حياه الشيخ محمدبن يعقوب الكليني

هویة الکتاب

عنوان و نام پديدآور : حياه الشيخ محمدبن يعقوب الكليني/ ثامر العميدي الحسيني

مشخصات نشر : قم: دار الحديث:سازمان اوقاف و امورخيريه، 1429ق=1387.

مشخصات ظاهري : 532ص.

فروست : مركز بحوث دار الحديث؛ 178

مجموعه آثار الموتمر الدولي لذكري الشيخ ثقه الاسلام الكليني؛ 29

وضعيت فهرست نويسي : در انتظار فهرستنويسي (اطلاعات ثبت)

شماره كتابشناسي ملي : 1885975

ص: 1

مذكّرة أمين اللجنة العلمية للمؤتمر

كتاب الكافي الشريف، لمؤلّفه ثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني رحمه اللّه ، هو أهم وأفضل مؤلّفات الشيعة، ونظرا لما يتمتّع به من ميزات وخصائص جعلت منه كتابا لا نظير له، فقد صار محوراً لظهور وإنتاج قسم واسع من التراث الشيعي، وحظي على مرّ التاريخ باهتمام علماء الشيعة وقدّمت له شروح وتعليقات وترجمات كثيرة. وقد قامت روضة السيّد عبدالعظيم الحسني ومؤسسة دار الحديث العلمية الثقافية بعقد المؤتمر الثالث من مؤتمراتها التي تدور حول محور «تكريم شخصيات مدينة الري وعلمائها» لتكريم ثقة الإسلام الكليني. والأهداف المتوخّاة من هذا التكريم هي: 1 . التعريف بالشخصية العلمية والمعنوية لثقة الإسلام الكليني. 2. نشر المعارف الحديثية لأهل البيت عليهم السلام. 3. تحقيق ودراسة تراث ثقة الإسلام الكليني. 4. معرفة منزلة وتأثير كتاب الكافي. وقد بدأت لجنة المؤتمر العلمية التخطيطَ العملي لهذا المؤتمر بعد إقامة مؤتمر تكريم أبي الفتوح الرازي في خريف 1427ق، وخطّطت للبرامج التالية: 1 . تصحيح وتحقيق المخطوطات المتعلّقة بكتاب الكافي، سواء كانت ترجمات أو شروح أو تعليقات أو غيرها. 2. فتح آفاق بحثية جديدة في مجال الكافي. 3. تجزئة وتحليل الانتقادات والأسئلة المتعلّقة بالكافي. 4. تقديم الطبعة المحقّقة من كتاب الكافي. 5. تنظيم المعلومات والآثار المكتوبة المتعلقة بالكليني والكافي وتقديمها في قالب أقراص DVD (الأقراص النورية المتعدّدة الأغراض). والذي توصّلت إليه اللجنة العلمية خلال سنتين ونيف من السعي هو نشر ما يلي تزامناً مع إقامة المؤتمر:

ص: 1

أولاً: نسخة الكافي المحقّقة. ثانياً: شروح الكافي والتعليقات عليه.

ثالثاً: مجموعة الآثار التي أنتجها المؤتمر.

رابعاً: الأعداد الخاصّة من المجلاّت.

خامساً: نشرة أخبار المؤتمر.

سادساً: أقراص ال-DVD (الأقراص النورية المتعدّدة الأغراض). وسنلقي فيما يلي نظرة عابرة إلى هذه العناوين الستّة:

أولاً: الكافي

سيتمّ طبع الكافي طبعة جديدة بعد مقابلته مع المخطوطات القديمة والموثوق بها وبعد التشكيل بالحركات أيضاً، مع تعليقات بهدف رفع الإشكال عن بعض الإسنادات، وبعض الإيضاحات ذات العلاقة بفقه الحديث.

ثانياً: شروح الكافي وتعليقاته

كتب الكثير من الشروح والتعليقات على كتاب الكافي ولم يطبع منها سوى القليل، وقد سعت اللجنة العلمية لأن تحدّد هذه الشروح والتعليقات، وأن تأخذ على عاتقها تحقيقها وعرضها، وسيتمّ تحقيق الكتب التالية وطباعتها وإعدادها لإقامة المؤتمر: 1. الشافي في شرح الكافي، الملاّ خليل بن غازي القزويني، (ت 1089ق) مجلّدان. 2. صافى در شرح كافى (الصافي في شرح الكافي) الملاّ خليل بن غازي القزويني (ت 1089ق) مجلّدان. 3. الحاشية على اُصول الكافي، الملاّ محمد أمين الاسترآبادي (ت 1036ق) مجلّد واحد. 4. الحاشية على اُصول الكافي، السيّد أحمد العلوي العاملي (كان حيّا سنة 1050ق) مجلّد واحد. 5. الحاشية على اُصول الكافي، السيّد بدر الدين الحسيني العاملي (كان حيّا سنة 1060ق) مجلّد واحد. 6. الكشف الوافي في شرح اُصول الكافي، محمد هادي بن محمد معين الدين آصف الشيرازي (ت 1081ق) مجلّد واحد. 7. الحاشية على اُصول الكافي، الميرزا رفيعا (ت 1082ق) مجلّد واحد.

ص: 2

8. الهدايا لشيعة أئمة الهدى (شرح اُصول الكافي) الميرزا محمّد مجذوب التبريزي (ت 1093 ق) مجلّدان. 9. الذريعة إلى حافظ الشريعة (شرح اُصول الكافي) رفيع الدين محمد بن محمد مؤمن الگيلاني (القرن 11ق) مجلّدان 10 و 11. الدرّ المنظوم، الشيخ علي الكبير (ت 1104ق) والحاشية على اُصول الكافي، الشيخ علي الصغير (القرن 12ق) مجلّد واحد. 12. تحفة الأولياء (ترجمة اُصول الكافي) محمد علي بن محمد حسن الفاضل النحوي الأردكاني (كان حياً في 1237ق) 4 مجلّدات. 13. شرح فروع الكافي، محمد هادي بن محمد صالح المازندراني (ت 1120ق) 5 مجلّدات. 14. البضاعة المزجاة (شرح روضة الكافي) محمد حسين بن القار ياغدي (ت 1089ق) مجلّدان. 15. منهج اليقين (شرح وصية الإمام الصادق للشيعة) السيّد علاء الدين محمد گلستانة (ت 1110ق) مجلّد واحد. 16. مجموعة الرسائل في شرح أحاديث الكافي، مجلّدان.

ثالثاً: مجموعة الآثار التي أنتجها المؤتمر

المراد من هذا العنوان الآثار التي أنتجتها اللجنة العلمية، وسيتمّ تقديم الآثار التالية في هذا المجال: 1. حياة الشيخ الكليني، ثامر العميدي، مجلّد واحد. 2. توضيح الأسناد المشكلة في الكتب الأربعة أسناد الكافي ، السيّد محمد جواد الشبيري ، مجلّدان . 3. العنعنة من صيغ الأداء للحديث الشريف في الكافي، السيّد محمد رضا الحسيني الجلالي، مجلّد واحد. 4. كافى پژوهى در عرصه نسخه هاى خطى (دراسات في الكافي وفق النسخ الخطيّة) ، علي صدرائي الخوئي، السيّد صادق الأشكوري، مجلّد واحد. 5. كتاب شناسى كلينى و كتاب الكافى (ببلوغرافيا الكليني وكتابه الكافي) ، محمد قنبري ، مجلّد واحد . 6. شناخت نامه كلينى والكافي (معلومات متناثرة حول الكليني والكافي) محمد قنبري، 4 مجلّدات.

ص: 3

7. كافي پژوهى (تقرير عن الأطروحات ورسائل التخرج المتعلقة بالكليني والكافي) السيّد محمد علي أيازي، مجلّد واحد. 8 . مجموعه مقالات همايش (مجموعة مقالات المؤتمر) مجموعة من الباحثين، 7 مجلّدات. 9 . مصاحبه ها و ميزگردها (الحوارات) مجلّد واحد.

رابعاً: الأعداد الخاصة من المجلاّتسوف تصدر كلّ من مجلّة آينه پژوهش، سفينه، علوم الحديث والبعض الآخر من النشريات، أعداداً خاصة تزامناً مع إقامة المؤتمر.

خامسا: نشرة أخبار المؤتمرسيتمّ طبع أربعة أعداد من نشرة أخبار المؤتمر التي تقوم بمهمّة الإعلام قبل المؤتمر حتى زمان انعقاده.

سادساً. أقراص ال- DVDسوف يتمّ تقديم البرنامج الألكتروني لمجموعة آثار المؤتمر، مع بعض مخطوطات الكافي، وكذلك الشروح والتعليقات والترجمات المطبوعة لكتاب الكافي في قالب أقراص DVD. *** وفي الختام نقدم شكرنا إلى جميع المثقّفين والمفكّرين، والمنظّمات والمؤسّسات العلمية البحثية، التي أسهمت في تحقيق النتائج المرجوّة من هذا المؤتمر، خاصة: سادن روضة السيّد عبدالعظيم عليه السلام ورئيس مؤسسة دار الحديث العلمية الثقافية، سماحة آية اللّه محمد الرَّيشَهري، اللجنة العليا لتعيين أهداف المؤتمر، اللجنة العلمية للمؤتمر، لجنة العلاقات الدولية، اللجنة التنفيذية، مؤسسة البحوث الإسلامية التابعة للروضة الرضوية المقدسة، مركز البحوث الكومبيوترية للعلوم الإسلامية، المدراء العامّين في روضة السيّد عبد العظيم عليه السلام، المدراء والباحثين في مؤسسة علوم الحديث ومعارفه، المسؤولين، الأساتذة والطلاب في كلية علوم الحديث، المسؤولين والعاملين في دار النشر التابعة لدار الحديث. مهدي المهريزي الأمين العام للجنة العلمية شتاء 1429ق

ص: 4

اشارة

حياه الشيخ محمدبن يعقوب الكليني

(م 329 ق/ 322 ش/ 941ق)

السید ثامر العميدي الحسيني

مجموعه آثار الموتمر الدولي لذكري الشيخ ثقه الاسلام الكليني؛ 29

ص: 2

مركز بحوث دار الحدیث : 178

عمیدی ، السيد ثامر هاشم ، حياة الشيخ محمد بن يعقوب الكليني / السيد ثامر هاشم العميدي الحسيني . -قم : دار الحديث ، ١٤٢٩ ق = ١٣٨٧ ش . ٥٣٢ ص . - ( مركز بحوث دار الحديث ؛ 178) . (مجموعة آثار المؤتمر الدولي لذكرى الشيخ ثقة الإسلام الكليني ؛ ٢٩).

؟؟؟؟ ریال دوره ... - ... - ... ISBN: 964

فهرست نویسی پیش از انتشار بر اساس اطلاعات فیپا .

کتابنامه : ص ٤٩٥ - ٥١٩ ؛ همچنین به صورت زیر نویس .

1. کلینی، محمد بن يعقوب ، - 329 ق . . - سرگذشتنامه . 2. محدثان شیعه - سرگذشتنامه . 3. مجتهدان و علما - سرگذشتنامه الف. مؤسسه علمی _ فرهنگی دار الحديث . ب. عنوان .

1387

ح ٥٥/٣/٨٩ BP

فهرست نویسی پیش از انتشار، توسط کتابخانه تخصصی حدیث 297/998

ص: 3

حياه الشيخ محمدبن يعقوب الكليني

( 329 ه.ق - 322 ه ش - 941ق)

الدکتور ثامر العميدي الحسيني

ص: 4

حياة الشيخ محمد بن يعقوب الكليني

السيد ثامر العميدي الحسيني

الإخراج الفني : السيد علي موسوي كيا

الفهارس الفنية : محمد ضياء سلطاني

المقابلة المطبعية : حيدر الوائلي

الناشر : دار الحديث للطباعة والنشر

الطبعة: الأولى ، ١٤٢٩ ق / ١٣٨٧ ش

المطبعة : دار الحديث

الكمية : ؟؟؟؟

الثمن : ؟؟؟؟

دار الحديث للطباعة والنشر

مؤسسة دار الحديث العلمية الثقافية

دارالحديث للطباعة والنشر : قم ، شارع معلّم ، قرب ساحة الشهداء ، الرقم ١٢٥ الهاتف : ٠٢٥١٧٧٤١٦٥٠ - ٠٢٥١٧٧٤٠٥٢٣ ص . ب : ٤٤٦٨ / ٣٧١٨٥

hadith@hadith.net

http://www.hadith.net

ص: 5

المقدّمة

الحمد للّه ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبيّنا محمّد ، وآله الطيّبين الطاهرين.. وبعد. يرجع تاريخ تدوين الحديث الشريف عند الشيعة الإمامية إلى العصر النبوي، ولهم فيه مراحل متعدّدة قبل جمعه وتهذيبه في موسوعاتهم الحديثيّة المشهورة، ككتاب الكافي ، وغيره من الكتب المشهورة المعتمدة؛ حيث قام روّاد التشيّع وطلائعه الاُولى من الصحابة بأعباء المرحلة الاُولى من مراحل تدوين الحديث، وبرز منهم في هذا الحقل: أسلم أبو رافع مولى رسول اللّه صلى الله عليه و آله وصاحب أمير المؤمنين علي عليه السلام ، فصنّف كتاب السنن والأحكام والقضايا، وبوّبَ الأحاديث فيه على أبواب: الصلاة، والصيام، والحجّ، والزكاة، والقضايا (1) . ويعتبر هذا الصحابي الجليل أوّل من دوّن الأحاديث الشريفة مع تبويبها في الإسلام بعد أمير المؤمنين علي عليه السلام ، الذي سبق الكلّ في تدوين أحاديث الرسول صلى الله عليه و آله في كتابه (الصحيفة الجامعة)، وقد عُرف عن هذا الكتاب بأنّه من إملاء النبي صلى الله عليه و آله وخطّ الوصي عليه السلام بيده، والمتتبّع لمصادر الحديث الشيعي يجد ذكر هذا الكتاب على لسان أهل البيت عليهم السلام متواترا؛ إذ اعتمدوه عليهم السلام في موارد كثيرة. فقد اعتمده الإمام زين العابدين علي بن الحسين عليهماالسلام (ت / 95 ه )، في بيان معنى

ص: 6


1- . . رجال النجاشي : ص 6 الرقم 1 ، في ترجمة أبي رافع رضى الله عنه.

الشيء (1) ، واعتمده الإمام محمّد بن علي الباقر عليهماالسلام (ت / 114 ه ) في حكم تدليس عيب المرأة عند زواجها (2) ، ووجوب حسن الظنّ باللّه (3) ، وأثر منع الزكاة (4) ، وحكم صيد المحرم (5) ، وحكم من أحيا أرضا ثمّ تركها (6) ، وحرمة أكل الجرّي وغيره من السمك ممّا ليس له فلس (7) ، وفي ميراث الولد مع الأبوين (8) ، وحكم قطع لسان الأخرس والقضاء في العينين والجوارح (9) ، ودية الأسنان (10) ، وآثار اليمين الكاذبة (11) . واعتمده الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليهماالسلام (ت / 148 ه )، في موارد كثيرة، كما في بيان عدد الكبائر (12) ، وحكم سؤر الهرّ (13) ، والمراد بالقامة والقامتين في أوقات الصلاة (14) ، وحكم أداء صلاة الجمعة مع المخالفين (15) ، وثبوت الشهر برؤية

ص: 7


1- . . فروع الكافي : ج 7 ص 40 ح 1 ، باب من أوصى بشيء من ماله، من كتاب الوصية، وكتاب من لا يحضره الفقيه : ج 4 ص 151 ح 525 باب الوصية بالشيء من المال والسهم والجزء والكثير، وتهذيب الأحكام: ج 9 ص 211 ح 835 باب الوصية المبهمة .
2- . . تهذيب الأحكام : ج 7 ص 432 ح 1723 باب التدليس في النكاح وما يُردّ منه وما لا يردّ.
3- . . اُصول الكافي : ج 2 ص 71 - 72 ح 1 باب حسن الظنّ باللّه عز وجل، من كتاب الإيمان والكفر.
4- . . فروع الكافي : ج 3 ص 505 ح 17 باب منع الزكاة، من كتاب الزكاة.
5- . . المصدر السابق : ج 4 ص 390 ح 9 باب كفارة ما أصاب المحرم من الطير والبيض، من كتاب الحج.
6- . . المصدر السابق : ج 5 ص 279 ح 5 باب إحياء الأرض الموات، من كتاب المعيشة.
7- . . المصدر السابق : ج 6 ص 219 ح 1 باب آخر منه، أي : من باب صيد السمك، من كتاب الصيد.
8- . . المصدر السابق : ج 7 ص 93 ح 1 باب ميراث الولد مع الأبوين، من كتاب المورايث .
9- . . المصدر السابق : ج 7 ص 318 ح 7 باب دية عين الأعمى، ويد الأشلّ، ولسان الأخرس، من كتاب الديات.
10- . . المصدر السابق : ج 7 ص 329 - 330 ح 1 باب الخلقة التي تقسم عليه الدية في الأسنان، والأصابع، من كتاب الديات.
11- . . المصدر السابق : ج 7 ص 436 ح 9 باب اليمين الكاذبة، من كتاب الأيمان والنذور والكفّارات.
12- . . اُصول الكافي : ج 2 ص 278 - 279 ح 8 باب الكبائر، من كتاب الإيمان والكفر.
13- . . فروع الكافي : ج 3 ص 9 ح 4 باب الوضوء من سؤر الدواب والسباع والطير، من كتاب الطهارة.
14- . . تهذيب الأحكام : ج 2 ص 23 ح 64 باب أوقات الصلاة وعلامة كلّ وقت منها.
15- المصدر السابق : ج 3 ص 28 ح 96 باب احکام الجماعة.

الهلال (1) ، وموت المحرم (2) ، ولبسه الطيلسان المزرّر (3) ، وكفّارته إذا أصاب بيض نعامة ففدغه (4) ، أو بيض القطاة ونحوها (5) ، والعمرة المبتولة، أي: المفردة (6) ، وما حرم أكله من السمك (7) ، وميراث الولد مع الأبوين (8) ، وميراث الغرقى وأصحاب الهدم (9) ، وحكم من قتل رجلاً أقطع اليد اليمنى (10) ، وغيرها ممّا لا مجال لاستقصائه. وقد اعتمد البخاري (ت / 254 ه ) في صحيحه على كتاب أمير المؤمنين علي عليه السلام في بعض الموارد (11) . وبعد انتقال الرسول الأكرم صلى الله عليه و آله إلى الرفيق الأعلى، استمرّ تدوين الحديث عند أصحاب أمير المؤمنين علي عليه السلام ، كالأصبغ بن نباتة، وسليم بن قيس الهلالي، وعبيداللّه ابن أبي رافع، وعلي بن أبي رافع، ومحمّد بن قيس البجلي، وميثم التمّار، وغيرهم كما هو مفصّل في فهارس كتب الإمامية، لا سيّما فهرست النجاشي المعروف برجال النجاشي ، وفهرست الشيخ الطوسي ، وغيرهما . وممّا يثير الإعجاب الشديد في حركة التدوين الاُولى تلك، أنّ أوامر السلطة في الحدّ من رواية الحديث ومنع تدوينه، والتي أخذت صفتها الرسمية بُعيد أحداث السقيفة، لم تؤَثِّر على تلك الحركة بشيء يذكر. كما أنّ سياسة التضييق على مدرسة

ص: 8


1- . . الاستبصار : ج 2 ص 64 ح 208 باب علامة أوّل يوم من شهر رمضان.
2- . . فروع الكافي : ج 4 ص 368 ح 3 باب المحرِم يموت، من كتاب الحج.
3- . . المصدر السابق : ج 4 ص 304 ح 7 باب ما يلبس المحرم من الثياب وما يُكره له لباسه، من كتاب الحج.
4- . . المصدر السابق : ج 4 ص 389 ص 2 باب كفّارة ما أصاب المحرم من الطير والبيض، من كتاب الحج.
5- . . المصدر السابق : ج 4 ص 389 - 390 ح 6 ، من الباب السابق.
6- . . المصدر السابق : ج 4 ص 534 ح 2 باب العمرة المبتولة، من كتاب الحج.
7- . . المصدر السابق : ج 6 ص 220 ح 7 باب آخر منه (أي: من باب صيد السمك)، من كتاب الصيد.
8- . . المصدر السابق : ج 7 ص 94 ح 3 باب ميراث الولد مع الأبوين، من كتاب الميراث.
9- . . المصدر السابق : ج 7 ص 136 ح 1 باب ميراث الغرقى وأصحاب الهدم، من كتاب المواريث.
10- . . فروع الكافي : ج 7 ص 316 - 317 ح 1 باب الرجل يقتل الرجل وهو ناقص الخلقة، من كتاب الديات.
11- . . صحيح البخاري : ج 1 ص 40 باب كتابة العلم، و ج 4 ص 289 باب إثم من تبرّأ من مواليه.

أهل البيت عليهم السلام بعد استشهاد أمير المؤمنين علي عليه السلام (سنة / 40 ه )، والتي أودت بحياة بعض طلائع المدوّنين في تلك الفترة كميثم التمّار وأصحابه رضي اللّه عنهم؛ لم تُعِق سير التدوين، وعجزت عن إيقاف عجلته، بخلاف ما كان متوقّعا من ضمور نشاط تلك المدرسة أو ركوده، خصوصا بعد شهادة الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب عليهماالسلام (سنة / 61 ه )، وإنّما حدث العكس تماما، حيث ظهرت على أيدي تلامذة الإمام السجّاد علي بن الحسين عليهماالسلام جملة وافرة من المدوّنات الحديثيّة التي أسهمت بدورها في نشر الحديث الشريف في تلك الفترة، من أمثال مدوّنات أبان بن تغلب، والحسين بن ثور، وجابر الجعفي، وزياد بن المنذر، وغيرهم. وكل هذا يشير بوضوح إلى مقاومة تلك المدرسة لألوان التحدّي المفروض على التدوين، والتصدّي لها بكلّ قوّة وثبات وعزيمة منذ وفاة الرسول صلى الله عليه و آله وإلى أن انهارت تلك المحاولات السلبية برفع الحظر الرسمي على تدوين الحديث في زمان عمر بن عبدالعزيز الأموي المرواني (ت / 101 ه ) (1) . ولما حلّ الإنهيار بدولة الأمويين، وانشغل حكّامها - في أواخر عمر الإمام الباقر عليه السلام - بالحفاظ على دولتهم دون جدوى، حتى آلت إلى السقوط فيما بعد، وجد الإمام الباقر عليه السلام متنفّسا لنشر الثقافة الإسلامية، فاتّسعت حركة تدوين الحديث في عصره وعلى يده اتّساعا كبيرا، كما يظهر من كثرة مدوّنات تلامذته في سائر علوم الشريعة الإسلامية، ويأتي الحديث الشريف في طليعتها كما يظهر بوضوح من تراجم أصحاب الإمام الباقر عليه السلام كإبراهيم بن نعيم العبدي أبي الصباح الكناني، المسمّى بالميزان لثقته، وإبراهيم بن عمر الصنعاني صاحب الاُصول التي رواها عنه حمّاد بن عيسى، وإسماعيل بن جابر الخثعمي الكوفي الثقة صاحب الاُصول التي رواها عنه

ص: 9


1- . . راجع : تاريخ الحديث الشريف وعلومه / السيّد ثامر العميدي (المؤلّف)، بحث منشور في نشرة تراثنا ، العدد : (47 - 48) السنة الثانية عشرة، إصدار مؤسّسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث، قم / 1417 ه .

صفوان بن يحيى، والحسين بن أبي العلاء الخفّاف ، وحكيم بن معاوية، وخالد بن طهمان، وزرارة بن أعين، وسعد بن ظريف، وسورة بن كليب، وسلام بن المستنير، وظريف بن ناصح صاحب كتاب الديّات المشهور، وعبدالرحيم القصير، وعلي بن ميمون، والفضيل بن يسار البصري، وكليب بن معاوية الصيداوي أبي محمّد الأسدي، ومحمّد بن مسلم الثقفي الثقة المشهور ، وعشرات بل مئات غيرهم ممّن ذكرهم الشيخ في الرجال والفهرست ، والنجاشي في رجاله. وحين تسنّم الإمام الصادق عليه السلام (ت / 148 ه ) منصب الإمامة بعد وفاة أبيه الإمام الباقر عليه السلام (سنة / 114 ه )، اتّسعت حركة تدوين الحديث الشريف في مدرسته المباركة اتّساعا هائلاً؛ إذ كانت الظروف السياسية في أوائل إمامته عليه السلام قد تغيّرت عمّا كانت عليه كثيرا، فالضعف الذي استشرى في جسد الدولة الأموية نتيجة للثورات العلوية المتعاقبة، وتذمّر المسلمين من تلك الدولة، والتفاف الكثير منهم حول شعار (الرضا من آل محمّد صلى الله عليه و آله ) الذي تبنّته الانتفاضات والحركات الثورية الشيعيّة، وتنامي الدعوة لبني العبّاس تحت هذا الشعار أيضا لأجل الإطاحة بالدولة الاُموية، زيادة على الدور الذي تميّز به أهل البيت عليهم السلام في توعية الاُمّة وتنبيهها على مخاطر الأمويين وانحرافهم؛ كلّ ذلك جعل الدولة الأموية في عصر الإمام الصادق عليه السلام تعدّ أنفاسها الأخيرة وتنتظر مصيرها المحتوم. ومعنى هذا أنّها لم تكن قادرة - في تلك الفترة - على ممارسة دورها في الضغط على الإمام الصادق عليه السلام ، أو الحدّ من نشاطه الإسلامي كما كانت تمارسه من قبل مع آبائه الأطهار عليهم السلام ، وبقيت هكذا إلى أن أُطيح برأس آخر ملوكها مروان الحمار (سنة / 132 ه )، وبهلاكه ذهبت دوله الطلقاء بلا رجعة على أيدي بني العبّاس. كما أنّ الدولة العبّاسية لم تعلن إرهابها على الإمام الصادق عليه السلام في بداية أمرها كما أعلنته بعد ثورة محمّد بن عبد اللّه النفس الزكية وأخيه إبراهيم على المنصور العبّاسي (سنة / 145 ه )، إذ كانت في تلك الفترة مشغولة بزمام الاُمور وتثبيت أقدامها في

ص: 10

السلطة، الأمر الذي يفسّر لنا خلوّ عهد أبي العبّاس السفّاح (132 - 136 ه ) من التلطّخ بدماء الطالبيين، بخلاف عهد أخيه المنصور، ومن جاء بعده. ومن هنا وجد الإمام الصادق عليه السلام الفرصة النسبية سانحة لإنطلاقه في أرحب الميادين، ولهذا نجد إسمه الشريف يتردّد على ألسنة الرواة، والمحدّثين، والمفسّرين، والفقهاء، والمتكلّمين وغيرهم أكثر من سائر الأئمّة الآخرين عليهم السلام ، كل ذلك نتيجة لتلك الفترة القصيرة التي تمكّن فيها الإمام الصادق عليه السلام من صياغة الفكر الإسلامي وتجديده على أثر ما مني به على أيدي أعداء الدين من الأمويين والعبّاسيين، وغرسه في النفوس غضّا طريّا، ونقيا صافيا، لم تشبه سفاسف التأويل، ولم تختلط به أضغاث الأباطيل؛ فكان بحقّ ذلك الرجل الفذّ، والعبقري الفرد الذي أعاد للإسلام نضارته وروحه كما كان في أوّل عهده؛ حيث ثبّت قواعده على أقوم الاُسس وأرسخها، وقاد حملة الوعي الفكري والعقائدي على أوسع نطاق، واشتهرت جامعته الإسلامية الكبرى في كلّ الآفاق، وقد وقف التاريخ على أعتاب قدسها ليسجّل لنا وبأحرف من نور كثرة الوافدين إليها من كلّ فجٍّ عميق. قال الحسن بن علي بن زياد الوشّاء أحد أصحاب الإمام الرضا عليه السلام ، ومن وجوه الإمامية وثقاتهم في عصره، يصف كثرة المحدّثين الذين نهلوا من علم الإمام الصادق عليه السلام ، قال: «.. فإنّي أدركت في هذا المسجد - يعني: مسجد الكوفة - تسعمائة شيخ، كل يقول: حدّثني جعفر بن محمّد» (1) . وقد قُدِّر لبعض تلامذة الإمام الصادق عليه السلام أن يكونوا قادة لمذاهب إسلامية معروفة لم تزل قائمة إلى اليوم. وهكذا رفع الإمام الصادق عليه السلام لواء العلم، ونادى بشعار التدوين عاليا، وهتف بطلّاب جامعته الكبرى قائلاً:

ص: 11


1- . . رجال النجاشي : ص 40 الرقم 80 ، في ترجمة الوشّاء.

«اكتبوا فإنّكم لا تحفظون حتى تكتبوا» (1) . و: «احتفظوا بكتبكم فإنّكم سوف تحتاجون إليها» (2) . وقد كان من نتائج هذه الدعوة الصريحة إلى مواصلة التدوين، أن تصدّى المئات من روّاد جامعة الإمام الصادق عليه السلام إلى التأليف والتصنيف في شتّى حقول العلم والمعرفة، لا سيّما علوم الشريعة الغرّاء ويأتي الحديث الشريف في طليعتها. فأضافوا بذلك إلى مدوّنات الحديث الشيعية في المراحل السابقة المئات من الكتب، كالأُصول الأربعمائة (3) ونحوها من المصنّفات الكثيرة التي أصبحت - مع غيرها من مؤلّفات أصحاب الأئمّة عليهم السلام - الحجر الأساس الذي ابتنيت عليه المجاميع الحديثيّة الشيعيّة الكبرى التي ظهرت بعد انتهاء عصر النصّ (سنة / 260 ه ) بغيبة الإمام الثاني عشر عليه السلام ، ويأتي الكافي الشريف لشيخ المحدّثين وسيّدهم (ثقة الإسلام الكليني طاب ثراه) في مقدّمتها. وبالجملة، فإنّ كتب الحديث عند الشيعة الإمامية، لاسيّما الاُصول الأربعة المعروفة، هي: 1 - الكافي الشريف لإمام المحدّثين ثقة الإسلام الكليني (ت / 329 ه ).

2 - من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق (ت / 380 ه ).

3 - تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي (ت / 460 ه ).

4 - الاستبصار للشيخ الطوسي أيضا.

ص: 12


1- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 52 ح 9 باب رواية الكتب والحديث وفضل الكتابة والتمسّك بالكتب، من كتاب فضل العلم.
2- . . المصدر السابق : ج 1 ص 52 ح 10، من الباب السابق.
3- . . الاُصول الأربعمائة : هي أربعمائة مُصَنَّف لأربعمائة مُصَنِّف، وأكثرهم من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام ، وفيهم من أصحاب الإمام الباقر عليه السلام ، وقد يكون فيهم من أصحاب سائر الأئمّة عليهم السلام ، ولا يخفى أنّ (الأصل) مأخوذ فيه لغة معنى الاعتماد، وعلى هذا فالاُصول الأربعمائة هي المعوّل عليها في تصنيف المجاميع الحديثيّة المتأخّرة عنها كالاُصول الأربعة وغيرها.

ومن خلال ما تقدّم يُعلم أنّ هذه الكتب الأربعة قد سُبِقَت بتراثٍ حديثيٍّ ضخم، اشتركت في بنائه نخبة صالحة وثلّة خيّرة من ثقات أصحاب أهل البيت عليهم السلام ، ابتداءً من عهد أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام ، وانتهاء بوفاة الإمام الحسن العسكري عليه السلام ، وحلول زمان الغيبة الصغرى لإمام العصر والزمان عليه السلام ، (سنة / 260 ه ). وقد أحصى الشيخ محمّد بن الحسن الحرّ العاملي (ت / 1104 ه ) تراث تلك الفترة، فوجده أكثر من ستّة آلاف وخمسمائة كتاب (1) . وقد وصل إلينا بعض هذا التراث، وفُقد معظمه على أثر الظروف السياسية القاسية التي مرّ بها التشيّع في تاريخه الطويل، والتي توّجت على أيدي الجهلاء بحرق مكتباتهم العظمى ببغداد إبّان همجية السلاجقة في أواسط القرن الخامس الهجري كما أُحرقت مكتباتهم الكبرى في مصر على يد صلاح الدين الأيّوبي، حيث أباد بطائفيّته المكتبة الفاطمية برمّتها حرقا وتمزيقا، بعد ما دنس الجامع الأزهر الفاطمي بخيله ورجله!! ولعلّ الذي يخفّف من وطأة ضياع وإبادة تلك المدوّنات التي لا تُقدَّر بثمن، بما في ذلك أغلب الاُصول الأربعمائة، هو أنّ جُلّ محتوياتها قد بقيت محفوظة في كتب الحديث الأربعة وأوّلها الكافي الشريف، الذي عقدنا هذا البحث لأجل التعريف العلمي بمصنّفه الشيخ الأجلّ ثقة الإسلام الكليني رضي اللّه تعالى عنه؛ لعلّنا في هذا نوفيه بعض حقّه، وذلك بالوقوف على ما تيسّر من حياته وعطائه لنرى آيات فضله وجهاده، وإنْ كنّا في الواقع نستشعر الصعوبة البالغة في الحديث عن شخصية ثقة الإسلام الكليني قدس سره؛ إذ لا شكّ أنّه حديث واسع الأطراف، متعدّد الجوانب، خصب الميادين، حيث لم يكن الكليني طاب ثراه فقيها ومحدّثا فحسب، بل كان مجدّدا

ص: 13


1- . . وسائل الشيعة : ج 30 ص 165، الفائدة الرابعة من الخاتمة، وفي نهاية الدراية للسيّد حسن الصدر (ت / 1354 ه ) ما يؤيّد إحصاء الشيخ الحرّ رحمه الله ، كما نبّه على ذلك في كتابه الآخر تأسيس الشيعة : ص 288 ، فراجع .

لمذهب أهل البيت عليهم السلام على رأس المائة الثالثة، كما شهد بذلك علماء العامّة أنفسهم، كما سيأتي في بيان جمل الثناء عليه قدس سره. ومن ثَمَّ، فإنّ استجلاء معالم شخصيّته الفذّة النادرة، ورسم أبعادها العلمية في صحائف معدودة - مع ما له من مقام عال، ومنزلة رفيعة، وشأن جليل، وتضلّع في الفقه، وشهرة مترامية في الحديث، وتثبّت عظيم في روايته - ربّما قد يكون على حساب أبعاد خصبة اُخرى في حياته، وحينئذٍ فلن يُعطى صاحب الكافي الشريف من الدراسة حقّه. ولكن ما لم يدرك كلّه، لا يترك جُلّه، وإن تعذّر علينا أمر الإحاطة التامّة بحياة وعطاء علم من أبرز أعلام هذه الاُمّة، فلا أقلّ من التعرّض ولو لبعض ما يقرّب الصورة إلى واقعها، وذلك في سبعة فصول، فنقول: إنّ دراسة الحياة الشخصية والعلمية للنماذج البارزة في تاريخنا، بحاجة ماسّة إلى معرفة المؤثّرات الخارجية - السياسية والفكرية - التي اكتنفت حياتهم زمانا ومكانا، وتأثّروا بها، أو أثّرت في مناهجهم، وطريقة تفكيرهم؛ لذا صار الوقوف عليها في تلك الدراسة أمرا لابدّ منه، وهو ما تكفّل به الفصل الأوّل، وبعنوان: الحياة السياسية والفكرية في عصر الكليني. وقبل الإنطلاق نحو الحياة العلمية للكليني رضى الله عنه، آثرنا تقديم الهوية الشخصية الكاملة لثقة الإسلام، وهو ما حكاه الفصل الثاني بنوع من التفصيل. وبهذين الفصلين نكون قد فرغنا من تقديم الصورة الواضحة للإطار السياسي والثقافي الذي احتضن الشيخ الكليني، مع صورة أُخرى تمثّل رحلة العمر في ذلك الإطار. ثمّ جاءت الفصول الاُخرى (الثالث والرابع والخامس والسادس) لدراسة الحياة العلمية للشيخ الكليني، بتسليط الضوء على المعالم التي قدّمته للاُمّة : عالِما، وفقيها، ومحدِّثا، ومجدّدا، ثمّ اختتم البحث بفصله السابع والأخير بما قاله علماء الفريقين بحقّ الكليني.

ص: 14

ص: 15

الفصل الأوّل : الحياة السياسية والفكرية في عصر الكليني

اشاره

الفصل الأوّل : الحياة السياسية والفكرية في عصر الكلينيعاش ثقة الإسلام الكليني رحمه اللّه تعالى في حقبة حاسمة من تاريخ العصر العبّاسي الثاني (232 - 334 ه ) امتدّت من أوائل النصف الثاني من القرن الثالث الهجري وحتى نهاية الربع الأوّل من القرن الرابع الهجري وزاد عليها بقليل؛ وذلك في مكانين مختلفين، أوّلهما: موطنه الأساس (الريّ)، وثانيهما: عاصمة الدولة العبّاسية (بغداد)، حيث أقام بها زهاء عشرين سنة كما سيأتي في محلّه من هذا البحث، الأمر الذي يعني ضرورة تسليط الضوء على أهمّ الجوانب السياسية والفكرية في هاتين الحاضرتين دون غيرهما من الحواضر العلمية الاُخرى المنتشرة في ذلك الزمان في كثير من الأمصار الإسلامية، والتي وصل الكليني إلى بعضها، ونقل الحديث عن جملة من مشايخها. والذي يبرّر لنا هذا الحصر سببان، وهما: الأوّل: قرب الحواضر العلمية التي زارها الكليني رحمه الله، إمّا من الريّ كمدينة قم، وغيرها، أو من بغداد كالكوفة ونحوها. وهذا يعني إمكان تعميم الحالة السياسية والثقافية السائدة في موطنه (الري) على ما جاورها من المدن، وكذلك الحال بالنسبة الى الاكتفاء بعرض الاُمور السياسية والفكرية ببغداد، دون غيرها. ويؤيّد ذلك أنّ مجرى الاُمور السياسية والفكرية في شتّى الأمصار الإسلامية من

ص: 16

انحطاط تارة أو نشاط تارة اُخرى، يكاد أن يكون انعكاسا طبيعيا لما يجري من ذلك في عاصمة الدولة العبّاسية (بغداد). الثاني: عدم وجود ما يدلّ على مُدَّة مكوث الكليني في المدن والحواضر العلمية التي انطلق إليها في رحلته الاُولى من الريّ، أو الثانية من بغداد، ومع عدم وجود المعرفة الكافية بذلك، يبقى تأثّره بالمعطيات السياسية والفكرية والثقافية السائدة في تلك المدن - على فرض عدم صحّة التعميم السابق - مجرّد احتمال ضعيف لا يمكن اعتماده، وبناء هيكل البحث عليه. وإذا ما علمنا أنّ ثقة الإسلام الكليني طاب ثراه قد عاش ثلثي عمره تقريبا في الريّ، والثلث الأخير في بغداد، وعلمنا أيضا موقع الريّ الريادي في المشرق الإسلامي يومذاك، وموقع بغداد بالذات، وثقلها السياسي والفكري كعاصمة للدولة: اتّضح أنّ الحديث عنهما بأيّ صعيد كان، هو الحديث عن غيرهما بذلك الصعيد نفسه، ووجود بعض الفوارق الطفيفة التي لم يتأثّر بها ثقة الإسلام، ولم تنعكس على ثقافته - بحكم ابتعاده عن بيئتها - كالذي حصل في الأندلس، والمغرب العربي، ومصر، واليمن، وما وراء النهر؛ لا يبرّر تناولها في عصره السياسي والفكري، وكذلك الحال بالنسبة إلى المدن والحواضر العلمية التي زارها ومرّ بها، وهي من توابع الري، أو قريبة من بغداد؛ للسبب المذكور نفسه، سيّما بعد حصر منابع ثقافته وتطلّعاته في موطنه ومكان إقامته، وانطلاق شهرته إلى العالم الإسلامي منهما لا غير. ففي الريّ تلقّى الكليني علومه الاُولى، وثقافته، حتى صار شيخ الشيعة بالريّ ووجههم.

وفي بغداد انتهت إليه رئاستهم في عهد المقتدر باللّه العبّاسي (295 - 320 ه )، وأصبح فيها القطب الذي تدور على محوره رحى أحاديثهم.

ص: 16

وبهذا يتبيّن الوجه في حصر المؤثّرات الخارجية - سياسية وفكرية - على ثقافة الكليني قدس سرهفي هاتين البيئتين فحسب. وبما أنّ الحياة السياسية والفكرية لأيّ عصر مرتبطة بماضيها، فسيكون طرح مرتكزاتها من الحسابات الفكرية، وإهمال جذورها التاريخيّة وخيما على نتائج دراستها، ما لم يتمّ الكشف فيها عن نوع ذلك الارتباط، وهو ما لوحظ باختصار في دراسة عصر الكليني سياسيا وفكريا في مبحثين:

ص: 17

المبحث الأوّل: الحياة السياسية والفكرية في الريّ

المطلب الأوّل: الحياة السياسية في الريّ

المبحث الأوّل : الحياة السياسية والفكرية في الريّالمطلب الأوّل : الحياة السياسية في الريّتُعدّ مدينة الريّ من أوّل المدن التي بُنيت في زمان الأكاسرة بعد مدينة جيومَرْت التي سكنها بدنباوند، وقيل: إنّ أوّل من بناها مهلاليل بن قينان المعروف بأوشهنج (1) ، وقيل: كيخسرو بن سياوش (2) ، وقيل: بناها راز بن خراسان؛ لأنّ النسبة إليها (رازي) (3) . وكانت الريّ تدعى في الجاهليّة : (أرازي) (4) ، ولمّا طال عليها الأمد جدّد بناءها الملك فيروز، وسمّاها (رام فيروز) (5) ، ولكنّها تعرّضت - بعد الفتح الإسلامي - للهدم والبناء والتجديد كما سنشير إليه في محلّه. ومن مشاهير ملوك الفرس الذين ولدوا بها: منوشهر، وأشل بن دارا الذي ولد ونشأ بالريّ. كما سكنها من عظماء الفرس إسفنديار الفهلوي، وهو أحد النفر السبعة الذين رتّبهم الملك بشتاسب المراتب الشريفة، وسمّاهم: عظماء (6) .

ص: 18


1- . . تاريخ الطبري : ج 1 ص 169، وسمّاه القزويني في آثار البلاد وأخبار العباد : ص 375 ب- (هوشنج).
2- . . معجم البلدان : ج 3 ص 116 (الريّ ).
3- . . آثار البلاد: ص 175.
4- . . فتوح البلدان : ص 375 .
5- . . تاريخ الطبري : ج 2 ص 83 ، والأخبار الطوال : ص 38 و ص 59 ، ومعجم البلدان : ج 3 ص 116 (الري).
6- . . المصدر السابق : ج 1 ص 378 و 565 و 580 .

وأشهر من قُتل فيها من الملوك، قباذ بن فيروز، قتله ابن أخي تبع ذو الجناح (1) . ومن المعارك الحاسمة في تاريخها قبل الفتح الإسلامي المعركة التي دارت بين ولدي يزدجرد بالريّ: فيروز وهرمز، وقد انتهت لصالح فيروز (2) . وقد تعرّضت الريّ لأوّل غزو من العرب قبل الإسلام على يد عمرو بن معديكرب، ثمّ انصرف منها ومات في كرمنشاه (3) . وقد شاء اللّه تعالى أن ينال أحد رجالات الريّ شرف الصحبة قبل فتحها، وهو شُقْران مولى رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وقد كان شُقْران دهقانا من دهاقنة الريّ، فيما اختاره الطبري (4) ، وخالفه غيره (5) . هذا عن الريّ قبل فتحها إسلاميا، وأمّا بعد فتحها فقد اختلف المؤرّخون في تاريخ دخول الإسلام بلاد الريّ، تبعا لاختلافهم في تاريخ فتحها. ففي رواية البلاذري، عن أبي مخنف: «إنّ عمر بن الخطّاب كتب إلى عمّار بن ياسر - وهو عامله على الكوفة، بعد شهرين من وقعة نهاوند - يأمره أن يبعث عروة بن زيد الخيل الطائي إلى الريّ ودستبى في ثمانية آلاف، فسار عروة إلى ما هناك، فجمعت له الديلم، وأمدّهم أهل الريّ، فقاتلوه، فأظهره اللّه عليهم، فقتلهم واجتاحهم، ثمّ خلّف حنظلة بن زيد أخاه، وقدم على عمّار» (6) . وقد حدّد الحموي تاريخ هذا الفتح بعد أن أورد رواية البلاذري نفسها، قائلاً:

ص: 19


1- . . تاريخ الطبري : ج 2 ص 96 .
2- . . المصدر السابق : ج 2 ص 82 .
3- . . فتوح البلدان : ص 312 ، تاريخ الطبري : ج 3 ص 312 .
4- . . تاريخ الطبري : ج 3 ص 170 .
5- . . راجع : تهذيب الكمال : ج 12 ص 544 الرقم 2765، والإصابة : ج 3 ص 284 الرقم 3935، في ترجمة شُقْران مولى رسول اللّه صلى الله عليه و آله .
6- . . فتوح البلدان : ص 309، كتاب الفتوح : ج 2 ص 310 - 312 .

«وذلك في سنة عشرين، وقيل في سنة تسع عشرة» (1) . وفتح نهاوند كان في سنة إحدى وعشرين من الهجرة (2) ، وعلى هذا يكون فتح الريّ بهذه السنة أيضا، وممّا يؤيّده، قول ربيعة بن عثمان: «كان فتح الريّ قبل موت عمر بسنتين» (3) ، والمعروف أنّ قتل عمر كان في سنة ثلاث وعشرين. وفي رواية للطبري جاء فيها أن عمر بن الخطّاب أوعز في السنة الثانية والعشرين من الهجرة إلى نعيم بن مقرن أن يلقى قائد جيوش الريّ أبا الفرخان، فلقيه نعيم، وقاتله، وانتصر عليه، ثم أمره عمر بعد ذلك أن يقدم الريّ ليلقى جمعهم، ثم الإقامة بها؛ لأنّها أوسط تلك البلاد وأجمعها؛ ففعل ذلك نعيم، وقاتل ملك الريّ سِياوخش بن مهران وانتصر عليه، وأخرب مدينة الريّ وهي التي يُقال لها: العتيقة، وأمر ببناء مدينة الريّ الحُدثى، ثمّ كتب وثيقة الأمان لأهل الريّ في تلك السنة (4) . وهذا هو ما اختاره السيوطي كما يظهر من حصره تاريخ فتح الريّ بالسنة المذكورة (5) . وعن الواقدي قوله: «كان فتح همذان والريّ في سنة ثلاث وعشرين» (6) . ونسب الطبري إلى الواقدي وأبي معشر، أنّهما قالا: «كان فتح الريّ في سنة إثنتين وعشرين» (7) ، وحكاه الطبري في مورد آخر عن بعضهم ولم يختره، فقال: «ويقال: قُتل

ص: 20


1- . . معجم البلدان : ج 3 ص 118 (الريّ) .
2- . . الأخبار الطوال : ص 133 (وقعة نهاوند) .
3- . . تاريخ الطبري : ج 4 ص 146 ، البداية والنهاية : ج 7 ص 121 - 122 في حوادث (سنة / 22 ه ) .
4- . . المصدر السابق : ج 4 ص 148، البداية والنهاية : ج 7 ص 121 - 122، وقد نسب السهمي في تاريخ جرجان : ص 44 فتح الريّ إلى سويد بن مقرن .
5- . . تاريخ الخلفاء : ص 105 ، في حديثه عن عمر .
6- . . البداية والنهاية : ج 7 ص 120 في حوادث (سنة / 22 ه ) .
7- . . تاريخ الطبري : ج 4 ص 146 .

عمر وجيوشه على الريّ» (1) . وقد مرّ أنّ قتل عمر كان في سنة ثلاث وعشرين؛ ولكن في رواية سيف بن عمر ما يجعل فتح همذان قبل هذا التاريخ بنحو خمس سنين؛ إذ قال: «إنّ فتح الريّ كان في سنة ثمان عشرة بعد فتح همذان» 21 . ولعلّه جعل من تاريخ بداية تحرّك الجيش الإسلامي لفتح الريّ الذي كان في سنة تسع عشرة، وقيل: في سنة ثمان عشرة (2) ، تاريخا لفتحها ! والمتحصّل من ذلك: إنّ تاريخ فتح الريّ مردّد ما بين الفترة من سنة ثمان عشرة وحتى سنة ثلاث وعشرين. وإنّ من باشر الفتح هو عروة بن زيد الخيل الطائي على الأرجح (3) ، وهذا لا يعارض نسبته تارة إلى نعيم بن مقرن كما مرّ، واُخرى إلى قرضة بن كعب الأنصاري (4) ؛ إذ قد يكون ذلك بعد نقضها؛ لأنّ أمر الريّ لم يستقر في زمان عمر بعد فتحها. فهو بعد عزله عمّار بن ياسر عن ولاية الكوفة، وتولية المغيرة بن شعبة عليها مكانه!! ولّى المغيرة - بدوره - كثير بن شهاب الحارثي على الريّ ودستبى . ولمّا وصل كثير هذا إلى الريّ وجد أهلها قد نقضوا، فقاتلهم حتى رجعوا إلى الطاعة، وأذعنوا بالخراج والجزية (5) . وقد شهد قاضي الريّ يحيى بن الضرّيس بن يسار البجلي أبو زكريّا الرازي (ت / 203 ه ) على انتقاض الريّ في زماني عمر وعثمان مرات عديدة، قال: «لم تزل الريّ بعد أن فتحت أيّام حذيفة - يعني: في زمان عمر - تنتقض وتفتح حتى كان آخر من

ص: 21


1- . . تاريخ الطبري : ج 4 ص 146.
2- . . المصدر السابق : ج 4 ص 137 .
3- . . وقال ابن منظور : إنّ مَن فتح الريّ هو مَكنَف بن زيد الخيل (لسان العرب : ج 9 ص 310 «كَنَف» ، ومثله في تاج العروس : ج 6 ص 239 «كنف» ) .
4- . . فتوح البلدان : ص 90، تاريخ الطبري : ج 4 ص 146.
5- . . فتوح البلدان : ص 310.

فتحها قرضة بن كعب الأنصاري في ولاية أبي موسى الكوفة لعثمان.. وكان أبو موسى غزا الريّ بنفسه، وقد نقض أهلها ففتحها على أمرها الأوّل» (1) . ولا شكّ أنّ انتقاض الريّ وتمرّد أهلها خمس مرات متعاقبة في أقلّ من عشر سنين! يشير بوضوح إلى سوء تصرّف الفاتحين، كتخريبهم المدينة وهدمها، وإلّا فالإسلام الذي أبدل عنجهيّة قريش وغيّر من معالم جاهليّتها البغيضة قادر على اجتياح نفوس أهل الريّ بفتح سليم واحد. ولعلّ ما قام به أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام يشير إلى هذه الحقيقة، إذ أوقف زحف الجيوش الإسلامية ريثما يستتبّ إصلاح الاُمّة من الداخل، ومن هنا قام بعزل ولاة عثمان وعيّن ولاةً جُددا آخرين مكانهم، فقد كان على الريّ زمان عثمان سعيد بن قيس (2) وقُتل عثمان وهو عليها (3) فعُزِل عنها، وأخذ مكانه يزيد بن حجبة بن عامر، ولمّا اتّضح له عليه السلام انحراف هذا الوالي فيما بعد عقد للربيع بن خيثم لواءا وسيّره إلى ثغر قزوين والريّ (4) ، ثمّ عيّن يزيد بن قيس الأرحبي واليا على إصبهان والريّ (5) وهمدان (6) . ولم يُؤْثَر عن أهل الريّ طيلة مدّة خلافة أمير المؤمنين الفعلية وخلافة الحسن السبط عليهماالسلامأيّ انفصال أو انتقاض أو تمرّد يذكر، بخلاف ما كان عليه حالهم في زماني عمر وعثمان، حيث توال فتح مدينتهم خمس مرات متعاقبة كما مرّ. وعندما ظهرت دولة الطلقاء من بني اُمية امتدّ نفوذها إلى الريّ، وَوَلِيَها لمعاوية كثير ابن شهاب الحارثي (7) الذي سبق له وإن وليها من قبل المغيرة بن شعبة في زمان عمر كما

ص: 22


1- . . فتوح البلدان : ص 310، البداية والنهاية : ج 7 ص 150، في حوادث (سنة / 24 ه ).
2- . . الفتنة ووقعة الجمل : ص 44.
3- . . المصدر السابق : ص 86 .
4- . . راجع : وقعة صفّين : ص 114، والأخبار الطوال : ص 165، وتاريخ الطبري : ج 4 ص 422، وفتوح البلدان : ص 311 .
5- . . تاريخ الطبري : ج 5 ص 65.
6- . . رجال الشيخ الطوسي : ص 86 الرقم 863 (6).
7- . . فتوح البلدان : ص 310، الإصابة : ج 5 ص 427 الرقم 7493 في ترجمة كثير.

مرّ في فتحها . وكما أُعطيت مصر لابن العاص طعمة لنصرته الوثنية على حليف القرآن وقرينه، فقد أُعطيت الريّ لابن سعد ثمنا على خروجه عن الإسلام من لدن الحاكمين باسمه! وقد ورد عن إمامنا الباقر عليه السلام ما يؤكّد هذه الحقيقة (1) . وفي هذا يقول عمر بن سعد بن أبي وقّاص لعنه اللّه : أأترك ملك الريّ والريّ رغبةأم أرجع مأثوما بقتل حسينِ وفي قتله النار التي ليس دونهاحجاب، وملك الريّ قرّة عينِ ولهذه النكتة، حكي عن الإمام أبي عبداللّه الصادق عليه السلام أنّه قال: «إنّ الريّ من المدن الملعونة المشؤومة» (2) . ولعلّ من سخرية القدر أن تكون الريّ سببا للخروج إلى قتال سيّد الشهداء عليه السلام ، وأن تكون أيضا سببا لنجاة الحجّاج بن يوسف الثقفي من القتل! (3) . ويبدو أنّ أهل الريّ لم تستطب نفوسهم إلى حكم الأمويين لسوء سيرتهم وظلمهم، ولهذا كانوا أكثر استجابة للتيّارات السياسيّة المناهضة للأمويين بغضّ النظر عن اتّجاهاتها وميولها، كما يلحظ ذلك في سرعة استجابتهم للمختار الثقفي رضى الله عنه، الذي انتقم من شيعة آل أبي سفيان على ما ارتكبوه من جرائم يندى لها جبين البشرية خجلاً، حيث تتبّع قَتَلة سيّد الشهداء عليه السلام منهم وأذاقهم ألوانا من العذاب، وقد كانت تجبى

ص: 23


1- . . صرّح الإمام الباقر عليه السلام بإغراء عبيداللّه بن زياد لعمر بن سعد بن أبي وقّاص (لعنهما اللّه ) بالريّ؛ لأجل الخروج إلى قتال الإمام الحسين عليه السلام ، نقل هذا : الطبري في تاريخه : ج 5 ص 389 في حوادث (سنة / 60 ه )، وأبو مخنف في مقتل الإمام الحسين عليه السلام : ص 94، والدينوري في الأخبار الطوال : ص 253، وابن الأثير الجزري في الكامل في التاريخ : ج 4 ص 25، وأبو الفرج الإصبهاني في مقاتل الطالبيين : ص 112، وابن كثير في البداية والنهاية : ج 7 ص 197، في حوادث (سنة / 61 ه ).
2- . . معجم البلدان : ج 3 ص 118 (الريّ).
3- . . جاء في التذكرة الحمدونية : ج 3 ص 119 الرقم 321 إنّ عبيداللّه بن زياد بن ظبيان هَمّ بقتل الحجّاج بن يوسف الثقفي في وقعة دير الجماجم، ولمّا علم به الحجّاج منّاه بالريّ، فطمع بها، وكفّ عنه !

الأموال إلى المختار - لتقوية ثورته على الطغاة المردة - من الريّ، خصوصا بعد أن عيّنَ عليها ابن أبي نجبة الفزاري واليا (1) . وبعد شهادة المختار رضى الله عنه (سنة / 67 ه ) خضعت الريّ إلى سلطة ابن الزبير (سنة / 68 ه ) (2) ، وحينما أُخمدت حركته عادت الريّ من جديد إلى سيطرة الأمويين الذين أدركوا سأم أهل الريّ منهم فحاولوا اجتذابهم، وساعدهم على ذلك طول مدّة حكم الأمويين، حتى استمالوهم شيئا فشيئا إلى أن صاروا كلّهم أموية سفيانية كما سنرى. لقد تعاقب على الريّ ولاة الأمويين، فقد وليها المساور بن هند (ت / 75 ه )، وهو أوّل والٍ في تاريخ الريّ يهرب منها - من غير عزل - إلى إصفهان، وله في ذلك قصّة طريفة (3) . وفي (سنة / 71 ه ) عيّن عبدالملك بن مروان يزيد بن رؤيم واليا عليها. ثمّ جاء بعده عبدالرحمن بن محمّد بن الأشعث بأمر بشر بن مروان أخي عبدالملك (4) ثمّ وليها بعد ذلك عَدِي بن عتاب الأيادي (سنة / 77 ه ) (5) . وفي (سنة / 83 ه ) تقلّد ولاية الريّ قتيبة بن مسلم من قبل الحجاج بن يوسف الثقفي (6) .

ومن الحوادث السياسية المهمّة التي شهدتها الريّ في أوائل حكم الأمويين قوّة الخوارج المتنامية، حيث اتّخذها من ارتثّ من الخوارج يوم النهروان موطنا

ص: 24


1- . . الأخبار الطوال : ص 292 و 299.
2- . . الكامل في التاريخ : ج 4 ص 78 (ذكر حصار الريّ).
3- . . العقد الفريد : ج 3 ص 165 - 166 (قولهم في الذمّ).
4- . . تاريخ الطبري : ج 6 ص 164، وص 171 - 172 ، الكامل في التاريخ : ج 4 ص 109 .
5- . . المصدر السابق : ج 6 ص 296.
6- . . المصدر السابق : ج 6 ص 378.

كحيّان بن ظبيان السلمي وجماعته، الذي شكّلوا فيما بعد حزبا سياسيّا قويّا تبادل النصر والهزيمة في معارك طاحنة مع الأمويين. ففي (سنة / 77 ه ) خرج بعض أهل الريّ من الخوارج على الحجّاج بن يوسف الثقفي، وخلعوا عبدالملك بن مروان، وخاض الخوارج - بقيادة مطرف بن المغيرة، وقطري ابن الفجاءة، وسويد بن سرحان الثقفي، وبكير بن هارون البجلي - معارك ضارية مع جيوش الشام بقيادة سفيان بن الأبرد ووالي الريّ عدّي بن عتاب الأيادي (1) . وفي (سنة / 83 ه ) قاد يعمر بن أبي الصلت الخارجي جيوش ابن الأشعث المنهزمة في وقعة دير الجماجم، وقاتل بهم قتيبة بن مسلم والي الريّ، وقد انتهت المعركة بهزيمة يعمر وأصحابه (2) . كما تعرّضت الريّ في أواخر العهد الأموي إلى ثورات الطالبيين، فظهر عليها (سنة / 127 ه ) عبداللّه بن معاوية بن عبداللّه بن جعفر بن أبي طالب وسيطر عليها (3) ، ولعلّ الذي أطمعه في الريّ علمه بما أحصاه ديوان زيد الشهيد من أسماء جنده؛ إذ كان فيهم جماعة من خراسان والريّ وجرجان (4) خصوصا وإنّ ولاة بني اُمية على الريّ قد تعسّفوا في ظلم أهل الريّ أنفسهم وأثقلوهم بالخراج. ويدلّ عليه ما قاله ابن حمدون في التذكرة الحمدونية ، قال: «قال الحجّاج لبعض الدهاقين من الريّ : ما بال بلدكم قد خرب؟ فقال: لأنّ عمّالكم استعملوا فيه قول شاعركم:

ص: 25


1- . . تاريخ الطبري : ج 5 ص 174 و310، و ج 6 ص 293 - 296 و ص 309.
2- . . المصدر السابق : ج 6 ص 378.
3- . . المصدر السابق : ج 7 ص 303 و371، الكامل في التاريخ : ج 5 ص 7 ، في حوادث (سنة / 127 ه )، و ج 5 ص 37، في حوادث (سنة / 129 ه )، البداية والنهاية : ج 10 ص 33، في حوادث (سنة / 129 ه )، مقاتل الطالبيين : ص 156 .
4- . . مقاتل الطالبيين : ص 132.

لَا تَكْسَعِ الشُولَ بأَغبارِهَا*** إنَّكَ لَا تَدْرِي مَن الناتِجُ

وَاصْبُبْ لِأَضْيَافِكَ ألْبَانَها***فإنَّ شَرّ اللَّبَنِ الوَالِجُ» (1)

الأمر الذي ساعد الثورات العلوية أن تمتدّ إلى الريّ في أواخر العهد الأموي على الرغم من ميل جلّ أهلها إلى بني اُمية، لأنّهم كانوا سفيانية (2) . وقد كان آخر ولاة الأمويين على الريّ حبيب بن بديل النهشلي الذي خرج من الريّ ومن معه من أهل الشام خشية من جيوش العبّاسيين بقيادة الحسن بن قحطبة بن شبيب، فأخلاها له ولحق بالشام، ودخلها ابن قحطبة وأعلم أبا مسلم الخراساني بنزوله الريّ (سنة / 131 ه ) (3) . وهكذا انتهت فترة حكم الأمويين على بلاد الريّ قبل قيام الدولة العبّاسية بسنة واحدة، ولم يكن حال الريّ سياسيا في ظلّ الدولة العبّاسية التي نشأت (سنة / 132 ه ) بأحسن ممّا كانت عليه في دولة الأمويين؛ إذ سرعان ما انفصلت الريّ عن دولتهم بعيد نشأتها، وذلك بعد قيام المنصور العبّاسي بقتل داعية العبّاسيين أبي مسلم الخراساني (سنة / 137 ه )، فقام سنباذ الفارسي طالبا بثأره، فتحرّك نحو الريّ حتى تغلَّب عليها، وأعلن استقلالها، لكنّه لم يدم طويلاً، إذ تحرّكت لقتاله جيوش العبّاسيين بقيادة جمهور بن مرار العجلي الذي تمكّن من قتل سنباذ كما قتل من جنوده في الريّ زهاء ستّين ألف مقاتل! وهكذا أُعيدت الريّ إلى نفوذ العبّاسيين (4) . ثمّ نالت الريّ بعد ذلك اهتمام بني العبّاس ورعايتهم، نظرا لموقعها الجغرافي المميّز، ففي (سنة / 141 ه ) وجّه المنصور العبّاسي ولده محمّدا الملقّب بالمهدي العبّاسي إلى مقاتلة عبدالجبّار بن عبدالرحمن الأزدي في خراسان، وأمره نزول الري،

ص: 26


1- . . التذكرة الحمدونية : ج 3 ص 215 الرقم 642.
2- . . الكامل في التاريخ : ج 5 ص 55 في حوادث (سنة / 131 ه ).
3- . . تاريخ الطبري : ج 7 ص 403 ، الكامل في التاريخ : ج 5 ص 55 .
4- . . المصدر السابق : ج 7 ص 495.

ففعل، ومكث بها مدّة سنتين، وأمر ببناء مدينة الريّ، وجعل حولها خندقا، وبنى فيها مسجدا جامعا على يد عمّار بن الخصيب، واكتملت عمارتها (سنة / 158 ه )، وأطلق عليها اسم المحمدية، وبها ولد له ابنه هارون الرشيد، وأرضعته نساء الوجوه من أهل الريّ ، (1) وكان والي الريّ زمن المنصور مسلم بن قتيبة، وفي زمن المهدي العبّاسي خلف بن عبداللّه (2) . وقد نزلها بعد إكتمال عمارتها أهل بيت من العرب يُقال لهم بنو الحريث (3) وفي (سنة / 189 ه ) سار هارون الرشيد إلى الريّ ومعه ابناه: عبداللّه الملقّب بالمأمون، والقاسم، فأقام بها أربعة أشهر (4) ، وكان قد أعطى - بعد تَوَلِّيه السلطة - ولاية العهد لابنه محمّد الملقّب بالأمين، ثمّ بعده لعبداللّه المأمون وولّاه الريّ وخراسان وما اتّصل بذلك (5) . ومن الحوادث المهمّة التي شهدتها الريّ في العصر العبّاسي الأوّل، انتصار طاهر بن الحسين قائد المأمون على جند أخيه الأمين بقيادة علي بن عيسى بن ماهان قرب الريّ (سنة / 195 ه ) (6) . وقد كافأ المأمون أهل الريّ لوقوفهم معه ضدّ أخيه الأمين ، فأسقط من قطيعة الريّ - حين اجتاز بها عند منصرفه من خراسان إلى بغداد - مليوني درهما، فصارت قطيعتها

ص: 27


1- . . البلدان / اليعقوبي : ص 89 ، فتوح البلدان : ص 311 و312، تاريخ الطبري : ج 7 ص 508 و510 ص و564 - 565، آثار البلاد وأخبار العباد : ص 375، معجم البلدان : ج 3 ص 118 (الريّ).
2- . . تاريخ الطبري : ج 7 ص 564 - 565 في حوادث (سنة/145ه )، وج 8 ص 151 في حوادث (سنة/164ه ).
3- . . فتوح البلدان : ص 311 - 312.
4- . . تاريخ الطبري : ج 8 ص 315، الكامل في التاريخ : ج 5 ص 338، الأخبار الطوال : ص 391 وفيه : «إنّه أقام بها شهرا» .
5- . . التنبيه والإشراف : ص 299 .
6- . . تاريخ الطبري : ج 8 ص 387 في حوادث (سنة / 194 ه )، و ج 8 ص 390 - 391 في حوادث (سنة / 195 ه ) ، التنبيه والإشراف : ص 300 ، تاريخ مختصر الدول : ص 117 .

عشرة ملايين وكانت قبل ذلك إثني عشر مليون درهماً (1) . ولتعسّف السلطة العبّاسية، تفجّرت الثورات العلوية في أماكن شتّى، وقد استجاب أهل الريّ لتلك الثورات، وأسهموا بشكل كبير فيها. ففي زمان المعتصم (218 - 227 ه ) استجاب أكثر أهل الريّ لثورة محمّد بن القاسم بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، الذي ظهر في زمان المعتصم بالطالقان، ولكن سرعان ما أخمدت الدولة الطاهرية الموالية للعبّاسيين ثورته، وأرسلته أسيرا إلى بغداد على خوف شديد من أهل الريّ (2) . وفي زمان المتوكّل (232 - 247 ه ) الذي عاث في الأرض فسادا حتى صار يزيد بني العبّاس ، ساعد أهل الريّ محمّد بن جعفر بن الحسن بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام في خروجه على الطاغية المتوكّل لعنه اللّه ، والدعوة إلى الحسن بن زيد العلوي. وقد خرج مع محمّد بن جعفر بالريّ عبداللّه بن إسماعيل بن إبراهيم بن محمّد بن علي ابن عبداللّه بن جعفر بن أبي طالب رضى الله عنه (3) . وفي زمان المستعين (248 - 252 ه ) أنشأ الحسن بن زيد العلوي الدولة العلوية في طبرستان، وسرعان ما امتدّ نفوذها إلى الريّ . ففي (سنة / 250 ه ) أرسل الحسن بن زيد جيشا بقيادة أحد الطالبيين واسمه الحسن بن زيد أيضا؛ لدخول الريّ ، فتمكّن منها، وطرد عاملها من الطاهرية، واستخلف عليها محمّد بن جعفر الطالبي، وغادرها (4) ، وهكذا خضعت الريّ لنفوذ

ص: 28


1- . . تاريخ الطبري : ج 8 ص 568، فتوح البلدان : ص 312، معجم البلدان : ج 3 ص 118، و ج 8 ص 568 (الريّ) .
2- . . مقاتل الطالبيين : ص 469.
3- . . المصدر السابق : ص 490 .
4- . . الكامل في التاريخ : ج 6 ص 160 في حوادث (سنة / 250 ه ) .

الدولة العلوية في طبرستان، ولكنّها لم تكن تحت نفوذهم طيلة مدّة حكمهم الذي زال بانقراض دولتهم (سنة / 316 ه )، بل نازعهم عليها منذ (سنة / 250 ه ) الطاهريون؛ ثمّ قوّاد الخليفة العبّاسي من الترك بمساعدة السامانيين مرّات عديدة، وتبادلوا معهم النصر والهزيمة في معارك شتّى. وفي أواخر (سنة / 250 ه ) ظهر يوم عرفة بالريّ أحمد بن عيسى بن علي بن الحسين الصغير بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، وخرج معه إدريس بن موسى الحسني، وصلّى أحمد بأهل الريّ صلاة العيد، فجهّز الطاهريون جيشا بقيادة محمّد بن علي بن طاهر لمحاربته، والتحم الجيشان في الريّ وانتهت المعركة بانهزام الطاهري وهروبه إلى قزوين (1) . وفي (سنة / 251 ه ) جهّز الطاهريون جيشا بقيادة محمّد بن مكيال أخي الشاه بن مكيال لمقاتلة محمّد بن جعفر الطالبي على الريّ، وقد أسفرت المعركة عن أسر الطالبي وانهزام جيشه وعودة الريّ إلى سيطرة الطاهريين، الأمر الذي اضطرّ معه الحسن بن زيد إلى الإسراع بإرسال قائده واجن إلى الري، حيث التقى بابن مكيال، وتمكّن من قتله، وهزّم جيشه، ودخل الريّ منتصرا وأعادها إلى الدولة العلوية (2) . ثمّ حاول الطاهريون دخول الريّ بعد هزيمتهم ولكن باءت محاولتهم بالفشل؛ إذ هجم الديلم مع أحمد بن عيسى العلوي على الريّ فقتلوا الطاهريين (سنة / 252 ه ) وأحكموا القبضة عليها (3) . ولم يدم الأمر هكذا ، إذ تمكّن قوّاد المعتزّ (252 - 255 ه ) من الترك في أواخر عهده من السيطرة على الريّ في (سنة / 255 ه )، وفي هذه السنة أنهك موسى بن بغا التركي أهل الريّ بالخراج حتى ساءت أحوالها، فجهّز الحسن بن زيد جيشا إلى الريّ وأعادها

ص: 29


1- . . تاريخ الطبري : ج 9 ص 276 ، الكامل في التاريخ : ج 6 ص 161 في حوادث (سنة / 250 ه ) .
2- . . المصدر السابق : ج 9 ص 276 و308 في حوادث (سنة / 251 ه ).
3- . . المصدر السابق : ج 9 ص 372 .

إلى نفوذ الدولة العلوية في شهر رمضان من (سنة / 256 ه )، ثمّ خرجت من سيطرته بعد أن جهّز المعتمد العبّاسي (256 - 279 ه ) جيشا لمقاتلة الحسن بن زيد، بقيادة موسى بن بغا ، فسار إلى الريّ وشيّعه المعتمد (1) . وهكذا خضعت الريّ إلى سلطة الأتراك وتعاقب ولاتهم عليها. ففي (سنة / 259 ه ) وَلِي موسى بن بغا الصلابي على الريّ وكان من قبله تكين التركي عليها، ثمّ جاء عليها من بعده في (سنة / 262 ه ) كيغلغ التركي، ثمّ وليها بعد ذلك طَلَمَجُور، وأخرجه منها استاكين في (سنة / 266 ه ) هاربا إلى قزوين، ثمّ عاد إليها فقاتله الرازيّون، فغلبهم ودخلها. ونتيجة لصراع الولاة على الريّ فقد تعرّضت (سنة / 267 ه ) إلى خطر أحمد بن عبداللّه الخجستاني الذي جاءها من خراسان، فتحصّن منه أهل الريّ واستعدّوا لمقاتلته، فانصرف عنهم (2) . ومن الأحداث السياسية المهمّة التي شهدتها الريّ في أوائل حكم المعتضد (279 - 289 ه ) ما جرى فيها بين رافع بن هرثمة الذي كان على الريّ وبين العبّاسيين (سنة / 279 ه ) حيث جهّزوا له جيشا بقيادة أحمد بن عبدالعزيز بن أبي دلف الذي التقى بابن هرثمة في ذي القعدة من تلك السنة، وأسفرت المعركة بانهزام رافع بن هرثمة من الريّ (3) . لقد ساءت الأحوال السياسية في الريّ كثيرا في عهد المعتضد العبّاسي، فضلاً عن تدهور الحالة الإقتصادية في تلك البلاد، وممّا زاد الطين بلّة أنّ مياه الريّ قد غارت في سنتي (280 و 281 ه ) حتى بلغ الماء ثلاثة أرطال بدرهم وغلت الأسعار غلاءً فاحشا (4) ،

ص: 30


1- . . تاريخ الطبري : ج 9 ص 407 و468 و474 ، الكامل في التاريخ : ج 6 ص 277 - 228.
2- . . المصدر السابق : ج 9 ص 506 و549 و599 .
3- . . المصدر السابق : ج 10 ص 31.
4- . . المصدر السابق : ج 10 ص 36، الكامل في التاريخ : ج 6 ص 376.

وزيادةً على هذا فقد عانى أهل الريّ من ولاة بني العبّاس الأمرّين، حتى بلغ بهم الحال أن كاتبوا محمّد بن هارون في زمان المكتفي (289 - 295 ه ) بعد قتله محمّد بن زيد العلوي في طبرستان - الذي وليها لإسماعيل بن أحمد الساماني، ثمّ خلع طاعة إسماعيل وتفرّد بالسلطة - لأن يأتي إلى الريّ ليدخلوه إليها؛ نظرا لما كان يفعله بهم ولاة المكتفي العبّاسي من الأتراك، فقصدهم على رأس جيش كثيف، وقتل والي الريّ أوكرتمش التركي وقتل ابنين له وأحد قادة السلطان يقال له أيروين وهو أخو كيغلغ التركي، واستولى على الريّ في شهر رجب من (سنة / 289 ه ) (1) . وفي تلك السنة كانت وقعة عظيمة في الريّ بين إسماعيل بن أحمد الساماني ومحمّد ابن هارون، انتهت بهزيمة ابن هارون ودخول الساماني إلى الريّ وبسط نفوذه عليها، وأقرّه المكتفي العبّاسي عليها، وبعث إليه بخلع وعقد له ولايتها (2) . ويبدو أنّ المكتفي العبّاسي أراد إيقاع الفتنة بين السامانيين وأحمد بن هارون، حيث أرسل إلى الأخير عهده بولاية الري، فأبى دخولها، ولكنّه استعمل على الريّ - من جهته - ابن أخيه أبا صالح منصور بن إسحاق بن أحمد بن أسد الذي استمرّت ولايته منذ (سنة / 290 ه ) إلى (سنة / 296 ه ) (3) . ولكنّها عادت إلى سلطة السامانيين وتعاقبوا على ولايتها في بدايات سلطة المقتدر العبّاسي (295 - 320 ه ). فكان واليها في زمان المقتدر علي بن صعلوك، وبعد وفاته (سنة / 302 ه )، عيّن السامانيون ابنه أحمد بن علي بن صعلوك على إدارتها، واعترف المقتدر بولايته وأقرّه عليها وأجزل له العطاء (4) .

ص: 31


1- . . تاريخ الطبري : ج 10 ص 88 - 89 ، الكامل في التاريخ : ج 6 ص 412.
2- . . المصدر السابق : ج 10 ص 96 .
3- . . معجم البلدان : ج 3 ص 121 - 122 (الريّ).
4- . . صلة تاريخ الطبري : ص 35 - 36.

وهكذا استمرّ حكم الريّ بيد السامانيين، ولم ينقطع حكمهم عليها إلّا في فترات قليلة تعرّضت فيها الريّ إلى خداع بني العبّاس ومكائدهم التي أدّت بالنتيجة إلى إطماع الساجيين بالريّ. ففي (سنة / 310 ه ) أطلق المقتدر يوسف بن أبي الساج من الحبس ثمّ عقد له الولاية على الريّ وغيرها من بلاد المشرق، فوصل إلى الريّ (سنة / 311 ه ) فقاتله والي الريّ أحمد بن علي الساماني لكنّه قتل في المعركة وانهزم أصحابه، وبعث ابن أبي الساج برأسه إلى بغداد، وبقي هو في الريّ إلى (سنة / 313 ه ). ثمّ غادرها إلى همدان مستخلفا عليها غلامه مفلحا، إلّا أنّ الرازيين أخرجوه من مدينتهم، فلحق بابن أبي الساج، وعلى أثر ذلك أسرع ابن أبي الساج إلى العودة لينكل بأهل الريّ ويستولي على مدينتهم في جمادى الآخرة من (سنة / 313 ه ) (1) . ولكون دولة المقتدر ذات تخليط كثير إذ أصبح أمرها بيد النساء كما سنرى في الحياة السياسية ببغداد فقد مال إلى السامانيين من جديد؛ إذ استدعى في (سنة / 314 ه ) يوسف بن أبي الساج إلى واسط، وكتب إلى نصر بن أحمد الساماني بولاية الريّ ، يحثّه على قصدها وأخذها من فاتك غلام يوسف بن أبي الساج! فسار إليها أحمد الساماني في تلك السنة حتى قاربها، فخرج فاتك منها واستولى نصر عليها وأقام بها شهرين ثمّ ولي عليها سيمجور الدواني وغادرها إلى بخارى، ثمّ استعمل عليها محمّد بن علي المعروف بصعلوك فدخلها صعلوك وأقام بها إلى أوائل شعبان (سنة / 316 ه )، ثمّ مرض فكاتب الحسن الداعي وماكان بن كالي في القدوم عليه ليسلّمهما الريّ ، فقدما عليه، ومكّنهما من الريّ وسار عنها فلمّا بلغ الدامغان مات (2) .

ص: 32


1- . . الكامل في التاريخ : ج 7 ص 10 و15.
2- . . الكامل في التاريخ : ج 7 ص 29.

ودخل الريّ في تلك السنة رئيس الديلم وسلطانهم مرداويج، فقتل الداعي العلوي الحسين بن القاسم صاحب الريّ 73 ، وأباح جماعته القتل في أهل الريّ ، فَقُتِل خلق وذبحت الأطفال! (1) . ولم يلبث حال الريّ هكذا عرضة للأطراف المتنازعة عليها إلى أن تمكّن أبو علي ابن محمّد بن المظفّر بن المحتاج صاحب جيوش خراسان للسامانيين من دخول الريّ (سنة / 329 ه ) وكان قد كاتبه ركن الدولة البويهي وأخوه عماد الدولة على قصد وشمكير الذي سيطر على الريّ ، ووعداه المساعدة على أمل أخذها منه؛ إذ لا يمكنه المقام بها لسعة ولايته بخراسان، وقد تمّ لأبي علي ذلك حيث انتزع الريّ من وشمكير - أخي مرداويج - وقتل قائده ماكان بن كالي (2) ، ولكن سرعان ما عادت الريّ إلى وشمكير في (سنة / 330 ه )، فناجزه البويهيون في تلك السنة واقتتلوا معه في الريّ ، فانهزم إلى طبرستان ومنها إلى خراسان (3) ، ولم يستتب أمر الريّ بيد البويهيين إذ نازعهم عليها الخراسانيون من السامانيين، إلى أن تمكّن البويهيون بقيادة ركن الدولة البويهي من الريّ فانتزعوها من أيدي السامانيين في بدايات العصر العبّاسي الثالث، وتحديدا في (سنة / 335 ه ) (4) ، أي بعد ستّ سنين على وفاة ثقة الإسلام الكليني ببغداد. وبهذا نكون قد توفّرنا على الإطار السياسي الواضح الذي كان يلفّ الريّ منذ فتحها الإسلامي وإلى نهاية عصر الكليني الذي احتضن ثقة الإسلام زمانا ومكانا. وقد حاولنا ضغطه ما أمكن؛ ليتّضح للباحث من خلاله التاريخ السياسي للريّ الذي استلهمت منه الحركات الانفصالية عن جسم الدولة العبّاسية، أو المرتبطة بها شكليا

ص: 33


1- . . تاريخ الخلفاء : ص 306.
2- . . الكامل في التاريخ : ج 7 ص 153 - 154 و166.
3- . . المصدر السابق : ج 7 ص 167.
4- . . المصدر السابق : ج 7 ص 219، البداية والنهاية : ج 11 ص 244.

في عصر الكليني مادّتها في الصراع على حكم الريّ ، بحيث فتح ثقة الإسلام طاب ثراه عينيه على تطوّرات سياسية متلاحقة على بلده، شكّلت في عصره بالريّ - الممتدّ من أوائل النصف الثاني للقرن الثالث وإلى أواخر العقد الأوّل من القرن الرابع الهجريين - كيانات سياسية قوية متعاقبة خاضت فيما بينها حروبا طاحنة، وتبادلت النصر والهزيمة مرّات عديدة، بدءا من الدولة الطاهرية، ثمّ العلوية، ثمّ السامانية، ثمّ الساجية، وأخيرا الديالمة.

ص: 34

المطلب الثاني: الحياة الثقافية والفكرية في الريّ

اشاره

المطلب الثاني : الحياة الثقافية والفكرية في الريّامتازت الريّ عن غيرها من بلاد فارس بموقعها الجغرافي، وأهميّتها الاقتصادية، فهي كثيرة الخيرات وافرة الغلّات، عذبة الماء، نقيّة الهواء، كثيرة القرى والرساتيق، وتمتاز بنسبة عالية من السكّان، مع بعدها عن مركز الخلافة العبّاسية ببغداد ، زيادة على كونها بوّابة للشرق في حركات الفتح الإسلامي، ومتجرا مهمّا في ذلك الحين. قال القزويني في آثار البلاد وأخبار العباد يصف الريّ : «الريّ مدينة مشهورة ، من اُمّهات البلاد، وأعلام المدن، كثيرة الخيرات، وافرة الغلّات والثمرات، قديمة البناء» (1) . وقال الأصطخري: «وليس بالجبال بعد الريّ أكبر من أصبهان.. والريّ مدينة ليس بعد بغداد في المشرق أعمر منها» (2) . وقال الأصمعي: «الريّ عروس الدنيا، وإليها متجر الناس» (3) . وحكى ابن الفقيه عن بعض العلماء أنّه قال: «في التوراة مكتوب: الريّ باب من أبواب الأرض، وإليها متجر الخلق» (4) .

ص: 35


1- . . آثار البلاد وأخبار العباد : ص 375، معجم البلدان : ج 3 ص 116 (الريّ).
2- . . معجم البلدان : ج 3 ص 117.
3- . . المصدر السابق : ج 3 ص 118.
4- . . المصدر السابق : ج 3 ص 118.

ولشهرة الريّ وموقعها، قصدها بعض الصحابة 5 ، وكبار التابعين وتابعيهم، كسعيد ابن جبير التابعي الجليل، قتله الحجّاج بن يوسف (سنة / 94 ه )، وكانت له رحلة شملت مدينة الريّ ، وقد التقى به الضحّاك (ت / 105 ه ) وكتب عنه التفسير في الريّ (1) . ووصل الشعبي (ت / 103 ه ) إلى الريّ ليدخل على الحجّاج يوم كان عاملاً - لطاغية عصره عبدالملك بن مروان - على الريّ (2) ، ولا عجب من نديم عبدالملك وسميره وسفيره إلى ملك الروم - كما صرّح بذلك سائر مترجميه - أن يزور مثل الحجّاج. كما دخل الريّ سفيان الثوري (ت / 161 ه ) (3) . كما حظيت الريّ برعاية ملوك بني العبّاس، وقد مرّ في حياتها السياسية مكوث المهدي العبّاسي بها، وأمره ببنائها وتسميتها بالمحمدية ، وأنّه ولد له فيها ابنه هارون الذي أرضعته نساء الوجوه من الرازيين. وقد مات في الريّ الكثير من الأعلام والفقهاء والمحدّثين والاُدباء والشعراء والقوّاد، نذكر منهم - على سبيل المثال - محمّد بن الحسن الشيباني صاحب أبي يوسف القاضي، حيث مات بالريّ (سنة / 189 ه ) (4) وكذلك الكسائي النحوي (ت / 189 ه )، والحجّاج بن أرطاة، وغيرهم ممّن سيأتي ذكرهم في الحديث عن المذاهب والفِرَق الفكرية التي شهدتها مدينة الريّ. وكان للشعراء والاُدباء حضور بارز في تلك المدينة أيضا، حيث قدِمها بعضهم بصحبة المهدي العبّاسي، كالشرقي بن قطامي المتوفّى بحدود (سنة / 155 ه ) (5) ،

ص: 36


1- . . المصدر السابق : ص 312.
2- . . مصنّف ابن أبي شيبة : ج 7 ص 247 الرقم 2 من كتاب الاُمراء، فتوح البلدان : ص 312 .
3- . . الجرح والتعديل : ج 1 ص 103 ، في ترجمة سفيان الثوري.
4- . . تاريخ بغداد : ج 2 ص 172 - 182، وفيات الأعيان : ج 1 ص 453 - 454.
5- . . مروج الذهب : ج 3 ص 329.

والمؤمّل ابن أميل الذي صيّر المنصور من يحمله من الريّ إلى بغداد، كي يستردّ منه ما أعطاه ولده المهدي على قصيدة امتدحه بها في الريّ (1) . وقد تردّد ذكر الريّ بمختلف الأغراض الشعرية، من مدح وذم، وحنين إلى الوطن، وشوق إلى الأحبّة، مع العتاب والهزل إلى غير ذلك من الأغراض الاُخرى.

فمن ذلك ما قاله معن بن زائدة الشيباني وهو في نيسابور مشتاقا إلى الريّ :

تمطى بنيسابور ليلي وربّما***يُرى بجنوب الريّو هو قصيرُ (2)

وأنشد عون بن محلم الشيباني:

وأرقني بالريّ نوح حمامة***فنحت وذوالشجوالقديم ينوح (3)

ولعبدالصمد بن فضل الرقاشي أبيات يعاتب فيها عامل الريّ خالد بن ديسم، ويحثّه فيها على استنجاز ما وعده من عطاء، يقول فيها:

أخالد أن الريّ قد أجحفت بنا***وضاق علينا رحبها ومعاشها

وقد أطمعتنا منك يوما سحابةٌ***أضاءت لنا برقا وأبطا رشاؤها

فلا غيمها يصحو فييئس طامع**ولاماؤها يأتي فيروي عطاشها (4)

وقال آدم بن عمر بعدما قدم الريّ وضاق صدره شوقا إلى وطنه في قصيدة مطلعها:

هل تعرف الإطلال من مريم***بين سواسٍ فلوى برثم

إلى أن يقول فيها:

مالي وللريّ وأكنافها***يا قوم بين الترك والديلم

أرض بها الأعجم ذو منطقٍ***والمرء ذو المنطق كالأعجم (5)

ص: 37


1- . . تاريخ الطبري : ج 8 ص 74 - 75.
2- . . معجم البلدان : ج 3 ص 120.
3- . . التذكرة الحمدونية : ج 8 ص 125 الرقم 335، معجم البلدان : ج 3 ص 119 - 120.
4- . . العقد الفريد : ج 1 ص 135 في استنجاز المواعيد.
5- . . تاج العروس : ج 8 ص 199 (برثم).

ومن طرائف ما قيل في الريّ شعرا، ما أورده الفقيه ابن إدريس الحلّي من أبيات في البراغيث في كتابه السرائر ، ونسبها للجاحظ.

هنيئا لأهل الريّ طيب بلادهم***وأنّ أمير الريّ يحيى بن خالدِ

بلاد إذا جنّ الظلام تقافزت***براغيثها من بين مثنى وواحدِ

ديازجة سود الجلود كأنّها***بغالُ بريدٍ أُرسلت من مذوادِ (1)

ونظير هذا ما قاله في العقد الفريد من أنّ أعرابيا دخل على المساور بن هند وهو على الريّ ، فلم يعطه شيئا، فخرج وهو يقول:

أتيت المساور في حاجة***فما زال يسعلُ حتى ضرط

وحكّ قفاه بكرسوعه***ومسح عثنونه وامتخط

فأمسكت عن حاجتي خيفةً***لاُخرى تقطع شرج السفط

فأقسم لو عدت في حاجتي***للطخ بالسلح وجه النمط

وقال غلطنا حساب الخراجفقلت من الضرط جاء الغلط وكان كلّما ركب صاح به صبيان أهل الريّ : من الضرط جاء الغلط، حتى هرب من الريّ من غير عزل إلى بلاد أصبهان (2).

ص: 38


1- 1 . السرائر : ج 2 ص 181 والصحيح كما في كتاب الحيوان للجاحظ : ج 3 ص 209 الرقم ١٥١٣ _ أنها قيلت في البراغيث ببغداد لا في الري ، وهي للشاعر الأموي آدم بن عبدالعزيز، وقد أوردها الخطيب البغدادي في ترجمته في تاريخ بغداد : ج 7 ص 28 الرقم ٣٤٩١، وابن عساكر في تاريخ دمشق : ج ٧ ص ٤٦٠ الرقم ٥٧٩ في ترجمته أيضاً، وذكرها الحموي في معجم البلدان : ج ١ ص ٤٦٦ في حديثه عن بغداد، ونسب الأبيات لبعض الأعراب. والأبيات في هذه المصادر هكذا: هنيئاً لأهل الري طيب بلادهم ***وواليهم الف_ض_ل يحيى ب_ن خ_الدِ تطاول في بغداد ليلي ومن يبت*** ببغداد يلبث ليله غير راق_دِ بلاد إذا زال الن_ هار تقافزت ***براغيثها م_ن بين مثنى وواحدِ ديازجة شهب البطون كأنها ***بغال بريد سرح في مواردِ
2- العقد الفريد : ج ٤ ص ١٦٥ - ١٦٦ (قولهم في الذم).

ومن قديم الشعر الإسلامي الذي قاله المسلمون وهم في الريّ ، ما قاله كعب بن عبدة النهدي وهو من أشراف الكوفة ، وكان قد كتب مع بعض وجوه أهل الكوفة وفيهم مالك الأشتر، وحجر بن عدي وغيرهما كتابا إلى عثمان بن عفّان يذكرون فيه سوء ما فعله واليه على الكوفة سعيد بن العاص، ولم يسمّ أحد من أشراف الكوفة نفسه في الكتاب إلّا كعب بن عبدة، فلمّا وصل الكتاب إلى عثمان أمر سعيد بن العاص أن يضرب كعبا عشرين سوطا وينفيه إلى الريّ!! ففعل سعيد ذلك، فقال كعب وهو في الريّ هذه الأبيات: أترجو اعتذاري يا ابن أروى ورجعتيعن الحقّ قدما غال حلمك غولُ وأنّ دعائي كلّ يوم وليلةٍعليك لما أسديته لطويل وأنّ اغترابي في البلاد وجفوتيوشتمي في ذات الإله قليلُ (1) هذا وقد تمثّل الإمام الصادق عليه السلام ذات يوم ببيت شعر لابن أبي عقب: وينحر بالزوراء منهم لدى الضحىثمانون ألفا مثلما تنحر البُدُنُ والمراد بالزوراء ليس بغداد كما ظنّ راوي الخبر، وإنّما الريّ كما وضّح ذلك الإمام الصادق عليه السلام (2) .

الاتّجاهات المذهبية والفكرية في الريّ
اشاره

الاتّجاهات المذهبية والفكرية في الريّ :ضمّت الريّ في تاريخها الإسلامي خليطا من المذاهب والفرق والتيّارات الفكرية المتعدّدة، وكانت جذور هذا الخليط الواسع ممتدّة في تاريخ الريّ ، ممّا نجم عن ذلك ثقل ما وصل إلى زمان الكليني رحمه الله من التراث بكلّ مخلّفاته، والذي ابتعد في كثير منه عن الإسلام روحا ومعنى، ومعرفة كلّ هذا تفسّر لنا سبب الزمان الطويل الذي استغرقه ثقة الإسلام في تأليف كتابه الكافي الذي تقصّى فيه الحقائق، ودرس الآراء السائدة في

ص: 39


1- . . تاريخ المدينة : ج 3 ص 1143، والمراد بابن أروى، عثمان بن عفّان.
2- . . روضة الكافي : ج 8 ص 155 ح 198.

مجتمعه، واستوعب اتّجاهاتها، ومحّصها بدقّة، حتى جاء بالإجابة الشافية على جميع ما كان يحمله تراث الريّ من تساؤلات. وفيما يأتي استعراض سريع لما شهدته الريّ من مذاهب وفرق وآراء، وهي:

1 - الخوارج

كان الطابع العام لمجتمع الريّ بعد فتحها الإسلامي، هو الدخول التدريجي في الدين الجديد بمعناه الإسلامي العريض؛ إذ لم تكن هناك مذاهب وفرَق، وإنّما انحصر الأمر في مسألة اعتناق الإسلام بإعلان الشهادتين، ولا يمنع هذا من اكميل إلى بعض الاتّجاهات الفكرية المتطرّفة التي نشأت في ذلك العهد من عمر الإسلام في بلاد الريّ. ولا غرابة في ذلك؛ لأنّ قرب العهد بالدين الجديد مع اختلاط أوراقه بين نظريتين، جعل إسلام الرازيين - في ذلك الحين - غضّا طريا قابلاً لأن يتأثّر بأيّ اتجاه ويصطبغ بلونه، ومن هنا كانت لبقيّة الخوارج الذين ارتثوا في معركة النهروان (سنة / 40 ه ) صوت يسمع في بلاد الريّ ، حيث اتّخذوها موطنا، ومنها خرجت أنصارهم في معاركهم العديدة مع الأمويين، كما مرّ في الحياة السياسية. ولابدّ وأن يكون للخوارج دور في إشاعة مقولتهم في التحكيم بين صفوف الرازيين.

2 - النواصب

انتقل النصب - وهو عداوة أهل البيت عليهم السلام - إلى الريّ منذ إن وطأت أقدام الأمويين السلطة بعد صلح الإمام الحسن السبط عليه السلام (سنة / 41 ه )، حيث سنّ معاوية بدعته في سبّ أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه على جميع منابر المسلمين، وكان منبر الريّ واحدا منها!

ويؤيّده ما قاله ابن الأثير من أنّ كثير بن شهاب والي الريّ لمعاوية: «كان يكثر سبّ

ص: 40

عليٍّ على منبر الريّ ، وبقي عليها إلى أن ولي زياد الكوفة، فأقرّه عليها» (1) . وفي فتوح البلدان أنّ كثيرا هذا «كان عثمانيّا يقع في علي بن أبي طالب عليه السلام ويثبط الناس عن الحسين عليه السلام ومات قبيل خروج المختار بن أبي عبيد أو في أوّل أيّامه، وفيه يقول المختار بن أبي عبيد.. لأنبشن قبر كثير بن شهاب المفتري الكذّاب. وكان معاوية ولّاه الريّ ودستبى حينا من قبله ومن قبل زياد والمغيرة بن شعبة عامليه، وكان يزيد بن معاوية قد حمد مشايعته واتّباعه لهواه، فكتب إلى عبيداللّه بن زياد في توليته ماسبذان ومهرجانقذف وحلوان والماهين، وأقطعه ضياعا بالجبل» (2) . ولا شكّ في أنّ بقاء بدعة سبّ الوصي عليه السلام زهاء ستين عاما إلى أن رفعها - من على المنابر فقط - عمر بن عبدالعزيز الأموي (3) كافية لأنّ تنشأ عليها أجيال لا تعرف من إسلامها شيئا إلّا من عصم اللّه .

ومن هنا كان يقول إمامنا الصادق عليه السلام في أهل الريّ في ذلك الحين فيما رواه الأعمش: «هم أعداء اللّه ، وأعداء رسوله، وأعداء أهل بيته، يرون حرب أهل بيت رسول اللّه صلى الله عليه و آله جهادا، ومالهم مغنما، فلهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا والآخرة ولهم عذاب مقيم» (4) .

وممّا يدلّ على تفشّي النصب ما جاء في أخبار الدولة العبّاسية من أنّ أبا مسلم الخراساني كان إذا قدم الريّ في فترة دعوته لبني العبّاس نزل على رجل من الشيعة الرازيين يقال له عمر بن المختار الثقفي ، وكان هذا الرجل الشيعي يكتم تشيّعه ولا

ص: 41


1- . . الكامل في التاريخ : ج 3 ص 278 في حوادث (سنة / 41 ه ) تحت عنوان (ذكر استعمال المغيرة بن شعبة على الكوفة) وقد مرّ في الحياة السياسية للريّ أنّ كثيرا هذا كان لعنه اللّه واليا على الريّ لعمر بن الخطّاب .
2- . . فتوح البلدان : ج 2 ص 378.
3- . . راجع : تاريخ الخلفاء : ص 195 في ترجمة عمر بن عبدالعزيز.
4- . . الخصال : ص 506 - 507 ح 4، أبواب الستّة عشر، وعنه الحرّ العاملي في الفصول المهمّة في اُصول الأئمّة عليهم السلام : ج 3 ص 261، والعلّامة المجلسي في بحار الأنوار : ج 5 ص 279 ح 8 .

يطلع أحدا على رأيه، وكان بزّازا لصاحب حانوت، وكان صاحب الحانوت سريا يجتمع إليه الناس من أهل الريّ فيتحدّثون عنده. وذات يوم نزل بهم أبو مسلم وكان فيهم ناس من المرجئة من أهل العراق وأهل الريّ فذكروا عليّا عليه السلام بقتل الناس وسفك الدماء، فلمّا سمع أبو مسلم ذلك منهم غضب وردّ عليهم بقوّة، فثاروا عليه ليضربوه، فخلّصه عمر المختار منهم وأدخله حانوته وأغلق عليه بابه. فلمّا ظهر أبو مسلم بعد هذا حفظ هذا الموقف إلى عمر فولّاه الريّ ستّة أشهر ثمّ عزله وأقدمه عليه (1) .

وقد ذكر ابن الأثير في حوادث (سنة / 131 ه ) ما يشير إلى تفشّي النصب في بلاد الريّ، قال: «ولمّا استقرّ أمر بني العبّاس بالريّ، هرب أكثر أهلها لميلهم إلى بني اُمية، لأنّهم كانوا سفيانية، فأمر أبو مسلم بأخذ أملاكهم وأموالهم، ولمّا عادوا من الحجّ أقاموا بالكوفة سنة إثنتين وثلاثين ومائة، ثمّ كتبوا إلى السفّاح يتظلّمون من أبي مسلم، فأمر بردّ أملاكهم، فأعاد أبو مسلم الجواب يُعرِّف حالهم وأنّهم أشدّ الأعداء، فلم يسمع قوله، وعزم على أبي مسلم بردّ أملاكهم، ففعل» (2) .

وهكذا بقيت الريّ بلدا آمنا للأمويين حتى بعد وصول بني العبّاس للسلطة (سنة/132 ه )، ويشهد على ذلك ما قاله ابن عَدِي في الكامل في ضعفاء الرجال في ترجمة ابن المبارك (ت / 181 ه )، قال: «لمّا قدم ابن المبارك الريّ ، دسّ له أهل الريّ صبيّا، فقام، فقال: يا أبا عبدالرحمن! ما تقول فيمن يقول: قتل علي بن أبي طالب المؤمنين؟ فقال ابن المبارك: ما أدري ما أقول في هذا!! ما أدري ما أقول في هذا!! قتل طلحة والزبير المؤمنين.

ما أدري يا أهل الريّ أصغاركم شرّ أم كباركم؟» (3) .

ص: 42


1- . . أخبار الدولة العبّاسية : ص 262 - 263.
2- . . الكامل في التاريخ : ج 5 ص 55 تحت عنوان (ذكر دخول قحطبة الريّ).
3- . . الكامل في ضعفاء الرجال : ج 1 ص 105.

فانظر كيف طبع اللّه على قلب السائل والمسؤول ! في عَدِّ من قُتِل بسيف ذي الفقار من المؤمنين!

ويبدو أنّ النَّصب في الريّ وصل إلى زمان ثقة الإسلام الكليني رحمه اللّه تعالى، ويدلّ عليه ما حصل في زمان الدولة العلوية في طبرستان التي نشأت في زمان المستعين العبّاسي (248 - 252 ه )، من وقوع أحد الأمويين في قبضة محمّد بن زيد الداعي العلوي في طبرستان، فخاف الأموي القتل، فعفا عنه محمّد بن زيد، وخيّره بالمسير إلى المكان الذي يجد فيه مأمنه، فلم يختر الرجل الأموي مكانا سوى الريّ (1) .

ومن طريف ما يروى عن محمّد بن زيد هذا الذي دخل الريّ ، أنّه تقدّم إليه يوما خصمان اسم أحدهما معاوية، واسم الآخر علي، فقال محمّد بن زيد: إنّ الحُكمَ بينكما ظاهر.

فقال معاوية: أيّها الأمير لا تغتر بأسمائنا ، فإنّ أبي كان من كبار الشيعة، وإنّما سمّاني معاوية مداراةً لمن ببلدنا من النواصب، وهذا أبوه كان من كبار النواصب فسمّاه عليّا تقاة لكم، فتبسّم محمّد بن زيد وأحسن إليهما (2) .

فانظر كيف اقترن النصب باسم معاوية.

ونتيجةً لوجود الهوى الأموي السفياني بين أهل الريّ ، فقد انتشرت في أوساطهم عقيدة الإرجاء واستمرّ وجودها إلى زمان ثقة الإسلام الكليني، تلك العقيدة الخبيثة التي شجّعتها الأموية لتكون غطاءً شرعيّا لعبثها في السلطة، ومبرّرا لاستهتارها بمقدّرات الاُمّة، واستباحتها لكلّ حرمة، ونبذها كتاب اللّه والسنّة المطهّرة.

ويدلّ على وجود تلك العقيدة الفاسدة في الريّ ما قاله عبداللّه بن محمّد الجمال الزوزني الرازي لعلي بن موسى بن نوبا القمّي ساكن الريّ لما بلغا نيسابور في رسالة

ص: 43


1- . . التذكرة الحمدونية : ج 2 ص 211 - 213 الرقم 513.
2- . . راجع : البداية والنهاية : ج 11 ص 95 في حوادث (سنة / 287ه )، وفيه : إنّ محمّد بن زيد العلوي أمير طبرستان والديلم كان فاضلاً، ديِّنا، حسن السيرة فيما وليه من تلك البلاد، ثمّ أورد الخبر.

من سلطان الريّ إلى نصر بن أحمد الساماني (ت / 331 ه ) ببخارا، قال: هل لك في زيارة قبر الرضا عليه السلام بطوس؟ فأجاب ابن نوبا برواية ابن النّجار قائلاً: «يتحدّث أهل الريّ أنّي خرجت من عندهم مرجئا وأرجع إليهم رافضيا» (1) ، وفي رواية الشيخ الصدوق: «خرجت من الريّ مرجئا، لا أرجع إليهم رافضيا» (2) .

3 - المعتزلة

المعتزلة:تأثّرت الريّ كغيرها من مدن الإسلام بآراء المدرستين الآتيتين، وهما:

1 - المدرسة السلفية، وهي المدرسة التي كانت تهدف إلى إحياء المفاهيم السلفية الموروثة عن السلف وتحكيمها في مناحي الحياة، ورفض المناظرة والجدل، ويمثّل هذه المدرسة الفقهاء والمحدّثون من العامّة، وقد بسطت هذه المدرسة نفوذها على مجمل الحركة الفكرية في بلاد الإسلام، إلّا في فترات محصورة ومحدودة ترجّحت فيها كفّة المدرسة الثانية.

2 - المدرسة العقلية، وهي المدرسة التي استخدمت المنهج العقلي في فهم وتحليل جملة من النصوص التي تستدعي التوفيق بين أحكام الشرع وأحكام العقل، وذلك باعتماد المنطق والفلسفة وعلم الكلام، وكان روّاد هذه المدرسة الشيعة والمعتزلة، حيث اعتمدوا المنهج العقلي في تفسير ما لم يرد فيه أثر صحيح، ممّا كان لهذا أثره الواضح في توافق الشيعة مع المعتزلة في كثير من الآراء بينهما على الرغم ممّا بين الإثنين من فوارق في مجال نظرتهم إلى العقل من جهة صلاحيّته للاستقلال بالحكم أو باعتباره طريقا موصولاً للعلم به. لقد كان الصراع بين المدرستين يشتدّ تارة ويخفّ أو يتلاشى تارةً أُخرى، بحسب

ص: 44


1- . . ذيل تاريخ بغداد : ج 19 ص 140 الرقم 969 في ترجمة الإمام الرضا عليه السلام .
2- . . عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج 1 ص 314 ح 6 باب 69.

مواقف السلطة ومبتنياتها الفكرية، ولهذا نجد في عهد المأمون العبّاسي (198 - 218 ه ) انتعاش المدرسة العقلية لميله نحوها كما هو معلوم، وكذلك الحال في عهد ولده المعتصم (218 - 227 ه )، ثمّ الواثق (227 - 332 ه )، ولمّا جاء المتوكّل باللّه العبّاسي (232 - 247 ه ) أظهر ميله نحو المدرسة السلفية، وأرغم الناس على التسليم والتقليد، ونهاهم عن المناظرة والجدل وعمّم ذلك على جميع بلاد الإسلام (1) . وقد سار على نهجه المعتمد (256 - 279 ه )، والمعتضد (279 - 289 ه ) (2) . وممّن عرف من رجال المدرسة السلفية في بلاد الريّ ، الفضل بن غانم الخزاعي قاضي الريّ لهارون الرشيد الذي كان داعية للفكر السلفي ، ولم يجب المعتزلة ومن وافقهم من رجال الدولة العبّاسية إلى القول بخلق القرآن (3) . ومن أنصار المعتزلة في الريّ قاضيها جعفر بن عيسى بن عبداللّه بن الحسن بن أبي الحسن البصري (ت / 219 ه )، حيث كان يدعو الناس إلى القول بخلق القرآن أيّام المحنة ببغداد، ولهذا ترك السلفيون حديثه (4) ووصفوه بالجهمية (5) لهذه العلّة لا غير!! وصفوة القول أنّ الفكر السلفي الجامد الذي قضى على حريّة الفكر، واضطهاد المفكّرين لم يستطع القضاء على المدرسة العقلية وإن حارب المعتزلة والشيعة بلا هوادة. ويكفي إنّ أشهر المعتزلة القاضي عبدالجبّار المعتزلي المولود بالريّ (سنة / 325 ه )، قبل وفاة ثقة الإسلام الكليني رحمه اللهبأربع سنين ، قد تقلّد منصب قاضي القضاة في الريّ ، ولا زالت شبهته في الاستصحاب التي أوقعها في الريّ تدور على ألسنة

ص: 45


1- . . راجع : تاريخ اليعقوبي : ج 2 ص 484 - 485، والتنبيه والإشراف : ص 314، ومروج الذهب: ج 4 ص 86 .
2- . . البداية والنهاية : ج 11 ص 74 ، تاريخ الخلفاء : ص 294 و299.
3- . . الرحلة في طلب الحديث : ص 203.
4- . . الجرح والتعديل : ج 2 ص 486 الرقم 1982.
5- . . ميزان الاعتدال : ج 1 ص 413 الرقم 1515.

العلماء (1) .

4 - الزيديّة

وكان للزيديّة وجود في بلاد الريّ ، ويدلّ عليه دخول جماعة من أهل الريّ على الإمام أبي جعفر الثاني الجواد عليه السلام ببغداد، وكان فيهم رجل زيدي، وجماعته لا يعلمون مذهبه، وقد كشف لهم الإمام الجواد عليه السلام عن مذهبه (2) ومن المستبعد أن يكون ذلك الرجل هو الزيدي الوتر في تلك البلاد، خصوصا وأنّ الدولة العلوية في طبرستان كانت تضمّ - وهي قريبة من الريّ - العلويين من الحسنيين والحسينيين والزيديين معا، كما أنّ قادة تلك الدولة قد سيطروا على الريّ كما مرّ في الحياة السياسية، وفيهم من أعلام الزيديّة الكثير، نظير عيسى بن محمّد العلوي أحد كبار العلماء في الريّ، وهو من الزيدية (3) .

5 - الفِرَق الاُخرى الموجودة في الريّ
اشارة

تركت الأفكار التي طرحتها الفرق الموجودة في الريّ أثرها الكبير في دفع عجلة الحياة الفكرية والثقافية إلى الأمام وبخطوات واسعة في تلك المدينة، وذلك من خلال رصد العلماء لما انحرف من تلك الأفكار عن المحجّة الواضحة، ومناقشتها والردّ عليها، وأشهر تلك الفرق في الريّ فرقة النجّارية، وهم أتباع الحسين بن محمّد النجّار التي افترقت بناحية الريّ كما يقول البغدادي إلى فرق كثيرة يكفر بعضها بعضا (4) ، وقد

ص: 46


1- . . راجع : تحريرات في الاُصول : ج 2 ص 264، وخلاصة شبهته : أنّ مَن صلّى مع الطهارة المستصحبة ثمّ انكشف خلافه يعيد ولا يجزئ مع امتثاله الأمر الاستصحابي.
2- . . الهداية الكبرى : ص 302، الخرائج والجرائح : ج 2 ص 669 ح 12، الثاقب في المناقب : ص 519 الرقم 450 (6) فصل 9.
3- . . طبقات الزيديّة الكبرى : ج 3 ص 1100.
4- . . الفَرْقُ بين الفِرَق : ص 22.

عدّ المصنّفون في المقالات فرق النجّارية من الجبرية (1) في حين أنّهم وافقوا المعتزلة في كثير من المسائل، ولهذا قال الشهرستاني: «وأكثر معتزلة الريّ وما حواليها على مذهب الحسين بن محمّد النجّار» (2) . وقد عانت فرق النجّارية من تكفير مخالفيهم لهم، قال الإسفراييني البغدادي : إنّ النجّارية: «وافقوا أصحابنا في اُصول، ووافقوا القدرية في اُصول وانفردوا باُصول لهم.. وأكفرتهم القدرية فيما وافقوا فيه أصحابنا، وأكفرهم أصحابنا فيما وافقوا فيه القدرية» (3) . ثمّ ذكر بعد هذا أنّ فرق النجّارية في الريّ أكثر من عشر فرق إلّا أنّه اكتفى بذكر أشهرها، ومثله فعل الشهرستاني في الملل، إذ ذكر ثلاث فرق، وهي:

البرغوثية:

وهم أتباع محمّد بن عيسى الملقّب ببرغوث، وقد خالف النجار في بعض المسائل كعدم تسميته للمكتسب فاعلاً بخلاف النجار، وغير ذلك من المسائل الاُخرى.

الزعفرانية:

وهم أتباع الزعفراني الذي كان بالريّ، ومن عقائدهم أنّ كلام اللّه تعالى هو غير اللّه ، وكلّ ما كان غير اللّه فهو مخلوق. وأمّا ما حكاه عبدالقاهر البغدادي من ذمّهم لمن يقول بخلق القرآن، وكذلك الشهرستاني، وعلّله بإرادة الاختلاف، فلعلّه من قبيل التشنيع عليهم؛ لعدم نزاهة الشهرستاني والبغدادي والرسعني وابن حزم فيما كتبوه في الملل والنحل والمذاهب والفرق، إذ كثيرا ما نجد في كتبهم انتصارا لمذاهبهم مع النيل ممّن خالفها بكلّ وسيلة.

ص: 47


1- . . الملل والنحل : ج 1 ص 95 في حديثه عن الجبرية.
2- . . المصدر السابق : ج 1 ص 98 في حديثه عن النجّارية .
3- . . الفرق بين الفِرَق : ص 207 - 208.
المستدركة:

وهم قوم من النجّارية زعموا أنّهم استدركوا على أسلافهم ما خفي عليهم. ومن آراء النجّارية أنّ اللّه تعالى مريد لنفسه، عالم لنفسه، مريد للخير والشرّ، والنفع والضرّ، ومعنى كونه مريدا أنّه غير مستكره ولا مغلوب، وقال بعضهم بنظرية الكسب الأشعرية في مسألة خلق الأعمال، ووافقوه أيضا في أنّ الاستطاعة مع الفعل ولكنّهم خالفوا الأشعري؛ إذ نفوا رؤية اللّه تعالى يوم القيامة بالأبصار وقالوا باستحالتها. كما أوجبوا تحصيل المعرفة بالنظر والاستدلال قبل ورود السمع، والإيمان عندهم عبارة عن التصديق (1) .

6 - المذاهب العامّية

انحصر وجود المذاهب العامية بالريّ في مذهبين، وهما: المذهب الحنفي، والمذهب الشافعي. وأمّا مذهب المالكية، فقد كان امتداده في المغرب الإسلامي بفضل تلامذة مالك ابن أنس من أولاد الماجشون المغاربة، ولم يمتدّ إلى المشرق الإسلامي كثيرا، وأمّا عن مذهب أحمد بن حنبل، فهو أقلّ المذاهب الأربعة العامّية أتباعا، وآخرها نشأة، ولم تكن له تلك القدرة العلمية الكافية التي تسمح له بالإمتداد خارج محيطه بغداد في عصر نشأته، سيّما وأنّ أحمد بن حنبل لم يكن فقيها، بل كان محدّثا؛ ولهذا أهمله الطبري - المعاصر لثقة الإسلام الكليني - في كتابه الشهير اختلاف الفقهاء. الأمر الذي يفسّر لنا عدم امتداد فكر أتباعه في عصر الكليني إلى الريّ على الرغم من وقوف السلطة العبّاسية إلى جانب الحنابلة بكلّ قوّة ، كما سيأتي في الحياة الثقافية والفكرية ببغداد.

ومهما يكن فإنّ الغالبية العظمى من أهل الريّ كانت على مذاهب العامّة الحنفية

ص: 48


1- . . راجع : فِرَق النجّارية وآراءهم في كتاب الفَرْق بين الفِرَق : ص 22 و25 و207 و208 و209، والملل والنحل : ج 1 ص 98 و99 .

والشافعية، إلّا أنّ الأكثر هم الأحناف، ثمّ يأتي بعدهم الشافعية، ثم انحسر الوجود العامّي في الريّ بعد (سنة / 275 ه ) كما سيأتي في الحديث عن المذهب الشيعي في الريّ ، وبهذا صرّح الحموي في معجم البلدان قائلاً: «وكان أهل الريّ أهل سنّة وجماعة..» 2 وقال: «وكان أهل الريّ ثلاث طوائف: شافعية وهم الأقلّ، وحنفية وهم الأكثر..» (1) .

ونتيجة لهذا الخليط الواسع في الريّ ، من نواصب وزيدية ومعتزلة وجبرية وأحناف وشافعية، فقد ظهر الكذّابون والمتروكون في تلك البلاد، وقد عرف منهم الكثير من الوضّاعين من أمثال صباح بن عازب الرازي، وعبداللّه بن داهر، وعمرو بن زياد الثوباني وغيرهم من الكذّابين والوضّاعين، ومن أحاديثهم الموضوعة في فضل الريّ حديث: «من بات بالريّ ليلة واحدة صلّى فيها وصام فكأنّما بات في غيره ألف ليلة صامها وقامها» (2) .

كما كثر المنجّمون في تلك البلاد بصورة واسعة، حتى أنّ الفضل بن الربيع كان يرجع إليهم في بعض ما أهمّه (3) .

وأمّا عن علماء العامّة فقد برز منهم في ذلك العصر بعض الفقهاء والمحدّثين، ونقلة الأخبار، الذين أسهموا بدورهم في تنشيط الحركة الفكرية في الريّ كأحمد بن الفرات الرازي (ت / 258 ه ) ومحمّد بن علي بن علوية الجرجاني الشافعي الرازي (ت / 290 ه )، ومحمّد بن عمر بن هشام الرازي المعروف بالقماطيري الذي مات بمرو حدود (سنة / 292 ه )، وعلي بن سعيد بن بشير الرازي (ت / 299 ه ) ومحمّد بن زكريا الرازي الذي مات بالريّ (سنة / 311 ه ) وعبدالرحمن بن أبي حاتم الرازي مات

ص: 49


1- . . المصدر السابق : ج 3 ص 117 (الريّ).
2- . . تذكرة الموضوعات : ص 120 .
3- . . فرج المهموم : ص 187 .

بالريّ قبل وفاة ثقة الإسلام الكليني رحمه الله بسنتين أي: في (سنة / 327 ه )، وعبدالرحمن ابن سلمويه الرازي (ت / 339 ه )، ومحمّد بن عبداللّه بن جعفر بن عبداللّه بن الجنيد الرازي (ت / 347 ه )، وابنه تمام الذي ولد (سنة / 303 ه ) قبل وفاة الكليني بستّ وعشرين سنة، ومات (سنة / 414 ه )، وأبي زرعة الرازي الصغير أحمد بن الحسين الذي مات بطريق مكة (سنة / 375 ه ) كما دخل الريّ مشاهير فقهاء ومحدّثي العامّة. فهذا مسلم بن الحجّاج النيسابوري (ت / 261 ه ) صاحب الصحيح، دخل الريّ وعرض كتابه في الريّ على أبي زرعة الرازي الكبير (ت / 264 ه )، فأنكر عليه وتغيظ وقال له متعجّبا: سمّيته الصحيح! ثم عرضه ثانيا على أبرز علماء الحديث من العامّة في الريّ وهو محمّد بن مسلم بن دارة، فجفاه وعاتبه على هذا الكتاب وقال له نحوا ممّا قال له أبو زرعة الرازي (1) . ودخلها الطبري العامّي المفسّر (ت / 310 ه ) وأخذ العلم فيها عن محمّد بن حميد الرازي كما في سائر مصادر ترجمة الطبري. هذا فضلاً عن وجود طبقة اُخرى من الرواة الرازيين أو الذين دخلوا الريّ في عصور الأئمّة عليهم السلام ورووا الحديث عنهم، أو عُدُّوا من أصحابهم كما يظهر بكلّ وضوح من رجال الشيخ الطوسي الذي لم يقتصر فيه على ذكر أصحاب الأئمّة عليهم السلام من الشيعة، وإنّما ذكر غيرهم أيضا، ومنهم جملة من الرازيين، وهو ما سيأتي في الحديث عن مذهب الشيعة في الريّ.

7 - المذهب الشيعي

إنّ اتّفاق جميع من كتب في المقالات والفرق على أسبقيّة التشيّع على سائر المذاهب والفِرَق التي نشأت في الإسلام، واعتراف الكلّ على تشيّع سلمان المحمدي وإخوته كعمّار، والمقداد والهيثم بن التيهان وأبي رافع مولى النبي صلى الله عليه و آله ، وحجر بن عدي

ص: 50


1- . . راجع : أضواء على السنّة المحمديّة : ص 310.

وغيرهم من الصحابة رضي اللّه تعالى عنهم، لهو دليل كاف على صدق ما تدّعيه الشيعة من عراقة مذهبها من جهة، وكونه المعبّر الواقعي عن مضمون رسالة الإسلام من جهة اُخرى، ومن هنا حمل التشيّع عناصر البقاء وأسباب الخلود على رغم العواصف العاتية التي وقفت حائلاً بوجه امتداده، وعملت جاهدة على تصفية رموزه ولو كان بعضهم سيّدا لشباب أهل الجنّة!!

ولكنّها سرعان ما انجلت وعادت سُبَّة على أهلها وعارا عليهم ولعنة تلحقهم أبد الآبدين، وزاد التشيّع إشراقا، ولم ينحصر في مراكز إشعاعه الاُولى، وكان مثله كالغيث أينما هطل اعشوشب مكانه وتفتّحت أزهاره.

وهكذا كان للضغط السياسي المتواصل على الشيعة دورا في امتداد التشيّع خارج رقعته الجغرافية، بحيث استطاع في الشرق أن يمصِّرَ مدنا ويبني دولة في الطالقان، وأن يؤسّس في الغرب الإسلامي دولة كبرى لا زال أزهر مصر يشهد على فضلها وآثارها.

وهذه التقدمة الخاطفة عن التشيّع لابدّ منها؛ لنرى كيف استطاع أن يشقّ طريقه إلى الريّ بعد أن عرفنا نصبها وعداوتها لأهل البيت عليهم السلام ، فضلاً عمّا كان فيها في بدايات عهدها الإسلامي من اتّجاهات مذهبية وطوائف مختلفة وفرق متعدّدة، وكلّها لا تدين بمذهب آل محمّد صلى الله عليه و آله ، زيادة على موقف السلطة المساند لهذا الإتّجاه أو ذاك ما خلا الشيعة؟

ومن ثمّ فإنّ انطلاقة شهرة الكليني طاب ثراه من تلك البلاد، ومباشرته تأليف الكافي الذي هو مرآة الشيعة فيها على ما عرفت من تاريخها، يجعلنا بأمسّ الحاجة إلى معرفة تاريخ التشيّع في بلاد الريّ ، فنقول:

كانت الصفة الغالبة لأهل الريّ قبل عصر الكليني هي الأموية السفيانية الناصبة، وما خلّفته في تلك البلاد من نصب وعداوة لأهل البيت عليهم السلام ، مع تفشّي الآراء المتطرّفة والأفكار المنحرفة والاتّجاهات الدخيلة على الإسلام، والفرق الكثيرة التي لا تدين بمذهب آل محمّد صلى الله عليه و آله .

ص: 51

ومع كلّ هذا لم يعدم الوجود الشيعي في الريّ ، وإنّما كان هناك بعض الشيعة من الرازيين الذين اعتنقوا التشيّع تأثّرا بمبادئه وواقعيّته التي عرفوها من خلال احتكاكهم بالشيعة في مواسم الحج أو التجارة وغيرها، وساعدهم على ذلك وجود بعض الموالي الشيعة من الفرس في الكوفة في زمان أمير المؤمنين عليه السلام ، هذا فضلاً عمّن سكن الريّ من شيعة العراق، ومن استوطنها من أبناء وأحفاد أهل البيت عليهم السلام الذين جاءوها هربا من تعسّف السلطات المتعاقبة في زمان دولة الطلقاء والعبّاسيين من بعد. ويظهر من خلال بعض النصوص أنّ الشيعة من عرب وفرس في الريّ كانوا في تقيّة تامّة، إذ لم يحدّثنا تاريخ الريّ في العصر الأموي عن أيّة مظاهر شيعية، أو مناظرات فكرية بين الشيعة وغيرهم في تلك البلاد إبّان الحكم الأموي، بخلاف ما حصل بعد نهايتهم. وممّا يدلّ على ضمور الفكر الشيعي في الريّ بتكتّم أصحابه وتقيّتهم للنجاة بأنفسهم في تلك الفترة، ما قاله الإمام الرضا عليه السلام ، قال: «سمعت أبي يقول: كنت عند أبي يوما فأتاه رجل، فقال: إنّي رجل من أهل الريّ ولي زكاة فإلى من أدفعها؟ قال: إلينا، فقال: أليس الصدقة محرّمة عليكم؟ فقال: بلى إذا دفعتها إلى شيعتنا فقد دفعتها إلينا، فقال: إنّي لا أعرف لها أحدا، فقال: انتظر بها إلى سنة، قال: فإن لم أصب بها أحدا، قال: اُنظر بها سنتين. حتى بلغ أربع سنين، ثمّ قال له: إن لم تصب لها أحدا فصرها صرارا واطرحها في البحر؛ فإن اللّه عزّ وجل حرّم أموالنا وأموال شيعتنا على عدوّنا» (1) .

وهذا الخبر صريح بعدم معرفة هذا الرجل الرازي لأحد من الشيعة المستحقّين للزكاة من أهل الريّ ، ولا يعقل ثراء جميع شيعة الريّ وهم يخافون أن يتخطّفهم الطير. وفي كتاب قضاء الحقوق لأبي علي بن طاهر الصوري خبرٌ طويل نقله العلّامة النوري يشير بكلّ وضوح إلى امتداد العمل بالتقيّة إلى زمان بني العبّاس بين شيعة

ص: 52


1- . . تهذيب الأحكام : ج 4 ص 52 ح 139 (10) باب 13.

أهل الريّ ، وخلاصة الخبر خوف أحد رجالات الشيعة من ولاة بعض كتّاب يحيى بن خالد في الريّ ، مع أنّ هذا الوالي كان على مذهب الشيعة، ولا علم للرجل الشيعي الرازي بذلك إلّا بعد حين (1) . وقد بلغ الأمر من تقيّة الشيعة في الريّ أنّ السيّد الجليل عبدالعظيم بن عبداللّه الحسني الذي سكن الريّ ، وكان من أجلّاء أصحاب الإمامين الهادي والعسكري عليهماالسلام، لم يعرفه أحد من شيعة الريّ إلى حين وفاته، حيث وجدوا في جيبه - وهو على المغتسل - رقعة يذكر فيها اسمه ونسبه! وكان رحمه الله يكثر من زيارة قبر حمزة بن موسى بن جعفر عليهماالسلام المدفون بالريّ ، ولا أحد يعرف من شيعة الريّ اسم الزائر والمزار!! (2)

أسباب ظهور التشيّع في الريّ
السبب الأوّل: كثرة العلويين، والشيعة الذين هاجروا إلى المشرق الإسلامي
اشارة

هناك عِدّة أسباب رئيسية ساعدت على ظهور الفكر الشيعي في الريّ ، وبشكل فعّال في عصر الكليني رحمه الله، ويرجع تاريخ بعضها إلى بدايات عهدها الإسلامي وفترة حكم الطلقاء والعبّاسيين، وهي: السبب الأوّل: كثرة العلويين، والشيعة الذين هاجروا إلى المشرق الإسلامي نتيجة للضغوط السياسية الأموية والعبّاسية عليهم، وقد كان فيهم عدد من أصحاب أهل البيت عليهم السلام الذين دخلوا الريّ ، واستوطنوها وصاروا فيما بعد من أهلها، هذا فضلاً عن وجود بعض أصحاب الأئمّة عليهم السلام من الرازيين أنفسهم.

وفيما يأتي صورة واضحة لتلك الأصناف التي كانت ممثّلة للتشيّع في الريّ ، وهم:

أوّلاً - العلويون

لقد حفظ لنا التاريخ أسماء بعض العلويين الذين نزحوا من بطش السلطة إلى الريّ ،

ص: 53


1- . . مستدرك الوسائل : ج 13 ص 132 ح 14997 (13) باب جواز الولاية من قبل الجائر لنفع المؤمنين .
2- . . راجع ترجمة السيّد عبدالعظيم الحسني في رجال النجاشي : ص 247 الرقم 653 .

فكانوا النواة الأُولى للتشيّع في تلك البلاد، وفيهم من اغتالته السلطة في الريّ ، أو قضى فيها حتف أنفه، ولا زالت قبور بعضهم شاخصة إلى زماننا هذا في تلك المدينة، وهم: أحمد بن عيسى بن علي بن الحسين الصغير بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام (1) ، وأحمد بن القاسم بن أحمد بن علي بن جعفر الصادق عليه السلام (2) ، وجعفر بن محمّد بن الحسن بن عمر بن علي بن الحسين عليهماالسلام، قتل في الريّ (3) ، والحسن بن علي بن جعفر بن عبداللّه بن الحسن بن علي بن جعفر عليه السلام ، وكان من الفقهاء ورواة الحديث (4) ، وحمزة بن موسى بن جعفر عليهماالسلام المدفون بالريّ، ولا زال قبره شاخصا بالريّ يُزار. وعبدالعظيم بن عبداللّه بن علي بن الحسن بن زيد بن الحسن السبط بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهماالسلام، وقبره في الريّ إلى جنب قبر حمزة بن موسى بن جعفر عليهماالسلام، وعلي بن الحسين بن محمّد بن علي بن جعفر عليه السلام (5) ، وعلي بن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر عليهماالسلام الذي سكن الريّ وحمل منها إلى بغداد في زمان المعتزّ العبّاسي (252 - 255 ه ) وحبس ببغداد إلى أن مات في حبسه رحمه الله (6) . ومحمّد بن داوود بن موسى ابن إبراهيم بن موسى الكاظم عليه السلام (7) ، ويحيى بن علي بن عبدالرحمن بن القاسم ابن الحسن بن زيد المقتول بالريّ في ولاية عبداللّه بن عزيز عامل ابن طاهر على الريّ (8) ، وغيرهم ممّا لا يسع الوقت لاستقصائهم رضي اللّه تعالى عنهم.

ص: 54


1- . . سرّ السلسلة العلوية : ص 74.
2- . . خاتمة مستدرك الوسائل : ج 4 ص 486.
3- . . مقاتل الطالبيين : ص 525 .
4- . . خاتمة مستدرك الوسائل : ج 4 ص 486.
5- . . المصدر السابق : ج 4 ص 486 .
6- . . مروج الذهب : ج 2 ص 306 .
7- . . سرّ السلسلة العلوية : ص 43 .
8- . . مقاتل الطالبيين : ص 530 .
ثانيا - أصحاب الأئمّة عليهم السلام

وسوف نذكر أسماءهم بحسب التسلسل التاريخي للأئمّة عليهم السلام سواء كانوا ممّن وصل إلى الريّ أو ممّن كان رازيا في الأصل، كالآتي: فمن أصحاب أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام : زحر بن قيس ، الذي كان رسول أمير المؤمنين عليه السلام إلى جرير بن عبداللّه إلى الريّ (1) ، ويزيد بن قيس الأرحبي، وهو عامل أمير المؤمنين عليه السلام على الريّ وهمدان وإصبهان (2) . ومن أصحاب الإمام السجّاد عليه السلام : يحيى بن أبي العلاء الرازي (3) . ومن أصحاب الإمام الباقر عليه السلام : أعين أبو معاذ الرازي (4) ، وعمرو بن جميع أبو عثمان الرازي، قاضي الريّ ، وهو من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام أيضا (5) .

ومن أصحاب الإمام الصادق عليه السلام : ابن أبي يحيى الرازي (6) ، وأبو إسماعيل الصيقل الرازي، وهو الذي أمره الإمام الصادق عليه السلام بتبديل حرفته من الحياكة إلى بيع السلاح (7) ، وفي ذلك إشارة إلى قوله تعالى : « وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ » (8) ، ولهذا قد عُرف إسماعيل - فيما بعد - بالصيقل.

ص: 55


1- . . رجال الشيخ الطوسي : ص 65 الرقم 579 (15).
2- . . المصدر السابق : ص 86 الرقم 863 (6).
3- . . المصدر السابق : ص 149 الرقم 1653 (5) .
4- . . المصدر السابق : ص 126 الرقم 1269 (41).
5- . . المصدر السابق : ص 251 الرقم 3517 (426).
6- . . فروع الكافي : ج 5 ص 159 ح 8 باب 59 من كتاب المعيشة .
7- . . اُصول الكافي : ج 2 ص 14 ح 1 باب 8 من كتاب الإيمان والكفر.
8- . . سورة الأنفال : 60 .

والأعمش سليمان بن مهران الذي مات بالكوفة (سنة / 148 ه ) وكان أصله من الريّ ، وله أحاديث كثيرة بكتب الشيعة وغيرهم عن الإمام الصادق عليه السلام . وأبو هلال الرازي (1) ، وأبو يحيى الرازي (2) ، وإسماعيل بن الصيقل الرازي (3) ، وجرير بن عبدالحميد الضبي الكوفي نزيل الريّ وأحد قضاتها (4) ، وشعيب بن خالد البجلي الرازي (5) ، وعبدالرحيم بن سليمان الرازي (6) ، وعطية بن نجيح أبو المطهّر الرازي (7) ، وعلي بن النعمان الرازي (8) ، وعيسى بن ماهان أبو جعفر الرازي (9) ، ومحمّد بن يحيى الأحمري الكوفي الزاهد نزيل الريّ (10) ، ومعاوية بن وهب العربي الصميم، والثقة المشهور صاحب كتاب فضائل الحج ، وهو من أصحاب الإمام الكاظم عليه السلام أيضا (11) ، وكان قد دخل الريّ في حياة الإمام الصادق عليه السلام (12) ، ونعمان الرازي (13) ، ونعيم بن ميسرة

ص: 56


1- . . فروع الكافي : ج 6 ص 129 ح 4 باب 56 من كتاب الطلاق، وصُحِّف إلى أبي حلال - بالحاء المهملة - في فروع الكافي : ج 4 ص 367 ح 9 باب 99 من كتاب الحج، والصحيح بالهاء كما في المورد السابق، تهذيب الأحكام : ج 5 ص 385 ح 1343 (256) باب 25، و ج 6 ص 214 ح 505 (4) باب 86 ، و ج 8 ص 39 ح 117 (36) باب 3، الاستبصار : ج 3 ص 278 - 279 ح 988 (3) باب 166، رجال البرقي : ص 108 الرقم 1153 (755).
2- . . المصدر السابق : ج 6 ص 23 ح 1 باب 13 من كتاب العقيقة ، تهذيب الأحكام : ج 7 ص 10 ح 36 (36) باب 1، و ج 7 ص 436 ح 1738 (2) باب 40.
3- . . المصدر السابق : ج 5 ص 115 ح 6 باب 33 من كتاب المعيشة.
4- . . رجال الشيخ الطوسي : ص 177 الرقم 2105 (43).
5- . . المصدر السابق : ص 223 الرقم 299 (1).
6- . . المصدر السابق : ص 237 الرقم 3240 (149).
7- . . المصدر السابق : ص 264 الرقم 3771 (680).
8- . . كتاب من لا يحضره الفقيه : ج 1 ص 228 ح 1011 (28) باب 49، تهذيب الأحكام : ج 2 ص 181 ح 726 (27) باب 10، الاستبصار : ج 1 ص 371 ح 1411 (6) باب 215 .
9- . . رجال الشيخ الطوسي : ص 258 الرقم 3651 (560) .
10- . . المصدر السابق : ص 298 الرقم 4361 (386) .
11- . . رجال النجاشي : ص 412 الرقم 1097 .
12- . . روضة الكافي : ج 8 ص 177 الرقم 198.
13- . . اُصول الكافي : ج 2 ص 278 ح 5 باب 112 من كتاب الإيمان والكفر، وروضة الكافي : ج 8 ص 95 ح 90 ر في حديث هروب الصحابة (العدول) يوم اُحد!، رجال الشيخ الطوسي : ص 315 الرقم 4693 (25)، تهذيب الأحكام : ج 2 ص 171 ح 680 (138) باب 9 .

أبو عمرو النحوي الكوفي ساكن الريّ (1) ، وهشام بن المثنّى الرازي (2) ، ويحيى بن أبي العلاء الرازي، أبو جعفر الثقة المشهور، قاضي الريّ وأصله من الكوفة (3) . ومن أصحاب الإمام الكاظم عليه السلام : بكر بن صالح الرازي، وهو من أصحاب الإمام الرضا عليه السلام (4) ، وجندب الرازي الذي قصد لزيارة الإمام الكاظم عليه السلام في المدينة المنوّرة، وأخبره الإمام بموت أخيه في الريّ (5) ، وعلي بن عثمان الرازي (6) ، وعمرو بن عثمان الرازي (7) .

ومن أصحاب الإمام الرضا عليه السلام : أبو الحسين الرازي (8) ، والحسن بن الجهم الرازي (9) ، والحسين بن الجهم الرازي (10) ، والحسين بن محمّد الرازي (11) ، والحسين بن يزيد النوفلي الكوفي، وكان شاعرا أديبا وله كتاب التقية، سكن الريّ ومات بها (12) ، وعبداللّه بن محمّد بن علي بن العبّاس بن

ص: 57


1- . . رجال الشيخ الطوسي : ص 316 الرقم 4702 (34) .
2- . . المصدر السابق : ص 368 الرقم 5475 (1) .
3- . . رجال النجاشي : ص 444 الرقم 1198، كما ذكره النجاشي في ترجمة ابنه جعفر : ص 126 الرقم 327، تهذيب الأحكام : ج 4 ص 290 ح 881 (13) باب 66، الاستبصار : ج 2 ص 127 الرقم 414 (6) باب 71، وقد تقدّم ذكره في أصحاب الإمام السجّاد عليه السلام ويحتمل التعدّد.
4- . . روضة الكافي : ج 8 ص 261 ح 493، رجال النجاشي : ص 109 الرقم 276.
5- . . دلائل الإمامة : ص 327 الرقم 283 (26).
6- . . تهذيب الأحكام : ج 6 ص 104 ح 181 (1) باب 48 .
7- . . كامل الزيارات : ص 527 ح 806 (1) باب 105 .
8- . . تهذيب الأحكام : ج 6 ص 171 ح 330 (8) باب 79.
9- . . رجال الشيخ الطوسي : ص 354 الرقم 5248 (9) .
10- . . المصدر السابق: ص 355 الرقم 5268 (29) .
11- . . تهذيب الأحكام : ج 9 ص 195 ح 784 (16) باب 11، الاستبصار : ج 4 ص 120 (8) باب 74.
12- . . رجال النجاشي : ص 38 الرقم 77، رجال الشيخ الطوسي : ص 355 الرقم 5265 (26).

