موسوعه العقائد الاسلاميه

اشارة

سرشناسه : محمدي ري شهري، محمد، 1325-

عنوان و نام پديدآور : موسوعه العقائد الاسلاميه/محمد الريشهري ؛ بمساعده رضا برنجكار ؛ التحقيق مركز بحوث دار الحديث.

مشخصات نشر : قم: موسسه علمي فرهنگي دارالحديث، سازمان چاپ و نشر، 1384.

مشخصات ظاهري : 5 ج.

فروست : مركز بحوث دارالحديث؛ 85

شابك : (دوره):964-7489-99-4 ؛ (ج.1)964-7489-94-3 ؛ (ج.2)964-7489-95-1 ؛ (ج.3)964-7489-96-X ؛ (ج.4)964-7489-97-8 ؛ (ج.5)964-7489-98-6

يادداشت : چاپ دوم

يادداشت : چاپ اول: 1383.

يادداشت : جلد اول كتاب باهمكاري رضا برنجكار و عبدالهادي مسعودي ميباشد.

يادداشت : كتابنامه.

مندرجات : ج 1و 2. المعرفه .--ج 3 و 4 و 5. معرفة الله.

موضوع : اسلام -- عقايد -- احاديث.

موضوع : احاديث شيعه -- قرن 14.

شناسه افزوده : برنجكار، رضا، 1342-

شناسه افزوده : مسعودي، عبدالهادي، 1343-

شناسه افزوده : دارالحديث

شناسه افزوده : دارالحديث

رده بندي كنگره : BP211/5/م334م8

رده بندي ديويي : 297/4172

شماره كتابشناسي ملي : 1028220

ص: 1

المجلد 1

اشاره

ص: 2

ص: 3

ص: 4

ص: 5

ص: 6

ص: 7

لمحة عامّة

اشاره

لمحة عامّة الحمد للّه ربّ العالمين والصلاة على عبده المصطفى محمّد خاتم النبيّين و آله الطيبين الطاهرين الذين أذهب اللّه عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، سيّما مولانا الإمام المهدي الذي يملأ اللّه به الأرض قسطا وعدلاً بعد ما ملئت ظلما وجوراً، اللهمّ عجّل فرجه و سهّل مخرجه واجعلنا من أعوانه وأنصاره. تؤلّف العقائد الأُسس والقواعد الأصليّة لجميع الأديان والمذاهب. من هنا، فانّ المباحث العقيديّة تشكّل أهمّ فصل من تعاليم الأنبياء ، لذا نلاحظ أنّ قسما يُعتَنى به من القرآن الكريم والأحاديث المأثورة يتناول الموضوعات العقيديّة أيضا. إنّ المباحث العقيديّة تشغل موقعا متميّزاً في الجوامع الحديثيّة ، وقد اُنجزت حتّى الآن دراسات كثيرة في هذا المجال، بيد أنّ مايجب أن يُنجَز قليل بالنسبة إلى أهميّة الموضوع. يضاف إلى ذلك أنّ الحاجات البحثيّة في مجال الدين، والإمكانيّات الجديدة للبحث والتقصّي في عصرنا تفرض علينا تصنيف مجموعات أوفى بنظمٍ حديثٍ سهل المنال. في ضوء هذه الرؤية تقدّم «موسوعة العقائد الإسلاميّة» للباحثين النصوص

.

ص: 8

خصائص موسوعة العقائد الإسلاميّة

1 . الاستناد إلى القرآن والبرهان

العقيديّة في شتّى المجالات _ من مبحث المعرفة وما يجب الاعتقاد به في الإسلام ومعرفة الإنسان والعالم ومعرفة الأديان والمذاهب _ بالخصائص الآتية :

خصائص موسوعة العقائد الإسلاميّةذكرنا في مقدّمة «موسوعة ميزان الحكمة» الخصائص الضروريّة للموسوعات الحديثيّة فيعصرنا الحالي، وفيما يأتينشير إلى الخصائص المهمّة لموسوعتنا هذه:

1 . الاستناد إلى القرآن والبرهانوهو أوّل الخصائص وأهمّها، فالاستهداء بالقرآن الكريم والبرهان السليم إلى جانب الأحاديث المأثورة يصبّ في ترسيخ العقائد الدينيّة ، نقول في إيضاح ذلك إنّ العلم واليقين في اُصول العقائد ضروريّان من منظار الإسلام، وليس للإنسان أن يعتقد بشيءٍ ويتّبعه من غير أن يعرفه. (1) إنّ الطريق إلى كسب العلم في العقائد هو البرهان العقليّ، أو الاستنارة بالقرآن الكريم والأحاديث الثابت صدورها . إنّ الدعامة الأصليّة لموسوعة العقائد الإسلاميّة في اُصول الاعتقادات كالتوحيد والنبوّة هي البراهين العقليّة المستضيئة بالقرآن والحديث؛ أي: إنّ هذه البراهين صالحة للاستناد إليها بغضّ النظر عن قائلها ، فلا ضرورة _ إذاً _ للتحليل السنديّ في مثل هذه الأحاديث. أمّا في فروع العقائد فإنّ هذه الموسوعة تحاول ما أمكنها أن تزوّد الباحث بالعلم أو الاطمئنان إلى صدور الأحاديث من خلال قوّة أسنادها أو تعزيز مضامينها عبر انسجامها مع القرآن و العقل و سائر الأحاديث.

.


1- .راجع : ص 51 «الفصل الثالث : التحقيق في العقيدة» .

ص: 9

2 . الشموليّة
3 . التصنيف الموضوعيّ الشجريّ
4 . الإيجاز
5 . مدخل المباحث العقيديّة

2 . الشموليّةلقد انصبّت الجهود في هذه الموسوعة على أن تُنظَّم بشكل تشتمل فيه على جميع الآيات والأحاديث المرتبطة بالموضوعات العقيديّة المتنوّعة، بعد الاستعانة بالحاسوب، ولو افتُريَ كلامٌ على أئمّة الدين في بعض العقائد، فإنّه يقع تحت طائلة النقد والتحليل ، ومن الطبيعيّ أنّ هذا لايعني خلوّ الموسوعة من النقص، بل لامناص من وجود النقائص بسبب انبساط كثير من الموضوعات وتفريعاتها ، وسترفع إن شاءاللّه باقتراح الباحثين ودعمهم.

3 . التصنيف الموضوعيّ الشجريّتيسيراً لحصول الباحثين على النصوص العقيديّة، و تمهيداً لفهم معانيها بنحو أدقّ عمدت الموسوعة إلى وضع الأحاديث المرتبطة بكلّ موضوع بعد تبويبها جنبا إلى جنب على أساس تسلسل منطقي من الكلّيّ إلى الجزئيّ.

4 . الإيجازلقد حاولنا تقليص حجم الموسوعة جَهْدَ استطاعتنا على اتّسامها بالشموليّة. فحذف الأحاديث المتشابهة، وذكر عناوينها واختلافاتها في الهامش يحقّقان هذا الهدف ، وبهذه المزيّة يستطيع الباحث أن يصيب حظًّا أكبر من هذه المجموعة لتحقيق أهدافه البحثيّة في أقصر فرصة ممكنة.

5 . مدخل المباحث العقيديّةيتناول مدخل الموسوعة بالبحث والتحليل عدداً من المباحث المعاصرة التي يحتاج إليها الباحثون في ميدان المسائل الاعتقاديّة مفصّلاً.

.

ص: 10

6 . شرح، استنتاج، تحليل، نقد
7 . الفهرسة

اُسلوب اختيار الآيات والروايات و تدوينها

6 . شرح، استنتاج، تحليل، نقدنلاحظ في بداية كثير من أقسام الموسوعة و فصولها أو في نهايتها تعليقات، واستنتاجات، و تحاليل، ونُقود تدلّ على مُخَطَّطٍ عامّ لذلك القسم. ومن الطبيعيّ أنّ هذا لايعني استغناء سائر الأقسام عن النقد و التحليل، بل إنّه أوّل خطوة نوعيّة لتمهيد الأرضيّة لبحوث ودراسات مبسوطه و متنوّعة في المجالات العقيديّة المختلفة.

7 . الفهرسةرغبةً في استنارة الباحثين بالخطابات المتنوّعة للنصوص العقيديّة، ستتمّ فهرسة هذه الخطابات لتكون في متناول الراغبين كلّاً على حدة. وستوفّر فهرسة الأحاديث العقيديّة مصحوبةً بالبرامج _ الفرصةَ لاستفادة الباحثين من هذه الأحاديث في سائر الفروع العلميّة والأخلاقيّة.

اُسلوب اختيار الآيات والروايات و تدوينهاثمّة نظام خاصّ لاختيار الآيات والأحاديث و تدوينها في مركز بحوث دارالحديث، لانجد ضرورةً هنا لاستعراضه مفصّلاً لكنّنا نشير إلى أهمّ النقاط فيما خخيأتي لإطلاع الباحثين عليها. 1 . إنّ الأحاديث المرويّة عن أهل بيت رسول اللّه _ صلوات اللّه عليهم أجمعين _ من وجهة نظرنا هي في حقيقتها حديث رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، كما قال الإمام عليُّ بن موسى الرضا عليهماالسلام : « إنّا عَنِ اللّهِ وعَن رَسولِهِ نُحَدِّثُ » (1) ، وكما قال الإمام جعفرُ بنُ محمّد الصادق عليهماالسلام :

.


1- .رجال الكشّي : ج 2 ص 490 ح401 عن يونس بن عبدالرحمن ، بحار الأنوار : ج2 ص250 ح62 .

ص: 11

« حَديثي حَديثُ أبي ، وحَديثُ أبي حَديثُ جَدّي ، وحَديثُ جَدّي حَديثُ الحُسَينِ ، وحَديثُ الحُسَينِ حَديثُ الحَسَنِ ، وحَديثُ الحَسَنِ حَديثُ أميرِ المُؤمِنينَ عليهم السلام ، وحَديثُ أميرِ المُؤمِنينَ حَديثُ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، وحَديثُ رَسولِ اللّهِ قَولُ اللّهِ عز و جل » . (1) من هذا المنظور تأتي كلمة « السنّة » في عنوان الكتاب لتعبّر عن هذا المدلول ، وتؤدّي المعنى الّذي يفيد باستخدام الكتاب لكلّ الأحاديث الواردة عن النَّبي وأهل بيته عليهم السلام على حدّ سواء . 2 . حاولنا أن نجمع كلّ الآيات والأحاديث المرتبطة بموضوع المباحث العقيديّة بعد إعداد القصاصات من المصادر الموجودة في دارالحديث عن طريق المفردات الدليليّة الأصليّة المتعلّقة بهذا الموضوع من خلال الاستعانة ببرامج الحاسوب الآلي، ثمّ يتمّ اختيار أشمل المصادر وأوثقها وأقدمها. 3 . تفادينا التكرار إلاّ في المواضع الآتية: أ _ وجود نقطة مهمّة كامنة في التفاوت بين المفردات. ب _ وجود تباين لفظيّ بين النّصّ الشيعيّ والسنّيّ. ج _ وجود تكرار في عدد من الأبواب بشرط ألّا يزيد الحديث على سطر واحد ، وفي غير المواضع المذكورة تُحذَف الأحاديث المتكرّرة ويضاف عنوانها في الهامش حسب النظام الخاصّ المتَّبَع. 4 . يتلو ذِكرَ الآياتِ المتعلّقة بالموضوع أحاديثُ النبيّ صلى الله عليه و آله وأهل البيت عليهم السلام حتّى الإمام المهدي عجّل اللّه فرجه بالترتيب إلّا الأحاديث الواردة في تفسير الآيات القرآنيّة ؛ فانّها مقدَّمة على جميع الأحاديث ، علما أنّ التناسق بين بعض الأحاديث

.


1- .الكافي: ج 1 ص 53 ح 14، منية المريد: ص 373 كلاهما عن هشام بن سالم و حمّاد بن عثمان وغيرهما ، الإرشاد: ج 2 ص 186، بحار الأنوار : ج 2 ص 179 ح 28 . وراجع : أهل البيت في الكتاب والسنّة : القسم الرابع / الفصل الأوّل / حديثهم حديث رسول اللّه .

ص: 12

في المضمون قديؤدّي أحيانا إلى مخالفة الترتيب المذكور. 5 . تمّ تنظيم مصادر الأحاديث في الهامش وفقا لدرجات اعتبارها. 6 . إذا تيسّر الحصول على اُمّهات المصادر، فإنّ الحديث يُنقل منها إلّا عنوان «بحار الأنوار» في أحاديث أهل البيت عليهم السلام «وكنز العمّال» في أحاديث السنّة إذ يُذكر كلّ منهما في النهاية. 7 . إذا كان أحد الأحاديث مأثوراً عن النبيّ وعن أهل بيته في آنٍ واحد فانّ المأثور عن النبي يُذكر في النّصّ ، ويُشار إلى الآخر في الهامش. 8 . تبدأ الأحاديث باسم النبيّ صلى الله عليه و آله أو أهل بيته عليهم السلام إلّا إذا اقتضى النّصّ ذكر اسم الراوي، حينئذٍ يرد عنوان الكتاب المنقول عنه الحديث في البداية. 9 . للنبيّ صلى الله عليه و آله و أهل بيته عليهم السلام أسماء وألقاب متعدّدة، وقع الاختيار على واحد منها. 10 . يُشفَع اسم النبيّ صلى الله عليه و آله بالصلاة عليه، ولفظها « صلى الله عليه و آله » كما يُشفَع اسم الإمام مِن أهل بيته بالسلام، ولفظه « عليه السلام » تبجيلاً لهم، وإن اختلفت ألفاظ تكريمهم في الكتاب المنقول عنه الحديث، أمّا الآخرون فيُكتفَى بذكر أسمائهم. 11 . لقد وردت إرجاعات إلى بعض المصادر أحيانا بعد ذكر مصادر الحديث في الهامش من خلال لفظ: «راجع». وفي مثل هذه الحالات يلاحظ أنّ بين النّصّ المُرجَع إليه والنّصّ المنقول تفاوتا كبيراً، مع هذا الالتفات إلى ذلك مفيداً للباحث. 12 . إنّ الإرجاعات الواردة إلى الأبواب الأخرى تتبع التناسب في محتوى أحاديثها. في الختام أقدّم جزيل شكري إلى جميع الإخوة الأفاضل العاملين في دارالحديث على دورهم في تنظيم هذا المصنَّف الثمين بخاصّة الأخ المشرف على

.

ص: 13

قسم الكلام والعقائد سماحة الشّيخ الدكتور رضا برنجكار الذي يواصل العمل في الموسوعة الآن بفضل تعاونه وجهوده. كما أشكر الأخ الكريم سماحة الشيخ عبدالهادي مسعودي مدير الأقسام المشرفة على تصنيف الموسوعة، الذي انتظم القسم الثالث من الكتاب الأوّل بمساعيه ، وأبتهل إلى اللّه سبحانه أن يمنّ عليهم جميعا بمزيد التوفيق لخدمة المعارف الإسلاميّة الأصيلة إنّه عليم قدير. ربّنا عليك توكّلنا وإليك أنبنا وإليك المصير محمّد الريشهري 11 ربيع الأوّل 1424 ه . ق 23/2/1382 ه . ش

.

ص: 14

. .

ص: 15

المبحث الأوّل : المعرفة

اشاره

المبحث الأوّل : المعرفةالمدخلالقسم الأوّل : العقيدةالقسم الثّاني: العق_لالقسم الثالث: الجه_لالقسم الرابع : العلمالقسم الخامس : الحكمةالقسم السّادس : مبادئ المعرفةالقسم السّابع : موانع المعرفةالقسم الثّامن : تحصيل المعرفةالقسم التّاسع : تعليم المعرفةالقسم العاشر : العالم

.

ص: 16

. .

ص: 17

المدخل

المدخلإنّ علم المعرفة الذي نال نصيبا كبيراً من الاهتمام في المباحث الفلسفيّة والعقائديّة أخيراً، وصار ميدانا لصراع العقائد الماديّة والسماويّة ذوماضٍ سحيقٍ ممتدّ ، فقد شهدت اليونان القديمة في عصر السفسطائيين وسقراط الخوض في مباحث متنوّعة مثل ماهيّة المعرفة ، وأدواتها ، ونطاقها ، وقيمتها . وتواصلت هذه المباحث إذ واكبها افلاطون وارسطو بعد ذلك . كانت المعرفة، بخاصّة مصادرها وأدواتها، أحد الموضوعات الرئيسة في المناظرات التي جرت بين أئمّة أهل البيت عليهم السلام _ ولا سيّما الإمام الصادق عليه السلام _ و بين المادّيّين في عصرهم خلال النصف الأوّل من القرن الثاني الهجريّ . (1) ونالت مباحث المعرفة الاهتمام بعد عصر النهضة في الغرب إلى أن جعل «كانت» علم المعرفة محورا للفلسفة واستقلّ هذا العلم في القرن الأخير وأصبح له

.


1- .راجع : الحوار بين الحضارات في الكتاب والسنّة .

ص: 18

موقعا متميّزا بين العلوم ، وصُنِّفت كتب كثيرة في هذا المجال . ولمّا كان «علم المعرفة» هو أساس المباحث العقيديّة، فقد شغلت المباحث والنصوص المرتبطة بأبوابها المختلفة أوّل حلقة من حلقات النصوص العقيديّة، وتعرض هذه الحلقة في عشرة أقسام بالترتيب الآتي: القسم الأوّل يقدِّم للباحثين سبعة فصول تخص «العقيدة» ، وملاحظة هذا القسم قبل الدخول في متن المباحث العقيديّة لكلّ مدرسة؛ بخاصّة مباحث علم المعرفة مفيدة نافعة كثيراً. القسم الثاني يدور حول قوّة «العقل» (1) ويحتوي على سبعة فصول ناقشت حقيقة العقل، وخلقه، ومنزلته، وأنواعه، وقيمة قوّة الفكر، وتأكيد التعقّل، والتفكير والتفقّه لكسب المعرفة، والأسباب الماديّة والمعنويّة لتعزيز الفكر، ومعالم الاستهداء بقوّة العقل في الحياة وآفات العقل، وأحكام العاقل من منظار النصوص الإسلاميّة. القسم الثالث في «الجهل» ويشمل ثمانية فصول ضمّت تبيان معنى الجهل من منظور الإسلام، وحذّرت منه بشدّة، وعرّفت أنواع الجاهلين، و علامات الجهل والأحكام المرتبطة بالجاهلين. واحتوت الفصول الثلاثة الأخيرة من هذا القسم على موضوعات بالغة الأهميّة لافتة للنظر تدور حول الجاهليّة قبل الإسلام وبعده، وانتهاء عصر الجاهليّة في آخر الزمان بقيادة مهديّ آل محمّد صلى الله عليه و آله . القسم الرابع في «العلم» ويشتمل على أربعة فصول تناولت حقيقة العلم في

.


1- .جدير بالذكر أنّ «القسم الثاني والثّالث» من هذه الأقسام قد طُبع من قبل تحت عنوان «العقل والجهل في الكتاب والسنة» وهكذا «القسم الرّابع» إلى «العاشر» طُبع تحت عنوان «العلم والحكمة في الكتاب والسنة» وقد أضفنا بعض المواضيع أو غيّرناه وفقا لما تقتضيه هذه الموسوعة .

ص: 19

النصوص الإسلاميّة، وفضيلة العلم، وآثاره، وأقسامه. القسم الخامس في «الحكمة» وتحوي سبعة فصول تحدّثت بالتفصيل عن معنى الحكمة في القرآن والحديث، وفضيلة الحكمة و آثارها، وأهمّ التعاليم لبلوغ الحكمة الحقيقيّة، ومواصفات الحكماء اُولي الاستقامة. القسم السادس يدور حول «مبادئ المعرفة» في النصوص الاسلاميّة. ويشتمل على أربعة فصول استعرضت مبادئ العلم والحكمة، وأسباب المعارف العقليّة والقلبيّة، ومبادئ الإلهامات الغيبيّة. القسم السابع يتناول «موانع المعرفة» ويتكوّن من فصلين : الأوّل: يستبين حُجُبَ العلم والحكمة من منظور قرآنيّ وحديثيّ . الثاني : يوضّح ما يُزيل هذه الحجب . و من الحريّ بالذكر أنّ القسم السادس والسابع هما أهمّ الأقسام في مباحث علم المعرفة حسب الرؤية الإسلاميّة. القسم الثامن يتناول «كسب المعرفة» ويتألّف من خمسة فصول تتكفّل بتبيان وجوب كسب المعرفة، وفضيلة كسبها، وآداب ذلك وأحكامه من منظار إسلاميّ . القسم التاسع موضوعه «تعليم المعرفة» ويشتمل على أربعة فصول تناولت وجوب التعليم وفضيلته، وآدابه، والإجابة عن أسئلة الطَلَبة الجامعيّين على لسان أئمّة الإسلام. القسم العاشر يستعرض نقاطا مهمّةً حول «العلماء» وفيه ستّة فصول أسهبت في الحديث عن فضيلة العلماء، والآداب التي ينبغي أن يراعوها، و حقوق العالِم، والمعلّم والمتعلّم، وأصناف العلماء والحكماء القدوات، وخطر علماء السّوء على المجتمع ، وإليك تفصيل ما أجملناه:

.

ص: 20

. .

ص: 21

القسم الأوّل : العقيدة

اشاره

القسم الأوّل : العقيدةالفصل الأوّل: دور العقيدةالفصل الثاني: التقليد في العقيدةالفصل الثالث: التحقيق في العقيدةالفصل الرابع : تصحيح العقيدةالفصل الخامس : اختبار العقيدةالفصل السادس : حرّية العقيدةالفصل السابع : تعليم العقيدة

.

ص: 22

. .

ص: 23

الفصل الأوّل: دور العقيدة

معنى العقيدة
دور العقيدة في الحياة

الفصل الأوّل: دور العقيدةمعنى العقيدةإنّ كلمة «عقيدة» مشتقّة من المصدر «عقْد» الذي يعني الإحكام والشدَّ والربط ، وربطُ الشيءِ بشيءٍ آخر أو شدُّه إليه يمكن أن يكون حقيقيًّا ومادّيًّا حينا كتطعيم شجرةٍ ببرعمٍ أو بغصنٍ من شجرةٍ اُخرى ، ويمكن أن يكون اعتباريًّا ومعنويًّا حينا آخر كزواج رجلٍ بامرأةٍ يرتبط بها بواسطة عقد قرانه عليها . فالعقيدة إذاً عبارة عن ذلك الشيء الذي يتّصل بذهن الإنسان وروحه وفكره. فعندما يتقبّل الذهن أنّ الأرض تدور حول الشمس أو أنّ الشمس تدور حول الأرض، وعندما يتقبّل أنّ الدمَ يدور في الجسم أو لا يدور ، وعندما يتقبّل أنّ للكون خالقا أو ليس له ، وعندما يتقبّل أنّ الإنسان بعد مماته يحيا أو لا ، فتقبُّله لأيّ نظرية _ حقًّا كانت أم باطلاً _ يعني شدَّ تلك النظرية إلى الذهن وربطها به وإحكام صلتها فيه . هذهِ الصلة تسمّى «عقدا» وتلكَ النظريّة تسمّى «عقيدة» .

دور العقيدة في الحياةإنّ عقائد الإنسان وتصديقاته هي الأساس لجميع توجّهاته في الحياة ، وعليه ، فالعقيدة صاحبة الدور الأكبر في الحياة الفردية والاجتماعية ، وعلى حدّ قول

.

ص: 24

الباري سبحانه : «كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ» . (1) فعقائد الإنسان وتصديقاته هي التي تحدّد هيئته الباطنية وحقيقته الواقعية وتشكّلهما ، وهي التي تحفّزه إلى العمل وتحدّد اتّجاهه في الحياة ، فاذا كانت عقيدته صائبة مطابقة للواقع كان طريق حياته صائبا كذلك ، أمّا إذا كانت عقيدته فاسدة باطلة فإنّ طريق حياته لا يؤدّي إلّا إلى الضياع ، ومن ثَمّ كان اهتمام الإسلام بتصحيح العقيدة قبل أيّ شيء آخر . من المؤكّد أنّه ليست هناك مدرسة تفوق مدرسة الإسلام في تقديرها للعقيدة ، فالعقيدة في الإسلام هي المعيار لتقييم الأعمال ، وحتّى الأعمال الصالحة فإنّها تعتبر فاقدة لقيمتها ما لم تنبعث عن عقيدة صحيحة صائبة! يقول الإمام الباقر عليه السلام : لا يَنفَعُ مَعَ الشَّكِّ وَالجُحودِ عَمَلٌ. (2) وهذا يعني أنّ صحّة العمل وفائدته ودوره في تكامل الإنسان منوطٌ بصحّة عقيدة العامل ، فإن لم تتوفّر في الإنسان سلامة العقيدة وكان منكِراً لما هو حقّ أو اعتراه الشّك فيه فإنّ ما يتأتّى عن عقيدته من عمل لا يمكن أن يكون سالما أو يجدي نفعا ، ذلك لأنّ العقيدة هي التي تثير في الإنسان دافعا للعمل ، والدافع هو الذي يوجّه العمل ، والدافع والاتّجاه كلاهما يحدّدان مفهوم العمل ومعناه ولياقته وعدم لياقته . لذلك ، فإنَّ _ من وجهة نظر الإسلام _ أوّلَ ما يُطرح على الإنسان بعد مماته لدى

.


1- .الإسراء : 84 .
2- .الكافي : ج 2 ص 400 ح 7 ، الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه السلام : ص388 وفيه «أروي ...» ، بحار الأنوار : ج 72 ص124 ح 1 .

ص: 25

قصّةٌ تَربويّة

دخوله في عالم الآخرة من استجوابات مبدئيّة للتسجيل في ملفّ أعماله هو السؤال عن العقائد ، فأوّل سؤال عن العقيدة، لاعن العمل: بأيّ إلهٍ آمنت؟ وبأيّ دين اعتقدت؟ ومن اُسوتك ورائدك الذي اتّبعتَه؟ ولا يمكن العثور على مدرسة بين مدارس العالم تعير العقيدة الإنسانيّة ما يعيرها الإسلام من الاهتمام والقيمة والاحترام البالغ ، فالبحوث العقائديّة من منظار الإسلام تتصدّر البحوث الاُخرى على الإطلاق. فعلى المؤسّسات العلميّة الدينيّة والجامعات في الأقطار الإسلاميّة أن تُولي المحاضرات والبحوث والقضايا العقائديّة عظيم اهتمامها قبل كُلّ شيء. وسيأتي الحديث مفصّلاً في الأقسام القادمة من هذا الكتاب عن رؤية الإسلام للأهميّة التي تتَّسم بها مباحث علم المعرفة. و نشيرهنا إشارةً مقتضبة إلى قصّة تربويّة بالغة التعليم في هذا المجال.

قصّةٌ تَربويّةروى المرحوم الشيخ الصدوق (المتوفّى 381 ه ) _ وهو من أعلام محدّثي الشيعه في كتبه المعروفة: معاني الأخبار؛ والخصال؛ والتوحيد _ عن شخص يُدعى القدام بن شريح بن هانئ، عن أبيه قال: إنّ أعرابيًّا قام يوم الجمل إلى أميرالمؤمنين عليه السلام ، فقال: يا أَميرَ المُؤمِنينَ ، أَتَقولُ إِنَّ اللّهَ واحِدٌ؟! سؤال لم تكن له أيّ مناسبة في نظر المقاتلين المنهمكين في القتال ولا شاغل لهم اِلّا التخطيط للعمليات والخطط الحربية وما يلزم لتنفيذها ، فلو أنّ سائلاً أراد أن يسأل عن شيء في ذلك الموقف فلابدّ أن يكون سؤاله مرتبطا بالحرب، بالمسألة الأصلية في ذلك اليوم ، فلمّا رأوا أنّ سؤال الأعرابي عن مسألة عقائدية تبدو

.

ص: 26

حسب الظاهر وكأنما لا مِساسَ لها بالمعركة من أيّ جهة وأنّ في إمكانه أن يطرح سؤاله ويحظى بجوابه في أيّ وقت آخر ، اشتاطوا غضبا جميعا من تصرّف هذا الرجل وعدم تقديره لظروف الوضع القائم ، وارتفعت أصواتهم بالاعتراض عليه ، كلٌّ من جانبه . فلمّا رأى الإمام علي عليه السلام ذلك الأعرابي وسط وابل من الاعتراض والتهجّم تداركه بعبارة تاريخية وموعظة تعليمية عظيمة ، تعبّر بدقّة عن أهمّية البحوث العقائديّة؛ حيث قال عليه السلام : دَعوهُ ؛ فَإِنَّ الَّذي يُريدُهُ الأَعرابِيُّ هُوَ الَّذي نُريدُهُ مِنَ القَومِ! إنّ عبارة الإمام هذه التي اُلقيت في تلك الظروف على غاية من الأهمّية ، وما أجدرها بالتأمّل والتّحقيق . فلو تصوّرنا الظروف في تلك اللحظات المصيرية الحاسمة بالنسبة للإمام عليه السلام لتجلَّى الواقع عن عدم توفّر المجال المناسب للإجابة على مثل هذا السؤال ، وأنّه كان في إمكان الإمام عليه السلام أن يحيل الإجابة إلى غيره ، أو أن يستمهلها إلى فرصةٍ أوسع؛ إلَا أنّه لا أحالها ولا اعتذر عنها لضيق الوقت ، وإنّما رآها فرصةً ليلقّن المسلمين درسا ، أراد أن يعلّمهم فلسفة الجهاد ، ويبيّن لنا أهمّية المسائل والبحوث العقائدية ودراستها والمحاضرة فيها . وإنّه عليه السلام رغم تلك اللحظات المصيريّة الحسّاسة وتأزُّم الظروف ، تصدَّى للإجابة عن تساؤل ذلك الأعرابي ، وبيان فلسفة الجهاد والقتال ، قائلاً : دعوه يسأل مسألته ، فنحن أيضا لا هدف لنا من قتالنا ضدّ هؤلاء القوم إلّا هذا ،

.

ص: 27

نحن لا نهدف التسلّط والاستغلال ، وإنّما هدفنا هو المعرفة والإدراك والتَّنَوُّر ، وما القتال إلّا من أجل تحطيم السدود وإزالة العراقيل ورفع الحجب التي تمنع الحقيقة من أن تتجلّى عن نفسها ، ففلسفة الجهاد هي تحرير الإنسان من ربقة المعتقدات الموهومة ، وتهيئة المناخ اللازم لتصحيح العقائد ، وازدهار المعتقدات العلمية الصحيحة . (1) وعليه ، فإنّ سؤال الأعرابي لم يقتصر على كونه ذا صلة مباشرة بالمسألة الأصلية ، وهي الحرب فحسب ، بل إنّه ليرتبط بها في أدقّ أبعادها وأعمقها ، ذلك لأنّ سؤاله يتعلّق بفلسفة القتال والجهاد ، وما من صلةٍ أقوى من صلة الشيء بفلسفته . لذلك أدار الإمام علي عليه السلام وجهه نحو الأعرابي وأجاب عن سؤاله في غاية الوقار والدقّة ، قائلاً : يا أَعرابِيُّ ، إِنَّ القَولَ في أَنَّ اللّهَ واحِدٌ عَلى أربَعَةِ أَقسامٍ : فَوَجهانِ مِنها لا يَجوزانِ عَلَى اللّهِ عز و جل ، ووَجهانِ يَثبُتانِ فيهِ . ثمّ وضّح له الإمام عليه السلام الأقسام الأربعة قسما قسما . (2)

.


1- .سنتعرّض لهذا الموضوع بالتفصيل في الفصل السادس من هذه المقدّمة تحت عنوان «حرّية العقيدة» ص115 .
2- .راجع : الخصال : ص 2 ح 1 ، معانى الأخبار : ص 5 ح 2 ، التوحيد : ص 83 ح 3 .

ص: 28

. .

ص: 29

الفصل الثاني: التقليد في العقيدة

اشاره

الفصل الثاني: التقليد في العقيدةمن المسائل التي تقتضي الضرورة أن نُلمّ بها أيضا قبل ذكر النّصوص العقائدية ودراسة اُصول العقائد الإسلامية، مسألة التقليد في اُصول العقائد ، من وجهتي نظر العقل والإسلام . فالواجب بادئَ ذي بَدءٍ أن نرى _ فيما لو احتكمنا إلى العقل _ من أين ينبغي لنا أن نكتسب مبادئنا العقائدية؟ وهل يجيز لنا العقل فيما يتعلّق بالرؤية الكونية والاُصول العقائدية تقليد الوالدين أو زعماء الحزب والمنظمة أو العلماء أو مَن نثق بهم ومَن إلى ذلك؟ بعبارة اُخرى : هل يجيز العقل للإنسان أن يكون مقلِّداً في عقائده؟ أو يوجب عليه التحقيق فيها؟ وبعد أن يجيب العقل على هذا السؤال علينا أن نستطلع الجواب في رأي الإسلام ، وهل يتّفق الجواب بين العقل والإسلام ، أو للإسلام جواب آخر؟ فلنبدأ البحث بالإجابة عن السؤال الأول : نحن الآن مثول مع العقل أمام محكمة الضمير ، نسأله : ما تكليفنا بالنسبة للاُصول العقائدية؟ هل التكليف بالتحقيق أو بالتقليد؟ وما أحوجنا الآن قبل الاستماع إلى جواب العقل أن نبيّن معنى كلمة «التقليد»

.

ص: 30

ما التقليد ؟
حكم العقل بالنسبة للتقليد في العقائد

ومدلولها ونوضح المقصود منها .

ما التقليد ؟التقليد عبارة عن تقبّل رأي الآخرين دون المطالبة بالدليل والبرهان. (1) وهنا يَعِنُّ سؤال : هل يجيز العقل ذلك ، فيسمح للإنسان بقبول رأي من آخر أو آخرين بخصوص المسائل الاعتقادية دون ثبوته بالدليل والبرهان؟ أو لا يجيز ذلك؟ بل ويقضي على الإنسان بضرورة تحصيل عقائده عن طريق التحقيق ، وأنّ نظريات الآخرين وآراءهم لا تصبح أهلاً للقبول ، اللهمَّ الَا إذا كانت محقّقة مدعمة بالأدلّة والبراهين العقلية؟

حكم العقل بالنسبة للتقليد في العقائدبناءً على تعريف التقليد المشار إليه آنفا فإنّ العقل لا يسمح للإنسان مطلقا بأن يصبح مقلِّداً في المبادئ والاُسس العقائدية ، ذلك لأنّ الاُصول العقائدية تستلزم العلم ، والتقليد لا يكسب علما . وضرورة العلم بالنسبة لاُصول العقائد أمر لا يحتمل الشكّ ما دامت العقيدة أساسا للعمل ، فالعقل لا يجيز مطلقا وبصورة قطعية أن يبني الإنسان كلّ نشاطاته الفردية والاجتماعية على أساس عقيدة لا يعرف هو شخصيًّا صحّتها من سقمها أو مدى مطابقتها للواقع . أمّا كون التقليد لا يكسب أو لا يحقّق للإنسان علما فهو أمر بديهيّ واضح ، إذ لو كان التقليد يستحصل للإنسان علما لكانت قاطبة المدارس وجميع العقائد والأديان المختلفة في العالم _ ما كان منها وما يكون _ بالضرورة علميّة صحيحة

.


1- .التقليد في اصطلاح أهل العلم : قبول قول الغير من غير دليل (مجمع البحرين : ج 3 ص 1507) .

ص: 31

المقلّد عالم خياليّ
التقليد في العقائد من وجهة نظر الإسلام

منطبقة على الواقع .

المقلِّد عالِمٌ خياليّأجَل ، إنّ التقليد لا يكسب علما ، ومبلغ إدراك المقلِّد هو أن يتخيَّل في نفسه أنّه عالم ، فهو عالمٌ في عالم الخيال لا في عالم الواقع . بعبارة اُخرى : المقلِّد عالِمٌ خيالي لا عالِمٌ واقعي . فما من أتباع دينٍ _ أيًّا كانوا _ إلّا ويعتبرون عقيدتهم صحيحةً منزّهةً عن كلّ خطأ ، ويُخيَّلُ إليهم أنّ عقيدتهم وحدها هي العقيدة الصائبة المطابقة للحقيقة ، ثم إنّهم يعتبرون هذا الخيال عِلما يقينيا. (1) ولو أنّ أتباع كلّ دين فكّروا في عقائدهم وأزالوا الموانع التي تحجب المعرفة (2) عن بصائرهم وعقولهم واستعاضوا التقليد بالتحقيق لارتفعت كلّ الخلافات من بين المدارس العقائدية في المجتمع البشري ، ولتوصّل الجميع إلى وجهة نظرٍ مشتركة ودينٍ واحد ، فالخلاف لا يوجد إلّا حيثما حلَّ العلم الخيالي محلّ العلم الحقيقي ، وحيث يوجد العلم بمفهومه الحقيقي لا مجال للخلاف .

التقليد في العقائد من وجهة نظر الإسلاملقد تبيّنت لنا وجهة نظر العقل بالنسبة للتقليد في المسائل العقائدية ، وبقي علينا أن نستطلع وجهة نظر الإسلام في هذا الصدد أيضا ، وهل الإسلام شأنه شأن العقل يحرّم التقليد في العقائد أو لا؟ وهنا يلزمنا أن نذكر أولاً وقبل كلّ شيء بأنّ المسائل الإسلامية بصورة عامة

.


1- .راجع : ص 65 «الفصل الرابع: تصحيح العقيدة» .
2- .راجع : ج 2 ص 161 «القسم السابع: موانع المعرفة» .

ص: 32

تنقسم إلى قسمين هما : الأصول والفروع ، أي اُصول الدين فروعه . فاُصول الدين عبارة عن المبادئ والاُسس العقائديّة التي تشكّل القاعدة لمختلف المسائل الفقهية والسياسية والأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية وما إليها في الاسلام ، من قبيل الاعتقاد بالتوحيد والعدل والنبوّة والإمامة والمعاد . أمّا فروع الدين فعبارة عن المقرّرات التي شرّعها الإسلام في تنظيم الصلة بين الإنسان وربّه من جهة ، وبينه وبين الآخرين من جهّةٍ اُخرى ، كالصلاة والصوم والخُمس والزكاة والحجّ وما إلى ذلك . أمّا بالنسبة إلى فروع الدين فإنّ الإسلام لا يقتصر على جواز التقليد فيها فحسب ، بل إنّه يوجب ذلك إيجابا ، ومرجع التقليد في فروع الدين بصورة محدّدة هو النبي صلى الله عليه و آله أو الإمام عليه السلام ، وفي حالة غيبة الإمام مرجع التقليد ، بالنسبة لمن لم يتخصّصوا في استنباط الأحكام في المسائل الإسلامية من الكتاب والسنّة ، هو المجتهد الذي تتوفّر فيه شرائط الاجتهاد. (1) أمّا موضوع بحثنا وتحقيقنا هنا فهو التقليد في اُصول الدين والاُسسِ العقائدية من وجهة نظر الإسلام ، وهل الإسلام كالعقل أيضا يحرّم التقليد في اُصول العقائد على الإطلاق؟ أو يجيزه؟ بعبارة اُخرى : ما رأي الإسلام في تكليف الناس تجاه الاُصول العقائدية؟ أتحقيق هو أم تقليد؟ إنّ كلّ من كان على علمٍ بالقرآن والنصوص الإسلامية يعرف أنّ الإسلام قد حرَّم التقليد في اُصول العقائد صراحة وبكلّ وضوح ، وأصرَّ على مطالبة الناس وشدّد التأكيد عليهم بأن يحقّقوا في المسائل العقائدية ، وأن لا ينساقوا مع عقيدة

.


1- .سنتناول هذا الموضوع بالتفصيل في نهاية هذا الفصل ص 48 .

ص: 33

التقليد في العقائد من وجهة نظر القرآن

أيًّامّا كانت إلّا بالتدقيق والبرهان العقلي . فالباري عز و جل لم يطلب أبداً من الناس أن يستسلموا لكلامه _ على سبيل المثال _ فيما يختصّ بإثبات وجوده أو إثبات نبوّة أنبيائه استسلاما تعبّديًّا تقليديًّا لا ينهض به برهان عقليّ ، إنّه سبحانه يستدلّ على إثبات وجوده ونبوّة مرسليه بالأدلّة العقلية ، ويدعو الناس إلى تحكيم العقل . وما من نبيّ دعا الناس إلى تقليده في اُصول العقائد وقبول كلامه دون تساؤل ، لمجرّد كونه مبعوثا من قِبل اللّه تعالى؛ بل إنّ الأنبياء جميعا كانوا يستندون إلى الأدّلة والبراهين العقلية على إثبات نبوّتهم ، ويدعون الناس إلى تحكيم العقل ، كما كانوا يطالبون معارضيهم أيضا بالإتيان بأدلّة وبراهين عقلية على إثبات ادّعاءاتهم ، قائلين : «هَاتُواْ بُرْهَ_نَكُمْ إِن كُنتُمْ صَ_دِقِينَ» . (1) كما نرى أنّ المجتهدين والمتخصّصين في المسائل الإسلامية لا يرون التقليد في اُصول العقائد صحيحا ، ولهذا فإنّهم يوصون الناس بالتحقيق والبحث في عقائدهم (2) ، وحتّى يتجلّى لنا رأي الإسلام بخصوص التقليد في اُصول العقائد بصورة دقيقة نستعرض بعض الآيات والأحاديث المرتبطة بهذا الموضوع .

التقليد في العقائد من وجهة نظر القرآنإنّ القرآن الكريم _ وفي آيات عديدة تتعلّق بالاُصول العقائدية _ يستقبح التقليد ويحرّمه ويشدّد في التنديد به ، وينبّه صراحةً على أنّه ما لم تحصل للإنسان معرفة كاملة ويقين قطعيّ بنظريةٍ أو عقيدةٍ مّا لا يحقّ له اتّباعها أو بناء حياته الفردية والاجتماعية على أساسها :

.


1- .البقرة : 111 ، الأنبياء : 24 ، النمل : 64 .
2- .راجع : عدّة الاُصول للشيخ الطوسي : ج 2 ص 729 ، زبدة البيان للمحقق الأردبيلي : ص 344 ، كتاب الاجتهاد والتقليد للسيّد الخوئي : ص 411 ، الفتاوي الميسّرة للسيّد السيستاني : ص 37 ، صراط النجاة للشيخ جواد التبريزي : ج 3 ص 439 .

ص: 34

«وَ لَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ» . (1) فهذه الآية الكريمة توصي الإنسان بما يصدر عن العقل من حكم صريح ، بمعنى : أيّها الانسان ، اتّبع نداء الضمير وما يُصدر العقل من أمر صريح واضح في المسائل العقيدية ، وإيّاك والتقليد الأعمى ، وما لم يتحقّق لديك الوعي بصحّة أيّ نظرية مّا لا تجعلها معياراً وملاكا لأعمالك ولا تتّبعها . وآية اُخرى : «إنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ» . (2) الصمّ والبكم في هذه الآية ليسوا مَن فقدوا حاسّة السمع وخرسوا عن الكلام ، وإنّما هم مَن تصفهم الآية بأنهم «لَا يَعْقِلُونَ» أي : ليسوا من أهل التعقّل والتفكير في المسائل العقائدية ، وهُمْ من اُشير إليهم في آية اُخرى بقوله : «لَهُ_مْ قُلُوبٌ لَايَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أعْيُنٌ لَايُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ ءَاذَانٌ لَايَسْمَعُونَ بِهَا» . (3) لهم قلوبٌ لا يصلون بها إلى الوعي والمعرفة ، ولهم عيونٌ لاترى الحقيقة ، ولهم آذانٌ لاتعي كلام الحقّ ، فالمقصود إذاً الذين يتّبعون الآخرين وهم غاضّي بصرهم وصامّي آذانهم وحابسي ألسنتهم ، المتّبعون عقائد الأغيار بدون دليل أو برهان ، بدلاً من أن يتّبعوا عقولهم وتفكيرهم الذاتي . وهكذا ، يحرّر القرآن الكريم يد الإنسان ورجله من أصفاد التقليد الأعمى ، ويعتقُ البشر من أغلال الرقّ الفكري للآخرين ، ويمنح أفراد المجتمع كلّاً على حدة استقلاله الفكري وحقّه في إبداء رأيه وإظهار وجهة نظره ، حتّى إذا ما حرّر الناس من ربقة التقليد العقيدي أهاب بهم إلى التأمّل والتحقيق .

.


1- .الإسراء : 36 .
2- .الأنفال : 22 .
3- .الأعراف : 179 .

ص: 35

وهنا ، نصل إلى نكتة على غاية من الحسّاسية والدقّة ، فالقرآن الكريم يسعى لتطهير أذهان الناس من خيال توهّم المرء نفسه عالما ، ليجعلهم علماء واقعيين . إنّ القرآن يسعى إلى إنقاذ اتباع المدارس كافةً والمعتقدين بجميع العقائد من مرض المعرفة الخيالية الناشئة عن التقليد الأعمى ، والوصول بهم إلى المعرفة الحقيقية والعلم الواقعي (1) ، ولهذا ، يحمل بشدّة على من يفضّلون التقليد على التحقيق ، والانصياع إلى السنن والتقاليد بدلاً من الانصياع إلى الحقائق والواقع . لقد وردت بهذا الخصوص آيات متعدّدة في القرآن الكريم ، نذكر منها اثنتين على سبيل المثال ؛ قال سبحانه : «وَإذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إلَى مَا أنزَلَ اللَّهُ وَإلَى الرَّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ ءَابَاءَنَا» . (2) يعني عندما يُقال للمحافظين الجامدين على السنن التقليدية الموروثة والمتّبعين للتقاليد والعادات والعقائد المأثورة عن الآباء والاُمّهات والأقوام والقبائل والمجتمع : تعالوا وانظروا ماذا يقول اللّه ورسوله ، لقد سمعتم كلام الجميع ، تعالوا واسمعوا كلامنا أيضا ، ثمّ تدارسوا وارجعوا إلى عقولكم فتبيّنوا ما الأصحّ فيما بين هذه الكلمات ، فإذا تبيّن لكم صدق ما يقول اللّه ورسوله فتقبّلوا كلامهما واعملوا به ، وإن رأيتم أنّ ما يقوله آباؤكم واُمّهاتكم أو سنن قومكم وقبيلتكم أو خطط أحزابكم وتنظيماتكم هو الصواب فاتّبعوهم ، فيجيبون على هذا الكلام المنطقي بقولهم : لسنا في حاجة لسماع كلام اللّه ورسوله ، وحسبنا ما اكتفيا به من عقائدنا التقليدية وسنننا الموروثة التي وصلتنا من آبائنا .

.


1- .راجع : ص 65 «الفصل الرابع : تصحيح العقيدة».
2- .المائدة : 104 .

ص: 36

التقليد في العقائد من منظور الحديث
لا تكن إمّعة

فيردّ القرآن عليهم في آخر الآية مشيراً إلى العقل وحكمه الصريح الجليّ بقوله : «أوَ لَوْ كَانَ ءَابَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْ_ئا وَ لَا يَهْتَدُونَ» . (1) أي : أمنطقيّ ما تدّعون؟ وهل يقبل العقل هذا الجواب؟ وهل عليهم أن يقلّدوا آباءهم تقليدا أعمى، ولو كان آباؤهم قد اتّبعوا شيئا بلاتعقّل واختاروا عقيدةً بلا فهم، فيحذون حذوهم صمًّا بكما عميانا؟! (2)

التقليد في العقائد من منظور الحديثتطلق كلمة «إمَّعة» في لغة الحديث على من لا رأي له بل يقتدي بآراء غيره لا على سبيل التحقيق بل على سبيل التقليد .

لا تكن إمّعَةإنّ الإنسان، من منظار الإسلام، إمّا عليه أن يعرف الحقيقة أو أن يُحاول كشفها، ولايعملْ عملاً بلا علمٍ فيهلك (3) ، فقد اُثِرَ عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال: ما مِن أَحدٍ إلّا عَلى بابِهِ مَلَكانِ، فَإِذا خَرَجَ قالا: أُغدُ عالِما أَو مُتَعَلِّما ولا تَكُنِ الثّالِثَ. (4) وقد يعبّر في الأحاديث الإسلاميّة عمّن ليس بعالم ولا متعلّم ب_ «الهمج الرعاع» كما جاء في الحديث النبوي :

.


1- .البقرة : 170 .
2- .لمزيد من التعرّف على الآيات المشابهة راجع سورة : الأعراف : 28 و 70 و 71 ، ويونس : 78 ، والأنبياء : 53 و 54 ، والشعراء : 74 و 77 ، ولقمان : 21 ، والزخرف : 22 و 24 ، والمؤمنون : 68 ، والصافّات : 69 ، ويوسف : 40 ، والنجم : 23 ، وهود : 62 و 87 .
3- .راجع : ج 2 ص 218 «التحذير من ترك التعلم».
4- .راجع : ج 2 ص 218 ح 2089.

ص: 37

النّاسُ اثنانِ وما عَدا ذلِكَ هَمَجٌ رعاعٌ. (1) وقد يعبّر ب_ «غُثَاء» كما روي عن الإمام الصادق عليه السلام : النّاسُ ثَلاثَةٌ: عالِمٌ ومُتَعَلِّمٌ وغُثاءٌ. (2) وقد يعبّر ب_ «إمَّعة» كما في النهاية في غريب الحديث : فيه : «أُغدُ عالِما أو مُتَعَلِّما ولا تَكُن إِمَّعَةً». الإمَّعَة بكسر الهمزة وتشديد الميم _ الذي لا رأي له ، فهو يتابع كلّ أحد على رأيه . والهاء فيه للمبالغة. ويقال فيه «إمَّعَ» أيضا. (3) بعبارة اُخرى : تطلق كلمة «إمّعة» في العربية على كلّ من لا يتمتّع بالاستقلال الفكري ولا يرى لنفسه حقَّ التفكير والإدلاء برأيه ، فعينُه واُذنه مرتهنتان بأقلام الآخرين وألسنتهم فيما يكتبون وما يقولون ، فيبقى هو وأمثاله دائما على انتظار لتلقّي ما يمليه مُنَظّر الحزب أو رئيس المنظّمة ، أو يتبعون غالبيّة الناس في طريقة تفكيرهم وعملهم . فالإمّعة : هو مَن لا يحمل نفسه على التفكير والتحقيق فيما يكتبه أو يقوله الآخرون . وهذه الأحاديث وصية للناس ، توصي الناس في اعتقاداتهم بأن يكونوا علماء أو متعلّمين ولا يكونوا مقلّدين ، وهذا من وجهة نظر الإسلام يعني : إمَّا أن يتأكّد الإنسان من أنّ معتقداته صحيحة وأنها حقّة ومطابقة للواقع ، وإمَّا أن يمارس التحقيق ويسعى لطلب العلم والمعرفة ، أمَّا أن يبقى إمَّعةً فهذا مالا يجوز له ، إذ ينبغي له أن لا يتّبع الآخرين ، يقلّدهم في عقائدهم ونظريّاتهم بدون تحقيق .

.


1- .راجع : ج 2 ص 219 ح 2094.
2- .راجع : ج 2 ص 220 ح 2108.
3- .النهاية : ج 1 ص 67 .

ص: 38

لقد رُويت في هذا المقام للإمام علي عليه السلام أبياتٌ ضمن رواية ، نذكر منها بعضها : إذا المشكلاتُ تصدَّينَ لي كشفتُ حقائقَها بالنظَرْ ولستُ بإمَّعةٍ في الرجال يُسائِلُ هذا وذا ، ما الخبَرْ ولكنّني مذرب (1) الأصغرين اُبيِّن (2) مَعْ ما مضَى ما غَبَر (3) وعليه، فإن أتباع الإسلام السائرين الحقيقيين على نهج النبي صلى الله عليه و آله وأهل البيت عليهم السلام هم اُولئك الذين لهم آراؤهم ووجهات نظرهم في المسائل النظرية والعقائدية ، وحاشاهم أن يقلّدوا هذا أو ذاك ، أو يأبهوا بما يُرمَوْن به لانفرادهم بلونهم عن لون المجتمع ، فهم لا يقبلون أيّ عقيدة أو رأي ، حتّى تُثبت بالتحقيق أنها حقّ وإن أجمع الناس على خلاف ذلك ، ولا ينتهجون سبيلاً ، إلّا على يقين من أنّه سواء السبيل ، ولا يقدمون على عمل ما لم يتشخّص لهم بالتأمّل والتدقيق أنّه منطقي وخيِّر ومقبول لدى العقل . وفي حديث آخر رواه الترمذي في صحيحه عن حُذيْفَةَ عن النبي صلى الله عليه و آله أنّه قال : لا تَكونوا إِمَّعَةً ؛ تَقولونَ : إِن أحسَنَ النّاسُ أَحسَنّا ، وإِن ظَلَموا ظَلَمنا ! ولكِن وَطِّنوا أَنفُسَكُم ؛ إِن أَحسَنَ النّاسُ أَن تُحسِنوا ، وإِن أَساؤوا فَلا تَظلِموا . (4) والإمام الصادق عليه السلام ، أيضا ، في وصيته لأحد أصحابه يقول :

.


1- .قال المترجم (صلاح الصّاوي _ ره _) : «فى نظري أنّ المصراع الأول : (ولكنّني ذَرِبُ الأصغرين) حتّى يصحّ وزنا ومعنىً؛ ففصاحة اللسان دليل فصاحة القلب وفصاحة القلب بيان عن الحقائق ؛ وإلّا فالبيت مكسور ، ولعلّ ذلك راجع إلى عدم الدقّة في الرواية أو الاستنساخ» . ولعلّ ما يرى الدكتور الحسينى أنّها (مِدرَه) أصحّ .
2- .وفي بعض النسخ : «أقيس مع ما مضى ما غبر» .
3- .جامع بيان العلم : ج 2 ص 113 ، كنز العمّال : ج 10 ص 303 ح 29521 ؛ الأمالي للطوسي : ص 514 ح1125 ، بحار الأنوار : ج 2 ص 59 ح 1 و ج 42 ص 187 ح 4 .
4- .سنن الترمذي : ج 4 ص 364 ح 2007 ، كنز العمّال : ج 15 ص 772 ح 43035 .

ص: 39

لا تَكونَنَّ إِمَّعَةً . وفي توضيحه قال : تَقولُ : أنَا مَعَ النّاسِ وأنَا كَواحِدٍ مِنَ النّاسِ. (1) أي : لا تقلّد الآخرين في المسائل النظرية أو العملية ، وفكِّر في أقوالهم وأفعالهم لتتبيّن صحّة أقوالهم من عدمها وسلامة أفعالهم من خطئها ، ولا تقل : أنا مع الناس وأنا كواحدٍ منهم ، أقول ما يقولون ، وأفعل ما يفعلون . وفي رواية اُخرى عن الإمام الكاظم عليه السلام أنّه قال لأحد أصحابه يُدعى الفضل بن يونس : أبلِغ خَيراً وقُل خَيراً وَلا تَكُن إِمَّعَةً . قال الفضل بن يونس : وما الإمّعة؟ فقال الإمام عليه السلام : لا تَقُل أنَا مَعَ النّاسِ وأنَا كَواحِدٍ مِنَ النّاسِ . ثمّ روى الإمام عليه السلام أثناء توضيحه كلام رسول اللّه صلى الله عليه و آله أنّه قال : يا أيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّما هُما نَجدانِ : نَجدُ خَيرٍ ، ونَجدُ شَرٍّ؛ فَلاَ يَكُن نَجدُ الشَّرِّ أحَبَّ إِلَيكُم مِنْ نَجدِ الخَيرِ. (2) فقول الرسول صلى الله عليه و آله : «إنّما هما نَجدان» إشارة إلى قوله تعالى : «وَ هَدَيْنَ_هُ النَّجْدَيْنِ» (3) ، بمعنى أن الانسان قد خلق بحيث يعرف الخير كما يعرف الشرّ ، ويعلم تماما ما الطيّب وما الخبيث .

.


1- .معاني الأخبار : ص266 ح 1 ، بحار الأنوار : ج 2 ص 82 ح 4 .
2- .تحف العقول : ص 413 ، الأمالي للمفيد : ص 210 ح 47 ، مستطرفات السرائر : ص 84 ح 29 ، الاختصاص : ص343 ، بحار الأنوار : ج 2 ص 21 ح 62 .
3- .البلد : 10 .

ص: 40

تقليد الشخصيّات في العقائد

وقول الرسول صلى الله عليه و آله _ إذ يشير إلى قول اللّه تعالى _ إنّما يتضمن استفهاما توبيخيا مؤدّاه : إذا لم يكن أمام الإنسان بُدٌّ إلّا من طريقين ، لماذا يعدل عن الطريق الذي يقرّر العقل صوابه إلى الآخر الذي ينهاه العقل عنه؟!! واستناد الإمام عليه السلام إلى حديث الرسول صلى الله عليه و آله في بيان مدلول كلمة «إمَّعة» يفيدنا أمرين : الأوّل : أنّ الباعث _ من وجهة النظر الاجتماعية _ على اختيار الإنسان للشرّ هو إمَّعِيَّتُهُ ، وكونه إمَّعةً يقلّد الآخرين في عقائدهم وأعمالهم تقليداً أعمى ، فلو أنّ البشر قد تحرّر يوما من قيد التقليد ، لانحلَّ كثير من المشاكل الاجتماعية . والآخر : أنّ الإنسان قد خُلق بحيث لو تحاشى التقليد لأصبح صاحب رأي ، ولاختار طريق الخير ، لأنّ العقل كفيلٌ بالتمييز بين ما هو خير وما هو شرّ ، والإسلام بدوره لا يدعو الناس إلَا إلى الخير والعدل واجتناب السوء والظلم. (1)

تقليد الشخصيّات في العقائدإنّ الملاحظة البالغة الأهميّة والجديرة بالعناية التي نلاحظها في الروايات الإسلامية حول محور التقليد في العقيدة هي شجب تقليد الشخصيات المذهبية في العقائد الدينية حتّى وإن كانت تلك العقائد حقّةً . فقد قال الإمام الصادق عليه السلام : مَن دَخَلَ في هذَا الدّينِ بِالرِّجالِ أَخرَجَهُ مِنهُ الرِّجالُ كَما أَدخَلوهُ فيهِ ، ومَن دَخَلَ فيهِ بالكِتابِ وَالسُّنَّةِ زالَتِ الجبالُ قَبلَ أَن يَزولَ. (2)

.


1- .قال تعالى : «إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْاءِحْسَ_نِ ... » (النحل : 90) .
2- .الغيبة للنعماني : ص 22 ، بحار الأنوار : ج 2 ص 105 ح 67 .

ص: 41

وقال أيضا : مَن عَرَفَ دينَهُ مِن كِتابِ اللّهِ عز و جل زالَتِ الجِبالُ قَبلَ أنْ يَزولَ ، ومَن دَخَلَ في أَمرٍ بِجَهلٍ خَرَجَ مِنهُ بِجَهلٍ. (1) وفي هاتين الروايتين عدّة نكات قيّمة بالغة الحسّاسية : أوّلاً : إنّ تقليد الشخصيّات الدينيّة في العقائد الدينية مذمومٌ مردود . ويتحتّم على الإنسان العاقل أن يكتسب معتقداته مشخَّصةً عن طريق التحقيق لاعن طريق التقليد . ثانيا : إنّ مَن اتّخذوا تقليد الشخصيّات الدينيّة مدخلاً للإسلام وصاروا مسلمين سيرتدّون عن الإسلام من حيث دخلوا ، إذا ما حدث وارتدّت تلك الشخصيّات عنه يوما مّا ، سوف يغيّر هؤلاء عقائدهم تبعا لهم ، وهذا ، لأنهم مسلمون بالتقليد ، ولأنّ عقائدهم فاقدة للأساس العلمي ، وعليه فالعقيدة التقليدية على الدوام في معرض التغيير والزوال . «مَن دَخلَ هذَا الدّينَ بِالرِّجالِ أَخرَجَهُ مِنهُ الرِّجالُ». ثالثا : إنّ من يعتنقون الإسلام وعقائده مقتدين في ذلك بالقرآن والحديث تتأصّل فيهم المعتقدات الدينيّة وتستحكم أكثر من استحكام الجبال ورسوخها في قلب الأرض ، ولا يمكن أن تزول هذه العقائد من قلب المقتدين بهدى القرآن والحديث حتّى ولو اقتلعت الجبال من قلب الأرض «ومَن دَخَلَ فيهِ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ زالَتِ الجِبالُ قَبلَ أَن يَزولَ» . رابعا : إنّ القرآن والحديث يؤكدان على ضرورة استناد عقائد الإنسان إلى الموازين العقلية والعلمية ، فلو أنّه اعتقد بحقيقةٍ مّا على غير اُسس عقلية وعلميّة

.


1- .بشارة المصطفى : ص 129 ، بحار الأنوار : ج 23 ص 103 ح 11 .

ص: 42

ظاهرة التبعية العمياء في صدر الإسلام

فسوف ينكر نفس الحقيقة على نفس الاُسس بالذات «مَن دَخَلَ في أَمرٍ بِجَهلٍ خَرَجَ مِنهُ بِجَهلٍ» . إنّ النقاط التي يشير إليها الإمام الصادق عليه السلام في كلامه حقائق أثبتتها التجربة وأيَّدها التاريخ ، فكم من اُناسٍ على مدى ألفٍ وأربعمئة سنة للإسلام دخلوا إلى الإسلام من مدخل تقليد الشخصيات ، ثمّ ارتدّوا على أعقابهم إثر تقليدهم لهؤلاء الشخصيّات أيضا . وتاريخ الأديان السماوية يعرض لنا كيف أنّ تقليد الشخصيّات السياسية والدينيّة في الاُمور العقائدية _ أو بعبارة اُخرى : داء التبعية والاحتذاء الأعمى أو وَطْ ءُ أعقاب الرجال _ قد سدَّدَ أكثر الضربات إلى الأديان الإلهية ، وكم هي حلوة شيّقة دراسة تاريخ الأديان من هذا البُعد ، وكم هي ضرورية تعليمية ، ولكن لا مجال هنا لتناول هذا الأمر إذ إنّ بحثنا في هذا الفصل مقدمة لدراسة النصوص العقائدية في الإسلام ولذا نقتصر هنا على ذكر نموذج من اتباع الرجال في صدر الإسلام .

ظاهرة التبعية العمياء في صدر الإسلامحَدَثَ إبَّان حكومة أميرالمؤمنين الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام أنَّ جمعا غفيراً من المسلمين المعاصرين للإمام واكبوا عدّةً من الشخصيّات السياسية والدينية إذ ذاك ، ممّن عرفوا بالناكثين والقاسطين والمارقين ، وكردّ فعلٍ لابتلائهم بداء وط ء أعقاب الرجال تخلّوا عن الإسلام الحقّ ، ولم يكتفوا حتّى تحشّدوا لمناهضته ، وأصابوا النبتةَ الحديثة في جذرها ، بما لاتزال مرارته تؤثر في نفس المجتمع الإسلامي .

.

ص: 43

فكان الإمام عليه السلام يتحرّق ألما وهو يشاهد المساعيَ والجهودَ التي بذلها نبيّ الإسلام صلى الله عليه و آله والمحبّون المخلصون للإسلام ، في سبيل تشكيل الحكومة والمجتمع الذي يعنيه الإسلام تُمْنَى بالفشل ، وذلك نتيجةً لسلوك اُناسٍ كانوا يوما من الأيام يحاربون معه وفي صفّه جنبا إلى جنب!! وكان ممّا يزيد في ألمه عليه السلام أن يرى من المسلمين مَن لا يسمح لنفسه بالتفكير حتّى يفهم ما إذا كان ما يقوله اُولئك الأشخاص صحيحا أم غير صحيح ، والطريق الذي سلكوه طريق حقٍّ أم طريق باطل ، وما إذا كان اُولئك الذين يتنحّطون للإسلام تحت رايته ينشدون الإسلام حقًّا أم أن الإسلام كان قنطرة الوصول إلى مآربهم الشخصية؟ لا شكَّ مطلقا في أنّ «الإمَّعين» أو قبيل الإمَّعة من المقلّدين العمى الصمّ للشخصيّات المنحرفة التِي كانت تعاصر الإمام كانوا أشدّ مثاراً لألمه من تلك الشخصيّات ذاتها ، إذ لولا هؤلاء الموالون لهم لما كانت سطوةٌ ولما استطاعوا شيئا . لقد روي عن الإمام عليه السلام في الحكمة 147 في نهج البلاغة ، ما هو تحليل سياسي اجتماعي ، قصير عميق ، للمجتمع المعاصر للإمام عليه السلام . وما أجدر لهذا التحليل بأن يكون لمجتمعنا الحاضر أيضا رائداً أو مسلكا ومنهجا . إنّ لهذا التحليل ميزتين تتطلّبان التأمّل : إحداهما : أنّ الإمام _ تعبيراً عن تحليله _ يأخذ يد كميل وهو من خاصّة أصحابه ويخرج به إلى الصحراء ، وهناك يلقي على كميل بتوجّع وتأوّه مطالب تعليمية صوّرت ما كان في قلبه من لوعة الألم والحزن . (1)

.


1- .قال كُميل بن زياد النخعي : أخذ بيدي أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام فأخرجني إلى الجبّان ، فلمّا أصحر تنفّس الصعداء ، ثمّ : . . .

ص: 44

أُخراهما : أنّ الإمام _ قبل أن يتعرّض بالحديث لمجتمعه المعاصر _ استهلّ كلامه بتنبيه كُميل إلى استعداد القلوب وسعتها للوعي ، وأنّ من الناس من لهم هذا الاستعداد ، ومنهم من ليس لهم ذلك ، وأنّ الفضل على قدر هذا الاستعداد . فيتّضح أنّ الإمام لم ير مناسبة للتصريح بهذا الكلام الموجع لكلّ أحد ، فاستماع هذا الكلام يحتاج إلى استعداد لا يتوفّر في الجميع ، وإلّا فكيف يتكلّم الإمام عن عدد من المسلمين الصادقين ، اُولئك الذين عرفوا الإسلام حقّ المعرفة وظلّوا أوفياء له؟! وكيف يقول بأنّ أفراداً _ مع ما لهم من تلك السابقة المشرقة في الإسلام _ قد ودّعوا الإسلام لمجرّد أن هدَّد الخطر مصالحهم الشخصية؟! وكيف يقول بأنّ الكثيرين من أهل زمانه ممّن جذبتهم تنظيمات الشخصيّات البارزه في المجتمع باسم الإسلام ليسوا مسلمين ؟! ولم يفهموا الإسلام ، ودينهم معلّق بالشخصيّات التِي اعتقدوا بها واتّخذوها معياراً للحقّ والباطل . وعلى أيّ حال ، فالتحليل المُفعم بالألم والذي كان يبوح به الإمام علي عليه السلام إلى كميل كونه يعي شكوى الإمام من مجتمعه المعاصر آنذاك يبدأ من قوله : النّاسُ ثَلاثَةٌ : فَعالِمٌ رَبّانِيٌّ ، ومُتَعَلِّمٌ عَلى سَبيلِ نَجاةٍ ، وهَمَجٌ رَعاعٌ أتباعُ كُلِّ ناعِقٍ ، يَمِيلونَ مَعَ كُلِّ ريحٍ ، لَم يَستَضيؤوا بِنورِ عِلمٍ ، ولَم يَلجَؤُوا إِلى رُكنٍ وَثيقٍ. (1) فالإمام عليه السلام في هذا الكلام يقسّم الناس في مجتمعه أو مطلق الناس إلى ثلاث مجموعات : المجموعة الأُولى : وهم من عرفوا الحقيقة ، فعقيدتهم وعملهم ومواقِفهم الفردية والاجتماعية على أساس المعايير الصحيحة ، وهم من عبّر الإمام عنهم بقوله

.


1- .راجع : ج 2 ص 42 ح 1413 .

ص: 45

«عالِمٌ رَبّانِيٌ» . المجموعة الثانية : وهم من لم يبلغوا الحقيقة بعدُ ، إلّا أنهم أهل تحقيق وتفكّر ، دائبون على طريق الحقيقة ، حتّى إذا ما بلغوها تحقّقت لهم النجاة ، وهم من عناهم الإمام بقوله «مُتَعَلِّمٌ عَلى سَبيلِ نَجاةٍ» . والمجموعة الثالثة : وهم اُناس لاعرفوا الحقيقة فيكونوا علماء ربّانيين ، ولا هم أهل تحقيق وتفكّر ودأب على طريق الحقيقة حتّى يصدق عليهم الوصف بالمتعلّمين على سبيل النجاة ، وإنّما هم اُناسٌ لايتيحون لأنفسهم فرصة التفكير والتحقيق أو يجيزون لها ذلك أصلاً ، وقد عبّر الإمام عن هذا القبيل من الناس بقوله : «هَمَجٌ رَعَاعٌ» . «همج» عند ابن الأثير ، تعني : الذباب الصغير الذي يحطُّ على وجوه الغنم والحمير ، وقيل : هو البعوض (1) ، وأما «الرعاع» فقد ذهب الفيروز آبادي إلى أنّه من لا فؤاد له ولا عقل. (2) لقد شبّه الإمام عليه السلام المجموعة الثالثة التي لا تكلّف خاطرها عناء التفكير والتحقيق بذباب أحمقَ يتطفّل على أحمق أكبر منه ليتغذّى عليه ، ذباب يندفع حيثما ارتفعت صيحة مّا دون أن يعرف صاحبها أو ما إذا كانت على حقّ أم على باطل ، فشأنها شأن الذباب تدفعه الريح حيثما هبّت يميل معها حيث تميل . ويرى الإمام عليه السلام أن العلَّة في انحدار هؤلاء الناس إلى هذا الدرك من الضعة والدناءة هي عدم استضاءتهم وتنوّرهم بنور العلم ، وافتقارهم إلى عقيدةٍ وأفكارٍ تنبني على اُسس وطيدة .

.


1- .النهاية : ج 5 ص 273 .
2- .القاموس المحيط : ج 3 ص 30 .

ص: 46

وهذا التصنيف الذي صنّفه الإمام عليه السلام لأفراد المجتمع ، هو ما رُوي عن النبي صلى الله عليه و آله ، اللهمَّ إلّا مِن فارق أنّ ما تحدث به الرسول صلى الله عليه و آله كان في صيغة الأمر ، وأمّا ما قاله الإمام علي عليه السلام فجاء في صورة الخبر ، فالرسول الأكرم يأمر المسلم بأن يكون عالما أو متعلّما ولا يجيز له أن يكون إمَّعة ، وأمّا الإمام علي عليه السلام فقد أخبر بأنّ المسلمين في زمانه ثلاثة : عالِمٌ ربّاني ، ومتعلمٌ على سبيل النجاة ، وهمج رعاع ، والمقصود من «همج رعاع» في كلام الإمام هو صنف الإمَّعة في حديث الرسول صلى الله عليه و آله ، أي الذين لا يستقلّون بأفكارهم وعقائدهم عن التقليد والتذيُّل للآخرين في عقائدهم؛ ومن ثَمَّ كانوا أخطر الأعداء لحكومة الحقّ والعدالة . (1) فالذي كان يؤلم الإمام علي عليه السلام هو أنّ غالبية الناس في عصره كانوا من المجموعة الثالثة ، كانوا من قبيل «الإمَّعة» ، كانوا إمَّعين «همجا رعاعا» يفتقرون إلى الاستقلال الفكري والعقائدي ، ويميلون مع الريح حيث تميل!! وأمّا المتعلّمون على سبيل نجاة فهمُ القليلون ، وعلى حدّ وصف الإمام علي عليه السلام لهم في حديثه مع كميل بن زياد النخعي : أنهم لا يستغلّون العلم ، ولا يستعملون آلة الدين للدنيا ، ولا ينقدح الشّكّ في قلوبهم لأول عارضٍ من شبهة ، ولاهم منهومون باللّذة ، ولا سلسو القياد للشهوة أو مُغرَمون بجمع المال وادّخاره . وأمّا المتعلمون على سبيل النجاة الذين هم قليلون ، فهم العلماء الربّانيون الذين وصفهم الإمام في آخر كلامه لكميل بقوله : اُولئِكَ وَاللّهِ الأَقَلّونَ عَدَداً . وهكذا نشاهد أنّ الإمام كانت ترافقه في الطريق اُناس لا هُم من أهل التمييز ولا هُم من أهل التحقيق، أي : لا هم علماء ولا هم متعلّمون . اُناسٌ تبع لشخصيات،

.


1- .راجع : ص 31 «التقليد في العقائد من وجهة نظر الإسلام» .

ص: 47

لم يقتصروا على الارتباط بها بعقولهم وأفكارهم ومعارفهم وعقائدهم فحسب ، بل لقد ارتبطوا بها مصيريا ارتباطا وثيقا فكانوا ينجرّون حيث يجرّونهم . لقد كان الإمام علي عليه السلام يسير في قوم أبوا أن يفهموا أو أعوزهم إمكان الفهم بأنّ الشخصيات التي كانوا يوالونها عرضة للخطأ كغيرهم ، فلم تساعدهم عقولهم على أن يفهموا أنّ من الممكن أن تشتبه الاُمور على طلحة والزبير أيضا ، وأن مقدّسي النهروان ليسوا معصومين من الخطأ كذلك . وكانت الأوضاع الاجتماعية آنذاك إلى درجةٍ من الغموض والالتباس حتّى أنّ البعض لم يحتمل أن يكون معاوية على خطأ!! ففي معركة الجمل وجّه أحد أصحاب الإمام وهو الحارث بن حوط إلى الإمام عليه السلام سؤالاً ، إنْ دلَّ فإنّما يدلُّ على المستوى الفكري للمسلمين آنذاك ، وذلك عندما رأى عائشة (اُمّ المؤمنين) في تلك الحرب على رأس الجيش المضادّ ، وشخصيات ذات سابقة في الإسلام ، مثل طلحة بل والزبير الذي يفوقه بماضيه ، حتّى لقد كان من المتحصّنين أثناء قضية السقيفة ببيت علي عليه السلام ، يرى في اُولئك الصحابة ممّن يضربون بسيوفهم عن ركاب (اُمّ المؤمنين) لم يستطع أن يتصوّر أنّ هذه الشخصيات البارزة في الإسلام على ضلالة في قتالها ضدّ علي عليه السلام ، فقد جاء إلى الإمام وقال : يا أميرالمؤمنين ، ما أرى طلحة والزبير وعائشة احتَجّوا إلّا على حقّ!! (1) وفي رواية اُخرى : إنّ الحارث عندما جاء إلى الإمام قال له : أتراني أظنّ أصحاب الجمل كانوا على ضلالة؟! (2)

.


1- .الأمالي للطوسي : ص 134 ص 216 ، نهج السعادة : ج 1 ص 298 وفيه «اجتمعوا» بدل «احتجّوا» .
2- .نهج البلاغة : الحكمة 262 ، بحار الأنوار : ج 32 ص 244 ح 192 .

ص: 48

التقليد في فروع الدين

حسبنا أن نتصوّر أنّه إذا كان بين أصحاب الإمام _ المواكبين له المغمورين بفيض من النور والعلم والمعرفة والروح المعنوية _ أفراد لم يكن في استطاعتهم أن يصدّقوا أنّ شخصيات ذات ماضٍ مشرّفٍ كطلحة والزبير على ضلالٍ في قتالهم عليًّا عليه السلام ، فما الذي يمكن أن يتوقّع ممّن عاصروا الإمام ولم يروه؟ ومهما كان ، فقد أجاب الإمام عن سؤال الحارث بكلام هو بحقّ كما قال طه حسين : «ليس هناك كلام أكثر إحكاما ورفعةً من هذا» . وقال : «لم يُسمَعْ كلامٌ بهذه العظمة منذ سكت الوحي وانقطع نداء السماء» . أمّا جواب الامام عليه السلام فهو : لا يُعرَفُ الحَقُّ بِالرِّجالِ ، اعرِفِ الحَقَّ تَعرِف أهلَهُ . (1) أي : أنّ اشتباه الأمر عليك وأمثالك هو أنك _ بدلاً من أن تجعل الحقّ والباطل مقياسا وميزانا للشخصيات _ اتّخذتَ الشخصيات معياراً للحقّ والباطل ، أتريد أن تعرف الحقّ بمقياس الأفراد؟! ولو أنك أجزت لنفسك أن تفكّر لعلمت أنّ الأمر على العكس تماما ، فالشخصيات _ مهمّا بلغوا من التعيّن والثقة في الاعتماد عليهم _ لا يمكن أن يكونوا معياراً لمعرفة الحقّ والباطل ، بل الحقّ والباطل ، هما معياران لمعرفة الشخصيات ، فاذا عرف الانسانُ الحقَّ فقد عرف أهله وإن لم تكن لهم سوابق ظاهرة أو صيت ذائع ، وإذا عُرِفَ الباطل تشخّص موالوه وإن كانوا من ذوي السوابق الطيّبة وعلى مقام من احترام الناس .

التقليد في فروع الدينثبت لدينا حتّى الآن أنّ التقليد في اُصول العقائد مذموم مردود في نظر العقل وفي رأي القرآن والحديث ، والسؤال الذي يمكن أن يتبادر إلى الذهن هنا هو : ما حكم

.


1- .الطرائف : ص 136 ح 215 ، روضة الواعظين : ص 39 ، بحار الأنوار : ج 40 ص 126 .

ص: 49

التقليد في فروع الدين حُكمٌ عقلي

التقليد في فروع الدين؟ وهل التقليد فيها كالتقليد في اُصول الدين غيرصحيح؟ أو يتفاوت معه؟ والجواب على هذا السؤال هو : أنّ التقليد في فروع الدين ليس صحيحا فحسب ، بل إنّه لواجب ضروري لمن هم ليسوا من أهل الرّأي في المسائل الفقهية ، ولا يتأتَّى لهم بدون مراجعة أهل الاختصاص في هذا الباب أن يؤدّوا أعمالهم على الوجه الذي تقتضيه العقائد الدينية . وسؤال آخر هو : لماذا كان التقليد في اُصول الدين غير جائز عقلاً وشرعا على حين كان التقليد في فروع الدين لازما ضروريا؟ أو بعبارة اُخرى : إذا كان حكم العقل والقرآن والحديث يؤكّد صراحة على الإنسان أن لا يقبل نظرية الآخرين بدون معرفة وعلم واطّلاع ، وإذا كان التقليد في اُصول الدين غير جائز بدليل أنّه لا يكسب علما ، فلماذا كان التقليد في فروع الدين صحيحا بل واجبا؟! وإذا كان التقليد لا يكسب علما فالاُصول والفروع في ذلك سواء؛ فلماذا يقال إن التقليد في اُصول الدين غير صحيح ولكنه في الفروع صحيح؟! وأخيراً : لماذا يُرجَع إلى العقل في اُصول الدين ولا يكون ذلك بالنسبة لفروعه؟!

