ ، وفيهِ يُكتَبُ وَفدُ اللّهِ الَّذينَ يَفِدونَ إلَيهِ ، وفيهِ لَيلَةٌ العَمَلُ فيها خَيرٌ مِنَ العَمَلِ في ألفِ شَهرٍ . (5)

عنه عليه السلام :اللَّيلَةُ الَّتي يُفرَقُ فيها كُلُّ أمرٍ حَكيمٍ ، يُنزَلُ فيها ما يَكونُ في السَّنَةِ إلى

.


1- .الكافي : ج 4 ص 66 ح 1 ، بحار الأنوار : ج 58 ص 376 ح 9 .
2- .القدر : 4 .
3- .الدخان : 4 .
4- .دعائم الإسلام : ج 1 ص 281 ، الكافي : ج 4 ص 157 ح 3 عن أحدهما عليه السلام .
5- .الكافي : ج 4 ص 66 ح 2 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 341 ح 6 .

ص: 212

ب _ هي أوّل السّنة وآخرها
ج _ اختصاصها بولاة الأمر

مِثلِها من خَيرٍ أو شَرٍّ ، أو رِزقٍ أو أمرٍ ، أو مَوتٍ أو حَياةٍ ، ويُكتَبُ فيها وَفدُ مَكَّةَ ؛ فَمَن كانَ في تِلكَ السَّنَةِ مَكتوبا ، لَم يَستَطِع أن يَحبِسَ وإن كانَ فَقيرا مَريضا، ومَن لَم يَكُن فيها مَكتوبا، لَم يَستَطِع أن يَحُجَّ وإن كانَ غَنِيّا صَحيحا . (1)

راجع : ص 217 (دور ثلاث ليال في التقدير) . وص 210 ، ح 246 .

ب _ هِيَ أوَّلُ السَّنَةِ وآخِرُهاالإمام الصادق عليه السلام :لَيلَةُ القَدرِ هِيَ أوَّلُ السَّنَةِ ، وهِيَ آخِرُها . (2)

عنه عليه السلام :رَأسُ السَّنَةِ لَيلَةُ القَدرِ ، يُكتَبُ فيها ما يَكونُ مِنَ السَّنَةِ إلَى السَّنَةِ . (3)

راجع : ص 30 (خصائص شهر رمضان / أوّل السنة) .

ج _ اِختِصاصُها بِوُلاةِ الأَمرِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :آمِنوا بِلَيلَةِ القَدرِ ؛ إنَّها تَكونُ لِعَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ ولِوُلدِهِ الأَحَدَ عَشَرَ مِن بَعدي . (4)

الإمام الجواد عليه السلام :إنَّ أميرَ المُؤمِنينَ عليه السلام قالَ لاِبنِ عَبّاسٍ : «إنَّ لَيلَةَ القَدرِ في كُلِّ سَنَةٍ ، وإنَّهُ يَنزِلُ في تِلكَ اللَّيلَةِ أمرُ السَّنَةِ ، ولِذلِكَ الأَمرِ وُلاةٌ بَعدَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله » . فَقالَ ابنُ عَبَّاسٍ : مَن هُم؟ قالَ عليه السلام : «أنَا وأحَدَ عَشَرَ مِن صُلبي أئِمَّةٌ مُحَدَّثونَ» . (5)

.


1- .الإقبال : ج 1 ص 341 ، بحار الأنوار : ج 98 ص 142 ح 3 .
2- .الكافي : ج 4 ص 160 ح 11 ، بحار الأنوار : ج 97 ص 16 ح 31 .
3- .تهذيب الأحكام : ج 4 ص 332 ح 1042 .
4- .الكافي : ج 1 ص 533 ح 12 ، بحارالأنوار : ج 97 ص 15 ح 26 .
5- .الكافي : ج 1 ص 532 ح 11 و ص 247 ح 2 ، بحارالأنوار : ج 97 ص 15 ح 25 .

ص: 213

د _ نزول الملائكة فيها إلى صاحب الأمر

الإمام عليّ عليه السلام :قالَ لي رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : «يا عَلِيُّ ، أتَدري ما مَعنى لَيلَةِ القَدرِ؟» فَقُلتُ : لا ، يا رَسولَ اللّهِ . فَقالَ صلى الله عليه و آله : «إنَّ اللّهَ تَبارَكَ وتَعالى قَدَّرَ فيها ما هُوَ كائِنٌ إلى يَومِ القِيامَةِ ، فَكانَ فيما قَدَّرَ عز و جل وِلايَتُكَ ووِلايَةُ الأَئِمَّةِ مِن وُلدِكَ إلى يَومِ القِيامَةِ» . (1)

د _ نُزولُ المَلائِكَةِ فيها إلى صاحِبِ الأَمرِالإمام الباقر عليه السلام :لاتَخفى عَلَينا لَيلَةُ القَدرِ ، إنَّ المَلائِكَةَ يَطوفونَ بِنا فيها . (2)

تفسير القمّي :قيلَ لِأَبي جَعفَرٍ عليه السلام : تَعرِفونَ لَيلَةَ القَدرِ؟ فَقالَ : «وكَيفَ لانَعرِفُ لَيلَةَ القَدرِ وَالمَلائِكَةُ يَطوفونَ بِنا فيها» . (3)

رجال الكشّي عن إسماعيل بن أبي حمزة :رَكِبَ أبو جَعفَرٍ عليه السلام يَوماً إلى حائِطٍ لَهُ مِن حيطانِ المَدينَةِ ، فَرَكِبتُ مَعَهُ إلى ذلِكَ الحائِطِ ومَعَنا سُلَيمانُ بنُ خالِدٍ . فَقالَ لَهُ سُلَيمانُ بنُ خالِدٍ : جُعِلتُ فِداكَ ! يَعلَمُ الإِمامُ ما في يَومِهِ؟ فقالَ : «يا سُلَيمانُ ، وَالَّذي بَعَثَ مُحَمَّداً بِالنُّبُوَّةِ وَاصطَفاهُ بِالرِّسالَةِ ، إنَّهُ لَيَعلَمُ ما في يَومِهِ ، وفي شَهرِهِ ، وفي سَنَتِهِ» . ثُمَّ قالَ : «يا سُلَيمانُ ، أما عَلِمتَ أنَّ رُوحاً تَنزِلُ عَلَيهِ في لَيلَةِ القَدرِ فَيَعلَمُ ما في تِلكَ السَّنَةِ إلى مِثلِها مِن قابِلٍ ، وعَلِمَ ما يَحدُثُ فَي اللَّيلِ وَالنَّهارِ» . (4)

بصائر الدرجات عن هشام :قُلتُ لِأَبي عَبدِاللّهِ عليه السلام : قَولَ اللّهَ تَعالى في كِتابِهِ : «فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ » . (5)

.


1- .معاني الأخبار : ص 315 ح 1 ، بحارالأنوار : ج 97 ص 18 ح 38 .
2- .تفسير القمّي : ج 2 ص 290 ، بحار الأنوار : ج 97 ص 13 ح 19 .
3- .تفسير القمّي : ج 2 ص 431 ، بحارالأنوار : ج 97 ص 14 ح 23 .
4- .رجال الكشّي : ج 2 ص 646 ح 664 ، بحارالأنوار : ج 46 ص 272 ح 76 .
5- .الدخّان : 4 .

ص: 214

ه _ سلامٌ هي حتّى مطلع الفجر

قالَ : «تِلكَ لَيلَةُ القَدرِ يُكتَبُ فيها وَفدُ الحاجِّ ، وما يَكونُ فيها مِن طاعَةٍ أو مَعصِيَةٍ ، أو مَوتٍ أو حَياةٍ ، ويُحدِثُ اللّهُ في اللَّيلِ وَالنَّهارِ ما يَشاءُ ، ثُمَّ يُلقيهِ إلى صاحِبِ الأَرضِ» . قالَ الحارِثُ بنُ المُغيرَةِ البَصرِيُّ ، قُلتُ : ومَن صاحِبُ الأَرضِ؟ قالَ : «صاحِبُكُم» . (1)

تفسير القمّي :قَولُهُ تَعالى : «تَنَزَّلُ الْمَلَئِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيهَا» قالَ (2) : «تَنَزَّلُ المَلائِكَةُ وروحُ القُدُسِ عَلى إمامِ الزَّمانِ ، ويَدفَعونَ إلَيهِ ما قَد كَتَبوهُ مِن هذِهِ الاُمورِ» . (3)

ه _ سَلامٌ هِيَ حَتّى مَطلَعِ الفَجرِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :إنَّ الشَّيطانَ لا يَخرُجُ في هذِهِ اللَّيلَةِ حَتّى يُضِيءُ فَجرُها وَلا يَستَطِيعُ فيها عَلى أحَدٍ بِخَبَلٍ أو داءٍ ، أو ضَربٍ مِن ضُروبِ الفَسادِ ، ولا يُنفَذُ فيهِ سِحرُ ساحِرٍ» . (4)

الإمام زين العابدين عليه السلام_ مِن دُعائِهِ عِندَ دُخولِ شَهرِ رَمَضانِ _:ثُمَّ فَضَّلَ لَيلَةً واحِدَةً من لَياليهِ عَلى لَيالي ألفِ شَهرٍ ، وسَمّاها لَيلَةَ القَدرِ ، تَنَزَّلُ المَلائِكةُ وَالرّوحُ فيها بِإِذنِ رَبِّهِم مِن كُلِّ أمرٍ ، سَلامٌ دائِمُ البَرَكَةِ إلى طُلوعِ الفَجرِ عَلى مَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ بِما أحكَمَ مِن قَضائِهِ . (5)

.


1- .بصائر الدرجات : ص 221 ح 4 ، بحارالأنوار : ج 97 ص 23 ح 51 .
2- .كذا في المصدر مُضمرا .
3- .تفسير القمّي : ج 2 ص 431 ، بحارالأنوار : ج 97 ص 14 ح 23 .
4- .مجمع البيان : ج 10 ص 789 ؛ تفسير القرطبي : ج 20 ص 137 .
5- .الصحيفة السجّاديّة : ص 166 الدعاء 44 ، مصباح المتهجّد : ص 607 ح 695 وفيه إلى «طلوع الفجر» .

ص: 215

الفصل الثاني : أيّ ليلة هي؟

2 / 1 في العشر الأواخر
2 / 2 ليلة ثلاث وعشرين وإحدى وعشرين وتسع عشرة

الفصل الثاني : أيُّ لَيلَةٍ هِيَ؟2 / 1فِي العَشرِ الأَواخِرِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :تَحَرَّوا لَيلَةَ القَدرِ فِي العَشرِ الأَواخِرِ مِن رَمَضانَ . (1)

ثواب الأعمال :عَن حُمرانَ أنَّهُ سَأَلَ أبا جَعفَرٍ عليه السلام عَن قَولِ اللّهِ عز و جل : «إِنَّ_آ أَنزَلْنَ_هُ فِى لَيْلَةٍ مُّبَ_رَكَةٍ » . قالَ : «نَعَم ، هِيَ لَيلَةُ القَدرِ ، وهِيَ مِن كُلِّ سَنَةٍ في شَهرِ رَمَضانَ فِي العَشرِ الأَواخِرِ» . (2)

2 / 2لَيلَةُ ثَلاثٍ وعِشرينَ وإحدى وعِشرينَ وتِسعَ عَشرَةَالإمام الباقر عليه السلام :إنَّ عَلِيّاً كانَ يَتَحَرَّى لَيلَةَ القَدرِ ، لَيلَةَ تِسعَ عَشرَةَ ، وإحدى وعِشرينَ ، وثَلاثٍ وعِشرينَ . (3)

.


1- .صحيح البخاري : ج 2 ص 710 ح 1916 ، كنز العمّال : ج 8 ص 533 ح 24024 .
2- .ثواب الأعمال : ص 92 ح 11 ، بحار الأنوار : ج 97 ص 19 ح 41 .
3- .المصنّف لعبد الرزاق : ج 4 ص 251 ح 7696 .

ص: 216

2 / 3 ليلة ثلاث وعشرين وإحدى وعشرين
2 / 4 ليلة ثلاث وعشرين

2 / 3لَيلَةُ ثَلاثٍ وعِشرينَ وإحدى وعِشرينَتهذيب الأحكام عن زرارة عن الإمام الباقر عليه السلام ، قالَ :سَأَلتُهُ عَن لَيلَةِ القَدرِ . قالَ : «هِيَ لَيلَةُ إحدى وعِشرينَ ، أو ثَلاثٍ وعِشرينَ» . قُلتُ : ألَيسَ إنَّما هِيَ لَيلَةٌ؟ قالَ : «بَلى» ، قُلتُ : فَأَخبِرني بِها . فَقالَ : «وما عَلَيكَ أن تَفعَلَ خَيرا في لَيلَتَينِ؟» . (1)

2 / 4لَيلَةُ ثَلاثٍ وعِشرينَرسول اللّه صلى الله عليه و آله :لَيلَةُ القَدرِ لَيلَةُ ثَلاثٍ وعِشرينَ . (2)

المصنّف عن أبي النضر :إنَّ عَبدَاللّهِ بنِ اُ نَيسٍ الجُهَنِيَّ قالَ : يا رَسولَ اللّهِ ، إنّي رَجُلٌ شاسِعُ الدَّارِ (3) فَأمُرني بِلَيلَةٍ أنزِلُ فيها . فَقالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله : «اِنزِل لَيلَةَ ثَلاثٍ وعِشرينَ» . (4)

السنن الكبرى عن عبد اللّه بن اُنيس :كُنّا بِالبادِيَةِ فَقُلنا : إن قَدِمنا بِأَهلينا شَقَّ عَلَينا ، وإن خَلَّفناهُم أصابَتهُم ضَيقَةٌ . فَبَعَثوني _ وكُنتُ أصغَرَهُم _ إلى رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، فَذَكَرتُ لَهُ قَولَهُم ، فَأَمَرَنا بِلَيلَةِ ثَلاثٍ وعِشرينَ . (5)

.


1- .تهذيب الأحكام : ج 3 ص 58 ح 200 ، بحار الأنوار : ج 97 ص 4 ح 4 .
2- .الإقبال : ج 1 ص 375 ، بحار الأنوار : ج 98 ص 160 ح 4 .
3- .شاسع الدار : أي بعيدها (النهاية : ج 2 ص 472) .
4- .المصنّف لعبد الرزاق : ج 4 ص 250 ح 7691 .
5- .السنن الكبرى : ج 4 ص 509 ح 8537 .

ص: 217

2 / 5 دور ثلاث ليال في التّقدير

الإمام الباقر عليه السلام :إنَّ الجُهَنِيَّ أتى إلى رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله فَقالَ لَهُ : يا رَسولَ اللّهِ ، إنَّ لي إبِلاً وغَنَما وغِلمَةً ، فَاُحِبُّ أن تَأمُرَني لَيلَةً أدخُلُ فيها فَأَشهَدُ الصَّلاةَ _ وذلِكَ في شَهرِ رَمَضانَ _ فَدَعاهُ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله فَسارَّهُ في اُذُنِهِ . _ قالَ : _ فَكانَ الجُهَنِيُّ إذا كانَت لَيلَةُ ثَلاثٍ وعِشرينَ دَخَلَ بِإِبِلِهِ وغَنَمِهِ وأهلِهِ ووُلدِهِ وغِلمَتِهِ ، فَكانَ تِلكَ اللَّيلَةُ لَيلَةَ ثَلاثٍ وعِشرينَ بِالمَدينَةِ ، فَإِذا أصبَحَ خَرَجَ بِأَهلِهِ وغَنَمِهِ وإ بِلِهِ إلى مَكانِهِ . (1)

الإمام الصادق عليه السلام :لَيلَةُ ثَلاثٍ وعِشرينَ اللَّيلَةُ الَّتي يُفرَقُ فيها كُلُّ أمرٍ حَكيمٍ ، وفيها يُكتَبُ وَفدُ الحاجِّ وما يَكونُ مِنَ السَّنَةِ إلَى السَّنَةِ . (2)

عنه عليه السلام :إنَّ لَيلَةَ الثّالِثِ وَالعِشرينَ مِن شَهرِ رَمَضانَ هِيَ لَيلَةُ الجُهَنِيِّ ، فيها يُفرَقُ كُلُّ أمرٍ حَكيمٍ ، وفيها تَثبُتُ البَلايا وَالمَنايا ، وَالآجالُ وَالأَرزاقُ وَالقَضايا ، وجَميعُ ما يُحدِثُ اللّهُ عز و جل فيها إلى مِثلِها مِنَ الحَولِ . فَطوبى لِعَبدٍ أحياها راكِعا وساجِدا ، ومَثَّلَ خَطاياهُ بَينَ عَينَيهِ ويَبكي عَلَيها ، فَإِذا فَعَلَ ذلِكَ رَجَوتُ ألاّ يَخيبَ إن شاءَ اللّهُ . (3)

راجع : ص 247 (ما يختصُّ بالليلةِ الثالثة والعشرين) .

2 / 5دورُ ثَلاثِ لَيالٍ في التَّقديرِالإمام الصادق عليه السلام :التَّقديرُ في لَيلَةِ تِسعَ عَشرَةَ ، والإبرامُ في لَيلَةِ إحدى وعِشرينَ ، وَالإِمضاءُ في لَيلَةِ ثَلاثٍ وعِشرينَ . (4)

.


1- .الإقبال : ج 1 ص 375 ، تهذيب الأحكام : ج 4 ص 330 ح 1032 نحوه .
2- .الهداية : ص 197 ، بحار الأنوار : ج 97 ص 9 ح 11 .
3- .الدعوات : ص 207 ص 561 ، بحار الأنوار : ج 97 ص 4 ح 5 .
4- .الكافي : ج 4 ص 159 ح 9 .

ص: 218

الإقبال عن عبد اللّه بن سنان :سَألتُهُ (1) عَنِ النِّصفِ مِن شَعبانَ . فَقالَ : «ما عِندي فيهِ شَيءٌ ، ولكِن إذا كانَت لَيلَةُ تِسعَ عَشرَةَ مِن شَهرِ رَمَضانَ ، قُسِّمَ فيهَا (2) الأَرزاقُ ، وكُتِبَ فيهَا الآجالُ ، وخَرَجَ فيها صِكاكُ الحاجِّ ، وَاطَّلَعَ اللّهُ إلى عِبادِهِ فَغَفَرَ اللّهُ لَهُم إلاّ شارِبَ مُسكِرٍ ، فَإِذا كانَت لَيلَةُ ثَلاثٍ وعِشرينَ فيها يُفرَقُ كُلُّ أمرٍ حَكيمٍ ، ثُمَّ يَنتَهي ذلِكَ ويَقضي» . قالَ : قُلتُ إلى مَن؟ قالَ : «إلى صاحِبِكُم ، ولَولا ذلِكَ لَم يَعلَم» . (3)

الكافي عن إسحاق بن عمّار[ عن أبي عبد اللّه عليه السلام ] (4) ، قالَ :سَمِعتُهُ يَقولُ ، وناسٌ يَسأَلونَهُ يَقولونَ : الأَرزاقُ تُقسَمُ لَيلَةَ النِّصفِ مِن شَعبانَ؟ قالَ : فَقالَ : «لا ، وَاللّهِ ما ذاكَ إلاّ في لَيلَةِ تِسعَ عَشرَةَ مِن شَهرِ رَمَضانَ ، وإحدى وعِشرينَ ، وثَلاثٍ وعِشرينَ ؛ فَإِنَّ في لَيلَةِ تِسعَ عَشرَةَ يَلتَقِي الجَمعانِ ، وفي لَيلَةِ إحدى وعِشرينَ «يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ » (5) ، وفي لَيلَةِ ثَلاثٍ وعِشرينَ يُمضى ما أرادَ اللّهُ عز و جل مِن ذلِكَ ، وهِيَ لَيلَةُ القَدرِ الَّتي قَالَ اللّهُ عز و جل : «خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ » » . (6) قالَ : قُلتُ : ما مَعنى قَولِهِ : يَلتَقِي الجَمعانِ؟ قالَ : «يَجمَعُ اللّهُ فيها ما أرادَ مِن تَقديمِهِ وتَأخيرِهِ ، وإرادَتِهِ وقَضائِهِ» . قالَ : قُلتُ : فَما مَعنى يُمضيهِ في ثَلاثٍ وعِشرينَ؟

.


1- .الظاهر أنّه سأل الإمام الصادق عليه السلام .
2- .في المصدر : «قسّم فيه» والتصويب من الطبعة الحجريّة .
3- .الإقبال : ج 1 ص 341 ، بحار الأنوار : ج 97 ص 22 ح 50 .
4- .مابين المعقوفين أثبتناه من الإقبال .
5- .الدخان : 4 .
6- .القدر : 3 .

ص: 219

2 / 6 سترها نظرا لكم
2 / 7 طرق معرفة ليلة القدر
أ _ قراءة سورة الدّخان كلّ ليلة من رمضان مئة مرّة

قالَ: «إنَّهُ يَفرُقُهُ في لَيلَةِ إحدى وعِشرينَ،ويَكونُ لَهُ فيهِ البَداءُ،فَإِذا كانَت لَيلَةُ ثَلاثٍ وعِشرينَ أمضاهُ،فَيَكونُ مِنَ المَحتومِ الَّذي لا يَبدو لَهُ فيهِ تَبارَكَ وتَعالى». (1)

راجع : ص 211 (خصائص ليلة القدر / فيها تقدير كلّ شيء يكون في السنة) .

2 / 6سَتَرَها نَظَراً لَكُمشرح نهج البلاغة عن ابن عرادة :قيلَ [لِأَميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام ] : أخبِرنا عَن لَيلَةِ القَدرِ؟ قالَ : «ما أخلو مِن أن أكونَ أعلَمُها فَأَستُرَ عِلمَها ، ولَستُ أشُكُّ أنَّ اللّهَ إنَّما يَستُرُها عَنكُم نَظَرا لَكُم ؛ لِأَ نَّهُ لَو أعلَمَكُموها عَمِلتُم فيها وتَرَكتُم غَيرَها ، وَأرجُو أن لا تُخطِئَكُم إن شاءَ اللّهُ» . (2)

راجع : ص 220 ، ح 280 و ص 221 ، ح 283 . ص 228 (حول ليلة القدر / تحديد ليلة القدر) .

2 / 7طُرُقُ مَعرِفَةِ لَيلَةِ القَدرِأ _ قِراءَةُ سورَةِ الدُّخانِ كُلَّ لَيلَةٍ مِن رَمَضانَ مِئَةَ مَرَّةٍالإمام الصادق عليه السلام :قالَ رَجُلٌ لِأبي جَعفَرٍ عليه السلام : ... يَابنَ رَسُولِ اللّهِ ، كَيفَ أعرِفُ أنَّ لَيلَةَ القَدرِ تَكُونُ في كُلِّ سَنَةٍ؟

.


1- .الكافي : ج 4 ص 158 ح 8 ، بحار الأنوار : ج 98 ص 144 ح 3 .
2- .شرح نهج البلاغة : ج 20 ص 154 ؛ بحار الأنوار : ج 97 ص 5 ح 6 .

ص: 220

ب _ قراءة سورة القدر كلّ ليلة من رمضان ألف مرّة
2 / 8 علامة ليلة القدر
2 / 9 من يدرك ليلة القدر

قالَ : «إذا أتى شَهرُ رَمَضانَ فَاقرَأ سُورَةَ الدُّخانِ في كُلِّ لَيلَةٍ مِئَةَ مَرَّةٍ ، فإذا أتَت لَيلَةُ ثَلاثٍ وعِشرينَ ، فَإنَّكَ ناظِرٌ إلى تَصديقِ الَّذي سَألتَ عَنهُ» . (1)

ب _ قِراءَةُ سورَةِ القَدرِ كُلَّ لَيلَةٍ مِن رَمَضانَ ألفَ مَرَّةٍالإمام الصادق عليه السلام :إذا أتى شَهرُ رَمَضانَ فَاقرَأ كُلَّ لَيلَةٍ «إِنَّ_آ أَنزَلْنَ_هُ» ألفَ مَرَّةٍ ، فإذا أتَت لَيلَةُ ثَلاثٍ وَعِشرينَ ، فَاشدُد قَلبَكَ ، وَافتَح أُذُنَيكَ بِسِماعِ العَجائِبِ مِمّا تَرى . (2)

راجع : ص 249 (ما يختصّ بالليلة الثالثة والعشرين / قراءة سورة القدر ألف مرّة) .

2 / 8عَلامَةُ لَيلَةِ القَدرِالكافي عن محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهماالسلام ، قال :سَألتُهُ عَن عَلامَةِ لَيلَةِ القَدرِ . فَقالَ : «عَلامَتُها أن تَطيبَ ريحُها ، وإن كانَت في بَردٍ دَفِئَت ، وإن كانَت في حَرٍّ بَرَدَت فَطابَت» . (3)

2 / 9مَن يُدرِكُ لَيلَةَ القَدرِالإمام الباقر عليه السلام :إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله لَمَّا انصَرَفَ مِن عَرَفاتٍ وسارَ إلى مِنى ، دَخَلَ المَسجِدَ فَاجتَمَعَ إلَيهِ النّاسُ يَسأَلونَهُ عَن لَيلَةِ القَدرِ ، فَقامَ خَطيبا ، فَقالَ _ بَعدَ الثَّناءِ عَلَى اللّهِ عز و جل _ :

.


1- .الكافي : ج 1 ص 251 ح 8 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 379 ح 3 .
2- .الأمالي للصدوق : ص 751 ح 1007 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 379 ح 3 .
3- .الكافي : ج 4 ص 157 ح 3 ، بحار الأنوار : ج 97 ص 9 ح 12 .

ص: 221

«أمّا بَعدُ ، فَإِنَّكُم سَأَلتُموني عَن لَيلَةِ القَدرِ ولَم أطوِها عَنكُم لِأَنّي لَم أكُن بِها عالِما ، اِعلَموا أيُّهَا النّاسُ أنَّهُ مَن وَرَدَ عَلَيهِ شَهرُ رَمَضانَ وهُوَ صَحيحٌ سَوِيٌّ فَصامَ نَهارَهُ ، وقامَ وِردا (1) مِن لَيلِهِ ، وواظَبَ عَلى صَلاتِهِ وهَجَّرَ (2) إِلى جُمُعَتِهِ ، وغَدا إلى عيدِهِ ؛ فَقَد أدرَكَ لَيلَةَ القَدرِ ، وفازَ بِجائِزَةِ الرَّبِّ عز و جل » . (3)

رسول اللّه صلى الله عليه و آله :مَن صَلّى مِن أوَّلِ شَهرِ رَمَضانَ إلى آخِرِهِ في جَماعَةٍ ، فَقَد أخَذَ بِحَظٍّ مِن لَيلَةِ القَدرِ . (4)

عنه صلى الله عليه و آله :مَن صَلَّى المَغرِبَ وَالعِشاءَ في جَماعَةٍ ، حَتّى يَنقَضِيَ شَهرُ رَمَضانَ ، فَقَد أصابَ مِن لَيلَةِ القَدرِ بِحَظٍّ وافِرٍ . (5)

الإقبال :في كِتابِ عَليِّ بنِ إسماعيلَ المِيثَميِّ : في كِتابٍ أصلُهُ عَن عَليِّ بنِ الحُسَينِ عليهماالسلام : كانَ إذا دَخَلَ شَهرُ رَمَضانَ تَصَّدَّقَ في كُلِّ يَومٍ بِدِرهَمٍ ، فَيَقُولُ : «لَعَلِّي اُصيبُ لَيلَةَ القَدرِ» (6) . 7

راجع : ص 179 ، ح 227 .