هارون التميمي الرازي، له نسخة عن الإمام الرضا عليه السلام (1) ، وموسى بن أبي الحسن الرازي (2) ، والوليد بن أبان الضبيّ الرازي (3) .

ومن أصحاب الإمام الجواد عليه السلام :

الحسين بن العبّاس الرازي (4) ، وسهل بن زياد أبو سعيد الآدمي الرازي، الذي صحب ثلاثة من الأئمّة، وهم: الجواد (5) ، والهادي (6) ، والعسكري عليهم السلام (7) ، ولم يؤثّر عن أيّ واحد منهم عليهم السلام ذمّه أو اتّهامه بالغلوّ ، في حين كانوا عليهم السلام من أشدّ الناس حرصا على فضح الغلاة وتعريتهم، الأمر الذي يكشف عن أنّ إلحاق تلك التهمة به لا أصل لها ولا واقع، وعبداللّه بن محمّد الرازي (8) ، وعبداللّه بن محمّد بن حمّاد الرازي (9) ، ومحمّد بن أبي زيد الرازي (10) . ومن أصحاب

الإمام الهادي عليه السلام :

إبراهيم بن بكر الرازي (11) ، وأبو بكر الرازي (12) ، وأبو مقاتل الديلمي نقيب الريّ (13) ،

ص: 58


1- . . المصدر السابق : ص 228 الرقم 603.
2- . . تهذيب الأحكام : ج 4 ص 263 ح 788 (26) باب 63، الاستبصار : ج 2 ص 92 ح 295 (5) باب 46.
3- . . رجال الشيخ الطوسي: ص 368 الرقم 5475 (1).
4- . . رجال النجاشي : ص 60 الرقم 138، رجال الشيخ الطوسي : ص 374 الرقم 5544 (7).
5- . . المصدر السابق : ص 375 الرقم 5556 (1).
6- . . المصدر السابق : ص 387 الرقم 5699 (4).
7- . . رجال النجاشي: ص 185 الرقم 490، رجال الشيخ الطوسي : ص 399 الرقم 5851 (2).
8- . . رجال الشيخ الطوسي : ص 377 الرقم 5574 (13)، الاستبصار : ج 4 ص 96 ح 375 (12) باب 60 ، وقد صحّف اسمه إلى (عبيداللّه ) في تهذيب الأحكام : ج 9 ص 126 ح 546 (281) باب 2 .
9- . . المصدر السابق : ص 376 الرقم 5556 (5).
10- . . فروع الكافي : ج 6 ص 521 ح 2 باب 58 من كتاب الزيّ والتجمّل، رجال الشيخ الطوسي : ص 379 الرقم 5613 (29)، رجال البرقي : ص 135 الرقم 1570 (68).
11- . . رجال البرقي : ص 138 الرقم 1598 (28).
12- . . تهذيب الأحكام : ج 4 ص 81 ح 232 (6) باب 25، والاستبصار : ج 2 ص 47 ح 153 (6) باب 24.
13- . . بحار الأنوار : ج 57 ص 213.

وأحمد بن إسحاق الرازي الثقة المشهور (1) ، وأحمد بن الخصيب الرازي (2) ، وسهل بن زياد كما مرّ في أصحاب الجواد عليه السلام ، وصالح بن أبي حمّاد أبو الخير الرازي (3) ، والسيّد الجليل الفقيه المظلوم العابد الزاهد الثقة، عمدة السلالة الطاهرة في الريّ ، أبوالقاسم عبدالعظيم بن عبداللّه بن علي بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهماالسلامالمدفون بالريّ (4) ، وهو رضي اللّه تعالى عنه من أصحاب الإمام العسكري عليه السلام أيضا (5) ، وقد مرّ ذكره في العلويين. ومحمّد بن حسّان الرازي (6) ، ومحمّد بن خالد أبو العبّاس الرازي (7) ، ومخلد بن موسى أبو القاسم الرازي، كتب إلى الرجل عليه السلام يسأله عن العمرة المبتولة (8) ، والمراد بالرجل: الإمام الهادي أو الإمام العسكري عليهماالسلام، ويحيى بن أبي بكر الرازي الضرير (9) .

ومن أصحاب الإمام العسكري عليه السلام :

سهل بن زياد كما مرّ في أصحاب الإمام الهادي وأبيه الإمام الجواد عليهماالسلام، وصالح بن أبي حمّاد الرازي ، وقد مرّ أيضا في أصحاب الإمام الهادي عليه السلام ، ومحمّد بن يزداد

ص: 59


1- . . رجال الشيخ الطوسي : ص 383 الرقم 5643 (14).
2- . . المصدر السابق : ص 383 الرقم 5634 (5)، رجال النجاشي : ص 97 الرقم 240.
3- . . فروع الكافي : ج 4 ص 433 ح 9 باب 141 من كتاب الحج، و ج 5 ص 137 ح 1 باب 49 من كتاب المعيشة، و ج 5 ص 153 - 154 ح 19 باب 54 من كتاب المعيشة، و ج 6 ص 27 ح 1 باب 17 من كتاب العقيقة، رجال النجاشي : ص 198 الرقم 526 .
4- . . رجال النجاشي : ص 247 - 248 الرقم 653، رجال الشيخ الطوسي : ص 387 الرقم 5706 (1).
5- . . رجال الشيخ الطوسي: ص 401 الرقم 5875 (20).
6- . . المصدر السابق : ص 392 الرقم 5789 (43)، مشيخة الفقيه : ج 4 ص 127 في الطريق إلى عبداللّه بن الحكم، و ج 4 ص 128 في الطريق إلى علي بن غراب، تهذيب الاحكام : ج 2 ص 119 ح 449 (217) باب 8 ، و ج 10 ص 295 ح 1148 (26) باب 26، رجال النجاشي : ص 338 الرقم 903 وكنّاه بأبي عبداللّه الزينبي .
7- . . المصدر السابق : ص 392 الرقم 5781 (35).
8- . . فروع الكافي : ج 4 ص 538 ح 9 باب 209 من كتاب الحج.
9- . . رجال الشيخ الطوسي : ص 393 الرقم 5799 (4) .

الرازي (1) . ومن وكلاء الإمام المهدي عليه السلام : البسّامي الرازي، ومحمّد بن عبداللّه الأسدي نزيل الريّ ، وهما ممّن تشرّف بلقاء الإمام الحجّة عليه السلام وشاهداه في زمان أبيه العسكري عليهماالسلام (2) . ومن غير الوكلاء ممّن شاهد الإمام الحجّة في زمان أبيه عليهماالسلام من أهل الريّ : القاسم ابن موسى، وابنه الرازيان، وأبو محمّد بن هارون الرازي، وعلي بن محمّد الرازي، ومحمّد ابن محمّد الكليني الرازي، وأبو جعفر الرفاء الرازي 58 . وقد كان لهذا العدد من أصحاب الأئمّة عليهم السلام (3) في الريّ الدور الكبير في تهيئة المناخ المناسب لفكر أهل البيت عليهم السلام كلّما أُتيحت له الفرصة؛ لوضوح أنّ كلّ فرد في هذه الحياة لابدّ وأن يكون داعيةً لمعتقداته وآرائه فيما لو توفّرت له الظروف المناسبة التي تتيح له حرية التعبير، أو يأمن مع إذاعتها على نفسه (4) .

ثالثا - أعلام ورواة الشيعة وحملة أحاديثهم

وهناك مجموعة اُخرى من الشيعة الرازيين أصلاً أو سكنا أسهموا وبشكل كبير في

ص: 60


1- . . رجال الشيخ الطوسي : ص 402 الرقم 5893 (11) ، إكمال الدين : ج 2 ص 494 ح 18 باب 45 .
2- . . إكمال الدين : ج 2 ص 442 ح 16 باب 43.
3- . . لا يخفى أنّ فيمن ذكرناهم من أسماء أصحاب الأئمّة عليهم السلام يوجد عدد قليل من رجال العامة، وهم بعض من ذكرهم الشيخ في رجاله، وإنّما أوردناهم هنا لأجل صحبتهم المعصوم عليه السلام أوّلاً، والمراد بالصحبة في رجال الشيخ الرواية عن المعصوم عليه السلام لا مجرّد المعاصرة، وإلّا فقد ترك تسمية الكثير جدّا من معاصريهم عليهم السلام . وثانيا: لبيان علم أهل الريّ بروايات أهل البيت عليهم السلام من خلال ما تحمّله الرازيون عنهم عليهم السلام ، الأمر الذي يسهم في تكوين رؤية الإطار الثقافي والفكري لتلك المدينة.
4- . . كما كنّا نفعل في زمان أعتى همجية وطائفية عرفها تاريخ العراق على يد العفالقة الأرجاس الأدناس.

تطوير الحركة الفكرية والثقافية في الريّ ، وذلك عن طريق إشاعة فكر أهل البيت عليهم السلام في مختلف الجوانب الثقافية والعلمية والمعرفية ، لاسيّما في مجالات العلوم الشرعية من حديث وفقه وتفسير وكلام وغيرها. وقد احتضنت كتب الشيعة أسماء كثيرة منهم سنقتصر على بعضهم ، وهم : إبراهيم بن عبداللّه ، أبو إسحاق القاضي الرازي (1) ، وأبو الطيّب الرازي المتكلّم صاحب الكتب الكثيرة في الإمامة والفقه، وله كتاب زيارة الإمام الرضا، وفضله، ومعجزاته عليه السلام (2) ، وأبو عبداللّه الرازي (3) ، وأبو محمّد الرازي (4) ، وأحمد بن الحسن الرازي أبو علي (5) من معاصري ثقة الإسلام، وأحمد بن الحسن القطّان، وكان شيخا لأصحاب الحديث ببلد الريّ ، ويعرف بأبي علي بن عبد ربِّه، وكان من معاصري ثقة الإسلام ومن طبقته وشيخا لابن بابويه الصدوق (6) ، وأحمد بن محمّد أبو الحسن الصقر الصائغ العدل الرازي، وهو أيضا من معاصري الكليني وأحد مشايخ الصدوق (7) ، وأحمد بن محمّد بن الهيثم العجلي الثقة القريب من عصر الكليني، ذكره النجاشي في ترجمة ابنه الحسن بن أحمد بن محمّد الثقة، وقال: أبوه وجدّه ثقتان، وهم من أهل الريّ ، وذكر له: كتاب المثاني، وكتاب الجامع (8) ، وجعفر بن محمّد بن أبي زيد الرازي (9) ، وجعفر بن

ص: 61


1- . . تهذيب الأحكام : ج 6 ص 40 ح 83 (1) باب 12 .
2- . . الفهرست للطوسي : ص 277 الرقم 877 (56).
3- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 408 ح 4 باب 15 من كتاب الحج، فروع الكافي : ج 7 ص 262 ح 12 باب 63 من كتاب الحدود.
4- . . المصدر السابق : ج 1 ص 11 ح 6 من كتاب العقل والجهل .
5- . . رجال الشيخ الطوسي : ص 411 الرقم 5957 (38) .
6- . . إكمال الدين : ج 2 ص 532 ح 1 باب 48.
7- . . الأمالي للصدوق : ص 660 ح 894 (5) مجلس 13 .
8- . . رجال النجاشي : ص 65 الرقم 151 .
9- . . فروع الكافي : ج 6 ص 521 ح 2 باب 58 من كتاب الزي والتجمّل .

يحيى بن العلاء الرازي، أبو محمّد الثقة المشهور (1) ، والحسين بن أحمد بن محمّد الرازي من طبقة صاحب الكافي الشريف، ومشايخ ابن بابويه الصدوق (2) ، وعبداللّه بن أحمد الرازي (3) ، وعلي بن أحمد بن علي الخزّاز، أبو الحسن المتكلّم، الجليل، نزيل الريّ (4) ، وعلي بن سليمان الرازي (5) ، وعلي بن العبّاس الرازي (6) ، وعلي بن محمّد بن إبراهيم بن أبان الكليني الرازي، المعروف بعلّان الثقة الدَيِّن، أحد مشايخ الكليني رحمه الله، والقاسم بن محمّد الرازي وهو من قدماء المشايخ، روى عن الإمام الحسين عليه السلام بواسطة واحدة (7) ، ومحمّد بن أحمد، أبو عبداللّه الرازي (8) ، ومحمّد بن أحمد بن محمّد بن سنان الزاهري نزيل الريّ ، أحد تلامذة الكليني ومشايخ الصدوق، ومحمّد بن أحمد بن عبداللّه الرازي، روى عنه مشايخ الكليني كأحمد بن إدريس أبي علي الأشعري القمّي، وغيره، وهو المعروف بالجاموراني (9) ، ومحمّد بن إسماعيل البرمكي الرازي (10) ، ومحمّد بن الحسن الطائي الرازي أحد مشايخ ثقة الإسلام، ومحمّد بن عبداللّه الرازي (11) ، ومحمّد بن عبدالرحمن بن قبة، أبو جعفر الرازي المتكلّم، الفحل

ص: 62


1- . . رجال النجاشي : ص 126 الرقم 327 .
2- . . عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج 2 ص 264 ح 2 باب 59.
3- . . تهذيب الأحكام : ج 6 ص 291 ح 806 (13) باب 92 .
4- . . رجال الشيخ الطوسي : ص 430 الرقم 6172 (15).
5- . . تهذيب الأحكام : ج 6 ص 81 ح 159 (2) باب 30.
6- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 125 ح 1 باب 19 من كتاب التوحيد، مشيخة الفقيه : ج 4 ص 16 في الطريق إلى جوابات الإمام الرضا عليه السلام على مسائل محمّد بن سنان في العلل .
7- . . المصدر السابق : ج 1 ص 458 ح 3 باب 114 من كتاب الحجّة .
8- . . المزار للمفيد : ج 5 ص 4 ح 1 باب فضل الكوفة، رجال الشيخ الطوسي : ص 451 الرقم 6412 (13).
9- . . مشيخة الفقيه : ج 4 ص 94 في الطريق إلى داوود الرّقي .
10- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 78 ح 3 باب 1 من كتاب التوحيد ، و ج 1 ص 125 ح 1 باب 19 من كتاب التوحيد، فروع الكافي : ج 6 ص 345 ح 6 باب 97 من كتاب الأطعمة .
11- . . تهذيب الأحكام : ج 4 ص 199 ح 571 (7) باب 51، و ج 6 ص 31 ح 57 (1) باب 10.

في زمانه، وصاحب القدر العظيم والعقيدة الحسنة، وكان من معتزلة الريّ ، ثمّ تبصّر وانتقل إلى التشيّع، وهو من معاصري ثقة الإسلام الكليني رحمه الله، ألّف وكتب في الكلام، وسمع الحديث، ومن كتبه: كتاب الإنصاف في الإمامة، وكتاب المستثبت، نقض فيه كتاب أبي القاسم البلخي، وكتاب الردّ على الزيدية، وكتاب الرد على أبي علي الجبّائي المعتزلي، وغيرها (1) ، ومحمّد بن الهيثم العجلي الرازي الثقة، ذكره النجاشي في ترجمة حفيده الحسن بن أحمد بن محمّد ووثّقه وأباه وجدّه معه (2) ، ومحمّد بن يوسف الرازي، وكان من القرّاء من أهل الريّ ، روى عنه ابن عقدة الحافظ الزيدي الجارودي شيخ ثقة الإسلام الكليني طاب ثراه (3) ، ومنصور بن العبّاس، أبو الحسين الرازي، سكن بغداد، وله من الكتب كتاب نوادر كبير، وهو من طبقة مشايخ الكليني (4) ، ويحيى بن محمّد، أبو زكريا الرازي (5) ، ويحيى بن محمّد بن سديد الرازي (6) ، ويعقوب بن يوسف الفقيه، وكان من شيوخ أهل الريّ وهو من معاصري ثقة الإسلام الكليني ومشايخ ابن بابويه الصدوق 27 ، وغيرهم ممّا لا مجال لاستقصائهم. وقد تبيّن أنّهم ما بين مؤلّفٍ، ومتكلّم، ومحدّث، وفقيه. الأمر الذي يفسّر لنا جانبا من أسباب ازدهار الفكر الشيعي في الموطن الذي احتضن الكافي الشريف ومؤلّفه زمانا ومكانا.

ومن الملفت للنظر هو أنّ رجال الحركة الفكرية من الرازيين الشيعة لم ينحصر وجودهم في تلك المدينة (الريّ) وإنّما كانوا بوفرة في القرى المجاورة لها، لاسيّما (كلين) تلك القرية التي نشأ بها ثقة الإسلام الكليني؛ حيث خرّجت تلك القرية

ص: 63


1- . . رجال النجاشي : ص 375 - 376 الرقم 1023.
2- . . المصدر السابق : ص 65 الرقم 151.
3- . . المصدر السابق : ص 11 الرقم 7 في ترجمة أبان بن تغلب.
4- . . المصدر السابق : ص 413 الرقم 1102.
5- . . رجال الكشّي : ص 588 الرقم 1101 في ترجمة أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي .
6- . . المصدر السابق : ص 437 الرقم 822 في ترجمة علي بن يقطين.

الصغيرة التابعة للريّ - والتي لم تزل قائمة إلى اليوم - الكثير من أعلام الحركة الفكرية، وفيهم من تلقّى الكليني علومه الاُولى منهم، وسيأتي ذكرهم عند الحديث عن اُسرة الكليني ونشأته. السبب الثاني: قرب الريّ من حصن التشيّع المنيع (قم)، تلك المدينة التي مصّرها عرب الأشاعرة من الشيعة، وأوّل من سكنها منهم سعد بن مالك بن الأحوص بن الصحابي المعروف بالسائب بن مالك الأشعري (1) ، وكان ذلك في زمان الدولة الأموية، وتحديدا في عصر الإمام الباقر عليه السلام كما يظهر من طبقة سعد بن مالك. وهذا القرب القريب من الكثافة الشيعية وجودا وفكرا وعطاءً مهّد للتشيّع الطريق لأن يجد له مكانا في الريّ . السبب الثالث: قيام الانتفاضات والثورات العلوية المتعاقبة في بلاد فارس ضدّ الحكم الأموي ثمّ العبّاسي، وقد امتدّ بعضها ليشمل الريّ نفسها ممّا أسهم ذلك بتخفيف ما كان يعانيه شيعة الريّ من ضغوط سياسية وطائفية إلى حدٍّ كبير، هذا فضلاً عن دور تلك الإنتفاضات والثورات في ترسيخ الخطّ الشيعي المعبّر عن الإسلام بكلّ تفاصيله في تلك البلاد؛ خصوصا بعد تمكّن العلويين من إنشاء دولتهم في الطالقان التي امتدّ نفوذها إلى الريّ بعد (سنة/250 ه )، وقيام تلك الدولة بتعيين ولاةً أكفّاء على الريّ أحسنوا إدارتها، نظير السيّد العلوي أحمد بن عيسى بن علي بن الحسين الأصغر الذي كان أميرا على الريّ من قبل الحسين بن زيد (سنة / 270 ه )، وكان أحمد هذا عالما، راويا للحديث، وفقيها كبيرا (2) .

ولمّا جاء دور أبي الحسن أحمد بن الحسن المادرائي الذي سيطر على الريّ (سنة / 275ه ) انتعش التشيّع كثيرا، وأخذ نجم خصومه بالاُفول، واضمحلّ وجوده بلا

ص: 64


1- . . رجال النجاشي : ص 81 - 82 الرقم 198 في ترجمة أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري.
2- . . سرّ السلسلة العلوية : ص 74.

تعسّف أو إكراه، وفي هذا يحدّثنا الحموي فيقول: «وكان أهل الريّ أهل سنّة وجماعة، إلى أن تغلّب أحمد بن الحسن المارداني [المادرائي ]عليها، فأظهر التشيّع وأكرم أهله، فتقرّب إليه الناس بتصنيف الكتب في ذلك، فصنّف له عبدالرحمن بن أبي حاتم كتابا في فضائل أهل البيت [ عليهم السلام ]، وغيره. وكان ذلك في أيّام المعتمد، وتغلّبه عليها في (سنة / 275 ه ) - إلى أن قال - : وأظهر التشيّع بها، واستمرّ إلى الآن» (1) . وقال بمرارة وهو يصف امتداد التشيّع السريع في الريّ بعد ذلك التاريخ: «وكان أهل الريّ ثلاث طوائف: شافعيّة وهم الأقلّ، وحنفية وهم الأكثر، وشيعة وهم السواد الأعظم؛ لأنّ أهل البلد كان نصفهم شيعة، وأمّا أهل الرستاق فليس فيهم إلّا شيعة، وقليل من الحنفيين، ولم يكن فيهم من الشافعية أحد» (2) . السبب الرابع: عدم خضوع الريّ إلى سيطرة حكم معيّن واحد، حتى يحكم القبضة على اتّجاهاتها الفكرية بما يخدم إيديولوجيّته، وإنّما تعاقبت على حكمها في أواخر الدولة الأموية والدولة العبّاسية وصولاً إلى زمان الكليني عِدّة دويلات محلّية، انشغلت إلى حدٍّ كبير بمحاولات تثبيت أقدامها في السلطة، وعدم تدخّلها في ما يجري من مناظرات وجدل بين علماء أهل الريّ أنفسهم، ممّا أتاح للفكر الشيعي أن ينطلق من عقاله وبالحدود المتاحة له في تلك البلاد.

السبب الخامس: كثرة الأفكار المنحرفة المتضاربة في الريّ ؛ نتيجةً لوجود عِدّة فرق منحرفة، وتيّارات فكرية باطلة لا تعبّر عن واقع الدين الحنيف الذي تحدّثت باسمه، كلّ هذا دفع علماء الشيعة الإمامية ومتكلّميهم من الرازيين إلى تحمّل المسؤولية الشرعية، فوقفوا بحزم تجاه تلك الأفكار الدخيلة وتزييفها والبرهنة على عدم صحّتها،

ص: 65


1- . . معجم البلدان : ج 3 ص 121 (الري).
2- . . المصدر السابق : ج 3 ص 117 (الري) .

وقد مرّ في بعض أسماء كتب الرازيين من الشيعة ما يدلّ على هذا بكلّ وضوح.

السبب السادس: وهو من أهمّ الأسباب وأكثرها قوّة في مسألة انتشار التشيّع في بلاد الريّ ، وهو قوّة الفكر الشيعي في مبتنياته وواقعيّته باعتماده على القرآن الكريم، وما ثبت من السنّة المروية من طريق أهل البيت عليهم السلام ، مع اعتماد الدليل العقلي. وقد لعب علم الكلام الشيعي دورا عظيما في تزييف ما خالفه من أفكار وبيَّن زيفها؛ خصوصا في مجال نظرية الحكم في الإسلام، ممّا أدّى ذلك إلى تراجع بعض كبار علماء الطرف الآخر عمّا كان يعتقد به والتحق بركب الشيعة. ولعلّ في ترك المتكلّم المعتزلي محمّد بن عبدالرحمن بن قبّة الرازي عقيدة الاعتزال واعتناقه مذهب أهل البيت عليهم السلام ما يشير إلى دور علم الكلام الشيعي في ذلك بمنطقة الريّ . السبب السابع: توجُّه بعض علماء الشيعة الكبار من القمّيين إلى الريّ في زمان ولاتها من الشيعة، وقد يكون ذلك باستدعاء من الولاة أنفسهم، أو من وجوه وأعيان علماء الشيعة في الريّ ، كما حصل ذلك للمحدّث الشهير الثقة الجليل أحمد بن محمّد بن خالد البرقي، الذي استضافته الريّ ، والتقى هناك بأميرها أبي الحسن المادرائي الذي تولّى إدارتها - على ما ذكره الحموي - (سنة / 275 ه ) (1) .

وكذلك الحال مع سفر العلّامة الفقيه الجليل أبي الحسن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القميّ المعروف بالصدوق الأوّل (ت / 329 ه ) من قم إلى الريّ ، حيث التقى بعلمائها، وأجرى مناظراته العلمية مع أقطاب العامّة، وكان من نتائجها أن صار محمّد بن مقاتل الرازي - وهو من كبار علمائهم - شيعيّا، وتُعرف هذه المناظرة برسالة (الكرِّ

ص: 66


1- . . ذُكِر هذا في مقدّمة تحقيق كتاب النوادر لأحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري : ص 8 ، تحقيق مؤسّسة الإمام المهدي عليه السلام ، ط1، قم / 1418 ه ، نقلاً عن المحدّث النوري في كتابه دار السلام .

والفرّ)، «وهي رسالة جليلة لطيفة محتوية على تلك المناظرة» (1) . وأمّا بعد نهاية عصر الكليني فقد بلغ التشيّع ذروته في الريّ ، خصوصا مع سيطرة ركن الدولة البويهي عليها (سنة / 330 ه ) (2) ، واستقدام البويهيون قطب الشيعة وعالمهم إلى الريّ : الشيخ الصدوق.

ص: 67


1- . . رياض العلماء : ج 4 ص 6 في ترجمة الصدوق الأوّل.
2- . . الكامل في التاريخ : ج 7 ص 167 في حوادث (سنة / 330 ه ).

المبحث الثاني: بغداد سياسيا وفكريا في عصر الكليني

المطلب الأوّل: الحياة السياسية ببغداد

اشاره

المبحث الثاني : بغداد سياسيا وفكريا في عصر الكلينيالمطلب الأوّل : الحياة السياسية ببغدادامتاز العصر العبّاسي الأوّل (132 - 232 ه ) بسيطرة العبّاسيين على زمام الاُمور سيطرة محكمة، وإدارة شؤون الدولة بحزم وقوّة، بخلاف العصر العبّاسي الثاني الذي ابتدأ بمجيء المتوكّل إلى السلطة (سنة / 232 ه ) وانتهى بدخول البويهيين إلى بغداد (سنة / 344 ه ) حيث اختلف عن سابقه بتدهور الأوضاع السياسية كثيرا لاسيّما في الفترة الأخيرة منه، وهي التي عاشها الكليني ببغداد، وتقدّر بنحو عشرين عاما أو أكثر كما سيأتي في أسفار ثقة الإسلام الكليني ورحلاته العلمية، وحيث أنّ الكافي لم يكتمل تأليفه في الريّ - كما سيأتي - فلابدّ من إعطاء صورة واضحة للمؤثّرات الخارجية - السياسية والفكرية - التي أسهمت في تكوين رؤية الكليني للمجتمع الجديد وتساؤلاته التي حاول الإجابة عليها في كتابه الكافي، فنقول: يرجع تدهور الحياة السياسية ببغداد في عصر الكليني إلى أسباب كثيرة أدّت إلى سقوط هيبة الدولة من أعين الناس، وقد ارتبط بعضها بالعصر العبّاسي الأوّل، وفيما يأتي دراسة لأهم الأسباب والعوامل التي أدّت إلى ذلك مجملة بالنقاط الآتية:

ص: 68

أوّلاً - نظام ولاية العهد

وهو نظام سياسي عقيم لا يتّصل بطرفي نظرية الحكم في الإسلام من كلّ وجه، وقد سبّب مشاكلَ كثيرةً للدولة وأضعفها كثيرا، وخلاصته: أن يعهد (الخليفة) بالخلافة لمن سيأتي بعده مع أخذ البيعة له من الاُمّة كرها في حياته، وهو بهذه الصورة يمثّل قمّة الاستبداد وإلغاء دور الاُمّة وغمط الحقوق السياسية لجميع أفرادها، سواء من آمن منهم بالنصّ أو الشورى. وممّا زاد الطين بلّة في العصر العبّاسي الثاني إعطاء ولاية العهد لثلاثة، وهو ما فعله المتوكّل الذي قسّم الدولة على ثلاثة من أولاده، وهم: المنتصر، والمعتزّ، والمؤيّد (1) ، مما فسح - بهذا - المجال أمام (ولاة العهد) للتنافس على السلطة ومحاولة كلّ واحد عزل الآخر من خلال جمع الأعوان والأنصار، بحيث أدّى ذلك في بعض الأحيان إلى معارك طاحنة كما حصل بين الأمين والمأمون ولدي هارون. وهكذا أسهم نظام ولاية العهد بتبدّد الأموال وإزهاق الأرواح. وهذا النظام وإن انتهى في بدايات العصر العبّاسي الثاني بعد قتل المتوكّل، إلّا أنّ البديل كان أشدّ عقما وأكثر سوءة؛ إذ صار أمر تعيين (الخليفة) منوطا بيد الأتراك لا بيد أهل الحلّ والعقد، مع التزامهم بعدم خروج السلطة عن سلالة العبّاسيين وإن لم يكن فيهم رجل رشيد.

ثانيا - عبث الخلفاء العبّاسيين ولهوهم وسوء سيرتهم

ومن الأسباب التي أدّت إلى تفاقم الحياة السياسية في هذا العصر، انشغال الخلفاء العبّاسيين أنفسهم بعبثهم ولهوهم، إلى حدّ الاستهتار بارتكاب المحرّمات

ص: 69


1- . . تاريخ اليعقوبي : ج 2 ص 487، تاريخ الطبري : ج 9 ص 176، في حوادث (سنة / 235 ه )، مروج الذهب : ج 4 ص 87 ، التنبيه والإشراف : ص 313، الكامل في التاريخ : ج 6 ص 105 في حوادث (سنة / 235 ه ) ، تاريخ مختصر الدول : ص 126 ، حضارة العرب / غوستاف لوبون : ص 177.

علنا بلا حريجة من دين أو واعز من ضمير، أو مداراة للمجتمع المسلم الذي حكموه باسم الإسلام ! وقد عُرِفَ عبثهم ومجونهم منذ عصرهم الأوّل، فالمنصور العبّاسي (136 - 158 ه ) مثلاً كان في معاقرته الخمر يحتجب عن ندمائه؛ صونا لمركزه، في حين أعلن ولده المهدي (158 - 169 ه ) ذلك، وأبى الاحتجاب عن الندماء بل شاركهم، وحينما أُشير عليه بالاحتجاب، رفض وقال: إنّما اللذّة مع مشاهدتهم (1) . وقد بلغ الأمر في العصر العبّاسي الأوّل أن ظهر من البيت الحاكم نفسه رجال ونساء عرفوا بالخلاعة والمجون والطرب والغناء، كإبراهيم بن المهدي المطرب العبّاسي الشهير، والمغنِّية الشهيرة عُلَيَّة بنت المهدي العبّاسي واُخت هارون اللارشيد، والتي كانت مشغوفة بخادمها رشأ حبّا، وكانت تكنيه (زينبا) بشعرها الخليع (2) . وفي هذا يقول أبو فراس الحمداني: منكم (عُليَّةُ) أم منهم؟ وكان لكمشيخ المغنّين (إبراهيم) أم لهم (3) وهكذا بقيّتهم، حتى إذا ما أشرف عصرهم الأوّل على نهايته بالواثق (227 - 232 ه ) تفشّى الغناء والطرب والمجون بين أرباب الدولة اقتداءً بالواثق الذي كان يحسن الغناء ويجيد اللحن، وكانت له أصوات وألحان عملها نحو مائة صوت، وكان حاذقا على ضرب العود! (4) .

ولمّا جاء دور المتوكّل (232 - 247 ه ) في بداية العصر العبّاسي الثاني، انغمس في ملذّاته، وترك رعيّته وكان أخبث ملوك بني العبّاس وأشدّهم عداءً لأهل البيت عليهم السلام ،

ص: 70


1- . . تاريخ الخلفاء : ص 222.
2- . . أشعار أولاد الخلفاء من كتاب الأوراق : ص 60 و61 وقد ذكر لها أشعارا تتغزّل فيها بزينب (رشأ الخادم).
3- . . ديوان أبي فراس الحمداني : ص 304 ، القصيدة رقم (303) البيت (54).
4- . . تاريخ الخلفاء: ص 274.

حتى أنّه من خباثته ونصبه هدم مشهد الإمام الحسين عليه السلام (1) ، وقطع لسان ابن السكّيت النحوي رحمه الله لأنّه فضّل قنبر مولى أمير المؤمنين علي عليه السلام على ولديه: المعتزّ، والمؤيّد بعد ما سأله المتوكّل من أحبّ إليك، هما أو الحسن والحسين؟ فقال: قنبر خير منهما (2) .

وكان يقرّب الشعراء من أعداء اللّه ورسوله صلى الله عليه و آله كأبي الشمط لعنه اللّه (3) ، وآثر الهزل والمضاحك والاُمور التي تشين الملوك (4) ، فانهمك بالملذّات والشراب، وكانت له أربعة آلاف سرية ووطئ الجميع (5) ، وكان في الليلة التي قُتل فيها لعنه اللّه قد سكر سكرا شديدا، حيث شرب في تلك الليلة - كما يقول ابن الأثير - أربعة عشر رطلاً (6) فدخل عليه الأتراك: باغر، ويغلو، وواجن، وسعلفة، وكنداش فقتلوه شرّ قتلة وقتلوا معه وزيره الفتح بن خاقان في مجلس لهوهما (7) . في حين لم يؤثر كلّ هذا المجون عن ولده المنتصر (247 - 248)، فسبحان من يخرج الطيّب من الخبيث. ولما جاء المعتمد (256 - 279 ه ) «أهمل اُمور رعيّته، وتشاغل بلهوه ولذّاته حتى أشفى الملك إلى الذهاب» 13 ، «وكان منهمكا باللذّات» (8) «وكان المعتمد شغوفا بالطرب، والغالب عليه المعاقرة، ومحبّة أنواع اللهو والملاهي» (9) وآثر اللذّة ، واعتكف على

ص: 71


1- . . مروج الذهب : ج 4 ص 135، الكامل في التاريخ : ج 6 ص 108.
2- . . تاريخ الخلفاء : ص 279.
3- . . الكامل في التاريخ : ج 6 ص 140.
4- . . التنبيه والإشراف : ص 314.
5- . . تاريخ الخلفاء : ص 280.
6- . . الكامل في التاريخ : ج 6 ص 138.
7- . . تاريخ اليعقوبي : ج 2 ص 492، مروج الذهب : ج 4 ص 119 - 120، الكامل في التاريخ : ج 6 ص 136 - 138، تاريخ الخلفاء : ص 280.
8- . . مرآة الجنان وعبرة اليقضان : ج 2 ص 144 و 197 و 198 و 199 و200.
9- . . مروج الذهب : ج 4 ص 220.

الملاهي (1) ، وقال السيوطي: انهمك باللذّات والشراب، واشتغل عن الرعيّة فكرهه الناس (2) . ومن شَرَهِ المعتمد أنّه مات بالتخمة (3) «فجأة بين المغنّين والندماء» (4) . وأمّا المعتضد (279 - 289 ه ) فقد «كان أحسن الناس علما بالغناء» (5) ، وهو الذي اعترف على نفسه بأنّه أفسد دينه ودنياه، إذ قال في آخر لحظاته أبياتا سرد فيها بعض ما جناه، يقول فيها: رماني الردى سهما فأخمد جمرتيفها أناذا في حفرتي عاجلاً مُلقى فأفسدت دنياي وديني سفاهةفمن ذا الذي مني بمصرعه أشقى؟ (6) وكانت أدنان الخمر تحمل إليه في الزوارق (7) ومات (خليفة المسلمين) من كثرة الجماع (8) . ثم جاء من بعده المكتفي باللّه (289 - 295 ه )، وأوّل ما فعله أنّه قام بنهب ضياع الناس وبساتينهم، وبنى فيها قصره الشهير بناحية الشماسية بإزاء قطربل 24 ، وقد اعترف في لحظاته الأخيرة بسرقته أموال المسلمين في بناء قصوره التي لم يكن محتاجا إليها على حدّ تعبيره (9) .

ص: 72


1- . . مروج الذهب : ج 4 ص 211، التنبيه والإشراف : ص 316.
2- . . تاريخ الخلفاء : ص 280 .
3- . . مروج الذهب : ج 4 ص 230، البداية والنهاية : ج 11 ص 75 .
4- . . مرآة الجنان : ج 2 ص 114 .
5- . . تاريخ الخلفاء : ص 291.
6- . . البداية والنهاية : ج 11 ص 106، وقد ذكر ذلك في الكامل في التاريخ : ج 6 ص 410 ولكن حذف من القصيدة بيت الاعتراف!!.
7- . . المصدر السابق : ج 11 ص 101 .
8- . . تاريخ الخلفاء: ص 300 ، والظاهر: من كثرة الزنا أو اللواط، بقرينة سفاهته واعترافه بإفساد دينه ودنياه، وما ذكره السيوطي لا يصحّ علّة للإفساد .
9- . . تاريخ الخلفاء : ص 303 .

وأمّا المقتدر باللّه (295 - 320 ه ) فكان لا يصلح أن يكون كاتبا في الديوان، ولا شرطيّا فكيف بالخلافة إذن؟! قال اليافعي : «كان مسرفا، مبذّرا، ناقص الرأي، يمحق الذخائر، حتى أنّه أعطى بعض جواريه الدرّة اليتيمة، وزنها ثلاثة مثاقيل» (1) ، وقال السيوطي: «كان مؤثّرا للشهوات، مبذّرا، وكان النساء غلبن عليه، وأتلف أموالاً كثيرة، وكان في داره أحد عشر ألف غلام خصيان، غير الصقالبة، والروم، والسود» (2) ولك أن تقدّر ضخامة البناء الذي يضمّ مثل هذا العدد من الخصيان فقط!!

وأمّا القاهر باللّه (320 - 322 ه )، فقد كانت فيه عجلة، وجرأة، وطيش، وهوج، وخرق شديد (3) ، وهو: «ألثغ، شديد الإقدام على سفك الدماء، أهوج، محبّ لجمع المال على قلّته في أيّامه، قليل الرغبة في اصطناع الرجال، غير مفكّر في عواقب اُموره، راكبا ردعه، واطئا عشوائه، مع سوء تدبيره، وقبح سياسته» (4) ، قال معاصره الصولي (ت / 235 ه ) : «كان القاهر أهوج ، سفّاكا للدماء، قبيح السيرة، مدمن الخمر، كانت له حربة يحملها فلا يضعها حتى يقتل إنسانا، ولولا جودة حاجبه سلامة لأهلك الحرث والنسل» (5) ، وكان محبّا للغناء (6) لا يصحو من سكر، ولا يفتر عن سماع.. قبيح السيرة، كثير التلوّن، مدمن الخمر (7) ، وحينما هجم الأتراك عليه يريدون قتله، وجدوه سكرانا (8) . ويكفي أنّ خلفه الراضي باللّه - على ما فيه - أمر ابن مقلة الكاتب المشهور أن يكتب كتابا

ص: 73


1- . . مرآة الجنان : ج 2 ص 209.
2- . . تاريخ الخلفاء : ص 208 .
3- . . البداية والنهاية : ج 11 ص 196.
4- . . التنبيه والإشراف : ص 336 .
5- . . مرآة الجنان : ج 2 ص 213 - 214.
6- . . البداية والنهاية : ج 11 ص 195.
7- . . تاريخ الخلفاء : ص 310 .
8- . . مرآة الجنان : ج 2 ص 213 - 214.

في مثالب القاهر باللّه ؛ ليقرأ على الناس (1) .

وأمّا الراضي باللّه (322 - 329 ه ) فقد كان يشرب الخمر ببستان سلفه (المقهور) التي أعدّها لاُنسه ولهوه وسكره (2) ، وقد شهد نديمه الصولي في كتابه الشهير أخبار الراضي على أنّه «كان لا يشرب إلّا من الشراب العتيق الذي بقي منذ أيّام المعتضد والمكتفي» أي: ما كان من خمر أسلافه المعتّق منذ أربعين سنة! وفي كتابه هذا كثير من الشهادات الاُخرى، والعجيب أنّ الصولي كان يفتخر بمعاقرته الخمر مع الراضي، الذي كان يطلب من الأصمعي أن ينشده قصيدة أبي نؤاس في الراح:

فما العيش إلّا أن تراني صاحيا***وما العمر إلّا أن يتعتعني السكر

وقد سرد الكثير من فضائحه، ولم ينس تسمية رجال لهوه ومجونه، فمغنيه مثلاً هو عبدالواحد بن الطرخان، وصاحب اللحن والإيقاع ذودة الزطي الطنبوري (3) وربّما استحيا الصولي أن يقول، وكان من يباشر الرقص هو الراضي.

ثالثا - مجيء الصبيان إلى الحكم

ثالثا - مجيء الصبيان إلى الحكم:ومن آفات هذا العصر التي أدّت إلى انتكاسات سياسية خطيرة، مجيء صبيان إلى السلطة حتى صاروا اُلعوبة بيد النساء والأتراك والوزراء والجند وغيرهم من رجال الدولة، نظير المعتزّ (252 - 255 ه ) الذي كان عمره يوم بويع له بالخلافة تسع عشرة سنة (4) وكذلك الحال مع المقتدر باللّه (295 - 320 ه ) الذي كان عمره يوم وُلي الخلافة ثلاث عشرة سنة، وشهرا واحدا، وعشرين يوما (5) ؛ ولهذا استصباه الوزير العبّاس بن الحسن، حتى صار اُلعوبة بيده، وقد حكى السيوطي عن الذهبي قوله: «اختلّ النظام

ص: 74


1- . . تاريخ الخلفاء : ص 312.
2- . . مروج الذهب : ج 4 ص 335 .
3- . . أخبار الراضي والمتّقي من كتاب الأوراق : ص 8 و31 و35 و146 و150 و184 وغيرها كثير .
4- . . تاريخ الخلفاء : ص 287.
5- . . تاريخ الطبري : ج 10 ص 129 .

كثيرا في أيّام المقتدر؛ لصغره» (1) ، وقال المسعودي: «أفضت الخلافة إليه وهو صغير، غرٌّ، ترفٌ، لم يعان الاُمور، ولا وقف على أحوال الملك، فكان الاُمراء والوزراء، والكتّاب يدبّرون الاُمور ليس له في ذلك حلٌّ ولا عقد، ولا يوصف بتدبير ولا سياسة» (2) . وكان صبيّا سفيها، فرّق خزينة الدولة على حظاياه وأصحابه حتى أنفدها (3) .

رابعا - تدخّل النساء والخدم والجواري في السلطة

رابعا - تدخّل النساء والخدم والجواري في السلطة:يرجع تاريخ تدخّل النساء في شؤون الدولة العبّاسية إلى عصرها الأوّل، وتحديدا إلى زمان الخيزران زوجة المهدي العبّاسي (158 - 169 ه ) التي تدخّلت في شؤون دولته، واستولت على زمام الاُمور في عهد ابنه الهادي (169 - 170 ه ) (4) ، وكذلك في هذا العصر حيث تدخّلت قبيحة اُمّ المعتزّ (252 - 255 ه ) في شؤون الدولة (5) . قال المسعودي في المعتزّ : «يؤثر اللذات، ويعدم الرأي، تدبّره اُمّه قبيحة وغيرها، وغُلِب على أُموره، وقُهِرَ في سلطانه» (6) .

وأمّا في عهد المقتدر (295 - 320 ه ) فقد استفحل أمر النساء والخدم، قال المسعودي واصفا دولته: «غلب على الأمر النساء والخدم وغيرهم، فذهب ما كان في خزائن الخلافة من الأموال والعدد بسوء التدبير الواقع في المملكة، فأدّاه ذلك إلى سفك دمه، واضطربت الاُمور بعده، وزال كثير من رسوم الخلافة» (7) .

وقال ابن الطقطقي: «واعلم أنّ دولة المقتدر كانت ذات تخليط كثير؛ لصغر سنّه،

ص: 75


1- . . تاريخ الخلفاء : ص 310.
2- . . التنبيه والإشراف : ص 328.
3- . . البداية والنهاية : ج 11 ص 119 .
4- . . تاريخ الطبري : ج 6 ص 421 - 422 ، فتوح البلدان : ج 2 ص 336 .
5- . . المصدر السابق : ج 7 ص 524 ، 525 ، 526 ، 529 ، 539 ، 540 .
6- . . التنبيه والإشراف : ص 316 .
7- . . المصدر السابق : ص 328.

ولاستيلاء اُمّه، ونسائه، وخدمه عليه. كانت دولته تدور اُمورها على تدبير النساء والخدم، وهو مشغول بلذّته، فخربت الدنيا في أيّامه، وخلت بيوت الأموال، واختفت الكلمة» (1) . وقال السيوطي: «صار الأمر والنهي لحرم الخليفة ولنسائه، لركاكته، وآل الأمر إلى أن أمرت اُمّ المقتدر بمثل القهرمانة (2) أن تجلس للمظالم وتنظر في رقاع الناس كلّ جمعة، فكانت تجلس وتحضر القضاة والأعيان وتبرز التواقيع وعليها خطّها» (3) . وقد صرّح بهذا المسعودي واليافعي، قالا: «غلبت النساء على الملك والتدبير، حتى أنّ جارية لأمّه تعرف بثمل القهرمانة كانت تجلس للنظر في مظالم الخاصّة والعامّة، ويحضرها الوزير، والكاتب، والقضاة، وأهل العلم» (4) . وقد ذكر مسكويه ما كان لقهرمانات البلاط العبّاسي من دور كبير في رسم سياسة الدولة ومعالمها (5) .

خامسا - تدخّل الأتراك في سياسة الدولة وتحكّمهم في مصير العبّاسيين

خامسا - تدخّل الأتراك في سياسة الدولة وتحكّمهم في مصير العبّاسيين:ومن الاُمور البارزة في تاريخ هذا العصر، ظهور العنصر التركي وسيطرته على مقاليد الاُمور، الأمر الذي يعبّر لنا عن ضعف السلطة المركزية وتدهورها، وعدم جدّية القائمين على رأس الدولة؛ لانشغالهم بلهوهم ومجونهم كما مرّ، بحيث نتج عن هذا سيطرة الأتراك على الدولة وتدخّلهم المباشر في رسم سياستها، ويرجع تاريخ تدخّلهم في ذلك إلى عهد المعتصم (218 - 227 ه )؛ لأنّه أوّل من جلبهم إلى الديوان، ثمّ صار جلّ اعتماده عليهم في توطيد حكمه، فانخرطوا في صفوف الجيش، وترقّوا إلى الرتب والمناصب العالية، فقويت شوكتهم إلى أن تفرّدوا بالأمر غير تاركين

ص: 76


1- . . الفخري في الآداب السلطانية : ص 262 .
2- . . الصواب: بثمل - بتقديم الثاء على الميم - القهرمانة، وكانت جارية لاُمّ المقتدر، عن المسعودي واليافعي.
3- . . تاريخ الخلفاء : ص 305 - 306.
4- . . التنبيه والإشراف : ص 328، مرآة الجنان : ج 2 ص 184.
5- . . تجارب الاُمم : ج 1 ص 44.

لسادتهم الخلفاء - كما يقول غوستاف لوبون - سوى سلطة اسمية (1) ، حتى أصبح (الخليفة) - فيما بعد - كالأسير بيد حرسه. وقد عانى بنو العبّاس من العنصر التركي وبال ما جنته أيديهم، وذاقوا منهم الأمرين، حتى صار أمر البلاد بأيديهم يقتلون ويعزلون وينصّبون من شاءوا. فقد قتلوا المتوكّل (232 - 247 ه )، مع وزيره الفتح بن خاقان شرّ قتلة كما مرّ. وأمّا في عهد المستعين باللّه (247 - 252 ه )، فقد «غَلَب على التدبير والأمر والنهي أوتامش ابن اُخت بغا الكبير (2) ، وكان المستعين أُلعوبة بيد وصيف، وبغا الكبير، وفيه يقول الشاعر:

خليفة في قفص***بين وصيف وبغا

يقول ما قالا له***كما تقول الببغا (3)

ثمّ خلعوه بعد ذلك، وبايعوا المعتزّ، ثمّ بدا لهم قتل المستعين فذبحه سعيد بن صالح الحاجب في شوال (سنة / 252 ه ) كما تذبح الشاة، وحمل رأسه إلى المعتزّ، وترك جثّته على قارعة الطريق (4) . وأمّا المعتزّ (252 - 255 ه )، فقد غُلِب على الأمر في عهده، وتفرّد بالتدبير صالح ابن وصيف (5) ، وهو الذي خلع المعتزّ (6) وقتله (7) حيث أمر الأتراك بالهجوم

ص: 77


1- . . حضارة العرب : ص 177 .
2- . . التنبيه والإشراف : ص 315.
3- . . تاريخ ابن خلدون : ج 1 ص 25، تاريخ الخلفاء : ص 287 .
4- . . تاريخ الطبري : ج 9 ص 348 و 363 و 389 - 390 ، تاريخ اليعقوبي : ج 2 ص 499، التنبيه والإشراف : ص 315 - 316، مروج الذهب : ج 4 ص 164 ، الكامل في التاريخ : ج 6 ص 185 و 199 ، البداية والنهاية : ج 11 ص 21 ، تاريخ مختصر الدول : ص 129، تاريخ الخلفاء : ص 288 .
5- . . التنبيه والإشراف : ص 316 .
6- . . تاريخ اليعقوبي : ج 2 ص 504 .
7- . . مرآة الجنان : ج 2 ص 123 .

عليه، فهجموا على المعتزّ، وجروا برجله، وضربوه بالدبابيس، وأقاموه في الشمس في يوم صائف شديد الحرّ، وهم يلطمون وجهه، ويقولون له اخلع نفسك، ثمّ أحضروا القاضي ابن أبي الشوارب والشهود، وخلعوه، ومنعوه الماء، حتى مات عطشا (1) . وأمّا المهتدي (255 - 256 ه ) فقد خلعه الأتراك، وهجموا على عسكره، فأسروه، وأخذوا يصفعونه، ويبزقون في وجهه، ثمّ دفعوه إلى رجل منهم فوطئ على خصيتيه حتى قتله (2) ، وقيل: بَعَجُوه بخناجرهم حتى مات (3) ، وقيل: مات بعد جرحه بيومين (4) . وأمّا المقتدر (295 - 320 ه ) فقد بايعه الأتراك وعزلوه ثمّ أعادوه أكثر من مرّة. فهم بعد قتل المهتدي بايعوا المقتدر وأبقوه في السلطة أربعة أشهر فقط، ثمّ عزلوه وذلك في (سنة / 296 ه ) وبايعوا أبا العبّاس بن المعتزّ، ولكنّهم بعد يوم وليلة فقط خلعوا ابن المعتزّ وحبسوه وأرجعوا المقتدر للسلطة، ثمّ قتلوا ابن المعتزّ، وفي (سنة / 317 ه ) خلعوا المقتدر أيضا وأزالوه عن سرير الملك وأخرجوه من دار الخلافة، وبايعوا أخاه القاهر باللّه وأجلسوه على سرير الملك، وسلّموا عليه بالخلافة، ولكنّهم بعد يومين فقط خلعوا القاهر باللّه وأرجعوا المقتدر (5) ، ثمّ هجموا على المقتدر في (سنة / 320 ه ) بأمر مؤنس الخادم وتمكّنوا منه، فذبحوه بالسيف وشال بعض المغاربة رأسه على رمح وأخذوا يلعنونه، وبقيت جثّته - بعد أن سلبوا ما عليها - مكشوفة العورة حتى سترها بعض العامّة بالحشيش (6) . ثمّ رجعوا للقاهر باللّه وبايعوه!

ص: 78


1- . . تاريخ الطبري : ج 9 ص 389 - 390 ، البداية والنهاية : ج 11 ص 21 ، تاريخ مختصر الدول : ص 129، تاريخ الخلفاء : ص 288 .
2- . . تاريخ الطبرى¨ : ج 9 ص 456 و 458 ، التنبيه والإشراف : ص 318، الكامل في التاريخ : ج 6 ص 220.
3- . . مروج الذهب : ج 4 ص 186 .
4- . . تاريخ اليعقوبي : ج 2 ص 506 .
5- . . التنبيه والإشراف : ص 317 ، الكامل في التاريخ : ج 6 ص 441 و ج 7 ص 49، مرآة الجنان : ج 2 ص 203، وانظر: أخبار الراضي والمتّقي باللّه : ص 1 وتاريخ الطبري : ج 10 ص 140 والبداية والنهاية : ج 11 ص 121 و123، وتاريخ مختصر الدول : ص 136 وتاريخ الخلفاء : ص 304 .
6- . . راجع : الكامل في التاريخ : ج 7 ص 73 ومرآة الجنان : ج 2 ص 209 وتاريخ مختصر الدول : ص 138 والبداية والنهاية : ج 11 ص 190 - 192، وانظر كذلك: مروج الذهب : ج 4 ص 306 والتنبيه والإشراف : ص 327.

ولم يهنأ القاهر باللّه (320 - 322 ه ) بعد المقتدر بالسلطة؛ إذ سرعان ما خلعوه، وسملوا عينيه بمسمار محمي حتى سالتا على خدّيه، وبقي معزولاً خاملاً أعمى إلى أن مات (سنة / 339 ه ) أو (سنة / 338 ه ) (1) ، وهو أوّل من سُملت عيناه من ملوك بني العبّاس. ثمّ صار فقس عيونهم عادّة فيما بعد. وأمّا الراضي (322 - 329 ه ) فقد خلعه الأتراك وسملوا عينه (2) . وكذلك الحال مع من جاء بعده كالمتّقي (329 - 333 ه ) الذي سمل عينيه توزون التركي (3) . والمستكفي (333 - 334 ه ) الذي دخل البويهيون في زمانه إلى بغداد، وسمل عينيه معزّ الدولة البويهي بتحريض من المطيع للّه أوّل خلفاء بني العبّاس في عهد البويهيين (4) وبمجيئه انتهى العصر العبّاسي الثاني.

سادسا - تدهور الوزارة

مرّت الوزارة في ظلّ الدولة العبّاسية في هذا العصر بتجارب قاسية، وثبت فشلها في عصر الكليني ببغداد، إذ أخفق الوزراء في أعمالهم، ولم يحسنوا القيام بأعباء وزارتهم، وكان همّهم الاستحواذ على أكبر قدر من الأموال، غير آبهين بشؤون الدولة، وأمن الناس، بل كانوا إلبا مع الأتراك في معظم ما حصل في البلاط العبّاسي من عزل وتنصيب!

ص: 79


1- . . التنبيه والإشراف : ص 339، الكامل في التاريخ : ج 7 ص 96، البداية والنهاية : ج 11 ص 201، تاريخ مختصر الدول : ص 142، مرآة الجنان : ج 2 ص 213 - 214 .
2- . . تاريخ الخلفاء : ص 317.
3- . . التنبيه والإشراف : ص 344، مروج الذهب : ج 4 ص 339، الكامل في التاريخ : ج 7 ص 186 - 187، مرآة الجنان : ج 2 ص 234 .
4- . . الكامل في التاريخ : ج 7 ص 207.

ولهذا كانوا سريعا ما يتمّ عزلهم، ويتعرّضون بعد العزل إلى ضروب شتى من الإهانة والتنكيل، والسجن، والعذاب، ونهب الأموال، والقتل أحيانا، ونتيجة للفوضى التي عمّت هذا العصر للأسباب الآنفة جاءت محاولات بعض الوزراء الدهاة بهدف إعادة هيبة الدولة، ولكنّها لم تصمد طويلاً، ثمّ باءت بالفشل الذريع، حيث فات الأوان، وخرج الأمر من أيدي ملوك بني العبّاس إلى النساء والخدم والجواري وقادتهم من الأتراك!! ويكفي مثالاً على ما وصلت إليه الوزارة في زمان ثقة الإسلام ببغداد ما ذكره الصابي بشأن وزراء المقتدر كأبي الحسن بن الفرات الذي ولي الوزارة ثلاث دفعات في السنوات (296 و299 و306 ه )، حيث كان يُعزل بعد كلّ مرّة ويُهان ويحبس ويؤتى بوزير جديد، ثمّ يعزل الوزير الجديد ويهان ويحبس، ويعاد ابن الفرات للوزارة من جديد، وهكذا حتى قتل بعد عزله للمرّة الثالثة وقطعوا رأسه ورأس ولده المحسن ورموا جسدهما في دجلة (1) . وقال ابن كثير في البداية والنهاية في وزارة أبي الحسن علي بن محمّد بن الفرات: «ولّاه المقتدر الوزارة ثمّ عزله، ثمّ ولّاه ثمّ عزله، ثمّ ولّاه ثمّ عزله، ثمّ ولّاه ثمّ عزله، ثمّ ولّاه ثمّ قتله في هذه السنة وقتل ولده وكان ذا مال جليل» (2) وفي هذا ما يدلّ على توليته الوزارة خمس مرّات وقتله في الخامسة بخلاف ما تقدّم عن الصابي. وقال المسعودي: «استوزر المقتدر اثني عشر وزيرا فيهم من وزر له المرّتين والثلاث (3) ثمّ عدد أسماء من تولّوا الوزارة للمقتدر منذ اليوم الأوّل من سلطته وإلى أن

ص: 80


1- . . تحفة الاُمراء في تاريخ الوزراء : ص 22 و 26 و 27 و 29 و 30 و 51 .
2- . . البداية والنهاية : ج 11 ص 172، وراجع تفصيل توليته وتنصيبه في البداية والنهاية أيضا : ج 11 ص 143 و 146 و 149 و 169 و 186 و 189 ، وانظر : الكامل في التاريخ : ج 7 ص 20 .
3- . . التنبيه والإشراف : ص 328 .

قتل في مدّة ربع قرن (1) . وأمّا الوزارة في زمان الراضي، فقد تولّاها ستّة وزراء (2) وكان فيهم ابن مقلة الكاتب الشهير الذي قطع الراضي يده، ثمّ بعد أيّام قطع لسانه! (3) .

سابعا - الثورات الملتزمة والحركات المتطرّفة التي أضعفت السلطة
اشارة

والحديث عن تلك الثورات والحركات التي أحاطت بالدولة من كلّ مكان يخرجنا عن أصل الموضوع، ومع هذا يمكن الإشارة السريعة إلى أهمّها كالآتي:

1 - الثورات العلوية

وهي كثيرة لاسيّما في مطلع هذا العصر التي امتدّت من الطالقان شرقا، في حدود (سنة / 250 ه )، وإلى الدولة الفاطمية غربا في (سنة / 296 ه ) (4) .

2 - حركة الزنج

التي فتَّت عضد الدولة العبّاسية كثيرا وراح ضحيّتها أُلوف الناس (5) .

3 - حركة القرامطة

وكانت من أعنف الحركات وأكثرها خطورة لا على الحكومة العبّاسية فحسب، بل على الإسلام ومثله العليا أيضا، ولهذا تجرّد ثقة الإسلام الكليني رضوان اللّه تعالى عليه للردّ على هذه الحركة كما سيأتي في مؤلّفاته (6) .

ص: 81


1- . . مروج الذهب : ج 4 ص 304 - 305، التنبيه الإشراف : ص 329.
2- . . المصدر السابق : ج 4 ص 323 ، البداية والنهاية : ج 11 ص 208 .
3- . . مرآة الجنان : ج 2 ص 217 .
4- . . تاريخ الخلفاء : ص 304.
5- . . راجع نشأة تلك الحركة ونهايتها في تاريخ الطبري : ج 9 ص 470 - 473 و 477 و 481 و 488 و 520 - 529 و 534 و 536 و 542 و 544 و 589 - 599 و 628 - 630 و 654 - 661 و التنبيه والإشراف : ص 319 و مروج الذهب : ج 4 ص 194 و الكامل في التاريخ : ج 6 ص 225، في حوادث (سنة / 256 ه ) وما بعدها، والبداية والنهاية : ج 11 ص 51 .
6- . . راجع نشأة تلك الحركة ونهايتها في التنبيه والإشراف : ص 322 - 325 في زمان المكتفي، و ص 330 و334 و335 في زمان المقتدر، وتاريخ الطبري : ج 10 ص 23 وما بعدها، والكامل في التاريخ : ج 6 ص 396 و 400 و 409 و 410 و 417 و 421 و 428 و 432 و 482، و ج 7 ص 15 و 31 و 32 ، والبداية والنهاية : ج 11 ص 92 و 93 و 98 و 107 و 110 و 113 و 114 و 115 و 168 و 170 و 179 و 182 ، و تاريخ مختصر الدول : ص 131 ، و مرآة الجنان : ج 2 ص 162 و 163 و 165 و 166 ، و تاريخ الخلفاء : ص 314 في (سنة / 327 ه ).
4 - ظهور الخوارج المارقة في الموصل

4 - ظهور الخوارج المارقة في الموصل (1) .

ثامنا - انفصال الأقاليم واستقلال الأطراف

بسبب ضعف السلطة المركزية ببغداد وتدهورها شهدت الدولة الإسلامية في عصر الكليني انفصالاً واسعا لبعض الأقاليم، واستقلالاً كليّا لجملة من الأطراف، كما هو حال الدولة الأموية في الأندلس والفاطمية في شمال أفريقيا وغيرها، ولا يعنينا أمرها؛ لبعدها عن بغداد التي استوطنها ثقة الإسلام الكليني رحمه الله. نعم هناك ما هو قريب من بغداد كالذي حصل في واسط على يد أميرها ابن رائق، في زمان الراضي (322 - 329 ه ) الذي بقي الراضي معه - كما يقول السيوطي - صورة، وليس له من الخلافة إلّا الاسم، ولم يبق بيده غير بغداد والسواد (2) . وصفوة القول: إنّ العصر العبّاسي الثاني الذي عاش الكليني أواخره ببغداد، كان عصرا مليئا بالمشاكل السياسية للأسباب التي ذكرناها، وكان من نتائج ذلك أنْ عمّ الفساد، وانتشرت الرشوة، واختفت الكلمة، وتبدّدت الطاقات، وضاعت الأموال، وابتعد الناس عن الإسلام لاسيّما (خلفاء المسلمين) وقادتهم وجندهم ووزرائهم، ممّا دفع هذا حماة الشريعة إلى ذكر فضائحهم وعتوّهم كلّما سنحت لهم الفرصة، كما فعل العالم الجليل ثقة الإسلام الكليني الذي بيّن في كتاب القضاء من الكافي تهافت اُصول نظريّات الحكم الدخيلة على الفكر الإسلامي، فضلاً عمّا بيّنه في كتاب الحجّة وغيره من كتب الكافي من انحراف القائمين على تلك النظريات الفاسدة بأقوى دليل، وأمتن حجّة، وأصدق برهان.

ص: 82


1- . . البداية والنهاية : ج 11 ص 84 .
2- . . تاريخ الخلفاء: ص 313.

المطلب الثاني: الحياة الثقافية والفكرية ببغداد

أوّلاً - مركزية بغداد وشهرتها العلمية

المطلب الثاني : الحياة الثقافية والفكرية ببغدادأوّلاً - مركزية بغداد وشهرتها العلمية:استمرّت الحياة الثقافية والفكرية في عصر الكليني ببغداد بعطائها الثر ونشاطها المبدع، واتّساع حركتها أكثر بكثير ممّا كانت عليه في العصر العبّاسي الأوّل، بما يمكن القول إنّ الحياة السياسية وإن فرّقت بين عصري الدولة العبّاسية بلحاظ قوّتها في الأوّل، واضمحلالها في الثاني، إلّا أنّ الحياة الثقافية والفكرية قد جعلت من العصرين عصرا واحدا، لعدم وجود تلك الفوارق الكبيرة بينهما على الصعيد الفكري من هذه الجهة، سوى نموّ الحركة الفكرية وانطلاقها بخطوات واسعة إلى الأمام أكثر من ذي قبل، بحيث لم تؤثر تلك التحوّلات السياسية الكبرى في هذا العصر - كعزل (الخلفاء) وسمل عيونهم، وقطع رؤوسهم، أو جعلهم كالأسير بيد حرسه، أو الطائر في قفصه ونحو ذلك ممّا تقدّم - على نموّ الفكر الإسلامي بمعناه العريض الواسع واطراده ببغداد.

وقد ساعد على ذلك ما امتازت به بغداد على غيرها من الحواضر العلمية، بتوفّر عوامل النهضة الثقافية والفكرية فيها أكثر من غيرها بكثير.

فهي من جهة عاصمة لأكبر دولة في عصر الكليني، امتدّت حدودها من الصين شرقا إلى مراكش غربا، ومن جهة اُخرى تمثّل: (دار الخلافة) وبيت الوزارة، والإمارة، ومعسكر الجند، ورئاسة القضاء، وديوان الكتابة، وفيها بيت المال، وإليها يجبى الخراج.

ص: 83

وأمّا موقعها الجغرافي فليس له نظير، ويكفي أنّ أكبر الأقاليم الإسلامية وأهمّها يوم ذلك أربعة: بلاد فارس، والحجاز، ومصر، والشام ، وهي أشبه ما تكون بنقاط متناسبة البعد موزّعة على محيط دائرة إسلامية مركزها بغداد، هذا فضلاً عن موقعها على ضفّتي دجلة، وقرب الفرات من ضواحيها الأمر الذي زاد من خصوبة أرضها، وعذوبة مائها، وصفاء هوائها، وكثرة خيراتها، كلّ ذلك مع جودة بنائها وكثرة جوامعها وأسواقها وحوانيتها وجسورها وقناطرها وجريان الماء في أزقّتها من المحول والصراتين ونهر عيسى وغيرها. ومن جهة اُخرى، فقد ضمّت بغداد قبري الإمامين موسى بن جعفر الكاظم، ومحمّد بن علي الجواد عليهم السلام ، ومن ثمَّ فهي موطن السفراء الأربعة رضوان اللّه تعالى عليهم، ولا زالت قبورهم الشريفة قائمة في بغداد. ومن هنا صارت بغداد مهبطا روحيا للشيعة، وعامل جذب للعلماء من كلّ مذهب، إذ لا تكاد تجد فقيها، أو مفسّرا، أو محدّثا، أو أديبا من سائر المسلمين إلّا وقد قصد زيارة بغداد وشدّ ركابه إليها من شتّى مراكز الإشعاع الفكري الموزّعة على أمصار الدولة وأقاليمها في عصر ثقة الإسلام. وهكذا غطّت بغداد بشهرتها على جميع الحواضر العلمية - في ذلك الوقت - بلا استثناء.

ثانيا - أوجه النشاط الثقافي والفكري والمذهبي ببغداد

ثانيا - أوجه النشاط الثقافي والفكري والمذهبي ببغداد:الملاحظ في ذلك العصر هو اجتماع جميع المذاهب والفرق الإسلامية ببغداد، من الشيعة الإمامية، والزيدية، والواقفة، والمالكية، والشافعية، والحنبلية، والظاهرية، والطبرية، والمعتزلة، مع بروز عدد كبير من فقهاء كلّ مذهب، حتى تألّق الفقة الإسلامي، - بمعناه العريض الواسع - تألّقا كبيرا في هذا العصر «حيث بلغ ذروته في الدقّة، وقمّته في الاتّساع، وأصبحت له مناهج واضحة، وطرائق مرسومة محدودة،

ص: 84

فوصل إلى درجة النضج والكمال» (1) .

وممّن برز في هذا العصر جملة من أعلام وفقهاء سائر المذاهب الإسلامية.

فمن المذهب المالكي: إسماعيل بن إسحاق القاضي (ت / 282 ه )، وأبو الفرج عمر بن محمّد المالكي (ت / 331 ه ).

ومن الأحناف: عبدالحميد بن عبدالعزيز (ت / 292 ه )، وأحمد بن محمّد بن سلمة، أبو جعفر الطحاوي (ت / 322 ه )، وأبو الحسن عبيداللّه بن الحسن الكرخي (ت / 340 ه ).

ومن الشافعية: أبو بكر محمّد بن عبداللّه الصيرفي (ت / 330 ه )، ومحمّد بن أحمد ابن إبراهيم بن يوسف بن أحمد الشافعي المولود (سنة / 281 ه )، وهو من كبار تلاميذ ثقة الإسلام الكليني، وثقاتهم المشهورين كما سيأتي في تلامذة الكليني رحمه الله. ومن الحنابلة الحشوية والمجسّمة: ابن الحربي (ت / 285 ه )، وعبداللّه بن أحمد بن حنبل (ت / 290 ه )، والبربهاري المعروف بشغبه على الشيعة في زمان ثقة الإسلام الكليني خصوصا في عهد المقتدر العبّاسي. ومن الظاهرية: محمّد بن علي بن داوود ، إمام أهل الظاهر في عصره (ت / 297 ه )، وابن المغلّس أبو الحسن عبداللّه بن أحمد بن محمّد (ت / 324 ه ).

ومن الطبرية: مؤسّس المذهب الطبري محمّد بن جرير المفسّر (ت / 310 ه ) الذي اشتغل بمذهب خاص له ولم يقلّد أحدا، وقد ذكر ابن النديم بعض تلامذته الذين روّجوا لمذهبه (2) إلّا أنّ أتباعه انقرضوا بعد القرن الرابع الهجري، ولم يكتب لمذهبهم البقاء.

ومن الشيعة الزيدية: عبدالعزيز بن إسحاق، أبو القاسم الزيدي المعروف بابن البقال،

ص: 85


1- . . أسباب اختلاف الفقهاء في الأحكام الشرعية / الدكتور مصطفى إبراهيم الزلمي: ص 27.
2- . . فهرست ابن النديم : ص 326 - 329.

وكان من متكلّمي المذهب الزيدي، ولد (سنة / 272 ه ) ومات (سنة / 363 ه ) (1) . ومن الواقفة: محمّد بن الحسن بن شمون، أبو جعفر البغدادي، وكان من غلاة الواقفة، وفضل بن يونس الكاتب البغدادي الواقفي. ومن المعتزلة: الجبائي المعتزلي، ولد ومات ببغداد (سنة / 321 ه )، وكان رأسا في الاعتزال، وله فيه مصنّفات كثيرة، وعنه أخذ الكلام إمام الأشاعرة أبو الحسن الأشعري (ت / 324 ه )، وكان الجبائي زوج اُمّ أبي الحسن الأشعري. وأمّا الحديث عن فقهاء وعلماء الشيعة الإمامية ببغداد فسيأتي في مكان لاحق. كما ازدهرت علوم اللغة العربية، وبرز عدد كبير من النحاة، والاُدباء، والكتّاب، والشعراء من البغداديين أو الذين وصلوا إليها وأملوا علومهم على تلامذتها. من أمثال المبرّد (ت / 285 ه )، وثعلب (ت / 291 ه )، والزجاج (ت / 311 ه )، وابن السرّاج (ت / 316 ه )، وابن دريد (ت / 321 ه )، ونفطويه (ت / 323 ه )، وعبدالرحمن بن عيسى الهمداني (ت / 327 ه )، وأبو بكر محمّد بن القاسم الأنباري (ت / 328 ه )، وابن درستويه (ت / 330 ه )، وقدامة بن جعفر البغدادي (ت / 337 ه )، وأبو علي القالي (ت / 356 ه )، والسيرافي الحسن بن عبداللّه المعتزلي النحوي شارح كتاب سيبويه، توفّي ببغداد (سنة / 368 ه ). ومن الشعراء: البحتري وابن الرومي، ماتا بسنة واحدة وهي (سنة / 283 ه ) وغيرهم، ممّن لا حصر لهم، ولا تنضبط كثرتهم ببغداد في عدد، وقد طرقوا أبواب الشعر جميعها في مجالسهم الشعرية ببغداد، وكثيرا ما أنشدوا القصيد على ضفاف دجلتها، وطالما اشتدّ شوق النازحين عنها إليها، روى التنوخي (ت / 384 ه ) عن أبي سعد محمّد بن علي بن محمّد بن خلف الهمداني، وهو من معاصري ثقة الإسلام الكليني، قوله مشتاقا إلى بغداد:

ص: 86


1- . . تاريخ بغداد : ج 10 ص 458 الرقم 5627 .

فدى لك يا بغداد كلّ قبيلة***من الأرض حتى خطتي ودياريا

فقد طفت في شرق البلاد وغربها***وسيّرت رحلي بينها وركابيا

فلم أر فيها مثل بغداد منزلاً***ولم أر فيها مثل دجلة واديا

ولا مثل أهليها أرقّ شمائلاً***وأعذب ألفاظا وأحلى معانيا (1)

وفي كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني الذي عاش ومات ببغداد (سنة / 356 ه )، وكذلك في معجم الاُدباء لياقوت الحموي المزيد لمن أراد الاطّلاع. كما شهد النثر نقلة جديدة في تاريخه في هذا العصر ببغداد، وهو ما يعرف في الدراسات الأدبية المعاصرة بالنثر الفني، قال الدكتور زكي مبارك يصف هذا العصر من تلك الجهة، هو «أوّل عصر في اللغة العربية أراد فيه الكتاب أن يستبدوا بمعاني الشعراء وألفاظهم وتعابيرهم، وأن يروِّضوا القلم الطليق على التحليق في جميع الأجواء» (2) . ومن خصائص هذا العصر ذات الارتباط الوثيق بالحركة الثقافية والفكرية ببغداد، هو التطوّر الكبير الذي شهده الخطّ العربي، إذ كانت الكتابة قبل هذا العصر بالخطّ الكوفي، وهو خطّ جميل، لكنّه معقّد، صعب، يكتنفه الغموض، وأمّا في هذا العصر فقد استُبدِل بخطّ النسخ الرشيق السهل الواضح، ويرجع الفضل في هذا إلى معاصر ثقة الإسلام الكليني ابن مقلة البغدادي (ت / 328 ه ) الذي اشتهر بحسن الكتابة وجودة الخطّ، حتى ضرب المثل بجودة خطّه. فمن ذلك ما قاله الشيخ الطوسي (ت / 460 ه ) في قبح تقديم المفضول على الفاضل: «ألا ترى أنّه يقبح من ملك حكيم أن يجعل رئيسا في الخطّ على مثل ابن مقلة؟» (3) .

ص: 87


1- . . تاريخ بغداد : ج 1 ص 75 .
2- . . النثر الفني في القرن الرابع الهجري / الدكتور زكي مبارك : ج 1 ص 33 .
3- . . الاقتصاد الهادي إلى طريق الرشاد : ج 1 ص 191.

وقد ساعد اكتشاف ابن مقلة لهذا الخطّ على سرعة الكتابة والاستنساخ، كما نشط المؤلّفون في هذا العصر لا في الحديث الشريف وعلومه، أو في علوم اللغة العربية وآدابها من نحو وبلاغة وشعر ونشر فحسب، بل صنّفوا أيضا في التفسير كالطبري (ت / 310 ه )، وابن المنذر (ت / 318 ه )، وبقي بن مخلد (ت / 324 ه )، وعبدالعزيز بن يحيى الجلودي الإمامي، وهو من كبار علماء الشيعة المفسّرين في عصره، مات (سنة / 330 أو 335 أو 336 ه ). كما طرقوا علوما اُخرى كثيرة كالتاريخ، والجغرافية، والطبّ ، والهندسة، والرياضيّات، والفلك، والفلسفة، وفي فهرست ابن النديم شواهد كثيرة على التأليف في جميع تلك العلوم. ومن معالم النشاط الثقافي في هذا العصر ببغداد الاندفاع نحو ترجمة الكتب النفيسة من اللغات الاُخرى كالسريانية، واليونانية، والفارسية إلى اللغة العربية، وقد ظهر في عصر الكليني مترجمون أكفّاء ترجموا الكثير من الأعلاق الأجنبية النفيسة، منهم على سبيل المثال إسحاق بن حنين (ت / 298 ه )، وقسطا بن لوقا (ت / 300 ه )، وثابت بن سنان (ت / 311 ه ) وغيرهم، وقد فصل ابن النديم ما قاموا به من نشاط واسع في هذا المجال. ونتيجة منطقية لهذه الحركة الواسعة من التأليف والترجمة طفحت حوانيت الورّاقين بالكتب، وما أكثر الورّاقين ببغداد في ذلك العصر، حتى كانت لهم سوق ببغداد تعرف بسوق الكتب، قال أبو محمّد الحسن النوبختي الشيعي الإمامي الجليل، وهو يصف تلك السوق: «وهي عامرة، والدكاكين مملوءة بالكتب» (1) .

هذا وقد بلغ شغف العلماء بالكتب في عصر الكليني درجة تفوق الوصف، بحيث أنّ قسما منها كان يكتب بماء الذهب، ومنها ما يبطن بالديباج والحرير، ومنها ما يجلّد

ص: 88


1- . . تاريخ بغداد : ج 11 ص 398 الرقم 6278.

بالأدَم الجيّد (1) وكانت مكتبة سابور بن أردشير الشيعي الإمامي وزير بهاء الدولة البويهي التي أنشأها بالكرخ من بغداد (سنة / 381 ه ) تضمّ الآلاف من تلك الكتب القيّمة، قال ياقوت الحموي: «ولم يكن في الدنيا أحسن كتبا منها، كانت كلّها بخطوط الأئمّة المعتبرة واُصولهم المحرّرة، واحترقت فيما اُحرق من محال الكرخ عند ورود طغرل بك أوّل ملوك السلجوقية إلى بغداد (سنة / 447 ه ) » (2) . وهكذا جنت الطائفية البغيضة على حضارة الأمّة، فأحرقت بهمجيّتها تراثها العتيد الذي شيّدته العقول الشيعية ببغداد (3) .

ثالثا - تدخل السلطة العباسية في الحياة الثقافية والفكرية

حاولت السلطة العبّاسية منذ عصرها الأوّل التدخّل المباشر في معتقدات الناس

ص: 89


1- . . الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري أو عصر النهضة في الإسلام / المستشرق آدم متز : ج 1 ص 327، ومن جميل ما قرأته في هذا الصدد ما ذكره العلّامة النوري في الفائدة الرابعة من فوائد خاتمة مستدرك الوسائل : ج 3 ص 534 نقلاً عن رسالة (بغية المريد في الكشف عن أحوال الشهيد) لمؤلّفها الشيخ محمّد ابن علي بن الحسن العودي تلميذ الشهيد الثاني، وقد جاء فيها: «ومن غريب ما اتّفق لي تلك الليلة - يقصد إحدى الليالي التي مرّت عليه في زيارته للعتبات المقدّسة في العراق - كأنّي في حضرة شيخنا الجليل محمّد بن يعقوب الكليني رحمه الله، وهو شيخ بهيّ جميل الوجه، عليه أُبّهة العلم، ونحو نصف لمّته بياض، ومعي جماعة من أصحابي منهم رفيقي الشيخ حسين بن عبدالصمد، فطلبنا من الشّيخ أبي جعفر الكليني نسخة الأصل لكتاب الكافي لننسخه، فدخل إلى البيت وأخرج لنا الجزء الأوّل منه في قالب نصف الورق الشامي، ففتحته، فإذا هو بخطّ حسن، معرّب، مصحّح، ورموزه مكتوبة بالذهب، فجعلنا نتعجّب من كون نسخة الأصل بهذه الصفة..».
2- . . معجم البلدان : ج 1 ص 534 في حديثه عن محلّة (بين السورين) .
3- . . كما أحرق السلاجقة الأوغاد مكتبة الشيخ الطوسي ببغداد في تلك السنة أيضا فهاجر قدس سره إلى النجف الأشرف، وبهمجيّتهم تلك فعل صلاح الدين الأيّوبي بالتراث الشيعي في مصر يوم أحرق مكتبة جامع الزهراء عليهاالسلامبمصر ، وزاد على تلك الهمجية بأن داست خيوله قداسة الجامع الشريف الذي بناه الفاطميون، ثمّ تحوّل اسم الجامع فيما بعد إلى اسم (الجامع الأزهر)!! نظير تحوّل جامع الصفوية - الذي بناه الصفويّون في الجانب الغربي من بغداد - إلى جامع الآصفية!! وهو الجامع الواقع في نهاية رأس جسر الشهداء المسمّى حالياً ب- (جسر المأمون)، وفيه القبر المنسوب إلى ثقة الإسلام الكليني رحمه الله فلاحظ .

وآرائهم، ابتداءً من زمن المنصور العبّاسي الّذي حمل الناس قهرا على كتاب الموطأ لمالك ابن أنس، وكان تأليفه بإيعاز من المنصور، وكان يقول لمالك: «واللّه لئن بقيت ! لأكتبنّ قولك كما تكتب المصاحف، ولأبعثنّ به إلى الآفاق، فلأحملنّهم عليه» (1) ، ونادى منادي المنصور في (سنة / 148 ه ) في موسم الحجّ أن لا يفتي الناس أحدٌ إلّا مالك بن أنس (2) . وأراد هارون تعليق الموطّأ على الكعبة!!! وحمل الناس على ما فيه (3) . ووفّر هارون أسنح الفرص أمام المذهب الحنفي لينتشر ببغداد على أثر إسناد مهام سلطة القضاء العليا في الدولة إلى أبي يوسف القاضي تلميذ أبي حنيفة ، الّذي حاول نشر فقه اُستاذه بقوة السلطان وسلطان القوة (4) . كما تدخّل المأمون العبّاسي في مسألة القول بخلق القرآن الكريم وعاقب مخالفيه على ذلك بعد امتحان الناس بهذه المسألة، ثمّ سار خلفه المعتصم ثمّ الواثق على طريقته، حتّى أنّ الواثق قتل بيده أحمد بن نصر الخزاعي لأنّه كان يزعم قدم القرآن الكريم ويؤمن بالتشبيه، وصلب جثّته في سامراء ستّ سنين. ولمّا جاء المتوكّل قضى على حرية الفكر ومال إلى المجسّمة والمشبّهة من الحنابلة ، فانتعشت عقائدهم الفاسدة وكثر جمعهم ببغداد وسادت كلمتهم.

قال المسعودي: «ولمّا أفضت الخلافة إلى المتوكّل أمر بترك النظر والمباحثة في الجدال، والترك لما كان عليه الناس في أيام المعتصم والواثق والمأمون، وأمر الناس

ص: 90


1- . . سير أعلام النبلاء : ج 8 ص 61 - 62 الرقم 10.
2- . . المصدر السابق : ج 8 ص 108 الرقم 10.
3- . . المصدر السابق : ج 8 ص 98 الرقم 10.
4- . . راجع : كتاب الإمام الصادق عليه السلام والمذاهب الأربعة / أسد حيدر : ج 1 ص 153 - 175 بعنوان (نشوء المذاهب)، وفيه تفصيل واسع عن دور السلطة العبّاسية في نشأة المذاهب الأربعة، مع الكثير من الأدلّة المثبّتة لهذه الحقيقة تاريخيا .

بالتسليم والتقليد، وأمر شيوخ المحدّثين بالتحديث وإظهار السنّة والجماعة» (1) . وكتب إلى الآفاق كتابا ينهى الناس فيها عن المناظرة والجدل (2) ، وفي مقابل هذا ضيّق الخناق على الشيعة ، وهدم قبر الإمام الحسين عليه السلام ومنعهم من زيارته كما مرّ في الحياة السياسية ببغداد، ويكفي ما ذكره الخطيب في ترجمة نصر بن علي الجهضمي من أنّه حدّث في زمان المتوكّل بحديث رسول اللّه صلى الله عليه و آله يوم أخذ بيد الحسن والحسين عليهماالسلاموقال صلى الله عليه و آله : «من أحبّني وأحب هذين وأباهما وأُمّهما كان معي في درجتي يوم القيامة» فأمر المتوكّل لعنه اللّه بضربه ألف سوط، فكلّمه جعفر بن عبدالواحد، وجعل يقول له: هذا الرجل من أهل السنّة، ولم يزل به حتّى تركه. قال الخطيب: «إنّما أمر المتوكّل بضربه؛ لأنّه ظنّه رافضيا، فلمّا علم أنّه من أهل السنّة تركه» (3) . وقد مرّ بنا كيف قطع المتوكّل لسان ابن السكّيت رحمه الله بعد تفضيله قنبر مولى أمير المؤمنين عليه السلام على ولدي المتوكّل، ولو فضّل نعلي قنبر على المتوكّل نفسه لكان أولى وأجمل. ونتيجة لما فعله المتوكّل سادت أفكار السلفية، خصوصا وقد وجدوا من خلفاء بني العبّاس ما يقف إلى جانبهم بعد المتوكّل كالمقتدر باللّه العبّاسي ، الّذي صرّح علماء العامّة بسفاهته كما مرّ في الحياة السياسية. وهكذا أرهج الحنابلة والظاهرية بغداد بشغبهم وعقائدهم الفاسدة، كاعتقادهم أنّ اللّه تعالى جسم يجلس على العرش، ويفصل عنه من كل جانب ستة أشبار بشبره، وأنّه ينزل في كل ليلة جمعة على حمار وينادي إلى الصباح: هل من تائب، هل من مستغفر، وحملوا آيات التشبيه على ظواهرها.

ص: 91


1- . . مروج الذهب : ج 4 ص 86 .
2- . . تاريخ اليعقوبي : ج 2 ص 484 - 485 .
3- . . تاريخ بغداد : ج 3 ص 289 الرقم 7255.

وقالوا أيضا: إنّ اللّه تعالى جسم له طول وعرض وعمق، وأنّه تجوز عليه المصافحة وإنّ الصالحين من المسلمين يعانقونه في الدنيا، وحكى الكعبي عن بعضهم تجويزهم لرؤيته تعالى في الدنيا، وأنّه يزورهم ويزورونه، وحكى عن داوود الظاهري (ت / 270 ه ) أنّه قال: اعفوني عن الفرج واللحية واسألوني عما وراء ذلك!!!، وقال أيضا: إنّ معبود المجسّمة والمشبّهة من الحنابلة والظاهرية له جسم ولحم ودم، وله جوارح وأعضاء كاليد والرجل واللسان والعينين والأُذنين، وأنّه أجوف من أعلاه إلى صدره مصمت ما سوى ذلك، وله شعر قطط، حتّى قالوا: اشتكت عيناه فعادته الملائكة، وبكى على طوفان نوح حتّى رمدت عيناه، وأنّه يفضل من العرش أربع أصابع من كل جانب، وقالوا - قبّحهم اللّه - أنّه ينزل في كل ليلة جمعة على شكل شاب أمرد حسن الوجه راكبا على حمار، حتّى أنّ بعضهم في بغداد وضع على سطح داره معلفا يضع كل ليلة جمعة فيه شعيرا وتبنا لتجويز أنْ ينزل اللّه على حماره على ذلك السطح، فيشتغل الحمار بالأكل، ويشتغل الرب بالنداء ويقول: هل من تائب؟ هل من مستغفر؟ إلى غير ذلك من خرافاتهم وسخافاتهم (1) تعالى اللّه عن ذلك علوّا كبيرا. وفي زمان المقتدر هاجت فتنة الحنابلة ببغداد (سنة / 317 ه ) بسبب فهمهم السقيم لقوله تعالى: «عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا» (2) فقالت الحنابلة: معناه يقعده اللّه على عرشه، وقال غيرهم: بل هي الشفاعة ، فثاروا فيما بينهم وقُتِلَ جماعة منهم ، (3) وكانوا يحرّضون المقتدر على الشيعة الإمامية بين فترة واُخرى بحجّة أنهم يجلسون في

ص: 92


1- . . راجع ما كتبه السيّد جلال الدين الحسيني الأرموي المحدِّث في مقدّمة تحقيق كتاب الإيضاح للفضل بن شاذان النيسابوري : ص 17 وما بعدها، ومن مصائب الإسلام الكبرى المعاصرة، وجود الخطّ الوهابي البغيض المتمسّك بتلك الخرافات والأوهام ويدعوا إليها باسم الإسلام، مع ممارسة الإرهاب في ترويجها!
2- . . سورة الإسراء : 79 .
3- . . البداية والنهاية : ج 11 ص 184 وعلّق عليه بقوله: «وقد ثبت في صحيح البخاري أنّ المراد بذلك مقام الشفاعة العظمى»، ويُنظر: تاريخ الخلفاء : ص 307 .

مسجد براثا لشتم الصحابة - يعنون معاوية وزبانيته - والخروج عن الطاعة، فأمر المقتدر السفيه بكبسه وقت الصلاة وأخذ من وجد فيه، فعوقبوا، وحبسوا حبسا طويلاً، وهدّم المسجد حتّى سوّي بالأرض، وعفي رسمه، ووصل بالمقبرة التي تليه، ومكث خرابا إلى (سنة / 328 ه ) حتّى أمر الأمير بجكم بإعادة بنائه في زمان الراضي (1) الّذي أدّبهم أكثر من مرة لشغبهم واعتدائهم على الناس بفرض عقيدتهم عليهم بشتى أساليب الإرهاب كما هو واقع الوهّابية اليوم، وممّا خرج بحقّ أسلافهم هو توقيع الراضي الّذي أمر بقراءته على الحنابلة وهو طويل جاء فيه: إنّكم تزعمون أنّ صورة وجوهكم القبيحة السمجة على مثال رب العالمين... ونحو هذا من قبائحكم (2) . وهكذا وقفت السلطة إلى جانب الحنابلة الذين لم يتبلور مذهبهم إلّا بعد (سنة / 458 ه ) على يد محمّد بن الحسين بن الحسن بن الفرّاء الحنبلي المتوفّى في تلك السنة (3) حيث لم يكن إمامهم أحمد فقيها (4) . كما تدخَّل المعتمد العبّاسي في الحياة الثقافية والفكرية، حيث أمر في (سنة/279 ه ) أن لا يقعد في الطريق منجّم ولا قاص، واستحلف الورّاقين أن لا يبيعوا كتب الفلاسفة والجدل (5) وسار على طريقته المعتضد باللّه أيضا (6) .

ص: 93


1- . . تاريخ بغداد : ج 1 ص 124.
2- . . تاريخ مختصر الدول : ص 143.
3- . . قال أبو الفداء الدمشقي في تاريخه : ج 1 ص 544 في حوادث (سنة / 458 ه): «وفيها توفّي أبو علي محمّد ابن الحسين بن الحسن بن الفّراء الحنبلي، وعنه انتشر مذهب أحمد بن حنبل، وهو مصنّف كتاب الصفات، أتى فيه بكل عجيبة، وترتيب أبوابه يدل على التجسيم المحض، وكان ابن التميمي الحنبلي يقول: لقد خرّى أبو يعلى الفرّاء على الحنابلة خريةً لا يغسلها الماء». وشهد شاهد من أهلها ... » ولهذا وصفهم أبو الفداء في تاريخه : ج 1 ص 423 - 424 بالجهل .
4- . . كما في تاريخ أبي الفداء : ج 1 ص 399 .
5- . . تاريخ الخلفاء : ص 294.
6- . . البداية والنهاية : ج 11 ص 74 ، مرآة الجنان : ج 2 ص 143، تاريخ الخلفاء : ص 296 .

وأمّا ابن المعتز الّذي ولي الخلافة (سنة/317 ه ) لمدة يوم واحد فقط ثمّ عزل وقُتِل، فقد كان موقفه من الفكر الشيعي معلنا قبل تسلّطه في ذلك اليوم، حيث كان يقول: «إنْ ولّاني اللّه لأفنينّ جميع بني أبي طالب، فبلغ ذلك ولد علي فكانوا يدعون عليه» (1) . وهكذا استجاب اللّه دعاءهم فقصف عمره. والملاحظ في هذا التدخّل إنّ السلطة لم تنشد فيه إشاعة الفكر الإسلامي الصحيح، وإنّما كانت تتخبَّط في الغالب خبط عشواء، إذ لم تكن حكيمة في تصرّفاتها. ومن جهة اُخرى فإنّها قضت باختيارها هذا الاتّجاه دون غيره من الاتّجاهات الكثيرة في المجتمع الإسلامي على حرّية الأفراد والجماعات في التعبير عن عقائدهم وأفكارهم، هذا فضلاً عن محاربتها الطرف المخالف بكلّ ضراوة، الأمر الذي أسهم في ظهور الثورات الشيعية الكبرى في هذا العصر، مع بروز الحركات المتطرّفة كحركة القرامطة والزنج، والزندقة والكفر والإلحاد على يد الحلّاج (2) والشلمغاني (3) وغيرهم في هذا العصر.

رابعا - أسباب انتشار الفكر الشيعي ببغداد في عصر الكليني
اشاره

رابعا - أسباب انتشار الفكر الشيعي ببغداد في عصر الكليني:ربّما يوحي الحديث عن انتشار الفكر الشيعي ببغداد في عصر الكليني بإعطاء السلطة العبّاسية - في عصرها الثاني - الحريه الكاملة للشيعة في ممارسة دورهم الثقافي والفكري في بناء المجتمع الإسلامي، على خلاف ما لاقوه من عنت واضطهاد في العصر العبّاسي الأوّل. مع أنّ الصحيح الثابت هو سلبية موقف السلطة العبّاسية من الفكر الشيعي في كلا العصرين، باستثناء عصر المنتصر العبّاسي الذي حكم ستة أشهر ويومين فقط رحمه الله (4) وحينئذٍ لابدّ من وجود المبرّرات الموضوعية لانتشار الفكر

ص: 94


1- . . تاريخ أبي الفداء : ص 388.
2- . . الكامل في التاريخ : ج 7 ص 4.
3- . . التنبيه والإشراف : ص 343 ، مرآة الجنان : ج 2 ص 214 ، تاريخ الخلفاء : ص 313 .
4- . . تاريخ أبي الفداء : ج 1 ص 356.

الشيعي ببغداد، وأوّلها موقف السلطة منه، إذ المعروف أنّ العبّاسيين قد تدخّلوا في الحياة الثقافية والفكرية منذ أن وطأت أقدامهم السلطة (سنة / 132 ه )، وكان لها رأي في اعتقادات الناس وآرائهم. وبما أنّ بغداد كانت تضمّ جميع المذاهب والفرق المنتمية إلى الإسلام، فكان من الطبيعي جدّا أن تختلف الاعتقادات والآراء والأفكار بحسب اختلاف الناس وتعدّد مشاربهم، ومعنى القول بتدخّل السلطة في ذلك أنّها لم تقف حيال عقيدة المجتمع وفكره وثقافته موقف المتفرّج، وهو ما قدّمناه قبل قليل. ترى كيف انتشر الفكر الشيعي ببغداد عاصمة العبّاسيين إذن ؟ فهل انتشر بقوّة السلطان؟ أو بما يمتلكه من قدرة على البقاء والتوسّع لما فيه من قيم روحية وفكرية عالية تعبّر عن الدين الحق؟ فنقول: توفّرت للفكر الشيعي (الذي هو فكر آل محمّد صلى الله عليه و آله ) بعض الظروف المناسبة لامتداده ببغداد وانتشاره بين أهلها في هذا العصر، وقد ارتبط بعضها بتاريخ التشيّع ومبادئه، وفي بعضها شَبَهٌ بالاُمور التي أدّت إلى نموّه في بلاد الريّ بعد ما كانت خارجة ناصبة! وفيما يلي أهمّ الأسباب التي توفّرت لإنطلاقة التشيّع ببغداد.

السبب الأوّل - وصول بعض أهل البيت عليهم السلام إلى بغداد

السبب الأوّل - وصول بعض أهل البيت عليهم السلام إلى بغداد:نتيجة للثورات العلوية التي مزّقت جسد الدولة العبّاسية، ولشعور بني العبّاس أنفسهم بأنّهم زمرة اغتصبت الخلافة من أهلها الشرعيين، وخوفهم من القواعد الشعبية الواسعة لأهل البيت عليهم السلام تلك القواعد التي أسهمت وبشكل كبير في إسقاط دولة الطلقاء؛ لذا حاول العبّاسيون - بعد الاستحواذ على السلطة - تضييق الخناق على أهل البيت عليهم السلام بجعلهم تحت المراقبة الشديدة. ولهذا لا نجد إماما من أهل البيت عليهم السلام في العصر العبّاسي الأوّل وكذلك الثاني، ابتداءً من الإمام الصادق وإلى الإمام العسكري عليهم السلام إلّا وقد حمل كرها إلى عاصمة العبّاسيين،

ص: 95

سواء كانت الكوفة، أو بغداد، أو خراسان، أو سامراء. أمّا في خصوص بغداد، فقد أمر هارون (170 - 193 ه ) بحمل الإمام موسى بن جعفر عليهماالسلاممن المدينة إلى العراق، ثمّ أمر بحبسه في البصرة ونقله إلى حبس بغداد إلى أن استشهد في حبسه عليه السلام (سنة / 183 ه ). وكذلك حملوا الإمام الجواد عليه السلام (202 - 220 ه ) إلى بغداد ليكون تحت مراقبة المأمون (198 - 218 ه ) بعد تحوّله من خراسان إلى بغداد، ثمّ المعتصم (218 - 227 ه ) بعد المأمون. وفي سامراء - وهي قريبة من بغداد - كانت الإقامة الجبرية مضروبة على الإمام الهادي عليه السلام (220 - 254 ه ) في سامراء؛ ليكون تحت مراقبة السلطة في زمان المعتصم (218 - 227 ه )، والواثق (227 - 232 ه )، والمتوكّل (232 - 247 ه )، والمستعين (248 - 252 ه )، والمعتزّ (252 - 255 ه ). وكذلك الحال مع ولده الإمام العسكري عليه السلام (254 - 260 ه ) ليكون تحت رقابة المعتز (252 - 255 ه )، والمهتدي (255 - 256 ه )، والمعتمد (256 - 279 ه ) الذي حصلت في زمانه الغيبة الصغرى للإمام المهدي عليه السلام خشية على نفسه الشريفة من جلاوزة المعتمد العبّاسي ، الذي كان شديد البغض والعداء لأهل البيت عليهم السلام (1) . ولا يخفى أنّ وجود أهل البيت عليهم السلام في أيّ مكان، مدعاة لتمركز شيعتهم في ذلك المكان، وإذا أُضيف إلى هذا تشرّف بغداد بمشهدي الإمامين الكاظم والجواد عليهماالسلام، وتشرّف سامراء - القريبة من بغداد - بمشاهد: الإمام الهادي، والإمام العسكري، والسيّدة حكيمة بنت الإمام الجواد واُخت الإمام الهادي وعمّة الإمام العسكري عليهم السلام ، والسيّدة نرجس اُمّ الإمام المهدي عليه السلام ؛ اتّضح سرّ الكثافة الشيعية ببغداد.

ص: 96


1- . . راجع كتابنا: المهدي المنتظر في الفكر الإسلامي : ص 117 بعنوان: (تصرّف السلطة دليل على ولادة الإمام المهدي عليه السلام ).
السبب الثاني - اختلاف سياسة بني العبّاس تجاه الشيعة

شهد عصر الكليني - بسبب كثرة الانتفاضات والثورات الشيعية من جهة، وضعف السلطة العبّاسية من جهة اُخرى - محاولة بعض خلفاء بني العبّاس نبذ سياسة العنف والاضطهاد وملاحقة الشيعة، واستبدالها بسياسة اُخرى تهدف إلى امتصاص النقمة الشيعية بتقريب العلويين في ظاهر الحال مع الكيد لهم في الخفاء، اقتداءً بسياسة مأمونهم العبّاسي الذي أعطى ولاية العهد للإمام الرضا عليه السلام ، وردّ فدكا إلى العلويين، ولبس لباسهم (الخضرة) وترك لباس العبّاسيين (السواد). ثمّ لم يلبث هكذا لعنه اللّه حتى سمّ الإمام الرضا عليه السلام ، ورجع إلى لبس السواد. ولا يعني هذا أنّ السياسة العبّاسية في عصرها الثاني قد تحوّلت برمّتها إلى هذااللون المخادع، بل بقي أكثرهم ملازما العنف والاضطهاد والقتل والتشريد كوسيلة لتصفية الخصوم، مع وجود من كان صادقا في سياسته الجديدة مع العلويين وهو المنتصر باللّه فحسب. ممّا انعكس هذا على مجمل نشاط الشيعة الثقافي والفكري سلبا أو إيجابا بحسب مواقف السلطة وتلوّن سياستها تجاههم. ومن متابعة تاريخ بني العبّاس في عصرهم الثاني يعلم بقاء سياسة العنف والاضطهاد والقتل والتنكيل قائمة في زمان المتوكّل (232 - 247 ه )، والمستعين (248 - 252 ه )، والمعتزّ (252 - 255 ه )، والمهتدي (255 - 256 ه )، والمعتمد (256 - 279 ه )، والمكتفي (289 - 295 ه )، والمقتدر (295 - 320 ه )، والقاهر (320 - 322 ه ). في حين تلاشت في زمان المنتصر (247 - 248 ه )، وخفّت في زمان المعتضد (279 - 289 ه )، والراضي (322 - 329 ه )، والمتّقي (329 - 333 ه ) الذي انتهى العصر العبّاسي الثاني بنهايته.

وبيان دليل بقاء سياسة العنف والاضطهاد عند من ذكرناه يخرجنا عن أصل الموضوع، إذ يمكن تلمّسه بكلّ وضوح من خلال الانتفاضات الشيعية الحاصلة

ص: 97

بأزمانهم كما في سائر كتب التاريخ، ومصارع العلويين على أيديهم كما فصلها أبو الفرج في مقاتل الطالبيين. وما يعنينا هنا هو دليل التحوّل السياسي الذي تنفّس من خلاله الشيعة في زمان المنتصر، والمعتضد، والراضي، والمتّقي. أمّا المنتصر، فمن غيرته على الإسلام أنّه قتل أباه المتوكّل لعنة اللّه تعالى عليه، غضبا منه للّه تعالى ورسوله الكريم صلى الله عليه و آله ، إذ سمع أباه اللا متوكّل قبَّحه اللّه يسبّ فاطمة الزهراء سيّدة نساء العالمين عليهاالسلام، فسأل من بعض الفقهاء فقال له: أبحت دمه. فدخل عليه مع بعض الأتراك فقتله مع وزيره ابن خاقان في مجلس لهوهما (1) . قال السيوطي: وكان المنتصر محسنا للعلويين، وصولاً بهم، وأزال عن آل أبي طالب ما كانوا فيه من الخوف والمحنة بمنعهم من زيارة قبر الإمام الحسين عليه السلام ، وردّ على آل الحسين عليهم السلام فدكا (2) . وقال أبو الفرج في مقاتل الطالبيين : «وكان المنتصر يظهر الميل إلى أهل هذا البيت، ويخالف أباه في أفعاله، فلم يجر منه على أحد منهم قتل أو حبس ولا مكروه فيما بلغنا» (3) . وقال أبو الفداء: «أمر الناس بزيارة قبر الحسين بن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنهما، وأمَّن العلويين، وكانوا خائفين أيّام أبيه» (4) . وفي تاريخ الطبري: إنّ المنتصر لما ولي الخلافة كان أوّل شيء أحدث من الاُمور عزل صالح بن علي عن المدينة وتولية علي بن الحسين بن إسماعيل بن العبّاس بن محمّد عليها.

ص: 98


1- . . الأمالي للطوسي : ص 328 ح 655 (102) مجلس 11، المناقب لابن شهرآشوب : ج 3 ص 221.
2- . . تاريخ الخلفاء : ص 285 .
3- . . مقاتل الطالبيين : ص 504 .
4- . . تاريخ أبي الفداء : ج 1 ص 356.

قال الطبري: «فَذُكِر عن علي بن الحسين أنّه قال: دخلت عليه أُودّعه، فقال لي: يا علي إنّي أُوجّهك إلى لحمي ودمي، ومدّ جلد ساعده وقال: إلى هذا وجّهتك، فانظر كيف تكون للقوم وكيف تعاملهم، يعني آل أبي طالب، فقلت: أرجو أن أمتثل رأي أمير المؤمنين - أيّده اللّه - فيهم إن شاء اللّه ، فقال: إذا تسعد بذلك عندي» (1) . وأمّا المعتضد، فقد اتّصف بالتسامح مع العلويين، وقد ذكر المسعودي أنّه وردت أموال من محمّد بن زيد من بلاد طبرستان لتفرّق في آل أبي طالب سرّا، فغُمِز بذلك إلى المعتضد، فأُحضِرَ الرجل الذي حمل تلك الأموال، فأنكر عليه المعتضد إخفاءها، وأمره بتوزيعها علنا، وقرَّب آل أبي طالب، وكان السبب في ذلك ما قاله المعتضد نفسه أنّه قبل تولّيه السلطة رأى في منامه أمير المؤمنين الإمام عليّا عليه السلام وهو يقول له: «إنّ هذا الأمر صائر إليك فلا تتعرّض لولدي ولا تؤذهم. قال، فقلت: السمع والطاعة يا أمير المؤمنين» (2) . كما أنّ المعتضد نفسه أمر بإخراج الكتاب الذي كان المأمون أمر بإنشائه بلعن معاوية ، فأخذ من جوامعه وأمر أن يُقرأ على الناس، وهو كتاب طويل ذكره الطبري بتمامه وأشار إليه آخرون، وفيه تفصيل فضائح بني اُمية وآل مروان، وقد جاء فيه ما هذا نصّه: «اللهم العن أبا سفيان بن حرب، ومعاوية ابنه، ويزيد بن معاوية، ومروان بن الحكم، وَوُلْده، اللهم العن أئمّة الكفر، وقادة الضلالة، وأعداء الدين، ومجاهدي الرسول صلى الله عليه و آله ، ومغيّري الأحكام، ومبدّلي الكتاب، وسفاكي الدم الحرام..». ثمّ ذكر الطبري تدخّل أحد النواصب من عشّاق الشجرة الملعونة في عدم إمضاء هذا الكتاب الذي هو أشرف كتب بني العبّاس قاطبة، فخوّف المعتضد من ميل الناس إلى

ص: 99


1- . . تاريخ الطبري : ج 11 ص 81 .
2- . . مروج الذهب : ج 4 ص 270 - 271.

العلويين لأنّه فيه ثناء على أهل البيت عليهم السلام ، وشبه هذا الكلام، فأمسك المعتضد (1) ومنه يُعلم عدم صدقه فيما عزم عليه، ويتّضح لنا هدف سياسته من كلّ ذلك. وأمّا الراضي باللّه (322 - 329 ه ) فقد ذكر الصولي في أخبار الراضي بأنّه قد ذُكر إلى الراضي بأنّ الإمامية يحملون الأموال إلى أبي القاسم الحسين بن روح النوبختي رضى الله عنه، فكان لا ينكر ذلك ولا يوليه اهتماما مع الإعراب عن رغبته في افتقار الشيعة بدفع أموالهم إلى الحسين بن روح رضى الله عنه (2) . وهذا ما يشير إلى كونه في سياسته كسابقه المعتضد. وفي زمان الراضي بنى الأمير بجكم مسجد الشيعة المعروف بمسجد براثا في الجانب الشرقي من بغداد (3) بعد ما هدّمه السفيه المقتدر باللّه (295 - 320 ه ) بتحريض من الحنابلة (4) . ونظير موقف الراضي ما فعله المتّقي من تأديب الحنابلة على مضايقتهم للشيعة ببغداد من خلال محاولاتهم هدم مسجد براثا، حتى أنّه أخذ قوما منهم فأدّبهم بالضرب، وأمر ابن جعفر الخيّاط بحفظ المسجد، وأن يضرب عنق كلّ من تعرّض لهدمه (5) . وصفوة القول، أنّه إذا كان أحد يستحقّ الترحّم عليه من ملوك بني العبّاس في عصرهم الثاني، فهو المنتصر - رحمه اللّه - لا غير، وللأسف أنّه لم تطل أيّام خلافته إذ حكم ستّة أشهر ويومين فقط كما تقدّم.

ص: 100


1- . . تاريخ الطبري : ج 10 ص 55 - 63 في حوادث (سنة / 284 ه )، مرآة الجنان وعبرة اليقظان : ج 2 ص 150 - 151، تاريخ أبي الفداء : ج 1 ص 379، تاريخ الخلفاء : ص 297.
2- . . أخبار الراضي والمتّقي : ص 104 في حوادث (سنة / 326 ه ) .
3- . . المصدر السابق : ص 136 في حوادث (سنة / 327 ه ).
4- . . تاريخ بغداد : ج 1 ص 124، أخبار الراضي والمتّقي : ص 136 في حوادث (سنة / 327 ه ).
5- . . أخبار الراضي والمتّقي : ص 198.
السبب الثالث - توفّر بعض المراكز المهمّة للشيعة

السبب الثالث - توفّر بعض المراكز المهمّة للشيعة:لقد توفّرت في هذا العصر بعض المراكز الاجتماعية المهمّة للشيعة كنقابة الطالبيين، حيث كان للنقيب يوم ذاك ثقله الاجتماعي الكبير بحيث يمكن له التفاوض مع الاُمراء ووجوه الدولة في رفع ما يمكن رفعه من ضغوط سياسية أو اقتصادية على الشيعة، هذا مع احتلال بعض المراكز الحيوية والرسمية في الدولة من قبل بعض الشيعة لخدمة إخوانهم المؤمنين، كديوان الكتابة، والوزارة. وقد حفظت كتب الرجال أسماءهم لاسيّما الوزراء منهم، كآل وهب الشيعة، وهم بيت الوزارة ببغداد في عصر الكليني، وأوّل من استوزر منهم سليمان بن وهب ثالث وزراء المعتمد العبّاسي، ثمّ ابنه عبيداللّه بن سليمان وزير المعتضد العبّاسي (1) .

السبب الرابع - دور الغيبة الصغرى في انتشار التشيّع ببغداد

السبب الرابع - دور الغيبة الصغرى في انتشار التشيّع ببغداد:تعتبر فترة الغيبة الصغرى لإمام العصر والزمان عليه السلام (260 - 329 ه ) من أكثر الفترات خطورة في تاريخ الفكر الشيعي، إذ تحوّلت مسؤولية التشيّع في هذا العصر - وهو العصر الذي وُجِدَ فيه الكليني قدس سره - على عاتق عدول الفقهاء من الشيعة، والمعلوم أنّه انبثقت في تلك الفترة مدعيات كثيرة باطلة في دعوى النيابة عن الإمام عليه السلام والسفارة له. ولا شكّ بمعرفة ثقة الإسلام الكليني لسائر تلك المدعيات التي ظهرت في عصره، ورأى - طاب ثراه - كيف أغرى اُولئك المنافقون بعض الجهلة بادّعاء الوكالة أو النيابة عن الإمام عليه السلام ، كما هو حال المنافقين في كلّ عصر وجيل، ورأى كيف كانت نهايتهم

ص: 101


1- الذريعة : ج ٢٦ ص ٩٧ الرقم ٤٥٨، في حديثه عن كتاب البرهان في وجوه البيان لأبي الحسين إسحاق بن إبراهيم بن سليمان بن وهب الشيعي (ت / ٣٣٤ ه_)، وهو أول رجل _ فيما نعلم _ اعتمد على كتاب الكافي لثقة الإسلام الكليني كما سيأتي في مؤلفات ثقة الإسلام. وأما عن الوزراء الشيعة في العصر العباسي الأول فهم: الحسن بن راشد، والربيع بن يونس، وعلي بن أب__ي نصر، وعلي بن يقطين والقاسم بن عروة فيما تتبعناه.

الوخيمة كالشلمغاني لعنه اللّه ، وغيره من الحثالات الكذّابين. ونتيجة لتلك الظروف القاسية تشوّفت نفوس الشيعة إلى بغداد دون غيرها، وتاقت أفئدتهم شوقا إلى زيارتها من كلّ مكان؛ لتتطلّع بلهفة وتترقّب بوجد عظيم ما يخرج على أيدي اُمناء الاُمّة والدين وأركان الحقّ الأربعة (رضي اللّه تعالى عنهم) من وصايا وإرشادات وتوجيهات الإمام المهدي عليه السلام ، ومن هنا كانت الوفود العلمائية الشيعية تترى إلى بغداد من كلّ مكان، كما كانت بغداد مقصدا لأقطاب الشيعة، وفقهائهم، وأعيانهم، ومحدّثيهم، ورواتهم الذين جاءوها من اليمن، ومصر، والكوفة، والبصرة، وقم، والريّ ، وهمدان، والأهواز، ونيسابور، وخراسان، وقزوين وغيرها؛ ليتجسّسوا - على حذر - أخبار الغائب المنتظر عليه السلام في ذلك العصر، من خلال الالتقاء المباشر بسفرائه البررة الذين قاموا بدورهم في إيصال صوت الإمام الحجّة عليه السلام إلى جميع قواعده الشعبية. وكانت تخرج التوقيعات الشريفة الصادرة من الناحية المقدّسة على أيديهم الشريفة من بغداد لا غير. وفي الكتب الواصلة إلينا ويأتي في طليعتها الكافي الشريف، وإكمال الدين ، وكتب الغيبة، وغيرها؛ أدلّة كافية وكثيرة تعبّر عن قيام السفراء الأربعة رضي اللّه تعالى عنهم بتحمّل أعباء كامل المسؤولية في تلك المرحلة العصيبة في تاريخ التشيّع، وفيها ما يدلّ على الدور الثقافي والفكري الذي لعبه فقهاء وأعلام الشيعة، وحملة أحاديثهم، سواء الذين كانوا من أهل بغداد أصلاً أوسكنا أو الذين أتوها زرافات ووحدانا من كلّ فجٍّ عميق. ولا شكّ أنّ كثرة التقاء العلماء في مكانٍ واحد وعلى مدار ما يقرب من سبعين عاما - وهو زمان الغيبة الصغرى - مدعاة لنشر أفكار هذا الجمع، خصوصا إذا ما وجد له أرضا صالحة لينمو ويكبر ويغدق فيها، كما هو الحال في كرخ بغداد المعروفة بتشيّعها وأعلامها منذ بناء بغداد وإلى اليوم.

ص: 102

السبب الخامس - كثرة أعلام الشيعة ببغداد

كان لأعلام الشيعة من البغداديين أصلاً أو سكنا أو الذين قدموا إليها وحدّثوا في مجالسها؛ دور بارز في نشر الفكر الشيعي في عاصمة الدولة العبّاسية بوقتٍ مبكّر من بنائها، بحيث تركوا لمن جاء بعدهم تراثا ضخما زخرت به مكتبات بغداد ونواديها العلمية، وسوف نذكر جملة من اُولئك العلماء وصولاً إلى زمان ثقة الإسلام الكليني، مع الإشارة إلى تلامذته البغداديين أيضا، وهم: إبراهيم بن زياد الكرخي البغدادي 1 من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام ، روى عنه الفقهاء الثلاثة: ابن أبي عمير وصفوان بن يحيى والحسن بن محبوب (1) ، وأبو جميلة البصري (2) ، وأبو سعيد غانم الهندي (3) ، وأبو الصلت عبدالسلام بن صالح الهروي، ثقة صدوق، وكان يقول: «كلب للعلوية خير من جميع بني اُمية، فقيل له: فيهم عثمان؟ فقال: فيهم عثمان» (4) . من أصحاب الإمام الرضا عليه السلام (5) ، مات رحمه اللّه (سنة / 336 ه )، قال النجاشي: «ثقة صحيح الحديث، له كتاب وفاة الرضا عليه السلام » (6) ، وأبو عبداللّه بن صالح (7) ، وأبو غالب الزراري، وهو من مشاهير فقهاء وأعلام الشيعة، روى الكافي عن مصنّفه

ص: 103


1- . . اُصول الكافي : ج 2 ص 292 ح 11 باب 115 من كتاب الإيمان والكفر، فروع الكافي : ج 4 ص 321 ح 1 باب75 من كتاب الحج، و ج 5 ص 286 ح 1 باب 143 من كتاب المعيشة، و ج 6 ص 30 ح 1 باب19 من كتاب العقيقة.
2- . . فروع الكافي : ج 3 ص 407 ح 15 باب61 من كتاب الصلاة، وفيه: أبو جميل البصري، وأعاده في ج 6 ص 423 ح 7 باب30 من كتاب الأشربة، بعنوان: أبو جميلة البصري.
3- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 515 ح 3 باب 25 من كتاب الحجّة.
4- . . تاريخ بغداد : ج 11 ص 52 الرقم 5728 .
5- . . فروع الكافي : ج3 ص 392 ح 21 باب63 من كتاب الصلاة، رجال الشيخ الطوسي : ص360 الرقم 5328 (14) مصرّحا بعامّيته بخلاف النجاشي كما سيأتي، وهو شيعي عند الجمهور، وكلامه المذكور لا يقوله عامّي قطّ .
6- . . رجال النجاشي : ص 245 الرقم 642.
7- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 519 ح 10 باب 125 من كتاب الحجة .

ببغداد واستنسخه، وأبو محمّد العلوي الرملي البغدادي، مات ببغداد (سنة / 324 ه ) قبل وفاة ثقة الإسلام بخمس سنين، قال معاصره الصولي: «ولو قلت: إنّي ما رأيت أفضل منه في دينه وزهده وكرمه لما خفت إثما، ودفن ببراثا، وكان من لم يلحق الصلاة عليه، يصلّي على قبره أيّاما» (1) ، وأبو محمّد الوجنائي، وهو ممّن شاهد الإمام الحجّة عليه السلام في حياة أبيه الإمام الحسن العسكري عليه السلام بسامراء، وقد مكث ببغداد ثمانين يوما، ثمّ غادرها إلى سامراء ثم إلى اليمن (2) ، وأبو المفضّل الشيباني، أحد تلامذة ثقة الإسلام الكليني قدس سره، كان يملي الحديث بمسجد الشرقية ببغداد، وحدّث في هذا المسجد بمثالب الصحابة كمعاوية ومن على شاكلته، ولهذا ضعّفه العامّة (3) ، وسيأتي ما يدلّ على جلالته ووثاقته في فصل تلاميذ ثقة الإسلام الكليني قدس سره، وأبو هاشم داوود بن القاسم الجعفري، الثقة الجليل المشهور، من أولاد جعفر بن أبي طالب عليه السلام ، سكن بغداد، وكان ممّن يكثر من زيارة الإمام الجواد عليه السلام في حياته في داره ببغداد (4) ، روى عن الإمام الرضا عليه السلام (5) والإمام الجواد عليه السلام (6) ، والهادي عليه السلام (7) ، والعسكري عليه السلام (8) وأبو الوجناء النصيبي (9) ، وأبو ولّاد الحنّاط (10) ، وأبو يعقوب البغدادي (11) ، وأحمد بن إبراهيم، أبو الحسين السياري، خال أبي عمرو الزاهد، من أصحاب ثعلب اللغوي المشهور، وكان أبو عمرو قد دعا

ص: 104


1- . . أخبار الراضي والمتّقي : ص 83 .
2- . . إكمال الدين : ج 2 ص 492 ح 16 باب 45.
3- . . تاريخ بغداد : ج 3 ص 86 الرقم 1082.
4- . . الهداية الكبرى : ص 303 .
5- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 23 ح 18 من كتاب العقل والجهل، و ج 1 ص 98 ح 10 باب 9 من كتاب التوحيد .
6- . . المصدر السابق : ج 1 ص 99 ح 11 باب 9 من كتاب التوحيد.
7- . . المصدر السابق : ج 1 ص 327 ح 10 باب 75 من كتاب الحجّة .
8- . . المصدر السابق : ج 1 ص 328 ح 2 باب 76 من كتاب الحجة .
9- . . المصدر السابق : ج 1 ص 521 ح 13 باب 125 من كتاب الحجّة .
10- . . فروع الكافي : ج 5 ص 290 ح 6 باب 147 من كتاب المعيشة .
11- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 24 ح 20 من كتاب العقل والجهل.

خاله إلى ترك التشيّع أربعين عاما، فما ازداد إلّا تمسّكا به (1) ، وأحمد بن إبراهيم بن أبي رافع الصيمري الثقة الجليل المعروف، روى جميع مصنّفات الكليني عنه ببغداد، وأحمد بن أحمد أبو الحسين الكوفي أحد تلامذة الكليني ورواة كتابه الكافي عن مصنّفه، وأحمد بن الحسن أبو الحسين العطّار، من تلاميذ ثقة الإسلام الذين تتلمذوا على يديه ببغداد، وأحد رواة كتاب الكافي عن مصنّفه. وأحمد بن علي بن سعيد الكوفي من مشايخ السيّد المرتضى، وتلاميذ ثقة الإسلام، روى الكافي عن مصنّفه ببغداد، وأحمد بن عبداللّه ، أبو بكر الدوري الورّاق البغدادي (2) ، ثقة، روى عنه ابن الغضائري (3) ، وأحمد بن عيسى، أبو العبّاس الوشّاء البغدادي، روى الحديث عن أحمد بن طاهر القمّي (4) ، والفقيه الكبير أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي، كان من أعاظم الفقهاء، وأجلّاء الأصحاب في عصره (5) ، وأحمد بن محمّد العاصمي الكوفي، سكن بغداد، وهو من أجلّاء مشايخ الكليني وثقاتهم المشهورين، وأحمد بن محمّد ابن عيسى الأشعري القمّي، حضر وصيّة الإمام الجواد عليه السلام ببغداد إلى ولده الإمام الهادي عليه السلام بالإمامة (6) ، وهو شيخ القمّيين في زمانه، وفقيههم، وثقتهم، ورئيسهم بلا مدافع (7) ، وأخو أحمد بن عمر البغدادي (8) ، وإسحاق الجلّاب (9) ، وإسماعيل بن علي بن إسحاق بن أبي سهل بن نوبخت، كان شيخ المتكلّمين من أصحابنا الإمامية

ص: 105


1- . . تاريخ بغداد : ج 4 ص 231 الرقم 1913.
2- . . المصدر السابق : ج 4 ص 457 الرقم 2268.
3- . . رجال الشيخ الطوسي : ص 417 الرقم 6024 (105).
4- . . إكمال الدين : ج 2 ص 417 ح 1 باب 41.
5- . . فروع الكافي : ج 5 ص 479 ح 1 باب 120 من كتاب النكاح.
6- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 324 ح 2 باب 74 من كتاب الحجّة.
7- . . رجال النجاشي : ص 81 الرقم 198.
8- . . فروع الكافي : ج 3 ص 243 ح 2 باب 90 من كتاب الجنائز.
9- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 498 ح 3 باب 123 من كتاب الحجّة .

ببغداد ووجههم، ومتقدّم النوبختيين في زمانه، له جلالة في الدين والدنيا، يجري مجرى الوزراء في جلالة الكُتَّاب، عدّ له النجاشي أكثر من عشرين كتابا ، جلّها في الردّ على أصحاب الفرق والمقالات الفاسدة (1) ، واُمّ أحمد بن موسى واُختها اُمّ الحسين بن موسى، وكلتاهما من راويات الحديث (2) ، وتليد بن سليمان الموصوف بالتشيّع، روى حديث النبي صلى الله عليه و آله بشأن أصحاب الكساء عليهم السلام «أنا حرب لمن حاربكم، سلم لمن سالمكم» (3) ، وجعفر بن إبراهيم النيسابوري، قدم بغداد (4) ، وجعفر بن زياد، أبو عبداللّه ، وقيل : أبو عبدالرحمن الكوفي، من قدماء الإمامية، ثقة ، جليل، استقدمه المنصور الدوانيقي من خراسان إلى بغداد، وسجنه بها دهرا ثمّ أطلقه، وكان السبب في سجنه أنّه بلغ المنصور عنه أمر في الإمامة، وأنّه كان يقول بقول الشيعة الإمامية (5) . وجعفر بن محمّد البغدادي (6) ، وجعفر بن محمّد بن قولويه القمّي البغدادي، من أجلّاء تلامذة الكليني، وأعلام الشيعة الكبار في عصره، وحرام بن عثمان بن عمرو بن يحيى بن النضر بن عبد بن كعب الأنصاري السلمي، من قدماء الشيعة ببغداد (7) ، والحسن بن الحسين بن علي بن العبّاس بن إسماعيل بن أبي سهل، أبو محمّد النوبختي الكاتب، أحد أعلام الشيعة ببغداد، ولد (سنة / 320 ه ) قبل وفاة الكليني بتسعة أعوام، ومات رحمه الله (سنة / 402 ه ) (8) ، والحسن بن راشد، أبو علي البغدادي مولى

ص: 106


1- . . رجال النجاشي : ص 31 - 32 الرقم 68.
2- . . فروع الكافي : ج 3 ص 42 ح 6 باب 28 من كتاب الطهارة.
3- . . تاريخ بغداد : ج 7 ص 144 الرقم 3582، رجال الشيخ الطوسي : ص 173 الرقم 2045 (1) في أصحاب الإمام الصادق عليه السلام .
4- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 521 ح 13 باب 125 من كتاب الحجّة .
5- . . تاريخ بغداد : ج 7 ص 161 الرقم 3605 .
6- . . اُصول الكافي : ج 2 ص 94 ح 3 باب 48 من كتاب الإيمان والكفر.
7- . . تاريخ بغداد : ج 8 ص 271 - 274 الرقم 4376.
8- . . المصدر السابق : ج 7 ص 309 الرقم 3809.

لآل المهلّب، ثقة جليل معروف من أصحاب الأئمّة عليهم السلام الجواد، والهادي، والعسكري عليهم السلام (1) ، والحسن بن علي الهاشمي البغدادي ، مات رحمه الله (سنة / 291 ه ) من مشايخ ثقة الإسلام الكليني، والحسن ابن علي الوشّاء ابن بنت الياس البغدادي، ثقة ، جليل، معروف (2) ، والحسن بن عيسى بن أبي عقيل، أبو محمّد العُماني ، الثقة الجليل، والفقيه المشهور، وهو أوّل من هذّب الفقه وبوّبه على الكتب المعروفة اليوم، واستعمل النظر، وفتق البحث عن الاُصول والفروع، ومن مؤلّفاته الشهيرة كتاب المستمسك بحبل آل الرسول صلى الله عليه و آله من معاصري ثقة الإسلام، توفّي رحمه الله ببغداد في أوائل المائة الرابعة من الهجرة الشريفة، والحسن بن الفضل بن زيد اليماني (3) ، والحسن بن محمّد بن بشّار (4) ، والحسن بن محمّد بن عبداللّه المعروف بالجواني، حضر وصيّة الإمام الجواد عليه السلام ببغداد لولده الإمام الهادي عليه السلام بالإمامة، وسيأتي ذكره في مشايخ ثقة الإسلام الكليني، والحسن بن النضر (5) ، والحسن بن يحيى، أبو محمّد النوبختي، من كبار متكلّمي الشيعة في عصره، له كتاب الردّ على الغُلاة، ذكره الخطيب في ترجمة إسحاق بن محمّد النخعي البغدادي (6) ، والحسين بن نعيم الصحّاف (7) ، وحفص ابن البختري الكوفي البغدادي، ثقة ، من أصحاب الاُصول الأربعمائة، روى عنه ابن أبي عمير البغدادي رضي اللّه تعالى عنه (8) ، والسيّد الحميري، وهو من مشاهير

ص: 107


1- . . رجال الشيخ الطوسي : ص 375 الرقم 5545 (8) في أصحاب الإمام الجواد عليه السلام ، و ص 385 الرقم 5673 (10) في أصحاب الإمام الهادي عليه السلام ، وروى عن الإمام العسكري عليه السلام في فروع الكافي : ج 7 ص 15 - 16 ح 2 باب 11 من كتاب الوصايا.
2- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 32 ح 3 باب 2 من كتاب فضل العلم، رجال النجاشي : ص 39 الرقم 80 .
3- . . المصدر السابق : ج 1 ص 520 ح 13 باب 125 من كتاب الحجّة.
4- . . المصدر السابق : ج 1 ص 258 ح 2 باب 47 من كتاب الحجّة.
5- . . المصدر السابق : ج 1 ص 517 ح 4 باب 125 من كتاب الحجّة.
6- . . تاريخ بغداد : ج 6 ص 377 الرقم 3413.
7- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 311 ح 1 باب 72 من كتاب الحجّة.
8- . . المصدر السابق : ج 1 ص 409 ح 8 باب 105 من كتاب الحجّة، رجال النجاشي : ص 134 الرقم 344 .

أعلام الاُمّة واُدبائها الفحول، عظيم القدر ، وجليل المنزلة، مات رحمه الله ببغداد (سنة / 179 ه ) وقيل (سنة / 173 ه )، ويعدّ السيّد الحميري في طليعة شعراء أهل البيت عليهم السلام ، والمدافعين عن حقّهم، والمنافحين عنهم، والمشهّرين بأعدائهم سواءً كانوا من الرعيل الأوّل أو أذنابهم (1) ، والريان بن الصلت الأشعري القمّي البغدادي، أبو علي الثقة الصدوق، الجليل القدر، صحب الإمامين الرضا والجواد عليهماالسلام (2) وزياد القندي (3) ، وسهل بن أحمد بن عبداللّه بن سهل، أبو محمّد الديباجي، مات رحمه الله ببغداد (سنة / 330 ه )، وكان - كما يظهر بوضوح من تاريخ بغداد - شيعيّا جَلْدا لا يتّقي من خصوم الشيعة أحدا، مجاهرا بولايته لآل اللّه ، معلنا أمام الخلق براءته من أعداء اللّه (4) ، وسهل بن زياد أبو سعيد الآدمي الرازي ، سكن بغداد وسيأتي في الفصل الرابع، وظريف ابن ناصح الكوفي، من أصحاب الصادق عليه السلام (5) مؤلّف كتاب الديات المشهور، وكانت نشأته ببغداد، والعبّاس بن موسى البغدادي، من تلامذة الفقيه الجليل يونس بن عبدالرحمن، وهو من مشاهير رواة الحديث ببغداد، روى عنه الأشعري (6) ، وعبدالرحمن ابن صالح، أبو محمّد الأزدي الكوفي نزيل بغداد، ثقة صدوق، وقد كانت لأحمد بن حنبل صداقة معه، «فقيل له: إنّه رافضي!! فقال أحمد: سبحان اللّه ! رجل أحبّ قوما من أهل بيت النبي صلى الله عليه و آله ، نقول له لا تحبّهم!! هو ثقة» (7) ، له كتاب في مثالب

ص: 108


1- . . رجال الكشّي : ص 285 - 289 الرقم 505 - 507 .
2- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 148 ح 15 باب 24 من كتاب التوحيد ، رجال النجاشي: ص 165 الرقم 437 ، رجال الشيخ الطوسي : ص 357 الرقم 5293 (1) في أصحاب الإمام الرضا عليه السلام ، و ص 386 الرقم 5692 (1) في أصحاب الإمام الهادي عليه السلام .
3- . . فروع الكافي : ج 3 ص 328 ح 25 باب 25 من كتاب الصلاة .
4- . . تاريخ بغداد : ج 9 ص 123 الرقم 4737.
5- . . فروع الكافي : ج 7 ص 332 باب 39 (دية الشفتين) بعد الحديث الأوّل من الباب المذكور، ولم يرقّم الحديث سهوا .
6- . . المصدر السابق : ج 5 ص 372 ح 5 باب 44 من كتاب النكاح ، تهذيب الأحكام : ج 10 ص 24 ح 73 (73) .
7- . . تاريخ بغداد : ج 10 ص 260 الرقم 5377 .

الصحابة، وكان يقرض عثمان، ويحدّث بمثالب عائشة وحفصة، وهو - كما في تاريخ الخطيب - : شيعي، ثقة صدوق، لأن يخرَّ من السماء أحبّ إليه من أن يكذب في نصف حرف. مات (سنة / 235 ه ) (1) ، وعبدالرحمن بن يوسف بن خراش البغدادي، له كتاب في مثالبهما، وكان من المعدودين المذكورين بالحفظ والفهم بالحديث والرجال، مات ببغداد (سنة / 283 ه ) (2) ، وعبدالعزيز بن حسّان البغدادي (3) ، وعبدالكريم بن عبداللّه بن نصر أبو الحسين البزّاز، الراوي عن الكليني جميع مصنّفاته ببغداد، كما سيأتي في تلاميذ ثقة الإسلام، وعبدالملك بن مسلم بن سلام المدائني الكوفي، شيعي، ثقة، قدم بغداد (4) ، وعبدوس بن إبراهيم البغدادي، أحد رجال الكافي (5) ، وعبيد بن أبي عبداللّه البغدادي، خرَّج له الكليني في الكافي (6) وعبيداللّه بن علي بن إبراهيم بن الحسن بن عبيداللّه بن أبي الفضل العبّاس عليه السلام ، بن أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه، أبو علي البغدادي، مات رحمه اللهبمصر (سنة / 312 ه ) (7) ، وعلي بن أحمد بن علي العقيقي، دخل على وزير المقتدر ببغداد (سنة / 298 ه ) في حاجة له، فقال له الوزير: «إنّ أهل بيتك في هذا البلد كثير» (8) ، وهذا تصريح معتبر بكثافة الشيعة ببغداد في عصر المقتدر العبّاسي (295 - 320 ه )، وعلي بن بلال البغدادي ، يكنّى أبا الحسن، من أصحاب الإمامين: الجواد، والهادي عليهماالسلام (9)

ص: 109


1- . . تاريخ بغداد : ج 10 ص 260 - 261 الرقم 5377.
2- . . المصدر السابق : ج 10 ص 280 الرقم 5398.
3- . . المحاسن : ج 2 ص 522 ح 739، فروع الكافي : ج 6 ص 22 ح 3 باب 12 من كتاب العقيقة .
4- . . تاريخ بغداد : ج 10 ص 399 الرقم 5572.
5- . . فروع الكافي : ج 6 ص 484 ح 5 باب 32 من كتاب الزي والتجمّل.
6- . . المصدر السابق : ج 6 ص 283 ح 2 باب 87 من كتاب الأطعمة.
7- . . تاريخ بغداد : ج 10 ص 344 - 345 الرقم 5486 .
8- . . إكمال الدين : ج 2 ص 505 ح 36 باب 45.
9- . . فروع الكافي : ج 3 ص 197 ح 1 باب 65 من كتاب الجنائز، رجال النجاشي : ص 278 الرقم 730، رجال الشيخ الطوسي : ص 377 الرقم 5578 (1)، و ص 388 الرقم 5708 (5).

وعلي البغدادي (1) ، وعلي بن الحسين البغدادي، أحد تلامذة البرقي (2) ، وعلي بن الحسين اليماني، حدّث ببغداد كما في الكافي (3) ، وعلي بن سليمان بن رشيد البغدادي، من أصحاب الإمام الهادي عليه السلام (4) ، وعلي ابن محمّد ابن أحمد بن نصير بن عرفة بن عياض بن ميمون، أبو الحسن الثقفي الورّاق البغدادي، شيعي، ثقة صدوق، سكن باب الطاق ببغداد، ولد (سنة / 281 ه ) (5) ، وعلي ابن معبد البغدادي من أصحاب الإمام الهادي عليه السلام (6) ، له كتاب يرويه إبراهيم بن هاشم القمّي (7) ، خرَّج له الكليني في الكافي (8) ، وعلي بن يقطين بن موسى الكوفي البغدادي، أحد وزراء الدولة العبّاسية، ثقة ، جليل القدر، عظيم المنزلة عند الإمام الكاظم عليه السلام ، وله مدائح كثيرة، مات رضي اللّه تعالى عنه ببغداد (سنة / 182 ه ) وخرَّج له الكليني في الكافي (9) ، وعيسى بن مهران، أبو موسى المعروف بالمستعطف، من مشايخ محمّد بن جرير الطبري العامي المتوفّى ببغداد (سنة / 310 ه )، له كتاب في مثالب الشيخين وغيرهما من الصحابة (10) ، ويظهر من تحامل الخطيب البغدادي على أبي موسى وكتابه، أنّه كان ثقةً، مع صحّة أحاديث كتابه وجودتها؛ لأنّه نظير تحامله على معلّم الاُمّة طاب ثراه، والطعن في كتبه، مع اتّفاق الكلّ على عظمته

ص: 110


1- . . فروع الكافي : ج 6 ص 467 ح 6 باب 19 من كتاب الزيّ والتجمّل.
2- . . فضائل الأشهر الثلاثة : ص 86 ح 65 .
3- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 519 ح 12 باب 125 من كتاب الحجّة .
4- . . فروع الكافي : ج 3 ص 466 ح 4 باب 91 من كتاب الصلاة .
5- . . تاريخ بغداد : ج 12 ص 88 الرقم 6505.
6- . . رجال الشيخ الطوسي : ص 388 الرقم 5709 (6).
7- . . رجال النجاشي : ص 273 الرقم 716.
8- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 97 ح 5 باب 9 من كتاب التوحيد ، و ج 2 ص 451 ح 1 باب 200 من كتاب الإيمان والكفر .
9- . . المصدر السابق : ج 1 ص 311 ح 1 باب 72 من كتاب الحجّة.
10- . . تاريخ بغداد : ج 11 ص 168 الرقم 5866.