التقليد في فروع الدين حكمٌ عقليإنّ التقليد في فروع الدين هو في الحقيقة حُكمٌ عقلي . فلنوضح ذلك في مثال : افترض أنك مريض أو لديك في البيت مريض وتريد أن تراجع الطبيب فبماذا يشير العقل؟ وماذا أنت فاعل إذاً؟ أمّا فيما يختصّ بالطبيب وما إذا كان متخصّصا ومبعثا للاطمئنان فإنّ العقل يقول : اذهب واستشر ذوي الخبرة والاطّلاع ممّن يوثق بهم ، ثمّ اذهب إلى الطبيب

.

ص: 50

الأكبر خبرةً وتخصّصا وثقةً ، فإذا ما وصلت بعد التحقيق إلى هذا الطبيب وعرضت الحالة عليه وحدّدَ المرض وكتب وصفة العلاج فإنّ العقل لايمكن أن يسمح لك بأن تسأله : على أيّ أساس أو بأيّ دليل كتبت هذه الوصفة وأجزتَ هذه الأدوية ، وإنّما يقول : لستَ من أهل التخصّص ، خذ الوصفة التي يعطيكها الطبيب واعمل بها ، فهذا العمل بوصفة الطبيب هو بعينه تقليد الطبيب . وبناءً عليه، فإنّ هذا العقل الذي يأمر في حالة معرفة الطبيب بأن تذهب وتحقّق هو الذي يقول في صدد العمل بوصفته : إنّ تقليد الطبيب لازمٌ ضروري . فالتحقيق في المسائل العقيدية هو تماما عين التحقيق لمعرفة الطبيب ، التحقيق الذي يأمر به العقل ولا يسمح لإنسان بأن يقبل نظريةً من الآخرين ويعمل بها دون تحقيق ومعرفة ووعي تامّ ، والتقليد في فروع الدين كالعمل بوصفة الطبيب بعد التعرّف والاطّلاع على تخصّصه والاطمئنان إليه والثقة به ، وكما أنّ تقليد الطبيب بمعنى العمل بنظرّيته ووصفته لا يخالف أمر العقل بل إنّه تنفيذ دقيق لأمر العقل ؛ فإنّ التقليد في فروع الدين يعني العمل بنظرية المجتهد الجامع للشرائط ، المتخصّص في المسائل الدينية ، وهو بكلّ دقّة رجوع إلى العقل وإجراء لحكمه أيضا .

.

ص: 51

الفصل الثالث: التحقيق في العقيدة

التحقيق من وجهة النظر الإسلامية

الفصل الثالث: التحقيق في العقيدةلقد برهنّا في البحوث السابقة على وجوب التحقيق في اُصول العقائد ، وذلك ضمن التأكيد على تحريم التقليد استناداً للعقل والدِّين ، ونتناول في هذا الفصل الحديث عن قيمة التحقيق في نظر الإسلام ، وأنّ الإسلام يدعو النّاس إلى التحقيق فيه ، وأنّه لا يعتبر المحقّق في هذا المجال كافراً ، وعليه ، فإنّ هذا الفصل سيتناول ثلاثة بحوث : 1 . التحقيق من وجهة النظر الإسلامية . 2 . علاقة العلم بالإيمان . 3 . العلاقة بين الجهل والكفر .

التحقيق من وجهة النظر الإسلاميةحتّى تتجلّى قيمة التحقيق ومعرفة الحقيقة في المسائل العقائدية من وجهة نظر الإسلام ، يجب دراسة المصطلحات الآتية : العقل ، العلم ، المعرفة ، الفكر ، الفقه ، الحكمة ، التدبّر ، التذكّر ، التبيّن ، النظر والرؤية ، وذلك استنادا لما جاء في القرآن الكريم والأحاديث النبويّة الشريفة. (1)

.


1- .راجع: الفصل الثاني والثالث من القسم الأوّل والثاني والثالث .

ص: 52

إنّ ملاحظة هذه المصطلحات في النصوص الإسلامية تبرهن بلا شكّ أنّه ليست هناك مدرسة تقدّر التحقيق في المبادئ العقائدية ومعرفة الحقيقة، كما هو في الإسلام من تقدير لها ، وأنّ أيّ مدرسة لم تُقْدِمْ على إزالة العقبات من طريق التحقيق ومعرفة الحقيقة وتوفير الشروط اللازمة للوصول إلى الحقيقة مثلما أقدم الإسلام على ذلك. (1) فالإسلام يُلحُّ على دعوة النّاس إلى التحقيق والتفكّر والتفقّه والتعقّل في عقائده ومبادئه إلحاحا مثيراً للعجب جدّاً . فهو إذ يعتبر العلم رأس الفضائل ، وحجابا من الآفات ، وأنفعَ الكنوز ، وأساس كلّ خير ، وعماد الدِّين ؛ ويَزِنُ الإنسانَ بميزان معلوماته ، ويجعل طلب العلم في كلّ الأحوال فريضة على كلّ مسلم ومسلمة ، ويعتبر طلّابَ العلم أقرب النّاس مرتبةً للنبوَّة ، وأنّ الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم حتّى يطأ عليها رضىً به ، وأنّ طالب العلم يستَغْفِر له كلّ شيء ، وأنّ من كان في طلب العلم كانت الجَنَّةُ في طلبه ، وأنّ العلماء ورثة الأنبياء ، وأنّ مداد العلماء أرجح وزنا من دماء الشهداء ، وأنّ النظر إلى وجه العالم عبادة ، وأخيراً ، إذ يكلّل الإسلام العلم والعالم وطالب العلم بعشرات الفضائل الأُخرى (2) ، فكلّ ذلك من أجل تشجيع النّاس وترغيبهم في التثبّت وتحريرهم من قيود التقليد وحثّهم على تقدير أعمالهم وفقا للموازين العقلية والعلمية . فالإسلام يرى أنّه حتّى أبسط حركات الإنسان الإرادية يجب أن تكون مدروسةً ومسموحا بها من جانب العقل ، ففي وصية أميرالمؤمنين عليّ عليه السلام

.


1- .راجع : ج 2 ص 109 «القسم السادس : مبادئ المعرفة» ، و 161 «القسم السابع : موانع المعرفة» .
2- .راجع: ج 2 ص 25 «الفصل الثاني : فضل العلم» و 77 «الفصل الثاني : فضل الحكمة»، و 369 «الفصل الأوّل : فضل العالم» .

ص: 53

لكميل، قال : يا كُمَيلُ ما مِن حَرَكَةٍ إِلّا وأنتَ مُحتاجٌ فيها إِلى مَعرِفَةٍ . (1) وهذا يعني أن الإسلام لا يسمح للإنسان بالقيام بعمل دون التحقيق والعلم بصحّته ، فالعمل بدون التحقيق لايقتصر على كونه غير مصون من الخطأ فحسب، بل إنّه في حدّ ذاته خطأ كبير . فالإسلام يسعى إلى ترغيب النّاس في التحقيق ويشوقّهم إلى طلب العلم والمعرفة الحقيقية قبل أيّ شيء آخر ، ويعتبر أفضل المسلمين أكثرهم معرفةً ، لاعبادة، وهو مصداق قول الرسول صلى الله عليه و آله : أفضَلُكُم إِيمانا أَفضَلُكُم مَعرِفَةً. (2) كما رويت عن المعصومين عليهم السلام رواية اُخرى حول المسلم الأفضل من هو ؟ نصّها : بَعضُكُم أَكثَرُ صَلاةً مِن بَعضٍ ، وبَعضُكُم أَكثَرُ حَجًّا مِن بَعضٍ ، وبَعضُكُم أَكثَرُ صَدَقَةً مِن بَعضٍ ، وبَعضُكُم أَكثَرُ صِياما مِن بَعضٍ ، وأَفضَلُكُم أَفضَلُكُم مَعرِفَةً . (3) وهذا ما أوصَى به الإمامُ الباقر عليه السلام ، الإمامَ الصادق عليه السلام بقوله : يا بُنَيَّ، اعرِف مَنازِلَ الشّيعَةِ عَلى قَدرِ رِوايَتِهِم ومَعرِفَتِهِم ، فَإِنَّ المَعرِفَةَ هِيَ الدِّرايَةُ (4) لِلرِّوايَةِ .

.


1- .راجع: ج 2 ص 46 ح 1431 .
2- .راجع: ج 2 ص 44 ح 1421 .
3- .راجع: ج 2 ص 25 ح 1294 .
4- .دَرَيتُ بالشيء دَريا ودِرايَةً : عَلِمته (المصباح المنير : ص 194) .

ص: 54

و «الرواية» عبارة عن كلام منقول عن النَّبي صلى الله عليه و آله أو الإمام عليه السلام . أمّا «الدراية» فهي عبارة عن التحقيق والدراسة والاجتهاد للمعرفة وإدراك المفهوم الحقيقي للرواية وعين ما يقصده النَّبي صلى الله عليه و آله أو الإمام عليه السلام . بعبارة اُخرى : الرواية هي حفظ الحديث ونقله ، والدراية هي تفقّه الحديث وفهمه ، والراوي هو ناقل الحديث ، والفقيه هو المحقّق وعالِم الحديث . فالإمام الباقر عليه السلام يوصي ابنه الصادق عليه السلام أولاً بمعرفة منازل الشيعة على قدر رواياتهم ومعرفتهم ، ثمّ يوضّح بعد ذلك أنّ ما يعنيه بالمعرفة هو دراية الروايات ، ويقول : وبِالدِّراياتِ لِلرِّواياتِ يَعلُو المُؤمِنُ إِلى أَقصى دَرَجاتِ الإِيمانِ (1) أي : أنَّ ما يهمّ هو التحقيق والمعرفة وفهم الحديث ؛ لأنّ الرواية إذا لم تصحبها الدراية لا تجدي فتيلاً . ثمّ يواصل الإمام نقل رواية عن أميرالمؤمنين عليه السلام ، فيقول : إنّي نظرتُ في كتابٍ لعليّ عليه السلام فوجدت في الكتاب : أَنّ قيمَةَ كُلِّ امرِئٍ وقَدرَهُ مَعرِفَتُهُ (2) وقال الإمام الصادق عليه السلام في كلام آخر له بشأن قيمة دراية الرواية ومعرفة الحديث : حَديثٌ تَدريهِ خَيرٌ مِن أَلفِ حَديثٍ تَرويهِ (3) فرواية الحديث ونقله يمكن أن ينفع الآخرين أكثر من الراوي نفسه (4) و تكون

.


1- .راجع : ج 2 ص 252 ح 2247 .
2- .راجع: ج 2 ص 27 ح 1305 .
3- .راجع : ج 2 ص 252 ح 2248 .
4- .«ورُبَّ حامل فقه إلى مَن هو أفقه منه» .

ص: 55

علاقة العلم بالإيمان

بالنسبة للراوي مفيدة لو أنّها اقترنت بالدراية ، ورواية الحديث دون درايته _ كما جاء في كلام الإمام عليه السلام _ لا تجدي نفعا للراوي ، بل ربما في بعض الأحيان مضرّةٌ له ولغيره أيضا ، إذ لو لم يكن الراوي على علم بالحديث فقد يتسبّب حتّى في تحريفه ، ولهذا قال أميرالمؤمنين عليّ عليه السلام : عَلَيكُم بِالدِّراياتِ لا بِالرِّواياتِ. (1) وجاء في كلام آخر له عليه السلام : هِمَّةُ السُّفَهاءِ الرِّوايَةُ ، وهِمَّةُ العُلَماء الدِّرايَةُ (2) ونستخلص من هذه الروايات وأمثالها (3) ملاحظتين مهمّتين : الأُولى : أنّ الإسلام يقدّر التحقيق ومعرفة الحقيقة وتجنّب التقليد في المسائل النظرية تقديرا بالغا وأنّ المهمّ في نظر هذا الدِّين القويم هو العلم به ، لا روايته المجرّدة عن الفهم والتقدير ، بعبارة اُخرى : إنّ الإيمان يتحتّم عن طريق المعرفة والعلم ، لاعن طريق التعبّد العشوائي . والثانية : أنّ هداة هذا الدِّين واثقون بقطعية مطابقته للموازين العلمية والعقلية ، على نحو لو أنّ أهل التحقيق كانوا من أهل الإنصاف أيضا لوقفوا على حقّانية الإسلام ، وإلا فما معنى كلّ هذا التأكيد والحثّ على التحقيق؟!

علاقة العلم بالإيمانتثير مسألة الترابط بين العلم والإيمان _ من وجهة النظر الإسلامية _ لدى المحقّقين

.


1- .راجع : ج 2 ص 252 ح 2246 .
2- .كنز الفوائد : ج 2 ص 31 .
3- .راجع : ج 2 ص 252 «الدراية» .

ص: 56

اهتماما فائقا للغاية ، وهذا نظرا لما يدّعيه أشباه المثقّفين _ ممّن لا دين لهم المنكرون للمعتقدات الدِّينية _ من أنّه ليست هناك أيّ صلةٍ بين العلم والإيمان ، وأنّ المعتقدات المذهبية تتنافى مع العلم أصلاً ، وأنّ العلم ضدّ الإيمان والاعتقادات الدِّينية ، وعليه فأينما وُجِدَ العلم غابت المعتقدات الدِّينية ، وبالعكس أينما وُجِدَ الدِّين ضاق المجال لظهور العلم وازدهاره . فلننظر ماذا يقول الإسلام في ذلك الصدد : إنّ الصلة بين العلم والإيمان _ في نظر الإسلام _ صلة لا تنفكّ مطلقا؛ فالإيمان أصلاً ثمرة العلم ، والعالِمُ مؤمن؛ وعدم الإيمان نتيجة الجهل ، والقرآن الكريم يبيّن هذه الحقيقة في غاية البلاغة والدقّة في قوله تعالى : «وَ يَرَى الَّذِينَ اُوتُواْ الْعِلْمَ الَّذِى اُنزِلَ إلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ ... » (1) وقوله : «وَ لِيَعْلَمَ الَّذِينَ اُوتُواْ الْعِلْمَ أنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُواْ بِهِ» (2) فنلاحظ أن هذه الآيات تفيد بصراحة ووضوح أنّ الترابط بين العلم والإيمان ترابط لا يقبل الانفصال والعلماء يدركون ضرورة حقّانية الإسلام ، بمعنى أنّه إن اقتلعت جذور الجهل من المجتمع البشري ساد الإسلام العالم قاطبة؛ فإنّ الإسلام دينٌ علميّ منطقيّ يقوم على ضوابط عقلية . بعبارة اُخرى : _ بناءً على الآيات _ لا يتسنَّى لأحدٍ أن يصبح عالما بالمعنى الحقيقي للكلمة ويظفر بالعلم والمعرفة مادام لايعتقد ويؤمن بالإسلام ، أجل ، إنّ هذا الإمكان يتيسّر لمن يتخيّل أنّه عالم وصل إلى الحقيقة وهو غير مؤمن ، فهو إذ ذاك

.


1- .سبأ : 6 .
2- .الحجّ : 54 .

ص: 57

يجمع بين تخيّل العلم وعدم الإيمان . أمّا العلم في حدّ ذاته فيصطحبه الإيمان ، إذ إنّ العلم والإيمان، كما جاء في الآيات السابقة لا ينفكّ أحدهما عن الآخر . ففي نظر الإسلام : أنّ العلم والإيمان توأمان يولدان معا ويموتان معا فما أجلّ ما استلهم الإمام عليّ عليه السلام القرآنَ حيث يقول : الإِيمانُ وَالعِلمُ أَخَوانِ تَوأَمانِ ورَفيقانِ لا يَفتَرِقانِ (1) وهذا يعني : أنّك لو شاهدت أحد توأمين متّصلين أو لقيت رفيقا ملازما لرفيقه فقد رأيت الآخر منهما ولقيته في عين الآن يقينا ، فكذلك الحال بالنسبة للعلم والإيمان ، فلو وصل الإنسان إلى العلم لوصل إلى الإيمان ولو وصل إلى الإيمان فقد وصل إلى العلم ومعرفة الحقيقة ، وقد روي عن النَّبي صلى الله عليه و آله في هذا المعنى حديث يسترعي النظر ، يبيّن علاقة العلم والإيمان بوجه آخر ، قال : العِلمُ حَياةُ الإِسلامِ وعِمادُ الإِيمانِ (2) فشبِّهت رابطة العلم بالإيمان في هذا الحديث بشيئين : أحدهما : صلة الجسم بالروح ، والآخر : صلة العمود بسقف البناء ، فلو فَقد الجسم روحه فقد جمد عن الحركة والنموّ ، وسقف البناء لايستقرّ لحظةً بدون دعامة ، وهكذا التلازم والترابط بين العلم والإيمان ، فالإسلام موجود متحقّق حيثما وُجِدَ العلم ، ويزدهر في المجالات العلمية في كلّ زمان ومكان . وهنا ننتقل إلى الموضوع الثالث من هذا الفصل ، أي : العلاقة بين الجهل والكفر ، وهل هذه العلاقة كالترابط بين العلم والإيمان؟ بمعنى أنّ الصلة بين الكفر والجهل

.


1- .راجع: ج 2 ص 54 ح 1489 .
2- .راجع: ج 2 ص 44 ح 1420 .

ص: 58

العلاقة بين الجهل والكفر
أ _ معنى الكفر والكافر

غير قابلة للانفصام هي الأُخرى ، وهل كلّ جاهلٍ كافرٌ، وكلّ كافرٍ جاهلٌ؟ أو هناك صلة اُخرى تربط بينهما؟

العلاقة بين الجهل والكفرالحقّ أنّ صلة الجهل بالكفر ليست كصلة العلم بالإيمان ، فالجهل والكفر ليسا توأمين لا ينفصلان أو يفترقان ؛ ذلك لأن_ّه من الممكن أن يكون الإنسان جاهلاً ولا يكون كافراً ، كما يمكن أن يكون كافراً ولا يكون جاهلاً . ولتوضيح هذا الإجمال تستدعي الضرورة الانتباه إلى مقدّمتين : إحداهما : حول معنى الكفر والكافر . والثانية : حول صوَر الإنسان في مواقفه التي يتّخذها لمواجهة الحقائق المعلومة والمجهولة .

أ _ معنى الكفر والكافرالكفر في اللغة : الإخفاء والستر ، لذا يقال لكلّ من ، ولكلّ ما أخفى شيئا ، أنّه كفره ، ويطلق عليه أنّه كافر . والإخفاء نوعان : عينيٌّ واعتباريٌّ ، فالإخفاء العيني كإخفاء بذرة تحت التراب ، والاعتباري كإخفاء الحقّ بالباطل ، والعكس صحيح . وعليه ، لو أظهر الإنسان شيئا على خلاف علمه واطّلاعه واعتقاده فعمله يُحتسب كفراً ويطلق عليه أنّه كافر ، ومن يعرف حقيقةً ويقول لا أعرفها ، وكذلك من لايعرف حقيقة ويقول أعرفها ، فكلاهما كافر ؛ لأنّ الأول قد أخفى علمه ، والثاني قد أخفى جهله ، أمّا من لايعرف حقيقة ويصرّح بقوله لا أعرفها فهذا ليس بكافر ، وإنما هو جاهل .

.

ص: 59

ب _ مواقف الإنسان في مواجهة الحقائق
الكافر الذي ليس جاهلاً

ب _ مواقف الإنسان في مواجهة الحقائقيمكن للإنسان أن يتّخذ في مواجهته للحقائق المعلومة أو المجهولة موقفا من أربعة : 1 . أن يعرف حقيقة ويقول : أعرفها . 2 . أن يعرف حقيقة ويقول : لا أعرفها . 3 . ألّا يعرف حقيقة ويقول : أعرفها . 4 . ألّا يعرف حقيقة ويقول : لا أعرفها ، أو يسكت . فأمّا الذي يعرف شيئا ويقول أعرفه فهو عالِمٌ ومؤمن . وأمّا الذي يعرف شيئا ويقول : لا أعرفه فهو عالِمٌ وكافر ؛ لأن_ّه يكتم علمه . وأمّا الذي لايعرف شيئا ويقول : أعرفه فهو جاهل وكافر ؛ لأن_ّه يخفي جهله . وأمّا من لايعرف شيئا ولا يتظاهر بالعلم فهو جاهل وليس كافراً . وعليه فالإنسان في مقابل الحقائق الوجودية عالِمٌ مؤمن ، أو عالِمٌ كافر ، أو جاهلٌ كافر ، أو جاهلٌ غير كافر . ويتّضح من هذا البيان أنّ الجهل والكفر لايرتبطان ببعضهما ارتباط العلم بالإيمان ، وإنما الصلة بينهما _ على حدّ تعبير المنطقيّين _ هي كصِلَةِ «العموم والخصوص من وجه» بمعنى أنّه يمكن أن يكون الإنسان كافراً ولا يكون جاهلاً ، أو يكون جاهلاً ولا يكون كافراً ، أو أن يكون جاهلاً وكافراً في الوقت ذاته .

الكافر الذي ليس جاهلاًإنّ مَن يُنكر حقيقة مّا وهو يعرف حقّانيتها كافرٌ وليس جاهلاً ؛ لأن_ّه يعرف تلك الحقيقة ، ومَثَله كمَثل مَن يَثبت له وجود اللّه تعالى بأدلَّةٍ مؤكّدةٍ واضحةٍ ولكنّه لدوافع خاصّة يتلفّظ بإنكار وجوده تعالى ، فهو على حدّ وصف الإمام عليّ عليه السلام : تَشهَدُ لَهُ أعلامُ الوُجودِ عَلى إِقرارِ قَلبِ ذِي الجُحودِ . (1)

.


1- .راجع : ج 3 ص 71 ح 3438 .

ص: 60

الجاهل الذي ليس كافرا

ومصداق ذلك فِرعَوْنُ وأتباعه الذين أخبر القرآن عنهم بأنّهم عرفوا الحقيقة وتيقّنوها بالأدّلة والبراهين الجليَّة التي أتى بها نبيّ اللّه موسى عليه السلام لإثبات وجود اللّه تعالى وإثبات نبوّته عليه السلام ولكنهم أبوا الاعتراف بالحقيقة وكذّبوه وأنكروا وجود اللّه عز و جل بدافع من استعلائهم واستكبارهم وطغيانهم وإجرامهم ، وهذا ما قاله القرآن عنهم : «وَجَحَدُواْ بِهَا وَ اسْتَيْقَنَتْهَا أنفُسُهُمْ ظُ_لْما وَ عُلُوًّا» . (1) إنّ الأدلّة الواضحة التي أتى بها موسى عليه السلام ومنطقَه القويَّ ومعجزاتِه طمأنت فرعون وأتباعه إلى صدق موسى فيما يقول ، وإنّ اللّه الذي يتحدّث عنه موسى عليه السلام ويدّعي رسالته ويدعو الناس لعبادته هو خالق الكون وربُّ العالمين ، بَيدَ أنهم _ رغم هذا اليقين والطمأنينة القلبية _ أنكروا آيات اللّه وكذّبوا نبيَّهُ واعتبروا ربَّه اُسطورة! ألا يصحُّ لنا هنا أن نسأل : لماذا كان هذا؟! فيجيب القرآن الكريم على هذا السؤال بأنّ السبب والدافع لهذا الإنكار هو الظلم وحبّ الاستعلاء . لقد كانوا يعلمون بأنّهم لو اعترفوا بصدق موسى عليه السلام وحقّانيته وبربّه الذي أرسله لوجب أن ينتهوا عن الظلم والإجرام وحبّ التعالي والرئاسة ، ولكن هيهات منهم ذلك! فأخفوا علمهم وحجبوا الحقيقة بستار الكفر وأنكروا آيات اللّه عز و جل . لقد كان هذا في صدد الكافر غير الجاهل . أمّا الصورة الثانية فهي :

الجاهل الذي ليس كافراًإنّ من لايعرف حقيقة مّا ولا يدّعي بأنّه يعرفها هو جاهلٌ وليس كافراً ، بعبارة اُخرى : إن من لايبدي رأيا فيما لايعرف أو يعترف بجهله فيه جاهلٌ وليس كافراً ؛

.


1- .النمل : 14 .

ص: 61

لأن_ّه لم يُخفِ شيئا ، والكفر هو الإخفاء . يقول الإمام الصادق عليه السلام بهذا الخصوص : لَو أنَّ العِبادَ إِذا جَهِلوا وَقَفُوا ولَم يَجحَدوا لَم يَكفُروا. (1) يعني أنّ الكفر يتحقّق نتيجة لإنكار حقيقة مجهولة ، فاذا امتنع الإنسان عن إبداء الرأي في أمرٍ لايعرفه وانتهى عن إنكاره فهو ليس كافراً بتلك الحقيقة ؛ لأنّه سواء اعترف بجهله أو أمسك عن إبداء الرأي لم يُخفِ شيئا ، وعليه فإنّ مثل هذا الجاهل ليس كافراً وإن لم يكن مؤمنا . روى أحد أصحاب الإمام الصادق عليه السلام هو محمّد بن مسلم ، قال : كنتُ عند أبي عبداللّه عليه السلام جالسا عن يساره وزرارة عن يمينه ، فدخل عليه أبوبصير ، فقال : يا أبا عبداللّه ، ما تقول فيمن شكّ في اللّه ؟ فقال : كافر يا أبامحمّد . قال : فشكّ في رسول اللّه ؟ فقال : كافر . قال : ثُمَّ التفت [الإمام] إلى زرارة ، فقال : إِنَّما يَكفُرُ إِذا جَحَدَ. (2) أي : لو أنّ أحداً شكَّ في وجود اللّه ولم ينكر وجوده عز و جل فليس كافراً ، إنّما الكافر مَن ينكر وجود اللّه تعالى مع قيام الشكّ في نفسه وعجزه عن الاستدلال على عدم وجوده سبحانه وتعالى .

.


1- .راجع : ج 2 ص 419 ح 2976 .
2- .الكافي : ج 2 ص399 ح 3 .

ص: 62

جاء في تفسير العيّاشي نقلاً عن الإمام الصادق أو الإمام الباقر عليهماالسلام (1) في شأن إبراهيم عليه السلام لما جَنّ عليه اللّيل ورأى كوكبا ، قال : هذَا ربِّي . إنَّما كانَ طالِبا لِرَبِّهِ ولَم يَبْلُغْ كُفراً ، وإنَّهُ مَن فَكَّرَ مِنَ النّاسِ في مِثلِ ذلِكَ فَإِنَّهُ بِمَنزِلَتِهِ. (2) أي: إنّ مَن يبحث ليحصل على معرفة اللّه تعالى ليس كافراً، بل هو كالنّبي إبراهيم عليه السلام . وقد رويت عن الإمام عليّ عليه السلام في شأن الجاهل الذي لا يدّعي العلم رواية تسترعي النظر بما تتضمّنه من نقطة لطيفة ، وهي أنّه قال : لَو أنَّ العِبادَ حينَ جَهِلوا وَقَفُوا لَم يَكفُروا ولَم يَضِلّوا. (3) أمّا النكتة الجديرة بالاهتمام في هذه الرواية فهي _ طبقا لقول الإمام عليه السلام _ أنّ توقّف الجاهلين عن إبداء الرأي بالنسبة للحقائق المجهولة لهم لا يقتصر على إعفائهم من داء الكفر فقط ، بل سيحول دون أن يضلّوا أيضا ، يعني أنّ الجاهل بتوقّفه وإمساكه عن إظهار نظره ، يجذبه التحقيق والبحث عن الحقيقة تدريجيًّا ، فإن استقرّ على طريق التحقيق وكان هدفه الوصول إلى الحقيقة فإنّه في مجال اُصول العقائد سينجو من الضلال ويظفر بالحقيقة بأيدٍ من الإمدادات الإلهية . بعبارة اُخرى : كأنّ الإمام عليه السلام أراد أن يقول بأنّ أصل الضلال في العقيدة ومنشأه آراء جُهلاءَ غير متخصّصين . ولو أنّ هؤلاء الجُهلاء أمسكوا عن إبداء آرائهم أو إظهار نظرهم فيما لا علم لهم به لا قتلعت جذور الكفر والضلال من المجتمع البشري. (4)

.


1- .راجع : ج 2 ص 419 ح 2976 .
2- .الترديد من الراوي .
3- .تفسير العيّاشي : ج 1 ص364 ح 38 ، بحار الأنوار : ج 11 ص 87 ح 10 . ومن عقائد الشيعة أنّ أنبياء اللّه عليهم السلام لم يكونوا كفّاراً أبداً في حياتهم ، وكذا آباؤهم .
4- .راجع : ج 2 ص 163 «الفصل الأوّل : حجب العلم والحكمة» .

ص: 63

الجاهل الكافر
الفاصل بين الإيمان والكفر

الجاهل الكافرلو أنّ الكافر كان يعرف الحقيقة لَما كان جاهلاً ، ولو أنّ الجاهل لم يُخفِ جهله لَما كان كافرا . فإن أخفى الجاهل جهله فقد اجتمع فيه الجهل والكفر . وعليه ، فإنّ الجاهل الكافر هو من يبدي رأيه فيما لايعرف . وعندما نتعرّض بالبحث لموضوع معرفة اللّه تعالى سنوضّح أنّ منكري وجود اللّه عز و جلحتّى لو افترضنا جدلاً أنّهم أتوا بأدلّة صحيحة فإنّهم ما برهنوا في النهاية إلّا على شيءٍ واحدٍ ، هو أنَّ الإنسان لايجد سبيلاً لمعرفة ماوراء المادة ، أي : ليس في مقدوره أن يفهم ما إذا كان هناك شيء آخر وراء الطبيعة المحسوسة أم لا . (1) ولو أنّهم اعترفوا بجهلهم لم يكونوا كفّاراً ، ولكنّهم لا يقفون عند عدم الاعتراف بجهلهم فحسب ، بل يتجاوزونه إلى قطاف ثمرة الجهل ، ممّا يعتبرونه في نظرهم على أنّه هو العلم ، فيتّخذون من جهلهم أساسا لنظريّتهم بالنسبة للمسائل الميتافيزيقية وماوراء الطبيعة ، فإذا برأيهم أنّه لا وجود لشيءٍ أصلاً إلّا للطبيعة المحسوسة . وهكذا ، يتواءم الجهل والكفر ، فيخفي الإنسان جهله بعلم مزعوم .

الفاصل بين الإيمان والكفرفي المقام تجب الإجابة على السؤال التالي ، حيث ينبغي القول استنادا إلى ما مرّ في بيان العلاقة بين الجهل والكفر : إنّ هناك فاصلاً بين الكفر والإيمان ، وإنّ الشخص الّذي يشكّ في اُصول الإسلام العقيدية مع عدم إنكاره لها لا يعدّ مسلما ولا كافرا ، في حين أنّه لا توجد الفاصلة المذكورة بين الكفر والإيمان من الناحية الفقهية ، فكلّ شخص غير مؤمنٍ فهو كافر ؟ للجواب على هذا السؤال نقول : إنّ ما يخضع للدراسة في هذا الموضوع ، هو العلاقة بين الجهل والكفر من الناحية المعرفية لا من الناحية الفقهية ، صحيح أنّه لا توجد فاصلة بين الإيمان والكفر من الناحية الفقهية استنادا إلى النصوص الكثيرة

.


1- .راجع: ج 3 ص 65 _ 72 «العقل» .

ص: 64

الواردة في هذا المجال (1) ، ولكن هناك فاصل بينهما بالتأكيد من الناحية المعرفية ، فالشاكّ لا يكون كافرا من الناحية المعرفية إلّا إذا أنكر اُصول الإسلام العقيدية ، وأمّا إذا لم ينكرها _ وخاصّةً إذا كان بصدد التحقّق والعثور على الحقيقة _ فليس بكافرٍ ، بل يعدّ جاهلاً ومستضعفا من الناحية العقيدية . وعلى هذا الأساس ، فليس هناك فاصلة بين الكفر والإيمان من الناحية الفقهية ، فكلّ من لا يكون مؤمنا حقيقةً أو حكما يُعتبر كافرا ، في حين أنّ بين الكفر والإيمان من الناحية العقيدية فاصلة . وبعبارةٍ اُخرى ، فمن الناحية المعرفية هناك فرق بين العالم والجاهل الّذي لا يُنكِر جَهلَه والجاهل الّذي يُنكِرُ جَهلَه ، والكافر هو الجاهل الّذي يُنكِرُ جهلَه ويدّعي العلم . بقي لدينا ختاما لهذا الفصل سؤالان مهمّان هما : الأوّل : هل التحقيق في أيّ مورد يحتّم الوصول بالنتيجة إلى الواقع ومعرفة الحق؟ بعبارة اُخرى : هل التحقيق أيًّا كان مورده يصل بالمحقّق والباحث بالضرورة إلى هدفه من البحث؟ أو أنّه من الممكن أن يحقّق الباحث ولا يصل إلى نتيجةٍ مّا؟ أو يخيَّل إليه أنّه وصل إلى معرفةٍ حقيقية بينما الواقع أنّه لم يصل؟ والآخر : هل هناك معيار وميزان لمعرفة صحّة نظريةٍ أو عقيدةٍ مّا أم لا؟ والجواب عن السؤال الأول هو : أنَّ للمعرفة موانع وشروطا ، فلو أنّ الباحث أو المحقّق قد أزال موانعها وحقّق شروطها لتوصّل بالضرورة إلى النتيجة المنشودة ، وسنتطرّق إلى شروط المعرفة وموانعها في القسم الخامس و السادس والسابع من كتاب المعرفة من هذه الموسوعة. (2) أمّا الإجابة عن السؤال الثاني فسيأتي في الفصلين القادمين ، إن شاء اللّه تعالى .

.


1- .مثل الآية 67 من سورة النمل والرواية 10 و 11 من اُصول الكافي : ج 2 ص 386 .
2- .راجع: ج 2 ص 109«القسم السادس: مبادئ المعرفة» و161 (القسم السابع: موانع المعرفة» .

ص: 65

الفصل الرابع : تصحيح العقيدة
داء اعتبار الإنسان نفسه عالما

الفصل الرابع : تصحيح العقيدةلا يخفى أنّ من أهمّ المسائل التي تجب دراستها قبل البحوث العقائدية مسألة تصحيح العقيدة ، فهل هناك طريقة يمكن التوصّل بها إلى معرفة العقائد الصحيحة وإلى تصحيح العقائد الفاسدة؛ ما هي إذاً؟ والجواب : نعم . إنّ في النصوص الإسلامية في هذا الشأن توصيات دقيقة تسترعي الانتباه وإن كانت _ كما يظهر _ لم تُتناول بالبحث والتحليل حتّى الآن ، وهذه التوصيات من أبرز مايلزم وأهمّ ما يقتضي لمن يحاول سبْر أغوار البحوث العقائدية بعين باصرة لواقع الحال ورؤية غير قاصرة عن المآل ، أيًّا كانت عقيدته ومسلكه ومذهبه ، فالتزام هذه التوصيات يُوصل الباحث والمحقّق إلى ما يتوخّاه من تحقيقه ويوفّر له الثقة في نتائجه . والأجدر بنا _ قبل أن نتحدّث عن التوصيات الإسلامية اللازمة لتصحيح العقيدة _ أن نستعرض شيئا عن أخطر الأدواء العقائدية ، ألا وهو داء اعتبار الإنسان نفسه عالما .

داء اعتبار الإنسان نفسه عالماإنّ داء اعتبار الإنسان نفسه عالما أو بكلمة اُخرى داء العلم الخيالي نوع من

.

ص: 66

الأمراض النفسية التي يبتلى بها الكثيرون ويصعب تشخيص أعراضه ، فإن أزْمَنَ استحالت معالجته ، وهذا مايطلق عليه ب«الجهل المركّب» . ولتوضيح هذه الظاهرة نقول : إنّ الإنسان يواجه حقائق الوجود بأربع حالات : الحالة الأُولى : هي أنّه يعلم الشيءَ على حقيقته ويعلم أنّه يعلم ، فهو في هذه الحالة عالِمٌ حقيقي . الحالة الثانية : هي أنّه يعلم الشيءَ على حقيقته ولكنه لا يعلم أنّه يعلم ، فهو في هذه الحالة مصاب بالغفلة والنسيان ، ولذلك يسمَّى غافلاً . الحالة الثالثة : هي أنّه لا يعلم الشيءَ على حقيقته ويعلم أنّه لا يعلم ، أي أنّه عالِمٌ بجهله ، فهو اذاً جاهلٌ بسيط . الحالة الرابعة : هي أنّه لايعلم الشيءَ على حقيقته ولا يعلم أنّه لايعلم ، أي أنّه جاهلٌ بجهله ولكنه يتصوّر بأنه يعلم ، فهو في هذه الحالة يسمَّى جاهلاً مركّبا . (1) ولمزيدٍ من الإيضاح في الفرق بين الجهل البسيط والجهل المركّب نقول : إنّ الجهل البسيط جهلٌ لم يتركّب بجهلٍ آخر ، كعدم معرفة الطريق الفلاني أو الشخص الفلاني أو المسألة العلمية الفلانية ، أمّا الجهل المركّب أو المطْبِقْ فهو عبارة عن جهلين يتركّبان مع بعضهما بشكل خاصّ ، فالجهل الأول هو جهل الإنسان بالشيء ، فجهله اذاً هو الجهل البسيط ، والجهل الثاني هو تصّور الإنسان جهله علما ، وهذا جهلٌ آخر يتركّب مع الجهل الأول لينتج جهلاً مركّبا (2) أو مطبقا .

.


1- .الجاهل المركّب : من لا يتطابق ما يعلمه مع الواقع ، فهو يظنّ أنّه يعلم الشيء ولكنه لا يعرفه على حقيقته . والجاهل البسيط من جهل الشيءمطلقا، فهو جاهل به أصلاً. فهما فيالجهل بحقيقة الشيءسيّان (لغتنامه دهخدا).
2- .الجهل المركّب : هو الاعتقاد بماهية الشيء بخلاف ماهيته اعتقاداً جازما غير مطابق للواقع ، سواءً أكان هذا الاعتقاد مستنداً إلى الظنّ أم إلى التقليد . وعليه ، فلا اعتبار للثبات في الجهل المركّب . والسبب في تسميته بالجهل المركّب هو أنّ الإنسان حينما يعتقد بشيء خلافا لحقيقته فقد جهله وهذا جهل . ثمّ يعتقد بأنّ اعتقاده فيه هو الصواب بعينه ، وهذا في حدّ ذاته جهلٌ آخر يتركّب مع الجهل الأول لينتج ما يسمّى بالجهل المركّب . «لغتنامه دهخدا (بالفارسية)» .

ص: 67

احتمال الخطأ في العقائد الدينية

يجب أن نعترف _ ببالغ الأسف _ أنّ أغلب الناس مبتلون بهذا المرض الروحي السائد ، حيث تظهر أعراضه في مجال الكثير من الاُمور الاعتقادية والنظرية ، وخاصّةً في ثلاثة موارد يحدّدها الإمام الصادق عليه السلام في مجال المعتقدات الدينية والسياسية والاُمور الإدارية ، فيُروى عنه عليه السلام أنّه قال : ثَلاثُ خِلالٍ يَقولُ كُلُّ إِنسانٍ إنَّهُ عَلى صَوابٍ مِنها : دينُهُ الَّذي يَعتَقِدُهُ ، وهَواهُ الَّذي يَستَعلي عَلَيهِ ، وتَدبيرُهُ في اُمورِهِ. (1) فبهذه الخلال يتصوّر الجميع أنّ ما يقولونه صحيح مطابق للواقع ، ولا يحتمل أحدٌ ما أن يكون ادّعاؤه خطأ .

احتمال الخطأ في العقائد الدينيةمن العادة أنّ من يتّبع دينا أو مذهبا مّا لا يتطرّق إليه الشكّ في معتقداته الدينية ، فلا أحد يحتمل أن تكون عقائده خطأً ، ولو أنك استفسرت من شخصٍ مّا عن صحّة معتقداته أو سقمها لأجاب جازما بأنّ عقيدته وحدها هي الصحيحة المطابقة للواقع ، وأنّ كلّ من يقول بخلاف ذلك أو يعتقد بما يخالف عقيدته فاعتقاده غير صحيح وغير مطابق للواقع وقوله مجانب للعلم ، وعلى هذا الغِرار فإنّ الشيوعي يقول للكلِّ : إنّكم جميعا على خطأ ، وليس هناك إلّا مدرستي وعقيدتي وحدها هي التي تعتبر علميةً ، ولمَّا كان لايحتمل أن يكون ما اعتقده

.


1- .تحف العقول : ص 321 ، بحار الأنوار : ج 78 ص 234 ح 54 .

ص: 68

احتمال الخطأ في المعتقدات السياسية

خطأ فهو لا يسمح لنفسه بالتحقيق . ومن ثَمّ اعتبر الإمام الصادق عليه السلام في الحديث الآنف الذكر أنّ أمثال هذا التفكير الجزمي نوعٌ من الأمراض العقائدية السائدة ، وعليه ، فما دام الإنسان مصابا بهذا المرض فلا أملَ له في تصحيح عقيدته واختياره الدين الصحيح .

احتمال الخطأ في المعتقدات السياسيةالمعتقدات السياسية تأتي في المرحلة الثانية بعد المعتقدات الدينية ، لا من حيث عدم احتمال الإنسان لخطئه فيها فحسب ، بل ومن حيث جزمه بأنّ الحقّ بجانبه ، فالدول والحكومات والمنظمّات والفئات وكذلك العناصر التي تسعى للوصول إلى الحكم والقدرة جميعا يدّعون بأنّ الحقّ إلى جانبهم ، ولابدّ من أن تطّبق مبادؤهم ومعتقداتهم السياسية على أساس ما يستصوبونه ، وأنهم هم الأولى بحكم الناس . فالمسؤولون الأمريكيون مثلاً يعتبرون عقائدهم السياسية حقًّا ، ونفس الاعتبار لدى زعماء الحكومات الاُخرى أيضا . وفي أيّ دولة يعتبر كلّ حزب أو فئة فيها أنّه على الحقّ وأنّ منافسه على الباطل ، وكذلك الحال بالنسبة لعناصر المنظّمة أو الحزب الواحد ، فإنّ كلّ من يسعى لفرض سلطته يعتبر معتقداته السياسية حقًّا وما سواها باطلاً . فلو أننا تأمّلنا قليلاً أفعال اُولئك الذين يجهدون لإحراز المناصب والاستيلاء على السلطة وأمعنّا النظر في تصرّفاتهم لعلمنا بأنّ الكلّ لا يهدفون لشيء سوى الاستعلاء والهيمَنة ، وأنّ ما يدعون من عقائد سياسية ليست إلّا ذريعة وجسراً يَعبُرون عليه إلى السلطة لاغير ، ولهذا عبّر الإمام الصادق عليه السلام عن عقائد المتعطشين

.

ص: 69

احتمال الخطأ في إدارة الاُمور
خطر داء اعتبار النفس عالما

إلى السلطة وبرامجهم السياسية ب«الهوى الذي يَستَعلي عليه» .

احتمال الخطأ في إدارة الاُموروالخلة الثالثة التي يعتبر كلّ شخص نفسه على صواب فيها هي كيفية تصريفه للاُمور وإدارتها ، فلا أحد يحتمل أن يكون مخطئا في إدارة الاُمور التي تفوّض إليه إدارتها ، بل إنه ليجزم بأنه أفضل مدير وأنّ تدبيره فيما يناط به من عمل أفضل تدبير ، والكل _ ابتداءً برئيس الحكومة وانتهاءً بربّ العائلة _ يرى الحقّ إلى جانبه في حُسن تدبيره ، وثمة لا يسمح لأحد بانتقاده . خلاصة القول ، إنّ الجزم في المعتقدات الدينية والسياسية والإدارية مرضٌ فكريٌّ وعقائديٌّ سائدٌ يهدّد المجتمع البشريّ قاطبةً . (1)

خطر داء اعتبار النفس عالماإنّ من أخطر الأمراض التي تهدّد الإنسان هو أن يتوهّم المرء نفسه عالما ، فاذا طرأ على الإنسان هذا المرض وأزمن لم يصعب عليه علاجه فحسب، بل ربّما استحال. لقد أثبتت التجارب أنّه لم يُشْفَ من المبتلين بهذا المرض إلّا القليل ، ذلك لأنّ من لا يعلم أنّه لايعلم لا يخطر بذهنه أن يفكّر في علاج مرض الجهل ، فكيف يفكّر في دوائه؟! ولهذا يعيش مغموراً في الجهل أبد الدهر . من يعلم ويعلم أنّه يعلم، وصل بحصان طربه إلى الأفلاك ، ومن لا يعلم ويعلم أنّه لايعلم فهو أيضا وصل بحماره الأعرج إلى الدار ، ومن لا يعلم ولا يعلم أنّه لا يعلم

.


1- .يحذّر القرآن الكريم الناس من هذا المرض في مجالات متعدّدة . راجع المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم : كلمة «أكثر» .

ص: 70

علاج داء اعتبار الإنسان نفسه عالما
موانع تصحيح العقيدة

بقي في الجهل المركّب أبد الدهر. 1

علاج داء اعتبار الإنسان نفسه عالماينبغي لنا بعد هذه المقدّمة الوجيزة أن نعرف بماذا يوصي الإسلام لتصحيح العقيدة وللوقاية من داء ادّعاء العلم واعتبار الإنسان نفسه عالما ومعالجته . فللوقاية من هذا الداء وعلاجه للوصول إلى العقيدة الصحيحة ركنان أساسيان ، هما : إزالة موانع المعرفة وتحرير بصيرة العقل ، وتوفير الشروط اللازمة للمعرفة ، والإسلام بدوره لايوصي بغيرهما ، ونظراً لأننا سنتعرّض لدراسة الموانع من المعرفة والشروط اللازمة لهابالشرح الكافي في القسم السادس والسابع من هذه السلسلة من البحوث لا نرى بأسا في إرجائها إلى وقتها . أمّا ما نعرضه في هذا الفصل ، فهو التوصيات المشخّصة التي وردت في النصوص الإسلامية بخصوص موانع تصحيح العقيدة أو شروط تصحيح العقيدة ، ولو أن مرجع هذا المطلب أيضا هو بحث موانع المعرفة وشروطها .

موانع تصحيح العقيدةإن موانع تصحيح العقيدة تعتبر من الاُمور التي تؤدّي بالفكر إلى الزلل والخطأ ، والباحث لا يستطيع _ إذا ما برزت أمامه _ أنّ يطمئنّ إلى مطابقة رأيه وعقيدته للواقع .

.

ص: 71

فالتاريخ يشهد بأنّ مؤسّس علم المنطق أرسطو (384 _ 447 ق .م) كان أوّل من فكّر في الوقاية من خطأ الفكر . لقد كانت بحوث سقراط وافلاطون أساسا لجهود أرسطو في كشف طريقة تحصيل العلم ، إلّا أنّ طبعه المدقّق لم يقتنع بالمباحث السقراطية ، ولم يعترف ببيان افلاطون فيما يختصّ بمنشأ العلم وسلوك طريق المعرفة ، أو يعتبرهما مطابقين للواقع ، وإنما تمكّن في مقابل المغالطة ومناقشة السّفسطائيين من اكتشاف القواعد الصحيحة للاستدلال واستنتاج الحقيقة ، وعلى هدى افلاطون وسقراط توصّل إلى وضع اُصول المنطق وقواعد القياس على أساس محكم ، لم يُضف أحد إليها شيئا مّا إلى يومنا هذا. (1) وقيل في تعريف المنطق : إنه عِلْمٌ آليٌّ (آلةٌ قانونيةٌ) تعصم مراعاتها الذهن عن الخطأ في الفكر . ومنذ زمن بيكن (1560 _ 1625 م) وديكارت (1596 _ 1650 م) حصل تحوّل فكري في اُوربا ، أدّى إلى الاعتقاد بأنّ المنطق الارسطي غير كاف للوقاية من الخطأ في الفكر ، فقد كان ديكارت يعتقد أنّ قواعد المنطق رغم صوابها وثبوتها لا تجعل المجهول معلوما ، وأنّ فائدتها الحقيقية تكمن فقط في معرفة المصطلحات وتملّك القدرة على التفهيم والبيان ، وذلك لأنّ البرهان هو استخراج النتيجة من المقدّمات ، وإذا لم تكن المقدّمات معلومة فلن تتحقّق النتيجة ، وقواعد المنطق وحدها لاتكفي للحصول على معلوم ، فإذا ما توفّرت المقدّمات الصحيحة فالنتيجة حاصلة بذاتها ، والعقل السليم في الإنسان يستخدم القواعد المنطقية بالفطرة دونما احتياج إلى كلّ هذا البحث وجَدَلِ المناطقة ، أمّا إذا كانت المقدّمات المتوفّرة

.


1- .سير حكمت در اروپا (بالفارسية) لمحمّد علي فروغي : ج 1 ص 31 .

ص: 72

لدينا خطأً فالنتيجة بطبيعة الحال خطأ أيضا ، والحاصل هو الضلال عن الحقيقة بدلاً من الاهتداء إليها ، ومن ثَمَّ ، ما أكثر ما أخطأ طلّاب العلم رغم وقوفهم التامّ على قواعد المنطق!! لقد أعلن ديكارت في بيانه الواضح ما أعلن فرنسيس بيكن بتأسيسه للأرغنون الجديد (1) ، أنهما قد وضعا منطقا جديداً . لقد اجتهد كلّ من العالم الإنجليزي بيكن، والفيلسوف الفرنسي ديكارت، للتأكيد على أنّ منطق ارسطاطاليس وسيلةٌ لكشف المجهولات ، وأنّ المدرسين (سكولاستكس) لا يجوز لهم في طريق المعرفة أن يُضيعوا معظم أوقاتهم فيما يولونه من أهمّية. (2) وهكذا تنبّه كلّ من بيكن وديكارت إلى إمكان حدوث الخطأ في الاستدلال عن طريقين : 1 . المقدّمات التي يفترضها الذهن على أنها معلومة ثمّ يتّخذها أساسا لبناء الاستدلال عليها ، على حين أنها لا تخرج عن كونها مواد ولوازم لبناء الاستدلال . 2 . الشكل والصورة والنظم والترتيب التي يكيّف فيها الذهن مواد الاستدلال ولوازمه . إنّ مقياس الخطأ في منطق أرسطو مرتبط بصورة الاستدلال ، ولذلك سمّي منطق أرسطو المنطق الصوري ، أو منطق الصورة ، فلم يأخذ هذا المنطق قياس الخطأ في المواد واللوازم ، بعين الاعتبار ، على حين أنّ المهمّ للوقاية من الخطأ في الفكر ولتصحيح العقيدة هو قياس الخطأ في المقدّمات والمواد الاُولى للقياس ، ذلك لأنّ العقل السليم يصطنع القواعد المنطقية بالفطرة ، رغما عن عدم احتوائه للمصطلحات

.


1- .الأرغَنونُ الجديد اسم كتاب لم يتم لبيكن .
2- .سير حكمت در اروپا (بالفارسية) : ج 1 ص 136 .

ص: 73

المنطقية . أمّا المنطق الجديد الذي يعرضه بيكن لقياس الخطأ في مواد الاستدلال ولوازمه فيتمثّل في اتّقاء موانع كشف الحقيقة ، هذه الموانع التي يعبّر عنها بالأوثان الطائفية ، والأوثان الشخصية ، والأوثان السوقية ، والأوثان المسرحية . فالإنسان مواجهٌ أثناء تحصيل العلم مشاكل وعقبات لابُدّ من تجنّبها ، أهمّها تلك الأخطاء التي يُبتلى الذهن بها ، ونظراً لأنّ هذه الأخطاء مدعاة للإضلال فقد اعتبرها أوثانا أو أصناما وقسّمها إلى أربعة اقسام : القسّم الأوّل : الأوثان الطائفية . أي : الأخطاء التي هي من خصائص الطبع البشري ، فكما أنّ المرايا المعوجَّة غير المستوية تكسر الأشعة الضوئية وتجعلها عوجاء منحرفة وتعكس الصور قبيحة مشوّهة فذهن الإنسان أيضا شأنه شأن هذه المرايا في تحريف المحسوسات والمعقولات وضياعها . . . مثلاً ، لو تصادف أنّ حُلْما من الأحلام قد تحوّل إلى حقيقة لصار مرجعا للذهن ، أمّا إذا لم يتحوّل الحلم إلى حقيقة فالذهن لا يذكره ولورآه مئة مرّة ولا يبني عليه ، وإنّما يتمسّك بما سبق أن اعتقد به ويتعصّب له ، وغالبا ما يفقد الإنصاف فيحكم حسب عواطفه ونفسيّاته ، ويتدخّل الغرور والنخوة والهلع والغضب والشهوة في آرائه بصورة تامّة ، فحواسّ الإنسان هي الاُخرى وإن كانت قاصرة معرّضة للخطأ . ثمَّ لا يجد الإنسان في نفسه رغبةً في إصلاح خطئها بالتأمّل والتمحيص ، بل يقتصر على رؤية ظاهر الأشياء ولا يسبر أغوارها . القسم الثاني : ويشمل الأوثان الشخصية أي : الأخطاء التي يرتكبها الشخص استجابةً لما تقتضيه طبيعته ، كأن يتعلّق الإنسان بشيء ويجعل ذلك الشيء أساسا أو ركيزةً يبني عليها عقائده ، كما حدث مع أرسطو ، فقد كان مولعا بالمنطق ، فبنى

.

ص: 74

موانع تصحيح العقيدة في القرآن
اشاره

عليه فلسفته ، وهناك أذهان تجذبها التشابهات والجمع بين الاُمور ، وهناك أذهان اُخرى يعنيها الاختلاف وفصل الاُمور عن بعضها ، وهناك بطبيعة الحال مَن يصدر الحكم القطعي في كلّ باب ، وهناك من يتردّد في إصدار الحكم ويتأمّل حتّى يصير شكّاكا . . . القسم الثالث : ويشمل الأوثان السوقية ، أي : الأخطاء التي تحدث نتيجةً لمجالسة الناس بعضهم بعضا ، مع نقصٍ وقصورٍ في الألفاظ والعبارات ، كالحظّ والصدفة والتنجيم . القسم الرابع : ويشمل الأوثان المسرحية ، أي : الأخطاء التي تنجم عن تعاليم الحكماء واستدلالاتهم المغلوطة. (1) ولتجنّب الأخطاء في الفكر وضمان صحّة المقدّمات أو المواد الاستدلالية وضع ديكارت مجموعة من الاُصول والقواعد ، الأصل الأول منها هو : لا أعتبر شيئا حقيقة ما لم يكن بديهيا بالنسبة لي ، وأتحاشى العجلة وسبق الذهن والرغبة بالنسبة للتصديقات ، ولا أقبل شيئا حتّى يتضح ويتميّز بشكل لايدع مجالاً لأدنى ظنّ أو شكّ فيه. (2)

موانع تصحيح العقيدة في القرآنسبق القرآن الكريم أن لخّص كلّ ما توصّل إليه العلماء الاُوربيون خلال عشرة قرون بخصوص التقويم لمقدّمات الاستدلال ، وذلك في الآية التالية ، وما نذكرها إلا كأُنموذج للمعجزات العلمية في القرآن ، قال سبحانه :

.


1- .سير حكمت در اروپا (بالفارسية): ج 1 ص 114 _ 116 .
2- .سير حكمت در اروپا (بالفارسية) : ج 1 ص 139 . ولمزيد من الاطّلاع على قواعد منطق ديكارت اقرأ ص141 _ 143 من نفس الكتاب .

ص: 75

أ _ الظنّ

«إن يَتَّبِعُونَ إلَا الظَّنَّ وَ مَا تَهْوَى الْأَنفُسُ» (1) أي : أنّ هناك عاملين ينشأ عنهما خطأ الإنسان في آرائه وعقائده : أحدهما اتّباع الظنّ ، والآخر اتّباع الهوى النفسي . كما أنّ هناك اُموراً اُخرى وردت في الروايات الإسلامية باعتبارها مواضع زلل للفكر ، كالتعصّب والتقليد والاستبداد واللجاجة ، إلّا أنّ هذه الاُمور تعود كلّها إلى الأهواء النفسية ، أي أنّ كلّ ما جاء في الروايات الإسلامية بهذا الشأن هو في الحقيقة تفسير للآية الكريمة الآنفة الذكر وبيان لها . ونظراً إلى هذه المقدّمة نستعرض أهمّ موانع تصحيح العقيدة على ضوء القرآن الكريم والروايات الإسلامية ، وهذه الموانع _ كما سبقت الإشارة إليها _ هي : أ _ الظنّ . ب _ الميولات النفسية . ج _ التعصّب . د _ التقليد . ه _ الاستبداد . و _ اللجاجة .

أ _ الظنّوهو من أخطر العوامل التي تزلّ بأفكار الغالبية في العالم إلى مهاوي العقائد الباطلة الفاسدة .

.


1- .النجم : 23 .

ص: 76

وأول ما يوصي به القرآن الكريم لتصحيح العقيدة هو تجنّب الاعتماد على هذا المنزلق ، ويؤكّد على أتباعه بعدم بناء عقائدهم وآرائهم على دعائم الظنّ والشكّ والتسليم بشيء دونما تأكّد من صحّته وثبوته ، فيقول عزَّوجلَّ في صريح كلامه : «وَ لَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ» . (1) ففي نظر القرآن أنّه لايحقّ لمسلم أن يقتفي شيئا أو يجعله مداراً لعمله ما لم يثبت له بنحو قطعيّ . كما ينتقد القرآن الكريم ذوي الآراء والعقائد الباطلة في أنهم لماذا يقولون ما ليس لهم به علم ، بقوله تعالى : «وَ تَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ» . (2) وقد ردّ القرآن على منكري المعاد بأنهم معوزون إلى الدليل على إنكار الحياة بعد الموت ، وأنّ اعتقادهم لا يقوم على أساس علمي وإنّما يقوم على الظنّ والحدْس ، بقوله : «وَ قَالُواْ مَا هِىَ إلَا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَ نَحْيَا وَ مَا يُهْلِكُنَا إلَا الدَّهْرُ وَ مَا لَهُم بِذَ لِكَ مِنْ عِلْمٍ إنْ هُمْ إلَا يَظُنُّونَ» . (3) وكذلك يصبّ انتقاده واعتراضه على الذين يحسبون أنّ الإيجاد بلا هدف وأنّ الخلق باطل وعبث فارغ ، بأنّ اعتقادهم هذا لا ينشأُ عن علمٍ ، ولو أنهم دقّقوا النظر قليلاً لأدركوا أنهم ليسوا على وعي فيما يعتقدون ، وإنّما اعتقاداتهم قائمة على الظنّ ، لقوله تعالى :

.


1- .الإسراء : 36 .
2- .النور : 15 .
3- .الجاثية : 24 .

ص: 77

«وَ مَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَ الْأَرْضَ وَ مَا بَيْنَهُمَا بَ_طِلاً ذَ لِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ» . (1) فلو أمعنَّا النظر فيالعقائد والآراء المتناقضة بين الناس في المجتمعات المختلفة وطرحناها على بساط البحث والتحليل الجذري لانتهينا بلا عناء إلى أنّ أغلب هذه العقائد فاقدة للاُسس العلمية جذريًّا وأنها لا تستند إلّا على الظنّ أو على الشكّ ، وأنّ أهل الدنيا كانوا وما زالوا يقتفون أثر الظنّ في المسائل العقائدية ، وخاصّةً في اُصولها ، ولهذا نرى القرآن يعلن صراحةً بأنّ من اتّبع الأكثرية فقد ضلّ ، من ذلك قوله تعالى : «وَإن تُطِعْ أكْثَرَ مَن فِى الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إن يَتَّبِعُونَ إلَا الظَّنَّ وَإنْ هُمْ إلَا يَخْرُصُونَ» . (2) أمَّا لو صمَّم أتباع المذاهب والمعتقدات المتناقضة جميعا على اقتفاء أثر العلم فقط وعدم الإيمان بشيءٍ إلّا بعد العلم به بصورة بديهية لانفضّت التناقضات والخلافات بين المذاهب كافّة . فالإمام الصادق عليه السلام يقول : إنَّ اللّهَ خَصَّ هذِهِ الاُمّةَ بِآيَتَينِ مِن كِتابِهِ ، أن لا يَقولوا إلّا ما يَعلَمونَ، وأن لا يَرُدّوا ما لا يَعلَمونَ ، ثُمّ قَرَأَ : «ألَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مِّيثَ_قُ الْكِتَ_بِ أن لَايَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ إلَا الْحَقَّ» . (3) وقَرَأَ : «بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ» (4) الآية. (5)

.


1- .ص : 27 .
2- .الأنعام : 116 .
3- .الأعراف : 169 .
4- .يونس : 39 .
5- .مجمع البيان : ج 5 ص 168 ، الأمالي للصدوق : ص 506 ح 702 ، بصائر الدرجات : ص 537 ح 2 كلاهما نحوه ، منية المريد : ص 216 ، بحار الأنوار : ج 2 ص 113 ح 3 .

ص: 78

ب _ الميولات النفسيّة

ب _ الميولات النفسيّةوهذا المانع في نظر القرآن ثاني أخطر مزالق الفكر ، ولا يَقِلّ خطراً عن سابقه إن لم يكن أكبر منه خطراً . فعندما يحبّ الإنسان شيئا ويتعلَّق به تعمَى بصيرة عقله وتُصَمُّ مسامع فكره ، وبالتالي لا يقدر أن يتبيّنَ أو يدركَ مواضع الضعف في محبوبه المعشوق ، وهكذا الحال بالنسبة لخصيصة المقْتِ ، وعليه ، لو أراد أن يميّز مواطن الضعف والقوّة في نظريةٍ مّا ويفكّر فيها تفكيراً صائبا فعليه أن يتحرّر من الميول والرغبات النفسية أولاً ؛ لأنّ هذه الميول والرغبات تؤثّر في اعتقاده ، شاء أم أبى . وعلى سبيل المثال لا الحصر ، أنّه اشتهر عن العلّامة الحِلِّي (1) عندما أراد أن يُفتي فيما إذا كان ماء البئر قد أصبح نجسا هل يمكن تطهيره أو لا؟ أمر بردم بئر منزله أولاً ، ثمّ بدأ بمطالعة النصوص الفقهية في هذا الصدد ، ثُمَّ أفتى بعد ذلك بأنه لو أصبح ماء البئر نجسا أمكن تطهيره طبقا لما جاء في الكتب الفقهية . فالعلّامة الحلّي كان يعلم أنّه لو لم تردم بئر منزله لأثّر وجودها في رأيه وفتواه بصورة لا إرادية ، وهذه حقيقة لا تُنكر ، فالإنسان لا يمكنه أن يدرك الحقائق العقلية حقَّ الإدراك أو يبدي رأيا صائبا فيها إلّا إذا ردمت بئر ميوله ورغباته النفسية وتحرّر ذهنه من قيد هواها (2) ، وعليه ، فكلّما تحرّر ذهن المحقّق أو الباحث من الميول والرغبات النفسية اقترب من الصواب ، كما قال الإمام علي عليه السلام : أقرَبُ الآراءِ مِنَ النُّهى أبعَدُها مِنَ الهَوى (3)

.


1- .هو أبو منصور الحسن بن يوسف بن علي بن المطهَّر الحلّي (المتوفّى عام 726 ه) .
2- .راجع : ج 2 ص 163 «اتبّاع الهوى» .
3- .غرر الحكم : ح 3022 ، عيون الحكم والمواعظ : ص119 ح 2682 .

ص: 79

ج _ التّعصّب
إمام المتعصّبين

وقال أيضا : خَيرُ الآراءِ أَبعَدُها مِنَ الهَوى وأَقرَبُها مِنَ السَّدادِ (1) ويروى أيضا : أنّ أحد أصحاب أمير المؤمنين عليّ عليه السلام وهو زيد بن صوحان العبدي سأل الإمام عليه السلام قال : أيُّ النَّاسِ أثبت رأيا؟ فأجابه عليه السلام : مَن لَم يَغُرَّهُ النّاسُ مِن نَفسِهِ ، ولَم تَغُرَّهُ الدُّنيا بِتَشَوُّفِها (2)

ج _ التَّعَصُّبمانعٌ آخر في سلسلة الموانع التي تحول دون الوصول إلى الآراء الصائبة المطابقة للواقع هو التعصّب ، (3) وهو عبارة عن قمَّة التبعية للميول النفسية فيما يخصّ نصرة الفرد أو الجماعة أو شيئا آخر دون مراعاة الحقّ . فمحاباة القريب والقوم والقبيلة ، وموالاة الحزب والفئة والمنظّمة ، والانتصار للثقافة والعادات والتقاليد ، ونصرة الدين والمذهب ، والتحيّز للعرق واللّغة . . . وما إلى ذلك ، تغدوا تعصُّبا فيما لو بُنيت على أساس الميول والرغبات النفسية ، دون مراعاة الحقّ والعدالة وعلى حسابهما .

إمام المتعصّبينإنّ الشيطان _ على حدّ تعبير الامام علي عليه السلام _ هو إمام المتعصّبين واُسوتهم ، فيصفه بأنه : إِمامُ المُتَعَصِّبينَ وسَلَفُ المُستَكبِرينَ ، الَّذي وَضَعَ أساسَ العَصَبِيَّةِ. (4)

.


1- .غرر الحكم : ح 5011 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 238 ح 4530 .
2- .الأمالي للصدوق : ص 479 ح 644 ، بحار الأنوار : ج 77 ص 378 .
3- .العصبيّة والتعصُّب : المحاماة والمدافعة . والعَصَبيّ : من يعين قومه على الظلم (النهاية : ج 3 ص 245) .
4- .نهج البلاغة : الخطبة 192 ، بحار الأنوار : ج 14 ص 465 ح 37 و ج 63 ص 214 ح 49 .

ص: 80

نتائج التعصّب

فأول المتعصّبين في العالم اذاً هو الشيطان ، وتعصّبه من نوع التعصّب العرقي ، فعندما أمره اللّه أن يسجد لآدم : «أبَى وَاسْتَكْبَرَ» تعصّبا منه لعِرْقه ، حيث كان يفضّل عِرْقه على عِرْق آدم ، لأنه خُلق من نار وآدم خُلق من طين .

نتائج التعصّباِنّ من اُولى نتائج هذه الصفة الشيطانية وأكثرها خطراً على الإنسان فيما لو ترسّخت في كيانه أنها تصبغ عقيدته بما يروق له من صِبْغ ، بعبارة أخرى : إنّ التعصّب بشكل عامّ نوع من الأمراض النفسانية التي تحول دون وصول الإنسان في دراساته وتحليلاته وآرائه إلى ماهو حقٌ وصائبٌ ومطابقٌ للواقع ، وعليه ، فإنّ الإنسان المتعصّب لن يصل في نهاية المطاف إلَا إلى ما تمليه عليه خصيصة التعصّب . فَداءُ التعصّب يدفع المصاب به إلى الحكم بملاك «القائل» بدل «القول» ، كما لا يتيح له فرصة التفكير في «القول» أحقٌّ هو أم باطل ، أصحيحٌ هو أم خطأ ، بل إنّه ليملي عليه أن ينظر إلى «القائل» فإن كان على غِرارِه فرأيهُ صائب ، وإلّا فرأيهُ غيرصحيح . ونصيحة الإسلام لتصحيح العقيدة هي التخلّي عن التعصّب (1) ، والعناية بقول القائل ، والتمعّن في فكرة صاحب العقيدة ، بغضّ النظر عنه شخصيا ، أيًّا كان هو ، وأيًّا كان رأي حزبه أو فرقته أو جماعته ، وسَواء أكان متّحداً معنا في المرام أم لا ، مسلما أم لا ، وأخيراً سيّان كان لنا صديقا أم عدوّاً . وما أروعه وأوفاه معنى قوله تعالى :

.


1- .راجع : ص 303 «الفصل السادس : آفات العقل / الهوى» ، ج 2 ص 183 «التعصّب» .

ص: 81

«فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أحْسَنَهُ اُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَ اُوْلَئِكَ هُمْ اُوْلُواْ الْأَلْبَ_بِ» . (1) نفهم من هذه الآية أنّ أصحاب الفكر الذين نعموا بهُدى اللّه ووصايا القرآن والإسلام هم أولئك الذين يستمعون القول ، أيًّا كان قائله ، وبعد تحليله والتحقيق فيه ، يتّبعون أحسنه وأسَدَّه وأفضله . وبإلهامٍ من هذه الآية الكريمة جاء صراحةً فيما رواه في كنزالعمّال عن النبي صلى الله عليه و آله وروي فِي غرر الحكم عن أميرالمؤمنين عليه السلام أن : لا تَنظُر إِلى مَن قالَ وَانظُر إِلى ما قالَ. (2) ويُروى عن نبيّ اللّه عيسى عليه السلام أنّه قال : خُذُوا الحَقَّ مِن أَهلِ الباطِلِ ، ولا تَأخُذُوا الباطِلَ مِن أَهلِ الحَقِّ ، كونوا نُقّادَ الكَلامِ. (3) وهذا إن دلَّ فإنّما يدلّ على أنّه لا يجوز للمسلم أن يدفعه التعصّب لرفض سماع القول الحقّ من الآخرين ، وذلك لمجرّد كونهم ليسوا مسلمين ، وأنّ عقائدهم باطلة فاسدة ، أو لقبول الباطل ممّن يشاركونه في العقيدة ، فواجب المسلم هو نقد القول الصادر عن أيّ قائل كان ، بعد دراسته دراسة دقيقةً ضافية ، بغضّ النظر عن موقفه العامّ بالنسبة للحقّ والباطل ، فإن كان قوله حقًّا وجب عليه قبوله ولو كان قائله من أهل الباطل ، وإن كان باطلاً وجب عليه رفضه وإن كان قائله من أهل الحقّ ، ومهما يكن فإنّ المقياس هو الحقّ وليس القائل . وما الإسلام إلّا الاستسلام للحقّ ، ولهذا

.


1- .الزُمر : 17 و 18 .
2- .غرر الحكم : ح 10189 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 517 ح 9376 ؛ كنز العمّال : ج 16 ص 269 ح 44397 نقلاً عن ابن السمعاني في الدلائل .
3- .المحاسن : ج 1 ص 359 ح 769 ، بحار الأنوار : ج 2 ص 96 ح 39 .

ص: 82

د _ التقليد

قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : مَن تَعَصَّبَ أَو تُعُصِّبَ لَهُ فَقَد خَلَعَ رَبَقَ الإِيمانِ (رِبقَةَ الإِسلامِ) مِن عُنُقِهِ. (1)

د _ التقليدإنّ التقليد في العقائد يعني قبول رأي شخص أو أشخاص آخرين دون المطالبة بالدليل والبرهان ، وهو من نتائج التعصّب والموانع التي تحول دون التحقيق والتوصّل إلى آراء ومعتقدات علميّة صحيحة مطابقة للواقع والحقيقة . إنّ التقليد غلٌّ يقيّد فكر الإنسان ، وما دام هذا الغلّ باقيا فتصحيح العقيدة أمرٌ محال . إنّ التقليد لايسمح للإنسان بالتفكير في آرائه وعقائده من حيث صحّتها وسقمها ومطابقتها للواقع والحقيقة وعدم مطابقتها ، وما إذا كانت علما حقيقيا أم خيال علم ، ومعرفةً أم توهّم معرفة واعتبار الإنسان نفسه عالما . إنّ التقليد يحول دون الفكر ونقد أفعال الآخرين وأفكارهم ومعتقداتهم وتحليلها بشكل حرّ . إنّ التقليد يحصر الإنسان في زنزانة أفكار المقلَّد ومعتقداته جبراً . التقليد يرغم الفكر على النظر إلى «القائل» بدلاً من «القول» . أمّا توصية الإسلام لتصحيح العقيدة فتتمثّل في تحطيم غلِّ التقليد والعجيب أنّه لم ينج منه إلّا ما ندر من الناس ، والأعجب منه اُولئك الباحثون الراتعون في أصفاد التقليد ويتصوّرون أنّ أفكارهم حرّة!!

.


1- .الكافي : ج 2 ص 308 ح 2 ، بحار الأنوار : ج 73 ص 291 ح 16 نقلاً عن ثواب الأعمال .

ص: 83

ه _ الاستبداد
و _ اللجاجة

ه _ الاستبدادإنّ المانع الخامس من موانع تصحيح العقيدة هو الاستبداد (1) بالرأي؛ وما هو إلَا أثر الانصياع مع الميول والرغبات النفسية نتيجةً لحدّة داء اعتبار النفس عالما . وداء الاستبداد بالرأي يضيّق فكر مُصابه حتّى يتجمّد ويتحجّر ، فيصير حجر عثرة في طريق الحقيقة ، وبالتالي يحمل المصاب على الاعتقاد بحقّانية أقواله وعقيدته ودينه ورأيه ، وببطلان كلّ ما يقوله مناوئوه ، فمتى ما ابتلي الإنسان بجمود الفكر تأبَّى البتَّ في آراء غيره فيما يعتبرُه حقًّا ، وأعرض عن التفكير فيما يقولون ، وبهذا لا يستطيع التوصّل إلى الحقيقة . وقد نُعِتَ الاستبداد في الروايات الإسلامية بأنه من مواطن الزلل الخطيرة ، إذا صمّم المتفكّر عليها دُحِضَ وهلك . وقال الإمام علي عليه السلام عن جمود الفكر والاستبداد الفكري : المُستَبِدُّ مُتَهَوِّرٌ فِي الخَطَاَ وَالغَلَطِ (2) وقال عليه السلام : الاِستِبدادُ بِرَأيِكَ يُزِلُّكَ ويُهَوِّرُكَ فِي المَهاوي (3) وقال الإمام الصادق عليه السلام : المُستَبِدُّ بِرَأيِهِ مَوقوفٌ عَلى مَداحِضِ الزَّلَلِ (4)

و _ اللجاجَةوهي الاُخرى مانعٌ من موانع تصحيح العقيدة ، وتعتبر بالنسبة للبحوث والمسائل

.


1- .استبدّ بالأمر يستبدّ به استبدادا : إذا تفرّد به دون غيره (النهاية : ج 1 ص 105) .
2- .راجع : ج 2 ص 183 ح 1979 .
3- .راجع : ج 2 ص 183 ح 1980 .
4- .راجع : ج 2 ص 183 ح 1984 .

ص: 84

النظرية موطنا من مواطن الزلل الخطيرة التي تُسلُّ الفكر وتُضِلُّ الرأي دون أن يشعر صاحبه بانحرافه . وقد عبّر الإمام علي عليه السلام بعبارة لطيفة عن هذا الموطن الخفي من الزلل فقال : اللَّجاجَةُ تُسِلُّ (1) الرَّأيَ. (2) أي: كما يتسلّل السارق إلى الدار خلسةً فيسرق ما يشاء دون أن يشعر صاحبها، يتسلّل التعصّب واللجاج معا إلى الذهن، ويستحوذان على الفكر، فيصرفاه عن الصواب دون أن يشعر صاحبه، ومن ثمّ يسلبانه الرأي السديد. وهكذا فالحقيقة _ كما ورد في كلام أميرالمؤمنين عليّ عليه السلام _ هي أنّ اُولي التعصّب واللجاجة لايتأتّى لهم أن يكونوا من أصحاب الرأي. قال عليه السلام : اللَّجوجُ لا رَأيَ لَهُ. (3) ولو أبدى اللجوج رأيا في قضيّة ما أو قضايا معيّنة وكان صائبا، فإن تعصّبه ولجاجته في إبداء رأيه يُفقدانه شأنه و وثاقته، كما قال الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام : اللَّجاجُ يُفسِدُ الرَّأيَ (4) وأخيراً، فاللجاجة كما قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : إيّاكَ وَاللَّجاجَةَ ؛ فَإِنَّ أوَّلَها جَهلٌ وآخِرَها نَدامَةٌ. (5) ومن الحريّ بالذكر إنّ ما جاء تحت عنوان «موانع تصحيح العقيدة» _ كما اُشير _ هي أهمّ الموانع ، وسوف يأتي ذكر كلّ الموانع في القسم السابع تحت

.


1- .الإسْلالُ : السَّرِقَة الخفيّة ، وهي السِّلّة (النهاية : ج 2 ص 392) . والاستعمال هنا على المجاز .
2- .راجع : ج 2 ص 185 ح 1993 .
3- .راجع : ج 2 ص 185 ح 1994 .
4- .راجع : ج 2 ص 185 ح 1995 .
5- .راجع : ج 2 ص 185 ح 1992 .

ص: 85

شروط تصحيح العقيدة
1 . التأنّي

عنوان «موانع المعرفة».

شروط تصحيح العقيدةهذه الشروط هي التي تُعْوزُ المحقّق حتّى يدرك الحقيقة، و بغيرها لايتسنّى له الاطمئنان إلى نتائج تحقيقاته. وهي عبارة عن: 1 . التأنّي 2 . التجربة 3 . تمركز الفكر 4 . حركة الفكر 5 . تبادل النظر 6 . الإمدادات الغيبية .

1 . التأنّيوهو عدم التسرّع في إبداء الرأي ، والانتظار حتّى يتبلور . فحينما يفكر الباحث في مسألةٍ مّا يتوصّل مبدئيا إلى فكرة ساذجة لا يصحّ أن يعتمد عليها ، والتأنّي يتيح للباحث الفرصة بالتدريج عن طريق المطالعة الدقيقة وأخذ الأبعاد المختلفة للمسألة المعنيَّة في دائرة النظر ومراعاتها من جميع الجوانب ، حتّى يعرض فكرته ناضجةً قابلةً للاعتماد عليها ، وقد قال الإمام علي عليه السلام : الرَّأيُ مَعَ الأَناةِ ، وبِئسَ الظَّهيرُ الرَّأيُ الفَطيرُ (1) . (2) ونقيض التأنّي هو العجلة ، ونظراً لأنها تحرم الباحث من فرصة الدراسة الضافية

.


1- .الفَطير : كلّ ما اُعجل عن إدراكه (تاج العروس : ج 7 ، ص 351) .
2- .كشف الغمّة : ج 3 ص 139 ، بحار الأنوار : ج 78 ص 81 ح 76 .