.


1- .الوِرْد : الجزء (لسان العرب : ج 3 ص 458) .
2- .أي ذهب إليها أول وقتها أو في شدة الحرّ (روضة المتقين : ج 3 ص 273) . التهجير : التبكير إلى كلّ شيء والمبادرة إليه ، والتهجير : السير في الهاجرة ؛ وهي اشتداد الحرّ نصف النهار (النهاية : ج 5 ص 246) .
3- .كتاب من لا يحضره الفقيه : ج 2 ص 97 ح 1834 ، بحار الأنوار : ج 97 ص 18 ح 40 .
4- .كنز العمّال : ج 8 ص 545 ح 24090 نقلاً عن تاريخ بغداد .
5- .شعب الإيمان : ج 3 ص 340 ح 3707 ، كنز العمّال : ج 8 ص 545 ح 24091 .
6- .الإقبال : ج 1 ص 150 ، بحار الأنوار : ج 98 ص 82 ح 1 .

ص: 222

. .

ص: 223

حول ليلة القدر
1 . معنى ليلة القدر

حولُ ليَلَةِ القَدرِ «إِنَّ_آ أَنزَلْنَ_هُ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ» . إنّها ليلة القدر ؛ اللّيلة المجلّلة بنزول القرآن ، هي اللّيلة الّتي تعدّ أسمى ليالي السنة وأعظمها بركة ، وهي اللّيلة العظيمة الّتي نعتها رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، بقوله : « شَهرُ رَمَضانَ سَيِّدُ الشُّهورِ ، ولَيلَةُ القَدرِ سَيِّدَةُ اللَّيالي » (1) . لقد بلغ من منزلة هذه اللّيلة والدور البليغ الّذيتؤدّيه فيالضيافة الرمضانية والانتفاع من بركات هذه الضيافة ومواهبها، أن وصفها الإمام الصادق عليه السلام بأنّها قلب هذا الشهر : « قَلبُ شَهرِ رَمَضانَ لَيلَةُ القَدرِ » (2) . فمن يريد أن يعيش رمضان شهرا حيّا نابضا بالحركة والحياة مشعّا بالفاعلية والعطاء ، ينبغي له أن يراقب ذلك القلب ، فمراقبة هذا القلب يمكن أن تغيّر المصير وتُؤمّن عمر الإنسان برمته : « لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ » . بغية التعرّف على قلب شهر رمضان ، ومن أجل كسب المزيد من خيرات هذه اللّيلة وبلوغ الأمل من عطاءاتها وحبواتها ، نسجّل فيما يلي عددا من النقاط المستلهمة من هدي نصوص أهل البيت عليهم السلام وأحاديثهم الوضّاءة :

1 . معنى ليلة القدرقوله سبحانه : « وَ مَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ » . يدلّ بوضوح ، على أنَّ إدراك المعنى

.


1- .بحار الأنوار : ج 40 ص 54 ح 89 نقلاً عن كنز الفوائد .
2- .الكافي : ج 4 ص 66 ح 1 ، بحار الأنوار : ج 58 ص 376 ح 9 .

ص: 224

2 . خصائص ليلة القدر
أ _ تقدير امور السّنة

الحقيقي لليلة القدر هو أمر شاقّ تكتنفه صعوبات جمّة ، وأنَّ هذا المعنى هو فوق المستوى الإدراكي لعامّة الناس . بديهي إذا كان المخاطب بالآية هو رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فسيكون الاستفهام في قوله : « مَآ أَدْرَاكَ » لتعظيم ليلة القدر وتكريمها على ما يظهر ، مردّ ذلك ، أنَّ من نزل القرآن على قلبه ، ومن روحه موضع ليلة القدر ، وتهبط عليه الملائكة لتدبير اُمور العالم وتقدير شؤونه ، لا يمكن أن يكون جاهلاً بحقيقة ليلة القدر . أكثر من ذلك ، قد تتيسّر مشاهدة حقيقة ليلة القدر ولو بقدر لعدد من أهل السير والسلوك ، عبر انتفاعهم من تعاليم أهل البيت عليهم السلام في هذا المجال . لقد عرض العالم الرباني آية اللّه ملكي تبريزي للسؤال التالي : « مامعنى رؤية ليلة القدر ، وما معنى لذّته ؟ » ثُمَّ أجاب عليه بما يلي : « رؤية ليلة القدر عبارة عن كشف ما يقع فيها من نزول الأمر إلى الأرض ، كما يُكشف لإمام العصر عليه السلام في اللّيلة » (1) . على أنَّ رؤية هذه الحقيقة والارتقاء إليها أمر عظيم وشأن جليل ، وهو كما وصفه الإمام الصادق عليه السلام بقوله : « إنَّ القَلبَ الَّذي يُعايِنُ ما يُنزَلُ في لَيلَةِ القَدرِ لَعَظيمُ الشَّأنِ » (2) . بيد أنَّ الإسلام لم يترك الناس هَمَلاً على هذا الصعيد ، فمن أجل أن ينعم عامّة الناس بمعرفة إجمالية عن معنى ليلة القدر ، اضطلعت النصوص الإسلامية بتصوير ملامح لهذه الحقيقة ، عبر بيان خصائص تلك اللّيلة وتلمّس فضائلها ، ممّا سنطلّ على أمثلة له في النقطة التالية .

2 . خصائص ليلة القدرأ _ تقدير اُمور السَّنةجاء التأكيد في عدد كبير من الروايات أنَّ أول خصائص هذه اللّيلة ، هو تقدير اُمور الناس وتدبير أحوالهم وأوضاعهم خلال السَّنة ، وهي اللّيلة الّتي ينزل فيها ما

.


1- .المراقبات : ص 137 . انظر تمام كلامه قدس سره .
2- .بصائر الدرجات : ص 223 ص 14 ، بحارالأنوار : ج 97 ص 20 ح 45 .

ص: 225

يحدث ويفرق فيها كلّ أمر إلى مثلها ، وربما لهذه الجهة بالذات نزل القرآن الكريم في هذه اللّيلة ؛ هذا الكتاب الّذي يعدّ بدوره برنامج حياة الإنسان . انطلاقا من هذا المعنى ، بمقدور الإنسان أن يغيّر مصيره ومسار حياته في ليلة القدر عبر استثمار البرنامج الّذي رسمه له القرآن ، ويستحوذ لسنته المقبلة على أفضل المقدّرات ، ويحقّق لنفسه أغنى المكاسب وأكثرها عطاءً ونفعا ، على أنَّ هاهنا ملاحظتين حريّتين بالانتباه ، هما : الملاحظة الاُولى : إنَّ تقدير مصير الإنسان في ليلة القدر يأتي في سياق مقدّراته في العلم الأزلي للّه سبحانه ، بعبارة أُخرى ، تفيد روايات أهل البيت عليهم السلام ، أنَّ ما هو مقدَّر للناس في علم الحق سبحانه خلال السَّنة ، يبرز بصيغة برنامج مكتوب تكتبه الملائكة ويسلّم إلى إمام العصر بواسطتهم ؛ وذلك تبعا لما يقوم به الإنسان في ليلة القدر . الملاحظة الثانية : يفيد عدد من الروايات بأنَّ تقدير مصير الإنسان خلال ليلة القدر وتدبير ما سيكون عليه أمره خلال سنة كاملة ، لا يعني استسلامه للمصير ، بحيث لن يكون بمقدوره أن يغيّر شيئا من اُموره ومستقبله ، بل بمقدوره أن يغيّر من مقدّراته القطعيّة في ليلة القدر عبر لجوئه إلى الدعاء وتوسّله بالأعمال الصالحة ، ولذلك كلّه جاء عن الإمام الباقر عليه السلام ، قوله : « فَما قُدِّرَ في تِلكَ اللَّيلَةِ وقُضِيَ فَهُوَ مِنَ المَحتُومِ ولِلّهِ عز و جل فيهِ المَشِيَّةُ » (1) . عندما نأخذ بنظر الاعتبار هذه الرواية وما يقع على شاكلتها (2) ، ونضيف إلى ذلك الأدلّة القطعية الّتي تفيد إجابة الدعاء طوال السنة خاصّةً في عرفات ، وفي المشاهد المشرّفة ، فلا يمكن عندئذٍ قبول ظاهر بعض الروايات الّتي تنصّ على أنَّ مقدّرات ليلة القدر لا ينالها التحوّل والتغيير (3) .

.


1- .ثواب الأعمال : ص 92 ح 11 ، بحار الأنوار : ج 97 ص 19 ح 41 .
2- .راجع : شهر اللّه في الكتاب والسنّة ص 405 ، ح 620 و 621 ، وص 408 ، ح 629 .
3- .راجع : شهر اللّه في الكتاب والسنّة ص 405 ، ح 619 ، وص 408 ، ح 628 .

ص: 226

ب _ بداية سنة التقدير
ج _ اختصاصها بولاة الأمر
د _ خير من ألف شهر !

ب _ بداية سنة التقديرأوضحنا في مدخل الكتاب أنَّ بداية السَّنة تختلف تبعا لتعدد الاعتبارات ، ومن ثَمَّ فإنَّ الروايات الّتي تنصّ على أنَّ ليلة القدر هي أوّل السَّنة ورأسها على ما ذكرنا بعضها في المتن ، إنّما جاءت باعتبار سنة تقدير اُمور الناس وتدبير شؤونهم وما يحصل لهم وما يكون ، وهي بهذه المثابة أو الاعتبار آخر السَّنة أيضا ، أي آخر السَّنة المقدَّرة الّتي مضت ، وأوّل السَّنة المقدّرة الجديدة .

ج _ اختصاصها بولاة الأمرالخصيصة الثالثة الّتي تحفّ ليلة القدر ، أنَّ اللّه سبحانه يُطلع في هذه الليلة أكمل الناس وأفضل بني آدم وأسماهم على صورة تقديره وحكمه ومسار تدبيره للعباد . فنجد في تفسير القميِّ في ذيل الآية الكريمة : « تَنَزَّلُ الْمَلَئِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيهَا » ما نصّه : « تَنَزَّلُ المَلائِكةُ وروحُ القُدُسِ عَلى إمامِ الزَّمانِ ، ويَدفَعونَ إلَيهِ ما قَد كَتَبوهُ مِن هذِهِ الاُمورِ » . (1) هذه العملية وإن كانت لا تنسب إلى المعصوم صراحةً ، إلاّ أنّها تعدّ حصيلة لمدلولات ما جاء من روايات في هذا الباب ، وعندئذٍ يمكن القول : إنَّ من خصائص ليلة القدر اختصاصها بالإمام المهدي _ عجل اللّه تعالى فرجه _ ، ممّا يعني أنَّ التوسل به عليه السلام في هذه الليلة خاصّة له دوره النافذ في تيسير اُمور الإنسان وفتح الآفاق أمامه ، لما يؤدّي إلى تغيير مصيره باتجاه تحقيق المزيد من المكاسب لسنته الجديدة .

د _ خير من ألف شهر !يسجّل القرآن الكريم صراحةً : « لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ » الأمر الّذي يدلّل على الطابع الاستثنائي المتميّز لهذه البرهة الزمنية وما تنطوي عليه من فرادة في

.


1- .تفسير القمّي : ج 2 ص 431 ، بحارالأنوار : ج 97 ص 14 ح 23 .

ص: 227

3 . دوام ليلة القدر

بركاتها ، على النحو الّذي يعادل العمل الصالح فيها ؛ العملَ الصالح خلال عمر طويل ينوف على الثمانين عاما ! تجاوبا مع هذا المعنى ، جاء في تفسير الآية ما نصّه : « العَمَلُ الصّالِحُ فيها مِنَ الصَّلاةِ وَالزَّكاةِ وأنواعِ الخَيرِ ، خَيرٌ مِنَ العَمَلِ في ألفِ شَهرٍ لَيسَ فيها لَيلَةُ القَدرِ » . (1) وهذا الثراء العريض في بركات هذه اللّيلة وغناها ، هو الّذي يفسّر في الحقيقة حثّ النَّبي والأئمّة وتحريضهم المسلمين على أن ينتفعوا من ليلة القدر لحظة فلحظة ، حتّى نهى النَّبي صلى الله عليه و آله من النوم في اللّيلة الثالثة والعشرين من شهر رمضان (2) ، وهو الّذي يفسّر أيضا حرص بضعته البتول السيّدة فاطمة الزهراء عليهاالسلامعلى ألاّ ينام أحد من أهل بيتها في هذه اللّيلة (3) . أجل ، إنَّ من يعيش نعمة الإيمان بالقرآن ، ويدرك أنَّ العملَ في ليلة واحدة يعادل في بركاته لحياته الخالدة وعطاءاته لتلك الحياة الأبدية ، العملَ خلال عمر طويل ، لا يسعه التفريط بهذه الفرصة الثمينة الغالية والهبة الّتي لا تضاهى .

3 . دوام ليلة القدرتفيد عمليّة دراسة آيات سورة القدر وتحليل النصوص الإسلامية ، أنَّ ليلة القدر لا تختصّ بزمان نزول القرآن وبعصر النَّبي صلى الله عليه و آله ، وإنَّما هي دائمة مستمرّة منذ بداية خلق الإنسان ، وأوّل وجوده إلى نهاية العالم وآخر وجود الإنسان فيه ، وذلك للاعتبارات التالية : أوّلاً : إنَّ ليلة القدر ظرف لنزول القرآن ، ولابدّ أن يكون الظرف موجودا قبل المظروف .

.


1- .ثواب الأعمال : ص 92 ح 11 ، بحار الأنوار : ج 97 ص 19 ح 41 .
2- .راجع : ص 238 ، ح 288 ، وص 247 ، ح 308 .
3- .راجع : ص 247 ، ح 309 .

ص: 228

4 . تحديد ليلة القدر

ثانيا: استخدام الفعل المضارع « تنَزّل » في سورة القدر له دلالته على الاستمرار، وكذلك يشير استعمال الجملة الاسمية : « سَلَ_مٌ هِىَ حَتَّى مَطْ_لَعِ الْفَجْرِ » إلى الدوام . ثالثا : أكّد القرآن الكريم عدّة مرّات على ثبات السنّة الإلهية في تدبير العالم ، وأنَّه لا تغيير في هذه السنّة ولا تبديل (1) ، ومن ثَمَّ فإنّ هذه السنّة الإلهية الّتي تقضي بتدبير أُمور الإنسانية وتقدير شؤونها ، عامّة تشمل الاُمم والأقوام جميعا في الماضي والحاضر والمستقبل . رابعا : ثَمَّ روايات مستفيضة وربما متواترة تفيد دوام ليلة القدر واستمرارها بعد رسول اللّه صلى الله عليه و آله (2) ، كما ثَمَّ عدد من الروايات يؤيّد دوام هذه اللّيلة ، وأنّها كانت منذ أول الخليقة (3) وتستمرّ مع الإنسان حتّى نهاية العالم . على ضوء ذلك كلّه يتّضح مصير الرواية الّتي جاءت في تفسير « الدرّ المنثور » فيما روي عن النَّبي صلى الله عليه و آله ، من قوله : « إنَّ اللّهَ وَهَبَ لاُِمَّتي لَيلَةَ القَدرِ ولَم يُعطِها مَن كانَ قَبلَهُم » (4) فعلاوة على ما فيها من ضعف السند ، فلا يمكن الركون إلى مدلولها باعتبار القرائن والأدلّة الّتي سلفت الإشارة إليها .

4 . تحديد ليلة القدرعلى ضوء ما يسجّله القرآن من جهةٍ بقوله : « شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْءَانُ » (5) ، وما ينصّ عليه من جهة اُخرى بقوله : « إِنَّ_آ أَنزَلْنَ_هُ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ » (6) فإنَّ مقتضى الجمع بين الآيتين ، هو أنَّ ليلة القدر في شهر رمضان حتما ، ولكن مع ذلك

.


1- .«فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَ لَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً » (فاطر : 43 ) . وراجع : الإسراء : 77 ، والأحزاب : 38 و 62 ، والفتح : 23 .
2- .راجع : شهر اللّه في الكتاب والسنّة ص 417 (استمرار ليلة القدر في كلّ عام) .
3- .راجع : شهر اللّه في الكتاب والسنّة ص 417 (استمرار ليلة القدر في كلّ عام) ح 656 .
4- .الدرّ المنثور : ج 8 ص 570 ، كنز العمّال : ج 8 ص 536 ح 24041 كلاهما نقلاً عن الديلمي في الفردوس .
5- .البقرة : 185 .
6- .القدر : 1 .

ص: 229

هناك اختلافات فاحشة في روايات أهل السنّة لتحديد اللّيلة الّتي هي ليلة القدر من بين ليالي شهر رمضان ، على النحو الّذي لا يمكن الجمع بينها (1) أمّا ما جاء بشأن تحديدها من روايات عن طريق أهل البيت (2) ، فيكمن تقسيمه إلى خمس مجاميع ، كما جرت على ذلك منهجية الكتاب ، هي : المجموعة الاُولى : الروايات الّتي تدلّ على أنَّ ليلة القدر في العشر الأُخَر من شهر رمضان (3) . المجموعة الثانية : الروايات الّتي تدلّ على تحرّيها في إحدى الليالي الثلاث : التاسعة عشرة ، الحادية والعشرين ، والثالثة والعشرين (4) . المجموعة الثالثة : الروايات الّتي تدلّ على أنّها في إحدى ليلتين : الليلة الحادية والعشرين ، أو الثّالثة والعشرين (5) . المجموعة الرابعة : الروايات الّتي تدلّ على أنَّ الليلة الثالثة والعشرين ، هي ليلة القدر على التحديد (6) . المجموعة الخامسة : الروايات الّتي تدلّ على أنَّ الليالي الثلاث : التّاسعة عشرة ، والحادية والعشرين والثّالثة والعشرين ، لكلّ واحدة منها دورها الّذي تنهض به في تحديد مقادير الإنسان وتقرير مصيره واُموره ، ولكن الدور الأساسي والأخير منوط بليلة الثّالثة والعشرين (7) . إنَّ التأمّل مليّا في هذه المجموعات الخمس الّتي أشرنا إليها ، يدلّل ليس على

.


1- .راجع : الدرّ المنثور : ج 8 ص 571 _ 583 .
2- .يلاحظ ممّا أوردناه في كتاب : شهر اللّه في الكتاب والسنّة ص 419 _ 428 ، وجود التوافق بين بعض روايات أهل السنّة وروايات أهل البيت عليهم السلام .
3- .راجع : ص 215 (أيّ ليلة هي؟ / في العشر الأواخر) .
4- .راجع : ص 215 (أيّ ليلة هي؟ / ليلة ثلاث وعشرين ، وإحدى وعشرين ، وتسع عشرة) .
5- .راجع : ص 216 (أيّ ليلة هي؟ / ليلة ثلاث وعشرين ، وإحدى وعشرين) .
6- .راجع : ص 216 (أيّ ليلة هي؟ / ليلة ثلاث وعشرين) .
7- .راجع : ص 217 (أي ليلة هي؟ / دور ثلاث ليالِ في التقدير) .

ص: 230

5 . ليلة القدر واختلاف المناطق

غياب التعارض فيما بينها وحسب ، بل يشير أيضا إلى تعاضدها وأنَّ بعضها يؤيّد بعضا ، وتوضيح : أنَّ ليلة القدر من منظور أحاديث أهل البيت عليهم السلام _ ومعها قدر لا يُستهان به من أحاديث أهل السنّة _ هي : الليلة الثّالثة والعشرون من شهر رمضان . وقد قال شيخ المحدّثين ابن بابويه ( ت 281 ق ) : « اتّفق مشايخنا رضي الله عنهم [ في ليلة القدر ] على أنّها الليلة الثالثة والعشرون من شهر رمضان » . (1) أمّا حثّ روايات المجموعة الاُولى والثانية والثالثة وتركيزها على إحياء العشر الأُخَر من شهر رمضان ، والمثابرة فيها على الأعمال الصالحة لدرك فضيلة ليلة القدر ، وكذلك ما أوصت به من إحياء الليالى التاسعة عشرة والحادية والعشرين والثالثة والعشرين أو الليلتين الحادية والعشرين والثّالثة والعشرين كما في بعضها الآخر ؛ فإنَّ ذلك كلّه يعود إلى الأمرين التاليين : أوّلاً : أن يحقّق المسلمون منافع أكبر من إحياء ليالي شهر رمضان ويكون لهم أوفر نصيب من هباتها وعطاياها ، ولذا جاء في نص روائي عن سرّ ستر ليلة القدر وتغييبها بين اللّيالي : « أنَّ اللّهَ إنَّما يَستُرُها عَنكم نَظَرا لَكم » . (2) وثانيا : أنَّ ليلة القدر وإن كانت هي الليلة الثّالثة والعشرين ، إلاّ أنَّ ذلك لا يعني غياب دور اللّيلتين التّاسعة عشرة والحادية والعشرين تماما ، بحيث ليس لهما مطلقا أي دور تؤدّيانه على صعيد تحديد مقادير الإنسان وتقرير مصيره .

5 . ليلة القدر واختلاف المناطقتبرز واحدة من المسائل المهمّة على صعيد البحث في ليلة القدر ، بطبيعة هذه اللّيلة ، وفيما إذا كانت واحدة في المناطق المختلفة أم متفاوتة ؟ لقد قاد البحث في هذه المسألة إلى تبلور عدد من النظريات ، نشير لها كما يلي :

.


1- .الخصال : ص 519 ح 7 ، بحار الأنوار : ج 97 ص 16 ح 31 .
2- .شرح نهج البلاغة : ج 20 ص 154 ؛ بحار الأنوار : ج 97 ص 5 ح 6 .

ص: 231

1 . النظرية المنسوبة إلى مشهور فقهاء الإمامية ، فيما يذهب إليه هؤلاء من عدم تساوي بداية الشهور القمرية في جميع البلدان ، بل يعدّ اتحاد الاُفق (1) بينها شرطا في ثبوت الهلال . والنتيجة الّتي تترتّب على هذه النظرية ، أنَّ ليلة القدر لن تكون واحدة في جميع المناطق والبلدان . 2 . ما ذهب إليه عدد من المحققين 2 ، من أنَّ بداية الشهور القمرية هي واحدة في جميع المناطق،وعندئذٍ إذا ثبت شهر رمضان في منطقة فسيثبت في بقية المناطق أيضا 3 . وَفقا للمبنى الّذي تستند إليه هذه النظرية ، فإنّ ليلة القدر واحدة في جميع

.


1- .إلاّ في الحالات الّتي يثبت فيها الهلال بالرؤية القطعية .

ص: 232

المناطق والأقاليم والبلدان . 3 . تفيد النظرية الثالثة إلى أنَّ ليلة القدر عبارة عن دورة كاملة للَّيل في كلّ الكرة

.

ص: 233

الأرضية ، وحينئذٍ ليس هناك فرق بين تساوي بداية الشهور القمرية في جميع الأقاليم والمناطق وبين اختلافها فيها . توضيح ذلك : « أنَّ اللَّيل عبارة عن ظلّ نصف الكرة الأرضية الساقط على النصف الآخر ، ونحن نعرف أنَّ هذا الظلّ في حركة تبعا لدوران الأرض ، بحيث تتمّ دورته الكاملة خلال أربع وعشرين ساعةً ، على هذا الأساس يمكن لليلة القدر أن تكون عبارة عن دورة ليليّة كاملة حول الأرض ، بمعنى أنَّ أربعا وعشرين ساعةً من الظلام الّذي يغطي جميع نقاط الأرض تمثّل ليلة القدر ، الّتي تبتدأ من نقطة معيّنة وتنتهي في نقطة اُخرى » (1) . على هذا الضوء ، يبدو من غير الصحيح فصل حكم ليلة القدر عن حكم اليوم الأوّل من الشهر ، فلو قبلنا استدلال النظرية الثالثة ، واعتبرنا ليلة القدر أربعا وعشرين ساعةً فيمكن أن نتعامل بالطريقة ذاتها مع اليوم الأوّل ونعدّه واحدا في جميع المناطق وفي الأقاليم كافّة ، خاصّةً وأنَّ إطلاقات الروايات ستكون مؤيّدة لذلك ، وحينئذٍ ستتوحّد هذه النظرية مع النظرية الثانية . أجل ، نحن نعتقد أنَّ النظرية الثانية أقرب إلى ظواهر القرآن والحديث وإلى مقتضى العقل والاعتبار ، على أنَّ هاهنا نقطة تضاف إلى كلّ الاستدلالات المذكورة لتحديد ليلة القدر وبيان وحدتها ، تتمثّل بموقف أهل البيت عليهم السلام ، فمقتضى الأهمية الاستثنائية الّتي تحظى بها ليلة القدر كانت تملي تنبيه أهل البيت عليهم السلاملتعدّدها لو كانت متعدّدة ، خاصّةً بعد أن اتّسعت جغرافية الإسلام إثر الفتوحات الإسلامية الضخمة الّتي امتدت إلى أقاصي بلدان العالم . ومع ذلك كلّه ، فإنَّ رعاية الاحتياط بملاحظة النظرية المشهورة ، يملي الاستفاضة بالمزيد من عطايا شهر رمضان وبركاته . لكن يالها من سعادة غامرة ينعم بها اُولئك النفر ممّن لا يحتاج إلى مثل هذا الكلام في تحديد ليلة القدر ومعرفتها ، فاُولئك يشاهدون حقائق هذه اللَّيلة ونزول

.


1- .تفسير نمونه : ج 27 ص 192 .

ص: 234

6 . أفضل أعمال ليلة القدر
اشاره

الملائكة والروح ببصيرة القلوب ، وهم من ثَمَّ ينغمرون بجلال هذه اللَّيلة وينعمون ببركاتها وهباتها على أفضل ما يُرجى ، على أنَّ هذه النعمة الّتي يحظى بها هؤلاء لا تقف عند حدود ليلة القدر ، بل تتخطّى ذلك إلى تحديد أوّل الشهر أيضا من دون حاجة إلى الاستهلال وإلى شهادة الشهود وإلى استعمال الأجهزة العلمية . إنّ الفقيه العارف الجليل السيّد ابن طاووس قدس سره يصف هذه الحالة بقوله : « اعلم أنّ تعريف اللّه _ جلّ جلاله _ لعباده بشيء من مراده فإنّه لا ينحصر بمجرّد العقل جميع أسبابه ، ولا يدرك بعين الشرع تفصيل أبوابه ؛ لأنّ اللّه _ جلّ جلاله _ قادر لذاته ، فهو قادر على أن يعرِّف عباده مهما شاء ومتى شاء بحسب إرادته ، وأعرف على اليقين من يعرف أوائل الشهور وإن لم يكن ناظرا إلى الهلال،ولا حضر عنده أحد من المشاهدين ، ولا يعمل على شيء ممّا تقدَّم من الروايات،ولا بقول منجّم ولا باستخارة ، ولا بقول أهل العدد ، ولا في المنام ، بل هو من فضل ربّ العالمين الّذي وهبه نور الألباب من غير سؤال،وألهمه العلم بالبديهيّات من غير طلب لتلك الحال، ولكن هو مكلَّف بذلك وحدَه على اليقين حيث علم به على التعيين » . (1) يبدو أنَّ الإشارة في النصّ هي إلى شخص السيّد ابن طاووس نفسه ، بيد أنّه امتنع عن التصريح نأيا عن امتداح النفس والثناء عليها .

6 . أفضل أعمال ليلة القدرفي سياق بيانه لنوافل ليالي شهر رمضان في المجلس الثالث والتسعين من كتاب « الأمالي » ، وبعد أن ذكر صلاة مِئَة ركعة لليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين ، عاد شيخ المحدّثين ابن بابويه قدس سرهليقول : « ومن أحيا هاتين الليلتين بمذاكرة العلم فهو أفضل » (2) .