ونفاسة كتبه، والقاسم بن سليمان الكوفي البغدادي، من أصحاب الاُصول الأربعمائة، روى عن الإمام الصادق عليه السلام (1) ، والقاسم بن عروة البغدادي ، روى عن الإمام الصادق عليه السلام (2) ، ومحمّد بن إبراهيم النعماني، الشيخ الجليل والثقة المشهور، صاحب كتاب الغيبة ، ذائع الصيت، وهو من أقطاب وأعلام الشيعة ببغداد في عصره، ومن تلامذة ثقة الإسلام ورواة كتابه الكافي عنه، ومحمّد بن أبي عمير، أبو أحمد الأزدي البغدادي، من أصحاب الإمامين الكاظم والرضا عليهماالسلام، كان أوثق الناس في زمانه وأعبدهم وأزهدهم، عظيم في سمته، ووقاره، وجلالته، وكلّ ما يوصف به من جميل فهو فوقه، خرّج له الكليني في الكافي كثيرا جدّا، ومحمّد بن أحمد بن الجنيد الإسكافي البغدادي، من أعاظم الفقهاء في زمانه، أدرك زمان ثقة الإسلام الكليني رحمه الله، ومات ببغداد (سنة / 381 ه ) له كتب كثيرة أشهرها كتاب تهذيب الشيعة لأحكام الشريعة ، وهو كتاب كبير نحوا من عشرين مجلّدا (3) ، ومحمّد بن أحمد بن عبداللّه الصفواني، صاحب الكرامة الباهرة في مباهلته لقاضي الموصل بالإمامة، والتي انتهت على الفور بورم كفّ القاضي التي مدّها للمباهلة ثمّ موته. وقد كان الصفواني رحمه الله عالما وقورا، وثقةً مشهورا، روى كتاب الكافي عن ثقة الإسلام، وتتلمذ على يده ببغداد، والسيّد الجليل محمّد بن جعفر الحسني المعروف بأبي قيراط، نقيب الطالبيين في زمان الكليني ببغداد، وهو الذي صلّى على جنازة ثقة الإسلام رضوان اللّه تعالى عليه، ولهذا السيّد عقب كثير ببغداد فصّلهم النسّابة ابن عِنَبَه في كتابه (4) ، ومحمّد بن سهل العطّار البغدادي، وكيل الإمام الحجّة عليه السلام ببغداد، وقد تشرّف برؤيته عليه السلام ، كما تشرّف غيره من

ص: 111


1- . . اُصول الكافي : ج 2 ص 303 ح 4 باب 121 من كتاب الإيمان والكفر ، رجال النجاشي : ص 314 الرقم 858 ، رجال الشيخ الطوسي : ص 273 الرقم 3943 (46) في أصحاب الإمام الصادق عليه السلام .
2- . . رجال النجاشي : ص 314 الرقم 860 ، رجال الشيخ الطوسي : ص 273 الرقم 3948 (51).
3- . . الفهرست للطوسى¨ : ص 209 الرقم 601 (16).
4- . . عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب : ص 186 .

السفراء الأربعة وغيرهم من وكلائه عليه السلام برؤيته المباركة ببغداد كالعمري، وابنه، والحسين بن روح، والسمري، وجابر، والبلالي، والعطّار رضي اللّه تعالى عنهم، ولا يسع المقال لتفصيل أحوالهم وبيان دورهم الفكري والثقافي ببغداد، ومحمّد بن صالح القمّي ، حدّث ببغداد كما في الكافي (1) ، ومحمّد بن عبداللّه بن الزبير بن عمر بن درهم، أبو أحمد الكوفي الزبيري، مولى بني أسد، شيعي، وكان أخوه الحسن من وجوه الشيعة (2) ، ومحمّد بن عبداللّه بن محمّد بن أحمد بن أيوب أبو بكر القطّان، الموصوف بالتشيّع ، روى عن ابن جرير الطبري العامي، ومات (سنة / 378 ه ) (3) ، ومحمّد بن عمر بن محمّد بن حميد البزّاز البغدادي، من أهل باب الطاق ببغداد، شيعي، ثقة (4) ، ومحمّد بن عيسى بن عبيد اليقطيني البغدادي، أبو جعفر، الثقة المشهور، وليس في أقرانه مثله، وكانت داره رضي اللّه تعالى عنه في سوق العطش ببغداد (5) ، ومحمّد بن فارس بن حمدان المعبدي، أحد رجالات الشيعة ببغداد، مات (سنة/ 361 ه )، وكان رحمه الله صادقا فيما رواه من فضائل أمير المؤمنين عليه السلام ، التي لم تعجب الخطيب فضعّفها! (6) ، ومحمّد بن الفضل البغدادي، روى عنه الحميري القمّي (7) ، ومحمّد بن همام بن سهيل، أبو علي، الكاتب البغدادي، من مشاهير شيوخ الشيعة وعلمائهم البارزين، وكان رحمه الله ثقة جليلاً عظيم القدر والمنزلة، وله مؤلّفات عديدة، مات ببغداد (سنة / 332 ه ) (8) ، ومنصور بن يونس الذي صاهر وأعقب بنتا ببغداد (9) ، وموسى بن جعفر البغدادي، من مشاهير

ص: 112


1- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 521 ح 15 باب 125 من كتاب الحجّة .
2- . . تاريخ بغداد : ج 3 ص 19 الرقم 991.
3- . . المصدر السابق : ج 3 ص 84 الرقم 1079.
4- . . المصدر السابق : ج 3 ص 245 الرقم 1278 .
5- . . رجال النجاشي : ص 333 الرقم 896 .
6- . . تاريخ بغداد : ج 3 ص 380 الرقم 1519.
7- . . تهذيب الأحكام : ج 6 ص 110 ح 298 (14) .
8- . . تاريخ بغداد : ج 4 ص 135 الرقم 1796 ، ولأبي علي ترجمة في سائر كتب الشيعة .
9- . . فروع الكافي : ج 6 ص 127 ح 3 باب 54 من كتاب الطلاق.

رواة الحديث ببغداد، روى عن علي بن أسباط وغيره (1) ، ونصر بن أحمد البغدادي، أحد مشايخ محمّد بن مسعود العيّاشي السمرقندي (2) ، وهارون بن موسى التلعكبري البغدادي، جليل القدر، عظيم المنزلة ، واسع الرواية، عديم النظير، ثقة وجه، روى جميع الاُصول المصنّفات، وروى كتاب الكافي عن مصنّفه الكليني، وتتلمذ على يديه ببغداد، وهشام بن الحكم رضي اللّه تعالى عنه، من أعاظم متكلّمي الشيعة وثقاتهم البارزين في عصر الإمام الصادق عليه السلام (3) ، ويونس بن عبدالرحمن، الفقيه، المحدّث، المتكلّم الثقة المشهور، من أصحاب الأئمّة عليهم السلام ، حدّث ببغداد كما في الكافي الشريف (4) ، وغيرهم كثير. وبهذا نكون قد فرغنا من إعطاء الصورة الواضحة للمعالم السياسية والفكرية التي أحاطت - بإطارها العام - حياة الكليني في الريّ وبغداد، مدركين ما في الكافي من أدلّة صارخة على استيعاب الكليني لتلك الحياة استيعابا كاملاً، بحيث لم تنغلق أحاديثه الشريفة عن سياسة العصر وثقافته؛ ولهذا لم يولد الكافي فجأة، وإنّما عاش مخاضا عسيرا دام عشرين عاما؛ ليسيطر - بعد ذلك - على مساحة شاسعة، بل لا حدود لها من التوعية اللازمة للاُمّة على نطاق الفرد والمجتمع، ومن هنا احتوى الكافي من الأحاديث - التي اختارها مصنّفه - ما يدلك من جهة على علوم الشريعة من حديث، وتفسير، وفقه، واُصول، وفلسفة، وكلام، وأخلاق، بل حتى اللغة العربية انعكست آثارها على ديباجة الكافي التي عبّرت عن مدى قدرة الكليني اللغوية، وتمكّنه من صياغة الكلام

ص: 113


1- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 231 ح 2 باب 37 من كتاب الحجّة ، و ج 1 ص 341 ح 22 ، باب 80 من كتاب الحجّة، فروع الكافي : ج 4 ص 498 ح 7 باب 185 من كتاب الحج، و ج 5 ص 308 ح 20 باب 159 من كتاب المعيشة، و ج 6 ص 461 ح 7 باب 15 من كتاب الزيّ والتجمّل.
2- . . علل الشرائع : ص 201 ح 2 باب 154.
3- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 311 ح 1 باب 72 من كتاب الحجّة.
4- . . فروع الكافي : ج 3 ص 407 ح 15 باب 61 من كتاب الصلاة، وأعاد الحديث في الفروع أيضا : ج 6 ص 423 ح 7 باب 30 من كتاب الأشربة.

بصورة طفحت عليها فقرات من النثر الفني الرائع البديع. ومن جهة اُخرى ، فإنّ ما انفرد به الكافي من أبواب رائعة لم تذكرها جلّ مصنّفات الحديث الاُخرى - وما وجد فيها لم يُعْطَ حقّه - خير ما يعبّر عن مدى تأثّره العميق باتّجاهات ذلك العصر سياسيا وثقافيا، وتفاعله معها إلى حدّ بعيد. إنّ رصد المضمون الفكري والروحي والعملي للرسالة الإسلامية، وسكبه في قالب واحد، لا يتهيّأ لمن يسكن من العلماء في الأبراج الشاهقة وينظر إلى مشاكل الاُمّة من شرفاتها العالية، ما لم ينزل إليها، ويعيش معها، ويدرك آلامها؛ ليوقفها على سرّ نكبتها في القيادات السياسية والثقافية المزيّفة في ماضيها وحاضرها، ويوقفها على طريق نجاتها، ويهبها مفتاح فلاحها.. الأمر الذي لا يناط إلّا لمجدّد مثل الكليني، ولا يوجد في كتاب - بعد القرآن الكريم - يشبه الثورة مثل الكافي.

ص: 114

الفصل الثاني : الهوية الشخصية للشيخ الكليني

توطئة

الفصل الثاني : الهوية الشخصية للشيخ الكلينيتوطئة :هناك الكثير من الأشياء الغامضة في الحياة الشخصية لعباقرة الشيعة الذين تركوا آثارا علمية قيّمة، لم تزل طرق البحث موصدة أمام اكتشافها؛ لعدم وجود ما يدلّ على تفاصيل تلك الحياة التي اكتنفها الغموض من جوانب شتّى. وكلّما ابتعدنا عن تاريخ اُولئك العظماء، إزدادت حياتهم الشخصية غموضا، خصوصا بعد حرق مكتبات الشيعة في القرن الخامس الهجري على أثر الهمجية السياسية التي غذّتها الطائفية البغيضة وحوّلت مداد العلماء إلى دُخان كثيف! ولا يفيدنا - في المقام - علم الرجال إلّا شذرات من هنا وهناك؛ لعناية هذا العلم بأحوال الناس جرحا وتعديلاً، وأمّا علم التراجم، فعلى الرغم من تأخّر نشأته، وضياع اُصوله الاُولى، لا زال إلى اليوم يفتقر إلى الاُسس الموضوعية التي لابدّ من مراعاتها في هذا العلم الحيوي لمعرفة من يُراد معرفته بنحو أكثر دقّةً وتفصيلاً، ويأتي في طليعتها: المعاصرة بأن ينهض بأعباء تعريف رموز أي عصر أهل ذلك العصر نفسه، فإن تعذّر ذلك، فالنقل المتقن يدا بيد، وإلّا سيضيع الكثير، وحينئذٍ لا يكفي وصول بعض مؤلّفاتهم أو كلّها لإزالة ذلك الغموض؛ لوضوح اختصاص كلّ كتاب بموضوعه، أو معالجته مشكلة محدّدة قائمة في عصره، وبالتالي ستكون مؤلّفات العظماء الواصلة إلينا من أفقر المواد المتيسّرة لدراسة حياتهم الشخصية.

ص: 115

فكتب الحديث مثلاً لا تدلّنا على أصل مؤلّفيها، ولا توقفنا على عمود نسبهم، ولا تاريخ ولاداتهم، أو نشأتهم، وهكذا في اُمور كثيرة اُخرى تتّصل بهويّتهم، وإن أفادت كثيرا في معرفة ثقافتهم، وفكرهم، وتوجّههم. وانطلاقا من هذه الحقائق المرّة التي تقف حيال معرفة المزيد من الحياة الشخصية لأغلب العلماء المتقدّمين، سنحاول دراسة الهوية الشخصية لثقة الإسلام الكليني بتوظيف كلّ ما من شأنه أن يصوِّر لنا جانبا من تلك الهوية من الولادة إلى الوفاة، لنأتي بعد ذلك على دراسة شخصية الكليني العلمية وبيان ركائزها الأساسية، كالآتي:

أولاً - اسمه

هو الشيخ الجليل محمّد بن يعقوب بن إسحاق، بلا خلاف بين سائر مترجميه، إلّا من شذّ منهم من علماء العامّة، نظير ما ورد في كتاب الكامل في التاريخ لابن الأثير (ت / 630 ه )، في حوادث (سنة / 328 ه ) بخلاف ما اتّفق عليه الكلّ، قال : «وفيها تُوفّي محمّد بن يعقوب، وقُتِل محمّد بن علي أبو جعفر الكليني، وهو من أئمّة الإمامية، وعلمائهم» (1) . وفي هذا الكلام على قصره ثلاثة أخطاء، وهي: الأوّل: إنّه جعل انتقال ثقة الإسلام الكليني طاب ثراه إلى رحمة اللّه في (سنة / 328 ه )، وهو أحد القولين في وفاته، وقد وافقه بعض أعلام الإمامية على ذلك، ولكنّ الصحيح هو الثاني، وسيأتي الكلام عن هذا في وفاة الكليني رحمه الله. الثاني: إنّ لفظ (وَقُتِل) إن كان منه ولم يكن مصحّفا، فهو خطأ ثان، لأنّ الكليني لم يُقتل، وإنّما مات موتا، وبهذا صرّح جميع علماء الإمامية وغيرهم من علماء العامّة، ولكن الظاهر وقوع التصحيف في هذا اللفظ، وإنّ أصله (وقيل) فقلب من النسّاخ أو في أثناء طبع الكتاب إلى (وقتل)، ويدلّنا على ذلك اُمور، وهي:

ص: 116


1- . . الكامل في التاريخ : ج 8 ص 364.

1 - سياق العبارة دال على ما ذكرناه؛ إذ لو كان أصل اللفظ (وقتل)، فالمناسب للسياق أن يذكر الجهة أو المكان، لا أن يعيد الاسم مع الاختلاف في اسم الأب، الذي هو قرينة على (وقيل)، على أنّه ابتدأ الكلام بوفاته، الأمر الذي يدلّ على أنّه قال (وقيل)، ولم يقل (وقتل). 2 - وهو ما أشرنا إليه آنفا من أنّه لا يوجد من قال بقتل الكليني رحمه الله قطّ لا قبل ابن الأثير ولا بعده، منذ عصر الكليني وإلى يومنا هذا. 3 - ما ذكره ابن عساكر الدمشقي (ت / 571 ه ) في ترجمة الكليني دالّ على أنّ الأصل في كلام ابن الأثير هو (وقيل) ثمّ صحّف فيما بعد إلى (وقتل). قال ابن عساكر: «محمّد بن يعقوب، ويقال: محمّد بن علي، أبو جعفر الكليني..» (1) . وابن عساكر مات قبل ابن الأثير بتسع وخمسين سنة، الأمر الذي يشير إلى أنّ ما في كتاب الكامل في التاريخ بخصوص هذا المورد مأخوذ من تاريخ دمشق لابن عساكر الذي لم يسبقه إلى هذا القول أحد. ولعلّ ابن عساكر اشتبه بمحمد بن علي بن يعقوب بن إسحاق أحد مشايخ النجاشي (2) لتشابه الإسمين، أو بشخص آخر من أهل كلين بالإسم المذكور، ويؤكّد اشتباهه أنّه لم يتردّد أحد من علماء الرجال في تسمية أبي ثقة الإسلام بين (يعقوب) و(علي) وإنّما اتّفقوا على تسميته بيعقوب. ويكفي أنّ تلامذة الكليني، وهم أكثر من ثلاثين تلميذا - كما سيأتي في تلامذته - قد رووا عن شيخهم الكليني ما لا يحصى كثرة مع تسميتهم له بمحمد بن يعقوب. الثالث: في تسمية الشيخ الكليني بمحمد بن علي، وقد اتّضح جوابه. ولعلّ من الطريف أنّي لم أجد من اسمه (محمّد بن علي، أبو جعفر الكليني) في جميع كتب الرجال لدى الفريقين، لا في عصر الكليني، ولا في غيره. ومنه يتبيّن

ص: 117


1- . . تاريخ دمشق : ج 56 ص 297 الرقم 7126.
2- . . رجال النجاشي : ص 398 الرقم 1066.

غلط ابن عساكر وابن الأثير، وفي المثل: أهل مكّة أعرف بشعابها. هذا.. وأمّا عن سبب تسمية الكليني ب- (محمّد)، فلا شكّ في كونها تيمّنا باسم خاتم الأنبياء وأشرف المرسلين عليهم السلام نبيّنا محمّد صلى الله عليه و آله ، سيّما والمسمّي والده الشيخ يعقوب، وهو شيخ جليل. وقد صادف أن يكون اسم الكليني الثلاثي مطابقا لثلاثة من أسماء الأنبياء عليهم السلام . وبالجملة، فإنّ الشيخ يعقوب قد أحسن الاختيار في تسمية وليده الميمون محمّدا، فهو اسم بهي مبارك وجميل، بل هو أجمل أسماء الخلق قاطبة.

ثانيا - كنيته

يكنّى الكليني رحمه الله بأبي جعفر، بالاتّفاق، ولعلّ من المناسب أن نشير هنا إلى أنّ أهمّ كتب الحديث الإمامية قاطبة أربعة، ألّفها المحمدون الثلاثة، الذين تكنّوا بأبي جعفر أيضا، وهم: 1 - أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني مؤلّف الكافي. 2 - أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّي (ت / 381 ه )، مؤلّف كتاب من لا يحضره الفقيه . 3 - أبو جعفر محمّد بن الحسن بن علي الطوسي(ت/460 ه ) مؤلّف كتابي التهذيب ، والاستبصار . ومن الواضح أنّ اختيارهم لهذه الكنية، جاء اعتزازا بكنية الإمام محمّد بن علي أبي جعفر الباقر عليه السلام ؛ إذ ليس من باب المصادفة اكتناءهم بهذه الكنية - بعد أن اتّفقت أسماؤهم - سيّما وهم من أخصّ الموالين للإمام جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام . جدير بالذكر أنّ أشهر كتب الحديث المتأخّرة عند الإمامية هي للمحمدين الثلاثة المتأخّرين المكتنين بأبي جعفر أيضا، وهم: 1 - محمّد بن مرتضى المعروف بالفيض الكاشاني (ت / 1007 ه ) مؤلّف كتاب

ص: 118

الوافي. 2 - محمّد بن الحسن الحرّ العاملي (ت / 1104 ه )، مؤلف كتاب الوسائل . 3 - محمّد باقر المجلسي (ت / 1110 ه )، مؤلّف كتاب بحار الأنوار .

ثالثا - ألقابه

اشاره

ثالثا - ألقابه:اللقب، ثالث أقسام العَلَم بعد الاسم والكنية، قال ابن مالك في ألفيّته: واسما أتى، وكنيةً، ولقباوأخِّرن ذا إن سواه صحبا (1) يريد بهذا أنّه لا يجوز تقديم اللقب على الاسم أو الكنية بل لابدّ من تأخيره لغةً ، ولكن الصحيح عدم جواز تقديم اللقب على الاسم إن اجتمعا، وأمّا لو اجتمع مع الكنية فالأمر بالخيار، ولهذا اعترض شارحه بأنّه لو قال: «وأخِّرن ذا إن سواها صحبا» لم يرد عليه شيء. والألقاب على كثرتها وتنوّعها ترجع إلى نوعين: الأوّل - الألقاب المرغوب عنها، وهي كلّ ما كُرِه التلقيب به، كالأبرص، والأفطس والأثرم، ونحو هذا كثير. وقد سمّى القرآن الكريم هذا النوع من الألقاب بالاسم الفسوق ونهى عنه بقوله تعالى: «وَ لَا تَنَابَزُواْ بِالْأَلْقَبِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ» (2) ، أي: لا تعيبوا إخوانكم المؤمنين. ويمكن إطلاق مثل هذه الألقاب على جهة التعريف بأصحابها لمن لا يعرفهم إلّا بها، وأمّا لقب الكذّاب، والمشعوذ، والدجّال، والمنافق، وغيرها من الألقاب الدّالة على خسَّةٍ ووضاعة، فهي من المنهي عنها أيضا، ولكن التزم الرجاليون بإطلاقها على بعض الرواة؛ لما في ذلك مع نفعٍ كبير يعود إلى الشريعة نفسها، بحفظها من عبث اُولئك الرواة.

والثاني - الألقاب المرغوب فيها، بحيث لا يأباها من عرف بها، وهي على أصناف

ص: 119


1- . . شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك : ج 1 ص 119 - العَلَم.
2- . . سورة الحجرات : 11.

كثيرة، وتعرف بحسبها، إذ قد تكون نسبة إلى صنعة كالصائغ، أو بلد كالقمّي والبصري، أو إلى أحد الأجداد كالحسيني لمن يتّصل عمود نسبه بالإمام السبط أبي عبداللّه الحسين عليه السلام ، أو نسبة إلى كمالات معيّنة كالمفكّر والعالم والمجدّد (1) . وبالجملة، فالألقاب كثيرة ومتنوّعة، إذ قد تدلّ على حرفة، أو صنعة، أو خِلقة، أو صفة، أو مكان، أو علم، أو قبيلة، أو عشيرة، ومنها ما يدلّ على قدح، أو مدح، ومنها ما لا يدلّ على شيء من ذلك. وبهذا نعرف موقع ألقاب شيخنا محمّد بن يعقوب رحمه الله بين منظومة الألقاب، ودلالاتها اللغوية؛ إذ عُرِف قدس سره بألقاب كثيرة يمكن تصنيفها - بحسب ما دلّت عليه - على صنفين، وهما:

الصنف الأوّل - الألقاب المكانية

اشارة

الصنف الأوّل - الألقاب المكانيّة:وقد اصطلحنا هذا الاسم على ألقاب الصنف الأوّل من ألقاب الشيخ محمّد بن يعقوب رضى الله عنه؛ لكونها دلّت على المكان الذي استغرق حياته منذ ولادته إلى وفاته، وفي هذا الصنف نجد أربعة ألقاب، عبَّر الأوّل والثاني منها عن المكان الذي ولد فيه ونشأ وتربّى وأخذ العلم في ربوعه، بينما دلّ الثالث والرابع على المكان الذي استقرَّ فيه أخيرا واتّخذ منه مقاما ومسكنا إلى أن وافاه أجله المحتوم، وعليه يمكن تقسيم هذا الصنف من الألقاب على قسمين، وهما:

القسم الأوّل - ما دلّ من ألقابه على نشأته وموطنه
اشاره

وتنحصر ألقاب هذا القسم بلقبين، وهما:

ص: 120


1- . . وينبغي أن لا تطلق مثل هذه الألقاب الجليلة على أحد جزافا ما لم يكن لها أهلاً، وإلّا فهناك العشرات ممّن وصفوا بجلالة العلم ولقّبوا بمشيخة الإسلام وحفظ الدين، وهم في واقع عقائدهم كما قال تعالى: « وَمَا قَدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ » لأنّهم ما بين مُجسِّم ومُشبِّه، تعالى اللّه عن ذلك علوّا كبيرا.
1 - الكليني
ضبط اسم كلين وتحديد موقعها الجغرافي بدّقة

وهو نسبة إلى «كُلَيْن» على وزن فُعَيْل، كَزُبَيْر، قرية من قرى الريّ، وسيأتي ضبطها على لسان أهلها، مع تحديد موقعها الجغرافي بدقّة. وهذا اللقب من أشهر ألقاب الشيخ محمّد بن يعقوب المكانية قاطبة، ومن شهرته أنّه غلب على اسمه، ولا ينصرف على أحد - عند الإطلاق - إلّا إليه، على الرغم ممّن تلقّبوا به قبله أو بعده. هذا.. وقد حُرِّف لقب (الكُلَيني) إلى (الكوليني) في كتاب تاريخ الأدب العربي للمستشرق كارل بروكلمان إذ قال: «وفي أوائل القرن الرابع الهجري كان مجدّد فقه الإمامية ، هو أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكوليني الرازي» (1) . وقد يكون السبب في هذا رداءة الترجمة ويقرب من هذا الاحتمال، أنّ حركة ضمّ الكاف في (الكُلَيني) يُعَبّر عنها في اللغة الإنجليزية بالحرف (o) الذي يلفظ واوا مخفّفةً، وعلى هذا تكون كتابة اللقب المذكور في تلك اللغة هكذا: ( Al - Koleini )، وهذا ما يقرِّب من احتمال اشتباه يعقوب بن بكر ورمضان عبدالتوّاب بتعريب هذا اللفظ إلى (الكوليني)، خصوصا وهما ممّن لا يتوقّع منهما الدقّة في ضبط مثل هذه المطالب. جدير بالذكر أنّ قرية كلين اختلف العلماء في ضبطها كثيرا، كما اختلفوا في تحديد موقعها الجغرافي أيضا، الأمر الذي لابدّ من تناوله تحت عنوان:

ضبط اسم كلين وتحديد موقعها الجغرافي بدقّة:اختلف العلماء - من الفريقين - في ضبط اسم تلك القرية (كلين) بين ضمّ الكاف وإمالة اللام، وبين فتح الكاف وكسر اللام، وبين كسرهما معا، وقد أضاف بعضهم ياءً ثانية لها لتكون (كيلين)، وهكذا.

ص: 121


1- . . تاريخ الأدب العربي : ج 3 ص 339 ترجمه إلى العربية يعقوب بكر، ورمضان عبدالتوّاب.

كما اختلفوا كثيرا في تحديد موقعها الجغرافي، تبعا لتعدّد القرى التابعة للريّ التي تحمل اسم كلين. ولمّا كانت ولادة الشيخ الكليني في قرية كلين، وقبر والده الشيخ الجليل يعقوب بن إسحاق الكليني لم يزل في تلك القرية على ما صرّح به جملة من العلماء، لذا تطلب الأمر التحرّي الدقيق عن تلك القرية لا في بطون الكتب لما فيها من اختلاف شديد (1) ، وإنّما على أرض الواقع، إذ لا برهان أرقى من المشاهدة والعيان، وهو ما قمت به أثناء كتابة هذا الفصل. ففي يوم الأحد الموافق 12 ربيع الأوّل / 1425 ه تحرّكت من قم إلى طهران بهدف التعرّف على تلك القرية وزيارة قبر الشيخ يعقوب بن إسحاق الكليني رحمه الله المدفون فيها بعد جمع المعلومات الكافية التي تدلّني على موقع تلك القرية بالضبط، وفيما يأتي وصف دقيق لموقعها الجغرافي: تقع قرية كُلَيْن (بضمّ الكاف وفتح اللام وسكون الياء ثمّ نون) إلى الجنوب من مدينة الريّ التابعة لطهران العاصمة، وتتبع (كُلَينْ) إداريا في الوقت الحاضر إلى مدينة حسن آباد الواقعة على طريق (طهران - قم) على يسار القادم من طهران، ويبعد مدخلها عن طهران بمسافة قدرها (35) كيلومتر، وعن قم (91) كيلومتر. وقد وجدت في مركز مدينة حسن آباد عناية ملحوظة بتخليد اسم الشيخ يعقوب الكليني، إذ سُمّيت باسمه رحمه الله حوزتها العلمية، مع متنزَّه باسمه في وسطها، وكذلك تسمية أحد شوارع المدينة - وهو شارع رقم / 31 - باسم الشيخ يعقوب بن إسحاق الكليني. ومن مدخل المدينة إلى رأس هذا الشارع مسافة (4) كيلومتر، وهو يقع على يمين الشارع العام لمنطقة حسن آباد، وقد عُبِّد بالإسفلت مسافة (12) كيلومتر، وما بعدها

ص: 122


1- . . راجع : الشيخ الكليني وكتابه الكافي - الفروع / ثامر العميدي (المؤلّف) : ص 70 - 72.

يكون ترابيا، وعرضه داخل المدينة بحدود (40) متر، وطوله فيها كيلومتر واحد، ثمّ يضيق بعد ذلك إلى مسافة تسع لحافلتين فقط. وأوّل القرى الواقعة على يمين الشارع هي قرية زيوان، وهي تبعد عن حسن آباد بمسافة قدرها (2) كيلومتر، وفيها مرقد وسط مقبرة لأهل تلك القرية، وقد كتب عليه (مرقد سيد مطهر حضرت سيد إسماعيل زيوان) واسم المتولّي لشؤون المرقد هو القيّم حسين زارع علي ميرزا، وقد سألته عن صاحب المرقد فلم أجد عنده شيئا ولا عند أحد غيره ممّن كان يزور هذا المرقد من أهل تلك القرية. وبعد ثلاث كيلومترات من قرية زيوان وصلنا إلى قرية كُلَيْن، وكانت البيوت في بداياتها قديمة جدّا، وخربة موحشة كأنّها أطلال، وما أن انتهت تلك الديار الخالية الواقعة على يمين الشارع إلّا وقد اتّصلت بها بيوت بسيطة آهلة بسكّان أهل قرية كُلَيْن على جانبي شارع الشيخ يعقوب الكليني رحمه الله، وهي قرية صغيرة على أرض منبسطة واسعة تحيط بها من جهة الجنوب الغربي سلاسل جبلية قليلة الارتفاع، وفي شرقها باتّجاه الشمال وعلى بعد (6) كيلومتر تقريبا جبل أسود بدت على سفحه الطويل البعيد مدينة عامرة وكبيرة تشاهد من قريتي زيوان وكلين معا، وقد اتّفق كلّ من سألناه عن اسم تلك المدينة فقالوا أنّها مركز إقليم فشافويه، وهو إقليم واسع يضمّ (47) قرية، منها قرية زيوان وقرية كُلين وبقيه القرى الاُخرى التي يتّصل بمعظمها شارع الشيخ يعقوب الكليني. وأهل قرية كُلَيْن يلفظون اسم قريتهم (بضمّ الكاف، وفتح اللام، وسكون الياء بعدها نون) (1) وكان بعضهم على علم بالقرى التي تحمل هذا الاسم ولكنّها ليست من إقليم فشافويه، وانّ قبر الشيخ يعقوب رحمه الله إنّما هو في قريتهم لا غير. وقد رافقنا بعض وجوه أهل تلك القرية - منهم (رئيس روستاي كلين) ورئيس

ص: 123


1- . . وهذا هو الصحيح الموافق لما ضبطه بعض أعلام الإمامية خلافا لكثير ممّن اشتبهوا بضبطها، راجع : الشيخ الكليني البغدادي وكتابه الكافي - الفروع : ص 70 - 72.

اُمناء مرقد الشيخ يعقوب الكليني الشيخ محمّدرضا ستاره - لزيارة قبر الشيخ يعقوب الذي يبعد عن القرية إلى الجنوب منها بكيلومتر واحد فقط، ويقع على يمين شارع الشيخ يعقوب، في وسط حديقة كبيرة تزيد مساحتها على ثلاثة آلاف متر مربّع، ويقع قبر الشيخ يعقوب رحمه اللهفي وسط حجرة مربّعة الشكل طول ضلعها 60/26 م، وارتفاعها بحدود خمسة أمتار تعلوها قبّة بحدود ثلاثة أمتار، وأمّا القبر الشريف فارتفاعه عن الأرض (57) سنتمرا، وعرضه (10/1) متر، ومبني بحجر الرخام الأبيض المائل للخضرة، وقد كُتب عليه ما هذا لفظه: «هو الباقي. مرقد منوّر ومطهّر مرد صالح جناب مستطاب شيخ يعقوب بن إسحاق كلينى رازى رضى اللّه عنه كه در حدود سال سيصد هجرى قمرى وفات ودر اينجا بخاك سپرده شده است، او پدر عالم بزرگوار شيعه مرحوم ثقة الإسلام محمّد بن يعقوب كلينى مؤلّف كتاب شريف أصول و فروع و روضه كافى است كه يكى از كتب اربعة ميباشد وقبر ايشان در بغداد زيارتگاه مؤمنان است در بسيارى از كتابها مانند فوائد الرضوية محدّث قمى وريحانة الأدب خيابانى تصريح شده كه قبر شيخ يعقوب كلينى در روستاى كلين در راه رى در تهران به قم مشهود ومشهور است بازسازى اين مرقد در سال 1410 هجرى قمرى مقارن با أولين سالگرد ارتحال رهبرى كبير انقلاب اسلامى ايران رحمت اللّه تعالى عليه بهمت افراد خير بازسازى انجام شد». وترجمة ما مكتوب إلى العربية هذه: «هو الباقي. المرقد المنوّر والمطهّر للرجل الصالح سماحة الشيخ يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي رضي اللّه عنه، المتوفّى نحو (سنة / 300 ه ق )، والمدفون في هذا المكان، وهو والد العالِم الشيعي الكبير المرحوم: ثقة الإسلام محمّد بن يعقوب الكليني، مؤلّف كتاب الكافي الشريف (الاُصول، والفروع، والروضة)، وهو أحد

ص: 124

الكتب الشيعية الأربعة، وقبره ببغداد مزار للمؤمنين. وقد صرّحت مصادر كثيرة - كالفوائد الرضوية للمحدّث القمّي، وريحانة الأدب للخياباني - بأنّ قبر الشيخ يعقوب الكليني مشهود ومشهور في قرية كلين في طريق الريّ بين طهران وقم. وقد تمّ ترميم هذا المرقد برعاية بعض الاُخوة المحسنين في (سنة / 1410 ه ق ) المصادف للذكرى الاُولى لرحيل [الإمام الخميني] قائد الثورة الإسلامية الإيرانية الكبير رحمة اللّه تعالى عليه». هذا، وقد أحاط بالقبر الشريف شبّاك زجاجي بأضلاع من الألمنيوم، مستطيل الشكل طوله 10/2 متر، وعرضه 10/1 متر، وارتفاعه 10/1 متر. وأمّا بناء حجرة القبر من الخارج فمستطيلة الشكل، ومساحتها 20/11 متر عرضا × 90/12 متر طولاً، وقد استثمر الفرق بين المساحة الداخلية والخارجية لبناء بعض الغرف الصغيرة المفتوحة على حديقة المرقد من ثلاث جهات ما خلا الواجهة التي توسّطها باب المرقد، وعرضها 24/1 متر، وارتفاعها 30/3 متر، وقد كتب فوق الباب العبارة التالية: «مرمّت اين بقعه توسّط ميراث فرهنگى استان تهران در سال 1376 به اتمام رسيد». وترجمتها إلى العربية: «انجز ترميم هذه البقعة من قبل دائره التراث الثقافي في طهران (سنة/1376هش)». وقد قال لي رئيس هيئة اُمناء المرقد الشريف أنّه كانت توجد مكان هذه العبارة قبل الترميم الأخير للمرقد كتابة صريحة بخصوص بناء القبر في عهد السلطان فتح علي شاه القاجاري المتوفَّى (سنة / 1250 ه ). وقد تحوّلت بعض مساحة حديقة المرقد إلى مقبرة لأهل قرية كُلَيْن وغيرها من القرى المجاورة.

ص: 125

وبالجملة فإنّ القبر الشريف لا يشكّ أحد من أهل تلك القرية ولا من غيرها في صحّة نسبته إلى والد الكليني، وقد رأيت بعضهم يؤمّونه للتبرّك وقراءة سورة الفاتحة على صاحبه رحمه الله، ولا يبعد أن يكون الشيخ يعقوب رحمه الله قد دفن بمنزله في هذه البقعة، الأمر الذي يعتقده أهل تلك القرية ووجوهها واللّه العالم. وفيما يأتي مخطّط يوضّح موقع كلين جغرافيا، مع بعض الصور لمرقد الشيخ يعقوب الكليني رحمه الله :

ص: 126

صور فوتوغرافية لقبر الشيخ يعقوب والد الشيخ الكليني

(الواجهة الأمامية لمرقد الشيخ يعقوب الكليني رحمه الله)

(الواجهة الخلفيّة لمرقد الشيخ يعقوب الكليني رحمه الله)

ص: 127

(قبر الشيخ يعقوب الكليني رحمه الله)

(ما مكتوب على قبر الشيخ يعقوب الكليني رحمه الله)

ص: 128

2 - الرازي

أمّا اللقب الثاني من ألقاب القسم الأوّل الدّالة على الشيخ الكليني من حيث المكان، فهو:

الرازي:وهو نسبة إلى الريّ، المعروفة حاليا باسم (شهر ري) أي مدينة الريّ ، وهي من الأحياء الكبيرة الجنوبية لطهران عاصمة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وفيها قبر السيّد عبدالعظيم بن عبداللّه الحسني رضى الله عنه وكذلك قبر الشيخ الصدوق محمّد بن علي بن الحسين ابن بابويه القمّي قدس سره. وحرف (الزاي) من زيادات النسب، ولقب الرازي من الألقاب الشاذّة التي لا تنطبق مع حروف أصل النسبة (الريّ)، نظير لقب المروزي نسبة إلى مروالروذ في أقصى خراسان، وسبب الشذوذ هذا، هو أنّ النسبة إلى الريّ على القياس (رووي)، لأنّ أصلها واوي من روى ريّا، والاسم الريّ . قال أبو الفتح: «لِيّةٌ (فعلةٌ) من: لويت، ولو نسبت إليها، لقلت: لووي على حقيقة النسب، كما تقوله في الريّ : رووي لولا تغييره» (1) ، يعني: من رووي إلى رازي. وقد مرّ في الفصل الأوّل أنّ الريّ كانت تسمّى في القديم (أرازي)، وعلى هذا فالنسبة إليها بحذف ألفها على خلاف القياس أيضا، إذ يقتضي القياس اللغوي أن يكون اللقب على وفق تلك النسبة هو (الأرازي)، ولكن المعتمد هو الأوّل أي: النسبة إلى الريّ . وسبب نسبة الكليني إلى الريّ ، وتلقيبه بالرازي، إنّما هو على أساس تبعية قرية كلين لمدينة الريّ ، ولأهل القرى حقّ الانتساب إلى مدنهم بلا خلاف، هذا من جهة، ومن جهة اُخرى ، فإنّ الكليني رحمه الله قد سمع الحديث من مشايخ أهل الريّ ، وروى عنهم كثيرا جدّا في الكافي، الأمر الذي يشير إلى انتقاله من كلين إلى الريّ في بدايات حياته

ص: 129


1- . . معجم ما استعجم : ج 4 ص 1168.

العلمية، وبقي فيها إلى أن بلغ ذروة شهرته، حتى قال النجاشي في ترجمته: «شيخ أصحابنا - في وقته - بالريّ، ووجه هم، وكان أوثق الناس في الحديث، وأثبتهم» (1) . ولا شكّ أنّ لقب الرازي يعبِّر عن المكان الذي طارت منه شهرة الكليني إلى الآفاق، وهو المكان الذي أنهى فيه شوطا كبيرا من حياته في تأليف كتابه الخالد (الكافي)، وهو آخر كتبه تأليفا، ولكنّه لم يتمّه بالريّ كما سيأتي في مؤلّفاته رحمه الله.

القسم الثاني - ما دلّ من ألقابه على سكنه وإقامته
اشارة

وتنحصر ألقابه في هذا القسم في لقبين أيضا، وهما:

1 - البغدادي

البغدادي:وهو نسبة إلى بغداد عاصمة الدولة العبّاسية، وهذا اللقب والذي يليه هما من ألقابه المكانية المعبّرة عن تحوّله من الريّ إلى بغداد، حيث بقي فيها زهاء عشرين عاما إلى أن وافاه أجله المحتوم.

2 - السلسلي

السلسلي:وقد عرف الكليني رحمه الله بلقب (السلسلي) نسبة إلى درب السلسلة ببغداد، حيث نزل الكليني رحمه اللهفي هذا الدرب واتّخد له مسكنا هناك، ويقع هذا الدرب في منطقة باب الكوفة (2) . وباب الكوفة هي أحد أبواب بغداد الأربعة، وهي تقع في الجانب الشرقي من بغداد في محلّة الكرخ، كما سيأتي ذلك في تحديد مكان قبر الكليني رحمه الله، ومنه يعلم أنّ درب السلسلة يقع في الكرخ لا محالة.

ص: 130


1- . . رجال النجاشي : ص 377 الرقم 1026.
2- . . إكمال الأكمال : ج 4 ص 575 ، و ج 7 ص 186 ، تاريخ دمشق : ج 56 ص 298 الرقم 7126، تاج العروس : ج 9 ص 322.

وفي هذا الدرب أجاز الكليني لبعض تلامذته في (سنة / 327 ه ) رواية جميع مصنّفاته وأحاديثه عنه، كما ذكر هذا الشيخ الطوسي في بيان طريقه إلى الكليني رحمهما اللّه (1) .

الصنف الثاني - الألقاب العلمية

اشارة

الصنف الثاني - الألقاب العلميّة:وهي تلك الألقاب التي عبّرت عن شخصيّة الكليني العلميّة، ومنزلته بين علماء الإسلام، ودرجة حفظه، ووثاقته، وصدقه، وجلالته، ويمكن تقسيم تلك الألقاب على قسمين، وهما:

القسم الأوّل: الألقاب العلمية التي أطلقها علماء العامّة على الكليني

وُصِفَ الكليني على لسان الكثير من علماء العامّة بأوصاف علمية لا تقلّ عمّا وصفه به علماء الإمامية، ومن تلك الأوصاف العلمية الكثيرة التي صارت علما للكليني دون سواه، بحيث لو أطلقت لما عرف منها غيره، بلا حاجة إلى قرينة تدلّ عليه هو لقب (المجدّد) يعني: مجدّد المذهب الإمامي على رأس المائة الثالثة. وأوّل من أطلق هذا على الكليني من علماء العامّة هو أبو السعادات مبارك بن محمّد ابن الأثير الجزري (ت / 606 ه )، وتابعه عليه غيره كما سيأتي في أقوالهم بحقّ الكليني في آخر المطاف.

القسم الثاني: الألقاب العلمية التي أطلقها علماء الإماميّة على الكليني

لمّا كان الكليني رحمه الله على حدّ تعبير العلماء - هو: «.. في العلم، والفقه، والحديث، والثقة، والورع، وجلالة الشأن، وعظم القدر، وعلوّ المنزلة، وسموّ الرتبة، أشهر من أن يحيط به قلم، ويستوفيه رقم» (2) فلا غرو إذن من أن يوصف بما يليق بشأنه، وينسجم مع عطائه

ص: 131


1- . . راجع: مشيخة التهذيب : ج 10 ص 29، ومشيخة الاستبصار : ج 4 ص 302 .
2- . . تنقيح المقال : ج 3 ص 202 .

وتضحياته. ولكثرة تداول بعض تلك الأوصاف صارت علما للكليني مثل: (رئيس المحدّثين) الذي تردّد على لسان العلماء كثيرا، إذ وصفه بذلك المحقّق الداماد (ت / 1041 ه )، وشرف الدين الشولستاني (ت / بعد سنة / 1063 ه )، والخليل بن غازي القزويني (ت / 1089 ه )، والفيض الكاشاني (ت / 1091 ه )، والمحقّق الخونساري (ت / 1099 ه ) والمحقّق البحراني الماحوزي (ت / 1121 ه )، ومحمّد المشهدي القمّي (ت / 1125 ه )، والميرزا جعفر الطباطبائي الحائري (ت / 1132 ه )، والفاضل الهندي (ت / 1137 ه )، والسيّد بحر العلوم (ت / 1212 ه ) وعبدالنبي الكاظمي (ت / 1256 ه )، والشيخ الأنصاري (ت / 1281 ه )، والكنتوري (ت / 1286 ه )، والملّا هادي السبزواري (ت / 1300 ه )، والسيّد علي البروجردي (ت / 1313 ه )، وأخيرا الإمام الخميني قدس سره(ت / 1409 ه ) (1) . إلّا أنّ شهرة الشيخ الصدوق (ت / 381 ه ) بهذا اللقب جعلته ينصرف إليه عند الإطلاق، خصوصا مع قلّة استعماله بحقّ الكليني في الكتابات المعاصرة من جهة، وغلبة لقبه العلمي الآخر عليه من جهة اُخرى، وهو لقب (ثِقة الإسلام) الذي صار علما للكليني رحمه الله، دون سواه من علماء المسلمين، فكلّما قيل: (ثقة الإسلام) مع انعدام القرينة على إرادة شخصٍ آخر، فالمراد به الكليني لا غير. أمّا أوّل من أطلق هذا اللقب على الكليني فهو مردّد بين إثنين، لم يسبقهما أحد فيما أعلم. أوّلهما: الشهيد الثالث القاضي نور اللّه التستري (ت / 1019 ه ) حيث أطلق كلمة (ثقة الإسلام) على الكليني في كتابه: مجالس المؤمنين (2) . والثاني: بهاء الدين العاملي (ت / 1031 ه )، إذ جاء في إجازته المحرّرة في (سنة /

ص: 132


1- . . راجع أقوالهم في الفصل الأخير من هذا البحث .
2- . . مجالس المؤمنين : ج 1 ص 452 .

1015 ه ) للمولى صفيّ الدين القمّي ذِكْر الكافي مع توصيف مؤلّفه بثقة الإسلام (1) ، ولم أقف على تاريخ تأليف كتاب مجالس المؤمنين ، ليتّضح لي من هو السابق منهما إلى ذلك. ثمّ اشتهر هذا اللقب بعد زمان الشيخ البهائي شهرةً واسعة جدّا، وبصورة لا تجد معها كتابا لعلماء الإمامية ذُكِرَ فيه الكليني رحمه الله خاليا من وصفه بثقة الإسلام. وأمّا عن دلالة لفظ (ثقة الإسلام) فليس كما ذكره السيّد محمّد سرور الواعظ الحسيني في تقريرات بحث السيّد الخوئي قدس سره؛ إذ جاء في هذا الكتاب ما هذا لفظه: «وحيث أنّ المراد من الثقة في الأخبار هو المعنى اللغوي، لا ما هو المصطلح عليه عند المحدّثين، فإنّهم يطلقون الثقة على الإمامي العدل، ومنه إطلاقهم (ثقة الإسلام) على الكليني رحمه الله، فالنسبة بين العادل والموثوق به عموم من وجه، إذ قد يكون الراوي عادلاً غير موثوق به لكثرة خطئه وسهوه، وقد يكون موثّقا غير عادل، بمعنى أنّه ضابط حافظ متحرّز عن الكذب، إلّا أنّه فاسق من غير ناحية الكذب كما يوجد كثيرا، وقد يكون عادلاً موثّقا»! (2)

وفي هذا الكلام عِدّة ملاحظات، وهي:

1 - إنّ (الثِّقَةَ) في اللغة لا يدلّ على الإمامي العدل، وإنّما هو مصدر قولك وَثِقَ به وَثَاقة وثِقَةً: إذا ائتمنه، ووثَّقْتُ فلانا، إذا قلت أنّه ثِقَةٌ، والوثاقة: مصدر الشيء الوثيق المحكم. ويقال: وَثِقْتُ به، أَثِقُ ثِقَةً، أي: سكنتُ إليه، واعتمدت عليه (3) . وسكون شخص إلى آخر، والاعتماد عليه فيما يرويه، لا يكون جزافا ما لم يطمئن قبل ذلك من صدقه وتحرّزه من الكذب، سواء كان إماميا أو غيره.

ص: 133


1- . . بحار الأنوار : ج 109 ص 147.
2- . . مصباح الاُصول/ تقريرات عن السيّدالخوئي بقلم السيّد محمّد سرور الواعظ الحسيني : ج 2 ص 194.
3- . . المفردات للأصبهاني : ص 853 ، لسان العرب : ج 15 ص 212 ، المصباح المنير : ص 647 (وثق).

2 - إذا كان المراد بالثقة في الأخبار هو المعنى اللغوي، وإنّهم يطلقونه على العدل الإمامي، فإنّه ينبغي عدم تخصيص الكليني بثقة الإسلام، إذ اللازم إطلاقه على كلّ عدل إمامي، وعليه فلابدّ وأن تكون ثمّة ميزة لهذا التخصيص.

3 - إنّ الكثير من علماء الشيعة قد بيّنوا سبب تخصيص الكليني بهذا اللقب، وستأتي كلماتهم في الفصل الأخير من هذا البحث ولا بأس بالإشارة إلى بعضها. قال العلّامة المجلسي: «الشيخ الأجلّ الأعظم، ثقة الإسلام، المعظّم بين الخاصّ والعامّ». وقال أيضا: «مقبول طوائف الأنام، ممدوح الخاص والعام». وقال العلّامة الوحيد البهبهاني في الردّ على رواية صحّحها البحراني لأنّها موجودة في أحد الاُصول، قال: «لو كانت كذلك، لكان الكليني ذكرها واعتمد عليها، لكونه أقرب عهدا من الكلّ بالنسبة إلى الاُصول، ولهذا صار ثقة الإسلام عند الخاصّة والعامّة».

4 - إنّ إطلاق (ثقة الإسلام) على الكليني لا بصفته عدلاً إماميا فحسب، وإنّما لاتّفاق علماء الفريقين على تعظيمه ووصفه بأعظم من الوثاقة بكثير، كالمجدّد، وغير هذا من الأوصاف الجليلة التي قلّما أطلقها علماء العامّة على رجالات الشيعة، فثناء الكلّ عليه وتبجيله وإطرائه كما سيأتي مفصّلاً في محلّه دليل واضح على سبب إطلاق (ثقة الإسلام) عليه، الأمر الذي يكشف لنا وبكلّ وضوح عن أنّ لهذا الرجل العظيم منزلة بين علماء الإسلام لا يمسّها أحد بسوء إلّا كُذِّب وافتضح أمره بين الناس أجمعين، كما افتضح في هذا بعض متأخّري نابتة عصرنا من الحشوية المعروفين باقتدائهم بمن شذّ عن الطريق المستقيم.

رابعا - ولادته

وسنبحثها من جهتين، وهما:

ص: 134

1 - تاريخها: لم يؤرّخ أحد ولادة الشيخ الكليني، ومع عدم معرفتنا بتاريخ ولادته، يتعذّر علينا معرفة مدّة عمره بالضبط وإن علمنا تاريخ وفاته، وحيث سينتهي بنا التحقيق في تاريخ وفاته إلى أنّها كانت (في سنة / 329 ه . ق - 941م - 322 ه .ش) فيمكن تلمّس القرائن التي تفيدنا - على نحو التقريب - في تقدير مدّة عمره الشريف. ومن تلك القرائن: أ - إنّه وُصِفَ من المجدّدين على رأس المائة الثالثة (300 ه )، والمجدّد لا يكون مجدّدا دون سنّ الأربعين عادّة، وهذه القرينة تعني أنّ ولادته كانت في حدود (سنة / 260 ه ). ب - إنّه حدّث في الكافي عن بعض المشايخ الذين ماتوا قبل (سنة / 300 ه )، كمحمد بن الحسن الصّفار (ت / 290 ه )، وعلي بن إبراهيم بن محمّد بن الحسن الهاشمي، المعروف بأبي الحسن الجواني (ت / 291 ه )، والحسن بن علي الهاشمي البغدادي (ت / 291 ه ). وهذه القرينة تساعد على التقريب المذكور. ج - إنّه كان ألمع شخصية إمامية في بلاد الريّ قبل رحلته إلى بغداد كما يدلّ عليه قول النجاشي: كان «شيخ أصحابنا - في وقته - بالريّ ، ووجههم» (1) . وقد تقدّم ما يدلّ على كثرة علماء الشيعة بالريّ في عصر الكليني، وإذا علمنا أنّه غادر الريّ إلى العراق قبل (سنة / 310 ه )، أمكن تقدير عمره يوم مغادرته بنحو خمسين عاما أو أقلّ منه بقليل، وهو العمر الذي يؤهّله لزعامة الإمامية في بلاد الريّ ، ومعنى هذا أنّ ولادته كانت بحدود (سنة / 260 ه ).

د - إنّ غرض الكليني من تأليف الكافي يختلف عن أغراض أغلب المؤلّفين، إذ أراده الكليني أن يكون مرجعا للشيعة في معرفة اُصول العقيدة وفروعها وآدابها، بناء على

ص: 135


1- . . رجال النجاشي : ص 377 الرقم 1026 .

طلب قُدِّم له في هذا الخصوص كما هو ظاهر من خطبة الكافي الرائعة التي أشارت إلى هذا الغرض بوضوح. ولا خلاف بأنّ مثل ذلك الطلب لا يوجّه إلّا للأمثل فالأمثل، وهو من صَلُبَ عوده في العلم، واكتملت معرفته، وعرفت كفاءته، وشخّصت منزلته، وأكسبته الأيام خبرة واسعة في معرفة كلّ هذا، وفاق أقرانه، وصار قطبا يعتمد عليه في مثل هذا الأمر الخطير. وعليه، فإن قلنا بأنّ (سنة / 290 ه ) هي بداية الشروع في تأليف الكافي بناء على وفاة بعض مشايخه بهذا التاريخ وقبله وبعده بقليل أيضا، فلا أقلّ من أن يكون عمره وقت التأليف ثلاثين عاما إن لم يكن أكثر من ذلك، بناء على ضخامة الطلب المذكور الذي لا يقدّم إلّا لمن كان رأسا في زمانه وقطبا بين أقرانه. وهذه القرينة تقوّي ما تقدّم في تقدير ولادته في حدود (سنة / 260 ه ) أيضا. وأظنّ أنّ مثل هذا التقدير لعمر الكليني معقول، فلا معنى لأن يُستكثر بحجّة عدم وجود النصّ عليه!! ويستفاد ممّا تقدّم أنّ ولادته كانت في أواخر حياة الإمام العسكري عليه السلام أو بعدها بقليل، وأنّ عمره الشريف كان بحدود سبعين عاما، وهو العمر الذي تجاوَزَه كلٌّ من الشيخ الصدوق والشيخ الطوسي بخمس سنين، وعلى هذا يكون المحمدون الثلاثة قد تساووا من جهات شتى: في أسمائهم، وكناهم، وأهمية كتبهم، ومرجعيّتهم، وأعمارهم، وحسن عاقبتهم رضي اللّه تعالى عنهم وأرضاهم. 2 - مكانها: وأمّا عن مكان ولادة الشيخ الكليني رحمه الله، فالظاهر أنّها كانت في قرية كُلَين، وهناك جملة من القرائن القوية الدالّة على ذلك، وهي: أ - النسبة إلى كلين، بلحاظ أنّ الرحلة لا تكون إلى القرى عادة، بل غالبا ما تكون من القرى إلى حواضر العلم والدين المشهورة التي تجمع أكبر عدد من العلماء، وعليه فإنّ نسبة ثقة الإسلام إلى تلك القرية يشير إلى ولادته بها، ونشأته الاُولى بين ربوعها لا إلى

ص: 136

رحلته إليها كما هو واضح.

ب - إنّ قبر والده الشيخ يعقوب لا زال قائما إلى اليوم في قرية كلين.

ج - أخو الشيخ الكليني منسوب إلى كلين، وهو من مشايخ ثقة الإسلام الكليني.

د - اُمّ الشيخ الكليني وأخوها، وأبوها، وعمّها، وجدّها من أهل تلك القرية كما سيأتي في بيان نشأته واُسرته.

ه - مشايخه الأوائل الذين تلقّى العلم منهم كانوا من كلين، كما سيأتي في مشايخه. وكلّ هذا ينفي القول بولادته في مكان آخر غير تلك القرية، ومنه يتبيّن خطأ الاُستاذ عبدالواحد الأنصاري بقوله: ولد الكليني ببغداد! (1) ولعلّه اشتبه بوفاة ثقة الإسلام ببغداد، أو بلقبه: السلسلي البغدادي، فحسب إنّ ولادته كانت ببغداد.

خامسا - نشأته وتربيته، وعقبه، وأصله

خامسا - نشأته وتربيته، وعقبه، وأصله:لقرية كُلَيْن الفضل الكبير في احتضان ثقة الإسلام الكليني، وتقديمه للاُمّة عالما، ومجدّدا، وثقة ثبتا، وحقّ لها - وهي تلك القرية الصغيرة - أن تفتخر بالكليني على حواضر العلم والدين واُمّهات المدن في بلاد الإسلام.. وحسبها شرفا أن يكون أهمّ كتب الشيعة وأكثرها فائدة لواحد من أعلامها.

لقد نشأ شيخنا الجليل محمّد بن يعقوب بن إسحاق أبو جعفر الكليني الرازي السلسلي البغدادي في تلك القرية الصغيرة، وانتسب إليها، فكان أشهر أعلامها في تاريخها الطويل (القديم والمعاصر). وعاش طفولته في بيت جليل أبا واُمّا وأُخوة وأخوالاً، وتلقّى علومه الاُولى من رجالات العلم والدين من أهل تلك القرية، لاسيّما من اُسرته كما سنرى بعد قليل.

ويبدو أنّ لتلك القرية ثقلاً علميا معروفا في ذلك الحين؛ إذ خرّجت عددا من الأعلام لا زال ذكرهم يتردّد في كتب الحديث والرجال، كإبراهيم بن عثمان الكليني،

ص: 137


1- . . أثر الشيعة الجعفرية في تطوير الحركة الفكرية ببغداد / عبدالواحد الأنصاري : ص 63 .

وأبي رجاء الكليني، وعلي بن يحيى بن زيد الكليني، راوي كتاب إسحاق بن بشر، أبي حذيفة الكاهلي (1) ، ومحمّد بن صالح بن عبداللّه ، أبي جعفر الكليني الحافظ، من طبقة مشايخ ثقة الإسلام الكليني، روى عن عبدالرزاق الصنعاني بواسطة واحدة (2) ، وغيرهم ممّن كان لهم دور كبير في مجمل نشاط الحركة الثقافية والفكرية في تلك القرية لاسيّما مشايخ الكليني وتلامذته من أهل تلك القرية التي استمرّ عطاؤها بعد عصر الكليني أيضا، إذ خرّجت طائفة جليلة من المحدّثين والفقهاء، وقد أشار إلى بعضهم الشيخ منتجب الدين في فهرسته (3) . وإذا ما وقفنا على من برز من اُسرة الكليني وأخواله، علمنا أنّه لم يفتح عينيه على محيط مغمور ثقافيا، وإنّما توفّرت له في محيطه واُسرته الأسباب الكافية لأن تكون له - منذ نعومة أظفاره - نشأة صالحة أهّلته في أوان شبابه لأن يتفوّق على أقرانه، ثمّ لم يلبث الأمر هكذا إلى أن اشتهر في بلاد الريّ ، وصار فيها - بنظر الكلّ - الرجل الكفوء القادر على تلبية حاجاتهم العلمية في تأليف كتاب عديم النظير، ومن هنا وُلد الكافي الشريف الذي أشرقت شمس فصوله الاُولى من كلين، فما أجدر تلك القرية بالتبجيل والتكريم سيّما ونحن على أبواب مرور ألف ومائة سنة على الرحلة الأبدية لابنها العظيم ثقة الإسلام (4) . وممّا لا شكّ فيه أنّ لاُسرة الكليني دورها الكبير في بناء شخصية مولودها الجديد وتوجيه طاقاته وتنميتها بما يخدم الاُمّة. وإذا ما عدنا إلى تلك الاُسرة الفاضلة، نجد أباه الشيخ يعقوب بن إسحاق الكليني رحمه الله

ص: 138


1- . . رجال النجاشي : ص 71 الرقم 171 .
2- . . السنن الكبرى : ج 2 ص 73 .
3- . . راجع كتاب: الفهرست لمنتجب الدين : ص 182 و 265 و 404 و 405 .
4- . . في شهر شعبان من (سنة / 1429 ه ) أي: بعد ثلاث سنوات وستة أشهر من الآن ستمرّ الذكرى الألفية بعد المائة على وفاة ثقة الإسلام الكليني رحمه الله .

من رجالات تلك القرية المشار لهم بالبنان (1) ، ولعلّ في بقاء قبره الشريف إلى الآن في تلك القرية، وصيرورته مزارا لأهلها وغيرهم، ما يشهد بفضله ونبله. وأمّا اُمّ الكليني، فهي امرأة جليلة فاضلة بلا شكّ ولا شبهة؛ حيث تلقّت تربية حسنة، وعاشت حياتها - قبل انتقالها إلى الشيخ الجليل يعقوب بن إسحاق - في بيت من بيوتات الإمامية المعروفة في تلك القرية، وهو البيت المشهور ببيت علّان الذي خرَّج جملة من أعلام كلين لاسيّما في مجالات الحديث وروايته وحفظه، ولازال صدى بعضهم يسمع في البحوث الحديثية والرجالية معا. ومن أعيان هذه الاُسرة في كلين، جدّها الأعلى أبان الكليني الرازي الذي خُلِّد اسمه من خلال أولاده وأحفاده. ويأتي في طليعتهم ولده إبراهيم بن أبان الكليني الملقّب بعلّان، وبهذا اللقب عرف أولاده وأحفاده، حيث أعقب ولدين وهما : أحمد بن إبراهيم بن أبان الكليني، قال الشيخ الطوسي في ترجمته: «خيّر فاضل من أهل الريّ» (2) وهو عمّ اُمّ الكليني . ومحمّد بن إبراهيم بن أبان الكليني، وهو أبوها، جدّ ثقة الإسلام الكليني لاُمّه، مدحه العلماء بالخيرية (3) والفضل (4) ، الذي أعقب عليّا الرجل المشهور. ترجم له النجاشي قائلاً: «علي بن محمّد بن إبراهيم بن أبان الرازي الكليني، المعروف بعلّان، يكنّى أبا الحسن، ثقة، عين، له كتاب أخبار القائم عليه السلام » (5) ، ووثّقه علماء الإمامية جميعا.

ص: 139


1- . . روضات الجنّات : ج 6 ص 108، شرح اُصول الكافي / المظفّر : ج 1 ص 13 .
2- . . رجال الشيخ الطوسي : ص 407 الرقم 5920 (1).
3- . . المصدر السابق : ص 439 الرقم 6279 (29)، رجال ابن داوود : القسم الأوّل ، ص 160 الرقم 1277 .
4- . . خلاصة الأقوال : القسم الأوّل ، ص 250 الرقم 848 (50) .
5- . . رجال النجاشي : ص 260 - 261 الرقم 682.

وهو أخو اُمّ ثقة الإسلام الكليني.

وقد ذكره النجاشي في ترجمة الكليني مصرّحا بأنّه خال محمّد بن يعقوب الكليني رحمه الله (1) ؛ فهو إذن خال الكليني واُستاذه؛ لأنّه من رجال عِدّة الكافي الذين روى عنهم الكليني، عن سهل بن زياد، فضلاً عمّا رواه عنه منفردا لاسيّما في اُصول الكافي، وقد قُتل علّان هذا وهو في طريقه إلى مكّة المكرّمة قاصدا أداء فريضة الحج، وكان قد استأذن من إمام العصر المهدي عليه السلام لهذا الغرض فخرج توقّف عنه في هذه السنة، فخالف، فَقُتِل، كما في ذيل ترجمته في رجال النجاشي . وقد أغرب صاحب كتاب (الكليني والكافي) من جهتين في ترجمته: إحداهما: في زعمه بأنّ الكليني لم يكثر من الرواية عنه! وهو أمر عجيب إذ كيف لم يكثر من الرواية عنه وهو من رجال عِدّة الكافي عن سهل بن زياد التي بلغت مواردها في الكافي أكثر من ألف مورد؟! والاُخرى: في تعجّبه من توثيق النجاشي مع تلك المخالفة منه في مسألة الخروج إلى الحج، ولم يع الوجه في ذلك، فظنّ منافاة التوثيق للخروج إلى الحجّ بعد المنع منه! ولم يلتفت إلى أنّ التوثيق الرجالي أعمّ من هذه الاُمور، كما هو بيِّن من توثيقاتهم لبعض من انحرف عن أئمّة الهدى عليهم السلام ، نظير توثيقهم لبعض الواقفة، والفطحية وغيرهم. على أنّ الحجّ ليس بمحرّم، والاستئذان فيه من الإمام عليه السلام ليس بواجب، وإنّما مثله كمثل الاستخارة أو الاستشارة، إذ تجوز فيهما المخالفة وإن كان التقيّد بنتائجهما أولى. ومن هنا يتّضح أنّ المنع من الحجّ لم يكن بنحوٍ لازم، ولو فرض كونه كذلك، فلا منافاة بين تلك المخالفة والتوثيق من كلّ وجه.

والمهمّ من كلّ هذا، هو أنّ اُمّ الشيخ الكليني كانت ذات نشأة جيّدة في بيت جلّ رجالاته من حملة حديث أهل البيت عليهم السلام ، فهي لابدّ وأن تكون قد أخذت - قبل انتقالها

ص: 140


1- . . رجال النجاشي : ص 377 الرقم 1026.

إلى الشيخ يعقوب - قسطا من علم وفقه أخيها وعمّها وأبيها باعتبار نشأتها بين أحضان تلك الاُسرة المعروفة بالفضل والديانة والخيريّة؛ ممّا انعكس هذا على بيتها الجديد، حتى كأنّها مدرسة أُعِدَّت بعناية لذلك البيت الشريف، الذي كان من ثمراته علمان بارزان: أوّلهما: من كان موردا لعناية ولطف الإمام المهدي عليه السلام ، وهو الشيخ الجليل إسحاق بن يعقوب بن إسحاق الكليني، أخو الشيخ الكليني وأحد أساتذته كما سيأتي في مشايخه. والآخر: الشيخ الأجلّ، المجدّد الشهير، وعملاق الحديث، محمّد بن يعقوب بن إسحاق، أبو جعفر الكليني، المعروف ب- (ثقة الإسلام). وبمناسبة الحديث عن الاُسرة التي احتضنت ثقة الإسلام، نود التذكير بأمرين. أحدهما: بسؤالنا القديم الذي مضى على طرحه زهاء عشرين عاما: «هل للكليني ولد»؟ ولم يزل إلى الآن بلا جواب محكم، حيث لم أجد - رغم التتبّع الطويل الواسع - ما يشير إلى النفي أو الإثبات بشكل قاطع. وفي هذا الصدد، قال الشيخ المامقاني في ترجمة أحمد بن أحمد الكوفي أبي الحسين الكاتب، قال: «لم أقف فيه إلّا على عنوان الوحيد له بذلك، وقوله: إنّه سيجيء في أحمد ابن محمّد بن يعقوب الكليني ما يشير إلى حسن حاله في الجملة» (1) . ولكن لم يرد لا في التعليقة ولا في غيرها (أحمد بن محمّد بن يعقوب الكليني). وأمّا أحمد بن محمّد بن يعقوب الرازي المذكور في كتب العامّة فالمراد به ابن مسكويه، صاحب كتاب تجارب الاُمم (ت / 421 ه ). كما وقع رجل آخر بعنوان أحمد بن محمّد بن يعقوب الرازي في مسند الشهاب

ص: 141


1- . . تنقيح المقال : ج 1 ص 49 ، وانظر تعليقة الوحيد على منهج المقال : ص 31 الطبعة الحجرية، ولكن في الطبعة المحقّقة : ج 1 ص 21 الرقم 80 قال: (سيجيء في محمّد بن يعقوب الكليني...)، فلاحظ.

للقضاعي (ت / 454 ه ) وقد روى عنه بواسطتين (1) ، وكان الراوي المباشر عنه هو أحمد ابن الحسن بن إسحاق الرازي المتوفّى (سنة / 357 ه )، وأحمد هذا لم أقف على ترجمة له، ولا دليل على أنّه ابن الكليني، وتظهر عامّيته بوضوح من خلال تردّد ذكره في أسانيد العامّة، في حين لم يرو عنه أحد من محدِّثي الشيعة. والآخر: في خصوص أصل الكليني، إذ لا دليل على انحداره من اُصول فارسية، خصوصا وأنّ اسم جدّه الأعلى ليس من أسماء الفرس، فاسم جدّ البخاري صاحب الصحيح مثلاً هو بردزبه، وهو من أسماء المجوسية، ولا يكفي الانتساب إلى كلين والولادة فيها على تثبيت الأصل الفارسي، كما لا دليل على انحدار ثقة الإسلام من اُصول عربية أيضا، وربّما قد يستفاد من الكافي نفسه ما يشير عن بعد إلى عدم فارسيّته، فقد روى بسنده عن محمّد بن الفيض، عن الإمام الصادق عليه السلام بأنّ النرجس من ريحان الأعاجم. ثمّ قال الكليني معقّبا: «وأخبرني بعض أصحابنا أنّ الأعاجم كانت تشمّه إن صاموا، وقالوا: إنّه يمسك الجوع» (2) ، بتقريب أنّه لو كان الكليني من الأعاجم أصلاً لما احتاج إلى الرواية بنسبة شمّ الريحان إليهم، إذ يمكنه تأكيده بنفسه؛ لعدم خفاء ذلك على من انحدر منهم، خصوصا مع قرب زمانه منهم، ولكنّه دليل ضعيف لا يعتمد عليه.

سادسا - وفاته، تاريخها ومكانها

1 - تاريخ الوفاة

اشاره

1 - تاريخ الوفاة:اختلف العلماء في ضبط تاريخ وفاة الكليني رحمه الله على قولين لا ثالث لهما، وهما: القول الأوّل - تحديد تاريخ الوفاة (بسنة / 328 ه ):

ص: 142


1- . . مسند الشهاب : ج 2 ص 174، تهذيب الكمال : ج 29 ص 283 الرقم 6364 ، ميزان الاعتدال : ج 4 ص 242 الرقم 8997 .
2- . . فروع الكافي : ج 4 ص 112 ح 2 باب الطيب والريحان من كتاب الصيام.

قال الشيخ الطوسي (ت / 460 ه ) في الفهرست : «وتوفّي محمّد بن يعقوب سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة ببغداد، ودفن بباب الكوفة في مقبرتها، قال: ابن عبدون: رأيت قبره في صراة الطائي، وعليه لوح مكتوب فيه اسمه واسم أبيه» (1) . وتابعه على ذلك السيّد ابن طاووس الحسني (ت / 664 ه ) في كشف المحجّة (2) . واختاره - من العامّة - ابن ماكولا (ت / 475 ه ) في إكمال الإكمال ، قال: «وكان ينزل بباب الكوفة في درب السلسلة في بغداد، وتوفّي بها في سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، ودفن بباب الكوفة في مقبرتها، قال [ابن] الحاشر: ورأيت أنا قبره بالقرب من صراة الطائي، عليه لوح مكتوب فيه: هذا قبر محمّد بن يعقوب الرازي الفقيه» (3) . وتابعه على هذا التاريخ: ابن عساكر الدمشقي (ت / 571 ه ) في تاريخ دمشق (4) ، وابن الأثير الجزري المؤرّخ (ت / 630 ه ) في الكامل في التاريخ (5) ، والذهبي (ت / 748 ه ) في سِيَر أعلام النبلاء (6) ، والصفدي (ت / 764 ه ) في الوافي بالوفيات (7) ، وابن ناصر الدين القيسي (ت / 842 ه ) في توضيح المشتبه (8) ، وابن حجر العسقلاني (ت / 852 ه ) في لسان الميزان (9) .

القول الثاني - تحديد تاريخ الوفاة (بسنة / 329 ه ):

وهو القول الثاني للشيخ الطوسي، قال في الرجال : «مات سنة تسع وعشرين

ص: 143


1- . . الفهرست للطوسي : ص 211 الرقم 602 (17) .
2- . . كشف المحجّة لثمرة المهجة : ص 159.
3- . . إكمال الأكمال : ج 7 ص 186 .
4- . . تاريخ دمشق : ج 56 ص 298 الرقم 7126.
5- . . الكامل في التاريخ : ج 8 ص 364 في حوادث (سنة / 328 ه ) .
6- . . سِيَر أعلام النبلاء : ج 15 ص 280 الرقم 125 .
7- . . الوافي بالوفيات : ج 5 ص 226 الرقم 2300 .
8- . . توضيح المشتبه : ج 7 ص 337 .
9- . . لسان الميزان : ج 5 ص 490 الرقم 8205 (1420) .

وثلاثمائة في شعبان ببغداد، ودفن بباب الكوفة» (1) . واختاره النجاشي (ت بعد سنة / 463 ه )، قال: «ومات أبو جعفر الكليني رحمه الله ببغداد، سنة تسع وعشرين وثلاثمائة سنة تناثر النجوم، وصلّى عليه محمّد بن جعفر الحسني أبو قيراط، ودفن بباب الكوفة، وقال لنا أحمد بن عبدون: كنت أعرف قبره، وقد درس رحمه الله» (2) . وذهب إلى هذا التاريخ - من العامّة - أبو الفداء (ت / 732 ه ) في تاريخه (3) ، وإسماعيل باشا البغدادي (ت / 1339 ه ) في هدية العارفين (4) . هذا وقد ذَكَرَ كلا القولين العلّامة الحلّي (ت / 726 ه ) في الخلاصة (5) ، وابن داوود الحلّي (ت / 740 ه ) في رجاله (6) .

القول المختار

يعتبر القول الثاني هو القول الراجح، لجملة من الاُمور، وهي:

أ - إنّ أسبق مصادر القول الأوّل الذي حدّد وفاة الكليني رحمه الله (بسنة / 328 ه ) هو فهرست الشيخ الطوسي، ولا يبعد أن يكون هو المصدر الأساس لبقيّة الأقوال الاُخرى التي حدّدت الوفاة بتلك السنة سواءً كانت أقوالاً شيعيّة، أو غيرها، خصوصا مع ملاحظة شهرة الشيخ الطوسي في زمانه، وانتشار كتبه واشتهارها في عصره، بفضل كثرة تلامذته الذين كانوا يستنسخون كلّ ما يكتبه قدس سره، فليس من المستبعد إذن وصول كتابه الفهرست إلى ابن ماكولا وغيره.

ص: 144


1- . . رجال الشيخ الطوسي : ص 439 الرقم 6277 (27) باب من لم يرو عنهم عليهم السلام .
2- . . رجال النجاشي : ص 377 - 378 الرقم 1026.
3- . . تاريخ أبي الفداء المعروف بالمختصر في أخبار البشر : ج 1 ص 419 .
4- . . هدية العارفين في أسماء المؤلّفين وآثار المصنّفين : ج 6 ص 35 .
5- . . خلاصة الأقوال : القسم الأوّل ، ص 245 - 246 الرقم 835 (37) .
6- . . رجال ابن داوود : القسم الأوّل ، ص 187 الرقم 1538.

ب - المشهور هو أنّ الشيخ الطوسي ألّف كتاب الفهرست قبل كتاب الرجال؛ بدليل أنّا نجد في باب من لم يرو عن الأئمّة عليهم السلام من رجال الشيخ إحالات كثيرة في تراجم عديدة إلى الفهرست لمعرفة مؤلّفاته، إذ عادة ما يقول الشيخ في ذيل - أو أثناء - تلك التراجم عبارة: «له كتب - أو مصنّفات - ذكرناها في الفهرست» (1) . ومعنى هذا، أنّ قوله في الرجال بخصوص وفاة الكليني في (سنة / 329 ه ) الموافق لقول الشيخ النجاشي، يعدّ بمثابة الرجوع عن قوله السابق في الفهرست، وإن لم يصرّح به، والأخذ بالثاني هو المتعيّن، وقد جرى الأخذ بالقول المتأخّر للفقيه في مسألة ما على قوله المتقدّم فيها إن كان له أكثر من قول بشأنها. ومن الواضح أنّ اتّفاق الشيخ والنجاشي على هذا الأمر، يصعب تجاوزه. ج - توفّر القرينة الدّالة على صحّة (سنة / 329 ه ) كتاريخ لوفاة الكليني رحمه الله، وتنحصر تلك القرينة بذكر شهر الوفاة، وهو شهر شعبان من تلك السنة، كما مرّ في كلام الشيخ الطوسي في رجاله، ومن وافقه على ذلك، في حين تفتقر (سنة / 328 ه ) إلى مثل هذا التحديد. جدير بالذكر إنّ شهر شعبان من (سنة / 329 ه . ق) يصادف شهر مايس من (سنة / 941 م)، وكذلك شهر أرديبهشت من (سنة / 322 ه . ش) والنصف من شهر شعبان لتلك السنة يوافق يوم الأحد. هذا، وأمّا ما ذكره النجاشي من أنّ (سنة / 329 ه ) هي سنة تناثر النجوم، وهو ما قاله

ص: 145


1- . . راجع على سبيل المثال أرقام التراجم التالية وأسماء أصحابها في رجال الشيخ الطوسي : الرقم 5949 ابن عقدة، و الرقم 5953 أبو غالب الزراري، و الرقم 5963 أحمد بن إبراهيم العمي البصري، و الرقم 5990 إبراهيم ابن صالح الأنماطي، و الرقم 5991 إبراهيم بن رجاء الجحدري ، و الرقم 5992 إبراهيم بن سليمان السهمي، و الرقم 6001 إسماعيل بن علي العمي ، و الرقم 6026 أحمد بن داوود بن سعيد الفزاري، هذا ما وقفنا عليه في حرف الألف فقط، ولا حاجة لمتابعة المزيد.

أيضا في وفاة الصدوق الأوّل المتوفّى رحمه الله في (سنة / 329 ه ) (1) فلنا رأي فيه، فصّلناه في بحث سابق (2) ، ولا حاجة إلى إعادته.

2 - مكان الوفاة

مكان الوفاة:اتّفق الكلّ على أنّ وفاة ثقة الإسلام الكليني رحمه اللّه تعالى، كانت ببغداد، حيث اتّخذ فيها مسكنا بدرب السلسلة القريب من باب الكوفة، ولم أجد المخالف في هذا إلّا ما كان من أحمد أمين المصري (ت / 1373 ه ) الذي زعم أنّ وفاة الكليني بالكوفة!! (3) . والمعروف عن أحمد أمين أنّه لم يطّلع على كتب الشيعة في خصوص معرفة عقائدهم وأعلامهم، وقد حدّثني أساتذة كلّية الفقه في مطلع الثمانينات من القرن الميلادي الماضي، بأنّ أحمد أمين قدم إلى العراق، ودُعي إلى كلّية الفقه في النجف الأشرف، وأنّه عوتِب على ما وصف به الإمامية في كتبه الثلاثة: (فجر الإسلام) و(ضحى الإسلام)، و(شمس الإسلام)، فاعتذر بأنّه لم يطّلع على مؤلّفات الشيعة!! وإنّما ذكرنا هذا ليعلم مدى تأثّره بالدراسات الاستشراقية في فهم عقائد الشيعة ووفيات أعلامها! وفي المقام فإنّه لم يأخذ هذا المورد إلّا من المستشرق رونالدسن داويت، الذي لم يفرّق بين باب الكوفة ببغداد، وبين مدينة الكوفة، ومن هنا كان اشتباهه - في كتابه (عقيدة الشيعة) - بالمكان الذي مات فيه الكليني رحمه الله (4) ، ثمّ جاء أحمد أمين ليفهم منه تلك العقيدة وأعلامها!!

وأيّا كان مصدر نقله، فقد خرجت جموع الشيعة ببغداد في ذلك اليوم الحزين

ص: 146


1- . . رجال النجاشي : ص 262 الرقم 684 في ترجمة الصدوق الأوّل.
2- . . راجع بحثنا : الصدوق الأوّل علي بن بابويه القمّي : ص 179 وما بعدها من القسم الثاني، بحث منشور في مجلّة فقه أهل البيت عليهم السلام ، العدد الثالث - السنة الاُولى ، تصدرها دائرة معارف الفقه الإسلامي، قم / 1417 ه .
3- . . ضحى الإسلام : ج 3 ص 267.
4- . . عقيدة الشيعة / رونالدسن داويت: ص 484 .

لتلقي نظرة الوداع الأخيرة إلى جثمان عالمها وفقيهها ومحدّثها الشيخ الجليل الكليني رضي اللّه تعالى عنه، واحتشدت بخشوع ليؤمّها في الصلاة على الجثمان الطاهر نقيب الطالبيين ببغداد السيّد محمّد بن جعفر الحسني المعروف بأبي قيراط، المتوفّى (سنة / 345 ه )، ثمّ نقلته بعد ذلك إلى مثواه الأخير. جدير بالذكر، أنّه قد شهدت بغداد وغيرها من الحواضر العلمية في (سنة / 329 ه ) سنة وفاة الشيخ الكليني، وفيات عدد من أقطاب الإمامية، كالسفير الرابع الشيخ الجليل علي بن محمّد أبي الحسن السمري، والشيخ الجليل الصدوق الأوّل، وفي تلك السنة حصلت الطامّة الكبرى بانقطاع السفارة وحلول عصر الغيبة الكبرى، وفي تلك السنة أيضا مات عدد جمّ من علماء الطوائف والمذاهب الاُخرى من فقهاء ومتكلّمين ومحدّثين، حتى سمّيت تلك السنة بسنة موت العلماء، وفيها أيضا سقط رأس القبّة الخضراء ببغداد التي كانت تعدّ من مآثر بني العبّاس، وحصل في تلك السنة من الأحداث ما لم يعهد مثله، كتناثر النجوم فيما قاله النجاشي، مع مطر عظيم، ورعد هائل، وبرق شديد فيما قاله الخطيب البغدادي (1) ، ممّا يدلّ هذا على شؤم تلك السنة المذكورة في زمان وفاة ثقة الإسلام ومكانها.

3 - قبره الشريف

قبره الشريف:من مراجعة ما تقدم يُعلم أنّ مكان قبر الكليني في الجانب الغربي من بغداد؛ لتصريح الشيخ الطوسي وغيره بأنّه دفن ببغداد في مقبرة باب الكوفة، قرب صراة الطائي، وقد رأى الشيخ أحمد بن عبدالواحد بن أحمد البزّاز المعروف بابن عبدون، والمسمّى بابن الحاشر (ت / 423 ه ) أحد مشايخ الشيخ الطوسي والنجاشي، قبر الشيخ الكليني في صراة الطائي وعليه لوح مكتوب فيه اسمه واسم أبيه كما مرّ آنفا.

ص: 147


1- . . تاريخ بغداد : ج 1 ص 93 .

ومن الثوابت التاريخية أنّ باب الكوفة أحد أبواب بغداد المشهورة؛ لأنّ المنصور العبّاسي (137 - 158 ه ) الذي شرع ببناء مدينة بغداد في (سنة / 140 ه ) قد اختار موقعها في الجانب الغربي من نهر دجلة، أي في منطقة الكرخ حاليا، وكان بناؤها مستديرا، ولها أربعة أبواب، سمّيت كلّ منها باسم الجهة التي تقابلها وهي: 1 - باب الشام في الشمال الغربي من المدينة مقابل جهة الشام. 2 - باب البصرة في الجنوب الشرقي من المدينة باتّجاه البصرة. 3 - باب خراسان في الشمال الشرقي على الضفّة الغربية لنهر دجلة باتّجاه خراسان. 4 - باب الكوفة في ناحية الجنوب الغربي باتّجاه الكوفة. وأمّا صراة الطائي، فهو اسم لنهرين ببغداد وكلاهما في الجانب الغربي من بغداد. أحدهما: يسمّى الصراة العظمى، أو الصراة العليا. والآخر: يسمّى الصراة الصغرى، أو الصراة السفلى، ومنبعهما من نهر عيسى الأعظم الذي يأخذ ماءه من جنوب بغداد، وتحديدا من المنطقة المسمّاة حاليا بجزيرة بغداد، مقابل منطقة كلوذاي في الطرف الآخر من النهر، وهي الباب الشرقي حاليا، ونهر عيسى نسبة إلى عيسى بن علي بن عبداللّه بن عبّاس، وهذا النهر يتفرّع عند منطقة المحول الكبير - وهي تبعد عن سور بغداد بفرسخ واحد - إلى عِدّة أنهار صغيرة أشهرها نهر عيسى الأصغر، والصراتين اللذَيْنِ يستمرّان في الجري، ويذهب من الصراة العظمى فرع ليدخل بغداد من باب الكوفة، وما تبقّى منه يتّصل به نهر باب الشام الذي يأخذ ماءه من جهة الشمال وينحدر جنوبا حتى يتصل بالصراة العظمى قرب باب الكوفة بين ربض سليمان وربض المدالي، ثمّ ينحدر ماء النهرين معا إلى جهة باب البصرة بعد تفرّعه إلى أكثر من نهر ليصبّ الجميع في دجلة (1) .

ص: 148


1- . . راجع: البلدان لليعقوبي : ص 12 و24، وتاريخ بغداد (في صفحات عديدة من جزئه الأوّل)، والمنتظم / ابن الجوزي (الأجزاء الثلاثة الأخيرة - 16 و17 و18 - في عِدّة حوادث وتراجم)، ومعجم البلدان - بغداد، ومراصد الاطّلاع / صفيّ الدين البغدادي : ج 2 ص 836 ، وبغداد في عهد الخلافة العبّاسية / غي لسترانج: ص 53 ، وغاية المرام في تاريخ محاسن بغداد ، دار السلام / ياسين العمري ، الخطيب الموصلي : ص 22 ، والشيخ الكليني البغدادي وكتابه الكافي - الفروع: ص 82 .

وقد قال الدكتور مصطفى جواد رحمه الله: «إنّ مصبّ الصراة، هو رأس الجعيفر في المنطقة التي كان فيها بيت السيّد محمّد الصدر (ت / 1354 ه ) رحمه اللّه » (1) . وفيما يلي خارطة بغداد في القرن الثالث الهجري صوّرتها (فوتوغرافيا) في (سنة / 1409 ه ) من قسم الدراسات العليا في جامعة بغداد - فرع الجغرافية، توضّح جميع ما ذكرناه.

ص: 149


1- . . راجع كتابنا : الشيخ الكليني البغدادي وكتابه الكافي - الفروع : ص 82 .

خارطة بغداد في القرن الثالث الهجري

ص: 150

ولكنّ القبر المنسوب إلى الشيخ الكليني رحمه الله يقع اليوم في منطقة الرصافة على الضفّة الشرقية لنهر دجلة، وبالضبط في جامع الصفوية سابقا، والآصفية حاليا!! جنب المدرسة المستنصرية على يمين العابر من الكرخ إلى الرصافة على جسر المأمون الحالي، ولا يفصل هذا الجامع عن نهر دجلة إلّا بضعة أمتار، وإلى جانبه قبر آخر في الجامع نفسه. وقد صرّح بتلك النسبة وأشار إليها جمع كثير من أعلام الإمامية، نذكر منهم ثمانية، وهم: العلّامة المجلسي، والشيخ يوسف البحراني، وأسد اللّه التستري، وعبدالنبي الكاظمي، والسيّد بحر العلوم، والشيخ حرز الدين، والسيّد الخوانساري، والسيّد محمّد مهدي الإصفهاني (1) . وقد تعرّض القبر المذكور إلى محاولة هدمه في زمان العثمانيين، وحُفر القبر في زمانهم فوجدوا الشيخ بكفنه وكأنّه دُفِن قبل ساعات، ثمّ شُيِّد القبر وبُنيت عليه قبّة عالية. وتعرّض للهدم أيضا في عهد الاحتلال الانجليزي للعراق، وقد انتفض الشيعة تجاه تلك المحاولة الخسيسة، وتولّت مجلّة الوحدة الإسلامية نشر استنكار علماء واُدباء وكتّاب الشيعة بأعدادها من (1 - 9) لسنتها الاُولى / 1368 ه - 1949 م (2) ، الأمر الذي يؤكّد قدسية القبر الشريف المنسوب للشيخ الكليني رحمه الله عند الشيعة الإمامية الذين اعتادوا - كما يقول الاُستاذ محفوظ - «على زيارته منذ قرون متعاقبة معتقدين أنّ صاحبه هو الكليني، والفريقان مجتمعان على تعظيم هذا القبر وتبجيل صاحبه.. وطريقة سلفنا، وآبائنا المتقدّمين، واستمرار سيرتهم في زيارة الموضع المنسوب إليه في جامع الآصفية.. يضطرّنا إلى احترام هذا المزار كتمثال الجندي المجهول عند

ص: 151


1- . . راجع: مقدّمة اُصول الكافي / الدكتور حسين علي محفوظ: ص 41 - 42 ، والشيخ الكليني البغدادي وكتابه الكافى¨ - الفروع: ص 83 - 86.
2- . . راجع: الشيخ الكليني البغدادي وكتابه الكافي - الفروع : ص 86 هامش رقم (1).

الاُوربيين.. وذلك إحياءً لذكره، وإخلادا لاسمه، واستبقاءً له» (1) .

هدم قبر الكليني من جديد

هدم قبر الكليني من جديد:سبق وأن طلبت من أصدقائنا وأهلنا في العراق أخذ بعض الصور الفوتوغرافية للقبر المنسوب إلى الشيخ الكليني في جامع الآصفية ببغداد، وقد اتّصلوا بنا بتاريخ 28 ربيع الأوّل / 1425 ه واتّفقت كلمتهم (عبر الهاتف والانترنيت) على الاُمور الآتية ولأجلها ألحقنا هذا العنوان بهذا الموضع من الكتاب بعد اكتمال تأليفه، وهي:

1 - بعد سقوط المجرم طاغية العراق رئيس الطغمة العفلقية البعثية الفاسدة هُدِّم القبر المنسوب إلى الكليني وسُوِّيَ بالأرض وطُمِست معالمه تماما، وأعادوا ترميم أرضية الجامع بهدف القضاء على أيّة آثار تدلّ على مكان القبر الشريف.

2 - صيرورة الجامع المذكور تحت إدارة الأوقاف السنية في العراق، علما بأنّ أوّل من بناه هم الصفويون الشيعة، وكان يُعرف قديما بجامع الصفوية ثمّ حُرِّف اسمه إلى (الآصفية) لأهداف طائفية بغيضة.

3 - تشييد القبر الثاني الذي كان بجنب القبر المنسوب إلى الكليني، ونسبته إلى الحارث بن أسد المحاسبي البصري المعروف بالجنيد المتوفّى (سنة / 243 ه ).

4 - منع القائمين على إدارة الجامع المذكور أصدقاءنا وأهلنا الذين دخلوا الجامع من أخذ أيّة صورة لما في داخله، ولهذا بعثوا لنا عبر الإنترنيت بثلاث صور للجامع أخذوها له من الشارع العام. وعليه.. نستصرخ جميع المعنيين من علماء الحوزات العلمية الشيعية، مع سائر المسؤولين وجميع الاُدباء والكتّاب وطبقات الشيعة في داخل العراق وخارجه للقيام بتحمّل أعباء المسؤولية، لاسيّما من يترأس دائرة الأوقاف الشيعية في العراق حاليا؛ بهدف إعادة الجامع المذكور إلى الأوقاف الشيعية، والقيام ببناء القبر الشريف الذي هدّمته الطائفية البغيضة.. وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

ص: 152


1- . . مقدّمة اُصول الكافي: ص 42 .

الفصل الثالث : مشايخ ثقة الإسلام الكليني

اشارة

تتلمذ الشيخ الكليني رحمه الله على يد مشاهير الشيعة في شرق البلاد الإسلامية وغربها وروى الحديث عن أعلام الاُمّة في الكافي وغيره من كتبه، وهم:

1 - أحمد بن إدريس، أبو علي الأشعري

أحمد بن إدريس، أبو علي الأشعري:قال النجاشي: «أحمد بن إدريس بن أحمد، أبو علي الأشعري القمّي، كان ثقةً، فقيهاً في أصحابنا، كثير الحديث، صحيح الرواية، له كتاب النوادر... ومات أحمد بن إدريس بالقرعاء سنة ست وثلاثمائة من طريق مكّة على طريق الكوفة» (1) . وعَدّه الشيخ في رجاله في أصحاب الإمام العسكري عليه السلام ، مع وصفه بالمعلّم ، قائلاً: «لحقه عليه السلام ، ولم يرو عنه» (2) . وذكره في باب من لم يرو عنهم عليهم السلام وكنّاه بأبي علي (3) . وقال في الفهرست: «أحمد بن إدريس، أبو علي الأشعري القمّي، كان ثقةً في أصحابنا، فقيهاً، كثير الحديث، صحيحه، وله كتاب النوادر ، كتاب كبير كثير الفائدة» ثم ذكر الطريق إليه مصرّحاً بموته بالقرعاء في طريق مكّة سنة ست وثلاثمائة (4) . ومنه يعلم اعتماد النجاشي على عبارة الشيخ ونقلها كما هي.

ص: 153


1- . . رجال النجاشي : ص 92 الرقم 228 .
2- . . رجال الشيخ الطوسي : ص 397 الرقم 5831 (15).
3- . . المصدر السابق : ص 411 الرقم 5956 (37).
4- . . الفهرست للطوسي : ص 71 الرقم 81 (19) .

كما وثّقه ابن شهرآشوب (1) ، والعلّامة الحلّي (2) ، وابن داوود (3) ، وسائر المتأخّرين. وهو من مشايخ ابن قولويه، ومحمّد بن الحسن بن الوليد، والصدوق الأول، ومن أشهر ثلامذته: ثقة الإسلام الكليني تغمّده اللّه بواسع رحمته، فقد اعتمده في روايات كثيرة في الكافي، قد تزيد على خمسمائة رواية، مصرّحا باسمه تارة، وبكنيته تارة اُخرى، وهو من رجال عِدَّة الكافي الذين روى عنهم ثقة الإسلام الكليني، عن الأشعري، كما سيأتي في بحث عِدَّة الكافي.

2 - أحمد بن عبداللّه البرقي

أحمد بن عبداللّه البرقي:هو أحمد بن عبد اللّه بن أحمد بن أبي عبد اللّه محمّد بن خالد البرقي ، والد علي بن أحمد الذي هو من مشايخ الصدوق، والمترجم له حفيد أحمد بن محمّد بن خالد البرقي - ابن ابنه - وقد روى عنه كما في مشيخة كتاب الفقيه للشيخ الصدوق في طريقه إلى محمّد ابن مسلم (4).

وروى عنه: ابنه علي، والحسن بن حمزة الطبري المرعشي العلوي، وعلي بن محمّد ابن أبي القاسم ماجيلويه، سبط البرقي: ابن بنته. وهو من مشايخ ثقة الإسلام الكليني، روى عنه في الكافي في عِدّة موارد مصرّحاً باسمه (5) ، بل هو من رجال عِدّة الكليني الذين يروي عنهم عن البرقي، وقد ذكره العلّامة الحلّي في الخلاصة في تبيين أسماء عِدّة الكافي عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقي ، فقال: «علي بن محمّد ابن بنته، وأحمد بن عبداللّه ابن ابنه» فصحّفها الكُتّاب فكتبوا الأول: ابن اُذينة، والثاني: ابن اُمية (6) .

ص: 154


1- . . معالم العلماء : ص 15 الرقم 72 .
2- . . خلاصة الأقوال : القسم الأوّل ، ص 65 الرقم 79 (14).
3- . . رجال ابن داوود : القسم الأوّل ، ص 36 الرقم 57 .
4- مشیخة الفقیة ج 4 ص 6-7
5- . . فروع الكافي : ج 3 ص 445 ح 20 باب 85 من كتاب الصلاة، و ج 4 ص 3 ح 6 باب 1 من كتاب الزكاة، و ج 4 ص 317 ح 10 باب 72 من كتاب الزكاة، وغيرها .
6- . . طبقات أعلام الشيعة - القرن الرابع : ص 301 .

ولوقوع أحمد بن عبد اللّه في طريق الشيخ الصدوق إلى محمّد بن مسلم كما مرّ، استظهر العلّامة المجلسي الأول وثاقته (1) ؛ لاعتماد الصدوق عليه في روايات الفقيه، وهو استظهار في محلّه؛ نظراً لما قاله الصدوق عن روايات كتابه الفقيه في مقدّمته؛ إذ جعل كلّ ما فيه حجّةً بينه وبين اللّه عز و جل (2) ، وحُكْم المحدّث بصحّة حديث راوٍ ما وإن كان أعمّ من توثيقه، إلّا أنّه متضمّن لذلك، خصوصا مع الإكثار من الرواية عنه، وروايات محمّد بن مسلم كثيرة في الفقيه ، وهي كلّها من طريق أحمد المذكور.

3 - أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة الحافظ الهَمْدَاني

قال أبو عبداللّه النعماني في أول كتاب الغيبة (3) : «وهذا الرجل ممن لا يطعن عليه في الثقة ولا في العلم بالحديث والرجال الناقلين له»، وقال النجاشي (4) : «هذا رجل جليل في أصحاب الحديث، مشهور بالحفظ، وكان كوفيا زيديا جاروديا على ذلك حتى مات، وذكره أصحابنا لاختلاطه بهم، ومداخلته إيّاهم، وعظم محلّه، وثقته، وأمانته». وقال الشيخ (5) : «وأمره في الثقة والجلالة وعظم الحفظ أشهر من أن يذكر »، وقال في رجاله فيمن لم يروِ عنهم (6) : «جليل القدر عظيم المنزلة»، ووثّقه ابن شهرآشوب (7) ، والعلّامة الحلّي (8) وابن داوود (9) ، ووصفه الذهبي بأنّه نادرة الزمان، وقال: «وهو من العلماء العاملين.. وطلب الحديث سنة بضع وستين ومئتين وكتَبَ منه ما لايحد ولا

ص: 155


1- . . روضة المتّقين : ج 14 ص 74 .
2- . . كتاب من لا يحضره الفقيه : ج 1 ص 3 من المقدّمة .
3- . . كتاب الغيبة للنعماني : ص 25 من المقدّمة .
4- . . رجال النجاشي : ص 94 الرقم 233.
5- . . الفهرست للطوسي : ص 73 الرقم 86 (24).
6- . . رجال الشيخ الطوسي : ص 409 الرقم 5949 (30).
7- . . معالم العلماء : ص 16 الرقم 72 .
8- . . خلاصة الأقوال : القسم الثاني ، ص 321 الرقم 1263 (13).
9- . . رجال ابن داوود : القسم الثاني ، ص 229 الرقم 39 .

يوصف عن خلق كثير بالكوفة وبغداد ومكة» (1) . ومات (سنة / 333 ه )، وقيل: (سنة / 332 ه )، والأوّل أشهر، وله في الكافي عِدّة روايات.

4 - أحمد بن محمّد العاصمي

قال النجاشي (2) : «كان ثقة في الحديث، سالما، خيرا»، وقال الشيخ في الفهرست (3) : «ثقة في الحديث، سالم الجنبة، أصله الكوفة، سكن بغداد، وروى عن شيوخ الكوفيين»، وقال ابن شهرآشوب في معالم العلماء : «ثقة» (4) ، وقال العلّامة الحلّي: «ثقة» 4 ، وقال ابن داوود «ثقة» (5) ، ووثّقه المتأخّرون جمعيا، وهو من أجلّاء مشايخ الكليني رضى الله عنه بلا خلاف، روى عنه وصيّة أمير المؤمنين علي (صلوات اللّه عليه) لأصحابه، قائلاً: «أحمد بن محمّد ابن أحمد الكوفي، وهو العاصمي...» (6) .

5 - أحمد بن مهران

أحد مشايخ الكليني المعتمدين لديه، روى عنه اثنين وخمسين حديثا (7) ، لم يذكره الشيخ والنجاشي في فهرستيهما، لكونه من غير المصنّفين، ونسب لابن الغضائري تضعيفه (8) وهو ليس بشيء، إذ لا يمكن اعتماد تضعيفات ابن الغضائري المنقولة من كتاب الضعفاء المنسوب إليه، لعدم ثبوت تلك النسبة، إذ لا طريق صحيح أو ضعيف

ص: 156


1- . . سِيَر أعلام النبلاء : ج 15 ص 341 الرقم 178.
2- . . رجال النجاشي : ص 93 الرقم 232.
3- . . الفهرست للطوسي : ص 73 الرقم 85 (23).
4- . . معالم العلماء : ص 16 الرقم 67 .
5- . . رجال ابن داوود : ص 44 الرقم 126 .
6- . . روضة الكافي : ج 8 ص 15 ح 3 .
7- . . معجم رجال الحديث : ج 2 ص 346 الرقم 985.
8- . . خلاصة الأقوال : القسم الثاني ، ص 324 الرقم 1272 .

لهذا الكتاب البتة. وقد اختلف المتأخّرون في حاله، وهو عجيب! والصحيح وثاقته، بل جلالته، وإكثار ثقة الإسلام من الرواية المباشرة عنه، مع الترحّم عليه (1) ، قرينتان قويّتان على ذلك، ولا يمكن اغفالهما بحال. ومن هنا قال الوحيد البهبهاني في ردّ تضعيفه من قبل خاله العلّامة المجلسي في الوجيزة (2) : «وفي التضعيف ضعف؛ لكونه من ابن الغضائري» (3) . وقال الأردبيلي: «وروى عنه الكليني مترحّما في الكافي في مولد أبي الحسن موسى، والرضا عليهماالسلام وكثيرا، وهو ينبئ عن حُسن حاله» (4) . وقال أبو علي الحائري: «لا ريب أنّ ثقة الإسلام أعرف بحاله من الغضائري البعيد العهد عنه، مضافا إلى ارتفاع الوثوق عن تضعيفاته» (5) ، وقال المامقاني: «قد تأمّلنا فوجدنا أنّ الكليني رحمه الله لمعاشرته معه، وتلمُّذه على يده أعرف بحاله، فإكثاره الرواية عنه يورثنا الوثوق به، وكثرة تضعيفات ابن الغضائري في غير محالها سلبتنا الوثوق بتضعيفه، فالأولى عدّ روايته من الحسن» (6) ، وعدّه في نتائج التنقيح حسنا (7) .

ص: 157


1- . . راجع: اُصول الكافي : ج 1 ص 424 ح 60 باب فيه نكت من التنزيل في الولاية من كتاب الحجّة، و ج 1 ص 458 ح 3 باب مولد الزهراء عليهاالسلام من كتاب الحجّة، و ج 1 ص 484 ح 7 باب مولد الإمام موسى بن جعفر عليهماالسلام من كتاب الحجّة، وغيرها .
2- . . الوجيزة في الرجال : ص 155 الرقم 139 .
3- . . تعليقة الوحيد البهبهاني على منهج المقال للأسترآبادي : ج 2 ص 215 الرقم 185 (مطبوع بهامش منهج المقال للأسترآبادي) .
4- . . جامع الرواة : ج 1 ص 73 الرقم 455 .
5- . . منتهى المقال : ج 1 ص 357 الرقم 259 .
6- . . تنقيح المقال : ج 1 ص 98 .
7- . . نتائج التنقيح : ج 1 ص 11 الرقم 565 .

6 - إسحاق بن يعقوب الكليني

وهو أحد مشايخ الكليني، روى الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة عن الشيخ المفيد وابن الغضائري وغيرهما معبّرا عنهم بلفظ (جماعة)، عن جعفر بن محمّد بن قولويه، وأبي غالب الزراري، وغيرهما، عن محمّد بن يعقوب الكليني، عن إسحاق بن يعقوب (1) . والحديث رواه الصدوق في إكمال الدين عن محمّد بن محمّد بن عصام الكليني، عن محمّد بن يعقوب الكليني، عن إسحاق بن يعقوب، قال: «سألت محمّد بن عثمان العمري أن يوصل لي كتابا قد سألت فيه عن مسائل أشكلت عليَّ، فورد التوقيع بخطّ مولانا صاحب الزمان عليه السلام : أمّا ما سألت عنه أرشدك اللّه وثبّتك من أمر المنكرين من أهل بيتنا وبني عمّنا، فاعلم أنّه ليس بين اللّه عز وجل وبين أحد قرابة، ومن أنكرني فليس منّي وسبيله سبيل ابن نوح - إلى أن قال عليه السلام - : وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج، فإنّ في ذلك فرجكم، والسلام عليك يا إسحاق بن يعقوب وعلى من اتّبع الهدى» (2) . وفي بعض النسخ من إكمال الدين - كما يظهر من قاموس الرجال - : «والسلام عليك يا إسحاق بن يعقوب الكليني». وفي هذا الحديث جملة اُمور:

1 - دلّ التوقيع الشريف على جلالة هذا الرجل وعلوّ مرتبته، ولا يضرّ كونه هو الراوي لذلك بعد قبول هذه الرواية والتسالم على صحّتها.

2 - دلّ الخبر - على تقدير صحّت وجود لفظة (الكليني) - على أنّ إسحاق بن يعقوب من منطقة كلين، ولا يبعد أن يكون أخا ثقة الإسلام الكليني، وبهذا جزم المحقّق التستري (3) .

ص: 158


1- . . كتاب الغيبة للطوسي : ص 362 ح 326 .
2- . . إكمال الدين : ج 2 ص 483 ح 4 باب 45 .
3- . . قاموس الرجال : ج 1 ص 785 الرقم 786 .

3 - دلّ الخبر على كونه من العلماء، ومن لاحظ الكتاب وما فيه من إجابات على أسئلة دقيقة ومهمّة علم ذلك يقينا.

4 - تضمّن الكتاب الدعاء الحسن لهذا الرجل من الإمام الحجّة عليه السلام مع سلامه عليه رضي اللّه عنه، وهو كاشف عن إخلاصه وجلالته وعلوّ رتبته. ولهذا قال الزنجاني في الجامع في الرجال : «وظاهر الأصحاب الاعتماد على هذا التوقيع، وعليه العمل» (1) . وبالجملة فلا يوجد من صرّح بضعفه، ويكفي في المقام أنّ السيّد الخوئي قدس سره على تشدّده في التضعيف والتوثيق سكت عنه واكتفى بذكر هذا التوقيع الشريف الصحيح (2) .

7 - إسماعيل بن عبداللّه القرشي

روى له الكليني حديثا واحدا في روضة الكافي ، قائلاً: «إسماعيل بن عبداللّه القرشي، قال: أتى إلى أبي عبداللّه عليه السلام رجل..» (3) . والحديث في خصوص تعبير رؤيا، وهو مرسل، ويحتمل إرساله من الكليني إلى إسماعيل بن عبداللّه القرشي، لوجود بعض الرواة من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام بهذا الاسم وهم من قريش كإسماعيل بن عبداللّه بن جعفر بن أبي طالب، وإسماعيل بن عبداللّه ابن محمّد بن علي عليه السلام (4) وعلى هذا يكون الرجل ليس من مشايخ ثقة الإسلام، كما يحتمل أن يكون الإرسال من جهة إسماعيل إلى الإمام الصادق عليه السلام ، وحينئذٍ سيكون من أشياخ الكليني الذين لم يذكرهم أحد، والاحتمال الأوّل أقوى؛ لأنّ من منهج الكليني التصريح بالرفع أو الإرسال الواقع في أسناد الحديث إذا ما كان من

ص: 159


1- . . الجامع في الرجال : ج 1 ص 232 في ترجمة إسحاق بن يعقوب .
2- . . معجم رجال الحديث : ج 3 ص 75 - 76 الرقم 1195.
3- . . روضة الكافي : ج 8 ص 293 ح 448.
4- . . رجال الشيخ الطوسي : ص 159 الرقم 1778 - 1779 (82 - 83) .

مشايخه كقوله: «علي بن إبراهيم، عن رجاله رفعه» (1) ، و«عن محمّد بن يحيى، رفعه» (2) ، و«عن بعض أصحابنا مرسلاً» (3) وهكذا. إلّا أنّ نسبة بقاء الاحتمال الثاني قائمةٌ - وإن كانت ضئيلة - تُبرّر لنا تسجيل إسماعيل بن عبداللّه القرشي ضمن قائمة شيوخ الكليني على تحفّظ فيه.

8 - حبيب بن الحسن

حبيب بن الحسن:من مشايخ ثقة الإسلام الكليني، روى له حديثين في الكافي، أحدهما: عنه، عن محمّد ابن الوليد (4) ، والآخر: عنه، عن محمّد بن عبدالحميد (5) . وهو من مشايخ الصدوق الأوّل علي بن بابويه القمّي رضى الله عنه. فقد أخرج الراوندي في قصص الأنبياء بسنده عن الشيخ الصدوق «عن أبيه، عن حبيب بن الحسن الكوفي، عن محمّد بن عبدالحميد العطّار..» (6) . كما أورد العلّامة المجلسي حديثا عن الصدوق، عن أبيه، عنه أيضا (7) . واتّفاق مثل ثقة الإسلام والصدوق الأوّل على الرواية عن شخص كاشفة عن حسن حاله واعتماد ما يرويه.

ص: 160


1- . . فروع الكافي : ج 7 ص 5 ح 7 باب 2 من كتاب الوصايا.
2- . . المصدر السابق : ج 3 ص 73 ح 14 باب 46 من كتاب الطهارة ، و ج 3 ص 94 ح 3 باب 11 من كتاب الحيض، و ج 3 ص 261 ح 41 باب 95 من كتاب الجنائز .
3- . . المصدر السابق : ج 6 ص 406 ح 2 باب 20، من كتاب الأشربة.
4- . . المصدر السابق : ج 7 ص 229 ح 4 باب حدّ النبّاش من كتاب الحدود، تهذيب الأحكام : ج 10 ص 115 ح 458 (75) باب 8 ، الاستبصار : ج 4 ص 245 ح 2 باب حدّ النبّاش، وسائل الشيعة : ج 28 ص 279 ح 34757 (4) باب 19 من أبواب حدّ السرقة .
5- . . المصدر السابق : ج 7 ص 229 ح 5 ، من الباب السابق، تهذيب الأحكام : ج 10 ص 115 ح 459 (76) باب 8 ، الاستبصار : ج 4 ص 246 ح 3 باب حدّ النبّاش ، وسائل الشيعة : ج 28 ص 279 ح 34758 (5) باب 19 من أبواب حدّ السرقة، و ج 28 ص 366 ح 4981 (3) باب 1 من أبواب بقيّة الحدود والتعزيرات .
6- . . قصص الأنبياء : ص 312.
7- . . راجع : بحار الأنوار : ج 18 ص 25 ح 3 .

9 - الحسن بن خفيف

الحسن بن خفيف:روى الكليني عن الحسن بن خفيف، عن أبيه خبرا واحدا في خصوص بعث الإمام الحجّة عليه السلام بخادمين إلى مدينة الرسول صلى الله عليه و آله ، وكان خفيف أبو الحسن قد خرج معهما، فلمّا وصلوا الكوفة، ارتكب أحد الخادمين إثما، فورد الكتاب من الحجّة عليه السلام قبل خروجهم من الكوفة بردّ ذلك الخادم وعزله عن الخدمة (1) . والحسن هذا، إمامي كما يظهر من روايته، إلّا أنّه مجهول الحال عند بعضهم؛ إذ لم يذكره أحد من المتقدّمين، ولا أقل من حُسْنِهِ، لاعتماد ثقة الإسلام عليه ولو في مورد واحد فقط، وحاشا لثقة الإسلام أن يروي عن شيخ ليس بثقة، ولكن الجمود على التوثيق الخاصّ قد يطرح روايته!!

10 - الحسن بن علي الدينوري العلوي

وهذا السيّد من مشايخ الصدوق الأوّل علي بن الحسين بن بابويه القمّي المعاصر للكليني، فقد روى عنه كتاب زكّار بن يحيى كما في الفهرست (2) . ولم يقع بهذا العنوان في جميع أسانيد الكافي، ولم يروِ أحد عن الكليني عنه بهذا العنوان أيضا، وإنّما وقع بعنوان (الحسن بن علي العلوي) تارة، و(الحسين بن علي العلوي) تارة اُخرى. وهو واحد في الجميع كما نبّه عليه غير واحد من علماء الرجال (3) . أمّا عنوان (الحسن بن علي العلوي)، فقد وقع في فروع الكافي برواية ثقة الإسلام الكليني عنه (4) .

ص: 161


1- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 523 ح 21 باب مولد الصاحب عليه السلام من كتاب الحجّة .
2- . . الفهرست للطوسي : ص 134 الرقم 314 (3).
3- . . معجم رجال الحديث : ج 5 ص 31 الرقم 2950 ، و ج 5 ص 69 الرقم 3020، و ج 6 ص 570 الرقم 3559، مصرّحا بأنّه الدينوري.
4- . . فروع الكافي : ج 3 ص 62 ح 6 باب 40 من كتاب الطهارة، و ج3 ص 369 ح 6 باب 48 من كتاب الصلاة .

وأمّا عنوان (الحسين بن علي العلوي) فلم يقع في الكافي إلّا بمورد واحد روى فيه الكليني، عنه، عن سهل بن جمهور، حديث الإمام الباقر عليه السلام : «ما ضرّ من مات منتظرا لأمرنا ألّا يموت في وسط فسطاط المهدي عليه السلام وعسكره» (1) . والحديث صحيح ورد من طرق شتّى لا سيّما عن إمامنا الصادق عليه السلام (2) . وقد ذكر الشيخ النمازي روايته في غير الكافي عن صالح بن يحيى، وعن الإمام الهادي عليه السلام ، وعنه: عبداللّه بن علي الحافظ، وإسحاق بن محمّد الزنجاني (3) . وهذا السيّد رحمه الله - بأيّ عنوان وقع - لم يذكره أحد من المتقدّمين إلّا عَرَضا كما مر، حيث اعتنوا بذكر المصنّفين دون سواهم، الأمر الذي يشير إلى كونه ليس منهم. ومهما يكن، فإنّ كونه شيخا لثقة الإسلام، وللصدوق الأوّل من جهة، واعتماد رواياته - وإن كانت قليلة - في الكتب الأربعة من جهة اُخرى، وكونه من أصحاب الإمام الهادي عليه السلام ، من جهه ثالثة، وعدم وجود المضعّف من جهة رابعة، وانتسابه إلى تلك الشجرة المباركة مع قرب عهده من اُصولها الطيّبة من جهة خامسة، كلّ ذلك يشير إلى جلالته وسموّ قدره.

11 - الحسن بن علي الهاشمي

من مشايخ الكليني، وله جملة يسيرة من الروايات في الكافي رواها عن محمّد بن الحسين، ومحمّد بن عيسى، ومحمّد بن عيسى بن عبيد، ومحمّد بن موسى، وعنه في الجميع الكليني رحمه الله (4) .

ص: 162


1- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 372 ح 6 باب أنّه من عرف إمامه لم يضرّه تقدّم هذا الأمر أو تأخّر، من كتاب الحجّة.
2- . . راجع كتابنا : غيبة الإمام المهدي عند الإمام الصادق عليهماالسلام : ص 137 وما بعدها من الفصل الثالث، في خصوص أحاديث الانتظار .
3- . . مستدركات علم رجال الحديث : ج 3 ص 168 - 169 الرقم 4537.
4- . . فروع الكافي : ج 4 ص 146 - 147 ح 4 و5 و6 و7 باب صوم عرفة وعاشوراء من كتاب الصيام .

وقد أخرج الشيخ بعض هذه من الموارد في التهذيب، والاستبصار (1) . وهذا الشيخ ثقة مشهور، ترجم له الخطيب البغدادي وغيره. قال الخطيب في تاريخ بغداد : «الحسن بن علي بن المتوكّل بن الميمون، أبو محمّد مولى عبدالصمد بن علي الهاشمي، سمع أبا الحسن المدائني، وشريح بن النعمان، وعاصم بن علي، وعفان بن مسلم، وخالد بن أبي يزيد القرني. روى عنه محمّد بن أحمد بن تميم الخياط، وعبدالباقي بن نافع، وإسماعيل الخطبي، وجعفر بن محمّد بن الحكم المؤدّب، وكان ثقة.. قرأت في كتاب محمّد بن مخلد: سنة إحدى وتسعين ومائتين، فيها مات الحسن بن علي بن المتوكّل جار المطوعي في المحرّم» (2) . وقال ابن الجوزي: «الحسن بن علي بن المتوكّل بن ميمون أبو محمّد مولى عبدالصمد بن علي الهاشمي، روى عن عاصم وعفّان، وروى عنه إسماعيل الخطبي، وكان ثقة، توفّي في محرّم هذه السنة» (3) يعني سنة إحدى وتسعين ومائتين. وقال الذهبي: «بغدادي، ثقة.. توفّي سنة إحدى وتسعين ومائتين» (4) .

12 - الحسن بن الفضل بن زيد اليماني

من مشايخ الكليني، روى عنه حديثا واحدا في مولد الإمام الحجّة عليه السلام (5) ، ورواه الشيخ الصدوق باختلاف يسير، عن أبيه، عن سعد بن عبداللّه ، عن علان الكليني، عن الحسين بن فضل اليماني (6) ، والإسناد صحيح معتبر لوثاقة رجاله.

ص: 163


1- . . تهذيب الأحكام : ج 4 ص 301 ح 910 و911 و912 باب وجوه الصيام ، الاستبصار : ج 2 ص 134 ح 441 و 442 و443 باب صوم يوم عاشوراء .
2- . . تاريخ بغداد : ج 7 ص 369 الرقم 3891 .
3- . . المنتظم لابن الجوزي : ج 13 ص 26 الرقم 1980 في وفيات (سنة / 291 ه ).
4- . . تاريخ الإسلام : ج 22 ص 125 الرقم 154 في وفيات (سنة / 291 - 300 ه ).
5- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 520 - 521 ح 13 باب مولد الصاحب عليه السلام من كتاب الحجّة.
6- . . إكمال الدين : ج 2 ص 490 - 491 ح 13 باب 45 في ذكر التوقيعات الشريفة.

وعدّه الصدوق ممّن شاهد الإمام القائم عليه السلام من غير الوكلاء، إذ قال بعد أن عدّ جماعة كثيرة منهم: «ومن اليمن: الفضل بن يزيد، والحسن ابنه» (1) . وأورد رواية الكافي الشيخ المفيد في الإرشاد عن الحسن رأسا؛ لوضوح طريقه إلى الكليني رحمه الله، ولكن فيها (الحسين بن الفضل الهماني) (2) وهو تصحيف (اليماني). كما أورد بعضها الشيخ الطوسي في الغيبة بسنده عن الكليني، وفيها: «الحسين بن الفضل بن يزيد اليماني» (3) ، والصحيح: الحسن، وأمّا جدّه فمردّد بين اسم (زيد)، و(يزيد). ومن مراجعة حديثه في الكافي وإكمال الدين يعلم أنّه وقف على جملة من البيّنات، والدلالات في خصوص إمام العصر والزمان عليه السلام . وفي حديثه المذكور ما يدلّ على أنّه صاحب رحلة طويلة، زار فيها سامرّاء، وبغداد، ونيسابور، وطوس، ومكّة، زيادة على اليمن باعتباره من أهلها. ومن ملاحظة ما تضمّنه حديثه من مكاتبته إلى الناحية المقدّسة يُعلم أنّه كان موردا للطف الإمام عليه السلام ورعايته، ولهذا قال الشيخ المامقاني: «لا يبعد حسنه» (4) . هذا، وقد يقال: إنّ إسناد الشيخ الصدوق إلى ما رواه اليماني يشير إلى بُعد طبقته عن طبقة الكليني، إذ روى الصدوق - ما ورد في الكافي - عن أبيه الصدوق الأوّل المعاصر لثقة الإسلام، عن سعد بن عبداللّه ، عن علان الكليني، عن اليماني المذكور، وبهذا كيف صار اليماني شيخا للكليني؛ ومعاصره يروي عنه بواسطتين؟

ص: 164


1- . . إكمال الدين : ج 2 ص 443 ذيل الحديث (16) باب 43 من شاهد الإمام القائم عليه السلام .
2- . . الإرشاد : ج 2 ص 359 - 361 في دلائل وبيّنات الإمام الحجّة المنتظر عليه السلام .
3- . . كتاب الغيبة للطوسي : ص 282 ح 240، في بعض معجزات الإمام الحجّة عليه السلام ، وانظر: إعلام الورى : ج 2 ص 263 ، الفصل الثاني في ذكر بعض ما روي من دلالاته وبيّناته عليه السلام .
4- . . نتائج التنقيح : ج 1 ص 37 الرقم 2698.

والجواب: إنّ سعدا وعلّانا كلاهما من مشايخ الكليني، ولا مانع من رواية المحدّث عن شيخ شيخه لو أدركه ولو بحديث واحد، وعبارة الكافي ظاهرة بهذا، وأمّا عن رواية الصدوق الأوّل عن اليماني بالواسطة، فقد يكون ذلك منه بسبب عدم ملاقاته.

13 - الحسين بن أحمد

من مشايخ الكليني روى له في اُصول الكافي قال: «الحسين بن أحمد، عن أحمد بن هلال، قال: حدّثنا عثمان بن عيسى، عن خالد بن نجيح، عن زرارة قال: قال أبو عبداللّه عليه السلام : لابدّ للغلام من غيبة، قلت: وَلِمَ، قال: يخاف - وأومأ بيده إلى بطنه - وهو المنتظر، وهو الذي يشكّ الناس في ولادته.. الحديث» (1) . والحديث صحيح رواه الكليني والصدوق من طرق صحيحة غير هذا الطريق عن زرارة وغيره (2) ، وروى له في الروضة بعنوان: «الحسين بن أحمد بن هلال، عن ياسر الخادم، قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام ..» (3) . ثمّ قال: «عنه، عن أحمد بن هلال، عن محمّد بن سنان، قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام أيّام هارون..» (4) . ثم قال «وعنه، عن أحمد، عن زرعة، عن سماعة...» (5) .

وبهذا يتبيّن أنّ في المورد الثاني تصحيفا، والصحيح: إمّا (الحسين، عن أحمد بن هلال) ويكون المراد بالحسين هنا هو الحسين بن محمّد بن عامر، وهو ما اختاره

ص: 165


1- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 342 ح 29 باب في الغيبة من كتاب الحجّة.
2- . . راجع : كتابنا غيبة الإمام المهدي عند الإمام الصادق عليهماالسلام ، الفصل الثالث من الباب الأوّل.
3- . . روضة الكافي : ج 8 ص 214 ح 372 .
4- . . المصدر السابق : ج 8 ص 214 ح 371.
5- . . المصدر السابق : ج 8 ص 215 ح 372.

السيّد الخوئي (1) ، (أو الحسين بن أحمد، عن أحمد بن هلال) كما هو حال المورد الأوّل في اُصول الكافي، وبهذا يكون المراد بالحسين هنا هو الحسين بن أحمد المالكي على ما قال السيّد البروجردي (2) ، هذا وقد روى محمّد بن إبراهيم النعماني عن شيخه ثقة الإسلام، عن الحسين بن أحمد، عن أحمد بن هلال (3) ، وبهذا ينتفي احتمال كون المراد الحسين بن محمّد ابن عامر. والمالكي المذكور، من مشايخ الصدوق الأوّل المعاصر لثقة الإسلام الكليني، قال الشيخ الصدوق: «حدّثنا أبي رضي اللّه عنه، قال: حدّثنا الحسن [الحسين] بن أحمد المالكي قال: حدّثنا منصور بن العبّاس...» (4) . وروى عن الحسين هذا أبو علي بن همام، وهو عن محمّد بن عيسى بن عبيد (5) وروى عنه أيضا محمّد بن العبّاس صاحب التفسير (6) . وهو مقبول الرواية حسن، وليس بمجهول بعد اتّفاق الشيخين على روايته ، وهما قطبا الحديث الذي تدور حول محوره جلّ أحاديث الشيعة.

14 - الحسين بن الحسن الحسيني الأسود الهاشمي العلوي الرازي

من مشايخ ثقة الإسلام الكليني ذكره ابتداءً في سبعة أحاديث فقط من أحاديث الكافي، كالآتي: الأوّل: «الحسين بن الحسن، عن محمّد بن زكريا الغلابي» (7) . وأورده الشيخ

ص: 166


1- . . معجم رجال الحديث : ج 5 ص 197 الرقم 3300 .
2- . . ترتيب أسانيد كتاب الكافي : ج 1 ص 117، المقدّمة الرابعة (الشيخ الثاني عشر) .
3- . . كتاب الغيبة للنعماني : ص 167 ح 6 .
4- . . الأمالي للصدوق : ص 672 ح 904 (5) مجلس 85 .
5- . . الأمالي للطوسي : ص 305 ح 613 (60) مجلس 11.
6- . . تأويل الآيات الظاهرة : ج 2 ص 678 ح 3.
7- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 50 ح 14 باب النوادر من كتاب فضل العلم.

المفيد في الاختصاص، عن محمّد بن يعقوب الكليني عن الحسين بن الحسن أيضا (1) . وقال شارحه المازندراني: «الحسين بن الحسن: الظاهر أنّه أبو عبداللّه الرازي الحسيني الأسود الفاضل» (2) ، مشيرا بهذا إلى ما ذكره الشيخ في رجاله قائلاً: «الحسين ابن الحسن الحسيني الأسود، فاضل، يكنّى أبا عبداللّه ، رازي» (3) . الثاني: «الحسين بن الحسن الحسني رفعه. ومحمّد بن الحسن، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمري» (4) . الثالث: «الحسين بن الحسن الحسني رحمه الله وعلي بن محمّد بن عبداللّه جميعا، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر» (5) . ورواه الصدوق عن محمّد بن محمّد بن عصام الكليني، عن محمّد بن يعقوب الكليني، عن الحسين بن الحسن الحسني... » (6) . وأورده عن العلل في الوسائل بعنوان (الحسيني) بدلاً من (الحسني) (7) ، ومثله في البحار (8) . الرابع: «الحسين بن الحسن الحسني، قال: حدّثني أبو الطيّب المثنّى يعقوب بن ياسر» (9) .

ص: 167


1- . . الاختصاص : ص 1 .
2- . . شرح اُصول الكافي / المازندراني : ج 2 ص 206، شرح الحديث رقم 14.
3- . . رجال الشيخ الطوسي : ص 420 الرقم 6070 (51) باب من لم يروِ عنهم عليهم السلام .
4- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 299 ح 6 باب الإشارة والنصّ على أبي محمّد الحسن بن علي عليهماالسلاممن كتاب الحجّة.
5- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 466 ح 1 باب مولد علي بن الحسين عليهماالسلام من كتاب الحجّة.
6- . . علل الشرائع : ص 232 ح 1 باب 166 (العلّة التي من أجلها سُمّي علي بن الحسين عليهماالسلام : السجّاد) .
7- . . وسائل الشيعة : ج 6 ص 244 ح 7848 (1) باب 44 استحباب سجود التلاوة للسامع والمستمع والقارئ من غير السور الأربع من أبواب قراءة القرآن، و ج 6 ص 376 ح 8225 (2) باب 21، استحباب زيادة تمكين الجبهة والأعضاء في السجود من أبواب السجود.
8- . . بحار الأنوار : ج 82 ص 170 ح 12.
9- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 502 ح 8 باب مولد أبي الحسن علي بن محمّد عليهماالسلام من كتاب الحجّة.

الخامس: «الحسين بن الحسن العلوي، قال: كان رجل من ندماء روز حسني..» (1) . السادس: «الحسين بن الحسن الهاشمي، عن صالح بن أبي حماد» (2) . وأورد الشيخ الطوسي في التهذيب عن محمّد بن يعقوب مثله (3) ، ومثله أيضا في الوسائل (4) . السابع: «الحسين بن الحسن الهاشمي، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر» (5) . هذا، وقد وقع في التهذيب بعنوان: «الحسين بن الحسن الحسيني، عن محمّد بن موسى الهَمَدَاني» (6) . ومثله في الوسائل (7) ، ثمّ أعاده في الوسائل في مكان آخر وفيه الحسني! (8) . كما وقع في الاستبصار بعنوان: «أبي عبداللّه الحسين بن الحسن الحسني، عن إبراهيم ابن محمّد الهمداني» (9) ، والحديث نفسه في التهذيب عن ثقة الإسلام، والوسائلعن الشيخ، وفيهما: «الحسين بن الحسن الحسيني»! (10) .

ص: 168


1- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 525 ح 30 باب مولد الصاحب عجّل اللّه تعالى فرجه من كتاب الحجّة.
2- . . المصدر السابق : ج 5 ص 109 ح 1 باب شرط من أذن له في أعمالهم من كتاب المعيشة.
3- . . تهذيب الأحكام : ج 6 ص 333 ح 924 باب المكاسب.
4- . . وسائل الشيعة : ج 17 ص 194 ح 22334 (9) باب 46 جواز الولاية من قبل الجائر لنفع المؤمنين من أبواب ما يُكتسب به.
5- . . فروع الكافي : ج 5 ص 345 ح 5 باب آخر منه (بعد باب أنّ المؤمن كفؤ المؤمنة) من كتاب النكاح .
6- . . تهذب الأحكام : ج 3 ص 143 ح 317 باب صلاة الغدير.
7- . . وسائل الشيعة : ج 3 ص 338 ح 3810 (10) باب 28، استحباب غسل يوم الغدير قبل الزوال بنصف ساعة من أبواب الأغسال المسنونة.
8- . . المصدر السابق : ج 8 ص 89 ح 10154 (1) باب 3، استحباب صلاة يوم الغدير من أبواب بقيّة الصلوات المندوبة.
9- . . الاستبصار : ج 2 ص 44 ح 140 باب ماهية زكاة الفطرة.
10- . . تهذيب الأحكام : ج 4 ص 79 ح 226 باب تمييز فطرة أهل الأمصار، وسائل الشيعة : ج 9 ص 342 ح 12182 (4) باب 7، مقدار الصاع من أبواب زكاة الخمس .

وإذا اتّضح هذا، نقول: إنّ الحسين بن الحسن في المورد الأوّل لا يمكن أن يكون الحسين بن الحسن بن أبان الذي هو من طبقة مشايخ الكليني، ويروي عنه الصدوق الأوّل ومحمّد بن الحسن بن الوليد كثيرا؛ لأنّ كلّ روايات ابن أبان هذا أو جلّها عن الحسين بن سعيد ومحمّد بن أورمة فيما تتبّعناه، وليس له رواية واحدة عن محمّد بن زكريا الغلابي. ومنه يظهر كونه الحسني المذكور بعده في الكافي. وبقرينة رواية الحسني والهاشمي، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر، يظهر اتّحادهما أيضا، وأمّا العلوي فقد قال السيّد البروجردي (1) باتّحاده مع الحسيني والهاشمي، وجزم السيّد الخوئي بأنّه أبو عبداللّه الأسود (2) الذي ذكره الشيخ في رجاله، وروى عنه في الاستبصار بهذه الكنية كما تقدّم وعلى هذا، فهو من فضلاء أهل الريّ ، وحديثه حسن. وأمّا الاختلاف بين الحسني تارة والحسيني اُخرى فهو من النسّاخ ظاهرا ، ولعلّ الأرجح (الحسني)؛ لكثرته أوّلاً، وقرب الكليني منه ثانيا، مع عدم وقوع (الحسيني)؛ في الكافي ثالثا. هذا ويحتمل أن يكون العلوي شخصا آخر غير أبي عبداللّه الأسود، فقد أخرج الشيخ في كتاب الغيبة : «عن أبي الفضل الحسين بن الحسن العلوي ، قال : دخلت على أبي محمّد عليه السلام بسرّ من رأى فهنّأته بسيّدنا صاحب الزمان عليه السلام لمّا وُلِد» (3) . ويؤيّد ذلك أنّ رواية الكافي عن العلوي قد ذكرها ثقة الإسلام في باب مولد الإمام الحجّة ابن الحسن العسكري صلوات اللّه عليهما.

وأبو الفضل هذا هو الحسين بن الحسن بن الحسين بن الحسن بن علي بن

ص: 169


1- . . راجع: ترتيب أسانيد كتاب الكافي : ج 1 ص 118 المقدّمة الرابعة (الشيخ الثالث عشر).
2- . . معجم رجال الحديث : ج 5 ص 217 الأرقام 3353 و3354 و3355.
3- . . كتاب الغيبة للطوسي : ص 230 ح 195 .

أبي طالب عليه السلام ، روى عنه محمّد بن الحسن بن الوليد بواسطة واحدة دخوله على أبي محمّد عليه السلام بسرّ من رأى وتهنئته بولادة ابنه عليهماالسلام (1) . ولا يبعد أن يكون هو المقصود في جميع موارد الكافي المذكورة، خصوصا وأنّ طبقته تساعد على ذلك، وبعض مشايخ الكليني من أصحاب العسكري عليه السلام ، ولا تعارض بين وصفه بالحسني والهاشمي، بعد كونه علويا من صلب الإمام الحسن السبط عليه السلام ، واللّه العالم.

15 - الحسين بن محمّد بن عامر، أبو عبداللّه الأشعري

من أجلّاء مشايخ الكليني، روى عنه أكثر من أربعمائة حديث في اُصول الكافي، وفروعه، وروضته، ووقع في كثير من أسانيد روايات الكتب الأربعة، وقد بلغت بإحصاء السيّد الخوئي ثمانمائة وتسعة وخمسين موردا (2) . وجاء اسمه في أسانيد الكافي : تارة بعنوان : الحسين بن محمّد. وأُخرى: الحسين بن محمّد الأشعري. وثالثة: الحسين بن محمّد بن عامر. ورابعة: أبو عبداللّه الأشعري. ولم يقع - ولو في مورد واحد من موارد الكافي - بعنوانه المذكور في رجال النجاشي ، ولا بعنوانه في رجال الشيخ كما سيأتي. قال النجاشي: «الحسين بن محمّد بن عمران بن أبي بكر الأشعري القمّي،

ص: 170


1- . . كتاب الغيبة للطوسي : ص 251 ح 221 .
2- . . معجم رجال الحديث : ج 6 ص 72 الرقم 3601.

أبو عبداللّه ، ثقة، له كتاب النوادر. أخبرنا محمّد بن محمّد - يعني: الشيخ المفيد - عن أبي غالب الزراري، عن محمّد بن يعقوب، عنه» (1) . والصحيح: أن جَدّ الحسين بن محمّد هو عامر، وأمّا عمران فهو جدّ أبيه محمّد، وكل هذا مما ذكره النجاشي في مكان آخر! إذ قال في ترجمة عبداللّه بن عامر - عم الحسين هذا - ما نصّه : «عبداللّه بن عامر بن عمران بن أبي عمر الأشعري، أبو محمّد، شيخ من وجوه أصحابنا، ثقة، له كتاب. أخبرنا الحسين بن عبيداللّه في آخرين، عن جعفر بن محمّد بن قولويه، قال: حدّثنا الحسين بن محمّد بن عامر، عن عمّه ، به» (2) . وقال الشيخ في رجاله: «الحسين بن أحمد بن عامر الأشعري، يروي عن عمّه عبداللّه بن عامر، عن ابن أبي عمير. روى عنه الكليني» (3) . والكليني لم يرو عنه بهذا العنوان كما أسلفنا، الأمر الّذي يدل على وقوع التحريف في اسم أبيه في النسخ المطبوعة من رجال الشيخ . ويؤيّده أنّ الشيخ عبدالنبي الجزائري قد نقله من رجال الشيخ بعنوان: «ابن محمّد بن عامر الأشعري» (4) . وقد ترجم له ابن حجر (ت / 852 ه ) قائلاً: «الحسين بن أحمد بن عامر الأشعري، ذكره علي بن الحكم في شيوخ الشيعة، وقال: كان من شيوخ أبي جعفر الكليني صاحب كتاب الكافي، وصنّف الحسين كتاب طب أهل البيت ، وهو من خير الكتب المصنّفة في هذا الفن. روى عن عمّه عبداللّه بن عامر، وغيره» (5) . وهو ممن اتّفق الكل على وثاقته (6) .