ص: 86

2 . التجربة

والتحقيق الكامل والاستقصاء المستوفى فهي تستدعي زلل الفكر والخطأ في التحليل ، مصداقا لقول أميرالمؤمنين عليه السلام : العَجَلُ يوجِبُ العِثارَ (1) وروي عن نبيّ الإسلام صلى الله عليه و آله أنّه قال : مَن تَأَنّى أصَابَ أو كادَ ، ومَن عَجِلَ أخطَأَ أو كَادَ (2) . فالتأنّي يقرّب الباحث من الرأي الصائب . فإذا ما توفّرت له الشروط اللازمة لتصحيح العقيدة أيضا أصاب الواقع ، وإلَا فلا أقَلَّ أصبح قريبا منه . وبالعكس ، فإنّ العجلة تُدني الباحث من الخطأ ، وحتّى لو أنّ العجول قد أصاب في تحليلاته فذلك من قبيل المصادفة ، ولهذا أوصى الإمام علي عليه السلام ابنه الحسن المجتبى عليه السلام قائلاً : أَنهاكَ عَنِ التَّسَرُّعِ بِالقَولِ وَالفِعلِ (3)

2 . التجربةإنّ آراء اُولئك الذين لا يتمتّعون بالتجربة والخبرة اللازمة لإبداء الرأي وعقائدهم وتحليلاتهم عادةً مّا غير واقعية وغير صائبة . ويصوّر الإمام عليّ عليه السلام دور التجربة وتأثيرها في المعرفة بقوله : كُلُّ مَعرِفَةٍ تَحتاجُ إِلَى التَّجارِبِ. (4) وفي حديث آخر يقسّم الإمام عليه السلام المعارف العقليّة إلى قسمين حيث يقول :

.


1- .غرر الحكم : ح 432 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 39 ح 848 .
2- .المعجم الكبير : ج 17 ص 310 ح 858 ، المعجم الأوسط : ج 3 ص 259 ح 3082 ، مسند الشهاب : ج 1 ص232 ح 363 ، كنز العمّال : ج 3 ص 99 ح 5678 .
3- .الأمالي للمفيد : ص 221 ح 1 ، الأمالي للطوسي : ج 7 ص 8 ، بحار الأنوار : ج 71 ص 339 ح 5 و ج 78 ص 98 .
4- .راجع : ج 2 ص 128 ح 1775 .

ص: 87

العَقلُ عَقلانِ: عَقلُ الطَّبعِ وعَقلُ التَّجرِبَةِ وكِلاهُما يُؤَدِّي المَنفَعَةَ. (1) وفي حديث آخر عنه عليه السلام : فِي التَّجارِبِ عِلمٌ مُستَأنَفٌ. (2) وما أوجز وأبلغ ما قاله الإمام علي عليه السلام في هذا الشأن : رَأيُ الرَّجُلِ عَلى قَدرِ تَجرِبتِهِ. (3) أي : كلّما ازدادت تجارب الإنسان فيما يبدي فيه الرأي من المسائل كان أقرب إلى الواقع . بعبارة اُخرى : من كان أكثر خبرةً وتجربةً كان رأيه أكثر سداداً ، وفي رواية اُخرى عنه عليه السلام : أملَكُ النّاسِ لِسَدادِ الرَّأيِ كُلُّ مُجَرَّبٍ (4) وعليه ، فإنّ الإمام عليه السلام يعتبر العلم الذي يحصل عن طريق التجربة أدقَّ من العلم الذي يُحصَّل في قاعة الدراسة ، وفي رأيه عليه السلام أن الطبَّ التجربي أقرب إلى الحِكمة وعلم الطبِّ من الطبِّ النظري والدراسة النظرية . ولذلك قال عليه السلام : المُجَرَّبُ أحكَمُ مِنَ الطَّبيبِ (5) ففي رأي الإمام بشكل عام أنّه لو توفّرت التجربة الكافية في أيّ عمل لكان ذلك العمل صحيحا وقد انجز على الوجه الذي ينبغي له ، إذ يقول عليه السلام : مَن حَفِظَ التَّجارِبَ أصابَت أفعالُهُ. (6)

.


1- .راجع : ج 2 ص 127 ح 1772 .
2- .راجع : ج 2 ص 127 ح 1773 .
3- .غرر الحكم : ح 5426 ، عيون الحكم والمواعظ : ص269 ح 4943 .
4- .غرر الحكم : ح 3048 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 119 ح 2704 .
5- .غرر الحكم : ح 1203 ، عيون الحكم والمواعظ : ج 45 ص 1128 .
6- .غرر الحكم : ح 9180 .

ص: 88

3 . تمركز الفكر
عوامل تمركز الفكر
4 . حركة الفكر

3 . تمركز الفكرإنّ تمركز الفكر يحدّد للباحث أبعاد المسألة المطروحة لديه ويضعها في ضمن إطار مشخّص ، ومن ثَمَّ يظهر للمحقّق رأيه بناءً على الإلمام بكلّ ما تلزم ملاحظته بالنسبة لها ، وعليه ، فكلّما بادر الإنسان إلى البحث والتحقيق بأفكار أكثر تركيزاً كان أقرب إلى الحقيقة ، وكلّما قلَّ تركيزها كان أبعد عنها ، ولذلك لو أراد الباحث أن يكون رأيه صائبا تعيّن عليه توفير العوامل التي تساعد على تمركز الفكر وتجنّب الموانع التي تحول دون ذلك .

عوامل تمركز الفكرلقد وردت أهمّ العوامل التي تؤدي إلى تمركز الفكر في روايةٍ عن الإمام الصادق عليه السلام هذا نصّها : خَمسُ خِصالٍ مَن فَقَدَ واحِدَةً مِنهُنَّ لَم يَزَل ناقِصَ العَيشِ زائِلَ العَقلِ مَشغولَ القَلبِ: فَأوَّلُها صِحَّةُ البَدَنِ، وَالثّانِيَةُ الأَمنُ، وَالثّالِثَةُ السَّعَةُ فِي الرِّزقِ، وَالرّابِعَةُ الأَنيسُ المُوافِقُ... وَالخامِسَةُ _ وهِيَ تَجمَعُ هذِهِ الخِصالَ _ الدَّعَةُ. (1) فنلاحظ أنّ الإمام عليه السلام يبدأ أولاً بالحديث عن خصالٍ لكلٍّ منها دور أساسي في كمال العيش وسلامة الفكر وفراغ البال والتفكير الصائب ، فهذه الخصال هي التي يحقّق وجودها تركيز الفكر ، على حين أنّ عدمها يسلب التركيز منه ، ثمّ يوضّح الإمام بعد ذلك هذه الخصال الواحدة تلو الأُخرى .

4 . حركة الفكرإنّ حركة الفكر وحيويّته والحيلولة دون جموده شرط آخر من الشروط اللازمة

.


1- .الخصال : ص 284 ح 34 ، مكارم الأخلاق : ج 1 ص 437 ح 1494 ، بحار الأنوار : ج 74 ص 186 ح 5 .

ص: 89

5 . تبادل وجهات النظر

للتوصّل إلى العقيدة الصحيحة والرأي السديد ، وتوصية الإمام علي عليه السلام بهذا الخصوص هي : أمخِضُوا الرأيَ مَخضَ السّقَاءِ يُنتِج سَديدَ الآراءِ. (1) فلو أنّ الفكر تصلّب على رأي لأصابه الجمود والتحجّر ، وبالتالي يُشلُّ نشاطه ويتخلَّفُ عن الحركة والنموّ ويفقد القدرة على معرفة رأيه أو تمييزه من حيث الصحّة والبطلان أو الضعف والقوّة تمييزاً دقيقا ومعرفةً واقعية . ولهذا أكّد الإمام عليه السلام على الباحث _ حتّى يصل إلى العقائد الصحيحة والآراء السديدة _ وجوب التحرّر من جمود الفكر وتقليب الآراء العلمية على وجهات النظر المختلفة في ذهنه بشدّة مع حركة الفكر ، والتدقيق والتحقيق في الأبعاد المختلفة للموضوع محلّ النظر .

5 . تبادل وجهات النظروهو من الشرائط الاُخرى اللازمة لتصحيح العقيدة ، فمن توصيةٍ لأميرالمؤمنين عليه السلام : اِضرِبوا بَعضَ الرَّأيِ بِبَعضٍ يَتَوَلَّدُ مِنهُ الصَّوابُ. (2) نستنتج من هذا أنّ تبادل وجهات النظر بعيداً عن التعصّب يؤدّي بطبيعة الحال إلى بروز مواقع الضعف والقوّة والخطأ والصواب في الآراء المختلفة ، وعلى هذا الأساس ، فمن يجيز لنفسه الدراسة والبحث والتحقيق في آراء الآخرين يمكنه _ لو كان من أهل التحقيق والبحث _ أن يميّز النظر الصحيح من الخطأ ، فقد قال الإمام علي عليه السلام :

.


1- .غرر الحكم : ح 2569 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 91 ح 2150 .
2- .غرر الحكم : ح 2567 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 91 ح 2154 .

ص: 90

6 . الامدادات الغيبية

مَنِ استَقبَلَ وُجوهَ الآراءِ عَرَفَ مَواقِعَ الخَطَاَ (1) وبالعكس ، فإنّ من لايسمح لنفسه برؤية آراء الآخرين والاطّلاع عليها ويتعجَّل إبداء الرّأي في كلّ ما يرد عليه معتدّاً بدليل فكره معتمداً على رأيهِ العقلي لا يتأتّى له من آرائه الفجَّة المتهافتة _ على حدّ قول الإمام عليه السلام _ إلّا الابتلاء بالأخطاء المضنية : مَن جَهِلَ وُجوهَ الآراءِ أعيَتهُ الحِيَلُ. (2)

6 . الامدادات الغيبيةوهي صاحبة السهم الأكبر في التوصّل إلى المعتقدات العلمية ومعرفة الحقيقة وتصحيح العقيدة ، فمهما كان الإنسان حاذقا وعالما فبسبب محدودية معلوماته ، لا يقدر على الإحاطة بقضيةٍ من القضايا بكلّ حيثياتها ، وليس في إمكانه التوصّل إلى الحقيقة والواقع خاصّة في المسائل العلمية المعقّدة إلّا بالامدادات الغيبية ، أو بعبارة اُخرى يحتاج إلى نوعٍ من الإلهام والإشراق ، ومن هذه الحيثية يعتقد الكسس كارل بأنّ الاكتشافات العلمية ليست نتاجا لفكر الإنسان وحده ، حيث يقول : «يقينا إنّ الاكتشافات العلمية ليست نتاجا وثمرةً لفكر الإنسان ليس إلّا . فالنوابغ علاوةً على قدراتهم على الدراسة ودرك القضايا يتمتّعون بخصائص إبداعية اُخرى كالإشراق والتصوّر ، فهم يكشفون بالإشراق ما هو خافٍ على غيرهم ، ويبصرون الروابط المجهولة بين القضايا التي تبدو وكأنها لا صلة لها في الظاهر ، فيدركون

.


1- .الكافي : ج 8 ص 22 ح 4 ، كتاب من لا يحضره الفقيه : ج 4 ص 388 ، نهج البلاغة : الحكمة 173 ، تحف العقول : ص 90 .
2- .غرر الحكم : ح 7865 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 453 ح 8128 .

ص: 91

بفراستهم كنوزاً لم تكن معروفة . إنّ الرجال العظام يتمتّعون بموهبة هذا الإشراق فتراهم يعلمون ويعرفون ما يجب تعلّمه والتعرّف عليه دون الحاجة إلى الدليل والتحليل ، فالعالم الكبير يَنساقُ تلقائيا إلى طريق ينتهي إلى كشف جديد ، وهذه الحالة كانت تسمّى قبلَ هذا بالإلهام . والعلماء فريقان : فريقٌ منطقي ، وآخر إشراقي ، وجميع العلوم والتقدّم العلمي رهين هذين الفريقين ، حتّى العلوم الرياضية التي تستند على اُسس وقواعد منطقية تماما ، قد أخذت قسطها من الإشراق أيضا . . . والحياة العادية هي الاُخرى شأنها القضايا العلمية ، إنّ الإشراق عاملٌ قويٌّ في المعرفة لكنّه خطيرٌ في نفس الوقت ، إذ يصعب التمييز في بعض الأحيان بينه وبين التوهّم . . . وليس إلّا العظماء من الرجال والأطهار أصحاب القلوب الصافية الذين يبلغون به إلى الكمال وقمّة الحياة المعنوية ، إنّ هذه الموهبة مدهشة حقًّا ، ويبدو لنا أنّ إدراك الواقعية بدون دليل أو تعقّل أمرٌ لايقبل التفسير». (1) ويؤيّد هذا الرأي العالم الرياضي الفرنسي جاك هادا مارا ، حيث يقول : «حينما نتأمّل ظروف الاكتشافات والمخترعات يستحيل علينا أن نتجاهل الإدراكات الباطنية المفاجئة ، فكلّ عالم محقّق يشعر إلى حدٍّ ما بأنّ حياته ومسائله العلمية قد تكوّنت من خلال سلسلة من النشاطات المتناوبة ، كان لإرادته وشعوره ضِلْعٌ في البعض منها؛ وأمّا البقية فقد كانت حصيلة لسلسلة إلهامات باطنية». (2)

.


1- .انسان موجود ناشناخته (بالفارسية) : ص 139 _ 140 .
2- .امدادهاى غيبى در زندگى بشر (بالفارسية) : ص 80 .

ص: 92

وعليه ، يمكن القول بأنّه كلّما ازدادت الإمدادات الغيبية والإلهامات الباطنية لدى العالِم كانت آراؤه وعقائده أكثر صوابا ، واستطاع كشف الكثير من الحقائق العلميّة، وإذا اكتملت الإمدادات الغيبيّة عند الإنسان غدت آراؤهُ وعقائدهُ مصونةً من الخطأ. لكن ما مصدر الإشراق والإلهامات الباطنيّة؟ هذا سؤال يعجز الماديّون عن الإجابة عنه ، أمّا الربّانيّون فيعرفون أنّ مصدرها هو اللّه عز و جل. فالله تعالى هو الذي يمنّ بهذه الموهبة على من يشاء كُلّ على قدر مايليق به، وكما تقضيه حكمة اللّه البالغة ، كما أنّ الدعاء وسيلة من الوسائل لنيل هذه الكفاءة. ولهذا كان الإمام السجّاد عليه السلام يدعو اللّه تعالى ويعلّمنا أن ندعوه ليعيننا على سداد آرائنا: وأَعوذُ بِكَ مِن دُعاءٍ مَحجوبٍ، ورَجاءٍ مَكذوبٍ، وحَياءٍ مَسلوبٍ، وَاحتِجاجٍ مَغلوبٍ، و رَأيٍ غَيرِ مُصيبٍ. بَيْدَ أنّا يجب أن نلتفت إلى أنّ الدعاء أحد مبادئ الإلهام والإشراق، ويؤدّي دوره إلى جانب مبادئهما الاُخرى ، وسيأتي شرح هذه المبادئ في الفصل الرابع من القسم السادس. (1)

.


1- .راجع : ج 2 ص 141 «الفصل الرابع : مبادئ الإلهام» .

ص: 93

الفصل الخامس : اختبار العقيدة
علائم العقائد العلمية
اشاره

الفصل الخامس : اختبار العقيدةنعرض في هذا الفصل مسألةً من أهمّ المسائل التي ينبغي أن نطرحها على بساط البحث قبل الورود إلى البحوث العقائدية ، وتلك هي اختبار العقيدة . فهل هناك مِعْيارٌ أو ميزانٌ يمكن للإنسان أن يختبر به عقيدته ورأيه ويقف على صحّتها؟ وكيف يتسنَّى للمحقّق أن يعلم أنّ ما يصفه هو أو يصفه غيره بأنه علمٌ وعقيدةٌ ونظريةٌ علميّة هو في الحقيقة علم وليس خيال علم واعتبار الإنسان نفسه عالما ؟ وهل في النصوص الإسلامية تعليمات ووصايا بخصوص اختبار العقائد أو لا ؟ والجواب على هذا السؤال هو : أنّ العقائد العلمية وكذلك العقائد غير العلمية ومرض اعتبار الإنسان نفسه عالما لها بكلّ تأكيد علائم وآثار يمكن للمحقّق بواسطتها اختبار آرائه واكتشاف صحّة عقائده وعقائد غيره وسقمها . وللإمام علي عليه السلام بخصوص علائم العقائد العلمية وغير العلمية بيانٌ جامعٌ مبسوط إلى حدٍّ مّا ، جديرٌ بدقّة النظر لما هو عليه من قيمة .

علائم العقائد العلميةنستهلّ بذكر كلام الإمام عن آثار العقائد العلمية وعلائمها ، وعن خصائص العلماء

.

ص: 94

1 . الاهتمام بالمجهولات

الحقّ ، ثمّ نتناول ما ورد في كلامه عليه السلام من العلائم واحدةً واحدة بالدرس والبيان . قال أميرالمؤمنين عليه السلام : إِنَّ العالِمَ مَن عَرَفَ أنَّ ما يَعلَمُ فيما لا يَعلَمُ قَليلٌ ، فَعَدَّ نَفسَهُ بِذلِكَ جاهِلاً فَازدادَ بِما عَرَفَ مِن ذلِكَ في طَلَبِ العِلمِ اجتِهاداً ، فَما يَزالُ لِلعِلمِ طالِبا ، وفيهِ راغِبا ، ولَهُ مُستَفيداً ، ولِأَهلِهِ خاشِعا ، ولِرَأيِهِ مُتَّهِما ، ولِلصَّمتِ لازِما ، ولِلخَطَاَ حاذِراً ، ومِنهُ مُستَحيِيا ، وإِن وَرَدَ عَلَيهِ ما لا يَعرِفُ لَم يُنكِر ذلِكَ لِما قَرَّرَ بِهِ نَفسَهُ مِنَ الجَهالَةِ. (1) نستنتج من بيان الإمام سبع علائم للعلماء الحقيقيين والعقائد العلمية ، هي : الاهتمام بالمجهول ، التعطّش المتنامي لاكتساب العِلم ، التواضع إزاء أهل العلم ، اتّهام الرأي الذاتي ، اختيار الصمت ، التحفّظ من الخطأ ، عدم إنكار المجهول .

1 . الاهتمام بالمجهولاتإنّ العلماء الحقّ وأصحاب الآراء والعقائد العلمية على العكس من العلماء الخياليّين والمبتلين بداء اعتبار النفس عالما ممّن لا تشغل دائرة أنظارهم إلّا معلوماتهم فحسب وهم غافلون عمّا جهلوا ، يرون ما يجعلون ، ولا يعتبرون معلوماتهم شيئا أمام ما يشاهدونه من مجهولاتهم العظيمة غير المتناهية ، وهذا القبيل من العلماء في نظر علي عليه السلام هم من يكلَّلون بلقب العالِم؛ وآراؤهم في المسائل العقلية معتبرة موثوقة : إِنَّ العالِمَ مَن عَرَفَ أنَّ ما يَعلَمُ فيما لا يَعلَمُ قَليلٌ ، فَعَدَّ نَفسَهُ بِذلِكَ جاهِلاً. فالعالِم الحقيقي كلّما تزداد معلوماته تزداد مجهولاته ، وكلّما يزداد عِلمه يزداد وعيا بأن معلوماته المحدودة لايمكن أن تقاس بمجهولاته غير المحدودة . ومن

.


1- .راجع : ج 2 ص 427 ح 3023 .

ص: 95

هذه الحيثية كان كلّ من يسلك طريق معرفة الحقائق والعقائد العلمية ، يصل إلى أنّ معلوماته من الضآلة بحيث لا تعدّ شيئاً بالنسبة لما يجهله ، فلا يرى أنّه بهذا النزر اليسير من العلم لايستحقّ أن ينعت عالما فحسب ، بل إنّه _ بمحاسبة دقيقة علميّة على أساس الواقع _ لايرى لنفسه مكانا في مصافّ العلماء . وإنّه هنا يشعر الإنسان أنّه كلّما ازداد علما اتّسعت الهوة بين ما علم وما جهل ، وبتعبير آخر : إنّ معدّل ارتفاع المستوى العلمي للإنسان متكافئ مع معدل الزيادة في مجهولاته . فمن ليست لديه أيّ معرفة عن الإنسان ليس لديه أيّ مجهول في مجال علم الإنسان ، فلو أنك سألت جاهلاً : ما الإنسان؟ لأجابك : هذا واضحٌ جدّاً ، الإنسان هو الموجود الذي يمشي على رجليه هنا وهناك ، والإنسان يعني الإنسان ، وهذا السؤال أصلاً بلا معنى!! ولو أنك سألته : أتجهل شيئا مّا عن الإنسان؟ لأجابك : كلّا ، وفي رأيي أنّ الانسان قد عُرِفَ حتّى لم يعُد في حاجة إلى تفسير أو بيان! أمَّا إذا بادر هذا الشخص بالتحقيق في علم الإنسان فإنّه كلّما اتّسع نطاق تحقيقه وتخصّصه في هذا العِلم ازدادت مجهولاته في مجال معرفة هذا الموجود العجيب المعقّد المعجون بالأسرار ، وكلّما تعمّق في وجود الإنسان اعترضته علامات استفهام أكثر فأكثر! أجل ، الإنسان بالنسبة للجهلاء موجودٌ قد تمّت المعرفة به تماما . أمّا لدى عالم محقّق مثل البروفسور كارل الذي قضى عمراً يحقّق في فرع علم الإنسان فإنّ حاصل هذا العمر من التحقيق ونتيجته هو كتاب «الإنسان ذلك المجهول موجودٌ لم يُعرف» . وليس الإنسان وحده هو الموجود الذي لم يُعرف بعدُ لدى العلماء الحقّ

.

ص: 96

الواقعيّين ، بل إنّ الموجودات في العالم على الإطلاق كائنا كائنا وذرَّةً ذرَّةً موجوداتٌ معقّدةٌ مشبّعةٌ بالأسرار ولم تُعرف أيضا ، وقيل : إنّ عالما فرنسيا يُدْعَى فيلسْتي دِي لامِنِهْ قال : «لو أنّ أحداً استطاع أن يعرِّف حَبَّةَ الرمل وضعت اللّه في اختياره» . اللّهمَّ لا حبّة الرمل الواحدة بل الذرَّة من ذرّاتها أيضا لا تزال تُعجِز الإنسان عن وضع تعريف دقيق لها ، أليس هذا ، ما نراه من أنّ العلم يكتشف كلّ يوم أسراراً جديدة داخل قلعة الذرّة وأسرارها المكنونة؟! أليس هذا إشارة إلى عجز العِلم حتّى الآن عن معرفة ذرَّة من ذرّات الوجود معرفةً كاملة؟! ومن ثَمّ فإنّ الوجود قاطبةً _ في نظر العالم الواقعي على خلافه في نظر العالم الخيالي _ مليءٌ بالأسرار معقّد غير معروف ، وما ازداد العالم عِلما على علم إلّا ازداد معرفةً بأسرار الوجود وتعقيده ، ممّا يؤدّي إلى ظهور مزيد من العلامات المحتاجة للتحقيق ، كما يتّضح له مزيد من المجهول . وبناءً عليه ، فكلّما ازدادت معلومات الإنسان ازدادت مجهولاته ، حتّى يرى العدد قاصراً عن بيان المسافة بين معلوماته ومجهولاته ، وذلك لأنّ معلوماته محدودة ومجهولاته لا تنتاهى ، والعدد عاجز عن إحصاء ما لا يتناهى ، وثمّة كان قول الإمام علي عليه السلام : إِنَّ العالِمَ مَن عَرَف أَنّ ما يَعلَمُ فيما لا يَعلَمُ قَليلٌ ، فَعَدَّ نَفسَهُ بِذلِكَ جاهِلاً. وهذا بعينه معنى القول المنسوب إلى سقراط : بَلَغتُ مِنَ العِلمِ حَتّى عَلِمتُ أَنّي جاهِلٌ 1

.

ص: 97

وروي عن ابن سينا أيضا : والقلب وإن بذل غاية جهده في هذا الوادي لم يعرف قيد شعرة رغم أنّه شق شعرة. فاعتبار العالم الواقعي نفسه جاهلاً نسبيا لا يقتصر على سقراط وأبي عليوأمثالهما ، وإنّما _ كما قال الإمام علي عليه السلام _ هو من المميّزات الخاصّة بالعلماءالحقيقيين على الإطلاق بدون استثناء ، وما العالم إلّا هذا . فلنرى ماذا يقول الإمام علي عليه السلام عن علمه ، وكيف يقارن بين ما يعلم وما يجهل : إنّ هذا الإمام الفذّ الّذي يقول : سَلوني قَبلَ أن تَفقِدوني. (1) إنّ هذا الإمام العبقريّ الّذي يقول: عِندي عِلمُ الأَوَّلينَ وَالآخِرينَ. (2) إنّ هذا العالم الّذي تنقصفُ الأقلام وتكِلّ الألسن عن وصفه ولن تبلغ غايتها يقول: اِندَمَجتُ عَلى مَكنونِ عِلمٍ لو بُحتُ بِهِ لَاضطَرَبتُمُ اضطِرابَ الأَرشيةِ فِي الطَّوِيِّ البَعيدَةِ. (3) إنّ هذا العالم العظيم، مع علمه الغزير هذا الّذييستهلك الأسماع دون وفاء الاستماع ، يعتبر ما يعلمه بالنّسبة لِما يجهل ، لا يُعدّ شيئا ، وعندما يتضرّع بالدّعاء إلى ربّه ، يقارن علمه بالعلم الّذي لا حصر له ، علمِ اللّه سبحانه ، فيُقرّ أمامه ويعترف بجهله . ففي دعاء «يستشير» الذي ذكر عليه السلام بأنّ النبيّ صلى الله عليه و آله علَّمه اِيّاهُ وأوصاه أن يعلّمه

.


1- .راجع: موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام : ج 10 (القسم الحادي عشر / الفصل الرابع / القبس الثالث / الباب العاشر : سلوني قبل أن تفقدوني) .
2- .موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام : ج 10 (القسم الحادي عشر / الفصل الثالث : علم الشرائع : ح 4993) .
3- .موسوعه الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام : ج 10(القسم الحادي عشر/الفصل الثاني: لم يجد حملة لعلمه : ح4936).

ص: 98

2 . التّعطّش المتنامي لاكتساب العلم

للخليفة من بعده وأن يردّد في العشيّ والإبكار ، نشاهده يخاطب اللّه عز و جل متضرعا : أنتَ العالِمُ وأَنَا الجاهِلُ (1) وأنها لحقيقة واقعية علميّة دقيقة!! إنّ الإمام عليه السلام لم يكن ليجامل أو ليبالغ أوليحيد عن إطار الحقيقة قيد شعرة ، وكلّ ما يصدر عنه عين الحقيقة لا ذرّة من زيادة أو ذرّة من نقصان . العالِمُ مَن عَرَفَ قَدرَهُ هذه عبارة اُخرى للإمام علي عليه السلام أيضا في صدد علائم العالم الحقيقي والتمييز بينه وبين أشباه العلماء وإن كانت على الظاهر شبيهة بسالفتها في المعنى ، وأمّا كامل قوله عليه السلام فهو : العالِمُ مَن عَرَفَ قَدرَهُ ، وكَفى بِالمَرءِ جَهلاً أن لا يَعرِفَ قَدرَهُ (2) ولا يَخفى أنّ المراد من «قدْره» هو مقدار علمه ، أي : أنّ العالم الحقّ هو من عرَف مقدار علمه وسلم من الغرور العلمي وداء رؤية النفس عالما ، ومن لم يبلغ هذه المعرفه ولم يعرف قدْر ما يعلم بالنسبة لما يجهل ليس جديراً بأن يسمّى عالما ، وكائنا مّا كان مقدار ما لديه من العلوم المختلفة فإنّ جهله هذا كافٍ للتضليل وسقوط الاعتبار عن آرائه وعقائده .

2 . التّعطُّش المتنامي لاكتساب العِلمبعد أن يزن العالم معلوماته بالنسبة لمجهولاته بميزان الدقّة ويفهم أن مايعلم بالنسبة لما لايعلم، شيء لا يحتسب ، يشتدُّ ظمأ الاطّلاع والوعي في روحه ، ويزيد العشقُ والولعُ بالعلم قدْرتَه وسعيَه لمعرفة حقائق الوجود كما قال الإمام عليه السلام :

.


1- .راجع : ج 2 ص 419 ح 2979.
2- .راجع : ج 2 ص 416 ح 2962 .

ص: 99

3 . التواضع لأهل العلم

العالِمُ مَن لا يَشبَعُ مِنَ العِلمِ وَلا يَتَشَبَّعُ بِهِ. (1) وكما قال عليه السلام أيضا : العالِمُ الَّذي لا يَمِلُّ مِن تَعَلُّمِ العِلمِ. (2) وعلى النقيض تماما أشباه العلماء مَن يصدّهم داء اعتبار النفس عالما عن مداومة الدّراسة ، ولا يُتيح هذا الداء الفرصة للمصاب حتّى يحقّق فيما لايعلم ، بل يوهمه بأنه عليم بكلّ شيء ، ولم يعُد ينقصه ما يحصله أو يكتسبه من العلم .

3 . التواضع لأهل العلمالعلامة الثالثة التي أشار إليها الإمام عليه السلام ضمن ما أشار به إلى العالم الحقّ هي الخضوع والتواضع لأهل العلم . فمهما بلغ الإنسان من العلم إذا قارن ما علم بما جهلِ ، لم يتملّكه الغرور ، فيحبس نظره فيما علم ليس إلّا ، بل إنّه ليأخذ تحقيقات الآخرين وعلومهم بعين الاعتبار ويقدرها ، فلا يسعه أمام العلماء نظراً لعلمهم إلّا أن يخضع لهم ويتواضع . وعلى خلاف ذلك العلماء الخياليون الذين يعتبرون أنفسهم أعلم العلماء ، فإنّهم لا يفتأون يرفعون من قدرهم على حساب الآخرين وتحقيرهم . هؤلاء المرضى يتصوّرون أنّهم لو تواضعوا للعالم لكان ذلك منقصةً من قدرهم العلمي ، ويتوهّمون أنّ الناس سيعزون احترامهم للعلماء الآخرين إلى قلّة علمهم ، ولهذا يتظاهرون بأنّه لا يوجد من هو أعلم منهم، ويتعاملون باستنقاص مع آراء جميع العلماء ويعرِّضون بها، دون مطالعة متأنية وتدقيق .

.


1- .راجع : ج 2 ص 422 ح 2995 .
2- .راجع : ج 2 ص 422 ح 2996 .

ص: 100

4 . اتّهام الرأي الذاتي
5 . اختيار الصمت

4 . اتّهام الرأي الذاتيرابعة علامات العالم الحقّ فيما أورده الإمام عليه السلام من خصائص هي اتّهام الشخص رأيه ونظره . فالعالم الواقعي الواعي _ لأن مجهولاته لا تتناهى _ لا يبرّئ رأيه أو نظره من الخطأ مطلقا ، بل إنّه لينظر إليه بعين الاتّهام ، ولا يعتبر أيَّ فرضيةٍ نظريةً علميةً منطقيةً منطبقةً على الواقع ما لم تثبت لديه بصورة قطعية . فما أكثر الآراء والعقائد التي ظلّت القرون المتمادية على العالم باعتبارها نظريات علميّة قطعية ، لا يتبادر الشكّ في صحّتها لأيّ إنسان ، أو يسمح إنسان لنفسه بالارتياب في صحّتها ، حتّى أثبت التطوّر العلمي بطلانها؟! ودونك فرضية بطليموس في علم الهيئة وأمثالها في المسائل النظرية ليست قليلة .

5 . اختيار الصمتخامسة ميزات العالم الحقّ في كلام الإمام عليه السلام هي ملازمة الصمت . إنّ العالم الواقعي المدرك _ بأنّ معلوماته نزر يسير أمام مجهولاته التي لا تعدّ ولا تحدّ _ لا يسمح له عقله إبداء رايهِ في كلّ مسألة . روى الشهيد الثاني رحمه اللّه عن القاسم بن محمّد بن أبي بكر _ أحد فقهاء المدينة المتّفق على علمه وفقهه بين المسلمين _ أنّه سئل عن شيءٍ فقال : لا اُحسنه ، فقال السائل : إنّي جئت إليك لا أعرف غيرك فقال القاسم : لا تنظر إلى طول لحيتي وكثرة الناس حولي ، واللّه ما اُحسنه . فقال شيخ من قريش جالس إلى جنبه : يابن أخي الزمها ؛ فقال : واللّه ما رأيتك في مجلس أنبل منك مثل اليوم ، فقال القاسم :

.

ص: 101

6 . التحفّظ من الخطأ

وَاللّهِ لَأَن يُقطَعَ لِساني أَحَبُّ إِلَيَّ أَن أَتَكَلَّمَ بِما لا عِلمَ لي بِهِ. (1) وهكذا ، كلّ معاف من الغرور العلمي سالم من داء اعتبار النفس عالما ، ليس على استعداد مطلقا وبأيّ قيمة أن يُبديَ رأيا فيما لايعرف ، ومن ثَمَّ يلتزم السكوت والصمت ويمسك عن جواب الكثير من المسائل ، وهذا ما يتضمّنه البيان الرائع من الإمام علي عليه السلام حينما يقول : قولُ «لا أعلَمُ» نِصفُ العِلمِ. (2) إنّ هذا على خلاف المبتلين بالغرور العلمي واعتبار النفس عالما ، الذين لا يتريّثون بل يتعجّلون الإجابة عمّا يُسأَلون دون تأمّل ، اُولئك الذين لا يقتصر على وصفهم بأنّهم ليسوا علماء ، وإنّما هم مرضى ، أو كما نعتَهم الإمام الصادق عليه السلام بأنهم مجانين : إِنَّ مَن أجابَ في كُلِّ ما يُسأَلُ عَنهُ لَمَجنونٌ. (3)

6 . التحفّظ من الخطأوهو الميزة السادسة فيما أورد الإمام عليه السلام من علامات العالم الحقّ . فمن برئ من الغرور العلمي وعرف مقدار ما يجهله ، إذا أراد أن يبدي رأيا في مسألةٍ مّا استجمع فكره وسيطر على حواسّه حذر الوقوع في الخطأ ، ثمّ يُظهر رأيه بكلّ دقّة آخذا كلّ أبعاد المسألة المعنية وجوانبها المختلفة بعين الاعتبار . فلسان العاقل وراءَ عقله (4) دائما ، فلا ينطق مطلقا بكلام غير موزون ، تحاشيا

.


1- .راجع : ج 2 ص 363.
2- .راجع : ج 2 ص 355 ح 2663 .
3- .راجع : ج 2 ص 355 ح 2661 .
4- .راجع : ص 285 ح 575 و 576 .

ص: 102

7 _ عدم إنكار المجهول

لارتكاب الخطأ فيما يقول ، على خلاف المبتلى بالغرور المؤوف باعتبار النفس عالما الذي يبدي رأيه ارتجالاً دون تأمّل في كلّ مايُعرض عليه .

7 _ عدم إنكار المجهولوآخر العلامات التي حدّد بها الإمام عليه السلام شخصية العالم الحقّ _ والذي يستحقّ من وجهة نظر الإمام عليه السلام أن يقال عنه عالم _ هي عدم إنكاره ما جهل وما يعلم : وإِن وَرَدَ عَلَيهِ ما لا يَعرِفُ لَم يُنكِرهُ ؛ لِما قَرَّرَ بِهِ نَفسَهُ مِنَ الجَهالَةِ . هذا المعافى السالم من الغرور العلمي العارف ضآلة معلوماته وعدم تناهي مجهولاته لا يجيز له عقله على أيّ حال أن ينكر ما لا يعرفه وما هو مجهول بالنسبة له . وبهذا المعنى نقل عن ابن سينا أنّه قال : كلّ ما قرع سمعك من الغرائب فذره في بقعة الإمكان ما لم يَذُدك عنه قائم البرهان . (1) وإنّها لحقيقة عقلية علميّة : أنّ «عدم المعرفة لا يدلّ على عدم الوجود» فما أكثر الأشياء التي لا علم للإنسان بها ، ولكنّها موجودة . وهل كان البشر قبل ألف سنة على علم بحركة الدم وحركة الذرّة ومئات الحقائق العلمية الاُخرى التي تكشّفت وثبتت اليوم؟ فهل كان عدم العلم بهذه الاُمور فيما سبق يمكن أن يكون دليلاً على عدم وجودها كحقيقة واقعية ؟ فلو أنّ الإنسان كان من أهل العلم بالمعنى الواقعي لعلم أنّ أكثر حقائق الوجود اُمور مجهولة بالنسبة للبشر .

.


1- .اشتهرت هذه العبارة ونقلها الكثيرون عن الشيخ الرئيس ، والذي عثرنا عليه بهذا المضمون في الإشارات والتنبيهات : ج 3 ص 418 في ذكر الحوادث الغريبة حيث قال : «فالصواب أن تسرح أمثال ذلك إلى بقعة الإمكان ما لم يذدك عنه قائم البرهان» .

ص: 103

علائم المعتقدات غير العلمية
اشاره

وأميرالمؤمنين عليه السلام ضِمن كلام آخر له في بيان خصائص العالم الواقعي وأشباه العلماء يقول : لا تَقولوا بِما لا تَعرِفونَ ، فَإِنَّ أَكثَرَ الحَقِّ فيما تُنكِرونَ. (1) ولكنّ المسألة التي بلغت من الوضوح والبيان إلى هذا الحدّ وفهم كل ذي شعور أنّه لا حقّ له في إنكار ما لا يعرف وما هو مجهول لديه قدعمي عنها من علقوا بشباك الغرور العلمي فريسة لاعتبار النفس عالما ، ولا يرون إلّا خلافها . وهناك مزيدٌ من الإيضاح في هذا الصدد عندما نتحدّث عن اُولي علائم العقائد غير العلمية .

علائم المعتقدات غير العلميةويمكن اختبار العقائد غير العلمية والتعرّف عليها _ اُسوةً بما فعلنا بالنسبة للعقائد العلمية _ عن طريق خصائص صاحب العقيدة ، وبقول آخر : إنّ علائم العقائد هي عين علائم العلماء الخياليّين وخصائص الجهلاء أشباه العلماء ، التي وردت في كلام الإمام عليه السلام بعد أن بيّن علائم العالم . وفي هذا القسم أيضا نستهلّ بذكر نصّ الرواية ، ثمّ نطرح العلائم كلّا على حدة على بساط البحث : إِنَّ الجاهِلَ مَن عَدَّ نَفسَهُ بِما جَهِلَ مِن مَعرِفَةِ العِلمِ عالِما ، وبِرَأيِهِ مُكتَفِيا ، فَما يَزالُ مِنَ العُلَماءِ مُباعِداً ، وعَلَيهِم زارِيا ، ولِمَن خالَفَهُ مُخَطِّئا ، ولِما لَم يَعرِف مِنَ الأُمورِ مُضَلِّلاً ؛ فَإِذا وَرَدَ عَلَيهِ مِنَ الأَمرِ ما لا يَعرِفُهُ أَنكَرَهُ وكَذَّبَ بِهِ ، وقالَ بِجَهالَتِهِ : ما أَعرِفُ هذا ، وما أَراهُ كانَ ، وما أظُنُّ أَن يَكونَ، وأنّى كانَ ، ولا أعرِفُ ذلِكَ؛ لِثِقَتِهِ بِرَأيِهِ، وقِلَّةِ مَعرِفَتِهِ بِجَهالَتِهِ. فَما يَنفَكُّ مِمّا يَرى فيما يَلتَبِسُ عَلَيهِ رَأيُهُ ومِمّا لا يَعرِفُ لِلجَهلِ

.


1- .راجع : ص 387 ح 1119 .

ص: 104

1 . عدم الاهتمام بالمجهولات

مُستَفيداً ، ولِلحَقِّ مُنكِراً ، وفِي اللَّجاجَةِ مُتَجَرِّيا ، وعَن طَلَبِ العِلمِ مُستَكبِراً. (1) فبناءً على ما جاء في هذه الرواية يتّضح أنّ علائم العقائد غير العلمية ومشخّصات أشباه العلماء سبعٌ مقابل سبع للعقائد العلمية . وخلاصتها أنّها عبارة عن : عدم الاهتمام بمجهولاتهم ، عدم الاكتراث بآراء الآخرين ، اجتناب العلماء ، تخطئة المخالفين ، إنكار ما يجهلون ، اللجاجة في البحث العلمي ، والأنَفُ من تحصيل العلم . وإليك التحقيق في هذه العلائم وبيانها .

1 . عدم الاهتمام بالمجهولاتإنّ أول ما يميّز أصحاب الآراء غير العلمية _ مَن صوّر لهم مرض اعتبار النفس عالما في أنفسهم علماء _ أنهم لايرون مجهولاتهم ، فتعاظمت معلوماتهم القليلة التافهة وبدت كبيرة في أنظارهم ، حتّى يتصورون أنفسهم علماء على الاطلاق ، حتّى وكأنه لم يعد هناك مجهول بالنسبة لهم ، ولهذا نراهم يفرضون أنفسهم في كلّ موضوع كخبراء ، ويجيزون لأنفسهم عن طريق الظنّ والتخمين أو كما يقال اليوم عن طريق «التحليل» الحقّ في إبداء الرأي في أيّ شيء كان ، على أنّه رأي علميّ قطعي . هؤلاء الأفراد مهما كان مقدار علمهم أو معرفتهم بعلوم شتّى هم في نظر الإمام علي عليه السلام ليسوا غير أكفاء لصفة العالم أو لقبه فحسب ، بل ما أحقّهم بنعت الجهلاء الواقعيين والأغرار الفارغين :

.


1- .بحار الأنوار : ج 77 ص 203 و راجع : ص 388 ح 1122 .

ص: 105

إِنَّ الجاهِلَ مَن عَدَّ نَفسَهُ بِما جَهِلَ مِن مَعرِفَةِ العِلمِ عالِما . لأنّ الجهل بمقدار علمه أوقعه في أعماق بئر الجهل الظّلماء حيث لا نور يصل إليها فيفيده . وعليه ، فإنّ إحدى الطرق التي تُختبر بها العقيدة ويُميَّز بين العقائد العلمية وغير العلمية هي أن يُختبر صاحب العقيدة فيما إذا كان مصابا بالغرور العلمي معتلاً باعتبار النفس عالما أم أنّه معاف منهما؟ وما إذا كان يجيز لنفسه الإدلاء برأيه فيما لايعرف أم لا؟ وأخيراً ، إلى أيّ حدّ يعتبر نفسه عالما . لقد روي عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال : مَن قالَ «أنا عالِمٌ» فَهُوَ جاهِلٌ. (1) فاُولى خصائص العلماء وأهل الفهم سلامتهم من الغرور العلمي ، والعلماء الحقّ يدركون _ وهم على أول درجة من سلالم العلم _ أنّ معارفهم لا يُعتدّ بها أصلاً إزاء ما يجهلون ، وعلى هذا يتّضح أنّ المبتلين بالغرور العلمي والذين يحسبون أنهم يحتازون علما لم يضعوا أقدامهم على اُولى درجات المعرفة بعدُ ، وهذا مصداق قول أميرالمؤمنين عليه السلام : مَنِ ادَّعى مِنَ العِلمِ غايَتَهُ فَقَد أَظهَرَ مِن جَهلِهِ نِهايَتَهُ. (2) إنّ قصّار النظر وأصحاب الصّدور الضيّقة والسطحيّين إذا وصلوا ولو إلى نزر من العلم استبدَّ بهم الغرور العلمي ويقيسون مجهولاتهم على الإطلاق بمقياس هذا النزر من معلوماتهم ، وبالتالي يعتبرون أنفسهم علماء بصورة مطلقة . فاُستاذ الآداب المتخصّص فيها يتصوّر أنّ كلّ من كان على شاكلته في فهم

.


1- .راجع : ص 362 ح 952.
2- .راجع : ص 378 ح 1066 .

ص: 106

الآداب قد أحاط بكلّ شيءٌ علما ، وأنّ في إمكانه أن يحكم في أيّ مسألة كانت ويُظهر الرأي القاطع فيها . وعالم الرياضيات يرى أنّ قبيله من الرياضيين هم العلماء بالإطلاق ، وأنّ لهم الحقّ في إبداء آرائهم في كلّ أمر من الاُمور المختلفة حتّى العقائدية والاجتماعية . وهكذا الحال بالنسبة للفقيه والأصولي والفيلسوف والمفسّر وهلمّ جرّا ، فكلّ من تخصّص في فرعٍ من فروع العلم والمعرفة إذا ابتلى بالغرور العلمي ولم يعرف النسبة بين معلوماته ومجهولاته ولم يضع معلوماته في مكانها إزاء مجهولاته يزعم أنّه ما دام فكره في دائرة تخصّصه صائبا ، فلا يمكن إلَا أن يكون صائبا حتّى فيما يخرج عن دائرة اختصاصه ، ومن ثمَّ يعطي لنفسه الحقّ في إبداء الرأي في أيّ مسألة كانت . يُحكى أنّ نحويًّا ركب سفينةً ، وأثناء الحديث بينه وبين الربّان شاقَه أن يتظاهر بعلمه وقدر هذا العلم وحتّى يشوّق الربّان على تعلّمه ، سأله قائلاً : هل تعلّمت النحو؟! فأجاب الربّان : كلّا!! فقال النحوي : لقد أضعتَ نصف عمرك!! إنّ من لم يتعلّم النحو أضاع عمره في الجهل وعدم المعرفة ، فإن أردت أن تفوز بالنصف الثاني من عمرك وجب عليك أن تحصل هذا العلم!! ففكّر الربّان مَليًّا ، إلّا أن الجواب المناسب للردّ على هذا الأديب المغرور أعيى عليه ، وما هي إلا وعصفت الرياح وهاج البحر وغشيهم موجٌ كالظلل ، وغلب البحر السفينة على تعادلها يتقاذفها كلّ لحظة من صوب إلى صوب حتّى أشرفت على الغرق . التفت الربّان إلى النحوي فوجده قد فقَد نفسه هلعا ولم يعُد يدري يده من رجله! وكانت الفرصة المناسبة للإجابة على سؤاله ، فقال : يا اُستاذ ، هل تعلّمت السباحة؟ فأجاب النحوي : كلّا ، أنا لا اُجيدُ السباحة . فقال الربّان : لقد أضعت كلّ عمرك؛ فلا سبيل للنجاة الآن إلّا بالسباحة!!

.

ص: 107

أساس الاختلافات العقائدية

وما أقلّ العلماء _ على خلاف هذا النحوي _ ممّن ليسوا فريسة الغرور العلمي ، وخاصّةً في المسائل العقائدية . أما المغرورون فالكلّ سواء ؛ ممّن لم يحقّقوا ومن اكتفى من البحر بالقطرة ، في أنهم يعلّقون نوط الاجتهاد على صدورهم ، ويعطون لأنفسهم الحقّ في إبداء الرأي ، حتّى فيما ليس من اختصاصهم .

أساس الاختلافات العقائديةوهنا بالذات يكمن أحد الجذور الأصلية للاختلافات العقائدية والتضادّ بين النظريات المختلفة السّائدة على العالم ، وذلك هو إبداء من ليسوا من أهل الاختصاص آراءَهم وتطفّلهم على الرأي . فالجاهل _ بما أنّه يعتبر نفسه عالما _ يُبدي رأيهُ ، وغيره من الجهلاء ينجرّون لرأيهِ على زعم أنّه عالم ، بدون أن تكون مسألة تخصّصه في دائرة رأيهم ، فيقتدون به ، وهنا منشأ العقائد والنظريات المختلفة المتضادّة . لقد روي عن الإمام علي عليه السلام كلام بهذا الخصوص ، لو أننا اعتبرناه من معجزات الإمام لما كنا مبالغين ، قال عليه السلام : لَو سَكَتَ الجاهِلُ مَا اختَلَفَ النّاسُ. (1) فالحقّ _ والحقّ يُقال _ لو أمسك الجاهل عن إبداء رأيه فيما لا يعرف ولم يُقْحِمْ عالم رأيهُ فيما لا يختصّ به لارتفعت الخلافات الفكرية والعقائدية من البين ، ولالتقت الأفكار في رأي مشترك. فلو التزم الجاهل في السوق والحوزة والجامعة وما إلى ذلك بالصمت والسكوت ، ولو كفَّ الجاهل عن التطفّل برأيه على الرأي السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي وما إلى ذلك ، ولو كبح الجاهل جماحه عن التدخّل بالقول في الفلسفة

.


1- .راجع : ص 360 ح 932 .

ص: 108

أو الفقه أو الاُصول أو التفسير ، وأخيراً ، لو أنّ غير أهل الاختصاص لم يظهروا آراءهم وعقائدهم بالنسبة للمسائل العقائدية ، لاقتلعت اختلافات المجتمع البشري من جذورها . وإذا كنّا نشاهد في عصرنا الحاضر _ وعلى امتداد التاريخ _ العشرات من المدارس والمئات من العقائد والآلاف من الأفكار المختلفة والآراء المتباينة ، وأنّ كلَّ مَنْ جمعَ حوله لفيفا يَنصِبُ نفسه عليهم مُنظّراً وزعيم منظّمة ويفرض نظريته وعقيدته الخاصّة عليهم ثُمّ بحثنا عن سبب هذه الاختلافات بحثا جذريًّا لوصلنا إلى جذرها هذا الذي أشار إليه الإمام سلام اللّه عليه ، وأنّه إظهار الجهلاء وغير المتخصّصين وجهات أنظارهم الفجّة وإقحامهم آراءهم الفقاعية على الواقع والحقيقة . ولو أنّ أصحاب الأفكار المختلفة صمَّموا على أن لا يظهروا آراءهم بالنسبة لشيءٍ مّا لم يثبت لهم الرأي بصورة قطعية ، وألّا يعرضوا فرضياتهم التي لم تثبت بعدُ على أنها نظريات علميّة ، فإنّ الخلاف بين وجهات النّظر سيقتلع جذريا من بين المجتمع ، وستلتقي جميع الأفكار في مجال الحقائق الكونية في وجهة نظر مشتركة ، وذلك لأنّ الحقّ واحد لا غير ، ولا يمكن إلّا أن يكون واحداً بالضرورة . وفي كلّ هذه النظريات المتناقضة والأفكار المختلفة والعقائد المتضادّة لا محالة من عقيدة صحيحة علميّة مطابقة للواقع ، والباقيات غير صحيحة وغير علميّة وغير منطبقة على الواقع وكيف يتأتّى أن يكون قولي حقًّا وقولك حقا وقول الآخر كذلك وآراؤنا متناقضة تماما فيما بينها؟! ولكلٍّ منّا رأيهُ الخاصّ المغاير للآخرين؟!

.

ص: 109

2 . عدم الاكتراث بآراء الآخرين
3 . اجتناب العلماء

2 . عدم الاكتراث بآراء الآخرينوثانية علامات أصحاب الآراء والعقائد غير العلمية هي أنهم لا يعترفون بآراء الآخرين بأيّ قيمة ، فلا يأبهون لعقائدهم أو يعتنون بها ، بل على حدّ قول الإمام عليه السلام : بِرَأيِهِ مُكتَفِيا . وعليه ، فإنَّ مِن طرق اختبار العقيدة أن يُختبر صاحبها ، هل يسمح لنفسه أن يخوض في آراء الآخرين وعقائدهم فيدرسها ويتأمّلها؟ أو أنّه يعتقد أنّ كلّ ما يقوله هو الصواب والصحيح ، وما يقوله غيره خطأ باطلٌ . فمن ابتُلِي بداء اعتبار النفس عالما _ من شأنه أن يعتبر نفسه عالما على الإطلاق _ فهو من هذا الحيث لا يشعر بحاجة إلى مطالعة آراء الآخرين أو دراستها . أمّا الصحيح السالم من هذا الداء العارف قدر معلوماته المحدودة إزاء مجهولاته الّتي لا تنتهي فإنّه يحتمل صحَّة الفهم لدى الآخرين ، فلا يكتفي برأيه بل يتّخذ رأي الآخرين موضوعا للبحث والدراسة أيضا . والإمام عليه السلام في رواية اُخرى يقول : ما اُعجِبَ بِرَأيِهِ إِلّا جاهِلٌ. (1)

3 . اجتنابُ العلماءثالثة علامات أصحاب الآراء والعقائد غير العلمية هي أنهم يتجنّبون الاقتراب من العلماء الحقّ ، وكأنهم خفافيش الليل تفرّ من ضوء الشمس ، وتقضي يومها المشرق بين دياجير القباب والكهوف . إنّ اُولئك النّاس على الظاهر يَفزعون أيضا من نور

.


1- .راجع : ص 369 ح 1000 .

ص: 110

4 . تخطئة المخالفين

العلم ومن العلماء الحقّ ، فلا يجيزون لأنفسهم الخروج من مخابئهم والدنوّ من العلماء الواقعيين والتنعّم بقبس من نور العلم ، مصداقا لقول الإمام عليه السلام : فَما يَزالُ مِنَ العُلَماءِ مُباعِداً ، وعَلَيهِم زارِيا . المتظاهرون بالعلم والمعرفة يهاجمون دائما من آراء العلماء وعقائدهم من بعيد ، فدأبُهم النَّقُّ لا النَّقد . فالمبتلى بداء اعتبار النفس عالما ليس على استعداد ليجالس عالما ليباحثه ويناظره ويحتكم إليه في عقائده . إنه يلقي بالرأي على عواهنه فيما يختصّ بالمبدأ أو المعاد أو ما يختصّ بالاقتصاد أو السياسية أو العدالة الاجتماعية أو إدارة شؤون الدولة وما إلى ذلك ، على أنّ رأيهُ هوالرأي الأوحد ولا غير ، ولا صحّة إلّا لما يقوله هو أو الحزب أو المجموعة أو المؤسّسة ، أمّا ما يقوله الآخَر فلا نصيب له من الصواب . حتّى إذا ما رفض المجتمع رأيه أو رأى الحزب أو الجمعية أو المؤسّسة ، شقّ العصا وتخلّف ليطلق لسانه بالنقد والنقيق .

4 . تخطئة المخالفينو رابعة علامات داء اعتبار النفس عالما وآثاره هي أنّ المصاب لا يفتأ يخطّئ آراء الآخرين وعقائدهم . أو بعبارة اُخرى : إنّ المبتلى بداء المعرفة الخيالية أو العلم الخيالي يعتقد أنّ مفتاح الوعي والتنوّر الفكري مُلكٌ لقبضته ، ويتصوّر أنّ على الآخرين فيما لو أرادوا أن لا يخطئوا في فهم آرائه وعقائده أن يلتزموا طريقة تفكيره ويقتفوا أثره حتّى يصلوا إلى ما وصل إليه ، فاذا لم يصلوا إلى ما وصل إليه فآراءهم وعقائدهم ، خطأ

.

ص: 111

5 . إنكار ما يجهلون

وضلالة ، كما قال عليه السلام : ولِمَن خالَفَهُ مُخَطِّئا .

5 . إنكار ما يجهلونوخامسة علائم ذوي الآراء غير العلمية هي إنكارهم لما يجهلونه من الحقائق ، وبقول أميرالمؤمنين علي عليه السلام : إِنَّ الجاهِلَ . . . إذا وَرَدَ عَلَيهِ مِنَ الأَمرِ ما لايَعرِفُهُ أَنكَرَهُ وكَذَّبَ بِهِ ، وقالَ بِجَهالَتِهِ : ما أَعرِفُ هذا ، وما أَراهُ كانَ ، وما أَظُنُّ أن يَكونَ ، وأَنّى كانَ؟! ولا أَعرِفُ ذلِكَ ، لِثِقَتِهِ بِرَأيِهِ وقِلَّةِ مَعرِفَتِهِ بِجَهالَتِهِ . كما قال عليه السلام أيضا : لا تَرُدَّ عَلَى النّاسِ كُلَّ ما حَدَّثوكَ بِهِ ، فَكَفى بِذلِكَ جَهلاً. (1) فمثلاً : لو قيل قبل ألف عام لمصاب بداء اعتبار النفس عالما : إنّ هناك كائنات حيّةً _ من الصغر بحيث لاتراها العين المجرّدة _ هي سبب الأمراض الجسمية . أو قيل له : إنّ الدم يدور في الجسم ، فإن توقّف عن الدوران مات الإنسان؛ أو قيل له : إنّ المادّة تتكوّن من جزيئات صغيرة ، وكلّ جزيئة تتكوّن من ذرّات ، وفي كلّ ذرَّةٍ الكترونات تدور حول بروتونات أو نواة بسرعة مذهلة ، وإنّ الإنسان يصنع من هذه الذرّة أنواع الأسلحة المدمّرة التي تنسف الحياة في الكرة الأرضية نسفا في بضعة لحظات ، لكان قد نفاها من دون أدنى شكّ ، واعتبرها أوهاما وخرافات ، ولَزعم أنها لو كانت حقائق موجودة لكان قد عرفها بالضرورة!! وما دام لم يعرفها فهي ليست حقائق واقعية ، وكذّب من يدّعي وجودها ، فما يدع إلّا رأيا لايقوم على أساس علمي غير مطابق للواقع!!

.


1- .راجع : ص 376 ح 1051 .

ص: 112

6 . اللجاجة في البحث العلمي

إنّ الإمام عليّ عليه السلام ولأجل استئصال مثل هذا التعامل مع الحقائق العلميّة من قِبَل الذين يدّعون المعرفة ، يقول : وذلِكَ لِثِقَتِهِ بِرَأيِهِ وقِلَّةِ مَعرِفَتِهِ بِجَهالَتِهِ . وبعبارة اُخرى : لو أنّ اُولئك المنكرين _ لما جهلوا من الحقائق تحت تأثير داء اعتبار النفس عالما _ عرفوا مدى جهلهم وأنّ ما علموا لا يُعدّ شيئا مطلقا في مقابل ما جهلوا ، لما عبدوا عقائدهم أو اعتمدوها كلّ هذا الاعتماد ، ولما أنكروا ما لا علم لهم به . إنّ الإمام علي عليه السلام يوضّح الآثار الوخيمة لهذا المرض الخطير عند استرساله في الكلام : فَما يَنفَكُّ مِمّا يَرى فيما يَلتَبِسُ عَلَيهِ رَأيُهُ ومِمّا يَعرِفُ لِلجَهلِ مُستَفيداً ، ولِلحَقِّ مُنكِراً . وهذا ، أخطر أثر سيئ لاعتبار النفس عالما ، إذ أنّه لا يقتصر على القصر الدائم للمريض وقيده في أغلال الجهل وعدم المعرفة ودوام الزيادة على جهله المركّب ، بل إنه ليشتدّ ويتفاقم بالتدريج فتظهر للمريض جهالات مستحدثة في صورة العلم ، من شأنها أن توصد باب العلاج في وجهه أكثر فأكثر .

6 . اللجاجة في البحث العلميوسادسة العلامات التي تشخّص أصحاب الآراء والعقائد غير العلمية هي لجاجتهم وتعنّتهم في المباحث العلمية . فالمبتلى بهذا الداء حَرِج الصدر بصحّة قول الطرف المقابل دائما ، فتراه أثناء البحث والمناظرة يحاول أن يثبت قوله ، وأن يحمل المخاطب على قبول رأيه وعقيدته بصفاقة ولجاجة لا غير . كما قال عليه السلام :

.

ص: 113

7 . الأنف من تحصيل العلم

وفِي اللَّجاجَةِ مُتَجَرِّيا .

7 . الأَنَفُ من تحصيل العلموهو العلامة السابعة والأخيرة التي تميّز أصحاب الآراء والعقائد غير العلميّة وتشخّصهم : وعَن طَلَبِ العِلمِ مُستَكبِراً . إنّ من أعماه ما يعلم عن المعرفة بما لا يعلم لا يكترث أو يأبه بآراء غيره ويجانب العلماء ويخطّئُ آراء المخالفين وعقائدهم ويسعى لتثبيت عقيدته بلجاجة ، وليس للتعلّم والتحقيق في نظره معنى ، فإنّ هذه الصفات تولّد في نفسه كِبراً وغروراً يحرمانه أبداً من معرفة حقائق الوجود .

.

ص: 114

. .

ص: 115

الفصل السادس : حرّية العقيدة
اشاره

الفصل السادس : حرّية العقيدةإنّ حرية العقيدة إحدى المسائل المهمّة للغاية التي تحظى بالعناية في عالم اليوم ، وخاصّةً بعد صدور البيان الدولي بإعلان حقوق الانسان . لقد نصَّت المادة الثامنة عشرة من ميثاق الاُمم المتّحدة بخصوص الحقوق المدنية والسياسية على ما يأتي : 1 . يحقّ لكلّ إنسان أن يتمتّع بحرّية الفكر والوجدان والمذاهب ، ومنها حقّه في اعتناق المذهب والعقيدة التي يرغبها ، كما أنّ له الحقّ في التظاهر بمذهبه أو عقيدته انفراديا أو جماعيا ، سرّا أو علنا عن طريق العبادات وممارسته الفرائض والطقوس الدينيّة. 2 . لا يجوز أن يتعرّض أحد لمكروه يخلّ بحرّيته في التمتّع بدينه أو معتقده ، أو في اعتناق ما يودّه من مذهب أو عقيدة . 3 . لا يجوز أن تخضع حرّية التظاهر بالمذهب أو العقيدة لأيّ نوع من التحديد ، إلّا فيما ينحصر فيما يستوجب قانونا تفرضه الضرورة لحماية الأمن والنُّظم وسلامة الأوضاع أو الحفاظ على العفّة العامّة أو حفظ حقوق الآخرين وحرّياتهم الأساسية .

.

ص: 116

معنى العقيدة

4 . تتعهّد الدول المتبنّية لهذا الميثاق باحترام حرّية الوالدين أو أولياء الاُمور القانونيين حسب ما هو كائن في تأمين التعليم المذهبي والأخلاقي لأطفالهم وفقا لمعتقداتهم الخاصّة . ونصّت المادّة التاسعة عشرة من نفس الميثاق على ما يأتي : 1 . يحقّ لكلّ أحد أن تكون له عقائد مصونا من تدخل الآخرين . 2 . لكلّ إنسان حقّه في حرّية التعبير عن رأيه ، بما يشمل حرّية البحث عن المعلومات والأفكار وتحصيلها ونشرها أيًّا كان نوعها ، بغضّ النظر عن الحدود ، وذلك سواء بصورة شفهية أو مكتوبة أو مطبوعة أو على شكل فنّ أو بأيّ وسيلة اُخرى يرغبها . 3 . تنفيذ الحقوق المذكورة في الفقرة الثانية من هذه المادّة يستوجب حقوقا ومسؤوليات خاصّة ، ولذا كان من الممكن أن تخضع لتحديدات معيّنة يقرّرها القانون ضرورة لما يلي : أ _ احترام حقوق الآخرين وحيثياتهم . ب _ حفظ الأمن الوطني أو النظام العامّ أو سلامة المجتمع أو عفافه . (1) ونريد في هذا الفصل أن نناقش مسألة حرّية العقيدة من وجهة نظر العقل وفي رأي الاسلام ، ثمّ نبيّن الهدف من عرض هذه المسألة في عالم اليوم ، وهذا يستلزم عرض ثلاث مسائل مبدئية مقدّمةً لبحثنا في هذا الفصل ، وهي : معنى العقيدة ، ومنشأ العقيدة ، ومعنى حرّية العقيدة .

معنى العقيدةلقد تناولنا هذا الموضوع بالشرح بصورة مفصّلة في الفصل الأول من هذا الكتاب ،

.


1- .راهنماى سازمان ملل (بالفارسية) : ص 1026 _ 1027 .

ص: 117

منشأ العقيدة
1 . التحقيق
2 . التقليد

وقلنا : إنّ كلمة «العقيدة» هي الاسم من مادّة «عَقَدَ» وتعني الشّدَّ والربط ، فحينما ينجذب الرأي إلى الذهن ويرتبط به يُسمَّى عقيدة ، ولا فرق هنا بين الرأي الصائب أو الباطل ، وعليه ، فإنّ العقيدة تُطلق على كلّ ما يؤمن به الإنسان سواء أكان حقًّا أم باطلاً ، صحيحا أم خطأً ، مطابقا للواقع أم غير مطابق ، مفيداً له ولمجتمعه أم مضرّا .

منشأ العقيدةمن أين تنشأ عقائد الإنسان وتصديقاته؟ هذه العقائد التي تشكّل الأساس في تصرّفاته ومواقفه في الحياة كيف يؤمن الإنسان بشيء ويعتقده ويقتنع به؟! وإنّه لسؤال مهمّ للغاية ، يقتضي الإجابة عليه قبل البحث في مسألة حرّية العقيدة ، فالجواب عليه يساعد على إبداء الرأي في مسألة حرّية العقيدة بسهولة . فلو أننا أمْعَنَّا النظر قليلاً لتشخّص أنّ عقائد الإنسان وتصديقاته راجعة إلى أحد هذين المصدرين أو المنشأين : التحقيق و التقليد .

1 . التحقيقفالإنسان عندما يفكّر بمئِ حرّيته ويطالع ويحقّق في مسألةٍ مّا قد يتوصّل في هذا الصدد إلى عقيدةٍ مّا ، مثلا ، لو أنّه حقّق فيما إذا كانت الأرض تدور حول الشمس أم أنّ الشمس تدور حول الأرض أو فيما إذا كان هناك شيء آخر وراء المادّة أم لا . . . وما شاكل لكان حينئذٍ قد اتّخذ التحقيق أساسا ومنشأً تصدر عنه عقيدته ، سيّان أكان رأيه واعتقاده سديداً مطابقا للواقع أم لا .

2 . التقليدوقد لا تكون عقيدة الإنسان حصيلة دراسةٍ وفحصٍ يبنيان على تفكير حرّ ، إمّا أنّه

.

ص: 118

قد قبل العقيدة بلا دراسةٍ وأمّا قبلها بعد الدراسة ولكنّه بتأثيرٍ من التفكير المكبَّل بالتقليد ، وفي كلتا الحالتين يقوم اعتقاده على أساس التقليد . بناءً على ما تقدّم فالمنشأ الأساسي للعقيدة ومصدرها إمّا التحقيق وإمّا التقليد ، إلا أنّ هناك بطبيعة الحال منشأً ثالثا وهو الإلهام والإشراق ، ونظراً لكونه ليس مصدراً عامًّا بل هو خاصّ بمن يستثنون من الأفراد بما يخرجه عن نطاق بحثنا الآن فلنستمهله إلى حينه . (1) أمّا ما يسترعي الانتباه هنا فهو أنّه بمجرّد دراسة معمّقة يتّضح لنا أنّ أغلب عقائد الناس وتصديقاتهم فاقدة للأساس الفكري ولا أصل لها من البحث والاستدلال ، وإنّما هي ثمرة التقليد!! فالأب والامّ ، والقوم والقبيلة والبيئة ، والحزب والمنظّمة والجمعية ، والشخصيات المحترمة ، كلٌّ يلقّن الإنسان رأيا ووجهة نظرٍ ، يتقبّله تلقائيا فيقلّده دون أن يطالب بدليل أو برهان عليه ، فيألفه ثّم يتعوّد عليه رويداً رويداً حتّى ينعقد في ذهنه وروحه ويصير عقيدةً له . ولهذا كانت العائلة والبيئة عاملَين أساسين لهما دور كبير في بلورة عقائد الغالبية الساحقة من الناس ، وعلى وجه العموم فإنّ الآراء والمعتقدات تنتقل إلى الفرد عن طريق عائلته أو عن طريق من يعيش في بيئتهم ، وقليلٌ جدّاً اُولاء الذين يختارون عقائدهم على أساس البحث والتثبّت فقط ، ومن ثَمّ حذّر القرآن الكريم الإنسان من تقليد أكثر الناس ، قال تعالى : «وَإن تُطِعْ أكْثَرَ مَن فِى الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إن يَتَّبِعُونَ إلَا الظَّنَّ وَإنْ هُمْ إلَا يَخْرُصُونَ» . (2)

.


1- .راجع : ج 2 ص 114 «القلب» و 141 «الفصل الرابع : مبادئ الإلهام» .
2- .الأنعام : 116 .

ص: 119

حرّية العقيدة
حرّية العقيدة في رؤية العقل
أ _ حرّية انتخاب العقيدة

حرّية العقيدةولا بدّ لنا قبل البحث في حرّية العقيدة توضيح معنى هذه الحرّية ، فما لم يتضّح معناها لا يتسنّى لنا الحكم بصحّتها أو عدم صحّتها . ويمكن أن نتناول حرّية العقيدة بالتفسير من جوانب ثلاثة : الأول : الحرّية في انتخاب العقيدة ، وتعني أنّ الإنسان حرٌّ في الاعتقاد بما يريد . الثاني : الحرّية في التظاهر بالعقيدة ، وتعني أنّ الإنسان حرٌّ في الإفصاح عمّا اعتقده . الثالث : الحرّية في نشر العقيدة ، وتعني أنّ الإنسان حرٌّ في نشر عقيدته والترويج لها . وعليه ، فقد يتوجّه الحديث عن حرّية العقيدة إلى أحد هذه المعاني الثلاثة ، أو أنّه يتوجّه إليها جميعا . والآن _ بعد أن عرفنا معنى العقيدة ومنشأها وما ذكر في تفسير حرّية العقيدة _ فقد حانت الفرصة لنطالع رأي العقل فيها .

حرّية العقيدة في رؤية العقلإنّ للعقل رؤيةً ورأيا لكلّ واحدة من هذه المعاني فلا يسعه أن يحكم على كلّها حكما واحدا بصورة مطلقة لذا ينبغي أن يُدرس كلّ من هذه المعاني على حدة .

أ _ حرّية انتخاب العقيدةأول معاني حرّية العقيدة هو أن يكون الإنسان حرّاً في انتخاب ما يشاء من العقائد

.

ص: 120

فيؤمن بما يميل إليه قلبه ويعتقد ما يرغب فيه فؤاده . فلو أمعنّا النظر قليلاً لتبيّن لنا أنّ هذا النوع من حرّية العقيدة غير ممكن عقلاً ، فلا عقائد الإنسان وتصديقاته خاضعة لاختياره ، ولا هي خاضعة لاختيار غيره ، ولا في وسع الإنسان أن يعتقد بما يشاء على الإطلاق ، ولا في وسع أحد أن يرغمه على عقيدةٍ مّا ، وذلك لأنّ العقيدة ليست كالأزياء يختار الإنسان ويرفض منها ما يشاء ، كما وأنّه ليس هناك من يجبره على ارتداء هذا أو ذاك . الاعتقاد لدى الإنسان شيء كالحُبّ . والعشق والتعلّق والمحبّة اُمور خارجة عن إرادة العاشق ، فلا هو يستطيع أن يعشق هذا أو لا يعشق ذاك ، ولا هو في اختيار أحد ليحمله على عشق دون عشق ، وإذا كان الوقت نهاراً فكيف يتأتّى له أن يؤمن بأنه ليل ، وهل في إمكان أحد أن يجبره على تغيير عقيدته ، نعم ، قد يضطرّ أحد إلى قول بخلاف عقيدته ، أمّا أن يغيّر اعتقاده وما آمن به فهذا محال . في عام 1632 ميلادي وضع جاليلو كتابا عن عقائد بطليموس وكوبرنيك . وبعد عام من ذلك دعاه البابا إلى روما وأبلغه أنّ اعتقاده بدوران الأرض حول الشمس شِرْكٌ ، وأجبره على الجلوس على ركبتيه وطلب المغفرة ، وقيل : إنّ جاليلو نفّذ ما طلب منه البابا ، ولكنّه عندما خرج من عنده شوهد وهو يكتب على الأرض بإصبعه : «رغم كلّ هذا . . . الأرض تدور حول الشمس». (1) وإنّها لحالة واحدة يمكن فيها للعقيدة أن تقبل التغيير ، وهي عندما يتغيّر منشؤها والمحيط الذي نشأت فيه ، فلو أنّ منشأها كان التحقيق فقد يواجه المحقّق على مدى تحقيقه دلائل تثبت بطلان عقيدته السابقة ، ولو أنّ منشأها كان التقليد فإنّ

.


1- .فرهنگ فارسى (بالفارسية) للدكتور محمّد معين : ج 6 «گاليله» .

ص: 121

ب _ حرّية الإفصاح عن الاعتقاد

صِفادَ (1) التقليد عرضة للتّحطّم . (2)

ب _ حرّية الإفصاح عن الاعتقادوالمعنى الثاني من معاني حرية العقيدة هو حرّية الإنسان في الإعلان عن عقيدته والتظاهر بها ، وهي في نظر العقل من اُوليات حقوق الإنسان المسلّم بها؛ وأنّ لكلّ إنسان حقّ في أن يقول هذه عقيدتي ، وليس لأحدٍ مّا حقّ في مضايقته ، كما أنّ لكلّ إنسان أن يتصرّف في حياته الشخصية حسبما يريد ، طالما كان تصرّفه لا يتعارض مع حقوق غيره . وحرّية التظاهر بالعقيدة _ علاوةً على كونها حقًّا طبيعيًّا لكلّ إنسان _ تستوجب التقاء الآراء ونضج المعتقدات العلمية وتصحيح العقائد أيضا ، وليس لدى العقل أدنى شكّ في صحّة هذه الحرّية وضرورتها ، إلّا أن هناك مسألتين ينبغي بحثهما في هذا الصدد : المسألة الاُولى : أيحقُّ للإنسان أن يبدي رأيا خلافا لما يعلم وعلى خلاف عقيدته وإيمانه الواقعي؟ والمسألة الاُخرى : أيحقّ للإنسان عقلاً أن يرى من واجبه تصحيح العقائد الموهومة أو الفاسدة والتصديقات الشعواء أم لا ؟ وما ينبغي أن يُجاب به على السؤال الأول هو : أنّنا إذا احتكمنا إلى العقل فإنّه وإن كان يستهجن إظهار الرأي خلافا للاعتقاد الواقعي ويندّد به إلّا أنّه لا يرى مجوّزاً لسلب حرّية البيان ما دام لايمسّ الآخرين بالضرر .

.


1- .الصِفاد : ما يوثَق به الأسير من قِدٍّ و قيدٍ و غلٍّ (الصحاح : ج 2 ص 498) .
2- .سنأتي إلى الحديث عن هذا الموضوع عند التطرّق إلى المعاني الاُخرى لحرّية العقيدة .

ص: 122

أمّا جواب السؤال الآخر فهو : أنّ العقل في الوقت الذي يعلن حرّية التظاهر بالعقيدة فإنّه يرى وجوب الإقدام على تصحيح العقائد ويستلزم ذلك أيضا ، بدليلين ، أوّلهما : أنّ العقيدة أساس العمل وركيزته ، والمعتقدات الموهومة الفاسدة مفسدة مضيعة للمجتمع ، والآخر : أنّ مكافحة المعتقدات الموهومة جهدٌ يهدف إلى تحرير الفكر ، ولا يمكن للعقل إلّا أنّ يقتضي موجبات تحرّره . وبيان ذلك : أنّ حرّية العقيدة تتناقض أصلا مع حرّية الفكر ، فلا تتحقق حرّية العقيدة حيثما كانت حرّية الفكر ، فكما سبق أن وضّحنا أنّ العقيدة شيء يرتبط بالذهن وينعقد فيه ويندمج بروح الانسان ، فاذا لم تكن عقائد الإنسان قائمة على أساس فكري محقّق فهي أصفاد تشلُّ حركة الفكر وتحبس الروح في حصار الأوهام ، ولا تدع الإنسان حتّى يفكّر بحرّية أو يصل إلى المعتقدات العلمية المطابقة للواقع . وعليه ، فلا مندوحة أمامه إلّا أن يختار حرّية الفكر أو حرّية العقائد الموهومة ، فإذا ما اختار حرّية الفكر أصبح تحطيم أغلال العقائد الموهومة أمرا جدّيًّا مهمًّا ، وكذلك عندما يكون مكبّلاً بالأغلال لا يستطيع أن يحطّمها بنفسه ، ولابدّ له من شخص طليق ليحرّره ، ولا يستطيع الفكر المكبَّل بسلاسل المعتقدات الموهومة المرتهنة للعقائد الفاسدة أن يتحرّر منها وينجو بنفسه ما لم يتدراكه شخص طليق يقدم على تحطيم أغلاله وينقذه . وعليه ، فإنّ العقل يرى أن الإقدام على تصحيح عقائد الآخرين أمر ضروري واجب ، ونظراً لأنّ تصحيح العقائد ليس بالقوّة والإجبار كان الطريق إلى ذلك هو تنوير الأفكار وهدايتها إلى نضج العقائد الصحيحة وكمالها ، وتعريف الحقائق إلى الناس بالدليل والبرهان ، واستبدال التقليد بالتحقيق . ولو أنّ فرداً أو أفراداً أصبحوا حَجر عثرة في سبيل حرّية الفكر وتصحيح العقائد

.

ص: 123

ج _ حرّية نشر العقيدة
الاعتقاد بالرقّ

لما بقي هناك مجال للدليل والبرهان ، حيث يحكم العقل بضرورة إزالة هذا العائق بالقوّة حتّى يتهيّأ المجال لازدهار العقائد الصحيحة وزوال العقائد الفاسدة .

ج _ حرّية نشر العقيدةوالمعنى الثالث لحرّية العقيدة هو حرّية نشرها والترويج لها وتبليغها للآخرين ، سواء كانت مبنية على التحقيق أو التقليد ، وسواء كانت مطابقة للواقع أو لم تكن ، وسواء كانت مفيدة للمجتمع أو مضرّة له . وعندما يحكم العقل _ بناءً على ما ذكر من الأدلّة _ بوجوب كفاح العقائد الموهومة فقد انتفى الشكّ في عدم الجواز للتبليغ بصورة مطلقة ، وإلّا فكيف يسيغ العقل أو يسمح بالترويج لعقائد وهمية عارية عن كلّ تحقيق، تكبّل الفكر وتشلّ نبوغ المجتمع وتتخلّف به عن سيرة التقدّم وتصيبه بالضرر؟! إنّ العقائد الباطلة الضارّة نوع من الأمراض النفسية ، والأمراض العقائدية أشدّ خَطراً وتفاقما من الأمراض الجسمية ، فاذا كان العقل لا يسمح لمريض أن يتنقّل بمرضه الجسماني بين المجتمع حذر تفشّي العدوى فيكف يسمح بحرّية تنقّل الأمراض النفسية؟!

الاعتقاد بالرقّ«الرّق أمر ذاتي في المستضعفين من الناس» عقيدة تُنسب إلى أرسطو حيث قال في كتابه «السياسة» : إنّ الطبيعة هي التي خَلقت العبد ، وإنّ البرابرة والشّعوب غير المتحضّرة خُلقت مبدئيًّا لأجل الانقياد والخدمة ، وقد خُلق اليونان زعماء ونبلاء. (1)

.