.


1- .الإقبال : ج 1 ص 61 .
2- .الأمالي للصدوق : ص 747 .

ص: 235

أ _ أيّ علم وأيّ عبادة ؟
ب _ دور العبادة في انبثاق نور العلم

يبدو أنَّ هذا المطلب مستمدّ من حديث تكلّم فيه النَّبي صلى الله عليه و آله إلى أبي ذرّ ، ذكر فيه بالتفصيل أفضلية العلم وتفوّقه على العبادة ، جاء في آخره : « يا أبا ذَرٍّ الجُلوسُ ساعَةً عِندَ مُذاكرَةِ العِلمِ خَيرٌ لَك مِن عِبادَةِ سَنَةٍ صِيامِ نَهارِها وَقِيامِ لَيلِها » . (1) على أنَّ المدوّنات الروائية تضمّ بالإضافة إلى هذا الحديث عددا كبيرا من الروايات الصادرة عن أهل البيت عليهم السلام (2) ، ممّا له دلالة على أنَّ طلب العلم يفوق العبادة ويرجّح عليها بمراتب ، لإضاءة هذه المسألة بالمزيد من الإيضاحات ، من الضروري الانتباه إلى الاُمور التالية :

أ _ أيّ علم وأيّ عبادة ؟حسبا للرّؤية الفقهية لعمليّة التّعلم خمسة احكام ، والتأمّل في نصوص الأحاديث الّتي ترجّح العلم على العبادة يشير بوضوح ، أنَّ المقصود هو ترجيح التعلّم الواجب أو المستحبّ على العبادات المستحبّة (3) .

ب _ دور العبادة في انبثاق نور العلمللعبادات من منظور النصوص الإسلامية دورها الأساسي الّذي تنهض به في انبثاق نور العلم ودوامه (4) ، من هذا المنطلق لا تهدف الأحاديث الّتي ترجّح العلم على العبادات تضعيف العبادة أو إنكار دورها الإيجابي الفاعل الّذي تقوم به إلى جوار العلم ، وإنّما تبتغي التركيز على تقارن العبادة مع العلم وأنّهما توأمان ، ومن ثَمَّ فهي تأتي في سياق التحذير من العبادة الجاهلة الّتي لا يسندها العلم ، فمثل هذه

.


1- .جامع الأخبار : ص 109 ح 195 ، بحار الأنوار : ج 1 ص 203 ح 21 .
2- .راجع : العلم والحكمة في الكتاب والسنة : ص 218 « فضل طلب العلم على العبادة » .
3- .لتوضيح هذه النقطة والّتي تليها أكثر ، راجع : العلم والحكمة في الكتاب والسنة : ص 223 « تنبيهات حول فضل العلم على العبادة » .
4- .راجع : العلم والحكمة في الكتاب والسنة : ص 145 _ 154 «مبادئ الإلهام » .

ص: 236

ج _ سيرة أهل البيت

العبادة لا قيمة لها ، ليس ذلك وحسب ، بل هي منشأ للخطر أيضا .

ج _ سيرة أهل البيتدراسة السيرة العملية لأهل البيت عليهم السلام في ليلة القدر ، وتأمّل اهتمامهم الفائق بالعبادة والذكر في اللّيالى التّاسعة عشرة والحادية والعشرين والثّالثة والعشرين وملاحظة التعاليم الّتي عرضوها ، والوصايا الّتي تركوها من أجل تحقيق أقصى حالات الانتفاع من هذه اللَّيالي ؛ كلّها عوامل تدلل بوضوح على ضرورة إحياء هذه اللَّيالي في التّوجّه إلى العبادة والتّضرّع والذكر والأنس باللّه سبحانه ، ما خلا بعض الموارد الاستثنائية . على أنَّ هذا لا يعني تعذّر تخصيص جزء من ليلة القدر للتأليف (1) ، أو تبيين المعارف والعلوم لما يؤدّي إلى رقي المستوى المعرفي والعلمي للناس ، إنّما المقصود هو التنبيه لعدم الغفلة عن بركات الأنس مع اللّه والانغمار في لذّة التّضرّع بين يديه سبحانه ، بذريعة الاستناد إلى روايات ترجيح العلم على العبادة .

.


1- .عمد عدد من العلماء الأجلاّء على إنهاء مؤلفاتهم المعروفة في ليلة القدر ، كما حصل للشيخ محمّد حسن صاحب الجواهر _ رضوان اللّه عليه _ الّذي أنهى العمل على كتابه الجليل ليلة الثالث والعشرين من شهر رمضان . وكذلك فعل الحكيم السبزواري الّذي انتهى من وضع مؤلفه في يوم الثالث والعشرين من شهر رمضان عام 1261 ق . الأمر نفسه نلمسه عند المفسر القرآني البارز العلاّمة الطباطبائي الّذي ختم تفسيره القيّم « الميزان في تفسير القرآن » في الثالث والعشرين من شهر رمضان سنة 1392 ق . أمّا بشأن كاتب هذه السطور الّذي يفخر بخدمة أحاديث أهل البيت عليهم السلام والعناية بها ، فقد انتهيت من العمل بكتاب « ميزان الحكمة » في الثالث والعشرين من شهر رمضان سنة 1405 ق ، بفضل اللّه ومنّته .

ص: 237

الفصل الثالث : آداب ليلة القدر المشتركة
3 / 1 الغسل

الفصل الثالث : آدابُ لَيلَةِ القَدرِ المُشتَرَكَةُ3 / 1الغُسلالإمام الصادق عليه السلام :اِغتَسِل لَيلَةَ تِسعَ عَشرَةَ مِن شَهرِ رَمَضانَ ، وإحدى وعِشرينَ ، وثَلاثٍ وعِشرينَ ، وَاجهَد أن تُحيِيَها (1) . (2)

عنه عليه السلام :غُسلُ لَيلَةِ إحدى وعِشرينَ ، وغُسلُ لَيلَةِ ثَلاثٍ وعِشرينَ سُنَّةٌ لا تَترُكها ؛ فَإِنَّهُ يُرجى في إحداهُنَّ لَيلَةُ القَدرِ . (3)

تهذيب الأحكام عن بكير بن أعين :سَأَلتُ أبا عَبدِاللّهِ عليه السلام : في أيِّ اللَّيالي أغتَسِلُ في شَهرِ رَمَضانَ؟ قالَ : «في تِسعَ عَشرَةَ ، وفي إحدى وعِشرينَ ، وفي ثَلاثٍ وعِشرينَ ، وَالغُسلُ أوَّلَ اللَّيلِ» . قُلتُ : فَإِن نامَ بَعدَ الغُسلِ؟ قال : «هُوَ مِثلُ غُسلِ يَومِ الجُمُعَةِ ، إذَا اغتَسَلتَ بَعدَ الفَجرِ أجزَأَكَ» . (4)

.


1- .في بحار الأنوار : «تحييهما» .
2- .الهداية : ص 196 ، بحار الأنوار : ج 97 ص 8 ح 11 .
3- .الكافي : ج 3 ص 40 ح 2 .
4- .تهذيب الأحكام : ج 1 ص 373 ح 1142 ، بحار الأنوار : ج 97 ص 12 ح 17 .

ص: 238

3 / 2 الإحياء
3 / 3 الدّعاء
أ _ تأكيد الدّعاء في ليلة القدر

3 / 2الإِحياءرسول اللّه صلى الله عليه و آله :مَن أحيا لَيلَةَ القَدرِ حُوِّلَ عَنهُ العَذابُ إلَى السَّنَةِ القابِلَةِ . (1)

الإمام الباقر عن آبائه عليهم السلام: إنَّ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله نَهى أن يُغفَلَ عَن لَيلَةِ إحدى وعِشرينَ ، وعَن لَيلَةِ ثَلاثٍ وعِشرينَ ، ونَهى أن يَنامَ أحَدٌ تِلكَ اللَّيلَةَ . (2)

الأمالي عن يحيى بن العلاء :كانَ أبو عَبدِاللّهِ عليه السلام مَريضا دَنِفا (3) فَأَمَرَ ، فَاُخرِجَ إلى مَسجِدِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، فَكانَ فيهِ حَتّى أصبَحَ لَيلَةَ ثَلاثٍ وعِشرينَ مِن شَهرِ رَمَضانَ . (4)

الإمام الكاظم عليه السلام :مَنِ اغتَسَلَ لَيلَةَ القَدرِ وأحياها إلى طُلوعِ الفَجرِ خَرَجَ مِن ذُنوبِهِ . (5)

راجع : ص 244 ، ح 302 . ص 247 (ما يختصّ بالليلة الثالثة والعشرين / تأكيد الأحياء) .

3 / 3الدُّعاءأ _ تَأكيدُ الدُّعاءِ في لَيلَةِ القَدرِالكافي عن الفضيل بن يسار :كانَ أبوجَعفَرٍ عليه السلام إذا كانَت لَيلَةُ إحدى وعِشرينَ ،

.


1- .الإقبال : ج 1 ص 345 ، بحار الأنوار : ج 98 ص 145 ح 3 .
2- .دعائم الإسلام : ج 1 ص 281 ، بحار الأنوار : ج 97 ص 9 ح 12 .
3- .أدنف المريض ودَنِف : ثقل بالمرض ودنا من الموت (مجمع البحرين : ج 1 ص 612) .
4- .الأمالي للطوسي : ص 676 ح 1428 ، بحار الأنوار : ج 97 ص 4 ح 4 .
5- .فضائل الأشهر الثلاثة : ص 137 ح 146 ، بحار الأنوار : ج 83 ص 128 ح 84 .

ص: 239

ب _ أدعية ليلة القدر

ولَيلَةُ ثَلاثٍ وعِشرينَ أخَذَ فِي الدُّعاءِ حَتّى يَزولَ اللَّيلُ ، فَإِذا زالَ اللَّيلُ صَلّى . (1)

الإقبال عن حمّاد بن عثمان :دَخَلتُ عَلى أبي عَبدِاللّهِ عليه السلام لَيلَةَ إحدى وعِشرينَ مِن شَهرِ رَمَضانَ ، فَقالَ لي : «يا حَمّادُ ، اغتَسَلتَ؟» قُلتُ : نَعَم ، جُعِلتُ فِداكَ ! فَدَعا بِحَصيرٍ ، ثُمَّ قالَ : «إلى لِزقي فَصَلِّ» . فَلَم يَزَل يُصَلِّي وأنَا اُصَلِّي إلى لِزقِهِ حَتّى فَرَغنا مِن جَميعِ صَلاتِنا ، ثُمَّ أخَذَ يَدعو وأنَا اُؤَمِّنُ عَلى دُعائِهِ إلى أنِ اعتَرَضَ الفَجرُ ، فَأَذَّنَ وأقامَ ودَعا بَعضَ غِلمانِهِ ، فَقُمنا خَلفَهُ فَتَقَدَّمَ وصَلّى بِنا الغَداةَ . (2)

راجع : ص 121 (ما يؤكّد استحبابه من الأعمال / كثرة الدعاء والذكر) .

ب _ أدعِيَةُ لَيلَةِ القَدرِالمعجم الأوسط :عَن عَبدِ اللّهِ بنِ يَزيدَ عَن عائِشَةَ أنَّها قالَت : يا رَسولَ اللّهِ ، إن وافَقتُ لَيلَةَ القَدرِ ما أسأَلُ اللّهَ؟ قالَ [ صلى الله عليه و آله ] : «سَليهِ العافِيَةَ» . (3)

الإقبال :دُعاءُ الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ عليهماالسلام في لَيلَةِ القَدرِ : يا باطِنا في ظُهورِهِ ويا ظاهِرا في بُطونِهِ ، يا باطِنا لَيسَ يَخفى يا ظاهرا لَيسَ يُرى ، يا مَوصوفا لا يَبلُغُ بَكَينونِيَّتِهِ (4) مَوصوفٌ ولا حَدٌّ مَحدودٌ ، يا غائِبا غَيرَ مَفقودٍ ويا شاهِدا غَيرَ مَشهودٍ يُطلَبُ فَيُصابُ ، ولَم يَخلُ مِنهُ السَّمَاواتُ وَالأَرضُ وما بَينَهُما طَرفَةَ عَينٍ ، لا يُدرَكُ بِكَيفٍ ، ولا يُؤَيَّنُ بِأَينٍ ، ولا بِحَيثٍ .

.


1- .الكافي : ج 4 ص 155 ح 5 ، بحار الأنوار : ج 97 ص 16 ح 29 .
2- .الإقبال : ج 1 ص 366 ، بحار الأنوار : ج 98 ص 157 ح 4 .
3- .المعجم الأوسط : ج 3 ص 66 ح 2500 ؛ مستدرك الوسائل : ج 7 ص 458 ح 8654 نحوه .
4- .في المصدر : «بكينونته» ، والتصحيح من البحار .

ص: 240

نكتة لطيفة

أنتَ نورُ النّورِ ورَبُّ الأَربابِ ، أحَطتَ بِجَميعِ الاُمورِ ، سُبحانَ مَن لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ وهُوَ السَّميعُ البَصيرُ ، سُبحانَ مَن هُوَ هكَذا ولا هكَذا غَيرُهُ . ثُمَّ تَدعوهُ بِما تُريدُ . (1)

راجع : ص 193 (الأعمال المختصّة بالعشر الأواخر / الدعاء) .

نكتة لطيفةقالَ السيّد ابن طاووس قدس سره : كنت في ليلة جليلة من شهر رمضان بعد تصنيف هذا الكتاب بزمان ، وأنا أدعو في السّحر لمن يجب أو يحسن تقديم الدعاء له ولي ولمن يليق بالتّوفيق أن أدعو له ، فورد على خاطري أنّ الجاحدين للّه _ جلّ جلاله _ ولنعمه والمستخفّين بحرمته ، والمبدّلين لحكمه في عباده وخليقته ، ينبغي أن يبدأ بالدّعاء لهم بالهداية من ضلالتهم ؛ فإنّ جنايتهم على الرّبوبية ، والحكمة الإلهيّة ، والجلالة النّبويّة أشدّ من جناية العارفين باللّه وبالرّسول صلوات اللّه عليه وآله . فيقتضي تعظيم اللّه وتعظيم جلاله ، وتعظيم رسوله صلى الله عليه و آله وحقوق هدايته بمقاله وفعاله ، أن يقدّم الدّعاء بهداية من هو أعظم ضرراً ، وأشدّ خطراً ، حيث لم يقدر أن يزال ذلك بالجهاد ، ومنعهم من الإلحاد والفساد . أقول : فدعوت لكلّ ضالّ عن اللّه بالهداية إليه ، ولكلّ ضالّ عن الرّسول بالرّجوع إليه ، ولكلّ ضالّ عن الحقّ بالاعتراف به والاعتماد عليه . ثمّ دعوت لأهل التّوفيق والتّحقيق بالثّبوت على توفيقهم ، والزّيادة في تحقيقهم ، ودعوت لنفسي ومن يعنيني أمره بحسب ما رجوته من التّرتيب الّذي يكون أقرب إلى من أتضرّع إليه ، وإلى مراد رسوله صلى الله عليه و آله ، وقد قدّمت مهمّات الحاجات بحسب ما رجوت أن يكون أقرب إلى الإجابات .

.


1- .الإقبال : ج 1 ص 382 ، بحار الأنوار : ج 98 ص 165 ح 5 وفيه «دعاء عليّ بن الحسين عليهماالسلام» .

ص: 241

ج _ الاِستشفاع بالقرآن

أفلا ترى ما تضمّنه مقدّس القرآن من شفاعة إبراهيم عليه السلام في أهل الكفران!؟ فقال اللّه جل جلاله : «يُجَ_دِلُنَا فِى قَوْمِ لُوطٍ * إِنَّ إِبْرَ هِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّ هٌ مُّنِيبٌ » (1) ، فمدحه جلّ جلاله على حلمه وشفاعته ومجادلته في قوم لوط ، الّذين قد بلغ كفرهم إلى تعجيل نقمته . أما رأيت ما تضمّنته أخبار صاحب الرّسالة _ وهو قدوة أهل الجلالة _ كيف كان كلّما آذاه قومه الكفّار وبالغوا فيما يفعلون . قال صلوات اللّه عليه وآله : «اللّهُمَّ اغفِر لِقَومي ؛ فَإِنَّهُم لا يَعلَمونَ» . أما رأيت الحديث عن عيسى عليه السلام : «كُن كَالشَّمسِ تَطلُعُ عَلَى البَرِّ وَالفاجِرِ»!؟ وقول نبيّنا صلوات اللّه عليه وآله : «اِصنَعِ الخَيرَ إلى أهلِهِ وإلى غَيرِ أهلِهِ ؛ فَإِن لَم يَكُن أهلَهُ فَكُن أنتَ أهلَهُ» . وقد تضمّن ترجيح مقام المحسنين إلى المسيئين قوله جلّ جلاله : «لاَّ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَ_تِلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَ لَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَ_رِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَ تُقْسِطُواْ إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ » (2) ، ويكفي أنّ محمّداً صلى الله عليه و آله بعث رحمةً للعالمين . (3)

ج _ الاِستِشفاعُ بِالقُرآنِالإمام الباقر عليه السلام :تَأخُذُ المُصحَفَ في ثَلاثِ لَيالٍ مِن شَهرِ رَمَضانَ ، فَتَنشُرُهُ وتَضَعُهُ بَينَ يَدَيكَ وتَقولُ : اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِكِتابِكَ المُنزَلِ وما فيهِ ، وفيهِ اسمُكَ الأَكبَرُ وأسماؤُكَ الحُسنى وما يُخافُ ويُرجى ، أن تَجعَلَني من عُتَقائِكَ مِنَ النَّارِ . وتَدعو بِما بَدا لَكَ مِن حاجَةٍ . (4)

.


1- .هود : 75 .
2- .الممتحنة : 8 .
3- .الإقبال : ج 1 ص 384 .
4- .الإقبال : ج 1 ص 346 ، بحار الأنوار : ج 98 ص 146 .

ص: 242

د _ الاِستشفاع بالقرآن وأهل البيت
3 / 4 زيارة الإمام الحسين

د _ الاِستِشفاعُ بِالقُرآنِ وأهلِ البَيتِالإقبال عن الإمام الصادق عليه السلام :خُذِ المُصحَفَ فَدَعهُ عَلى رَأسِكَ وقُل : اللّهُمَّ بِحَقِّ هذَا القُرآنِ ، وبِحَقِّ مَن أرسَلتَهُ بِهِ ، وبِحَقِّ كُلِّ مُؤمِنٍ مَدَحتَهُ فيهِ ، وبَحَقِّكَ عَلَيهِم فَلا أحَدَ أعرَفُ بِحَقِّكَ مِنكَ ، بِكَ يا أللّهُ _ عَشرَ مَرّاتٍ _ ثُمَّ تَقولُ : بِمُحَمَّدٍ _ عَشرَ مَرّاتٍ _ ، بِعَلِيٍّ _ عَشرَ مَرّاتٍ _ ، بِفاطِمَةَ _ عَشرَ مَرّاتٍ _ ، بِالحَسَنِ _ عَشرَ مَرّاتٍ _ ، بِالحُسَينِ _ عَشرَ مَرّاتٍ _ ، بِعَلِيِّ بنِ الحُسَينِ _ عَشرَ مَرّاتٍ _ ، بِمُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ _ عَشرَ مَرّاتٍ _ ، بِجَعفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ _ عَشَرَ مَرّاتٍ _ ، بِموسَى بنِ جَعفَرٍ _ عَشرَ مَرّاتٍ _ ، بِعَلِيِّ بنِ موسى _ عَشرَ مَرّاتٍ _ ، بِمُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ _ عَشرَ مَرّاتٍ _ ، بِعَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ _ عَشرَ مَرّاتٍ _ ، بِالحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ _ عَشرَ مَرّاتٍ _ ، بِالحُجَّةِ _ عَشرَ مَرّاتٍ _ وتَسأَلُ حاجَتَكَ . وذَكَرَ في حَديثِهِ إجابَةَ الدّاعي وقَضاءَ حَوائِجِهِ . (1)

الإمام الكاظم عليه السلام :خُذِ المُصحَفَ في يَدِكَ وَارفَعهُ فَوقَ رَأسِكَ وقُل : اللّهُمَّ بِحَقِّ هذَا القُرآنِ ، وبِحَقِّ مَن أرسَلتَهُ إلى خَلقِكَ ، وبِكُلِّ آيَةٍ هِيَ فيهِ ، وبِحَقِّ كُلِّ مُؤمِنٍ مَدَحتَهُ فيهِ ، وبِحَقِّهِ عَلَيكَ ولا أحَدَ أعرَفُ بِحَقِّهِ مِنكَ . يا سَيِّدي يا سَيِّدي يا سَيِّدي ، يا أللّهُ يا أللّهُ يا أللّهُ _ عَشرَ مَرّاتٍ _ ، وبِحَقِّ مُحَمَّدٍ _ عَشرَ مَرّاتٍ _ ، و بِحَقِّ كُلِّ إمامٍ _ وتَعُدُّهُم حَتّى تَنتَهِيَ إلى إمامِ زَمانِكَ _ عَشرَ مَرّاتٍ _ . فَإِنَّكَ لا تَقومُ مِن مَوضِعِكَ حَتّى يُقضى لَكَ حاجَتُكَ ، وتَيَسَّرَ لَكَ أمرُكَ . (2)

3 / 4زِيارَةُ الإمامِ الحُسَينِالإمام الصادق عليه السلام :إذا كانَ لَيلَةُ القَدرِ وفيها يُفرَقُ كُلُّ أمرٍ حَكيمٍ ، نادى مُنادٍ تِلكَ

.


1- .الإقبال : ج 1 ص 346 ، بحار الأنوار : ج 98 ص 146 .
2- .الإقبال : ج 1 ص 347 ، بحار الأنوار : ج 98 ص 146 .

ص: 243

3 / 5 الصّلاة
أ _ تأكيد الصّلاة في ليلة القدر
ب _ صلاة ركعتين
ج _ صلاة مئة ركعة

اللَّيلَةَ مِن بُطنانِ العَرشِ : إنَّ اللّهَ تَعالى قَد غَفَرَ لِمَن أتى قَبرَ الحُسَينِ عليه السلام في هذِهِ اللَّيلَةِ . (1)

راجع : ص 248 (ما يختصّ بالليلة الثالثة والعشرين / تأكيد زيارة الحسين) .

3 / 5الصَّلاةأ _ تَأكيدُ الصَّلاةِ في لَيلَةِ القَدرِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :مَن صَلّى لَيلَةَ القَدرِ إيمانا وَاحتِسابا غَفَرَ اللّهُ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ . (2)

راجع : ص 238 (آداب ليلة القدر المشتركة / الإحياء) . ص 238 (تأكيد الدعاء في ليلة القدر) . ص 244 ، ح 302 .

ب _ صَلاةُ رَكعَتَينِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :مَن صَلّى رَكعَتَينِ في لَيلَةِ القَدرِ ، يَقرَأُ في كُلِّ رَكعَةٍ : «فاتِحَةَ الكِتابِ» مَرَّةً و «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ » سَبعَ مَرّاتٍ ، فَإِذا فَرَغَ يَستَغفِرُ سَبعينَ مَرَّةً ، لا يَقومُ مِن مَقامِهِ حَتّى يَغفِرَ اللّهُ لَهُ ولِأَبَوَيهِ، وبَعَثَ اللّهُ مَلائِكَةً يَكتُبونَ لَهُ الحَسَناتِ إلى سَنَةٍ اُخرى ، وبَعَثَ اللّهُ مَلائِكَةً إلَى الجِنانِ يَغرِسونَ لَهُ الأَشجارَ ، ويَبنونَ لَهُ القُصورَ ، ويُجرونَ لَهُ الأَنهارَ ، ولا يَخرُجُ مِنَ الدُّنيا حَتّى يَرى ذلِكَ كُلَّهُ . (3)

ج _ صَلاةُ مِئَةِ رَكعَةٍ (4)فضائل الأشهر الثلاثة عن إسماعيل بن مهران عن الإمام الصادق عليه السلام :«مَنِ اغتَسَلَ

.


1- .تهذيب الأحكام : ج 6 ص 49 ح 111 ، بحار الأنوار : ج 98 ص 166 ح 5 .
2- .الأمالي للطوسي : ص 150 ح 247 ؛ صحيح البخاري : ج 2 ص 672 ح 1802 .
3- .الإقبال : ج 1 ص 344 ، بحار الأنوار : ج 98 ص 144 ح 3 .
4- .قال الشيخ الحرّ العاملي رحمه الله في وسائله : إنّ هذه المئة ركعة يحتمل كونها من جملة الألف ، ويحتمل عدم التداخل (وسائل الشيعة : ج 8 ص 21) .

ص: 244

لَيالِيَ الغُسلِ مِن شَهرِ رَمَضانَ ، خَرَجَ مِن ذُنوبِهِ كَهَيئَةِ يَومَ وَلَدَتهُ اُمُّهُ ...» . فَقُلتُ : هَل فيها صَلاةٌ غَيرُ ما في سائِرِ لَيالِي الشَّهرِ؟ قالَ : «لا ، إلاّ في لَيلَةِ إحدى وعِشرينَ ، وثَلاثٍ وعِشرينَ ؛ فَإِنَّ فيها يَرجو لَيلَةَ القَدرِ ، ويُستَحَبُّ أن يُصَلِّيَ في كُلِّ لَيلَةٍ مِنها مِئَةَ رَكعَةٍ ، في كُلِّ رَكعَةٍ : «الحَمدُ» مَرَّةً ، و «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ » مِئَةً ، فَإِن فَعَلَ ذلِكَ أعتَقَهُ اللّهُ مِنَ النّارِ وأوجَبَ لَهُ الجَنَّةَ ، وشَفَّعَهُ في مِثلِ رَبيعَةَ ومُضَرَ» . (1)

الكافي عن عليّ بن أبي حمزة الثمالي :كُنتُ عِندَ أبي عَبدِاللّهِ عليه السلام فَقالَ لَهُ أبوبَصيرٍ : جُعِلتُ فِداكَ ! اللَّيلَةُ الَّتي يُرجى فيها ما يُرجى؟ فَقالَ : «في إحدى وعِشرينَ ، أو ثَلاثٍ وعِشرينَ ، _ إلى أن قالَ _ فَاطلُبها في لَيلَةِ إحدى وعِشرينَ ، وثَلاثٍ وعِشرينَ ، وصَلِّ في كُلِّ واحِدَةٍ مِنهُما مِئَةَ رَكعَةٍ ، وأحيِهِما إنِ استَطَعتَ إلَى النّورِ وَاغتَسِل فيهِما» . قُلتُ : فَإِن لَم أقدِر عَلى ذلِكَ وأنَا قائِمٌ؟ قالَ : «فَصَلِّ وأنتَ جالِسٌ» . قُلتُ : فَإِن لَم أستَطِع؟ قالَ : «فَعَلى فِراشِكَ ، لا عَلَيكَ أن تَكتَحِلَ أوَّلَ اللَّيلِ بِشَيءٍ مِنَ النَّومِ» . (2)

راجع : ص 248 (ما يختصّ بالليلة الثالثة والعشرين / تأكيد الصلاة مئة ركعة) .

.


1- .فضائل الأشهر الثلاثة : ص 137 ح 147 .
2- .الكافي : ج 4 ص 156 ح 2 ، بحار الأنوار : ج 97 ص 2 ح 4 .