ص: 171


1- . . رجال النجاشي : ص 66 الرقم 156.
2- . . المصدر السابق : ص 218 الرقم 570 .
3- . . رجال الشيخ الطوسي : ص 424 الرقم 6106 (41) باب من لم يرو عنهم عليهم السلام .
4- . . حاوي الأقوال في معرفة الرجال : ج 1 ص 312 الرقم 202.
5- . . لسان الميزان : ج 2 ص 327 الرقم 2630 (469).
6- . . خلاصة الأقوال : ص 119 الرقم 298 (24)، الوجيزة في الرجال : ص 198 الرقم 584 ، نقد الرجال للتفرشي : ج 2 ص 114 الرقم 1512 و1519، هداية المحدّثين : ص 196، منتهى المقال : ج 3 ص 15 الرقم 842 ، معجم رجال الحديث : ج 6 ص 79 الرقم 3620، قاموس الرجال : ج 3 ص 523 - 525 الرقم 2249.

16 - حُمَيْد بن زياد

روى عنه الكليني أكثر من ثلاثمائة حديث توزّعت على جميع أجزاء الكافي . قال النجاشي: «حُمَيْد بن زياد بن حماد بن حماد هوار الدِهْقان، أبو القاسم، كوفي سكن سورا، وانتقل إلى نينوى قرية على العَلْقَمِي إلى جنب الحائر على صاحبه السلام. كان ثقة، واقفا، وجها فيهم، سمع الكتب، وصنف كتاب الجامع في أنواع الشرائع ، كتاب الخمس ، كتاب الدعاء ، كتاب الرجال . إلى أن قال: ومات حُمَيْد سنة عشر وثلاثمائة» (1) .

وقال الشيخ في رجاله: «حميد بن زياد، من أهل نينوى، قرية جنب الحائر على ساكنه السلام، عالم جليل، واسع العلم ، كثير التصانيف، قد ذكرنا طرفا من كتبه في الفهرست» (2) . وقال في الفهرست : «... ثقة، كثير التصانيف، روى الاُصول أكثرها، له كتب كثيرة على عدد كتب الاُصول ...» (3) . وقال أبو غالب الزراري في رسالته: «وَسَمِعْتُ من حُمَيْد بن زياد، وأبي عبداللّه بن ثابت، وأحمد بن محمّد بن رباح، وهؤلاء من رجال الواقفة، إلّا أنّهم كانوا فقهاءَ ثقاتٍ في حديثهم كثيري الرواية» (4) . ووثّقه ابن شهرآشوب (5) ، ووثّقه العلّامة، ثمّ قال: «فالوجه عندي قبول روايته إذا خلت من المعارض» (6) .

ص: 172


1- رجال النجاشي: ص 132 الرقم 339.
2- . . رجال الشيخ الطوسي : ص 421 الرقم 6081 (6) .
3- . . الفهرست للطوسي : ص 114 - 115 الرقم 238 (3).
4- . . رسالة أبي غالب الزراري إلى ابن ابنه : ص 150 الفقرة [ 9 / ب ].
5- . . معالم العلماء : ص 43 الرقم 276 .
6- . . خلاصة الأقوال : القسم الأوّل ، ص 129 الرقم 341 (2) .

ووثّقه ابن داوود الحلّي: قائلاً «مصنّف، ثقة، فاضل إلّا أنّ النجاشي قال: إنّه واقفي. وقد أثْبَتُّه في الضعفاء لذاك» (1) . وهذا لا يقدح بروايته مع التنصيص على وثاقته، ولهذا وثّقه سائر المتأخّرين بلا تردّد (2) .

17 - داوود بن كُوْرَة، أبو سليمان القمّي

ذكره النجاشي في ترجمة أحمد بن عيسى الأشعري عند ذكر كتابه النوادر قائلاً: «وكان غير مبوّب فبوّبه داوود بن كورة - إلى أن قال - وقال لي أبو العبّاس أحمد بن علي ابن نوح: أخبرنا بها - أي بكتب الأشعري - أبو الحسن بن داوود، عن محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم ومحمّد بن يحيى وعلي بن موسى بن جعفر وداوود بن كورة وأحمد بن إدريس؛ عن أحمد بن محمّد بن عيسى بكتبه» (3) . وترجم له النجاشي في مكان لاحق قائلاً: «داوود بن كُوْرَة أبو سليمان القمّي، وهو الذي بوّب كتاب النوادر لأحمد بن محمّد بن عيسى، وكتاب المشيخة للحسن بن محبوب السرَّاد على معاني الفقه، له كتاب الرحمة في الوضوء والصلاة والزكاة والصوم والحج، أخبرنا محمّد بن علي القزويني، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى، قال: حدّثنا داوود» (4) .

وداوود بن كورة هو من رجال عِدّة الكافي الذين يروي الكليني بتوسّطهم عن أحمد ابن محمّد بن عيسى، وبهذا صرّح النجاشي في ترجمة ثقة الإسلام، قائلاً: «وقال

ص: 173


1- . . رجال ابن داوود : القسم الأوّل ، ص 86 الرقم 536.
2- . . راجع : معالم العلماء : ص 37 ، والوجيزة في الرجال : ص 203 الرقم 636 ، ونقد الرجال للتفرشي : ج 2 ص 171 الرقم 1719 (5) وخاتمة وسائل الشيعة : ج 30 ص 361، من الفائدة الثانية عشرة، وجامع الرواة : ج 1 ص 284 الرقم 2227 ، ومنتهى المقال : ج 3 ص 15 الرقم 842 ، وتنقيح المقال : ج 1 ص 378 الرقم 3904، وطبقات أعلام الشيعة - القرن الرابع : ص 125، ومعجم رجال الحديث : ج 6 ص 287 الرقم 4081 .
3- . . رجال النجاشي : ص 82 - 83 الرقم 198 .
4- . . رجال النجاشي : ص 158 الرقم 416.

أبو جعفر الكليني: كلّ ما كان في كتابي عِدّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن عيسى فهم: محمّد بن يحيى، وعلي بن موسى الكُميَذَاني (1) ، وداوود بن كُوْرة، وأحمد بن إدريس، وعلي ابن إبراهيم بن هاشم» (2) . وقد مرّ في طريق النجاشي إلى كتب الأشعري آنفا رواية الكليني لكتبه بواسطة هؤلاء الرجال العظماء الخمسة. وداوود هذا ذكره الشيخ في رجاله قائلاً: «داوود بن كورة القُمّي، بوّبَ كتاب النوادرلأحمد بن محمّد بن عيسى» (3) . وصرّح بهذا في ترجمة الأشعري في الفهرست (4) . وذكره ابن داوود في القسم الأوّل من رجاله (5) ، وذكره ابن النديم في جملة العلماء المصنّفين قائلاً: «أبو سليمان داوود بن كورة، من أهل قم، وله من الكتب كتاب الرحمة» (6) . وقال في هدية العارفين : «داوود بن كورة أبو سليمان القمّي الشيعي ، توفّي سنة... له كتاب الرحمة» (7) . هذا، وقد ضبط النراقي في عوائد الأيّام (كورة) بضمّ الكاف، وإسكان الواو، وفتح الراء (8) .

ص: 174


1- . . كذا ضُبط في رجال النجاشي المطبوع، وهو غلط، والصحيح: (الكُمَنْدَانيّ) بالميم والنون والدال المهملة كما سيأتي في ترجمته.
2- . . رجال النجاشي : ص 378 الرقم 1026 .
3- . . رجال الشيخ الطوسي : ص 426 الرقم 6128 (2) باب من لم يروِ عنهم عليهم السلام .
4- . . الفهرست للطوسي : ص 69 الرقم 75 (13) .
5- . . رجال ابن داوود : القسم الأوّل ، ص 91 الرقم 595 .
6- . . فهرست ابن النديم : ص 243 ، الفن الخامس من المقالة السادسة (في أخبار العلماء وما صنّفوه من الكتب) .
7- . . هدية العارفين : ج 1 ص 359.
8- . . عوائد الأيّام : ص 289.

18 - سعد بن عبداللّه الأشعري

من مشايخ الكليني، روى عنه في كتاب الكافي (1) وهو من الثقات المشهورين. قال النجاشي: «سعد بن عبد اللّه بن أبي خلف الأشعري القمّي أبو القاسم، شيخ هذه الطائفة، وفقيهها، ووجهها، كان سمع من حديث العامّة شيئاً كثيراً، وسافر في طلب الحديث. لقي من وجوههم الحسن بن عَرَفة، ومحمّد بن عبد الملك الدقيقي، وأبا حاتم الرازي، وعبّاس الترقُفي. ولقي مولانا أبا محمّد عليه السلام ، ورأيت بعض أصحابنا يضعّفون لقاءه لأبي محمّد عليه السلام ، ويقولون: هذه حكاية موضوعة عليه، واللّه أعلم... وصنّف سعد كتباً كثيرة : - إلى أن قال - تُوفّي سعد رحمه اللّه سنة إحدى وثلاثمائة، وقيل: سنة تسع وتسعين ومائتين» (2) . وقال الشيخ الطوسي في رجاله في أصحاب الإمام العسكري عليه السلام : «سعد بن عبد اللّه القمّي، عاصره عليه السلام، ولم أعلم أنه روى عنه» (3) . وقال في الفهرست: «جليل القدر، واسع الأخبار، كثير التصانيف، ثقة» (4) . وقال ابن شهرآشوب في معالم العلماء: «ثقة» (5) . وقال العلّامة الحلّي في الخلاصة : «جليل القدر، واسع الأخبار، كثير التصانيف، ثقة، شيخ هذه الطائفة، وفقيهها، ووجهها، لقي مولانا أبا محمّد العسكري عليه السلام » ثمّ نقل تضعيف النجاشي - عن بعض الأصحاب - لهذا اللقاء، ثم ذكر تردّد وفاة سعد رحمه اللّه بين (سنة / 301، و 299 و 300 ه ) على الترتيب (6) .

ص: 175


1- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 457 ح 10 باب 13 من كتاب الحجّة، فروع الكافي : ج 3 ص 276 ذيل الحديث الرابع، وذيل الحديث الخامس، باب وقت الظهر والعصر من كتاب الصلاة .
2- . . رجال النجاشي : ص 177 - 178 الرقم 467 .
3- . . رجال الشيخ الطوسي : ص 399 الرقم 5852 (3) في أصحاب الإمام العسكري عليه السلام .
4- . . الفهرست للطوسي : ص 135 الرقم 316 (1) .
5- . . معالم العلماء : ص 54 الرقم 358 .
6- . . خلاصة الأقوال : ص 156 الرقم 452 (3).

ووثّقه ابن داوود الحلّي في رجاله بنحو ما تقدّم من التوثيق (1) .

19 - عبداللّه بن جعفر الحميري

من مشايخ ثقة الإسلام الكليني، روى عنه في الكافي (2) ، وهو من أعاظم ثقات القميّين ومشاهيرهم، بل من الأجلّاء المعروفين بلا خلاف، قال النجاشي في ترجمته: «شيخ القمّيين ووجههم...» (3) . وقال الشيخ الطوسي في الفهرست: «ثقة، له كتب» (4) ، وعدّه في رجاله في أصحاب الإمام الحسن العسكري عليه السلام قائلاً: «قمّي ، ثقة» (5) . وعدّه البرقي في أصحاب الإمامين الهادي والعسكري عليهماالسلام (6) . ووثّقه ابن شهرآشوب في معالم العلماء (7) ، والعلّامة الحلّي في خلاصة الأقوال (8) ، وابن داوود في رجاله (9) ، وجمع غفير من علماء التراجم والرجال المتأخّرين والمعاصرين.

20 - علي بن إبراهيم بن هاشم القمّي

قال النجاشي: «علي بن إبراهيم بن هاشم أبو الحسن القمّي، ثقة في الحديث، ثبت، معتمد، صحيح المذهب» (10) .

ص: 176


1- . . رجال ابن داوود الحلّي : القسم الأوّل ، ص 102 الرقم 681.
2- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 457 ح 10 باب 13 من كتاب الحجّة .
3- . . رجال النجاشي : ص 220 الرقم 573 .
4- . . الفهرست للطوسي : ص 167 الرقم 439 (7) .
5- . . رجال الشيخ الطوسي : ص 400 الرقم 5857 (2) .
6- . . رجال البرقي : ص 140 الرقم 1627 (57)، و ص 143 الرقم 1664 (6).
7- . . معالم العلماء : ص 73 الرقم 493 .
8- . . خلاصة الأقوال : القسم الأوّل ، ص 193 - 194 الرقم 605 (20) .
9- . . رجال ابن داوود: القسم الأوّل ، ص 117 الرقم 845 .
10- . . رجال النجاشي : ص 260 الرقم 680 .

وعدّه ابن النديم في الفهرست من العلماء الفقهاء (1) . وقال السيّد ابن طاووس في كتابه الأمان عند ذكر الأخبار المروية بالعمل على القرعة في الفصل الحادي عشر، قال: «فمن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى الثقة الصالح علي بن إبراهيم بن هاشم القمّي رضي اللّه عنه في كتابه (كتاب المبعث)...» (2) . ووثّقه العلّامة الحلّي في الخلاصة 12 وابن داوود في رجاله (3) ، وسائر المتأخّرين . ولشهرة علي بن إبراهيم رحمه الله فقد ترجم له جملة من علماء العامة. منهم: الداوودي في طبقات المفسّرين، إذ عدّه من علماء الإمامية المصنّفين في التفسير (4) . كما ذكره الحموي في معجم الأُدباء (5) . ووصفه الذهبي بالمحمدي وقال: « رافضي جَلْد» (6) ، وذكره الصفدي في الوافي بالوفيات (7) ، ولا يخفى ما في قولهم: «رافضي جَلْد» من إيحاء بشدّة تمسّك علي بن إبراهيم بمذهب أهل البيت عليهم السلام ، ورسوخ قدمه فيه، ولهذا كان جلّ اعتماد ثقة الإسلام الكليني في كتابه الكافي على شيخه الجليل الثقة علي بن إبراهيم، إذ روى عنه أكثر من أربعة آلاف حديث في كتاب الكافي، هذا فضلاً عن اشتراكه مع غيره في الرواية عن أحمد بن محمّد ابن خالد البرقي، وأحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري بلفظ «عدّة من أصحابنا» في الكافي، كما سيأتي في بحث عِدّة الكافي.

ص: 177


1- . . الفهرست لابن النديم : ص 277، الفن الخامس من المقالة السادسة .
2- . . الأمان من أخطار الأسفار والأزمان : القسم الأوّل ، ص 76 .
3- . . رجال ابن داوود : القسم الأوّل ، ص 135 الرقم 1018 .
4- . . طبقات المفسّرين للداوودي : ج 1 ص 392 الرقم 337 .
5- . . معجم الاُدباء : ج 12 ص 215 الرقم 52 .
6- . . ميزان الاعتدال : ج 3 ص 111 الرقم 5766.
7- . . الوافي بالوفيات : ج 5 ص 226.

كما روى عنه جلّ مشايخ الشيعة وثقاتهم من أمثال الصدوق الأول ومحمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد وغيرهما، ويكفي أنّ الشيخ الصدوق رضى الله عنه الذي جعل روايات كتابه الفقيه حجة بينه وبين اللّه عزّ وجلّ مصرّحاً بصحّتها وثبوتها عنده كان معظمها من طريق علي بن إبراهيم بن هاشم القمّي. ولعلي بن إبراهيم رضى الله عنه مرقد مشهور في مدينة قم المشرّفة لا زال شاخصاً إلى الآن يؤمّه العارفون لحقّه من كلّ حدبٍ وصوب.

21 - علي بن إبراهيم الهاشمي

من مشايخ ثقة الإسلام، محدّث، جليل، نسّابة، ثقة، روى له الكليني في الكافي أربعة أحاديث فقط، إثنين منها مباشرة، وإثنين بالواسطة كالآتي: 1 - علي بن إبراهيم الهاشمي، عن جدّه محمّد بن الحسن بن محمّد بن عبيداللّه ... (1) . 2 - محمّد بن الحسن وعلي بن إبراهيم الهاشمي، عن بعض أصحابنا، عن سليمان بن جعفر الهاشمي... (2) 3 - محمّد بن يحيى، عن علي بن إبراهيم الهاشمي، رفعه، قال: قال أبو عبداللّه عليه السلام ... (3) . 4 - محمّد بن يحيى، عن علي بن إبراهيم الهاشمي، عن أبيه، عن محمّد بن الفضل النيسابوري، عن بعض رجاله، عن أبي عبداللّه عليه السلام (4) . هذا وقد وقع شخص آخر في أسانيد الكافي بهذا الاسم والنسب، وهو غير صاحب العنوان قطعا؛ لروايته عن الإمام موسى بن جعفر عليهماالسلام مباشرة، وعنه الكليني بأربعة

ص: 178


1- . . اُصول الكافي : ج 2 ص 275 ح 26 باب 111 من كتاب الإيمان والكفر.
2- . . فروع الكافي : ج 6 ص 225 ح 4 باب 17 من كتاب الصيد.
3- . . المصدر السابق : ج 3 ص 386 ح 8 باب الرجل يخطو إلى الصفّ.. من كتاب الصلاة.
4- . . المصدر السابق : ج 6 ص 340 ح 3 باب الجبن من كتاب الأطعمة.

وسائط (1) ، ولا يعنينا أمره. ومن الواضح أنّ المذكور في هذه الموارد الأربعة شخص واحد، وقد عرّفه لنا ثقة الإسلام الكليني بتسمية جدّه كما في المورد الأوّل، وهو ثقة مشهور. قال النجاشي: «علي بن إبراهيم بن محمّد بن الحسن بن محمّد بن عبيداللّه بن الحسين [بن علي بن الحسين] (2) بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، أبو الحسن الجواني، ثقة، صحيح الحديث، له كتاب أخبار صاحب فخ، وكتاب أخبار يحيى بن عبداللّه بن حسن. أخبرنا العبّاس بن عمر بن العبّاس، قال: حدّثنا أبو الفرج علي بن الحسين الإصبهاني من كتابه وسماعه، قال: حدّثنا علي بن إبراهيم بكتبه» (3) . وقال العلّامة الحلّي: «علي بن إبراهيم بن محمّد بن الحسن بن محمّد بن عبيداللّه بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام ، أبو الحسن الجواني، بفتح الجيم وتشديد الواو، ثقة صحيح الحديث، خرج مع أبي الحسن عليه السلام إلى خراسان» (4) . وهذا اشتباه من العلّامة قدس سره، لأنّ علي بن إبراهيم المذكور من مشايخ الكليني، وروى عنه أبو الفرج الإصبهاني المتوفّى (سنة / 356 ه ) كما مرّ في طريق النجاشي إلى كتبه. ويزيد الأمر وضوحا ما أخرجه الكليني في الكافي من وصية الإمام الجواد عليه السلام لولده الإمام الهادي عليه السلام وقد كتبت في يوم الأحد لثلاث ليال خلون من ذي الحجّة سنة عشرين ومائتين، وفيها: «وكتب أحمد بن أبي خالد شهادته بخطّه، وشهد الحسن بن محمّد بن عبداللّه بن الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام ، وهو الجَوّاني على مثل شهادة أحمد بن أبي خالد في صدر هذا الكتاب وكتب شهادته بيده،

ص: 179


1- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 150 ح 1 باب المشيئة والإرادة من كتاب التوحيد .
2- . . سقط سهوا من رجال النجاشي ، والتصويب من المجدي في أنساب الطالبيين : ص 194 وما بعدها، وخلاصة الأقوال للعلّامة الحلّي كما سيأتي .
3- . . رجال النجاشي : ص 262 - 263 الرقم 687 .
4- . . خلاصة الأقوال : القسم الأوّل ، ص 182 الرقم 542 (31) .

وشهد نصر الخادم وكتب شهادته بيده» (1) . وإذا كان الحسن الجواني شاهدا على وصيّة الإمام الجواد لولده الهادي عليهماالسلامفكيف يخرج ابن ابن ابنه مع الإمام الرضا عليه السلام إلى خراسان؟! وفي المجدي في أنساب الطالبيين أنّ الإمام الجواد عليه السلام وهب أَمَة تسمّى مصفاة لجدّ علي بن إبراهيم الهاشمي محمّد بن الحسن الجواني، فولد له منها إبراهيم، ثمّ قال: «فَوَلَدَ إبراهيم بن محمّد بن الحسن الجواني: الحسين - قال أهله: درج - وعليا». ثمّ قال: «وأمّا علي بن إبراهيم فكان يكنّى أبا الحسين، وهو محدّث جليل نسّابة ولد بالمدينة ونشأ بالكوفة، اُمّه واُمّ الحسين تيميّة، ومات بالكوفة وقبره ممّا يلي كندة، ولقيه أبو الفرج الإصبهاني صاحب كتاب الأغاني...» (2) . نعم قال الكشّي : «عن حمدويه وإبراهيم، قالا: حدّثنا أبو جعفر محمّد بن عيسى، قال: كان الجواني خرج مع أبي الحسن إلى خراسان، وكان من قرابته» (3) . ومحمّد بن عيسى هو ابن عبيد الثقة الجليل المشهور روى عن الإمام الجواد عليه السلام - كما يقول النجاشي - مكاتبة ومشافهة (4) .

وبهذا يتبيّن أنّ الجواني الذي خرج مع الإمام الرضا عليه السلام هو الحسن الذي شهد على وصيّة الإمام الجواد لولده الهادي عليهماالسلام؛ لأنّه من تلك الطبقة، ويؤيّده أنّ أباه محمّد بن

ص: 180


1- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 325 ح 3 باب الإشارة والنصّ على أبي الحسن الثالث عليه السلام من كتاب الحجة، وضبطه السمعاني في الأنساب : ج 2 ص 106، قائلاً: «الجُوَاني : بضمّ الجيم والواو المفتوحة بعدهما الألف في آخرها النون، هذه النسبة إلى جوان وهو اسم رجل، وهو خلف بن الحسن بن جوان الواسطي الجواني» وهذا وهم منه والصحيح ما ذكره العلّامة، قال ياقوت الحموي في معجم البلدان : ج 2 ص 175 ، «الجوانية بالفتح وتشديد ثانيه وكسر النون وياء مشدّدة، موضع أو قرية قرب المدينة إليها ينسب بنو الجواني العلويون ، منهم أسعد بن عليم، يعرف بالنحوي، كان بمصر، وابنه محمّد بن أسعد النسّابة، ذكرتهما في أخبار الأُدباء».
2- . . المجدي في أنساب الطالبيين : ص 196 - 197 .
3- . . رجال الكشّي : ص 506 الرقم 973 .
4- . . رجال النجاشي : ص 333 الرقم 896 .

عبيداللّه الأعرج مات وهو ابن إثنين وثلاثين سنة (1) ، وربّما تكون وفاته في زمان إمامة الإمام الكاظم عليه السلام ؛ لأنّ أباه قد امتنع عن بيعة محمّد بن عبداللّه الحسني على أنّه المهدي! وكان ذلك في زمان أبي العبّاس السفّاح كما صرّح بهذا في العمدة أيضا (2) . وأخيرا، لابدّ من التذكير بما وقع من تصحيف في عمود نسب الجواني في حديث شهادته على وصيّة الإمام الجواد لولده الإمام الهادي عليهماالسلام في الكافي؛ إذ ورد فيه: «عبداللّه ابن الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام ». والصحيح الثابت الذي لا يرقى إليه الشك مطلقا هو: «عبيداللّه بن الحسن...». وهو الجدّ الأعلى للسيّد الفقيه العلّامة عميد الدين الحلّي ابن اُخت العلّامة الحلّي، واُستاذ الشهيد الأوّل، وإليه يرجع نسب السادة العَميديين.

22 - علي بن الحسين المؤدِّب السعدآبادي

22 - علي بن الحسين المؤدِّب السعدآبادي:وهو من مشايخ الكليني، روى عنه قائلاً: «علي بن الحسين المؤدِّب وغيره، عن أحمد بن محمّد بن خالد...» (3) . وذكره الشيخ في رجاله، قائلاً: «يروي عنه الكليني رحمه الله، وروى عنه الزراري رحمه الله، وكان معلمه» (4) . وذكره في الفهرست في ترجمة أحمد بن محمّد بن خالد البرقي، ناقلاً قول الزراري: «حدّثنا مؤدبي علي بن الحسين السعد آبادي، أبو الحسن القمّي» (5) . كما ذكره الزراري في رسالته في آل أعين مصرحاً بأنّه مؤدّبه (6) .

ص: 181


1- . . عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب : ص 319 - 320 .
2- . . المصدر السابق : ص 318 - 319.
3- . . روضة الكافي : ج 8 ص 170 ح 193.
4- . . رجال الشيخ الطوسي : ص 433 الرقم 6199 (42) فيمن لم يرو عنهم عليهم السلام .
5- . . الفهرست للطوسي : ص 64 الرقم 65 (3) .
6- . . رسالة أبي غالب الزراري : ص 162 الرقم 14.

وكونه من مشايخ القمّيين وفي عصر الأشعري بالذات، مع اعتماد أجلّاء المشايخ الكبار عليه، كثقة الإسلام الكليني، والفقيه الجليل الزراري، وترضّي الصدوق عليه فيما حكاه المجلسي الأول، يكشف عن حسن حاله، ولهذا نقل المجلسي الأول قول جمع من أصحابنا بحسن حديثه 5 ، وقوّاه الوحيد البهبهاني في تعليقته (1) ، وارتضاه السيّد الأعرجي في عِدّته (2) ، وأبو علي الحائري في المنتهى (3) ، والمامقاني في تنقيحه (4) . وهو أحد رجال عِدّة الكافي عن البرقي، ولو لم يكن في تلك العِدّة سوى علي بن إبراهيم الفقيه المحدّث المفسّر الثقة الثبت المشهور ، كما مرّ في ترجمته، لكفى دليلاً على صدق رجال عِدَّة الكافي في مطلق حديثهم عن البرقي.

23 - علي بن محمّد بن سليمان

من مشايخ الكليني، لم يرو عنه في الكافي، ومن وقع في إسناده بهذا الاسم فهو غيره، كما سنرى. قال الشيخ الصدوق: «حدّثنا محمّد بن محمّد بن عصام رضى الله عنه، قال: حدّثنا محمّد بن يعقوب، قال: حدّثنا علي بن محمّد بن سليمان، عن إسماعيل بن إبراهيم، عن جعفر بن محمّد التميمي، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن خالد، عن زيد بن علي عليه السلام ، قال: سألت أبي سيّد العابدين عليه السلام فقلت له: يا أبة أخبرني عن جدّنا رسول اللّه صلى الله عليه و آله لما عرج به إلى السماء وأمره ربه عزّ وجلّ بخمسين صلاة كيف لم يسأله التخفيف عن اُمّته؟...» (5) .

ص: 182


1- . . تعليقة الوحيد البهبهاني على منهج المقال للأسترآبادي : ص 229.
2- . . عُدّة الرجال : ج 2 ص 90 ، الفائدة السادسة .
3- . . منتهى المقال : ج 4 ص 385 - 386 الرقم 1995.
4- . . تنقيح المقال : ج 2 ص 281 الرقم 8234 .
5- . . علل الشرائع : ص 132 ح 1 باب 112 .

وأخرجه في التوحيد من هذا الطريق أيضا (1) . وأورده العلّامة المجلسي في البحار عن الكتابين المذكورين معا سندا ومتنا (2) . وقد وقع في الكافي علي بن محمّد بن سليمان النوفلي في حدود ست روايات، روى ثلاثا منها: عن عِدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد البرقي، عنه (3) . واثنتين: عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن يوسف بن السخت، عنه (4) ، وواحدة: عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن موسى بن جعفر، عنه (5) ، فهو يروي عنه إذن بواسطتين تارة، وبثلاث وسائط اُخرى. ورواية الشيخ الصدوق المذكورة لم يروها الكليني في الكافي أصلاً لا في اُصوله ولا في فروعه ولا في روضته، ويظهر أنّ المذكور في إسناد الشيخ الصدوق يختلف عمّن وقع بهذا الاسم في أسانيد الكافي؛ لجملة من القرائن الدالّة على التعدّد لا الإتّحاد ، وهي: الاُولى: إنّ احتمال كون إسناد الصدوق «.. حدّثنا علي بن محمّد، عن سليمان بن إسماعيل بن إبراهيم» غير وارد، إذ لا وجود لسليمان بن إسماعيل بن إبراهيم لا في كتب الحديث ولا في كتب الرجال معا. الثانية: ليس لمن وقع في الكافي وبقيّة الكتب الأربعة بهذا الاسم رواية عن إسماعيل بن إبراهيم (6) .

ص: 183


1- . . التوحيد : ص 176 ح 8 باب نفي المكان والزمان والحركة عنه تعالى.
2- . . بحار الأنوار : ج 3 ص 320 ح 17.
3- . . فروع الكافي : ج 6 ص 224 ح 1 باب الهدهد والصرد، من كتاب الصيد، و ج 6 ص 225 ح 1 و 2. باب القنبرة من كتاب الصيد.
4- . . المصدر السابق : ج 5 ص 96 - 97 ح 6 و 7 باب قضاء الدين من كتاب المعيشة.
5- . . المصدر السابق : ج 7 ص 38 ح 37 باب ما يجوز من الوقف والصدقة من كتاب الوصايا.
6- . . راجع تفصيل رواياته في الكتب الأربعة في معجم رجال الحديث : ج 13 ص 145 - 147 الرقم 8426 و8427 .

الثالثة: إنّ أبا الفرج الإصبهاني الذي مات (سنة / 356 ه ) بعد وفاة الكليني بسبع وعشرين سنة يروي عن علي بن محمّد بن سليمان في مقاتل الطالبيّين كثيرا بواسطة واحدة دائما (1) . الرابعة: روى الشيخ الطوسي في أماليه عِدّة روايات، عن جماعة، عن أبي المفضّل، عن أحمد بن عبيداللّه بن عمّار الثقفي الكاتب، عن علي بن محمّد بن سليمان (2) . وأبو المفضّل من تلاميذ الكليني بلا خلاف، فكيف يروي عنه - على تقدير الإتحاد - بواسطة واحدة، وشيخه ثقة الإسلام بواسطتين تارة، وبثلاث اُخرى؟ ثمّ سند الشيخ الطوسي إلى علي هذا كان من ثلاث وسائط، وهو عادة ما يروي عن ثقة الإسلام بواسطتين في جميع كتبه، وغالبا ما تكون روايته عن الشيخ المفيد، عن ابن قولويه عن الكليني. ولا توجد له رواية واحدة في جميع كتبه عن مشايخ مشايخ الكليني بثلاث وسائط. وكلّ هذا يدل على أنّ علي بن محمّد بن سليمان المذكور في التوحيد والعلل للشيخ الصدوق يختلف عن المذكور في الكافي، على أنّ كلا الرجلين لم يُذكرا في كتب الرجال. ويبدو أنّ من وقع في أسناد الشيخ الصدوق كان عامّيا، إذ لم يتبنّى الفكر الشيعي روايته لما فيها من المراجعة بعد الأمر الإلهي، وهي لا تليق بسيّد الخلق صلى الله عليه و آله . بخلاف روايات من وقع في الكافي فإنّها رويت عن أهل البيت عليهم السلام بما يوافق مذهبهم، ويؤيّد هذا ما قاله التستري من ذمّ أبي الفرج الإصبهاني له، وإنْ حسبه من في الكافي اشتباها (3) .

ص: 184


1- . . راجع: مقاتل الطالبيين : ص 278 و 294 و 309 و 320 و 324 و 344 .
2- . . راجع: الأمالي للطوسي: ص 325 ح 653 (100) مجلس 11، و ص 453 ح 1011 (17)، مجلس 16، و ص 463 ح 1031 (37)، مجلس 16، و ص 503 ح 1153 (10)، مجلس 18، و ص 544 ح 1167 (3) مجلس 20 .
3- . . قاموس الرجال : ج 7 ص 555 - 556 .

جدير بالذكر أنّ وصف علي بن محمّد بن سليمان بالنوفلي في مقاتل الطالبيّين وأمالي الشيخ لا يبرّر القول بالاتّحاد أيضا، لاختلاف طبقتهما اختلافا بيِّنا واللّه العالم.

24 - علي بن محمّد بن أبي القاسم ماجيلويه

قال النجاشي: «علي [بن محمّد] بن أبي القاسم، عبد اللّه بن عمران البرقي، المعروف أبوه بماجيلويه، يكنّى أبا الحسن، ثقة، فاضل فقيه، أديب، رأى أحمد بن محمّد البرقي، وتأدّب عليه، وهو ابن بنته» (1) . وقد سقط اسم أبيه (محمّد) من جميع نسخ النجاشي الواصلة إلينا، والتصويب من العلّامة (2) ، وابن داوود (3) ، بل من النجاشي نفسه، إذ قال في ترجمة والد علي بن محمّد هذا: «محمّد بن أبي القاسم... ، الملقّب ماجيلويه، وأبو القاسم يُلقّب بُنْدار ، سيّد من أصحابنا القميّين، ثقة، عالم، فقيه، عارف بالأدب والشعر والغريب ، وهو صهر أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي على ابنته، وابنه علي بن محمّد منها، وكان أخذ عنه العلم والأدب» (4) . وهو من مشايخ ثقة الإسلام الكليني، روى عنه في الكافي كثيراً جداً، فضلاً عمّا رواه عنه في ضمن رجال عِدَّته عن البرقي، وقد يعبر عنه بلفظ علي بن محمّد بن بُنْدار، وقد عرفت أنّ لقب (بُنْدار) يطلق على أبي القاسم جد علي بن محمّد المعروف بلقب أبيه (ماجيلويه) أيضاً.

25 - علي بن محمّد الكليني الرازي

علي بن محمّد هذا، أحد مشايخ ثقة الاسلام الكليني، ويلقّب بالكليني الرازي،

ص: 185


1- . . رجال النجاشي : ص 261 الرقم 683 .
2- . . خلاصة الأقوال : القسم الأوّل ، ص 187 الرقم 559 (48).
3- . . رجال ابن داوود : القسم الأوّل ، ص 140 الرقم 1073.
4- . . رجال النجاشي : ص 353 الرقم 947.

ويعرف بعَلّان. وهو خال الكليني واُستاذه، ومن رجال عِدّة الكافي الذين روى عنهم ثقة الإسلام الكليني، عن سهل بن زياد كما سيأتي في بحث عِدّة الكافي، وثّقه جميع من ترجمه. قال النجاشي: «علي بن محمّد بن إبراهيم بن أبان الرازي الكليني، المعروف بعَلّان، يكنى أبا الحسن، ثقة، عين، له أخبار القائم عليه السلام » ثم ذكر الطريق إلى كتابه - وهو صحيح - قائلاً: «وقتل عَلّان بطريق مكة» 5 . ووثّقه العلّامة الحلّي (1) ، وابن داوود (2) ، والمتأخّرون كافة. وقال العلّامة المامقاني رحمه الله: «ونقل غير واحد أنّه اُستاذ الكليني، وخاله» (3) . هذا، وقد يقال: أنّ الاسم المذكور مردّد بين عَلّان وبين علي بن محمّد المعروف أبوه بماجيلويه، وهو من مشايخ الكليني أيضاً! والجواب: إنّه لا أثر لهذا التردد في المقام ؛ لكونه بين ثقتين بلا خلاف، وقد سبق وأن بيّنا وثاقة وجلالة المعروف أبوه بماجيلويه. على أنّ المراد بعلي بن محمّد في بعض موارد الكافي هو أبو الحسن الكليني الرازي، المعروف بعلّان لا غير. والدليل عليه أنّ ثقة الإسلام روى في فروع الكافي عن علي بن محمّد مع وصفه بالكليني، عن صالح بن أبي حماد الرازي (4) . على أنّ التردّد بين ثقتين متعاصرين في رواية الكليني قدس سره، قد ينتفي مع نسبة أحدهما إلى كلين؛ لإنطلاق ثقة الإسلام في التحديث عن مشايخ بلده أولاً. وقد أخرج

ص: 186


1- . . خلاصة الأقوال : القسم الأوّل ، ص 187 الرقم 558 (47).
2- . . رجال ابن داوود: ص 140 الرقم 1072 .
3- . . تنقيح المقال : ج 2 ص 302 الرقم 8446 .
4- . . فروع الكافي : ج 5 ص 541 ح 5 باب 183 من كتاب النكاح.

الصدوق عن الكليني، عن علي بن محمّد المعروف بعلّان جملة من الأحاديث (1) .

26 - علي بن موسى بن جعفر بن أبي جعفر الكُمَنْدَانيّ

من مشايخ ثقة الإسلام الكليني، بل هو من العِدّة الّذين يروي الكليني عنهم، عن أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري القمّي . وقد صرّح بهذا النجاشي (2) ، والعلّامة الحلّي (3) . وقد روى الكليني سائر كتب أحمد بن عيسى الأشعري عن الكُمنداني وجماعته عنه (4) ، والظاهر كونهم هم العِدّة، وسيأتي ذلك مفصّلاً في بحث (عِدَّة الكافي). ومن الواضح بأنّ اشتراكه مع مجموعة من المشايخ - وفيهم من أجلّاء الفقهاء الثقات - بالرواية عن الأشعري يعني الإطمئنان التام الكامل بسماع مرويات تلك العِدّة، عن أحمد بن محمّد بن عيسى حقّا حقّا. والكُمَنْدانيُّ: نسبة إلى كُمَنْدَان، بضم الكاف، وفتح الميم، وسكون النون، وفتح الدال المهملة، وبعدها ألف ونون، اسم بلدة قم في أيام الفرس، ولمّا فتحها المسلمون وتم تمصيرها، استثقل العرب اسمها، فاختصروه بالاكتفاء بالحرفين الأول والثاني (كُم)، ثمّ قلبوا (الكاف) إلى (قاف)؛ ليستقر الاسم على (قم) (5) ، وبمرور الزمان تلاشى اسمها القديم، ولم يُعد معروفا - كما لاحظناه - عند القميّين أنفسهم (6) .

ص: 187


1- . . راجع: علل الشرائع : ص 160 ح 2 باب 129، وإكمال الدين : ج 2 ص 408 ح 4 باب 38، والتوحيد: ص 159 ح 1 باب 16، والأمالي للصدوق : ص 351 ح 424 (1) مجلس 47 .
2- . . رجال النجاشي : ص 378 الرقم 1026، في ترجمة الكليني.
3- . . خلاصة الأقوال : ص 430، في الفائدة الثالثة من فوائد الخلاصة .
4- . . رجال النجاشي : ص 82 - 83 الرقم 198 .
5- . . راجع : معجم البلدان : ج 4 ص 397 (قم)، وتنقيح المقال : ج 2 ص 310 الرقم 8530 .
6- . . لاحظنا ذلك في إقامتنا في قم منذ اثني عشر عاما سلفت بسبب تهجيرنا من قبل الطاغية المجرم الكافر اللعين العفلقي ابن أبيه لعنه اللّه ، وها نحن ننتظر محاكمته واعدامه إن شاء اللّه ليذهب كما ذهب الفراعنة في مزابل التاريخ.

هذا، وقد روى الكليني عن علي بن موسى الكمنداني مضموما إلى العِدّة المذكورة، عن أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري أحاديث كثيرة قد تزيد على سبعمائة حديث موزّعة على جميع أجزاء الكافي، كما روى عنه منفردا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى (1) ، ومن مشاهير تلامذته من غير الكليني: الصدوق الأول علي بن الحسين بن بابويه القمّي، كما يظهر من التهذيب (2) ، والإستبصار (3) ، وبعض كتب الشيخ الصدوق (4) . ولو لم يكن ثقة جليلاً لما عمد عمدتا هذا الفن (الكليني، والصدوق الأول) إلى الرواية عنه والتلمّذ على يديه.

27 - القاسم بن العلاء الهَمَداني

من أهل آذربيجان، ولد رحمه الله (سنة / 187 ه ) وتوفّي (سنة / 304 ه ) عن (117) سنة، وفقد بصره رضى الله عنه بعد الثمانين ، ثمّ رُدَّت له عيناه قبل وفاته بسبعة أيّام كما سيوافيك، وهو من مشايخ الكليني الثقات الأجلّاء، روى عنه في الكافي في موردين وكنّاه بأبي محمّد مع الترحّم عليه في أوّلهما (5) . وأخرج له الصدوق من رواية ثقة الإسلام عنه جملة من الأحاديث (6) .

ص: 188


1- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 192 ح 3 باب أن الأئمّة عليهم السلام ولاة أمر اللّه وخزنة علمه من كتاب الحجّة .
2- . . تهذيب الأحكام : ج 1 ص 453 ح 1477 باب تلقين المحتضرين.
3- . . الاستبصار : ج 1 ص 216 ح 766 باب تربيع الجنازة .
4- . . مشيخة الفقيه : ج 4 ص 110، في طريقه إلى جعفر بن عثمان، معاني الأخبار : ص 137 ح 1 باب معنى الكلمات التي جمع اللّه عزّ وجل فيها الخير كلّه لآدم عليه السلام ، الأمالي : ص 116 ح 102 - 103 (1 و 2) مجلس 15، الخصال : ص 6 ح 18 باب الواحد، و ص 7 ح 19 باب الواحد، و ص 123 ح 118 باب الثلاثة، و ص 158 ح 202 باب الثلاثة، و ص 208 ح 29 باب الثلاثة، و ص 252 ح 122 باب الأربعة، وص 263 ح 142 باب الأربعة، فضائل الأشهر الثلاثة : ص 76 ح 59 وغيرها .
5- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 198 ح 1 باب نادر جامع في فضل الإمام وصفاته من كتاب الحجّة، و ج 1 ص 519 ح 9 باب مولد الصاحب عليه السلام من كتاب الحّجة .
6- . . كما في: إكمال الدين : ص 36 من المقدّمة، وص 323 ح 8 باب 31، وص 327 ح 7 باب 32، وص 330 ح 16 من الباب السابق، وعلل الشرائع : ص 160 ح 1 باب 129.

قال الشيخ في رجاله: «القاسم بن العلاء الهَمَدَاني، وكان جليل القدر، روى عنه الصفواني» (1) . وعدّه الشيخ الصدوق والعلّامة الطبرسي ممّن شاهد مولانا الإمام الحجّة عليه السلام من الوكلاء من أهل آذربيجان (2) . ويؤيّده كذلك ما ورد في الكشّي بخصوص انحراف أحمد بن هلال العبرتائي بعد استقامته لعنه اللّه ، وكيف اتّفقت كلمة رواة أصحابنا الذين لقوه ورووا عنه الحديث على مفاتحة القاسم بن العلاء بهذا الأمر بغية التأكّد من صحّة الذموم الواردة بحقّه من الإمام الحجة عليه السلام ، وطلبوا منه المراجعة في أمره، وكيف وصلته من الإمام الحجّة عليه السلام بعد ذلك نسخة بلعن ابن هلال لعنه اللّه (3) . وفي هذا ما يؤكّد وكالته، وجلالته، وقبول رواة الشيعة كلامه. وهناك خبر طويل صحيح بأعلى درجات الصحّة، ذكره الشيخ الطوسي قدس سره في كتاب الغيبة، ولابدّ من ذكره بتمامه لما فيه من فوائد جمّة في معرفة حال القاسم بن العلاء رضى الله عنه. قال الشيخ الطوسي: «أخبرني محمّد بن محمّد بن النعمان والحسين بن عبيداللّه ، عن محمّد بن أحمد بن الصفواني رحمه الله (4) ، قال: رأيت القاسم بن العلاء وقد عمّر مائة سنة وسبع عشرة سنة منها ثمانون سنة صحيح العينين، لقي مولانا أبا الحسن وأبا محمّد العسكري عليهماالسلام.

ص: 189


1- . . رجال الشيخ الطوسي : ص 436 الرقم 6243 باب من لم يرو عنهم عليهم السلام .
2- . . إكمال الدين : ج 2 ص 442 ذيل ح 16 باب 43، إعلام الورى : ج 2 ص 273 .
3- . . رجال الكشّي : ص 535 - 537 الرقم 1020 .
4- . . محمّد بن محمّد بن النعمان هو الشيخ المفيد، وهو أجلّ قدرا وأعظم من أن يقال بحقّه: ثقة، والحسين بن عبيداللّه هو الغضائري المشهور جليل عظيم المنزلة ثقة عين، والصفواني من تلاميذ الكليني وثقاتهم المشهورين وستأتي ترجمته في تلاميذ الكليني رحمه الله.

وحُجب بعد الثمانين، وردّت عليه عيناه قبل وفاته بسبعة أيّام (1) . وذلك أنّي كنت مقيما عنده بمدينة الران من أرض آذربيجان، وكانت لا تنقطع عنه توقيعات مولانا صاحب الزمان عليه السلام على يد أبي جعفر محمّد بن عثمان العمريّ، وبعده على يد أبي القاسم الحسين بن روح قدّس اللّه روحهما، فانقطعت عنه المكاتبة نحوا من شهرين، فقلق رحمه الله لذلك. فبينا نحن عنده نأكل؛ إذ دخل البوّاب مستبشرا، فقال له: فيج العراق لا يسمّى بغيره، فاستبشر القاسم وحوّل وجهه إلى القبلة فسجد، ودخل كهل قصير يرى أثر الفيوج عليه، وعليه جبّة مصريّة، وفي رجله نعل محامليّ، وعلى كتفه مخلاة. فقام القاسم فعانقه، ووضع المخلاة عن عنقه، ودعا بطشت وماء فغسّل يده وأجلسه إلى جانبه، فأكلنا وغسّلنا أيدينا، فقام الرّجل فأخرج كتابا أفضل من النصف المدرج، فناوله القاسم، فأخذه وقبّله ودفعه إلى كاتب له يقال له ابن أبي سلمة، فأخذه أبو عبداللّه ففضّه وقرأه حتّى أحسّ القاسم بنكاية. فقال: يا أبا عبداللّه ! خير؟ فقال: خير، فقال: ويحك خرج فيَّ شيء؟ فقال أبو عبداللّه : ما تكره فلا، قال القاسم: فما هو؟ قال: نُعِيَ الشيخ إلى نفسه بعد ورود هذا الكتاب بأربعين يوما، وقد حمل إليه سبعة أثواب، فقال القاسم: في سلامة من ديني؟ فقال: في سلامة من دينك، فضحك رحمه الله فقال: ما أُؤمّل بعد هذا العمر؟ فقام الرّجل الوارد: فأخرج من مخلاته ثلاثة أُزر وحبرة يمانيّة حمراء وعمامة وثوبين ومنديلاً فأخذها القاسم، وكان عنده قميص خلعه عليه مولانا الرضا أبو الحسن عليه السلام ، وكان له صديق يقال له عبدالرحمن بن محمّد البدري، وكان شديد النصب، وكان بينه وبين القاسم نضّر اللّه وجهه مودّة في أُمور الدنيا شديدة، وكان القاسم

ص: 190


1- . . المقصود: هو تماثل عينيه - رحمه اللّه - للشفاء تماما، ولا يمنع هذا من ابتداء تماثله قبل تلك الفترة المحدودة كما سيأتي في لسان الرواية، فلاحظ.

يودُّه، وقد كان عبدالرحمن وافى إلى الدار لإصلاح بين أبي جعفر بن حمدون الهَمَدانيّ وبين ختنه ابن القاسم (1) . فقال القاسم لشيخين من مشايخنا المقيمين معه، أحدهما يقال له أبو حامد عمران ابن المفلس، والآخر أبو عليّ بن جحدر: أن أقرءا هذا الكتاب عبدالرحمن بن محمّد، فإنّي أُحبّ هدايته وأرجو أن يهديه اللّه بقراءة هذا الكتاب، فقالا له: اللّه اللّه اللّه ، فإنّ هذا الكتاب لا يحتمل ما فيه خلق من الشيعة فكيف عبدالرحمن بن محمّد؟! فقال: أنا أعلم أنّي مفشٍ لسرّ لا يجوز لي إعلانه، لكن من محبّتي لعبد الرحمن بن محمّد وشهوتي أن يهديه اللّه عزّ وجلّ لهذا الأمر هو ذا، إقرأه الكتاب. فلمّا مرّ ذلك اليوم - وكان يوم الخميس لثلاث عشرة خلت من رجب - دخل عبدالرحمن بن محمّد وسلّم عليه، فأخرج القاسم الكتاب فقال له: إقرأ هذا الكتاب وانظر لنفسك، فقرأ عبدالرحمن الكتاب، فلمّا بلغ إلى موضع النعي رمى الكتاب عن يده وقال للقاسم: يا أبا محمّد ، اتّق اللّه فإنّك رجل فاضل في دينك، متمكّن من عقلك، واللّه عزّ وجلّ يقول: «وَ مَا تَدْرِى نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَ مَا تَدْرِى نَفْس بِأَىِّ أَرْضٍ تَمُوتُ» (2) . وقال: «عَلِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا» (3) . فضحك القاسم وقال له: أتمّ الآية: «إِلَا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ» (4) . ومولاي عليه السلام هو الرضا من الرسول، وقال: قد علمت أنّك تقول هذا ولكن أرّخ اليوم، فإن أنا عشت بعد هذا اليوم المؤرَّخ في هذا الكتاب فاعلم أنّي لست على شيء، وإن أنا متّ فانظر لنفسك، فورّخ عبدالرحمن اليوم وافترقوا.

وحُمَّ القاسم يوم السابع من ورود الكتاب، واشتدّت به في ذلك اليوم العلّة، واستند

ص: 191


1- . . ابن القاسم بن العلاء اسمه (الحسن) وكان متزوّجا من بنت أبي جعفر بن حمدون الهمداني .
2- . . سورة لقمان : 34.
3- . . سورة الجنّ : 26 .
4- . . سورة الجنّ : 27.

في فراشه إلى الحائط، وكان ابنه الحسن بن القاسم مدمنا على شرب الخمر، وكان متزوّجا إلى أبي عبداللّه بن حمدون الهمدانيّ، وكان جالسا ورداؤه مستور على وجهه في ناحية من الدار، وأبو حامد في ناحية، وأبو عليّ بن جحدر وأنا وجماعة من أهل البلد نبكي، إذ اتّكأ القاسم على يديه إلى خلف وجعل يقول: يا محمّد يا عليّ يا حسن يا حسين ، يا مواليّ كونوا شفعائي إلى اللّه عزّ وجلّ، وقالها الثانية، وقالها الثالثة. فلمّا بلغ في الثالثة: يا موسى يا عليّ تفرقعت أجفان عينيه كما يفرقع الصبيان شقائق النعمان، وانتفخت حدقته، وجعل يمسح بكمّه عينيه، وخرج من عينيه شبيه بماء اللّحم، ومدّ طرفه إلى ابنه، فقال: يا حسن إليّ، يا أبا حامد إليَّ، يا أبا عليّ إليّ، فاجتمعنا حوله ونظرنا إلى الحدقتين صحيحتين، فقال له أبو حامد: تراني؟ وجعل يده على كلّ واحد منّا، وشاع الخبر في الناس والعامّة، وأتاه الناس من العوامّ ينظرون إليه. وركب القاضي إليه وهو أبو السائب عتبة بن عبيداللّه المسعوديّ وهو قاضي القضاة ببغداد (1) ، فدخل عليه فقال له: يا أبا محمّد ، ما هذا الّذي بيدي؟ وأراه خاتما فضّة فيروزج، فقرّبه منه فقال: عليه ثلاثة أسطر فتناوله القاسم رحمه الله فلم يمكنه قراءته وخرج النّاس متعجّبين يتحدّثون بخبره، والتفت القاسم إلى ابنه الحسن فقال له: إنّ اللّه منزّلك منزلة ومرتّبك مرتبة ، فاقبلها بشكر، فقال له الحسن: يا أبه قد قبلتها، قال القاسم: على ماذا؟ قال: على ما تأمرني به يا أبه، قال: على أن ترجع عمّا أنت عليه من شرب الخمر، قال الحسن: يا أبه وحقّ من أنت في ذكره لأرجعنّ عن شرب الخمر، ومع الخمر أشياء لا تعرفها، فرفع القاسم يده إلى السماء وقال: اللّهم أَلْهِم الحسن طاعتك، وجنّبه معصيتك ثلاث مرّات، ثمّ دعا بدرج فكتب وصيّته بيده رحمه اللهوكانت الضياع الّتي في يده لمولانا وقف وقفه أبوه.

ص: 192


1- . . ترجم له الذهبي في سِيَر أعلام النبلاء : ج 16 ص 47 الرقم 32، مصرّحا بأنّه تقلّد القضاء أوّلاً في مراغة، ثمّ بَعُدَ صيته فَقُلِّدَ قضاء ممالك آذربيجان، ثمّ ولي بعد ذلك قضاء هَمَذَان، ثمّ قدم بغداد فولي قضاء العراق (سنة / 338 ه )، ومنه يُعلم أنّ عبارة (وهو قاضي القضاة ببغداد) أي: في زمان حكاية الخبر، لا في زمان حدوثه، فلاحظ .

وكان فيما أوصى الحسن أن قال: يا بنيّ ، إن أُهّلتَ لهذا الأمر - يعني الوكالة لمولانا - فيكون قوتك من نصف ضيعتي المعروفة بفرجيذه، وسائرها ملك لمولاي، وإن لم تُؤهَّل له فاطلب خيرك من حيث يتقبّل اللّه ، وقبل الحسن وصيّته على ذلك. فلمّا كان في يوم الأربعين وقد طلع الفجر مات القاسم رحمه الله، فوافاه عبدالرحمن يعدو في الأسواق حافيا وهو يصيح، واسيّداه! فاستعظم النّاس ذلك منه وجعل النّاس يقولون: ما الّذي تفعل بنفسك؟ فقال: اسكتوا فقد رأيت ما لم تروه، وتشيّع ورجع عمّا كان عليه، ووقف الكثير من ضياعه. وتولّى أبو عليّ بن جحدر غسل القاسم وأبو حامد يصبّ عليه الماء، وكفّن في ثمانية أثواب على بدنه قميص مولاه أبي الحسن وما يليه السبعة الأثواب الّتي جاءته من العراق. فلمّا كان بعد مدّة يسيرة ورد كتاب تعزية على الحسن من مولانا عليه السلام في آخره دعاء: «ألهمك اللّه طاعته، وجنّبك معصيته» وهو الدّعاء الّذي كان دعا به أبوه، وكان آخره: «قد جعلنا أباك إماما لك، وفعاله لك مثالاً» (1) . وقد كان موت القاسم بن العلاء رضى الله عنه في (سنة/304 ه ) على ما ذكره الشيخ الطهراني (2) .

28 - محمّد بن أحمد الخفّاف النيسابوري

من محدّثي العامّة ورواتهم، روى عنه الشيخ الكليني رحمه الله، وليس له في الكافي أي حديث، كما لم يقع في أسانيد الكتب الأربعة عند الإمامية، لكن عدّه ابن عساكر في تاريخ دمشق من جملة من روى الكليني عنه؛ إذ قال في ترجمة ثقة الإسلام الكليني: «قدم دمشق، وحدّث ببعلبك عن أبي الحسين محمّد بن علي الجعفري السمرقندي، ومحمّد بن أحمد الخفّاف النيسابوري، وعلي بن إبراهيم بن هاشم. روى عنه: أبو سعد الكوفي شيخ الشريف المرتضى أبي القاسم علي بن الحسين،

ص: 193


1- . . كتاب الغيبة للطوسي : ص 310 - 315 ح 263 .
2- . . طبقات أعلام الشيعة - القرن الرابع : ص 219.

وأبو القاسم علي بن محمّد بن عبدوس الكوفي، وعبداللّه بن محمّد بن ذكوان» (1) . جدير بالذكر أنّ محمّداً هذا له ابنٌ يُدعى أحمد بن محمّد بن أحمد الخفّاف النيسابوري، وقد عمّر دهرا حتى ضربوا - لعلوّ الإسناد - به المثل، قال ابن الصلاح الشهرزوري (ت / 577 ه ) تحت عنوان: «النوع السادس والأربعون. معرفة من اشترك في الرواية عنه راويان متقدّم ومتأخّر ، تباين وقت وفاتيهما تباينا شديدا فحصل بينهما أمد بعيد، وإن كان المتأخّر منهما غير معدود من معاصري الأوّل وذوي طبقته». قال: «ومن فوائد ذلك تقرير حلاوة علوّ الإسناد في القلوب، وقد أفرده الخطيب الحافظ في كتاب حسن سمّاه (كتاب السابق واللاحق). ومن أمثلته: أنّ محمّد بن إسحاق الثقفي السرّاج النيسابوري روى عنه البخاري في تاريخه، وروى عنه أبو الحسين أحمد بن محمّد الخفّاف النيسابوري، وبين وفاتيهما مائة وسبع وثلاثون سنة أو أكثر، وذلك أنّ البخاري مات سنة ستّ وخمسين ومائتين، ومات الخفّاف سنة ثلاثٍ وتسعين وثلاثمائة، وقيل: مات في سنة أربع أو خمسٍ وتسعين وثلاثمائة» (2) . وقد راجعت كتاب الخطيب فوجدته كما قال الشهرزوري، وفيه: «أحمد بن محمّد بن أحمد بن عمر الخفّاف النيسابوري» (3) . والخفّاف هذا من مشايخ ابن عدي (ت / 365 ه )، وقد حدّث عنه في كتابه الكامل وسمّاه أحمد بن محمّد بن عمرو الخفّاف النيسابوري (4) ، وذكره الخطيب البغدادي في

ص: 194


1- . . تاريخ دمشق : ج 56 ص 297 الرقم 7126 ترجمة محمّد بن يعقوب الكليني .
2- . . علوم الحديث لابن الصلاح : ص 317 - 318، النوع السادس والأربعون.
3- . . السابق واللاحق في تباعد ما بين وفاة راويين عن شيخ واحد للخطيب البغدادي : ص 299 الرقم 182 .
4- . . الكامل في ضعفاء الرجال : ج 5 ص 235 .

مواضع متفرّقة من تاريخ بغداد ، وسمّاه في بعضها : أبا الحسين أحمد بن محمّد بن عمر الخفّاف النيسابوري، وفي بعضها (عمرو) بدلاً من (عمر) (1) ، وقد ذكر الذهبي في ترجمة السرّاج المذكور جماعة كثيرة ممّن رووا عنه، وقد عدّ البخاري ومسلماً من جملتهم، ثمّ قال: «آخرهم موتا الشيخ أبو الحسين أحمد بن محمّد الخفّاف القنطري، روي بعض مسنده، عنه» (2) . وكلّ هذا يؤكّد أنّ أباه محمّد بن أحمد الخفّاف النيسابوري كان معمّراً أيضاً، ويمثّل أعلى طبقة من طبقات مشايخ ثقة الإسلام الكليني قدس سره.

29 - محمّد بن أحمد بن عبدالجبّار

من مشايخ الكليني، حدّث عنه ببغداد كما في لسان الميزان لابن حجر (3) ، وهو غير محمّد بن أحمد بن عبدالجبار المعروف بمحمد بن أبي الصهبان القمّي ، الذي حدّث عنه الكليني بالواسطة في جملة من أحاديث الكافي. ومحمّد بن أحمد بن عبدالجبّار ليس له رواية في الكافي، ولم يقع في أسانيد الكتب الأربعة ولا غيرها من كتب الشيعة، كما أهملته كتب الرجال والتراجم الشيعيّة أيضا، وقد اشترك بعض رواة الحديث من العامّة بهذا الاسم، وأقربهم إلى عصر الكليني هو المعروف بالرذاني الذي يروي عن أبي أحمد حميد بن زنجويه النسوي، روى عنه كتابه الترغيب (4) .

ص: 195


1- . . راجع: تاريخ بغداد : ج 1 ص 434 الرقم 419، ترجمة محمّد بن إبراهيم بن أحمد أبو بكر الأردستاني، و ج 2 ص 297 الراقم 790 ، ترجمة محمّد بن حسنويه بن إبراهيم، و ج 11 ص 332 الرقام 6163 ترجمة علي بن أحمد بن محمّد بن عمر.
2- . . سِيَر أعلام النبلاء : ج 14 ص 390 - 397 الرقم 216 .
3- . . لسان الميزان : ج 5 ص 490 الرقم 8205 (1420)، في ترجمة ثقة الإسلام الكليني.
4- . . راجع : تاريخ دمشق : ج 18 ص 99 الرقم 2162، في ترجمة رجاء بن حياة بن جندل، وتاج العروس : ج 10 ص 159 .

30 - محمّد بن أحمد القمّي

من مشايخ ثقة الإسلام، روى عنه في روضة الكافي (1) ، وهو: محمّد بن أحمد بن علي ابن الصلت القمّي، من مشايخ الصدوق الأوّل علي بن الحسين بن بابويه القمّي والد الشيخ الصدوق. قال الشيخ الصدوق في إكمال الدين : «وكان أبي رضي اللّه عنه، يروي عنه، وكان يصف علمه، وعمله، وزهده، وفضله، وعبادته» (2) . وقد روى محمّد بن أحمد القمّي، عن عمّه أبي طالب عبداللّه بن الصلت، وعنه الصدوق الأوّل كما في طريق الشيخ الصدوق إلى عيسى بن أعين في المشيخة (3) . وروى عنه الصدوق الأوّل في التهذيب والاستبصار (4) . ومن ملاحظة ما قاله الصدوق الأوّل بحقّه يعلم أنّه من الثقة والجلالة بمكان عال. وقد نقل شرف الدين الحسيني الاسترآبادي رواية ثقة الإسلام، عن الشيخ محمّد ابن أحمد القمّي، عن عمّه عبداللّه بن الصلت بخصوص ما ورد عن أهل البيت عليهم السلام في تأويل قوله تعالى: «وَ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ رَبَّنَآ أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَانَا مِنَ الْجِنِّ وَ الْاءِنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ» (5) . (6)

31 - محمّد بن إسماعيل

من مشايخ الكليني قدس سره، وقد تردّد بعضهم في تشخيص محمّد بن إسماعيل هذا

ص: 196


1- . . روضة الكافي : ج 8 ص 334 ح 523 .
2- . . إكمال الدين : ج 1 ص 3، من المقدّمة .
3- . . مشيخة الفقيه : ج 4 ص 112 في طريقه إلى عيسى بن أعين.
4- . . تهذيب الأحكام : ج 3 ص 316 ح 979 باب الصلاة على الأموات ، الاستبصار : ج 1 ص 472 ح 1825 باب ترتيب جنائز الرجال والنساء، وفيه: عن محمّد بن الحسين بن بابويه، عن محمّد بن أحمد بن الصلت، وهو صاحب العنوان.
5- . . سورة فصّلت: 29 .
6- . . تأويل الآيات الظاهرة : ج 2 ص 535 .

المبدوء به في أوائل أسانيد الكافي اُصولاً وفروعا وروضة، وبصورة كثيرة تدلّ على اعتماد ثقة الإسلام على ما يرويه. وسبب التردّد المذكور، هو اشتراك جماعة من الرواة بهذا الاسم، أشهرهم ثلاثة، وهم: - محمّد بن إسماعيل النيسابوري. - محمّد بن إسماعيل البرمكي. - محمّد بن إسماعيل بن بزيع. وقد اختار الشهيد الثاني، والبهائي (البرمكي) (1) ، وتردّد ابن داوود الحلّي - كما يظهر من تنبيهاته - بين (البرمكي) و(ابن بزيع) (2) وتابعه الأردبيلي الأوّل على ما في قاموس الرجال (3) . وانتهت كلمة المحقّقين من علمائنا رضي اللّه عنهم إلى قول واحد، خلاصته: أنّ المبدوء به في أوائل أسانيد الكافي بعنوان (محمّد بن إسماعيل) مطلقاً هو النيسابوري لا غير (4) ، ولهم في ذلك أدلّة كثيرة يطول شرحها، وأهمّها: أنّ البرمكي روى عنه

ص: 197


1- . . حكاه عنهما التستري في قاموس الرجال : ج 9 ص 108 الرقم 6444، وقد صرّح البهائي بهذا في مشرق الشمسين : ص 274 (مطبوع ضمن كتابه: الحبل المتين).
2- . . رجال ابن داوود : القسم الثاني ، ص 306 الرقم 1 من التنبيهات في آخر الكتاب .
3- . . قاموس الرجال : ج 9 ص 108 الرقم 6444 .
4- . . راجع : منتقى الجمان : ج 1 ص 45، الفائدة الثانية عشرة، ونقد الرجال : ج 4 ص 138 الرقم 4479 ، و بحار الأنوار : ج 85 ص 89 ، و معراج أهل الكمال : ص 116، و بلغة المحدّثين : ص 404، و خاتمة وسائل الشيعة : ج 30 ص 461 من الفائدة الثانية عشرة، و حاوي الأقوال في معرفة الرجال : ج 4 ص 452 - 454 التنبيه السادس، و الرواشح السماوية : ص 70 الراشحة / 19، و الوافي : ج 1 ص 19 من المقدّمة الثانية، و مدارك الأحكام : ج 3 ص 380 فيما يجزئ من التسبيحات في الركعتين الأخيرتين، و منتهى المقال : ج 5 ص 356 - 367 الرقم 2494 ، و خاتمة مستدرك الوسائل : ج 5 ص 85 الفائدة الخامسة برمز (رند) المساوي للرقم [254 ]في شرح طريق الشيخ الصدوق إلى الفضل بن شاذان ، و توضيح المقال : ص 27 - 30 (مطبوع في بداية منتهى المقال لأبي علي الحائري - الطبعة الحجرية) ، و تنقيح المقال في الفائدة السابعة من الخاتمة و ج 2 ص 80 الرقم 10386 ، و معجم رجال الحديث : ج 15 ص 84 الرقم 10235، و قاموس الرجال : ج 9 ص 108 الرقم 6444، و مستدركات علم رجال الحديث : ج 6 ص 457 الرقم 12682 .

الكليني بالواسطة (1) ، وأمّا ابن بزيع فهو من مشايخ الفضل بن شاذان (ت / 260 ه )، ومن أصحاب الإمام الرضا عليه السلام ، بل أدرك عصر الإمام الكاظم عليه السلام ، وبقاؤه إلى زمان ثقة الإسلام بعيد جدّا (2) ، ويؤيّده أنّ الكليني يروي عنه بأكثر من واسطة واحدة في الكافي (3) ، وربّما قد يكون ابن بزيع مات في زمان الإمام الجواد عليه السلام كما في منتقى الجمان (4) . وأما النيسابوري: فهو من طبقة مشايخ الكليني، وروايات محمّد بن إسماعيل (مطلقا) في الكافي عن الفضل بن شاذان النيسابوري تشهد على نيسابوريّته؛ ويؤيّده ما رواه الكشّي - المعاصر للشيخ الكليني - عن محمّد بن إسماعيل النيسابوري، عن الفضل بن شاذان في عِدّة موارد (5) ، إلى غير ذلك من الاُمور الاُخرى المؤيّدة لما اختاروه. والنيسابوري: هو محمّد بن إسماعيل، أبو الحسن، يدعى البندقي، أو بندفر، عَدّه الشيخ الطوسي في رجاله ممّن لم يرو عن الأئمّة عليهم السلام (6) ، وقد وثّقه جماعة وعدّوا حديثه صحيحا، أو حسنا.

قال المحقّق الداماد: «وهذا الرجل شيخ كبير، فاضل، جليل القدر، معروف الأمر

ص: 198


1- . . كما في اُصول الكافي : ج 1 ص 87 ح 3 باب حدوث العالم وإثبات المُحْدَث من كتاب التوحيد.
2- . . أشار إلى هذا الوجه وقوّاه كثيرا الشيخ البهائي في مشرق الشمسين : ص 274 (مطبوع ضمن كتابه : الحبل المتين) ، واختاره كثير من العلماء.
3- . . كما في فروع الكافي : ج 3 ص 5 ح 1 و 2 باب 4 من كتاب الطهارة، و ج 3 ص 342 ح 10 باب 32 من كتاب الصلاة ، و ج 5 ص 394 ح 9 باب 57 من كتاب النكاح، و ج 5 ص 469 ح 8 باب 112 من كتاب النكاح .
4- . . منتقى الجمان : ج 1 ص 44 ، الفائدة الثانية عشرة.
5- . . راجع: رجال الكشّي : ص 8 الرقم 17 و 18 ترجمة سلمان الفارسي رضى الله عنه ، و ص 202 الرقم 356 ترجمة أبي حمزة الثمالي رضى الله عنه ، و ص 532 الرقم 1016 ترجمة أبي يحيى الجرجاني، ونقل في هذا المورد عن محمّد بن إسماعيل ما فعله محمّد بن طاهر بالجرجاني، و ص 538 الرقم 1024 ترجمة الفضل بن شاذان .
6- . . رجال الشيخ الطوسي : ص 440 الرقم 6280 (30) .

بين أصحابنا الأقدمين رضي اللّه عنهم في طبقاتهم وأسانيدهم وإجازاتهم.. ثم ليعلم أنّ طريق الحديث بمحمّد بن إسماعيل النيسابوري هذا صحيح لا حسن كما قد وقع في بعض الظنون، ولقد وصف العلّامة وغيره من أعاظم الأصحاب أحاديث كثيرة هو في طريقها بالصحّة» (1) . وقال الشهيد الثاني - كما في منتهى المقال - «بإطباق أصحابنا على الحكم بصحّة حديثه إلّا ابن داوود» (2) . وقال الشيخ عبد النبي الجزائري في الحاوي: «والأصحاب جزموا بصحّة الرواية التي يرويها محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان في مواضع كثيرة» (3) . وقال الفيض الكاشاني في النيسابوري: «وهو المتكلّم، الفاضل، المقدم، البارع، المحدّث، تلميذ الفضل بن شاذان، الخصّيص به، يقال له: بندفر» (4) . إلى غير ذلك من كلمات الثناء والإطراء. وقد صنّف بعضهم في محمّد بن إسماعيل رسائل رجالية مفردة (5) واستوفى آخرون ما قيل بشأنه ورواياته. جدير بالذكر أنّ ثقة الإسلام الكليني رضى الله عنه، كانت كتب الفضل بن شاذان النيسابوري قد وصلته واشتهرت نسبتها إلى مصنّفها من طريق تلامذته، بل وصلت إلى الشيخ الصدوق فيما بعد وكذلك إلى النجاشي والشيخ الطوسي، وعلى هذا فهو يروي منها مباشرة، وإنّما ذكر محمّدا هذا باعتباره شيخ إجازة كتب الفضل، وانحصار دوره بهذا لا يضرّ حتى مع القول بجهالة حاله.

ص: 199


1- . . الرواشح السماوية : ص 70 الراشحة التاسعة عشر .
2- . . منتهى المقال : ج 5 ص 359 - 360 الرقم 2494.
3- . . حاوي الأقوال في معرفة الرجال : ج 4 ص 454 التنبيه السادس.
4- . . الوافي : ج 1 ص 19 من المقدّمة الثانية.
5- . . كالعلّامة الشفتي في الرسائل الرجالية : ص 577 - 598، وكتب الماحوزي رسالة في الموضوع ذاته، أشار لها في هامش له على كتابه البلغة : ص 404، والخاجوئي في الفوائد الرجالية : ص 98 - 117 ، وقد ذكر الشيخ آقا بزرك في الذريعة : ج 4 ص 162 - 163 الأرقام 801 - 804 بعض الرسائل المؤلّفة في محمّد بن إسماعيل .

32 - محمّد بن جعفر الأسدي

قال النجاشي: «محمّد بن جعفر بن محمّد بن عون الأسدي، أبو الحسين الكوفي، ساكن الريّ ، يقال له: محمّد بن أبي عبد اللّه ، كان ثقة، صحيح الحديث، إلّا أنّه روى عن الضعفاء، وكان يقول بالجبر والتشبيه - وكان أبوه وجهاً روى عنه أحمد بن محمّد بن عيسى - له كتاب الجبر والاستطاعة. أخبرنا أبو العبّاس بن نوح، قال: حدّثنا الحسن ابن حمزة، قال: حدّثنا محمّد بن جعفر الأسدي بجميع كتبه، قال: ومات أبو الحسين محمّد ابن جعفر ليلة الخميس لعشر خلون من جمادى الاُولى سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة...» (1) . وقال الشيخ في الفهرست: «يكنّى أبا الحسين، له كتاب : الردّ على أهل الاستطاعة» (2) . وقال في رجاله في باب من لم يرو عنهم عليهم السلام : «محمّد بن جعفر الأسدي، يكنّى أبا الحسين الرازي، كان أحد الأبواب» (3) . وقد أثنى عليه الشيخ في كتاب الغيبة ووثّقه بقوله: «وقد كان في زمان السفراء المحمودين أقوام ثقات ترد عليهم التوقيعات من قبل المنصوبين للسفارة من الأصل. منهم: أبو الحسين محمّد بن جعفر الأسدي رحمه اللّه » (4) . والتوقيعات التي أشار لها الشيخ متظافرة مشهورة أخرجها الشيخ وغيره من أقطاب محدّثي الإمامية. منها:

ما أخرجه الشيخ عن أبي جعفر محمّد بن علي بن نوبخت، أنّه استأذن للحج، فلم يؤذن له، قال: «فلمّا كان من قابل استأذنت، فورد الجواب، فكتبت: إنّي عادلت

ص: 200


1- . . رجال النجاشي : ص 373 الرقم 1020.
2- . . الفهرست : ص 229 الرقم 660 (75) .
3- . . رجال الشيخ الطوسي : ص 439 الرقم 6278 (28).
4- . . المصدر السابق : ص 415 ، في التوقيعات الواردة على أقوام ثقات .

محمّد ابن العبّاس وأنا واثق بديانته وصيانته، فورد الجواب: الأسدي نعم العديل، فإن قدِم فلا تختر عليه. قال: فَقَدِمَ الأسدي، فعادلته» (1) . ومنها: ماأخرجه الكليني عن محمّد بن شاذان النيسابوري، قال: «اجتمع عندي خمسمائة درهم تنقص عشرين درهماً، فأنفت أن أبعث بخمسمائة تنقص عشرين درهماً، فوزنت من عندي عشرين درهماً، وبعثتها إلى الأسدي ولم أكتب ماليَ فيها. فورد: وصلت خمسمائة درهم، لك منها عشرون درهماً» (2) . ومنها: ماأخرجه الشيخ عن صالح بن أبي صالح، قال: «سألني بعض الناس في سنة تسعين ومائتين قبض شيء، فامتنعت من ذلك، وكتبت أستطلع الرأي، فأتاني الجواب: بالرّي محمّد بن جعفر العربي، فليدفع إليه، فإنّه من ثقاتنا» (3) . ومنها: ما أخرجه الشيخ الصدوق في الفقيه ، وإكمال الدين . والشيخ في التهذيب ، والاستبصار ، وكتاب الغيبة من التوقيع الوارد من جهته عليه السلام جوابا عمّا سأله الأسدي رضى الله عنهمن محمّد بن عثمان العمري قدّست نفسه الزكية. وأوّله: «وأمّا ماسألت عنه من الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها ...» (4) .

وقد ورد الترضّي عليه في إسناد كتاب الغيبة ، في ذكر التوقيعات الواردة من جهة

ص: 201


1- . . كتاب الغيبة للطوسي : ص 416 الرقم 393، وهذا التوقيع أخرجه الكليني في اُصول الكافي : ج 1 ص 522 - 523 ح 17 باب مولد الصاحب عليه السلام ، والشيخ المفيد في الإرشاد : ج 2 ص 363 - 364 باب طرف من دلائل صاحب الزمان عليه السلام وبيّناته وآياته، باختلاف يسير.
2- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 523 - 524 ح 23 باب مولد الصاحب عليه السلام ، وهذا التوقيع أخرجه الصدوق في إكمال الدين : ج 2 ص 485 - 486 ح 5 باب 45، والمفيد في الإرشاد : ج 2 ص 365 باب طرف من دلائل صاحب الزمان عليه السلام وبيّناته وآياته، والشيخ الطوسي في كتاب الغيبة : ص 416 - 417 ح 394 في التوقيعات الواردة على أقوام ثقات .
3- . . كتاب الغيبة للطوسي : ص 415 ح 391 في التوقيعات الواردة على أقوام ثقات.
4- . . كتاب من لايحضره الفقيه : ج 1 ص 315 ح 1431 باب 76 قضاء صلاة الليل، إكمال الدين : ج 2 ص 520 ح 49 باب 45، تهذيب الأحكام : ج 2 ص 175 ح 697 (155) باب 9 ، الاستبصار : ج 1 ص 291 ح 1067 (10) باب 158، كتاب الغيبة للطوسي : ص 296 ح 250 في التوقيعات الواردة من جهته عليه السلام .

الإمام المهدي عليه السلام مرتين (1) .

وقال الشيخ في آخر التوقيعات الواردة على أقوام ثقات: «ومات الأسدي على ظاهر العدالة، لم يتغيّر ، ولم يطعن عليه، في شهر ربيع الآخر سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة» (2) . وترضّى عليه الشيخ الصدوق، وقدّم مايرويه على غيره في صورة التعارض، قال في كتابه الفقيه - الذي حكم بصحة رواياته وجعله حجة فيما بينه وبين اللّه عز وجل - : «وأما الخبر الذي روي فيمن أفطر يوماً من شهر رمضان متعمّداً أنّ عليه ثلاث كفّارات، فإنّي أفتي به فيمن أفطر بجماع محرّم عليه، أو بطعام محرّم عليه؛ لوجود ذلك في روايات أبي الحسين الأسدي رضي اللّه عنه فيما ورد عليه من الشيخ أبي جعفر محمّد بن عثمان العمري قدّس اللّه روحه» (3) . هذا، وأمّا ماقاله النجاشي في ترجمته بُعَيد توثيقه صراحة من أنّه كان يقول بالجبر والتشبيه، فلا يمكن الإذعان له ؛ لجملة من الأسباب، وهي: أولاً: إنّ الأسدي من مشاهير مشايخ الكليني (رضي اللّه تعالى عنهما) والكليني أعرف من غيره بالأسدي المذكور، فلو كان مجبّراً ومشبّهاً حقّاً لتركه كما ترك الرواية عمّن يقول بمقولة الجبر والتشبيه والحلول والاستواء وغيرها من مقولات الحشوية. ثانياً: إنّ اسم كتاب الأسدي في رجال النجاشي هو كتاب الجبر والاستطاعة، وأمّا اسمه في فهرست الشيخ فهو كتاب : الردّ على أهل الاستطاعة، ومن البعيد جدّاً أن يكون له كتابان أحدهما في الجبر والاستطاعة والآخر في الردّ على هذه المقولة ، ويطّلع الشيخ على أحدهما فقط، والنجاشي على الآخر فقط !

ومنه يعلم أنّ الاسمين لكتاب واحد، وهو في الردّ على مقولة المجبرة والمشبّهة، لا

ص: 202


1- . . كتاب الغيبة للطوسي : ص 287 ح 246، وص 296 ح 250 في التوقيعات الواردة من جهته عليه السلام .
2- . . المصدر السابق : ص 417 ذيل حديث 394 في التوقيعات الواردة على أقوام ثقات .
3- . . كتاب من لايحضره الفقيه : ج 2 ص 73 ح 317 باب مايجب على من أفطر أو جامع في شهر رمضان متعمّداً أو ناسياً، وأورده الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة : ص 296 - 297 ح 251 في التوقيعات الواردة من جهته عليه السلام .

في اعتقادها كما توهّم النجاشي .

ثالثاً: إنّ الذي يدل على توهّم النجاشي باسم الكتاب - ولعل ذلك هو السبب في ما نسبه إليه - وإنّ الصحيح ماذكره الشيخ، هو مارواه ثقة الإسلام الكليني عن شيخه الأسدي - والظاهر من كتابه مباشرة - جملة من الروايات الصحيحة الصريحة بردّ مقولات الحشوية كالجبر والاستطاعة والرؤية وغيرها: منها: ما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام في خطبته الشهيرة التي وصفها ثقة الإسلام الكليني بقوله: «وهذه الخطبة من مشهورات خطبه عليه السلام »، وفي تلك الخطبة المبتدئة بقوله عليه السلام : «الحمد للّه الأحد الصمد، المتفرّد ، الذي لامن شيء كان، ولا من شيء خلق ما كان...» من التنزيه المطلق للّه عزّوجلّ من كل نقص وعيب، ما يأخذ بمجامع القلوب، وفي لفظ يشنّف الأسماع بجزالته، ويحيّر الألباب بفصاحته. وللّه درّ الكليني إذ جعل هذه الخطبة في طليعة باب جوامع التوحيد (1) . ومنها: قول الإمام الصادق عليه السلام : «لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين...» (2) . ومنها: قول الإمام الرضا عليه السلام إلى أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي في حكاية الحديث القدسي عن علي بن الحسين عليهماالسلام: «يا ابن آدم ، بمشيئتي كنت أنت الذي تشاء وبقوتي أدّيت إليّ فرائضي، وبنعمتي قويت على معصيتي، جعلتك سميعاً، بصيراً، ما أصابك من حسنة فمن اللّه ، وما أصابك من سيئة فمن نفسك، وذلك أنّي أولى بحسناتك منك وأنت أولى بسيئاتك مني...» (3) .

ومنها: قول الإمام الصادق عليه السلام في الاستطاعة في كلام رائع جاء فيه: «.... إنّ اللّه لم يجبر أحداً على معصيته، ولا أراد - إرادة حتم - الكفرَ من أحدٍ، ولكن حين كفر كان في إرادة اللّه أن يكفر، وهم في إرادة اللّه وفي علمه، أن لا يصيروا إلى شيء من الخير. قلت: أراد منهم أن يكفروا؟

ص: 203


1- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 134 ح 1 باب جوامع التوحيد من كتاب التوحيد.
2- . . المصدر السابق : ج 1 ص 160 ح 13 باب الجبر والقدر والأمر بين الأمرين من كتاب التوحيد.
3- . . المصدر السابق : ج 1 ص 159 - 160 ح 12 من الباب السابق .

قال عليه السلام : ليس هكذا أقول، ولكنّي أقول: علم أنّهم سيكفرون، فأراد الكفر لعلمه فيهم، وليست هي إرادة حتم، إنّما هي إرادة اختيار» (1) . وهكذا الحال في رواية أقوال الأئمة: الإمام الصادق (2) ، والإمام الكاظم (3) ، والإمام الرضا (4) عليهم السلام في باب النهي عن الجسم والصورة من كتاب التوحيد. وروى قول الإمام الجواد عليه السلام ، في قوله تعالى: «لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَرُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَرَ» (5) ، وقول الإمام أبي محمّد العسكري عليهماالسلام، في باب إبطال الرؤية من كتاب التوحيد (6) . وهذه الروايات وغيرها ممّا لم نذكره اختصاراً، قد رواها كلّها ثقة الإسلام الكليني عن شيخه محمّد بن جعفر بن محمّد بن عون الأسدي المعروف بمحمد بن أبي عبد اللّه . ولعمري! كيف يكون ثقة، وباباً للحجة عليه السلام ، وراوياً عن الأئمّة الأطهار عليهم السلام مثل هذه الروايات، ثم يقول بعد ذلك بالجبر والتشبيه ؟!! رابعاً: الروايات الكثيرة المتظافرة الدالة صراحة على كونه من الأبواب والسفراء الثقات المعتمدين رضي اللّه تعالى عنهم، وقد اعتمدها، الكليني، والصدوق، والمفيد، والطوسي كما تقدّم. وهل يعقل أن ينال المجبِّر والمشبِّه مثل هذا المقام ؟ !!

خامساً: إنّ دأب الشيخ الصدوق والطوسي عدم اطلاق الترضّي - عند ذكر المشايخ - على فاسد في عقيدته قطّ ، ومن يقول بالجبر والتشبيه، هو فاسد العقيدة بلا ريب، وقد

ص: 204


1- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 162 ح 3 باب الاستطاعة من كتاب التوحيد .
2- . . المصدر السابق : ج 1 ص 106 ح 6 باب النهي عن الجسم والصورة من كتاب التوحيد.
3- . . المصدر السابق : ج 1 ص 106 ح 7 من الباب السابق .
4- . . المصدر السابق : ج 1 ص 105 ح 4 من الباب السابق.
5- . . المصدر السابق : ج 1 ص 99 ح 11 في قوله تعالى : « لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَرُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَرَ » من كتاب التوحيد، والآية المذكورة في سورة الأنعام : 103.
6- . . المصدر السابق : ج 1 ص 95 ح 1 باب في إبطال الرؤيا من كتاب التوحيد.

عرفت ترضّيهما على الأسدي كما مرّ.

سادساً: لايوجد في قاموس مشايخ الكليني رحمه اللّه ورضي عنه أحد من الشيعة ذي أفكارٍ حشوية قطّ ، والجبرية هم رؤوس الحشوية وقادتهم، فلو كان الأسدي منهم لتجنّبه وأعرض عن رواياته، ومن البعيد جداً أن يطلع النجاشي على مالم يعرفه الشيخ الكليني من أحوال شيخه الأسدي. سابعاً: شهادة شيخ الطائفة ورئيسها أنّ الأسدي رضى الله عنه مات على ظاهر العدالة ولم يطعن عليه في شيء، شهادة معتبرة محترمة، مقدّمة على غيرها خصوصا مع تأييدها بمثل هذه الاُمور. وكل هذا يدل على أنّ مانسبه إليه النجاشي من القول بالجبر والتشبيه، لا أصل له ولا واقع. ولو تنزّلنا جدلاً، وقلنا بصحة ماذكره النجاشي، فإنّ فساد العقيدة لاينافي الوثاقة، والدليل عليه، أنّ النجاشي نفسه جمع بين التوثيق الصريح وفساد العقيدة في ترجمة الأسدي نفسه، وكذلك في تراجم عديدة من كتابه، وعلى هذا جرت سير الرجاليين الشيعة قديماً وحديثاً، لعلمهم بأنّ فساد عقيدة الراوي لادخل لها في سلب وثاقته مالم يصل ذلك الفساد إلى الكفر البواح. والصحيح في المقام، كفاية وثاقة الراوي في حجية روايته ما لم يكن في متنها شيءٌ، وسلمت من المعارض الأقوى. كما أنّ حسن عقيدة الراوي لا يعني بالضرورة كونه ثقة. وأمّا عن قول النجاشي ، أنّه : «كان يروي عن الضعفاء»، فمن الواضح أنّ هذا لا يقتضي عدم اعتبار مارواه عن الثقات، على أنّ المتفق عليه بأنّ رواية الثقة عن الضعيف متى ماعلم بأنّ لها مخرجاً صحيحاً من طريق الثقات، كان ذلك أمارة على صدق الرجل الضعيف وعدم توهّمه أو اشتباهه في حدود نقله لتلك الرواية. فكيف الحال إذن لو كانت رواية الثقة عن نظيره وسلمت من المعارض الصحيح الأقوى؟

ص: 205

هذا، وقد روى الكليني عن محمّد بن جعفر مطلقا، وهو مردّد بين الأسدي وبين الرزّاز الآتي، وكلاهما ثقة. كما وقع محمّد بن جعفر مطلقا ضمن رجال عِدّة الكافي الذين يروي الكليني، عنهم، عن البرقي، ووقع الأسدي بعنوان (محمّد بن أبي عبداللّه ) ضمن رجال العِدّة، عن سهل بن زياد، وسيأتي ذلك في بحث عِدّة الكافي.

33 - محمّد بن جعفر الرزّاز، أبو العبّاس الكوفي

هو محمّد بن جعفر بن محمّد بن الحسن، أبو العبّاس، القرشي، الرزّاز، ثقة جليل، من أجلّاء ومشاهير مشايخ الكليني.

قال الماحوزي في المعراج : «وهو جليل القدر، عظيم الشأن» (1) .

وقال في البلغة : «وإنّه من أجلّاء الشيعة ومشايخ الكليني رحمه الله، لما بيّناه في المعراج» (2) .

وقال السيّد البروجردي: «هذا الشيخ من أجلّة أصحاب الحديث من أصحابنا» (3) .

وقال الشيخ المامقاني: «ثقة على الأظهر» (4) .

وقد ذكر الفقيه الجليل أحمد بن محمّد بن محمّد أبو غالب الزراري في رسالته الشهيرة ما يدلّ بكل وضوح على جلالة الرزّاز، وسموّ قدره، ومنزلته بين صفوف الشيعة في عصره. قال رحمه الله في بيان أقربائه من جهة الاُمّهات ما هذا لفظه:

«وجدّتي - اُمّ أبي - فاطمة بنت جعفر بن محمّد بن الحسن، القرشي، الرزّاز، مولى

ص: 206


1- . . معراج أهل الكمال : ص 153، في الفائدة الثانية من فوائد تحرير ترجمة أحمد بن محمّد البزنطي .
2- . . عدّ الشيخ الماحوزي في بلغة المحدّثين : ص 405، جماعة من الرواة وفيهم الرزّاز ، وقال : «ثقات»، وأمّا العبارة المذكورة في المتن فقد نسبها إليه أبو علي الحائري في منتهى المقال : ج 5 ص 394 الرقم 2533، كما نقلها الشيخ المامقاني في تنقيح المقال : ج 2 ص 93 الرقم 10492 عن الماحوزي في هامش له على كتابه البلغة .
3- ترتيب أسانيد كتاب الكافي : ج 1 ص 121 ، الفائدة الرابعة _ الشيخ الحادي والثلاثون. وانظر: معجم الأعلام من آل أعين الكرام / السيد محمد رضا الجلالي الحسيني : ص ٢٢٤ ملحق برسالة أبي غالب الزراري، بتحقيقه .
4- . . نتائج التنقيح : ج 1 ص 134 الرقم 10492 .

لبني مخزوم ... وأخوها: أبو العبّاس محمّد بن جعفر الرزّاز، وهو أحد رواة الحديث، ومشايخ الشيعة، وكان له أخ اسمه الحسن بن جعفر، وقد روى - أيضا - الحديث، إلّا أنّ عمره لم يَطُل فَيُنْقَل عنه. وكان مولد أبي جعفر محمّد بن جعفر سنة ست وثلاثين ومائتين، ومات سنة ست عشرة وثلاث مائة، وسنّه ثمانون سنة. وكان من محلّه في الشيعة أنّه كان الوافد عنهم إلى المدينة عند وقوع الغيبة سنة ستين ومائتين، وأقام بها سنة، وقد ظهر له من أمر الصاحب عليه السلام ما احتاج إليه» (1) . ويتّضح من هذه الشهادة المعتبرة أنّه كان محلّ اعتماد الشيعة وهو في ريعان شبابه، إذ وفد عنهم إلى المدينة وعمره يومئذٍ أربع وعشرون سنة، الأمر الّذي يثير الإعجاب الشديد بقوة شخصيته وهو في هذه السن المبكّرة . هذا، وقد تعجّب بعض العلماء من عدم ذِكرهِ في رجال النجاشي وفهرست الشيخ ، وهذا التعجّب منهم عجيب! لوضوح أنّهما لم يكونا بصدد ترجمة أعلام الشيعة، وإنمّا قصدا تسجيل المؤلفين منهم فحسب، والرزّاز لم يكن من المؤلفين، بل كان من رواة الحديث وحفظته. على أنّه وقع في بعض أسانيد الفهرست، كما وقع كثيرا في أسانيد النجاشي كما فصله بعض الأعلام كالعلّامة المامقاني وغيره في ترجمته، ويظهر من بعضها اعتقاد النجاشي بجلالته ووثاقته، إذ قال في ترجمة ميّاح المدائني: «ضعيف جدا، له كتاب يُعرف برسالة ميّاح، وطريقها أضعف منها وهو محمّد بن سنان. أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: حدّثنا أبو غالب أحمد بن محمّد، قال: حدّثنا محمّد بن جعفر الرزّاز، قال: حدّثنا القاسم بن ربيع الصحّاف، عن محمّد بن سنان، عن ميّاح بها» (2) .

ص: 207


1- . . رسالة أبي غالب الزراري : ص 140 - 141 الفقرة [ 8 / أ ] .
2- . . رجال النجاشي : ص 424 الرقم 1140 .

والملاحظ هنا، أنّ تضعيف النجاشي طريق رسالة ميّاح بمحمد بن سنان، وسكوته عن بقيّة رجال الطريق وفيهم الرزّاز، يشير بوضوح إلى وثاقتهم عنده، وهو كذلك كما يظهر من كثرة وقوعه في طرق شتّى في رجال النجاشي . ومحمّد بن جعفر الرزّاز رحمه الله قد وقع في أسانيد الكافي بعدة عناوين، وهي: أبو العبّاس الرزّاز، وأبو العبّاس الرزّاز محمّد بن جعفر، ومحمّد بن جعفر أبو العبّاس الكوفي، ومحمّد بن جعفر الرزّاز، ومحمّد بن جعفر الرزّاز الكوفي، ومحمّد بن جعفر، وأبو العبّاس الكوفي . والمقصود في جميع هذه العناوين واحد وهو شيخه الرزّاز إلّا في الأخيرين وهما: (محمّد بن جعفر) و (أبو العبّاس الكوفي) لكونهما من المشتركات مالم تكن قرينة دالة على إرادة الرزّاز؛ لأنّ (محمّد بن جعفر) مشترك بين الرزّاز وشيخ الكليني الثقة محمّد بن جعفر الأسدي، وكذلك الحال مع إطلاق (أبي العبّاس الكوفي) المشترك بين الرزّاز وابن عقدة الثقة الحافظ، وهو من شيوخ الكليني أيضا. ومن الواضح أنّه لا يضر عدم التمييز بينهم في تلك الموارد القليلة؛ لدوران الأمر بين ثقات معروفين.

34 - محمّد بن الحسن الصفّار

قال النجاشي: «محمّد بن الحسن بن فروخ الصفّار... أبو جعفر الأعرج، كان وجهاً في أصحابنا القميّين، ثقة، عظيم القدر، راجحاً، قليل السقط في الرواية - إلى أن قال:- توفّي محمّد بن الحسن الصفّار، بقم، سنة تسعين ومائتين رحمه اللّه » (1) . وعَدّه الشيخ في رجاله في أصحاب الإمام العسكري عليه السلام ، قائلاً: «له إليه عليه السلام مسائل، يلقّب: ممولة» (2) .

ص: 208


1- . . رجال النجاشي : ص 354 الرقم 948.
2- . . رجال الشيخ الطوسي : ص 402 الرقم 5898 (16).

وقال في الفهرست: «قمّي، له كتب، مثل كتب الحسين بن سعيد وزيادة، كتاب بصائر الدرجات وغيره، وله مسائل كتب بها إلى أبي محمّد الحسن بن علي العسكري عليهم السلام » (1) . وقد أكثر الصدوق من الرواية عنه بتوسّط شيخه محمّد بن الحسن بن الوليد في كتابه من لايحضره الفقيه ، وذكر فيه بعض مكاتبات الإمام العسكري عليه السلام إلى الصفّار (2) ، وفي ذلك ما يشير إلى جلال-ة قدره وعلوّ مقامه عند الإمام أبي محمّد العسكري عليه السلام . وقد وثّقه العلّامة الحلّي (3) ، وابن داوود (4) ، وجميع المتأخّرين بلا استثناء. جدير بالذكر أنّ المحدّث النوري قد نفى أن يكون محمّد بن الحسن الذي يروي في الكافي عن سهل بن زياد هو الصفّار، واحتمل أن يكون المراد به واحدا من بين مجموعة من الرواة الذين اشتركوا باسم (محمّد بن الحسن) وكانوا - بحسب الطبقة - ممّن يمكن الرواية عنهم بلا واسطة كمحمد بن الحسن بن علي المحاربي، ومحمّد بن الحسن بن علي أبي المثنّى الكوفي، ومحمّد بن الحسن بن بندار القمّي الذي نقل الكشّي من كتابه، ومحمّد ابن الحسن القمّي الذي قال فيه النجاشي، أنّه ليس بابن الوليد، إلّا أنّه نظيره، وروى عن جميع شيوخه، أو البرناني. والذي حمل المحدّث النوري على إنكار كون محمّد بن الحسن الصفّار من رجال عِدّة الكافي الذين يروون عن سهل بن زياد اُمور، أهمّها ثلاثة، وهي:

1 - إنّ الكليني لم يروِ عن محمّد بن الحسن الصفّار إلّا بالواسطة، ولكنّه روى عن

ص: 209


1- . . الفهرست للطوسي : ص 220 الرقم 621 (36) .
2- . . كتاب من لايحضره الفقيه : ج 4 ص 151 ذيل حديث 524 باب الرجلين يوصى إليهما فينفرد كل واحد منهما بنصف التركة، و ج 4 ص 155 ح 537 باب الوصية للأقرباء والموالي ، و ج 4 ص 155 ح 539 باب الوصية إلى مدرك وغير مدرك .
3- . . خلاصة الأقوال : القسم الأوّل ، ص 260 - 261 الرقم 910 (112).
4- . . رجال ابن داوود : القسم الأوّل ، ص 170 الرقم 1359.

محمّد بن الحسن (مطلقا) عن سهل.

2 - أنّه عادة ما يذكر في ابتداء السند (علي بن محمّد ومحمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد) ولو كان المراد بمحمد بن الحسن هو الصفّار لقدّمه على علي بن محمّد باعتباره أجلّ منه منزلةً ومقاما، ونحو هذا من الحجج الاُخرى (1) .

3 - أنّ الصفّار لم يروِ عن سهل ولا رواية واحدة في كتابه بصائر الدرجات ، فلو كان شيخه فلماذا ترك رواياته في هذا الكتاب؟ وكلّ هذا مردود. أمّا الأوّل: فإنّ الرواية عن شخص بالواسطة لا تنافي الرواية عنه بلا واسطة، وهناك مئات الأمثلة في رجال أسانيد الكافي الدّالة على ذلك. وأمّا الثاني: فمن قال أنّ علي بن محمّد غير جليل، فهو ثقة ومن أقرباء ثقة الإسلام الكليني، بل هو خاله، كما مرّ في ترجمته، ومن حقّ الخؤولة التقديم والتوقير، لا سيّما مع طول ملازمته، والتأكّد من حفظه وصدقه ووثاقته، على أنّه قدّم محمّد بن الحسن على خاله علي بن محمّد في عِدّة أسانيد من الكافي (2) . وأمّا الثالث: وهو عدم رواية الصفّار عن سهل بن زياد في كتاب بصائر الدرجات ، فضعيف جدّا. أمّا أوّلاً: فعلى تقدير صحّة ما ذكره النوري، فإنّ كتاب بصائر الدرجات للصفّار رحمه الله كان في خصوص فضائل أهل البيت عليهم السلام وإمامتهم، وبيان منزلتهم عليهم السلام ، ولما كان موقف

ص: 210


1- . . خاتمة مستدرك الوسائل : ج 3 ص 518 من الفائدة الرابعة، ووافقه على هذا السيّد البروجردي في ترتيب أسانيد كتاب الكافي : ج 1 ص 122، الفائدة الرابعة .
2- . . راجع: اُصول الكافي : ج 1 ص 32 ح 1 باب صفة العلم وفضله، و ج 1 ص 34 ح 1 باب ثواب العلم والمتعلّم، و ج 1 ص 300 باب الإشارة والنصّ على الحسن بن علي عليهماالسلام ، و ج 1 ص 343 ح 1 باب ما يُفصل به بين دعوى المحقّ والمبطل في أمر الإمامة، و ج 1 ص 370 ح 6 باب التمحيص والامتحان، و ج 1 ص 427 ح 75 باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية، و ج 2 ص 242 ح 4 باب في قلّة عدد المؤمنين .

أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري - وهو الرئيس المطاع في قمّ يومذاك - من سهل سلبيا جدّا، حتى أنّه أبعده من قم، لاتّهامه بالغلوّ، فما الداعي إذن لمواجهة القوي بالرواية عن الطريد المسكين؟ هذا من جهة، ومن جهة اُخرى فإنّ الرواية عن سهل في خصوص أهل البيت عليهم السلام وبيان مقاماتهم العالية، قد تكون مدعاة لسقوط الكتاب بنظر الأشعري وجماعته الذين عُرِفَت مواقفهم رحمهم الله في خصوص مسألة الغلوّ؛ حتى قادهم الإفراط في هذا إلى التقصير أو شبهه. وأمّا ثانيا: فإنّ العلّامة النوري رحمه الله لم يكن دقيقا في نفي وقوع سهل بن زياد في بصائر الدرجات ، وقد كنّا سابقا نرى ذلك اعتمادا على ما ذكره النوري، وقد صرّحنا به في بعض بحوثنا، كما اعتمد هذا بعض الأجلّة أيضا إستنادا إلى ما ذكره المحدّث النوري، ولكنّ الواقع خلاف ما قال؛ إذ رجعنا إلى بصائر الدرجات وقرأناه من أوّله إلى آخره فوجدنا الشيخ محمّد بن الحسن الصفّار قد روى فيه، عن سهل بن زياد مباشرة (1) ، وبالواسطة (2) . وأمّا ثالثا: فإنّ الصفّار روى عن شيخه سهل بن زياد في غير البصائر (3) ، وممّا يدلّ دلالة واضحة على كون محمّد بن الحسن الراوي عن سهل في الكافي هو الصفّار أحاديث الكافي نفسها، مع مقابلتها بأحاديث الكتب الأربعة، وإليك بعضها: 1 - قال سيّد المحدّثين في الكافي : «محمّد بن الحسن، عن سهل، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام : إنّ أصحابنا يختلفون في صلاة التطوّع... » (4) . وهذا الحديث نفسه رواه الشيخ في التهذيب في بيان النوافل اليوميّة قائلاً: «والذي

ص: 211


1- . . بصائر الدرجات : ص 335 ح 3 باب 2.
2- . . المصدر السابق : ص 274 ح 3 باب 13.
3- . . راجع: التوحيد : ص 97 ح 3 باب 6، و ص 98 ح 5 من الباب السابق .
4- . . فروع الكافي : ج 3 ص 444 ح 8 باب صلاة النوافل من كتاب الصلاة.

يقضي بما ذكرناه من أنّ المسنون إحدى وخمسون ركعة ما لم يكن هناك عذر: ما رواه محمّد بن الحسن الصفّار، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام : إنّ أصحابنا يختلفون في صلاة التطوّع...» (1) . ثمّ أورد الخبر كما في الكافي حرفا بحرف. 2 - وقال في الكافي: «عِدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الريان، قال: كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام أسأله عن إنسان أوصى بوصية... » (2) . وقال الشيخ الصدوق في كتابه الفقيه : «روى محمّد بن الحسن الصفّار رضى الله عنه، عن سهل ابن زياد، عن محمّد بن الريان، قال: كتبت إليه يعني علي بن محمّد عليهماالسلام - أسأله عن إنسان أوصى بوصية... ». (3) ثمّ ساق الخبر كما في الكافي حرفا بحرف. وطريق الشيخ الصدوق إلى الصفّار: محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عنه (4) وطريق الشيخ يمرّ بابن الوليد أيضا (5) ، وابن الوليد من طبقة الكليني، بل مات بعده بأربع عشرة سنة، وذلك في (سنة / 343 ه ) (6) . والقول باشتباه الصدوق في كتابيه (التوحيد، والفقيه) باحتمال مراجعة الكافي وأخذ هذه الموارد منه، ثمّ أنّه فسّر محمّد بن الحسن بالصفّار، وأضاف إليه طريقه!! بعيد جدّا وإن سلّمنا بظاهرة الأخذ بالتوسّط، والسهو في تطبيق عنوان مشترك على مصداق؛ لأنّ الصدوق من تلامذة الكليني، وعاصره زهاء ثلاث وعشرين سنة، فكيف يشتبه عليه الأمر بأسماء مشايخه؟ وعليه فالأولى عدّ القول باشتباه الصدوق في هتيك

ص: 212


1- . . تهذيب الأحكام : ج 2 ص 8 ح 14 باب المسنون من الصلوات .
2- . . فروع الكافي : ج 7 ص 58 - 59 ح 7 باب النوادر من كتاب الوصايا.
3- . . كتاب من لا يحضره الفقيه : ج 4 ص 162 ح 565 باب الرجل يوصي بوصية ينساها الوصي ولا يحفظ منها إلّا بابا واحدا.
4- . . مشيخة الفقيه : ج 4 ص 20.
5- . . مشيخة التهذيب : ج 10 ص 73 .
6- . . رجال النجاشي: ص 383 الرقم 1042 .

الموارد اشتباها. وبعد كلّ هذا فلا أرى موجبا للإطالة في إثبات كون الصفّار شيخا للكليني رحمه الله.

35 - محمّد بن الحسن الطائي الرازي

من مشايخ الكليني، وليس له في الكافي رواية - بهذا العنوان -، ولا في غيرها من كتب الحديث، على الرغم من رواية الكليني كتب علي بن العبّاس الجراذيني الرازي بواسطته. قال النجاشي في ترجمة الجراذيني بعد ذكر كتبه: «أخبرنا الحسين بن عبيداللّه ، عن ابن أبي رافع، عن محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن الحسن الطائي الرازي، قال: حدّثنا علي ابن العبّاس بكتبه كلّها» (1) . ولهذا عدّه الشيخ آقا بزرك من مشايخ ثقة الإسلام الكليني (2) .

36 - محمّد بن الحسن الطاطري

روى له ثقة الإسلام حديثا واحدا فقط (3) وهو مهمل لم يذكره أحد وليس له في الكتب الأربعة سوى هذا الحديث، على أنّ الكليني رحمه الله، قد روى حديثه هذا من طريق آخر (4) . وقد ذكر ابن النديم شخصا يحتمل انطباقه مع هذا، ولكنّه لم يعرف اسمه، فقال: «الطاطري، وكان شيعيّا واسمه... (5) وتنقّل في التشيّع، وله من الكتب: كتاب

ص: 213


1- . . رجال النجاشي : ص 255 الرقم 668 .
2- . . طبقات أعلام الشيعة - القرن الرابع: ص 263، وانظر: مقدّمة اُصول الكافي / اُستاذنا الدكتور حسين علي محفوظ : ج 1 ص 17 ، وشرح اُصول الكافي / المظفّر : ج 1 ص 23 .
3- . . فروع الكافي : ج 5 ص 23 ح 3 باب الجهاد الواجب مع من يكون من كتاب الجهاد .
4- . . المصدر السابق : ج 5 ص 25 ح 1 باب دخول عمرو بن عبيد والمعتزلة على أبي عبداللّه عليه السلام من كتاب الجهاد .
5- . . بياض في الأصل.

الإمامة ، حسن» (1) . ومهما يكن فقد قال الشيخ في كتابه عُدّة الاُصول في الفصل الخامس في حديثه عن أخبار الآحاد: «عملت الطائفة بأخبار الفطحيّة مثل عبداللّه بن بكير، وغيره، وإخبار الواقفة مثل سماعة بن مهران، وعلي بن أبي حمزة، وعثمان بن عيسى، ومن بعد هؤلاء بما رواه بنو فضّال ، وبنو سماعة، والطاطريون، وغيرهم فيما لم يكن عندهم بخلافه» (2) . جدير بالذكر أنّ العنوان السابق في مشايخ الكليني هو محمّد بن الحسن أيضا، ولقبه (الطائي) كما مرّ عن النجاشي، ولقب صاحب العنوان (الطاطري) ولقرب اللقبين في الرسم فلا يبعد تصحيف أحدهما إلى الآخر، فيكون كلا الاسمين - بعد أن اتّفقا بالاسم واسم الأب - لمسمى واحد، وإلّا فلابدّ من القول بالتعدّد، واللّه العالم.

37 - محمّد بن عبداللّه بن جعفر الحميري

هو من أجلّاء مشايخ ثقة الإسلام الكليني قدس سره، قال النجاشي: «محمّد بن عبد اللّه بن جعفر بن الحسين بن جامع بن مالك الحميري، أبو جعفر القمّي، كان ثقة وجهاً، كاتب صاحب الأمر عليه السلام ، وسأله مسائل في أبواب الشريعة. قال لنا أحمد بن الحسين: وقعت هذه المسائل التي في أصلها التوقيعات بين السطور، وكان له اُخوة: جعفر والحسين وأحمد؛ كلّهم له مكاتبة، ولمحمد كتب...» (3) .

وهو من مشايخ ابن قولويه، وقد وثّق ابن قولويه سائر مشايخه في ديباجة كتابه كامل الزيارات بقوله: «ما وقع لنا من جهة الثّقات من أصحابنا رحمهم اللّه ، ولا أخرجت

ص: 214


1- . . فهرست ابن النديم : ص 226 ، الفن الثاني من المقالة الخامسة.
2- . . عُدّة الاُصول : ج 1 ص 150 .
3- . . رجال النجاشي: ص 354 - 355 الرقم 949.

فيه حديثاً روي عن الشُّذاذ من الرجال» (1) ، كما وثّقه العلّامة في الخلاصة (2) ، وابن داوود في رجاله (3) . ومحمّد بن عبداللّه بن جعفر هو من رجال عِدّة الكافي الذين يروي الكليني عنهم، عن البرقي، كما سيأتي في بحث عِدّة الكافي.

38 - محمّد بن عقيل الكليني

من مشايخ ثقة الإسلام (4) ، روى عنه في فروع الكافي (5) ، وهو من رجال عِدّة الكافي الذين يروي بتوسّطهم عن سهل بن زياد، كما صرّح بهذا العلّامة الحلّي في الفائدة الثالثة من الخاتمة من الخلاصة، مبيّنا أسماءهم وهم:

1 - علي بن محمّد الكليني المعروف بعلّان.

2 - محمّد بن أبي عبداللّه .

3 - محمّد بن الحسن.

4 - محمّد بن عقيل الكليني (6) . ومن الواضح أنّ اتّفاق هؤلاء الأربعة - وفيهم الثقة المشهور كما تقدّم في تراجمهم - على الرواية عن شخص بعينه واحتضان خبره وتقبّله، يدلّ على سماعه الخبر من مشايخه، ويكشف عن نوع تعديل له.

ص: 215


1- . . كامل الزيارات : ص (يه) من المقدّمة .
2- . . خلاصة الأقوال : القسم الأوّل ، ص 261 الرقم 911 (113).
3- . . رجال ابن داوود : القسم الأول ، ص 175 الرقم 1419.
4- . . مقدّمة اُصول الكافي / اُستاذنا الدكتور حسين علي محفوظ : ج 1 ص 18 ، شرح اُصول الكافي / المظفّر : ج 1 ص 23 .
5- . . فروع الكافي : ج 4 ص 224 ح 1 باب نادر من كتاب الحجر، وأورده عن الكليني الشيخ في تهذيب الأحكام : ج 5 ص 448 ح 1565 باب الزيادات في فقه الحج.
6- . . خلاصة الأقوال : ص 430 ، من الفائدة الثالثة .

وقد جمع بعضهم بين كونه من رجال عِدّة الكافي عن سهل بن زياد، وبين القول بأنّه ليس من مشايخ الكليني! قال في طرائف المقال : «ولم أقف عليه في كتب الرجال، ولكن رواية الكليني عنه تدلّ على حسن حاله لا الاعتماد عليه؛ لعدم ثبوت كونه من مشايخه»! (1) . وهذا عجيب ، إذ كيف لا يكون من مشايخه، وهو يروي عنه أكثر من ألف حديث في الكافي - مضموما إلى غيره - عن سهل بن زياد؟ وإذا كانت رواية المحدّث عن شخص أكثر من ألف مرّة لا تشير إلى الاعتماد عليه ولا إلى التلمذة على يديه، فكيف سنعرف أحوال الرجال، ونميّز المشايخ عن التلاميذ حينئذٍ؟!

39 - محمّد بن علي ، أبو الحسين الجعفري السمرقندي

من شيوخ الكليني، حدّث عنه ببعلبك، قال ابن عساكر في ترجمة ثقة الإسلام الكليني في تاريخ دمشق : «.. قدم دمشق، وحدّث ببعلبك، عن أبي الحسين محمّد بن علي الجعفري السمرقندي، ومحمّد بن أحمد الخفّاف النيسابوري، وعلي بن إبراهيم بن هاشم...» (2) . وليس له ذكر في الكافي ، ولم يقع في إسناد الحديث الشيعي، ولم يذكره سوى ابن عساكر.

40 - محمّد بن علي بن معمر الكوفي

من مشايخ ثقة الإسلام الكليني، روى له خطبة الوسيلة، وخطبة الطالوتية (3) وغيرهما (4) ،

ص: 216


1- . . طرائف المقال : ج 2 ص 315 ، في حديثه عن عِدّة الكافي عن سهل.
2- . . تاريخ دمشق : ج 56 ص 297 الرقم 7126.
3- . . روضة الكافي : ج 8 ص 16 ح 4 و ج 8 ص 26 ح 5 .
4- . . فروع الكافي : ج 4 ص 49 ح 14 باب 37 من كتاب الزكاة، وفيه: محمّد بن علي، عن معمر، والصحيح : محمّد بن علي بن معمر .

قال الشيخ في رجاله: «محمّد بن علي بن معمر الكوفي، يكنّى أبا الحسين، صاحب الصبيحي سمع منه التلعكبري سنة تسع وعشرين وثلاثمائة، وله منه إجازة» (1) . وقال ابن النديم في الفهرست: «ابن معمر: أبو الحسين بن معمر الكوفي. وله من الكتب كتاب قرب الإسناد» (2) . ونقل هذا الكلام عن ابن النديم الشيخ في الفهرست (3) . وقال عمر كحالة في معجم المؤلفين : «محمّد بن علي بن معمر الكوفي، أبو الحسين، فقيه، محدّث، سمع منه التلعكبري (سنة / 329 ه ). له من الكتب: قرب الإسناد» (4) . وقال السيّد علي البروجردي في طرائف المقال : «إنّه من علماء الإمامية كما في المنتهى ، وفي الوجيزة : ممدوح» (5) . وقد روى عن محمّد بن علي بن معمر جماعة من تلامذة الكليني، كالتلعكبري (6) ، ومحمّد بن الحسين البزوفري (7) ، وأبي المفضّل الشيباني (8) ، كما روى عنه فرات بن إبراهيم ابن فرات الكوفي صاحب التفسير (9) .

41 - محمّد بن محمود، أبو عبداللّه القزويني

من مشايخ الكليني، روى عنه في الكافي حديثا واحدا، بلفظ: «حدّثني»، وذلك بعد

ص: 217


1- . . رجال الشيخ الطوسي : ص 442 الرقم 1310 (6) باب من لم يروِ عنهم عليهم السلام .
2- . . فهرست ابن النديم : ص 278 ، الفنّ الخامس من المقالة السادسة (في أخبار فقهاء الشيعة وأسماء كتبهم).
3- . . الفهرست للطوسي : ص 277 الرقم 873 (52) باب من عُرِف بكنيته.
4- . . معجم المؤلّفين : ج 11 ص 64 .
5- . . طرائف المقال : ج 1 ص 197 .
6- . . تهذيب الأحكام : ج 3 ص 66 ح 218 (21) باب فضل شهر رمضان ، مصباح المتهجّد : ص 788، كفاية الأثر : ص 123.
7- . . كفاية الأثر : ص 241.
8- . . الأمالي للطوسي : ص 314 ح 638 (85) مجلس 11 .
9- . . علل الشرائع : ج 1 ص 142 ح 7 باب 120، الأمالي للصدوق : ص 57 ح 13 (6) مجلس2، معاني الأخبار : ص 74 ح 1 باب معنى قوله صلى الله عليه و آله لعلي عليه السلام : «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي» .

حديث علي بن إبراهيم بن هاشم يرفعه إلى أبي عبداللّه عليه السلام ، قال: «طلبة العلم ثلاثة، فاعرفهم بأعيانهم وصفاتهم: صنف يطلبه للجهل والمراء، وصنف يطلبه للاستطالة والختل، وصنف يطلبه للفقه والعقل... الحديث» (1) . فقد عقبه الكليني قدس سره بقوله: «وحدّثني به محمّد بن محمود، أبو عبداللّه القزويني، عن عِدّة من أصحابنا، منهم: جعفر بن محمّد الصيقل بقزوين، عن أحمد بن عيسى العلوي، عن عباد بن صهيب البصري، عن أبي عبداللّه عليه السلام » (2) . وليس لمحمد هذا غير هذا الحديث، كما ليس له ذكر في كتب الرجال، وحديثه المذكور شاهد على صدقه؛ لمؤيّده المتقدّم عليه، وعدم اشتماله على ما يلزم ردّه.

42 - محمّد بن يحيى العطّار

من أجلّاء مشايخ الكليني، قال النجاشي: «محمّد بن يحيى، أبو جعفر العطّار القمّي، شيخ أصحابنا في زمانه، ثقة، عين، كثير الحديث، له كتب، منها: كتاب مقتل الحسين عليه السلام ، وكتاب النوادر، أخبرني عِدَّة من أصحابنا، عن ابنه أحمد، عن أبيه، بكتبه» (3) . وذكره الشيخ في رجاله في باب من لم يرو عنهم عليهم السلام قائلاً: «محمّد بن يحيى العطّار، روى عنه الكليني ، قمّي ، كثير الرواية» (4) . ووثّقه العلّامة الحلّي (5) ، وابن داوود (6) ، والمتأخّرون كافة. وأشهر تلامذة محمّد بن يحيى ثلاثة، وهم: ثقة الإسلام الكليني وقد أكثر من الرواية عنه في جميع كتب الكافي، والصدوق الأول، ومحمّد بن الحسن بن الوليد القميّين.

ص: 218


1- . . أُصول الكافي : ج 1 ص 49 ح 5 باب النوادر من كتاب فضل العلم.
2- . . المصدر السابق : ج 1 ص 49 ، ذيل الحديث الخامس من الباب السابق.
3- . . رجال النجاشي: ص 353 الرقم 946.
4- . . رجال الشيخ الطوسي : ص 439 الرقم 6274 (24).
5- . . خلاصة الأقوال : القسم الأوّل ، ص 260 الرقم 908 (110).
6- . . رجال ابن داوود : القسم الأوّل ، ص 186 الرقم 1533 .

ومحمّد بن يحيى هذا، من رجال عِدّة الكافي الذين روى عنهم الكليني، عن الأشعري، والبرقي، كما سيأتي في بحث عِدّة الكافي .

43 - أبو بكر الحبّال

من مشايخ الكليني، روى عنه في الكافي حديثا واحدا، عن محمّد بن عيسى القطّان المدائني، قال: «سمعت أبي يقول: حدّثنا مسعدة بن اليسع، قال: قلت لأبي عبداللّه جعفر ابن محمّد عليهماالسلام: إنّي واللّه لأُحبّك، فأطرق ثمّ رفع رأسه، فقال: صدقت يا أبا بشر، سل قلبك عمّا لك في قلبي من حبّك، فقد أعلمني قلبي عمّا لي في قلبك» (1) وليس لأبي بكر هذا غير هذا الحديث في الكافي، ولم يذكره أحد من الرجاليين، ولا يضر ذلك في صدقه بنقل هذا الحديث سيّما وقد شهدت أحاديث الباب كلها له بالصحة (2) ، ومن عيون الحكم والمواعظ المنسوبة إلى أمير المؤمنين عليه السلام قوله: «سلوا القلوب عن المودّات، فإنّها شهود لا تقبل الرشا» (3) ، وحديث أبي بكر الحبّال جار بهذا المجرى، فهو صحيح في نفسه.

44 - أبو حامد المراغي

هو أحمد بن إبراهيم أبو حامد المراغي، من مشايخ الكليني، قال الطبري الصغير في دلائل الإمامة : «وعنه (يعني: أبا المفضّل الشيباني) قال: حدّثنا محمّد بن يعقوب الكليني قدّس سرّه، قال: حدّثني أبو حامد المراغي، عن محمّد بن شاذان بن نعيم...» (4) . ونقل حديث الدلائل بهذا الإسناد السيّد هاشم البحراني (5) ، والعلّامة المجلسي (6) .

ص: 219


1- . . أُصول الكافي : ج 2 ص 652 ح 3 باب نادر من كتاب العشرة.
2- . . راجع: أُصول الكافي : ج 2 ص 652 - 653 ح 1 و 2 و 4 و 5 من الباب السابق.
3- . . عيون الحكم والمواعظ : ص 285 ؛ شرح نهج البلاغة : ج 20 ص 332 الرقم 805 .
4- . . دلائل الإمامة : ص 527 الرقم 503 (107).
5- . . مدينة المعاجز : ج 8 ص 111 الرقم 2728 (72).
6- . . بحار الأنوار : ج 98 ص 313 ح 6.

وقال السيّد ابن طاووس في فرج المهموم : «ومن الكتاب المذكور (يعني: الكافي) ما روينا بإسنادنا إلى الشيخ أبي جعفر الطبري، قال: حدّثنا محمّد بن يعقوب الكليني، قال: حدّثني أبو حامد المراغي، عن محمّد بن شاذان بن نعيم...» (1) . وأبو حامد المراغي ممدوح معظّم، روى الكشّي بسنده عن أبي جعفر محمّد بن أحمد ابن جعفر القمّي العطّار توقيعا شريفا للإمام الحجّة عليه السلام يدلّ على جلالته وعلوّ منزلته (2) . وأورد هذا التوقيع الشريف العلّامة الحلّي في القسم الأوّل من رجاله (3) . والشيخ حسن في التحرير الطاووسي (4) ، ولهذا قال ابن داوود : ممدوح عظيم الشأن (5) ، وفي طرائف المقال : «فأبو حامد هذا مقبول الرواية غير ثابت الوثاقة»! (6) . وما تضمّنه التوقيع أعلى من التوثيق بدرجات.

45 - أبو داوود

من مشايخ الكليني، ذكره في أوائل أسانيد الكافي، مبتدءا به ثمان مرّات فقط، قال فيها الكليني ابتداءً: 1 - «أبو داوود، عن علي بن مهزيار» مرّة واحدة (7) .

2 - «أبو داوود، عن الحسين بن سعيد» ستّ مرات (8) .

ص: 220


1- . . فرج المهموم : ص 245 .
2- . . رجال الكشّي : ص 534 - 535 الرقم 1019 .
3- . . خلاصة الأقوال : القسم الأوّل ، ص 94 (29).
4- . . التحرير الطاووسي : ص 66 الرقم 38.
5- . . رجال ابن داوود : القسم الأوّل ، ص 36 الرقم 55 .
6- . . طرائف المقال : ج 1 ص 222 الرقم 1344.
7- . . فروع الكافي : ج 3 ص 314 ح 13 باب قراءة القرآن من كتاب الصلاة.
8- . . المصدر السابق : ج 3 ص 9 ح 3 باب الوضوء من سؤر الدواب والسباع والطير من كتاب الطهارة، ورواه الشيخ في التهذيب : ج 1 ص 227 ح 656 باب المياه وأحكامها، و فروع الكافي : ج 3 ص 49 ح 4 باب الرجل والمرأة يغتسلان من الجنابة ثمّ يخرج منهما شيء بعد الغسل من كتاب الطهارة، و ج 3 ص 51 ح 8 باب الجنب يأكل ويشرب ويقرأ ويدخل المسجد من كتاب الطهارة، و ج 3 ص 265 ح 6 باب فضل الصلاة من كتاب الصلاة، و ج 3 ص 304 ح 10 باب بدء الأذان والإقامة وفضلهما وثوابهما من كتاب الصلاة، و ج 3 ص 314 ح 7 باب قراءة القرآن من كتاب الصلاة.

3 - «عنه، عن الحسين بن سعيد» مرّة واحدة (1) ، والضمير في (عنه) راجع إلى أبي داوود قطعا، لمجيئه بعد المورد الرابع من الموارد الستّة السابقة. وهذه الموارد الثمانية خالصة لأبي داوود وحده لم يشركه فيها أحد من مشايخ ثقة الإسلام، وهناك ستة موارد اُخرى اشترك أبو داوود مع (عِدّة الكافي) بروايتها، عن أحمد ابن محمّد، عن الحسين بن سعيد، كالآتي:

1 - «عِدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد. وأبو داوود جميعا؛ عن الحسين بن سعيد» ثلاث مرات (2) .

2 - «عِدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، وأبو داوود، عن الحسين بن سعيد» ثلاث مرّات (3) ، بحذف لفظ «جميعا» فقط، ولا فرق بين التعبيرين. وبمناسبة اشتراك مشايخ الكليني في بعض الموارد، لابدّ من التنبيه على بعض ما اتّصل بذلك من فوائد:

الاُولى: إنّ من أراد تسجيل موارد الكليني في الكافي وجعل الموارد الستّة المذكورة

ص: 221


1- . . فروع الكافي : ج 3 ص 265 ح 7 باب فضل الصلاة من كتاب الصلاة.
2- . . المصدر السابق : ج 3 ص 21 ح 3 باب مقدار الماء الذي يجزئ للوضوء والغسل ومن تعدّى الوضوء من كتاب الطهارة، و ج 3 ص 97 ح 5 باب الحبلى ترى الدم من كتاب الحيض، و ج 3 ص 300 ح 4 باب الخشوع في الصلاة وكراهية العبث من كتاب الصلاة.
3- . . المصدر السابق : ج 3 ص 37 ح 10 باب ما ينقض الوضوء وما لا ينقضه من كتاب الطهارة، و ج 3 ص 99 ح 5 باب النفساء من كتاب الحيض، ورواه الشيخ في تهذيب الأحكام : ج 1 ص 175 ح 500 باب حكم الحيض والاستحاضة والنفاس والطهارة من ذلك، و فروع الكافي : ج 3 ص 478 ح 8 باب صلاة الحوائج من كتاب الصلاة.

للعدّة مثلاً، لا يصحّ الاستدراك عليه بنفس تلك الموارد الستة بنسبتها إلى أبي داوود، وإلّا لصارت اثني عشر موردا، في حين إنّها ستة فقط، وهكذا الحال في كلّ الموارد الاُخرى المشابهة . الثانية: إنّ رواية الكليني عن شيخه أبي داوود بالواسطة كما سيأتي، لا تحسب من موارد أبي داوود في صورة احتساب موارد مَن وقع ابتداءً في أسانيد الكافي؛ لأنّها ستكون - حينئذٍ - من موارد الواسطة فقط، وإلّا لتضاعفت أحاديث الكافي أضعافا مضاعفة، وصار كلّ واحد منها بعدد ما في إسناده من وسائط. الثالثة: إنّ ما ذكره السيّد الخوئي قدس سره من تفصيل موارد رواة الكافي في آخر كلّ جزء من أجزاء معجم رجال الحديث لا يعني المنابع المباشرة لأحاديث الكافي، وبالتالي هو أعم من موارد الكليني، الأمر الذي ينبغي ملاحظته في خصوص إحصاء موارده. وإذا اتّضح هذا نقول: إنّ أبا داوود (شيخ الكليني) قد وقع في موارد اُخرى في الكافي، اشترك معه في روايتها أحمد بن محمّد، برواية العِدّة عنهما معا، عن الحسين بن سعيد وذلك في خمسة موارد فقط، وهي:

1 - «عِدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى وأبي داوود جميعا؛ عن الحسين ابن سعيد» مرّة واحدة (1) .

2 - «عِدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد وأبي داوود جميعا؛ عن الحسين بن سعيد» ثلاث مرات (2) ، ثمّ قال بعده مباشرة، وبلا فصل:

ص: 222


1- . . فروع الكافي : ج 3 ص 44 ح 7 باب صفة الغسل والوضوء قبله وبعده من كتاب الطهارة.
2- . . المصدر السابق : ج 3 ص 19 ح 2 باب الاستبراء من البول وغسله ومن لم يجد الماء من كتاب الطهارة، و ج 3 ص 26 ح 7 باب صفة الوضوء من كتاب الطهارة، و ج 3 ص 35 ح 6 باب الشكّ في الوضوء ومن نسيه أو قدم أو أخّر من كتاب الطهارة .

3 - «وبهذا الإسناد» مرّة واحدة (1) ، ويقصد به الإسناد الذي ذكره قبله، وقد تبيّن؛ ولهذا ذكره الشيخ في التهذيب بجميع رجاله (2) . ولا شكّ أنّ أبا داوود في جميع ما ذكرناه رجل واحد، بقرينة روايته عن الحسين بن سعيد، غاية الأمر إنّه وقع منفردا بالرواية عن الحسين بن سعيد في سبعة موارد من الثمانية المذكورة أوّلاً، لأنّ المورد الأوّل منها رواه عن ابن مهزيار. ومشتركا مع (العِدّة، عن أحمد بن محمّد) في الرواية عن الحسين بن سعيد في ستّة موارد. ومشتركا مع أحمد بن محمّد في رواية العِدّة عنهما، عن الحسين بن سعيد في خمسة موارد اُخرى. أمّا من هو أبو داوود في تلك الموارد؟ فمختلف فيه (3) . فمنهم من قال: إنّه المسترق (ت / 231ه ) (4) وقد اشتبه الكشّي فجعل وفاته سنة مائة وإحدى وثلاثين (5) ، ولا وجه للقول بتحريفها أو تصحيفها من قبل النسّاخ بعد اتّفاق سائر نسخ الكتاب على السنة المذكورة، بما في ذلك نسخة العلّامة وابن داوود (6) ، زيادة على تصريح الشيخ الطوسي

ص: 223


1- . . فروع الكافي : ج 3 ص 35 ح 7 ، من الباب السابق.
2- . . تهذيب الأحكام : ج 1 ص 99 ح 258 باب صفة الوضوء والغرض منه والسنّة والفضيلة فيه.
3- . . راجع: منهج المقال : ص 387 و هداية المحدّثين : ص 282، ومنتهى المقال : ج 7 ص 169 - 170 الرقم 3541 ، ومعجم رجال الحديث : ج 21 ص 149 الرقم 14233.
4- . . رجال النجاشي : ص 183 - 184 الرقم 485.
5- . . رجال الكشّي : ص 319 الرقم 577 .
6- . . خلاصة الأقوال : القسم الأوّل ، ص 154 - 155 الرقم 447 (4)، ورجال ابن داوود : القسم الأوّل ، ص 106 الرقم 725 .

نفسه بوجود أخطاء كثيرة في كتاب الكشّي، الأمر الذي حمله على تهذيبه، وإذا كان ثمّة تشابه برسم (مائتين) و(مائة) فلا تشابه بين (إحدى) و(اثنتين) حتى يشتبه نسّاخ رجال الكشّي فيصحفون الثانية إلى الاُولى . ومنهم من نفى ذلك وقال بجهالته، لعدم ذكر صاحب العنوان في كتب الرجال، وكذلك بعد طبقة الكليني عن طبقة المسترق ممّا يعني أنّ هذا غيره، والصحيح عندنا: إنّه مجهول بالنسبة لنا، معروف معتمد عند ثقة الإسلام.

ص: 224

الفصل الرابع : مشايخ العِدّة ومن يُتوَهَّم به أنّه من مشايخ الكليني

المبحث الأوّل: مشايخ الكليني المعبَّر عنهم بلفظ «عِدَّة من أصحابنا»

اشاره

روى ثقة الإسلام الكليني (ت / 329 ه ) في كتابه (الكافي) عن مجموعة من مشايخه، معبّرا عنهم بلفظ «عِدّة من أصحابنا»، روايات كثيرة بلغت - بإحصائنا - ثلاثة آلاف وحديثين، وقع التشويش في أربعة منها، وعُبِّرَ عن سبعة أُخرى بلفظ آخر غير العدة، وكلّها في الكافي الشريف موزّعة على اُصوله، وفروعه، وروضته. ومن هنا برزت أهمّية العِدّة على صعيد علمَي الدراية والرجال، وهو ما يعرف عندهم ب- (عِدَّة الكافي) (1) ، أو (عِدّة الكليني) (2) وقد تضاف كلمه «العِدَّة» إلى من روت تلك المجموعة عنه في الكافي، ولمّا كان المروي عنه بتوسّط العِدّة أكثر من واحد، قالوا: «عِدّة البرقي» (3) ، أو «عِدّة الأشعري» (4) أو «عِدّة سهل بن

ص: 225


1- . . كما في كتاب الطهارة الكبير للسيّد الشهيد مصطفى ابن الإمام الخميني رضوان اللّه تعالى عليهما : ج 1 ص 240 .
2- . . كما في سماء المقال : ج 1 ص 508 ، في ترجمة محمّد بن إسماعيل، والذريعة : ج 23 ص 7 الرقم 7821 ، في كلامه عن كتاب منتقى الجمان للشيخ حسن ابن الشهيد الثاني .
3- . . كما في طرائف المقال : ج 2 ص 317، وخاتمة مستدرك الوسائل : ج 3 ص 515 و 525 من الفائدة الرابعة .
4- قال السيد بحر ا العلوم في الخلاصة (منظومة شعرية): ص ١٨٥ . عدة أحمد بن عيسى بالعدد ***خمسة أشخاص ! السند بهم إلى أن قال قدس سره: وعِدة البرقي وهو أحمد ***علي بن الحسن وأحمد

زياد» (1) وهكذا.

جدير بالذكر أنّ لفظ «عِدّة من أصحابنا» كما وقع في ابتداء أسانيد الكافي، وقعأيضا في أواسط الأسانيد، وفي أواخرها، والبحث هنا ليس عن مطلق «العِدّة»،وإنّما هو بخصوص تلك «العِدّة» التي نقل عنها الكليني مباشرة وبلا واسطة، وأمّاما عدا ذلك فلا يعنينا أمرها؛ لوضوح أنّ رجالها ليس من مشايخ ثقة الإسلام الكليني طاب ثراه.

وبناءً على ذلك، يمكن تقسيم عِدّة الكافي - بلحاظ من روت عنه - إلى طائفتين، وهما :

الطائفة الاُولى - العِدّة المعلومة

اشارة

وتشمل هذه الطائفة:

أوّلاً - عِدَّة الكليني، عن أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري

ورجال هذه العِدّة خمسة، وكلّهم من القمّيين، وهم بحسب الترتيب:

1 - أحمد بن إدريس، أبو علي الأشعري القمّي .

2 - داوود بن كُورة القمّي .

3 - علي بن إبراهيم بن هاشم القمّي .

4 - علي بن موسى الكُمنداني - بالنون والدال المهملة - القمّي .

5 - محمّد بن يحيى العطّار القمّي .

ص: 226


1- . . طرائف المقال : ج 2 ص 317، خاتمة مستدرك الوسائل : ج 3 ص 515 و516 و532 و534، من الفائدة الرابعة، الذريعة : ج 2 ص 161 الرقم 595 في كلامه عن أصل ظريف بن ناصح .

من شخّص رجال عِدّة الأشعري:

وأوّل من شخّص رجال هذه العِدَّة، هو الشيخ المفيد (ت / 413 ه ) وابن الغضائري (ت / 411 ه ) ، والنجاشي (ت بعد سنة / 463 ه ) والعلّامة الحلّي (ت / 726 ه ).أمّا عن تشخيص الشيخ المفيد ، وابن الغضائري (رضي اللّه عنهما) لرجال العِدّة المذكورة، فهو ما وقف عليه العلّامة المتتبّع الشيخ آقا بزرك الطهراني (ت / 1389 ه ) رضوان اللّه تعالى عليه، ولم يقف على ذلك أحدٌ قبله، قال:«وجدت على ظهر الاستبصار الذي كتبه الشيخ جعفر [بن علي] بن جعفر المشهدي، عن نسخة خطّ مصنّفه، والكاتب هو والد محمّد بن جعفر المشهدي صاحب مزار محمّد بن المشهدي ، وقد فرغ عن كتابته سنة (573) وصورة المكتوب على ظهره، هذه:وجدت بخطّ الشيخ السعيد أبي جعفر الطوسي: سألت الشيخ السعيد أبي [أبا ]عبداللّه محمّد بن محمّد بن النعمان الحارثي رضى الله عنه، وأبي [وأبا] عبداللّه الحسين بن عُبيداللّه الغضائري رضى الله عنه، عن قول الكليني: عِدَّةٌ من أصحابنا في كتاب الكافي ورواياته؟فقالا: كلّ ما كان (عِدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى)، فإنّما هو: محمّد بن يحيى، وعلي بن موسى الكميذاني [الكُمَنْدَاني] - يعني القمّي؛ لأنّه اسم قم بالفارسية - وداوود بن كورة، وأحمد بن إدريس، وعلي بن إبراهيم.- إلى أن قال الشيخ آقا بزرك - : والنسخة عند الشيخ هادي كاشف الغطاء - مذيّلاً ما قاله بعباره - : الجاني آقا بزرك» (1) .