1- .تاريخ بردگى (بالفارسية) : ص 35 .

ص: 124

الاعتقاد بوأد البنات
الاعتقاد بالتغذية على الدم

ويقول ويل ديورانت : أصبحت الرّقية بعد مضي عدّة قرون عادة اجتماعية ، وكان الناس ينظرون إليها بصفتها أمراً ضروريا وفطريا ، وكان أرسطو يعتبرها أمراً طبيعيا لامفرّ منه ، كما كان الحواري بولس يقدّس نظام الرّقية ويعتبره مماشيا للمشيئة الإلهية. (1) ويؤيد هذه العقيدة أرنست رونان ، فباعتقاده : أنّ الغربيّين هم من سلالة أرباب العمل ، وأنّ الشرقيّين من سلالة العمّال ، ولهذا تكثر الطبيعة من سلالة العمّال .

الاعتقاد بوأد البناتيقول ويل ديورانت : كان الناس في بعض أنحاء العالم _ كغينيا الجديدة وجزر سليمان وفيجي والهندوغيرها _ يخنقون المرأة ويدفنونها مع زوجها المتوفَّى ، أو كانوا يطلبون منها أن تقتل نفسها بعد موت زوجها كي تقوم بخدمته في الآخرة. (2) كما كان المشركون في زمن الرسول صلى الله عليه و آله يعتقدون بأنّ البنت وصمة عار لأهلها ، فكانوا يئدونها وهي حية .

الاعتقاد بالتغذية على الدميشير ويل ديورانت في حديثه عن عامل الحضارة بشكل عام إلى أنواع الأطعمة التي كان يتناولها الإنسان البدائي ، ابتداءً من حساء القمّل وانتهاءً بلحم الإنسان ، أمّا عن التغذية على الدم فكتب يقول :

.


1- .تاريخ تمدن (بالفارسية) لويل دورانت : ج 1 ص 33 .
2- .تاريخ تمدن (بالفارسية) : ج 1 ص 53 .

ص: 125

الإسلام وحرّية العقيدة

إنّ دم الإنسان يُعدّ في الوقت الحاضر طعاما لذيذاً جدّاً بالنسبة للكثير من القبائل . . . والكثير من أفراد القبائل هم اُناس بُسطاء ذوو خصال حسنة ، ولكنّهم رغم ذلك يقومون في بعض الأحيان بشرب دم الإنسان بصفة دواء ، وفي أحيان اُخرى يشربونه وفاءً للنذر أو تنفيذاً لفريضة دينية ، بيدَ أنّ الاعتقاد السائد هو أنّه حينما يشرب شخص من دم شخص آخر تنتقل قدرته اليه. (1) وما ذكرناه ليس إلّا نموذجا للآلاف المؤلّفة من العقائد الوهمية الفاسدة السائدة في مختلف المجتمعات في العالم ، بحيث لو اُريد تأليف كتاب عن العقائد الخرافية الباطلة لبلغت مجلّداته العشرات . فهل كان العقل يوسم بنشر هذه العقائد الخطرة أو غيرها ممّا هو أخطر منها ، والذي يروّج له الاستكبار العالمي اليوم من أجل امتصاص دماء الشعوب ونهب ثرواتها واستعباد الإنسان عن طريق الرقّ والنخاسة الحديثة؟

الإسلام وحرّية العقيدةكنا نتحدّث حتّى الآن عن حرّية العقيدة في نظر العقل ، وقد وصلنا بالإجمال إلى أنَّ حرّية العقيدة بمعنى حرّية الإنسان في اختيار العقيدة لا يتّفق مع العقل ، وأنها بمعنى حرّيته في التظاهر بعقيدته ونشرها ، فذلك حقّ طبيعي ، وأمّا بمعنى حرّية الانسان في الترويج للمعتقدات الوهمية الضارّة وتبليغها للمجتمع فهذا ما يؤكّد العقل منعه بتاتا . والآن ، فما رأي الإسلام في حرّية العقيدة؟ فأمّا الجواب بالإجمال فهو : أنّ نظر الإسلام إلى حرّية العقيدة هو نظر العقل إليها

.


1- .تاريخ تمدن (بالفارسية) : ج 1 ص 18 _ 19 .

ص: 126

حرّية اختيار العقيدة في رأي الإسلام

عينه ، وأمّا تفصيل هذا الإجمال فيقتضي دراسة رأي الإسلام بالنسبة لكلّ معنىً من معاني حرّية العقيدة على حدة .

حرّية اختيار العقيدة في رأي الإسلامسبق أن قلنا لدى بيان رأي العقل في حرّية اختيار العقيدة : إنَّ معتقدات الإنسان ليست خاضعةً لإرادته حتّى يعتقد بشيء أو لايعتقد به ، وقلنا أيضا : إنَّ العقيدة ليست كاللباس للإنسان خياره في انتقائه ، ومتى ماشاء بدّله ، أو يُضطَرّ على غير هوى منه إلى تبديله ، وإنّما العقيدة كالحبّ ، لا تتغيّر إلّا إذا تغيّر منشأها . فالعقيدة اذاً ليست أمراً اختياريا حتى يتمّ البحث عن حرّية الاختيار في الإسلام ، ومن ثَمَّ حينما جاءت طائفة من الأعراب من بني أسد إلى النبيّ صلى الله عليه و آله في موسم الجفاف وأعلنت إسلامها غير مؤمنين بالعقيدة الإسلامية بل لدوافع مادّية ألجأتها إلى هذا الاختيار (1) نزلت الآية الكريمة وهي قوله تعالى : «قَالَتِ الْأَعْرَابُ ءَامَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ وَ لَ_كِن قُولُواْ أسْلَمْنَا وَ لَمَّا يَدْخُلِ الْاءِيمَ_نُ فِى قلُوبِكُمْ» . (2) والإسلام هو الإفصاح عن الإيمان بالمعتقدات الإسلامية ، والإيمان هو اعتقاد القلب بتلك العقائد وأمّا الإفصاح عن الرأي فيخضع لإرادة الإنسان ، ولكن اعتقاد القلب ليس كذلك . وعليه ، يمكن للإنسان أن يتظاهر بعقيدةٍ مّا لدوافع مختلفة ، أمّا الاعتقاد المؤمِن فهو من شأن القلب ، وهناك فقط عندما تَخْتَمِرُ الروح بالعقائد الإسلامية يمكن للإنسان أن يدّعي الإيمان .

.


1- .راجع : مجمع البيان : ج 9 ص 207 .
2- .الحجرات : 14 .

ص: 127

حرّية التظاهر بالعقيدة في رأي الإسلام
ما الإيمان ؟

حرّية التظاهر بالعقيدة في رأي الإسلامإنّ التروّي في القرآن والأحاديث الإسلامية والتاريخ الإسلامي كذلك يدلّ بأنّ الإسلام يعترف بحرّية التعبير عن العقيدة والتظاهر بها اعترافا رسميا ، ولا دين يولي هذه الحرّية ما يوليها الإسلام من الاحترام . فإنّ الإسلام لا يكتفي بالاعتراف بالحرّية في إظهار العقيدة فحسب ، وإنّما يرشد القرآن الكريم الناس إلى ضرورة استماع الأقوال المختلفة والآراء والعقائد المتباينة ، ونقدها ودراستها بفكر حرّ ، حتّى إذا ما استقرَّ التحقيق بهم على أفضل الكلام وأحكمه اختاروه واتّخذوه مقياسا للعمل ، وبعبارة اُخرى : إنَّ من تعاليم القرآن هو أن يتخذ الإنسان في حرية الرأي طريقا لتكامل العقائد الصحيحة واختيار أفضلها ، قال عزّ من قائل : «فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أحْسَنَهُ» . (1) إنّ الحرّية في الإسلام لا تقتصر على إظهار العقيدة ، فالإنسان حرٌّ في إبداء الرأي حتّى وإن كان مخالفا لما يعتقده ويؤمن به ، وعلى الرغم من أنّ الإسلام يستهجن هذا العمل ويستوجب له العقوبة الاُخروية ، إلّا أنّه لا يجبره بالقوّة مطلقا على الاعتراف بالحقّ الذي يعرفه . وفي القرآن آيات عديدة تنصُّ صراحةً على أنّه لا إكراه في الإيمان ، وأنّ النبيّ صلى الله عليه و آله ليس مكلّفا بإرغام الناس على الإيمان عنوةً .

ما الإيمان ؟الإيمان هو التصديق الذي يصطحبه الإقرار والعمل بمقتضاه ، والإقرار بالعقائد

.


1- .الزمر : 17 و 18 .

ص: 128

الإسلامية دون الاعتقاد القلبي بها ليس إيمانا (1) ، كما أنّ الاعتقاد القلبي دون الإقرار العملي ليس إيمانا أيضا ، ومن ثَمّ ، لم يكن فرعون مؤمنا لأنه وإن كان على يقين من حقّانية موسى عليه السلام فيما يقول مؤمنا برسالة موسى إيمانا قلبيا ولكنه لم يقرَّ بوحدانية اللّه ونبوّة موسى عليه السلام بدافع اللجاجة والاستكبار (2) ، حتّى إذا ما أشرف على الغرق اضطرّ إلى الاعتراف بالتوحيد والرسالة ، فقال : «ءَامَنتُ أنَّهُ لَا إلَ_هَ إلَا الَّذِى ءَامَنَتْ بِهِ بَنُواْ إسْرَ ءِيلَ وَ أنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ» . (3) وهنا كان فرعون مجبَراً على الإيمان ، كان لديه الإيمان القلبي ولم يقرّ بلسانه إلّا تحت رهبة الغرق والموت ، وحينذاك أقرّ فصار مؤمنا ، إلا أنّه إيمانٌ اضطراريّ تمّ بالإجبار . وعليه ، فللإيمان ركنان : الاعتقاد القلبي ، والإقرار العملي : فالركن الأول ليس في اختيار الإنسان ، فلا يستطيع أن يؤمن أو لايؤمن على هواه . أمّا الركن الآخر فله الخيار فيه ، ويمكنه أن يعترف بما آمن به وأن يعمل بمقتضاه ، أو لايعترف به عمليا . ومادام الاعتقاد القلبي _ وهو الركن الأول للإيمان _ لا يخضع لإرادة الإنسان أو اختياره فقد انتفى الإجبار عنه ، أي أنّه لايمكن تغيير عقيدة بممارسة القوّة على المعتقد ، أمّا الركن الثاني للإيمان _ وهو الإقرار العملي الخاضع لإرادة الانسان واختياره _ فهو مناط بالإجبار ، فيمكن أن يُجبر شخص على الاعتراف بعقائده

.


1- .راجع : ميزان الحكمة، باب 255 .
2- .«وَجَحَدُوا بِهَا وَ اسْتَيْقَنَتْهَا أنفُسُهُمْ ظُ_لْما وَ عُلُوًّا» (النمل 14) .
3- .يونس : 90 .

ص: 129

اعترافا عمليا ، أو على العمل بما يخالفها . وبعد أن تحدّد معنى الإيمان ينبغي أن لا تفوتنا الإشارة إلى أنّ المراد من الإجبار في قولنا : لا إجبار في الايمان هو الإجبار في الركن الثاني من ركني الإيمان ، لأنّ الإجبار كما أسلفنا لا يسري إلى الركن الأوّل . فلو قال أحدٌ بأنه يعتقد أنّ اللّه تعالى خالق الكون ولا إلهَ إلّا هو وجب عليه أن يعلم الدليل على ذلك ، ولو قال أنّه يعتقد أنَّ محمداً صلى الله عليه و آله رسول للّه وجب عليه أن يعلم لماذا كان محمدٌ رسول اللّه ، ولو قال أنّه يعتقد أنّ الإنسان يحيا بعد موته يوم القيامة للبَتِّ في أعماله وجب عليه أن يعرف الدليل على ذلك ، فإذا جهل الدليل ولم يعرفه أو ألقى اللوم على الوالدين أو المعلّم لأنهم هكذا قالوا! لن يقبل الإسلام عذره . ويقطع الإسلام بأنّ العقائد يجب أن تكون تحقيقية لا تقليدية ، وأنّ على كلّ إنسان أن يحكم في مسائله العقائدية الأساسية بنفسه دون غيره ، فأحكام غيره وآراؤه لاتجديه نفعا . وأكبر من هذا ، أنّ الإسلام لايرغم الإنسان حتّى على الاعتراف بمعتقداته ، وهذا هو المقصود من قولنا : لا إجبار في الإيمان ، فالإسلام لايرغم أحداً على الاعتراف بالعقائد الإسلامية دون إيمان بها ، ولا يقبل اعترافا تقليديا غفلاً من التحقيق والتفكير والعلم ، بل إنه ليعتبر حتّى اُولئك الذين يؤمنون بعقائده ولدوافع مختلفة لا يعترفون بها عمليا أنهم أحرار ، ولا يحقّ للمسلمين إرغامهم على الاعتراف العملي بها عنوة ، يقول سبحانه في محكم كتابه : «لَا إكْرَاهَ فِى الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَىِّ» . (1)

.


1- .البقرة : 256 .

ص: 130

وهذه الآية مضافا إلى رفضها الصريح للإكراه على العقائد الدينية فقد قدّمت الدليل صراحةً على حرّية الإنسان حتّى في الاعتراف العملي بما يعتقده حقًّا ، حيث قالت في البداية : إنّ قبول العقائد الإسلامية والاعتراف العملي بها ليس إجباريا ، وللناس الحرّية في اعتناق الإسلام : «لَا إكْرَاهَ فِى الدِّينِ» ثم أردفت مباشرةً بتقديم الدليل الكافل لهذه الحرّية بأنّ الطريق واضح ، فإمّا الهدى وإمّا الضلال : «قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَىِّ» . إنّ الدين، برنامج وطريق لتكامل الإنسان ، وحتّى ينفذ الإنسان هذا البرنامج ويطوي هذا الطريق ينبغي له إمّا أن يكون عالما بالطريق فيمكنه أن يطويه بإرادة وحرّية ، وإما أن يُساقَ في هذا الطريق إجباراً . وفي نظر القرآن الكريم أنّه إذا ما توضّحت معالم الطريق لتكامل الإنسان فغير منطقي أن يكون الدين إجباريا ، فمجرّد الدليل في حدّ ذاته يقتضي حرّية الإنسان في اختيار طريق تكامله . فالتكامل أمر اختياري ، والإنسان يدرك الحكمة في خلقه عالما يختار الطريق الصحيح بمل ء حرّيته واختياره ليس إلَا ، فإذا ما وضح الطريق الصحيح وأساء الإنسان الاستفادة من حرّيته وانحرف عن الطريق الذي يتيقّن صحّته ، إلى طريق يتيقّن خطأه فقد انتفى هنا معنى الإجبار ، فليترك ليتردّى وينال جزاء اختياره . والنقطة التي تسترعي النظر هنا بما لم يسبق أن نوِّهَ اليه _ فيما اطّلع عليه الراقم _ أنّ الدليل الذي تقدّمه هذه الآية الكريمة : «قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَىِّ» على حرّية الناس في اعتناق الإسلام بل وجميع الآيات التي تتعرّض لمسألة الإكراه والإجبار تفيدنا بأنّ الكلام عن اُولئك الذين تبيّن لهم الرشد من الغي فميَّزوا بينهما وفهموا حقّانية الإسلام حقّ فهمها وأدركوا عقائد الإسلام كما ينبغي لها ، إلّا أنهم _ لمختلف

.

ص: 131

الدواعي _ ليسوا على استعداد للاعتراف بما صدقوا! ومع ذلك فإنّ القرآن يصرّح بأنه لايحقّ لأحد أن يجبرهم على الاعتراف بالقوة! ومن الآيات الاُخرى التي ترفض الإكراه على الإيمان بالعقائد الإسلامية قوله تعالى : «وَ لَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَامَنَ مَن فِى الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعا أفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ» . (1) وقد روى الإمام الرضا عليه السلام عن أجداده عن أميرالمؤمنين عليه السلام في شأن نزول هذه الآية : قالوا لرسول اللّه صلى الله عليه و آله : لو أكرهت يارسول اللّه من قدرت عليه من الناس على الإسلام لكثر عددنا وقوينا على عدونا ، فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : مَا كُنتُ لِأَلقَى اللّهَ عز و جل بِبِدعَةٍ لَم يُحدِث إِلَيَّ فيها شَيئا ومَا أنَا مِنَ المُتَكَلِّفينَ . فأنزل اللّه تبارك وتعالى : يا مُحَمَّدُ «وَ لَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَامَنَ مَن فِى الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعا» . (2) أي : جبراً واضطراراً ، كما يؤمنون بعد موتهم عندما يأخذهم العذاب ، فلو أنّ الأمر كان كذلك لما استحقوا ثوابي ، ولكن اُريدهم أن يؤمنوا بحرّية ودون إجبار . وخلاصة القول في مفاد هذه الآية الكريمة وعلى ضوء شأن نزولها هو أنّ الإنسان قد خُلِقَ في نظام الخَلْقِ حُرّاً كي يكون تكامله وانحطاطه حسب اختياره شخصيا ، ويكون للثواب والعقاب الاُخروي معناه . وعليه ، لا يجوز فرض الإيمان على الإنسان ، لأنّ ذلك يتنافى والحكمة في خلقه ، وما كان للأنبياء أن يعملوا خلافا لسنّة الخلق والمشيئة الإلهية ولو كان ذلك سببا لقوّة الحكومة الإسلامية

.


1- .يونس : 99 .
2- .التوحيد : ص 342 ح 11 ، عيون أخبار الرضا : ج 1 ص 135 ح 33 ، بحار الأنوار : ج 10 ص 343 .

ص: 132

وضعف أعدائها . وثالثةٌ من الآيات التي تنفي صراحة إجبار الإنسان على الإيمان أو فرضه عليه قوله سبحانه ، حيث يوجّه الخطاب فيها إلى نبيّ الإسلام صلى الله عليه و آله : «فَذَكِّرْ إنَّمَا أنتَ مُذَكِّرٌ * لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ» . (1) يعني أنّ مهمَّة الرسول هو التذكير والتوعية وتبليغ الرسالة السماوية والهداية إلى سواء السبيل ، وأن الناس هم الذين يجب عليهم التصميم واختيار الطريق القويم ، فالنبي لم يسلَّط من جانب اللّه على الخلق حتّى يفرض عليهم الإيمان عنوةً ، فمهمّة الأنبياء بيان العقيدة ، لا فرضها . والرابعة في هذا المجال قول اللّه عز و جل حيث يخاطب فيها نبيّه صلى الله عليه و آله : «وَ مَا أنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْءَانِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ» . (2) وتوضحُ هذه الآية عن أن النبيّ صلى الله عليه و آله كان كلَّما شاهد الناس مُقْمَحَةٌ أعناقهم إلى الأذقان في أغلال العقائد الباطلة الضارّة نال منه الأسى وعضَّه الألم ، ولم يدّخر وسعا لتحريرهم بأيَّ وسيلة ، حتّى إذا ما رأى أنّ مساعيه الدائبة لعتق عدد يُلاحظ منهم لا تجديهم نفعا برَّح به الألم حتّى أعيا جسمه عن تحمّل الآلام ، فكان لابدّ من تدارك اللّه فيلطّف حدّة الآلام التي نفّست عن شدّة رأفة النبيّ صلى الله عليه و آله بالناس ورحمته بهم. وهكذا كانت الآيات الآنفة الذكر نوعا من الترويح لخاطر النبيّ صلى الله عليه و آله على أنّ أساس مسؤوليته منحصرة في البلاغ لرسالات ربّه والتذكير بها ، وهي لاتتعدّى إلى الإجبار وفرض الإيمان على الناس ، وأنّه قد أدّى مهمّته دونما تقصير ، ولو أنّ اللّه

.


1- .الغاشية : 21 و 22 .
2- .ق : 45 .

ص: 133

مكافحة العقائد الموهومة في الإسلام

أراد أن يجبر الناس على الإيمان لتصرّف بشكل آخر . وهذا الذي استنبطناه من الآيات المذكورة يطالعنا بصورة أكثر وضوحا في آياتٍ اُخرى من جملتها قوله تعالى : «لَعَلَّكَ بَ_خِعٌ نَّفْسَكَ ألَا يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ * إن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ ءَايَةً فَظَ_لَّتْ أعْنَ_قُهُمْ لَهَا خَ_ضِعِينَ» . (1) وكذلك قوله سبحانه : «فَلَعَلَّكَ بَ_خِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى ءَاثَ_رِهِمْ إن لَّمْ يُؤْمِنُواْ بِهَ_ذَا الْحَدِيثِ أسَفا * إنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أيُّهُمْ أحْسَنُ عَمَلاً» . (2) فهذه الآيات تدلّ بوضوح على أن النبيّ صلى الله عليه و آله كان يعاني غُصَصا من تردّي الناس في أصفاد العقائد الوهمية وكراهتهم للحرّية وتقبّل العقائد الصحيحة ، كادت لشدّة حزنه أن تودي بحياته ، وما يستلفت النظر في الآيات الأخيرة التي نزلت تسليةً لخاطر النبيّ وسلوانا لمواساته صلى الله عليه و آله أنّ الإشارة في الآية الثالثة من سورة الشعراء إلى عدم الإكراه في الإيمان ، كما أشارت الآية السادسة من سورة الكهف إلى الحكمة في الحرّية ، وأنها اختبار للإنسان وتكامله .

مكافحة العقائد الموهومة في الإسلامربّما يستنتج ممّا سلف عن حرّية العقيدة وحرّية التعبير عنها أنّ الإسلام لايسمح باتّخاذ أيّ إجراء من أجل مكافحة العقائد الواهية وتصحيح المعتقدات المجانِفة للصواب ، وما دامت عقائد الإنسان تابعة لمبادئه الخاصة وخارجة عن اختياره وأنّ الكلّ أحرار في الإفصاح عن معتقداتهم وأنّه لا يجوز فرض الإيمان حتّى على

.


1- .الشعراء : 3 و 4 .
2- .الكهف : 6 و 7 .

ص: 134

اولئك الذين أيقنوا صوابَه فلا معنى اذاً لمكافحة العقائد الموهومة . لكن لو تأمّلنا قليلاً اتّضح أنّ هذا الاستنتاج ما هو إلّا وهمٌ وتصوّر ، لأن عدم الخيار في العقيدة لايتنافى وتصحيح العقائد الخاطئة ، كما أنّ حرّية الإعلان والتظاهر بالعقيدة لا تنفي مكافحة الأوهام والخرافات العقائدية مكافحة أساسية ، بل إنّها لتهيِّئُ المجال لهذه المكافحة . فبينما نرى الإسلام يؤيّد حرّية التظاهر بالعقيدة من حيث كونها مجالاً لتكامل الإنسان نراه يؤكّد ضرورة مكافحة العقائد الموهومة ، من حيث كونها باعثا على تحرير الفكر من قيود المعتقدات الخرافية الباطلة ، ويتنبَّأُ بالنصر النهائي في هذا الكفاح ، ويؤمن بيومٍ يأتي مع مستقبل التاريخ ، فيه يتحرّر المجتمع البشري قاطبةً من قيود المعتقدات الباطلة ، وذلك يوم يهيمن الإسلام على العالم أجمع . (1) وأمّا دليل الإسلام على ضرورة مكافحة المعتقدات الباطلة فهو نفس الدليل الذي يقيمه العقل لنفس الضرورة ، والطريق الذي يعيّنه الإسلام لتصحيح العقائد الفاسدة هو عين الطريق الذي يحدّده العقل . فالإسلام لايسمح مطلقا للعقائد الباطلة غير الواقعية بأن تؤثّر على شاكلة الإنسان وهيئته الباطنية الواقعية وهي مصدر أعماله ومنشأ تصرّفاته ، فتبتني على اُسس مغلوطة غير علمية ، أو أنها تبقى على ما هي عليه من غلط إن كان ذلك . والإسلام لا يسمح مطلقا للعقائد المناقضة للعقل التي من شأنها أن تكبّل فكر الإنسان بأن تطعّم روحه ببراعمها ، فإن كانت قد طُعِّمت فلا يسمح لها أن تبقى أسيرة في أغلال العقائد الموهومة .

.


1- .قال عزّ من قائل: «هُوَ الَّذِى أرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ» . الفتح: 28 .

ص: 135

طريقة الإسلام في مكافحة العقائد الباطلة
الكفاح الإعلامي ضدّ المعتقدات الباطلة
اشاره

طريقة الإسلام في مكافحة العقائد الباطلةإنّ الطريق الذي عيّنه الإسلام لمكافحة المعتقدات الباطلة _ كما سبق أن أشرنا إليه _ هو نفس الطريق الذي حدّده العقل لذلك ، ولبيان ذلك يمكننا أن نقسم طريقة هذا الكفاح إلى قسمين : القسم الأول : طريقة الإسلام في إزالة العقائد الباطلة وتبرئة أذهان عامّة الناس منها . القسم الآخر : طريقته في مواجهة العراقيل التي تقف حَجر عثرة في طريق حرّية التعبير عن العقيدة وازدهار المعتقدات الصحيحة بين المجتمع . فأمّا الطريقة الأولى فتتمّ بالكفاح الإعلامي والتبليغ ، وأمّا الطريقة الاُخرى ، فتتمّ بالكفاح المسلّح .

الكفاح الإعلامي ضدّ المعتقدات الباطلةطريقة الإسلام ومنهاجه في مكافحة العقائد الباطلة والقضاء على المعتقدات الفاسدة في أذهان الناس ودعوتهم كافّةً لاعتناق العقائد الصحيحة المطابقة للحقيقة هي الاعتماد أولاً وقبل كلّ شيء على الدليل والبرهان والنصيحة والموعظة والمناظرة والنقاش الحرّ ، وبتعبير آخر : الكفاح الإعلامي أو التبليغ . والآية الآتية توضّح هذه الطريقة أو الاُسلوب بصورة واضحة ، حيث يوجّه اللّه سبحانه وتعالى تعليماته في هذا الصدد إلى النبيّ صلى الله عليه و آله بقوله : «ادْعُ إلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَ جَ_دِلْهُم بِالَّتِى هِىَ أحْسَنُ» . (1) فالقرآن الكريم ينصّ في هذه الآية على الأساليب المنطقية لتطهير أذهان الناس

.


1- .النحل : 125 .

ص: 136

1 . الحكمة
2 . الموعظة

من العقائد الباطلة ، ويأمر النبيّ صلى الله عليه و آله أن يوظّف هذه الأساليب في دعوة الناس إلى الإسلام وعقائده ، وهذه الأساليب هي :

1 . الحكمةإنّ أول الأساليب العملية لمكافحة المعتقدات الباطلة في الاسلام هو إقامة الدليل والبرهان والاستدلالات العقلية أو كما عبَّر القرآن «الحكمة» . ومعنى «الحكمة» كما جاء في مفردات الراغب _ هو إصابة الحقِّ بالعِلْمِ والعقل ، وبعبارة اُخرى : الحكمة عبارة عن كشف الحقائق بواسطة الاستدلال العلمي والعقلي (1) ، والإسلام يقدّم دائما الدليل والبرهان لإثبات دعاويه ، ويطالب المخالفين ببرهانهم. (2)

2 . الموعظةوهي الأُسلوب العمليّ الثاني الّذي يتوسّل به الإسلام في مكافحة العقائد الباطلة إلى جوار الدليل والبرهان . وهي عبارة عن أقوال تعليمية تثير الاعتبار وتحرّك عواطف السامع وتحفزها على قبول الحقّ ، وعليه ، فالحكمة عن طريق العقل ، والموعظة عن طريق العاطفة والمشاعر الباطنية تدعوان الإنسان إلى تحطيم قيود المعتقدات الباطلة . وممّا يلفت النظر في الآية الكريمة أنّ «الموعظة» قد قيّدت بوصفها «الحسنة» ، وهذا إشارة إلى أنّ الموعظة أو النصيحة لها أثرها في تحريك العواطف والمشاعر الباطنية لقبول الحقّ إذا كانت خالية من أيّ نوع من الكراهة _ كالفظاظه والتعالي

.


1- .راجع: ج 2 ص 71 «تحقيق في معنى الحكمة وأقسامها».
2- .قال تعالى : «هَاتُواْ بُرْهَ_نَكُمْ» البقرة : 111 ، الأنبياء : 24 ، النمل : 64 ، القصص : 75 .

ص: 137

3 . المناظرة والبحث

والإهانة _ وكانت موائمة لليسر والجمال ، فالجمال كيسر الحديث وحسن اللقاء وجمال الدافع وحتّى ملاحة القائل وما إلى ذلك جميعا لها أثرها الفعّال في نفاذ الموعظة إلى مكامن النفس ، على أنّ الأهمّ من هذا كلّه أن يكون الواعظ متّعظا بما يقول عاملاً به فأقبح العظات عظة الواعظ غير المتّعظ . وعليه ، فكلّما ازدادت الموعظة حُسنا ازداد أثرها في نفس السامع ، وما أكثر ما كانت العظات الحسنة أبلغ أثراً _ في نفوس عامّة الناس وجذبهم إلى العقائد الصحيحة والأعمال الصالحة _ من الدليل والبرهان . أمّا المواعظ القبيحة فإنها لا تقتصر على كونها عديمة التأثير بل لها ردّ فعلٍ عكسي يؤدّي بالإنسان إلى إنكار ما آمن به بالدليل والبرهان .

3 . المناظرة والبحثوهي ثالثة الأساليب العملية في منهاج الإسلام لمكافحة العقائد غير العلمية جنبا إلى جنب مع ما سبق ، وهي ما عبّر عنها القرآن بألفاظٍ كالجدال والمراء . والجدال والمراء أو المناظرة عبارة عن البحث والحوار حول الفكرة على سبيل المنازعة والمغالبة ، أو بعبارة اُخرى : مصارعة الأفكار على مسرح البحث والحوار . وللقرآن في مخض الفكر بالمناظرة _ الأمر الذي يستوجب بيان الحقائق وتجلّي المعتقدات الصحيحة _ تعبيران : الأول: ما ورد فيالآية المعنيّة: الجدال بالتي هي أحسن . والآخر : المراء الظاهر. (1)

.


1- .كما في قوله سبحانه : «وَ جَ_دِلْهُم بِالَّتِى هِىَ أحْسَنُ» ، النحل : 125 وقوله تعالى : «وَ لَا تُجَ_دِلُواْ أهْلَ الْكِتَ_بِ إلَا بِالَّتِى هِىَ أحْسَنُ» ، العنكبوت : 46 .

ص: 138

ف_ «الجدال بالتي هي أحسن» يعني ممارسة أسلم الطرق وأليق الأساليب في المناظرة ، حتّى يتجلى الحقّ ، و«المراء الظاهر» هو الإفادة من الأدلّة التي ثبت حجّيتها وظهرت قاطعيتها وأيقن بها الجميع ، والتي من شأنها أن تُفحم الطرف المقابل وتلقمه حجراً . والإسلام _ وهو رسالة أنبياء اللّه جميعا _ هو الواضع الأول لمنهاج النقاش الحرّ والمناظرة ، والنبيّ صلى الله عليه و آله _ وهو أعظم رسول إلهي _ هو الذي أعلن لأول مرّة منهاج النقاش الحرّ والمناظرة وتلاقي الأفكار السليمة في مجتمع عصر كانت الغلبة فيه للقوّة والمال ، وعلى هذا الغرار كان هو وعلماء أهل بيته هم الطليعة البارزة في هذا المجال ، ومن ثَمّ اختصّ قسم ملحوظ من كتب الحديث بمناظرات النبيّ صلى الله عليه و آله والأئمه من أهل بيته عليهم السلام . (1) والجدير بالملاحظة هنا هو أنّ اُسلوب الإسلام للقضاء على المعتقدات غير العلميّة اُسلوبٌ علميٌّ منطقيٌّ تماما ، فلم يلجأ ولا يلجأ إلى السيف لهذا الفرض بتاتا ، فكان اُسلوب الرسول صلى الله عليه و آله في الدعوة _ بناءً على تعليمات القرآن _ مبتنيا على إقامة الأدلّة والبراهين وبذل المواعظ والنصائح والمناظرة بالتي هي أحسن ، وكان صلى الله عليه و آله يُعلن صراحةً بأنّ اُسلوبه واُسلوب من اتّبعه لدعوة الناس إلى الإيمان باللّه واعتناق الإسلام يستند إلى العلم والبصيرة : «قُلْ هَ_ذِهِ سَبِيلِى أدْعُواْ إلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أنَا وَ مَنِ اتَّبَعَنِى» . (2) وعليه ، فإنّه غاية من عدم الإنصاف أن يقال : إنّ الإسلام قد فُرِضَ على الناس بالقوّة ، ولا سيَما إذا كان هذا الافتراء قد صدر من جانب اُناسٍ قد سوّدت جرائمهم

.


1- .راجع : الحوار بين الحضارات في الكتاب والسنة.
2- .يوسف : 108 .

ص: 139

الكفاح من أجل حرّية الفكر

وجه التاريخ في محاكم التفتيش . أجل ، إنّ الإسلام لايلجأ إلى قوّة السلاح لفرض عقائده وإنّما يلجأ إلى تحطيم الموانع والعقبات التي تحول دون انتشار العقائد الصحيحة وازدهارها .

الكفاح من أجل حرّية الفكرنعم ، عندما لا يجدي الدليل والبرهان والمناظرة والموعظة فتيلاً لايرى الإسلام مندوحةً إلّا مقابلة الموانع والسدود الّتي أمام طريق حرّية الفكر ، بالكفاح المسلّح والحرب. وهذه الموانع تتمثّل في النُظُم الفاسدة والتقاليد الخرافية التي تسلب الناس قدرتهم على التفكير والتشخيص ، وبالتالي على انتخاب العقائد الصحيحة . إنّ النُظُم الفاسدة المتهرّئة والقدرات الطاغية الجائرة التي تتغذّى وتنمو على جهل الناس وترى في وعيهم صورة واقعية لسقوطهم من أريكة الاقتدار لايمكنها أن تسمح بإعلان الحقائق للناس كما هي ، ومن هنا كانت هذه النُظُم في حقيقتها سدّا في طريق المعتقدات الصحيحة ، أو كما وصفها القرآن بأنها تصدّ عن سبيل اللّه . فالإسلام بعد أن يُتمّ الحجّة على هذه النُظُم يواجهها بالقوّة ، حتّى يزيل العقبات المانعة لحرّية الفكر ، ويفسح الطريق للوعي ونماء العقائد الصحيحة . وسوف نشاهد بعد _ في مبحث «النبوّة الخاصّة» فيما يختصّ بمعرفة النبيّ صلى الله عليه و آله واُسلوبه في مقابلة المخالفين _ أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله في مواجهته للقُدرات المناوئة كان يتوسّل بالدليل والبرهان كخطوة اُولى في مناظرته ، ثمّ المباهلة كخطوة ثانية وهي

.

ص: 140

تحكيم اللّه والاحتكام إليه ، فإذا لم تفلح المناظرة أو المباهلة فالحرب والقتال في ميادين الوغى هي الخطوة الأخيرة لإزالة السدود عن طريق الوعي وحرّية الفكر . وما المناظرة والمباهلة إلّا إتمام الحجّة على المعاندين . مضافا إلى النُظُم المتعفّنة قد تقوم السُنن والتقاليد المهيمنة على مجتمع من المجتمعات أحيانا بمثابة السدّ في طريق حرّية الفكر ، مثل : عبادة الأوثان وعبادة البقر وعبادة النار ، والعشرات بل المئات من العقائد الاُخرى المنافية للعقل ، التي لو تأمّلها الإنسان بفكر حرّ لم يلبث حتّى يُدرك أنها عقائد وهمية دونما أدنى شكّ ، إلّا أنّ السُنن والعادات الموروثة العمياء التي تطوّق أرواح المعتقدين وكأنها الأغلال استبدّت بالفكر ، لا تتيح للإنسان فرصة التفكّر والتعقّل ، وعلى حدّ قول الاُستاذ الشهيد العلّامة المطهّري : في البداية يظهر أصحاب المصالح الاستغلاليون ، ويحاولون تأسيس نظام ، وهذا النظام يحتاج بدون شكّ إلى مرتكز عقائدي ، فالمؤسّس يعلم ذاتيا ما هو صانع ، يعلم أنّه يخون ويعرف خيانته ، فهو يروّج بين الناس لفكرة أو صنم أو بقرة أو ثعبان ، فينخدع به جمعٌ منهم دون أن تتعلّق قلوبهم به ، وتمضي عدّة أعوام ، فيولد لهذه الجماعة أطفال يتربّون في أحضانهم يشاهدون أعمالهم ثمّ يبدؤون بالسير على خُطى الآباء . ومثلها كمثل الجِصّ الليّن يمكن تشكيله في أيّ شكل من الأشكال حتّى يستقر على شكل وقالب معيّن ، فيجف تدريجيا ويتصلّب أكثر فأكثر كلّما ازداد جفافا حتّى يصل من الصلابة إلى حدّ يعجز المعوَل عن هدمه ، والسؤال : أيجب أن يكافح هؤلاء أم لا ؟ أتشمل حرّية الفكر التي ندعو إليها هذه الفكرة والعقيدة؟ هذه المغالطة تعمُّ العالم اليوم ، حيث يقولون من جهة بضرورة حرّية عقل الإنسان وفكره ، ومن جهة اخرى يدعون إلى ضرورة حرّية العقيدة أيضا . فهل يجوز أن يكون عبَدة الأصنام

.

ص: 141

والبقر والثعابين و . . . أحراراً في عقائدهم ، في حين أنّ هذه العقائد مضادّة لحرّية الفكر مقيّدة لها؟ (1) هذه المعتقدات الخرافية الباطلة التي ترسّبت في الأذهان طوال القرون المتمادية لايمكن إزالتها بالأساليب المبدئية ، ولذا فإنّ الإسلام يوصي باستخدام القوّة لإبادة كلّ ما من شأنه عرقلة حرّية الفكر ويحول دون تحرّر المجتمع من العادات والتقاليد البائدة ورواسب الثقافات المتردّية . بيدَ أنّه _ وكما ذكرنا سابقا _ لايمكن استخدام القوّة العسكرية في مواجهة تلك المعتقدات مباشرةً ، فلهذا يوصي الإسلام بادئ ذي بَدء بضرب المعالم والآثار الاجتماعية لتلك المعتقدات والتقاليد المذمومة . فلأجل مكافحة عبادة الأصنام مثلاً لابدّ من هدم معابد الوثنيّين مثلما فعل النبيّ إبراهيم عليه السلام ، ولمكافحة عبادة البقر يجب رمي العِجْل في النار كما فعل النبيّ موسى عليه السلام . لقد كان النبيّ ابراهيم عليه السلام أول من كشف سرّ الخلق في زمانه وأصاب الرؤية الكونية الحقيقية بفكر طليق ، (2) وكان يتصدّى لقومٍ يعيشون في الأوهام ، قد قيّدت المعتقدات الباطلة أذهانهم ، فهم محرومون من أيسر تفكير وتعقّل؛ وقد حاول إنقاذهم عن طريق الاستدلال والنصح فلم يفلح ، الأمر الذي حداه إلى البرهنة العملية على أنّ الآلهة الأصنام التي كانوا يعبدونها ليست الإله الحقيقي ، بل هي من صنع أيديهم . ففي أحد الأيام خرج الناس من المدينة لأداء مراسم عيد خاصّ بهم ، فاستغلّ إبراهيم عليه السلام الفرصة ودخل معبد الأوثان وحمل عليها بالفأس وهشّمها إلّا واحداً ، هو كبيرها ، فعلّق الفأس في رقبته وخرج من المعبد . وقد كان عليه السلام يهدف من وراء

.


1- .نقلاً عن كلمة ألقاها الشهيد المطهّري في حسينية الإرشاد في خريف عام 1348 ه ش تحت عنوان «حرّية العقيدة» . راجع ص 98 _ 99 من سلسلة مقالات پيرامون جمهورى اسلامى (بالفارسية) .
2- .قال تعالى : «وَكَذَ لِكَ نُرِى إبْرَ هِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَ_وَ تِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ» الأنعام : 75 .

ص: 142

ذلك إلقاء التهمة على عاتق هذا الوثن الأكبر بأنه هو الذي هشّم الأوثان الاُخرى ، وبذلك يخلّص أذهان الناس من المعتقدات الخرافية ويحرّر أفكارهم . لمّا عاد الناس بعد احتفال العيد إلى المدينة علموا بأنّ المعبد قد خُرّب ، وكأنّ الأصنام قد اقتتلت وقتلت بعضها بعضا ، فدخلوا المعبد وشاهدوا الأصنام جميعا جذاذاً ، ولم يبق إلّا الصنم الكبير والفأس على رقبته . إنّ هذا المشهد لا يدلّ إلّا على أنّ الصنم الكبير هو المتّهم لاغيره ، إلّا أنهم كانوا يدركون بشعورهم الفطري أنّه لا يمكن لمجموعة من الكائنات غير الحية العديمة الشعور أن تدخل في نزاع معا ، فسارعوا في البحث عن المتّهم في الحادث ، أي النبيّ إبراهيم عليه السلام ، فلطالما انتقد عبادة الأوثان وسبق أن هدّد بتحطيمها ، فألقوا القبض عليه بتهمة قتل آلهتهم! وشرعوا في محاكمته على مرأىً من الملأ . وقد كان أول سؤال وجّه اليه ، هو : «ءَأنتَ فَعَلْتَ هَ_ذَا بِ_ئالِهَتِنَا يَ_إِبْرَ هِيمُ» . (1) أجاب عليه السلام بما يستهدف إحياء الضمائر الميّتة فيهم قائلاً بأنّ الدلائل تشير إلى أنّ الوثن الأكبر هو الفاعل ، فإذا كانت الأوثان لتنطق فاسألوهم ليخبروكم عن الفاعل . «بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَ_ذَا فَسْ_ئلُوهُمْ إن كَانُواْ يَنطِقُونَ» . 2 إنّ ما يلفت النظر هنا هو أنّ الإسلام بعدما يحطّم الموانع ويحلّ عُقَد الأفكار المخطئة ويحرّر الذهن يقول للإنسان : الآن فكّر ، لترى ماذا يقول العقل ، فإن قال : إنّ الإسلام صائب ، فاقبله واعتنقه ، وإن قال : إنّ المدرسة الفلانية صحيحة ، فاقبلها واتبعها ، بعبارة اُخرى : إنّ الإسلام لايفكُّ غُلًا بالقوّة ليستبد له بآخر يحلّ محلّه ، أو يفرض على الإنسان عقيدة اُخرى حتّى وإن كانت على أساس من العقل والفكر ، بل إنّه يدعو إلى اختيار العقيدة على أساس التفكير والتحقيق حتّى ولو كانت تلك العقيدة عقيدةً إسلامية . بعد أن فُتحت مكّة وانصرف الناس عن عبادة الأصنام واُعلن العفو العامّ دخل أهل الحجاز في دين اللّه أفواجا ، إلّا زعماء المشركين الذين كانوا يخلقون المشاكل للمسلمين ، فقد باتوا يشعرون بالخطر ، ممّا حداهم إلى الهرب من مكّة المكرّمة . وكان صفوان بن اُميّه أحد الهاربين إلى جدّة . فإنّه فضلاً عن جرائمه الفادحة _ كان قد قتل مسلما انتقاما لأبيه اُمية بن خلف الذي قُتِل على أيدي المسلمين في بدر ، وذلك عندما صلَبَهُ أمامَ حشد كبير من أهل مكّة في وضح النهار ، ولهذا أهدر رسول اللّه صلى الله عليه و آله دمَه ، فعزم على أن يخرج من الحجاز عن طريق البحر فراراً من القتل ، وبخاصّة عندما علم بأنه من جملة العشرة الذين أمر رسول اللّه صلى الله عليه و آله بقتلهم وإهدار دمِهم . فطَلبَ عُمير بن وهب من رسول اللّه صلى الله عليه و آله أن يعفو عنه ، فقبِلَ رسول اللّه صلى الله عليه و آله شفاعته ، وأعطاه عمامته ليدخلَ بها مكّة كعلامة أمان من رسول اللّه صلى الله عليه و آله ،

.


1- .2 . الأنبياء : 62 و 63 .

ص: 143

ويصطحب معه إلى مكّة صفوان بن اُمية ، فذهب عُمير إلى جدّة وأخبر صفوان بذلك ، وقدِمَ به مكّة على رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فلمّا وقعت عينا رسول اللّه على كبير المجرمين بل أكبرهم يومئذ قال له ردّاً عليه لما سأله قائلاً «إنّ عُمير يزعم أنك أمتّني» : صدقت ، إنزل أبا وهب . ثمّ دعاه رسول اللّه صلى الله عليه و آله إلى الإسلام ، فقال : اجعلني بالخيار شهرين ، فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : أنت بالخيار في أربعة أشهر ، وبهذا أمهله رسول اللّه صلى الله عليه و آله أربعة أشهر كفرصة يفكّر فيها في الإسلام ودعوة النبيّ . (1) ولعل الألطف من هذه القصّة قصة دخول سهيل بن عمر الإسلام ، قال : لمّا دخلَ رسول اللّه صلى الله عليه و آله مكّة وظَهَرَ ، انقحمتُ بيتي وأغلقتُ عليَّ بابي ، وأرسلتُ إلى ابني عبداللّه بن سهيل أن اُطلب لي جواراً من محمّد ، وإنّي لا آمن أن اُقتَل ، وجعلت أتذكّر أثري عند محمّد وأصحابه؛ فليس أحدٌ أسوأ أثرا منّي ... . فذهب عبداللّه بن سهيل إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فقال : يا رسول اللّه ، تُؤَمِّنُهُ؟ فقال : نعم ، هو آمن بأمان اللّه ، فليَظْهر ، ثمّ قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله لمن حوله : من لقيَ سُهيلَ بنَ عمروٍ فلا يشدُّ النظر إليه ، فليخرج ؛ فلعمري إنَّ سهيلاً له عقل وشرف ، وما مثلُ سهيل جهِلَ الإسلام ، ولقد رأى ما كان يوضع فيه أنّه لم يكن له بنافع ! فخرج عبداللّه إلى أبيه فأخبره بمقالة رسول اللّه صلى الله عليه و آله ؛ فقال سهيل : كان واللّه بَرّاً ؛ صغيراً وكبيراً . فكان سهيل يُقبل ويُدبر ، وخرج إلى حنين مع النبيّ صلى الله عليه و آله وهو على شركه ، حتّى أسْلَمَ بالجِعِرّانة. (2)

.


1- .سيّد المرسلين : ج 2 ص 505 ، وراجع كنز العمّال : ج 10 ص 504 ح 30170 .
2- .المغازي للواقدي : ج 2 ص 846 ، المستدرك على الصحيحين : ج 3 ص 317 ح 5225 ، شرح نهج البلاغة : ج17 ص 284 ، كنز العمّال : ج 10 ص 503 ح 30168 .

ص: 144

هاتان القصّتان نموذجان واضحان للسيرة العمليّة لنبيّ الإسلام صلى الله عليه و آله في معاملة المناوئين للعقيدة الإسلامية ، وهما تبرهنان عكس المزاعم التي يبثّها بعض المستشرقين للنيل من الإسلام والنبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله ، وعليه ، فإنّ المعارك والغزوات الإسلامية بناءً على تعاليم القرآن لم تكن إلّا إقداما على تحطيم الموانع دون حرّية الفكر ونماء المعتقدات الصحيحة. (1)

حرّية تبليغ العقيدة في الإسلامعلمنا حتّى الآن بأنّ الإسلام لا يؤيّد حرّية الإعلان عن العقيدة فحسب ، بل ويدافع عنها أيضا ، وعليه ؛ أيسمحُ الإسلام لكلّ صاحب عقيدة أيًّا كانت أن يبلّغها لغيرهِ؟ هذا ما يجب أن نعرفه ، وقد سبق أن أجبنا عن هذا السؤال لدى بياننا عن رأي العقل في هذا الموضوع ، وقلنا : إنّ العقل لايسمح لتبليغ العقيدة بحرّية مطلقةٍ ، وإنّ رأي الإسلام في هذا الصدد مطابق لرأي العقل ، ولمزيد من الايضاح نقول : إنّ تبليغ العقيدة يتمّ عن طريق الاستدلال والبرهنة ، والمبلِّغ يعتمد على العقل والمنطق إمّا بشكل حقيقي ، وإمّا بالتهريج والتحايل والتضليل . والإعلان عن العقائد ذات الأساس العقلي في حدّ ذاته يعتبر ترويجا وتبليغا لها بمقدار ما تتمتّع به من العقل والمنطق والاستدلال ، ومن ثَمَّ فالتبليغ بهذا المعنى منطوٍ تحت حرّية التظاهر والإعلان ، وقد بَيَّنَّا رأي الإسلام في هذا الخصوص بشكل وافٍ . وأمّا التبليغ عن طريق التهريج أو خلق الأجواء وتكييفها والتحايل لنشر

.


1- .لمزيد من المعلومات بهذا الخصوص راجع مقالة «ملفّ الإسلام» من كتاب محمّد خاتم پيامبران (بالفارسية) : ج 2 ص 59 _ 71.

ص: 145

حرّية تبليغ العقيدة في الإسلام

المعتقدات التي لا أساس لها من الفكر أو المنطق فإنه يترك آثاراً سيئة على المجتمع ، فلا العقل يسمح به _ كما سبق وأسلفنا _ ولا الإسلام ، يؤيّد ما لا يجيزه العقل . وعليه ، نقطع بغاية من الإيجاز فنقول : إنّ الإعلان عن الرأي والعقيدة مسموح به في الإسلام ، أمّا التهريج والشعوذة والتضليل لتفشّي المعتقدات الباطلة فهذا ما يحرّمه الإسلام .

حرّية الفكر في عالم اليومبقي علينا في هذا الفصل أن نتناول بالحديث موضوع حرّية الفكر في عالم اليوم ، والهدف من طرح هذا الموضوع في الأوساط الدولية عامّة ، وفي اُوربا بشكل خاصّ ، وكذلك الأهداف التي يرمي إليها الاستكبار العالمي وراء تأييده ومساندته لهذه الحرّية . يمكن القول بأنّ طرح هذا الموضوع في عصرنا الحاضر قد جاء نتيجةً لردود فعل المجتمعات إزاء محاكم التفتيش العقائدي التي كانت تخضع لسلطة أرباب الكنائس في القرون الوسطى ، ممّن كانوا لايسمحون لأحد بأن يبدي رأيه خلافا لما تقول الكنيسة ، حتّى ولو لم يكن رأيه ذا صلة بالمسائل الدينية ، فعلى سبيل المثال : لمَّا قالت الكنيسة بأنّ الشمس تدور حول الأرض ما كان لأحد الحقّ في القول بأنّ الحقيقة عكس ذلك ولو أثبت قوله بالأدلّة والبراهين ، وهذا هو ما حصل لجاليلو فقد حكمت عليه محكمة التفتيش العقائدي بالإعدام ، الأمر الذي اضطرّه إلى إعلان التوبة ، كما حكمت المحكمة نفسها على الآلاف من العلماء بإلقائهم في النار أحياءً . وكان القسّ الإيطالي برونو من جملة اُولئك العلماء الذين حكمت عليهم

.

ص: 146

حرّية الفكر في عالم اليوم

المحكمة المذكورة بالحرق في النار عام 1600 م بتهمة اعتقادهم بأنّ الإنسان عندما يبلغ سِنَّ الرشد تتبلور لديه عقيدة مطابقة لعقله واستنباطه حول العالم ، ففي رأي المحكمة أن اعتقاد برونو كان دليلاً على معارضته للدين المسيحي ، ذلك لأنّ المحكمة الآنفة الذكر كانت تعتقد بأنه يجب على كلّ مسيحي يبلغ سنّ الرشد أن يعلن عن رأيه في الحياة الدنيا وفق ما جاء في الكتاب المقدّس ، لا حسبما يراه عقله واستنباطه ، وعليه ، كان برونو _ كما ادّعت المحكمة _ مرتدّاً عن دينه بسبب حلول الشيطان في جسمه ، ومن ثَمّ استوجب الحرق لطرد الشيطان من جسمه . أضف إلى ذلك أنّ الدين والمذهب في نظر المخطّطين للسياسات الدولية والفلاسفة الذين يستلهمون سياساتهم ليسا إلّا وسيلة للَّهو ، شأنهما شأن قصيدة أو فلم سينمائي ، لايهمّهم فيهما الصدق والكذب أو الحقّ والباطل ، وعلى حدّ تعبير الشهيد المطهّري : إنّ الدين والمذهب في رأي البعض من الفلاسفة الاُوروبيّين _ سواء كان يتمثّل بعبادة الأوثان أو عبادة البقر أو عبادة اللّه _ أمرٌ يختصّ ضمير الفرد . . . وفيما يختصّ المسائل الدينية والمذهبية فإنّهم لا يرغبون في الاعتراف بحقيقة الدين والنبوة ، ويتجاهلون أن يكون الأنبياء قد بعثوا حقًّا من قِبَلِ اللّه تعالى ، وإنّهم رسموا للناس طريق حقّ يضمن سعادتهم لو أنهم اتّبعوه ، ولذلك تراهم لايعترفون للدين بحقيقة أو منشأ ، ويقولون : نحن نعلم فقط أنّ الإنسان لايستطيع العيش بدون دين ، فأحد شروط العيش انشغال الإنسان وتسلّيه بشيء على أنّه دين أو معبود ، سواء كان المعبود هو اللّه تعالى أو إنسانا باسم المسيح أوبقراً أو فلزّاً أو خشبا. وعليه، لاتجوز مضايقة الناس ، دعهم ينتخبون ما يتناسب وأذواقهم ، فكلّ ما ينتخبونه حَسنٌ. (1)

.


1- .پيرامون جمهورى اسلامى (بالفارسية) : ص 105 _ 107 .

ص: 147

هذا الاستنتاج من الدين والمذهب _ كما ذكرنا فيما مضى _ ليس مستوحىً من فكر يستند إلى قاعدة علميّة ولا فلسفية ، إنّما هو إيجاد أذهان تستغلّ العلم والفلسفة لأغراض سياسية ، فمخطّطو السياسات الاستكبارية الذين يدعون إلى حرّية العقيدة لايرغبون في الحقيقة أن يكون الكلُّ أحراراً في إظهار آرائهم ، لأنّ ذلك يؤدّي إلى رشد العقائد السديدة ونمائها ، وتحرّر الناس من قيود العقائد الباطلة ، وبالتالي يضعون نهايةً لتلك القدرات السياسية ، وعليه ، فهم يجتهدون في تلهية الناس ، أملاً في التوصّل إلى مآربهم السياسية المعادية للشعوب ، وطالما كان الدين بمعزل عن السياسة وكانت المعتقدات الباطلة _ لا فرق هنا بين مختلف الأديان الباطلة _ أكبر دواعي التخدير واللهو أثراً ، تراهم يعلنون حرّيتها بما تقتضيه مصالحهم السياسية . هذا ، ولو أنّ الدين أخذ مكانه في عالم السياسة ونَمَتْ في ظلّه العقائد الصائبة وتحطّمت قيود المعتقدات الباطلة وانعتق الناس من نير القوى الاستكبارية وسلطانها ، لما توقّف الأمر على أن يحرِّمه اُولئك الداعون الرسميون لحرّية العقيدة فقط ، بل ولاُبيد أتباعه ومناصروه على أيدى هؤلاء المدّعين لحريّة العقيدة ، أنفسهم ، بحجَّة الدفاع عن حرّية العقيدة .

.

ص: 148

. .

ص: 149

الفصل السابع : تعليم العقيدة
أوّلاً : إمكانيّة تعليم العقائد الصحيحة

الفصل السابع : تعليم العقيدةلمّا كان الهدف الأساس من «موسوعة العقائد الإسلامية» هو التمهيد للحصول على المعارف العقيديّة الحقيقيّة الأصيلة، أو هو _ في الحقيقة _ تعليم العقائد العلميّة الصحيحة المنسجمة مع الواقع، فمن الضروريّ أن نشير إلى عدد من الملاحظات قبل الدخول في صُلب المباحث المعرفيّة والعقيديّة:

أوّلاً : إمكانيّة تعليم العقائد الصحيحةإنّ أوّل سؤال يثار هو أنّنا إذا أخذنا بعين الاعتبار أنّ عقائد الإنسان خارجة عن اختياره، فكيف يتسنّى تعليم الناس العقائد الصحيحة المطابقة للواقع؟ والجواب هو أنّ عقائد الإنسان ليست كثيابه فيغيّرها أنّى شاء، بيد أنّ العقائد غير العلميّة قابلة للتغيير بعد اجتثاث جذور العقائد الوهميّة السقيمة. وتعليم العقائد على أساس الرؤية الإسلاميّة يعمد إلى تحقيق هذا الهدف وهو انّه بعد تحرير الفكر من قُيود التقليد، واستبدال البحث الوافي بالبحث الناقص، تترك العقائد الوهميّة مكانها للعقائد العلميّة الصحيحة. ومن البديهيّ أنّ هذا الأمر يتيسّر ولايتعذّر.

.

ص: 150

ثانيا : ضرورة تعليم العقائد الصحيحة
ثالثا : التعليم الإلزامي

ثانيا : ضرورة تعليم العقائد الصحيحةبيّنا سابقا أنّ عقائد الإنسان هي آصرة روحه ونفسه؛ أي: إنّ العقائد الخاطئة تشوّه شكل الإنسان وباطنه الحقيقيّ وتُمرضه، فتُخرج بذلك حياته الفرديّة والاجتماعيّة عن مسارها الطبيعيّ. وما يمكن أن يقي الإنسانَ هذا الخطرَ هو علم المعرفة وتعليم العقائد العلميّة، من هنا يُعدُّ هذا العلم أهمّ العلوم وأثمنها وأكثرها ضرورةً، لأنّه يحولُ دون تطعيم الذهن بالعقائد الغالطة غير العلميّة، ويضمن سلامة الروح، لذا قال الإمام الباقر عليه السلام في سياق إرشاداته لجابر بن يزيد الجعفيّ: اِعلَم أنَّهُ لاعِلمَ كَطَلَبِ السَّلامَةِ ، ولاسَلامَةَ كَسَلامَةِ القَلبِ. (1) أجل، لاعلم كالعلم الذي يتوخّى ضمان سلامة قلب الإنسان وروحه، لأنّ معيار القيمة في كلّ علم يتمثّل في الخدمة التي يقدّمها للإنسان والمجتمع، ولمّا كان علم العقيدة وتنقيحها يؤدّي أهمّ دور في ضمان سلامة الفكر والروح، فإنّه من أثمن العلوم وأكثرها قيمةً وضرورة للإنسان.

ثالثا : التعليم الإلزاميجاء في المادّة الثالثة عشرة من ميثاق المنظّمة الدولية لحقوق الإنسان مايلي : يجب أن تكون التربية والتعليم في المراحل الابتدائية إلزاميا ومجّانا للجميع. (2) ولو أننا سألنا الموقّعين على هذا الميثاق : لماذا يسلبون العوامّ الاُمّيين حريّتهم بهذا الميثاق؟ ولماذا لا يدَعونهم أحراراً في اختيارهم الجهل؟ وما الدليل على

.


1- .راجع : ج 2 ص 309 ح 2500 .
2- .راهنماى سازمان ملل متحد (بالفارسية) : ص 1012 ، المادّة 13 من الميثاق الدولي لحقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية .

ص: 151

ضرورة كون التعليم إلزاميا؟! لأجابوا دون شكّ بأنّ التعليم ولو في أدنى مستوياته من الضروريات المتطلّبة لمعيشة الإنسان . نحن أيضا نؤيّد هذا الرأي ، من حيث إن نبيّنا صلى الله عليه و آله قد فرض العلم على كلّ مسلم ومسلمة (1) قبل ثلاثة عشر قرنا من ميلاد الموقّعين على الميثاق المذكور . إلّا أنّ الذي نأخذه على هؤلاء السادة هو : لماذا قصروا الضرورة الحيويّة على محو الاُمّيّة فأوجبوا محوها إجباراً دونما أدنى كلمة عن تعليم العقائد الصحيحة أصلاً ؟ ! هل الحدّ الأدنى من التعليم من ضروريات الحياة ولكن العقائد الصحيحة التي تهدي الحياة إلى وجهتها الصحيحة ليست من جملة ضروريات الحياة؟! وأيّهما أكثر ضرراً للإنسان ، العقائد الفاسدة أم الاُمّية؟ ثمّ هل كان الاُمّيون بجهلهم أكثر خَلْقا للمشكلات أم المتقفّون أصحاب العقائد الزائفة والاعوجاج الفكري والانحراف النفساني ؟ والحقيقة ، أننا لو حكمنا في متطلّبات المعيشة حكما عادلاً مبرّأ من المصالح السياسية لقلنا بأنه ليس هناك ما هو أكثر ضرورة من سلامة النفس ، ذلك لأنه لولا تمتّع الإنسان بسلامة نفسه لما استطاع أن يتمتّع بالجسم السالم أو بالعلم أو بأيّ شيء آخر ، كما جاء في كلام الإمام الباقر عليه السلام وهذه هي الضرورة التي تستدعي تمهيد ما يلزم لتعليم الناس كافّة المعتقدات الصحيحة ، بل وجعل تعليمها إلزاميا كالتعليم الابتدائي .

.


1- .راجع: ج 2 ص 213 «الفصل الأول : وجوب التعلّم» .

ص: 152

رابعا : أسلوب نيل العقائد الصحيحة
ميزات اُسلوب الأنبياء
1 . العمومية

رابعا : أسلوب نيل العقائد الصحيحةتلاحظ ثلاثة أساليب للحصول على المعرفة الحقيقيّة والعقائد العلميّة الصحيحة ، وهي كما يأتي : 1 . اُسلوب الفلاسفة . 2 . اُسلوب المتكلّمين . 3 . اُسلوب الأنبياء . لقد تحدّث كلّ من الفلاسفة والمتكلّمين والأنبياء عن اُصول العقائد ، وكان لكلّ منهم اُسلوبه ومنهاجه الخاصّ في بيان المسائل العقائدية. (1)

ميزات اُسلوب الأنبياءيتمتّع اُسلوب الأنبياء عليهم السلام في تعليم اُصول العقائد بميزتين مهمّتين أساسيّتين ، يفتقر إليهما اُسلوب كلّ من الفلاسفة والمتكلّمين ، وهاتان الميزتان هما :

1 . العموميةفالاُولى تعني أنّ الأنبياء عليهم السلام كانوا يخاطبون الناس عامّة ويعلّمونهم كافّة ، أي أنهم على العكس من الفلاسفة والمتكلّمين ، فهم يعلّمون فئة خاصّة تفهم لغتهم واُسلوبهم ، بعبارة اُخرى : إنّ الفلاسفة حينما يتكلّمون عن المسائل العقائدية أو يؤلّفون كتبا فيها لا يخاطبون الناس كافّةً ، بل يخاطبون اُولئك الذين يتمتّعون بأذواق ومعلومات فلسفية أو كلامية ، أو مَن درسوا الفلسفة أو الكلام ، أو يبغون دراستها ، وعليه ، فلا يستفيد عامّة الناس من أقوالهم ومؤلّفاتهم .

.


1- .للتعرّف على اُسلوب الفلاسفة والمتكلّمين ، راجع مجموعة «آشنايى با علوم اسلامى» (بالفارسية) الشهيد الاُستاذ المطهّري : الدرس الرابع في الفلسفة ، موضوع «الأساليب الفكرية الإسلامية» وكذلك الدرس الأول في «علم الكلام» .

ص: 153

2 . الشموليّة

أمّا الأنبياء فهم معلّمون ومربُّون للناس جميعا ، يرشدونهم إلى الاستناد إلى العقل والأدلّة والبراهين في المسائل العقائدية . فالذين يخاطبهم الأنبياء لا يقتصرون على المشتغلين بالفلسفة أو مريديها ، أو على ذوي الأذواق والمؤهّلات في علم الكلام ، أو على العلماء وطلّاب العلم ، أو على شريحة اجتماعية خاصّة ، بل هم الناس قاطبة بمختلف طبقاتهم وشرائحهم الاجتماعية ، ولهذا كان لابدّ للأنبياء أن يقولوا في المسائل العقائدية ما يسهل فهمه للجميع ، وأن يستدلّوا فيها بما يمكن للجميع أن يستوعبوه ، سواء في ذلك الجاهل الاُمّي والعالم النِحرير .

2 . الشموليّةوالميزة الاُخرى لاُسلوب الأنبياء الإلهيّين في تعليم المسائل العقائدية هي الجامعية أو الشمولية . فالعقيدة في منهاج الفلاسفة والكلاميّين تبحث بمعزل عن التطبيق العلمي . فالبحوث العقائدية على الطريقة الفلسفية والكلامية عبارة عن سلسلة من البحوث العلمية الجافّة الخارجة عن نطاق النشاطات الاجتماعية والسياسية والأخلاقية ، في حين أنّ البحوث العقائدية على طريقة الأنبياء عليهم السلام بحوث شاملة جامعة بين العقيدة والعمل في نفس الوقت. إنّ تعليم العقيدة بهذا المنهاج الجامع يعرّف الإنسان حقائق المبدأ والمعاد من خلال الدلائل العلميّة والفلسفيّة الدقيقة تزامنا مع تعليمه أسمى القضايا العرفانيّة وأدقّ الموضوعات الاقتصاديّة والسياسيّة والاجتماعيّة .

.

ص: 154

خامسا : منهج موسوعة العقائد الإسلامية

خامسا : منهج موسوعة العقائد الإسلاميةموسوعة العقائد الإسلاميّة بهدف إزالة العقائد الباطلة عن الناس و تعليمهم العقائد الحقّة، تقدِّم اُسس العقيدة الإسلاميّة على نهج الأنبياء ، وقد نظمت إرشادات القرآن الكريم والنبيّ صلى الله عليه و آله وأهل بيته صلوات اللّه عليهم أجمعين في مباحث علم المعرفة المتنوّعة واضطلعت بتبويبها تبويبا مشفوعا بالاستنتاج والتفسير والتحليل. إنّ الموسوعة تبيّن كيفيّة إرشادات الأنبياء أنفسهم لإثبات العقائد التي كانوا يدعون الناس إليها بعد ما كانوا يُحيلونهم إلى العقل في اُصول العقائد و يرون العقل مرجعا لتلك الأُصول. على ضوء ما تقدّم فإنّ هذه الموسوعة لا تفيد الباحثين فحسب بل إنّها تفيد عامّة الراغبين في التعرّف على نهج الأنبياء ومحجّتهم، كما أنّ الاستنارةَ بها تصون الباحثَ من الزلل العقيديّ ، فقد قال الإمام الصادق عليه السلام : مَن عَرفَ دينَهُ مِن كِتابِ اللّهِ عز و جل زالَتِ الجِبالُ قَبلَ أَن يَزولَ؛ ومَن دَخَلَ في أَمرٍ بِجَهلٍ خَرَجَ مِنهُ بِجَهلٍ . (1) يضاف إلى ذلك أنّ المعنييّن يستطيعون أن يتعرّفوا على الإعجاز العلميّ للنبيّوأهل بيته صلوات اللّه عليهم عبر براهين القرآن والأحاديث المأثورة في مجال الأُسس العقيديّة.

.


1- .بحار الأنوار : ج 23 ص 103 ح 11 .

ص: 155

القسم الثّاني: العق_ل

اشاره

القسم الثّاني: العق_لالفصل الأوّل: معرفة العقلالفصل الثّاني : قيمة العقلالفصل الثّالث : التّعقّلالفصل الرابع : أسباب تقوية العقلالفصل الخامس : علامات العقلالفصل السّادس : آفات العقلالفصل السّابع : أحكام العاقل

.

ص: 156

. .

ص: 157

تحقيق في معنى العقل

اشاره

تحقيق في معنى العقلالتفكير والتعقّل عماد الإسلام، وركيزته الأساسية في العقائد والأخلاق والسلوك، فهذه الشريعة السماوية لا تبيح للإنسان تصديق ما لا يراه العقل صحيحا، ولا التحلّي بما يستهجنه العقل من السجايا، ولا الإتيان بما يستقبحه العقل من الأعمال. وانطلاقا من هذه الرؤية جاءت الخطابات القرآنية وأحاديث الرسول صلى الله عليه و آله وأحاديث أهل بيته عليهم السلام زاخرة بالمفردات الداعية إلى التفكير والتعقّل: كالتفكّر والتذكّر والتدبّر والتعقّل والتعلّم والتفقّه والذكر واللبّ والنُّهى، وجعلت هذه المحاور مدارا، وأكّدت عليها في توجّهاتها أكثر من أيّ شيء آخر؛ حيث تكرّرت في القرآن الكريم كلمة العلم ومشتقّاتها 779 مرّة، وكلمة الذكر 274 مرّة، والعقل 49 مرّة، والفقه 20 مرّة، والفكر 18 مرّة، واللبّ 16 مرّة، والتدبّر 4 مرّات. يرى الإسلام أنّ العقل أساس الإنسان، ومعيار لقيمته ودرجات كماله، وملاك لتثمين قيمة الأعمال، وميزان للجزاء، وحجّة اللّه الباطنية. (1) العقل أثمن منحة إلهيّة وُهبت للإنسان، وهو أوّل قاعدة للإسلام، وأهمّ ركائز

.


1- .راجع : ص 189 «الفصل الثاني : قيمة العقل» .

ص: 158

العقل في اللغة

الحياة، وأجمل حلية يتحلّى بها الإنسان. (1) العقل أثمن ثروة، وأفضل صديق ومرشد ، وأحسن معاقل أهل الإيمان. (2) يرى الإسلام أنّ العلم بحاجة إلى العقل؛ لأنّ العلم بلا عقل مضرّة، ومن زاد علمه على عقله كان وبالاً عليه. (3) وخلاصة القول هي أنّ الإسلام يرى أنّ السبيل الوحيد للتكامل المادي والمعنوي، وإعمار الحياة الدنيا والآخرة، والوصول إلى مجتمع إنساني أفضل، وتحقيق الغاية السامية للإنسانية ، يكمن في التفكير السليم الصائب، وكلّ المآسي والنكبات التي مُنيت بها البشرية جاءت كنتيجة للجهل وعدم تسخير طاقة الفكر، ولهذا يعترف أصحاب العقائد الباطلة يوم القيامة عند الحساب بأسباب ما حلّ بهم من البلاء، قائلين: «لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِى أصْحَ_بِ السَّعِيرِ * فَاعْتَرَفُواْ بِذَنبِهِمْ فَسُحْقا لِّأَصْحَ_بِ السَّعِيرِ» . (4)

العقل في اللغةأصل العقل في اللغة بمعنى المنع والحجر والنهي والحبس؛ كعقل البعير بالعقال لمنعه من الحركة 5 ، ولدى الإنسان قوّة تسمّى بالعقل ، وهي التي تصونه من الجهل

.


1- .راجع : ص 189 «الفصل الثانى : قيمة العقل» .
2- .راجع : ص 189 «الفصل الثانى: قيمة العقل» .
3- .الملك: 10 و 11.
4- .راجع : النهاية : ج 5 ص 2139 ، الصحاح : ج 5 ص 1769 ، المصباح المنير : ص 422 _ 423 ، معجم مقاييس اللّغة : ج 4 ص 69، المفردات للرّاغب : ص577 _ 578 ، التعريفات للجرجاني : ص 65 ، كتاب العين للخليل : ص 565 .

ص: 159

العقل في النصوص الإسلامية
اشاره

وتحميه من الانزلاق فكرا وعملاً. لهذا قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : العَقلُ عِقالٌ مِنَ الجَهلِ. (1)

العقل في النصوص الإسلاميةقال المحدّث الكبير الشيخ الحرّ العاملي رضوان اللّه تعالى عليه في نهاية باب «وجوب طاعة العقل ومخالفة الجهل» حول معاني العقل ما يلي: «العقل يطلق في كلام العلماء والحكماء على معانٍ كثيرة (2) ، وبالتتبّع يعلم أنّه يطلق في الأحاديث على ثلاثة معانٍ : أحدها : قوة إدراك الخير والشرّ والتمييز بينهما، ومعرفة أسباب الاُمور، ونحو ذلك، وهذا هو مناط التكليف. وثانيها : حالة وملكة تدعو إلى اختيار الخير والمنافع واجتناب الشرّ والمضارّ. وثالثها : التعقّل بمعنى العلم، ولذا يقابَل بالجهل لا بالجنون . وأحاديث هذا الباب وغيره أكثرها محمول على المعنى الثاني والثالث، واللّه أعلم». (3) أقول: يتّضح من خلال التتبّع والتأمّل في الموارد التي استخدمت فيها كلمة «العقل» ومرادفاتها في النصوص الإسلامية أنّ هذه الكلمة تطلق على مبدأ إدراكات الإنسان تارة، وتطلق على النتيجة الحاصلة من إدراكاته تارة اُخرى. كما وأنّ لكلّ واحد من هذين المعنيين استخدامات مختلفة، منها:

.


1- .راجع : ص 250 ح 316 .
2- .راجع كتاب نهاية الحكمة، تحقيق مؤسسة النشر الإسلامي: ص 305، 308، كشف المراد: ص 234، 245، بحار الأنوار: ج 1 ص 99 _ 101.
3- .وسائل الشيعة، تحقيق مؤسسة آل البيت عليهم السلام : ج 15 ص 208، 209.

ص: 160

أ _ استخدام «العقل» في ما يخصّ مبدأ الإدراكات
1 . مبدأ جميع المعارف الإنسانيّة
2 . مبدأ التفكير

أ _ استخدام «العقل» في ما يخصّ مبدأ الإدراكات:1 . مبدأ جميع المعارف الإنسانيّة:وهذا المعنى تشير إليه الأحاديث التي تفسّر حقيقة العقل ب_«النور» (1) ، أو تعتبر النور كمبدأ لوجود العقل (2) ، أو تنظر إليه كهديّة إلهية، وتذهب إلى أنّه أصل الإنسان. (3) فالإنسان _ كما يُستشفّ من هذه الأحاديث _ يتمتّع في وجوده الذاتي بطاقة نورانية تعتبر بمثابة الحياة للروح، وهذه الطاقة إذا كُتب لها النماء والتهذيب يتمكّن الإنسان في ظلّها من إدراك حقائق الوجود، والتمييز بين الحقائق الحسّية والغيبيّة ، واستجلاء الحقّ من الباطل، وفرز الخير من الشرّ، ومعرفة الصالح من الطالح. وإذا اُتيح تقوية هذه الطاقة النورانية وهذا الشعور الخفي، يتسنّى للإنسان عند ذاك اكتساب إدراكات تفوق التصوّر، حتّى أنّه يصبح قادرا على سبر أغوار عالم الغيب ببصيرة غيبيّة، ويتحوّل الغيب أمامه إلى شهود. (4) وهذه المرتبة من العقل هي التي عبّرت عنها النصوص الإسلامية بمرتبة اليقين.

2 . مبدأ التفكير:إنّ الاستخدام الآخر للعقل في النصوص الإسلامية يتمثّل في النظر إليه كمبدأ للتفكير، ويعرّف العقل في مثل هذه الموارد كمنشأ للفطنة والفهم والحفظ (5) ، وموضعه الدماغ. 6 وتعتبر الآيات والأحاديث التي تحثّ الإنسان على التعقّل والتفكير، وكذا

.


1- .راجع : ص 171 «حقيقة العقل» و 172 «خلق العقل والجهل» .
2- .راجع : ص 189 «هدية من اللّه » و 190 «خير المواهب» و 192 «أصل الإنسان» .
3- .راجع : ج 2 ص 114 «القلب» .
4- .راجع : ص 193 ح 55 و 249 ح 313 .
5- .راجع : ص 180 ح 19 ، 20 و 181 ح 21 .

ص: 161

3 . الوجدان الأخلاقي

الأحاديث التي تطرح العقل التجريبي وعقل التعلّم إلى جانب عقل الطبع وعقل الموهبة، نماذجَ لاستخدام كلمة العقل بمعنى مبدأ التفكير.

3 . الوجدان الأخلاقي:وهو قوّة كامنة في أعماق ذات الإنسان تحثّه على التحلّي بالفضائل الأخلاقية وتردعه عن ركوب الرذائل. أو يمكن القول بعبارة اُخرى: إنّه شعور بانجذاب فطري نحو الفضيلة ونفور تلقائي من الرذيلة. فلو افترض الإنسانُ نفسَه في معزل عن جميع المعتقدات والتقاليد والأعراف الدينية والاجتماعية، فإذا تصوّر مفاهيم العدل والجور، والخير والشرّ ، والصدق والكذب، والوفاء بالعهد ونقض العهد، فإنّ فطرته تحكم بأنّ العدل والخير والصدق والوفاء بالعهد جميل، بينما الظلم والشرّ والكذب ونقض العهد قبيح. (1) إنّ الشعور بالميل إلى الفضائل والنفور من الرذائل يعتبر من وجهة نظر القرآن إلهاما إلهيا ، حيث ورد في القرآن الكريم: «وَ نَفْسٍ وَ مَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَ تَقْوَاهَا» . (2) وهذا الشعور أو هذا الإلهام يشكّل الحجر الأساس في الهديّة المعرفية التي وهبها الباري تعالى للإنسان، وقد أطلقت النصوص الإسلامية على مبدئها _ الذي هو ذلك الشعور الخفي الذي يغرس في ذات الإنسان ميلًا إلى القيم الأخلاقية _ اسم العقل ، وكلّ القيم الأخلاقية الاُخرى بمثابة جنود للعقل، أمّا الرذائل فتعتبر جنودا للجهل. (3)

.


1- .راجع كتاب حسن وقبح عقليّ (بالفارسية)، الفصل السابع «الحُسن والقبح العقليّان هما من اليقينيّات لا من المشهورات» .
2- .الشمس: 7 و 8.
3- .راجع : ص 243 «جنود العقل والجهل» .

ص: 162

قضية تسترعي الانتباه
ب _ استخدامات «العقل» في نتيجة الإدراكات
1 . معرفة الحقائق

قضية تسترعي الانتباه:جاء في بعض الكتب حديث يُنسب إلى الإمام عليّ عليه السلام في تفسير العقل ، يتطابق مع أحد المعاني التي تذهب إليها الفلسفة في تفسيرها للعقل، ونصّ الحديث كالآتي: قالَ السّائِلُ: يا مَولايَ، ومَا العَقلُ؟ قالَ عليه السلام : «العَقلُ جَوهَرٌ دَرّاكٌ مُحيطٌ بِالأَشياءِ مِن جَميعِ جِهاتِها، عارِفٌ بِالشَّيءِ قَبلَ كَونِهِ؛ فَهُوَ عِلَّةُ المَوجوداتِ ، ونِهايَةُ المَطلَبِ». (1) وعلى الرغم من كثرة التنقيب الذي جرى للعثور على هذا الحديث في المصادر الأصلية، لم يُعثر على مصدرٍ له.