ص: 245

الفصل الرابع : مايختصّ بإحدى اللّيالي
4 / 1 ما يختصّ باللّيلة التّاسعة عشرة

الفصل الرابع : مايَختَصُّ بِإِحدَى اللَّيالي4 / 1ما يَختَصُّ بِاللَّيلَةِ التّاسِعَةَ عَشرَةَالإقبال :رُويَ أنَّهُ يُستَغفَرُ لَيلَةَ تِسعَ عَشرَةَ مِن شَهرِ رَمَضانَ مِئَةَ مَرَّةٍ ، ويُلعَنُ قاتِلُ مَولانا عَلِيٍّ عليه السلام مِئَةَ مَرَّةٍ . (1)

مسارّ الشيعة :وفي لَيلَةِ تِسعَ عَشرَةَ مِنهُ يُكتَبُ وَفدُ الحاجِّ ، وفيها ضُرِبَ مَولانا أميرُالمُؤمِنينَ عَلِيُّ بنُ أبي طالبٍ عليه السلام الضَّربَةَ الَّتي قَضى فيها نَحبَهُ عليه السلام ، وفيها غُسلٌ ... ، ويُصَلّى فيها مِنَ الأَلفِ رَكعَةٍ مِئَةَ رَكعَةٍ عَلَى التَّمامِ . ويُستَحَبُّ فيها كَثرَةُ الاِستِغفارِ ، وَالصَّلاةُ عَلى نَبِيِّ اللّهِ مُحَمَّدِ بنِ عَبدِاللّهِ صلى الله عليه و آله وَالاِبتِهالُ إلَى اللّهِ تَعالى في تَجديدِ العَذابِ عَلى ظالِمِيهِم مِن سائِرِ الأَنامِ، والإِكثارُ مِنَ اللَّعنَةِ عَلى قاتِلِ أميرِالمُؤمِنينَ عليه السلام ، وهِيَ لَيلَةٌ يَتَجَدَّدُ فيها حُزنُ أهلِ الإِيمانِ . (2)

.


1- .الإقبال : ج 1 ص 344 ، بحارالأنوار : ج 98 ص 144 ح 3 .
2- .مسارّ الشيعة : ص 25 .

ص: 246

4 / 2 ما يختصّ باللّيلة الحادية والعشرين
أ _ تأكيد الغسل
ب _ تأكيد الاِهتمام بهذه اللّيلة

4 / 2ما يَختَصُّ بِاللَّيلَةِ الحادِيَةِ وَالعِشرينَأ _ تَأكيدُ الغُسلِالإمام الصادق عليه السلام :غُسلُ لَيلَةِ إحدى وعِشرينَ مِن شَهرِ رَمَضانَ سُنَّةٌ . (1)

راجع : ص 237 (آداب ليلة القدر المشتركة / الغسل) .

ب _ تَأكيدُ الاِهتِمامِ بِهذِهِ اللَّيلَةِالشيخ المفيد قدس سره2 في مسارّ الشيعة : في لَيلَةِ إحدى وعِشرينَ مِنهُ كانَ الإِسراءُ بِرَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، وفيها رَفَعَ اللّهُ عيسَى بنَ مَريَمَ عليهماالسلام ، وفيها قُبِضُ موسَى بنُ عِمرانَ عليه السلام ، وفي مِثلِها قُبِضُ وَصِيُّهُ يوشَعُ بنُ نونٍ عليه السلام ، وفيها كانَت وَفاةُ أميرِالمُؤمِنينَ عليه السلام سَنَةَ أربَعينَ مِنَ الهِجرَةِ ولَهُ يَومَئِذٍ ثَلاثٌ وسِتّونَ سَنَةً . وهِيَ اللَّيلَةُ الَّتي يَتَجَدَّدُ فيها أحزانُ آلِ مُحَمَّدٍ عليهم السلام وأشياعِهِم ، وَالغُسلُ فيها كَالَّذي ذَكَرتُهُ ، وصَلاةُ مِئَةِ رَكعَةٍ كَصَلاةِ لَيلَةِ تِسعَ عَشرَةَ حَسَبَ ما قَدَّمناهُ . وَالإِكثارُ مِنَ الصَّلاةِ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ عليهم السلام ، وَالاِجتِهادُ فِي الدُّعاءِ عَلى

.


1- .الإقبال : ج 1 ص 359 ، بحارالأنوار : ج 81 ص 19 ح 25 .

ص: 247

4 / 3 ما يختصّ باللّيلة الثّالثة والعشرين
أ _ تأكيد الغسل
ب _ تأكيد الإحياء

ظالِمِيهِم ، ومُواصَلَةُ اللَّعنَةِ عَلى قاتِلي أميرِالمُؤمِنينَ عليه السلام ، ومَن طَرَّقَ عَلى ذلِكَ وسَبَّبَهُ ، وآثَرَهُ ورَضِيَهُ مِن سائِرِ النّاسِ . (1)

4 / 3ما يَختَصُّ بِاللَّيلَةِ الثّالِثَةِ وَالعِشرينَأ _ تَأكيدُ الغُسلِالإقبال عن بريد بن معاوية عن الإمام الصادق عليه السلام ، قال :رَأَيتُهُ اغتَسَلَ في لَيلَةِ ثَلاثٍ وعِشرينَ مِن شَهرِ رَمَضانَ ، مَرَّةً في أوَّلِ اللَّيلِ ، ومَرَّةً في آخِرِهِ . (2)

راجع : ص 237 (آداب ليلة القدر المشتركة / الغسل) .

ب _ تَأكيدُ الإِحياءِالإمام عليّ عليه السلام :إنَّ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله كانَ يَطوي فِراشَهُ ، ويَشُدُّ مِئزَرَهُ فِي العَشرِ الأَواخِرِ مِن شَهرِ رَمَضانَ ، وكانَ يوقِظُ أهلَهُ لَيلَةَ ثَلاثٍ وعِشرينَ ، وكانَ يَرُشُّ وُجوهَ النِّيامِ بِالماءِ في تِلكَ اللَّيلَةِ . (3)

دعائم الإسلام :كانَت فاطِمَةُ عليهاالسلام لا تَدَعُ أحَداً مِن أهلِها يَنامُ تِلكَ اللَّيلَةَ [ اللَّيلَةَ الثّالِثَةَ وَالعِشرينَ] وتُداويهِم بِقِلَّةِ الطَّعامِ ، وتَتَأَهَّبُ لَها مِنَ النَّهارِ ، وتَقولُ : «مَحرومٌ مَن حُرِمَ خَيرَها» . (4)

الإقبال عن جميل وهشام وحفص :مَرِضَ أبو عَبدِاللّهِ عليه السلام مَرَضا شَديداً ، فَلَمّا كانَ

.


1- .مسارّ الشيعة : ص 26 .
2- .الإقبال : ج 1 ص 375 ، بحار الأنوار : ج 81 ص 20 ح 25 .
3- .دعائم الإسلام : ج 1 ص 282 ، بحارالأنوار : ج 97 ص 10 ح 12 .
4- .دعائم الإسلام : ج 1 ص 282 ، بحارالأنوار : ج 97 ص 10 ح 12 .

ص: 248

ج _ تأكيد الصّلاة مئة ركعة
د _ تأكيد زيارة الإمام الحسين

لَيلَةُ ثَلاثٍ وعِشرينَ أمَرَ مَوالِيَهُ فَحَمَلوهُ إلَى المَسجِدِ ، فَكانَ فيهِ لَيلَتَهُ . (1)

راجع : ص 238 (آداب ليلة القدر المشتركة / الإحياء) .

ج _ تَأكيدُ الصَّلاةِ مِئَةَ رَكعَةٍالإمام الباقر عليه السلام :مَن أحيا لَيلَةَ ثَلاثٍ وعِشرينَ مِن شَهرِ رَمَضانَ ، وصَلّى فيها مِئَةَ رَكعَةٍ وَسَّعَ اللّهُ عَلَيهِ مَعيشَتَهُ ، وكَفاهُ أمرَ مَن يُعاديهِ ، وأعاذَهُ مِنَ الغَرقِ ، وَالهَدمِ ، وَالسَّرَقِ ، ومِن شَرِّ الدُّنيا ، ورَفَعَ عَنهُ هَولَ مُنكَرٍ ونَكيرٍ ، وخَرَجَ مِن قَبرِهِ ونورُهُ يَتَلَألَأُ لِأَهلِ الجَمعِ ، ويُعطى كِتابُهُ بِيَمينِهِ ، ويُكتَبُ لَهُ بَراءَةٌ مِنَ النّارِ ، وجَوازٌ عَلَى الصِّراطِ ، وأمانٌ مِنَ العَذابِ ، ويَدخُلُ الجَنَّةَ بِغَيرِ حِسابٍ ، ويُجعَلُ فيها مِن رُفَقاءِ (2) النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقينَ وَالشُّهَداءُ وَالصّالِحينَ وحَسُنَ اُولئِكَ رَفيقاً . (3)

الإمام الصادق عليه السلام :يُستَحَبُّ أن يُصَلّى فيها مِئَةَ رَكعَةٍ يُقرَأُ في كُلِّ رَكعَةٍ : «الحَمدُ» وعَشرَ مَرّاتٍ « قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ » . (4)

د _ تَأكيدُ زِيارَةِ الإِمامِ الحُسَينِالإمام الرضا عليه السلام :وَليَحرِص مَن زارَ الحُسَينَ عليه السلام في شَهرِ رَمَضانَ أن لايَفوتَهُ لَيلَةُ الجُهَنِيِّ عِندَهُ ، وهِيَ لَيلَةُ ثَلاثٍ وعِشرينَ ؛ فَإِنَّهَا اللَّيلَةُ المَرجُوَّةُ . (5)

الإمام الجواد عليه السلام :مَن زارَ الحُسَينَ عليه السلام لَيلَةَ ثَلاثٍ وعِشرينَ مِن شَهرِ رَمَضانَ وهِيَ اللَّيلَةُ الَّتي يُرجى أن تَكونَ لَيلَةَ القَدرِ ، وفيها يُفرَقُ كُلُّ أمرٍ حَكيمٍ ، صافَحَهُ روحُ أربَعَةٍ وعِشرينَ ألفِ مَلَكٍ ونَبِيٍّ ، كُلُّهُم يَستَأذِنُ اللّهَ في زِيارَةِ الحُسَينِ عليه السلام

.


1- .الإقبال : ج 1 ص 386 ، بحارالأنوار : ج 98 ص 169 ح 5 .
2- .في المصدر : «ويجعل فيه رفقاء ...» ، والصواب ما أثبتناه كما في المصادر الاخرى.
3- .فضائل الأشهر الثلاثة : ص 138 ح 148 ، الإقبال : ج 1 ص 386 ، روضة الواعظين : ص 382 .
4- .الهداية : ص 197 ، بحارالأنوار : ج 97 ص 9 ح 11 .
5- .الإقبال : ج 1 ص 358 ، بحار الأنوار : ج 98 ص 151 ح 4 .

ص: 249

ه _ قراءة سورة العنكبوت والرّوم والدّخان
و _ قراءة سورة القدر ألف مرّة

في تِلكَ اللَّيلَةِ . (1)

راجع : ص 242 (آداب ليلة القدر المشتركة / زيارة الإمام الحسين) .

ه _ قِراءَةُ سورَةِ العَنكَبوتِ وَالرّومِ وَالدُّخانِالإمام الصادق عليه السلام_ لِأَبي بَصيرٍ _: مَن قَرَأَ سورَتَيِ : العَنكَبوتِ ، وَالرّومِ في شَهرِ رَمَضانَ في لَيلَةِ ثَلاثٍ وعِشرينَ ، فَهُوَ وَاللّهِ _ يا أبا مُحَمَّدٍ _ مِن أهلِ الجَنَّةِ لا أستَثني فيهِ أبَداً ، ولا أخافُ أن يَكتُبَ اللّهُ عَلَيَّ في يَميني إثماً ، وإنَّ لِهاتَينِ السّورَتَينِ مِنَ اللّهِ مَكاناً . (2)

الإقبال :ومِنَ الزِّياداتِ لَيلَةَ ثَلاثٍ وعِشرينَ : قِراءَةُ سورَةِ «الدُّخانِ» فيها وفي كُلِّ لَيلَةٍ ... . (3)

و _ قِراءَةُ سورَةِ القَدرِ ألفَ مَرَّةٍالسيّد ابن طاووس قدس سره في الإقبال :ومِنَ القِراءَةِ فيها سورَةُ : «إِنَّ_آ أَنزَلْنَ_هُ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ» ألفَ مَرَّةٍ ، وقَد تَقَدَّمَت رِوايَةٌ لِذلِكَ في اللَّيلَةِ الاُولى عُموماً فِي الشَّهرِ كُلِّهِ . ورُوِّينا تَخصيصَ قِراءَتِها في هذِهِ اللَّيلَةِ بِعِدَّةِ طُرُقٍ إلى مَولانا أبي عَبدِاللّهِ عليه السلام قالَ : «لَو قَرَأَ رَجُلٌ لَيلَةَ ثَلاثٍ وعِشرينَ مِن شَهرِ رَمَضانَ : «إِنَّ_آ أَنزَلْنَ_هُ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ» ألفَ مَرَّةٍ ، لَأَصبَحَ وهُوَ شَديدُ اليَقينِ بِالاِعتِرافِ بِما يَختَصُّ فِينا ، وما ذاكَ إلاّ لِشَيءٍ عايَنَهُ في نَومِهِ» . (4)

راجع : ص 220 (طرق معرفة ليلة القدر / قراءة سورة القدر كلّ ليلة من رمضان ألف مرّة) .

.


1- .الإقبال : ج 1 ص 383 ، بحارالأنوار : ج 98 ص 166 ح 4 .
2- .تهذيب الأحكام : ج 3 ص 100 ح 261 ، بحارالأنوار : ج 97 ص 19 ح 42 .
3- .الإقبال : ج 1 ص 386 ، بحارالأنوار : ج 98 ص 168 ح 5 .
4- .الإقبال : ج 1 ص 382 .

ص: 250

ز _ الدّعاء لصاحب الأمر
4 / 4 فضل يوم القدر وأدبه
تعليق

ز _ الدُّعاءُ لِصاحِبِ الأَمرِمصباح المتهجّد عن محمّد بن عيسى بإسناده عن الصالحين عليهم السلام: تُكَرِّرُ في لَيلَةِ ثَلاثٍ وعِشرينَ مِن شَهرِ رَمَضانَ هذَا الدُّعاءَ ساجِداً وقائِماً وقاعِداً وعَلى كُلِّ حالٍ ، وفِي الشَّهرِ كُلِّهِ ، وكَيفَ ما أمكَنَكَ ومَتى حَضَرَ مِن دَهرِكَ . تَقولُ بَعدَ تَمجيدِ اللّهِ تَعالى وَالصَّلاةِ عَلَى النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله : اللّهُمَّ كُن لِوَلِيِّكَ فُلانِ بنِ فُلانٍ في هذِهِ السّاعَةِ وفي كُلِّ ساعَةٍ وَلِيّاً وحافِظاً ، وقائِداً وناصِراً ، ودَليلاً وعَيناً حَتّى تُسكِنَهُ أرضَكَ طَوعاً ، وتُمَتِّعَهُ فيها طَويلاً . (1)

4 / 4فَضلُ يَومِ القَدرِ وأدَبُهُالإقبال عن هشام بن الحكم عن الإمام الصادق عليه السلام :«يَومُها مِثلُ لَيلَتِها» ، يَعني : لَيلَةِ القَدرِ . (2)

الإمام الصادق عليه السلام :لَيلَةُ القَدرِ في كُلِّ سَنَةٍ ، ويَومُها مِثلُ لَيلَتِها . (3)

عنه عليه السلام :صَبيحَةُ يَومِ لَيلَةِ القَدرِ مِثلُ لَيلَةِ القَدرِ ؛ فَاعمَل وَاجتَهِد . (4)

تعليققالَ السيّدُ ابنُ طاووسَ قدس سره : «وَاعلَم أنَّ الرِّوايةَ وَردت مِن عدّةِ جهاتٍ عَنِ الصّادقينَ _ عَنِ اللّهِ جلَّ جَلالُه _ عَليهم أفضلُ الصَّلواتِ أنَّ يومَ ليلةِ القَدرِ مِثلُ لَيلتهِ ؛ فإيّاك أن

.


1- .مصباح المتهجّد : ص 630 ح 709 ، الكافي : ج 4 ص 161 ح 4 .
2- .الإقبال : ج 1 ص 351 ، بحارالأنوار : ج 98 ص 149 .
3- .تهذيب الأحكام : ج 4 ص 331 ح 1033 ، بحارالأنوار : ج 98 ص 121 ح 1 .
4- .الأمالي للصدوق : ص 751 ح 1009 ، بحارالأنوار : ج 97 ص 11 ح 16 .

ص: 251

تُهَوِّنَ بنهارِ تِسعَ عَشرَةَ ، أو إحدى وعِشرينَ ، أو ثَلاثٍ وعِشرينَ ، وتَتَّكلَ على ما عَمِلتَه في لَيلتِها وتَستَكثرَه لمولاكَ ، وأنتَ غافلٌ عَن عظيمِ نِعمتهِ ، وحقوقِ ربوبيّتهِ . وكُن في هذهِ الأيَّامِ الثلاثةِ المعظَّماتِ على أبلغِ الغاياتِ ، في العِباداتِ والدَّعواتِ ، واغتنامِ الحَياةِ قبلَ المَماتِ . أقولُ : والمهمُّ مِن هذهِ اللَّيالي في ظاهرِ الرواياتِ عن الطّاهرينَ ما قَدَّمناهُ مِن التَّصريحِ أنّ ليلَة القَدرِ لَيلةُ ثلاثٍ وعِشرينَ ؛ فلا تُهمِل يَومَها» . (1)

راجع : ص 123 ، ح 197 .

.


1- .الإقبال : ج 1 ص 350 .

ص: 252

. .

ص: 253

القسم الخامس : آداب الخروج من ضيافة اللّه

اشاره

القسم الخامس : آدابُ الخُروجِ مِن ضِيافَةِ اللّهالفصل الأوّل : وَداعُ شَهرِ رَمَضانَالفصل الثاني : آدابُ لَيلَةِ العيدِالفصل الثالث : آدابُ يَومِ العيدِ

.

ص: 254

. .

ص: 255

أهمّ الآداب

أهَمُّ الآدابِيبرز أهمّ آداب الخروج من الضيافة الإلهية في شهر رمضان ، بالمراجعة الذاتية الّتي يُخضع لها الصائم نفسه ، فللصائم أن يراجع نفسه في اللحظات الأخيرة من هذا الشهر ، لينظر المدى الّذي بلغه وكم اقترب من هدف هذه الضيافة؟ ، فهل يحسّ بأنَّ تغييرا معنويا قد طرأ عليه أم أنّه لا يزال عند النقطة ذاتها الّتي انطلق منها في بداية شهر رمضان ؟ في هذا السياق يقول السيّد ابن طاووس _ رضوان اللّه عليه _ ضمن أعمال اليوم الأخير من شهر رمضان ما نصّه : «ومنها اعتبار جريدة أعمالك من أوّل الشهر إلى آخر يوم منه وقبل انفصاله ... فينظر ما كان عليه من حيث دخل دار ضيافة اللّه _ جلّ جلاله _ والحضور بين يديه ، ويعتبر معارفه باللّه _ جلّ جلاله _ وبرسوله صلى الله عليه و آله وبخاصَّته ، وبما عرفه من الاُمور الّتي هي من مهامّ تكليفه في دنياه وتشريفه في آخرته . وهل ازداد معرفة بها وحبّا لها وإقبالاً عليها ونشاطا وميلاً إليها ، أم حاله في التقصير على ما دخل عليه في أوَّل الشهر من سوء التدبير ، وكذلك حال رضاه بتدبير اللّه _ جلَّ جلاله _ هل هو قام في جميع اُموره ، أو تارة يرضى وتارة يكره ما يختاره اللّه _ جلَّ جلاله _ من تدبيره . وكيف توكُّله على اللّه _ جلَّ جلالهِ _ ، هل هو على غاية ما يراد منه من السكون إلى مولاه ، أو يحتاج إلى الثقة باللّه _ جلّ جلاله _ إلى غير اللّه _ جلّ جلاله _ من علائق دنياه؟

.

ص: 256

وكيف تفويضه إلى مالك أمره؟ وكيف استحضاره بمراقبة اطّلاع اللّه _ جلّ جلاله _ على سرّه؟ وكيف اُنسه باللّه في خلواته وجلواته؟ وكيف وثوقه بوعود اللّه _ جلّ جلاله _ وتصديقه لإنجاز عداته؟ وكيف إيثاره للّه _ جلّ جلاله _ على من سواه؟ وكيف حبّه له وطلب قربه منه واهتمامه بتحصيل رضاه؟ وكيف شوقه إلى الخلاص من دار الابتلاء والانتقال إلى منازل الأمان من الجفاء؟ وهل هو مستثقل من التكليف ، أو يعتقد أنّ ذلك من أفضل التشريف؟ وكيف كراهته لما كره اللّه _ جلّ جلاله _ من الغيبة والكذب ، والنميمة والحسد ، وحبّ الرئاسة ، وكلّ ما يشغله عن مالك دنياه ومعاده؟ وغير ذلك من الأسقام للأديان الّتي تعرض لإنسان دون إنسان ، وفي زمان دون زمان ، بكلّ مرض كان قد زال حمد اللّه _ جلّ جلاله _ على زواله ، وقام بما يتهيَّأ له من قضاء حقّ إنعام اللّه _ جلّ جلاله _ وإفضاله . وليكن سروره بزوال أمراض الأديان أهمّ عنده من زوال أمراض الأبدان ، وأكمل من المسارّ بالظفر بالغنى بالدرهم والدينار ، ليكون عليه شعار التصديق بمقدار التفاوت بين الانتفاع بالدنيا الفانية والآخرة الباقية . أقول : فإن رأى شيئا من أمراضه وسوء أغراضه قد تخلّف وما نفع فيه علاج الشهر بعبادته ، فليعتقد أنّ الذنب له وإنّما أتاه البلاء من جهته ، فيبكي بين يدي مالك رقبته ، ويستعين برحمته على إزالته» . (1)

.


1- .الإقبال : ج 1 ص 448 .

ص: 257

الفصل الأوّل : وداع شهر رمضان

1 / 1 وداع الشّهر في آخر جمعة منه

1 / 2 وداع الشّهر في آخر ليلة منه

الفصل الأوّل : وَداعُ شَهرِ رَمَضانَ1 / 1وَداعُ الشَّهرِ في آخِرِ جُمُعَةٍ مِنهُفضائل الأشهر الثلاثة عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري :دَخَلتُ عَلى رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله في آخِرِ جُمُعَةٍ مِن شَهرِ رَمَضانَ ، فَلَمّا بَصُرَ بي ، قالَ لي : «يا جابِرُ ، هذا آخِرُ جُمُعَةٍ مِن شَهرِ رَمَضانَ ، فَوَدِّعهُ وقُل : اللّهُمَّ لا تَجعَلهُ آخِرَ العَهدِ مِن صِيامِنا إيّاهُ ، فَإِن جَعَلتَهُ فَاجعَلني مَرحوماً ، ولا تَجعَلني مَحروماً . فَإِنَّهُ مَن قالَ ذلِكَ ظَفِرَ بِإِحدَى الحُسنَيَينِ ، إمّا بِبُلوغِ شَهرِ رَمَضانَ [ مِن قابِلٍ] ، (1) وإمّا بِغُفرانِ اللّهِ ورَحمَتِهِ» . (2)

1 / 2وَداعُ الشَّهرِ في آخِرِ لَيلَةٍ مِنهُالإقبال :اِعلَم أنَّ وَقتَ الوَداعِ لِشَهرِ الصِّيامِ رَوَيناهُ عَن أحَدِ الأَئِمَّةِ _ عَلَيهِم

.


1- .أثبتنا ما بين المعقوفين من الإقبال ج 1 ص 422 .
2- .فضائل الأشهر الثلاثة : ص 139 ح 149 ، بحارالأنوار : ج 98 ص 172 ح 1 .

ص: 258

1 / 3 سيرة الإمام زين العابدين في آخر ليلة منه

أفضَلُ السَّلامِ _ مِن كِتابٍ فيهِ مَسائِلُ جَماعَةٍ مِن أعيانِ الأَصحابِ ، وقَد وَقَّعَ عليه السلام بَعدَ كُلِّ مَسأَلَةٍ بِالجَوابِ ، وهذا لَفظُ ما وَجَدناهُ : وَداعُ (1) شَهرِ رَمَضانَ مَتى يَكونُ؟ فَقَدِ اختَلَفَ أصحابُنا فَبَعضُهُم قالَ : هُوَ في آخِرِ لَيلَةٍ مِنهُ ، وبَعضُهُم قالَ : هُوَ في آخِرِ يَومٍ مِنهُ ، إذا رُئِيَ هِلالُ شَوّالٍ . الجَوابُ : «العَمَلُ في شَهرِ رَمَضانَ في لَياليهِ ، وَالوَداعُ يَقَعُ في آخِرِ لَيلَةٍ مِنهُ ، فَإِن خافَ أن يَنقُصَ الشَّهرُ جَعَلَهُ في لَيلَتَينِ» . (2)

الإمام الصادق عليه السلام :إذا كانَتَ آخِرُ لَيلَةٍ مِن شَهرِ رَمَضانَ ، فَقُل : اللّهُمَّ هذا شَهرُ رَمَضانَ الَّذي أنزَلتَ فيهِ القُرآنَ وقَد تَصَرَّمَ ، وأعوذُ بِوَجهِكَ الكَريمِ يا رَبِّ ، أن يَطلُعَ الفَجرُ مِن لَيلَتي هذِهِ أو يَتَصَرَّمَ شَهرُ رَمَضانَ ، ولَكَ قِبَلي تَبِعَةٌ أو ذَنبٌ تُريدُ أن تُعَذِّبَني بِهِ يَومَ ألقاكَ . (3)

عنه عليه السلام :مَن وَدَّعَ شَهرَ رَمَضانَ في آخِرِ لَيلَةٍ مِنهُ وقالَ : اللّهُمَّ لاتَجعَلهُ آخِرَ العَهدِ مِن صِيامي لِشَهرِ رَمَضانَ ، وأعوذُ بِكَ أن يَطلُعَ فَجرُ هذِهِ اللَّيلَةِ إلاّ وقَد غَفَرتَ لي . غَفَرَ اللّهُ تَعالى لَهُ قَبلَ أن يُصبِحَ ورَزَقَهُ الإِنابَةَ إلَيهِ . (4)

1 / 3سيرةُ الإمامِ زَينِ العابدينَ في آخَرِ لَيلَةٍ مِنهُالإمام الصادق عليه السلام :كانَ عَليُّ بنُ الحُسَينِ عليه السلام إذا دَخَلَ شَهرُ رَمَضانَ لا يَضرِبُ

.


1- .في المصدر : «من وداع» ، وحذفنا «من» طبقاً لبحار الأنوار .
2- .الإقبال : ج 1 ص 421 ، بحارالأنوار : ج 98 ص 171 ح 1 .
3- .الكافي : ج 4 ص 164 ح 5 .
4- .الإقبال : ج 1 ص 436 ، بحارالأنوار : ج 98 ص 181 ح 2 .