وقال الشيخ النجاشي في ترجمة الكليني: «وقال أبو جعفر الكليني: كلّ ما كان في

ص: 227


1- . . كتاب المستحسنات من المستنسخات (مخطوط) / السيّد محمّد حسين الحسيني الجلالي ، وقد تفضّل المحقّق السيّد محمّد رضا الحسيني الجلالي بإهداء بعض النماذج المصوّرة لي من كتاب المستحسنات لأخيه السيّد محمّد حسين، وكان في جملتها ما نقلناه نصّا، وهو بخطّ الشيخ آقا بزرك الطهراني وتوقيعه رحمه الله.

كتابي: (عِدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى)، فهم: محمّد بن يحيى، وعلي بن موسى الكُمَيْذاني [الكُمَنْدَاني]، وداوود بن كورة، وأحمد بن إدريس، وعلي بن إبراهيم بن هاشم» (1) .كما روى النجاشي في ترجمة أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري جميع كتب الأشعري بسنده، عن الكليني، عن هؤلاء الخمسة، عن أحمد بن محمّد بن عيسى (2) . وقال العلّامة الحلّي: «قال الشيخ الصدوق محمّد بن يعقوب الكليني في كتابه الكافي في أخبار كثيرة: (عِدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى)، قال: والمراد بقولي: (عِدَّة من أصحابنا) : محمّد بن يحيى، وعلي بن موسى الكمنداني، وداوود بن كورة، وأحمد بن إدريس، وعلي بن إبراهيم بن هاشم» (3) .

ثانيا - عِدَّة الكليني، عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقي
اشاره

ثانيا - عِدَّة الكليني، عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقي:ورجال هذه العِدّة سبعة، ستّة من أهل قم، وواحد مشترك بين كوفِيَّيْن، وهم:

1 - أحمد بن عبداللّه القمّي، وهو ابن ابن البرقي (وقد صحّفت كلمة (ابن ابنه) يعني البرقي، في خلاصة الأقوال للعلّامة الحلّي إلى (ابن اُميّة).

2 - علي بن إبراهيم بن هاشم القمّي.

3 - علي بن الحسين السعدآبادي، أبو الحسن القمّي .

4 - علي بن محمّد بن عبداللّه القمّي، يعرف بماجيلويه، وهو ابن بنت البرقي، ويقال له: محمّد بن علي بن بُندار، وقد صحّفت كلمة (ابن ابنته) يعني البرقي، فيخلاصة الأقوال إلى (ابن اُذينة).

5 - محمّد بن جعفر، وهو مشترك بين أبي الحسين الأسدي الكوفي ساكن الريّ ،

ص: 228


1- . . رجال النجاشي : ص 378 الرقم 1026.
2- . . المصدر السابق : ص 82 - 83 الرقم 198.
3- . . خلاصة الأقوال : ص 430 ، الفائدة الثالثة من الخاتمة.

وبين أبي العبّاس الرزّاز الكوفي، خال أبي غالب الزراري الثقة المشهور.

6 - محمّد بن عبداللّه بن جعفر الحميري القمّي.

7 - محمّد بن يحيى العطّار القمّي.

من شخّص رجال عِدّة البرقي:

وأوّل من شخّص لنا رجال عِدّة الكليني، عن البرقي، هو الكليني نفسه، ثمّ الشيخ المفيد وابن الغضائري، وأخيرا العلّامة الحلّي.

قال ثقة الإسلام الكليني قدس سرهفي الباب التاسع من كتاب العتق في فروع الكافي - كما في جملة من نسخ الكافي - : «عِدّة من أصحابنا: علي بن إبراهيم، ومحمّد بن جعفر، ومحمّد بن يحيى، وعلي بن محمّد بن عبداللّه القمّي، وأحمد بن عبداللّه ، وعلي بن الحسين جميعا؛ عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى...».

وقد نقل هذا من الموضع المشار إليه في الكافي كلّ من:

1 - السيّد مصطفى التفرشي (ت / 1044 ه ) في نقد الرجال (1) .

2 - الأردبيلي محمّد بن علي الغروي الحائري (ت / 1100 ه ) في جامع الرواة (2) .

3 - الشيخ الحرّ العاملي (ت / 1104 ه ) في خاتمة الوسائل (3) .

4 - المحدّث النوري (ت / 1320 ه ) في خاتمة المستدرك (4) .

5 - الشيخ الخاقاني (ت / 1334 ه ) في رجال الخاقاني (5) .

6 - السيّد محمّد علي الأبطحي - معاصر - في تهذيب المقال وعبارته صريحة

ص: 229


1- . . نقد الرجال : ج 5 ص 326، الفائدة الثالثة، وقد أشار إلى رجال هذه العدّة في هامش الصفحة المذكورة، وقد ذُيِّل الهامش بعبارة (منه قدّس سرّه)، أي: من السيّد التفرشي نفسه.
2- . . جامع الرواة : ج 2 ص 466 ، الفائدة الثالثة.
3- . . خاتمة وسائل الشيعة : ج 30 ص 148 - 149، الفائدة الثالثة.
4- . . خاتمة مستدرك الوسائل : ج 3 ص 509 ، الفائدة الرابعة .
5- . . رجال الخاقاني : ص 18.

بوقوفه على النسخة الحجرية من الكافي وفيها ما ذكرناه؛ إذ قال: «وروى الكليني كثيرا، عن عِدَّة من أصحابنا، عنه - يعني البرقي - وقد أسماهم في باب المملوك بين شركاء يعتق [ أحدهم نصيبه أو يبيع ] من الكافي ج2 - 135، بقوله: عِدّة من أصحابنا: علي بن إبراهيم، ومحمّد بن جعفر، ومحمّد بن يحيى، وعلي بن محمّد بن عبداللّه القمّي، وأحمد بن عبداللّه ، وعلي بن الحسين؛ جميعا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى.. الحديث» (1) .ولكن النسخة المطبوعة من الكافي ليس فيها ذلك، والذي فيها هو: «عِدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى» (2) .

ولو أنّ محقّق كتاب الكافي الشيخ علي أكبر الغفاري بيَّن أسماء رجال هذه العِدّة في هامش حديثها بكتاب العتق من الكافي؛ لما تجرّأ صاحب «الكليني والكافي» ص:484 على اتّهام الشيخ الخاقاني بأنّه نقل رجال تلك العِدَّة عن غيره لا على وجه التحقيق!! (3) هذا، وأمّا ما قد يقال بأنّ تشخيص الكليني لرجال عدته عن البرقي إنّما هو بخصوص هذا المورد دون غيره، وبالتالي لا يصحّ التعميم على جميع ما رواه عن العِدّة عن البرقي، وهو ما اختاره بعض المعاصرين (4) .فجوابه: أنّه ظاهر في إرادة تشخيص كلّ ما رواه عن البرقي بتوسّط العِدة كما صرّح بهذا بعض من ذكرناه، نظير قوله في أوّل حديث من أحاديث الكافي: «حدّثني عِدّة من أصحابنا، منهم: محمّد بن يحيى العطّار، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب» (5) الظاهر في إرادة بيان بعض رجال تلك العِدّة عن أحمد بن محمّد في

ص: 230


1- . . تهذيب المقال : ج 3 ص 254 في ترجمة البرقي .
2- . . فروع الكافي : ج 6 ص 183 ح 5 باب9، كتاب العتق والتدبير والمكاتبة .
3- . . وفي الكتاب المذكور، وهو اطروحة لنيل شهادة الدكتوراه!! أخطاء فاحشة وكثيرة جدّا، ويكفي أنّ صاحبها لم يحسن تعريف الحديث الصحيح، والحسن، والموثّق، والقوي، والضعيف!!! راجع الكتاب المذكور ص: 437.
4- . . راجع: كليّات في علم الرجال : ص 447 - 448 .
5- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 10 ح 1، كتاب العقل والجهل.

الكافي مطلقا، لا في خصوص المورد المذكور، ونظير قوله في موارد كثيرة من الكافي: علي بن محمّد ومحمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، وعلي بن محمّد وغيره، عن سهل بن زياد، الظاهر في بيان بعض رجال عدّته، عن سهل بن زياد. ويؤيّده تصريح العلّامة بكون علي ابن محمّد ومحمّد بن الحسن من رجال عِدّة الكافي عن سهل كما سيأتي في محلّه.ولعلّ خير ما يؤيّد كون ما ذكره الكليني قدس سره لا في خصوص مورده، وإنّما في كلّ مورد، عن العِدّة، عن البرقي. هو أنّ تشخيص هذه العِدّة جاء على لسان الشيخ المفيد وابن الغضائري، فذكرا خمسة، فيهم أربعة ممّن ذكرهم الكليني- وهم: علي بن إبراهيم، وعلي بن محمّد ماجيلويه، ومحمّد بن جعفر، وعلي بن الحسين - سوى محمّد بن يحيى وأحمد بن عبد اللّه ، ولا يضرّ تخلّفهما، فقد اكتفى العلّامة بتسمية أربعة ممّن ذكرهم الكليني، وهم: علي بن إبراهيم، وعلي بن محمّد بن عبداللّه ، وأحمد بن عبداللّه ، وعلي بن الحسين ناسبا ذلك للكليني رحمه الله في حين لم يذكر محمّد بن جعفر الذي صرّح به ثقة الإسلام، ولا محمّد بن يحيى الذي مرّ في تصريح الشيخ المفيد وابن الغضائري؛ الأمر الذي يشير إلى وجود عِدّة تصريحات لثقة الإسلام.تارة بذكر بعضهم، كما فعل في أوّل حديث من الكافي.واُخرى بذكرهم جميعا كما في المورد المذكور، ومنها ما وصل للشيخ المفيد وابن الغضائري، ومنها ما وصل للعلّامة.أمّا عن تشخيص رجال عِدّة الكافي عن البرقي عند الشيخين: المفيد وابن الغضائري، فهو ما قالاه - بعد بيان عِدّة الكافي عن الأشعري، كما مرّ عن الطهراني - : «.. وكلّ ما كان (عِدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقي) فهم:علي بن إبراهيم، وعلي بن محمّد ماجيلويه، ومحمّد بن عبداللّه الحميري، ومحمّد بن جعفر، وعلي بن الحسين» (1) .

ص: 231


1- . . كتاب المستحسنات من المستنسخات (خطّي) .

وقال العلّامة الحلّي: «وقال - يعني الشيخ الصدوق محمّد بن يعقوب الكليني - : كلّما ذكرته في كتابي المشار إليه - يعني الكافي - : (عِدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد ابن خالد البرقي)، فهم: علي بن إبراهيم، وعلي بن محمّد بن عبداللّه بن اُذينة، وأحمد بن عبداللّه بن اُميّة، وعلي بن الحسن» (1) .وقد وقعت في كلام العلّامة بعض التصحيفات - وهي من النسّاخ - في أسماء رجال تلك العِدّة، كتصحيف (ابن ابنته) إلى (ابن اُذينة)، وتصحيف (ابن ابنه) إلى (ابن اُميّة)، وكذلك (علي بن الحسين) إلى (علي بن الحسن).

ثالثا - عِدّة الكليني، عن سهل بن زياد
اشارة

ورجال هذه العِدّة أربعة، فيهم قمّي واحد، وكلينيّان رازيان، وكوفي واحد ساكن في الريّ، وهم:

1 - علي بن محمّد بن علّان الكليني الرازي.

2 - محمّد بن أبي عبداللّه (وهو محمّد بن جعفر الأسدي الكوفي نزيل الريّ).

3 - محمّد بن الحسن الصفّار القمّي.

4 - محمّد بن عقيل الكليني الرازي.

من شخّص رجال عِدّة البرقي

والذي شخّصهم لنا هو العلّامة الحلّي قدس سره، قال: «قال - يعني ثقة الإسلام الكليني رضى الله عنه : وكلّما ذكرته في كتابي المشار إليه - يعني الكافي الشريف - (عِدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد)، فهم: علي بن محمّد بن علّان، ومحمّد بن أبي عبداللّه ، ومحمّد بن الحسن، ومحمّد بن عقيل الكليني» (2) .

ص: 232


1- . . خلاصة الأقوال : ص 430، الفائدة الثالثة.
2- . . خلاصة الأقول : ص 430، الفائدة الثالثة.

جدير بالذكر أنّ المحدّث النوري قد نفى أن يكون محمّد بن الحسن الذي يروي في الكافي عن سهل بن زياد هو الصفّار، واحتمل أن يكون المراد به واحدا من بين مجموعة من الرواة الذين اشتركوا باسم (محمّد بن الحسن)، وقد مرّ هذا وجوابه في ترجمة محمّد بن الحسن الصفّار في فصل مشايخ الكليني رحمه الله.

عِدّة رابعة معلومة

عِدّة رابعة معلومة:وهناك عِدّة أُخرى رابعة معلومة، روى عنهم ثقة الإسلام الكليني، عن العمركي البوفكي، ولكنّها ليست من عِدد الكافي، إذ لا وجود لها في أسانيده، وإنّما نذكرها للفائدة، وقد نبّه عليها تلميذ ثقة الإسلام الكليني الشيخ ابن قولويه القمّي رحمهما اللّه ؛ إذ قال في كتابه كامل الزيارات : «حدّثني محمّد بن يعقوب، قال: حدّثني عِدّة من أصحابنا، منهم: أحمد بن إدريس ومحمّد بن يحيى؛ عن العمركي البوفكي» (1) .

ملاحظة مفيدة حول مشايخ العِدّة

ملاحظة مفيدة حول مشايخ العِدّة:

إنّ العِدَد الثلاث المذكورة، عادة ما يروي الكليني عنها، عن واحد من المذكورين، وهم: سهل بن زياد، وهو الأكثر، والبرقي، وروايات العِدّة عنه أقلّ من روايات العِدّة عن سهل بكثير، والأشعري وروايات عِدّته أقلّ من روايات العِدّتين بكثير.وقد تلتقي عِدّتان من تلك العِدَد بلفظ واحد في بعض طرق أحاديث الكافي، كرواية الكليني - مثلاً - عن:

1 - «عِدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد وسهل بن زياد».

2 - «عِدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد وأحمد بن محمّد».

3 - «عِدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد وأحمد بن محمّد بن عيسى».

4 - «عِدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقي، وأحمد بن محمّد بن عيسى».

ص: 233


1- . . كامل الزيارات : ص 41 ح 4 باب 1 ، ثواب زيارة رسول اللّه صلى الله عليه و آله وزيارة أمير المؤمنين والحسن والحسين عليهم السلام .

الأمر الذي يشير إلى اشتراك رجال العِدَد الثلاث المذكورة في الرواية عن سهل والبرقي والأشعري معا، وبعبارة اُخرى، أنّه يمكن القول أنّ رجال أيّة عِدّة من العِدَد الثلاث المذكورة هم رجال العدّتين الاُخريين أيضا، هذا في خصوص موارد الاشتراك المذكورة لظهور الأمر فيها بكلّ وضوح، ولا يبعد القول بالتعميم، وإن لم أجد من صرّح بهذا، فضلاً عمّن تفطّن لموارد الاشتراك.

وممّا يؤيّد هذا ويقويه أنّا وجدنا في أحاديث كثيرة في الكافي وغيره من كتب الحديث لاسيّما كتب الشيخ الصدوق، تناوب - كل أو بعض - رجال أيٍّ من العِدَد الثلاث في الرواية عن شيخَي العِدَّتين الباقيتين.

ص: 234

وفيما يأتي جدول مفصّل يبيّن عدد أحاديث الكافي المروية عن العِدَد الثلاث منفردة، أو منظّمة بعضها إلى بعض كالآتي:

وهذه العِدد الثلاث - منفردة أو منظّمة - كلّها من العِدَد المعلومة؛ لمعرفة أسماء رجالها ووثاقتهم عن طريق النصّ المعتبر كما مرّ في تراجمهم.

ص: 235

هذا، ويمكن إلحاق أربعة أحاديث اُخرى إلى مجموع أحاديث العِدّة المعلومة، لتضاف إلى ما روته عِدّة الأشعري والبرقي، وإن لم تُرْوَ عنها في الظاهر؛ لوقوع السقط فيها من قبل النسّاخ، وإليك بيانها:

1 - «عِدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر» وردت في ثلاثة أحاديث فقط (1) ، والظاهر سقوط حرف (عن) بين أحمد بن محمّد وبين (ابن أبي نصر) وهو البزنطي المشهور، بقرينة سائر الروايات.

2 - «عِدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى بن زيد» (2) ، وقال في هامش الحديث: في بعض النسخ: عن يزيد وهو الصحيح؛ إذ لا وجود لهذا الاسم - أعني: أحمد بن محمّد بن عيسى بن يزيد - لا في كتب الرجال ولا في الأسانيد إلّا في هذا المورد، والمراد بيزيد، هو يزيد بن إسحاق، ويحتمل المراد: عن ابن يزيد، وهو مردّد بين يعقوب بن يزيد، والحسين بن يزيد النوفلي، والكلّ روى عنهم أحمد بن محمّد بن عيسى، وهو الأشعري.ويتّضح ممّا تقدّم أنّ أحاديث هاتين العِدّتين - وهي أربعة أحاديث فقط - يجب إلحاقها بأحاديث الطائفة الاُولى، ثلاثة إلى العِدّة التي تروي عن أحمد بن محمّد المشترك بين البرقي والأشعري، وحديث واحد إلى عِدّة الأشعري، وبهذا يكون مجموع أحاديث العِدّة المعلومة في الكافي (2995) حديثا.

كما يمكن إضافة ثمانية أحاديث اُخرى إلى هذا العدد أيضا وإن لم تُروَ بلفظ (عِدّة من أصحابنا) كما سنبيّنه في بحث العِدّة المجهولة.

ص: 236


1- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 429 ح 83 باب 108 من كتاب الحجّة، و ج 2 ص 263 ح 15 باب 107، من كتاب الإيمان والكفر، وفروع الكافي : ج 3 ص 214 ح 4 باب 77 من كتاب الجنائز.
2- . . المصدر السابق : ج 1 ص 545 ح 12 باب 130 من كتاب الحجّة .

الطائفة الثانية - العِدّة المجهولة في الكافي

اشاره

الطائفة الثانية - العِدّة المجهولة في الكافي:وهي سبع عِدَدٍ فقط، وقعت في إسناد ثمانية أحاديث، كالآتي:

1 - «عِدّة من أصحابنا، عن عبداللّه بن البزّاز» (1) .

2 - «عِدّة من أصحابنا، عن جعفر بن محمّد» (2) .

3 - «عِدّة من أصحابنا، عن سعد بن عبداللّه » وقعت في حديثين فقط (3) . وهذا لا ينافي كون سعد بن عبداللّه من مشايخ ثقة الإسلام الكليني، لما ذكرنا غير مرة، أنّ الرواية عن شخص مباشرة بحكم التلمذة أو المعاصرة لا تنافي الرواية عنه بالواسطة، كما أنّ الرواية عن شخص بالواسطة دائما لا تنافي الرواية عنه مباشرة ولو نادرا، هذا مع إمكان اللقاء وعدم توفّر النصّ من القدماء على أنّه لم يلقه، ولم يرو عنه إلّا بالواسطة.

4 - «عِدّة من أصحابنا، عن الحسين بن الحسن بن يزيد» (4) .

5 - «عِدّة من أصحابنا، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر» (5) .

6 - «عِدّة من أصحابنا، عن صالح بن أبي حمّاد» (6) .

ص: 237


1- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 28 ذيل حديث رقم 24، من كتاب العقل والجهل، وذكر المحقّق في هامشه أنّ الحديث غير موجود في أكثر النسخ، لكنّه موجود في نسختين من الكافي كتبتا في القرن العاشر الهجري. وحديث العِدّة عن عبداللّه البزّاز، ذكره المحقّق الداماد في تعليقته على الكافي : ص 59، كما ذُكِرَ الحديث أيضا في مرآة العقول : ج 1 ص 96، ولكن العلّامة لم يشرحه، بل لم يبيّن رتبته. الأمر الذي يشير إلى جعل النسخة المطبوعة من الكافي متنا لمرآة العقول!!! والعجيب، أنّ هامش الحديث من المرآة يكاد أن يكون اعترافا باستبدال متن المرآة بالمطبوع من الكافي، فراجع .
2- . . المصدر السابق : ج 1 ص 333 ح 3 باب 78 من كتاب التوحيد.
3- . . المصدر السابق : ج 1 ص 341 ح 23 و 25 باب 80 من كتاب الحجّة.
4- . . المصدر السابق : ج 1 ص 400 ح 6 باب 101 من كتاب الحجّة.
5- . . المصدر السابق : ج 3 ص 42 ح 5 باب 28 من كتاب الطهارة .
6- . . روضة الكافي : ج 8 ص 138 ح 149.

7 - «عِدّة من أصحابنا، عن محمّد بن عيسى» (1) .

وفي بعض النسخ - كما في هامش الحديث من الكافي - (بعض أصحابنا) بدلاً من (عِدّة من أصحابنا).

ويؤيّد ذلك ما في التهذيب ، والاستبصار ، والوسائل ، والوافي (2) .ويؤيّد ما في المطبوع شرح العلّامة المجلسي للحديث المذكور في مرآة العقول ، وفيه: (عِدّة من أصحابنا)، مع حكمه عليه بالإرسال (3) ، وقوّاه والده في روضة المتّقين (4) .هذه هي الطائفة الثانية من عِدَد الكافي، ولم أجد فيه - بعد الفحص والتحرّي الدقيق - بعض العِدَد التي ذكرها صاحب (الكليني والكافي) ونسبها للكافي ، كعدّته عن علي بن الحسن بن فضال، وعِدّته عن محمّد بن عبداللّه ماجيلويه (5) ، وهكذا وقع في ما اتّهم به الشيخ الخاقاني بخصوص عِدّة الكليني في الباب التاسع من كتاب العتق من الكافي كما تقدّم. مع أنّه لم يستقرء ذلك استقراءً جيّدا، إذ فاتته عِدّة الكافي عن عبداللّه بن البزّاز، وكذلك عِدّة الكافي عن الحسين بن الحسن بن يزيد كما يظهر بوضوح لمن راجع الكتاب المذكور، وأمّا عن العِدد الواقعة في وسط أسانيد الكافي أو في أواخرها، فهي خارجة عن محلّ البحث تخصّصا، لأنّا في صدد البحث عن مشايخ الكليني المعبّر عنهم بلفظ (العِدّة) فحسب.

كيفية تشخيص رجال العِدد المجهولة

لقد مرّ أنّ العِدَد الثلاث الاُولى هي من العِدَد المعلومة؛ لتشخيص رجالها من قبل أعلام

ص: 238


1- . . فروع الكافي : ج 4 ص 172 ح 8 باب 75 من كتاب الصيام.
2- . . تهذيب الأحكام : ج 4 ص 83 ح 242 (16) باب كمّية الفطرة، الاستبصار : ج 2 ص 49 ح 162 (1) باب كمّية الصاع ، وسائل الشيعة : ج 9 ص 341 ح 12180 (2) باب 7 من أبواب زكاة الفطرة، الوافي : ج 10 ص 257 ح 9547 (21) باب 27 من أبواب زكاة الفطرة .
3- . . مرآة العقول : ج 16 ص 418 ح 8 .
4- . . روضة المتّقين : ج 3 ص 476 باب الفطرة .
5- . . راجع الكتاب المذكور: ص 523 و 533 .

الطائفة المتقدّمين، يضاف لها عِدّة الكليني عن العمركي البوفكي التي ذكرها ابن قولويه رحمه اللهوإن لم تقع في الكافي، وأما غيرها فهي من العِدد المجهولة، وقد وقفتُ أخيرا على محاولة صاحب (الكليني والكافي) لتشخيص تلك العِدَد المجهولة والحكم بوثاقتها، وذلك باستخدامه معجم رجال الحديث للسيّد الخوئي من غير الإشارة إليه في عملية التشخيص!! إذ تابع موارد الكليني في المعجم الخاصّة بمشايخ الكليني المعلومين الذين رووا عن المشايخ الذين أخرج لهم الكليني بتوسّط العِدّةُ المجهولة، زاعما أنّ هؤلاء المعلومين هم رجال العِدّة المجهولة ولم يبيّن الوجه العلمي في ذلك، مع أنّ هذه الطريقة تخضع لقواعد حسابات الاحتمال التي أدخلها السيّد الشهيد محمّد باقر الصدر قدس سره في علمي الدراية والرجال ، ولو أردنا تطبيق تلك القواعد على أيّة عدّة مجهولة لما وصلنا إلى نتائج قطعيّة في التشخيص الإجمالي بل تبقى مجرّد احتمال يصعب الاعتماد عليه.وكمثال على ما نقول، فإنّ تعيين رجال العِدّة - وبيان صنف مايروونه بحسب المصطلح الجديد - عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر، وهي عِدّة مجهولة يتوقّف تشخيصها ومعرفة وثاقة رجالها على جملة من الاُمور، وهي :

1 - معرفة جميع مشايخ الكليني الذين رووا عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر بأسمائهم.

2 - أن يثبت بالاستقراء أنّهم من الثقات، أو كون القسم الأعظم منهم كذلك.

3 - إجراء قواعد حسابات الاحتمال لإثبات عدم كون الواسطة (العِدّة) عن إبراهيم ابن إسحاق الأحمر من الضعاف أو المجاهيل، وذلك لاعتبار المروي عنها بعد تعيينها بنظر أرباب المصطلح الجديد في تصنيف الحديث.فلو فرض أنّ مجموع تلاميذ الأحمر كانوا عشرين تلميذا، وثبت لنا ضعف خمسة منهم، فبموجب حسابات الاحتمال نحكم بوثاقة العدّة في روايتها عن الأحمر؛ لضعف درجة احتمال أن يكون المراد بالعِدّة هم الخمسة الضعاف، وكلّما زاد عدد

ص: 239

تلاميذ الأحمر مع زيادة نسبة الثقات فيهم ضعفتْ درجةُ الاحتمال المذكور حتى تصل إلى درجة قريبة من الصفر، لكنّها لاتزول، وكلّما انعكست النسبة، زادت درجة الاحتمال المذكور بحيث يكون احتمال دخول الثقة فيهم قريبا من الصفر.ومع هذا فإنّ تشخيص العدّة أو الحكم باعتبار مرويّاتها بغضّ النظر عن أيّة قرينة خارجيّة، وقصر التعامل معها على ضوء المصطلح الجديد، غير مجد ٍ؛ لأنَّ استقراء تلاميذ الأحمر بالاعتماد على الكافي غير كاف ٍ، لوجود مجموعة اُخرى من مؤلّفات الكليني لم تصل إلينا، ولا نعرف شيئا عن محتواها ولا حجمها، ومع احتمال وجود غيرهم في كتب الكليني الاُخرى - خصوصا وأنّ هذا الاحتمال قويّ بقواعد حسابات الاحتمال لوجود مشايخ للكليني لم يروِ عنهم في الكافي (1) - يتعذّر علينا إدخال تلك القواعد في تشخيص رجال العدّة المذكورة، لعدم توفّر عناصر قواعد حسابات الاحتمال، والتي يمكن إجمالها بما يأتي:

1 - تحديد الوسط المجهول بالاستقراء التامّ، وهو مفقود في المقام.

2 - بيان نسبة الثقات إلى الضعفاء في هذا الوسط، وأمّا لو كانت العِدّة في أواسط السند، فنحتاج إلى إثبات كون الراوي عن ذلك الوسط المجهول لا يروي إلّا عن ثقة بالاستقراء، وهو لم يثبت حتى بحق الثلاثة (أي: ابن أبي عمير، وابن محبوب، والبزنطي).

ص: 240


1- . هناك سبعة مشايخ للكليني لم يرو عنهم في الكافي وهم كما تقدموا في تراجمهم : 1 _ إسحاق بن يعقوب الكليني. ٢ _ علي بن محمد بن سليمان. 3- محمد بن أحمد الخفاف النيسابوري. 4 _ محمد بن أحمد بن عبدالجبار. 5 _ محمد بن الحسن الطائي الرازي. ٦ _ محمّد بن علي ، أبو الحسين الجعفري السمرقندي. 7 _ أبو حامد المراغي.

3 - بيان القيمة الاحتمالية لرواية الكليني عن كلّ فرد من أفراد ذلك الوسط المجهول، بمعنى متابعة رواية الكليني، عن كلّ فرد بعد تشخيصه، ومعرفة نسبتها إلى ما رواه عن غيره من رجال ذلك الوسط خارجا عنه.

4 - بيان القيمة الاحتمالية للمشايخ الذين روى عنهم الكليني، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر في كتبه الاُخرى المفقودة، وكذلك في كتب الحديث الاُخرى؛ لاحتمال الرواية عنهم في هذا الوسط المجهول على الرغم من عدم وصول أسمائهم إلينا.5 - افتراض تساوي الاحتمالات في رواية ثقة الإسلام عن تلامذة إبراهيم بن إسحاق الأحمر، لأنّ مجرّد احتمال عدم رواية الكليني ولو عن واحد من العشرين، أو احتمال كون روايته عنه أكبر من احتمال الرواية عن غيره سيؤدّي إلى خلل كبير في حسابات الاحتمال.فإن توفّرت هذه العناصر، فعندها تُطبَق قواعد حسابات الاحتمال لمعرفة رجال العِدّة المجهولة، وإلّا فستبقى الاستقراءات ناقصة لاتؤدّي إلى المطلوب.ومن هنا يُعلم أنّ الاطمئنان المدّعى بأنّ علي بن محمّد بن عبداللّه بن بندار كان ضمن رجال عِدّة الكافي عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر - كما في (بحوث حول روايات الكافي) ص: 174 - ادّعاءٌ فارغ لا يستند إلّا على ما قاله صاحب (البحوث) نفسه: «من اعوجاج السليقة، وضعف الطريقة».على أنّ هذا لا يعني بتاتا الاعتقاد بكون هذه العِدد مجهولةً عند الكليني، كيف، ورجالها من مشايخه؟ بل هي مجهولة بالنسبة لنا؛ لعدم الاهتداء إلى طريقة اُخرى غير قواعد حسابات الاحتمال التي لم تتوفّر أكثر عناصرها في عمليّة تشخيص رجال تلكم العِدَد، ومع هذا فلا يضر عدم تشخيص العِدد المجهولة في قبول مرويّاتهم لاُمور:الأوّل: المنهج السندي المتين الذي اعتمده ثقة الإسلام بحيث دلّنا على أكثر من طريق لما رواه عن أغلب تلك العِدد المجهولة، وذلك بلحاظ وقوع أحاديثها في أبواب

ص: 241

تضمّنت مضامين تلك الأحاديث من طرق معتبرة.الثاني: إنّ افتراض وجود ضعفاء في جملة مشايخ الكليني الذين روى عنهم عن إسحاق بن إبراهيم الأحمر أو غيره ممّن ذكرناه في تلك العِدد المجهولة، لا يبرّر القول بضعف الطريق، لأنّه من المستبعد جدّا أن لا يختار من مثل الشيخ الكليني قدس سرهمن مجموع مشايخه الذين رووا عن اُولئك إلّا الضعفاء منهم وترك ما عداهم من الثقات، الأمر الذي تساعده حسابات الاحتمال بكلّ قوّة، وإن عجزت عن التشخيص، وعلى هذا يكفينا وجود الثقة فيهم وإن لم نعرف اسمه.الثالث: لو فرضنا جدلاً أنّه اتّفق للكليني قدس سره ذلك، فإنّ لفظ (العِدّة) ظاهر في مجموعة من المشايخ وأقلّها ثلاثة أشخاص، واتّفاق ثلاثة من الضعفاء على الرواية عن شخص يجبر ضعف الطريق على قول معروف بين أرباب الدراية.الرابع: إنّ دور اُولئك الضعفاء - على فرض اختيارهم دون غيرهم وعدم جبران الطريق باجتماعهم - إنّما هو لاتّصال الأسانيد، لتخرج بهم الرواية عن حيّز الإرسال؛ لأنّ ما في الكافي مستخرج من كتب مشهورة عليها المعوّل والاعتماد، ووصولها إلى ثقة الإسلام متواتر، وعلى هذا فلا يضرّ ضعف الطريق المنتخب بالفرض إليها.الخامس: إنّه لا يوجد في مشايخ الكليني رجل ضعيف متّفق على ضعفه، وأقصى ما يقال في القليل منهم أنّه لم يذكرهم الشيخ والنجاشي، وهذا لا يضرّ بوثاقتهم وجلالتهم؛ لاعتناء الشيخ والنجاشي بالمصنّفين دون غيرهم، وبعض مشايخ الكليني ليس من المصنّفين، هذا في حين أنّ أغلب مشايخ الكليني من الفقهاء الأجلّاء المصنّفين والثقات المشهورين، كما مرّ مفصّلاً في تراجمهم.

الألفاظ المساوقة للعِدّة في الكافي

الألفاظ المساوقة للعِدّة في الكافي:وما دمنا في صدد البحث عن مشايخ ثقة الإسلام المعبّر عنهم بلفظ يدلّ على كثرتهم، نحو (عِدّة من أصحابنا) كما تقدّم. فلا بأس بالإشارة السريعة إلى ما قارب هذا اللفظ في

ص: 242

الكافي؛ إذ حدّث ثقة الإسلام الكليني رحمه الله، «عن جماعة»، و«جماعة من أصحابنا»، و«بعض أصحابنا»، وهو لا شكّ يريد مجموعة من مشايخه، اختصرهم بهذا اللفظ، وقولنا: (اختصرهم بهذا اللفظ) أي: لكثرتهم، وهو لا يدلّ على تدليس أو نسيان لأسمائهم كما زعمه بعض الجهلاء من المهرّجين.والأحاديث الواردة عن هذا الصنف قليلة في الكافي، ومع هذا فإنّ سبعة منها يمكن إلحاقها بأحاديث الطائفة الاُولى من العِدّة المعلومة، وإن لم يرد في أسانيدها لفظ (العِدّة)، وسنبتدي بها، كالآتي:1 - «جماعة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري»، وقد وقع هذا في إسناد ثلاثة أحاديث (1) .2 - «جماعة، عن أحمد بن محمّد» في إسناد واحد (2) .3 - «جماعة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد» في إسنادين (3) .4 - «بعض أصحابنا، عن أحمد بن محمّد» في إسناد واحد (4) .وهذه الموارد السبعة كلّها من موارد العِدّة المعلومة المتقدّمة في الطائفة الاُولى، كما سنبيّنه بعد قليل.

5 - «بعض أصحابنا، عن محمّد بن علي» (5) ، وقد روى ثقة الإسلام بهذا اللفظ عنجماعة آخرين، وهم: محمّد بن حسّان (6) ، وعبدالعظيم بن عبداللّه الحسني (7) ،

ص: 243


1- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 23 ح 15، كتاب العقل والجهل (وهذا الكتاب بدون أبواب)، فروع الكافي : ج 3 ص 266 ح 8 باب1، و ج 3 ص 306 ح 26 باب18 كلاهما من كتاب الصلاة.
2- . . فروع الكافي : ج 3 ص 370 ح 12 باب 48، و ج 3 ص 371 ح 2 باب 49، من كتاب الصلاة .
3- . . المصدر السابق : ج 3 ص 371 ح 16 باب 48، و ص 383 ح 3 باب 56 ، من كتاب الصلاة .
4- . . المصدر السابق : ج 6 ص 85 ح 5 باب 24، من كتاب الطلاق .
5- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 320 ح 5 باب 73 من كتاب الحجّة .
6- . . المصدر السابق : ج 1 ص 358 ح 17 باب 81 من كتاب الحجّة .
7- . . المصدر السابق : ج 1 ص 377 ح 4 باب 87 من كتاب الحجّة .

وابن جمهور (1) ، وعلي بن العبّاس (2) ، وعلي بن الحسن (3) ، وأبي جرير القمّي (4) ، وعلي بن أسباط (5) ، ومحمّد بن الحسين (6) ، وعلي بن الحسن التيملي (7) ، ومنصور بن العبّاس (8) ، ومحمّد بن عبدالحميد (9) .وأمّا عن وقوع (بعض أصحابنا) في وسط الأسانيد، أو في آخرها من الكافي فلا يعنينا أمره في بحث مشايخ الكليني، لوضوح أنّ المقصود بهذا اللفظ - حينئذٍ - ليس من مشايخ الكليني، وهو ما نبّهنا عليه أكثر من مرّة، بخلاف ما لو وقع ذلك ابتداءً، سواء كان بلفظ (البعض) أو (الجماعة)، إذ لا شكّ بكون المراد به جماعة من مشايخه.والكلام في تعيين مشايخ الكليني المعبّر عنهم بهذا اللفظ في الموارد الأخيرة غير السبعة المذكورة، هو عين الكلام المتقدّم في كيفيّة تعيّن العِدّة المجهولة.وأمّا ما يقال من أنّ «بعض أصحابنا» يختلف عن «عِدّة من أصحابنا» كما في (بحوث حول روايات الكافي) ص: 176، بزعمهم «أنّ الشيخ الكليني قد يأخذ حديثا عن بعض مشايخه ثمّ ينسى اسمه، ولكن بعد مدّة من الزمن يتبيّن أنّه غير صالح للقراءة، أو غير واضح ومفهوم، أو أنّه يختلط عليه بين شخصين أو أكثر، ففي هذه الأحوال: الأمانة العلمية تقتضي أن يعبّر عن شيخه الذي التبس عليه ب- (بعض أصحابنا) ! » فهو قول سخيف جدّا، فضلاً عمّا فيه من إساءة الأدب مع شيخ المحدّثين ورئيسهم وثقتهم، والهدف منه التهريج ليس إلّا؛ لأنّ أحاديث الكافي مأخوذة - كما هو حال أحاديث

ص: 244


1- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 447 ح 24 باب 111 من كتاب الحجّة .
2- . . المصدر السابق : ج 2 ص 38 ح 7 باب 18 من كتاب الإيمان والكفر .
3- . . المصدر السابق : ج 2 ص 406 ح 12 باب 172 من كتاب الإيمان والكفر .
4- . . فروع الكافي : ج 4 ص 236 ح 19 باب 21 من كتاب الحج .
5- . . المصدر السابق : ج 5 ص 277 ح 9 باب 103 من كتاب المعيشة.
6- . . المصدر السابق : ج 5 ص 303 ح 1 باب 158 من كتاب المعيشة.
7- . . المصدر السابق : ج 6 ص 97 ح 2 باب 30 من كتاب الطلاق .
8- . . المصدر السابق : ج 6 ص 241 ح 17 باب 15 من كتاب الذبائح .
9- . . المصدر السابق : ج 6 ص 241 ح 9 باب 28 من كتاب الأشربة.

الفقيه والتهذيبين - من الاُصول الأربعمائة وغيرها من الكتب المعتمدة والمصنّفات المشهورة، ويمثِّل مشايخ ثقة الإسلام طرقه إلى تلك المدوّنات، ولا يمكن تصوّر نسيان مثل الكليني أسماء عشرين شيخا أو أكثر من مشايخه، ليُعبِّر عن كلّ واحدٍ منهم بلفظ «بعض أصحابنا».ثمّ أليس من الغباء المفرط أن يُزعَم بأنّ ثقة الإسلام الكليني لم يجوِّد خطّه كما ينبغي، وبالتالي عجزه عن قراءة ما كتبه بيده؟!والصحيح هو أنّ شيخ الحفّاظ والمحدّثين قد ابتدأت طرقه في تلك الموارد بمجموعة من مشايخه، فاختصرهم بهذا اللفظ «بعض أصحابنا»؛ لكثرتهم نظير اختصارهم ب- (عدّة من أصحابنا).ومنه يتّضح أنّ المحذور الذي اصطنعوه بجهلهم، ودفعوه بالنسيان، أو عدم جودة الخطّ ، أو الاختلاط بين شيخين!! قد أوقعوا ثقة الإسلام فيه من حيث لا يشعرون. «كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَ هِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَا كَذِبًا» (1) .على أنّ كلّ هذا الوهم والهراء الذي لم يقل به إلّا الشذّاذ من أعداء الحقّ وأهله، كان مبنيّا على انحصار دلالة «بعض أصحابنا» على شخصٍ واحد (2) ، ولو راجع الكافي وغيره من كتب الحديث الشيعيّة لوجد ما فيه الكفاية على دلالة اللفظ المذكور على المفرد تارة، كقولهم: «عن بعض أصحابنا، قال»، وعلى الجمع تارة اُخرى، كقولهم: «عن بعض أصحابنا، قالوا»، والحمل على الجمع في هاتيك الموارد أولى.ويؤيّده ما مرّ في المورد الأخير من موارد الطائفة الثانية من عِدد الكافي إذ تبادل اللفظان في رواية ذلك المورد عن محمّد بن عيسى.

ويؤيّده أيضا أنّ وقوع عبارة: «عن أحمد بن محمّد» بعد قوله: «بعض أصحابنا» -

ص: 245


1- . . سورة الكهف: 5 .
2- . . وربّما قاد إلى هذا الوهم حديث الكافي : ج 5 ص 337 ح 2 باب 19 من كتاب النكاح.

كما مرّ - كاف للحكم على وحدة القصد بين «البعض، عن أحمد»، و«العِدّة، عنه» وهي عِدّة معلومة كما سبق بيانه.وكذلك الحال في قوله «جماعة من أصحابنا، أو جماعة» إذ لا فرق بين هذا التعبير وتعبير (عِدّة من أصحابنا)، وقد استخدم الشيخ الطوسي كلا اللفظين للتعبير عن مجموعة محدّدة من مشايخه.فقد قال قدس سره في ترجمة إبراهيم بن هاشم القمّي: «والذي أعرف من كتبه: كتاب النوادر، وكتاب قضايا أمير المؤمنين عليه السلام . أخبرنا جماعة من أصحابنا، منهم: الشيخ أبو عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان المفيد، وأحمد بن عبدون، والحسين بن عبيد اللّه ...» (1) .وفي ترجمة أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي: «وله كتاب الجامع ، أخبرنا به عِدّة من أصحابنا، منهم: الشيخ أبو عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان المفيد ؛ والحسين بن عبيد اللّه ؛ وأحمد بن عبدون، وغيرهم...» (2) .وفي ترجمة أحمد بن محمّد بن خالد البرقي: «وصنّف كتباً كثيرةً - إلى أن قال -: أخبرنا بهذه الكتب كلها وبجميع رواياته عِدّة من أصحابنا، منهم: الشيخ أبو عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان المفيد، وأبو عبد اللّه الحسين بن عبيداللّه ، وأحمد بن عبدون، وغيرهم...» (3) .وبعد أربعة تراجم فقط، ترجم لأحمد بن محمّد بن سيّار، قائلاً: «وصنف كتباً كثيرةً، منها كتاب ثواب القرآن، كتاب الطب ، كتاب القراءة ، كتاب النوادر - إلى أن قال : - وأخبرنا بالنوادر وغيرها جماعة من أصحابنا، منهم: الثلاثة الذين ذكرناهم...» (4) ، ويعني بالثلاثة من تقدّمت أسماؤهم في ترجمة البرقي، وهم: الشيخ المفيد، وابن الغضائري،

ص: 246


1- . . الفهرست للطوسي : ص 35 - 36 الرقم 6 (6) .
2- . . المصدر السابق : ص 61 الرقم 63 (1).
3- . . المصدر السابق : ص 62 - 64 الرقم 65 (3) .
4- . . المصدر السابق : ص 66 - 67 الرقم 70 (7) .

وابن عبدون، فهناك عبّر عنهم بلفظ: (عدّة من أصاحبنا)، وهنا قال: (جماعة من أصحابنا) مما يعني هذا، أنّه لا فرق عنده بين اللفظين.وفي ترجمة أحمد بن الحسن الإسفراييني : «له كتاب المصابيح في ذكر مانزل من القرآن في أهل البيت عليهم السلام ، وهو كتاب كبير، حسن، كثير الفوائد. أخبرنا به عدَّة من أصحابنا، منهم: أبوعبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان المفيد رحمه اللّه ، والحسين بن عبيد اللّه ، وأحمد بن عبدون، وغيرهم...» (1) .وفي ترجمة جعفربن محمّد بن قولويه القمّي: «له تصانيف كثيرة على عدد أبواب الفقه - إلى أن قال: - أخبرنا برواياته وفهرست كتبه جماعة من أصحابنا، منهم : الشيخ أبو عبداللّه محمّد بن محمّد بن النعمان المفيد، والحسين بن عبيد اللّه ، وأحمد بن عبدون وغيرهم...» (2) .وفي ترجمة عمر بن محمّد بن سالم بن البراء : «وله كتب، أخبرنا بها جماعة من أصحابنا، منهم : الشيخ المفيد رحمه الله، والحسين بن عبيداللّه ، وأحمد بن عبدون، عنه» (3) .ومنه يتبيّن عدم الفرق بين (الجماعة) و(العِدّة) في مصطلح الشيخ، ولا معنى للتفريق بين مصطلحه ومصطلح ثقة الإسلام إلّا الغفلة وعدم التدبّر.

أهمّ عِدّة في الكافي

أهمّ عِدّة في الكافي:بقي أن نشير في نهاية بحث (عِدّة الكافي) إلى أهمّ تلك العِدَد في كتاب الكافي الشريف، وهي العِدّة التي يروي ثقة الإسلام الكليني بتوسّطهم عن سهل بن زياد.وأمّا فهم المحصّل لترجيح هذه العِدّة على غيرها، فليس كما قد يظنّه بعض الجهلاء مرتبطا بعدد رجالها أو كيفيّتهم، حتى ينقض علينا بالعَدَد والجلالة! وإنّما

ص: 247


1- . . الفهرست للطوسي : ص 72 - 73 الرقم 84 (22).
2- . . المصدر السابق : ص 91 - 92 الرقم 141 (1) .
3- . . المصدر السابق : ص 185 الرقم 505 (4).

الوجه في ذلك قول إمامنا الصادق عليه السلام : «اعرفوا منازل الناس على قدر رواياتهم عنّا» (1) ؛ ولهذا كان عَدَد ما روته تلك العِدّة من أحاديث أهل البيت عليهم السلام في أهمّ كتب الشيعة وأكثرها فائدة مبرّرا كافيا لتقديمها.ولا يشكّ المتتبّع بعناية ثقة الإسلام بهذه العِدّة التي فاقت مرويّاتها في الكافي مرويات غيرها من العدد الاُخرى بمئات الأحاديث، كما بيّناه مفصّلاً.ومن تأمّل في قول إمامنا الصادق عليه السلام لا يشكّ بتقديم رجال تلك العِدّة من حيث الجلالة أيضا، وإلّا فإنّ فيهم محمّد بن جعفر الأسدي نزيل الريّ الذي لا يرتاب أحد بمقامه وقربه من الناحية المقدّسة في زمانه، والصفّار الجليل المشهور، وعلّان الكليني الثقة الثبت المعروف.

ص: 248


1- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 50 ح 13 باب النوادر من كتاب فضل العلم، رجال الكشّي : ج 1 ص 3 الرقم 3 ، وسائل الشيعة : ج 27 ص 79 ح 33252 (7) باب 8 من أبواب صفات القاضي، و ج 27 ص 137 - 138 ح 33418 (3) باب11 من أبواب صفات القاضي، و ج 27 ص 150 ح 33456 (41) من الباب السابق، مستدرك الوسائل : ج 17 ص 296 ح 21390 (35) باب 8 من أبواب صفات القاضي، ونحوه في رجال الكشّي : ج 1 ص 3 الرقم 1، وسائل الشيعة : ج 27 ص 149 ح 33452 (37) باب 11 من أبواب صفات القاضي .

المبحث الثاني: رجال قد يُتَوَهّم بهم أنّهم من مشايخ الكليني

1 - ابن بابويه، الصدوق الأوّل

المبحث الثاني: رجال قد يُتَوَهّم بهم أنّهم من مشايخ الكليني:لعلّ من المناسب أن نختم فصل مشايخ ثقة الإسلام بذكر من قد يشتبه به فيعدُّ شيخا للكليني قدس سره، وقد وقفنا على ثمانية منهم، وهم:

ابن بابويه، الصدوق الأوّل:وهو أبو الحسن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه، والد الشيخ الصدوق رضي اللّه تعالى عنهما، جليل القدر، فقيه، ثقة، لا يختلف إثنان في وثاقته وجلالته، مات رحمه الله(سنة / 329 ه ) (1) .وهو ليس من مشايخ الكليني، وإن صرّح به بعض الأجلّاء.فقد صرّح في روضات الجنّات - بعد أن ذكر بعض مشايخ الصدوق الأوّل - برواية ثقة الإسلام الكليني عنه في مورد واحد فقط، فقال: «ولكن لا رواية له عن الكليني، ولا له رواية عنه إلّا في حديث واحد من أبواب أُصول الكافي» (2) .وقال السيّد البروجردي في تجريد أسانيد الكافي في المقدّمة الرابعة في بيان من

ص: 249


1- . . راجع: رجال النجاشي : ص 261 الرقم 684، ورجال الشيخ الطوسي : ص 432 الرقم 6191 (34) باب من لم يروِ عن الأئمّة عليهم السلام ، والفهرست للطوسي : ص 157 الرقم 392 (19)، وخلاصة الأقوال : القسم الأوّل ، ص 178 الرقم 531 (20)، ورجال ابن داوود : القسم الأوّل ، ص 137 الرقم 1040 ، وفهرست ابن النديم : ص 246 ، الفن الخامس من المقالة الخامسة، وسِيَر أعلام النبلاء : ج 16 ص 303 الرقم 212، وغيرها كثير.
2- . . روضات الجنّات : ج 4 ص 270 الرقم 397.

روى عنه المصنّف (أي: الكليني) ما نصّه:

«الأوّل: ابن بابويه، روى عنه في الكتاب [أي: الكافي] حديثا واحدا، والظاهر أنّ المراد به علي بن الحسين بن موسى بن بابويه أبو الحسن القمّي (ت / 329 ه ) » (1) .وقد تابعهما بعض المعاصرين فعدّ الصدوق الأوّل من مشايخ الكليني في كتاب له بعنوان: (الكليني والكافي)!والصحيح أنّه ليس من مشايخ الكليني، ولم يرو الكليني عنه أي حديث، لا في الكافي ولا في غيره، وإليك البيان:أولاً: إنّ لفظة «ابن بابويه» وردت في أصول الكافي فعلاً في كتاب الحجّة باب مولد الإمام علي بن الحسين عليهماالسلام، ولكن لا يُعلم إلى الآن هل هي من خطّ صاحب الكافي؟ أو أُلحقت - فيما بعد - لغاية من قِبل النسّاخ؟ثانيا: هل هي «ابن بابويه»؟ أم مصحّفة عن «ابن بانويه» وبانويه لقب لسلامة اُمّ الإمام زين العابدين عليه السلام كما هو صريح أحاديث الباب من الكافي .ثالثا: هل أنّ لفظة «ابن بابويه» متّصلة بمتن الحديث الثالث من أحاديث الباب؟ أو أنّها بداية لإسناد الحديث الرابع؟وللإجابة على هذه الأسئلة ذهب علماؤنا مذاهب شتّى، ولعلّ أجودها ما سنذكره ونشيّد صرحه بعد ذكر الحديثين الثالث والرابع من الباب المذكور؛ لكي يتحدّد موقع لفظة (ابن بابويه) بالضبط، وهما كما في نسخ الكافي:«3 - علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمّد بن عيسى، عن حفص بن البختري، عمّن ذكره عن أبي جعفر عليه السلام قال: لمّا مات أبي علي بن الحسين عليه السلام جاءت ناقة له من الرعي حتى ضربت بجرانها على القبر، وتمرّغت عليه، فأمرتُ بها فَرُدّت إلى مرعاها، وأنّ أبي عليه السلام كان يحجّ عليها ويعتمر ولم يقرعها قرعة قطّ.

ص: 250


1- . . ترتيب أسانيد كتاب الكافي : ج 1 ص 32.

ابن بابويه.

4 - الحسين بن محمّد بن عامر، عن أحمد بن إسحاق بن سعد، عن سعدان بن مسلم...» (1) .وقد وردت لفظة: «ابن بابويه» في الوافي في نهاية حديث علي بن إبراهيم، ثمّ قال: (بيان)، وشرح في بيانه بعض مفردات الحديث ومنها لفظ (ابن بابويه)، ثمّ أورد بعد هذا حديث الحسين بن محمّد (2) .كما وردت اللفظة المذكورة في مرآة العقول بعد جملة: «ولم يقرعها قرعة قطّ» مباشرة، وليست في بداية سطر جديد، مع الفصل بينهما بنقطة (3) .ولمّا كان وقوع مثل هذه اللفظة في نهاية حديث غير معهود في الكافي، لذا اختلفوا في توجيهها، ولعلّ أفضل ما قيل ما حاصله:إنّ هذه اللفظة وردت للتنبيه من قِبَل النُسّاخ الأوائل على أنّ الحديث الرابع إنّما هو في نسخة الشيخ الصدوق محمّد بن علي من الكافي دون سائر النسخ نظير ما وقع في بعض المواضع من الكافي: (في نسخة الصفواني) و(وفي رواية النعماني: كذا) (4) .أقول: ويؤيد هذا الوجه عشرة وجوه وهي:الأوّل: إنّ (ابن بابويه) ينصرف إلى الابن (الشيخ الصدوق) في الغالب، وقد يطلق نادرا على الأب (الصدوق الأوّل).

الثاني: ورود اللفظ في آخر الحديث الثالث، لا في سند الحديث الرابع، كما في

ص: 251


1- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 467 - 468 ح 3 و4 باب 117، من كتاب الحجّة .
2- . . الوافي : ج 3 ص 764 الرقم 1387 (4)، و ج 3 ص 765 الرقم 1388 (5) باب 116 من أبواب بدو خلق الحجج .
3- . . مرآة العقول : ج 6 ص 9 ح 3.
4- . . الوافي : ج 2 ص 764 الرقم 1387 (4) باب116 من أبواب بدو خلق الحجج، بعنوان (بيان)، مرآة العقول : ج 6 ص 9 ح 3.

المطبوع من الكافي وسائر نسخه الاُخرى التي رآها المحقّق الداماد (1) .الثالث: سند الحديث الرابع ابتدأ بشيخ الكليني الحسين بن محمّد بن عامر.الرابع: الكليني لم يرو في الكافي اُصولاً وفروعا وروضة بالواسطة عن شيخهِ الحسين بن محمّد بن عامر، علما أنّ رواياته عنه في فروع الكافي فقط بلغت أربعمائة وعشرة موارد (2) .الخامس: ليس المعهود من طريقة الكليني الرواية عن أيٍّ من مشايخه بالواسطة إلّا ما رواه عن مشايخه الثلاثة: الجوّاني، وسعد بن عبداللّه ، والصفّار.السادس: المشهور بين العلماء أنّ الكليني لم يروِ عن علي بن بابويه، ولا علي بن بابويه عنه لعدم اتّفاق اللقاء بينهما.السابع: لا يعلم أنّ أحدا - منذ زمن الكليني وإلى اليوم - قد نقل حديث الكافي بصورة: «محمّد بن يعقوب، عن ابن بابويه، عن الحسين بن محمّد بن عامر» كما هو دأب الكثيرين منهم.الثامن: لا يبعد أن تكون للصدوق نسخة من الكافي تختلف عن نسخة الصفواني والنعماني بما يرتبط بهذا الحديث، خصوصا وأنّه صرّح في أوّل الفقيه باعتماده على كتب مشهورة، عليها المعوّل، وإليها المرجع، وقد كان الكافي من جملتها كما يبدو من ذكر طريقه إلى ثقة الإسلام، وأمّا عن أُصول الكافي فقد اختصره الشيخ الصدوق بيده، وتوجد من مختصره نسخة خطّية في مكتبة أمير المؤمنين عليه السلام العامّة في النجف الأشرف بعنوان منتخب اُصول الكافي وبرقم (1635 / 6 ج1 ) كما في فهرس مخطوطاتها الخطّي الموجود في المكتبة نفسها (3) .

ص: 252


1- . . الوافي : ج 2 ص 764 الرقم 1387 من الباب السابق .
2- . . الشيخ الكليني البغدادي وكتابه الكافي - الفروع : ص 364 - 368.
3- . . قرأت ذلك في الفهرس المذكور (سنة / 1987 م ) وطلبت بوقتها من الحاج يوسف رحمه الله وكان أمينا على المكتبة أن يريني هذا الكنز الثمين ، فاعتذر لأسباب تخصّ المكتبة نفسها إزاء المخطوطات، وباعتقادي أنّها كانت أسباب أمنيّة قاهرة، إذ لم يمتنع هذا الشيخ رحمه الله من توفير كلّ ما احتجته من المكتبة حين ذاك.

التاسع: شرع الكليني رحمه الله بتصنيف الاُصول قبل الفروع والروضة من الكافي كما هو صريح ديباجة الكافي التي أشار فيها إلى ضرورة الابتداء بكتاب العلم، وهذا يعني أنّ الاُصول قد تمّ تأليفه بوقت مبكّر من عمر العشرين سنة التي أمضاها الكليني في تصنيف الكافي، فإن قدّر هناك ثمّة لقاء بينهما، فليكن في بغداد، وإن قلنا بأنّ الكافي لم يتمّ تأليفا عند أوّل لقاء بينهما في بغداد، فلا أقلّ من إتمام تأليف الاُصول منه وقتئذٍ، خصوصا وأنّه شرع في التأليف حدود (سنة / 290 ه ) لروايته فيه عن الصفّار وغيره ممّن مات في تلك السنة، أو قبلها أو بعدها بقليل، ومع هذا لم يرو عن ابن بابويه لا في الاُصول ولا في الفروع ولا في الروضة، كما لم ينقل أحد من علماء الشيعة ومحدّثيهم أية رواية عن الكليني عن الصدوق الأوّل في جميع تراثهم الحديثي المطبوع.العاشر: لو كان سند الحديث الرابع مبتدأً ب- (ابن بابويه) للزم أن يكون بعده لفظ (عن)، كما هو المشهور من طريقة الكليني في سَوْق الإسناد، والحال ليس كذلك.ويمكن أن يضاف إلى هذه الوجوه وجها آخر، وهو أنّ الشيخ الكليني إنّما يروي الحديث الواحد أو الحديثين عمّن لم تكن له شهرة في كتب الرجال، بل يروي المئات عن المشهورين كما لاحظناه في مشايخه، وهذا الوجه الأخير وإن كان لا يقاس عليه إلّا أنّ طريقة الكليني رحمه الله- ظاهرا - هي هذه، فلو قدّر اللقاء بينهما لَأكثر ثقة الإسلام من الرواية عنه على فرض تقدّم سنّه لأنّه من الأجلّاء، وإلّا فلا يخلو الأمر من أحد احتمالين:أمّا عدم اللقاء كما هو المشهور بين العلماء، وفي النفس منه شيء لأنّ الكليني حدّث عن المشايخ القمّيين مع قرب كلين من قم، وهذا يحتمل اللقاء بينهما، وإلّا فاستبعاده عنهما ببغداد مستبعد؛ لأنّ الصدوق الأوّل دخل بغداد أكثر من مرّة في زمان

ص: 253

مكوث الكليني فيها، كما بيّناه في بحث آخر مفصّلاً (1) .وأمّا أنّه كان ينظر إليه أنّه من القرناء، ومن يطلب السند العالي - كثقة الإسلام - لا يروي عن القرين، ويؤيّد هذا الاحتمال أنّ أغلب مشايخ الصدوق الأوّل هم من مشايخ الكليني أيضا.

2 - أحمد بن محمّد بن عبداللّه

أحمد بن محمّد بن عبداللّه :جاء في الكافي ما هذا لفظه: «أحمد بن محمّد بن عبداللّه وغيره، عن أحمد بن أبي عبداللّه ، عن أبيه، عن عبداللّه بن القاسم، عن رجل من أهل ساباط، قال: قال أبو عبداللّه عليه السلام لعمّار الساباطي: يا عمّار أنت ربُّ مال كثير... الحديث» (2) .وبناء على ذلك فقد يُعدّ أحمد بن محمّد بن عبد اللّه من مشايخ الكليني، وهو ليس بصحيح والصواب أحمد بن عبداللّه بن أحمد بن أبي عبداللّه (حفيد البرقي)، ويدلّ على ذلك جملة من الاُمور وهي:1 - في بعض النسخ الخطية المعتمدة في تحقيق الكافي في دار الحديث (أحمد بن عبداللّه ) بدلاً من أحمد بن محمّد بن عبداللّه .2 - عطف كلمة (وغيره) على (أحمد بن محمّد بن عبداللّه ) فيه إشارة واضحة إلى رجال العِدّة الراوية عن البرقي (أحمد بن أبي عبداللّه ) التي وقعت في إسناد الحديث السابق لهذا المورد مباشرة (3) ، ومن ضمن رجال تلك العدّة علي بن محمّد بن بندار ومحمّد بن يحيى وغيرهم كما سيأتي في بحث عِدّة الكافي.

3 - إنّ (أحمد بن عبداللّه ) هو من رجال عِدّة الكافي عن البرقي، ولا يعرف في رجال

ص: 254


1- . . راجع : الصدوق الأوّل / السيّد ثامر العميدي (المؤلّف)، بحث منشور في مجلّة فقه أهل البيت عليهم السلام العددان 2 و3، تصدرها مؤسّسة دائرة المعارف الإسلامية، قم / 1416 ه.
2- . . فروع الكافي : ج 3 ص 501 ح 15 باب فرض الزكاة وما يجب من المال من الحقوق، من كتاب الزكاة .
3- . . المصدر السابق : ج 3 ص 501 ح 14 من الباب السابق.

تلك العدّة رجل باسم (أحمد بن محمّد بن عبداللّه ).ولا يمكن أن يراد به (في هذا المورد) أحمد بن محمّد بن عبداللّه بن مروان الأنباري (1) لتقدّم طبقة الأنباري على طبقة مشايخ الكليني كثيرا.4 - إنّ الكليني نفسه أعاد رواية الحديث في مكان آخر من الكافي بهذه الصورة:«علي بن محمّد بن بندار، وغيره، عن أحمد بن أبي عبداللّه ، عن أبيه، عن عبداللّه بن القاسم، عن رجل من أهل ساباط، قال: قال أبو عبداللّه عليه السلام لعمار: يا عمار أنت ربَّ مال كثير... الحديث» (2) .وكلمة (وغيره) في هذا المورد تشير إلى رجال العدّة عن البرقي وفيهم أحمد بن عبد اللّه حفيد البرقي.5 - إنّ العِدد المشهورة في الكافي أشهرها ثلاثة، وهي العدّة التي تروي عن سهل بن زياد، والعدة عن البرقي، والعدّة عن الأشعري، ولم تكن روايات الكليني عن العدّة بلفظ (عدّة من أصحابنا) دائما وإن كان ذلك هو الأعمّ الأغلب في جميع أجزاء الكافي، بل قد يروي عن العدّة أيضا بلفظ آخر وذلك بتسمية أحد رجالها مع عطف كلمة (وغيره) عليه، إشارة إلى الباقين كلّهم أو بعضهم. وذلك في موارد كثيرة نكتفي بالإشارة إلى بعضها:ففي الإشارة إلى العدّة عن سهل بن زياد نرى في الكافي:1 - علي بن محمّد وغيره، عن سهل بن زياد (3) .2 - محمّد بن أبي عبداللّه وغيره، عن سهل بن زياد (4) .

ص: 255


1- . . معجم رجال الحديث : ج 2 ص 287 الرقم 876 .
2- . . فروع الكافي : ج 4 ص 27 ح 7 باب فضل المعروف من كتاب الزكاة.
3- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 31 ح 4 باب1 كتاب فضل العلم، وج 1ص 258 ح 1 باب46، و ج 1 ص 383 ح 4، باب91، وج 1 ص 430 ح 85 باب108، وج 1 ص 442 ح 11 باب111 و ج 1 ص 461 ح 9 باب114، كلّها من كتاب الحجّة، وج 3 ص 22 ح 9 باب14 من كتاب الطهارة وغيرها .
4- . . المصدر السابق : ج 1 ص 159 ح 12 باب30 من كتاب التوحيد.

3 - محمّد بن الحسن وغيره، عن سهل بن زياد (1) .وهؤلاء الثلاثة كلّهم من رجال عِدّة الكليني عن سهل كما سبق في بحث عِدّة الكافي.

وفي الإشارة إلى العدّة عن البرقي نرى:

1 - علي بن الحسين المؤدّب وغيره، عن أحمد بن محمّد بن خالد (2) .

2 - علي بن محمّد بن بندار وغيره، عن أحمد بن أبي عبداللّه البرقي (3) وهذان الرجلان من رجال عِدّة الكافي عن البرقي كما تقدّم في محلّه.

وفي الإشارة إلى العدّة، عن الأشعري نجد:

1 - أحمد بن إدريس وغيره، عن أحمد بن محمّد (4) والمراد به الأشعري؛ لكون ابن إدريس من رجال العدّة الراوية عنه لا من رجال العِدّة عن البرقي كما مرّ.

2 - محمّد بن يحيى وغيره، عن أحمد بن محمّد بن عيسى (5) .هذا.. وقد ورد مثل هذا التعبير عن أحمد بن محمّد مطلقا وهو مردّد بين البرقي والأشعري كقوله: «محمّد بن يحيى وغيره، عن أحمد بن محمّد» (6) ومحمّد بن يحيى من رجال عِدّة البرقي وكذلك من رجال عِدّة الأشعري أيضا.

ص: 256


1- . . فروع الكافي : ج 3 ص 26 ح 6 باب17، و ج 3 ص 28 ح 5 باب 18، و ج 3 ص 72 ح 11 باب 46، كلّها من كتاب الطهارة .
2- . . روضة الكافي : ج 8 ص 170 ح 193.
3- . . فروع الكافي : ج 5 ص 329 ح 6 باب 9 كراهة الغربة من كتاب النكاح، و ج 6 ص 304 ح 11 باب 50، و ج 6 ص 306 ح 7 باب 53، و ج 6 ص 308 ح 5 باب 55 ، و ج 6 ص 309 ح 3 باب 56، و ج 6 ص 336 ح 7 باب 84 كلّها من كتاب الأطعمة.
4- . . المصدر السابق : ج 3 ص 296 ح 3 باب 13 و ج 3 ص 331 ح 6 باب 27 كلاهما من كتاب الصلاة .
5- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 98 ح 8 باب 9، و ج 1 ص 162 - 163 ح 1 و 2 باب 32 ، كلّها من كتاب التوحيد، و ج 3 ص 339 ح 1 باب 31 من كتاب الصلاة.
6- . . فروع الكافي : ج 4 ص 194 ح 5 باب 4، و ج 4 ص 471 ح 6 باب 168 كلاهما من كتاب الحج، و ج 5 ص 158 ح 2 باب 59 من كتاب المعيشة .

وكلّ هذا يدلّ على أنّ عطف كلمة (وغيره) على صاحب العنوان يشير إلى العدّة الراوية عن البرقي وليس فيها هذا العنوان المحرّف، والصواب ما ذكرناه.

3 - أحمد بن محمّد بن علي

وقع في الكافي في باب من أفطر صائما بهذه الصورة: «أحمد بن محمّد بن علي، عن علي بن أسباط، عن سيابة، عن ضريس، عن حمزة بن حمران، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليهماالسلام إذا كان اليوم الذي يصوم فيه... الحديث» (1) .وبناء على هذا المورد فقد يظنّ بأنّ أحمد بن محمّد بن علي من مشايخ الكليني، والحال ليس كذلك؛ إذ الصواب أحمد، عن محمّد بن علي، فقلبت (عن) إلى (بن) ومثل هذا كثير في كتب الحديث، ويدلّ على ما قلناه:1 - إنّ المورد المذكور معلّق على سابقه المبدوء ب- «عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبداللّه ، عن أبيه، عن سعدان بن مسلم... إلخ» (2) .فيكون هذا المورد عِدّة من أصحابنا، عن أحمد وهو البرقي، عن محمّد بن علي وهو أبو سمينة، عن علي بن أسباط.2 - لا يروي الكليني عن علي بن أسباط في الكافي بواسطة واحدة، بل يروي الكليني عنه بأكثر من واسطة كالعدّة، عن البرقي، عن محمّد بن علي (وهو أبو سمينة)، عنه، كما في هذا المورد، وغيره أيضا (3) .3 - ورد السند المذكور في بعض النسخ الخطية المعتمدة في تحقيق الكافي في دار الحديث بهذه الصورة «أحمد، عن محمّد بن علي... إلخ» وهو الصحيح.

ص: 257


1- . . فروع الكافي : ج 4 ص 68 ح 3 باب 3 من كتاب الصيام .
2- . . المصدر السابق : ج 4 ص 68 ح 2 من الباب السابق.
3- . . لاحظ على سبيل المثال : اُصول الكافي : ج 2 ص 62 ح 11 باب 31، و ج 2 ص 94 ح 4 باب 48 كلاهما من كتاب الإيمان والكفر، و ج 6 ص 287 ح 1 باب 42 من كتاب الدعاء.

4 - أحمد بن محمّد بن عيسى

أحمد بن محمّد بن عيسى:أبو جعفر الأشعري القمّي، من مشاهير الفقهاء والمحدّثين الأجلّاء، اتّفق الكلّ على جلالته ووثاقته.قال النجاشي: «أحمد بن محمّد بن عيسى بن عبد اللّه بن سعد بن مالك بن الأحوص بن السائب بن مالك بن عامر الأشعري، من بني ذخران بن عون بن الجماهر ابن الأشعر، يكنّى : أبا جعفر، وأول من سكن قم من آبائه: سعد بن مالك بن الأحوص....وأبو جعفر - رحمه اللّه - شيخ القميّين، ووجههم، وفقيههم غير مدافع، وكان أيضاً الرئيس الذي يلقى السلطان، ولقى الرضا عليه السلام .وله كتب، ولقي أبا جعفر الثاني، وأبا الحسن العسكري عليهماالسلام...» (1) .وعدّه الشيخ في أصحاب الإمام الرضا عليه السلام قائلاً: «ثقة له كتب» (2) ، وذكره في أصحاب الإمام الجواد عليه السلام ، مصرّحاً بأنّه : «من أصحاب الرضا عليه السلام » (3) ، كما ذكره في أصحاب الإمام الهادي عليه السلام ، مع وصفه بالقمّي (4) .وقال في الفهرست: «وأبو جعفر، شيخ قم، ووجهها، وفقيهها غير مدافع، وكان أيضاً الرئيس الذي يلقى السلطان بها، ولقي أبا الحسن الرضا عليه السلام . وصنّف كتبا... أخبرنا بجميع كتبه ورواياته عِدّة من أصحابنا، منهم: الحسين بن عبيد اللّه ، وابن أبي جيد، عن أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار، عن أبيه وسعد بن عبد اللّه ؛ عنه...» (5) .وذكره البرقي في أصحاب الإمام الهادي عليه السلام (6) .

ص: 258


1- . . رجال النجاشي : ص 81 - 82 الرقم 198.
2- . . رجال الشيخ الطوسي: ص 351 الرقم 5197 (3).
3- . . المصدر السابق: ص 373 الرقم 5519 (6).
4- . . المصدر السابق : ص 383 الرقم 5632 (3).
5- . . الفهرست للطوسي : ص 68 الرقم 75 (13).
6- . . رجال البرقي : ص 139 الرقم 1617 (47).

ووثّقه العلّامة في الخلاصة (1) ، وابن داوود (2) .والمهم هنا الإجابة على سؤال: هل الأشعري من مشايخ الكليني؟ وهل روى عنه بلا واسطة أوْ لا؟ فنقول:روى الكليني عن الأشعري ما يقرب من ألف حديث في الكافي وأكثرها: عن محمّد ابن يحيى، عنه، ثمّ عن عِدّة من أصحابنا، عنه، كما روى عنه بوسائط اُخرى في موارد قليلة، وتلك الوسائط هي: محمّد بن علي، وأحمد بن إدريس أبو علي الأشعري، وسعد بن عبد اللّه في حديث واحد، وجماعة من أصحابنا، أو جماعة، ولا فرق بين العِدّة والجماعة سوى التفنّن باللفظ كما تقدّم مفصّلاً في شرح حال عِدَّة الكافي.وربّما قد يبدأ إسناد الكافي أحيانا بأحمد بن محمّد بن عيسى من باب تعليق الإسناد على سابقه، وهذا لا يدلّ على الرواية المباشرة عنه. إلّا أنّه وقع الأشعري في ابتداء السند في موردين من الكافي، وقد يحتمل معهما كون الأشعري من مشايخ الكليني؛ إذ لم يجر تعليقهما على نسق الأسانيد المعلّقة في الكافي. والموردان المذكوران هما:الأوّل: «أحمد بن محمّد بن عيسى، عن البرقي، عن جعفر بن بشير، عن موسى بن بكر الواسطي، قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يستقرض ويحج...» (3) .وقد سبق هذا الحديث مباشرة ما رواه الكليني عن: «علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن وهب، عن غير واحد، قال: قلت لأبي عبداللّه عليه السلام .. الحديث» (4) .ولكن ورد قبل حديث علي بن إبراهيم: «أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أبي همام،

ص: 259


1- . . خلاصة الأقوال : القسم الأوّل ، ص 61 الرقم 67 (2).
2- . . رجال ابن داوود: القسم الأوّل ، ص 42 الرقم 131.
3- . . فروع الكافي : ج 4 ص 279 ح 6 باب الرجل يستدين ويحجّ من كتاب الحج.
4- . . المصدر السابق : ج 4 ص 279 ح 5 من الباب السابق.

قال: قلت للرضا عليه السلام : الرجل يكون عليه الدَّين...» (1) ، وهو معلّق على سابقه المبتدء ب- «عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى» (2) .وبهذا يتبّين أنّ المورد المذكور معلّق على هذا الإسناد، ولا يضرّ بالتعليق وجود الفاصل بين المعلَّق والمعلَّق عليه؛ لعدم اشتراط المجاورة بينهما في تعريف السند المعلّق، ولهذا نجد الشيخ الحرّ قد نقل المورد المذكور عن العدّة ، عن الأشعري (3) .الثاني: «أحمد بن محمّد بن عيسى، عمّن حدّثه، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال: قلت له: الرجل يخرج ثمّ يقدم علينا وقد أفاد المال الكثير فلا ندري اكتسبه من حلال أو حرام...» (4) .والأحاديث السابقة عليه وفي بابه (باب النوادر من كتاب المعيشة)، كالآتي:الحديث الثالث والثلاثون: «أحمد بن محمّد، عن محمّد بن علي».الحديث الثاني والثلاثون: «أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى».الحديث الحادي والثلاثون: «أحمد بن محمّد، عن محمّد بن عيسى».الحديث الثلاثون: «علي بن محمّد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبداللّه » (5) ، ومنه يعلم أنّ الأحاديث الثلاثة قبله المبتدئة بأحمد بن محمّد (وهو البرقي)، هي معلّقة السند المبدوء بابن بندار. وهكذا في الأحاديث التي سبقتها لم يقع الأشعري في إسنادها إلى أن نصل إلى الحديث السادس والعشرين من الباب المذكور لنجده «عدّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد» (6) . وهو مردّد بين الأشعري والبرقي ، الأمر الذي يجعل التعليق

ص: 260


1- . . فروع الكافي : ج 4 ص 279 ح 4 من الباب السابق.
2- . . المصدر السابق : ج 4 ص 279 ح 3 من الباب السابق.
3- . . وسائل الشيعة : ج 11 ص 141 ح 14473 باب 50 استحباب التطوّع بالحجّ ولو بالاستدانة، من أبواب وجوب الحجّ وشرائطه.
4- . . فروع الكافي : ج 5 ص 311 ح 34 باب النوادر من كتاب المعيشة.
5- . . المصدر السابق : ج 5 ص 311 ح 33 و 32 و 31 و 30 بحسب الترتيب، من الباب السابق.
6- . . المصدر السابق : ج 5 ص 310 ح 26 من الباب السابق.

عليه - على تقدير أنّه الأشعري - ممكنا، وإلّا فيمكن القول بتعليقه على السند البعيد وإن وجد في باب سابق، وهذا المورد أورده الشيخ الحرّ العاملي في الوسائل عن العدّة ، عن الأشعري (1) .وإذا اتّضح هذا، فاعلم بأنّ أحمد بن محمّد بن خالد البرقي هو الآخر قد يُشتَبه به بأنّه من مشايخ الكليني، والحال فيه كالحال في الأشعري، ولا حاجة إلى إثقال البحث بتفصيل موارده التي ابتدأ بها الكافي وظاهرها عدم التعليق، وسيأتي ما يفيد المقام في سهل بن زياد.

5 - أحمد بن يوسف الشاشي

قال الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة : «وروى محمّد بن يعقوب الكليني، عن أحمد بن يوسف الشاشي، قال: قال لي محمّد بن الحسن الكاتب المروزي: وجّهت إلى حاجز الوشاء مائتي دينار... الخبر» (2) .وهو بخصوص أمر الناحية المقدّسة بمراجعة أبي الحسين الأسدي ساكن الريّ بعد حاجز الوشاء رضي اللّه عنهما.وربّما قد يُعدّ الشاشي شيخا للكليني نتيجة لما قاله الشيخ، والأمر ليس كذلك، إذ وقع محمّد بن يوسف الشاشي في الكافي بمورد واحد روى فيه الكليني معجزة للإمام المهدي عليه السلام وأسندها للشاشي المذكور بواسطتين قائلاً: «علي - أي: ابن محمّد - عن النضر بن صباح البجلي، عن محمّد بن يوسف الشاشي... إلى آخره» (3) .على أنّ خبر الغيبة قد اختصر اختصارا مُخِلّاً مع تحريف الشاشي من (محمّد) إلى

ص: 261


1- . . وسائل الشيعة : ج 17 ص 461 ح 22998 باب 51 استحباب اجتناب معاملة من ينفق ماله في معصية اللّه عز وجل، من أبواب آداب التجارة.
2- . . كتاب الغيبة للطوسي : ص 415 ح 392.
3- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 519 ح 11 باب مولد الصاحب عليه السلام من كتاب الحجّة.

(أحمد) في حين أورد القطب الراوندي الخبر - المذكور في كتاب الغيبة للشيخ الطوسي - تامّا وبلا تشويش، عن محمّد بن يوسف الشاشي رأسا (1) .

6 - الحسين بن محمّد بن يحيى

جاء في خصائص الأئمّة عليهم السلام للسيّد الشريف الرضي: «حدّثني هارون بن موسى، قال: حدّثني محمّد بن يعقوب، عن الحسين بن محمّد بن يحيى، عن الوليد بن أبان، عن محمّد بن عبداللّه بن مسكان، عن أبيه، قال: قال أبو عبداللّه عليه السلام : إنّ فاطمة بنت أسد جاءت إلى أبي طالب عليه السلام تبشّره بمولد النبي صلى الله عليه و آله ... إلى آخره» (2) .وبناءً على هذا ، فقد يُشْتَبَه بالحسين بن محمّد بن يحيى بأنّه من مشايخ الكليني.والصحيح أنّه ليس من مشايخه، فقد روى الكليني هذا الحديث نفسه بهذا الإسناد: «الحسين بن محمّد، عن محمّد بن يحيى الفارسي، عن أبي حنيفة محمّد بن يحيى، عن الوليد ابن أبان... إلى آخره» (3) .

7 - سهل بن زياد ، أبو سعيد الآدمي الرازي

روى الكليني عن سهل بن زياد أكثر من ألف حديث بواسطة علي بن محمّد، أو محمّد بن الحسن، أو كلاهما، عنه، وكذلك بواسطة عِدّة من أصحابنا، عنه.وقد وقع سهل بن زياد في ابتداء أسانيد الكافي في عِدّة موارد ؛ بلغت زهاء تسعة وعشرين موردا، وربّما يحكم من خلالها بأنّ سهلاً من مشايخ الكليني، وأنّ تلك الموارد مسموعة منه بلا واسطة كما حصل هذا عند بعضهم (4) ، وهو ما كنّا نحتمله سابقاً،

ص: 262


1- . . الخرائج والجرائح : ج 2 ص 695 ح 10.
2- . . خصائص الأئمّة عليهم السلام : ص 64 .
3- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 452 ح 1 باب 113 من كتاب الحجّة.
4- . . راجع: مقدّمة اُصول الكافي / الدكتور حسين علي محفوظ : ج 1 ص 16، وشرح اُصول الكافي / الشيخ المظفّر : ج 1 ص 23، وحاشية رجال السيّد بحر العلوم / العلّامة المحقّق المرحوم السيّد محمّد صادق بحر العلوم، والسيّد حسين بحر العلوم : ج 3 ص 23 هامش رقم 3.

والحال ليس كذلك. وسوف نبيّن تلك الموارد كلّها، وهي:1 - «سهل بن زياد، عن غير واحد من أصحابنا، قال:» ج3، ص 135، ح16، باب13، كتاب الجنائز، والأحاديث السابقة عليه (15 و14 و13 و12) لم يذكر سهل في أسانيدها.نعم، ذُكِرَ في إسناد الحديث الحادي عشر من الباب المذكور برواية العدّة عنه.2 - «سهل بن زياد، عن ابن محبوب» ج3، ص 154، ح3، باب 25، كتاب الجنائز، ولم يقع سهل في أسانيد أحاديث الباب كلّها إلّا في هذا المورد.3 - «سهل بن زياد، عن إسماعيل بن مهران» ج3، ص 155، ح2، باب 26، كتاب الجنائز، ولم يقع سهل في أسانيد أحاديث الباب كلّها إلّا في هذا المورد.4 - «سهل بن زياد، قال: روى أصحابنا أنّ حدّ القبر إلى الترقوة..» ج3، ص 165، ح1، باب 36، كتاب الجنائز، وبعده مباشرة:5 - «سهل، عن بعض أصحابه..» ج3، ص 166، ح2، باب 36، كتاب الجنائز، ولم يقع سهل في أسانيد أحاديث الباب كلّها إلّا في هذا المورد وسابقه.6 - «سهل بن زياد، عن علي بن أسباط» ج4، ص 12 ح 7، باب 7، كتاب الزكاة، ووقع سهل قبله في سند الحديث الخامس من الباب المذكور، برواية العدّة عنه.7 - «سهل بن زياد، عن علي بن الحكم» ج4، ص 13، ح3، باب 8 ، كتاب الزكاة، ولم يقع سهل في أسانيد أحاديث الباب كلّها إلّا في هذا المورد.8 - «سهل بن زياد، عن علي بن الحكم» ج4، ص 82 ، ح 7، باب 9، كتاب الصيام، وليس لسهل أي ذكر في أسانيد أحاديث الباب كلّها سوى هذا المورد.

9 - «سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد» ج4، ص 170، ح5، باب 74، كتاب الصيام،

ص: 263

ولم يقع سهل في أسانيد أحاديث الباب كلّها سوى هذا المورد.10 - «سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب» ج4، ص 387، ح9، باب 109، كتاب الحج، ووقع سهل في إسناد الحديث السابع ابتداءً من الباب المذكور، وهو معلّق على سابقه، أي: سند الحديث السادس.11 - «سهل بن زياد، عن الهيثم بن أبي مسروق» ج5، ص 79، ح11، باب 5، كتاب المعيشة، ووقع سهل في الحديث السادس من الباب المذكور برواية العدّة عنه.12 - «سهل بن زياد، عن ابن محبوب» ج5، ص 135، ح5، باب 47 كتاب المعيشة.ووقع سهل في إسناد الحديث الثالث من الباب المذكور، وهو معلّق على الثاني برواية العدّة عنه.13 - «سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد» ج5، ص 163، ح4، باب 63، كتاب المعيشة، وابتدأ السند في الحديث الثاني من الباب المذكور بعدّة من أصحابنا، عن سهل ابن زياد.14 - «سهل بن زياد، عن معاوية بن حكيم» ج5، ص 187، ح12، باب 79 كتاب المعيشة. ولم يقع سهل في أسانيد أحاديث الباب كلّها إلّا في هذا الحديث الأخير منها، كما لم يقع في أسانيد أحاديث الأبواب السابقة عليه ابتداءً من باب 74 ، وإنّما كان وقوعه قبل ذلك في ج5، ص 177، ح11، باب 73، والفصل بين الموردين بأربعين حديثا في عِدّة أبواب.15 - «سهل بن زياد، عن علي بن أسباط» ج5، ص 493، ح5، باب 136، كتاب النكاح، ولم يقع سهل في ما سبق من أسانيد أحاديث الباب كلّها سوى هذا المورد، كما لم يقع في أسانيد أحاديث الأبواب السابقة عليه ابتداء من باب 124، وإنّما كان وقوعه قبل ذلك في ج5، ص 481 ح1، باب 123، كتاب النكاح برواية العِدّة، عنه، وقد فصل بين الموردين إثنان وأربعون حديثا في عِدّة أبواب.16 - «ورواه سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمون، عن الأصمّ، عن

ص: 264

مسمع بن عبدالملك، عن أبي عبداللّه عليه السلام مثله» ج6، ص 321، ذيل ح3، باب 70 كتاب الأطعمة، ولا يوجد في هذا الباب ولا الذي قبله ذكر لسهل فيهما غير هذا المورد.17 - «سهل بن زياد، عن علي بن حسّان» ج6، ص 323، ح7، باب 74 ، كتاب الأطعمة، والفصل بين هذا المورد والذي وقع فيه سهل قبله ستّة عشر حديثا في أربعة أبواب.18 - «سهل بن زياد، عن علي بن حسّان» ج6، ص 424، ح9، باب 74، كتاب الأطعمة، ويفصله عن مورد سهل السابق عليه حديث واحد، وسابقه غير معلّق بحسب الظاهر؛ لأنّه المورد المتقدّم برقم 17.19 - «ورواه سهل بن زياد، عن أحمد بن الأشعث، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر أيضا مثله» ج6، ص 358، ذيل حديث رقم 1 باب 14، كتاب الأطعمة، وليس في الباب حديث لسهل غيره، كما لم يقع سهل في أسانيد أحاديث الباب السابق عليه.20 - «سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى أو غيره» وبعده مباشرة.21 - «سهل، عن إبراهيم بن محمّد المديني» وبعده مباشرة.22 - «عنه، عن ياسر الخادم» وبعده مباشرة.23 - «عنه، عن علي بن معبد» وبعده مباشرة.24 - «عنه، عن أحمد بن يوسف بن عقيل» ج6، ص 434 ح17 و18 و19 و20 و21 باب 25 ، كتاب الأشربة. وقد وقع سهل في سند الحديث التاسع من الباب المذكور وهو معلّق على سابقه، فتكون هذه الموارد معلّقة عليه أيضاً.25 - «سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى» ج6 ص 470 ح17، باب 21 ، كتاب الزيّ والتجمّل، ووقع سهل في الحديث الثاني عشر من الباب المذكور، والسند معلّق على سابقه.26 - «سهل بن زياد، عن بعض أصحابه» وبعده مباشرة.27 - «سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى» ج6، ص 474 ح7 و8 باب 26 كتاب الزيّ

ص: 265

والتجمّل، والفاصل بينهما وبين المورد الذي وقع فيه سهل قبلهما تسعة أحاديث في ثلاث أبواب.وهو ما رواه عن العدّة عنه ج6، ص 472 ح1، باب 24، كتاب الزيّ والتجمّل.28 - «سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عن مولى لبني هاشم، عن محمّد بن جعفر، مثله» ج6، ص 516، ذيل ح3، باب 53 كتاب الزيّ والتجمّل، والفاصل بينه وبين المورد السابق عليه، وهو عن سهل بن زياد برواية العِدّة عنه، عشرة أحاديث في بابين.29 - «سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمون» ج6، ص 539، ح12، باب2، كتاب الدواجن. وتقدّمت عليه العِدّة عن سهل بحديثين من الباب المذكور.هذا هو كلّ ما وقفت عليه في جميع أجزاء الكافي من أحاديث الكليني قدس سرهالمبدوءة الإسناد بسهل بن زياد.وقد تبيّن من خلال تلك الموارد ظهور التعليق في بعضها، كما هو الحال في الموارد المرقّمة (6 و 10 و11 و12 و13 و24 و25 و29) للفاصل القريب بينها وبين الأسانيد المعلّقة عليها، وأمّا ما عدا ذلك من الموارد الاُخرى المتقدّمة، فهي إمّا أن يكون الفاصل بينها وبين الموارد التي يمكن التعليق عليها قليلاً ولو في بابين، فيمكن القول - حينئذٍ - بتعليقها، كما هو الحال في الموارد المتقدّمة (1 و2 و3 و4 و5) وغيرها.وإمّا أن تكون الموارد المذكورة قد خلت أبوابها وما قبلها أيضا ممّا يمكن أن يعلّق عليه، فالظاهر صعوبة القول بتعليق معظمها، ومع هذا هناك بعض الاحتمالات التي ينبغي الالتفات إليها، وأهمّها:

1 - سقوط الواسطة في بعضها من قلم النسّاخ.

2 - اعتماد الكليني على وضوح روايته، عن سهل بالتوسّط، فحذف الواسطة اعتمادا على هذا الوضوح.

3 - أَخِذْ تلك الموارد من كتاب لسهل بن زياد (ولعله كتاب النوادر) وطريق الكليني إلى هذا الكتاب معلوم في الجملة من وسائطه إلى سهل في الكافي نفسه.

ص: 266

4 - تعليق تلك الموارد على الأسانيد البعيدة، وإن كانت في أبواب اُخرى من الكافي.هذا، وأمّا عن حال سهل نفسه فمختلف فيه.قال النجاشي: «.. كان ضعيفا في الحديث غير معتمد فيه» (1) وضعَّفه الشيخ تارة (2) ، ووثّقه اُخرى (3) .وقد استوفى المتأخّرون البحث بشأنه وعدّوا حديثه صحيحا أو مقبولاً (4) ، وقد كشف العلّامة النوري في خاتمة المستدرك عن وجوه عديدة وقرائن كثيرة تدلّ كلّها على حسن حاله، بل وثاقته (5) .

8 - علي بن إبراهيم الحلواني

قال الشيخ الحرّ العاملي في الوسائل : «وفي عيون الأخبار: عن محمّد بن موسى المتوكّل، ومحمّد بن محمّد بن عصام الكليني، والحسن بن أحمد المؤدّب، وعلي بن عبداللّه الورّاق، وعلي بن أحمد الدقاق؛ كلّهم عن محمّد بن يعقوب الكليني، عن علي بن إبراهيم العلوي الحلواني، عن موسى بن محمّد الحجازي، عن رجل، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام ، أنّ المأمون قال له: هل رويت من الشعر شيئا... إلى آخره» (6) .

ص: 267


1- . . رجال النجاشي: ص 185 الرقم 490.
2- . . الفهرست للطوسي : ص 142 الرقم 339 (4) .
3- . . رجال الشيخ الطوسي : ص 387 الرقم 5699 (4)، في أصحاب الإمام الهادي عليه السلام قائلاً: «ثقة، رازي».
4- . . راجع : خاتمة مستدرك الوسائل : ج 30 ص 389 من الفائدة الثانية عشرة، ورجال السيّد بحر العلوم المعروف ب- (الفوائد الرجالية) : ج 3 ص 21، و منتهى المقال : ج 3 ص 425 الرقم 1406، وتنقيح المقال : ج 2 ص 75 الرقم 5396، ونتائج التنقيح : ج 1 ص 71 الرقم 5396، ومشايخ الثقات - الحلقة الثانية / الميرزا غلام رضا عرفانيان اليزدي: ص 1 - 28، وفيه دراسة وافية في إثبات وثاقة سهل بن زياد رحمه الله .
5- . . راجع : خاتمة مستدرك الوسائل : ج 5 ص 213 - 248 في شرح طريق الشيخ الصدوق إلى مروان بن مسلم، برمز (شه) المساوي للرقم [305]، من الفائدة الخامسة.
6- . . وسائل الشيعة : ج 17 ص 184 ح 32307 (2) باب 43 من أبواب ما يكتسب به.

وهذا الحديث أورده الصدوق بالإسناد المذكور وفيه (الجُوّاني) (1) . وهو الصحيح، وقد مرّ الجُوّاني في مشايخ الكليني.

9 - علي بن قيس

جاء في كتاب الغيبة للشيخ الطوسي: «وأخبرني جماعة، عن جعفر بن محمّد بن قولويه وغيره، عن محمّد بن يعقوب الكليني، عن علي بن قيس، عن بعض جلاوزة السواد، قال: شهدت نسيما آنفا بسرّ من رأى... إلى آخره» (2) . وظاهر هذا الإسناد أنّ الكليني يروي عن علي بن قيس بلا واسطة، في حين روى الكليني هذا الخبر نفسه عن علي بن محمّد، عن علي بن قيس (3) .

10 - علي بن محمّد السمري

جاء في دلائل الإمامة للطبري: «وحدّثني أبو المفضّل، قال: حدّثني محمّد بنيعقوب، قال: كتب علي بن محمّد السمري يسأل الصاحب عليه السلام كفناً يتبيّن مايكون من عنده، فورد: أنّك تحتاج إليه سنة إحدى وثمانين، فمات في الوقت الذيحدّه، وبعث إليه بالكفن قبل أن يموت بشهر» (4) . ومثل هذا في فرج المهموم للسيدابن طاووس (5) . والثابت هو أنّ علي بن محمّد السمري آخر السفراء الأربعة رضي اللّه عنهم، مات رحمه اللّه (سنة / 329 ه )، والمراد: هو الصيمري علي بن محمّد بن زياد، من أصحاب الإمامين الهادي والعسكري عليهماالسلام (6) ، ومن تلامذة علي بن

ص: 268


1- . . عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج 2 ص 187 ح 1 باب 43، وعنه في وسائل الشيعة : ج 7 ص 404 ح 9696 (6) باب 51 من أبواب صلاة الجمعة، موافقا لما في العيون.
2- . . كتاب الغيبة للطوسي : ص 267 ح 229، في الأخبار المتضمّنة لمن رأى صاحب الزمان عليه السلام .
3- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 331 ح 11 باب تسمية من رآه عليه السلام من كتاب الحجّة.
4- . . دلائل الإمامة: ص 524 الرقم 494 (98).
5- . . فرج المهموم : ص 247.
6- . . روى عن الإمام الهادي عليه السلام في وسائل الشيعة : ج 5 ص 95 ح 6023 (4) باب 56 من أبواب أحكام رالملابس، وله مكاتبة مع الإمام العسكري عليه السلام ذكرها في دلائل الإمامة: ص 428 الرقم 394 (11).

مهزيار (1) . والخبر المذكور أورده الصدوق والشيخ المفيد وغيرهما عن علي بن محمّد الصيمري (2) ، وهو ليس من مشايخ الكليني، وما جاء في الدلائل وفرج المهموم رواه الكليني في الكافي عن علي بن محمّد، عن أبي عقيل عيسى بن نصر، قال: كتب علي بن زياد الصيمري يسأل كفنا... إلى آخره (3) .

11 - محمّد بن علي بن إبراهيم بن محمّد الهَمَدَاني

عدّه الشيخ الطهراني من مشايخ ثقة الإسلام الكليني (4) ولم أجد ما يدلّ عليه، على أنّه روى عنه بعنوان (محمّد بن علي بن إبراهيم) بتوسّط علي بن محمّد (5) . ولا تمنع الرواية عن شخص بالواسطة غالبا من الرواية عنه ولو نادرا، ولكن بُعد الطبقة بين الكليني والهَمَدَاني المذكور، تمنع من الرواية عنه بلا واسطة. والدليل عليه أنّ طريق الشيخ إليه يمرّ بأبي المفضّل (تلميذ الكليني)، عن ابن بطّة، عن أبي عبداللّه محمّد بن عبداللّه بندار الجنابي الملقّب بماجيلويه. والثابت أنّ الكليني لم يروِ عن ابن بندار هذا بلا واسطة، وإنّما روى عن ابنه علي بن محمّد صهر البرقي على ابنته، فكيف يروي إذن عن شيخ ابن بندار بلا واسطة؟ وزيادة على ذلك ، فإنّ ابن الوليد استثنى من روايات محمّد بن أحمد بن يحيى ما يرويه في نوادر الحكمة عن محمّد بن علي الهَمَدَاني (6) .والكليني لم يروِ عن صاحب نوادر الحكمة إلّا بالواسطة، فكيف يروي إذن عن شيخه بلا واسطة. ومن جهة اُخرى فإنّ الهَمَدَاني المذكور هو من مشايخ سهل بن زياد

ص: 269


1- . . كما في روايته عنه في الإمامة والتبصرة للصدوق الأوّل : ص 93 ح 83 باب 22.
2- . . إكمال الدين : ج 2 ص 501 ح 26، الإرشاد : ج 2 ص 366، عيون المعجزات : ص 135 .
3- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 524 ح 27 باب 125 من كتاب الحجّة.
4- . . طبقات أعلام الشيعة - القرن الرابع : ص 283.
5- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 331 ح 7 باب 77 من كتاب الحجّة، و ج 1 ص 332 ح 14 من الباب السابق.
6- . . رجال النجاشي: ص 348 الرقم 939 ترجمة محمّد بن أحمد بن يحيى.

كما يظهر من الكافي (1) . وسهل ليس من مشايخ الكليني، وقد روى الكليني عنه بالواسطة كما بيّناه في ترجمته. وأمّا ما يقال بأنّ الهمداني المذكور هو أبو سمينة المشهور بضعفه، فالإشكال يبقى كما هو؛ لأنّ طبقة أبي سمينة لا تساعد الكليني على الرواية عنه بلا واسطة أيضا. ومع افتراض كونه شخصا ثالثا من طبقة مشايخ الكليني، فهو مجهول الحال، ولم يقع ابتداءً في جميع روايات الكافي.

12 - محمّد بن علي بن محبوب

قال العلّامة المجلسي في إجازات البحار : «واعلم أنّ فخر الدين محمّد بن الحسن ذكر أنّ له طرقا إلى الإمام الصادق عليه السلام تزيد على المائة، فمنها: ما رواه عن والده، عن جدّه يوسف بن المطهّر - إلى أن أوصل طريق روايته - عن الشيخ الطوسي، عن المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان، عن جعفر بن قولويه، عن محمّد بن يعقوب الكليني، عن محمّد بن علي ابن محبوب، عن محمّد بن أحمد العلوي، عن العمركي...» (2) .ثمّ أعاد العلّامة المجلسي ذلك في موضع آخر (3) .كما سبق له وإن ذكر هذا الطريق وفيه (محمّد بن محمّد بن محبوب) مكان (محمّد بن علي بن محبوب) (4) ، ومثله في عوالي اللآلي للأحسائي (5) .وكلّ هذا غير صحيح.

أمّا محمّد بن محمّد بن محبوب ، فلا وجود له لا في كتب الحديث ولا في كتب الرجال، وأمّا محمّد بن علي بن محبوب ، فقد أكثر الكليني الرواية عنه بواسطة محمّد بن يحيى ولم يروِ عنه في الكافي بلا واسطة قطّ، ومنه يظهر أنّ الصحيح هو: عن

ص: 270


1- . . فروع الكافي : ج 6 ص 416 ح 3 باب النبيذ من كتاب الأشربة.
2- . . بحار الأنوار : ج 1 ص 105 ح 87 .
3- . . المصدر السابق : ج 1 ص 105 ح 100 و 101.
4- . . المصدر السابق : ج 1 ص 105 ح 12.
5- . . عوالي اللآلي : ج 1 ص 12، وأعاده في : ص 22.

محمّد بن يحيى، عن محمّد بن علي بن محبوب.

13 - محمّد بن علي بن معن

أورد الشيخ الصدوق في كتاب التوحيد خطبة الوسيلة التي خطبها أمير المؤمنين عليه السلام بعد موت النبي صلى الله عليه و آله وسلم بسبعة أيّام، وقد رواها الشيخ الصدوق بهذا الإسناد: «حدّثنا محمّد بن محمّد بن عصام الكليني رحمه الله، قال: حدّثنا محمّد بن يعقوب الكليني، قال: حدّثنا محمّد بن علي بن معن، قال: حدّثنا محمّد بن علي بن عاتكة...» (1) ، ثمّ ساق تمام السند وذكر الخطبة بطولها .وبناءً على ذلك فقد يعدّ محمّد بن علي بن معن - الذي ليس له عين ولا أثر لا في كتب الرجال ولا في الأسانيد - من مشايخ الكليني، وهو غير صحيح؛ لأنّ هذه الخطبة رواها الشيخ الكليني في روضة الكافي (2) عن شيخه محمّد بن علي بن معمّر الكوفي المتقدّم في مشايخه، فصحّف (معمر) إلى (معن) من لدن ناسخي كتاب الصدوق.

ص: 271


1- . . التوحيد : ص 72 ح 27 باب التوحيد ونفي التشبيه.
2- . . روضة الكافي : ج 8 ص 16 ح 4 .

ص: 272

الفصل الخامس : أسفار الشيخ الكليني ومؤلّفاته

المبحث الأوّل: رحلته العلمية في طلب الحديث

اشاره

الفصل الخامس : أسفار الشيخ الكليني ومؤلّفاتهالمبحث الأوّل: رحلته العلمية في طلب الحديثكتبت هذا الفصل واخترت - بقصد - موقعه بين فصلي مشايخ الكليني وتلامذته على الرغم ممّا بين الفصلين من ارتباط وثيق، وذلك لسببين.أحدهما: إنّ الرحلة في طلب الحديث عادة ما تكون في بدايات عمر المحدِّث لحاجته إلى لقاء المشايخ والتلمّذ على أيديهم والسماع منهم، ومعنى هذا ارتباط أسفار الكليني ورحلاته العلمية بمشايخه أكثر من ارتباطها بتلامذته.والآخر: إنّ مدّة تأليف الكافي عشرون سنة بلا خلاف، وفي آخر ديباجة الكافي ما يدلّ على أنّه آخر كتبه تأليفا لتصريحه بأنّه - إذا ما أسعفه الأجل - سيُفرِد لبحث الحجّة كتابا مستقلّاً يوفيه حظوظه كلّها. ولمّا لم يكن للكليني مثل هذا الكتاب، عُلم أنّ جميع مؤلّفاته الاُخرى قد ألّفها قبل الكافي، أي: قبل (سنة / 300 ه ).ومن مراجعة طبقة تلامذته وتاريخ وفياتهم يُعلم أنّ أكثرهم - إن لم يكن كلّهم - قد تتلمذوا على يديه بعد (سنة / 300 ه )، وبعبارة اُخرى.. أنّه قُصِدَ بعد شهرة مصنّفاته التي كتبها بالريّ قبل الكافي، ومعنى هذا أنّ مصنّفاته أسبق زمانا من تاريخ بدء تلمذة الرواة على يديه. وإذا اتّضح هذا نقول:

ص: 273

بذل الشيخ الكليني رحمه الله جهدا مميّزا في تأليف كتاب الكافي وتصنيفه بعد عملية جمع وغربلة واسعة لما روي عن أهل البيت عليهم السلام في اُصول الشريعة وأحكامها وآدابها، كما يشهد بذلك تلوّن الثقافة الإسلامية الواسعة المحتشدة في كتاب الكافي (اُصولاً، وفروعا، وروضة)، ومن الواضح أنّه ليس بوسع (كُلَيْن) تلك القرية الصغيرة تلبية حاجة الكليني لتلك المهمّة الخطيرة التي نهض بأعبائها وتحمّل مشاقّها طيلة عشرين عاما، ومن هنا تابع رحلته وعزم على سفر طويل لطلب العلم، ومبادلة العلماء السماع والأخذ عنهم، خصوصا وأنّ الرحلة في ذلك الوقت - كما يقول ابن خلدون (ت / 808 ه ) - «لابدّ منها في طلب العلم؛ لاكتساب الفوائد والكمال بلقاء المشايخ ومباشرة الرجال» (1) ؛ لأنّها أصبحت من آداب طالب الحديث التي لا تنفكّ عنه، ومن هنا لم يكتف أحد من علماء الحديث وأقطابه في حدود مدينته، ولم تخل حياتهم من الرحلة العلمية في عرض البلاد وطولها.وقد كان حظّ الكليني من تلك الرحلة حظّا واسعا، إذ طاف في الكثير من حواضر العلم والدين في بلاد الإسلام، وسمع الحديث من شيوخ البلدان التي رحل إليها، كما يعلم هذا من تتبَّع حياة ثقة الإسلام وإن لم يصرّح هو بذلك، بخلاف ما اعتاده بعض المحدّثين. كالشيخ الصدوق (ت / 381 ه ) مثلاً الذي اعتاد أن يذكر - بين آونة واُخرى - ما يدلّ على أسفاره ورحلته العلمية، وذلك من خلال تصريحه - في كثير من كتبه - بسماع هذا الحديث أو ذاك، من شيخه فلان في منطقة كذا وبتاريخ كذا، وقد يذكر أحيانا مكان السماع دون الإكتفاء بالمدينة، كأن يكون في المسجد، أو في البيت، أو في طريق الحجّ وهكذا، مع ذكر الشهر زيادة على سنة السماع. وهو بهذا سهّل على الباحثين معرفة تسلسل رحلاته العلمية بدقّة، الأمر الذي لم نجد له ذكرا في جميع أحاديث الكافي بلا استثناء.

ص: 274


1- . . المقدّمة لابن خلدون : ص 336 .

وإذا كانت تلك الميزة تسجّل باعتزاز لشيخنا الصدوق رضى الله عنه، فلا يعني هذا عدم وجود رحلة علمية واسعة لثقة الإسلام، وإن لم يصرّح بذلك؛ إذ يمكن التعرّف عليها من خلال البحث والتنقيب، ولعلّ في تتبّع مشايخه ما يشير إلى سعة رحلته في طلب العلم، وهذا وإن لم يكن دليلاً حاسما على وصول الكليني قدس سره إلى مدن مشايخه للسماع منهم؛ لاحتمال اللقاء بهم في غيرها، إلّا أنّه لا يلغي احتمال وصول الكليني إلى بلدانهم، خصوصا مع توفّر الدليل على وصوله إلى أكثر من حاضرة علمية في ذلك الزمان.فبعد أن استوعب ما عند مشايخ كُلَيْن من أحاديث أهل البيت عليهم السلام ، كعليّ بن محمّد الكليني، ومحمّد بن عقيل الكليني وغيرهما، اتّجه إلى الريّ لقُربها من كُلَيْن، فاتّصل بمشايخها الرازيّين، وحدّث عنهم، كالحسين بن الحسن العلوي الرازي، ومحمّد بن جعفر ابن محمّد بن عون الأسدي الكوفي ، ساكن الريّ ، ومحمّد بن الحسن الطائي الرازي، وأمثالهم.ولا يبعد أن تكون الريّ - التي اشتهر فيها وسطع نجمُه - منطلقَه إلى المراكز العلمية المعروفة في بلاد العجم - قبل الهجرة إلى العراق - ومن ثَمَّ العودة إلى الريّ؛ إذ التقى بمشايخ من مدن شتّى وحدّث عنهم.فمن مشايخ قم الذين حدّث عنهم، وورد ذكرهم في أسانيد الكافي، هم: أحمد بن إدريس ، وسعد بن عبداللّه بن أبي خَلَف الأشعري، وعليّ بن إبراهيم بن هاشم، وعلي بن محمّد بن عبداللّه ، ومحمّد بن الحسن الصفّار، ومحمّد بن يحيى العطّار، وغيرهم ممّن تقدّم في مشايخه.ومن سمرقند: محمّد بن علي الجعفري، وأبو الحسين السمرقندي.ومن نيسابور: محمّد بن إسماعيل أبو الحسن النيسابوري، ومحمّد بن أحمد الخفّاف النيسابوري.ومن همدان: محمّد بن علي بن إبراهيم بن محمّد الهمداني.ومن قزوين: محمّد بن محمود بن أبي عبداللّه القزويني.

ص: 275

ومن آذربيجان: القاسم بن العلاء الآذربيجاني.والقاسم هذا أحد وكلاء الإمام الحجّة عليه السلام من أهل آذربيجان، وكان رضى الله عنه قد عاش مائة وسبع عشرة سنة، ومات رحمه اللهبآذربيجان (سنة/304ه )، وعلى هذا تكون ولادته في (سنة / 187 ه )، ومرّ في فصل مشايخه - في ترجمته - أنّه عاش رحمه الله ثمانين سنة صحيح العينين، ثمّ فقد بصره بعد الثمانين، أي في (سنة / 267 ه )، ومن الواضح استقرار أمره في آذربيجان بعد هذا التاريخ، لوكالته في تلك البلاد من جهة، وكبر سِنّه من جهة اُخرى، وفقدان بصره من جهة ثالثة، الأمر الذي يؤكّد وصول ثقة الإسلام الكليني رحمه اللهقبل (سنة / 304 ه ) إلى تلك البلاد لسماع الحديث من أقطابها، خصوصا هذا الرجل الجليل المعدود من أصحاب الإمام الرضا عليه السلام كما مرّ في ترجمته.

هذا، وقد ذكر الكليني في باب مولد أبي الحسن الرضا عليه السلام ما يشير إلى وصوله إلى خراسان، قال: «ولد أبو الحسن الرضا عليه السلام ، سنة ثمان وأربعين ومائة ، - إلى أن قال : - وتوفّي عليه السلام بطوس في قرية يقال لها: سناباد من نوقان على دعوة» (1) .ونوقان: إحدى مدينتي طوس، والاُخرى: طابران. وقوله: (على دعوة) إشارة لقرب سناباد من نوقان، أي أنّ البعد بينهما قدر مدّ صوت داعٍ يسمعه المدعوّ (2) .وهذا الوصف والتقدير يدلّان على المشاهدة.ويبدو أنّ ثقة الإسلام - بعد أن طاف في المراكز العلمية في بلاد إيران - كان عازما على رحلة علمية واسعة، وهذا ما نجده واضحا في انتقاله، من الريّ إلى بغداد قبل (سنة/ 310 ه ) .

حيث رحل إلى العراق ، واتّخذ من بغداد قاعدة للانطلاق إلى المراكز العلمية الاُخرى، سواء كانت في العراق أو الشام أو غيرها، ثمّ العودة إلى بغداد، وهكذا إلى أن

ص: 276


1- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 552 باب 121 من كتاب الحجّة.
2- . . مرآة العقول : ج 6 ص 72.

وافاه أجله المحتوم فيها. فقد حدّث الكليني بعد ارتحاله من بغداد إلى الكوفة عن كبار مشايخها، كأبي العبّاس الرزّاز الكوفي المولود (سنة / 236 ه ) والمتوفّى (سنة / 310 ه )، وحميد بن زياد الكوفي الواقفي، الذي سكن سوراء ثمّ انتقل إلى نينوى قرية قرب الحائر الحسيني (كربلاء حاليّا) وبقي فيها إلى أن مات (سنة / 310 ه ) في تلك القرية، ولم تُعرف لحميد بن زياد رحلة علمية إلى الريّ أو قم حتى يُحتمل لقاء الكليني به في إحدى الحاضرتين مثلاً، الأمر الذي يشير إلى أنّ الكليني رحمه اللّه تعالى قد غادر بلده الريّ بعد أن استنفد ما في المراكز العلمية الشرقية من أحاديث أهل البيت عليهم السلام قبل (سنة / 310 ه ) مبتدءا بهذا من مشايخ قرية كُلين ثمّ الريّ ثمّ قم وغيرها، ثمّ التوجّه إلى العراق قبل هذا التاريخ، ويدل عليه زيادة على ما تقدّم أنّ مشايخه في شرق البلاد الإسلامية قد ماتوا رحمهم اللّه قبل (سنة / 310 ه )، ابتداءً من الصفّار القمّي (ت / 290 ه )، وسعد بن عبداللّه (ت / 299 - أو سنة / 301 ه )، والقاسم بن العلاء الآذربيجاني (ت / 304 ه )، وأحمد بن إدريس الأشعري القمّي (ت / 306 ه )، وعلي بن إبراهيم بن هاشم القمّي (ت بحدود سنة / 308 ه )، وأمّا عن شيخه محمّد بن أبي عبداللّه الأسدي الذي سكن الريّ ومات بها (سنة / 312 ه ) فالمطمأن به أنّه حدث عنه قبل وفاته بسنين كثيرة ربّما قبل (سنة / 290 ه )؛ إذ من البعيد أن يحدّث عن علماء قم في تلك السنة ، ثم يهمل التحديث عن مشايخ بلده في ذلك الحين ليعود إليهم بعد هذا ويحدّث عنهم قبل وفاتهم بقليل.

ومن هنا يتبيّن بوضوح أنّ دخول الكليني رحمه الله إلى بغداد لم يكن في السنوات الأخيرة من حياته كما زعمه بعض الكتّاب المعاصرين، اشتباها منه بإجازة الكليني رواية مصنّفاته لتلميذه الشيخ أبي الحسين عبدالكريم بن عبداللّه بن نصر البزّاز ببغداد

ص: 277

(سنة / 327 ه ) على ما جاء في مشيخة التهذيب (1) والاستبصار (2) .

وأيّ علاقة بين تاريخ منح الإجازة العلمية ببغداد لشخص في الرواية، وبين معرفة زمان دخول المانح إلى بغداد نفسها؟!ولو صحّ مثل هذا لجاز لنا الردّ على من أرّخ وفاة الكليني رحمه الله (بسنة / 328 ه ) على أساس أنّه حدّث عن شيخه محمّد بن علي بن معمر الكوفي الذي كان حيّا (سنة / 329 ه )، إذ سمع منه التلعكبري في تلك السنة وكانت له منه إجازة.وكذلك الردّ على من أرّخ وفاة ثقة الإسلام (بسنة / 329 ه )؛ لأنّ الكليني قدس سرهحدّث عنه شيخه ابن عقدة الحافظ المتوفّى (سنة / 333 ه ) أو (سنة / 332 ه ) على قول آخر، وهو كما ترى!بل كيف نفسّر لقاء الكليني بمشايخ الكوفة، وسوراء، وبغداد الذين حدّث عنهم وفيهم من مات قبل (سنة / 327 ه ) بنحو سبعة عشر عاما كالرزّاز الكوفي، وحميد بن زياد مع القول بدخوله العراق قبل سنتين من وفاته رحمه الله؟!بل كيف يجتمع لثقة الإسلام السفر إلى مكّة المكرّمة، والشام دون المرور بالعراق - إن لم تكن بغداد منطلقه إليها - بسنة واحدة هي (سنة / 327 ه )، هذا مع انعدام واسطة السفر السريع في عصره، وكون تقلّبه في تلك الأمصار لغاية علمية، الأمر الذي يتطلّب المكوث في كلّ مركز زمانا كافيا لإنجاح مهمّته؟نعم، فقد رحل الكليني رحمه الله بعد أن وقف على منابع الحديث ومشايخه في العراق إلى الشام، وحدّث ببعلبك كما صرّح بهذا ابن عساكر الدمشقي في ترجمة ثقة الإسلام في تاريخ دمشق (3) .

كما ذكر الكليني نفسه ما يدلّ بوضوح على وصوله إلى الحجاز بوقت مبكّر جدّا

ص: 278


1- . . مشيخة تهذيب الأحكام : ج 10 ص 29.
2- . . الفهرست للطوسي : ص 135 الرقم 591.
3- . . تاريخ دمشق : ج 56 ص 298 الرقم 7126.

من عمر العشرين سنة التي استغرقها كتاب الكافي، وربّما يكون ذلك قبل تأليفه. فقد قال رحمه اللهفي باب مولد النبي صلى الله عليه و آله ما نصّه: «ولد النبي صلى الله عليه و آله لإثنتي عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأوّل في عام الفيل يوم الجمعة مع الزوال - إلى أن قال - : وحملت به اُمّه في أيّام التشريق عند الجمرة الوسطى وكانت في منزل عبداللّه بن عبدالمطّلب، وولدته في شِعْب أبي طالب في دار محمّد بن يوسف، في الزاوية القُصوى عن يسارِك وأنت داخل الدار» (1) .ومن البعيد جدّا أن يكون هذا الوصف من غير مُشاهدة، بل هو ظاهر فيها، وورود هذا الوصف في الجزء الأوّل من اُصول الكافي له دلالات تاريخية لا تخفى على فطن.واحتمال أن يكون الكليني قد سافر إلى الحجاز والشام قبل دخوله إلى العراق ليس بشيء؛ لأنّ قوافل الحاجّ إلى مكّة المكرّمة من إيران كانت تمرّ - في ذلك الوقت - إمّا على طريق البصرة، أو على طريق الكوفة، كما أنّ الرحلة من إيران إلى دمشق لا يمكن أن تحصل - في عصر الكليني - دون المرور بأرض العراق.هذا.. ومن البعيد أن لا يكون ثقة الإسلام قد قصد الحجّ مرّة أو مرّات اُخرى خلال مدّة مكوثه في العراق قبل أن يقطع القرامطة على الحاجّ الطريق، حتى توقّف الحجّ بسببهم من (سنة / 322 ه ) إلى (سنة / 327 ه ) باتّفاق سائر المؤرّخين (2) ، ومن كلّ هذا يتبيّن أنّ القول بدخول الكليني إلى العراق (سنة / 327 ه ) قول داحض على جميع الاحتمالات، ويعبّر عن جهل صاحبه بالكليني والكافي ورواياته.

أسباب هجرة الكليني إلى بغداد

لم تكن هجرة الكليني قدس سرهمن الريّ إلى بغداد هجرة مجهولة السبب (3) ، ولا تأثّرا

ص: 279


1- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 439 باب 111 من كتاب الحجّة، وهو الباب الأوّل من أبواب التواريخ.
2- . . سيأتي بيان ذلك في مؤلّفات الكليني، عند الحديث عن كتابه (الردّ على القرامطة).
3- . . كما قال بهذا الشيخ واعظ زاده الخراساني في مقدّمة تحقيقه كتاب الرسائل العشر للشيخ الطوسي: ص 17.

بالمنهج العقلي الذي عُرِفت به المدرسة البغدادية دون مدرسة قم، بتقريب أنّ الكليني روى في الكافي عن سهل بن زياد - الذي اُخرِج من قم إلى الريّ ثمّ رحل إلى بغداد - أكثر من ألف حديث، في حين لم يكثر عنه أرباب مدرسة قم النقلية كالشيخ الصدوق مثلاً؛ ولهذا اختار الكليني - كما يزعمون - بغداد دون قم! (1) كما لم تكن هجرة الكليني إلى بغداد بدوافع سياسية من قبل البويهيين، ولم يتّصل برجال تلك الدولة ولم يرهم، ولم يسع لتوطيد سلطانهم لا في إيران ولا في العراق أبدا، كما توهّمه صاحب كتاب (الكليني والكافي) (2) .وكلّ ما ذكروه في هذا بيّن الفساد، والصحيح في المقام هو أنّ اختيار ثقة الإسلام الكليني - تغمّده اللّه تعالى بواسع رحمته - لبغداد دون غيرها، إنّما هو لاعتبارات علمية محضة، فبغداد في عصره عاصمة للدولة الإسلامية، ومركز الحضارة، وملتقى علماء المذاهب من شتّى المدن والأمصار، ومستوطن السفراء الأربعة رضوان اللّه تعالى عليهم ، وهذا ما يرشّحها إلى احتلال موقع الصدارة في قائمة انتخاب الكليني لحواظر العلم والدين التي يمكن نشر الفكر الإمامي على نطاق واسع فيها.ومن ثمّ فهو لم يغادر الريّ في نعومة أظفاره، بل غادرها بعد تجوال طويل في بلاد إيران، وقف خلاله على ما في جعبة القميّين وغيرهم من حديث الآل عليهم السلام ، فكان لابدّ من الانتقال إلى العراق والاستقرار ببغداد؛ لتكون منطلقه إلى مدن العراق والبلاد المجاورة كالشام والحجاز، خصوصا وأنّ أرض السواد تمثّل مركز الثقل الأعظم لتراث أهل البيت عليهم السلام ، إذ لا يوجد في الأئمّة الإثني عشر عليهم السلام إماما قط لم يدخل العراق طوعا أو كرها، وبالتالي وجود ستّة مراقد مقدّسة لآل اللّه عليهم السلام موزّعة على ربوع أرض السواد التي تتوسّطها بغداد، هذا فضلاً عن كون تلامذة أهل البيت عليهم السلام من العراقيين هم

ص: 280


1- . . كما في بحوث حول روايات الكافي : ص 12 ، نشر دار الهجرة ، قم / 1415 ه .
2- . . راجع : الكليني والكافي : ص 266، مؤسّسة النشر الإسلامي، قم / 1416 ه .

أكثر بكثير من تلامذتهم عليهم السلام في جميع بلاد الإسلام، بل لا توجد نسبة بينهما أصلاً. فالتشيّع وإن كان حجازي المَنْبَتِ والولادة، إلّا إنّه كوفي الثمرة، عراقي الشهرة. فكيف لا يكون العراق - بالنسبة للكليني - مقصوداً إذن؟ومن جهة اُخرى ، فإنّ شهرة الكليني في الحديث الشريف لا يختلف فيها إثنان، وسعيه الدؤوب إلى إتمام ما بدأ به في الريّ ، يتطلّب الرحلة التي هي من مميّزات وخصائص المحدّثين في ذلك الزمان، ولا شكّ بأنّ الرحلة إلى بغداد أولى من غيرها للاعتبارات العلمية التي امتازت بها بغداد في عصر الكليني بالذات.ويبدو أنّ شبهة الهجرة السياسية إلى عاصمة الدولة العبّاسية قد اعتمدت على مقولة دخول الكليني إلى بغداد بوقت متأخّر من عمره الشريف، وارتبطت بها ارتباطا وثيقا!وقد عرفت فساد تلك المقولة لِما تقدّم من أنّ ثقة الإسلام هاجر إلى العراق قبل دخول البويهيين إلى الريّ بأكثر من عشرين سنة، أي في الوقت الذي لم تظهر للبويهيين فيه أيّة شهرة أو سلطة سياسية.ومع افتراض صحّة تلك المقولة جدلاً، فإنّ تلك الشبهة التي تمكّنت من ذهن صاحبها شبهة داحضة أيضا، وتدلّ على جهلٍ عظيم بتاريخ نشوء الدولة البويهية؛ لما تقدّم في الفصل الأوّل من أنّ البويهيين لم يدخلوا الريّ إلّا في (سنة / 330 ه ) أي بعد هجرة الكليني منها - على وفق تلك المقولة - بثلاث سنين، كما أنّهم لم يدخلوا إلى بغداد إلّا في (سنة / 334 ه )، أي بعد وفاة الكليني بخمس سنين.وبهذا يتّضح الأمر جليّا في خصوص كون رحلة ثقة الإسلام إلى بغداد رحلة علمية، كما هو الحال في رحلة الكثير من علماء الشيعة وغيرهم إلى بغداد.ومن تصفّح تاريخ بغداد وجد المئات من الشيعة وغيرهم ممّن وفدوا إلى بغداد - في عصر الكليني أو ما قاربه - واستقرّوا بها إلى حين وفاتهم. فهل يقال عنهم بأنّهم كانوا - بهجرتهم إلى بغداد - دعاةً لبني بويه من أجل توطيد سلطانهم؟!

ص: 281

وجوه فساد شبهة كون الهجرة تأثّرا بمدرسة بغداد العقلية

الوجه الاول

وأمّا عن ادّعاء التأثّر بالمنهج العقلي، والإيحاء بأنّه السبب المباشر في هجرة الكليني إلى بغداد دون قم! فهو ادّعاء عقيم وسقيم، وأساسه التلقين ممّن تصدّى للحديث وحياة المحدّثين بلا جدارة معهودة، وكلّ ما في الكافي وتراث القميّين وغيرهم يكذّبه، وهو زعم باطل من وجوه عديدة، نشير لها باختصار خشية أن تنطلي تلك المزعومة على طلبة الحوزة العلمية وغيرهم من طلبة الدراسات الأكاديمية، والوجوه هي:

الوجه الأوّل: إنّه لو أُجري مَسْحٌ شامل لأحاديث الكافي، وتمّ إرجاعها إلى مشايخ الكليني المباشرين لوجدت أكثر من ثلثي الكافي يرجع إلى مشايخه القمّيين دون غيرهم، كعليّ بن إبراهيم بن هاشم، ومحمّد بن يحيى، وأحمد بن إدريس ونظرائهم. فمشايخ قم يحتلّون إذن مركز الصدارة في أحاديث الكافي.ويدلّ عليه أنّ الكليني حدّث في الكافي عن مشايخ كُلين، والريّ ، وقم، ونيسابور، والدينور، وسمرقند، وآذربيجان، وقزوين، وبغداد، والكوفة، واليمن، وبعلبك، وكانت حصيلة مشايخه الذين انتسبوا إلى تلك المدن - بحسب الكثرة - كالآتي:

1 - من قم خمسة عشر شيخا.

2 - من الكوفة ثمانية مشايخ.

3 - من الريّ ثلاثة مشايخ.

4 - من بغداد ثلاثة مشايخ.

5 - من كلّين شيخان.

6 - من نيسابور شيخان.

7 - شيخ واحد من الدينور، ومثله من اليمن، وآذربيجان، وبعلبك، وقزوين، وسمرقند، ويكفي أنّ أكثر من نصف أحاديث الكافي عن علي بن إبراهيم، ومحمّد بن يحيى القميَّين.

ص: 282

الوجه الثاني

الوجه الثاني: إنّ شيخ المدرسة القمّية في زمانه الشيخ الصدوق رحمه الله الذي مثّلوا به في المقام، قد احتجّ بمسانيد ومراسيل ومقاطيع سهل بن زياد في سائر كتبه، بل رجّح رواية لسهل بن زياد في أهمّ كتبه على الإطلاق، ورد ما خالفها بعد روايته صراحة (1) .ومن متابعة ما رواه شيخ المدرسة النقلية الروائية القمّية - الشيخ الصدوق - بإسناده عن سهل بن زياد تنكشف حقيقة تلك المزاعم الباطلة بأحسن الوجوه وأتمّها. فقد خرّج له في إثني عشر كتابا من كتبه، وهي:إكمال الدين (2) ، والأمالي (3) ، والتوحيد (4) ، وثواب الأعمال (5) ، والخصال (6) ، وصفات الشيعة (7) ،

ص: 283


1- . . كتاب من لا يحضره الفقيه : ج 2 ص 425 ح 1576 باب 216، وقارن بمعاني الأخبار : ص 268 ذيل حديث 1، ستجد أنّ ما رجّحه الصدوق في الفقيه واعتبره صحيحا دون غيره قد رواه في معاني الأخبار عن سهل بن زياد فقط.
2- . . إكمال الدين : ص 145 ح 12 باب 6، و ص 250 ح 1 باب 23، و ص 280 ح 30 باب 24، و ص 286 ح 3 باب 25، و ص 303 ح 14 باب 26، و ص 304 ح 19 باب 26، و ص 320 ذيل ح2 باب 31، و ص 338 ح 12 باب 33، و ص 377 ح 2 باب 36، و ص 410 ح 4 باب 39، و ص 645 ح 5 باب 55 .
3- . . الأمالي للصدوق : ص 92 ح 67 (7)، مجلس 10، و ص 276 ح 307 (8) مجلس 37، و ص 311 ح 359 (7) مجلس 42، و ص 12 ح 361 (9) مجلس 42، و ص 389 ح 503 (12) مجلس 51، و ص 408 ح 528 (8)مجلس 53، و ص 476 ح 641 (1) مجلس 62، و ص 489 ح 664 (6) مجلس 63، و ص 495 ح 675 (4) مجلس 64، و ص 496 ح 677 (6) مجلس 64، و ص 590 ح 818 (15) مجلس 75، و ص 682 ح 932 (5) مجلس 86 ، و ص 701 ح 956 (4) مجلس 88 ، و ص 752 ح 1010 (1) مجلس 94.
4- . . التوحيد : ص 66 ح 19 باب 2، و ص 68 ح 22 باب 2، و ص 83 ح 2 باب 3، و ص 94 ح 10 باب 4، و ص 96 ح 2 باب 5، و ص 97 ح 3 باب 6، و ص 98 ح 5 باب 6، و ص 100 ح 9 باب 6، و ص 101 ح 12 باب 6، و ص 101 ح 14 باب 6، و ص 102 ح 16 باب 6، و ص 115 ح 14 باب 8 ، و ص 149 ح 3 باب 12، و ص 150 ح 6 باب 12، و ص 175 ح 6 باب 28، و ص 295 ح 5 باب 42، و ص 312 - 313 ح 1 باب 46، و ص 315 ح 1 باب 48، و ص 316 ح 4 باب 48، و ص 319 ح 1 باب 49، و ص 380 ح 28 باب 80 .
5- . . ثواب الأعمال: ص 22 ثواب من سرّح لحيته سبعين مرّة، و ص 22 ثواب المكتحل، و ص 31 ثواب من كنس المسجد، و ص 42 ثواب من صلّى صلاة الليل، و ص 46 ثواب الحج والعمرة، و ص 49 ثواب الحجّ والعمرة أيضا، و ص 50 ثواب من لقي حاجّا فصافحه، و ص 52 ثواب من صام يوما في الحرّ وأصابه ظمأ، و ص 125 ثواب قراءة «ألهاكم التكاثر » ، و ص 176 ثواب التختّم بالجزع اليماني، و ص 193 ثواب المريض.
6- . . الخصال: ص 18 ح 64 باب الواحد، و ص 21 ح 72 باب الواحد، و ص 26 ح 92 باب الواحد، و ص 27 ح 97 باب الواحد، و ص 82 ح 7 باب الثلاثة، و ص 96 ح 42 باب الثلاثة، و ص 100 ح 53 باب الثلاثة، و ص 103 ح 60 باب الثلاثة، و ص 151 ح 185 باب الثلاثة، و ص 258 ح 132 باب الأربعة، و ص 287 ح 42 باب الخمسة، و ص 310 ح 85 باب الخمسة، و ص 328 ح 20 باب الستة، و ص 333 ح 34 باب الستّة، و ص 352 ح 32 باب السبعة، و ص 383 ح 61 باب السبعة، و ص 445 ح 44 باب العشرة، و ص 505 ح 3 أبواب الستّة عشر.
7- . . صفات الشيعة: ص 36.

وعقاب الأعمال (1) ، وعلل الشرائع (2) ، وعيون أخبار الرضا عليه السلام (3) ، وفضائل الأشهر الثلاثة (4) ، ومعاني الأخبار (5) ، وكتاب من لا يحضره الفقيه (6) ، بما يكون مجموعه زهاء مائة وثلاثين

ص: 284


1- . . عقاب الأعمال : ص 247 عقاب الذين يريدون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا .
2- . . علل الشرائع : ص 9 ح 3 باب 9 ، و ص 32 ح 1 باب 28 ، و ص 34 ح 3 باب 32 ، و ص 166 ح 1 باب 131 و ص 225 ح 1 باب 162، و ص 275 ح 2 باب 183، و ص 346 ح 1 باب 56، و ص 376 ح 2 باب 104، و ص 406 ح 2 باب 157، و ص 438 ح 1 باب 180، وص 447 ح 5 باب 198، و ص 476 ح 1 باب 226، و ص 514 ح 4 باب 289، و ص 542 ح 4 باب 328 و ص 600 ح 56 باب 385 .
3- . . عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج 1 ص 113 ح 16 باب 11 ، و ص 126 ح 37 باب 11 ، و ص 126 ح 38 باب 11 ، و ص 232 ح 9 باب 26 ، و ص 260 ح 35 باب 28 ، و ص 277 - 278 ح 76 باب 28، و ص 280 ح 86 باب 28 ، و ص 280 ح 86 باب 28 ، و ج 2 ص 13 ح 24 باب 30، و ص 27 ح 2 باب 31، و ص 54 ح 192 باب 31، و ص 89 ح 21 باب 32، و ص 188 ح 2 باب 43، و ص 257 ح 1 باب 58، و ص 291 ح 22 باب 66. تنبيه: الطبعة المعتمدة من عيون أخبار الرضا عليه السلام في هذا البحث هي طبعة مؤسّسة الأعلمي، بيروت. وقد اشتبهت هذه المؤسّسة في تجليد كتاب العيون فجعلت غلاف الجزء الأوّل للثاني وبالعكس فليلاحظ.
4- . . فضائل الأشهر الثلاثة : ص 117 ح 113، و ص 120 ح 119، و ص0 12 ح 121.
5- . . معاني الأخبار : ص 6 ح 2 باب معنى الصمد، و ص 11 ح 2 باب معنى اللّه أكبر، و ص 139 ح 1 باب معنى الرحيم، و ص 152 ح 1 باب معنى الذي روي أنّ الشؤم في ثلاثة، و ص 184 ح 1 باب معنى السنّة من الربّ عزّ وجل، والسنّة من النبي صلى الله عليه و آله ، والسنّة من الولي عليه السلام ، و ص 266 ح 1 باب معنى الخبر الذي روي عن الصادق عليه السلام إنّه قال: اسكنوا ما سكنت السماء والأرض، و ص 268 ذيل ح1 باب معنى قوله صلى الله عليه و آله : ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة، وفيه اجتمع الاحتجاج بحديث سهل وردّ مخالفه وهوما رواه قبله مباشرة، مصحّحا طريق الحديث وفيه سهل كما عرفت، و ص 316 ح 1 باب معنى خضراء الدمن، و ص 340 ح 10 باب معنى التفث، و ص 387 ح 23 باب نوادر المعاني، و ص 390 ح 30 من الباب السابق.
6- . . كتاب من لا يحضره الفقيه : ج 2 ص 119 ح 512 (22) باب 59، و ص 127 ح 546 (8) باب 61، و ج 3 ص 216 - 218 ح 1007 (97) باب 96 وفي آخر الحديث صرّح بأنّ الحديث من رواية سهل بن زياد، و ج 4 ص 145 ح 498 (3) باب 91، و ص 148 ح 515 (2) باب 96، و ص 155 ح 536 (2) باب 103، و ص 162 ح 565 (1) باب 110، كما وقع سهل بن زياد في طريق الشيخ الصدوق في المشيخة إلى: مروان بن مسلم، وعبداللّه بن الحكم، وعبدالعظيم بن عبداللّه الحسني. راجع مشيخة الفقيه - بحسب الترتيب - ج 4 ص 77 و 127 و 133 .

حديثا.

جدير بالذكر أنّ باقي القمّيين قد احتجّوا بروايات سهل بن زياد، كعلي بن إبراهيم القمّي في تفسيره (1) ، والبرقي القمّي في المحاسن (2) ، والصفّار القمّي في بصائر الدرجات كما فصّلناه في ترجمته، وابن قولويه القمّي في كامل الزيارات (3) ، والخزّاز القمّي في كفاية الأثر (4) ، وأمّا من لم تصلنا كتبه من القميّين كأحمد بن إدريس ومحمّد بن يحيى، ومن في طبقتهم، فقد رووا عن سهل كثيرا كما يظهر من أسانيد الكافي وغيره.

الوجه الثالث

الوجه الثالث: المعروف عن الكليني أنه إنّما يحدّث عن سهل بتوسّط (العدّة) غالبا، وبدونها أحيانا، وإذا عُدنا إلى رجال عِدّة الكافي عن سهل لا نجد فيهم بغداديا واحدا، بل كلّهم من بلاد الريّ، وأمّا ما رواه عنه من غير توسّط العدّة فجميعه عن القميّين كأحمد بن محمّد بن خالد القمّي ، ومحمّد بن يحيى القمّي ومحمّد بن الحسن الصفّار القمّي، ومحمّد بن الحسين القمّي، ومحمّد بن أحمد بن يحيى القمّي، مع بعض الرازيين كأبي الحسين الأسدي ساكن الريّ ، وعليّ بن محمّد الرازي، ولا يوجد فيهم

ص: 285


1- . . تفسير القمّي : ج 2 ص 59 في تفسير قوله تعالى: « الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى »، سورة طه: 5 ، وكذلك في ج 2 ص 351 في تفسير قوله تعالى: « لِّكَيْلَا تَأْسَوْاْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ » سورة الحديد : 23 .
2- . . المحاسن : ج 2 ص 408 ح 126 باب 14، و ص 507 ح 651 باب 87 .
3- . . كامل الزيارات: ص 55 ح 32 (6) باب1، و ص 83 ح 81 (5) باب77، و ص 103 ح 96 (4) باب11، و ص 212 ح 305 (2) باب 1، و ص 283 ح 454 (4) باب60، و ص 429 ح 655 (1) باب82 ، و ص 429 ح 656 (2) باب82 ، و ص 453 ح 686 (13) باب88 ، و ص 458 ح 697 (1) باب 90، و ص 531 ح 813 (8) باب 105 .
4- . . كفاية الأثر : ص 220 و ص 280.