ب _ استخدامات «العقل» في نتيجة الإدراكات:1 . معرفة الحقائق:تستخدم كلمة «العقل» في النصوص الإسلامية _ إضافة إلى استعمالها في مبدأ إدراكات الشعور لدى المدرك _ في المدركات العقلية ومعرفة الحقائق المتعلّقة بالمبدأ والمعاد، وأبرز مثال على ذلك هو الأحاديث التي تضع العقل إلى جانب الأنبياء وتصفه بأنّه حجّة اللّه الباطنة. (2) كما أنّ الأحاديث التي تعتبر العقل مما يقبل التهذيب والتربية، وتصفه بأنّه معيار لقيمة الإنسان وبه يجازى ويثاب، أو تقسّمه إلى عقل طبع وعقل تجربة، وإلى مطبوع ومسموع، إنّما تقصد به عقل الوعي والمعرفة.

.


1- .كلمات مكنونة للفيض : ص 76 .
2- .راجع : ص 223 «حجيّة العقل» .

ص: 163

2 . العمل بمقتضى العقل
حياة العقل

2 . العمل بمقتضى العقل:تستخدم كلمة العقل أحيانا بمعنى العمل بمقتضى القوّة العاقلة _ من باب المبالغة مثل: زيد عدل _ كالتعريف الذي روي عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله في معنى العقل من أنّه : العَمَلُ بِطاعَةِ اللّهِ، وإِنَّ العُمّالَ بِطاعَةِ اللّهِ هُمُ العُقَلاءُ. (1) أو كما روي عن الإمام علي عليه السلام في قوله: العَقلُ أَن تَقولَ ما تَعرِفُ ، وتَعمَلُ بِما تَنطِقُ بِهِ. (2) واستخدم الجهل أيضا _ كاستخدام العقل _ بمعنى العمل بمقتضى ما تمليه طبيعة الجهل، كما ورد في الدعاء وكُلَّ جَهلٍ عَمِلتُهُ. (3)

حياة العقلالعقل حياة الروح، إلّا أنّ للعقل أيضا _ في رؤية النصوص الإسلامية _ حياةً وموتا، والتكامل المادي والمعنوي للإنسان رهين بحياة العقل، ويُقاس التجسيد الأساسي للحياة العقلية للإنسان بمدى فاعلية القوّة العاقلة لديه بما تعنيه من وازع أخلاقي ، وهذا واحد من الغايات الأساسية الكامنة وراء بعثة الأنبياء ، وهذا ما أشار إليه الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام عند بيانه للحكمة من وراء بعثة الأنبياء في قوله: ويُثيروا لَهُم دَفائِنَ العُقولِ. (4)

.


1- .راجع : ص 262 ح 400 .
2- .راجع : ص 263 ح 409 .
3- .مصباح المتهجّد : ص 849 .
4- .راجع : ص 229 ح 240 .

ص: 164

إنّ الإنسان قادر بطبيعته على تفعيل فكره لكشف أسرار الطبيعة، غير أنّ إحياء العقل لمعرفة الكمال المطلق والتخطيط في سبيل الانطلاق على مسار الغاية العليا للإنسانية لا يتيسّر إلّا للأنبياء. وكلّ ما ورد في الكتاب والسنّة عن العقل والجهل وعن صفات العقل وخصائصه وآثاره وأحكامه إنّما يختصّ بهذا المعنى من معاني العقل. وحينما يبلغ الإنسان أسمى مراتب الحياة العقلية في ضوء تعاليم الأنبياء، تتبلور لديه معرفة وبصيرة لايجد الخطأ إليها سبيلاً، وتبقى ملازمة له إلى حين بلوغه ذروة الكمال الإنساني. وفي هذا المعنى قال أميرالمؤمنين عليه السلام : قَد أَحيا عَقلَهُ، وأَماتَ نَفسَهُ، حَتّى دَقَّ جَليلُهُ ، ولَطُفَ غَليظُهُ، وبَرَقَ لَهُ لامِعٌ كَثيرُ البَرقِ؛ فَأَبانَ لَهُ الطَّريقَ، وسَلَكَ بِهِ السَّبيلَ، وتَدافَعَتهُ الأَبوابُ إِلى بابِ السَّلامَةِ ودارِ الإِقامَةِ، وثَبَتَت رِجلاهُ بِطُمَأنينَةِ بَدَنِهِ في قَرارِ الأَمنِ وَالرّاحَةِ بِمَا استَعمَلَ قَلبَهُ وأَرضى رَبَّهُ. (1) وبناءً على هذا، وانطلاقا من التعريف الذي يأتي في معنى العلم الحقيقي والحكمة الحقيقية (2) ، يتّضح لدينا أنّ النصوص الإسلامية طرحت ثلاث مفردات هي: العلم والحكمة والعقل، للتعبير عن قوّة نورانية باطنية بنّاءة في وجود الإنسان ، وهذه القوّة تُسمّى ب_«نور العلم» من حيث إنّها تقود الإنسان إلى التكامل المادّي والمعنوي، وتُسمّى ب_«الحكمة الحقيقية» من حيث ما تتّسم به من تماسك وابتعاد عن الخطأ، وتسمّى من ناحية اُخرى ب_«العقل» من حيث يدفع الإنسان إلى فعل الخير ويمنعه عن الانزلاق فكرا وعملًا، ويمكن البرهنة على هذا الزعم بكلّ جلاء

.


1- .راجع : ص 297 ح 647 .
2- .راجع : ج 2 ص 21 «الفصل الأول : حقيقة العلم» .

ص: 165

العقل النظري والعقل العملي

من خلال استقراء مبادئ العلم والحكمة (1) والعقل (2) واستقراء صفاتها وآثارها وآفاتها وعوائقها .

العقل النظري والعقل العمليهنالك رأيان في تفسير معنى العقل النظري والعقل العملي: يذهب الرأي الأوّل إلى أنّ العقل هو مبدأ الإدراك، ولا يوجد في هذا الصدد أيّ فارق بين العقل النظري والعقل العملي، وإنّما يكمن الفارق في الهدف؛ فإذا كان الهدف من إدراك الشيء هو معرفته لا العمل به، يُسمّى مبدأ الإدراك حينئذٍ بالعقل النظري ، من قبيل إدراك حقائق الوجود، أمّا إذا كان الهدف من الإدراك هو العمل، فيسمّى مبدأ الإدراك عند ذاك بالعقل العملي، من قبيل معرفة حسن العدل وقبح الجور، وحسن الصبر وقبح الجزع، وما إلى ذلك. وقد نُسب هذا الرأي إلى مشاهير الفلاسفة، ويمثّل العقل العملي _ وفقا لهذا الرأي _ مبدأ للإدراك وليس كمحفّز أو دافع. ويذهب الرأي الثاني إلى القول بأنّ التفاوت بين العقل النظري والعقل العملي تفاوت في الجوهر؛ أي في طبيعة الأداء الوظيفي لكلّ منهما؛ فالعقل النظري هو عبارة عن مبدأ الإدراك سواء كان الهدف من الإدراك هو المعرفة أم العمل، والعقل العملي مبدأللدوافع والمحفزات لا الإدراك، ومهمّة العقل العملي هي تنفيذ مدركات العقل النظري. وأوّل من قال بهذا الرأي _ على الأشهر _ هو ابن سينا، ومن بعده قطب الدين

.


1- .راجع : ج 2 ص 141 «الفصل الرابع : مبادئ الإلهام» ، ص 163 «الفصل الأول : حجب العلم والحكمة» ، ص193 «الفصل الثاني : ما يزيل الحُجب» و ... .
2- .راجع : ص 229 «ما يقوّي العقل» و 243 «الفصل الخامس : علامات العقل» ، ص 303 «الفصل السادس : آفات العقل» و 319 «الفصل السابع : أحكام العاقل» .

ص: 166

عقل الطبع وعقل التجربة

الرازي صاحب المحاكمات ، وأخيرا المحقق النراقي صاحب كتاب «جامع السعادات». (1) أقول: النظرية الاُولى أقرب إلى معنى كلمة العقل، ولكنّ الأصح هو تفسير العقل العملي بمبدأ الإدراك والحفز؛ وذلك لأنّ الشعور الذي يتعاطى مع القيم الأخلاقية والعملية هو مبدأ الإدراك، وهو في الوقت ذاته مبدأ للدفع والحفز. وقوّة الإدراك هذه هي ذات العنصر الذي سُمّي من قبل بالوجدان الأخلاقي وسمّته النصوص الإسلامية بعقل الطبع، وهو ما سنوضّحه فيما يأتي:

عقل الطبع وعقل التجربةوبدلًا من تقسيم العقل إلى نظري وعملي وضعت له النصوص الإسلامية تقسيما من نوع آخر ، وصنّفته إلى «عقل طبع» و«عقل تجربة» أو «عقل مطبوع» و«عقل مسموع» ، حيث قال الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام في هذا المضمار: العَقلُ عَقلانِ؛ عَقلُ الطَّبعِ وعَقلُ التَّجرِبَةِ، وكِلاهُما يُؤّدِّي المَنفَعَةَ. (2) وقال أيضا: رَأيتُ العَقلَ عَقلَينِ فَمَطبوعٌ ومَسموعُ لا يَنفَعُ مَسموعٌ إذا لَم يَكُ مَطبوعُ كَما لا تنفَعُ الشَّمسٌ وضَوءُ العَينِ مَمنوعُ. (3)

.


1- .جامع السعادات : ج 1 ص 57 . ولمزيد التوضيح راجع : كتاب حسن وقبح عقليّ «بالفارسيّه»، الفصل السادس: «العقل النظريّ والعقل العمليّ» .
2- .راجع : ج 2 ص 127 ح 1772 .
3- .راجع : ص 182 «أنواع العقل» .

ص: 167

وممّا يسترعي الانتباه في هذا المجال هو ما روي عن الإمام علي عليه السلام فيما يخصّ هذا التقسيم، حيث روي عنه أنّه قال بشأن العلم: «العِلمُ عِلمانِ؛ مَطبوعٌ ومَسموعٌ، ولا يَنفَعُ المَسموعُ إذا لَم يَكُنِ المَطبوعُ». (1) والسؤال الذي يتبادر إلى الأذهان هو: ما العقل والعلم المطبوع؟ وبِمَ يختلف عن العقل والعلم المسموع؟ ولماذا لا ينفع الإنسان عقل التجربة والعلم المسموع إذا لم يكن العقل والعلم المطبوع؟ والجواب هو: الظاهر أنّ المراد من العقل والعلم المطبوع هو مجموعة المعارف التي أودعها اللّه عز و جل في طبيعة كلّ إنسان؛ ليعثر بواسطتها على الطريق الذي يقوده إلى الكمال، ويسير بها على طريق الغاية النهائية لعالم الخلقة. وقد عبّر القرآن الكريم عن هذه المعارف الفطرية بإلهام الفجور والتقوى، وذلك في قوله: «وَ نَفْسٍ وَ مَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَ تَقْوَاهَا» . (2) وهو ما يسمّى اليوم بالوجدان الأخلاقي. يعتبر عقل الطبع أو الوجدان الأخلاقي مبدأ للإدراك، وفي الوقت ذاته كمبدأ للحفز، ولو قُدّر له الانبعاث والتنامي على أساس تعاليم الأنبياء ليتسنّى للإنسان الاستفادة من سائر المعارف التي اختزنها عن طريق الدراسة والتجربة، ولتيسّر له تحقيق الحياة الإنسانية الطيّبة التي يصبو إليها. أمّا إذا مات عقل الطبع على أثر اتّباع الأهواء النفسية والوساوس الشيطانية، فلا تنفع الإنسان عند ذاك أيّ معرفة في إيصاله إلى الحياة المنشودة، مثلما ورد في كلام أميرالمؤمنين عليه السلام الذي شبّه فيه عقل الطبع بالعين، وعقل التجربة بالشمس. ولا شكّ في أنّ رؤية الحقائق تستلزم وجود

.


1- .راجع : ج 2 ص 22 ح 1284 .
2- .الشمس : 7 و8 .

ص: 168

الفرق بين العاقل والعالم
خطر العلم بلا عقل

عين سليمة من جهة، ووجود نور الشمس من جهة اُخرى . وكما أنّ نور الشمس لا يحول دون زلل الأعمى، فكذلك لا ينفع عقل التجربة في الحيلولة دون زلل من مات لديه عقل الطبع والوجدان الأخلاقي وسقوطه .

الفرق بين العاقل والعالميأتي في مدخل القسم الرابع أنّ لكلمة «العلم» في النصوص الإسلامية استخدامين: يُعنى أحدهما بجوهر العلم و حقيقته فيما يتناول الآخر قشره الظاهري فحسب. في الاستخدام الأوّل هنالك تلازم بين العقل والعلم كما روي عن أميرالمؤمنين عليه السلام أنّه قال: العَقلُ وَالعِلمُ مَقرونانِ في قَرنٍ لا يَفتَرِقانِ ولا يَتَبايَنانِ. (1) وعلى هذا الأساس لا يوجد ثمّة فارق بين العالم والعاقل، وذلك لأنّ العاقل عالم، والعالم عاقل، حيث قال تعالى في كتابه الكريم: «وَ تِلْكَ الْأَمْثَ_لُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَ مَا يَعْقِلُهَا إلَا الْعَ__لِمُونَ» . (2) أمّا في الاستخدام الثاني فهنالك تفاوت بين العاقل والعالم، والعلم بحاجة إلى العقل، فقد يكون هناك عالم ولكنّه غير عاقل، وإذا اقترن العلم بالعقل كان ذا فائدة للعالِم وللعالَم. أمّا إذا تجرّد من العقل فلا خير فيه، بل ولا يخلو في مثل هذه الحالة من الضرر والخطر.

خطر العلم بلا عقلقال الإمام علي عليه السلام في هذا المعنى:

.


1- .راجع : ص 250 ح 315 و 249 «آثار العقل» .
2- .العنكبوت: 43.

ص: 169

العَقلُ لَم يَجنِ عَلى صاحِبِهِ قَطُّ، وَالعِلمُ مِن غَيرِ عَقلٍ يَجني عَلى صاحِبِهِ. (1) وفي عالم اليوم تطوّر العلم غير أنّ العقل تناقص ، والمجتمع الحالي يمثّل مصداقا لمقولته عليه السلام حين يقول: مَن زادَ عِلمُهُ عَلى عَقلِهِ كانَ وَبالًا عَلَيهِ . (2) وهو أيضا مصداق لهذا البيت : إذا كنت ذا علم ولم تكُ عاقلًا فأنت كذي نعل وليس له رجلُ (3) لقد أصبح العلم في العصر الراهن _ نتيجة لابتعاده عن العقل _ سببا لاضطراب المجتمع البشري مادّيا ومعنويا وفسادهِ وانحطاطهِ، بدلًا من أن يكون عاملًا لاستقراره ورفاهه وتقدّمه وتكامله على الصعيدين المعنوي والمادّي؛ حيث تحوّل العلم في عالم اليوم إلى أداة لبلوغ المآرب السياسية والاقتصادية واللذائذ المادّية لدى فئة مستكبرة مرفّهة خاوية من العقل، استغلّت هذه الأداة أكثر من أي وقت آخر؛ للاستيلاء على الشعوب واستضعافها ودفعها إلى هاوية الانحراف. طالما بقي العلم بعيدا عن العقل، وما دام العقل لا يواكب العلم في تطوّره، لن يتسنّى لبني الإنسان أن يذوقوا طعم الاستقرار والسكينة وأفضل ما جاء في هذا المعنى هو قول الإمام علي عليه السلام : «أفضَلُ ما مَنَّ اللّهُ سُبحانَهُ بِهِ عَلى عِبادِهِ عِلمٌ ، وعَقلٌ، ومُلكٌ، وعَدلٌ». (4)

.


1- .راجع : ص 200 ح 105 .
2- .غرر الحكم : ح 8601 .
3- .راجع: ص 201 ح 111 .
4- .راجع: ص 200 ح 108 .

ص: 170

وخلاصة القول هي أنّ عالم اليوم بحاجة إلى العقل أكثر من أي وقت مضى، والقسم الأوّل من كتاب المعرفة الذي بين أيديكم له اليوم تطبيقات ثقافية واجتماعية وسياسية أكثر من أيّ وقت مضى .

.

ص: 171

الفصل الأوّل: معرفة العقل
1 / 1 حقيقة العقل

الفصل الأوّل: معرفة العقل1 / 1حَقيقَةُ العَقلِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :العَقلُ نورٌ خَلَقَهُ اللّهُ لِلإِنسانِ ، وجَعَلَهُ يُضيءُ عَلَى القَلبِ لِيَعرِفَ بِهِ الفَرقَ بَينَ المُشاهَداتِ مِنَ المُغَيَّباتِ. (1)

عنه صلى الله عليه و آله :العَقلُ نورٌ فِي القَلبِ، يُفَرِّقُ بِهِ بَينَ الحَقِّ والباطِلِ. (2)

عنه صلى الله عليه و آله :مَثَلُ العَقلِ فِي القَلبِ كَمَثَلِ السِّراجِ في وَسَطِ البَيتِ. (3)

الإمام عليّ عليه السلام_ فِي الحِكَمِ المَنسوبَةِ إلَيهِ _: الرّوحُ حَياةُ البَدَنِ ، وَالعَقلُ حَياةُ الرّوحِ. (4)

الإمام الصادق عليه السلام :خَلَقَ اللّهُ تَعالَى العَقلَ مِن أربَعَةِ أشياءَ : مِنَ العِلمِ ، وَالقُدرَةِ ، وَالنّورِ ، والمَشيئَةِ بِالأَمرِ ، فَجَعَلَهُ قائِما بِالعِلمِ دائِما فِي المَلَكوتِ. (5)

.


1- .عوالي اللآلي : ج 1 ص 248 ح 4 .
2- .إرشاد القلوب : ص 198 ؛ ربيع الأبرار : ج 3 ص 137 .
3- .علل الشرائع : ص 98 ح 1 عن عمر بن علي عن أبيه الإمام علي عليه السلام ، بحار الأنوار : ج 1 ص 99 ح 14 .
4- .شرح نهج البلاغة : ج 20 ص 278 ح 204 .
5- .الاختصاص : ص 244 ، بحار الأنوار : ج 1 ص 98 ح 12 .

ص: 172

1 / 2 خلق العقل والجهل
اشاره

عنه عليه السلام :قِوامُ الإِنسانِ وبَقاؤُهُ بِأَربَعَةٍ : بِالنّارِ ، وَالنّورِ ، وَالرّيحِ ، وَالماءِ . فَبِالنّارِ يَأكُلُ ويَشرَبُ ، وبِالنّورِ يُبصِرُ ويَعقِلُ . . . ولَولا أنَّ النّورَ في بَصَرِهِ لَما أبصَرَ ولا عَقَلَ . (1)

الإمام الكاظم عليه السلام :إنَّ ضَوءَ الرّوحِ العَقلُ. (2)

راجع : ص 160 (مبدأ جميع المعارف الإنسانيّة) و 238 ح 293 و 294 ، و ج 2 ص 221 (الفصل الأول : حقيقة العلم) .

1 / 2خَلقُ العَقلِ وَالجَهلِالكتاب«وَ نَفْسٍ وَ مَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَ تَقْوَاهَا» . (3)

«وَ لَا اُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ» . (4)

«وَ مَا اُبَرِّئُ نَفْسِى إنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَة بِالسُّوءِ إلَا مَا رَحِمَ رَبِّى إنَّ رَبِّى غَفُورٌ رَّحِيمٌ» . (5)

الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :إنَّ اللّهَ تَبارَكَ وتَعالى خَلَقَ العَقلَ مِن نورٍ مَخزونٍ مَكنونٍ في سابِقِ

.


1- .الخصال : ص 227 ح 62 عن المفضّل بن عمر ، بحار الأنوار : ج 61 ص 293 ح 3 .
2- .تحف العقول : ص 396 ، بحار الأنوار : ج 1 ص 153 .
3- .الشمس : 7 و 8 .
4- .القيامة : 2 .
5- .يوسف : 53 .

ص: 173

عِلمِهِ الَّذي لَم يَطَّلِع عَلَيهِ نَبِيٌّ مُرسَلٌ ولا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ. (1)

عنه صلى الله عليه و آله :أوَّلُ ما خَلَقَ اللّهُ سُبحانَهُ وتَعالَى العَقلُ. (2)

عنه صلى الله عليه و آله_ في حَديثِ خَلقِ العَقلِ _: ... ثُمَّ خَلَقَ العَقلَ فَاستَنطَقَهُ فَأَجابَهُ ، فَقالَ : وعِزَّتي وجَلالي ما خَلَقتُ خَلقا هُوَ أحَبُّ إلَيَّ مِنكَ ، [بِكَ] (3) آخُذُ، وبِكَ اُعطي ، وعِزَّتي لَاُكَمِّلَنَّكَ فيمَن أحبَبتُ ، ولَأَنقُصَنَّكَ فيمَن أبغَضتُ. (4)

الإمام عليّ عليه السلام :إنَّ اللّهَ عز و جل رَكَّبَ فِي المَلائِكَةِ عَقلًا بِلا شَهوَةٍ ، ورَكَّبَ فِي البَهائِمِ شَهوَةً بِلا عَقلٍ ، ورَكَّبَ في بَني آدَمَ كِلَيهِما ، فَمَن غَلَبَ عَقلُهُ شَهوَتَهُ فَهُوَ خَيرٌ مِنَ المَلائِكَةِ ، ومَن غَلَبَت شَهوَتُهُ عَقلَهُ فَهُوَ شَرٌّ مِنَ البَهائِمِ. (5)

الإمام الصادق عليه السلام :إنَّ اللّهَ عز و جل خَلَقَ العَقلَ وهُوَ أوَّلُ خَلقٍ مِنَ الرّوحانِيّينَ عَن يَمينِ العَرشِ مِن نورِهِ ، فَقالَ لَهُ : أدبِر فَأَدبَرَ ، ثُمَّ قالَ لَهُ : أقبِل فَأَقبَلَ ، فَقالَ اللّهُ تَبارَكَ وتَعالى : خَلَقتُكَ خَلقا عَظيما وكَرَّمتُكَ عَلى جَمي_عِ خَلق_ي . ثُمَّ خَلَقَ الجَهلَ مِنَ البَحرِ الاُجاجِ ظُلمانِيًّا فَقالَ لَهُ : أدبِر فَأَدبَرَ ؛ ثُمَّ قالَ لَهُ : أقبِل

.


1- .معاني الأخبار : ص 313 ح 1 ، الخصال : ص 427 ح 4 كلاهما عن يزيد الكحّال عن الإمام الكاظم عن آبائه عليهم السلام ، الأمالي للطوسي : ص 542 ح 1164 عن الإمام الصادق عن آبائه عن الإمام عليّ عليهم السلام عنه صلى الله عليه و آله ، مشكاة الأنوار : ص438 ح 1470 ، روضة الواعظين : ص 7 ، بحار الأنوار : ج 1 ص 107 ح 3 .
2- .حلية الأولياء: ج 7 ص 318 عن عائشة ؛ عوالي اللآلي: ج 4 ص 99 ح 141 ، المحجّة البيضاء: ج 5 ص 7 ، سعد السعود: ص 202 وفيه «وكان المسلمون قد رووا : ... » ، بحار الأنوار: ج 1 ص 97 ح 8.
3- .مابين المعقوفين سقط من المصدر ، وهو ممّا يقتضيه السياق .
4- .مسند زيد : ص 409 عن زيد عن أبيه عن جدّه عن الإمام عليّ عليهم السلام وراجع نوادر الاُصول : ج 2 ص 60 .
5- .علل الشرائع : ص 4 ح 1، مشكاة الأنوار: ص 439 ح 1474 عن الإمام الصادق عليه السلام نحوه، بحار الأنوار: ج 60 ص 299 ح 5 .

ص: 174

فَلَم يُقبِل ، فَقالَ لَهُ : اِستَكبَرتَ ، فَلَعَنَهُ. (1)

عنه عليه السلام_ في قَولِ اللّهِ عز و جل : «فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَ تَقْوَاهَا» _: بَيَّنَ لَها ما تَأتي وما تَترُكُ. (2)

عنه عليه السلام_ في قَولِهِ تَعالى: «وَ نَفْسٍ وَ مَا سَوَّاهَا» _: خَلَقَها وصَوَّرَها ، وقَولُهُ : «فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَ تَقْوَاهَا» أي عَرَّفَها وألهَمَها ، ثُمَّ خَيَّرَها فَاختارَت. (3)

راجع: ص 243 ح 311 .

.


1- .الكافي : ج 1 ص 21 ح 14 ، الخصال: ص 589 ح 13 ، علل الشرائع : ص 114 ح 10 ، المحاسن : ج 1 ص 311 ح 620، مشكاة الأنوار : ص 441 ح 1485 وليس فيه «من البحر الاُجاج ظلمانيًّا» وكلّها عن سماعة بن مهران، بحار الأنوار : ج 1 ص 109 ح 7 .
2- .الكافي : ج 1 ص 163 ح 3 ، التوحيد : ص 411 ح 4 ، المحاسن : ج 1 ص 430 ح 993 كلّها عن حمزة بن الطيّار ، الاعتقادات : ص 36 ، مجمع البيان : ج 10 ص 755 عن زرارة وحمران ومحمّد بن مسلم عن الإمام الباقر والإمام الصادق عليهماالسلام ، بحار الأنوار : ج 5 ص 196 ح 3.
3- .تفسير القمّي : ج 2 ص 424 عن أبي بصير ، بحار الأنوار : ج 24 ص 70 ح 4 .

ص: 175

أضواء على خلق العقل والجهل
1 . خلق العقل
أ _ العقل أوّل مخلوق

أضواء على خلق العقل والجهليمثّل خلق العقل والجهل، وكيفيّة تركيب هذين العنصرين المتضادّين ، والحكمة وراء تركيبهما في الإنسان على هذا النحو، أوسعَ موضوعات النظرة الإسلاميّة للإنسان شمولًا، وأكثر مبادئها التربويّة أهمّيّة. وإليك فيما يلي توضيحات مقتضبة حول هذه القضايا عبر استقراء الأحاديث الواردة في هذا الباب .

1 . خلق العقليمكن القول _ في ضوء الأحاديث المذكورة _ : إنّ المراد من خلق العقل هو إيجاد ذلك الشعور الخفيّ الذي لا يعلم حقيقته إلّا اللّه ، ولهذا لا يتوقّع أن تتمكّن البحوث العلميّة من إدراك كنه قوّة العقل ، ولكن يتأتّى تعريف هذه الظاهرة عن طريق خصائصها ومميّزاتها التي يعتبر من أهمّها ما يلي :

أ _ العقل أوّل مخلوقاُشير إلى هذه الخاصّيّة في عدّة أحاديث (1) ، ويمكن القول : إنّ الهويّة الحقيقيّة للإنسان ليست إلّا عقله ، وهذا ما صرّحت به روايات اُخرى. (2)

.


1- .راجع : ص 173 ح 9 و 12 و 243 ح 311 .
2- .راجع : ص 192 «أصل الإنسان» .

ص: 176

ب _ مخلوق من نور
ج _ النزوع إلى الحقّ
2 . خلق الجهل
اشاره

والأساس في خلقة الإنسان _ كما تفيد هذه الأحاديث _ هو العقل ، وخلقت بقيّة الأشياء تبعا له .

ب _ مخلوق من نوروفي ذلك إشارة إلى أنّ المهمّة الأساسيّة للعقل هي الإنارة (1) ، وإعطاء صورة عن الواقع والنظرة المستقبليّة ، ووضع الإنسان في مسار المعتقد الحقّ والعمل الصالح والخُلُق الفاضل (2) ، وباختصارٍ : وضعُهُ على طريق الهداية الموصلة إلى طريق التكامل .

ج _ النزوع إلى الحقّلقوّة العقل نزوع إلى التسليم أمام الحقّ ، وإذا كان العقل خالصا لا يخالطه جهل تجده يتّبع الحقّ ولا يقبل شيئا سواه : فَقالَ لَهُ : أدبِر ، فَأَدبَرَ . ثُمَّ قالَ لَهُ : أقبِل ، فَأَقبَلَ. (3)

2 . خلق الجهليبدو من خلال النظرة الابتدائيّة أنّ خلق الجهل لا معنى له ، وذلك لأنّ الجهل معناه عدم العلم ، والعدم لا يُخلق ، وهذا ما يقتضي بطبيعة الحال تأويل الأحاديث الدالّة على خلق الجهل ، ولكن يتّضح من خلال التأمّل في هذه الروايات أنّ المراد من خلق الجهل هو إيجاد ذلك الشعور الخفيّ الذي هو في مقابل العقل ويُسمّى «جهلًا» أو«حمقا» من حيث دعوته الإنسان إلى فعل ما لا ينبغي له فعله ، ويُسمّى

.


1- .راجع : ص 171 «حقيقة العقل» و 249 «آثار العقل» .
2- .راجع : ص 243 «الفصل الخامس : علامات العقل» .
3- .راجع : ص 173 ح 12 .

ص: 177

أ _ خلق بعد العقل
ب _ خلق من الكدورة والظلمة
ج _ النزوع إلى الباطل
3 . تركيب العقل والجهل

ب«النفس الأمّارة بالسوء» من حيث دفعه إلى عمل القبيح ، ويُسمّى «شهوة» (1) من حيث تزيينه لكلّ ما هو فاسد . وأمّا خصائصه فهي كالآتي :

أ _ خُلِق بعد العقلتشير هذه الخاصّيّة إلى أنّ وجود الجهل وجود ذيليّ ، وأنّه اُودع في كيان الإنسان في أعقاب خلق العقل لحكمة وفلسفة خاصّة به .

ب _ خُلِق من الكدورة والظلمةوفي مقابل قوّة العقل المخلوقة من النور خُلِق الجهل من الكدورة والظلمة . وفي هذا المعنى إشارة إلى أنّ مقتضى قوّة الجهل يستدعيالتغاضي عن الحقائق ، والنزوع إلى المعتقدات الوهميّة ، وفعل القبيح ، أو بكلمة واحدة : الضّلالة والغيّ (2) ، ولا يُجنى من ورائه سوى المرارة والخيبة .

ج _ النزوع إلى الباطلوخلافا لما ينزع إليه العقل تميل قوّة الجهل إلى الاستسلام للباطل ، وإذا كان الجهل جهلًا تامًّا لا يخالطه شيء من العقل فإنّه لا يتّبع الحقّ إطلاقا . فَقالَ لَهُ : أدبِر ، فَأَدبَرَ . ثُمَّ قالَ لَهُ : أقبِل ، فَلَم يُقبِل. (3)

3 . تركيب العقل والجهلإنّ أحد الجوانب التي تستلزم التأمّل ، فيما يخصّ خلق العقل والجهل هو تركيب

.


1- .راجع : ص 173 ح 11 .
2- .راجع : ص 360 «الزّلّة» .
3- .راجع : ص 173 ح 12 .

ص: 178

4 . الحكمة من تركيب العقل والجهل

هذين العنصرين في وجود الإنسان . قال الإمام عليّ عليه السلام في بيانه لهذا التركيب : إنَّ اللّهَ عز و جل رَكَّبَ فِي المَلائِكَةِ عَقلًا بِلا شَهوَةٍ ، ورَكَّبَ فِي البَهائِمِ شَهوَةً بِلا عَقلٍ ، ورَكَّبَ في بَني آدَمَ كِلَيهِما. (1) لقد سُمّي عنصر الجهل في هذا الحديث «شهوة» ؛ فللملائكة عقل فحسب ، وللبهائم عنصر الشهوة فحسب ، فالملائكة عقل محض ، والبهائم جهل محض ، في حين ينطوي كيان الإنسان على مزيج مركّب من العقل والجهل ، أو العقل والشهوة ، أو العقل والنفس الأمّارة .

4 . الحكمة من تركيب العقل والجهلإنّ أهمّ قضيّة تتعلّق بخلق العقل والجهل هي الحكمة الكامنة وراء مزج هذين العنصرين المتضادّين ، ولماذا أودع اللّه الحكيم في كيان الإنسان النفس الأمّارة؟ ولماذا خلق له شهوة تدفع به نحو حضيض الجاهليّة؟ ولماذا لم يخلقه كالملائكة ، مجرّد عقل بلا شهوة لكي لا يحوم حول الرذائل؟ الجواب على ذلك : هو أنّ الخالق الحكيم أراد أن يخلق كائنا له قدرة على الاختيار ، فالحكمة والسرّ الكامن وراء هذا التركيب الممزوج من العقل والجهل في الإنسان هو خلق موجود حرّ له قدرة على الاختيار . فالملائكة بما أنّهم مجرّدون من الشهوة يمتنع صدور القبيح منهم (2) ، ولهذا لا يمكنهم اختيار طريق آخر غير ما يأمر به العقل . وكذلك البهائم ؛ بما أنّها مجرّدة من العقل فهي غير قادرة على اختيار طريق غير الطريق الذي تدعوها إليه شهوتها .

.


1- .راجع : ص 173 ح 11 .
2- .«لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أمَرَهُمْ وَ يَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ» التحريم : 6 .

ص: 179

وأمّا الإنسان ، فنظرا لكونه مركّبا من عقل وشهوة فهو حرّ ولديه القدرة على الاختيار ، وهذا هو ما يوجب أفضليّة الإنسان على سائر الموجودات الاُخرى ، ولعلّه لأجل هذه الأفضليّة أثنى (1) الباري تعالى على ذاته عند خلقه للإنسان . وهذا هو مَرَدُّ الرواية الواردة عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله أنّه قال : ما مِن شَيءٍ أكرَمَ عَلَى اللّهِ مِنِ ابنِ آدَمَ. قيلَ : يا رَسولَ اللّهِ ، ولَا المَلائِكَةُ ؟ قالَ : المَلائِكَةُ مَجبورونَ بِمَنزِلَةِ الشَّمسِ وَالقَمَرِ. (2) ومن الطبيعيّ أنّ هذه الفضيلة الموجودة في كيان الإنسان بالقوّة لا تجد طريقها إلى حيّز التطبيق إلّا عندما يستثمر الإنسان هذه الحرّيّة من أجل تكامله الاختياري ، أما إذا أساء استغلالها واندحر العقل في مواجهته للشهوة فحينذاك تتحوّل نعمة الحرّيّة إلى نقمة . لهذا قال الإمام عليّ عليه السلام _ ضمن حديثه الذي نقلناه في بيان تركيب العقل والجهل _ : فَمَن غَلَبَ عَقلُهُ شَهوَتَهُ فَهُوَ خَيرٌ مِنَ المَلائِكَةِ ، ومَن غَلَبَت شَهوَتُهُ عَقلَهُ فَهُوَ شَرٌّ مِنَ البَهائِمِ. (3)

.


1- .«وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْاءِنسَ_نَ مِن سُلَ__لَةٍ مِّن طِينٍ ... فَتَبَارَكَ اللَّهُ أحْسَنُ الْخَ__لِقِينَ» المؤمنون : 12 _ 14 .
2- .شُعب الإيمان : ج 1 ص 174 ح 153 ، تاريخ بغداد : ج 4 ص 45 ح 1652 ، الفردوس : ج 4 ص 105 ح 6231 وفيه «مثل» بدل «بمنزلة» وكلّها عن عبداللّه بن عمرو [ بن العاص] ، كنز العمّال : ج 12 ص 192 ح 34621 .
3- .راجع : ص 173 ح 11 .

ص: 180

تعليق

لِسُلَيمانَ عليه السلام : أخبِرني يا بُنَيَّ أينَ مَوضِعُ العَقلِ مِنكَ ؟ قالَ : الدِّماغُ.... (1)

علل الشرائع عن وهب بن منبِّه :إنَّهُ وُجِدَ فِي التَّوراةِ صِفَةُ خَلقِ آدَمَ عليه السلام : ... وجُعِلَ عَقلُهُ في دِماغِهِ. (2)

تعليق:وكما يلاحظ فإنّ قسما من أحاديث هذا الباب اعتبرت «القلب» كمركز للعقل والإدراك، في حين صرّح قسم آخر منها بأنّ «الدماغ» هو موضع الإدراكات . فهل هنالك ثمّة تعارض بين هاتين المجموعتين من الروايات ؟ أم أنّ لإدراكات الإنسان مركزين ، وأنّ «القلب» و «الدماغ» مركزان للمعرفة ويقعان في عرض بعضهما ؟ أم يتعامدان مع بعضهما طوليا ؟ والجواب : هو أنّ هاتين المجموعتين من الروايات لا تعارض بينهما ، وإنّما تكمن المفارقة في أنّ كلمة القلب استخدمت في النصوص الإسلامية على أربعة معانٍ ، هي : 1 _ مضخّة للدم 2 _ العقل 3 _ مركز للمعرفة الشهوديّة 4 _ الروح. (3) والقلب بالمعنى الرابع هو المبدأ الأساسي لجميع إدراكات الإنسان (4) ، والروايات التي اعتبرت القلب مسكنا للعقل تشير إلى هذا المعنى . وفي مثل هذه الحالة يقع «الدماغ» _ كما هو الحال بالنسبة للحواس الخمس _ في طول القلب لا في عرضه ، فاستنادا إلى هذه الرؤية يمكن القول إنّ موضع العقل هو الدماغ ؛ لأنّ

.


1- .الدرّ المنثور : ج 7 ص 176 ؛ بحار الأنوار : ج 61 ص 331 ح 32 .
2- .علل الشرائع : ص 110 ح 9 ، بحار الأنوار : ج 61 ص 287 ح 1 .
3- .راجع : البقرة : 225 و 283 ، ق : 33 ، الشعراء : 89 .
4- .راجع : ج 2 ص 116 «المبدأ الأصلي لجميع الإدراكات» .

ص: 182

1 / 3 موضع العقل

1 / 3مَوضِعُ العَقلِالإمام عليّ عليه السلام :إنَّ العَقلَ فِي القَلبِ. (1)

عنه عليه السلام :القَلبُ وهُوَ أميرُ الجَوارِحِ الَّذي بِهِ تَعقِلُ وتَفهَمُ وتَصدُرُ عَن أمرِهِ ورَأيِهِ. (2)

الإمام الصادق عليه السلام :العَقلُ مَسكَنُهُ فِي القَلبِ. (3)

عنه عليه السلام_ مِن كِتابِهِ الَّذي كَتَبَهُ إلَى المُفَضَّلِ يَذكُرُ فيهِ مُناظَرَةً لَهُ مَعَ طَبيبٍ هِندِيٍّ _: ثُمَّ قالَ [الطَّبيبُ] : أخبِرني بِمَ تَحتَجُّ في مَعرِفَةِ رَبِّكَ الَّذي تَصِفُ قُدرَتَهُ ورُبوبِيَّتَهُ ، وإنَّما يَعرِفُ القَلبُ الأَشياءَ كُلَّها بِالدَّلالاتِ الخَمسِ الَّتي وَصَفتُ لَكَ ؟ قُلتُ : بِالعَقلِ الَّذي في قَلبي ، وَالدَّليلِ الَّذي أحتَجُّ بِهِ في مَعرِفَتِهِ. (4)

عنه عليه السلام :مَوضِعُ العَقلِ الدِّماغُ ، ألا تَرى أنَّ الرَّجُلَ إذا كانَ قَليلَ العَقلِ قيلَ لَهُ: ما أخَفَّ دِماغَكَ ؟ ! (5)

الدرّ المنثور عن ابن عبّاس :أوحَى اللّهُ تَبارَكَ وتَعالى إلى داوُدَ عليه السلام : . . . اُنظُر إلَى ابنِكَ فَاسأَلهُ عَن أربَعَ عَشرَةَ كَلِمَةً ، فَإِن أخبَرَكَ فَوَرِّثهُ العِلمَ وَالنُّبُوَّةَ . . . فَقالَ داوُدُ

.


1- .الأدب المفرد : ص 166 ح 547 عن عياض بن خليفة ، شرح نهج البلاغة : ج 20 ص 256 ح 10 ، كنز العمّال : ج 16 ص 268 ح 44393 .
2- .كتاب من لا يحضره الفقيه : ج 2 ص 627 ح 3215.
3- .الكافي: ج 8 ص 190 ح 218 ، علل الشرائع: ص 107 ح 3 كلاهما عن أبي جميلة عمّن ذكره عن الإمام الباقر عليه السلام .
4- .بحار الأنوار : ج 3 ص 153 عن المفضّل بن عمر .
5- .تفسير القمّي: ج 2 ص 239 عن أبي خالد القمّاط، تحف العقول : ص 371 وفيه صدره فقط ، بحار الأنوار : ج 14 ص 140 ح 9 .

ص: 181

1 / 4 أنواع العقل
1 / 5 زيادة العقل ونقصانه في أدوار الحياة
اشاره

إدراكات الإنسان تنتقل إلى الروح عن طريق الدماغ ، ويصح القول بأنّ مسكن العقل هو القلب ؛ لأنّ القلب إذا كان بمعنى الروح يصبح مبدأ لجميع الإدراكات الحسيّة والعقليّة والمعارف الشهوديّة .

1 / 4أنواعُ العَقلِالإمام عليّ عليه السلام :العَقلُ عَقلانِ : عَقلُ الطَّبعِ وعَقلُ التَّجرِبَةِ ، وكِلاهُما يُؤَدِّي المَنفَعَةَ. (1)

عنه عليه السلام : رَأيتُ العَقلَ عَقلَينِ فَمَطبوعٌ ومَسموعُ ولا يَنفَ_عُ مَس_م_وعٌ إذا لَ_م يَ_كُ مَطب__وعُ كَما لا يَنفَعُ الشَّمسُ وضَوءُ العَينِ مَمنوعُ (2)

راجع : ص 166 (عقل الطبع وعقل التجربة) و 189 (هديّة من اللّه ) .

1 / 5زِيادَةُ العَقلِ ونُقصانُهُ في أدوارِ الحَياةِالإمام عليّ عليه السلام :إذا شابَ العاقِلُ شَبَّ عَقلُهُ ، إذا شابَ الجاهِلُ شَبَّ جَهلُهُ. (3)

عنه عليه السلام :لا يَزالُ العَقلُ وَالحُمقُ يَتَغالَبانِ عَلَى الرَّجُلِ إلى ثَمانِيَ عَشرَةَ سَنَةً ، فَإِذا بَلَغَها غَلَبَ عَلَيهِ أكثَرُهُما فيهِ. (4)

.


1- .مطالب السؤول : ص 49 ، بحار الأنوار : ج 78 ص 6 ح 58 .
2- .مفردات ألفاظ القرآن : ص 577 ح 327 ، إحياء علوم الدين: ج 3 ص 28 ، أدب الدنيا والدين : ص 29 .
3- .غرر الحكم : ح 4169 و 4170 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 131 ح 2955 .
4- .كنز الفوائد : ج 1 ص 200 ، كشف الغمّة : ج 3 ص 140 عن الإمام الجواد عليه السلام ، بحار الأنوار : ج 1 ص 96 ح 39 .

ص: 183

عنه عليه السلام :يَثَّغِرُ (1) الصَّبِيُّ لِسَبعٍ ، ويُؤمَرُ بِالصَّلاةِ لِتِسعٍ ، ويُفَرَّقُ بَينَهُم فِي المَضاجِعِ لِعَشرٍ ، ويَحتَلِمُ لِأَربَعَ عَشرَةَ ، ويَنتَهي طولُهُ لِاءِحدى وعِشرينَ سَنَةً، ويَنتَهي عَقلُهُ لِثَمانٍ وعِشرينَ إلَا التَّجارِبَ. (2)

عنه عليه السلام :إنَّ الغُلامَ إنَّما يَثَّغِرُ في سَبعِ سِنينَ ، ويَحتَلِمُ في أربَعَ عَشرَةَ سَنَةً ، ويُستَكمَلُ طولُهُ في أربَعٍ وعِشرينَ سَنَةً ، ويُستَكمَلُ عَقلُهُ في ثَمانٍ وعِشرينَ سَنَةً ، فَما كانَ بَعدَ ذلِكَ فَإِنَّما هُوَ بِالتَّجارِبِ. (3)

عنه عليه السلام :يُرَبَّى الصَّبِيُّ سَبعا، ويُؤَدَّبُ سَبعا، ويُستَخدَمُ سَبعا، ومُنتَهى طولِهِ في ثَلاثٍ وعِشرينَ سَنَةً ... ، وعَقلِهِ في خَمسٍ وثَلاثينَ سَنَةً ، وما كانَ بَعدَ ذلِكَ فَبِالتَّجارِبِ. (4)

الإمام الباقر عليه السلام :إنَّ الرَّجُلَ إذا كَبِرَ ذَهَبَ شَرُّ شَطرَيهِ وبَقِيَ خَيرُهُما ؛ ثَبَتَ عَقلُهُ ، وَاستَحكَمَ رَأيُهُ ، وقَلَّ جَهلُهُ. (5)

الإمام الصادق عليه السلام :يَزيدُ عَقلُ الرَّجُلِ بَعدَ الأَربَعينَ إلى خَمسينَ وسِتّينَ ، ثُمَّ يَنقُصُ عَقلُهُ بَعدَ ذلِكَ. (6)

راجع : ص 229 (ما يقوّي العقل) .

.


1- .الاثِّغار : سقوط سنّ الصبي ونباتها (النهاية : ج 1 ص 213) .
2- .الكافي : ج 7 ص 69 ح 8 و ج 6 ص 46 ح 1 ، تهذيب الأحكام: ج 9 ص 183 ح 738 كلّها عن عيسى بن زيد عن الإمام الصادق عليه السلام وفي الثاني من دون إسناده إلى الإمام عليّ عليه السلام ، بحار الأنوار : ج 60 ص 360 ح 50 .
3- .الجعفريّات : ص 213 عن الإمام الكاظم عن آبائه عليهم السلام .
4- .كتاب من لا يحضره الفقيه : ج 3 ص 493 ح 4746 ، مكارم الأخلاق : ج 1 ص 478 ح 1653 نحوه ، بحار الأنوار : ج 104 ص 96 ح 46 .
5- .كتاب من لا يحضره الفقيه : ج 3 ص 468 ح 4621 عن جابر ، مكارم الأخلاق : ج 1 ص 494 ح 1710 ، بحار الأنوار : ج 103 ص 228 ح 24 .
6- .الاختصاص : ص 244 ، بحار الأنوار : ج 1 ص 131 ح 27 .

ص: 184

بحث في زمن زيادة النموّ العقليّ ونقصانه
أ _ المقطع الزمنيّ الحاسم

بحث في زمن زيادة النموّ العقليّ ونقصانهمن جملة القضايا المهمّة في التعليم والتربية هي مراعاة وقتهما وحينهما فلا شكّ في أنّ التعليم والتربية إذا لم يأتيا في أوانهما لا يكتب لهما النجاح . ولهذا فإنّ من الضروريّ إجراء دراسة لمعرفة إلى أيّ سِنّ تتنامى القُوى العقليّة وعند أيّ سنّ يتوقّف هذا النموّ ، وذلك لغرض تحديد أفضل فرصة للتربية . والأحاديث التي نوردها في هذا الباب مكرَّسة لهذه القضيّة المهمّة . وقد اهتمّت هذه الأحاديث بتعيين المقطع الزمنيّ الحاسم في حياة الإنسان ، وسنّ توقّف النموّ العقليّ ، وبداية اضمحلال العقل ، وإمكانيّة بقاء الفكر بكراً وحيويّا على الدوام .

أ _ المقطع الزمنيّ الحاسمأشارت الرواية 25 إلى أنّ المقطع الزمنيّ الحاسم في حياة الإنسان يمتدّ حتّى سنّ الثامنة عشرة ، ويتحدّد مصيره التربويّ خلال هذه الفترة ؛ فإمّا تهيمن عليه القوى العقليّة ، وإمّا يسقط في دوّامة الشهوات والرذائل . وفي أعقاب ذلك يصعب تغيير مسار الحياة .

.

ص: 185

ب _ سنّ توقّف النمو العقليّ
ج _ بداية ضمور قوّة العقل
د _ شباب العقل في الشيخوخة

ب _ سنّ توقّف النمو العقليّيتوقّف النموّ الطبيعيّ لعقل الإنسان _ كما تفيد الروايتان 26 و 27 _ عند سنّ 28 سنة . وجاء في الرواية 28 أنّ هذا النموّ يتوقّف عند سنّ 35 سنة . وأيّ زيادة اُخرى في طاقة العقل إنّما تأتي عن طريق كثرة التجارب .

ج _ بداية ضمور قوّة العقلتفيد الرواية 30 أنّ نموّ القوى العقليّة يستمرّ لدى الإنسان حتّى سنّ الستّين ، ليبدأ العقل بعد ذلك بالضمور والاضمحلال ، وقد أشار القرآن الكريم إلى اضمحلال قوّة الإدراك لدى الإنسان في سنّ الشيخوخة (1) بدون تحديد زمن ذلك على وجه الدقّة .

د _ شباب العقل في الشيخوخةصرّحت الروايتان 24 و 29 بإمكانيّة بقاء العقل شابًّا وقويًّا في سنّ الشيخوخة ، وأنّ العاقل لا يشيب عقله ، ولا تنتقص منه الشيخوخة شيئا ، ليس هذا فحسب ، بل يزداد عقله طاقة وحيويّة ، ولهذا ورد في رواية اُخرى عن الإمام عليّ عليه السلام أنّه قال : «رَأيُ الشَّيخِ أحَبُّ إلَيَّ مِن جَلَدِ الغُلامِ». (2) وجاء في رواية اُخرى عنه عليه السلام أيضا أنّه قال : «رَأيُ الشَّيخِ أحَبُّ إلَيَّ مِن حيلَةِ الشّابِّ». (3)

.


1- .«وَ اللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَ مِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَىْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْ_ئا» النحل : 70 «وَ مِنكُم مَّن يُتَوَفَّى وَ مِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْ_ئا» الحجّ : 5 .
2- .نهج البلاغة : الحكمة 86 ، خصائص الأئمّة عليهم السلام : ص 95 ، بحار الأنوار : ج 74 ص 178 ح 19 .
3- .كنز الفوائد : ج 1 ص 367 ، بحار الأنوار : ج 75 ص 105 ح 39 .

ص: 186

نقاطٌ تسترعي الاهتمام
1 . الالتفات إلى مفهوم العقل
2 . اختلاف روايات المجموعة (ب)
3 . ضرورة الدراسة الميدانيّة

وأمّا الجاهل فالشيخوخة لا تنقص من جهله بل تزيده جهلًا على جهله . وعلى هذا الأساس يتبيّن أنّ اضمحلال العقل في مرحلة الشيخوخة لا يأتي إلّا على من لم يوفّر أسباب صقل عقله في مرحلة الشباب .

نقاطٌ تسترعي الاهتمامفي الختام ، هنالك ثمّة نقاط تسترعي الانتباه في ما يخصّ تفسير روايات هذا الباب وفقا للتبويب الذي وردت فيه ، وهي :

1 . الالتفات إلى مفهوم العقليفهم عبر التأمّل في هذه الروايات أنّ المراد من العقل ليس أمرا واحدا ، وإنّما المراد من العقل في المجموعتين (أ) و (د) هوالعقل العمليّ ، في حين يراد منه في المجموعتين (ب) و (ج) المعنى الأوّل من معاني العقل ، أي القابليّة على المعرفة والتعلّم .

2 . اختلاف روايات المجموعة (ب)ذكرت الروايتان 26 و 27 أنّ السنّ الذي يتوقّف عنده الرشد الطبيعيّ للعقل هو 28 سنة ، في حين صرّحت الرواية 28 أنّه يتوقّف عند سنّ 35 . وإذا استطعنا إثبات أنّ هذه الروايات صادرة كلّها عن الإمام المعصوم ، فلابدّ من حمل اختلاف الروايات على اختلاف الأشخاص .

3 . ضرورة الدراسة الميدانيّةانطلاقا من أهمّيّة هذا الموضوع ، ونظرا لانعدام الاعتبار اللازم لروايات هذا الباب من حيث السند ، فإنّ الضرورة تقضي بإجراء دراسة ميدانيّة لإثبات صدورها عن

.

ص: 187

4 . العوامل الاُخرى المؤثّرة في نماء العقل أو نقصانه

المعصوم ، ولتأييد حمل اختلافها على اختلاف الأشخاص . أرجو أن يبادر قسم التحقيق في دارالحديث إلى توفير المتطلّبات الّتي يستدعيها إجراء مثل هذه الدراسة بعون اللّه .

4 . العوامل الاُخرى المؤثِّرة في نماء العقل أو نقصانهيعتبر عامل السنّ أحد الأسباب التي تؤدي إلى نماء العقل أو نقصانه أو توقف نمائه ، وإلى جانبه توجد أيضا عوامل اُخرى لها تأثيرها في هذا المضمار سيأتي ذكرها في الفصل الخامس تحت عنوان «أسباب تقوية العقل» ، وفي الفصل السادس تحت عنوان «آفات العقل» .

.

ص: 188

. .

ص: 189

الفصل الثّاني : قيمة العقل
2 / 1 هديّة من اللّه

الفصل الثّاني : قيمة العقل2 / 1هَدِيَّةٌ مِنَ اللّهِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :العَقلُ هَدِيَّةٌ مِنَ اللّهِ. (1)

الإمام عليّ عليه السلام :العُقولُ مَواهِبُ ، الآدابُ مَكاسِبُ. (2)

عنه عليه السلام :العَقلُ وِلادَةٌ ، وَالعِلمُ إفادَةٌ. (3)

عنه عليه السلام :إذا أرادَ اللّهُ بِعَبدٍ خَيرا مَنَحَهُ عَقلًا قَويما وعَمَلًا مُستَقيما. (4)

عنه عليه السلام :إنَّ مَن رَزَقَهُ اللّهُ عَقلًا قَويما وعَمَلًا مُستَقيما فَقَد ظاهَرَ لَدَيهِ النِّعمَةَ وأعظَمَ عَلَيهِ المِنَّةَ. (5)

.


1- .شُعب الإيمان : ج 5 ص 388 ح 7040 ، الفردوس : ج 3 ص 155 ح 4419 كلاهما عن عائشة ، كنز العمّال : ج 16 ص 122 ح 44144 ؛ جامع الأحاديث للقمّي : ص 101 عن إسماعيل عن أبيه الإمام الكاظم عن آبائه عليهم السلام عنه صلى الله عليه و آله وليس فيه «من اللّه » ، بحار الأنوار: ج 77 ص 175.
2- .غرر الحكم : ح 227 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 61 ح 1566 و 1567 ، بحار الأنوار : ج 1 ص 160 ح 44 .
3- .كنز الفوائد : ج 1 ص 56 ، إرشاد القلوب : ص 198 ، بحار الأنوار : ج 1 ص 160 ح 40 .
4- .غرر الحكم : ح 4113 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 136 ح 3108 .
5- .غرر الحكم : ح 3545 .

ص: 190

2 / 2 خير المواهب

الكافي عن أبي هاشم الجعفريّ :كُنّا عِندَ الرِّضا عليه السلام فَتَذاكَرنَا العَقلَ . . . قالَ : يا أبا هاشِمٍ ، العَقلُ حِباءٌ مِنَ اللّهِ . . . مَن تَكَلَّفَ العَقلَ لَم يَزدَد بِذلِكَ إلّا جَهلًا. (1)

سعد السعود :في سُنَنِ إدريسَ عليه السلام : إنَّ اللّهَ لَمّا أحَبَّ عِبادَهُ وَهَبَ لَهُمُ العَقلَ ، وَاختَصَّ أنبِياءَهُ وأولِياءَهُ بِروحِ القُدُسِ. (2)

راجع: ص 182 (أنواع العقل) .

2 / 2خَيرُ المَواهِبِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :ما قَسَمَ اللّهُ لِلعِبادِ شَيئا أفضَلَ مِنَ العَقلِ ، فَنَومُ العاقِلِ أفضَلُ مِن سَهَرِ الجاهِلِ ، وإفطارُ العاقِلِ أفضَلُ مِن صَومِ الجاهِلِ ، وإقامَةُ العاقِلِ أفضَلُ مِن شُخوصِ الجاهِلِ . ولا بَعَثَ اللّهُ رَسولاً ولا نَبِيًّا حَتّى يَستَكمِلَ العَقلَ ، ويَكونَ عَقلُهُ أفضَلَ مِن عُقولِ جَميعِ اُمَّتِهِ . وما يُضمِرُ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله في نَفسِهِ أفضَلُ مِنِ اجتِهادِ جَميعِ المُجتَهِدينَ ، وما أدَّى العاقِلُ فَرائِضَ اللّهِ حَتّى عَقَلَ مِنهُ ، ولا بَلَغَ جَميعُ العابِدينَ في فَضلِ عِبادَتِهِم ما بَلَغَ العاقِلُ ، إنّ العُقَلاءَ هُم اُولُو الأَلبابِ ، الَّذينَ قالَ اللّهُ تَعالى : « إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الْأَلْبَ_بِ » (3) . (4)

عنه صلى الله عليه و آله :تَبارَكَ الَّذي قَسَّمَ العَقلَ بَينَ عِبادِهِ أشتاتا ، إنَّ الرَّجُلَينِ لَيَستَوي

.


1- .الكافي : ج 1 ص 23 ح 18 ، تحف العقول : ص 448 ، بحار الأنوار: ج 78 ص 355 نقلًا عن كتاب الدرّ .
2- .سعد السعود : ص 39 عن إبراهيم بن هلال الصابئ ، بحار الأنوار : ج 11 ص 283 ح 11 .
3- .الرعد : 19 .
4- .المحاسن : ج 1 ص 308 ح 609 ، بحار الأنوار: ج 1 ص 91 ح 22 وراجع تحف العقول: ص 397.

ص: 191

عَمَلُهُما وبِرُّهُما وصَومُهُما وصَلاتُهُما ، ولكِنَّهُما يَتَفاوَتانِ فِي العَقلِ كَالذَّرَّةِ في جَنبِ اُحُدٍ ، وما قَسَمَ اللّهُ لِخَلقِهِ حَظًّا هُوَ أفضَلُ مِنَ العَقلِ وَاليَقينِ. (1)

تاريخ اليعقوبيّ_ في ذِكرِ مَواعِظِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله _: قيلَ لَهُ : ما أفضَلُ ما اُعطِيَ العَبدُ؟ قالَ : نَحيزَةٌ (2) مِن عَقلٍ يولَدُ مَعَهُ. قالوا : فَإِذا أخطَأَهُ ذلِكَ؟ قالَ : فَليَتَعَلَّم عَقلًا. (3)

جامع الأحاديث للقمّي :سُئِلَ أميرُالمُؤمِنينَ عليه السلام : ما أفضَلُ ما اُعطِيَ الإِنسانُ ؟ قالَ : غَريزَةُ عَقلٍ . قيلَ : فَإِن لَم يَكُن ؟ قالَ : فَأَخٌ مُستَشيرٌ . قيلَ : فَإِن لَم يَكُن ؟ قالَ : فَصَمتٌ فِي المَجالِسِ . قيلَ : فَإِن لَم يَكُن ؟ قالَ : فَمَوتٌ عاجِلٌ. (4)

الإمام عليّ عليه السلام :خَيرُ المَواهِبِ العَقلُ. (5)

.


1- .كنز العمّال : ج 3 ص 382 ح 7053 نقلاً عن الحكيم عن طاووس .
2- .نحيزة الرجل : طبيعته (كتاب العين : ص 794) .
3- .تاريخ اليعقوبي : ج 2 ص 98 .
4- .جامع الأحاديث للقمّي : ص 194 .
5- .غرر الحكم : ح 4947 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 237 ح 4504 .

ص: 192

2 / 3 أصل الإنسان

عنه عليه السلام :مِن كَمالِ النِّعَمِ وُفورُ العَقلِ. (1)

عنه عليه السلام :أفضَلُ النِّعَمِ العَقلُ. (2)

عنه عليه السلام :أفضَلُ حَظِّ الرَّجُلِ عَقلُهُ ؛ إن ذَلَّ أعَزَّهُ ، وإن سَقَطَ رَفَعَهُ ، وإن ضَلَّ أرشَدَهُ ، وإن تَكَلَّمَ سَدَّدَهُ. (3)

عنه عليه السلام :لا نِعمَةَ أفضَلُ مِن عَقلٍ. (4)

الإمام الحسن عليه السلام :العَقلُ أفضَلُ ما وَهَبَهُ اللّهُ تَعالى لِلعَبدِ ؛ إذ بِهِ نَجاتُهُ فِي الدُّنيا مِن آفاتِها وسَلامَتُهُ فِي الآخِرَةِ مِن عَذابِها. (5)

الإمام عليّ عليه السلام_ فِي الدّيوانِ المَنسوبِ إلَيهِ _: وأفضَلُ قِسمِ اللّهِ لِلمَرءِ عَقلُهُ فَلَيسَ مِنَ الخَيراتِ شَيءٌ يُقارِبُ إذا أكمَلَ الرَّحمنُ لِلمَرءِ عَقلَهُ فَقَد كَمُلَت أخلاقُهُ ومَآرِبُه (6)

2 / 3أصلُ الإِنسانِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :يا مَعشَرَ قُرَيشٍ ! إنَّ حَسَبَ الرَّجُلِ دينُهُ ، ومُروءَتَهُ خُلُقُهُ ، وأصلَهُ عَقلُهُ. (7)

.


1- .غرر الحكم : ح 9300 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 472 ح 8643 .
2- .غرر الحكم : ح 2881 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 111 ح 2403 .
3- .غرر الحكم : ح 3354 .
4- .غرر الحكم : ح 10672 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 538 ح 9950 .
5- .إرشاد القلوب : ص 199 .
6- .الديوان المنسوب إلى الإمام عليّ عليه السلام : ص 74 الرقم 31 .
7- .الكافي : ج 8 ص 181 ح 203 ، الأمالي للطوسي : ص 147 ح 241 كلاهما عن سدير الصيرفي عن الإمام الباقر عليه السلام ، روضة الواعظين : ص 310 عن الإمام الباقر عليه السلام عنه صلى الله عليه و آله ، بحار الأنوار : ج 22 ص 382 ح 16 .

ص: 193

الإمام عليّ عليه السلام :أصلُ الإِنسانِ لُبُّهُ ، وعَقلُهُ دينُهُ ، ومُرُوَّتُهُ حَيثُ يَجعَلُ نَفسَهُ. (1)

عنه عليه السلام :الكَيِّسُ أصلُهُ عَقلُهُ ، ومُروءَتُهُ خُلُقُهُ ، ودينُهُ حَسَبُهُ. (2)

الإمام الصادق عليه السلام :أصلُ الرَّجُلِ عَقلُهُ ، وحَسَبُهُ دينُهُ ، وكَرَمُهُ تَقواهُ ، وَالنّاسُ في آدَمَ مُستَوونَ. (3)

الإمام عليّ عليه السلام :الإِنسانُ عَقلٌ وصورَةٌ ، فَمَن أخطَأَهُ العَقلُ ولَزِمَتهُ الصّورَةُ لَم يَكُن كامِلًا وكانَ بِمَنزِلَةِ مَن لا روحَ فيهِ ، فَمَن طَلَبَ العَقلَ المُتَعارَفَ فَليَعرِف صورَةَ الاُصولِ وَالفُضولِ ، فَإِنَّ كَثيرا مِنَ النّاسِ يَطلُبونَ [ الفُضولَ ] (4) ويُضَيِّعونَ الاُصولَ ، مَن أحرَزَ الأَصلَ اكتَفى بِهِ عَنِ الفَضلِ. (5)

عنه عليه السلام :عَقلُ المَرءِ نِظامُهُ ، وأدَ بُهُ قِوامُهُ ، وصِدقُهُ إمامُهُ ، وشُكرُهُ تَمامُهُ. (6)

الإمام الصادق عليه السلام :دِعامَةُ الإِنسانِ العَقلُ ، وَالعَقلُ مِنهُ الفِطنَةُ وَالفَهمُ وَالحِفظُ وَالعِلمُ ؛ وبِالعَقلِ يَكمُلُ ، وهُوَ دَليلُهُ ومُبصِرُهُ ومِفتاحُ أمرِهِ. (7)

راجع : ص 196 (دعامة المؤمن) .

.


1- .روضة الواعظين : ص 8 ، الأمالي للصدوق: ص 312 ح 361 عن جميل بن درّاج عن الإمام الصادق عنه عليهماالسلاموفيه «عقله ودينه» بدل «عقله دينه» والظاهر زيادة الواو وأنّها اشتباه من المصحّح؛ إذ أنّ المستنسخ وضع ضمّة كبيرة على هاء كلمة «عقلهُ» في الطبعة القديمة والحجريّة، فظنّ المصحّح أنّها واوٌ، وفي بحار الأنوار: ج 1 ص 82 ح 2 نقل الحديث أيضا عن الأمالي من دون واوٍ . راجع في خصوص هذه المسألة الأحاديث الواردة في: تحف العقول: ص 217 والفقه المنسوب إلى الإمام الرضا عليه السلام : ص 367 وبحار الأنوار: ج 75 ص 108 ح 11.
2- .غرر الحكم : ح 1739 .
3- .كشف الغمّة : ج 2 ص 370 ، إحقاق الحقّ : ج 19 ص 533 نقلًا عن الأنوار القدسيّة ، بحار الأنوار : ج 78 ص 202 ح 34 .
4- .ما بين المعقوفين سقط من المصدر وأثبتناه من بحار الأنوار ، وفيه أيضا «يضعون» بدل «يضيّعون» .
5- .مطالب السؤول : ص 49 ؛ بحار الأنوار : ج 78 ص 7 ح 9 .
6- .غرر الحكم : ح 6335 .
7- .الكافي: ج 1 ص 25 ح 23 عن أحمد بن محمّد مرسلًا ، علل الشرائع: ص 103 ح 2 ، بحار الأنوار : ج 1 ص 90 ح 17 .

ص: 194

2 / 4 قيمة الإنسان

2 / 4قيمَةُ الإِنسانِتيسير المطالب عن ابن عبّاس رفعه إلى النّبيّ صلى الله عليه و آله قال :أفضَلُ النّاسِ أعقَلُ النّاسِ . قالَ ابنُ عَبّاسٍ : وذلِكَ نَبِيُّكُم صلى الله عليه و آله . (1)

الإمام عليّ عليه السلام :قيمَةُ كُلِّ امرِىً عَقلُهُ. (2)

عنه عليه السلام :يُنبِئُ عَن قيمَةِ كُلِّ امرِىً عِلمُهُ وعَقلُهُ. (3)

عنه عليه السلام :الإِنسانُ بِعَقلِهِ. (4)

عنه عليه السلام :عُنوانُ فَضيلَةِ المَرءِ عَقلُهُ وحُسنُ خُلُقِهِ. (5)

عنه عليه السلام :العَقلُ فَضيلَةُ الإِنسانِ. (6)

عنه عليه السلام :لِلإِنسانِ فَضيلَتانِ : عَقلٌ ومَنطِقٌ ، فَبِالعَقلِ يَستَفيدُ ، وبِالمَنطِقِ يُفيدُ. (7)

عنه عليه السلام :غايَةُ الفَضائِلِ العَقلُ. (8)

عنه عليه السلام :العَقلُ أشرَفُ مَزِيَّةٍ. (9)

عنه عليه السلام :إنَّمَا الشَّرَفُ بِالعَقلِ وَالأَدَبِ لا بِالمالِ وَالحَسَبِ. (10)

.


1- .تيسير المطالب : ص 146 .
2- .غرر الحكم : ح 6763 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 372 ح 6292 .
3- .غرر الحكم : ح 11027 .
4- .غرر الحكم : ح 230 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 61 ح 1568 .
5- .غرر الحكم : ح 6343 .
6- .غرر الحكم : ح 252 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 27 ح 359 .
7- .غرر الحكم : ح 7356 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 403 ح 6811 .
8- .غرر الحكم : ح 6376 .
9- .غرر الحكم : ح 976.
10- .غرر الحكم : ح 3873 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 178 ح 3654 .

ص: 195

2 / 5 أوّل قواعد الإسلام
2 / 6 صديق المرء

عنه عليه السلام :مِيزَةُ الرَّجُلِ عَقلُهُ ، وجَمالُهُ مُرُوَّتُهُ (1) .

2 / 5أوَّلُ قَواعِدِ الإِسلامِالإمام عليّ عليه السلام :قَواعِدُ الإِسلامِ سَبعَةٌ : فَأَوَّلُهَا العَقلُ وعَلَيهِ بُنِيَ الصَّبرُ ، وَالثّاني صَونُ العِرضِ وصِدقُ اللَّهجَةِ ، وَالثّالِثَةُ تِلاوَةُ القُرآنِ عَلى جِهَتِهِ ، وَالرّابِعَةُ الحُبُّ فِي اللّهِ وَالبُغضُ فِي اللّهِ ، وَالخامِسَةُ حَقُّ آلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله ومَعرِفَةُ وَلايَتِهِم ، وَالسّادِسَةُ حَقُّ الإِخوانِ وَالمُحاماةُ عَلَيهِم ، وَالسّابِعَةُ مُجاوَرَةُ النّاسِ بِالحُسنى. (2)

2 / 6صَديقُ المَرءِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :صَديقُ كُلِّ امرِىً عَقلُهُ ، وعَدُوُّهُ جَهلُهُ. (3)

الإمام عليّ عليه السلام_ في وَصِيَّتِهِ لِابنِهِ الحَسَنِ عليه السلام _: يا بُنَيَّ ، العَقلُ خَليلُ المَرءِ. (4)

عنه عليه السلام :المَرءُ صَديقُ ما عَقَلَ. (5)

عنه عليه السلام :العَقلُ صَديقٌ مَقطوعٌ ، الهَوى عَدُوٌّ مَتبوعٌ. (6)

.


1- .غرر الحكم : ح 9749 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 485 ح 8936 .
2- .تحف العقول : ص 196 عن كميل ، بحار الأنوار : ج 68 ص 381 ح 31 .
3- .المحاسن : ج 1 ص 309 ح 610 عن الحسن بن جهم عن الإمام الرضا عليه السلام ، الكافي : ج 1 ص 11 ح 4 ، عيون أخبار الرضا : ج 2 ص 24 ح 1 ، علل الشرائع : ص 101 ح 2 كلّها عن الحسن بن الجهم عن الإمام الرضا عليه السلام ، تحف العقول : ص 443 عن الإمام الرضا عليه السلام ، بحار الأنوار : ج 1 ص 87 ح 11 .
4- .الأمالي للطوسي : ص 146 ح 240 عن أبي وَجْزَة السعدي عن أبيه ، بحار الأنوار : ج 1 ص 88 ح 13 .
5- .غرر الحكم : ح 424 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 39 ح 846 .
6- .غرر الحكم : ح 324 و 325 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 17 ح 3 وليس فيه صدره .

ص: 196

2 / 7 خليل المؤمن ودليله
2 / 8 دعامة المؤمن

عنه عليه السلام :العَقلُ صَديقٌ مَحمودٌ. (1)

عنه عليه السلام :العَقلُ خَيرُ صاحِبٍ. (2)

2 / 7خَليلُ المُؤمِنِ ودَليلُهُرسول اللّه صلى الله عليه و آله :العِلمُ خَليلُ المُؤمِنِ ، وَالعَقلُ دَليلُهُ ، وَالعَمَلُ قَيِّمُهُ ، وَالحِلمُ وَزيرُهُ ، وَالصَّبرُ أميرُ جُنودِهِ ، وَالرِّفقُ والِدُهُ ، وَاللّينُ أخوهُ. (3)

الإمام عليّ عليه السلام :العَقلُ خَليلُ المُؤمِنِ. (4)

عنه عليه السلام :حُسنُ العَقلِ أفضَلُ رائِدٍ. (5)

الإمام الصادق عليه السلام :العَقلُ دَليلُ المُؤمِنِ. (6)

2 / 8دِعامَةُ المُؤمِنِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :لِكُلِّ شَيءٍ دِعامَةٌ ودِعامَةُ المُؤمِنِ عَقلُهُ ، فَبِقَدرِ عَقلِهِ تَكونُ عِبادَتُهُ لِرَبِّهِ. (7)

.


1- .غرر الحكم : ح 2218 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 66 ح 1680 .
2- .شُعب الإيمان: ج 6 ص 246 ح 8032 ، تاريخ دمشق: ج 42 ص 509 كلاهما عن إبراهيم.
3- .شُعب الإيمان : ج 4 ص 161 ح 4659 عن الحسن ، نوادر الاُصول : ج 1 ص 130 عن ابن عبّاس ، كنز العمّال : ج 10 ص 133 ح 28663 وص 144 ح 28732 ؛ تحف العقول : ص 55 ، بحار الأنوار : ج 69 ص 367 ح 3 نقلًا عن كتاب الشهاب.
4- .تحف العقول : ص 203 ، غرر الحكم : ح 2092 ، بحار الأنوار : ج 78 ص 40 ح 18 .
5- .غرر الحكم : ح 4826 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 227 ح 4371 .
6- .الكافي : ج 1 ص 25 ح 24 ، كنز الفوائد: ج 1 ص 199 كلاهما عن إسماعيل بن مهران عن بعض رجاله.
7- .كنز الفوائد : ج 2 ص 31 ، بحار الأنوار : ج 1 ص 96 ح 42 ؛ الفردوس : ج 3 ص 333 ح 4999 عن أبي سعيد وزاد فيه «أما سمعتم قول الفاجر عند ندامته يقول: لو كنّا نسمع أو نعقل» .

ص: 197

2 / 9 أجمل زينة

عنه صلى الله عليه و آله :إنَّ لِكُلِّ شَيءٍ آلَةً وعُدَّةً وآلَةُ المُؤمِنِ وعُدَّتُهُ العَقلُ ، ولِكُلِّ تاجِرٍ بِضاعَةٌ وبِضاعَةُ المُجتَهِدينَ العَقلُ ، ولِكُلِّ خَرابٍ عِمارَةٌ وعِمارَةُ الآخِرَةِ العَقلُ ، ولِكُلِّ سَفَرٍ فِسطاطٌ يَلجَؤونَ إلَيهِ وفِسطاطُ المُسلِمينَ العَقلُ. (1)

إرشاد القلوب :قالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله : إنَّ مِن دِعامَةِ البَيتِ أساسَهُ ، ودِعامَةُ الدّينِ المَعرِفَةُ بِاللّهِ تَعالى وَاليَقينُ بِتَوحيدِهِ وَالعَقلُ القامِعُ . فَقالوا : ومَا القامِعُ يا رَسولَ اللّهِ ؟ قالَ : الكَفُّ عَنِ المَعاصي وَالحِرصُ عَلى طاعَةِ اللّهِ وَالشُّكرُ عَلى جَميعِ إحسانِهِ وإنعامِهِ وحُسنِ بَلائِهِ. (2)

الإمام عليّ عليه السلام :المُؤمِنُ كَيِّسٌ عاقِلٌ. (3)

راجع : ص 192 (أصل الإنسان) .

2 / 9أجمَلُ زينَةٍالإمام عليّ عليه السلام :العَقلُ أجمَلُ زينَةٍ ، وَالعِلمُ أشرَفُ مَزِيَّةٍ. (4)

عنه عليه السلام :لا جَمالَ أزيَنُ مِنَ العَقلِ. (5)

.


1- .كنز الفوائد : ج 1 ص 56 ، بحار الأنوار : ج 1 ص 95 ح 34 .
2- .إرشاد القلوب : ص 169 وراجع : الفردوس : ج 2 ص 222 ح 3077 .
3- .غرر الحكم : ح 714 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 30 ح 462 .
4- .غرر الحكم : ح 1940 .
5- .الكافي : ج 8 ص 19 ح 4 عن جابر بن يزيد عن الإمام الباقر عليه السلام ، كتاب من لا يحضره الفقيه : ج 4 ص 406 ح 5880 ، التوحيد : ص 73 ح 27 كلاهما عن جابر بن يزيد الجعفي عن الإمام الباقر عن آبائه عنه عليهم السلام ، تحف العقول : ص 93 وفيه «أحسن» بدل «أزين» ، كنز الفوائد : ج 1 ص 200 ، غرر الحكم : ح 10639 ، بحار الأنوار : ج 77 ص 381 ح 5 .

ص: 198

عنه عليه السلام :العَقلُ أحسَنُ حِليَةٍ. (1)

عنه عليه السلام :زينَةُ الرَّجُلِ عَقلُهُ. (2)

عنه عليه السلام :العَقلُ زَينٌ ، الحُمقُ شَينٌ. (3)

عنه عليه السلام :العَقلُ زَينٌ لِمَن رُزِقَهُ. (4)

عنه عليه السلام :العَقلُ ثَوبٌ جَديدٌ لا يَبلى. (5)

عنه عليه السلام :حَسَبُ المَرءِ عِلمُهُ ، وجَمالُهُ عَقلُهُ. (6)

عنه عليه السلام :حُسنُ العَقلِ جَمالُ الظَّواهِرِ وَالبَواطِنِ. (7)

عنه عليه السلام :مَن لَم يَكُن لَهُ عَقلٌ يَزينُهُ لَم يَنبُل. (8)

عنه عليه السلام :زَينُ الدّينِ العَقلُ. (9)

الإمام العسكريّ عليه السلام :حُسنُ الصّورَةِ جَمالٌ ظاهِرٌ ، حُسنُ العَقلِ جَمالٌ باطِنٌ. (10)

الإمام عليّ عليه السلام_ فِي الدّيوانِ المَنسوبِ إلَيهِ _: يَعيشُ الفَتى فِي النّاسِ بِالعَقلِ إنَّهُ عَلَى العَقلِ يَجري عِلمُهُ وتَجارِبُه يَزينُ الفَتى فِي النّاسِ صِحَّةُ عَقلِهِ وإن كانَ مَحظورا عَلَيهِ مَكاسِبُه يَشينُ الفَتى فِي النّاسِ قِلَّةُ عَقلِهِ وإن كَرُمَت أعراقُهُ ومَناصِبُه (11)

.