ص: 259

عَبدا لَهُ ولا أمَةً ، وكانَ إذا أذنَبَ العَبدُ وَالأَمَةُ يَكتُبُ عِندَهُ أذنَبَ فُلانٌ ، أذنَبَت فُلانَةُ يَومَ كَذا وكَذا ، ولَم يُعاقِبهُ فَيَجتَمِعُ عَلَيهِمُ الأَدَبُ ، حَتّى إذا كانَ آخِرُ لَيلَةٍ مِن شَهرِ رَمَضانَ دَعاهُم وجَمَعَهُم حَولَهُ ، ثُمَّ أظهَرَ الكِتابَ ثُمَّ قَالَ : «يا فُلانُ ، فَعَلتَ كَذا وكَذا ولَم اُؤَدِّبكَ أتَذكُرُ ذلِكَ؟» فَيَقولُ : بَلى ، يَابنَ رَسولِ اللّهِ ، حَتّى يَأتِيَ عَلى آخِرِهِم ويُقَرِّرَهُم جَميعا . ثُمَّ يَقومُ وَسَطَهُم ويَقولُ لَهُم : «اِرفَعوا أصواتَكُم وقولوا : يا عَلِيَّ بنَ الحُسَينِ ، إنَّ رَبَّكَ قَد أحصى عَلَيكَ كُلَّ ما عَمِلتَ ، كَما أحصَيتَ عَلَينا كُلَّ ما عَمِلنا ، وَلَدَيهِ كِتابٌ يَنطِقُ عَلَيكَ بِالحَقِّ ، لا يُغادِرُ صَغيرَةً ولا كَبيرَةً مِمّا أتَيتَ إلاّ أحصاها ، وتَجِدُ كُلَّ ما عَمِلتَ لَدَيهِ حاضِرا ، كَما وَجَدنا كُلَّ ما عَمِلنا لَدَيك حاضِرا ، فَاعفُ وَاصفَح كَما تَرجو مِنَ المَليكِ العَفوَ ، وكَما تُحِبُّ أن يَعفُوَ المَليكُ عَنكَ ، فَاعفُ عَنّا تَجِدهُ عَفُوّا ، وبِكَ رَحيما ، ولَكَ غَفورا ، ولا يَظلِمُ رَبُّك أحَدا ، كَما لَدَيكَ كِتابٌ يَنطِقُ عَلَينا بِالحَقِّ ، لا يُغادِرُ صَغيرَةً ولا كَبيرَةً مِمّا أتَيناها إلاّ أحصاها . فَاذكُر يا عَلِيَّ بنَ الحُسَينِ ، ذُلَّ مَقامِكَ بَينَ يَدَي رَبِّكَ الحَكَمِ العَدلِ الَّذي لا يَظلِمُ مِثقالَ حَبَّةٍ مِن خَردَلٍ ، ويَأتي بِها يَومَ القِيامَةِ ، وكَفى بِاللّهِ حَسيبا وشَهيدا ، فَاعفُ وَاصفَح يَعفو (1) عَنكَ المَليكُ ويَصفَحُ ؛ فَإِنَّهُ يَقولُ : « وَ لْيَعْفُواْ وَلْيَصْفَحُواْ أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ » (2) » . قالَ : وهُوَ يُنادي بِذلِكَ عَلى نَفسِهِ ويُلَقِّنُهُم ، وهُم يُنادون مَعَهُ ، وهُوَ واقِفٌ بَينَهُم يَبكي ويَنوحُ ، ويَقولُ : «رَبِّ إنَّكَ أمَرتَنا أن نَعفُوَ عَمَّن ظَلَمَنا ، فَقَد ظَلَمنا أنفُسَنا ، فَنَحنُ قَد عَفَونا عَمَّن ظَلَمَنا كَما أمَرتَ ، فَاعفُ عَنّا فَإِنَّكَ أولى بِذلِكَ مِنّا ومِنَ المَأمورينَ ،

.


1- .كذا في المصدر ، والقياس : يَعفُ .
2- .النور : 22 .

ص: 260

1 / 4 دعاء الإمام زين العابدين في وداع الشّهر

وأَمَرتَنا أن لا نَرُدَّ سائِلاً عَن أبوابِنا ، وقَد أتَيناكَ سُؤّالاً ومَساكينَ ، وقَد أنَخنا بِفِنائِكَ وبِبابِكَ ، نَطلُبُ نائِلَكَ ومَعروفَكَ وعَطاءَكَ ، فَامنُن بِذلِكَ عَلَينا ، ولا تُخَيِّبنا فَإِنَّكَ أولى بِذلِكَ مِنّا ومِنَ المَأمورينَ . إلهي كَرُمتَ فَأَكرِمني ؛ إذ كُنتُ مِن سُؤّالِكَ ، وجُدتَ بِالمَعروفِ فَاخلِطني بِأَهلِ نَوالِكَ يا كَريمُ» . ثُمُّ يُقبِلُ عَلَيهِم ويَقولُ : «قَد عَفَوتُ عَنكُم ، فَهَل عَفَوتُم عَنّي ومِمّا كانَ مِنّي إلَيكُم مِن سوءِ مَلَكَةٍ؟ فَإِنّي مَليكُ سوءٍ ، لَئِيمٌ ظالِمٌ ، مَملوكٌ لِمَليكٍ كَريمٍ جَوادٍ عادِلٍ مُحسِنٍ مُتَفَضِّلٍ» ، فَيَقولونَ : قَد عَفَونا عَنكَ يا سَيِّدَنا وما أسَأتَ! فَيَقولُ لَهُم : «قولوا : اللّهُمَّ اعفُ عَن عَلِيِّ بنِ الحُسَينِ كَما عَفا عَنّا ، وأعتِقهُ مِنَ النّارِ كَما أعتَقَ رِقابَنا مِنَ الرِّقِّ» ، فَيَقولونَ ذلِكَ ، فَيَقولُ : «اللّهُمَّ آمينَ يا رَبَّ العالَمين ، اِذهَبوا فَقَد عَفَوتُ عَنكُم ، وأعتَقتُ رِقابَكُم رَجاءً لِلعَفوِ عَنّي وعِتقِ رَقَبَتي» ، فَيُعتِقُهُم . فَإِذا كانَ يَومُ الفِطرِ أجازَهُم بِجَوائِزَ تَصونُهُم وتُغنيهِم عَمّا في أيدِي النّاسِ ... . (1)

1 / 4دُعاءُ الإمامِ زَينِ العابدينَ في وَداعِ الشَّهرِالإمام زين العابدين عليه السلام :اللّهُمَّ يا مَن لايَرغَبُ فِي الجَزاءِ ، ويا مَن لايَندَمُ عَلَى العَطاءِ ، ويا مَن لا يُكافِئُ عَبدَهُ عَلَى السَّواءِ ، مِنَّتُكَ ابتِداءٌ ، وعَفوُكَ تَفَضُّلٌ ، وعُقوبَتُكَ عَدلٌ ، وقَضاؤُكَ خِيَرَةٌ ، إن أعطَيتَ لَم تَشُب عَطاءَكَ بِمَنٍّ ، وإن مَنَعتَ لَم يَكُن مَنعُكَ تَعَدِّياً ، تَشكُرُ مَن شَكَرَكَ وأنتَ ألهَمتَهُ شُكرَكَ ، وتُكافِئُ مِن حَمدِكَ وأنتَ عَلَّمتَهُ حَمدَكَ .

.


1- .الإقبال : ج 1 ص 443 ، بحار الأنوار : ج 98 ص 186 .

ص: 261

تَستُرُ عَلى مَن لَو شِئتَ فَضَحتَهُ ، وتَجودُ عَلى مَن لَو شِئتَ مَنَعتَهُ ، وكِلاهُما أهلٌ مِنكَ لِلفَضيحَةِ وَالمَنعِ ، غَيرَ أنَّكَ بَنَيتَ أفعالَكَ عَلَى التَّفَضُّلِ ، وأجرَيتَ قُدرَتَكَ عَلَى التَّجاوُزِ ، وتَلَقَّيتَ مَن عَصاكَ بِالحِلمِ ، وأمهَلتَ مَن قَصَدَ لِنَفسِهِ بِالظُّلمِ ، تَستَنظِرُهُم بِأَناتِكَ إلَى الإِنابَةِ ، وتَترُكُ مُعاجَلَتَهُم إلَى التَّوبَةِ لِكَيلا يَهلِكَ عَلَيكَ هالِكُهُم ، ولايَشقى بِنِعمَتِكَ شَقِيُّهُم إلاّ عَن طولِ الإِعذارِ إلَيهِ ، وبَعدَ تَرادُفِ الحُجَّةِ عَلَيهِ ، كَرَماً مِن عَفوِكَ يا كَريمُ ، وعائِدَةً (1) مِن عَطفِكَ يا حَليمُ . أنتَ الَّذي فَتَحتَ لِعِبادِك باباً إلى عَفوِكَ وسَمَّيتَهُ التَّوبَةَ ، وجَعَلتَ عَلى ذلِكَ البابِ دَليلاً مِن وَحيِكَ لِئَلاّ يَضِلّوا عَنهُ ، فَقُلتَ تَبارَكَ اسمُك : «تُوبُواْ إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ يُدْخِلَكُمْ جَنَّ_تٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَ_رُ يَوْمَ لاَ يُخْزِى اللَّهُ النَّبِىَّ وَ الَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ بِأَيْمَ_نِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَ اغْفِرْ لَنَآ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَىْ ءٍ قَدِيرٌ » (2) فَما عُذرُ مَن أغفَلَ دُخولَ ذلِكَ المَنزِلِ بَعدَ فَتحِ البابِ ، وإقامَةِ الدَّليلِ . وأنتَ الَّذي زِدتَ فِي السَّومِ (3) عَلى نَفسِكَ لِعِبادِكَ تُريدُ رِبحَهُم في مُتاجَرَتِهِم لَكَ ، وفَوزَهُم بِالوِفادَةِ عَلَيكَ وَالزِّيادَةِ منِكَ ، فَقُلتَ تَبارَكَ اسمُكَ وتَعالَيتَ : «مَن جَآءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَآءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا» (4) وقلتَ : «مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَ لَهُمْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِى كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّاْئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَ_عِفُ لِمَن

.


1- .العائدة : التعطّف والإحسان . وعاد إليه بعائدة : أي تكرّم عليه بكرامة (مجمع البحرين : ج 2 ح 1290) .
2- .التحريم : 8 .
3- .ساومت : غاليت ، والسوم : ذكر الثمن (لسان العرب : ج 12 ص 310) .
4- .الأنعام : 160 .

ص: 262

يَشَآءُ» (1) وقُلتَ : «مَّن ذَا الَّذِى يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضا حَسَنا فَيُضَ_عِفَهُ لَهُ أَضْعَافا كَثِيرَةً» (2) وما أنزَلتَ مِن نظائِرِهِنَّ فِي القُرآنِ مِن تَضاعيفِ الحَسَناتِ . وأنتَ الَّذي دَلَلتَهُم بِقَولِكَ مِن غَيبِكَ وتَرغيبِكَ الَّذي فيهِ حَظُّهُم عَلى ما لَو سَتَرتَهُ عَنهُم لَم تُدرِكهُ أبصارُهُم ، ولَم تَعِهِ أسماعُهُم ، ولَم تَلحَقهُ أوهامُهُم ، فَقلتَ : اذكُروني أَذكُركُم وَاشكُرُوا لي ولا تَكفُرونِ وقُلتَ : «لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِى لَشَدِيدٌ » (3) وقُلتَ : «ادْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِى سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ » (4) فَسَمَّيتَ دُعاءَكَ عِبادَةً وتَركَهُ استِكباراً ، وتَوَعَّدتَ عَلى تَركِهِ دُخولَ جَهَنَّمَ داخِرينَ ، فَذَكَروكَ بِمَنِّكَ ، وشَكَروكَ بِفَضلِكَ ، ودَعَوكَ بِأَمرِكَ ، وتَصَدَّقوا لَكَ طَلَباً لِمَزيدِكَ ، وفيها كانَت نَجاتُهُم مِن غَضَبِكَ ، وفَوزُهِم بِرِضاكَ . ولَو دَلَّ مَخلوقٌ مَخلوقاً مِن نَفسِهِ عَلى مِثلِ الَّذي دَلَلتَ عَلَيهِ عِبادَكَ مِنكَ ، كانَ مَوصوفاً بِالإِحسانِ ، ومَنعوتاً بِالاِمتِنانِ ، ومَحموداً بِكُلِّ لِسانٍ ، فَلَكَ الحَمدُ ما وُجِدَ في حَمدِكَ مَذهَبٌ ، وما بَقِيَ لِلحَمدِ لَفظٌ تُحمَدُ بِهِ ، ومَعنىً يَنصَرِفُ إلَيهِ ، يا مَن تَحَمَّدَ إلى عِبادِهِ بِالإِحسانِ وَالفَضلِ ، وغَمَرَهُم بِالمَنِّ وَالطَّولِ ، ما أفشى فينا نِعمَتَكَ ، وأسبَغَ عَلَينا مِنَّتَكَ ، وأخَصَّنا بِبِرِّكَ ، هَدَيتَنا لِدينِكَ الَّذِي اصطَفَيتَ ، ومِلَّتِكَ الَّتِي ارتَضَيتَ ، وسَبيلِكَ الَّذي سَهَّلتَ ، وبَصَّرتَنَا الزُّلفَةَ لَدَيكَ ، وَالوُصولَ إلى كَرامَتِكَ .

.


1- .البقرة : 261 .
2- .البقرة : 245 .
3- .إبراهيم : 7 .
4- .غافر : 60 .

ص: 263

اللّهُمَّ وأنتَ جَعَلتَ مِن صَفايا تِلكَ الوَظائِفِ ، وخَصائِصِ تِلكَ الفُروضِ شَهرَ رَمَضانَ الَّذي اختَصَصتَهُ مِن سائِرِ الشُّهورِ ، وتَخَيَّرتَهُ مِن جَميعِ الأَزمِنَةِ وَالدُّهورِ ، وآثَرتَهُ عَلى كُلِّ أوقاتِ السَّنَةِ بِما أنزَلتَ فيهِ مِنَ القُرآنِ وَالنّورِ ، وضاعَفتَ فيهِ مِنَ الإِيمانِ ، وفَرَضتَ فيهِ مِنَ الصِّيامِ ، ورَغَّبتَ فيهِ مِنَ القِيامِ ، وأجلَلتَ فيهِ مِن لَيلَةِ القَدرِ الَّتي هِيَ خَيرٌ مِن ألفِ شَهرٍ . ثُمَّ آثَرتَنا بِهِ عَلى سائِرِ الاُمَمِ ، وَاصطَفَيتَنا بِفَضلِهِ دونَ أهلِ المِلَلِ ، فَصُمنا بِأَمرِكَ نَهارَهُ ، وُقمنا بِعَونِكَ لَيلَهُ مُتَعَرِّضينَ بِصِيامِهِ وقِيامِهِ لِما عَرَّضتَنا لَهُ مِن رَحمَتِكَ ، وتَسَبَّبنا إلَيهِ مِن مَثوبَتِكَ . وأنتَ المَليءُ بِما رُغِبَ فيهِ إلَيكَ ، الجَوادُ بِما سُئِلَت مِن فَضلِكَ ، القَريبُ إلى مَن حاوَلَ قُربَكَ . وقَد أقامَ فينا هذَا الشَّهرُ مُقامَ حَمدٍ ، وصَحِبَنا صُحبَةَ مَبرورٍ ، وأربَحَنا أفضَلَ أرباحِ العالَمينَ ، ثُمَّ قَد فارَقَنا عِندَ تَمامِ وَقتِهِ وانقِطاعِ مُدَّتِهِ ، ووَفاءِ عَدَدِهِ ، فَنَحنُ مُوَدِّعوهُ وَداعَ مَن عَزَّ فِراقُهُ عَلَينا ، وغَمَّنا وأوحَشَنَا انصِرافُهُ عَنّا ، ولَزِمَنا لَهُ الذِّمامُ المَحفوظُ وَالحُرمَةُ المَرعِيَّةُ ، وَالحَقُّ المَقضِيُّ ، فَنَحنُ قائِلونَ : السَّلامُ عَلَيكَ يا شَهرَ اللّهِ الأَكبَرَ ويا عيدَ أولِيائِهِ . السَّلامُ عَلَيكَ يا أكرَمَ مَصحوبٍ مِنَ الأَوقاتِ ، ويا خَيرَ شَهرٍ في الأَيّامِ وَالسّاعاتِ . السَّلامُ عَلَيكَ مِن شَهرٍ قَرُبَت فيهِ الآمالُ ، ونُشِرَت فيهِ الأَعمالُ . السَّلامُ عَلَيكَ مِن قَرينٍ جَلَّ قَدرُهُ مَوجوداً ، وأفجَعَ فَقدُهُ مَفقوداً ومَرجُوٍّ آلَمَ فِراقُهُ . السَّلامُ عَلَيكَ مِن أليفٍ آنَسَ مُقبِلاً فَسَرَّ ، وأوحَشَ مُنقَضِياً فَمَضَّ . السَّلامُ عَلَيكَ مِن مُجاوِرٍ رَقَّت فيهِ القُلوبُ ، وقَلَّت فيهِ الذُّنوبُ . السَّلامُ عَلَيكَ مِن ناصِرٍ أعانَ عَلَى الشَّيطانِ ، وصاحِبٍ سَهَّلَ سُبَلَ الإِحسانِ .

.

ص: 264

السَّلامُ عَلَيكَ ما أكثَرَ عُتَقاءَ اللّهِ فيكَ ، وما أسعَدَ مَن رَعى حُرمَتَكَ بِكَ. السَّلامُ عَلَيكَ ما كانَ أمحاكَ لِلذُّنوبِ وأستَرَكَ لِأَنواعِ العُيوبِ . السَّلامُ عَلَيكَ ما كانَ أطولَكَ عَلَى المُجرِمينَ ، وأهيَبَكَ في صُدورِ المُؤمِنينَ . السَّلامُ عَلَيكَ مِن شَهرٍ لا تُنافِسُهُ الأَياّمُ . السَّلامُ عَلَيكَ مِن شَهرٍ هُوَ مِن كُلِّ أمرٍ سَلامٌ . السَّلامُ عَلَيكَ غَيرَ كَريهِ المُصاحَبَةِ ، ولا ذَميمِ المُلابَسَةِ . (1) السَّلامُ عَلَيكَ كَما وَفَدتَ عَلَينا بِالبَرَكاتِ ، وغَسَلتَ عَنّا دَنَسَ الخَطيئاتِ . السَّلامُ عَلَيكَ غَيرَ مُوَدِّعٍ بَرَما (2) ، ولامَتروكٍ صِيامُهُ سَأَماً . السَّلامُ عَلَيكَ مِن مَطلوبٍ قَبلَ وَقتِهِ ، ومَحزونٍ عَلَيهِ قَبلَ فَوتِهِ . السَّلامُ عَلَيكَ كَم مِن سوءٍ صُرِفَ بِكَ عَنّا ، وكَم مِن خَيرٍ اُفيضَ بِكَ عَلَينا . السَّلامُ عَلَيكَ وعَلى لَيلَةِ القَدرِ الَّتي هِيَ خَيرٌ مِن ألفِ شَهرٍ . السَّلامُ عَلَيكَ ما كانَ أحرَصَنا بِالأَمسِ عَلَيكَ ، وأشَدَّ شَوقَنا غَداً إلَيكَ . السَّلامُ عَلَيكَ وعَلى فَضلِكَ الَّذي حُرِمناهُ ، وعَلى ماضٍ مِن بَرَكاتِكَ سُلِبناهُ . اللّهُمَّ إنّا أهلُ هذَا الشَّهرِ الَّذي شَرَّفتَنا بِهِ ، ووَفَّقتَنا بِمَنِّكَ لَهُ ، حينَ جَهِلَ الأَشقِياءُ وَقتَهُ ، وحُرِموا لِشَقائِهِم فَضلَهُ . أنتَ وَلِيُّ ما آثَرتَنا بِهِ مِن مَعرِفَتِهِ ، وهَدَيتَنا لَهُ مِن سُنَّتِهِ ، وقَد تَوَلَّينا بِتَوفيقِكَ صِيامَهُ وقِيامَهُ عَلى تَقصيرٍ ، وأدَّينا فيهِ قَليلاً مِن كَثيرٍ . اللّهُمَّ فَلَكَ الحَمدُ إقراراً بِالإِساءَةِ ، وَاعتِرافاً بِالإِضاعَةِ ، ولَكَ مِن قُلوبِنا عَقدُ النَّدَمِ ، ومِن ألسِنَتِنا صِدقُ الاِعتِذارِ ، فَأجُرنا عَلى ما أصابَنا فيهِ مِنَ التَّفريطِ ،

.


1- .الملابَسَة : المخالطة (لسان العرب : ج 6 ص 203) .
2- .بَرَماً : مصدر برم : إذا سئمه وملّه (النهاية : ج 1 ص 221) .

ص: 265

أجراً نَستَدرِكُ بِهِ الفَضلَ المَرغوبَ فيهِ ، ونَعتاضُ بِهِ مِن أنواعِ الذُّخرِ المَحروصِ عَلَيهِ ، وأوجِب لَنا عُذرَكَ عَلى ماقَصَّرنا فيهِ مِن حَقِّكَ ، وابلُغ بِأَعمارِنا ما بَينَ أيدينا مِن شَهرِ رَمَضانَ المُقبِلِ ، فَإِذا بَلَّغتَناهُ فَأَعِنّا عَلى تَناوُلِ ما أنتَ أهلُهُ مِنَ العِبادَةِ ، وأدِّنا إلَى القِيامِ بِما يَستَحِقُّهُ مِنَ الطّاعَةِ ، وأَجرِ لَنا مِن صالِحِ العَمَلِ ما يَكونُ دَرَكاً لِحَقِّكَ فِي الشَّهرَينِ مِن شُهورِ الدَّهرِ . اللّهُمَّ وما ألمَمنا (1) بِهِ في شَهرِنا هذا مِن لَمَمٍ أو إثمٍ ، أو واقَعنا فيهِ مِن ذَنبٍ ، وَاكتَسَبنا فيهِ مِن خَطيئَةٍ عَلى تَعَمُّدٍ مِنّا ، أو عَلى نِسيانٍ ظَلَمنا فيهِ أنفُسَنا ، أوِ انتَهَكنا بِهِ حُرمَةً مِن غَيرِنا ؛ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِهِ ، وَاستُرنا بِسِترِكَ ، وَاعفُ عَنّا بِعَفوِكَ ، ولا تَنصِبنا فيهِ لِأَعيُنِ الشّامِتينَ ، ولاتَبسُط عَلَينا فيهِ ألسُنَ الطَّاغينَ ، وَاستَعمِلنا بِما يَكونُ حِطَّةً وكَفّارَةً لِما أنكَرتَ مِنّا فيهِ ، بِرَأفَتِكَ الَّتي لاتَنفَدُ وفَضلِكَ الَّذي لايَنقُصُ . اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِهِ ، وَاجبُر مُصيبَتَنا بِشَهرِنا ، وبارِك لَنا في يَومِ عيدِنا وفِطرِنا ، وَاجعَلهُ مِن خَيرِ يَومٍ مَرَّ عَلَينا ، أجلَبِهِ لِعَفوٍ وأمحاهُ لِذَنبٍ ، وَاغفِر لَنا ماخَفِيَ مِن ذُنوبِنا وما عَلَنَ . اللّهُمَّ اسلَخنا بِانسِلاخِ هذَا الشَّهرِ مِن خَطايانا ، وأخرِجنا بِخُروجِهِ مِن سَيِّئاتِنا ، وَاجعَلنا مِن أسعَدِ أهلِهِ بِهِ وأجزَلِهِم قِسماً فيهِ ، وأوفَرِهِم حَظّاً مِنهُ . اللّهُمَّ ومَن رَعى (2) هذَا الشَّهرَ حَقَّ رِعايَتِهِ ، وحَفِظَ حُرمَتَهُ حَقَّ حِفظِها ، وقامَ بِحُدودِهِ حَقَّ قِيامِها ، وَاتَّقى ذُنوبَهُ حَقَّ تُقاتِها ، أو تَقَرَّبَ إلَيكَ بِقُربَةٍ أوجَبَت رِضاكَ لَهُ ، وعَطَفَت رَحمَتَكَ عَلَيهِ ، فَهَب لَنا مِثلَهُ مِن وُجدِكَ ، وأعطِنا أضعافَهُ

.


1- .ألممنا : قاربنا . وقيل : اللَّمَمُ : مقاربة المعصية من غير إيقاع فعل . وقيل : هو من اللَّمَم : صغار الذنوب (النهاية : ج 4 ص 272) .
2- .في مصباح المتهجّد : «رعى حرمة هذا الشهر» ، وفي المصادر الاُخرى : «رعى حقّ هذا الشهر» .

ص: 266

مِن فَضلِكَ ، فَإِنَّ فَضلَكَ لايَغيضُ ، وإنَّ خَزائِنَكَ لاتَنقُصُ بَل تَفيضُ ، وإنَّ مَعادِنَ إحسانِكَ لاتَفنى ، وإنَّ عَطاءَكَ لَلعَطاءُ المُهَنَّأُ . اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِهِ ، وَاكتُب لَنا مِثلَ اُجورِ مَن صامَهُ ، أو تَعَبَّدَ لَكَ فيهِ إلى يَومِ القِيامَةِ . اللّهُمَّ إنّا نَتوبُ إلَيكَ في يَومِ فِطرِنَا الَّذي جَعَلتَهُ لِلمُؤمِنينَ عيداً وسُروراً ، ولِأَهلِ مِلَّتِكَ مَجمَعاً ومُحتَشَداً مِن كُلِّ ذَنبٍ أذنَبناهُ ، أو سوءٍ أسلَفناهُ ، أو خاطِرِ شَرٍّ أضمَرناهُ ، تَوبَةَ مَن لا يَنطَوي عَلى رُجوعٍ إلى ذَنبٍ ، ولا يَعودُ بَعدَها في خَطيئَةٍ ، تَوبَةً نَصوحاً خَلَصَت مِنَ الشَّكِ وَالاِرتِيابِ ، فَتَقَبَّلها مِنّا وَارضَ عَنَّا وثَبِّتنا عَلَيها . اللّهُمَّ ارزُقنا خَوفَ عِقابِ الوَعيدِ ، وشَوقَ ثَوابِ المَوعودِ ، حَتّى نَجِدَ لَذَّةَ ما نَدعوكَ بِهِ وكَآبَةَ ما نَستجيرُكَ مِنهُ ، وَاجعَلنا عِندَكَ مِنَ التَّوّابينَ الَّذينَ أوجَبتَ لَهُم مَحَبَّتَكَ ، وقَبِلتَ مِنهُم مُراجَعَة طاعَتِكَ ، يا أعدَلَ العادِلينَ . اللّهُمَّ تَجاوَز عَن آبائِنا واُمَّهاتِنا وأهلِ دينِنا جَميعاً مَن سَلَفَ مِنهُم ومَن غَبَرَ (1) إلى يَومِ القِيامَةِ . اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ نَبِيِّنا وآلِهِ كَما صَلَّيتَ عَلى مَلائِكَتِكَ المُقَرَّبينَ ، وصَلِّ عَلَيهِ وآلِهِ كَما صَلَّيتَ عَلى أنبِيائِكَ المُرسَلينَ ، وصَلِّ عَلَيهِ وآلِهِ كَما صَلَّيتَ عَلى عِبادِكَ الصّالِحينَ ، وأفضَلَ مِن ذلِكَ يا رَبَّ العالَمينَ ، صَلاةً تَبلُغُنا بَرَكَتُها ، ويَنالُنا نَفعُها ، ويُستَجابُ لَها دُعاؤُنا ، إنَّكَ أكرَمُ مَن رُغِبَ إلَيهِ ، وأكفى مَن تُوُكِّلَ عَلَيهِ ، وأعطى مَن سُئِلَ مِن فَضلِهِ ، وأنتَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ . (2)

.