أحد من بغداد فيما تتبّعناه.

ومنه يعلم أنّ مرويّات سهل في الكافي إنّما طريق الكليني إليها يمرّ بمدرستي قم والريّ ، ولا دخل لبغداد ومشايخها، في ذلك ولو بحديث واحد.

الوجه الرابع

الوجه الرابع: روايات الكافي وإن تناولت الكثير من المباحث العقلية - لاسيّما في الاُصول منه - إلّا أنّها مسندة إلى أهل البيت عليهم السلام ، واختيارها لا يكوّن علامةً فارقةً في التأثّر بالمنهج العقلي؛ لكونها مأثورة عن أهل البيت عليهم السلام أوّلاً، وليس فيها آراء خاصّة للكليني بحيث تكوّن خطّا واضحا لذلك التأثّر المزعوم ثانيا، ولتأثّر مدرسة قم وقادتها بتلك الروايات أكثر من الكافي مرّات ومرّات ثالثا، فالصدوق الذي عُدَّ مُمثِّلاً لمدرسة قم كانت له آراء عقلية كثيرة جدّا في كتبه لاسيّما في أوائل إكمال الدين ، ثمّ إنّه أفرد كتابا بعنوان التوحيد يتّفق في موضوعه مع اُصول الكافي ، وله علل الشرائع وهو أوضح في الدلالة على المقصود، وأوضح منه ما ورد في اعتقادات الصدوق .

الوجه الخامس

الوجه الخامس: إنّ ما في ديباجة الكافي يشهد على بُطلان الزعم المذكور، إذ بيّن فيها الكليني أنّه سيتبع المنهج الروائي في تحصيل الأحاديث الشريفة، وهذا واضح لمن راجع خطبة الكافي ، بل وفيها التصريح بعجز العقل عن إدراك جميع الأحكام، وأنّ المُدْرَك منها ما هو إلّا أقلّها.

الوجه السادس

الوجه السادس: إنّ سهل بن زياد نفسه كان من مشهوري الرواة، ومنهجه روائي بحت كما تشهد عليه كتب الحديث، وليست له آراء عقلية في مرويّاته، حتى يُدعى تأثّره بالمنهج العقلي، كما أنّ انتقاءه لمرويّاته وإنْ عبّر عن منهجه، إلّا أنّ مرويّاته في الكافي لم تنحصر باُصوله التي ردّت على الأفكار والاتّجاهات السائدة في ذلك العصر، وإنّما كان جلّها في الأحكام الشرعية الفرعيّة التي لا تختلف بكثير أو قليل بين روّاد مدرستي قم وبغداد؛ لأنّها من الاُمور التوقيفيّة التي لا دخل للآراء العقلية في صياغتها، على أنّ

ص: 286

الطريق إلى مرويّات سهل في الكافي لم يكن إلّا عبر مشايخ القميّين والرازيين كما تقدّم، كما أنّ الشيخ الطوسي لم يروِ كتاب سهل إلّا عن مشايخ قم وحدهم، بل لم يقع في طريقه إليه غيرهم! وأمّا كتابه النوادر، فقد عُرف من طريق ابن قولويه القمّي.وأمّا عن شبهة الغُلُوّ وعلاقة ذلك بالجوانب العقلية، فإنّها لم تثبت بحقّه، وأحاديثه خير شاهدٍ على براءته منها، إذ ليس فيها ما يُشمُّ منه رائحة الغُلوّ. هذا فضلاً عن توسّع القميّين في معنى الغلوّ، وتسرّعهم في تطبيقه على مصاديق ليست في شيء منه.

ص: 287

المبحث الثاني: مؤلّفات ثقة الإسلام الكليني

أوّلاً - كتاب تعبير الرؤيا

المبحث الثاني: مؤلّفات ثقة الإسلام الكلينيكان ثقة الإسلام الكليني رحمه الله - وبسبب ما استغرقه الكافي من وقت طويل - من العلماء المقلّين في التأليف والتصنيف إذا ما قورن بغيره من علماء الإمامية كالشيخ الصدوق والشيخ المفيد، والشيخ الطوسي رضي اللّه تعالى عنهم.وممّا يؤسف له حقّا هو ضياع مؤلّفات الكليني ومصنّفاته سوى كتابه الكافي على الرغم من وصول بعضها إلى أزمان متأخّرة كما يظهر من النقل المتأخّر منها مباشرة وبلا واسطة، ويظهر من أسماء مؤلّفاته تلوّن الثقافة فيها كما سيأتي كلّ في محلّه، وهي:

أوّلاً - كتاب تعبير الرؤيا:المراد بالرؤيا، ما يراه النائم في نومه، أو الذي خمدت حواسّه الظاهرة بإغماء أو ما يشابهه (1) ، وهي: «تصوّر المعنى في المنام على توهّم الأبصار، وذلك أنّ العقل مغمور بالنوم، فإذا تصوّر الإنسان المعنى توهّم أنّه يراه» (2) .والرؤيا على ثلاثة أقسام: - صادقة لا تحتاج إلى عناء أو جهد في التأويل، لظهور المعنى فيها، كرؤيا الأنبياء عليهم السلام ، التي لا تكون إلّا صادقة كفلق الصبح.

ص: 288


1- . . الميزان في تفسير القرآن : ج 11 ص 79 في تفسير الآية الخامسة من سورة يوسف عليه السلام .
2- . . مجمع البيان : ج 5 ص 269 في تفسير الآية الخامسة من سورة يوسف عليه السلام .

وصادقة أيضا ولكنّها بحاجة إلى تأويل.- ورؤيا كاذبة، وهي أضغاث أحلام (1) ، وتكون من الشيطان، كادّعاء بعض العامّة رؤيتهم اللّه عزّ وجل في المنام، تعالى اللّه عن ذلك علوّا كبيرا، وقد وضعوا بعض الأحاديث، لأجل رؤية اللّه عزّ وجل!! كحديث صلاة يوم الجمعة الذي صرّح ابن الجوزي بأنّه حديث موضوع (2) .وأمّا تعبير الرؤيا ، فهو: «علم بقوانين كلّية يبيّن عليها المعبّر عبارة ما يُقَصّ عليه» (3) .وكتاب تعبير الرؤيا ذكره النجاشي من جملة كتب الكليني (4) ، ومثله في معالم العلماء لابن شهرآشوب (5) وسمّاه الشيخ الطوسي - في ترجمة الكليني - : «كتاب تفسير الرؤيا» (6) .وقال السيّد الخوانساري في روضات الجنّات في ترجمة الكليني: «وقال أيضا صاحب التوضيح - المتقدّم ذكره - في ذيل ترجمة أبي العبّاس الضرير: لا يُعرَف [له ]إلّا كتاب تعبير الرؤيا ، وقال قوم إنّه لأبي جعفر الكليني وليس له، فليلاحظ.- ثمّ عقّب عليه بقوله - : وقد ينكر كون كتاب الروضة أيضا من جملة كتب الكليني من جهة عدم اتّصال سندنا إليه أو غير ذلك، فلا تغفل»! (7) .

وهذا هو محض اشتباه؛ لأنّ ما نقله عن صاحب التوضيح قاله النجاشي في ترجمة أحمد بن إصفهبذ أبي العبّاس الضرير، قال: «لا يعرف له إلّا كتاب تعبير الرؤيا، وقال

ص: 289


1- . . تاريخ ابن خلدون : ج 1 ص 477 الفصل الثاني عشر في علم تعبير الرؤيا.
2- . . كتاب الموضوعات لابن الجوزي : ص 43 بعنوان (صلاة يوم الجمعة).
3- . . المقدّمة لابن خلدون : ص 299 - 300.
4- . . رجال النجاشي : ص 377 الرقم 1026.
5- . . معالم العلماء : ص 99 الرقم 666 .
6- . . الفهرست للطوسي : ص 210 الرقم 602 (17).
7- . . روضات الجنّات : ج 6 ص 111 الرقم 568.

قوم: إنّه لأبي جعفر الكليني، وليس هو له» (1) .

وكذلك ذكر ابن داوود الحلّي كتاب تعبير الرؤيا لأبي العبّاس الضرير أيضا ، ثمّ قال: «ومنهم من ينسب كتابه إلى الكليني، وليس له» (2) .ومورد الاشتباه في إرجاع الضمير بقول صاحب التوضيح: «وليس له» إلى الكليني، مع تصوّر حصول النزاع على كتاب واحد لا كتابين! وتوضيح ذلك: إنّه على تقدير أنّ جملة «وليس هو له» في كتاب النجاشي من كلام القوم، فلابد حينئذٍ من إرجاع الضمير المتّصل إلى أبي العبّاس، فهو نظير ما لو قيل: لا يعرف له إلّا كتاب تعبير الرؤيا ، وقال قوم: ليس هو له، بل لأبي جعفر الكليني، إذ لا يستقيم المعنى إلّا بهذا التقدير؛ لأنّ فرض أن يكون الكلام - إثباتا ونفيا لجهة واحدة في حال واحدة - غير معقول؛ إذ كيف يقول القوم أنّه للكليني ثمّ ينفونه عن الكليني نفسه؟وأمّا على تقدير انتهاء قولهم بجملة: «إنّه لأبي جعفر الكليني»، فستكون جملة «وليس هو له» من كلام النجاشي. وحينئذٍ إمّا أن يقال بعائديّة الضمير إلى أبي العبّاس، فيكون - والحال هذه - قد وافق على ما قاله القوم بنفي نسبة الكتاب إلى أبي العبّاس، وأثبتها إلى الكليني! ولكن هذا الاحتمال ضعيف، وإلّا لما ذكر النجاشي هذا الكتاب لأبي العبّاس أصلاً، وأيّ فائدة من القول مثلاً بأنّ لفلان كتاباً وهو ليس له؟!

وإمّا أن يقال بعائديّته إلى ثقة الإسلام، وحينئذٍ سيكون النجاشي قد ردّ بكلامه هذا أصل تلك الحكاية، وأثبت الكتاب لأبي العبّاس، وهو الصحيح، ولكن لا دليل فيه على نفي كتاب ثقة الإسلام الذي حمل مثل هذا العنوان أيضا، ويدلّ عليه أنّ النجاشي ذكر هذا الكتاب للكليني في ترجمته من غير إثارة ما يحتمل التشكيك في صحّة نسبته إليه، وعلى هذا يحمل كلام الشيخ في الفهرست في ترجمة أحمد بن إصفهبذ، قال: «لم يعرف

ص: 290


1- . . رجال النجاشي: ص 97 الرقم 241.
2- . . رجال ابن داوود: القسم الأوّل ، ص 36 الرقم 62.

له إلّا الكتاب الذي بأيدي الناس في الرؤيا، وهم يعزّونه إلى أبي جعفر الكليني، وليس كذلك، وفيه أحاديث».إذ لا مانع من أن يقف الشيخ على الكتابين ويحكم باشتباه الناس فيما يعزّونه منهما إلى الكليني؟ خصوصا مع وجود عِدّة كتب لأعلام الإمامية تحمل عنوان تعبير الرؤيا أيضا، ككتاب تعبير الرؤيا لأحمد بن محمّد بن خالد البرقي (1) وغيره (2) .هذا، وأمّا ما قاله السيّد الخوانساري في خصوص عدم اتّصال الإسناد إلى الروضة، فهو عجيب حقّا.فالنجاشي ذكر هذا الكتاب ضمن كتب الكافي، وقال الشيخ (وكتاب الروضة آخر كتب الكافي) وذكرا بقيّة كتبه مع بيان عِدّة طرق إليها تفصيلاً وهي صحيحة معتبرة بالاتّفاق، وسيأتي الحديث عن كتاب الروضة في مكان آخر مبسوطا.وممّا يكشف عن علم ثقة الإسلام بتعبير الرؤيا ، وصحّة نسبة هذا الكتاب إليه، أنّه قد روى أحاديث كثيرة في خصوص تعبير الرؤيا في روضة الكافي (3) ، مع توفّر النقل المباشر من هذا الكتاب من قبل علماء الإمامية ونسبته إلى الكليني رحمه الله.ففي مهج الدعوات للسيّد ابن طاووس الحسني (ت / 664 ه ) قدس سره، قال: «ومن كتاب تعبير الرؤيا لمحمّد بن يعقوب الكليني: أحمد، عن الوشّاء، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام ، قال: رأيت أبي عليه السلام في المنام، فقال: يا بني ، إذا كنت في شدّة فأكثر أن تقول: يا رؤوف يا رحيم..» (4) .

وفي كتاب فرج المهموم للسيّد ابن طاووس أيضا: «فيما روي عمّن قوله حجّة في

ص: 291


1- . . رجال النجاشي: ص 77 الرقم 182.
2- . . راجع تلك الكتب في الذريعة : ج 4 ص 206 - 208 الأرقام من 1030 إلى 1042.
3- . . راجع: روضة الكافي : ج 8 ص 76 - 77 ح 58 و59 و60 و61 و62، و ص 159 ح 206 و207، و ص 187 ح 280 .
4- . . مهج الدعوات : ص 397 (دعاء في زمن الغيبة) .

العلوم بصحّة علوم أهل النجوم، ما روينا بإسنادنا إلى محمّد بن يعقوب في كتاب تفسير الرؤيا بإسناده عن محمّد بن غانم، قال: قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : عندنا قوم يقولون: النجوم أصحّ من الرؤيا.. الخبر» (1) .وهذا الخبر نقله الحرّ العاملي بلفظه في الوسائل عن فرج المهموم (2) .وقد أجاز الشيخ الحرّ العاملي للفاضل الهندي أن يروي عنه مصنّفات الكليني رحمه الله، وقد عدّ كتاب تعبير الرؤيا منها، كما في إجازات البحار (3) .كما نقل العلّامة المجلسي في البحار جملة من أحاديث كتاب تعبير الرؤيا للكليني بتوسّط كتب السيّد ابن طاووس (4) .

ثانيا - كتاب الردّ على القرامطة

نشأت حركة القرامطة بعد منتصف القرن الثالث الهجري، وظهرت في الكوفة (سنة / 278 ه ) ثمّ (سنة / 286 ه )، وامتازت تلك الحركة بعنفها وعدم هوادتها، مع الشدّة والصرامة، والاستخفاف الكبير بالدولة العبّاسية وقادتها، والاستهانة بالدماء إلى حدّ عظيم، وقد برز من قادتها: أبو سعيد القرمطي، وحمدان بن الأشعث قرمط، وصاحب الشامة الذي قتل (سنة / 291 ه )، وزكرويه بن مهرويه الذي قتل (سنة / 294 ه )، وقد راح ضحيّة هجماتهم المتكرّرة على مدن العراق والحجاز ودمشق آلاف الضحايا الأبرياء، وبلغت قوّتهم في عصر الكليني رحمه اللهأنّه لم يقدر على الوقوف بوجههم جيش مقاتل، ولم تصمد أمامهم مدينة محاربة، وكان مجرّد احتمال مهاجمتهم لبعض المناطق موجبا لبثّ الرعب الشديد في الناس، وانهيار معنويّاتهم، وقطع القرامطة

ص: 292


1- . . فرج المهموم : ص 86 الرقم 2 .
2- . . وسائل الشيعة : ج 11 ص 370 ح 15049 (9) باب 14 باب تحريم العمل بعلم النجوم.
3- . . بحار الأنوار : ج 107 ص 118.
4- . . راجع: بحار الأنوار ج 55 ص 242 ح 22، و ج 58 ص 166 ح 17، و ج 90 ص 272 ح 2، و ج 92 ص 283 ح 7.

الطريق على المسلمين حتى توقّف الحجّ في زمانهم من (سنة / 322 ه ) إلى (سنة / 327 ه )، وكانوا قبل هذا التاريخ قد أخذوا المكس على الحاج حيث فرضوا على كلّ نفر يريد الحجّ خمسة دنانير، وقد تولّى دفعها عن جميع الحجّاج العراقيين السيّد أبو علي بن يحيى العلوي الشيعي.ومن جرائم القرامطة الكبرى في تاريخ حركتهم، أنّهم اعتدوا على حرمة الكعبة المشرّفة (سنة / 317 ه ) فدخلوا الحرم المكّي الشريف، وقتلوا الحاج أثناء الطواف، وطرحوا القتلى في بئر زمزم، وعرّوا الكعبة المشرّفة من كسوتها، وقلعوا بابها، كما اقتلعوا الحجر الأسود وبقي عندهم أكثر من عشرين سنة في عاصمتهم هجر إلى أن رُدّ إلى مكانه بفضل الدولة الفاطمية بمصر.وقد كانت للقرامطة آراء واعتقادات فاسدة كثيرة، وفيها الكثير الدال على كفرهم ومروقهم من الدين الحنيف كما نصّ على هذا أصحاب المقالات والفِرَق كالأشعري والنوبختي وغيرهم (1) ، وقد انتهت حركتهم وتمّ إخمادها بعد زمان المقتدر باللّه العبّاسي (295 - 320 ه ).

كلّ هذا حمل علماء الإمامية للتصدّي إلى تلك الحركة قبل ظهورها بالكوفة كما

ص: 293


1- . . لخّصنا هذا الكلام بشأن تلك الحركة من المصادر والمراجع التالية: التنبيه والإشراف : ص 322 - 325 و ص 330 و 334 و 335 و 345، والكامل في التاريخ : ج 6 ص 396 و 400 و 409 و 410 و 417 و 421 و 428 و 432 و 437 و 482، و ج 7 ص 15 و 31 و 32، والبداية والنهاية : ج 11 ص 92 و 93 و 98 و 107 و110 و113 و114 و115 و168 و170 و179 و182 و237 و251، وتكملة تاريخ الطبري / محمّد بن عبدالملك الهَمَذَاني: ص 263 - 264 (مطبوع ضمن الجزء الحادي عشر من كتاب تاريخ الطبري)، وتجارب الاُمم : ج 1 ص 120، وفوات الوفيات : ج 1 ص 353، وتاريخ مختصر الدول : ص 131، ومرآة الجنان : ج 2 ص 162 و 163 و 165 و 166 و 178، و صبح الأعشى : ج 4 ص 169 و 272 و 273، وتاريخ الخلفاء : ص 297 و 307 و314 و318، والحضارة الإسلامية / آدم متز : ج 2 ص 69، وقرامطة العراق / محمّد فتّاح عليان : ص 154، وفِرَق النوبختي : ص 83 - 86 ، ومقالات الإسلاميين واختلاف المصلّين / أبو الحسن الأشعري: ص 26، والفصل في الملل والأهواء والنحل / ابن حزم : ج 1 ص 109 و 372، و ج 3 ص 118 .

يظهر بكلّ وضوح من كتاب الفضل بن شاذان النيسابوري (ت / 260 ه ) المعنون بكتاب الردّ على الباطنية والقرامطة (1) وغيره ممّن ذكره الشيخ آقا بزرك الطهراني في الذريعة (2) .ومنهم أيضا ثقة الإسلام الكليني المعاصر لتلك الحركة في تأليفه هذا الكتاب الذي نسبه للكليني النجاشي (3) والشيخ الطوسي (4) ، والذي تبرز أهميّته - على الرغم من كونه من المؤلّفات المفقودة - من جهتين، وهما:الاُولى - الجهة العقائدية: وتبرز هذه الجهة في مسألة دفاع الكليني رحمه اللهفي كتابه هذا عن العقيدة الإسلامية أزاء كلّ تصرّف منحرف يقع على الإسلام باسمه، لا سيّما ما اختاره القرامطة من اعتقادات فاسدة، فضلاً عن اعتداءآتهم الصارخة على مقدّسات المسلمين، لم يشأ الكليني أن يقف بإزائها مكتوف الأيدي، بل أثارت تلك الإنحرافات غيرته على الإسلام، فانبرى إلى تأليف ذلك الكتاب كتعبير عن وجهة النظر الإسلامية الصائبة إزاء تلك الحركة.الثانية - الجهة التاريخية: وهذه الجهة لا يمكن إغفالها في خصوص هذا الكتاب؛ لأنّ مؤلّفه قد عاصر هذه الحركة، ولو وصل إلينا هذا الكتاب لعرفنا الكثير عن تاريخ تلك الحركة وأهدافها التي لا زال الغموض يكتنف بعض جوانبها على الرغم من تعرّض أكثر المصادر التاريخية إليها.ولا يخفى ما يحمله عنوان (الردّ على القرامطة) من مسحة كلامية، الأمر الذي يشير إلى تضلّع ثقة الإسلام الكليني بعلم الكلام الإسلامي.

ص: 294


1- . . الفهرست للطوسي : ص 198 الرقم 563 (1).
2- . . الذريعة : ج 10 ص 217 .
3- . . رجال النجاشي : ص 377 الرقم 1026.
4- . . الفهرست للطوسي : ص 210 الرقم 602 (17).

ثالثا - كتاب رسائل الأئمّة عليهم السلام

ذكره النجاشي في مؤلّفات الكليني (1) ، وسمّاه الشيخ الطوسي بكتاب الرسائل (2) وصُحِّف في معالم العلماء إلى كتاب (الوسائل) (3) .ويعتبر هذا الكتاب من كتب الكليني المفقودة أيضا، وهو كما يبدو من اسمه خصّص لجمع رسائل الأئمّة عليهم السلام إلى أصحابهم، أو أبنائهم.وقد روى الشيخ في كتاب الغيبة قائلاً: «روى محمّد بن يعقوب، قال: خرج إلى العمري في توقيع طويل اختصرناه: ونحن نبرأ إلى اللّه تعالى من ابن هلال لا رحمه اللّه وممّن لا يبرأ منه، فاعلم الإسحاقي وأهل بلده ممّا أعلمناك من حال هذا الفاجر، وجميع من كان سألك ويسألك عنه» (4) .وهذا النص المذكور لا وجود له في الكافي، والظاهر أخذه من كتاب رسائل الأئمّة عليهم السلام للشيخ الكليني رحمه الله.ونقل السيّد ابن طاووس (ت / 664 ه ) طرفا من هذا الكتاب مشيرا إليه صراحة حيثما ورد النقل منه، وقد قال في أحد اقتباساته منه: «قد روى الشيخ المتّفق على ثقته وأمانته محمّد بن يعقوب الكليني تغمّده اللّه جلّ جلاله برحمته رسالة مولانا أمير المؤمنين علي عليه السلام إلى جدّك (5) الحسن ولده سلام اللّه - جلّ جلاله - عليهما، وروى رسالة اُخرى مختصرة عن خطّ علي عليه السلام إلى ولده محمّد بن الحنفية رضوان اللّه - جلّ جلاله - عليه، وذكر الرسالتين في كتاب الرسائل ، ووجدنا في نسخة قديمة يوشك أن يكون

ص: 295


1- . . رجال النجاشي : ص 377 الرقم 1026.
2- . . فهرست الشيخ الطوسي : ص 210 الرقم 602 (17).
3- . . معالم العلماء : ص 99 الرقم 666 .
4- . . كتاب الغيبة للطوسي : ص 353 ح 313 (السفراء الممدوحون في زمان الغيبة)، وعنه في بحار الأنوار : ج 50 ص 307 ح 3 .
5- . . يرجع الضمير المخاطب إلى ولده صفيّالدين محمّد.

كتابتها في زمان حياة محمّد بن يعقوب رحمة اللّه عليه» (1) .ويبدو أنّ السيّد ابن طاووس كان متأثّرا بهذا الكتاب مفضّلاً له على ما عداه من كتب بهذا المجال فقال: «ورأيت يا ولدي بين رواية الحسن بن عبداللّه العسكري مصنّف كتاب (الزواجر والمواعظ) الذي قدّمناه وبين الشيخ محمّد بن يعقوب في رسالة أبيك أمير المؤمنين علي عليه السلام إلى ولده تفاوتا، فنحن نوردها برواية محمّد بن يعقوب فهو أجمل وأفضل (2) فيما قصدناه. فذكر محمّد بن يعقوب الكليني في كتاب الرسائل بإسناده إلى أبي جعفر بن عنبسة، عن عباد بن زياد الأسدي، عن عمر بن أبي المقدام، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال: لمّا أقبل أمير المؤمنين عليه السلام من صفّين كتب إلى ابنه الحسن عليه السلام : بسم اللّه الرحمن الرحيم، من الوالد الفاني المقرّ للزمان، المدبر للعمر، المستسلم للدهر، الذام الدنيا، والساكن مساكن الموتى، الظاعن عنها غدا، إلى الولد المؤمل ما لا يدرك، السالك سبيل من قد هلك... » (3) .وفي كتاب فتح الأبواب للسيّد ابن طاووس أيضا ورد النقل الصريح من هذا الكتاب بقوله: «قال محمّد بن يعقوب الكليني فيما صنّفه من كتاب رسائل الأئمّة صلوات اللّه عليهم، فيما يختصّ بمولانا الجواد صلوات اللّه عليه. فقال: ومن كتاب إلى علي بن أسباط :

ص: 296


1- . . كشف المحجّة لثمرة المهجة : ص 158 - 159 .
2- . . جاء في مقدّمة اُصول الكافي للاُستاذ الدكتور حسين علي محفوظ : ج 1 ص 26 عند حديثه عن كتاب الكافي عند الإمامية: «... وهو عندهم (أجمل وأفضل) من سائر اُصول الأحاديث» مشيرا بالهامش الذي وضعه بعد عبارة أجمل وأفضل المذكورة في النصّ السابق إلى كتاب كشف المحجّة لابن طاووس ص: 159، وقد اتّضح من النصّ أعلاه أنّ هذه العبارة (أجمل وأفضل) أُطلقت على كتاب الرسائل لا كتاب الكافي ، ولكن جاء ذلك سهوا من قلم اُستاذنا الكبير محفوظ، ومن أدبه الجمّ أنّه اطّلع على هذه الملاحظة في رسالتي للماجستير حول الكافي التي أعددتها (سنة / 1409 ه ) في العراق حول الكافي ، فأبدى ارتياحه الشديد إليها وشكرني عليها .
3- . . كشف المحجّة : ص 159، وقد نقل منه في ص 173 و 189 بهذا الاسم ، إلّا أنّه نقل منه في ص: 153 بعنوان: الوسائل ، والظاهر وقوع التصحيف من الناسخ.

بسم اللّه الرحمن الرحيم، وفهمت ما ذكرت من أمر بناتك...» (1) .ويبدو أنّ الكليني رحمه اللّه تعالى قد نقل من كتابه الرسائل بعضا من رسائل الأئمّة عليهم السلام إلى كتابه الكافي كما يتّضح من رواية معظم الكتاب المبعوث إلى علي بن أسباط، عن عِدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد. ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد جميعا؛ عن علي بن مهزيار، قال: كتب علي بن أسباط إلى أبي جعفر عليه السلام . ثمّ ذكر مثلما ورد عن ابن طاووس في نقله من كتاب الرسائل المذكور (2) ممّا يحتمل معه أن تكون رسائل الأئمّة عليهم السلام التي تضمّن بعضها الكافي لاسيّما في الروضة مأخوذة من كتابه الرسائل، هذا إذا علمنا أنّ كتاب الكافي هو آخر كتبه تأليفا.هذا وقد روى النصّ المذكور كلّ من الحرّ العاملي (3) والمجلسي (4) من كتاب رسائل الأئمّة عليهم السلام للشيخ الكليني، والظاهر من كلام الفيلسوف الربّاني صدر المتألّهين الشيرازي (ت / 1050 ه ) في شرح اُصول الكافي، أنّ كتاب رسائل الأئمّة عليهم السلام لثقة الإسلام الكليني قد وصل إلى عصره، بل اعتمده أيضا، حيث قال: «روى محمّد بن يعقوب الكليني رحمه الله في كتاب الرسائل بإسناده عن سنان بن طريف ، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال: كان أمير المؤمنين عليه السلام يكتب هذه الخطبة إلى أكابر الصحابة وفيها كلام رسول اللّه صلى الله عليه و آله :

بسم اللّه الرحمن الرحيم إلى المقرّبين في الأظلّة، الممتحنين بالبلية، المسارعين في الطاعة - ثمّ نقل من هذه الخطبة الشيء الكثير - إلى أن قال الشيرازي - : من كلام طويل أخذنا منه مواضع الحاجة» (5) .

ص: 297


1- . . فتح الأبواب بين ذوي الألباب وبين ربّ الأرباب في الاستخارات : ص 143 - 144.
2- . . فروع الكافي : ج 5 ص 347 ح 2 باب 24 من كتاب النكاح.
3- . . وسائل الشيعة : ج 20 ص 76 ح 25073 (1) باب 28 من أبواب مقدّمات النكاح وآدابه.
4- . . بحار الأنوار : ج 91 ص 264 ح 18.
5- . . شرح اُصول الكافي / صدر المتألّهين الشيرازي : ج 2 ص 612 - 615.

وهذا الكلام صريح على وصول كتاب الرسائل إلى عصر صدر المتألّهين، ووقوفه عليه مع النقل المباشر منه بلا واسطة.وقد قمت أخيرا بمحاولة جمع ما تفرّق من هذا الكتاب وتحقيقه وتخريجه، وبلغت فيه زهاء خمسين صفحة، وحالت دون إتمامه ظروف قاسية، وفي النيّة العودة إليه بعد اتمام بعض المشاريع العلمية، وما التوفيق إلّا من عند اللّه .هذا.. وقد قال ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح النهج : «وروى محمّد بن يعقوب الكليني، قال: استصرخ أمير المؤمنين عليه السلام الناس عُقيب غارة الضحّاك بن قيس الفهري على أطراف أعماله، فتقاعدوا عنه، فخطبهم، فقال: ما عزّت دعوة من دعاكم، ولا استراح قلب من قاساكم...» (1) .وهذه الخطبة غير موجودة في الكافي، ممّا يُحتمل أخذها من هذا الكتاب المفقود وإن كان في خصوص الرسائل لا الخُطب، إذ ربّما اقتضت المناسبة ذكرها فيه.

رابعا - كتاب الرجال

نسب هذا الكتاب إلى الكليني رحمه الله النجاشي (2) والشيخ الطوسي (3) وسائر المتأخّرين، وهو من كتب الكليني المفقودة أيضا، ولو وصل إلينا هذا الكتاب لوقفنا على الكثير من مشايخه، وربّما على شيء كثير من حياة مؤلّفه؛ لأنّ من عادة علماء الرجال أن يترجموا لأنفسهم بذكر ولادتهم ومشايخهم ومؤلّفاتهم وما يرتبط بحياتهم العلمية والشخصية أحيانا.وعلى أيّة حال ، فإنّ هذا الكتاب المفقود يشكّل علامة واضحة في معرفة الكليني قدس سرهبأحوال الرواة، وطبقاتهم، والتي يمكن تلمُّس آثارها في مواقع كثيرة من الكافي نفسه.

ص: 298


1- . . شرح نهج البلاغة : ج 2 ص 117 شرح الخطبة رقم (29) بعنوان: «غارة الضحّاك بن قيس ونُتف من أخباره».
2- . . رجال النجاشي : ص 377 الرقم 1026.
3- . . الفهرست للطوسي : ص 210 الرقم 602 (17).

خامسا - كتاب ما قيل في الأئمّة عليهم السلام من الشعر

ومن جملة من عدّ هذا الكتاب لثقة الإسلام الكليني، هو النجاشي (1) ، وكفى بذلك إثباتا لصحّة نسبته إليه.وهذا الكتاب المفقود أيضا يشير بوضوح إلى عناية الكليني بالأدب العربي، وتلوّن ثقافته، ولو قُدِّر لهذا الكتاب البقاء لوقفنا على أسماء شعراء أهل البيت عليهم السلام ، ولاطّلعنا من خلاله على غرر القصائد الشعرية التي قيلت في مدحهم عليهم السلام ، خصوصا وإن أكثر الدواوين الشعرية المتقدّمة قد أسقطت الأيدي (الأمينة على التراث) بعض قصائدها أو أبياتها التي قيلت في مدح آل محمّد صلى الله عليه و آله !! كما نلحظه اليوم في ديوان حسّان بن ثابت شاعر الرسول صلى الله عليه و آله !

سادسا - كتاب خصائص الغدير، أو خصائص يوم الغدير

سادسا - كتاب خصائص الغدير، أو خصائص يوم الغدير:وهذا الكتاب لم تثبت - عندي - نسبته إلى الكليني رحمه الله، ولم يذكر تلك النسبة أحد قط إلّا السيّد عبدالعزيز الطباطبائي رحمه الله، الذي ذكر هذا الكتاب وعدّه من مؤلّفات ثقة الإسلام الكليني (2) ، وأغلب الظن أنّه استنبطه من مكان آخر وإن لم يُفصح به، وقد وجدت بعد بحث طويل ما يشير إلى أصل تلك النسبة، فقد ذكر النباطي في ديباجة كتابه الصراط المستقيم المصادر التي اعتمدها في كتابه فقال: «في ذكر أشياء من الكتب التي عثرت عليها وأضفت ما نقلته منها» ثمّ عدّد تلك الكتب وذكر منها - برقم 33 - كتاب (خصائص يوم الغدير) (3) ، ولم ينسبه إلى أحد. وقال في مكان آخر من كتابه فيمن روى حديث الغدير ما هذا لفظه:

«وروى صاحب الكافي، عن الجعابي في كتاب نخب المناقب برواة عِدّتهم سبعة

ص: 299


1- . . رجال النجاشي : ص 377 الرقم 1026.
2- . . الغدير / السيّد عبدالعزيز الطباطبائي : ص 38 .
3- . . الصراط المستقيم إلى مستحقّي التقديم : ج 1 ص 4 .

وثمانون نفسا» (1) .ويبدو أنّ السيّد الطباطبائي قد أخذ بظاهر هذه العبارة وحكم بأنّ المراد بصاحب الكافي هو الكليني! ولمّا لم يكن في كتاب الكافي أيّ طريق لحديث الغدير عن الجعابي، مع عدم وجود علاقة بين كتب الكليني المفقودة وبين حديث الغدير كما يظهر من أسمائها، الأمر الذي احتمل معه أن يكون للكليني كتاب آخر في خصوص موضوع الغدير وإن أغفله الشيخ والنجاشي وغيرهم من مترجمي ثقة الإسلام، وليس هو إلّا كتاب خصائص الغدير الذي لم ينسبه النباطي إلى أحد.ولكن هذا الاستنباط - إن كان هو الأصل في نسبة الكتاب للكليني - فضعيف جدّا؛ لأنّ في عبارة الصراط المستقيم تشويش كثير، فصاحب الكافي ليس هو الكليني وإنّما هو الصاحب بن عبّاد كافي الكفاة، ويُعرف بالصاحب الكافي، كما أنّ نخب المناقب ليس للجعابي، وإنّما هو لأبي عبداللّه الحسين بن جبير (ت / 588 ه ) وقد صرّح حفيده زين الدين علي بن يوسف بن الحسين بن جبير بهذا في كتابه نهج الإيمان ، فقال عن حديث الغدير ما هذا لفظه: «وأمّا الصاحب الكافي فقد رواه عن القاضي أبي بكر الجعابي، ورواه أبو بكر الجعابي عن رجال ونساء، ذكر أسماءهم جدّي أبو عبداللّه الحسين بن جبير رحمه اللهفي كتابه نُخب المناقب لآل أبي طالب ، وعدّدها فإذا هي سبعة وثمانوننفسا » (2) .

وقد صرّح النباطي نفسه بأنّ كتاب نخب المناقب للحسين بن جبير في عِدّة مواضع (3) ، على أنّ الجعابي من مشاهير الحفّاظ البغداديين، وقد ترجم له الفريقان ولم يذكر له أحد منهم كتاب نخب المناقب ، وقد مات ببغداد (سنة / 355 ه ) بعد وفاة الكليني بستّ

ص: 300


1- . . الصراط المستقيم إلى مستحقّي التقديم : ج 1 ص 301 .
2- . . نهج الإيمان : ص 134 .
3- . . الصراط المستقيم إلى مستحقّي التقديم : ج 1 ص 11 و 94 و 261 و 272 و ج 2 ص 41 وغيرها .

وعشرين سنة، وكان قد أوصى بأن تحرق كتبه فأحرقت جميعها (1) .وعلى أية حال ، فإنّ تلك النسبة لا أصل لها، وتبقى بلا دليل، على أنّ السيّد الطباطبائي لم يذكر مصدره في ذلك، وقد سألته في حياته رحمه الله عن هذا الكتاب طالبا الدليل عليه، فلم يزد على قوله: نعم إنّه للكليني!ومهما يكن ، فإنّ جميع ما ذكرناه من كتب الكليني مفقود، وقد اتّصل النقل المباشر من بعض تلك الكتب المفقودة إلى أزمان متأخّرة كرسائل الأئمّة عليهم السلام الذي بقي موجودا إلى القرن الحادي عشر الهجري، ثمّ فُقِد بعد ذلك، وربّما يكون منزويا اليوم في مكتبة ما من مكتبات العالَم، واللّه العالِم.

سابعا - كتاب الكافي

وهو الكتاب الوحيد الذي وصل إلينا من مؤلّفات ثقة الإسلام، وهو موسوعة حديثية، فيه إلى جانب ما يلي حاجة الفقيه، والمحدّث، دقائق فريدة تتعلّق بشؤون العقيدة، وتهذيب السلوك، ومكارم الأخلاق.وقد رُزق هذا الكتاب فضيلة الشهرة في حياة مؤلّفه، إذ لا نظير له في بابه، والحديث المفصّل عنه يُبعدنا عن أصل الموضوع وهو (حياة الكليني)؛ ولكون الكافي هو المعبّر الوحيد عمّا يمتلكه الكليني من طاقات علمية، فلابدّ من الحديث المختصر عنه، لتكتمل من خلاله الصورة الواضحة لشخصية مؤلّفه، ودوره العظيم في تطوير ودفع الحركة العلمية والفكرية - بهذا الكتاب - خطوات واسعة إلى الأمام، فنقول:إنّ الطريق إلى فهم الدين الحقّ بلا عِلْمٍ محال، والعلم بلا تعقّل الأشياء سفسطة، وكلّما ازداد الإنسان علما ازداد فهمه وتعقّله، وازدادت معرفته باللّه عزّ وجل. وكلّما تنامت معرفته بخالقه عظمت خشيته منه وامتثال أوامره؛ لأنّ أعلم الناس بأمر اللّه عزّ وجل أحسنهم عقلاً، وأكملهم عقلاً أرفعهم درجة في الدنيا والآخرة.

ص: 301


1- . . تاريخ بغداد : ج 3 ص 241 الرقم 1269.

وهذا هو الهدف الأسمى في الوجود كلّه.. ومن هنا جعل الكليني رضي اللّه تعالى عنه كتاب العقل والجهل بمثابة الطريق الموصل إلى قلعة الكافي..وبما أنّ قوّة التقليد لا تستمر إلّا بقداسة الماضي في النفوس، وإذا ما ضعفت تلك القداسة أو انعدمت انهار البناء؛ لذا صار التقليد ممقوتا في معرفة حقائق الأشياء، فكان اللازم فهم تلك الحقائق ببديل موضوعي لا يتغيّر بتغيّر الزمان والمكان وليس هو إلّا القوّة الدائمة (المتواترة) التي تعكس قوّة العقيدة وتجذّرها في الأعماق، الأمر الذي هتفت به مدرسة أهل البيت عليهم السلام بكلّ قوّة وأوصله ثقة الإسلام إلى جميع الاُمّة بأقصر السبل وأكثرها أمانا من خلال كتابي التوحيد والحجّة من كتب الكافي.والكافي لم يغرق في ضبابية الأفكار السطحية أو التجريبية لينفصل بهذا عن الواقع الإسلامي ويبتعد عن حياة الناس في جميع عصورهم، كما نجده في تنظير بعض كتب الحديث لجملة من الأوهام والخرافات التاريخية التي لا تمتلك ما يؤهّلها لأن تتصدّر كلّ حوار إسلامي نظير خرافات التجسيم، والتشبيه، والحلول، والاستواء. فضلاً عن أساطير بعض أشراط الساعة كمعجزات الدجّال ، و(الجسّاسة)، و(ابن صياد)!!؛ ولهذا انطلقت موسوعة الكافي في عالم الحقيقة الرحب وفضاء الدين الفسيح، لتوقّفنا على صورة رائعة وقضية إسلامية في الصميم ما أبعدها عن الخيال الذي يبحث عن موطئ قدم له في عالم الواقع؛ لأنّها تمثّل من الحياة الإسلامية عصارتها، ومن الواقع الديني لبّه.. قضية تبيّن للناس جميعا كيفيّة الارتقاء بالنفس إلى الملكوت الأعلى أو الهبوط بها إلى أسفل السافلين؛ الأمر الذي تصدّى له الكليني بكتاب الإيمان والكفر من كتب الكافي، وشكّل به تحدّيا لجميع كتب الحديث.وهكذا يتمّ استكشاف طبيعة الدور الفكري والحضاري الذي لعبته كتب الكافي الاُخرى في حركة التاريخ الشيعي بعد عصر الغيبة وإلى اليوم، ومن خلال تسليط الباحثين الضوء على بقيّتها بدراسات موضوعية يُعْلَم واقع ما كان يمتلكه الكليني من قدرة في عملية البناء والإبداع والتجديد.

ص: 302

ولعلّ شعور الفقيه والمحدّث والفيلسوف والمتكلّم والباحث والمثقّف الإسلامي بالحاجّة الملحّة إلى ما يسعفه ويؤيّد رأيه من الكافي دليلٌ على أنّ روح الكليني لم تزل تحيا مع الجميع وإن مضى الجسد الطاهر في أعماق التاريخ.ومن هنا عرف العلماء قيمة الكافي بوقت مبكّر، ويأتي في طليعتهم تلامذة الكليني الذين بذلوا قصارى جهدهم في استنساخ هذا الكتاب ونشره على الملأ الإسلامي، ويدلّ على ذلك أنّ أوّل من استعان بهذا الكتاب وأشار إليه صراحة معاصر الكليني الشيخ إبراهيم بن سليمان بن وهب ، من آل وهب الشيعة الإمامية المعروفين ، المتوفّى (سنة / 334 ه ) بعد وفاة الكليني رحمه الله بخمس سنين فقط، إذ استعان بكتاب الكافي في كتابه (البرهان في وجوه البيان) (1) .والمنهج المتّبع في الكافي الشريف لأجل الوصول إلى اُصول الشريعة وفروعها وآدابها وأخلاقها، إنّما هو بالاعتماد على حَمَلَة آثار النبوّة من نقلة حديث الآل عليهم السلام ، الذي هو حديث الرسول صلى الله عليه و آله ، إذ صرّح أهل البيت عليهم السلام مرارا وتكرارا بأنّهم لا يحدّثون الناس إلّا بما هو ثابت عندهم من أحاديث الرسول صلى الله عليه و آله ، وأنّهم كانوا يكنزونها كما يكنز الناس ذهبهم وورقهم، وأنّها كلّها تنتهي إلى مصدر واحد، وبإسناد واحد (2) ، لو قرأته - كما يقول أحمد بن حنبل (ت / 240 ه ) - على مجنون لبرئ من جِنّته (3) .

ص: 303


1- . . ذكر هذا الدكتور حسين مدرسي طباطبائي في مجموعة مقالات باللغة الفارسية بعنوان (مكتب در فرايند تكامل) ص: 16 هامش 91، وهذا الاُستاذ من المقيمين في الولايات المتّحدة الأمريكية، وهو من أساتذة جامعة شيكاغو، وقد التقيت به في مدينة قم المقدّسة قبل أكثر من عشر سنين في أثناء زيارته إلى بلده إيران.
2- . . وردت أحاديث كثيرة بهذا المعنى يمكن أن تكوّن بمجموعها مثالاً جيّدا للتواتر المعنوي، اُنظر: المحاسن : ص 156 ح 87 و 185 ح 194، وتفسير العيّاشي : ج 2 ص 331 ح 46، واُصول الكافي : ج 1 ص 53 ح 14 باب 17 من كتاب فضل العلم، و ص 42 ح 10، وكفاية الأثر : ص 327، والاحتجاج : ص 327، ووسائل الشيعة : ج 27 ص 104 ح 85 و 86 باب 8 من أبواب صفات القاضي، و ج 27 ص 147 ح 32 باب 11 من أبواب صفات القاضي .
3- . . الصواعق المحرقة : ص 303 .

ومن ثمرات هذا التضييق في رواية السنّة المطهّرة في الكافي، وحصرها بذلك النمط من حملة الآثار، أنّك لا تجد بينهم لرجال الشجرة الملعونة وأذنابهم وأنصارهم وزنا ولا اعتبارا، ولا للخوارج والنواصب ورواتهم ذِكرا، ولا لمن لم يحفظ النبي الأكرم صلى الله عليه و آله في أهل بيته عليهم السلام (1) عينا ولا أثرا (2) .كما لا تجد في أخبار الكافي لمن نافق ممّن تسمّى بالصحابة ولصق بهم خبرا (3) ، وأمّا عن أخبار المؤمنين منهم، فهي إمّا أن تمرّ طرقها عبر من تجنّب الكليني رواياتهم فلا يروي عنهم ولا كرامة، وإمّا أنْ تمرّ عبر غيرهم ممّن لا طريق لنا في معرفة درجة وثقاتهم؛ إذ لم يسلم علماء جرحهم وتعديلهم من الجرح في أنفسهم، ومن يكن هكذا حاله فلا عبرة في أقواله.ولو تنزَّلنا عن ذلك وقلنا باعتبارها لوثاقة ناقليها جدلاً، فالكليني رحمه الله في غنىً عن تكلّف إسنادها، إذ لا يحتاج في وصلها - على طبق منهجه وفرض صحّتها - أكثر من أن يسندها إلى من حدّث بها من أهل البيت عليهم السلام ؛ لثبوت حجّية سنّتهم، مع كونهم من أحرص الناس في الحفاظ على السنّة النبوية وتدوينها والأمر بكتابتها وحفظها، هذا فضلاً عن كون الإسناد إلى أئمّة أهل البيت عليهم السلام بعد أصحاب الكساء عليهم السلام أعلى من الإسناد إلى الصحابة، ومن مثل الكليني لا يدع علوّ الإسناد في الرواية عن أهل البيت عليهم السلام لأجل زيد أو عمر، ومن البداهة بمكان أنّه لا يعدل بأهل البيت عليهم السلام أحد من الصحابة وإن جلّ، ولا يوجد فيهم من هو أعلم بما في البيت النبوي الطاهر من أهله

ص: 304


1- . . ورد في الحديث الشريف : «من حفظني في أهل بيتي فقد اتّخذ عند اللّه عهدا» الصواعق المحرقة : ص 150.
2- . . يدخل في هذا الصنف جميع رواة العامّة الذين عاصروا أهل البيت عليهم السلام ، وتعمَّدوا ترك الرواية عنهم عليهم السلام .
3- . . كان ابن عبّاس رضى الله عنه يسمّي سورة التوبة بالفاضحة لأنّها فضحت المنافقين من الصحابه ولم تدع أحدا منهم إلّا أتت عليه، وسمّاها قتادة بن دعامة التابعي بالمثيرة؛ لأنّها أثارت مخازيهم، وسمّاها آخر بالمبعثرة؛ لأنّها بعثرت أسرارهم. راجع: معالم التنزيل : ج 3 ص 3، والتبيان في تفسير القرآن : ج 5 ص 167، ومجمع البيان : ج 3 ص 78 ، وعلى الرغم من هذه الحقائق القرآنية تجد من يقول إلى اليوم بأُسطورة عدالتهم جميعا بما في ذلك الوغد المجرم معاوية وزبانيته!!

المطهّرين، وفي المثل: (أهل البيت أدرى بالذي فيه).

إذن، نقل السنّة الشريفة على وفق هذا المنهج، هو من أسدّ النقل وأكثره احتياطا في الدين، والتزاما بحديث الثقلين: كتاب اللّه ، والعترة.وهذا المنهج وإن كان هو المنهج العام عند محدّثي العترة، إلّا أنّ شدّة التزام الكليني به مع ميزات كتابه الاُخرى هي التي حملت الشيخ المفيد قدس سرهعلى القول: بأنّ الكافي من أجلّ كتب الشيعة وأكثرها فائدة (1) ، كما حملت غيره على الإعجاب بكتاب الكافي والثناء على مؤلّفه (2) .ومن هنا بذل علماء الشيعة - قديما وحديثا - جهودا علمية مضنية حول الكافي، فاستنسخوه كثيرا (3) ، وشرحوا أحاديثه، وأكثروا من تحشيته وتهميشه، وبيّنوا مشتركاته، ووضّحوا مسائله، واختصروه، وحقّقوا أسانيده، ورتّبوا أحاديثه، وصنّفوها على ضوء المصطلح الجديد، وترجموه إلى عِدّة لغات، وطبعوه مرّاتٍ ومرّاتٍ، ووضعوا الفهارس الفنيّة لأبوابه، وأحاديثه، وألفاظه، بحيث وصلت جهودهم حول الكافي إلى أكثر من مائتي كتاب، وبلغ بعضها أكثر من عشرين مجلّدا، فضلاً عن الدراسات الحديثة حوله.

ص: 305


1- . . تصحيح الاعتقاد : ص 70 فصل في النهي عن الجدال .
2- . . كما في مرآة العقول : ج 1 ص 3، والوافي : ج 1 ص 6، ورياض العلماء : ج 2 ص 261، ولؤلوة البحرين : ص 5 ، ورجال السيّد بحر العلوم المعروف بالفوائد الرجالية : ج 3 ص 330، وكشف الحجب : ص 418، ومستدرك الوسائل : ج 3 ص 532 ، وروضات الجنّات : ج 6 ص 116، والكنى والألقاب : ج 2 ص 98، وسفينة البحار : ج 2 ص 494، وتنقيح المقال : ج 3 ص 202، والذريعة : ج 17 ص 245 . وقد وردت في الإجازات العلمية المودعة في الأجزاء الأخيرة من البحار كالجزئين 108 و109 شهادات ضافية لمشاهير علماء الشيعة تشيد بكتاب الكافي باعتباره أهمّ مُصنَّف في الحديث في الإسلام .
3- . . بلغت نسخه الخطيّة (489) نسخة موزّعة على مكتبات العالم الإسلامية وغيرها بحسب الفهرس الشامل لمخطوطات الحديث وعلومه المطبوع في الأردن فيما تتبّعناه، وقد فاته الكثير ممّا في مكتبات الشيعة من نسخ الكافي.

وهم مع كلّ هذه الجهود:

لم يقل أحد منهم بوجوب الاعتقاد والعمل بجميع ما بين دفّتيه.ولا ادعي إجماع على صحّة جميع ما فيه كما قيل: إنّه «انعقد إجماع العامّة على صحّة البخاري ومسلم» (1) .ولم يُفْتِ أحد من فقهاء الشيعة بشأن الكافي نظير فتيا إمام الحرمين بشأن صحيحي البخاري ومسلم بأنّه: لو حلف إنسان بطلاق امرأته أنّ كلّ ما في البخاري ومسلم هو من قول النبي صلى الله عليه و آله لما أُلزِم بالطلاق ولا الحنث بيمينه!! (2) ولا كان يقرأ في الشدّة لتفرج، ولا في المراكب لكي لا تغرق، ولم يستسق شيعيّ بقراءته الغَمام كما كان يفعل بكتاب البخاري (3) .ولم ير أحد مناما بشأن الكافي كمنامات الفربري المضحكة بشأن صحيح البخاري (4) .ولم يتجرّأ أحد على القول بأنّ كلّ من روى عنه الكليني صار فوق مستوى الشبهات، كما كان يصرّح أبو الحسن المقدسي بأنّ كلّ من روى عنه البخاري فقد جاز القنطرة، أي لا يلتفت إلى ما قيل فيه، وأيّده على ذلك أبو الفتح القشيري (5) .ولم يُغالِ أحد من شعراء الشيعة بوصف أخبار الكافي، كما غالى البرهان القيراطي في قصيدته العينية بأخبار البخاري، وزاد عليه أبو الفتوح إذ يقول:

كأنّ البخاريَّ في جمعه***تلقّى من المصطفى ما اكتتب!!! (6)

ص: 306


1- . . فيض الباري على صحيح البخاري : ج 1 ص 57 .
2- . . صحيح مسلم بشرح النووي : ج 1 ص 19 من المقدّمة .
3- . . إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري : ج 1 ص 29 .
4- . . فتح الباري بشرح صحيح البخاري : ج 1 ص 490 من المقدّمة .
5- . . المصدر السابق : ج 1 ص 381 من المقدّمة .
6- . . إرشاد الساري : ج 1 ص 30، وقد اضطرّ المغالون بصحيح البخاري إلى الاعتذار عنه ببعض التوجيهات الواهية لروايته عن اُولئك الدجاجلة الكذّابين ، وفيهم من هو أشرّ من الشيطان الرجيم كعمران بن حطّان الوغد اللئيم اللعين على لسان رسول ربّ العالمين صلى الله عليه و آله وسلم ، من قبيل عدّهم لرواياته وروايات نظائره - في (صحيح) البخاري - في جملة الشواهد والمتابعات، ونحو ذلك ممّا لا يغني ولا يسمن من جوع.

هذا مع أنّ بعض ما اكتتبه البخاري كان من رواية عمران بن حطّان، وعكرمة، وإسماعيل بن أبي أُويس، وعاصم بن علي، وعمرو بن مرزوق، وسُويد بن سعيد وعشرات من نظائرهم الذين عُرفوا بأسوأ ما يُعرف به الرواة. نعم، لم يقل أحد من الشيعة بنحو هذه الأقوال بشأن الكافي. وإذا كان الأسترآبادي الأخباري رامَ أن يجعل كلّ أحاديث الكافي قطعيّة الصدور بقرائن لم تنهض بمدّعاه، فقد ردّه محقّقو الشيعة وأثبتوا بطلان هذه الدعوى، ويكفي أنّ من جملة الرادّين عليه هو خاتمة المحدّثين وشيخ الأخباريين العلّامة النوري (ت / 1320 ه ) (1) . ولم يذهب أحد إلى القول بأنّ الكليني لم يخرّج الحديث إلّا عن الثقة، عن مثله في سائر الطبقات، بل غاية ما يُستفاد من كلامهم، هو أنّ أخبار الكافي مستخرجة من الاُصول المعتبرة التي شاع بين قدماء الشيعة الوثوق بها والاعتماد عليها، إذ كانت مشهورة معلومة النسبة إلى مؤلّفيها الثقات الأثبات. كما أنّ إعراض الفقهاء عن بعض مرويّات الكافي، لا يدلّ على عدم صحّتها عندهم، ولا ينافي كون الكافي من أجلّ كتبهم، إذ ربّ صحيح لم يُعمل به لمخالفته المشهور، وقد يكون وجه الإعراض لدليل آخر وعلّة اُخرى لا تقدح بصحّة الخبر. وإذا ما عدنا إلى معنى «الصحيح» عند متقدّمي الشيعة وعرفنا المصطلح الجديد فيه، علمنا أنّ الكليني رحمه الله لم يَجْرِ في الكافي إلّا على متعارف الأقدمين في إطلاق الصحيح على كلّ حديثٍ اعتضد بما يقتضي الاعتماد عليه، أو اقترنَ بما يوجب الوثوق به والركون إليه. كوجوده في كتب الاُصول الأربعمائة، أو في كتب مشهورة متداولة،

ص: 307


1- . . خاتمة مستدرك الوسائل : ج 3 ص 533 من الفائدة الرابعة .

أو لتكرّره في أصل أو أصلين، أو لوجوده في أصل معروف الانتساب إلى واحد ممّن أجمعوا على تصديقهم والإقرار لهم بالفقه والعلم كزُرارة وأضرابه، أو كان منقولاً من أحد الكتب التي شاع الاعتماد عليها سواء كانت من كتب الإمامية ككتاب الصلاة لحريز بن عبداللّه السجستاني، أو من كتب غير الإمامية ككتاب حفص بن غياث القاضي، وكتاب الحسين ابن عبداللّه السعدي، وكتاب القبلة لعليّ بن الحسن الطاطري (1) . وعلى أثر فقدان تلك القرائن أو معظمها في عصر السيّد أحمد بن طاووس (ت / 674 ه )، أظهر التصنيف الجديد للحديث، ثمّ تطوّر على يد تلميذه العلّامة الحلّي (ت / 726 ه )، إذ قسّموا الحديث إلى أقسامه المعروفة، وهي:

1 - الصحيح: وعرّفوه بأنّه ما اتّصل سنده إلى المعصوم عليه السلام بنقل الإمامي العدل عن مثله في جميع الطبقات (2) ، وهو كما ترى لا ينطبق على متعارف المحمدين الثلاثة في إطلاق الصحيح.

2 - الحَسَن: وهو ما اتّصل سنده إلى المعصوم عليه السلام بإمامي ممدوح مدحا معتدّا به من غير نصّ على عدالته مع تحقّق ذلك في جميع مراتب السند، أو في بعض مراتبه ولو في واحد، مع كون باقي رجال السند من رجال الصحيح (3) .

3 - الموثّق: وهو ما دخل في طريقه من نصّ الأصحاب على توثيقه مع فساد عقيدته، ولم يشتمل باقي السند على ضعيف. ويقال له: القوي، وقد يميّز بينهما بإطلاق

ص: 308


1- . . راجع معنى الصحيح عند القدماء في: منتقى الجمان : ج 1 ص 14، ومشرق الشمسين : ص 3 ، والفوائد المدنية : ص 53، وخاتمة وسائل الشيعة : ج 30 ص 243 - 247 من الفائدة الثامنة، والوافي : ج 1 ص 22 - 23، ومقباس الهداية : ج 1 ص 139، ومستدركات مقباس الهداية : ج 5 ص 90 - 93 المستدرك رقم 34 .
2- . . وصول الأخيار إلى اُصول الأخبار : ص 92، الدراية : ص 19، الرواشح السماوية : ص 40، ومقباس الهداية : ج 1 ص 146 و 157.
3- . . المصدر السابق : ص 95، الدراية : ص 21، الرواشح السماوية : ص 41، مقباس الهداية : ج 1 ص 160، نهاية الدراية / حسن الصدر: ص 259 .

القوي على مروي الإمامي الذي لم يُمدح ولم يُذم (1) .

4 - الضعيف: وهو ما لم تجتمع فيه شروط أيٍّ من الأصناف الثلاثة المتقدّمة (2) . ثمّ حاول المتأخّرون وشرّاح الكافي تطبيق هذا الاصطلاح على أحاديث الكافي حتى بلغ الضعيف من أحاديث الكافي - بحسب الاصطلاح الجديد - (9485) حديثا، وما تبقّى من الأحاديث موزّعا كالآتي: الصحيح = (5072) حديثا، والحسن = (144) حديثا والموثّق = (1128) حديثا. وقد علمت أنّ تطبيق الاصطلاح على أحاديث الكافي لم يُلحظ فيه ما جرى عليه ثقة الإسلام من إطلاق لفظ الصحيح على ما اقترن بالقرائن المتقدّمة التي صار فقدان معظمها سببا للتصنيف الجديد. وهذا هو الذي نعتقده، إذ لو كانت الأحاديث الضعيفة بهذا المقدار واقعا، فكيف يصحّ لمثل الشيخ المفيد أن يقول عن الكافي بأنّه من أجلّ كتب الشيعة وأكثرها فائدةً؟ وكيف يشهد من مثل النجاشي بأنّ الكليني كان أوثق الناس في الحديث وأثبتهم؟ ومن هنا يعلم بأنّ ما قام به محمّد باقر البهبودي من انتقاء الصحيح من الكافي، وجمعه في كتابه (زبدة الكافي) (3) ، إنّما هو انتقاء بحسب المصطلح الجديد، كما أنّه ليس مبتكرا لهذا العمل، بل سبقه إليه بعض أعلام الطائفة وشيوخها، كالشيخ حسن بن الشهيد الثاني (ت / 1011 ه ) في كتابه «منتقى الجمان في الأحاديث الصحاح والحِسَان». وليس في عمل الشيخ حسن رحمه اللهما يوحي بانحصار «الصحاح والحسان» بما في «منتقى الجمان»، بخلاف الحال في «زبدة الكافي». وهذا العمل لا يكون وسيلة للطعن - كما قد يتوهّمه البعض - في أصل الكافي؛ لابتنائه على أساس ليس مُلتَزَما للكليني، وهو الاصطلاح الجديد.

ص: 309


1- . . وصول الأخيار : ص 97، الدراية : ص 33، الرواشح : ص 41، المقباس : ج 1 ص 168، نهاية الدراية : ص 264.
2- . . المصدر السابق : ص 98، الدراية : ص 24، الرواشح : ص 42، المقباس : ج 1 ص 177، نهاية الدراية : ص 266.
3- . . هذا هو عنوان الكتاب في طبعته الثانية، أمّا عنوانه في الاُولى فهو (صحيح الكافي)!

وليس الغرض المؤاخذة على اتّخاذ هذا المنهج وإن كنت أعتقد خطأه، بل المؤاخذة على استخدام اسم الكافي وتحميله منهجا لم يلتزم به الكليني أصلاً. وبقطع النظر عن فساد المنهج وصحّته، فلنا أن نؤاخذه أيضا على عدم استحكام تطبيق منهجه، وفرقٌ بين نقد المنهج وبين كيفية استخدامه. لقد أخفق البهبودي في جمع كلّ ما هو صحيح - حتى على المصطلح الذي التزمه، والمنهج الذي انتهجه - فترك الكثير ممّا هو صحيح ولم يورده في كتابه، وهذا يَنُمُّ عن وجود ثغرات واسعة، بل أخطاء كثيرة في عمله. وكمثال على ما نقول: أنّك لا تجد في (زبدة الكافي) الحديث الثالث من باب الماء الذي لا ينجّسه شيء (1) مع أنّ رجاله كلّهم من الصحيح، والظاهر أنّه تُركَ لأنّ ظاهره من قول زرارة في الكافي، إذ لم يرفعه إلى المعصوم عليه السلام ، ولكن الشيخ الطوسي رواه بالنصّ عن الكليني، مسندا إلى أبي جعفر عليه السلام (2) ، وهذا السند من الصحيح بحسب الاصطلاح اتّفاقا، لكن الحديث اُهمل في زبدة الكافي. والشيء نفسه ينطبق مع الحديث الرابع من أحاديث باب طهور الماء، فقد رواه الكليني عن علي بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبدالرحمن، عن عبداللّه ابن سنان، عن أبي عبداللّه عليه السلام (3) ، وهذا السند من الصحيح بحسب الاصطلاح اتّفاقا، ومع هذا فلم يذكر الحديث في زبدة الكافي! والطريف أنّ متن هذا الحديث هو متن الحديث الخامس من الباب المذكور بلا أدنى اختلاف، فكلاهما في سؤال الإمام الصادق عليه السلام عن ماء البحر: أطهور هو؟ فكان الجواب في الموردين ب- : «نعم». وفي زبدة الكافي انتقى الحديث الخامس دون الرابع!

ص: 310


1- . . فروع الكافي : ج 3 ص 10 ح 3. وسنده: علي بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعا، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة.
2- . . الاستبصار : ج 1 ص 49 ح 4 .
3- . . فروع الكافي : ج 3 ص 9 ح 4 .

وكمثال ثالث ما ورد في الكافي بهذا السند: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد (وهو ابن عثمان)، عن الحلبي (وهو عُبيداللّه بن علي) عن أبي عبداللّه عليه السلام . وهذا السند صحيح بلا خلاف، وقد أخرجه صاحب المنتقى عن الكافي (1) ؛ لكنّه أُهمل في زبدة الكافي. وكمثال أخير، فأءنّه لم يذكر في زبدة الكافي الحديث المروي في باب رواية الكتب والحديث بهذا السند: «وعنه - أي: عن محمّد بن يحيى - ، عن أحمد بن محمّد - وهو ابن عيسى - ؛ ومحمّد بن الحسين، عن ابن محبوب، عن عبداللّه بن سنان، قال: قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : يجيئني القوم فيستمعون منّي حديثكم...» (2) على الرغم من صحّة السند بحسب الاصطلاح. وثمّة شيء آخر يجب الالتفات إليه وهو كون الأحاديث الضعيفة في الكافي بحسب الاصطلاح، غالبا ما تجد مضامينها أو نصوصها مخرّجة من طرق اُخرى صحيحة في الأبواب نفسها التي اشتملت على تلك الضعاف فيما تتبّعناه. وهذا يعني أنّ شهرة الخبر روائيّا لم تلحظ في هذا المنهج؛ لأنّ أغلب الأسانيد التي أهملها اتّفقت متونها إمّا بالنّص تارةً أو المضمون اُخرى مع المتون المروية بالأسانيد الصحاح، ومع هذا فإنّ ما فاته من الصحيح غير قليل. ومهما يكن ، فإنّ من لا خبرة له قد يظنّ بأنّ التصنيف الجديد قد أودى بثلثي أخبار الكافي متّخذا من زبدة البهبودي مثالاً، وهو ليس كذلك كما بيّناه.

حكاية عرض الكافي على الإمام المهدي عليه السلام

حكاية عرض الكافي على الإمام المهدي عليه السلام :قد تجد في الأوان الأخير من يخالف سيرة علماء الشيعة، ويتشبّث بحكاية عرض الكافي على الإمام المهدي عليه السلام ، ويستنصر لمقولة (الكافي كافٍ لشيعتنا) بعد تلطيفها!

ص: 311


1- . . منتقى الجمان : ج 1 ص 52 وانظر: فروع الكافي : ج 3 ص 4 ح 6 باب 3 من كتاب الطهارة.
2- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 102 ح 5 باب 17 من كتاب فضل العلم.

وينسب للكليني رحمه الله على أثر ذلك أشياء لا دليل عليها، فتراه يجزم تارةً بأنّ للكليني صلاتٍ وتردّدا مع السفراء الأربعة رضي اللّه تعالى عنهم، ويؤكّد تارةً اُخرى على أنّ كبار علماء الشيعة كانوا يأتون إلى الكليني ويسألونه وهو في مجالس سفراء الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف، وثالثة يتساءل: كيف لم يطلب أحد السفراء من الكليني كتابه لعرضه على الإمام عليه السلام ؟ وهلّا حظي الكافي بعناية السفراء واهتمامهم، مع أنّهم كانوا يولون العناية لما هو أقلّ شأنا من الكافي؟

ولمّا كان يرى قبول حكاية العرض إفراطا، ونفيها تفريطا، حاول تلطيفها والإتيان بقولٍ وسطٍ، وهو احتمال عرض بعض أجزاء الكافي على الإمام المهدي عليه السلام ! (1) وجميع هذا الكلام باطل؛ لأنّ ما يعنيه عرض أجزاء من الكافي هو إمّا أن تكون أحاديث تلك الأجزاء المعروضة موضع تأمّل الكليني، أوْ لَا. وعلى الأوّل: يمكن له فحصها بنحو ما فحص به أحاديث الأجزاء التي لم تعرض، خصوصا وهو عالم بالأخبار، وعارف بها بشهادة شيخ الطائفة وغيره من أعلام الشيعة وغيرهم كما سيأتي في أقوالهم بشأنه. وعلى الثاني، لا يحتاج إلى مسألة العرض أصلاً. وأمّا عن الصِّلات والتردّد، فاعلم أنّه لا توجد للكليني رواية واحدة في الكافي عن أيٍّ من السفراء الأربعة (رضي اللّه تعالى عنهم) بلا واسطة، مع أنّه استقرّ ببغداد - كما نرى - قبل (سنة / 310 ه )، ودخل إلى العراق قبل (سنة / 290 ه ) كما مرّ في أسفاره ورحلاته العلمية، وحدّث عن بعض مشايخ بغداد - موطن السفراء - كما مرّ في مشايخه.

كما أنّ ثقة الإسلام لم يُكثر من الرواية عن أي من السفراء الأربعة بالواسطة، بل لم

ص: 312


1- . . تبنّى جميع ما ذكرناه صاحب كتاب الكليني والكافي، في الصفحات 392 و393 و394 و395 و396 و397 وغيرها!!

تكن مروياتهم في الكتب الأربعة كثيرة، بل هي نادرة فيها جدّا، ولعلّها لا تزيد على عشرة أحاديث، من بينها حديثان فقط أخرجهما الكليني في اُصول الكافي (1) . وهذا ليس مدعاة للتعجّب؛ إذ يكاد يكون بمنزلة التصريح منهم (قدّست أسرارهم) بإيكال أمر الحديث إلى أعلامه وأقطابه؛ لانشغالهم بأمر عظيم، وهو تنفيذ أوامر الإمام المهدي عليه السلام ، وانقطاعهم لهذا الأمر أكثر من أي أمر آخر. ويدلّ عليه كتاب الغيبة للشيخ الطوسي الذي ضمّ معظم المروي عن السفراء الأربعة رضي اللّه تعالى عنهم، وكان جلّه بهذا الخصوص. ولا ننسى في المقام دور أهل البيت عليهم السلام في كيفيّة توجيه رواة الحديث إلى الطرق الكفيلة بمعرفة الحديث الصحيح وتمييزه عن غيره بقواعد رصينة سار عليها علماء الشيعة إلى اليوم، مع تصريحهم عليهم السلام بكفر الغلاة ولعنهم، لتجنّب الرواية عنهم، ومدح الثقات، والتعريف - على نحو المثال - ببعضهم؛ لأخذ الرواية منهم، ولم يشغلوا أنفسهم عليهم السلام بمراجعة كتب أصحابهم، كما لم يطلبوا من المبرّزين منهم مراجعتها، بعد تمهيد سائر السبل الأمينة لمعرفة السليم ونبذ السقيم. ويؤيّد هذا.. أنّ سيرة آخر الأئمّة عليهم السلام إزاء الكتب المؤلّفة في عصورهم الشريفة، جرت على وفق ما كانت عليه سيرة آبائهم الأطهار عليهم السلام ، حيث لم نسمع بأنّ أحدا منهم صلوات اللّه عليهم قد طلب من مؤلّفي الشيعة في ذلك الزمان عرض مؤلّفاته عليه للتأكّد من سلامتها، أمّا لو اتّفق أن يعرض المؤلّف كتابه أو كتاب غيره على إمام عصره فلا ضير في هذا، كما حصل لبعضهم. فقد عرض يونس بن عبدالرحمن بعض كتب أصحاب الإمام الصادق عليه السلام على الإمام الرضا عليه السلام (2) . وعرض أيضا كتاب الفرائض المرويّ عن أمير المؤمنين عليه السلام على الإمام الرضا عليه السلام (3) .

ص: 313


1- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 390 - 391 ح 1 و4 باب 77 من كتاب الحجّة.
2- . . رجال الكشّي : ج 2 ص 489 الرقم 401 في ترجمة المغيرة بن سعيد.
3- . . وسائل الشيعة : ج 27 ص 85 ح 31 باب 8 من أبواب صفات القاضي.

وعرض حمزة بن الطيّار على أبي عبداللّه عليه السلام بعض خطب أبيه (1) . وعرض يزيد بن خليفة حديثا واحدا لعمر بن حنظلة على الصادق عليه السلام (2) . وعرض أبو الصباح الكِناني بعض الروايات على الإمام الصادق عليه السلام (3) . وعرض محمّد بن قيس البجلي كتاب قضايا أمير المؤمنين عليه السلام على الإمام الباقر عليه السلام (4) . كما عرضه ابنه عُبيد بن محمّد بن قيس على الإمام الباقر عليه السلام ، أيضا (5) . وعرض أبو عمر المتطبّب ما أفتى به أمير المؤمنين عليه السلام في الديات على الإمام الصادق عليه السلام (6) . وفي رجال النجاشي أنّه عُرِضَ على الإمام الرضا عليه السلام (7) ، وهو الموافق لطبقته. وعرض أبو عليّ عُبيداللّه بن علي الحلبي كتابه على الإمام الصادق عليه السلام (8) . وعرض أحمد بن أبي خلف كتاب يوم وليلة ليونس بن عبدالرحمن على الإمام الجواد عليه السلام (9) ، كما عرضه غيره على الإمام العسكري عليه السلام ، كداوود بن القاسم

ص: 314


1- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 50 ح 10 باب 16 من كتاب فضل العلم.
2- . . فروع الكافي : ج 3 ص 278 ح 1 باب 5 من كتاب الصلاة، تهذيب الأحكام : ج 2 ص 31 ح 95 باب 4 في أوقات الصلاة وعلامة كل وقتٍ منها من كتاب الصلاة .
3- . . روضة الكافي : ج 8 ص 57 ح 39، وانظر الأمالي للصدوق : ص 576 - 577 ح 788 (1) مجلس 74 .
4- . . الفهرست للطوسي : ص 131 الرقم 590 .
5- . . المصدر السابق : ص 108 الرقم 471.
6- . . فروع الكافي : ج 7 ص 358 ح 9 باب 50 القسامة، كتاب من لا يحضره الفقيه : ج 4 ص 54 ح 194 باب 18 .
7- . . رجال النجاشي: ص 217 الرقم 565، وقال بعد تصريحه بعرضه على الإمام الرضا عليه السلام : «والكتاب يُعرف بين أصحابنا بكتاب عبداللّه بن أبجر» .
8- . . المصدر السابق : ص 231 الرقم 612.
9- . . رجال الكشّي : ج 2 ص 780 الرقم 913.

الجعفري (1) ، وبورق البوشنجاني (2) ، وعرضه أيضا الحسن بن فضّال على الإمام الجواد عليه السلام (3) . وأخرج الكشّي ، عن أبان بن أبي عيّاش أنّه عرض كتاب سُليم بن قيس الهلالي على الإمام علي بن الحسين عليهماالسلام (4) . ودخل حامد بن محمّد العلجردي البوشنجي على الإمام الحسن العسكري عليه السلام ، فلمّا أراد أن يخرج، سقط منه كتاب الفضل بن شاذان وكان ملفوفا في رداء له، فتناوله الإمام عليه السلام وقرأه وترحّم على الفضل (5) . وهناك كتاب شبه ممضى من الإمام العسكري عليه السلام ، وهو كتاب ابن خانبة، لأنّه قُوبل على أصل من الإمام فلم يكن بينهما اختلاف إلّا بحروف قليلة (6) . هذه هي حصيلة الكتب التي عُرضت على الأئمّة عليهم السلام من مجموع ما يزيد على ستّة آلاف وخمسمائة كتاب، ولم يكن كتاب واحد من الكتب المعروضة قد عرض بناء على طلب من المعصوم عليه السلام . وأمّا ما جاء بشأن طلب الإمام الكاظم عليه السلام من ابن عمّ محمّد بن فلان الواقفي أن يطلب حديث فقهاء أهل المدينة ثمّ يعرضه عليه عليه السلام ، فلا يُنافي ما ذكرناه، لأنّ الخبر دالّ على أنّ مدار عمل فقهاء أهل المدينة - والمراد بهم فقهاء العامّة - كان على الأحاديث الموضوعة، فأراد الإمام عليه السلام أن يبيّن له الطريق الصحيح في طلب المعرفة، لأنّه لم يكن - كرواة الشيعة - عالما بفضل أهل البيت عليهم السلام بل كان زاهدا

ص: 315


1- . . رجال الكشّي : ج 2 ص 780 الرقم 915، رجال النجاشي: ص 447 الرقم 1208.
2- . . المصدر السابق : ج 2 ص 817 الرقم 1023.
3- . . المصدر السابق : ج 2 ص 780 الرقم 916.
4- . . المصدر السابق : ج 1 ص 321 الرقم 167.
5- . . رجال الكشّي : ج 2 ص 820 الرقم 1027.
6- . . وسائل الشيعة : ج 27 ص 102 ح 81 باب 8 من أبواب صفات القاضي.

عابدا بلا علم ولا معرفة (1) .

وإذا علمنا أنّ الظرف السياسي الذي عاشه الإمام المهدي عليه السلام في غيبته الصغرى، هو أصعب بكثير ممّا كان عليه آباؤه عليهم السلام ، اتّضح لنا أنّ عرض المؤلّفات عليه (حفظه اللّه بعينه ورعايته) ليس بالأمر الطبيعي، ولا تقتضيه ظروف المرحلة، بقدر ما تقتضي بيان دَور الشيعة في غياب مَن لم يعرفه مات ميتة جاهلية. وليس من المعقول جدّا أن لا يلتفت السفراء الأربعة (رضي اللّه تعالى عنهم) إلى مثل هذا حتى يجعلوا من الإمام المهدي (أرواحنا فداه) مصحّحا لمؤلّفات الشيعة، غير آبهين بخطورة تلك المرحلة، وكيف يغفل الكليني عن مثل هذا فيقدّم كتابه طواعية إلى السفراء ليأخذ نصيبه من نظر المنتظر صلوات اللّه وسلامه عليه؟

ثمّ أليس يعني هذا سلب القدرة العلميّة عن ثقة الإسلام الذي عدّه خصوم الشيعة من المجدّدين على رأس المائة الثالثة؟

وأمّا ما ذُكر في المقام من دأب السفراء الأربعة (رضي اللّه عنهم) على متابعة الكتب والتأكّد من سلامتها! فهو كذب عليهم، مع المبالغة الظاهرة، زيادة على خطأ الاستدلال به.

ووجه الكذب، هو أنّه لم يُعرف عنهم ذلك، ولا ادّعاه أحدٌ منهم، ولا نسبه فاضِل إليهم. ووجه المبالغة: هو أنّ غاية ما يعرف عنهم في ذلك، طلب السفير الثالث الحسين بن روح رضى الله عنهكتاب التكليف ليقرأهُ بنفسه (2) ، وهو من تأليف أبي جعفر محمّد بن علي بن أبي العزاقر المعروف بالشلمغاني بعد أن صار يدّعي أشياء عظيمة باطلة أدّت إلى لعنه والبراءة منه وقتله (سنة / 323 ه )، وكان قبل ذلك وكيلاً عن السفير الثالث في الكوفة، وكان كتابه (التكليف) رائجا عند الشيعة؛ لأنّه كان ألّفه قبل انحرافه واشتهاره بالكذب

ص: 316


1- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 413 ح 8 باب 81 من كتاب الحج.
2- . . كتاب الغيبة للطوسي : ص 408 ح 382 .

على السفير الثالث رضى الله عنه.

ومنه يعلم أنّ علّة قراءة ابن روح رضى الله عنه لكتاب التكليف إنّما هي لتوقّعه تعمّد الشلمغاني الكذب عليه أو على الإمام عليه السلام ودسّه في كتابه ترويجا لباطله. حتى كان بعض القميّين يُراسل الشيخ الحسين بن روح للتأكّد من جوابات بعض المسائل خشية أن تكون للشلمغاني يد فيها (1) .

ولو لم ينحرف لما كان الشيخ بحاجة إلى كلّ هذا، ولترك كتابه كما ترك غيره من مؤلّفات الشيعة التي كانت تزخر بها دورهم ومكتباتهم في بغداد.

وممّا يقوّي ذلك ويؤيّده، هو أنّ الحسين بن روح نفسه رضى الله عنه أنفذ كتاب التأديب من بغداد إلى قم، وكتب إلى فقهاء قم أن ينظروا ما فيه من فتاوى تخالف ما عليه الشيعة (2) ، ولم يتولّ ذلك بنفسه لانشغاله بما هو أعظم منه، بل أوكل الأمر إلى أهل الاختصاص على الرغم من جدارته بذلك.

ومنه يعلم خطأ الاستدلال بموقفه من الكتابين المذكورين - ولا نعلم لهما ثالثا - على طلب الكافي للنظر فيه أو عرضه على الإمام المنتظر عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف، فضلاً عمّا تضمّنه الاستدلال المذكور من سلب القدرة العلمية عن ثقة الإسلام!

وأمّا عن الاستدلال على حكاية العرض، بالتوقيع الخارج من الناحية المقدّسة إلى الصدوق الأوّل (ت / 329 ه ) (3) ، كما في (الكليني والكافي) (4) فلا ينبغي لأحد أن يصدّقه دليلاً، أو يتوهّمه شاهدا على صحّة احتمال عرض الكافي أو بعضه على الإمام المهدي

ص: 317


1- . . كتاب الغيبة للطوسي : ص 373 ح 345.
2- . . المصدر السابق : ص 490 ح 357.
3- . . إكمال الدين : ج 2 ص 503 ذيل الحديث 31 باب 45، رجال النجاشي : ص 261 الرقم 684، كتاب الغيبة للطوسي : ص 330 ح 266.
4- . . راجع: الكليني والكافي : ص 392 - 397.

عليه الصلاة والسلام بتوسّط أحد السفراء رضي اللّه عنهم؛ لاختلاف الموضوع بينهما اختلافا جذريا بحيث لا يمكن أن يُقاس أحدهما بالآخر؛ لأنّ طلب الوالد عن طريق الدعاء المستجاب انحصر - بناءً على رغبة الطالب وهو الصدوق الأوّل - بالإمام المعصوم، وليس الحال كذلك في تقييم كتب الحديث، لإناطة ذلك إلى أهل العلم القادرين على معرفة الصحيح من الأخبار. ومن كلّ ما تقدّم يعلم أنّ الاغترار بحكاية «الكافي كافٍ لشيعتنا» وتصحيحها أو تلطيفها لا يستند على أيّ دليل علمي، بل جميع الأدلّة المتقدّمة قاضية ببطلان تلك الحكاية التي لم يسمعها الكليني نفسه، ولم يعرفها أحد من تلامذته ولم يكن لها وجود في عصر الغيبة الصغرى (260 - 329 ه ) ولم يعرفها أحد ولا سمع بها أحد في أكثر من سبعة قرون بعد وفاة الكليني، وأمّا نسبة هذه الحكاية إلى الشيخ خليل بن غازي القزويني (ت / 1089 ه ) فغلط واضح، لأنّ المحدّث الأسترآبادي الذي مات رحمه الله(سنة / 1036 ه ) أي قبل القزويني بأكثر من خمسين سنة، قد أنكر هذه الحكاية، وهو شيخ الإخباريين في زمانه. قال المحدّث النوري بعد احتماله عرض الكافي على أحد السفراء الأربعة (رضي اللّه تعالى عنهم): «وليس غرضي من ذلك تصحيح الخبر الشائع من أنّ هذا الكتاب عرض على الحجّة عليه السلام فقال: (إنّ هذا كافٍ لشيعتنا)، فإنّه لا أصل له ولا أثر في مؤلّفات أصحابنا، بل صرّح بعدمه المحدّث الأسترآبادي الذي رام أن يجعل تمام أحاديثه - يعني الكافي - قطعية! لما عنده من القرائن التي لا تنهض لذلك، ومع ذلك صرّح بأنّه لا أصل له» (1) .

نعم كانت للشيخ خليل بن غازي رحمه الله - كما ورد في ترجمته - أقوال غريبة وشاذّة تفرّد بها عن سائر علماء الشيعة، وإنّ من أغرب أقواله وأعجبها قوله: «إنّ الكافي

ص: 318


1- . . خاتمة مستدرك الوسائل : ج 3 ص 470 من الفائدة الرابعة.

بأجمعه شاهده الصاحب عليه السلام واستحسنه..» (1) ونحو هذا من الكلام الذي لم يسمع به أحد قبله ولم يصغ له أحد بعده، ولهذا وجدنا معاصريه ومن تأخّر عنه قد أعزبوا عن قوله وزهدوا فيه وأنكروه أشدّ الإنكار، ولم يؤيّده على هذا فاضل أو عالم قطٍ . هذا.. ولا يستبعد أن يكون أصل حكاية (الكافي كافٍ لشيعتنا) من اشتباهات بعض المشايخ المغمورين من المتأخّرين في زمان رواج المنهج الإخباري بحديث الشيخ الصدوق الذي أسنده إلى الإمام الصادق عليه السلام في تفسير قوله تعالى: «كهيعص» (2) وأنّه قال عليه السلام : «الكاف: كاف لشيعتنا...» (3) ، فانصرف ذهن المشتبه إلى كتاب الكافي، ثمّ نسب هذا للإمام المهدي عليه السلام بلحاظ أنّ الكليني لم يدرك الإمام الصادق عليه السلام وإنّما عاش ومات قدس سرهفي زمان الغيبة الصغرى لإمام العصر والزمان عليه السلام ، ثمّ راجت تلك المقولة بين المغفّلين حتى اضطرّ العلماء إلى تكذيبها صراحة كما مرّ عن شيخ الإخباريين الأسترآبادي رحمه الله. ومع هذا الإجماع الشيعي على ردّ حكاية «الكافي كافٍ لشيعتنا» نجد اليوم في خصوم الشيعة مَنْ يتمسّك بها ويجعلها دليلاً على اعتقاد الشيعة بقطعيّة صدور جميع أحاديث الكافي عن أهل البيت عليهم السلام 30 ، على الرغم من الموقف الشيعي العلمي الرافض لدعوى القطعيّة.

ص: 319


1- . . رياض العلماء : ج 2 ص 261، روضات الجنّات : ج 3 ص 272.
2- . . سورة مريم : 1 .
3- . . معاني الأخبار : ص 68 ح 6 باب معنى الحروف المقطّعة في أوائل السور من القرآن.

بيان موقف علماء الشيعة من أحاديث الكافي

اشارة

لعلماء الشيعة - قديما وحديثا - إزاء أحاديث الكافي ثلاثة مواقف، وهي:

الموقف الأوّل

الموقف الأوّل: النظر إلى روايات الكافي سندا ودلالةً، والتعامل معها على أساس معطيات علمي الرجال والحديث دراية ورواية، وهذا هو رأي الاُصوليين وأكثر العلماء والفقهاء والمحقّقين.

الموقف الثاني

الموقف الثاني: الإطمئنان والوثوق بصحّة أحاديث الكافي، بالمعنى المتعارف عليه قبل تقسيم الأخبار إلى صحيح وحسن وموثّق وضعيف، وهذا هو قول: الإخباريين الذي يمثّل جانب الاعتدال بالقياس إلى الموقف الثالث.

الموقف الثالث

الموقف الثالث: ويمثله قول الأسترآبادي، والخليل بن غازي القزويني، ومن وافقهم من الإخباريين وخلاصته، الحكم بقطعيّة صدور أحاديث الكافي عن المعصومين عليهم السلام ، وهو شبيه بقول العامّة بشأن أحاديث البخاري ومسلم، ولا دليل عليه إلّا بعض القرائن التي صرّح المحدّث النوري بأنّها لا تنهض بذلك كما تقدّم. لقد احتدم النقاش بين الإخباريين والاُصوليين حتى بلغ ذروته في عصر العلمين البحراني والوحيد البهبهاني قدّس سرّهما، وحاول كلّ فريقٍ مناقشة آراء الطرف الآخر وإثبات بطلانها، ويبدو من خلال مراجعة كلمات أقطاب الشيعة قبل ظهور الفكر الأخباري أنّ ما تبنّاه الاُصوليّون هو الأقرب للصحّة، باعتباره من أكثر الأقوال قربا من واقع الكتب الأربعة وانسجاما مع مواقف الأعلام المتقدّمين من أحاديث الكافي، وإن تعسّف بعضهم - أحيانا كثيرة - بتضعيف من ليس بضعيف! وقد استدلّ بعضهم على ضرورة النظر في أحاديث الكافي بموقف الشيخ الصدوق (ت / 381 ه ) المعاصر للشيخ الكليني، إذ ردّ بعض مرويّات الكافي ولم يفتِ بها وناقشها.

من ذلك حديث بُرَيْد بن معاوية في الكافي المرويّ في باب مَنْ أوصى إلى إثنين

ص: 320

فينفرد كلّ واحدٍ منهما ببعض التركة (1) .

فقد ردّه الشيخ الصدوق بعد أن أخرجه من كتاب الكافي، بقوله: «لستُ أُفتي بهذا الحديث، بل أُفتي بما عندي بخطّ الحسن بن علي العسكري عليه السلام » (2) . والاستدلال بهذا الموقف غير تامٍّ؛ لأنّه لا يدلّ على أكثر من حصول التعارض بين حديث الكافي، وبين ما أفتى به الصدوق ممّا كان عنده بخطّ الإمام عليه السلام . والصدوق لم يطعن برواته وإنّما وجد معارضا أقوى فعمل به، والتعارض لا يدلّ على وضع أحد المتعارضين، إذْ قد يكون المتروك منهما خرج تقيّةً، ونحو ذلك من الوجوه غير المنافية لدعوى الإطمئنان. ويدلّ عليه أنّ الشيخ الطوسي قد ردّ كلام الصدوق وجمع بين الخبرين بضرب من التأويل المقبول (3) وأيّده على ذلك صاحب الوافي (4) . ومنها أيضا حديث الكافي المرويّ عن الحسن بن راشد في باب صيام الترغيب (5) ، فقد ردّه الشيخ محمّد بن الحسن بن الوليد (ت / 343 ه ) صراحةً، وتبعه الشيخ الصدوق، فقال: «أمّا خبر الصلاة يوم غدير خُمّ والثواب المذكور فيه لمن صامه، فإنّ شيخنا محمّد بن الحسن كان لا يصحّحه، ويقول: إنّه من طريق محمّد بن موسى الهَمَداني، وكان غير ثقةٍ، وكلّ ما لا يصحّحه ذلك الشيخ قدس سره ولم يحكم بصحّته من الأخبار فهو عندنا متروك غير صحيح» (6) .

وهذا الكلام صريح بعدم صحّة خبر الكافي عند الشيخ الصدوق بنظر المستدلّ!

ص: 321


1- . . فروع الكافي : ج 7 ص 49 ح 2 باب 34 من كتاب الوصايا.
2- . . كتاب من لا يحضره الفقيه : ج 4 ص 151 ح 523 و524 باب الرجلين يوصي إليهما فينفرد كلّ واحد منهما بنصف التركة.
3- . . الاستبصار : ج 4 ص 118 ح 448 - 449 باب 73 من كتاب الوصايا.
4- . . الوافي : ج 4 ص 24 من المجلّد السابع - أبواب الوصايا.
5- . . فروع الكافي : ج 3 ص 148 - 149 ح 1 باب 3 من كتاب الصيام.
6- . . كتاب من لا يحضره الفقيه : ج 2 ص 55 ح 241 باب صوم التطوّع وثوابه.

ومع هذا فهو غير تامٍّ أيضا، إذ يمكن مناقشته على أساس أنّ سند الحديث في الكافي كان عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن يحيى ، عن جدّه الحسن بن راشد، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، ولم يقع فيه محمّد بن موسى الهمداني الّذي ضعّفه ابن الوليد، كما أنّ رجال سند الحديث في الكافي هم من رجال الصحيح في نظر الصدوق. فقد صرّح في الفقيه في أبواب الزيارات بعد أن أورد ما يقوله الزائر إذا فرغ من زيارة قبر أبي عبداللّه الحسين عليه السلام ، من كلمات الوداع قائلاً:

«وقد أخرجتُ في كتاب الزيارات، وفي كتاب مقتل الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام أنواعا من الزيارات، واخترت هذه لهذا الكتاب؛ لأنّها أصحّ الروايات عندي من طريق الرواية، وفيها بلاغ وكفاية» (1) .

هذا مع تصريحه في آخر الزيارة بأنّها من رواية الحسن بن راشد (2) ، علما بأنّ للصدوق طريقين إلى ما رواه عن الحسن بن راشد ووقع في كليهما القاسم بن يحيى ، (3) وبهذا يكون خبر الكافي صحيحا من طريق الرواية على مبنى الصدوق، وبالتالي فهو غير دالّ على نفي دعوى الإطمئنان، بل لعلّه يُفيدها بتقريبين: أحدهما: عدم علم ابن الوليد بخبر الكافي، خصوصا وأنّه لم يرو عن الكليني ولا الكليني عنه في جميع أجزاء الكافي مع المعاصرة بينهما، فضعّف الخبر من غير طريق الكافي، وتابعه الصدوق. والآخر: تثبّت ثقة الإسلام في الرواية، إذ تجنّب رواية الخبر من الطريق الضعيف بالهمداني.

وأمّا عن إقدام الصدوق على تأليف كتاب مَنْ لا يحضره الفقيه حين طلب منه ذلك الشريف المعروف بنِعْمة، كما مُبيّن في خطبة الكتاب، وعدم إرجاع السائل إلى الكافي،

ص: 322


1- . . كتاب من لا يحضره الفقيه : ج 2 ص 360 - 361 ذيل الحديث 1615 زيارة قبر الإمام الحسين عليه السلام .
2- . . المصدر السابق : ج 2 ص 360 ذيل الحديث 1614 زيارة قبر الإمام الحسين عليه السلام .
3- . . المصدر السابق : ج 4 ص 83 من المشيخة .

فلا يدلّ على الطعن بكتاب الكافي مطلقا؛ لأنّ تأليف الفقيه كان بمنزلة تأليف رسالةٍ فقهيّةٍ عمليةٍ تعتمد على نصوص الأخبار، ولا يجوز للمرجع الديني - كالصدوق مثلاً - أنْ يُحيل السائل لإنجاح بُغيته في الوقوف على الأحكام الفقهيّة إلى كتاب حديثي واسع كالكافي . ومن هُنا نُشاهد أنّ أحاديث كتاب الفقيه لم تبلغ أكثر من خمسة آلاف وتسعمائة وحديثين، بينما اشتمل فروع الكافي على أحد عشر ألفا وأربعمائة وحديثين بحسب ترقيم الأحاديث في طبعات الكافي، هذا مع وجود أحاديث كثيرة اُخرى في فروع الكافي لم ترقّم في تلك الطبعات. وإلى هنا يتّضح أنّ الاستدلال بمواقف الصدوق من الكافي جملةً أو تفصيلاً على نفي دعوى الإطمئنان والوثوق بأخبار الكافي غير تامّ. نعم، ورد في كلمات الشيخ المفيد (ت / 413 ه) والسيّد المرتضى (ت / 436 ه) ما هو صريح بنفي هذه الدعوى. من ذلك ما قاله الشيخ المفيد (1) عن رواية محمّد بن سنان عن حذيفة بن منصور في الكافي (2) ، كما نفى صحّة حديث مرسل أخرجه الكليني في كتاب الصيام (3) ، وقال ماهذا نصّه: «وهذا الحديث شاذّ، مجهول الإسناد... ومن عَوَّلَ على مثل هذا الحديث في فرائض اللّه تعالى فقد ضلّ ضلالاً بعيدا. وبعد، فالكلام الّذي فيه بعيد من كلام العلماء، فضلاً عن أئمّة الهدى» (4) .

وأوضح من هذا هو موقف السيّد المرتضى علم الهدى من أحاديث الكافي وغيره من كتب الحديث، إذ حرّم الرجوع حتّى على العلماء فضلاً عن العوامّ في حكم من

ص: 323


1- . . اُنظر: المجموعة الكاملة لمصنّفات الشيخ المفيد، المجلّد التاسع، جوابات أهل الموصل في العدد والرؤية : ص 19 - 20.
2- . . فروع الكافي : ج 4 ص 79 ح 3 باب نادر من كتاب الصيام.
3- . . المصدر السابق : ج 4 ص 78 ح 2 من الباب السابق.
4- . . جوابات أهل الموصل في العدد والرؤية : ص 20 - 22.

أحكام الشريعة إلى أيّ كتاب مصنّف في الحديث دون النظر. فقد قال قدس سره في جواب من سأله عن حكم الرجوع في تعرّف أحكام ما يجب عليه العمل به من التكليف الشرعيّ إلى كتاب الكافي للكليني وغيره من كتب الحديث الاُخرى، ما نصّه: «اعلم أنّه لا يجوز لعالم أو عاميٍّ الرجوعُ في حكم من أحكام الشريعة إلى كتاب مصنّفٍ؛ لأنّ العمل لابدّ من أن يكون تابعا للعلم على بعض الوجوه، والنظر في الكتاب لا يُفيد علما، فالعامل بما وجده فيه لا يأمن من أن يكون مُقْدِما على قبيح ... وأمّا الإلزام لنا أنْ لا تكون في تصنيف هذه الكتب فائدة إذا كان العمل بها غير جائز، فليس بصحيحٍ؛ لأنّ مصنِّف هذه الكتب قد أفادنا بتصنيفها وحصرها وترصيفها ... وأحالنا في معرفة صحّتها وفسادها على النظر في الأدلّة، ووجوه صحّة ما سطّره في كتابه ... لأنّ مَنْ لم تُجْمَع له هذه المسائل حتّى ينظر في كلّ واحدة منها، ودليل صحّتها تعب وطال زمانه في جمع ذلك، فقد كفى بما تكلّف له من جمعها مُؤْنة الجمع، وبقي عليه مُؤْنةُ النظر في الصحّة أو الفساد. ومازالَ علماءالطائفة ومتكلّموهم يُنكرون على عوامِّهم العمل بما يجدونه في الكتب من غير حجّة مشافهة ... فكيف يقال: أنّ النكير غير واقع، وهو أظهر من الشمس الطالعة؟ - إلى أن قال: - ولا اعتبار بعوامّ الطائفة وطغامهم، وإنّما الاعتبار بالعلماء المحصّلين» (1) . وللسيّد المرتضى كلام أوضح من هذا بشأن الكافي على وجه الخصوص، حيث سُئل عن حديثٍ رواه الكليني (ت / 329 ه ) في الكافي، من أنّ هشام بن الحكم سأل الإمام الصادق عليه السلام ، عن قول الزنادقة له: أيقدر ربّك يا هشام على أن يدخل الدنيا في قشر البيضة من غير أن يصغِّر الدنيا ولا يكبِّر قشر البيضة؟ وأنّ الإمام الصادق عليه السلام قال له:

ص: 324


1- . . رسائل الشريف المرتضى / المجموعة الثانية، جوابات المسائل الرسيّة ، المسألة الخامسة: ص 331.

يا هشام ، اُنظر أمامك وفوقك وتحتك وأخبرني عمّا ترى؟ فقال: أرى سماءً وأرضا وجبالاً وأشجارا وغير ذلك. فقال له: الذي قدر أن يجعل هذا كلّه في مقدار العدسة - وهو سواد ناظرك - قادر على ما ذكرت (1) .

فقال السيّد المرتضى في جوابه: «اعلم أنّه لا يجب الإقرار بما تضمّنته الروايات، فإنّ الحديث المروي في كتب الشيعة وكتب جميع مخالفينا يتضمّن ضروب الخطأ وصنوف الباطل من محال لا يجوز أن يتصوّر، ومن باطل قد دلّ الدليل على بطلانه، ولهذا وجب نقد الحديث بعرضه على العقول فإذا سلم عليها عرض على الأدلّة الصحيحة كالقرآن.. وهذا الخبر المذكور بظاهره يقتضي تجويز المحال - المعلوم بالضرورات فساده - وإن رواه الكليني رحمه اللّه . فكم روى هذا الرجل وغيره من أصحابنا رحمهم اللّه في كتبهم ما له ظواهر مستحيلة أو باطلة، والأغلب الأرجح أن يكون هذا خبرا موضوعا مدسوسا».

ثمّ حاول السيّد المرتضى تأويل الخبر المذكور باحتمال أن يكون الإمام عليه السلام قد سُئل عن ذلك بمحضر من الزنادقة، فأشفق عليه السلام أن يقول: أنّه ليس بمقدور، فيظنّ من لا علم له أنه عليه السلام قد عجّز ربّه تعالى ونفى عن قدرته شيئا مقدورا، فأجاب به، وأراد: أنّ اللّه تعالى قادر على ذلك لو كان ذلك مقدورا. ثمّ قال السيّد المرتضى: «وكأنّه عليه السلام قال: من جعل عيني على صفة أدرك معها السماء والأرض ومابينهما، لابدّ أن يكون قادرا على كلّ حال مقدور. وهو قادر على إدخال الدنيا في البيضة لو كان مقدورا. وهذا أقرب ما يؤول عليه هذا الخبر الخبيث الظاهر» (2) .

ص: 325


1- . . ينظر الخبر في الكليني / اُصول الكافي : ج 1 ص 79 ح 4 باب حدوث العالم وإثبات المحدث من كتاب التوحيد، وفيه : «... يا هشام ، فانظر أمامك وفوقك وأخبرني بما ترى. فقال : أرى سماءً وأرضا ودورا وقصورا وبراري وجبالاً وأنهارا . فقال له أبو عبداللّه عليه السلام : إنّ الذي قدر أن يدخل الذي تراه العدسة أو أقلّ منها، قادر أن يدخل الدنيا كلّها البيضة..» .
2- . . رسائل الشريف المرتضى / المجموعة الاُولى، جوابات المسائل الطرابلسيّات الثالثة : ص 408 - 411 ر المسألة الثالثة عشرة .

أقول: إنّ تأويل السيّد المرتضى لخبر هشام بن الحكم، تأويل صحيح، ويشهد له ما رواه الصدوق بالإسناد عن محمّد بن أبي عمير، عن عمر بن اُذينة، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال: «قيل لأمير المؤمنين عليه السلام : هل يقدر ربّك أن يُدخل الدنيا في بيضة من غير أن يُصغِّر الدنيا، أو يُكبِّر البيضة؟ فقال عليه السلام : إنّ اللّه تبارك وتعالى لا يُنسب إلى العجز، والذي سألتني لا يكون» (1) . وأخرجه من طريق آخر عن ابن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (2) . ومع هذا المعنى الصحيح المؤيّد بالرواية لا داعي إلى رمي الخبر بالوضع. والمهم من كل ما تقّدم أنّ أحاديث الكافي ليست قطعية الصدور بنظر الشريف المرتضى قدس سره، وهي كذلك. وأمّا عن موقف الشيخ الطوسيّ (ت / 460 ه) من أحاديث الكافي، فيقرِّبُه قوله في أوّل التهذيب : «ومهما تمكّنت من تأويل بعض الأحاديث من غير أن أطعنَ في إسنادها؛ فإنّي لا أتعدّاه، وأجتهد أنْ أروي في معنى ما أتأوّل الحديث عليه حديثا آخر يتضمّن ذلك، إمّا من صريحه، أو فحواه» (3) . وإذا عدنا إلى التهذيب نجد الشيخ رحمه اللّه كثيرا ما يسوق فيه - بمعنى ما تأوّله - عِدّة أحاديث صحيحة السند تتّفق على مضمون واحد بحيث يمكن الإطمئنان بصدوره عن المعصوم عليه السلام . وإذا ما قُورن هذا مع تصريحه في عُدّة الاُصول بأنّ موافقة خبر الآحاد للسُنّة المقطوعة تفيد صحّة متضمِّنهِ لا صحّته في نفسه؛ لاحتمال أنْ يكون مصنوعا (4) فقد يُستنتج منه، أنّه قدس سره لم يستبعد هذا الاحتمال، ولو في بعض متعارضات الكافي، لا سيما التي صرّح بضعف إسنادها. ومع فرض حصول مثل هذا الاحتمال في نظر

ص: 326


1- . . التوحيد : ص 130 ح 9 باب 9 القدرة .
2- . . المصدر السابق : ص 130 ح 10 من الباب السابق .
3- . . تهذيب الأحكام : ج 1 ص 54 من المقدّمة.
4- . . عُدّة الاُصول : ج 1 ص 372، مقباس الهداية : ج 1 ص 42 .

الشيخ، فلا يبقى معنى عنده للإطمئنان والوثوق أو القطع بالصدور. وهذا لا يشمل ما حمله الشيخ من المتعارضات على التقيّة، وأمّا ما عداه فيدخل في هذا الاستنتاج بشرط اقترانه بما دلّ على صحّة متضمّن الأخبار مع ضعف سنده، وبشرط عدم اقترانه بالقرائن الدالّة على صحّة الخبر في نفسه كوجوده في أكثر الاُصول الأربعمائة ، ونحو ذلك من القرائن التي اعتبرها المتأخّرون المائز بين إطلاق الصحيح عند القدماء - وما أكثرها في زمان الشيخ - وبين إطلاقه على وفق المصطلح الجديد. وبهذا يكون بيان موقف الشيخ من دعوى الإطمئنان والوثوق إزاء ما تعارض في الكافي، ولم يحمله على التقيّة، مع تصريحه بضعف السند والتعامل معه على ضوء القرائن الاُولى، وإهمال التنصيص على احتفافه بما دلّ على صحّته في نفسه غير واضح لي على الرغم من نفي تلك الدعوى من قبل الأعلام، لأنّ عدم التنصيص لا يدلّ على عدم الاحتفاف خصوصا وأنّ الشيخ لا يحتاج إلى ذكر ذلك في مقام الجمع بين الخبرين المتعارضين. ومهما يكن فإنّ ما ذكرناه من موقف شيخيه المفيد والمرتضى رحمهم اللّه صريح بنفي تلك الدعوى، وفيه الكفاية.

منهج الكليني في أسانيد الكافي

اختلف المنهج السندي في كتاب الكافي اختلافا كلّيا عن المنهج السندي في كتاب من لا يحضره الفقيه وكتابي التهذيب والاستبصار ، إذْ سَلَكَ كلّ من المحمّدين الثلاثة طريقا يختلف عن الآخر في إسناد الأحاديث.

فالصدوق حذف أسانيد الأحاديث التي أخرجها في كتابه (الفقيه) لأجل الاختصار، ولم يُسند في متن الكتاب غير تسعة أحاديث فقط (1) بحسب ما استقرأناه. وقد استدرك

ص: 327


1- . . كتاب من لا يحضره الفقيه : ج 1 ص 315 ح 1431 باب 76 ، و ج 2 ص 154 ح 668 باب 63، و ص 211 ح 967 باب 115، و ج 3 ص 61 ح 211 باب 46، و ص 62 ح 212 باب 46، و ص 65 ح 218 باب 47، و ج 4 ص 165 ح 578 باب 115، و ص 273 ح 829 باب 176، و ص 301 ح 911 باب 176 .

على ما رواه بصورة التعليق بمشيخةٍ في آخر الكتاب أوصل بها طرقه إلى أغلب مَنْ روى عنهم في الفقيه لتخرج مرويّاته عن حدّ الإرسال. وأمّا الشيخ الطوسي فقد سلك في منهجه السندي في التهذيب والاستبصار تارةً مسلك الشيخ الكليني الآتي، واُخرى مسلك الشيخ الصدوق في كتابه الفقيه ، وذلك بحذف صدر السند والابتداء بمن نقل من كتابه أو أصله، مع الاستدراك في آخر الكتابين بمشيخةٍ على غِرار ما فعله الشيخ الصدوق. وأمّا الكليني: فقد سلك في كتابه الكافي منهجا سنديا ينمُّ عن قابليّة نادرة وتتبّع واسع وعلمٍ غزير في متابعة طرق الروايات وتفصيل أسانيدها، إذْ التزم بذكر سلسلة سند الحديث إلّا ما نَدَرَ، مع ملاحظة اُمور كثيرة في الإسناد. منها: اختلاف طرق الرواية، فكثيرا ما تجده يروي الرواية الواحدة بأكثر من إسنادٍ واحدٍ، وإذا لوحظت أخبار الكافي بلحاظ تعدّد رواتها، فإنّك تجد فيه تعدّد رواة الخبر في طبقات السند، بحيث تجد الكثير من الأسانيد قد تحقّقت فيها الاستفاضة أو الشهرة 2 في بعض مراتبها كروايته «عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، والحسين بن محمّد، عن عبد ربّه وغيره، ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد جميعا؛ عن ...» (1) .

وكذلك نجد الخبر العزيز (2) في بعض المراتب أيضاً، كروايته عن محمّد بن

ص: 328


1- . . فروع الكافي : ج 4 ص 201 ح 1 باب 7 من كتاب الحجّ، وكثير مثله.
2- . . الخبر العزيز : هو ما يرويه اثنان من الرواة عن اثنين ، وصولاً إلى المعصوم عليه السلام . اُنظر: الدراية : ص 16 ، ومقباس الهداية : ج 1 ص 134 .

إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان. وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى (1) ، وهنا قد تحقّق الخبر العزيز بثلاث طبقات، إذ نقله الكليني عن اثنين، عن اثنين، عن اثنين. هذا وقد يعدل الكليني أحيانا عن هذا المنهج عند توافر أكثر من طريق واحد للرواية ، وذلك بذكر سند الطريق الأوّل ثمّ يعقّبه بعد هذا بالطريق الثاني ذاكرا في نهايته عبارة: «مثله». إشارة منه إلى تطابق المتن في كلا الطريقين. وهو من أوضح مصاديق الخبر العزيز في الكافي (2) . ومن الاُمور التي تلاحظ على منهجه السندي أنّه كثير ما يرد في أسانيد الكافي ذكر كُنى الرواة وبلدانهم وقبائلهم وحِرَفِهم، أمّا حذف الاسم والاكتفاء بما يدلّ عليه من كنية أو لقب ، فلا يدلّ على التدليس كما قد يتوهّمه الجاهل؛ لأنّ الحذف لم يكن من الكليني تعمّدا بل من مشايخه الذين كانوا يكنّون مشايخهم تقديرا لهم، لما في إطلاق الكنية من معاني الاحترام، وقد عرف العرب بالتكنية ولهم في الاعتداد بها طرائف كثيرة ليس هنا محلّ تفصيلها. غاية الأمر أنّ ما ينسب إلى الكليني وهو في الواقع إلى مشايخه إنّما باعتبار التدوين بعد الاختيار.

إذن، نسبة جميع ما يرد في الإسناد ؛ من ألفاظ وإن كانت مجهولة أحيانا مثل: عن شيخ، أو عن رجل ونحو ذلك، إنّما ينسب إلى الكليني بهذا الاعتبار، لا أنّه تعمّد إخفاء الاسم والتعبير عنه بمثل هذه الألفاظ كما قد نجده عند بعض المهرّجين الأغبياء الذين لم يلتفتوا إلى حقيقة هذا المقصد.

وهناك مفردات اُخرى في المنهج السندي في كتاب الكافي نشير إلى بعضها اختصارا:

ص: 329


1- . . فروع الكافي : ج 3 ص 2 ح 1 باب 2 من كتاب الطهارة.
2- . . أغلب الأحاديث التي لم ترقّم في طبعات الكافي كما سنبيّنها في جدولتها في آخر البحث، هي من الأحاديث العزيزة المروية بطريقين مختلفين ، ابتداءً من الكليني وانتهاءً بالمعصوم عليه السلام .

منها: الالتزام بالعنعنة في الإسناد كبديل مختصر عن صيغ الأداء الاُخرى التي وردت في الكافي بصورة أقلّ من العنعنة. ومنها: الأمانة العلميّة في التزام نقل ألفاظ مشايخ السند، ومثاله نقله حتّى لتردّد الرواة في التحديث عن مشايخهم بلفظ (حدّثني فلان، أو روى فلان) (1) . أو التصريح بما أرسله بعض المشايخ، أو رفعه (2) . ومنها: اختصار سلسلة السند المتكرّر بعبارة: (وبهذا الإسناد) (3) ، أو حذف تمام السند المتكرّر والاكتفاء بالعبارة المذكورة (4) . ومنها: تنوّع مصادر السند في الكافي، بحيث يمكن تصنيفها على طائفتين رئيسيّتين، وهما: الرجال، والنساء الراويات، والرجال إلى معصومين وغيرهم، وهذا الغير إلى صحابة وتابعين وغيرهم، وقد جاءت مرويّاتهم لتتميم الفائدة، وبعضها الآخر لبيان وجه المقارنة بينها وبين مرويّاته الاُخرى. ويمكن تقسيم الطائفة الاُولى إلى الموافق والمخالف في المذهب؛ لوقوع الكثير من رواة الفِرَق المخالفة لمذهب الكليني في أسانيد الكافي كما بيّناه في محلّه (5) وأشرنا إلى من رجع منهم إلى الحقّ إشارتين، إحداهما: جملةً، والاُخرى تفصيلاً (6) .

ص: 330


1- . . فروع الكافي : ج 6 ص 81 ح 8 باب 21 من كتاب الطلاق.
2- . . ومثال التصريح بالإرسال تجده في فروع الكافي : ج 6 ص 3 ح 6 باب 1 من كتاب العقيقة، و ج 6 ص 406 ح 2 باب 20 من كتاب الأشربة، ومثال التصريح بالرفع تجده في اُصول الكافي : ج 1 ص 58 ح 3، و ص 68 ح 13، و ص 74 - 75 ح 28 - 30 من كتاب العقل والجهل .
3- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 105 ح 3 و 4 باب 19 من كتاب فضل العلم.
4- . . فروع الكافي : ج 3 ص 5 ح 2 باب 4 من كتاب الطهارة.
5- . . اُنظر: الشيخ الكليني البغدادي وكتابه الكافي - الفروع: ص 203 .
6- . . المصدر السابق : ص 203 ونعني بالإشارة جملةً هو ما ذكرناه تحت عنوان (رواة الفرق المخالفة لمذهب الكليني) إذ ورد هناك ما نصّه: «روى الكليني عن رواة الفرق المخالفة لمذهبه، سواء منهم مَنْ ثبت على رأيه مع بقائه على صدقه ووثاقته، أو عمّن رجع عن رأيه وحمدت سيرته» ثمّ ذكرت جملة منهم، وقد ترجمنا لهم جميعا في فصل الموارد مع بيان من رجع منهم إلى الحقّ باعتراف أعلام الشيعة، وهذا هو المراد بالإشارة تفصيلاً، وإنّما ذكرنا هذا ليتّضح كذب بعضهم بأنّي لم أُفرِّق في كتابي المذكور بين من رجع إلى الحقّ وبين من لم يرجع منهم! فراجع.

وأمّا النساء الراويات فقد بلغن ستّا وعشرين امرأة فيما تتبّعناه. ومنها: وجود الأحاديث الموقوفة (1) ، والمرسلة (2) ، والمجهولة وهي التي في إسنادها راوٍ لم يُسَمّ، وتسمّى المبهمة، وحكمها الإرسال جميعا (3) ، كذلك وجود الأحاديث المضمرة (4) ، مع توافر بعض الأصناف الاُخرى لخبر الواحد المسند، كلّ صنف بلحاظ عدد رواته تارةً - وهو ما ذكرناه آنفا - أو بلحاظ حال رواته، أو بلحاظ اشتراك خبر الواحد المسند مع غيره كالمعنعن - كما مرّ - والمسلسل (5) ، والمشترك ، والعالي،

ص: 331


1- . . الحديث الموقوف، هو ما روي عن أحد أصحاب المعصوم عليه السلام من دون أن يسنده إليه، ويسمى الموقوف المطلق، ومثاله ما ورد عن معاوية بن عمّار وابن أبي عمير وغيرهما موقوفا عليهم في فروع الكافي : ج 6 ص 160 ح 33 باب 73 من كتاب الطلاق، و ج 7 ص 24 ح 3 باب 18 من كتاب الوصايا.
2- . . المرسل : هو ما حذف من سلسلة سنده راوٍ واحد أو أكثر، وكذا لو ذكر أحد رجال السند بلفظ مبهم، وله تعاريف اُخرى، راجع: الدراية : ص 47، ونهاية الدراية : ص 189 ، ومقباس الهداية : ج 1 ص 338، ومثاله في اُصول الكافي : ج 1 ص 209 ح 1 باب 30 من كتاب التوحيد، وغيره .
3- . . مثل: عمّن رواه، أو عمّن حدّثه، أو عمّن أخبره، ونحو ذلك من الألفاظ الاُخرى نحو: عن رجل، أو عن شيخ، وهكذا في كل لفظ مبهم، والحكم في الجميع هو الإرسال. كما في مقدّمة ابن الصلاح : ص 144، والرواشح السماوية : ص 171، ومن طريف ما حصل في (بحوث حول روايات الكافي) فهم صاحبه أنّ القول بوجود أسانيد مجهولة في الكافي ، يعني نسبة الجهل للكليني!!!
4- . . المضمر: هو الحديث الّذي اُخفي فيه المسؤول ولم يُعْرَف هل هو إمام أو غيره؟ كرواية الكليني بسنده عن أسباط بن سالم قال: «سأله رجل من أهل هيت، وأنا حاضر ... الخبر» (اُصول الكافي : ج 1 ص 332 ح 2 باب 56 من كتاب الحجّة) .
5- . . الحديث المسلسل: هو ما اتّفق الرواة فيه على صفةٍ واحدة أو حال معيّنة ، ومن أمثلته في فروع الكافي : ج 3 ص 493 ح 8 باب 102 من كتاب الصلاة، وانظر تعريفه في الدراية : ص 38.

والنازل (1) ، والمعلّق بشرط معرفة المحذوف. ومنها: تعبير الكليني عن مجموعة من مشايخه بلفظ: (عدّة من أصحابنا) أو جماعة من أصحابنا والأوّل مطّرد، والآخر نادر، وقد مرّ البحث عن هذا مفصّلاً.

منهج الكليني في متون الكافي

منهج الكليني في متون الكافي:يمكن تلخيص منهج الكليني في رواية متون الكافي بجملة من الاُمور، نذكر أهمّها: 1 - الإكثار من المتون الموشّحة بالآيات القرآنية، خصوصا آيات الأحكام، ولهذا لا تكاد تجد آيةً من آيات الأحكام إلّا وقد وردت في فروع الكافي، ولو استلّت تلك الروايات من الكافي لألّفَتْ تفسيرا رائعا لأهل البيت عليهم السلام في أحكام القرآن الكريم. 2 - اشتمال بعض متون الكافي على توضيحات من الكليني (2) . 3 - بيان موقفه أحيانا من تعارض مرويّاته (3) ، وربّما نبّه إلى ما خالف الإجماع على الرغم من صحّته بطريق الرواية (4) .

4 - رواية ما زاد على المتن من ألفاظ الرواة؛ لفرط أمانته في نقل الخبر بالصورة التي سمعها من مشايخه أو أخرجها من الكتب المعتمدة التي يرويها بالإجازة عن مشايخه وهذا ما يسمى اصطلاحا بمدرج المتن (5) .

ص: 332


1- . . العالي والنازل: من أوصاف الخبر المشترك مع غيره، ويراد بالأول، ما كان قليل الواسطة من المحدّث إلى المعصوم عليه السلام ، والثاني بخلافه، ويسمّى الأول (قرب الإسناد) أو (علوّ الإسناد). اُنظر مقباس الهداية : ج 1 ص 243 - 244، ولا يشترط في علوّ الإسناد عدد معيّن من الرواة، فقد يكون سند الخبر عاليا مع أنّه من خمسة رواة وذلك بالقياس إلى متن ذلك الخبر نفسه المروي بسبع وسائط قبلاً، وأمثلة قرب الإسناد كثيرة في الكافي وتعرف بالتتبّع والمثابرة.
2- . . فروع الكافي : ج 3 ص 289 ح 7 باب 13 من كتاب الصلاة .
3- . . المصدر السابق : ج 4 ص 90 ح 5 باب 12 من كتاب الصيام.
4- . . المصدر السابق : ج 7 ص 115 ذيل الحديث 16 باب 25 من كتاب المواريث.
5- . . المدرج على أقسام، وأشهر ما وقع منها في الكافي ، هو مدرج المتن، ويراد به : ما اندرج في متن الخبر من ألفاظ أحد رواته، سواء كان اللفظ في أوّل المتن، أو في وسطه، أو في آخره، كتفسير كلمة من المتن ونحوها مما قد يتوهّم بعضهم فيحسبها من المتن، ومثال ذلك في فروع الكافي : ج 3 ص 424 ح 9 باب 70 من كتاب الصلاة و ج 7 ص 253 ح 2 باب 56 من كتاب الحدود، وغيرها.

5 - الاقتباس والرواية من الكتب كالاُصول الأربعمائة وغيرها. 6 - ترك الكثير من الأخبار التي لم يرها قابلةً للرواية ، إمّا لوضعها من قبل غلاة الشيعة، وإمّا لضعفها بعدم اقترانها بالقرائن المعتبرة عنده، وإمّا لعدم ثبوت وثاقة ناقليها برأيه. 7 - تصنيف الأحاديث المخرَّجة المرتّبة على الأبواب على الترتيب بحسب الصحّة والوضوح، ولذلك أحاديث أواخر الأبواب - كما قاله بعض المحقّقين - لا تخلو من إجمال وخفاء (1) . 8 - رواية القواعد الأساسيّة في دراية الحديث وروايته وتقديمها في أوائل اُصول الكافي لتكون منهجا سليما في تمييز خبر التقيّة عن غيره. 9 - لا يورد الأخبار المتعارضة، بل يقتصر على ما يدلّ على الباب الّذي عنونه، وربّما دلّ ذلك على ترجيحه لما ذكر على ما لم يذكر (2) ولا يُنافي هذا وجود بعض المتعارضات القليلة في الكافي. 10 - طرحه بعض آرائه الفقهيّة معقّبا بها بعض الروايات (3) أو مصدِّرا بها بعض الأبواب (4) .

11 - بيان بعض آرائه الكلاميّة والفلسفية في اُصول الكافي (5) .

ص: 333


1- . . روضات الجنّات : ج 6 ص 116، ولا يضرّ خروج بعض الأحاديث في عدد من الأبواب عن هذا الترتيب، لكون المراد هو الأعم الأغلب.
2- . . نهاية الدراية : ص 545 .
3- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 278 ح 3 باب 60 من كتاب الحجّة .
4- . . المصدر السابق : ج 1 ص 538 باب الفيء والأنفال من كتاب الحجّة .
5- . . المصدر السابق : ج 1 ص 85 و 111 و 123 و 124 و 135 و 136 و 137 من كتاب التوحيد.

12 - اهتمامه البالغ في رواية المشهور والمتواتر خصوصا في اُصول الكافي وفروعه، ويمكن ملاحظة هذا بسهولة ويسر في الكثير من أبواب الكافي، وذلك لتزاحم الرواة واتّفاقهم على رواية معنى واحد، وهذا يدخل في منهجه السندي أيض-ا . 13 - العناية الفائقة برواية ما يتّصل بمكانة أهل البيت عليهم السلام ، وفضائلهم، وعلمهم، وإمامتهم، والنصّ عليهم، مع تفصيل الكثير من أحوالهم، وبيان تواريخهم بشرح مواليدهم ووفياتهم صلوات اللّه عليهم. 14 - إخضاع متون الكافي اُصولاً وفروعا إلى تبويب واحد، دون روضة الكافي كما سيأتي في تصنيفه.

تبويب وترتيب الكافي

اشارة

لتصنيف الأحاديث الشريفة وتبويبها وترتيبها طريقتان مشهورتان، وهما:

1 - طريقة الأبواب

وفيها يتمّ توزيع الأحاديث - بعد جمعها - على مجموعة من الكتب، والكتب على مجموعة من الأبواب، والأبواب على عدد من الأحاديث، بشرط أن تكون الأحاديث مناسبةً لأبوابها، والأبواب لكتبها. وقد سبق الشيعةُ غيرَهم إلى استخدام هذه الطريقة، وأوّل من عرف بها منهم هو الصحابي الجليل أسلم أبو رافع (ت / 40 أو 35 ه) في كتابه (السنن والأحكام والقضايا) إذْ صنّفه على طريقة الأبواب (1) ، ثمّ شاع استخدامها بعد ذلك، وتأثّر بها أعلام المحدّثين من الفريقين؛ لما فيها من توفير المزيد من الجهد لمن أراد الاطّلاع على معرفة شيء من الأحاديث في حكم

ص: 334


1- . . رجال النجاشي : ص 6 الرقم 1.

ما والوقوف عليه بسهولة ويسر.

2 - طريقة المسانيد

والتصنيف بموجب هذه الطريقة له صور متعدّدة. منها: القيام بجمع ما عند كلّ صحابي من الحديث المرفوع إلى النبي صلى الله عليه و آله ، سواء كان الحديث صحيحا أو ضعيفا، ثمّ يرتّبُه على ترتيب الحروف، أو القبائل، أو السابقة في الإسلام، وهكذا حتّى ينتهي إلى النساء الصحابيّات، ويبدأ باُمّهات المؤمنين (1) . ومنها: القيام بجمع ما أسنده أحد أئمّة أهل البيت عليهم السلام من الأحاديث إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله في كتاب يسمّى (المسند) ، مضافا إلى اسم ذلك الإمام عليه السلام ، كمسند الإمام الباقر أو الصادق عليهماالسلام. وهذه الطريقة استخدمها تلاميذ الأئمّة عليهم السلام من رواة العامة (2) . ومنها: أن تجمع - من كتب الحديث - روايات راوٍ معيّن أسندها إلى الأئمّة عليهم السلام ، وتدوَّن في كتاب يسمّى (المسند) مضافا إلى اسم ذلك الراوي الّذي أسند الأحاديث، كما هو الحال في مسند زرارة بن أَعْيَن ، ومسند محمّد بن مسلم المطبوعين. ولو استخدمت هذه الصورة في جمع ما أسنده بعض الرواة الذين أكثروا من الرواية عن الأئمّة عليهم السلام ولم يرد توثيق بحقّهم، أو اختلف الرجاليّون بشأنهم؛ لسهّلت الوقوف على اُمور كثيرة قد تؤدّي إلى إعادة النظر في تقييم حال اُولئك الرواة؛ لأنّ النظر في نشاطهم العلمي وتراثهم الفكري يكشف عن أشياء ذات صلةٍ وثيقةٍ بالدقّة والضبط والعلم والوثاقة وغيرها من الاُمور التي ربّما لم تلحظ في تقييمهم بكتب الرجال.

ص: 335


1- . . الخلاصة في اُصول الحديث : ص 147 ، ومن المسانيد المصنّفة بهذه الصورة مسند أحمد بن حنبل .
2- . . راجع (المصطلح الرجالي: أسند عنه) / السيّد محمّد رضا الحسيني الجلالي، بحث نُشر في مجلة تراثنا ، العدد الثالث، السنة الاُولى، إصدار مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث، قم / 1406 ه ، وانظر فيه العلاقة بين هذا المصطلح الرجالي وبين كتب المسانيد المصنّفة على وفق الصورة الثانية.

ومهما يكن، فقد استخدم الكليني قدس سره الطريقة الاُولى في تصنيف كتابه الكافي، لتلبيتها غرضه في أن يكون كتابه مرجعا للعالِم والمتعَلّم، سهل التناول في استخراج أيّ حديث من أحاديثه. وقد حقّق ثقة الإسلام هذا المطلب على أحسن ما يُرام، إذْ قسّم كتابه الكافي على ثلاثة أقسام رئيسيّة، وهي: اُصول الكافي، وفروع الكافي، وروضة الكافي . ثمّ قسم اُصول الكافي على ثمانية كتب اشتملت على (499) بابا وأخرج فيها (3881) حديثا، وتجد هذا التصنيف نفسه مع فروع الكافي أيضا، إذ اشتملت على (26) كتابا، فيها (1744) بابا، ومجموع أحاديثها (11021) حديثا. أمّا قسم الروضة من الكافي فلم يخضعه إلى هذا المنهج من التصنيف، بل ساق أحاديثه تباعا من غير كتب أو أبواب، بل جعله كتابا واحدا، وقد احتوى على ستمائة وستة أحاديث. ومن هنا يظهر أنّ ما قيل عن مجموع أحاديث الكافي لا ينطبق مع العدد الفعلي المطبوع حاليا كما سيتّضح من الجدول الآتي، والسبب في ذلك ليس كما تصوّره البعض من اختلاف نسخ الكافي؛ لأنّ النسخ التي اعتمدت في تحقيق الكافي، والنسخ الكثيرة جدا الواصلة إلينا من الكافي هي أسبق زمانا من الذين أحصوا أحاديث الكافي فأوصلوها إلى أكثر من ستة عشر ألف حديث، ويبدو أنّ سبب التفاوت ليس بسبب عدّ الحديث الواحد المروي بإسنادين حديثين، ولا بسبب تشعّب الطريق الواحد إلى شعبتين أو أكثر، وإنّما لعدّ أجوبة الإمام عليه السلام في مجلسٍ واحد على أكثر من سؤال بمنزلة الأحاديث المستقلّة، خصوصا وأنّها تحمل أجوبة مختلفة تبعا لاختلاف الأسئلة الموجّهة للإمام في مجلسٍ واحد، وإنْ رواه الكليني رحمه الله بإسنادٍ واحد. نظير ما لو قال زرارة مثلاً: سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن مسألة كذا؟ فقال عليه السلام : كذا، ثمّ

ص: 336

يقول زرارة: وسألته عن كذا، فأجاب بكذا، وهكذا. ونظير ما لو قال أيضا: قال الإمام الصادق عليه السلام : كذا، ثمّ يقول بعد ذلك: وقال عليه السلام : وقد يتكرّر هذا في الحديث الواحد مرّتين أو ثلاثا. وقد وقع مثل هذا في الكافي، ولكن لم أعدّه إلّا حديثا واحدا في الفهرس الآتي؛ لغلبة الظنّ أنّ الفارق بين (16199) حديثا - وهو الإحصاء المنسوب إلى بعض العلماء - وبين ما هو مبيّن في الفهرس الآتي، إنّما كان بسبب ما تقدّم آنفا، ولبعد احتمال سقوط مثل ذلك المقدار من النسخ المعتمدة في تحقيق الكافي، وموافقة المطبوع لما في مرآة العقول والوافي ، مع عدم تنبيه أحد من العلماء على سقوط مثل ذلك المقدار ولو من بعض النسخ، فلم يبق إلّا السبب المذكور، أو خطأ في الحساب، واللّه العالم.

ص: 337

ص: 338

شبهة فصل كتاب الروضة عن الكافي

شبهة فصل كتاب الروضة عن الكافي:إنّ أوّل من أثار هذه الشبهة هو الخليل بن غازي القزويني (ت / 1089 ه )، فيما حكاه الشيخ عبداللّه الأفندي في رياض العلماء ؛ إذ قال في ترجمته: «.. وكان له رحمه اللّه أقوال في المسائل الاُصولية والفروعية انفرد في القول بها، وأكثرها لا يخلو من عجب وغرابة - إلى أن قال : - ومن أغرب أقواله: بأنّ الكافي بأجمعه قد شاهده الصاحب عليه السلام ... وإنّ الروضة ليس من تأليف الكليني رحمه الله، بل هو من تأليف ابن إدريس، وإن ساعده في الأخير بعض الأصحاب، وربّما ينسب هذا القول الأخير إلى الشهيد الثاني أيضا، ولكن لم يثبت» (1) . وقال السيّد الخوانساري في ترجمته أيضا: «وكان ينسب تأليف روضة الكافي إلى صاحب السرائر - يعني ابن إدريس - كما ينسب ذلك أيضا إلى الشهيد الثاني» (2) .

جواب هذه الشبهة

أوّلاً: ما في كتاب الروضة يشهد على أنّه للكليني

المعروف عن كلّ كتاب أنّه مرآة عاكسة لشخصية مؤلّفه في اُسلوبه، ولغته، وطريقته في الكلام، ومعالجة ما يريد بحثه، أمّا إذا كان الكتاب من كتب رواية الحديث - ككتاب الروضة - ففيه زيادة على ما مرّ بيان سند الحديث وتحديد رجاله بشكل تتّضح معه أسماء مشايخ المؤلّف لكي لا يتّهم في الرواية بأخذها على علّاتها من غير سماع ولا تحديث، فيُرمى حينئذٍ بالتدليس. وممّا يلحظ على كتاب الروضة جملة اُمور منها: 1 - اُسلوب عرض المرويّات فيه هو الاُسلوب بذاته في اُصول وفروع الكافي، إذ يبدأ أوّلاً بذكر سلسلة السند كاملة إلّا ما ندر - وهذه ميزة امتاز بها الكافي على غيره من

ص: 339


1- . . رياض العلماء : ج 2 ص 261 .
2- . . روضات الجنّات : ج 3 ص 272 .

كتب الحديث - ومن ثمّ اتّباع اُسلوب البحث عن طرق اُخرى مكمّلة للرواية وترتيب هذه الطرق بحسب جودتها، وهذا هو ما عُمل في اُصول وفروع الكافي ، وأمّا كثرته هناك وقلّته هنا فهي لانعدام التبويب في الروضة وما فرضه محتوى الكتاب من عدم تنسيق الأحاديث فيه وتصنيفها إلى كتب وأبواب. 2 - لغة الروضة من حيث العنعنة السائدة، والإصطلاح المتداول في نظام الإحالة على إسناد سابق، واختصار الأسانيد، والمتابعات والشواهد هي بعينها في اُصول الكافي وفروعه. 3 - رجال أوّل السند من مشايخ ثقة الإسلام الكليني إلّا القليل النادر منهم حيث أخذ مرويّاتهم من كتبهم المتداولة في عصره والمعروفة الانتساب إلى أصحابها الثقات، وما قبلها من إسنادٍ فهو لها أيضا، وهو ما يعرف بالإسناد المعلّق، ولا منافاة بينه وبين الأخذ من الكتاب مباشرة، كما فعل ذلك أيضا في الاُصول والفروع. 4 - طرق روايات الاُصول والفروع (سلسلة السند) إلى أصحاب الأئمّة عليهم السلام هي طرق روايات الروضة أيضا. 5 - ممّا امتاز به الكليني على سائر المحدّثين هي العِدَّة التي يروي بتوسّطها عن ثلاثة من المشايخ المعروفين وهم: أحمد بن محمّد بن عيسى، وأحمد بن محمّد بن خالد، وسهل بن زياد، وليس لهذه العِدد من أثر في كتب الحديث الاُخرى ، وإن وُجدت فهي مأخوذة من الكافي. وروايات العِدّة توزّعت على الاُصول والفروع والروضة. 6 - هناك جملة وافرة من مرويّات الروضة مرتبطة بعناوين بعض كتبه المفقودة، كروايات تعبير الرؤيا المرتبطة بكتاب تعبير الرؤيا المفقود، وروايات رسائل الأئمّة عليهم السلام المرتبطة بكتاب الرسائل المفقود أيضا. وهذا ما يقرب من احتمال نقلها من كتبه المذكورة إلى كتاب الروضة، لاسيّما وأنّ الكافي آخر مؤلّفات الكليني (1) .

ص: 340


1- . . ودليل كون كتاب الكافي الشريف آخر مؤلّفات ثقة الإسلام رحمه الله هو ما ذكره الكليني نفسه في ديباجة ر الكافي بشأن كتاب الحجّة؛ إذ وعد أن يُفرد لموضوع (الحجّة) - فيما لو أسعفه الأجل - كتابا أوسع ممّا هو عليه في الكافي. ولكنّ يد المنون عاجلته قبل الشروع بما وعد به رحمه الله؛ إذ لا يُعرف له كتاب بعنوان (الحجّة) غير ما في كتاب الكافي ، وقد أشرنا إلى ذلك فيما تقدّم أيضاً .
ثانيا: تصريح المتقدّمين بأنّ الروضة من كتب الكافي

ثانيا: تصريح المتقدّمين بأنّ الروضة من كتب الكافي:وهو ما ذكره الشيخ النجاشي في ترجمة الكليني، قال: «صنّف الكتاب الكبير المعروف بالكليني يسمّى الكافي في عشرين سنة، شرح كتبه: كتاب العقل، كتاب فضل العلم - إلى أن قال: - كتاب الروضة. وله غير كتاب الكافي: كتاب الردّ على القرامطة...» (1) .

وقال الشيخ في الفهرست : «له كتب منها: كتاب الكافي، وهو يشتمل على ثلاثين كتابا، أوّله كتاب العقل والجهل - إلى أن قال: - وكتاب الروضة آخر كتب الكافي . وله كتاب الرسائل...» (2) .

ثالثا: تواتر طرق الشيعة إلى كتب الكليني ومنها الروضة

ثالثا: تواتر طرق الشيعة إلى كتب الكليني ومنها الروضة:من مراجعة ما ذكره الشيخ والنجاشي في بيان طرقهما إلى كتب الكليني ومنها الروضة كما مرّ عنهما، يعلم تواتر تلك الطرق وهي باختصار:

1 - الشيخ المفيد، عن ابن قولويه، عن الكليني.