1- .غرر الحكم : ح 813 .
2- .كنز الفوائد : ج 1 ص 199 ، بحار الأنوار : ج 1 ص 95 ح 36 .
3- .غرر الحكم : ح 14 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 36 ح 725 و 726 .
4- .غرر الحكم : ح 1276 .
5- .غرر الحكم : ح 1235 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 46 ح 1146 .
6- .غرر الحكم : ح 4892 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 232 ح 4444 .
7- .غرر الحكم : ح 4807 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 228 ح 4379 .
8- .غرر الحكم : ح 9002 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 464 ح 8439 .
9- .غرر الحكم : ح 5466 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 276 ح 5028 .
10- .الدرّة الباهرة : ص 43 ، نزهة الناظر : ص 145 ح 9 ، أعلام الدين : ص 313 ، غرر الحكم : ح 4805 و 4807 نحوه ، بحار الأنوار : ج 1 ص 95 ح 27 .
11- .الديوان المنسوب إلى الإمام عليّ عليه السلام : ص 74 ح 31 .

ص: 199

2 / 10 أغنى الغنى

راجع : ص 256 (مكارم الأخلاق) و 261 (محاسن الأعمال) .

2 / 10أغنَى الغِنىرسول اللّه صلى الله عليه و آله :لا فَقرَ أشَدُّ مِنَ الجَهلِ ، ولا مالَ أعوَدُ مِنَ العَقلِ. (1)

الإمام عليّ عليه السلام :أغنَى الغِنَى العَقلُ. (2)

عنه عليه السلام :العَقلُ أغنَى الغِنى ، وغايَةُ الشَّرَفِ فِي الآخِرَةِ وَالدُّنيا. (3)

عنه عليه السلام :لا غِنى أكبَرُ مِنَ العَقلِ. (4)

عنه عليه السلام :لا عُدَّةَ أنفَعُ مِنَ العَقلِ. (5)

عنه عليه السلام :كَفى بِالعَقلِ غِنًى . (6)

.


1- .الكافي : ج 1 ص 25 ح 25 عن السري بن خالد عن الإمام الصادق عليه السلام ، كتاب من لا يحضره الفقيه : ج 4 ص 37 ح 5762 عن حمّاد ابن عمرو وأنس بن محمّد عن أبيه جميعا عن الإمام الصادق عن آبائه عليهم السلام ، غرر الحكم : ح 10619 و 10618 ، بحار الأنوار : ج 1 ص 89 ح 15 ؛ الفردوس : ج 5 ص 179 ح 7889 ، كنز العمّال : ج 16 ص 120 ح 44135 وفيه «لا غنى أعود...» وكلاهما عن الإمام عليّ عليه السلام .
2- .نهج البلاغة : الحكمة 38 ، غرر الحكم : ح 2843 ، بحار الأنوار : ج 1 ص 95 ح 31 ؛ مائة كلمة للجاحظ : ص 99 ح 83 ، سجع الحمام : ص 86 ح 263 نقلاً عن الإعجاز والإيجاز ، كنز العمّال : ج 16 ص 266 ح 44388 نقلًا عن تاريخ ابن عساكر عن عقبة بن أبي الصهباء .
3- .غرر الحكم : ح 1822 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 22 ح 148 .
4- .كشف الغمّة : ج 2 ص 198 ، بحار الأنوار : ج 78 ص 111 ح 6 .
5- .الإرشاد : ج 1 ص 304 ، كنز الفوائد : ج 1 ص 199 ، بحار الأنوار : ج 1 ص 95 ح 35 .
6- .غرر الحكم : ح 7015 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 386 ح 6526 .

ص: 200

2 / 11 العلم يحتاج إليه

عنه عليه السلام :لا غِنى مِثلُ العَقلِ. (1)

عنه عليه السلام :لا فَقرَ لِعاقِلٍ. (2)

عنه عليه السلام_ فِي الحِكَمِ المَنسوبَةِ إلَيهِ _: أنفَسُ الأَعلاقِ (3) عَقلٌ قُرِنَ إلَيهِ حَظٌّ. (4)

الإمام الصادق عليه السلام :لا غِنى أخصَبُ مِنَ العَقلِ ، ولا فَقرَ أحَطُّ مِنَ الحُمقِ. (5)

2 / 11العِلمُ يُحتاجُ إلَيهِالإمام عليّ عليه السلام_ فِي الحِكَمِ المَنسوبَةِ إلَيهِ _: العَقلُ لَم يَجنِ عَلى صاحِبِهِ قَطُّ ، وَالعِلمُ مِن غَيرِ عَقلٍ يَجني عَلى صاحِبِهِ. (6)

عنه عليه السلام :كُلُّ عِلمٍ لا يُؤَيِّدُهُ عَقلٌ مَضَلَّةٌ. (7)

عنه عليه السلام :مَن زادَ عِلمُهُ عَلى عَقلِهِ كانَ وَبالًا عَلَيهِ. (8)

عنه عليه السلام :أفضَلُ ما مَنَّ اللّهُ سُبحانَهُ بِهِ عَلى عِبادِهِ عِلمٌ وعَقلٌ، ومُلكٌ وعَدلٌ. (9)

عنه عليه السلام :لا شَيءَ أحسَنُ مِن عَقلٍ مَعَ عِلمٍ ، وعِلمٍ مَعَ حِلمٍ ، وحِلمٍ مَعَ قُدرَةٍ. (10)

.


1- .تحف العقول : ص 201 ، روضة الواعظين : ص 8 ، غرر الحكم : ح 10472 وفيهما «كالعقل» بدل «مثل العقل» ، بحار الأنوار : ج 78 ص 37 ح 7 .
2- .غرر الحكم : ح 10449 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 536 ح 9823 .
3- .العِلق : النفيس من كلّ شيء ، جمعه الأعلاق (لسان العرب : ج 10 ص 268) .
4- .شرح نهج البلاغة : ج 20 ص 302 ح 448 .
5- .الكافي : ج 1 ص 29 ذيل ح 34 عن حمران وصفوان بن مهران الجمّال .
6- .شرح نهج البلاغة : ج 20 ص 323 ح 702 .
7- .غرر الحكم : ح 6869 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 376 ح 6345 .
8- .غرر الحكم : ح 8601 .
9- .غرر الحكم : ح 3205 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 122 ح 2771 .
10- .غرر الحكم : ح 10909 .

ص: 201

2 / 12 النّوادر

الإمام الباقر عليه السلام :إنّي لَأكرَهُ أن يَكونَ مِقدارُ لِسانِ الرَّجُلِ فاضِلاً عَلى مِقدارِ عِلمِهِ ، كما أكرَهُ أن يَكونَ مِقدارُ عِلمِهِ فاضِلاً عَلى مِقدارِ عَقلِهِ. (1)

الإمام عليّ عليه السلام_ فِي الدّيوانِ المَنسوبِ إلَيهِ _: إذا كُنتَ ذا عِلمٍ ولَم تَكُ عاقِلًا فَأَنتَ كَذي نَعلٍ ولَيسَ لَهُ رِجلُ وإن كُنتَ ذا عَقلٍ ولَم تَكُ عالِما فَأَنتَ كَذي رِجلٍ ولَيسَ لَهُ نَعلُ ألا إنَّمَا الإِنسانُ غِمدٌ لِعَقلِهِ ولا خَيرَ في غِمدٍ إذا لَم يَكُن نَصلُ (2)

راجع : ص 249 (العلم والحكمة) و 230 (العلم) .

2 / 12النَّوادِررسول اللّه صلى الله عليه و آله :إنَّ اللّهَ عز و جل خَلَقَ العَقلَ مِن نورٍ مَخزونٍ مَكنونٍ في سابِقِ عِلمِهِ الَّذي لَم يَطَّلِع عَلَيهِ نَبِيٌّ مُرسَلٌ ولا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ ؛ فَجَعَلَ العِلمَ نَفسَهُ وَالفَهمَ روحَهُ ، وَالزُّهدَ رَأسَهُ ، وَالحَياءَ عَينَيهِ ، وَالحِكمَةَ لِسانَهُ ، وَالرَّأفَةَ فَمَهُ ، وَالرَّحمَةَ قَلبَهُ ، ثُمَّ حَشاهُ وقَوّاهُ بِعَشَرَةِ أشياءَ : بِاليَقينِ ، وَالإِيمانِ ، وَالصِّدقِ ، وَالسَّكينَةِ ، وَالإِخلاصِ ، وَالرِّفقِ ، وَالعَطِيَّةِ ، وَالقُنوعِ ، وَالتَّسليمِ ، وَالشُّكرِ. (3)

الإمام عليّ عليه السلام :أغلَى الأشياءِ أصلاً وأحلاها ثَمَرَةً : صالِحُ الأعمالِ ، وحُسنُ الأدَبِ ، وعَقلٌ مُستَعمَلٌ. (4)

.


1- .شرح نهج البلاغة : ج 7 ص 92 .
2- .الديوان المنسوب إلى الإمام عليّ عليه السلام : ص 440 الرقم 341 .
3- .معاني الأخبار : ص 313 ح 1 ، الخصال : ص 427 ح 4 كلاهما عن يزيد بن الحسين عن الإمام الكاظم عن آبائه عليهم السلام ، الأمالي للطوسي : ص 542 ح 1164 عن الإمام الصادق عن آبائه عليهم السلام عنه صلى الله عليه و آله ، روضة الواعظين : ص 7 ، إرشاد القلوب : ص 197 عن الإمام عليّ عليه السلام عنه صلى الله عليه و آله ، بحار الأنوار : ج 1 ص 107 ح 3 .
4- .مطالب السؤول : ص 50 .

ص: 202

عنه عليه السلام :العُقولُ ذَخائِرُ ، وَالأَعمالُ كُنوزٌ. (1)

عنه عليه السلام :العَقلُ أقوى أساسٍ. (2)

عنه عليه السلام :العَقلُ قُربَةٌ ، الحُمقُ غُربَةٌ. (3)

عنه عليه السلام :العَقلُ أفضَلُ مَرجُوٍّ. (4)

عنه عليه السلام :العَقلُ يُحسِنُ الرَّوِيَّةَ (5) . (6)

عنه عليه السلام :العَقلُ شَرَفٌ كَريمٌ لا يَبلى. (7)

عنه عليه السلام :تَزكِيَةُ الرَّجُلِ عَقلُهُ. (8)

عنه عليه السلام :لا يَزكو عِندَ اللّهِ سُبحانَهُ إلّا عَقلٌ عارِفٌ ونَفسٌ عَزوفٌ. (9)

عنه عليه السلام :حَسَبُ الرَّجُلِ عَقلُهُ ، ومُروءَتُهُ خُلُقُهُ. (10)

عنه عليه السلام :غايَةُ المَرءِ حُسنُ عَقلِهِ. (11)

عنه عليه السلام :لِكُلِّ شَيءٍ غايَةٌ ، وغايَةُ المَرءِ عَقلُهُ. (12)

.


1- .كنز الفوائد : ج 2 ص 32 ، بحار الأنوار : ج 1 ص 96 ح 43 .
2- .غرر الحكم : ح 475 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 35 ح 700 .
3- .غرر الحكم : ح 111 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 34 ح 648 و 649 .
4- .غرر الحكم : ح 479 ، عيون الحكم المواعظ : ص 26 ح 289 .
5- .الرويّة : الفكر والتدبّر (المصباح المنير : ص 247) .
6- .غرر الحكم : ح 495 .
7- .غرر الحكم : ح 1590 .
8- .غرر الحكم : ح 4474 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 201 ح 4077 .
9- .غرر الحكم : ح 10882 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 544 ح 10101 .
10- .غرر الحكم : ح 4891 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 232 ح 4455 .
11- .غرر الحكم : ح 6366 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 349 ح 5924 .
12- .غرر الحكم : ح 7300 .

ص: 203

عنه عليه السلام :إنَّ اللّهَ سُبحانَهُ يُحِبُّ العَقلَ القَويمَ وَالعَمَلَ المُستَقيمَ. (1)

عنه عليه السلام :العَقلُ لا يَنخَدِعُ. (2)

عنه عليه السلام :العَقلُ شِفاءٌ. (3)

عنه عليه السلام :العَقلُ حُسامٌ قاطِعٌ. (4)

عنه عليه السلام :لا عُدمَ أعدَمُ مِن عَدَمِ العَقلِ. (5)

عنه عليه السلام :الدّينُ لا يُصلِحُهُ إلَا العَقلُ. (6)

عنه عليه السلام :فَقدُ العَقلِ شَقاءٌ. (7)

عنه عليه السلام :لا مَرَضَ أضنى مِن قِلَّةِ العَقلِ. (8)

عنه عليه السلام :لَن يَنجَعَ الأَدَبُ حَتّى يُقارِنَهُ العَقلُ. (9)

الإمام الحسن عليه السلام :اِعلَموا أنَّ العَقلَ حِرزٌ وَالحِلمَ زينَةٌ. (10)

.


1- .غرر الحكم : ح 3410 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 149 ح 3280 .
2- .غرر الحكم : ح 427 .
3- .غرر الحكم : ح 206 .
4- .غرر الحكم : ح 824 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 24 ح 207 .
5- .كشف الغمّة : ج 2 ص 10 ، الأمالي للطوسي : ص 146 ح 240 كلاهما عن أبي وجزَة السعدي عن أبيه وفيه «من العقل» بدل «من عدم العقل» ، بحار الأنوار : ج 1 ص 88 ح 13 .
6- .غرر الحكم : ح 1341.
7- .غرر الحكم : ح 6534 .
8- .مئة كلمة للجاحظ : ص 46 ح 30 ، سجع الحمام : ص 323 ح 1241 نقلًا عن الإعجاز والإيجاز، المناقب للخوارزمي : ص 375 ح 395 ؛ غرر الحكم : ح 10763 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 537 ح 9870 .
9- .غرر الحكم : ح 7412 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 408 ح 6914 .
10- .إرشاد القلوب : ص 199 .

ص: 204

الإمام الكاظم عليه السلام_ لِهِشامِ بنِ الحَكَمِ _: يا هِشامُ ، إنَّ لُقمانَ قالَ لِابنِهِ : يا بُنَيَّ ، إنَّ الدُّنيا بَحرٌ عَميقٌ ، قَد غَرِقَ فيها عالَمٌ كَثيرٌ ، فَلتَكُن سَفينَتُكَ فيها تَقوَى اللّهِ ، وحَشوُهَا الإِيمانَ ، وشِراعُهَا التَّوَكُّلَ ، وقَيِّمُهَا العَقلَ ، ودَليلُهَا العِلمَ ، وسُكّانُهَا الصَّبرَ. (1)

.


1- .الكافي : ج 1 ص 16 ح 12 عن هشام بن الحكم ، تحف العقول : ص 386 ، بحار الأنوار : ج 78 ص 299 ح 1 .

ص: 205

الفصل الثّالث : التّعقّل
3 / 1 تأكيد التّعقّل

الفصل الثّالث : التّعقّل3 / 1تَأكيدُ التَّعَقُّلِالكتاب« كَذَ لِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ ءَايَ_تِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ » . (1)

« وَ هُوَ الَّذِى يُحْىِ وَ يُمِيتُ وَ لَهُ اخْتِلَ_فُ الَّيْلِ وَ النَّهَارِ أفَلَا تَعْقِلُونَ » . (2)

« كَذَ لِكَ يُحْىِ اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ ءَايَ_تِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ » . (3)

« لَقَدْ أنزَلْنَا إلَيْكُمْ كِتَ_با فِيهِ ذِكْرُكُمْ أفَلَا تَعْقِلُونَ » . (4)

راجع : البقرة : 164، الأنعام: 32 و 151 ، الأعراف: 169 ، هود: 51 ، يوسف: 2 و 109 ، الرعد: 4 ، النحل : 12 و 67 ، الحجّ : 46 ، النور: 61 ، القصص: 60 ، العنكبوت: 35 ، الروم: 24 و 28 ، يس: 62 و 68 ، ص: 29 ، غافر: 67 و 70 ، الزخرف: 3 ، الجاثية: 5 و 13 ، الحديد: 17 .

.


1- .البقرة : 242 .
2- .المؤمنون: 80.
3- .البقرة: 73 .
4- .الأنبياء: 10 .

ص: 206

الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :اِستَرشِدُوا العَقلَ تَرشُدوا ، ولا تَعصوهُ فَتَندَموا. (1)

عنه صلى الله عليه و آله :لَم يُعبَدِ اللّهُ عز و جل بِشَيءٍ أفضَلَ مِنَ العَقلِ. (2)

عنه صلى الله عليه و آله :سَيِّدُ الأَعمالِ فِي الدّارَينِ العَقلُ. (3)

تيسير المطالب عن ابن عمر عن النّبيّ صلى الله عليه و آله_ أنَّهُ تَلا «تَبَ_رَكَ الَّذِى بِيَدِهِ الْمُلْكُ» حَتّى بَلَغَ قَولَهُ: «أيُّكُمْ أحْسَنُ عَمَلًا» ثُمَّ قالَ _: أيُّكُم أحسَنُ عَمَلًا فَهُوَ أحسَنُ عَقلًا ، وأورَعُ عَن مَحارِمِ اللّهِ ، وأسرَعُهُم في طاعَةِ اللّهِ تَعالى. (4)

رسول اللّه صلى الله عليه و آله_ في وَصِيَّتِهِ إلَى ابنِ مَسعودٍ _: يَا ابنَ مَسعودٍ ، إذا عَمِلتَ عَمَلًا فَاعمَل بِعِلمٍ وعَقلٍ ، وإيّاكَ وأن تَعمَلَ عَمَلًا بِغَيرِ تَدَبُّرٍ وعِلمٍ ، فَإِنَّهُ جَلَّ جَلالُهُ يَقولُ : «وَلَا تَكُونُواْ كَالَّتِى نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أنكَ_ثا» (5) . (6)

عنه صلى الله عليه و آله :خِيارُكُم فِي الجاهِلِيَّةِ خِيارُكُم فِي الإِسلام إذا فَقِهوا. (7)

عنه صلى الله عليه و آله :سَيِّدُ أهلِ الجَنَّةِ بَعدَ المُرسَلينَ أفضَلُهُم عَقلًا ، وأفضَلُ النّاسِ أعقَلُ النّاسِ. (8)

.


1- .كنز الفوائد : ج 2 ص 31 ، بحار الأنوار : ج 1 ص 96 ح 41 .
2- .الخصال : ص 433 ح 17 عن سليمان بن خالد عن الإمام الباقر عليه السلام ، الكافي : ج 1 ص 18 عن الإمام عليّ عليه السلام وفيه «ما عُبد» بدل «لم يعبد» ، روضة الواعظين : ص 12 عن الإمام الباقر عليه السلام عنه صلى الله عليه و آله ، علل الشرائع : ص 116 ح 11 عن عليّ الأشعريرفعه، تنبيه الخواطر: ج 2 ص 112، المواعظ العدديّة: ص 368 والثلاثة الأخيرة نحوه، بحارالأنوار: ج 1 ص 108 ح 4.
3- .كنز الفوائد : ج 2 ص 31 ، بحار الأنوار : ج 1 ص 96 ح 42 .
4- .تيسير المطالب : ص 377 ، مجمع البيان : ج 10 ص 484 عن ابن عمر ، بحار الأنوار : ج 70 ص 233 ح 6 .
5- .النحل : 92 .
6- .مكارم الأخلاق : ج 2 ص 361 ح 2660 عن ابن مسعود ، بحار الأنوار : ج 77 ص 110 ح 1 .
7- .صحيح البخاري : ج 3 ص 1235 ح 3194 ، صحيح مسلم : ج 4 ص 1958 ح 199 ، مسند ابن حنبل : ج 3 ص 536 ح 10300 ، سنن الدارمي : ج 1 ص 78 ح 227 كلّها عن أبي هريرة ، المستدرك على الصحيحين : ج 3 ص 271 ح 5061 عن اُمّ سلمة ، الفردوس : ج 2 ص 173 ح 2863 عن جابر ، كنز العمّال : ج 10 ص 152 ح 28780 .
8- .الفردوس : ج 2 ص 325 ح 3476 عن ابن عمر .

ص: 207

عنه صلى الله عليه و آله :يا عَلِيُّ ، إذَا اكتَسَبَ النّاسُ مِن أنواعِ البِرِّ لِيَتَقَرَّبوا بِها إلى رَبِّنا فَاكتَسِب أنتَ أنواعَ العَقلِ تَسبِقهُم بِالزَّلفِ وَالقُربَةِ وَالدَّرَجاتِ فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ. (1)

تاريخ بغداد عن عطاء :إنَّ ابنَ عَبّاسٍ دَخَلَ عَلى عائِشَةَ فَقالَ: يا اُمَّ المُؤمِنينَ ، أرَأيتِ الرَّجُلَ يَقِلُّ قِيامُهُ ويَكثُرُ رُقادُهُ ، وآخَرُ يَكثُرُ قِيامُهُ ويَقِلُّ رُقادُهُ ، أيُّهُما أحَبُّ إلَيكِ ؟ قالَت : سَأَلتُ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله كَما سَأَلتَني . فَقالَ : أحسَنُهُما عَقلًا . فَقُلتُ : يا رَسولَ اللّهِ ، إنَّما أسأَلُكَ عَن عِبادَتِهِما؟ فَقالَ : يا عائِشَةُ ، إنَّما يُسأَلانِ عَن عُقولِهِما ، فَمَن كانَ أعقَلَ كانَ أفضَلَ فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ. (2)

حلية الأولياء عن أبي أيّوب الأنصاريّ عن النّبيّ صلى الله عليه و آله :إنَّ الرَّجُلَينِ لَيَتَوَجَّهانِ إلَى المَسجِدِ فَيُصَلِّيانِ، فَيَنصَرِفُ أحَدُهُما وصَلاتُهُ أوزَنُ مِن اُحُدٍ ، ويَنصَرِفُ الآخَرُ وما تَعدِلُ صَلاتُهُ مِثقالَ ذَرَّةٍ . فَقالَ أبو حُمَيدٍ السّاعِدِيُّ : وكَيفَ يَكونُ ذلِكَ يا رَسولَ اللّهِ؟ قالَ : إذا كانَ أحسَنَهُما عَقلًا . قالَ : وكَيفَ يَكونُ ذلِكَ؟ قالَ : إذا كانَ أورَعَهُما عَن مَحارِمِ اللّهِ ، وأحرَصَهُما عَلَى المُسارَعَةِ إلَى الخَيرِ ، وإن كانَ دونَهُ فِي التَّطَوُّعِ. (3)

الإمام عليّ عليه السلام_ في حَديثِ المِعراجِ _: قالَ اللّهُ تَعالى : ... يا أحمَدُ ، اِستَعمِل عَقلَكَ

.


1- .الفردوس : ج 5 ص 325 ح 8328 عن الإمام عليّ عليه السلام .
2- .تاريخ بغداد : ج 8 ص 360 .
3- .حلية الأولياء : ج 1 ص 362 ، الفردوس : ج 3 ص 212 ح 4604 ، المعجم الكبير : ج 4 ص 149 ح 3970 وفيهما إلى «مثقال ذرّة» ، كنز العمّال : ج 3 ص 381 ح 7049 .

ص: 208

قَبلَ أن يَذهَبَ ، فَمَنِ استَعمَلَ عَقلَهُ لا يُخطِئُ ولا يَطغى. (1)

عنه عليه السلام :فَضلُ فِكرٍ وتَفَهُّمٍ أنجَعُ مِن فَضلِ تَكرارٍ ودِراسَةٍ. (2)

عنه عليه السلام :اِستَرشِدِ العَقلَ وخالِفِ الهَوى تَنجَح. (3)

عنه عليه السلام :العَقلُ رُقِيٌّ إلى عِلِّيّينَ. (4)

عنه عليه السلام :مَرتَبَةُ الرَّجُلِ بِحُسنِ عَقلِهِ. (5)

عنه عليه السلام :كَمالُ المَرءِ عَقلُهُ ، وقيمَتُهُ فَضلُهُ. (6)

عنه عليه السلام :كَمالُ الإِنسانِ العَقلُ. (7)

عنه عليه السلام :الجَمالُ فِي اللِّسانِ ، وَالكَمالُ فِي العَقلِ. (8)

عنه عليه السلام :يَتَفاضَلُ النّاسُ بِالعُلومِ وَالعُقولِ لا بِالأَموالِ وَالاُصولِ. (9)

عنه عليه السلام :إنَّ الزُّهدَ فِي الجَهلِ بِقَدرِ الرَّغبَةِ فِي العَقلِ. (10)

عنه عليه السلام :لا يَغُشُّ العَقلُ مَنِ استَنصَحَهُ. (11)

.


1- .إرشاد القلوب : ص 199 _ 205 ، بحار الأنوار : ج 77 ص 29 ح 6 .
2- .غرر الحكم : ح 6564 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 359 ح 6081 .
3- .غرر الحكم : ح 2310 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 82 ح 1937 .
4- .غرر الحكم : ح 1325 .
5- .دستور معالم الحكم : ص 22 .
6- .غرر الحكم : ح 7235 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 395 ح 6682 وفيه «الرجل» بدل «المرء» .
7- .غرر الحكم : ح 7244 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 395 ح 6673 .
8- .كنز الفوائد : ج 1 ص 200 ، كشف الغمّة : ج 3 ص 137 عن الإمام الجواد عن آبائه عنه عليهم السلام ، بحار الأنوار : ج 1 ص 96 ح 39 .
9- .غرر الحكم : ح 11009 .
10- .غرر الحكم : ح 3444 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 150 ح 3293 .
11- .نهج البلاغة : الحكمة 281 ، غرر الحكم : ح 10698 وفيه «انتصحه» بدل «استنصحه» ، بحار الأنوار : ج 1 ص 95 ح 29 .

ص: 209

عنه عليه السلام :مَنِ استَعانَ بِالعَقلِ سَدَّدَهُ. (1)

عنه عليه السلام :مَنِ استَرفَدَ العَقلَ أرفَدَهُ. (2)

عنه عليه السلام :مَنِ اعتَبَرَ بِعَقلِهِ استَبانَ. (3)

عنه عليه السلام :مَن مَلَكَ عَقلَهُ كانَ حَكيما. (4)

عنه عليه السلام :غِطاءُ العُيوبِ العَقلُ. (5)

الإمام الكاظم عليه السلام_ لِهِشامِ بنِ الحَكَمِ _: يا هِشامُ ، إنَّ اللّهَ تَبارَكَ وتَعالى بَشَّرَ أهلَ العَقلِ وَالفَهمِ في كِتابِهِ فَقالَ : «فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أحْسَنَهُ اُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَ اُوْلَئِكَ هُمْ اُوْلُواْ الْأَلْبَ_بِ» . (6) يا هِشامُ، إنَّ اللّهَ تَبارَكَ وتَعالى أكمَلَ لِلنّاسِ الحُجَجَ بِالعُقولِ ، ونَصَرَ النَّبِيّينَ بِالبَيانِ ، ودَلَّهُم عَلى رُبوبِيَّتِهِ بِالأَدِلَّةِ ، فَقالَ : «وَ إلَ_هُكُمْ إلَ_هٌ وَ حِدٌ لَا إلَ_هَ إلَا هُوَ الرَّحْمَ_نُ الرَّحِيمُ * إنَّ فِى خَلْقِ السَّمَ_وَ تِ وَ الْأَرْضِ وَ اخْتِلَ_فِ الَّيْلِ وَ النَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِى تَجْرِى فِى الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَ مَا أنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَ بَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَ تَصْرِيفِ الرِّيَ_حِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ لَايَ_تٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ» . (7) يا هِشامُ، قَد جَعَلَ اللّهُ ذلِكَ دَليلًا عَلى مَعرِفَتِهِ بِأَنَّ لَهُم مُدَبِّرا ، فَقالَ : «وَسَخَّرَ لَكُمُ

.


1- .غرر الحكم : ح 7925 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 424 ح 7176 .
2- .غرر الحكم : ح 7756 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 423 ح 7140 .
3- .غرر الحكم : ح 8295 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 446 ح 7842 .
4- .غرر الحكم : ح 8282 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 447 ح 7880 .
5- .غرر الحكم : ح 6434 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 350 ح 5953 .
6- .الزمر: 17 و 18 .
7- .البقرة: 163 و 164 .

ص: 210

الَّيْلَ وَ النَّهَارَ وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ وَ النُّجُومُ مُسَخَّرَ ت بِأَمْرِهِ إنَّ فِى ذَ لِكَ لَايَ_تٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ» . (1) وقالَ : «هُوَ الَّذِى خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُواْ أشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُواْ شُيُوخا وَ مِنكُم مَّن يُتَوَفَّى مِن قَبْلُ وَ لِتَبْلُغُواْ أجَلًا مُّسَمًّى وَ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ» (2) . وقالَ : «وَ اخْتِلَ_فِ الَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَ مَا أنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَ تَصْرِيفِ الرِّيَ_حِ» (3) «وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ لَأَيَ_تٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ» (4) وقالَ : «يُحْىِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْايَ_تِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ» (5) . وقالَ : «وَ جَنَّ_تٌ مِّنْ أعْنَ_بٍ وَ زَرْعٌ وَ نَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَ غَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَ حِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِى الْأُكُلِ إنَّ فِى ذَ لِكَ لَايَ_تٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ» . (6) وقالَ : «وَ مِنْ ءَايَ_تِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفا وَ طَمَعا وَ يُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْىِ بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إنَّ فِى ذَ لِكَ لَايَ_تٍ لِّقَوْمٍ يعْقِلُونَ» . (7) وقالَ : «قُلْ تَعَالَوْاْ أتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ألَا تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْ_ئا وَبِالْوَ لِدَيْنِ إحْسَ_نا وَلَا تَقْتُلُواْ أوْلَ_دَكُم مِّنْ إمْلَ_قٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُواْ الْفَوَ حِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إلَا بِالْحَقِّ ذَ لِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ» . (8) وقالَ : «هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتْ أيْمَ_نُكُم مِّن شُرَكَاءَ فِى مَا رَزَقْنَ_كُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أنفُسَكُمْ كَذَ لِكَ نُفَصِّلُ الْايَ_تِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ» . (9)

.


1- .النحل: 12 .
2- .غافر: 67.
3- .الجاثية : 5 و تمام الآية : «آيَ_تٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ» .
4- .البقرة : 164 .
5- .الحديد: 17 .
6- .الرعد: 4 .
7- .الروم: 24 .
8- .الأنعام: 151 .
9- .الروم: 28 .

ص: 211

يا هِشامُ ، ما بَعَثَ اللّهُ أنبِياءَهُ ورُسُلَهُ إلى عِبادِهِ إلّا لِيَعقِلوا عَنِ اللّهِ ، فَأَحسَنُهُمُ استِجابَةً أحسَنُهُم مَعرِفَةً ، وأعلَمُهُم بِأَمرِ اللّهِ أحسَنُهُم عَقلًا ، وأكمَلُهُم عَقلًا أرفَعُهُم دَرَجَةً فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ. (1)

تيسير المطالب عن جابر بن عبداللّه :إنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه و آله تَلا هذِهِ الآيَةَ: «وَ تِلْكَ الْأَمْثَ_لُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَ مَا يَعْقِلُهَا إلَا الْعَ__لِمُونَ» قالَ : العالِمُ الَّذي عَقَلَ عَنِ اللّهِ عز و جلفَعَمِلَ بِطاعَتِهِ وَاجتَنَبَ سَخَطَهُ. (2)

رسول اللّه صلى الله عليه و آله :قَسَمَ اللّهُ العَقلَ ثَلاثَةَ أجزاءٍ ، فَمَن كُنَّ فيهِ كَمُلَ عَقلُهُ ، ومَن لَم يَكُنَّ فَلا عَقلَ لَهُ : حُسنُ المَعرِفَةِ بِاللّهِ ، وحُسنُ الطّاعَةِ للّهِِ ، وحُسنُ الصَّبرِ عَلى أمرِ اللّهِ. (3)

عنه صلى الله عليه و آله :كَم مِن عاقِلٍ عَقَلَ عَنِ اللّهِ عز و جل أمرَهُ وهُوَ حَقيرٌ عِندَ النّاسِ ذَميمُ المَنظَرِ ؛ يَنجو غَدا . وكَم مِن ظَريفِ اللِّسانِ جَميلِ المَنظَرِ عِندَ النّاسِ ؛ يَهلِكُ غَدا فِي القِيامَةِ. (4)

عنه صلى الله عليه و آله :ما تَمَّ دينُ إنسانٍ قَطُّ حَتّى يَتِمَّ عَقلُهُ. (5)

عنه صلى الله عليه و آله :جَدَّ المَلائِكَةُ وَاجتَهَدوا في طاعَةِ اللّهِ بِالعَقلِ ، وجَدَّ المُؤمِنونَ مِن بَني آدَمَ وَاجتَهَدوا في طَاعَةِ اللّهِ عَلى قَدرِ عُقولِهِم فَأعمَلُهُم بِطاعَةِ اللّهِ أوفَرُهُم عَقلًا. (6)

تيسير المطالب عن ابن عبّاس رفعه إلى النّبيّ صلى الله عليه و آله :أفضَلُ النّاسِ أعقَلُ النّاسِ . قالَ

.


1- .الكافي : ج 1 ص 13 ح 12 عن هشام بن الحكم ، بحار الأنوار : ج 1 ص 136 ح 30 .
2- .تيسير المطالب : ص 146 .
3- .تحف العقول : ص 54 ، مشكاة الأنوار : ص 437 ح 1465 ، تيسير المطالب : ص 148 ، بحار الأنوار : ج 1 ص 106 ح 1 .
4- .الأمالي للطوسي : ص 393 ح 868 عن ابن عمر ، تيسير المطالب : ص 156 ، بحار الأنوار : ج 70 ص 290 ح 26؛ كنز العمّال : ج 3 ص 154 ح 5940 .
5- .تيسير المطالب : ص 164 ؛ كنز العمّال : ج 1 ص 671 ح 3467 .
6- .تيسير المطالب : ص 313 .

ص: 212

3 / 2 الحثّ على التّفكّر

ابنُ عَبّاسٍ : وذلِكَ نَبِيُّكُم صلى الله عليه و آله . (1)

الإمام الصادق عليه السلام :ما أنتُم وَالبَراءَةُ ؛ يَبرَأُ بَعضُكُم مِن بَعضٍ ! إنَّ المُؤمِنينَ بَعضُهُم أفضَلُ مِن بَعضٍ ، وبَعضُهُم أكثَرُ صَلاةً مِن بَعضٍ ، وبَعضُهُم أنفَذُ بَصَرا مِن بَعضٍ ، وَهِيَ الدَّرَجاتُ. (2)

راجع : ص 189 (الفصل الثانى : قيمة العقل) و243 (الفصل الخامس : علامات العقل) .

تنبيه:إنّ جميع الآيات والروايات التي تدعو الناس إلى التفكّر والتدبّر والتذكّر والتفقّه والتبصّر تؤكّد التعقّل في معرفة المسيرة الصحيحة للحياة وانتخابها .

3 / 2الحَثُّ عَلَى التَّفَكُّرِالكتاب«وَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِى السَّمَ_وَ تِ وَ مَا فِى الْأَرْضِ جَمِيعا مِّنْهُ إنَّ فِى ذَ لِكَ لَايَ_تٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» . (3)

«وَ مِنْ ءَايَ_تِهِ أنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أنفُسِكُمْ أزْوَ جا لِّتَسْكُنُواْ إلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَ رَحْمَةً إنَّ فِى ذَ لِكَ لَايَ_تٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» . (4)

«هُوَ الَّذِى أنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَ مِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ * يُن_بِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَ الزَّيْتُونَ وَ النَّخِيلَ وَ الْأَعْنَ_بَ وَ مِن كُلِّ الثَّمَرَ تِ إنَّ فِى ذَ لِكَ لَايَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» . (5)

.


1- .تيسير المطالب : ص 146 .
2- .الكافي : ج 2 ص 45 ح 4 عن الصباح بن سيابة ، بحار الأنوار : ج 69 ص 168 ح 7 .
3- .الجاثية : 13 .
4- .الروم : 21 .
5- .النحل : 10 و 11 .

ص: 213

«وَ هُوَ الَّذِى مَدَّ الْأَرْضَ وَ جَعَلَ فِيهَا رَوَ سِىَ وَ أنْهَ_را وَ مِن كُلِّ الثَّمَرَ تِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِى الَّيْلَ النَّهَارَ إنَّ فِى ذَ لِكَ لَايَ_تٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» . (1)

«إنَّمَا مَثَلُ الْحَيَوةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أنزَلْنَ_هُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَ الْأَنْعَ_مُ حَتَّى إذَا أخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَ ازَّيَّنَتْ وَ ظَنَّ أهْلُهَا أنَّهُمْ قَ_دِرُونَ عَلَيْهَا أتَاهَا أمْرُنَا لَيْلاً أوْ نَهَارا فَجَعَلْنَ_هَا حَصِيدا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَ لِكَ نُفَصِّلُ الْايَ_تِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» . (2)

«أفَلَا يَنظُرُونَ إلَى الْاءِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَ إلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَ إلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَ إلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ» . (3)

«قُل لَا أقُولُ لَكُمْ عِندِى خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أقُولُ لَكُمْ إنِّى مَلَكٌ إنْ أتَّبِعُ إلَا مَا يُوحَى إلَىَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِى الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أفَلَا تَتَفَكَّرُونَ» . (4)

الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ لِبِلالٍ _: لَقَد نَزَلَت عَلَيَّ اللَّيلَةَ آيَةٌ ، وَيلٌ لِمَن قَرَأها ولَم يَتَفَكَّر فيها : «إنَّ فِى خَلْقِ السَّمَ_وَ تِ ... » (5) _ الآيَةَ كُلَّها _ . (6)

عنه صلى الله عليه و آله :أصدَقُ المُؤمِنينَ إيمانا أشَدُّهُم تَفَكُّرا في أمرِ الدُّنيا وَالآخِرَةِ. (7)

التمحيص :رُوِيَ أنَّ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله قالَ : لا يَكمُلُ المُؤمِنُ إيمانُهُ حَتّى يَحتَوِيَ عَلى مِئَةٍ وثَلاثِ خِصالٍ : فِعلٍ ، وعَمَلٍ ، ونِيَّةٍ ، وباطِنٍ ، وظاهِرٍ .

.


1- .الرعد : 3 .
2- .يونس : 24 .
3- .الغاشية : 17 _ 20 .
4- .الأنعام : 50 .
5- .آل عمران : 190 .
6- .صحيح ابن حبّان : ج 2 ص 387 ح 620 ، الفردوس : ج 4 ص 400 ح 7158 كلاهما عن عائشة ، تفسير ابن كثير : ج 2 ص 164 عن ابن عمر ، كنز العمّال : ج 1 ص 570 ح 2576 .
7- .أعلام الدين : ص 273 .

ص: 214

فَقالَ أميرُالمُؤمِنينَ عَلِيٌّ عليه السلام : يا رَسولَ اللّهِ ، ما يَكونُ المِئَةُ وثَلاثُ خِصالٍ؟ فَقالَ : يا عَلِيُّ ، مِن صِفاتِ المُؤمِنِ أن يَكونَ جَوّالَ الفِكرِ.... (1)

رسول اللّه صلى الله عليه و آله :لا عِبادَةَ مِثلُ التَّفَكُّرِ. (2)

عنه صلى الله عليه و آله :تَفَكُّرُ ساعَةٍ خَيرٌ مِن قِيامِ لَيلَةٍ. (3)

عنه صلى الله عليه و آله :فِكرُ ساعَةٍ خَيرٌ مِن عِبادَةِ سَنَةٍ. (4)

عنه صلى الله عليه و آله :فِكرَةُ ساعَةٍ خَيرٌ مِن عِبادَةِ سِتّينَ ساعَةً. (5)

الإمام عليّ عليه السلام :الفِكرُ عِبادَةٌ. (6)

عنه عليه السلام :فِكرُ ساعَةٍ قَصيرَةٍ خَيرٌ مِن عِبادَةٍ طَويلَةٍ. (7)

.


1- .التمحيص : ص 74 ح 171 ، بحار الأنوار : ج 67 ص 310 ح 45 .
2- .كتاب من لا يحضره الفقيه : ج 4 ص 372 ح 5762 عن حمّاد بن عمرو وأنس بن محمّد عن أبيه جميعا عن الإمام الصادق عن أبيه عن جدّه عن الإمام عليّ عليهم السلام ، الكافي : ج 8 ص 20 ح 4 عن جابر بن يزيد عن الإمام الباقر عن الإمام عليّ عليهماالسلام ، التوحيد : ص 376 ح 20 عن وهب بن وهب عن الإمام الصادق عن آبائه عليهم السلام عنه صلى الله عليه و آله ، بحار الأنوار : ج 1 ص 94 ح 24 ؛ المعجم الكبير : ج 3 ص 69 ح 2288 ، مسند الشهاب : ج 2 ص 39 ح 836 و 838 ، تاريخ دمشق : ج 13 ص 256 ح 3269 كلّها عن الحارث الأعور عن الإمام عليّ عليه السلام عنه صلى الله عليه و آله ، كنز العمّال : ج 16 ص 121 ح 44136 .
3- .الزهد للحسين بن سعيد : ص 15 ح 29 ، المحاسن : ج 1 ص 94 ح 56 ، مشكاة الأنوار : ص 81 ح 155 كلّها عن الحسن الصيقل عن الإمام الصادق عليه السلام ، بحار الأنوار : ج 71 ص 325 ح 16؛ المصنّف لابن أبي شيبة : ج 8 ص 258 ح 37 عن الحسن من دون إسنادٍ إلى النبيّ صلى الله عليه و آله ، تنبيه الغافلين : ص 570 ح 919 عن أبي الدرداء وفيه «تفكّر ساعة لي ...» ، كنز العمّال : ج 3 ص 696 ح 8492 .
4- .عوالي اللآلي : ج 2 ص 57 ح 152 ، الفقه المنسوب إلى الإمام الرضا عليه السلام : ص 380 عن الإمام الكاظم عليه السلام ، مصباح الشريعة : ص 171 و 456 ، بحار الأنوار : ج 71 ص 326 ح 20؛ تفسير القرطبي : ج 4 ص 314 ، تنبيه الغافلين : ص 22 ح 1 وفيهما «تفكّر» بدل «فكر» .
5- .العظمة : ص 33 ح 44 عن أبي هريرة ، كنز العمّال : ج 3 ص 106 ح 5710 .
6- .غرر الحكم : ح 34 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 35 ح 682 .
7- .غرر الحكم : ح 6537 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 358 ح 6072 .

ص: 215

الإمام الصادق عليه السلام :تَفَكُّرُ ساعَةٍ خَيرٌ مِن عِبادَةِ سَنَةٍ ، قالَ اللّهُ : «إنَّمَا يَتَذَكَّرُ اُوْلُواْ الْأَلْبَ_بِ» (1) . (2)

رسول اللّه صلى الله عليه و آله :التَّفَكُّرُ حَياةُ قَلبِ البَصيرِ كَما يَمشِي المُستَنيرُ فِي الظُّلُماتِ بِالنّورِ ، فَعَلَيكُم بِحُسنِ التَّخَلُّصِ وقِلَّةِ التَّرَبُّصِ. (3)

عنه صلى الله عليه و آله :لا عِلمَ كَالتَّفَكُّرِ. (4)

الإمام عليّ عليه السلام :بِالفِكرِ تَنجَلي غَياهِبُ (5) الاُمورِ. (6)

عنه عليه السلام :عَلَيكَ بِالفِكرِ؛ فَإِنَّهُ رُشدٌ مِنَ الضَّلالِ ، ومُصلِحُ الأَعمالِ. (7)

عنه عليه السلام :الفِكرُ يَهدي إلَى الرُّشدِ. (8)

عنه عليه السلام :الفِكرُ يَهدي. (9)

عنه عليه السلام :الفِكرُ إحدَى الهِدايَتَينِ . (10)

.


1- .الزمر : 9 ، الرعد : 19 .
2- .تفسير العيّاشي : ج 2 ص 208 ح 26 عن أبي العبّاس ، بحار الأنوار : ج 71 ص 327 ح 22 .
3- .الكافي : ج 2 ص 599 ح 2 عن السكوني عن الإمام الصادق عن آبائه عليهم السلام و ج 1 ص 28 ح 34 عن يحيى بن عمران عن الإمام الصادق عن الإمام عليّ عليهماالسلام وفيه «الماشي» بدل «المستنير» ، النوادر للراوندي : ص 144 ح 197 عن الإمام الكاظم عن آبائه عليهم السلام عنه صلى الله عليه و آله ، العُدد القويّة : ص 38 ح 49 ، نزهة الناظر : ص 73 ح 18 وليس فيهما ذيله من «بحسن ...» وكلاهما عن الإمام الحسن عليه السلام ، بحار الأنوار : ج 92 ص 17 ح 17 .
4- .نزهة الناظر : ص 13 ح 20 ، نهج البلاغة : الحكمة 113 ، روضة الواعظين : ص 15 وفيه «كالنظر» بدل «كالتفكّر» وكلاهما عن الإمام عليّ عليه السلام ، بحار الأنوار : ج 69 ص 409 ح 122 .
5- .الغَيْهَبُ : الظلام (النهاية : ج 3 ص 398) .
6- .غرر الحكم : ح 4322 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 189 ح 3903 .
7- .غرر الحكم : ح 6132 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 334 ح 5692 .
8- .غرر الحكم : ح 707 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 50 ح 1299 .
9- .غرر الحكم : ح 20 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 36 ح 731 .
10- .غرر الحكم : ح 1616 .

ص: 216

عنه عليه السلام_ في وَصِيَّتِهِ للحُسَينِ عليه السلام _: أي بُنَيَّ ! الفِكرَةُ تورِثُ نورا ، وَالغَفلَةُ ظُلمَةً. (1)

عنه عليه السلام :الفِكرُ يُنيرُ اللُّبَّ. (2)

عنه عليه السلام :الفِكرُ جِلاءُ العُقولِ. (3)

عنه عليه السلام :مَن طالَت فِكرَتُهُ حَسُنَت بَصيرَتُهُ. (4)

عنه عليه السلام :أفكِر (5) تَستَبصِر. (6)

عنه عليه السلام :تَفَكُّرُكَ يُفيدُكَ الاِستِبصارَ ، ويُكسِبُكَ الاِعتِبارَ. (7)

عنه عليه السلام :مَن تَفَكَّرَ أبصَرَ. (8)

الإمام الحسن عليه السلام :عَلَيكُم بِالفِكرِ ؛ فَإِنَّهُ حَياةُ قَلبِ البَصيرِ ، ومَفاتيحُ أبوابِ الحِكمَةِ. (9)

عنه عليه السلام :عَجَبٌ لِمَن يَتَفَكَّرُ في مَأكولِهِ كَيفَ لا يَتَفَكَّرُ في مَعقولِهِ! فَيُجَنِّبُ بَطنَهُ ما يُؤذيهِ ويودِعُ صَدرَهُ ما يُرديهِ (10) . (11)

.


1- .تحف العقول : ص 89 و 100 ، نزهة الناظر : ص 62 ح 43 ، بحار الأنوار : ج 77 ص 237 ح 1 .
2- .غرر الحكم : ح 369 .
3- .غرر الحكم : ح 935 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 23 ح 195 .
4- .غرر الحكم : ح 8319 .
5- .أفكر : قد فَكَرَ في الشيء وأفكَرَ وتفكَّرَ بمعنىً (لسان العرب : ج 5 ص 65) .
6- .غرر الحكم : ح 2239 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 75 ح 1815 .
7- .غرر الحكم : ح 4574 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 199 ح 4036 .
8- .نهج البلاغة : الكتاب 31 ، تحف العقول : ص 79 ، كشف المحجّة : ص 231 ، بحار الأنوار : ج 77 ص 227 ح 2 ، دستور معالم الحكم : ص 28 .
9- .أعلام الدين : ص 297 ، بحار الأنوار : ج 78 ص 115 ح 12 .
10- .في المصدر : «يزكيه» ، والتصويب من بحار الأنوار .
11- .الدعوات للراوندي : ص 144 ح 375 ، بحار الأنوار : ج 1 ص 218 ح 43 .

ص: 217

3 / 3 الحثّ على التّفقّه

3 / 3الحَثُّ عَلَى التَّفَقُّهِالكتاب«وَهُوَ الَّذِى أنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَ حِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْايَ_تِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ» . (1)

«قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابا مِّن فَوْقِكُمْ أوْمِن تَحْتِ أرْجُلِكُمْ أوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعا وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْايَ_تِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ» . (2)

الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :قَلبٌ لَيسَ فيهِ شَيءٌ مِنَ الحِكمَةِ كَبَيتٍ خَرِبٍ ، فَتَعَلَّموا وعَلِّموا وتَفَقَّهوا ولا تَموتوا جُهّالاً؛ فَإِنَّ اللّهَ لا يَعذِرُ عَلَى الجَهلِ. (3)

عنه صلى الله عليه و آله :أيُّهَا النّاسُ! إنَّمَا العِلمُ بِالتَّعَلُّمِ ، وَالفِقهُ بِالتَّفَقُّهِ. (4)

عنه صلى الله عليه و آله :لِكُلِّ شَيءٍ دِعامَةٌ ، ودِعامَةُ الإِسلامِ الفِقهُ فِي الدّينِ. (5)

عنه صلى الله عليه و آله :لِكُلِّ شَيءٍ عِمادٌ ، وعِمادُ هذَا الدّينِ الفِقهُ. (6)

.


1- .الأنعام : 98 .
2- .الأنعام : 65 .
3- .كنز العمّال : ج 10 ص 147 ح 28750 عن ابن عمر نقلاً عن ابن السنّي .
4- .المعجم الكبير : ج 19 ص 395 ح 929 ، مسند الشاميّين : ج 1 ص 431 ح 758 ، تاريخ دمشق : ج 1 ص 266 ح 297 كلّها عن معاوية ، كنز العمّال : ج 10 ص 239 ح 29265 .
5- .شُعب الإيمان : ج 2 ص 267 ح 1716 ، تاريخ بغداد : ج 2 ص 402 الرقم 926 كلاهما عن أبي هريرة ، كنز العمّال : ج 1 ص 150 ح 28768 .
6- .سنن الدارقطني : ج 3 ص 79 ح 294 ، المعجم الأوسط : ج 6 ص 194 ح 6166 ، شُعب الإيمان : ج 2 ص 266 ح 1712 ، مسند الشهاب : ج 1 ص 151 ح 206 ، تاريخ دمشق : ص 51 ح 186 كلّها عن أبي هريرة ، كنز العمّال : ج 10 ص 148 ح 28752؛ عوالي اللآلي : ج 4 ص 59 ح 1 ، الأمالي للشجري : ج 1 ص 41 عن أبي هريرة ، بحار الأنوار : ج 1 ص 216 ح 30 .

ص: 218

عنه صلى الله عليه و آله :يَسيرُ الفِقهِ خَيرٌ مِن كَثيرِ العِبادَةِ . (1)

عنه صلى الله عليه و آله :أفضَلُ العِبادَةِ الفِقهُ. (2)

عنه صلى الله عليه و آله :خَيرُكُم فِي الإِسلامِ أحاسِنُكُم أخلاقا إذا فَقِهوا. (3)

عنه صلى الله عليه و آله :إنَّ أفضَلَ النّاسِ أفضَلُهُم عَمَلاً إذا فَقِهوا في دينِهِم. (4)

عنه صلى الله عليه و آله :النّاسُ مَعادِنُ؛ خِيارُهُم فِي الجاهِلِيَّةِ خِيارُهُم فِي الإِسلامِ إذا فَقِهوا. (5)

الإمام عليّ عليه السلام :أحسَنُ حِليَةِ المُؤمِنِ التَّواضُعُ ، وجَمالُهُ التَّعَفُّفُ ، وشَرَفُهُ التَّفَقُّهُ. (6)

الإمام الصادق عليه السلام :المُؤمِنُ لَهُ قُوَّةٌ في دينٍ ، وحَزمٌ في لينٍ ، وإيمانٌ في يَقينٍ ، وحِرصٌ في فِقهٍ (7) . (8)

.


1- .المعجم الكبير: ج1 ص136 ح286، الفردوس: ج5 ص488 ح8847 كلاهما عن عبدالرحمن بن عوف، المعجم الأوسط: ج8 ص302 ح8698، التاريخ الكبير: ج1 ص381 ح1216 كلاهما عن عبداللّه بن عمرو، الإصابة: ج2 ص400 ح2648 عن رجاء وفيالثلاثة الأخيرة «قليل» بدل«يسير»، كنزالعمّال: ج10 ص177 ح28921.
2- .الخصال : ص 30 ح 104 عن ابن عمر ، منية المريد : ص 374 ، روضة الواعظين : ص 10 ، بحار الأنوار : ج 70 ص 305 ح 20؛ المعجم الأوسط : ج 9 ص 107 ح 9264 ، المعجم الصغير : ج 2 ص 124 كلاهما عن ابن عمر ، مسند الشهاب : ج 2 ص 249 ح 1290 عن ابن عمر وابن عبّاس ، كنز العمّال : ج 10 ص 150 ح 28763 .
3- .مسند ابن حنبل : ج 3 ص 526 ح 10236 و ص 496 ح 10029 وفيه «خياركم» بدل «خيركم في الإسلام» وكلاهما عن أبي هريرة .
4- .المستدرك على الصحيحين : ج 2 ص 522 ح 3790 ، المعجم الكبير : ج 10 ص 220 ح 10531 ، المعجم الأوسط : ج 4 ص 377 ح 4479 كلّها عن عبداللّه بن مسعود ، كنز العمّال : ج 15 ص 890 ح 43525 .
5- .صحيح البخاري : ج 3 ص 1238 ح 3203 و ص 1288 ح 3305 ، صحيح مسلم : ج 4 ص 1958 ح 199 ، مسند ابن حنبل : ج 3 ص 69 ح 7499 و ص 344 ح 9090 وزاد في ذيله «في الدين» ، سنن الدارمي : ج 1 ص 78 ح 227 ، صحيح ابن حبّان : ج 13 ص 69 ح 5757 كلّها عن أبي هريرة ، المستدرك على الصحيحين : ج 3 ص 271 ح 5061 عن اُمّ سلمة ، كنز العمّال : ج 10 ص 153 ح 28781 .
6- .تحف العقول : ص 172 ، بحار الأنوار : ج 77 ص 413 ح 38 .
7- .في فقه : أي هو حريص في معرفة مسائل الدين ، أو حريص في العبادة مع معرفته لمسائل الدين (بحار الأنوار : ج 67 ص 273) .
8- .الكافي : ج 2 ص 231 ح 4 ، الخصال : ص 571 ح 2 عن أبي سليمان الحلواني ، بحار الأنوار : ج 67 ص 271 ح 3؛ كنز العمّال : ج 1 ص 140 ح 669 نقلاً عن الحكيم عن جندب بن عبداللّه وفيه «علم» بدل «فقه» .

ص: 219

3 / 4 التّحذير من ترك التّعقّل

3 / 4التَّحذيرُ مِن تَركِ التَّعَقُّلِالكتاب«وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِْنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أعْيُنٌ لَايُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ ءَاذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا اُوْلَئِكَ كَالأَْنْعَ_مِ بَلْ هُمْ أضَلُّ اُوْلَئِكَ هُمُ الْغَ_فِلُونَ» . (1)

«وَ يَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ» . (2)

«وَ مَن كَانَ فِى هَ_ذِهِ أعْمَى فَهُوَ فِى الْاخِرَةِ أعْمَى وَ أضَلُّ سَبِيلًا» . (3)

«اُفٍّ لَّكُمْ وَ لِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أفَلَا تَعْقِلُونَ» . (4)

«وَ قَالُواْ لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِى أصْحَ_بِ السَّعِيرِ» . (5)

«وَالَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُواْ وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا كَذَ لِكَ نَجْزِى كُلَّ كَفُورٍ* وَ هُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَ__لِحا غَيْرَ الَّذِى كُنَّا نَعْمَلُ أوَ لَمْ نُعَمِّرْكُم مَّايَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَ جَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُواْ فَمَا لِلظَّ__لِمِينَ مِن نَّصِيرٍ» . (6)

«أمْ تَحْسَبُ أنَّ أكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أوْ يَعْقِلُونَ إنْ هُمْ إلَا كَالْأَنْعَ_مِ بَلْ هُمْ أضَلُّ سَبِيلًا» . (7)

راجع : البقرة : 44 و 76 ، آل عمران : 65 ، يونس : 16 ، العنكبوت : 35 و 43 ، الصافّات : 138 ، فاطر : 37 ، الجاثية : 23 ، الأحقاف : 26 .

الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :اِستَرشِدُوا العَقلَ تَرشُدوا ، ولا تَعصوهُ فَتَندَموا. (8)

.


1- .الأعراف : 179 .
2- .يونس : 100 .
3- .الإسراء : 72 .
4- .الأنبياء : 67 .
5- .الملك : 10 .
6- .فاطر : 36 و 37 .
7- .الفرقان : 44 .
8- .كنز الفوائد : ج 2 ص 31 ، بحار الأنوار : ج 1 ص 96 ح 41 .

ص: 220

الإمام عليّ عليه السلام :مَن عَجَزَ عَن حاضِرِ لُبِّهِ فَهُوَ عَن غائِبِهِ أعجَزُ. (1)

عنه عليه السلام :العاقِلُ يَتَّعِظُ بِالأَدَبِ ، وَالبَهائِمُ لا تَرتَدِعُ إلّا بِالضَّربِ. (2)

عنه عليه السلام :إنَّ الزُّهدَ فِي الجَهلِ بِقَدرِ الرَّغبَةِ فِي العَقلِ. (3)

عنه عليه السلام :مَن قَعَدَ بِهِ العَقلُ قامَ بِهِ الجَهلُ. (4)

عنه عليه السلام :نَعوذُ بِاللّهِ مِن سُباتِ العَقلِ وقُبحِ الزَّلَلِ (5) .

عنه عليه السلام :مَن لا يَعقِل يَهُن ، ومَن يَهُن لا يُوَقَّر. (6)

عنه عليه السلام_ في كلامٍ لَهُ _: أيَّتُهَا النُّفوسُ المُختَلِفَةُ ، وَالقُلوبُ المُتَشَتِّتَةُ ، الشّاهِدَةُ أبدانُهُم ، وَالغائِبَةُ عَنهُم عُقولُهُم ، أظأَرُكُم عَلَى الحَقِّ وأنتُم تَنفِرونَ عَنهُ نُفورَ المِعزى مِن وَعوَعَةِ الأَسَدِ ! (7)

عنه عليه السلام_ مِن كَلامٍ لَهُ لِأَصحابِهِ _: أيُّهَا القَومُ ، الشّاهِدَةُ أبدانُهُمُ ، الغائِبَةُ عَنهُم عُقولُهُمُ ، المُختَلِفَةُ أهواؤُهُمُ ، المُبتَلى بِهِم اُمَراؤُهُم ، صاحِبُكُم يُطيعُ اللّهَ وأنتُم تَعصونَهُ ، وصاحِبُ أهلِ الشّامِ يَعصِي اللّهَ وهُم يُطيعونَهُ ! (8)

الإمام الصادق عليه السلام :إذا أرادَ اللّهُ أن يُزيلَ مِن عَبدٍ نِعمَةً كانَ أوَّلُ ما يُغَيِّرُ مِنهُ عَقلَهُ. (9)

.


1- .غرر الحكم : ح 8209 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 445 ح 7812 وفيه «لم ينفعه» بدل «عجز» .
2- .غرر الحكم : ح 10352 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 143 ح 3205 .
3- .غرر الحكم : ح 3444 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 150 ح 3293 .
4- .غرر الحكم : ح 8701 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 461 ح 8381 ، بحار الأنوار : ج 40 ص 164 .
5- .نهج البلاغة : الخطبة 224 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 498 ح 9174 نحوه ، بحار الأنوار : ج 41 ص 163 ح 57 .
6- .غرر الحكم : ح 7927 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 454 ح 8158 ، بحار الأنوار : ج 77 ص 283 ح 1 .
7- .نهج البلاغة : الخطبة 131 ، الإرشاد : ج 1 ص 279 ، الاحتجاج : ج 1 ص 411 ح 89 وفيهما «أيّها الشاهدة أبدانهم ، الغائبة عنهم عقولهم» فقط ، بحار الأنوار : ج 77 ص 295 ح 3 .
8- .نهج البلاغة : الخطبة 97 .
9- .الاختصاص: ص245، بحارالأنوار: ج1ص94ح20؛ شرح نهج البلاغة: ج20ص301ح445عن الإمام عليّ عليه السلام .

ص: 221

الإمام الكاظم عليه السلام_ لِهِشامِ بنِ الحَكَمِ _: يا هِشامُ ، إنَّ اللّهَ تَبارَكَ وتَعالى أكمَلَ لِلنّاسِ الحُجَجَ بِالعُقولِ ... ثُمَّ وَعَظَ أهلَ العَقلِ ورَغَّبَهُم فِي الآخِرَةِ فَقالَ : «وَمَا الْحَيَوةُ الدُّنْيَا إلَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْاخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أفَلَا تَعْقِلُونَ» . (1) يا هِشامُ ، ثُمَّ خَوَّفَ الَّذينَ لا يَعقِلونَ عِقابَهُ فَقالَ تَعالى : «ثُمَّ دَمَّرْنَا الْاخَرِينَ * وَ إنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِم مُّصْبِحِينَ * وَ بِالَّيْلِ أفَلَا تَعْقِلُونَ» . (2) وقالَ : «إنَّا مُنزِلُونَ عَلَى أهْلِ هَ_ذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزا مِّنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ * وَ لَقَد تَّرَكْنَا مِنْهَا ءَايَة بَيِّنَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ» . (3) يا هِشامُ ، إنَّ العَقلَ مَعَ العِلمِ فَقالَ : «وَ تِلْكَ الْأَمْثَ_لُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَ مَا يَعْقِلُهَا إلَا الْعَ__لِمُونَ» . (4) يا هِشامُ ، ثُمَّ ذَمَّ الَّذينَ لا يَعقِلونَ فَقالَ : «وَ إذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُواْ مَا أنزَلَ اللَّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا ألْفَيْنَا عَلَيْهِ ءَابَاءَنَا أوَ لَوْ كَانَ ءَابَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْ_ئا وَ لَا يَهْتَدُونَ » . (5) وقالَ : «وَ مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِى يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إلَا دُعَاءً وَ نِدَاءً صُمّ بُكْمٌ عُمْىٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ» . (6) وقالَ : «وَ مِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُونَ (7) إلَيْكَ أفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَ لَوْ كَانُواْ لَا يَعْقِلُونَ» . (8) وقالَ : «أمْ تَحْسَبُ أنَّ أكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أوْ يَعْقِلُونَ إنْ هُمْ إلَا كَالْأَنْعَ_مِ بَلْ هُمْ أضَلُّ سَبِيلًا» . (9) وقالَ : «لَا يُقَ_تِلُونَكُمْ جَمِيعا إلَا فِى قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أوْ مِن وَرَاءِ

.


1- .الأنعام: 32 .
2- .الصافّات: 136 _ 138 .
3- .العنكبوت : 34 و 35 .
4- .العنكبوت : 43 .
5- .البقرة : 170 .
6- .البقرة : 171 .
7- .في المصدر «يستمع» وهو تصحيف .
8- .يونس : 42 .
9- .الفرقان : 44 .

ص: 222

جُدُر بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعا وَ قُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَ لِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ» . (1) وقالَ : «وَ تَنسَوْنَ أنفُسَكُمْ وَ أنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَ_بَ أفَلَا تَعْقِلُونَ» . (2) يا هِشامُ ، ثُمَّ ذَمَّ اللّهُ الكَثرَةَ فَقالَ : «وَإن تُطِعْ أكْثَرَ مَن فِى الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ» . (3) وقالَ : «وَ لَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَ_وَ تِ وَ الْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ» . (4) وقالَ : «وَ لَئِن سَأَلْتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ» . (5) يا هِشامُ ، ثُمَّ مَدَحَ القِلَّةَ فَقالَ : «وَ قَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِىَ الشَّكُورُ» . (6) وقالَ : «وَ قَلِيلٌ مَّا هُمْ» . (7) وقالَ : «وَ قَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ ءَالِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إيمَ_نَهُ أتَقْتُلُونَ رَجُلًا أن يَقُولَ رَبِّىَ اللَّهُ» . (8) وقالَ : «مَنْ ءَامَنَ وَ مَا ءَامَنَ مَعَهُ إلَا قَلِيلٌ» . (9) وقالَ : «وَلَ_كِنَّ أكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ» . (10) وقالَ : «وَأكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ» (11) . (12)

الإمام الرضا عليه السلام :لا يُعبَأُ بِأَهلِ الدّينِ مِمَّن لا عَقلَ لَهُ. (13)

.


1- .الحشر: 14 .
2- .البقرة: 44 .
3- .الأنعام: 116 .
4- .لقمان : 25 .
5- .العنكبوت: 63 .
6- .سبأ: 13 .
7- .ص : 24 .
8- .غافر: 28 .
9- .هود : 40 .
10- .الأنعام: 37 .
11- .المائدة: 103 .
12- .الكافي : ج 1 ص 13 و ص 14 ح 12 عن هشام بن الحكم ، بحار الأنوار : ج 1 ص 135 ح 30 .
13- .الكافي : ج 1 ص 27 ح 32 عن الحسن بن الجهم .

ص: 223

3 / 5 حجّيّة العقل

الكافي عن إسحاق بن عمّار عن الإمام الصادق عليه السلام ، قال :قُلتُ لَهُ : جُعِلتُ فِداكَ ، إنَّ لي جارا كَثيرَ الصَّلاةِ كَثيرَ الصَّدَقَةِ كَثيرَ الحَجِّ لا بَأسَ بِهِ . فَقالَ : يا إسحاقُ ، كَيفَ عَقلُهُ ؟ قُلتُ لَهُ : جُعِلتُ فِداكَ ، لَيسَ لَهُ عَقلٌ . فَقالَ : لا يُرتَفَعُ بِذلِكَ مِنهُ. (1)

راجع : ص 341 (ذمّ الجهل) .

3 / 5حُجِّيَّةُ العَقلِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :كُن مَعَ الحَقِّ حَيثُ كانَ ، ومَيِّز مَا اشتَبَهَ عَلَيكَ بِعَقلِكَ ؛ فَإِنَّه حُجَّةُ اللّهِ عَلَيكَ ووَديعَتُهُ (2) فيكَ وبَرَكاتُهُ (3) عِندَكَ. (4)

الإمام عليّ عليه السلام :العَقلُ رَسولُ الحَقِّ. (5)

عنه عليه السلام :العَقلُ شَرعٌ مِن داخِلٍ ، وَالشَّرعُ عَقلٌ مِن خارِجٍ. (6)

الإمام الصادق عليه السلام :حُجَّةُ اللّهِ عَلَى العِبادِ النَّبِيُّ ، وَالحُجَّةُ فيما بَينَ العِبادِ وبَينَ اللّهِ العَقلُ. (7)

الإمام الكاظم عليه السلام_ لِهِشامِ بنِ الحَكَمِ _: يا هِشامُ ، إنَّ للّهِِ عَلَى النّاسِ حُجَّتَينِ :

.


1- .الكافي : ج 1 ص 24 ح 19 .
2- .في المصدر «وديعة» ، وما أثبتناه من جواهر المطالب .
3- .في جواهر المطالب : «برهانُهُ» بدل «بركاتُهُ» .
4- .الفردوس : ج 5 ص 318 ح 8307 ، كشف الخفاء : ج 2 ص 135 ح 2025 كلاهما عن الإمام عليّ عليه السلام عنه صلى الله عليه و آله ، جواهر المطالب : ج 2 ص 148 .
5- .غرر الحكم : ح 272 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 27 ح 354 .
6- .مجمع البحرين : ج 2 ص 1249.
7- .الكافي : ج 1 ص 25 ح 22 عن عبداللّه بن سنان .

ص: 224

3 / 6 دور العقل في حساب الأعمال

حُجَّةً ظاهِرَةً وحُجَّةً باطِنَةً ، فَأَمَّا الظّاهِرَةُ فَالرُّسُلُ وَالأَنبِياءُ وَالأَئِمَّةُ عليهم السلام ، وأمَّا الباطِنَةُ فَالعُقولُ. (1)

عنه عليه السلام_ أيضا _: يا هِشامُ ، إنَّ اللّهَ تَبارَكَ وتَعالى أكمَلَ لِلنّاسِ الحُجَجَ بِالعُقولِ ، ونَصَرَ النَّبِيّينَ بِالبَيانِ ، ودَلَّهُم عَلى رُبوبِيَّتِهِ بِالأَدِلَّةِ. (2)

الكافي عن أبي يعقوب البغداديّ :قالَ ابنُ السِّكّيتِ لِأَبِي الحَسَنِ عليه السلام : ... تَاللّهِ ما رَأيتُ مِثلَكَ قَطُّ ، فَمَا الحُجَّةُ عَلَى الخَلقِ اليَومَ ؟ قالَ : فَقالَ عليه السلام : العَقلُ ، يُعرَفُ بِهِ الصّادِقُ عَلَى اللّهِ فَيُصَدِّقُهُ ، وَالكاذِبُ عَلَى اللّهِ فَيُكَذِّبُهُ . قالَ : فَقالَ ابنُ السِّكّيتِ : هذا وَاللّهِ هُوَ الجَوابُ. (3)

3 / 6دَورُ العَقلِ في حِسابِ الأَعمالِالإمام عليّ عليه السلام :إنَّ اللّهَ عز و جل يُحاسِبُ العِبادَ عَلى قَدرِ ما آتاهُم مِنَ العُقولِ في دارِ الدُّنيا. (4)

الإمام الباقر عليه السلام_ في ذِكرِ بَعضِ ما أنزَلَ اللّهُ عَلى موسَى بنِ عِمرانَ عليه السلام _: فَانحَطَّ عَلَيهِ الوَحيُ ... فَقالَ لَهُ: أنَا اُؤاخِذُ عِبادي عَلى قَدرِ ما أعطَيتُهُم مِنَ العَقلِ. (5)

.


1- .الكافي : ج 1 ص 16 ح 12 عن هشام بن الحكم ، تحف العقول : ص 386 ، بحار الأنوار : ج 1 ص 137 .
2- .الكافي : ج 1 ص 13 ح 12 ، تحف العقول : ص 384 وفيه «أفضى إليهم» بدل «نصر النبيّين» ، بحار الأنوار : ج 1 ص 132 ح 30.
3- .الكافي : ج 1 ص 24 _ 25 ح 20 ، علل الشرائع : ص 122 ح 6 ، تحف العقول : ص 450 ، الاحتجاج : ج 2 ص 438 ح 309 ، بحار الأنوار : ج 11 ص 70 ح 1 .
4- .الاُصول الستّة عشر : ص 4 ، بحار الأنوار : ج 2 ص 184 ح 4 .
5- .المحاسن : ج 1 ص 308 ح 608 عن عبيداللّه بن الوليد الوصّافي عن الإمام الباقر عليه السلام ، بحار الأنوار : ج 1 ص 91 ح 11 .

ص: 225

3 / 7 دور العقل في جزاء الأعمال

عنه عليه السلام :إنَّما يُداقُّ اللّهُ العِبادَ فِي الحِسابِ يَومَ القِيامَةِ عَلى قَدرِ ما آتاهُم مِنَ العُقولِ فِي الدُّنيا. (1)

عنه عليه السلام :إنّي نَظَرتُ في كِتابٍ لِعَلِيٍّ عليه السلام ، فَوَجَدتُ فِي الكِتابِ : إنَّ قيمَةَ كُلِّ امرِىً وقَدرَهُ مَعرِفَتُهُ ، إنَّ اللّهَ تَبارَكَ وتَعالى يُحاسِبُ النّاسَ عَلى قَدرِ ما آتاهُم مِنَ العُقولِ في دارِ الدُّنيا. (2)

راجع: ص 173 ح 10 .

3 / 7دَورُ العَقلِ في جَزاءِ الأَعمالِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :إذا بَلَغَكُم عَن رَجُلٍ حُسنُ حالٍ فَانظُروا في حُسنِ عَقلِهِ ، فَإِنَّما يُجازى بِعَقلِهِ. (3)

عنه صلى الله عليه و آله :إذا رَأيتُمُ الرَّجُلَ كَثيرَ الصَّلاةِ كَثيرَ الصِّيامِ ، فَلا تُباهوا بِهِ حَتّى تَنظُروا كَيفَ عَقلُهُ. (4)

عنه صلى الله عليه و آله :إنَّ الرَّجُلَ لَيَكونُ مِن أهلِ الصَّلاةِ وَالزَّكاةِ وَالحَجِّ وَالعُمرَةِ وَالجِهادِ ، وما يُجزى يَومَ القِيامَةِ إلّا بِقَدرِ عَقلِهِ. (5)

.


1- .الكافي : ج 1 ص 11 ح 7 ، المحاسن : ج 1 ص 310 ح 614 كلاهما عن أبي الجارود ، بحار الأنوار : ج 7 ص 267 ح 32 .
2- .معاني الأخبار: ص 1 ح 2 عن بريد الرزّاز عن الإمام الصادق عليه السلام ، الاُصول الستّة عشر : ص 3 عن زيد عن الإمام الصادق عليه السلام وفيه «زنة» بدل «قيمة» ، بحار الأنوار : ج 1 ص 106 ح 2 .
3- .الكافي : ج 1 ص 12 ح 9 عن السكوني عن الإمام الصادق عليه السلام ، المحاسن : ج 1 ص 310 ح 612 عن السكوني عن الإمام الصادق عن آبائه عليهم السلام عنه صلى الله عليه و آله ، مشكاة الأنوار : ص 436 ح 1457 عن الإمام الصادق عليه السلام عنه صلى الله عليه و آله ، الجعفريّات : ص 148 عن الإمام الكاظم عن آبائه عليهم السلام عنه صلى الله عليه و آله ، بحار الأنوار : ج 1 ص 93 ح 24 .
4- .الكافي : ج 1 ص 26 ح 28 عن الإمام الصادق عليه السلام .
5- .المعجم الأوسط : ج 3 ص 251 ح 3057 ، تاريخ بغداد : ج 13 ص 79 و ج 2 ص 200 كلاهما نحوه وكلّها عن ابن عمر ، كنزالعمّال : ج 3 ص 382 ح 7050 ؛ مجمع البيان : ج 10 ص 487 نحوه .

ص: 226

عنه صلى الله عليه و آله :الجَنَّةُ مِئَةُ دَرَجَةٍ ، تِسعٌ وتِسعونَ دَرَجَةً لِأَهلِ العَقلِ ، ودَرَجَةٌ لِسائِرِ النّاسِ الَّذينَ هُم دونَهُم. (1)

عنه صلى الله عليه و آله :تَعَبَّدَ رَجُلٌ في صَومَعَةٍ ، فَمَطَرَتِ السَّماءُ ، فَأَعشَبَتِ الأَرضُ ، فَرَأى حِمارا يَرعى ، فَقالَ : رَبِّ لَو كانَ لَكَ حِمارٌ لَرَعَيتُهُ مَعَ حِماري . فَبَلَغَ ذلِكَ نَبِيًّا مِن أنبِياءِ بَني إسرائيلَ ، فَأَرادَ أن يَدعُوَ عَلَيهِ ، فَأَوحَى اللّهُ إلَيهِ : إنَّما اُجازِي العِبادَ عَلى قَدرِ عُقولِهِم. (2)

تحف العقول:أثنى قَومٌ بِحَضرَتِهِ [ صلى الله عليه و آله ] عَلى رَجُلٍ حَتّى ذَكَروا جَميعَ خِصالِ الخَيرِ فَقالَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : كَيفَ عَقلُ الرَّجُلِ ؟ فَقالوا : يا رَسولَ اللّهِ ، نُخبِرُكَ عَنهُ بِاجتِهادِهِ فِي العِبادَةِ وأصنافِ الخَيرِ تَسأَلُنا عَن عَقلِهِ ؟! فَقالَ صلى الله عليه و آله : إنَّ الأَحمَقَ يُصيبُ بِحُمقِهِ أعظَمَ مِن فُجورِ الفاجِرِ ، وإنَّما يَرتَفِعُ العِبادُ غَدا فِي الدَّرَجاتِ ويَنالونَ الزُّلفى مِن رَبِّهِم عَلى قَدرِ عُقولِهِم. (3)

رسول اللّه صلى الله عليه و آله_ لَمّا وَصَفوا عِندَهُ رَجُلًا بِحُسنِ عِبادَتِهِ _: اُنظُروا إلى عَقلِهِ فَإِنَّما يُجزَى العِبادُ يَومَ القِيامَةِ عَلى قَدرِ عُقولِهِم. (4)

الإمام الباقر عليه السلام :كانَ يَرى موسَى بنُ عِمرانَ عليه السلام رَجُلًا مِن بَني إسرائيلَ يُطَوِّلُ سُجودَهُ ويُطَوِّلُ سُكوتَهُ ، فَلا يَكادُ يَذهَبُ إلى مَوضِعٍ إلّا وهُوَ مَعَهُ ، فَبَينا هُوَ يَوما مِنَ

.


1- .حلية الأولياء : ج 4 ص 139 عن عمر ، كنز العمّال : ج 3 ص 384 ح 7063 .
2- .شُعب الإيمان : ج 4 ص 156 ح 4640 ، تاريخ بغداد : ج 4 ص 13 و ص 46 نحوه وكلّها عن جابر بن عبداللّه وراجع الفردوس : ج 2 ص 16 ح 2114 ؛ بحار الأنوار : ج 64 ص 196 .
3- .تحف العقول : ص 54 ، مجمع البيان : ج 10 ص 487 عن أنس نحوه ، بحار الأنوار : ج 77 ص 158 ح 144 ؛ ربيع الأبرار : ج 3 ص 137 عن أنس .
4- .إرشاد القلوب : ص 199 .