1- .غَبَرَ : بَقِي ، والغابر : الباقي (لسان العرب : ج 5 ص 3) .
2- .الصحيفة السجّاديّة : ص 171 الدعاء 45 ، مصباح المتهجّد : ص 642 ص 718 .

ص: 267

1 / 5 دعاء الإمام الصّادق في وداع الشّهر

1 / 5دُعاءُ الإمام الصّادِقِ في وَداعِ الشَّهرِالإمام الصادق عليه السلام :اللّهُمَّ إنَّكَ قُلتَ في كِتابِكَ المُنزَلِ : « شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْءَانُ » وهذَا شَهرُ رَمَضانَ وقَد تَصَرَّمَ ، فَأَسأَلُكَ بِوَجهِكَ الكَريمِ وكَلَماتِكَ التّامَّةِ ، إن كانَ بَقِيَ عَلَيَّ ذَنبٌ لَم تَغفِرهُ لِي ، أو تُرِيدُ أن تُعَذِّبَني عَلَيهِ أو تُقايِسَني (1) بِهِ ، أن يَطلُعَ (2) فَجرُ هذِهِ اللَّيلَةِ أو يَتَصَرَّمَ هذا الشَّهرُ إلاّ وقَد غَفَرتَهُ لي ، يا أرحَمَ الرّاحِمينَ . اللّهُمَّ لَكَ الحَمدُ بِمَحامِدِكِ كُلِّها أوَّلِها وآخِرِها ، ما قُلتَ لِنَفسِكَ مِنها ، وما قالَ الخَلائِقَ الحامِدونَ ، المُجتَهِدونَ ، المَعدودونَ ، المُوَقِّرونَ ذِكرِكَ وَالشُّكرِ لَكَ ، الَّذينَ أعَنتَهُم عَلى أداءِ حَقِّكَ مِن أصنافِ خَلقِكَ ، مِنَ المَلائِكَةِ المُقَرَّبينَ وَالنَّبِيِّينَ وَالمُرسَلينَ ، وأصنافِ النّاطِقينَ والمُسَبِّحينَ لَكَ مِن جَميعِ العالَمينَ ، عَلى أنَّكَ بَلَّغتَنا شَهرَ رَمَضانَ وعَلَينا مِن نِعَمِكَ ، وعِندَنا مِن قِسَمِكَ وإحسانِكَ وتَظاهُرِ امتِنانِكَ بِذلِكَ ، لَكَ مُنتَهَى الحَمدِ الخالِدِ الدّائِمِ الرّاكِدِ المُخَلَّدِ السَّرمَدِ الَّذي لا يَنفَدُ طولَ الأَبَدِ ، جَلَّ ثَناؤُكَ أعَنتَنا عَلَيهِ حَتّى قَضَينا صِيامَهُ وقِيامَهُ ، مِن صَلاةٍ وما كانَ مِنّا فيهِ مِن بِرٍّ أو شُكرٍ أو ذِكرٍ . اللّهُمَّ فَتَقَبَّلهُ مِنّا بِأَحسَنِ قَبولِكَ وتَجاوُزِكَ وعَفوِكَ ، وصَفحِكَ وغُفرانِكَ وحَقيقَةِ رِضوانِكَ،حَتّى تُظفِرَنا فيهِ بِكُلِّ خَيرٍ مَطلوبٍ، وجَزيلِ عَطاءٍ

.


1- .أي تحبط حسناتي بسببه (مرآة العقول : ج 16 ص 402) .
2- .في مصباح المتهجّد : «أن لايطلع» وهو الظاهر (مرآة العقول : ج 16 ص 402) .

ص: 268

مَوهوبٍ ، وتوقِيَنا فيهِ مِن كُلِّ مَرهوبٍ أو بَلاءٍ مَجلوبٍ أو ذَنبٍ مَكسُوبٍ . اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِعَظيمِ ما سَأَلَكَ أحَدٌ مِن خَلقِكَ ، مِن كَريمِ أسمائِكَ وجَميلِ ثَنائِكَ وخاصَّةِ دُعائِكَ ، أن تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ ، وأن تَجعَلَ شَهرَنا هذا أعظَمَ شَهرِ رَمَضانَ مَرَّ عَلَينا مُنذُ أنزَلتَنا إلَى الدُّنيا بَرَكَةً ، في عِصمَةِ ديني وخَلاصِ نَفسي ، وقَضاءِ حَوائِجي وتُشَفِّعَني في مَسائِلي وتَمامِ النِّعمَةِ عَلَيَّ ، وصَرفِ السُّوءِ عَنّي ولِباسِ العافِيَةِ لي فيهِ ، وأن تَجعَلَني بِرَحمَتِكَ مِمَّن خِرتَ لَهُ لَيلَةَ القَدرِ وجَعَلتَها لَهُ خَيرا مِن ألفِ شَهرٍ ، في أعظَمِ الأَجرِ وكَرائِمِ الذُّخرِ ، وحُسنِ الشُّكرِ وطولِ العُمُرِ ودَوامِ اليُسرِ . اللّهُمَّ وأسأَلُكَ بِرَحمَتِكَ وطَولِكَ وعَفوِكَ ونَعمائِكَ ، وجَلالِكَ وقَديمِ إحسانِكَ وَامتِنانِكَ ، أن لا تَجعَلَهُ آخِرَ العَهدِ مِنّا لِشَهرِ رَمَضانَ حَتّى تُبَلِّغَناهُ مِن قابِلٍ عَلى أحسَنِ حالٍ ، وتُعَرِّفَني هِلالَهُ مَعَ النَّاظِرينَ إلَيهِ والمُتَعَرِّفينَ لَهُ في أعفى عافِيَتِكَ ، وأنعَمِ نِعمَتِكَ وأوسَعِ رَحمَتِكَ وأجزَلِ قَسمِكَ . [اللّهُمَّ] يا رَبِّيَ الَّذي لَيسَ لي رَبٌّ غَيرُهُ ، لا يَكونُ هذَا الوَداعُ مِنّي لَهُ وَداعَ فَناءٍ ولا آخِرَ العَهدِ مِنّي لِلِّقاءِ ، حَتّى تُرِيَنيهُ مِن قابِلٍ في أوسَعِ النِّعَمِ وأفضَلِ الرَّجاءِ ، وأنَا لَكَ عَلى أحسَنِ الوَفاءِ ، إنَّكَ سَميعُ الدُّعاءِ . اللّهُمَّ اسمَع دُعائي وَارحَم تَضَرُّعي وتَذَلُّلي لَكَ واستِكانَتي وتَوَكُّلي عَلَيكَ ، وأنَا لَكَ مُسلِمٌ لا أرجو نَجاحا ولا مُعافاةً ولا تَشريفا ولا تَبليغا إلاّ بِكَ ومِنكَ ، فَامنُن عَلَيَّ جَلَّ ثَناؤُكَ وتَقَدَّسَت أسماؤُكَ ، بِتَبليغي شَهرَ رَمَضانَ وأنا مُعافىً مِن كُلِّ مَكروهٍ ومَحذورٍ ومِن جَميعِ البَوائِقِ ، الحَمدُ للّهِِ الَّذي أعانَنا عَلى صِيامِ هذَا الشَّهرِ وقِيامِهِ حَتّى بَلَّغَني آخِرَ لَيلَةٍ مِنهُ . (1)

.


1- .الكافي : ج 4 ص 165 ح 6 ، كتاب من لا يحضره الفقيه : ج 2 ص 164 ح 2033 .

ص: 269

نكتة مهمّة

نكتة مهمّةقال السيّد ابن طاووس قدس سره : اعلم أنّك تدّعي في بعض هذه الوداعات أنّ شهر رمضان أحزنك فراقه وفقده ، وأوجعك ما فاتك من فضله ورفده ، فيراد منك تصديق هذه الدّعوى بأن يكون على وجهك أثر الحزن والبلوى ، ولا تختم آخر يوم منه بالكذب في المقال ، والخلل في الفعال . (1)

.


1- .الإقبال : ج 1 ص 442 .

ص: 270

. .

ص: 271

الفصل الثاني : آداب ليلة العيد

2 / 1 الاِهتمام باللّيلة

تعليق

الفصل الثاني : آدابُ لَيلَةِ العيدِ2 / 1الاِهتِمامُ بِاللَّيلَةِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :يَسُحُّ (1) اللّهُ عز و جل مِنَ الخَيرِ في أربَعِ لَيالٍ سَحّا : لَيلَةِ الأَضحى ، وَالفِطرِ ... . (2)

الإمام عليّ عليه السلام :إنِ استَطَعتَ أن تُحافِظَ عَلى لَيلَةِ الفِطرِ ولَيلَةِ النَّحرِ و ... فَافعَل ، وأكثِر فيهِنَّ مِنَ الدُّعاءِ وَالصَّلاةِ وتِلاوَةِ القُرآنِ . (3)

الإمام الصادق عليه السلام :لَيلَةُ الفِطرِ اللَّيلَةُ الَّتي يَستَوفي فيهَا الأَجيرُ أجرَهُ . (4)

تعليققالَ الشيخُ المفيدُ قدس سره : أوَّلُ لَيلَةٍ مِنهُ [ شَهرِ شَوّالٍ] فيها غُسلٌ عِندَ وجُوبِ الشَّمسِ (5) ، كَما ذَكَرنا ذلِكَ في أوَّلِ لَيلَةٍ مِن شَهرِ رَمَضانَ ، وفيها دُعاءُ الاِستِهلالِ وهُوَ عِندَ رُؤيَةِ الهِلالِ ، وفيهَا ابتِداءُ التَّكبيرِ عِندَ الفَراغِ مِن فَرضِ المَغرِبِ ، وَانتِهاؤُهُ عِندَ الفَراغِ مِن

.


1- .سَحَّ الماءَ سَحّا : صبّه صبّا متتابعا (لسان العرب : ج 2 ص 476) .
2- .كنز العمّال : ج 12 ص 322 ح 35215 نقلاً عن الديلمي ، الدرّ المنثور : ج 7 ص 402 نحوه .
3- .مصباح المتهجّد : ص 852 ، بحار الأنوار : ج 91 ص 123 ح 13 .
4- .الهداية : ص 210 ، بحار الأنوار : ج 91 ص 124 ح 15 .
5- .وجبت الشمس : إذا غابت وغَربَت (مجمع البحرين : ج 3 ص 1907) .

ص: 272

2 / 2 الغسل

2 / 3 الصّلاة

صَلاةِ العيدِ مِن يَومِ الفِطرِ ، فَيَكونُ ذلِكَ في عَقِبِ أربَعِ صَلَواتٍ ... . وتَطابَقَتِ الآثارُ عَن أئِمَّةِ الهُدى عليهم السلام بِالحَثِّ عَلَى القِيامِ في هذِهِ اللَّيلَةِ ، وَالاِنتِصابِ لِلمَسأَلَةِ وَالاِستغفارِ وَالدُّعاءِ . (1)

راجع : ص 276 ، ح 342 .

2 / 2الغُسلالإقبال_ فيما يَختَصُّ بِلَيلَةِ عيدِ الفِطرِ _: فَمِنهَا : الغُسلُ المَندوبُ المُشتَمِلُ عَلى غَسلِ الأَجسادِ بِالماءِ ، وغَسلِ القُلوبِ مِنَ الذُّنوبِ . ورُوِيَ أنَّهُ يُغتَسَلُ قَبلَ الغُروبِ مِن لَيلَتِهِ إذا عُلِمَ أنَّها لَيلَةُ العيدِ . ورُوِيَ أنَّهُ يُغتَسَلُ أواخِرَ لَيلَةِ العيدِ . (2)

2 / 3الصَّلاةرسول اللّه صلى الله عليه و آله :مَن صَلّى لَيلَةَ الفِطرِ رَكعَتَينِ يَقرَأُ في أوَّلِ رَكعَةٍ مِنهُمَا : «الحَمدَ» ، و «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ » ألفَ مَرَّةٍ ، وفِي الرَّكعَةِ الثّانِيَةِ : «الحَمدَ» ، و «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ » مَرَّةً واحِدَةً ، لَم يَسأَلِ اللّهَ تَعالى شَيئا إلاّ أعطاهُ اللّهُ إيّاهُ . (3)

الكافي :رُوِيَ أنَّ أميرَالمُؤمِنينَ عليه السلام كانَ يُصَلّي فيها [ أي لَيلَةِ الفِطرِ] رَكعَتَينِ يَقرَأُ فِي الاُولَى : «الحَمدَ» ، و «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ » ألفَ مَرَّةٍ ، وفِي الثّانِيَةِ : «الحَمدَ» ، و

.


1- .مسارّ الشيعة : ص 29 .
2- .الإقبال : ج 1 ص 457 ، بحار الأنوار : ج 91 ص 115 .
3- .تهذيب الأحكام : ج 3 ص 71 ح 228 .

ص: 273

2 / 4 التّكبير بعد الصّلوات

2 / 5 زيارة الإمام الحسين

«قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ » مَرَّةً واحِدَةً . (1)

2 / 4التَّكبيرُ بَعدَ الصَّلَواتِالإقبال عن معاوية بن عمّار :سَمِعتُ أبا عَبدِاللّهِ عليه السلام يَقولُ : «إنَّ فِي الفِطرِ تَكبيرا» . قُلتُ : مَتى؟ قالَ : «فِي المَغرِبِ لَيلَةَ الفِطرِ ، وَالعِشاءِ ، وصَلاةِ الفَجرِ ، وصَلاةِ العيدِ ثُمَّ يَنقَطِعُ ، وهُوَ قَولُ اللّهِ تَعالى : «وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ» (2) وَالتَّكبيرُ أن يَقولَ : اللّهُ أكبَرُ اللّهُ أكبَرُ اللّهُ أكبَرُ ، لا إلهَ إلاَّ اللّهُ واللّهُ أكبَرُ ، وللّهِِ الحَمدُ عَلى ما هَدانا ، ولَهُ الشُّكرُ عَلى ما أولانا (3) » . (4)

2 / 5زِيارَةُ الإمام الحُسيَنِتهذيب الأحكام عن عبدالرحمن بن الحجّاج عن الإمام الصادق عليه السلام :«مَن زارَ قَبرَ الحُسَينِ عليه السلام لَيلَةً مِن ثَلاثٍ غَفَرَ اللّهُ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ وما تَأَخَّرَ» . قُلتُ : أيُّ اللَّيالي _ جُعِلتُ فِداكَ! _؟ قالَ : «لَيلَةُ الفِطرِ ، ولَيلَةُ الأَضحى ، ولَيلَةُ النِّصفِ مِن شَعبانَ» . (5)

.


1- .الكافي : ج 4 ص 168 ح 3 .
2- .البقرة : 185.
3- .وفي نسخة : «أبلانا» .
4- .الإقبال : ج 1 ص 459 ، بحار الأنوار : ج 91 ص 116 ح 2.
5- .تهذيب الأحكام : ج 6 ص 49 ح 112 ، بحار الأنوار : ج 101 ص 89 ح 23 .

ص: 274

2 / 6 الإحياء

2 / 7 الدّعاء بالمأثور

الإمام الصادق عليه السلام :مَن زارَ قَبرَ الحُسَينِ عليه السلام لَيلَةَ النِّصفِ مِن شَعبانَ ، ولَيلَةَ الفِطرِ ، ولَيلَةَ عَرَفَةَ في سَنَةٍ واحِدَةٍ ، كَتَبَ اللّهُ لَهُ : ألفَ حَجَّةٍ مَبرورَةٍ وألفَ عُمرَةٍ مُتَقَبَّلَةٍ . وقُضِيَت لَهُ ألفُ حاجَةٍ مِن حَوائِجِ الدُّنيا وَالآخِرَةِ . (1)

2 / 6الإِحياءرسول اللّه صلى الله عليه و آله :مَن أحيا لَيلَةَ العيدِ لَم يَمُت قَلبُهُ يَومَ تَموتُ القُلوبُ . (2)

عنه صلى الله عليه و آله :مَن قامَ لَيلَتَيِ العيدَينِ مُحتَسِبا للّهِِ ، لَم يَمُت قَلبُهُ يَومَ تَموتُ القُلوبُ . (3)

الإمام الكاظم عليه السلام :كانَ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ عليه السلام يَقولُ : «يُعجِبُني أن يُفَرِّغَ الرَّجُلُ نَفسَهُ فِي السَّنَةِ أربَعَ لَيالٍ : لَيلَةَ الفِطرِ ، ولَيلَةَ الأَضحى ، ولَيلَةَ النِّصفِ مِن شَعبانَ ، وأوَّلَ لَيلَةٍ مِن رَجَبٍ» . (4)

2 / 7الدُّعاءُ بِالمَأثورِالإمام الصادق عليه السلام :قالَ أميرُ المُؤمِنينَ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيهِ : مَن صَلّى لَيلَةَ الفِطرِ رَكعَتَينِ يَقرَأُ فِي الاُولى : «الحَمدَ» مَرَّةً ، و «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ » ألفَ مَرَّةٍ ، وفِي الثّانِيَةِ : «الحَمدَ» ، و «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ » مَرَّةً واحِدَةً ، لَم يَسأَلِ اللّهَ تَعالى شَيئا إلاّ أعطاهُ .

.


1- .تهذيب الأحكام : ج 6 ص 51 ح 119 ، بحار الأنوار : ج 101 ص 90 ح 24 .
2- .ثواب الأعمال : ص 101 ح 1 ؛ المعجم الأوسط : ج 1 ص 57 ح 159 نحوه .
3- .سنن ابن ماجة : ج 1 ص 567 ح 1782 ، كنز العمّال : ج 8 ص 548 ح 24105 .
4- .مصباح المتهجّد : ص 852 ، بحار الأنوار : ج 91 ص 122 ح 12 .

ص: 275

الدُّعاءُ في دُبُرِها : يا أللّهُ يا أللّهُ يا أللّهُ ، يا رَحمانُ يا أللّهُ ، يا رَحيمُ يا أللّهُ ، يا مَلِكُ يا أللّهُ ، يا قُدّوسُ يا أللّهُ ، يا سَلامُ يا أللّهُ ، يا مُؤمِنُ يا أللّهُ ، يا مُهَيمِنُ يا أللّهُ ، يا عَزيزُ يا أللّهُ ، يا جَبّارُ يا أللّهُ ، يا مُتَكَبِّرُ يا أللّهُ ، يا خالِقُ يا أللّهُ ، يا بارِئُ يا أللّهُ ، يا مُصَوِّرُ يا أللّهُ ، يا عالِمُ يا أللّهُ ، يا عَظيمُ يا أللّهُ ، يا كَريمُ يا أللّهُ ، يا حَليمُ يا أللّهُ ، يا حَكيمُ يا أللّهُ ، يا سَميعُ يا أللّهُ ، يا بَصيرُ يا أللّهُ ، يا قَريبُ يا أللّهُ ، يا مُجيبُ يا أللّهُ ، يا جَوادُ يا أللّهُ ، يا واحِدُ يا أللّهُ ، يا وَلِيُّ يا أللّهُ ، يا وَفِيُّ يا أللّهُ ، يا مَولى يا أللّهُ ، يا قاضي يا أللّهُ ، يا سَريعُ يا أللّهُ ، يا شَديدُ يا أللّهُ ، يا رَؤوفُ يا أللّهُ ، يا رَقيبُ يا أللّهُ ، يا مُجيبُ يا أللّهُ ، يا جَوادُ يا أللّهُ . يا ماجِدُ يا أللّهُ ، يا عَلِيُّ يا أللّهُ ، يا حَفيظُ يا أللّهُ ، يا مُحيطُ يا أللّهُ ، يا سَيِّدَ السّاداتِ يا أللّهُ ، يا أوَّلُ يا أللّهُ ، يا آخِرُ يا أللّهُ ، يا ظاهِرُ يا أللّهُ ، يا باطِنُ يا أللّهُ ، يا فاطِرُ يا أللّهُ ، يا قاهِرُ يا أللّهُ ، يا رَبّاهُ يا أللّهُ ، يا رَبّاهُ يا أللّهُ ، يا رَبّاهُ يا أللّهُ ، يا رَبّاهُ يا أللّهُ ، يا رَبّاهُ يا أللّهُ ، يا رَبّاهُ يا أللّهُ ، يا وَدودُ يا أللّهُ ، يا نورُ يا أللّهُ ، يا دافِعُ يا أللّهُ ، يا مانِعُ يا أللّهُ ، [ يا رافِعُ يا أللّهُ] ، يا فاتِحُ يا أللّهُ ، يا نَفّاعُ يا أللّهُ ، يا جَليلُ يا أللّهُ ، يا جَميلُ يا أللّهُ ، يا شَهيدُ يا أللّهُ ، يا شاهِدُ يا أللّهُ ، يا مُغيثُ يا أللّهُ ، يا حَبيبُ يا أللّهُ ، يا فاطِرُ يا أللّهُ ، يا مَطَهِّرُ يا أللّهُ ، يا مالِكُ يا أللّهُ ، يا مُقتَدِرُ يا أللّهُ ، يا قابِضُ يا أللّهُ ، يا باسِطُ يا أللّهُ ، يا مُحيي يا أللّهُ ، يا مُميتُ يا أللّهُ ، يا مُجيبُ يا أللّهُ ، يا باعِثُ يا أللّهُ ، يا مُعطي يا أللّهُ ، يا مُفضِلُ يا أللّهُ ، يا مُنعِمُ يا أللّهُ ، يا حَقُّ يا أللّهُ ، يا مُبينُ يا أللّهُ ، يا طَبيبُ يا أللّهُ ، يا مُحسِنُ يا أللّهُ ، يا مُجمِلُ يا أللّهُ ، يا مُبدِئُ يا أللّهُ ، يا مُعيدُ يا أللّهُ ، يا بارِئُ يا أللّهُ ، يا بَديعُ يا أللّهُ ، يا هادي يا أللّهُ ، يا كافي يا أللّهُ ، يا شافي يا أللّهُ ، يا عَلِيُّ يا أللّهُ ، يا حَنّانُ يا أللّهُ ، يا مَنّانُ يا أللّهُ ، يا ذَا الطَّولِ يا أللّهُ ، يا مُتَعالي يا أللّهُ ، يا عَدلُ يا أللّهُ ، يا ذَا

.

ص: 276

المَعارِجِ يا أللّهُ ، يا صادِقُ يا أللّهُ ، يا دَيّانُ يا أللّهُ ، يا باقي يا أللّهُ ، يا ذَا الجَلالِ يا أللّهُ ، يا ذَا الإِكرامِ يا أللّهُ ، يا مَعبودُ يا أللّهُ ، يا مَحمودُ يا أللّهُ ، يا صانِعُ يا أللّهُ ، يا مُعينُ يا أللّهُ ، يا مُكَوِّنُ يا أللّهُ ، يا فَعّالُ يا أللّهُ ، يا لَطيفُ يا أللّهُ ، يا جَليلُ يا أللّهُ ، يا غَفورُ يا أللّهُ ، يا شَكورُ يا أللّهُ ، يا نورُ يا أللّهُ ، يا حَنّانُ يا أللّهُ ، يا قَديرُ يا أللّهُ ، يا ربّاهُ يا أللّهُ ، يا رَبّاهُ يا أللّهُ ، يا رَبّاهُ يا أللّهُ ، يا رَبّاهُ يا أللّهُ ، يا رَبّاهُ يا أللّهُ ، يا رَبّاهُ يا أللّهُ ، يا أللّهُ يا أللّهُ يا أللّهُ ، أسأَلكُ أن تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وتَمُنَّ عَلَيَّ بِرِضاكَ ، وتَعفُوَ عَنّي بِحِلمِكَ ، وتُوَسِّعَ عَلَيَّ مِن رِزقِكَ الحَلالِ الطَّيِّبِ مِن حَيثُ أحتَسِبُ ومِن حَيثُ لا أحتَسِبُ ، فَإِنّي عَبدُكَ لَيسَ لي أحدٌ سِواكَ ، ولا أجِدُ أحَدا أسَأَلُهُ غَيرَكَ يا أرحَمَ الرّاحِمينَ ، ما شاءَ اللّهُ لا قُوَّةَ إلاّ بِاللّهِ العَلِيِّ العَظيمِ . ثُمَّ تَسجُدُ وتَقولُ : يا أللّهُ يا أللّهُ ، يا رَبُّ يا أللّهُ ، يا رَبُّ يا أللّهُ ، يا رَبُّ يا أللّهُ ، يا مُنزِلُ البَرَكاتِ ، بِكَ تُنزَلُ كُلُّ حاجَةٍ ، أسأَلُكَ بِكُلِّ اسمٍ فِي مَخزونِ الغَيبِ عِندَكَ ، وَالأَسماءِ المَشهوراتِ عِندَكَ المَكتوبَةِ عَلى سُرادِقِ عَرشِكَ ، أن تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وأن تَقبَلَ مِنّي شَهرَ رَمَضانَ وتَكتُبَنى فِي الوافِدينَ إلى بَيتِكَ الحَرامِ وتَصفَحَ لي عَنِ الذُّنوبِ العِظامِ ، وتَستَخرِجَ (لي) يا رَبِّ كُنوزَكَ يا رَحمانُ . (1)

الكافي عن الحسن بن راشد :قُلتُ لِأَبي عَبدِاللّهِ عليه السلام : إنَّ النّاسَ يَقولونَ : إنَّ المَغفِرَةَ تَنزِلُ عَلى مَن صامَ شَهرَ رَمَضانَ لَيلَةَ القَدرِ . فَقالَ : «يا حَسَنُ ، إنَّ القاريجارَ (2) إنَّما يُعطى اُجرَتَهُ عِندَ فَراغِهِ ، ذلِكَ لَيلَةُ العيدِ» .

.


1- .الإقبال : ج 1 ص 461 ، بحار الأنوار : ج 91 ص 120 ح 8 .
2- .القاريجار : معرّب «كارگر» أي الأجير (روضة المتقين : ج 3 ص 460) .

ص: 277

قُلتُ : جُعِلتُ فِداكَ ! فَما يَنبَغي لَنا أن نَعمَلَ فيها؟ فَقالَ : «إذا غَرَبَتِ الشَّمسُ فَاغتَسِل ، وإذا صَلَّيتَ الثَّلاثَ المَغرِبَ فَارفَع يَدَيكَ وقُل : يا ذَا المَنِّ يا ذَا الطَّولِ يا ذَا الجودِ ، يا مُصطَفِيا مُحَمَّدا وناصِرَهُ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِهِ ، وَاغفِر لي كُلَّ ذَنبٍ أذنَبتُهُ أحصَيتَهُ عَلَيَّ ونَسيتُهُ وهُوَ عِندَكَ في كِتابِكَ . وتَخِرُّ ساجِدا وتَقولُ مِئَةَ مَرَّةٍ : «أتوبُ إلَى اللّهِ» وأنتَ ساجِدٌ ، وتَسأَلُ حَوائِجَكَ» . (1)

.


1- .الكافي : ج 4 ص 167 ح 3 ، بحار الأنوار : ج 91 ص 115 ح 1 .

ص: 278

. .