2 - الحسين بن عبيداللّه الغضائري، عن ابن قولويه، عن الكليني.

3 - الحسين بن عبيداللّه الغضائري، عن أبي غالب الزراري، عن الكليني.

4 - الحسين بن عبيداللّه الغضائري، عن أحمد بن إبراهيم الصيمري، عن الكليني.

5 - الحسين بن عبيداللّه الغضائري، عن التلعكبري، عن الكليني.

6 - الحسين بن عبيداللّه الغضائري، عن أبي المفضّل، عن الكليني.

7 - السيّد المرتضى علم الهدى، عن أحمد بن علي بن سعيد الكوفي، عن الكليني.

ص: 341


1- . . رجال النجاشي: ص 377 الرقم 1026 .
2- . . الفهرست للطوسي : ص 210 الرقم 602 (17).

8 - أحمد بن علي بن نوح، عن ابن قولويه، عن الكليني.

9 - ابن عبدون، عن الصيمري، عن الكليني.

10 - ابن عبدون، عن عبدالكريم بن عبداللّه بن نصر البزّاز، عن الكليني. وهناك طرق اُخرى كثيرة لكتاب الكافي، كالطرق التي ذكرها الشيخ الصدوق وغيره ممّا لا حاجة إلى تتبّعها.

رابعا: النقل القديم المباشر من كتاب الروضة

رابعا: النقل القديم المباشر من كتاب الروضة:وهذا وحده كافٍ لإبطال تلك الشبهة، وإليك بعض تلك النقولات من روضة الكافي:

1 - في كتاب فرج المهموم للسيّد ابن طاووس الحسني (ت / 664 ه )، قال: «روينا بإسنادنا إلى الشيخ المتّفق على عدالته وفضله وأمانته محمّد بن يعقوب الكليني في كتاب الروضة ما هذا لفظه: قال: عِدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن ابن فضّال، عن الحسن بن أسباط، عن عبدالرحمن بن سيابة، قال: قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : جعلت لك الفداء، إنّ الناس يقولون أنّ النجوم لا يحلّ النظر إليها...» (1) .

2 - وفيه: «ما روينا بإسنادنا إلى محمّد بن يعقوب في كتاب الروضة من كتاب الكافي، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن صالح، عمّن أخبره عن أبي عبداللّه عليه السلام ، أنّه سئل عن النجوم..» (2) . ثمّ أخرجه من طريق آخر إلى كتاب ابن أبي عمير نفسه (3) .

3 - وفيه: «ما روينا بإسنادنا عن محمّد بن يعقوب في كتاب الروضة أيضا، عن أحمد بن علي وأحمد بن محمّد جميعا، عن علي بن الحسين الميثمي، عن محمّد بن

ص: 342


1- . . فرج المهموم : ص 86 الحديث الأوّل، والحديث سندا ومتنا موجود في روضة الكافي : ج 8 ص 168 - 169 ح 233 .
2- . . المصدر السابق : ص 87 الحديث الثالث، وهو بعينه في الروضة : ج 8 ص 272 ح 508 .
3- . . المصدر السابق : ص 87 ذيل الحديث الثالث.

الواسطي، عن يونس بن عبدالرحمن، عن أحمد بن عمر الحلبي، عن حمّاد الأزدي، عن هاشم الخفّاف، قال: قال لي أبو عبداللّه عليه السلام : كيف بصرك بالنجوم؟...» (1) .

4 - وفيه: «روينا بإسنادنا إلى محمّد بن يعقوب الكليني في كتاب الروضة ، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، أنّ آزر أبا إبراهيم عليه السلام كان منجّما..» (2) . ثمّ ذكر اختلاف طرق الرواية وقال: «محمّد بن يعقوب أبلغ فيما يرويه وأصدق في الدراية» (3) .

5 - وفيه: «روينا بإسنادنا، عن محمّد بن يعقوب الكليني في كتاب الروضة ، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن مالك بن عطية، عن سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن الحرّ والبرد..» (4) .

6 - وفيه أيضا: «روينا بإسنادنا إلى محمّد بن يعقوب الكليني أيضا في كتاب الروضة قال: عِدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن علي بن عثمان، قال: حدّثني أبو عبداللّه المدائني، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال: إنّ اللّه تعالى خلق زُحَلَ في الفلك السابع...» (5) .

7 - وقال السيّد ابن طاووس في جمال الاُسبوع : «وروى محمّد بن يعقوب من كتاب الروضة ممّا يتضمّن حديث الشيعة، يقول فيه عن أبي الحسن صلوات اللّه عليه: إنّهم لطالما اتّكوا على الأرائك..» (6) .

8 - وقال السيّد ابن طاووس في فلاح السائل : «ما روينا بإسنادنا المشار إليه عن

ص: 343


1- . . فرج المهموم : ص 88 الحديث الرابع، وهو بعينه موجود في الروضة : ج 8 ص 289 - 290 ح 549.
2- . . المصدر السابق : ص 89 الحديث الخامس، وهو بعينه في الروضة : ج 8 ص 301 - 302 ح 558 .
3- . . المصدر السابق : ص 89 ذيل الحديث الخامس .
4- . . المصدر السابق : ص 90 الحديث السادس، وهو نفسه في الروضة : ج 8 ص 254 ح 474 .
5- . . المصدر السابق : ص 90 - 91 الحديث السابع، وهو بعينه في الروضة : ج 8 ص 214 ح 369 وفيه (نجما) مكان (زحل) .
6- . . جمال الاُسبوع : ص 273 الفصل السابع والأربعين، والحديث نفسه في الروضة : ج 8 ص 191 ح 290.

محمّد بن يعقوب الكليني رضوان اللّه جلّ جلاله عليه فيما رواه في كتاب الروضة من كتاب الكافي ، قال: حدّثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ابن عيسى، عن الحسين بن سعيد جميعا؛ عن ابن أبي عمير، عن حسين بن أحمد المنقري، عن يونس بن ظبيان، قال: قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : ألا تنهى هذين الرجلين عن هذا الرجل؟...» (1) .

9 - وفيه أيضا: «وروى محمّد بن يعقوب الكليني في كتاب الروضة في أوّل خطبة عن مولانا علي عليه السلام : أمّا بعد، فإنّ اللّه تبارك وتعالى بعث محمّدا صلى الله عليه و آله بالحقّ ليخرج عباده من عبادة عباده إلى عبادته...» (2) .

10 - وأورد الشيخ حسن بن سليمان الحلّي أحد علماء القرن التاسع الهجري، ومن تلامذة الشهيد الأوّل في كتابه (المحتضر) - بالميم والحاء المهملة والتاء المثنّاة من فوق، والضاد المعجمة ثمّ الراء (3) - عِدّة أحاديث عن محمّد بن يعقوب الكليني (4) ، وجميعها من أحاديث روضة الكافي (5) .

11 - ما قاله السيّد علي خان المدني (ت / 1120 ه ) في الدرجات الرفيعة قال: «وأخرج محمّد بن يعقوب الكليني في الروضة عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال: قال: أتى أبو ذرّ رسول اللّه ...» (6) .

ص: 344


1- . . فلاح السائل : ص 284 ح 176 (7) الفصل 19، والحديث في الروضة : ج 8 ص 307 ح 561 .
2- . . المصدر السابق : ص 273 ح 248 (4) الفصل 22 والحديث في الروضة : ج 8 ص 317 ح 586 .
3- . . إنّما ضبطنا هذا الكتاب، لأجل أن لا يتوهّم أحد فيرجع - من باب التأكّد من نقلنا - إلى كتاب (المختصر) أي (مختصر بصائر الدرجات للمؤلّف المذكور نفسه)، ثمّ يحكم جزافا بعدم دقّة نقلنا كما حصل هذا من قبل أحد الجهلة من الذين لم يسمعوا بكتاب (المحتضر).
4- . . المحتضر : ص 48 و49 و57 و129 - 131 و 156 .
5- . . راجع: روضة الكافي ، بحسب ترتيب الأحاديث المنقولة منه في المحتضر : ج 8 ص 175 ح 250 ، و ص 252 ح 469، و ص 57 ح 18، و ص 262 ح 377، و ص 279 - 282 ح 536، و ص 267 ح 392.
6- . . الدرجات الرفيعة : ص 241، والحديث في الروضة : ج 8 ص 48 - 49 ح 18.

ونكتفي بهذا القدر ولا حاجة إلى تتبّع النقولات الكثيرة الاُخرى سيّما وأنّ صاحب الشبهة المذكورة قد شذّ بها عن جميع علماء الشيعة بلا إستثناء.

التعريف بكتاب الروضة

التعريف بكتاب الروضة:شغلت الروضة - كما مرّ - القسم الثالث من كتاب الكافي وقد احتلّت في المطبوع منه حاليا جزءه الأخير وهو الثامن.

ذكر فيها الشيخ محمّد بن يعقوب اُمورا شتّى من خطب الأئمّة عليهم السلام ورسائلهم وحكمهم ومواعظهم، مع تفسير عدد كبير من الآيات القرآنية الكريمة، متعرّضا بين حين وآخر لزهد النبي صلى الله عليه و آله وشيئا من سيرته المشرّفة، مختارا نماذج من الأنبياء عليهم السلام للتحدّث عن قصصهم وأقوالهم.

كما يجد المتتبّع لأحاديث الروضة نتفا من الأحداث التاريخية المهمّة، وسير بعض الصحابة وكيفيّة إسلامهم، مع كثير من أخبار الصالحين وآداب المتأدّبين، ولم ينس حقوق المسلمين فيما بينهم، وما جبلت عليه القلوب، ومخالطة الناس وأصنافهم وأمراضهم وطرق علاجها.

كما حشد في الروضة أحاديث عن بعض الفضائل ومدحها، وعن الرذائل وذمّها، واُمورا اُخرى عن المطر والشمس والقمر والنجوم حتى يبدو للباحث أنّ هذا الجزء الحافل بمختلف الأخبار من عقائد وتفسير وأخلاق وقصص وتاريخ وجغرافية وطب وفلك جاء اسما على مسمّاه، فهو كالروضة الندية حقّا «تجمع أشتاتا من الورود والرياحين، بيد أنها لا تخلو من أشواك وعلى الخبير المنقب أن يتحاشاها» (1) .

ولم تصنّف أحاديث الروضة كسابقيها - الاُصول، والفروع - على أساس الكتب والأبواب، وإنّما ذُكِرت أحاديثها تباعا خالية من كلّ عنوان، وقد غاب المنهج بشكل

ص: 345


1- . . محاضرات في اُصول الحديث المقارن / الدكتور محمود المظفّر - مطبوعة على الآلة الكاتبة لسنة 1982 - 1983 م ، ص: 72.

واضح وذلك بتشتيت الأحاديث ذات العلاقة ببعضها في مواضع متفرّقة من هذا الجزء (1) ممّا يصعب تناولها إلّا بقراءة جميع الأحاديث الواردة فيه والبالغة خمسمائة وسبعة وتسعين حديثا، مع تسعة أحاديث اُخرى لم ترقّم في النسخ المطبوعة من الروضة ، ويا حبّذا لو نسّقت تلك الأحاديث بطبعة اُخرى تسهيلاً لعمل الباحث.

هذا... ويمكن انطباق خطوات المنهج العام في اُصول الكافي وفروعه على خطوات المنهج المتّبع في الروضة - ما عدا التبويب - وذلك لتكرار معظمها في هذا الجزء من «الكافي» إلّا أنّ الفارق الأساس بينهما، هو أنّ أحاديث الاُصول والفروع قد عالجت اُمورا مخصّصة بذاتها كما أعربت عنها عناوين كتب الكافي .

أمّا أحاديث الروضة ، فهي وإن أمكن حصر بعضها بكتب أو أبواب معيّنة إلّا أنّ بعضها الآخر لا يمكن درجه تحت ضابط معيّن، وذلك لتناولها اُمورا بعيدة عن علوم الشريعة، ومعالجتها أحداثا ذات علاقة بشخصيّات إسلامية معيّنة، أو لكونها متفرّدة بمعلوماتها ولا يمكن ضمّ غيرها من الأحاديث إليها، ممّا يتطلّب معه كثرة عناوين الأبواب بعدد تلك الأحاديث التي تحمل هذه الصفة، اللهمّ إلّا إذا جمعت مثل تلك الأحاديث تحت عنوان «متفرّقات» أو ما شابه ذلك.

ص: 346


1- . . ومن الأمثلة عليها ما ذكره عن خطب الأئمّة عليهم السلام ورسائلهم وكتبهم في كتاب الروضة : ج 8 ص 2 ح 1، و ص 16 ح 4، و ص 26 ح 2، و ص 42 ح 9، و ص 45 ح 15، و ص 48 ح 17، و ص 50 ح 21، و ص 53 ح 22، و ص 60 ح 29، و ص 107 ح 95، و ص 150 ح 193، و ص 152 ح 194، و ص 202 ح 327، و ص 213 ح 368، و ص 290 ح 550 ، و ص 295 ح 551 ، و ص 317 ح 586 ، وهكذا في الحديث عن الشيعة وفضائلهم في ج 8 ص 28 ح 6، و ص 67 ح 36، و ص 68 ح 38، و ص 127 - 128 ح 119 - 120، و ص 147 ح 183 - 184، و ص 210 ح 357، و ص 213 ح 367، و ص 300 ح 556 ، وقس على ذلك بقيّة المواضيع الاُخرى في الروضة .

الفصل السادس : تلاميذ الشيخ الكليني والراوون عنه

اشارة

تتلمذ على يد الشيخ الكليني رحمه الله عدد كثير من أعلام الشيعة وغيرهم، وقد أحصينا أكثر من ثلاثين رجلاً منهم، وهم:

1 - أحمد بن إبراهيم بن أبي رافع، أبو عبداللّه الصيمري

من مشاهير تلاميذ الكليني، قال النجاشي: «أحمد بن إبراهيم بن أبي رافع بن عبيد ابن عازب أخي البراء بن عازب الأنصاري، أصله كوفي، سكن بغداد، كان ثقة في الحديث، صحيح الاعتقاد، له كتب، منها: كتاب الكشف فيما يتعلّق بالسقيفة، كتاب الأشربة ما حُلِّلَ منها وما حُرِّم ، كتاب الفضائل ، كتاب الصفاء في تاريخ الأئمّة عليهم السلام ، كتاب السرائر مثالب ، كتاب النوادر، وهو كتاب حسن، أخبرنا بكتبه الحسين بن عبيداللّه » (1) ، وقد وثّقه سائر العلماء (2) . وأجازه ثقة الإسلام الكليني قدس سره برواية ما سمعه منه من مصنّفات وأحاديث (3) ، وعدّه

ص: 347


1- . . رجال النجاشي : ص 84 الرقم 203 .
2- . . الفهرست للطوسي : ص 78 الرقم 96 (34)، خلاصة الأقوال : القسم الأوّل ، ص 67 الرقم 89 (24)، رجال ابن داوود : القسم الأوّل ، ص 35 الرقم 51، نقد الرجال : ج 1 ص 100 الرقم 177 (2)، منهج المقال : ج 2 ص 6 الرقم 194، تعليقة الوحيد البهبهاني على منهج المقال : ج 2 ص 6 الرقم 71، منتهى المقال : ج 1 ص 224 الرقم 103، شعب المقال : ص 45 الرقم 25 الشعبة الثانية في ذكر الرجال الذين لم يدّع أحد ضعفهم، معجم رجال الحديث : ج 2 ص 21 الرقم 395، قاموس الرجال : ج 1 ص 367 الرقم 264 .
3- . . مشيخة تهذيب الأحكام : ج 10 ص 5 في طريقه إلى الكليني .

ابن عساكر في تاريخ دمشق من جملة من روى عن الكليني (1) ، ومثله ابن ماكولا في كتاب الإكمال (2) .

2 - أحمد بن أحمد، أبو الحسين الكوفي الكاتب

أحمد بن أحمد، أبو الحسين الكوفي الكاتب:من تلاميذ الكليني، وهو من جملة رواة الكافي عن مصنّفه. قال النجاشي في ترجمة ثقة الإسلام الكليني: «كنت أتردّد إلى المسجد المعروف بمسجد اللؤلؤي، وهو مسجد نفطويه النحوي أقرأ القرآن على صاحب المسجد، وجماعة من أصحابنا يقرأون كتاب الكافي على أبي الحسين أحمد بن أحمد الكوفي الكاتب: حدّثكم محمّد بن يعقوب الكليني. ورأيت أبا الحسن العقراني يرويه عنه» (3) . وترجم له الخطيب البغدادي في تاريخه، ووصفه بالبزّاز، وقال: «حدّث بكتاب التفسير عن محمّد بن جرير الطبري، ثمّ قال: وكان ثقة» ثمّ ذكر وفاته (سنة / 352 ه ) (4) . وقد روى السيّد ابن طاووس في فتح الأبواب بإسناده ، عن محمّد بن أحمد بن حمدون الواسطي ، عن أحمد بن أحمد بن علي بن سعيد الكوفي، عن الكليني (5) . وأورده عنه المجلسي في البحار سندا ومتنا (6) . وقال السيّد في إقبال الأعمال : «ومن كتاب محمّد بن علي الطرازي ، ما هذا لفظه: أخبرهم أبو الحسين أحمد بن أحمد بن سعيد الكاتب رضى الله عنه، قال: حدّثنا أبو العبّاس أحمد ابن محمّد بن سعيد» (7) .

ص: 348


1- . . تاريخ دمشق : ج 56 ص 297 الرقم 7126 في ترجمة الكليني.
2- . . إكمال الإكمال : ج 7 ص 186 (الكليني) .
3- . . رجال النجاشي : ص 377 الرقم 1026 .
4- . . تاريخ بغداد : ج 4 ص 222 الرقم 1897.
5- . . فتح الأبواب : ص 184 الفصل الثامن .
6- . . بحار الأنوار : ج 88 ص 230 .
7- . . إقبال الأعمال : ج 3 ص 229 .

وأبو العبّاس هو ابن عقدة الحافظ، أحد مشايخ الكليني ، لكنّه مات بعده (سنة / 333 ه ). كما أورد في جمال الاُسبوع خبرا آخر عنه بهذا العنوان، رواه عن ابن عقدة الحافظ أيضا (1) ، وأورده عنه في البحار سندا ومتنا (2) . والظاهر اتّحاده مع أحمد بن محمّد بن علي ، أبو الحسين الكوفي الكاتب الآتي، وقد احتمل السيّد بحر العلوم ذلك، فقال: «ولعلّ عليا وأحمد من أجداد أحمد بن محمّد ، فينسب إليهما تارة، وإلى أبيه اُخرى» (3) .

3 - أحمد بن الحسن (أو الحسين)، أبو الحسين العطار

أحمد بن الحسن (أو الحسين)، أبو الحسين العطّار:من تلاميذ الكليني (4) ، نقل السيّد هاشم البحراني من كتاب عيون المعجزات المنسوب للسيّد المرتضى ما يدلّ على كون صاحب العنوان من تلامذة الكليني طاب ثراه؛ إذ قال ما هذا لفظه: «السيّد المرتضى في عيون المعجزات ، قال: حدّثنا أبو الحسين أحمد بن الحسين العطّار ، قال: حدّثنا أبو جعفر محمّد بن يعقوب صاحب كتاب الكافي ، قال: حدّثني علي بن إبراهيم بن هاشم..» (5) . وهذا الكلام موجود بالنصّ في عيون المعجزات للشيخ حسين بن عبدالوهّاب (من علماء القرن الخامس) قال: «حدّث أبو الحسين أحمد بن الحسن العطّار، قال: حدّثني أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني صاحب كتاب الكافي...» (6) . وروى السيّد ابن طاووس في كتاب اليقين حديثا من رواية الأعمش ، عن جابر بن

ص: 349


1- . . جمال الاُسبوع : ص 135.
2- . . بحار الأنوار : ج 86 ص 315 ح 25 .
3- . . رجال السيّد بحر العلوم : ج 2 ص 82 .
4- . . طبقات أعلام الشيعة / القرن الرابع: ص 26 - 27.
5- . . مدينة المعاجز : ج 1 ص 194 الرقم 115.
6- . . عيون المعجزات : ص 7.

عبداللّه الأنصاري ، في خصوص تسمية الإمام علي عليه السلام بأمير المؤمنين. وعلّق المحقّق في هامشه قائلاً: «ووجدته في الأربعين لمحمد بن أبي مسلم بن أبي الفوارس، المخطوطة: ح18 بهذا الإسناد: عن محمّد بن علي بن أحمد التبريزي بساوة، قال عبداللّه بن نصر بن محمّد بن خميس الموصلي أبو بكر في العشر الأخير من ربيع الأوّل سنة... بمدينة السلام بجانبها الأيسر [في] مسجد الرباط: أحمد بن الحسين العطّار عن (أبي جعفر) (1) محمّد بن يعقوب الكليني صاحب كتاب الكافي، قال: علي بن إبراهيم بن هاشم..» (2) .

4 - أحمد بن علي بن سعيد، أبو الحسين الكوفي

أحمد بن علي بن سعيد ، أبو الحسين الكوفي:من مشايخ السيّد المرتضى علم الهدى (ت / 336 ه )، قال الشيخ في بيان طرقه إلى كتب ثقة الإسلام الكليني: «وأخبرنا السيّد الأجل المرتضى رضى الله عنه، عن أبي الحسين أحمد ابن علي بن سعيد الكوفي، عن الكليني» (3) . وسيأتي ذكر أحمد هذا، في أحمد بن محمّد بن علي الكوفي، ومن قال باتّحادهما، واستئناسا بطريقتهم في ترجمة كلا العنوانين مع احتمال التعدّد - وإن كان ضعيفا - جعلت لكلّ من الاسمين - وإن كانا على الأكثر لمسمّى واحد - عنوانا خاصّا به، وقد مرّ في أحمد ابن أحمد أبي الحسين الكوفي الكاتب ما له صلة بصاحب العنوان أيضا.

5 - أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد، أبو الحسن القمّي

من معاصري الشيخ الصدوق وابن قولويه، وأساتذة الشيخ المفيد، وابن الغضائري، وابن عبدون، ومن تلاميذ الكليني رحمهم اللّه .

قال الكراجكي في الاستنصار : «أخبرنا الشيخ المفيد ، أبو عبداللّه محمّد بن

ص: 350


1- . . في الأصل: (عن أبو جعفر بن محمد...)، والصحيح ما ذكرناه كما هو واضح .
2- . . اليقين : ص 424 هامش رقم 11، بتحقيق الأنصاري ، مطبعة نمونه، قم/1413ه .
3- . . الفهرست للطوسي : ص 211 الرقم 602 (17) .

محمّد بن النعمان، قال: أخبرنا الشيخ أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه ، وأبو الحسن أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد جميعا؛ عن محمّد بن يعقوب، عن عِدّة من أصحابنا، عن أحمد ابن محمّد البرقي، عن أبي هاشم داوود بن القاسم الجعفري، عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال: أقبل أمير المؤمنين عليه السلام ومعه الحسن عليه السلام وهو متكئ على يد سلمان الفارسي رضى الله عنه... الحديث» (1) ، وهو بخصوص علم الخضر عليه السلام بأسماء الأئمّة عليهم السلام ، وعددهم، وإقراره بإمامتهم واحدا بعد واحد، والتقرّب إلى اللّه بهم، وإعلانه ذلك بحضرة أمير المؤمنين علي عليه السلام .

وهذا الحديث صحيح السند متّفق على صحّته.

رواه ثقة الإسلام الكليني من طريقين مع وثاقة سائر رجاله (2) ، والشيخ الصدوق بأسانيد صحيحة كلّها كما في إكمال الدين ، وعيون أخبار الرضا عليه السلام وعلل الشرائع (3) ورواه النعماني بسند صحيح أيضا في كتابه الغيبة (4) ، ورواه علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه في تفسيره (5) ، والطبري في دلائل الإمامة (6) ، والشيخ الطوسي في كتاب الغيبة (7) ، وطرقهم كلّها صحيحة.

الأمر الذي يؤكّد صدق ابن الوليد وأمانته، وحفظه لهذا الحديث، ونقله - كما هو -

ص: 351


1- . . الاستنصار : ص 31 - 33، وفي إسناده غَلَطان: أحدهما في اسم المترجم له، هكذا: (وأبو الحسين محمّد بن محمّد بن الحسن بن الوليد)، والآخر: بعد العِدّة هكذا: (عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن البرقي) وكلّ هذا من النسّاخ وتحريفاتهم، والصحيح ما ذكرناه.
2- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 525 - 526 ح 1 باب ما جاء في الإثني عشر والنصّ عليهم عليهم السلام .
3- . . إكمال الدين : ج 1 ص 213 باب 29، عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج 2 ص 67 - 68 ح 35 باب 6، علل الشرائع : ص 96 ح 6 باب 85 .
4- . . كتاب الغيبة للنعماني : ص 58 ح 2 باب 4 .
5- . . تفسير علي بن إبراهيم القمّي : ج 2 ص 18 - 19 ، في تفسير سورة الكهف .
6- . . دلائل الإمامة : ص 174 ح 85 باب 26، في إمامة الإمام العسكري عليه السلام .
7- . . كتاب الغيبة للطوسي : ص 154 ح 114.

للشيخ المفيد قدس سره.

وأحمد بن محمّد هذا، ثقة معروف، وفيه ونظائره يقول الشيخ حسن ابن الشهيد الثاني (ت / 1011 ه ): «يروي المتقدّمون من علمائنا - رضي اللّه عنهم - عن جماعة من مشايخهم الذين يظهر من حالهم الاعتناء بشأنهم، وليس لهم ذكر في كتب الرجال، والبناء على الظاهر يقتضي إدخالهم في قسم المجهولين، ويُشْكِل بأن قرائن الأحوال شاهدة ببعد اتّخاذ أُولئك الأجلّاء الرجل الضعيف أو المجهول شيخا يكثرون الرواية عنه ويظهرون الاعتناء به، ورأيت لوالدي رحمه الله كلاما في شأن بعض مشايخ الصدوق قريبا ممّا قلناه، وربّما يتوهّم أنّ في ترك التعرّض لذكرهم في كتب الرجال إشعارا بعدم الاعتماد عليهم، وليس بشيء، فإنّ الأسباب في مثله كثيرة، وأظهرها أنّه لا تصنيف لهم، وأكثر الكتب المصنّفة في الرجال لمتقدّمي الأصحاب اقتصروا فيها على ذكر المصنّفين، وبيان الطرق إلى رواية كتبهم. هذا؛ ومن الشواهد على ما قلناه، أنّك تراهم في كتب الرجال يذكرون عن جمع من الأعيان، أنّهم كانوا يروون عن الضعفاء، وذلك على سبب الإنكار عليهم وإن كانوا لا يعدّونه طعنا فيهم؛ فلو لم تكن الرواية عن الضعفاء من خصوصيّات من ذكرت عنه لم يكن للإنكار وجه، - إلى أن قال - : إذا تقرّر ذلك، فاعلم أنّ من هذا الباب رواية الشيخ عن أبي الحسين بن أبي جيّد... ومن الباب أيضا رواية المفيد، عن أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد، ومنه رواية الصدوق عن محمّد بن علي ماجيلويه، وأحمد بن محمّد بن يحيى العطّار وغيرهما. والعلّامة يحكم بصحّة الإسناد المشتمل على أمثال هؤلاء، وهو يساعد ما قرّبناه؛ مضافا إلى أنّ الرواية عنهم تكون في الغالب متعلّقة بكتب السلف، منضمّة إلى طرق اُخرى واضحة، لكنّهم من حيث ظهور الحال عندهم لا يفرّقون بين طريق وطريق، ولهم رغبة في تكثير الطرق، والتفنّن فيها، وما ظنّوا أنّ الأمر ينتهي إلى ما انتهى إليه ليتحرّزوا عن مثل ذلك. ومن أكثر مراجعة كتبهم، وأطال الممارسة لكلامهم لا يبقى في

ص: 352

خاطره من هذه الجهات شكٌّ» (1) .

ويؤيّد وثاقته، ما قاله الميرزا في الوسيط : «ولم أرَ إلى الآن، ولم أسمع من أحد يتأمّل في توثيقه» (2) . وحكم العلّامة بصحّة حديثه في المختلف (3) كما صحّح بعض طرق مشيخة التهذيب وهو فيها، كطريق الشيخ إلى الحسن بن محبوب (4) . ووثّقه الشهيد الثاني (5) والشيخ البهائي (6) والمجلسي (7) وهو كذلك عند السيّد محسن الأعرجي الكاظمي كما يظهر من كلامه في طريق الصدوق إلى مالك بن أعين الجهني ، الذي صحّحه بطريق الشيخ في الفهرست إلى جميع روايات الحسن بن محبوب وكتبه، وكذلك طريق الشيخ إلى إبراهيم بن عيسى في المشيخة والفهرست ، وطريقه إلى أحمد بن أبي عبداللّه البرقي (8) .

6 - أحمد بن محمّد بن علي الكوفي

من تلاميذ الكليني، وأساتذة السيّد المرتضى، قال الشيخ الطوسي في رجاله: «أحمد ابن محمّد بن علي الكوفي، يكنّى أبا الحسين، روى عن الكليني، أخبرنا عنه علي بن الحسين الموسوي المرتضى» (9) .

ص: 353


1- . . منتقى الجمان : ج 1 ص 39 - 41 الفائدة التاسعة .
2- . . قاله الأردبيلي في جامع الرواة : ج 1 ص 62.
3- . . مختلف الشيعة : ج 1 ص 91 .
4- . . خلاصة الأقوال : ص 436 الفائدة الثامنة، وانظر: مشيخة التهذيب ج 10 ص 56 - 58 .
5- . . الرعاية في علم الدراية : ص 370 الرقم 1 - 4.
6- . . مشرق الشمسين وإكسير السعادتين : ص 276 مصرّحا بأنّه عدَّ حديثه في كتاب الحبل المتين : من الصحيح .
7- . . الوجيزة في الرجال (المطبوع باسم: رجال المجلسي) : ص 351 الرقم 120.
8- . . عُدّة الرجال : ج 2 ص 176 و 215 و 217.
9- . . رجال الشيخ الطوسي: ص 450 الرقم 70 باب من لم يرو عن الأئمة عليهم السلام ، بتحقيق العلّامة المرحوم السيّد محمّد صادق بحر العلوم رحمه الله وقد أُسقط (محمّد) من اسم المترجم له من الكتاب المذكور ، طبع مؤسّسة النشر الإسلامي - قم: ص 414 الرقم 5989 (70)، ولعلّه هو الصحيح، قال السيّد الخوئي في معجم رجال الحديث : ج 2 ص 175 الرقم 717 : وفي النسخة المطبوعة في الرجال زيادة كلمة (محمّد) بعد أحمد.

وقال في الفهرست في بيان طريقه إلى كتب الكليني: «وأخبرنا السيّد الأجلّ المرتضى رضى الله عنه، عن أبي الحسين أحمد بن علي بن سعيد الكوفي، عن الكليني» (1) . وبهذا يظهر اتّحاد صاحب العنوان مع أبي الحسين أحمد بن علي بن سعيد الكوفي، وهو ما اختاره بعض المتأخّرين (2) . وروى له السيّد ابن طاووس في فلاح السائل حديثا عن الكليني، بعنوان: «محمّد بن علي بن سعد الكوفي البزّاز» (3) . ونقله عنه العلّامة المجلسي (4) والمحدّث النوري (5) ، ولعلّ سقوط (أحمد) من فلاح السائل اشتباها من النسّاخ.

7 - إسحاق بن الحسن بن بكران العقراني، أبو الحسن التمّار

إسحاق بن الحسن بن بكران العقراني ، أبو الحسين (الحسن) التمّار:من تلاميذ الكليني، ومن رواة كتاب الكافي عن مصنّفه، صرّح بهذا النجاشي في ترجمته قائلاً: «إسحاق بن الحسن بن بكران ، أبو الحسين (الحسن) العقرائي التمّار،كثير السماع، ضعيف في مذهبه، رأيته بالكوفة وهو مجاور، وكان يروي كتاب الكليني عنه، وكان في هذا الوقت علوّا فلم أسمع منه شيئا.

ص: 354


1- . . الفهرست للطوسي : ص 211 الرقم 602 (17) في ترجمة الكليني.
2- . . كالشيخ المامقاني في تنقيح المقال : ج 1 ص 71 الرقم 407، والسيّد الخوئي في معجم رجال الحديث : ج 2 ص 167 الرقم 690، و ص 175 الرقم 717 و ص 293 الرقم 887 ، والشيخ آقا بزرك الطهراني في طبقات أعلام الشيعة - القرن الرابع : ص 34، و 51، والتستري في قاموس الرجال : ج 1 ص 528 الرقم 445، و ص 535 الرقم 457، وغيرهم .
3- . . فلاح السائل : ص 366 الرقم 244 (12) الفصل الحادي والعشرون في صلاة العصر .
4- . . بحار الأنوار : ج 81 ص 22 ح 9.
5- . . مستدرك الوسائل : ج 3 ص 393 ح 3865 (1) باب 32 من أبواب أحكام المساجد.

له كتاب الردّ على الغلاة ، وكتاب نفي السهو عن النبي صلى الله عليه و آله ، وكتاب عدد الأئمّة» (1) .

وقال في ترجمة الكليني عند ذكر كتابه الكافي: «ورأيت أبا الحسن العقراني يرويه، عنه» (2) . ومن الواضح أنّ القدح في المذهب لا ينافي الوثاقة، وإلّا فقد روى أصحابنا عن الواقفة والفطحية وبعض رواة العامّة، وكلّهم على هذه الشاكلة، وأمّا قوله (وكان في هذا الوقت علوّا) فقد فسّره بعضهم بالغلوّ! وليس بشيء، إذ كيف يكون كذلك ويؤلف كتابا في الردّ على الغلاة؟ وقد علّق السيّد الخوئي على هذه العبارة قائلاً: «أقول: الظاهر أنّ جملة (هذا الوقت) في كلامه إشارة إلى زمان رواية إسحاق كتاب الكليني، والمراد أنّ روايته لهذا الكتاب كان في عنفوان شبابه ولم يكن النجاشي في ذلك الزمان موجودا ولأجله لم يسمع منه شيئا وإنّما أدركه في زمان شيبه وهو مجاور الكوفة» (3) . وقد اختلفوا في ضبط لقبه فقد مرّ عن النجاشي في ترجمته (العقرائي) وفي ترجمة الكليني (العقراني) وفي بعض كتب الرجال (العقرابي)، وكذا في كنيته، فقد مرّ أيضا عن النجاشي في ترجمته: (أبو الحسين)، وفي ترجمة الكليني: (أبو الحسن).

8 - جعفر بن محمّد بن قولويه

جعفر بن محمّد بن قولويه:من أجلّاء تلامذة الكليني، روى عنه كثيرا في كتابه المشهور (كامل الزيارات) (4) . قال النجاشي: «جعفر بن محمّد بن جعفر بن موسى بن قولويه ، أبو القاسم القمّي ،

ص: 355


1- . . رجال النجاشي : ص 74 الرقم 178.
2- . . المصدر السابق : ص 378 الرقم 1026 .
3- . . معجم رجال الحديث : ج 3 ص 204 الرقم 1140.
4- . . راجع : كامل الزيارات : ص 41 ح 4 باب1، و ص 44 ح 8 باب 2، وغير هذا كثير ، راجع أبواب الكتاب المذكور : 3 و6 و10 و11 و34 و40 و43 و54 و60 و66 و74 و82 و93 و95 و99 و108، ففيها أحاديث كثيرة عن ثقة الإسلام الكليني.

وكان أبوه يلقّب : مَسْلَمَة، من خيار أصحاب سعد بن عبداللّه القمّي ، وكان أبو القاسم من ثقات أصحابنا، وأجلّائهم في الحديث والفقه، روى عن أبيه، وأخيه، عن سعد، وقال: ما سمعت من سعد إلّا أربعة أحاديث، وعليه قرأ شيخنا أبو عبداللّه - يعني: الشيخ المفيد - ومنه حمل. وكل ما يوصف به الناس من جميل، وثقة، وفقه، فهو فوقه. له كتب حسان، ككتاب مداواة الجسد، كتاب الصلاة - إلى أن قال: - كتاب النساء، ولم يتمّه . قرأت أكثر هذه الكتب على شيخنا أبي عبداللّه رحمه الله، وعلى الحسين بن عبيداللّه رحمه الله» (1) . وقال تلميذه الشيخ المفيد: «أخبرني الشيخ الثقة الصدوق ، أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه» (2) . وقال الشيخ الطوسي: «يكنّى أبا القاسم، ثقة، له تصانيف كثيرة على عدد أبواب الفقه»، ثمّ ذكر جملة منها وفيها كتابان لم يذكرهما النجاشي، وهما: كتاب الفطرة، وفهرس ما روه من الكتب والاُصول (3) . وقال في رجاله: «يكنّى أبا القاسم القمّي ، صاحب المصنّفات ، قد ذكرنا بعض كتبه في الفهرست - إلى أن قال: - مات سنة ثمان وستين وثلاثمائة» (4) . وقال العلّامة الحلّي: «... وكان أبو القاسم من ثقات أصحابنا وأجلّائهم في الحديث والفقه... وكلّما يوصف به الناس من جميل، وثقة فهو فوقه، له تصانيف ذكرناها في كتابنا الكبير، توفّي رحمه الله سنة تسع وستين وثلاثمائة» (5) .

ص: 356


1- . . رجال النجاشي: ص 123 - 124 الرقم 318.
2- . . رسالة في المتعة : ص 40، الباب الثاني في فضلها (مطبوعة ضمن الجزء السادس من سلسلة مؤلّفات الشيخ المفيد).
3- . . الفهرست للطوسي : ص 91 - 92 الرقم 141 (1).
4- . . رجال الشيخ الطوسي : ص 418 الرقم 6038 (3).
5- . . خلاصة الأقوال : القسم الأوّل ، ص 88 - 89 الرقم 189 (6) .

وفي رجال ابن داوود الحلّي: «ثقة، جليل، مصنّف، كل ما يوصف به الناس من جميل، وثقة، وفقه، فهو فوقه، مات سنة ثمان وستين وثلاثمائة، ذكره الشيخ في كتاب الرجال ، وبعض أصحابنا، قال: سنة تسع وستين، والأظهر الأول» (1) . وقد تتلمذ الشيخ جعفر بن محمّد بن قولويه رضى الله عنه على مجموعة من المشايخ الأجلّاء ويأتي في مقدّمتهم : أبوه الثقة الجليل ، الشيخ محمّد بن قولويه ، المدفون بقم ، ولازال قبره مشهورا يزار، والشيخ ثقة الإسلام الكليني، ومحمّد بن عبداللّه بن جعفر الحميري، وأبو علي محمّد بن همام بن سهيل، وغيرهم (2) ، وتتلمذ على يده جماعة من أجلّاء المشايخ كالشيخ المفيد ، وهارون بن موسى التلعكبري، والحسين بن عبيداللّه الغضائري، وأحمد بن عبدون وغيرهم. وقد مات رحمه الله ببغداد، ودفن في مقابر قريش إلى جوار مرقد الإمام الكاظم عليه السلام ، وموقعه اليوم على يسار الداخل إلى مرقد الإمام الكاظم عليه السلام ، وبجانبه الأيمن مرقد الشيخ المفيد رضي اللّه عنهما، ولازال قبرهما شاخصا بهذا المكان الطاهر يؤمّه الزائرون من كل مكان.

9 - الحسن بن أحمد المؤدّب

الحسن بن أحمد المؤدّب:من مشايخ الصدوق، روى عنه مترضّيا عليه، وكنّاه في بعض الموارد بأبي محمّد، وهو من تلاميذ الكليني، ويدلّ عليه ما رواه الصدوق عن خمسة من مشايخه ، وكان أبو محمّد الحسن بن أحمد المؤدّب من جملتهم، قالوا: «حدّثنا محمّد بن يعقوب الكليني» (3) . وروى أيضا عن مجموعة من مشايخه - وفيهم المؤدّب هذا - قالوا: «حدّثنا محمّد

ص: 357


1- . . رجال ابن داوود : القسم الأوّل ، ص 65 الرقم 326.
2- . . راجع كتابه: كامل الزيارات، فقد صرّح بالرواية عن الكليني والمذكورين وغيرهم مرّات عديدة.
3- . . عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج 1 ص 187 ح 1 باب 43.

بن يعقوب الكليني رحمه الله» (1) .

10 - الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدّب

من مشايخ الشيخ الصدوق، روى عنه في الفقيه أحاديث الريّان بن الصلت، ومحمّد ابن القاسم بن الفضيل البصري، ومحمّد بن جعفر الأسدي الكوفي. وقد ترضّى عليه في طريقه إلى ما رواه عن هؤلاء في المشيخة (2) . وهو من تلاميذ الكليني كما يظهر من قول الشيخ الصدوق: «حدّثنا محمّد بن محمّد ابن عصام الكليني، وعلي بن أحمد بن محمّد بن عمران الدقّاق، وعلي بن عبداللّه الورّاق، والحسن بن أحمد المؤدّب، والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدّب رضي اللّه عنهم؛ قالوا: حدّثنا محمّد بن يعقوب الكليني، قال: حدّثني أبو محمّد القاسم بن العلاء...» (3) .

11 - الحسين بن صالح بن شعيب الجوهري

من تلاميذ الكليني، قال الشيخ الطوسي في أماليه: «أخبرنا الحسين بن عبيداللّه ، عن علي بن محمّد العلوي، قال: حدّثنا الحسين بن صالح بن شعيب الجوهري، قال: حدّثنا محمّد بن يعقوب الكليني، عن علي بن محمّد، عن إسحاق بن إسماعيل النيسابوري...» (4) . ونقله السيّد هاشم البحراني في غاية المرام عن أمالي الشيخ سندا ومتنا (5) .

ص: 358


1- . . عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج 2 ص 200 ح 2 باب 20.
2- . . مشيخة الفقيه : ج 4 ص 19 في الطريق إلى الريّان، و ص 91 في الطريق إلى محمّد بن القاسم بن الفضيل البصري، و ص 76 في الطريق إلى أبي الحسين الأسدي .
3- . . عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج 2 ص 200 ح 2 باب 20 في وصفه الإمامة والإمام عليه السلام .
4- . . الأمالي للطوسي : ص 654 ح 1355 (5) مجلس 34 .
5- . . غاية المرام : ج 1 ص 49، و ص 324، وفي الأوّل: (محمّد بن محمّد) بدلاً من (علي ابن محمّد) وفي الثاني: الحسن بن علي بن صالح بن شعيب الجوهري، والصحيح ما أثبتناه في ترجمته.

والجوهري هذا، من مشايخ الشيخ الصدوق، روى عنه في أماليه عِدّة أحاديث ولم يترضَّ أو يترحّم عليه ، ولعلّه كان حيّا وقت تحديث الصدوق بما سمعه منه، أو كونه من رجال العامّة الذين رووا بعض فضائل أهل البيت عليهم السلام فأوردها الشيخ الصدوق من طرقهم (1) ، واللّه العالم.

12 - عبداللّه بن محمّد بن ذكوان

من تلاميذ الكليني، ذكره ابن عساكر في ترجمة الكليني في تاريخ دمشق قائلاً: «محمّد بن يعقوب.. قدم دمشق وحدّث ببعلبك - إلى أن قال: - روى عنه أبو سعد الكوفي شيخ الشريف المرتضى أبي القاسم علي بن الحسين بن موسى الموسوي، وأبو عبداللّه أحمد بن إبراهيم، وأبو القاسم علي بن محمّد بن عبدوس الكوفي، وعبداللّه بن محمّد ابن ذكوان» (2) . وليس لعبداللّه هذا أيّ حديث في كتبنا، ولم يذكره أحد من علماء الإمامية، وإنّما هو من رجالات العامّة ومشهوري رواتهم، ترجم له ابن عساكر قائلاً: «عبداللّه بن محمّد بن عبدالغفار بن أحمد بن إسحاق بن ذكوان أبو محمّد البعلبكي القاضي» ثمّ أخرج من طريقه حديث أمير المؤمنين علي عليه السلام : «أنا أوّل من صلّى خلف رسول اللّه صلى الله عليه و آله وأوّل من أسلم مع النبي صلى الله عليه و آله » (3) . وقد وقع ذكره في تاريخ دمشق في عِدّة تراجم (4) .

ص: 359


1- . . راجع: الأمالي للصدوق : ص 250 ح 275 (13) مجلس 34، و ص 500 ح 686 (15)، مجلس 64 و ص 561 ح 753 (11) مجلس 72 .
2- . . تاريخ دمشق : ج 56 ص 297 الرقم 7126.
3- . . المصدر السابق : ج 32 ص 250 - 251 الرقم 3517.
4- . . راجع: المصدر السابق : ج 5 ص 219 الرقم 115 ترجمة أبي الدحداح التميمي، و ج 13 ص 29 الرقم 1299 ترجمة الحسن بن إسحاق أبي سعيد القاضي، و ج 14 ص 10 الرقم 1483 ترجمة الحسن بن يوسف بن يعقوب، و ص 309 الرقم 1602 ترجمة ابن خراشة الإيلي.

13 - عبدالكريم بن عبداللّه بن نصر، أبو الحسين البزّاز

من تلاميذ الكليني، وأحد رواة الكافي عن مصنّفه، وكان مع شيخه الكليني ببغداد وأخذ - وزميله الصيمري - من الكليني قدس سرهجميع مصنّفاته وأحاديثه سماعا وإجازة في محلّة إقامة شيخه ببغداد (سنة / 327 ه ). قال الشيخ الطوسي في مشيخة التهذيب في بيان طريقه إلى ما رواه عن ثقة الإسلام الكليني - بعد ذكر بعض طرقه إلى ذلك - : «.. وأخبرنا به أيضا أحمد بن عبدون المعروف بابن الحاشر، عن أحمد بن أبي رافع، وأبي الحسين عبدالكريم بن عبداللّه بن نصر البزّاز بتنيس وبغداد، عن أبي جعفر محمّد بن يعقوب الكليني ، جميع مصنّفاته وأحاديثه سماعا وإجازة ببغداد بباب الكوفة بدرب السلسلة، سنة سبع وعشرين وثلاثمائة» 1 . وذكر الشيخ في مشيخة الاستبصار هذا الطريق بعينه، بزيادة الترحّم على شيخه ابن عبدون، قائلاً: «رحمة اللّه عليه» (1) . وذكره في الفهرست في ترجمة الكليني قائلاً: «.. وأخبرنا أبو عبداللّه أحمد بن عبدون، عن أحمد بن إبراهيم الصيمري وأبو الحسين عبدالكريم بن عبداللّه بن نصر البزّاز بتفليس وبغداد، عن الكليني بجميع مصنّفاته ورواياته» (2) . وقد فهم بعض الكتّاب المعاصرين من هذه العبارة (بتنيس وبغداد)، أنّ ثقة الإسلام الكليني رحمه الله قد أجاز تلميذيه - ابن أبي رافع، والبزّاز - بتنيس وبغداد!! ورتّب على ذلك أشياء لا أصل لها ولا واقع، من قبيل وصول الكليني إلى تنيس في رحلاته العلمية، مع اُمور اُخرى يسمج ذكرها. ولو تأمّل قليلاً لعرف أنّ ابن عبدون (ت / 423 ه ) قد سمع

ص: 360


1- . . مشيخة الاستبصار : ج 4 ص 301 - 302 .
2- . . الفهرست للطوسي : ص 211 الرقم 602 (17) .

من شيخيه - بمنطقتي تنيس وبغداد - ما تحمّلا من الكليني سماعا وإجازةً ببغداد (سنة / 327 ه )، وإنّ الكليني رحمه الله - على ضوء تلك العبارة - لم يصل إلى تنيس، ولم يرها.

14 - علي بن أحمد الرازي

عدّه الشيخ الطهراني من مشايخ الصدوق وتلامذة الكليني، ونقل عن إكمال الدين قول الشيخ الصدوق: «حدّثنا علي بن أحمد الرازي، قال: حدّثنا محمّد بن يعقوب...» (1) . والحديث المذكور هو حديث الحبّابة الوالبية المشهور. ولكن في النسخة المطبوعة من إكمال الدين ابتدأ سند الحديث هكذا: «حدّثنا علي ابن أحمد الدقّاق رضى الله عنه، قال: حدّثنا محمّد بن يعقوب.. إلخ» (2) . والظاهر هو الصحيح لعدم وجود ما يدلّ على أنّ علي بن أحمد الرازي من مشايخ الصدوق سوى ما ذكره الشيخ عبدالرحيم الربّاني الشيرازي في ما كتبه عن حياة الشيخ الصدوق، حيث ذكر (علي بن أحمد الرازي) ضمن مشايخ الصدوق، مشيرا إلى المورد المذكور من إكمال الدين (3) ، وقد تبيّن ما فيه، هذا زيادة على أنّ الدقّاق لم يصفه أحد بالرازي.

15 - علي بن أحمد بن محمّد بن عمران، أبو القاسم الدقّاق

من مشايخ الشيخ الصدوق، روى عنه، عن ثقة الإسلام الكليني (4) .

ص: 361


1- . . إكمال الدين : ص 536 ح 1 باب 49 (في سياق حديث حبابة الوالبية).
2- . . طبقات أعلام الشيعة - القرن الرابع : ص 170 .
3- . . راجع: حياة المؤلّف / الشيخ عبدالرحيم الربّاني، بحث مطبوع في بداية كتاب معاني الأخبار للشيخ الصدوق، تصحيح وتعليق علي أكبر الغفاري: ص 54 الرقم 113 .
4- . . كتاب من لا يحضره الفقيه : ج 4 ص 15 في الطريق إلى جواب الإمام الرضا عليه السلام على مسائل محمّد بن سنان في العلل، علل الشرائع : ص 131 ح 1 باب 112، و ص 160 ح 1 باب 129، و ص 176 ح 1 باب 140، و ص 449 ح 1 باب 203، عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج 1 ص 57 ح 203 باب 31، و ص 89 ح 21 باب 32، و ص 95 ح 1 باب 33، و ص 152 ح 4 باب 40، و ص 187 ح 1 باب 43، و ص 188 ح 2 باب 43، و ص 230 ح 20 باب 47، و ص 260 ح 6 باب 58، و ص 285 ح 2 باب 66، و ص 305 ح 1 باب 68، معاني الأخبار : ص 6 ح 2 باب معنى الصمد، التوحيد : ص 334 ح 7 و 9 باب 54، و ص 354 ح 1 باب 58.

وقد قال الوحيد البهبهاني باتّحاده مع علي بن أحمد بن موسى الدقّاق (1) . ونفى البعد عن اتّحادهما السيّد الخوئي في معجمه (2) .

ويقوّي ذلك ماورد في مشيخة الصدوق عند ذكر طريقه إلى جواب مسائل محمّد ابن سنان في العلل : عن علي بن أحمد بن موسى الدقّاق ، وجماعة كلّهم عن محمّد بن أبي عبداللّه الكوفي، عن محمّد بن إسماعيل البرمكي، عن علي بن العبّاس، عن القاسم بن الربيع الصحّاف، عن محمّد بن سنان، عن الإمام الرضا عليه السلام 7 . وروى ذلك في عيون أخبار الرضا عليه السلام ، عن علي بن أحمد بن عمران الدقّاق والجماعة الّذين ذكرهم في الفقيه أيضا، كلّهم عن محمّد بن أبي عبداللّه الكوفي ... إلى آخر الإسناد المذكور في المشيخة (3) . وقد ترضّى عليهم في كلا الموردين. والمعلوم أنّ الفاسق لا يقال بحقّه (رضي اللّه عنه) وإنّما يقال ذلك للرجل الجليل الثقة العدل، لا سيّما العارف بمداليل الألفاظ كالشيخ الصدوق رضى الله عنه، قال الشيخ المامقاني في ترجمة علي بن أحمد بن موسى الدقّاق : «وقد قالوا إنّ ذكر الثقات مشايخهم مقرونا بالرضيلة والرحملة (أي: بالترضّي والترحّم) قرين للمدح، بل هو عديل للتوثيق» ونقل عن المحقّق الداماد قوله: إنّ لمشايخنا كالصدوق رضى الله عنه مشيخة يلتزمون أرداف تسميتهم بالرضيلة أو الرحملة لهم، فاُولئك أثبات أجلّاء، والحديث من جهتهم صحيح معتمد عليه ، نُصَّ بالتوثيق أو لم ينصّ (4) .

ص: 362


1- . . تعليقة الوحيد البهبهاني على منهج المقال للأسترآبادي : ص 226 .
2- . . معجم رجال الحديث : ج 11 ص 255 الرقم 7907.
3- . . عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج 2 ص 95 ح 1 باب 33 .
4- . . تنقيح المقال : ج 2 ص 267 الرقم 7167 .

وفي فهرست ابن النديم : «أبو القاسم علي بن أحمد الكوفي من الإمامية، من أفاضلهم، وله من الكتب: كتاب الأوصياء» (1) . ويظهر من موارده في كتب الصدوق أنّه يروي عن مجموعة من المشايخ كثقة الإسلام الكليني، ومحمّد بن أبي عبداللّه أبي الحسين الأسدي الكوفي ساكن الريّ ، وحمزة ابن القاسم العلوي، وأبي العبّاس أحمد بن يحيى بن زكريا القطّان، ومحمّد بن موسى الدقّاق، وعلي بن الحسين الهستجاني، وغيرهم. وقد التزم الصدوق بالترضّي عليه كلّما ذكره (2) .

16 - علي بن أحمد بن موسى الدقّاق

عدّه جماعة من العلماء من تلامذة الكليني (3) ، وهو من مشايخ الشيخ الصدوق، وقد ترضّى عليه كثيرا (4) ، وقد بيّنا قول من قال باتّحاده مع علي بن أحمد بن محمّد بن

ص: 363


1- . . فهرست ابن النديم : ص 243 الفن الخامس من المقالة الخامسة (في أخبار العلماء وما صنّفوه من الكتب).
2- . . عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج 1 ص 132 ح 50 باب 11، و ص 200 ح 2 باب 20، والتوحيد : ص 83 ح 2 باب 3، و ص 94 ح 10 باب 4، و ص 97 ح 2 باب 6، و ص 100 ح 9 باب 6، و ص 109 ح 8 باب 8 ، و ص 110 ح 9 باب 8 ، و 186 ح 2 باب 29، و ص 190 ح 3 باب 29، و ص 220 ح 13 باب 29، و ص 285 ح 1 باب 41، و ص 288 ح 5 باب 41، و ص 354 ح 1 باب 58، ومعاني الأخبار : ص 6 ح 2 باب معنى الصمد .
3- . . طبقات أعلام الشيعة - القرن الرابع: ص 315، معجم رجال الحديث : ج 18 ص 62 الرقم 12043 .
4- . . الخصال : ص 167 ح 220 باب الثلاثة، و ص 169 ح 223 باب الثلاثة، و ص 211 ح 35 باب الأربعة، و ص 228 ح 67 باب الأربعة، و ص 246 ح 106 باب الأربعة، و ص 264 ح 145 باب الأربعة، و ص 304 ح 84 باب الخمسة، و ص 397 ح 105 باب السبعة، و ص 432 ح 14 باب العشرة، و ص 506 ح 4 أبواب الستّة عشر، و ص 543 ح 19 أبواب الأربعين وما فوقه، و ص 564 ح 1 أبواب الخمسين وما فوقه، و ص 595 ح 1 باب الواحد إلى المائة، و ص 643 ح 23 ما بعد الألف، و ص 652 ح 53 ما بعد الألف، إكمال الدين : ص 377 ح 1 باب 36، و ص 379 ح 1 باب 37، معاني الأخبار : ص 403 ح 68 باب نوادر المعاني، الأمالي للصدوق : ص 309 ح 356 (4) مجلس 42، و ص 419 ح 557 (24) مجلس 54، و ص 422 ح 560 (1) مجلس 55، و ص 520 ح 709 (2) مجلس 67، و ص 531 ح 718 (9) مجلس 68، و ص 579 ح 795 (8) مجلس 74، و ص 605 ح 840 (11) مجلس 77، و ص 718 ح 988 (7) مجلس 90، و ص 723 ح 989 (1) مجلس 91، و ص 752 ح 1010 (1) مجلس 94، و ص 768 ح 1039 (13) مجلس 95 .

عمران، أبي القاسم الدقّاق كما مرّ في ترجمته.

17 - علي بن عبداللّه الورّاق

عدّه العلّامة الشيخ آقا بزرك الطهراني رحمه الله من تلامذة ثقة الإسلام الكليني، بل من رواة كتاب الكافي عن مصنّفه (1) . وهو من مشايخ الشيخ الصدوق، روى عنه في سائر كتبه، وترضّى عليه في كتابه الفقيه (2) الّذي جعله حجّة فيما بينه وبين اللّه عزّ وجلّ كما صرّح هو بذلك في مقدّمته (3) ، كما ترضّى عليه في كتبه الأُخرى: كإكمال الدين (4) ، والتوحيد (5) ، والخصال (6) ، وعيون الأخبار (7) . وترحّم عليه في موارد أُخرى (8) . وقد روى علي بن عبداللّه الورّاق هذه الأحاديث وغيرها عن سعد بن عبداللّه الأشعري، وأبي العبّاس أحمد بن يحيى بن زكريّا القطّان ، وعلي بن إبراهيم بن هاشم وغيرهم، ويظهر من بعضها عكوفه الطويل على الحديث الشريف وروايته، إذ جاء

ص: 364


1- . . طبقات أعلام الشيعة - القرن الرابع : ص 315 .
2- . . كتاب من لا يحضره الفقيه : ج 3 ص 65 ح 218 باب 65 .
3- المصدر السابق ج 1 ص 65 ح 218 باب 65.
4- . . إكمال الدين : ص 336 ح 9 باب 33 .
5- . . التوحيد : ص 81 ح 37 باب التوحيد ونفي التشبيه، و ص 159 ح 5 باب تفسير قوله تعالى: «نَسُواْ اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ» ، و ص 406 ح 5 باب الأمر والنهي والوعد والوعيد .
6- . . الخصال : ص 314 ح 94 باب الخمسة، و ص 430 ح 10، و ص 451 ح 57 كلاهما في باب العشرة، و ص 542 ح 18 أبواب الأربعين ومافوقه، و ص 572 ح 1 أبواب السبعين، و ص 603 ح 9 أبواب المائة فما فوقها، و ص 652 ح 53 ما بعد الألف .
7- . . عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج 1 ص 25 ح 30 باب 6 .
8- . . راجع على سبيل المثال: التوحيد : ص 241 ح 1 باب تفسير الهدى والضلال، و ص 360 - 361 ح 4 و6 باب نفي الجبر والتفويض وغيرها .

في حديث منها قوله: «حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم سنة سبع وثلاثمائة» (1) في حين كان عمر الشيخ الصدوق في ذلك الحين سنة واحدة؛ لأنّه ولد رحمه الله (سنة / 306 ه ) (2) . هذا، وقد وصفه الشيخ الصدوق في إسناد حديث واحد في عيون أخبار الرضا عليه السلام بالرازي مع الترضّي عليه (3) ، وقد رواه الورّاق عن سعد بن عبداللّه الأشعري. ويظهر من بعض نسخ العيون المعتمدة في نقد الرجال 12 ، وجامع الرواة (4) ، ومنتهى المقال (5) ، وغيرها، أنّ فيها تحريفا في خصوص هذا المورد من العيون، إذ جاء اسمه في تلك النسخ بعنوان: (علي بن إبراهيم الورّاق الرازي)، ولهذا جُعل في تلك الكتب الرجالية شخصا آخر، في حين احتمل العلّامة المامقاني اتّحادهما (6) ، والصحيح ما في المطبوع من عيون الأخبار وبعنوان علي بن عبداللّه الورّاق الرازي، ويؤيّده عدم وجود رواية أُخرى لعلي بن إبراهيم الورّاق الرازي ، عن سعد بن عبداللّه إلّا في المورد المحرّف، في حين روى علي بن عبداللّه روايات كثيرة عن سعد، وهو ما رجّحه السيّد الخوئي في معجمه (7) . ومهما يكن فإنّ هذا الشيخ ثقة لدلالة الترضّي عليه؛ لأنّ معنى الترضّي طلب زيادة الأجر والمثوبة، ومن يطلقه على غير مستحقّه فهو مثله، والصدوق يجلّ عن هذا.

ص: 365


1- . . الخصال : ص 451 ح 57 باب العشرة .
2- . . راجع: مع الصدوق وكتابه الفقيه / السيّد ثامر العميدي (المؤلّف) : ص 110، بحث نشر في مجلة علوم الحديث العدد الثاني، إصدار كلية علوم الحديث - طهران / 1418 ه .
3- . . عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج 1 ص 25 ح 30 باب 6.
4- . . جامع الرواة : ج 1 ص 546 الرقم 4496.
5- . . منتهى المقال : ج 4 ص 324 الرقم 1927.
6- . . تنقيح المقال : ج 2 ص 259 - 260 الرقم 8101 .
7- . . معجم رجال الحديث : ج 11 ص 212 الرقم 7822 .

18 - علي بن محمّد بن عبدوس، أبو القاسم الكوفي

من تلاميذ الكليني، وليس له رواية في كتب الحديث الشيعي غير واحدة فقط، وهو من رجال العامّة ورواتهم. ذكره ابن عساكر في ترجمة الكليني قال: «محمّد بن يعقوب.. قدم دمشق وحدّث ببعلبك - إلى أن قال: - روى عنه أبو سعد الكوفي شيخ الشريف المرتضى أبي القاسم علي بن الحسين بن موسى الموسوي، وأبو عبداللّه أحمد بن إبراهيم، وأبو القاسم علي بن محمّد بن عبدوس الكوفي، وعبداللّه بن محمّد بن ذكوان» (1) . ثمّ أخرج للكليني حديثا من رواية ابن عبدوس عنه، قائلاً «أنبأنا أبو الحسن بن جعفر (....) 2 بن جعفر، قالا: أنبأنا جعفر بن أحمد بن الحسين السرّاج، أنبأنا أبو القاسم المحسن بن حمزة الورّاق بتنيس، أنبأنا أبو علي الحسن بن علي بن جعفر الديبلي بتنيس في المحرّم سنة خمس وتسعين وثلاثمائة، أنبأنا أبو القاسم علي بن محمّد بن عبدوس الكوفي، أخبرني محمّد بن يعقوب الكليني، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن موسى بن إبراهيم المحاربي، عن الحسن بن موسى، عن موسى بن عبداللّه ، عن جعفر بن محمّد [عليه السلام] قال: قال أمير المؤمنين [صلوات اللّه عليه]: «إعجاب المرء بنفسه دليل على ضعف عقله» (2) . وقد وقع ابن عبدوس في جملة من تراجم تاريخ دمشق ، كما في ترجمة محمّد بن عبدالحميد بن حبيب، وترجمة نبي اللّه موسى بن عمران عليه السلام ، وقد روى عنه في كليهما أبو علي الحسين بن علي الديبلي، وروى هو في الأوّل عن أبي الأغر الملطي، وفي الثاني عن الحسن بن أحمد التنوخي بحلب (3) .

ص: 366


1- . . تاريخ دمشق : ج 56 ص 297 الرقم 7126.
2- . . تاريخ دمشق : ج 56 ص 297 الرقم 7126.
3- . . راجع : المصدر السابق : ج 54 ص 70 الرقم 6607 ترجمة محمّد بن عبدالحميد، و ج 61 ص 56 ر الرقم 7741 ترجمة نبي اللّه موسى عليه السلام .

وابن عبدوس ذكره ابن النديم في الفهرست قائلاً: «رجل يعرف بابن عبدوس واسمه علي بن محمّد بن عبدوس الكوفي، نحوي، وله من الكتب: كتاب ميزان الشعر بالعروض، وكتاب البرهان في علل النحو، وكتاب معاني الشعر» (1) . وفي حاشية لأحد تلامذة ابن قولويه أدخل بها حديثا في كامل الزيارات ، وقد جاءت في المطبوع من كامل الزيارات بهذه الصورة: «زيادة في النسخ نقلناها كما وجدناها: للحسين بن أحمد بن المغيرة فيه حديث رواه شيخه أبو القاسم رحمه الله مصنّف هذا الكتاب ونقل عنه، وهو عن زائدة، عن مولانا علي بن الحسين عليهماالسلام ذهب على شيخنا رحمه اللهأن يضمّنه كتابه هذا وهو ممّا يليق بهذا الباب، وهو يشتمل أيضا على معان شتّى حَسَن تامّ الألفاظ، أحببت إدخاله وجعلته أوّل الباب، وجميع أحاديث هذا الباب وغيرها ممّا يجري مجراها يستدلّ بها على صحّة قبر مولانا الحسين عليه السلام بكربلاء؛ لأنّ كثيرا من المخالفين ينكرون أنّ قبره بكربلاء، كما ينكرون أنّ قبر مولانا أمير المؤمنين عليه السلام بالغري بظهر نجف الكوفة، وقد كنت استفدت هذا الحديث بمصر عن شيخي أبي القاسم علي بن محمّد بن عبدوس الكوفي رحمه الله ممّا نقله عن حزام بن عبدالوارث البصري بإسناده، عن قدامة بن زائدة، عن أبيه زائدة، عن علي بن الحسين عليهماالسلام، وقد ذاكرت شيخنا ابن قولويه بهذا الحديث بعد فراغه من تصنيف هذا الكتاب ليدخله فيه، فما قضى ذلك، وعاجلته منيّته، رضي اللّه عنه وألحقه بمواليه عليهم السلام ...» (2) . وبهذا يتبيّن - وبكلّ وضوح - أنّ ابن عبدوس من طبقة تلاميذ الكليني رحمه الله.

ص: 367


1- . . فهرست ابن النديم : ص 94 الفن الثالث من المقالة الثانية .
2- . . كامل الزيارات : ص 444 ح 674 (1) باب 88 فضل كربلاء وزيارة الإمام الحسين عليه السلام .

19 - محمّد بن إبراهيم النعماني

هو الشيخ الأجل محمّد بن إبراهيم المعروف بابن زينب النعماني، قال النجاشي: «شيخ من أصحابنا، عظيم القدر ، شريف المنزلة، صحيح العقيدة، كثير الحديث» (1) ، ووثّقه العلّامة الحلّي (2) ، وابن داوود (3) ، وسائر المتأخّرين . وهو من تلامذة ثقة الإسلام الكليني ومن المقرّبين إليه، ومن جملة من استنسخ الكافي عن نسخة مؤلّفه. وله رحلة واسعة في طلب الحديث، وهو من كبار محدّثي الشيعة الإمامية بلا خلاف، ومن تراثه الخالد: كتاب الغيبة الذي أخرج فيه بحدود (478) حديثا مسندا، وفيها الكثير من الصحاح والحسان، وقد حدّث في كتابه هذا عن شيخه ثقة الإسلام الكليني كثيرا.

20 - محمّد بن إبراهيم بن يوسف الكاتب الشافعي

من تلاميذ ثقة الإسلام الكليني وأحد رواة كتاب الكافي عنه (4) ، ترجم له الشيخ في الفهرست قائلاً: «محمّد بن إبراهيم بن يوسف الكاتب، يكنّى أبا الحسن، وقال أحمد بن عبدون: هو أبو بكر الشافعي، مولده سنة إحدى وثمانين ومائتين بالحسينية، وكان يتفقّه على مذهب الشافعي في الظاهر، ويرى رأي الشيعة الإمامية في الباطن، وكان فقيها على المذهبين. وله على المذهبين كتب.

فمن كتبه على مذهب الإمامية: كتاب كشف القناع، وكتاب الاستعداد، وكتاب العدّة، وكتاب الاستبصار، وكتاب نقض العبّاسية، وكتاب المقتل، وكتاب المفيد في الحديث، وكتاب الطريق، ذكر هذه الكتب ابن النديم، وأخبرنا بها عنه أحمد بن

ص: 368


1- . . رجال النجاشي : ص 383 الرقم 1043.
2- . . خلاصة الأقوال : القسم الأوّل ، ص 267 الرقم 958 (160) .
3- . . رجال ابن داوود : القسم الأوّل ، ص 160 الرقم 1278.
4- . . شرح اُصول الكافي : ج 1 ص 24 من المقدّمة.

عبدون، المكنّى بأبي عبداللّه ، ويعرف بابن الحاشر» (1) . وذكره الشيخ في رجاله قائلاً: «محمّد بن إبراهيم بن يوسف الشافعي، أبو الحسن، ويعرف بأبي بكر الشافعي، أخبرنا عنه ابن عبدون» (2) . وترجم له النجاشي بنحو عبارة الشيخ في الفهرست (3) وأورده العلّامة في القسم الأوّل من رجاله (4) إشعارا منه بوثاقته. وقد ذكره ابن النديم تارة مع فقهاء الإمامية، واُخرى مع فقهاء الشافعية، ذاكرا كتبه على المذهبين (5) .

21 - محمّد بن أحمد بن حمدون، أبو نصر الواسطي

قال السيّد ابن طاووس الحسني قدس سره في فتح الأبواب : «حدّث أبو نصر محمّد بن أحمد ابن حمدون الواسطي، قال: حدّثنا محمّد بن يعقوب الكليني...» (6) . وأورده العلّامة النوري عن السيّد ابن طاووس كذلك (7) . وأورده الحرّ العاملي عن الكافي رأسا، وقال في آخره: «ورواه ابن طاووس في الاستخارات من عِدّة طرق» (8) ، وفيه إشارة إلى هذا الطريق. وأصل الحديث، عن هارون بن خارجة كما في الكافي (9) .

ص: 369


1- . . الفهرست للطوسي : ص 208 - 209 الرقم 600 (15) .
2- . . رجال الشيخ الطوسي : ص 447 الرقم 6357 (107).
3- . . رجال النجاشي: ص 372 الرقم 1015 .
4- . . خلاصة الأقوال : القسم الأوّل ، ص 245 الرقم 834 (36) .
5- فتح الابواب : ص 184
6- . . فتح الأبواب : ص 184 .
7- . . مستدرك الوسائل : ج 6 ص 247 - 249 ح 6806 (1) باب 2 من أبواب صلاة الاستخارة .
8- . . وسائل الشيعة : ج 8 ص 68 - 69 ح 10106 (1) باب 2 من أبواب صلاة الاستخارة.
9- . . فروع الكافي : ج 3 ص 470 ح 3 باب صلاة الاستخارة من كتاب الصلاة.

ولكن العلّامة المجلسي أورده في البحار عن فتح الأبواب للسيّد ابن طاووس، وفيه (أحمد بن أحمد بن علي بن سعيد الكوفي) بين الواسطي المذكور وبين ثقة الإسلام الكليني (1) ، ولعلّه هو الصحيح، إذ تقدّم أنّ أحمد بن أحمد الكوفي من تلاميذ الكليني رحمه الله.

22 - محمّد بن أحمد بن عبداللّه الصفواني

من الفقهاء الثقات الذين تتلمذوا على يد الشيخ الكليني (2) .

قال النجاشي: «محمّد بن أحمد بن عبداللّه بن قضاعة بن صفوان بن مِهران الجمّال، مولى بني أسد، أبو عبداللّه ، شيخ الطائفة، ثقة، فقيه، فاضل، وكانت له منزلة من السلطان، كان أصلها أنّه ناظر قاضي المَوْصِل في الإمامة بين يدي ابن حَمْدان، فانتهى القول بينهما إلى أن قال للقاضي: تباهلني! فوعده الى غد، ثمّ حضر، فباهله، وجعل كفّه في كفّه، ثمّ قاما من المجلس، وكان القاضي يحضر دار الأمير ابن حمدان في كلّ يوم، فتأخّر ذلك اليوم ومن غده، فقال الأمير: اعرفوا خبر القاضي، فعاد الرسول فقال: إنّه منذ قام من موضع المباهلة حُمَّ وانتفخ الكفّ الذي مدّه للمباهلة، وقد اسودّت ثمّ مات من الغد، فانتشر لأبي عبداللّه الصفواني بهذا ذكر عند الملوك، وحظِيَ منهم، وكانت له منزلة..» (3) . وذكره الشيخ في رجاله قائلاً: «... له مصنّفات ذكرناها في الفهرست ، يروي عن علي بن إبراهيم بن هاشم، روى عنه التلعكبري، وأخبرنا عنه محمّد بن محمّد بن النعمان وأبو محمّد الحسن بن القاسم العلوي المحمدي، وهو خاصّي، نزيل بغداد» (4) .

وفي الفهرست : «... وكان حفظة، كثير العلم، جيّد اللسان، وقيل: إنّه كان اُمّيا، وله كتب

ص: 370


1- . . بحار الأنوار : ج 88 ص 230 .
2- . . خاتمة مستدرك الوسائل : ج 3 ص 470 من الفائدة الرابعة، طبقات أعلام الشيعة - القرن الرابع: ص 238، شرح اُصول الكافي / المظفّر : ج 1 ص 24 من المقدّمة .
3- . . رجال النجاشي: ص 393 الرقم 1050.
4- . . رجال الشيخ الطوسي: ص 443 الرقم 6318 (68) باب من لم يرو عنهم عليهم السلام .

أملاها من ظهر قلبه..» (1) ، مات رحمه الله(سنة / 358 ه ) (2) .

23 - محمّد بن أحمد بن محمّد بن سنان، أبو عيسى الزاهري

نزيل الريّ . المعروف بمحمد بن أحمد السناني، من مشايخ الشيخ الصدوق، روى عنه كثيرا، مع الترضّي عليه في الفقيه (3) ، والعلل (4) ، والتوحيد 3 ، والخصال (5) ، والأمالي (6) ، وفي هذا دليل واضح على حسنه، بل وثاقته. وقد عدّهُ الشيخ المظفّر من تلاميذ ثقة الإسلام الكليني قدس سره (7) ، وهو كذلك؛ لأنّه من جملة من روى عنه الشيخ الصدوق كتاب الكافي عن مصنّفه (8) . وأورد له السيّد ابن طاووس حديثا في صلاة الحاجة، قال: «روى أحمد بن محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا محمّد بن أحمد بن سنان ، أبو عيسى المكتب في كتابه إِلي وإجازته لي قال: حدّثني أبي، عن محمّد بن سنان...» (9) .

ص: 371


1- . . الفهرست للطوسي : ص 208 الرقم 599 (14).
2- . . طبقات أعلام الشيعة - القرن الرابع : ص 239 .
3- . . مشيخة الفقيه : ج 4 ص 15 - 16 في الطريق إلى جواب الإمام الرضا عليه السلام على مسائل محمّد بن سنان في العلل ، و ص 76 في الطريق إلى محمّد بن جعفر الأسدي، و ص 116 في الطريق إلى محمّد بن يعقوب الكليني، و ص 124 في الطريق إلى محمّد بن إسماعيل البرمكي .
4- . . علل الشرائع: ص 131 ح 1 باب 112، و ص 173 ح 1 باب 138، و ص 175 ح 1 باب 140، و ص 234 ح 2 باب 169، و ص 284 ح 4 باب 202، و ص 449 ح 1 باب 202 .
5- . . الخصال : ص 188 ح 259 باب الثلاثة، و ص 191 ح 265 باب الثلاثة، و ص 244 ح 99 باب الأربعة، و ص 430 ح 10 باب العشرة .
6- . . الأمالي للصدوق : ص 72 ح 41 (4) مجلس 6، و ص 91 ح 65 (5) مجلس 10، و ص 213 ح 238 (22) مجلس 29.
7- . . شرح اُصول الكافي / المظفّر : ج 1 ص 24 من المقدّمة .
8- . . مشيخة الفقيه : ج 4 ص 116 في الطريق إلى ثقة الإسلام الكليني قدس سره .
9- . . جمال الاُسبوع : ص 79.

وقال العلّامة النوري في خاتمة المستدرك: «وفي جمال الأُسبوع للسيّد علي بن طاووس قدس سرهحدَّث أبو عبداللّه أحمد بن محمّد الجوهري قال: كتب إليَّ محمّد بن أحمد بن سنان أبو عيسى رحمة اللّه عليه يقول...» (1) . هذا، وقد نقل ابن داوود عن ابن الغضائري قوله فيه: «نسبه وحديثه مضطرب» (2) . وهو ليس بشيء، لعدم الاعتداد بالكتاب المنسوب إلى ابن الغضائري إذ لا يعرف طريق إليه البتة.

24 - محمّد بن الحسين البزوفري

هو محمّد بن الحسين بن علي بن سفيان ، أبو جعفر البزوفري، روى عنه الشيخ المفيد، وابن الغضائري، وابن عبدون كما في طريق الشيخ الى أحمد بن إدريس، وأحمد بن محمّد بن عيسى، ومحمّد بن أحمد بن يحيى الأشعري في مشيخة التهذيب (3) ، وقد صحّح العلّامة الحلّي طريق الشيخ إلى هؤلاء الثلاثة (4) . والبزوفري من تلاميذ الكليني، ويشهد على ذلك ما رواه أبو القاسم علي بن محمّد ابن علي الخزّاز القمّي (من علماء القرن الرابع الهجري) بقوله: «وحدّثني علي بن الحسن ابن محمّد، قال: حدّثنا محمّد بن الحسين البزوفري بهذا الحديث - يعني حديث زيد الشهيد في مشهد مولانا الحسين بن علي عليهماالسلام - قال: حدّثنا محمّد بن يعقوب الكليني...» (5) . وهو بخصوص ما ورد عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله في شأن العترة الطاهرة عليهم السلام .

ص: 372


1- . . خاتمة مستدرك الوسائل : ج 1 ص 287 من الفائدة الثانية، في حديثه عن كتاب فقه الرضا عليه السلام ، وانظر: جمال الاُسبوع : ص 152 في الفصل الخامس والعشرين .
2- . . رجال ابن داوود : القسم الثاني ، ص 269 الرقم 422.
3- . . مشيخة التهذيب : ج 10 ص 35 و 71 - 72 و 74.
4- . . خلاصة الأقوال : ص 435 - 436 من الفائدة الثامنة .
5- . . كفاية الأثر : ص 301.

25 - محمّد بن علي بن أبي طالب، أبو الرجاء البلدي

عدّه العلّامة الطهراني من تلاميذ ثقة الإسلام الكليني (1) ، ولم أجد له رواية عن ثقة الإسلام في كتب الحديث. والبلدي هذا، من مشايخ أبي الفتح محمّد بن علي بن عثمان الكراجكي (ت / 449 ه )، فقد روى عنه في كنز الفوائد ، قائلاً: «حدّثني الشيخ أبو الرجا ، محمّد بن علي بن أبي طالب البلدي بالقاهرة، قال: حدّثنا اُستاذي أبو عبداللّه محمّد بن إبراهيم بن جعفر النعماني رحمه الله ، عن أبي العبّاس أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة الكوفي» (2) . وقال في الاستنصار بعد رواية حديث سليم بن قيس في خصوص اجتماع عبداللّه ابن جعفر بن أبي طالب بمعاوية، قال: «ومن ذلك ما أخبرني به أبو الرجا محمّد بن عبداللّه ابن أبي طالب البلدي، قال: أخبرني أبو عبداللّه محمّد بن إبراهيم بن جعفر النعماني قدس سره...» (3) . وقال: «أخبرني الشريف أبو منصور أحمد بن حمزة الحسيني العريضي بالرملة وأبو العبّاس أحمد بن إسماعيل بن عنان بحلب، وأبو المرجا محمّد بن علي بن طالب البلدي بالقاهرة رحمهم اللّه ، قالوا: جميعا أخبرنا أبو المفضّل...» (4) . كما روى عنه الكراجكي، قول أمير المؤمنين عليه السلام لنوف الشامي: «يا نوف ، أرامق أم نبهان؟». قال: «أخبرني أبوالرجاء محمّد بن علي بن أبي طالب البلدي، قال: أخبرني أبوالمفضّل محمّد بن عبداللّه بن محمّد بن المطلب الشيباني.... ثمّ ذكر تمام السند

ص: 373


1- . . طبقات أعلام الشيعة - القرن الرابع : ص 290 .
2- . . كنز الفوائد : ص 164.
3- . . الاستنصار : ص 10.
4- . . كنز الفوائد : ص 214 - 215.

وساق الحديث» (1) .

وقد روى عنه الكراجكي بواسطة شيخه أبي الحسن محمّد بن أحمد بن علي بن شاذان القمّي ، قال: «حدّثنا الشيخ أبو الحسن محمّد بن أحمد بن علي بن شاذان القمّي ، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن عبداللّه بن عبّاس... إلى آخره» (2) . ثمّ قال الكراجكي بعده مباشرة: «وقال: حدّثني أبو الرجاء محمّد بن علي بن طالب البلدي، قال: حدّثنا أبو القاسم عبدالواحد بن عبداللّه بن يونس الموصلي...» (3) . والظاهر أنّ قوله: (وقال) أي: ابن شاذان القمّي ، ولا مانع في دراية الحديث من الرواية عن شخص بواسطة تارة، وبدونها اُخرى . هذا ولم أجد من ترجم له من علماء الرجال، بل لم أجد له ذكرا إلّا عند الكراجكي في الموارد المذكورة آنفا، وقد وقع فيها اختلاف في ضبط اسم الرجل وكنيته. فقد ورد الاسم في بعضها كما مر (محمّد بن علي بن أبي طالب)، وفي بعضها (محمّد ابن علي بن طالب) وأمّا الكنية فهي تارة (أبو الرجا)، واُخرى (أبو المرجا)، وثالثة (أبو الرجاء) ومن ملاحظة الموارد السابقة يعلم أنّه روى عن تلامذة الكليني مباشرة وهما النعماني، وأبو المفضّل ، وعمّن هو من طبقة الشيخ الكليني ، أعني أبا القاسم الموصلي الثقة (4) ، الأمر الذي يكشف عن قدرته على الرواية عن ثقة الإسلام بلا واسطة.

26 - محمّد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه، الشيخ الصدوق

أبو جعفر القمّي، الشيخ الصدوق، رئيس المحدّثين، وشيخ الإمامية وفقيههم

ص: 374


1- . . كنز الفوائد : ص 30.
2- . . المصدر السابق : ص 151.
3- . . المصدر السابق : ص 151.
4- . . ذكره الشيخ الطوسي في الرجال : ص 431 الرقم 6184 (27) باب من لم يرو عنهم عليهم السلام ، مصرّحا بسماع التلعكبري منه سنة ست وعشرين وثلاثمائة، والتلعكبري من تلاميذ ثقة الإسلام بلا خلاف.

ومحدّثهم ومتكلّمهم في زمانه، ولد في حدود (سنة / 306 ه ) بدعاء الإمام الحجّة عليه السلام ، ومات قدس سره (سنة / 381 ه ) ولا زال قبره شاخصا في الريّ يُزار.

وهو غني عن التعريف بعد الاتّفاق على تسميته بالصدوق، ولا أرى حاجة لنقل ما قاله علماء الشيعة في علوّ مقامه ومنزلته، ويكفي في ذلك ما ورد من كلمات بحقّه على لسان علماء العامّة.

فقد وصفوه - كالشيعة الإمامية - بالصدوق، وأشادوا بحفظه، وعلمه، وفقهه، وشهرته، قال السمعاني في الأنساب في ترجمته: «وأبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي، نزل بغداد ، وحدّث بها عن أبيه، وكان من شيوخ الشيعة، ومشهوري الرافضة، روى عنه محمّد بن طلحة النعالي، ويعقوب بن عبداللّه بن سعد القمّي» (1) .

ومثل هذا نجده في تاريخ بغداد ، مع رواية الخطيب بسنده عن شيخنا الصدوق حديثا واحدا في ذيل ترجمته (2) .

وقال الذهبي: «ابن بابويه، رأس الإمامية، أبو جعفر، محمّد ابن العلّامة علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّي، صاحب التصانيف السائدة بين الرافضة، يضرب بحفظه المثل، يقال له ثلاث مائة مصنّف...، وكان أبوه من كبارهم ومصنّفيهم» (3) .

وقال عمر رضا كحالة: «مفسّر، فقيه، اُصولي، محدّث، حافظ، عارف بالرجال، كان من أهل خراسان! وورد بغداد، وتوفّي بالريّ ، من تصانيفه الكثيرة...» (4) .

وقال الزركلي الوهّابي: «محمّد بن علي بن الحسين بن موسى [بن] بابويه القمّي ،

ص: 375


1- . . الأنساب : ج 10 ص 487.
2- . . تاريخ بغداد : ج 3 ص 89 الرقم 1078.
3- . . سير أعلام النبلاء : ج 16 ص 303 - 304 الرقم 212.
4- . . معجم المؤلّفين : ج 11 ص 3 .

ويُعرَف بالشيخ الصدوق، محدّث إمامي كبير ، لم يُرَ في القمّيين مثله» (1) .

كما ترجم له إسماعيل باشا البغدادي في هدية العارفين ، وأشار إلى بعض مؤلّفاته في إيضاح المكنون (2) . ووصفه فؤاد سزكين بالصدوق تارة، وبابن شيخ الشيعة في قم تارة اُخرى ، وثالثة بأنّه «أحد المؤلّفين الأربعة المشاهير في فقه الشيعة» (3) . وبهذا يتبيّن إجماع المسلمين على صدقه ووثاقته، بل حتى النصارى وصفوه بالصدوق أيضا (4) ، والكلام عن منزلة الشيخ الصدوق وحياته العلمية وآثاره ودوره لا يسعه بحث كهذا (5) . والمعروف أنّ الشيخ الصدوق قد ولد قبل وفاة الكليني بأكثر من عشرين عاما، وخلوّ كتبه الواصلة إلينا من الرواية عن الكليني بلا واسطة لا تدلّ على عدم الرواية عنه مباشرة ولو بالإجازة مثلاً، ولو وصلتنا سائر كتبه المفقودة وهي تزيد على ما وصل إلينا منها زهاء عشرين ضِعْفا!! (6) لوجدنا فيها أكثر ممّا رواه محدّثو الشيعة، عن الصدوق، عن ثقة الإسلام بلا واسطة.

ص: 376


1- . . الأعلام : ج 6 ص 274 .
2- . . هدية العارفين : ج 2 ص 52 (المجلّد السادس من كشف الظنون). إيضاح المكنون : ج 1 ص 133 و 381 (المجلّد الرابع من كشف الظنون) .
3- . . تاريخ التراث العربي : المجلّد الأوّل، الجزء الثالث: ص 301 الرقم 44.
4- . . راجع: معجم المطبوعات / يوسف إليان سركيس : ج 1 ص 43.
5- . . راجع ما كتبناه حول هذا الموضوع بعنوان: مع الصدوق وكتابه الفقيه : ص 107 - 177، بحث منشور في مجلة علوم الحديث، العدد الثاني، إصدار كليّة علوم الحديث، طهران / 1418 ه .
6- . . الواصل إلينا من كتب الشيخ الصدوق الثلاثمائة: كتاب الأمالي ، وإكمال الدين وإتمام النعمة ، والتوحيد ، وثواب الأعمال ، والخصال ، وصفات الشيعة ، وعقاب الأعمال ، وعلل الشرائع ، وعيون أخبار الرضا عليه السلام ، وفضائل الأشهر الثلاثة (رجب وشعبان ورمضان)، وفضائل الشيعة ، ومشيخة من لا يحضره الفقيه، ومعاني الأخبار ، والمقنع ، ومن لا يحضره الفقيه ، والهداية ، وأمّا كتاب النبوّة فهو مجموع من هذه الكتب وغيرها بمجلّد واحد، في حين أحال الشيخ الصدوق نفسه في كتابه الخصال : ص 280 ح 25 باب الخمسة إلى الجزء الرابع من كتاب النبوّة !

قال الشيخ المفيد قدس سره: «أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه، وأبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه جميعا؛ عن محمّد بن يعقوب الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان، عن المفضّل بن صالح، عن زيد الشحّام، قال: سُئِل الصادق جعفر بن محمّد عليهماالسلام عن ذبيحة الذمّي؟ فقال عليه السلام : لا تأكلها ، سمّى أم لم يُسمِّ» (1) ، وأورده في البحار عن كتاب ذبائح أهل الكتاب للشيخ المفيد سندا ومتنا (2) ، ومثله في مستدرك الوسائل (3) . وفي مزار ابن المشهدي خبرٌ يدلّ على ذلك أيضا، رواه العلّامة النوري في مستدرك الوسائل في باب استحباب الصلاة يوم عاشوراء وكيفيّتها، بهذه الصورة:

«الشيخ محمّد بن المشهدي في مزاره، قال: أخبرني الشيخ الفقيه العالم ، عماد الدين محمّد بن أبي القاسم الطبري قراءة عليه وأنا أسمع ، في شهور سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة بمشهد مولانا أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه، عن الشيخ الفقيه، أبي علي الحسن بن محمّد، عن والده الشيخ أبي جعفر رضى الله عنه، عن الشيخ المفيد أبي عبداللّه محمّد بن محمّد بن النعمان، عن ابن قولويه وأبي جعفر بن بابويه، عن محمّد بن يعقوب الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن ابن أبي عمير، عن عبداللّه بن سنان قال: دخلت على سيّدي أبي عبداللّه جعفر بن محمّد عليهماالسلام يوم عاشوراء... الخبر» (4) .

وفي فضل الكوفة ومساجدها للشيخ محمّد بن جعفر المشهدي الحائري: «وأخبرني الشريف الجليل العالم ، أبو المكارم حمزة بن علي بن زهرة العلوي الحسيني الحلبي

ص: 377


1- . . ذبائح أهل الكتاب : ص 27 مطبوع ضمن سلسلة مؤلّفات الشيخ المفيد - في المجلّد التاسع، والحديث المذكور رواه ثقة الإسلام في كتاب الكافي : ج 6 ص 238 ح 1 باب ذبائح أهل الكتاب من كتاب الذبائح، والشيخ في التهذيب : ج 9 ص 65 ح 276 باب الذبائح والأطعمة وما يحلّ من ذلك وما يحرم منه، والإستبصار : ج 4 ص 82 ح 309 باب ذبائح الكفّار.
2- . . بحار الأنوار : ج 63 ص 13 .
3- . . مستدرك الوسائل : ج 16 ص 149 ح 19427 (3) باب تحريم ذبائح الكفّار من أهل الكتاب وغيرهم.
4- . . المصدر السابق : ج 6 ص 279 ح 6844 (1) باب استحباب الصلاة يوم عاشوراء وكيفيّتها.

أدام اللّه عِزّة ، عند عودته من الحجّ في سنة أربع وسبعين وخمسمائة بمسجد السهلة، قال: حدّثني والدي علي بن زهرة، عن جَدّه، عن الشيخ محمّد بن علي بن بابويه، قال: حدّثنا الشيخ الفقيه محمّد بن يعقوب، قال: حدّثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، قال: حججت إلى بيت اللّه الحرام فنزلنا عند ورودنا الكوفة، فدخلنا مسجد السهلة، فإذا نحن بشخص راكع وساجد، فلمّا فرغ دعا بهذا الدعاء: أنت اللّه لا إله إلّا أنت - إلى آخر الدعاء - فلمّا انفتل من الصلاة سبّح ثمّ دعا ، فقال: اللهمّ ربّ هذه البقعة الشريفة، وبحقّ من يعبدك فيها، قد علمت حوائجي، فصلّ على محمّد وآل محمّد واقضها، وقد أحصيت ذنوبي، فصلّ على محمّد وآل محمّد واغفرها لي، اللهمّ أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وأمتني إذا كانت الوفاة خيرا لي على موالاة أوليائك، ومعاداة أعدائك، وافعل بي ما أنت أهله ، يا أرحم الراحمين... (1) ». وبهذا يتبيّن سهو العلّامة النوري في خاتمة المستدرك في قوله بعدم رواية الشيخ الصدوق عن ثقة الإسلام الكليني قدّس اللّه سرّهما (2) ، هذا في الوقت الذي أورد فيه العلّامة النوري نفسه عن كتاب المزار لابن المشهدي رواية الصدوق عن شيخه الكليني كما تقدّم!

27 - محمّد بن علي ماجيلويه

اشارة

من تلاميذ الكليني، وهو مشترك بين راويين، وكلاهما من مشايخ الشيخ الصدوق، وينبغي أوّلاً تبيين من لُقِّبَ بهذا اللقب ، بهدف الوصول إلى من اشترك بهذا العنوان. أمّا الملقّبون بذلك فهم بحسب الترتيب:

الأوّل : محمّد بن أبي القاسم

ويدلّ عليه ما رواه الشيخ الصدوق في إكمال الدين بقوله: «حدّثنا أبي ومحمّد بن

ص: 378


1- . . فضل الكوفة ومساجده : ص 49 (ذكر الصلاة في زوايا المسجد المعروف بمسجد السهلة) .
2- . . راجع: خاتمة مستدرك الوسائل : ج 3 ص 527 - الفائدة الرابعة. طبع مؤسّسة آل البيت عليهم السلام ، قم.

الحسن ومحمّد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنهم ، قالوا: حدّثنا محمّد بن أبي القاسم ماجيلويه» (1) . وترجم له النجاشي قائلاً: «محمّد بن أبي القاسم ، عبيداللّه بن عمران الجنابي البرقي، أبو عبداللّه ، وأبو القاسم يلقّب بندار، سيّد من أصحابنا القمّيين، ثقة، عالم، فقيه، عارف بالأدب والشعر والغريب، وهو صهر أحمد بن أبي عبداللّه البرقي على ابنته، وابنه علي بن محمّد منها، وكان أخذ عنه العلم والأدب» (2) .

الثاني: علي بن محمّد بن أبي القاسم (ابن الأوّل، وأبو الثالث الآتي):

ويدلّ عليه ما رواه الشيخ الصدوق في عيون الأخبار ، عن محمّد بن علي ماجيلويه وآخرين سمّاهم، قالوا: حدّثنا علي بن محمّد ماجيلويه» (3) . وترجم له النجاشي قائلاً: «علي بن أبي القاسم عبداللّه بن عمران البرقي المعروف أبوه بماجيلويه، يكنّى أبا الحسن، ثقة، فاضل، فقيه، أديب. رأى أحمد بن محمّد البرقي وتأدّب عليه، وهو ابن بنته» (4) . ولازم ما ذكره في ترجمة الأوّل أن يعنون للثاني ب- (علي بن محمّد بن أبي القاسم) ولكنّه حذف اسم الأب مكتفيا بالنسبة إلى الجد، وهو أمر شائع كما نجده مثلاً في تسمية بني فضّال في كتب الحديث والرجال.

على أنّ النجاشي اختلف في تسمية أبي القاسم، فقد سمّاه في ترجمة الأوّل (عبيداللّه ) وفي ترجمة ابنه (عبداللّه )، والثاني هو الصحيح.

وعلي هذا من مشايخ ثقة الإسلام الكليني، ويعبّر عنه في أسانيد الكافي بعلي بن

ص: 379


1- . . إكمال الدين : ص 289 ح 2.
2- . . رجال النجاشي : ص 353 الرقم 947.
3- . . عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج 1 ص 275 ح 10 باب 27.
4- . . رجال النجاشي : ص 261 الرقم 683.

محمّد بن بندار، لأنّ لقب أبي القاسم - كما مرّ في الأوّل - بندار، وقد يعبرّ عنه بعلي بن محمّد بن عبداللّه أو عبيداللّه ، لأنّ اسم أبي القاسم هو كذلك كما بيّناه، وقد مرّت ترجمته في مشايخ ثقة الإسلام الكليني، وهو من رجال عِدّة الكافي الذين يروي الكليني بتوسّطهم عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقي.

الثالث : محمّد بن علي بن محمّد بن أبي القاسم (ابن الثاني ، وحفيد الأوّل)

ويدلّ عليه طريق النجاشي إلى رواية كتب الأوّل (محمّد بن أبي القاسم)، حيث رواها عن أبيه علي بن أحمد، عن الشيخ الصدوق، عن محمّد بن علي ماجيلويه، عن أبيه علي بن محمّد، عن أبيه محمّد بن أبي القاسم (1) . وكما روى محمّد هذا عن أبيه في طريق النجاشي إلى كتب محمّد بن أبي القاسم. روى عن أبيه أيضا في مشيخة الفقيه . قال الشيخ الصدوق في بيان طريقه إلى إسماعيل بن رباح: «وما كان فيه عن إسماعيل بن رباح، فقد رويته عن محمّد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنه، عن أبيه، عن أحمد بن أبي عبداللّه البرقي... إلخ» 6 . ومثله أيضا في طريق الشيخ الصدوق إلى ما رواه عن الأصبغ بن نباتة، والحرث ابن المغيرة، وعلي بن محمّد النوفلي (2) .

الرابع : محمّد بن علي بن أبي القاسم (ابن أخي الأوّل ، وابن عمّ الثاني)

ويدلّ عليه طريق الشيخ الصدوق في مشيخة الفقيه إلى ما رواه عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: «وما كان فيه عن جابر بن يزيد الجعفي، فقد رويته عن محمّد بن علي

ص: 380


1- . . رجال النجاشي: ص 353 الرقم 947 .
2- . . المصدر السابق : ج 4 ص 37 و 51 و 91 .

ماجيلويه رضي اللّه عنه، عن عمّه محمّد بن أبي القاسم... إلخ» (1) . ومثله ما قاله في الطريق إلى ما رواه عن أبي بصير، وصفوان بن مهران الجمّال، وأبي الجارود، وإسماعيل الجعفي، ووهيب بن حفص، وأبي خديجة سالم بن مكرم الجمال، ومحمّد ابن عمران العجلي، وعبدالملك بن أعين، وحمّاد النوّا، وإبراهيم بن سفيان، ومحمّد بن سنان، وداوود بن إسحاق، وعبدالحميد بن أبي العلاء الخفّاف، وعلي بن محمّد الحضيني، والحسن بن علي بن أبي حمزة (2) . ومعلوم أنّه إذا كان محمّد بن أبي القاسم عَمّا لمحمّد بن علي ماجيلويه، فإنّ أبا القاسم سيكون حينئذٍ أبا للأخوين علي ومحمّد، وجدّا لعلي بن محمّد، وهذا يعني أنّ اسم محمّد بن علي ماجيلويه هنا هو محمّد بن علي بن أبي القاسم. ومن كلّ ما تقدّم تظهر جملة من الفوائد، لا بأس بالإشارة السريعة إليها، وهي:

1 - إنّ الأوّل (محمّد بن أبي القاسم)، والثاني (علي بن محمّد بن أبي القاسم) ليسا من مشايخ الصدوق؛ إذ لم يرو عنهما إلّا بالواسطة.

2 - إنّ الثاني من مشايخ الكليني قدس سره.

3 - إنّ الثالث (محمّد بن علي بن محمّد بن أبي القاسم)، والرابع (محمّد بن علي بن أبي القاسم). من طبقة مشايخ الشيخ الصدوق، وإنّه روى عنهما كثيرا بلا واسطة.

4 - إنّ كلّاً من الثالث والرابع يدعى بمحمّد بن علي ماجيلويه، ووقع كلاهما في مشيخة الفقيه للشيخ الصدوق.

5 - إنّ تصحيح العلّامة الحلّي قدس سره لطرق مشيخة الفقيه التي وقع فيها محمّد بن علي ماجيلويه في مشيخة الفقيه ، لا يعني كون ماجيلويه فيها واحدا كما توهّم به كثيرون.

6 - إذا كانت رواية أحد الأخيرين (الثالث والرابع)، عن أبيه، فالمراد هو الثالث،

ص: 381


1- . . مشيخة الفقيه : ج 4 ص 6 .
2- . . راجع المصدر السابق : ج 4 ص 18، و24، و40، و62، و63، و79، و93، و97، و100، و102، و105، و108، و115، و120، و130.

وإن كانت عن عمّه، فهو الرابع، وأمّا لو كانت عن شخص آخر، فالأمر مردّد بينهما، لعدم وجود ما يكفي من القرائن الدّالة على التمييز. هذا، وقد روى الشيخ الصدوق في الخصال ، عن محمّد بن علي ماجيلويه، عن محمّد ابن يعقوب الكليني (1) . فهو إذن من تلامذة ثقة الإسلام، ولكنّه مشترك بين إثنين كما عرفت، ولا يضرّ هذا، لاعتماد الشيخ الصدوق عليهما في الفقيه الذي حكم بصحّة جميع رواياته، مع ترضّيه عليهما في المشيخة ، مع تصحيح العلّامة لبعض طرقهما، ومتابعة العلماء له على ذلك التصحيح كما في المنهج ، والمنتهى ، وعدّة الرجال ، ورسائل العلّامة الشفتي (2) .

28 - محمّد بن محمّد بن عصام الكليني

من رجالات الريّ ، وأعلام كُلين، وهو من مشايخ الشيخ الصدوق، ومن تلامذة الشيخ الكليني كما صرّح بهذا أو أشار إليه عدد من الأعلام (3) ، ويؤيّده إكثار الشيخ الصدوق من الرواية عنه، عن ثقة الإسلام في جلّ كتبه مترضّيا عليه في بعضها (4) . وقال في مشيخة الفقيه : «وما كان فيه عن محمّد بن يعقوب الكليني رحمه اللّه ، فقد رويته عن محمّد بن محمّد بن عصام الكليني وعلي بن أحمد بن موسى، ومحمّد بن أحمد السناني رضي اللّه عنهم، عن محمّد بن يعقوب الكليني.

ص: 382


1- . . الخصال : ص 480 ح 49، أبواب الإثني عشر.
2- . . منهج المقال : ص 408، منتهى المقال : ج 6 ص 132 الرقم 2780، عُدّة الرجال : ج 1 ص 479، الرسائل الرجالية للعلّامة الشفتي : ص 549، وما بعدها. وفيه تفصيل واسع حول الموضوع، وقد أفادنا كثيرا.
3- . . روضات الجنّات : ج 6 ص 119، تنقيح المقال : ج 3 ص 179 الرقم 11331، معجم رجال الحديث : ج 17 ص 199 الرقم 11703، قاموس الرجال : ج 9 ص 549 الرقم 7234، مستدركات علم رجال الحديث : ج 7 ص 311 الرقم 14424.
4- . . راجع: عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج 1 ص 110 ح 13 باب 11، وكتاب من لا يحضره الفقيه : ج 4 ص 165 الرقم 578 (1) باب 115.

وكذلك جميع كتاب الكافي، فقد رويته عنهم، عنه، عن رجاله» (1) ، على أن طريق الصدوق إلى روايات الكافي، لم ينحصر بهؤلاء الثلاثة الّذين ذكرهم الشيخ الصدوق، وإنّما روى كذلك عن نخبة من تلامذة الكليني، عنه، نظير محمّد بن علي ماجيلويه الثقة الجليل وغيره ممن نبهنا عليه في ترجمته.

29 - محمّد بن موسى المتوكّل

من مشايخ الشيخ الصدوق، وتلاميذ الكليني، ثقة بالاتّفاق كما قاله السيّد ابن طاووس في فلاح السائل (2) . وقد أكثر الشيخ الصدوق من الرواية عنه في جميع كتبه وترضّى عليه كثيرا، ويكفي أنّ تردّد ذكره في مشيخة الفقيه في ثمانية وأربعين موردا كما قاله السيّد الخوئي في ترجمته (3) . وقد وثّقه العلّامة الحلّي في الخلاصة (4) ، وابن داوود كذلك (5) ، وقال السيّد الخوئي فالنتيجة أنّ الرجل لا ينبغي التوقّف في وثاقته (6) . وقد نقل المتوكّل هذا إلى الشيخ الصدوق بعض الأحاديث التي سمعها من الكليني رضي اللّه تعالى عنهم جميعا. ففي الأمالي حدّثه، عن ثقة الإسلام، عن أبي محمّد بن القاسم بن العلاء (7) .

ص: 383


1- . . مشيخة الفقيه : ج 4 ص 116 في طريقه إلى الكليني.
2- . . فلاح السائل : ص 284 الفصل التاسع عشر في فضل صلاة الظهر.
3- . . معجم رجال الحديث : ج 7 ص 284 الرقم 11850.
4- . . خلاصة الأقوال : القسم الأوّل ، ص 251 الرقم 857 (59) .
5- . . رجال ابن داوود : القسم الأوّل ، ص 185 الرقم 1513 .
6- . . معجم رجال الحديث : ج 17 ص 285 الرقم 11850.
7- . . الأمالي للصدوق: ص 773 ح 1049 (1) مجلس 97 .

ومثله في إكمال الدين (1) . وفي عيون أخبار الرضا عليه السلام حدّثه مع جماعة من مشايخه؛ كلّهم، عن الكليني، عن علي بن إبراهيم العلوي الجواني (2) .

30 - هارون بن موسى، أبو محمّد التلعكبري

من تلاميذ ثقة الإسلام، وهو من أعاظم المحدّثين، وثقاتهم المشهورين، وله جلالة وذكر عاطر بين علماء الرجال. قال النجاشي: «كان وجهاً من أصحابنا، ثقة، معتمداً ، لايُطعن عليه، له كتب، منها: كتاب الجوامع في علوم الدين. كنت أحضر في داره مع ابنه أبي جعفر، والناس يقرأون عليه» (3) . وقال الشيخ الطوسي: «جليل القدر، عظيم المنزلة، واسع الرواية، عديم النظير ، ثقة، روى جميع الاُصول والمصنّفات، مات سنة خمس وثمانين وثلاثمائة» (4) . ووثّقه العلّامة الحلّي (5) ، وابن داوود (6) ، وسائر المتأخّرين . روى التلعكبري كتاب الكافي عن مصنّفه الكليني كما في مشيخة التهذيب (7) ، والاستبصار (8) ، والفهرست (9) وروى عنه في غيرهما أيضا (10) .

ص: 384


1- . . إكمال الدين : ص 675 ح 31 باب 58 .
2- . . عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج 2 ص 187 ح 1 باب 43.
3- . . رجال النجاشي : ص 439 الرقم 1184 .
4- . . رجال الشيخ الطوسي: ص 449 الرقم 6386 (1) باب من لم يرو عنهم عليهم السلام .
5- . . خلاصة الأقوال : القسم الأوّل ، ص 290 الرقم 1069 (1).
6- . . رجال ابن داوود : القسم الأوّل ، ص 199 الرقم 1666 .
7- . . مشيخة التهذيب : ج 10 ص 13.
8- . . مشيخة الاستبصار : ج 4 ص 300 .
9- . . الفهرست للطوسي : ص 211 الرقم 602 (17).
10- . . كفاية الأثر: ص 61، خصائص الأئمّة عليهم السلام : ص 64، كتاب الغيبة للطوسي : ص 359 ح 322، الاستبصار : ر ج 1 ص 72 ح 1223 باب وجوب الترتيب في الأعضاء، كنز الفوائد : ص 87 وغيرها .

وروى عنه وتتلمذ على يديه كبار علماء الإمامية ومشاهيرهم كابن قولويه، والشيخ النعماني وهو قرينه، وابن الغضائري، والشيخ المفيد، والنجاشي وغيرهم من الأجلّاء والمشاهير.

31 - أبو جعفر الطبري

روى عن ثقة الإسلام الكليني، قال السيّد ابن طاووس رضى الله عنه في فرج المهموم : «ومن الكتاب المذكور - يعني الكافي - ما روينا بإسنادنا إلى الشيخ أبي جعفر الطبري، قال: حدّثنا محمّد بن يعقوب الكليني، قال: حدّثني أبو حامد المراغي، عن محمّد بن شاذان بن نعيم...» (1) . والطبري هذا، من معاصري ثقة الإسلام الكليني، ثقة، جليل القدر، له كتاب المسترشد في الإمامة (مطبوع)، ويعرف بالطبري الكبير ، تمييزا له عن الطبري الصغير الآتي، قال النجاشي: «محمّد بن جرير بن رستم الطبري الآملي أبو جعفر، جليل، من أصحابنا، كثير العلم، حسن الكلام، ثقة في الحديث، له كتاب المسترشد في الإمامة ، أخبرناه أحمد بن علي بن نوح، عن الحسن بن حمزة الطبري، قال: حدّثنا محمّد بن جرير ابن رستم بهذا الكتاب وبسائر كتبه» (2) . وقال الشيخ في الفهرست: «محمّد بن جرير بن رستم الطبري الكبير ، يكنّى أبا جعفر، ديّن، فاضل، وليس هو صاحب التاريخ ، فإنّه عامّي المذهب. وله كتب جماعة، منها: كتاب المسترشد» (3) .

ويعلم من طريق النجاشي إلى كتبه، أنّه من معاصري ثقة الإسلام الكليني رحمه اللّه

ص: 385


1- . . فرج المهموم : ص 245.
2- . . رجال النجاشي: ص 376 الرقم 1024.
3- . . الفهرست للطوسي : ص 239 الرقم 712 (127).

تعالى، ويدلّ عليه أنّ من روى كتابه هو الفقيه الجليل الحسن بن حمزة الطبري المعروف بالمرعش، المتوفّى سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة (1) . والمرعش من مشايخ الشيخ الصدوق، روى عنه مترضّيا عليه، عن محمّد أميدوار، عن محمّد بن الحسن الصفّار (2) ، ومحمّد بن الحسن الصفّار من مشايخ الكليني كما مرّ. جدير بالذكر أنّ من تكنّى بأبي جعفر وعرف بالطبري أكثر من واحد، وأشهرهم ثلاثة، وهم:

1 - الطبري الكبير وقد مرّ.

2 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري صاحب الكتابين المشهورين (تفسير الطبري) و (تاريخ الطبري) (ت / 310 ه )، عامّي المذهب، وإليه أشار الشيخ في ترجمة الطبري الكبير بقوله: (وليس هو صاحب التاريخ فإنّه عامّي المذهب) وليس هو المراد بأسناد السيّد ابن طاووس.

3 - أبو جعفر محمّد بن جرير بن رستم الطبري الآملي ، المعروف بالطبري الصغير، صاحب كتاب دلائل الإمامة ، الذي يروي فيه عن أبي المفضّل الشيباني عن ثقة الإسلام الكليني (3) . وروى في الدلائل أيضا عن مجموعة كبيرة من مشايخ الشيخ والنجاشي، وقد بيّن الشيخ آقا بزرك (رحمه اللّه ) طبقته بيانا شافيا (4) ، وعليه فلا يكون هو المقصود بكلام السيّد ابن طاووس، وحينئذٍ لا يبقى إلّا الطبري الكبير المعاصر لثقة الإسلام الكليني كما بيّناه.

ص: 386


1- . . كما في ترجمته في رجال النجاشي : ص 64 الرقم 150.
2- . . معاني الأخبار : ص 313 ح 1 باب معنى ما جاء في لعن الذهب والفضّة.
3- . . دلائل الإمامة: ص 524 الرقم 494 (98)، و ص 527 الرقم 503 (107) .
4- . . راجع: الذريعة : ج 8 ص 241 - 247 الرقم 1018 (دلائل الإمامة).

32 - أبو الحسن بن داوود

من تلاميذ الكليني، ويدلّ على ذلك ما ذكره النجاشي عند ذكر مصنّفات أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري، حيث قال: «وقال لي أبو العبّاس أحمد بن علي بن نوح: أخبرنا بها أبو الحسن بن داوود، عن محمّد بن اليعقوب...» (1) . وهو ثقة جليل مشهور، قال النجاشي: «محمّد بن أحمد بن داوود بن علي، أبو الحسن، شيخ هذه الطائفة وعالمها، وشيخ القميّين في وقته، وفقيههم، حكى أبو عبداللّه الحسين بن عبيداللّه أنّه لم يرَ أحدا أحفظ منه، ولا أفقه ولا أعرف بالحديث. واُمّه اُخت سلامة بن محمّد الأرزَنيّ، ورد بغداد فأقام بها وحدّث. وصنّف كتبا: كتاب المزار، كتاب الذخائر، كتاب البيان عن حقيقة الصيام، كتاب الردّ على المُظْهِر الرخصة في المسكر، كتاب الممدوحين والمذمومين، كتاب الرسالة في عمل السلطان، كتاب العلل، كتاب في عمل شهر رمضان، كتاب صلوات الفرج وأدعيتها، كتاب السبحة، كتاب الحديثين المختلفين، كتاب الردّ على ابن قولويه في الصيام. حدّثنا جماعة أصحابنا رحمهم اللّه عنه بكتبه، منهم أبو العبّاس بن نوح، ومحمّد بن محمّد، والحسين بن عبيداللّه في آخرين. ومات أبو الحسن بن داوود سنة ثمان وستّين وثلاثمائة، ودفن بمقابر قريش» (2) . وقال الشيخ في الفهرست : «له كتب، منها: كتاب المزار كبير حسن، وكتاب الذخائر الذي جمعه كتاب حسن، كتاب الممدوحين والمذمومين، وغير ذلك.

أخبرنا بكتبه ورواياته جماعة، منهم: الشيخ المفيد رحمه اللّه ، والحسين بن

ص: 387


1- . . رجال النجاشي : ص 82 الرقم 198 .
2- . . رجال النجاشي: ص 384 - 385 الرقم 1045.

عبيداللّه ، وأحمد بن عبدون؛ كلّهم، عنه» (1) .

وروى عنه أبو غالب الزراري في رسالته، والغضائري في تكملتها عدد أولاد أعين (2) الأمر الذي يشير إلى علمه بالأنساب. وروى أبو الحسن بن داوود رحمه الله عن أبي علي بن همام ما جرى بين العزاقري المخذول لعنه اللّه وبين أبي القاسم الحسين بن روح رضوان اللّه تعالى عليه من اُمور، وقول أبي القاسم رضى الله عنه له: «أيّنا تقدّم صاحبه فهو المخصوم، فتقدّم العزاقري، فقتل وصلب وأخذ معه ابن أبي عون، وذلك في سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة» (3) . وأخرج الشيخ عنه قوله: «وجدت بخطّ أحمد بن إبراهيم النوبختي وإملاء أبي القاسم الحسين بن روح رضى الله عنه على ظهر كتاب فيه جوابات ومسائل أنفذت من قم ، يُسأل عنها هل هي جوابات الفقيه عليه السلام أو جوابات محمّد بن علي الشلمغاني...». والخبر طويل، وفيه قول ابن نوح: «أوّل من حدّثنا بهذا التوقيع أبو الحسين محمّد ابن علي بن تمام، وذكر أنّه كتبه من ظهر الدرج الذي عند أبي الحسن بن داوود، فلمّا قدم أبو الحسن بن داوود وقرأته عليه، ذكر أنّ هذا الدرج بعينه كتب به أهل قم إلى الشيخ أبي القاسم، وفيه مسائل، فأجابهم على ظهره بخطّ أحمد بن إبراهيم النوبختي، وحصل الدرج عند أبي الحسن بن داوود. ثمّ بين ابن نوح - في هذا الخبر - نسخة الدرج، المتضمّن لمسائل محمّد بن عبداللّه بن جعفر الحميري، والتوقيع الشريف الوارد على كلّ منها (4) .

وروى أيضا عن خاله الثقة الجليل سلامة بن محمّد إنفاذ الشيخ الحسين بن

ص: 388


1- . . الفهرست للطوسي : ص 211 الرقم 603 (18) .
2- . . رسالة أبي غالب الزراري : ص 136 - 138 الفقرة [ 7 / ز ] ، وتكملة رسالة أبي غالب للغضائري : ص 190 - 191 الفقرة [ 4 ] .
3- . . كتاب الغيبة للطوسي : ص 307 ح 258، في التوقيعات الواردة من جهته عليه السلام .
4- . . المصدر السابق : ص 373 - 374 ح 345 .

روح رضى الله عنه كتاب التأديب - الذي ألّفه الشلمغاني المخذول - إلى قم، لينظروا فيه، وإنّهم كتبوا له رضى الله عنه بصحته «إلّا قوله في الصاع في الفطرة نصف صاع من طعام ، والطعام عندنا مثل الشعير من كلّ واحد بصاع» (1) . وقد بيّن لنا أبو الحسن بن داوود رحمه الله ما كان يعتقده الشلمغاني العزاقري لعنه اللّه من القول بحمل الضدّ وبيان معناه (2) .

كما بيّن رحمه الله كذب الشلمغاني في ما رواه في باب الشهادة (3) . ومن كلّ هذا يتبيّن لنا علمه وحرصه على إحياء الحقّ وإماتة الباطل مع دقّته في تمييز السقيم ونقده، ومعرفته بالصحيح السليم ونشره. ويظهر من كلام النجاشي في ترجمته أنّه حدّث عن الكليني ببغداد؛ لأنّه قدم بغداد واستقرّ بها إلى أن وافاه أجله ودفن بمقابر قريش (منطقة الكاظمية ببغداد حاليّا)، كما أنّ قول ابن نوح بشأن التوقيع «فلمّا قدم أبو الحسن بن داوود وقرأته عليه..». يشير بهذا إلى قدومه رحمه الله بغداد أيضا.

33 - أبو سعد الكوفي

روى عن ثقة الإسلام الكليني رحمه الله. قال ابن عساكر في تاريخ دمشق في ترجمة الكليني: «قدم دمشق، وحدَّث ببعلبك، عن أبي الحسين محمّد بن علي الجعفري السمرقندي، ومحمّد بن أحمد الخفّاف النيسابوري، وعلي بن إبراهيم بن هاشم. روى عنه أبو سعد الكوفي شيخ الشريف المرتضى أبي القاسم علي بن الحسين بن موسى الموسوي...» (4) .

ص: 389


1- . . كتاب الغيبة للطوسي : ص 390 ح 357.
2- . . المصدر السابق : ص 406 ح 379 .
3- . . المصدر السابق : ص 409 ح 383 .
4- . . تاريخ دمشق : ج 56 ص 297 الرقم 7126 .

34 - أبو غالب الزراري

هو الشيخ أحمد بن محمّد بن محمّد بن أبي طاهر سليمان بن الحسن بن الجهم بن بكير بن أعين بن سنسن، وُلِد (سنة / 285 ه )، ومات رحمه الله (سنة / 368 ه )، والزراري نسبة إلى زرارة بن أعين، قال أبو غالب في رسالته المشهورة في ذكر آل أعين: «وكانت اُمّ الحسن بن الجهم ابنة عبيد بن زرارة، ومن هذه الجهة نسبنا إلى زرارة، ونحن من ولد بكير، وكنّا - قبل ذلك - نعرف بولد الجهم» (1) ، وهو أشهر من أن يقال بحقّه : ثقة، أو عين. قال النجاشي: «وكان أبو غالب شيخ العصابة في زمنه ووجههم» (2) . وقال في ترجمة جعفر بن محمّد بن مالك: «شيخنا الجليل الثقة ، أبو غالب الزراري» (3) . وقال الشيخ في الفهرست : «وكان شيخ أصحابنا في عصره، واستاذهم، وثقتهم» (4) . وقال في الرجال : «جليل القدر، كثير الرواية، ثقة، روى عنه التلعكبري، وسمع منه سنة أربعين وثلاثمائة» (5) . ووثّقه العلّامة (6) ، وابن داوود (7) ، وسائر المتأخّرين . وعدّه العلّامة النوري ممّن تلقّوا كتاب الكافي عن مصنّفه، ورووه عنه، واستنسخوه، ونشروه، وإلى نسخهم تنتهي نسخته (8) ويؤيّده ما قاله أبو غالب الزراري نفسه، قال رحمه اللّه : «وجميع كتاب الكافي تصنيف أبي جعفر محمّد بن يعقوب الكليني روايتي

ص: 390


1- . . رسالة أبي غالب الزراري إلى ابن ابنه في ذكر آل أعين : ص 116 الفقرة [ 4 ] .
2- . . رجال النجاشي: ص 84 الرقم 201 .
3- . . المصدر السابق : ص 122 الرقم 313 .
4- . . الفهرست للطوسي : 78 الرقم 94 (32) .
5- . . رجال الشيخ الطوسي : ص 410 الرقم 5953 (34) باب من لم يرو عنهم عليهم السلام .
6- . . خلاصة الأقوال : القسم الأوّل ، ص 67 الرقم 87 (22).
7- . . رجال ابن داوود : القسم الأوّل ، ص 43 الرقم 125 .
8- . . خاتمة وسائل الشيعة : ج 3 ص 471 من الفائدة الرابعة .

عنه، بعضه قراءة، وبعضه إجازة.

وقد نسخت منه كتاب الصلاة والصوم في نسخة، وكتاب الحج في نسخة، وكتاب الطهر والحيض في جزء، والجميع مجلّد. وعزمي أن أنسخ بقية الكتاب - إن شاء اللّه - في جزء واحد، ورق طلحيّ» (1) . وبهذا قطعت جهيزة قول كلّ خطيب.

35 - أبو المفضّل الشيباني

من مشاهير تلامذة الكليني والراوين كتابه الكافي عنه (2) ، ثقة، لم يثبت التضعيف بحقّه. قال النجاشي: «محمّد بن عبد اللّه بن محمّد بن عبيد اللّه بن البهلول بن همام بن المطلب بن همام بن بحر بن مطر بن مرّة الصغرى بن همام بن مرّة بن ذهل بن شيبان، أبو المفضّل. كان سافر في طلب الحديث عمره، أصله كوفي، وكان في أول أمره ثبتاً، ثم خلّط. ورأيت جُلّ أصحابنا يغمزونه، ويضعّفونه، له كتب كثيرة - ثم ذكر أسماء بعضها وقال: - رأيت هذا الشيخ، وسمعت منه كثيراً، ثم توقّفت عن الرواية عنه إلّا بواسطة بيني وبينه» (3) . والمعروف أنّ أبا المفضّل مات (سنة / 387 ه )، عن تسعين سنة، ومات النجاشي (ت بعد سنة / 463 ه )؛ ولهذا قال العلّامة الطهراني رحمه الله معقّباً على قول النجاشي: «فَتَرْكُهُ الرواية عنه إلّا بالواسطة، إنّما هو لاحتياطه من جهة صغر سنّه وقت السماع، لامن جهة غمز الأصحاب فيه، لأنّه حكى الغمز عنهم من دون تصديق» (4) .

ص: 391


1- . . رسالة أبي غالب الزراري : ص 176 - 177 الرقم 90.
2- . . الفهرست للطوسي : ص 211 الرقم 602 (17) في ترجمة الكليني، كفاية الأثر : ص 266 و 293 .
3- . . رجال النجاشي : ص 396 الرقم 1059 .
4- . . طبقات أعلام الشيعة - القرن الرابع : ص 281، الذريعة : ص 316، ونحوه في منتهى المقال : ج 6 ص 100 الرقم 2722. وكان أصل هذا القول للمجلسي الأوّل، حيث قال بوثاقة أبي المفضّل وردّ على ابن الغضائري بأحسن الوجوه، وذلك في كتابه (روضة المتّقين) : ج 14 ص 440 - 441 .

على أنّ النجاشي لم يدع التحديث عن أبي المفضّل كلّياً، حتى ولو بلفظ (قال)، نعم ترك التحديث عنه بلفظ (حدّثني)، و (أخبرني)، وأمّا النقل عنه مقروناً - وبلفظ (قال) - فقد وقع منه، كما في ترجمة محمّد بن أحمد بن محمّد بن عبد اللّه بن إسماعيل الكاتب المعروف بابن أبي الثلج (1) ، ومحمّد بن جعفر بن أحمد بن بُطّة المؤَدِّب (2) . وقال الشيخ في الفهرست : «محمّد بن عبد اللّه بن المطلب الشيباني، يكنّى : أبا المفضَّل، كثير الرواية، حسن الحفظ، غير أنّه ضعّفه جماعة من أصحابنا. له كتاب الولادات الطيّبة الطاهرة، وله كتاب الفرائض، وله كتاب المزار، وغير ذلك. أخبرنا بجميع كتبه ورواياته - عنه - جماعة من أصحابنا» (3) . وقال في رجاله: «كثير الرواية، إلّا أنّه ضعّفه قوم، أخبرنا عنه جماعة» (4) . وقال العلّامة في الخلاصة: «كثير الرواية، حسن الحفظ، ضعّفه جماعة من أصحابنا. وقال ابن الغضائري: إنّه وضّاع ، كثير المناكير، رأيت كتبه، وفيها الأسانيد من دون المتون، والمتون من دون الأسانيد. وأرى ترك ما تفرّد به » (5) . وأعاد ذكره في الخلاصة مكتفياً ببعض ما ذكره النجاشي في ترجمته ظنّا منه - قدّس سرّه - أنّهما إثنان؛ لاختلاف بعض الأوصاف (6) . والكلام المنسوب إلى ابن الغضائري من قبل العلّامة الحلّي لايعبأ به، نظراً لما في كتاب ابن الغضائري من إشكال، حيث لا يُعرف له طريق البتة، ولو كان الأمر كذلك لما فات كلامه على الشيخ والنجاشي وهما من تلامذته.

ص: 392


1- . . رجال النجاشي: ص 381 - 382 الرقم 1037.
2- . . المصدر السابق : ص 372 - 373 الرقم 1019.
3- . . الفهرست للطوسي : ص 216 الرقم 610 (25).
4- . . رجال الشيخ الطوسي: ص 447 الرقم 6360 (110) باب من لم يرو عنهم عليهم السلام .
5- . . خلاصة الأقوال : القسم الثاني ، ص 397 الرقم 1601 (27).
6- . . المصدر السابق : القسم الثاني ، ص 403 الرقم 1627 (53).

على أنّ العلّامة لم يَرُدّ حديثه مطلقاً، وإنّما تركه في صورة التفرّد بنقله. وشهادة النجاشي بأنّه كان ثبتاً ثم خلّط، مع شهادة الشيخ بأنّه حسن الحفظ، يدلّان دلالة صريحة على أنّه ذو حالتين حالة استقامة وحالة تخليط، ومبعث التخليط عادة هو المرض أو كبر السن، ولا صلة له بالوضع والكذب، وهذا لايلغي صحة ماسمعه في وقت تثبَّته، والعَلَامة الفارقة في معرفته أن يكون حديثه مخرّجاً من وجه صحيح، أو معتضداً بقرينة تؤيّده . وقد أورده ابن داوود في قسمي رجاله: الثقات (1) ، والضعفاء (2) معاً. وذكر الشيخ النمازي في مستدركاته ما استدلّ به على حسنه (3) . وأمّا عن العامّة، فقد أساءوا القول في ترجمته جدّاً كما هو ديدنهم في من يروي شيئاً في مثالب الباغي الطليق معاوية وأمثاله من الصحابة المنافقين، كما سنرى بعد قليل. فقد وصفوه بأنّه كان يضع الحديث للرافضة، وإن الدارقطني كذّبه، ورماه ابن طاهر الدقّاق بالوضع (4) ، ولا عبرة بأقوالهم، بل ينبغي عدّها أمارة على وثاقته، فقد وضّح ابن عساكر أصل هذا التحامل على أبي المفضَّل رحمه الله، فحكى عن أبي ذر الهروي أنّه قال: «تركت الرواية عن أبي المفضَّل، إلّا أنّي أخرجته في المعجم للمعرفة ؛ لأنّي سمعت الدارقطني يقول: كنت أتوهّمه من رهبان هذه الاُمّة، وسألته الدعاء لي، فنعوذ باللّه من الحَوْر بعد الكور» (5) ، ثم نقل عن الهروي أيضاً قوله: «إنّه قعد للرافضة وأملى عليهم أحاديث ذكر فيها، مثالب الصحابة، وكانوا يتّهمونه بالقلب والوضع» (6) . وقد بيّن ابن حجر أيضا سبب تركهم الرواية عن أبي المفضّل وتضعيفه، فقال بعد نقل كلام أبي ذر الهروي إلى قوله (فنعوذ باللّه من الحور بعد الكور)، مانصّه : «يعني سبب ذلك أنّه قعد للرافضة وأملى عليهم

ص: 393


1- . . خلاصة الأقوال : القسم الأوّل ، ص 177 الرقم 1436 .
2- . . المصدر السابق : القسم الثاني ، ص 273 الرقم 463 .
3- . . مستدركات علم رجال الحديث : ج 7 ص 188 الرقم 13791 .
4- . . تاريخ بغداد : ج 5 ص 466 - 468 الرقم 3010 ، الضعفاء والمتروكين : ج 3 ص 80 الرقم 3099.
5- . . أي : من النقصان بعد الزيادة .
6- . . تاريخ دمشق : ج 54 ص 18 الرقم 6565 .

أحاديث ذكر فيها مثالب الصحابة» (1) . وهذا السبب لا يعتدّ به في التضعيف ؛ لأنّ المتّهم بالكذب والنفاق من الصحابة ليس بقليل، وقد شهد القرآن الكريم على انقلابهم إلّا من عصم اللّه ، كما شهدت السنّة المتواترة على هلاك معظمهم يوم الورود، كما في أحاديث الصحاح المصرّحة بأنّه لا ينجو منهم إلّا بقدر همل النعم، وإنّهم ارتدّوا على أعقابهم القهقهرى، وما أحاديث الصحاح والسنن القائلة: «أُصيحابي» إلّا شاهدا على صدق أبي المفضّل الشيباني رحمه اللهفيما رواه من مثالبهم وقبائحهم، ولا حاجة بنا إلى ذكرها بعد شهرتها ومعرفة كلّ الباحثين بها.

ولو لم يكن منها إلّا حديث عمّار في صحيح مسلم وغيره: «في أصحابي إثنا عشر منافقا، فيهم ثمانية لا يدخلون الجنّة حتى يلج الجمل في سَمِّ الخياط» (2) لكفى.

ومن هنا يتبيّن أنّ ذكر مثالب الصحابة لا يلغي اعتراف بعض العامّة أنفسهم بأنّ أبا المفضَّل رحمه الله كان - على حدّ تعبيرهم - يشبه الشيوخ، وكان ذا سمت ووقار، حسن الهيئة، جميل الظاهر، نظيف اللبسة، حافظاً، عارفاً بالفن، مصنّفاً (3) ، ولهذا روى عنه - باعترافهم

ص: 394


1- . . لسان الميزان : ج 6 ص 248 - 250 الرقم 7664.
2- . . صحيح مسلم : ج 4 ص 1701 الرقم 2779، كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، الآحاد والمثاني : ج 2 ص 465 - 466 الرقم 1270، الجامع الصغير : ج 2 ص 224 الرقم 5944، كنز العمّال ج 1 ص 169 ح 856 ، و ص 170 ح 857 وفي المورد الأوّل رواه عن مسند أحمد وصحيح مسلم ، ولم نجده في المسند !
3- . . راجع هذه الأقوال في تاريخ بغداد : ج 5 ص 466 - 468 الرقم 3010، وتاريخ دمشق : ج 54 ص 14 - 18 الرقم 6565، وتاريخ الإسلام : ص 157 في حوادث ووفيات السنين ( 381 - 400 ه) ، ولسان الميزان : ج 6 ص 248 - 250 الرقم 7664 .

شيوخ الشاميين، والمصريين، والعراقيين، والحجازيين، وأهل الثغور. وفي تعوّذ الدارقطني من النقصان بعد الزيادة دليل واضح على أنّ أبا المفضَّل كان ممتلئاً بالفضل والفضيلة، إلّا أنّ مثالب الطلقاء، والمنافقين الذين لا يدخلون الجنّة حتى يلج الجمل في سمّ الخياط، والباغين، وغيرهم من حثالات الصحابة، هي التي أودت - بنظر اُولئك - بحفظه، ومعرفته بالفن، وبسمعته ووقاره رضي اللّه عنه وأرضاه !!

ص: 395

ص: 396

الفصل السابع : ما قاله العلماء بحقّ الكليني

اشارة

من خلال مراجعة ما قاله العلماء - قديما وحديثا - من كلمات الثناء العاطر على شخصيّة ثقة الإسلام ودوره العلمي والثقافي في مدرسة أهل البيت عليهم السلام ، يعلم أنّه قد ارتقى مكانا مرموقا - في نظرهم - قلّما وصل إليه الأفذاذ من الرجال، فقد حمدت سيرته بين علماء الإسلام، وسار ذكره العاطر في نواديهم العلمية يوم ذاك، وعظم صيته في البلاد، وطارت شهرته بين العباد، فهو محدّث الفقهاء، وفقيه المحدّثين، ورعا، ثقة، جليلاً، متكلّما بارعا، فاق أقرانه في كثير من العلوم، إذ له القدم الراسخة في الحديث وفقهه، والكلام وضروبه، حتى صار مفزعا للعلماء، ومنهلاً عذبا للفقهاء، فلا غرو إذن أن يذكروا شخصه بكلّ ثناء. على أنّ هذا لم ينحصر بعلماء الشيعة، وإنّما تعدّى ذلك ليشمل علماء العامّة أيضا، كما كان للمستشرقين إسهام في الثناء على سلطان المحدّثين محمّد بن يعقوب الكليني رضي اللّه تعالى عنه، وهو ما سيتبيّن من جمل الثناء عليه، كالآتي:

المبحث الأوّل: ثناء علماء الشيعة على ثقة الإسلام الكليني

اشاره

اتّفق علماء الشيعة منذ عصر الكليني وإلى زماننا هذا على فضل الكليني بما قدّمه للاُمّة في كتابه الكافي الشريف، وعلى جلالته، وصدقه، ووثاقته، وضبطه، واتقانه، فقد

ص: 397

ترضّى عليه تلامذته وتوجّعوا لفقده كابن قولويه القمّي، والشيخ الصدوق، وهارون بن موسى التلعكبري، والنعماني وغيرهم ممّن تقدّم في تلامذته، الذين ما فتئوا يترضّون عليه ويترحّمون على شخصه كلّما حدّثوا عنه.

ولعظمة ثقة الإسلام في نفوس علماء الإمامية، فقد وصفوه بأوصاف جليلة، ونعتوه بنعوت جميلة، تعبّر عن إعجابهم بشخصه، حتى صار بعضها - من كثرة تداوله - ألقابا له تنطق بفضله، وتشير إلى علوّ كعبه ومقامه.

ما زاده الألقاب معنىً ثانياً***فكأنّها من صدقها أسماءُ

وإليكها مرتّبة على حروفها، منتزعة من كلماتهم تمهيدا لما قالوه بحقّه تفصيلاً. فهو - قدّس سرّه - عندهم: الشيخ أبو جعفرنا الأوّل، الأجلّ، الأعظم، الأفخم، الأقدم، الأكرم، الأكمل، الإمام، أمين الإسلام، الأنبل، الأنور، الأوثق، البارع، البدر التمام، تاج الشريعة، الثقة، ثقة الإسلام، ثقة الإسلام والمسلمين، ثقة الأنام، الجهبذ، جهينة الأخبار، الحافظ، الحُجّة، دليل الأعلام، ذخر الشيعة، ذخر الطائفة، رئيس المحدّثين، رئيس المذهب، الرِّحلة، رحمه اللّه تعالى، رضي اللّه تعالى عنه، ركن الإسلام، الركن الأعظم، الزاهد، سديد القول، السعيد، سلطان المحدّثين، شيخ الدين، شيخ الشيعة، شيخ الطائفة، شيخ المحدّثين، الصدوق، العابد، العارف بالأخبار، العالم، العدل، عروة الإسلام، علم الأعلام، عماد الإسلام والمسلمين، العمدة، غوث الإيمان والمؤمنين، الفاضل، فخر الشيعة، فخر الطائفة، الفقيه، قدوة الأعلام، قدوة الأنام، قدوة المحدّثين، القمقام، الكبير، كرّم اللّه وجهه، كهف الأنام، كهف العلماء، المتألّه، المتعمّق، المتكلّم، المجتهد، المجدّد، المحدّث، المُخْلِص، مروّج المذهب في غيبة الإمام عليه السلام ، المشهور، المصنِّف، المعظَّم بين الخاصّ والعام، المُقدَّم، من أفاضل حملة الأدب، من أبدال الزهادة والعبادة، المهذّب ، الناقد، النبيل، نبيه الفرقة، واحد الأعلام، وجه الطائفة ووجيهها. وفيما يأتي جمل الثناء المتضمّنة لهذه الأوصاف والنعوت التي ساقها أساطين

ص: 398

الدين من علماء المذهب في بيان فضل الكليني ومنزلته، وهم:

1 - تلميذه الشيخ الصدوق (ت / 381 ه ) قال: «حدّثنا الشيخ الفقيه محمّد بن يعقوب (1) رضي اللّه عنه» (2) .