ص: 227

الأَيّامِ في بَعضِ حَوائِجِهِ إذ مَرَّ عَلى أرضٍ مُعشِبَةٍ تَزهو وتَهتَزُّ . قالَ : فَتَأَوَّهَ الرَّجُلُ. فَقالَ لَهُ موسى : عَلى ماذا تَأَوَّهتَ ؟ قالَ : تَمَنَّيتُ أن يَكونَ لِرَبّي حِمارٌ أرعاهُ هاهُنا . قالَ : فَأَكَبَّ موسى عليه السلام طَويلًا بِبَصَرِهِ عَلَى الأَرضِ اغتِماما بِما سَمِعَ مِنهُ . قالَ : فَانحَطَّ عَلَيهِ الوَحيُ ، فَقالَ لَهُ : مَا الَّذي أكبَرتَ مِن مَقالَةِ عَبدي ؟! أنَا اُؤاخِذُ عِبادي عَلى قَدرِ ما أعطَيتُهُم مِنَ العَقلِ. (1)

الكافي عن سليمان الدّيلميّ :قُلتُ لِأَبي عَبدِاللّهِ عليه السلام : فُلانٌ مِن عِبادَتِهِ ودينِهِ وفَضلِهِ! (2) فَقالَ : كَيفَ عَقلُهُ ؟ قُلتُ : لا أدري . فَقالَ: إنَّ الثَّوابَ عَلى قَدرِ العَقلِ، إنَ رَجُلًا مِن بَنيإسرائيلَ كانَ يَعبُدُ اللّهَ فيجَزيرَةٍ مِن جَزائِرِ البَحرِ خَضراءَ نَضِرَةٍ كَثيرَةِ الشَّجَرِ ظاهِرَةِ الماءِ ، وإنَّ مَلَكا مِنَ المَلائِكَةِ مَرَّ بِهِ فَقالَ : يا رَبِّ ، أرِني ثَوابَ عَبدِكَ هذا ، فَأَراهُ اللّهُ تَعالى ذلِكَ ، فَاستَقَلَّهُ المَلَكُ ، فَأَوحَى اللّهُ تَعالى إلَيهِ : أنِ اصحَبهُ ، فَأَتاهُ المَلَكُ في صورَةِ إنسِيٍّ ، فَقالَ لَهُ : مَن أنتَ ؟ قالَ : أنَا رَجُلٌ عابِدٌ ، بَلَغَني مَكانُكَ وعِبادَتُكَ في هذَا المَكانِ فَأَتَيتُكَ لِأَعبُدَ اللّهَ مَعَكَ . فَكانَ مَعَهُ يَومَهُ ذلِكَ . فَلَمّا أصبَحَ قالَ لَهُ المَلَكُ : إنَّ مَكانَكَ لَنَزِهٌ ، وما يَصلُحُ إلّا لِلعِبادَةِ . فَقالَ لَهُ العابِدُ : إنَّ لِمَكانِنا هذا عَيبا .

.


1- .المحاسن : ج 1 ص 308 ح 608 عن عبيداللّه بن الوليد الوصّافي ، بحار الأنوار : ج 1 ص 91 ح 21 وراجع عيون الأخبار لابن قتيبة : ج 2 ص 38 .
2- .الظاهر أنّه بتقدير خبر محذوف ؛ أي : عظيم ومرضيّ . وفي الأمالي للصدوق : «كذا وكذا» .

ص: 228

فَقالَ لَهُ : وما هُوَ ؟ قالَ : لَيسَ لِرَبِّنا بَهيمَةٌ ، فَلَو كانَ لَهُ حِمارٌ رَعَيناهُ في هذَا المَوضِعِ ، فَإِنَّ هذَا الحَشيشَ يَضيعُ ! فَقالَ لَهُ ذلِكَ المَلَكُ : وما لِرَبِّكَ حِمارٌ ؟ فَقالَ : لَو كانَ لَهُ حِمارٌ ما كانَ يَضيعُ مِثلُ هذَا الحَشيشِ . فَأَوحَى اللّهُ إلَى المَلَكِ : إنَّما اُثيبُهُ عَلى قَدرِ عَقلِهِ. (1)

راجع: ص 190 (خير المواهب) .

.


1- .الكافي : ج 1 ص 12 ح 8 ، الأمالي للصدوق : ص 504 ح 693 نحوه ، بحار الأنوار : ج 14 ص 506 ح 31 .

ص: 229

الفصل الرابع : أسباب تقوية العقل
4 / 1 ما يقوّي العقل
أ _ الوحي

الفصل الرابع : أسباب تقوية العقل4 / 1ما يُقَوِّي العَقلَأ _ الوَحيالكتاب«يَ_أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُم بُرْهَ_نٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأنزَلْنَا إلَيْكُمْ نُورا مُّبِينا» . (1)

«اللَّهُ وَلِىُّ الَّذِينَ ءَامَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّ_لُمَ_تِ إلَى النُّورِ وَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أوْلِيَاؤُهُمُ الطَّ_غُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إلَى الظُّ_لُمَ_تِ اُوْلَئِكَ أصْحَ_بُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَ__لِدُونَ» . (2)

«لَقَدْ أنزَلْنَا إلَيْكُمْ كِتَ_با فِيهِ ذِكْرُكُمْ أفَلَا تَعْقِلُونَ » . (3)

راجع : البقرة: 242 ، النور: 61 ، يوسف: 2 ، الزخرف: 3 .

الحديثالإمام عليّ عليه السلام :بَعَثَ فيهِم رُسُلَهُ وواتَرَ إلَيهِم أنبِياءَهُ ، لِيَستَأدوهُم ميثاقَ فِطرَتِهِ ،

.


1- .النساء : 174 .
2- .البقرة : 257 .
3- .الأنبياء : 10 .

ص: 230

ب _ العلم

ويُذَكِّروهُم مَنسِيَّ نِعمَتِهِ ، ويَحتَجّوا عَلَيهِم بِالتَّبليغِ ، ويُثيروا لَهُم دَفائِنَ العُقولِ. (1)

عنه عليه السلام_ في صِفَةِ بِعثَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله _: بَعَثَهُ بِالحَقِّ دالًا عَلَيهِ وهادِيا إلَيهِ ، فَهَدانا بِهِ مِنَ الضَّلالَةِ ، وَاستَنقَذَنا بِهِ مِنَ الجَهالَةِ. (2)

عنه عليه السلام :إنَّ اللّهَ تَبارَكَ وتَعالى شَرَعَ الإِسلامَ وسَهَّلَ شَرائِعَهُ لِمَن وَرَدَهُ ، وأعَزَّ أركانَهُ لِمَن حارَبَهُ ، وجَعَلَهُ عِزًّا لِمَن تَوَلّاهُ وسِلما لِمَن دَخَلَهُ... وفَهما لِمَن تَفَطَّنَ ويَقينا لِمَن عَقَلَ. (3)

عنه عليه السلام_ في خُطبَةٍ لَهُ _: ولَم يُخلِ اللّهُ سُبحانَهُ خَلقَهُ مِن نَبِيٍّ مُرسَلٍ أو كِتابٍ مُنزَلٍ ... إلى أن بَعَثَ اللّهُ سُبحانَهُ مُحَمَّدا رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله لِاءِنجازِ عِدَتِهِ ، وإتمامِ نُبُوَّتِهِ ، مَأخوذا عَلَى النَّبِيّينَ ميثاقُهُ ، مَشهورَةً سِماتُهُ ، كَريما ميلادُهُ ، وأهلُ الأَرضِ (الأَرَضينَ) يَومَئِذٍ مِلَلٌ مُتَفَرِّقَةٌ ، وأهواءٌ مُنتَشِرَةٌ ، وطَرائِقُ (طَوائِفُ) مُتَشَتِّتَةٌ ، بَينَ مُشَبِّهٍ للّهِِ بِخَلقِهِ ، أو مُلحِدٍ فِي اسمِهِ ، أو مُشيرٍ إلى غَيرِهِ ، فَهَداهُم بِهِ مِنَ الضَّلالَةِ ، وأنقَذَهُم بِمَكانِهِ مِنَ الجَهالَةِ. (4)

راجع : ج 2 ص 131 (الوحي) .

ب _ العِلمالكتاب«وَ تِلْكَ الْأَمْثَ_لُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَ مَا يَعْقِلُهَا إلَا الْعَ__لِمُونَ» . (5)

الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :إنَّ العِلمَ حَياةُ القُلوبِ مِنَ الجَهلِ ، وضِياءُ الأَبصارِ مِنَ الظُّلمةِ ،

.


1- .نهج البلاغة : الخطبة 1 ، بحار الأنوار : ج 11 ص 60 ح 70 .
2- .بحار الأنوار: ج 4 ص 266 ح 14 عن الحارث الأعور .
3- .الكافي : ج 2 ص 49 ح 1 عن الأصبغ بن نباتة ، بحار الأنوار : ج 68 ص 349 ح 18 .
4- .نهج البلاغة: الخطبة 1 ، بحار الأنوار: ج 18 ص 216 ح 48 .
5- .العنكبوت: 43.

ص: 231

ج _ الأدب

وَقُوَّةُ الأَبدانِ مِنَ الضَّعفِ. (1)

الإمام عليّ عليه السلام :إنَّكَ مَوزونٌ بِعَقلِكَ ، فَزَكِّهِ بِالعِلمِ. (2)

عنه عليه السلام :أعوَنُ الأَشياءِ عَلى تَزكِيَةِ العَقلِ التَّعليمُ. (3)

عنه عليه السلام :العَقلُ غَريزَةٌ تَزيدُ بِالعِلمِ وَالتَّجارِبِ. (4)

عنه عليه السلام :العِلمُ يَزيدُ العاقِلَ عَقلًا. (5)

الإمام الصادق عليه السلام :كَثرَةُ النَّظَرِ فِي الحِكمَةِ تَلقَحُ العَقلَ. (6)

عنه عليه السلام :كَثرَةُ النَّظَرِ فِي العِلمِ يَفتَحُ العَقلَ. (7)

الإمام الرّضا عليه السلام :مَن أبصَرَ فَهِمَ ، ومَن فَهِمَ عَقَلَ. (8)

راجع : ص 200 (العلم يحتاج إليه) و 249 (العلم والحكمة) .

ج _ الأَدَبرسول اللّه صلى الله عليه و آله :حُسنُ الأَدَبِ زينَةُ العَقلِ. (9)

الإمام عليّ عليه السلام :كُلُّ شَيءٍ يَحتاجُ إلَى العَقلِ ، وَالعَقلُ يَحتاجُ إلَى الأَدَبِ. (10)

.


1- .الأمالي للطوسي : ص 488 ح 1069 عن محمّد بن عليّ بن الحسين بن زيد عن الإمام الرضا عن آبائه عليهم السلام ، بحار الأنوار : ج 1 ص 166 ح 7 ؛ الترغيب والترهيب : ج 1 ص 95 ح 8 نحوه .
2- .غرر الحكم : ح 3812 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 172 ح 3598 .
3- .غرر الحكم : ح 3246 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 122 ح 2788 .
4- .غرر الحكم : ح 1717 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 52 ح 1346 .
5- .بحار الأنوار: ج 78 ص 6 ح 57 .
6- .تحف العقول : ص 364 ، بحار الأنوار : ج 78 ص 247 ح 73 .
7- .الدعوات : ص 221 ح 603 ، بحار الأنوار : ج 1 ص 159 ح 32 .
8- .بحار الأنوار : ج 78 ص 355 .
9- .جامع الأخبار : ص 337 ح 947 ، بحار الأنوار : ج 77 ص 131 ح 14 .
10- .غرر الحكم : ح 6911 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 377 ح 6381 .

ص: 232

د _ التّجربة

عنه عليه السلام :إنَّ بِذَوِي العُقولِ مِنَ الحاجَةِ إلَى الأَدَبِ كَما يَظمَأُ الزَّرعُ إلَى المَطَرِ. (1)

عنه عليه السلام :نِعمَ قَرينُ العَقلِ الأَدَبُ. (2)

عنه عليه السلام :الأَدَبُ صورَةُ العَقلِ. (3)

عنه عليه السلام :صَلاحُ العَقلِ الأَدَبُ. (4)

عنه عليه السلام :الأَدَبُ هُوَ لَقاحُ العَقلِ وذَكاءُ القَلبِ. (5)

عنه عليه السلام :لا عَقلَ لِمَن لا أدَبَ لَهُ. (6)

عنه عليه السلام :ذَكِّ (7) عَقلَكَ بِالأَدَبِ كَما تُذَكَّى النّارُ بِالحَطَبِ. (8)

الإمام زين العابدين عليه السلام :إدابُ العُلَماءِ زِيادَةٌ فِي العَقلِ. (9)

راجع : ص 256 (مكارم الأخلاق) .

د _ التَّجرِبَةالإمام عليّ عليه السلام :العَقلُ غَريزَةٌ تَزيدُ بِالعِلمِ وَالتَّجارِبِ. (10)

.


1- .غرر الحكم : ح 3475 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 151 ح 3310 .
2- .غرر الحكم : ح 9894 .
3- .غرر الحكم : ح 996 ، كنز الفوائد : ج 1 ص 199 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 51 ح 133 ؛ مائة كلمة للجاحظ : ص 74 ح 159 .
4- .غرر الحكم : ح 5799 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 303 ح 5394 .
5- .أعلام الدين : ص 84 ، إرشاد القلوب : ص 160 .
6- .غرر الحكم : ح 10769 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 539 ح 9975 .
7- .الذَّكاءُ : شدّة وَهَج النار ، يقال : ذَكَّيتُ النارَ؛ إذا أتممتَ إشعالها ورفعتَها . والذَّكاءُ : حِدّة الفؤاد ، وسرعة الفطنة (لسان العرب : ج 14 ص 287) .
8- .غرر الحكم : ح 5200 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 257 ح 4756 .
9- .الكافي : ج 1 ص 20 ح 12 ، تحف العقول : ص 390 وفيه «أدب العلماء» وكلاهما عن هشام بن الحكم عن الإمام الكاظم عليه السلام ، بحار الأنوار : ج 1 ص 141 ح 30 .
10- .غرر الحكم : ح 1717 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 52 ح 1346 .

ص: 233

ه _ السّير في الأرض

عنه عليه السلام_ فِي الحِكَمِ المَنسوبَةِ إلَيهِ _: العَقلُ غَريزَةٌ تُرَبّيهَا التَّجارِبُ. (1)

عنه عليه السلام :نِعمَ العَونُ الأَدَبُ لِلنَّحيزَةِ (2) ، وَالتَّجارِبُ لِذِي اللُّبِّ. (3)

عنه عليه السلام :التَّجارِبُ لا تَنقَضي ، وَالعاقِلُ مِنها في زِيادَةٍ. (4)

الإمام الحسين عليه السلام :طولُ التَّجارِبِ زِيادَةٌ فِي العَقلِ. (5)

راجع : ص 266 (حفظ التّجارب) .

ه _ السَّيرُ فِي الأَرضِالكتاب«أفَلَمْ يَسِيرُواْ فِى الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أوْ ءَاذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَ_رُ وَ لَ_كِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِى فِى الصُّدُورِ» . (6)

«قُلْ سِيرُواْ فِى الْأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ بَدَأ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْاخِرَةَ إنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَىْ ءٍ قَدِيرٌ» . (7)

«وَ لَقَد تَّرَكْنَا مِنْهَا ءَايَة بَيِّنَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ» . (8)

«فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ ءَايَةً وَ إنَّ كَثِيرا مِّنَ النَّاسِ عَنْ ءَايَ_تِنَا لَغَ_فِلُونَ» . (9)

.


1- .شرح نهج البلاغة : ج 20 ص 341 ح 907 .
2- .النَّحِيزَة : الطبيعة (القاموس المحيط : ج 4 ص 193) .
3- .كتاب من لا يحضره الفقيه : ج 4 ص 385 ح 5834 .
4- .غرر الحكم : ح 1543 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 33 ح 619 وليس فيه ذيله .
5- .أعلام الدين : ص 298 ، بحار الأنوار : ج 78 ص 128 ح 11 .
6- .الحجّ: 46 .
7- .العنكبوت: 20 .
8- .العنكبوت: 35 .
9- .يونس: 92 .

ص: 234

و _ المشورة
ز _ التّقوى
ح _ مجاهدة النّفس

الحديثالدرّ المنثور عن ابن دينار :أوحَى اللّهُ إلى موسى عليه السلام : أنِ اتَّخِذ نَعلَينِ مِن حَديدٍ وعَصا ، ثُمَّ سِح فِي الأَرضِ ، فَاطلُبِ الآثارَ وَالعِبَرَ ، حَتّى تَحفُوَ النَّعلانِ وتَنكَسِرَ العَصا. (1)

داوود عليه السلام :قُل لِصاحِبِ العِلمِ يَتَّخِذ عَصا مِن حَديدٍ ونَعلَينِ مِن حَديدٍ ، ويَطلُبُ العِلمَ حَتّى تَنكَسِرَ العَصا وتَنخَرِقَ النَّعلانِ. (2)

و _ المَشوَرَةالإمام عليّ عليه السلام :مَن شاوَرَ ذَوِي العُقولِ استَضاءَ بِأَنوارِ العُقولِ. (3)

ز _ التَّقوىسعد السعود نقلاً عن كتابٍ ذُكرت فيه سنن إدريس عليه السلام :اِعلَموا (4) وَاستَيقِنوا أنَّ تَقوَى اللّهِ هِيَ الحِكمَةُ الكُبرى ، وَالنِّعمَةُ العُظمى ، وَالسَّبَبُ الدّاعي إلَى الخَيرِ ، وَالفاتِحُ لِأَبوابِ الخَيرِ وَالفَهمِ وَالعَقلِ. (5)

ح _ مُجاهَدَةُ النَّفسِالإمام عليّ عليه السلام :جاهِد شَهوَتَكَ وغالِب غَضَبَكَ وخالِف سوءَ عادَتِكَ ، تَزكُ نَفسُكَ ويَكمُل عَقلُكَ وتَستَكمِل ثَوابَ رَبِّكَ. (6)

.


1- .الدرّ المنثور : ج 6 ص 61 نقلًا عن ابن أبي الدنيا في كتاب التفكّر .
2- .سنن الدارمي: ج 1 ص 147 ح 571 عن عبداللّه بن عبدالرحمن التستري، الفردوس: ج 1 ص 140 ح 497 عن أبيبكرة نحوه.
3- .غرر الحكم : ح 8634 .
4- .في الطبعة المعتمدة : «اعملوا» ، والتصويب من طبعة اُخرى وبحار الأنوار .
5- .سعد السعود : ص 39 ، بحار الأنوار : ج 11 ص 283 ح 11 .
6- .غرر الحكم : ح 4760 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 222 ح 4319 .

ص: 235

ط _ ذكر اللّه

الإمام الصادق عليه السلام :كَتَبَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام إلى بَعضِ أصحابِهِ يَعِظُهُ : اُوصيكَ ونَفسي بِتَقوى مَن لا تَحِلُّ مَعصِيَتُهُ ولا يُرجى غَيرُهُ ولَا الغِنى إلّا بِهِ ، فَإِنَّ مَنِ اتَّقَى اللّهَ جَلَّ وعَزَّ وقَوِيَ وشَبِعَ ورَوِيَ ورُفِعَ عَقلُهُ عَن أهلِ الدُّنيا ، فَبَدَنُهُ مَعَ أهلِ الدُّنيا وقَلبُهُ وعَقلُهُ مُعايِنُ الآخِرَةِ ، فَ_أَطفَأَ بِضَوءِ قَلبِهِ ما أبصَرَت عَيناهُ مِن حُبِّ الدُّنيا فَقَذَّرَ حَرامَها ، وجانَبَ شُبُهاتِها ، وأضَرَّ وَاللّهِ بِالحَلالِ الصّافي ، إلّا ما لابُدَّ لَهُ مِن كِسرَةٍ مِنهُ يَشُدُّ بِها صُلبَهُ ، وثَوبٍ يُواري بِهِ عَورَتَهُ مِن أغلَظِ ما يَجِدُ وأخشَنِهِ ، ولَم يَكُن لَهُ فيما لا بُدَّ لَهُ مِنهُ ثِقَةٌ ولا رَجاءٌ ، فَوَقَعَت ثِقَتُهُ ورَجاؤُهُ عَلى خالِقِ الأَشياءِ ، فَجَدَّ وَاجتَهَدَ وأتعَبَ بَدَنَهُ حَتّى بَدَتِ الأَضلاعُ وغارَتِ العَينانِ ، فَأَبدَلَ اللّهُ لَهُ مِن ذلِكَ قُوَّةً في بَدَنِهِ وشِدَّةً في عَقلِهِ ، وما ذَخَرَ لَهُ فِي الآخِرَةِ أكثَرُ. (1)

ط _ ذِكرُ اللّهِالإمام عليّ عليه السلام :الذِّكرُ نورُ العَقلِ ، وحَياةُ النُّفوسِ ، وجِلاءُ الصُّدورِ. (2)

عنه عليه السلام :مَن كَثُرَ ذِكرُهُ استَنارَ لُبُّهُ. (3)

عنه عليه السلام :مَن ذَكَرَ اللّهَ سُبحانَهُ ، أحيَا اللّهُ قَلبَهُ ونَوَّرَ عَقلَهُ ولُبَّهُ. (4)

عنه عليه السلام :الذِّكرُ يُؤنِسُ اللُّبَّ ويُنيرُ القَلبَ ويَستَنزِلُ الرَّحمَةَ. (5)

عنه عليه السلام :الذِّكرُ هِدايَةُ العُقولِ وتَبصِرَةُ النُّفوسِ. (6)

.


1- .الكافي : ج 2 ص 136 ح 23 ، مشكاة الأنوار : ص 466 ح 1556 كلاهما عن أبي جميلة ، بحار الأنوار : ج 73 ص 75 ح 39 .
2- .غرر الحكم : ح 1999 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 60 ح 1532 .
3- .غرر الحكم : ح 9123 .
4- .غرر الحكم : ح 4787 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 458 ح 8301 .
5- .غرر الحكم : ح 1858 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 55 ح 1429 .
6- .غرر الحكم : ح 1403 .

ص: 236

ي _ الزّهد في الدّنيا
ك _ اتّباع الحقّ
ل _ مجالسة الحكماء
م _ رحمة الجهّال

ي _ الزُّهدُ فِي الدُّنياالإمام عليّ عليه السلام :مَن سَخَت نَفسُهُ عَن مَواهِبِ الدُّنيا فَقَدِ استَكمَلَ العَقلَ. (1)

ك _ اِتِّباعُ الحَقِّرسول اللّه صلى الله عليه و آله :وأمّا طاعَةُ النّاصِحِ فَيَتَشَعَّبُ مِنهَا الزِّيادَةُ فِي العَقلِ وكَمالُ اللُّبِّ. (2)

أعلام الدّين :تَذاكَرُوا العَقلَ عِندَ مُعاوِيَةَ ، فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : لا يَكمُلُ العَقلُ إلّا بِاتِّباعِ الحَقِّ . فَقالَ مُعاوِيَةُ : ما في صُدورِكُم إلّا شَيءٌ واحِدٌ. (3)

الإمام الكاظم عليه السلام :إنَّ لُقمانَ قالَ لِابنِهِ : تَواضَع لِلحَقِّ تَكُن أعقَلَ النّاسِ. (4)

ل _ مُجالَسَةُ الحُكَماءِالإمام عليّ عليه السلام :جالِسِ الحُكَماءَ يَكمُل عَقلُكَ ، وتَشرُف نَفسُكَ ، ويَنتَفِ عَنكَ جَهلُكَ. (5)

عنه عليه السلام :مُجالَسَةُ الحُكَماءِ حَياةُ العُقولِ وشِفاءُ النُّفوسِ. (6)

م _ رَحمَةُ الجُهّالالإمام عليّ عليه السلام :مِن أوكَدِ أسبابِ العَقلِ رَحمَةُ الجُهّالِ. (7)

.


1- .غرر الحكم : ح 8904 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 434 ح 7490 .
2- .تحف العقول : ص 18 ، علل الشرائع : ص 113 ح 9 عن وهب بن منبّه وفيه «أنّه وجد في التوراة . . .» ، بحار الأنوار : ج 1 ص 119 ح 11 .
3- .أعلام الدين: ص 298 ، بحار الأنوار : ج 78 ص 127 ح 11 .
4- .الكافي: ج1 ص16 ح12 عن هشام بن الحكم ، تحف العقول: ص 386 ، مشكاة الأنوار: ص 399 ح 1314 عن الإمام الصادق عليه السلام ، تنبيه الخواطر : ج 2 ص 34 من دون إسنادٍ إلى المعصوم ، بحار الأنوار : ج 1 ص 136 ح 30 .
5- .غرر الحكم : ح 4787 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 223 ح 4351 .
6- .غرر الحكم : ح 9875 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 490 ح 9084 وفيه «العقلاء» بدل «الحكماء» .
7- .غرر الحكم : ح 9295 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 467 ح 8510 .

ص: 237

ن _ الاستعانة باللّه
4 / 2 ما يقوّي الدّماغ
أ _ الدّهن

ن _ الاِستِعانَةُ بِاللّهِالإمام زين العابدين عليه السلام :اللّهُمَّ ارزُقني عَقلًا كامِلًا وعَزما ثاقِبا ولُبًّا راجِحا وقَلبا ذَكِيًّا وعِلما كَثيرا وأدَبا بارِعا ، وَاجعَل ذلِكَ كُلَّهُ لي ولا تَجعَلهُ عَلَيَّ ، بِرَحمَتِكَ يا أرحَمَ الرّاحِمينَ. (1)

بحار الأنوار :فِي المُناجاةِ الَّتي جاءَ بِها جَبرَئيلُ عليه السلام إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله : وَامحُ اللّهُمَّ رَبِّ بِالتَّوبَةِ ما ثَبَتَ مِن ذُنوبي ، وَاغسِل بِقَبولِها جَميعَ عُيوبي ، وَاجعَلها جالِيَةً لِرَينِ (2) قَلبي ، شاحِذَةً (3) لِبَصيرةِ لُبّي. (4)

الإمام المهديّ عليه السلام_ في دُعاءٍ عَلَّمَهُ لِمُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ العَلَوِيِّ المِصرِيِّ _: إلهي وأسأَلُكَ ... أن تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ ، وأن تَهدِيَ لي قَلبي وتَجمَعَ لي لُبّي. (5)

راجع : ج 2 ص 149 (الدعاء) و 423 (الإستعانة باللّه في زيادة العلم) .

4 / 2ما يُقَوِّي الدِّماغَأ _ الدُّهنالإمام عليّ عليه السلام :الدُّهنُ يُلَيِّنُ البَشَرَةَ ، ويَزيدُ فِي الدِّماغِ. (6)

.


1- .المصباح للكفعمي : ص 93 ، مستدرك الوسائل : ج 10 ص 223 ح 11900 نقلًا عن المزار القديم ، بحار الأنوار : ج 87 ص 325 ح 14 .
2- .الرَّين : كالصّدأ يغشى القلب (لسان العرب: ج 13 ص 192) .
3- .شَحذت السيف والسكّين : إذا حدَدته بالمِسَنّ وغيره (النهاية: ج 2 ص 449) .
4- .بحار الأنوار : ج 94 ص 117 ح 17.
5- .مُهج الدعوات : ص 342 ، بحار الأنوار : ج 95 ص 272 ح 34 .
6- .الكافي: ج 6 ص 519 ح 1 عن أبي بصير عن الإمام الصادق عليه السلام ، الخصال: ص 611 ح 10 عن أبي بصير ومحمّد بن مسلم عن الإمام الصادق عن آبائه عنه عليهم السلام ، تحف العقول: ص 100، بحار الأنوار: ج 10 ص 90 ح 1.

ص: 238

ب _ الدّبّاء
ج _ السّفرجل

الإمام الصادق عليه السلام :دُهنُ البَنَفسَجِ يُرزِنُ الدِّماغَ. (1)

ب _ الدُّبّاءرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ فيما أوصى بِهِ عَلِيًّا عليه السلام _: يا عَلِيُّ ، عَلَيكَ بِالدُّبّاءِ (2) فَكُلهُ، فَإِنَّهُ يَزيدُ فِي الدِّماغِ وَالعَقلِ. (3)

كنزالعمّال عن أنس :كانَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله يُكثِرُ مِن أكلِ الدُّبّاءِ ، فَقُلتُ : يا رَسولَ اللّهِ ، إنَّكَ لَتُحِبُّ الدُّبّاءَ! فَقالَ : الدُّبّاءُ يُكثِرُ الدِّماغَ ويَزيدُ فِي العَقلِ. (4)

رسول اللّه صلى الله عليه و آله :عَلَيكُم بِالقَرعِ ، فَإِنَّهُ يَزيدُ فِي العَقلِ ويُكَبِّرُ الدِّماغَ. (5)

عنه صلى الله عليه و آله :كُلُوا اليَقطينَ فَلَو عَلِمَ اللّهُ أنَّ شَجَرَةً أخَفُّ مِن هذِهِ لَأَنبَتَها عَلى أخي يونُسَ عليه السلام . إذَا اتَّخَذَ أحَدُكُم مَرَقا فَليُكثِر فيهِ مِنَ الدُّبّاءِ ، فَإِنَّهُ يَزيدُ فِي الدِّماغِ وفِي العَقلِ. (6)

ج _ السَّفَرجَلالإمام الرّضا عليه السلام :عَلَيكُم بِالسَّفَرجَلِ ، فَإِنَّهُ يَزيدُ فِي العَقلِ. (7)

.


1- .الكافي: ج 6 ص 522 ح 8 عن محمّد بن سوقة، بحار الأنوار: ج 62 ص 223 ح 8.
2- .الدُّبّاء : القَرع (النهاية : ج 2 ص 96) .
3- .الكافي : ج 6 ص 371 ح 7 عن أحمد بن أبي عبداللّه عن أبيه عن بعض أصحابنا عن الإمام الكاظم عليه السلام .
4- .كنز العمّال : ج 15 ص 455 ح 41808 نقلًا عن الديلمي .
5- .شعب الإيمان: ج 5 ص 102 ح 5947 عن عطاء ، كنز العمّال: ج 10ص 44 ح 28276 وراجع المعجم الكبير: ج 22 ص 63 ح 152.
6- .مكارم الأخلاق: ج 1 ص 383 ح 1283 عن الإمام الحسين عليه السلام ، بحار الأنوار : ج 66 ص 288 ح 16 ؛ الفردوس: ج 3 ص 244 ح 4719 عن الإمام الحسين عليه السلام عنه صلى الله عليه و آله ، كنز العمّال : ج 15 ص 280 ح 40990 .
7- .مكارم الأخلاق : ج 1 ص 373 ح 1236 ، المحاسن : ج 2 ص 367 ح 2282 عن السيّاري رفعه وفيه «عليكم بالسفرجل فكلوه ؛ فإنّه يزيد في العقل والمروءة» ، بحار الأنوار : ج 66 ص 171 ح 19 .

ص: 239

د _ الكرفس
ه _ اللّحم
و _ اللّبان

د _ الكَرَفسرسول اللّه صلى الله عليه و آله :عَلَيكُم بِالكَرَفسِ، فَإِنَّهُ إن كانَ شَيءٌ يَزيدُ فِيالعَقلِ فَهُوَ هُوَ. (1)

ه _ اللَّحمالإمام الصادق عليه السلام :اللَّحمُ يُنبِتُ اللَّحمَ ويَزيدُ فِي العَقلِ ، ومَن تَرَكَ أكلَهُ أيّاما فَسَدَ عَقلُهُ. (2)

عنه عليه السلام :مَن تَرَكَ أكلَ اللَّحمِ أربَعينَ صَباحا ساءَ خُلُقُهُ وفَسَدَ عَقلُهُ ، ومَن ساءَ خُلُقُهُ فَأَذِّنوا في اُذُنِهِ بِالتَّثويبِ (3) . (4)

و _ اللُّبانرسول اللّه صلى الله عليه و آله :عَلَيكُم بِاللُّبانِ (5) ؛ فَإِنَّهُ يَمسَحُ الحَرَّ (6) مِنَ القَلبِ كَما يَمسَحُ الإِصبَعُ العَرَقَ عَنِ الجَبينِ ، ويَشُدُّ الظَّهرَ ، ويَزيدُ فِي العَقلِ ، ويُذَكِّي الذِّهنَ ، ويَجلُو البَصَرَ ، ويُذهِبُ النِّسيانَ. (7)

عنه صلى الله عليه و آله :أطعِموا حَبالاكُمُ اللُّبانَ ؛ فَإِنَّ الصَّبِيَّ إذا غُذِّيَ في بَطنِ اُمِّهِ بِاللُّبانِ اشتَدَّ قَلبُهُ وزيدَ في عَقلِهِ. (8)

.


1- .طبّ النبيّ صلى الله عليه و آله : ص 11 ، بحار الأنوار : ج 62 ص 300 .
2- .طبّ الأئمّة عليهم السلام : ص 139 ، بحار الأنوار : ج 66 ص 72 ح 68 .
3- .ثوّب الداعي تثويبا : ردّد صوته ، ومنه التثويب في الأذان (المصباح المنير : ص 87) .
4- .طبّ الأئمّة عليهم السلام : ص 139 ، بحار الأنوار : ج 66 ص 72 ح 68 .
5- .اللُّبان : ضَربٌ من العِلْك (لسان العرب : ج 5 ص 153) .
6- .في بحار الأنوار (ج 76 ص 321) : «الحزن» و هو الأنسب .
7- .بحار الأنوار: ج 62 ص 294 ، مستدرك الوسائل: ج 16 ص 374 ح 20228.
8- .الكافي : ج 6 ص 23 ح 6 عن أبي زياد عن الإمام الحسن عليه السلام وراجع بحار الأنوار : ج 66 ص 444 ح 8 .

ص: 240

ز _ الخلّ
ح _ السّداب
ط _ العسل

ز _ الخَلّالإمام الصادق عليه السلام :الخَلُّ يَشُدُّ العَقلَ. (1)

الكافي عن محمّد بن عليّ الهمدانيّ :إنَّ رَجُلًا كانَ عِندَ الرِّضا عليه السلام بِخُراسانَ فَقُدِّمَت إلَيهِ مائِدَةٌ عَلَيها خَلٌّ ومِلحٌ فَافتَتَحَ عليه السلام بِالخَلِّ ، فَقالَ الرَّجُلُ : جُعِلتُ فِداكَ ، أمَرتَنا أن نَفتَتِحَ بِالمِلحِ ؟ ! فَقالَ : هذا مِثلُ هذا _ يَعنِي الخَلَّ _ وإنَّ الخَلَّ يَشُدُّ الذِّهنَ ويَزيدُ فِي العَقلِ. (2)

ح _ السَّدابأبو الحسن عليه السلام :السَّدابُ (3) يَزيدُ فِي العَقلِ. (4)

ط _ العَسَلالإمام الكاظم عليه السلام :فِي العَسَلِ شِفاءٌ مِن كُلِّ داءٍ ، مَن لَعِقَ لَعقَةَ عَسَلٍ عَلَى الرّيقِ يَقطَعُ البَلغَمَ ، ويَحسِمُ الصُّفرَةَ ، ويَمنَعُ المِرَّةَ السَّوداءَ ، ويُصَفِّي الذِّهنَ ، ويُجَوِّدُ الحِفظَ إذا كانَ مَعَ اللُّبانِ الذَّكَرِ. (5)

.


1- .الكافي : ج 6 ص 329 ح 2 عن سليمان بن خالد وح 5 عن إسماعيل بن جابر، المحاسن : ج 2 ص 282 ح 1913 و ح 1914 كلاهما عن سليمان بن خالد ، بحار الأنوار : ج 66 ص 301 ح 1 .
2- .الكافي : ج 6 ص 329 ح 4 ، المحاسن : ج 2 ص 286 ح 1931 ، بحار الأنوار : ج 66 ص 303 ح 14 .
3- .السَّداب : هي شجرة كثيرة الأغصان ذات أوراق صغيرة ورائحة كريهة ، أزهارها صفراء اللون ، وحَبّها مثلّث الشكل ، وكلّ ثلاث حبّات منها قد جُمعن داخل غشاءٍ واحد ، لها استعمالات طبيّة ، ويقال لها بالعربيّة : سَذاب (مترجم عن فرهنگ صبا : ص 576) .
4- .الكافي : ج 6 ص 367 ح 1 ، المحاسن : ج 2 ص 322 ح 2088 ، بحار الأنوار : ج 66 ص 241 ح 1 .
5- .الفقه المنسوب إلى الإمام الرضا عليه السلام : ص 346 ، بحار الأنوار : ج 62 ص 261 ح 7 .

ص: 241

ي _ الرّمّان مع شحمه
ك _ الماء
ل _ الحجامة
م _ الفرفخ

ي _ الرُّمّانُ مَعَ شَحمِهِالإمام الصادق عليه السلام :كُلُوا الرُّمّانَ بِشَحمِهِ ، فَإِنَّهُ يَدبَغُ المِعدَةَ ويَزيدُ فِي الذِّهنِ. (1)

ك _ الماءالكافي عن أبي طيفور المتطبّب :دَخَلتُ عَلى أبِي الحَسَنِ الماضي عليه السلام فَنَهَيتُهُ عَن شُربِ الماءِ . فَقالَ عليه السلام : وما بَأسٌ بِالماءِ وهُوَ يُديرُ الطَّعامَ فِي المِعدَةِ ، ويُسَكِّنُ الغَضَبَ ويَزيدُ فِي اللُّبِّ ، ويُطفِي المِرارَ. (2)

ل _ الحِجامَةرسول اللّه صلى الله عليه و آله :الحِجامَةُ تَزيدُ العَقلَ وتَزيدُ الحافِظَ حِفظا. (3)

عنه صلى الله عليه و آله :الحِجامَةُ عَلَى الرّيقِ أمثَلُ ، وهِيَ تَزيدُ فِي العَقلِ ، وتَزيدُ فِي الحِفظِ ، وتَزيدُ الحافِظَ حِفظا. (4)

م _ الفَرفَخرسول اللّه صلى الله عليه و آله :عَلَيكُم بِالفَرفَخِ ؛ فَهِيَ المُكَيِّسَةُ ، فَإِنَّهُ إن كانَ شَيءٌ يَزيدُ فِي العَقلِ فَهِيَ. (5)

.


1- .الكافي: ج 6 ص 354 ح 12 عن صالح بن عقبة، المحاسن: ج 2 ص 356 ح 2232 عن النوفلي، بحار الأنوار: ج 66 ص 160 ح 27.
2- .الكافي : ج 6 ص 381 ح 2 ، المحاسن : ج 2 ص 398 ح 2391 ، بحار الأنوار : ج 66 ص 456 ح 42 .
3- .مكارم الأخلاق : ج 1 ص 174 ح 518 ، بحار الأنوار : ج 62 ص 126 ح 82 ؛ الفردوس: ج 2 ص 154 ح 2781 عن ابن عمر.
4- .سنن ابن ماجة : ج 2 ص 1154 ح 3488 عن ابن عمر ، كنز العمّال : ج 10 ص 10 ح 28110 .
5- .المحاسن: ج 2 ص 323 ح 2094 عن حمّاد بن زكريّا النخعيّ ، مكارم الأخلاق: ج 1 ص 390 ح 1314 كلاهما عن الإمام الصادق عليه السلام وليس فيه «فهي المُكيِّسة» ، بحار الأنوار : ج 66 ص 234 ح 3 .

ص: 242

ن _ الاترجّ
س _ الباقلّى

ن _ الاُترُجّرسول اللّه صلى الله عليه و آله :عَلَيكُم بِالاُترُجِّ (1) ؛ فَإِنَّهُ يُنيرُ الفُؤادَ ويَزيدُ فِي الدِّماغِ. (2)

س _ الباقِلّىالإمام الصادق عليه السلام :أكلُ الباقِلّى يُمَخِّخُ السّاقَينِ ، ويَزيدُ فِي الدِّماغِ. (3)

راجع : ص 182 (زيادة العقل ونقصانه في أدوار الحياة) .

.


1- .الاُثْرُجّ : شجرٌ يعلو ، ناعم الأغصان والورق والثمر ، وثمره كالليمون الكبار ، وهو ذهبيّ اللون ، ذكيّ الرائحة ، حامض الماء (المعجم الوسيط : ج 1 ص 4) .
2- .طبّ النبيّ صلى الله عليه و آله : ص 8 ، بحار الأنوار: ج 62 ص 297 ، مستدرك الوسائل: ج 16 ص 407 ح 20357 ، بحار الأنوار : ج 62 ص 297 .
3- .الكافي: ج 6 ص 344 ح 1 ، المحاسن: ج 2 ص 309 ح 2028 كلاهما عن محمّد بن عبداللّه ، بحار الأنوار : ج 62 ص 283 .

ص: 243

الفصل الخامس : علامات العقل
5 / 1 جنود العقل والجهل

الفصل الخامس : علامات العقل5 / 1جُنودُ العَقلِ وَالجَهلِالكافي عن سماعة بن مهران :كُنتُ عِندَ أبي عَبدِاللّهِ عليه السلام وعِندَهُ جَماعَةٌ مِن مَواليهِ ، فَجَرى ذِكرُ العَقلِ وَالجَهلِ ، فَقالَ أبو عَبدِاللّهِ عليه السلام : اِعرِفُوا العَقلَ وجُندَهُ وَالجَهلَ وجُندَهُ تَهتَدوا . قالَ سَماعَةُ : فَقُلتُ : جُعِلتُ فِداكَ ، لا نَعرِفُ إلّا ما عَرَّفتَنا . فَقالَ أبو عَبدِاللّهِ عليه السلام : إنَّ اللّهَ عز و جل خَلَقَ العَقلَ وهُوَ أوَّلُ خَلقٍ مِنَ الرّوحانِيّينَ عَن يَمينِ العَرشِ مِن نورِهِ ، فَقالَ لَهُ : أدبِر فَأَدبَرَ ؛ ثُمَّ قالَ لَهُ : أقبِل فَأَقبَلَ (1) ؛ فَقالَ اللّهُ تَبارَكَ

.


1- .شرح المولى محمّد صالح المازندراني هذا الحديث بما يلي : «فقال له : أدبر فأدبر» : أمره بالهبوط من عالم الملكوت والنور إلى عالم الظلمات والشرور والتوجّه إلى ما يلايمه من المشتهيات والنظر إلى ما فيه هواه من المستلذّات، فهبط لما في ذلك من مصلحة وهي ابتلاء العباد ونظام البلاد وعمارة الأرض، إذ لولا ذلك لكان النّاس بمنزلة الملائكة عارين عن حلية التناكح والتناسل والزراعة وتعمير الأرض، وبطل الغرض المطلوب من هذا النوع من الخلق، وبطل خلافة الأرض، ولزم من ذلك بطلان الثواب والعقاب وعدم انكشاف صفات الباري وانجلاء حقائقها وآثارها ، مثل العدالة والانتقام والجبّاريّة والقهّاريّة والعفو والغفران وغيرها.

ص: 244

وتَعالى : خَلَقتُكَ خَلقا عَظيما وكَرَّمتُكَ عَلى جَميعِ خَلقي . 1 قالَ : ثُمَّ خَلَقَ الجَهلَ مِنَ البَحرِ الاُجاجِ ظُلمانِيًّا فَقالَ لَهُ : أدبِر فَأَدبَرَ ؛ ثُمَّ قالَ لَهُ : أقبِل فَلَم يُقبِل ، فَقالَ لَهُ : اِستَكبَرتَ ، فَلَعَنَهُ . ثُمَّ جَعَلَ لِلعَقلِ خَمسَةً وسَبعينَ جُندا ، فَلَمّا رَأَى الجَهلُ ما أكرَمَ اللّهُ بِهِ العَقلَ وما أعطاهُ ، أضمَرَ لَهُ العَداوَةَ . فَقالَ الجَهلُ : يا رَبِّ ، هذا خَلقٌ مِثلي خَلَقتَهُ وكَرَّمتَهُ وقَوَّيتَهُ وأنَا ضِدُّهُ ولا قُوَّةَ لي بِهِ فَأَعطِني مِنَ الجُندِ مِثلَ ما أعطَيتَهُ . فَقالَ عز و جل : نَعَم ، فَإِن عَصَيتَ بَعدَ ذلِكَ أخرَجتُكَ وجُندَكَ مِن رَحمَتي . قالَ : قَد رَضيتُ . فَأَعطاهُ خَمسَةً وسَبعينَ جُندا . فَكانَ مِمّا أعطَى العَقلَ مِنَ الخَمسَةِ وَالسَّبعينَ الجُندَ : الخَيرُ وهُوَ وَزيرُ العَقلِ ، وجَعَلَ ضِدَّهُ الشَّرَّ وهُوَ وَزيرُ الجَهلِ . وَالإِيمانُ وضِدَّهُ الكُفرَ . وَالتَّصديقُ وضِدَّهُ الجُحودَ .

.

ص: 245

وَالرَّجاءُ وضِدَّهُ القُنوطَ . وَالعَدلُ وضِدَّهُ الجَورَ . وَالرِّضا وضِدَّهُ السَّخَطَ . وَالشُّكرُ وضِدَّهُ الكُفرانَ . وَالطَّمَعُ وضِدَّهُ اليَأسَ . وَالتَّوَكُّلُ وضِدَّهُ الحِرصَ . وَالرَّأفَةُ وضِدَّهَا القَسوَةَ . وَالرَّحمَةُ وضِدَّهَا الغَضَبَ . وَالعِلمُ وضِدَّهُ الجَهلَ . وَالفَهمُ وضِدَّهُ الحُمقَ . وَالعِفَّةُ وضِدَّهَا التَّهَتُّكَ . وَالزُّهدُ وضِدَّهُ الرَّغبَةَ . وَالرِّفقُ وضِدَّهُ الخُرقَ . وَالرَّهبَةُ وضِدَّهُ الجُرأةَ . وَالتَّواضُعُ وضِدَّهُ الكِبرَ . وَالتُّؤَدَةُ وضِدَّهَا التَّسَرُّعَ . وَالحِلمُ وضِدَّهَا السَّفَهَ . وَالصَّمتُ وضِدَّهُ الهَذَرَ . وَالاِستِسلامُ وضِدَّهُ الاِستِكبارَ . وَالتَّسليمُ وضِدَّهُ الشَّكَّ .

.

ص: 246

وَالصَّبرُ وضِدَّهُ الجَزَعَ . وَالصَّفحُ وضِدَّهُ الاِنتِقامَ . وَالغِنى وضِدَّهُ الفَقرَ . وَالتَّذَكُّرُ وضِدَّهُ السَّهوَ . وَالحِفظُ وضِدَّهُ النِّسيانَ . وَالتَّعَطُّفُ وضِدَّهُ القَطيعَةَ . وَالقُنوعُ وضِدَّهُ الحِرصَ . وَالمُؤاساةُ وضِدَّهَا المَنعَ . وَالمَوَدَّةُ وضِدَّهَا العَداوَةَ . وَالوَفاءُ وضِدَّهُ الغَدرَ . وَالطّاعَةُ وضِدَّهَا المَعصِيَةَ . وَالخُضوعُ وضِدَّهُ التَّطاوُلَ . وَالسَّلامَةُ وضِدَّهَا البَلاءَ . وَالحُبُّ وضِدَّهُ البُغضَ . وَالصِّدقُ وضِدَّهُ الكَذِبَ . وَالحَقُّ وضِدَّهُ الباطِلَ . وَالأَمانَةُ وضِدَّهَا الخِيانَةَ . وَالإِخلاصُ وضِدَّهُ الشَّوبَ . وَالشَّهامَةُ وضِدَّهَا البَلادَةَ . وَالفَهمُ وضِدَّهُ الغَباوَةَ .

.

ص: 247

وَالمَعرِفَةُ وضِدَّهَا الإِنكارَ . وَالمُداراةُ وضِدَّهَا المُكاشَفَةَ . وسَلامَةُ الغَيبِ وضِدَّهَا المُماكَرَةَ . وَالكِتمانُ وضِدَّهُ الإِفشاءَ . وَالصَّلاةُ وضِدَّهَا الإِضاعَةَ . وَالصَّومُ وضِدَّهُ الإِفطارَ . وَالجِهادُ وضِدَّهُ النُّكولَ . وَالحَجُّ وضِدَّهُ نَبذَ الميثاقِ . وصَونُ الحَديثِ وضِدَّهُ النَّميمَةَ . وبِرُّ الوالِدَينِ وضِدَّهُ العُقوقَ . وَالحَقيقَةُ وضِدَّهَا الرِّياءَ . وَالمَعروفُ وضِدَّهُ المُنكَرَ . وَالسَّترُ وضِدَّهُ التَّبَرُّجَ . وَالتَّقِيَّةُ وضِدَّهَا الإِذاعَةَ . وَالإِنصافُ وضِدَّهُ الحَمِيَّةَ . وَالتَّهيِئَةُ وضِدَّهَا البَغيَ . وَالنَّظافَةُ وضِدَّهَا القَذَرَ . وَالحَياءُ وضِدَّهَا الجَلَعَ . وَالقَصدُ وضِدَّهُ العُدوانَ . وَالرّاحَةُ وضِدَّهَا التَّعَبَ .

.

ص: 248

وَالسُّهولَةُ وضِدَّهَا الصُّعوبَةَ . وَالبَرَكَةُ وضِدَّهَا المَحقَ . وَالعافِيَةُ وضِدَّهَا البَلاءَ . وَالقَوامُ وضِدَّهُ المُكاثَرَةَ . وَالحِكمَةُ وضِدَّهَا الهَوى . وَالوَقارُ وضِدَّهُ الخِفَّةَ . وَالسَّعادَةُ وضِدَّهَا الشَّقاوَةَ . وَالتَّوبَةُ وضِدَّهَا الإِصرارَ . وَالاِستِغفارُ وضِدَّهُ الاِغتِرارَ . وَالمُحافَظَةُ وضِدَّهَا التَّهاوُنَ . وَالدُّعاءُ وضِدَّهُ الاِستِنكافَ . وَالنَّشاطُ وضِدَّهُ الكَسَلَ . وَالفَرَحُ وضِدَّهُ الحُزنَ . وَالاُلفَةُ وضِدَّهَا الفُرقَةَ . وَالسَّخاءُ وضِدَّهُ البُخلَ . فَلا تَجتَمِعُ هذِهِ الخِصالُ كُلُّها مِن أجنادِ العَقلِ إلّا في نَبِيٍّ أو وَصِيِّ نَبِيٍّ ، أو مُؤمِنٍ قَدِ امتَحَنَ اللّهُ قَلبَهُ لِلإِيمانِ ، وأمّا سائِرُ ذلِكَ مِن مَوالينا فَإِنَّ أحَدَهُم لا يَخلو مِن أن يَكونَ فيهِ بَعضُ هذِهِ الجُنودِ حَتّى يَستَكمِلَ ويَنقى مِن جُنودِ الجَهلِ، فَعِندَ ذلِكَ يَكونُ فِي الدَّرَجَةِ العُليا مَعَ الأَنبِياءِ وَالأَوصِياءِ ، وإنَّما يُدرَكُ ذلِكَ بِمَعرِفَةِ العَقلِ وجُنودِهِ ، وبِمُجانَبَةِ الجَهلِ وجُنودِهِ ، وَفَّقَنَا اللّهُ وإيّاكُم لِطاعَتِهِ ومَرضاتِهِ. (1)

.


1- .الكافي : ج 1 ص 21 ح 14 ، علل الشرائع : ص 113 ح 10 ، تحف العقول: ص 400 كلاهما نحوه ، بحار الأنوار : ج 1 ص 109 ح 7 .

ص: 249

5 / 2 آثار العقل
أ _ العلم والحكمة

5 / 2آثارُ العَقلِأ _ العِلمُ وَالحِكمَةُالكتاب«يُؤْتِى الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ اُوتِىَ خَيْرا كَثِيرا وَمَا يَذَّكَّرُ إلَا أُوْلُواْ الْأَلْبَ_بِ» . (1)

«إنَّ فِى ذَ لِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أوْ ألْقَى السَّمْعَ وَ هُوَ شَهِيدٌ » . (2)

راجع : آل عمران : 7 ، الرعد :19 ،إبراهيم : 52 ، ص : 29 و 43 ، الزمر : 9 و 21 ، غافر : 54 .

الحديثتفسير العيّاشي عن سليمان بن خالد :سَأَلتُ أبا عَبدِاللّهِ عليه السلام عَن قَولِ اللّهِ : «وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ اُوتِىَ خَيْرا كَثِيرا» فَقالَ : إنَّ الحِكمَةَ المَعرِفَةُ وَالتَّفَقُّهُ فِي الدّينِ ، فَمَن فَقِهَ مِنكُم فَهُوَ حَكيمٌ. (3)

الإمام الكاظم عليه السلام_ في وَصِيَّتِهِ لِهِشامِ بنِ الحَكَمِ _: يا هِشامُ ، إنَّ اللّهَ تَعالى يَقولُ في كِتابِهِ : «إنَّ فِى ذَ لِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ» يَعني : عَقلٌ : وقالَ : «وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا لُقْمَ_نَ الْحِكْمَةَ» . (4) قالَ : الفَهمَ وَالعَقلَ . . . يا هِشامُ ، ما بَعَثَ اللّهُ أنبِياءَهُ ورُسُلَهُ إلى عِبادِهِ إلّا لِيَعقِلوا عَنِ اللّهِ 5 ، فَأَحسَنُهُمُ

.


1- .البقرة : 269 .
2- .ق : 37 .
3- .تفسير العيّاشي : ج 1 ص 151 ح 498 ، بحار الأنوار : ج 1 ص 215 ح 25 .
4- .لقمان : 37 .

ص: 250

استِجابَةً أحسَنُهُم مَعرِفَةً ، وأعلَمُهُم بِأَمرِ اللّهِ أحسَنُهُم عَقلًا ، وأكمَلُهُم عَقلًا أرفَعُهُم دَرَجَةً فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ... يا هِشامُ ، كَيفَ يَزكو (1) عِندَ اللّهِ عَمَلُكَ ، وأنتَ قَد شَغَلتَ قَلبَكَ عَن أمرِ رَبِّكَ وأطَعتَ هَواكَ عَلى غَلَبَةِ عَقلِكَ ؟! . . . يا هِشامُ ، نُصِبَ الحَقُّ لِطاعَةِ اللّهِ ، ولا نَجاةَ إلّا بِالطّاعَةِ ، وَالطّاعَةُ بِالعِلمِ ، وَالعِلمُ بِالتَّعَلُّمِ ، وَالتَّعَلُّمُ بِالعَقلِ يُعتَقَدُ ، ولا عِلمَ إلّا مِن عالِمٍ رَبّانِيٍّ ، ومَعرِفَةُ العِلمِ بِالعَقلِ ... إنَّهُ لَم يَخَفِ اللّهَ مَن لَم يَعقِل عَنِ اللّهِ ، ومَن لَم يَعقِل عَنِ اللّهِ لَم يَعقِد قَلبَهُ عَلى مَعرِفَةٍ ثابِتَةٍ يُبصِرُها ويَجِدُ حَقيقَتَها في قَلبِهِ ، ولا يَكونُ أحَدٌ كَذلِكَ إلّا مَن كانَ قَولُهُ لِفِعلِهِ مُصَدِّقا ، وسِرُّهُ لِعَلانِيَتِهِ مُوافِقا ، لِأَنَّ اللّهَ تَبارَكَ اسمُهُ لَم يَدُلَّ عَلَى الباطِنِ الخَفِيِّ مِنَ العَقلِ إلّا بِظاهِرٍ مِنهُ ، وناطِقٍ عَنهُ. (2)

عنه عليه السلام_ أيضا _: يا هِشامُ ، إنَّ العَقلَ مَعَ العِلمِ ، فَقالَ : «وَ تِلْكَ الْأَمْثَ_لُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَ مَا يَعْقِلُهَا إلَا الْعَ__لِمُونَ» . (3)

الإمام عليّ عليه السلام :العَقلُ وَالعِلمُ مَقرونانِ في قَرَنٍ لا يَفتَرِقانِ ولا يَتَبايَنانِ. (4)

رسول اللّه صلى الله عليه و آله :إنَّ العَقلَ عِقالٌ مِنَ الجَهلِ ، وَالنَّفسَ مِثلُ أخبَثِ الدَّوابِّ ، فَإِن لَم تُعقَل حارَت ، فَالعَقلُ عِقالٌ مِنَ الجَهلِ. (5)

.


1- .الزكاة تكون بمعنى النموّ وبمعنى الطهارة ، وهنا يحتملهما (هامش المصدر).
2- .الكافي : ج 1 ص 16 ح 12 ، تحف العقول : ص 388 ، بحار الأنوار : ج 1 ص 139 ح 30 .
3- .الكافي: ج 1 ص 14 ح 12 عن هشام بن الحكم ، تحف العقول : ص 384 ، بحار الأنوار : ج 1 ص 134 ح 30 .
4- .غرر الحكم : ح 1783 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 53 ح 1383 .
5- .تحف العقول: ص 15 ، بحار الأنوار: ج 1 ص 117 ح 11 .

ص: 251

الإمام عليّ عليه السلام :مَن عَقَلَ فَهِمَ. (1)

عنه عليه السلام :العَقلُ أصلُ العِلمِ وداعِيَةُ الفَهمِ. (2)

عنه عليه السلام :بِالعُقولِ تُنالُ ذُروَةُ العُلومِ. (3)

عنه عليه السلام :العَقلُ مَركَبُ العِلمِ ، العِلمُ مَركَبُ الحِلمِ. (4)

عنه عليه السلام :العِلمُ عُنوانُ العَقلِ. (5)

عنه عليه السلام :العِلمُ يَدُلُّ عَلَى العَقلِ ، فَمَن عَلِمَ عَقَلَ. (6)

عنه عليه السلام :بِالعَقلِ استُخرِجَ غَورُ الحِكمَةِ ، وبِالحِكمَةِ استُخرِجَ غَورُ العَقلِ. (7)

عنه عليه السلام :الحِكمَةُ رَوضَةُ العُقَلاءِ ونُزهَةُ النُّبَلاءِ. (8)

عنه عليه السلام :مَن مَلَكَ عَقلَهُ كانَ حَكيما. (9)

الإمام الصادق عليه السلام :دِعامَةُ الإِنسانِ العَقلُ ، وَالعَقلُ مِنهُ الفِطنَةُ وَالفَهمُ وَالحِفظُ وَالعِلمُ ، وبِالعَقلِ يَكمُلُ ، وهُوَ دَليلُهُ ومُبصِرُهُ ومِفتاحُ أمرِهِ ، فَإِذا كانَ تَأييدُ عَقلِهِ مِنَ النّورِ كانَ عالِما حافِظا ذاكِرا فَطِنا فَهِما ، فَعَلِمَ بِذلِكَ كَيفَ ولِمَ وحَيثُ ، وعَرَفَ مَن نَصَحَهُ ومَن غَشَّهُ ، فَإِذا عَرَفَ ذلِكَ عَرَفَ مَجراهُ ومَوصولَهُ ومَفصولَهُ ، وأخلَصَ الوَحدانِيَّةَ للّهِِ

.


1- .غرر الحكم : ح 7644 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 423 ح 7119 .
2- .غرر الحكم : ح 1959 وح473 وفيه «العقل داعي الفهم» ، عيون الحكم والمواعظ : ص 41 ح 955 نحوه وليس فيه «أصل العلم» .
3- .غرر الحكم : ح 4275 .
4- .غرر الحكم : ح 816 و 817 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 30 ح 478 و 479 .
5- .غرر الحكم : ح 828 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 24 ح 205 .
6- .غرر الحكم : ح 1735 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 52 ح 1357 .
7- .الكافي : ج 1 ص 28 ح 34 عن الإمام الصادق عليه السلام ، غرر الحكم : ح 4208 وفيه صدر الحديث .
8- .غرر الحكم : ح 1715 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 52 ح 1345 .
9- .غرر الحكم : ح 8282 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 447 ح 7880 .

ص: 252

ب _ معرفة اللّه

وَالإِقرارَ بِالطّاعَةِ ، فَإِذا فَعَلَ ذلِكَ كانَ مُستَدرِكا لِما فاتَ ، ووارِدا عَلى ما هُوَ آتٍ ، يَعرِفُ ما هُوَ فيهِ ولِأَيِّ شَيءٍ هُوَ هاهُنا ، ومِن أينَ يَأتيهِ ، وإلى ما هُوَ صائِرٌ ، وذلِكَ كُلُّهُ مِن تَأييدِ العَقلِ. (1)

عنه عليه السلام_ في بَيانِ جُنودِ العَقلِ وَالجَهلِ _: الحِكمَةُ وضِدُّهَا الهَوى. (2)

راجع : ص 200 (العلم يحتاج إليه) و ص 230 (العلم) و 357 (عداوة العلم والعالِم) .

ب _ مَعرِفَةُ اللّهِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :قَسَّمَ اللّهُ العَقلَ ثَلاثَةَ أجزاءٍ ، فَمَن كُنَّ فيهِ كَمُلَ عَقلُهُ ، ومَن لَم يَكُنَّ فَلا عَقلَ لَهُ : حُسنُ المَعرِفَةِ بِاللّهِ ، وحُسنُ الطّاعَةِ للّهِِ ، وحُسنُ الصَّبرِ عَلى أمرِ اللّهِ. (3)

تحف العقول :قَدِمَ المَدينَةَ رَجُلٌ نَصرانِيٌّ مِن أهلِ نَجرانَ ، وكانَ فيهِ بَيانٌ ولَهُ وَقارٌ وهَيبَةٌ ، فَقيلَ : يا رَسولَ اللّهِ ، ما أعقَلَ هذَا النَّصرانِيَّ ؟! فَزَجَرَ القائِلَ وقالَ : مَه ! إنَّ العاقِلَ مَن وَحَّدَ اللّهَ وعَمِلَ بِطاعَتِهِ. (4)

الإمام عليّ عليه السلام :بِصُنعِ اللّهِ يُستَدَلُّ عَلَيهِ ، وبِالعُقولِ تُعتَقَدُ مَعرِفَتُهُ ، وبِالفِكرَةِ تَثبُتُ حُجَّتُهُ. (5)

.


1- .الكافي: ج 1 ص 25 ح 23، علل الشرائع: ص 103 ح 2 عن الحسن بن محبوب عن بعض أصحابه، بحار الأنوار: ج 1 ص 90 ح 17.
2- .الكافي : ج 1 ص 22 ح 14 ، الخصال : ص 591 ح 13 كلاهما عن سماعة بن مهران ، تحف العقول : ص 402 عن الإمام الكاظم عليه السلام .
3- .تحف العقول : ص 54 ، الخصال : ص 102 ح 58 ، تيسير المطالب : ص 148 ، بحار الأنوار : ج 1 ص 106 ح 1 .
4- .تحف العقول : ص 54 ، بحار الأنوار : ج 77 ص 158 ح 146 .
5- .تحف العقول: ص 62 ، الأمالي للمفيد: ص 254 عن محمّد بن زيد الطبريّ ، التوحيد: ص 35 ح 2 عن محمّد بن يحيى بن عمر بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، الاحتجاج: ج 2 ص 360 ح 283 والثلاثة الأخيرة عن الإمام الرضا عليه السلام وفيها «بالفطرة» بدل «بالفكرة» ، بحار الأنوار: ج 3 ص 55 ح 28 نقلًا عن جامع الأخبار .

ص: 253

عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ ... الَّذي بَطَنَ مِن خَفِيّاتِ الاُمورِ ، وظَهَرَ فِي العُقولِ بِما يُرى في خَلقِهِ مِن عَلاماتِ التَّدبيرِ ، الَّذي سُئِلَتِ الأَنبِياءُ عَنهُ فَلَم تَصِفهُ بِحَدٍّ ولا بِبَعضٍ ، بَل وَصَفَتهُ بِفِعالِهِ ودَلَّت عَلَيهِ بِآياتِهِ ، لا تَستَطيعُ عُقولُ المُتَفَكِّرينَ جَحدَهُ ؛ لِأَنَّ مَن كانَتِ السَّماواتُ وَالأَرضُ فِطرَتَهُ وما فيهِنَّ وما بَينَهُنَّ وهُوَ الصّانِعُ لَهُنَّ ، فَلا مَدفَعَ لِقُدرَتِهِ. (1)

الكافي عن الحسن بن عمّار عن الإمام الصادق عليه السلام :إنَّ أوَّلَ الاُمورِ ومَبدَأها وقُوَّتَها وعِمارَتَها _ الَّتي لا يَنتَفِعُ شَيءٌ إلّا بِهِ _ العَقلُ الَّذي جَعَلَهُ اللّهُ زينَةً لِخَلقِهِ ونورا لَهُم ، فَبِالعَقلِ عَرَفَ العِبادُ خالِقَهُم وأنَّهُم مَخلوقونَ ، وأنَّهُ المُدَبِّرُ لَهُم وأنَّهُمُ المُدَبَّرونَ ، وأنَّهُ الباقي وهُمُ الفانونَ ، وَاستَدَلّوا بِعُقولِهِم عَلى ما رَأوا مِن خَلقِهِ ؛ مِن سَمائِهِ وأرضِهِ ، وشَمسِهِ وقَمَرِهِ ، ولَيلِهِ ونَهارِهِ ، وبِأَنَّ لَهُ ولَهُم خالِقا ومُدَبِّرا لَم يَزَل ولا يَزولُ ، وعَرَفوا بِهِ الحَسَنَ مِنَ القَبيحِ ، وأنَّ الظُّلمَةَ فِي الجَهلِ ، وأنَّ النّورَ فِي العِلمِ ، فَهذا ما دَلَّهُم عَلَيهِ العَقلُ . قيلَ لَهُ : فَهَل يَكتَفِي العِبادُ بِالعَقلِ دونَ غَيرِهِ؟ قالَ : إنَّ العاقِلَ لِدَلالَةِ عَقلِهِ الَّذي جَعَلَهُ اللّهُ قِوامَهُ وزينَتَهُ وهِدايَتَهُ عَلِمَ أنَّ اللّهَ هُوَ الحَقُّ ، وأنَّهُ هُوَ رَبُّهُ ، وعَلِمَ أنَّ لِخالِقِهِ مَحَبَّةً ، وأنَّ لَهُ كَراهِيَةً ، وأنَّ لَهُ طاعَةً ، وأنَّ لَهُ مَعصِيَةً ، فَلَم يَجِد عَقلَهُ يَدُلُّهُ عَلى ذلِكَ ، وعَلِمَ أنَّهُ لا يوصَلُ إلَيهِ إلّا بِالعِلمِ وطَلَبِهِ ، وأنَّهُ لا يَنتَفِعُ بِعَقلِهِ إن لَم يُصِب ذلِكَ بِعِلمِهِ ، فَوَجَبَ عَلَى العاقِلِ طَلَبُ العِلمِ والأَدَبِ الَّذي لا قِوامَ لَهُ إلّا بِهِ. (2)

.


1- .الكافي : ج 1 ص 141 ح 7 ، التوحيد : ص 31 ح 1 وفيه «بنقص» بدل «ببعض» و «بأفعاله» بدل «بفعاله» وكلاهما عن الحارث الأعور ، بحار الأنوار : ج 4 ص 265 ح 14 .
2- .الكافي : ج 1 ص 29 ح 34 .

ص: 254

ج _ الدّين

الإمام الكاظم عليه السلام_ في وَصِيَّتِهِ لِهِشامٍ _: يا هِشامُ ، إنَّ ضَوءَ الجَسَدِ في عَينِهِ ، فَإِن كانَ البَصَرُ مُضيئا اِستَضاءَ الجَسَدُ كُلُّهُ . وإنَّ ضَوءَ الرّوحِ العَقلُ ، فَإِذا كانَ العَبدُ عاقِلًا كانَ عالِما بِرَبِّهِ ، وإذا كانَ عالِما بِرَبِّهِ أبصَرَ دينَهُ . وإن كانَ جاهِلًا بِرَبِّهِ لَم يَقُم لَهُ دينٌ . وكَما لا يَقومُ الجَسَدُ إلّا بِالنَّفسِ الحَيِّةِ فَكَذلِكَ لا يَقومُ الدّينُ إلّا بِالنِّيَّةِ الصّادِقَةِ ، ولا تَثبُتُ النِّيَّةُ الصّادِقَةُ إلّا بِالعَقلِ. (1)

الإمام الرضا عليه السلام :بِالعُقولِ يُعتَقَدُ التَّصديقُ بِاللّهِ. (2)

ج _ الدّينرسول اللّه صلى الله عليه و آله :لا دينَ لِمَن لا عَقلَ لَهُ. (3)

الإمام عليّ عليه السلام :هَبَطَ جَبرَئيلُ عَلى آدَمَ عليه السلام فَقالَ : يا آدَمُ ، إنّي اُمِرتُ أن اُخَيِّرَكَ واحِدَةً مِن ثَلاثٍ ، فَاختَرها ودَعِ اثنَتَينِ . فَقالَ لَهُ آدَمُ : يا جَبرَئيلُ ، ومَا الثَّلاثُ ؟ فَقالَ : العَقلُ وَالحَياءُ وَالدّينُ . فَقالَ آدَمُ : إنّي قَدِ اختَرتُ العَقلَ . فَقالَ جَبرَئيلُ لِلحَياءِ وَالدّينِ : اِنصَرِفا ودَعاهُ . فَقالا : يا جَبرَئيلُ ، إنّا اُمِرنا أن نَكونَ مَعَ العَقلِ حَيثُ كانَ . قالَ : فَشَأن_ُكُما ، وعَرَجَ. (4)

.


1- .تحف العقول : ص 396 ، بحار الأنوار : ج 1 ص 153 ح 30 .
2- .التوحيد : ص 40 ح 2 عن محمّد بن يحيى ، الاحتجاج : ج 2 ص 364 ، بحار الأنوار : ج 4 ص 230 ح 3 .
3- .تحف العقول : ص 54 ، روضة الواعظين : ص 9 ، غرر الحكم: ح 10768 عن الإمام عليّ عليه السلام ، بحار الأنوار : ج 1 ص 94 ح 19 ؛ شُعب الإيمان : ج 4 ص 157 ح 4644 عن جابر ، كنز العمّال : ج 3 ص 379 ح 7034 .
4- .الكافي : ج 1 ص 10 ح 2 ، كتاب من لا يحضره الفقيه : ج 4 ص 416 ح 5906 ، الخصال : ص 102 ح 59 ، الأمالي للصدوق : ص 770 ح 1043 كلّها عن الأصبغ بن نباتة، روضة الواعظين : ص 7 ، كنز الفوائد: ج 1 ص 56 وراجع : الاختصاص: ص 245 و بحار الأنوار : ج 1 ص 86 ح 8 .

ص: 255

د _ كمال الدين

عنه عليه السلام :ما آمَنَ المُؤمِنُ حَتّى عَقَلَ. (1)

عنه عليه السلام :الدّينُ وَالأَدَبُ نَتيجَةُ العَقلِ. (2)

الإمام الصادق عليه السلام :مَن كانَ عاقِلًا كانَ لَهُ دينٌ، ومَن كانَ لَهُ دينٌ دَخَلَ الجَنَّةَ. (3)

إرشادُ القُلوبِ:في تَوراةِ موسى عليه السلام : لا عَقلَ كَالدّينِ. (4)

راجع : ص 219 (التحذير من ترك التعقّل) .

د _ كمال الدينرسول اللّه صلى الله عليه و آله :ما تَمَّ دينُ إنسانٍ قَطُّ حَتّى يَتِمَّ عَقلُهُ. (5)

عنه صلى الله عليه و آله :لا يُعجِبَنَّكَ إسلامُ امرِىً حَتّى تَنظُرَ ما مَعقولُ عَقلِهِ. (6)

عنه صلى الله عليه و آله :لا يُعجِبكُم إسلامُ رَجُلٍ حَتّى تَعلَموا كُنهَ عَقلِهِ. (7)

الإمام عليّ عليه السلام :ثَلاثٌ مَن كُنَّ فيهِ كَمُلَ إيمانُهُ : العَقلُ ، وَالحِلمُ ، وَالعِلمُ. (8)

عنه عليه السلام :عَلى قَدرِ العَقلِ يَكونُ الدّينُ ، عَلى قَدرِ الدّينِ تَكونُ قُوَّةُ اليَقينِ. (9)

الإمام الكاظم عليه السلام :كَما لا يَقومُ الجَسَدُ إلّا بِالنَّفسِ الحَيَّةِ فَكَذلِكَ لا يَقومُ الدّينُ إلّا بِالنِّيَّةِ الصّادِقَةِ ، ولا تَثبُتُ النِّيَّةُ الصّادِقَةُ إلّا بِالعَقلِ. (10)

.


1- .غرر الحكم : ح 9553 .
2- .غرر الحكم : ح 1693 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 26 ح 303 وزاد فيه «والعدل» بعد «والأدب» .
3- .الكافي: ج1 ص11 ح6، ثواب الأعمال: ص29 ح2 كلاهما عن إسحاق بن عمّار، بحارالأنوار: ج1 ص91 ح20.
4- .إرشاد القلوب : ص 74 .
5- .تيسير المطالب : ص 164 ؛ شعب الإيمان : ج 6 ص 255 ح 8061 عن أنس وفيه «المسلم» بدل «إنسان» ، كنز العمّال : ج 15 ص 916 ح 43581 .
6- .جامع الأحاديث للقمّي : ص 136 .
7- .مسند الشهاب : ج 2 ص 88 ح 942 ، كنز العمّال : ج 3 ص 384 ح 7060 .
8- .غرر الحكم : ح 4658 ، عيون الحكم والموعظ : ص 211 ح 4218 .
9- .غرر الحكم : ح 6183 و 6184 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 327 ح 5612 و 5616 .
10- .تحف العقول : ص 396 عن هشام بن الحكم ، بحار الأنوار : ج 1 ص 153 ح 30 .

ص: 256

ه _ مكارم الأخلاق

ه _ مَكارِمُ الأَخلاقِرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ لِمَن قالَ لَهُ: أخبِرني عَنِ العَقلِ ما هُوَ ؟ وكَيفَ هُوَ ؟ وما يَتَشَعَّبُ مِنهُ وما لا يَتَشَعَّبُ ؟ وصِف لي طَوائِفَهُ كُلَّها _: إنَّ العَقلَ عِقالٌ مِنَ الجَهلِ ، وَالنَّفسُ مِثلُ أخبَثِ الدَّوابِّ ، فَإِن لَم تُعقَل حارَت ، فَالعَقلُ عِقالٌ مِنَ الجَهلِ ، وإنَّ اللّهَ خَلَقَ العَقلَ فَقالَ لَهُ : أقبِل فَأَقبَلَ ، وقالَ لَهُ : أدبِر فَأَدبَرَ ، فَقالَ اللّهُ تَبارَكَ وتَعالى : وعِزَّتي وجَلالي ، ما خَلَقتُ خَلقا أعظَمَ مِنكَ ولا أطوَعَ مِنكَ ، بِكَ اُبدِئُ وبِكَ اُعيدُ ، لَكَ الثَّوابُ وعَلَيكَ العِقابُ . فَتَشَعَّبَ مِنَ العَقلِ الحِلمُ ، ومِنَ الحِلمِ العِلمُ ، ومِنَ العِلمِ الرُّشدُ ، ومِنَ الرُّشدِ العَفافُ ، ومِنَ العَفافِ الصِّيانَةُ ، ومِنَ الصِّيانَةِ الحَياءُ ، ومِنَ الحَياءِ الرَّزانَةُ ، ومِنَ الرَّزانَةِ المُداوَمَةُ عَلَى الخَيرِ ، ومِنَ المُداوَمَةِ عَلَى الخَيرِ كَراهِيَةُ الشَّرِّ ، ومِن كَراهِيَةِ الشَّرِّ طاعَةُ النّاصِحِ. (1)

عنه صلى الله عليه و آله :التَّوَدُّدُ إلَى النّاسِ نِصفُ العَقلِ. (2)

عنه صلى الله عليه و آله :حُسنُ الأَدَبِ دَليلٌ عَلى صِحَّةِ العَقلِ. (3)

الإمام عليّ عليه السلام :فَسادُ الأَخلاقِ مُعاشَرَةُ السُّفَهاءِ ، وصَلاحُ الأَخلاقِ مُعاشَرَةُ العُقَلاءِ. (4)

عنه عليه السلام :الأَدَبُ فِي الإِنسانِ كَشَجَرَةٍ أصلُهَا العَقلُ. (5)

.


1- .تحف العقول : ص 15 ، بحار الأنوار : ج 1 ص 117 ح 11 .
2- .الكافي : ج 2 ص 643 ح 4 عن السكوني عن الإمام الصادق عليه السلام ، كتاب من لا يحضره الفقيه : ج 4 ص 416 ح 5904 عن زرارة عن الإمام الصادق عليه السلام ، نهج البلاغة : الحكمة 142 ، تحف العقول : ص 443 عن الإمام الرضا عليه السلام ، بحار الأنوار : ج 74 ص 168 ح 35 ؛ حلية الأولياء : ج 3 ص 195 عن الأصمعي عن الإمام الصادق عليه السلام ، الفردوس : ج 2 ص 75 ح 2421 عن الإمام عليّ عليه السلام ، مسند الشهاب : ج 1 ص 55 ح 33 عن ابن عمر ، كنز العمّال : ج 3 ص 49 ح 5435 .
3- .إرشاد القلوب : ص 199 .
4- .كنز الفوائد: ج 1 ص 199 ، كشف الغمّة: ج 3 ص 139 وفيه «بمعاشرة السفهاء ... بمنافسة العقلاء» ، بحار الأنوار : ج 1 ص 160 ح 45.
5- .غرر الحكم : ح 2004 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 60 ح 1527 .

ص: 257

عنه عليه السلام :إنَّ الأَدَبَ حُجَّةُ العَقلِ ، وَالعِلمَ حُجَّةُ القَلبِ. (1)

عنه عليه السلام :أفضَلُ العَقلِ الأَدَبُ. (2)

عنه عليه السلام :حَدُّ العَقلِ النَّظَرُ فِي العَواقِبِ ، وَالرِّضا بِما يَجري بِهِ القَضاءُ. (3)

عنه عليه السلام :لِلحازِمِ مِن عَقلِهِ عَن كُلِّ دَنِيَّةٍ زاجِرٌ. (4)

عنه عليه السلام :ما ذَلَّ مَن أحسَنَ الفِكرَ. (5)

عنه عليه السلام :بِالعَقلِ كَمالُ النَّفسِ. (6)

عنه عليه السلام :الخُلُقُ المَحمودُ مِن ثِمارِ العَقلِ. (7)

عنه عليه السلام :ما جَمَّلَ الفَضائِلَ كَاللُّبِّ. (8)

عنه عليه السلام :العَقلُ شَجَرَةٌ ثَمَرُهَا السَّخاءُ والحَياءُ. (9)

عنه عليه السلام :مَنِ اتَّقَى اللّهَ عَقَلَ. (10)

عنه عليه السلام :العَقلُ شَجَرَةٌ أصلُهَا التُّقى ، وفَرعُهَا الحَياءُ ، وثَمَرَتُهَا الوَرَعُ . فَالتَّقوى تَدعو إلى خِصالٍ ثَلاثٍ : إلَى الفِقهِ فِي الدّينِ ، وَالزُّهدِ فِي الدُّنيا ، وَالاِنقِطاعِ إلَى اللّهِ تَعالى . وَالحَياءُ يَدعو إلى ثَلاثِ خِصالٍ : إلَى اليَقينِ ، وحُسنِ الخُلُقِ ، وَالتَّواضُعِ . وَالوَرَعُ

.