ص: 279

الفصل الثالث : آداب يوم العيد

3 / 1 الاهتمام بيوم العيد

الفصل الثالث : آدابُ يَومِ العيدِ3 / 1الاِهتِمامُ بِيَومِ العيدِالكافي عن جابر عن الإمام الباقر عليه السلام :قالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله : «إذا كانَ أوَّلُ يَومٍ مِن شَوّالٍ نادى مُنادٍ : أيُّهَا المُؤمِنونَ ، اُغدوا إلى جَوائِزِكُم» . ثُمَّ قالَ : يا جابِرُ جَوائِزُ اللّهِ لَيسَت بِجَوائِزِ هؤُلاءِ المُلوكِ ، ثُمَّ قالَ : هُوَ يَومُ الجَوائِزِ . (1)

رسول اللّه صلى الله عليه و آله :إنَّ المَلائِكَةَ يَقومونَ يَومَ العيدِ عَلى أفواهِ السِّكَّةِ (2) ، ويَقولونَ : «اغدوا إلى رَبٍّ كَريمٍ يُعطِي الجَزيلَ ويَغفِرُ العَظيمَ» . (3)

الإمام عليّ عليه السلام_ في بَعضِ الأَعيادِ _: إنَّما هُوَ عيدٌ لِمَن قَبِلَ اللّهُ صِيامَهُ وشَكَرَ قِيامَهُ ، وكُلُّ يَومٍ لا يُعصَى اللّهُ فيهِ فَهُوَ عيدٌ . (4)

كتاب من لا يحضره الفقيه :نَظَرَ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ عليهماالسلام إلَى النّاسِ في يَومِ فِطرٍ

.


1- .الكافي : ج 4 ص 168 ح 3 و ص 68 ح 6 نحوه .
2- .السِكَّةُ : الزُقاق (الصحاح : ج 4 ص 1591) .
3- .مستدرك الوسائل : ج 6 ص 154 ح 6678 نقلاً عن القطب الراوندي في لبّ اللباب .
4- .نهج البلاغة : الحكمة 428 ، بحارالأنوار : ج 91 ص 136 ح 5 .

ص: 280

يَلعَبونَ ويَضحَكونَ . فَقالَ لِأَصحابِهِ وَالتَفَتَ إلَيهِم : «إنَّ اللّهَ عز و جل خَلَقَ شَهرَ رَمَضانَ مِضماراً لِخَلقِهِ يَستَبِقونَ فيهِ بِطاعَتِهِ إلى رِضوانِهِ ، فَسَبَقَ فيهِ قَومٌ فَفازُوا وتَخَلَّفَ آخَرونَ فَخابُوا ، فَالعَجَبُ كُلُّ العَجَبِ مِنَ الضّاحِكِ اللاّعِبِ فِي اليَومِ الَّذي يُثابُ فيهِ المُحسِنونَ ، ويَخيبُ فيهِ المُقَصِّرونَ ، وَايمُ اللّهِ لَو كُشِفَ الغِطاءُ لَشَغَلَ مُحسِنٌ بِإِحسانِهِ ، ومُسيءٌ بِإِساءَتِهِ» . (1)

الإمام الرضا عليه السلام :إنَّما جُعِلَ يَومُ الفِطرِ العيدَ لِيَكونَ لِلمُسلِمينَ مُجتَمَعاً يَجتَمِعونَ فيهِ ، ويَبرُزونَ للّهِِ عز و جل فَيُمَجِّدونَهُ عَلى ما مَنَّ عَلَيهِم ، فَيَكونُ يَومَ عَيدٍ ويَومَ اجتِماعٍ ، ويَومَ فِطرٍ ويَومَ زَكاةٍ ، ويَومَ رَغبَةٍ ويَومَ تَضَرُّعٍ ؛ ولِأَ نَّهُ أوَّلُ يَومٍ مِنَ السَّنةِ يَحِلُّ فيهِ الأَكلُ وَالشُّربُ ؛ لِأَنَّ أوَّلَ شُهورِ السَّنَةِ عِندَ أهلِ الحَقِّ شَهرُ رَمَضانَ ، فَأَحَبَّ اللّهُ عز و جل أن يَكونَ لَهُم في ذلِكَ مَجمَعٌ يَحمَدونَهُ فيهِ ويُقَدِّسونَهُ ، وإنَّما جُعِلَ التَّكبيرُ فيها أكثَرَ مِنهُ في غَيرِها مِنَ الصَّلاةِ ؛ لِأَنَّ التَّكبيرَ إنَّما هُوَ تَعظيمٌ للّهِِ وتَمجيدٌ عَلى ما هَدى وعافى ، كَما قالَ اللّهُ عز و جل : «وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ » (2) وإنَّما جُعِلَ فيهَا اثنَتا عَشرَةَ تَكبيرَةً ؛ لِأَ نَّهُ يَكونُ في كُلِّ رَكعَتَينِ اثنَتا عَشرَةَ تَكبيرَةً ، وجُعِلَ سَبعٌ فِي الاُولى ، وخَمسٌ فِي الثّانِيَةِ ، ولَم يُسَوَّ بَينَهما ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ فِي الصَّلاةِ الفَريضَةِ أن تُستَفتَحَ بِسَبعِ تَكبيراتٍ فَلِذلِكَ بُدِئَ هاهُنا بِسَبعِ تَكبيراتٍ ، وجُعِلَ فِي الثّانِيَةِ خَمسُ تَكبيرات ؛ لِأَنَّ التَّحريمَ مِنَ التَّكبيرِ فِي اليَومِ وَاللَّيلَةِ خَمسُ تَكبيراتٍ ، ولِيَكونَ التَّكبيرُ فِي الرَّكعَتَينِ جَميعاً وَتراً وَتراً . (3)

.


1- .كتاب من لا يحضره الفقيه : ج 2 ص 174 ح 2057 وج 1 ص 511 ح 1479 ، الكافي : ج 4 ص 181 ح 5 .
2- .البقرة : 185 .
3- .كتاب من لا يحضره الفقيه : ج 1 ص 522 ح 1485 .

ص: 281

3 / 2 ماينبغي قبل الخروج إلى الصّلاة

أ _ الغسل
ب _ التّزيّن
ج _ الإفطار

3 / 2مايَنبَغي قَبلَ الخُروجِ إلى الصَّلاةِأ _ الغُسلسنن ابن ماجة عن الفاكه بن سعد :إنَّ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله كانَ يَغتَسِلُ يَومَ الفِطرِ ، ويَومَ النَّحرِ ، ويَومَ عَرَفَةَ . (1)

الإمام الباقر عليه السلام :إنَّ عَلِيّاً كانَ يَغتَسِلُ يَومَ الفِطرِ ، ويَومَ الأَضحى قَبلَ أن يَغدُوَ . (2)

ب _ التَّزَيُّنالإمام الصادق عليه السلام :يَنبَغي لِمَن خَرَجَ إلَى العيدِ أن يَلبَسَ أحسَنَ ثِيابِهِ ، ويَتَطَيَّبَ بِأحسَنِ طيبِهِ . (3)

ج _ الإِفطارالإمام عليّ عليه السلام :كانَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله إذا أرادَ أن يَخرُجَ إلَى المُصَلّى يَومَ الفِطرِ ، كانَ يُفطِرُ عَلى تَمَراتٍ أو زَبيباتٍ . (4)

كتاب من لا يحضره الفقيه :كانَ عَلِيٌّ عليه السلام يأكُلُ يَومَ الفِطرِ قَبلَ أن يَغدُوَ إلَى المُصَلّى ، ولا يَأكُلُ يَومَ الأَضحى حَتّى يَذبَحَ . (5)

الكافي عن علي بن محمّد النوفلي :قُلتُ لِأَبِي الحَسَنِ عليه السلام : إنّي أفطَرتُ يَومَ الفِطرِ عَلى طينٍ 6 وتَمرٍ ،

.


1- .سنن ابن ماجة : ج 1 ص 417 ح 1316 ، كنز العمّال : ج 7 ص 63 ح 17973 .
2- .المصنّف لعبد الرزّاق : ج 3 ص 309 ح 5751 .
3- .دعائم الإسلام : ج 1 ص 185 ، بحار الأنوار : ج 90 ص 373 ح 27 .
4- .النوادر للراوندي : ص 187 ح 332 ، بحار الأنوار : ج 91 ص 122 ح 11 .
5- .كتاب من لا يحضره الفقيه : ج 1 ص 508 ح 1464 .

ص: 282

نكتة
د _ إخراج الزّكاة

فَقالَ لي : «جَمَعتَ بَرَكَةً وسُنَّةً» . (1)

نكتةالسيّد ابن طاووس قدس سره : أقول : وليكن نيّته في إفطاره يوم العيد امتثال أمر اللّه _ جلّ جلاله المجيد _ فيكون في عبادة وسعادة في إطعامه كماكان في صيامه . (2)

د _ إخراجُ الزَّكاةِكتاب من لا يحضره الفقيه :سُئِلَ الصّادِقُ عليه السلام عَن قَولِ اللّهِ عز و جل : «قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى » . قالَ : «مَن أخرَجَ الفِطرَةَ» ، فَقيلَ لَهُ : «وَ ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى» . قالَ : «خَرَجَ إلَى الجَبّانَةِ (3) فَصَلّى» . (4)

الإمام الصادق عليه السلام :إنَّ مِن تَمامِ الصَّومِ إعطاءُ الزَّكاةِ _ يَعنِي الفِطرَةَ _ كَما أنَّ الصَّلاةَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله مِن تَمامِ الصَّلاةِ ؛ لِأَ نَّهُ مَن صامَ ولَم يُؤَدِّ الزَّكاةَ فَلا صَومَ لَهُ إذا تَرَكَها مُتَعَمِّدا ، ولا صَلاةَ لَهُ إذا تَرَكَ الصَّلاةَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله ، إنَّ اللّهَ عز و جل قَد بَدَأَ بِها قَبلَ الصَّلاةِ ، قالَ : «قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى * وَ ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى» . (5)

الإمام عليّ عليه السلام :مَن أدّى زَكاةَ الفِطرَةِ تَمَّمَ اللّهُ بِها ما نَقَصَ مِن زَكاةِ مالِهِ . (6)

التوحيد عن أبان وغيره عن الإمام الصادق عليه السلام :«مَن خَتَمَ صِيامَهُ بِقَولٍ صالِحٍ أو عَمَلٍ صالِحٍ تَقَبَّلَ اللّهُ مِنهُ صِيامَهُ» . فَقيلَ لَهُ : يَابنَ رَسولِ اللّهِ ، مَا القَولُ الصّالِحُ؟

.


1- .الكافي : ج 4 ص 170 ح 4 ، كتاب من لا يحضره الفقيه : ج 2 ص 174 ح 2056 وفيه «طين القبر» .
2- .الإقبال : ج 1 ص 478 .
3- .الجبّان والجبّانة : الصحراء ، وتسمّى بهما المقابر لأنّها تكون في الصحراء (النهاية : ج 1 ص 236) .
4- .كتاب من لا يحضره الفقيه : ج 1 ص 510 ح 1474 ، بحار الأنوار : ج 90 ص 348 .
5- .كتاب من لا يحضره الفقيه : ج 2 ص 183 ح 2085 .
6- .كتاب من لا يحضره الفقيه : ج 2 ص 183 ح 2084 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 105 ح 9 .

ص: 283

3 / 3 ما ينبغي في الخروج إلى الصّلاة

أ _ الخروج بعد طلوع الشّمس
ب _ الدّعاء عند الخروج

قالَ : «شَهادَةُ أن لا إلهَ إلاَّ اللّهُ ، وَالعَمَلُ الصّالِحُ إخراجُ الفِطرَةِ» . (1)

3 / 3ما يَنبَغي فِي الخُروجِ إلَى الصَّلاةِأ _ الخُروجُ بَعدَ طُلوعِ الشَّمسِالإمام الصادق عليه السلام :كانَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله يَخرُجُ بَعدَ طُلوعِ الشَّمسِ . (2)

ب _ الدُّعاءُ عِندَ الخُروجِالإمام الباقر عليه السلام :اُدعُ فِي العيدَينِ ويَومِ الجُمُعَةِ ، إذا تَهَيَّأتَ لِلخُروجِ بِهذَا الدُّعاءِ : اللّهُمَّ مَن تَهَيَّأَ وتَعَبَّأَ وأعَدَّ وَاستَعَدَّ لِوِفادَةٍ إلى مَخلوقٍ رَجاءَ رِفدِهِ وطَلَبَ نائِلِهِ وجَوائِزِهِ وفَواضِلِهِ ونَوافِلِهِ ، فَإِلَيكَ يا سَيِّدي وِفادَتي وتَهيِئَتي وتَعبِئَتي وإعدادي وَاستِعدادي رَجاءَ رِفدِكَ وجَوائِزِكَ ونَوافِلِكَ ، فَلا تُخَيِّبِ اليَومَ رَجائي ، يا مَن لا يَخيبُ عَلَيهِ سائِلٌ ولا يَنقُصُهُ نائِلٌ ، فَإِنّي لَم آتِكَ اليَومَ بِعَمَلٍ صالِحٍ قَدَّمتُهُ ولا شَفاعَةِ مَخلوقٍ رَجَوتُهُ ، ولكِن أتَيتُكَ مُقِرّا بِالظُّلمِ وَالإِساءَةِ ، لا حُجَّةَ لي ولا عُذرَ ، فَأَسأَلُكَ يا رَبِّ ، أن تُعطِيَني مَسأَلَتي وتَقلِبَني بِرَغبَتي ، ولا تَرُدَّني مَجبوها ولا خائِبا ، يا عَظيمُ يا عَظيمُ يا عَظيمُ ، أرجوكَ لِلعَظيمِ ، أسأَلُكَ يا عَظيمُ أن تَغفِرَ لِيَ العَظيمَ ، لا إلهَ إلاّ أنتَ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ ، وَارزُقني خَيرَ هذَا اليَومِ الَّذي شَرَّفتَهُ وعَظَّمتَهُ ، وتَغسِلُني فيهِ مِن جَميعِ ذُنوبي وخَطايايَ ، وزِدني مِن فَضلِكَ إنَّكَ أنتَ الوَهّابُ . (3)

.


1- .التوحيد : ص 22 ح 16 ، معاني الأخبار : ص 236 ح 1 ، بحار الأنوار : ج 96 ص 313 ح 8 .
2- .الإقبال : ج 1 ص 478 ، بحار الأنوار : ج 90 ص 371 ح 23 .
3- .تهذيب الأحكام : ج 3 ص 142 ح 316 ، بحار الأنوار : ج 91 ص 19 ح 5 .

ص: 284

عنه عليه السلام :اُدعُ فِي الجُمُعَةِ وَالعيدَينِ ، إذا تَهَيَّأتَ لَلخُروجِ فَقُل : اللّهُمَّ مَن تَهَيَّأَ في هذَا اليَومِ أو تَعَبَّأَ أو أعَدَّ وَاستَعَدَّ لِوِفادَةٍ إلى مَخلوقٍ رَجاءَ رِفدِهِ وجائِزَتِهِ ونَوافِلِهِ ، فَإِلَيكَ يا سَيِّدي كانَت وِفادَتي وتَهيِئَتي وإعدادي وَاستِعدادي ، رَجاءَ رِفدِكَ وجَوائِزِكَ ونَوافِلِكَ . اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ عَبدِكَ ورَسولِكَ وخِيَرَتِكَ مِن خَلقِكَ ، وعَلى أميرِ المُؤمِنينَ ووَصِيِّ رَسولِكَ ، وصَلِّ يا رَبِّ عَلى أئِمَّةِ المُؤمِنينَ : الحَسَنِ وَالحُسَينِ وعَلِيٍّ ومُحَمَّدٍ . _ وتُسَمّيهِم إلى آخِرِهِم حَتّى تَنتَهِيَ إلى صاحِبِكَ عليه السلام (1) _ وقُل : اللّهُمَّ افتَح لَهُ (2) فَتحا يَسيرا وَانصُرهُ نَصرا عَزيزا ، اللّهُمَّ أظهِر بِهِ دينَكَ وسُنَّةَ رَسولِكَ حَتّى لا يَستَخفِيَ بِشَيءٍ مِنَ الحَقِّ مَخافَةَ أحَدٍ مِنَ الخَلقِ . اللّهُمَّ إنّا نَرغَبُ إلَيكَ في دَولَةٍ كَريمَةٍ تُعِزُّ بِهَا الإِسلامَ وأهلَهُ ، وتُذِلُّ بِهَا النِّفاقَ وأهلَهُ ، وتَجعَلُنا فيها مِنَ الدُّعاةِ إلى طاعَتِكَ وَالقادَةِ إلى سَبيلِكَ ، وتَرزُقُنا بِها كَرامَةَ الدُّنيا وَالآخِرَةِ ، اللّهُمَّ ما أنكَرنا مِن حَقٍّ فَعَرِّفناهُ وما قَصُرنا عَنهُ فَبَلِّغناهُ . وتَدعُو اللّهَ لَهُ وعَلى عَدُوِّهِ ، وتَسأَلُ حاجَتَكَ ويَكونُ آخِرُ كَلامِكَ : اللّهُمَّ استَجِب لَنا ، اللّهُمَّ اجعَلنا مِمَّن تَذَكَّرَ فَيُذَكَّرُ (3) . (4)

الإمام الرضا عليه السلام_ لَمّا خَرَجَ إلى صَلاةِ العيدِ ، وَقَفَ عَلَى البابِ وَقفَةً ، ثُمَّ قالَ _: اللّهُ أكبَرُ ، اللّهُ أكبَرُ ، اللّهُ أكبَرُ (اللّهُ أكبَرُ) عَلى ما هَدانا ، اللّهُ أكبَرُ عَلى ما رَزَقَنا مِن بَهيمَةِ الأَنعامِ ، وَالحَمدُ للّهِِ عَلى ما أبلانا _ نَرفَعُ بِها أصواتَنا _ . (5)

.


1- .في نسخة : «صاحب الزمان» .
2- .في نسخة : «لنا» .
3- .في نسخة : «يذكر فيه فيذكر» .
4- .الإقبال : ج 1 ص 476 ، بحار الأنوار : ج 91 ص 6 ح 2 .
5- .الكافي : ج 1 ص 489 ح 7 .

ص: 285

ج _ رفع الصّوت بالتّهليل والتّكبير
ه _ المشي
و _ الرّجوع من غير طريق الذّهاب

ج _ رَفعُ الصَّوتِ بِالتَّهليلِ وَالتَّكبيرِشعب الإيمان عن ابن عمر :كانَ صلى الله عليه و آله يَخرُجُ فِي العيدَينِ رافِعا صَوتَهُ بِالتَّهليلِ وَالتَّكبيرِ . (1)

منتهى المطلب :رُوِيَ عَن عَلِيٍّ عليه السلام أنَّهُ خَرَجَ يَومَ العيدِ ، فَلَم يَزَل يُكَبِّرُ حَتَّى انتَهى إلَى الجَبّانَةِ . (2)

ه _ المَشيالإمام عليّ عليه السلام :مِنَ السُّنَّةِ أن تَخرُجَ إلَى العيدِ ماشِيا ، وأن تَأكُلَ شَيئا قَبلَ أن تَخرُجَ . (3)

سنن ابن ماجة عن ابن عمر :كانَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله يَخرُجُ إلَى العيدِ ماشِيا ، ويَرجِعُ ماشِيا . (4)

و _ الرُّجوعُ مِن غَيرِ طَريقِ الذَّهابِالإقبال :عَن أبي مُحَمَّدٍ هارونَ بنِ موسَى التَّلَّعُكبَرِيِّ رضى الله عنه ، بِإِسنادِهِ إِلى عَليِّ بنِ مُوسَى بنِ جَعفرِ بنِ مُحمَّدٍ عليهم السلام قالَ : قُلتُ لَهُ : يا سَيِّدي إنّا نَروي عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله إنَّهُ كانَ إذا أخَذَ في طَريقٍ لَم يَرجِع فيهِ ، وأخَذَ في غَيرِهِ؟ فَقالَ : «هكَذا كانَ نَبِيُّ اللّهِ صلى الله عليه و آله يَفعَلُ ، وهكَذا أفعَلُ أنَا ، وهكَذا كانَ أبي عليه السلام يَفعَلُ ، وهكَذا فَافعَل ، فَإِنَّهُ أرزَقُ لَكَ ، وكانَ نَبِيُّ اللّهِ صلى الله عليه و آله يَقولُ : هذا أرزَقُ لِلعِبادِ» . (5)

.


1- .شُعب الإيمان : ج 3 ص 342 ح 3714 ؛ نهاية العلاّمة : ص 66 نحوه .
2- .منتهى المطلب للعلاّمة : ج 1 ص 348 ، بحار الأنوار : ج 91 ص 118 ح 6 .
3- .سنن الترمذي : ج 2 ص 410 ح 530 ، كنز العمّال : ج 8 ص 638 ح 24507 .
4- .سنن ابن ماجة : ج 1 ص 411 ح 1295 و ح 1294 ، كنز العمّال : ج 7 ص 88 ح 18099 .
5- .الإقبال : ج 1 ص 483 ، بحار الأنوار : ج 90 ص 372 ح 25 .

ص: 286

3 / 4 صلاة العيد

3 / 4 _ 1 فضلها
3 / 4 _ 2 آدابها
أ _ الصّلاة في الصّحراء أو مكان بارز

3 / 4صَلاةُ العيدِ3 / 4 _ 1فَضلُهاتاريخ دمشق عن جابر :كانَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله لا يَكادُ يَدَعُ أحَدا مِن أهلِهِ يَومَ عيدٍ إلاّ أخرَجَهُ . (1)

رسول اللّه صلى الله عليه و آله :إنَّ اللّهَ تعالى يَطَّلِعُ فِي العيدَينِ إلَى الأَرضِ ، فَابرُزوا مِنَ المَنازِلِ تَلحَقكُمُ الرَّحمَةُ . (2)

3 / 4 _ 2آدابُها (3)أ _ الصَّلاةُ فِي الصَّحراءِ أو مَكانٍ بارِزٍالإمام الصادق عليه السلام :قيلَ لِرَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله يَومَ فِطرٍ أو يَومَ أضحى : لَو صَلَّيتَ في مَسجِدِكَ . فَقالَ : «إنّي لاَُحِبُّ أن أبرُزَ إلى آفاقِ السَّماءِ» . (4)

عنه عليه السلام :لا يُصلّى فِي العيدَينِ فِي السَّقائِفِ ولا فِي البُيوتِ ؛ فَإِنَّ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله

.


1- .تاريخ دمشق : ج 43 ص 4 ح 9068 ، كنز العمّال : ج 7 ص 88 ح 18096 .
2- .تاريخ دمشق : ج 55 ص 161 ح 11650 ، كنز العمّال : ج 8 ص 548 ح 24104 .
3- .قال الشيخ المفيد قدس سره : هذه الصلاة فرض لازم لجميع من لزمته الجمعة على شرط حضور الإمام ، وسنّة على الانفراد عند عدم حضور الإمام ، فإذا كان يوم العيد بعد طلوع الفجر اغتسلت ولبست أطهر ثيابك وتطيّبت ، ومضيت إلى مجمع الناس من البلد لصلاة العيد ، فإذا طلعت الشمس فاصبر هنيئة ، ثمّ قم إلى صلاتك بارزاً تحت السماء ، وليكن سجودك على الأرض نفسها ، فإذا قمت فكبّر تكبيرة (المقنعة : ص 194) .
4- .الكافي : ج 3 ص 460 ح 4 .

ص: 287

ب _ الدّعاء عند القيام إلى الصّلاة

كانَ يَخرُجُ فيها حَتّى يَبرُزَ لاُِفُقِ السَّماءِ ، ويَضَعُ جَبهَتَهُ عَلَى الأَرضِ . (1)

الإمام عليّ عليه السلام :الخُروجُ إلَى الجَبّانِ فِي العيدَينِ مِنَ السُّنَّةِ . (2)

ب _ الدُّعاءُ عِندَ القِيامِ إلى الصَّلاةِالإمام الصادق عليه السلام :إذا قُمتَ إلَى الصَّلاةِ فَاستَقبِلِ القِبلَةَ وكَبِّر وقُل : اللّهُمَّ إنّي عَبدُكَ وابنُ عَبدَيكَ هارِبٌ مِنكَ إلَيكَ ، أتَيتُكَ وافِداً إلَيكَ تائِباً مِن ذُنوبي ، إلَيكَ زائِراً ، وحَقُّ الزّائِرِ عَلَى المَزورِ التُّحفَةُ ، فَاجعَل تُحفَتي مِنكَ وتُحفَتُكَ لي رِضاكَ وَالجَنَّةُ . اللّهُمَّ إنَّكَ عَظَّمتَ حُرمَةَ شَهرِ رَمَضانَ ، ثُمَّ أنزَلتَ فيهِ القُرآنَ ، أي رَبِّ وجَعَلتَ فيهِ لَيلَةً خَيراً مِن ألفِ شَهرٍ ، ثُمَّ مَنَنتَ عَلَيَّ بِصِيامِهِ وقِيامِهِ فيما مَنَنتَ عَلَيَّ فَتَمِّم عَلَيَّ مَنَّكَ ورَحمَتَكَ . أي رَبِّ إنَّ لَكَ فيهِ عُتَقاءَ ، فَإِن كُنتَ مِمَّن أعتَقتَني فيهِ فَتَمِّم عَلَيَّ ولا تَرُدَّني في ذَنبٍ ما أبقَيتَني ، وإن لَم تَكُن فَعَلتَ يا رَبِّ لِضَعفِ عَمَلٍ أو لِعِظَمِ ذَنبٍ فَبِكَرَمِكَ وفَضلِكَ ورَحمَتِكَ ، وكِتابِكَ الَّذي أنزَلتَ في شَهرِ رَمَضانَ لَيلَةَ القَدرِ وما أنزَلتَ فيها ، وحُرمَةِ مَن عَظَّمتَ فيها وبِمُحَمَّدٍ وعَلِيٍّ عَلَيهِما سَلامُكَ (3) وصَلَواتُكَ وبِكَ يا أللّهُ أتَوَجَّهُ إلَيكَ بِمُحَمَّدٍ وبِمَن بَعدَهُ صَلَّى اللّهُ عَلَيهِ وعَلَيهِم ، أتَوَجَّهُ بِكُم إلَى اللّهِ ، يا أللّهُ أعتِقني فيمَن أعتَقتَ السّاعَةَ بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله . (4)

.


1- .دعائم الإسلام : ج 1 ص 185 ، بحارالأنوار : ج 90 ص 374 ح 27 .
2- .المعجم الأوسط : ج 4 ص 224 ح 4040 ، كنزالعمّال : ج 8 ص 644 ح 24543 .
3- .في المصدر : «السلام» وما أثبتناه من بحار الأنوار .
4- .الإقبال : ج 1 ص 494 ، بحارالأنوار : ج 91 ص 20 ح 6 .