2 - الشيخ المفيد (ت / 413 ه ) قال في الثناء على الكليني من خلال تقييم كتابه الكافي: «وهو من أجلِّ كتب الشيعة وأكثرها فائدة» (3) ، ولا يخفى أنّ الثناء على كتاب ثناء على مؤلّفه؛ إذ لولاه لما كان.

3 - النجاشي (ت بعد سنة / 463 ه ) قال في ترجمته: «محمّد بن يعقوب بن إسحاق، أبو جعفر الكليني... شيخ أصحابنا في وقته بالريّ ووجههم، وكان أوثق الناس في الحديث، وأثبتهم، صنّف الكتاب الكبير المعروف بالكليني - يسمّى الكافي - في عشرين سنة» (4) .

4 - الشيخ الطوسي (ت / 460 ه ) قال في الفهرست : «ثقة، عارف بالأخبار» (5) . وقال في الرجال : «جليل القدر، عالم بالأخبار» (6) .

5 - العلّامة الطبرسي (ت / 548 ه ) قال في إعلام الورى الفصل الثاني في ذكر الدلالة على إمامة الحسن بن علي أمير المؤمنين عليهماالسلام بعدما ذكر اُمورا: «ورابعها: أن نستدل بالأخبار الواردة فيما ذكرناه، فمن ذلك: ما رواه محمّد بن يعقوب الكليني - وهو من أجلّ رواة الشيعة وثقاتها - عن علي بن إبراهيم...» (7) .

ص: 399


1- . . فضل الكوفة ومساجدها : ص 49.
2- . . كتاب من لا يحضره الفقيه : ج 4 ص 165 ح 578 باب 115، وغيره كثير.
3- . . تصحيح الاعتقاد : ص 70 فصل في النهي عن الجدال.
4- . . رجال النجاشي : ص 377 الرقم 1026.
5- . . الفهرست للطوسي : ص 210 الرقم 602 (17).
6- . . رجال الشيخ الطوسي: ص 439 الرقم 6277 (27) باب من لم يرو عن الأئمّة عليهم السلام .
7- . . إعلام الورى : ج 1 ص 405، الفصل الثاني .

6 - ابن شهرآشوب (ت / 588 ه ) قال في معالم العلماء: «عالم بالأخبار» (1) .

7 - السيّد ابن طاووس الحلّي الحسني (ت / 664 ه ) قال في فرج المهموم : «الشيخ المتّفق على عدالته وفضله وأمانته محمّد بن يعقوب الكليني» (2) . وقال فيه: «الشيخ الثقة محمّد بن يعقوب الكليني» (3) .

وقال أيضا: «محمّد بن يعقوب أبلغ فيما يرويه، وأصدق في الدراية» (4) . وقال في فلاح السائل - معقّبا على حديث - : «من بلغه شيء من الخير فعمله كان له أجر ذلك وإن كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله لم يقله» - قال: «ومن ذلك ما رويته بعدّة طرق إلى الشيخ الممدوح المجمع عليه محمّد بن يعقوب الكليني رضوان اللّه جلّ جلاله عليه» (5) . وقال في كشف المحجّة : «الشيخ المتّفق على ثقته وأمانته محمّد بن يعقوب الكليني ، تغمّده اللّه جلّ جلاله برحمته» (6) . وقال فيه: «إنّني رويت من طرق كثيرة واضحات، قد ذكرت بعضها في الجزء الأوّل من كتاب (المهمّات والتتّمات) جميع ما صنّفه الشيخ محمّد بن يعقوب الكليني ورواه رضي اللّه عنه وأرضاه» (7) . وقال أيضا: «وهذا الشيخ - محمّد بن يعقوب - كانت حياته في زمن وكلاء مولانا المهدي صلوات اللّه عليه - إلى أن قال: - فتصانيف هذا الشيخ - محمّد بن يعقوب - ورواياته في زمن الوكلاء المذكورين في وقت يجد طريقا إلى تحقيق منقولاته

ص: 400


1- . . معالم العلماء : ص 134 الرقم 666 .
2- . . فرج المهموم : ص 86 - الحديث الأوّل.
3- . . المصدر السابق : ص 117.
4- . . المصدر السابق : ص 90.
5- . . فلاح السائل : ص 49 من المقدّمة.
6- . . كشف المحجّة لثمرة المهجة : ص 159.
7- . . المصدر السابق : ص 173.

وتصديق مصنّفاته» (1) . وقال في إقبال الأعمال : «فيما نذكره من صفات كمال الصوم من طريق الأخبار: رويت ذلك عن جماعة من الشيوخ المعتبرين، إلى جماعة من العلماء الماضين، وأنا أذكر لفظ محمّد بن يعقوب الكليني رضي اللّه عنه وعنهم أجمعين» (2) . وقال في فتح الأبواب : «... عن الشيخ محمّد بن يعقوب الكليني فيما رواه في كتاب الكافي الذي اجتهد في تحقيقه وتصديقه وصنّفه في عشرين سنة، وكان محمّد بن يعقوب في زمن وكلاء مولانا المهدي عليه السلام - ثمّ نقل ما قاله الشيخ والنجاشي من ثناء على ثقة الإسلام، وقال - أقول: فإن هذا الشيخ محمّد بن يعقوب الكليني، الثقة، العارف بالأخبار، الذي هو أوثق الناس في الحديث وأثبتهم، الممدوح في هذه المدائح، الذي كان في زمن الوكلاء...» (3) .

8 - المحقّق الحلّي (ت / 676 ه ) عدّ الكليني في المعتبر من فقهاء الأصحاب ومن فضلاء المتأخّرين عن طبقة أصحاب الأئمّة عليهم السلام ممّن عرف تقدّمه في نقل الأخبار وصحّة الاختيار وجودة الاعتبار، ثمّ قال: «واقتصرت من كتب هؤلاء الأفاضل على ما بان فيه اجتهادهم وعرف به اهتمامهم، وعليه اعتمادهم» (4) . ثمّ ذكر بعض أصحاب الأئمّة عليهم السلام ومن المتأخّرين عنهم الشيخ الصدوق وثقة الإسلام الكليني.

9 - الإربلي (ت / 692 ه ) قال في كشف الغمّة تحت عنوان: (الوصية بالإمامة للإمام الحسن عليه السلام ) «ومن الأخبار الواردة في ذلك، ما رواه محمّد بن يعقوب الكليني، وهو من أجلّ رواة الشيعة، وثقاتها..» (5) .

ص: 401


1- . . كشف المحجّة لثمرة المهجة : ص 59.
2- . . إقبال الأعمال : ج 1 ص 195 الفصل الثالث .
3- . . فتح الأبواب : ص 181.
4- . . المعتبر : ج 1 ص 33 .
5- . . كشف الغمّة : ج 2 ص 154.

10 - العلّامة الحلّي (ت / 726 ه ) قال : «محمّد بن يعقوب بن إسحاق، أبو جعفر الكليني، بالنون بعد الياء - وكان خاله علّان الكليني الرازي - ومحمّد شيخ أصحابنا في وقته بالريّ ووجههم، وكان أوثق الناس في الحديث وأثبتهم» (1) . وقال أيضا: «الشيخ الصدوق محمّد بن يعقوب الكليني» (2) .

11 - ابن داوود الحلّي (ت / 740 ه ) قال بما سبق من قول النجاشي: «شيخ أصحابنا في وقته ووجههم، كان أوثق الناس في الحديث وأثبتهم» (3) .

12 - السيّد محمّد بن الحسين بن أبي الرضا العلوي البغدادي (ت / بعد سنة 750 ه ) قال في إجازته لابن اُخته السيّد محمّد بن أحمد بن أبي المعالي الموسوي (ت / 769 ه ): «.. ومن ذلك جميع كتاب الكافي تصنيف الشيخ السعيد محمّد بن يعقوب الكليني» (4) .

13 - الشيخ إبراهيم بن سليمان القطيفي (ت / بعد سنة 915 ه ) قال في إجازته للشيخ شمس الدين محمّد بن تركي: «.. وبهذا الإسناد أيضا، جميع مرويات الشيخ التقي الحافظ أبي جعفر محمّد بن يعقوب الكليني» (5) ، ثمّ وصف الكافي بقوله: «فإنّه كاسمه:

14 - المحقّق الكركي (ت / 940 ه ) قال في إجازته للقاضي صفي الدين عيسى: «ومنها جميع مصنّفات ومرويّات الشيخ الإمام السعيد الحافظ المحدّث الثقة، جامع أحاديث أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، أبي جعفر محمّد بن يعقوب الكليني، صاحب الكتاب الكبير في الحديث، المسمّى بالكافي ، الذي لم يعمل مثله» (6) .

ص: 402


1- . . خلاصة الأقوال : القسم الأوّل ، ص 245 الرقم 835 (37).
2- . . المصدر السابق : ص 430 - الفائدة الثالثة من الخاتمة .
3- رجال ابن داوود الحلي : القسم الاول ص 187 الرقم 1538
4- . . بحار الأنوار : ج 104 ص 156 .
5- . . المصدر السابق : ج 105 ص 96.
6- . . المصدر السابق : ج 108 ص 75 ، ونسب نحو هذا الكلام للشهيد الأوّل محمّد بن مكّي العاملي (ت / 786 ه ) في إجازته لابن الخازن، كما في مقدّمة اُصول الكافي : ج 1 ص 26 - 27 وأحال إلى بحار الأنوار ، ولم أقف على تلك الإجازة في البحار طبعة دار إحياء التراث العربي، بيروت، وهي الطبعة المعتمدة في هذا البحث .

وقال في إجازته للشيخ أحمد بن أبي جامع: «وأعظم الأشياخ في تلك الطبقة - يعني الطبقة المتقدّمة على الشيخ الصدوق - الشيخ الأجلّ جامع أحاديث أهل البيت عليهم السلام صاحب كتاب الكافي في الحديث، الذي لم يعمل الأصحاب مثله» (1) .

وقال في إجازته للمولى عبدالعلي بن أحمد بن سعد الدين محمّد الأسترآبادي: «وبالإسناد جميع مصنّفات الشيخ الإمام المحدّث الثقة الحافظ ، أبي جعفر محمّد بن يعقوب الكليني» (2) .

15 - الشيخ أحمد بن نعمة اللّه بن خاتون العاملي (ت / بحدود سنة 940 - 950 ه ) قال في إجازته للمولى عبداللّه بن حسين التستري: «.. جميع مصنّفات الشيخ الأجلّ الأوحد محمّد بن يعقوب الكليني ، التي من جملتها الكافي في الحديث» (3) .

16 - الشهيد الثاني (ت / 966 ه ) قال في إجازته للسيّد علي بن الصائغ الحسيني الموسوي: «عن الشيخ السعيد الجليل رئيس المذهب ، أبي جعفر محمّد بن يعقوب الكليني، عن رجاله المتضمّنة لكتابه الكافي، الذي لا يوجد في الدنيا مثله جمعا للأحاديث وتهذيبا للأبواب، وترتيبا، صنّفه في عشرين سنة، شكر اللّه تعالى سعيه، وأجزل أجره، عن رجاله المودعة بكتابه وأسانيده، المثبتة فيه بشرطه المعتبر عند أهل دراية الأثر» (4) . وقال في إجازته للشيخ حسين بن عبدالصمد والد الشيخ البهائي: «وعن ابن قولويه : جميع مصنّفات ومرويات الشيخ الإمام شيخ الطائفة أبي جعفر محمّد بن يعقوب الكليني، التي من جملتها كتاب الكافي» (5) .

ص: 403


1- . . بحار الأنوار : ج 105 ص 63.
2- . . المصدر السابق : ج 105 ص 67.
3- . . المصدر السابق : ج 106 ص 91 .
4- . . المصدر السابق : ج 105 ص 141.
5- . . المصدر السابق : ج 105 ص 149، رجال السيّد بحر العلوم المعروف بالفوائد الرجالية : ج 3 ص 329 .

وقال في إجازته للشيخ زين الدين أبي الحسين علي بن الخازن: «وبه - أي بالإسناد الذي ذكره قبل هذا في إجازته - مصنّفات صاحب الكافي في الحديث الذي لم يعمل للإمامية مثله» (1) . وقال في كتابه منية المريد : «شيخنا المتقدّم محمّد بن يعقوب الكليني قدّس اللّه روحه»(2).

17 - السيّد صدر الدين الدشتكي (ت / بعد سنة 973 ه ) قال في إجازته للسيّد علي بن القاسم الحسيني: «ثمّ أجزت له أن يرويه عنّي - يعني: الحديث المسلسل بالأولية - ويروي عني جميع الأحاديث المروية من طرق أهل البيت عليهم السلام أوّلاً، مثل كتاب الكافي للشيخ المهذّب أبي جعفر محمّد بن يعقوب الكليني» (3) .

18 - الشيخ حسين بن عبدالصمد ، والد الشيخ البهائي (ت / 984 ه ) قال في وصول الأخيار : «الشيخ الإمام أبي جعفر محمّد بن يعقوب الكليني» (4) . وقال أيضا: «أمّا كتاب الكافي، فهو للشيخ أبي جعفر محمّد بن يعقوب الكليني رحمه اللّه ، شيخ عصره في وقته، ووجه العلماء والنبلاء، وكان أوثق الناس في الحديث، وأنقدهم له، وأعرفهم به، صنّف الكافي وهذّبه وبوّبه في عشرين سنة، وهو يشتمل على ثلاثين كتابا ، يحتوي على ما لا يحتوي غيره» (5) . أقول: أمّا في الحديث، فهو رضي اللّه تعالى عنه ليس شيخ عصره في وقته فحسب، وإنّما هو شيخ سائر الأزمنة والعصور، ولم يتقدّمه أحد في الحديث على مرّ الدهور، إذ لم يصنَّف مثل كتابه إلى الآن. وكلّ من جاء بعده فهو عيال عليه في الحديث، وكلّ ما

ص: 404


1- . . بحار الأنوار : ج 107 ص 190.
2- منیة المرید: ص 160
3- . . بحار الأنوار : ج 105 ص 126.
4- . . وصول الأخيار إلى معرفة الأخبار : ص 40.
5- . . المصدر السابق : ص 85 .

يصنّف في المستقبل في إطار جمع الحديث وتهذيبه وترتيبه، ولا يعتمد الكافي!! فلا قيمة له ولا كرامة به وإنْ جلّ مصنّفه.

19 - الشيخ محمّد بن أحمد بن نعمة اللّه بن خاتون العاملي (ت / بعد سنة 1008 ه ) قال في إجازته للسيّد ظهير الدين إبراهيم بن الحسين الهمداني (ت / 1026 ه ): «والإمام العمدة، الحافظ، الرحلة، الناقد، الجهبذ، محمّد بن يعقوب الكليني» (1) .

20 - السيّد محمّد بن علي الموسوي (ت / 1009 ه ) قال في مدارك الأحكام في ترجيح لفظ رواية في الكافي على لفظها الآخر برواية الشيخ الطوسي: «ويمكن ترجيح رواية الكليني - رحمه اللّه - بتقدّمة، وحسن ضبطه كما يُعلَم من كتابه الذي لا يوجد مثله» (2) .

21 - الشيخ حسن ابن الشهيد الثاني (ت / 1011 ه ) قال في إجازته للسيّد نجم الدين بن السيّد محمّد الحسيني: «كتاب الكافي للإمام الجليل أبي جعفر محمّد بن يعقوب رضي اللّه عنه» (3) . وقال في منتقى الجمان : «الشيخ العظيم الشأن» (4) .

22 - الشهيد الثالث القاضي نور اللّه التستري (ت / 1019 ه ) قال في مجالس المؤمنين : «ثقة الإسلام، وواحد الأعلام خصوصا في الحديث، فإنّه جهينة الأخبار، وسابق هذا المضمار، الذي لا يُشقّ له غبار، ولا يُعثر له على عِثار» (5) .

23 - الشيخ البهائي (ت / 1031 ه ) قال في مشرق الشمسين : «أمّا الكافي، وهو تأليف ثقة الإسلام، أبي جعفر محمّد بن يعقوب الكليني الرازي ، عطّر اللّه مرقده» (6) .

ص: 405


1- . . بحار الأنوار : ج 106 ص 103.
2- . . مدارك الأحكام : ج 1 ص 318 في بحث الحيض من كتاب الطهارة .
3- . . بحار الأنوار : ج 106 ص 7 .
4- . . منتقى الجمان في الأحاديث الصحاح والحسان : ص 45 الفائدة الثانية عشرة في تعيين محمّد بن إسماعيل الواقع في أوائل أسانيد الكافي .
5- . . مجالس المؤمنين : ج 1 ص 452.
6- . . مشرق الشمسين واكسير السعادتين : ص 7.

وقال أيضا: «ثقة الإسلام ، محمّد بن يعقوب الكليني ، قدّس اللّه روحه» (1) .

وجاء وصفه بثقة الإسلام في إجازته التي كتبها في (سنة / 1015 ه ) للمولى صفيّ الدين القمّي (2) .

وقد أكثر الشيخ البهائي من تلقيب الكليني بلقب ثقة الإسلام، بل لم يذكره إلّا مع وصفه بذلك غالبا (3) .

وبهذا يتبيّن أنّ أوّل من أطلق لقب (ثقة الإسلام) على الكليني يدور بين إثنين، أوّلهما: الشهيد الثالث القاضي نور اللّه التستري، والآخر: الشيخ البهائي، وقد مرّ هذا في ألقاب الكليني رحمه اللّه تعالى.

24 - المولى علي بن عبداللّه التستري (ت / بعد سنة 1034 ه ) قال في إجازته للمجلسي الأوّل (ت / 1070 ه ): «الشيخ الإمام، شيخ الطائفة ، أبي جعفر محمّد بن يعقوب الكليني» (4) .

25 - المولى محمّد أمين الأسترآبادي (ت / 1036 ه ) قال في الثناء العاطر على الكليني من خلال مدح الكافي: «سمعنا من مشايخنا وعلمائنا أنّه لم يصنّف في الإسلام كتاب يوازيه، أو يدانيه» (5) . ولازم هذا أنّه لا يوجد في الإسلام محدّث كالكليني رضوان اللّه تعالى عليه.

26 - المحقّق الداماد (ت / 1041 ه ): «رئيس المحدّثين ، أبي جعفر الكليني ، رضي اللّه

ص: 406


1- . . مشرق الشمسين وإكسير السعادتين : ص 24.
2- . . بحار الأنوار : ج 109 ص 147.
3- . . راجع كتاب : مشرق الشمسين وإكسير السعادتين : ص 274 و 278 و 279 و 301 و 319 و 362 و 366 و 367 و كذلك: مفتاح الفلاح للشيخ البهائي أيضا: ص 4 و 9 و 14 و 16 و 17 و 18 و 32 و 36 و 39 و 40 و 42 و 48 و 118 و 137، و 140 و 141 و 145 و 181 و 182 و 184 و 212 و 219 و220 و 223 و 224 و 227 و 240 وغيرها .
4- . . بحار الأنوار : ج 107 ص 40.
5- . . الكنى والألقاب : ج 3 ص 120 في لقب (الكليني).

تعالى عنه» (1) . وقال في رسائله: «رئيس المحدّثين ، محمّد بن يعقوب الكليني» (2) . وقال: «شيخنا الأقدم الأفخم ، رئيس المحدّثين ، أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني رضوان اللّه عليه» (3) . وقال في الرواشح : «وإنّ كتاب الكافي لشيخ الدين، وأمين الإسلام، نبيه الفرقة، ووجيه الطائفة، رئيس المحدّثين، حجّة الفقه والعلم والحقّ واليقين، أبي جعفر محمّد بن يعقوب بن إسحاق الكليني ، رفع اللّه درجته في الصدّيقين، وألحقه بنبيّه وأئمّته الطاهرين» (4) . وكم يعجبني قوله قدّس سرّه بشأن الكافي: «ترى الأفئدة في الأدوار والأعصار هاوية إليه، والأكباد في الأقطار والأمصار هائمة عليه» (5) . وهذا من المدح الرفيع للكتاب ومؤلّفه أيضا. وقال: «شيخنا الأقدم ، الأفخم ، رئيس المحدّثين ، جزاه اللّه تعالى عن زمرة علماء الدين خير الجزاء» (6) .

27 - السيّد مصطفى التفرشي (ت/بعد سنة 1044 ه ) قال في نقد الرجال : «شيخنا الصدوق ، محمّد بن يعقوب الكليني» (7) .

ص: 407


1- . . تعليقة المحقّق الداماد على رجال الكشّي : ج 1 ص 64 ذيل الحديث 37، في ترجمة سلمان الفارسي، وأعاده في مواضع اُخرى راجع : ج 1 ص 205 و 217 و 287 و ج 2 ص 546 و 606.
2- . . إثنا عشر رسالة : ج 6 ص 34 .
3- . . المصدر السابق : ج 5 ص 13 - 14، وقد وصفه برئيس المحدّثين في عِدّة مواضع اُخرى في رسائله ، راجع : ج 3 ص 20 و 65 و 91 و 121 و 132 و 133 و 139 و 140، و ج 5 ص 17 و 19 و 34 و 79، و ج 8 ص 9 و 11 .
4- . . الرواشح السماوية : ص 4 .
5- . . المصدر السابق : ص 4.
6- . . المصدر السابق : ص 6.
7- . . نقد الرجال : ج 5 ص 71 الرقم 5777 في ترجمة يحيى بن سابور .

وقال: «لنا طرق متعدّدة إلى الشيخ الأعظم، والإمام الأقدم، قدوة المحدّثين ، محمّد بن يعقوب الكليني ، رضي اللّه عنه» (1) .

28 - الفيلسوف الكبير، صدر المتألّهين، محمّد بن إبراهيم الشيرازي (ت / 1050 ه ) قال في شرح اُصول الكافي: «أمين الإسلام، وثقة الأنام، الشيخ العالم الكامل، والمجتهد البارع، الفاضل محمّد بن يعقوب الكليني، أعلى اللّه قدره، وأنار في سماء العلم بدره» (2) .

29 - الأمير شرف الدين علي الشولستاني النجفي (ت / بعد سنة 1063 ه ) قال في إجازته للعلّامة محمّد تقي المجلسي الأوّل (ت / 1070 ه ): «الشيخ الأوحد، الأكمل، ورئيس المحدّثين ، محمّد بن يعقوب الكليني قدّس اللّه روحه» (3) .

30 - آقا حسين الخوانساري (ت / بعد سنة 1064 ه ) قال في إجازته لتلميذه ذي الفقار: «الشيخ الأجل، الأكمل، الأعظم، الأفخم، الأكرم، ثقة الإسلام والمسلمين ، أبي جعفر محمّد بن يعقوب الكليني» (4) .

31 - العلّامة المجلسي الأوّل (ت / 1070 ه ) قال في إجازته للميرزا إبراهيم بن المولى كاشف الدين محمّد اليزدي: «عن الشيخ الأجلّ، الأعظم، ثقة الإسلام، المعظّم بين الخاصّ والعام أبي جعفر محمّد بن يعقوب الكليني، بكتبه سيّما كتاب الكافي الذي لم يصنّف في الإسلام مثله» (5) . وقال في إجازته للمولى محمّد صادق الكرباسي الإصفهاني الهمداني: «الشيخ الأعظم، الأوحد، ثقة الإسلام ، محمّد بن يعقوب الكليني» (6) .

ص: 408


1- . . نقد الرجال : ج 5 ص 426، الفائدة السادسة.
2- . . شرح اُصول الكافي : ج 1 ص 167 من مقدّمة المؤلّف .
3- . . بحار الأنوار : ج 107 ص 36 .
4- . . المصدر السابق : ج 107 ص 90 .
5- . . المصدر السابق : ج 107 ص 70 .
6- . . المصدر السابق : ج 107 ص 82 .

وقال في روضة المتّقين : «والحقّ أنّه لم يكن مثله فيما رأيناه، وكلّ من يتدبّر في أخباره وترتيب كتابه يعرف أنّه كان مؤيّدا من عند اللّه تبارك وتعالى، جزاه اللّه عن الإسلام والمسلمين أفضل جزاء المحسنين» (1) .

32 - الشيخ الخليل بن غازي القزويني (ت / 1089 ه ) قال في شرح الكافي المسمّى ب- (الصافي): «إنّ كتاب الكافي للشيخ أبي جعفر ، ثقة الإسلام ، محمّد بن يعقوب بن إسحاق الرازي الكليني ، شكر اللّه مساعيه في حفظ اُصول الدين وفروعه، كتاب لم يصنّف في الإسلام مثله، صُنِّف في زمان الغيبة الصغرى... ومصنّفه ممّن اعترف الموالف والمخالف بفضله» (2) .

33 - المولى محمّد طاهر القمّي (ت / 1098 ه ) قال في إجازته للعلّامة المجلسي (ت / 1111 ه ): «قد طلب منّي إجازة ما صحّ لي إجازته ممّا صنّفه ورواه علماؤنا الماضون وسلفنا الصالحون ، من الكتب الأربعة المشهورة التي هي دعائم الإيمان، ومرجع الفقهاء في هذا الزمان، أعني كتاب الكافي للشيخ ثقة الإسلام محمّد بن يعقوب الكليني...» (3) .

34 - الأردبيلي الغروي (ت / 1100 ه ) قال في جامع الرواة : «لنا طرق متعدّدة إلى الشيخ الأعظم، والإمام الأقدم، قدوة المحدّثين ، الشيخ محمّد بن يعقوب الكليني ، رضي اللّه عنه» (4) .

35 - الشيخ الحرُّ العاملي (ت / 1104 ه ) قال في خاتمة الوسائل : «كتاب الكافي ، تأليف

ص: 409


1- . . روضة المتّقين : ج 14 ص 260 في شرح طريق الصدوق في مشيخة الفقيه إلى ما رواه عن ثقة الإسلام الكليني قدس سره .
2- . . كشف الحجب والأستار : ص 419 الرقم 2301 نقله من كتاب الصافي .
3- . . بحار الأنوار : ج 107 ص 129 - 130 .
4- . . جامع الرواة : ج 2 ص 548 ، الفائدة الخامسة .

الشيخ الجليل ، ثقة الإسلام ، محمّد بن يعقوب الكليني ، رضي اللّه عنه» (1) . وقال في مكان آخر: «وقال الشيخ الجليل ، ثقة الإسلام ، محمّد بن يعقوب الكليني ، رضي اللّه عنه» (2) .

36 - الشيخ علي بن محمّد سبط الشهيد الثاني (ت / 1104 ه ) قال في إجازته للعلّامة المجلسي (ت / 1111 ه ): «الشيخ الإمام، الجليل، أبي جعفر محمّد بن يعقوب الكليني ، قدّس اللّه روحه» (3) . وقال في كتابه الدرّ المنظوم : «هذه حواش يسيرة على اُصول كتاب (الكافي) ، والمنهل العذب الصافي ، للثقة الجليل ، محمّد بن يعقوب الكليني ، أنار اللّه برهانه، وأعلى في عليين مكانه، فلعمري لم ينسج ناسج على منواله، ومنه يعلم قدر منزلته وجلالة حاله» (4) .

37 - العلّامة المجلسي (ت / 1111 ه ) وقد سأله تلميذه الأردبيلي (ت / 1100 ه ) - كما في آخر جامع الرواة - أن يكتب طرقه إلى المشايخ، قال الأردبيلي: «فكتب بخطّه الشريف ما هذا صورته». ثمّ ذكر المكتوب بتمامه، وقد جاء فيه: «.. عن الشيخ التمام، ثقة الإسلام، المقبول بين الخاص والعام، أبي جعفر محمّد بن يعقوب الكليني، شكر اللّه مساعيه في الإسلام» (5) .

وقال في إجازته إلى ابن ابنه محمّد نصير المجلسي: «.. عن شيخه - أي المفيد - أبي القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه، عن شيخه القمقام، ثقة الإسلام محمّد بن يعقوب

ص: 410


1- . . خاتمة وسائل الشيعة : ج 30 ص 153 ، الفائدة الرابعة.
2- المصدر : ج 30 ص 195 الفائدي السادسة
3- . . بحار الأنوار : ج 107 ص 157 .
4- . . روضات الجنّات : ج 6 ص 106 الرقم 568 ، نقله من الدرّ المنظوم .
5- . . جامع الرواة : ج 2 ص 550 ، إجازات الحديث للمجلسي : ص 124 .

الكليني، نوّر اللّه ضرائحهم أجمعين، وحشرهم مع الأئمّة الطاهرين» (1) .

وقال في إجازته للسيد نعمة اللّه الجزائري: «الشيخ الأعظم، ثقة الإسلام ، أبي جعفر محمّد بن يعقوب الكليني، نوّر اللّه مضجعه» (2) .

وقال في الوجيزة : «محمّد بن يعقوب، ثقة الإسلام، جزاه اللّه عن الإسلام وأهله خير الجزاء» (3) .

وقال في إجازته للشيخ محمّد فاضل المشهدي: «فقرأ عليَّ شطرا وافيا من كتابي الكافي والتهذيب ، من مؤلّفات الشيخين الجليلين الثقتين الفاضلين الكاملين: ثقة الإسلام محمّد بن يعقوب الكليني، وشيخ الطائفة المحقّة محمّد بن الحسن الطوسي ، قدّس اللّه روحهما» (4) .

وقال في إجازته إلى محمّد بن جعفر القائيني: «الشيخ الجليل، ثقة الإسلام ، محمّد بن يعقوب الكليني، سقى اللّه تربته الزكية صوب الإنعام» (5) . وقال في إجازته إلى محمّدقاسم بن محمّد مؤمن الأردستاني: «.. الشيخ النبيل، ثقة الإسلام، أبي جعفر محمّد بن يعقوب الكليني، أجزل اللّه تعالى مثوبته» (6) . وقال في إجازته إلى محمّد مؤمن الرازي القهبائي: «ثقة الإسلام، حشره اللّه تعالى مع أئمّة الأنام» (7) . وقال في إجازته إلى الشيخ نظام الدين محمّد البسطامي: «الشيخ الأنبل، الأجلّ، ثقة الإسلام، المقبول بين الخاصّ والعام، أبي جعفر محمّد بن يعقوب الكليني، شكر اللّه

ص: 411


1- . . إجازات الحديث للمجلسي : ص 283 .
2- .. المصدر السابق : ص 283 .
3- . . الوجيزة في علم الرجال : ص 318 الرقم 1828.
4- . . بحار الأنوار : ج 107 ص 152 .
5- . . إجازات الحديث للمجلسي : ص 184 .
6- . . المصدر السابق : ص 253 .
7- . . المصدر السابق : ص 262 .

مساعيه الجليلة في الإسلام» (1) .

وقال في مرآة العقول : «وابتدأت بكتاب الكافي ، للشيخ الصدوق، ثقة الإسلام، مقبول طوائف الأنام، ممدوح الخاص والعام، محمّد بن يعقوب الكليني، حشره اللّه مع الأئمّة الكرام؛ لأنّه كان أضبط الاُصول وأجمعها، وأحسن مؤلّفات الفرقة الناجية وأعظمها» (2) .

38 - المحدّث النيسابوري قال في كتاب منية المرتاد في ذكر نفاة الاجتهاد : «ومنهم: ثقة الإسلام، قدوة الأعلام، والبدر التمام، جامع السنن والآثار، في حضور سفراء الإمام عليه أفضل السلام، الشيخ أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني الرازي، محيي طريقة أهل البيت على رأس المئة الثالثة، المؤلّف لجامع الكافي في مدّة عشرين سنة...» (3) . 39 - الشيخ أبو القاسم بن محمّد الجرفادقاني - معاصر العلّامة المجلسي - قال في إجازته لمهر علي الجرفادقاني: «ثقة الإسلام، وكهف الأنام، المجدّد لمنهاج أئمّة الهدى في رأس المائة الثالثة بعد الإمام علي بن موسى الرضا عليه التحية والسلام، الشيخ الأقدم ، أبو جعفر محمّد بن يعقوب الرازي الكليني» (4) .

40 - الشيخ حسن الدمستاني (ت / بعد سنة 1181 ه ) قال في كتابه انتخاب الجيّد من تنبيهات السيّد : «ولم يكن لأحد أن يسيء الأدب في حقّ أساطين المذهب، سيّما ثقة الإسلام، وواحد الأعلام، خصوصا في الحديث ، فإنّه جهينة الأخبار، وسابق هذا المضمار، الذي لا يشقّ له غبار، ولا يعثر [له] على عثار» (5) .

ص: 412


1- . . إجازات الحديث للمجلسي : ص 108 .
2- . . مرآة العقول : ج 1 ص 3 من المقدّمة .
3- . . روضات الجنّات : ج 6 ص 108 الرقم 568 .
4- . . بحار الأنوار : ج 107 ص 100 .
5- . . خاتمة مستدرك الوسائل : ج 3 ص 467 من الفائدة الرابعة، والمراد ب- (تنبيهات السيّد) هو كتاب (تنبيه الأريب في إيضاح رجال التهذيب) للسيّد البحراني (ت / 1107 ه ) .

41 - عبداللّه أفندي الإصبهاني (ت / 1130 ه ) قال تحت عنوان (ثقة الإسلام): «هو في الأغلب يراد منه : أبو جعفر محمّد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي ، صاحب الكافي وغيره، الشيخ الأقدم، المسلّم بين العامّة والخاصّة، والمفتي لكلا الفريقين» 81 . وقال تحت عنوان: (عروة الإسلام): «قد يطلق على محمّد بن يعقوب الكليني..» (1) .

42 - المحقّق البحراني (ت / 1186 ه ) قال في الحدائق الناضرة ، في الردّ على صاحب المدارك السيّد العاملي (ت / 1009 ه ) في ترجيحه قول العلّامة الحلّي في مسألة سجدتي السهو: «وهو - يعني الكليني - من قدماء المحدّثين، ورؤساء أساطين الدين: وهو أعرف من العلّامة رضوان اللّه عليهما بمواقع الأحكام في تلك الأيّام؛ لأنّه في عصرهم عليهم السلام » (2) . وقال: «ثقة الإسلام، وعلم الأعلام، محمّد بن يعقوب الكليني، نوّر اللّه تعالى مرقده» (3) ، و«قدّس سره» (4) ، و«نوّر اللّه ضريحه» (5) ، و«عطّر اللّه مرقده» (6) .

43 - الوحيد البهبهاني (ت / 1205 ه ) قال في الردّ على تصحيح البحراني لرواية ضعيفة ببعض رواتها، لكونها مأخوذة من الاُصول: «لو كانت كذلك، لكان الكليني ذكرها، واعتمد عليها؛ لكونه أقرب عهدا من الكلّ بالنسبة إلى الاُصول، وأعرف بحالها، ولذا صار ثقة الإسلام عند الخاصّة والعامّة، ومع ذلك ألّف الكافي في عرض عشرين سنة، وفي السياحة في البلدان، وأحاط بكلّ بلد كان فيه أصل من تلك الاُصول، وحقّق

ص: 413


1- . . المصدر السابق : ج 7 ص 197 .
2- . . الحدائق الناضرة : ج 9 ص 32 .
3- . . المصدر السابق : ج 1 ص 5 .
4- . . المصدر السابق : ج 1 ص 106 .
5- . . المصدر السابق : ج 9 ص 53 .
6- . . المصدر السابق : ج 5 ص 576 ، و ج 8 ص 9 .

ووُفِّق [في] الأخذ والانتخاب» (1) .

44 - السيّد بحر العلوم (ت / 1212 ه ) قال في الفوائد الرجالية : «محمّد بن يعقوب بن إسحاق، أبو جعفر الكليني، ثقة الإسلام، وشيخ المشايخ الأعلام، ومروّج المذهب في غيبة الإمام عليه السلام ، ذكره أصحابنا والمخالفون، واتّفقوا على فضله، وعظم منزلته» (2) .

45 - الشيخ أسد اللّه التستري (ت / 1237 ه ) قال في مقباس الأنوار : «ثقة الإسلام، وقدوة الأنام، وعلم الأعلام ، المقدّم ، المعظّم عند الخاصّ والعام، الشيخ أبي جعفر محمّد بن يعقوب الكليني» (3) .

46 - الشيخ عبدالنبي الكاظمي (ت / 1256 ه ) قال في تكملة الرجال : «وهو ثقة محترم عندهم، فلذا سمّي ثقة الإسلام» (4) .

47 - السيّد إعجاز حسين الكنتوري (ت/1286ه ) قال في كشف الحجب : «ثقة الإسلام، قدوة الأنام، رئيس المحدّثين الكرام، المجدّد لمنهاج أئمّة الهدى في رأس المائة الثالثة، الشيخ الأقدم» (5) .

48 - الملّا هادي السبزواري (ت / 1300 ه ) قال في شرح الأسماء الحسنى : «رئيس المحدّثين ، أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني ، رضي اللّه عنه» (6) . وقد تردّد وصف الكليني برئيس المحدّثين على لسان الكثير من علمائنا رضي اللّه تعالى عنهم، كما تقدّمت الإشارة إليه في ألقاب الكليني.

49 - السيّد محمّد باقر الخوانساري (ت / 1313 ه ) قال في ترجمته: «أقدم الجامعين،

ص: 414


1- . . الرسائل الفقهية : ص 191.
2- . . رجال السيّد بحر العلوم المعروف ب- (الفوائد الرجالية) : ج 3 ص 325 .
3- . . مقباس الأنوار : ص 6 .
4- . . تكملة الرجال : ج 2 ص 486 .
5- . . كشف الحجب والأستار : ص 418 .
6- . . شرح الأسماء الحسنى : ج 2 ص 75 .

وأعظم البارعين، وأنور الطالعين، أبو جعفرنا الأوّل، محمّد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي ، صاحب الكافي، وابن اُخت علّان الكليني» (1) .

وقال - بعد بيان مَن مدح ثقة الإسلام من علماء العامّة - : «وبالجملة ، فشأن الرجل أجلّ وأعظم من أن يختفي على أعيان الفريقين، أو يكتسي ثوب الإجمال لدى ذي عينين، أو ينتفي أثر إشراقه يوما بعد البين؛ إذ هو في الحقيقة أمين الإسلام، وفي الطريقة دليل الأعلام، وفي الشريعة جليل قدّام، ليس في وثاقته لأحد كلام، ولا في مكانته عند أئمّة الأنام، وحسب الدلالة على اختصاصه بمزيد الفضل، وإتقان الأمر، إتّفاق الطائفة على كونه أوثق المحمدين الثلاثة الذين هم أصحاب الكتب الأربعة، ورؤساء هذه الشرعة المتَّبَعَة» (2) .

50 - السيّد علي البروجردي (ت / 1313 ه ) قال في طرائف المقال : «ثقة الإسلام والمسلمين، وغوث الإيمان والمؤمنين، رئيس المحدّثين ، الذي أحيا بجدّه البليغ وسعيه الأنيق ، في ضبط الأحاديث الصادرة عن الأئمّة الطاهرين شريعة سيّد المرسلين؛ أبي جعفر محمّد بن يعقوب الكليني» (3) .

51 - المحدّث النوري (ت / 1320 ه ) قال في خاتمة المستدرك : «فخر الشيعة، وتاج الشريعة، ثقة الإسلام، وكهف العلماء الأعلام، أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني... الرازي، الشيخ الجليل، العظيم، الكافل لأيتام آل محمّد عليهم السلام بكتابه الكافي ، الذي يأتي في الفائدة الرابعة شرح علوّ قدره، وعظم شأنه، وتقدّمه على كلّ كتاب صنّف في الإسلام» (4) .

52 - السيّد عبداللّه شبّر (ت / 1342 ه ) قال في أوّل الحديث الثالث من كتابه مصابيح

ص: 415


1- روضات الجنات: ج 6 ص101 الرقم 568
2- . . المصدر السابق : ج 6 ص 105 الرقم 568 .
3- . . طرائف المقال : ج 2 ص 665 - 666 .
4- . . خاتمة مستدرك الوسائل : ج 3 ص 272 من الفائدة الثالثة .

الأنوار: «ما رويناه بالأسانيد السالفة ، عن ثقة الإسلام وعلم الأعلام في الكافي ...» (1) .

وقال في الحديث السابع: «ما رويناه بالأسانيد المتقدّمة عن الشيخين الجليلين العلمين النبيلين: ثقة الإسلام ، محمّد بن يعقوب الكليني عن علي بن إبراهيم، ورئيس المحدّثين ، محمّد بن علي بن الحسين الصدوق، عن أبيه..» (2) . وفي الحديث العشرين: «ما رويناه بالأسانيد السالفة عن جملة من مشايخنا الأعلام، وفضلائنا الكرام، ومنهم: ثقة الإسلام، وعلم الأعلام في الكافي..» (3) . وفي الحديث الواحد والعشرين: «ما رويناه بالأسانيد السالفة عن جملة من مشايخنا الأعلام، وفضلائنا الكرام، المعوّل عليهم في النقض والإبرام، ومنهم: ثقة الإسلام في الكافي» (4) .

53 - الشيخ عبّاس القمّي (ت / 1359 ه ) قال في هدية الأحباب : «الكليني، الشيخ الأجل، الأوثق، الأثبت، أبو جعفر محمّد بن يعقوب بن إسحاق الرازي، كهف العلماء الأعلام، ومفتي طوائف الإسلام، ومروِّج المذهب في غيبة الإمام عليه السلام ، ثقة الإسلام، صاحب كتاب الكافي، الذي يعتبر - هذا الكتاب الشريف - ملاذَ ومرجعَ الفقهاء والمحدّثين، وقرّة عين الشيعة» (5) .

54 - السيّد أحمد الحسيني في أُرجوزته المختصرة:

كذا الصدوق ثقة الإسلامِ*** وقدوة الأماثلِ الأعلامِ

نور المهيمن الذي لا يخبو***وصارم العلم الذي لا ينبو

العالم العلّامة السامي المحلْ***أعني الكليني ابن يعقوب الأجلْ

ص: 416


1- . . مصابيح الأنوار : ج 1 ص 24 الرقم 3، وأعاد ذلك في ص 33 الرقم 5 .
2- . . المصدر السابق : ج 1 ص 59 الرقم 7 .
3- . . المصدر السابق : ج 1 ص 113 الرقم 20.
4- . . المصدر السابق : ج 1 ص 124 الرقم 21 .
5- . . هدية الأحباب في ذكر المعروفين بالكنى والألقاب والأنساب : ص 307 .

وقال أيضا:

والشيخ والصدوق والكليني *** وكلّهم عَدْلٌ بغيرِ مَينِ

وقال أيضا:

واسم الكليني محمّد الأبر***سليل يعقوب المعظم الخطر (1)

55 - الإمام الخميني قدس سره (ت / 1409 ه ) قال بحقّ ثقة الإسلام الكليني رحمه الله في أوائل أحاديث كتابه الأربعين : كلمات من نور، سنذكرها بحسب الترتيب مع تبيين رقم الصفحة والحديث ، إزاء كلّ قول كالآتي: (الشيخ الأجل) ص26 ح1، (أفضل المحدّثين) ص554 ح31، (وأقدمهم) ص408 ح24، وص488 ح29، (وإمامهم) ص364 ح21، (الإمام الأقدم) ص300 ح17، (الثقة) ص348 ح20، وص450 ح27، (ثقة الإسلام) ص242 ح3، وص252 ح14، وص436 ح26، وص626 ح36، وص472 ح28، وص540 ح30، (ثقة الإسلام والمسلمين) ص328 ح19، (الجليل) ص242 ح13، وص348 ح20، وص450 ح27، وص554 ح31، وص656 ح38، (حجّة الفرقة) ص364 ح21، (رئيس الاُمّة) ص300 ح17، (رئيس المحدّثين) ص192 ح10، (رحمه اللّه ) ص424 ح25، وص472 ح28، وص616 ح35، (رضوان اللّه عليه) ص192 ح10، (رضوان اللّه تعالى عليه) ص328 ح19، (رضي اللّه عنه) ص282 ح16، وص408 ح24، وص488 ح29، وص540 ح30، وص582 ح33، وص656 ح38، وص664 ح39، وص676 ح40، (ركن الإسلام) ص664 ح39، (ركن الإسلام وثقته) ص383 ح22، (الركن الأعظم) ص676 ح40، (سلطان المحدّثين) ص266 ح15، (الشيخ الأقدم) ص582 ح33، وص676 ح40، (شيخ المحدّثين وأفضلهم) ص424 ح25، (عماد الإسلام) ص656 ح38، (عماد الإسلام والمسلمين) ص616 ح35، (عماد المسلمين) ص352 ح14، (فخر الطائفة

ص: 417


1- . . راجع: مقدّمة اُصول الكافي / للاُستاذ الدكتور حسين علي محفوظ : ج 1 ص 23 .

الحقّة ومقدّمهم) ص282 ح16، (فخر الطائفة وذخرها) ص316 ح18، (قدّس سرّه) ص348 ح20، وص364 ح21 (1) ، وص596 ح34. هذا.. وأمّا عن كلمات المعاصرين من العلماء والمحقّقين من الشيعة، فهي كثيرة جدّا، وقد أحببت أن لا يخلو بحثنا منها، فاكتفيت بكلمتين منها، وهما: الاُولى: ما قاله اُستاذنا العلّامة الدكتور حسين علي محفوظ (الملقّب بشيخ أساتذة العراق) قال حفظه اللّه ورعاه: «وكان - رحمه اللّه - عالما متعمّقا، محدّثا ثقة، حجّة عدلاً، سديد القول، يُعدّ من أفاضل حملة الأدب، وفحول أهل العلم، وشيوخ رجال الفقه، وكبار أئمّة الإسلام، مضافا إلى أنّه من أبدال الزهادة والعبادة، والمعرفة والتألّه والإخلاص» (2) . والثانية: ما قاله شيخنا العلّامة المحقّق السيّد محمّدرضا الحسيني الجلالي حفظه اللّه ورعاه - وهو أوّل من أجازنا رواية الحديث وألحقنا بالمشايخ الكرام - قال: «وفي مطلع القرن الرابع: حيث أُلجئتْ الإمامة إلى الإستتار وراء حجب الغيبة، كان وجود الشيخ أبي جعفر، محمّد بن يعقوب، الكليني الرازي، مجدّدا للدين، حيث عَمَدَ إلى تحديد النصوص الدالّة على اُصول المذهب وفروعه، فجمعها في كتابه العظيم «الكافي» فحفظ به التراث الإمامي بأكمل شكل، في أخطر أدواره، عندما تعرّض لأعقد مشاكله صعوبة، وأضنك مراحله فَتْرةً وزمانا» (3) .

ص: 418


1- . . في طبعة دار الكتاب الإسلامي لكتاب الأربعين : ص 312 ح21 : (كرّم اللّه وجهه) مكان (قدّس سرّه) في طبعة مؤسّسة نشر آثار الإمام الخميني رضى الله عنه ، وهي الطبعة المعتمدة في هذا البحث.
2- . . مقدّمة اُصول الكافي : ج 1 ص 14 .
3- . . مجدّدو المذهب وسماتهم البارزة / السيّد محمّد رضا الحسيني الجلالي : ص 97 ، بحث منشور في نشرة تراثنا العدد / 28 السنة السابعة / 1412 ه ، نشر مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث، قم.

المبحث الثاني: الكليني بنظر علماء العامّة والمستشرقين

أوّلاً - الكليني بنظر علماء العامّة

اشارة

لم يكن توثيق وتبجيل ثقة الإسلام الكليني رضوان اللّه تعالى عليه محصورا بعلماء مذهبه، بل تعدّى ذلك ليشمل علماء المذاهب الاُخرى؛ إذ وصفوه بأوصاف جليلة ، وأطروه غاية الإطراء، فهو رضي اللّه عنه عند علمائهم: الإمام، شيخ الشيعة، العالم، الفاضل، الفقيه، الكبير، المشهور، المصنِّف على مذهب أهل البيت عليهم السلام ، ومن المجدّدين على رأس المائة الثالثة. وهكذا بيّنت كلماتهم وبكلّ وضوح أنّ لثقة الإسلام مكانا مرموقا ومنزلةً رفيعة ، لا يمسّها أحد بسوء إلّا وقد كذب وافتضح أمره بين أهل الإسلام. ولا عجب في مدحهم الشيخ الكليني طاب ثراه، سيّما وهم يعلمون من تخرّج على يديه من علمائهم ورواتهم، كما فصّلناه في تلامذته. ولهذا نجد ذكره العطر قد تكرّر في جملة من الكتب المعتمدة عندهم، إذ ترجم له مع الثناء عليه، أو بيان بعض فضله العديد منهم، وهم:

1 - عبدالغني بن سعيد الأزدي المصري (ت / 407 ه )

نقل ابن عساكر الدمشقي من كتابه المؤتلف والمختلف ، قوله: «فأمّا الكليني، فبضمّ الكاف، والنون بعد الياء : محمّد بن يعقوب الكليني ، من الشيعة المصنّفين، مصنّف على مذهب أهل البيت [عليهم السلام] » (1) .

ص: 419


1- . . تاريخ دمشق : ج 56 ص 298 الرقم 7126، في ترجمة الكليني .
2 - ابن ماكولا، أبو نصر علي بن هبة اللّه (ت / 475 ه )

«وأمّا الكليني، بضمّ الكاف، وإمالة اللام، وقبل الياء نون، فهو أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني الرازي، من فقهاء الشيعة، والمصنّفين في مذهبهم، روى عنه: أبو عبداللّه أحمد بن إبراهيم الصيمري وغيره، وكان ينزل بباب الكوفة في درب السلسلة في بغداد، وتوفّي بها في سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، ودفن بباب الكوفة في مقبرتها، قال [ابن] الحاشر: ورأيت أنا قبره بالقرب من صراة الطائي، عليه لوح مكتوب فيه: هذا قبر محمّد بن يعقوب الرازي ، الفقيه» (1) .

3 - ابن عساكر الدمشقي الشامي الشافعي (ت / 571 ه )

قال: «محمّد بن يعقوب، ويقال محمّد بن علي، أبو جعفر الكليني، من شيوخ الرافضة (2) ، قدم دمشق، وحدّث ببعلبك عن أبي الحسين محمّد بن علي الجعفري السمرقندي، ومحمّد بن أحمد الخفّاف النيسابوري، وعلي بن إبراهيم بن هاشم. روى عنه: أبو سعد الكوفي شيخ الشريف المرتضى ، أبي القاسم علي بن الحسين بن موسى الموسوي، وأبو عبداللّه أحمد بن إبراهيم، وأبو القاسم علي بن محمّد بن عبدوس الكوفي، وعبداللّه بن محمّد بن ذكوان. أنبأنا أبو الحسن بن جعفر.... (3) بن جعفر، قالا: أنا جعفر بن أحمد بن الحسين بن السرّاج، أنا أبو القاسم المحسن بن حمزة الورّاق بتنيس، أنا أبو علي الحسن بن علي بن جعفر الديبلي بتنيس في المحرّم سنة خمس وتسعين وثلاثمائة، نا أبو القاسم علي بن محمّد ابن عبدوس الكوفي، أخبرني محمّد بن يعقوب الكليني، عن علي بن

ص: 420


1- . . إكمال الإكمال : ج 7 ص 186 .
2- . . وهذا الوصف - وإن كان لمزا - إلّا أنّه في ذروة الثناء واقعا، وإلّا فأيّ قيمة لمن تسمّى بالإسلام، وهو لا يرفض الباطل من الجبت والطاغوت كما في الحديث الوارد في معنى الرافضة رضوان اللّه جلّ جلاله عليهم، وأسأل اللّه أن يميتنا ويحيينا على الرفض الخالص.
3- . . بياض في الأصل.

إبراهيم بن هاشم، عن موسى بن إبراهيم المحاربي، عن الحسن بن موسى، عن موسى بن عبداللّه ، [ عن ميمون بن علي ]، عن جعفر بن محمّد [عليه السلام] قال: قال أمير المؤمنين [عليه السلام] : إعجاب المرء بنفسه دليل على ضعف عقله» (1) . ثمّ نقل بعد هذا الكلام ما مرّ من قول عبدالغني بن سعيد بحقّ الكليني، وقول ابن ماكولا في خصوص قبره الشريف. والظاهر أخذ هذا الحديث من الكافي مباشرة، وما ذكره من الرواة إليه فهو طريقه إلى الكتاب، ويؤيّده أنّ الحديث المذكور أخرجه سيّد المحدّثين وقدوتهم في الكافي الشريف (2) . 4 - أبو السعادات مبارك بن محمّد بن الأثير الجزري (ت / 606 ه ) قال في جامع الاُصول: «أبو جعفر محمّد بن يعقوب الرازي ، الفقيه ، الإمام على مذهب أهل البيت [عليهم السلام]، عالم في مذهبهم، كبير، فاضل عندهم، مشهور» (3) . كما ذكر أبو السعادات - قبل هذا - حديث المجدّدين ، الذي رواه أبو داوود في سننه بلفظ: «إنّ اللّه يبعث لهذه الاُمّة على رأس كلّ مائة سنة من يجدّد لها دينها» (4) ، وجعل الكليني قدس سرهمن المجدّدين على رأس المائة الثالثة، فقال: «ومن خواصّ الشيعة أنّ لهم على رأس كلّ مئة سنة من يجدّد مذهبهم (5) ، وكان مجدّده على رأس المئتين علي بن موسى الرضا [عليهما السلام]، وعلى المئة الثالثة محمّد بن يعقوب، وعلى المئة الرابعة علي بن الحسين المرتضى» (6) .

ص: 421


1- . . تاريخ دمشق : ج 56 ص 297 - 298 الرقم 7126 في ترجمة الكليني .
2- . . اُصول الكافي : ج 1 ص 27 ح 31، كتاب العقل والجهل، وما بين المعقوفات منه.
3- . . جامع الاُصول : ج 15 ص 297.
4- . . سنن أبي داوود : ج 4 ص 160 ح 4291 باب ما يذكر في قرن المائة من كتاب الملاحم.
5- . . وهو مذهب أهل البيت عليهم السلام ، وقد صرّح بهذا - كما مرّ آنفا - عبدالغني بن سعيد الأزدي، وأبو السعادات نفسه .
6- . . جامع الاُصول : ج 11 ص 322 - 323 .

5 - عزّ الدين، أبو الحسن علي بن محمّد بن الأثير الجزري (ت / 630 ه ) قال في الكامل في وفيّات (سنة / 328 ه ): «وفيها توفّي محمّد بن يعقوب ، وقُتِل محمّد بن علي أبو جعفر الكليني، وهو من أئمّة الإمامية، وعلمائهم» (1) .

6 - ابن منظور، جمال الدين محمّد بن مكرم (ت / 711 ه ) قال في مختصر تاريخ دمشق : «محمّد بن يعقوب، ويقال: محمّد بن علي، أبو جعفر الكليني، من شيوخ الرافضة، حدّث عن علي بن إبراهيم بن هاشم، بسنده عن جعفر بن محمّد [عليهما السلام] قال: قال أمير المؤمنين [عليه السلام] : إعجاب المرء بنفسه دليل على ضعف عقله» (2) .

7 - إسماعيل بن علي ، أبو الفداء (ت / 732 ه ) قال في المختصر في أخبار البشر في حوادث (سنة / 329 ه ) : «وفيها توفّي محمّد بن يعقوب الكليني - بالنون - وهو من أئمّة الإمامية» (3) .

8 - الطيبي، الحسين بن محمّد (ت / 743 ه ) قال في شرح مصابيح البغوي ، في ذيل ما أورده البغوي من حديث المجدّدين: «قد تكلّم العلماء في تأويله ، وكلّ واحد أشار إلى القائم الذي هو من مذهبه، وحَمَلَ الحديث عليه، والاُولى الحمل على العموم، فإنّ لفظ (مَنْ) يقع على الواحد والجمع». ثمّ فصل بعد هذا أسماء المجدّدين في الإسلام من الفقهاء والمحدّثين والمتكلّمين والقرّاء، فمن الفقهاء عَدَّ إمامنا محمّد بن علي الباقر عليه السلام من المجدّدين على رأس المائة الاُولى، والإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام على رأس المائة الثانية، والكليني قدس سره على رأس المائة الثالثة، وعلم الهدى السيّد الشريف المرتضى رضي اللّه تعالى عنه على رأس المائة الرابعة.

ص: 422


1- . . الكامل في التاريخ : ج 8 ص 364، وقد مرّ التعليق على قوله (وقتل) في اسم الكليني ونسبه، فراجع.
2- . . مختصر تاريخ دمشق : ج 23 ص 362 الرقم 386 .
3- . . المختصر في أخبار البشر : ج 1 ص 419 .

وقد نقل هذا عن مصابيح البغوي جلّ علمائنا رضي اللّه عنهم (1) .

9 - الذهبي، أبو عبداللّه محمّد بن أحمد (ت / 748 ه ) أمّا الذهبي فقد ذكر الكليني في جملة من كتبه. ففي (المشتبه في الرجال) المطبوع في متن توضيحه (توضيح المشتبه) لابن ناصر الدين ، الآتي برقم / 12، قال: «محمّد بن يعقوب الكليني، من رؤوس فضلاء الشيعة في أيّام المقتدر» 15 . وفي سِيَر أعلام النبلاء، قال: «الكليني: شيخ الشيعة، وعالم الإمامية، صاحب التصانيف، أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني، بنون. روى عنه أحمد بن إبراهيم الصيمري وغيره، وكان ببغداد وبها توفّي ، وقبره مشهور. مات سنة ثمان وعشرين وثلاث مئة، وهو بضمّ الكاف، وإمالة اللام» (2) . وفي تاريخ الإسلام ، قال: «محمّد بن يعقوب، أبو جعفر الكليني الرازي: شيخ، فاضلٌ، شهيرٌ، من رؤوس الشيعة وفقهائهم المصنّفين... (3) روى عنه: أحمد بن إبراهيم

ص: 423


1- . . منهم السيّد الخوانساري (ت / 1313 ه ) في روضات الجنّات : ج 6 ص 103 الرقم 568، والسيّد حسن الصدر (ت / 1354 ه ) في نهاية الدراية : ص 549 وكثير غيرهم .
2- . . سِيَر أعلام النبلاء : ج 15 ص 280 الرقم 125.
3- في هذا الموضع شتم الذهبي الشيعة، ولا عجب منه، فهو مطبوع على قلبه كما صرّح بهذا تلميذه السبكي في طبقات الشافعية ، ورماه بكل قبيح ولله درّ من قال في قصيدة طويلة ، آية في الجمال والروعة، يصف بها الذهبي، وأولها: واعجب_ي واعجب_ي***من فاق_رات الذهبي (تاريخ_ه) يحكي لنا***عن ص_ورة المخرّبِ (ميزان_ه) مختلّ_ة***(كاشف_ه) للشغ_بِ (تذك_رة) للجه_لا***(ديوان_ه) من خلّبِ وغيره_ا من كتب_ه***ويا ل_ها من كت_بِ سطورها كالح_ة***طافح_ة بالك_ذبِ مظلم_ة ليس بها***خردل_ة من أربِ حجّت_ها واه_ي_ةٌ***«كجح_ر ض_بٍ خ_ربِ» توثيقه لصحبه***يسمو ِلأعلى الرتَبِ وجرحه لغيرهم***فاشٍ كداء الأجربِ دعه ولا تحفل به***فهو الكذوب الناصبي

الصيمري، وغيره. وكان ببغداد، وبها مات، وقبره ظاهر وعليه لوح. والكليني: بضمّ الكاف، وإمالة اللام، والياء ثمّ نون» (1) .

10 - الصفدي، صلاح الدين خليل بن أيبك (ت / 764 ه ) قال في الوافي بالوفيات : «الكليني الشيعي: محمّد بن يعقوب ، أبو جعفر الكليني - بضمّ الكاف، وإمالة اللام، وقبل الياء الأخيرة نون - من أهل الريّ ، سكن بغداد إلى حين وفاته، وكان من فقهاء الشيعة والمصنّفين على مذهبهم، حدّث عن أبي الحسين محمّد بن علي الجعفري السمرقندي، ومحمّد بن أحمد بن الخفّاف النيسابوري، وعلي بن إبراهيم بن هاشم، توفّي سنة ثمان وعشرين وثلاث مائة» (2) .

11 - الفيروزآبادي، مجد الدين محمّد بن يعقوب (ت / 817 ه ) قال في القاموس المحيط في مادّة (كلان): «كَلَان: كسحاب، رملة لغطفان، وكأمير: بلدة بالريّ ، منها: محمّد ابن يعقوب الكليني ، من فقهاء الشيعة» (3) .

12 - ابن ناصر الدين ، محمّد بن عبداللّه بن محمّد القيسي (ت / 842 ه ) نقل كلام الذهبي في المشتبه في خصوص الإطراء على الكليني ووافقه، وقال في توضيح مشتبه الذهبي: «قال - يعني الذهبي - والكليني، بنون: محمّد بن يعقوب الكليني، من رؤوس فضلاء الشيعة في أيّام المقتدر.

ص: 424


1- . . تاريخ الإسلام : ج 24 ص 250 الرقم 416 وفيات (سنة / 328 ه ).
2- . . الوافي بالوفيات : ج 5 ص 226 الرقم 2300.
3- . . القاموس المحيط : ج 4 ص 263 (كَلَان).

قلت: مات ببغداد سنة ثمان وعشرين وثلاث مئة.

قال: وهو نسبة إلى كُلين - مُمَال - من قرى العراق.

قلت: هو بضمّ الكاف واللام مُمالة إلى الكسر، تعرّض الأمير - يعني: ابن ماكولا - للإمالة، ونصّ ابن السمعاني، وأبو العلاء الفَرَضي وغيرهما على كسر اللام، وبعدها مثنّاة تحت ساكنة، ثمّ نون، وهي المرحلة الاُولى من الريّ لمن يقصد خُوار فيما ذكره أبو عبيد البكري» (1) .

13 - ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي (ت / 852 ه ) قال في التبصير : «.. وأبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني الرازي، من فقهاء الشيعة، ومصنّفيهم، يُعرف بالسلسلي، لنزوله درب السلسلة ببغداد» (2) . وقد صحّف لفظ (الكليني) في التبصير إلى الكلبي، وهو من الناسخ ظاهرا، ولعلّه محرّف عمداً؛ إذ لا يخفى لقب أبي جعفر محمّد بن يعقوب قدس سرهعلى من مثل ابن حجر، ويؤيّده أنّ ابن حجر نفسه ضبط هذا اللقب في موضع آخر من التبصير قائلاً:

«الكليني: بالضمّ، وإمالة اللام، ثمّ ياء ساكنة، ثمّ نون: أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني، من رؤساء فضلاء الشيعة في أيّام المقتدر، وهو منسوب إلى كُلين من قرى العراق» (3) .

وقال في لسان الميزان : «محمّد بن يعقوب بن إسحاق، أبو جعفر الكليني، بضمّ الكاف وإمالة اللام، ثمّ ياء ونون ، الرازي ، سكن بغداد، وحدّث بها عن محمّد بن أحمد بن عبدالجبّار ، وعلي بن إبراهيم بن هاشم، وغيرهما.

وكان من فقهاء الشيعة، والمصنّفين على مذهبهم. توفّي سنة ثمان وعشرين

ص: 425


1- . . توضيح المشتبه : ج 7 ص 337، حرف الكاف .
2- . . تبصير المنتبه بتحرير المشتبه : ج 2 ص 737 .
3- . . المصدر السابق : ج 2 ص 1219.

وثلاث مائة ببغداد» (1)

14 - الزَّبِيدي الحنفي (ت / 1205 ه ) قال في تاج العروس في مادّة (سلا): «.. ودرب السلسلة ببغداد عند باب الكوفة، نزله أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني الرازي ، من فقهاء الشيعة، فَنُسِب إليه» (2) . وقال في مادّة (كلان): «وكلين، كأمير، هكذا في النسخ، وفي بعضها: وكلين، بالكسر. وضبطه ابن السمعاني كزبير. قلت: وهو المشهور على الألسن، والصواب: بضمّ الكاف، وإمالة اللام، كما ضبطه الحافظ في التبصير. بلدة بالريّ، منها: أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني، من فقهاء الشيعة، ورؤوس فضلائهم في أيّام المقتدر، ويعرف أيضا بالسلسلي؛ لنزوله درب السلسلة ببغداد» (3) .

15 - إسماعيل باشا البغدادي (ت / 1339 ه ) ذكر جملة من كتب الكليني في إيضاح المكنون (4) ، وقال في هدية العارفين : «الكليني: محمّد بن يعقوب بن إسحاق ، أبو جعفر الكليني... من فقهاء الشيعة الإمامية، توفّي (سنة/ 329 ه ) تسع وعشرين وثلاثمائة، له من الكتب: تعبير الرؤيا، الردّ على القرامطة، فضائل القرآن، كتاب الأشربة، كتاب الأطعمة، كتاب التوحيد، كتاب الدواجن والرواجن، كتاب الرجال، كتاب الرسائل، كتاب الصلاة والصيام، وغير ذلك على أبواب الفقه، كتاب العقل، كتاب العلم، كتاب الكافي في الحديث، عدد أحاديثه 16199، ما قيل في الأئمّة [عليهم السلام] من الشعر» (5) .

ص: 426


1- . . لسان الميزان : ج 5 ص 490 الرقم 8205 (1420) .
2- . . تاج العروس : ج 7 ص 380 (سلا) .
3- . . المصدر السابق : ج 9 ص 322 (كلان) .
4- . . راجع: إيضاح المكنون : ج 2 ص 197 و 268 و 269 و 295 و 310.
5- . . هدية العارفين : ج 6 ص 35 .

16 - الزركلي الوهابي (ت / 1396 ه ) قال في الأعلام : «محمّد بن يعقوب بن إسحاق، أبو جعفر الكليني، فقيه ، إمامي، من أهل كُلين بالريّ، كان شيخ الشيعة ببغداد وتوفّي فيها . من كتبه: الكافي في علم الدين، ثلاثة أجزاء، الأوّل في اُصول الفقه والأخيران في الفروع، صنّفه في عشرين سنة، والردّ على القرامطة، ورسائل الأئمّة [عليهم السلام]، وكتاب الرجال» (1) .

17 - عمر رضا كحالة: قال في معجم المؤلّفين : «محمّد بن يعقوب بن إسحاق، الكليني الرازي، السلسلي، البغدادي، أبو جعفر، من فقهاء الشيعة، عارف بالأخبار والحديث، سكن بغداد بباب الكوفة، وتُوفِّي ببغداد. من تصانيفه: الكافي ، يشتمل على ثلاثين كتابا، العقل، وفضل العلم، والتوحيد، والحجّة، وفضائل القرآن» (2) .

18 - المستشار عبدالحليم الجندي: قال في كتابه الإمام جعفر الصادق [عليه السلام]، وهو يتحدّث عن حركة التدوين، وقد انتهى به المطاف إلى الاُصول الأربعمائة في الحديث عند الإمامية: «وخير ماجمع منها كتب أربعة، هي مرجع الإمامية في اُصولهم وفروعهم إلى اليوم، وهي: الكافي، ومن لا يحضره الفقيه ، والتهذيب ، والاستبصار . والكافي للكليني أبي جعفر محمّد بن يعقوب الكليني (329) ، أعظمها، وأقومها، وأحسنها، وأتقنها، فيه: 16190 حديثا، ألّفه الكليني في عشرين سنة» (3) .

ولا يخفى ما في كلامه من ذروة المدح والتعظيم والثناء على ثقة الإسلام ، وبيان ما كان عليه من قدرة وكفاءة عالية ومنزلة رفيعة، إذ جعل مدار الاُصول الأربعمائة المؤلّفة في عصور الأئمّة (عليهم السلام) على أربعة كتب فقط، وجعل الكافي من بينها - وهو

ص: 427


1- . . الأعلام : ج 7 ص 145، وقوله عن الجزء الأوّل (في اُصول الفقة)! عار من الصحّة، والصحيح: في اُصول الدين.
2- . . معجم المؤلّفين : ج 12 ص 116.
3- . . الإمام جعفر الصادق [عليه السلام] : ص 207.

الحقّ - أتقن هذه الكتب وأفضلها، فأيّ مدح للكليني طاب ثراه أعظم من هذا؟

ثانيا - الكليني بنظر المستشرقين

ثانيا - الكليني بنظر المستشرقين:لم يقتصر الثناء على أصدق وأوثق المحدّثين في الإسلام الكليني رضوان اللّه تعالى عليه، على علماء الإسلام وحدهم، بل تعدّى ذلك ليبهر عقول المستشرقين بكتابه الكافي ، الشريف الخالد، وهكذا أسهموا بدورهم في الثناء عليه، وشهدوا بفضله في الحديث (والفضل ما شهدت به الأعداء). قال Donaldisin Dawyt.M عن المحمدين الثلاثة أصحاب الكتب الأربعة (الكليني، والصدوق، والطوسي رضي اللّه تعالى عنهم): «وأوّل هؤلاء المحمدين، وأعلاهم منزلة هو محمّد بن يعقوب الكليني ، الذي ألَّف كتاب الكافي في علم الدين» (1) . وقال Karil Prokilman: «وفي أوائل القرن الرابع الهجري ، كان مجدّد فقه الإمامية ، هو أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكوليني [كذا] الرازي» (2) .

ص: 428


1- . . عقيدة الشيعة / دونالدسن داويت. م : ص 283 .
2- . . تاريخ الأدب العربي / كارل بروكلمان : ج 3 ص 339.

تصویر

ص: 429

تصویر

ص: 430

تصویر

ص: 431

تصویر

ص: 432

تصویر

ص: 433

تصویر

ص: 434

تصویر

ص: 435

تصویر

ص: 436

تصویر

ص: 437

تصویر

ص: 438

تصویر

ص: 439

تصویر

ص: 440

تصویر

ص: 441

تصویر

ص: 442

تصویر

ص: 443

تصویر

ص: 444

تصویر

ص: 445

تصویر

ص: 446

تصویر

ص: 447

تصویر

ص: 448

تصویر

ص: 449

تصویر

ص: 450

تصویر

ص: 451

تصویر

ص: 452

تصویر

ص: 453

تصویر

ص: 454

تصویر

ص: 455

تصویر

ص: 456

تصویر

ص: 457

تصویر

ص: 458

تصویر

ص: 459

تصویر

ص: 460

تصویر

ص: 461

تصویر

ص: 462

تصویر

ص: 463

تصویر

ص: 464

تصویر

ص: 465

تصویر

ص: 466

تصویر

ص: 467

تصویر

ص: 468

تصویر

ص: 469

تصویر

ص: 470

تصویر

ص: 471

تصویر

ص: 472

تصویر

ص: 473

تصویر

ص: 474

تصویر

ص: 475

تصویر

ص: 476

تصویر

ص: 477

تصویر

ص: 478

تصویر

ص: 479

تصویر

ص: 480

تصویر

ص: 481

تصویر

ص: 482

تصویر

ص: 483

تصویر

ص: 484

تصویر

ص: 485

تصویر

ص: 486

تصویر

ص: 487

تصویر

ص: 488

تصویر

ص: 489

تصویر

ص: 490

تصویر

ص: 491

تصویر

ص: 492

تصویر

ص: 493

تصویر

ص: 494

فهرس المصادر والمراجع

1 - القرآن الكريم .

2 - آثار البلاد وأخبار العباد / زكريا بن محمّد بن محمود القزويني (ت / 682 ه )، دار صادر، بيروت .

3 - أثر الشيعة الجعفرية في تطوير الحركة الفكرية ببغداد / عبدالواحد الأنصاري، ط1، بغداد / 1382 ه - 1962 م .

4 - إثنا عشر رسالة / المحقّق الداماد (ت / 1041 ه )، تقديم السيّد المرعشي النجفي، طبع ونشر السيّد جمال الدين الميردامادي، إيران .

5 - إجازات الحديث للعلّامة المجلسي (ت / 1111 ه ) ، السيّد أحمد الحسيني، نشر المكتبة المرعشية، ط1، قم / 1410 ه .

6 - الآحاد والمثاني / ابن أبي عاصم (ت / 287 ه )، تحقيق باسم فيصل أحمد الجوابرة، نشر دار الدراية، ط1، / 1411 ه .

7 - الاحتجاج / الشيخ الطبرسي (من علماء القرن السادس الهجري)، ط2، مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات ، بيروت / 1403 ه .

8 - أخبار الدولة العبّاسية / المؤلّف مجهول (من علماء القرن الثالث الهجري)، تحقيق الدكتور عبدالعزيز الدوري، وعبدالجبار المطّلبي، نشر دار الطليعة، بيروت، طبع دار صادر بيروت.

9 - أخبار الراضي باللّه والمتّقي للّه من كتاب الأوراق / أبو بكر محمّد بن يحيى الصولي (ت / 335 ه )، نشره: ج . هيورث . دن، ط3، دار المسيرة، بيروت / 1403 ه .

10 - الأخبار الطوال / أبو حنيفة الدينوري (ت / 282 ه )، تحقيق عبدالمنعم عامر، منشورات الشريف الرضي، قم، (أوفسيت على طبعة القاهرة لسنة / 1960م ).

ص: 495

11 - الاختصاص / الشيخ المفيد (ت / 413 ه )، تحقيق علي أكبر الغفاري، نشر جماعة المدرسين في الحوزة العلمية، قم .

12 - الأربعون حديثا / الإمام الخميني قدس سره (ت / 1409 ه )، تعريب السيّد محمّد الغروي، نشر مؤسّسة تنظيم ونشر تراث الإمام الخميني، قسم الشؤون الدولية، ط2، طهران/1424ه ، وطبعة دار الكتاب الإسلامي، قم .

13 - الأربعين حديثا / الماحوزي (ت / 1121 ه )، تحقيق ونشر السيّد مهدي الرجائي، ط1، قم / 1417 ه .

14 - الإرشاد / الشيخ المفيد (ت / 413 ه ) ط2، دار المفيد ، بيروت / 1414 ه (مطبوع ضمن سلسلة مؤلّفات الشيخ المفيد المجلّد الحادي عشر / 1 - 2) .

15 - إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري / القسطلاني (ت / 923 ه )، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

16 - إرشاد العباد إلى استحباب لبس السواد / الميرزا جعفر الطباطبائي الحائري (ت / 1132ه )، تصحيح وتعليق السيّد محمّد رضا الحسيني الأعرجي الفحّام (المعلومات الاُخرى لم تذكر) .

17 - أسباب اختلاف الفقهاء في الأحكام الشرعية / الدكتور مصطفى إبراهيم الزلمي، ط1، الدار العربية للطباعة، بغداد / 1396 ه .

18 - الاستبصار / الشيخ الطوسي (ت / 460 ه ) تحقيق السيّد حسن الخرسان، ط3، دار الأضواء، بيروت / 1406 ه .

19 - الاستنصار في النص على الأئمّة الأطهار / الكراجكي (ت / 449 ه )، ط2، دار الأضواء، بيروت / 1405 ه .

20 - أشعار أولاد الخلفاء وأخبارهم من كتاب الأوراق / أبو بكر محمّد بن يحيى الصولي (ت / 335ه )، نشره: ج . هيورث. دن، ط3، دار المسيرة، بيروت / 1401 ه .

21 - الإصابة في تمييز الصحابة / ابن حجر العسقلاني (ت / 852 ه ) ، منشورات محمّد علي بيضون، ط1، دار الكتب العلمية ، بيروت / 1415 ه .

22 - اُصول الكافي / الكليني (ت / 329 ه )، تصحيح وتعليق علي أكبر الغفاري، دار الأضواء، بيروت / 1405 ه .

ص: 496

23 - أضواء على السنّة المحمدية / الشيخ محمود أبو رية، ط5، دار الكتاب الإسلامي.

24 - الأعلام / الزركلي (ت / 1976م )، ط7، دار العلم للملايين، بيروت .

25 - إعلام الورى بأعلام الهدى / الفضل بن الحسن الطبرسي (ت / 548 ه )، تحقيق ونشر مؤسّسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث، ط1، قم / 1417 ه .

26 - إقبال الأعمال / السيّد ابن طاووس الحسني (ت / 664 ه )، تحقيق جواد القيومي، نشر مكتب الإعلام الإسلامي، ط1، قم / 1414 ه .

27 - الاقتصاد الهادي إلى طريق الرشاد / الشيخ الطوسي (ت / 460 ه )، تحقيق الشيخ حسن السعيد، نشر مكتبة جامع چهلستون، مطبعة الخيام، قم / 1400 ه .

28 - إكمال الدين وإتمام النعمة / الشيخ الصدوق (ت / 381 ه )، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، قم / 1405 ه .

29 - الأمالي / الشيخ الصدوق (ت / 381 ه )، تحقيق قسم الدراسات الإسلامية في مؤسّسة البعثة، ط1، قم / 1405 ه .

30 - الأمالي / الشيخ الطوسي (ت / 460 ه )، تحقيق قسم الدراسات الإسلامية في مؤسّسة البعثة، ط1، قم / 1414 ه .

31 - الأمالي / الشيخ المفيد (ت / 413 ه )، المطبعة الإسلامية، طهران.

32 - الإمام جعفر الصادق[ عليه السلام ] / المستشار عبدالحليم الجندي، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة / 1397 ه .

33 - الإمام الصادق[ عليه السلام ] / محمّد أبو زهرة (ت / 1394 ه )، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

34 - الإمامة والتبصرة من الحيرة / الصدوق الأوّل (ت / 329 ه )، تحقيق ونشر مدرسة الإمام المهدي عليه السلام ، قم .

35 - الأمان من أخطار الأسفار والأزمان / السيّد ابن طاووس (ت / 664 ه )، نشر مؤسّسة النور للمطبوعات، ط1، مؤسّسة الأعلمي، بيروت / 1421 ه .

36 - الأنساب / السمعاني (ت / 562 ه )، تقديم وتعليق عبداللّه عمر البارودي، نشر دار الجنان، ط1، بيروت / 1408 ه .

37 - إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون / إسماعيل باشا

ص: 497

البغدادي (ت / 1339 ه )، دار إحياء التراث العربي، بيروت (أوفسيت على طبعة استنبول لسنة / 1951 م) .

38 - بحار الأنوار / المجلسي (ت/1111 ه )، ط2، دار إحياء التراث العربي، بيروت / 1403 ه .

39 - البداية والنهاية / ابن كثير (ت / 774 ه )، نشر مكتبة المعارف، بيروت / 1410 ه .

40 - بصائر الدرجات / الصفّار (ت / 290 ه )، تحقيق ميرزا محسن كوجه باغي، نشر مؤسّسة الأعلمي، طهران / 1404 ه .

41 - بغداد في عهد الخلافة العبّاسية / غي لسترانج (ت / 1933 م)، ترجمة بشير يوسف فرنسيس، ط1، المطبعة العربية، بغداد / 1355 ه - 1936 م.

42 - البلدان / اليعقوبي (ت / 284 ه )، منشورات محمّد علي بيضون، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت / 1422 ه .

43 - بلغة المحدّثين / الشيخ سليمان بن عبداللّه المحقّق البحراني الماحوزي (ت / 1121 ه )، تحقيق عبدالزهراء العويناتي، ط1، مطبعة سيد الشهداء عليه السلام ، نشر المحقّق العويناتي / 1412 ه ، (مطبوع بذيل كتاب معراج أهل الكمال الآتي) .

44 - تاج العروس / الزبيدي (ت / 1205 ه )، دار صادر، بيروت / 1386 ه .

45 - تاريخ الأدب العربي / بروكلمان (ت / 1956 م )، ترجمة يعقوب بكر ورمضان عبدالتواب، دار المعارف، مصر .

46 - تاريخ الإسلام / الذهبي (ت / 748 ه )، تحقيق مصطفى عبدالقادر، منشورات محمّد علي بيضون، ط1، دار الكتب العلمية ، بيروت / 1417 ه .

47 - تاريخ بغداد / الخطيب البغدادي (ت / 463 ه ) ، تحقيق مصطفى عبدالقادر ، منشورات محمّد علي بيضون ، ط1 ، دار الكتب العلمية، بيروت / 1417 ه .

48 - تاريخ التراث العربي / فؤاد سزگين، نشر المكتبة المرعشية، ط2، قم / 1412 ه .

49 - تاريخ جرجان / السهمي (ت / 427 ه )، ط4، عالم الكتب، بيروت / 1407 ه .

50 - تاريخ الحديث وعلومه / السيّد ثامر العميدي (المؤلّف) ، بحث نشر في نشرة تراثنا العددان [47 - 48 ]السنة الثانية عشرة ، إصدار مؤسّسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث، قم / 1417 ه .

51 - تاريخ ابن خلدون (ت / 808 ه )، نشر دار إحياء التراث العربي، ط4، بيروت.

ص: 498

52 - تاريخ الخلفاء / السيوطي (ت / 911 ه ) ، ط1 ، دار الكتب العلمية ، بيروت.

53 - تاريخ دمشق / ابن عساكر (ت / 571 ه ) ، تحقيق علي شيري ، نشر دار الفكر ، بيروت / 1415 ه .

54 - تاريخ الطبري / محمّد بن جرير الطبري العامي (ت / 310 ه ) ، تحقيق محمّد أبو الفضل إبراهيم ، ط2 ، بيروت ، تاريخ مقدّمة التحقيق، 1387 ه .

55 - تاريخ مختصر الدول / ابن العبري (ت / 685 ه ) ، منشورات محمّد علي بيضون ، ط1 ، دار الكتب العلمية ، بيروت / 1418 ه .

56 - تاريخ المدينة المنورة / ابن شبّة النميري (ت / 262 ه )، تحقيق فهيم محمّد شلتوت، نشر دار الفكر، مطبعة القدس، قم.

57 - تاريخ اليعقوبي (ت / 284 ه ) ط6، دار صادر، بيروت / 1415 ه .

58 - تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام / السيّد حسن الصدر (ت / 1354 ه ) ، شركة النشر والطباعة العراقية المحدودة / 1370 ه .

59 - تأويل الآيات الظاهرة / شرف الدين الأسترآبادي النجفي (ت/بحدود سنة 965 ه ) ، تحقيق ونشر مؤسّسة الإمام المهدي عليه السلام ، ط1 ، قم / 1407ه .

60 - تبصير المنتبه بتحرير المشتبه / ابن حجر العسقلاني (ت / 852 ه ) ، تحقيق علي محمّد البجاوي ، الدار المصرية للتأليف والترجمة.

61 - التبيان في تفسير القرآن / الشيخ الطوسي (ت / 460 ه )، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

62 - تجارب الاُمم / مسكويه أبو علي أحمد بن محمّد بن يعقوب الرازي (ت / 421 ه )، مطبعة شركة التمدّن، مصر / 1332 ه .

63 - تحريرات في الاُصول / السيّد الشهيد مصطفى الخميني (استشهد سنة / 1397 ه )، نشر مؤسّسة تنظيم آثار الإمام الخميني قدس سره، ط1، مؤسسة العروج / 1418 ه .

64 - التحرير الطاووسي / الشيخ حسن بن الشهيد الثاني (ت / 1011 ه ) ، تحقيق فاضل الجواهري ، نشر المكتبة المرعشية ، ط1 ، قم / 1411 ه .

65 - تحفة الاُمراء في تاريخ الوزراء / الصابي (ت / 448 ه )، منشورات محمّد علي بيضون، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت / 1419 ه .

ص: 499

66 - التذكرة الحمدونية / ابن حمدون (ت / 562 ه ) ، ط1 ، دار صادر ، بيروت / 1996 م.

67 - تذكرة الموضوعات / محمّد بن طاهر بن علي الهندي الفتني (ت / 986 ه )، تاريخ المقدّمة 1342 ه ، وبقية المعلومات الاُخرى لم تذكر.

68 - ترتيب أسانيد كتاب الكافي / السيّد البروجردي (ت / 1380 ه )، نشر مجمع البحوث الإسلامية ، مشهد / 1414 ه .

69 - تصحيح الاعتقاد / الشيخ المفيد (ت / 413 ه ) ، ط2 ، دار المفيد، بيروت / 1414 ه . (مطبوع ضمن سلسلة مؤلّفات الشيخ المفيد في المجلّد الخامس) .

70 - التعليقة على كتاب الكافي ، المحقّق السيّد الداماد (ت / 1041 ه )، تحقيق السيّد مهدي الرجائي، نشر مكتبة السيّد الداماد، ط1، مطبعة الخيام، قم / 1403 ه .

71 - تعليقة المحقّق الداماد على رجال الكشّي ، تحقيق السيّد مهدي الرجائي ، نشر مؤسّسة آل البيت عليهم السلام ، مطبعة بعثت ، قم / 1404 ه .

72 - تعليقة الوحيد البهبهاني على منهج المقال للأسترآبادي / الوحيد البهبهاني (ت / 1205ه ) ، تحقيق ونشر مؤسّسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ، ط1 ، قم / 1422 (مطبوع بهامش منهج المقال الآتي) .

73 - تفسير الصافي / الفيض الكاشاني (ت / 1091 ه ) ، تحقيق حسين الأعلمي ، نشر مكتبة الصدر ، ط2 ، مطبعة مؤسّسة الهادي ، قم / 1416 ه .

74 - تفسير العيّاشي / محمّد بن مسعود العيّاشي (ت / 320 ه )، تحقيق السيّد هاشم رسول المحلّاتي، المكتبة العلمية الإسلامية، طهران.

75 - تفسير القمّي / أبو الحسن علي بن إبراهيم بن هاشم الكوفي القمّي (ت/بعد سنة 307 ه )، نشر مؤسّسة دار الكتاب، ط3، قم / 1404 ه .

76 - تكملة تاريخ الطبري / محمّد بن عبدالملك الهَمَذَاني (ت / 521 ه )، تحقيق محمّد أبو الفضل إبراهيم، بيروت، أوفست على طبعة القاهرة (مطبوع ضمن الجزء الحادي عشر من كتاب تاريخ الطبري).

77 - تكملة الرجال / عبدالنبي الكاظمي (ت / 1256 ه ) ، تحقيق السيّد محمّد صادق بحر العلوم ، مطبعة الآداب ، النجف الأشرف.

ص: 500

78 - تكملة رسالة أبي غالب الزراري / أبو عبداللّه الغضائري (ت / 411 ه )، تحقيق السيّد محمّدرضا الحسيني الجلالي، نشر مركز البحوث والتحقيقات الإسلامية، ط1، مكتب الإعلام الإسلامي، قم / 1411 ه (مطبوع في نهاية رسالة أبي غالب الزراري، بتحقيق السيّد الجلالي).

79 - التنبيه والإشراف / المسعودي (ت / 346 ه ) ، نشر مكتبة خياط ، بيروت / 1965 م .

80 - تنقيح المقال / الشيخ المامقاني (ت / 1351 ه ) ، نشر المكتبة المرتضوية ، النجف الأشرف / 1350 ه .

81 - تهذيب الأحكام / الشيخ الطوسي (ت / 460 ه ) ، تحقيق السيّد حسن الخرسان ، ط3 ، دار الأضواء ، بيروت / 1406 ه .

82 - تهذيب الكمال في أسماء الرجال / المزّي (ت / 742 ه ) ، تحقيق الدكتور بشار عواد معروف ، ط5 ، مؤسّسة الرسالة ، بيروت / 1413 ه .

83 - تهذيب المقال / السيّد محمّد علي الأبطحي ، نشر ابن المؤلّف ، ط2 ، قم / 1417 ه .

84 - التوحيد / الشيخ الصدوق (ت / 381 ه ) ، نشر جماعة المدرسين في الحوزة العلمية ، قم / 1398 م .

85 - توضيح المشتبه / ابن ناصر الدين الدمشقي (ت / 842 ه ) ، تحقيق محمّد نعيم العرقوسي ، ط2 ، مؤسّسة الرسالة ، بيروت / 1414 ه .

86 - توضيح المقال في علم الرجال / الشيخ علي الكني الطهراني النجفي (ق 13 - هجري)، مطبوع في بداية كتاب منتهى المقال لأبي علي الحائري، الطبعة الحجرية / 1300 ه .

87 - الثاقب في المناقب / ابن حمزة الطوسي (ت / 560 ه )، تحقيق نبيل رضا علوان، نشر مؤسسة أنصاريان، ط2، قم / 1412 ه .

88 - ثواب الأعمال / الشيخ الصدوق (ت / 381 ه )، منشورات الشريف الرضي، قم / 1410 ه .

89 - جامع الاُصول / أبو السعادات ابن الأثير الجزري (ت / 606 ه ) ، تحقيق محمّد حامد الفقي ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت .

90 - جامع الرواة / الأردبيلي (ت / 1100 ه ) ، مطبعة الأضواء ، بيروت / 1983م .

91 - الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير / السيوطي (ت / 911 ه )، نشر دار الفكر، ط1، بيروت / 1401 ه .

ص: 501

92 - الجرح والتعديل / ابن أبي حاتم الرازي (ت / 327 ه )، نشر دار إحياء التراث العربي، بيروت (أوفسيت على الطبعة الاُولى، مطبعة حيدرآباد الدكن، الهند / 1371 ه ).

93 - جمال الأسبوع / السيّد ابن طاووس الحسني (ت / 664 ه ) ، تحقيق جواد القيومي ، ط1 ، ايران / 1371 ه . ش .

94 - جوابات أهل الموصل في العدد والرؤية / الشيخ المفيد (ت / 413 ه )، ط2، دار المفيد، بيروت / 1414 ه ، (مطبوع ضمن سلسلة مؤلفات الشيخ المفيد - المجلّد التاسع).

95 - الحاشية الخليلية (على كتاب عُدّة الاُصول للشيخ الطوسي) / الشيخ خليل بن غازي القزويني (ت / 1086 ه ) ، تحقيق محمّد مهدي نجف ، نشر مؤسّسة آل البيت عليهم السلام (مطبوعة بحاشية عُدّة الاُصول للشيخ الطوسي - الطبعة القديمة) .

96 - حاوي الأقوال في معرفة الرجال/الشيخ عبدالنبي الجزائري (ت / 1021 ه ) ، تحقيق مؤسّسة الهداية لإحياء التراث ، ط1 ، قم / 1418 ه .

97 - الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة / المحقّق البحراني (ت / 1186 ه ) ، تحقيق محمّد تقي الإيرواني ، نشر الشيخ علي الآخوندي ، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين ، قم .

98 - الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري، أو عصر النهضة في الإسلام / المستشرق آدم متز، ترجمة محمّد عبدالهادي أبو ريدة، ط4، مكتبة الخانچي، القاهرة، ودار الكتاب العربي، بيروت / 1387 ه .

99 - حضارة العرب / غوستاف لوبون، ترجمة عادل زعيتر، مطبعة عيسى البابي الحلبي، مصر / 1969 م .

100 - خاتمة مستدرك الوسائل / المحدّث النوري (ت / 1320 ه ) ، تم بتحقيقنا، ونشر باسم مؤسّسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ، ط1 ، قم / 1417 ه .

101 - خاتمة وسائل الشيعة / الحرّ العاملي (ت / 1104 ه ) ، تحقيق السيّد محمّد رضا الحسينيالجلالي ، نشر مؤسّسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ، ط1 ، قم / 1412 ه .

102 - الخرائج والجرائح / قطب الدين الراوندي (ت / 573 ه ) ، تحقيق ونشر مؤسّسة الإمام المهدي عليه السلام ، قم .

ص: 502

103 - خصائص الأئمّة عليهم السلام / الشريف الرضي (ت / 406 ه ) ، تحقيق الدكتور محمّد هادي الأميني ، نشر مجمع البحوث الإسلامي ، مشهد / 1406 ه .

104 - الخصال / الشيخ الصدوق (ت / 381 ه ) ، نشر مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين ، قم / 1403 ه .

105 - خلاصة الأقوال / العلّامة الحلّي (ت / 726 ه ) ، تحقيق جواد القيومي ، ط1 ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، قم / 1417 ه .

106 - الخلاصة في اُصول الحديث / الطيبي (ت / 743 ه )، تحقيق صبحي السامرائي، بغداد / 1391 ه .

107 - الخلاصة (منظومة شعرية) / السيّد بحر العلوم (ت / 1212 ه ) ، طبعة حجرية - المعلومات الاُخرى لم تذكر .

108 - الدراية في علم مصطلح الحديث / الشهيد الثاني (استشهد سنة / 966 ه )، مطبعة النعمان، النجف الأشرف.

109 - الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة / السيّد صدر الدين علي خان المدني الشيرازي الحسيني (ت / 1120 ه )، تقديم السيّد محمّدصادق بحر العلوم، منشورات مكتبة بصيرتي، قم / 1397 ه .

110 - دلائل الإمامة / الطبري الصغير (القرن الخامس الهجري) ، تحقيق قسم الدرسات الإسلامية في مؤسّسة البعثة ، ط1 ، قم / 1413 ه .

111 - ديوان أبي فراس الحمداني، شرح الدكتور خليل الدويهي، نشر دار الكتاب العربي، ط4، بيروت / 1420 ه .

112 - ذبائح أهل الكتاب / الشيخ المفيد (ت / 413 ه ) ، ، ط2 ، دار المفيد ، بيروت / 1414 ه ، (مطبوع ضمن سلسلة مؤلّفات الشيخ المفيد - المجلّد التاسع) .

113 - الذريعة إلى تصانيف الشيعة / الشيخ آقا بزرك الطهراني (ت / 1389 ه ) ، ط3 ، دار الأضواء - بيروت / 1403 ه .

114 - ذيل تاريخ بغداد / ابن النجّار (ت / 643 ه )، تحقيق مصطفى عبدالقادر عطا، ط1، دار الكتب

ص: 503

العلمية، بيروت / 1417 ه ، (مطبوع مع تاريخ بغداد للخطيب البغدادي، في المجلدين 19 و20).

115 - رجال ابن داوود / تقي الدين الحسن بن علي بن داوود الحلّي (ت / 740 ه ) ، تحقيق السيّد محمّد صادق بحر العلوم ، المطبعة الحيدرية / النجف الأشرف / 1392 ه .

116 - رجال البرقي / أحمد بن محمّد بن خالد البرقي (ت/281 ه ) ، تحقيق جواد القيومي ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، ط1 ، قم / 1419 ه .

117 - رجال السيّد بحر العلوم المعروف بالفوائد الرجالية / بحر العلوم (ت / 1212 ه ) ، تحقيق السيّد محمّد صادق بحر العلوم ، وحسين بحر العلوم ، نشر مكتبة الصادق ، طهران (أوفسيت على طبعة النجف الأشرف) .

118 - رجال الخاقاني (ت / 1334 ه ) ، تحقيق السيّد محمّد صادق بحر العلوم ، ط1 ، مطبعة الآداب ، النجف الأشرف / 1388 ه .

119 - رجال الشيخ الطوسي (ت / 460 ه ) ، تحقيق جواد القيومي ، ط1 ، جامعة المدرسين ، قم / 1415 ه .

120 - رجال الكشّي (اختيار معرفة الرجال) / الشيخ الطوسي (ت / 460 ه ) ، تحقيق السيّد مهدي الرجائي ، نشر مؤسّسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ، قم / 1404 ه ، وطبعة جامعة مشهد، بتصحيح وتعليق وتقديم حسن مصطفوي.

121 - رجال النجاشي (ت بعد سنة / 463 ه ) ، تحقيق السيّد موسى الشبيري ، ط4 ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، قم / 1413 ه .

122 - الرحلة في طلب الحديث / الخطيب البغدادي (ت / 463 ه )، تحقيق نور الدين عتر، نشر دار الكتب العلمية، ط1، بيروت / 1395 ه .

123 - الرسائل الرجالية / العلّامة الشفتي (ت / 1260 ه ) ، تحقيق السيّد مهدي الرجائي ، نشر مكتبة مسجد السيّد بإصفهان ، ط1 / 1417 ه .

124 - رسائل الشريف المرتضى، المجموعة الاُولى، جوابات المسائل الرسّية،/ السيّد المرتضى (ت / 436 ه )، مطبعة سيّد الشهداء عليه السلام ، قم / 1405 ه .

125 - رسائل الشريف المرتضى، المجموعة الثالثة، جوابات المسائل الطرابلسيّات الثالثة / السيّد

ص: 504

المرتضى (ت / 436 ه )، مطبعة سيّد الشهداء عليه السلام ، قم / 1405 ه .

126 - الرسائل العشر / الشيخ الطوسي (ت / 460 ه )، تحقيق الشيخ واعظ زاده الخراساني، جامعة المدرسين، قم 1404 ه .

127 - الرسائل الفقهية / الوحيد البهبهاني (ت / 1205 ه ) ، تحقيق ونشر مؤسّسة العلّامة الوحيد البهبهاني ، ط1 ، قم / 1419 ه .

128 - رسالة أبي غالب الزراري إلى ابن ابنه / أبو غالب الزراري (ت / 368 ه ) ، تحقيق السيّد محمّدرضا الحسيني الجلالي ، ط1 ، نشر مركز البحوث والتحقيقات الإسلامية ، قم/1411 ه .

129 - رسالة في المتعة (خلاصة الإيجاز في المتعة) / الشيخ المفيد (ت/413 ه ) ، تحقيق علي أكبر زماني ، ط2 ، دار المفيد ، بيروت / 1414 ه ، (مطبوعة ضمن سلسلة مؤلّفات الشيخ المفيد - المجلّد السادس) .

130 - الرعاية في علم الدراية / الشهيد الثاني (ت / 966 ه ) ، تحقيق عبدالحسين محمّد علي البقال رحمه الله ، نشر المكتبة المرعشية ، ط2 ، قم / 1413 ه .

131 - الرواشح السماوية في شرح الأحاديث الإمامية / المحقّق الداماد (ت / 1041 ه ) ، نشر مكتبة السيّد المرعشي، قم / 1405 ه .

132 - روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات / السيّد محمّد باقر الموسوي الخوانساري (ت / 1313 ه ) ، ط1 ، الدار الإسلامية ، بيروت / 1411 ه .

133 - روضة الكافي / الكليني (ت / 329 ه ) ، ط3 ، دار الأضواء ، بيروت / 1405 ه .

134 - روضة المتّقين في شرح من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق / العلّامة المجلسي الأوّل (ت / 1070 ه ) ، المطبعة العلمية ، قم / 1399 ه .

135 - رياض العلماء وحياض الفضلاء / عبداللّه الأفندي (ت / 1130 ه ) ، تحقيق السيّد أحمد الحسيني ، قم / 1401 ه .

136 - زبدة الكافي / محمّدباقر البهبودي، ط2، الدار الإسلامية، بيروت / 1401 ه . (وقد كتب في هوية الكتاب: الطبعة الاُولى، وهو غير صحيح، بل الاُولى كانت بعنوان: «صحيح الكافي»! والثانية هي هذه).

ص: 505

137 - السابق واللاحق في تباعد ما بين وفاة راويين عن شيخ واحد / الخطيب البغدادي (ت / 463 ه )، تحقيق الدكتور محمّد مطر الزهراني، ط2، دار الصميعي للنشر والتوزيع الرياض، السعودية / 1421 ه .

138 - كتاب السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي / ابن إدريس الحلّي (ت / 598 ه )، تحقيق ونشر مؤسسة النشر الإسلامي، ط4، قم / 1417 ه .

139 - سر السلسلة العلوية / أبو نصر البخاري (ت / 341 ه )، منشورات الشريف الرضي، ط1، قم / 1413 ه ، (أوفسيت على الطبعة الحيدرية في النجف الأشرف لسنة / 1381 ه ).

140 - سفينة البحار / الشيخ عباس القمّي (ت / 1359 ه )، الطبعة الحجرية، إيران.

141 - سماء المقال في علم الرجال / أبو الهدى الكلباسي (ت / 1356 ه )، تحقيق السيّد محمّد الحسيني القزويني، نشر مؤسّسة ولي العصر عليه السلام للدراسات الإسلامية، ط1، قم / 1419 ه .

142 - سنن أبي داوود السجستاني (ت / 275 ه ) ، دار الجيل ، بيروت / 1412 ه .

143 - السنن الكبرى / البيهقي (ت / 458 ه )، نشر دار الفكر، بيروت.

144 - سِيَر أعلام النبلاء / الذهبي (ت / 748 ه ) ، مؤسّسة الرسالة، بيروت / 1405 ه .

145 - شرح الأسماء الحسنى/الملّا هادي السبزواري (ت/1300 ه )، نشر مكتبة بصيرتي، قم .

146 - شرح اُصول الكافي / صدر المتألّهين الشيرازي (ت / 1050 ه ) ، ترجمه إلى العربية محمّد خواجوي ، ط1 ، نشر مؤسّسة مطالعات وتحقيقات فرهنگي وابسته به وزارت فرهنگ وآموزش عالي طهران / 1370 ه ش .

147 - شرح اُصول الكافي/المازندراني (ت/1081 ه ) ، المكتبة الإسلامية ، طهران / 1382 ه .

148 - شرح اُصول الكافي (الشافي) / عبدالحسين المظفر ، ط1 ، مطبعة النعمان ، النجف الأشرف / 1386 ه .

149 - شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك / ابن عقيل الهمداني (ت / 769 ه )، تحقيق محيي الدين عبدالحميد، نشر ناصر خسرو - طهران، مطبعة أمير، ط7، قم / 1411 ه .

150 - شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد المعتزلي (ت / 656 ه ) ، تحقيق محمّد أبو الفضل إبراهيم ، ط2 ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت (أوفسيت على الطبعة الثانية المصرية لسنة / 1387 ه ) .

ص: 506

151 - شعب المقال في درجات الرجال / أبو القاسم النراقي (ت / 1319 ه )، تحقيق الشيخ محسن الأحمدي، نشر مؤتمر المحقّق النراقي، ط2، مؤسّسة النشر الإسلامي، قم/1422 ه .

152 - الشيخ الكليني البغدادي وكتابه الكافي - الفروع / السيّد ثامر العميدي (المؤلِّف) ، ط1 ، مكتب الإعلام الإسلامي ، قم / 1414 ه .

153 - صبح الأعشى في صناعة الإنشا / أحمد بن علي القلقشندي (ت / 821 ه )، شرح وتعليق محمّد حسين شمس الدين، دار الكتب العلمية، بيروت.

154 - صحيح البخاري / البخاري (ت / 256 ه ) ، ط1 ، دار الفكر ، بيروت / 1411 ه .

155 - صحيح مسلم / مسلم بن الحجاج النيسابوري (ت / 261 ه )، نشر دار ابن حزم، ط1، بيروت / 1416 ه .

156 - صحيح مسلم بشرح النووي / النووي الشافعي (ت / 676 ه )، دار الكتاب العربي، بيروت / 1407 ه .

157 - الصدوق الأوّل / السيّد ثامر العميدي (المؤلّف) ، بحث منشور في مجلّة فقه أهل البيت عليهم السلام العدد / 2 ، السنة الاُولى 1416 ه ، والعدد / 3 السنة الاُولى 1417 ه ، إصدار دائرة المعارف الإسلامية ، قم .

158 - الصراط المستقيم إلى مستحقّي التقديم / علي بن يونس العاملي النباطي البياضي (ت/877ه )، تحقيق محمّد باقر البهبودي، نشر المكتبة الرضوية، ط1، مطبعة الحيدري، طهران / 1384 ه .

159 - صلة تاريخ الطبري / عريب بن سعد القرطبي (ت/320ه ) ، مطبعة الاستقامة ، القاهرة / 1358 ه ، (مطبوع في نهاية الجزء الثامن من تاريخ الاُمم والملوك للطبري) .

160 - الصواعق المحرقة / ابن حجر الهيتمي (ت / 974 ه )، القاهرة / 1385 ه .

161 - ضحى الإسلام / أحمد أمين المصري (ت / 1373 ه )، ط7، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة / 1964 م .

162 - الضعفاء والمتروكين / ابن الجوزي (ت / 597 ه ) ، تحقيق صبحي البدري السامرائي ، ط2 ، مؤسّسة الرسالة ، بيروت / 1406 ه .

163 - طبقات أعلام الشيعة - القرن الرابع / آقا بزرك الطهراني (ت / 1389 ه ) ، دار الكتاب العربي ، بيروت / 1390 ه .

ص: 507

164 - طبقات الزيدية الكبرى / إبراهيم بن القاسم المؤيّد باللّه الزيدي (ت / 1153 ه )، تحقيق عبدالسلام بن عباس الوجيه، نشر مؤسسة الإمام زيد الثقافية، ط1، الأردن / 1421 ه .

165 - طبقات المفسّرين / الداوودي (ت / 945 ه ) ، تحقيق علي محمّد ، ط1 ، مطبعة الاستقلال الكبرى ، مصر / 1392 ه .

166 - طرائف المقال في معرفة طبقات الرجال / السيّد علي أصغر بن محمّد شفيع الجابلقي البروجردي (ت / 1313 ه ) ، تحقيق السيّد مهدي الرجائي ، نشر المكتبة المرعشية ، ط1 ، قم / 1410 ه .

167 - كتاب الطهارة الكبير / السيّد الشهيد مصطفى الخميني (استشهد سنة / 1397 ه )، تحقيق ونشر مؤسّسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني قدس سره ، ط1 ، مطبعة مؤسّسة العروج ، قم .

168 - عُدَّة الاُصول (العُدّة في اُصول الفقه) / الشيخ الطوسي (ت / 460 ه ) ، تحقيق محمّد رضا الأنصاري ، ط2 ، مطبعة ستاره ، قم / 1417 ه ، والطبعة الحجرية بنشر مؤسّسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث.

169 - عُدّة الرجال / السيّد محسن الأعرجي الكاظمي (ت / 1227 ه ) ، تحقيق مؤسّسة الهداية لإحياء التراث ، ط1 ، نشر مؤسّسة إسماعيليان ، قم / 1415 ه .

170 - عقاب الأعمال / الشيخ الصدوق (ت / 381 ه )، منشورات الشريف الرضي، قم / 1410 ه ، (مطبوع مع كتاب ثواب الأعمال للشيخ الصدوق أيضا).

171 - العقد الفريد / ابن عبد ربِّه الأندلسي (ت / 328 ه ) ، نشر دار مكتبة الهلال ، ط2 ، بيروت / 1990 م .

172 - عقيدة الشيعة / دونالدسن داويت ، مطبعة السعادة ، مصر / 1365 ه .

173 - علل الشرائع/الشيخ الصدوق (ت/381 ه ) ، المكتبة الحيدرية ، النجف الأشرف/1385 ه .

174 - علوم الحديث / ابن الصلاح الشهرزوري (ت / 643 ه ) ، تحقيق نور الدين عتر ، ط3 ، دار الفكر المعاصر ، بيروت ، ودار الفكر ، دمشق / 1418 ه .

175 - عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب / ابن عِنَبَه (ت / 828 ه ) ، ط2 ، المطبعة الحيدرية ، النجف الأشرف / 1380 ه .

176 - عوائد الأيام / أحمد النراقي (ت / 1245 ه ) ، نشر مكتبة بصيرتي ، قم / 1408 ه .

177 - عوالي اللآلئ العزيزية في الأحاديث الدينية / ابن أبي جمهور الإحسائي (ت / بحدود سنة

ص: 508

880 ه ) ، تحقيق السيّد المرعشي والشيخ مجتبى العراقي ، ط1 ، مطبعة سيد الشهداء عليه السلام ، قم / 1403 ه .

178 - عيون أخبار الرضا عليه السلام / الشيخ الصدوق (ت / 381 ه ) ، ط1 ، مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات ، بيروت / 1404 ه .

179 - عيون الحكم والمواعظ / علي بن محمّد الليثي الواسطي (القرن السادس الهجري) ، تحقيق حسين الحسني البيرجندي ، نشر دار الحديث ، ط1، قم / 1376 ه ش ، وفي تحقيق هذا الكتاب أخطاء علمية جمّة .

180 - عيون المعجزات/حسين بن عبدالوهاب (القرن الخامس الهجري) ، منشورات مكتبة الداوري ، قم .

181 - غاية المرام في تاريخ محاسن بغداد دار السلام / ياسين خير اللّه العمري الخطيب الموصلي، مطبعة الدار البصري، بغداد / 1388 ه - 1968 م.

182 - غاية المرام وحجّة الخصام في تعيين الإمام من طريق الخاص والعام / السيّد هاشم البحراني (ت / 1107 ه )، ط1، مؤسّسة التاريخ العربي ، بيروت / 1422 ه .

183 - الغدير في التراث الإسلامي / السيّد عبدالعزيز الطباطبائي (ت / 1416 ه )، ط2، مؤسّسة نشر الهادي، قم / 1415 ه .

184 - كتاب الغيبة / الشيخ الطوسي (ت / 460 ه ) ، تحقيق عباداللّه الطهراني وعلي أحمد ناصح ، ط1 ، مؤسّسة المعارف الإسلامية ، قم / 1411 ه .

185 - كتاب الغيبة / النعماني (ت / 343 ه ) ، تحقيق علي أكبر الغفاري ، نشر مكتبة الصدوق ، طهران .

186 - غيبة الإمام المهدي عند الإمام الصادق عليهماالسلام / السيّد ثامر العميدي (المؤلّف) ، ط1 ، نشر مركز الرسالة ، قم / 1424 ه .

187 - فتح الأبواب بين ذوي الألباب وبين ربّ الأرباب في الاستخارات / السيّد ابن طاووس (ت / 664 ه ) ، تحقيق حامد الخفّاف ، نشر مؤسّسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ، قم .

188 - فتح الباري بشرح صحيح البخاري / ابن حجر العسقلاني (ت / 852 ه )، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

189 - الفتنة ووقعة الجمل / سيف بن عمر الضبّي، تحقيق أحمد راتب عرموش، ط1، دار النفائس، بيروت / 1391 ه .

ص: 509

190 - كتاب الفتوح / ابن أعثم الكوفي (ت / بحدود سنة 314 ه )، تحقيق علي شيري، ط1، دار الأضواء، بيروت / 1411 ه .

191 - فتوح البلدان/البلاذري (ت/279ه ) ، ط1 ، 1409 ه ، نشر مكتبة الهلال ، بيروت / 1988م .

192 - الفخري في الآداب السلطانية / ابن الطقطقي محمّد بن علي بن طباطبا (ت / 709 ه )، دار بيروت للطباعة والنشر، بيروت / 1966م.

193 - فرائد الاُصول / الشيخ الأنصاري (ت / 1281 ه ) ، تحقيق لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم ، نشر مجمع الفكر الإسلامي ، ط1 ، قم / 1419 ه .

194 - فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم / السيّد ابن طاووس (ت / 664 ه ) ، نشر دار الذخائر للمطبوعات ، ط1 .

195 - الفَرْق بين الفِرَق / عبدالقاهر البغدادي الإسفراييني (ت / 429 ه )، تحقيق محمّد محيي الدين عبدالحميد، نشر مكتبة محمّد علي صبيح وأولاده بمصر، مطبعة المدني، القاهرة.

196 - فِرَق الشيعة / الحسن بن موسى أبو محمّد النوبختي، (من أعلام القرن الثالث الهجري)، نشر مكتبة الفقيه، قم (أوفسيت على الطبعة الرابعة في المطبعة الحيدرية، النجف الأشرف، بتحقيق السيّد محمّد صادق بحر العلوم لسنة / 1388 ه ).

197 - فروع الكافي / الكليني (ت / 329 ه ) ، ط3 ، دار الأضواء ، بيروت / 1405 ه .

198 - الفِصَل في الملل والأهواء والنحل / ابن حزم الأندلسي (ت / 456 ه )، منشورات محمّد علي بيضون، ط2، دار الكتب العلمية، بيروت /1420 ه .

199 - الفصول العشرة في الغيبة / الشيخ المفيد (ت / 413 ه )، نشر دار المفيد، ط2، بيروت 1414 ه ، (مطبوع ضمن سلسلة مؤلّفات الشيخ المفيد - المجلّد الثالث).

200 - الفصول المهمّة في اُصول الأئمّة عليهم السلام / الحرّ العاملي (ت / 1104 ه )، تحقيق محمّد حسين القائيني، نشر مؤسسة الإمام الرضا عليه السلام للمعارف الإسلامية، مطبعة نگين، قم/ 1418 ه .

201 - فضائل الأشهر الثلاثة / الشيخ الصدوق (ت / 381 ه )، تحقيق ميرزا غلام رضا عرفانيان، نشر دار المحجّة البيضاء، ط2، قم / 1412 ه .

202 - فضل الكوفة ومساجدها / محمّد بن جعفر المشهدي ، تحقيق محمّد سعيدالطريحي ، دار المرتضى ، بيروت .

203 - فلاح السائل ونجاح المسائل في عمل اليوم والليلة / السيّد ابن طاووس (ت / 664 ه ) ،

ص: 510

تحقيق غلام حسين المجيدي ، ط1، مركز النشر التابع لمكتب الإعلام الإسلامي، قم/1419 ه .

204 - الفهرس الشامل للتراث العربي الإسلامي المخطوط (الحديث النبوي الشريف وعلومه ورجاله)، نشر مؤسّسة آل البيت ، المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية، الأردن / 1411 ه .

205 - الفهرست / الشيخ الطوسي (ت / 460 ه ) ، تحقيق نشر الفقاهة ، ط1 ، قم / 1417 ه .

206 - الفهرست / ابن النديم (ت / 385 ه ) ، تحقيق رضا تجدّد الحائري المازندراني ، مطبعة دانشكاه طهران، تاريخ مقدّمة التحقيق / 1391 ه .

207 - فهرست أسماء علماء الشيعة ومصنِّفيهم / الشيخ منتجب الدين الرازي (المتوفَّى بعد سنة / 584 ه )، تحقيق السيّد عبدالعزيز الطباطبائي، نشر مجمع الذخائر الإسلامية ، مطبعة الخيام، قم / 1404ه .

208 - الفوائد الرجالية / محمّد بن إسماعيل المازندراني الخاجوئي (ت / 1173 ه )، تحقيق السيّد مهدي الرجائي، نشر مجمع البحوث الإسلامية، ط1، مشهد / 1413 ه .

209 - الفوائد المدنية / الأسترآبادي (ت / 1036 ه )، مطبعة أمير، قم / 1405 ه .

210 - فوات الوفيات / محمّد بن شاكر الكتبي (ت / 764 ه )، تحقيق محمّد محيي الدين عبدالحميد، القاهرة / 1951م.

211 - فيض الباري على صحيح البخاري / الكشميري (ت / 1352 ه )، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت.

212 - قاموس الرجال / محمّد تقي التستري (ت / 1419 ه ) ، تحقيق ونشر ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، ط2 ، قم / 1410 ه .

213 - القاموس المحيط / الفيروز آبادي (ت / 1414 ه ) ، دار الفكر ، بيروت / 1403 ه .

214 - قرامطة العراق في القرنين الثالث والرابع الهجريين / محمّد فتّاح عليّان، الهيئة المصرية العامّة للتأليف والنشر، المطبعة الثقافية، مصر.

215 - قصص الأنبياء / قطب الدين الراوندي (ت / 573 ه ) ، تحقيق الميرزا غلام رضا عرفانيان ، نشر مؤسّسة الهادي ، ط1 ، قم / 1418 ه .

216 - كامل الزيارات/ابن قولويه (ت/368 ه ) ، ط1 ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، قم/1417 ه .

ص: 511

217 - الكامل في التاريخ / ابن الأثير (ت / 630 ه ) ، تحقيق أبي الفداء عبداللّه القاضي ، ط2 ، دار الكتب العلمية ، بيروت / 1415 ه .

218 - الكامل في ضعفاء الرجال / ابن عَدِي (ت / 365 ه ) ، ط2 ، دار الفكر ، بيروت / 1405 ه .

219 - كشف الحجب والأستار / الكنتوري (ت / 1286 ه ) ، نشر المكتبة المرعشية ، قم .

220 - كشف الغمّة في معرفة الأئمّة / الإربلي (ت / 687 ه ) ، تعليق السيّد هاشم الرسولي المحلّاتي ، تبريز / 1380 ه .

221 - كشف اللثام / الفاضل الهندي (ت / 1137 ه ) ، نشر المكتبة المرعشية ، قم / 1405 ه .

222 - كشف المحجّة لثمرة المهجة / السيّد ابن طاووس (ت / 664 ه ) ، المطبعة الحيدرية ، النجف الأشرف / 1370 ه .

223 - كفاية الأثر في النصّ على الأئمّة الإثني عشر عليهم السلام / الخزّاز القمّي (ت / 400 ه ) ، مطبعة الخيّام ، قم / 1401 ه .

224 - كليّات في علم الرجال / جعفر السبحاني ، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين ، ط1 ، قم / 1414 ه .

225 - الكنى والألقاب / الشيخ عباس القمّي (ت / 1359 ه ) ، نشر مكتبة الصدر ، ط5 ، طهران/1409 ه .

226 - كنز الدقائق وبحر الغرائب/الميرزا محمّد المشهدي القمّي (ت/بحدود سنة 1125 ه ) ، تحقيق آقا مجتبى العراقي ، نشر مؤسّسة النشر الإسلاميالتابعة لجماعة المدرّسين ، ط1 ، قم / 1407 ه .

227 - كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال / المتّقي الهندي (ت / 975 ه )، تحقيق البكري وصفوة السقا، نشر مؤسسة الرسالة، بيروت .

228 - كنز الفوائد / الكراجكي (ت / 449 ه ) ، نشر مكتبة المصطفوي ، ط2 ، قم / 1410 ه .

229 - لسان العرب / ابن منظور (ت / 411 ه )، ط1، دار إحياء التراث العربي، بيروت / 1408 ه .

230 - لسان الميزان / ابن حجر العسقلاني (ت / 852 ه ) ، دار الفكر ، بيروت / 1407 ه .

231 - لؤلؤة البحرين / الشيخ يوسف البحراني (ت / 1186 ه ) ، تحقيق السيّد محمّد صادق بحر العلوم ، ط2 ، مطبعة النعمان ، النجف الأشرف/1969م .

232 - مجالس المؤمنين / القاضي نور اللّه التستري (ت / 1019 ه )، ط1، إيران / 1375 ه .

ص: 512

233 - مجدّدو المذهب وسماتهم البارزة / السيّد محمّد رضا الحسيني الجلالي ، بحث منشور في نشرة تراثنا العدد / 28 ، السنة السابعة، إصدار مؤسّسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ، قم / 1412 ه .

234 - المجدي في أنساب الطالبيين / أبو الحسن العمري (القرن الخامس الهجري) ، تحقيق الدكتور أحمد المهدوي الدامغاني ، نشر المكتبة المرعشية ، ط1 ، قم / 1409 ه .

235 - مجمع البيان في تفسير القرآن / أبو علي الطبرسي (القرن السادس الهجري)، ط1، دار إحياء التراث العربي، بيروت / 1406 ه .

236 - المحاسن / أحمد بن محمّد بن خالد البرقي (ت / 280 ه )، تحقيق السيّد جلال الدين الحسيني، دار الكتب الإسلامية ، طهران .

237 - محاضرات في اُصول الحديث المقارن / الدكتور محمود المظفّر (مطبوع على الآلة الكاتبة في النجف الأشرف لسنة / 1982م ) .

238 - المحتضر / الشيخ حسن بن سليمان الحلّي (من علماء القرن التاسع الهجري)، ط1، المطبعة الحيدرية، النجف الأشرف / 1370 ه - 1951م .

239 - مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر / ابن منظور (ت / 711 ه ) ، تحقيق رياض عبدالحميد ، دار الفكر ، بيروت / 1404 ه .

240 - مختصر التحفة الإثني عشرية (للدهلوي) / اختصره الآلوسي الوهّابي، سنة / 1301 ه ، وقدّم له محبّ الدين الخطيب (ت / 1389 ه ) (أوفسيت عن طبعة تركيا / 1396 ه ) .

241 - المختصر في أخبار البشر (تاريخ أبي الفداء) / أبو الفداء إسماعيل بن علي (ت / 732 ه ) ، منشورات محمّد علي بيضون ، ط1 ، دار الكتب العلمية ، بيروت / 1417 ه .

242 - مختلف الشيعة / العلّامة الحلّي (ت / 726 ه ) ، نشر وتحقيق مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين ، ط1 ، قم / 1412 ه .

243 - مدارك الأحكام / السيّد محمّد العاملي (ت / 1009 ه ) ، تحقيق ونشر مؤسّسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ، ط1 ، قم / 1410 ه .

244 - مدينة المعاجز (معاجز الأئمّة الإثني عشر ودلائل الحجج على البشر) / السيّد هاشم البحراني (ت / 1107 ه ) ، تحقيق عزّة اللّه المولائي الهمداني ، نشر مؤسّسة المعارف الإسلامية ، ط1 ، قم / 1413 ه .

ص: 513

245 - مرآة الجِنان وعبرة اليقظان / اليافعي (ت / 768 ه )، منشورات محمّد علي بيضون، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت / 1417 ه .

246 - مرآة العقول / العلّامة المجلسي (ت / 1111 ه ) ، ط2 ، طهران / 1404 ه .

247 - مراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع / صفيالدين عبدالمؤمن بن عبدالحق البغدادي، (ت / 739 ه )، تحقيق محمّد البجاوي، ط1، مطبعة عيسى البابي الحلبي، مصر / 1374 ه - 1955 م.

248 - مروج الذهب / المسعودي (ت / 346 ه )، تحقيق محمّد محيي الدين عبدالحميد، نشر دار الفكر، بيروت / 1409 ه .

249 - المزار / الشيخ المفيد (ت / 413 ه )، تحقيق السيّد الأبطحي، ط1، دار المفيد، بيروت / 1414 ه ، (مطبوع ضمن سلسلة مؤلّفات الشيخ المفيد - المجلّد الخامس).

250 - المستحسنات من المستنسخات / السيّد محمّد حسين الحسيني الجلالي (مخطوط) يوجد في مكتبة أخيه السيّد محمّد رضا الحسيني الجلالي في قم المشرّفة (وموارد الاقتباس منه في هذا البحث مصوّرة على الأصل وبحوزتي) .

251 - مستدركات علم رجال الحديث / النمازي الشاهرودي(ت / 1405 ه ) ، ط1 ، مطبعة شفق ، طهران / 1412 ه .

252 - مستدركات مقباس الهداية / الشيخ محمّدرضا المامقاني، ط1، قم / 1413 ه .

253 - مستدرك وسائل الشيعة / المحدّث النوري (ت / 1320 ه ) ، تحقيق مؤسّسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ، ط1 ، قم / 1407 ه .

254 - مسند الشهاب / محمّد بن سلامة القضاعي (ت / 454 ه )، تحقيق حمدي عبدالمجيد، نشر مؤسّسة الرسالة، ط1، بيروت / 1405 ه .

255 - مشارق الشموس / المحقّق الخوانساري (ت / 1099 ه ) ، تحقيق ونشر مؤسّسة آل البيت عليهم السلام ، قم.

256 - مشايخ الثقات (الحلقة الثانية)/ميرزا غلام رضا عرفانيان ، مطبعة أمير ، قم/ 1416 ه .

257 - مشرق الشمسين واكسير السعادتين / البهائي (ت / 1031 ه ) ، نشر مكتبة بصيرتي ، قم / 1398 ه . (طبعة حجريّة ومعه كتاب الحبل المتين للشيخ البهائي) .

258 - مشيخة الاستبصار / الشيخ الطوسي (ت / 460 ه ) بشرح السيّد حسن الموسوي الخرسان ،

ص: 514

ط3 ، دار الأضواء ، بيروت / 1406 ه (مطبوع في نهاية الجزء الرابع من كتاب الاستبصار للشيخ الطوسي) .

259 - مشيخة تهذيب الأحكام / الشيخ الطوسي (ت / 460 ه ) بشرح السيّد حسن الموسوي الخرسان ، ط3 ، دار الأضواء ، بيروت / 1406 ه ، (مطبوع في نهاية الجزء العاشر من كتاب تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي) .

260 - مشيخة الفقيه / الشيخ الصدوق (ت / 381 ه ) بشرح السيّد حسن الموسوي الخرسان ، ط6 ، دار الأضواء ، بيروت / 1405 ه ، (مطبوع في آخر الجزء الرابع من كتاب من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق) .

261 - مصابيح الأنوار في حلّ مشكلات الأخبار / السيّد عبداللّه شبّر (ت / 1342 ه ) ، نشر مكتبة بصيرتي ، قم (أوفسيت على طبعة مطبعة الزهراء - بغداد).

262 - مصباح الاُصول (تقريرات بحث السيّد الخوئي) (ت / 1413 ه ) ، السيّد محمّد سرور الواعظ الحسيني، نشر مكتبة الداوري، ط5، قم / 1417 ه .

263 - مصباح المتهجّد / الشيخ الطوسي (ت / 460 ه ) ، نشر مؤسّسة فقه الشيعة ، ط1 ، بيروت / 1411 ه .

264 - المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي / الفيّومي (ت / 770 ه )، منشورات دار الهجرة، ط1، قم / 1405 ه .

265 - المصطلح الرجالي (أَسْنَدَ عنه) / السيّد محمّدرضا الحسيني الجلالي، بحث منشور في نشرة تراثنا، العدد الثالث، السنة الاُولى، إصدار مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث، قم / 1406 ه .

266 - المصنَّف / ابن أبي شيبة (ت / 235 ه )، تحقيق سعيد محمّد اللحام، طبع ونشر دار الفكر، ط1، بيروت / 1409 ه .

267 - معالم التنزيل / البغوي (ت / 510 أو 516 ه )، دار الفكر، بيروت / 1405 ه .

268 - معالم العلماء / ابن شهرآشوب (ت / 588 ه ) ، طبع على نفقة محمّد كاظم الكتبي ، منشورات المطبعة الحيدرية ، ط1 ، النجف الأشرف / 1380 ه .

269 - معاني الأخبار / الشيخ الصدوق (ت / 381 ه ) ، تحقيق علي أكبر الغفاري ، نشر مؤسّسة النشر الإسلاميالتابعة لجماعة المدرّسين ، قم / 1402 ه .

ص: 515

270 - المعتبر في شرح المختصر / المحقّق الحلّي (ت / 676 ه ) ، منشورات مؤسّسة سيد الشهداء عليه السلام ، قم .

271 - معجم الاُدباء (إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب) / ياقوت الحموي (ت / 626 ه ) ، ط1 ، دار الكتب العلمية ، بيروت / 1411 ه .

272 - معجم الأعلام من آل أَعْيَن الكرام / السيّد محمّد رضا الحسيني الجلالي ، ط1 ، نشر مركز البحوث والتحقيقات الإسلامية ، قم / 1411 ه ، (مطبوع ضمن كتاب رسالة أبي غالب الزراري إلى ابن ابنه في ذكر آل أَعْيَنْ ، بتحقيق السيّد الجلالي) .

273 - معجم البلدان / ياقوت الحموي (ت / 626 ه ) ، ط2 ، دار صادر ، بيروت / 1995م .

274 - معجم رجال الحديث / السيّد الخوئي (ت / 1413 ه ) ، نشر مدينة العلم ، قم ، ط3 ، بيروت / 1403 ه .

275 - معجم ما استعجم من البلاد والمواضع / الوزير عبداللّه بن عبدالعزيز البكري الأندلسي (ت / 487 ه )، تحقيق مصطفى السقا، نشر عالم الكتب، ط3، بيروت / 1403 ه .

276 - معجم المطبوعات العربيه والمعرّبة من ظهورالطباعة إلى سنة 1339 ه / جمع وترتيب يوسف إليان سركيس ، منشورات المكتبة المرعشية ، قم / 1410 ه .

277 - معجم المؤلّفين تراجم مصنّفي الكتب العربية / الدكتور عمر رضا كحالة ، طبع دار إحياء التراث العربي ، نشر مكتبة المثنّى ، بيروت .

278 - معراج أهل الكمال/الشيخ سليمان بن عبداللّه المحقّق البحراني الماحوزي (ت / 1121 ه ) ، تحقيق السيّد مهدي الرجائي ، نشر المحقّق العويناتي ، ط1 ، مطبعة سيد الشهداء عليه السلام ، قم / 1412 ه .

279 - مع الصدوق وكتابه الفقيه / السيّد ثامر العميدي (المؤلّف) ، بحث منشور في مجلة علوم الحديث، العدد / 2 ، السنة الاُولى ، إصدار كلّية علوم الحديث، طهران / 1418 ه .

280 - مفتاح الفلاح / الشيخ البهائي (ت / 1031 ه ) ، نشر مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات ، بيروت .

281 - مفردات ألفاظ القرآن / الراغب الإصفهاني (ت / بحدود سنة 425 ه )، نشر دار القلم، والدار الشامية، ط1، دمشق وبيروت / 1412 ه .

282 - مقابس الأنوار / الشيخ أسد اللّه الدزفولي الكاظمي (ت / 1237 ه )، نشر مؤسّسة آل البيت عليهم السلام ، قم (أوفسيت على الطبعة الحجرية) .

ص: 516

283 - مقاتل الطالبيين / أبو الفرج الإصبهاني (ت / 356 ه ) ، تحقيق أحمد صقر ، منشورات الشريف الرضي ، قم/1416 ه ، (أوفسيت على الطبعة المصرية) والناشر لم يذكر ذلك!!

284 - مقالات الإسلاميين واختلاف المصلّين / أبو الحسن الأشعري (ت / 1400 ه )، تصحيح هلموت ريتر، ط2، إصدار جمعية المستشرقين الألمانية / 1400 ه .

285 - مقباس الهداية في علم الدراية / الشيخ المامقاني (ت / 1351 ه )، تحقيق الشيخ محمّدرضا المامقاني، نشر مؤسسّة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث، قم / 1411 ه .

286 - مقتل الإمام الحسين عليه السلام / أبو مخنف لوط بن يحيى (ت / 157 ه ) ، ط2 ، المطبعة العلمية ، قم / 1364 ه ش .

287 - مقدّمة اُصول الكافي / أُستاذنا الدكتور حسين علي محفوظ ، مطبوع في بداية الجزء الأوّل من اُصول الكافي ، دار الأضواء ، بيروت / 1405 ه .

288 - مقدّمة ابن خلدون / ابن خلدون (ت / 808 ه )، تحقيق حجر عاصي، منشورات دار الهلال، بيروت / 1986 م .

289 - الملل والنحل / الشهرستاني (ت / 548 ه )، تعليق وتقديم الدكتور صلاح الدين الهوّاري، نشر دار ومكتبة الهلال، ط1، بيروت / 1989م.

290 - المنتظم في تاريخ الملوك والاُمم / ابن الجوزي (ت / 597 ه ) ، تحقيق محمّد عبدالقادر عطا وأخيه مصطفى ، ط2 ، دار الكتب العلمية ، بيروت / 1415 ه .

291 - منتقى الجمان في الأحاديث الصحاح والحسان / الشيخ حسن بن الشهيد الثاني (ت / 1011 ه ) ، نشرجامعه المدرّسين فيالحوزه العلمية ، ط1 ، قم / 1403 ه .

292 - منتهى المقال / أبو علي الحائري (ت / 1216 ه ) ، تحقيق مؤسّسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ، ط1 ، قم / 1416 ه .

293 - من لا يحضره الفقيه (الفقيه) / الشيخ الصدوق (ت / 381 ه ) ، تحقيق السيّد حسن الخرسان ، ط6 ، دار الأضواء ، بيروت / 1405 ه .

294 - منهج المقال في تحقيق أحوال الرجال / الأسترآبادي (ت / 1028 ه ) ، تحقيق مؤسّسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ، ط1 ، قم / 1422 ه ، (وعندي من المطبوع ثلاثة مجلّدات إلى باب الحاء ، وما بعد حرف الحاء في هذا البحث فهو من الطبعة الحجرية) .

295 - منية المريد في أدب المفيد والمستفيد / الشهيد الثاني (ت / 966 ه ) ، تحقيق رضا المختاري ،

ص: 517

نشر مكتب الإعلام الإسلامي ، ط1 ، قم / 1409 ه .

296 - الموسوعة الميسّرة في الأديان والمذاهب المعاصرة / [ لفيف من الوهّابيين] ، ط2، السعودية / 1409 ه .

297 - ميزان الاعتدال في نقد الرجال / الذهبي (ت / 748 ه ) ، تحقيق علي محمّد البجاوي ، دار الفكر ، بيروت / 1382 ه .

298 - الميزان في تفسير القرآن / السيّد محمّد حسين الطباطبائي (ت / 1981م )، ط1، مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت / 1417 ه .

299 - نتائج التنقيح / الشيخ المامقاني (ت / 1351 ه ) ، المكتبة المرتضوية ، النجف الأشرف/1350 ه ، (مطبوع في بداية الجزء الأوّل من كتاب تنقيح المقال للمامقاني) .

300 - النثر الفني في القرن الرابع الهجري / الدكتور زكي مبارك، دار الجيل، بيروت / 1395 ه .

301 - نقد الرجال / السيّد مصطفى التفرشي (ت / بعد سنة 1044 ه ) ، تحقيق ونشر مؤسّسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ، ط1 ، قم / 1418 ه .

302 - نهاية الدراية (شرح الوجيزة للشيخ البهائي) / السيّد حسن الصدر (ت / 1354 ه ) ، تحقيق الشيخ ماجد الغرباوي ، مطبعة اعتماد ، إيران .

303 - نهج الإيمان / زين الدين علي بن يوسف بن الحسين بن جبير (القرن السابع الهجري)، تحقيق السيّد أحمد الحسيني، ط1، مطبعة ستاره، قم / 1418 ه .

304 - الهداية الكبرى / الحسين بن عبداللّه الخصيبي (ت / 334 ه )، ط4، مؤسّسة البلاغ، بيروت / 1411 ه .

305 - هداية المحدّثين إلى طريق المحمدين المعروف بمشتركات الكاظمي / محمّد أمين الكاظمي (القرن الحادي عشر الهجري) ، تحقيق السيّد مهدي الرجائي ، نشر مكتبة السيّد المرعشي ، قم / 1405 ه .

306 - هدية الأحباب في ذكر المعروفين بالكنى والألقاب والأنساب / الشيخ عبّاس القمّي (ت / 1359 ه ) ، ترجمه إلى العربية الشيخ هاشم الصالحي، تحقيق ونشر مؤسّسة نشر الفقاهة ، ط1 ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، قم / 1420 ه .

307 - هدية العارفين أسماء المؤلّفين وآثار المصنّفين / إسماعيل باشا البغدادي (ت/ 1339 ه ) ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت (أوفسيت على طبعة استنبول لسنة / 1951م) .

ص: 518

308 - الوافي / الفيض الكاشاني (ت / 1091 ه ) ، منشورات مكتبة أمير المؤمنين عليه السلام العامّة في إصفهان ، ط1 / 1406 ه .

309 - الوافي بالوفيات / الصفدي (ت / 764 ه ) ، دار صادر ، بيروت / 1389 ه .

310 - الوجيزة في علم الرجال / المجلسي (ت / 1111 ه ) ، ط1 ، مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات ، بيروت / 1415 ه . وقد طبعته المؤسّسة المذكورة بعنوان (رجال المجلسي) ، وأضافت على أصل الكتاب خلاصة أقوال السيّد الخوئي في معجم رجال الحديث بخصوص من ورد ذكره في الوجيزة .

311 - وسائل الشيعة / الحرّ العاملي (ت / 1104 ه ) ، تحقيق مؤسّسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ، ط1 ، قم / 1409 - 1412 ه .

312 - وصول الأخيار إلى اُصول الأخبار/الشيخ حسين بن عبدالصمد العاملي (ت / 984 ه ) ، تحقيق عبداللطيف الكوهكمري ، نشر مجمع الذخائر الإسلامية ، مطبعة الخيّام ، قم .

313 - وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان / ابن خلّكان (ت / 681 ه )، تحقيق محمّد محيي الدين عبدالحميد، ط1، مطبعة السعادة مصر / 1948م.

314 - وقعة صفّين / نصر بن مزاحم المنقري (ت / 212 ه ) ، تحقيق عبدالسلام محمّد هارون ، منشورات مكتبة السيّد المرعشي ، قم/1404 ه ، (أوفسيت على الطبعة الثانية بمصر لسنة / 1382 ه) .

315 - اليقين في إمرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام /السيّد ابن طاووس (ت/664 ه ) ، تحقيق الأنصاري ، نشر مؤسسة دارالكتاب ، ط1 ، قم / 1413 ه .

ص: 519

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.