1- .أعلام الدين : ص 96 .
2- .غرر الحكم : ح 2947 .
3- .غرر الحكم : ح 4901 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 232 ح 4447 .
4- .غرر الحكم : ح 7350 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 403 ح 6808 .
5- .غرر الحكم : ح 9458 .
6- .غرر الحكم : ح 4318 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 189 ح 3904 .
7- .غرر الحكم : ح 1280 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 47 ح 1176 .
8- .غرر الحكم : ح 9473 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 480 ح 8828 .
9- .غرر الحكم : ح 1254 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 46 ح 1163 وفيه «والوفاء» بدل «والحياء» .
10- .الكافي : ج 8 ص 241 ح 331 ، تنبيه الخواطر : ج 2 ص 152 كلاهما عن جويرية بن مسهر ، بحار الأنوار : ج 41 ص 58 ح 11 .

ص: 258

يَدعو إلى خِصالٍ ثَلاثٍ : إلى صِدقِ اللِّسانِ ، وَالمُسارَعَةِ إلَى البِرِّ ، وتَركِ الشُّبُهاتِ. (1)

عنه عليه السلام :كَسبُ العَقلِ الاِعتِبارُ وَالاِستِظهارُ، وكَسبُ الجَهلِ الغَفلَةُ والاِغتِرارُ. (2)

عنه عليه السلام :يُستَدَلُّ عَلى عَقلِ الرَّجُلِ بِالتَّحَلّي بِالعِفَّةِ وَالقَناعَةِ. (3)

عنه عليه السلام :عَلَيكَ بِالسَّخاءِ فَإِنَّهُ ثَمَرَةُ العَقلِ. (4)

عنه عليه السلام :كَفى بِالمَرءِ عَقلًا أن يُجمِلَ في مَطالِبِهِ. (5)

عنه عليه السلام :ثَمَرَةُ العَقلِ مُداراةُ النّاسِ. (6)

عنه عليه السلام :عُنوانُ العَقلِ مُداراةُ النّاسِ. (7)

عنه عليه السلام :لا عَقلَ كَالتَّجاهُلِ. (8)

عنه عليه السلام :العَقلُ حَيثُ كانَ آلِفٌ مَألوفٌ. (9)

عنه عليه السلام :الاِحتِمالُ بُرهانُ العَقلِ وعُنوانُ الفَضلِ. (10)

عنه عليه السلام :ذُو العَقلِ لا يَنكَشِفُ إلّا عَنِ احتِمالٍ وإجمالٍ وإفضالٍ. (11)

عنه عليه السلام :لِكُلِّ شَيءٍ زَكاةٌ ، وزَكاةُ العَقلِ احتِمالُ الجُهّالِ. (12)

.


1- .المواعظ العدديّة : ص 160 .
2- .غرر الحكم : ح 7227 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 397 ح 6733 و 6734 .
3- .غرر الحكم : ح 10956 .
4- .غرر الحكم : ح 6083 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 335 ح 5714 .
5- .غرر الحكم : ح 7041 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 386 ح 6543 .
6- .غرر الحكم : ح 4629 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 209 ح 4200 .
7- .غرر الحكم : ح 6321 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 339 ح 5774 .
8- .غرر الحكم : ح 10503 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 531 ح 9659 .
9- .غرر الحكم : ح 1251 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 46 ح 1160 .
10- .غرر الحكم : ح 1602 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 50 ح 1268 .
11- .غرر الحكم : ح 5179 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 256 ح 4749 .
12- .غرر الحكم : ح 7301 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 402 ح 6784 .

ص: 259

عنه عليه السلام :مُرُوَّةُ الرَّجُلِ عَلى قَدرِ عَقلِهِ. (1)

عنه عليه السلام :جِهادُ النَّفسِ بِالعِلمِ عُنوانُ العَقلِ. (2)

عنه عليه السلام :إنَّمَا العَقلُ التَّجَنُّبُ مِنَ الإِثمِ ، وَالنَّظَرُ فِي العَواقِبِ ، وَالأَخذُ بِالحَزمِ. (3)

عنه عليه السلام :العَقلُ يوجِبُ الحَذَرَ. (4)

عنه عليه السلام :. . . ومِن عَقلِهِ [أيِ المُؤمِنِ] إنصافُهُ مِن نَفسِهِ ، وتَركُهُ الغَضَبَ عِندَ مُخالَفَتِهِ ، وقَبولُهُ الحَقَّ إذا بانَ لَهُ. (5)

عنه عليه السلام :الحِلمُ نورٌ جَوهَرُهُ العَقلُ. (6)

عنه عليه السلام :مَعَ العَقلِ يَتَوَفَّرُ الحِلمُ. (7)

عنه عليه السلام :بِوُفورِ العَقلِ يَتَوَفَّرُ الحِلمُ. (8)

عنه عليه السلام :العَقلُ أنَّكَ تَقتَصِدُ فَلا تُسرِفُ ، وتَعِدُ فَلا تُخلِفُ ، وإذا غَضِبتَ حَلُمتَ. (9)

عنه عليه السلام :السَّكينَةُ عُنوانُ العَقلِ. (10)

عنه عليه السلام :ثَمَرَةُ العَقلِ لُزومُ الحَقِّ. (11)

.


1- .غرر الحكم : ح 9777 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 489 ح 9052 .
2- .غرر الحكم : ح 4772 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 223 ح 4341 .
3- .غرر الحكم : ح 3887 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 178 ح 3657 وفيه «التحذّر» بدل «التجنّب» .
4- .غرر الحكم : ح 814 و 1028 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 24 ح 210 .
5- .أعلام الدين : ص 127 .
6- .غرر الحكم : ح 1185 .
7- .غرر الحكم : ح 9741 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 486 ح 8986 .
8- .غرر الحكم : ح 4274 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 188 ح 3869 .
9- .غرر الحكم : ح 2130 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 20 ح 99 وليس فيه ذيله .
10- .غرر الحكم : ح 785 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 42 ح 987 .
11- .غرر الحكم : ح 4602 .

ص: 260

عنه عليه السلام :ثَمَرَةُ العَقلِ الصِّدقُ. (1)

عنه عليه السلام :ثَمَرَةُ العَقلِ مَقتُ الدُّنيا وقَمعُ الهَوى. (2)

عنه عليه السلام :ثَمَرَةُ العَقلِ الاِستِقامَةُ. (3)

عنه عليه السلام :مَن عَقَلَ سَمَحَ. (4)

عنه عليه السلام :إنَّ أصلَ العَقلِ العَفافُ ، وثَمَرَتَهُ البَراءَةُ مِنَ الآثامِ. (5)

عنه عليه السلام :مَن عَقَلَ فَهِمَ ، مَن عَقَلَ عَفَّ. (6)

عنه عليه السلام_ فِي الحِكَمِ المَنسوبَةِ إلَيهِ _: لا تَرضَيَنَّ قَولَ أحَدٍ حَتّى تَرضى فِعلَهُ ، ولا تَرضَ فِعلَهُ حَتّى تَرضى عَقلَهُ ، ولا تَرضَ عَقلَهُ حَتّى تَرضى حَياءَهُ ، فَإِنَّ الإِنسانَ مَطبوعٌ عَلى كَرَمٍ ولُؤمٍ ، فَإِن قَوِيَ الحَياءُ عِندَهُ قَوِيَ الكَرَمُ ، وإن ضَعُفَ الحَياءُ قَوِيَ اللُّؤمُ. (7)

عنه عليه السلام_ أيضا _: إنَّ مِلاكَ العَقلِ ومَكارِمِ الأَخلاقِ : صَونُ العِرضِ ، وَالجَزاءُ بِالفَرضِ ، وَالأَخذُ بِالفَضلِ ، وَالوَفاءُ بِالعَهدِ ، وَالإِنجازُ لِلوَعدِ. (8)

الإمام الحسن عليه السلام :لا أدَبَ لِمَن لا عَقلَ لَهُ. (9)

عنه عليه السلام_ لَمّا سُئِلَ عَنِ العَقلِ _: التَّجَرُّعُ لِلغُصَّةِ حَتّى تُنالَ الفُرصَةُ. (10)

.


1- .غرر الحكم : ح 4643 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 209 ح 4204 .
2- .غرر الحكم : ح 4654 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 208 ح 4157 .
3- .غرر الحكم : ح 4589 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 208 ح 4173 وفيه «العلم» بدل «العقل» .
4- .غرر الحكم : ح 7695 .
5- .مطالب السؤول : ص 50 ؛ بحار الأنوار : ج 78 ص 7 ح 59 .
6- .غرر الحكم : ح 7644 و 7646 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 423 ح 7119 و ص 428 ح 7270 .
7- .شرح نهج البلاغة : ج 20 ص 310 ح 554.
8- .شرح نهج البلاغة : ج 20 ص 267 ح 99 .
9- .كشف الغمّة : ج 2 ص 197 ، بحار الأنوار : ج 78 ص 111 ح 6 .
10- .معاني الأخبار: ص240 ح 1 عن محمّد بن عبدالجبّار عن بعض أصحابنا رفعه، بحارالأنوار: ج1 ص116 ح9.

ص: 261

و _ محاسن الأعمال

الإمام الحسين عليه السلام_ لَمّا سُئِلَ عَنِ العَقلِ _: التَّجَرُّعُ لِلغُصَّةِ ومُداهَنَةُ الأَعداءِ. (1)

الإمام الصادق عليه السلام :مُجامَلَةُ النّاسِ ثُلُثُ العَقلِ. (2)

عنه عليه السلام :لا يُعَدُّ العاقِلُ عاقِلًا حَتّى يَستَكمِلَ ثَلاثا : إعطاءَ الحَقِّ مِن نَفسِهِ عَلى حالِ الرِّضا وَالغَضَبِ ، وأن يَرضى لِلنّاسِ ما يَرضى لِنَفسِهِ ، وَاستِعمالَ الحِلمِ عِندَ العَثرَةِ. (3)

عنه عليه السلام :لَم يُقَسَّم بَينَ العِبادِ أقَلُّ مِن خَمسٍ : اليَقينِ ، وَالقُنوعِ ، وَالصَّبرِ ، وَالشُّكرِ ، وَالَّذي يُكَمِّلُ لَهُ هذا كُلَّهُ العَقلُ. (4)

راجع : ص 322 (ما ينبغي للعاقل) و 280 (صفات العقلاء) و 291 (صفات اُولي النُّهى) و 293 (صفات اُولي الألباب) و 359 (مساوئ الأخلاق) .

و _ مَحاسِنُ الأَعمالِالكتاب«أفَمَن يَعْلَمُ أنَّمَا اُنزِلَ إلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أعْمَى إنَّمَا يَتَذَكَّرُ اُوْلُواْ الْأَلْبَ_بِ» . (5)

.


1- .معاني الأخبار: ص 380 ح 7 ، الأمالي للصدوق: ص 770 ح 1042 عن أبي سعيد عقيصا ، وذكره أيضا في: ص 358 ح 441 عن الحسين بن خالد عن الإمام الرضا عليه السلام وزاد فيه «ومداراة الأصدقاء»، المحاسن: ج 1 ص 310 ح 616 عن الإمام الحسن عليه السلام ، روضة الواعظين : ص 8 عن الإمام الرضا عليه السلام وأيضا عن الإمام الحسن عليه السلام ، بحار الأنوار : ج 1 ص 130 ح 13 .
2- .الكافي : ج 2 ص 643 ح 2 عن سماعة ، بحار الأنوار : ج 78 ص 250 ح 91 .
3- .تحف العقول : ص 318 ، بحار الأنوار : ج 78 ص 232 ح 29 .
4- .الخصال : ص 285 ح 36 ، المحاسن : ج 1 ص 306 ح 601 وفيه «لم يقسّم اللّه بين الناس شيئا» بدل «لم يقسّم بين العباد» وكلاهما عن عبداللّه بن مسكان ، روضة الواعظين : ص 7 ، بحار الأنوار : ج 1 ص 87 ح 9 .
5- .الرعد : 19 .

ص: 262

«الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنقُضُونَ الْمِيثَ_قَ» . (1)

«وَ الَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أمَرَ اللَّهُ بِهِ أن يُوصَلَ وَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَ يَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ» . (2)

الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :جَدَّ المَلائِكَةُ وَاجتَهَدوا في طاعَةِ اللّهِ بِالعَقلِ ، وجَدَّ المُؤمِنونَ مِن بَني آدَمَ وَاجتَهَدوا فِي طاعَةِ اللّهِ عَلى قَدرِ عُقولِهِم ، فَأَعمَلُهُم بِطاعَةِ اللّهِ أوفَرُهُم عَقلًا. (3)

عنه صلى الله عليه و آله_ لَمّا سُئِلَ عَنِ العَقلِ _: العَمَلُ بِطاعَةِ اللّهِ ، وإنَّ العُمّالَ بِطاعَةِ اللّهِ هُمُ العُقَلاءُ. (4)

تيسير المطالب عن جابر بن عبداللّه :إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله تَلا هذِهِ الآيَةَ : «وَ تِلْكَ الْأَمْثَ_لُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَ مَا يَعْقِلُهَا إلَا الْعَ__لِمُونَ» قالَ : العالِمُ الَّذي عَقَلَ عَنِ اللّهِ عز و جلفَعَمِلَ بِطاعَتِهِ وَاجتَنَبَ سَخَطَهُ. (5)

حلية الأولياء عن سويد بن غفلة :إنَّ أبا بَكرٍ خَرَجَ ذاتَ يَومٍ فَاستَقبَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله فَقالَ لَهُ : بِمَ بُعِثتَ يا رَسولَ اللّهِ ؟ قالَ : بِالعَقلِ . قالَ : فَكَيفَ لَنا بِالعَقلِ؟ فَقالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله : إنَّ العَقلَ لا غايَةَ لَهُ ، ولكِن مَن أحَلَّ حَلالَ اللّهِ وحَرَّمَ حَرامَهُ سُمِّيَ عاقِلًا ، فَإِنِ اجتَهَدَ بَعدَ ذلِكَ سُمِّيَ عابِدا ، فَإِنِ اجتَهَدَ بَعدَ ذلِكَ سُمِّيَ جَوادا . فَمَنِ

.


1- .الرعد : 20 .
2- .الرعد : 21 .
3- .تيسير المطالب : ص 313 .
4- .روضة الواعظين : ص 8 ، بحار الأنوار : ج 1 ص 131 ح 20 .
5- .تيسير المطالب : ص 146 .

ص: 263

اجتَهَدَ فِي العِبادَةِ وسَمَحَ في نَوائِبِ المَعروفِ بِلا حَظٍّ مِن عَقلٍ يَدُلُّهُ عَلَى اتِّباعِ أمرِ اللّهِ عز و جل وَاجتِنابِ ما نَهَى اللّهُ عَنهُ ، فَاُولئِكَ هُمُ الأَخسَرونَ أعمالًا ، الَّذينَ ضَلَّ سَعيُهُم فِي الحَياةِ الدُّنيا وهُم يَحسَبونَ أنَّهُم يُحسِنونَ صُنعا. (1)

الإمام عليّ عليه السلام :العُقولُ أئِمَّةُ الأَفكارِ ، وَالأَفكارُ أئِمَّةُ القُلوبِ ، وَالقُلوبُ أئِمَّةُ الحَواسِّ ، وَالحَواسُّ أئِمَّةُ الأَعضاءِ. (2)

عنه عليه السلام :عَلى قَدرِ العَقلِ تَكونُ الطّاعَةُ. (3)

عنه عليه السلام :مَن كَمُلَ عَقلُهُ حَسُنَ عَمَلُهُ. (4)

عنه عليه السلام :مَن قَدَّمَ عَقلَهُ عَلى هَواهُ حَسُنَت مَساعيهِ. (5)

عنه عليه السلام :مِن عَلاماتِ العَقلِ العَمَلُ بِسُنَّةِ العَدلِ. (6)

عنه عليه السلام :غَريزَةُ العَقلِ تَحدو عَلَى استِعمالِ العَدلِ. (7)

عنه عليه السلام :العَقلُ أن تَقولَ ما تَعرِفُ وتَعمَلَ بِما تَنطِقُ بِهِ. (8)

عنه عليه السلام :مَن قَوَّمَ لِسانَهُ زانَ عَقلَهُ. (9)

عنه عليه السلام :المَعذِرَةُ بُرهانُ العَقلِ. (10)

.


1- .حلية الأولياء : ج 1 ص 21 .
2- .كنز الفوائد : ج 1 ص 200 ، بحار الأنوار: ج 1 ص 96 ح 40 .
3- .غرر الحكم : ح 6178 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 327 ح 5623 .
4- .الخصال: ص 633 ح 10 عن أبي بصير ومحمّد بن مسلم عن الإمام الصادق عن آبائه عليهم السلام ، بحار الأنوار: ج 1 ص 87 ح 10 .
5- .غرر الحكم : ح 827 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 455 ح 8197 .
6- .غرر الحكم : ح 9430 .
7- .غرر الحكم : ح 6392 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 349 ح 5919 وفيه «تأمر» بدل «تحدو» .
8- .غرر الحكم : ح 2141 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 66 ح 1678 وفيه «وتعرف» بدل «وتعمل» .
9- .غرر الحكم : ح 8381 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 448 ح 7928 .
10- .غرر الحكم : ح 497 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 35 ح 695 .

ص: 264

ز _ وضع الأشياء مواضعها

عنه عليه السلام :ثَمَرَةُ العَقلِ صُحبَةُ الأَخيارِ. (1)

الإمام الصادق عليه السلام :أفضَلُ طَبائِعِ العَقلِ العِبادَةُ ، وأوثَقُ الحَديثِ لَهُ العِلمُ ، وأجزَلُ حُظوظِهِ الحِكمَةُ ، وأفضَلُ ذَخائِرِهِ الحَسَناتُ. (2)

راجع : ص 274 (الفعل) و 280 (صفات العقلاء) و 291 (صفات اُولي النّهى) و 293 (صفات اُولي الألباب) .

ز _ وَضعُ الأَشياءِ مَواضِعَهاالإمام عليّ عليه السلام :العاقِلُ مَن وَضَعَ الأَشياءَ مَواضِعَها ، وَالجاهِلُ ضِدُّ ذلِكَ. (3)

نهج البلاغة :أن_َّهُ قيلَ لَهُ : صِف لَنَا العاقِلَ. فَقالَ عليه السلام : هُوَ الَّذي يَضَعُ الشَّيءَ مَواضِعَهُ . فَقيلَ : فَصِف لَنَا الجاهِلَ . فَقالَ : قَد فَعَلتُ. (4)

الإمام عليّ عليه السلام :العاقِلُ مَن أحسَنَ صَنائِعَهُ ، ووَضَعَ سَعيَهُ في مَواضِعِهِ. (5)

عنه عليه السلام :لَيسَ عَلَى العاقِلِ اعتِراضُ المَقاديرِ ، إنَّما عَلَيهِ وَضعُ الشَّيءِ في حَقِّهِ. (6)

.


1- .غرر الحكم : ح 4616 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 209 ح 4196 .
2- .الاختصاص : ص 244 ، بحار الأنوار : ج 1 ص 131 ح 24 .
3- .غرر الحكم : ح 1911 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 21 ح 134 .
4- .نهج البلاغة : الحكمة 235 ، بحار الأنوار : ج 1 ص 160 ح 36 .
5- .غرر الحكم : ح 1798 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 54 ح 1392 .
6- .كنز الفوائد : ج 1 ص 200 .

ص: 265

نكتة
ح _ اختيار الأصلح
ط _ اغتنام العمر

نكتة:وكما يلاحظ فإنّ أحد آثار العقل «وضع الأشياء مواضعها» ، ومن جهة اُخرى ورد هذا المعنى نفسه في تعريف العدل (1) ، والنتيجة التي يمكن استخلاصها من مقارنة هاتين المجموعتين من الأحاديث هي أنّ من جملة آثار العقل رعاية العدل ، وأنّ العاقل يعمل بالعدل ، وهذه النتيجة صرّحت بها أحاديث اُخرى أيضا. (2)

ح _ اِختِيارُ الأَصلَحِالإمام عليّ عليه السلام :العَقلُ يَأمُرُكَ بِالأَنفَعِ ، وَالمُروءَةُ تَأمُرُكَ بِالأَجمَلِ. (3)

عنه عليه السلام :مَن لَم يَعرِفِ الخَيرَ مِنَ الشَّرِّ فَهُوَ بِمَنزِلَةِ البَهيمَةِ. (4)

عنه عليه السلام :لَيسَ العاقِلُ مَن يَعرِفُ الخَيرَ مِنَ الشَّرِّ ، ولكِنَّ العاقِلَ مَن يَعرِفُ خَيرَ الشَّرَّينِ. (5)

ط _ اِغتِنامُ العُمُرِالإمام عليّ عليه السلام :العاقِلُ مَن لا يُضيعُ لَهُ نَفَسا فيما لا يَنفَعُهُ ، ولا يَقتَني ما لا يَصحَبُهُ. (6)

عنه عليه السلام :لَو صَحَّ العَقلُ لَاغتَنَمَ كُلُّ امرِىً مَهَلَهُ. (7)

راجع : ص 268 (ترك الفضول) .

.


1- .«العدل يضع الاُمور مواضعها» نهج البلاغة : الحكمة 437 .
2- .راجع : ص 243 (الفصل الخامس : علامات العقل) وص 263 ح407 و 408 ، غرر الحكم : ح 9430 و 6392 .
3- .نثر الدرّ : ج 1 ص 285 .
4- .الكافي: ج 8 ص 24 ح 4 عن جابربن يزيد عن الإمام الباقر عليه السلام ، تحف العقول: ص 99 ، كتاب من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 407 ح 5880 ، التوحيد : ص 74 ح 27 كلاهما عن جابر بن يزيد الجعفي عن الإمام الباقر عن آبائه عنه عليهم السلام وفيهما «البهم» بدل «البهيمة» ، بحار الأنوار : ج 77 ص 288 ح 1 .
5- .مطالب السؤول : ص 49 ؛ بحار الأنوار : ج 78 ص 6 ح 58 .
6- .غرر الحكم : ح 2163 .
7- .غرر الحكم : ح 7579 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 416 ح 7075 .

ص: 266

ي _ صواب القول
ك _ حفظ التّجارب

ي _ صَوابُ القَولِالإمام عليّ عليه السلام :مِن دَلائِلِ العَقلِ النُّطقُ بِالصَّوابِ. (1)

عنه عليه السلام :جَميلُ القَولِ دَليلُ وُفورِ العَقلِ. (2)

عنه عليه السلام :يُستَدَلُّ عَلى عَقلِ الرَّجُلِ بِحُسنِ مَقالِهِ ، وعَلى طَهارَةِ أصلِهِ بِجَميلِ أفعالِهِ. (3)

الإمام الصادق عليه السلام :الرِّجالُ ثَلاثَةٌ : عاقِلٌ وأحمَقُ وفاجِرٌ . فَالعاقِلُ إن كُلِّمَ أجابَ ، وإن نَطَقَ أصابَ ، وإن سَمِعَ وَعى . وَالأَحمَقُ إن تَكَلَّمَ عَجِلَ ، وإن حَدَّثَ ذَهَلَ ، وإن حُمِلَ عَلَى القَبيحِ فَعَلَ . وَالفاجِرُ إنِ ائتَمَنتَهُ خانَكَ ، وإن حَدَّثتَهُ شانَكَ. (4)

راجع : ص 275 (الكلام) و 276 (السكوت) و280 (صفات العقلاء) .

ك _ حِفظُ التَّجارِبِالإمام عليّ عليه السلام :العَقلُ حِفظُ التَّجارِبِ ، وخَيرُ ما جَرَّبتَ ما وَعَظَكَ. (5)

عنه عليه السلام :حِفظُ التَّجارِبِ رَأسُ العَقلِ. (6)

الإمام الحسن عليه السلام_ لَمّا سَأَلَهُ أبوهُ عليه السلام عَنِ العَقلِ _: حِفظُ قَلبِكَ مَا استَودَعتَهُ. (7)

الإمام عليّ عليه السلام :العاقِلُ مَن وَعَظَتهُ التَّجارِبُ. (8)

راجع: ص 232 (التجربة) .

.


1- .غرر الحكم : ح 9416 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 473 ح 8670 .
2- .غرر الحكم : ح 4776 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 223 ح 4344 .
3- .غرر الحكم : ح 10961 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 555 ح 10237 .
4- .تحف العقول : ص 323 ، بحار الأنوار : ج 78 ص 237 ح 74 .
5- .نهج البلاغة: الكتاب31، تحف العقول: ص 80 ، غرر الحكم: ح 673 وفيه إلى «التجارب» ، بحار الأنوار: ج 1 ص 160 ح 38 ؛ كنز العمّال : ج 16 ص 177 ح 44215 نقلًا عن وكيع والعسكريّ في المواعظ .
6- .غرر الحكم : ح 4916 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 231 ح 4418 .
7- .معاني الأخبار: ص 401 ح 62 عن شريح بن هاني ، بحار الأنوار : ج 1 ص 116 ح 10.
8- .كتاب من لا يحضره الفقيه : ج 4 ص 388 ح 5834 ، تحف العقول : ص 85 ، كنز الفوائد : ج 1 ص 199 ، تنبيه الخواطر : ج 1 ص 63، غرر الحكم : ح 1189 و 3863 ، بحار الأنوار : ج 1 ص 160 ح 46 .

ص: 267

ل _ حسن التّدبير
م _ إصابة الظّنّ

ل _ حُسنُ التَّدبيرِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :لا عَقلَ كَالتَّدبيرِ. (1)

الإمام عليّ عليه السلام :أدَلُّ شَيءٍ عَلى غَزارَةِ العَقلِ حُسنُ التَّدبيرِ. (2)

عنه عليه السلام :مِنَ العَقلِ مُجانَبَةُ التَّبذيرِ وحُسنُ التَّدبيرِ. (3)

م _ إصابَةُ الظَّنِّالإمام عليّ عليه السلام :ظَنُّ العاقِلِ كَهانَةٌ. (4)

عنه عليه السلام :الظَّنُّ الصَّوابُ مِن شِيَمِ اُولِي الأَلبابِ. (5)

عنه عليه السلام :ظَنُّ العاقِلِ أصَحُّ مِن يَقينِ الجاهِلِ. (6)

عنه عليه السلام :ظَنُّ ذَوِي النُّهى وَالأَلبابِ أقرَبُ شَيءٍ مِنَ الصَّوابِ. (7)

.


1- .كتاب من لا يحضره الفقيه : ج 4 ص 372 ح 5762 عن حمّاد بن عمرو وأنس بن محمّد عن أبيه جميعا عن الإمام الصادق عن آبائه عليهم السلام ، التوحيد: ص 376 ح 20 عن وهب بن وهب بن هشام ، المحاسن : ج 1 ص 80 ح 47 عن السريّ بن خالد وكلاهما عن الإمام الصادق عن آبائه عليهم السلام عنه صلى الله عليه و آله ، معاني الأخبار : ص 335 ح 1 عن أبي ذرّ في وصيّة رسول اللّه صلى الله عليه و آله له، الكافي : ج 8 ص 20 ح 4 عن جابر بن يزيد عن الإمام الباقر عن الإمام عليّ عليهماالسلام ، نهج البلاغة : الحكمة 113 ، بحار الأنوار : ج 75 ص 100 ح 17 عن الإمام عليّ عليه السلام ؛ المعجم الكبير : ج 2 ص 157 ح 1651 عن أبي ذرّ ، كنز العمّال : ج 15 ص 928 ح 43593 .
2- .غرر الحكم : ح 3151 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 117 ح 2589 .
3- .غرر الحكم : ح 9320 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 468 ح 8536 .
4- .مئة كلمة للجاحظ : ص 70 ح 54 ، سجع الحمام : ص 232 ح 865 نقلًا عن الإعجاز والإيجاز ، عيون الحكم والمواعظ : ص 324 ح 5609 .
5- .غرر الحكم : ح 1386 .
6- .غرر الحكم : ح 6040 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 323 ح 5567 .
7- .غرر الحكم : ح 6074 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 324 ح 5608 .

ص: 268

ن _ الزّهد في الدّنيا
س _ ترك الفضول

عنه عليه السلام_ فِي الحِكَمِ المَنسوبَةِ إلَيهِ _: العَقلُ الإِصابَةُ بِالظَّنِّ ومَعرِفَةُ ما لَم يَكُن بِما كانَ. (1)

راجع : ص 277 ح 505 و 506 .

ن _ الزُّهدُ فِي الدُّنياالإمام عليّ عليه السلام :حَدُّ العَقلِ الاِنفِصالُ عَنِ الفاني وَالاِتِّصالُ بِالباقي. (2)

عنه عليه السلام :فَضيلَةُ العَقلِ الزَّهادَةُ. (3)

عنه عليه السلام :رَدعُ النَّفسِ عَن زَخارِفِ الدُّنيا ثَمَرَةُ العَقلِ. (4)

عنه عليه السلام :مَن عَقَلَ قَنِعَ. (5)

عنه عليه السلام :العاقِلُ مَن زَهِدَ في دُنيا فانِيَةٍ دَنِيَّةٍ ، ورَغِبَ في جَنَّةٍ سَنِيَّةٍ خالِدَةٍ عالِيَةٍ. (6)

راجع : ص 312 (حبّ الدنيا) .

س _ تَركُ الفُضولِالإمام الكاظم عليه السلام :إنَّ العُقَلاءَ تَرَكوا فُضولَ الدُّنيا فَكَيفَ الذُّنوبُ ! وتَركُ الدُّنيا مِنَ الفَضلِ ، وتَركُ الذُّنوبِ مِنَ الفَرضِ. (7)

الإمام عليّ عليه السلام :إذا قَلَّتِ العُقولُ كَثُرَ الفُضولُ. (8)

.


1- .شرح نهج البلاغة : ج 20 ص 331 ح 803 .
2- .غرر الحكم : ح 4905 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 233 ح 4473 .
3- .غرر الحكم : ح 6560 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 359 ح 6079 .
4- .غرر الحكم : ح 5399 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 270 ح 4960 .
5- .غرر الحكم : ح 7724 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 451 ح 8064 .
6- .غرر الحكم : ح 1868 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 56 ح 1435 .
7- .الكافي : ج 1 ص 17 ح 12 عن هشام بن الحكم ، تحف العقول : ص 387 ، بحار الأنوار : ج 1 ص 139 ح 30 .
8- .غرر الحكم: ح 4043 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 135 ح 3073 .

ص: 269

ع _ التّزوّد للآخرة

عنه عليه السلام :مَن أمسَكَ عَنِ الفُضولِ عَدَّلَت رَأيَهُ العُقولُ. (1)

عنه عليه السلام :العاقِلُ مَن رَفَضَ الباطِلَ. (2)

راجع: ص 265 (اغتنام العمر) .

ع _ التَّزَوُّدُ لِلآخِرَةِرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ مِن خُطبَةٍ لَهُ يَومَ الجُمُعَةِ _: ألا وإنَّ مِن عَلاماتِ العَقلِ : التَّجافِيَ عَن دارِ الغُرورِ ، وَالإِنابَةَ إلى دارِ الخُلودِ ، وَالتَّزَوُّدَ لِسُكنَى القُبورِ ، وَالتَّأَهُّبَ لِيَومِ النُّشورِ. (3)

الإمام عليّ عليه السلام :مِنَ العَقلِ التَّزَوُّدُ لِيَومِ المَعادِ. (4)

عنه عليه السلام :مَن عَمَّرَ دارَ إقامَتِهِ فَهُوَ العاقِلُ. (5)

عنه عليه السلام :العاقِلُ مَن هَجَرَ شَهوَتَهُ وباعَ دُنياهُ بِآخِرَتِهِ. (6)

عنه عليه السلام :مَا العاقِلُ إلّا مَن عَقَلَ عَنِ اللّهِ وعَمِلَ لِلدّارِ الآخِرَةِ. (7)

عنه عليه السلام :العاقِلُ مَن غَلَبَ هَواهُ ولَم يَبِع آخِرَتَهُ بِدُنياهُ. (8)

عنه عليه السلام :مَن عَقَلَ تَيَقَّظَ مِن غَفلَتِهِ ، وتَأَهَّبَ لِرِحلَتِهِ ، وعَمَرَ دارَ إقامَتِهِ. (9)

.


1- .الكافي : ج 8 ص 22 ح 4 عن جابر بن يزيد عن الإمام الباقر عليه السلام ، تحف العقول : ص 97 ، غرر الحكم: ح 8513 ، بحار الأنوار : ج 77 ص 286 ح 1 .
2- .الدرّة الباهرة: ص 21 ، بحار الأنوار : ج 1 ص 159 ح 31.
3- .أعلام الدين : ص 333 عن أبي الدرداء ، إرشاد القلوب : ص 45 ، بحار الأنوار : ج 77 ص 176 ح 10 .
4- .غرر الحكم : ح 9371 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 469 ح 8573 .
5- .غرر الحكم : ح 8298 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 446 ح 7844 .
6- .غرر الحكم : ح 1727 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 52 ح 1352 .
7- .تحف العقول : ص 100 ، بحار الأنوار : ج 77 ص 289 ح 1 .
8- .غرر الحكم : ح 1983 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 59 ح 1511 وفيه «العالم» بدل «العاقل» .
9- .غرر الحكم : ح 8918 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 434 ح 7493 .

ص: 270

ف _ النّجاة

الإمام الكاظم عليه السلام :إنَّ العُقَلاءَ زَهَدوا فِي الدُّنيا ورَغِبوا فِي الآخِرَةِ ، لِأَنَّهُم عَلِموا أنَّ الدُّنيا طالِبَةٌ مَطلوبَةٌ ، وَالآخِرَةَ طالِبَةٌ ومَطلوبَةٌ ، فَمَن طَلَبَ الآخِرَةَ طَلَبَتهُ الدُّنيا حَتّى يَستَوفِيَ مِنها رِزقَهُ ، ومَن طَلَبَ الدُّنيا طَلَبَتهُ الآخِرَةُ ، فَيَأتيهِ المَوتُ فَيُفسِدُ عَلَيهِ دُنياهُ وآخِرَتَهُ. (1)

عنه عليه السلام :إنَّ العاقِلَ نَظَرَ إلَى الدُّنيا وإلى أهلِها فَعَلِمَ أنَّها لا تُنالُ إلّا بِالمَشَقَّةِ ، ونَظَرَ إلَى الآخِرَةِ فَعَلِمَ أنَّها لا تُنالُ إلّا بِالمَشَقَّةِ ، فَطَلَبَ بِالمَشَقَّةِ أبقاهُما. (2)

عدّة الداعي عن سويد بن غفلة :دَخَلتُ عَلى أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام بَعدَما بويِعَ بِالخِلافَةِ وهُوَ جالِسٌ عَلى حَصيرٍ صَغيرٍ لَيسَ فِي البَيتِ غَيرُهُ ، فَقُلتُ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، بِيَدِكَ بَيتُ المالِ ولَستُ أرى في بَيتِكَ شَيئا مِمّا يَحتاجُ إلَيهِ البَيتُ ! فَقالَ عليه السلام : يَابنَ غَفَلَةَ ، إنَّ اللَّبيبَ (3) لا يَتَأَثَّثُ في دارِ النُّقلَةِ ، ولَنا دارُ أمنٍ قَد نَقَلنا إلَيها خَيرَ مَتاعِنا ، وإنّا عَن قَليلٍ إلَيها صائِرونَ. (4)

راجع: ص 268 (الزهد في الدنيا) .

ف _ النَّجاةرسول اللّه صلى الله عليه و آله :مَا استَودَعَ اللّهُ امرَأً عَقلًا إلَا استَنقَذَهُ بِهِ يَوما. (5)

التّاريخ الكبير :أتى قُرَّةُ بنُ هُبَيرَةَ النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله فَقالَ لَهُ : إنَّهُ كانَت لَنا أربابٌ تُعبَدُ مِن دونِ اللّهِ ، فَبَعَثَكَ اللّهُ ، فَدَعَوناهُنَّ فَلَم يُجِبنَ وسَأَلناهُنَّ فَلَم يُعطينَ ، وجِئناكَ فَهَدانَا اللّهُ .

.


1- .الكافي : ج 1 ص 18 ح 12 عن هشام بن الحكم ، تحف العقول : ص 387 ، بحار الأنوار : ج 1 ص 139 ح 30 .
2- .الكافي : ج 1 ص 18 ح 12 عن هشام بن الحكم.
3- .في المصدر : «إنّ البيت [العاقل]» ، والتصويب من بحار الأنوار .
4- .عدّة الداعي : ص 109 ، بحار الأنوار : ج 70 ص 321 ح 38 .
5- .نهج البلاغة : الحكمة 407 ، الأمالي للطوسي : ص 56 ح 79 عن داوود بن سليمان الغازي عن الإمام الرضا عليه السلام ؛ نثرالدرّ : ج 1 ص 168 ، الفردوس : ج 4 ص 90 ح 6279 عن أنس ، ربيع الأبرار : ج 3 ص 137 .

ص: 271

ص _ الختم بالجنّة

وقالَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : قَد أفلَحَ مَن رُزِقَ لُبًّا . قالَ : يا رَسولَ اللّهِ ، اُكسُني ثَوبَينِ مِن ثِيابِكَ قَد لَبِستَهُما ، فَكَساهُ . فَلَمّا كانَ بِالمَوقِفِ في عَرَفاتٍ قالَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : أعِد عَلَيَّ مَقالَتَكَ ، فَأَعادَ عَلَيهِ ، فَقالَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : أفلَحَ مَن رُزِقَ لُبًّا. (1)

الإمام عليّ عليه السلام :العَقلُ يَهدي ويُنجي ، وَالجَهلُ يُغوي ويُردي. (2)

عنه عليه السلام :زِيادَةُ العَقلِ تُنجي. (3)

عنه عليه السلام :ثَمَرَةُ العَقلِ العَمَلُ لِلنَّجاةِ. (4)

عنه عليه السلام_ فِي الحِكَمِ المَنسوبَةِ إلَيهِ _: إذا خُلِّيَ عِنانُ العَقلِ ولَم يُحبَس عَلى هَوى نَفسٍ أو عادَةِ دينٍ أو عَصَبِيَّةٍ لِسَلَفٍ ، وَرَدَ بِصاحِبِهِ عَلَى النَّجاةِ. (5)

عنه عليه السلام :رَأيُ العاقِلِ يُنجي. (6)

عنه عليه السلام :أصلُ العَقلِ الفِكرُ ، وثَمَرَتُهُ السَّلامَةُ. (7)

ص _ الخَتمُ بِالجَنَّةِرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ في وَصِيَّتِهِ لِعَلِيٍّ عليه السلام _: العَقلُ مَا اكتُسِبَت بِهِ الجَنَّةُ ، وطُلِبَ بِهِ رِضَا الرَّحمنِ. (8)

.


1- .التاريخ الكبير : ج 7 ص 181 ح 810 .
2- .غرر الحكم : ح 2151 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 67 ح 1712 .
3- .غرر الحكم : ح 5484 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 277 ح 5048 .
4- .غرر الحكم : ح 4626 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 209 ح 4195 .
5- .شرح نهج البلاغة : ج 20 ص 343 ح 950 .
6- .غرر الحكم : ح 5424 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 269 ح 4940 .
7- .غرر الحكم : ح 3093 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 121 ح 2744 .
8- .كتاب من لا يحضره الفقيه : ج 4 ص 369 ح 5762 عن حمّاد بن عمرو وأنس بن محمّد عن أبيه جميعا عن الإمام الصادق عن آبائه عليهم السلام ، بحار الأنوار : ج 77 ص 59 ح 3 .

ص: 272

عنه صلى الله عليه و آله :كَم مِن عاقِلٍ عَقَلَ عَنِ اللّهِ أمرَهُ وهُوَ حَقيرٌ عِندَ النّاسِ ذَميمُ المَنظَرِ يَنجو غَدا ! وكَم مِن ظَريفِ اللِّسانِ جَميلِ المَنظَرِ عِندَ النّاسِ يَهلِكُ غَدا فِي القِيامَةِ ! (1)

ربيع الأبرار عن أنس :قيلَ : يا رَسولَ اللّهِ ، الرَّجُلُ يَكونُ حَسَنَ العَقلِ كَثيرَ الذُّنوبِ ؟ قالَ : ما مِن آدَمِيٍّ إلّا ولَهُ ذُنوبٌ وخَطايا يَقتَرِفُها ، فَمَن كانَت سَجِيَّتُهُ العَقلَ وغَريزَتُهُ اليَقينَ لَم تَضُرَّهُ ذُنوبُهُ . قيلَ : كَيفَ ذلِكَ يا رَسولَ اللّهِ ؟ قالَ : لِأَنَّهُ كُلَّما أخطَأَ لَم يَلبَث أن تَدارَكَ ذلِكَ بِتَوبَةٍ ونَدامَةٍ عَلى ما كانَ مِنهُ ، فَيَمحو ذُنوبَهُ ، ويَبقى لَهُ فَضلٌ يَدخُلُ بِهِ الجَنَّةَ. (2)

الإمام عليّ عليه السلام :لَقَد سَبَقَ إلى جَنّاتِ عَدنٍ أقوامٌ ما كانوا أكثَرَ النّاسِ لا صَوما ولا صَلاةً ولا حَجًّا ولَا اعتِمارا ، ولكِنَّهُم عَقَلوا عَنِ اللّهِ مَواعِظَهُ. (3)

الإمام الصادق عليه السلام :مَن كانَ عاقِلًا خُتِمَ لَهُ بِالجَنَّةِ إن شاءَ اللّهُ. (4)

الكافي عن محمّد بن عبد الجبّار عن بعض أصحابنا رفعه إلى الإمام الصّادق عليه السلام ، قال :قُلتُ لَهُ: مَا العَقلُ ؟ قالَ : ما عُبِدَ بِهِ الرَّحمنُ وَاكتُسِبَ بِهِ الجِنانُ . قالَ: قُلتُ : فَالَّذي كانَ في مُعاوِيَةَ ؟

.


1- .تيسير المطالب: ص 156، الأمالي للطوسي: ص 393 ح 868 ، بحار الأنوار: ج 70 ص 290 ح 26؛ كنزالعمّال: ج 3 ص 154 ح 5940 .
2- .ربيع الأبرار : ج 3 ص 137 ؛ تنبيه الخواطر : ج 1 ص 62 وليس فيه «ويبقى له فضل ...» ، تيسير المطالب : ص 147 نحوه .
3- .تنبيه الخواطر : ج 2 ص 213 ؛ الفردوس : ج 4 ص 360 ح 7035 ، كنز العمّال : ج 3 ص 149 ح 5916 .
4- .ثواب الأعمال : ص 29 ح 1 عن الفضل بن عثمان ، بحار الأنوار : ج 1 ص 91 ح 19 .

ص: 273

ق _ صلاح كلّ أمر
ر _ خير الدّنيا والآخرة

فَقالَ : تِلكَ النَّكراءُ ، تِلكَ الشَّيطَنَةُ ، وهِيَ شَبيهَةٌ بِالعَقلِ ولَيسَت بِالعَقلِ. (1)

ق _ صَلاحُ كُلِّ أمرٍالإمام عليّ عليه السلام :بِالعَقلِ صَلاحُ كُلِّ أمرٍ. (2)

عنه عليه السلام :العَقلُ مُصلِحُ كُلِّ أمرٍ. (3)

ر _ خَيرُ الدُّنيا وَالآخِرَةِالإمام عليّ عليه السلام :العَقلُ يَنبوعُ الخَيرِ. (4)

عنه عليه السلام :بِالعَقلِ تُنالُ الخَيراتُ. (5)

عنه عليه السلام :كُلُّ نَجدَةٍ تَحتاجُ إلَى العَقلِ. (6)

عنه عليه السلام :العَقلُ مَنفَعَةٌ ، وَالعِلمُ مَرفَعَةٌ ، وَالصَّبرُ مَدفَعَةٌ. (7)

عنه عليه السلام :اِعقِل تُدرِك. (8)

الإمام الحسن عليه السلام :بِالعَقلِ تُدرَكُ الدّارانِ جَميعا ، ومَن حُرِمَ مِنَ العَقلِ حُرِمَهُما جَميعا. (9)

الإمام زين العابدين عليه السلام :العَقلُ قائِدُ الخَيرِ. (10)

.


1- .الكافي : ج 1 ص 11 ح 3 ، معاني الأخبار : ص 239 ح 1 ، المحاسن : ج 1 ص 310 ح 613 ، بحار الأنوار : ج 1 ص 116 ح 8 .
2- .غرر الحكم : ح 4320 .
3- .غرر الحكم : ح 404 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 38 ح 835 .
4- .غرر الحكم : ح 657 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 19 ح 72 .
5- .غرر الحكم : ح 4212 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 188 ح 3859 .
6- .مطالب السؤول : ص 50 ؛ بحار الأنوار : ج 78 ص 7 ح 59 .
7- .غرر الحكم : ح 2041 .
8- .غرر الحكم : ح 2254 .
9- .كشف الغمّة : ج 2 ص 197 ، بحار الأنوار : ج 78 ص 111 ح 6 .
10- .أعلام الدين : ص 96 .

ص: 274

5 / 3 ما يختبر به العقل
أ _ الفعل

الكافي عن عبد اللّه بن عجلان السّكونيّ :قُلتُ لِأَبي جَعفَرٍ عليه السلام : إنّي رُبَّما قَسَمتُ الشَّيءَ بَينَ أصحابي أصِلُهُم بِهِ ، فَكَيفَ اُعطيهِم ؟ فَقالَ : أعطِهِم عَلَى الهِجرَةِ فِي الدّينِ وَالعَقلِ وَالفِقهِ. (1)

الإمام الصادق عليه السلام :إنَّ أوَّلَ الاُمورِ ومَبدَأَها وقُوَّتَها وعِمارَتَهَا الَّتي لا يُنتَفَعُ شَيءٌ إلّا بِهِ : العَقلُ الَّذي جَعَلَهُ اللّهُ زينَةً لِخَلقِهِ ونورا لَهُم. (2)

الإمام الكاظم عليه السلام_ لِهِشامِ بنِ الحَكَمِ _: يا هِشامُ ، مَن أرادَ الغِنى بِلا مالٍ ، وراحَةَ القَلبِ مِنَ الحَسَدِ، وَالسَّلامَةَ فِيالدّينِ، فَليَتَضَرَّع إلَى اللّهِ عز و جل في مَسأَلَتِهِ بِأَن يُكَمِّلَ عَقلَهُ ، فَمَن عَقَلَ قَنِعَ بِما يَكفيهِ ، ومَن قَنِعَ بِما يَكفيهِ استَغنى. (3)

5 / 3ما يُختَبَرُ بِهِ العَقلُأ _ الفِعلالإمام عليّ عليه السلام :كَيفِيَّةُ الفِعلِ تَدُلُّ عَلى كَمِّيَّةِ العَقلِ ، فَأَحسِن لَهُ الاِختِيارَ وأكثِر عَلَيهِ الاِستِظهارَ. (4)

عنه عليه السلام :كُن حَسَنَ المَقالِ ، جَميلَ الأَفعالِ ؛ فَإِنَّ مَقالَ الرَّجُلِ بُرهانُ فَضلِهِ ، وفِعالَهُ عُنوانُ عَقلِهِ. (5)

.


1- .الكافي: ج 3 ص 549 ح 1 ، كتاب من لا يحضره الفقيه : ج 2 ص 35 ح 1631 .
2- .الكافي : ج 1 ص 29 ح 34 عن الحسن بن عمّار .
3- .الكافي : ج 1 ص 18 ح 12 ، تحف العقول : ص 388 كلاهما عن هشام بن الحكم ، بحار الأنوار : ج 1 ص 139 ح 30 .
4- .غرر الحكم : ح 7226 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 395 ح 6686 .
5- .غرر الحكم : ح 7176 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 392 ح 6644 وفيه «حميد» بدل «جميل» .

ص: 275

ب _ الكلام

عنه عليه السلام :مَن أحسَنَ أفعالَهُ أعرَبَ عَن وُفورِ عَقلِهِ. (1)

عنه عليه السلام :العاقِلُ مَن صَدَّقَ أقوالَهُ أفعالُهُ. (2)

راجع : ص 261 (محاسن الأعمال) و 279 (جوامع ما يختبر به العقل) .

ب _ الكَلامالإمام عليّ عليه السلام :كَلامُ الرَّجُلِ ميزانُ عَقلِهِ. (3)

عنه عليه السلام :عِندَ بَديهَةِ المَقالِ تُختَبَرُ عُقولُ الرِّجالِ. (4)

عنه عليه السلام :يُنبِئُ عَن عَقلِ كُلِّ امرِىً ما يَنطِقُ بِهِ لِسانُهُ. (5)

عنه عليه السلام :يُنبِئُ عَن عَقلِ كُلِّ امرِىً لِسانُهُ ، ويَدُلُّ عَلى فَضلِهِ بَيانُهُ. (6)

عنه عليه السلام :اللِّسانُ مِعيارٌ أرجَحَهُ العَقلُ وأطاشَهُ الجَهلُ. (7)

عنه عليه السلام :إيّاكَ وَالكَلامَ فيما لا تَعرِفُ طَريقَتَهُ ولا تَعلَمُ حَقيقَتَهُ ؛ فَإِنَّ قَولَكَ يَدُلُّ عَلى عَقلِكَ ، وعِبارَتَكَ تُنبِئُ عَن مَعرِفَتِكَ. (8)

عنه عليه السلام :يُستَدَلُّ عَلى عَقلِ كُلِّ امرِىً بِما يَجري عَلى لِسانِهِ. (9)

.


1- .غرر الحكم : ح 8418 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 448 ح 7945 .
2- .غرر الحكم : ح 1390 .
3- .غرر الحكم : ح 7234 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 395 ح 6683 .
4- .غرر الحكم : ح 6221 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 337 ح 5747 .
5- .غرر الحكم : ح 11008 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 553 ح 10190 وفيه «ما يجري على» بدل «ما ينطق به» .
6- .غرر الحكم : ح 11046 .
7- .غرر الحكم : ح 1970 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 59 ح 1501 .
8- .غرر الحكم : ح 2735 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 100 ح 2293 .
9- .غرر الحكم : ح 10957 .

ص: 276

ج _ السّكوت

عنه عليه السلام :دَليلُ عَقلِ الرَّجُلِ قَولُهُ ، دَليلُ أصلِ المَرءِ فِعلُهُ. (1)

عنه عليه السلام :مَن أطلَقَ لِسانَهُ أبانَ عَن سُخفِهِ (2) . (3)

رسول اللّه صلى الله عليه و آله :أوحَى اللّهُ لِموسى عليه السلام : لا تَكونَنَّ مِكثارا بِالمَنطِقِ مِهذارا (4) ؛ إنَّ كَثرَةَ المَنطِقِ تَشينُ العُلَماءَ ، وتُبدي مَساوِئَ السُّخَفاءِ ، ولكِن عَلَيكَ بِذِي اقتِصادٍ ، فَإِنَّ ذلِكَ مِنَ التَّوفيقِ وَالسَّدادِ. (5)

راجع : ص 266 (صواب القول) و 280 ح 523 و 296 ح 640 .

ج _ السُّكوتالإمام عليّ عليه السلام :الصَّمتُ آيَةُ النُّبلِ وثَمَرَةُ العَقلِ. (6)

عنه عليه السلام :مَن عَقَلَ صَمَتَ. (7)

عنه عليه السلام :مَن أمسَكَ عَن فُضولِ المَقالِ شَهِدَت بِعَقلِهِ الرِّجالُ. (8)

عنه عليه السلام :مِن عَقلِ الرَّجُلِ أن لا يَتَكَلَّمَ بِجَميعِ ما أحاطَ بِهِ عِلمُهُ. (9)

.


1- .غرر الحكم : ح 5101 و 5102 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 249 ح 4662 و 4663 .
2- .السُّخْفُ : رقّة العقل ... وثوب سخيف : رقيق النسج بَيِّنُ السَّخافة ، ولا يكادون يقولون : السُّخْف إلّا في العقل خاصّةً ، والسَّخافة عامّ في كلّ شيء (ترتيب كتاب العين : ص 366) .
3- .غرر الحكم : ح 9175 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 462 ح 8395 .
4- .في المصدر : «مهدارا» ، وما أثبتناه هو الصحيح.
5- .المعجم الأوسط : ج 7 ص 79 ح 6908 ، البداية والنهاية : ج 1 ص 329 وفيه «لا تكن مكثارا للعلم» وكلاهما عن عمر ؛ منية المريد : ص 140 ، بحار الأنوار : ج 1 ص 227 ح 18 .
6- .غرر الحكم : ح 1343 .
7- .غرر الحكم : ح 7745 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 423 ح 7136 .
8- .غرر الحكم : ح 8504 .
9- .غرر الحكم : ح 9327 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 468 ح 8537 .

ص: 277

د _ الرّأي
ه _ الرّسول

عنه عليه السلام :العاقِلُ مَن عَقَلَ لِسانَهُ إلّا عَن ذِكرِ اللّهِ. (1)

عنه عليه السلام :العاقِلُ لا يَتَكَلَّمُ إلّا بِحاجَتِهِ أو حُجَّتِهِ. (2)

راجع : ص 266 (صواب القول) و 283 ح 544 و 296 ح 640 .

د _ الرَّأيالإمام عليّ عليه السلام :رَأيُ الرَّجُلِ ميزانُ عَقلِهِ. (3)

عنه عليه السلام :ظَنُّ الإِنسانِ ميزانُ عَقلِهِ ، وفِعلُهُ أصدَقُ شاهِدٍ عَلى أصلِهِ. (4)

عنه عليه السلام :ظَنُّ الرَّجُلِ عَلى قَدرِ عَقلِهِ. (5)

عنه عليه السلام :إنَّ العاقِلَ مِن عَقلِهِ في إرشادٍ ، ومِن رَأيِهِ فِي ازدِيادٍ ، فَلِذلِكَ رَأيُهُ سَديدٌ وفِعلُهُ حَميدٌ. (6)

راجع : ص 267 (إصابة الظنّ) و 280 ح 523 .

ه _ الرَّسولالإمام عليّ عليه السلام :رَسولُكَ تَرجُمانُ عَقلِكَ ، وكِتابُكَ أبلَغُ ما يَنطِقُ عَنكَ. (7)

.


1- .غرر الحكم: ح 1741، وأيضا: ح 1591 و502 وليس فيهما «إلّا عن ذكر اللّه »، عيون الحكم والمواعظ: ص 52 ح 1359 .
2- .غرر الحكم : ح 1732 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 23 ح 170 .
3- .غرر الحكم : ح 5422 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 270 ح 4972 .
4- .غرر الحكم : ح 6039 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 323 ح 5581 .
5- .غرر الحكم : ح 6038 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 323 ح 5566 .
6- .غرر الحكم : ح 3547 .
7- .نهج البلاغة : الحكمة 301 ، كنز الفوائد : ج 1 ص 199 وفيه صدره ، غرر الحكم : ح 5431 نحوه ، بحار الأنوار : ج 76 ص 50 ح 9 ؛ مطالب السؤول : ص 57 ، كنز العمّال : ج 16 ص 182 ح 44215 .

ص: 278

و _ الكتاب
ز _ التّصديق والإنكار
ح _ الخليل

عنه عليه السلام :رَسولُكَ تَرجُمانُ عَقلِكَ ، وَاحتِمالُكَ دَليلُ حِلمِكَ. (1)

عنه عليه السلام :بِعَقلِ الرَّسولِ وأدَبِهِ يُستَدَلُّ عَلى عَقلِ المُرسِلِ. (2)

راجع: ص 279 ح 516 وص 280 ح 522 .

و _ الكِتابالإمام عليّ عليه السلام :كِتابُ الرَّجُلِ عُنوانُ عَقلِهِ وبُرهانُ فَضلِهِ. (3)

عنه عليه السلام :إذا كَتَبتَ كِتابا فَأَعِد فيهِ النَّظَرَ قَبلَ خَتمِهِ ، فَإِنَّما تَختِمُ عَلى عَقلِكَ. (4)

الإمام الصادق عليه السلام :يُستَدَلُّ بِكِتابِ الرَّجُلِ عَلى عَقلِهِ ومَوضِعِ بَصيرَتِهِ ، وبِرَسولِهِ عَلى فَهمِهِ وفِطنَتِهِ. (5)

راجع: ص 279 ح 516 وص 280 ح 522 .

ز _ التَّصديقُ وَالإِنكارالإمام الصادق عليه السلام :إذا أرَدتَ أن تَختَبِرَ عَقلَ الرَّجُلِ في مَجلِسٍ واحِدٍ فَحَدِّثهُ في خِلالِ حَديثِكَ بِما لا يَكونُ ، فَإِن أنكَرَهُ فَهُوَ عاقِلٌ ، وإن صَدَّقَهُ فَهُوَ أحمَقُ. (6)

ح _ الخَليلالإمام عليّ عليه السلام :خَليلُ المَرءِ دَليلٌ عَلى عَقلِهِ ، وكَلامُهُ بُرهانُ فَضلِهِ. (7)

راجع: ص 279 ح 518 .

.


1- .غرر الحكم : ح 5436 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 269 ح 4947 .
2- .غرر الحكم : ح 4312 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 186 ح 3799 .
3- .غرر الحكم : ح 7260 .
4- .غرر الحكم : ح 4167 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 137 ح 3122 .
5- .المحاسن : ج 1 ص 311 ح 618 ، بحار الأنوار: ج 1 ص 130 ح 15.
6- .الاختصاص : ص 245 ، بحار الأنوار : ج 1 ص 131 ح 28 .
7- .غرر الحكم : ح 5088 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 242 ح 4621 .

ص: 279

5 / 4 جوامع ما يختبر به العقل

5 / 4جَوامِعُ ما يُختَبَرُ بِهِ العَقلُرسول اللّه صلى الله عليه و آله :سَبعَةُ أشياءَ تَدُلُّ عَلى عُقولِ أصحابِها : المالُ يَكشِفُ عَن مِقدارِ عَقلِ صاحِبِهِ ، وَالحاجَةُ تَدُلُّ عَلى عَقلِ صاحِبِها ، وَالمُصيبَةُ تَدُلُّ عَلى عَقلِ صاحِبِها إذا نَزَلَت بِهِ ، وَالغَضَبُ يَدُلُّ عَلى عَقلِ صاحِبِهِ ، وَالكِتابُ يَدُلُّ عَلى عَقلِ صاحِبِهِ ، وَالرَّسولُ يَدُلُّ عَلى عَقلِ مَن أرسَلَهُ ، وَالهَدِيَّةُ تَدُلُّ عَلى مِقدارِ عَقلِ مُهديها. (1)

عنه صلى الله عليه و آله :اِعتَبِروا عَقلَ الرَّجُلِ في ثَلاثٍ : في طولِ لِحيَتِهِ ، وكُنيَتِهِ ، ونَقشِ فَصِّ خاتَمِهِ. (2)

الإمام عليّ عليه السلام :سِتَّةٌ تُختَبَرُ بِها عُقولُ الرِّجالِ : المُصاحَبَةُ ، وَالمُعامَلَةُ ، وَالوَلايَةُ ، وَالعَزلُ ، وَالغِنى ، وَالفَقرُ. (3)

عنه عليه السلام :سِتَّةٌ تُختَبَرُ بِها عُقولُ النّاسِ : الحِلمُ عِندَ الغَضَبِ ، وَالصَّبرُ عِندَ الرَّهَبِ ، وَالقَصدُ عِندَ الرَّغبِ ، وتَقوَى اللّهِ في كُلِّ حالٍ ، وحُسنُ المُداراةِ ، وقِلَّةُ المُماراةِ. (4)

عنه عليه السلام :ثَلاثٌ يُمتَحَنُ بِها عُقولُ الرِّجالِ ، هُنَّ : المالُ ، وَالوَلايَةُ ، وَالمُصيبَةُ. (5)

عنه عليه السلام :المَرءُ يَتَغَيَّرُ في ثَلاثٍ : القُربِ مِنَ المُلوكِ ، وَالوَلاياتِ ، وَالغَناءِ مِنَ الفَقرِ . فَمَن لَم يَتَغَيَّر في هذِهِ فَهُوَ ذو عَقلٍ قَويمٍ وخُلُقٍ مُستَقيمٍ. (6)

.


1- .معدن الجواهر : ص 60 ، تنبيه الخواطر : ج 2 ص 111 عن الإمام الكاظم عليه السلام نحوه وراجع تحف العقول : ص 323.
2- .الفردوس : ج 1 ص 89 ح 287 عن عمرو بن العاص ؛ الخصال : ص 103 ح 60 عن عبدالأعلى مولى آل سام ، مكارم الأخلاق : ج 1 ص 159 ح 435 كلاهما عن الإمام الصادق عليه السلام ، بحار الأنوار : ج 1 ص 107 ح 2 .
3- .غرر الحكم : ح 5600 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 284 ح 5117 .
4- .غرر الحكم : ح 5608 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 286 ح 5165 .
5- .غرر الحكم : ح 4664 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 212 ح 4228 .
6- .غرر الحكم : ح 2133 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 65 ح 1670 .

ص: 280

5 / 5 صفات العقلاء

عنه عليه السلام :ثَلاثَةٌ تَدُلُّ عَلى عُقولِ أربابِها : الرَّسولُ ، وَالكِتابُ ، وَالهَدِيَّةُ. (1)

عنه عليه السلام :إنَّ مِن عَلامَةِ العاقِلِ أن يَكونَ فيهِ ثَلاثُ خِصالٍ : يُجيبُ إذا سُئِلَ ، ويَنطِقُ إذا عَجَزَ القَومُ عَنِ الكَلامِ ، ويُشيرُ بِالرَّأيِ الَّذي يَكونُ فيهِ صَلاحُ أهلِهِ ، فَمَن لَم يَكُن فيهِ مِن هذِهِ الخِصالِ الثَّلاثِ شَيءٌ فَهُوَ أحمَقُ. (2)

عنه عليه السلام :يُستَدَلُّ عَلى عَقلِ الرَّجُلِ بِكَثرَةِ وَقارِهِ وحُسنِ احتِمالِهِ ، وعَلى كَرَمِ أصلِهِ بِحُسنِ أفعالِهِ. (3)

عنه عليه السلام :عِندَ غُرورِ الأَطماعِ وَالآمالِ تَنخَدِعُ عُقولُ الجُهّالِ ، وتُختَبَرُ ألبابُ الرِّجالِ. (4)

عنه عليه السلام :رَزانَةُ العَقلِ تُختَبَرُ فِي الرِّضا وَالحُزنِ. (5)

عنه عليه السلام_ فِي الحِكَمِ المَنسوبَةِ إلَيهِ _: العَقلُ يَظهَرُ بِالمُعامَلَةِ ، وشِيَمُ الرِّجالِ تُعرَفُ بِالوَلايَةِ. (6)

5 / 5صِفاتُ العُقَلاءِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :صِفَةُ العاقِلِ أن يَحلُمَ عَمَّن جَهِلَ عَلَيهِ ، ويَتَجاوَزَ عَمَّن ظَلَمَهُ ، ويَتَواضَعَ لِمَن هُوَ دونَهُ ، ويُسابِقَ مَن فَوقَهُ في طَلَبِ البِرِّ ، وإذا أرادَ أن يَتَكَلَّمَ تَدَبَّرَ فَإِن كانَ

.


1- .غرر الحكم : ح 4681 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 211 ح 4215 ؛ شرح نهج البلاغة : ج 20 ص 340 ح 887 وفيه «ثلاثة أشياء» مع تقديم وتأخير .
2- .الكافي : ج 1 ص 19 ح 12 عن هشام بن الحكم ، تحف العقول : ص 389 كلاهما عن الإمام الكاظم عليه السلام ، بحار الأنوار : ج 71 ص 298 .
3- .غرر الحكم : ح 10975 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 555 ح 10237 .
4- .غرر الحكم : ح 6222 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 337 ح 5748 .
5- .غرر الحكم : ح 5439 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 271 ح 4984 وفيه «الفرح» بدل «الرضا» .
6- .شرح نهج البلاغة : ج 20 ص 297 ح 401 .

ص: 281

خَيرا تَكَلَّمَ فَغَنِمَ ، وإن كانَ شَرًّا سَكَتَ فَسَلِمَ ، وإذا عَرَضَت لَهُ فِتنَةٌ استَعصَمَ بِاللّهِ وأمسَكَ يَدَهُ ولِسانَهُ ، وإذا رَأى فَضيلَةً انتَهَزَ بِها ، لا يُفارِقُهُ الحَياءُ ، ولا يَبدو مِنهُ الحِرصُ ، فَتِلكَ عَشرُ خِصالٍ يُعرَفُ بِهَا العاقِلُ. (1)

عنه صلى الله عليه و آله_ في بَيانِ ما يَتَشَعَّبُ مِنَ العَقلِ _: أمَّا الرَّزانَةُ فَيَتَشَعَّبُ مِنهَا: اللُّطفُ وَالحَزمُ ، وأداءُ الأَمانَةِ وتَركُ الخِيانَةِ ، وصِدقُ اللِّسانِ ، وتَحصينُ الفَرجِ ، وَاستِصلاحُ المالِ ، وَالاِستِعدادُ لِلعَدُوِّ ، وَالنَّهيُ عَنِ المُنكَرِ ، وتَركُ السَّفَهِ ، فَهذا ما أصابَ العاقِلُ بِالرَّزانَةِ . فَطوبى لِمَن تَوَقَّرَ ، ولِمَن لَم تَكُن لَهُ خِفَّةٌ ولا جاهِلِيَّةٌ ، وعَفا وصَفَحَ. (2)

عنه صلى الله عليه و آله :إنَّمَا العاقِلُ مَن عَقَلَ عَنِ اللّهِ أمرَهُ ونَهيَهُ. (3)

عنه صلى الله عليه و آله :العاقِلُ يَستَريحُ في وَحدَتِهِ إلى عَقلِهِ ، وَالجاهِلُ يَتَوَحَّشُ مِن نَفسِهِ ؛ لِأَنَّ صَديقَ كُلِّ إنسانٍ عَقلُهُ ، وعَدُوَّهُ جَهلُهُ. (4)

عنه صلى الله عليه و آله :العاقِلُ لا يَكشِفُ إلّا عَن فَضلٍ وإن كانَ عَيِيًّا مَهينا عِندَ النّاسِ. (5)

عنه صلى الله عليه و آله :العاقِلُ كَثيرُ الوَجَلِ ، قَليلُ الأَماني وَالأَمَلِ. (6)

الإمام عليّ عليه السلام_ فِي الحِكَمِ المَنسوبَةِ إلَيهِ _: العاقِلُ إذا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أتبَعَها حِكمَةً

.


1- .تحف العقول : ص 28 ، معدن الجواهر : ص 70 نحوه ، بحار الأنوار : ج 1 ص 129 ح 12 وراجع تنبيه الخواطر : ج 2 ص 246.
2- .تحف العقول: ص 17 ، بحار الأنوار : ج 1 ص 118 ح 11 .
3- .حلية الأولياء : ج 9 ص 387 عن ذي النون المصري ، الفردوس : ج 3 ص 86 ح 4242 عن ابن عمر وليس فيه «ونهيه» .
4- .كنز الفوائد : ج 2 ص 32 .
5- .تاريخ بغداد : ج 13 ص 223 ، المطالب العالية : ج 3 ص 216 ح 3300 نقلًا عن مسند الحارث وكلاهما عن أبي الدرداء.
6- .تنبيه الخواطر : ج 2 ص 118 .

ص: 282

ومَثَلًا ، وَالأَحمَقُ إذا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أتبَعَها حَلِفا. (1)

عنه عليه السلام_ أيضا _: العاقِلُ يُنافِسُ الصّالِحينَ لِيَلحَقَ بِهِم ، ويُحِبُّهُم لِيُشارِكَهُم بِمَحَبَّتِهِ وإن قَصَّرَ عَن مِثلِ عَمَلِهِم. (2)

عنه عليه السلام_ أيضا _: العاقِلُ بِخُشونَةِ العَيشِ مَعَ العُقَلاءِ آنَسُ مِنهُ بِلينِ العَيشِ مَعَ السُّفَهاءِ. (3)

عنه عليه السلام :العاقِلُ مَنِ اتَّعَظَ بِغَيرِهِ. (4)

عنه عليه السلام :العاقِلُ يَطلُبُ الكَمالَ ، الجاهِلُ يَطلُبُ المالَ. (5)

عنه عليه السلام :العاقِلُ مَن وَقَفَ حَيثُ عَرَفَ. (6)

عنه عليه السلام :العاقِلُ إذا عَلِمَ عَمِلَ ، وإذا عَمِلَ أخلَصَ ، وإذا أخلَصَ اعتَزَلَ. (7)

عنه عليه السلام :العاقِلُ مَنِ اتَّهَمَ رَأيَهُ ولَم يَثِق بِكُلِّ ما تُسَوِّلُ لَهُ نَفسُهُ. (8)

عنه عليه السلام :العاقِلُ مَن يَملِكُ نَفسَهُ إذا غَضِبَ وإذا رَغِبَ وإذا رَهِبَ. (9)

عنه عليه السلام :العاقِلُ مَن صانَ لِسانَهُ عَنِ الغيبَةِ. (10)

.


1- .شرح نهج البلاغة : ج 20 ص 289 ح 306 .
2- .شرح نهج البلاغة : ج 20 ص 320 ح 670 .
3- .شرح نهج البلاغة : ج 20 ص 340 ح 895 .
4- .غرر الحكم : ح 1284 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 47 ح 1180 .
5- .غرر الحكم : ح 579 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 32 ح 570 و 571 .
6- .غرر الحكم : ح 1391 .
7- .غرر الحكم : ح 1936 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 21 ح 129 .
8- .غرر الحكم : ح 1851 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 55 ح 1424 .
9- .غرر الحكم : ح 2015 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 62 ح 1602 .
10- .غرر الحكم : ح 1955 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 21 ح 128 .

ص: 283

عنه عليه السلام :العاقِلُ إذا سَكَتَ فَكَرَ ، وإذا نَطَقَ ذَكَرَ ، وإذا نَظَرَ اعتَبَرَ. (1)

عنه عليه السلام :العاقِلُ عَدُوُّ لَذَّتِهِ ، الجاهِلُ عَبدُ شَهوَتِهِ. (2)

عنه عليه السلام :العاقِلُ مَن أماتَ شَهوَتَهُ. (3)

عنه عليه السلام :العاقِلُ مَن غَلَبَ نَوازِعَ أهوِيَتِهِ. (4)

عنه عليه السلام :العاقِلُ مَن قَمَعَ هَواهُ بِعَقلِهِ. (5)

عنه عليه السلام :العاقِلُ يَعتَمِدُ عَلى عَمَلِهِ ، الجاهِلُ يَعتَمِدُ عَلى أمَلِهِ. (6)

عنه عليه السلام :العاقِلُ يَألَفُ مِثلَهُ ، الجاهِلُ يَميلُ إلى شِكلِهِ. (7)

عنه عليه السلام :العاقِلُ مَن يَزهَدُ فيما يَرغَبُ فيهِ الجاهِلُ. (8)

عنه عليه السلام :العاقِلُ لا يَفرُطُ بِهِ عُنفٌ ، ولا يَقعُدُ بِهِ ضَعفٌ. (9)

عنه عليه السلام :العاقِلُ مَن أحرَزَ أمرَهُ. (10)

عنه عليه السلام :العاقِلُ يَجتَهِدُ في عَمَلِهِ ويُقَصِّرُ مِن أمَلِهِ. (11)

عنه عليه السلام :العاقِلُ يَتَقاضى نَفسَهُ بِما يَجِبُ عَلَيهِ ، ولا يَتَقاضى لِنَفسِهِ بِما يَجِبُ لَهُ. (12)

.


1- .غرر الحكم : ح 1813 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 54 ح 1399 .
2- .غرر الحكم : ح 448 و 449 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 33 ح 586 و 587 .
3- .غرر الحكم : ح 1194 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 45 ح 1126 .
4- .غرر الحكم : ح 2181 .
5- .غرر الحكم : ح 2198 .
6- .غرر الحكم : ح 1240 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 18 ح 23 و 24 .
7- .غرر الحكم : ح 326 و 327 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 39 ح 862 و 863 .
8- .غرر الحكم : ح 1523 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 48 ح 1226 .
9- .غرر الحكم : ح 1995 .
10- .غرر الحكم : ح 1113 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 44 ح 1084 .
11- .غرر الحكم : ح 1966 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 59 ح 1497 .
12- .غرر الحكم : ح 2066 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 63 ح 1628 .

ص: 284

عنه عليه السلام :العاقِلُ مَن تَغَمَّدَ الذُّنوبَ بِالغُفرانِ. (1)

عنه عليه السلام :العاقِلُ مَن سَلَّمَ إلَى القَضاءِ وعَمِلَ بِالحَزمِ. (2)

عنه عليه السلام :العاقِلُ مَن بَذَلَ نَداهُ. (3)

عنه عليه السلام :العاقِلُ يَضَعُ نَفسَهُ فَيَرتَفِعُ. (4)

عنه عليه السلام :إنَّ العاقِلَ يَتَّعِظُ بِالآدابِ ، وَالبَهائِمَ لا تَتَّعِظُ إلّا بِالضَّربِ. (5)

عنه عليه السلام :إنَّ العاقِلَ مَن نَظَرَ في يَومِهِ لِغَدِهِ ، وسَعى في فَكاكِ نَفسِهِ ، وعَمِلَ لِما لابُدَّ لَهُ مِنهُ ولا مَحيصَ لَهُ عَنهُ. (6)

عنه عليه السلام :إنَّ العاقِلَ لا يَنخَدِعُ لِلطَّمَعِ. (7)

عنه عليه السلام :كُلُّ عاقِلٍ مَحزونٌ. (8)

عنه عليه السلام :العاقِلُ مَهمومٌ مَغمومٌ. (9)

عنه عليه السلام :كُلُّ عاقِلٍ مَغمومٌ. (10)

عنه عليه السلام :لِلعاقِلِ في كُلِّ عَمَلٍ إحسانٌ ، لِلجاهِلِ في كُلِّ حالَةٍ خُسرانٌ. (11)

.


1- .غرر الحكم : ح 1697 .
2- .غرر الحكم : ح 2195 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 67 ح 1702 .
3- .غرر الحكم : ح 1262 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 18 ح 28 .
4- .غرر الحكم : ح 677 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 24 ح 234 .
5- .نهج البلاغة : الكتاب 31 ، غرر الحكم : ح 3560 .
6- .غرر الحكم : ح 3570 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 153 ح 522 .
7- .غرر الحكم : ح 3424 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 143 ح 3189 .
8- .غرر الحكم : ح 6846 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 377 ح 6393 .
9- .غرر الحكم : ح 959 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 31 ح 509 .
10- .غرر الحكم : ح 6826 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 376 ح 6340 .
11- .غرر الحكم : ح 7328 و 7329 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 403 ح 6820 و6821 .

ص: 285

عنه عليه السلام :رَدعُ الهَوى شيمَةُ العُقَلاءِ. (1)

عنه عليه السلام :شيمَةُ العُقَلاءِ قِلَّةُ الشَّهوَةِ وقِلَّةُ الغَفلَةِ. (2)

عنه عليه السلام :ثَروَةُ العاقِلِ في عِلمِهِ وعَمَلِهِ ، ثَروَةُ الجاهِلِ في مالِهِ وأمَلِهِ. (3)

عنه عليه السلام :ضالَّةُ العاقِلِ الحِكمَةُ ، فَهُوَ أحَقُّ بِها حَيثُ كانَت. (4)

عنه عليه السلام :رَغبَةُ العاقِلِ فِي الحِكمَةِ ، وهِمَّةُ الجاهِلِ فِي الحَماقَةِ. (5)

عنه عليه السلام :غِنَى العاقِلِ بِحِكمَتِهِ ، وعِزُّهُ بِقَناعَتِهِ. (6)

عنه عليه السلام :غِنَى العاقِلِ بِعِلمِهِ. (7)

عنه عليه السلام :صَدرُ العاقِلِ صُندوقُ سِرِّهِ. (8)

عنه عليه السلام :لِسانُ العاقِلِ وَراءَ قَلبِهِ ، وقَلبُ الأَحمَقِ وَراءَ لِسانِهِ. (9)

عنه عليه السلام :قَلبُ الأَحمَقِ في فيهِ ، ولِسانُ العاقِلِ في قَلبِهِ. (10)

عنه عليه السلام :كَلامُ العاقِلِ قوتٌ ، وجَوابُ الجاهِلِ سُكوتٌ. (11)

.


1- .غرر الحكم : ح 5402 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 270 ح 4961 .
2- .غرر الحكم : ح 5776 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 298 ح 5324 .
3- .غرر الحكم : ح 4708 و 4709 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 218 ح 4276 و 4277 وليس فيه «علمه» .
4- .غرر الحكم : ح 5896 .
5- .غرر الحكم : ح 5420 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 270 ح 4970 .
6- .غرر الحكم : ح 6422 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 348 ح 5895 .
7- .غرر الحكم : ح 6381 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 347 ح 5867 .
8- .نهج البلاغة : الحكمة 6 ، غرر الحكم : ح 5875 ، روضة الواعظين : ص 8 ، بحار الأنوار : ج 75 ص 71 ح 16 .
9- .نهج البلاغة : الحكمة 40 ، غرر الحكم: ح 7610 ، بحار الأنوار : ج 1 ص 159 ح 33 ؛ المناقب للخوارزمي: ص 377 ح 395 نقلًا عن الجاحظ عن الإمام عليّ عليه السلام .
10- .نهج البلاغة : الحكمة 41 ، غرر الحكم : ح 6774 ؛ المناقب للخوارزمي : ص 376 ح 395 نقلًا عن الجاحظ عن الإمام عليّ عليه السلام .
11- .غرر الحكم : ح 7224 ، عيون الحكم والمواعظ : ص 395 ح 6684 .

ص: 286

عنه عليه السلام :غَضَبُ الجاهِلِ في قَولِهِ ، وغَضَبُ العاقِلِ في فِعلِهِ. (1)

عنه عليه السلام :قَطيعَةُ العاقِلِ لَكَ بَعدَ نَفاذِ الحيلَةِ فيكَ. (2)

عنه عليه السلام :مُرُوَّةُ العاقِلِ دينُهُ ، وحَسَبُهُ أدَبُهُ. (3)

عنه عليه السلام :سُلطانُ العاقِلِ يَنشُرُ مَناقِبَهُ. (4)

عنه عليه السلام :لا يَحلُمُ عَنِ السَّفيهِ إلَا العاقِلُ. (5)