ص: 288

3 / 4 _ 3 كيفيّتها

3 / 4 _ 3كَيفِيَّتُهامصباح المتهجّد :صِفَةُ صَلاةِ العيدِ أن يَقومَ مُستَقبِلَ القِبلَةِ فَيَستَفتِحُ الصَّلاةُ ، يَتَوَجَّهُ فيها ، ويُكَبِّرُ تَكبيرَةَ الاِستِفتاحِ فَإِذا تَوَجَّهَ قَرَأَ «الحَمدَ» ، و «سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى » ثُمَّ يَرفَعُ يَدَهُ بِالتَّكبيرِ فَإِذا كَبَّرَ قالَ : اللّهُمَّ أهلَ الكِبرياءِ وَالعَظَمَةِ ، وأهلَ الجودِ وَالجَبَروتِ ، وأهلَ العَفوِ وَالرَّحمَةِ ، وأهلَ التَّقوى وَالمَغفِرَةِ ، أسأَلُكَ بِحَقِّ هذَا اليَومِ الَّذي جَعَلتَهُ لِلمُسلِمينَ عيداً ، ولِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللّهُ عَلَيهِ وآلِهِ ذُخراً ومَزيداً أن تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ ، وأن تُدخِلَني في كُلِّ خَيرٍ أدخَلتَ فيهِ مُحَمَّداً وآلَ مُحَمَّدٍ ، وأن تُخرِجَني مِن كُلِّ سُوءٍ أخرَجتَ مِنهُ مُحَمَّداً وآلَ مُحَمَّدٍ صَلَواتُكَ عَلَيهِ وعَلَيهِم . اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ خَيرَ ما سَأَلَكَ بِهِ عِبادُكَ الصّالِحونَ ، وأعوذُ بِكَ مِمَّا استَعاذَ مِنهُ عِبادُكَ الصّالِحونَ . ثُمَّ يُكَبِّرُ ثالِثَةً ورابِعَةً وخامِسَةً وسادِسَةً مِثلَ ذلِكَ ، يَفصِلُ بَينَ كُلِّ تَكبيرَتَينِ بِما ذَكَرناهُ مِنَ الدُّعاءِ ، ثُمَّ يُكَبِّرُ السّابِعَةَ ويَركَعُ بِها ، فَإِذا صَلّى هذِهِ الرَّكعَةَ قامَ إلَى الثّانِيَةِ فَإِذَا استَوى قائِماً قَرَأَ «الحَمدَ» ، وسورَةَ «وَ الشَّمْسِ وَ ضُحَاهَا » ، ثُمَّ يُكَبِّرُ تَكبيرَةً ويَقولُ بَعدَهَا الدُّعاءَ الَّذي قَدَّمناهُ ، ثُمَّ يُكَبِّرُ ثانِيَةً وثالِثَةً ورابِعَةً مِثلَ ذلِكَ ، فَإِذا فَرَغَ مِنَ الدُّعاءِ كَبَّرَ الخامِسَةَ ورَكَعَ بَعدَها فَيَحصُلُ لَهُ فِي الرَّكعَتَينِ اثنَتا عَشرَةَ تَكبيرَةً ، سَبعٌ فِي الاُولى ، وخَمسٌ فِي الثّانِيَةِ ، مِنها تَكبيرَةُ الاِفتِتاحِ فِي الاُولى ، وتَكبيرَةُ الرُّكوعِ فِي الرَّكعَتَينِ . فَإِذا سَلَّمَ عَقَّبَ بِتَسبيحِ الزَّهراءِ عليهاالسلام وما خَفَّ عَلَيهِ مِنَ الدُّعاءِ . (1)

.


1- .مصباح المتهجّد : ص 654 ، بحارالأنوار : ج 90 ص 379 ح 29 .

ص: 289

3 / 5 خطبة أميرالمؤمنين يوم الفطر

الإمام الصادق عليه السلام :تَقولُ بَينَ كُلِّ تَكبيرَتَينِ في صَلاةِ العيدَينِ : اللّهُمَّ أهلَ الكِبرِياءِ وَالعَظَمَةِ ، وأهلَ الجودِ وَالجَبَروتِ ، وأهلَ العَفوِ وَالرَّحمَةِ وأهلَ التَّقوى وَالمَغفِرَةِ ، أسأَلُكَ في هذَا اليَومِ الَّذي جَعَلتَهُ لِلمُسلِمينَ عيداً ، ولِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللّهُ عَلَيهِ وآلِهِ ذُخراً ومَزيداً ، أن تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ كَأَفضَلِ ما صَلَّيتَ عَلى عَبدٍ مِن عِبادِكَ ، وصَلِّ عَلى مَلائِكَتِكَ المُقَرَّبينَ ورُسُلِكَ ، وَاغفِر لِلمُؤمِنينَ وَالمُؤمِناتِ ، وَالمُسلِمينَ وَالمُسلِماتِ الأَحياءِ مِنهُم وَالأَمواتِ ، اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ مِن خَيرِ ما سَألَكَ عِبادُكَ المُرسَلونَ ، وأعوذُ بِكَ مِن شَرِّ ما عاذَ بِكَ مِنهُ عِبادُكَ المُرسَلونَ . (1)

عنه عليه السلام :تَقولُ في دُعاءِ العيدَينِ بَينَ كُلِّ تَكبيرَتَينِ : اللّهُ رَبّي أبَداً ، وَالإِسلامُ ديني أبَداً ، ومُحَمَّدٌ نَبِيِّي أبَداً ، وَالقُرآنُ كِتابي أبَداً ، وَالكَعبَةُ قِبلَتي أبَداً ، وعَلِيٌّ وَلِيِّي أبَداً ، وَالأَوصِياءُ أئِمَّتي أبَداً _ وتُسَمّيهِم إلى آخِرِهِم _ ولا أحَدَ إلاّ اللّهُ . (2)

3 / 5خُطبَةُ أميرِالمُؤمِنينَ يَومَ الفِطرِمصباح المتهجّد عن جندب بن عبد اللّه الأزدي عن أبيه :إنَّ عَلِيّاً عليه السلام كانَ يَخطُبُ يَومَ الفِطرِ ، فَيَقولُ : «الحَمدُ للّهِِ الَّذي خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرضَ ، وجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنّورَ ، ثُمَّ

.


1- .تهذيب الأحكام : ج 3 ص 139 ح 314 وح 315 عن الإمام الباقر عليه السلام قال : «كان أميرالمؤمنين عليه السلام إذا كبّر في العيدين قال بين كلّ تكبيرتين : أشهد أن لا إلهُ إلاّ اللّه وحده لاشريك له وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله ، اللّهمّ أهل الكبرياء ...» ، بحارالأنوار : ج 90 ص 380 ح 30 .
2- .تهذيب الأحكام : ج 3 ص 286 ح 856 .

ص: 290

الَّذين كَفَروا بِرَبِّهِم يَعدِلونَ ، لا نُشرِكُ بِاللّهِ شَيئاً ، ولا نَتَّخِذُ مِن دونِهِ وَلِيّاً ، وَالحَمدُ للّهِِ الَّذي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وما فِي الأَرضِ ، ولَهُ الحَمدُ فِي الآخِرَةِ وهُوَ الحَكيمُ الخَبيرُ ، يَعلَمُ ما يَلِجُ فِي الأَرضِ وما يَخرُجُ مِنها ، وما يَنزِلُ مِنَ السَّماءِ وما يَعرُجُ فيها وهُوَ الرَّحيمُ الغَفورُ ، كَذلِكَ رَبُّنا جَلَّ ثَناؤُهُ لا أمَدَ ولا غايَةَ ولا نِهايَةَ ولا إلهَ إلاّ هُوَ وإلَيهِ المَصيرُ ، وَالحَمدُ للّهِِ الَّذي يُمسِكُ السَّماءَ أن تَقَعَ عَلَى الأَرضِ إلاّ بِإِذنِهِ ، إنَّ اللّهَ بِالنّاسِ لَرَؤوفٌ رَحيمٌ . اللّهُمَّ ارحَمنا بِرَحمَتِكَ ، وَاعمُمنا بِعافِيَتِكَ ، وَامدُدنا بِعِصمَتِكَ ، ولا تُخلِنا مِن رَحمَتِكَ إنَّكَ أنتَ الغَفورُ الرَّحيمُ ، وَالحَمدُ للّهِِ لا مَقنوطاً من رَحمَتِهِ ولا مَخلُوّاً مِن نِعمَتِهِ ، ولا مُؤيِساً مِن رَوحِهِ ، ولا مُستَنكِفاً عَن عِبادَتِهِ ، الَّذي بِكَلِمَتِهِ قامَتِ السَّماواتُ السَّبعُ ، وقَرَّتِ الأَرَضونَ السَّبعُ ، وثَبَتَتِ الجِبالُ الرَّواسي ، وجَرَتِ الرِّياحُ اللَّواقِحُ ، وسارَ في جَوِّ السَّماءِ السَّحابُ ، وقامَت عَلى حُدودِهَا البِحارُ ، فَتَبارَكَ اللّهُ رَبُّ العالَمينَ ، إلهٌ قاهِرٌ قادِرٌ ذَلَّ لَهُ المُتَعَزِّزونَ ، وتَضاءَلَ لَهُ المُتَكَبِّرونَ ، ودانَ طَوعاً وكَرهاً لَهُ العالَمونَ . نَحمَدُهُ بِما حَمِدَ نَفسَهُ وكَما هُوَ أهلُهُ ، ونَستَعينُهُ ونَستَغفِرُهُ ونَشهَدُ أن لا إلهَ إلاَّ اللّهُ وَحدَهُ لاشَريكَ لَهُ ، يَعلَمُ ما تُخفِي الصُّدورُ ، وما تَجِنُّ البِحارُ ، وما تُوارِي الأَسرابُ (1) ، وما تَغيضُ الأَرحامُ وما تَزدادُ ، وكُلُّ شَيءٍ عِندَهُ بِمِقدارٍ ، لا تَوارى مِنهُ ظُلُماتٌ ولا تَغيبُ عَنهُ غائِبَةٌ ، وما تَسقُطُ مِن وَرَقَةٍ إلاّ يَعلَمُها ، ولا حَبَّةٍ في ظُلُماتِ الأَرضِ ، ولا رَطبٍ ولا يابِسٍ إلاّ في كِتابٍ مُبينٍ ، ويَعلَمُ ما يَعمَلُ العامِلونَ وإلى أيِّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبونَ ، ونَستَهدِي اللّهَ بِالهُدى ، ونَعوذُ بِهِ مِنَ الضَّلالَةِ وَالرَّدى ، ونَشهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبدُهُ ونَبِيُّهُ ورَسولُهُ إلَى النّاسِ كافَّةً ، وأمينُهُ عَلى وَحيِهِ ، وأنَّهُ بَلَّغَ رِسالَةَ رَبِّهِ ، وجاهَدَ فِي اللّهِ المُدبِرينَ عَنهُ ، وعَبَدَهُ

.


1- .الأسراب : جمع السَرَب ؛ وهو جُحْر الوحشي ، والحفير تحت الأرض (القاموس المحيط : ج 1 ص 81) .

ص: 291

حَتّى أتاهُ اليَقينُ صَلَّى اللّهُ عَلَيهِ وآلِهِ . اُوصيكُم عِبادَ اللّهِ بِتَقوَى اللّهِ الَّذي لا تَبرَحُ مِنهُ نِعمَةٌ ، ولا تُفقَدُ لَهُ رَحمَةٌ ، ولايَستَغني عَنهُ العِبادُ ولا تَجزي أنعُمَهُ الأَعمالُ ، الَّذي رَغَّبَ فِي الآخِرَةِ ، وزَهَّدَ فِي الدُّنيا ، وحَذَّرَ المَعاصِيَ ، وتَعَزَّزَ بِالبَقاءِ ، وتَفَرَّدَ بِالعِزِّ وَالبَهاءِ ، وجَعَلَ المَوتَ غايَةَ المَخلوقينَ وسَبيلَ الماضينَ ، فَهُوَ مَعقودٌ بِنَواصِي الخَلقِ كُلِّهِم حَتمٌ في رِقابِهِم ، لا يُعجِزُهُ لُحوقُ الهارِبِ ولا يَفوتُهُ ناءٍ ولا آئِبٌ ، يَهدِمُ كُلَّ لَذَّةٍ ، ويُزيلُ كُلَّ بَهجَةٍ ، ويَقشَعُ كُلَّ نِعمَةٍ . عِبادَ اللّهِ ، إنَّ الدُّنيا دارٌ رَضِيَ اللّهُ لِأَهلِهَا الفَناءَ وقَدَّرَ عَلَيهِم بِهَا الجَلاءَ ، فَكُلُّ ما فيها نافِدٌ وكُلُّ مَن يَسلُكُها بائِدٌ ، وهِيَ مَعَ ذلِكَ حُلوَةٌ غَضِرَةٌ (1) ، رائِقَةٌ نَضِرَةٌ (2) ، قَد زُيِّنَت لِلطّالِبِ ، ولاطَت (3) بِقَلبِ الرّاغِبِ ، يُطَيِّبُهَا الطّامِعُ، ويَجتَويهَا (4) الوَجِلُ الخائِفُ ، فَارتَحِلوا رَحِمَكُمُ اللّهُ مِنها بِأَحسَنِ ما بِحَضرَتِكُم مِنَ الزّادِ ولا تَطلُبوا مِنها سِوَى البُلغَةَ (5) ، وكونوا فيها كَسَفرٍ (6) نَزَلوا مَنزِلاً فَتَمَتَّعوا مِنهُ بِأَدنى ظِلٍّ،ثُمَّ ارتَحَلوا لِشَأنِهِم،ولا تَمُدّوا أعيُنَكُم فيها إلى ما مَتَّعَ بِهِ المُترَفونَ، وأضِرّوا فيها بِأَنفُسِكُم ؛ فَإِنَّ ذلِكَ أخَفُّ لِلحِسابِ وأقرَبُ مِنَ النَّجاةِ. ألا إنَّ الدُّنيا قَد تَنَكَّرَت وأدبَرَت وآذَنَت بِوَداعٍ ، ألا وإنَّ الآخِرَةَ قَد أقبَلَت وأشرَفَت ونادَت بِاطِّلاعٍ،ألا وإنَّ المِضمارَ اليَومُ وغَداً السِّباقُ (7) ألا وإنَّ السُّبقَةَ الجَنَّةُ وَالغايَةَ النّارُ ، أفَلا تائِبٌ مِن خَطيئَتِهِ قَبلَ هُجومِ مَنِيَّتِهِ؟ أوَلا عامِلٌ لِنَفسِهِ

.


1- .غضارة الدنيا : طيبها ولذّتها . يقال : إنّهم لفي غَضَارَة من العيش : أي في خِصْب وخَير (النهاية : ج 3 ص 370) .
2- .النَّضارة _ في الأصل _ : حسن الوجه والبريق (النهاية : ج 5 ص 71) .
3- .لاط الشيء بقلبي : حُبِّب إليه واُلصِقَ (القاموس المحيط : ج 2 ص 384) .
4- .اجْتَوَيْت البَلَد : إذا كرهت المقام فيه (لسان العرب : ج 14 ص 158) .
5- .البُلغة : الكِفاية ، وهو ما يكتفى به في العيش (مجمع البحرين : ج 1 ص 187) .
6- .السَّفر : المسافرون (مجمع البحرين : ج 2 ص 849) .
7- .أي : اليومَ العملُ فيالدنيا للاستباق في الجنّة . والمِضمارُ: الموضع الّذي تضمّر فيه الخيل (النهاية : ج 3 ص 99) .

ص: 292

قَبلَ يَومِ فَقرِهِ وبُؤسِهِ؟ جَعَلَنَا اللّهُ وإيّاكُم مِمَّن يَخافُهُ ويَرجو ثَوابَهُ . ألا وإنَّ هذَا اليَومَ يَومٌ جَعَلَهُ اللّهُ عيداً وجَعَلَكُم لَهُ أهلاً ، فَاذكُرُوا اللّهَ يَذكُركُم ، وكَبِّروهُ وعَظِّموهُ وسَبِّحوهُ ومَجِّدوهُ ، وادعوهُ يَستَجِب لَكُم وَاستَغفِروهُ يَغفِر لَكُم ، وتَضَرَّعوا وَابتَهِلوا وتوبوا وأنيبوا ، وأدّوا فِطرَتَكُم ؛ فَإِنَّها سُنَّةُ نَبِيِّكُم وفَريضَةٌ واجِبَةٌ مِن رَبِّكُم ، فَليُخرِجها كُلُّ امرِىًمِنكُم عَن نَفسِهِ وعَن عِيالِهِ كُلِّهِم ذَكَرِهِم واُنثاهُم ، صَغيرِهِم وكبيرِهِم ، حُرِّهِم ومَملوكِهِم ، يُخرِجُ كُلُّ واحِدٍ مِنهُم صاعاً مِن شَعيرٍ ، أو صاعاً مِن تَمرٍ ، أو نِصفَ صاعٍ من بُرٍّ من طيبِ كَسبِهِ ، طَيِّبَةً بِذلِكَ نَفسُهُ . عِبادَ اللّهِ ، وتَعاوَنوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقوى ، وتَراحَموا وتَعاطَفوا وأدّوا فَرائِضَ اللّهِ عَلَيكُم فيما أمَرَكُم بِهِ ، مِن إقامَةِ الصَّلَواتِ المَكتوباتِ ، وأداءِ الزَّكَواتِ ، وصِيامِ شَهرِ رَمَضانَ ، وحَجِّ البَيتِ ، وَالأَمرِ بِالمَعروفِ وَالتَّناهي عَنِ المُنكَرِ ، وَالإِحسانِ إلى نِسائِكُم وما مَلَكَت أيمانُكُم ، وَاتَّقُوا اللّهَ فيما نَهاكُم عَنهُ ، وأطيعوهُ فِي اجتِنابِ قَذفِ المُحصَناتِ وإتيانِ الفَواحِشِ ، وشُربِ الخَمرِ ، وبَخسِ المِكيالِ ونَقصِ الميزانِ ، وشَهادَةِ الزّورِ ، وَالفِرارِ مِنَ الزَّحفِ ، عَصَمَنَا اللّهُ وإيّاكُم بِالتَّقوى وجَعَلَ الآخِرَةَ خَيراً لَنا ولَكُم مِن هذِهِ الدُّنيا ، إنَّ أحسَنَ الحَديثِ وأبلَغَ المَوعِظَةِ كَلامُ اللّهِ تعالى ، أعوذُ بِاللّهِ مِنَ الشَّيطانِ الرَّجيمِ ، « بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَ_نِ الرَّحِيمِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ» _ إلى آخِرِها _ » . ثُمَّ جَلَسَ وقامَ ، فقالَ : «الحَمدُ للّهِِ نَحمَدُهُ ونَستَعينُهُ ونَستَغفِرُهُ ونَستَهديهِ ونُؤمِنُ بِهِ ونَتَوَكَّلُ عَلَيهِ ، ونَعوذُ بِاللّهِ مِن شُرورِ أنفُسِنا ومِن سَيِّئاتِ أعمالِنا ، مَن يَهدِ اللّهُ فَهُوَ المُهتَدي ومَن يُضلِل فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُرشِداً ، وأشهَدُ أن لا إلهَ إلاَّ اللّهُ وَحدَهُ لاشَريكَ لَهُ ، وأشهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسولُهُ» .

.

ص: 293

3 / 6 دعاء عليّ بن الحسين بعد الصّلاة

وذَكَرَ باقِيَ الخُطبَةِ الصَّغيرَةِ في يَومِ الجُمُعَةِ . (1)

3 / 6دُعاءُ عَلِيِّ بنِ الحُسَينِ بَعدَ الصَّلاةِمصباح المتهجّد :كانَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليه السلام إذا فَرَغَ مِن صَلاةِ العيدَينِ ، أو صَلاةِ الجُمُعَةِ استَقبَلَ القِبلَةَ وقالَ : يا مَن يَرحَمُ مَن لا يَرحَمُهُ العِبادُ ، يا مَن يَقبَلُ مَن لا تَقبَلُهُ البِلادُ ، ويا مَن لا يَحتَقِرُ أهلَ الحاجَةِ إليهِ ، ويا مَن لايُخَيِّبُ المُلِحّينَ عَلَيهِ ، ويا مَن لا يَجبَهُ (2) بِالرَّدِّ أهلَ الدّالَّةِ (3) عَلَيهِ ، يامَن يَجتَبي صَغيرَ ما يُتحَفُ بِهِ ويَشكُرُ يَسيرَ ما يُعمَلُ لَهُ ، ويا مَن يَشكُرُ عَلَى القَليلِ ويُجازي بِالجَزيلِ ، يا مَن يَدنو إلى مَن دَنا مِنهُ ، يا مَن يَدعو إلى نَفسِهِ مَن أدبَرَ عَنهُ ، ويا مَن لا يُغَيِّرُ النِّعمَةَ ولا يُبادِرُ بِالنِّقمَةِ ، ويا مَن يُثمِرُ الحَسَنَةَ حَتّى يُنَمِّيَها ، ويا مَن يَتَجاوَزُ عَنِ السَّيِّئَةِ حَتّى يُعَفِّيَهَا ، انصَرَفَتِ الآمالُ دونَ مَدَى كَرَمِكَ بِالحاجاتِ ، وَامتَلَأَت بِفَيضِ جودِكَ أوعِيَةُ الطَّلِباتِ ، وتَفَسَّخَت دونَ بُلوغِ نَعتِكَ الصِّفاتُ . فَلَكَ العُلُوُّ الأَعلى فَوقَ كُلِّ عالٍ ، وَالجَلالُ الأَمجَدُ فَوقَ كُلِّ جَلالٍ ، كُلُّ جَليلٍ عِندَكَ صَغيرٌ ، وكُلُّ شَريفٍ في جَنبِ شَرَفِكَ حَقيرٌ . خابَ الوافِدونَ عَلى غَيرِكَ ، وخَسِرَ المُتَعَرِّضونَ إلاّ لَكَ ، وضاعَ المُلِمّونَ إلاّ بِكَ ، وأجدَبَ المُنتَجِعونَ إلاّ مَنِ انتَجَعَ فَضلَكَ . بابُكَ مَفتوحٌ لِلرّاغِبينَ ، وجودُكَ مُباحٌ لِلسّائِلينَ ، وإغاثَتُكَ قَريبَةٌ مِنَ

.


1- .مصباح المتهجّد : ص 659 ح 728 ، بحارالأنوار : ج 91 ص 29 ح 5 .
2- .جبهت فلاناً : إذا استقبلته بكلام فيه غِلظة (لسان العرب : ج 13 ص 483) .
3- .الدّالَّة : المِنّة (لسان العرب : ج 11 ص 248) .

ص: 294

المُستَغيثينَ ، لايَخيبُ مِنكَ الآمِلونَ ، ولايَيأَسُ مِن عَطائِكَ المُتَعَرِّضونَ ، ولا يَشقى بِنِقمَتِكَ المُستَغفِرونَ ، رِزقُكَ مَبسوطٌ لِمَن عَصاكَ ، وحِلمُكَ مُعتَرِضٌ لِمَن ناواكَ . عَادَتُكَ الإِحسانُ إلى المُسيئينَ ، وسُنَّتُكَ الإِبقاءُ عَلَى المُعتَدينَ حَتّى لَقَد غَرَّتهُم أناتُكَ عَنِ النُّزوعِ ، وصَدَّهُم إمهالُكَ عَنِ الرُّجوعِ وإنَّما تَأَنَّيتَ بِهِم لِيَفيئوا إلى أمرِكَ ، وأمهَلتَهُم ثِقَةً بِدَوامِ مُلكِكَ ؛ فَمَن كانَ مِن أهلِ السَّعادَةِ خَتَمتَ لَهُ بِها ، ومَن كانَ مِن أهلِ الشَّقاوَةِ (1) خَذَلتَهُ لَها ، كُلُّهم صائِرونَ إلى ظِلِّكَ ، واُمورُهُم آئِلَةٌ إلى أمرِكَ ، لَم يَهِن عَلى طولِ مُدَّتِهِم سُلطانُكَ ، ولَم يَدحَض لِتَركِ مُعاجَلَتِهِم بُرهانُكَ . حُجَّتُكَ قائِمَةٌ لا تَحولُ ، وسُلطانُكَ ثابِتٌ لا يَزولُ ، فَالوَيلُ الدّائِمُ لِمَن جَنَحَ عَنكَ ، وَالخَيبَةُ الخاذِلَةُ لِمَن خابَ مِنكَ ، وَالشَّقاءُ الأَشقى لِمَن اغتَرَّ بِكَ ، ما أكثَرَ تَصَرُّفَهُ في عَذابِكَ ، وما أطوَلَ تَرَدُّدَهُ في عِقابِكَ ، وما أبعَدَ غايَتَهُ مِنَ الفَرَجِ ، وما أقنَطَهُ مِن سُهولَةِ المَخرَجِ ، عَدلاً مِن قَضائِكَ لا تَجورُ فيهِ ، وإنصافاً مِن حُكمِكَ لا تَحيفُ عَلَيهِ ، فَقَد ظاهَرتَ الحُجَجَ ، وأبلَيتَ الأَعذارَ وقَد تَقَدَّمتَ بِالوَعيدِ ، وتَلَطَّفتَ فِي التَّرغيبِ ، وضَرَبتَ الأَمثالَ وأطَلتَ الإِمهالَ ، وأخَّرتَ وأنتَ مُستَطيعٌ لِلمُعاجَلَةِ ، وتَأَنَّيتَ وأنتَ مَلِيءٌ بِالمُبادَرَةِ . لَم تَكُن أناتُكَ عَجزاً ولا إمهالُكَ وَهناً ولا إمساكُكَ غَفلَةً ، ولا إنظارُكَ مُداراةً ، بَل لِتَكونَ حُجَّتُكَ الأَبلَغَ ، وكَرَمُكَ الأَكمَلَ ، وإحسانُكَ الأَوفى ، ونِعمَتُكَ الأَتَمَّ ، وكُلُّ ذلِكَ كانَ ولَم تَزَل ، وهُوَ كائِنٌ ولا يَزولُ . نِعمَتُكَ أجَلُّ مِن أن توصَف بِكُلِّها ، ومَجدُكَ أرفَعُ مِن أن يُحَدَّ بِكُنهِهِ ، ونِعمَتُكَ أكثَرُ مِن أن تُحصى بِأَسرِها ، وإحسانُكَ أكثَرُ مِن أن تُشكَرَ عَلى أقَلِّهِ ، وقَد

.


1- .في المصدر : «الشَّقاء» ، وما أثبتناه من المصادر الاُخرى .

ص: 295

قَصَّرَ بِيَ السُّكوتُ عَن تَحمِيدِكَ ، وفَهَّهَنِي (1) الإِمساكُ عَن تَمجيدِكَ ، وقُصارايَ السُّكوتُ عَن تَحميدِكَ بِما تَستَحِقُّهُ ، ونِهايَتِي الإِمساكُ عَن تَمجيدِكَ بِما أنتَ أهلُهُ ، لا رَغبَةً يا إلهي عَنكَ بَل عَجزاً ، فَهأنذا يا إلهي أؤُمُّكَ بِالوِفادَةِ ، وأسأَلُكَ حُسنَ الرِّفادَةِ . فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِهِ ، وَاسمَع نَجوايَ وَاستَجِب دُعائي ، ولاتَختِم يَومي بِخَيبَتي ولاتَجبَهني بِالرَّدِّ في مَسأَلَتي ، وأكرِم مِن عِندِكَ مُنصَرَفي وإلَيكَ مُنقَلَبي ، إنَّكَ غَيرُ ضائِقٍ عَمّا تُريدُ ولا عاجِزٍ عَمّا تُسأَلُ ، وأنتَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ ، ولاحَولَ ولا قُوَّةَ إلاّ بِاللّهِ العَلِيِّ العَظيمِ . (2)

.


1- .فَههت : أي عييت. والفَهُّ : الكليل اللسان العَييّ عن حاجته (لسان العرب : ج 13 ص 525).
2- .مصباح المتهجّد : ص 369 ح 500 ، الصحيفة السجّاديّة : ص 181 الدعاء 46 وفيه «دعاؤه للعيدين والجمعة» .

ص: 296

. .

ص: 297

الفهرس التفصيلي .

ص: 298

. .

ص: 299

. .

ص: 300

. .

ص: 301

. .

ص: 302

. .

ص: 303

. .

ص: 304

. .

ص: 305

. .

ص: 306

. .

ص: 307

. .

ص: 308

. .

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.